الـميــسـر شرح لمتن السلم المنورق في

علم المنطق لألخضري

بقلمأبي الفداء سعيد بن عبد اللطيف فودة

كان الله له

1

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الحمد لله رب العالمين، والصالة والسالم

على سيدنا محمد أشرف األنبياء والمرسلين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا

بما علمتنا إنك أنت العليم الخبير. أما بعد، فإنه لما كان علم المنطق من أهم العلوم على اإلطالق، ألنه مقدمة العلوم، وبه يتدرب طالب العلم على استعمال عقله وفكره بشكل صحيح،

ويتعلم كيف يميز بين الوهم والنظر، وقد نص أكابر العلماء على أهمية علم

المنطق، واعتبره المحققون مقدمة العلوم، فهو بين العلوم كالرياضيات بين

العلوم الطبيعية الحديثة - صار من الالزمأن يتعلم طالب العلم هذا الفن، ويتقنه. ومن أحسن المتون المختصرة التي كتبها المتأخرون في المنطق النظم المسمى بالسلم المنورق، وهو متن صغير الحجم ولكنه يحتوي على علم كبير. وقد اشتهر

اهتمام العلماء به، فأحببت أن أكتب عليه

2

)*(، بأسلوب قريب إلى)*(شرحا جديدا طالب العلم، ليصير هذا الشرح معينا لهم على الغوص في كتب المتقدمين، وعامال

على فهمهم لكليات المنطق، يشجعهم على الغوص في مسائله، فإن األكثر من

بسم الله الرحمن الرحيم. قل الحمد لله بل أكثرهم ال يعقلون.)*()*( وصلى الله تعالى وسلم وبارك على أشرف الخلق سيدنا محمد

وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فإن كتب سيدي الشيخ سعيد فودة بارك الله تعالى له في وقته وعلمه، في غاية اإلفادة، وال تكاد تجد في ذهني فكرة صحيحة إال ولها أصل من كتبه أو كالمه. وهو كثير

القراءة والكتابة، فال يفرغ من االشتغال بكتاب إال وأعلم أنه يشتغل بغيره، شرحا أو تهذيبا أو تأليفا. وفقه الله تعالى ونفعنا بعلومه

وصحبته في الدارين آمين. وكان أن زرته قبل نحو عام، فأعلمني أنه يريد شرح سلم المنطق للعالمة أبي زيد عبد الرحمن بن محمد

بن محمد بن عامر الصغير األخضري نسبة إلى الجبل األخضر918بالجزائر، المولود في بسكرة بها سنة هـ والمتوفى بها أيضا

هـ. وكان الشيخ قد وضع هيكال للشرح، وقال لي إنه ينوي983سنة أن يزيد فيه، وينقحه، ليكون الكتاب حلقة بين كتب المبتدئين

والكتب المتوسطة، يجيب عن كثير من أسئلة المبتدئين ويزيد قليال في بحث ما تسامحت فيه أو تركته. وبعد أيام من ذلك أرسل لي

الشيخ نسخة إلكترونية من الكتاب، مصدرة بعبارة تقول: مقرر مادة المنطق في جامعة روتردام اإلسالمية. ولما سألت الشيخ عن ذلك، قال إن األخ جالل الجهاني وفقه الله تعالى المحاضر في تلك الجامعة أخبره أنه ينوي تدريس المنطق ثمة، ويريد منه شيئا كتبه يصلح لذلك. فأرسل له الشيخ هذا الكتاب قبل مراجعته وإتمامه.

وقد استحسنه األخ جالل، ودرسه لطالبه. ثم اطلعت عليه فوجدته كتابا لطيفا دقيقا، وكان أن قرأته أنا أيضا

مع عدد قليل من الطالب وفقهم الله تعالى، وفي أثناء القراءة كنت أالحظ مواضع سؤالهم، وأعلق على حاشية الكتاب بكلمات قليلة. ثم أخبرني الشيخ أنه يريد نشر الكتاب على حاله أو ربما قال بعد مراجعته، وطلب من العبد الفقير أن يثبت تلك التعليقات الصغيرة

في حاشية الكتاب، وذلك من حسن ظنه بي، مع أني لست أهال لذلك. فأجبته واضعا في حاشية كتابه تلك التعليقات بعد أن صغتها

3

طالب العلم يخافون الدخول فيه لصعوبته، أو لصعوبة الكتب التي بين

أيديهم. وأدعو الله تعالى أن يكتب لهذا الشرح

القبول، والرضا، وأن يجعله نافعا كما نفعبأصله.

المؤلف

حيم[ حمن الر ه الر (1)]بسم الل

وزدت عليها ما ظننت أنه قد يعن للطالب الذكي أثناء قراءة الكتاب، راجيا من الله سبحانه وتعالى التوفيق والقبول، وأن ينفع

بالل. بها وبالشرح وبأصله من يقرأه من المسلمين. قوله )بسم الله الرحمن الرحيم( أي أؤلف. والباء للمصاحبة وقيل )(1

لالستعانة. واالسم من السمو وهو العلو، وقيل من الوسم وهو العالمة. والله علم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع صفات الكمال المطلق. والرحمن والرحيم صفتا مبالغة من رحم. والرحمن أبلغ. ألن

الزيادة في المبنى زيادة في المعنى. وال تلتفت إلى من قدح في القاعدة بحذر وحاذر، النهما نوعان مختلفان من االشتقاق، صيغة مبالغة

واسم فاعل. والرحمة رقة في القلب، والله منزه عن االتصاف بالحوادث، فتفهم بالزمها. وكذا الكالم في جميع األعراض النفسانية

كالغضب واالنتقام والمحبة ونحوها فاتصاف الله تعالى بها مجاز. ورحمة الله تعالى إما إحسانه أو إرادة إحسانه. فهي على األول من صفات

األفعال وعلى الثاني من صفات المعاني. والبسملة على تقدير أؤلف قضية شخصية موضوعها المؤلف ومحمولها يؤلف مصاحبا السم الله

تعالى طالبا للبركة. ويختلفان باختالف التقادير، فقد تصير كلية إذا قدرت التأليف أو االبتداء مطلقا. والكالم على البسملة تجده مبسوطا في كتب الفنون، يتكلم عنها كل من جهة فنه، وهو الالئق بكل صاحب

4

قال الناظم رحمه الله تعالى ونفعنابعلومه في الدارين آمين:]مقدمة[

ه الذي قد أخرجا1 نتائج الفكر ألرباب الحجا]الحمد لل كل حجاب من سحابوحط عنهم من سماء العقل2

الجهل حتى بدت لهم شموس3

المعرفةرأوا مخدراتـها منكشفة

4 نحمده جل على اإلنعام بنعمة اإليمان واإلسالم وخير من حاز المقاماتمن خصنا بخير من قد أرسال5

العلىد كل مقتــفى6 العربي الهاشمي المصطفىمحمد سيه ما دام الحجا7 يخوض من بحر المعانيصلى عليه الل

لججاهوا بأنجم فيوآله وصحبه ذوي الهدى8 من شب

االهتدا[

فن أن يشتغل بما يفقه، وما يناسب العلم المبحوث.5

أقول: بدأ المصنف كالمه بمقدمة مالئمة فيها(1)لعلم المنطق، حمد الله تعالى

بسبب إنعامه على اإلنسان بنعمة العقل والفكر، فهي أكبر نعم الله تعالى على

الخلق، وبها تميز اإلنسان عن غيره من الحيوانات وحمد الله تعالى أيضا على

نعمة اإلسالم واإليمان، وإرسال الرسل، فذلك ال يجب أصال على الله تعالى

، فهو أنعم بها على الناس تفضال،(2)فعلهولهذا يستحق الحمد والشكر.

ويستحق الله تعالى أيضا الحمد على أن أرسل إلينا أفضل(3)والشكر

البشر سيدنا محمد عليه الصالة والسالم،

( قوله )حمد الله تعالى( الحمد هو الثناء باللسان على الجميل)1 القديم ذاتا وصفات، والجميل الحادث االختياري دون الموجب

بالذات والمطبوع. وعرفا فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب إنعامه مطلقا على الحامد أو غيره. وناسب أن يحمد ههنا بالجملة الفعلية

الدالة على التجدد لما أن النعم متجددة. )( قوله )ال يجب أصال على الله تعالى فعله( ألنه تعالى ال يجب عليه2

شيء مطلقا، إذ لو وجب عليه شيء لكان ملجأ إليه ال فاعال مختارا،والمضطر إلى فعل ال يحمد عليه.

)( الشكر لغة هو الحمد اصطالحا، مع إبدال الحامد بالشاكر. وعرفا:3 صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى ما خلق ألجله. فالشكر

أعم من الحمد باعتبار مورده ألنه يكون بالقول والفعل والعقد، والحمد يكون بالقول، وأخص منه باعتبار المتعلق ألن الشكر يكون

في مقابلة النعمة والحمد ال يشترط فيه ذلك. فبينهما عموموخصوص من وجه.

6

ودعا آلل النبي وصحبه فهم لذلك. (4)مستحقون

ى المصنف بذكر مقدمة عامة في ثم ثن فائدة علم المنطق ليقرب مفهومه إلى

األذهان، فقال:

سان] وبعد فالمنطق للجـنـان9 حو لل نسبته كالن وعن دقيق الفهم يكشف فيعصم األفكار عن غي1

)( وهاك ما تركه الفاضل للمدرسين من شرح مفردات النظم4 وملحوظات أخرى. قوله )أخرجا( أي أوجد بأولى من أظهر، ألن اإلظهار لموجود كامن، وليست النتائج في العقول كذلك. وقوله

)نتائج( جمع نتيجة وهي القضية الالزمة عن مقدمتين كما سيأتيك براعة استهالل أو مطلع، وهي أن يذكروفيه . القياسفي باب

المؤلف في مستهل كتابه أي مطلعه ما يشعر بمقصوده، وتسمى أيضا باإللماع. و)أرباب الحجا( أصحاب العقول. و)حط( بمعنى أزال. و)من سماء العقل( أي عن العقل الذي كالسماء، بجامع أنه مطلع

األفكار كما أن السماء مطلع النجوم. وهو من التشبيه البليغ إذ حذف وجه الشبه واألداة، وأضاف المشبه به إلى المشبه. ومثله قوله )سحاب الجهل( يعني جهال كالسحاب، بجامع أن كال منهما يحجب ويمنع من االنكشاف. وهو في غاية اللطافة. و)شموس

المعرفة( أي المعرفة التي كالشموس فعل كما تقدم. و)المخدرات( المستترات في خدورهن. والمعنى أنه ظهرت لهم

غاية للحط المعارف التي كانت مستترة عنهم لدقتها. و)من( قبل خصنا بدل من = =الضمير المتصل في )نحمده( العائد على

المولى سبحانه. و)خير من قد أرسال( محمد صلى الله عليه وسلم. وهو خير من حاز المقامات بالجد والكسب، واألحوال بالوهب.

وذكره المقامات تذكير بضرورة االجتهاد لكسب المعالي. و)محمد( بدل مجرور من خير. ومتولي أمر السواد وهو الجيش سيد. وهو

صيغةصلى الله عليه وسلم متولي أمر أمته من الثقلين. والمقتفى ب اسم المفعول المتبع، فكونه سيد التابعين من باب أولى. واللجج

جمع لجة وهو معظم الماء وما فيه صعوبة منه. شبه المعاني بالبحر يخوض العقل في لججه، أي عرضه المستصعب. وليس مراده تقييد الصالة بخوض العقل في تلك المهامه، بل المراد تعميم الصالة عليه

في جميع األوقات. وحذف الفاعل في )شبهوا( لتعظيم المش هب صحابيأ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، إشارة إلى قوله: )لهم

كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم(. 7

الغطاالخطا011

تجمع من فنونه فوائدافهاك من أصوله قواعدا

12

م المنورق ل يرقى به سماء علم المنطقسميـتـه بالس

13

ه أرجو أن يكون خالصا ـ لوجهه الكريم ليس قالصاوالل

14

به إلى المطوالت يهتدي[وأن يكون نافعا للمبتدي

أقول: المنطق بالنسبة للفكر والتعقل، يشبه في فائدته النحو بالنسبة للتمكن

من اللغة، فكلما ازداد فهم اإلنسانللنحو، فإنه يزداد تمكنا في لغته وكالمه. والمنطق يفيد اإلنسان كذلك في فكره،

فإن العارف بعلم المنطق، يتميز عن غيره بأنه يعرف تماما كيف يفكر تفكيرا

، ويعرف إذا أراد أن ينقد(1)صحيحا اآلخرين كيف هي الوسائل الصحيحة

للنقد. )( إشارة إلى أن دارس المنطق يقف على أسباب الغلط في1

الفكر، فيجتهد لتالفيها. وممارس ذلك يكتسب ملكة يالحظ معها أين وقع اآلخرون في الغلط في فكرهم، فيحسن نقده لمقاالتهم إذ

يحاكمها بناء على قواعد هذا الفن. 8

ونحن ال نقصد بالفكر والتفكير كيفية ، بل إننا نقصد فقط،(2)التعبير عن التفكير

كيف يزداد تمكن اإلنسان من استعمال عقله لكي يتوصل إلى العلوم والمعارف الصحيحة باستعمال المقدمات المناسبة. فالمنطق يرتب عقلية اإلنسان الداخلية،

ولذلك فإن فائدة المنطق إنما هي للجنان كما قال المصنف، وليست

للسان، فإن اللسان يتدرب باآلداب والنحو واللغويات األخرى، وليس المنطق

لغة للسان، بل هو لغة للعقل والجنانوالفكر.

وندعو الله تعالى أن يهيئ للقارئ االستفادة من هذا الشرح، وأن يجعله في

ميزان حسناتنا.

باللغة أو بأخص باأللفاظ سواء الظاهرة أوالتعبير عنه )( أي 2 في مستوى النطق النفسي الذي هو األصلالتعبير المتخيلة، بل

الذي يصدر عنه البيان باللغة. فكالم الفاضل الشارح عن اإلدراك الكلي، الذي هو حقيقة النطق، ومنه اشتق اسم هذا العلم الذي هو

مصدر ميمي من نطق بمعنى أدرك المعاني الكلية، أو من اسم محل هذا اإلدراك وهو النفس ذات القوة الناطقة أي العاقلة. وقيل

هو مصدر ميمي بمعنى اللفظ الذي يبين فهم المتكلم لهذه المدركات الكلية. وال شك أن المنطق آلة قانونية تورث قوة في

أيضا.التكلمبمعنى النطق بمعنى اإلدراك و9

ونحن ال ندعي أن هذا الشرح يحتوي دقائق علم المنطق، بل هو يشرح كلياته

وقواعده العامة، بحيث يكون مفيدا في هذا العلم، فإن من يريد(1)للمبتدئ

التعمق في هذا العلم ال يجوز له أن يكتفي بهذا القدر، بل عليه أن يترقى بعد

ذلك إلى المطوالت التي تحتوي دقائقالعلم.

وليعلم طالب العلم أن االنتقال إلى المطوالت، ال يمكن إال بعد فهم نحو هذه المقدمات المختصرات، فإن الترقي في العلوم ال يحصل عادة إال تدرجا، والعلم

العادي هو الذي يجب على الخلق االلتزام ، فيستحيل فهم دقائق العلوم(2)بأحكامه

(3)إال بعد فهم كلياتها. )( المبتدي في علم هو من ال قدرة له على تصوير مسائله، فإن1

قدر على ذلك فمتوسط، وإن قدر على االستدالل عليها فمنته. )( هذه نصيحة غالية لطالب العلم، فإنما العلم بالتعلم كما جاء في2

األخبار، أي بالتدرج في التفهم والطلب. وال يمكن أن يحصل العلم لإلنسان عادة بغير كسب واجتهاد، وحصوله بال كسب خرق للعادة

المستقرة. ومن رام أن ينام جاهال ويصبح عالما فإنه كمن ينتظر أن تمطر السماء عليه ذهبا وما هي بماطرة. والمشتغل باألذكار طلبا

لألسرار دون جد في التعلم هو والبليد القاعد صنوان، أو هو كالراكض باتجاه ال يوصله إلى غايته. فالواجب على المكلف أن

يلتزم بأحكام العلوم العادية القاضية ههنا بالتدرج في الطلبلتحصيل العلوم واكتسابها والتمكن منها.

)( هذه الفقرة من كالم الناظم والشارح تعرضت لمفهوم علم3 المنطق، وذكرت ثمرته، ونسبته. وهذه ثالثة من مبادي كل علم

10

تمهيد[(1)]فصل في جواز االشتغال به

إن المنطق أساسا علم ليس مختصا بأمة معينة دون ما عداها من األمم، وذلك كسائر العلوم المشتركة، ولكن بعض

حادث. وهي عشرة كما ذكروا: التعريف، وعرفوا المنطق بأنه آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الوقوع في الخطأ في فكره.

والموضوع، وهو للمنطق المعلومات التصورية والتصديقية من حيث صحة إيصالها إلى تصورات وتصديقات أخرى لم تكن معلومة، وما

ه ذلك اإليصال. إذ مطلوب المنطقي هو العلم وال يحصلييتوقف عل له إال بإحكام الطرق التي يتوصل بها إليه. والثمرة وهي الفائدة،

وقد= = ذكرها الفاضل الشارح. وفضله يعرف بمعرفة أنه من مبادئ علم الكالم الذي هو أشرف العلوم، وأنه من مبادئ علم أصول الفقه، وأن منفعته وفائدته عامة في كل علم من العلوم، فمن ذلك أنه

مفيد في إثبات بعض العقائد الدينية بالبراهين العقلية، وتزييف العقائد الباطلة الفاسدة. ونسبته ذكرها الشارح. وواضعه هو

إرسطو الفيلسوف اليوناني الشهير وهو نفسه إرسط ، ومعنى أنه وليسا شخصين كما توهم البعضوإرسطاطاليس

واضعه أنه أول من بلغنا أنه ألف فيه كتبا.وال يلتفت إلى كونه غير مسلم؛ فهذا علم صحيح باتفاق العقالء، وكل علم محمود من حيث

ق بالعاقل أنما هو علم وهبة من الله سبحانه وتعالى، وال يخل ينتقص من أي علم من العلوم، وإنما شرف العلوم بشرف المتعلم

. افيها، أي بشرف متعلقاتها ومواضيعها والمبحوث عنه فيه واعلم أن كل علم فال يمكن أن يتنافى مع الشرع، ألن الشرائع ال

يمكن أن تأتي بما تحيله وتبطله العقول. والعلوم كلها تلتقي مع أيها الطالبها مع الشرع الشريف. فاطمئن جميعلتقي تبعضها، و

لصحة الدين وال تخش الخوض في العلوم، فال يخوض في العلوم حد على بصيرة يريد وجه الله تعالى ويضله الله، والله أعلم.أ

أمامن العقل. وفاستمداده أما واسمه المنطق وذكرنا لك مأخذه. و في الفصل التالي. ومسائله هي القضاياكيأتيفسحكم الشارع فيه

النظرية الباحثة عن هيئة التعريف والقياس وما تعلق بهما. وسيأتي بيان طائفة أساسية منها في الشرح. فهذه هي مباديه العشرة

بإيجاز. ، ومن أسمائه وقوله )الجنان( بفتح الجيم أي القلب ويعني به العقل

اللب ألنه صفوة ما خص به الرب البشر، والحجى إلصابة الحجة به واالستظهار على جميع المعاني، والحجر لحجره عن ركوب

المناهي، والنهى النتهاء الذكاء والمعارف والنظر إليه، وهو نهاية ما يمنح العبد من الخير المؤدي إلى صالحه في الدنيا واآلخرة، وله

11

الشعوب برعت في بعض العلوم دون غيرها، واهتمت بها أكثر من اهتمام

غيرها، واليونان كان هو الشعب الذي اهتم بعض فالسفته بتدوين هذا العلم وبيان أركانه، وأسسه الكلية، وهذا ال

يعني مطلقا أن غير اليونان من الناس لم يعرفوا المنطق، بل ثبت عند الباحثين أن غير اليونان من الشعوب عرفت المنطق

وكتبت فيه. ثم انتشر العلم إلى الناس عن طريق

اليونان، ووصل علم المنطق إلى

النحو إلىة. وقوله )كالنحو للسان( أي كنسبدون ذلك من األسامي الكالم اللفظي. ويعصم أي يحفظ وليست هذه من العصمة

الشرعية التي تقتضي استحالة الوقوع في الغلط، بل هي لغوية بمعنى أنها تمنع منه مع إمكان الوقوع فيه لسبب يمكن للناظر

والضالل، وهو هنا ضد الهدى العام للعمدةمعرفته. والغي الخيبوالسهو. فإن جعلت الخطأ مختص على قول كانكما هو بالسهو ا

من إضافة العام إلى الخاص. ودقيق الفهم أي المفهوم الدقيق. وقوله )هاك من أصوله قواعدا إلخ( أي خذ قواعد هي بعض أصوله،

تجمع هذه القواعد فروعا تشتمل على فوائد. واألصل والقاعدة واحد منها حكمتعرفوالقانون والضابط بمعنى، وهو قضية كلية ي

ينطبق على جميع جزئيات موضوعها. والفنون الفروع. والسلم ما يرقى به إلى أعلى والمنورق المزين، والمعنى أن هذا الكتاب

الصغير عند إتقانه يكون موصال إلى الكتب الكبيرة التي تفصل فينك منه. ووجه الله تعالى ذاته المتصفة مسائل علم المنطق وتمك

وطةمبسبالصفات، والقالص الناقص. والمطوالت الكتب الكبيرة الضد المختصرات وأكبر من المتوسطات. وهي في الفنون

)( هذه عبارة األصل، وظاهرها أن ثمة خلفا في جواز االشتغال1 بالمنطق مطلقا، وهو غير ملخص. إذ الخلف إنما وقع في المخلوط

بالفلسفة، وأما المنطق الذي صنف على طريقة اإلسالميين من أهل السنة فال خالف في أنه جائز، مندوب إليه العلماء واألذكياء، بل

هو فرض كفاية على ما سيحققه الشارح. 12

المسلمين، فاشتغل به الناس أوال عن طريق الترجمات التي وصلت إليهم، وكان المترجمون ينقلون المنطق مع

أمثلته التي كان يستعملها فالسفة اليونان، وهذه األمثلة كانت تعبر عن عقائدهم وأفكارهم وال تطابق عقائد

. فكان العلم(1)المسلمين ومبادئهم مخلوطا بأمثلة فلسفية، في أول

معرفتهم به، ثم لما اشتغل به علماء الدين الناقدون، حرروا المسائل األصلية

لعلم المنطق عن األمثلة التي تتخلله، وحرروه منها، بل زادوا على ذلك بأن ضربوا أمثلة مطابقة للفقه والعقيدة

اإلسالمية. من المقدمة السابقة، نستطيع أن نعرف

السبب الرئيس في اعتراض بعض العلماء المسلمين على المنطق، وهو أن

مسائل علم المنطق كانت مخلوطة بالعقائد اليونانية، وعقائد الشعوب

)( من ذلك قولهم بأن اإلله هو علة موجبة لوجود العالم بواسطة1 من علل أخرى الذي جرهم إلى القول بالقدم النوعي للعالم، وأنه ال حقيقة لإلله إال عين الوجود الواجب، وأن علمه منحصر في الكليات

دون الجزئيات. وأن النفوس الفلكية عالمة بجميع جزئيات العالم. وقولهم بأن النفوس اإلنسانية سرمدية يستحيل عدمها. وإنكارهم

لبعث األجساد يوم القيامة. فهذه أكبر طاماتهم فاحذرها. 13

األخرى التي نقلت منها الكتب. ولذلك اهتم المصنف هنا بالكالم على حكم علم

المنطق وسبب اختالف المسلمين فيهفقال:

15

به على ثالثة أقوال]والخلف في جواز االشتغال

16

ما واوي حر وقال قوم ينبغي أن يعلمافابن الصالح والن

17

جوازه لسالم القريحةوالقولة المشهورة الصحيحة

18

ة والكتاب ن ليهتدي به إلى الصواب[ممارس الس

أقول: قرر المصنف أن العلماء لم يتفقوا على رأي واحد في علم المنطق، بل

افترقوا على ثالثة أقوال. نذكرها فيمايلي:

الرأي األول: تحريم علم المنطق، وهذا الرأي قال به اإلمام النووي وابن

وغيرهما، وقد بنوا قولهم على( 1)الصالح أن المنطق مقدمة للفلسفة، والفلسفة

هـ676 هـ، ووفاة النووي سنة 643)( كانت وفاة ابن الصالح سنة 1عن نحو أربعين عاما. رحمهما الله تعالى.

14

مخالفة للدين، وما كان مقدمة للفاسدفهو فاسد مثله.

ولكن هذا الرأي ال يسلم إال إذا أثبتوا أن المنطق ال يمكن أن يستفاد منه إال في

الفلسفة، أي إذا أمكنهم إثبات أن المنطق يسلم لهم(1)مقدمة للفلسفة خاصة، قد

ما قالوه. وأيضا فإنه يجب عليهم إثبات أن

الفلسفة فاسدة مطلقا لكونها فلسفة، وهذا فيه نظر، فالفلسفة فعل عقلي في

، قد(2)الوجود وكليات الطبيعة والعقليات يكون صحيحا مطابقا وقد ال يكون كذلك،

فليس كل فلسفة باطلة، بل بعض األنظار الفلسفية صحيحة، وكذلك نقول إن علم الكالم نظر عقلي في الكليات الطبيعية والشرعية والعقلية، وال يمكن

أن نقول بفساد علم الكالم مطلقا، بل ما كان منه صحيحا فهو صحيح وما كان

فاسدا فهو فاسد، بل هذه قاعدة في كل )( قوله )قد( للتشكيك، ألنه ال يسلم أن الفلسفة بكل ما فيها علم1

باطل، على ما سيبينه. )( قوله )فعل عقلي في الوجود( أي إعمال للعقل فيه، أي تفكير2

في الموجود. وقوله )كليات الطبيعة( أي المفهومات الكلية الطبيعية، و)العقليات( أي المفهومات الكلية العقلية، وما يختص

بالعقل من آليات وقوانين. 15

العلوم، كعلم أصول الفقه واللغويات والتفسير، بل في الطبيعيات

والرياضيات، وغيرها. فالمنطق إذا لم يثبت أنه مقدمة للفلسفة فقط، بل قد

يكون مقدمة لغيرها من العلوم، فال يصح . (1)القول ببطالنه مطلقا

وهذا ما أثبته المحققون من العلماء، فقد أثبتوا أن المنطق مقدمة لسائر العلوم، ال للفلسفة فقط، وبناء على ذلك فال يمكن القول بحرمته مطلقا كما أطلقه أصحاب

هذا القول. الرأي الثاني: بعض العلماء أوجبوا

. وقال بعضهم:(2)علم المنطق مطلقا يجب على الناس وجوب كفاية أن يعلموا

المنطق، وهذا الرأي أخص من اإليجاب مطلقا، ألنه إيجاب على سبيل الكفاية، كسائر العلوم اإلسالمية، وقد يفهم من

. (3)كالمهم مجرد ندبه )( جعل البطالن المطلق علة لتحريم االشتغال به مطلقا، لكن منه1

ما هو علم والعلم حق، فلما انتفت العلة انتفى الحكم بالتحريممطلقا، فيصار إلى التفصيل الذي سيبينه.

)( أي أن حكمه الوجوب على جميع األحوال سواء كان عينيا، أو2كفائيا.

)( إشارة إلى قول حجة اإلسالم في المستصفى حيث قال رحمه3 الله تعالى: )من ال معرفة له بالمنطق ال ثقة بعلمه( وهي عبارة

تحتمل ما ذكره من مجرد الندب فصاعدا. 16

ولصاحب هذا الرأي أن يفصل فيقول: القدر الضروري من المنطق واجب وجوب عين، وما زاد على ذلك فهو

. واإلمام الغزالي(1)واجب وجوب كفاية هو من تصدى إلثبات هذا القول وصرح به

في أوائل كتاب المستصفى في أصول الفقه، وبادر إلى تأليف عدة كتب في

أودع فيها أمثلة شرعية غير(2)المنطق متعارضة مع الدين، متوافقة مع عقائده،

)( لإليجاب العيني محالن، األول في الضروريات العقلية التي يكفر1 منكرها، والثاني حين ال يبلغ المشتغلون به حد الكفاية فيصير

الوجوب عينيا حتى تسد الثغرة. واعلم أن حصول القوة على رد بعض الشكوك الكالمية والفلسفية يتوقف على حصول القوة في

المنطق، وما يتوقف عليه الواجب فهو واجب. والدين اليوم مستهدف من عدد كبير من الدول والمنظمات واألفراد المتغرضين

بأغراض مختلفة، وحماية الدين والدفاع عنه واجب على الكفاية، فإن لم تحصل الكفاية فعلى العين حتى تحصل. وما ال يقوم الواجب

المطلق إال به فهو واجب، فإذا احتيج إلى أي علم أو صناعة إلقامة الواجب وجبت، سواء كان علم المنطق أو أي علم آخر. والله تعالى

أعلم. ومن حمق السلفية اليوم اعتراضهم على علمي المنطق والكالم مع شدة االحتياج إليهما اليوم لنصرة الدين، وعدم اكتراثهم ببعض العلوم الطبيعية واإلنسانية التي يستغلها المؤلفون الالدينيون

لمهاجمة الدين جهارا نهارا. )( منها مقدمة المنطق في المستصفى، ومقدمة في تمهيد المنطق2

وهي القسم األول من كتابه مقاصد الفالسفة، وكتاب معيار العلم ويسمى أيضا كتاب النظر، وكتاب الجدل، ومدارك العقول وهو

القسم األخير من كتابه تهافت. ومنها كتاب محك النظر في المنطق، ومنها القسطاس المستقيم. واإلمام الغزالي رحمه الله

هـ عن خمسة وخمسين عاما، هو بحق505تعالى المتوفى سنة إمام هذا الفن على طريقة أهل السنة، والمؤسس لقرون ذهبية

. في هذا الفن جاءت من بعدهعند المسلمين17

فجرده من األمثلة الفلسفية المتعارضة مع الدين، فخال كتابه من أسباب اعتراض

العلماء على علم المنطق. وتبعه علىهذا القول كثير من العلماء المحققين.

الرأي الثالث: وهي القول الذي رجحه المصنف، بل هو رأي جمهورم علم المنطق العلماء، وهو أن تعل

للذي مارس علوم الكتاب(1)يجوز والسنة، وتحققت في نفسه العلوم

اإلسالمية، فاطمأن إليها، فمن كان هذا شأنه، فإن علم المنطق ينفعه في فكره

ونظره ليس فقط في الكتاب والسنة، بل في سائر العلوم، كالطبيعيات

والرياضيات. وقالوا: إن اإلنسان الذي يلتزم قواعد المنطق فإنه يصبح أقرب إلى االهتداء إلى األقوال الصواب، ألن المنطق آلة

للتفكير الصحيح، ومن عرف آلية التفكير الصحيح يكون أقرب إلى االلتزام بها

ممن لم يعرفها. كمن يعرف علم النحو فإنه يكون أقرب إلى معرفة التركيب

الصحيح للكالم العربي ممن لم يعرفه بل )( أي جوازا بالمعنى األعم يدخل فيه اإلباحة والندب والوجوب الكفائي1

والعيني. 18

اعتمد فقط على خبرته باللغة وسليقته، فعلم المنطق مع أنه علم يتوافق مع

العقل الصحيح، بل إن قواعده منها الضروري ومنها النظري، إال أن كونه

متوافقا مع العقل الصحيح ال يكفي لمعرفة الناس به، وال يكفي اللتزام

الناس بالطريق الصحيح في التفكير، بل ال بد لهم مع ذلك أن يتعلموا القواعد

التفصيلية فيه، فإن التزامهم بهذه القواعد متوقف على علمهم بها. وكذلك فإننا ال نقول إن كل من عرف القواعد

الصحيحة يلتزم بها، فإن التزامه بالقواعد الصحيحة متوقف على إرادته وفعله لذلك

واكتسابه، ال على مجرد علمه. والمتأمل في هذا القول يرى أن له وجها قويا، خاصة في شرطهم سالمة القريحة

أي الذكاء والنباهة لجواز تعلم علم المنطق، فإن هذا ليأمن قارئه من أن تتمكن بعض الشبه في عقله، فيضل، وهذا هو الشرط أيضا في تعلم علم

الكالم وغيره من العلوم الدقيقة الجليلةالقدر.

19

ونستطيع القول بناء على هذا التحقيق أن ال تعارض كبيرا بين هذا الرأي وبين الرأي الثاني الذي أوجب المنطق على

البعض القادر على حل الشبه والمتمكنمن العلوم اإلسالمية.

والتحقيق في هذه المسألة أن المنطق من حيث هو علم، بعد تجريده من األمثلة

الفلسفية، والمخالفة للعقائد الدينية، فهذا القدر منه لم يحصل خالف من أحد من العلماء المعتبرين في جواز االشتغال

به، وأما لو نظرنا في المنطق ال من حيث هو علم بل من حيث الكتب التي ألفها المناطقة على اختالف مذاهبهم،

سواء كانوا فالسفة أم غيرهم من المتشرعة، فهذا المفهوم هو القدر الذي

حصل الخالف فيه بين العلماء علىاألقوال الثالثة السابقة.

ومعنى ذلك أن القدر المبين في كتب العلماء المحققين كهذا الكتاب، وكتاب السنوسي وكتاب التفتازاني والكاتبي

وغيرهم من العلماء المحققين، فلم يقل أحد من العلماء المعتبرين بحرمة النظر

في هذا القدر، بل الخالف الممكن20

تقديره هنا هو هل الشخص المعين قادر على فهم المنطق أو ال، فإن كان قادرا فال بأس في ذلك، وإال فال، شأنه شأن

سائر العلوم. وأما الكتب المخلوطة بعقائد الفالسفة

ككتب الفارابي وابن سينا وغيرهم، فهذه هي التي يتصور فيها الخالف المذكور،مها، نظر إلى اشتمالها على فمن حر

العقائد الفاسدة، وعدم قدرة كل الناس على الرد عليها واستبيان غلطهم فيها، ومن أوجبها على الكفاية أو ندبها على

الكفاية، علق نظره إلى أن بعض الناس هم القادرون على ذلك. وأن الرد على شبه الفالسفة والمخالفين للدين ال يتم إال بالنظر فيها والتمكن من الرد على

شبههم المودعة فيها وفي غيرها، فأوجبها وجوب كفاية على القادرين. ومن قال

بجوازها مطلقا لممارس الكتاب والسنة وعلوم الدين الصحيحة، فهذا نظر إلى

الكتب المنطقية المحررة، كهذا الكتاب، فالنظر في هذا الكتاب إذن ودراسته

21

جائز على جميع األقوال وواجب على (1)بعضها، بال توقف.

ثم قال:فصل في ] أنواع العلم الحادث[

19

]إدراك مفرد تصوراعلم

ودرك نسبة بتصديق وسم

20

ـبعوقدم األول عند الوضع ه مقدم بالطـ ألن

21

ظري ما احتاج والنأمل ـ للت

وعكسه هو الضروري الجلي

22

يدعى بقول شارحوما به إلى تصور وصلفـلـتـبـتـهـل

23

بحجة يـعرف عند العقال[وما لتصديق به تـوصال

)( ونتبين من هذا الشرح المفصل أن منشأ الخالف في حكم1 االشتغال بالمنطق هو توارد أنظار العلماء على أكثر من محل، ونظرهم إلى المسألة من جهات مختلفة تارة باعتبار المتعلم=

= وتارة باعتبار المتعلم. والمختار أن الحكم في حق الذكي المتشرع الملتزم بدينه غير الحكم في حق ضعيف العقل الفدم وصاحب األهواء، فاألخيران يمنعان مطلقا من المنطق مشوبه

من علم الكالم وغيره من علوم الشرعنومحموده كما يمنعا الشريف، واألول يجوز له في بداية الطلب االشتغال بالمحمود

الخالص من شوائب الفلسفة، فإن رسخت قدمه في العلوم الشرعية جاز له النظر في الكتب مطلقا على اختالف مؤلفيها

ومضامينها. وقد يندب له النظر أو يجب عليه بحسب الحاجة كماذكرنا. والله تعالى أعلم بالصواب.

22

أقول: المنطق علم يبحث في الطرق التي يتوصل بها إلى العلم، فالعلم غاية

للمنطق، أي أن العلم يترتب على المنطق، فالذي يتعلم المنطق يهدف إلى الوصول إلى العلم، فلذلك يلزم أن يكون مفهوم العلم واضحا في ذهن الذي يشرع في تعلم المنطق، لكي يستطيع الوصولإلى هدفه والربط بين الوسيلة والغاية. وقبل أن نخوض في تعريف العلم ال بد أن نلفت النظر إلى أن هدف المنطقي هو الوصول إلى اكتساب العلم لنفسه،

فالعلم الذي هو هدف المنطقي هو العلم المكتسب، والعلم المكتسب هو علم المخلوقات، وهو يوصف باالكتساب

ألمرين: أوال: أن اإلنسان ال يولد عالما، بل يولد

، فكل علم(1)مجردا من العلوم والمعارف له بعد ذلك فإنه يكون حادثا فيه بعد أن

لم يكن.

)( والدليل عليه قوله تعالى )والله أخرجكم من بطون أمهاتكم ال1.78تعلمون شيئا( النحل

23

،(1)ثانيا: إن أكثر العلوم ليست ضرورية بل يتوقف حصولها في اإلنسان على

الجهد والنظر، ولذلك يسميها العلماء - بناء على التغليب- بالعلوم النظرية، وتسمى أيضا بالعلوم المكتسبة ألنها

حاصلة في نفس اإلنسان، وكل ما يحصل فيها فهو كسب ما دام متوقفا على

اإلرادة. والحاصل أن المنطق ال مدخل له إال في العلوم الحادثة، فال يقال إن العلم اإللهي

متوقف أيضا عليه، فهذا جهل بالمنطق وبالعلم الحادث، فالعلم اإللهي قديم،

والقديم ال يتوقف على شيء. فالمنطق إذن وسيلة للعلوم اإلنسانية، ال

لغيرها، فكل ما سيأتي من تقسيمات وأوضاع وأنواع وأسباب فال تعلق لها

بالعلم اإللهي، بل هي مخصوصة بالعلماإلنساني.

وسائل المعرفة: وسائل العلم والمعرفة اإلنسانية هي ثالث ال رابع لها، وسيلتان

)( أي ليست بديهية تحصل باالضطرار دون إرادة يتبعها روية1 المقابلة للكسب، فال يرد أن العلومهي واكتساب. والضرورة هنا

كلها ضرورية الحصول، ألن الكالم في األسباب العادية المعدة ال في نفس الحصول. فالضروي الذي يتكلم عنه هنا ليس من أسبابه

النظر. 24

مستقلتان ال يتركب واحد منهما من اآلخر، وإن اعتمد عليه بوجه، والثالث

مركب منهما، ولكن أفرد بالذكر ألهميته.(1)

األولى: الحواس الخمس: وهي السمع والبصر والذوق واللمس

والشم. وال يدرك بها إال ما اتصل بها إما مباشرة أو بواسطة. فلو قلنا إن المدرك

بالبصر هو الجسم، لكان البصر يدرك الجسم بواسطة اتصال الشعاع به، ولكن

لو قلنا إن المدرك إنما هو الشعاع المنعكس عن الجسم، فالبصر ال يدرك

إال ما اتصل به، وهو األصح، ثم إن العقل هو الذي يتوصل إلى معرفة خصائص الجسم من مالحظة صفات الشعاع

)( الوسيلتان المستقلتان اللتان ال يتركب أحدهما من اآلخر هما1 الحس والعقل. قوله )وإن اعتمد عليه بوجه( أي وإن اعتمد أحدهما

، وتنبه إلىعلى اآلخر بوجه ما. يشير إلى أن الحس شرط للعقل أن الحس ليس علة للعقل، فبعد وقوع الشرط، يبقى العقل يعمل

هوو. والثالث المركب من الحس والعقل حتى وإن انقطع الحس طريق الخبر، ألن وصوله إلى النفس يكون من طريق الحواس،

يكون، والحكم على صحته وبطالنه وجوازه كل ذلك وإدراكه وفهمه ه بالذكر مع كونهأفردألجلها التي ة الخبر. وأما أهمي. فافهمبالعقل

كونه مصدرا هائال من مصادر المعرفة، وبهذه الوسيلةيهمركبا ف الشريفة تعرفنا على صفات اإلله، وعرفنا أصل خلقتنا وأخبارنا

المنوطة بنا في هذه الحياة، وعرفنا الماضية، ومآلنا، والوظيفة أوامر اإلله جل وعز ونواهيه، وكيف نترقى في كماالتنا، إلخ مما ال

حصر له من المعارف.25

المنعكس عنه المتأثر به الدال على بعضخصائصه. هكذا نقول في سائر الحواس.

(1) :(2)والوسيلة الثانية للعلم واإلدراك

العقل:

)( ينبغي أن يالحظ أنه سواء كان اإلدراك بالمباشرة كما في اللمس1 أو بواسطة كما في الرؤية فال يكون إدراكنا تاما كاشفا عن المدرك

على هو عليه في نفس األمر، وإنما يكون إدراكنا لبعض لوازم حقيقته المتشخصة فحسب. واإلدراك هو تمثل حقيقة للشيء عند

المدرك. وهو إحساس وتخيل وتوهم وتعقل وسنتكلم عن كل واحد منعادة في محله إن شاء الله تعالى. واإلدراك الحادث ال بد له

آلة. وليست الحواس الظاهرة سوى نوافذ توصل للنفس صورا حسية من العالم الخارجي. فهي وسيلة اتصال النفس الوحيدة مع = =الموجودات الخارجية. لذلك قلنا إن الحس شرط عادي

في اإلدراك والتعقل. واإلحساس: إدراك النفس للشيء مكتنفا ببعض عوارضه ولواحقه المادية، وشرطه كما أشار إليه الشارح

حضور المحسوس الذي ال يكون إال ماديا، ونسبة خاصة بينه وبين فافهم ذلك جيدا.المدرك.

)( العلم هنا بالمعنى المصدري ال االسمي. وعطف اإلدراك على2 العلم إشارة إلى أنهما عند المنطقيين متساويان. ثم إنه ال إدراك

للنفس إال من حيث ما هي عاقلة، وإليه نبه الشارح المحقق بقوله آنفا )ثم إن العقل هو الذي يتوصل إلى معرفة خصائص الجسم..

إلخ(، ألنك لو وقفت فاتحا عينيك شارد العقل ال يقال إنك مدرك لما انطبع في نفسك من صور إال إذا التفت عن قصد بعقلك إلى صورة بعينها. وكذا لو وصلك كالم لفظي عن طريق األذن، فإنك لن تدركه إال إذا التفت عقلك إليه. وكذا فإن جسمك وأنت نائم يلمس أشياء

كثيرة وال تدركها ألنك غير حاضر القلب. وعليه فاعلم أن السمع والبصر واللمس والشم والذوق هي إدراكات للنفس من حيث ما

هي عاقلة، بواسطة اآلالت، وليست باآلالت باالستقالل. وال تتوهمن أن السمع مثال هو وصول الصوت إلى الدماغ عبر األذن بل هو

إدراك النفس لمعنى تلك األلفاظ. وكذا الكالم في بقية الحواس. 26

ونعني بالعقل تلك الملكة التي أودعها الله تعالى في اإلنسان، والتي بواسطتها

يمكنه أن يصل إلى العلم والمعرفة، ويشتمل علم المنطق على وصف كلي

آلليات العقل، فالعقل آلة للمعرفة، وليس العقل –عند علمائنا المتكلمين- جوهرا قائما بذاته، كما توهمه البعض،

فنسب ذلك إليهم غالطا عليهم. مشتركة بين الجنس(1)وأصول التعقل

، وليست هي أمورا اختيارية(2)البشري ومسلمات موضوعة عن إرادة أو اختيار

من اإلنسان، بل هي ثابتة ألصل ثبوت على حسب ما خلقه(3)الوجود اإلنسانيالله تعالى عليه.

مجردا عن الغواشي الغريبة واللواحق المادية التي ال تلزم ماهيته )( قوله )أصول التعقل( أي قوانين اإلدراك. وتعقل الشيء إدراكه1 عن ماهيته، فهو نوع من اإلدراك = =على المصطلح عليه من

عم من التعقل. فال عمل للعقل في الصور الحسية قبلأأن اإلدراك أن تجردها النفس من تلك اللواحق. وبعد تجردها تسمى

والفكر هو حركة النفس في المعقوالتعلى ما فيه. المعقوالت. عن قصد. وأما حركتها في الصور المحسوسة المحفوظة في

النفس بما يفيد إدراكها مكتنفة بتلك اللواحق فتخييل. والفرق بينه وبين الحس أن فيه تصرفا في الصور المحسوسة ال يقدر عليها

الحس، وكذا أنه ال يشترط له حضور المادة المحسوسة، وال النسبةالخاصة المشروطان لإلحساس.

اإلبل جنس من البهائم، والمعنى هنا أن البشر جنس من الحيوان. )( الجنس بالمعنى اللغوي بمعنى الضرب من الشيء، كما تقول2 وستعرف عما قريب في هذا الكتاب أن البشر على اصطالح أهل

نوع من جنس الحيوان. الفن وال يمكن أن يعقل وهو على هذه الخلقة والفطرة بغير هذه اآلليات )( أي أن كل إنسان فقد غرز الله تعالى فيه نفس قوانين التعقل،3

والقوانين. وعليه فكل تعقل يحدث لإلنسان في هذا العالم فهوباألسباب العادية للتعقل التي أبدعها الله تعالى في جبلته.

27

والعقل يعتمد في إدراكه على الحواس، ولكن الحواس ليست علال له، بل هي

شروط له، فمجرد امتالك العقل أمورا حسية فإنه يبدأ العمل بالتحليل والتركيب

بالطرق التي سوف نبينها (1)واالستنتاج في هذا الكتاب. ولو فرضنا أن اإلنسان أحس بأمر بعينه مثال، ثم أغمض عينه،

فإن العقل ال يتوقف عمله على بقاء العين مفتوحة، بل إنه يكتفي بالصور الحاصلة

عنده قبل ذلك، ويبني عليها باالعتماد علىحافظة النفس البشرية.

والحقيقة أن النفس هي العاقلة، فالعقل، وكل فعل فإما أن(2)لها ال لغيرها فعل

1 دون قصد وإرادة، وعليه فيكون من قسم التعقل االضطراري. وأما )( ظاهر العبارة أن هذا العمل الذي يقوم به العقل يكون تلقائيا النظر فال بد له من قصد وإرادة. ال يقال التحليل والتركيب

واالستنتاج نظر فكيف يجعله حاصال باالضطرار. ألنا أوال فهمنا عبارته على أن عمل العقل ههنا بال إرادة ألنها غير مذكورة في

كالمه، فلو قدرناها الرتفع اإلشكال. وثانيا نعم النظر تحليل وتركيب واستنتاج، ولكن ال يلزم أن يكون كل تحليل وتركيب واستنتاج نظرا،

ألنه ربما يحصل التعقل االضطراري على نفس قانون التعقل الكسبي ولكن ال تكون هذه الخطوات مشعورة. ولقائل أن يقول:

هذا يقتضي نفي العلم البديهي المعني به عندكم أنه ما ال يحتاج في حصوله بعد توجه العقل إلى شيء مطلقا، والتحليل والتركيب واالستنتاج قدر زائد على التوجه. وقد يجاب بأن هذه العمليات

تكون ضعيفة جدا وغير مشعورة وسريعة ومن ضمن نفس التوجه.تأمل.

والمعنى أن العقل كسب على صورة الفعل ال الكيف مثال أو غيره )( واليرد بأنه فعل لله تعالى، وكسب لها، ألن هذا مما ال نزاع فيه.2 من المقوالت، مع قولنا بأن العقل كسب، وهو والكاسب

لله تعالى بال توقف. وقوله ال لغيرها ردمخلوق والمكسوب فعل ، أو أن الحس أو غيره من األعضاءغعلى من ادعى أنه فعل الدما

. جزء من العقل أو علة له28

، وهكذا(1) يكون إراديا، أو اضطراريا العقل، فمنه أفعال إرادية وهي األكثر، ومنه أفعال اضطرارية، ومن هنا قسم الناس العلوم إلى علوم كسبية وعلوم

ضرورية. وما دام العقل في أفعاله االختيارية يتوقف على اإلرادة، واإلرادة

شوق قلبي، فإن العقل يرتبط بالقلب من هذه الجهة، ولذلك عبر بعض العلماء عن

العقل بأن أصله في القلب ونوره في الدماغ، واختلف العلماء في محله، فمنهم من قال هو في القلب كالشافعي رحمه

الله تعالى، ومنهم من قال هو في الدماغ كاإلمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله

. ولذلك(2)تعالى، والتحقيق هو ما ذكرناه يتوهم بعض الناس أن المبادئ العقلية هي

مجرد أمور اختيارية يختارها اإلنسان ثم ، وسوف نزيد في بيان ما(3)يبني عليها

بالضرورة. )( تسمية االضطراري فعال مجاز، ألن الفعل يتضمن اإلرادة1 والحركة النفسية في المعقوالت -تشبيها لها بالحركة األينية- التي )( أي من الجمع بين القولين بأن أصله وهو القصد في القلب،2

هي الفكر ومالحظة المعقول الذي هو النظر وحصول التصورات والتصديقات البدهية والكسبية محله الدماغ. ومع الفرق بين

المالحظة والنظر إال أنها يستخدمان كمترادفين لتالزمهما. ألنه اليحصل فكر دون نظر، وقد تحصل المالحظة وال تحصل الحركة.

عن لها ألنها صحيحة في نفسها. وممن يعدوا أنفسهم منذوي )( يعني مسلمات يسلمها بإرادته، ال أنها مغروزة في جميع العقول3 المفكرين في هذا الزمان والفكر منهم براء من يعتقد بأن المبادئ

العقلية موروثات مكتسبة، وأنها متغيرة بتغير الزمان والمكان.وهؤالء ال عقل لهم وال تمييز.

29

آخر. يتعلق بالعقل في محل والوسيلة الثالثة للعلم؛ الخبر الصادق:

وهو نوعان األول خبر اآلحاد المؤيد ، والثاني خبر التواتر، وسوف(1)بالمعجزة

نفصل فيهما في مواد القضايا. إما(2)تعريف العلم: العلم إذا أطلق هنا

أن يراد به المعنى المصدري أو المعنى ، فالعلم بالمعنى المصدري هو(3)االسمي

"تمييز حاصل للنفس ال يحتمل النقيضبوجه".

ونفس التعلق الحاصل بين النفس ال يجوز أن يكون معلوال عن(4)والقضية

لمعاصريهم، والمعجزة دليل صدقهم. واألولى أن يقال خبر الواحد )( يعني خبر الرسل عليهم الصالة والسالم عند إخبارهم1 المحتف بالقرائن، ليعم خبر الرسل عليهم السالم، وخبر غيرهم. وتكون المعجزة قرينة صدق خبرهم. ولنرجئ التفصيل نحن أيضا

إلى حيث وعد الشارح به. وما ذكره مشهور عندالعلم عند المناطقة هو مطلق اإلدراك، ، ألن)( إن قصد بهنا فن المنطق فحده غير جامع على اصطالحهم2

األصوليين، والالئق أنه قصد بهنا المحل الذي يتكلم اآلن فيه عن. أعني التمييز القطعيالعلم بهذا المعنى

معنى المصدر هو النسبة بين الفاعل والمفعول بالمعنى النحوي لهما. )( المصدري نسبة إلى المصدر. وهو يدل على فعله المشتق. وأصل3 والعلم بهذا المعنى هو النسبة بين العالم والمعلوم. وقد يستعمل

المصدر في الهيئة الحاصلة للفاعل بسبب تعلق المعنى المصدري به فيقال إنه مصدر من المبني للفاعل، وقد يستعمل في الهيئة الحاصلة

للمفعول بسبب تعلقه به، فيقال إنه مصدر من المبني للمفعول. واالسمي نسبة إلى االسم. وهو اللفظ المفرد الموضوع لمعنى هذا المعنى هو عين المسمى. والمقصود به في كالمه نفس ما انكشف

بالقضية.للنفس نتيجة لتعلقها النسبة الخبرية وهي تعلق المحمول بالموضوع. وتعلق النفس )( قوله )ونفس التعلق الحاصل بين النفس والقضية( يعني بالقضية4

العلمي بها هو إدراكها أي تمييز كون هذه النسبة واقعة أو ليست بواقعة دون أدنى شك في ذلك على جهة اإلذعان. ولقائل أن يقول ذكره لتعلق النفس بالقضية أي اللفظ المركب دون المفرد يجعل

30

، ولكن شروطه المعدة يجوز أن(1)اإلرادة ، ولو كان العلم عن إرادة(2)تكون كذلك

لبطل كونه علما، فالعلم ضروري كله من جهة الحصول، ال من جهة الشروط

والمعدات، كالنظر وتخلية النفس عنالمعارضة، وغير ذلك من الشروط.

فالنفس إذا تعلقت بقضية من القضايا تعلقا مميزا غير صادر عن إرادة بحيث

امتنع للنفس دفعه عنها، فهذا التعلق هو . وللتعلق أمر يتعلق به، وهو(3)العلم

تصورات ثالثة فتعلق النفس بها يتضمن تعلقها بالتصورات الثالثة الكالم متناوال للتصديق دون التصور. وقد يجاب عنه بأن القضية فيها كما هو بالحكم، فيكون كالمه متناوال لقسمي العلم. ولكن الفاضل

ذكر في تعريفه للعلم أنه تمييز ال يحتمل النقيض بوجه، وهذا إن تصورناه في القضايا أي في إدراكنا للنسبة الحكمية التي هي ثبوت

المحمول للموضوع، فكيف نتصوره في إدراكنا للمفردات، وقد تقررفي هذا الفن أن المفردات ال نقائض لها. فتأمل.

لكان اختياريا ال ضروريا، فال يكون علما، ألن العلم كما سيذكره )( قوله )ال يجوز أن يكون معلوال عن اإلرادة( ألنه لو كان عن إرادة1 ينبغي لكي يكون علما أن تذعن له النفسفضروري الحصول.

إذعانا ال يمكنها معه تكذيبه أو رده. وأما إذا كان مجرد تسليم إرادي فال يكون حجة على جميع العقالء، بل يكون شيئا يصلح لالحتكام له

بين المتواطئين على تسليمه. )( أي يجوز أن تكون معلولة عن اإلرادة. أي الزمة عنها، وليس2

المقصود بالعلة تلك الموجبة لوجود المعلول، فإن إرادة اإلنسان اكتسابه. فإرادة اإلنسان تتوجهفي ليست علة في إيجاد شيء بل

عدات من النظر والفكر وتخلية النفسالكتساب هذه الشروط والم عن الموانع وكل ذلك معلوم بالضرورة أنه عن إرادة اإلنسان

واختياره. والله تعالى يوجدها له عادة مقارنة إلرادته، ويوجد معها تعلق النفس االضطراري غير المدفوع، الذي سماه العلم بالمعنى

المصدري. )( أي بالمعنى المصدري. 3

31

، فالعلم(1)العلم بالمعنى االسميب المصدري هو عين التعلق المسب

، وبالمعنى االسمي هو(2)للتمييز القاطعما كشف عنه هذا التعلق.

هذا تعريف موجز للعلم، وأما التفصيل بهفال يليق ذكره هنا.

تقسيم العلم: العلم ينقسم بحسب ماهية ، إلى تصور وتصديق. وذلك أن(3)المتعلق

العالم إما أن يعلم صورة مفردة، أو يعلم نسبة تصديقية، ونقصد بالنسبة

، نسبة خبرية يمكن تعلق(4)التصديقية التصديق النفسي بها، فالقسم األول، هو التصور، والثاني هو التصديق، فالعلم إما تصور أو تصديق. وما انقسم إلى التصور

والتصديق، وهو الذي سميناه علما هو ، واإلدراك يصلح ألن(5)مطلق اإلدراك هنا

)( حاصل كالمه هنا أن العلم بالمعنى المصدري هو نفس التعلق،1بين متعلق هو النفس، ومتعلق هو العلم بالمعنى االسمي.

: إنه جعل العلم بالمعنى المصدري ههنا نفس أن يقولقائلل)( و2 التعلق المسبب للتمييز، وجعله أوال نفس التمييز. وهو ليس

با في آن. فتأمل. بمستقيم. ألنه ال يكون الشيء سببا ومسب )( أي المعلوم. وهو اآلن شارع في تعريف العلم بالتقسيم. وهو3

مشهور في التعريفات ال سيما فيما يعسر تعريفه كالعلم. طريق )( سميت بذلك ألنها مورد التصديق. 4 )( قوله )هنا( أي في اصطالح المنطقيين، يشير به الشارح المحقق5

إلى أن العلم بمعنى اإلدراك مطلقا غير ما ذكره آنفا وهو اإلدراك القطعي. والعلم عند المنطقيين يتناول إدراكأعنيالخاص

32

ينتسب إلى التصور وإلى التصديق. ومطلق اإلدراك معناه هو وصول النفس

،(1)إلى معنى، وهو يشعر بسبق الجهل ولذلك يخرج علم الله تعالى، وإذا لم

يصح نسبة اإلدراك بهذا المعنى إلى الله تعالى، فال يصح القول بأن علم الله

، فالقسمان(2)تعالى تصور أو تصديقمنفيان عن علمه جل شأنه.

والتصور قد يعرفه بعض العلماء بأنه حصول الصورة في النفس، فيجعل

المفردات والنسب التصديقية وليس فقط األخيرة خالفا لما جرى عليه بعض األصوليين في قولهم هو االعتقاد الجازم المطابق للحق

عن دليل. كما أن العلم عندهم هو الصورة الحاصلة في الذهن يقينا أو ظنا أو جهال مركبا. ألن كل ذلك إنما هو إدراك. فاإلدراك عندهم

مساو للعلم. )( ذكر بعض الفضالء أن المعرفة تقال لإلدراك المسبوق بالعدم.1

لذلك ال يقال الله عارف بل عالم. واألولى أن تقول عرفت الله والتقول علمته. والله تعالى أعلم.

)( اعلم أن علم الله سبحانه واحد ال ينقسم، فال يتعدد علمه تعالى2 وال يتنوع، وهو صفته الواحدة، والله تعالى هو الواحد في ذاته

وصفاته وأفعاله. ثم إن علمنا بديهي ونظري، والله تعالى عالم بجميع المعلومات علما قديما ال يخفى عليه شيء في األرض وال

في السماء، وليس شيء من علمه ليس بحاصل ليحصل ببديهة أو ر باإلدراك،بكسب تعالى الله وتنزه عن ذلك. وعلمنا الحادث مفس

وهو وصول النفس إلى تمام المعنى، وهذا الوصف للعلم يتنافى مع القدم الموصوف به علم الله تعالى، وكذلك فإن هذا الوصف إنما يتصور في األجسام واألنفس حيث تنطبع صور المعلومات، وفي

وصف علمه تعالى بأنه تصور أو تصديق وإن أريد به معنى صحيح، إيهام بأنه تعالى جسم، أو أن له نفسا تنطبع فيها الصور، كيف وهو الذي ليس كمثله شيء سبحانه. ومن أراد االستزادة فليراجع كتب

الكالم.33

النفس ظرفا للصورة، وقد يحترز بعضهم عن ذلك فيقول هو حصول الصورة عند

النفس، ال فيها. وهذا المعنى هو المقصود من قول

المصنف هنا بأن التصور هو إدراك مفرد، أي إدراك معنى مفرد، والمقصود باإلفراد

هنا أن هذا المعنى ال يتألف إال من أمر ، وذلك كإدراك معنى(1)واحد من حيث هو

الكأس، واإلبريق، والبيت، وغيرها دون نسبة أي أمر ألي من هذه المعاني، فال

تنسب الكأس ألحد فال تقول الكأس موجودة، وال تقول الكأس غير موجودة،

بل تلتفت فقط إلى معنى الكأس، وكذلك يقال في اإلبريق والبيت، وغيرها

كزيد والطائرة، وغيرها من المعانيالمفردة.

فالنفس إذن إن أدركت معنى مفردا من فهذا اإلدراك هو التصور.(2)غير أي نسبة

)( أي من حيث هو معنى واحد ال ينتسب إلى آخر بنسبة خبرية.1 والتركيب في ماهية المفرد ال ينافي وحدة معناه أي خلوه عن النسبة الحكمية، والوحدة بهذا المعنى ال تستلزم بساطة معنى

المفرد. فافهم. )( أي حكمية وهي هنا المدركة على وجه اإلذعان، ال مطلق النسبة.2

ألن إدراك غير هذه النسبة أو إدراكها ال على هذا الوجه ال يسمى تصديقا بل هو تصور. فيدخل في التصور إدراك النسبة التقييدية سواء كانت إضافية وهي كون األول مضافا إلى الثاني أو وصفية

34

فالمراد بالمفرد هو ما ليس وقوع نسبةحكمية أو ال وقوعها.

فإذا قلت: زيد قائم، فإدراك معنى زيد فقط، تصور، وإدراك معنى القيام فقط،

هو تصور، وأما إدراك نسبة القيام ، فهو تصور أيضا. فهذه العبارة(1)لزيد

وأعني قولنا ]زيد قائم[ تتألف من ثالثة تصورات، وحتى لو أدركت النفس هذه

التصورات الثالثة معا فهذا اإلدراك أيضايسمى تصورا.

وهي كون الثاني صفة لألول، والنسبة الحكمية بدون إذعان، وغير ذلك مما تحقق فيه أحد هذين األمرين. واعلم أن النسبة الحكمية تطلق على أمرين: األول النسبة الكالمية التي هي تعلق المحمول بالموضوع في القضايا الحملية أو المقدم بالتالي في الشرطيات سلبا أو إيجابا. ونعني بالنسبة الكالمية النسبة الخبرية واإلنشائية.

واألمر الثاني وقوع هذه النسبة أو ال وقوعها. ومعنى وقوع النسبة مطابتها لنفس األمر، ومعنى ال وقوعها عدم مطابقتها له. وحين

نقول إن التصور هو إدراك المفرد فإننا نعني أنه إدراك ما ال يشتمل على نسبة حكمية بالمعنى الثاني. ألن إدراك النسبة الحكمية

بالمعنى األول تصور وهو شرط للتصديق عند الحكماء وجزء حقيقته عند اإلمام الرازي كما ستعرف. وأما إدراكها بالمعنى الثاني فإن

كان على وجه اإلذعان والقبول فهو التصديق وإال فهو أيضا تصور. فقول الشارح المحقق )المراد بالمفرد هو ما ليس وقوع نسبة

حكمية أو ال وقوعها( ألن إدراك ما هو وقوعها أو ال وقوعها تصديق. تأمل. وال يخفى عليك اآلن أنه يقصد بالنسبة الحكمية في كالمه هنا

النسبة الكالمية. )( نسبة القيام لزيد هي مثال على ما سميناه نسبة خبرية كالمية.1

ويجوز أن تسمى نسبة حكمية بهذا المعنى. والحظ أنها هنا تعبر عن مجرد تعلق المحمول بالموضوع أي الخبر بالمبتدأ دون إيقاع أو

انتزاع لهذه النسبة أي دون إثبات أو سلب لها. 35

(2)فالتصور إدراك عار عن نسبة حكمية

كما قلنا. وأما لو تعلقت النفس بأن هذه النسبة

الخبرية واقعة أو ليست واقعة، فهذا اإلدراك يسمى تصديقا. كأن تقول إن النفس أدركت حصول مفهوم النسبة الخبرية: ]زيد قائم[، فإدراك النفس لوقوع قيام زيد هو تصديق، وليس

تصورا. وكذلك لو أدركت النفس أن قيام زيد ليس بواقع وال حاصل، فهذا اإلدراك

يسمى تصديقا أيضا. فالعلم الذي هو مطلق اإلدراك إن تعلق بمفرد كاإلنسان سمي تصورا، وإن تعلق

أو عدم وقوعها(1)بوقوع نسبة المركبسمي تصديقا.

وبناء على ذلك يكون التصديق بسيطا، وغير مركب، ألنه عبارة عن إدراك وقوع

النسبة أو عدم وقوعها. وأما إدراك )( قوله )إدراك عار عن نسبة حكمية( لعله يريد أدراك عار بإضافة2

إدراك إلى عار فيكون المعنى إدراك ما ال يشتمل على نسبة حكمية بمعنى الوقوع أو عدمه. وأما إذا جعلت عار صفة إلدراك، فيلزم

تقدير مضاف قبل نسبة، فالمعنى إدراك عار عن إدراك نسبةحكمية. واألولى عندها أن تكون إدراك عار عن الحكم. تدبر.

)( أي النسبة التي في ضمن المركب، ألن النسبة ال تكون إال بين1 منتسبين وال تتصور في مفرد. والمركب هو مجموع المنتسبين مع

النسبة بينهما.36

الطرفين أي الموضوع والمحمول، والنسبة بينهما، فإنما هي شروط لحصول

التصديق، وليست هي جزءا منه،فالشرط غير المشروط.

وال يخفى عليك أيها القارئ، أن الشرط ليس علة للمشروط، فال يلزم من

حصول الشرط، حصول المشروط. وكذلك فال يخفى أيضا، أن حصول الجزء ليس علة لحصول الكل. هذا هو المذهب

بين المناطقة، وتفرد عنهم(1)المشهور ، فقال: إن(2)اإلمام الرازي ومن تبعه

)( أي المذهب القائل بأن التصورات الثالثة: تصور الموضوع، وتصور1 المحمول، وتصور النسبة بينهما، هي شروط للتصديق غير داخلة

في حقيقته. وأما اإلمام رضي الله عنه فجعلها أجزاء= = له، فالتصديق عنده هو المجموع المركب من التصورات الثالثة، مع

تصور رابع وهو تصور أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة، وهذا التصور الرابع عنده هو ما يسميه جمهور المناطقة تصديقا وحكما ويجعلونه نوعا آخر من العلم غير التصور. ولك أن تالحظ أن

هيئةالأربعة، أي التصورات الالتصديق عند اإلمام هو مجموع . منهااجتماعيةال

)( كاإلمام الكاتبي صاحب الشمسية واإلمام قطب الدين الرازي2 والعالمة السيد الشريف الجرجاني. ويمكن أن نلخص الفرق بين

قول الجمهور وقول اإلمام الرازي بما يلي: أوال: التصورات الثالثة هم، وهي شطور التصديق عنده. ثانيا: أندشروط للتصديق عن

. وثالثا: أن الحكم نفس عندهالتصديق بسيط عندهم، ومركب التصديق عندهم، وجزأه عنده. واعلم أن اإلمام الرازي إنما خالف المناطقة المتقدمين ألنه رأى أن الحكم إدراك أي انفعال للنفس،

وليس فعال لها، وهم قالوا إن الحكم إيقاع النسبة أو انتزاعها فتوهموا كونه فعال، فال يكون إدراكا عندهم، ألن اإلدراك انفعال،

تصورنوعين: والفعل ال يكون انفعاال. لذلك قشموا العلم إلى وتصديق، تحصلهما النفس تارة بانفعالها وتارة بفعلها. واإلمام رأى

العلم إدراك ألنه سواء كان تصورا أو تصديقا فهو انفعالفحسب، ا37

، بل هو عبارة التصديق ليس مجرد ما مر عن إدراك وقوع النسبة أو عدم وقوعها، مضافا إليه التصورات الثالثة المذكورة.

فيصير التصديق على مذهب اإلمام مركباال بسيطا، ألنه عبارة عن أربعة أجزاء. وال يخفى على الناظر أن التصور يجب

أن يكون سابقا على التصديق، على المذهبين، فالشرط يسبق المشروط،

كما أن الجزء يسبق الكل، ونقصد بالسبق السبق في الحصول في الذهن

والعقل، فيستحيل إذن أن يحصل في النفس تصديق بشيء قبل أن يحصل

تصور ما عن ذلك الشيء. وهذا ما يطلق عليه العلماء الترتيب

بين التصور والتصديق، وما(1)الطبيعي دام الترتيب الطبيعي بين التصور

والتصديق هو أسبقية األول على الثاني، فلهذا يتكل العلماء في كتبهم المنطقية

على التصور فيبينونه ويشرحون ما يتعلق به، قبل الكالم على التصديق، فيصبح

الترتيب الوضعي موافقا في الكتب للنفس. ومخالفة اإلمام في غاية الوجاهة. والبحث في هذا الخالف

. المختصرال يناسب هذا الكتابومحاولة التوفيق بين القولين أكثر )( وهو كون الشيء بحيث يتوقف عليه غيره وال يكون مؤثرا فيه.1

38

والمؤلفات للترتيب الطبيعي، وعلى ذلكجرى الناظم.

، فإن التصورات هي واعتمادا على ما مر األساس في العلوم. وتتلوها التصديقات.

فيلزم أن نهتم كثيرا بتصوراتنا عن األمور، وهذا هو أساس المعرفة

الحقيقية. فكيف تحصل التصورات في نفوسنا، أو

باألصح كيف نستطيع أن نحصل على التصورات المطابقة لألمر في نفسه،

لكي تكون تصديقاتنا وتعلقاتنا مطابقة لألمر في نفسه(1)النفسانية

أيضا؟ هذا سؤال مهم جدا كما ال يخفى، فإن المعرفة البشرية انحصرت في التصور

والتصديق، فإن استطعنا أن نعرف الطريقة التي ننقد بها تصوراتنا

وتصديقاتنا، فنكتشف الخاطئة من الصحيحة، فإننا نكون قد عرفنا الطريق

إلى امتالك المعرفة الصحيحة، وال يخفى مدى الفائدة المترتبة على ذلك. والجواب

عن ذلك اعتاد العلماء أن يوردوه في أواخر الكتب المنطقية، وسموا المبحث

)( أي بالمعلومات، أي إدراكاتنا لها. 139

الخاص بذلك، مواد القضايا، وذكروا في ذلك المبحث األساليب التي تصلنا بها التصورات والتصديقات، ولذلك سوف نلتزم نحن الكالم عليها في أواخر هذا

الكتاب. ولكن هذا ال يمنعنا من أن نورد هنا جزءا

مهما له تعلق بهذا األمر، وهو أن التصورات ال يمكن أن تكون كلها بديهية،

وإال لحصلت للجميع، ولما اختلف واحد مع غيره في تصوراته، ولما احتاج أحد

ألن يحاول اكتساب تصورات جديدة، ومعلوم أن هذا كله واقع ال يمكن

. (1)إنكاره

وفي الوقت نفسه نقول: إن التصورات الها كسبية، أي أننا نحتاج يمكن أن تكون كل

في استحصالها إلى الكسب والنظر، وذلك ألننا ال نشك في امتالك بعض

التصورات دون بذل أي جهد، وال نظر، )( حاصل استدالله على امتناع كون جميع التصورات بديهية، أنها لو1

.هها والبعض يعلم بعضكانت كذلك فأوال: لما رأينا البعض يجهل وثانيا: لما اختلف الناس في شيء من القضايا. والثالث: لما جهلنا

أمرا من األمور. فالواقع يكذب ثالثة األمور الالزمة عن ذلك، وببطالن هذه اللوازم نعرف بطالن الملزوم الذي هو ادعاء بداهة

جميع التصورات. 40

وألن كل نظر يتوقف على مقدمات تصورية يجب كونها متحققة، فلو كانت

كل التصورات نظرية لما اكتسبنا أي تصور للزوم الدور أو التسلسل عند ذاك،

وهما محاالن. فالحاصل إذن، أن بعض التصورات

بديهية، وبعضها نظرية. وأما الطريق إلى اكتساب التصورات

البديهية، فهي الحواس الخمس والوجدان الباطن، واألخبار والتعقل، وسوف نزيدفي شرح ذلك في مبحث مواد القضايا. وأما طريقة اكتساب التصورات النظرية

فسوف نشرحها أثناء الكالم علىالتعريف، وتسمى بالقول الشارح.

وإذا ثبت أن ليس كل التصورات بديهية، ،(1)فالقول في التصديقات كذلك أيضا

فبعض التصديقات بديهية، واألكثر نظرية، وتوجد طرق الكتساب التصديقات

البديهية وطرق الكتساب التصديقات )( وذلك لتوقف التصديق على التصور إما توقف الكل على الجزء1

على قول اإلمام، أو توقف المشروط على الشرط على قول ألنه ال بد منالحكماء، ونظرية الشرط تقتضي نظرية المشروط

حصوله لحصول المشروط، كما أن نظرية الجزء تقتضي نظرية مركب من أجزاءإنهالكل من حيث ال بد من حصولها أيضا

. لحصوله41

النظرية، وكلها تعود إلى التعقل، وما يتوصل به إلى التصديقات النظرية

يسمى قياسا. وسوف يتم توضيح ذلك(1)كله في محله.

قال:ة[ ]أنواع الداللة الوضعي

24

فظ داللة الل على ما

وافقه

يدعونها داللةالمطابقة

25

وجزئــه تـضمنا وما

لزم

فــهو الـتــزام إنبـعقــل التــزم

أقول: إن علم المنطق ال يتعلق باأللفاظ، كما أوضحناه سابقا، بل هو يتعلق

في ترجمة الناظم ]أنواع العلم الحادث[ لفظ أنواع مخرجأقول: )( 1 للعلم القديم، ألن القديم ال تنوع فيه. فقوله الحادث بعد ذلك زيادة

إيضاح للمبتدي. قول الناظم )تصورا علم( أي علم بالتصور أي سمي به. و)درك نسبة( أي إدراك نسبة، فإن فهمتها النسبة

الكالمية فعليك تقدير محذوف بين درك ونسبة هو وقوع، وإن فهمتها النسبة الحكمية بمعنى الوقوع والالوقوع فال داعي للتقدير.

فعلتأمل. وقوله )وسم( أي سمي، و)قدم األول( أي التصور، وتقرأ للمجهولماض مبني للمعلوم فنصب، أو مبني أمر فنصب، أو ماض

صح للمبتدي. والنظري والضروري قسما العلمبنا. واألول أليقها فرفععلى ما بينهما الشارح. والله تعالى أعلم.

42

بالمعاني، وبكيفية الوصول إليها من حيث هي علوم ومطلوبات، ولكن ما دامت

الطريقة األشهر بين البشر في توصيل المعاني المكتسبة والعلوم المستحصلة

هي اللغات المتكونة من األلفاظ ، فإن علماء المنطق وضعوا(1)والكلمات

مقدمة في كتب المنطق يبينون فيها العالقة بين األلفاظ والمعاني من حيث الداللة، وذلك ألن األلفاظ مجرد دالالت

على المعاني، وليست مولدة لها أصالة، فلذلك بحث العلماء في األلفاظ من هذه الحيثية. والهدف من بحثهم هذا هو ضبط

العالقة الداللية بين األلفاظ والمعاني بحيث يتم التعبير بالشكل المطلوب

والمطابق على ما يريدون بيانه. تعريف الداللة وأقسامها:

بحسب تعريف المناطقة: كون(2)الداللة . وهذا(3)أمر بحيث يفهم منه أمر آخر

التعريف ال يشترط لتحقق الداللة أنباأللفاظ. وكذا الكالم على ما تقرر في محله. ن اللغة أعم من أن تكونأ)( قوله )المتكونة من األلفاظ( ل1 قيل: هي فهم أمر من أمر. واعترض بأن الداللة وصف للدال، )( يقال دل داللة وداللة ودلولة، وهي بفتح الدال أعلى. والداللة2

والفهم وصف للفاهم، فيلزم على هذا التعريف تفسير ما هو وصف جواب حسن. فاختاربلشيء بما هو وصف لغيره. وأجيب عنه

الشارح تعريفا آخر كي ال يرد عليه هذا السؤال. آخر. )( قوله )كون أمر.. ( أي بحالة بحيث يلزم من العلم به العلم بأمر3

43

يفهم األمر الثاني بالفعل من األول، ولكن يشترط إمكانية الفهم، فلو لم

يفهم لما انتفى كون األول داال، والثاني . (1)مدلوال

والدال ينقسم إلى لفظ وإلى غير لفظ. فغير اللفظ إما دال بالعقل كداللة التغير

على الحدوث، أو بالعادة كداللة المطر على النبات والحمرة على الخجل

، أو بالوضع(2)والصفرة على الوجل كداللة اإلشارة باليد أو الرأس مثال على

معنى "نعم" أو "ال". واللفظ إما دال بالعقل كداللة اللفظ على وجود الالفظ من وراء جدار، أو

بالعادة كداللة "أح أو أح"على وجع الصدر، أو بالوضع كداللة لفظ أسد على

الحيوان المفترس، وهذه الداللة الوضعية

)( أي في نفس األمر. فالدليل دليل في نفسه سواء عرفناه أو ال.1 فهو دال بالقوة على مدلوله ما دام دليال. ثم إنك لو دلك احمرار

وجه أخيك على خجله، فإن احمرار وجهه يسمى داال، وخجلهمدلوال، والنسبة بينهما داللة.

)( وتسمى الداللة ههنا داللة طبيعية، أو عادية، أو قانونية. 244

، فال يعتبر(3)هي المعتبرة في المنطقشيء من الدالالت األخرى عند المناطقة.

الداللة اللفظية: والداللة الثابتة بين اللفظ وبين المعنى

هي داللة وضعية، بمعنى أنها ليست داللة عقلية، وال داللة عادية، بل وضعية،

ومعنى الوضع هنا، هو أن إرادة عاقل بما يدل عليه.(1)مختار خصصت كل لفظ

وعقلنا في هذه الحالة، ينتقل بين اللفظ والمعنى، فالعقل عندما يحضر عنده

اللفظ، إما أن يستحضر نفس المعنى الذي وضع اللفظ داال عليه، أو أن

يستحضر الزم المعنى الموضوع عليه ، وقد ينتقل إلى جزء من هذا(2)اللفظ

المعنى. فالداللة األولى تسمى داللة مطابقة، والثانية تسمى داللة المالزمة،

والثالثة تسمى تضمنية. )( اعلم أن الوضع معناه جعل الشيء بإزاء شيء آخر بحيث إذا فهم3

األول فهم الثاني. وأن المعتبر من كل الدالالت المذكورة في المنطق –كما ذكره الشارح الفاضل- هو قسم واحد من هذه

األقسام أال وهو الداللة اللفظية الوضعية. ألن المعتمد المنضبط في المباحثات هو اللفظ المفيد بالوضع. إذ يقل االختالف فيه كوسيلة

تفاهم بين العقالء، وهو أضبط الدالالت وأيسرها وأنسبها. )( أي مستعمل، ألن المهمل لم يوضع ليدل على شيء، فال اعتبار1

له. )( أي عالمة وعنوانا. 2

45

فداللة اللفظ على المعنى الموضوع له بتمامه تسمى داللة مطابقة. ومثالها داللة

كلمة "أسد" على الحيوان المفترس المعروف، وداللة كلمة التمر على

الفاكهة المعروفة. وداللة اإلنسان على"الحيوان الناطق".

وأما داللة اللفظ على جزء معناه فإنها تسمى داللة تضمن، ألن المعنى المدلول

عليه متضمن في المعنى الموضوع له اللفظ مطابقة. كداللة األسد على ذنبه،

. والمنزل(1)والتمر على طعمه أو شكله فيه أن هذا خالف ظاهر عبارات المناطقة من جعلهم اللفظ )(1 داال

بالتضمن على كل جزء جزء على حدته من أجزاء المعنى المطابقي فالمعتبر عندهم الداللة على جزء المعنى في الذهن ال باعتبار للفظ.

رفستعالتشخص الخارجي، وهو األليق بعلم المنطق الذي ال يعتبر كما في داللة االلتزام اللزوم الخارجي. واألمثلة التي مثل بها الشارح صحيحة

باعتبار التشخص الخارجي ال باعتبار المعنى الذهني أو مطلق المعنى ال بقيد وجوده في الذهن أو في الخارج، أعني معنى األسد، والتمر. وكذا الكالم في داللة المنزل على الباب، فإن كان الباب جزء المعنى الذي

وضع له المنزل بحيث ال يمكن تصور المنزل إال بتصور الباب كان المثال مقبوال، وإال فهو من باب داللة التضمن بحسب التشخص الخارجي أيضا،

ويصعب فهو هنا خروج عن هذا الفن. وهو وإن كان الئقا بعلم األصول، قبوله مع تصريح المناطقة بأن اللفظ دال بتوسط الوضع، والوضع إنما يكون على المعنى الذهني أو المعنى مطلقا ال بقيد الذهن أو الخارج،

وكونه على المتشخص في الخارج مذهب فاسد كما قرره الشارح الفاضل في بعض مقاالته. ثم إنهم يصرحون بانحصار داللة المطابقة

والتضمن، وبرفضهم التوسع في داللة االلتزام ألنها تفضي إلى مدلوالت ال حصر لها، فإذا اعتبرنا التشخص الخارجي في التضمن فإنه يفضي إلى

عدم انضباط هذه الداللة من نفس الباب، ألنه سيفضي بنا إلى جعل اللفظ داال على كل جزء من أجزاء مصداقه المتشخص، فال تنضبط هذه

الداللة لكثرة أجزائه وخفاء بعضها. كما أن داللة اللفظ على جزء المصداق قد تشتبه بداللة االلتزام الخارجي. وكذلك فإن قسمة الدالالت بحسب المدلول تامة، وهو إما الداخل في الماهية أو الخارج عنها، فإن

وإنالثاني التضمن.األل المطابقة وكان داخال فهو إما الكل أو الجزء. واعتبار التشخص الخارجي فيكان خارجا عنها الزما لها فالتزام.

46

على الباب الحتوائه عليه. ويالحظ في هذه الداللة أن العقل ينتقل فيها من

مالحظة الكل إلى الجزء. ففيها حركةعقلية ما.

وأما داللة اللفظ على معنى الزم لمعناه الموضوع له مطابقة، فإنها تسمى داللة

،(1)التزام، كما تدل األربعة على الزوجية وكداللة العمى على البصر، ألن العمى

هو عدم البصر، فإن استحضر الذهن مفهوم العمى وهو المدلول المطابقي

لكلمة العمى، فإن الذهن ينتقل إلىمفهوم البصر مباشرة.

ويشترط في داللة االلتزام أن يكون االنتقال بمالحظة العقل ال بمجرد

أو العادة، فانتقال العقل من(2)اللفظ يجعلها خارجة عن الذات وجزءا منها في آن. والمدلول قد التضمن

الخارج عن الذات ال بد أن يكون الزما للذات لزوما بينا، وإال لم يصح مدلوال لعنوانها، واعتبار التشخص في التضمنية على هذاكونه

يستدعي كون المدلول الزما للذات ذهنا وخارجا، وفيه نقض للقسمة. هذا وإن مناقشة األمثلة ليست من دأب الفحول، والمثال

ال يعدو أن يكون وسيلة لتقريب المفهوم، فما دام كالم الشارح صحيحا في توضيحه، فال يضر علمه وتحقيقه ما ساقه لتقريب

الصورة للمبتدي بمثال فيه ما نبهنا عليه. 1 )( اعلم أنه ال يتم كون لفظ أربعة داال على الزوجية بااللتزام لزوما بينا

بالمعنى األخص في الذهن والخارج كما سيمثل به، إال إذا جعلت معنى الزوجين. وعندها فمجرد ذكر األربعةااألربعة المطابقي هو عدد ذ

يستدعي معناها المخصوص هذا أي العدد ذا الزوجين، فكما ترى كان مجرد تصور األربعة بهذا المعنى مستدعيا لمعنى الزوجية خارجا وذهنا.

)( أي كما هي الحال في داللة المطابقة. فبمجرد ذكر اللفظ يحضر2المعنى.

47

المعنى المطابقي إلى معنى الزم عنه عند العقل، فالعقل عندما يتصور معنى

الحدوث ينتقل إلى معنى القدم، حتى لو لم يتبادر إلى اإلنسان لفظ القدم، ولذلك

فإنه عندما يسمع لفظ الحدوث، يفهم مطابقة معنى الحدوث، وينتقل عقله إلى

معنى القدم مباشرة. وال يشترط في التالزم العقلي أن يكون بين المعنيين تالزم في الخارج أيضا، بل

األمر في ذلك سواء، أي لو كان تالزم خارجي أيضا بينهما، أو لم يكن فال

إشكال. فمثال ما بينهما تالزم عند الذهن وفي الخارج الزوجية لألربعة، ومثال ما بينهما تالزم في الخارج ولكن ال تتحقق

المالزمة في الذهن السواد للغراب، فكل غراب في الخارج فهو أسود، ولكن ال

يوجد تالزم عقلي للغراب مع السواد ألنه (1)يمكن توهم غراب أبيض.

)( اعلم أن اللفظ الدال بالوضع على معنى معين إما أن يدل على1 تمام ذلك المعنى، أي يدل على ذلك المعنى بعينه وتمامه بحيث ال

ي اعتبرها الواضع والحظها فيت الأجزاء المعنىيخرج شيء من مقابلة اللفظ، أو ال يدل على تمام ذلك المعنى. فإذا دل اللفظ على

تمام المعنى الموضوع له، سميت الداللة اللفظية الوضعية داللة مطابقة. وذلك لتطابق أي توافق اللفظ والمعنى. ومثاله داللة

اإلنسان على الحيوان الناطق. والفرس على الحيوان الصهال، = =إلى غير ذلك. والحظ أن داللة المطابقة قد تكون في المعنى المركب كما في داللة اإلنسان على الحيوان الناطق فإنه معنى مركب من الحيوانية والناطقية، وقد تكون في المعنى الذي ال

48

] فصل في مباحث األلـــفاظ [ لقد ذكرنا قبل أن المناطقة ال عالقة لهم

باأللفاظ، ولكن لما كانت المعاني ال يمكن عادة نقلها إال باأللفاظ، اهتموا

يتصور فيه التركب والتجزؤ، كما نقول لفظ الجوهر الفرد يدل على الجزء الذي ال يتجزأ وهو معنى بسيط غير مركب، وكذلك حين نطلق أسماء الله سبحانه الحسنى عليه، فإنها دالة على الذات

األقدس واجب الوجوب الغني المنزه المتعالي عن سمات النقص والحدث من التركب والتبعض ونحوهما مما ال يعقل في القديم.

واعلم أيضا: أن المطابقة واقعة بين اللفظ المفرد والمعنى البسيط، وواقعة بين اللفظ المفرد والمعنى المركب، وواقعة بين

اللفظ المركب والمعنى البسيط، وواقعة بين اللفظ المركب والمعنى المركب. مثال األول لفظ الجاللة الله على واجب الوجود،

ومثال الثاني اإلنسان على الحيوان الناطق، ومثال الثالث واجب الوجود على اإلله، ومثال الرابع لفظ أصول الفقه على طرق الفقه

المجملة. وأما إذا لم يكن اللفظ داال على تمام المعنى الذي وضع له، فإما

أن يدل على جزء المعنى الموضوع له، أي بأن يكون المعنى الذي وضع له اللفظ معنى مركبا له جزآن فصاعدا فيدل اللفظ على جزء

من أجزاء ذلك المعنى المركب. أو ال يدل حتى على جزء المعنى الذي وضع اللفظ بإزائه. فإذا كان اللفظ داال على جزء المعنى الذي

وضع هذا اللفظ له سميت الداللة داللة تضمنية، لكون الجزء في ضمن كل المعنى الموضوع له. والحظ أن الداللة التضمنية ال يمكن تصورها إال في المعاني المركبة أي ذات األجزاء، بخالف المطابقية كما بينته لك. وبقي لتمام القسمة، أن يدل اللفظ على معنى ال هو

تمام المعنى الموضوع له، وال هو جزؤه، فيلزم من ذلك أن يدل على شيء آخر خارج عن حقيقة المعنى الذي وضع اللفظ بإزائه

ولكنه الزم لها، وهذا القسم من الداللة هو ما يسمونه داللة االلتزام. وال بد فيها من عالقة تالزمية بين المعنى الذي وضع له اللفظ أصال وبين المعنى اآلخر المراد من اللفظ، وإال لكان استعماال

خاطئا للفظ في ذلك المعنى، وال اعتبار به، فال يجوز مثال أن يطلق سلفي لفظ اإلله ويريد به معنى الجسم، ألن لفظ اإلله ال يدل على

معنى الجسم بالمطابقة قطعا حيث لم يوضع لفظ اإلله لمعنى الجسم، وكذا ال يدل عليه بالتضمن قطعا ألن الجسمية ليست جزء

معنى اإلله، ألن معنى اإلله هو المستغني عن كل ما سواه والمحتاج إليه كل ما عداه، ومن كانت هذه حقيقته سبحانه ال يتصور فيه

التجزؤ، ألنه ليس بكل مفتقر إلى أجزائه، ألنه ال يفتقر إلى شيء مطلقا. وكذا ال يدل عليه بااللتزام ألن الجسمية نعم هي خارجة عن حقيقة اإلله ولكنها ليست الزمة من لوازم معناه. وعليه بطل إطالق

اإلله على الجسم. 49

بذكر بعض القواعد المتعلقة بها والتي من المهم لدارس علم المنطق التنبه

إليها ومعرفتها. قال:26

مسـتـعمل األلفاظ حيثيـــوجد

ب وإما مفرد إما مرك

وزيادة في بيان داللة االلتزام نقول: هي داللة اللفظ الموضوع لمعنى معين على معنى آخر خارج عن المعنى الذي وضع اللفظ له

أصال، ولكن هذا المعنى الخارج عن = =معنى اللفظ الزم لمعنى اللفظ بحسب الوضع. ففي داللة االلتزام ترى لفظا داال على

معنى غير المعنى الذي وضع له اللفظ، ولكنه الزم لذلك المعنىالوضعي األصلي.

والحظ أنه ال بد من اللزوم بين المعنى الوضعي للفظ والمعنىالمراد من إطالقه:

- إما عقال، أي في العقل بحيث إذا أطلق اللفظ دل على الزمه داللة بينة ولم يصح في العقل تخلف المعنى المراد الالزم للمعنى الوضعي،

وال انفكاكه عنه، فيصير كأنه معنى مطابقي للفظ، لقرب ذكره عندذكر اللفظ الذي لزم هو عن معناه.

- أو عرفا، بأن يندر تصور الملزوم دون تصور الالزم، كداللة حاتم على الجود، فإن الذهن ينتقل إلى ذكر جوده كلما ذكر. وكداللة المطر على النبات فإنه إذا ذكر المطر عند أهل البوادي انتقلت أذهانهم إلى وجود

النبات في محل هطوله. وهذا االنتقال وإن كان بالعقل فإن منشأه العرف ال العقل، لجواز تخلفه وبخاصة عن اختالف العرف، فإن من

الناس من تنتقل أذهانهم إلى السيول والكوارث كلما ذكر المطر لشدةابتالئهم به، كما ال يخفى.

واعلم أن بعض المناطقة لم يعتبروا من الداللة اللزومية الداللة العرفية، وبعضهم لم يعتبر في المنطق إال داللة االلتزام البين بالمعنى األخص واستثنى زيادة على العرفية داللة االلتزام البين بالمعنى األعم

وداللة االلتزام غير البين. أما داللة االلتزام البين بالمعنى األخص فهي التي يكفي فيها تصور الملزوم ليحصل تصور الالزم، وضابطها أن يلزم من مجرد تصور

الملزوم تصور الزمه، سواء كان هذا الالزم في الذهن فقط كالبصر للعمى، أو في الذهن والخارج معا كالزوجية لألربعة. وأما داللة االلتزام البين بالمعنى األعم التي لم يعتبرها البعض فهي التي يحتاج فيها إلى تصور الملزوم والالزم ليحكم الذهن بالتالزم بينهما. وضابطها أن يلزم

من فهم الملزوم والالزم الجزم باللزوم بينهما، سواء كان يلزم من تصور الملزوم فقط تصور الالزم كما في داللة العدد أربعة على

الزوجية، أم لم يلزم كما في داللة اإلنسان على مغايرته للفرس، فإنه ال يلزم كلما تصور اإلنسان أن تتصور تلك المغايرة بينه وبين الفرس،

ولكنك إذا فهمت اإلنسان وفهمت المغايرة المذكورة، جزم عقلكبالتالزم بينهما.

50

27

جزء معناه بعكس ما تالفأول ما دل جزؤه على

28

ي او جزئي حيث وجـــداوهو على قسمين أعني المفردا كـلـ

ي2 كـأسد وعكسه الجزئيفمفهم اشتراك الكـل وأما داللة االلتزام غير البين التي لم تعتبر، فهي أن ال يلزم من فهم الملزوم والالزم فحسب الجزم باللزوم بينهما، بل يتوقف فيه على

إقامة الدليل بيانا للمالزمة، ومثالها المالزمة بين العالم والحدوث، فإنك ال تذعن المالزمة إال بتوسط دليل يبينها، كقولنا العالم متغير وكل متغير

حادث، فيقطع العقل إذا سلم بذلك أن العالم حادث، ويثبت هذهالمالزمة.

وكل ذلك من تشددهم في إطالق األلفاظ على المعاني، فإن بود المنطقي أن ال يستخدم لفظة إال في معناها المطابقي، أي في المعنى

الذي وضعت أصال له، ليقلل احتمال وقوع اللبس والخطأ من جهة اللفظ قدر اإلمكان، ولما تعذر ذلك بسبب أن التوسع في اإلطالق على

وألن األلفاظأكثر من= = المعنى المطابقي من سمات اللغات، قبلوا بالتضمن، واللزوم البين بالمعنى األخص،قليلة بالنسبة للمعاني،

وترددوا بالذي هو بالمعنى األعم، ورفضوا اللزوم غير البين. ولهم في تقسيم داللة االلتزام قسمة أخرى، وهي التي اعتمدها

إلى بين وغير بين.القسمة الشارح، وال تتنافى مع قسمتنا األولى أي وهي قولهم: الالزم إما أن يكون الزما في الذهن فقط أو ال. األول

معتبر وهو كلزوم البصر للعمى، والثاني إما أن يكون الزما في الخارج فقط أو ال، األول غير معتبر وهو كلزوم السواد للغراب، والثاني هو ما

كان الزما في الذهن والخارج معا وهو معتبر ومثاله لزوم الزوجيةلألربعة.

ثم إن الناظم قال في الترجمة )الداللة الوضعية( وفي البيت )داللة اللفظ( فحذف من كل من الترجمة والبيت ما أثبت نظيره في اآلخر.

وهو ضرب من الجناس يسمى احتباكا، وهو من ألطف أنواع البديع. ومنه قوله تعالى: )ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم( أي فال

يعذبهم. وقوله تعالى: )فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة(. وقول الناظم: )وجزئه تضمنا( أي وداللته على جزئه يدعونها تضمنا. وقوله

)وما لزم( أي وداللته على ما هو الزم لمعناه الوضعي. وقوله )إن بعقل( أي يشترط في الالزم أن يكون الزما في العقل، سواء كان الزما

في الخارج أو ال، كما بيناه لك بالتفصيل. والله تعالى أعلم. 51

930

فانسبه أو لعارض إذا خرجوأوال للذات إن فيها اندرج

31

يات خمسة دون انتقاص ـ جنس وفصل عرض نوعوالكـلوخاص

32

جنس قريب أو بعيد أووأول ثالثة بال شططوسط

أقول: األلفاظ قبل استعمالها ال يلتفت ، ألن المقصود منها هو اإلفادة، وال(1)إليها

إفادة قبل االستعمال، ولذلك نظر المناطقة إلى األلفاظ المستعملة

فقسموها إلى قسمين: األول: المفرد وهو ما ال يدل جزؤه على

جزء معناه، سواء لم يكن له جزء كباء الجر، أو له جزء ولكن ال يدل على

كأسماء األعالم. (2)معنى

)( ألنا قدمنا أن اعتناء المنطقيين باأللفاظ ال لذاتها بل من حيث1 داللتها بتوسط الوضع على المعاني، والذي لم يستعمل مطلقا لم

يوضع قط، فال التفات إليه طريقا للتفهم والتفهيم. بخالف قليل االستعمال ونادره فإنه معتبر، بصرف النظر عن حسن استعماله

وقبحه. )( أي معنى شيء مما وضع له اللفظ. 2

52

(1)والثاني: المركب وهو ما دل جزؤه

على جزء معناه، فيخرج ما ال جزء له فهو غير مركب، ويخرج ما له جزء ال يدل

على جزء معناه كزيد، فإن حرف الزاي مثال ال يدل على جزء من معنى زيد،

وكتأبط شرا والحيوان(2)وكعبد الله حال استعمالها أعالما. وال يقال(3)الناطق

إن األعالم األخيرة يدل على معنى، فإن هذا المعنى المدلول عليه كان قبل جعلها

أعالما، أما بعده فصارت أجزاؤها كزاي زيد ال تدل على شيء، وداللتها السابقة

صارت نسيا منسيا.

)( أي القريب. ال البعيد. فحين تقول: محمد عالم. فإن )محمد(1 وكذا )عالم( هما الجزآن القريبان لهذا اللفظ. أما حرف )م( أو )ح(

أو )د( أو )مح( إلخ مما يمكنك أن تركبه من حروف اللفظ فإنها أجزاء بعيدة للفظ، فال تعتبر، وهي مع كونها أجزاء للفظ فليست مقصودة هنا، ألنا اشترطنا في الجزء أمرا آخر، وهو أن يدل على بعض معنى اللفظ ككل. وأنت ترى أن أيا من هذه األجزاء البعيدة

ليس بدال على شيء من معنى هذا اللفظ المركب ككل. وال يشترط في المركب أن يكون جزآه أو أجزاؤه القريبة منفصلة عن بعضها. فتأمل مثال: )سألتك(. فإن سأل جزء هذا اللفظ الدال على

جزء معناه، وكذلك )ت( المتحركة ضمير السائل. و)ك( ضمير المخاطب وهما جزآن قريبان للفظ مع كونهما متصلين به، وهما

داالن على جزء المعنى. )( ال تقل لفظ الجاللة )الله( جزء عبد الله، قاصدا أنه كلفظ هو جزء2

للفظ ككل، وإن كان المعنى صحيحا، أدبا مع الله سبحانه وتعالى.فتنبه لذلك.

)( أي على فرض أن ثمة شخصا اسمه أي العلم عليه هو لفظ3"الحيوان الناطق".

53

(1)واللفظ المفرد ينقسم من حيث صدقه

إلى قسمين: فإن اشترك صدقه على أكثر من واحد بمجرد تعقله فهو "اللفظ

الكلي"، فالكلي ما أفهم اشتراكا بين ، وعكسه وهو ما ال(2)أفراده بمجرد تعقله

يفهم االشتراك بين أفراده بحسب وضعهيسمى "اللفظ الجزئي".

فمثال الكلي لفظ أسد، ولفظ إنسان،ولفظ حيوان.

فـ )أسد( مثال ال ينحصر صدقه على عددمعين من الحيوانات المعروفة.

)( أي من حيث صحة حمله على األفراد حمل موطأة. فمعنى صدق1 اإلنسان على زيد وعمرو إلخ األشخاص، هو أنه يصح أن تقول زيد

إنسان، وعمرو إنسان إلخ. فهذا هو الصدق في المفردات. وأماصدق النسبة فقد تقدم الكالم عنه.

2 )( اعلم أنه إنما صدق الكلي على أفراد كثيرة لكونه معنى ذهنيا نفس تصوره ال يجعله مختصا بواحد بعينه، فلو كان معنى خارجيا شخصيا كما هي حال الجزئي لما أمكن فيه ذلك. وقوله )بمجرد

ع الشركةوتعقله( أي تصوره. أي أن نفس تصوره ال يمنع من وق فيه. ال أن ما يمنع من وقوع الشركة فيه أمر آخر، كاإلله مثال فإنه

يمنع من وقوع الشركة فيه البرهان على امتناع تكثره، في حين أن نفس تصوره في الذهن ال يمنع من ذلك. فتدبر. ثم اعلم أن الكلي

أعم من أن يدل عليه لفظ مفرد أو مركب. ألن المفرد جزء المركب، فإن كانت األجزاء كلية كان المجموع كليا. تأمل. وتقسيم

اللفظ إلى مفرد ومركب ثم المفرد إلى كلي وجزئي، إنما ذلك لنصل إلى الكليات الخمس التي هي مبادئ التصورات لنحكم فهمها وصوال إلى مقصودنا وهو األقوال الشارحة. كما ستعرف. واعلم أن

وصف المعنى بهما مجاز،ووصف اللفظ باإلفراد والتركيب حقيقة كما أن وصف المعنى بالكلية والجزئية حقيقة ووصف اللفظ بهما

مجاز. واعلم أن المجموع المركب من الكلي والجزئي جزئي قطعا. ألن القدر الزائد في الجزئي على الكلي المقتضي تشخص المجموع

يمنع من وقوع الشركة في معنى المجموع، فيبطل كليته. 54

وال يشترط في الكلي وجود أفراد له، ال واحد وال أكثر، بل يصح سواء لم يوجد

منه فرد مع استحالة أن يوجد منه شيء أو مع إمكان أن(1)كالجمع بين الضدين

يوجد منه فرد كبحر من زئبق، أو وجد منه فرد مع استحالة غيره كاإلله أو مع إمكان غيره كشمس أو وجد منه أفراد متناهية كاإلنسان أو غير متناهية كصفة

وموجود وشيء فإنها تصدق على صفات الله تعالى القائمة بذاته التي ال نهاية

ألفرادها كما دلت عليه السنة، واستحالة وجود ما ال نهاية له إنما تثبت في حق

.(2)الحوادث ومثال الجزئي كلمة )زيد(، فإنها

موضوعة لمعنى مشخص ال يتناول غيره وال يضر عروض االشتراك اللفظي عند

تعدد وضعه ألشخاص كثيرين ألنه باعتباركل وضع ال يدل إال على معين مشخص.

)( أي أن الجمع بين الضدين في محل واحد مفهوم كلي ألنه صادق1 على كل ضدين مجتمعين في محل واحد. ولكن ال مصداق لهذا

الكلي البتة، ألنه يستحيل أن يوجد ضدان مجتمعان في محل واحد. )( يعني فال تستبعد ثبوتها في حق القديم سبحانه وتعالى. ألن2

الدليل دل على استحالة وقوع ما ال نهاية له من الحوادث في الوجود دفعة أو على التعاقب، ولكن ال دليل على امتناع صفات

وجودية النهاية لها للباري جل وعز. 55

وقد بحث المناطقة في المعاني الكلية، وصنفوها من حيثيات معينة، والسبب في ذلك أن المعاني الكلية علوم معينة يمكن أن تكون مطلوبة للباحث، وما كان كذلك

فإن من شأن المنطق أن يبحث فيه ويحدد النواحي التي يمكن ضبطها ليتم

الوصول بها إلى المطلوب. والحيثيات التي ضبطوا بها المعاني الكلية

هي العموم والخصوص، وعالقة المعنىبالذات المطلوب معرفتها.

، فإما(1)فالكلي إن كان له تعلق بالماهية أن يكون مندرجا فيها، أو خارجا عنها:

فاألول يسمى ذاتيا، والثاني يسمىعارضا.

وعلى ذلك يكون الكلي المساوي للماهية أمرا ثالثا، ال عارضا وال ذاتيا. ولكن لو قلنا

إن الذاتي ما ليس خارجا عن الماهية، لكان النوع ذاتيا. ولو قلنا إن العارض هو

ما ليس داخال في الماهية، وله أحد احتمالين إما أن يكون خارجا عنها، أو

تمامها وهو النوع. )( أي بأن يكون هو هي أو بعضها أو خارجا عنها عارضا لها سواء1

كان مختصا بها أو عاما لها ولغيرها وسواء كان الزما لها أو مفارقا، على ما سيفصله. وفيه إشارة إلى أنه ليس شرطا في الكلي أن

يكون متعلقا بماهية. وقد تأملته فوجدته سديدا، فإن مفهوم الكليأعني المنطقي ال يدخل فيه كونه متعلقا بماهية ما. فتدبر.

56

واألقرب إلى القبول أن يقال العارض هو الكلي الخارج عن الماهية، والذاتي هو

(1)كلي ليس بخارج عنها، فيندرج النوع

في الذاتيات. وعلى كل حال فالنوع بالنسبة للماهية هو عينها، وال نعرف نحن الشيء بنفسه، بل

نعرفه إما بأجزائه أو بما هو خارج عنه. ولو عرفناه بنفسه لكنا نعرفه،

.(2)والمفروض أننا نبحث عن معرف له ولكن هذا التعريف أي بما هو عينه ال

ف معلوم على سبيل يضر هنا، ألن المعر اإلجمال، والمعرف معلوم تفصيال، فال

يلزم تعريف الشيء بنفسه، كأن نقول اإلنسان حيوان ناطق، فاإلنسان مساو

مجمل،(3)لقولنا حيوان ناطق، ولكنه والتعريف مفصل، واألمر سهل.

أقسام الكلي: )( ألن النوع هو عين الماهية، أي مجموع الجنس والفصل، وهو بهذا1

المعنى غير خارج عنها الماهية، فيكون كليا ذاتيا. )( حاصله سؤال وارد على التعريف بالماهية أي بالجنس والفصل،2

وهو أنكم أيها المناطقة تقولون مثال اإلنسان: حيوان ناطق، وهذا عين ماهيته، فأنتم تعرفون الشيء بنفسه. فإذا فعلتم ذلك فإما أن

يكون الشيء معلوما عندكم أو ال. إن كنتم تعرفونه فال داعي لتعريفه إذ ال يطلب المعلوم بل المجهول، فطلب تحصيل الحاصل

عبث. وإن كنتم ال تعرفونه فتعريف الشيء بنفسه باطل ألنه ال يفيدنا معرفته، لبقائه مجهوال. وأجاب عنه الشارح بقوله هذا ال يضر

إلخ. )( أي لفظ اإلنسان. 3

57

وقد قسم المناطقة الكليات إلى خمسة ، وذلك بمالحظة النسبة بينها(1)أقسام

وبين الماهية. الجنس:

وهو الكلي المقول على كثيرين مختلفين في الحقيقة في جواب ما هو،

مثاله )الحيوان(، فإنه يقال على اإلنسان والفرس والحمار، ويصدق عليها في

جواب قول القائل: ما اإلنسان والفرس فيقال في الجواب: حيوان.(2)والحمار؟

وإن شئت قلت في تعريف الجنس: هو جزء الماهية الصادق عليها وعلى

. (3)غيرها )( ألنه إما ذاتي وإما عرضي. ثم إن الذاتي إما أن يكون عين1

الماهية أو جزأها، األول هو النوع، والثاني إما أن يشترك بين الماهية وبين غيرها وهو الجنس، أو يختص بها وهو الفصل.

والعرضي مثل الذاتي في ذلك فإن اختص بالماهية فهو الخاصة، وإن كان مشتركا بينها وبين غيرها فهو العرض العام. فاألقسام أربعة جنس وفصل وعرض عام وعرض خاص )أو خاصة( على

الترتيب. فتمت الكليات المتعلقة بالماهيات خمسة أقسام. )( الحظ أن السؤال قد جمع بين ثالثة أشياء لكل منها ماهية2

مختلفة. )( تعريف الجنس على المسامحة هو: الكلي الذاتي المجاب به عن3

سؤال ما هو، المشترك بين كثيرين مختلفين في الحقيقة. كالحيوان لإلنسان على ما بين الشارح، فإنك لو سئلت عن كل منهما ما هو من حيث اشتراكه مع غيره من الحقائق كان جوابك )هذا حيوان(

صحيحا. ويخرج بذلك الفصل لكونه غير مشترك بين كثيرين مختلفين بالحقيقة بل بين متفقين في الحقيقة، ومن نفس الباب

يخرج النوع ألنه خاص بكل ماهية ماهية. ويخرج بذلك العرضان العام والعرض الخاص أو الخاصة لكونهما ليسا بذاتيين. وكذلك

يخرج الفصل والعرض الخاص لكونهما يقاالن في جواب أي شيء هو في ذاته أو عرضه. وخرج العرض العام أيضا لكونه ال يقال في

الجواب أصال. فيبقى الجنس، وهو المطلوب تصوره بهذا التعريف. 58

الفصل: وهو جزء الماهية الصادق عليها في جواب أي شيء هو، المميز لها عن

(1)غيرها، كالناطق بالنسبة لإلنسان.

العرض العام: وهو الكلي الخارج عن الماهية الصادق

عليها وعلى غيرها، كالماشي بالنسبة لإلنسان وال يقع العرض العام في

(2)الجواب.النوع:

وهو الكلي المقول على كثيرين متحدين في الحقيقة في جواب ما هو،

كـ)إنسان(، فإنه يصدق على زيد وعمرو وبكر، فيقع جوابا عنها في مثل قولك: ما

)( يقال في تعريف الفصل: هو الكلي الذاتي المجاب به عن سؤال1 أي شيء هو، المشترك بين متفقين في الحقيقة. فتقول أي شيء

زيد وعمرو وبكر، فيقال ناطقون. وتأمل كيف خرج به الجنس والنوع والعرضان. ومثال الفصل الناطق لإلنسان، ومعنى النطق

ليس هو الكالم اللفظي، بل التعقل كما بيناه لك، وهو أخصخصائص اإلنسان. وكذا الصهال للفرس، والنهاق للحمار.

)( ويقال في تعريف العرض العام: كلي عرضي يقال على ما تحت2 حقائق مختلفة. كالمتنفس تقال لإلنسان وكل حيوان ونبات. وقد

خرج به بقية الكليات لو تأملت. وأما قوله إنه )ال يقع في الجواب( أي الجواب عن السؤال بما أو أي. فال تفهم منه أنه ال يقع في

جواب سؤال مطلقا. فهو يقع مثال في جواب السؤال بكيف، فتقول: كيف فالن؟ فيقال لك بصحة جيدة. وال يخفى عليك أن صحة البدن

عرض عام غير مختص بماهية معينة. 59

زيد وعمرو وبكر؟ فيقال في الجواب: (1)إنسان.

الخاصة: وهي الكلي الخارج عن الماهية

(2)الخاص بها كالضاحك لإلنسان.أقسام الجنس:

أوال: جنس قريب، وهو ما ال جنس تحته بالنسبة إلى الماهية المراد تعريفها به،

بل يكون تحته األنواع كالحيوان ال جنس تحته وإنما تحته األنواع كاإلنسان

والفرس ونحوهما. ثانيا: جنس بعيد وهو ما ال جنس فوقه

وتحته األجناس، كالجوهر. ثالثا: جنس متوسط وهو ما فوقه جنس

وتحته جنس، كالجسم فإن فوقه الجوهر (3)وتحته الحيوان.

)( يقال في تعريف النوع: هو الكلي الذاتي المجاب به عن سؤال ما1 هو، المقول على كثيرين متفقين في الماهية. وانظر كيف تخرج

بقية الكليات. ومثاله تمام كل ماهية. والحظ أنه عندما سأل بما هو . وقسموه إلى حقيقيفي الماهيةهنا أتى بثالثة أشياء متفقة

وإضافي، فلعلك تبحث عن ذلك. )( الخاصة: كلي عرضي يقال على ما تحت حقيقة واحدة كالضاحك2

لإلنسان. ويقال إنه يأتي في جواب أي شيء هو في عرضه، كما أنالفصل يكون جوابا ألي شيء هو في ذاته. تدبر.

)( ويقال للجنس القريب أيضا سافل إذ هو أسفل ما فوقه وليس3 تحته جنس بالنسبة للماهية، كالحيوان لإلنسان. وثم قسم آخر

للجنس وهو المنفرد، وهو ما ليس تحته جنس وال فوقه جنس. واليمتمثال عليه. وافتراضه ممن قال به ت ما للقسمة. والفصل أيضا60

وقد اهتم المناطقة بتعريف هذه المعاني الكلية الذاتية والعرضية، ألنهم سوف

يستعملونها بعد ذلك في تعريف الماهيات(1)المطلوبة.

عما يشاركه في الجنس القريب،قسموه إلى قريب إن ميز الشيءوبعيد إن ميزه عما يشاركه في الجنس البعيد.

)( وقول الناظم )فأول( أي المركب. وقوله )جزء معـ( بضم الزاي1 كما قرأ حمزة عن شعبة، وهي تفعيلة عروضية من الرجز تدعى

المخبول، صورتها متحرك ثالث مرات، فمتحرك فساكن )متعلن(. وبالرموز ب ب ب – ولو قرأتها بتسكين الزاي لم يستقم الوزن،

لخروجه عن جميع صور تفعيالت الرجز، فجربه لتعرف. وقوله )كلي او جزئي( همزة أو وصل، جزئي بضمة ال بتنوين، منعت من الصرف لضرورة الوزن. قوله )كأسد( أي في كونه يطلق على كل أسد، وال

تفهم منه أنه كان كليا ألنه يطلق على الرجل الشجاع والحيوان المفترس، كما وقع فيه بعض المبتدئين. قوله )وأوال( أي الكلي ألنه قال قبله كلي أو جزئي، وقوله )للذات( أي الماهية. وقوله )إن فيها

اندرج فانسبه أو لعارض إذا خرج( يعني إذا كان الكلي داخال في الماهية فانسبه للذات أي قل ذاتي. أو انسبه لعارض أي قل: عرضي إذا خرج عن الماهية أي لم يكن جزأها أو كلها. وقوله

)والكليات( بتخفيف الياء ال بتشديدها للوزن، فانتبه عند قراءتها. وقوله )وأول ثالثة( يعني أن الجنس ثالثة أقسام. وقوله )بال شطط(

أي دون تجاوز للحد، أي بال زيادة وال نقصان، وكأنه يشير إلى القسم الرابع الذي ذكرناه وهو المفرد بأنه ال اعتبار به. والله تعالى

أعلم. 61

]فصل في بيان نسبة األلفاظ للمعاني[ هذه قسمة أخرى لأللفاظ بحسب داللتها

على المعاني. ولعله يمكن القول بأنهذه األقسام إنما هي للمعاني أصالة.

قال:33

خمسة أقسام بال نقصان]ونسبة األلفاظ للمعاني

34

واالشتراك عكسهتواطؤ تشاكك تخالفرادف الت

35

فظ إما طلب أو خبر وأول ثالثة ستذكروالل

36

ساوي فالتماسأمر مع استعال وعكسه دعا وفي التوقعا[

أقول: اللفظ إما كلي أو جزئي، واألول إن كان معناه واحدا: فإما أن يكون

متساويا في أفراده فهو المتواطئ، وهو ال يختلف في أفراده، ويسمى ذلك المعنى متواطئا لتواطؤ أفراده، أي

توافقها فيه، فإن أفراد اإلنسان كلها متوافقة في معناه من الحيوانية

والناطقية، وإنما االختالف بينها بعوارض

62

خارجية كالبياض والسواد والطولوالقصر.

في أفراده(1)فإن كان معناه مختلفا كالنور فإن معناه في الشمس أقوى منه

في القمر، وكالبياض فإن معناه في العاج أقوى منه في الثوب، فالنسبة بينه وبين

أفراده تشاكك، ويقال للمعنى مشكك ألن الناظر إذا نظر في األفراد باعتبار

ظنه متواطئا، وإذا نظر(2)أصل المعنى فيها باعتبار التفاوت ظنه مشتركا،

. (3)فحصل له التشكك ويسمى اللفظ في األول متواطئا كمعناه،

. (4)وفي الثاني مشككا كمعناه بين معنى اللفظ وبين معنى(5)وإذا نظر

لفظ آخر، فإن لم يصدق أحدهما على شيء مما صدق عليه اآلخر فالنسبة بينهما التخالف، أي التباين، كاإلنسان والفرس، ويسمى معنياهما متباينين

. (6)كلفظيهما)( أي بالشدة والضعف.1)( أي المعنى الذي يصحح إطالق اللفظ الموضوع بإزائه عليه.2 )( أي التردد بين التواطؤ واالشتراك أي بين كون المعنيين متفقين3

أو مختلفين، وذلك تبعا لجهة نظره. )( ألن االتفاق والتشكيك في المعنى ال في اللفظ. 4)( أي إلى النسبة أي العالقة بين معنيي لفظين مختلفين. 5 )( ألن شرط التباين اختالف اللفظين والمعنيين، وهو األصل في كل6

لفظين مختلفين، واختالف اللفظين أظهر من اختالف المعنيين.63

واللفظ المفرد إن تعدد معناه كعين للباصرة والجارية، وكمحفد لطرف الثوب وللقدح الذي يكال به، فالنسبة بينه وبين

ما له من المعاني االشتراك، الشتراك المعنيين في اللفظ الواحد. وإن تعدد

اللفظ واتحد المعنى كاإلنسان والبشر(1)فالنسبة بين اللفظين الترادف.

الخبر واإلنشاء اللفظ المستعمل إن أفاد الطلب

كـ)اضرب( و)ال تقم(، فهو يسمى طلبا، ، نحو زيد(2)وإن احتمل الصدق والكذب

قائم، فهو يسمى خبرا. يقسم إلى ثالثة أقسام: فإن(3)والطلب

كان مع استعالء وهو إظهار الطالب العلو

فكانت التسمية تبعا الختالفهما أولى. والله أعلم. )( وتلخيص القسمة كما يلي: اللفظ إما واحد أو أكثر. وعلى كل1

فالمعنى إما واحد أو أكثر. فاألقسام أربعة. األول اللفظ الواحد الدال على معنى واحد، أي أن جميع مصاديقه متفقة الحقيقة،

ويسمى كليا متواطئا. والثاني اللفظ الواحد الدال على أكثر من معنى، أي أن له مصاديق متعددة مختلفة في الحقيقة، ويدعى كليا مشتركا بصيغة اسم الفاعل جريا مع باقي الصيغ في هذا الباب. وإن تكثر اللفظ ودل الجميع على معنى واحد سمي اللفظ مترادفا وكذا إخوته، أي أن مصاديق األول هي عينها مصاديق الثاني. وإن تكثر اللفظ والمعنى فهذان كليان متباينان أو متخالفان. ألن لكل

منهما لفظا خاصا به ومعنى خاصا به. فلكل من المتباينين مصاديقتختلف عن مصاديق اآلخر كما أن له لفظا مختلفا.

لذاته، أي بقطع النظر عن شيء غيره من برهان ونحوه، كما )(2سيجيء بحثه بالتفصيل في تعريف القضية.

)( أي الطلب بالفعل، وهو نوع من الطلب ال مطلق الطلب3المبحوث عنه في علم المعاني.

64

، فهو أمر، وإن كان(1)على المطلوب منه الطلب ال مع استعالء بل مع خضوع

وإظهار الطالب االنخفاض عن المطلوب فإنه يسمى دعاء، وفي حال إظهار(2)منه

فهو(3)الطالب المساواة للمطلوب منه التماس. والغرض من التقسيم بيان الخبر، ألن المنطقي ال يبحث إال عن

الخبر، وال بحث له عن الطلب بأقسامه.

)( أي وإن كان الطالب أدنى منه كالعبد لسيده من حيث هو عبده،1 ووزير الملك له من حيث هو وزيره، والجاهل للعالم من حيث هو

جاهل. )( أي وإن كان الطالب أعلى من المطلوب منه كالسيد من عبده2

من حيث هو سيده، والملك من وزيره من حيث هو كذلك. )( سواء كان مساويا له كالعبد مع العبد والسيد مع السيد أو أدنى3

، وفيمنه أو أعلى كما مر. فالضابط في األمر االستعالء ال العلو هذا ماالدعاء إظهار االنخفاض، وفي االلتماس إظهار التساوي

يفيده ظاهر كالم الشارح، على ما فيه. ثم إن المصنف ذكر خمسة أقسام من نسب األلفاظ للمعاني،

وترك ثالثة، وهي التساوي والعموم والخصوص مطلقا، والعموم والخصوص من وجه. وهي في غاية األهمية وتنبني عليها كثير من

األبحاث الشريفة. فنذكرها لك على وجه االختصار بما يالئم هذا الكتاب في جميع أبحاثه، ونترك للمجتهدين البحث. فاعلم أن ضابط

المتساويين أن يتحدا مصداقا ويختلفا مفهوما أي معنى كالكاتب بالقوة والضاحك بالقوة، فكل منهما من خواص اإلنسان، فكل كاتب

ضاحك، وكل ضاحك كاتب، مع أن مفهوم الضاحك غير مفهوم الكاتب. وضابط ما بينهما عموم وخصوص بإطالق أن يجتمعا في بعض المواد وينفرد كل منهما في البعض اآلخر. كما في اإلنسان

واألبيض، فإنهما يجتمعان في زيد األبيض، وينفرد اإلنسان في عمرو األسود، وينفرد األبيض في العاج. وضابط ما بينهما عموم وخصوص

من وجه أن يجتمعا في بعض المواد وينفرد أحدهما فقط في بعضها. كما في اإلنسان والحيوان. فهما مجتمعان في كل إنسان،

الحيوان. ولعل المصنف لمأنواع وينفرد الحيوان وحده في باقي يذكر هذه الثالثة األخيرة ألن األول قد يندرج في الترادف، والثاني

والثالث في التباين، على ما قيل. فتأمل. 65

ة والجزء ـ ي ـ ]فصل في بيان الكل والكـلة[ والجزئــي

ومناسبة الكالم على هذه المعاني، هي أنها تشترك مع الكلي والجزئي في

. فقال: (1)المادة

37

ككل ذاك ليس ذا وقوعالكل حكمنا على المجموع

38

ة قد علماوحيـثما لكل فرد حكما ـ ي ـ ه كـل فإن

39

ة ةوالحكم للبعض هو الجزئي والجزء معرفتــــه جلي

أقول: فإن كان حكمنا على جملة األفراد من حيث كونها مجموعة، بحيث ال يستقل

فرد منها بالحكم فهو الكل، كقولنا: كل )( أي في أصل االشتقاق. بحيث يحصل كل من مشتقاتها منها1

بالقوة. كالخشب مادة للكرسي والسرير. وفائد هذا الفصل هو أنا علمنا أن المفرد كلي وجزئي. ولكن ههنا مصطلحات جديدة ال بد

من توضيح المقصود بها لكي ال تشتبه على المبتدي مع الكلي والجزئي. فثمة اشتراك بين الجزئي والجزء والجزئية في حروف صيغها، وكذلك الحال بين الكلي والكل والكلية. وقد عرفت معنى

الكلي والجزئي، فبقي أن تعرف معنى هذه األربعة الجديدة المذكورة في هذا الفصل، وأن تعرف العالقة بين كل اثنين اثنين

منهما. وللمجتهد أن يجمع ستة تعريفاتها، ثم يعمل جدوال لكل اثنين منهما للتفريق بينهما، ثم يصنع جدوال واحدا يضعها جميعا فيه تكون

أعمدتها جهات االفتراق وااللتقاء بينها. فاجتهد. 66

بني تميم يحملون الصخرة العظيمة، أي هيئتهم المجتمعة من األفراد ال كل فرد

منهم على حدته، ومنه قوله تعالى: )ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ

ثمانية(، فإنه حكم بالحمل على الهيئة المركبة من الكل أي من الثمانية

مجتمعين، ال على كل منهم باستقالله.ل له الناظم بقوله عليه الصالة ومث

والسالم: )كل ذلك لم يقع(، عندما قال : أقصرت الصالة أم(1)له ذو اليدين

(2)نسيت؟ وكون الحديث من باب الكل

يقتضي أن يكون المقصود نفي القصر والنسيان مجتمعين، ال نفي كل على

، والراجح أن(3)حدته، وهذا تأويل مرجوح المقصود نفي كل من القصر والنسيان

)( رضي الله عنه، صحابي اسمه الخرباق بن عمرو.1 )( أي أنه حكم على مجموع أمرين هما القصر والنسيان من حيث2

هما كذلك. والحكم إثبات أمر ألمر أو نفيه عنه. فإن كان المحكوم عليه كليا كان الحكم كليا، وإن كان جزئيا فالحكم جزئي، ومن

الجزئي ما هو كل من حيث ما هو مؤلف من أمور ينظر لها من حيث ما هي مجموع ال يستقل أحد أجزائه بالحكم المحكوم به عليه.

ولخصوصيته واشتراكه في المادة مع الكلي أفرد عن القضية الجزئية تكثيرا للفائدة. فالكل في الحقيقة ليس حكما بل هو

موضوع القضية، وتسمية الحكم أو القضية به من باب تسميةالشيء باسم متعلقه.

)( ألنه لم يتألف من القصر والنسيان كل، من معرفتنا بما حصل،3 مقتضىوتقتضي بالغة النبي صلى الله عليه وسلم أن يطابق مقاله

الحال وجوابه السؤال، ولو تألف لكان المعنى أن النبي عليه السالم ينفي المجموع من النسيان والقصر، أي كأنه قال إنه لم ينس حال

قصره. 67

، ألن(1)على حدته، فيكون سلبا كليا عن أحد األمرين لطلب(2)السؤال بأم

التعيين، فجوابه إما بالتعيين وإما بنفي كل منهما، ال بنفي اجتماعهما، ألن

السائل لم يعتقد االجتماع، وإنما اعتقدثبوت واحد منهما.

وألنه قد روي أن ذا اليدين قال له: )بل بعض ذلك قد كان(، وهذا إنما يناقض نفي كل منهما ال نفي اجتماعهما، لما

ر من أن الموجبة الجزئية إنما تناقض تقـر ، وألن القاعدة الغالبة أن(3)السالبة الكلية

)كل( إذا تقدمت على النفي كان الكالم من عموم السلب، وكل متقدمة هنا في

كل ذلك لم يكن، فيكون السلب عاما لكل فرد بحسب الظن ال بحسب الواقع،

فال كذب، وحينئذ فتمثيل الناظم بهذا. (4)المثل غير صحيح

)( أي يتناول بالنفي جميع جزئياته. وهما هنا القصر والنسيان كل1على حدة.

)( ولو سأل بـ )أو( ألمكن تقدير أنه يسأل عن الهيئة االجتماعية من2القصر والنسيان.

)( كما ستعرف في باب أحكام القضايا. وقوله )الموجبة الجزئية(3 أي القضية التي أجاب بها ذو اليدين ليناقض قوله عليه السالم،

وهي )بعض ذلك –أي القصر أو النسيان- قد وقع(، وقوله )السالبة الكلية( وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم )كل ذلك لم يقع(

والمساوية لعبارة المنطقيين )ال شيء من ذلك –أي القصرالنسيان- قد وقع(. و

)( قوله )بحسب الظن( أي ألن الجواب إنما يكون بحسب االعتقاد4 وغلبة الظن. وقوله )المثل غير صحيح( ال يقدح في الناظم إذ

68

وإذا كان الحكم على كل فرد فرد فهي كلية، نحو قوله تعالى: )كل نفس ذائقة الموت(، وقولنا: )ال إله إال الله(، وهذه قضية سالبة كلية، وهي من باب عموم

السلب أي عمومه لجميع أفراد اإلله غير الذات العلية المستثناة استثناء متصال

لدخول المستثنى في المستثنى منه بحسب الوضع ألنه موضوع لما يعم

وغيره وإن كان خارجا منه(1)المستثنى بحسب اإلرادة، إلرادة المتكلم بهذه

الجملة خروج الذات العلية من اإللهية المنفية، بقرينة االستثناء، فيكون من

العام الذي أريد به الخصوص. وإذا كان الحكم للبعض، فتسمى القضية

جزئية، نحو قولنا بعض اإلنسان كاتب،وليس بعض اإلنسان بكاتب.

وأما الجزء فهو واضح، وهو ما تركب منه، كالحيوان فهو جزء ومن غيره كل

البحث في المثال ليس من دأب الفحول. ويلوح لي والله أعلم أن العلماء يقصدون وضع المسامحات في كتب المبتدئين، وبعض

الوجوه الضعيفة لحث الطالب على االعتراض، فيكثر البحث وتزداد الفائدة، وإال فإنك تجدهم في الحواشي والمطوالت في غاية

التدقيق ال تفوتهم مثل هذه األمور. فال يظن أن العلماء وبخاصة المحققين منهم تخفى عليه أخطاء واضحة يمكن للمبتدي أن

يكشفها. والله أعلم. )( قوله )المستثنى( أي معنى لفظ الجاللة )في المستثنى منه( أي1

مفهوم اإلله )بحسب الوضع ألنه( أي لفظ اإلله )موضوع لما يعمالمستثنى( أي معنى لفظ الجاللة )وغيره( من معاني اإلله لغة.

69

بالنسبة لإلنسان، لتركب اإلنسان منه ومن الناطق، ويسمى ذلك جزءا طبيعيا،

وكالسقف بالنسبة إلى البيت، لتركبه منهومن الجدران، ويسمى ذلك جزءا ماديا.

(1)

معقول وهو ما سماه جزءا طبيعيا، ومثل عليه بالحيوان لإلنسان )( حاصل كالمه في الجزء أنه وحدة بناء الكل، وأنه ينقسم إلى جزء1 فإنه جزء ماهيته المعقولة من طبيعته وهي صورته النوعية، وهو

كما ترى كلي إال أنه يسمى جزءا، ألن الجزء المعفول ال ينافي مفهوم الكلي، بخالف قسمه الثاني وهو الجزء المحسوس ألنه

متشخص يمنع تصوره من االشتراك فيه فال يمكن أن يكون المحسوس من حيث هو كذلك كليا بل هو جزئي، وسماه جزءا ماديا، ألن المحسوس ال يكون إال ماديا. ولك أن تالحظ أن الكل

إما أن يكون معقوال أو محسوسا. فتفكر. والكلمثل الجزء في ذلك، قد ينظر إليه فقط من حيث إنه= = مجموع األجزاء،

وقد ينظر إليه من حيث ما هو مجموعة من األجزاء بينها نسب معينة، وقد ينظر إليه نظرة أخص من ذلك وهو كونه مجموعة من األجزاء

ذات نسب معينة بينها، تقتضي له تلك النسب كيفية معينة. واألحكامعلى الكل تبعا لذلك قد تختلف باختالف االعتبارات. فتنبه.

الشركة فيه كحيوان، سواء استحال وجود شيء من أفراده في ثم اعلم أن الكلي مفهوم ال يمتنع نفس تصور معناه من وقوع الخارج أو أمكن وجد أو لم يوجد كاجتماع الضدين في محل واحد، أو جاز ولم يوجد كجبل من ذهب، أو وجد منه فرد واحد مع إمكان

غيره كشمس مجموعتنا الشمسية، أو وجد منه فرد واحد مع استحالة غيره كواجب الوجود سبحانه، أو كان كثيرا متناهيا كاإلنسان، أو كثيرا غير متناه كالعدد كما ذكرناه سابقا. والكل

يمتنع نفس تصوره من وقوع الشركة فيه، بمعنى أنه الالمحسوس يصدق على كثيرين كل على حدته، وسواء وجد في الخارج أو في

الذهن فإنه ال بد أن يكون متناهي األجزاء. والكل يتقوم بأجزائه وال يحمل عليها كطاولتي تتقوم بسطحها وأرجلها وال يجوز أن يقول عن

رجلها طاولة. بخالف الكلي فإنه يحمل على جزئياته وال يتقوم بها كاإلنسان يقال زيد إنسان وعمرو إنسان وال يقال يتقوم اإلنسان

بعمرو وبكر وزيد و... إلخ. والكل قابل للوجود في الخارج، وال شيء من الكلي بموجود في الخارج من حيث هو كلي. وأجزاء الكل

متناهية وجوبا لما أن مجموع المحدود والمعدود والمتناهي محدود ومعدود ومتناه، وجزئيات الكلي غير متناهية ال ذهنا وال خارجا ال

دفعة. فإن الذهن ال يتصور غير المتناهي على التفصيل دفعة، وال يوجد غير المتناهي في الوجود دفعة، بل على التعاقب. وقد نبه

اإلمام الرازي رضي الله عنه في المباحث المشرقية في الفصلالخامس عشر في الفرق بين الكل والكلي، وذلك من أوجه:

وجود له إال في الذهن. األول: أن الكل من حيث هو يكون موجودا في الخارج، وأما الكلي فال الثاني: الكل يعد بأجزائه، والكلي يعد بجزئياته

70

فات[ ]فصل في المعر

بيان المعاني الكلية واأللفاظ الدالة عليها، يعتبره العلماء مقدمة آلية يلزم تحقيقها لتأليف األقوال الشارحة التي

تبين للمريد مفاهيم الماهيات المطلوبله معرفتها.

وهذه األقوال الشارحة تسمىفات(، وسوف نبين أقسام )معر

المعرفات في هذا الفصل. عندما نريد أن نعرف بعض الماهيات،

فإن هناك طريقتين لتحقيق ذلك: إما أن نسلط نظرنا على نفس الماهية، فنعمل فيها بعض طرق البحث والنظر من سبر وتقسيم، حتى نعلم من ماذا

الثالث: الكلي يكون مقوما للجزئي، والكل يكون متقوما بالجزء تصير جزئية. مثال: اإلنسان إذا صار هذا اإلنسان ]أي المشار إليه الرابع: أن طبيعة الكل ال تصير هي الجزء، أما طبيعة الكلي فإنها

المتشخص المتعين كزيد مثال[ كليا لكل جزء وحده ألن اإلنسان يصدق على الشخص الواحد. ]تنبه الخامس: أن الكل ال يكون كال في كل جزء وحده، والكلي يكون

إلى أن قوله لكل جزء أي لكل فرد من أفراد الكلي أي لكل جزئيمن جزئياته أي مصداق من مصاديقه[

السادس: أن الكل أجزاؤه متناهية، والكلي جزئياته غير متناهية حضور جزئياته جميعا. اهـ والله تعالى أعلم. ولقد توصلت إلى السابع: أن الكل ال بد من حضور أجزائه معه، والكلي ال يحتاج إلى

معظم هذه األحكام بتفكيري، ثم وجدتها منثورة في الكتب فلله الحمد والمنة، وكم شرح صدري أن أرى عالما يقرر ما توصلت له بفكري وبقيت فيه مترددا ال أصرح به حتى رأيت ما يوافقه. أذاقك

الله لذة حمد الله على ذلك. 71

تتألف، أي ما هي المعاني الذاتية التيتتألف منها، وتسمى هذه الطريقة بالحد.

أو أن نعمل نظرنا للكشف عن األمور التي تميزها عن غيرها من الماهيات

واألمور الغريبة عنها، وتسمى هذهسم. الطريقة بالر

فإننا إن استطعنا معرفة المعاني الذاتية لها، تتحقق معرفتنا بها، وبعد معرفتها من

هذه الحيثية تتميز عندنا حدا. وإن استطعنا معرفة األمور التي تميزها عن

غيرها يتحقق تمييزنا لها أيضا ولكنرسما.

فالمعرفات عبارة عن ألفاظ مركبة (1)تركيبا تقييدا تحمل بيانا كاشفا أو مميزا

عن الماهية المطلوب معرفتها. فمعرفة الذاتيات للماهية يترتب عليها أمران:

األول: الكشف عنها ببيان ذاتياتها ببيان الحد ، والثاني: تمييزها عما عداها ببيان

سم. الر وأما الطريقة الثانية للتعريف فال يترتب

عليها إال تمييزها عما عداها. ومبحث المعرفات هدفه هو الوصول إلى

بيان كيفية التعريف، أي ما هي المعاني)( قوله كاشفا ليدخل الحد، وقوله مميزا ليدخل الرسم كما مر.1

72

التي يجب أن نستعملها لكي نتوصل إلى تعريفها لنا وللغير. وبعد أن نتمكن من

صياغة التعريفات بقسميها، نستطيع بعد ذلك أن نستعمل نفس هذه التعريفات للتعليم والتفهيم، والمعارف األخر في

البحث والنظر. ولكن هل الوصول إلى التعريفات، هو

أمر بديهي؟ لو كان أمرا بديهيا، لكانت معرفتنا

للماهيات كلها بديهية، ولتحقق للكل معرفتها، فانتفى طلب التصورات، ولكن

. إذن فالمعرفة(1)كل هذا باطل بالتعريفات ليست كلها بديهية، فبعض األمور بديهية المعرفة، وبعضها -وهو

األغلب- ليس بديهيا، بل هو نظري، أييحتاج إلى بحث ونظر للوصول إليه.

ويلزمنا أن نذكر مقدمة مختصرة لبيان كيفية النظر الالزم اتباعه للوصول إلى

اكتساب التعريفات النظرية. إن الطريقة الكتساب التصورات ومعرفة الماهيات النظرية، هي طريقة التركيب.

وذلك بأن نأخذ شخصا من المراد تعريفها، فنحللها إلى الصفات المتألفة

)( أي ألن الواقع يكذبه. 173

منها، ثم نميز بين العرضي والالزم والذاتي. فإن أردنا أن نحدها، اعتبرنا

الذاتيات، وإن أرنا أن نرسمها اعتبرنا ما الترتيب الصحيح(2). ثم نرتبها(1)سواها

ونقتصر(3)بأن نبدأ من األعلى إلى األخصعلى األخير القريب، ونضيف إليه الفصل.

مثال ذلك إذا أردنا تعريف الخمر: فإننا أوال نأخذ خمرا معينا، فنالحظ أنها ذات

لون أحمر، ويقذف بالزبد، ونراه ذا رائحة حادة مطربا للشارب. ونراه جسما أو

مائعا وسياال، وشرابا مسكرا، ومعتصرامن العنب.

فأما اللون األحمر وكونه يقذف بالزبد، فإنها ليست ذاتيات، ألن بعض ما هو

أحمر ويقذف بالزبد ليس خمرا. وأما الرائحة الحادة وكونه مطربا

للشارب، فهذه ليس داخلة في الخمر، ولكنها الزمة عن الخمر، بدليل أننا نتصور الخمر دون أن نستحضر هذين الوصفين،

وال يضر ذلك في تصورنا للخمر.

)( أي سواء مع اعتبارنا لبعض الذاتيات كما في الرسم التام، أو ال1مع اعتبارنا لبعضها كما في الرسم الناقص.

)( أي األجزاء التي حصلنا عليها من التحليل. 2)( أي من األعلى األعم إلى األدنى األخص. 3

74

وأيضا فإنها قد يشترك مع الخمر فيهاغيرها.

وأما الجسمية وكونه مائعا وسياال، وشرابا ومسكرا، ومعتصرا من العنب.

فهذه الصفات ذاتية للخمر، ألننا ال نستطيع أن نتصور الخمر إال بتصورها،

واستحضارها. ولكن بعضها قد يغني عن البعض، فكل سيال جسم، فالسيال أخص من الجسم. فنسقط الجسمية. والسيال والمائع متساويان، فنستغني بواحد عن اآلخر. ثم الشراب يجب أن يكون مائعا.

فنستغني به عنه، فيبقى الشراب، وكونهمعتصرا من العنب، وكونه مسكرا.

فنأخذ الجنس القريب، وهو شراب، ألنه مشترك بين الخمر وبين غيرها. ثم نقيده بفصل يفصلها عن غيرها. فنقول: مسكر.

فالحاصل: أن الخمر: شراب مسكر. ثم ننظر لنتأكد هل هذا الحد يساوي حقيقتها، فإن ساواها اكتفينا به، وإال

أضفنا إليه ما يتممه.

75

فهذه هي الطريق للحصول على الحدود وغيرها من التعريفات بحسب اإلمكان

في كل مطلوب. (1)البشري المطلوب(2)فأول الخطوات هي سبر

تعريفه وتحليله إلى صفاته الموصوف بها، ثم امتحان هذه الصفات بحسب

تعريفات العارض والذاتي والالزم، وبعد ذلك يتم ترتيب التعريف المطلوب.

فمعرفة المعاني الكلية هو أول المهماتفي هذا المطلب.

ن المصنف كيفية تأليف ولذلك بي التعريفات، وأننا إذا أردنا الحد فكيف

نرتبه وإذا أردنا الرسم فكيف نستخرجه من الكليات، وهكذا، وهو ما يسمونه

بأقسام التعريفات. قال:

ف إلى ثالثة قسم4 حد ورسمي ولفظي علم]معر التعريف أن يكشف عن المعرف كما هو في نفس األمر. ألن ذلك )( ألن التعريف يكون بحسب الطاقة البشرية، وال يطلب من1

ليس في وسع البشر. فيجتهد القتناص الحد ثم بتوالي أنظار العلماءف تتنقح الحدود. وتبقى دائما ضمن اإلمكان في التعريف والمعر

البشري المحدد باألسباب العادية. )( السبر تحليل المركب إلى أجزائه، لحصر األوصاف في األصل2

وإلغاء الباقي، وال يشترط لها أن تحصر جميع األجزاء أو تحصر القسمة بحيث ال يدخل قسم في قسم آخر، كما هو الحال في

القسمة التامة الدائرة على النفي واإلثبات. 76

041

سم بالجنس وخاصة معافالحد بالجنس وفصل وقعا والر

42

جنس بعيد ال قريب وقعاوناقص الحد بفصل أو معا

43

سم بخاصة وناقص الرفقط

أو مع جنس أبعد قد ارتبط

44

تـــبديل لفظ برديف أشهراوما بلفظي لديهم شهرا

45

منعكسا وظاهرا ال أبعداوشرط كل أن يرى مطردا

46

زاوال مساويا وال تجوزا بال قريـنة بها تحر

47

مشتــــرك من القرينة خالوال بما يدرى بمحدود وال

48

وعندهم من جمـلـةالمردود

أن تــدخل األحكام فيالحدود

49

وال يــجوز في الحدود ذكرأو

سم فادر ما وجائز في الررووا[

أقول: ينقسم المعرف إلى ثالثة أقسام:77

، وحد األول: الحد وهو قسمان حد تامناقص.

.(1)الثاني: الرسم وهو أيضا تام وناقصالثالث: اللفظي.

طريقة تأليف الحد التام: نستطيع تأليف الحد التام بعد معرفة

، بأن نأتي أوال بالجنس القريب(2)الكلياتومعه الفصل القريب.

مثاله: اإلنسان ]حيوان ناطق[، ومعنى الحيوان: جسم نام حساس متحرك

باإلرادة. فالحيوان جنس قريب يشترك فيه اإلنسان مع غيره من الحقائق

كالفرس واألسد بالصفات األعلى، فكل هذه تشترك في هذه الصفات المفهومة

، وأما ما يميز(3)من كلمة الحيوان اإلنسان عن غيره من الحيوانات فهو

كذلك إذا أطلق الحدقيل )( وإذا أطلق الرسم فالمراد به التام، و1.فيراد به التام فأقول: إن استعمال الحد في التعريف مطلقا

مشهور ال يخفى على المطلع. )( أي الصفات الكلية للمحدود التي تحصلنا عليها بالسبر كما مر.2

وفيه إشارة إلى ضرورة معرفة الكليات الخمس قبل الخوض في تحديد األشياء، ألن الكليات الخمس مبادي األقوال الشارحة. فإن

املم تعرف ما هو الجنس والفصل، فكيف ستبحث عنهما وترتبهترتيبا صحيحا على صورة الحد.

)( لذلك كان الحيوان جنسا لها، لكونه كليا صادقا عليها مع اختالفها3في الحقيقة.

78

كلمة الناطق، ومعناها: المفكر ولو بالقوة. أي الذي من شأنه إن أراد أن يقع

منه التفكير. فزيد مثال يمكن أن يفكر، ولو لم يفكر في وقت ما فإنه ال ينتفي

كونه إنسانا. ولذلك قال العلماء المفكر ، ال المفكر بالفعل، فلو كان(1)بالقوة

بالفعل لكان كل من لم يفكر فعالوتنجيزا غير إنسان، وهذا باطل.

فقولنا إذن: اإلنسان حيوان ناطق، حد تام ومعنى كونه تاما، أن كل إنسان فهو

داخل فيه، وكل ما هو غير إنسان فهو أي أنه(2)خارج منه. ومعنى كونه حدا

يعرفنا بالصفات الذاتية المكونة لماهيةاإلنسان ال الخارجة عنه.

طريقة تأليف الرسم التام: يمكن تأليف الرسم بأن نأتي بالجنس

القريب والخاصة مجتمعين كما في قولنا، اإلنسان: حيوان ضاحك بالقوة. فالضحك

)( أي القابل للتفكير ال الواقع منه التفكير فعال. 1)( أي اصطالحا. 2

79

، ولكنه الزم(3)لإلنسان ليس من ماهيتهعنها من أثرها. هو األثر، فيمكننا أن(1)ومعنى الرسم

نعرف الشيء بأثره الالزم عنه، المختص به، ولذلك سمى المناطقة هذه الطريقة

بالرسم، ومعنى التام عرفناه. طريقة تأليف الحد الناقص:

لتأليف الحد الناقص، يمكننا استعمال الفصل وحده، أو الفصل مع جنس بعيد ال

قريب. كما في قولنا: اإلنسان جسم ناطق. فالناطق فصل كما مضى،

والجسم هو جنس بعيد، أي تحته جنس أقرب منه لإلنسان وهو الحيوان كما

سبق. طريقة تأليف الرسم الناقص:

لتأليف الرسم الناقص، يمكننا استعمال الخاصة فقط، كقولنا في تعريف

اإلنسان: هو الضاحك، أو نستعمل

أنه ليس من ماهيته أنه ال يشترط تصوره لتصوروالدليل على)( 3 عرضي ال ذاتي، كماإذا خارج عنها، فهو مما يدل على أنه اإلنسان.

مر. وال يرد أن القرد يضحك، ألن القرد يحرك شفتيه على صورة المبتسم، أو يفتح فمه ويصدر صوتا على صورة الضاحك، ولكنه ال

. ، والتعجب ال يكون إال للعاقليتعجب، ألنه ال يعقل ما يليه جاء به لبيان مناسبة تسمية هذا القسم منو)( أي لغة. 1

التعريف رسما. 80

الخاصة مع جنس بعيد، كقولنا فياإلنسان هو جسم ضاحك.

وأما التعريف اللفظي: فهو تبديل لفظ خفي بلفظ مرادف أشهر

، كقولنا في تعريف(1)عند المعرف له: هو القمح، فإنه مرادف للبر أشهر ر الب منه لشهرة استعماله في ألسنة العامة

والخاصة.شروط التعريف:

يشترط للحد والرسم شروط لكي تكون تعريفات صحيحة، فإن المقصود من

التعريف المعرفة الكافية لبناء عليها، وهذه الشروط هي:(2)المطلوب

أوال: االطراد؛ يعني أن يكون الحدما وجد مطردا، ومفهوم االطراد هو كل

(3)التعريف وجد المعرف ، فيكون مانعا من دخول أفراد غير المعرف فيه. فال

يجوز تعريف اإلنسان بالحيوان فقطلدخول غيره فيه، فليس بمانع.

ف له هو الشخص الذي يذكر له التعريف ليتصور الشيء1 )( المعرالمعرف.

)( أي المعرفة التصورية الكافية لبناء المطلوب التصديقي عليها.2ألن التصور شرط أو شطر التصديق فالتصديق مبني على التصور.

)( أي في الذهن. والمعنى أنه كلما ذكر التعريف أي حضر عند3ف. وال تفهم من قولنا العقل، استدعى العقل صورة عقلية للمعرصورة أنها صورة حسية، فليس ذلك شرطا في هذه الصورة.

81

ثانيا: االنعكاس؛ يعني كلما وجد المعرفعريف، فيكون جامعا ألفراد وجد الت

، فال(4)المعرف ال يخرج عنه منها شيء يجوز تعريف اإلنسان بـ]الحيوان الكاتب بالفعل[ لخروج أفراده من غير الكاتب

عن هذا التعريف، فليس بجامع. ثالثا: أن يكون التعريف أظهر من

المعرف، وأوضح منه، ال أخفى، فال يصحفس، ألن تعريف النار مثال بأنها جسم كالن النفس أخفى من النار. وكذلك ال يصح أن

يكون التعريف مساويا للمعرف، ألن المساوي في الظهور والخفاء ليس

بأوضح، فال يقال مثال في تعريفالمتحرك هو ما ليس بساكن.

رابعا: ال يصح أن يكون التعريف مشتمال على كلمة مجازية، إال إن كانت تقترن معها قرينة بينة واضحة، فالقرينة تفيد

في بيان المعنى المقصود حتى وإن كان مجازا بالنسبة ألصل استعمال الكلمة،فالمجاز مع القرينة حقيقة في محلها.

فلو عرفنا العالم بقولنا مثال هو بحر يدخل الحمام، أو بحر يصلي ويصوم،

)( أي ال يخرج عن التعريف من أفراد المعرف شيء. أي أن4التعريف صادق على كل فرد فرد من أفراد المعرف.

82

فهذا ال يصح ألنه ال يحتوي على قرينةنة تظهر المعنى، فالمعنى ملتبس ،(1)بي

فإن كان مع المجاز قرينة تبينه وتوضحه جاز كأن يقال البليد: حيوان ناهق يدخل

(2)الحمام.

خامسا: ال يجوز أن يدخل في التعريف ما ال يعرف إال بنفس التعريف. فهذا يؤدي

إلى الدور، فيمتنع. ومثاله تعريف العلم بأنه معرفة المعلوم،

مع أن المعلوم تتوقف معرفته على معرفة العلم الشتقاقه منه. ويمكن أن

، ولكنها(3)يجاب ببعض األجوبة عن ذلك )( ال يقال دخول الحمام قرينة تمنع من إرادة البحر بمعناه الحقيقي1

ت هيفالتعريف صحيح. ألنا نقول القرينة المقصودة هنا ليس المانعة من إرادة المعنى الحقيقي فحسب، بل هي المعينة أيضا

لمعنى المعرف. ودخول الحمام وكذا الصالة والصوم وإن منع إال أنه لم يعين معنى العالم كما ال يخفى. فربما كان بحرا في الجود

والسماحة. فلو قال: ]العالم بحر يدخل الحمام و يجيب عن والالمسائل[ لجاز. ألن الجواب عن المسائل ال يتأتى إال للعالم بها. يتصدى للجواب عن جهل إال من جمع مع جهله الحمق والطيش.

)( ال يقال دخول الحمام من الحمار الذي هو الحيوان الناهق حقيقة2 جائز، فال تعين هذه القرينة. ألنا نقول العرف يقضي بأن دخول

الحمام ال يكون إال للبشر، فال يتبادر الحمار وهذا كاف لتعيين البليد. ولعله لو أتى ههنا بقرينة أوضح كيصلي أو يكتب أو يتكلم أو زاد في

تعيين البليد بقرينة أخرى مع دخول الحمام لكان أولى، ألنه يمنعالسؤال بالكلية.

)( وتعريف العلم بأنه معرفة المعلوم هو تعريف لسان األمة3 القاضي الباقالني، ال زالت سحائب الرحمة على روحه تتوالى.

والجواب األليق عن سؤال الدور، هو أن المراد بالمعلوم ذاته، ال83

غير متبادرة إلى الذهن، وغير ظاهرة، والتعريف يجب أن يكون أوضح وأظهر

من المعرف. سادسا: ال يجوز استعمال لفظ مشترك

بال قرينة تعين المعنى المراد منه في يزيد التعريف خفاء. (1)التعريف، ألنه

.(2)وذلك نحو تعريف الشمس بأنها عين وربما يجوز في حال إرادة جميع المعاني

، ولكن يبقى فيه خفاء للخالف في(3)فيه (4)صحة استعمال اللفظ في معانيه

باعتبار كونه معلوما. فكأنه قيل العلم معرفة األمر. ولم يرتضه الشارح ضمنا بقوله عن جميع الجوابات: )ولكنها غير متبادرة إلى

الذهن وغير ظاهرة(. واإليراد على هذا التعريف والجوابات عنه مشهورة في كتب أصول الفقه وغيرها، فابحث عنها. فإذا أدركت

توسع في بحث المثل. حاجة لنا في الالمفهوم فال )( أي استعمال اللفظ المشترك في التعريف يزيد التعريف خفاء،1

فال يعين معنى المعرف. )( ألن لفظ عين، موضوع لعدة معان مختلفة، وهذا منشأ عدم تعين2

المراد عند استخدامه. فتطلق ويراد بها على الحقيقة العين الجارية،ة أي الشمس، وغيرها. ئوالعين الباصرة، والعين المضي

)( أي إرادة جميع معاني اللفظ المشترك في التعريف ألنها صادقة3ف. مثال ذلك كما سيذكره تعريف القضية بأنها قول.. على المعر

إلخ. فالقول هنا مشترك بين الكالم النفسي واللفظي الذي عبر عنه بالمعقول والملفوظ. فال يضر هذا االشتراك ألن المراد بالتعريف

كل منهما. ألن القضية يصدق عليها أنها قول بالمعنيين. )( أي كل معنى من معانيه بحيث يفيد أن كال منها هو مناط الحكم،4

أي متعلق النفي واإلثبات. هذا هو محل الخالف المشهور الذي يشير إليه. وليس المقصود إطالق اللفظ وإرادة المجموع المركب من المعنيين من حيث ما هو مجموعهما، فهذا ال نزاع في امتناعه

حقيقة. والفرق بينهما هو الفرق بين الكل اإلفرادي والكل المجموعي، كما وضحناه في الفرق بين الكلية والكل. فارجع إليه.

84

المشتركة دفعة واحدة، وذلك كتعريف القضية بأنها قول يحتمل الصدق

والكذب، مع أن القول مشترك بين الملفوظ والمعقول، لكن لما أريد كل

. واألصل التنبيه لذلك كما منهما صح (1)أشرنا.

سابعا: ال يصح إدخال األحكام في ، والمقصود باألحكام هي(2)الحدود

الصفات الالزمة عن الماهية. كقولك في تعريف الفاعل: هو االسم

المرفوع، فالرفع حكم من أحكام الفاعل ، والحكم على الشيء متوقف على تصوره فإذا أخذ الحكم جزءا في

)( قوله )واألصل التنبيه( الظاهر أنه يريد أن األصل في التعريف1لفظيتضمن مشتركا أريد به كال معنييه أن ينبه على ذلك. وقولها

)كما أشرنا( لعله يريد كما أشار إلى أن من القول ما هو معقول وملفوظ وهما مرادان في التعريف، أي لكي ال يحمل التعريف على

أحد المعنيين دون صاحبه. والله أعلم. )( مقصوده بالحدود ههنا الرسوم والحدود، وإال فإنه على ما سيبينه2

من أن الحكم ههنا هو الصفة الالزمة عن الماهية فإنه ال يتصور أن تدخل األحكام في نفس الحدود بدال من بعض الذاتيات، فيصير

كالمفهوم ضمنا. ويؤيده قوله فيما يلي: )فإذا أخذ الحكم جزءا في التعريف( فلم يقل الحد. ولعله يعني أنه ال يجوز لمن أن أراد أن يؤلف حدا أن يعتبر اللوازم. وعلى كل حال، فال يجوز أن تدخل

األحكام في الحدود ألنها تتألف فقط من الذاتيات، فالحد التام هو عين الماهية والناقص فصلها أو هو مع جنس بعيد لها كل ذلك من الذاتيات، والصفات الالزمة عنها ليست جزءا منها، فليست صفات

ف بحيث يمتنع تصوره من دونها، فلو دخلت األحكام في ذاتية للمعر الحد التام عوضا عن بعض الذاتيات الحتوى الحد عوارض، فلم

يحصل تصور للمعرف بجميع ذاتياته، الذي هو المعني بالحد التام، ومثله لو دخلت في الحد الناقص فال يحصل تصور الماهية بجميعذاتياتها أو ببعضها. فال يكون التعريف بذلك حدا ال تاما وال ناقصا.

85

التعريف توقف المعرف عليه وحصل ، الذي هو توقف كل من الشيئين(1)الدور

على اآلخر. ثامنا: ال يجوز في الحدود وال في الرسوم

ذكر كلمة ]أو[ أو ما في معناها من الترديد والتشكيك، وأما ]أو[ التي

للتقسيم فال يجوز استعمالها في الحدود، ألن لكل قسم يوجد حد مختلففإدراجهما في حد واحد غلط.

وأما استعمال ]أو[ التي للتقسيم في الرسوم فجائز، مثال ذلك قولهم في

)( قوله أوال )توقف المعرف عليه( أي توقف معرفة المعرف على1 معرفة الحكم. ولكن الحكم على شيء متوقف على معرفة

ف، هذا دور. وقد صرت اآلن تعرف الالزم والملزوم والذاتي المعر والعرضي والماهية والجزء والحد والحكم. فال حاجة إلى شرح كالم الشارح ههنا. واعلم أن العالمة الصبان لم يعتبر أن دخول األحكام في الرسوم -التي يتوهم دخول األحكام فيها بخالف الحدود التي ال

يتوهم ذلك فيها أصال كما بيناه- يؤدي إلى الدور، ألنه رأى أن عينالمحكوم عليه بالحكم المذكور في التعريف ليس هو

ف،= = بل المأخوذ جنسا في التعريف. أال المعر ترى أن قوله: )الفاعل: هو االسم المرفوع( أن الحكم بالرفع وقع على االسم ال على الفاعل، فالحكم بالرفع إنما يتوقف على تصور مطلق االسم المحتاج إليه في تصور الماهية، وليس بمتوقف على تصور خصوص الفاعل المطلوب تصوره بالتعريف. وهو كالم على ما فيه، وجيه. فإذا كانت األحكام التي في الرسوم من هذا القبيل

بحيث ال تتوقف على تصور خصوص المعرف فهي جائزة بما ال أرى فيه إشكاال، ولكن ليس كل حكم فهو من هذا الباب. فاألولى أن

يحترز عنها لئال يدرج عليها بعض من ال تحقيق له فيقع في الدور، أو يتوقف الحكم على تصور المعرف بخصوصه بمراتب طويلة ال يتنبه

لها إال بالنظر الدقيق. ولقائل أن يقول إننا ال نعني باألحكام الممنوعة إال هذه التي يتوقف حصولها على تصور المعرفبخصوصه. فلم يبق محل العتراض الفاضل الصبان. فتدبر.

86

تعريف المعرف: هو ما يقتضي تصورهتصور المعرف أو امتيازه عن غيره.

وبهذا يكون قد انتهى القسم األول من التصورات المشتمل على مبادئ

. (1)التصورات ومطالب التصورات]باب في القضايا وأحكامها[

بعد االنتهاء من البحث في التصورات، مبادئها ومقاصدها، شرع في البحث في

التصديقات، وهي المطلوب األهم فيعلم المنطق.

)( يعني بمبادي التصورات الكليات الخمس، وبمطالبها األقوال1 أنها إما للتشكيك أو للتقسيم أوفي أو الشارحة. وحاصل الكالم

للتخير. فأما التي للترديد والتشكيك فال يجوز استخدامها مطلقا في رأيت العالمةعلى أني التعريفات سواء الحدود أو الرسوم.

الدمنهوري يجيز دخولها في الرسوم كما تقول اإلنسان حيوان ضاحك أو كاتب، بمعنى أنك مخير بين تمييزه بالخاصة األولى أو

الثانية. هذا ما فهمته من عبارته ورأيت العالمة الباجوري ينبه عليه وينسبه إلى بعض المحققين. وأو بهذا المعنى عدها أبو المعارف الصبان قسما آخر غير التي للتشكيك سماها التي للتخيير، وقال

ويظهر جوازها في الرسوم. فتأمل. وأما أو التي للتقسيم فتدخل على أني. عند الجمهورفي الرسم بال خالف، وال تدخل في الحد

األنصاري يجيز شيخ اإلسالم زكرياء رأيت دخولها في الحد، مستندا إلى تعريفهم للنظر بأنه الفكر المؤدي إلى علم أو غلبة ظن، بمعنى أن النظر قسمان أحدهما يؤدي إلى العلم، واآلخر إلى غلبة الظن.

عدم جواز دخولها في الحد بأن ذلكماالمحقق واستظهر الشارح في الحقيقة حدان لشيئين مختلفين ال حدا واحدا لشيء واحد.=

. ثمه= وهما هنا النظر المؤدي للعلم، والنظر المؤدي للظن. فتأمل قول المصنف )إلى ثالثة( في نسخة على ثالثة. وقوله )وال بما يدرى

في خامسا. وقوله )وال يجوز فيالشارح بمحدود( هو ما شرحه الحدود ذكر أو وجائز في الرسم( االلتزام بما قاله الشارح، يقتضي

كون أو للقسيم. ألن غيرها ال يجوز ذكره في التعريف مطلقا كما . وباقي النظم واضح إن شاء الله ليس بحاجة إلى بيان. واللههاختار

الموفق. 87

: مبادئ ومقاصد،(2)وللتصديقات قسمان فالمبادئ هي البحث في القضايا

وأحكامها، والمقاصد هي البحث فياألقيسة.

ونبدأ اآلن في البحث في المبادئ. قال:

ة وخـبـرا]ما احـتمل الصدق لذاته جرى50 ـ بــيـنـهـم قضـيانـيثــــم القضايا عندهم قسمان51 ـة والث ـ ة حمليـ ـ شرطية واألول 52 ـ ة شخصي ـ ي ـ إما مسور وإما مهملكـلا يرى53 ا وجزئي ـ ـــي ـ ور كـــل وأربع أقسامه حيث جرىوالس شيء وليس بعض أوإما بكل أو ببعض أو بال54

شبــه جالها موجــــبـة وسالــبـة55 مانوكـل ـ فهي إذا إلى الثـــــ

آيـــبـةواآلخر المحمول بالسويةواألول الموضوع بالحملية56

)( أي من أقسام كتب المنطق، أي أبوابها. وقد مر أن للتصور2 قسمين. فأبواب المنطق أربعة. وأما بحث الدالالت ومباحث األلفاظ

.ا في كتب المنطق لتوقف بحث الكليات الخمس عليهتإنما ذكر ومن اعتبر أقسام القياس الخمسة التي تعرف بالصناعات الخمس،

مقاصد، وعدوعد األبواب ثمانية. أي عد للتصوات مبادي للتصديقات مبادي وخمسة مقاصد. ومنهم من جعل مباحث األلفاظ

مما يحتاج إليه بابا مستقال فجعل أبوابه تسعة. 88

عليق فيها قد حكم57 ة و تــنـقسـموإن على الت ها شرطي فإنصلـة58 ة متــ ـ ةأيضا إلى شرطي ـ ومثـــلـهـا شرطي

مـنـفصلةصالجز آهما مقدم وتالي59 ـ أما بـيان ذات االت وذات االنـــــفصال دونما أوجبت تالزم الجزأين60

مين أقسامها ثالثةما أوجبت تـنافرا بيـنهما61

فـلـتــــعـلما وهو الحقيقي األخصمانع جمع أو خلو أو هما62

فاعـلـما[تعريف القضية

أقول: القضية مشتقة من القضاء وهو الحـكم، الشتمالها عليه. والمقصود من

أحكام القضايا التناقض والعكس.

89

الذي(1)وأما تعريف القضية فهي اللفظ ،(3) لذاته(2)يحتمل الصدق والكذب

أيضا.(4)ويسمى بالخبر والكالم كما هو معروف: إما خبر أو

إنشاء، فالخبر ما مضى، واإلنشاء ما ال ، والدعاء(6) كقولك ]اضرب[(5)يحتملهما

ي[، والمركب تركيبا كقولك ]يا الله أعنإضافيا كقولك ]بيت زيد[.

)( أي المركب التام. ويدعى قوال. والحق أن القضية أعم من كونها1 ه عليه الشارح نفسه في المعرفات. وكما هو معلوم لفظية كما نب

من علم الكالم أن الكالم لفظي ونفسي. وعليه فالقضية إما لفظية أي ملفوظة أو عقلية أي معقولة. وهما مشتركان في جنس واحد

وهو القول، إذ كالهما من مصاديقه، وهو مقول عليهما في جواب ما هو بحسب الشركة فقط فيكون جنسا لهما، كما عرفته في باب

المعرفات ومباديها. )( خرج به ما ال يحتمل الصدق والكذب، أي ما ال يصح أن يقال2

لقائله إنك صادق أو كاذب، كالمركبات اإلنشائية، سواء الطلبية كاألمر والنهي، أو غير الطلبية كالقسم وأفعال المدح والذم، وصيغ

العقود كبعت واشتريت. فكل منها ليس بقضية بل هو من باب التصورات الساذجة التي ال حكم معها. فلها عندنا حكم المفردات. تدبر. واعلم أنه وإن كان كل مركب كالما عند النحاة فال يلزم أن

بقيد الصدق والكذبثم خرج يكون قضية عند أهل هذا الفن. وكذلك بقيد التمام الذي أضمره في كالمه: المركبات التقييدية

بالوصف أو اإلضافة، ألنها عارية عن النسبة التي هي مورد التصديقوالتكذيب، كما مر.

)( خرج به ما احتمل الصدق ال لذاته، كما سيبينه. 3 )( القضية تسمى خبرا من حيث اشتمالها على الصدق والكذب،4

ومن حيث إفادتها للحكم إخبارا، ومن حيث اشتمالها على الحكم قضية، ألن القضية مأخوذ من القضاء بمعنى الحكم، ولعلها من

تسمية الكل باسم الجزء لما أن القضية تتضمن الحكم، وتسمى من حيث كونها جزء الدليل مقدمة، ومن حيث تطلب بالدليل مطلوبا،

ومن حيث تحصل بالدليل نتيجة، ومن حيث إنها تقع في العلوم ويسأل عنها مسألة، فالذات واحدة واختالف العبارات عليها باختالف

فافهم..اتاالعتبار)( أي الصدق والكذب. 5)( أي كاألمر كقولك )اضرب( 6

90

وأما ما يحتمل الصدق والكذب ال لذاته بل لالزمه، كقولك ]اسقني الماء[ الدال

، فليس قولك(1)على ]أنا عطشان[ )اسقني ماء( خبرا كما هو ظاهر، بل

الزمه هو الخبر المحتمل للصدقوالكذب.

ويشتمل التعريف أيضا خبر الله تعالى وخبر رسوله عليه السالم، فإنه إنما قطع

ال بالنظر لذاته،(2)بصدقه بالنظر لقائله ودخل أيضا المقطوع بكذبه من األخبار

نحو الجزء أعظم من الكل، فإنه وإن قطع بكذبه فإنما هو لتحقق خالفه

بضرورة العقل. فالمقصود بقولنا ما احتمل الصدق لذاته،

أي بقطع النظر عن األدلة والبراهين أو الخارج، فأي خبر فهو محتمل لهما بهذا

االعتبار، وأما القطع بمضمونه، فإنما هو (3)ألمور خارجة عن نفس كونه خبرا.

)( داللة )اسقني ماء( على )أنا عطشان( بتوسط قرينة. وأما داللته1 على )أنا طالب الماء( أو )المخاطب مطلوب منه الماء( فبدونها، ألن كل إنشاء فإنه يستلزم لذاته خبرا من غير افتقار إلى قرينة.

وهذا معنى شريف فاحرص عليه، فلعلك تحتاجه في علم الكالم. )( أي لقيام الدليل القاطع على وجوب صدق الله تعالى واستحالة2

الكذب عليه، ووجوب صدق رسوله صلى الله عليه وسلم واستحالةالكذب عليه. كما هو معلوم في محله.

)( واذكر أن صدق القول وكذبه مطابقة حكمه للواقع وعدمها، وال3 حكم كما ترى في أي من اإلنشائيات والتقييديات. ألن الحكم إخبار

91

أقسام القضية: تقسم القضية إلى قسمين: األول

ة. ة والثاني الحملي رطي الش

فالشرطية: ما ليس طرفاها مفردين والما كانت في قوتهما، نحو قولك: ]كل

هار موجودا[، مس طالعة كان الن الش ،(1)ونحو قولك ]إن جئتني أكرمتك[

والشرطية منسوبة إلى الشرط وهوما[ و]إن[ في إرادة التعليق نحو ]كل

المثالين.

عن الواقع في نفس األمر بمنتسبين بنسبة خبرية تامة، ويسمى هذان المنتسبان طرفي النسبة، والموضوع والمحمول أيضا،

ذلك. وتسمى هذه النسبة بالحكمية ألنهاوبه وغير والمحكوم عليه مورد الحكم. وهي ليست بمتحققة في اإلنشائيات والتقييديات كما

تكلمنا عليه غير مرة. والحظ أن غير المركبات الخبرية ليست مخبرة عن الواقع في نفس األمر. ويسمى إخبار الواقع أداء له، وال

أداء في اإلنشائيات والتقييديات فاحفظ أن الحكم أداء للواقع في نفس األمر من طرفي النسبة، وهما الثبوت والوقوع في القضية الموجبة، واالنتفاء والالوقوع في السالبة. فتحصل عندك إن شاء

الله أن القضية قول مركب تام -أي يحسن السكوت عليه- يحتمل الصدق والكذب لذاته. وعرفت أن لها طرفين منتسبين بنسبة

حكمية. )( ال يفوتك أن ترى اشتمال كل طرف من طرفي الشرطيتين1

قضية حملية وهي: الشمس طالعة، والنهارعلى المذكورتين أكرمتك. وموجود، وجئت،

92

ة: ما كان طرفاها مفردين نحو والحملـي نحو ]زيد قام(1)]زيد قائم[، أو في قوتهما

في تأويل(2)أبوه[، فالجملة الواقعة خبرا مفرد، وسميت حملية ألن فيها حمل شيء وهو الطرف الثاني من الجملة

على شيء آخر وهو الطرف األول منها. أقسام القضية الحملية:

القضية فيها -كما قلنا- حمل أمر على أمر، أو نسبة أمر إلى أمر، كما تقول زيد

قائم، ونحن ال نغفل عن أن المنسوب إليه هنا يسمى موضوعا، والمنسوب

نفسه يسمى محموال، فزيد هنا موضوع،وقائم محمول.

)زيدـ)( ما هو في قوة المفرد مثل قولك ])زيد قائم( قضية[ ف1 قائم( ههنا موضوع القضية مركب لكنه في قوة المفرد، ألنه في

(، و)قضية( هو المحمول وهو من زيد وقائم)هذا المركبقولك قوة مفرد، فهذا مثال على قضية موضوعها في قوة المفرد، ومحمولها

مفرد. ومثال ما موضوعه مفرد ومحموله في قوة المفرد قولك: قام) فموضوع هذه القضية مفرد هو زيد، ومحمولها [زيد قام أبوه]

في قوة المفرد، ألنه في قوة )قائم األب(. ومثال القضية(أبوه المؤلفة من محمول وموضوع في قوة المفردين، قولك: ])زيد

قائم( )نقيض زيد ليس بقائم([، ألنه في قوة قولك: ]هذا )نقيض هذا([. واذكر دائما أن التركيب اإلضافي كقولنا )نقيض هذا( و)قائم

األب(، وكذلك التركيب الوصفي كقولنا )الحيوان الناطق( و)زيد القائم( و)العبد اآلبق(... إلخ كلها مفردات ال تحتاج إلى تأويل.

فافهم ذلك جيدا وانتبه إليه في القضايا والحدود. )( أي محموال، والمفرد الذي نتأوله ههنا هو المركب اإلضافي )قائم2

األب( كما مر. 93

والموضوع قد يكون جزئيا، أي ال يصدق إال على واحد مشخص، كقولنا: )زيد(

ن. فإذا كان الموضوع علما إلنسان معي جزئيا سمت القضية شخصية. فمثالالقضية الشخصية قولك: ]زيد قائم[.

وقد يكون الموضوع كليا، وال يخفى أن الموضوع إن كان كليا، فهو يصدق على

أفراد كثيرة، فقولنا مثال: ]اإلنسان يموت[، فالموضوع هنا هو اإلنسان الذييمكن أن يكون واحدا أو اثنين أو أكثر.

فكمية الموضوع هنا غير محددة، بل هي جميع ما يصدق عليه مفهومه أو بعض ما يصدق عليه مفهومه، أي إنه ال يحدد إن

كان جميع الناس يموتون أو إن كان بعضهم فقط هو الذي يموت، فالقضية

هنا أهملنا فيها كمية الموضوع المحكومعليه.

وبناء على التوضيح السابق، قسم المناطقة القضايا إلى قسمين: فهي إما

أن تكون شخصية أو كلية، والمقصود بالكلية ما كان موضوعها مفهوما كليا،

سواء كانت مسورة بسور جزئي أو كليأو مهملة عن السور.

94

والقضية الكلية كما هو واضح إما أن تكون مسورة بسور كلي كقولك: ]كل

إنسان ميت[ أو جزئي كقولك ]بعض اإلنسان ميت[ أو مهملة عن السور

كقولك: ]اإلنسان ميت[. فالسور الكلي هو المحيط بجميع

مصاديق المفهوم الكلي، والجزئي محيط ببعضه، والقضية المهملة أهمل فيها

اإلشارة إلى السور. (1)ثم القضية الكلية إما أن تكون مسورة

بسور كلي موجب، أو سور كلي سالب، أو بسور جزئي موجب أو بسور جزئي

سالب. فيتحقق بناء على ذلك أربعةأقسام للقضية الكلية.

مثال الكلية الموجبة: كل إنسان حيوان. مثال الجزئية الموجبة: بعض اإلنسان

كاتب. مثال الكلية السالبة: ال شيء من اإلنسان

بحجر. مثال الجزئية السالبة: ليس بعض

الحيوان بإنسان.

)( سميت المسورة بذلك تشبيها لها بالمدينة المحاطة بسور، ال1يخرج من أفرادها به شيء. وسور القضية بسورها.

95

ويمكن استعمال عبارات أخرى تعبر عن األسوار الكلية والجزئية: نحو كلمة ]جميع[ و]عامة[ في السور الكلي

الموجب، وكلمة ]فريق[ للسور الجزئي، وكلمة ]ال أحد[ للسور الكلي السالب،

وكلمة ]ليس كل[ للسور الجزئي.(1)السالب

)( حاصله أن األلفاظ التي يعبر بها عن السور )الكلي الموجب( هي1 كل لفظ أفاد ثبوت المحمول لكل فرد فرد من أفراد الموضوع،

ووذلك نحو: كل وجميع وأجمع وعامة أجمين والم االستغراق وطرا وقاطبة وكافة، وغيرها. وفي السور) السالب الجزئي(: كل لفظ

أفادنا سلب المحمول عن كل فرد من أفراد الموضوع، نحو: ال شيء من، وال واحد من، وال أحد وال فرد ونحوها من النكرات في

سياق النفي. وفي سور )اإليجاب الجزئي( كل لفظ أفادنا ثبوت المحمول لبعض أفراد الموضوع، نحو: بعض، وواحد من، واثنان من، فريق من، وطائفة من، وثلة من.. إلخ. وفي سور )السلب الجزئي(

كل لفظ أفادنا سلب المحمول عن بعض أفراد الموضوع، نحو: ليس بعض، وبعض ليس، وليس كل، وليس اثنان من، وليس فريق

من إلخ. وأما ليس ففيها بحث، فإنها تشتبه على الطالب ويظنون أنها للسور الجزئي الموجب. فاعلم أن ليس كل تدل على رفع اإليجاب الكلي

داللة مطابقية، وتدل على السلب الجزئي التزاما. ألنك إذا قلت كل حيوان فرس فمعناه ثبوت الفرسية لكل فرد من أفراد الحيوان.

ليستفإذا قلت ليس كل حيوان إنسانا. فقد رفعت ذلك الحكم، أي . وهذا هو المدلولالفرسية ثابتة لكل فرد من أفراد الحيوان

المطابقي. فهذه الحالة ال يثبت معها أن المراد السلب الكلي أم السلب الجزئي، ألنك إذا تأملت العبارة التي تحتها خط وجدتها صادقة بأن ال تكون الفرسية ثابتة ألحد من أفراد الحيوان، وهو

السلب الكلي. وصادقة بأن تكون الفرسية ثابتة للبعض منسلبة عن البعض. وهو السلب الجزئي. وأيا ما كان فقد تحقق السلب

الجزئي، ألنه إذا انسلب عن الجميع فقد انسلب عن البعض أيضا. إذا فليس كل يستلزم السلب الجزئي قطعا، ويحتمل معه السلب الكلي. فاقتصرنا على السلب الجزئي األعم، أخذا بالمحقق وتركا للمشكوك. وستتكرر معنا في هذا الكتاب حاالت مشابهة محتملة

نأخذ فيها بالمحقق ونترك المحتمل. واعلم أن األسوار األكثر استخداما هي ما أثبته الشارح في أمثلته وهي: كل، وال شيء من،

وبعض، وليس بعض أو بعض ليس. 96

والمناطقة يسمون حالة القضية الكمية، بـ]الكم[، ويسمون حالة القضية من حيث

النفي واإليجاب بـ]الكيف[. فالحاصل أن القضايا تكون أربعة من

حيث الكم، وهي شخصية، وكلية، ومهملة، وجزئية. ومن حيث الكيف سالبة

عنا احتماالت القضايا وموجبة. فلو وز فالناتج ثمانية. وهو حاصل ضرب أربعة

في اثنين، وهاك التفاصيل: شخصية موجبة: نحو زيد كاتب.

شخصية سالبة: نحو زيد ليس بكاتب. كلية موجبة: نحو كل إنسان حيوان.

كلية سالبة: نحو ال شيء من اإلنسانبحجر.

جزئية موجبة: نحو بعض اإلنسان كاتب. جزئية سالبة: نحو ليس بعض اإلنسان

بكاتب. مهملة موجبة: نحو الحيوان إنسان.

مهملة سالبة: نحو الحيوان ليس بإنسان.

97

فوصف القضية بأنها كلية أو جزئية أو مهملة، إنما هو بحسب صدقها على

مقدار األفراد المندرجة تحت المفهوم الكلي الذي هو موضوع وعنوان القضية،

فقولنا ]كل إنسان ميت[، يفهم منه صدق مفهوم الموت على كل ما يصدق عليه

مفهوم اإلنسان. فالتعامل يكون في هذه القضايا مع المصاديق، ال مع المفاهيم المجردة، ومعلوم أن المصاديق أفراد

98

موجودة في الخارج، وهي أمور متعينة، فالمنطق له مدخلية باألمور الخارجية من

حيث صدق قضاياه عليها. ولذلك فإننا يمكننا االستفادة من القواعد المنطقية

. (1)في اكتساب العلوم من هذه الجهة ويالحظ أن القضية المهملة من السور

كقولنا: ]اإلنسان ميت[، تحتمل مصداقين األول ]كل إنسان ميت[، والثاني ]بعض اإلنسان ميت[، واالحتمال الثاني مندرج

في األول، فالمقطوع باستفادته من القضية المهملة هو البعض ال الكل،

ولذلك يقول المناطقة ]إن المهملة في قوة الجزئية[، أي إن ما تفيدنا إياه على

سبيل القطع إنما هو نفس المعنى المستفاد من القضية الجزئية فهي إذن

. (2)في قوتها

حقيقة القضية الحملية وأجزاؤها: )( في هذا إشارة للرد على من يزعم أن المنطق مجرد علم تخيلي1

وال يمكن اإلفادة منه في ضبط العلوم وتحصيلها، لكونه شيئا نظريا محضا ال يمت بصلة إلى الواقع. فأجاب بما رأيت. وقوله )من هذه

الجهة( أي من جهة صدق قواعده على الخارج. )( ألنه إذا صدق أن كل إنسان ميت، فإنه يصدق قطعا أن بعض2

اإلنسان ميت. ولكن العكس غير صحيح. فنأخذ الصادقة على كل حال، وهي القدر المقطوع به من تردد المهملة بين المعنيين، أعني

القضية الجزئية: بعض اإلنسان ميت. 99

كل قضية تحقق فيها حمل أمر على أمر من دون توقف على شرط في حصول

الحمل ووقوعه، فإنها تسمى قضية حملية، ألن الحمل فيها متحقق بالفعل، وال يتوقف تحققه على تحقق سبب وال

شرط غير نفس تركيب القضيةاإلسنادي.

والقضية الحملية تتألف من ثالثة أجزاء: األول: الموضوع وهو المحكوم عليه،

بغض النظر عن ترتيبه وموقعه في الكالم، فإن أتى آخرا فال يضر، فإن

االعتبار في القضايا إنما هو المعاني ال األلفاظ، واألحكام أصال إنما هي المعاني ال األلفاظ، وحقيقة القول المنطقي إنما

هو المعنى ال اللفظ. وسمي موضوعا (1)تشبيها له بشيء وضع ليحمل عليه

كزيد من قولنا ]زيد قائم[ أو ]قام زيد[، فـ]زيد[ موضوع في المثالين، وإن كان

مؤخرا في الثاني. الثاني: المحمول وهو الـمحكوم به،

وسمي بذلك تشبيها له بالسقفالمحمول على الجدار مثال.

)( أي نصب ليحمل عليه غيره. 1100

الثالث: النسبة أي ثبوت المحمول للموضوع كثبوت القيام لزيد مثال،

ويسمى اللفظ الدال على النسبة باسم الرابطة، والرابطة إما غير زمانية ككلمة

في قولنا ]زيد هو قائم[، أو(1)]هو[ زمانية نحو ]كان[ في قولنا ]كان زيد

قائما[، ولم يذكر المصنف الرابطة لعدم لزومها في القضية إذ كثيرا ما يستغنى عنها في لغة العرب باإلعراب والرابط

. (2)اللفظي )( في كالم الشيخ مسامحة أو قوله كلمة جري على اصطالح1

النحاة. ألن الكلمة عند المنطقيين هي الفعل عند النحاة. و]هو[ التي هي الرابطة غير الزمانية إنما هي أداة على صورة االسم.

وكذلك القول في ]كان[ فهي أداة رابطة زمانية على صورة الكلمة. )( أي أن لغة العرب ال يحتاج فيها إلى أداة تعبر عن النسبة بين2

المحمول والموضوع كما هو في اللغة اإلنكليزية مثال، فإن الخبر عندهم ال بد فيه من أحد أفعال الكينونة لربط المحمول بالموضوع.

(. فإننا ننقلهاHe is a scholar( الرابطة الزمانية في قولهم: )isنحو ) إلى العربية بقولنا: هو عالم. مع أن الترجمة الحرفية لها هي: هو يكون عالما. ولكن هذه الترجمة غير صحيحة، كما أن ترجمتها إنه

عالم غير صحيحة، لخلو عبارتهم هذه عن التوكيد. وال أعلم فياإلنكليزية رابطة غير زمانية. =

=فقوله )باإلعراب( وهو في عرف النحاة تغيير حركات أواخر الكلمة لفظا أو تقديرا بتغير العوامل. والمقصود أن الرابط المعبر

به عن النسبة في لغتنا العربية هو حركات اإلعراب، بل حركة الرفع تحقيقا أو تقديرا ال غير. ألننا إذا قلنا ]زيد[ ]عالم[ كأننا نعد أشياء أي بال حركات اإلعراب، لم يفهم أحد من ذلك الربط وإسناد العالم إلى زيد. وأما إذا قلنا ]زيد عالم[ بالرفع، وكذا ]جاء زيد[ و]زيد قام[ فهم

اإلسناد. فدل ذلك على أن هذا القدر الزائد هو الدال على هذه النسبة. وإنما قلنا إنه منحصر في الرفع ألن المحكوم عليه منحصر في المبتدأ والفاعل ونائب الفاعل، وال تكون إال مرفوعة. واعلم أن

101

وتسمة القضية الحملية عند عدم الرابطة ثنائية لتركبها من جزأين، وعند ذكرك (1)الرابطة ثالثية لتركبها من ثالثة أجزاء.

القضية الشرطية: وهي القضية التي يوجد فيها حكم

بالتعليق، أي بربط إحدى القضيتين(2)باألخرى ، كقولنا ]كلما كان هذا إنسانا

كان حيوانا[. وتسمى قضية شرطية الشتمالها على

أداة الشرط. وتنقسم القضية الشرطية إلى قسمين:

المحكوم به منحصر في الخبر والفعل. وقوله )الرابط اللفظي( هو عين الحركة الظاهرة. فعطفه الرابط

اللفظي على اإلعراب هو من عطف الالزم على الملزوم. فليتأمل. ألن الرابط الذي هو الحركة الزم لإلعراب لفظا فيما آخره حرف

صحيح مثال أو في حكم الصحيح في تحمل الحركات الثالث.. إلخ؛ أو تقديرا في نحو األسماء المقصورة وغيرها مما هو مبين في كتب

النحو. ونسب الرابط إلى اللفظ مع أنه يكون مقدرا تغليبا لألصل،ألن األصل عدم التقدير.

)( فإن ذكرت جهة القضية سميت رباعية األجزاء. وال تسمى إذا1 أضيف لها السور خماسية ألن معنى السور ليس الزما للقضية. وأما

جهة القضية وهي اللفظ الدال على كيفية نسبة القضية في نفس األمر. فلم يتعرض لها األصل وال الشرح، فالكالم فيها ال يناسب

الكتاب. )( عبر بالربط لتدخل القضية المتصلة المتضمنة أداة شرط، ولتدخل2

القضية المنفصلة المتضمنة أداة عناد. 102

األول: شرطية متصلة، كقولنا: ]كلما كان هذا إنسانا كان حيوانا[، وقولنا: ]كلما كان

اإلنسان ناطقا، كان الحمار ناهقا[، وسميت بالمتصلة التصال طرفيها، أي اجتماعهما في الوجود، وعدم تعاندهما

فيه، فليس وجود أحدهما مانعا من وجوداآلخر.

الثاني: شرطية منفصلة، كقولنا ]العدد إما زوج أو فرد[، فهذه القضية شرطية

منفصلة النفصال طرفيها وتعاندهما لعدماجتماعهما في الوجود.

والقضية الشرطية تتألف من جزأين األول يسمى ]مقدم[ والثاني يسمى

]التالي[.حقيقة الشرطية المتصلة:

هي القضية التي توجب التالزم والتصاحب بين الجزأين ]المقدم والتالي[ في الوجود لزوما بأن كان لعالقة أو بأن

(1)كان ال لعالقة، وحتى لو كان اتفاقا. ناطقا، كان الحمار ناهقا[، إذ تالحظ أنه ال عالقة بين كون اإلنسان )( يمكنك أن تتصور االتفاق من مثاله السابق ]كلما كان اإلنسان1

ناطقا وكون الحمار ناهقا. فال تالزم بينهما البتة. ولكن هذه الشرطية المتصلة صحيحة. ألنه ال يشترط لصحتها وجود عالقة بين الالزم والملزوم، فيكفي فيه مجرد فرض صدق التالي على تقدير

صدق المقدم لمحض اتفاق أن جزأيها وجدا معا كما ههنا. وهذا بخالف ما لو قلت: ]إذا كانت الشمس طالعة، فالنهار موجود[ فإن ثمة عالقة واضحة بين الالزم والملزوم. فاالتفاقية إذا هي القضية

التي حكم فيها بصدق التالي على تقدير صدق المقدم، وليس103

حقيقة الشرطية المنفصلة: هي القضية التي اقتضت تنافرا وتعاندا

بين الجزأين في الصدق أو في الكذب أوفيهما معا.

وأقسام الشرطية المنفصلة ثالثة: األول: مانعة جمع وهي قضية تمنع الجمع

بين طرفيها فال يجتمعان في الوجود ويمكن ارتفاعهما، وتتركب من الشيء واألخص من نقيضه كقولنا ]هذا الشيء

، فالسواد والبياض(1)إما أسود أو أبيض[ ال يجتمعان في المحل الواحد، ويمكن

ارتفاعهما بأن يوجد في المحل لون آخر. الثاني: مانعة خلو، وهي قضية تمنع الخلو

عن طرفيها فال يمكن ارتفاعهما ويمكن تنقسم إلى اتفاقية وقد عرفتها، وإلى لزومية: وهي التي حكم فيها لعالقة توجب ذلك، بل لمجرد صدقهما. وعليه فالشرطية المتصلة بصدق التالي على تقدير صدق المقدم لعالقة توجب ذلك، وهي ما

بسببه يستلزم المقدم التالي، كالعلية والتضايف. أما العلية فبأن يكون المقدم علة للتالي كقولنا: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، أو يكون التالي علة للمقدم كقولنا: إن كان النهار موجودا

فالشمس طالعة. أو يكون المقدم والتالي معلوال علة واحدة. كقولنا: إن كان النهار موجودا فالضوء منتشر على األرض. واما التضايف فبأن يكون المقدم والتالي بحيث يكون تعقل أحدهما

بالقياس إلى اآلخر، كقولنا إن كان زيد أبا لعمرو فعمرو ابنه. ألن تعقل كل واحد من المتضايفين يتوقف على تعقل اآلخر. وهو ما

يسمونه بالدور المعي. )( قوله )من الشيء واألخص من نقيضه( مثل عليه بقوله: ]هذا1

الشيء إما أسود أو أبيض[، األسود هو الشيء، ونقيضه الالأسود. فاألبيض أخص من نقيض األسود وهو الالأسود. ألن الالأسود يعم

األبيض وجميع األلوان األخرى باستثناء األسود. 104

اجتماعهما وتتركب من الشيء واألعم من نقيضه كقولنا: ]هذا إما غير أسود أو

فيمكن اجتماعهما في(1)غير أبيض[ األحمر وال يمكن ارتفاعهما بأن يكون

أسود وأبيض معا. الثالث: مانعة جمع وخلو، وهي قضية

تمنع الجمع والخلو معا فال يمكن اجتماع طرفيها وال يمكن ارتفاعهما، وتتركب من الشيء ونقيضه كقولنا هذا العدد إما زوج

أو فرد، فال يمكن اجتماع الزوجية والفردية في العدد المعين وال يمكن

ارتفاعهما عنه. وهذه القضية هي الممثلة الحقيقية

للتعاند، ألن التعاند متحقق بين الطرفين في الصدق والكذب بخالف ما قبله فإنه

)( قوله )الشيء واألعم من نقيضه( ومثل عليه بقوله: ]هذا إما غير1 أسود أو غير أبيض[. فالشيء هو ]غير األسود[، واألعم من نقيضه

هو غير األبيض. ألن نقيضه هو األسود، وغير األبيض أعم من األسود، ألنه يصدق على األسود وغيره. قوله )فيمكن اجتماعهما

في األحمر( ألن األحمر غير لألسود وغير لألبيض في آن واحد. قوله )وال يمكن ارتفاعهما بأن يكون أسود وأبيض معا( ألن ارتفاع غير

األسود هو نفيه، ويصدق نفي غير األسود عند إثبات األسود، وكذلك رفع غير األبيض يكون صادقا عند إثبات األبيض. فكون الشيء أسود

وأبيض معا من مصاديق ارتفاع مقدم هذه المنفصلة وتاليها معا. ولكن األسود واألبيض ضدان ال يجتمعان في محل واحد على

االستحالة، ولذا قال ال يمكن ارتفاعهما، ألن ارتفاعهما يعني ثبوتضدين في محل واحد وهو محال. 105

في أحدهما فقط، وهذه القضية أخص.(1)من كال النوعين اللذين قبلها

ناقض[ ]فصل في التــ

)( قول الناظم )ما احتمل الصدق( ولم يقل والكذب لالكتفاء وتعليم1 األدب في التعبير. وقوله )والثاني( أي الحملية التي تعرض

لتقسيمها هنا: كلية وشخصية. وقوله )واألول( أي الكلية إما مسورة أو مهملة السور. وقوله )واآلخر( بكسر الخاء أي المتأخر ال بفتحها

بمعنى المغاير. والمراد اآلخر في الرتبة وإن ذكر أوال فإنه يبقى محموال كما بينه الشارح الفاضل من أنه ال عبرة في تحديد

الموضوع والمحمول بالتقديم والتأخير الذكري بل بالمعنى. وقوله )ومثلها( مجرور عطفا على مدخول إلى أي وإلى مثلها. وقوله )دون

مين( أي دون كذب. وقوله )أفسامها( أي ذات االنفصال يعني المنفصلة وقوله )أو هما( أي مانعهما أي الجمع والخلو. ولم يبين الناظم أقسام الشرطية المتصلة والمنفصلة، وال أسوارهما كما

في المطوالت،مذكور فعل في الحملية تقريبا للمبتدي، وذلك وجرى الشارح على ذلك، ولكنه ربما أشار إلى بعض أسورهما في

بعض أمثلته. فلنذكر ههنا األلفاظ المستخدمة في تسوريهما وال نزيد. سور اإليجاب الكلي في المتصلة هو كلما، ومهما، ومتى؛ وفي

المنفصلة دائما. وسور السالبة الكلية فيهما ليس البتة بهمزة في أولها أو بألف، كالهما فصيح. وسور الموجبة الجزئية فيهما قد يكون،

وسور السالبة الجزئية فيهما قد ال يكون. وأيضا يمكن التعبير عن السلب الجزئي بإدخال حرف السلب على سور اإليجاب الكلي، نحو

ليس كلما، وليس مهما، وليس متى في المتصله، وليس دائما في المنفصلة. فمثل لها من عندك تجدها سهلة إن شاء الله. وبهذا

القدر كفاية لمن وعى، فلنشرع اآلن في أحكام القضايا. 106

التناقض هو حكم من أحكام القضايا، ولذلك شرع في بيانه بعد أن انتهى من

. (1)شرح وتعريف أنواع القضية وللقضايا أحكام منها التناقض ومنها العكس : العكس المستوي وعكس

النقيض. ويستفاد من هذه األحكام في البراهين، وللتحقق من صدق بعض

القضايا. ولذلك فإن المناطقة يشرحون أحكام القضايا قبل الخوض في بيان

البراهين واألقيسة الحتياج هذه إليها. قال:

63

]تـناقض خلفتـــين فـي ـ القضي

كـيف وصدق واحد أمرقـفي

64

ة أو فإن تــكن شخـصيمـهـمـلـة

فـــنـقضها بـــالـكـيفأن تـبد لـه

65

وإن تــكن محصورةور بــــالس

فانـقض بـضد سورهاالمذكور

66

فإن تكن موجــبـةة ـ ي ـ كــل

نــقيضــها سالبةة ـ جـزئـــي

)( وذلك ألن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، كما عرفت مما1 مر. فكان ال بد من تصور القضية بما يكفي لتجري عليها أحكام

النقض والعكس. 107

67

ة ـ ـي ـ نـقيضـها موجــــبـةوإن تكن سالبة كــلجــزئـــيـة[

أقول: التناقض لغة: هو وضع الشيءورفعه. أي إثباته ونفيه.

واصطالحا: هو اختالف القضيتين في الكيف ]اإليجاب والسلب[، ويلزم صدق

. (2)واحدة منهما فقط فال يسمى اختالف المفردين من حيثالكيف بالتناقض، نحو ]زيد[ و]ال زيد[.

وكذلك فإن اختالف القضيتين في الكم كما في الكلية والجزئية ال يسمى تناقضا، نحو ]كل إنسان حيوان[، ]بعض اإلنسان

حيوان[. وال إذا اختلفتا في الموضوع نحو ]زيد

قائم[، ]عمرو قائم[. وال إذا اختلفتا في المحمول نحو ]زيد

قائم[، ]زيد جالس[. وخرج بالتعريف القضيتان اللتان ال يلزم

صدق واحدة منهما فقط، بل يجوز )( خرج باختالف القضيتين اختالف المفردين، وبقوله )في الكيف(2

االختالف في الكم، وبقوله )فقط( االختالف في الموضوع فقط، اختالفوقوله واالختالف في المحمول فقط، وخرج بالتعريف كله

القضيتين كل قضيتين يمكن أن تصدقا معا أو تكذبا معا. 108

صدقهما معا نحو ]بعض الحيوان إنسان[، وقولنا ]بعض الحيوان ليس بإنسان[،

وكذلك القضيتان اللتان يجوز كذبهما معا نحو ]كل حيوان إنسان[ وقولنا ]ال شيء

من الحيوان بإنسان[. وأما شرح نقائض القضايا بحسب

التفصيل، فهو كما يأتي: القضية الشخصية: يستخرج نقيضها

بتبديل الكيف فيها، نحو ]زيد قائم[، ]زيدليس بقائم[.

القضية المهملة: يستخرج نقيضها بتبديل الكيف فيها، نحو ]اإلنسان حيوان[،

]اإلنسان ليس بحيوان[. كذا قال الناظم، والصحيح أن نقيض المهملة كلية تخالفها في الكيف، ]فنقيض اإلنسان حيوان[، ]ال

.(1)شيء من اإلنسان بحيوان[ القضية المسورة: نقيضها بأن تأتي بضد

سورها بعد تبديل كيفها. فنقيض الموجبة الكلية: نحو ]كل إنسان

حيوان[، سالبة جزيئة نحو ]ليس بعضاإلنسان بحيوان[.

)( لما مر من أن المهملة في قوة الجزئية وهو ما سيقرره الناظم1نفسه في العكس، وأن نقيض الجزئية كلية تخالفها في الكيف.

109

ونقيض السالبة الكلية: نحو ]ال شيء من اإلنسان بفرس[، موجبة جزئية نحو

. (1)]بعض اإلنسان فرس[

)( ولم ينص على نقيض الموجبة الجزئية والسالبة الجزئية، وكذلك1 لم يمثل للنقيض السالبة الشخصية وال المهملة السلبية ألن كل ذلك مذكور ضمنا فيما ذكره. ألن التناقض عملية تبديلية كما يقولون في

الرياضيات الحديثة. أي أنه إذا كان نقيض القضية ]أ[ هو القضية ]ب[، فإن نقيض القضية ]ب[ وهو القضية ]أ[. ولذلك تسمى

القضية ]أ[ و القضية ]ب[، متناقضتان أو نقيضتان. وأول حكم يجب أن يتبادر إلى ذهنك عند رؤية النقيضتين أنهما ال تصدقان معا وال

هما فقط صادقة واألخرى كاذبة قطعا. فإذااحدإتكذبان معا، أي أن برهنت على صدق إحداهما أو كانت بديهية الصدق، فنقيضتها كاذبة

بالضرورة، وإذا برهنت على كذب إحداهما أو كان كذبها معلوما بالضرورة، فنقيضتها صادقة قطعا وبال توقف. فاحفظ هذا، واعتن

بتطبيقه ومالحظته. 110

]فصل في العكس المستــوي[

العكس لغة التبديل والقلب، والعكس من أحكام القضايا كما سبق كالتناقض، وهو

نوعان عكس مستوي وعكس نقيض، وعكس النقيض قسمان عكس نقيض

. والناظم اقتصر على(1)موافق، ومخالفبيان العكس المستوي. قال:

68

]العكس قـلب جزأية القضي

مع بـــقاء الصدقة والكـــيــفـي

69

والكم إال الموجبة ـ ي ـ الكـل

فعوضوها الموجب الجــزة ـ ئـــــي

70

والعــكــس الزم لـغـير ماوجد

ـتـــين به اجــتـماع الخسفاقـتـصد

71

ب والعــكــس في مر تبع بالطـ

ب بـالوضع[ و ليس في مر ت

)( واعلم أنه إذا أطلق العكس فإن المقصود العكس المستوي.1فينبغي إذا أردت أي تتكلم عن أي عكس آخر أن تقيده ليعلم.

111

اصطالحا: قلب جزئي القضية(1)العكس بأن يجعل الموضوع محموال والمحمول

موضوعا في الحملية، وبجعل المقدمتاليا التالي مقدما في الشرطية المتصلة.

(2) قواعد العكس:

األولـى: بقاء الصدق في العكس، أي إن. (3)كان األصل صادقا لزم صدق العكس (4)الثانية: بقاء الكيف، فإن كان األصل

موجبا فالعكس موجب وإن كان سالبافسالب.

الثالثة: بقاء الكم، فإن كان األصل كليا، فالعكس كلي، وإن كان جزئيا فجزئي، إال

)( العكس لغة: رد آخر الشيء إلى أوله. 1 )( قيد الشرطية بالمتصلة، ألن المنفصلة ال تنعكس، أو باألحرى لو2

عكستها فإنك ال تستفيد شيئا، ألنها تبقى عين القضية، فقولك العدد إما زوج أو فرد، هو عين قولك العدد إما فرد أو زوج. ومثلها

الشرطية المتصلة االتفاقية، فال عكس لها لعدم فائدته. المسكر خمر صادقة. وال يؤخذ من كالمه أنه إذا كانت القضية كاذبة )( مثاله قولنا كل خمر مسكر، فهذه صادقة، فعكسها وهو بعض3

فيلزم أن عكسها أيضا كاذبة. فإنك ال تأمن أن يكون عكسها صادقا، ذبة، ولكن عكسها بحسبانحو قولنا: كل حيوان إنسان، فهذه ك

القواعد هو بعض الحيوان إنسان. وهي صادقة. إذا توضح هذا فاعلم أنه اعتبر بقاء الصدق ولم يعتبر بقاء الكذب، ألن العكس من لوازم

بعض القضايا، فالقضية األصل ملزوم، وعكسها الزم لها. وال يلزم من كذب الملزوم كذب الالزم أو صدقه، بل ربما اتفق كذبه أو

صدقه. ولكن يلزم من صدق الملزوم صدق الالزم قطعا. واعلم أيضا أنه يلزم من كذب الالزم كذب الملزوم قطعا، ولكن ال يلزم

من صدق الالزم صدق الملزوم أو كذبه، فربما يتفق أن يكون الملزوم كاذبا كما في مثالنا، وقد يكون صادقا أحيانا. فاحفظ هذهالقواعد، واعتن بها فلسوف تفيدك في العلوم األخرى كثيرا.

انعكست موجبة، وإذا كانت سالبة انعكست سالبة. )( مراده باألصل القضية التي يراد عكسها. فإذا كانت موجبة4112

في الموجبة الكلية فال يبقى فيها الكم بل ، نحو ]كل إنسان حيوان[(1)تنعكس جزئية

فعكسها ]بعض الحيوان إنسان[، ونحو ]كلما كان هذا إنسانا كان حيوانا[

فعكسها ]قد يكون إذا كان هذا حيوانا كان إنسانا[. فال يبقى فيهما الكم، بل تعكسهما جزئيتين كما رأيت، وال يصح عكسهما كليتين، ألن المحمول األعم

يثبت لجميع أفراد الموضوع األخص، وال يثبت ذلك الموضوع إال لبعض أفراد ذلك

المحمول األعم، وكذا المقدم األخص يستلزم التالي األعم كليا، وال يستلزم

واألمثلة ستأتي. (2)األخص إال جزئيا. حاله عند عكس الموجبة الكلية لم تأمن أن يكون العكس كاذبا. )( ألنه إذا كان المحمول أعم من الموضوع، فإذا تركت الكم على1

وفي مثاله: ]كل إنسان حيوان[ فعكسها ]بعض الحيوان إنسان[، فلو أبقيت الكم فقلت: ]كل حيوان إنسان[ فهذه كاذبة، ومحال أن يكون عكس الصادقة كاذبة، ألن الزم الصادقة صادقة كما مر. ولو

قلت ]كل إنسان ناطق[ وعكستها مبقيا الكم صارت ]كل ناطق إنسان[. وهي صحيحة ألن المحمول ليس بأعم من اإلنسان بل هو

مساو له. فلما كنا ال نأمن أن يكون المحمول أعم من الموضوع في الموجبة الكلية، وأردنا أن نأتي بقاعدة لعكس كل موجبة كلية بال

استثناء، اكتفينا بالقدر المقطوع به من صدق الموضوع على المحمول، وهو البعض دون الكل. ألن البعض صادق على كل حال. فصار عكس الموجبة الكلية موجبة جزئية صحيحا دائما. وللذكي أن يستخلص من هذا الكالم قاعدة تقول: ال يصدق حمل األخص على

األعم كليا، فال يصدق نحو كل حيوان إنسان. فهذا تطبيق كالمه على الحملية، ونفس الكالم يقال عند تطبيقه على الشرطية، مع إبدال الموضوع بالمقدم، والمحمول بالتالي،

وكل للسور الكلي في الحملية بكلما للسور الكلي للشرطية، وبعض للسور الجزئي في الحملية بقد يكون للسور الجزئي في

الشرطية. )( اعلم أن إثبات األعم ال يلزم منه ثبوت األخص وال انتفاؤه. كقولك2

هذا حيوان فإنه ال يلزم منه أن يكون إنسانا أو ال يكون، وأما نفي113

اعلم أن القضايا شخصية وكلية وجزئية ومهملة، وهي موجبات أو سوالب،

فالموجبات األربع تنعكس إلى موجبةجزئية.

فقولك: ]زيد حيوان[ عكسه ]بعضالحيوان زيد[.

وقولك: ]كل إنسان حيوان[ أو ]بعض اإلنسان حيوان[ أو ]اإلنسان حيوان[،

عكس هذه الثالثة ]بعض الحيوانإنسان[.

والسوالب ال ينعكس منها إال الكلية، نحو ]ال شيء من اإلنسان بحجر[، وعكسها

كنفسها، وهو ]ال شيء من الحجربإنسان[.

والشخصية نحو ]ليس زيد بحجر[ وعكسها كلية نحو ]ال شيء من الحجر بزيد[. وهذا إذا كان محمولها كليا. فإن

كان محمولها جزئيا انعكست كنفسها نحو

األعم فإنه يلزم منه انتفاء األخص قطعا، كقولك ليس هذا حيوانا، فإنه يلزم منه قطعا أنه ليس بإنسان. وإثبات األخص يلزم منه ثبوت

األعم قطعا. كقولك هذا إنسان، فإنه يلزم منه أنه حيوان قطعا، ولكن نفي األخص ال يلزم منه ثبوت األعم وال انتفاؤه، كقولك ليس هذا إنسانا، فإنه ال يلزم منه أنه حيوان أو أنه ليس بحيوان. فافهم

هذه القواعد واحفظها فإنها نافعة جدا. وإذا فهمت هذه القواعد فإنك ستعرف معنى قوله: )وكذا المقدم األخص يستلزم التالي

األعم كليا، وال يستلزم األخص إال جزئيا(. 114

]ليس زيد بعمرو[ فعكسها ]عمرو ليسبزيد[.

شروط العكس: والعكس صحيح في جميع القضايا والزم

لها دائما بالصورة السابقة إال في القضاياالتالية:

أوال: التي وجد فيها الخستان، وهما السلب والجزئية، نحو ]بعض الحيوان

ليس بإنسان[، فال عكس لها، ألنه يصح سلب األخص عن بعض أفراد األعم، وال

يصح سلب األعم عن بعض أفراد األخص، فيصدق قولنا ]بعض الحيوان ليس

بإنسان[، وال يصدق ]بعض اإلنسان ليسبحيوان[.

ثانيا: المهملة السلبية، كقولنا ]الحيوان ليس بإنسان[، فإنه صادق، وال يصدق

عكسه وهو ]اإلنسان ليس بحيوان[، لما تقدم من صحة نفي األخص عن بعض

أفراد األعم وعدم صحة نفي األعم عن بعض أفراد األخص. فالسبب في عدم العكس فيها هو أنها في قوة الجزئية،

فكما ال تنعكس الجزئية السالبة الجتماع الخستين فيها فكذلك ال تنعكس المهملة

115

السالبة. ألنها في قوتها فكأنه اجتمع فيهاالخستان.

ثم إن العكس ال يكون إال في الحمليات والشرطيات المتصلة، كما تقدم تمثيل

ذلك، فيشترط إذن في صحة العكس أن يكون في قضية مرتبة بالطبع ال بالوضع،

والترتيب الطبيعي ما اقتضاه المعنى بحيث يتغير بتغيره، أال ترى أن معنى

القضية الحملية ثبوت مفهوم المحمول ألفراد الموضوع، فإذا غير ترتيبها أفادت ثبوت مفهوم الموضوع ألفراد المحمول.

ومعنى الشرطية لزوم التالي للمقدم، فإذا غير الترتيب أفادت لزوم المقدم

للتالي، هذا هو المرتب بالطبع. وأما المرتب بالوضع فهو الشرطية

المنفصلة ألن ترتيبها ذكري، بحيث ال يتغير معناها بتغير طرفيها، فقولك: ]العدد إما زوج أو فرد[، لو قدمت فيه الثاني على األول وقلت ]العدد إما فرد أو زوج[ ال

يتغير معناه، فعلم أن الترتيب إنما هو فيمجرد الوضع والذكر.

تعريف بعكس النقيض:

116

وهو ينقسم إلى قسمين: األول عكسالنقيض الموافق:

وهو تبديل كل من الطرفين بنقيض اآلخر مع بقاء الكم والكيف، فقولنا ]كل إنسان

حيوان[ عكس نقيضه الموافق ]كل ما ليس بحيوان هو ليس بإنسان[، ويسمى

موافقا لموافقة األصل للعكس في الكيف.

الثاني: عكس النقيض المخالف: وهو تبديل األول بنقيض الثاني والثاني

بعين األول، مع االختالف في الكيف، فقولنا ]كل إنسان حيوان[، عكس نقيضه

المخالف ]ال شيء مما ليس بحيوان إنسان[، وسمي مخالفا لمخالفة العكس

لألصل في الكيف.

117

]باب في القــياس[

إن القياس من أهم المباحث في علم المنطق، فبالقياس يتم البرهان، وكل ما

مضى من المباحث كان مجرد مبادئ للوصول إلى تركيب القياس، وأركانه.

قال:

72

]إن القياس من قضاياصورا

مســـتـلزما بالذات قوال آخرا

73

ثــم القياس عندهمقسمان

فمنه ما يدعى باالقتـراني

74

وهو الذي دل علىالنتيجة

ة ـ بقوة واختـــص بالحمــلـي

75

با مـقـدماته على ما وجبافإن ترد تركيـبه فرك

76

ب المقدمات ـ ور توانـظرا

صحيحها من فاسد مخـتـبـرا

77

بحسب المقدمات آتفإن الزم المقدمات

فيجب اندراجها في الكـبرى وما من المقدمات7118

صغرى879

وذات حد أصغرصغراهما

وذات حد أكـبـر كبراهما

80

ووسط يلغى لدى اإلنـتـاج[وأصغر فذاك ذو اندراج

تعريف القياس: أقول: القياس عبارة عن قول من قضايابت تركيبا خاصا بحيث تستلزم لذاتها رك

قوال آخر. فالمفرد ليس بقول، فهو ليس بقياس،

فالقول عند المناطقة هو المركب. وبالتركيب من القضايا تخرج القضية الواحدة، والمراد بالقضايا قضيتان أو

أكثر، ليشمل القياس البسيط وهو المركب من مقدمتين، كقولنا: ]العالم

متغير، وكل متغير حادث[، والقياس المركب من أكثر من مقدمتين، كقولنا:

اش آخذ للمال خفية، وكل آخذ للمال ]النبخفية سارق، وكل سارق تقطع يده[.

119

وأما القول المركب من القضايا التي ال تستلزم لذاتها قوال آخر، فليس قياسا

أيضا، وقد يكون عدم إنتاجه لعدم تكرر الحد الوسط، كقولنا : ]كل إنسان

حيوان، وكل فرس صهال[، وكالقضيتين المركبتين من ضرب عقيم ال ينتج،

كقولنا:]ال شيء من اإلنسان بحجر، وكل حجر جسم[، فهذا ال يستلزم شيئا لعدم إيجاب الصغرى كما سنبين في أضرب

القياس المنتجة والعقيمة. والمقصود من القياس هو القول المنتج لذاته، فال يدخل فيه ما يستلزم قوال آخر ال لذاته كقياس المساواة، وهو المركب

من قضيتين متعلق محمول إحداهما موضوع األخرى، كقولنا:]زيد مساو

لعمرو، وعمرو مساو لبكر[، فإنه يستلزم ]زيد مساو لبكر[، ولكن هذا االستلزام ليس لذات القياس بل بواسطة صدق

مقدمة أجنبية وهي أن ]مساوي المساوي ، أال ترى(1)لشيء، مساو لذلك الشيء[

)( الدليل على أن :]زيد مساو لعمرو، وعمرو مساو لبكر[ قضيتان1 هما أن زيدا مساو لبكر، هو أنه لو لم تصدق أنيال يستلزمان لذات ]مساوي المساوي لشيء، مساو لذلك الشيء[ لم يلزم أن زيدا

مساو لبكر. ومعنى ذلك أن استلزام هاتين القضيتين لقول آخر هما، بل هو موقوف على صدق قضية أخرى أجنبية عنهما.يليس لذات

ولذلك قال المحقق الشارح، )أال ترى أنك لو قلت ]اإلنسان مباين للفرس، والفرس مباين للناطق[، لم يلزم = =منه أن

120

أنك لو قلت ]اإلنسان مباين للفرس، والفرس مباين للناطق[، لم يلزم منه أن

]اإلنسان مباين للناطق[، ألن مباين المباين للشيء ال يلزم أن يكون مباينا

. (1)لذلك الشيء والقول اآلخر الذي ينتجه القياس المراد

به النتيجة، فإنها قول مغاير لقضيتي القياس، فيخرج به القضيتان

المستلزمتان إلحداهما كقولنا: ]زيد قائم، وعمرو جالس[، فهاتان القضيتان

]اإلنسان مباين للناطق[، أي مع أن القياس يبدو ألول وهلة صحيحا، إال أنه ليس قياسا ألن مقدمتيه ال تستلزمان لذاتهما قوال آخر، بل

يتوقف ذلك على صحة مقدمة أجنبية وهي أن مباين المباين للشيء . فافهم.ءمباين لذلك الشيء، وهي كاذبة، فلم يلزم منهما شي

والذي أراه هو أن قياس المساواة والمباينة في هذين المثالين ليس قياسا صحيحا ألمر آخر أهم مما يمثل بهما عليه ههنا تقريبا للمفهوم

فأقول إن صورة القياس ليستعلى تسليم صحة القياس صورة؛ أن الحد الوسط فيه لم يتكرر. ولو تكرر الستلزمتصحيحة أصال ل

القضيتان لذاتهما قوال آخر. أال ترى أنك لو قلت: ]زيد مساو لعمرو، والمساوي لعمرو مساو لبكر[ أنه يلزم عنهما ان زيدا مساو لبكر. وكذا لو قلت مثال: ]اإلنسان مباين للفرس، وبعض المباين للفرس

ناطق[ أنه يلزم عنهما أن ]بعض اإلنسان ناطق[. 1 )( ألن مباين مباين الشيء ال يعلم إذا كان مباينا للشيء أو مساويا

له. أال ترى أنك إذا قلت القاتل مباين لزيد، وزيد مباين لعمرو، لميلزم من ذلك أن القاتل ليس عمروا وال أن عمروا هو القاتل.

121

(2)يستلزمان إحداهما وال يسميان قياساألن إحداهما ليس قوال آخر.

م استلزم النتيجة والقياس متى سـل سواء كان صادقا، كما مر أو كاذبا كقولنا: ]كل إنسان حمار، وكل حمار صهال[ فإنه

م أن ]كل إنسان يستلزم بحيث لو سل صهال[. وإنما وجب قولنا ذلك ألن التعريف يجب صدقه على القياس

الصادق والكاذب كالسفسطة. أقسام القياس:

القياس قسمان: األول اقتراني، والثانيشرطي.

القياس االقتراني: وسمي باالقتراني القتران الحدود فيه

وعدم فصلها بأداة استثناء كقولنا: ]العالم متغير، وكل متغير حادث[، والقياس االقتراني هو الذي دل على النتيجة

)( يعني بالقضيتين مجموع القضيتين، فإنهما من حيث ما هما2 مجموع فإنهما يستلزم مجموعهما إلحداهما أي لكل واحدة منهما

على حدته. وهذا من استلزام الكل من حيث ما هو كل لجزئه. ألن الكل موقوف على الجزء، فحصول الكل يستلزم حصول الجزء

قطعا. وفي مثاله، فإن مجموع ]زيد قائم، وعمرو جالس[ يستلزم أن زيدا قائم، وكذا يستلزم أن عمروا جالس. وأنت ترى أن كل

الزم منهما ليس بقول آخر غيرهما. واعلم أن لزوم القول اآلخر عن قولين يتطلب أن يكون لكل قول منهما دخال في حصول ذلك القول اآلخر. وههنا ال يجوز اعتبار ]زيد قائم[ مثال الالزم عن هذا المجموع، قوال آخر، إلنه ال مدخلية لقولك ]عمرو جالس[ في حصوله. بل إنك

لو حذفته من أصله بقي ]زيد قائم[ حاصال. 122

بالقوة بأن كانت فيه متفرقة األجزاء. أال ترى أو قولنا ]العالم متغير، وكل متغير حادث[ يدل على النتيجة وهي ]العالم

حادث[، لكن بالقوة، بمعنى أن أجزاءها متفرقة فيه، ألن موضوعها موضوعالصغرى ومحمولها محمول الكبرى. وال يركب القياس االقتراني إال من

القضايا الحملية، وال يستعمل فيه القضايا الشرطية. كذا قال الناظم، ولكن هذا

رأي مرجوح، والصحيح أن القياسف من القضايا الحمليات االقتراني يؤل

كما تقدم، ومن القضايا الشرطيات كقولنا ]كلما كانت الشمس طالعة، كان النهار موجودا، وكلما كان النهار موجودا كانت األرض مضيئة[، فينتج ]كلما كانتالشمس طالعة كانت األرض مضيئة[.

ويركب القياس من مقدماته على الوجه الذي وجب تركيبه عليه من اإلتيان

بوصف جامع بين طرفي النتيجة، وهو الحد المكرر، وبه حصلت المقدمتان

إحداهما مشتملة على موضوع النتيجة أو مقدمها، واألخرى على محمولها أو تاليها،

123

ومن اندراج األصغر تحت األوسط فياالقتراني كما سيأتي.

ب المقدمات بأن تقدم الصغرى ثم ترت منها وهي المشتملة على موضوع

النتيجة، أو مقدمها، على الكبرى وهي المشتملة على محمولها أو تاليها، ويكون ذلك على الوجه الخاص ككون الصغرى موجبة، والكبرى كلية في الشكل األول

مثال. ويالحظ استعمال مقدمات صحيحة، من حيث النظم فال يصح استعمال مقدمتين

سالبتين وال مقدمتين جزئيتين، إذ ال إنتاج لسالبتين أو جزئيتين، ومن جهة المادة

بأن كانتا كاذبتين أو إحداهما كاذبة. ويجب اختبار المقدمات باالستدالل عليها إن

كانت نظرية هل هي يقينية أو ال. واعلم أن النتيجة تأتي بحسب المقدمات،

فإن كانت المقدمات صحيحة صادقة كانت النتيجة صادقة، وإن كانت

المقدمات فاسدة أو كاذبة لم يلزم صدق النتيجة بل تضطرب فتصدق تارة وتكذب

(1 )أخرى.

وهذا هو مقصودهم باالختالف الموجب للعقم، فالقضية العقيمة)( 1 هي التي ال يقطع بصدقها دائما، بل تصدق أحيانا وتكذب أحيانا أخرى، فعندئذ ال يكون صدقها مطردا فال تصلح قاعدة عامة، وحين

124

مثال: إذا قلنا: ]العالم متغير وكل متغير حادث[، فهذا قياس صحيح، مقدمتاه

صادقتان فنتيجته كذلك. وإن قلت ]كل إنسان فرس وكل فرس صهال[، فهو قياس كاذب، لكذب إحدى

المقدمتين، فال يلزم صدق النتيجة بل تكذب تارة، كهذا المثال، فإن نتيجته ]كل إنسان صهال[، وهي كاذبة، وتصدق تارة كما لو أبدلت الكبرى بقولك ]كل فرس ناطق[، فإن نتيجته ]كل إنسان ناطق[

وهي صادقة، لكن صدقها اتفاقي. وفي القياس يجب اندراج المقدمة

الصغرى في المقدمة الكبرى، وذلك باندراج أصغرها وهو موضوعه المطلوب

في أوسط الكبرى، مثال إذا قلنا:]كل إنسان حيوان، وكل حيوان جسم[،

فاألصغر هو ]إنسان[، وقد اندرج في]الحيوان[ لينسحب عليه حكمه.

والمقدمة الصغرى هي المقدمة ذات الحد األصغر، الذي هو موضوع النتيجة. والمقدمة الكبرى هي المشتملة على الحد األكبر الذي هو محمول النتيجة،

كقولنا في المثال السابق: ]وكل حيوان . ال تكون قاعدة مطردة فال يعدو صدقها أن يكون اتفاقيا ال قانونيا

125

جسم[ فإنها مشتملة على الحد األكبر، وهو ]جسم[، الذي يكون محموال في

النتيجة. وسمي موضوع النتيجة أصغر ألنه أقل

أفرادا غالبا من محمولها الذي سمي أكبر لكثرة أفراده، وسمي كل منهما حدا، ألنه

. (1)طرف القضية وعند القياس، يندرج الحد األصغر في

مفهوم األكبر بسبب اندراجه في األوسط، ويلغى الحد األوسط عند اإلنتاج،

والحد األوسط هو الحد المكرر في المقدمتين، يترك عند اإلنتاج، فهو كاآللة

يؤتى به عند االحتياج إليه في التوصلإلى المطلوب، ويترك عند حصوله.

)( أي طرف قضيته، ألن الحد األصغر طرف القضية الصغرى، واألكبر1طرف القضية الكبرى. كما أن الحدين طرفا النتيجة.

126

]فصل في األشكال[ إن القياس الذي قلنا عنه إنه عبارة عن قول، وهو قضايا مرتبة بحيث تنتج لذاتها

قوال آخر، تتغير بعض أحكامه عند تغير القضايا التي يتألف منها؛ فإننا قد عرفنا

أن القضايا أنواع مختلفة، فمنها المسورة كليا وجزئيا، ومنها الموجبة ومنها السالبة،

ويختلف أيضا من حيث طريقة ترتيب القضايا بعضها مع بعض، ويؤثر على قوة

إنتاجه عوامل أخر كقوة كل قضية بالنسبة لصدقها، أي مطابقتها مع الواقع أو عدم مطابقتها، وقوة مطابقتها، فإن

القضية قد تكون ظنية وقد تكون قطعية. ولهذه األسباب كلها ولغيرها، فقد اهتم

المناطقة بالشكل الذي يتألف منه القياس، من الحيثيات السابقة، وضبطوا كافة أوضاعه ليتمكنوا من التحكم بكيفية

اإلنتاج. وهذا الفصل نشرح فيه بعض هذه

الهيئات. قال:81

اس كل عند هؤالء الن تي قـياسالش ـ يطـلـق عن قضي

127

82

إذ ذاك بالضرب له يشارمن غير أن تعـتـبر األسوار

83

وللــمـقـدمات أشـــكـالفـقــط

أربـعـة بحسـب الحــدالوســـط

84

يدعى بشكل أول ويدرىحمل بصغرى وضعه بكبرى

85

ووضعه في الكل ثالثا ألفوحمله في الكل ثانيا عرف

86

رتيب فيورابع األشكال عكس األول وهي على التكمل ـ الت

87

ظام يعدل ظام أما األولفحيث عن هذا الن ففاسد الن

88

ة كبراهفشرطه اإليجاب في صغراه ـ ي ـ وأن ترى كـل

89

ان أن يخـتـلفا في الكـيـف والثمع

ة الكبرى له شرط وقع ي ـ كـل

90

الث اإليجاب في صغراهما ة إحداهماوالث ـ ي ـ وأن ترى كـل

91

تين إال بصورة ففيها يستبينورابع عدم جمع الخس

92

ة ةصغراهما موجبة جزئي ـ ي ـ كبراهما سالبة كـل

128

93

ةفمنتـج ألول أر بـعـة ـ ان ثم ثالث فســــت كالث

94

وغير ما ذكرته لم يـنـتجاورابع بخمسة قد أنـتجا

95

تيجة األخس من ـ تلك المقدمات هكذا زكنوتـتـبع الن

96

رطيوهذه األشكال بالحملي مخـتصـة وليس بالش

97

تـيـجة لعلم آتوالحذف في بعض المقدمات ـ أو الن

98

من دور أو تسلسل قدوتـنـتهي إلى ضرورة لمالزما[

اسم يطلق على هيئة(1)أقول: الشكل قضيتي القياس من دون اعتبار األسوار، وذلك باعتبار تريب الحد األوسط واألكبر واألصغر في كل منهما. وأما إذا اعتبرت

األسوار في القضايا أيضا، فإن ذلك يسمى بالضرب، وسوف نبين كل ذلك

في محله. أما األشكال فإنها وبحسب ترتيب القضايا باالعتبار السابق، أربعة أشكال فقط. فلو

)( والشكل يطلق لغة على هيئة الشيء أي صورته فشبهت صورتا1القياس بذلك.

129

رمزنا لألصغر بالحرف ]أ[، ولألوسط بالحرف ]ب[، ولألكبر بالحرف ]ج[، فإن القضية األولى يكون صورتها كما يلي ]أ هو ب[، والقضية الثانية صورتها ]ب هو

ج[. فالحاصل بناء على هذا الفرض وجود احتماالت أربعة هي أشكال القياس.

وأشكالها الصورية كما يلي:- ]أ ب[، ]ب ج[1- ]أ ب[، ]ج ب[2- ]ب أ[، ]ب ج[3- ]ب أ[، ]ج ب[4

هذه هي أشكال القياس، من دون اعتبارالسور، وال الكيف، وال أي أمر آخر. وكما نرى فإن األشكال األربعة تنتج

بحسب تكرار الحد الوسط فيه، فإن كان محموال في الصغرى موضوعا في

الكبرى، فهو الشكل األول، وإن كان محموال فيهما فهو الشكل الثاني، وإن

كان موضوعا فيهما فهو الشكل الثالث، وإن كان عكس الشكل األول فهو الشكل

الرابع.

130

وهاك أمثلة حقيقية على األشكالاألربعة:

الشكل األول: ]كل إنسان حيوان[، ]كل حيوان جسم[، هذا ضرب خاص من

الشكل األول، وإنما قلنا إنه ضرب خاص ألننا اعتبرنا فيه السور والنفي واإليجاب، وسوف يأتي الكالم تفصيال على األسوار

والنفي واإليجاب في كل شكل من األشكال، ونبين حينئذ ما هي األضربالمنتجة وغير المنتجة من كل شكل.

الشكل الثاني: مثاله ]كل إنسان حيوان[، ]ال شيء من الحجر بحيوان[. وهذا ضرب

خاص منتج من أضرب الشكل الثاني. الشكل الثالث: مثاله ]كل إنسان

حيوان[، ]كل إنسان ناطق[، هذا ضربخاص منتج من الشكل الثالث.

الشكل الرابع: مثاله ]بعض الحيوان إنسان[، ]كل ناطق حيوان[، هذا ضرب

خاص منتج من الشكل الرابع. وأقوى األشكال إنتاجا الشكل األول، لما

سنبين الحقا، ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع، فكل واحد أوضح في اإلنتاج مما

بعده.131

فإن لم يتم االلتزام بهذا النظام بأن لم يتكرر الحد األوسط، فإن القياس يكون

غير منتج. وسوف نبين اآلن شروط إنتاجكل شكل من هذه األشكال.

شروط إنتاج الشكل األول: يشترط للشكل األول شرطان لكي يكون

منتجا. الشرط األول: أن تكون صغراه موجبة،

وال يهم إن كانت كلية أو جزئية. الشرط الثاني: أن تكون كبراه كلية، وال

يؤثر إن كانت سالبة أو موجبة. فالمقدمة األولى، إما أن تكون موجبة

كلية، أو موجبة جزئية، والمقدمة الثانية إما أن تكون سالبة كلية، أو تكون موجبة

كلية. فيحصل من هذه الشروط أربع صور محتملة من حاصل ضرب صورتي

المقدمة األولى، في صورتي المقدمة الثانية، وكل صورة من هذه الصور

األربعة تسمى ضربا. وبما أننا أخذنا في اعتبارنا شروط اإلنتاج،

فإن هذه األضرب األربعة كلها تكون

132

منتجة. فاألضرب المنتجة للشكل األولإذن أربعة.

األضرب التي تخرج بالشروط: يخرج بإيجاب الصغرى ما لو كانت سالبة كلية أو جزئية، فال إنتاج لها مع الكبريات

األربع، فهذه ثمانية كلها عقيمة، وخرج باشتراط كلية الكبرى ما لو كانت الكبرى

جزئية موجبة أو سالبة، فال إنتاج لها من الموجبتين الصغريين، فهذه أربعة أضرب عقيمة أيضا، فعلم أن المنتج من الشكل األول أربعة أضرب، وأن العقيم منه اثنا

عشر: ثمانية خارجة باشتراط إيجاب الصغرى، وأربعة خارجة باشتراط كلية

الكبرى.

جدول األضرب المنتجة والعقيمة للشكلاألول بتطبيق شروط اإلنتاج

ــغ

ـــص

ال موجب ة

كلية

سالبةكلية

موجب ة

جزئية

سالبةجزئية

133

رى

موجبةعقيمعقيممنتجمنتجكلية

سالبةعقيمعقيمعقيمعقيمكلية

موجبةعقيمعقيممنجمنتججزئية سالبةعقيمعقيمعقيمعقيمجزئية

134

جدول األمثلة على الشكل األول منأشكال القياس

الش كلاألول

صورةالضرب

صو رةالصغرى

مثالها

صو رةالكبرى

مثالها

صور ة

النتيجة

مثالها

الض رباألول

صغرا ه

موجب ة

كليةوكبرا

هموجب

ةكلية

كلأ ب

كلإنسا ن

حيوان

كل بج

وكلحيوا ن

جسم

كل أج

كلإنس انجسم

الض ربالثاني

صغرا ه

موجب ة

كلية،وكبرا

ه سالبةكلية

كلأ ب

كلإنسا ن

حيوان

الش يء من بج

الشي

ء منالحي وانبحجر

الشي ء منأ ج

الشي

ء مناإلنسا ن

بحجر

الض ربالثالث

صغرا ه

موجب ة

جزئية،

وكبرا

بع ض أب

بعضالحي وانإنسان

كل بج

كلإنسا ن

ناطق

بعضأ ج

بع ضالحي وانناطق

135

هموجب

ةكلية

الض ربالرابع

صغرا ه

موجب ة

جزئية،

وكبرا ه

سالبةكلية

بع ض أب

بعضالحي وانإنسان

الش يء من بج

الشي

ء مناإلنسا ن

بفرس

ليس بعضأ ج

لي سبع ضالحي وانبفرس

الشكل الثاني: شروط اإلنتاج:

األول: أن تختلف المقدمتان في الكيف، بأن تكون إحداهما موجبة واألخرى

سالبة. الثاني: أن تكون الكبرى كلية موجبة أو سالبة. فإن كانت موجبة لم تنتج إال مع

السالبتين الصغريين وإن كانت سالبة لمتنتج إال مع الموجبتين الصغريين.

الضروب المنتجة: الضروب المنتجة أربعةفقط:

136

الضرب األول: موجبة كلية صغرى، وسالبة كلية كبرى. نحو ]كل إنسان

حيوان[، و]ال شيء من الحجر بحيوان[. والنتيجة سالبة كلية، وهي ]ال شيء من

اإلنسان بحجر[. الضرب الثاني: عكس الضرب األول،

فيتألف من سالبة كلية صغرى، وموجبة كلية كبرى. نحو ]ال شيء من الحجر

بحيوان[، و]كل إنسان حيوان[، والنتيجة سالبة كلية وهي ]ال شيء من الحجر

بإنسان[. الضرب الثالث: يتألف من موجبة جزئية

صغرى وسالبة كلية كبرى، نحو ]بعض الحيوان إنسان[، و]ال شيء من الفرس

بإنسان[، والنتيجة سالبة جزئية وهي]ليس بعض الحيوان بفرس[.

الضرب الرابع: يتألف من سالبة جزئية صغرى، وموجبة كلية كبرى، نحو ]ليس

بعض الحيوان بإنسان[، و]كل ناطق إنسان[، والنتيجة سالبة جزئية وهي

]ليس بعض الحيوان بناطق[.الضروب الخارجة بالشروط:

137

يخرج بشرط اختالفهما في الكيف ما لو اتفقتا بأن كانتا موجبتين أو سالبتين

كليتين أو جزئيتين، أو األولى كلية والثانية جزئية أو بالعكس، فال إنتاج لها، فهذه ثمانية أضرب خرجت باختالف الكيف،

وكلها عقيمة. ويخرج باشتراط كلية الكبرى ما لو كانت جزئية موجبة، فال إنتاج لها مع السالبتين

الصغريين أو جزئية سالبة فال إنتاج لها مع الموجبتين الصغريين. فهذه أربعة عقيمة

أيضا خرجت باشتراط كلية الكبرى. فجملة أضربه العقيمة اثنا عشر كاألول.

الشكل الثالث: شروط اإلنتاج: األول: أن تكون صغراه موجبة، وال يهم

أن تكون كلية أو جزئية. الثاني: أن تكون إحدى المقدمتين كلية،

سواء كانت الصغرى أم الكبرى. فإن كانت الصغرى موجبة كلية أنتجت مع

الكبريات األربع لوجود الشرطين فيها، وإن كانت موجبة جزئية لم تنتج إال مع

الكليتين الكبريين. فضروبه المنتجة إذنستة.

138

الضرب األول: من موجبتين كليتين نحو ]كل إنسان حيوان[، و]كل إنسان جسم[،

والنتيجة جزئية وهي ]بعض الحيوانجسم[.

الضرب الثاني: من موجبة كلية صغرى وسالبة كلية كبرى، نحو ]كل إنسان

حيوان[، و ]ال شيء من اإلنسان بحجر[، والنتيجة سالبة جزئية وهي ]ليس بعض

الحيوان بحجر[. الضرب الثالث: من موجبة جزئية صغرى وموجبة كلية كبرى، نحو ]بعض الحيوان إنسان[، و]كل حيوان جسم[، والنتيجة

موجبة جزئية وهي ]بعض اإلنسانجسم[.

الضرب الرابع: من موجبة كلية صغرى، وموجبة جزئية كبرى، نحو ]كل حيوان

جسم[، و]بعض الحيوان إنسان[، والنتيجة موجبة جزئية، وهي ]بعض الجسم

إنسان[. الضرب الخامس: من موجبة جزئية

صغرى، وسالبة كلية كبرى، نحو ]بعض الحيوان إنسان[، و]ال شيء من الحيوان

139

بحجر[، والنتيجة سالبة جزئية وهي ]ليسبعض اإلنسان بحجر[.

الضرب السادس: من موجبة كلية صغرى، وسالبة جزئية كبرى، نحو ]كل إنسان حيوان[، و]بعض اإلنسان ليس

بكاتب[، والنتيجة سالبة جزئية وهي]ليس بعض الحيوان بكاتب[.

األضرب العقيمة بناء على الشروط: يخرج باشتراط إيجاب الصغرى ما لو

كانت سالبة كلية أو جزئية، فال تنتج مع الكبريات األربع، فهذه ثمانية كلها عقيمة.

وباشتراط كلية إحداهما يخرج ما لو كانت الصغرى موجبة جزئية مع

الجزئيتين الكبريين الموجبة والسالبة فال إنتاج لها، فهذان ضربان عقيمان. فجملة

عقيم هذا الشكل عشرة، والمنتج ستة قد تقدمت.

الشكل الرابع شروط اإلنتاج: إن لم تكن الصغرى

موجبة جزئية، فيشترط عدم الجمع بين الخستين وهما الجزئية والسلب، سواء كان ذلك من جنس واحد كسالبتين أو

140

جزئيتين، أو من جنسين كسالبة وجزئية،ولو في مقدمة واحدة.

وإن كانت الصغرى موجبة جزئيةفشرطه كون الكبرى سالبة كلية.

فإن كانت الصغرى سالبة كلية أنتجت مع الموجبة الكلية الكبرى وإن كانت سالبةجزئية لم تنتج الجتماع الخستين فيها. فحصل من ذلك أربعة أضرب، ثالثة مع

الموجبة الكلية الصغرى وواحد معالسالبة الكلية الكبرى أيضا.

ويستثنى من الصور العقيمة صورة واحدة فقط تجتمع فيها الخستان، ولكنها

منتجة، وهي ما كانت صغراها موجبةجزئية، وكبراها سالبة كلية.

الضروب المنتجة: الحاصل أن الضروب المنتجة في هذا

: الشكل خمسة، كما مر الضرب األول: يتألف من موجبتين كليتين

نحو ]كل إنسان حيوان[، و]كل ناطق إنسان[، والنتيجة موجبة جزئية وهي

]بعض الحيوان ناطق[.

141

الضرب الثاني: يتألف من موجبتين الصغرى كلية والكبرى جزئية، كقولنا: ]كل إنسان حيوان[، و]بعض الجسم إنسان[، والنتيجة موجبة جزئية وهي

]بعض الحيوان جسم[. الضرب الثالث: يتألف من سالبة كلية

صغرى وموجبة كلية كبرى، نحو ]ال شيء من اإلنسان بفرس[، و]كل ناطق

إنسان[، والنتيجة سالبة كلية وهي ]الشيء من الفرس بناطق[.

الضرب الرابع: يتألف من موجبة كلية صغرى وسالبة كلية كبرى، نحو ]كل

إنسان حيوان[، و]ال شيء من الفرس بإنسان[، والنتيجة سالبة جزئية وهي

]ليس بعض الحيوان بفرس[. الضرب الخامس: وهو صورة االستثناء،

يتألف من موجبة جزئية صغرى ومن سالبة كلية كبرى، نحو ]بعض الحيوان

إنسان[، و]ال شيء من الحجر بحيوان[. والنتيجة سالبة جزئية وهي ]ليس بعض

اإلنسان بحجر[. الضروب العقيمة:

142

يخرج باشتراط عدم جمع الخستين إن لم تكن الصغرى موجبة جزئية والكبرى

سالبة جزئية، ما لو اجتمعتا فال إنتاج، وذلك صادق بكون الصغرى موجبة كلية والكبرى سالبة جزئية، وبكون الصغرى

سالبة كلية والكبرى غير الموجبة الكلية، وبكون الصغرى سالبة جزئية مع

الكبريات األربع. فهذه ثمانية كلها عقيمة.

يخرج باشتراط كون الكبرى سالبة كلية فيما إذا كانت الصغرى موجبة جزئية، ما لو كانت الكبرى غير السالبة الكلية، بأن

كانت موجبة كلية أو جزئية أو سالبةجزئية، فال إنتاج حينئذ.

فهذه ثالثة أضرب عقيمة أيضا. فجملةعقيم هذا الشكل أحد عشر.

قواعد عامة لألشكال األربعة أوال: النتيجة تتبع األخس من المقدمتين، وذلك في الكيف والكم، فإن األخس من الكيف هو السالب، واألخس من الكم هو

الجزئي. فإن كانت إحدى المقدمات جزئية، كانت النتيجة جزئية، وإن كانت

143

إحدى المقدمات سالبة، كانت النتيجةسالبة.

ثانيا: هذه األشكال األربعة ليست مختصة بالحملي، بل هي أيضا صحيحة في

الشرطي، وذلك على خالف ما قاله الناظم، وهذا هو التحقيق كما أشرنا من

قبل. ثالثا: يجوز حذف إحدى المقدمات من

القياس وحذف النتيجة إذا كان العلم بها واضحا جليا، وذلك كقولنا: ]هذا يحد ألنه زان[، فإن المعنى ]وكل زان يحد[، فقد

حذفت الكبرى. ونحو قولنا: ]هذا زان، وكل زان يحد[، فقد حذفت النتيجة، ألن

المعنى ]فهذا يحد[، فحذفت للعلم بهامن القياس.

رابعا: إذا لم تكن المقدمات ضرورية فيجب انتهاؤها إلى مقدمة راجعة إلى الضرورة، لئال يلزم الدور وهو ]توقف

اآلخر على ما يتوقف عليه[، أو التسلسل وهو ]ترتب أمر على أمر إلى ما ال نهاية

له[، فيلزم الدور فيما إذا استدل على المتأخر بما يتوقف عليه ذلك المتأخر، ويلزم التسلسل فيما إذا توقف األول

144

على أدلة مترتبة ال غاية لها، فإن انتهى األمر إلى دليل غير ضروري المقدمات

وال مسلمة، لم يكف. مثال ما مقدماته ضرورية: ]هذا العدد ينقسم إلى متساويين[، و]كل منقسم

كذلك زوج[. ومثال ما مقدماته نظرية: قولك ]العالم

صفاته حادثة[، ]وكل من صفاته حادثةفهو حادث[.

فنستدل على الصغرى بقولنا: ]صفاته متغيرة[، و]كل متغير حادث[. واألولى

من هاتين المقدمتين ضرورية، ونستدل على الثانية منهما بأن نقول: ]التغير إن

كان من عدم إلى وجود كان الوجود طارئا، وإن كان من وجود إلى عدم كان

الوجود جائزا[، و]الجائز ال يقع إال حادثا[. ونستدل على الكبرى من القياس األول

بقولنا: ]كل من كان صفاته حادثة ال يعرى عن الحوادث[، و]كل من ال يعرى

عن الحوادث ال يسبقها[، و]كل من ال يسبق الحوادث فهو حادث[. فقد انتهينا إلى الضرورة، وال عبرة باعتراض بعض

145

الفالسفة على بعض تلك المقدمات فإن (1 )ذلك مكابرة.

فصل في القياس االستثنائي يسمى هذا النوع باالستثنائي، الشتماله

على أداة االستثناء، وهي ]لكن[. ويعرف هذا النوع بالشرطي الشتماله على مقدمة شرطية وتسمى الكبرى،

وأما المقدمة المشتملة على أداةاالستثناء، فتسمى بالصغرى. قال:

]ومنه ما يدعى99باالستـثـناء

رط بال امتراء يعرف بالش

ذي دل على10 أو ضدها بالفعل ال بالقوة وهو ال )( لزوم الدور إن رجعنا للمتوقف عليه األول. ولزوم التسلسل إن1

ذهبنا ال إلى نهاية. فيتعين أن تكون المقدمات ضرورية، أو تنتهيإلى ضرورية.

146

تـيجة0 ـ الن101

رطي ذا فإن يك الشصال ات

الي أنتج وضع ذاك وضع الت

102

يلزم في عكسهما لما انجلىورفع تال رفع أول وال

103

يـنـتـج رفع ذاك والعكس كذاوإن يكن منفصال فوضع ذا

104

وذاك في األخص ثم إنيكن

مانع جمع فبوضع ذا زكن

105

مانع رفع كان فهو عكس ذا[رفع لذاك دون عكس وإذا

تعريف القياس االستثنائي: هو القياس الذي دل على النتيجة أو ضدها بأن تكون

مذكورة فيه بالفعل أي بصورتها ال بالقوة، أي ال تكون مفرقة األجزاء، كما

في القياس االقتراني، فإن نتيجته موجودة لكنها متفرقة األجزاء في مقدمتيه، موضوعها في الصغرى

ومحمولها في الكبرى. وأما القياس االستثنائي ففيه عين النتيجة

أو نقيضها بصورته، كما يأتي. القياس الشرطي المتصل:

147

ضروبه المنتجة: القضية الشرطية إن كانت متصلة أنتج إثبات المقدم إثبات التالي، وأنتج نفي التالي نفي المقدم. ومثال ذلك ]كلما كان هذا إنسانا، كان

حيوانا، لكنه إنسان[ ينتج ]فهو حيوان[، فقد أنتج إثبات المقدم إثبات التالي، ألن المقدم ملزوم والتالي الزم، ويلزم من

وجود الملزوم وجود الالزم. ولو قلت في هذا المثال ]لكنه ليس بحيوان[ أنتج ]فهو ليس بإنسان[ ألن رفع الالزم يوجب رفع

الملزوم، فعلم أن المنتج منه ضربان. الضروب العقيمة:

وال يلزم اإلنتاج من عكسهما، أي من وضع التالي أو رفع المقدم، فلو قلت في المثال المتقدم ]لكنه حيوان[ لم ينتج أنه

إنسان، ألن الالزم قد يكون أعم من الملزوم، وال يلزم من إثبات األعم إثبات

األخص، وكذا لو قلت ]لكنه ليس بإنسان[ ال ينتج شيئا، ألن رفع األخص ال

يوجب رفع األعم، والملزوم هنا أخص من الزمه. وقد يكون الالزم أعم من ملزومه فال يلزم من إثباته إثبات ملزومه، وال من

148

نفي ملزومه األخص نفيه، فهذان ضربانعقيمان.

القياس الشرطي المنفصل: إن كانت القضية الشرطية منفصلة، فهي

على ثالثة أقسام: حقيقية ومانعة جمعومانعة خلو.

الشرطية الحقيقية: إثبات أحد طرفيها ينتج رفع الطرف

اآلخر، ورفع أحد طرفيها ينتج وضع اآلخر، كقولنا ]الموجود إما قديم أو حادث لكنه قديم [ ينتج ]أنه ليس بحادث[، أو ]لكنه حادث[ ينتج ]أنه ليس بقديم[، فلو قلت ]لكنه ليس بقديم[ أنتج ]أنه حادث[، أو

أنتج ]أنه قديم[. فقد أنتجأنه ليس بحادث وضع أحد الطرفين رفع اآلخر، ورفع أحد

الطرفين وضع اآلخر. القضية الشرطية مانعة الجمع:

إن أثبت أحد طرفيها، ينفى الطرف اآلخر، دون العكس، فال يلزم من رفع

، لمنعها الجمع(1)أحد طرفيها وضع اآلخربينهما.

)( لجواز أن يكون كال الطرفين مرفوعا. 1149

مثالها أن تقول: ]هذا إما أسود أو أبيض، لكنه أسود ينتج أنه غير أبيض[ أو ]لكنه

أبيض ينتج أنه غير أسود[. ولو قلت ]لكنه ليس بأسود[ لم ينتج أنه أبيض، وال غير أبيض، وكذا لو قلت ]لكنه

ليس بأبيض[ لم ينتج أنه ]أسود أو غيرأسود[.

القضية الشرطية مانعة الخلو: القضية مانعة الخلو عكس مانعة الجمع،

بمعنى أن رفع أحد طرفيها ينتج وضع األخرى، لمنعها الخلو عنهما، ووضع أحد

طرفيها ال ينتج شيئا لجواز الجمع بينهما. مثالها أن تقول: ]هذا الشيء إما غير

أبيض أو غير أسود، لكنه أبيض ينتج أنه غير أسود[، أو ]لكنه أسود ينتج أنه غير أبيض[، فقد لزم من رفع أحد طرفيها،

ثبوت اآلخر، ولو قلت ]لكنه غير أبيض[، لم ينتج ]أنه أسود[، وال غيره، أو قلت

]لكنه غير أسود[، لم ينتج ]أنه أبيض[ والغيره.

150

فصل في ]لـواحق القياس[ القياس إما أن يكون من مقدمتين أو

أكثر، فاألول يسمى قياسا بسيطا،والثاني يسمى قياسا مركبا. قال:

با بـاومنه ما يدعونه مرك ـ لكونه من حجج قد رك

بـنـه إن ترد أن تعـلـمـه ـ واقـلـب نـتـيجة به مقدمةفرك

ايلزم من تركيـبـها بأخرى نـتـيـجـة إلى هـلـم جر

ذي حوى تـائج ال ـ صل الن يكون أو مفصولـها كل سوامت

ي استدل فذا باالستقراء عندهم عقلوإن بجزئي على كـل

ذي قدمـتـه فحـقـق وعكسه يدعى القياس المنطقي وهو ال

151

لجامع فذاك تمثيل جعل وحيث جزئي على جزئي حمل

مثيل [وال يفيد القطع بالدليل قياس االستقراء والت

ف من أقول: فالقياس المركب ما ألـ أكثر من مقدمتين، وهو في الحقيقة

يكون مؤلفا من قياسات بسيطة. مثال ذلك قولنا: ]كل إنسان حيوان[، ]وكل حيوان حساس[، ]وكل حساس

نام[، ]وكل نام جسم[، ]وكل جسممركب[.

فتحليل القياس أن تركبه من مقدمتين فتعتبر المقدمة األولى، وتأخذ معها

المقدمة الثانية، والنتيجة منهما تجعلهاللمقدمة التي بعدها، وهكذا.

فتقول في المثال السابق: ]كل إنسان حيوان[ و]كل حيوان حساس[، ]فكل

إنسان حساس[، فهذه نتيجة المقدمتين األوليين فاجعلها مقدمة صغرى وضمها

لما بعدها فقل: ]كل إنسان حساس[152

و]كل حساس نام[، واستخرج من هاتين نتيجة فقل: ]كل إنسان نام[، ثم اجعل

هذه مقدمة لقياس ثان فقل: ]كل إنساننام[ و]كل نام جسم[، وهكذا.

فالحاصل أن نتيجة قياس ما يمكن أن تجعل مقدمة لقياس آخر، فكونها نتيجتها أمر اعتباري، فهي من حيث هي مطلوبة تسمى نتيجة، وإذا عرفت تسمى مقدمة

وقضية أيضا، فكل قياس مركب يمكن تحليله إلى قياسات بسيطة، فيطبق على

هذه القياسات البسيطة القوانين التيسبق شرحها.

منفصل النتائج ومتصلها: وفي القياس المركب، إذا لم يتم ذكر

نتيجة لكل قياس بسيط فيه، يسمى هذا القياس المركب ]منفصل النتائج[، فتكون

النتائج مطوية فيه غير مذكورة، وأما ما ذكرت فيه النتائج فيسمى ]قياسا متصل

النتائج[، ولكن كل من القياس منفصل النتائج ومتصلها مستويان في إفادة

المطلوب.االستقراء:

153

إذا تم االستدالل بجزئي على كلي فذلك االستدالل يسمى استقراءا، فاالستقراء

هو: تصفح الجزئيات والحكم بحكمها المشترك بين أفرادها على الكلي، أو

تقول هو االستدالل بحكم الجزئي علىالكلي.

فكلما تصفحنا جزئيات من الحيوان كاإلنسان والفرس والحمار، فوجدناها

تحرك فكها األسفل عند المضغ، فحكمناها وهو ي ـ بحكم تلك الجزئيات على كـل الحيوان وقلنا:]كل حيوان يحرك فكه

األسفل عند المضغ[، فهذا هو االستقراء.االستقراء الناقص والتام:

االستقراء يكون ناقصا إذا كان المتصفحأكثر الجزئيات ال كلها، كالمثال المتقدم.

ويسمى تاما إذا كان المتصفح جميع الجزئيات، كأن استقرأنا جزئيات الحيوان فوجدنا بعضها ماشيا وبعضها غير ماش،

ووجدنا الماشي يموت وغير الماشي كذلك، وحكمنا على كليه وهو الحيوان

وقلنا: ]كل حيوان يموت[، سمي استقراءتاما.

154

وعكس االستقراء وهو االستدالل بحكم الكلي على الجزئي يدعى بالقياس

المنطقي. فالقياس استدالل بحكم الكلي على

الجزئي، كقولنا: ]كل إنسان حيوان، وكل حيوان جسم[ والنتيجة ]كل إنسان جسم[

فإنه استدالل بثبوت الجسمية للحيوان الكلي على ثبوتها لإلنسان الذي هو جزئي

من جزئيات الحيوان، واالستقراءاستدالل بحكم الجزئي على الكلي.

قياس التمثيل: إذا تم االستدالل بجزئي على جزئي آخر

لجامع بينهما وحمل حكمه عليه، فذلك االستدالل يسمى تمثيال، كأن تحمل النبيذ

على الخمر في الحرمة لإلسكار. وقد عرفه السعد التفتازاني بقوله هو: ]تشبيه

جزئي بجزئي في معنى مشترك بينهما ليثبت في المشبه الحكم الثابت في

المشبه به المعلل بذلك المعنى[. قاعدة: قياس االستقراء والتمثيل ال

يفيدان القطع، أما االستقراء فلجواز أن يكون قد بقي جزئي من الجزئيات على خالف ما استقريته، قالوا: وقد وجد أن

155

التمساح يحرك فكه األعلى عند المضغ، فلم تكن النتيجة في االستقراء وهي ]كل

حيوان يحرك فكه األسفل عند المضغ[ قطعية. وأما قياس التمثيل فألنه ال يلزم

من تشابه أمرين في معنى تشابههما في (1 )جميع األحكام.

فصل في ]أقــسام الحجة[ الحجة هي الدليل، وسمي بالحجة ألن

من تمسك به حج خصمه أي غلبه. قال:114

ة ـ ة عـقـلـي ـ ة نـقـلـي أقسام هذي خمسة]وحجة ـ جـلـي

115

وخامس سفسطة نلتخطابة شعر وبرهان جدلاألمل

116

ف ها الـبرهان ما أل ـ أجـلمن

مقدمات باليقـينتـقـترن

)( تحصل عندك أن المفيد للمطلوب التصديقي ثالثة أقسام:1 استقراء، وقياس، وتمثيل. والمفيد للقطع منها هو القياس. وأما

االستقراء والتمثيل، فال يفيدانه، أما االستقراء فالحتمال أن يكون هناك فرد لم يستقرأ كالتمساح في المثال المذكور، وأما التمثيل

فالحتمال أن تكون العلة في الجزئي المحمول عليه غير العلة في الجزئي المحمول. ومجرد ورود االحتمال في الحالين ينفي اليقين.

فافهم. 156

117

ات مشاهدات بات متواتراتمن أولي مجر

118

ات ومحسوسات فتلك جمـلـةوحدسيات ـ اليقـيـنـي

119

تـيجـة خالفوفي داللة المقدمات ـ على النآت

120

د أو واجـب واألولعقلي أو عادي أو تــولد[ ـ المــؤيـ أقول: الحجة تنقسم إلى نقلية وعقلية:

فالنقلية ما استندت إلى النقل، وإن كانالعقل هو المدرك لها.

والعقلية منسوبة إلى العقل ألن العقل اليتوقف في إثباتها على نقل.

أقسام الحجة العقلية:تنقسم الحجة العقلية إلى خمسة أقسام: القسم األول: خطابة، وهو قياس مؤلف

من مقدمات مقبولة، لصدورها من معتقد في صالحه وصدق كالمه، كعالم تقي أو

، أو من مقدمات مظنونة، كقولنا ولي ]كل حائط ينتثر منه التراب ينهدم[ ونحو

م للثغر[ ،(1 )]فالن يسار العدو فهو مسل)( قوله )يسار العدو..( أي يعلمه بالسر. 1

157

ونحو ]فالن يطوف بالليل فهو متلصص[، والغرض منها ترغيب الناس فيما ينفعهم

كما يفعله الخطاب والوعاظ. القسم الثاني: شعر، وهو قياس مؤلف من مقدمات تنبسط منها النفس نحو ]الخمر مقوية سيالة[، أو تنقبض منها

،(1)النفس نحو ]العسل مرة مهوعة[ ونحو ]الورد صرم بغل قائم في وسطه

روث[، والغرض منه انفعال النفس بالترغيب والترهيب، ويزيد االنفعال بأن

يكون على وزن من أوزان الشعر أوبصوت طيب.

القسم الثالث: برهان، وهو قياس مؤلفمن مقدمات يقينية كما يأتي.

القسم الرابع: جدل، وهو قياس مؤلف من مقدمات مشهورة، وتختلف باختالف

األزمنة واألمكنة، فقد يكون الشيء مشهورا عند قوم دون آخرين، ومن

مقدمات مسلمة عند الناس وعند الخصمين، كقولنا ]هذا ظلم وكل ظلم قبيح[، وكقولنا: ]هذه مراعاة للضعفاء

وكل مراعاة للضعفاء محمودة[، والغرض )( قوله )مرة( بكسر الميم وضمها وتشديد الراء، وضبطها البعض بكسر1

الميم وتشديد الدال. و)مهوعة( بصيغة اسم المفعول أي هي قيء النحل،وبصيغة اسم الفاعل مقيئة أي باعثة على القيء.

158

منه إلزام الخصم وإقناع القاصر عنإدراك البرهان.

، وهو قياس(1)القسم الخامس: سفسطة مؤلف من مقدمات وهمية كاذبة نحو

]هذا ميت، وكل ميت جماد، فهذا جماد[، وشبيهة بالحق وليست به كقولنا في

صورة على حائط ]هذا فرس على حائط،وكل فرس صاهل، فهذا صاهل[.

المقدمات اليقينية لما كان القياس البرهاني أجل هذه

ف من مقدمات يقينية، الحجج، وهو ما أل يلزم بيان ما هي مصادر المقدمات

اليقينية، لكي يعتمد عليها في تأليفالقضايا.

المصدر األول: األوليات أي الضروريات التي ال يتوقف حكم العقل فيها على

استعانة بحسي أو غيره، بل بمجرد تصور الطرفين يحكم العقل فيها، كقولنا

]الواحد نصف االثنين[ و]الكل أعظم منالجزء[.

)( ويقال لها مغالطة، ومشاغبة. واستعمالها حرام بجميع أنواعها،1 ويذكر العلماء أن من أقبح تلك األنواع المغالطة الخارجية، وهي أن

يشغل المناظر الذي ال فهم له وال انقياد للحق فهم خصمه بما يشوش عليه ككالم قبيح ليظهر للناس أنه غلبه ويستر بذلك جهله.

قاله الشيخ الدمنهوري رحمه الله تعالى، وقال: وهو كثير في زماننا.فأقول: فكيف لو رأى زماننا.

159

المصدر الثاني: المشاهدات، وهي ما ال يحكم العقل فيها بمجرد تصور الطرفين

بل يحتاج إلى المشاهدة بالحس الباطني وتسمى وجدانيات، كالعلم بأنك جائع أو

غضبان أو متلذذ أو متألم. المصدر الثالث: المجربات، وهي ما

يحتاج العقل في الجزم بحكمه إلى تكرار المشاهدة مرة بعد أخرى، كقولنا

]السقمونيا مسهلة للصفراء[. المصدر الرابع: المتواترات، وهي ما

يحكم العقل فيها بواسطة السماع من جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، كقولنا

]سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ادعى النبوة، وظهرت المعجزة على

يديه[. المصدر الخامس: الحدسيات، وهي ما

يحكم العقل فيه بواسطة حدس أي ظن مستند إلى أمارة كقولنا: ]نور القمر

مستفاد من الشمس الختالف تشكالته النورية بحسب قربه من الشمس وبعده

عنها[.

160

، وهي(1)المصدر السادس: المحسوسات ما يحكم به العقل بواسطة الحس

الظاهر من غير توقف على شيء آخركقولنا ]الشمس مشرقة والنار محرقة[.

فهذه هي المصادر التي يمكن أن نأخذ منها المقدمات القطعية، فعلى الواحد أن

يعرف مصادر القضايا التي يعتمد عليها في فكره ليسلم من الوقوع في

. (2)الغلطداللة المقدمات على النتائج:

لما كان هناك ارتباط بين الدليل وبين النتيجة، وهذا االرتباط يسمى داللة، فقد

)( من الناس من أدخل المحسوسات في المشاهدات. قال بعض1 الفضالء: فصل المحسوسات بالحس الظاهر عن المشاهدات هو

اصطالح ابن الحاجب ورحمهما الله تعالى. والحواس خمس ظاهرة معروفة هي اللمس والشم والذوق والسمع والبصر. خمس باطنة:

هي الحس المشترك وهو قوة تدرك صور المحسوسات. والمصورة أو المتصرفة وهي قوة تركب الصور والمعاني على وفق اإلرادة.

والمتخيلة وتسمى الخيال، وهي قوة تحفظ صور المحسوسات بعد غيبتها من الحس المشترك والحواس الظاهرة. والوهمية ويعبر عنها

بالواهمة وهي قوة تدرك المعاني الجزئية كصداقة زيد وعداوة عمرو. والحافظة وقي تحفظ ما يدركه الوهم. وتثبتها الفالسفة على نحو هذا التفصيل. وعندنا أن في ثبوتها نظر. وقد ال تتم دالئلها على

األصول اإلسالمية. والكالم في ذلك يطول. )( وجه حصر اليقينيات في الستة أن المعنى إما أن يستقل العقل2

به فهو األوليات، أو ال يحتاج إليه فهو الوجدانيات والمحسوسات، أو يحتاج له ولغيره فهو التجربيات والمتواترات والحدسيات. والعلم

الحاصل من الثالثة المتأخرة ال يقوم حجة على الغير بسبب أنه قد ال تكون له تجربة، وال تواتر، وال حدس، لعدم مشاركته في ذلك

. دمنهوري. المستدل161

بحث العلماء في حقيقة هذه الداللة، مامنشؤها، وقد اختلفوا فيها على أقوال:

القول األول: االرتباط عقلي، ال يمكن تخلفه، وهذا قول إمام الحرمين الجويني،

فال يمكن تخلف العلم أو الظن بالنتيجة عن العلم أو الظن بالمقدمتين، بمعنى أن الله تعالى يوجد العلم بالمقدمات والعلم بالنتيجة، أو الظن بالمقدمات

والظن بالنتيجة معا، وال تتعلق القدرة بالعلم أو الظن بالمقدمتين فقط بدون العلم أو الظن بالنتيجة، فهما متالزمان تالزما عقليا كتالزم العرض والجوهر، ال

يمكن وجود أحدهما بدون اآلخر. القول الثاني: االرتباط عادي، وهذا قول الشيخ األشعري، ومعناه أنه يجوز تخلف

العلم أو الظن بالنتيجة عن العلم أو الظن بالمقدمتين، بأن ينتهي شخص في البالدة إلى أن يعلم المقدمتين وال يعلم

النتيجة لعدم تفطنه الندراج األصغر تحت األوسط، وفي التصوير نظر إذ من

الشروط التفطن الندراج األصغر تحتاألوسط.

162

القول الثالث: االرتباط تولد، بمعنى أن القدرة الحادثة أثرت في العلم أو الظن

بالنتيجة بواسطة تأثيرها في العلم أو الظن بالمقدمتين، إذ التولد أن يوجد فعل

لفاعله فعال آخر، وهذا القول للمعتزلة وهو باطل لقيام البرهان على أنه ال تأثيرللعبد في شيء من األفعال االختيارية.

القول الرابع: االرتباط واجب، وهو للفالسفة، ومعناه أن العلم أو الظن

بالمقدمتين علة أثرت بذاتها في العلم أو الظن بالنتيجة، وهو باطل لقيام البرهان

على انتفاء تأثير العلة والطبيعة وأنهتعالى هو الفاعل المختار.

وقد رجح الناظم القول األول على غيرهمن األقوال.

163

164

خـاتمةفي بيان خطأ البرهان

إذا اتبع الناظر القوانين السابقة، فإنه يصل إلى اجتناب الغلط في فكره،

والنتائج التي يصل إليها، ولكن معلوم أن هذا األمر صعب التحقيق، فال يخلو

اإلنسان من الوقوع في الغلط، وللغلط أسباب، وقد ذكر العلماء أسباب الوقوع

في الغلط في التفكير والقياس لتنبيه الغلط الجتنابها.(1)الناس إلى مناشئ

قال: 121

في مادة أو صورة فالمبـتـداوخطأ الـبرهان حيث وجدا

122

فظ كاشتراك أو في اللكجعل ذا

ديف مأخذا تباين مثل الر

123

وفي المعاني كالتباسالكاذبة

بذات صدق فافهم المخاطبة

124

كمثل جعل العرضيكالذاتي

أو الزم إحدى المقدمات

)( جمع منشأ، وتسمى أسباب الغلط، أو مثارات الغلط. 1165

125

وع وجعل كالقطعـي غير القطعيوالحكم للجنس بحكم الن

126

ان كالخروج عن أشكاله ـتـج منوالث ـ وترك شرط الن[(1)إكماله

أقول: الخطأ في البرهان إما أن يكون في مادة القضايا، أو يكون في الصورة

والهيئة التي يترتب عليها القياس. الغلط في المادة:

أسباب الغلط في المادة، إما في األلفاظ أو في المعاني، أما أسباب الغلط في

األلفاظ فهي: أوال: اشتراك اللفظ المستعمل، مثل

قولك هذا قرء، وتريد الحيض، وكل قرء يجوز فيه الوطء، وتريد به الطهر، فلم

، فكذبت النتيجة. (2)يتكرر الحد الوسط ثانيا: جعل األلفاظ المتباينة مثل

المترادفة، كقولك ]هذا صارم[ مشيرا إلى سيف غير قاطع، ]وكل صارم سيف[ فحقيقة السيف تباين حقيقة الصارم، ألن

)( قوله )من إكماله( أي من إكمال أسباب الخطأ في الصورة. وفيه1 حسن اختتام، وهو أن يذكر المؤلف ما يشعر بفراغه مما أراد

وانقضاء مقصوده. )( أي لم يتكرر الحد الوسط معنى، وإنما تكرر لفظا بمعنيين مختلفين.2

166

السيف ما كان على الهيئة المخصوصة قاطعا كان أو غير قاطع، والصارم هو

السيف بقيد القطع، فكانت النتيجة كاذبة ألن الصارم في الصغرى أريد به غير

القاطع، فلم يصح حمل السيف عليه في الكبرى، بل هو محمول على الصارم

الذي هو القاطع من جنس السيف، فلميتكرر الحد الوسط.

وأما أسباب الغلط في المعاني فهي: أوال: التباس القضية الكاذبة بقضية

صادقة، كأن تجعل العرضي ذاتيا، مثاله كقولنا ]الجالس في السفينة متحرك، وكل متحرك ال يثبت في مكان واحد[،

فإحدى المقدمتين كاذبة إن أريد بالمتحرك فيها معنى واحد، وإن أريد

بالمتحرك في األولى المتحرك بالعرض وفي الثانية المتحرك بالذات كانتا

صادقتين، لكن لم يوجد تكرر، فلم تصدقالنتيجة.

ثانيا: جعل النتيجة إحدى المقدمتين، كقولنا ]هذه نقلة، وكل نقلة حركة، فهذه

167

، فالنتيجة عين الصغرى ألن(1 )حركة[الحركة مرادفة للنقلة.

ثالثا: الحكم للجنس بحكم النوع، كقولنا ]كل فرس حيوان، وكل حيوان ناطق،

فكل فرس ناطق[، وهو كذب، ويسمى مثله إيهام العكس، ألنه لما رأى أن كل

ناطق حيوان، توهم أن كل حيوان ناطق،وليس كذلك، فجاء الخطأ.

رابعا: جعل المقدمة غير القطعية قطعية، مثال قولك ]هذا ميت، وكل ميت جماد[، فالكبرى وهمية ألن الوهم يحكم بجمادية

الميت لكونه كالجماد في عدم الروح واإلحساس والحركة، فجعلت في هذا القياس كالقطعية، ونزلت منزلتها في

أخذها جزءا لها.

الغلط في الصورة: سببه: أوال: الخروج عن أشكال القياس

األربعة، نحو ]كل إنسان حيوان، وكل فرس صهال[ فهذا خطأ في هيئة

)( ألنه ال يفيد، مع صحة القياس صورة. فإثبات كون هذه حركة ال يتم1 بواسطة إثبات أنها حركة، وال إثبات كونها نقلة يتم بإثبات كونها حركة، ألن الحركة هي عين النقلة. فهما شيء واحد. فهو مردود من جهة أن

النتيجة ليست مغايرة للمقدمتين، فلم يحصل علم زائد عليها.168

المقدمتين لعدم تكرر الوسط فيهما،ر. والقياس االقتراني ال بد فيه من مكر

ثانيا: ترك شرط اإلنتاج، مثل كون الصغرى في الشكل األول سالبة أو الكبرى فيها جزئية، نحو ]الشيء من

اإلنسان بفرس، وكل فرس جسم[، ونحو ]كل إنسان حيوان، وبعض الحيوان

صاهل[.

169

الخاتمة بهذا نكون قد انتهينا من شرح هذا النظم

المفيد باختصار فيه تقريب للمعانيللمبتدئين في تعلم هذا العلم. قال:

127

من أمهات المنطق المحمود] هذا تمام الغرض المقصود

128

ما رمـتـه من فن علم المنطققد انـتـهى بحمد رب الفـلـق

129

نظمه العبد الذليل المـفـتـقر لرحمة المو لى العظيمالمقـتـدر

130

حمن اناألخضري عابد الر ـ ه المـن ـ المرتجي من رب

131

وتكشف الغطا عن القـلـوبمغفرة تحيط بالذنوب

132

ة العـلـى ـ ه أكرم من تفضالوأن يثـيـبـنـا بجـن فإن

133

وكن إلصالح الفساد ناصحاوكن أخي للمـبـتدي مسامحا

134

أمل ـ وإن بديهة فال تـبـدلوأصلح الفساد بالت

170

135

ف صحيحا ألجل كون فهمه قبيحاإذ قيل كم مزي

136

العذر حق واجب للمـبـتديوقل لمن لم ينـتـصف لمقصدي

137

معذرة مقـبولـة مســـتـحسـنـةولبني إحدى وعشرين سـنـة

138

ما في عاشر القرون ذي الجهل والفساد والفـتـونال سي

139

م وكان في أوائل المحر م جز المـنـظـ تأليـف هذا الر

140

من بعد تسعة من المئيـنمن ســنـة إحدى وأربعين

141

ه خير من هدىثم الصالة والسالم سرمدا على رسول الل

142

قات ـ جاةوآله وصحبه الث الكين سبل الن الس

143

هار أبرجا وطلع البدر المنـيـر فيما قطعت شمس الن[(1)الدجى

)( قوله )األمهات( جمع أم، وأم كل شيء أصله، واألصل هو1 القاعدة. فالمعنى هذا تمام ما قصدت إخبارك به من قواعد المنطق. و)المحمود( أي الخالص من فاسد كالم الفالسفة،

وعقائدهم المخافة للشريعة. و)الفلق(: الصبح. ومن في قوله )من فن علم المنطق( تبعيضية، فال يتوهمن أن هذا هو تمام علم

المنطق، فهذا القدر ال يعدو كونه مقدمة مبسطة للخوض في مسائله العويصة. وال يكن كالمنا هذا لك مثبطا عن التعمق فيه. فمن فهم هذا القدر، فإنه يمكنه أن يفهم أضعافا مضاعفة مثله

وأصعب منه، باالجتهاد والمثابرة. وقوله )نظمه( من النظم، وهو الكالم المقفى الموزون قصدا. و)العبد( المتصف بالعبودية، وهي

171

ونسأل الله تعالى العلي العظيم أن يفيدنا دنيا وأخرى بهذا الكتاب، وينفع

المسلمين لما فيه خيرهم. والحمد لله رب العالمين. ختمت تأليفه في الخامس

هـ،1424عشر من ربيع الثاني سنة الموافق لمنتصف الشهر السادس من

ميالدية.2003سنة

غاية التذلل والخضوع، وغاية كمال اإلنسان وشرفه المناسبين لحقيقته أن يكون عبدا لله تعالى. و)المرتجي( المؤمل. و)المنان(

مبالغة من المن، وهو تعداد النعم، وهو محمود من الله مذموم من الخلق. و)يكشف الغطاء عن القلوب( يزيل الران عنها. و)الثواب( جزاء العمل. والعمل ألجله غير مذموم، وإن كان العمل تعظيما

لذات الله تعالى أكمل منه. وطلب المصنف ممن نظر في كتابه أن يسامحه على ما وقع منه من الزلل، وأن ينصح في إصالحه، وأن يتأمل في ذلك وال يعجل،

ألن الغالب على المستعجل عدم اإلصابة، وتزييف الصحيح لقبح فهمه، إذ لو كان فهمه حسنا لما استعجل. قوله )حق

للمبتدي(= = أي متأكد وينبغي أن يلتمس له. فإنه ألف هذا الكتاب وهو ابن إحدى وعشرين سنة، ومن هذا سنه فقبول معذرته حسن، خصوصا وهو في القرن العاشر المتصف غالب أهله بالجهل، والمشتمل على الفساد والفتن. ثم أرخ المصنف لهذا الرجز أنه كان

في أول المحرم سنة إحدى وأربعين وتسع مائة من الهجرة النبوية الشريفة، وتقدم معنى الصالة. و)السالم(: األمان من النقائص.

و)السرمد( الدائم. وقوله: )ما قطعت شمس النهار( المقصود منه التعميم في جميع األوقات كما هي عادة العرب في أمثال هذه

التعابير وليس تخصيص الصالة في بهذا الوقت فحسب، كما في قوله فيما تقدم )ما دام الحجا(. و)األبرج( جمع برج، وهو اسم لجزء

من اثني عشر جزءا من الفلك الثامن. و)الدجى( جمع دجية وهي الظلمة. والله تعالى أعلم. فاللهم يا حاضرا ليس يغيب، بحق أنك القريب المجيب، اقبل هذا العمل من شيخي ومني خالصا لوجهك الكريم، وانفع به يا ربنا المسلمين، واهدنا واهد بنا، وارزقنا واليتك

وال تحرمنا رعايتك، اللهم ومثل ذلك لوالدينا ولمشايخنا ولمن علمنا وأحسن إلينا، ولجميع المسلمين. وصل على سيدنا محمد وعلى آله

وصحبه وسلم تسليما، ما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكركالغافلون. والحمد لله رب العالمين.172

173

متن السلم المنورقفي فن المنطق

للعالمة أبي زيد عبد الرحمن بن محمدالصغير األخضري

رحمه الله تعالى رحمة واسعة

حيم حمن الر ه الر بسم الل

]مقدمة[ه الذي قد أخرجا1 نتائج الفكر ألرباب الحجاالحمد للكل حجاب من سحاب الجهل وحط عنهم من سماء العقل2 حتى بدت لهم شموس3

المعرفةرأوا مخدراتـها منكشفة

4 نحمده جل على اإلنعام بنعمة اإليمان واإلسالم وخير من حاز المقاماتمن خصنا بخير من قد أرسال5

العلىد كل مقتــفى6 العربي الهاشمي المصطفىمحمد سيه ما دام الحجا7 يخوض من بحر المعاني لججاصلى عليه اللهوا بأنجم في االهتدا وآله وصحبه ذوي الهدى8 من شب

174

سان وبعد فالمنطق للجـنـان9 حو لل نسبته كالن10

وعن دقيق الفهم يكشففيعصم األفكار عن غي الخطاالغطا

11

تجمع من فنونه فوائدافهاك من أصوله قواعدا

12

م المنورق ل يرقى به سماء علم المنطقسميـتـه بالس

13

ه أرجو أن يكون خالصا ـ لوجهه الكريم ليس قالصاوالل

14

به إلى المطوالت يهتدي وأن يكون نافعا للمبتدي

]فصل في جواز االشتغال به[15

به على ثالثة أقوالوالخلف في جواز االشتغال

16

ما واوي حر وقال قوم ينبغي أن يعلمافابن الصالح والن

17

جوازه لسالم القريحةوالقولة المشهورة الصحيحة

18

ة والكتاب ن ليهتدي به إلى الصواب ممارس الس

175

]أنواع العلم الحادث[19

ودرك نسبة بتصديق وسمإدراك مفرد تصورا علم

20

ـبعوقدم األول عند الوضع ه مقدم بالطـ ألن

21

أمل ـ ظري ما احتاج للت وعكسه هو الضروري الجليوالن

22

يدعى بقول شارحوما به إلى تصور وصلفـلـتـبـتـهـل

23

بحجة يـعرف عند العقال وما لتصديق به تـوصال

ة[ ]أنواع الداللة الوضعي24

فظ على ما وافقه يدعونها داللة المطابقةداللة الل

25

فــهو الـتــزام إن بـعقــلوجزئــه تـضمنا وما لزمالتــزم

]فصل في مباحث األلـــفاظ[26

مسـتـعمل األلفاظ حيثيـــوجد

ب وإما مفرد إما مرك

176

27

جزء معناه بعكس ما تالفأول ما دل جزؤه على

28

وهو على قسمين أعنيالمفردا

ي أو جزئي حيث وجـــدا كـلـ

29

كـأسد وعكسه الجزئيفمفهم اشتراك الكـلي

30

فانسبه أو لعارض إذا خرجوأوال للذات إن فيها اندرج

31

يات خمسة دون انتقاص ـ جنس وفصل عرض نوعوالكـلوخاص

32

جنس قريب أو بعيد أووأول ثالثة بال شططوسط

]فصل في بيان نسبة األلفاظ للمعاني[33

خمسة أقسام بال نقصانونسبة األلفاظ للمعاني

34

رادفتواطؤ تشاكك تخالف واالشتراك عكسه الت

35

فظ إما طلب أو خبر وأول ثالثة ستذكروالل

36

ساوي فالتماس وقعاأمر مع استعال وعكسه دعا وفي الت

177

ة[ ة والجزء والجزئــي ـ ي ـ ]فصل في بيان الكل والكـل37

ككل ذاك ليس ذا وقوعالكل حكمنا على المجموع

38

ة قد علماوحيـثما لكل فرد حكما ـ ي ـ ه كـل فإن

39

ة ةوالحكم للبعض هو الجزئي والجزء معرفتــــه جلي

فات[ ]فصل في المعر40

ف إلى ثالثة قسم حد ورسمي ولفظي علممعر

41

سم بالجنس وخاصة معافالحد بالجنس وفصل وقعا والر

42

جنس بعيد ال قريب وقعاوناقص الحد بفصل أو معا

43

سم بخاصة فقط أو مع جنس أبعد قد ارتبطوناقص الر

44

تـــبديل لفظ برديف أشهراوما بلفظي لديهم شهرا

45

منعكسا وظاهرا ال أبعداوشرط كل أن يرى مطردا

زاوال مساويا وال تجوزا4 بال قريـنة بها تحر178

647

مشتــــرك من القرينة خالوال بما يدرى بمحدود وال

48

أن تــدخل األحكام فيوعندهم من جمـلـة المردودالحدود

49

سم فادر ماوال يــجوز في الحدود ذكر أو وجائز في الررووا

]باب في القضايا وأحكامها[50

ة وخـبـراما احـتمل الصدق لذاته جرى ـ بــيـنـهـم قضـي

51

انـيثــــم القضايا عندهم قسمان ـة والث ـ ة حمليـ ـ شرطي

52

ة واألول ـ ة شخصي ـ ي ـ إما مسور وإما مهملكـل

53

ا يرى ا وجزئي ـ ــي ـ ور كـــل وأربع أقسامه حيث جرىوالس

54

شيء وليس بعض أو شبــهإما بكل أو ببعض أو بالجال

55

ها موجــــبـة وسالــبـة مانوكـل ـ فهي إذا إلى الثـــــآيـــبـة

179

56

واآلخر المحمول بالسويةواألول الموضوع بالحملية

57

عليق فيها قد حكم ة وتــنـقسـموإن على الت ها شرطي فإن

58

صلـة ة متــ ـ ة مـنـفصلةأيضا إلى شرطي ـ ومثـــلـهـا شرطي

59

صالجز آهما مقدم وتالي ـ أما بـيان ذات االت

60

وذات االنـــــفصال دون مينما أوجبت تالزم الجزأين

61

أقسامها ثالثة فـلـتــــعـلماما أوجبت تـنافرا بيـنهما

62

وهو الحقيقي األخص فاعـلـمامانع جمع أو خلو أو هما

ناقض[ ]فصل في التــ63

تـــين فـي ـ كـيف وصدق واحد أمر قـفيتـناقض خلف القضي

64

ة أو فإن تــكن شخـصيمـهـمـلـة

فـــنـقضها بـــالـكـيف أن تـبدلـه

65

فانـقض بـضد سورها المذكوروإن تــكن محصورة بــــالسور

180

66

ة ـ ي ـ ةفإن تكن موجــبـة كــل ـ نــقيضــها سالبة جـزئـــي

67

ة ـ ـي ـ نـقيضـها موجــــبـةوإن تكن سالبة كــلجــزئـــيـة

]فصل في العكس المستــوي[68

ة مع بـــقاء الصدقالعكس قـلب جزأي القضية والكـــيــفـي

69

ة ـ ي ـ فعوضوها الموجب الجــزوالكم إال الموجب الكـلة ـ ئـــــي

70

ـتـــين والعــكــس الزم لـغـير ما وجد به اجــتـماع الخسفاقـتـصد

71

بع ب بالطـ والعــكــس في مر ت

ب بـالوضع و ليس في مر ت

]باب في القــياس[72

مســـتـلزما بالذات قوال آخراإن القياس من قضايا صورا

73

فمنه ما يدعى باالقتـرانيثــم القياس عندهم قسمان

ةوهو الذي دل على النتيجة7 ـ بقوة واختـــص بالحمــلـي181

475

با مـقـدماته على ما وجبافإن ترد تركيـبه فرك

76

ب المقدمات وانـظرا ـ صحيحها من فاسد مخـتـبـراور ت

77

بحسب المقدمات آتفإن الزم المقدمات

78

فيجب اندراجها في الكـبرىوما من المقدمات صغرى

79

وذات حد أكـبـر كبراهماوذات حد أصغر صغراهما

80

ووسط يلغى لدى اإلنـتـاج وأصغر فذاك ذو اندراج

]فصل في األشكال[81

اس كل عند هؤالء الن تي قـياسالش ـ يطـلـق عن قضي

82

إذ ذاك بالضرب له يشارمن غير أن تعـتـبر األسوار

83

وللــمـقـدمات أشـــكـالفـقط

أربـعـة بحسـب الحــدالوســـط

84

يدعى بشكل أول ويدرىحمل بصغرى وضعه بكبرى

182

85

ووضعه في الكل ثالثا ألفوحمله في الكل ثانيا عرف

86

رتيب فيورابع األشكال عكس األول وهي على التكمل ـ الت

87

ظام يعدل ظام أما األولفحيث عن هذا الن ففاسد الن

88

ة كبراهفشرطه اإليجاب في صغراه ـ ي ـ وأن ترى كـل

89

ان أن يخـتـلفا في الكـيـف والثمع

ة الكبرى له شرط وقع ي ـ كـل

90

الث اإليجاب في صغراهما ة إحداهماوالث ـ ي ـ وأن ترى كـل

91

تين إال بصورة ففيها يستبينورابع عدم جمع الخس

92

ة ةصغراهما موجبة جزئي ـ ي ـ كبراهما سالبة كـل

93

ةفمنتـج ألول أر بـعـة ـ ان ثم ثالث فســــت كالث

94

وغير ما ذكرته لم يـنـتجاورابع بخمسة قد أنـتجا

95

تيجة األخس من ـ تلك المقدمات هكذا زكنوتـتـبع الن

183

96

رطيوهذه األشكال بالحملي مخـتصـة وليس بالش

97

تـيـجة لعلم آتوالحذف في بعض المقدمات ـ أو الن

98

من دور أو تسلسل قد لزما وتـنـتهي إلى ضرورة لما

]فصل في االستثنائي[رط بال امتراءومنه ما يدعى باالستـثـناء99 يعرف بالش

تـيجة100 ـ ذي دل على الن أو ضدها بالفعل ال بالقوةوهو الصال101 رطي ذا ات اليفإن يك الش أنتج وضع ذاك وضع التيلزم في عكسهما لما انجلىورفع تال رفع أول وال102 يـنـتـج رفع ذاك والعكس كذاوإن يكن منفصال فوضع ذا103 وذاك في األخص ثم إن104

يكن مانع جمع فبوضع ذا زكن

مانع رفع كان فهو عكس ذا رفع لذاك دون عكس وإذا105 ]لـواحق القياس[

با106 بـاومنه ما يدعونه مرك ـ لكونه من حجج قد ركبـنـه إن ترد أن107 ـ واقـلـب نـتـيجة به مقدمة فرك

184

تعـلـمـهايلزم من تركيـبـها بأخرى108 نـتـيـجـة إلى هـلـم جرذي حوى109 تـائج ال ـ صل الن يكون أو مفصولـها كل سوامت وإن بجزئي على كـلي110

استدل فذا باالستقراء عندهم عقل

وعكسه يدعى القياس111المنطقي

ذي قدمـتـه فحـقـق وهو ال

وحيث جزئي على جزئي112حمل

لجامع فذاك تمثيل جعل

مثيل وال يفيد القطع بالدليل113 قياس االستقراء والت ]أقــسام الحجة[

ة114 ـ ة عـقـلـي ـ ة نـقـلـي ةوحج ـ أقسام هذي خمسة جـلـي وخامس سفسطة نلت األملخطابة شعر وبرهان جدل115ف من116 ها الـبرهان ما أل ـ مقدمات باليقـين تـقـترنأجـلات مشاهدات117 بات متواتراتمن أولي مجرات ومحسوسات118 اتوحدسي ـ فتلك جمـلـة اليقـيـنـي

185

تـيجـة خالف آتوفي داللة المقدمات119 ـ على الند120 د عقلي أو عادي أو تــول ـ أو واجـب واألول المــؤيـ

]خاتــــــمة[ في مادة أو صورة فالمبـتـداوخطأ الـبرهان حيث وجدا121فظ كاشتراك أو122 في الل

كجعل ذاديف مأخذا تباين مثل الر

وفي المعاني كالتباس123الكاذبة

بذات صدق فافهم المخاطبة

كمثل جعل العرضي124كالذاتي

أو الزم إحدى المقدمات

وع125 وجعل كالقطعـي غيروالحكم للجنس بحكم النالقطعي

ان كالخروج عن أشكاله126 ـتـج منوالث ـ وترك شرط النإكماله

من أمهات المنطق المحمودهذا تمام الغرض المقصود127 قد انـتـهى بحمد رب128

الفـلـق ما رمـتـه من فن علم

المنطق

186

نظمه العبد الذليل129المـفـتـقر

لرحمة المو لى العظيمالمقـتـدر

حمن130 اناألخضري عابد الر ـ ه المـن ـ المرتجي من ربوتكشف الغطا عن القـلـوبمغفرة تحيط بالذنوب131ة العـلـى132 ـ ه أكرم من تفضالوأن يثـيـبـنـا بجـن فإن وكن أخي للمـبـتدي133

مسامحاوكن إلصالح الفساد ناصحا

أمل134 ـ وإن بديهة فال تـبـدلوأصلح الفساد بالت135 ف صحيحا ألجل كون فهمه قبيحاإذ قيل كم مزي وقل لمن لم ينـتـصف136

لمقصديالعذر حق واجب للمـبـتدي

ولبني إحدى وعشرين137سـنـة

معذرة مقـبولـةمســـتـحسـنـة

ما في عاشر القرون138 ذي الجهل والفساد والفـتـونال سيم139 وكان في أوائل المحر م جز المـنـظـ تأليـف هذا الرمن بعد تسعة من المئيـنمن ســنـة إحدى وأربعين140

187

ه خير منثم الصالة والسالم سرمدا141 على رسول اللهدى

قات142 ـ جاةوآله وصحبه الث الكين سبل الن السهار143 ما قطعت شمس الن

أبرجا وطلع البدر المنـيـر في

الدجى

188