1

املسلمني عند املتكلمنيذهب الذريامل

الدكتور محمد باسل الطائي جامعة اليرموك ـ قسم الفيزياء األردن- اربد

Published in Etude d'Ecole, Vol. 23/24, 49-90, Paris, 2005

الملخصعند المتكلمين المسلمين وهـي فرضـية وفصوله مبدأ الذري الأصول في هذه الورقة بحثن

، معتمدين على مـصادرهم األصـيلة، مبينـين "الجوهر الفرد " أو ما أسموه "ء الذي ال يتجزأ الجز"نكشف عن صلة مبدأ الذرية بمبادئ أخرى قـال ذلك ك. الدوافع التي دفعتهم إلى القول بهذه الفرضية

أو مـا يـسمى عنـد الفالسـفة "العـالم " من أركان نظريتهم في فلسفة بها المتكلمون وكانت جزءا ن أونعرض في هذا البحث لرأي الفقيه ابن حزم الظاهري في فرضية الجـزء ونكـشف . "الطبيعة"

نعـرض ذلك ك. سبب رفضه إياها هو عدم إدراكه للمعنى األنطولوجي لوجود الجزء الذي ال يتجزأ ن القول به يترتـب حيث نجده يرفض هذا المبدأ أل تجزئة البن رشد في قول المتكلمين بمبدأ الرأي تـداخل يترتب عليـه ، أي كما يقول الهندسة هي صناعة العدد بعينها ) علم(ه أن تكون صناعة علي

كبيرة تجد اليوم تحققها في نظرية الكموم فـي إبستمولوجية مساهمة دهذا االستنتاج يع و .الصناعتيناألخص ثم نعطف على آراء بعض المستشرقين المعاصرين في مبدأ التجزئة وب .الفيزياء المعاصرة

ءاتهم بنسبة هذا المبدأ لليونـان تـارة ادراسة شلومو بنس ودراسة هاري ولفسون لنبين تهافت إدع وللهنود أخرى، مؤكدين حقيقة األصول اإلسالمية لهذا المبدأ بالصيغة التي طرحه بهـا المتكلمـون

ـ التي حددوها للجزء تلك ، وبالخصائص األوائل المسلمون ة تتجـسد ، وباألخص كونه هوية تجريدي . فعليا بوجود العرض

2

املقدمةظهروا في القرن الثاني الهجري في أعقاب ما المسلمين المتكلمون هم جماعة من المفكرين

جرى من حوارات في العقيدة في مسائل تكفير مقترف الكبيرة والبعث والمعاد وحشر األجساد ذه المسائل واصل بن عطاء والقضاء والقدر وعلم الباري وصفاته، وكان أول من تكلم في ه

ومن بعدهم أبو الهذيل العالف ) م762/هـ145ت(وعمرو بن عبيد ) م748/هـ131ت( .وغيرهم) م849/هـ234ت(

ل المتكلمين قد سموا معتزلة، وال نعرف على وجه التحديد أصل هذه التسمية ويقال ائوكان أو 110ت (لس الحسن البصري أنها أطلقت على واصل بن عطاء وجماعة من أصحابه اعتزلوا مج

. 1بعدما اختلفوا معه بشأن تصنيف مرتكب الكبيرة أهو مؤمن أم كافر) م728/هـوفي رواية أخرى ألبي الحسين الملطي أن المعتزلة هم الذين سموا أنفسهم بهذا االسم، وذلك

. ية وجميع الناسمعاوية وسلم إليه األمر، إذ اعتزلوا الحسن ومعاو) رض(عندما بايع الحسن بن علي "نشتغل بالعلم والعبادة فسموا بذلك : وذلك أنهم كانوا من أصحاب علي فلزموا منازلهم ومساجدهم وقالوا

.2"معتزلةوفي القرن الثالث الهجري تطور الكالم في هذه المسائل إلى محاوالت لصياغة نظرية أكثـر

الذي كان تلميـذا لواصـل بـن ) م845/هـ231ت (النظامعمقا وتأسيسا على يد إبراهيم بن سيار وعباد بـن سـليمان ) م847/هـ232ت(والشحام ) م837/هـ217ت( هشام الفوطى ، وجهود عطاء

، وهؤالء كلهم من النظامالذي كان تلميذا إلبراهيم ) م847/هـ254ت(والجاحظ ) م864/هـ249ت(ـ 209ت(المعتمر معتزلة البصرة، ومعهم معتزلة بغداد الذين عاصروهم ومنهم بشر بن ) م825/هـ

ثم جـاء مـن بعـدهم مـن ). م915/هـ240(واإلسكافي ) م841/هـ226(وأبو موسى المردار ومـن ) م933/هـ321ت(وابنه أبو هاشم الجبائي ) م915/هـ302ت(البصريين أبو علي الجبائي

بـو وا) م931/هـ318ت(وأبو القاسم الكعبي ) م902/هـ289ت(معتزلة بغداد أبو الحسين الخياط ) طبقات المعتزلة (الذي عنوانه وفي كتاب أمالي المرتضى ).م1024/هـ415ت(رشيد النيسابوري . تصنيف لطبقاتهم

ومن المعروف أن فرقة أخرى من المتكلمين تأسست علـى يـد أبـي الحـسن األشـعري فانشق عـنهم وأسـس المـذهب تلميذا ألبي علي الجبائي الذي كان من المعتزلة ) م935/هـ324(وجاء . ألشعري الذي اشتق له مفاهيم تختلف عن مفاهيم المعتزلة وخصوصا في مسائل جليل الكالم ا

3

أبو ظهر علم من أعالمهم هو ومن بعده ) م1013/هـ402ت(من بعده القاضي أبو الطيب الباقالني ـ والذين أسس وهما من ابرز األشاعرة ) م1123/هـ478ت(المعالي الجويني ا كثيـرا مـن وا وعمق

.اهيم دقيق الكالممفدور تاريخي مهم فـي ) م 1059/هـ415ت (وقد كان للقاضي عبدالجبار الهمداني المعتزلي

توثيق مفاهيم المعتزلة وعطائها النظري الهائل في مسائل علم الكالم من خالل موسوعته الـشهيرة ـ 450ت(يـه كما كان لتلميذيه النجيبين الحسن بن متو )المغني في أبواب العدل والتوحيد ( ) م/ هـ

جهد كبير في توثيق آراء المعتزلة عموما وآراء )م 1024/ هـ 415ت ( رشيد النيسابوري وأبي .القاضي عبدالجبار خصوصا

ففي اإللهيات بحثوا فـي . اإللهيات والطبيعيات : لقد خاض المتكلمون في أمرين أساسيين هما جانب البحث في مسائل القضاء والقدر والبعـث صفات الباري وأفعاله وقدرته وعلمه وإرادته، إلى

وسميت المباحث التي تعني في معالجـة مـا ". الكالم جليل"وهذه المباحث سميت . والمعاد والنشور مقـاالت ( هذا التقسيم في كتابـه استعملوقد وجدنا أن األشعري ". الكالم دقيق"، بالطبيعياتيعرف

. يره أيضاه غاستعملو )االسالميين واختالف المصلين

مما يلفت النظر أن مباحث الكالم كانت قد نشأت أوال ضمن دائرة العقيدة اإلسالمية الداخلية، سواء كانت هذه النشأة قد تسببت عن الفتنـة ،وعلى هذا يتفق جمهور الباحثين القدماء والمعاصرين

ف حول شرعية النزاع عن االختالف في حكم مرتكب الكبيرة أو في االختال مأيام عثمان بن عفان أ لذلك فقد جرى البحث، وقـام . بين علي بن أبي طالب ومعاوية وظهور المرجئة وانشقاق الخوارج

كلها في هذا السجال الكالمي تنحصر فـي كالتوكانت المش . الخالف، أوال في مسائل جليل الكالم المصدر األساس الذي ) آنيأي النص القر (دائرة التأويل، تأويل النص القرآني بوجه خاص باعتباره

ولكن عندما توجه المسلمون بفكرهم وعقيدتهم إلى حجاج الملل واألديان . يتفق عليه المسلمون جميعا .قابلـة األخرى كالمانوية والسمنية والنصارى صار عليهم أن يقارعوا الحجة العقلية بحجة عقلية م

لذلك كان البد من البحـث . نصوص الحديث ى إل ال يقبل االستناد إلى آي القرآن وال المسلمين فغير كان أول المنافحين عن العقيـدة واصل بن عطاء وتذكر المصادر أن . وفصولها في أصول العقيدة

فقد بعث . اإلسالمية في مواجهة العقائد المانوية وعقائد السمنية التي ظهرت بعد فتح المسلمين للهند مـا . 3د الهند كما بعث بعوثا أخرى إلى بالد المغـرب هذا الرجل البعوث العديدة إلى خراسان وبال

4

مـن ومن جاء النظامتالمذته مثل ابراهيم وواصل بن عطاء يهمنا هنا أن الضرورة العملية جعلت يؤسسون لنظرية علم الكالم بنـاء هاشم ي علي وأب ي أب نيوالجبائي الهذيل وأصحابه يأببعدهم مثل

ادوها لمقارعة األفكار والفلسفات التي يعتقدها غيرهم ممن ال ألنهم أر ؛على منطلقات عقلية صرف فصاروا يبحثون في أشياء العالم كلها المادة وصـفاتها وتحوالتهـا وتفاعالتهـا . يشاركهم في الملة

والحركة والسكون والمكان والزمان والثقل والممانعة والوجود والعدم وغير ذلـك مـن الـصفات برؤية شاملة قامت على جملة مبادئ وأسس عقلية صرف فيما عرف الطبيعية والظاهرية، فخرجوا

. بدقيق الكالم

منهج دقيق الكالم كمـا االهذيل العالف وأصحابه أسسوا دقيق الكالم على أسس عقلية صرف ا أن أب من رغم بال

د كان ن هذه المنطلقات لم تكن لتتأسس دون هدي عقيدي يميز منهجهم ويؤطر رؤيتهم، فق فإ، إال قلنا والعقيدة تشتمل على ،فالقرآن فضال عن كونه كتاب شرع فهو كتاب عقيدة . الهدي القرآني دليال لها

المعادلـة التـي تؤلـف العقيـدة االعالقة بينهما، فهما طرف إدراك معرفة الخالق ومعرفة المخلوق و هو رسالته التـي ) القرآن( ولما كان الوحي ،ولما كان اهللا هو الخالق وهو العليم المطلق . اإلسالمية

فإن منطلق الفهم اإلسالمي للعالم هو الرؤية القرآنيـة ،بلغها للناس رسوله الكريم بلسان عربي مبين أما االجتهاد مـن خـارج اإلطـار . في إطارها العام، وللعقل بعد ذلك أن يجتهد ضمن هذا اإلطار

عنـد اعتمد المتكلمون بعد أبي الهذيل لذلك. اإلسالمي فهو ما ليس منه وهو رد، وهذا هو االبتداع عقليـا ليفهم العالم ويفسره ) أي الوحي القرآني (البحث في مسائل دقيق الكالم منهجا ينطلق من اهللا

واتبع منهجهم خالفا لمنهج الفالسفة اليونانيين كأرسطو وأفالطون ومن شايعهم . بما يتفق مع النص الوليد بن رشد، الذين انطلقوا من العالم ليفهموا يوأبوالفارابي من فالسفة المسلمين كالشيخ ابن سينا

ـ الخـالف المنهجـي هذا هو . بما عقلوه من صفات العالم وخصائصه اهللا ويعرفوه بـين ياألساسممكن ولربما يكـون ) أي االنطالق من العالم إلى اهللا (والحق أن السبيل الثاني . المتكلمين والفالسفة

لكن النظر مرتين في المسألة يكشف لنا أن العقل وحده لن يستطيع أن . لرأيهو المرجح في بادي ا أي اعتماد القيـاس العقلـي فـي (وقد كان هذا . يتوصل إلى المعرفة الحق باهللا كونه يعمل بالقياس في أنفسهم هو الخطأ القاتل الذي ارتكبه المتكلمون ) مباحث جليل الكالم فيما يختص بالصفات االلهية

5

القيـاس "هو خطأ الفالسفة أيضا عند بحثهم فـي اإللهيـات فيمـا يـسمونه كان لكالم مثلما جليل ا مـستند إلـى ) أي الذي عند المتكلمين( األول. ففي كال الحالين قياس للغائب على الشاهد". البرهاني

قياس إلـى اهللا يستند إلى العالم يرفعه بال ) أي الذي عند الفالسفة (النص يتأوله بالعقل قياسا، والثاني لذلك لم يكن غريبا أن يتأول أرسطو ومن شايعه السماء أنها حيوان وأن لها نفـسا ويتـأول . جزافا

. من طبيعة خامسة هي األثير مؤلفا الجسم السماوي رى أجرامها على أنها كائنات من جنس آخر وي . ونحن نعلم اليوم أن هذا كله غير صحيح

فـي معظـم متفقون غالبا على أسس الرؤية كلمين معتزلة وأشاعرة يجد الباحث أن المت قد وومن المعروف تاريخيا أن مباحث جليل الكالم هي التي . مسائل دقيق الكالم فيما يختلفون في جليله

كمـا كانـت تلـك اآلخر، همأنشأت االختالف والشقاق بين المسلمين حتى صار بعضهم يكفر بعض مه وقدرته وإرادته هي التي جاءت بكل الترهات التي شـهدها تـاريخ المباحث في صفات اهللا وعل

تلـك . محنة القول بخلـق القـرآن ب تكللت وهي التي ،الخالف بين المعتزلة ومن خالفهم من الفرق فلم يكـن هنالـك . التي ألقت بضاللها السقيمة على العقيدة والفكر اإلسالميين، وليس غيرها المحنة

واالختالف في مباحثه . لة واألشاعرة في جملة المبادئ األساسية لدقيق الكالم خالف كبير بين المعتز العدم مثال أو القول فـي تجـدد بشأن مساحة الجوهر وشيئية إنما كان في التفاصيل، تفاصيل القول

وفي هـذه . أو غير ذلك من تفاصيل الرؤية في الدقيق ،األعراض أو تجدد الجواهر واألعراض معا بين بصريين وبغداديين فيما يفصله لنا أبو رشيد النيـسابوري أيضا ختلف المعتزلة أنفسهم المسائل ا أن نـشوء نـشير إلـى ودعما لهذا الـرأي ". مسائل الخالف بين البصريين والبغداديين "في كتابه

كان معتزليا كما هو معروف قد جاء من رحم المعتزلة فأبو الحسن األشعري كان عرة أنفسهم ااألش . انشق عنهمثم ) م930/ هـ330ت (درس على أبي علي الجبائي

ال بد من التنبيه هنا إلى حقيقة تاريخية تقررها طريقة عرض المتكلمين أنفسهم للمسائل التـي

المتكلمون في نهجهم يستعملسنعالجها وهي أن استداللهم قد اعتمد الطريقة الجدلية والخطابية، ولم الحساب غير ما اعتمدوه من أساسيات المنطق والبيان العربي الذي يكمن أي نوع من الرياضيات أو

كما أنهم خلطوا البحث فـي طبيعـة . فقامت اللغة العربية عندهم مقام الرياضيات ؛أساسا في لغتهم بحثوا فيه أفعـال اإلنـسان وجبـره واختيـاره، كما .األشياء مع البحث في صفات الباري وأفعاله

يبـدأ نظريا استقرائيا اؤيتهم الشمولية المتداخلة للمسائل التي عالجوها معتمدين منهج منطلقين من ر

6

في طريق معاكس تماما للمنهج اليوناني الـذي يبـدأ مـن ،من اهللا لينزل إلى فهم الطبيعة واإلنسان عة ومحاولة لذلك لم يكن همهم األساس النظر في الطبي . كما أسلفنا الطبيعة واإلنسان ليصل إلى اإلله

استكشاف قوانينها ونواميسها بقدر ما كان همهم منصبا على إثبات وجود اهللا واثبات صفاته وقدرته إنما يبقى التأسيس النظري الفكري في دقيق الكالم وما حمله من مبادئ ومفاهيم وما .الحاضرة أبدا

. القيمة التاريخية األعظماعالجه من مسائل هو العطاء العلمي ذ )الجـوهر الفـرد ( أو )الجزء الـذي ال يتجـزأ (ومفهوم نعالج في هذا البحث مبدأ التجزئة سـ العند المتكلمين في إطاره العام، ثم نعـرض وصفاته ات عـدد مـن الفالسـفة القـدماء عتراض

في ميزان المعرفـة العلميـة والمعاصرين على مبدأ الذرية واضعين هذه االعتراضات واالنتقادات اء المتكلمين فـي هـذه رآارها الفلسفي العلمي لنميز من خالل تلك الموازنة محاسن إطبالمعاصرة

. مومثالبهالمسألة

التجزئة ومفهوم اجلوهر الفرد الذرية اإلسالمي نقف أمام جملة من المفاهيم التي ينبغي تعريفها أوال، منها أفي دراسة مبد

مفهوم العرض ومفهوم الجسم وهنالك مفاهيم متعلقة مفهوم الجزء الذي ال يتجزأ أو الجوهر الفرد، و بالرغم منفهذه ألفاظ مشتركة مع مثيالتها التي عند الفالسفة باللفظ . والكونحيزبها منها مفهوم الت

. اختالفها في المدلولقال المتكلمون بمبدأ إمكان تجزئة األجسام إلى أجزاء أصغر وأصغر حتى نصل إلى حد تقف

كما ) الجزء(أو ) الجزء الذي ال يتجزأ(وهذا الجزء الذي تتوقف عنده التجزئة أسموه . عنده التجزئةالجزء الذي ال ويعرف الجرجاني . اختصارا) الجوهر( أو ،)الجوهر الفرد(أطلقت عليه تسمية

سام جوهر ذو وضع ال يقبل االنقسام أصال، ال بحسب الوهم أو الغرض العقلي، وتتألف األج" بأنه: يتجزأ .4"من أفراده بانضمام بعضها إلى بعض، كما هو مذهب المتكلمين

والمحدثات كلها تنقسم إلى ثالثة أقسام ، فجسم مؤلف، وجوهر منفرد، وعرض : "5يقول الباقالني واتفق اإلسالميون على أن األجسام تتناهى في "يقول أبو المعالي الجويني و. 6"موجود باألجسام والجواهر

7

تصير أفرادا، وكل جزء ال يتجزأ فليس له طرف واحد شائع ال يتميز، وإلى ذلك صار بعض تجزيتها حتى .7"المتعمقين في الهندسة وعبروا عن الجزء بالنقطة وقالوا بأن النقطة ال تنقسم

وهذا خالف . وبموجب هذه الفرضية يكون الجوهر الفرد هو الوحدة األساسية في بناء األشياء .الفالسفة من أن التجزئة ممكنة إلى ما النهاية له من األجزاءما قال به عامة

هنالك حجج عديدة تقدم بها رواد المتكلمين إلثبات الجوهر الفرد ذكر كثيرا منها أبو الحسن والهذيل العالف ربط و، منها أن أب " االسالميين واختالف المصلين مقاالت"كتابه المشهور األشعري في

–قال "، حيث يقول على التجميع والتفريق وتصييره الجسم الواحد أجزاء ال تتجزأ بين القدرة اإللهية ،إن الجسم يجوز أن يفرقه اهللا سبحانه ويبطل ما فيه من االجتماع حتى يصير جزءا ال يتجزأ -أبو الهذيل

نـه قـد إوأن الجزء الذي ال يتجزأ ال طول له وال عرض له وال عمق له وال اجتماع فيه وال افتراق، و كما أورد الجويني دليال أوضح وأكثر اتـصاال بـالمنطق . 8"يجوز أن يجامع غيره وأن يفارق غيـره

إذا نظر الناظر إلى جسم صغير وجسم كبير : أن نقول ] أي الفالسفة [ومما نستدل به عليهم ": العقلي فقال فال ،فإذا استيقنا ذلك . لكالم عنه فيعلم اضطرارا أن أحدهما أكبر من اآلخر، ومن أبدى في ذلك ريبا قطع ا

فإن رجـع إلـى . وإما أن ال يرجع إليه،يخلو التفاضل في الكبير والصغير إما أن يرجع إلى كثرة األجزاء إذ لو كان كل واحد من الجسمين غير متناهي األجزاء لما تـصور ؛تناهي األجزاء فقد بان تناهي الجسم

فلو كان أحدهما أكثر أجزاء لكان الثاني . في النهاية ينفي النقصان كون أحدهما أكثر أجزاء من اآلخر؛ إذ ن إن كل مـا ":وفي هذا السياق من البرهان يأتي قولهم . 9"أنقص أجزاء، ووضوح ذلك يغني عن تقريره

". حصره متناه يجب أن يكون متناهيا وما ال يتناهى ال يحصره متناه حيـز فالجوهر كل ذي حجم مت ) "ة في أصول الدين كتاب الغني (في السيرافي كما يقول أبو سعيد

تقدير المكان ومعناه أنه ال يجوز أن يكون عين ذلك الجوهر حيث هو وأمـا العـرض فالمعـاني حيزوال عقـال وال تهئزالقائمة بالجواهر كالطعوم والروائح واأللوان والجوهر الفرد هو الجزء الذي ال يتصور تج

سم فهو المؤلف وأقل الجسم جوهران بينهما تأليف واألكوان اسم لالجتمـاع وأما الج . وهما تهتقدير تجزئ . معنى هذا أن الجوهر يشغل مكانا أو ما هو تقدير لمكان.10"واالفتراق والحركة والسكون

األعراض ،ومحموالتها وهي الصفات التي يمكن للجوهر أن يظهر بها الفردة األعراض صنو الجواهر

الموجـود : " ويعرف الجرجاني العرض بأنـه . وغيرها رة والرطوبة واليبوسة راكاللون والطعم والح الذي يحتاج في وجوده إلى موضع أي محل يقوم به كاللون المحتاج في وجوده إلى جسم يحلـه ويقـوم

شمل الكثير من األحوال المعنويـة كالقـدرة واإلرادة يم المتكلمون مفهوم األعراض ل عموقد . 11"به

8

وهذا الخلط يشكل موضوعا قائما بذاته بحاجة إلى دراسة معمقة ألنه أدى . الموتالعجز و والحياة و إلى ضياع كثير من األحكام واختالطها، وهو واحد من األسباب األساسية التي أدت إلى إعاقة الفكر

. فذلك الخلط بين الطبيعي واإلنساني لم يدع مجاال لتخصص األحكام . الكالمي ودقيق الكالم بخاصة وفي كتاب مقاالت االسالميين واخـتالف المـصلين . ختلط القياس وتاه في حمأة اآلراء المتناقضة فا

لألشعري نصوص تبين ما نقوله هنا، حتى لكأن الباحث يشعر بالرهق يأخذه في بحر من األقـوال . الجواهر أيضا وإن كان بقدر أقلن األعراض يقال عنوما يقال ع. المتباينة

األعـراض : فقال قائلون "ويقول األشعري .. ة أبدا ال تبقى زمانين أو آنين متغير واألعراضكلها ال تبقى وقتين ألن الباقي إنما يكون باقيا بنفسه أو ببقاء فيه فال يجوز أن تكون باقية بأنفـسها ألن

ض، والقائل هذا يوجب بقاءها في حال حدوثها وال يجوز أن تبقى ببقاء يحدث فيها ألنها ال تحتمل األعرا سم البلخى ومحمد بن عبداهللا بن مملك األصبهاني، وزعـم ابهذا أحمد بن علي الشطوي وقال به أبو الق

هؤالء أن األلوان والطعوم واألراييح والحياة والقدرة والعجز والموت والكالم واألصوات أعراض وأنها ال واألعـراض " ويقول الباقالني .12" زمانين تبقى وقتين وهم يثبتون األعراض كلها ويزعمون أنها ال تبقى

وألن .13"هي التي ال يصح بقاؤها وهي التي تعرض في الجواهر واألجسام وتبطل في ثاني حال وجودها علم أن العـرض فـي إ "ويقول الجويني . سماألعراض هي الصفات الدائمة التجدد فقد سميت بهذا اال

لبتة، سواء كان جسما أو عرضا ولهذا يقـال للـسحاب أصل اللغة هو ما يعرض في الوجود وال يطول ا .14"عارض، أما في االصطالح فهو ما يعرض في الوجود وال يجب لبثه كلبث الجواهر واألجسام

والدليل على إثبات األعراض تحرك ": ويدلل الباقالني على وجود األعراض بالحركة حيث يقول فلو كان متحركا لنفسه .ةبد أن يكون ذلك كذلك لنفسه أو لعل وال .الجسم بعد سكونه وسكونه بعد حركته

.15" وفي صحة سكونه بعد تحركه دليل على أنه متحرك لعلة هي الحركة.ما جاز سكونه

صفات اجلوهر الفردويعنـي . 16"ماهية إذا وجدت في األعيان كانت ال في موضوع : "يعرف الجرجاني الجوهر بأنه

ويقـول . يعني تجـسيدها ) أي محل (جريدية ألن وجودها في موضوع ذلك أن الجوهر هو ماهية ت .الجوهر، هو المحتمل لألحوال والكيفيـات المتـضادات علـى مقـدارها "الخوارزمي في مفاتيح العلوم

.17"أن األجـسام مؤلفـة مـن أجـزاء ال تتجـزأ، وهـي الجـواهر عنـدهم : وعند المعتزلة المتكلمين لى ما يبدو لنا مما أحصيناه من المصادر التي ذكرت أقوالهم، لـيس والجوهر الفرد عند المعتزلة، ع

9

ال طول "ففي القول الذي أورده األشعري عن أبي الهذيل يتضح أن الجوهر ليس له حجم إذ . له قدر ا لـه مهو "ما يعني أنه ليس جسما فالجسم بحسب تعريف أبي الهذيل ،"له وال عرض له وال عمق له

لذلك وجد أبو الهذيل أن الجسم ال يتألف إال بعدد أدنـى . 18"ن وأعلى وأسفل يمين وشمال وظهر وبط وأقل ما يكون الجسم ستة أجزاء أحدهما يمين واآلخر شمال وأحدهما ظهـر : "من الجواهر الفردة فقال

والجوهر الواحد الـذي ال ينقـسم " في المقاالت كذلك نجد . 19"واآلخر بطن وأحدهما أعلى واآلخر أسفل يكون جسما ألن الجسم هو الطويل العريض العميق وليس الجوهر الواحد كذلك، وهذا قول أبـي محال أن

أي (األشاعرة فإن الجوهر عندهم له قـدر أما عند .20"الهذيل ومعمر، والى هذا القول يذهب الجبـائي ن المـساحة الجوهر الفرد له حظ ثابت م ":يقول الجويني). أي ال يتجزأ (لكن ليس لقدره بعض ) مقدار

ويبدو . 21"غير موقوف على انضمام غيره إليه وله قدر غير أن ليس لقدره بعض والجوهر يقدر الجوهر إن كل ما حصره متناه يجب "أن هذا هو السبب الحاسم الذي جعل حجة المتكلمين آنفة الذكر من قولهم

. حجة صحيحة" أن يكون متناهيا وما ال يتناهى ال يحصره متناهوممـا . ذا يكون الجوهر عند المعتزلة أشبه بالنقطة لكنه ليس النقطة الهندسية نفـسها وعلى ه

فالجوهر له قدر، وله . ذلك الذي للنقطة نختالف الحد الذي وضعه له المتكلمون ع ايمنع كونه نقطة نـة لها إال في الوهم وهي كينو وجودال ف أما النقطة .يتألف جسما بانضمام غيره اليه ووجود حقيقي

أما عـن كـون . ةحيزة ولم يقل أحد من الفالسفة أو المتكلمين بأنها مت حيزغير مت والنقطة .هندسية واألعراض ليـست ، فألن هذه األبعاد هي أعراض ؛الجوهر الفرد ال طول له وال عرض وال عمق

. فذلك تجريد وهمي يصح نظريا إذا تصورنا الجوهر عاريا عن األعراض. الجواهر :حيزالت

عند المتكلمين هو الفراغ المتوهم الذي يشغله شيء ممتـد حيزلا" بقوله حيزيعرف الجرجاني ال بـشىء األول، : ن حيث اإلشغال، مـدلولين أي أن للحيز، م . 22" أو غير ممتد كالجوهر الفرد ،كالجسم

يشغله ما هي في المشكلة في هذا التعريف و. والثاني بشىء غير ممتد كالجوهر . ممتد، وهذا مفهوم . ألنه إن كـان مكانـا فـال يـشغل إال بممتـد . غير المكان حيز ال معنى ذلك أن . شيء غير ممتد

المكان عند الحكماء هو السطح الباطن من الجسم "يقول الجرجاني . والمتكلمون يجعلون المكان للجسم المتـوهم الـذي يـشغله وعند المتكلمين هو الفراغ ،يالحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحو

الجسم وتنفذ فيه أبعاده والمكان المبهم عبارة عن مكان له اسم نسميه به بسبب أمر غير داخـل فـي .لمكان بالخلف إنما هو بسبب كون الخلف في جهة وهو غير داخل في مسماه ا مسماه كالخلف فإن تسمية

10

خل في مسماه كالدار فإن تـسميته بهـا والمكان المعين عبارة عن مكان له اسم سمي به بسبب أمر دا .23"بسبب الحائط والسقف وغيرهما وكلها داخلة في مسماه

هو المخـتص بحـال لكونـه حيزوالمت. عند الوجود حيزحقيقة الجوهر ما له "ويقول ابن متويه ن قد حاز ذلـك فيكو ؛عليها يتعاظم بانضمام غيره إليه أو يشغل قدرا من المكان، أو ما يقدر تقدير المكان

فأفراد ما هذه .حيزفهذه وما أشبهها أحكام المت . أن يحصل بحيث هو نأو يمنع غيره من أمثاله ع . المكان . 24"صول األجسامأفلهذا تجعل الجواهر . ومن هذه األعيان تتركب األجسام. حاله تسمى جوهرا

لمـون وإن أنكـروا سـائر المتك ":نفسها يقول االيجي ) صفة الوجود ( معناه حيزويبدو أن الت معلل حيز وزعم قوم منهم أن حصول الجوهر في ال .المقوالت النسبية فقد اعترفوا باألين وسموه بالكون

وال يعني هذا . 25" بالكونيه بالكائنية والصفة التي هي علحيزبصفة قائمة بالجوهر فسموا الحصول في ال . ةحيـز التي تحملها الجـواهر ال تكـون مت ، ال فاألعراض التي هي الصفات حيزأن كل موجود مت

.ه بالتبعيةحيزوالسبب في ذلك أنها محمولة على الجواهر وكل محمول فهو تبع وتفقد ذهب الجبائيان إلى أن الجـوهر . وهذه المسألة تجرنا إلى مناقشة قضية الجوهر المعدوم

صل في العدم أيضا؟ يقول فهل يعني هذا أن صفة التحيز يمكن أن تح . يكون جوهرا في حال عدمه علم أن الذي يذهب اليه الشيخان أبو علي وأبو هاشم أن الجوهر يكون جـوهرا ا"أبو رشيد النيسابوري

وقد قال بذلك الشيخ أبو عبداهللا، وربما يجري في كالمه ما يقتضي ظاهره أن صفة التحيز . في حال عدمه لكعبي نفى أن يوصف المعدوم بأنـه جـوهر ويقول النيسابوري أن ا .26"تكون حاصلة في المعـدوم

وذهب شيخنا أبو القاسم إلى أن المعدوم ال يوصف بأنه جوهر وال بأنه عرض وامتنع أن يجري : "فيقوللكن الجويني يخالف النيسابوري في هذا القول، أي إقرار الكعبي بشيئية ."عليه اسم غير قولنا شـيء

عتزلة بغداد إلى موافقة أهل الحق في أن المعدوم ليس بشيء وذهب الكعبي ومتبعوه من م "العدم، فيذكر ويستمر النيسابوري في تفصيل القول في هذه المسألة مـن وجـوه كثيـره . 27"وإنما هو نفي محض

. شـيئيته رغـم إلثبات ما يذهب اليه هو وشيخه الكعبي من نفي صفة التحيز عن الجوهر المعدوم العدم مع عدمه لكنه بوجوده في العدم ال يكـون متحيـزا وبالخالصة فإنه يرى وجودا للجوهر في

) أهل الحق كما يسميهم ( األشاعرة وقد عرض الجويني ملخص موقف . ل ذلك ال يسمى جوهرا جوأل: ما صار اليه أهـل الحـق أن حقيقـة الـشيء : "المعتزلة من معنى العدم ومصدر قولهم فيه بقوله و

وما اليوصف بالوجود ال يوصف بكونه شيئا، فاطرد الحد كل شيء موجود وكل موجود شيء، . الموجودووذهبت المعتزلة . ومعنى تعلق العلم به تعلقه بانتفائه . والمعدوم منتف من كل الوجوه . في طرده وعكسه

وأول مـن . كل معدوم شيء : وأطردوا ذلك وعكسوه وقالوا على مقتضاه . المعلوم :إلى أن حقيقة الشيء

11

وناقضوا في .....لشحام، ثم تابعه معتزلة البصرة، وثبتوا المعدوم شيئا وذاتا وعينا أحدث هذا القول منهم ا والحق أن مسألة العدم ومعنـى المعـدوم . 28"أوصاف منها التحيز، فلم يصفوا الجوهر المعدوم بالتحيز

. بحاجة إلى مناقشة أوسع مما يخرج عن نطاق هذا المبحث

الجواهر من جنس واحد أم ال، فـإن األشـعري يخبرنـا أن تا إذا كان أما بشأن السؤال عم على جنس واحد وهي بأنفسها جواهر وهي متغايرة الجواهر: "الجبائي قال إن الجواهر هي جنس واحد

ويبدو أن هذا الـرأي . 29"بأنفسها ومتفقة بأنفسها وليست تختلف في الحقيقة، والقائل بهذا هو الجبائي حيث يقول أبو رشـيد النيـسابوري ن من المعتزلة واألشاعرة قد قالوا به هو ما كان أغلب المتكلمي

أن الجواهر قد تكون إلىوذهب شيخنا أبو القاسم البلخي . أن الجواهر كلها جنس واحد إلىذهب شيوخنا "ـ (وهذا تصريح واضح بأن جميع المعتزلـة . 30"نها قد تكون متماثلة إختلفة كما م القاسـم يعـدا أب

. ون على تماثل الجواهريجمع) الكعبي

أما بشأن ثقل الجوهر فإن الحسن بن متويه يقول إنه ال حظ له من الثقل، ويبـدو أن هنالـك يقول ابـن متويـه إذ علي بشأن هذه المسألة يبعض االختالف بين رأي أبي هاشم الجبائي وابنه أب

وذهب أبو علي . ا هو رأي أبي هاشموال حظ له من الثقل، وإنما المرجع بالثقل إلى وجود معنى فيه، وهذ". 31"وهذه المسألة فـي بـاب االعتمـاد أخـص . إلى أن الثقل راجع إلى نفس الجوهر فأثبت له حظا منه

فإن االعتماد هو نوع من ،والجملة األخيرة في هذه العبارة مهمة كونها تجعل الثقل صفة لفعل سببي عتماد يصف القوة عادة، ففيها تـشخيص صـحيح السببية المتعلقة بوجود األسباب فضال عن أن اال

. لمعنى الثقلما صار إليـه أهـل : "، بل تتجاور، يقول الجوينيفيما بينهاوالجواهر عند المتكلمين ال تتداخل

الحق أن الجواهر ال تتداخل وال يجوز وجود جوهر بحيث ذات جوهر آخر وإن أطلق في التجاوز تـداخل .32"اهى تجاورالجواهر واختالطها فالمعن

تجـدد بـدون لكنهم اختلفوا في مسألة تجدد الجواهر، فقال أغلب المتكلمين بأن الجواهر باقية الجوهر باق غيـر متجـدد، " الجويني في الشامل وهذا ما ذكره ، أنها متجددة حاال فحاال النظاموقال .33" إلى أنه متجدد حاال فحالالنظاموذهب

12

ذكر الحسن ابن متويه أن المعتزلة قالوا بادراكه وهـو منفـرد، )الجوهر(وفي إدراك الجزء فالذي قاله الشيخ أبو علي أنه يصح منا أن نراه عند قوة الشعاع على ما يرى المحتضر أجـسام : "فيقول

أما عـن . ويعني ذلك أن الجزء يرى على نحو مشوش أو ضبابي إذا كان الضوء شديدا . 34"المالئكةأي –إنـه "فيذكر ابن متويه أنه حكي عنه أنه قـال ) يعني به القاضي عبدالجبار وربما ( عبداهللا يأب

. 35"حتى تصير كالجزء منه الشعاع أجزاء إذا كان منفردا دخل في تضاعيف-الجزء

يف اجلزءالنظامرأي رفض القول بوجود جـزء ال النظامتجمع المصادر التي بين أيدينا على أن ابراهيم بن سيار

ـ و. إلى ما ال نهاية له مـن األجـزاء ) بالوهم على األقل (، وإنه قال بإمكان التجزئة 36أيتجز ذكر ي النظـام ويعـد . ما يدل على اهتمامه بالموضـوع )الجزء( كتابا اسمه النظام أن البراهيم األشعرياختالفـه على الرغم مـن لقوله باالصول الخمسة التي قال بها المعتزلة في شؤون العقيدة، معتزليا

ومـن الجـدير .لجاحظزميل ل تلميذا لواصل بن عطاء، وهو النظامكان و. معهم في تفاصيل كثيرة نقلتها عن كتـاب ابـن 37 وسموها فضائح آراء مشوهة للنظام عرضتبالذكر هنا أن بعض الكتب

ا مـن صحح كثيـر ف) االنتصار(والذي رد عليه الخياط بكتاب ) فضائح المعتزلة (الراوندي الملحد . التي أفتريت عليهاالفتراءات التي

العريض العميق وليس ألجزائه عدد يوقف الجسم هو الطويل: "ويروي األشعري عنه أنه قالال جزء إال وله " : أنه قال عنه أيضارويو. 38"عليه وأنه ال نصف إال وله نصف وال جزء إال وله جزء

نصف وإن الجزء جائز تجزئته أبدا وال غاية له من باب جزء وال بعض اال وله بعض وال نصف اال ولهة من أجزاء ال تتجزأ وزعم أنه ليس عأنكر ابراهيم أن تكون األجسام مجمو: " ويقول الخياط.39"التجزؤ

بتناهي األجسام في النظاموقد أقر ابراهيم . 40"من جزء من األجسام إال وقد يقسمه الوهم نصفينفكذلك زعم ابراهيم أنه لما لم يجد جسما من األجسام ": في الصفحة نفسهاياطقال الخ. المساحة والذرع

". إال وهو متناه في مساحته وذرعه محتمل للقسمة والتصنيف قضى على أن كل جسم منها هذا سبيله فهو يقر بنهاية ؛ إنما يقر بمحدودية جميع الموجودات بالفعلالنظاميجعلنا نستنتج أن ابراهيم ما وهذا

ولطالما أن الجزء الذي ال يتجزأ . ، لكنه ال يحد الموجودات بالوهم)العدد(والذرع ) الكمية(المساحة

13

يؤكد ذلك موقفه من مقارنة . ليس موجودا عنده بالفعل بل وجوده وهمي لذلك لم يجد بدا من انكارهخردلة فإن ابراهيم يزعم فأما قوله في تفاوت أجزاء الجبل وال: "أجزاء الجبل والخردلة إذ يقول الخياط

أن الجبل إذا نصف بنصفين ونصفت الخردلة بنصفين فنصفا الجبل أكبر من نصفي الخردلة، وكذلك إن قسما أرباعا وأخماسا وأسداسا، ثم كذلك أجزاؤهما إذا جزئا أبدا على هذا السبيل كان كل جزء من الجبل

: إذن فالقضية واضحة. 41"ما متناه في مساحته وذرعهأكبر من كل جزء من الخردلة وجميع أجزائه يقر بمحدودية الكمية والعدد ألي من موجودات العالم صغيرة كانت أم كبيرة إال أنه ال يقبل النظام

وهذه مسألة مهمة في تفسير عدم تناقض المباديء المؤسسة للعقيدة الكالمية . بحد الوهم عن التقسيم وغيره لربما يبعث النظامفإن نفي القول بالجزء الذي ال يتجزأ من قبل . في فكر المتكلمين أنفسهم

المتكلمين وهو ئعلى القول بأنه وغيره قالوا بال نهاية الموجودات وهذا مما يناقض مبدأ من مباد . القول بمحدودية العالم في الكمية والعدد ألن الالمحدود األوحد هو اهللا

نه ينتمي إلى المعتزلة؟ أخاصة وب رفض الجزء الذي ال يتجزأ لالنظامما هي دوافع ولكن

مـن وفـصوله النظـام كتابا يمكن الرجوع اليه لمعرفة أصول موقف للنظام لم يترك الزمن والتي نقلنا أهمها ،من هذه المسألة الجزء الذي ال يتجزأ غير ما ذكرته المصادر من خالصة موقفه

. الذي سنحلل رأيه في الفقرة التالية من البحـث ،ده مع ابن حزم مثال فيما ورد أعاله، خالفا لما نج المشكلة في مسألة رفض مبدأ التجزئة والقول بدال عن ذلك بال نهائية التجزئة هي كيف يـستعيض

ن بال نهائية التقسيم عن الضرورة التي يوفرها مبدأ نهائية التقسيم في ما يخص مبدأ الحدوث؟ والقائلن خالل ما نجده عند ابن حزم أن ال نهائية التقسيم ال تتعارض مع القول بمبـدأ الحـدوث يبدو لنا م

وهنا ينبغي لنا البحث في مسألة ثانية نجدها ضرورية للتعبيـر عـن فاعليـة . ألن قدرة اهللا مطلقة فقد وجد كثير من المتكلمين ضرورة القول بوجود األعـراض . ماالختيار االلهي وقيوميته على العال أن تكون طارئة ولكي تكـون من ولكي تتجدد األعراض فال بد . لغرض التمكن من القول بتجددها

. ، ومعها نهائية التقسيمطارئة فال بد من كونها محموله، وهنا تأتي ضرورة وجود الجوهر عن األعراض؟النظامإذن ماذا يقول

إذ يـذكر . ضـا بمثابـة أجـسام ما يسميه المتكلمون أعرا د وجود األعراض ويع النظامينفي واختلفوا لم سميت : "وقال . 42" االعراض محال ان ترى وانه ال عرض اال الحركة النظاموقال "األشعري

نكـر أ و . بها منها تعترض في االجسام وتقو أل فقال قائلون سميت بذلك ،عراضاأالمعانى القائمة باالجسام

14

وكثيـر مـن اهـل النظـام وهذا قول ، فى جسم و يحدث عرض ال أن يوجد عرض ال في مكان أهؤالء عراض أل ا النظاموقال : " لتضاد األعراض وكونها أجساما فيقول النظامويؤكد األشعري نفي . 43"النظر

وهذه ،نما هو بين االجسام كالحرارة والبرودة والسواد والبياض والحالوة والحموضة إال تتضاد والتضاد وهذا المفهوم . 44"ل جسمين متفاسدين فهما متضادان ا وكذلك ح ،ا بعضا جسام متفاسدة يفسد بعضه أكلها

فـصفة الفـساد نه يعني أن تكون األعراض هي صفات األجسام نفـسها إغير واضح إال أن نقول . يعزوها للجسم نفسه دون أن يجد أنها متخارجة عنه

رفضه أن يختص منناجم للجزء من الناحية األنطولوجية النظامنخلص من هذا إلى أن نفي . تجزئة الجزء بالوهم على األقـل عدم امكان فهو ال يرى سببا ل. بصفة الالتجزؤ حتى لو كان بالوهم

وإذا كان من جزء قابل للتجزئة بالوهم فقد انتفت عنه صفة الفردية أي ال وجود للجـوهر الفـرد، وموقـف . مهما تـصاغر وإذن فإن الجزء الذي يمكن أن يوجد أنطولوجيا ويقسمه الوهم هو جسم

أما بشأن نفي العرض فهو تابع لهذه الفكرة من . هو نفسه الذي عند ابن حزم كما سنرى هذا النظاموها قـد . حصراباب أن وجود العرض متصل بوجود الجزء المتفرد بالصفة التي تمنعه من التجزؤ

مريدا مختارا دون الحاجـة مع ذلك يبقى اهللا تعالى فاعال . إذن انتفت هذه الصفة فال حاجة للعرض . إلى جوهر وال عرض

قول النظام بالطفرةن نفي الجزء الذي ال يتجزأ يجعل من العسير فهم كيفيـة إقد احتج المخالفون للنظام بالقول و

إذ يتوجب على الجسم أن يقطع ما ال يتناهى من األجزاء عند انتقاله من نقطة إلى . حصول الحركة نفـسه والـذي النظـام وهذا مستحيل على مذهب . ون قد قطع ما ال نهاية له أخرى؟ وهو بذلك يك

لم يتمكن من الرد على النظامويبدو أن . 45 كما يذكر الخياط استعمله في محاججته للدهرية والمنانية ألن موضوعة تحليل الحركة مسألة ؛حسبفالمتسائلين بالقول أن الالنهاية في التجزئة هي في الوهم

لذلك لجأ إلى القول بأن الجسم حين ينتقل من موقع إلى آخر فإنمـا يقطـع . م هي األخرى في الوه نه قد يجوز ان يكـون أفزعم النظام "يقول األشعري بهذا الصدد . بعض األماكن قطعا واألخرى طفرا

ـ . 46"الجسم الواحد في مكان ثم يصير الى المكان الثالث ولم يمر بالثانى على جهة الطفـرة ض وقـد رفوابـن . ورفضها ابن حزم أيـضا .أغلب المتكلمين من معتزلة وأشاعرة على السواء القول بالطفرة

ولسنا هنا بصدد مناقشة هذه المسألة لكننـا سـنعاود . التذكرة فصال لمناقشة الطفرة يعقد في متويه . آخر إن شاء اهللا تعالىبحثمناقشتها في

15

رأي ابن حزم يف اجلزءالملـل الفـصل فـي أ الذرية عند المتكلمين في صفحات كثيرة من كتـاب نقد ابن حزم مبد

وينبغي ابتداء التذكير بأن ابن حزم إنما ينتقد آراء من سبقوه وآراء معاصريه من .واألهواء والنحل ـ : وينصب نقد ابن حزم على مسألتين .المتكلمين واألخص منهم أبو الهذيل العالف هاألولى هـي أن

:فهو يقول ،بالجزء الذي ال يتجزأ معناه نفي قدرة اهللا على أن يخلق جزءا أصغر منه يرى أن القول ،أصلح منه وعلى أصغر األشياء علىاصلح األشياء ثم ال يكون قادرأل قادر فاعل ـ أي اهللا ـفهكذا هو "

ا حيزد احتل قدليل القدرة هذا من الواضح أن و. 47"وهو الجزء الذي ال يتجزأ وال يقدر على أصغر منه ، إذ نجده يكرر مناقشته لهذا الدليل مرات عديـدة بوجـوه في هذه المسألة تفكير ابن حزم مهما في إن الجسم " الذي سبق ذكره ،ولعل ما دعاه إلى االهتمام بدليل القدرة قول أبي الهذيل العالف . مختلفة

ر جزءا ال يتجزأ، وأن الجـزء الـذي ال يجوز أن يفرقه اهللا سبحانه ويبطل ما فيه من االجتماع حتى يصي فإبن حزم معترض على وجود ".يتجزأ ال طول له وال عرض له وال عمق له وال اجتماع فيه وال افتراق

وقد صرح بهذا في غير ما . الجزء الذي ال يتجزأ ألنه يرى في وجوده تحديدا لقدرة اهللا و تعجيزا له نهم لتناهي قدرة اهللا عز وجل وتعجيز لـه تعـالى وإيجـاب هذا إيجاب م ":موضع من كتابه حيث يقول

إذ التناهي في القوة صفة المحدث المخلوق ال صفة الخالق الذي لم يـزل وهـذا ؛لحدوثه وإبطال إلهيته ويحاول ابن حزم تفنيـد . 48"ه في تناهي قدرتهم ق وتشبيه اهللا تعالى بخل ،خالف القرآن وإجماع المسلمين

ينفي في الوقت نفسه فهو ). كما يسميها (جود الجزء ويرى أنها خمسة مشاغب المتكلمين على و أدلةولست أدري إالم يشير ابن . دعاءات الخصوم عليه وتقويله ما لم يقل افي حيثيات ردوده وتفنيداته،

ـ يفضي الجزء نفيففي االعتراض األول ينفي أن يكون . حزم بالضبط ول بـأن لألجـسام إلى القننا لم نرفع النهاية عن األجـسام إونقول على هذا السؤال الذي سألونا عنه ": فيقول ،مساحات ال نهائية

". كلها من طريق المساحة بل نثبتها ونعرفها ونقطع على أن كل جسم فله أبدا مساحة محدودة وهللا الحمد وأنـتم " كما أسـلفنا، ليقـول ،أبو الهذيل العالف في مقدمتهم والجزء يعكس القول على القائلين ب ثم

ن الجسم ينقسم إلى أجزاء ليس لشيء منها عرض وال طول وال عمق وال مـساحة وال يتجـزأ إتقولون ن تلك األجزاء لـيس إ و . ليس هو شيء غيرها أصال ،ن الجسم هو تلك األجزاء نفسها إ و .وليست أجساما

الجـسم هـو تلـك وأن ، الجسم هو تلك األجزاء وليست أجساما أن فلزمكم ضرورة .لشيء منها مساحة وهـذا أمـر . أن الجسم ال مساحة له ؛ وكل جزء من تلك األجزاء ال مساحة له ،األجزاء وليس هو غيرها

فال نهاية لما قطعه القـاطع ؛ والمساحة هي النهاية في ذرع األجسام ،يبطله العيان وإذا لم تكن له مساحة

16

فهـو علـى حجـة ي يقدمه ابن حزم الذ أما االعتراض الثاني . 49" وهذا باطل ،من الجسم على قولهم هو دليل علـى ) هندسيا في مقدار ذرعه ومساحته(المتكلمين من أن وجود نهاية ينتهي عندها الجسم وهذا تمويه فاسد ألننا لـم نـدفع "فيقول ابن حزم . ضرورة وجود جزء ال يتجزأ ينتهي عنده الذرع

وأن الذي ينقطع به ،سطحا ينقطع تماديه عنده بل نقول أن لكل جرم نهاية و ،النهاية من طريق المساحة ورد ابن حزم هنا ضعيف لكونه قد . 50" ولكنه محتمل للتجزيء أيضا ،الجرم إذا جزئ فهو متناه محدود

أقر بنهاية مساحة الجسم ومحدوديتها وضرورة نهايتها بحد الجزء المحدود، لكنه ينفي أن يكون ذلك وهذه مـسألة مهمـة . بالقوة أي الوهم وليس بالفعل ضرورة ولو ؤالجزء المحدود غير قابل للتجز

ذلك أننـا وجـدنا . في تحليل موقف ابن حزم من فرضية الجزء الذي ال يتجزأ ةوذات قيمة معرفي مـع إقـراره ) أو الوهم (وكما سنرى الحقا من تصريحات ابن حزم أنه يعارض نفي التجزئة بالقوة

عندما يقدم ابن حزم اعتراضه الثالث على أدلة المتكلمين إذ ويتضح هذا . بعدم امكان التجزئة بالفعل يعود مرة ثانية إلى مناقشة دليل القدرة االلهية ليؤكد قدرة اهللا تعالى على تجزئة األجسام إلى مـا ال

ونحـن ال ":ننا نجده أيضا يقولكل، نهاية له من األجزاء بالضد تماما لما ذهب إليه أبو الهذيل العالف أي أنـه . 51"م قط في أن أجزاء طحين الدقيق ال يقدر مخلوق في العالم على تجزئة تلك األجـزاء نخالفه

. ة بالفعل في الوقت الذي يقر التجزئة بالقوة كونها من قدرة اهللا تعالىئيعترف بعدم إمكان التجزعدم ثم يأتي ابن حزم في مناقشته واعتراضاته إلى الموضع المهم الذي يكشف لنا فيه عن سر

وخالصة هذا االعتـراض . عتراض الرابع ال تقديمه ل عندقناعته بوجود الجزء الذي اليتجزأ، وذلك . أن وجود الجزء الذي ال يتجزأ موقوف على حصول تجزئة األجسام بالفعل إلى أجـزاء ال تتجـزأ

ي أو بالجملتين ن من قطع مكانا أو شيئا بالمش إفاعلموا أن كل ما نسبوه إلينا من قولنا ": يقول ابن حزم وأمـا احتجاجنـا . بل ما قطع إال ذا نهاية بمساحته وزمانه . ما قلناه قط ،فإنما قطع ما ال نهاية له فباطل

، وأما ادعاؤهم أننا نقضنا ذلك في هذا المكـان .على الدهرية بما ذكروا فصحيح هو حجتنا على الدهرية أبدا بال نهاية وبين ما احتججنا به على الدهريـة والفرق بين ما قلناه من أن كل جزء فهو يتجزأ .فباطل

عداد األشخاص واألزمان وإنكارنا علـيهم وجـود أشـخاص أمن إيجاب النهاية بوجود القلة والكثرة في بل هو حكم واحد وباب واحد وقول واحد ومعنى واحد وذلك أن الدهرية أثبتت وجود ،وأزمان ال نهاية لها

لفعل ال نهاية لها وهذا محال انهاية لعددها ووجود أزمان قد خرجت إلى أشخاص قد خرجت إلى الفعل ال ه ءن أجـزا إ ولم نقل قـط . وهكذا قلنا في كل جزء خرج إلى حد الفعل فإنها متناهية العدد بال شك .ممتنع

بارة أن ابن حـزم ال يـرى عمن هذه ال يتضح. 52"موجودة منقسمة ال نهاية لعددها بل هذا باطل محال أما المعنى اإلبـستمولوجي . طولوجيا للجزء الذي ال يتجزأ، فهو ليس موجودا بوجود األجسام أن معنا

17

فمـا . للجزء فليس بشئ عنده طالما أن اهللا قادر على تجزئة األجسام إلى ما ال نهاية له من األجزاء كن كل ما خرج ل ":يؤكد هذا قوله . أنطولوجي عنده ىلم يخرج الجزء من القوة إلى الفعل فليس له معن

فكل ذلك متناه بعدده إذا خـرج وهكـذا ،األزمان أو تجزئة األجزاء وأإلى الفعل أو يخرج من األشخاص فليس شيئا وال هـو عـددا وال ء وأما ما لم يخرج إلى حد الفعل بعد من شخص أو زمان أو تجزى .أبدا

لك عدم وإنما يكـون جـزءا إذا وكل ذ .معدودا وال يقع عليه عدد وال هو شخص بعد وال زمان وال جزء عن الرؤية التي تؤطر فكر ابن اليس هذا المذهب غريب .53"أجـز يجزئ بقطع أو برسم مميز ال قبل أن

إال الذي ال يجد لألشياء في العالم معنى ، حال ابن حزم الظاهري كلحزم ورؤيته للعالم، فهو على . و أدق بابن حزم األنطولوجيبتأثيرها األنطولوجي لذلك ربما تصح تسميته على نح

و أيهما أكثر أجزاء الخردلـة أ :لى سؤال المتكلمين عيرد ابن حزم نفسها وانطالقا من الرؤية ـ وبهذا تبيين غثاثة سؤالهم ": فيقول؟أجزاء الجبل يما أكثر أجـزاء الخردلـة أو أ في ـ أي المتكلمين يجزأ والخردلة إذا لم تجزأ والخردلتان إذا لم تجزأ فال ألن الجبل إذا لم ؟ أو أجزاء الخردلتين ؟أجزاء الجبل

والخردلتان كل واحدة منهما جزء فـإذا ، والجبل جزء واحد ، بل الخردلة جزء واحد .أجزاء لها أصال بعد قسمت الخردلة على سبعة أجزاء وقسم الجبل جزأين وقسمت الخردلتان جزئين جزئين فالخردلة الواحـدة

من الجبل والخردلتين ألنها صارت سبعة أجزاء ولم يصر الجبل والخردلتان إال ستة بيقين أكثر من أجزاء ولو قـسمت .ءؤها وأجزاء الجبل والخردلتين سوا أجزاء فقط فلو قسمت الخردلة ستة أجزاء لكانت أجزا

الخردلة خمسة أجزاء كانت أجزاء الجبل والخردلتين أكثر من أجزاء الخردلة وهكذا في كل شيء فـصح نه ال يقع التجزيء في شيء إال إذا قسم ال قبل ذلك فإن كانوا يريدون في أيهما يمكننا التجزئة أكثر فـي أ

الجبل والخردلتين أم في الخردلة الواحد فهذا ما ال شك فيه أن التجزيء أمكـن لنـا فـي الجبـل وفـي ؤها حتى ال نقدر نحن على الخردلتين منه في الخردلة الواحدة ألن الخردلة الواحدة عن قريب تصغر أجزا

قسمتها ويتمادى لنا األمر في الجبل كثيرا حتى أنه يفنى عمر أحدنا قبل أن يبلغ تجزئته إلى أجزاء تـدق ،عن قسمتنا وأما قدرة اهللا عز وجل على قسمة ما عجزنا نحن عن قسمته من ذلك فباقية غير متناهيـة

الخردلة أبـدا بـال قسمة على بل هو قادر ،عض ليس بعضه أسهل عليه من ب ،وكل ذلك عليه هين سواء أي أن ابن حزم يرى ما سيراه ابن رشد فيما بعـد مـن أن ".نهاية وعلى قسمة الفلك كذلك وال فرق

وبالتالي فال . الجسم في معناه األنطولوجي هو واحد صحيح، وهو كمية متصلة، وليس كمية منفصلة . بالفعلألخردلة ما لم يتجزمعنى للسؤال عن أجزاء الجبل وال عن أجزاء ا

عن عدد أجزاء الخردلة وعـدد المتكلمين أما االعتراض الخامس البن حزم فهو حول سؤال عنأن هذا سؤال ال معنى له وهو أشبه بالسؤال بأجزاء الجبل كما هي في علم اهللا، فيجيب ابن حزم

18

شعر لحية األطلس وال علم قط ولد عدد " قطلم يعلم عدد شعر لحية الرجل األطلس؟ وألن اهللا تعالى ألنهما ال جزء لهمـا قبـل التجزئـة " ءاعدد أجزاء الجبل وال الخردلة قبل أن يجز فإنه ال يعلم " العقيم

وإنما علمهما غير متجزئين وعلمهما محتملين للتجزيء فإذا جزئا علمهما حينئذ متجزئين وعلـم حينئـذ . مرة أخرىاهري أنطولوجيتهوفي هذه العبارة يؤكد الظ .54"عدد أجزائهما

ل يورد ابن حزم ردودا كثيرة على القول بالجزء الـذي ال صفي صفحات أخرى من كتاب الف . وأهم اعتراضاته يتمثل في عدم قبوله لجزء ال أبعـاد لـه . يتجزأ وأكثر األمثلة التي يورها هندسية

غيـره بهـذا عرضها في الجزء لم ي للمتكلمين راء يعرض آ ابن حزم أنومن الجدير بالمالحظة هنا ن األجزاء التي ال أبعاد لها منفردة إولهذه اآلراء طرافة كبيرة منها قولهم . الوضوح وتلك الصراحة

وهذا النوع من الصفات غريـب علـى . اآلخر هاتصبح ذوات أبعاد عند انضمام بعضها إلى بعض لنقطة ال أبعاد لها لكنها تـصير بعـدا فا. وجوده في المنطق التجريدي بالرغم من المنطق التجسيدي

لكن ابن حزم وغيره ممـن يعترضـون . عند انضمام غيرها إليها وتصبح خطا، فأقل الخط نقطتان على الجزء الذي ال يتجزأ ال يقبلون بوصف الجزء متعريا عن األبعاد بينما يقبلون النقطـة عاريـة

ط غير معدودة بـل هـي ال نهائيـة العـدد عن األبعاد ألن الجزء محدود معدود غير منقسم والنق فكأن المتكلمين أرادوا إدخال منطق التجريد على أوصاف المادة من خالل تـصورهم أن . والتقسيم

بعـد معاصـرة ولهذا المنطق طرافة معرفية ذات قيمة . األجسام المجسدة مؤلفة من عناصر مجردة والرياضي للبنية الذرية القـائم علـى التصورات التي تكونت في عقولنا بعد طرح التصور العلمي

. نظرية الكم لكـن الذي عند المتكلمـين الجوهر عند ابن حزم هو الجسم نفسه والعرض هو ذات العرض

فإذا قد بطل قولهم في الجزء الذي ال يتجـزأ وفـي كـل مـا : "يقول ابن حزم . الجسم هو الذي يحمله الم كله حامل قائم بنفسه ومحمول ال يقوم بنفسه وال أوجبوه أنه جوهر ال جسم وال عرض فقد صح أن الع

يمكن وجود أحدهما متخليا فالمحمول هو العرض والحامل هو الجوهر وهو الجسم سمه كيف شـئت وال .55"يمكن في الوجود غيرهما وغير الخالق لهما تعالى

ضـرورة ، فإن ابن حزم ال يـرى أما بشأن األعراض وصفتها أنها ال تبقى زمانين أو وقتين وهذه حجة فقيـرة "ويرد على الحجة القائلة بأن العرض لو بقي وقتين لشغل مكانا بقوله . للقول بذلك

إلى حجة ودعوى كاذبة نصر بها دعوى كاذبة وال عجب أكثر من هذا ثم لو صحت لهم للزمهم هذا بعينه من قال لو بقي العـرض وقتـا ويقال لهم ما الفرق بينكم وبين .فيما جوزوه من بقاء العرض وقتا واحدا

وبيقين يدري كل ذي حس سليم أنه ال فرق في اقتضاء المكان بين بقاء وقـت واحـد ؛واحدا لشغل مكانا

19

لـم يكـن باقيـا ] إن[ فإن أبطلوا بقاءه وقتا لزمهم أنه ليس باقيا أصال وأيضا .وبين بقاء وقتين فصاعدا فحصلوا من هذا التخليط علـى نفـي األعـراض .م وإذ لم يكن موجودا فهو معدو ،فليس موجودا أصال

ويهاجم ابن حزم القائلين بتجدد األعراض ويشتمهم على عادته في شـتم عبـاد اهللا ". ومكابرة العيان وال عجب أعجب من حمق من قال أن بياض الثلج وسواد القار وخضرة البقل ليس شيء منهـا : "فيقول

هـذه ] و[ ، ألف ألف بياض وأكثر وألف ألف خضرة وأكثر الذي كان آنفا بل يفنى في كل حين ويستعيض والحجج التي يسوقها ابن حزم هنا ضعيفة ".دعوى عارية من الدليل إال أنها جمعت السخف مع المكارة

وتهكمه بـأقوال المتكلمـين . رك على ما يبدو معنى الوقتين واختالفهما عن الوقت الثالث دفهو لم ي وأجاز ابن حزم تحمل العـرض للعـرض . داللة واضحة على جهله القصد، وعدم تحمله الوصف

. ، خالفا لقول المتكلمين بنفي ذلكبإضافة الخضرة إلى الخضرة مثال في نفي الجزء إال أنه نفـى النظامى الرغم من اتفاقه مع ومن الجدير بالذكر أن ابن حزم وعل

انه قال أن المار النظامنسب قوم من المتكلمين إلى إبراهيم "، إذ نجده يقول النظامالطفرة التي قال بها على سطح الجسم يسير من مكان إلى مكان بينهما أماكن لم يقطعها هذا المار وال مر عليها وال حاذاهـا

نه ليس في العـالم إ قال أبو محمد وهذا عين المحال والتخليط إال أن كان هذا على قوله في .يهاوال حل ف إال جسم حاشا الحركة فقط فإنه وإن كان قد أخطأ في هذه القصة فكالمه الذي ذكرنا خارج عليه خروجـا

. 56" البتة إال في حاسة البصر فقطاصحيحا ألن هذا الذي ذكرنا ليس موجودلقول في نقد ابن حزم مفهوم الجزء الذي ال يتجزأ عند أبي الهذيل العالف تحديدا أنه خالصة ا

مـا لـم عنـده للجزء معنى أنطولوجي ليس أي إنه . ال يقر بمعنى للجزء ما لم يجده متحققا بالفعل العرض فهو عنـده المحمـول مـن اأم. وبغير ذلك فالجسم عنده هو الجوهر . يتحقق وجوده فعال

. وهو مبدأ تجدد األعراض ويجيز احتمال العرض للعرض. على األجسام، ليس غيرالصفات

بن رشد من فرضية اجلوهر الفرداموقف بن رشد في جميع مواقفه الفكرية وآرائه يعبر عن رؤية الفالسـفة ومـنهجهم الفكـري اكان

عند المتكلمين حذو وقد حذا ابن رشد في نقده لفرضية الجوهر الفرد . وبخاصة آراء أرسطوطاليس اآلثـار ( الذي ورد في كتاب أرسطو المتـرجم باسـم أرسطو بالتقريب في نقده لذرية ديمقريطس

ولتوافق ابن . إذ كان أرسطو يرى أن األشياء قابلة للتقسيم إلى ما النهاية له من األجزاء . 57)العلويةواالنفصال الـذي قـال بـه قد رفض هو اآلخر مبدأ التجزئة فرشد مع أرسطو في المبدأ والمنهج :المتكلمون محتجا بالمنطلقات التالية

20

.إن وجود جوهر غير منقسم ليس معروفا بنفسه .إن في وجوده أقاويل متضادة متناقضة

.إنه ليس في صناعة الكالم استنتاج الحقيقة بل هي لصناعة البرهان

بية فـي األغلـب وليـست أن األشعرية قد استعملت في إثبات وجود الجوهر الفرد أدلة خطا .برهانية

:58يقول ابن رشدن الجواهر ال تتعرى من األعراض فإن عنوا بها األجسام المشار إفأما المقدمة األولى وهي القائلة "

إليها القائمة بذاتها فهي مقدمة صحيحة وإن عنوا بالجواهر الجزء الذي ال ينقسم وهو الـذي يريدونـه باليسير وذلك أن وجود جوهر غير منقسم ليس معروفـا بنفـسه، وفـي بالجوهر الفرد ففيها شك ليس

وجوده أقاويل متضادة شديدة التعاند وليس في قوة صناعة الكالم تخليص الحق منها وإنما ذلك لـصناعة ".البرهان وأهل هذه الصناعة قليل جدا

: ن األشعرية فيقولثم يتعرض ابن رشد لمناقشة ما يسميه الدليل الخطابي الذي يسوقه المتكلمو ن من المعلومات األول أن الفيل مثال إنما تقـول إوذلك أن استداللهم المشهور في ذلك هو أنهم يقولون "

نه أعظم من النملة من قبل زيادة أجزاء فيه على أجزاء النملة، وإذا كان ذلك كذلك فهو مؤلف مـن إفيه ".إليها ينحل، وإذا تركب فمنها يتركبتلك األجزاء وليس واحدا بسيطا، وإذا فسد الجسم ف

في هذه الجملة يعرض ابن رشد لفهمه ما يعنيه القول بوحدة تكوين الموجودات بنـاء علـى ، فهو يعني أن تكون األجسام كبيرها وصغيرها مؤلفة مـن األجـزاء )الذرية(نظرية الجوهر الفرد

فيل والنملة لتوضيح المسألة مبينـا أن وقد ضرب ابن رشد مثال ال . نفسها فمنها يتركب وإليها ينحل بل هو مركب من أجزاء أو وحـدات ) بسيط(القول بالجوهر الفرد يعني أن الفيل ليس واحد صحيح

.أوليةوهذا الغلط إنما دخل عليهم من "ثم يتقدم ابن رشد بحجته في إبطال القول بالجوهر الفرد فيقول

هاهنا إذن يميز ابـن " يلزم في المنفصلة يلزم في المتصلة شبه الكمية المنفصلة بالمتصلة فظنوا أن ما وذلك أن هذا يصدق " :رشد بين الكميات من حيث كونها منفصلة ومتصلة ليعرف ما يعنيه بذلك بقوله

ن عددا أكثر من عدد من قبل كثرة األجزاء الموجودة فيه أعني الوحدات، وأمـا إفي العدد أعني أن نقول صدق ذلك فيه ولذلك نقول في الكم المتصل أنه أعظم وأكبر وال نقول إنه أكثر وأقـل الكم المتصل فليس ي

".ونقول في العدد إنه أكثر وأقل وال نقول أكبر وأصغر

21

ابن رشد ضمنيا الحجة اللغوية لتأكيد ما يذهب إليه من التمييـز بـين يستعملفي هذه العبارة بحسب رأيه، هي وحدات بسيطة ال تتركـب مـن فالكموم المتصلة، . الكم المتصل والكم المنفصل

) أي الوحـدات (وحدات أبسط منها، أما الكموم المنفصلة كالعدد فهي التي تكون فيها كثرة األجزاء .وتعددها

:ثم ينتقل ابن رشد إلى استنتاج بليغ فيقولنالـك عظـم فتكون األشياء كلها أعدادا وال يكـون ه ) أي القول بالجوهر الفرد (وعلى هذا القول "

".متصل أصال فتكون صناعة الهندسة هي صناعة العدد بعينهابهذا االستنتاج رفض ابن رشد القول بمبدأ التجزئة واالنفصال وما قام عليه من مفهوم الجوهر

العدد هي غير صناعة الهندسـة، ) أي علم (فإن المعهود في المعرفة على عصره أن صناعة . الفردونظرا الختالف علم الهندسة واستقالله عن علم العدد فقد ذهـب . تصاليا نفصالي واآلخر افاألول

فالهندسة تصف الخطوط والـسطوح والحجـوم، . ابن رشد إلى رفض القول بفرضية الجوهر الفرد وهذه كلها أعيان متصلة ألن الخط يحتوي بحسب التعريفات الهندسية األساسية على ما النهاية لـه

ك يمكن أن نخط عليه ما النهاية له من الخطوط والحجم يمكن تأليفه مما ال والسطح كذل ،من النقاط نهاية له من السطوح المتالصقة، بينما تصف صناعة العدد األجزاء المنفصلة، كأن يكون لدينا عدد

. معلوم من التفاح مثال، فهذه كل منها واحد صحيح لكنها أعيان منفصلة لكل منها مقدارهبن رشد في هذه المحاكمة هي أشبه بالطرق البرهانية الهندسية التـي اطريقة وكما نرى فإن

فإن كانت النتيجة . القول بفرض معين ثم يتدرج معه إلى سياق برهاني ليصل إلى نتيجة من تتدرج مقبولة وغير متناقضة مع ما هو معهود أقر بالفرض أما إذا كانـت النتيجـة مناقـضة للمـسلمات

.يهيات التي يقررها العقل، رفضهاالمعروفة أو البدوما توصل إليه ابن رشد في هذه المحاكمة شبه البرهانية أن القول بمبدأ التجزئة واالنفـصال وما يتضمنه من فكرة أو مفهوم الجوهر الفرد سيعني أن تكون صناعة الهندسة هي صناعة العـدد

).أي ستصبح الماهيات والصفات الهندسية صفات عددية(بعينها

بن رشد مبيزان العلم املعاصرااستنتاج ما يعنينا في هذه المناقشة العقلية العلمية هو أن ابن رشد قد توصل فعال إلى استنتاج صـحيح

. هو بالفعل ما صار إليه توصيف الهيئات الهندسية التي يتألف بها العالم الذري في وقتنا المعاصـر

22

ادة حتى نهاية القرن التاسع عشر الميالدي يقوم علـى ففي الوقت الذي كان وصف علوم الفيزياء للم د مبدأ االتصال، أي القول بأن أي جسم قابل للتجزئة إلى ما النهاية له من األجزاء، كانت األشياء تع

وإما بالوصف ... وحدات مستقلة بذاتها يتم توصيفها إما بالعدد فتقول واحد صحيح أو اثنين أو ثالثة .ائري وذلك كروي واآلخر بيضويالهندسي، فتقول هذا د

أما حين اعتمد الفيزيائيون الوصف الذري للعالم مع بداية القرن العشرين المـيالدي ، فـإن . البنية الذرية المعتمدة للمادة والطاقة نفسها حولت التعبير الكمي المتصل إلى تعبير عددي منفـصل

د إلى أجزاء منفصلة وحسب، بل إن القول وليس المقصود بهذا التحول في البنية تجزئة الجسم الواح بذرية الكميات الفيزيائية التي كان معروفا كونها متصلة كالطاقة والزخم الزاوي والـشحنة قـد أدى

وفعال فقـد صـارت صـناعة ). عظم متصل أصال (وليس من ) األشياء كلها أعدادا (إلى أن تصبح ي الفيزياء الذرية مع مدارات اإللكترونـات لـيس فاليوم نتعامل ف . الهندسة هي صناعة العدد بعينها

دار ن مإ فال نقول Quantum Numbersبداللة أشكالها الهندسية بل بداللة ما يسمى األعداد الكمومية نـه بيـضوي إوال نقول =0pنه حالة كمومية عددها الكمومي هو اإللكترون هو دائري بل نقول إ

إذ تحولـت صـناعة ... وهكذا لغيرهـا p=1دها الكمومي نه حالة كمومية عد إبل نقول ) إهليلجي( .الهندسة في البنية الذرية إلى صناعة العدد

، وتوقف عندها لمـا " وال يكون هنالك عظم متصل أصال"ولو أن ابن رشد قطع جملته عند قوله هي صـناعة فتكون صناعة الهندسة "إال أن قوله . تمكنا من تحميل قوله هذه المعاني التي نوردها هنا

وهذا هو الفرق بـين تحميـل الـنص . تجعلنا نحمل ما قاله المدلوالت التي نذهب إليها " العدد بعينها فالتعميم الذي ذهب إليه ابن رشد هو القصد . معاني أكثر مما يحتملها أو فهمه كما ينبغي لجالل قدره

.مثل هذه البصيرةالذي رآه بعينه الفلسفية الحكيمة ولربما لن يكون غيره بقادر على وعلى الرغم من بطالن رفض ابن رشد لمبدأ الذرية الذي قال به المتكلمون وذلك بناء علـى ما كشفته علوم الفيزياء خالل النصف األول من القرن العشرين من أن البنية الذرية هي الـصورة

بن رشـد اعتمده الذي ن السياق البرهاني ا فإ ،االصحيحة المعبرة عن تكوين المادة وائتالف أجزائه كان صحيحا كما أن عواقبه البرهانية التي تترتب عليه هي صحيحة أيضا بالتأكيد، وهذا هو األمـر

.القيم فيما ذهب إليه

23

عرض شلومو بنس ملبدأ الذريةنظرية المتكلمين في الجوهر الفرد بكتـاب S. Pines شلومو بنس االسباني المستشرق خص عرض فيه لمسميات الجوهر والمفردات الدالة عليـه وقد. "لذرة عند المسلمينمذهب ا "صغير أسماه

ثم جعل متن الكتاب يهتم بالبحث عن أصول هذا المذهب لدى فالسـفة . في كتب الكالم كما جاءت بوضع كـل هـذه وا المسلمين أن يقوم و أنه استكثر على العرب بالرغم من و .اليونان وحكماء الهند

عدم وجود ما يكفي من أدلة للقبول بفرضية بنه يقر فإت التي جاءت في علم الكالم، المفاهيم والمفردا ومهما يكـن مـن : "يقول بنس . مقاربات فكرية هنا وهناك عدا عن األصل اليوناني للذرية اإلسالمية

التي تـدل لفرد بالنسبة لعلم الكالم، فإنه وحده ال يكفي لتعليل تلك األبحاث المعقدة اأهمية القول بالجوهر رقة ال ترتبط بمباحث الكالم بوجه، على تطور سابق طويل، والتي تظهر لنا، ومنذ وقت مبكر، مسائل متف

فهو هنا يـستغرب طـرح . 59"مثل مسألة أقل عدد من األجزاء التي ال تتجزأ يكفي لتأليف أقل األجسام علمـا أن هـذه . حـسب ف المسلمين هذه المسألة موضع البحث وكأن العلوم والفهوم انعقدت لغيرهم

الثامن / رحت وقت أبي الهذيل العالف، أي في حدود نهاية القرن الثاني الهجري كانت قد ط المسألةولكن يصعب أن نفترض مستندين إلى ما بين أيدينا من معلومات أنه كان عند أوائل : "ثم يقول . الميالدي

باحث النظرية، وقد رأينا من جهة أخرى، أن أصحاب المتكلمين منذ أول االمر مثل هذه العناية الكبيرة بالم الجوهر الفرد، فيما يحتمل، لم يرجعوا إلى إحالة األمور على القول بأن اهللا قادر على كل شىء قـدرة ال

ن القـول إوالظـاهر ....تحدها حدود، في الصورة المتطرفة لهذا القول، إال في وقت متأخر بعض الشىء ن القول بالجزء كان موجودا أمام المتكلمين مـن أول إالظاهر كما يؤكد بريتزل، بالجزء الذي ال يتجزأ ، و

لكنه . هذا هو ولألسف ديدن المستشرقين عند مواجهتهم مساهمات أصيلة للعرب المسلمين .60"األمر. لكي ال يقطع جازما بما قال "الظاهر" و "فيما يحتمل "حسنا فعل بتحفظه في صيغة الكالم هنا بقوله

فالثقافة القرآنية التي كانت تشكل الخلفية الفكرية ألوائل المتكلمين هي التي قفزت بهم إلى مستويات معرفية متقدمة مكنتهم من تحقيق هذه المعجزة الثقافية الحضارية التي تظهر اليوم لبعض الدارسـين

جت للتو من صحاري وكأنها أمر غريب على أمة حديثة العهد بالثقافة والمعرفة والجدل الفلسفي خر لكن موضوعية بنس . فما قاله بنس هنا سنجده عند هاري ولفسون في الفقرة الالحقة ،جزيرة العرب

الهبوط إلى مستويات دنيـا بوحياديته العلمية تقوده إلى رؤية جانب من الحقيقة دون أن يسمح لقلمه من الواضح أن القول بالتـشابه "ن إيقول الحقا ه جدفي التحليل المنحاز كما نرى مع آخرين غيره، لن

بين التشابهمجرد بين مذهب الجوهر الفرد عند المسلمين ونظيره عند اليونايين ينبني في الحقيقة على

24

األدلة التي ذكرها بريتزل "يتوصل بالنهاية إلى أن فضال عن هذا فإن بنس .61"المذهبين من حيث االسم ثم يناقش بنس الرأي القائل بأن مـذهب الـذرة عنـد . 62" النقد لتأييد افتراضه هذا أدلة ال تصمد أمام

لمفاهيم هندية للجزء الذي ومستفيض أصول هندية، وبعد جهد جهيد وعرض دقيق والمسلمين هو ذ معارفنا أن ال يتجزأ وما يتعلق به من مفاهيم أخرى كالعرض والقول بشيئية العدم، يخلص بنس إلى

وإجابتنا على المسألة التـي نحـن : "ة ألن األمر غير واضح فهو يقول بالجزم في المسأل ال تسمح لنا إنه وإن كـان ينبغـي أال : بصددها هنا وهي تأثير الهند في مذهب الجزء عند االسالميين ال تتجاوز هذا

نرفض، بال بحث، افتراض هذا التأثير معتبرين أنه مستحيل، فإن حالة معارفنا ال تسمح لنا بأن نجيب في . 63"قول إيجابي جازم، وآخر ما يقال في المسألة أن األمر غير واضحأمره ب

عرض ولفسون ملبدأ الذريةفـي كتابـه بشيء من التفـصيل ض له رولفسون مبدأ الذرية عند المتكلمين وع هاري درس

)The Philosophy of the Kalām ( ويبدأ ولفـسون . صفحة 70حيث خصه بفصل مستقل بنحو منن عبارة جزء إحيث يقول . س للقول بأن أصل المبدأ الذري اإلسالمي هو من اليونان بمحاولة التأسي

ثـم يعطـف . αδιαιρετον وإن عبارة غير منقسم تقابل كلمة ατοµον ال يتجزأ تقابل كلمة ي عنق اللغة ليقابلها مع الالتينية، محاوال بعد ذلك ل Substance ليقابلها مع كلمة )جوهر(على مفردة

ثم يستدعي من كتـاب الملـل . 64من خالل عبارة وردت عن ديمقريطس اليونانية ατοµαكلمة ثـم . "بعض األوائـل "أن مفاهيم الكالم في الذرية تعود إلى فهم منها عبارة هذكرالبن حزم والنحل

وولفسون ينقل ذلك "المتقدمين من الفالسفة "إلى يشير إلى أن موسى بن ميمون يعزو ذرية المتكلمين قط من هنـا وهنالـك جمـال تويالحظ أن ولفسون يل . دون تدقيق من قبله على ما يبدو آخرينعن

وعبارات مبتسرة وغامضة أحيانا يهدف منها دعم فرضيته المغلوطة التي تريد اثبـات أن مـذهب للعبارات يفصل ولفسون العبارة عن سياقها أحيانـا وفي انتقائه . الذرية الكالمي مأخوذ عن اليونان

، ويذهب في 65التي أوردها ابن حزم التي تتحدث عن شيء آخر ) بعض األوائل (كما فعل مع عبارة استعمل إلى أن الشهرستاني ر يشي ذلك ك . عن المقصود منها أحيانا أخرى اتأويلها مذهبا بعيدا خارج

نقد كل ما عرضه ولفسون من ترهات لما اولو أردن . م بعض المفاهيم وإنه أحال إليه "القدماء"عبارة . وسعنا كتاب كامل برأسه

25

ويبدي ولفسون دهشته من أن المتكلمين المسلمين قبلوا مبدأ الذرية على حين رفضه فالسـفة اليونان أفالطون وأرسطو، كما رفضه اآلباء اليسوعيون الكنسيون على أسس فلسفية محض، فهم لم

وال أدري لماذا ينـدهش . س وال فرضية ديمقريطس، وال ذرية أبيقور الالحقة سيبولوا فرضية لو يقب فـي هولكنه يجد عزاء . المتكلمين وسفاهتهم يةحط س مر ابتداء ضولفسون لهذه الواقعة إال أن يكون ي

.أن من رفض الذرية آمن بالسببية الطبيعية ومن قال بالذرية أو آمن بها كان رفض السببيةوجود فروق جوهرية بين الـذرة اليونانيـة والـذرة باالشارة إلى على أن ولفسون يستدرك

والذرة اليونانية أزلية ). على رأي المعتزلة (فاألولى ذات حجم، بينما الثانية عديمة الحجم . اإلسالمية. الزمـان لها بداية فـي ) محدثة(الذرة اإلسالمية مخلوقة في حين ليس لوجودها بداية في الزمان، فضال عن هذا فقد فات ولفـسون . ذرات المسلمين معدودة في حين والذرات اليونانية ال نهائية العدد

صفة فارقة أخرى بين ذرة اليونان وذرة المسلمين وهي أن األولى كينونة وجودية حقيقية واحدة مع فليس . احتمالها للعرض كينونة تجريدية تأخذ معناها الوجودي بعد هي الثانية على حين أن صفاتها،

وهذا األخيـر فـرق .من جوهر وعرض في الذرية اليونانية، بل الذرة هي الجوهر وهي العرض أساسي يميز كلتا النظريتين ويجعل لكل منهما مسارا مختلفا عن األخرى، وأهـدافا مختلفـة عـن

. لها بغيرها مـن المبـادئ فالذرية اليونانية ليست أكثر من رؤية وصفية تخيلية ال ارتباط . األخرى علـى ،بستمولوجية ذات شـأن إوالذرات اليونانية لها معنى أنطولوجي فقط وليس لها أي مضامين

؛ابستولوجية تتصل بجوهر العقيدة اإلسـالمية حين أن المذهب الذري اإلسالمي له غايات وأهداف العـالم بادئ األخرى لفلسفة لذلك جاءت صياغة المذهب الذري اإلسالمي بطريقة تؤمن اتصاله بالم

مفهوم تمت صياغته للتعبير عن تجدد الموجودات، بذات الوقت الـذي هو فالعرض . عند المسلمين معنـى الفرد ليكون موجودا تجريـديا ذا جاءت فيه صياغة مفهوم الجزء الذي ال يتجزأ أو الجوهر

إذن فال سبيل إلى المقارنـة . ضلوجي الذي يتجسد بوجود العر وابستمولوجي فضال عن معناه االنط لكن ولفسون يذهب ليبحث عن تلك الـصفات الغريبـة لـذرات . بين ذرية المتكلمين وذرية اليونان ثم ال يلبـث . يئس أو كاد من العثور عليها في الفلسفة اليونانية نالمتكلمين في الفلسفة الهندية بعد أ

فمـا . ت المتكلمين في الفلسفات الهنديـة بعد بحث وألي أن يعلن صراحة أن ال وجود لصفات ذرا فينتقل إلى . عساه يفعل؟؟ هنا يلجأ ولفسون للبحث في ما يسمية التراث الفلسفي اليوناني غير المدون

حران شمال سورية وجنديسابور في بالد فارس باحثا بين ثنايا العبارات والروايات والحكايـا عـن األكاديمي الصحيح مجراه ويصبح الموضوع جملـة مـن وهنا يفقد البحث . كلمة هنا وجملة هنالك

26

إن الذي أودى بالباحث والمستشرق اليهودي . وجهات نظر تفتقر إلى المنظور الموضوعي الصحيح األمريكي ولفسون إلى هذا المآل في بحثه هذا المبدأ وغيره من مبادئ المتكلمين المسلمين ونظرياتهم

في مجمل بحثه في علم الكالم، Conjecture and Verification هو اعتماده منهجية الحدس والتحققوهذه المنهجية ال تصلح في بحث مـسائل كهـذه . الذي قدم لكتابه تويرسكيإسادور كما يقول عنه

ألنها ربما أدت إلى تشويه الحقائق فالباحث منحاز دون شك إلى حدسـه وسـيعمل علـى ايجـاد . على حساب الحقيقة الصحيحة؛ فالحقيقة هي ما يراها هو المبررات للتحقق من حدسه حتى لو كانت

يصلح هذا المنهج في الدراسات العلمية التي لها اسناد تجريبي أو رصدي حيث تقوم التجربـة إنما هـو خطـأ ، كما نراه،إذن فالخطأ عند ولفسون. العملية أو الرصد الفلكي مثال برد الحدس أو إثباته

. منهجي أساسي جسيم

مبدأ الذرية مببدأ احلدوثعالقة إلثبات اآلخـر أم أن كـال اهل لمبدأ الذرية عالقة بمبدأ الحدوث، وهل كان أحدهما ضروري

هـل يقـدح : إن سأل سائل فقال " في كتاب التذكرة يقول ابن متويه ن عن بعضهما؟ المبدأين مستقال : تجزئة أن يعرف حدوثه؟ قيل لـه القول بتجزئة الجزء في القول بحدوث الجسم حتى ال يصح فيمن يعتقد

ح علم ثبوت الجزء، فسيـص إن الدعاوى التي بني عليها حدوث الجسم ال يفتقر صحة شيء منها إلى أن ي إال أن القائل بتجزئة الجسم إلى غير غاية لـه، . العلم بحدوث الجسم لكل من عرفها وإن لم يعرف سواها

ناهى ال يصح وجوده، فكيف يعتقد حدوثه، ثم يعتقد أنه بـال يلزمه القول بقدم الجسم من حيث أن ما ال يت ويوشك أن يكون من قال بقدم األجسام ذهب إلى نفي الجزء لتقارب . نهاية؟ وهذا يقوده إلى اعتقاد قدمه

. 66"االعتقادين

على أننا ال يمكن أن نقطع بعدم وجود هدف للقول بالذرية متصال بالقول بحدوث العالم فقـد لنا من ثنايا ما مضى من أقوال المتكلمين أنهم يجعلون األجزاء التي ال تتجـزأ محدثـة وهـذا تبين

من جانب آخر فـإن البنيـة االنظريـة . وحدوثها هو تأسيس لحدوث العالم . شرط أساسي لوجودها لعالقة العرض بالجوهر ونفي أن تخلو الجواهر من األعراض، وكون األعراض مفتقرة دوما إلـى

ر لحملها، ولكون األعراض بحدها طارئة ال تبقى زمانين يجعل مـن مبـدأ التجزئـة عنـد الجواهفـاهللا . المتكلمين جزءا من نظرية أكثر شموال تحاول تفسير العالم وفقا لمعطيات الـوحي االلهـي

ومعنى كونه قيوما أنه يتدخل فـي كـل . سبحانه هو الذي خلق العالم وهو فاعل مختار وحي قيوم

27

وكان مبدأ تجدد األعراض الذي قال به المتكلمون هو . وكبيرة في وجود العالم وفي كل آن صغيرة ـ . التجسيد النظري لقيومية اهللا على العالم الجـواهر بمفهومهـا يوإذ تتجدد األعـراض وإذ ال تعن

األنطولوجي شيئا دون وجود األعراض فإن القول بتجدد األعراض هو في معناه الواقعي قول بتجدد فكأن التجزئة صارت ضرورة للقول بإدامة العالم مـن خـالل تجـدد . أجزاء العالم كله في كل آن

إذ ربما يصعب تفسير بقاء العالم لو أنه انتفى كلـه جملـة ليتجـدد مـرة ثانيـة وثالثـة ؛أجزائه فـي لكن أن يكون هذا العالم مؤلفا من أجزاء كثيرة جدا وأن يحصل التجدد اآلني . وهكذا...ورابعة

ومبدأ التجدد الـدائم . فهو األيسر للمنطق، وربما األقوم للفهم، برأي المتكلمين منفردا كل جزء منها لألعراض ضروري لمفهوم السببية عند المتكلمين وقد أدرك موسى ابن ميمون هذا الترابط األخيـر

عراض ـ هو أن ال يقال اهم إلى هذا الرأي ـ أي تجدد األ عوالذي د"بين تجدد األعراض والسببية فقال ن أن هذا الجسم تقتضي طبيعته أن يلحقه من األعراض الكذا والكذا، بل يريدون وإ،بأن ثم طبيعة بوجه،

تفـسير وهـذا . 67"ن اهللا تعالى خلق هذه األعراض اآلن دون واسطة طبيعية، دون شيء آخـر إيقولوا . فيما نرىلمقصد المتكلمين صحيح

منيذرية الزمن عند املتكللم يقتصر المفهوم الذري عند المتكلمين على المادة بل شمل كل شيء آخر، الحركة والـزمن

فقد تصور المتكلمون الزمن مؤلفا من أجزاء ال تتجزأ أيـضا كـل مـن هـذه . وجميع أشياء العالم ولعل أوضح من كتب عن تجزئة الزمان وذريته ابن حزم في الفصل "اآلن"األجزاء يمثل بما سمي

وتناهي الزمان موجود باستئناف ما يأتي منه بعـد الماضـي " يقول ابن حزم "اآلن"حيث أوضح معنى فهـو ، وهو حد الزمانين ، إذ كل زمان فنهايته اآلن ؛وفناء كل وقت بعد وجوده واستئناف آخر يأتي بعده

لة من جمل الزمـان نهاية الماضي وما بعده ابتداء للمستقبل وهكذا أبدا يفنى زمان ويبتدئ آخر وكل جم والزمان عند ابن حزم له تعريف واضح حيث .68"فهي مركبة من أزمنة متناهية ذات أوائل كما قدمنا

.والزمان المعهود عندنا هو مدة وجود الجرم ساكنا أو متحركا أو مدة وجود العرض في الجـسم : "يقول .69"تويعمه أن نقول هو مدة وجود الفلك وما فيه من الحوامل والمحموال

عبارة عن متجدد معلوم مقدر به متجدد آخر موهوم "على أن المتكلمين كانوا عرفوا الزمان بأنه كما يقال آتيك عند طلوع الشمس فإن طلوع الشمس معلوم ومجيئه موهوم فإذا قرن ذلك الموهوم بـذلك

الفعـل علـى "زجاجي وذرية الزمان مفهوم متأصل في اللغة العربية يقول ال . 70"المعلوم زال اإليهام الحقيقة ضربان كما قلنا، ماض ومستقبل، فالمستقبل ما لم يقع بعد وال أتى عليه زمان وال خـرج مـن

28

زمان وجد فيه وزمان خبر فيـه : العدم إلى الوجود، والفعل الماضي ما تقضى واتى عليه زمانان ال أقل م، لم يخرج إلى حيز المعنى واالنقطاع وال هـو عنه، فأما فعل الحال فهو المتكون في حال خطاب المتكل

في حيز المنتظر الذي لم يأت وقته، فهو المتكون في آخر الوقت الماضي وأول الوقت المستقبل، ففعـل ولعل . 71"الحال في الحقيقة مستقبل ألنه يكون أوال فكل جزء منه خرج إلى الوجود صار في حيز الماضي

اختالف بين المتكلمين أنفسهم في فهم الزمان واتفاقهم فيما يبدو علـى هذا هو السبب في عدم وجود فهو بهذه الصيغة مفهوم متجذر في لغتهم واللغة كما هو معروف اليوم وسيلة للتفكير ولـيس . ذريته

.حسبفلالتصال واء م عند المتكلمين والفالسفة على الس افه هذا الفهم للزمن متقدما على غيره من األ عدننحن و

مصدرا مهما الستلهام تصورات جديدة نحن في حاجة ماسـة إليهـا فـي ، يكون ربما ،وهو اليوم . الفيزياء النظرية المعاصرة

والحق أن البحث في الزمان ومعناه وما يتصل بالحركة مـسألة مفـصلة عنـد المتكلمـين المواقف فـي علـم (اب المتأخرين مثل عضدالدين االيجي الذي فصل البحث في هذه المسألة في كت

ولسنا هنا بصدد البحث في تفاصيل هذه المسألة بل ما يهمنا منها هو تثبيت ذريـة الزمـان ). الكالم . عند المتكلمين كما أسلفنا

ذرية املتكلمني واملفهوم الرياضييتضح مما سبق أن الجزء الذي ال يتجزأ هو مفهوم تجريدي عند أبي الهذيل العـالف وعنـد

نـد عوذلك أن الجزء عند المعتزلة وباألخص . عتزلة، إال أنه مفهوم مجسد عند األشاعرة أغلب الم ألن النقطة مفهوم هندسـي ؛ نه نقطة إ وال نقول .، وبالتالي هو أشبه بالنقطة أبي الهذيل ليس له أبعاد

نفـي بالرغم مـن ، على حين أن الجزء الذي ال يتجزأ هو موجود مادي له معنى أنطولوجي ،بحترب زاء هذا المفهوم نجد أن الجزء يقـا إلكننا . مثل النظام وابن حزم وابن رشد لهذا المعنى همضبع

عند الرياضيين في حسبان التفاضلInfinitesimal Increment المتناهية في الصغر ل الفضلة امفهومDifferentiation والتكامل Integration . ما يـسمى بل فيقا ،مثل الجويني ،أما الجزء عند األشاعرة

على أن الفرق ما بين الجزء الذي عنـد أبـي . عند الرياضيينFinite Increment الفضلة المحدودة هو كون األخيـرة نتاجـا رياضيا الهذيل ومن أخذ بمفهومه للجزء، والفضلة الالمتناهية في الصغر

عنـد أبـي الهـذيل ي األجزاء الت في حين أن لتصغير الفضلة المحدودة حتى يكون عددها النهائيا،

29

له صفات هي األعراض التي يحملها، ، كما ذكرنا ا، مادي افضال عن كونها موجود متناهية في العدد، . ا بحتا رياضياوهذا ما يجعله مفهوما فيزيقيا على حين تبقى الفضلة الالمتناهية في الصغر مفهوم

وأبيقورذرية املتكلمني وذرية دميقريطسوهـي ال نهائيـة العـدد . ، ال تتجزأ ألنها قوية جدا ةصمتمس كرات صماء ذرات ديمقريط

وهي بسبب اختالف شكلها وتأليفها، علة لجميـع كيفيـات وأزلية، وال تحمل األعراض بالضرورة، أما ذرات المتكلمين كما أوضحنا فهي في أحد أوصافها تجريدية، تكاد أن تكون كينونات . 72األجسام

وهي التي تحمل األعراض وبدون هـذه األعـراض التـي . العدد، ومحدثة رياضية، وهي محدودة فر مفهوم اوال يتو . بل تكون موجودات تجريدية، قائمة بالوهم فقط ، تحملها ال يتحقق وجودها بالفعل

. فر عليها المفهوم الكالمياديمقريطس على التفاصيل التجريدية التي يتومذهب المتكلمين لكـن رك في تسمية بعض مفاهيمه مع أما مفهوم أبيقور للذرية فهو وإن اشت

يذهب إلى أنها ليست األجزاء ،أبيقور كان إلى جانب قوله بقدم الجواهر الفردة وعدم قبولها لالنقسام ولها قسط من ، ولما كانت الجواهر الفردة أجساما ممتدة في الجهات .األخيرة التي تتألف منها المادة

وهذه هي األجزاء المتناهية في الصغر التي ال أجـزاء لهـا ،ون لها أجزاء أن يك من فال بد ،الحجموفي .والتي ال يمكن أن توجد منفردة بل هي موجودة منذ األزل في الجواهر الفردة، وهي أجزاؤها

الراجح أن النصوص القديمة التي لهـا الحكـم "محضر تقييمه لمذهب ابيقور الذري يقول شلومو بنس لصدد والتي بين بها أبيقور هذا المذهب قد ضاعت غير أنه قد كشف عنه منذ عهد غيـر الفصل في هذا ا

واألجـزاء . 73"مها شذرات صغيرة يحول غموضها دون معرفة معناها ظطويل باالستناد إلى نصوص مع المتناهية في الصغر ال الجواهر الفردة عند أبيقور هي التي تشبه األجـزاء التـي ال تنقـسم عنـد

.أنها تعتبر مباينة لألجساموسيما الن بعض الشبه المتكلمي

تصال واالاالنفصالنظرتنا املعاصرة إىل اتسفلمن المسائل القديمة في ف هيContinuity تصال واالDiscreteness االنفصالمسالة

كشفت فيزياء الذرات وما عادت إلى مسرح النقاش والتأمل مذ ، قد وهي مسألة حية اليوم،الشعوبها عن بنية تجزيئية للعالم وكشفت عن الوجود الذري في كثير من صفات هذا العالم وتكويناته، تحت

فبعد أن طرحت .فالطاقة ذرية أيضا، تتمثل بناها في الوحدات الكمومية الصغيرة المسماة بالفوتونات

30

وماكس غ وهايزنبرروذرفورد ونيلز بور وشرودنغر ودي بروي بالنك ونظرية الكم القديمة بجهود كولد سمث وباولي و فيرمي بورن وسومرفيلد تم تطوير هذه النظرية بعدئذ بجهود آخرين منهم

لكن بقيت الحالة التي هي عليها نظرية الكم ممثلة بجملة . وديراك وكومبتن ورامان وبوز وغيرهممستقلة التي تبدو ظاهريا وكأنها assumptions and postulatesالمصادرات واالفتراضات من

لذلك وجد الفيزيائيون أن من الضروري لم شمل تلك الفرضيات وجمعها في . عن بعضها البعض وفعال كان لهم ذلك خصوصا بعد أن وضع متكاملة،إطار نظري متكامل يجعل منها نظرية واحدة

تمثل ) الخالء(ديراك نظريته الكمومية النسبوية لأللكترون، وما تفتق عنها من مفهوم جديد للعدم ومن خالل التطبيقات النظرية في األلكتروداينميك .Negative energy statesبحاالت الطاقة السالبة

وقد كانت الفلسفة . لنظرية الجديدةل إتجه الفيزيائيون النظريون إلى وضع أسس وصياغات ،النسبوياس، لتصبح الكموم كأسFieldالتي قامت عليها هذه الصياغات النظرية تنطلق من أرضية المجال

وقد سميت هذه النظرية بنظرية . حاالت عرضية ناتجة عن تداخل األنماط المختلفة للمجال نفسههذا يعني أن العقل العلمي األوربي قد عاد بهذه الخطوة . Quantum Field Theoryالمجال الكمي

بالضرورة القول باالتصال فالقول باألساس المجالي للعالم المادي يعني. إلى جذره اليوناني القديمContinuity ويجعل اإلنفصال ،Discretenessلذلك احتفظت البنية الرياضية لنظرية . حالة عرضية

وساد التصور Differential Calculus الحسبان التفاضليالمجال الكمي باستخدام واسع لرياضيات ا التصور االتصالي يسري على ومن المالحظ أن هذ. االتصالي في معالجات نظرية المجال الكمي

).Vacuumالخالء (السواء في الفهم الفيزيائي للوجود والعدم وماذا كانت النتيجة ؟؟

Quantumالكمومي األلكتروداينمك كثيرة في تطبيقات ها هذه النظرية أمام لقد وجدت حقا

Electrodynamics لتماثالت من احاالت جديدةفوجدت وتطبيقات في دراسة الجسيمات األوليةSymmetries لكن المصيبة الكبرى كانت أن إحتساب الكميات الفيزيائية . ية الجديدةومواألعداد الكم

فلو . Infinityاألساسية للجسيمات كشحنة األلكترون وكتلته مثال صارت تعطي أرقاما ال نهائية وجدناها النهائية بل أننا لو حسبت من نظرية المجال الكمي لوجدناها النهائية ولو حسبنا شحنته ل

سميت هذه المشكلة العويصة بإسم مشكلة الالنهايات . لوجدناها النهائية) الخالء(حسبنا طاقة العدم The Divergences Problem . ينم عن خلل مزمن في نظرية "بالطبع إن هذا األمر غير معقول ألنه

.74"المجال الكمي

31

ايات ؟كيف عالج الفيزيائيون مشكلة الالنهلم يجد الفيزيائيون النظريون حتى اآلن حال جذريا وأساسيا لمشكلة الالنهايات في نظرية

تقوم على معالجة الالنهايات ad hoc solutions لكنهم لجأوا إلى حلول ظرفية . المجال الكميية ئهاحيثما تظهر بافتراض أن الكمية الالنهائية هي حاصل جمع كمية محدودة مع حد يعطي الن

وعلى الحقيقة توجد العديد من الطرق النظرية التي يتم من . حقيقية، فيقومون بفرز هذا الحد وطرحه Renormalizationتسمى هذه الطرائق عمليات إعادة التقويم . خاللها التخلص من هذه الالنهايات

Procedures . سي في نظرية المجال الكمي ما أريد قوله هنا أن مشكلة الماالنهايات تعكس الخلل األسا

ومن وجهة نظر المتكلمين فإن مشكلة الماالنهايات . للصياغةاالمتمثل باعتماد فلسفة اإلتصال أساس ".كيف يحتوي ما يتناهى على مااليتناهى" كان البد أن تظهر، وعلى قولهم

دفع هذا المطلب ولما كانت المعالجة العلمية الشمولية تقتضي دوما االقتصاد في الفكر، فقدالجاذبية والكهرمغناطيسية والنووية : الفيزيائيين إلى النظر في توحيد القوى الطبيعية األربعة

وقد . هذه القوى األساسية األربعة التي تؤسس بنية العالم الفيزيائي كله. الضعيفة والنووية الشديدةدعيت هذه النظرية . الموحدة لهذه القوىجهد الباحثون في محاوالتهم الكتشاف القانون أو القوانين

وقد نجحت جهود العالمين ستيفن واينبرغ Unified Field Theoryبنظرية المجال الكمي الموحد عبدالسالم الباكستاني في توحيد قوتين من تلك القوى وهما الكهرمغناطيسية محمد األمريكي و

لكن توحيد القوتين الباقيتين electroweak)فةالكهرضعي(والنووية الضعيفة ودعيت القوة الجديدة بـ ذلك ألن النووية الشديدة تعمل عند حدود متناهية في الصغر مكانا .لمأل بعيد المناأمعهما يبقى

وزمانا، كما أن قوى الجاذبية وبرغم ضعفها مقارنة بالقوى النووية فإنها هي األخرى تمتاز بطول الفيزياء المعاصرة بنظرية النسبية العامة، هذه النظرية التي ال المدى وبكونها مؤطرة ضمن نظرية

مبدأ التجزئة واالنفصال ومبدأ : تتفق مبدئيا مع نظرية الكم، ويتلخص عدم االتفاق بمبدأين هماالتجويز واالحتمال، ففي حين تقر نظرية الكم هذين المبدأين تنفيهما بنية نظرية النسبية وقد لخص

God does not play dices) ن اهللا ال يلعب الزهرإ(ه لمبدأ االحتمال والتجويز بقوله أينشتين نفيوبرغم نجاح ديراك في اكتشاف !. أن تكون حتمية مناصرارا منه على أن قوانين الكون ال بد

اقترح زال بعيدا، وقد مامعادلة حركة األلكترون النسبوية إال أن توحيد نظريتي الكم والنسبية العامة ، وعموما يقف 75عدد من الفيزيائيين نظريات أخرى لم تجد مكانا لها على أرض الواقع التطبيقي

32

في فلسفة النظرية حائال بين توحيد النظريتين أعني الكم والنسبية Complementarityمبدأ التكامل لت غير كاملة زامانظرا ألن كال النظريتين مستقل تماما، مما يعني أن نظرية الفيزياء

Incomplete. من جانب آخر فإننا لو بحثنا في أصول وفصول نظرية الكم نفسها لوجدنا أن هذه النظرية ) التقنية(مع اآللة ) المبدأ(ازالت تعاني من تناقض داخلي يتمثل بتعارض الموضوع مكانت و

لىالوجود كأجزاء وكموم المستخدمة في إنتاج النظرية نفسها، ففي حين تبدأ نظرية الكم بالنظر إQuanta) تستعمل هذه ) ممثال بنظرية بالنك في امتصاص وانبعاث الطاقة ونظرية الجسيمات األولية

النظرية حسبان التفاضل والتكامل الذي يفترض باألساس مبدأ االتصال ويجعل من االنفصال ،)ب تعبير المتكلمين المسلمينأي في الوهم بحس (والتجزئة حالة وهمية ال نصلها إال بالعقل المجرد،

إذ أن تفاضل أي كمية أن هو إال القول بتجزئة هذه الكمية إلى ما النهاية له من األجزاء الالمتناهية .في الصغر

الية منظومة فيزيائية يتخذ State functionوخالصة هذا التناقض هو أن التعبير عن الحالة إلتصال حتى وإن اتخذ التعبير صيغة الجمع بين الدوال شكل معادلة الموجة والتي هي تعبير عن ا

وهي ( تحويالت فورير نستعملالموجية فإنه هو اآلخر يعود ليتجه إلى صيغة االتصال عندما ، هذا التكميم الذي يظهر Second Quantizationلوصف معامالت ما يسمى التكميم الثاني ) تكامالت

والدوال والمتغيرات االجرائية Matrix Mechanicsصفوفات نجاحه بسبب استخدام آلية ميكانيك الملهذا ). التي هي تعبير جيد عن الحالة التكميمية (Commutation relationsوالعالقات التبادلية

ديراك المصفوفية إقباال أكبر من المتعاملين مع الجسيمات األولية -السبب تجد صياغة هيزنبرغ ، Scattering Theoryر على نفسها إال في حدود نظرية التشتت في حين تنكفئ صياغة شرودنغ

ذاتها الالنهايات هي هذه و. يةئوفيها تظهر معاضل عويصة تتمثل في ظهور تكامالت وحدود ال نهاأنه التناقض بين المضمون األساس للموضوع . التي تعود لتظهر ثانية في نظرية المجال الكمي

...تصال الذي تحتويه اآللة، التناقض بين الرؤية والمنهجومبدأ اال) التجزئة واالنفصال(نفهم بوضوح أكبر لماذا كان على إبراهيم النظام أن يقول بالطفرة في تفسيره لعلنا اآلن رفض القول ه قال بالتجزئة واالنفصال لكن،فالرجل فعل مثلما يفعل الفيزيائيون المعاصرون. للحركة

من منطق ) الحركة هنا(ود للتجزئة لذلك فإنه تعامل مع الطبيعة بالجوهر الفرد أي بوجود حدولعلنا . يدري أو ال يدريكان اتصالي، تجزيئي بالرؤية واتصالي بالمنهج من حيث ـتجزيئي

33

العددية في البنية، التجزيئية في (Group Theoryق نظرية الزمر حقأيضا نستطيع أن نفهم لماذا ت .سبان التفاضل والتكامل عند التعامل مع الجسيمات األوليةما يحققه حنجاحا أكبر م) الرؤية

، ثم اتخذ العشرين صحيحا مع مطلع القرنأبد. إذن، فالتكميم الحالي للطبيعة ليس كامال اتجاها رجعيا منكفئا إلى مبادئ وأصول العقل اليوناني الذي يتجلى حاليا بأعمال نظرية المجال

Hidden) المتغيرات الخفية(في هذا أيضا ما يفسر لنا أسباب ودوافع ظهور نظريات ولعل . الكمي

Variable Theoriesإنها . ديفيد بوم وجماعة من الباحثين الفيزيائيين المعاصرينا أصال التي ابتدعهي تلك الصورة الالشعورية والملزمة في آن واحد، فه. أصول العقل اليوناني،العودة إلى األصول

، وموروثه الثقافي الذي هو ها وداخل ثقافتهال شعورية ألن العقل العلمي الغربي يتفاعل من خاللالعقل اليوناني، وهي ملزمة ألن جل العاملين في هذا العلم وقادته هم الغربيون، أو من عاش ثقافتهم

.وتشبع بعقلهم وأصول تفكيرهمبي اإلسالمي في مستقبل الفعل العلمي فإننا وال لتوظيف العقل العروإذا أردنا أن نرسم أفقا

ين هم وليدو ثقافتهم يأن الغربا مكأن نتصل أوال بالعلم بمنظور مجرد قدر المستطاع، ومن بد وموروثهم الثقافي فنحن كذلك أيضا، وهذا اآلن ليس عيبا ألنه مدعاة للتقدم كما نرى خالل هذا

فنحن بذات . أن ننظر في األشياء نظرة نقدية شموليةمن بد البحث، إال أننا بجانب هذا وذلك ال اآللة المناسبة، وفيما تحقق من لاستعما منالوقت الذي ندرس فيه ما درسه أسالفنا، فإننا ال بد

وخاصة الزمر نظرية الزمر، بالذكر جهود وثمرات كبيرة في النظريات الرياضية، وأخص منها أي دأن نضع أمامنا دوما مبمن أما على صعيد الرؤية فال بد . لعمل متسع لFinite Groupsالمحدودة

التكامل في النظرية واالقتصاد في الفكر إطارا الزما نتحرك داخله، وهكذا إن نحن أحسنا التعامل ألننا باألساس مؤهلون لهذا الدور من ؛مع الموضوع ومع أنفسنا فإننا قادرون على العطاء المثمر

الثقافية الالشعورية تلك البنية التي كانت تحسب علينا فيما مضى من الزمان عيبا خالل بنيتنا . لنا امتيازااليومفصارت

على الـرغم ،ن رؤية المتكلمين التي تفترض التجزئة المحدودة هي األصح إاإلنصاف القول ؛ فالجوهر الفـرد مما قد يتبادر إلى الذهن من أن هذه الرؤية لم تكن معالمها واضحة بصورة كافية

الحقيقي إال بوجود العرض الـذي اجد معناه تكما أوردنا في أول هذا البحث هو ماهية تجريدية ال لكن األمر المهم ضمن إطار هذا البحث هو مبدأ التجزئة واالنفصال نفسه، فهذا . هو صفة واجبة له

34

، كما ظهر من أمر الفيزياء الحديثة المبدأ على عموميته هو الرؤية األصح علميا لتركيب العالم، وقد .76 كثير من الظواهر التي تترتب على القول بالتجزئة المحدودة، مما يعضد صحة هذا المبدأأشرنا،

35

Atomism in Islamic Kalām

M.B. Altaie Department of Physics, Yarmouk University, Irbid – Jordan

maltaie@yu.edu.jo

Abstract

In this paper we investigate the principle of Atomism in Islamic Kalām.

That is the assumption of a non-divisible part, or the so-called "Al-jawher Al-fard". Depending on original writings of Mutakallimūn, we investigate their motivations to propose atomism. We study the relationship between atomism and other principles of Kalām which formed the Mutakallimūn philosophy of nature. We expose the opinions of Ibn Hazm Al-Zahiri and others in respect to the existence of Al-Jawhar Al-Fard, and show that the reason behind the refusal of Ibn Hazm of this notion is his inability to appreciate any ontological meaning to this notion. We also expose the opinion of Averroes in this respect and show that his reluctance to accept the notion of discreteness was his conjecture that such a structure would convert geometry into numbers, such a conjecture which was later realized in modern physics. We also discuss some of the Western orientalists studies of the Kalām atomism such as the study of Shlomo Pines and that of Harry Wolfson and show that their claims in respect of the origins of Islamic atomism are flawed, stressing at the same time our claim for the Islamic origin of the Kalām atomism as was first proposed by early Mutakallimūn themselves.

36

العربية املراجع المكتبة المحمودية التجارية، القاهرة ،عن مناهج األدلة في عقائد الملة الكشف ،بن رشدإ .1

1966.

.ت.، دالقاهرة، مكتبة الخانجي، الفصل في الملل واألهواء والنحلابن حزم، .2

ت ريتر، دار إحياء تحقيق هلمو، اإلسالميين واختالف المصلينمقاالت، األشعريالحسن أبو .3 . الطبعة الثالثةبيروت،التراث العربي،

، تقديم ومراجعة محمد االنتصار والرد على ابن الراوندي الملحدأبو الحسين الخياط، .4 . 1988حجازي، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة

.1968 ، مكتبة المثنى بغدادالتنبيه والرد على أهل األهواء والبدع ، الحسين الملطيوبأ .5

،عماد الدين أحمد حيدر: ، تحقيقكتاب تمهيد األوائل وتلخيص الدالئل ،أبو بكر الباقالني .6 1987 بيروت ،األولى، الطبعة مؤسسة الكتب الثقافية

معن زيادة و : ، تحقيقالبصريين والبغداديينالمسائل في الخالف بين أبو رشيد النيسابوري، .7 .1979بي، بيروت اء العرمنإل، معهد ا1رضوان السيد، ط

، تحقيق مازن مبارك، بيروت، دار النفائس، اإليضاح في علل النحوالزجاجي، أبو القاسم .81982.

فيصل علي سامي النشار، :، تحقيقالشامل في أصول الدين ، المعالي عبد الملك الجوينيوبأ .9 .1969بدير عون وسهير محمد مختار، نشر منشأة المعارف، االسكندرية

عماد الدين : ، تحقيقكتاب الغنية في أصول الدين السيرافي، سعيد عبدالرحمن بن محمدأبو .10 .1987 أحمد حيدر، مؤسسة الخدمات واألبحاث الثقافية، الطبعة األولى، بيروت

سامي : ، تحقيقالتذكرة في أحكام الجواهر واألعراضالحسن بن متويه النجراني المعتزلي، .11 .ت.د دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة،نصر لطف و فيصل بدير عون،

أحمد : عمر السيد عزمي، مراجعة: ، تحقيقالمحيط بالتكليفعبدالجبار بن أحمد الهمداني، .12 .ت.ؤسسة المصرية العامة للتأليف واألنباء والنشر، القاهرة، دمفؤاد األهواني، ال

النهضة المصرية، القاهرة، ، مكتبةأرسطو في السماء واآلثار العلويةعبدالرحمن بدوي، .131961.

37

.1977 بيروت، 2، طدار اآلفاق الجديدة، الفرق بين الفرقعبد القاهر البغدادي، .14

ابراهيم األبياري، الطبعة األولى، دار : تحقيق ،التعريفات بن محمد بن علي الجرجاني، علي .15 .هـ1405الكتاب العربي، بيروت،

، ترجمة محمد ن وعالقته بمذاهب اليونان والهندمذهب الذرة عند المسلميشلومو بينيس، .16 .1946 عبد الهادي أبوريدة، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة

لحلبي ا عبد العزيز الوكيل، مؤسسة : تحقيق،الملل والنحلالشهرستاني، حمد بن عبدالكريم م .17 . 1968القاهرة

. الدينية، القاهرةتحقيق حسين آتاي، المكتبة ، داللة الحائرين موسى بن ميمون، .18

املراجع األجنبية1. J. Branes, Ed. The Complete Works of Aristotle, Vol.1, “On the Heavens” Princeton

University Press, 1984. 2. Bjorken and Drell, Relativistic Quantum Fields, Vol. II, John Wiley &Sons Ltd,

1964. 3. M. Jammer, The Philosophy of Quantum Mechanics, John Wiley, New York 1974. 4. C. Misner, J. Wheeler and K. Thorn, Gravitation, Freeman &Co., 1972. 5. H.A. Wolfson, The Philosophy of the Kalām, Harvard University Press 1976.

اهلوامش

.25 ص،1 الشهرستاني، الملل والنحل ج 1 .35 الملطي، التنبيه والرد على أهل األهواء والبدع، ص 2 هذا على حين أن محمد عابد الجابري يذكر في كتابه نقد العقل 32 يذكر ابن المرتضى في طبقات المعتزلة ص 3

. اسم أبي الهذيل العالف بدال عن واصل بن عطاء دونما مصدر ولعل الجابري قد أخطأ175 صالعربي ). الجزء: (جاني، التعريفات مادةالجر 4

. 37 الباقالني، كتاب تمهيد األوائل وتلخيص الدالئل، ص 5 .37الباقالني، تمهيد ص6 .158 الجويني، الشامل في أصول الدين ص 7 .314األشعري مقاالت ص 8

.146 الشامل ص 9

38

.50ص 1ج كتاب الغنية في أصول الدين 10 ).العرض(الجرجاني ، التعريفات مادة 11 .358األشعري، مقاالت ص 12 .38الباقالني، تمهيد ص 13 .169الجويني، الشامل ص 14 .38الباقالني التمهيد ص 15

).الجوهر( التعريفات، مادة 16 .4الخوارزمي، مفاتيح العلوم ص 17 .302األشعري، مقاالت ص 18 .303األشعري، مقاالت ص 19 .307األشعري، مقاالت ص 20

.159لدين، ص الشامل في أصول ا 21 ). حيز(الجرجاني، التعريفات، مادة 22

).مكان( المصدر السابق مادة 23

.47ابن متويه، التذكرة ص 24

.193 ص2األيجي، المواقف ج 25 .37النيسابوري، المسائل ص 26

.125الجويني، الشامل ص 27

.124الجويني، الشامل ص 28 . 308األشعري، مقاالت ص 29 .29سائل صأبو رشيد النيسابوري، م 30

.183ابن متويه، التذكرة ص 31

. 160 المصدر نفسه ص 32 . 160 المصدر نفسه ص 33 .184ابن متويه، التذكرة ص 34 . المصدر السابق نفسه والصفحة نفسها 35 . 76 والخياط، انتصار، ص؛318أنظر األشعري، مقاالت ص 36 . 127-113أنظر مثال عبدالقاهر البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 37

.304األشعري، مقاالت ص 38 .318األشعري، مقاالت ص 39

39

.76 الخياط، االنتصار ص 40

. 78 المصدر السابق، ص 41

. 362األشعري، مقاالت ص 42 . 368المصدر نفسه ص 43

.376المصدر نفسه ص 44

. 78-75الخياط، االنتصار ص: أنظر 45

.321األشعري، مقاالت ص 46 .95 ص3ابن حزم، الفصل ج 47 .مصدر السابق والصفحة نفسهاال 48 .59المصدر السابق، ص 49 .المصدر السابق والصفحة نفسها 50 .60المصدر السابق، ص 51 .61 ص5ابن حزم، الفصل ج 52 .المصدر السابق والصفحة نفسها 53

.62المصدر السابق ص 54 .67المصدر السابق ص 55 .41المصدر السابق ص 56

57 Aristotle, “On the Heavens”, P496.

.327، ص"أرسطوطاليس في السماء واآلثار العلوية"والترجمة العربية هي في . وما بعدها35 ابن رشد، الكشف عن مناهج األدلة في عقائد الملة، ص 58 . 91بنس، مذهب الذرة ص 59 .المصدر السابق والصفحة نفسها 60

.94المصدر نفسه ص 61

.98المصدر نفسه ص 62 .120المصدر نفسه ص 63

64 . Wolfson, p.466.

وذهب النظام وكل من يحسن القول من :(لم نجد صحة للعبارات التي نسبها ولفسون البن حزم، بل وجدنا قوله 65 .85 ص5أنظر ابن حزم الملل والنحل ج). إال وهو يحتمل التجزيء أبدا بال نهاية، وأن دق،األوائل إلى أنه ال جزء

. 172-171ابن متويه، التذكرة ص 66

.202موسى بن ميمون، داللة الحائرين ص 67

40

. 57، ص 1 ابن حزم، الفصل ج 68 . 75 المصدر السابق ص 69 ). زمان( الجرجاني، التعريفات مادة 70 . 87-86 الزجاجي، اإليضاح في علل النحو، ص 71

.94 بنس، مذهب الذرة ص 72 . 95 صالمصدر السابق، 73

.Bjorken and Drell, Relativistic Quantum Fields, Vol. II, John Wiley &Sons Ltd, 1964:أنظر 74

دي ويت خالل الخمسينيات وبرايسميزنر وشارلسجون ويلر المعاصرين الفيزيائيين ينظر بهذا الصدد جهود 75كما ينظر أيضا في نظرية كالين وكالوزا التي حاولت توحيد النظرية . والستينيات من القرن الماضي

:ولعل أفضل مرجع شمولي لهذا الغرض كتاب. مع نظرية النسبيةالكهرمغناطيسيةC. Misner, J. Wheeler and K. Thorn, Gravitation, Freeman &Co., 1972.

وهذا معروف لدى جميع الباحثين المعاصرين المتخصصين في الفيزياء وهو من أساسيات فيزياء الكم، أنظر 76 M. Jammer, “The Philosophy of Quantum Mechanics”, p.1-25 مثال