كتاب روضة العقالء ونزهة الفضالءلإلمام الحافظ أبي حاتم محمد بن حبان البسيتي

كتاب في الوعظ والتذكير، فقد حوى الكتاب ما يحتاجه العقالء، ويفوق العالم به أقرانه، ويكون النديم في الخلوات والمؤنس في الفلوات، بين فيه ما يحسن للعاقل إستعماله من الخصال

المحمودة ويقبح به إتيانه من الخالل المذمومة، حاويا لفنون األخبار وأنواع األشعار مذكرا بالحث على لزوم العقل وإصالح الرائد وما أبيح من المزاح للمرء وما لم يبح وذكر إئتالف الناس

وإختالفهم والحث على صنوف الخير . وقد تم تحقيق وشرح المسائل الغامضة زيادة في الفائدة

1

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله المتفرد بوحدانية األلوهية المتعزز بعظمة الربوبية القائم على نفوس العالم بآجالها والعالم بتقلبها وأحوالها المان

عليهم بتواتر آالئه المتفضل عليهم بسوابغ نعمائه الذي أنشأ الخلق حين أراد بال معين وال مشير وخلق البشر كما أراد بال

شبيه وال نظير فمضت فيهم بقدرته مشيئته ونفذت فيهم بعزته إرادته فألهمهم حسن اإلطالق وركب فيهم تشعب األخالق فهم

على طبقات أقدارهم يمشون وعلى تشعب أخالقهم يدورون كل حزب بما53 23وفيما قضى وقدر عليهم يهيمون و )

0لديهم فرحون ( وأشهد أن ال إله إال الله فاطر السموات العال ومنشيء

23 21األرضين والثرى ال معقب لحكمه وال راد لقضائه ) 0اليسأل عما يفعل وهم يسألون (

وأشهد أن محمدا عبده المجتبى ورسوله المرتضى بعثه بالنور المضي واألمر المرضي على حين فترة من الرسل ودروس من السبل فدمغ به الطغيان وأكمل به اإليمان وأظهره على كل األديان وقمع به أهل األوثان ف صلى الله عليه وسلم ما

دار في السماء فلك وما سبح في الملكوت ملك وعلى آله0أجمعين

أما بعد فإن الزمان قد تبين للعاقل تغيره والح للبيب تبدله حيث يبس ضرعه بعد الغزارة وذبل فرعه بعد النضارة ونحل

عوده بعد الرطوبة وبشع مذاقه بعد العذوبه فنبع فيه أقوام يدعون التمكن من العقل باستعمال ضد ما يوجب العقل من

شهوات صدورهم وترك ما يوجبه نفس العقل بهجسات

قلوبهم جعلوا أساس العقل الذي يعقدون عليه عند المعضالت النفاق والمداهنه وفروعه عند ورود النائبات حسن اللباس

2

والفصاحة وزعموا أن من أحكم هذه األشياء األربع فهو العاقل الذي يجب اإلقتداء به ومن تخلف عن إحكامها فهو األنوك

0الذي يجب اإلزورار عنه فلما رأيت الرعاع من العالم يغترون بأفعالهم والهمج من

الناس يقتدون بأمثالهم دعاني ذلك الى تصنيف كتاب خفيف يشتمل متضمنه على معنى لطيف مما يحتاج اليه العقالء في أيامهم من معرفة األحوال في أوقاتهم ليكون كالتذكرة لدوي الحجى عند حضرتهم وكالمعين ألولى النهى عند غيبتهم يفوق

العالم به أقارنه والحافظ له أترابه يكون النديم الصادق للعاقل في الخلوات والمؤنس الحافظ له في الفلوات إن خص به من

يجب من إخوانه لم يفتقده من ديوانه وإن استبد به دون0أوليائه فاق به على نظرائه

أبين فيه ما يحسن للعاقل استعماله من الخصال المحمودة ويقبح به إتيانه من الخالل المذمومه مع القصد في لزوم

االقتصار وترك اإلمعان في اإلكثار ليخف على حامله وتعيه أذن مستمعه ألن فنون األخبار وأنواع األشعار إذا استقصى المجتهد في إطالتها فليس يرجو النهاية الى غايتها ومن لم يرج التمكن

0من الكمال في اإلكثار كان حقيقا أن يقنع باإلختصار والله الموفق للسداد والهادي الى الرشاد وإياه أسأل إصالح

باألسرار وترك المعاقبة على األوزار إنه جواد كريم رءوف0رحيم

ذكر الحث على لزوم العقل وصفة العاقل اللبيب حدثنا محمد بن يوسف بن مطر حدثنا عبد الله بن أحمد بن

شبويه حدثنا أحمد بن يونس حدثنا فضيل بن عياض عن محمد بن ثور عن معمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال قال

النبي صلى الله عليه وسلم إن الله يحب مكارم األخالق ويكرهسفسافها

3

قال أبو حاتم لست أحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا صحيحا في العقل ألن أبان بن أبي عياش وسلمة بن وردان وعمير بن عمران وعلي ابن زيد والحسن بن دينار

وعباد بن كثير ومسيرة بن عبد ربه وداود ابن المحبر ومنصور بن صفر وذويهم ليسوا ممن أحتج بأخبارهم فأخرج ما عندهم

0من األحاديث في العقل وإن محبة المرء المكارم من األخالق وكراهته سفسافها هو

فالعقل به يكون الحظ ويؤنس الغربه وينفي0نفس العقل 0الفاقة وال مال أفضل منه وال يتم دين أحد حتى يتم عقله

والعقل اسم يقع على المعرفة بسلوك الصواب والعلم بإجتناب الخطأ فإذا كان المرء في أول درجته يسمى أديبا ثم

أريبا ثم لبيبا ثم عاقال كما أن الرجل إذا دخل في أول حد الدهاء قيل له شيطان فإذا عتا في الطغيان قيل مارد فإذا زاد

على ذلك قيل عبقري فإذا جمع الى خبثه شدة شر قيلعفريت

وكذلك الجاهل يقال له في أول درجته المائق ثم الرقيع ثم0األنوك ثم األحمق

...وأفضل مواهب الله لعباده العقل ولقد أحسن الذي يقول فليس من الخيرات شيء...وأفضل قسم الله للمرء عقله

فقد كملت أخالقه... إذا أكمل الرحمن للمرء عقله ...يقاربه على العقل... يعيش الفتى في الناس بالعقل إنه ...ومآربه

... يزيد الفتى في الناس جودة عقله ...يجري علمه وتجاربه ... وإن كان محظورا عليه مكاسبه

أخبرنا محمد بن سليمان بن فارس حدثنا أحمد بن سيار حدثنا حبيب الجالب قال قيل البن المبارك ما خير ما أعطى الرجل

قال غريزة عقل قيل فإن لم يكن قال أدب حسن قيل فإن لم يكن قال أخ صالح يستشيره قيل فإن لم يكن قال صمت

4

طويل قيل فإن لم يكن قال موت عاجل أخبرنا محمد بن داود الرازي حدثنا محمد بن حميد حدثنا ابن

المبارك قال سئل عقيل ما أفضل ما أعطى العبد قال غريزة عقل قال فإن لم يكن قال فأدب حسن قال فإن لم يكن قال

فأخ شقيق يستشيره قال فإن لم يكون فطول الصمت قالفإن لم يكن قال فموت عاجل

قال أبو حاتم العقل نوعان مطبوع ومسموع فالمطبوع منهما كاألرض والمسموع كالبذر والماء وال سبيل للعقل المطبوع أن

يخلص له عمل محصول دون أن يرد عليه العقل المسموع فينبهه من رقدته ويطلقه من مكامنه يستخرج البذر والماء ما

في قعور األرض من كثرة الربع فالعقل الطبيعي من باطن اإلنسان بموضع عروق الشجرة من األرض والعقل المسموع من ظاهره كتدلى ثمرة الشجرة من

أنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطى0فروعها

وال ينفع المسموع... فمطبوع ومسموع ...رأيت العقل نوعين وضوء العين... كما ال تنفع الشمس ... إذا لم يك مطبوع ...

... ممنوع أخبرنا القطان بالرقه حدثنا موسى بن مروان حدثنا بقية عن عبد الله بن حسان حدثني ابن عامر قال قلت لعطاء بن أبي

رباح يا أبا محمد ما أفضل ما أعطى العبد قال العقل عن الله ...أنشدني أحمد بن عبدالله الصنعاني لعبد الله بن عكراش

وإن كان محظورا عليه...يزين الفتى في الناس صحة عقله وإن كرمت... يشين الفتى في الناس خفة عقله ...مكاسبه

... أعراقه ومناسبه قال أبو حاتم فالواجب على العاقل أن يكون بما أحيا عقله من

الحكمة أكلف منه بما أحيا جسده من القوت ألن قوت األجساد المطاعم وقوت العقل الحكم فكما أن األجساد تموت

5

عند فقد الطعام والشراب وكذلك العقول إذا فقدت قوتها من0الحكمة ماتت

والتقلب في األمصار واألعتبار بخلق الله مما يزيد المرء عقال0وإن عدم المال في تقلبه

إن ذا العقل يرى...أنشدني عبد الرحمن بن محمد المقاتلي ما على المرء بعدم... عدم المال إذا ما العقل صح ...غنما له

... إن وفا العقل وإن دين صلح...سبة أخبرنا محمد بن المسيب حدثنا أحمد بن إسماعيل المدني قال سمعت حاتم ابن اسماعيل يقول ما أستودع الله عقال عبدا إال

استنقذه به يوما ما قال أبو حاتم العقل دواء القلوب ومطيةالمجتهدين وبذر حراثة اآلخرة

وتاج المؤمن في الدنيا وعدته في وقوع النوائب ومن عدم العقل لم يزده السلطان عزا وال المال يرفعه قدرا وال عقل

لمن أغفله عن أخراه ما يجد من لذة دنياه فكما أن أشدالزمانه الجهل كذلك أشد الفاقه عدم العقل

والعقل والهوى متعاديان فالواجب على المرء أن يكون لرأيه مسعفا ولهواه مسوفا فإذ أشتبه عليه أمران اجتنب أقربهما

من هواه ألن في مجانبته الهوى إصالح السرائر وبالعقل تصلح0الضمائر

أخبرنا عمرو بن محمد األنصاري ثنا ثنا محمد بن عبيد الله الجشمى حدثنا المداينى قال قال معاوية بن أبي سفيان لرجل

من العرب عمر دهرا أخبرني بأحسن شيء رأيته قال عقلطلب به مروءة مع تقوى الله وطلب اآلخرة

إذا تم عقل المرء...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش فإن لم يكن عقل... وتمت أياديه وتم بناوه ...تمت أموره ... ولو كان ذا مال كثيرا عطاؤه...تبين نقصه

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو كامل الجحدرى حدثنا6

عمران بن خالد الخزاعي قال سمعت الحسن يقول ما تم دين عبد قط حتى يتم عقله قال أبو حاتم أفضل ذوي العقول منزلة

أدومهم لنفسه محاسبة وأقلهم عنها فترة فبالعقل تعمر القلوب كما أن بالعلم تستخرج األحالم وعمود

السعادة العقل ورأس االختيار ولو صور العقل صورة ألظلمت معه الشمس لنوره فقرب العاقل مرجو خيره على كل حال

0كما أن قرب الجاهل مخوف شره على كل حال

وال يجب للعاقل أن يغتم ألن الغم ال ينفع وكثرته تزري بالعقلوال أن يحزن ألن الحزن ال يرد المرزئة ودوامه ينقص العقل

والعاقل يحسم الداء قبل أن يبتلى به ويدفع األمر قبل أن يقع فيه فإذا وقع فيه رضى وصبر والعاقل ال يخيف أحدا أبدا ما استطاع وال يقيم على خوف وهو يجد منه مذهبا وإذا خاف

على نفسه الهوان طابت نفسه عما يملك من الطارف والتالدمع لزوم العفاف إذ هو قطب شعب العقل

أولست...أنشدني المنتصر بن بالل بن المنتصر األنصاري فإن... وإليه آل األمر حين يؤول ...تأمر بالعفاف وبالتقى

... إن العقول يرى لها تفضيل...استطعت فخذ بعقلك فضلة أخبرنا الحسين بن إسحاق األصبهاني بالكرج حدثنا محمد بن

علي الطاحي حدثنا عمرو بن عثمان الخزاز الحرانى حدثنا مفضل بن صالح قال على لما أهبط الله آدم من الجنة أتاه

جبريل فقال إنى أمرت أن أخيرك في ثالثة فاختر واحدة ودع إثنتين فقال آدم وما الثالث فقال الحياء والدين والعقل فقال

آدم فإني قد أخترت العقل قال فقال جبريل للحياء والدين أنصرفا ودعاه فقاال إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان ثم

عرج جبريل وقال شأنكم قال أبو حاتم من حسن عقله وقبح وجهه فقد أفقد فضائل نفسه قبائح وجهه ومن حسن وجهه وقل عقله فقد أذهب

7

محاسن وجهه نقائص نفسه فال يجب للعاقل أن يغتم إذا كان معدما ألن العاقل قد يرجى له الغنى وال يوثق للجاهل المكثر

ببقاء ماله ومال العاقل عقله وما قدم من صالح عمله

وآفة العقل الصلف والبالء المردي والرخاء المفرط ألن الباليا إذا تواترت عليه أهلكت عقله والرخاء إذا تواتر عليه أبطره

0والعدو العاقل خير للمرء من الصديق الجاهل عدوك ذو العقل أبقى...أنشدني علي بن محمد البسامي

وذو العقل يأتي جميل... من الجاهل الوامق األحمق ...عليك ... األمور ويقصد لألرشد األرفق

أخبرنا محمد بن الحسين بن قتيبة بعسقالن حدثنا ابن أبى السرى حدثنا داود بن الجراح وضمرة بن ربيعة عن خليد بن دعلج قال سمعت معاوية ابن قرة يقول إن القوم ليحجون

ويعتمرون ويجاهدون ويصلون ويصومون وما يعطون يومالقيامة إال على قدر عقولهم

سمعت محمد بن محمود بن عدى النسائى يقول سمعت على بن خشرم يقول سمعت حفص بن حميد األكاف يقول العاقل

ال يغبن والورع ال يغبن قال أبو حاتم هذه لفظة جامعة تشتمل على معان شتى فكما ال ينفع االجتهاد بغير توفيق وال الجمال بغير حالوة وال السرور بغير أمن كذلك ال ينفع العقل بغير ورع وال الحفظ بغير عمل

وكما أن السرور تبع لألمن والقرابة تبع للمودة كذلكالمروءات كلها تبع للعقل

وعقول كل قوم على قدر زمانهم فالعاقل يختار من العمر أحسنه وإن قل فإنه خير من الحياة النكدة وإن طالت والعقل

0الموعى غير المنتفع به كاألرض الطيبة الخراب والعاقل ال يبتدىء الكالم إال أن يسأل وال يكثر التمارى إال عند

0القبول وال يسرع الجواب إال عند التثبت8

والعاقل ال يستحقر أحدا ألن من أستحقر السلطان أفسد دنياه ومن استحقر األتقياء أهلك دينه ومن استحقر اإلخوان أفنى

0مروءته ومن استحقر العام أذهب صيانته والعاقل ال يخفى عليه عيب نفسه ألن من خفى عليه عيب

نفسه خفيت عليه محاسن غيره وإن من أشد العقوبه للمرء أن يخفى عليه عيبه ألنه ليس بمقلع عن عيبه من لم يعرفه وليس بنائل محاسن الناس من لم يعرفها وما أنفع التجارب

0للمبتدى ألم تر أن...أنشدني المنتصر بن بالل بن المنتصر األنصاري

وقد... وأن كمال العقل طول التجارب ...العقل زين ألهله ويزداد في أيامه...وعظ الماضي من الدهر ذا النهى

... بالتجارب أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا

جرير عن الحكم ابن عبد الله قال كانت العرب تقول العقلالتجارب والحزم سوء الظن

قال أبو حاتم ال يكون المرء بالمصيب في األشياء حتى تكونله خبرة بالتجارب

والعاقل يكون حسن المأخذ في صغره صحيح األعتبار في صباه حسن العفة عند إدراكه رضى الشمائل في شبابه ذا

الرأي والحزم في كهولته يضع نفسه دون غايته برتوة ثم يجعل لنفسه غاية يقف عندها ألن من جاوز الغاية في كل شئ صار

0الى النقص وال ينفع العقل إال باإلستعمال كما ال تنفع األعوان إال عند الفرصة وال ينفع الرأي إال باإلنتخال كما ال تتم الفرصة إال

0بحضور األعوان ومن لم يكن عقله أغلب خصال الخير عليه أخاف أن يكون

0حتفه في أقرب األشياء إليه9

ورأس العقل المعرفه بما يمكن كونه قبل أن يكون والواجب على العاقل أن يجتنب أشياء ثالثة فإنها أسرع في

إفساد العقل من النار في يبيس العوسج االستغراق في الضحك وكثرة التمني وسوء التثبت ألن العاقل ال يتكلف ماال

يطيق وال يسعى إال لما يدرك وال يعد اال بما يقدر عليه وال ينفق إال بقدر ما يستفيد وال يطلب من الجزاء إال بقدر ما عنده

0من الغناء وال يفرح بما نال إال بما أجدى عليه نفعة منه والعاقل يبذل لصديقه نفسه وماله ولمعرفته رفده ومحضره ولعدوه عدله وبره وللعامة بشره وتحيته وال يستعين إال بمن يحب أن يظفر بحاجته وال يحدث إال من يرى حديثه مغنما إال

أن يغلبه االضطرار عليه وال يدعي ما يحسن من العلم ألن فضائل الرجال ليست ما ادعوها ولكن ما نسبها الناس إليهم وال يبالي ما فاته من حطام الدنيا مع ما رزق من الحظ في

0العقل فمن كان ذا عقل...أنشدني عبد الرحمن بن محمد المقاتلى

ومن... يكون كذى رجل وليست له نعل ...ولم يك ذا غنى يكون كذى نعل وليست له...كان ذا مال ولم يك ذا حجى

... رجل قال أبو حاتم كفى بالعاقل فضال وإن عدم المال بأن تصرف

مساوى أعماله الى المحاسن فتجعل البالدة منه حلما والمكر عقال والهذر بالغة والحدة ذكاء والعى صمتا والعقوبة تأديبا

والجرأة عزما والجبن تأنيا واإلسراف جودا واإلمساك تقديرا فال تكاد ترى عاقال إال موقرا للرؤساء ناصحا لألقران مواتيا لألخوان متحرزا من األعداء غير حاسد لألصحاب وال مخادع

لألحباب وال يتحرش باألشرار وال يبخل في الغنى وال يشره في الفاقه وال ينقاد للهوى وال يجمح في الغضب وال يمرح في الوالية وال يتمنى ماال يجد وال يكتنز إذا وجد وال يدخل في

10

دعوى وال يشارك في مراء

وال يدلي بحجة حتى يرى قاضيا وال يشكو الوجع إال عند من يرجو عنده البرء وال يمدح أحدا إال بما فيه ألن من مدح رجال

بما ليس فيه فقد بالغ في هجائه ومن قبل المدح بما لم يفعله0فقد استهدف للسخرية

والعاقل يكرم على غير مال كاألسد يهاب وإن كان رابضا وكالم العاقل يعتدل كاعتدال جسد الصحيح وكالم الجاهل

يتناقض كاختالط جسد المريض وكالم العاقل وان كان نزرا حظوة عظيمة كما أن مقارفة

المأثم وإن كان نزرا مصيبة جليلةومن العقل التثبت في كل عمل قبل الدخول فيه

وآفة العقل العجب بل على العاقل أن يوطن نفسه على الصبر على جار السوء وعشير السوء وجليس السوء فإن ذلك

0مما ال يخطيه على ممر األيام وال يجب للعاقل أن يحب أن يسمى به ألن من عرف بالدهاء حذر ومن عقل العاقل دفن عقله ما استطاع ألن البذر وان

خفى في األرض أياما فإنه ال بد ظاهر في أوانه وكذلك العاقل0ال يخفى عقله وإن أخفى ذلك جهده

وأول تمكن المرء من مكارم األخالق هو لزوم العقل إن المكارم أبواب مصنفة...أنشدني على بن محمد البسامي

والعلم ثالثها والحلم رابعها... فالعقل أولها والصمت ثانيها ...

والصبر سابعها والشكر... والجود خامسها والصدق ساديها ...... واللين تاسعها والصدق عاشيها...ثامنها

أخبرنا عمر بن عبد الله بن عمر الهجرى باألبلة حدثنا عبد الله بن خبيق حدثنا موسى بن طريف قال شعيب بن حرب قال لي شعبة عقولنا قليلة فإذا جلسنا مع من هو أقل عقال منا

ذهب ذلك القليل وإنى ألرى الرجل يجلس11

مع من هو أقل عقال منه فأمقته قال أبو حاتم أول خصال الخير للمرء في الدنيا العقل وهو من

أفضل ما وهب الله لعباده فال يجب أن يدنس نعمة اللهبمجالسه من هو بضدها قائم

والواجب على العاقل أن يكون حسن السمت طويل الصمت فإن ذلك من أخالق األنبياء كما أن سوء السمت وترك الصمت

والعاقل ال يطول أمله ألن من قوى أمله0من شيم األشقياءضعف عمله ومن أتاه أجله لم ينفعه أمله

والعاقل ال يقاتل من غير عدة وال يخاصم بغير حجه وال يصارع بغير قوة ألن بالعقل تحيا النفوس وتنور القلوب وتمضي

األمور وتعمر الدنيا والعاقل يقيس ما لم ير من الدنيا بما قد رأى ويضيف مالم

يسمع منها إلى ما قد سمع وما لم يصب منها إلى ما قد أصاب وما بقى من عمره بما فنى وما لم ينل منها بما قد أوتى وال

يتكل على المال وإن كان في تمام الحال ألن المال يحل ويرتحل والعقل يقيم وال يبرح ولو أن العقل شجرة لكانت منأحسن الشجر كما أن الصبر لو كان ثمرة لكان من أكرم الثمر

0 والذي يزداد به العاقل من نماء عقله هو التقرب من أشكاله

0والتباعد من أضداده ولقد أخبرنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا أبو جعفر ابن ابنة

أبي سعيد الثعلبي حدثنا محمد بن أبى مالك الغزي قال سمعت أبي يقول جالسوا األلباء أصدقاء كانوا أو أعداء فإن

العقول تلقح العقول قال أبو حاتم مجالسة العقالء ال تخلو من أحد معنيين إما تذكر

الحالة

12

التي يحتاج العاقل الى األنتباه لها أو اإلفادة بالشيء الخطير0الذي يحتاج الجاهل الى معرفتها

فقرب العاقل غنم ألشكاله وعبره ألضداده على األحوال كلها وال يجب لمن تسمى به أن يتدلل إال على من يحتمل دالله ويقبل إال على من يحب إقباله ولو كان للعقل أبوان لكان

0أحدهما الصبر واألخر التثبت جعلنا الله ممن ركب فيه حسن وجود العقل فسلك بتمام

النعم مسلك الخصال التي تقربه الى ربه في دارى األمد واألبد0إنه الفعال لما يريد

ذكر إصالح السرائر للزوم تقوى الله أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن زهير بتستر حدثنا عمر بن شبة حدثنا مؤمل ابن إسماعيل حدثنا شعبة عن زياد بن عالقة

عن أسامة بن شريك قال قال رسول الله صلى الله عليهوسلم ما كره الله منك شيئا فال تفعله إذا خلوت

قال أبو حاتم الواجب على العاقل الحازم أن يعلم أن للعقل شعبا من المأمورات والمزجورات ال بد له من معرفتها0واستعمالها في أوقاتها لمباينة العام وأوباش الناس بها

وإني ذاكر في هذا الكتاب إن الله قضى ذلك وشاءه خمسين شعبة من شعب العقل من المأمورات والمزجورات ليكون

الكتاب مشتمال على خمسين بابا بناء كل باب منها على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نتكلم في عقيب كل سنة

0منها بحسب ما يمن الله به من التوفيق لذلك إن شاء الله فأول شعب العقل هو لزوم تقوى الله وإصالح السريرة ألن

من صلح جوانيه أصلح الله برانيه ومن فسد جوانيه أفسد الله0برانيه

... إذا ما خلوت الدهر يوما فال تقل ...ولقد أحسن الذي يقول ... وال تحسبن الله يغفل ساعة ...خلوت ولكن قل على رقيب

وال أن ما يخفى عليه يغيب13

... وأن غدا للناظرين قريب...ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب أخبرنا عبد الله بن محمود بن سليمان السعدى حدثنا شعبة بن

هبيرة حدثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال اتخذ0طاعة الله تجارة تأتك األرباح من غير بضاعة

قال أبو حاتم قطب الطاعات للمرء في الدنيا هو إصالحالسرائر وترك إفساد الضمائر

والواجب على العاقل اإلهتمام بإصالح سريرته والقيام بحراسة قلبه عند إقباله وإدباره وحركته وسكونه ألن تكدر األوقات

وتنغص اللذات ال يكون إال عند فساده ولو لم يكن إلصالح السرائر سبب يؤدى العاقل إلى استعماله

إال إظهار الله عليه كيفية سريرته خيرا كان أو شرا لكانالواجب عليه قلة اإلغضاء عن تعاهدها

يلبس الله في...أنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش حسنا كان... الذي كان يختفى في السريره ...العالنية العبد

فاستح الله... كل ما كان ثم من كل سيرة ...أو قبيحا سيبدى ... فإن الرياء بئس الذخيرة...أن ترائى للناس

أخبرنا أبو يعلى حدثنا شريح بن يونس حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن عطاء بن أبى رباح عن أبيه قال قال كعب

والذي فلق البحر لبنى إسرائيل إنى ألجد في التوراة مكتوبا يا بن آدم اتق ربك وصل رحمك وبر والديك يمد لك في عمرك

0وييسرلك يسرك ويصرف عنك عسرك حدثنا محمد بن سليمان بن فارس حدثنا محمد بن على

الشقيقي حدثنا أبى حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن مالكبن دينار قال إن القلب إذا لم يكن

فيه حزن خرب كما يخرب البيت إذا لم يكن فيه ساكن وإن14

قلوب األبرار تغلى بأعمال البر وإن قلوب الفجار تغلى بأعمال0الفجور والله يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله

وإذا أعلنت...أنشدني محمد بن مبد الله بن زنجى البغدادي فمسر الخير... فليكن أحسن منه ما تسر ...أمرا حسنا ... ومسر الشر موسوم بشر...موسوم به

أخبرنا أبو يعلى حدثنا شريح بن يونس حدثنا أبو معاوية عن األعمش عن إبراهيم قال إن الرجل ليتكلم بالكالم ينوى فيه الخير فيلقى الله في قلوب العباد حتى يقولوا ما أراد بكالمه

هذا إال الخير وإن الرجل ليتكلم بالكالم الشر ال ينوى فيه الخير فيلقى الله في قلوب الناس حتى يقولوا ما أراد بكالمه هذا إال

0الشر حدثنا محمد بن عمر الهمداني حدثنا القطواني حدثنا سيار

حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال سمعت الحسن يقول إنكم وقوف ها هنا تنتظرون آجالكم وعند الموت تلقون الخبر فخذوا

مما عندكم لما بعدكم قال أبو حاتم الواجب على العاقل أن يأخذ مما عنده لما بعده من التقوى والعمل الصالح بإصالح السريرة ونفى الفساد عن خلل الطاعات عند إجابة القلب وإبائه فإذا كان صحة السبيل

في إقباله موجودا أنفذه بأعضائه وإن كان عدم وجوده موجودا0كبحه عنها ألن بصفاء القلب تصفو األعضاء

وإن امرأ...وأنشدني المنتصر بن بالل بن المنتصر األنصاري وإن... لفى وحشة من كل نظرة ناظر ...لم يصف لله قلبه

... إلى داره األخرى فليس بتاجر ...امرأ لم يرتحل ببضاعة ... لمنقلب منها بصفقة خاسر...وإن امرأ ابتاع دنيا بدينه

أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفى ببغداد حدثناأبو نصر التمار

حدثنا أبو األشهب عن خالد الربعى قال كان لقمان عبدا حبشيا15

نجارا فأمره سيده أن يذبح شاة فذبح شاة فقال أئتنى بأطيب مضغتين في الشاة فأتاه باللسان والقلب ثم مكث أياما فقال

اذبح شاة فذبح شاة فقال ائتنى بأخبث مضغتين في الشاة فألقى إليه اللسان والقلب فقال له سيده قلت لك حين ذبحت

ائتنى بأطيب مضغتين فأتيتنى باللسان والقلب ثم قلت لك اآلن حين ذبحت الشاة أئتنى بأخبث مضغتين في الشاة

فألقيت اللسان والقلب فقال إنه ال أطيب منهما إذا طابا والأخبث منهما إذا خبثا

وما المرء إال قلبه...وأنشدني منصور بن محمد الكريزى إذا ما رداء المرء لم... إذا حصلت أخباره ومداخله ...ولسانه

وما كل من... فهيهات أن ينقيه بالماء غاسله ...يك طاهرا ... وما كل ما أملته أنت نائله...تخشى ينالك شره

أخبرنا أحمد بن عيسى بن السكبن بواسط حدثنا عبد الحميد بن محمد بن مستام حدثنا مخلد بن يزيد حدثنا صالح بن

حسان المؤذن قال دخلت على عمر ابن عبد العزيز فسمعتهيقول ال يتقى الله عبد حتى يجد طعم الذل

قال أبو حاتم العاقل يفتش قلبه في ورود األوقات ويكبح نفسه عن جميع المزجورات ويأخذها بالقيام في أنواع

المأمورات ولزوم األنتباه عند ورود الفترة في الحاالت وال يكون المرء يشاهد ما قلنا قائما حتى يوجد منه صحة التثبت

0في األفعال وإذا بحثت عن التقى...أنشدني على بن محمد البسامي

وإذا اتقى الله امرؤ... رجال يصدق قوله بفعال ...وجدته وعلى التقى اذا تراسخ... فيداه بين مكارم ومعال ...وأطاعه

وإذا تناسبت الرجال... تاجان تاج سكينة وجمال ...في التقى نسبا يكون كصالح األعمال...فما أرى

أخبرنا القطان بالرقة حدثنا عبد الله بن رومى البزاز عن أبيه16

قال قلما دخلت على إسحاق بن أبى ربعى الرافقى إال وهو جيب نقى... خير من المال واأليام مقبلة ...يتمثل بهذا البيت ... من اآلثام والدنس

أخبرنا محمد بن عبدالله بن الجنيد حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله أخبرنا الربيع عن الحسن قال أفضل العمل

0الورع والتفكر قال أبو حاتم العاقل يدبر أحواله بصخة الورع ويمضى لسانه بلزوم التقوى ألن ذلك أول شعب العقل وليس إليه سبيل إال

بصالح القلب ومثل قلب العاقل إذا لزم رعاية العقل على ما نذكرها في

كتابنا هذا إن الله قضى ذلك وشاءه كأن قلبه شرح بسكاكين التقية ثم ملح بملح الخشيه ثم جفف برياح العظمة ثم أحيى

بماء القربه فال يوجد فيه إال ما يرضى المولى جل وعال وال يبالى المرء إذا كان بهذا النعت أن يتضع عند الناس ومحال أن

0يكون ذلك أبدا سمعت أحمد بن موسى بواسط يقول وجد ) ت ( على خف

إال إنما التقوى هو العز...عطاء السلمي مكتوبا وكان حائكا وليس على عبد... وفخرك بالدنيا هو الذل والعدم ...والكرم

... إذا صحح التقوى وإن حاك أو حجم...تقى نقيصه أخبرنا محمد بن زنجويه القشيرى حدثنا عمرو بن على حدثنا

طريف بن سعيد حدثنا القاسم بن عبد الله األنصاري عن محمد بن علي بن حسين قال إذا بلغ الرجل أربعين سنة ناداه

0مناد من السماء دنا الرحيل فأعد زادا إذا انتسب الناس...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبراش

ومن يتقى الله... بتقواه أفضل من ينتسب ...كان التقى ومن يتخذ سببا... من الحظ أفضل ما يكتسب ...يكسب به

فإن تقى الله خير السبب...للنجاة

17

وأنشدني أحمد بن محمد بن عبد الله الصنعانى البن عكراش وما ينسه اإلنسان ال ينسى... ومهما يسر المرء يبد لربه ...

فذو الحظ في أمر... ومن كان غالبا بجهد ونجدة ...كاتبه ... المعيشة غالبه

وأنشدني أبو بدر أحمد بن خالد بن عبيد الله بن عبد الملك كأن لذاتها أضغاث... يا نفس ما هو إال صبر أيام ...بحران وخل عنها فإن... يا نفس جوزي عن الدنيا مبادرة ...أحالم

... العيش قدامى أخبرنا الحسين بن إدريس األنصارى أخبرنا سويد بن نصر

أخبرنا عبد الله أخبرنا سفيان عن معن قال قال عبد الله إن لهذه القلوب شهوه وإقباال وإن لها فترة وإدبارا فخذوها عند

0شهوتها وإقبالها ودعوها عند فترتها وإدبارها قال أبو حاتم الواجب على العاقل أن ال ينسى تعاهد قلبه بترك

ورود السبب الذي يورث القساوة له عليه ألن بصالح الملك تصلح الجنود وبفساده تفسد الجنود فإذا اهتم بإحدى الخصلتين

0تجنب أقربهما من هواه وتوخى أبعدهما من الردى ... وإذا تشاجر في فؤادك مرة ...ولقد أحسن الذي يقول

... وإذا هممت بأمر سوء فتئد ...أمران فاعمد لألعف أألجمل ... وإذا هممت بأمر خير فافعل

أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي بالبصرة حدثنا إبراهيم بن عزرة الشامى عن مسعر بن كدام عن عون بن عبد الله0قال قال عمر بن الخطاب جالسوا التوابين فإنهم أرق أفئدة

أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن عمرو بن جبله حدثنا محمد بن مروان حدثنا عطاء األزرق قال قال رجل للحسن يا أبا سعيد

كيف أنت وكيف حالك

قال كيف حال من أمسى وأصبح ينتظر الموت وال يدري مايصنع به

18

تتخير قرينا من فعالك...وأنشدني منصور بن محمد الكريزى فإن كنت... يزين الفتى في القبر ما كان يفعل ...إنما

... بغير الذي يرضى به الله تشغل ...مشغوال بشيء فال تكن ليوم ينادى المرء فيه فيسأل...فال بد بعد القبر من أن تعده

وال بعده إال الذي... فلن يصحب اإلنسان من قبل موته ... يقيم قليال بينهم... أال نما األنسان ضيف ألهله ...كان يعمل

... ثم يرحل أخبرنا على بن سعيد العسكرى حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا محمد بن الحسين حدثنا إسماعيل بن زياد قال قدم علينا عبد العزيز بن سليمان عبادان في بعض قدماته فأتيناه نسلم عليه

فقال لنا صفوا للمنعم قلوبكم يكفكم المؤن عند همكم ثم قال لو خدمت مخلوقا فأطلت خدمته ألم يكن يرعى لخدمتك

حرمة فكيف بمن ينعم عليك وأنت مسيء الى نفسك تتقلب في نعمه وتتعرض لغضبه هيهات هيهات همة البطالين ليس

لهذا خلقتم وال بذا أمرتم الك الكيس رحمك الله وكان يفطرعلى ماء البحر

قال أبو حاتم لن تضفو القلوب من وجود الدرن فيها حتى تكون الهمم في الله هما واحدا فإذا كان كذلك كفي الهم في

الهموم إال الهم الذي يؤول متعقبه الى رضا الباري جل وعز بلزوم تقوى الله في الخلوة والمالء إذ هو أفضل راد العقالء في داريهم وأجل مطية الحكماء في حاليهم وأنشدني محمد

عليك بتقوى الله في كل...بن إسحاق بن حبيب الوسطى تجد غبه يوم الحساب المطول...أمره

... وأفضل زاد الطاعن المترحل...أال إن تقوى الله خير مغبة قال أبو حاتم قد ذكرت هذا الباب بكماله بالعلل والحكايات في

كتاب محجة المبتدئين بما أرجو الغنية للناظر إذا ماتأملها0فأغنى ذلك عن تكراره في هذا الكتاب

19

ذكر الحث على لزوم العلم والمداومه على طلبه أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن يحيى

ومحمد بن رافع قاال حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن عاصم بن أبى النجود عن زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عسال ا

لمرادى فقال ما جاء بك قلت جئت أنبط العلم قال فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من خارج

يخرج من بيته يطلب العلم إال وضعت له المالئكة أجنحتها رضابما يصنع

قال أبو حاتم الواجب على العاقل إذا فرغ من إصالح سريرته أن يثنى بطلب العلم والمداومه عليه إذ ال وصول للمرء الى

صفاء شيء من أسباب الدنيا إال بصفاء العلم فيه وحكم العاقل أن ال يقصر في سلوك حالة توجب له بسط المالئكة

0أجنحتها رضا بصنيعه ذلك وال يجب أن يكون متأمال في سعيه الدنو من السالطين أو

نوال الدنيا به فما أقبح بالعالم التذلل ألهل الدنيا حدثنا محمد بن إبراهيم الخالدي حدثنا داود بن أحمد الدمياطي

حدثنا عبد الرحمن بن عفان قال سمعت الفضيل بن عياض يقول ما أقبح بالعالم يؤتى الى منزله فيقال أين العالم فيقال

عند األمير أين العالم فيقال عند القاضي ما للعالم وما للقاضي وما للعالم وما لألمير ينبغي للعالم أن يكون في

0مسجده يقرأ في مصحفه

حدثنا أبو يعلى حدثنا غسان بن الربيع حدثنا سليم مولى الشعبي عن الشعبي قال ياطالب العلم ال تطلبوا العلم

بسفاهة وطيش أطلبوه بسكينة ووقار وتؤدة وفي العلم...وأنشدني محمد بن عبدالله بن زنجى البغدادي

... وفي ترك طاعات الفؤاء المتيم ...واإلسالم للمرء وازع ... وإخالص صدق علمها بالتعلم...بصائر رشد للفتى مستبينة

20

أخبرنا إبراهيم بن نصر حدثنا عبد بن حميد حدثنا سعيد بن عامر عن حميد بن األسود عن عيسى بن أبى عيسى الخياط قال قال الشعبى إنما كان يطلب هذا العلم من اجتمعت فيه

خصلتان العقل والنسك فإن كان عاقال ولم يك ناسكا قيل هذا أمر ال يناله إال النساك فلم يطلبه وإن كان ناسكا ولم يكن

عاقال قيل هذا أمر ال يناله إال العقالء فلم يطلبه قال الشعبي فلقد رهبت أن يكون يطلبه اليوم من ليس فيه واحدة منهما ال

عقل وال نسك قال أبو حاتم العاقل ال يبيع حظ آخرته بما قصد في العلم لما

يناله من حطام هذه الدنيا ألن العلم ليس القصد فيه نفسه دون غيره ألن المتبغي من األشياء كلها نفعها ال نفسها والعلم

ونفس العلم شيئان فمن أعضى عن نفعه لم ينتفع بنفسه0وكان كالذي يأكل وال يشبع والعلم له أول وآخر

كما حدثنا أحمد بن على بن المثنى حدثنا عمرو الناقد حدثنا يحيى بن اليمان قال سمعت سفيان يقول أول العلم اإلنصات

ثم األستماع ثم الحفظ ثم العمل به ثم النشر وأنشدني وليس اخو علم... تعلم فليس المرء يولد عالما ...األبرش

صغير إذا... وإن كبير القوم ال علم عنده ...كمن هو جاهل التفت عليه المحافل

أخبرنا أبو يعلى حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقانى حدثنا جرير عن برد بن سنان عن سليمان بن موسى قال قال أبو

الدرداء ال تكون عالما حتى تكون متعلما وال تكون بالعلم عالماحتى تكون به عامال

قال أبو حاتم العاقل ال يشتغل في طلب العلم إال وقصده العمل به ألن من سعى فيه لغير ما وصفنا إزداد فخرا وتجبرا وللعمل تركا وتضييعا فيكون فساده في المتأسين به فيه أكثر

ومن8من فساده في نفسه ويكون مثله كما قال الله تعالى 21

8أوزار الذين يضلونهم بغير علم أال ساء ما يزرون أخبرنا محمد بن إبراهيم الخالدي حدثنا داود بن أحمد حدثنا

عبد الرحمن ابن عفان قال سمعت الفضيل بن عياض يقول في جهنم أرحية تطحن العلماء طحنا فقيل من هؤالء قال قوم

0علموا فلم يعملوا أخبرنا عبد الله بن محمد السعدي حدثنا محمد بن النضر بن مساور حدثنا جعفر ابن سليمان عن مالك بن دينار قال إذا

طلب الرجل العلم ليعمل به سره علمه وإذا طلب العلم لغيرأن يعمل به زاده علمه فخرا

أخبرنا محمد بن عمر بن سليمان حدثنا محمد بن رافع حدثنا محمد بن بشر حدثنى سلمة بن الخطاب عن عبد الحميد بن

أبى جعفر الفراء قال قال الحسن من أحب الدنيا وسرته ذهب خوف اآلخرة من قلبه ومن أراد علما ثم ازداد على الدنيا0حرصا لم يزدد من الله إال حدا ولم يزدد من الله إال بغضا أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد حدثنى أحمد بن إبراهيم

الحدثى حدثنى إسماعيل ابن الحارث حدثنى محمد بن الحسن المدينى حدثنا أبو العوام أن إبراهيم سمع صوت هاتف وهو

وباين النوم واهجر... يا طالب العلم باشر الورعا ...يقول أجاع يوما في الله أو... ماضر عبدا صحت إرادته ...الشبعا

شبعا

ما... أين من األرض أينما صقعا ...ماضر عبدا صحت عزائمه يا أيها... سؤال قوم إال لهم خضعا ...طمعت نفس عابد فنوى

يا أيها... في بحر ماء الملوك قد كرعا ...الناس ما لعالمكم ... يحصده الموت كلما طلعا...الناس أنتم زرع

أخبرنا ابن سالم حدثنا الحسين بن عبد الرحمن األحتياطي حدثنا يحيى بن اليمان العجلى عن سفيان الثورى قال العالم طبيب الدين والدرهم داء الدين فإذا اجتر الطبيب الداء الى

22

0نفسه فمتى يداوى غيره أنشدني أحمد بن محمد الصنعاني أنشدنى محمد بن عبد الله

شبابا فلما... عنوا يطلبون العلم في كل بلده ...العراقي وصاروا... وصح لهم إسناده وأصوله ...حصلوه وحشروا

... ومالوا على الدنيا فهم يحلبونها ...شيوخا ضيعوه وأدبروا ... فيا علماء السوء أين عقولكم ...بأخالفها مفتوحها ال يصرر

... وأين الحديث المسند المتخير أخبرنا جعفر بن محمد الهمداني بصور حدثنا محمد بن عبد الله

البعلبكي قال سمعت عمي محمد بن زيد قال كنت مع ابن المبارك ببغداد فرأى إسماعيل ابن عليه راكبا بغله على باب

يصطاد... يا جاعل الدين له بازيا ...السلطان فأنشأ يقول بفعل ضالل... ال تبع الدين بدنيا كما ...أموال السالطين

... بحيلة تذهب بالدين ... احتلت للدنيا ولذاتها ...الرهابين كنت دواء للمجانين...وصرت مجنونا بها بعدما

... زل حمار العلم في الطين...ففكر الناس جميعا بأن أخبرنا عبد العزيز بن الحسن البرذعي حدثنا زكريا بن يحيى

حدثنا أحمد بن عبد الله التسترى قال لما ولى ابن عليه صدقات اإلبل والغنم بالبصرة كتب إليه ابن المبارك كتابا

يصطاد أموال... يا جاعل الدين له بازيا ...وكتب في أسفله يا... بحيلة تذهب بالدين ... احتلت للدنيا ولذاتها ...المساكين

أين... لب ومن عاب السالطين ...فاضح العلم ومن كان ذا ... عن ابن عون وابن سيرين...رواياتك في سردها

... إن قلت أكرهت فماذا كذا ...وزاد غير أحمد بن عبد الله ... زل حمار العلم في الطين

فلما قرأ ابن علية الكتاب بكى ثم كتب جوابه وكتب في أسفله عيني... إال بنقضي لها عرى ديني ... أف لدنيا أبت تواتيني ...

... تطلب ما سرها لترديني...لحيني تدير مقلتها 23

أخبرنا محمد بن علي الصيرفي بالبصرة حدثنا العباس بن الوليد النرسي حدثنا وهيب عن أيوب عن أبى قالبة عن ابن مسعود قال عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه أن يذهب أصحابه وإنكم ستجدون أقواما يزعمون أنهم يدعونكم الى

كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم وعليكم بالعلم فإن أحدكم ال يدري متى يفتقر أو يفتقر إليه عنده وعليكم بالعلم وإياكم

0والبدع وعليكم بالعتيق حدثنا محمد بن زنجوية القشيري حدثنا عمرو بن علي حدثنا

أبو قتيبه حدثنا

فرة بن خالد عن عون بن عبد الله قال قال ابن مسعود ليسالعلم بكثرة الرواية إنما العلم الخشية

حدثني إسحاق بن إبراهيم القاضي حدثنا الحارث بن مسكين حدثنا ابن القاسم قال سمعت مالكا يقول ليس العلم بكثرة

الرواية إنما العلم الخشية قال أبو حاتم الواجب على العاقل مجانبة ما يدنس علمه من

أسباب هذه الدنيا مع القصد في لزوم العمل بما قدر عليه ولو استعمال خمسة أحاديث من كل مائتي حديث فيكون كأنه قد

أدى زكاة العلم فمن عجز عن العمل بما جمع من العلم فال0يجب أن يعجز عن حفظه

ولقد أنبأنا ابن قحطبة حدثنا حسين بن محمد الكوفي قال أما لو أعى كل ما...سمعت محمد ابن بشير الخزاعي يقول

ولم أستفد غير ما قد... وأحفظ من ذاك ما أجمع ...أسمع ولكن نفس الى كل شيء... لقيل هو العالم المقنع ...جمعت

... وأحضر بالجهل في مجلسي ... من العلم تسمعه تنزع ... ... فال أنا أحفظ ما قد جمعت ...وعلمي في الكتب مستودع

يكن... ومن يك في علمه هكذا ...وال أنا من جمعه أشبع فجمعك... إذا لم تكن حافظا واعيا ...دهره القهقرى يرجع

24

... للكتب ال ينفع جامع العلم تراه أبدا...وأنشدني محمد بن عبد الله المؤدب

... وتراه حسن الخط إذا ... غير ذي حفظ ولكن ذا غلط ... قال... فإذا فتشته عن علمه ...كتب الخط بصيرا بالنقط

علمي يا خليلي في السفط

فإذا... وبخط أي خط أي خط ...في كراريس جياد أحكمت ... حك لحيته جميعا وامتخط...قلت له هات لنا

أخبرنا محمد بن يعقوب الخطيب باألهواز حدثنا حفص بن عمرو الربالي حدثنا الحجاج بن نصير حدثنا عبد القدوس قال سمعت وهيب بن منيه يقول من تعلم علما في حق وسنة لم

يذهب الله بعقله أبدا حدثنا عبد الله بن قحطبة حدثنا محمد بن عبد األعلى حدثنا

المعتمر بن سليمان قال كتب الي أبي وأنا بالكوفه أشترالصحف واكتب العلم فإن المال يفنى والعلم يبقى

حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أنبأنا عبد الله بن المبارك قال كتب حكيم من الحكماء ثالثين صحفية حكم

فأوحى الله اليه إنك قد مآلت األرض نفاقا وإن الله لم يتقبلشيئا من نفاقك

قال أبو حاتم اقتناء المرء عمره بكثرة األسفار ومباينة األهل واألوطان في طلب العلم دون العمل به أو الحفظ له ليس من شيم العقالء وال من زي األلباء وإن من أجرد ما يستعين

المرء به على الحفظ الطبع الجيد مع الهمة واجتناب المعاصي أو... نعم عون الفتى الطلوب لعلم ...وأنشدني األبرش

... فإذا الطبع فاته بطل العلم ...لبعض العقول صحة طبع ... وصار العناء في غير نفع

سمعت إبراهيم بن نصر العنبري يقول سمعت علي بن خشرميقول سمعت وكيعا يقول أستعينوا على الحفظ بترك المعصية

25

قال أبو حاتم يجب على العاقل أن ال يطلب من العلم إال أفضله ألن األزدياد من العلم آثر عند العاقل من الذكر بالعلم

والعلم زين في الرخاء ومنجاة

في الشدة ومن تعلم إزداد كما أن من حلم ساد وفضل العلم في غير خير مهلكه كما أن كثرة األدب في غير رضوان الله

موبقه والعاقل ال يسعى في فنونه إال بما أجدى عليه نفعا في الدارين معا وإذا رزق منه الحظ ال يبخل باإلفادة ألن أول بركة العلم اإلفادة وما رأيت أحدا قط بخل بالعلم إال لم ينتفع بعلمه وكما ال ينتفع بالماء الساكن تحت األرض ما لم ينبع وال بالذهب

األحمر ما لم يستخرج من معدنه وال باللؤلؤ النفيس ما لم يخرج من بحره كذلك ال ينتفع بالعلم ما دام مكنونا ال ينشر وال

يفاد أنبأنا أحمد بن مضر الرباطي حدثنا محمد بن سهيل بن عسكر حدثنا أبو صالح الفراء قال سمعت ابن المبارك يقول من بخل

بالحديث يبتلى بإحدى ثالث إما أن يموت فيذهب علمه أوينسى أو يبتلى بالسلطان

أبو يعلى حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا جرير عن بردحدثنا عن سليمان ابن موسى قال قال أبو الدرداء الناس عالم

ومتعلم وال خير فيما بين ذلك وأنشدني الكريزي ... أفد العلم وال تبخل به ... والى علمك علما فاستفد ... استفد ما استطعت من علم وكن ... عامال

بالعلم والناس أفد ... من يفدهم يجزه الله به ... وسيغني الله عمن لم يفد ... ليس من نافس فيه عاجزا ... إنما العاجز من

...ال يجتهد حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمه حدثنا عمر بن حفص الشيباني حدثنا حماد ابن واقد عن هشام بن حسان عن

الحسن قال ألن يتعلم الرجل بابا من العلم فيعبد به ربه فهو26

خير له من أن لو كانت الدنيا من أولها الى آخرها له فوضعهافي اآلخرة

قال أبو حاتم قد ذكرت أسباب المتعلمين وأخالق العلماء بعللها في كتاب العالم والمتعلم بما أرجو أن يكون فيه غنيه لمن أراد الوقوف على معرفتها فأغنى ذلك عن التكرار ألنا

شرطنا في هذا الكتاب االختصار كراهية سلوك التطويلواإلشارة الى قصد نفس التحصيل

ذكر الحث على لزوم الصمت وحفظ اللسان حامد بن محمد بن شعيب البلحي ببغداد حدثنا منصورأخبرنا

بن ابي مزاحم حدثنا أبو األحوص عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريره قال قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم من كان يؤمن بالله واليوم واآلخر فيلقل خيرا أوليسكت

قال أبو حاتم الواجب على العاقل إذا ذكر المطيتين اللتين ذكرتهما قبل إصالح السريرة ولزوم العلم أن يبلغ مجهوده

حينئذ في حفظ اللسان حتى يستقيم له إذ اللسان هو المورد للمرء موارد العطب والصمت يكسب المحبة والوقار ومن

حفظ لسانه أراح نفسه والرجوع من الصمت أحسن منالرجوع عن الكالم والصمت منام العقل والمنطق يقظته

حدثنا محمد بن زنجويه حدثنا عبد األعلى بن حماد حدثنا عماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن لقمان قال إن من الحكم

الصمت وقليل فاعله وأنشدني الكريزي ... أقلل كالمك واستعذ من شره ... إن البالء ببعضه مقرون ... واحفظ لسانك

واحتفظ من غيه ... حتى يكون كأنه مسجون ... وكل فؤادك باللسان وقل له ... إن الكالم عليكما موزون ... فزناه وليك

...محكما ذا قلة ... إن البالغه في القليل تكون أخبرنا ابن قتيبة حدثنا جعفر بن نوح حدثنا محمد بن عيسى بن

27

الطباع قال

سمعت مالك بن أنس يقول كل شيء ينتفع بفضله إال الكالمفإن فضله يضر

القطان حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا مروان بنأخبرنا محمد عن سعيد ابن عبد العزيز قال قال أبو الدرداء ال خير

في الحياة إال ألحد رجلين منصت واع أو متكلم عالم قال أبو حاتم الواجب على العاقل أن ال يغالب الناس على كالمهم وال يعترض عليهم فيه ألن الكالم وإن كان في وقته حظوة جليلة فإن الصمت في وقته مرتبة عالية ومن جهل

بالصمت عي بالمنطق واإلنسان إما هو صورة ممثلة أو صالة مهملة لوال اللسان والله جل وعز رفع جارحة اللسان على

سائر الجوارح فليس منها شيء أعظم اجرا منه إذا أطاع والأعظم ذنبا منه إذا جنى

وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ... لئن كان يجني اللوم ما أنت قائل ... ولم يك منه النفع فالصمت

أيسر ... فال تبد قوال من لسانك لم يرض ... مواقعه من قبل ...ذاك التفكر

أخبرنا ابن قتيبة حدثنا هرون بن محمد البكار قال سمعت أبا مسهر ينشد هذا البيت ... قد أرى كثرة الكالم قبيحا ... كل

...قول يشنه اإلكثار أخبرنا محمد بن سعيد القزاز حدثني محمد بن داود بن

سليمان الرملى حدثنا المسيب بن واضح قال سمعت ابن المبارك يقول ... تعاهد لسانك إن اللسان ... سريع الى المرء

في قتله ... وهذا اللسان بريد الفؤاد ... يدل الرجال علىعقله

28

محمد بن سليمان بن فارس حدثنا محمد بن عليأخبرنا الشقيقي أنبأنا إبراهيم بن األشعث قال سمعت الفضيل بنعياض يقول شيئان يقسيان القلب كثرة الكالم وكثرة األكل

أخبرنا أبو يعلي حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال سمعت يحيى بن اليمان يقول قال سفيان الثوري أول العبادة الصمت ثم

طلب العلم ثم العمل به ثم حفظه ثم نشره حدثنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا العتبي عن علي بن جرير عن أبيه قال قال األحنف بن قيس الصمت أمان

من تحريف اللفظ وعصمة من زيغ المنطق وسالمة منفضول القول وهيبة لصاحبه

قال أبو حاتم الواجب على العاقل أن يلزم الصمت الى أن يلزمه التكلم فما أكثر من ندم إذا نطق وأقل من يندم إذا

سكت وأطول الناس شقاء وأعظمهم بالء من ابتلى بلسانمطلق وفؤاء مطبق

واللسان فيه عشر خصال يجب على العاقل أن يعرفها ويضع كل خصلة منها في موضعها هو أداة يظهر بها البيان وشاهد

يخبر عن الضمير وناطق يرد به الجواب وحاكم يفصل به الخطاب وشافع تدرك به الحاجات وواصف تعرف به األشياء

وحاصد تذهب الضغينه ونازع يجذب المودة ومسل يذكيالقلوب ومعز ترد به األحزان

ولقد أحسن الذي يقول ... إن كان يعجبك السكوت فإنه ... قد كان يعجب قلبك األخيارا ... ولئن ندمت على سكوت مرة ... فلقد ندمت على الكالم مرارا ... إن السكوت سالمة ولربما زرع الكالم عداوة وضرارا ... وإذا تقرب خاسر من خاسر ...

زادا بذاك خسارة وتبارا

أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد حدثنا كثير بن عبد الله التيمي حدثنا العالء ابن سعيد الكندي حدثني أبو حية قال كنت

29

أماشي إسماعيل بن سهل وكان أحد الحكماء فقال لي أال أخبرك ببيت شعر خير لك من عشرة آالف درهم قال نعم قال

أيما أحب إليك نفسك أو عشرة آالف درهم قال قلت نفسي والتفت... أخفض الصوت إن نطقت بليل ...فأنشىء يقول

... بالنهار قبل المقال قال أبو حاتم الواجب على العاقل أن يكون ناطقا كعيي وعالما كجاهل وساكتا كناطق ألن الكالم ال بد له من الجواب والجواب

لو جعل له جواب لم يكن للقول نهاية وخرج المرء الى ما ليس له غاية والمتكلم ال يسلم من أن ينسب إليه الصلف

والتكلف والصامت ال يليق به إال الوقار وحسن الصمت ولقد في جده أو لعبه... حتف امرىء لسانه ...أحسن الذي يقول

... ركب في مركبه... بين اللها مقتله ... أخبرنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا ابن

عائشة حدثنا دريد ابن مجاشع عن غالب القطان عن مالك بن دينار عن األحنف بن قيس قال قال عمر بن الخطاب يا أحنف من كثر كالمه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل

...حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه وأنشدني األبرش ... إال يزل وما يعاب صموت ...ما ذل ذو صمت وما من مكثر فالصمت در زانه الياقوت...إن كان منطق ناطق من فضة

أنبأنا ابن قتيبة حدثنا المسيب بن واضح قال سمعت علي بن بكار يقول جعل الله لكل شيء بابين وجعل للسان أربعة

الشفتين مصراعين واألسنان مصراعين أنبأنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي بالبصرة حدثنا نصر بن علي الجهضمي أنبأنا محمد بن يزيد بن خنيس عن وهيب بن الورد أن شابا كان يحضر مجلس عمر بن الخطاب ويحسن

االستماع ثم ينصرف من قبل أن يتكلم ففطن له عمر فقال له إنك تحضر مجلسنا وتحسن األستماع ثم تنصرف من قبل أن

30

تتكلم فقال الشاب اني أحضر فأتوقى وأتنقى وأصمت فأسلم قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن ينصف

أذنيه من فيه ويعلم أنه إنما جعلت له أذنان وفم واحد ليسمع أكثر مما يقول ألنه إذا قال ربما ندم وإن لم يقل لم يندم وهو على رد ما لم يقل أقدر منه على رد ما قال والكلمة إذا تكلم بها ملكته وإن لم يتكلم بها ملكها والعجب ممن يتكلم بالكلمة

إن هي رفعت ربما ضرته وإن لم ترفع لم تضره كيف اليصمت ورب كلمة سلبت نعمة

أحمد بن قريش بن عبد العزيز حدثنا إبراهيم بن عليأخبرنا الذهلي قال أنشدني رجل من ربيعة ... لعمرك ما شيء

علمت مكانه ... أحق بسجن من لسان مذلل ... على فيك مما ليس يعنيك شأنه ... بقفل وثيق ما أستطعت فأقفل ... فرب كالم قد جرى من ممازح ... فساق إليه سهم حتف معجل ... وللصمت خير من كالم بمأثم ... فكن صامتا تسلم وإن قلت

...فاعدل أخبرنا أبو يعلي حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا جرير عن برد

عن سليمان ابن موسى قال قال أبو الدرداء كفى بك ظالماأن ال تزال مخاصما وكفى بك

آثما أن ال تزال مماريا وكفى بك كاذبا أن ال تزال محدثا إالحديثا في ذات الله تبارك وتعالى

أخبرنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا معروف بن الحسن الكناني حدثنا كثير ابن هشام عن عيسى بن إبراهيم عن سعيد

بن أبي سعيد عن كعب قال العافية عشرة أجزاء تسعة منهافي السكوت

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أحمد بن إبراهيم الدوريقي حدثنا يحيى القطان عن شعبة قال من الناس من عقله بفنائه

ومنهم من عقله معه ومنهم من ال عقل له فأما الذي عقله31

معه فالذي يبصر ما يخرج منه قبل أن يتكلم وأما الذى عقله بفنائه فالذي يبصر ما يخرج بعد أن يتكلم ومنهم من ال عقل له

فحدثت به عبد الرحمن بن مهدي بعد ما رجعنا من عند يحيى فقال هذه صفتنا يعني الذي عقله بفنائه وأستحسن الكالم وقال ال ينبغي أن يكون هذا من كالم شعبة لعله سمعه من

أنت...غيره وأنشدني البغدادي محمد بن عبدالله بن زنجي ال تقل... ومن كثير الكالم في وجل ...من الصمت آمن الزلل

... ياليت ما كنت قلت لم أقل...القول ثم تتبعه سمعت محمد بن المسيب يقول سمعت العباس بن الوليد بن

زيد يقول سمعت أبي يقول سمعت األوزاعي يقول ما بلى أحدفي دينه ببالء أضر عليه من طالقة لسانه

سمعت محمد بن محمود النسائي يقول سمعت أبا أحمد بن أبي قديد يقول سمعت العباس بن عبد العظيم يقول سمعت

عارما يقول سمعت خالد بن الحارث يقول السكوت زينللعاقل وشين للجاهل

قال أبو حاتم رضى الله عنه لو لم يكن في الصمت خصلةتحمد إال تزين

العاقل وتشين الجاهل به لكان الواجب على المرء أن ال يفارقه الصمت ما وجد إليه سبيال ومن أحب السالمه من اآلثام

فليقل ما يقبل منه وليقل مما يقبل منه ألنه ال يجتريء علىالكالم الكثير إال فائق أو مائق

وقد ترك جماعة من أهل العلم حيث أقوام أكثروا الكالم فيما ال يليق بهم من ذلك ما حدثنا أمية بن خالد عن سعيد قال قلت

للحكم مالك ال تكتب عن زاذان قال كان كثير الكالم قال أبو حاتم رضى الله عنه لسان العاقل يكون وراء قلبه فإذا

أراد القول رجع الى القلب فإن كان له قال وإال فال والجاهل قلبه في طرف لسانه ما أتى على لسانه تكلم به وما عقل

32

دينه من لم يحفظ لسانه واللسان إذا صلح تبين ذلك علىاألعضاء وإذا فسد فكذلك

أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الجنيد حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله أنبأنا سفيان عن رجل قال أني ألكذب الكذبة

فأعرفها في عملي أنبأنا أبو عوانه يعقوب بن إبراهيم بن إسحاق حدثنا الفضل بن

عبد الجبار حدثنا أبو إسحاق الطالقاني عن الوليد بن مسلم قال قال األوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أنه قال ما صلح

منطق رجل إال عرف ذلك في سائر عمله قال أبوحاتم رضى الله عنه والعاقل ال يبتديء الكالم إال أن

يسأل وال يقول إال لمن يقبل وال يجيب إذا شوتم وال يجازي إذا أسمع ألن االبتداء بالصمت وإن كان حسنا فإن السكوت عند

القبيح أحسن منه

الصمت...وأنشدني المنتصر بن بالل بن المنتصر األنصاري فآثر... صاحب صدق لكل مصطحب ...عند القبيح يسمعه

... يؤثر قول الحكيم في الكتب ...الصمت ما أستطعت فقد لكان جل السكوت من ذهب...لو كان بعض الكالم من ورق

... أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز حدثنا إسماعيل بن

إبراهيم أبو بشر حدثنا أبي حدثنا المبارك بن فصاله عن المغيرة بن مسلم الهجيمي عن أسير ابن جابر قال ما رضعت عنزا قط ولو قلت ال أرضعها خفت أن يصير بي البالء الى أن

أرضعها إن البالء موكل بالقول إن في... استر العي ما أستطعت بصمت ...أنشدني الكريزي

... واجعل الصمت إن عييت جوابا ...الصمت راحة للصموت ... رب قول جوابه في السكوت

وأنبأنا محمد بن المنذر حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور33

حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي حدثنا سفيان عن يزيد بن حيان عن عيسى بن عقبه قال سمعت ابن مسعود يقول والله الذي

ال إله غيره ما شيء أحق بطول سجن من لسان قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يحفظ أحواله من ورود

الخلل عليها في األوقات وإن من أعظم الخلل المفسد لصحة السرائر والمذهب لصالح الضمائر اإلكثار من الكالم وإن أبيح

له كثرة النطق وال سبيل للمرء الى رعاية الصمت إال بترك ماأبيح له من النطق

كما أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى حدثنا عبد الله عن سفيان عن نسير بن دعلوق عن إبراهيم التيمي

أخبرني من صحب الربيع بن خيثم عشرين عاما فلم يسمعمنه كلمة تعاب

أنبأنا الجنيدي عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله أنبأناسفيان

عن أبي طعمه عن رجل من الحي قال أتيت الربيع بن خيثم بنعي الحسين وقالوا اليوم يتكلم مقاله فتأوه ومد بها صوته ثم قال اللهم فاطر السموات واألرض عالم الغيب والشهادة أنت

تحكم بين عبادك بالحق فيما كانوا فيه يختلفون أنبأنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا إبراهيم بن

عمرو بن حبيب حدثنا األصمعي قال بينما أنا أطوف بالبادية إذا أنا بأعرابية تمشي وحدها على بعير لها فقلت يا أمة الجبار من

تطلبين فقالت من يهد الله فال مضل له ومن يضلل فال هادي له قال فعلمت أنها قد أضلت أصحابها فقلت لها كأنك قد

أضللت أصحابك قالت ففهمناها سليمان وكال آتينا حكما وعلما فقلت لها يا هذه من أين أنت قالت سبحان الذي أسرى بعبده

ليال من المسجد الحرام الى المسجد األقصى الذي باركنا حوله فعلمت أنها مقدسيه فقلت لها كيف ال تتكلمين فقالت ما

34

يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد فقال بعض أصحابي ينبغي أن تكون هذه من الخوارج فقالت وال تقف ما ليس لك به علم

إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤوال فبينما نحن نماشيها إذ رفعت لنا قباب وخيم فقالت وعالمات وبالنجم

هم يهتدون قال فلم أفطن لقولها فقلت ما تقولين فقالت وعالمات وبالنجم هم يهتدون قال فلم أفطن لقولها فقلت ما

تقولين فقالت وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غالم قلت بمن أصوت وبمن أدعو فقالت يا يحيى

خذ الكتاب بقوة يا زكريا إنا نبشرك يا داود إنا جعلناك خليفة في األرض قال فإذا نحن بثالثة أخوة كالآللىء فقالوا أمنا ورب

الكعبة أضللناها منذ ثالث فقالت الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور فأومأت الى أحدهم فقالت فابعثوا

أحدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه فقلت إنها أمرتهم أن يرودونا فجاؤا بخبز

وكعك

فقلت ال حاجة لنا في ذلك فقلت للفتية من هذه منكم قالوا هذه أمنا ما تكلمت منذ أربعين سنة إال من كتاب الله مخافة

الكذب فدنوت منها فقلت يا أمة الله أوصني فقالت ما أسألكمعليه أجرا إال المودة في القربى فعلمت أنها شيعية فانصرفت

قال أبو حاتم رضى الله عنه قد ذكرت ما شاكل هذه الحكايات في كتاب حفظ اللسان فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا

الكتاب فالواجب على العاقل أن يروض نفسه على ترك ما أبيح له من النطق لئال يقع في المزجورات فيكون حتفه فيما يخرج

منه ألن الكالم إذا كثر منه أورث صاحبه التلذذ بضد الطاعات فإذا لم يوفق العبد الستعمال اللسان فيما يجدي عليه نفعه

في اآلخرة كان وجود اإلمساك عن السوء أولى به وأنشدني35

... ولن يهلك اإلنسان إال إذا أتى ...المنتصر بن بالل األنصاري وأقلل إذا ما قلت قوال فإنه...من األمر ما لم يرضه نصحاؤه

... إذا قل قول المرء قل خطاؤه... أنبأنا محمد بن الحسين بن الخليل حدثنا عبد الله بن ابي زياد

القطواني حدثنا سيار حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا المعلي بن زياد قال قال مؤرق العجلى أمر أنا في طلبه منذ عشر سنين

ولست بتارك طلبه قال وما هو يا أبا المعتمر قال الصمت عماال يعنيني

أنبأنا إبراهيم بن نصر العنبري حدثنا على بن األزهر الرازيحدثنا إبراهيم

ابن رستم قال سمعت خارجة يقول صحبت عبد الله بن عونخمس عشرة سنة فما أظن المالئكة كتبت عليه شيئا

ذكر الحث على لزوم الصدق ومجانبة الكذب أخبرني أحمد بن محمد بن حبيب الجنيدي قال حدثنا حميد بن

زنجوية حدثنا محاسن بن المودع حدثنا األعمش عن أبي سفيان قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي الى البر وإن البر

يهدي الى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي الى الفجور وإن الفجور

يهدي الى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا قال أبو حاتم رضى الله عنه إن الله جل وعال فضل اللسان

على سائر الجوارح ورفع درجته وأبان فضيلته بأن أنطقه من بين سائر الجوارح بتوحيده فال يجب للعاقل أن يعود آلة خلقها

الله للنطق بتوحيده بالكذب بل يجب عليه المداومة برعايته بلزوم الصدق وما يعود عليه نفعه في داريه ألن اللسان

يقتضي ما عود إن صدقا فصدقا وإن كذبا فكذبا ... عود لسانك قول الخير تحظ به ...ولقد أحسن الذي يقول

36

... موكل بتقاضي ما سننت له ...إن اللسان لما عودت معتاد ... فاختر لنفسك وانظر كيف ترتاد

أخبرنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا الفضل بن العباس البغدادي حدثنا الهيثم بن خارجه حدثنا الهيثم بن عمران قال

سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول كان عبد الملك بن مراون يأمرني أن أجنب بنيه السمن وكان يأمرني أن ال أطعم طعاما

حتى يخرجوا الى البراز وكان يقول علم بنى الصدق كماتعلمهم القرآن وجنبهم الكذب وإن فيه كذا وكذا يعني القتل

وأنشدني األبرش

والصدق منجيك على كل حال...الكذب مرديك وإن لم تخف ... لم تبتخس وزنه مثقال... فانطق بما شئت تجد غبه ...

أخبرنا أبو يعلي حدثنا أبو خيثمه حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سليم ابن حيان عن قتادة عن حميد بن عبد الرحمن

الحميري أن عمر بن الخطاب قال إن أبا بكر قام فينا عام أول فقال إنه لم يقسم بين الناس شيء أفضل من المعافاة بعد اليقين أال إن الصدق والبر في الجنة أال وإن الكذب والفجور

في النار أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا عكرمة بن عمار حدثني طيسلة بن على البهدلي قال كنت مع ابن عمر

يوما في أصول األراك يوم عرفة وبين يديه رجل من أهل العراق فقال له الرجل يا ابن المنافق قال المنافق ويحك الذي

إذا حدث كذب وإذا وعد لم ينجز واذا اؤتمن لم يؤد سمعت أحمد بن محمد بن األزهر يقول سمعت محمد بن

خلف بن أبي األزهر يقول سمعت الفضيل بن عياض يقول ما من مصغة أحب الى الله من لسان صدوق وما من مضغة

أبغض الى الله من لسان كذوب قال أبو حاتم رضى الله عنه كل شيء يستعار ليتجمل به سهل

37

وجوده خال اللسان فإنه ال ينبىء اال عما عود والصدق ينجى والكذب يردى ومن غلب لسانه أمره قومه ومن أكثر الكذب لم يترك لنفسه شيئا يصدق به وال يكذب إال من هانت عليه

نفسه حدثنا أحمد بن محمد بن زنجوية حدثنا جعفر بن أبي عثمان

الطيالسي حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا أنس بن عياض عن صالح بن حسان عن محمد بن كعب القرظى قال إنما يكذب

كذبت ومن...الكاذب من مهانة نفسه وأنشدني الكريزي إذا... إذا ما أتى بالصدق أن ال يصدقا ...يكذب فإن جزاءه

لدى الناس كذابا وإن كان...عرف الكذاب بالكذب لم يزل وتلقاه إذا فقه اذا... ومن آفة الكذاب نسيان كذبه ...صادقا

كان حاذقا

قال أبو حاتم لو لم يكن للكذب من الشين إال إنزاله صاحبه بحيث ان صدق لم يصدق لكان الواجب على الخلق كافة لزوم

التثبت بالصدق الدائم وإن من آفة الكذب أن يكون صاحبه نسيا فإذا كان كذلك كان كالمنادى على نفسه بالخزي في كل

لحظة وطرفة سمعت أحمد بن محمد بن األزهر يقول سمعت نصر بن علي

الجهضمي يقول إن الله أعاننا على الكذابين بالنسيان إذا ما المرء أخطأه...وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي

سالمة صدره والصدق منه... فبعه ولو بكف من رماد ...ثالث ... وكتمان السرائر في الفؤاد...

أنبأنا بكر بن أحمد الطاحي بالبصرة حدثنا إبراهيم بن عزرة حدثنا سفيان ابن عيينة عن معمر قال الزهري لو رأيت

طاووسا لعلمت أنه ال يكذب قال أبو حاتم رضي الله عنه اللسان سبع عقور ان ضبطه

صاحبه سلم وإن خلى عنه عقره وبفمه يفتضح الكذوب38

فالعاقل اليشتغل بالخوض فيما ال يعلم فيتهم فيما يعلم ألن رأس الذنوب الكذب وهو يبدي الفضائح ويكتم المحاسن وال

يجب على المرء إذا سمع شيئا يعيبه أن يحدث به ألن منحدث عن كل شيء أزرى برأيه وأفسد صدقه

وقد أنبأنا أبو خليفة حدثنا ابن كثير أنبأنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن األحوص عن عبد الله قال حسب المؤمن من

الكذب أن يحدث بكل ما سمع أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أنبأنا عبد الله

أنبأنا سفيان عن منصور عن سالم بن أبي الجعد قال قالعيسى بن مريم عليه السالم

طوبى لمن خزن لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته وإذا األمور تزاوجت...أنشدني محمد بن إسحاق الواسطي

فالصدق أكرمها نتاجا...

والصدق... حليفه بالصدق تاجا ...الصدق يعقد فوق رأس ... في كل ناحية سراجا...يقدح زنده

أنبأنا القطان بالرقه حدثنا نوح بن حبيب حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن منصور عن ربعي قالوا من ذكرت يا أبا سفيان قال

ذكرت ربعيا وتدرون من كان ربعي كان رجال من أشجع زعم قومه أنه لم يكذب قط فسعى به ساع الى الحجاج فقال هاهنا

رجل من أشجع زعم قومه أنه لم يكذب قط وأنه يكذب لك اليوم فإنك ضربت على أبنيه البعث فعصيا وهما في البيت

وكان عقوبة الحجاج للعاصي ضرب السيف قال فدعاه فإذا شيخ منحن فقال له أنت ربعي قال نعم قال ما فعل ابناك قال

ها هما ذان في البيت قال فحمله وكساه وأوصى به خيرا أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا عبيد الله بن محمد

التميمي عن أبيه قال كان عمر بن الخطاب بمنى فعطش فانتهى الى بحور فاستسقاها ماء فقالت ما عندنا فقال لبنا

39

فقالت ما عندنا فبدرت جارية فقالت لها تكذبين وما تستحين ثم قالت لعمر هذا السقاء فيه لبن فسأل عمر عن الجارية

فإذا أبوها ثقفي فخطبها على عاصم بن عمر فزوجها منه فولد له منها أم عاصم فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له

عمر بن عبد العزيز بن مروان رحمة الله عليه قال أبو حاتم رضى الله عنه الصدق يرفع المرء في الدارين

كما أن الكذب يهوى به في الحالين ولو لم يكن الصدق خصلة تحمد إال أن المرء إذا عرف به قبل كذبه وصار صدقا عند من يسمعه لكان الواجب على العاقل أن يبلغ مجهوده في رياضة

لسانه حتى يستقيم له على الصدق ومجانبة الكذب والعي في بعض األوقات خير من النطق ألن كل كالم أخطأ صاحبه

موضعه فالعي خير منه

تحدث بصدق إن تحدثت وليكن...أنشدني المنتصر بن بالل فما القول إال كالثياب... لكل حديث من حديثك حين ...

... عليك وبعض في التخوت مصون...فبعضها كم من حسيب...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش

قد شانه الكذب وسط الحي إن عمدا...كريم كان ذا شرف صدق الحديث وقول جانب... وآخر كان صعلوكا فشرفه ...

وصار هذا وضيعا... فصار هذا شريفا فوق صاحبه ...الفندا ... تحته أبدا

أنبأنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أنبأنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبى ثابت عن ميمون بن أبى شبيب قال قال عمر ال يجد عبد حقيقه اإليمان حتى يدع المرء وهو محق ويدع الكذب

في المزاح وهو يرى أنه لو شاء لغلب أنبأنا ابن سعيد القزاز حدثني يوسف بن سعيد بن مسلم حدثنا

على بن بكار عن يونس بن عبيد عن حميد بن هالل عن عبد الله بن عمرو قال ذر ما لست منه في شيء وال تنطق فيما ال

40

يعنيك واخزن لسانك كما تخزن دراهمك القول كاللبن...وأنشدني محمد بن المنذر بن سعيد الهروي

في ضرعه... رد وكيف يرد الحالب اللبن ...المحلوب ليس له ... في الجوف رد قبيحا كان أو حسنا...وكذاك القول ليس له

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل ترك اإلغضاء عن تعهد اللسان ألن من كثر كالمه كثر سقطه والسقط ربما

تعدى غيره فيهلكه

في ورطة ال حيلة له في التخلص منها ألن اللسان ال يندمل جرحه وال يلتئم ما قطع به وكلم القول إذا وصل الى القلب لم ينزع إال بعد مدة طويلة ولم يستخرج إال بعد حيلة شديدة ومن

الناس من ال يكرم إال للسانه وال يهان إال به فالواجب علىالعاقل أن ال يكون ممن يهان به

أنبأنا عبد الله بن محمد األنماطي الهمداني حدثنا محمد بن عمير حدثنا عبد الله بن الحسين العقيلي حدثنا أبو سلمة

الخزاعي حدثنا شبيب بن شبه قال سمعت ابن سيرين يقولالكالم أوسع من أن يكذب فيه ظريف

ذكر الحث على لزوم الحياء وترك القحة أنبأنا الفضيل بن الحباب الجمحي حدثنا القعنبي عن شعبة عن

منصور عن ربعي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن مما أدرك الناس من كالم النبوة األولى إذا لم

تستح فاصنع ما شئت قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم الحياء

ألنه أصل العقل وبذر الخير وتركه أصل الجهل وبذر الشر والحياء يدل على العقل كما أن عدمه دال على الجهل ومن لم

ينصف الناس منه حياؤه لم ينصفه منهم قحته ولقد أحسن فتى ال... وليس بمنسوب الى العلم والنهى ...الذي يقول

ينال... فواحدة تقوى اإلله التي بها ...ترى فيه خالئق أربع 41

... وثانية صدق الحياء فإنه ...جسيم الخير والفضل أجمع ... وثالثة حلم إذا الجهل أطلعت ...طباع عليه ذو المرؤة يطبع إذا... ورابعة جود بملك يمينه ...إليه خبايا من فجور تسرع ... نابه الحق الذي ليس يدفع

وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي

فال خير في وجه إذا قل ماؤه...إذا قل ماء الوجه قل حياؤه يدل على وجه الكريم حياؤه... حياءك فاحفظه عليك فانما ......

أنبأنا أبو خليفه حدثنا ابن كثير حدثنا سفيان الثوري عن ابي اسحاق عن ابى األحوص عن عبد الله قال األم شيء في

المؤمن الفحش قال أبو حاتم رضى الله عنه الحياء أسم يشتمل على مجانبة

المكروه من الخصال والحياء حيا آن أحدهما استحياء العبد من الله جل وعال عند اإلهتمام بمباشرة ما خطر عليه والثاني

استحياء من المخلوقين عند الدخول فيما يكرهون من القولوالفعل معا

والحيا آن جميعا محمودان إال أن أحدهما فرض واآلخر فضل فلزوم الحياء عند مجانبة ما نهى الله عنه فرض ولزوم الحياء

عند مقارفة ما كره الناس فضل وأنشدني محمد بن المنذر بن سعيد عن محمد بن خلف

إذا لم تخش عاقبة...التيمي قال أنشدني رجل من خزاعه فال والله ما في... ولم تستحي فاصنع ما تشاء ...الليالي

يعيش المرء ما... وال الدنيا إذا ذهب الحياء ...العيش خير ... ويبقى العود ما بقي اللحاء...استحيا بخير

حدثنا اسحاق بن ابراهيم القاضي حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري أن أبا بكر الصديق قال

يوما وهو يخطب أيها الناس استحيوا من الله فوالله ما خرجت42

لحاجة منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أريدالغائط إال وأنا مقنع رأسي حياء من الله

قال أبو حاتم رضى الله عنه الحياء من اإليمان والمؤمن في الجنة والبذاء من الجفاء والجافي في النار إال أن يتفضل الله

عليه برحمته فيخلصه منه

فإذا لزم المرء الحياء كانت أسباب الخير منه موجودة كما أن الواقح إذا لزم البذاء كان وجود الخير منه معدوما وتواتر الشر منه موجودا ألن الحياء هو الحائل بين المرء وبين المزجورات

كلها فبقوة الحياء يضعف ارتكابه إياها وبضعف الحياء تقوى ورب قبيحة ما حال...مباشرته إياها ولقد أحسن الذي يقول

... فكان هو الدواء لها ولكن ... وبين ركوبها إال الحياء ...بيني ... إذا ذهب الحياء فال دواء

وأنبأنا محمد بن المنذر بن سعيد حدثنا عمر بن شبة حدثنا عبد األعلى ابن عبد األعلى حدثنا هشام عن محمد عن كثير بن

افلح عن زيد بن ثابت قال من ال يستحي من الناس ال يستحيمن الله

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يعود نفسه لزوم الحياء من الناس وإن من أعظم بركته تعويد

النفس ركوب الخصال المحمودة ومجانبتها الخالل المذمومه كما أن من أعظم بركة الحياء من الله الفوز من النار بلزوم الحياء عند مجانبة ما نهى الله عنه ألن ابن آدم مطبوع على الكرم واللؤم معا في المعاملة بينه وبين الله والعشرة بينه

وبين المخلوقين وإذا قوى حياؤه قوى كرمه وضعف لؤمه وإذا ضعف حياؤه قوى لؤمه وضعف كرمه ولقد أنشدني على بن

تقلب في... إذا رزق الفتى وجها وقاحا ...محمد البسامي يعالجه به فيه... ولم يك للدواء وال لشيء ...األمور كما يشاء

... حياء لوجهه إال العناء... فما لك في معاتبة الذي ال ...غناء 43

قال أبو حاتم إن المرء إذا اشتد حياؤه صان عرضه ودفن مساويه ونشر محاسنه ومن ذهب حياؤه ذهب سروره ومن ذهب سروره هان على الناس ومقت من مقت أوذى ومن أوذى حزن ومن حزن فقد عقله ومن أصيب في عقله كان

أكثر قوله عليه ال له وال دواء لمن ال حياء له

وال حياء لمن ال وفاء له وال وفاء لمن ال إخاء له ومن قل حياؤهصنع ما شاء وقال ما أحب

إذا لم تصن عرضا...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش إذا... وتستحي مخلوقا فما شئت فاصنع ...ولم تخش خالقا

ويجهل منك الحق فالصرم...كنت تأتي المرء تعظم حقه ... أوسع

أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثني عبد الله بن مسعود الثعلبي باليمن حدثنا أحمد بن زيد بن السكن الجندي عن

سفيان بن عيينه قال قال يحيى بن جعدة إذا رأيت الرجل قليلالحياء فاعلم أنه مدخول في نسبه

ذكر الحث على لزوم التواضع ومجانبة الكبر أنبأنا أبو خليفة حدثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي حدثنا

إسماعيل بن جعفر عن العالء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقصت صدقة من مال وال زاد الله عبدا بعفو إال عزا وال تواضع أحد

لله إال رفعه الله قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم

التواضع ومجانبة التكبر ولو لم يكن في التواضع خصلة تحمله إال أن المرء كلما كثر تواضعه ازداد بذلك رفعة لمكان الواجب

عليه أن ال يتزيا بغيره والتواضع تواضعان أحدهما محمود واآلخر مذموم والتواضع

المحمود ترك التطاول على عباد الله واإلزراء بهم والتواضع44

المذموم هو تواضع المرء لذي الدنيا رغبة في دنياه فالعاقل يلزم مفارقة التواضع المذموم على األحوال كلها وال

يفارق التواضع المحمود على الجهات كلها ولقد أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن عجالن عن بكير بن عبد الله عن عبيد الله بن عدي أن

عمر بن الخطاب قال إن

الرجل إذا تواضع لله رفع الله حكمته وقال انتعش نعشك الله فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس كبير وإذا تكبر العبد وعدا طوره وهصه الله الى األرض وقال اخسأ أخسأك الله

فهو في نفسه كبير وفي أعين الناس صغير قال أبو حاتم رضى الله عنه التواضع يرفع المرء قدرا ويعظم له خطرا

ويزيده نبال والتواضع لله جل وعز على ضربين أحدهما تواضع العبد لربه عندما يأتي من الطاعات غير معجب بفعله وال راء

له عنده حالة بوجب بها أسباب الوالية إال أن يكون المولى جل وعز هو الذي يتفضل عليه بذلك وهذا التواضع هو السبب

الدافع لنفس العجب عن الطاعات والتواضع اآلخر هو ازدراء المرء نفسه واستحقاره إياها عند ذكره ما قارف من المآثم

حتى ال يرى أحدا من العالم إال ويرى نفسه دونه في الطاعاتوفوقه في الجنايات

كما أنبأنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد حدثنا يحيى بن معين حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني قال قال أبي يا بنى لو لم أحضر

الموسم لرجوت أن يغفر لهم أنبأنا عبد الرحمن بن يحيى بن معاذ البزاز حدثنا هشام بن

عمار حدثنا ابن صميع حدثنا زهير بن محمد عن ابن جريج عنمجاهد في قوله كانوا لنا خاشعين قال متواضعين

قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يلزم مجانبة التكبر لما فيه45

من الخصال المذمومه

إحداهما أنه ال يتكبر على أحد حتى يعجب بنفسه ويرى لها على غيرها الفضل والثانية ازدراءه بالعالم ألن من لم يستحقر

الناس لم يتكبر عليهم وكفى بالمستحقر لمن أكرمه اللهباإليمان طغيانا

والثالثة منازعة الله جل وعال في صفاته إذ الكبرياء والعظمة من صفات الله جل وعال فمن نازعه إحداهما ألقاه في النار إال

التيه مفسدة...أن يتفضل عليه بعفوه ولقد أحسن الذي يقول ال تشرهن... للعقل مهتكة للعرض فانتبه ...للدين منقصة

والعز في الحلم ال في البطش...فإن الذل في الشره ... والسفه

سمعت محمد بن محمود النسائي يقول سمعت أبا داود السنجي يقول سمعت األصمعي يقول سمعت يحيى بن خالدالبرمكي يقول الشريف إذا تقرأ تواضع والدنيء إذا تقرأ تكبر

قال ابو حاتم رضى الله عنه ال يمتنع من التواضع أحد والتواضع يكسب السالمة ويورث األلفة ويرفع الحقد ويذهب الصد

وثمرة التواضع المحبة كما أن ثمرة القناعة الراحة وإن تواضع الشريف يزيد في شرفه كما أن تكبر الوضيع يزيد في ضعته وكيف ال يتواضع من خلق من نطفة مذرة وآخره يعود جيفة

قذرة وهو بينهما يحمل العذرة سمعت أبا يعلي يقول سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل يقول

سمعت ابن عيينه يقول لو قيل أخرجوا خيار هذه القرية وال تمش فوق...ألخرجوا من ال نعرف وأنشدني الكريزي

فإن... فكم تحتها قوم هم منك أرفع ...األرض إال تواضعا فكم مات من قوم هم منك أمنع...كنت في عز وخير ومنعة

46

أنشدنا أبو عروبة أو ابن قتيبة أنشدنا المسيب بن واضح عن وكفى... وكفى بملتمس التواضع رفعه ...يوسف بن أسباط

... بملتمس العلو سفاال أنبأنا ابن خزيمة حدثنا محمد بن هشام المروزي حدثنا حفص

بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه قال حج الحسين بنعلي عشر حجج ماشيا ونجبه تقاد الى جنبه

قال أبو حاتم رضى الله عنه أفضل الناس من تواضع عن رفعة وزهد عن قدرة وانصف عن قوة وال يترك المرء المتواضع إال

عند استحكام التكبر فال يتكبر على الناس أحد إال بإعجابه بنفسه وعجب المرء بنفسه أحد حماد عقله وما رأيت أحد تكبر

على من دونه إال ابتاله الله بالذلة لمن فوقه وأنشدني محمد ... ودع التيه والعبوس على الناس ...بن أبي على الخالدي

... كلما شئت أن تعادى عاديت ...فإن العبوس رأس الحماقة ... صديقا وقد تغر الصداقة

قال أبو حاتم رضى الله عنه ما استجلبت البغضة بمثل التكبر وال اكتسبت المحبة بمثل التواضع ومن استطال على االخوان فال يثقن منهم بالصفاء وال يجب لصاحب الكبر أن يطمع في

حسن الثناء وال تكاد ترى تائها إال وضيعا فالعاقل إذا رأى من هو أكبر سنا منه تواضع له وقال سبقني الىاإلسالم وإذا رأى من هو أصغر سنا تواضع له وقال سبقته

بالذنوب وإذا رأى من هو مثله عده أخا فكيف يحسن تكبر المرء على أخيه وال يجب استحقار أحد ألن العود المنبوذ ربما

انتفع به فحك الرجل به أذنه أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت محمد بن شعيب بن شابور يقول دخل

رجل الحمام وزيد بن

أبي حبيب فيه وكان أسود فقال له يا أسود قم فاغسل رأسي47

قال فقام فشد عليه إزاره فغسل رأسه ودلك جسده فلما فرغ قال له الرجل كثر الله في السودان مثلك قال أحببت أن

يكثر من يخدمك أنبأنا محمد بن زنجوية القشيري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله

المدائني حدثنا أبو معاوية عن األعمش عن مجاهد عن ابنعباس قال لو بغى جبل على جبل لدك الله الباغي منهما أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا نصر بن علي حدثنا نوح بن قيس عن أخيه عن قتادة قال ما نسيت شيئا قط ثم قال

لغالمه ناولني نعلي قال نعلك في رجلك أنبأنا عبد الله بن محمد بن عمر أنبأنا عل بن خشرم قال

سمعت الفضل بن موسى يقول كان مالك ينسى فقال لقهرمانه اشتر لي غالما وسمه باسم خفيف حتى ال أنساه قال

فاشترى له غالما وأدخله عليه فقال اشتريت لك هذا الغالم وسميته باسم خفيف قال ما سميته قال فرقد قال فنظر الى

الغالم وقال اجلس يا واقدذكر استحباب التحبب الىالناس من غير مقارفةالمأثم

أنبأنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار ببغداد حدثنا يحيى بن معين حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن موسى

بن عقبة عن عبد الله بن عمرو األزدى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحرم على النار كل هين لين

قريب سهل

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يتحبب الى الناس بلزوم حسن الخلق وترك سوء الخلق ألن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد وإن الخلق السيء ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل وقد تكون في الرجل أخالق كثيرة صالحة كلها وخلق سيء فيفسد الخلق

خالق...السيء األخالق الصالحة كلها وأنشدني البغدادي 48

والقهم... ال تكن كلبا علىالناس يهر ...الناس بخلق حسن ... عنهم عرضك عن كل قذر...منك ببشر ثم صن

أنبأنا حامد بن شعيب البلخي ببغداد حدثنا سريج بن يونس حدثنا سفيان عن ابراهيم عن ميسرة عن طاوس قال سمعت ابن عباس يقول أن الرحم تقطع وأن النعم تكفر ولم أر مثل

تقارب القلوب أنبأنا الخالدي حدثنا محمد بن المغيرة النوفلي حدثنا عبد العزيز بن منيب حدثنا ابراهيم بن األشعث قال سمعت

الفضيل بن عياض يقول إذا خالطت فخالط حسن الخلق فإنه ال يدعو إال الى خير وصاحبه منه في راحة وال تخالط سيء الخلق فإنه ال يدعو إال الى شر وصاحبه منه في عناء وألن

يصحبني فاجر حسن الخلق أحب الي من ان يصحبني قاريء سيء الخلق إن الفاسق إذا كان حسن الخلق عاش بعقله

وخف على الناس وأحبوه وإن العابد إذا كان سيء الخلق ثقلعلى الناس ومقتوه

وأنشدني محمد بن المهاجر المعدل أنشدني محمد بن ابراهيم ما بالجميل... حافظ على الخلق الجميل ومز به ...اليعمري

بالبشر... إن ضاق مالك عن صديقك فألقه ...وبالقبيح خفاء ... منك إذا يحين لقاء

أنبأنا الحسين بن اسحاق األصبهاني حدثنا يحيى بن حكيم المقومي حدثنا الخليل بن عبد العزيز قال سمعت حماد بن

سلمة يقول الصوم

في البستان من الثقل قال أبو حاتم رضى الله عنه حسن الخلق بذر اكتساب المحبة

كما أن سوء الخلق بذر استجالب البغضة ومن حسن خلقه صان عرضه ومن ساء خلقه هتك عرضه ألن سوء الخلق يورث الضغائن والضغائن إذا تمكنت في القلوب أورثت

49

العداوة والعداوة إذا ظهرت من غير صاحب الدين أهوتصاحبها الى النار إال أن يتداركه المولى بتفضل منه وعفو

أنبأنا محمد بن المنذر حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا أبو عمير النخاس حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن الزهري قال وهل ينتفع من السيء الخلق بشيء وأنشدني عبد العزيز بن

وجوههم تدعو اليه... للخير أهل ال تزال ...سليمان األبراش مالم... الصالحات على يديه ... طوبى لمن جرت األمور ...

... فاألرض واسعة عليه...يضق خلق الفتى أنبأنا أبو يعلي حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء حدثنا مهدي

بن ميمون عن موسى بن عبيد عن ميمون بن مهران قال التودد الى الناس نصف العقل وحسن المسألة نصف العلم

واقتصادك في معيشتك يلقي عنك نصف المؤونه قال أبو حاتم رضى الله عنه التحبب الى الناس أسهل ما يكون

وجها وأظهر ما يكون بشرا وأخصر ما يكون أمرا وأرفق ما يكون بهيا وأحسن ما يكون خلقا وألين ما يكون كنفا وأوسع ما يكون يدا وأدفع ما يكون أذى وأعظم ما يكون احتماال فإذا كان

المرء بهذا النعت ال يحزن من يحبه

وال يفرح من يحسده ألن من جعل رضاه تبعا لرضا الناس وعاشرهم من حيث هم استحق الكمال بالسؤدد وأنشدني

... أعاشر معشري في كل أمر ...علي بن محمد البسامي ... واجتنب المقابح حيث كانت ...بأحسن ما أريت وما رأيت ... واترك ما هويت وما فريت

قال أبو حاتم رضى الله عنه حاجة المرء الى الناس مع محبتهم إياه خير من غناه عنهم مع بغضهم إياه والسبب

الداعى إلى صد محبتهم له هو التضايق في األخالق وسوء الخلق ألن من ضاق خلقه سئمه أهله وجيرانه واستثقله إخوانه

فحينئذ تمنوا الخالص منه ودعوا بالهالك عليه50

سمعت عمر بن سعيد بن سنان الطائي يقول سمعت أبا فقدت...الحسن الزهاوي يقول سمعت يزيد بن هارون يقول

... فيارب ال تغفر لكل ثقيل...ثقال الناس في كل بلدة أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن البلخي حدثنا محمد بن

إدريس الحافظ حدثنا محمد بن عبد الله بن إسماعيل قال سمعت عمرو بن الحارث يقول تسخين العين النظر الى من

تكره قال أبو حاتم رضى الله عنه األستثقال من الناس يكون سببه شيئين أحدهما مقارفة المرء ما نهى الله عنه من المآثم ألن

من تعدى حرمات الله أبغضه الله ومن أبغضه الله أبغضتهالمالئكة ثم يوضع له البغض في األرض

فال يكاد يراه أحد إال استثقله وأبغضه والسبب اآلخر هو استعمال المرء من الخصال ما يكره الناس منه فإذا كان كذلك استحق األستثقال منهم وأنشدني الكريزي

... ليتني كنت ساعة ملك الموت فأفنى الثقال حتى يبدوا ... لدخول...ولو أني وأنت في جنة الخلد لقت الخروج منها أريد

... الجحيم أهون من جنة خلد أراك فيها ترود أنبأنا عمر بن حفص البزاز بجند يسابور حدثنا اسحق بن

الضيف حدثنا أبو مسهر حدثنا هشام بن يحيى قال كان نقش خاتم ابيك يعني أبا أبي مسهر أبرمت فقم قال فكان إذا جلس

اليه الرجل فتثاقل حرك خاتمه وقال أقرأ نقش خاتمي وكانإذا قرأ قام

أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن حدثنا محمد بن إدريس حدثنا موسى بن اسماعيل حدثنا موسى بن رباح قال سمعت مخلداأبا أبي عاصم يقول إذا أبغضت الرجل أبغضت شقي الذي يليه

سمعت محمد بن السرى البغدادي يقول سمعت أبا بكر المروروذي يقول سألت أحمد بن حنبل عن الثقالء فقال

51

سألت عنهم بشرا الحافي فقال النظر اليهم سخنة العين قلتألحمد من الثقالء قال أهل البدع

قال أبو حاتم رضى الله عنه هذا الذي قال أحمد بن حنبل رحمه الله عليه هو استثقال الخاص إذا عرف أحدهم من بعض الناس ثلما في السنة أبغضه على بدعته فأما العام فال يكادون

يعادون ويوالون إال على المحبوب من

الخصال والمكروه من الفعال أال ترى المقنع الكندي حيث أال يا مركب المقت الذي أرسى فال...يقول لبعض من صحبه

لقد... من طلعته أروح ... ويا من سكرات الموت ...يبرح فال تصلح ان... فال أدري لما تصلح ...صورت في فكري

بلى تصلح أن تقتل أو تصلب او... وال تصلح أن تمدح ...تهجى ... تذبح

سمعت أحمد بن محمد البلخي الذهبي يقول قال محمد بن أبي الورد قال يحيى ابن ماسويه النظر الى الثقيل حمى

تعتري بين الجلدين حدثنا أحمد بن عمر بن يزيد يقول سمعت سلمة بن شبيب يقول سمعت أبا أسامة يقول أئتوني بمستمل خفيف على

الفؤاد وإياي والثقالء وإياي والثقالء أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن حدثنا عباس بن أبي طالب

حدثنا ابراهيم ابن المنذر حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين قال سمعت رجال من أهل البادية يقول نظرت الى

وأنت...ثقيل مرة فغشى علي وأنشدني المنتصر بن بالل وأثقل من... ولكن ال تخف على الفؤاد ...على مودتنا حريص

... كأنك من بقايا قوم عاد...رحا بزر علينا حدثنا ابراهيم بن مضر بن عنبر حدثنا يوسف بن عيسى حدثنا وكيع حدثنا أبو سهل عن ابراهيم بن بكير قال كان أبو هريره إذا استثقل جليسا له قال اللهم أغفر لنا وله وأرحنا منه في

52

عافيه

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل مجانبة الخصال التي تورثه استثقال الناس إياه ومالزمة الخصال التي

تؤديه الى محبتهم إياه ومن أعظم ما يتوسل به الى الناس ويستجلب به محبتهم البذل لهم مما يملك المرء من حطام هذه الدنيا واحتماله

عنهم ما يكول منهم من األذى فلو أن المرء صحبه طائفتان إحداهما تحبه واألخرى تبغضه

فأحسن الى التي تبغضه وأساء الى التي تحبه ثم أصابته نكبة فاحتاج اليهما لكان أسرعهما الى خذالنه وأبعدها عن نصرته الطائفة التي كانت تحبه وأسرعهما إلى نصرته وأبعدهما عن

خذالنه الطائفة التي كانت تبغضه ألن الكلب إذا شبع قوى وإذا قوي أمل وإذا أمل تبع المأمول وإذا جاع ضعف وإذا ضعف

أيس وإذا أيس ولى عن المتبوع فمن عدم المال فليبسط وجهه للناس فإن ذلك يقوم مقام

بذل المعروف إذ هو أحد طرفيه أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا هارون بن عبد الخالق

المازني قال سئل ابن المبارك عن حسن الخلق فقال هوبسط الوجه وبذل المعروف

أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا أبوعمار الحسين بن حريث حدثنا محمد بن القاسم األسدى عن منحة بن عمرو قال خرج غالم لنا بقمامة الدار أو بكناسة الدار عريان وسعيد بن جبير

على الباب فقال يا خبيث ارفع إزراك أنبأنا محمد بن إبراهيم البدوري بالبصرة حدثنا إبراهيم بن

بشار الرمادي حدثنا سفيان بن عيينه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال إذا لقي المسلم أخاه فصافحه وكشر في وجهه

تحاتت ذنوبه كما تحات العذق من النخلة فقال53

رجل لمجاهد يا أبا الحجاج إن هذا من العمل اليسير فقال ( هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين62 8مجاهد )

قلوبهم لو أنفقت ما في األرض جميعا ما ألفت بين قلوبهمأفيسير هذا

ذكر استعمال لزوم المداراة وترك المداهنة مع الناس محمد بن قتيبة اللخمى بعسقالن وعمر بن سعيد بنأنبأنا

سنان الطائي بمنبج قاال حدثنا ابن واضح حدثنا يوسف بن أسباط حدثنا سفيان عن محمد ابن المنكدر عن جابر قال قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم مداراة الناس صدقة قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يلزم

المداراة مع من دفع اليه في العشرة من غير مقارفة المداهنة إذ المداراة من المدارى صدقة له والمداهنة من المداهن تكون خطيئة عليه والفصل بين المداراة والمداهنة هو أن

يجعل المرء وقته في الرياضة إلصالح الوقت الذي هو له مقيم بلزوم المداراة من غير ثلم في الدين من جهة من الجهات فمتى ما تخلق المرء بخلق شابه بعض ما كره الله منه في

تخلقه فهذا هو المداهنة ألن عاقبتها تصير الى قل ويالزم المداراة ألنها تدعو الى صالح أحواله ومن لم يدار الناس ملوه

كما أنشدني على بن محمد البسامي ... دار من الناس مالالتهم ... من لم يدار الناس ملوه ... ومكرم الناس حبيب

...لهم ... من أكرم الناس أحبوه أنبأنا محمد بن أحمد بن ابي عون المرياني حدثنا أحمد بن

منيع حدثنا ابن المبارك عن الحسن بن عمرو عن منذر الثوري عن ابن الحنفية قال ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف منال يجد من معاشرته بدا حتى يأتيه الله منه بالفرج أو المخرج

54

أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يداريقال الناس مداراة الرجل السابح في الماء الجاري ومن ذهب الى عشرة الناس من حيث هو كدر على نفسه عيشه ولم تصف له مودته ألن وداد الناس ال يستجلب إال بمساعدتهم على ما

هم عليه إال أن يكون مأثما فإذا كانت حالة معصية فال سمع وال طاعة والبشر قد ركب فيهم أهواء مختلفة وطبائع متباينة فكما

يشق عليك ترك ما جبلت عليه فكذلك يشق على غيرك مجانبة مثله فليس الى صفو ودادهم سبيل إال بمعاشرتهم من

حيث هم واإلغضاء عن مخالفتهم في األوقات أنشدني األبرش ... قالت وهزت رأسها وتضاحكت ... على الوتجفى أم على العهد توصل ... فقلت فلم أفعل فقالت تريده ... فقلت

...فلم أفعل فقالت ستفعل أنبأنا ابن قحطبة حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا حرم قال

سمعت حبيب ابن الشهيد يقول سمعت الحسن يقول يا ابن آدم أصحب الناس بأي خلق شئت يصحبوك عليه وأنشدني

الكريزي ... تجنى على بما قد جنى ... ويغلظ في القول إن لنت له ... ويسبق بالعذل لي ظلما ... كأن الصواب له ال

...ليه ... كما قال في مثل عالم ... خذ اللص بالذنب ال تغفله قال أبو حاتم رضى الله عنه من التمس رضا جميع الناس التمس ماال يدرك ولكن يقصد العاقل رضا من ال يجد من معاشرته بدا وإن دفعه الوقت الى استحسان أشياء من

العادات كان يستقبحها واستقباح أشياء كان يستحسنها ما لم يكن مأثما فإن ذلك من المداراة وما أكثر من دارى فلم يسلم

فكيف

توجد السالمة لمن ال يداري أنشدني محمد بن عبد الله له على األرض وال والده... ياذا الذي أصبح ال والد ...البغدادي

إن... فأي نفس بعده خالدة ... قد مات من قبلهما آدم ...55

... عور فغمض عينك الواحدة...جئت أرضا أهلها كلهم أنبأنا أبو يعلى حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء حدثنا مهدي

بن ميمون حدثنا معاذ بن سعد األعور قال كنت جالسا عند عطاء بن أبي رباح فحدث رجل بحديث فعرض رجل من القوم

في حديثه قال فغضب وقال ما هذه الطباع إني ألسمعالحديث من الرجل وأنا أعلم به فأريه كأني ال أحسن منه شيئا أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا محمد بن محمد الصيداوي حدثنا حماد بن اسحق عن المدائن قال قال معاوية لو أن بيني وبين

الناس شعرة ما انقطعت قيل وكيف قال ألنهم إن مدوها حليهاوإن خلو مددتها

قال أبو حاتم رضى الله عنه من لم يعاشر الناس على لزوم اإلغضاء عما يأتون من المكروه وترك التوقع لما يأتون من

المحبوب كان إلى تكدير عيشة أقرب منه إلى صفائه وإلى أن يدفعه الوقت إلى العداوة والبغضاء أقرب منه إلى أن ينال منهم الوداد وترك الشحناء ومن لم يدار صديق السوء كما ...يداري صديق الصدق ليس بحازم ولقد أحسن الذي يقول

وإن لم تجد عنه محيصا...تجنب صديق السوء واصرم حباله تنل منه صفو... وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه ...فداره

... الود ما لم تماره أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا إبراهيم الحوراني حدثنا أبو

مسهر حدثنا سهل بن هاشم عن إبراهيم بن أدهم قال قال أبو الدرداء ألم الدرداء إذا غضبت فرضيني وإذا غضبت رضيتك

فإذا لم نكن هكذا ما أسرع ما نفترق قال أبو حاتم رضي الله عنه العاقل إذا دفعه الوقت إلى صحبة

من ال يثق

بصداقته أو صداقة من يثق بأخوته فرأى من أحدهما زلة فرفضه لزلته بقي وحيدا ال يجد من يعاشر فريدا ال يجد من

56

يخادن بل يغضي على األخ الصادق زالته وال يناقش الصديق السيء على عثراته ألن المناقشة تلزمه في تصحيح أصل

الوداد أكثر مما تلزمه في فرعه ومن أنواع المداراة ما حدثني الحسن بن سفيان حدثنا عبد

الله بن أحمد ابن شبويه حدثنا الحسن بن واقع حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال كانت لرجل جارية فوطئها سرا فقال

ألهله إن مريم كانت تغتسل في هذه الليلة فاغتسلوا فاغتسل هو واغتسل أهله قال إبن شوذب وكانت مريم تغتسال في كل

أغمض عيني عن...ليلة وأنشدني منصور بن محمد الكريزي وما بي... لديه بما يأتي من القبح جاهل ...صديقي كأنني

... تطيق احتمال الكره فيما أحاول ...جهل غير أن خليقتي بقيت ومالي في نهوضي...متى ما يريني مفصل فقطعته

فإن هو أعيا كان... ولكن أداريه وإن صح شدني ...مفاصل ... فيه تحامل

أنبأنا محمد بن أبي على الخالدي حدثنا محمد بن الحسن الذهلي عن أبي السائب قال قال على ال تعامل بالخديعة فإنها

خلق اللئام وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحةوساعده على كل حال وزل معه حيث زال

ذكر استحباب إفشاء السالم وإظهار البشر والتبسم أنبأنا أحمد بن صالح الطبري حدثنا الفضل بن سهل األعرج

حدثنا محمد ابن جعفر المدائني حدثنا ورقاء عن األعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن السالم اسم من أسماء الله وضعه في األرض

فأفشوه بينكم فإن الرجل المسلم إذا مر بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم بالسالم

فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يلزم

57

إفشاء السالم على العام ألن من سلم على عشرة كان له عتق رقبه والسالم مما يذهب إمشاؤه بالمكتن من الشحناءوما في الخلد من البغضاء ويقطع الهجران ويصافي اإلخوان والباديء بالسالم بين حسنتين إحداهما تفضيل الله عز وجل

إياه على المسلم عليه بفضل درجه لتذكيره إياهم بالسالموبين رد المالئكة عليه عند غفلتهم عن الرد

ولقد أنبأنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا شعيب بن واقد حدثنا جرير قال قال زبيد اليامي إن أجود

الناس من أعطى ماال ال يريد جزاءه وإن أحسن الناس عفوا من عفا بعد قدرة وإن أفضل الناس من وصل من قطعه وإن

أبخل الناس من بخل بالسالم أخبرنا أبو خليفه حدثنا محمد بن كثير أنبأنا سفيان عن أبي

إسحاق عن

صلة بن زفر العبسي قال حدثنا عمار بن ياسر قال ثالث من جمعهن جمع اإليمان اإلنفاق من اإلقتار واإلنصاف من نفسك

وبذل السالم للعالم أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على المسلم إذا لقىقال

أخاه المسلم أن يسلم عليه متبسما إليه فإن من فعل ذلك تحات عنهما خطاياهما كما تحات ورق الشجر في الشتاء إذا

يبس وقد استحق المحبة من أعطاهم بشر وجهه ولقد أخبرني محمد بن المهاجر المعدل حدثنا إبراهيم بن عبد

السالم العنبري حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا إسماعيل بن حماد عن سعيد بن الخمس قال قيل له ما أبشك

قال إنه يقوم على برخيص وأنشدني األبرش ... أخو البشر محبوب على حسن بشره ... ولن يعدم البغضاء من كان

عابسا ... ويسرع بخل المرء في هتك عرضه ... ولم أر مثل ...الجود للمرء حارسا

58

قال أبو حاتم البشاشه إدام العلماء وسجية الحكماء ألن البشر يطفيء نار المعاندة ويحرق هيجان المباغضه وفيه تحصين من

الباغي ومنجاة من الساعي ومن بش للناس وجها لم يكنعندهم بدون الباذل لهم ما يملك

أخبرنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا ابراهيم بن محمد العبادي حدثنا سويد عن علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه قال أخبرت أنه مكتوب في الحكمة يا بني ليكن وجهك بسطا

ولتكن كلمتك طيبة تكن أحب إلى الناس من أن تعطيهمالعطاء

وأنشدني الخالدي أنشدنا أحمد بن بكر بن خالد اليزيدي لسعيدبن عبيد الطائي

... جميعا والقهم بالطالقة ...الق بالبشر من لقيت من الناس ... طيبا طعمه لذيذ المذاقه...تجن منهم حنى ثمار فخذها

أخبرنا محمد بن صالح الطبري حدثنا محمد بن حميد حدثنا حكام بن مسلم عن سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي قال

يعجبني من القراء كل سهل طلق مضحاك فأما من تلقاه يبشر ويلقاك بعبوس يمن عليك بعمله فال أكثر الله في القراء

ضرب هذا قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب على العاقل إذا رزق

السلوك في ميدان طاعة من الطاعات إذا رأى من قصر في سلوك قصده أن يعبس عليه بعمله وجهه بل يظهر البشر

والبشاشه له فلعله في سابق علم الله أن يرجع إلى صحة األوبة الى قصده مع ما يجب عليه من الحمد لله والشكر له

على ما وفقه لخدمته وحرم غيره مثله أخبرنا محمد بن أبى على الخالدي أخبرني محمد بن موسى

فتى مثل صفو الماء...السمري أن حماد ابن إسحاق أنشدهم يسرك مفترا ويشرق... فبشر وأما وعده فجميل ...أما لقاؤه

59

عيى عن الفحشاء... إذا اعتل مذموم الفعال بخيل ...وجهه ... فعف وأما طرفه فكليل...أما لسانه

لن تستتم جميال أنت...وأنشدني منصور بن محمد الكريزي ما أوسط الخير... إال وأنت طليق الوجه بهلول ...فاعله

... وكن كأنك دون الشر مغلول...فابسط راحتيك به أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا الدارمى حدثنا موسى

بن إسماعيل

حدثنا أبو عوانة عن إسماعيل بن سالم عن حبيب بن أبي ثابتقال من حسن خلق الرجل أن يحدث صاحبه وهو يبتسم

ذكر ما أبيح من المزاح للمرء وما كره له منه أنبأنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هدبه بن خالد حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له خادم يقال له أنجشه وكان حسن الصوت فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أنجشه ال تكسر القوارير قال قتادة

يعني ضعفة النساء قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يستميل

قلوب الناس إليه بالمزاح وترك التعبس والمزاح على ضربين فمزاح محمود ومزاح مذموم فأما المزاح

المحمود فهو الذي ال يشوبه ما كره الله عز وجل وال يكونبإثم وال قطيعه رحم

وأما المزاح المذموم فالذي يثير العداوة ويذهب البهاء ويقطعالصداقه ويجريء الدنيء عليه ويحقد الشريف به

أخبرنا محمد بن المنذر حدثنا إبراهيم بن محمد الرقى حدثنا أبو موسى األنصاري حدثنا بكر بن سليم قال سمعت ربيعة

يقول إياكم والمزاح فإنه يفسد المودة ويغل الصدر أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا الفضيل بن الخضر التميمي

حدثنا عبد الله ابن حبيق قال كان يقال ال تمازح الشريف60

فيحقد عليك وال تمازح الوضيع فيجتريء عليك أنشدني محمدبن عبد الله

... إن المزاح ترى به األضغان ...أكرم جليسك ال تمازح باألذى ... فتجذمت من أجله األقران...كم من مزاح جذ حبل قرينه

قال أبو حاتم رضى الله عنه المزاح في غير طاعة الله مسلبةللبهاء مقطعه للصداقة يورث الضغن وينبت الغل

وإنما سمى المزاح مزاحا ألنه زاح عن الحق وكم من افتراقبين أخوين وهجران بين متآلفين كان أول ذلك المزاح

أنبأنا محمد بن أحمد بن الحسين القرشي حدثنا األسود بن عامر عن أبي إسرائيل عن الحكم قال كان يقال التمار صديقك وال تمازحه فإن مجاهدا كان له صديق فمازحه

فأعرض كل واحد منهما عن صاحبه فما زاده عن السالم حتىمات

قال أبو حاتم رضى الله عنه وإن من المزاح ما يكون سببا لتهييج المراء والواجب على العاقل اجتنابه ألن المراء مذموم

في األحوال كلها وال يخلو المماري من أن يفوته أحد رجلين في المراء إما رجل هو أعلم منه فكيف يجادل من هو دونه في العلم أو يكون ذلك أعلم منه فكيف يماري من هو أعلم

منه ولقد سمعت حفص بن عمر البزار يقول سمعت إسحاق بن

الضيف يقول سمعت جعفر بن عون يقول سمعت مسعر بن فاسمع... إني نخلتك ياكدام نصيحتي ...كدام يقول البنه كدام مقال أب عليك شفيق

... خلقان ال أرضاهما لصديق ...أما المزاحة والمراء فدعهما ... لمحاور جارا وال لشفيق ...إني بلوتهما فلم أحمدهما

61

وعروقه في الناس أي...والجهل يزري بالفتى في قومه ... عروق

قال أبو حاتم رضى الله عنه المراء أخو الشنان كما أن المناقشة أخت العداوة والمرء قليل نفعه كثير شره ومنه

يكون السباب ومن السباب يكون القتال ومن القتال يكون هراقة الدم وما مارى أحد أحدا إال وقد غير المراء قلبيهما وقد

ومن أن... وإياك من حلو المزاح ومره ...أحسن الذي يقول وإن... وإن مراء المرء يخلق وجهه ...يراك الناس فيه مماريا

... دعاه مزاح أو مراء الى التي ...مزاح المرء يبدي التشانيا ... بها صار مقلى اإلخاء وقاليا

أخبرني محمد بن المنذر حدثني كثير بن عبد الله التميمي حدثني إسماعيل بن محمد الطلحي حدثنا أبو األخفش الكناني

ودع السفاهه... أبني ال تك ماحييت مماريا ...أنه قال البن له إن الضغينه للقرابة... ال تحملن ضغينة لقرابة ...إنها ال تنفع

إن الحليم هو األعز... ال تحسبن الحلم منك مذلة ...تقطع ... األمنع

أخبرنا محمد بن ابراهيم الخالدي الهروى حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال سمعت أبى عن األوزاعي قال قال بالل

بن سعد إذا رأيت الرجل لجوجا مماريا معجبا برأيه فقد تمتخسارته

قال أبو حاتم رضى الله عنه المزاح إذا كان فيه إثم فهو يسودالوجه

ويدمي القلب ويورث البغضاء ويحيى الضغينه وإذا كان من غير معصية يسلى الهم ويرقع الخله ويحيى النفوس ويذهب

الحشمة فالواجب على العاقل أن يستعمل من المزاح ما ينسب بفعله إلى الحالوة وال ينوي به أذى أحد وال سرور أحد

بمساءة أحد62

أخبرنا عبد الله بن محمد بن عائذ كان بهراة حدثنا أحمد بن عبد الله ابن حكيم العرياناني قرية من قرى مرو حدثنا سهل بن يحيى عن أبيه عن األعمش عن إبراهيم قال ال يمازحك إال

من يحبك أخبرنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا الصلت بن مسعود حدثني ابن عيينة قال أظنني سمعته من

داود بن شابور عن محمد ابن المنكدر قال قالت لي أمي وأناغالم ال تمازح الغلمان فتهون عليهم أو يجترئوا عليك

حدثنا عمرو حدثنا الغالبى حدثنا ابن عائشة حدثنا دريد بن مجاشع عن غالب القطان عن مالك بن دينار قال قال عمر بن الخطاب من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزح استخف به ومن

أكثر من شيء عرف به أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو الدرداء حدثنا أبو إسحاق

الطالقاني عن مبشر بن إسماعيل عن راشد بن أبي قبال قال استسقى سعيد بن جبير فأتيته بسويق محلى فقال يا راشد

شكر أزد ست شيرين قال أبو حاتم رضى الله عنه من مازح رجال من غير جنسه هان

عليه واجترأ

عليه وإن كان المزاح حقا ألن كل شيء ال يجب أن يسلك بهغير مسلكه وال يظهر إال عند أهله

على أني أكره استعمال المزاح بحضرة العام كما أكره تركهعند حضور األشكال

ولقد أخبرنا كامل بن مكرم حدثنا ربيعة بن الحارث الجيالني حدثنا عبد الله ابن عبد الجبار الجبابري قال قال أبو عبد

الرحمن األعرج كان ابراهيم بن أدهم يحدثنا ويضاحكنا وإذارأى غيرنا قال هذا جاسوس

ذكر استحباب األعتزال من الناس عاما63

أنبأنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس حدثنا عبد الرحمن بن ابراهيم حدثنا الوليد حدثنا األوزاعي عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري قال قيل يا

رسول الله أي األعمال أفضل قال الجهاد في سبيل الله قال ثم ماذا قال رجل في شعب من الشعاب يتقى الله ويدع

الناس من شره قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم

االعتزال عن الناس عاما مع توقي مخالطتهم إذ االعتزال من الناس لو لم يكن فيه خصلة تحمد إال السالمة من مقارفة المأثم لكان حقيقا بالمرء أن ال يكدر وجود السالمه بلزوم

السبب المؤدي إلى المناقشة ولقد أخبرني الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أنبأنا

عبد الله أخبرنا شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بنعاصم عن عمر بن الخطاب قال خذوا بحظكم من العزلة

أنبأنا عمرو بن سعيد بن سنان الطائي حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال سمعت سفيان بن عيينة يقول رأيت الثوري في المنام فقلت له أوصني فقال أقل معرفة الناس أقل معرفة

الناس

أنبأنا القطان بالرقة حدثنا المروروذي قال سمعت أحمد بن حنبل يقول رأيت ابن السماك يكتب إلى أخ له أن استطعتأن ال تكون لغير الله عبدا ما وجدت من العبودية بدا فافعل قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يستعبد نفسه ألمثاله

بالقيام في رعاية حقوقهم والتصبر على ورود األذى منهم ما وجد الى ترك الدخول فيه سبيال ألنه إذا حسم عن نفسه ترك اإلختالط بالعالم والمخالطة بهم تمكن من صفاء القلب وعدم

تكدر األوقات في الطاعات ولقد استعمل العزلة حماعة من المتقدمين مع العام والخاص

64

معا كما أخبرنا محمد بن إبراهيم الخالدي حدثنا داود بن أحمد بن سليمان الدمياطي حدثنا عبد الرحمن بن عفان قال سمعت ابن المبارك يقول عاد فضيل داود الطائي فأغلق داود الباب

وجلس فضيل خارج الباب يبكي وداود داخل البيت يبكي أنبأنا الحسين بن محمد السنجي حدثنا علي بن المنذر حدثنا الحسن بن مالك قال سمعت بكر محمد العابد يقول قال لي داود الطائي يا بكر استوحش من الناس كما تستوحش من

السبع أنبأنا محمد بن أحمد بن الفرج البغدادي باألبلة حدثنا إبراهيم بن حماد بن زياد حدثنا عبد العزيز بن الخطاب قال رؤى إلى

جنب مالك بن دينار كلب عظيم ضخم أسود رابض فقيل له يا أبا يحيى أال ترى هذا الكلب إلى جنبك قال هذا خير من جليس

السوء

قال أبو حاتم رضى الله عنه هذا الذي ذهب اليه داود الطائي وضرباؤه من القراء من لزوم االعتزال من الخاص كما يلزمهم

ذلك من العام أرادوا بذلك عند رياضة األنفس على التصبر على الوحدة وإيثار ضد الخلطة على المعاشرة فإن المرء متى

لم يأخذ نفسه بترك ما أبيح له فأنا خائف عليه الوقوع فماحظر عليه

وأما السبب الذي يوجب االعتزال عن العالم كافة فهو ما عرفتهم به من وجود دفن الخير ونشر الشر يدفنون الحسنة ويظهرون السيئة فإن كان المرء عالما يدعوه وإن كان جاهال عيروه وإن كان فوقهم حسدوه وإن كان دونهم حقروه وإن نطق قالوا مهذار وإن سكت قالوا عيى وإن قدر قالوا مقتر

وإن سمح قالوا مبذر فالنادم في العواقب المحطوط عنالمراتب من اغتر بقوم هذا نعتهم وغره ناس هذه صفتهم

65

ولقد أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل أخبرني أحمد بن محمد بن بكر األبناوي عن داود بن رشيد قال حدثني إبراهيم بن

شماس قال قال لي األكاف حفص بن حميد صاحب ابن المبارك بمرو يا إبراهيم صحبت الناس خمسين سنة فلم أجد أحدا ستر لي عورة وال وصلني إذا قطعته وال أمنته إذا غضب

فاألشتغال بهؤالء حمق كثير

محمد بن المهاجر المعدل لعلي بن حجر السعدي ...وأنشدني زمانك ذا زمان دخول بيت ... وحفظ للسان وخفض صوت ... فقد مرجت عهود الناس إال ... أقلهم فبادر قبل فوت ... فما

...يبقى على األيام شيء ... وما خلق امرؤ إال لموت يعقوب بن إسحاق القاضي حدثنا محمد بن يحيى قالأخبرنا

وفيما قرأت على نافع عن مالك بن أنس أنه بلغه عن أبي ذرقال كان الناس ورقا ال شوك فيه فهم اليوم شوك ال ورق

فيه أنبأنا محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا جنيد بن حكيم الدقاق حدثنا سليمان ابن أبي شيخ قال كان القحذمى ينشد كثيرا ...

ذهب الحسن والجمال من الناس ... ومات الذين كانوا مالحا ... وبقى األسمجون من كل صنف ... إن في الموت من

...أولئك راحا أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يعلم أن البشر مجبولونقال

على أخالق متباينه وشيم مختلفة فكل واحد يحب اتباع مساعدته وترك مباعدته فمتى رام من أخيه ضد ما وطن

نفسه عليه قاله وإذا تبين له منه خالف ما أضمر عليه قلبه مله ومن المالل يكون االستثقال ومن االستثقال يكون البغض ومن

البغض تهيج العداوة فاآلشتغال هذا بمن نعته للعاقل حمق ولقد أحسن النباجي حيث يقول ... أرفض الناس وكل

مشغله ... قد بخل الناس بمثل خردله ... ال تسأل الناس وسل66

من أنت له

وأنشدني ابن ابي علي قال أنشدني محمد بن يعقوب العبدي وقرت به عيناي بدلت... إذا قلت هذا صاحب قد رضيته ...

من الناس إال خانني... وذلك أني ال أصاحب صاحبا ...آخرا ... وتغيرا

أخبرنا عبد الله بن محمد بن مسلم حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز قال قال

مكحول إن كان في مخالطة الناس خير فالعزلة أسلم أنبأنا علي بن سعيد العسكري حدثنا شعيب بن يحيى حدثنا أحمد النسائي حدثنا يحيى بن عبد األعلى أن مالك بن دينار

كان يقول من لم يأنس بحديث الله عن حديث المخلوقين فقدقل علمه وعمى قلبه وضيع عمره

أنبأنا القطان حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا محمد بن روح قال سمعت ابراهيم البخاري يقول دخلت المسجد الحرام بعد المغرب فإذا فضيل جالس فجئت فجلست اليه فقال من هذا

فقلت إبراهيم قال ما جاء بك قلت رأيتك وحدك فجلست اليكقال تحب أن تغتاب أو تتزين أو ترائي قلت ال قال قم عني

ذكر إستحباب المؤاخاة للمرء مع الخاص أنبأنا أحمد بن علي بن المثنى بالموصل حدثنا قطن بن نسير حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت عن أنس قال آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء وآخى بين

عوف بن مالك وبين الصعب بن جثامة قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن ال يغفل عن مؤاخاة اإلخوان وإعداده إياهم للنوائب والحدثان ألن من

تعزى عن موضع سلوته

67

بأخيه عند الهموم والغموم كان عقله إلى التقديح أقرب ومنالنماء أنقص

ولقد أنبأنا محمد بن المنذر حدثنا الفضل بن عبد الصمد األصبهاني حدثنا يزيد بن خالد الرملي حدثنا سهيل أبو عمرو قال قال محمد بن واسع لم يبق من العيش إال ثالث الصالة في الجماعة ترزق فضلها وتكفي سهوها وكفاف من معاش ليست ألحد من الناس عليك فيه منه وال لله عليك فيه تبعه

وأخ محسن العشرة زغت قومك أنبأنا عبد الرحمن بن عبد المحسن بجرجان حدثنا محمد بن عبد الله القصار أنبأنا عبد الرزاق عن ابن المقفع قال ثالث

من اللذات محادثه اإلخوان وأكل القديد وحك الجرب أنبأنا محمد بن أبي علي حدثنا محمد بن هريم الشيباني أنشدنا

كما نقبض... وما المرء إال بإخوانه ...محمد بن عمران الضيى وال خير في... وال خير في الكف مقطوعه ...الكف بالمعصم ... الساعد األجذم

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن ال يعد في األدواء إخاء من لم يواته الضراء ولم يشاركه في السراء ورب

أخى إخاء خير من أخي والدة ومن أتم حفاظ األخوة تفقدالرجل أمور من يوده

والود الصحيح هو الذي ال يميل إلى نفع وال يفسده منعوالمودة أمن كما أن البغضاء خوف

والعاقل ال يواخي إال من خالفه على الهوى وأعانه على الرأي ووافق سره عالنيته ألن خير اإلخوان من لم يناقش كما أن

خير الثناء ما كان على أفواه األخيار والمستوخم ال يؤلف كما ان غير الثقه ال يود فمتى ما آخى المرء من لم يصافه بالوفاء

يجب االستظهار عليه بمن يسليه عنه ألن التودد ممن ال يود يعد ملقا وال يفوت اإلنسان في األخوة أحد رجلين إما أريب

68

قصر في حقوقه فاغتاله بمكر وإما جاهل لم يصافه فيؤذيه بسوء معاشرته وصيانة األخوة ليست إال في اإلستغناء عن

اإلخوان كم من...ولقد أحسن العباس بن عبيد بن يعيش حيث يقول

صاف... وأخ أبوه أبوك قد يجفوكا ...أخ لك لم يلده أبوكا ... وأعلم بأن أخا الحفاظ أخوكا ...الكرام إذا أردت إخاءهم

لو... وكأنما آباءهم ولدوكا ...كم إخوة لك لم يلدك أبوهم تخشى الحتوف بها لما خذلوكا...كنت تحملهم على مكروهة

... بنياط قلبك ثم ما نصروكا ... وأقارب لو أبصروك معلقا ... وإذا افتقرت اليهم فضحوكا...الناس ما استغنيت كنت أخالهم

... أخبرنا القطان بالرقة حدثنا أحمد بن اسماعيل السنى حدثنا

عبد الرزاق عن معمر قال دخلت على قتادة وأنا ظمآن وفي الحجرة حب ماء فقلت أشرب من مائكم هذا قال أنت لنا

صديق قال أحمد قال عبد الرزاق يتأول القرآن ) أو صديقكم ( يقول

ال يستأذن أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا عالن بن المغيرة البصري

حدثنا عمرو

الناقد حدثنا ابن عيينه عن أيوب السختياني أنه قال يزيدنيحرصا على الحج لقاء إخوان لي ال ألقاهم بغير الموسم

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يعلم أن الغرض من المؤاخاة ليس االجتماع والمؤاكلة والمشاربة

والسراق يداخلون الرجال على التقارف وال يزدادون بذلك مودة ولكن من أسباب المؤاخاة التي يجب على المرء لزومها

مشي القصد وخفض الصوت وقلة اإلعجاب ولزوم التواضعوترك الخالف

69

وال يجب للمرء أن يكثر على إخوانه المؤونات فيبرمهم ألنالمرضع إذا كثر مصه ربما ضجرت أمه فتلقيه

وال ينبغي لمن قدر أن يمنع أخاه شيئا يحتاج اليه ليجبر به مصيبته أو يفرج به كربته والعاقل ال يؤاخي لئيما ألن اللئيم

كالحية الصماء ال يوجد عندها إال اللدغ والسم وال يصل اللئيم وال يؤاخي إال عن رغبه أو رهبة والكريم يود الكريم على لقية

واحدة ولو لم يلتقيا بعدها أبدا ولقد أخبرنا محمد بن المنذر حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن

يونس حدثنا إسماعيل

ابن محمود عن ابن المبارك عن سفيان عن يونس بن عبيد أنه أصيب بمصيبة فقيل له ابن عوف لم يأتك فقال إنا إذا وثقنا

بمودة أخينا لم يضره أن ال يأتينا قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يتفقد ترك الجفاء مع

اإلخوان ويراعي محوها إن بدت منه وال يجب أن يستضعف الجفوة اليسيرة ألن من استصغر الصغير يوشك أن يجمع اليه

صغيرا فإذا الصغير كبير بل يبلغ مجهوده في محوها ألنه ال خير في الصدق إال مع الوفاء كما ال خير في الفقه إال مع الورع وإن

من أخرق الخرق التماس المرء اإلخوان بغير وفاء وطلب األجر بالرياء وال شيء أضيع من مودة تمنح من ال وفاء له وصنيعة تصطنع عند من ال يشكرها وأنشدني الخالدي قال

خلط... أحذر مودة ماذق ...أنشدني محمد بن محمد البكري أيام الصداقة... يحصى الذنوب عليك ...المرارة بالحالوة

... للعداوة ال يغرنك...وأنشدني محمد بن ابراهيم البصري بصور لنفسه

كم صديق كنت... لك في المنظر حتى تخبره ...صديق أبدا كان يلقاني بوجه... غرني منه زمانا منظره ...منه في عمى

لم... فإذا فتشته عن غيبه ... وكالم كالاللي ينثره ...طلق 70

يضمر الود... فدع اإلخوان إال كل من ...أجد ذاك لود يضمره فاجعلنه لك ذخرا... فإذا فزت بمن يجمع ذا ...كما قد يظهره

... تذخره أنبأنا القطان بالرقة حدثنا هشام بن عمار حدثنا إبراهيم بن موسى المكي عن يحيى بن سعيد األنصاري عن سعيد بن

المسيب قال وضع عمر بن الخطاب

رضى الله عنه للناس ثمانية عشر كلمة كلها حكم قال ما كافأت من يعصي الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك وال تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محمال ومن تعرض للتهمة فال يلومن من أساء به الظن ومن كتم سره

كانت الخيره في يديه وعليك بإخوان الصدق فعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البالء وعليك بالصدق

وإن قتلك الصدق وال تعرض لما ال يعنيك وال تسأل عما لم يكن فإن فيما كان شغال عما لم يكن وال تطلبن حاجتك إلى من ال

يحب لك نجاحها وال تصحبن الفاجر فتعلم فجوره واعتزل عدوك واحذر صديقك إال األمين وال أمين إال من خشي الله وتخشع عند القول وذل عند الطاعه واعتصم عند المعصية

35واستشر في أمرك الذين يخشون الله فإن الله يقول ) ( إنما يخشى الله من عباده العلماء38

قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يواخي إال ذا فضل في الرأي والدين والعلم واألخالق الحسنة ذا عقل نشأ مع

الصالحين ألن صحبة بليد نشأ مع العقالء خير من صحبة لبيبنشأ مع الجهال

ورأس المودة األسترسال وآفتها الماللة ومن أضاع تعهد الود من إخوانه حرم ثمرة إخائهم وآيس اإلخوان من نفسه ومن

ترك اإلخوان مخافة تعاهد الود بوشك أن يبقى بغير أخ كما أن71

من ترك نزع الماء إشفاقا على رشائه يوشك أن يموت عطشا والعاقل يستخبر أمور إخوانه قبل أن يؤاخيهم ومن أصح

الخبرة للمرء

وجود حالته بعد هيجان الغضب أنبأنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا عبد الله بن

الضحاك الهدادي حدثنا هشام بن محمد عن عوانة بن الحكم قال قال لقمان البنه يا بني إذا أردت أن تواخي رجال فأغضبه

قبل ذلك فإن أنصفك عند غضبه وإال فدعه أنبأنا محمد بن صالح الطبري حدثنا أبو هشام الرفاعي حدثنا

داود بن يحيى ابن اليمان عن أبيه عن سفيان قال أصحب منشئت ثم اغضبه ثم دس إليه من يسأله عنك

قال أبو حاتم رضى الله عنه من لم ينصفك عند غضبه لم تودك أيامه وليس الصديق كالمرأة يطلقها المرء إذا شاء

والجارية يبيعها متى أحب لكنه عرضه ومروءته فالتثبت واالتئاد أولى به من التهاجر واالنقطاع ومن غاب عنه أخوه فال يغب

عما يجب له عليه وليكثر منهم عدة للشدائد ألن

الشعر مع دقته إذا جمع عمل منه الحبل الغليظ الذي يقهرالفيل المغتلم وال يصلح أن يكون رفيقا من لم يزدرد ريقا

وأنشدني الخالدي قال أنشدني محمد بن محمد البكري لصالح على... إذا كان ود المرء ليس بزائد ...بن عبد القدوس

... أو القول إني وامق لك حافظ ...مرحبا أو كيف أنت وحالكا ... ولم يك إال كاشرا أو محدثا ...وأفعاله تبدي لنا غير ذلكا

... ولكن إخاء المرء من كان دائما ...فأف لود ليس إال كذلكا ... لذى الود منه حيثما كان سالكا

أخبرنا أبو يعلي حدثنا علي بن الجعد حدثنا سفيان الثوري عن72

شعبة قال خرج عبد الله بن مسعود على أصحابه فقال أنتمجالء حزنى

أخبرني محمد بن سعيد القزاز حدثنا هالل بن العالء حدثنا إسحاق بن الضيف عن شيبه بن أبي مسهر عن الحكم بن

هشام قال خالد بن صفوان لم يبق من لذات الدينا إال ثالثمجالسة النسوان وشم الولدان ولقى األخوان

حدثنا محمد بن المنذر حدثنا مسعدة بن حازم المصري حدثنا خالي هارون ابن سعيد حدثنا خالد بن بزار حدثنا سفيان عن موسى بن عقبة قال إن كنت أللقى األخ من إخواني فأكون

بلقيه عاقال أياما قال أبو حاتم رضى الله عنه قد ذكرت ما يشاكل هذه

الحكايات في كتاب مراعاة العشرة فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب فالواجب على العاقل أن يعلم أنه ليس من

السرور شيء يعدل صحبة اإلخوان وال غم يعدل غم فقدهم ثميتنوقى جهده مفاسدة من صافاه

وال يسترسل إليه فيما يشينه وخير اإلخوان من إذا عظمته صانك وال يعيب أخاه على الزلة فإنه شريكه في الطبيعة بل

يصفح ويتنكب محاسدة اإلخوان ألن الحسد للصديق من سقم المودة كما أن الجود بالمودة أعظم البذل ألنه ال يظهر ود صحيح من قلب سقيم وليحذر المرء في إخائه ألم التثقيل

على أخيه ألن من ثقل على صديقه خف على عدوه وإن منأعظم المعونه على تسلية الهم الرضا بالقضاء ولقى اإلخوان

محمد بن هالل العقبي حدثني يونس بن إبراهيم العزيأنبأنا حدثنا إبراهيم ابن عبد الله العدني عن سفيان أنه قيل له ما

ماء العيش قال لقاء اإلخوان حدثنا القطان حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا المسيب بن واضح عن ابن المبارك قال قال سفيان لربما لقيت األخ من

73

اخواني فأقيم شهرا عاقال بلقائه عبد العزيز بن سليمان األبرش ... ستكثرن منوأنشدني

اإلخوان إنهم ... خير لكانزهم كنزا من الذهب ... كم من أخ ...لك لو نابتك نائبة ... وجدته لك خيرا من أخي النسب

وأنشدني الكريزي ... من خير ما حزته ود لذي كرم ... يجزيك ما عشت باإلحسان إحسانا ... تلقى بشاشته في قربه وإذا ...

...أنال نالك منه البر ما كانا أنبأنا القطان حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت أبا

سليمان يقول كنت أنظر إلى أخ من إخواني بالعراق فأعملعلى رؤيته شهرا

حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا سويد بن سعيد حدثنا مسلم بن عبيد أبو فراس قال قال ربيعة المروءة مروءتان فللسفر

مروءة وللحضر مروءة فأما مروءة السفر فبذل الزاد وقلةالخالف على أصحابك وكثرة المزاح في

غير مساخط الله وأما مروءة الحضر فاإلدمان إلى المساجدوكثرة اإلخوان في الله وتالوة القرآن

ذكر كراهية المعاداة للناس أنبأنا محمد بن عبد الله بن عبد السالم ببيروت حدثنا محمد بن محمد بن مصعب وحدثني ابن المبارك عن عمرو بن واقد عن

إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أول شيء نهانى عنه ربي بعد

عبادة األوثان لعن الحمير ومالحاة الرجال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يعلم أنقال

من يوده لم يحسده ومن لم يحسده لم يعاده فيكون للعدو المكاتم أشد حذرا منه للعدو المبارز ومن وجد عنده مغترا

وكان ممن ال يعفو ثم ال ينتصف منه أصابته الندامة والرأي إذا كان من األريب كان أبلغ في هالك العدو من العدد الكثير من

74

الجنود وترك العداوة على األحوال كلها أحوط للعاقل منالخوض في سلوكها

أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله بن هارون هو األعور عن اسماعيل قال ال تشترين عداوة رجل

بمودة ألف رجل وأنشدني عمرو بن محمد قال حدثنا الغالبي قال أنشدني

مهدي ابن سابق ... تكثر من اإلخوان ما استطعت إنهم ... عماد إذا استنجدتهم وظهور ... وليس كثيرا ألف خل

...لصاحب ... وإن عدوا واحدا لكثير قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب على العاقل أن يكافيء

الشر بمثله وأن يتخذ اللعن والشتم على عدوه سالحا إذ ال يستعان على العدو بمثل إصالح العيوب وتحصين العورات حتى

ال يحد العدو إليه سبيال

والعاقل ال يرحم من يخافه وال يترك إحصاء معائب العدو ويتفقد عثراتهم مع السكوت عن ثلبه وال يستضعف عدوا بحيلة

فإن من استضعف األعداء اغتر ومن اغتر لم يسلم اللهم إال أن يكون العدو ذليال فإذا كان كذلك عطف عليه باإلغضاء ألن العدو الذليل أهل أن يرحم كما أن المستجير الخائف أهل أن

يؤمن والمماداة للعاقل خير من المصافاة للجاهل الخالدي أنشدني أحمد بن محمد البكري ... وولمنوأنشدني

يعادى عاقال خير له ... من أن يكون له صديق أحمق ... فأرغب بنفسك أن تصادق أحمقا ... إن الصديق على الصديق

...مصدق وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ... أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع لألبواب أن يلجا ...

أبصر لرجلك قبل الخطو موضعها ... فمن عال قلة عن غرة ...زلجا

75

أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يبصر موضع خطواته قبلقال أن يضعها ثم يقارب عدوه بعض المقاربه لينال حاجته وال

يقاربه كل المقاربه فيجترأ عليه والعاقل ال يعادي ما وجد الى المحبة سبيال وال يعادي من ليس له منه بد وال العدو الحنق

الذي ال يطاق فإنه ليس له حيلة إال الهرب منه وحيلة السبيل الى القدرة على العدو وجود الغرة فيه وأن يرى العدو أنه ال

يتخذه عدوا ثم يصادق أصدقاءه فيدخل بينه وبينهم وأحزم األمور في أمر العدو أن ال يذكره بسوء إال عند الفرصة وإن من أيسر الظفر باألعداء اشتغال بعضهم ببعض وإن مما

يستعين به المرء على عدوه مجانبة من يعاشره ويصحبعدوه

أخبرني محمد بن سعيد القزاز حدثني أحمد بن زهير بن حرب قال سمعت يحيى بن معين يقول قال ابن السماك ال تخف

ممن تحذر ولكن احذر ممن تأمن تمنيت أن أبقى معافى...وأنشدني علي بن محمد البسامي

فيصبح مخذوال... على من يناويني تدور الدوائر ...وأن أرى ... الى الله داع بالكفاية ناصر...وأمسي سالما

سمعت محمد بن محمود يقول سمعت علي بن خشرم يقول سمعت الفضل ابن موسى الشيباني يقول كان صياد يصطاد

العصافير في يوم ريح قال فجعلت الرياح تدخل في عينيه الغبار فتذرفان فكلما صاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في

ناموسه فقال عصفور لصاحبه ما أرقه علينا أال ترى الى دموع عينيه فقال له األخر ال تنظر الى دموع عينيه ولكن انظر الى

عمل يديه قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يأمن عدوه على كل حال إن كان بعيدا لم يأمن مغادرته وإن كان قريبا لم يأمن

مواثبته والعاقل ال يخاطر بنفسه في اإلنتقام من عدوه ألنه إن76

هلك في قصده قيل أضاع نفسه وإن ظفر قيل القضاء فعله والمعاداة بعد الخلة فاحشة عظيمة ال تليق بالعاقل ارتكابها

فإن دفعه الوقت الى ركوبها ترك للصلح موضعا وأحبب إذا...وأنشدني بعض أهل األدب ألبي األسود الدؤلي

فإنك ال تدري متى أنت نازع...أحببت حنا مقاربا

فإنك ال تدري متى أنت راجع...وأبغض إذا أبغضت غير مجانب فإنك الراء ما عملت... وكن معنا للحلم واصفح عن األذى ...

... وسامع إذا أنت عاديت أمرءا...وأنشدني منصور بن محمد الكريزي

فإنك إن... فدع في غد للعود والصلح موضعا ...بعد خلة ... ظللت وحيدا لم تجد لك مفزعا...نابذت من زل زلة

أنبأنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا أبو همام حدثنا ابن وهب أخبرني يونس ابن يزيد عن ابن شهاب قال اجتمع مروان بن الحكم وإبن الزبير يوما عند عائشة فجلسا في حجرتها وبينها

...وبينهما الحجاب فسأال عائشة شعرا وحديثا ثم قال مروان وليس لمن لم يرفع الله...ومن يشا الرحمن يخفض بقدره

... رافع وبالله... وفوض الى الله األمور إذا اعترت ...وقال ابن الزبير ... ال باألقربين تدافع

وال يستوي... وداو ضمير القلب بالبر والتقى ...وقال مروان ... قلبان قاس وخاشع

عتل... وال يستوي عبدان عبد مكلم ...وقال ابن الزبير ... ألرحام األقارب قاطع

يبيت يناجي... وعبد يجافي جنبه عن فراشه ...وقال مروان ... ربه وهو راكع

إذا اجتمعت... وللخير أهل يعرفون بهديهم ...وقال ابن الزبير ... عند الخطوب المجامع

77

وقال مروان

تشير إليهم بالفجور األصابع...وللشر أهل يعرفون بشكلهم ...

قال فسكت ابن الزبير فلم يجب مروان بشيء فقالت عائشة يا عبد الله مالك لم تجب صاحبك والله ما

سمعت تجاوب رجلين تجاوال نحو ما تجاولتما فيه أعجب الىمن مجاولتكما

قال ابن الزبير اني خفت عول القول فكففت فقالت عائشةإن لمروان في الشعر ما ليس لك

أنبأنا محمد بن المنذر حدثنا عصام بن الفضل الداري حدثني الزبير بن بكار عن محمد بن حرب قال قال عبد الله بن حسن

البنه محمد إياك ومعاداة الرجال فإنها ال تعدمك مكر حليم أومباذاة جاهل

قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يعادي على الحاالت كلها ألن العداوة ال تخلو من أن تكون ألحد رجلين إما حليم ال يؤمن مكره أو جاهل ال يؤمن شتمه وال يجب على العاقل إذا عادى أن يغره إحسانه الى عدوه ما يرى من سكونه اليه فإن الماء وإن أطيل إسخانه ليس بمانعه ذلك من إطفاء النار إذا صب

عليها وال يجب أن يعظم عليه حمله عدوه على عاتقه إذا وثق بحسن عاقبته ألن اللين والمكر أنكى في العدو من الفظاظة

والمكابرة أال ترى النار مع حرها ال تحرق من الشجر إال ما ظهر والماء مع برده ولينه يستأصلها ومجانبة المرء عدوه في

العشرة أحد األعوان عليه عند الفرصة كما أنبأنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا العتبي

عن أبيه قال قال األحنف بن قيس من جالس عدوه حفظعليه عيوبه

بعيوب إذا... ال تخافن إن رماك عدو ...وأنشدني األبرش 78

تكون بريا

... في الذي قاله ولست نقيا ...إنما العيب أن يكون محقا ... على العائب الكذوب جريا ...فإذا كان كاذبا كنت بالصدق

... السمراء عيبا تخاله مكويا...ولقد يلزق العدو بجنب قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يغيره الزاق العدو به

العيوب والقبائح ألن ذلك ال يكون له وقع وال لكثرته ثبات وال يلتذ المرء ما كان عدوه باقيا كما ال يجد السقيم طعم النور

والطعام حتى يبرأ وأشد مكيدة العدو وما يعمل فيك من سبيل مأمنك والغالب

بالشر مغلوب وإن من أعظم األعوان على األعداء تعاهد المرءولده وعياله وخدمه وتوقيه إياهم على المعائب والزالت

أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن الصباح حدثنا الوليد عن األوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال قال سليمان بن داودالبنه يا بني إذا أردت أن تغيظ عدوك فال ترفع عن أبنك العصا

ذكر الحث على صحبة األخيار والزجر عن عشرة األشرار حدثنا الحسن بن سفيان النسائي حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي عن شعبة عن قتادة عن أنس عن أبي

موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم ينلك منه أصابك من ريحه

ومثل جليس السوء مثل القين إن لم تصبك ناره أصابك شرره قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يلزم صحبة األخيار ويفارق صحبة األشرار ألن مودة األخيار سريع اتصالها بطيء انقطاعها

ومودة األشرار

سريع أنقطاعها بطيء اتصالها وصحبة األشرار تورث سوء الظن باألخيار ومن خادن األشرار لم يسلم من الدخول في

79

جملتهم فالواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب لئال يكون مريبا

فكما أن صحبة األخيار تورث الخير كذلك صحبة األشرار تورثالشر

عليك...وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ... قليل فصلهم دون من كنت تصحب ...بإخوان الثقات فإنهم

متى ما تجالس سفلة الناس...ونفسك أكرمها وصنها فإنها ... تغضب

سمعت أبا يعلي يقول سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل يقول سمعت سفيان ابن عيينه يقول من أحب رجال صالحا فإنما

يحب الله تبارك وتعالى أنبأنا محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا عبد الله بن الصقر

السكري حدثنا وهب بن محمد بن منبه البناني قال سمعت الحارث بن وجيه يقول سمعت مالك بن دينار يقول إنك أن

تنقل الحجارة مع األبرار خير من أن تأكل الخبيص مع الفجار قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يدنس عرضه وال يعود

نفسه أسباب الشر بلزوم صحبة األشرار وال يغضي عن صيانة عرضه ورياضة نفسه بصحبة األخيار على أن الناس عند

الخبرة يتبين منهم أشياء ضد الظاهر منها وقل ما احلولي كالم...أنشدني علي بن محمد البسامي

وربما احلولي كالم الفتى... والن إال كان مر الفعال ...امريء ... فكل هذا أنت راء إذا ... وكان محمودا على كل حال ...

... تصاحب الناس وتبلوا الرجال حدثنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي حدثنا نصر بن علي أنبأنا

نوح

(63 25ابن قيس حدثنا حوشب عن الحسن في قوله ) وعباد الرحمن الذين يمشون على األرض هونا قال حلماء

80

علماء صبر ثبت إن ظلموا لم يظلموا وإن بغى عليهم لم يبغواقد براهم الخوف كأنهم القداح

أنبأنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي حدثنا سريج بن يونس حدثنا شجاع بن أبي نصر أبو نعيم القاري عن أبي عمرو بن

العالء قال رآني سعيد ابن جبير وأنا جالس مع الشباب قال مايجلسك مع الشباب عليك بالشيوخ

أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن أبي المحجل عن ابن عمران بن حطان

عن ابيه قال قال أبو الدرداء لصاحب صالح خير من الوحدة والوحدة خير من صاحب السوء ومملى الخير خير من

الساكت والساكت خير من مملي الشر قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يصاحب األشرار ألن

صحبة صاحب السوء قطعة من النار تعقب الضغائن ال يستقيم وده وال يفى بعهده وإن من سعادة المرء خصاال أربعا أن تكون

زوجته موافقه وولده أبرارا وإخوانه صالحين وأن يكون رزقهفي بلده

وكل جليس ال يستفيد المرء منه خيرا تكون مجالسة الكلب خيرا من عشرته ومن يصحب صاحب السوء ال يسلم كما أن من يدخل مداخل السوء يتهم وما أشبه صحبة األشرار إال بما

فلو كان منه الخير إذ...أنشدني منصور بن محمد الكريزي عتيدا ضربت الخير يوما مع الشر...كان شره

رضيت لعمري بالكفاف مع...ولو كان ال خيرا وال شر عنده وليس على شر إذا طال... ولكنه شر وال خير عنده ...اإلجر

... من صبر أخبرنا إسحاق بن إبرهيم القاضي حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا ابن عليه عن يونس عن الحسن قال أيها الرجل إن أشد الناس عليك فقدا لرجل إذا فزعت إليه وجدت عنده

81

رأيا ووجدت عنده نصيحة بينا أنت كذلك إذ فقدته فالتمستمنه خلفا فلم تجده

أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا خطاب بن عبد الرحمن الجندي حدثنا عبد الله بن سليمان قال قال جعفر بن محمد من كان فيه ثالث فقد وجب له على الناس أربع إذا خالطهم

لم يظلمهم وإذا حدثهم لم يكذبهم وإذا وعدهم لم يخلفهم وعلى الناس أن يظهروا عدله وأن تكمل فيهم مروءته وأن

يجب عليهم أخوته وأن يحرم عليهم غيبته أصحب...وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي

... خير الصحابة من يكون ظريفا ...خيار الناس أين لقيتهم ... فرأيت فيها فضة وزيوفا...والناس مثل دراهم ميزتها

أخبرنا ابن قحطبة حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثنا عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهبا يقول

إن الله ليحفظ بالعبد الصالح القبيل من الناس قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يستعيذ بالله من صحبة من إذا ذكر الله لم يعنه وإن نسى لم يذكره وإن غفل حرضه على ترك الذكر ومن كان أصدقاؤه أشرارا

كان هو شرهم وكما أن الخير ال يصحب إال البررة كذلك الردى ال يصحب إال الفجرة فإن المرء إذا أضطره األمر فليصحب

أهل المروءات ألن محمد بن عثمان العقبي قال حدثنا أحمد بن داود البصري حدثنا ابن عائشة قال قال عبد الواحد بن زيد

جالسوا أهل الدين من أهل الدنيا

وال تجالسوا غيرهم فإن كنتم البد فاعلين فجالسوا أهلالمروءات فإنهم ال يرفثون في مجالسهم

ذكر كراهية التلون في الوداد بين المتآخين أنبأنا محمد بن الحسن بن قتيبة بعسقالن حدثنا ابراهيم

الحوارني حدثنا بكار بن شعيب حدثنا ابن ابي حازم عن أبيه82

عن سهل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ال خيرفي صحبة من ال يرى لك من الحق مثل ما ترى له

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل إذا رزقه الله ود امريء مسلم صحيح الوداد محافظ عليه أن يتمسك به ثم يوطن نفسه على صلته إن صرمه وعلى اإلقبال عليه إن صد عنه وعلى البذل له إن حرمه وعلى الدنو منه أن باعده حتى

كأنه ركن من أركانه وإن من أعظم عيب المرء تلونه فيالوداد

وكم من صديق وده...وأنشدني المنتصر بن بالل األنصاري يضاحكني كرها لكيما... خؤون بظهر الغيب ال يتندم ...بلسانه

... وتتبعني منه إذا غبت أسهم...أوده أخبرنا محمد بن المهاجر المعدل حدثني ابن ابي شيبة قال قال األصمعي قال رجل من األعراب من أعجز الناس من

قصر عن طلب اإلخوان وأعجز منه من ظفر بذلك منهم فأضاع مودتهم وإنما يحسن االختيار لغيره من أحسن اإلختيار

لنفسه قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يقصر في تعاهد الوداد

وال يكون ذا لونين وذا قلبين بل يوافق سره عالنيته وقوله فعله وال خير في متآخيين ينمو بينهما الخلل ويزيد في حاليهما

الدغل

لحا الله من ال...كما أنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش ومن هو ذو... ومن حبله إن مد غير متين ...ينفع الود عنده

ومن هو... على الوصل خوان لكل أمين ...لونين ليس بدائم ومن هو إن... فحلو وأما غيبه فظنين ...ذو قلبين أما لقاؤه

... يقطع بها أسباب كل قرين...تحدث له العين نظرة العين...وأنشدني عمرو بن محمد النسائي البن االعرابي

... من الشناءة أو ود إذا كانا ...تبدى الذي في نفس صاحبها 83

ال يستطيع لما في الصدر كتمانا...إن البغيض له عين يصد بها حتى ترى من ضمير القلب... العين تنطق واألفواه ساكنة ...

... تبيانا وجار ال تزال تزور منه...وأنشدني علي بن محمد البسامي

... قريب الدار نائى الود منه ... قوارص ال تنام وال تنيم ... وتحت... يبادر بالسالم إذا التقينا ...معاندة أبت ال تستقيم

... ضلوعه قلب سقيم أنبأنا محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا أحمد بن محمد بن بكر

األنباوي عن هشام بن عبد الملك اليزني قال المقنع الكندي

... وتوسمن أمورهم وتفقد ...أبل الرجال إذا أردت إخاءهم فبه اليدين قرير عين...فإذا ظفرت بذي اللبابة والتقى

فعلى أخيك بفضل رأيك... ومتى يزل وال محالة زلة ...فاشدد ورأيت أهل... وإذا الخنا نقض الحبى في موضع ...فاردد

... الطيش قاموا فأقعد أخبرنا عبد الله بن قحطبة حدثنا محمد بن الصباح حدثنا الوليد عن األوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال قال سليمان بن داود

البنه يا بني عليك بالحبيب األول فإن اآلخر ال يعدله أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا أحمد بن بكر بن سيف

حدثني محمد ابن حسين قال كان أعرابي بالكوفة وكان له صديق وكان يظهر له مودة ونصيحة فاتخذه األعرابي من

عدده للشدائد إذ حزب األعرابي أمر فأتاه فوجده بعيدا مما إذا كان ود المرء ليس...كان يظهر لألعرابي فأنشأ يقول

ولم يك إال كاشرا... على مرحبا أو كيف أنت وحالكا ...بزائد لسانك معسول... فأف لود ليس إال كذلكا ...أو محدثا

وأنت إذا... وعند الثريا من صديقك مالكا ...ونفسك بشة ... لتفعل خيرا قاتلتها شمالكا...همت بمينك مرة

سمعت محمد بن المنذر يقول سمعت عبد العزيز بن عبد الله84

... وإن من اإلخوان كشرة ...يقول قال محمد بن حازم وإخوان كيف الحال واألهل كله...وإخوان حياك اإلله و مرحبا

جواد إذا استغنيت عنه بماله... وذلك ال يسوي نقيرا متربا ... فإن أنت حاولت الذي...يقول الى القرض والقرض فاطلبا

وجدت الثريا منه في البعد أقربا...خلف ظهره

قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يصادق المتلون وال يؤاخي المتقلب وال يظهر من الوداد إال مثل ما يضمر وال يضمر إال فوق ما يظهر وال يكون في النوائب عند القيام بها إال ككونه

قبل إحداثها والدخول فيها ألنه ال يحمد من اإلخاء ما لم يكنكذلك

وأنشدني محمد بن المنذر وأنشدني محمد بن خلف التيمي ... وليس أخي من ودني بلسانه ...أنشدني رجل من خزاعة

ومن ماله مالي إذا كنت...ولكن أخي من ودني في النوائب فال تحمدن عند... ومالي له إن عض دهر بغارب ...معدما

وما هو إال... فقد تنكر اإلخوان عند المصائب ...الرخاء مؤاخيا ... وبالبيض رواغ كروغ الثعالب...كيف أنت ومرحبا

أخبرنا ابن قحطبة حدثنا محمد بن الصباح حدثنا أبو معاوية عن هشام ابن عروة عن أبيه قال مكتوب في الحكمة أحبب خليلك

وخليل أبيك قال أبو حاتم رضى الله عنه إن من أعظم األمارات على

معرفة صحة الوداد وسقمه مالحظة العين إذا لحظت فإنها ال تكاد تبدي إال ما يضمر القلب من الود وال يكاد يخفى ما يجنه الضمير من الصد فالعاقل يعتبر الود بقلبه وعين أخيه ويجعل

له بينهما مسلكا ال يرده عن معرفة صحته شيء تخيله ولقد أخبرنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا محمد بن الحسن

الذهلي حدثنا علي بن محمد المذهبي عن محمد بن إبراهيم العباسي عن عبد الله بن الحجاج مولى المهدي وعن إبراهيم

85

بن شكله قال إعلم أن من أظهر ما تحب أو ما تكره فإنما لك أن تقيس ما أضمر قلبه بالذي أظهر لسانه وليس لك أن

تعرف ما أسر ضميره فعامله على نحو ما يبدي لك لسانهوفي ذلك أقول

عني بمنزلة المسيء المعلن...ليس المسيء إذا تغيب سوءه عندي بمنزلة األمين... من كان يظهر ما أحب فإنه ...

لك ما بدا لك منهم... والله أعلم بالقلوب وإنما ...المحسن لك ما بدا لك منهم... ولقد يقال خالف ذلك إنما ...باأللسن ... باألعين

غير أن خالي خالفني في ذلك وزعم أن األعين أبين شهادة على ما في القلوب من األلسن وكتب في ذلك رسالة أما بعد

فقد بدا لي من صدك ما آيسني من ودك ولم يزل يخبرني وما...لحظك ما تضمر لي من بغضك وكتب في أسفل ذلك

تظل... يبدي العداوة أحيانا ويخفيها ...أحب إذا أحببت مكتتما ... فالقلب يكتمها والعين تبديها ...في قلبه البغضاء كامنة

من كان من سلمها أو من...والنفس تعرف في عيني محدثها أشياء لوالهما ما... عيناك قد دلتا عيني منك على ...أعاديها

4 ...كنت أدريها أخبرنا الخالدي حدثنا أحمد بن محمد الصوفي حدثنا محمد بن

صالح البغدادي قال سمعت إبراهيم الحجنى يقول دالئل الحبتعرف في المحب وإن لم ينطق لسانه

ذكر أئتالف الناس واختالفهم أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع السختياني حدثنا عبد

األعلى بن حماد النرسي حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريره قال قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم األرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلفوما تناكر منها اختلف

86

حدثنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان الثوري عن حبيب ابن أبي ثابت عن أبي الطفيل قال قال على األرواح

جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف

أبو حاتم رضى الله عنه سبب أئتالف الناس وافتراقهمقال بعد القضاء السابق هو تعارف الروحين وتناكر الروحين فإذا

تعارف الروحان وجدت األلفة بين نفسيهما وإذا تناكر الروحانوجدت الفرقه بين جسميهما

ولقد أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران حدثنا يوسف ابن يعقوب الصفار حدثنا أبو بكر بن

عياش عن أبي يحيى عن مجاهد قال رأى ابن عباس رجال فقال إن هذا ليحبني قالوا وما علمك قال إني ألحبه واألرواح

جنود مجندة فما تعارف منها أئتلف وما تناكر منها اختلف أنشدني محمد بن أبي على الخالدي أنشدني أحمد بن محمد

بن بكر األبناوي ... إن القلوب ألجناد مجندة ... لله في األرض باألهواء تعترف ... فما تعارف منها فهو مؤتلف ... وما تناكر

...منها فهو مختلف ابن مكرم بالبصرة حدثنا بشر بن الوليد حدثنا الحكم ابنأنبأنا

( إال من12 11عبد الملك عن قتادة في قول الله تعالى ) رحم ربك ولذلك خلقهم قال للرحمة والطاعة فأما أهل طاعه

الله فقلوبهم وأهواؤهم مجتمعه وإن تفرقت ديارهم وأهلمعصية الله قلوبهم مختلفة وإن اجتمعت ديارهم

وانشدني منصور بن محمد الكريزي ... فما تبصر العينان والقلب آلف ... وال القلب والعينان منطبقان ... ولكن هما

...روحان تعرض ذي لذى ... فيعرف هذا ذي فيلتقيان قال أبو حاتم رضى الله عنه إن من أعظم الدالئل على معرفة ما فيه المرء من تقلبه وسكونه هو األعتبار بمن يحادثه ويوده

ألن المرء على دين خليله وطير السماء على أشكالها تقع87

وما رأيت شيئا أدل على شيء وال الدخان على النار مثلالصاحب على الصاحب وأنشدني األبرش

وذو العر إذا احتك... إذا ما هو ما شاه ...يقاس المرء بالمرء مقاييس وأشباه... وللشيء من الشيء ... ذا الصحة أعداه ...... دليل حين يلقاه... وللروح على الروح ...

حدثنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير العبدي أنبأنا سفيان عنأبي إسحاق عن هبيرة قال أعتبر الناس بأخدانهم

أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا محمد بن موسى األخباري حدثنا محمد بن صالح العدوى حدثنا الحسين بن جعفر بن سليمان

الضبعي قال سمعت أبي يقول سمعت مالكا يقول الناس أشكال كأجناس الطير الحمام مع الحمام والغراب مع الغراب

والبط مع البط والصعو مع الصعو وكل إنسان مع شكله يزين الفتى في قومه...وأنشدني المنتصر بن بالل األنصاري

لكل امريء شكل... وفي غيرهم أخدانه ومداخله ...ويشينه ... وكل امريء يهوى الى من يشاكله...من الناس مثله

إن كنت...وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ودا فلم تأت مكروها وال بدعا...حلت وبي استبدلت مطرحا

والفرع يجري الى... فكل طير الى األشكال موقعها ...... األعراق منتزعا

قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يجتنب مماشاة المريب في نفسه ويفارق صحبة المتهم في دينه ألن من صحب قوما

عرف بهم ومن عاشر أمرأ نسب

إليه والرجل ال يصاحب إال مثله أو شكله فإذا لم يجد المرء بدا من صحبة الناس تحرى صحبة من زانه إذا صحبه ولم يشنه إذا

عرف به وإن رأى منه حسنة عدها وإن رأى منه سيئة سترها88

وإن سكت عنه ابتدأه وإن سأله أعطاه فأما اليوم فأكثر أحوال الناس تكون ظواهرها بخالف بواطنها وما اشبه عشرتهم إال بما أخبرني محمد بن يعقوب البغالني

حدثني عبد الصمد ابن الفضل حدثنا الحسين بن سهل التياس عن أبي عبيدة قال تكلم عصفور في بني إسرائيل مع فخ

فقال العصفور انحناؤك لماذا قال من العبادة قال دفنك في التراب لماذا قال من التواضع قال فما هذا الشعر قال هذا

لباسي قال ما هذا الطعام قال هذا أعددته لعابر السبيل قال فتأذن لي فيه قال نعم قال فنقر العصفور نقرة فأخذ بعنقه

فجعل العصفور يقول شغ شغ شغ وقال والله ال يغرني قارئبعدك أبدا محمد بن أبي علي البن أبي اللقيش ... إن كنتوأنشدني

تبغي العلم أو نحوه ... أو شاهدا يخبر عن غائب ... فاعتبر ...األرض بأسمائها ... واعتبر الصاحب بالصاحب

وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي ... تعارف أرواح الرجال إذا التقوا ... فمنهم عدو يتقى وخليل ... كذاك

...أمور الناس والناس منهم ... خفيف إذا صاحبته وثقيل وأنشدني المنتصر بن بالل األنصاري ... اجعل قرينك من

رضيت فعاله ... واحذر مقارنة القرين الشائن ... كم من قرين ...شائن لقرينه ... ومهجن منه لكل محاسن

أبو حاتم رضى الله عنه إن من الناس من إذا رآه المرءقاليعجب به

فإذا ازداد به علما ازاد به عجبا ومنهم من يبغضه حين يراه ثم ال يزداد به علما إال ازداه له مقتا فاتفاقهما يكون باتفاق

الروحين قديما وافتراقهما يكون بافتراقهما وإذا ائتلفا ثم افترقا فراق حياة من غير بغض حادث أو فراق ممات فهنالك

الموت الفظيع واألسف الوجيع وال يكون موقف أطول غمة89

وأظهر حسرة وأدوم كآبة وأشد تأسفا وأكثر تلهفا من موقف الفراق بين المتواخيين وما ذاق ذائق طعما أمر من فراق

الخلين وانصرام القرنين محمد بن يعقوب الخطيب قال سمعت معمر بن سهلحدثنا

يقول سمعت جعفر بن عون يقول سمعت مسعر بن كدام يقول ... لن يلبث القرناء أن يتفرقوا ... ليل يكر عليهم

...ونهار محمد بن المهاجر المعدل حدثنا أبو أحمد بن حمادأنبأنا

البربري حدثنا الزبير بن بكار حدثني محمد بن موسى أبو غزية قال كان أبو العتاهيه إذا قدم المدينه يجلس الى فأراد مرة الخروج فودعني وقال ... إن نعش نجتمع وإال فما ... أشغل

...من مات عن جميع األنام حدثنا محمد بن أبي علي قال أنشدنا محمد بن موسى

السمري أنشدنا أحمد بن عبد األعلى الشيباني ... فياعجبا ممن يمد يمينه ... الى الفه عند الفراق فيسرع ... ضعفت عن

...التوديع لما رأيته ... فصافحته بالقلب والعين تدمع ابن فياض للبحتري ... الله جارك في انطالقك ...وأنشدني

تلقاه شامك أو عراقك ... ال تعذلني في مسيري ... حيث سرت ولم أالقك ... إني خشيت مواقفا ... للبين تفسح غرب

ماقك

فتركت... عند ضمك واعتناقك ...وعلمت ما يخشى المودع ... وخرجت أهرب من فراقك...ذاك تعمدا

أفي كل يوم حية البين...وأنشدني منصور بن محمد الكريزي فال النفس من... وعيني لبين من ذوي الود تدمع ...تقرع

... وال بالذي يأتي به الدهر تقنع...تهيامها مستفيقة أيا قلب ال تجزع من...وأنشدني محمد بن بندار بن أصرم

توكل على... فليس لما يقضى عليك بدافع ...البين واصطبر 90

يجرك ودعني من نحوس الطوالع...الرحمن إن كنت مؤمنا وما لم يقدره فليس بواقع... وكل الذي قد قدر الله واقع ......

...وأنشدني عبد الرحمن بن يحيى بن حبيب األندلسي لنفسه وعن الجواب لسانه ال ينطق...نطقت مدامعه بما في قلبه

... دنف مريض أو أسير موثق ... فكأنه مما يقاسي قلبه ... ... لفراق أهل الود نار تحرق ...وكأنما األشجان في أحشائه

... من بان عن أحبابه يتفرق...كيف السلو وهل له من سلوة قال أبو حاتم رضى الله عنه السبب المؤدي الى إظهار الجزع عند فراق المتواخين هو ترك الرضا بما يوجب القضاء ثم ورود

الشيء على مضمر الحشا بعدما انطوى عليه قديما فمن وطن نفسه في ابتداء المعاشرة على ورود ضد الجميل عليها

من صحبته وتأمل ورود المكروه منه على غفلته ال يظهر الجزع عند الفراق وال يشكو األسف واإلحتراق إال بمقدار ما

يوجب العلم إظهاره ولقد أولع بجماعه الفراق حتى إنهم خرجوا إلى ثلب الطيور

ومدح الدمن وتأولوا لعن نوح عليه السالم الغراب

جعفر بن أحمد بن سنان القطان بواسط حدثنا عمرو بنأنبأنا محمد بن عيسى الضبعي حدثنا عبد األعلى بن عبد األعلى

حدثنا الجريري عن أبي السليل عن أبي مراوح قال بعث نوح الغراب والحمامه حيث استقرت السفينه على الجودي

يلتمسان له الجد يعني األرض فأما الغراب فرأى جيفه فوقع عليها فأكل منها وأما الحمامه فجاءت عاضة على غصن شجرة

بطين أحمر قال فدعا للحمامة بالبركة وأما الغراب فلعنهوقال له قوال شديدا

أنبأنا محمد بن جعفر بن الحسن البغدادي حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين البغوي قال قال سليم بن منصور أمرت

91

لبنى فاشترى لها أربعة غربان فلما رأتهن صرخت وبكت وكتفتهن وجعلت تضربهن بالسوط حتى قتلتهن جميعا وأنشأت تقول ... لقد نادى الغراب ببين لبنى ... فطار القلب من حذر

الغراب ... وقال غدا تباين دار لبنى ... وتنأى بعد ود واقتراب ... فقلت تعست ويحك من غراب ... أكل الدهر

سعيك في تباب ... لقد أولعت ال لقيت خيرا ... بتفريق المحب ...عن الحباب

إبراهيم بن على الطرفي قال أنشدني على بنوأنشدني إسحاق ... غراب البين ويحك صح بقرب ... كما قد صحت

ويحك بالبعاد ... تنادى بالتفرق كل يوم ... فمالك بالتواصل ال تنادي ... أراني الله ريشك عن قريب ... تمرطه البزاة بكل

وادي ... كما أسخنت يوم البين عيني ... وألقيت الحزازة في ...فؤادي

أنبأنا إبراهيم بن محمد بن يعقوب بهمذان حدثنا عبد الكبير بن محمد األنسي حدثنا بعض أصحابنا قال مررت بالبصرة على

باب دار فإذا

بصوت غراب يجلد فدنوت من الدار فإذا صاحبة الدار وبين يديها جوار وهي تأمر بجلده فقلت أما تتقون الله في هذا

أال يا غراب...الغراب فقلن لي هذا الغراب الذي قيل فيه ... أحاذر من لبنى فهل أنت واقع...البين قد طرت بالذي

فقلت ليس هذا ذاك الغراب فقالت والله ما نراك تأخذ البريءبالسقيم حتى تظفر بذلك الغراب

قال أبو حاتم رضى الله عنه قد ذكرت ما شاكل هذه الحكايات واألشعار على التقصي في كتاب الوداع والفراق فأغنى ذلك

عن تكرارها في هذا الكتاب إذ شرطنا فيه اإلشارة الى الشيءالمحصول واإليماء الى الشيء المقول

ذكر الحث على زيارة اإلخوان وإكرامهم92

أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا يزيد بن صالح اليشكري حدثنا حماد ابن سلمه عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريره عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجال زار أخا له في قرية فأرصد الله على مدرجته ملكا فقال أين تريد فقال أريد أخا

لي في هذه القرية فقال هل له عليك من نعمة تربها قال ال إال أني أحبه في الله قال إني رسول الله اليك إن الله تبارك

وتعالى أحبك كما أحببته قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل تعاهد الزيارة

لألخوان وتفقد أحوالهم ألن الزائر في قصده الزيارة يشتمل على مصادفة معنيين أحدهما استكمال الذخر في اآلجل بفعله ذلك وقد قال بعض القدماء إن الرجل إذا زار أخا له في الله

لم يبق في السماء ملك إال حياه بتحية مستأنفة

ال يحييه ملك مثله لم تبق شجرة من شجر الجنة إال نادت صاحبتها أال إن فالن ابن فالن زار أخا في الله واألخر التلذذ

بالمؤانسة باألخ المزور مع األنقالب بغنيمتين معا ولقد أنبأنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا عبد

الله بن رجاء الغداني قال كان عتبة الغالم يأوي المقابر والصحاري ثم يخرج الى السواحل فيقيم بها فإذا كان يوم

الجمعه دخل البصرة فشهد الجمعه ورأى إخوانه فسلم عليهم حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا

عفان حدثنا جعفر بن سليمان حدثني بعض مشيختنا قال قال عامر بن قيس إنما أجدني آسف على البصرة ألربع خصال

تجاوب مؤذنيها وظماء الهواجر وألن بها إخواني وألن بها وطني أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا محمد بن بشر الخطابي

حدثنا محمد بن سهل التميمي قال سمعت الفريابي يقول جاءني وكيع بن الجراح من بيت المقدس وهو محرم بعمرة

فقال يا أبا محمد لم يكن طريقي عليك ولكن أحببت ان93

أزورك وأقيم عندك فأقام عندي ليلة وجاءني ابن المبارك وقد أحرم بعمرة من بيت المقدس فأقام عندي ثالثا فقلت يا أباعبد الرحمن أقم عندي عشرة أيام قال ال الضيافة ثالثة أيام

قال أبو حاتم رضى الله عنه الناس في الزيارة على ضربين فمنهم من صحح الحال بينه وبين أخيه وتعرى عن وجود الخلل

وورود البغض فيه فإذا كان بهذا النعت أحببت له اإلكثار من الزيارة واإلفراط في اإلجتماع ألن اإلكثار من الزيارة بين من هذا نعته ال يورث الماللة واإلفراط في اإلجتماع بين من هذه

صفته يزيد في المؤانسة والضرب اآلخر لم يستحكم الود بينه وبين من يواخيه وال

أداهما الحال إلى ارتفاع الحشمة بينهما فيما يبتذالن لمهنتيهما فإذا كان بهذا النعت أحببت له اإلقالل من الزيارة ألن اإلكثار منها بينهما يؤدي الى الماللة وكل مبذول مملول وكل ممنوع ملذوذ وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبار كثيرة تصرح بنفي اإلكثار من الزيارة حيث يقول زر غبا تزدد حبا إال

أنه ال يصح منها خبر من جهه النقل فتنكبنا عن ذكرها وإخراجهافي الكتاب وإليها ذهب بعض الناس حتى ذكروها في أشعارهم

...من ذلك ما انشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ... إذا زرت الحبيب فزره غبا ...وقد قال النبي وكان برا

... الى من زرته مقة وحبا...وأقلل زور من تهواه تزدد والى... إني رأيتك لي محبا ...وأنشدني محمد بن أبي علي

حدثت وال استحدثت... فقعدت ال لماللة ...حين أغيب صبا ... زوروا على األيام غبا... إال لقول نبينا ...ذنبا

أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا خالد بن أحمد الشيباني حدثنا سعيد ابن عنبسة حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي

قال سمعت الحسن بن صالح يقول كل مودة ال تزداد إالباإللتقاء مدخولة

94

قال أبو حاتم رضى الله عنه من صحح الحال بينه وبين اإلخوان لم يضره قلة اإلجتماع الستحكام الحال بينهما والمودة إذا أضر بها قلة اإللتقاء تكون مدخولة وأما من لم يحل في نفس صحة

الحال ولم يستحكم أسباب الوداد فالتوقي من اإلكثار فيالزيارة أولى به لئال يستثقل ويمل

عليك...وانشدني الخالدي أنشدني أحمد بن محمد الصيداوي ... تكون إذا دامت إلى الهجر مسلكا ...بإقالل الزيارة إنها

ويسأل باأليدي إذا هو أمسكا...فإني رأيت القطر يسأم دائبا الحبيب تكون كالثوب... أقلل زيارتك ...وأنشدني الكريزى

... أن ال يزال يراك عنده... إن الصديق يمله ...استجده ...وأنشدني أوس بن أحمد بن محمد بن أحمد ألبي تمام

لديباجتيه فاغترب...وطول مقام المرء في الحي مخلق الى الخلق إذ... فإني رأيت الشمس زيدت محبة ...تتجدد

... ليست عليهم بسرمد أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا أحمد بن زنجوية حدثنا حسين بن الوليد حدثنا عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكه قال

قال ابن عباس اكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى رقابالناس حتى يجلس الى

أنبأنا مكحول ببيروت حدثنا عبيد بن محمد بن هارون حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن سعيد بن بشير عن قتادة في قوله

( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات قال26 42تعالى ) يشفعون في إخوانهم ويزيدهم من فضله قال يشفعون في

إخوان إخوانهم

ذكر صفة اإلحمق والجاهل أنبأنا محمد بن نصر بن نوفل أنبأنا أبو داود السنجي حدثنا أبو

95

عاصم عن شبيل بن عزرة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الجليس الصالح مثل العطار إن

لم يعطك شيئا يصبك من عطره ومثل الجليس السوء مثلالقين إن لم يحرق ثوبك أصابك من دخانه

قال أبو حاتم رضى الله عنه شبيل بن عزرة هذا من أفاضل أهل البصرة وقرائهم ولكنه لم يحفظ إسناد هذا الخبر ألن

أنس بن مالك سمع هذا الخبر من أبي موسى عن النبي صلىالله عليه وسلم فقصر به شبيل ولم يحفظه

والواجب على العاقل ترك صحبة األحمق ومجانبة معاشرة النؤلى كما يجب عليه لزوم صحبة العاقل األريب وعشرة الفطن اللبيب ألن العاقل وإن لم يصبك الحظ من عقله

أصابك من اإلعتبار به واألحمق إن لم يعدك حمقه تدنستبعشرته

وقد أنبأنا الحسين بن محمد السنجي حدثنا إبراهيم بن أبي داود البرسلي حدثنا زهير بن عباد حدثنا شهاب بن خراش عن

أبيه عن يسير بن عمرو وكان قد أدرك الصحابة قال أهجراألحمق فليس لألحمق خير من هجرانه

أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا محمد بن أبي يعقوب الربعي حدثنا أحمد ابن إسحاق الخشاب عن األصمعي عن

سلمة بن بالل قال كان فتى يعجب على ابن أبي طالب فرآه ... ال تصحب الجاهل ...يوما وهو يماشي رجال متهما فقال له

... حليما حين آخاه ... فكم من جاهل أردى ...إياك وإياه إذا ما هو ماشاه...يقاس المرء بالمرء

وللقلب على... مقاييس واشباه ...وللشيء من الشيء ... دليل حين يلقاه...القلب

أختر ذوي التمييز...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش فصحبة العاقل... وجانب النوكي وأهل الريب ...واستبقهم

96

... وصحبة األنوك أخذ السبب...زين الفتى قال أبو حاتم رضى الله عنه من عالمات الحمق التي يجب للعاقل تفقدها ممن خفى عليه أمره سرعة الجواب وترك التثبت واإلفراط في الضحك وكثرة اإللتفات والوقيعة في

األخيار واإلختالط باألشرار واألحمق إذا أعرضت عنه اغتم وإن أقبلت عليه اغتر وإن

حلمت عنه جهل عليك وإن جهلت عليه حلم عنك وإن أسأت إليه أحسن إليك وإن أحسنت إليه أساء إليك وإذا ظلمته

انتصفت منه ويظلمك إذا أنصفته وما أشبه عشرة الحمقى إال لي صديق يرى...بما أنشدني محمد بن إسحاق الواسطي

لو قطعت الجبال... نافالت وحقه كان فرضا ...حقوقي عليه لرأى ما... ثم من بعد طولها سرت عرضا ...طوال إليه

واشتهى أن أزيد في األرض... واشتهى ...صنعت غير كبير ... أرضا

حدثنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا إبراهيم بن الجنيد قال قال لي أبو طاهر ابن السرح قال حدثني خالي أبو رجاء عبد الرحمن بن عبد الحميد عن سعيد ابن أبي أيوب قال ال

تصاحب صاحب السوء فإنه قطعه من النار ال يستقيم وده واليفي بعهده

المنتصر بن بالل االنصاري ... لن يسمع االحمق منوأنشدني واعظ ... في رفعه الصوت وفي همه ... لن تبلغ األعداء من

جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه ... والحمق داء ماله ...حيله ... ترجى كبعد النجم في لمسه

أبو حاتم رضى الله عنه أظلم الظلمات الحمق كما أنقال أنفذ البصائر العقل فإذا أمتحن المرء بعشرة األحمق كان

الواجب عليه اللزوم ألخالق نفسه والمباينه ألخالقه مع اإلكثار من الحمد لله على ما وهب له من اإلنتباه لما حرم غيره

97

التوفيق له فإن جرى األحمق في صحبته ميدانه في عشرته فالواجب على العاقل لزوم السكوت حينئذ في أوقاته ألن أبا

حمزه محمد بن عمر بن يوسف أنبأنا بنسا حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا ابن داود قال سمعت األعمش يقول السكوت

لألحمق جواب قال أبو حاتم رضى الله عنه وإن من الحمقى من ال يصده عن

سلوكه السكوت عنه وال يدفعه عن دخول المكامن اإلغضاءعنه وال ينفعه

فالعاقل إذا امتحن بعشرة من هذا نعته تكلف بعض التجاهل في األحايين ألن بعض الحلم إذعان كما أن استعماله في بعض

الحاالت قطب العقل ولقد أنشدني محمد بن اسحاق الواسطي ... لئن كنت محتاجا الى الحلم إنني ... الى الجهل في بعض األحايين أحوج ... ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج

... فمن شاء تقويمي فإني مقوم ... ومن شاء تعويجي فإني معوج ... وما كنت أرضى الجهل خدنا وال اخا ... ولكنني أرضى

به حين أحرج ... فإن قال بعض الناس فيه سماجة ... فقد ...صدقوا والذل بالحر أسمج

وأنشدني علي بن محمد البسامي

وليس يسخط إال حين...لن ترضى الرذل إال حين تسخطه وال يسرك إال حين... وال يسوءك إال حين تكرمه ...ترضيه ... تقصيه

حدثنا أبو يعلي حدثنا سريج بن يونس حدثنا أبو سيفان المعمرى عن سفيان الثوري قال ابن آدم لم يخلق إال أحمق

ولوال ذلك لم ينفعه عيشه حدثنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا عصام بن الفضل الرازي

حدثنا الزبير بن بكار عن محمد بن حرب قال قال عبد الله بن98

حسن البنه يا بني احذر الجاهل وإن كان لك ناصحا كما تحذر العاقل إذا كان لك عدوا فيوشك الجاهل أن يورطك بمشورته

في بعض اغترارك فيسبق اليك مكر العاقل قال أبو حاتم رضى الله عنه ومن شيم األحمق العجله والخفة

والعجز والفجور والجهل والمقت والوهن والمهابة والتعرض والتحاسد والظلم والخيانه والغفله والسهو والغي والفحش

والفخر والخيالء والعدوان والبغضاء وإن من أعظم أمارات الحمق في األحمق لسانه فإنه يكون

قلبه في طرف لسانه ما خطر على قلبه نطق به لسانه واألحمق يتكلم في ساعة بكالم يعجز عنه سحبان وائل ويتكلم

في الساعة األخرى بكالم ال يعجز عنه بأقل والعاقل يجب عليه مجانبة من هذا نعته ومخالطة من هذه

صفته فإنهم يجترئون على من عاشرهم إال ترى الزط ليسواهم بأشجع الناس ولكنهم يجترئون على األسد لكثرة ما يرونها

ولمن يعادي...وأنشدني محمد بن يوسف بن أيوب األرمني فارغب... من أن يكون له صديق أحمق ...عاقال خير له

إن الصديق على الصديق مصدق...بنفسك أن تصادق أحمقا

منصور بن محمد الكريزي أنشدني أبي لصالح بنوأنشدني عبد القدوس ... أحذر األحمق أن تصحبه ... إنما األحمق

كالثوب الخلق ... كلما رقعته من جانب ... حركته الريح وهنا فانخرق ... أو كصدع في زجاج فاحش ... هل ترى صدع زجاج

يلتصق ... كحمار السوء إن أقضمته ... رمح الناس وإن جاع نهق ... وإذا جالسته في مجلس ... أفسد المجلس منه

بالخرق ... وإذا نهنهته كي يرعوي ... زاد شرا وتمادى في الحمق ... عجبا للناس في أرزاقهم ... ذاك عطشان وهذا قد

...غرق يعقوب بن إسحاق القاضي حدثنا أبو هاني عبد الحميد بنأنبأنا

99

قالعبد الله حدثنا عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبه األحمق كالثوب الخلق إن رفأته من جانب انخرق من جانب

آخر مثل الفخار المكسور ال يرقع وال يشعب وال يعاد طينا فهذا مثل األحمق إن صحبته عناك وإن اعتزلته شتمك وإن

أعطاك من عليك وإن أعطيته كفرك وإن أسر اليك اتهمك وإن أسررت اليه خانك وإن كان فوقك حقرك وان كان دونك

غمرك وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش ... أعلم بأن من

الرجال بهيمة ... في صورة الرجل السميع المبصر ... فطنا ...بكل مصيبة في ماله ... وإذا يصاب بدينه لم يشعر

وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي ... وإن عناء أن تفهم جاهال ... فيحسب جهال أنه منك أعلم ... وتشخص أبصار

الرعاع تعجبا ... اليه وقالوا إنه منك أفهم

قال أبو حاتم رضى الله عنه أألحمق يتوهم أنه أعقل من ركب فيه الروح وأن الحمق قسم على العالم غيره واألحمق مبغض

في الناس مجهول في الدنيا غير مرضى العمل وال محمود األمر عند الله وعند الصالحين كما أن العاقل محب الى الناس

مسود في الدنيا مرضى العمل عند الله في اآلخرة وعندالصالحين في الدنيا

محمد بن المنذر بن سعيد حدثنا خطاب بن عبد الرحمنأنبأنا الجندي حدثنا عبد الله بن سليمان قال كان الحسن يقول أنا

للعاقل المدبر أرجى مني لألحمق المقبل المنتصر بن بالل األنصاري ... وما الغي إال أنوأنشدني

تصاحب غاويا ... وما الرشد إال أن تصاحب من رشد ... ولن ...يصحب اإلنسان إال نظيره ... وإن لم يكونا من قبيل وال بلد

وأنشدني علي بن محمد البسامي ... لنا جليس تارك لألب ... جليسه من نوكه في تعب ... يغضب جهال عند حال الرضا ...

100

عمدا ويرضى عند حال الغضب ... فنحن منه كلما جاءنا ... في عجب قد جاز حد العجب ... كأنه من سوء تأديبه ... أسلم في

...كتاب سوء األدب أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا محمد بن أبي يعقوب الربعي حدثنا عبد الله بن موسى البصري حدثنا العتبي قال

سمعت أعرابيا يقول العاقل بخشونه العيش مع العقالء أسرمنه بلين العيش مع السفهاء

قال أبو حاتم رضى الله عنه وإن من شيم العاقل الحلم والصمت والوقار والسكينه والوفاء والبذل والحكمة والعلم

والورع والعدل والقوة

والحزم والكياسة والتمييز والسمت والتواضع والعفو واإلغضاء والتعفف واإلحسان فإذا وفق المرء لصحبة العاقل فليشد يديه

به وال يزايله على األحوال كلها والواجب على العاقل أن ال يصحب بحيله من ال يستفيد منه

خيرا ولقد أنبأنا محمد بن محمود بن عدي النسوي حدثنا علي بن سعيد بن جرير قال سمعت أحمد بن حنبل يقول أخبرت عن

مالك بن دينار أنه قال مررت براهب في صومعته فناديته فأشرف علي فكلمني وكلمته فقال لي فيما يقول إذا

استطعت أن تجعل فيما بينك وبين الدنيا حائطا فافعل وإياكوكل جليس ال تستفيد منه خيرا فال تجالسه قريبا كان أو بعيدا

ذكر الزجر عن التجسس وسوء الظن حدثنا محمد بن أحمد الرقام بتستر حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى حدثنا أبو داود حدثنا سليمان بن حيان عن أبيه عن أبي

هريره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أياكم والظن101

فإن الظن أكذب الحديث وال تجسسوا وال تحسسوا والتباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا

حدثنا محمد بن عثمان العقبى حدثنا جعفر بن محمد بن الحجاج الرقى حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي حدثنا محمد بن المبارك عن يونس بن نافع عن كثير بن زياد قال سمعت الحسن يقول ال تسأل عن عمل أخيك الحسن والسيء فإنه

من التجسس قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم

السالمة بترك التجسس عن عيوب الناس مع اإلشتغال بإصالح عيوب نفسه فإن من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره أراح بدنه ولم يتعب قلبه فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من أخيه وأن من اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمى قلبه وتعب بدنه وتعذر عليه ترك عيوب نفسه وإن من أعجز الناس من عاب الناس بما فيهم وأعجز منه من عابهم

إذا...بما فيه من عاب الناس عابوه ولقد أحسن الذي يقول عليك وأبدوا منك ما كان...أنت عبت الناس عابوا وأكثروا

له منطق فيه... وقد قال في بعض األقاويل قائل ...يستر فال عيب... إذا ما ذكرت الناس فاترك عيوبهم ...كالم محبر

... فإن عبت قوما بالذي ليس فيهم ...إال دون ما منك يذكر وإن عبت قوما بالذي فيك مثله...فذلك عند الله والناس أكبر

وكيف يعيب الناس من... فكيف يعيب العور من هو أعور ... متى تلتمس... أشد إذا عد العيوب وأنكر ...عيب نفسه

عيوبا ولكن الذي فيك أكثر...للناس عيبا تجد لهم

بعيبك من عينيك أهدى وأبصر...فسالمهم بالكف عنهم فإنهم ...

حدثنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا هارون بن صدقه القاضي حدثنا سعيد ابن مسلمة اإليادي قال أدعت أمرأة على رجل

102

حمارا لها فقدمته الى القاضي فسألها البينة فأحضرت أبا دالمة ورجال آخر فقال لها القاضي أما شاهدك هذا فقد قبلنا

شهادته فأتنا بشاهد آخر فأتت أبا دالمة فأخبرته فصار الى ... إن الناس عطوني تغطيت عنهم ...القاضي وأنشأ يقول

وإن حفروا بئري حفرت...وإن بحثوا عني ففيهم مباحث ... ليعلم يوما كيف تلك النبائث...بئارهم

فقال القاضي للمرأة كم ثمن حمارك قالت ثالثمائة قال قد أرى كل إنسان...احتملناها لك من مالي وأنشدني الكريزي

وما خير... ويعمى عن العيب الذي هو فيه ...يرى عيب غيره ... ويبدو له العيب الذي ألخيه...من تخفى عليه عيوبه

حدثنا محمد بن المنذر حدثنا الليث بن عبدة المصري حدثنا الحسن بن واقع حدثنا ضمرة عن الشيباني قال في الكتب

مكتوب كما تدين تدان وبالكأس الذي تسقى به تشرب وزيادةألن الباديء ال بدله من أن يزاد

قال أبو حاتم رضى الله عنه التجسس من شعب النفاق كما أن حسن الظن من شعب اإليمان والعاقل يحسن الظن

بإخوانه وينفرد بغمومه وأحزانه كما أن الجاهل يسيء الظن بإخوانه وال يفكر في جناياته وأشجانه ولقد أحسن الذي يقول

وقل... من طول غم وما يريح ... ما يستريح المسيء ظنا ... من خفف الله عن... ودونه مذهب فسيح ...وجه يضيق إال

من كل وجه إليه ريح...هبت

كم تذبح... والروح جوالة تسيح ...والجسم حيث استقر هاد لن يهلك المرء من... كل بنيها لها ذبيح ...األرض من بنيها

... وقلما يفلح الشحيح...سماح قال أبو حاتم رضى الله عنه سوء الظن على ضربين أحدهما منهى عنه بحكم النبي صلى الله عليه وسلم والضرب اآلخر

مستحب103

واما الذي نهى عنه فهو استعمال سوء الظن بالمسلمين كافة على ما تقدم ذكرنا له الذي يستحب من سوء الظن فهو كمن

بينه وبينه عداوة أو شحناء في دين أو دنيا يخاف على نفسه مكره فحينئذ يلزمه سوء الظن بمكائده ومكره لئال يصادفه

على غرة بمكره فيهلكه وحسن الظن يحسن في أمور...وفي ذلك أنشدني األبرش

وسوء الظن يسمج في وجوه... ويمكن في عواقبه ندامه ...

... وفيه من سماجته حزامه... ماينبغي ألخي ود...وانشدني محمد بن إسحاق الواسطي

حتى يكون... أن يترك الدهر سوء الظن بالناس ...وتجربه ... عنا ويدفع ضر الحرص بالياس...قريبا في تباعده

حدثنا محمد بن المنذر حدثنا ابراهيم بن هانيء حدثنا ابن أبيمريم حدثنا

أنبأنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هالل عن زيدبن أسلم عن

عمر بن سعد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال مكتوب في التوراة من تجر فجر ومن حفر حفرة سوء لصاحبه وقع

فيها قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل مباينة العام في األخالق واألفعال بلزوم ترك التجسس عن عيوب الناس ألن من بحث عن مكنون غيره بحث عن مكنون نفسه وربما طم مكنونه على ما بحث من مكنون غيره وكيف يستحسن

مسلم ثلب مسلم بالشيء الذي هو فيه المنتصر بن بالل األنصاري ... ال تلتمس من مساويوأنشدني

الناس ماستروا ... فيهتك الناس سترا من مساويكا ... واذكر ...محاسن ما فيهم إذا ذكروا ... وال تعب أحدا عيبا بما فيكا وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ... إذا ما

104

اتقيت األمر من حيث يتقى ... وأبصرت ما تأتي فأنت لبيب ... والتك كالناهي عن الذنب غيره ... وفي كفه مما يذم نصيب ...

يعيب فعال السوء من فعل غيره ... ويفعل أفعال الذين ...يعيب محمد بن المهاجر المعدل حدثنا محمد بن موسىحدثنا

السمري حدثنا حماد بن إسحاق بن إبراهيم عن أبيه قال وحدثني عزيز عن الزبير بن موسى المخزومي قال قالت ابنة

عبد الله بن مطيع األسود وهي زوجة طلحة بن عبد الله بن عوف لزوجها ما رأيت أحدا قط أألم من أصحابك قال مه ال

تقولى ذاك فيهم وما رأيت من لومهم قالت أمرا والله بينا قال وما هو قالت إذا أيسرت لزموك وإذا أعسرت جانبوك قال مازدت على أن وصفتهم بمكارم األخالق قالت وما هذا من

مكارم األخالق قال يأتوننا في حال القوة منا عليهم ويفارقوننافي حال الضعف منا عليهم

ذكر الحث على مجانبة الحرص للعاقل حدثنا محمد بن اسحاق بن خزيمة رحمه الله حدثنا بشر بن

معاذ العقد حدثنا أبو عوانه عن قتادة عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يهرم ابن آدم وتشب منه اثنتان الحرص

والحسد قال أبو حاتم رضى الله عنه ركب الله جل وعز في البشر

الحرص والرغبه في الدنيا الفانية لئال تخرب إذ هي دار األبرار ومكسب األتقياء وموضع زاد المؤمنين واستجالب الميرة

للصالحين ولو تعرى الناس عن الحرص فيها بطلت وخربت فلم يجد المرء ما يستعين به على أداء فرائض الله فضال عن

اكتساب ما يجدي عليه النفع في اآلخرة نفال واإلفراط في ليس...الحرص مذموم كما أنشدني علي بن محمد البسامي

لو الى... فيما أحببته أو كرهته ...عندي إال الرضا بقضاء الله 105

ولو أني... خيرها لي عواقبا ما عرفته ...األمور أختار منها فأرى أن... أمرا مقدار ما دفعته ...حرصت جهدي أن أدفع

... عنده علم كل ما قد جهلته...أرد ذاك الى من يا كثير الحرص مشغوال...وأنشدني محمد بن نصر المديني

من حريص... مارأيت الحرص أدنى ... بدنيا ليس تبقى ... ... أن يعيا ويشقى ... ال ولكن في قضاء الله ...قط رزقا

... ال ترى للحق حقا...تعرف الحق ولكن أنبأنا أحمد بن محمد بن سعيد القيسي حدثنا محمد بن الوليد

بن أبان حدثنا نعيم بن حماد عن ابن المبارك قال سخاء الناسعما في أيدي الناس أكثر من

سخاء البذل ومروءة القناعة أكثر من مروءة اإلعطاء قدر الله...أنشدنا أبو يعلي قال أنشدونا منذ دهر للشافعي

... قد مضى فيك حكمه ... حيث يقضي وروده ...واقع ليس مما يزيده... وأخو الحرص حرصه ...وانقضى ما يريده

... لم يكن ما تريده... فأرد ما يكون إذ ... أنبأنا عبد الله بن عروة حدثنا يعقوب الدورقي حدثنا ابن علية

عن أيوب عن ابن سيرين قال إذا لم يكون ما تريد فأرد مايكون

قال أبو حاتم رضى الله عنه أغنى األغنياء من لم يكن للحرص اسيرا وأفقر الفقراء من كان الحرص عليه أميرا ألن الحرص سبب إلضاعة الموجود عن مواضعه والحرص محرمة كما أن

الجبن مقتله ولو لم يكن في الحرص خصلة تذم إال طول المناقشة بالحساب في القيامة على ما جمع لكان الواجب

على العاقل ترك اإلفراط في الحرص وقد كان بعض أصحابنا ففيهما... تجانب الحرص ودع عنك الحسد ...كثيرا ما ينشد

... الذل وإتعاب الجسد عجبت... وأرقني طول التفكر إنني ...وأنشدني الكريزي

106

... فكم عاجز يدعى جليدا لغشمه ...لدهر ما تقضي عجائبه وعف يسمى عاجزا لعفافه...ولو كلف التقوى لكلت مضاربه

فليس بحرص المرء... ولوال التقى ما أعجزته مذاهبه ... ولكنه قبض... وال باحتيال أدرك المال كاسبه ...أدركه الغني ... فال ذا يجاريه وال ذا يغالبه...اإلله وبسطه

قال أبو حاتم رضى الله عنه الحرص غير زائد في الرزق وأهون ما يعاقب الحريص بحرصه أن يمنع االستمتاع بما عنده

من محصوله فيتعب في طلب

ما ال يدري أيلحقه أم يحول الموت بينه وبينه ولو لزم الحريص ترك اإلفراط فيه واتكل على خالق السماء ألتحفه المولى جل

وعز بإدراك ما ال يسعى فيه والظفر بما لو سعى فيه وهوحريص عسى لتعذر عليه وجوده

علي بن محمد البسامي ... أال رب باغ حاجة الوأنشدني ينالها ... وآخر قد تقضي له وهو أيس ... يحاولها هذا وتقضي

...لغيره ... وتأتى الذي تقضي له وهو جالس وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش ... وكم من أكلة منعت أخاها ... بلذة ساعة أكالت دهر ... وكم من طالب

...يسعى لشيء ... وفيه هالكه لو كان يدري أبو حاتم رضى الله عنه الحرص عالمة الفقر كما أنقال

البخل جلباب المسكنه والبخل لقاح الحرص كما أن الحمية لقاح الجهل والمنع أخو الحرص كما أن األنفة توأم السفه

وأنشدني عمر بن محمد قال أنشدني الغالبي ... ال تأتين نذالة لمنالة ... فليأتينك رزقك المقدور ... واعلم بأنك آخذ كل

الذي ... لك في الكتاب محبر مسطور ... والله ما زاد امرءا ...في رزقه ... حرص وال أزرى به التقصير

وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ... وارض من العيش في الدنيا بأيسره ... وال ترومن ما إن رمته صعبا ... إن

107

الغني هو الراضي بعيشته ... ال من يظل على ما فات ...مكتئبا محمد بن سعيد القزاز حدثنا عبد الله بن يحيى بن حميدأنبأنا

الطويل حدثنا أبو عبد الرحمن العتبي حدثني ابي قال اختصمت بنو إسرائيل في القدر خمسمائة عام ثم تحاكموا

الى عالم من علمائهم فقالوا له أخبرنا عن القدر وقصر وبينلتفهمه عنك العوام فقال حرمان عاقل وحظ جاهل

قال أبو حاتم رضى الله عنه الحظ في الراحة لمن أطاعالحرص إذ الحرص

سائق الباليا فالواجب على العاقل أن ال يكون بالمفرط في الحرص في الدنيا فيكون مذموما في الدارين بل يكون قصده

إلقامة فرائض الله ويكون لبغيته نهاية يرجع اليها ألن من لم يكن لقصده منها نهاية آذى نفسه وأتعب بدنه فمن كان بهذا

النعت فهو من الحرص الذي يحمد المنتصر بن بالل األنصاري ... الحرص عون للزمانوأنشدني

على الفتى ... والصبر نعم القرن لألزمان ... ال تخضعن فإن دهرك إن رأى ... منك الخضوع أمده بهوان ... وإذا رآك وقد

...قصدت لصرفه ... بالصبر القى الصبر باإلذعان وأنشدني منصور بن محمد الكريزي حدثني شعيب بن أحمد ألبي العتاهية ... ال تخضعن لمخلوق على طمع ... فإن ذاك

...مضر منك بالدين وأنشدني الكريزى أيضا أنشدني شعيب بن احمد ألبى

العتاهية ... قد شاب رأسي ورأس الحرص لم يشب ... إن الحريص على الدنيا لفي تعب ... مالي أراني إذا حاولت

منزلة ... فنلتها طمحت نفسي الى رتب ... لو كان ينفعني ...علمى وتجربتي ... لم أشف غيظي من الدنيا وال كلبي قال أبو حاتم رضى الله عنه قد ذكرت ما يشاكل هذه

108

الحكايات بعللها في كتاب الثقه بالله بما أرجو أن يكون فيه غنية لمن أراد الوقوف على معرفتها فأغنى ذلك عن تكرارها

في هذا الكتابذكر الزجر عن التحاسد والبغضاء

أنبأنا محمد بن الحسين بن مكرم البزاز بالبصرة حدثنا عمروبن علي الفالس

حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج حدثني عطاء أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ال تباغضوا وال

تحاسدوا وال تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل مجانبة

الحسد على األحوال كلها فإن أهون خصال الحسد هو ترك الرضا بالقضاء وإرادة ضد ما حكم الله جل وعال لعباده ثم

انطواء الضمير على إرادة زوال النعم عن المسلم والحاسد ال تهدأ روحه وال يستريح بدنه إال عند رؤية زوال النعمة عن أخيه

وهيهات أن يساعد القضاء ما للحساد في األحشاء أعذر...وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي

إن العلي حسن في مثله...حسودك فيما قد خصصت به قبلي من الناس... إن يحسدوني فإني ال الومهم ...الحسد

... فدام لي ولهم ما بي وما بهم ...أهل الفضل قد حسدوا أنا الذي وجدوني في صدورهم...ومات أكثرنا غيظا بما يجد

... ال أرتقي صدرا منهم وال أرد... أنبأنا أبو خليفة حدثنا ابن كثير أنبأنا سفيان الثوري عن أبي

اسحاق عن عمرو بن ميمون قال رأى موسى رجال عند العرش فغبطه بمكانه فسأله عنه فقال أال أخبرك بعمله كان ال يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله وال يعق والديه قال

وكيف يعق والديه قال يستثب لهما حتى يسبا وال يمشيبالنميمة

109

عين الحسود عليك الدهر...أنشدني ابن بالل األنصاري فاحذر حراستها... تبدى مساويك واإلحسان يخفها ...حارسه

... وكن على قدر ما توليك توليها...واحذر تكشفها أنبأنا عبد الرحمن بن زياد الكناني باألبلة حدثنا أبو يحيى

الضرير حدثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن كعب بنعلقمة قال عمر بن الخطاب

رضى الله عنه ما من أحد عنده نعمة إال وجدت له حاسدا ولو كان المرء أقوم من القدح لوجدت له غامزا وما ضرت كلمة

لم يكن لها خواطب حسدوا الفتى إذا لم...وأنشدني علي بن محمد البسامي

كضرائر الحسناء... فالقوم أنداد له وخصوم ...ينالوا سعيه وترى اللبيب محسدا... حسدا وبغيا إنه لدميم ...قلن لوجهها

... شتم الرجال وعرضه مشتوم...لم يجتلب أخبرنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا أحمد بن إبراهيم بن حرب حدثنا غسان بن المفضل أخبرني محمد بن يزيد عن يونس بن

عبيد قال قال ابن سيرين ما حسدت أحدا على شيء من الدنيا ألنه إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على شيء من

الدنيا وهو يصير الى الجنة وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على شيء من الدنيا وهو يصير إلى النار عنه الحسد

من أخالق اللئام وتركه من أفعال الكرام ولكل حريق مطفيءونار الحسد ال تطفأ

ومن الحسد يتولد الحقد والحقد أصل الشر ومن أضمر الشرفي قلبه أنبت له نباتا مرا مذاقه نماؤه الغيظ وثمرته الندم

والحسد هو اسم يقع على إرادة زوال النعم عن غيره وحلولها فيه فأما من رأى الخير في أخيه وتمنى التوفيق لمثله أو الظفر بحاله وهو غير مريد لزوال ما فيه أخوه فليس هذا

بالحسد الذي ذم ونهى عنه110

وال يكاد يوجد الحسد إال لمن عظمت نعمة الله عليه فكلماأتحفه الله بترداد النعم ازداد الحاسدون له بالمكروه والنقم

وقد كان داود بن علي رحمة الله عليه ينشد كثيرا

ياذا المعارج ال تنقص لهم...إني نشأت وحسادي ذوو عدد فمثل خلقي... إن يحسدوني على ما كان من حسن ...عددا

... فيهم جر لي حسدا حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا مهدي بن سابق

أخبرنا عباد بن عباد المهلبي قال قال أبو جعفر المنصور لسفيان بن معاوية ما أسرع الناس إلى قدمتك المدينه فقال يا

ولن ترى... إن العرانين تلقاها محسدة ...أمير المؤمنين ... للئام الناس حساد

...وأنشدني الكريزي أنشدني محمد بن الحسين العمي وإذا ما... فرموها بأباطيل الكلم ...حسدوا النعمة لما ظهرت

... لم يضرها قول حساد النعم...الله أبدى نعمة سمعت أحمد بن محمد بن األزهر يقول سمعت أحمد بن سعيد

الدار يقول سمعت أبا إسحاق الطالقاني يقول كنا نتعلم في الكتاب كما نتعلم أبو جاد جهل نيسابوري وبخل مروزي وحسد

هروى وطرم بلخى أنبأنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا عمران بن موسى بن

أيوب حدثني أبي عن مخلد بن الحسين عن هشام عن ابنسيرين قال ما حسدت أحدا على دين وال دنيا

قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يوجد من الحسود أمان أحرز من البعد منه ألنه ما دام مشرفا على ما خصصت به دونه لم

يزده ذلك إال وحشه وسوء ظن بالله ونماء للحسد فيه فالعاقل يكون على إماتة الحسد بما قدر عليه أحرص منه على

تربيته وال يجد إلماتته دواء أنفع من البعاد فإن الحاسد ليسيحسدك على عيب فيك وال على111

خيانة ظهرت منك ولكن يحسدك بما ركب فيه من ضد الرضا ... أفكر ما ذنبي إليك فال أرى ...بالقضاء كما قال العتبي

... لنفسي جرما غير أنك حاسد ليس للحاسد إال...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش

وأرى الوحدة خيرا... وله البغضاء من كل أحد ...ما حسد ... من جليس السوء فانهض إن قعد...للفتى

وإذا أراد...وأنشدني محمد بن نصر المديني لحبيب بن أوس لوال... طويت أتاح لها لسان حسود ...الله نشر فضيلة

ما كان يعرف طيب عرف العود...اشتعال النار فيما جاورت للحاسد النعمى على... لوال التخوف للعواقب لم تزل ...

... المحسود أنبأنا محمد بن المنذر حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا روح بن عبادة حدثنا حماد عن حميد قال قلت للحسن يا أبا سعيد هل

يحسد المؤمن قال ما أنساك بنى يعقوب ال أبالك حيث حسدوا يوسف ولكن غم الحسد في صدرك فإنه ال يضرك ما لم يعد

لسانك وتعمل به يدك قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل إذا خطر بباله ضرب من

الحسد ألخيه أبلغ المجهود في كتمانه وترك إبداء ما خطر بباله وأكثر ما يوجد الحسد بين األقران أو من تقارب الشكل ألن

الكتبة ال يحسدها إال الكتبة كما أن الحجبة ال يحسدها إال الحجبة ولن يبلغ المرء مرتبه من مراتب هذه الدنيا إال وجد

فيها من يبغضه عليها أو يحسده فيها والحاسد خصم معاند ال يجب للعاقل أن يجعله حكما عند نائبة تحدث فإنه إن حكم لم يحكم إال عليه وإن قصد لم يقصد إال له وإن حرم لم يحرم إال

حظه وإن

112

أعطى اعطى غيره وإن قعد لم يقعد إال عنه وإن نهض لمينهض إال اليه وليس للمحسود عنده ذنب إال النعم التي عنده

فليحذر المرء ما وصفت من أشكاله وأقرانه وجيرانه وبنىأعمامه

وقد أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا العباس بن بكار قال قال رجل لشبيب بن شبه إني ألحبك قال صدقت قال وما

علمك قال ألنك لست بجار وال ابن عم أنت امرؤ...وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي

أأن... إال من الغش لإلخوان والحسد ...قصرت عنه مروءته إن الفضيلة ال تخلو من الحسد...تراني خيرا منك تحسدني

... قال أبو حاتم رضى الله عنه بئس الشعار للمرء الحسد ألنه

يورث الكمد ويورث الحزن وهو داء ال شفاء له والحاسد إذا رأى بأخيه نعمة بهت وإن رأى به عثرة شمت ودليل ما في قلبه كمين على وجهه مبين وما رأيت حاسدا

سالم أحدا والحسد داعية الى النكد أال ترى إبليس حسد آدم فكان حسده

نكدا على نفسه فصار لعينا بعدما كان مكينا ويسهل على المرء ترضى كل ساخط في الدنيا حتى يرضى إال الحسود فإنه

ال يرضيه إال زوال النعمة التي حسد من أجلها

ولقد حدثني محمد بن عثمان العقدي حدثنا محمد بن زكريا الغالبي حدثنا ابن عائشة قال قال بعض الحكماء ألزم الناس للكآبة أربعة رجل حديد ورجل حسود وخليط لألدباء وهو غير

أديب وحكيم محتقر لألقوام وأبعد الناس من الدخول في دين الحق والنصيحة ألهله جاهل ورث الضاللة عن أهله ورأ س

أهل ملته حظى فيهم بفضل الضاللة ومعظم للدنيا يرى بهجتها دائمة محبوبه ويرى ما رجى من خيرها قريبا وما صرف من

113

شرها بعيدا ليس يعقد قلبه على اإليمان ورجل خالط النساكفانصرف عنهم لحرصه وشرهه ودامجهم على مكر وخديعه

ذكر الحث على مجانبة الغضب وكراهية العجله أنبأنا عمر بن حفص البزار بحنديسابور حدثنا محمد بن زياد الزيادي حدثنا الفضيل بن عياض عن سليمان عن أبي صالح عن أبي هريرة أن جابرا قال جاء رجل إلى النبي صلى الله

عليه وسلم فقال علمني شيئا يا رسول الله أدخل به الجنة والتكثر على لعلى أعقل قال ال تغضب

قال أبو حاتم رضى الله عنه أحسن الناس عقال من لم يحردوأحضر الناس جوابا من لم يغضب

وسرعة الغضب أنكى في العاقل من النار في يبس العوسج ألن من غضب زايله عقله فقال ما سولت له نفسه وعمل ما

شأنه وأرداهأ ولقد أنبأنا محمد بن عثمان العقدي حدثنا إسحاق بن زكريا

البناني حدثنا عبد الصمد بن حسان حدثني وهيب قال مكتوب في اإلنجيل ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب

فال أمحقك فيمن أمحق وإذا ظلمت فال تنتصر فإن نصرتي لكخير من نصرتك لنفسك

ولم أر... ولم أر فضال تم إال بشيمة ...وأنشدني الكريزي ولم أر في األعداء حين اختبرتهم...عقال صح إال على األدب

... عدوا لعقل المرء أعدى من الغضب... قال أبو حاتم رضى الله عنه سرعة الغضب من شيم الحمقى

كما أن مجانبته من ري العقالء والغضب بذر الندم فالمرء علىتركه قبل ان يغضب أقدر على إصالح ما أفسد به بعد الغضب

ولقد أنبأنا محمد بن اسحاق الثقفي حدثنا حاتم بن الليث الجوهري حدثنا بكار بن محمد قال كان ابن عون ال يغضب

فإذا أغضبه إنسان قال بارك الله فيك114

لم يأكل...وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي ... أحلى وأحمد عقباه من الغضب ...الناس شيئا من مآكلهم

... أبهى وأزين من دين ومن أدب...وال تلحف إنسان بملحفة أنبأنا كامل بن مكرم حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن

موسى حدثنا ضمرة عن أبي سعيد قال كان عون بن عبد الله بن عتبة إذا غضب على غالمه قال ما أشبهك بموالك أنت

تعصيني وأنا أعصي الله فإذا شتد غضبه قال أنت حر لوجهالله

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل إذا ورد عليه شيء بضد ما تهواه نفسه أن يذكر كثرة عصيانه ربه وتواتر

حلم الله عنه ثم يسكن غضبه وال يزري بفعله الخروج الى ماال يليق بالعقالء في أحوالهم مع تأمل وفور الثواب في العقبى

باإلحتمال ونفي الغضب ... وكظمي الغيظ أولى من محاولتي ...وأنشدني األنصاري

غيظ العدو بإضراري بإيماني

يوم الحساب إذا مانص...ال خير في األمر ترديني مغبته ... ميزاني

أنبأنا محمد بن المنذر حدثنا عمر بن علي بن زياد العنبري قال إذا نطق السفيه...سمعت سالم ابن ميمون الخواص يقول

سكت عن السفيه... فخير من إجابته السكوت ...فال تجبه شرار الناس لو... عييت عن الجواب وما عييت ...فظن أني

فلست... قذى في جوف عيني ما قذيت ...كانوا جميعا ... خزيت لمن يجافيه خزيت...مجاوبا أبدا سفيها

تأن في أمرك...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش تأن فيه ثم قل... فليس شيء يعدل التأني ...وافهم عني

... فإني أرجو لك اإلرشاد بالتأني أخبرني محمد بن أبي على الخالدي حدثنا عبد الله بن جعفر

115

الزبيري عن سعيد بن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال أنشدني يونس بن إبراهيم بن محمد أبن طلحة لمحمد بن عيسى بن

فإن الظلم... فال تعجل على أحد بظلم ...طلحة بن عبيد الله على أحد فإن... وال تفحش وإن مليت غيظا ...مرتعه وخيم وإن الذنب... وال تقطع أخا لك عند ذنب ...الفحش لوم

كما قد يرقع... ولكن داري عوراه برفق ...يغفره الكريم فإن الصبر... وال تجزع لريب الدهر واصبر ...الخلق القديم

وال مافات... فما جزع بمغن عنك شيئا ...في العقبى سليم ... ترجعه الهموم

قال أبو حاتم رضى الله عنه لو لم يكن في الغضب خصلة تذم إال إجماع الحكماء قاطبة على أن الغضبان ال رأي له لكان

الواجب عليه اإلحتيال لمفارقته بكل سبب

والغضبان ال يعذره أحد في طالق وال عتاق ومن الفقهاء من عذر السكران في الطالق والعتاق والخلق مجبولون على

الغضب والحلم معا فمن غضب وحلم في نفس الغضب فإن ذلك ليس بمذموم ما لم يخرجه غضبه الى المكروه من القول

والفعل على أن مفارقته في األحوال كلها أحمد ولقد أنبانا عمر بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا مهدي بن سابق عن عطاء قال قال عبد الملك بن مروان إذا لم يغضب الرجل

لم يحلم ألن الحليم ال يعرف إال عند الغضبذكر الزجر عن الطمع الى الناس

أنبأنا محمد بن أحمد بن المستنير بالمصيصة حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم حدثنا خالد بن عمرو عن سفيان عن أبي

حازم عن سهل بن سعد قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علمني عمال إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال ازهد في الدنيا يحبك الله

وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس116

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل ترك الطمع الى الناس كافة بكماله اإلياس عنهم إذ الطمع فيما ال يشك

في وجوده فقر حاضر فكيف بما أنت شاك في وجوده أوعدمه

ما... ألجعلن سبيل اليأس لي سبال ...ولقد أحسن الذي يقول ... والصبر أجعله غرما أنال به ...عشت منك ودار الهم أوطانا

فالنفس قانعة واألرض...في الناس قربا وعند الله رضوانا ... والدار جامعه مثنى ووحدانا...واسعه

وأنشدني عمرو بن محمد بن عبد الله النسائي قال أنشدنيالحسين بن أحمد ابن عثمان

إني... واليأس خير مؤدب للناس ...اليأس أدبني ورفع همتي يضع الشريف مواضع اإلخساس...رأيت مواضع الطمع الذي

... فأجمعت يأسا ال لبانة...وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي

والنفس تطمع... ولليأس أدنى للعفاف من الطمع ...بعده ... وتنال باليأس السلو فتقنع...هشة إن أطمعت

أنبأنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا يزيد بن عبد الصمد حدثنا يحيى بن صالح حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سعد بن عمارة

أنه لما قال البنه يا بني أظهر اليأس فإنه غنى وإياك والطمعفإنه فقر حاضر

قال أبو حاتم رضى الله عنه أشرف المنى ترك الطمع الى الناس إذ ال غنى لذي طمع وتارك الطمع يجمع به غاية الشرف

فطوبى لمن كان شعار قلبه الورع ولم يعم بصره الطمع ومن أحب أن يكون حرا فال يهوى ما ليس له ألن الطمع فقر كما أن اليأس غنى ومن طمع ذل وخضع كما أن من قنع عف

واستغنى والشك... ال خير في عزم بغير رويه ...ولقد أنشدني الكريزي

117

... واليأس مما فات يعقب راحة ...عجز إن أردت سراحا ... ولرب مطمعة تعود ذباحا

فكنت لي أمال دهال...وأنشدني علي بن محمد البسامي صرفت باليأس عنه... فغيرته صروف الدهر أطوارا ...أطالبه

... فما أبالى أقام الدهر أم سار...النفس فانصرفت أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا عبد الله بن أبي شيبه حدثنا عبد الله بن مروان حدثنا محمد بن هانيء الطائي قال

بعث أبو األسود الديلي الى جار

يقترض منه فلم يقرضه واعتل عليه وكان حسن الظن به يعيش بجد... التشعرن النفس يأسا فإنما ...فقال أبو األسود

فكل قريب... وال تطمعن في مال جار لقربه ...عاجز وجليد يروح بأرزاق... وفوض الى الله األمور فإنما ...ال ينال بعيد ... العباد جدود

أنبأنا القطان بالرقة حدثنا المروزي قال سمعت أحمد بن حنبل يقول سمعت ابن السماك يقول الرجاء حبل في قلبك وقيد

في رجلك فأخرج الرجاء من قلبك ينفك القيد من رجلك قال أبو حاتم رضى الله عنه الطمع غدة من قلب المرء له

طرفان أحدهما القيد في رجليه واآلخر الطبع على لسانه فما دامت العقدة فائمة ال تنفك رجاله وال ينطق لسانه فإذا أخرج الطمع من قلبه انفك القيد من رجليه وزال الطبع عن لسانه

فسعى الى ما شاء وقال ما أحب ودواء زوال الطمع عن القلب هو رؤية األشياء من مكونها

بدوام الخلوه وترك الناس كما أنشدني عبد العزيز بن سليمان وارض بالوحدة أنا... كن اقعر البيت حلسا ...األبرش

فاغرس اليأس... أو ترد اليوم أمسا ...لست بالواجد حرا 118

وليكن يأسك دون الطمع... ما عمرت غرسا ...بأرض الزهد ... الكاذب ترسا...

قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يجتنب الطمع الى األصدقاء فإنه مذلة ويلزم اليأس عن األعداء فإنه منجاة وتركه

مهلكه واألياس هو بذر الراحة والعز كما أن الطمع هو بذر بالتعب والذل فكم من طامع تعب وذل ولم ينل بغيته وكم من

آيس استراح وتعزز وقد أتاه ما أمل وما لم يأمل ... يعرى ويغرث من أمسى على طمع ...وأنشدني األبرش

إن المطامع ذل للرقاب...من المكارم وهو الطاعم الكاسي ... أمسى أخوها مكان السيد الراس...ولو

ألم تعلمي أني إذا...وأنشدني محمد بن اسحق الواسطي ولست... على طمع لم أنس أن أتكرما ...النفس أشرفت

... يفوت ولكن على أن أتقدما...بلوام على األمر بعد ما أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا الفضيل بن يوسف الكوفي حدثنا عبد الله ابن جبله الكناني عن معاوية بن عمار عن أبي جعفر قال اليأس عما في أيدي الناس عز ثم قال أما سمعت

إذا... إذا ما عزمت اليأس ألفيته الغنى ...قول حاتم الطائي ... عرفته النفس والطمع الفقر

ذكر الحث على مجانبة المسألة وكراهيتها حدثنا أبو يزيد خالد بن النضر بن عمرو القرشي بالبصرة حدثنا

عبد الواحد ابن غياث حدثنا حماد بن سلمة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير بن العوام أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال ألن يأخذ أحدكم حبال فيأتي بحزمة حطبفيبيعها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل مجانبة المسألة على األحوال كلها ولزوم ترك التعرض ألن اإلفكار في العزم على السؤال يورث المرء مهانة في نفسه ويحطه رتوة

119

عن مرتبته وترك العزم على اإلفكار في السؤال يورث المرءعزا في نفسه ويرفعه درجه عن مرتبته

ولقد أنبأنا محمد بن المنذر حدثنا الفيض بن الخضر التميمي حدثني عبد الله ابن خبيق قال قال موسى بن طريف إن

الحاجة تعرض لي إلى الرجل فيخرج عزي من قلبي قطعالحاجة من ناحيته فيرجع عزي الى قلبي

وأنشدني الكريزي قال أنشدنا الحسن بن أحمد لعلى بن وللدهر أيام تجور... هي النفس ما حملتها تتحمل ...الجهم وأفضل أخالق... وعاقبة الصبر الجميل جميلة ...وتعدل

ولكن... فال غار إن زالت عن الحر نعمة ...الرجال التفضل ... عارا أن يزول التجمل

أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا خالد ابن عبد الله حدثنا داود بن أبي هند عن الشعبي أن

عمر بن الخطاب قال من سأل الناس ليثرى ماله فإنما هورضف من النار يلقمه فمن شاء استقل ومن شاء استكثر أنبأنا محمد بن سليمان بن فارس الدالل حدثنا الحسن بن

محمد بن الصباح حدثنا أبو عباد يحيى بن عباد حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت مطرف بن عبد الله يحدث عن حكيم بن

قيس بن عاصم عن أبيه أنه أوصى بنيه عند موته فقال يا بنيإياكم ومسألة الناس فإنها آخر كسب الرجل

قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يسأل الناس شيئا فيردوه وال يلحف في المسألة فيحرموه ويلزم التعفف

والتكرم وال يطلب األمر مدبرا وال يتركه

مقبال ألن فوت الحاجة خير من طلبها الى غير أهلها وإن من يسأل غير المستحق حاجة حط لنفسه مرتبتين ورفع المسؤول

فوق قدره أخبرني محمد بن المنذر حدثنا أحمد بن مؤمل المصري قال

120

سمعت حامد بن يحيى يقول سمعت سفيان بن عيينه يقولمن يسأل نذال حاجة فقد رفعه عن قدره

ذل السؤال شجى في الحلق...أنشدني ابن زنجي البغدادي ما ماء كفك... من دونه شرف من خلفه جرض ...معترض

... من ماء وجهى إذا أفنيته عوض...إن جادت وإن بخلت ما اعتاض باذل وجهه...وأنشدني محمد بن عبد الله المؤدب

وإذا السؤال مع... عوضا وإن نال الغنى بسؤال ...بسؤاله وإذا ابتليت... رجح السؤال وخف كل نوال ...النوال وزنته

... فابذله للمتكرم المفضال...ببذل وجهك سائال أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا أبو جعفر ابن ابنة أبي

سعيد التغلبي الدمشقي حدثنا حاجب بن أبي علقمة العطاردي قال سمعت أبي يقول قال مطرف بن عبد الله بن الشخير البن أخيه يا بني أخي إذا كانت لك حاجة الى فاكتب بها في

رقعه فإني أصون وجهك عن ذل السؤال وطالب... يا أيها المتعب بذل السؤال ...وأنشدني ذلك

... ال تحسبن الموت موت البلى ...الحاجات من ذوي النوال أعظم... كالهما موت ولكن ذا ...فإنما الموت سؤال الرجال

... من ذاك لذل السؤال قال أبو حاتم رضى الله عنه أعظم المصائب سوء الخلف

والمسألة من الناس والهم بالسؤال نصف الهرم فكيفالمباشرة بالسؤال ومن عزت عليه نفسه

صغرت الدنيا في عينيه وال ينبل الرجل حتى يعف عما في أيدي الناس ويتجاوز عما يكون منهم والسؤال من اإلخوان

مالل ومن غيرهم ضد النوال األبرش ... أنبل بنفسك أن تكون حريصة ... إنوأنشدني

الحريص إذا يلح يهان ... من يكثر التسآل من إخوانه ... ...يستثقلوه وحظه الحرمان

121

وأنشدني علي بن محمد البسامي ... أتيت أبا عمرو أرجى عطاءه ... فزاد أبو عمرو على حزني حزنا ... فكنت كباغي

...القرن أسلم أذنه ... فبات بال أذن ولم يستفد قرنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا خطاب بن عبد الرحمنحدثنا

الجندي حدثنا عبد الله بن سليمان قال كان أكثم بن صيفييقول السؤال وإن قل أثمن من النوال وإن جل

قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب للعاقل أن يبذل وجهه لمن يكرم عليه قدره ويعظم عنده خطره فكيف بمن يهون عليه رده وال يكرم عليه قدره وأبعد اللقاء الموت وأشد منه الحاجة إلى الناس دون السؤال وأشد منه التكلف بالسؤال

ألن السؤال إذا كان بجناح الحاجة مقرونا لم يخل من أن يكون فيه ذل السؤال وإذا الحاجة لم تقض كان فيه ذالن موجودان

ذل السؤال وذل الرد وأنشدني منصور بن محمد الكريزي ... ال يحس الصديق منك بفقر ... ال وال والد وال مولود ... ذاك ذل إذا سألت بخيال ... أو

...سألت الذي عليك يجود أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ببغداد حدثنا علي بنأنبأنا

الجعد أنبأنا شعبة عن األعمش قال سمعت المعرور بن سويديحدث عن عبد الله قال إن في

طلب الرجل الحاجة الى أخيه فتنة إذا أعطاه حمد غير الذيأعطاه وإن منعه ذم غير الذي منعه

قال أبو حاتم رضى الله عنه لو لم يكن في السؤال خصلة تذم إال وجود التذلل في النفس عند اإلهتمام بالسؤال وإبدائه لكان الواجب على العاقل أن لو أضطره األمر الى أن يستف الرمل ويمص النوى أن ال يتعرض للسؤال أبدا ما وجد إليه سبيال فأما من دفعه الوقت الى ذلك فسأل من يعلم أنه يقضي حاجته أو ذا سلطان لم يحرج في فعله ذلك كما لم يحرج في القبول إذا

122

أعطى من غير مسألة ومن استغنى بالله أغناه الله ومن تعززبالله لم يفقره كما أن من أعتز بالعبيد أذله

ولقد أنبأنا سعيد بن محمد القزاز حدثنا أبو الهيثم الرازي حدثنا خالد بن يزيد حدثنا ابراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف

عن معمر قال قال أبو معاوية رجل من ولد كعب بن مالك لقد رأيتني أنضح أول النهار وأضرب آخر النهار على بطني بالمعول

في المعدن قال قلت لقد لقيت مؤونة قال أجل إنا طلبنا الدراهم من أيدي الرجال ومن الحجارة فوجدناها من الحجارة

أسهل عليناذكر الحث على لزوم القناعة

حدثنا حسن بن سفيان الشيباني حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا محمد ابن عبد الرحمن الطفاوي عن األعمش عن مجاهد عن ابن عمر قال أخذ رسول الله صلى الله عليهوسلم بمنكبي فقال كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل

قال أبو حاتم رضى الله عنه قد مكثت برهة من الدهر متوهما أن األعمش لم يسمع هذا الخبر من ليث بن أبي سليم فدلسه حتى رأيت على بن المديني حدث بهذا الخبر عن الطفاوي عن

األعمش قال حدثني مجاهد فعلمت حينئذ أن الخبر صحيح الشك فيه وال امتراء في صحته

فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر في هذا الخبر أن يكون في الدنيا كأنه غريب أو عابر سبيل فكأنه أمره

بالقناعة باليسير من الدنيا إذ الغريب وعابر السبيل ال يقصدان في الغيبة اإلكثار من الثروة بل القناعة إليهما أقرب من اإلكثار

من الدنيا ولقد أخبرني محمد بن عثمان العقبي حدثني جعفر بن سنيد

بن داود حدثني ابي حدثني حجاج حدثنا عتبة بن سالم قال قال أكثم بن صيفي إلبنه يا بني من لم يأس على ما فاته ودع بدنه

123

ومن قنع بما هو فيه قرت عينه وأنشدني علي بن محمد عين ذي النعمة... من تمام العيش ما قرت به ...البسامي

لك خير من كثيرفي... وقليل أنت مسرور به ...أثرى أو أقل ... دغل

أقول للنفس صبرا عند نائبة...وأنشدني ابن زنجي البغدادي ما سرني أن نفسي غير... فعسر يومك موصول بيسر غد ...

... وأن أرزق هذا الخلق تحت يدي...قانعه أنبأنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أنبأنا سفيان الثوري عن عيسى بن عبد الرحمن عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود قال أربع قد فرغ منها الخلق والخلق والرزق

واألجل وليس أحد بأكسب من أحد قال أبو حاتم رضى الله عنه من أكثر مواهب الله لعباده

وأعظمها خطرا

القناعه وليس شيء أروح للبدن من الرضا بالقضاء والثقه بالقسم ولو لم يكن في القناعة خصلة تحمد إال الراحة وعدم الدخول في مواضع السوء لطلب الفضل لكان الواجب على

العاقل أ ال يفارق القناعة على حالة من األحوال ولقد أنبأنا عمر بن حفص بن عمرو البزار حدثنا أبو مسعود

حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل حدثنا عبد الله بن إبراهيم المدني حدثنا أبو بكر بن محمد بن المنكدر عن أبيه

قال القناعة مال ال ينفذ سمعت محمد بن المنذر يقول سمعت عبد العزيز بن عبد الله

تقنع بالكفاف تعش رخيا...يقول قال محمد بن حميد األكاف ففي خبز القفار بغير أدم... وال تبغ الفضول من الكفاف ... وفي الثوب المرقع ما... وفي ماء الفرات عني وكاف ...

وكل تزين بالمرء زين... به من كل عرى وانكشاف ...يغطى ... وأزينه التزين بالعفاف...

124

وال... لعمرك ما طول التعطل ضائري ...وأنشدني الكريزي إذا كانت أرزاق في القرب...كل شغل فيه للمرء منعفه

وإن ضقت... عليك سواء فاغتنم راحة الدعه ...والنوى ... أال رب ضيق في عواقبه سعه...فاصبر يفرج الله ما ترى

الحمد لله حمدا دائما...وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي ال زين إال لراض في... لقد تزين أهل الحرص والشين ...أبدا

... إن القنوع لثوب العز والدين...تقلله قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يعلم أن اإلنسان لم يوضع

على قدر األحظاء وأن من عدم القناعة لم يزده المال غنىفتمكن المرء بالمال القليل مع

قلة الهم أهنأ من الكثير ذي التبعة والعاقل ينتقم من الحرص بالقنوع كما ينتصر من العدو بالقصاص ألن السبب المانع رزق

العاقل هو السبب الجالب رزق الجاهل محمد بن سعيد القزاز انشدنا محمد بن خلف التيميوأنشدني

أنشدني رجل من خزاعه ... رأيت الغنى والفقر حظين فسما ... فأحرم محتال وذو العي كاسب ... فهذا ملح دائب

...غير رابح ... وهذا مريح رابح غير دائب وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش ... إذا المرء لم يقنع

بعيش فإنه ... وإن كان ذا مال من الفقر موقر ... إذا كان ...فضل الناس يغنيك بينهم ... فأنت بفضل الله أغنى وأيسر

أحمد بن سعيد القيسي حدثنا محمد بن الوليد بن أبانأخبرنا حدثنا نعيم بن حماد فال سمعت إبن المبارك يقول مروءة

القناعة أفضل من من مروءة اإلعطاء قال أبو حاتم رضى الله عنه القناعة تكون بالقلب فمن غنى قلبه غنيت يداه ومن افتقر قلبه لم ينفعه غناه ومن قنع لم

يتسخط وعاش آمنا مطمئنا ومن لم يقنع لم يكن له في الفوائت نهاية لرغبته والجد والحرمان كأنهما يصطرعان بين

125

العباد ولقد أحسن الذي يقول ... فما كل ما حاز الفتى من تالده ...

بكيس وال ما فاته بتوان ... فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه ... ...سيكفيكه جدان يصطرعان

عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا محمد بن عبيد اللهحدثنا الجثمي عن المديني قال كان يقال مروءة الصبر عند الحاجة

والفاقة بالتعفف والغنى أكثر من مروءة اإلعطاء

عمرو بن محمد أنشدنا الغالبي أنشدنا إبن عائشة ...وأنشدني غنى النفس يغني النفس حتى يعفها ... وإن مسها حتى بها

يضر الفقر ... وما شدة فاصبر لها إن لقيتها ... بدائمة إال ...سيتبعها يسر

وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ... فيارب كره جاء من حيث لم تخف ... ومسرور امر بالذي انت خائف ... ارى الناس ما لم تبل إخوان ظاهر ... وإن تبل تنكر جل ما

...أنت عارف إبراهيم بن مهدي األبلى حدثنا محمد بن عثمان العقبيأنبأنا

حدثني محمد بن يحيى بن أبي عمر قال سمعت سفيان بن عيينه وذكر عنده الفضل ابن الربيع وضرباؤه فأنشأ سفيان يقول ... كم من قوي قوي في تقلبه ... مهذب الرأي عنه

الرزق منحرف ... ومن ضعيف ضعيف العقل مختلط ... كأنه ...من خليج البحر يغترف

ابو حاتم رضى الله عنه من نازعته نفسه الى القنوع ثمقال حسد الناس على ما في أيديهم فليس ذلك لقناعة وال لسخاوة

بل لعجز وفشل فمثله كمثل حمار السوء الذي يعرج بخفة حمله ويحزن إذا رأى العلف يؤثر به ذو القوة والحمل الثقيل

فالقانع الكريم أراح قلبه وبدنه والشرة اللئيم أتعب قلبهوجسمه والكرام أصبر نفوسا واللئام أصبر أجسادا

126

وأنشدني عمرو بن محمد أنشدنا الغالبي ... لعمرك ما األرزاق من حيلة الفتى ... وال سبب في ساحة الحي ثاقب ... ولكنها

...األرزاق تقسم بينهم ... فما لك منها غير ما أنت شارب وأنشدني محمد بن سعيد أنشدني هالل بن العالء الباهلي ... تجمل إذا ما الدهر أوالك غلظة ... فإن الغني في النفس ال

في التمول ... يزين لئيم القوم كثرة ماله ... وما زين األقواممثل التجمل

حدثنا الحسين بن سفيان حدثنا عبد العزيز بن منيب حدثنا بن إن لم يكن لك لحم...يحيى الصائغ قال قال الخليل بن أحمد

... فكسرة وبييت ... إن ال يكن ذا وهذا ... كفاك خل وزيت ... ... هذا لعمري كفاف ... حتى يجيئك موت ...تظل فيه وتأوى

... فال يغرك ليت أنبأنا كامل بن مكرم حدثنا محمد بن مروان البيروتي حدثنا أبو مسهر حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن محمد بن كعب القرظي

فلنحيينه حياة طيبة قال القناعة97 16في قوله تعالى ذكر الحث على لزوم التوكل علىمن ضمن اآلرزاق

أنبأنا زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الساجي بالبصرة أنبأنا أبو الربيع الزهراني حدثنا المقريء حدثنا حيوة بن شريح وابن

لهيعة قاال حدثنا أبو هاني حميد بن هاني الخوالني قال سمعت أبا عبد الرحمن الحبلول سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص

يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قدر اللهالمقادير قبل ان يخلق السموات واآلرض بخمسمائة سنة

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم التوكل على من تكفل باألرزاق إذ التوكل هو نظام اإليمان وقرين

التوحيد وهو السبب المؤدي الى نفى الفقر ووجود الراحة وما توكل أحد على الله جل وعال من صحة قلبه حتى كان الله جل

وعال بما تضمن من الكفالة أوثق عنده بما حوته يده إال لم127

يكله الله الى عباده وآتاه رزقه من حيث لم يحتسب توكل على الرحمن في...وأنشدني منصور بن محمد الكريزي

أردت فإن الله يقضي ويقدر...كل حاجة

يصبه وما للعبد ما يتخير...متى ما يرد ذو العرش أمرا بعبده وينجو بإذن الله من... وقد يهلك اإلنسان من وجه أمنه ...

... حيث يحذر أحسن الظن بمن قد...وأنشدني على بن محمد البسامي

إن من قد كان يكفيك... كل إحسان وسوى أودك ...عودك ... كان باألمس سيكفيك غدك...الذي

أنبأنا محمد بن الحسن بن قتيبة بعسقالن حدثنا أبو مروان األزرق حدثنا الوليد عن ابن جابر عن اسماعيل بن عبيد الله

بن أبي المهاجر عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال إن الرزقليطلب العبد كما يطلبه أجله

لو كان في صخرة...أنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش رزق لعبد... صماء ملمومة ملس حواليها ...في البحر راسية

أو كان... حتى تؤدي إليه كل ما فيها ...براه الله ال نفلقت ... يوما لسهل في المرقى مراقيها ...بين طباق السبع مطلبه

إن هو أتاه وإال فهو آتيها...حتى ينال الذي في اللوح خط له ...

وأنشدني منصور بن محمد الكريزي أنشدني محمد بن ليس له ستر وال... سل الحاجات من سيد ...الحسين العمي

من غير توقيع الى كاتب... يعطى عطاياه إذا شاءها ...حاجب ...

حدثنا محمد بن الحسين بن الخليل بنسا حدثنا القطواني حدثنا سنان حدثنا رياح القيسي قال إن لله مالئكة موكلين بأرزاق بني آدم يحملون أرزاقهم على درجاتهم ثم قال أيما عبد من

عبادي جعل همه هما واحدا فضمنوا السموات واألرضين وبنى128

آدم رزقه وأي عبد طلب رزقه أعطوه رزقه حيث أراده فإن تحرى مكاسبه بالعدل فطيبوا له رزقه وإن تعدى الى الحرام فليأخذه من هواه الى غاية درجته التي ليس فوقها ثم حولوا

بينه وبين سائر الدنيا فال يأخذن من حاللها وال من حرامها فوقالدرجه التي كتبت له

قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يعلم أن األرزاق قد فرغ منها وتضمنها العلي الوفي على ان يوفرها على عباده في

وقت حاجتهم إليها واالشتغال بالسعي لما تضمن وتكفل ليس من أخالق أهل الحزم إال مع انطواء صحة الضمير على أنه وإن

لم يسع في قصده أتاه رزقه من حيث لم يحتسب لما رأيتك...وانشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي

فارفض لها... أيقنت أنك للهموم قرين ...قاعدا مستقبلي هون عليك... إن كان عندك للقضاء يقين ...وتعر عن أثوابها طرح األذى... فأخو التوكل شأنه التهوين ...وكن بربك واثقا

... من كان يعلم أنه مضمون...عن نفسه في أمره حدثنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أنبأنا سفيان الثوري عن

أبي قيس عن هذيل بن شرحبيل قال جاء سائل الى النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت تمرة فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم هاك لو لم تأتها أتتك فنحن بتوفيق اإلله...وأنشدني المنتصر بن بالل األنصاري

عطاء مليك ال يمن... على كل حال أمرنا متوسع ...وامره ... خبير بما تحني عليه األضالع...عطاؤه

أنبأنا محمد بن إبراهيم الشافعي حدثنا داود بن أحمد الدمياطي حدثنا عبد الرحمن بن عفان قال سمعت الفضيل بن

عياض يقول ما أهتممت برزق قط قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يعلم أن

السبب الذي يدرك به العاجز حاجته هو الذي يحول بين الحازم وبين مصادفته فال يجب أن يحزن العاقل لما يهوى وليس

بكائن وال لما ال يهوى وهو ال محالة كائن فما كان129

من هذه الدنيا أتى المرء من غير تعب فيه وما كان عليه لم يدفعه بقوته وال يدرك بالطلب المحروم كما ال يحرم بالقعود

المرزوق ينال الغنى من ليس يسعى الى...ولقد أحسن الذي يقول

وما العجز يحرمه وال... ويحرم من يسعى له ويداوم ...الغنى ... وما هو إال حظوه ومقاسم...الحرص جالب

وأنشدني عمرو بن محمد األنصاري أنشدنا الغالبي أنشدنا مقادير يقدرها... ورزق الخلق مقسوم عليهم ...العتبي وال بالمال تقتسم... فال ذو المال يرزقه بعقل ...الجليل ... العقول

أنبأنا الهيثم بن خلف الدوري ببغداد قال سمعت اسحاق بن موسى األنصاري يقول سمعت يمان النجراني وكان ال يدخر

شيئا يقول مررت براهب في قارعة فالة من األرض وأنا جائع فقلت يا راهب هل عندك من فضل فادلى إلى زنبيال فيه فلق

من خبز فأكلت منها ورميت إليه الباقي فقال تزوده قلت الذي أطعمني في هذا الموضع وليس فيه انسى يطعمني إذا جعت

وال يكون معي شيء ... ال تتهم ربك فيما قضى ...وأنشدني ابن زنجي البغدادي

يأتي عل... لكل هم فرج عاجل ...وهون األمر وطب نفسا ... المصبح والممسي

قال أبو حاتم رضى الله عنه التوكل هو قطع القلب عن العالئق برفض الخالئق وإضافته باألفتقار الى محول األحوال

وقد يكون المرء موسرا في ذات الدنيا وهو متوكل صادق في توكله إذا كان العدم والوجود عنده سيين ال فرق عنده بينهما

يشكر عند الوجود ويرضى عند العدم وقد يكون المرء ال يملك شيئا من الدنيا بحيلة من الحيل وهو غير متوكل إذا كان الوجود

أحب إليه من العدم فال هو في العدم يرضى حالته وال عندالوجود يشكر مرتبته

130

وفضل... فلو كانت الدنيا تنال بفطنة ...وانشدني الكريزي ... ولكنما األرزاق حظ وقسمه ...عقول نلت أعلى المراتب ... بملك مليك ال بحيلة طالب

وأنشدنا عمرو بن محمد األنصاري أنشدنا الغالبي أنشدنا مهدي والدهر يخلط... أال ترى الدهر ال تفنى عجائبه ...بن سابق

كأنها دمعة... وليس للهو إال كل صافية ...ميسورا بمعسور ... من عين مهجور

أنبأنا علي بن سعيد العسكري حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا سهل بن عاصم حدثنا نافع بن خالد قال دخلنا على رابعة

العدوية فذكرنا أسباب الرزق فخضنا فيه وهي ساكتة فلما فرغنا قالت رابعة العدوية خيبة لمن يدعي حبه ثم يتهمه في

رزقه قال أبو حاتم رضى الله عنه قد ذكرت هذا الباب بالعلل

والحكايات على التقصي في كتاب التوكل فأغنى ذلك عنتكرارها في هذا الكتاب

ذكر الحث على لزوم الرضا بالشدائد والصبر عليها أنبأنا أحمد بن علي بن المثنى بالموصل حدثنا أحمد بن جميل المروزي حدثنا ابن المبارك أنبأنا عمر بن حبيب عن القاسم

بن أبي بزة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما خلق الله القلم ثم أمره

فكتب ما يكون الى يوم القيامة قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يوقن أن

األشياء كلها قد فرغ منها فمنها ما هو كائن ال محالة وماال يكون فال حيلة للخلق في تكوينه فإن دفعه الوقت الى حال

شدة يجب أن يتزر بإزار له طرفان أحدهما الصبر واآلخر الرضا ليستوفي كمال األجر لفعله ذلك فكم من شدة قد

صعبت وتعذر زوالها على العالم بأسره ثم فرج عنها السهلفي أقل من لحظة

131

كم من...ولقد أنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي ولعبد مؤيس... فأتاني الله منه بالفرج ...أمر قد تضايقت به

... فله الحمد على ذي سرمدا ... قدر الله فعاد بالنهج ...قربه يصلح... وكذاك الله رب قادر ...ما أضاء الصبح يوما وبلج

يستديم اليسر... وله الحمد على آالئه ...األمر الذي فيه عوج ... منه والفلج

حدثنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أنبأنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الحجاج األزدي قال سألنا سلمان ما اإليمان

بالقدر قال أذا علم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئة وماأخطأه لم يكن ليصيبه

فليس ما... هون على نفسك من سعيها ...وأنشدني األبرش كل قضاء الله... وأرض بحكم الله في خلقه ...قدر مردود

... محمود أنبأنا عبد الله بن قحطبة الطرحي حدثنا منصور بن قدامة الواسطي حدثنا محمد بن كثير عن معمر قال لما حاصر

الحجاج ابن الزبير بمكة جعلت الحجارة تضرب الحائط فقيل هون...له ال نأمن عليك أن يصيبك منها حجر فقال ابن الزبير

فليس بآتيك منهيها... بكف اإلله مقاديرها ...عليك فإن األمور ... وال قاصر عنك مأمورها...

أنبأنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي حدثنا سفيان عن مسعر أن رجال ركب البحر

فكسر به فوقع في جزيرة من جزائر البحر فمكث فيها ثالثا ال يرى أحدا وال يأكل طعاما وال يشرب شرابا فأيس من الحياة

وصار القار كاللبن... إذا شاب الغراب أتيت أهلي ...فتمثل الحليب

... عسى الكرب الذي أمسيت فيه ...فأجابه مجيب يقول ... يكون وراءه فرج قريب

132

فنظر فإذا سفينة في البحر فلوح لهم فأتوه فحملوه وأصابمعهم خيرا ورجع الى أهله سالما

وأنشدني محمد بن جعفر الهمذاني بصور على ساحل بحر غماؤها بغير... التضيقن في األمور فقد تكشف ...الروم

اختيال ربما تكره النفوس من األمر له فرجة كحل العقال عسى فرج يأتى به...وأنشدني المنتصر بن بالل األنصاري

عسى ما ترى أن ال...الله إنه له كل يوم في خليقته أمر إذا اشتد... له فرجا مما ألح به العسر ...يدوم وأن ترى

... قضى الله أن العسر يتبعه اليسر...عسرفارج يسرا فإنه أنبأنا محمد بن صالح الطبري بالصيمرة حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال لما حدث شريك بحديث األعمش عن سلمان عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال استقيموا لقريش ما

استقاموا لكم فإذا خالفوكم فضعوا سيوفكم على عواتقكم فأببيدوا خضراءهم فإن لم تفعلوا فكونوا زراعين أشقياء

فسعى به الى المهدي فبعث الى شريك فأتاه فقال حدثت بها قال قلت نعم قال عمن رويتها قلت عن األعمش قال ويلي عليه لو عرفت مكان قبره ألخرجته فأحرقته بالنار قلت إن

كان لمأمونا على ما روى قال يا زنديق ألقتلنك قلت الزنديق من يشرب الخمر ويسفك الدم قال والله ألقتلنك قلت أو

يكفي الله قال فخرجنا من عنده فإستقبلني الفضل بن الربيع فقال ليس لك موضع تهرب اليه قلت بلى قال فإنه قد أمر بقتلك قال فخرجت الى جبل فخرجت يوما أتجسس الخبر

فأقبل مالح من بغداد

فاستقبله مالح آخر من البصرة فسأله ما الخبر قال مات أمير المؤمنين قلت يا مالح قرب فقرب وأنشدني منصور بن محمد

وللمقادير... تجري المقادير إن عسرا وإن يسرا ...الكريزي إال تفتح... ما اشتد عسر وال انسدت مذاهبه ...أسباب وأبواب

... من مسروره باب133

أال رب...وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي هو... وغمرة كرب فرجت لكظيم ...عسر قد أتى اليسر بعده

... ويوم سرور للفتى ونعيم...الدهر يوم يوم بؤس وشدة أنبأنا أبو عوانه يعقوب بن إبراهيم حدثنا محمد بن عبد الوهاب

النيسابوري حدثنا بشر بن عبد الحكم عن علي بن عثام قال رئى إبراهيم بن أدهم متنفط الرجلين رافعهما على ميل وهو

نعلم المجاهدين منكم والصابرين31 47يقول ولنبلونكم حتى ونبلو أخباركم

أنبأنا القطان بالرقه حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا عبد العزيز بن عمير عن عطاء األزرق عن عبد الواحد بن زيد قال قلت للحسن يا أبا سعيد من أين أتى هذا الخلق قال من قلة

الرضا عن الله قلت ومن أين أوتى قلة الرضا عن الله قال منقلة المعرقة بالله

قال أبو حاتم رضى الله عنه يجب على العاقل إذا كان مبتدئا أن يلزم عند ورود الشدة عليه سلوك الصبر فإذا تمكن منه حينئذ يرتقي من درجة الصبر الى درجة الرضا فإن لم يرزق

صبرا فليلزم التصبر ألنه أول مراتب الرضا ولو كان الصبر منالرجال لكان رجال كريما إذ هو بذر الخير وأساس الطاعات

ولقد أخبرني محمد بن سعيد القزاز حدثنا طاهر بن الفضل بن سعيد حدثنا سفيان بن عبينه قال سمعت رجال من أهل الكتاب

أسلم قال أوحى الله الى داود يا داود أصبر على المؤنة تأتكمنى المعونه

عبد الله بن األحوص بن عمار القاضي ... صبراوأنشدني جميال على ما ناب من حدث ... والصبر ينفع أحيانا إذا

صبروا ... الصبر أفضل شيء تستعين به ... على الزمان إذا ...مامسك الضرر

وأنشدني إبراهيم بن محمد بن سهل أنشدني أبو يعلى الموصلي ... إني رأيت وفي األيام تجربه ... للصبر عاقبة

134

محموده األثر ... وقل من جد في شيء يحاوله ... فاستصحب ...الصبر إال فاز بالظفر

وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش ... أتاك الروح والفرج القريب ... وساعدك القضاء فال تخيب ... صبرت فنلت

...عقبى كل خير ... كذاك لكل مصطبر عقيب عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا محمد بنأنبأنا

علي قال سمعت مضر أبا سعيد يقول قال عبد الواحد بن زيد ما أحببت أن شيئا من األعمال يتقدم الصبر إال الرضا وال أعلم

درجة أشرف وال أرفع من الرضا وهو رأس المحبة قال أبو حاتم رضى الله عنه الصبر جماع األمر ونظام الحزم ودعامة العقل وبذر الخير وحيلة من ال حيلة له وأول درجته

اإلهتمام ثم التيقظ ثم التثبت ثم التصبر ثم الصبر

ثم الرضا وهو النهاية في الحاالت ولقد أنبأنا محمد بن عثمان العقبى حدثنا شعيب بن عبد الله

البزار حدثنا غيالن عن معبد عن أبي المليح عن ميمون بن مهران قال ما نال عبد شيئا من جسم الخير من نبي أو غيره

إال بالصبر المنتصر بن بالل األنصاري ... فما شدة يوما وإن جلوأنشدني

خطبها ... بنازلة إال سيتبعها يسر ... وإن عسرت يوما على ...المرء حاجة ... وضاقت عليه كان مفتاحها الصبر

وأنشدني علي بن محمد البسامي ... تعز فإن الصبر بالحر أجمل ... وليس على ريب الزمان معول ... فإن تكن األيام

فينا تبدلت ... بنعمى وبؤسى والحوادث تفعل ... فما لينت منا قناة صليبة ... وال ذللتنا للذي ليس يجمل ... ولكن رحلناها

...نفوسا كريمة ... تحمل ماال تستطيع فتحمل عمرو بن محمد األنصاري أنشدنا الغالبي ... إني رأيتوأنشدنا

الخير في الصبر مسرعا ... وحسبك من صبر تحوز به أجرا ... عليك بتقوى الله في كل حالة ... فإنك إن تفعل تصيب به

135

...ذخرا أبو حاتم رضى الله عنه الصبر على ضروب ثالثة فالصبرقال

عن المعاصي والصبر على الطاعات والصبر عند الشدائدالمصيبات فأفضلها الصبر عن المعاصي

فالعاقل يدبر أحوالة بالتثبت عند األحوال الثالثة التي ذكرناها بلزوم الصبر على المراتب التي وصفناها قبل حتى يرتقي بها

الى درجة الرضا عن الله جل وعال في حال العسر واليسر معاأسأل الله الوصول الى تلك الدرجة بمنه

عبد الله بن األحوص ... تعز بحسن الصبر عن كلوأنشدني هالك ... ففي الصبر مسالة الهموم اللوازم ... إذا أنت لم

تسل اصطبارا وخشية ... سلوت على األيام مثل البهائم ... وليس يذود النفس عن شهواتها ... من الناس إال كل ماضي

...العزائم وأنشدني ابن زنجي البغدادي ... غاية الصبر لذيذ طعمها ...

وبدي الصبر منه كالصبر ... إن في الصبر لفضال بينا ... فاحمل ...النفس عليه تصطبر

وأنشدني الكريزي ... صبرت ومن يصبر يجد غب صبره ... ألذ وأحلى من جنى النحل في الفم ... ومن ال يطب نفسا ويستبق

...صاحبا ... ويغفر ألهل الود يضرم ويصرم محمد بن زنجوية القشيري حدثنا عبد األعلى عن حمادأنبأنا

النرسي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن معاذة امرأة صلة بن أشيم قالت لما أتاها نعى زوجها وابنها جاءها النساء فقالت إن كنتن جئتن لتهنئتنا بما أكرمنا الله به وإال

فإرجعن قال ثابت وكان صلة يأكل يوما فأتاه رجل فقال مات أخوك قال هيهات قد نعى الى اجلس فكل قال الرجل ما سبقني

إنك ميت وإنهم ميتون30 39إليك أحد فقال قال الله حدثنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا ابن عائشة

136

قال كتب بعض الحكماء الى أخ له يعزيه عن ابن له يقال له محمد ... اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بأن المرء غير

مخلد ... وإذا ذكرت محمدا ومصابه ... فاذكر مصابك بالنبي ...محمد

وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي

ويبقى المعزي في أحر من...يعزي المعزي ثم يمضي لشأنه ويثوى المعزى... ويرمي المعزي بعد ذاك بسلوة ...الجمر

... عنه في وحشة القبر فاز... من يسبق السلوة بالصبر ...وأنشدني المنتصر بن بالل

يصبح بين... يا عجبي من هلع جازع ...بفضل الحمد واألجر أعظم من جائحة... مصيبة اإلنسان في دينه ...الذم والوزر

... الدهر تجري المقادير إن...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش

والعسر... حاذرت واقعها أو لم تكن حذرا ...عسرا وإن يسرا والصبر أفضل شيء وافق الظفرا...عن قدر يجري الى يسر

... سمعت إسحاق بن أحمد القطان البغدادي بتستر يقول كان لنا

جار ببغداد كنا نسميه طبيب القراء وكان يتفقد الصالحين ويتعاهدهم فقال لي دخلت يوما على أحمد بن حنبل فإذا هو

مغموم مكروب فقلت ما لك يا أبا عبد الله قال خير قلت وما الخير قال امتحنت بتلك المحنة حتى ضربت ثم عالجوني

وبرأت إال أنه بقى في صلبي موضع يوجعني هو أشد علي من ذلك الضرب قال قلت اكشف لي عن صلبك قال فكشف لي

فلم أر فيه إال أثر الضرب فقط فقلت ليس لي بذي معرفة ولكن سأستخبر عن هذا قال فخرجت من عنده حتى أتيت

صاحب الحبس وكان بيني وبينه فضل معرفة فقلت له أدخل الحبس في حاجة قال أدخل فدخلت وجمعت فتيانهم وكان

137

معي دريهمات فرقتها عليهم وجعلت أحدثهم حتى أنسوا بي ثم قلت من منكم ضرب أكثر قال فأخذوا يتفاخرون حتى اتفقوا

على واحد منهم أنه أكثرهم ضربا وأشدهم صبرا قال فقلت له أسألك عن شىء فقال هات فقلت شيخ ضعيف ليس صناعته

كصناعتكم ضرب على الجوع

للقتل سياطا يسيرة إال أنه لم يمت وعالجوه وبرأ إال أن موضعا في صلبه يوجعه وجعا ليس له عليه صبر قال فضحك فقلت مالك قال الذي عالجه كان حائكا قلت إيش الخبر قال

ترك في صلبه قطعة لحم ميته لم يقلعها قلت فما الحيله قال يبط صلبه وتؤخذ تلك القطعة ويرمى بها وإن تركت بلغت الى فؤاده فقتلته قال فخرجت من الحبس فدخلت على أحمد ابن

حنبل فوجدته على حالته فقصصت عليه القصة قال ومن يبطه قلت أنا قال أو تفعل قلت نعم قال فقام فدخل البيت ثم خرج

وبيده مخدتان وعلى كتفه فوطة فوضع إحداهما لي واألخرى له ثم قعد عليها وقال استخر الله فكشفت الفوطة عن صلبه وقلت أرني موضع الوجع فقال ضع إصبعك عليه فإني أخبرك به فوضعت إصبعي وقلت ها هنا موضع الوجع قال ههنا أحمد

الله على العافيه فقلت ها هنا قال هاهنا أحمد الله على العافيه فقلت هاهنا قال هاهنا أسأل الله العافيه قال فعلمت

انه موضع الوجع فال فوضعت المبضع عليه فلما أحس بحرارة المبضع وضع يده على رأسه وجعل يقول اللهم أغفر للمعتصم

حتى بططته فأخذت القطعه الميتة ورميت بها وشددت العصابة عليه وهو ال يزيد على قوله اللهم أغفر للمعتصم قال

ثم هدأ وسكن ثم قال كأني كنت معلقا فأصدرت قلت يا أبا عبد الله إن الناس إذا امتحنوا محنة دعوا على من ظلمهم

ورأيتك تدعو للمعتصم قال إني أفكرت فيما تقول وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهت أن آتي يوم القيامة

138

وبيني وبين أحد من قرابته خصومة هو مني في حل

ذكر الحث على العفو عن الجاني حدثنا الفضل بن الحباب الجمحي بالبصرة حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز ابن محمد عن العالء بن عبد الرحمن عن أبيه عن

أبي هريره قال أتى رجل فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ويسيئون إلي وأحسن اليهم ويجهلون على وأحلم عنهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كان

كما تقول فكأنما تسفهم المل وال يزال من الله معك ظهير مازالت على ذلك

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل توطين النفس على لزوم العفو عن الناس كافة وترك الخروج

لمجازاة اإلساءة إذ ال سبب لتسكين اإلساءة أحسن من اإلحسان وال سبب لنماء اإلساءة وتهييجها أشد من األستعمال

بمثلها سألزم نفسي...ولقد أنشدني منصور بن محمد الكريزي

فما... وإن كثرت منه الى الجرائم ...الصفح عن كل مذنب ... شريف ومشروف ومثل مقاوم ...الناس إال واحد من ثالثة

وأتبع فيه الحق والحق الزم...فأما الذي فوقي فأعرف فضله إجابته عرضي وإن... وأما الذي دوني فإن قال صنت عن ...

تفضلت إن... وأما الذي مثلى فإن زل أو هفا ...الم الئم ... الحلم للفضل حاكم

أنبأنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا محمد بن عامر األنطاكي حدثنا ابن توبة حدثنا محمد بن مهاجر عن يونس بن ميسرة بن

جليس قال ثالثة يحبهم الله

من كره سوءا يأتيه الى أخيه وصاحبه فذلك قمن ان يستحى139

من الله ومن كان ذا رفعة من الناس فتواضع لله فذلك الذي عرف عظمة الله فيخاف مقته ومن كان عفوة قريبا من

إساءته فذلك تقوم به الدنيا قال أبو حاتم رضى الله عنه من أراد الثواب الجزيل واسترهان

الود األصيل وتوقع الذكر الجميل فليتحمل من ورود ثقل الردى ويتجرع مرارة مخالفة الهوى باستعمال السنة التي

ذكرناها في الصلة عند القطع واإلعطاء عند المنع والحلم عند الجهل والعفو عند الظلم ألنه من أفضل أخالق أهل الدين

والدنيا ولقد أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا ابن أبي شيبة حدثنا إبراهيم

بن محمد بن ميمون عن داود بن الزبرقان قال قال أيوب ال ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان العفة عما في أيدي الناس

والتجاوز عنهم وإذا مذنب...وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي

راجيا للثواب في... فغطاه عفوه في ستورة ...أتاه به الحق فهو في عاجل... من خفى األمور أو مشهورة ...كل زرء

خصلة جزلة بها...الحياة كريم ومن الفائزين يوم نشورة ... لزين الدنيا ويوم كروره...خصة الله

أنبأنا محمد بن اسحاق بن خزيمة حدثنا عمر بن حفص الشيباني حدثنا سفيان عن رجل قال سمعت عمر بن عبد

العزيز يقول أحب األمور الى الله ثالثة العفو في القدرة والقصد في الجدة والرفق في العبادة وما رفق أحد بأحد في

الدنيا إال رفق الله به يوم القيامة أنبأنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا ابن عائشة

قال كتب الحجاج الى عبد الملك إنك أعز ما تكون احوج ماتكون الى الله فإذا تعززت بالله فاعف فإنك به تعز وإليه ترجع

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم الصفح140

عند ورود اإلساءة عليه من العالم بأسرهم رجاء عفو الله جل وعال عن جناياته التي ارتكبها في سالف أيامه ألن صاحب

الصفح إنما يتكلف الصفح بإيثاره الجزاء وصاحب العقاب وإن انتقم كان الى الندم أقرب فأما من له أخ يوده فإنه يحتمل

عنه الدهر كله زالته ولقد أخبرني محمد بن المنذر حدثنا أحمد بن داود التمار قال سمعت مردويه الصائغ يقول سمعت الفضيل بن عياض يقول

احتمل ألخيك الى سبعين زلة قيل له وكيف ذلك يا أبا عليقال ألن األخ الذي آخيته في الله ليس يزل سبعين زلة

إذا لم تجاوز عن أخ لك...أنشدني علي بن محمد البسامي وكيف يرجيك... فلست غدا من عثرتي متجاوزا ...عثرة

... إذا كان عن موالك برك عاجزا...البعيد لنفعه أنبأنا محمد بن صالح الطبري حدثنا الرمادي حدثنا الجعفي

يحيى بن سليمان حدثنا ابن ابجر حدثني ابي قال أقبل الشعبي يوما فإذا هو برجلين من قومه من وراء جدار قصير قال

فاستمع عليهما فإذا هما يقعان فيه ويشتمانه وينتقصانه حتى هنيئا مريئا...أكثرا فلما أطاال أشرف عليهما الشعبي فقال

... لعزة من أعراضنا ما استحلت...غير داء مخامر فقاال والله يا أبا عمرو ال نقع فيك بعد اليوم

ولربما ابتسم الوقور من األذى...وأنشدني بعض أهل العلم ... ولربما خزن الحليم لسانه ... وضميره من حره بتأوه ...

... حذر الجواب وإنه لمفوه وأنبأنا أبو عوانه يعقوب بن إبراهيم أنبأنا عبد الله بن الحسين

المصيصي

يعقوب بن أبي عباد قال قال الفضيل بن عياض منأنبأناطلب أخا بال عيب بقي بال أخ

قال أبو حاتم رضى الله عنه أغنى الناس عن الحقد من عظم141

عن المجازاة وأجل الناس مرتبة من صد الجهل بالحلم وما الفضل إال لمن يحسن الى من أساء اليه فأما مجازاة اإلحسان إحسانا فهو المساواة في األخالق فلربما استعملها البهائم في األوقات ولو لم يكن في الصفح وترك اإلساءة خصلة تحمد إال

راحة النفس ووداع القلب لكان الواجب على العاقل أن ال يكدر وقته بالدخول في أخالق البهائم بالمجازاة على اإلساءة إساءة ومن جازى باإلساءة إساءة فهو المسيء وإن لم يكن

بادئا كما أنشدني الكريزي ... أسأت وأنكرت أني أسأت ... فأفضل

وال تك عين المسي ... لك الفضل بالعفو عما عفوت ... وإال فأنت القرين السوى ... وعفوك مقتدرا نعمة ... وعفو المندد

...غير الهني سمعت محمد بن عثمان العقبي قال سمعت هالل بن العالء

الباهلي يقول جعلت على نفسي منذ أكثر من عشرين سنة أن ال أكافيء أحدا بسوء وذهبت الى هذه األبيات ... لما عفوت ولم أحقد على أحد ... أرحت قلبي من غم العداوات ... إني

أحيى عدوي عند رؤيته ... ألدفع الشر عني بالتحيات ... وأظهر ...البشر لألنسان أبغضه ... كأنما قد حشى قلبي محبات

أنبأنا ابن قتيبة حدثنا ابن أبي السرى قال سمعت أبا عمر الصنعاني يقول حدثنا زيد بن أسلم قال قال لقمان البنه كذب

من قال إن الشر يطفيء الشر فإن كان صادقا فليوقد نارا الى جنب نار فلينظر هل تطفيء إحداهما األخرى وإال فإن

الخير يطفيء الشر كما يطفيء الماء النار

حدثني محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا محمد بن خلف البسامي حدثنا محمد بن عبيد الله الداري حدثنا محمد بن

عمران الضبي قال قال ابن السماك لن لمن يجفو فقل منيصفو

142

وعد عن... توخ من السبل أوساطها ...وأنشدني األبرش كصون... وسمعك صن عن سماع القبيح ...الحائر المشتبه

شريك... فإنك عند استماع القبيح ...اللسان عن النطق به فوافى المنية... فكم أزعج الحرص من طالب ...لقائله فانتبه

... في مطلبه أنبأنا عمر بن جفص البزاز بجنديسابور حدثنا جعفر بن محمد

بن حبيب الذراع حدثنا عبد الله بن رشيد حدثنا مجاعة بن الزبير قال قال لقمان البنه أي بني أي شيء أقل وأي شيء

أكثر وأي شيء أحلى وأي شيء أبرد وأي شيء آنس وأي شيء أوحش وأي شيء أقرب وأي شيء أبعد قال أما أقل

شيء فاليقين وأما أي شيء أكثر فالشك وأما أي شيء أحلى فروح الله بين العباد يتحابون بها وأما أي شيء أبرد فعفو الله

عن عباده وعفو الناس بعضهم عن بعض وأي شيء آنس حبيبك إذا أغلق عليك وعليه باب واحد وأي شيء أوحش جسد إذا مات فليس شيء أوحش منه وأي شيء أقرب فاآلخرة من

الدنيا وأي شيء أبعد فالدنيا من اآلخرة قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يحسن عند الجفوة

ويغضي عن المجازاة عليها بمثلهاوقد قيل إن من لم يغضب من الجفوة لم يشكر النعمة

وهو عندي والله أعلم غضب ال يخرجه الى المعاصي وال الى االنتقام من الجاني كأنه في نفسه يعلم محل الجفوة منه كما

يعقل ورود النعمة عليه وما

أقبح قدرة اللئيم إذا قدر ومن أساء سمعا أساء إجابة ومن أتى المكروه الى أحد فبنفسه بدأ ألن الشرور تبدو صغارا ثم تعود

كبارا ولقد أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا محمد بن إدريس

الرازي حدثنا عبد الرحمن بن يحيى وإسماعيل بن عبيد الله143

المخزومي قاال حدثنا عبد األعلى ابن مسهر عن سعيد بن عبد العزيز قال سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول لبنيه يا بني أكرموا من أكرمكم وإن كان عبدا حبشيا وأهينوا من أهانكم

وإن كان رجال قرشيا قال أبو حاتم رضى الله عنه هذا الذي قال إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر إن استعمله العاقل في األحوال كلها مع الجاهل فال ضير فأما من ارتفع عن حد الجهال واتضع عن حد

العقالء فاإلغضاء عن مثله في األوقات أحمد مخافة االزدياد منه والن يصبر المرء على حرارة الجفاء ومرارتها أولى من

اإلنتقام مما يستجلب عليه بما هو أحر وأمر مما مضى ألن من الكالم ما هو أشد من الحجر وأنفذ من اإلبر وأمر من الصبر

... لقد أسمع القول الذي كاد كلما ...ولقد أحسن الذي يقول فأبدي لمن أبداه منى بشاشة...تذكرنيه النفس قلبي تصدع

وما ذاك عن عجز به غير... كأني مسرور بما منه أسمع ...... أرى ان ترك الشر للشر أقطع...أنني

أنبأنا محمد بن صالح الطبري بالصيمرة حدثنا أحمد بن مقدام العجلي حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام بن

( خذ199 7عروة عن ابيه عن أبي عمرو في هذه اآلية ) العفو وأمر بالعرف قال أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعفو

عن أخالق الناسذكر صفة الكريم واللئيم

أنبأنا محمد بن الحسن بن الخليل بنسا حدثنا أبو كريب حدثناعبدة

ابن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله أي الناس أكرم قال أكرمهم عند الله أتقاهم قالوا ليس عن هذا نسألك قال فعن معادن العرب

تسألونني قالوا نعم قال خياركم في الجاهلية خياركم في144

اإلسالم إذا فقهوا أبو حاتم رضى الله عنه أكرم الناس من اتقى اللهقال

والكريم التقي والتقوى هي العزم على إتيان المأمورات واألنزجار عن جميع المزجورات فمن صح عزمه على هاتين

الخصلتين فهو التقي الذي يستحق اسم الكرم ومن ترى عن استعمالها أو أحدهما أو شعبه من شعبهما فقد نقص من كرمه

مثله ولقد أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا عيسى بن محمد بن سهل األزدي عن أبيه عن المدائني قال قال قال زيد بن ثابت ثالث

خصال ال تجتمع إال في كريم حسن المحضر واحتمال الزلة وقلة الماللة وأنشدني ابن زنجي البغدادي ... رأيت الحق

يعرفه الكريم ... لصاحبه وينكره اللئيم ... إذا كان الفتى حسنا كريما ... فكل فعاله حسن كريم ... إذا ألفيته سمحا لئيما ...

...فكل فعاله سمج لئيم قال أبو حاتم رضى الله عنه الكريم ال يكون حقودا وال حسودا

وال

شامتا وال باغيا وال ساهيا وال الهيا وال فاجرا وال فخورا وال كاذبا وال ملوال وال يقطع إلفه وال يؤذي إخوانه وال يضيع الحفاظ وال يجفو في الوداد يعطي من ال يرجو ويؤمن من ال يخاف ويعفو

عن قدرة ويصل عن قطيعة أخبرني محمد بن أبي على الخالدي حدثنا محمد بن الحسن الذهلي عن علي بن محمد المرحبي عن محمد بن إبراهيم

العباسى عن عبد الله بن الحجاج مولى المهدي عن إبراهيم بن شكله قال إن لكل شيء حياة وموتا وإن مما يحيى الكرم

مواصلة الكرماء وإن مما يحيى اللؤم معاشرة اللئام عهد... وما بال قوم لئام ليس عندهم ...وأنشدني الكريزي

إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا...وليس لهم دين إذا أئتمنوا 145

صم إذا سمعوا خيرا... منا وما سمعوا من صالح دفنوا ...... وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا...ذكرت به

قال أبو حاتم رضى الله عنه الكريم يلين إذا استعطف واللئيم يقسو إذا ألطف والكريم يجل الكرام وال يهين اللئام وال يؤذي العاقل وال يمازح األحمق وال يعاشر الفاجر مؤثرا إخوانه على

نفسه باذال لهم ما ملك إذا اطلع على رغبة من أخ لم يدع مكافأتها وإذا عرف منه مودة لم ينظر في قلق العداوة وإذا

أعطاه من نفسه اإلخاء لم يقطعه بشيء من األشياء كما أنشدني الخالدي أنشدنا أحمد بن أبي على القاضي قال

فإن الذي بيني وبين...أنشدنا محمد بن مقيس األزدي إذا قدحوا لى نار... وبين بني عمي لمختلف جدا ...عشيرتي

قدحت لهم في كل مكرمة زندا...حرب بزندهم

وإن هدموا مجدي بنيت...وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وليس رئيس... وال أحمل الحقد القديم عليهم ...لهم مجدا

... وأعطيهم مالي إذا كنت واجدا ...القوم من يحمل الحقدا ... وإن قل مالي لم أكلفهم رفدا

أنبأنا ابن حوصا حدثنا النحاسي حدثنا ضمرة عن إبراهيم بن أبي عليه قال رأيت سالم بن عبد الله ومحمد بن عبد العزيز

يتسايران بأرض الروم فأبال أحدهما دابته فأمسك عليه اآلخرحتى لحقه

أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا أحمد بن أبي بكر بن خالد اليزيدي عن قطبة ابن العالء بن المنهال قال سمعت المبارك بن سعيد يقول سمعت األعمش يقول قال الشعبي إن كرام

الناس أسرعهم مودة وأبطؤهم عداوة مثل الكوب من الفضة يبطيء اإلنكسار ويسرع اإلنجبار وإن لئام الناس أبطؤهم مودة

وأسرعهم عداوة مثل الكوب من الفخار يسرع اإلنكسارويبطيء اإلنجبار

146

قال أبو حاتم رضى الله عنه الكريم من أعطاه شكره ومن منعه عذره ومن قطعه وصله ومن وصله فضله ومن سأله أعطاه ومن لم يسأله أبتدأه وإذا أستضعف أحدا رحمه وإذا

استضعفه أحد رأى الموت أكرم له منه واللئيم بضد ما وصفنامن الخصال كلها

ولقد أنبأنا أحمد بن قريش بن عبد العزيز حدثنا إبراهيم بن محمد الذهلي حدثنا أحمد بن الخليل حدثنا يحيى بن أيوب عن

أبي عيسى قال كان إبراهيم ابن أدهم كريم النفس يخالط الناس بأخالقهم ويأكل معهم قال فربما اتخد لهم الشواء والجواذبات والخبيص وربما خال وأصحابه الذين يأنس بهم

فيتصارعون قال وكان يعمل عمل رجلين وكان إذا صار الىنفسه أكل عجينا

قال أبو حاتم رضى الله عنه أجمع أهل التجارب للدهر وأهل الفضل في الدين والراغبون في الجميل على أن أفضل ما

أقتنى الرجل لنفسه في الدنيا وأجل ما يدخر لها في العقبى هو لزوم الكرم ومعاشرة الكرام ألن الكرم يحسن الذكر

ويشرف القدر وهو طباع ركبها الله في بني آدم فمن الناس من يكون أكرم من أبيه وربما كان األب أكرم من ابنه وربماكان المملوك أكرم من مواله ورب مولى أكرم من مملوكه

كان من... رب مملوك إذا كشفته ...ولقد أحسن الذي يقول وترى مواله... فهو ممدوح على أحواله ...مواله أولى بالكرم

وترى مواله من تحت... وتراه كيف يعلو دائما ...يهجي ويذم من... وأبا تلقاه أعلى وأتم ... وفتى تلقى أباه دونه ...القدم

وكذلك... طلب المعروف منه بالصمم ...بنيه ثم ال يعتل إن ... قدر األخالق فيهم وقسم...الناس فاعلم ربنا ألن الضيم... رأيت اللين ال يرضى بضيم ...وأنشدني األبرش

فليس يحيه... وإن اللين أكرم كل شيء ...يسخطه الكريم 147

فإن اللين يرحل ال... فإن نزل األذى واللين قلبا ...خلق لئيم من البغضاء يلبث ال... ويبقى لألذى في القلب صحب ...يقيم ... يريم

حدثنا القطان بالرقة حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت أبي يقول ما من أحد إال وله توبه إال سيء الخلق فإنه ال يتوب

من ذنب إال دخل في شر منه قال أبو حاتم رضى الله عنه الكريم محمود األثر في الدنيا

مرضى العمل

في العقبى يحبه القريب والقاصي ويألفه المتسخط والراضييفارقه األعداء واللئام ويصحبه العقالء والكرام

وما رأيت شيئا أكثر عمال في نقص كرم الكريم من الفقرسواء كان ذلك بالقلب أو بالموجود

لعمرك إن المال...ولقد أنشدني المنتصر بن بالل األنصاري وال... نسيبا وإن الفقر بالمرء قد يزري ...قد يجعل الفتى

وال وضع النفس الكريمة كالفقر...رفع النفس الدنية كالغنى ...

حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن زكريا بن أبي زائدة عن علي بن

األقمر عن أبي جحيفة قال جالسوا الكبراء وخالطوا الحكماءوسائلوا العلماء

ذكر الزجر عن قبول قول الوشاة أنبأنا أبو يعلي حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء حدثنا مهدي

بن ميمون حدثنا واصل األحدب عن أبي وائل عن حذيفة أنه بلغه أن رجال ينم الحديث فقال حذيفه سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول ال يدخل الجنة نمام قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على الناس كافة مجانبة

اإلفكار في السبب الذي يؤدي الى البغضاء والمشاحنه بين148

الناس والسعي فيما يفرق جمعهم ويشتت شملهم والعاقل ال يخوض في اإلفكار فيما ذكرنا وال يقبل سعاية الواشي بحيلة

من الحيل لعلمه بما يرتكب الواشي من اإلثم في العقبىبفعله ذلك

ولقد أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا عباس بن الوليد بن مزيد عن أبيه عن األوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال قال

سليمان بن داود البنه يا بني إياك والنميمة فإنها أحد منالسيف

... من نم في الناس لم تؤمن عقاربه ...وأنشدني الكريزي كالسيل بالليل ال يدري به...على الصديق ولم تؤمن أفاعيه

فالويل للعهد منه كيف... من أين جاء وال من أين يأتيه ...أحد ... والويل للود منه كيف يفتيه...ينقضه

أخبرنا أحمد بن إسحاق الناقد بواسط حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي اسحاق عن عمرو بن ميمون قال لما تعجل موسى ابن عمران الى ربه رأى رجال

تحت العرش فغبطه بمكانه فسأل ربه أن يخبره باسمه قال لكنني أخبرك من عمله بثالث خصال كان ال يحسد الناس على

ما آتاهم الله من فضله وال يعق والديه وال يمشي بالنميمة أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا محمد بن يعقوب الربعي حدثنا

محمد بن إدريس المعدل عن العتبي قال سمعت أعرابيه توصي ابنا لها فقالت عليك بحفظ السر وإياك والنميمه فإنها ال

تترك مودة إال أفسدتها وال ضغينه إال أوقدتها ثم ال بد لمن عرف بها ونسب الى مقارفتها من أن يحترس

من مجالسته وأن ال يوثق بمودته وأن يزهد في مواصلتهومعاشرته

تفرق... تمشيت فينا بالنميم وإنما ...ولذلك يقول أخو ربيعة وما... وما زلت منسوبا الى كل آفة ...بين األصفياء النمائم

149

وما... ألنك لم تندم لشر فعلته ...زال منسوبا إليك المالئم ... تأت من خير فإنك نادم

أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا محمد بن عبيد الله الجشمي حدثنا علي بن محمد المدائني قال وشى واش بعبد الله بن همام السلولي الى زياد قال فبعث زياد الى ابن همام

فجاء فأدخل الرجل بيتا فقال له زياد يا ابن همام بلغني أنكهجوتني فقال له كال اصلحك الله ما فعلت وما أنت لذلك

أهل قال فإن هذا أخبرني وأخرج الرجل فأطرق ابن همام وأنت امرؤ إما ائتمنتك...هنيهة ثم أقبل على الرجل فقال

فأنت من األمر الذي... فخنت وإما قلت قوال بال علم ...خاليا ... بمنزلة بين الخيانة واإلثم...كان بيننا

قال فأعجب زياد بجوابه وأدناه وأقصى الساعي ولم يقبل منه يمشون في الناس يبغون...وأنشدني ابن زنجي البغدادي

إن... ال عيب فيه لكي يستشرف العطب ...العيوب لمن شرا أذاعوا وإن لم يعلموا...يعلموا الخير يخفوه وإن علموا

... كذبوا أخبرني محمد بن أبي علي حدثنا ابن أبي شيبه أبو جعفر حدثنا

الحسن بن صالح قال سمعت حجين بن المثنى يقول سعى رجل بالليث بن سعد الى والي مصر فبعث إليه فدعاه فلما دخل عليه قال له يا أبا الحارث إن هذا أبلغني عنك كذا وكذا

فقال له الليث سله أصلح الله األمير عما أبلغك أهو شيء ائتمناه عليه فخاننا فيه فما ينبغي لك أن تقبل من خائن أو

شيء كذب علينا فيه فما ينبغي لك أن تقبل من كاذب فقالالوالي صدقت يا أبا الحارث

أخبرنا ابن حوصا حدثنا عبد الله بن هانيء بن عبد الرحمن عن ابن ابي عليه عن أبيه عن عمه ابراهيم بن أبي عبله قال كنت جالسا مع أم الدرداء فأتاها آت فقال يا أم الدرداء إن رجال نال

150

منك عند عبد الملك بن مروان فقالت إن نؤبن بما ليس فينافطالما زكينا بما ليس فينا

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم اإلغضاء عما ينقل الوشاة وصرف جميعها الى اإلحسان وترك الخروج الى ماال يليق بأهل العقل مع ترك اإلفكار فيما يزري بالعقل ألن من وشى بالشيء الى إنسان بعينه يكون قصده

الى المخبر أكثر من قصده الى المخبر به لمشافهته إياهبالشيء الذي يشق عليه

علمه وسماعه فهو... من يخبرك بشتم عن أخ ...ولقد أحسن الذي يقول

إنما... ذاك شيء لم يشافهك به ...الشاتم ال من شتمك ذا... كيف لم ينصرك إن كان أخا ...اللوم على من أعلمك

نم فيه... إنما رام بإبالغ الذي ...وفاء عند من قد ظلمك إن تهنه بهوان... فأهنه إنه من لؤمه ...فاعلمن أن يرغمك

... لم يصغرك ولكن فخمك... لكن الحر إذا أكرمته ...أكرمك أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا محمد بن عبد الله السويدي قال

سمعت العباس ابن ميمون يقول شيع المأمون الحسن بن سهل ذا الوزارتين فلما بلغا غاية التشييع قال له المأمون يا حسن ألك حاجة قال نعم يا أمير المؤمنين تحفظ على من

قلبك ماال أستطيع إدراكه إال بك ويكون بيني وبينك قول كثير كما أنا للواشي ألد... وكوني على الواشين لداء شغبة ...عزة

... شغوب أخبرنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا محمد بن خزيمه البصري

حدثنا حذيفة حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير قالالذي يعمله النمام في ساعة ال يعمله الساحر في شهر

أخبرنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا محمد بن الحسن الهاللي حدثنا أبو عوانه البصري حدثنا داود بن شبيب حدثنا حماد بن

151

سلمة قال باع رجل من رجل غالما له وقال أبرأ اليك من النميمة فاشتراه على ذلك فجاء الى موالته فقال إن زوجك ليس يحبك وهو يتسرى عليك ويتزوج أفتر يدين أن يعطف عليك قالت نعم قال خذي موسى فاحلقي به شعرات من

باطن لحيته وبخريه بها وجاء الى الرجل فقال إن إمراتك تبغي وتصادق وهي قاتلتك أفتريد أن يبين لك ذلك قال نعم قال

تناوم لها قال فتناوم لها

فجاءت بموسى تحلق الشعر فأخذها فقتلها فأخذه أولياؤهافقتلوه

قال أبو حاتم رضى الله عنه هذا وأمثاله من ثمرة النميمه ألنها تهتك األستار وتفشي األسرار وتورث الضغائن وترفع المودة وتجدد العداوة وتبدد الجماعة وتهيج الحقد وتزيد الصد فمن وشى اليه عن أخ كان الواجب عليه معاتبته على الهفوة إن

كانت وقبول العذر إذا إعتذر وترك اإلكثار من العتب مع توطين النفس على الشكر عند الحفاظ وعلى الصبر عند الضياع

وعلى المعاتبة عند اإلساءة منصور بن محمد الكريزي ... كاف الخليل علىوأنشدني

المودة مثلها ... وإذا اساء فكافه بعتابه ... وإذا عتبت على امريء أحببته ... فتوق ظاهر عيبه وسبابه ... وألن جناحك ما

...استالن لوده ... وأجب أخاك إذا دعا بجوابه وأنشدني على بن محمد البسامي ... أعاتب إخواني وأبقى

عليهم ... ولست لهم بعد العتاب بقاطع ... وأغفر ذنب المرء إن زل زلة ... إذا ما أتاها كارها غير طائع ... وأجزع من لوم

...الحليم وعذله ... وما أنا من جهل الجهول بجازع محمد بن علي الخالدي أخبرني محمد بن يزيد النحويأخبرني

عن العتبي عن أبيه قال عتب ابن الزبير على معاوية في شيء فدخل عليه فقال يا أمير المؤمنين اسمع ابياتا أعتبتك فيها قال

152

هات فأنشده ... لعمرك ما أدري وإني ألوجل ... على أينا تعدو المنية أول ... وإني على اشياء منك تريبني ... كثيرا لذو صفح

على ذاك مجمل ... إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على ...طرف الهجران لو كان يعقل

فقال له معاويه لقد شعرت بعدي يا أبا بكر فدخل عليه معنبن أوس

المزني بعد ذلك فقال له معاويه هل أحدثت بعدنا شيئا قال... لعمرك ما أدري وإني ألوجل...نعم ثم أنشده

فقال علي بابن الزبير فقال أليس هذا لك فيما زعمت قال أنا ألفت المعنى وهو ألف القوافي وهو بعد ظئري ومهما قال من شيء فأنا قلته فضحك معاوية وكان معن بن أوس مسترضعا

في مزينة سمعت الحسين بن إسحاق األصفهاني يقول كتب علي بن

... أحن الى عتابك غير أني ...حجر السعدي الى بعض إخوانه ... ونحن إذا التقينا قبل موت ...أجلك عن عتاب في كتاب

وإن سبقت بنا أيدي المنايا...شفيت غليل صدري من عتابي ... فكم من عاتب تحت التراب...

صحائف عندي...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان أألبرش كتاب لعمري... ستنشر يوما والعتاب يطول ...للعتاب طويتها سأكتب إن لم... وسوف يؤديه اليك رسول ...ال بنان يخطه

... وإن نجتمع يوما فسوف أقول...يجمع الله بيننا قال ابو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن ال يقصر

عن معاتبة أخيه على زلته ألن من لم يعاتب على الزله لم يكن بحافظ للخلة ومن أعتب لم يذنب كما أن من اغتفر لم يعاقب وظاهر العتاب خير من مكتوم الحقد ورب عتب أنفع من صفح

إذا ما امرؤ...ولذلك أنشدني محمد بن إسحاق الواسطي لعلك... فكاتمته فالوهن في ذاك تركب ...ساءتك منه خليقة

153

... لسرك حتى لم تكن تتعتب...لو عاتبته ثم لمته وحق... فإن تكن العتبى فأهال ومرحبا ...وأنشدني الكريزي

لها التعبى لدينا وقلت

مفاوز لو سارت بها العيس...وإن تكن األخرى فإن وراءنا ... كلت

قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب على العاقل أن يناقش على تصحيح اإلعتاب باإلكثار مخافة أن يعود المعاتب الى ما

عوتب عليه ألن من عاتب على كل ذنب أخاه فحقيق أن يمله ويقاله وإن من سوء األدب كثرة العتاب كما أن من أعظم الجفاء ترك العتاب واإلكثار في المعاتبة يقطع الود ويورث

الصد ولقد أنشدني عبد الله بن أحمد النقيب البغدادي البن المعتز

فإن أكثروا إدمانها أفسد... معاتبة اإللفين تحسن مرة ... وإن شئت أن تزداد... إذا شئت أن تقلى فزر متتابعا ...الحبا

... حبا فزر غبا إذا كنت في كل...وأنشدني محمد بن أبي علي الصيداوي

فعش واحد أو... خليلك لم تلق الذي ال تعاتبه ...األمور معابتا إذا أنت لم... مقارف ذنب مرة ومجانبه ...صل أخاك فإنه

ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه...تشرب مرارا على القذى ...

أخبرنا محمد بن المهاجر حدثنا محمد بن الحسن الذهلي عن أبي السائب قال قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه ال تكثر العتاب فإن العتاب يورث الضغينه والبغضة وكثرته من

سوء األدب قال أبو حاتم رضى الله عنه قد ذكرت ما يشاكل هذه

الحكايات في كتاب مراعاة اإلخوان فأغنى ذلك عن تكرارهافي هذا الكتاب

154

ذكر استحباب قبول االعتذار من المعتذر أنبأنا علي بن الحسن بن عبد الجبار بنصيبين حدثنا علي بن

حرب الطائي حدثنا وكيع عن الثوري عن ابن جريج عنالعباس بن عبد الرحمن بن مينا عن

جودان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اعتذرالى أخيه فلم يقبل كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس

قال أبو حاتم رضى الله عنه أنا خائف ان يكون ابن جريج رحمه الله ورضوانه عليه دلس هذا الخبر بأن سمعه من

العباس بن عبد الرحمن فهو حديث حسن فالواجب على العاقل إذا اعتذر إليه أخوه لجرم مضى أو

لتقصير سبق أن يقبل عذره ويجعله كمن لم يذنب ألن من تنصل إليه فلم يقبل أخاف أن ال يرد الحوض على المطفى صلى الله عليه وسلم ومن فرط منه تقصير في سبب من

األسباب يجب عليه اإلعتذار في تقصيره الى أخيه إذا...ولقد أنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي

فصنه... من التقصير عذر أخ مقر ...اعتذر الصديق إليك يوما ... فإن الصفح شيمة كل حر...عن جفائك واعف عنه

شفيع من أسلمه...وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي ... وتوبة المذنب من ذنبه ... إقراره بالجرم والذنب ...جرمه

... إعتاب من أصبح ذا عتب أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا ابن عائشة قال

غضب سليمان بن عبد الملك على خالد بن عبد الله فلما دخل عليه قال يا أمير المؤمنين القدرة تذهب الحفيظة وأنت تجل

عن العقوبه فإن تعف فأهل ذاك أنت وإن تعاقب فأهل ذاك أنافال فعفا عنه

قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب للمرء أن يعتذر بحيله الى من ال يحب أن يجد له عذرا وال يجب أن يكثر من اإلعتذار الى

155

أخيه فإن اإلكثار من اإلعتذار هو السبب المؤدي الى التهمة وإني أستحب اإلقالل من اإلعتذار على األحوال كلها لعلمي أن

المعاذير يعتريها الكذب وقل ما رأيت أحدا

أعتذر إال شاب أعتذاره بالكذب ومن اعترف بالزلة استحق الصفح عنها ألن ذل اإلعتذار عن الزلة يوجب تسكين الغضب

عنها والمعتذر إذا كان محقا خضع في قوله وذل في فعله كما ... أيارب قد أحسنت عودا وبدأة ...أنشدني المنتصر بن بالل

فمن كان ذا عذر اليك...الي فلم ينهض بإحسانك الشكر ... فعذري إقراري بأن ليس لي عذر...وحجة

... وإني وإن أظهرت لي منك جفوة ...وأنشدني الكريزي لراض لنفسى ما رضيت لها...وألزمتني ذنبا وإن كنت مجرما

... أراك بها منى أبر وأرحما...به أنبأنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا الفيض بن الجهم التميمي

حدثنا عبد الله ابن خبيق قال كان يقال احتمل من دل عليكواقبل ممن اعتذر اليك

أنبأنا بكر بن محمد بن الوهاب القزاز بالبصرة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو بشر قال سمعت أبي قال حدثنا مبارك بن

فضالة عن حميد الطويل عن أبي قالبه قال إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له عذرا فإن لم تجد له عذرا فقل لعل

له عذرا ال أعلمه قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب للمرء أن يعلن عقوبة من لم يعلن ذنبه وال يخلو المعتذر في اعتذاره من أحد رجلين إما

أن يكون صادقا في اعتذاره أو كاذبا فإن كان صادقا فقد استحق العفو ألن شر الناس من لم يقل العثرات وال يستر

الزالت وإن كان كاذبا فالواجب على المرء إذا علم من المعتذر إثم الكذب وريبته وخضوع اإلعتذار وذلته أن ال يعاقبه على

الذنب السالف156

بل يشكر له اإلحسان المحدث الذي جاء به في اعتذاره وليسيعيب المعتذر إن ذل وخضع في إعتذاره الى أخيه

األبرش ... هبني أسأت كما زعمت فأين عاطفةوأنشدني ...األخوة ... أو إن أسأت كما أسأت ... فأين فضلك والمروة

وأنشدني علي بن محمد البسامي ... هبني مسيئا كالذي قلت ظالما ... فعفو جميل كي يكون لك الفضل ... فإن لم أكن

...للعفو منك لسوء ما ... أتيت به أهال فأنت له أهل وأنشدني محمد بن أبي علي أنشدنا الربعي عن األصمعي ...

أتيتك تائبا من كل ذنب ... وخير الناس من أخطأ فتابا ... ...أليس الله يستعفي فيعفو ... وقد ملك العقوبة والثوابا

وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي ... عصيت وتبت كما قد عصى ... وتاب الى ربه آدم ... فقل قول يوسف ال تثربا ...

...لكم يغفر الغافر الراحم محمد بن المهاجر المعدل حدثنا محمد بن عبد اللهأنبأنا

الجرزي عن حميد ابن سنان الخالدي وكان نديما ألبي دلف قال دخلت على أبي دلف يوما وبين يديه كتاب وهو يضحك

فقال هذا كتاب عبد الله بن طاهر وفيه أبيات أحب أن أنشدك إياها وذلك أني كنت استبطأته في بعض المؤامرات فكتبت

إليه

وال خير فيمن ال يدوم له عهد...أرى ودكم كالورد ليس بدائم له نضرة تبقى إذا فنى... وودي بكم كاآلس حسنا وبهجة ...

... الورد ... شبهت ودى الورد فهو مشاكلي ...فكتب الي بهذه األبيات

وشبهت منك الود باآلس في...وهل زهر إال وسيدها الورد فودك كاآلس... ولم تخلف التشبيه فيك ولم تعد ...البقا

157

... وليس له في الريح قبل وال بعد...المرير مذاقه أخبرنا عبد الكبير بن عمر الخطابي بالبصرة حدثنا أبو حاتم

السجستاني عن األصمعي قال حدثنا عيسى بن عمر قال كان ألبي األسود الدؤلي صديق فرأى منه بعض ما يكره فقال أبو

أتاني فقال أتخذني خليال... رأيت امرءا لم أكن أبله ...األسود فراجعته... فلم ينقص الود منه فتيال ... فخاللته ثم صافيته ...

فألفيته غير مستعتب... عتابا رفيقا وقوال جميال ...ثم عاتبته وأتبع ذلك... ألست حقيقا بتوديعه ... وال ذاكر الله إال قليال ...

... هجرا طويال قال أبو حاتم رضى الله عنه األعتذار يذهب الهموم ويجلى

األحزان ويدفع الحقد ويذهب الصد واإلقالل منه تستغرق فيه الجنايات العظيمه والذنوب الكثيرة واإلكثار منه يؤدي الى

االتهام وسوء الرأي فلو لم يكن في اعتذار المرء إلى أخيه خصلة تحمد إال نفى التعجب عن النفس في الحال لكان

الواجب على العاقل أن ال يفارقه اإلعتذار عند كل زلة ولقد ... فانظر الى بطرف غير ذي مرض ...أنشدني الكريزي

فطال ما صح لي من طرفك النظر

واجمع برفقك ما قد كاد...أدرك بفضلك عظما كنت تجبره ... ينتشر

أنبأنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا مهدي بن سابق حدثنا عطاء بن مصعب قال قدم عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد على معن بن زائدة باليمن وكانت بينهما عداوة فلما

رآه قال له يا عبد الرحمن بأي وجه أتيتني وألي خير أملتني قال أصلح الله األمير أسمع مني حتى أنشدك بيتين قالهما

لو...نصيب في عبد العزيز بن مروان قال وما هما فأنشده كفعلك أو للفعل منك مقارب...كان فوق األرض حي فعاله

سواك على المستعتبين... لقلت له هذا ولكن تعذرت ...158

... المذاهبفقال أقم فإني ال اواخذك فيما مضى وال أعنفك فيما بقى

أنبأنا الخالدي حدثنا محمد بن موسى السمري عن حماد بن إسحاق قال ابن السماك لمحمد بن سليمان أو حماد بن

موسى لكاتبه ورآه كالمعرض عنه مالي أراك كالمعرض عني قال بلغني عنك شيء كرهته قال إذا ال أبالي قال ولم قال ألنه

إن كان ذنبا غفرته وإن كان باطال لم تقبله قال فعاد الىالمؤانسة

قال أبو حاتم رضى الله عنه قد ذكرت ما يشا كل هذه الحكايات في كتاب مراعاة العشرة فأغنى ذلك عن تكرارها

في هذا الكتابذكر الحث على لزوم كتمان السر

أنبأنا محمد بن سليمان بن فارس الدالل حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي حدثنا الهيثم بن أيوب العطار السلمي حدثنا سهل بن عبد الرحمن عن محمد بن مطرف أبي غسان

عن محمد بن المنكدر عن عروة عن أبي هريره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينوا على الحوائج

بكتمان السر فإن لكل نعمة حاسدا

قال أبو حاتم رضى الله عنه هذا إساند حسن وطريق غريب إن كان عروة هذا هو ابن الزبير بن العوام وسعيد بن سالم ما

أرى حفظ حديثه فلذلك تنكبت عن ذكره فالواجب على من سلك سبيل ذوي الحجى لزوم ما أنطوى

عليه الضمير بتركه إبداء المكنون فيه ال الى ثقة وال الى غيره فإن الدهر ال بد من أن يضرب ضرباته فيوقع ضد الوصل

بينهما بحالة من األحوال فيخرجه وجود ضد ما أنطوى عليه قديما من وفائه الى صحة الخروج بالكلية الى جفائه بإبداء

مكتوماته والكشف عن مخبآته159

ولقد أنبأنا محمد بن عثمان العقبي حدثني محمد بن عبد الكريم العبدي حدثنا بكر بن يونس بن بكير حدثني موسى بن علي عن أبيه عن عمرو بن العاص أنه قال عجبت من الرجل يفر من القدر وهو مواقعه ومن الرجل يرى القذاة في عين

أخيه ويدع الجذع في عينه ومن الرجل يحرج الضغن من موضع ويدع الضغن في نفسه وما ندمت على أمر قط فلمت

نفسي على تندمي عليه وما وضعت سري عند أحد فلمته على أن يفشيه كيف ألومه وقد حنقت به وأنشدني علي بن محمد

... وتبغي لسرك من يكتم ... تبيح بسرك ضيقا به ...البسامي إذا ذاع... ومن ال تخافنه أحزم ...وكتمانك السر ممن تخاف

... فأنت وإن لمته ألوم...سرك من مخبر إذا ضاق صدر المرء عن...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان

ومن المني... فألقاه في صدري فصدري أضيق ...بعض سره وضيعه قبلي فذو السر أخرق...في أن أضيع سره

أخبرنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا أحمد بن محمد الصيداوي حدثنا حماد بن إسحاق عن المدائني قال كان يقال

أصبر الناس الذي ال يفشي سره الى صديقه مخافة أن يقع صن السر بالكتمان...بينهما شيء فيفشيه وأنشدني البغدادي

فال تلجئن... فقد يظهر المرء المضيع فيندم ...يرضيك غبه ... فيظهر حرز السوء ما كنت تكتم...سرا الى غير حرزه

إذا المرء لم يحفظ...وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي فبعدا له من ذي... وكان لسر األخ غير كتوم ...سريرة نفسه

... وليس على ود له بمقيم...أخ ومودة قال أبو حاتم رضى الله عنه من حصن بالكتمان سره تم له تدبيره وكان له الظفر بما يريد والسالمه من العيب والضرر

وإن أخطأه التمكن والظفر والحازم يجعل سره في وعاء ويكتمه عن كل مستودع فإن أضطره األمر وغلبه أودعه

160

العاقل الناصح له ألن السر أمانه وإفشاؤه خيانه والقلب له وعاؤه فمن األوعيه ما يضيق بما يودع ومنها ما يتسع لما

اجعل لسرك من فؤادك منزال...أستودع وأنشدني الكريزي إن اللسان إذا أستطاع الى... ال يستطيع له اللسان دخوال ...

ألفيت سرك في... كتم الفؤاد من الشئون وصوال ...الذي ... من ذي العداوة فاشيا مبذوال...الصديق وغيره

سأكتمه سري وأكتم...وأنشدني المنتصر بن بالل األنصاري حليم فيفشي أو جهول... وال غرني أني عليه كريم ...سره ... وما الناس إال جاهل وحليم...يذيعه

أخبرني محمد بن سعيد القزاز حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثني علي بن عيسى عن محمد عن ابن األعرابي قال كان يقال

العاقل من حذر صديقه

بعض إخواننا ... لعمرك كتمان الفتى سر ما نوى ...وأنشدني أعف وأدنى للرشاد وأكرم ... وأجمل في بث الحديث

...مقالة ... وأحسن في األخالق دوما وأحزم وأنشدني الكريزي ... إذا أنت لم تحفظ لنفسك سرها ...

فأنت إذا حملته الناس أضيع ... ويضحك في وجهي إذا ما لقيته ...... وينهشني بالغيب يوما ويلسع

ابو حاتم رضى الله عنه اإلفراط في االسترسال باألسرارقال عجز وما كتمه المرء من عدوه فال يجب أن يظهره لصديقه

وكفى لذوي األلباب عبرا ما جربوا ومن استودع حديثا فليستر وال يكن مهتاكا وال مشياعا ألن السر إنما سمى سرا ألنه ال

يفشى فيجب على العاقل أن يكون صدره أوسع لسره من صدر غيره بأن ال يفشيه ولقد أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا محمد بن إسماعيل بن يعقوب األعلم قال أنشدني محمد بن سليمان بن سالم الجمحي لرجل من عبد شمس ... إذا ما ضاق صدرك

161

عن حديث ... فأفشاه الرجال فمن تلوم ... إذا عاتبت من أفشى حديثي ... وسري عنده فأنا الظلوم ... وإني يوم أسأم

حمل سري ... وقد ضمنته صدري سؤوم ... فلست محدثنا سري خليلي ... وال نفسي إذا حضرت هموم ... وأطوي السر

...دون الناس إني ... لما أستودعت من سر كتوم وأنشدني علي بن حيدة الكاتب قال أنشدنا عبد الرحمن بن بندار لشيطان الطاق ... أمت السر بكتمان وال ... يسمعن منك إذا استودعت سر ... فإذا ضقت به ذرعا فال ... تضعن

...سرك إال عند حر محمد بن سعيد القزاز حدثنا الرمادي حدثنا مسدد قالأنبأنا

سمعت ابن

داود يقول سمعت األعمش يقول يضيق صدر أحدهم بسرهحتى يحدث به ثم يقول اكتمه علي

وأنشدني إبراهيم بن علي الظفري أنشدني الحسين بن عبيد والسر عند كرام... ال يكتم السر إال من له شرف ...الله

ضلت... السر عندي في بيت له غلق ...الناس مكتوم ... مفاتيحه والباب مختوم

أنبأنا الخالدي حدثنا أحمد بن عبد الله بن شجاع البياضي قال وإني ألنسى السر كيما...أنشدنا عبد الرحمن بن محمد

مخافة أن... فيامن رأى شيئا يصان بأن ينسى ...أصونه ... فيخلسه قلبي الى منطقي خلسا...يجري ببالي ذكره

قال أبو حاتم رضى الله عنه الظفر بالحزم والحزم بإجالة الرأي والرأي بتحصين األسرار ومن كتم سره كانت الخيرة

في يده ومن أنبأ الناس بأسراره هان عليهم وأذاعوها ومن لم يكتم السر استحق الندم ومن استحق الندم صار ناقص العقل

ومن دام على هذا رجع الى الجهل فتحصين السر للعاقل أولى به من التلهف بالندم بعد خروجه

162

خشيت لساني أن يكون خؤونا...منه ولقد أحسن الذي يقول فقلت ليخفى دون شخصي... فأودعته قلبي فكان أمينا ...

... أيا حركاتي كن في سكونا...وناظري أنبأنا إبراهيم بن إسحاق األنماطي حدثنا محمد بن سليمان المصيصي حدثنا ابن عيينه عن ابن شبرمه عن الحسن في

( وشاورهم في األمر قال ما كان يحتاج159 3قوله تعالى ) إليهم ولكن أحب أن يستن به من بعده

قال أبو حاتم رضى الله عنه المستشار مؤتمن وليس بضامنوالمستشير متحصن من السقط متخير للرأي

والواجب على العاقل السالك سبيل ذوي الحجى أن يعلم أن المشاورة تفشي األسرار فال يستشير إال اللبيب الناصح الودود الفاضل في دينه وإرشاد المشير المستشير قضاء حق النعمة في الرأي والمشورة ال تخلو من البركة إذا كانت مع مثل من

وصفنا نعته ولقد أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا ابن عائشة قال قال الحسن ما حزب قوما قط أمر فاجتمعوا فتشاوروا فيه إال

دبر إذا ما رمت...أرشدهم الله ألصوبه وأنشدني الكريزي وشاور نقي الرأي... لتعلم ما تأتي وما تتجنب ...أمرا بفكرة ... لكي يضح األمر الذي هو أصوب...عند التباسه

... ال تسبقن الناس بالرأي واتئد ...وأنشدني المنتصر بن بالل ولكن تصفح رأي من كان...فإنك إن تعجل الى القول تزلل

... وقل بعدهم رسال وبالحق فاعمل...حاضرا أنبأنا محمد بن عثمان العقبي حدثني يحيى بن زيد بن محمد

األبلي حدثني إسماعيل بن حبيب أبو حميد األبلي عن عبد الله بن االيلمي عن وهب بن منبه أنه قال في التوراة أربعة أحرف مكتوبه من لم يشاور يندم ومن استغنى استأثر والفقر الموت

األحمر وكما تدين تدان163

قال أبو حاتم رضى الله عنه ال أنس آنس من استشارة عاقل ودود وال وحشة أوحش من مخالفته ألن المشاورة والمناظرة بابا بركة ومفتاحا رحمة من استشير فليشر بالنصيحة وليجتهد بالرأي وليلزم الحق وقصد السبيل وليجعل المستشير كنفسه

بترك الخيانه وبذل النصيحه وليكن كما أنشدني على ابن محمدالبسامي

من يستشار إذا أستشير...ومن الرجال إذا زكت أحالمهم فيرى ويعرف ما يقول... حتى يجول بكل واد قلبه ...فيطرق يخفي عليه من األمور... إن الحليم إذا تفكر لم يكد ...وينطق ... األوفق

أنبأنا أبو يعلي حدثنا غسان بن الربيع حدثنا يزيد بن ثابت عن إياس ابن دغفل عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال ما شاور قوم قط إال هدوا الى رشدهم أخبرني محمد بن المنذر حدثنا أحمد بن خالد السيرافي حدثنا

شيبان حدثنا أبو األشهب قال قال الحسن ال يندم من شاورمرشدا

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل إذا أستشير قوم هو فيهم أن يكون آخر من يشير ألنه أمكن من الفكر

وأبعد من الزلل وأقرب من الحزم وأسلم من السقط ومن استشار فلينفذ الحزم بأن ال يستشير عاجزا كما أن الحازم ال يستعين كسال وفي االستشارة عين الهداية ومن استشار لم

يعدم رشدا ومن ترك المشاورة لم يعدم غيا وال يندم من الهم مالم تمضه...شاور مرشدا وقد أنشدني الواسطي

ومعول الرجل... سقم القلوب وآفة األبدان ...لسبيله وإذا الحوادث... عند اعتراض طوارق األحزان ...الموفق رأيه

وإذا أضل سبيله... كان التبصر أنجد األعوان ...سددت أسبابه ... طلب الهدى بتشاور اإلخوان...تدبيره

164

أنبأنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا مطروح بن شاكر حدثنا أصبغ عن ابن وهب عن إبراهيم بن نشيط عن ابن أبي حسين

قال كان يقال ما هلك امرؤ عن مشورة وال سعد بتوحد قال أبو حاتم رضى الله عنه إن من شيم العاقل عند النائبة

تنوبه أن يشاور عاقال ناصحا ذا رأي ثم يطيعه وليعترف للحق عند المشورة وال يتمادى في الباطل بل يقبل الحق ممن جاء

به وال يحقر الرأي الجليل إذا أتاه به الرجل الحقير ألن

اللؤلؤة الخطيرة ال يشينها قلة خطر غائصها الذي استخرجها ثم ليستخر الله وليمض فيما أشار عليه وقد أنشدني البغدادي

إن الحليم إذا عصاك هداكا... أطع الحليم إذا الحليم عصاكا ...

أطع الحليم إذا الحليم... وإذا أستشارك من تود فقل له ... أربا يحوطك أو يكون هالكا... ولئن أبيت لتأتين خالفه ...نهاكا

سبل الرشاد إذا أطعت... وأعلم بأنك لن تسود ولن ترى ...... هواكا

أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد المؤمن بجرجان حدثنا محمد بن حميد البزاز حدثنا جرير عن ابن المقفع عن وزير

كسرى قال ثالثة ليس لهم رأي فال تستشيروهم صاحب الخفالضيق وحاقن البول وصاحب المرأة السوء السليطة

ذكر الحث على لزوم النصيحة للمسلمين كافة أنبأنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران حدثنا عبد

الرحمن بن عمرو البجلي حدثنا زهير بن معاوية عن سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد الليثي عن تميم الداري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة قيل لمن يا

رسول الله قال لله ولرسوله وألئمة المسلمين وعامتهم قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم

النصيحة للمسلمين كافة وترك الخيانة لهم باإلضمار والقول والفعل معا إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يشترط

165

على من بايعه من أصحابه النصح لكل مسلم مع إقامة الصالةوإيتاء الزكاة

وأخبرني محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا محمد بن الحسن الذهلي عن أبي السائب قال قال علي بن أبي طالب رضى

الله عنه ال تعمل بالخديعة فانها خلق اللئام وامحض أخاكالنصيحة حسنة كانت أو قبيحه وزل معه حيث زال

سرا... قل للنصيح الذي أهدى نصيحته ...وأنشدني الكريزي والنصح... النصح ليس له حد فتعرفه ...إلينا وسامته التكاليف

... حتى إذا صرحت عنا عواقبه ...مستوحش منه ومألوف ... لو كان للنصح حد يستبان به ...كانت لنا عظة منه وتعنيف ... لكن له سبل شتى مخالفة ...ما نالنا حسرة منه وتلهيف

والناس غاو وذو رشد...بعض لبعض فمجهول ومعروف ... والنصح ممضي ومردود وموقوف...ومختلط

قال أبو حاتم رضى الله عنه خير اإلخوان أشدهم مبالغة في النصيحة كما أن خير األعمال أحمدها عاقبه وأحسنها إخالصا

وضرب الناصح خير من تحية الشانىء ويجب أن يكون للعاقل نصيحة مبذولة للعامة مكتوما من العام

والخاص ما قدر عليه وليس الناصح بأولى بالنصيحة منالمنصوح له

وأنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن القاسم التيمي حدثني أبي قال لما قدم على

الكوفة لقيه المغيره بن شعبه فقال له إني أشير عليك برأي فاقبله قال هات قال أقر معاويه على الشام يسمح لك طاعته فإن أهل الشام قد ذاقوه فاستعذبوه ووليهم عشرين سنه لم

يعتبوا عليه ولم يعتبوه في عرض وال مال فقال والله لو سألني قرية ماوليته إياها قال فقال المغيرة أراه سيلى أرضين

وقريات166

أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا ابن ابي شيبة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا ابن المبارك عن معمر عن يحيى بن المختار عن الحسن قال المؤمن شعبة من المؤمن وهو مرآة أخيه إن رأى منه ماال يعجبه سدده وقومه ونصحه السر والعالنية وأنشدني

أمنت على السر أمرءا غير حازم...علي بن محمد البسامي ولكنه في النصح غير مريب...

... بعلياء نار أوقدت بثقوب ...فذاع به في الناس حتى كأنما وما كل مؤت نصحه بلبيب...فما كل ذي لب بمؤتيك نصحه

فحق له من طاعه... ولكن إذا ما استجمعا عند واحد ...... بنصيب

سمعت محمد بن نصر بن نوفل المروزي يقول سمعت أبا داود السنجى يقول سمعت ابن األعرابي يقول رجل أهديت له

النصيحه فاتخذها ذنبا ورجل وسع له في مكان ضيق فجلسمتربعا

قال أبو حاتم رضى الله عنه النصيحة محاطة بالتهمه وليست النصيحة إال لمن قبلها كما أن الدنيا ليست إال لمن تركها وال

اآلخرة إال لمن طلبها وليس على كل ذي نصح إال الجهد ولو لم يقبل من نصحائه ما يثقل عليه لم يحمد غب رأيه ومشاورة

األصم أحمد من الناصح المعرض عنه ومن بذل نصيحة لمن ال يشكر كان كالباذر في السباخ وأكثر ما يوجد ترك قبول

إذا نصحت...النصيحة من المعجب برأيه وأنشدني األبرش فإن ذا... فلم يطعك فال تنصح له أبدا ...لذي عجب لترشده

وما... وال يجيب الى إرشاده أحدا ...العجب ال يعطيك طاعته إن لم يكن لك قربى أو يكن ولدا...عليك وإن غاو غوى حقبا

... قال أبو حاتم رضى الله عنه النصيحة تجب على الناس كافة

على ما ذكرنا قبل ولكن إبداؤها ال يجب إال سرا ألن من وعظ167

أخاه عالنية فقد شانه ومن وعظه سرا فقد زانه فابالغالمجهود للمسلم فيما يزين أخاه أحرى من القصد فيما يشينه ولقد أنبأنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا الرمادي حدثنا علي

بن المديني حدثنا سفيان قال قلت لمسعر تحب أن يخبرك رجل بعيوبك قال أما أن يجيء إنسان فيوبخني بها فال وأما أن

يجيء ناصح فنعم أخبرنا محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا محمد بن المغيرة

النوفلي حدثنا محمد بن

علي الشقيقي حدثنا أبي عن ابن المبارك قال كان الرجل إذا رأى من أخيه ما يكره أمره في ستر ونهاه في ستر فيؤجر في

ستره ويؤجر في نهيه فأما اليوم فإذا رأى أحد من أحد مايكره أستغضب أخاه وهيتك ستره

محمد بن سعيد القزاز حدثنا محمد بن منصور حدثنيأخبرنا علي بن المديني عن سفيان قال جاء طلحه الى عبد الجبار بن

وائل وعنده قوم فساره بشيء ثم أنصرف فقال أتدرون ما قال لي قال رأيتك التفت أمس وأنت تصلي قال أبو حاتم رضى الله عنه النصيحة إذا كانت على نعت ما وصفنا تقيم

األلفة وتؤدي حق األخوة وعالمة الناصح إذا أراد زينة المنصوح له أن ينصحه سرا

وعالمة من أراد شينه أن ينصحه عالنية فليحذر العاقل نصحه األعداء في السر والعالنية ولقد أنشدني ابن زنجي

البغدادي ... فكم من عدو معلن لك نصحه ... عالنية والغش تحت األضالع ... وكم من صديق مرشد قد عصيته ... فكنت له في الرشد غير مطاوع ... وما األمر إال بالعواقب إنها ... سيبدو

...عليها كل سر وذائع منصور بن محمد الكريزي ... وصاحب غير مأمونوأنشدني

غوائله ... يبدي لي النصح منه وهو مشتمل ... على خالف168

الذي يبدي ويظهره ... وقد أحطت بعلمي أنه دغل ... عفوت عنه انتظارا أن يثوب له ... عقل إليه من الزالت ينتقل ...

دهرا فلما بدا لي أن شيمته ... غش وليس له عن ذاك منتقل ... تركته ترك قال ال رجوع له ... الى مودته ما حنت

...اإلبل أخبرنا عبد الله بن محمد القيراطي حدثنا محمد بن يزيد

الملقب يحمش حدثنا يعلي بن عبيد حدثنا أبو حيان عن أبيهقال كتب الربيع بن خيثم وصيه

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصي به الربيع بن خيثم وأشهد عليه وكفى بالله شهيدا وجازيا لعباده الصالحين مثيبا

إني رضيت بالله ربا وباإلسالم دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وأن يعبد الله من أطاعني في العابدين ويحمده في

الحامدين وينصح لجماعة المسلمينوصية الخطاب بن المعلى المخزومي ابنه

أخبرني محمد بن المنذر بن سعيد حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي حدثني عبد الرحمن بن أبي عطية الحمصي

عن الخطاب بن المعلى المخزومي القرشي أنه وعظ ابنه فقال يا بني عليك بتقوى الله وطاعته وتجنب محارمه باتباع

سنته ومعالمه حتى تصح عيوبك وتقر عينك فانها ال تخفي على الله خافيه واني قد وسمت لك وسما ووضعت لك رسما ان

انت حفظته ووعيته وعملت به مألت أعين الملوك وانقاد لك به الصعلوك ولم تزل مرتجى مشرفا يحتاج اليك ويرغب الى ما في يديك فأطع اباك واقتصر على وصيةابيك وفرغ لذلك

ذهنك واشغل به قلبك ولبك واياك وهذر الكالم وكثرة الضحكك والمزا ح ومهازلة اإلخوان فإن ذلك يذهب البهاء ويوقع

الشحناء وعليك بالرزانة والتوقر من غير كبر يوصف منك وال خيالء تحكي عنك والق صديقك وعدوك بوجه الرضى وكف

169

األذى من غير ذلة لهم وال هيبة منهم وكن في جميع أمورك في أوسطها فإن خير األمور أوساطها وقلل الكالم وأفش

السالم وامش متمكنا قصدا وال تخط برجلك وال تسحب ذيلك وال تلو عنقك وال ردائك وال تنظر في عطفك وال تكثر االلتفاف وال تقف على الجماعات وال تتخذ السوق مجلسا وال الحوانيت متحدثا وال تكثر المراء وال تنازع السفهاء فإن تكلمت فاختصر

وإن مزحت فاقتصر واذا جلست فتربع وتحفظ من تشبيكأصابعك وتفقيعها والعبث بلحيتك وخاتمك وذؤابة سيفك

وتخليل أسنانك وإدخال يدك في أنفك وكثرة طرد الذباب عنك وكثرة التثاؤب والتمطى وأشباه ذلك مما يستخفه الناس منك

ويغتمزون به فيك وليكن مجلسك هاديا وحديثك مقسوما وأصغ الى الكالم

الحسن ممن حدثك بغير إظهار عجب منك وال مسألة إعادة وغض عن الفكاهات من المضاحك والحكايات وال تحدث عن

إعجابك بولدك وال جاريتك وال عن فرسك وال عن سفيك واياك وأحاديث الرؤيا فإنك إن أظهرت عجبا بشيء منها طمع فيها

السفهاء فولدوا لك األحالم واغتمزوا في عقلك وال تصنع تصنع المرأة وال تبذل تبذل العبد وال تهلب لحيتك وال تبطنها وتوق

كثرة الحف ونتف الشيب وكثرة الكحل واإلسراف في الدهن وليكن كحلك غبا وال تلح في الحاجات وال تخشع في الطلبات

وال تعلم أهلك وولدك فضال عن غيرهم عدد مالك فإنهم إن رأوه قليال هنت عليهم وإن كان كثيرا لم تبلغ به رضاهم

وأخفهم في غير عنف ولن لهم قي غير ضعف وال تهازل أمتك واذا خاصمت فتوقر وتحفظ من جهلك وتجنب عن عجلتك

وتفكر في حجتك وأر الحاكم شيئا من حلمك وال تكثر األشارة بيدك وال تحفز على ركبتيك وتوق حمرة الوجه وعرق الجبين وإن سفه عليك فاحلم وإذا هدأ غضبك فتكلم وأكرم عرضك

170

وألق الفضول عنك وإن قربك سلطان فكن منه على حد السنان وإن أسترسل اليك فال تأمن من انقالبه عليك وارفق به رفقك بالصبي وكلمه بما يشتهي وال يحملنك ما ترى من الطافه إياك وخاصته بك أن تدخل بينه وبين أحد من ولده

وأهله وحشمه وإن كان لذلك منك مستمعا وللقول منك مطيعا فإن سقطه الداخل بين الملك وأهله صرعة ال تنهض وزلة ال

تقال وإذا وعدت

فحقق وإذا حدثت فاصدق وال تجهر بمنطقك كمنازع األصم وال تخافت به كتخافت األخرس وتخير محاسن القول بالحديث

المقبول وإذا حدثت بسماع فانسبه الى أهله وإياك األحاديث العابرة المشنعه التي تنكرها القلوب وتفق لها الجلود وإياك

ومضعف الكالم مثل نعم نعم وال ال وعجل عجل وما أشبه ذلك وإذا توضأت فأجد عرك كفيك وليكن وضعك الحرض من

األشنان في فيك كفعلك بالسواك وال تنخع في الطست وليكن طرحك الماء من فيك مترسال وال تمج فتنضح على أقرب

جلسائك وال تعض نصف اللقمه ثم تعيد ما بقى منها منصبغا فإن ذلك مكروه وال تكثر االستسقاء على مائدة الملك وال

تعبث بالمشاش وال تعب شيئا مما يقرب اليك على مائدة بقلة خل أو تابل أو عسل فإن السحابة قد صيرت لنفسها مهابة وال تمسك إمساك المثبور وال تبذر تبذير السفيه المغرور واعرف في مالك واجب الحقوق وحرمة الصديق واستغن عن الناس يحتاجوا اليك واعلم ان الجشع يدعو الى الطبع والرغبة كما قيل تدق الرقبة ورب أكله تمنع أكالت والتعفف مال جسيم وخلق كريم ومعرفة الرجل قدره تشرف ذكره ومن تعدى

القدر هوى في بعيد القعر والصدق زين والكذب شين ولصدق يسرع عطب صاحبه أحسن عاقبة من كذب يسلم عليه قائله ومعاداة الحليم خير من مصادقة األحمق ولزوم الكريم على

171

الهوان خير من صحبة اللئيم على اإلحسان ولقرب ملك جواده خير من مجاورة بحر طراد وزوجة السوء الداء العضال ونكاح

العجوز يذهب بماء الوجه وطاعة النساء تزرى بالعقالءتشبه بأهل العقل تكن منهم وتصنع للشرف تدركه

وأعلم أن كل امريء حيث وضع نفسه وإنما ينسب الصانع الى صناعته والمرء يعرف بقرينه وإياك وإخوان السوء فإنهم

يخونون من رافقهم ويحزنون من صادقهم وقربهم أعدى من الجرب ورفضهم من استكمال األدب واستخفار المستجير لؤم

والعجله شؤم وسوء التدبير وهن واإلخوان إثنان فمحافظ عليك عند البالء وصديق لك في

الرخاء فاحفظ صديق البالء وتجنب صديق العافية فإنهم أعدىاألعداء

ومن اتبع الهوى مال به الردى وال يعجبنك الجهم من الرجال وال تحقر ضئيال كالخالل فإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه وال

ينتفع به بأكثر من أصغريه وتوق الفساد وإن كنت في بالد األعادي وال تفرش عرضك لمن

دونك وال تجعل مالك أكرم عليك من عرضك وال تكثر الكالمفتثقل على األقوام وامنح البشر جليسك والقبول ممن القاك

وإياك وكثرة التبريق والتزليق فإن ظاهر ذلك ينسب الى التأنيث وإياك والتصنع لمغازلة النساء وكن متقربا متعززا

منتهزا في فرصتك رفيقا في حاجتك متثبتا في حملتك والبسلكل دهر ثيابه ومع كل قوم شكلهم

واحذر ما يلزمك الالئمة في آخرتك وال تعجل في امر حتىتنظر في عاقبته وال ترد حتى ترى وجه المصدر

وعليك بالنورة في كل شهر مرة وإياك وحالق اإلبط بالنورة وليكن السواك من طبيعتك وإذا استكت فعرضا وعليك

بالعمارة فإنها أنفع التجارة وعالج الزرع خير من اقتناء الضرع172

ومنازعتك اللئيم تطمعه فيك ومن أكرم عرضه أكرمه الناسوذم الجاهل إياك أفضل

من ثنائه عليك ومعرفة الحق من أخالق الصدق والرفيق الصالح ابن عم ومن أيسر أكبر ومن افتقر احتقر قصر في

المقالة مخافة اإلجابة والساعي إليك غالب عليك وطول السفر ماللة وكثرة المنى ضاللة وليس للغائب صديق وال على الميت شفيق وأدب الشيخ عناء وتأديب الغالم شقاء والفاحش أمير والوقاح وزير والحليم مطية األحمق والحمق داء ال شفاء

له والحلم خير وزير والدين أزين األمور والسماجه سفاهة والسكران شيطان وكالمه هذيان والشعر من السحر والتهدد

هجر والشح شقاء والشجاعة بقاء والهدية من األخالق السرية وهي تورث المحبة ومن ابتدأ المعروف صار دينا ومن

المعروف ابتداء من غير مسألة وصاحب الرياء يرجع الى السخاء ولرياء بخير خير من معالنة بشر والعرق نزاع والعادة

طبيعة الزمة إن خير فخير وإن شرا فشر ومن حل عقدا احتمل حقدا ومراجعة السلطان خرق باإلنسان والفرار عار والتقدم مخاطرة وأعجل منفعه إيسار في دعة وكثرة العلل من البخل وشر الرجال الكثير االعتالل وحسن اللقاء يذهب

بالشحناء ولين الكالم من أخالق الكرام يا بني إن زوجة الرجل سكنة وال عيش له مع خالفها فإذا

هممت بنكاح امرأة فسل عن أهلها فإن العروق الطيبة تنبتالثمار الحلوة

واعلم أن النساء أشد اختالفا من أصابع الكف فتوق منهن كل ذات بذا مجبولة على األذى فمنهن المعجبة بنفسها المزرية ببعلها إن أكرمها رأته لفضلها عليه ال تشكر على جميل وال

ترضى منه بقليل لسانها عليه سيف صقيل قد كشفت القحة ستر الحياء عن وجهها فال تستحي من إعوارها وال تستحي من

173

جارها كلبة هرارة مهارشة عقارة فوجه زوجها مكلوم

وعرضه مشتوم وال ترعى عليه لدين وال الدنيا وال تحفظه لصحبة وال لكثرة بنين حجابه مهتوك وستره منشور وخيره مدفون يصبح كئيبا ويمسي عاتبا شرابه مر وطعامه غيظ

وولده ضياع وبيته مستهلك وثوبه وسخ ورأسه شعث إن ضحك فواهن وإن تكلم فمتكاره نهاره ليل وليله ويل تلدغه مثل

الحية العقارة وتلسعه مثل العقرب الجرارة ومنهن شفشليق شعشع سلفع ذات سم منقع وإبراق واختالق

تهب مع الرياح وتطير مع كل ذي جناح إن قال ال قالت نعم وإن قال نعم قالت ال مولدة لمخازيه محتقرة لما في يديه

تضرب له األمثال وتقصر به دون الرجال وتنقله من حال الى حال حتى قال بيته ومل ولده وغث عيشه وهانت عليه نفسه

وحتى أنكره إخوانه ورحمه جيرانه ومنهن الورهاء الحمقاء ذات الدل في غير موضعها الماضغه للسانها اآلخذة في غير شأنها قد قنعت بحبه ورضيت بكسبه

تأكل كالحمار الراتع تنتشر الشمس ولما يسمع لها صوت ولم يكنس لها بيت طعامها بائت وإناؤها وضر وعجينها حامض

وماؤها فاتر ومتاعها مزروع وماعونها ممنوع وخادمها مضروبوجارها محروب

ومنهن العطوف الودود المباركة الولود المأمونه على غيبها المحبوبة في جيرانها المحمودة في سرها وإعالنها الكريمة التبعل الكثيرة التفضل الخافضة صوتا النظيفة بيتا خادمها

مسمن وابنها مزين وخيرها دائم وزوجها ناعم موموقه مالوفهوبالعفاف والخيرات موصوفة

جعلك الله يا بني ممن يقتدي بالهدى ويأتم بالتقى ويجتنب174

السخط ويحب الرضى والله خليفتي عليك والمتولي ألمرك وال حول وال قوة إال بالله

العلي العظيم وصلى الله على محمد نبي الهدى وعلى آلهوسلم تسليما كثيرا

ذكر الزجر عن تهاجر المسلمين كافة حدثنا أبو يعلي الموصلي حدثنا وهب بن بقية الواسطي حدثنا

خالد بن عبد الله عن عبد الرحمن بن اسحاق عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ال تباغضوا وال

تنافسوا وال تحاسدوا وال تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يحل التباغض وال التنافس وال التحاسد وال التدابر بين المسلمين والواجب عليهم أن يكونوا

إخوانا كما أمرهم الله ورسوله فإذا تألم واحد منهم تألم اآلخر بألمه وإذا فرح فرح اآلخر بفرحه ينفي الغش والدغل مع

استسالم األنفس لله عز وجل مع الرضا بما يوجب القضاء في األحكام كلها وال يجب الهجران بين المسلمين عند وجود زلة

من أحدهما بل يجب عليهما صرفها الى اإلحسان والعطفعليه باإلشفاق وترك الهجران

ولقد حدثني محمد بن المهاجر حدثني موسى بن محمد األخباري عن النميري حدثني محمد بن يحيى النكتاني قال

ال يزهدنك...أنشدني أبو غزية لمعاوية بن عبد الله بن جعفر ... والمرء يطرحه الذين ... لك أن تراه زل زله ...في أخ

أهل البطانة والدخلة... ويخونه من مأمن ...يلونه في شر أله

... مما يمر على الجبلة...والموت أعظم حادث أنشدني محمد بن الحسن بن قتيبة أنشدني حميد بن عياش

فإن أنت أبغضت البغيض... وال تك في حب األخالء مفرطا ... حبيبك أو تهوى... فإنك ال تدري متى أنت مبغض ...فأجمل

... البغيض فأعقل175

وما...وأنشدني عمرو بن محمد بن عبد الله النسوى لثعلب لكنما الموت عندي صد إخواني...صدود ذوات الدل يرمضني

عند الملمات إال عند هجران... إني ألصبر من عود به جلب ...

ضاقت على برحب األرض... إذا رأيت أزورارا من أخي ثقة ...... أوطانى

وتوسمن... أبل الرجال إذا أردت إخاءهم ...وأنشدني األبرش فبه... فإذا ظفرت بذي اللبابة والتقي ...أمورهم وتفقد

فعلى... فمتى يزل وال محالة زلة ...اليدين قرير عين فاشدد وإذا الخنى نقض الحبى في...أخيك بفضل حلمك فاردد

... ورأيت أهل الطيش قاموا فاقعد...مجلس قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب للمرء أن يدخل في جملة

العوام والهمج بإحداث الود إلخوانه وتكديره لهم بالخروج بالسبب الذي يؤدي الى الهجران الذي نهى المصطفى صلى الله عليه وسلم عنه بينهم بل يقصد قصده اإلغضاء عن ورود

الزالت ويتحرى ترك المناقشة على الهفوات وال سيما إذا قيل في أحدهم الشيء الذي يحتمل أن يكون حقا وباطال معا فإن

الناس ليس يخلو وصلهم من رشق أسهم العذال فيه ولقد سمعت محمد بن عثمان العقبي يقول سمعت عبد العزيز

ومن ذا من عيوب...بن عبد الله يقول قال محمد بن حميد بحق قيل فيه أو قراف...الناس ناج

وكل... والزم خلتي أن ال أكافي ...قبيح بي إذا خاللت خال فأما في... إذا لم تحتمل حق المصافي ...مودة ال خير فيها إذا أحببت... ولكن في الشدائد ال يوافي ...الكالم فكم وفي ولكن... ولم أبن اإلخاء على اعتساف ...لم أنقض إخائي

متى تقطع... وال أدعو اللئام الى العطاف ...امنح الكرماء ودا إذا ما... وال تثبت فعهدك غير واف ...صديقك بعد وصل

... وصار المستقيم الى خالف...المرء أدبر لم تطقه 176

سمعت محمد بن المنذر يقول سمعت محمد بن عبد الرحمن يقول سمعت أبا عمار الحسين بن حريث يقول قيل لرجل ألك

عيوب قال ال قيل له فلك من يلتمسها قال نعم قال فما أكثرعيوبك

قال أبو حاتم رضى الله عنه السبب المؤدي الى الهجران بين المسلمين ثالثة أشياء إما وجود الزلة من أخيه وال محالة يزل

فال يغضي عنها وال يطلب لها ضدها وإبالغ واش يقدح فيه ومشى عاذل بثلب له فيقبله وال يطلب لتكذيبه سببا وال ألخيه عذرا وورود ملل يدخل على أحدهما فإن الماللة تورث القطع

وال يكون لملول صديق ولقد أخبرني محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا محمد بن

إبراهيم اليعمري حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم األصبهاني مثل السراب... إن الملولة وده ...أنشدني بعض أهل األدب

لم يصدقك وعده... أو كالسحاب الزائد البراق ...يذم ورده ال تقبلن... عند الضراب فكل حده ... أو كالحسام هززته ...

عينيك إذ... بينا يودك رأى ... فوعيده كذب ووعده ...إخاءه بدا لك منه صده

... وازور حتى مال خده...وتغيرت أخالقه أنبأنا محمد بن يعقوب الخطيب باألهواز حدثنا معمر بن سهل حدثنا إبراهيم ابن بشار عن سفيان قال كان البن شبرمة أخ

ونحن إذا... كالنا غني عن أخيه حياته ...فجفاه فكتب اليه ... متنا أشد تغانيا

قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يحل لمسلم ان يهجر أخاه المسلم فوق ثالثة أيام فمن فعل ذلك كان مرتكبا لنهى النبي

صلى الله عليه وسلم وخيرهما الذي يبدأ بالسالم والسابق بالسالم يكون السابق الى الجنه ومن هجر أخاه سنة كان كسفك دمه ومن مات وهو مهاجر أخاه دخل النار إن لم

177

يتفضل الله عليه بعفو منه ورحمة وغاية ما أبيح من الهجران بين المسلمين ثالثة أيام ولقد أنشدني عبيد الله بن محمد

يا سيدي عندك...األنماطي قال أنشدني محمد بن الحسن فإنه يرويه عن... فاستفت فيها ابن أبي خيثمة ...لي مظلمة

عن ابن عباس عن... قال روى الضحاك عن عكرمة ...شيحه إن صدود الخل عن... نبينا المبعوث بالمرحمه ...المصطفى

... فوق ثالث ربنا حرمه...خله ماودني أحد إال...وأنشدني محمد بن شاه األبيوردي بالموصل

وال جفاني وإن كنت... صفو المودة منى آخر األبد ...بذلت له وال ائتمنت على... إال دعوت له الرحمن بالرشد ...المحب له

وال أخون... وال مددت الى غير الجميل يدي ...سر فبحت به ... حتى أغيب في األكفان واللحد...خليلي في خليلته

أنبأنا محمد بن المهاجر حدثنا أحمد بن عبد الله بن شجاعحدثنا محمد بن سماعة

قال جئت يوما الى أبي على المصري أسلم عليه قال فبش حسبي بوصلك في حياتي...بي واحتملني في حجرة ثم قال

لو كنت رزقي ما... ورضيت في ذاك المعاد ثوابا ...لذة ... ولقلت أحسن خالقي وأطابا...أردت زيادة

ذكر الحث على لزوم الحلم عند األذى أنبأنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن خالد بن موهب

الرملي حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال قال النبي صلى الله عليه وسلم

ال حليم إال ذو عثرة وال حليم إال ذو تجربة قال أبو حاتم رضى الله عنه هذا الخبر في الضرب الذي

ذكرت في كتاب فصول السنن بأن العرب تضيف االسم الى الشيء للقرب من التمام وتنفي االسم عن الشيء للنقص من

الكمال فلما كان الغالب على المرء أن ال يكون حليما حتى178

يكون ذا عثرة نفي النبي صلى الله عليه وسلم اسم الحليمعمن لم يكن بذي عثرة لنقصه عن الكمال

فالحليم عظيم الشأن رفيع المكان محمود األمر مرضي الفعل والحلم اسم يقع على زم النفس عن الخروج عند الورود عليها

ضد ما تحب الى ما نهى عنه فالحلم يشتمل على المعرفة والصبر واإلناة والتثبت ولم يقرن

شيء الى شيء أحسن من عفو الى مقدرةوالحلم أجمل ما يكون من المقتدر على االنتقام

ولقد حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد حدثنا يحيى ابن معين قال حدثنا الحسن بن واقع عن ضمرةقال الحلم أرفع من العقل ألن الله تبارك وتعالى تسمى به

محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي ... ألم تر أنوأنشدني الحلم زين مسود ... لصاحبه والجهل للمرء شائن ... فكن ...دافنا للشر بالخير تسترح ... من الهم إن الخير للشر دافن

وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي ... إذا شئت يوما أن تسود عشيرة ... فبالحلم سد ال بالتسرع والشتم ... وللحلم خير فاعلمن مغبة ... من الجهل إال أن تشر سن من

...الظلم وأنشدني علي بن محمد البسامي ... فارض بما حم من

قضاء ... يصبك من ذلك الخيار ... وعش حميدا رخى بال ... ...ما زانك الحلم والوقار

أبو حاتم رضى الله عنه إن من نفاسة اسم الحلم وارتفاعقال قدرة أن الله جل وعال تسمى به ثم لم يسم بالحلم في كتابه

أحدا إال إبراهيم خليله وإسحاق ذبيحه حيث قال إن إبراهيمآلواه حليم وقال فبشرناه بغالم حليم

ولو لم يكن في الحلم خصلة تحمد إال ترك أكتساب المعاصي والدخول في المواضع الدنسة لكان الواجب على العاقل أن ال

179

يفارق الحلم ما وجد الى استعماله سبيالوالحلم سجية أو تجربة أو هما

حدثنا أبو حمزة محمد بن عمر بن يوسف حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي حدثنا أبو أسامه عن هشام بن عروة عن أبيهقال سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول ال حلم إال بالتجربة

... صاف الصديق بوده ...وأنشدني المنتصر بن بالل األنصاري فمن يرد... واحلم إذا نطق السفيه ...وإذا دنا شبرا فزده

... جهال يجده أنبأنا محمد بن علي الصيرفي بالبصرة حدثنا ابن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانه عن عبد الملك بن عمير عن رجاء بن حيوة عن

أبي الدرداء قال إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ومنيتوخ الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه

فهل أنا... إذا أنا كافيت الجهول بفعله ...وأنشدني الكريزي ... ولكن إذا ما طاش بالجهل طائش ...إال مثله إذ أحاوره

... على فإني بالتحلم قاهره أنبأنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا يحيى بن معين

حدثنا عثمان ابن صالح حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن رجال كتب الى أخ له أعلم ان الحلم لباس العلم فال تعرين

منه قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يلزم الحلم عن الناس

كافة فإن صعب ذلك عليه فليتحالم ألنه يرتقي به الى درجةالحلم

وأول الحلم المعرفة ثم التثبت ثم العزم ثم التصبر ثم الصبر ثم الرضا ثم الصمت واإلغضاء وما الفضل إال للمحسن الى المسيء فأما من أحسن الى المحسن وحلم عمن لم يؤذه

فليس ذلك بحلم وال إحسان

180

ولقد أنبأنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا إسحاق بن زكريا حدثنا عبد الصمد ابن حسان حدثنا أو عمر المازني عن وهب

بن منبه أنه قال يا بني ال تجادلن العلماء فتهون عليهم فيرفضوك وال تمارين السفهاء فيجهلوا عليك ويشتموك فإنه يلحق بالعلماء من صبر ورأى رأيهم وينجو من السفهاء من

صمت وسكت عنهم وال تحسبن أنك إذا ماريت الفقيه إال زدته غيظا دائبا وال تحمين من قليل تسمعه فيوقعك في كثير تكرهه وال تفضح نفسك لتشفى غيظك فإن جهل عليك جاهل فلينفعن

إياك حلمك وإنك إذا لم تحسن حتى يحسن إليك فما أجرك وما فضلك على غيرك فإذا أردت الفضيلة فأحسن الى من أساء اليك واعف عمن ظلمك وانفع من لم ينفعك وانتظر ثواب ذلك من قبل الله فإن الحسنة الكاملة التي ال يريد

صاحبها عليها ثوابا في الدنيا محمد بن حبيب الواسطي ... إذا المرء لم يصرفوأنشدني

عذابا من األذى ... حياء ولم يغفر ألخرق مذنب ... فلم يصطنع ...إال قليال صديقه ... ومن يدفع العوراء بالحلم يغلب

وأنشدني عبد العزيز بن سليمان األبرش ... احفظ لسانك إن لقيت مشاتما ... ال تجرين مع اللئيم إذا جرى ... من يشترى ...عرض اللئيم بعرضه ... يحوي الندامة حين يقبض ما اشترى

إبراهيم بن نصر العنبري حدثنا علي بن األزهر الرازيأنبأنا حدثنا إبراهيم ابن رستم قال سمعت ابن المبارك يقول دعانا عبد الله بن عون الى طعامه فكنا نأكل فجاءت الخادم ومعها صحفة فعثرت في ثوبها فسقطت الصحفة من يدها فقال لها

ابن عون مترس آزادي حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا ابن عائشة قال قال

محمد بن

181

السعدى البنه عروة لما ولى اليمن إذا غضبت فانظر الىالسماء فوقك والى األرض تحتك ثم عظم خالقهما

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل إذا غضب واحتد أن يذكر كثرة حلم الله عنه مع تواتر انتهاكه محارمه وتعديه حرماته ثم يحلم وال يخرجه غيظه الى الدخول في

أسباب المعاصي والناس على ضروب ثالثة رجل أعز منك ورجل أنت أعز منه ورجل ساواك في العز فالتجاهل على من أنت أعز منه لؤم

وعلى من هو أعز منك جنف وعلى من هو مثلك هراش كهراش الكلبين ونقار كنقار الديكين وال يفترقان إال عن

الخدش والعقر والهجر وال يكاد يوجد التجاهل وترك التحالم إال ما تم حلم وال علم بال...من سفيهين ولقد أحسن الذي يقول

وما التجاهل إال ثوب... وال تجاهل في قوم حليمان ...أدب ... وليس يلبسه إال سفيهان...ذي دنس

... وما شيء أسر الى لئيم ...وأنشدني أبن زنجي البغدادي أشد... متاركة اللئيم بال جواب ...إذا شتم الكرام من الجواب

... عليه من مر العذاب بحسن... تجرد ما استطعت من السفيه ...وأنشدني الكريزي ويبرم... فقد يعصي السفيه مؤدبيه ...الحلم إن العز فيه كعير السوء... تلين له فيغلظ جانباه ...باللجاجه منصفيه

... يرمح عالقيه أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا الحسن بن محمد األزدي

الكوفي حدثنا عمر بن حفص بن غياث عن أبيه قال كنتجالسا عند جعفر بن محمد ورجل

يشكو رجال عنده قال لي كذا و فعل لى كذا فقال له جعفر منأكرمك فأكرمه ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه

قال أبو حاتم رضى الله عنه ما ضم شيء إلى شيء هو182

أحسن من حلم الى علم وما عدم شيء في شيء هو أوحش من عدم الحلم في العالم ولو كان للحلم أبوان لكان أحدهما

العقل واآلخر الصمت وربما يدفع العاقل الى الوقت بعد الوقت الى من ال يرضيه عنه الحلم وال يقنعه عنه الصفح

فحينئذ يحتاج الى سفيه ينتصر له ألن ترك الحلم في بعضاألوقات من الحلم

ولقد حدثني محمد بن المنذر حدثنا يزيد بن عبد الصمد حدثنا عبد الرحمن ابن إبراهيم حدثنا الوليد عن سعيد بن عبد العزيز أن رجال استطال على سليمان بن موسى فسكت له سليمان

وانتصر له أخوه قال فقال مكحول ذل من ال سفيه له حدثنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا محمد بن عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه قال قال أبو حنيفة لشيطان

الطاق ما تقول في المتعة قال حالل قال فيسرك أن أمك تزوجت متعه فسكت عنه ساعة ثم قال يا أبا حنيفه ما تقول في النبيذ قال حالل قال وشربه وبيعه وشاؤه قال نعم قال

فيسرك أن أمك نباذه قال فسكت عنه ابو حنيفه إذا كنت بين الحلم...أنشدني علي بن محمد البسامي

ولكن إذا... وخيرت أني شئت فالحلم أفضل ...والجهل قاعدا ولم يرض منك الحلم فالجهل...انصفت من ليس منصفا

... أفضل إذا أمن الجهال جهلك...وأنشدني محمد بن حبيب الواسطي

فعم عليه الجهل... فعرضك للجهال غنم من الغنم ...مرة بمرتبة بين العداوة والسلم...والحلم والقه

وتأخذ فيما بين ذلك بالحزم...فيرجوك تارات ويخشاك تارة ...

حدثنا محمد بن عثمان العقبي حدثنا يزيد بن عبد الصمد الدمشقي حدثنا أبو مسهر حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن

183

مكحول قال ال حلم لمن ال جاهل له وحدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا مهدي بن سابق قال قال المأمون يحسن بالملوك الحلم عن كل أحد إال عن

ثالثة قادح في ملك أو مذيع لسر أو متعرض لحرمة قال أبو حاتم رضى الله عنه الحلم على ضربين أحدهما ما يرد على النفس من قضاء الله من المصائب التي امتحن الله بها

عباده فيصبر العاقل تحت ورودها ويحلم عن الخروج الى ما اليليق بأهل العقل

واآلخر ما يرد على النفس بضد ما تشتهيه من المخلوقين فمن تعود الحلم فليس بمحتاج الى التصبر الستواء العدم والوجود

عنده كما حدثنا أبو حمزة محمد بن يوسف بن عمر بنسا حدثنا

يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا عبد الله بن صالح العجلي قال سمعت ابن أبي عتبة يقول قيل لألحنف بن قيس التميمي

ممن تعلمت الحلم قال من قيس بن عاصم التميمي أتاه آت وهو محتب فقال ابن أخيك قتل أبنك قال عصى ربه وفت

عضده وقطع رحمه جهزوه وما حل حبوته فمنه تعلمت الحلم حدثنا محمد بن شاذل الهاشمي حدثنا أحمد بن الخليل

البغدادي حدثنا علي بن الحسين بن شقيق أخبرنا عبد الله عن جعفر بن سليمان قال كانت امرأة بالبصرة متعبدة تصيبها

المصائب فننكر من صبرها حتى أصابتها مصيبة موجعه فصبرت فذكرت ذلك لها فقالت ما من مصيبة تصيبني فأذكر

معها النار إال صارت في عيني مثل التراب حدثنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي بالبصرة حدثنا عمرو بن

إسحاق بن خالد الجهضمي حدثنا خالد بن خداش حدثنا ابنوهب عن بكر بن مضر

قال كان أبو الهيثم مات ولده وبقى له بني صغير فمات فأتاه184

إخوانه يعزونه وهو في ناحية المسجد فقال لهم تركني حزنيوم القيامة ال آسى على شيء فاتني وال أفرح لما أتاني حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي حدثنا القاسم بن الحسن

الزبيدي حدثنا اسحاق بن ابراهيم قال مات ابن لشريح فلم يصيحوا عليه ولم يشعر به أحد فقيل له يا أبا آمنه كيف هو

قال قد سكن علزه ورجاه أهله ولم يكن منذ اشتكى أسكنمنه الليلة

ذكر الحث على لزوم الرفق في أمور وكراهية العجلة فيها حدثنا محمد بن صالح الطبري بالصيمرة حدثنا عبد الجبار بن

العالء العطار حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبن أبي مليكة عن يعلي بن مملكة عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير ومن منع حظه من الرفق

فقد منع حظه من الخير قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل لزوم الرفق

في األمور كلها وترك العجله والخفة فيها إذ الله تعالى يحب الرفق في األمور كلها ومن منع الرفق منع الخير كما أن من

أعطى الرفق أعطى الخير وال يكاد المرء يتمكن من بغيته في سلوك قصده في شيء من األشياء على حسب الذي يحب إال

بمقارنة الرفق ومفارقة العجلة الرفق ممن سيلقى...وأنشدني المنتصر بن بالل األنصاري

والحزم... والخرف منه يكون العنف والزلل ...اليمن صاحبه والكف عنها إذا ما أمكنت فشل...أن يتأنى المرء فرصته

خير... والله للبر عون ماله مثل ...والبر لله خير األمر عاقبة ال يصلح القول حتى يصلح العمل...البريه قوال خيرهم عمال

... الرفق أيمن شيء أنت...وأنشدني منصور بن محمد الكريزي

185

وذو التثبت من... والخرق أشأم شيء يقدم الرجال ...تتبعه ... من يركب الرفق ال ليستحقب الزلال...حمد الى ظفر

حدثنا محمد بن أبي على الخالدي حدثنا محمد بن خلف وزن...البسامي عن أحمد ابن موسى األزرق أنه أنشده

... يبدى العقول أو العيوب المنطق ...الكالم إذا نطقت فإنما لو... إن الغريب بكل سهم يرشق ...ال ألفينك ثاويا في غربة

... لم يقضها إال الذي يترفق...سار ألف مدجج في حاجة قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يلزم الرفق في األوقات واإلعتدال في الحاالت ألن الزيادة على المقدار في المبتغي

عيب كما أن النقصان فيما يجب من المطلب عجز وما لم يصلحه الرفق لم يصلحه العنف وال دليل أمهر من رفق كما ال

ظهير أوثق من العقل ومن الرفق يكون االحتراز وفي االحتراز ترجي السالمة وفي ترك الرفق يكون الخرق وفي لزوم

عليك بوجه...الخرق تخاف الهلكة ولقد أنشدني األبرش ففي الجور إهالك وفي القصد مسلك...القصد فاسلك سبيله

تحملها ماال تطيق... إذا أنت لم تعرف لنفسك قدرها ...... فتهلك

قال أبو حاتم رضى الله عنه الرافق ال يكاد يسبق كما أن العجل ال يكاد يلحق وكما أن من سكت ال يكاد يندم كذلك من نطق ال يكاد يسلم والعجل يقول قبل أن يعلم ويجيب قبل أن

يفهم ويحمد قبل أن يجرب ويذم بعد ما يحمد يعزم قبل أن يفكر ويمضي قبل أن يعزم والعجل تصحبه الندامة وتعتزله

السالمة وكانت العرب تكنى العجله أم الندامات

العجز ضر وما بالحزم من...ولقد أنشدني بعض أهل العلم ال تترك الحزم... وأحزم الحزم سوء الظن بالناس ...ضرر

... فإن أمنت فما بالحزم من باس...في أمر تحاذره أخبرنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا إبراهيم بن عمر بن

186

حبيب قال كان يقال ال يوجد العجول محمودا وال الغضوب مسرورا وال الحر حريصا وال الكريم حسودا وال الشره غنيا وال

الملول ذا إخوان إذا ما أتيت األمر من...وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي

وإن الذي... تصعب حتى ال ترى فيه مرتقى ...غير بابه ... على الفخ كان الفخ أعتى وأضيقا...يصطاده الفخ إن عتا

قال أبو حاتم رضى الله عنه العجله تكون من الحدة وصاحب العجله إن اصاب فرصته لم يكن محمودا وإن أخطأها كان

مذموما والعجل ال يسير إال مناكبا للقصد منحرفا عن الجادة يلتمس ما هو أنكد وأوعر وأخفى مسارا يحكم حكم الورهاء

ويناسب أخالق النساء ولقد حدثنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا

مهدى بن سابق قال قال خالد بن برمك من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة أشياء فهو خليق أن ال ينزل به كبير مكروه

العجله واللجاجة والعجب والتواني فثمرة العجلة الندامة وثمرة اللجاجة الحيرة وثمرة العجب البغضة وثمرة التواني

الذل قال أبو حاتم رضى الله عنه العجلة موكل بها الندم وما عجل أحد إال اكتسب ندامة واستفاد مذمة ألن الزلل مع العجل

واإلقدام على العمل بعد التأني فيه أحزم من اإلمساك عنه بعد اإلقدام عليه وال يكون العجول محمودا أبدا والعاقل يعلم

أن العجز في األمور يقوم في النقص مقام اإلفراط فيالسعي فيتجنبهما معا ويجعل لنفسه مسلكا بينهما

ولقد حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو الدرداء عبد العزيز بنمنيب

حدثني إبراهيم بن عاصم قال سمعت صدقة يقول سمعتالشمردل يقول نكح العجز التواني فولد الندامة

قال أبو حاتم رضى الله عنه سبب النجاح ترك التواني ودواعي187

الحرمان الكسل ألن الكسل عدو المروءة وعذاب على الفتوة ومن التواني والعجز أنتجت الهلكة وكما أن األناة بعد الفرصة أعظم الخطأ كذلك العجله قبل اإلمكان نفس الخطأ والرشيد

من رشد عن العجله والخائب من خاب عن األناة والعجلمخطيء أبدا كما أن المتثبت مصيب أبدا

محمد بن الحسن حدثنا حدثني محمد بن عثمان العقبي المصري حدثني نعيم ابن حماد حدثنا ابن المبارك حدثنا معمر

قال كتب عمرو الى معاوية يعاتبه في التأني أما بعد فإن التفهم في الخير زيادة ورشد وإنه من ال ينفعه الرفق يضره

الخرق ومن ال تنفعه التجارب ال يدرك المعاني أو قال المعالي وال يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله وتصبره

شهوته وال يدرك ذلك إال بقوة الحلم وأنشدني محمد بن حبيب الواسطي ... بني إذا ما ساقك الضر فاتئد ... فللرفق أولى باألريب واحرز ... فال تحمين عند األمور

...تعززا ... فقد يورث الذل الطويل التعزز محمد بن المنذر حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثناأخبرني

سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب قال قال أكثم بن صيفي ما يسرني أني نزلت بدار معجزة فأسمنت وألبنت قيل

له لم قال ألني أخاف أن أتخذ العجز عادة وأنشدني المنتصر بن بالل ... وعليك في بعض األمور

صعوبة ... والرفق للمستصعبات مدان ... وبحسن عقل المرءيثبت حاله ... وعلى المغارس تثمر العيدان

حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا مهدي بن سابق عن عبد الله ابن عياش عن أبيه قال شهد أعرابي عند معاوية

بشهادة فقال معاويه كذبت فقال األعرابي إن الكاذبللمتزمل في ثيابك فقال معاوية هذا جزاء من يعجل

ذكر الحث على تعلم األدب ولزوم الفصاحة188

حدثنا الحسين بن إدريس األنصاري أنبأنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن زيد بن أسلم عن عمر قال قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا قال أبو حاتم رضى الله عنه قد شبه النبي صلى الله عليه

وسلم في هذا الخبر البيان بالسحر إذ الساحر يستميل قلب الناظر إليه بسحره وشعوذته والفصيح الذرب اللسان يستميل قلوب الناس اليه بحسن فصاحته ونظم كالمه فاألنفس تكون

اليه تائقة واألعين إليه رامقه ولقد حدثنا أبو خليفة حدثنا أبو محمد التوزي النحوي حدثنا عبد

الله بن صالح حدثنا حبان بن علي قال سمعت ابن شبرمه يقول ما رأيت لباسا على رجل أحسن من فصاحة وال على أمرأة من شحم وإن الرجل ليتكلم فيعرب فكأن عليه الخز

األدكن وإن الرجل ليتكلم فيلحن فكأن عليه أسماال إن احببت أن يصغر في عينك الكبير ويكبر في عينك الصغير فتعلم النحو

... أكرم بذى أدب أكرم بذي حسب ...وانشدني الكريزي والناس صنفان ذو عقل...فإنما العزم في األحساب واألدب

وسائر الناس... كمعدن الفضة البيضاء والذهب ...وذو أدب ... كانوا موالى أو كانوا من العرب...من بين الورى همج

وأنشدني البسامي

بل المسود من قد ساد باألدب...ليس المسود بالمال سؤدده ما دام في جمع ذا األموال... ألن من ساد باألموال سؤدده ...

هون من األمر... إن قل يوما له مال يصير الى ...والنشب ... في ذل وفي تعب

قال أبو حاتم رضى الله عنه الفصاحة أحسن لباس يلبسه الرجل وأحسن إزار يتزر به العاقل واألدب صاحب في الغربه ومؤنس في القلة وزين في المحافل وزيادة في العقل ودليل على المروءة ومن استفاد األدب في حداثته انتفع به في كبره

189

ألن من غرس فسيال يوشك أن يأكل رطبها وما يستوي عند أولى النهى وال يكون سيان عند ذوي الحجى رجالن أحدهما

يلحن واألخر ال يلحن وقد حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب السمجي حدثنا أبو

داود حدثنا عبد الله بن بكر بن حبيب حدثنا أبي عن سالم بن قتيبة قال كنت عند ابن هبيرة فجرى الحديث حتى ذكروا

العربيه فقال والله ما استوى رجالن حسبهما واحد ومروءتهما واحدة أحدهما يلحن واآلخر ال يحلن إال ان أفضلهما في الدنيا واآلخرة الذي ال يلحن قال فقلت أصلح الله األمير هذا أفضل في الدنيا لفضل فصاحته وعربيته أرأيت اآلخرة ما باله فضل فيها قال أنه يقرأ كتاب الله على ما أنزل والذي يلحن يحمله لحنه على أن يدخل في كتاب الله ما ليس فيه ويخرج منه ما

هو فيه قال قلت صدق األمير وبر أيها الطالب فخرا...وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي

هل تراهم خلقوا من فضة... إنما الناس ألم وألب ...بالنسب ... أو ترى فضلهم في خلقهم ... أو حديد أو نحاس أو ذهب ...

... إنما الفضل بحلم راجح ...هل سوى لحم وعظم وعصب وبأخالق كرام وأدب

... فاق من فاخر منهم وغلب...ذاك من فاخر في الناس به وأنشدني محمد بن نصر بن نوفل أنشدني عبد العزيز بن أحمد

... ما حلة نسجت بالدر والذهب ...بن بكار إمام مسجد مكه ... إال وأحسن منها المرء باألدب

حدثنا محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا أحمد بن محمد المسروقي حدثنا محمد بن الحسين البرجالني حدثنا أبو عمر

العمري حدثني عبد الله بن سلمة بن مرداس عن أبيه قال قال لي رجل من حكماء الفرس أقرب القرابة المودة الدائمة

وأفضل ما ورث األباء األبناء حسن األدب190

قال أبو حاتم رضى الله عنه أفضل ما ورث أب أبنا ثناء حسن وأدب نافع والخرس عندي خير من البيان بالكذب كما أن

الحصور خير من العاهر فيجب على العاقل ان يذكى قلبه باألدب كما يذكى النار

بالحطب ألن من لم يذك قلبه ران حتى يسود ومن تعلم األدب فال يتخذه للمماراة عدة وال للمباراة ملجأ ولكن يقصد قصد

االنتفاع بنفسة وليستعين به على ما يقر به الى بارئه ادب المرء...ولقد انشدنى عبد العزيز بن سليمان األبرش

لو وزنتم رجال ذا أدب... ما حواة رجل اال صلح ...كلحم ودم ... بألوف من ذوى الجهل رجح...

انبأنا احمد بن بشر الكرجى حدثنا محمود بن الخطاب حدثنا رستة عبد الرحمن بن عمر قال سمعت عبد الرحمن بن مهدى

يقول ما ندمت على شىء ندامتى انى لم انظر فى العربية سمعت اسحاق بن ابراهيم بن اسماعيل القاضى يقول سمعت ابن اخى األصمعى يقول سمعت عمى يقول تعلموا النحو فإن

بنى اسرائيل كفروا بكلمة

واحدة كانت مشددة فخففوها قال الله يا عيسى إني ولدتكفقرأوا يا عيسى إني ولدتك مخفف فكفروا

حدثنا الحسن بن إسحاق اإلصبهاني حدثنا أبو أمية حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا ابو زيد النحوى قال جاء رجل إلى الحسن

فقال ما تقول في رجل ترك ابيه وأخيه فقال الحسن ترك أباه و أخاه قال الرجل فما ألباه وألخاه فقال الحسن فما ألبيه

وألخيه فقال الرجل كلما تابعتك خالفت قال ابو حاتم رضي الله عنه ال زينة أحسن من زينة الحسب كما أن من أجمل الجمال إستعمال األدب وال حسن لمن ال

أدب له ومن كان من اهل األدب ممن ال حسب له يبلغ به أدبه مراتب أهل األحساب ألن حسن األدب خلف من الحسب

191

وليست الفصاحة إال إصابة المعنى والقصد وال البالغة إال تصحيح األقسام واختيار الكالم ومن أحمد الفصاحة األقتدار

عند البداهة والغزارة عند اإلطالة وأحسن البالغة وضوح الداللةوحسن اإلشارة

ولقد سمعت محمد بن نصر بن نوفل المروزي يقول سمعت أبا داود السنجي يقول سمعت األصمعي يقول ليست البالغة بخفة اللسان وال كثرة الهذيان ولكن بإصابة المعنى والقصد الى الحاجة وإن أبلغ الكالم ما لم يكن بالقروي المجدع وال

البدوي المعرب ولم أر... ولم أر فضال تم إال بشيمة ...وأنشدني الكريزي

... ولم أر في األعداء حين اختبرتهم ...عقال صح إال على أدب ... عدوا لعقل المرء أعدى من الغضب

حدثنا عمر بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا محمد بن عبيد الله الجشمي قال قال المدائني ذكر عند على بن عبد الله بن

عباس بالغة رجل فقال إني ألكره أن يكون مقدار لسانه فاضال على مقدار علمه كما أكره أن يكون مقدار علمه فاضال على

مقدار عقله

قال أبو حاتم رضى الله عنه الكالم مثل اللؤلؤ األزهر والزبرجد األخضر والياقوت األحمر إال أن بعضه أفضل من بعض ومنه ما يكون مثل الخزف والحجر والتراب والمدر وأحوج الناس الى

لزوم األدب وتعلم الفصاحة أهل العلم لكثرة قراءتهم األحاديثوخوضهم في أنواع العلوم

ولقد سمعت محمد بن نصر بن نوفل يقول سمعت أبا داود السنجي أو حدثني سهل بن هاني عنه قال سمعت األصمعي

يقول إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل فيما قال النبي صلى الله عليه وسلم من كذب على

متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ألنه عليه الصالة والسالم لم192

يكن لحانا ولم يلحن في حديثه فمهما رويت عنه ولحنت فيهكذبت عليه

إال... ليس الفتى كل الفتى ...وأنشدني ابن زنجي البغدادي ... أولى به من نسبه ... وبعض أخالق الفتى ...الفتى في أدبه

... بين اللهي مقتله ... في جده أو لعبه ...حتف امريء لسانه ... ركب في مركبه

سمعت أحمد بن الخطاب بن مهران بتستر يقول سمعت عثمان بن خرزاد يقول سمعت علي بن الجعد يقول سمعت

شعبة يقول مثل الذي يطلب الحديث وال يعرف النحو مثلالدابة عليها المخالة ليس فيها شيءذكر إباحة جمع المال للقائم بحقوقه

حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين ابن بنت الحسن بن عيسى بن ماسرجس حدثنا جدي حدثنا ابن المبارك أنبأنا موسى بن على بن رباح عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص

عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاليا عمرو نعما المال الصالح للرجل الصالح

قال أبو حاتم رضى الله عنه هذا الخبر يصرح عن النبي صلى الله عليه وسلم بإباحة جمع المال من حيث يجب ويحل للقائم

فيه بحقوقه ألن في تقرينه الصالح بالمال والرجل معا بيانا واضحا ألنه إنما أباح في جمع المال الذي ال يكون بمحرم على

جامعه ثم يكون الجامع له قائما بحقوق الله فيه ولقد ذكرت هذه المسألة بتمامها بالعلل والحكايات في كتاب الفضل بين

الغنى والفقر بما أرجو الغنية فيها لمن أراد الوقوف علىمعرفتها فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب

إذا كان ما جمعت ليس...أنشدني منصور بن محمد الكريزي على أن هذا خارج... فأنت واقصى الناس فيه سواء ...بنافع

... وأنت الذي تجزي به وتساء...من أثامه 193

أنبأنا محمد بن سليمان بن فارس حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا أبو عياد حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت

مطرف بن عبد الله بن الشخير يحدث عن حكيم بن قيس بن عاصم عن أبيه أنه أوصى بنيه عند موته فقال عليكم بالمال واصطناعه فإنه منبهة للكريم ويستغني به عن اللئيم وإياكم

ومسألة الناس فإنها آخر كسب الرجل قال أبو حاتم رضى الله عنه إن من أحسن ما ينتفع المرء به

في عمره وبعد الممات تقوى الله والعمل الصالح فالواجب على العاقل أن يعمل في شبابه فيما يقيم به أوده

كالشيء الذي ال يفارقه أبدا وفيما يصلح به دينه كالشيء الذي ال يجده غدا وليكن تعاهده لماله ما يصلح به معاشه ويصون به

نفسه وفي دينه ما يقدم به آلخرته ويرضى به خالقه والفاقه خير من الغنى بالحرام والغنى الذي ال مروءة له أهون من

الكلب وإن هو طوق وخلخل حدثني محمد بن عثمان العقبي حدثنا عمران بن موسى بن

أيوب حدثني أبي

عيسى بن يونس عن محمد بن سوقه عن محمد بنحدثنيالمنكدر قال نعم العون على تقوى الله الغني

وانشدني على بن محمد البسامي ... أرى كل ذي مال يسود بماله ... وإن كان ال أصل هناك وال فصل ... وآخر منسوبا الى الرأي خامال ... وأنوك مجهوال له الجاه والنبل ... فال ذا بفضل

...الرأي أدرك بلغة ... ولم أر هذا ضره النوك والجهل منصور بن محمد الكريزي ليحيى بن أكثم ... إذا قلوأنشدني

مال المرء قل بهاؤه ... وضاقت عليه أرضه وسماؤه ... وأصبح ال يدري وإن كان حازما ... أقدامه خير له أم وراؤه ... ولم يمض في وجه من األرض واسع ... من الناس إال ضاق عنه

فضاؤه ... وأصبح مردودا عليه مقاال وكان به قد يقتدى194

خطباؤه ... وإن يبق لم يضرر عدوا بقاؤه ... وإن يفن لم يفقد ...لخير فناؤه

حدثني محمد بن المهاجر حدثنا أبو أحمد بن حماد البربري عن سليمان بن أبي شيخ حدثني الزبيري قال مر عمر بن الخطاب

بمحمد بن مسلمة وهو يغرس وديا فقال ما تصنع يا ابن مسلمة قال ما ترى أستغنى عن الناس كما قال صاحبكم

أحيحه بن الجالح ... استغن أومت فال يغررك ذو نشب ... من ابن عم وال عم وال خال ... إني أظل على الزوراء أعمرها ...

...إن الحبيب الى اإلخوان ذو المال محمد بن المنذر حدثنا علي بن عبد الرحمن عن عبدانأنبأنا

قال دخلت على عبد الله المبارك وهو يبكي فقلت له مالك يا أبا عبد الرحمن قال بضاعة لي ذهبت قال قلت أو تبكي على

المال قال إنما هو قوام ديني قال أبو حاتم رضى الله عنه إن من اسعد الناس من كان في

غناه عفيفا

وفي مسكنته قنعا ألن من نزل به الفقر لم يجد بدا من ترك الحياء والفقر يذهب العقل والمروءة ويذهب العلم واألدب

وكاد الفقر أن يكون كفرا ومن عرف بالفقر صار معدنا للتهمه ومجمعا للباليا اللهم إال أن يرزق المرء قلبا نقيا قنعا يرى الثواب المدخر من الضجر الشديد فحينئذ ال يبالي بالعالم بأسرهم والدنيا وما فيها والفقر داعية الى المهانه كما أن

يغطي...الغني داعية الى المهابه ولقد أحسن الذي يقول ... وصدق فيما قال وهو كذوب ...عيوب المرء كثرة ماله

... يحمقه األقوام وهو لبيب...ويزري بعقل المرء قلة ماله أنبأنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي حدثنا النمر بن قادم

حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال قال لي أبو قالبة يا أيوبالزم سوقك فإنك ال تزال كريما على إخوانك ما لم تحتج إليهم

195

...وأنشدني العقبي أنشدني محمد بن خلف التيمي بالكوفة الى كل من يلقى من الناس...كأن مقال حين يغدو لحاجة

فلما رأوني معدما... وكان بنو عمي يقولون مرحبا ...مذنب ... مات مرحب

... لعمرك إن المال قد يجعل الفتى ...وأنشدني الكريزي وال رفع النفس الدنيئة...نسيبا وإن الفقر بالمرء قد يزري

... وال وضع النفس الكريمة كالفقر...كالغنى حدثنا محمد بن يحيى العمى ببغداد حدثنا الصلت بن مسعود

حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب قال قال لي أبو قالبة الزمالسوق فإن الغنى من العافيه

قال أبو حاتم رضى الله عنه ليس خلة هي للغنى مدح إال وهي للفقير عيب فإن كان الفقير حليما قيل بليد وإن كان عاقال

قيل مكار وإن كان بليغا قيل مهذار وإن كان ذكيا قيل حديدوإن كان صموتا قيل عيي وإن

كان متأنيا قيل جبان وإن كان عارما قيل جريء وإن كان جواداقيل مسرف وإن كان مقدار قيل ممسك

وشر المال ما اكتسب من حيث ال يحل وأنفق فيما ال يجمل ووجوده وعدمه ليسا بتجلد وال بكثرة حيلة ولكنه اقسام

يشقى...ومواهب من الخالق العليم ولقد أنشدني األبرش ... ويسعد الله أقواما بأقوام ...رجال ويشقى آخرون بهم

لكن جدود بأرزاق...وليس رزق الفتى من حسن حيلته يرمي... كالصيد يحرمه الرامي المجيد وقد ...وأقسام

... فيرزقه من ليس بالرامي حدثني محمد بن سعيد القزاز حدثنا أحمد بن داود بن موسى

العطار حدثنا أحمد بن نصر العدني حدثنا المندني قال قال أبو قيس بن معد يكرب وكان له أحد عشر ذكرا يا بني اطلبوا هذا

المال أجمل الطلب واصرفوه في أحسن مذهب صلوا به196

األرحام واصطنعوا به األقوام واجعلوه جنة ألعراضكم تحسن في الناس قالتكم فإن جمعه كمال األدب وبذله كمال المروءة

حتى إنه ليسود غير السيد ويقوى غير األيد وحتى إنه ليكون في أنفس الناس نبيها وفي أعينهم مهيبا ومن جمع ماال فلم يصن عرضا ولم يعط سائال بحث الناس عن أصله فإن كان

مدخوال هتكوه وان كان صحيحا نسبوه إما الى عرض دنيه وإماالى لوص لئيم حتى يهجنوه

حدثني مطهر بن يحيى بن ثابت بواسط حدثنا سنان القطان حدثنا أبو معاوية عن األعمش عن إبراهيم عن علقمة قال

سمع رجل صوتا في غمام اذهبي الى أرض فالن فاسقيه قال فقال الرجل آلتين فالنا هذا فألنظرن ما يعمل في أرضه فأتاه وقد مطر فيها وهو قائم يفتح األواعي فسلم عليه وقال يا عبد

الله أخبرني ما تعمل في أرضك هذه قال أنظر الى ما أخرج الله منها فأرد فيها ثلثه وأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثه قال علقمه فكان ابن مسعود يبعثني الى أرض له بزازان أفعل فيها

مثل ذلك قال أبو حاتم رضى الله عنه إن شر المال ماال يخرج منه

حقوقه وإن شرا منه ما أخذ من غير حله ومنع من حقه وأنفق في غير حله واستثمار المال قوام المعاش وال بد للمرء من

إصالح ماله وما ارتفع أحد قط عن إصالح ماله صالحا كان أوطالحا

وال يجب للعاقل أن يعتمد على مجاورة نعم الله عنده فال يقضي منها حقوقها ألن من اساء مجاورة نعم الله أساءت

مجاورته وتحولت عنه الى غيره فإن كنت في خير فال...ولقد أنشدني ابن زنجي البغدادي

فمن لم يصن عرضا... ولكن قل اللهم سلم وتمم ...تغترر به ... ويشكر ألهل الخير يسلب ويذمم...إذا ما استفاده

197

...حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي أنشدنا مهدي بن سابق يعيش... ولكن حظه منه قليل ...ورب مملك ماال كثيرا

له منه الذي... وقد سالت به فيه سيول ...بفضله هذا وهذا بعيشته وسائره فضول...يحيا عليه

حدثنا أحمد بن الحسين الحرازي بالموصل حدثنا أحمد بن سنان القطان حدثنا كثير بن هشام عن عيسى بن إبراهيم عن

معاوية بن عبد الله عن كعب قال أول من ضرب الديناروالدرهم آدم وقال ال تصلح المعيشة إال بهما

قال أبو حاتم رضى الله عنه قد ذكرت ما شاكل هذه الحكايات في كتاب السخاء والبذل فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا

الكتابذكر الحث على إقامة المروءات

حدثنا إسحاق بن ابراهيم بن إسماعيل القاضي وعبد الله بن محمود بن سليمان السعدي قاال حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله العتكي حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن العالء بن عبد

الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليهوسلم كرم الرجل دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه

قال أبو حاتم رضى الله عنه صرح النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر بأن المروءة هي العقل والعقل اسم يقع على العلم بسلوك الصواب واجتناب الخطأ فالواجب على العاقل أن يلزم إقامة المروءة بما قدر عليه من الخصال المحمودة

وترك الخالل المذمومه وقد نبغت نابغة اتكلوا على آبائهم واتكلوا على أجدادهم في

الذكر والمروءات وبعدوا عن القيام بإقامتها بأنفسهم إن...ولقد أنشدني منصور بن محمد في ذم من هذا نعته

ورث المروءة عن أب فأضاعها...المروءة ليس يدركها امرؤ ونهته عن طلب العلى... أمرته نفس بالدناءة والخنا ...

198

يبني الكريم بها... فإذا أصاب من األمور عظيمة ...فأطاعها ... المروءة باعها

خساسة أخالق الرجال تشينهم...وأنشدني محمد بن اسحاق وقل غناء عنهم النسب المحض...

وقد غيبت آباءهم عنهم...يصولون باآلباء في كل مشهد وما لهم في المجد... طويل تبديهم بمجد أبيهم ...األرض

... طول وال عرض ليس الكريم بمن...وأنشدني الحسين بن أحمد البغدادي

حتى يشيد... ويرى مروءته تكون بمن مضى ...يدنس عرضه ... ويزين صالح ما أتوه بما أتى...بناءه ببنانه

قال أبو حاتم رضى الله عنه ما رأيت أحدا أخسر صفقة وال أظهر حسرة وال أخيب قصدا وال أقل رشدا وال أحمق شعارا

وال ادنس دثارا من المفتخر باآلباء الكرام واخالقهم الجسام مع تعريه عن سلوك أمثالهم وقصد أشباههم متوهما أنهم ارتفعوا بمن قبلهم وسادوا بمن تقدمهم وهيهات أني يسود المرء على

الحقيقه إال بنفسه واني ينبل في الدارين إال بكده ... وكم قائل إني ابن بيت هو ابنه ...ولقد أنشدني البسامي

فأودى عموداه ورثت...وقد هدم البيت الذي مات عامره ... وأصلح أواله وأفسد آخراه...حباله

كريم... فإن قلت لي آباء صدق ومنصب ...وأنشدني األبرش ... صدقت ولكن أنت هدمت ما بنوا ...وإخوان مضت وجدود

... بكفك عمدا والبناء جديد إن لم تكن بفعال...وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي

ليس... لم يغن عنك سمو من تسمو به ...نفسك ساميا ... إن لم تجده آخذا بنصيبه ...القديم على الحديث براجع ... وغدا القريب مباعدا لقريبه...ولربما اقترب البعيد بوده

أنبأنا الحسين بن محمد بن مصعب السنجي حدثنا أبو داود199

السنجي حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الحسن قال ال دينإال بمروءة

قال أبو حاتم رضى الله عنه اختلف الناس في كيفية المروءة

فمن قائل قال المروءة ثالثة إكرام الرجال إخوان أبيهوإصالحه ماله وقعوده على باب داره

ومن قائل قال المروءة إتيان الحق وتعاهد الضعيف ومن قائل قال المروءة تقوى الله وإصالح الضيعة والغداء

والعشاء في األفنية ومن قائل قال المروءة إنصاف الرجل من هو دونه والسمو

إلى من هو فوقه والجزاء بما أتى إليه ومن قائل قال مروءة الرجل صدق لسانه واحتماله عثرات جيرانه وبذله المعروف ألهل زمانه وكفه األذى عن أباعده

وجيرانهومن قائل قال إن المروءة التباعد من الخلق الدنى فقط

ومن قائل قال المروءة أن يعتزل الرجل الريبة فإنه إذا كان مريبا كان ذليال وأن يصلح ماله فإن من أفسد ماله لم يكن له

المروءة واإلبقاء على نفسه في مطعمه و مشربه ومن قائل قال المروءة حسن العشرة وحفظ الفرج واللسان

وترك المرء ما يعاب منهومن قائل قال المروءة سخاوة النفس وحسن الخلق

ومن قائل قال المروءة العفة والحرفه أي يعف عما حرم اللهويحترف فيما أحل الله

ومن قائل قال المروءة كثرة المال والولد ومن قائل قال المروءة إذا أعطيت شكرت وإذا ابتليت صبرت

وإذا قدرت غفرت وإذا وعدت أنجزت ومن قائل قال المروءة حسن الحيلة في المطالبة ورقة

الظرف في المكاتبة200

ومن قائل قال المروءة اللطافة في األمور وجودة الفطنة

ومن قائل قال المروءة مجانبة الريبة فإنه ال ينبل مريب وإصالح المال فإنه ال ينبل فقير وقيامه بحوائج أهل بيته فإنه ال

ينبل من احتاج أهل بيته الى غيرهومن قائل قال المروءة النظافة وطيب الرائحة

ومن قائل قال المروءة الفصاحة والسماحةومن قائل قال المروءة طلب السالمة واستعطاف الناس

ومن قائل قال المروءة مراعاة العهود والوفاء بالعقود ومن قائل قال المروءة التذلل لألحباب بالتملق ومداراة

األعداء بالترفقومن قائل قال المروءة مالحة الحركة ورقة الطبعومن قائل قال المروءة هي المفاكهه والمباسمه

حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا سويد بن سعيد حدثنا مسلم بن عبيد أبو فراس قال قال ربيعه المروءه مروئتان فللسفر

مروءة وللحضر مروءة فأما مروءة السفر فبذل الزاد وقلة الخالف على األصحاب

وكثرة المزاح في غير مساخط الله وأما مروءة الحضر فاإلدمان الى المساجد وكثرة اإلخوان في

الله وقراءة القرآن قال أبو حاتم رضى الله عنه اختلفت ألفاظهم في كيفية

المروءة ومعاني ما قالوا قريبة بعضها من بعض والمروءة عندي خصلتان اجتناب ما يكره الله والمسلمون من

الفعال واستعمال ما يحب الله والمسلمون من الخصال وهاتان الخصلتان يأتيان على ما ذكرنا قبل من اختالفهم

واستعمالهما هو العقل نفسه كما قال المصطفى صلى اللهعليه وسلم إن مروءة المرء عقله

ومن أحسن ما يستعين به المرء على إقامة مروءته المال201

الصالح

احتل لنفسك أيها...ولقد أنشدني منصور بن محمد الكريزي كم ناطق وسط... فمن المروءة أن يرى لك مال ...المحتال

... عنهم هناك تكلم األموال...الرجال وإنما قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يقيم

مروءته بما قدر عليه وال سبيل الى إقامة مروءته إال باليسار من المال فمن رزق ذلك وضن بإنفاقه في إقامة مورءته فهو

الذي خسر الدنيا واآلخرة وال آمن أن تفجأه المنيه فتسلبه عما ملك كريها وتودعه قبرا وحيدا ثم يرث المال بعد من يأكله وال

يحمده وينفقه وال يشكره فأي ندامة تشبه هذه وأي حسرةتزيد عليها

يا جامع المال...ولقد أنشدني محمد بن عبد الله البغدادي قدم... هل أنت بالمال قبل الموت منتفع ...في الدنيا لوارثه

فإن حظك بعد الموت منقطع...لنفسك قبل الموت في مهل ...

أنبأنا المفضل بن محمد الجندي بمكة حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري حدثنا أزهر عن ابن عون عن ابن سيرين قال ثالثة

ليست من المروءة األكل في األسواق واالدهان عند العطاروالنظر في مرآة الحجام

حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني حدثنا هشيم عن مغيرة عن الشعبي قال ليس من

المروءة النظر في مرآة الحجام حدثنا محمد بن يحيى بن الحسن العمي ببغداد حدثنا الصلت

بن مسعود حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب قال سمعت أبا قالبةيقول ليس من المروءة أن يربح الرجل على صديقه

أصبحت... اعلم بأنك ال أبالك في الذي ...وأنشدني البسامي في... إن المنيه ال تؤامر من أتت ...تجمعه لغيرك خازن

202

... نفسه يوما وال تستأذن أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا ابن عائشة عن أبيه

قال كان

يقال مجالسة أهل الديانة تجلو عن القلب صدأ الذنوب ومجالسة ذوي المروءات تدل على مكارم األخالق ومجالسة

العلماء تذكي القلوب حدثني محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا أبو أحمد بن حماد

البربري عن سليمان بن أبي شيخ حدثنا محمد بن الحكم عن عوانه قال قال معاويه بن أبي سفيان آفة المروءة إخوان

السوء قال أبو حاتم رضى الله عنه والواجب على العاقل تفقد

األسباب المستحقرة عند العوام من نفسه حتى ال يثلم مروءته فإن المحقرات من ضد المروءات تؤذي الكامل في الحال

بالرجوع في القهقري إلى مراتب العوام وأوباش الناس ولقد حدثنا جعفر بن محمد الهمداني بصور قال سمعت طلحه

بن إسحاق ابن يعقوب قال سمعت موسى بن إسحاق األنصاري يقول سمعت علي بن حكيم األودي يقول سمعت

شريكا يقول ذل الدنيا خمسة دخول الحمام سحرا بال كرنيب وعبور المعبر بال قطعه وحضور مجلس العلم بال نسخه وحاجة

الشريف الى الدني وحاجة الرجل الى امرأته حدثنا أبو شعبة الحسن بن محمد اإلصطخري حدثنا عبد

الرحمن بن محمد ابن منصور حدثنا محمد بن عبد العزيز الرملي حدثنا رشدين بن سعد حدثنا طلحة بن زيد عن عكرمة

عن ابن عباس قال من قلة مروءة الرجل نظره في بيتالحائك وحمله الفلوس في كمه

203

باب الحث على لزوم السخاء ومجانبة البخل أنبأنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر حدثنا الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي حدثنا سعيد بن محمد الوراق حدثنا يحيى بن سعيد

األنصاري عن األعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السخي قريب من الله قريب من الناس والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس ولسخي جاهل أحب الى

الله من بخيل عابد قال أبو حاتم رضى الله عنه إن كان حفظ سعيد بن محمد

إسناد هذا الخبر فهو غريب غريب فالواجب على العاقل إذا أمكنه الله تعالى من حطام هذه

الدنيا الفانية وعلم زوالها عنه وانقالبها الى غيره وأنه ال ينفعه في اآلخرة إال ما قدم من األعمال الصالحة أن يبلغ مجهوده في أداء الحقوق في ماله والقيام بالواجب في أسبابه مبتغيا بذلك الثواب في العقبى والذكر الجميل في الدنيا إذ السخاء

محبة ومحمدة كما أن البخل مذمه ومبغضة وال خير في المالإال مع الجود كما ال خير في المنطق إال مع المخبر

الجود مكرمة...ولقد أنشدني المنتصر بن بالل األنصاري والفقر... ال يستوي البخل عند الله والجود ...والبخل مبغضة

والناس في المال مرزوق...فيه شخوص والغنى دعه ... ومحدوده

حدثني محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا محمد بن الحسن الذهلي حدثنا محمد ابن يوسف السدوسي حدثنا أحمد بن خالد القثمي حدثنا سليمان مولى عبد الصمد بن علي أن المنصور أمير المؤمنين قال البنه المهدي اعلم ان رضاء

الناس غاية ال تدرك فتحبب إليهم باإلحسان جهدك وتودد إليهمباإلفضال وأقصد بإفضالك موضع الحاجه منهم

أعاذلتي اليوم...وأنشدني محمد بن اسحاق الواسطي 204

دعاني تجد... وكفا األذى عني وال تكثرا العذال ...ويحكما مهال إذا... سأصبح يوما أترك الجود والبخال ...كفى بما ملكت يدي

... علي وخلفت المطية والرحال ...وضعوا فوق الضريح جنادال ... وال أنا الق ما ثويت به أهال...فال أنا مختار إذا ما نزلته

أنبأنا إبراهيم بن إسحاق األنماطي حدثنا لوين حدثنا ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال كان أبي يقول مال قوم قط

أقاموا على ماء عذب حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا بكر بن عامر العتري حدثنا هشام ابن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضى

الله عنه قال من آتاه الله منكم ماال فليصل به القرابه وليحسن فيه الضيافة وليفك فيه العاني واألسير وابن السبيل والمساكين والفقراء والمجاهدين وليصبر فيه على النائبة فإن

بهذه الخصال ينال كرم الدنيا وشرف اآلخره قال أبو حاتم رضى الله عنه أجود الجود من جاد بماله وصان

نفسه عن مال غيره ومن جاد ساد كما أن من بخل رذل والجود حارس األعراض كما أن العفو زكاة العقل ومن أتم الجود أن يتعرى عن المنة ألن من لم يمتن بمعروفه وفره

واالمتنان يهدم الصنائع وإذا تعرت الصنيعة عن إزار له طرفان أحدهما االمتنان واآلخر طلب الجزاء كان من أعظم الجود وهو

الجود على الحقيقة ... يا رب عاذلة في الجود قلت لها ...ولقد أنشدني ابن زنجي

هل من بخيل رأيت المال...قلى على الله فيما أنفق الخلفا لما رأتني أوتي... أم هل رأيت جوادا ميتا عجفا ...أخلده

عدت سماحي... وال أبالي تالدا كان ام طرفا ...المال طالبه ما يكسب الحمد تبذيرا وال سرفا...تبذيرا ولست أرى

أنبأنا الحسين بن سفيان حدثنا حبان بن موسى قال قسم ابن المبارك يوما بين إخوانه وأصحاب الحديث ألف درهم ثم أنشأ

205

... إال جواد الكف وهابه ... ال خير في المال لكنازه ...يقول ... ما تفعل الخمر بشرابه...يفعل أحيانا بزواره

حدثني محمد بن عثمان العقبي حدثنا الحسن بن محمد عن ابن السماك قال يا عجبي لمن يشتري المماليك بالثمن وال

يشتري األحرار بالمعروف قال أبو حاتم رضى الله عنه إن من أحسن خصال المرء الجودمن غير امتنان وال طلب ثواب والحلم من غير ضعف وال مهانة وأصل الجود ترك الضن بالحقوق عن أهلها كما أن أصل تربية

الجسد أن ال يحمل عليه في األكل والشرب والباه فكما ال تنفع المروءة بغير تواضع وال الحفظ بغير كفاية كذلك ال ينفع العيش بغير مال وال المال بغير جود وكما ان القرابه تبع للمودة كذلك

المحمدة تبع لإلنفاق أنبأنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا يحيى بن معين

حدثنا المبارك ابن سعيد الثوري قال كان يقال ثالث هن احسن شيء فيمن وجدت فيه تؤدة في غير ذل وجود لغير ثواب

ونصب لغير الدنيا حدثنا أيو يعلي بالموصل حدثنا محمد بن الصباح الدوالبي حدثنا

إسماعيل ابن زكريا عن عاصم األحول قال قلت للحسن ما معنى قوله صلى لله عليه وسلم اليد العليا خير من اليد

السفلى قال يد المعطي خير من يد المانع حدثنا أبو خليفة حدثنا ابن كثير أنبأنا سفيان عن األعمش عن ذكوان وعبد الله بن مرة عن كعب قال من أحب لله وأبغض

لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل اإليمان ويظهر عيب المرء في...وأنشدني الكريزي ليحيى بن أكثم

تغط بأثواب... ويستره عنهم جميعا سخاؤه ...الناس نحله أرى كل عيب والسخاء غطاءه...السخاء فإنني

وأنشدني أحمد بن محمد بن عبد الله اليماني لبعض القرشيين206

وأجعله وقفا على القرض... سأبذل مالي كلما جاء طالب ... وإما لئيما صنت... فإما كريما صنت بالجود عرضه ...والفرض

... عن لؤمه عرضي وأنشدني كامل بن مكرم أبو العالء أنشدني هالل بن العالء بن

فما طمع... مألت يدي من الدنيا مرارا ...عمر الباهلي وهل... وما وجبت على زكاة مال ...العواذل في اقتصادي

... تجب الزكاة على الجواد قال أبو حاتم رضى الله عنه البخل شجرة في النار أغصانها

في الدنيا من تعلق بغصن من أغصانها جره الى النار كما أن الجود شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن

من أغصانها جره الى الجنة والجنه دار األسخياء والبخيل يقال له في أول درجته البخيل فإذا عتا وطغى في اإلمساك يقال له

الشحيح فإذا ذم الجود واألسخياء يقال له لئيم فإذا صار يحتجللبخالء ويعذرهم في فعالهم يقال له المالئم

وما اتزر رجل بإزار أهتك لعرضه وال أثلم لدينه من البخل لكل هم من...ولقد أنشدني محمد بن أسحاق الواسطي

قد يجمع المال... والبخل واللؤم ال فالح معه ...الهموم سعه أقبل من الدهر ما... ويأكل المال غير من جمعه ...غير آكله ... من قر عينا بعيشه نفعه...أتاك به

سمعت الخطابي بالبصرة يقول سمعت أبا حاتم السجستاني يقول سأل كسرى أي شيء أضر على ابن آدم قالوا الفقر قال الشح أضر منه إن الفقير إذا وجد اتسع وإن الشحيح ال

يتسع إذا وجد أنبأنا إبراهيم بن محمد بن يعقوب حدثنا ابن أبي القعقاع قال قال أبو الهذيل كنت عند يحيى بن خالد البرمكي فدخل عليه

رجل هندي ومعه مترجم له

فقال المترجم إن هذا رجل شاعر قد حاول مدحتك فقال207

أره أصره ككرا كي كره مندره...يحيى لينشد فقال الهندي ...

إذا المكارم في...فقال يحيى للمترجم ما يقول قال يقول ... فإنما بك فيها يضرب المثل...آفاقنا ذكرت

قال فأمر له بألف دينار إذا المرء لم...وأنشدني عبد الرحمن بن محمد المقاتلي

إذا قلت... فكل رداء يرتديه جميل ...يدنس من اللؤم عرضه ... فليس الى حسن الثناء سبيل...ال في كل شيء سئلته

وأنشدني عمرو بن محمد األنصاري أنشدني الغالبي أنشدني تطمع بالله... يا مانع المال كم تضن به ...مهدي بن سابق أما تراه لغيره... هل حمل المال ميت معه ...في الخلود معه

... جمعه أنبأنا عمران بن موسى السختياني حدثنا سليمان بن معبد

المروزي حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن وهب اخبرني يحيى بن أيوب عن أبي علي الغافقي سمع عامر بن عبد الله

اليحصبي قال كان ابن منبه يقول أجود الناس في الدنيا من جاد بحقوق الله وإن رآه الناس بخيال بما سوى ذلك وإن أبخل

الناس في الدنيا من بخل بحقوق الله وإن رآه الناس كريماجوادا بما سوى ذلك

رب مال سينعم الناس...وأنشدني علي بن محمد البسامي كان يشقى به وينصب فيه... وهو عن ربه قليل الغناء ...فيه

... ماله عندهم جزاء إذا ما ... ثم أضحى لمعشر غرباء ...نعموا فيه غير سوء الثناء

... وغنى يعد في الفقراء...رب مال يكون ذما وغما حدثنا أحمد بن الحسن بن أبي الصغير المدائني حدثنا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول كان أبو حاتم يعني الطائي سخيا وكان يضع األشياء مواضعها وكان حاتم مبذرا

208

فاجتمع يوما عند أبيه أصحابه وشكا إليهم حاتما قال والله ما أدري ما اصنع ال يأخذ شيئا إال بذره فاجتمع رأيهم على أن ال

يعطيه شيئا سنه قال فأقام أبوه ولم يمكنه من شيء سنة مع ما هو فيه من الضر فلما مضت السنة أمر له بمائة ناقة

حمراء قال فلما وقفت عليه قال حاتم من أحب شيئا فهو له حتى أخذوها كلها فدعاه أبوه فقال له أي بني ماذا تصنع قال والله يا أبي لقد بلغ الجوع مني شيئا ال يسألني أحد شيئا إال

أعطيته إياه تجود بالمال على وارث...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان

جاد... قدم حسن الظن بالله من ... وال ترى أهال له نفسكا ...... وسوء الظن من أمسكا

أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا ابن عائشة قال كان وما...عمر بن عبد العزيز كثيرا ما يتمثل بهذا الشعر ويعجبه

... إال حنوطا غداة البين مع خرق ...تزود مما كان يجمعه ... وقل ذلك من زاد لمنطلق...وغير نفحة أعواد تشد له

أنبأنا أبو يعلي حدثنا يحيى بن أيوب المقابري حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن نافع قال مرض ابن عمر بالمدينه فاشتهى

عنبا في غير زمانه قال فطلبوا فلم يجدوا إال عند رجلفاشترى سبع حبات بدرهم فجاء سائل فأمر له به ولم يذقه قال أبو حاتم رضى الله عنه ما رأيت أحدا من الشرق الى الغرب أرتدى برداء الجود واتزر بإيزار ترك األذى إال رأس

أشكاله وأضداده وخضع له

الخاص والعام فمن أراد الرفعه العالية في العقبى والمرتبه الجليله في الدنيا فليلزم الجود بما ملك وترك األذى الى

الخاص والعام ومن أراد ان يهتك عرضه ويثلم دينه ويملهإخوانه ويستثقله جيرانه فليلزم البخل

ولقد ذم البخل أهل العقل في الجاهلية واإلسالم الى يومنا هذا209

كأنما نقرت...فمنه ما أنشدني محمد بن عبد الله البغدادي يرى التيمم... فليس بين يديه والندى عمل ...كفاه من حجر

... مخافة أن يرى في كفه بلل...في بحر وفي بلد وأنشدني عمرو بن محمد أنشدني الغالبي أنشدنا مهدي بن

إبرا يضيق بها... لو أن دارك أنبتت لك واحتشت ...سابق ليخيط قد... وأتاك يوسف يستعيرك إبره ...فناء المنزل

... قميصه لم تفعل وكفاك لم يخلقا للندى...وأنشدني أحمد بن محمد بن أيوب

كما... فكف عن الخير مقبوضه ... ولم يك بخلهما بدعه ... وتسع مئيها لها... وأخرى ثالثة آالفها ...حط من مائه سبعه

... شرعه سمعت محمد بن نصر بن نوفل المروزي يقول سمعت محمد

بن صالح الوركاني يقول قيل للنضر بن شميل أي بيت قالته فلو لم تكن في كفه غير...العرب اسخى قال الذي يقول

... لجاد بها فليتق الله سائله...روحه لو جعل الخردل في...قال وأي بيت قالته العرب أبخل فقال

... ما سقطت من كفه خردله...كفه العجرفيون ال يوفون...قال وأي بيت قالته العرب أهجى قال

والعجرفيات ينجزن المواعيدا...ما وعدوا

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل إذا لم يعرف بالسماحة أن ال يعرف بالبخل كما ال يجب إذا لم يعرف

بالشجاعه أن يعرف بالجبن وال إذا لم يعرف بالشهامة أن يعرف بالمهانه وال إذا لم يعرف باألمانه أن يعرف بالخيانه إذ

البخل بئس الشعار في الدنيا واآلخرة وشر ما يدخر مناألعمال في العقبى

حدثنا أحمد بن عمرو بن جابر بالرمله حدثنا أبو عتبة الحمصي أحمد بن الفرج حدثنا ضمرة حدثنا إبراهيم بن أبي عبله قال

210

سمعت أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز تقول أف للبخلوالله لو كان طريقا ما سلكته ولو كان ثوبا ما لبسته

حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا العباس بن بكارالهذلي قال قال الحسن من أيقن الخلف جاد بالعطية

ذكر الزجر عن ترك قبول الهدايا من األخوان حدثنا محمد بن صالح الطبري حدثنا عبد الله بن عمران األصبهاني بالري حدثنا يحيى بن ضريس حدثنا مسلم بن

إبراهيم حدثنا سفيان الثوري عن األعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجيبوا

الداعي وال تردوا الهدية وال تضربوا المسلمين قال أبو حاتم رضى الله عنه زجر النبي صلى الله عليه وسلم

في هذا الخبر عن ترك قبول الهدايا بين المسلمين فالواجب على المرء إذا أهديت إليه هدية أن يقبلها وال يردها

ثم يثيب عليها إذا قدر ويشكر عنها وإني ألستحب للناس بعث الهدايا الى اإلخوان بينهم إذ الهدية تورث المحبة وتذهب

الضغينه ولقد حدثنا محمد بن المهاجر حدثنا الدارمي حدثنا عبد الله بن

صالح

الليث قال سمعت عبد الملك بن رفاعه الفهمي يقولأنبأناالهدية هو السحر الظاهر

حدثني إبراهيم بن أبي أميه بطرسوس حدثنا حامد بن يحيى البلخي حدثنا سفيان قال لما قعد أبو حنيفة قال للناس مساور

الوراق ... كنا من الدين قبل اليوم في سعة ... حتى بلينا بأصحاب المقاييس ... قوم إذا اجتمعوا صاحوا كأنهم ... ثعالب

...ضبحت بين النواويس فبلغ ذلك أبا حنيفة فبعث اليه بمال فقال مساور حينقال

قبض المال ... إذا ما الناس يوما قايسونا ... بآبده من الفتيا211

طريفة ... أتيناهم بمقياس صحيح ... مصيب من طراز أبي حنيفة ... إذا سمع الفقيه بها وعاها ... وأثبتها بحبر في صحيفه

... الكريزي ... إن الهدية حلوة ... كالسحر تختلب القوباوأنشدني

... تدني البعيد من الهوى ... حتى تصيره قريبا ... وتعيد مضطغن العداوة ... بعد بغضته حبيبا ... تنفي السخيمة من

...ذوي الشحنا ... وتمتحق الذنوبا أنبأنا الحسين بن إسحاق األصبهاني بالكرج وإبراهيم بن محمد

الدستوائي بتستر قاال حدثنا محمد بن عبيد بن عتبه الكندي حدثنا بكار بن أسود العامري حدثنا إسماعيل بن أبان قال بلغ

الحسن بن عمارة أن األعمش يقع فيه فبعث اليه بكسوة فلما كان بعد ذلك مدحه األعمش فقيل له كيف تذمه ثم تمدحه

قال إن خيثمة حدثني عن عبد الله قال إن القلوب جبلت علىحب من أحسن إليها وبغض من أساء اليها

قال أبو حاتم رضى الله عنه قال لنا هذان الشيخان عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أهابه قال والبشر مجبولون على

محبة اإلحسان وكراهية

األذى واتخاذ المحسن اليهم حبيبا واتخاذ المسيء اليهم عدوا فالعاقل يستعمل مع أهل زمانه لزوم بعث الهدايا بما قدر عليه

الستجالب محبتهم إياه ويفارقه تركه مخافة بغضهم تولد... هدايا الناس بعضهم لبعض ...ولقد أنشدني األبرش

... وتزرع في الضمير هوى وودا ...في قلوبهم الوصاال ... مصايد للقلوب بغير لغب ...وتكسوك المهابة والجالال ... وتمنحك المحبة والجماال

حدثني محمد بن سعيد القزاز حدثنا عبد الله بن لقمان البهراني النجراني حدثنا موسى بن أيوب حدثنا خداش بن

المهاجر عن الحسن بن دينار عن ابن سيرين قال كانوا212

يتهادون الدراهم في الجوالقات واألطباق قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يستعمل األشياء على ما يوجب الوقت ويرضي بنفاذ القضاء وال يتمنى

ضد ما زرق وإن كان عنده الشيء التافه ال يجب أن يمتنع من بذله الستحقاره واستقالله ألن أهون ما فيه لزوم البخل والمنع ومن حقر شيء منعه بل يكون عنده الكثرة والقلة في الحالة

سيان ألن ما يورث الكثير من الخصال أورث الصغير بقدرهمن الفعال

حدثنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا أبراهيم بن عمر بن حبيب عن األصمعي قال دخلنا على كهمس العابد فجاء بخمسة وعشرون بسره حمراء فقال هذا الجهد من

أخيكم والله المستعان لعل... إن المنى عجب لله صاحبها ...وأنشدني ابن زنجي

يجري... فإن ترى عبرا فيهن معتبر ...حتف امريء فيما تمناه بها قدر فالله أجراه

أحسن فعاقبة اإلحسان...التحقرن من اإلحسان محقرة ... حسناه محمد بن أيوب بن مشكان بطبريه قصبة األردن حدثناحدثنا

أبو عتبه حدثنا سلمة بن عبد الملك العرضي حدثنا المعافي بن عمران قال سمعت ميمون يقول من رضى من خلة اإلخوان

بال شيء فليواخ أهل القبور حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد القيسي حدثنا محمد بن الوليد بن أبان العقيلي حدثنا نعيم بن حماد قال أنشدني ابن المبارك

ولن ترى قانعا ما... ما ذاق طعم الغنى من ال قنوع له ... ما ضاع... والعرف من يأته يحمد عواقبه ...عاش مفتقرا

213

... عرف ولو أوليته حجرا يوسف بن يونس الفرغاني يقول بعث أبو السنورسمعت

الشاعر إلى األمير أبي األشعث بطبق ورد يوم النيروز هدية وما... بعثنا ببر تافه دون قدركم ...وبعث اليه بهذه األبيات

... ولكن ظرفا أن تزيد مودة ...تبعث األلطاف للقل والكثر فلو كان بري حسب ما أنت...فهل تكرمنا بالقبول وبالعذر

... أتاك إذا روحي على طبق البر...أهله سمعت عمر بن محمد الهمداني يقول سمعت وزيره بن محمد

الغساني يقول قدم بعض الكتاب العسكر فأهدى اليه إخوانه وكان فيهم من قعدت به الحال فوجه إليه بدقه وأشنان وكتب

اليه لو تمت اإلرادة جعلت فداءك ببلوغ النية فيه وملكتني الجدة بسط القدرة ألتعبت السابقين الى برك ولبرزت أمام المجتهدين في فضلك ولكن البضاعة قعدت بالهمة وقصرت

عن مساماة أهل النعمة وكرهت أن تطوي صحيفة البر وليس لي فيها ذكر فوجهت اليك بالمبتدأ به ليمنه وبركته وبالمختتم

به لطيبه ونفعه مقتصرا عن ألم التقصير فيه فأما ما سوى ليس على الضعفاء191 91ذلك فالمعبر عني فيه قول الله

وال على المرضى وال على الذين ال يجدون ما ينفقون حرجوالسالم

حدثنا محمد بن يوسف األرمني حدثنا إبراهيم بن عبد العزيزالموصلي حدثنا

محمد بن علي بن الفضل المديني حدثنا عبد الله بن شعيب الزبيري حدثنا محمد ابن اسحاق المسيبي عن القاسم بن

المعتمر عن حميد بن معيوف عن أبيه قال كنت ممن شهد الحكم بن حنطب بمنبج وهو يريد أن يموت وقد كان لقي من الموت شدة فقلت أو قال رجل اللهم هون عليه الموت فلقد كان ولقد كان فأثنى عليه فأفاق من غشيته قال من المتكلم

214

قال المتكلم أنا قال إن ملك الموت يقول أني بكل رجل سخي رفيق قال ثم كأن فتيله أطفئت فمات فبلغ ابن هرمه الشاعر

... سأال عن المجد والمعروف أين هما ...موته فأنشأ يقول ... ماتا مع الرجل الموفى بذمته ...فقلت إنهما ماتا مع الحكم

ماذا بمنبج لو تنبش مقابرها...يوم الحفاظ إذا لم يوف بالذمم ... من التهدم بالمعروف والكرم...

محمد بن المهاجر حدثنا محمد بن موسى السمري عنحدثنا حماد بن إسحاق ابن إبراهيم عن أبيه قال قيل للمغيرة بن

شعبه ما بقي من لذتك قال اإلفضال على إإلخوان قيل فمن أحسن الناس عيشا قال من عاش بعيشه غيره قيل فمن أسوأ

الناس عيشا قال من ال يعيش بعيشه أحدذكر أستحباب التفريج عن الناس بقضاء الحوائج

حدثنا أبو عمرو محمد بن محمود النسائي حدثنا حميد بن زنجويه حدثنا محاضر بن المورع عن األعمش عن ابي صالح

عن أبي هريره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس عن أخيه كربه من كرب الدنيا نفس الله عنه كربه من كرب يوم القيامه ومن يسر على معسر يسر الله عليه في

الدنيا واآلخرة ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنياواآلخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على المسلمين كافة نصيحة المسلمين والقيام بالكشف عن همومهم وكربهم ألن

من نفس كربة من كرب الدنيا عن مسلم

نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن تحرى قضاء حاجته ولم يقض قضاؤها على يديه فكأنه لم يقصر في قضائها

وأيسر ما يكون في قضاء الحوائج استحقاق الثناء واإلخوان يعرفون عند الحوائج كما أن األهل تختبر عند الفقر ألن كل الناس في الرخاء أصدقاء وشر اإلخوان الخاذل إلخوانه عند

215

الشدة والحاجة كما أن شر البالد بلدة ليس فيها خصب والأمن

واصطناع... خير أيام الفتى يوم نفع ...وأنشدني الكريزي يحصد... ما ينال الخير بالشر وال ...العرف أبقى مصطنع

ربما انحط... ليس كل الدهر يوما واحدا ...الزارع إال مازرع ... الفتى ثم ارتفع

محمد بن سليمان بن فارس حدثنا أحمد بن سعيدحدثنا الدارمي حدثنا بشر ابن عمر حدثنا الربيع قال كان الحسنيقول قضاء حاجة أخ مسلم أحب الي من اعتكاف شهرين

سابق الى الخير وبادر به...وأنشدني علي بن محمد البسامي على... وقدم الخير فكل امريء ... فإن من خلفك ما تعلم ...

... الذي قدمه يقدم حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد القيسي حدثنا محمد بن موسى

البصري حدثنا األصمعي حدثنا أبو معمر شبيب بن شيبه الخطيب قال لما حضرت ابن سعيد ابن العاص الوفاة قال

لبنيه يا بني ايكم يقبل وصيتي فقال ابنه األكبر أنا قال إن فيها قضاء ديني قال وما دينك يا أبت قال ثمانون ألف دينار قال يا

أبت فيم أخذتها قال يا بني في كريم سددت خلته ورجل جائني في حاجة وقد رأيت السوء في وجهه من الحياء فبدأت

بحاجته قبل أن يسألها قال أبو حاتم رضى الله عنه حقيق على من علم الثواب أن ال

يمنع ما ملك

من جاه أو مال إن وجد السبيل اليه قبل حلول المنيه فيبقىعن الخيرات كلها ويتأسف على ما فاته من المعروف

والعاقل يعلم أن من صحب النعمة في دار الزوال لم يخل من فقدها وأن من تمام الصنائع وأهناها إذا كان ابتداء من غير

سؤال216

حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا محمد بن عبد الرحمن المهلبي قال دخل أبو العتاهية على الرشيد فقال سل

فال قربت... إذا كان المنال ببذل وجه ...يا أبا العتاهية فقال ... من ذاك المنال

يبقى الثناء وتنفذ األموال...وأنشدني عبد العزيز بن سليمان ما نال محمدة الرجال وشكرهم... ولكل دهر دولة ورجال ...... إال الصبور عليهم المفضال...

حدثني محمد بن عبدل بن المهدي الشعراني حدثنا محمد بن يزيد الطرسوسي حدثنا ابن عائشة قال قال أبي جاء رجل الى يحيى بن طلحة بن عبيد الله فقال له هب لي شيئا قال يا غالم

أعطه ما معك فأعطاه عشرين ألفا فأخذها ليحملها فثقلت عليه فقعد يبكي فقال ما يبكيك لعلك استقللتها فازيدك قال ال والله ما استقللتها ولكن بكيت على ما تأكل األرض من كرمك

فقال له يحيى هذا الذي قلت لنا أكثر مما أعطيناك قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب اإللحاف عند السؤال في

الحوائج ألن شدة األجتهاد ربما كانت سببا للحرمان والمنع والطالب للفالح كالضراب بالقداح سهم له وسهم عليه فإن أعطى وجب عليه الحمد وإن منع لزمه الرضاء بالقضاء وال

يجب أن يكون السؤال إال في ديار القوم ومنازلهم ال في المحافل والمساجد والمأل ألن محمد بن محمود النسائي حدثنا

قال حدثنا علي بن خشرم حدثنا جرير بن عبد الحميد الضبي عن حنيف المؤذن قال قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه ال

تسألوا الناس في مجالسهم ومساجدهم

فتفحشوهم ولكن سلوهم في منازلهم فمن أعطى أعطىومن منع منع

قال أبو حاتم رضى عنه الذي قاله عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ورضوانه إذا كان المسئول كريما فإنه أن سئل الحاجة

217

في نادي قومه ولم يكن عنده قضاؤها تشور وخجل وأما إذا كان المسئول لئيما ودفع المرء الى مسألته في الحاجة تقع له

فإنه إن سأله في مجلسه ومسجده كان ذلك أقضى لحاجته ألن اللئيم ال يقضي الحاجة ديانة وال مروءة وإنما يقضيها إذا

قضاها طلبا للذكر والمحمدة في الناس على أني أستحب للعاقل أن لو دفعه الوقت الى أكل القد

ومص الحصى ثم صبر عليه لكان أحرى به من أن يسأل لئيماحاجة ألن إعطاء اللئيم شين ومنعه حتف

إذا أعطى القليل...ولقد أنشدني محمد بن عبد الله البغدادي وإن تكن العطية... فإن قليل ما يعطيك زين ...فتى شريف

... فإن كثير ما يعطيك شين...من دني أحمد بن محمد بن الفضل السجستاني بدمشق حدثناأنبأنا

علي بن خشرم قال سمعت سعيد بن مسلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي يقول خرجت حاجا فمللت المحمل فنزلت أساير القطرات فقال أتانا أعرابي فقال لي يا فتى لمن

الجمال بما عليها قلت لرجل من باهله قال يا لله أن يعطى الله باهليا كل ما أرى قال فأعجبني ازدراؤه بهم ومعي صرة فيها مائة دينار فرميت بها اليه فقال جزاك الله خيرا وافقت

مني حاجة فقلت يا أعرابي أيسرك أن تكون الجمال بما عليها لك وأنت من باهلة قال ال قلت أفيسرك أن تكون من أهل

الجنة وأنت باهلي قال بشرط أن ال يعلم أهل الجنة أني من باهله فقلت يا أعرابي الجمال بما عليها لى وأنا من باهلة قال فرمى بالصرة إلي فقلت سبحان الله ذكرت أنها وافقت منك

حاجة قال ما يسرني

أن القي الله ولباهلي عندى يد فحدثت بها المأمون فجعليتعجب ويقول ويحك ياسعيد ما كان أصبرك عليه

حدثنا محمد بن الرقام بتستر حدثنا أو حاتم السجستاني حدثنا218

األصمعي حدثنا هاشم بن القاسم قال سألت سالم بن قتيبة حاجة فقضاها ثم سألته أخرى فانتهرني وقال حاجتين في

حاجة أو قال على الريق ثم دعا بالطعام فلما تغدى قال هات إذا تغديت وطابت نفسي...حاجتك أما سمعت قول الصبيان

... إال غالم قد تغدى قبلي... فليس في الحق غالم مثلي ... أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا مهدي بن سابق عن عطاء بن مصعب قال قال أبو عمرو المنذري أتيت مسلم بن

قتيبة في حاجة وكان له صديق من أهل الشام فكلمته أن يكلمه في حاجتي فجعل يقول اليوم غدا فطال علي فتراءيت

له وقد كان يعرفني فدعاني فقال أبا عمرو إنك لههنا قلت نعم أطالبك بحاجة منذ كذا وكذا وسيلتى فيها فالن فضحك وقال

قد كنت أراك قد احكمت اآلدب ال تستعن الى من تطلب اليه حاجة بمن له عنده طعمه فإنه ال يؤثرك على طعمته وال

تستعن بكذاب فإنه يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب وال تستعن بأحمق فإن األحمق يجهد لك نفسه وال يكون عنده

شيء وال يبلغ لك ما تريد فانصرفت فقلت يكفيني هذا قال الولكن تقضى لك حاجتك فقضاها

قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب للعاقل أن يتوسل في قضاء حاجته بالعدو وال باألحمق وال بالفاسق وال بالكذاب وال بمن له عند المسئول طعمه وال يجب أن يجعل حاجتين في

حاجة وال أن يجمع بين سؤال وتقاض وال يظهر شدة الحرص في اقتضاء حاجته فإن الكريم يكفيه العلم بالحاجة دون

المطالبة واألقتضاء

وإذا طلبت الى...ولقد أنشدني منصور بن محمد الكريزي ال تظهرن شره... فاصبر وال تك للمطال ملوال ...كريم حاجة

... عند األمور إذا نهضت ثقيال...الحريص وال تكن وإذا طلبت... محمد بن إسحاق الواسطي العرزمي وأنشدني

219

فإذا رآك... فحضوره يكفيك والتسليم ...الى كريم حاجة ... حملته فكأنه ملزوم...مسلما عرف الذي

أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال يتسخط ما أعطى وإنقال كان تافها ألن من لم يكن له شيء فكل شيء يستفيده ربح وال يجب أن يسأل الحاجة كل إنسان فرب مهروب منه أنفع

من مستغاث اليه وال يجب أن يكون السائل متشفعا آلخر ألن من لم يقدر على أن يسبح فال يجب أن يحمل على عنقه آخر

ومن سئل فليبذل ألن مال المرء نصفان له ما قدم ولوارثه ما خلف وأقرب األشياء في الدنيا زواال المال والوالية والتعاهد

للصنيعة بالتحفظ عليها أحسن من ابتدائها ومن غرس غراسافال يضنن بالنفقة على تربيته فتذهب النفقة األولى ضياعا حدثني محمد بن أبي علي الخالدي حدثني محمد بن أبي

يعقوب الربعي حدثنا عبد الكريم بن محمد الموصلي حدثنا أبي قال سمعت أبا تمام حبيب بن أوس الطائي يقول وقفت على

باب مالك بن طوق الرحبي أشهرا فلم أصل اليه ولم يعلم بمكاني فلما أردت االنصراف قلت للحاجب أتأذن لي إليه أم

أنصرف قال أما اآلن فال سبيل إليه قلت فإيصال رقعه قال ال وال يمكن هذا ولكن هو خارج اليوم الى بستان له فاكتب

لعمري...الرقعه وارم بها في موضع أرانيه الحاجب فكتبت سأرمي بها... فلم تحجب القافيه ...لئن حجبتني العبيد عنك

شنعاء تأتيك بالداهيه...من وراء الجدار

... ومن بعدها تسأل العافيه...تصم السميع وتعمي البصير بها ورميت بها من المكان الذي أرانيه الحاجب فوقعتفكتبت

بين يديه فأخرجها فنظر فيها فقال علي بصاحب الرقعة فخرج الخادم فقال من صاحب الرقعه قلت أنا فأدخلت عليه فقال لي أنت صاحب الرقعه قلت نعم فاستنشدني فأنشدته فلما بلغت ومن بعدها تسأل العافيه قال ال بل نسأل العافية من

220

ماذا أقول إذا انصرفت...قبلها ثم قال حاجتك فأنشأت أقول وإن قلت... ماذا أصبت من الجواد المفصل ...وقيل لي

فأختر... ضن الجواد بماله لم يجمل ...أغناني كذبت وإن أقل ... ال بد أخبرهم وإن لم أسأل...لنفسك ما أقول فإنني

إذا والله ال أختار إال أحسنها كم أقمت ببابي قلت أربعةفقال أشهر قال يعطى بعدد أيامه ألوفا فقبضت مائة وعشرين ألف

درهم سمعت محمد بن نصر بن نوفل بقوقل يقول سمعت أبا داود السنجي يقول كان ببغداد رجل يقال له ابن الهفت فمر يوما

على سائل واقف على الجسر وهو يقول اللهم ارزقالمسلمين حتى يعطوني فقال له تسأل ربك الحوالة

ذكر الحث على إعطاء السؤال وطلب المعالي حدثنا محمد بن صالح الطبري بالصيمرة حدثنا أبو كريب محمد بن العالء الهمداني حدثنا مصعب بن المقدام حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال ما سئل النبي صلى الله عليه

وسلم شيئا قط فقال ال وال ضرب بيده شيئا قط قال أبو حاتم رضى الله عنه إني ألستحب للمرء طلب المعالي

من األخالق مع ترك رد السؤال ألن عدم المال خير من عدم محاسن األخالق والندامة موكلة بترك معالجة الفرصة وإن

الحر حق الحر من أعتقته األخالق الجميله كما أن أسوأ العبيدمن أستعبدته األخالق الدنيه ومن أفضل الزاد في

المعاد أعتقاد المحامد الباقيه ومن لزم معالي األخالق أنتج لهسلوكها فراخا تطير بالسرور

ولقد حدثني محمد بن سعيد القزاز حدثنا هارون بن صدقة القاضي حدثنا المسيب بن واضح يقول سمعت يوسف بن

أسباط يقول ما كان المال مذ كانت الدنيا أنفع منه في هذاالزمان

221

بادر هواك...وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي وإذا... خوف العوائق أن تجيء فتغلب ...إذا هممت بصالح

... وتجنب األمر الذي يتجنب...هممت بسيء فتعده أبو حاتم رضى الله عنه ما ضاع مال ورث صاحبه مجداقال

ولوال المتفضلون مات المتجملون وليس يستحق المرء اسم الكرم بالكف عن األذى إال أن يقرنه باإلحسان إليهم فمن كثر في الخير رغبته وكان اصطناع المعروف همته قصده الراجون وتأمله المتأملون ومن كان عيشه وحده ولم يعش بعيشه غيره

فهو وإن طال عمره قليل العمر والبائس من طال عمره في غير الخير ومن لم يتأس بغيره في الخير كان عاجزا كما أن من استحسن من نفسه ما يستقبحه من غيره كان كالغاش

لمن تجب عليه نصيحته ومن لم يكن له همة إال بطنه وفرجهعد من البهائم والهمة تبلغ الرتبة العالية ألن الناس بهمتهم

ولقد حدثنا عمرو بن محمد األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا ابن عائشة قال قال عبيد الله بن زياد بن ظبيان كان لي خال منكلب فكان يقول لي يا عبيد الله هم فإن الهمة نصف المروءة

قد بلونا الناس في...وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي وحبيب الناس من... فرأيناهم لذي المال تبع ...أخالقهم ... إنما الناس جميعا بالطمع...أطمعهم

عمر بن حفص البزار بجنديسابور حدثنا إسحاق بنحدثناالضيف

الحسن بن واقع الرملي حدثنا ضمرة بن ربيعة قالحدثنا سمعت كديرا أبا سليمان الضبي يقول كان لقصر إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم ثمانية أبواب من حيث جاء

السائل أعطى حدثنا محمد بن أحمد الرقام بتستر حدثنا إسحاق بن الضيف

حدثنا أبو مسهر حدثنا سعيد بن عبد العزيز أن الحسن بن علي222

بن أبي طالب رضي الله عنهم سمع رجال الى جنبه يسأل اللهأن يرزقه عشرة آالف درهم فانصرف فبعث بها إليه

وال صغير... ال تحقرن صنيع الخير تفعله ...وأنشدني الكريزي فلو رأيت الذي استصغرت من حسن...فعال الشر من صغره

... عند الثواب أطلت العجب من كبره... أحمد بن محمد بن عبد الله اليماني يقول سمعتسمعت

صالح بن آدم يقول أنشد إنسان عند عبد الله بن جعفر هذين حتى يصاب بها طريق... إن الصنيعة ال تكون صنيعة ...البيتين لله أو لذوي... فإذا صنعت صنيعه فاعمد بها ...المصنع

... القرابة أودع عبد الله بن جعفر إن هذين البيتين يبخالن الناس ينبغيفقال

لمن عمل بهذا أن يدعو لمن طلب حاجة بالبينة بل تبث الصنائع ويرمي بها مواضع القطر حيث حلت وفي مثله يقول

مواقع ماء... له في ذوي المعروف نعمى كأنه ...العتابي علته... إذا ما أتاه السائلون لحاجة ...القطر في البلد القفر

... مصابيح الطالقة والبشر حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد القيسي حدثنا أحمد بن

مسروق حدثني ابن أبي سعيد عن شيخ له قال رأيت ابن المبارك يعض يد خادم له فقلت له تعض يد خادمك قال كم

آمره أن ال يعد الدراهم على السؤال أقول له أحث لهم حثوا

حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال قال إبراهيم بن أبي البالد حدثني أخي قال رأيت الحجاج بمنى في عمله على العراق

وقام اليه رجال من أهل الحجاز يسألونه فقال توهمتم بنا أنا بغير بالدنا وما لكم مترك من ههنا من أهل العراق فقام إليه تجار أهل العراق فقال هل من سلف فقالوا نعم فحملوا إليه

ألف ألف درهم فقسمها فلما قدم العراق ردها وأكثر ظني أنها223

ومثلها معها أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يبدأقال

بالصنائع واإلحسان األفرض فاألفرض يبدأ بأهل بيته ثم بإخوانه وجيرانه ثم األقرب فاألقرب ويتحرى المعروف واإلحسان في

أهل الدين والعلم منهم ويجتنب ضد ما قلنا ألن مثل من لم ...يفعل ما أومأنا إليه كما أنشدني الحسين بن أحمد البغدادي

وما هكذا تبنى المكارم يا...تصول على األدنى وتجتنب العدا ويترك باقي الخيل... فكنت كفحل السوء ينزو بأمه ...يحيى

... سائمة ترعى ... وكنت كمهريق الذي في سقائه ... البسامي وأنشدني

كمرضعة أوالد أخرى وضيعت...لرقراق ماء فوق رابية صلد ... بني بطنها هذا الضالل من القصد...

قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل يبتديء بالصنائع قبل أن يسأل ألن األبتداء بالصنيعة أحسن من المكافأة عليها

واإلمساك عن التعرض خير من البذل والصنائع إنما تحسن بإتمامها والتحافظ عليها بعدها ألن بصالح الخواتم تزكو األوائل

والعطية بعد المنع أجمل من المنع بعد العطية والناس في الصنائع على ضربين شاكر وكافر ولقد أنشدني بعض إخواننا

وفي كفرهم إال... وما الناس في حسن الصنيعة عندهم ...كبعض المزارع

ومزرعة أكدت على كل زارع...فمزرعة طابت وأضعف ريعها ...

ومن يضع المعروف... محمد بن عبد الله البغدادي وأنشدني وحسب... يكن ضائعا في غير حمد وال أجر ...في غير أهله

إذا وقعت عند امريء غير...أمريء من كفر نعمى جحودها ... ذي شكر

لعمرك ما المعروف...وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي 224

فمستودع ضاع... وفي أهله إال كبعض الودائع ...في غير أهله ... ومستودع ما عنده غير ضائع...الذي كان عنده

أبو حاتم رضى الله عنه الهمج من الناس إذا أحسن إليهقال يرى ذلك استحقاقا منه له ثم يرى الفضل لنفسه على

المحسن إليه فال يحمد عند الخير وال يشكر عند البر ويتعجب ممن يشكر ويذم من يحمد وإذا امتحن العاقل بمثل من هذا

إن ذا اللؤم إذا...نعته استعمل معه ما أنشدني الكريزي إن... فأهنه بهوان إنه ... حسب اإلكرام حقا لزمك ...أكرمته

... تهنه بهوان أكرمك يعدك قد قتلت... إذا أوليت معروفا لئيما ...وأنشدني األبرش

وقل إني أتبتك... فكن من ذاك معتذرا إليه ...له قتيال وإن عاقبت لم... فإن تغفر فمجترمى عظيم ...مستقيال

وقد حملتني حمال ثقثيال... ولست بعائد أبدا لهذا ...تظلم فتيال ...

قال أبو حاتم رضى الله عنه أهنأ الصنائع وأحسنها في الحقائق وأوقعها بالقلوب وأكثرها استدامة للنعم واستدفاعا للنقم ما

كانت خالية عن المنن في البداءة والنهاية متعرية عن األمتنانوهو الغاية في الصنيعة والنهاية في اإلحسان

أحسن من كل...ولقد أنشدني محمد بن عبد الله البغدادي صنيعه مربوبه خالية من... في كل وقت وزمن ...حسن ... المنن محمد بن غدار بن محمد الحارثي بالبصرة حدثنا سهلحدثنا

بن زادويه حدثنا محمد بن أبي الدواهي عن أبيه قال قال علي إذا... ما أحسن الدنيا وإقبالها ...بن أبي طالب رضى الله عنه

... من لم يواس الناس من فضلها ...أطاع الله من نالها واعط... فاحذر زوال الفضل يا حائرا ...عرض لإلدبار إقبالها يخلف... فإن ذا العرش سريع الجزا ...من الدنيا لمن سالها

225

... بالحبة أمثالها حدثنا محمد بن المهاجر حدثنا محمد بن أحمد بن النضر

المعنى حدثني سعيد حدثني أبوك - يعنى أباه أحمد بن النضر - قال كان بالكوفة قوم من العرب فأصابت رجال منهم حاجة

فكان عياله يغزلون ويبيعون وكان يشركهم فقالوا ال تعود علينا بشيء وما نكسب تشركنا فيه فأنف من قولهم فخرج يؤم

بغداد ولم يدخل بغداد قبل ذلك وليس له حميم وال قريب بها فدخلها ومر على وجهه فمر على باب يعقوب بن داود كاتب

المهدي فرأى قوما جلوسا عليهم بزة فقال ما أخلق هؤالء دعوا الى وليمة لو دخلت معهم لعلي أصيب شبعه فاندس

معهم فخرج اإلذن فقال ادخلوا فدخلوا الى دار قوراء كبيرة وإذا بهو في صدر الدار فجلسوا في البهو يمنة ويسرة وأخلوا

الصدر فجاء يعقوب فسلم عليهم وقعد ثم قال يا غالم هات فجاء بصوان عليها مناديل مغطى بها وإذا فيها أكياس فقال أعطهم فوضعوا في حجر كل رجل مهم كيسا ووضعوا في حجري كيسا حتى فرغ منهم ثم قال أعد عليهم فوضع في

حجر كل رجل منهم كيسا ووضعوا في حجري كيسا حتى والى بين خمسة أكياس ثم قال قوموا مبارك لكم وقد تعينه الخدم

وليس

له عندهم أسم ولم يعرفوه فلما بلغ الدهليز ربطوه فصاح وصاحوا وسمع يعقوب الصوت فقال ما هذا فقالوا رجل دخل مع هؤالء القوم ال نعرفه فقال علي به فقال له يا عبد الله ما أدخلك هذه الدار فقص عليهم القصة والسبب الذي دخل له

فقال له من أين أنت قال من أهل الكوفة قال من يعرفك بالكوفة قال يعرفني فالن وفالن فسمى له قوما يعرفهم فقال

خلوا عن الرجل إنا كاتبون الى هؤالء القوم فإن كان األمر على ما ذكرت فتعال كل سنة في هذا الوقت ولك عندنا مثل

226

هذا وكتب الى القوم فسألهم فكتبوا بمعرفته فكان يجيء أيامحياته فيأخذ خسمة آالف وينصرف

ذكر الحث على الضيافة وإطعام الطعام حدثنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي ببغداد حدثنا منصور

بن ابي مزاحم حدثنا أبو األحوص عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريره قال قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم من كان يؤمن بالله واليوم واآلخر فيلكرم ضيفه ومنكان يؤمن بالله واليوم اآلخر فال يؤذ جاره

قال أبو حاتم رضى الله عنه إني ألستحب للعاقل المداومه على إطعام الطعام والمواظبة على قرى الضيف ألن إطعام

الطعام من أشرف أركان الندى ومن أعظم مراتب ذوي الحجى ومن أحسن خصال أولى النهي ومن عرف بإطعام

الطعام شرف عند الشاهد والغائب وقصده الراضي والعاتب وقرى الضيف يرفع المرء وإن رق نسبه الى منتهى بغيته

ونهاية محبته ويشرفه برفيع الذكر وكمال الذخر حدثنا محمد بن زنجوية القشيري حدثنا أبو مصعب حدثنا

الدراوردي عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيبيقول كان إبراهيم الخليل أول من أضاف الضيف

حدثنا األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا إبراهيم بن عمر بن حبيب حدثنا األصمعي أخبرني نافع بن أبي نعيم قال قال رجل ممن

قد أدرك الجاهلية قدمت المدينة فإذا مناد ينادي من أراد الشحم واللحم فليأت دار دليم وهو جد سعد ابن عبادة بن

دليم سيد الخزرج ثم ضرب الزمان من ضربه فقدمت المدينه فإذا مناد ينادي من أراد الشحم واللحم فليأت دار عبادة ثم

ضرب الزمان من ضربه فقدمتها فإذا مناد ينادي من أرادالشحم واللحم فليأت دار سعد

قال أبو حاتم رضى الله عنه كل من ساد في الجاهلية227

واإلسالم حتى عرف بالسؤدد وانقاد له قومه ورحل اليه القريب والقاصي لم يكن كمال سؤدده إال بإطعام الطعام

وإكرام الضيف والعرب لم تكن تعد الجود إال قرى الضيف وإطعام الطعام وال تعد السخي من لم يكن فيه ذلك حتى إن أحدهم ربما سار في

طلب الضيف الميل والميلين ولقد حدثني محمد بن المنذر حدثنا علي بن الحسن

الفلسطيني حدثنا أبو بكر السني حدثنا محمد بن سليمان القرشي قال بينما أنا أسير في طريق اليمن إذا أنا بغالم

واقف على الطريق في أذنيه قرطان وفي كل قرطه جوهرة يضيء وجهه من ضوء تلك الجوهرة وهو يمجد ربه بأبيات من

عزيز... مليك في السماء به افتخاري ...شعر فسمعته يقول ... القدر ليس به خفاء

إليه فسلمت عليه فقال ما أنا براد عليك سالمك حتىفدنوت تؤدي من حقي الذي يجب لي عليك قلت وما حقك قال أنا

غالم على مذهب إبراهيم الخليل ال أتغدى وال أتعشى كل يوم حتى أسير الميل والميلين في طلب الضيف فأجبته الى ذلك قال فرحب بي وسرت معه حتى قربنا من خيمة شعر فلما قربنا من الخيمة صاح يا أختاه فأجابته جارية من الخيمة يا لبيكاه قال قومي الى ضيفنا هذا قال فقالت الجارية أصبر

حتى أبدأ بشكر المولى الذي سبب لنا هذا الضيف قال فقامتوصلت ركعتين شكر لله قال

فأدخلني الخيمة فأجلسني فأخذ الغالم الشفرة وأخذ عناقا له ليذبحها فلما جلست في الخيمة نظرت الى جارية أحسن الناس وجها فكنت أسارقها النظر ففطنت لبعض لحظاتي

فقالت لي مه أما علمت أنه قد نقل إلينا عن صاحب يثرب تعنى النبي صلى الله عليه وسلم أن زنا العينين النظر أما إني

228

ما أردت بهذا أن أوبخك ولكني أردت أن أؤدبك لكيال تعود لمثل هذا فلما كان وقت النوم بت أنا والغالم خارج الخيمة

وباتت الجارية في الخيمة قال فكنت أسمع دوي القرآن الليل كله أحسن صوت يكون وأرقه فلما أن أصبحت قلت للغالم

صوت من كان ذلك قال فقال تلك أختي تحيى الليل كله الى الصباح قال فقلت يا غالم أنت أحق بهذا العمل من أختك أنت رجل وهي أمرأة قال فتبسم ثم قال ويحك يا فتى أما علمت

أنه موفق ومخذول إذا ما أتاك...وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي

وعظم... قبل العيال فإن ذلك أصوب ...الضيف فابدأ بحقه ... عليك بما توليه مثن وذاهب...حقوق الضيف واعلم بأنه

أحمد بن قريش بن عبد العزيز حدثنا إبراهيم بن محمدأنبأنا الذهلي عن الحسن بن عيسى بن ماسرجس قال صحبت ابن

المبارك من خراسان الى بغداد فما رأيته أكل وحده حدثنا محمد بن عثمان العقبى حدثنا أبو أمية حدثنا عصام بن عمرو أبو حميد الطائي حدثنا عمرة بن هانىء قال كان رافع

بن عميرة بن عمرو السنبسي فخذ من طيىء يغدي أهل ثالثة مساجد ويعشيهم يوما بثرائد ويوما برطبه يعني الحيس وماله

قميص إال قميص هو لجمعته وهو للبيت

أبو حاتم رضى الله عنه يجب على العاقل ابتغاء األضيافقال وبذل الكسر ألن نعمة الله إذا لم تصن بالقيام في حقوقها

ترجع من حيث بدأت ثم ال ينفع من زالت عنه التلهف عليها وال اإلفكار في الظفر بها وإذا أدى حق الله فيها استجلب النماء

والزيادة واستذخر األجر في القيامة واستقصر إطعام الطعام وعنصر قرى الضيف هو ترك استحقار القليل وتقديم ما حضر

لألضياف ألن من حقر منع مع إكرام الضيف بما قدر عليهوترك االدخار عنه

229

ولقد حدثني كامل بن مكرم حدثنا محمد بن يعقوب الفرجى حدثنا الوليد ابن شجاع حدثنا عقبة بن علقمة ومبشر بن

إسماعيل أنهما سأال األوزاعي ما إكرام الضيف قال طالقةالوجه وطيب الكالم

أقاموا...وأنشدني الكريزي في قوم لم يكونوا يضيفون إذا أبصرت... وقالوا ال تنم للديدبان ...الديدبان على يفاع

تراهم خشية... فصفق بالبنان على البنان ...شخصا من بعيد ... يصلون الصالة بال أذان...األضياف خرسا

قال أبو حاتم رضى الله عنه أبخل البخالء من بخل بإطعام الطعام كما أن من أجود الجود بذله ومن ضن بما ال بد للجثه

منه وال تربو النفس إال عليه كان بغيره أبخل وعليه أشح ومن إكرام الضيف طيب الكالم وطالقة الوجه والخدمة

بالنفس فإنه ال يذل من خدم أضيافه كما ال يعز من استخدمهمأو طلب لقراه أجرا

وإني...وأنشدني كامل بن مكرم أنشدني محمد بن سهيل ... وإن فنائي للقرى لرحيب ...لطلق الوجه للمبتغي القرى

فيخصب عندي والمحل...أضاحك ضيفي عند إنزال رحله جديب

ولكنما وجه الكريم...وما الخصب لألضياف أن يكثر القرى ... خصيب

فليس... ال تبخلن بدنيا وهي مقبلة ... األبرش وأنشدني ... وإن تولت فأحرى أن تجود بها ...ينقصها التبذير والسرف

... فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف أنبأنا األنصاري حدثنا الغالبي حدثنا العقبى عن أبي محنف لوط بن يحيى حدثني هشام بن عروة عن أبيه أن قيس بن سعد بن عبادة خرج من مصر فمر بأهل بيت من القين فنزل بهم فنحر لهم صاحب المنزل جزورا وأتاهم به فقال دونكم فلما كان من

230

الغد نحر لهم آخر ثم حبستهم السماء اليوم الثالث فنحر لهم مثله فلما أراد قيس أن يرتحل وضع عشرين ثوبا من ثياب مصر وأربعة آالف درهم عند امرأة الرجل وخرج قيس فما

سار إال قليال حتى أتاه صاحب البيت على فرس كريم ورمح طويل وقدامه الثياب والدراهم فقال يا هؤالء خذوا بضاعتكم عني قال قيس انصرف أيها الرجل فإنا لم نكن لنأخذها فقال الرجل لتأخذنها أو ال ينفذ منكم رجل أو تذهب نفسي فعجب

قيس منه وقال لم لله أبوك ألم تكرمنا وتحسن إلينا فكافأناك ما في هذا من بأس فقال الرجل إنا ال نأخذ لقرى ابن السبيل

وقرى الضيف ثمنا ال والله ال أفعل أبدا قال لهم قيس أما إذ أبى فخذوها منه فأخذوها ثم قال قيس ما فضلني رجل غير

هذا حدثني أحمد بن عمرو الزنبقي بالبصرة حدثنا الحسن بن

مدرك السدوسي حدثنا عبد العزيز بن عبد الله القرشي حدثنا سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال ألن أشبع كبدا

جائعة أحب الي من حجة بعد حجة حدثنا محمد بن سعيد القزاز حدثني عيسى بن أبي موسى

األنصاري حدثني أبي حدثنا أحمد بن بشير عن هشام بن عروةعن أبيه قال كان من دعاء قيس

ابن سعد بن عبادة اللهم ارزقني ماال وفعاال فإنه ال يصلحالفعال إال المال

ذكر الحث على المجازاة على الصنائع الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا عبد الرحمن بن بكرحدثنا

بن الربيع ابن مسلم قال سمعت الربيع بن مسلم يقول سمعت محمد بن زياد يقول سمعت أبا هريرة يقول قال

رسول الله صلى لله عليه وسلم من ال يشكر الناس ال يشكرالله

231

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على من أسدى اليه معروفا أن يشكره بأفضل منه أو مثله ألن اإلفضال على

المعروف في الشكر ال يقوم مقام ابتدائه وإن قل فمن لم يجد فليثن عليه فإن الثناء عند العدم يقوم مقام الشكر

للمعروف وما استغنى أحد عن شكر أحد فلو كان يستغنى...ولقد أنشدني محمد بن زنجي البغدادي

لما أمر الله... لعزة ملك أو علو مكان ...عن الشكر ماجد ... فقال اشكروني أيها الثقالن...العباد بشكره

فليس... إذا المرء لم يشكر قليال أصابه ... الكريزي وأنشدني ... ومن يشكر المخلوق يشكر لربه ...له عند الكثير شكور

... ومن يكفر المخلوق فهو كفور حافظ على الشكر...وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي

... من ضيع الشكر لم يستكمل النعما ...كي تستجزل القسما من يلزم الشكر لم يكسب به ندما...الشكر لله كنز ال نفاد له

... حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا العقبي قال مر

سعيد بن العاص بدار رجل بالمدينة فاستسقى فسقوه ثم مر بعد ذلك بالدار ومناد ينادى عليها فيمن يزيد فقال لمواله سل لم تباع هذه فرجع اليه فقال على صاحبها دين قال فارجع الى

الدار فرجع فوجد صاحبها جالسا وغريمه معه فقال لم تبيع

دارك قال لهذا علي أربعة آالف دينار فنزل وتحدث معهما وبعث غالمه فأتاه ببدرة فدفع الى الغريم أربعة آالف ودفع

الباقي الى صاحب الدار وركب ومضى ومن يسد معروفا اليك فكن له... المنتصر بن بالل وأنشدني

وال تبخلن بالشكر... شكورا يكن معروفه غير ضائع ... تكن خير مصنوع إليه وصانع...والقرض فاجزه

فكن شاكرا للمنعمين لفضلهم...وأنشدني بعض أهل العلم 232

ومن كان ذا شكر فأهل... وأفضل عليهم إذ قدرت وأنعم ...... وأهل لبذل العرف من كان ينعم...زيادة

لمن... أحق الناس منك بحسن عون ...وأنشدني الكريزي بحسن... وأشكرهم أحقهم جميعا ...سلفت لكم نعم عليه

... صنيعة منكم إليه أبو حاتم رضي الله عنه الحر ال يكفر النعمة وال يتسخطقال

المصيبة بل عند النعم يشكر وعند المصائب يصبر ومن لم يكن لقليل المعروف عنده وقع أوشك أن ال يشكر الكثير منه والنعم ال تستجلب زيادتها وال تدفع اآلفات عنها إال بالشكر لله

جل وعال ولمن أسداها إليه ولقد حدثني أحمد بن محمد القيسي حدثني محمد بن المنذر

حدثنا إسحاق بن إبراهيم القرشي قال سمعت أبا عبيدة معمر بن المثنى يقول ماتت لعبيد بن معمر بنت فقعد في المأتم

في مسجده في سكة سبانوش فجاء عبيد الله بن أبي بكرة معزيا وإذا األشراف قد أخذوا مواضعهم فنظر اليه رجل قد

كان سبق الى مجلسه مع اتألشراف قد عرفه فقام قائما وجعل يقول له ههنا حتى أخذ بيده فأقعده في مجلسه ثم

ذهب فقعد في أخريات الناس فأمر عبيد الله غالما كان معه أن يتعاهده الى قيامه فلما قام دعا الرجل فقال أتعرفني قال

نعم قال من أنا قال أنت عبيد الله بن أبي بكرة صاحب رسولالله صلى الله عليه وسلم

قال فما حملك على تركك مجلسك لي قال إجالل لولد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أوجب الله على أمثالي خصوصا من التبجيل فقال له عبيد الله هل لك على أن

تصحبنا الى ضيعة نريد أن نصير اليها قال نعم قال فصحبه الرجل الى تلك الضيعة في نهر مكحول ضيعة فيها ثالثمائة

جريب نخل وعلى وجه الضيعة قصر بني بآجر وجص وخشب233

ساج فلما دخل الضيعة أخذ عبيد الله بيد الرجل وجعل يدور به في تلك النخيل فقال للرجل كيف ترى هذه الضيعة قال تالله ما رأيت نخيال أحسن منها وال أكثر ثمرة وال أسرى ضيعة منها

قال قد جعلناها لك بما فيها من الخدم واآللة نبعث اليك بصكها قال فاستطار الرجل فرحا وبكاء وقال انعشتني وانعشت

عيالي فقال عبيد الله وكم لك من العيال قال ثالثة عشر نفسا قال فإني قد جعلت اسم عيالك في اسم عيالي أنفق عليهم

ما عشت فقال له عبيد الله من تكون له مثل هذه الضيعه يحتاج أن يكون منزله في سرة البصرة إذا صرنا إلى منزلنا فاغد علينا نأمر لك بشراء دار تشبه هذه الضيعة ورأس مال وخدم تصلح لدارك تعيش بها إن شاء الله قال فغدا الرجل عليه فأمر له بشراء دار بخمسة آالف دينار وأعطاه عشرة

آالف دينار ودفع اليه صك الضعية وأمر له بدابة وبغل وسائسوكسوة وصرفه

لله فيها على... الشكر يفتح أبوابا مغلقه ...وأنشدني األبرش واستدفع... فبادر الشكر واستغلق وثائقه ...من رامه نعم

... الله ما تجري به النقم أحمد بن الحسن المدائني بمصر قال سمعت الربيع بنحدثنا

سليمان يقول أخذ رجل بركاب الشافعي فقال يا ربيع أعطهأربعة دنانير قال فأعطيته إياها

ومن يشكر العرف...وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب سينمي ويجتر المزيد أصاغره...الصغير فإنه

ويضعف أضعافا على...ومن يشكر المعروف يحمد إلهه ... الحمد شاكره

... وإذا اصطنعت الى أخيك ... ابن زنجي البغدادي وأنشدني والكفر... والشكر من كرم الفتى ...صنيعة فانس الصنيعة

فاصحبه إن نزلت... والصبر أكرم صاحب ...من لؤم الطبيعة 234

... فجيعه أحمد بن قريش بن بشر بن عبد العزيز حدثنا إبراهيم بنحدثنا

محمد الذهلي حدثنا أحمد بن خليل حدثنا يحيى بن أيوب عن أبي عيسى قال كان إبراهيم ابن أدهم إذا صنع اليه أحد

معروفا حرص على أن يكافئه أو يتفضل عليه قال أبو عيسى فلقينى وأنا على حمار وأنا أريد بيت المقدس جائيا من الرملة قال وقد اشترى بأربعة دوانيق تفاحا وسفرجال وخوخا وفاكهة فقال يا أبا عيسى أحب أن تحمل هذا قال وإذا عجوز يهودية في كوخ لها فقال أحب أن توصل هذا إليها فإنني مررت وأنا

ممس فبيتتنى عندها فأحب أن أكافئها على ذلك تحملها... يد المعروف غنم حيث تسدى ...وأنشدني الكريزي

وعند الله... كفى شكر الشكور لها جزاء ...شكور أم كفور ... ما كفر الكفور

رهنت يدي للعجز عن شكر بره...وأنشدني بعض أهل العلم ولو كان شيء يستطاع... وما فوق شكري للشكور مزيد ...

... ولكن ماال يستطاع شديد...استطعته أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على المرء أن يشكرقال

النعمة ويحمد المعروف على حسب وسعه وطاقته إن قدر فبالضعف وإال فبالمثل وإال فبالمعرفة بوقوع النعمة عنده مع

بذل الجزاء له بالشكر وقوله جزاك الله خيرا فمن قال له ذلكعند العدم فكأنه أبلغ في الثناء

ومن الناس من يكفر النعم وكفران النعم يكون من أحد رجلين إما رجل ال معرفة له بأسباب النعم والمجازاة عليها لما لم يركب فيه من التفقد لمراعاة العشرة فإذا كان كذلك وجب اإلغضاء عنه وترك المناقشة على فعله والرجل اآلخر أن يكون

ذا عقل لم يشكر النعمة استخفافا بالمنعم واستحقارا للنعمة وتهاونا في نفسه لهما أو آلحدهما فإذا كان كذلك يجب على

235

العاقل ترك العود الى فعل مثله والخروج بالآلئمة على نفسهإذا كان له خبرة به

... عالمة شكر المرء إعالن حمده ... على بن محمد وأنشدني إذا ما صديقي نال خيرا...فمن كتم المعروف منهم فما شكر

ولكن إذا... فما الذنب عندي للذي خان أو فجر ...فخانني ... فإني ملوم حيث أكرم من كفر...أكرمته بعد كفره

إذا أنا أعطيت القليل...وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب وما لمت نفسي... وإن أنا أعطيت الكثير فال شكر ...شكرتم

... وقد كان لي فيما اعتذرت به عذر...في قضاء حقوقكم أبو حاتم رضى الله عنه إني ألستحب للمرء أن يلزمقال

الشكر للصنائع والسعى فيها من غير قضائها إذا كان المنعم من ذوي القدر فيه واألهتمام بالصنائع ألن االهتمام ربما فاق المعروف وزاد على فعل اإلحسان إذ المعروف يعمله المرء لنفسه واألحسان يصطنعه الى الناس وهو غير مهتم به وال

مشفق عليه وربما أفعله اإلنسان وهو مكاره واإلهتمام ال يكون إال من فرط عناية وفضل ود فالعاقل يشكر اإلهتمام أكثر من

شكره للمعروف ألشكرنك معروفا هممت به...أنشدني عبد العزيز بن سليمان

وال ألومك إن لم يمضه... إن اهتمامك بالمعروف معروف ...... فالشيء بالقدر المجلوب مصروف...قدر

وأنشدني ابن زنجي البغدادي

... ومضيع الشكر مستدعي الغير ...بطر النعمة من ضيعها ربما ابتز الفتى النعمى البطر...فاجعل الشكر عليها حارسا

... عمرو بن محمد حدثنا محمد بن زكريا حدثنا محمد بنحدثني

عبد الله الجشمي حدثنا علي بن محمد قال مر عمر بن هبيرة لما انصرف في طريقه فسمع امرأة من قيس تقول ال والذي

236

ينجي عمر بن هبيرة فقال يا غالم أعطها ما معك وأعلمها أنيقد نجوت

ذكر الحث على سياسة الرياسة ورعاية الرعية حدثنا عبد الله بن قحطبة حدثنا العباس بن عبد العظيم

العنبري حدثنا مؤمل ابن اسماعيل حدثنا سفيان حدثنا عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر يقول قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فاآلمير راع على رعيته ومسئول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهو

مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولةعنه والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه

قال أبو حاتم رضى الله عنه صرحت السنة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن كل راع مسئول عن رعيته فالواجب

على كل من كان راعيا لزوم التعاهد لرعيته فرعاة الناس العلماء وراعي الملوك العقل وراعي الصالحين تقواهم وراعي المتعلم معلمه وراعي الولد والده كما أن حارس المرأة زوجها

وحارس العبد مواله وكل راع من الناس مسئول عن رعيته وأكثر ما يجب تعاهد الرعية للملوك إذ هم رعاة لها وهم أرفع

الرعاه لكثرة نفاذ أمورهم وعقد األشياء وحلها من ناحيتهم فإذا لم يراعوا أوقاتهم ولم يحتاطوا لرعيتهم هلكوا وأهلكوا

وربما كان هالك عالم في فساد ملك واحد وال يدوم ملك ملك إال بأعوان تطيعه وال يطيعه األعوان إال بوزير وال يتم ذلك إال

أن يكون الوزير ودودا نصوحا وال يوجد ذلك من الوزير إالبالعفاف

والرأي ال يتم قوام هؤالء إال بالمال وال يوجد المال إال بصالح الرعية وال تصلح الرعية إال بإقامة العدل فكأن ثبات الملك ال

يكون إال بلزوم العدل وزواله ال يكون إال بمفارقته فالواجب على الملك أن يتفقد أمور عماله حتى ال يخفى عليه

237

إحسان محسن وال إساءة مسيء ألنه إذا جنى عليه أعمالعماله لم يكن قائما بالعدل

إذا أسست قوما...ولقد أنشدني علي بن محمد البسامي وإن خفت... وبينك تأمن كل ما تتخوف ...فاجعل العدل بينهم

... فبالجود فاجمع بينهم يتألفوا...من أهواء قوم تشتتا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا إبراهيم بن عمر بنحدثنا

حبيب القاضي حدثنا األصمعي قال قال ملك طخارستان لنصر بن سيار ينبغي لألمير أن يكون له ستة أشياء وزير يثق به

ويفضي إليه بسره وحصان يلجأ اليه إذا فزع أنجاه يعني فرسا وسيف إذا نازل به األقران لم يخف أن يخونه وذخيرة خفيفه

المحمل إذا نابته نائبة أخذها وامرأة إذا دخل إليها أذهبت همهوطباخ إذا لم يشته الطعام صنع له شيئا يشتهيه

قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب للسلطان أن يفرط البشاشة والهشاشه للناس وال أن يقل منهما فإن اإلكثار منهما

يؤدي الى الخفة والسخف واإلقالل منهما يؤدي الى العجب والكبر وال ينبغي له أن يغضب ألن قدرته من وراء حاجته وال

أن يكذب ألنه ال يقدر أحد على استكراهه وال له أن يبخل ألنه ال عذر له في منع األموال والجاه معا وال له أن يحقد ألنه يجب

أن يترفع عن المجازاة فأفضل السلطان مالم يخالطه البطر وأعجزهم آخذهم بالهوينا وأقلهم نظرا في العواقب وخير

السلطان من أشبه النسر حوله الجيف ال من أشبه الجيفحولها النسور

ويجب عليه استبقاء الرياسة وما فيه من نعمه الله عليه بلزومتقوى الله وتفقد

أمور الرعية وإنصاف بعضهم بعضا ألنه ما من قوي في الدنيا إال وفوقه أقوى منه فمتى ما عرف السلطان فضل قوته على

الضعفاء فغره ذلك من قوة األقوياء كانت قوته حينا عليه238

وهالكا له والضعيف المحترس أقرب الى السالمة من القوي المغتر ألن صرعة االسترسال ال تكاد تستقال وال يجب أن

يعجل في سلطانه بعقاب من يخاف أن يندم عليه وال يثقنبمن عاقبه من غير جرم

وما أشبه السلطان إال بالنار إن قصرت بطل نفعها وإن جاوزت عظم ضرها فخير السلطان من أشبه الغيث في أحيائه

في نفع من يليه ال من أشبه النار في أكلها ما يليها والسلطان إذا كان عادال خير من المطر إذا كان وابال وسلطان

غشوم خير من فتنة تدوم والناس الى عدل سلطانهم أحوجمنهم الى خصب زمانهم

ولقد حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا مرجى بن المؤمل بن المثنى المري عن أبيه قال قال األحنف بن قيس الولي من الرعية مكان الروح من الجسد الذي ال حياة له إالبه وموضع الرأس من أركان الجسد الذي ال بقاء له إال معه

ال يصلح الناس...وأنشدني ابن زنجي البغدادي لألفوه األودي والبيت... وال سراة إذا جهالهم سادوا ...فوضى ال سراة لهم فإن تجمع... وال عماد إذا لم ترس أوتاد ...ال يبتنى إال بأعمدة

تهدى... وساكن أدركوا األمر الذي كادوا ...أوتاد وأعمدة ... فإن تولت فباألشرار تنقاد...األمور بأهل الرأي ما صلحت

أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على السلطان قبل كلقال شيء أن يبدأ بتقوى الله وإصالح سريرته بينه وبين خالقه ثم يتفكر فيما قلده الله من أمر إخوانه ورفعه عليهم ليعلم أنه

مسئول عنهم في دق األمور وجلها ومحاسب على قليلها وكثيرها ثم يتخذ وزيرا صالحا عاقال عفيفا نصوحا وعماال

صالحين

بررة راشدين وأعوانا مستورين وخدما معلومين ثم يقلد عماله ماال غنى له عنهم ويشترط عليهم تقوى الله وطاعته وأخذ

239

المال من حله ويفرقه في أهله ثم يتفقد أمر بيت المال بأن ال يدخله حبة فما فوقها من قهر أو جور أو سلب أو نهب أو

رشوة فإنه مسئول عن كل ذرة منه ومحاسب على كل حبة فيه ثم ال يخرجه إال في المواضع التي أمر الله جل وعال في

سورة األنفال ثم يتفقد أمور الحرمين وطريق الحاج ومجاوري بيت الله وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يتفقد ثغور المسلمين وال

يولي على الثغور من عماله إال من يعلم أن القتل في سبيل الله يكون آثر عنده من البقاء في الدنيا ليغزي الناس وال

يعطل الثغر ثم يتفقد ثغور المسلمين ومراقبهم واألبرجه التي بين

المسلمين وبين عدوهم بأن يعمرها ويقيم فيها أعينا منالمسلمين تتجسس أخبار العدو ويجري عليهم من بيت مالهم ثم يتفقد أوالد المهاجرين واألنصار بعطاياهم ويعرف فضيلتهم

وسابقة آبائهم وأنه إنما نال ما نال بهم ثم يتفقد أمور الحكام بأن ال يولي أحدا على قضاء المسلمين

إال من يعلم منه العفاف والعلم وترك الميل الى الهوىوالحكم بغير ما يوجبه العلم

ثم يتفقد أهل العلم والقراء والمؤذنين والصالحين وضعفاء المسلمين وليكن لمن هو أصغر سنا منه أبا ولمن هو أكبر منه أبنا وألترابه أخا فيكون في تفقد أمورهم ولصالح اسبابهم أكثر

من تفقدهم بأنفسهم

ثم يختار من الرعية أقواما أمناء يبعث بهم في كل سنة الى المدن ليشرفوا على العمال والحكام ويتفقدوا أسبابهم

وسيرهم ويخبروه بها فيعزل من استحق منهم العزل ويقر مناتبع الحق

ثم يجعل لنفسه موضعا ال يمنع منه لطرح القصص ويبرز240

للرعية في كل يوم مرة أو في كل ثالثة أيام أو في كل أسبوع ليرفعوا اليه حوائجهم وليجتنب الحدة وليلزم الحلم الدائم فيما

يرد عليه من أسبابهم ولقد حدثنا عبد الله بن قحطبة حدثنا محمد بن زنبور حدثنا أبو

بكر ابن عياش أن أهل الجاهلية لم يكونوا يسودون عليهم أحدا لشجاعة وال لسخاء إنما كانوا يسودون من إذا شتم حلم وإذا

سئل حاجة قضاها أو قام معهم فيها وأبغض ما... وقد يبغض الحيات أوالد آدم ...وأنشدني األبرش

أضر عليها... وما ابتليت يوما بشر قبيلة ...فيها إليهم رءوسها ... من سفيه يسوسها

قال أبو حاتم رضى الله عنه ال يستحق أحد اسم الرياسة حتىيكون فيه ثالثة اشياء العقل والعلم والمنطق

ثم يتعرى عن ستة أشياء عن الحدة والعجلة والحسد والهوىوالكذب وترك المشاورة

ثم ليلزم في سياسته على دائم األوقات ثالثة أشياء الرفق فيفي األمور والصبر على األشياء وطول الصمت

فمن تعرى عن هذه األشياء وهو ذو سلطان عمى عليه قلبه وتشتتت عليه أموره ومن لم يكن فيه خصلة من هذه الخصال

نقص من ضوء بصر قلبه مثلها الخلل في أموره نحوها وإنما مثل الرئيس والرعية كمثل جماعة ليس فيهم إال قائد

واحد فإن لم يكن

ذلك القائد أحد الناس بصرا والطفهم نظرا كان خليقا أنيوقعهم وإياه في وهدة تندق أعناقهم وعنقه معهم

والواجب على السلطان أن ال يغفل عن األشياء األربعة التي صالحه في دينه ودنياه فيها وهي ما حدثنا به عمرو بن محمد

حدثنا الغالبي حدثنا محمد بن عبيد الله الجشمي حدثنا المدائني قال خرج الزهري يوما من عند هشام بن عبد الملك

241

فقال ما رأيت كاليوم وال سمعت به كأربع كلمات تكلم بهن رجل آنفا عند هشام بن عبد الملك فقيل له وما هن قال قال له رجل يا أمير المؤمنين احفظ عني أربع كلمات فيهن صالح

ملكك واستقامة رعيتك قال هاتهن قال ال تعدن عدة ال تثق من نفسك بإنجازها وال يغرنك المرتقى وإن كان سهال إذا كان

المنحدر وعرا واعلم أن لألعمال جزاءا فاتق العواقب وأنلألمور بغتات فكن على حذر الى أن... بالء الناس مذ كانوا ...وأنشدني المنتصر بن بالل

وحب السمع والطاعه... بحب األمر والنهي ...تأتي الساعه ...

أبو حاتم رضى الله عنه ال يجب للعاقل طلب األمارة ألنقال من أوتيها عن مسألة وكل اليها ومن اعطيها من غير مسألة

أعين عليها ومن اشتهر بالرياسة فليحترز ألن الريح الشديدة التحطم الكأل وهي تحطم دوح الشجر ومشيد البنيان

وليلزم المشورة فإن في المشورة صالح الرعية ومادة الرأي وليصنع الى الناس كافة في الوقت الذي يقدر على الصنائع

والمعروف قبل ان يجيئه الوقت الذي يفقد فيه القدرة عليها وليعتبر بمن كان قبله من الملوك واألمراء والسادة والوزراء ألن من ظفر بأمر جسيم فأضاعه فاته ومن أمكنته الفرصه

فأخر العمل فيها ال تكاد تعود اليه

والسلطنة إنما هي قول الحق والعمل بالعدل ال التفاخر في الدنيا واستعمال البذل ولقد حدثنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا خطاب بن عبد الرحمن الجندي حدثنا عبد الله بن سليمان قال

قال أبو عمرة بن العالء كانو ال يسودون إال من تكاملت فيه ست خصال وتمامهن في اإلسالم السابعة السخاء والنجدة

والصبر والحلم والبيان والتواضع وتمامهن في األسالم الحياء الى... إذا نلت اإلمارة فاسم فيها ...وأنشدني الكريزي

242

وليس... بمحض خليقة ال عيب فيها ...العلياء بالعمل الوثيق وال... وال تك عندها حلوا فتحسى ...المحض كاللبن المذيق

مغيرة... وكل إمارة إال قليال ...مرا فتنشب في الحلوق ... الصديق عن الصديق

قال أبو حاتم رضى الله عنه من صحب السلطان فال يجب أن يكتمه نصيحته ألن من كتم السلطان نصيحته واألطباء مرضه واإلخوان بشه فقد خان نفسه ومن يصحب السلطان ال ينجو

من اآلثام كما أن راكب العجل ال يأمن العثار وال يجب أن يأمن غضب السلطان إن صدقه وال عقوبته إن كذبه وال يجتريء

عليه وإن أدناه ألن الحازم العاقل ال يشرب السم اتكاال علىما عنده من الترياق واألدويه

وإني ألستحب لمن امتحن بصحبة السلطان أن يعلمه لزوم تقوى الله والعمل الصالح كأنه يتعلم منه ويؤدبه كأنه يتأدب به

ويتقي سخطاته والسخط إذا كان من علة كان الرضا عنه موجودا وإذا كان من غير علة ينقطع حينئذ الرجاء وال يجب أن

يعلم كل ما تأتي الملوك من أمورها ألن في معرفتهم إياهابعض الفتنة

وهيهات من ذا صحب السلطان فلم يفتتن ومن اتبع الهوى فلم يعطب إن الشجرة الحسنة ربما كان سبب هالكها طيب

ثمرتها وربما كان ذنب الطاووس الذي في جماله سبب حتفه ألنه يثقله حتى يمنعه من الهرب ومن صحب السلطان لم يأمن التغيير على نفسه ألن األنهار إنما تكون عذبه ما لم

تنصب الى البحور فإذا وقعت في البحور ملحت على أن قعود العلماء عن أبواب الملوك زيادة في نور علمهم وكثرة

غشيانهم إياهم غشاوة على قلوبهم ومن صحب الملوك لم يأمن تغيرهم ومن زايلهم لم يأمن تفقدهم وإن قطع األمور

دونهم لم يأمن فيها مخالفتهم وإن عزم على شيء لم يجد بدا243

من مؤامرتهم وأسمج شيء بالملوك الحدة ولقد حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي حدثنا

يحيى بن معين حدثنا المبارك بن سعيد الثوري قال كان يقال خمس خالل هن أقبح شيء بمن كن فيه الحدة في السلطان والكبر في ذي الحسب والبخل في الغنى والحرص في العالم

والفتوة في الشيخ أبو حاتم رضى الله عنه رؤساء القوم أعظمهم هموماقال

وأدومهم غموما وأشغلهم قلوبا وأشهرهم عيوبا وأكثرهم عدوا وأشدهم أحزانا وأنكاهم أشجانا وأكثرهم في القيامة حسابا

وأشدهم إن لم يعف الله عنهم عذابا ومن أحسن ما يستعين به السلطان على أسبابه اتخاذ وزير

عفيف ناصح على ما تقدم ذكرنا له فإن الوزير إذا غفل األمير ذكره وإن ذكر أعانه وإن سولت له نفسه سيئة صده وإن أراد

طاعة نشطه فهو المحبب له الى الناس والمستجلب لهدعائهم

إذا نسى األمير...ولقد أنشدني علي بن محمد البسامي ألن على الوزير إذا... فإن الذنب فيه للوزير ...قضاء حق

... أمور الناس تذكير األمير...تولى قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على كل من يغشى

السلطان وامتحن

بصحبته أن ال يعد شتمه شتما وال إغالظه أغالظا وال التقصير في حقه ذنبا ألن ريح العزة بسطت لسانه ويده بالغلظة فإن

أنزله الوالي منزلة رفيعة من نفسه فال يثقن بها وليجانب معه كالم الملق واألكثار من الدعاء في كل وقت وكثرة االنبساط

فرب كلمة أثارت الوحشه بل يجتهد في توقيره وتعظيمه عند الناس فإن غضب فليحتل في تسكين غضبه باللين والمداراة

وال يكون سببا لتهييجه244

ولقد حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال بعث أبو جعفر الى جعفر بن محمد قال إني

أستشيرك في أمر إني قد تأنيت أهل المدينة مرة بعد أخرى فال أراهم يرجعون وال يعتبون وقد رأيت أن أبعث فأحرق نخلها

وأغور عيونها فما ترى فسكت جعفر فقال مالك ال تكلم قال إن إذنت لي تكلمت قال قل قال يا أمير المؤمنين إن سليمان

أعطى فشكر وإن أيوب أبتلى فصبر وإن يوسف قدر فغفر وقد جعلك الله من النسل الذي يعفون ويصفحون قال

فطفيء غضبه وسكن حدثني محمد بن أبي علي الخالدي حدثنا محمد بن أبراهيم بن سعيد عن محمد ابن حميد بن فروة عن أبيه قال لما استقرت

للمأمون الخالفة دعا إبراهيم بن مهدي المعروف بابن شكلة فوقف بين يديه فقال أنت المتوثب عليها تدعى الخالفة فقال إبراهيم يا أمير المؤمنين أنت ولي الثأر محكم في القصاص والعفو أقرب للتقوى وقد جعلك الله فوق كل ذي ذنب كما جعل كل ذي ذنب دونك فإن أخذت أخذت بحق وإن عفوت

عفوت بفضل ولقد حضرت أبي وهو جدك أتى برجل كان جرمه أعظم من جرمي فأمر الخليفة بقتله وعنده المبارك بن

فضالة فقال المبارك بن فضالة إن رأى أمير المؤمنين أن يستأنى في أمر هذا الرجل حتى أحدثه بحديث سمعته من

الحسن يحدث به عن رسول الله

صلى الله عليه وسلم قال إيه يا مبارك قال حدثني الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة

نادى مناد مناد من بطنان العرش االليقم العافون من الخلفاء فال يقوم إال من عفا فقال الخليفة له يا مبارك قد قبلت

الحديث وعفوت عنه أخرج أيها الرجل فال سبيل ألحد عليكفقال المأمون يا عم ههنا يا عم ها هنا

245

قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على من ملك أمور المسلمين الرجوع الى الله جل وعال في كل لحظة وطرفة لئال

يطغيه ما هو فيه من تسلطه بل يذكر عظمة الله وقدرته وسلطانه وأنه هو المنتقم ممن ظلم والمجازي لمن أحسن

فليلزم في إمرته السلوك الذي يؤديه الى اكتساب الخير في الدارين وليعتبر بمن كان قبله من أشكاله فإنه ال محالة

مسئول عن شكر ما هو فيه كما هو ال محالة مسئول عن حسابه إذا المصطفى صلى الله عليه وسلم قال يقول الله

تبارك وتعالى يوم القيامة ألم أحملك على الخير ورزقتكالنساء وجعلتك ترأس وتربع فيقول بلى فيقول فأين شكر ذلك

... يدبر أسباب الرجال مؤمر ...وأنشدني ابن زنجي البغدادي من العقل أن تحتاط...إذا صلحت في الصدر أشفى وأبين

... وتحسم ما تخشاه واألمر ممكن...فيما وليته الدنيا وتقلبها بأهلهاذكر

حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد السالم حدثنا عبد الله بن هانيء بن عبد الرحمن بن أبي عبله حدثنا أبي عن عمه

إبراهيم بن أبي عبله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصبح معافى في بدنهآمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا يا ابن

جعشم يكفيك منها ما سد جوعتك ووارى عورتك فإن يكن ثوبا تلبسه فذاك وإن كانت دابة تركبها فبخ فلق الخبز وما الحب

وما فوق اإلزار حساب عليك قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن ال يغتر

بالدنيا وزهرتها وحسنها وبهجتها فيشتغل بها عن اآلخرة الباقية والنعم الدائمة بل ينزلها حيث أنزلها الله ألن عاقبتها ال محالة تصير الى فناء يخرب عمرانها ويموت سكانها وتذهب بهجتها وتبيد خضرتها فال يبقى رئيس متكبر مؤمر وال فقير مسكين

246

محتقر إال ويجري عليهم كأس المنايا ثم يصيرون الى التراب فيبلون حتى يرجعون الى ما كانوا عليه في البداية الى الفناء ثم يرث األرض ومن عليها عالم الغيوب فالعاقل ال يركن الى

دار هذا نعتها وال يطمئن الى دنيا هذه صفتها وقد ادخر له ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر فيضن

بترك هذا القليل ويرضى بفوت ذلك الكثير حدثنا محمد بن المسيب بن إسحاق حدثنا يعقوب بن إبراهيم

ال تأس في...الدورقي قال سمعت بشر بن الحارث يقول إن فات أمر... وعندك اإلسالم والعافيه ...الدنيا على فائت

... ففيهما من فائت كافيه...كنت تسعى له الكريزي أنشدني شعيب بن أحمد لسليمان بن يزيدوأنشدني وأن المنايا للرجال... ألم تر أن المرء يودي شبابه ...العدوى وآخر أخرى... فمن ذائق كأسا من الموت مرة ...تشعب

وكل بكأس... لها منهم زاد حثيث وسائق ...مثلها يترقب وال... وما وارث إال سيورث ماله ...الموت يوما سيشرب

سالب إال وشيكا سيسلب

وما من... وال نعمه إال تبيد وتذهب ...وال آلف إال سيتبع إلفه أرى... يعاورها العصران إال سيعطب ...معان والمصائب جمة

بدار... تقلبهم أيامها وتقلبوا ...الناس أصنافا أقاموا بعربة ... وقد عاينوا فيها زواال وجربوا ...غرور حلوة يعمرونها

... فلم أر كالدنيا تذم وتحلب ...يذمون دنيا ال يريحون درها ... مضيض مكاو حرها يتلهب...تسرهم طورا وطورا تذيقهم

عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا محمد بن عبيد اللهحدثنا ناد...قال عاد رجل مريضا فسمع قائال يقول من ناحية البيت

... جمع الدنيا بحرص ما فعل...رب الدار ذا المال الذي عللته بالمنى ثم... كان في الدار سوها داره ... مجيب فأجابه من حطام المال إذا حل... لم يمتع بالذي كان حوى ...انتقل

247

طلعت شمس عليه... إنما الدنيا كظل زائل ...األجل ... فاضمحل

أبو حاتم رضى الله عنه رأيت على حجر بطبرستانقال والدهر نصفان فريف... العيش لونان فحلو ومر ...مكتوب

والناس اثنان فنذل وحر... والنطق جزآن فبعر ودر ...وضر وكذاك... نهار يزول وليل يكر ... يومك يومان فخير وشر ...

... وكل السنين على ذا تمر...الزمان على من مضى ... ضوئها ضوء معار ... إنما الدنيا نهار ... األبرش وأنشدني

ناعم فيه أخضرار...بينما غصنك عض

ثم... وكذلك الليل يأتي ... فإذا فيه اصفرار ...إذ رماه زمناه ... يمحوه النهار

ال... يا الئم الدهر إذا ما نبا ... ابن زنجي البغدادي وأنشدني ينصرف الدهر... الدهر مأمور له آمر ...تلم الدهر على غدره

تزداد أضعافا على كفره... كم كافر بالله أمواله ...الى أمره ال خير... يزداد إيمانا على فقره ... ومؤمن ليس له درهم ...

... يبسط رجليه على قدره...فيمن لم يكن عاقال والعيش إال... ما الدهر إال ليلة ويوم ...وأنشدني الكريزي

والدهر قاض ما... يعيش قوم ويموت قوم ...يقظة ونوم ... عليه لوم

عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا أحمد بن أبي الحواريأنبأنا حدثنا إسحاق الموصلي قال قال أبو حازم بضاعة اآلخرة

كاسدة فاستكثر منها في أوان كسادها فإنه لو جاء أوان نفاقهالم تصل منها ال الى قليل وال الى كثير

قال أبو حاتم رضى الله عنه الدنيا بحر طفاح والناس في امواجها يعومون وفي أمثال تضربها األيام لألنام وما أكثر

أشباهها منها ألن كل ما يصير الى فناء منها يشبهها فمن أوتى من الدنيا أشياء ثالثة فقد أوتى الدنيا بحذافيرها األمن والقوت

248

والصحة ال يغتر بشيء منها إال كل خداع وال يركن إليها إال كلمناع

فالعاقل يعلم أن ما لم يبقى لغيره عليه غير باق وأن ما سلب عن غيره ال يترك عليه فالقصد الى ما يعود بالنفع في اآلخرة

للعاقل من الدنيا أحرى من السلوك في قصد الضن بها والجمع لها من غير تقديم ما يقدم عليه في اآلخرة من

األعمال الصالحة وتركك األغترار بها واألعتبار بتقلبها بأهلها والشيء أعظم خطرا من

الحياة وال غبن أعظم من إفنائها لغير حياة األبد ومن اشتهى أن يكون حرا فليجتنب الشهوات وإن كانت لذيذة وليعلم أن كل لذيذ ليس بنافع ولكن كل نافع هو الذيذ وكل الشهوات

مملوله إال األرباح فإنها ال تمل وأعظم األرباح الجنة واألستغناءبالله عن الناس

فأعظم بصبر للزمان...ولقد أنشدني علي بن محمد البسامي تدور لنا أفالكه... على حالة المكروه ليس بدائم ...فإنه

سرور وهم... إذا ما انقضت كانت كأحالم نائم ...بعجائب وبالله دون... الى أجل دان لذلك هادم ...وانتعاش وسقطة

... إذا أنزلت إحدى األمور العظائم...الناس فاستغن واستعن وأنشدني

ويوما... فيوم علينا ويوم لنا ...وأنشدني المنتصر بن بالل فخير بخير... كذاك التقارض بين األنام ...نساء ويوما نسر

... وشر بشر محمد بن عبد الله بن الجنيد حدثنا عبد الوارث بن عبدأنبأنا

الله عن عبد الله من مسعر عن معن بن عون قال كم من مستقبل يوما ال يستكمله ومنتظر غدا ال يدركه لو تنظرون الى

األجل ومسيره ألبغضتم األمل وغروره قال أبو حاتم رضى الله عنه السبب المؤدي للعاقل الى إنزاله

249

الدنيا منزلتها ترك الركون إليها مع تقديم ما قدر منها للعيش الدائم والنعيم المقيم هو ترك طول األمل وراقبة ورود الموت

عليه في كل لحظة وطرفة ألن طول اآلمال قطعت أعناق الرجال كالسراب أخلف من رجاه وخاب من رآه فالعاقل يلزمتركها مع االعتبار الدائم بمن مضى من األمم السالفة والقرون

الماضية كيف عفت آثارهم واضمحلت أنباؤهم فما بقى منهم إال الذكر وال من ديارهم إال الرسم فسبحان من هو قادر على

بعثهم وجمعهم للجزاء والعقاب ولقد أنشدنا عمرو بن محمد قال أنشدنا الغالبي قال أنشدني

... كنا على ظهرها والعيش ذو مهل ...مهدي بن سابق ففرق الدهر ذو التصريف...والدهر يجمعنا والدار والوطن

كذلك الدهر ال... فاليوم يجمعنا في بطنها الكفن ...ألفتنا ... تأتي بأقداره األيام والزمن...يبقى على أحد

حتى متى يبقى حليف... محمد بن عبد الله البغدادي وأنشدني ... فال يرد الحزن شيئا ... مستشعرا للدهر أحزانا ...األسى

طورا... قد يقبل الدهر بسرائه ...وال يعتب هذا الدهر إنسانا ما زال... فاصبر على ما جر من حادث ...وقد يدبر أحيانا

عليك مفضاال... وأحسن الظن بمن لم يزل ...غدارا وخوانا ومنانا

وأنشدني عمرو بن محمد قال أنشدنا الغالبي البن أبي عيينة إال رأى عبرة... ما راح يوم على حي وال ابتكرا ...المهلبي

حتى... وال أتت ساعة في الدهر فانصرفت ...فيها إن اعتبرا عن... إن الليالي واأليام أنفسها ...توثر في قوم لها غيرا

... غيب أنفسها لم تكتب الخبرا علي بن سعيد العسكري حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثناأنبأنا

الحسن بن سعيد الجرجاني قال سمعت أبا مريم الصلت بن كلثم يقول كانت أمرأة من بنى إسرائيل متعبدة وكانت تفطر

250

كل سبت فبينما هي ذات يوم قد وضعت إفطارها بين يديها جعلت تقول محب يحب حبيبه يتشاغل باألكل عن خدمه محبه

فيوشك أن يقدم عليه رسول حبيبه وهو متشاغل بأكله عن خدمته فال تقر عينه في لقائه فمكثت كذلك مدة ال تفطر قال

ثم وضعت إفطارها بين يديها وجعلت تقول مثل ما كانت تقولوإذا شاب من ناحية البيت جميل

الوجه طيب الريح فقال سالم عليك ورحمة الله يا حبيبة الله أو يا ولية الله قالت وعليك السالم من أنت قال أنا ملك

الموت قالت يا ملك الموت أتأذن لي أن أسجد سجدة أناجي فيها ربي فإذا رأيتنى قد فعلت ذلك قبضت روحي قال لك ذلك

قال فنحت إفطارها ثم وثبت فسجدت فقبض روحها فياجتهادها رضى الله عنها

ذكر الحث على لزوم ذكر الموت وتقديم الطاعات عبد الله بن محمد بن سليمان السعدي حدثنا يحيى بنحدثنا

أكثم ومحمود ابن غيالن قاال حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم أكثروا ذكر هاذم اللذات الموت قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يضم الى

رعاية ما ذكرنا من شعب العقل في كتابنا هذا لزوم ذكر الموت على األوقات كلها وترك األغترار بالدنيا في األسباب

كلها إذ الموت رحى دواره بين الخلق وكأس يدار بها عليهم ال بد لكل ذي روح أن يشربها ويذوق طعمها وهو هاذم اللذات

ومنغص الشهوات ومكدر األوقات ومزيل العاهات أيا هاذم اللذات ما...ولقد أنشدني عبد العزيز بن سليمان

أرأيت المنايا... تحازر نفسي منك ما سيصيبها ...منك مهرب ... ونفسي سيأتي بعدهن نصيبها...قسمت بين أنفس

قاعد... إن من عاش آمنا في سرور ... الكريزي وأنشدني251

إذا... ما لمن يذكر المقابر والموت ...من سروره في غرور ... كان عاقال من سرور

حدثنا عمرو بن محمد الغالبي حدثنا مهدي بن سابق قالقرىء على قصر هذه األبيات

في ظل عيش عجيب ماله خطر...هذى منازل أقوام عهدتهم الى القبور فال عين... صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا ...

... وال أثر محمد بن إبراهيم الخالدي حدثنا عبد الله بن محمدحدثنا

حدثني إبراهيم ابن عبد الملك حدثني علي بن سلمة الحلبي قال سمعت أبي يقول كان معاوية يقول أنا والله من زرع قد أستحصد ونعى له عبد الله بن عامر بن كريز والوليد بن عقبة

إذا سار من خلف...وكان أحدهما أكبر منه واآلخر دونه فقال ... وأفرد من إخوانه فهو سائر...امريء وأمامه

حدثنا أحمد بن محمد بن مصعب الشافعي حدثنا عبد الله بن محمد قال سمعت عبيد الله بن مسلم بن زياد الهمداني قال سمعت عمر بن ذر يقول ورث فتى من الحي دارا عن آبائه ...وأجداده فهدمها ثم إبتناها وشيدها فأتى في منامه فقيل له

أرباب دارك ساكنوا...إن كنت تطمع في الحياة فقد ترى خلت الديار... أني تحس من األكرام ذكرهم ...األموات

... وبادت األصوات فأصبح الفتى مغتاظا قد أمسك عن كثير مما كان يصنعقال

وأقبل على نفسه حدثنا عمر ن حفص البزاز حدثنا إسحاق بن الضيف حدثنا

ومشيد دارا...جعفر بن عون قال سمعت مسعرا يقول ... سكن القبور وداره لم يسكن...ليسكن داره

... لوأنني أعطيت سؤلي لما ... ابن زنجي البغدادي وأنشدني ... فكم فتى قد بات في نعمة ...سألت إال العفو والعافيه

252

... فسل منها الليله الثانية حدثنا حمزة بن داود بن سليان باألبلة حدثنا ذهل بن أبي

شراعة القيسي قال حدثتني سكينه وكانت عالمة قالت قاللي أبو العتاهية دخلت

على هارون أمير المؤمنين فلما بصر بي قال أبو العتاهية قلت أبو العتاهية قال الذي يقول الشعر قلت الذي يقول الشعر

ال تأمن الموت في...قال عظني بأبيات شعر وأوجز فأنشدته واعلم... ولو تمنعت بالحجاب والحرس ...طرف وال نفس

ترجو... لكل مدرع منا ومترس ...بأن سهام الموت قاصدة إن السفينة ال تجري على اليبس...النجاة ولم تسلك مسالكها

... فخر مغشيا عليه أو كما قالقال

حدثنا عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا أبو جعفر البغدادي ... نزل الموت منزال ...قال قرأت على باب قصر بالسند

... سلب القوم وارتحل ما هذا فقالوا مات أهل القصر كلهم فأصبحوا وهذافقلت

قد...الكتاب على الباب ال يدري من كتبه وأنشدني البسامي يصاد... كان منه ويهلك العواد ...يصح المريض بعد إياس

... بعد هلك ويهلك الصياد...القطا فينجو سليما قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل ال ينسى ذكر شيء هو

مترقب له ومنتظر وقوعه من قدم الى قدم ومن لحظة الى شزره فكم من مكرم في أهله معظم في قومه مبجل في

جيرته ال يخاف الضيق في المعيشة وال الضنك في المصيبة إذ ورد عليه مذلل الملوك وقاهر الجبابرة وقاصم الطغاة فألقاه

صريعا بين األحبة وجيرانه مفارقا ألهل بيته وإخوانه ال يملكون له نفعا وال يستطيعون عنه دفعا فكم من أمة قد أبادها الموت وبلدة قد عطلها وذات بعل قد أرملها وذي أب أيتمه وذي إخوة

253

أفرده فالعاقل ال يغتر بحالة نهايتها تؤدي الى ما قلنا وال يركن الى

عيش مغبته ما ذكرنا وال ينسى حالة ال محالة هو مواقعها وما ال شك يأتيه إذ الموت طالب ال يعجزه المقيم وال ينفلت منه

الهارب

ولقد حدثنا محمد بن إبراهيم الخالدي حدثنا عبد الله بن محمد حدثني سلمة ابن شبيب حدثنا سهل بن عاصم قال سمعت

الوضاح بن حسان يقول سمعت ابن السماك يحدث قال بينما صياد في الدهر األول يصطاد السمك إذ رمى بشبكة في البحر

فخرج فيها جمجمه إنسان فجعل الصياد ينظر أليها ويبكي ويقول عزيز فلم تترك لعزك غنى فلم تترك لغناك فقير فلم تترك لفقرك جواد فلم تترك لجودك شديد فلم تترك لشدتك

عالم فلم تترك لعلمك يردد هذا الكالم ويبكي ودورنا... أموالنا لذوي الميراث نجمعها ... الكريزي وأنشدني

أن... والنفس تكلف بالدنيا وقد علمت ...لخراب الدهر نبنيها فال اإلقامة تنجي النفس من تلف...السالمة فيها ترك ما فيها

وكل نفس لها زور يصبحها... وال الفرار من األحداث ينجيها ...

... من المنية يوما أو يمسيها... عمرو بن محمد حدثنا الغالبي قال سمعت ابن واقدحدثنا

المديني قال حدثنا عبد المنعم الرياحي قال فقد مالك بن دينار يوما فقالوا أين كنت يا أبا يحيى قال خرجت الى األبلة قالوا ما

أحسن ما رأيت قال ما رأيت شيئا أعجبت به إال أني رأيت امرأة تصلى فقالوا له يا أبا يحيى فما أعجب شيء رأيت قال

طلبت...رأيت بالبحرين قصرا مشيدا وإذا على بابه مكتوب فلم... وعشت من المعايش والنعيم ...العيش أسعد ناعميه

... سلبت من األقارب والحميم...ألبث ورب الناس طورا من... وللنفوس وإن كانت على وجل ...وأنشدني األبرش

254

... والمرء يبسطها والدهر يقبضها ...المنية آمال تقويها ... والنفس تنشرها والموت يطويها

حمزة بن داود بن سليمان باألبلة حدثنا الهاديء حدثناأنبأناجليس الكلبي

عن سعيد بن أبي عروبه عن قتادة قال لقيني عمران بن حطان فقال لي يا أعمى إنني عالم بخالفك ولكنك رجل تحفظ

حتى متى تسقى النفوس بكأسها...فاحفظ عني هذه األبيات أفقد رضيت بأن تعلل بالمنى... ريب المنون وأنت اله ترتع ... إن... أحالم نوم أو كظل زائل ... والى المنية كل يوم تدفع ...

واجمع... فتزودن ليوم فقرك دائبا ...اللبيب بمثلها ال يخدع ... لنفسك ال لغيرك تجمع

محمد بن نصر بن نوفل المروزي قال سمعت أبا داودحدثنا السنجي يقول خرج أبو معاذ النحوي يوما مع أصحابه فقال إنه

يا أيها اإلنسان...قد نعيت الى نفسي البارحة أتاني آت فقال فكان ما قد كان... عما قليل ثم لنفسك وأقعد ...إنك ميت

... وكأن ما هو كائن فكأن قد...لم يك إذ مضى حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا حرمله بن يحيى قال سمعت

... تمنى رجال أن أموت وإن أمت ...الشافعي كثيرا ما ينشد فقل للذي يبقى خالف الذي...فتلك سبيل لست فيها بأوحد

... تهيأ ألخرى مثلها فكأن قد...مضى حدثنا أحمد بن محمد الشافعي حدثنا عبد الله بن محمد حدثني

إسماعيل ابن عبد الله العجلي قال أنشدنا رجل ونحن في أجابوا... هذا عسكر الموتى ... أال يا عسكر األحياء ...المقابر

يحثون على الزاد... وهم منتظروا الكبرى ...الدعوة الصغرى فهذا آخر... يقولون لكم جدوا ... وما زاد سوى التقوى ...

... الدنيا أبو حاتم رضى الله عنه إن الله جل وعال خلق آدم وذريتهقال

255

من األرض فأمشاهم على ظهرها فأكلوا من ثمارها وشربوامن أنهارها ثم ال محالة تنزل

المنية بهم وتغنيهم عن السعي والحركات مع تعطل الجثث واآلالت ثم تعيدهم الى األرض التي منها خلقهم حتى تأكل لحومهم كما أكلوا أثمارها وتشرب دماءهم كما شربوا من أنهارها وتقطع أوصالهم كما مشوا على ظهرها فالقبر أول

منزل من منازل اآلخرة وآخر منزل من منازل الدنيا فطوبى لمن مهد في دنياه لقبره وقدم منها آلخرته فكم عفرت األرض

من عزيز وأفقدت الغير من أنيس حدثني محمد بن إبراهيم الخالدي حدثنا عبد الله بن محمد

حدثني محمد بن عباس حدثنا إبراهيم بن يزيد قال رأيت لكل أناس مقبر بفنائهم...أعرابيا وقف على مقبرة وهو يقول

وما إن ترى دارا لحي قد... فهم ينقصون والقبور تزيد ... فهم جيرة األحياء أما... وقبرا لميت بالفناء جديد ...أقفرت ... فدان وأما المتقى فبعيد...محلهم

أحمد بن عبد الله الكرجي لعمر بن شبه في نفسهوأنشدني غرضا للموت... وثمان كامالت ... يا ابن سبعين وعشر ...

به بعد... ويك ال تعلم ماتلقى ... بخد منى وهات ...مشغوال يا ابن من... وكبار مهلكات ... من صغار موبقات ...الممات من ذي... هل ترى من خالد ... من آبائه واألمهات ...قد مات

... بالدين خسيسات الحياة ... إن من يبتاع ...طغاة وعتاة ... بطول الحسرات...لغبي الرأي محفوف

عمرو بن محمد حدثنا الغالبي حدثنا شعيب بن واقدحدثنا المري عن عبد المنعم الرياحي قال سمعت صالح المري

يقول دخلت المقابر يوما في شدة الحر فنظرت الى القبور خامدة كأنهم قوم صموت فقلت يا سبحان الله من يجمع بين

أرواحكم وأجسامكم بعد إفتراقها ثم يحييكم وينشئكم من256

طول البلى قال

( ومن آياته25 30فناداني مناد من بين تلك الحفر يا صالح ) أن تقوم السماء واألرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من األرض

إذا أنتم تخرجون قال فسقطت والله مغشيا علي قال أبو حاتم رضى الله عنه قد ذكرنا اليسير من الكثير من

اآلثار والقليل من الجسيم من األخبار في كتابنا هذا بما نرجوا أن القاصد الى سلوك سبيل ذوي الحجى والسالك مقصد

سبيل أولى النهى يكون له فيها غنية إن تدبرها واستعملها وإن كنا تنكبنا طرق المسانيد وتخريج الحكايات وأناشيد األشعار إال ما لم نجد بدا من إخراجها كاإليماء الى الشيء واإلشارة الى

القصد جعلنا الله ممن دعته تباشير التوفيق الى القيام بحقائق التحقيق إنه منتهى الغاية عند رجاء المؤمنين والمان على

أوليائه بمنازل المقربين وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله الطاهرين الطيبين والحمد لله رب العالمين وجد في

النسخة األصلية ما صورته فرغ من نسخه بعون الله ورحمته العبد الفقير إلى عفو ربه

أحمد بن محمد ابن سالم بن جناب المنبجى بالرها المحروسة يوم الثالثاء حادى عشر المحرم سنة ثمان وعشرين وستمائة

ختم الله بخير ولوالديه ولجميع المسلمين

257