قسم الفنون الدرامية

بحث مقدم لنيل درجة الدآتوراه

موسوم بـ:

األستاذ إشراف الطالب: إعداد أ. د بن ذهيبة موالي أحمد

بن نكاع أعضاء لجنة المناقشة

جامعة وھران رئيسا د.جدي قدور

جامعة وھران مشرفا مقررا أ.د بن ذھيبة بن نكاع جامعة سيدي بلعباس عضوا مناقشا أ.د قرقوة إدريس مجامعة مستغان عضوا مناقشا د. مناد الطيب جامعة معسكر وا مناقشا ضع د. شويرف مصطفى

جامعة وھران عضوا مناقشا د. مصطفى الزقاي جميلة

2012 - 2013 الجامعية السنة اإلهـــــــــداء

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

2

الذي شجعني دائما على الدراسة و العلم، و إلى والدي روح إلى .لفضلھما وعرفانا بھما عمرھا، برا في هللا والدتي، أطال

بي التي تحملت معي عبء البحث، و إلى أم أوالدي و رفيقة در .ت لي سندا، و إلى أبنائي األعزاءكانو

. سبيل اإلھداء على العمل ھذا أرفع جميعا ھؤالء إلى

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

3

كلمـــة شكـــر على إلھامه لنا الصبر والمثابرة و حب الحمد رب العالمين قبل كل شيء،

البحث الدائم .نكاع ى األستاذ الدكتور بن ذھيبة بن و عرفانا بالجميل أتقدم بالشكر و التقدير إل

الذي أشرف على ھذا البحث و لم يبخل بنصائحه وتوجيھاته التي أنارت لنا الكثير من مسالك البحث.

و الصديق العزيز زحاف الجياللي على كما أتقدم بشكري الخالص لألستاذ الكريمالشكر ج ھذه الرسالة في صورة مشرفة، وكل ما بذله من جھد في سبيل إخرا

، وزمالئي أساتذة الفنون الدرامية بجامعة السانيا موصول إلى جميع أساتذة قسم، و إلى األستاذ "الحبيب" أساتذة فرع الفنون بجامعة سعيدة قسم اللغة العربية و

مامه و مساعدته ، و إلى كل من ساھم في إنجاز ھذه الرسالة .على اھت

و أتوجه بشكر خاص ألعضاء لجنة المناقشة على تحملھم عبء قراءة وتقييم و تقويم ھذا العمل .

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

4

مقدمة

:مقدمة

لكثري من الشـعوب، يف زمـن أصبح السؤال املتعلق باهلوية يأخذ مكانا حموريا ، يف اهتمامات اأحـدثت ردات فعـل عنيفـة لـدى الـبعض، ممـن استشـعر ، الـيت النظام الدويل مبا يسمى بالعوملةاتسم فيه

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

ه

القضاء على اخلصوصـيات الثقافيـة، لينخـرط اجلميـع يف ثقافـة منمطـة، أو اهلادف إىل خطرها الداهم، و هليمنــة علــى مقــدرات الشــعوب وإخضــاعها للقــوة ، الســاعية لتوطيــد أركــان امبــا يســمى باألمركــة الثقافيــة

العظمى.

مل مبوضـوع اإلسالمية، على غرار العديد من شعوب العاهنا كان اهتمام الشعوب العربية و من . يرتبط أساسا بكينونتها ووجودها ،صبح ميثل أمرا حيويا بالنسبة هلا، الذي أاهلوية

ا اجلماعـــة لتميزهـــا عـــن غريهـــا، اتفقـــت حوهلـــ فمفهـــوم اهلويـــة يعـــد مبثابـــة القواســـم املشـــرتكة الـــيتمـواقفهم ردود أفعـاهلم و مفهوم اهلوية حييلنا أيضا على السلوكات املتماثلة اليت يسـلكها أفـراد اجلماعـة و و

ــا، وبالتــايل كانــت اهلويــة متثــل شــكال مــن أشــكال اإلمسنــت الــذي املوحــدة اجتــاه القضــايا الــيت يواجهويقوي أواصر التماسك القائم بيـنهم، هم البعض ومينع التفكك والتشرذم، و أفراد اجلماعة إىل بعضيربط

لعـل و للعمل املشرتك، يف الوقت الـذي اقتنعـت فيـه الشـعوب الراقيـة بضـرورة التكتـل لضـمان مصـاحلها.الـــزاد الثقـــايف الـــذي متتلكـــه األمـــة، اهلويـــة تقـــوم باألســـاس علـــى خلفيـــة ثقافيـــة ممـــا يســـتدعي تثمـــني كـــل

، ليكــون مبثابــة العناصــر املؤسســة هلويــة مجعيــة وترســخ يف الالوعــي اجلمعــي لألمــة ، األجيــالوتوارثتــه عــرب، يشــعر مــن خالهلــا كــل فــرد بانتمائــه لــف عناصــر اجملتمــع يف بوتقــة موحــدةموحــدة قــادرة علــى إذابــة خمت

للجماعة و يدافع عنها و يسعى لتحقيق مصاحلها .

بعض ، فلـن تقـوم قائمـة هلـذه األمـة، مـع إىل بعضـهم الـبدون وجود هوية قوية تربط أفـراد اجملتو يف هويـــات أخـــرى أكثـــر قـــوة ســـرعان مـــا يـــذوب أفـــراد هـــذه اجلماعـــةبـــل يســـود التفكـــك والتشـــرذم، و

.وهيمنة

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

6

لــيت يســتوجب االنشـغال بــه أفــرادا بـذلك يكــون مفهـوم اهلويــة علــى جانـب كبــري مــن اخلطـورة او ــا، ليســتغل كســالح يف مواجهــة األخطــومجاعــات ــدد األمــة، وتــدافع علــى كيا مــن االحنــالل ار الــيت

التفكك .و

لفـن مـن تـأثري مهـول علـى ، فال شك أننا نستحضر مـا هلـذا اماإذا عرجنا على موضوع السينو تســويق يف فــرض هيمنتهــا و ، تســتغله القــوة العظمــىاألفــراد واجلماعــات، ممــا أهلــه ليكــون أفضــل مطيــة

.على اخلصوصيات الثقافية، وبالتايل هدم اهلويات احمللية القضاء عوملتها، اهلادفة إىل

ا هذا الفن، مقار إن ميزة االنتشار و نة مع سعة مجاهري السينما ، و قوة التأثري اليت يتميز هو ما أثبتته سينما هوليود عرب عقود من خالل تصديرها للنمط الثقايف و غريه من الفنون األخرى، و

م بأفضليته ، بالشكل الذي ة للكثري من اجلماعات عرب العامل و إقناعهأسلوب احلياة األمريكي يف الشرائح الواسعة من الكثري مبثابة غزو ثقايف يهدد ثقافات أخرى . فقدرة السينما على تأثرياعتربهله مع هوية اجملتمع ، جتعلنا نتساءل عن طبيعة الدور الذي ميكن أن يلعبه هذا الفن يف تفاعاجملتمع عن طبيعة تفاعل السينما اجلزائرية مع هوية اجملتمع بشكل خاص . عام ، و بشكل

ـــا انطالقـــا مـــن ذلـــك ، انـــدفعنا بكثـــري مـــن الفضـــول الستكشـــاف الكيفيـــة الـــيت تفاعلـــت الســينما اجلزائريــة مــع هويــة اجملتمــع ، كإشــكالية حموريــة ملوضــوع البحــث املوســوم بـــ: " مالمــح اهلويــة يف

."رية السينما اجلزائ

هيــة مفهــوم قــد انبثــق عــن اإلشــكالية احملوريــة العديــد مــن التســاؤالت ، املتمثلــة أساســا يف : ماو مــا عالقتهــا بالعديــدنصــطلح عليــه باهلويــة اجلزائريــة؟ و مــا هــي مســات و مالمــح مــا اهلويــة يف حــد ذاتــه؟ و

ا مــن املصــطلحات غريهــالالوعــي اجلمعــي لألمــة ؟ و مــن املصــطلحات األخــرى كالثقافــة، واحلضــارة، و ا؟ و إن كـان ذات الصـلة. كــذلك، وهـل أولــت السـينما اجلزائريــة اهتمامـا مــا هلـذا املوضــوع عـرب مســري

كيف متظهر على مستوى الشاشة؟ فما طبيعة هذا التفاعل ؟ و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

7

ثالثة فصـول، كـل منهـا يضـم ، عمدنا إىل خطة تتوزع على مدخل ووحملاصرة هذه اإلشكاليةن نســلط الضــوء مــن خــالل املــدخل الــذي عنونــاه بـــ:"خصوصية نشــأة الســينما يف . فحاولنــا أمبحثــنياجلزائريـــة عـــن بـــاقي ســـينما العـــامل، وأعطتـــه مـــذاقا ، علـــى هـــذه اخلصوصـــية الـــيت ميـــزت الســـينما"اجلزائـــر، أضفت ألوانا مميزة على هذا النشاط الفين يف اجلزائـر. كمـا حاولنـا مـن خـالل املـدخل أن نشـري خاصاصورة اجملتمع اجلزائـري قـد ارتسـمت علـى العديـد مـن الشاشـات إن صـح التعبـري، سـواء مـا متثـل إىل أن

، باإلضـافة إىل ل اإلنتـاج السـينمائي الكولونيـايلفيما يسمى بالسينما اجلزائرية القبلية ، و اليت متثل جممـيف مقابــل الســتقالل، و قدميــه يف مرحلــة مــا بعــد امــا تصــر القــوة االســتعمارية الفرنســية علــى إنتاجــه و ت

اليت ميزها حـدث و هذين الشكلني، جند ما متثل فيما أنتجته السينما اجلزائرية ملرحلة ما بعد االستقالل هو اإلنتاج الذي نتوجه إليه بالدراسة من و تأميم الصناعة السينمائية ، و إشراف الدولة على القطاع،

خالل هذا البحث.

املــوزع علــى مبحثــني. ســعينا يف املبحــث ـ:" اهلويــة اجلزائريــة"، و املعنــون بــ مث كــان الفصــل األولممــا االنفــالتعلــى أنــه يتســم بنــوع مــن الغمــوض و األول لضــبط مفهــوم اهلويــة الــذي يتفــق جــل النقــاد

لننتقــل للمبحــث حتــت عنوان:"ضــبط مصــطلح اهلويــة"، كــان املبحــثجيعلــه يستعصــي علــى الضــبط ، و هلوية اجلزائرية"، و هو املبحث الذي حاولنا من خالله االقـرتاب مـن الثاين حتت عنوان: "خصوصيات ا

، فال شك أن هذه اخلصوصيات هي الـيت ة اهلوية اجلزائرية، وماهيتها وما متتاز به من خصوصياتطبيعا اهلوية اجلزائرية. تبلور صورة تلك اهلوية وسط الدائرة الكربى للهوية العربية اإلسالمية اليت تصطبغ

الذي اجلزائرية و عالقتها باهلوية"، و جاء الفصل الثاين بعنوان : " طبيعة مضامني السينما مثحبثنا يف إطاره مضامني جمموعة من األفالم ، كانت مبثابة عينات تغطي جممل مراحل تطور السينما

ي الفرتة اليت حاول هفرتة ما بعد العشرية احلمراء، و اجلزائرية ، منذ انطالقها بعد االستقالل وإىل غاية ، حبيث خصصنا األفالم من خالل تقسيم اعتمدناه قد درسنا مضامني هذهطيتها. و البحث تغ

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

8

املبحث األول لدراسة ما اصطلحنا عليه "باألفالم ذات الطابع التارخيي"، فكان عنوان املبحث النماذج من خالل لنواصل دراسة هذه م ذات الطابع التارخيي باهلوية"،بـ:"عالقة موضوعات األفال

، اليت مل تتناول موضوعات ذات طابع تارخيي ، لذي خصصناه جململ النماذج األخرىاملبحث الثاين ا .م ذات الطابع االجتماعي باهلوية"فعنوناه بـ:"عالقة موضوعات األفال

ه اجلانــب الشــكلي هلــذه األفــالم، الــذي حاولنــا أن نــدرس مــن خاللــمث كــان الفصــل الثالــث، و ، يف مقابــل مــا تطرقنــا إليــه مــن دراســة للمضــامني يف الفصــل الســابق ، فكــان تفاعلهــا مــع اهلويــةوطبيعــة

تــوزع هــذا الفصــل قــدالشاشــة و تفاعلهــا مــع اهلويــة" . و عنــوان الفصــل :"انعكــاس صــورة اجملتمــع علــى ، توجهنــا يف املبحــث األول لدراســة الشــكل الــذي بــدت عليــه تلــك األفــالم علــى أيضــا علــى مبحثــني

وتفاعلهـا مـع اهلويـة ، اء الـدرامي للسـيناريوهات ، حتـت عنوان:"البنـعالقتهـا باهلويـةتوى السـيناريو، و مســـ:"التشكيل البصــري للســيناريوهات و طبيعــة تفاعلــه مــع اهلويــة" ، فقــد أمــا املبحــث الثــاين و املوســوم ب

لـيت الكيفيـة افـالم ، و ه األاملتمثل يف هذه اللغـة البصـرية هلـذدراسة اجلانب املرئي (الصورة)، و خصصناه ل تفاعلت من خالهلا مع اهلوية.

توظيــف منهجــني أساســيني اعتمــدنامها، متثــل األول يف املــنهج قــد فــرض علينــا البحــث و ، أما الثاين يف املنهج التحليلي ، وظفنا األول يف جممل أجزاء الفصل األول ، فيما غلب الثاين التارخيي

على بقية مراحل البحث .

مههــا يف "اهلويــة" اللــيكس د اعتمــدنا يف إجنــاز هــذا البحــث علــى مجلــة مــن املراجــع متثــل أوقــاجلزائريــة : األرضــية ، "ســيكوباتولوجيا الشخصــية املغاربيــة" لــنب عبــد اهللا حممــد، و"الشخصــية ميكشــللي، باإلضـافة احملددات احلضارية" لسليمان عشرايت، و " هويتنا إىل أين؟" للطيفة إبراهيم خضرالتارخيية و

ة القوميـــة يف "اهلويـــملعاصـــر" حملمـــد صـــاحل اهلرماســـي ، ولــــ:"مقاربة يف إشـــكالية اهلويـــة: املغـــرب العـــريب اهو دراسة صادرة عن مركز دراسـات الوحـدة العربيـة، جملموعـة بـاحثني . و إىل جانـب السينما العربية" و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

9

.le mimoir apprixoisé ذلـــك فقـــد ارتكـــزت علـــى عنـــاوين أخـــرى باللغـــة الفرنســـية ، أمهـــا:"

Sociologie du cinema algerienلكاتبـه عبـد الغـين مغـريب ، و "" le corps-l’histoire le

territoire le rapport des geures dans le cinéma algérien باإلضـافة " لرتبـة احلـاج موسـى ، ." لوسيلة تامزايلen attendant omar gatlato "إىل

صـــعوبات الـــيت واجهتهـــا يف إجنـــاز هـــذا البحـــث املتواضـــع، و املتمثلـــة كمـــا أشـــري إىل بعـــض الخصوصــــا يف قلــــة إن مل أقــــل نــــدرة الدراســــات حــــول الســــينما اجلزائريــــة عمومــــا ، و موضــــوع اهلويــــة يف السينما اجلزائريـة علـى وجـه اخلصـوص، فعلـى الـرغم مـن وجـود بعـض الدراسـات األكادمييـة الـيت قاربـت

ــا كانــت بعيــدة عــن موضــوع الســينما . فمــا تــوفر موضــوع اهلويــة اجلزائريــة وعلــى قلتهــا ، إال أن منطلقالـدينا كــان عبــارة عـن دراســات أنرتوبولوجيــة أو اجتماعيـة أو نفســية . و بــذلك نأمـل مــن هــذه املســامهة

.جلوانب اليت مل نتمكن من إشباعهاأن تلفت أنظار الباحثني لالهتمام باملوضوع ، و طرق ا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

10

المدخـل

خصوصية نشأة السينما الجزائرية

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

11

سينما ما قبل االستقالل : - 1

إن التوجه لدراسة اإلنتاج السينمائي يف اجلزائر يضعنا يف مواجهة كم هائل من األفالم، ملقارنتها وهو ما يدفع الكثريين بثقل كبري على املستوى العريب، الشيء الذي جيعل منها سينما تتميز

يف ذلك يشري حممد عبيدو بقوله ينمائية يف الوطن العريب ، أال وهي السينما املصرية. و بأعرق جتربة سا السين ما األكثر ثراء وإبداعا يف العامل العريب، لقد حازت : "قال أحد نقاد السينما األمريكيني ( إ

. 1، و هي املنافس الوحيد للسينما املصرية)"على شهرة عاملية

فاحلديث عن السينما يف اجلزائر يستدعي تصنيف هذا الكم اهلائل من األفالم اليت صورت ئي يف اجلزائر ميتد يف اجلزائر أو تناولت اجملتمع اجلزائري برؤى خمتلفة و متباينة، فالنشاط السينما

وأبو إن شئنا القول فقد رافق ميالد هذا الفن من خالل ما أنتجه خمرتع لفرتات طويلة، و اية القرن التاسع عشرالسينماتوغراف "لوميار" ، كان ، حيث يشري حممد عبيدو بقوله: "وقبيل

من املشاهد يف شوارع العاصمة، الفرنسي (جزائري املولد) فيليكس مسجيش قد قام بتصوير عددوهران يف و صمةمدينة تلمسان لصاحل الفرنسي الشهري لوميار لعرضها على اجلالية األوروبية يف العاو

2."1886خريف

يتحدث حممد عبيدو من خالل هذا النص عن أشهر مهنيي لوميار، الذي قام بتصوير هذه ب يصف هذه األعمال بقوله األفالم يف البدايات األوىل مليالد السينما العاملية، غري أننا جند الكات

ه يف حدود الدقيقة الواحدة ، يف حني أننا نعلم أن الفيلم يف هذه الفرتات كانت مدت(مشاهد)بالتايل اجلزائر وفق معايري املرحلة، و ، من هنا نقول أن مسجيش قد صور فعال أفالما يفعموما

فاجلزائر عرفت هذا الفن منذ بداياته األوىل.

http://www.ahewar.orgالبدايات ، -حممد عبيدو ، السينما يف اجلزائر - 1 حممد عبيدو، م ن. - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

12

، منافسا بذلك ذا يضرب النشاط السينمائي يف اجلزائر جبذوره يف عمق تاريخ هذا الفنملتمثلة يف السينما املصرية، حبيث "ما يقال عن السينما املصرية يشبه إىل حد بعيد اأهم سينما عربية و صح التماثل ، فتارخيها مديد يعود إىل البدايات ا اجلزائرية، إذا صحت التسمية و القول عن السينم

القرن األوىل للسينما العاملية، فعال لقد كانت اجلزائر مسرحا للسينماتوغراف منذ نشأته يف أواخرالتاسع عشر، إذ كلف األخوان لوميار (فيليكس مسغيش) بتصوير مشاهد من اجلزائر، فكانت قائمة

دعوة املؤذن) و (ساحة احلكومة) ، (، ومنها (اجلزائر)1897األشرطة الطويلة اليت مت عرضها سنة خرجني املشهورين يف تستقطب املناظر اجلزائرية الكثري من امليناء) وكذلك مشاهد من تلمسان. و (املو

كذلك (جان رونوار) مع فيلمه(البلد) ينما الصامتة أمثال (جاك فيدر) وفيلمه(األتلنديد)، و الس)1929"(1.

زائر، رصد البيئة اجلزائرية، ثري للنشاط السينمائي يف اجلنكون أمام مشهد دينامي و ذابغض النظر عن ، ات أوروبيةفضاء و تتفاعل مع شخصيعرض شخصيات جزائرية تتحرك يف هذا الو

كيفما كانت وجهة النظر املقرتحة من خالل هذه األعمال . طبيعة املعاجلة ، و

يتواصل النشاط السينمائي يف اجلزائر دون انقطاع ، " فبعد ذيوع السينما الناطقة يف أوروبا و واحد ) و(1934( ( كريستيان جاك) فيلمني مهمني مها(غولغوطا)يصور كل من ( جوليان دوفيفيه) و

تصوير فيلم (يب 1937شهدت اجلزائر سنة ع املمثل املشهور (فارناندال). و ) م1937من الكتيبة ) (كما صورت بعد احلرب العاملية الثانية العديد من وليان دوفيفيه) مع (جان غابان)، يب املوكو) ( جل

ة من الزمن ما يقارب مثانني فيلما كانت حصيلة هذه املرحل، و 1954األفالم األقل شهرة إىل غاية سنة تبارها ضمنا سينما لكن هذا ال مينعنا من اعضمن ( السينما الكولونيالية). و مطوال ، تصنف كلها

املوسوعة احلرة ، سينما جزائرية . ويكيبيديا - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

13

، كما أن تلك األحداث منحو كل آثار املاضي االستعماري. فمن غري املعقول أن جزائرية قبلية .1اجلزائريني يف تلك احلقبة من الزمن" الثقافية و الفنية كان هلا تأثري غري مباشر على

إن هذا الزخم الذي عرفته السينما اجلزائرية يؤكده لنا عبد الغين مغريب من خالل إشارته إىل 210أنتج حوايل 1954و 1911هذا الكم من األفالم املنتجة يف احلقبة الكولونيالية بقوله : "ما بني

يقارب املئة يف املغرب و ما يزيد عن منها يف اجلزائر، و ما 80: فيلما خياليا مطوال صورت يف املغربذا 2العشرة أفالم يف تونس، باإلضافة إىل آالف األشرطة الدعائية أو ذات الطابع الفلكلوري" ،

اإلرث تتمكن السينما اجلزائرية من منافسة السينما املصرية .

مائي يف اجلزائر، فحىت وإن مل متوله اإلنتاج السينس من خالل هذا ، كثافة النشاط و نلمالكثري من بني هذه األفالم تناولت أحداثا وقعت ال أنه صور على أرض جزائرية و جهات جزائرية ، إ

ا الفكرية و األيديولوجية، و يف اجلزائر ، كما سامهت يف إبراز صورة جمتمع حبسب م هو ما نطلقا تفصل احلرب العاملية األوىل عن حرب التحرير اجلزائرية، مت يؤكده حممد عبيدو بقوله : "يف الفرتة اليت

مل يشرك يف هذه ق شركات أجنبية، معظمها فرنسي. و فيلما جزائريا عن طري 50تصوير ما يزيد عن يف أثناء احلرب العاملية الثانية جلزائريني ويف أدوار ثانوية . و األفالم سوى عدد قليل جدا من املمثلني ا

خاصة املناطق الريفية األفالم السينمائية يف اجلزائر و ت الفرنسية يف إنشاء جهاز لتوزيع بدأت السلطايا لإلنتاج السينمائي لنفس ، كما أنشأت جهازا مواز يسكنها اجلزائريون ألغراض دعائيةاليت .3"الغرض

ويكيبيديا املوسوعة احلرة، م س. - 1

2 - Abdelghani Megharbi,,les algérien au miroir du cinéma colonial,Prèsse de L'E.N.A.P,Algérie, 1982, P:57 حممد عبيدو، م س. - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

14

، ئر احملتلةاج السينمائي يف اجلزايشري املقتبسان األخريان إىل هذا الزخم اهلائل يف جمال اإلنتكما يشريان ضمنيا إىل هذا اإلجحاف يف تناول و تقدمي اجملتمع اجلزائري ، كما جند النصني يتفقان

، أي سينما ما قبل ئي ضمن ما يسمى بالسينما القبليةأيضا حول اعتبار هذا اإلنتاج السينمال " لكيال حنيد عن االستقالل . و يف نفس السياق إذا ما حاولنا تصنيف هذا اإلنتاج ميكن القو

النقد املوضوعي نقول إن اجملال السينمائي حيكمه املقياس الفين قبل كل شيء ، فال جيوز التأريخ للفن السابع مبنظار سياسي حمض بعيدا عن منطق الفنون ، و هلذا نؤكد على تنوع األمناط السينمائية يف

ينما ما قبل االستقالل و إىل ما بعده . إن اجلزائر . فمن الناحية التارخيية ميكن أن نقسمها إىل سبطلها مغامر سينما القبلية هي سينما مستعمر ،الفضاء اجلغرايف هو العامل املشرتك بني القسمني ، فال

أورويب و قائد عسكري فرنسي ، أما السكان األصليون فال يظهرون إال يف صور مشوهة ال تعكس .1احلقائق الواقعية"

الزخم يف جمال اإلنتاج و التوزيع نشري لطبيعة النشاط الذي باشرته اإلدارة تأكيدا هلذا و مل يكن يف اجلزائر 1946االستعمارية حبسب ما أورده الكسان قائال: قبل حرب التحرير و حىت عام

أنشأ الفرنسيون مصلحة سينمائية أنتجت عددا 1947سوى مصلحة فوتوغرافية واحدة ، و يف عام القصرية عرضت وترمجت يف أغلبيتها إىل لغتني ، و هذه األفالم تقسم إىل األنواع من األشرطة

التالية :

أفالم تتعلق باآلداب ، و العادات اجلزائرية . -

أفالم ثقافية . -

أفالم وثائقية . -

.ويكيبيديا املوسوعة احلرة، م س - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

15

أفالم حول الرتبية الصحية . -

أفالم عن الزراعة . -

أفالم عن الدعاية السياسية . -

بني هذه األفالم نذكر على سبيل املثال : و من

) لـ: ج. هويزمان . 1949قيصرية ( -

). 1949اإلسالم ( -

). 1959العيد غري املنتظر( -

أغىن ساعات إفريقيا الرومانية . -

هيبون امللكية . -

.1رعاة اجلزائر " -

ذا أن نتحدث عموما عن سينما جزائرية قبلية ، سامهت يف إر ساء تقاليد سينمائية ميكننا يف اجملتمع اجلزائري ، بغض النظر عن طبيعة و توجهات هذه األفالم املنجزة ، اليت كانت تسعى يف

هي ية اجلزائرية على وجه اخلصوص، و أغلب األحيان لعرض صورة مشوهة للمجتمع عامة، و الشخصرب املعلنة ضد الشعب اجلزائري، الغاية اليت اجتهدت فيها هذه السينما ، باعتبارها إحدى أوجه احل

االستعمارية إسرتاتيجية مدروسة ، اعتمدت السلطات تتحقق هذه األهداف بفاعلية أكرب حىتو

يناير، 51 الوطن العريب، عامل املعرفة، اجمللس الوطين للثقافة و الفنون و اآلداب، الكويت، العدد:جان الكسان، السينما يف - 1

. 216، ص: 1978

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

16

منظمة يف هذا اجملال ، حبيث يشري عبد الغين مغريب إىل هذه األسس اليت أرستها اإلدارة االستعمارية و ا مصلحة التوزيع ) اليت ستعرف شيئا فشيئا S.D.Cالسينماتوغرايف ( هلذا النشاط باجلزائر بقوله : "إ

1948سكان األرياف بالسينما ، هؤالء الذين جيهلون هذا النوع من العروض (...) فعلى مدار سنة عرضا سينمائيا ، شاهده 250) من تقدمي حوايل S.D.Cمتكنت مصلحة التوزيع السينماتوغرايف (

، ) املسئول األول عن هذه املصلحة P. Murati( حبسب ب. مريايت ص (...) و شخ 485.000 .1للعرض الواحد يف بعض املناطق مثل بابا علي ، سوق أهراس ، الوادي" مشاهد10.000فقد عدد

بذلك تكون اإلدارة الفرنسية قد أرست األسس األوىل للنشاط السينمائي يف اجلزائر، من املصلحة ها بإنشاء مؤسسة أخرى تتمثل يف ( أتبعتاليتتوزيع السينماتوغرايف، و خالل تشكيل مصلحة ال

و إن مل تكن هلذه اجلهود غايات فنية أو ثقافية بقدر ما كانت ألهداف ).S.A.Cاجلزائرية للسينما ا مثلت جزءا من نسيج ما يسمى بالسينما الكولونيالية أو السينما اجلزائرية دعائية بروباغوندية، إال أ

كل ما متلك من قوة لدعم اآللة العسكرية و اإلدارية لتحقيق مهمتها املتمثلة يف القبلية، اليت سعت بترسيخ أقدام احملتل يف هذه األرض ، و ذلك من خالل االنقضاض على هوية الشعب اجلزائري ، عرب تلك الصور اليت كانت تبثها تلك األفالم. فهذه السينما الكولونيالية سعت لالتصال بالسكان

وألجل تقدمي و ترسيخ صورة ، ال للغة العربية لتسهيل االتصالمن خالل ترمجتها هلذه األعم األصلينيهذه العامة للمجتمع وشخصيته وهويته، و ، أرادت اإلدارة االستعمارية تروجيها حول الصورةحمددة

الصورة غري الربيئة مل ختل من الدعاية السياسية االستعمارية املغرضة .

، ما هي يف حقيقة األمر إال السينما الكولونيالية يف ترسيخهااليت اجتهدت إن هذه الصورة هويته، "فالسينما الكولونيالية كانت تعكس ملستعمر على الشعب هلدم شخصيته و آلة هدامة سلطها ا

صورة املستعمر (بكسر امليم) على الدوام، وبوفاء، يف الوقت الذي تشوه فيه صورة املستعمر(بفتح

1 - Abdelghani Megharbi,les algérien au miroir du cinéma colonial, Op cit,P:42-43

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

17

ذا فلن يكون اشتغال هذه السينما إال مبثابة 1إىل حد الصورة الكاريكاتورية املبالغ فيها" امليم) .حملال مجيع مقومات شخصيته، ويواصل عبد على هوية الشعب اجلزائري مكسرا و املعول الذي يهوي

– يكيأمر - "إن نظرة السينماتوغراف الغريب (فرنسيليله لطبيعة هذه السينما قائال:الغين حتإجنليزي...) العنيفة و العدوانية و األحادية، للمغرب خالل احلقبة االستعمارية، متيزت أساسا من خالل الالزمة املؤملة و املخيفة والدائمة احلضور، و املتمثلة يف انسحاق اإلنسان املغريب حتت ثقل

.2مشسه وفضائه الفسيح"

عبد الغين طبيعة اشتغال هذه السينما تؤكد هذه إن هذه اجلمل اليت يصف من خالهلا ست النظرة العدوانية اليت تسعى لرتسيخ النظرة الدونية للشخصية اجلزائرية، فهذه الصورة اليت عك

قية من خالل ذلك تؤكد أيضا أحطبيعة انسحاق اإلنسان املغريب، تؤكد تفاهة هذا اإلنسان، و هلها، وليحييها من خالل جهده ونشاطه جاء ليحضر أشرعية الرجل األورويب يف هذه البالد اليتو استثماره فيها. إن لتكرارية مثل هذه الصور وقع خطري على مستوى هوية اجملتمع اجلزائري، اليت و

الرضوخ له بصفته املعتدي و حتضريه لتقبل اآلخر إلقناعه بتفاهته و عدم جدواه، و تسعى هذه السينما بالتايل عليه أن يشكره عن ذلك .دونية) اليت حيياها اجلزائري، و (الصاحب الفضل يف هذه احلياة

كرد◌ فعل ثوري كان لزاما على باشرته اإلدارة االستعمارية ، و يف مقابل هذا النشاط الذيو ا على املنظومة االستعمارية على مجيع جبهة التحرير الوطين اليت تصدت من خالل إعالن ثور

واالجتماعية، أن تتصدى هلذه احلملة االستعمارية على اجلبهة لسياسية ها و ااجلبهات ، العسكرية منللحديث عن نشأة السينما اجلزائرية الوطنية و السينمائية على وجه اخلصوص. و اإلعالمية بشكل عام

عطيات اليت نستهل ذلك بتصريح الكسان قائال: "... البد أن نشري إىل أن السينما كانت إحدى املا رادها يف هذه احلرب، ونذكر ، بل إن جمموعة من السينمائيني استشهد أفحرب التحرير أفرز

1 - Ibid. P:61 2 - Op,Abdelghani Megharbi,les algérien au miroir du cinéma colonial, P:57

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

18

الغويت خمتار، ، فرذيل راد بن رايس، صالح الدين السنوسي، عثمان مرابط، ممنهم:فاضل معمر زيتوين .1، سليمان ابن مسعان، علي جنادي "عبد القادر حسنية

متيزها عن باقي سينما البالد السينما اجلزائرية و صوصية ميالد ذا يوضح لنا جان الكسان خا حرب العربية ، فلم يوجد هذا الفن ألغراض الرتف أو التسلية بقدر ما كان ضرورة ملحة أفرز

ما أمساء هذه الكوكبة من لمقاومة، و ووسيلة لقوله ، استعملها الثوار كسالح التحرير على حد طبيعة استعمال هذا الفن يف تلك احلقبة ، فها هو مغريب يرسم لنا السينمائيني الشهداء إال دليل على

ا هذه السينما لنفسها بقوله:"الغاية اليت حد بالرغم من عدم متكنها من اجلانب التقين، فهذه دلكن بشكل بسيط بعيد عن أي الشعب اجلزائري الثائر ، و األشرطة مجيعها متجد بطال وحيدا :

ا مل تقدم لنا قصصتعقيدات ، دون أي ع لكنها سعت ا خيالية لإلمتاع أو التسلية ، و نف ، مبعىن أ .2إلسقاط القناع و كشف الوجه اخلفي للمستعمر"

سعت للدفاع عن ، سينما ملتزمةالسينما إال أن تكون سينما نضالذا فال ميكن هلذه ة للمستعمر الغاشم مارسات احلقيقيدعم قضيته من خالل تنوير الرأي العام الدويل باملهوية الشعب و

بذلك فحتما ستختلف عن غريها من سينما البالد العربية اليت ظهرت إىل الوجود ، و حقيقة جرائمهو كانت احلاجة ملحة ائرية بالوالدة القيصرية ، فقد "يف ظروف خمتلفة. لذلك تشبه والدة السينما اجلز كان البد هلذه السينما أن تنطلق ، و 1954بدأت عام إلجياد سينما تواكب مسرية حرب التحرير اليت

فتحت مدرسة للتكوين 1957عاميف وال تكون جمرد مغامرة، هلذا و من منطلق علمي مدروسوهو فرنسي التحق كان مديرها رونيه فوتييه (من املنطقة اخلامسة. و -آ –السينمائي يف اجلبال بوالية

217ص: م س ، ، جان الكسان - 1

2 - Abdelghani Megharbi,,les algérien au miroir du cinéma colonial, Op cit,P:66

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

19

استشهد أغلبهم يف سبوا إليها فكانوا مخسة مقاتلني،ن انتبصفوف جيش التحرير الوطين)، أما الذي .1ساحة الشرف."

غاالت احلقيقية قد شهدت والدة فن سينمائي يعرب عن االنش 1957ذا تكون سنة ا أفالم السينما الكولونيالية، سينما للمجتمع اجلزائري ، بعيدا عن تلك الصور اليت كانت تبشر

ت السينما الكولونيالية يسعون من خالهلا للذوذ عن اهلوية اجلزائرية اليت سع صناعها ثوار جزائريونالقضاء عليها . يف هذا السياق تربز هذه السينما إىل النور لتستمد شرعيتها من شرعية لطمسها و

ديد سامهت يف حتذه السينما بألوان مميزة و الثورة اليت تسندها و تعرب عنها، كما أن الثورة قد لونت هإن لتزامن بداية ، و يف ذلك يشري حممد عبيدو بقوله: "ي ستعرف به كسينما ملتزمةمسارها العام الذ

) دورا كبريا يف 1962 – 1954اإلنتاج السينمائي اجلزائري مع ثورة شعبها على االحتالل الفرنسي (خاصة املتصلة منها ش وتسجيل األحداث التارخيية، يصياغة توجهه حنو تصدير حقائق الواقع املع

بالثورة اجلزائرية، حيث جند أن الثورة عملت منذ البداية على جتنيد كل ما أتيح هلا من الوسائل ا األوىل من نسج الواقع السمعية البصرية والكفاءات لتوثيق كفاح الشعب اجلزائري يف أفالم ماد

ارتباطا مباشرا بالواقع النضايل، فلم اليومي للثورة مثلما سجلت نشأة متميزة لـ (فن سينمائي) يرتبطا من ذاكر اذ، إال أن تساير تاريخ األمة بانتصاراته وتشكل جزءئيكن لألعمال املنجزة حين

.2"اجلماعية

لفن، بقدر ما كان إن ارتباط السينما اجلزائرية بقضايا اجملتمع مل يكن مسة طارئة على هذا اعن ذلك ده بالشكل الذي يعرب فيه جان الكسان، مثلت أحد خيوط وجو مسة متأصلة فيه

217جان الكسان ، م س ، ص: - 1 حممد عبيدو ،م س. - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

20

فن إنساين ملتزم بقضايا معها عوامل حيويتها كد أن السينما يف اجلزائر ولدت و هكذا جنبقوله:"و .1الوطن "الناس و

الرئيسي دعم الثورة وفق هذه الظروف تشكلت هذه النواة األوىل لسينما وطنية هدفهاقد انبثقت عن هذه النواة األوىل العديد من اإلنتاجات، وطنية ، و التحريرية والذود عن الشخصية ال

ة للتفكري يف غري أن هذه النواة مل تستمر طويال نظرا للظروف اليت وجدت فيها مما دفع القيادة الثوري، ذلك ما دفع إلنشاء جلنة للسينما نوطة به بشكل أفضلهيكلته ليؤدي املهام املتنظيم هذا القطاع و

ا هذا النشاط ، و ن النواكبديل ع هي مبثابة خطوة أخرى يف جمال تنظيم هذا القطاع ة اليت انطلق ا. و احليوي بالنسبة للثورة التحريرية مبا كان يوفره من الدعاية يشري الكسان للقضية الوطنية والتعريف

ا السينما د عملت هذه املدرسة قاجلزائرية يف تشكلها بقوله: "و إىل خمتلف هذه املراحل اليت مرت نظيم السينما، الثورة أن البد هلا من تطوير وت لذا وجدترية ال تتعدى الشهور األربعة، و فرتة قص

مة ذلك بإنشاء جلنة لسينما (مرتبطة باحلكو بداية هذه اخلطوة األساسية، و 1961-1960فكان عام ؤقتة للجمهورية اجلزائرية )، ة امل، مث تأسيس (مصلحة السينما للحكوماملؤقتة للجمهورية اجلزائرية)

. 2"سينما تابعة جليش التحرير الوطينأخريا بإقامة مصلحة للو

وفق هذه املراحل مت تدرج هيكلة السينما اجلزائرية الفتية لتقدم عرب خمتلف مراحل تطورها جمموعة من األعمال متثلت فيما يلي :

. 1955ه ، سنة أمة اجلزائر : فيلم من إخراج رونيه فوتيي -{

، أخرجته سيسيل مم 16هو فيلم قصري و 1957 - 1956الالجئون : أنتج بني عامي - أخذت مناظره من تونس .دي كوجيس، و

. 217ص: م س ، ، جان الكسان - 1 .217، ص: م س ، جان الكسان - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

21

مم 16هو فيلم قصري و 1958-1957اجلزائر امللتهبة : أنتج ما بني عامي - الدميقراطية .مجهورية أملانيا باأللوان أخرجه رونيه فوتييه ، وأنتجه مع شركة من

كليمون .بيار و هو فيلم قصري من إخراج 1958ساقية سيدي يوسف : أنتج سنة - و هو فيلم قصري من إخراج بيار كليمون . 1958الالجئون : أنتج سنة -ساشافيريين عام يلم ( حرية اجلزائر) الذي أخرجه جزائرنا : فيلم طويل يعتمد على صور ف -

، وصور التقطها شندريل 1955اجلزائر) الذي أخرجه رونيه فوتييه يف عام ، و صور فيلم ( أمة1947مصلحة إنتاجلفيلم من إخراج الدكتور شويل، ومجال شندريل وحممد األخضر حامينة و ايف اجلبال . و

املؤقتة للجمهورية اجلزائرية .السينما التابعة للحكومة ه لوماسون و روني: يان واولغا ري من إخراج كل من عمري مثاين سنوات : فيلم قص -

. 1961رونيه فوتييه ، سنة فوتييه، وهو من إعداد فرانس فانون و محينة، من إنتاج فيلم متوسط أخرجه حممد خلضر هو ، و 1961يامسينة : أنتج عام - للجمهورية اجلزائرية .لسينما التابعة للحكومة املؤقتة مصلحة ا

شندريل من إنتاج ه حممد خلضر محينة، ومجال، أخرج1961صوت الشعب : أنتج عام - للجمهورية اجلزائرية .حكومة املؤقتة مصلحة السينما التابعة لل

دريل، سيناريو: شن، أخرجه حممد خلضر محينة، ومجال 1961بنادق احلرية : أنتج عام - .السينما التابعة للحكومة املؤقتة للجمهورية اجلزائريةسارج ميشيل، وإنتاج مصلحة

، أخرجه رونيه فوتييه . 1962مخسة رجال و شعب : أنتج عام التكوين من طرف تالمذة مدرسة 1957جمموعة أفالم قصرية أخرى أنتجت سنة -

ممرضات جيش –التالية: (املدرسة رونيه فوتييه وهي حتت العناوين السينمائي اليت أشرف عليها .1الونزة)} ومات منجمهج –التحرير الوطين

.219 - 218ص: ،م س جان الكسان،نظر : ي - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

22

لورت مالحمها اإلنتاج السينمائي تكون هذه السينما الفتية قد حددت خط مسارها وب ذالتعبري عنه ، تسعى لالوقت تكون سينما مرتبطة بالواقعيف ذات لتكون سينما ملتزمة، وسينما نضال، و

ا ، قد نلمسها من خالل فيلمبصدق قدر اإلمكان ، و ا و تلونت بألوا هذه العناصر اليت اتسمت كما عرفت هذه الفرتة إجناز أول فيلم " ذي يعرب عنه حممد عبيدو بقوله :"اجلزائر امللتهبة"، بالشكل ال

ب" يتحدث عن العمليات العسكرية وحياة جزائري يصور بأرض املعركة بعنوان "اجلزائر تلتهصور حية وواقعية ذلك بتقدميمن القيام بدور فعال يف الثورة و . ومتكنت السينما التحريرية اجملاهدين

عن أرض املعركة تؤكد ما جيري يف اجلزائر حيث يتعلق األمر مبصري شعب خيوض حربا حتريرية من أجل استقالله وكرامته. كما مكنت أيضا من إظهار الوجه احلقيقي للمستعمر الذي كان على عكس

.1"زافية حقيقية ضد اجلزائرينيـستناإدعاءاته يشن حربا

على إنتاجها جبهة التحرير ن سينما ما قبل االستقالل اليت أشرفت ذه السمات تكو . فهذه األخرية ه سينما ما بعد االستقالل مباشرة، قد حددت اخلطوط العريضة ملا ستكون عليالوطين

مل تكن يف احلقيقة إال امتدادا ملا كانت عليه تلك، لتواصل نضاهلا يف سبيل ترسيخ هوية اجملتمع لوبة . اجلزائري املس

سينما ما بعد االستقالل : - 2

ااجتهدت يف إطار هذا التفكري مل تستثن القطاع و ،الدولة الفتية يف تنظيم مؤسساخطورته يف املرحلة السابقة، غري أنه مل يفلت من اره قطاعا حساسا أدركت أمهيته و السينمائي ، باعتب

رمبا عاىن القطاع من هذه الظروف بشكل االنطالقة الصعبة، و لبلد يف هذهاملناخ العام الذي يعيشه اا شأن 1962أكثر تركيزا ، حبيث "واجهت السينما اجلزائرية بعد االستقالل يف مشكلة التنظيم شأ

خمتلف دواليب الدولة الناشئة فيها ، اليت سعت إىل اختطاط إسرتاتيجية ثقافية أولت للصناعة

حممد عبيدو، م س. - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

23

التعبري عن درة على االستجابة لطموح الشعب و امها ، و مبا جيعلها قاالسينمائية جانبا من اهتماملعتمد آنذاك . لتكون أول جهة إنتاجية وفق التنظيم1و تطلعاته الكربى يف التنمية الثقافية" هانتمائ

بصري الذي أسسته " كانت أول جهة إنتاجية بعد االستقالل هي املركز السمعي الحبسب الرباجيية: . كما يشري فيصل إىل هذه احلالة املتذبذبة اليت عاشها القطاع يف2والرياضة اجلزائرية"باب وزارة الش

1962هكذا عرفت مؤسسات القطاع حتوالت عديدة متخض عنها منذ ظل الدولة املستقلة بقوله:"و ، سمعي البصري يف منتصف الثمانيناتمن القرن املاضي إىل تاريخ حل املؤسسة الوطنية لإلنتاج ال

جلزائرية، املركز ، ديوان األحداث اذكر منها: املركز السمعي البصريإنشاء حوايل عشر مؤسسات نالتجاري للصناعة السينماتوغرافية، املركز الوطين للسينما، املركز الوطين للتسويق والصناعة

لوضع العام . بذلك نستشف مالمح ا3، مث املؤسسة الوطنية لإلنتاج السمعي البصري"السينماتوغرافيةانت املتسم حبالة عدم االستقرار الذي عاشه القطاع، فحىت و إن كانت مجيع مؤسسات الدولة قد ع

وهو ما يؤكده قد عاشه بشكل أكثر تركيزا، ، إال أن القطـــاع السينمائييف هذه البداية من هذا الوضع، إال أن الرتكيز ة عن اإلنتاج اجلزائريات املسئول"ورغم تغيري األمناط اإلنتاجية و اجلهجيية بقوله:الربا

.4ظل على احلرب كموضوع رئيسي لألفالم اجلزائرية"

ع، ، من جهة على حالة االضطراب اليت عاشها القطا لنا الرباجيية من خالل هذا النص يؤكدت من جهة أخرى جنده يشري إىل إحدى املالمح األساسية اليت ميزت أفالم املرحلة األوىل اليت تلو

. إن هذه املرحلة اليت وضوع حرب التحرير حمورها األساسياالستقالل مباشرة ، و اليت ظل فيها ماليت تقسمها الستقالل حبسب رتب احلاج موسى، "متثل أوىل مراحل تطور السينما اجلزائرية ملا بعد ا

، وهي مرحلة 1971ة إىل غاي 1964إىل ثالثة مراحل حبيث حتدد املرحلة األوىل بالفرتة املمتدة من

ا القيصرية - 1 www.startimes.com .ب. فيصل ، السينما اجلزائرية رصيد حافل رغم والد www.arabslab.com،تاريخ السينما اجلزائريةمانو الرباجيية ، - 2 . فيصل، م س.ب - 3 مانو الرباجيية، م س. - 4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

24

إىل 1972 ، ليلي ذلك املرحلة الثانية من سنةثورة التحرير الوطين كموضوعا هلااألفالم اليت اختذت .1"إىل بداية الثمانينات 1976 ، مث املرحلة الثالثة بدءا من سنة1975غاية

تفق جممل وفق هذا التقسيم الثالثي ملراحل تطور السينما اجلزائرية ملا بعد االستقالل، يدارسي تاريخ هذه السينما ، و اليت كنا قد الحظنا اتفاق كل من الرباجيية و رتب احلاج موسى على

هو ما أساسي تناولته جممل أفالمها. و كون مرحلتها األوىل قد ركزت على تيمة ثورة التحرير كمحور ن تستمر يف قها أبعد احلرب أخذت السينما على عاتصريح جان الكسان بقوله :" ... و يدعمه ت

.2الوقوف ضد املخططات اإلمربيالية"الشخصية اجلزائرية لدى املواطن و خلق رسالتها و هي توعية و

ا أفالم هذه املرحلة األوىل، يشري جان الكسان من خالل نصه إىل األهداف اليت حددقد أساءت إليها كثريا، نيالية املتمثلة أساسا يف بناء الشخصية الوطنية و اليت كانت السينما الكولو و تمثل يف مرحلة املطرق باب التاريخ القريب لألمة، و قد عمدت هذه السينما لتحقيق غايتها هاته إىل و

ا املظفرة، ناء ما خربته اآللة إعادة بم و بذلك فال غرابة أن تتوجه هذه السينما الفتية إىل ترميثور . االستعمارية

امهت يف تبلورها مجلة من ، سا هذه املرحلة نصب عينيهاها سينمإن هذه الغاية اليت جعلت، ية اجلزائرية، بداية كون هذه الغاية متثل رد فعل ضد موقف السينما الكولونيالية اجتاه الشخصالعناصر

، ألن "أرباب اهليمنة يشخصون العام لسينما القوى االستعمارية هذا املوقف الذي مل يشذ عن الطابع، إن مواقف السينمائيني بالنسبة تدمري الظواهر الثقافية األصيلة لعنف الرامية إىلوجيسدون سياسات ا

ة لتلك اليت اختذها األمريكيون منذ زمن بعيد إبان هيمنة الغرب للحقيقة اجلزائرية، كانت دائما مشا

1 -Ratiba hadj-moussa, le corps-l’histoire le territoire le rapport des geures dans le cinéma algérien, les édition Balzac publisud,canada,1994;P:98.

238، م س ، ص: جان الكسان - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

25

ا بألوان حمددة حبسب1على اهلنود" تصريح ، كما أن ظروف نشأة هذه السينما أيضا سامهت يف تلوفيصل : "يبدو من جهة أن لتزامن بداية اإلنتاج السينمائي اجلزائري مع ثورة شعبها على االحتالل

. أما العنصر 2) دورا كبريا يف صياغة توجهها حنو تصوير الواقع املعاش"07/1962- 11/1954الفرنسي(خرجني الذين باشروا صناعة الثالث فيتمثل يف صناع هذه السينما و املتمثلني يف اجليل األول من امل

هذه األفالم يف مرحلة ما بعد االستقالل، واخللفيات اليت انطلقوا منها و صاغت رؤاهم بالشكل التحرير فقد كان رينيه فوتري, وجاك شاريب ارتباطهم الشخصي حبركةالذي يعرب عنه الرباجيية بقوله : "

. األفالم التابعة للجيش اجلزائري ع فوتري يف وحدةعمل أمحد رشيد م , كمامن أعضاء اجلبهة الشعبيةتونس . يف ىكذلك األخضر حامينا وأمحد العليم يف وحدة األفالم التابعة حلكومة املنف وعمل

طليب أثناء القتال يف صفوف , وجرح عبد العزيزسياسيةواعتقل حممد سليم رياض يف باريس آلرائه ال .3"جيش التحرير

من أهم العوامل اليت سامهت يف حتديد املسار الذي ستسلكه سينما تعترب هذه العناصر هو عاجل موضوع ثورة التحرير الوطين، و اليت كانت معظم أفالمها تملرحلة األوىل ملا بعد االستقالل، و ا

ما يشري إليه جان الكسان بقوله : "األفالم اجلزائرية األوىل عاجلت قضية التحرير الوطين فكانت .4مناهضة لالستعمار"إيديولوجية

تنتقل السينما اجلزائرية بعد ذلك ملرحلة جديدة من مراحل تطورها، واملتمثلة يف املرحلة "...أما اجليل جان الكسان بقوله: اليت يشري إليهاحددناها سابقا مع رتب احلاج موسى، و الثانية كما

ة انطالق جديدة للسينما اجلزائرية الثاين الذي عاصر بداية سنوات االستقالل فقد بدأت معه مرحل

1 - Claude Michel Cluny,Visage d'un peuple, cinéma72, société technique éditions et publication, N:171, Decembre1972, Paris, P:35

.ب. فيصل ،م س - 2 مانو الرباجيية، م س. - 3 .220جان الكسان ، م س ، ص: - 4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

26

تعد هذه املرحلة من مراحل السينما . و 1..." 1972بعد عشر سنوات من االستقالل أي يف عام ااجلزا لطبيعة ، حيث نلمس فيها حتول منظور هؤالء السينمائينيئرية مبثابة قفزة نوعية قامت

رحلة تسمية وقد أطلق على هذه املا، الواجب على السينما معاجلته ،املوضوعات ذات األولويةنما وهو عبد يف هذا يوضح الكسان ذلك على لسان أحد صانعي هذه السي"السينما اجلديدة "، و

"بعد اجليل السينمائي فيما قبل الثورة و أثناءها جاءت دفعة الطلبة املختصة اليت العزيز طوليب بقوله:ابتدأت مع هذه الدفعة أو باألحرى مع هذا اجليل و تها الثورة للتخصص يف اخلارج ، كانت قد أرسل

بالسينما اجلديدة ، 1975- 1968اجلديد الذي أنا فيه مرحلة جديدة متثلت يف ذلك الوقت سنوات كان طرح املوضوعات هو الذي خيتلف عن مواضيع املرحلة اليت سبقتها، حيث كانت تتحدث و

.وعاجلت هذه منا أيضا من حيث املضمونالتحرير ليس فقط من حيث الشكل وإ مجيعها عن حربالذايت ا القومية املطروحة مثل الثورة والزراعة وثورة التعريب والتسيري االشرتاكي و السينما كل القضاي

.2إخل..."

ذا تكون هذه املرحلة قد حافظت فيها السينما اجلزائرية على معاجلة موضوع حرب تطرقها يف ة هو انفتاح هذه السينما على موضوعات أخرى ملالتحرير الوطين ، غري أن ما مييز املرحل

، بالشكل الذي أشار ات ذات طبيعة اجتماعية يف عمومهاكانت هذه املوضوعاملرحلة السابقة ، و ا تناولت جممل القضاي وثورة التعريب ا القومية املطروحة مثل الثورة والزراعة إليه الكسان أعاله، من أ

ا مثلت يف تلك و الذايت ... ، و سيري االشرتاكيوالت املالحظ ملثل هذه القضايا املطروحة يدرك أاملرحلة اخلطوط العريضة لسياسات الدولة الفتية، و عليه ميكننا القول بأن السينما يف هذه املرحلة قد واكبت و دعمت اخلطاب السياسي الرمسي آنذاك ، و قد حتقق هذا التوجه العام هلذه السينما يف

تلك الفرتة، نتيجة لتحكم الدولة يف مفاصل هذا القطاع من خالل عملية التأميم اليت طبقتها الدولة

.234 ، ص:م ن - 1 .239-238جان الكسان ، م س ، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

27

: "... يف حيزران شكل الذي يؤكده جان الكسان بقولهعلى مجيع جماالت اإلنتاج السينمائي ، بالالكاملة أكدت ملكية الدولة و 6934عندما قامت الدولة بتأميم التوزيع حسب القرار 1969عام

للسينما، اعتقد بعضهم أن هذا اإلجراء سيضعف السينما اجلزائرية خاصة بعد حماوالت التخويف .1اليت مارستها الشركات األمريكية و األوروبية الكربى"

مث تواصل هذه السينما تطورها من خالل مرحلة ثالثة حبسب رتب احلاج موسى، و يف هذه عاجلة أكثر فأكثر، لتقرتب أكثر من مشاكل املواطن .املرحلة يتسع جمال املوضوعات امل

ا و يف ختام هذا امللخص البسيط للظروف اليت أوجدت بعض اخلصوصية اليت تتميز على سينما ما بعد االستقالل، السينما اجلزائرية ، جيدر بنا أن نعرج حول بعض القضايا املطروحة

لسينما، و تتمثل يف استمرارية املعاجلة السينمائية لسينما اليت تعد مبثابة حتديات هوياتية تواجه هذه او والفرنسيني. ا مشرتكا بالنسبة للجزائريني الضفتني لنفس املرحلة املتعلقة بثورة التحرير اليت تعد تارخي

ا هلذه املرحلة احلساسة بالنسبة لكليهما، فكل منهما يقف على طريف نقيض بالنسبة للرؤية املتوجه م السينمائيةيون مثل الفرنسيني يواصلون مساءلة هذه املرحفاجلزائر ، غري أن لكل لة من خالل إبداعا

ما مطالبة ند على مواقف سياسية متباينة، و منهما خطابه اخلاص النابع أساسا من أيديولوجية تستمنها إال دليال تنصلحماولة فرنسا الباجلرائم املرتكبة يف اجلزائر و اجلزائريني باالعرتاف الفرنسي الرمسي

بذلك ميكننا أن نقول ى األعمال الفنية السينمائية. و ، اليت تنعكس حتما على مستو على تباين الرؤىبأن اإلشكالية املطروحة على السينما اجلزائرية يف الوضع احلايل مل تتزحزح كثريا عما كان عليه قبل

الزالت اخلاصة حول الثورة التحريرية، و رؤيتها عشرات السنني، فال زالت اإلدارة الفرنسية تواصل بث ا، لألجيال جبماليات سينمائية قادرة السينما اجلزائرية مطالبة ببث رؤيتها الوطنية النابعة من روح ثور

.221-220م ن ، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

28

، حىت ال يسقط ضحية سة و التصدي للبوق االستعماري، وجلب املشاهد الشاب اجلزائريعلى املناف هة للوقائع .الرؤية االستعمارية املشو

م عقار يشري إليه يف هذا االهتمام الذي حتظى به هذه املرحلة من طريف النزاع ، جند سليو ذا املاضي املشرتك على بقوله :"... و من جهتهم اهتم اجلزائريون و الفرنسيون على حد سواء

ة للعديد حساسيته ، ال سيما املشتغلون منهم يف الفن السابع حيث شكلت هذه احلرب مادة دمس من املخرجني من كال الطرفني الذين راحوا يرتمجون تلك الفرتة إىل جمموعة من األعمال السينمائية كال

. ففرنسا من جهتها، رغم على طريقته استنادا ملرجعياته وانتماءاته وخلفياته السياسية واأليديولوجيةفيلما يف خمتلف 150سعت إىل إجناز ،1990بقاء اسم الثورة اجلزائرية من الطابوهات إىل غاية سنة

. إن هذا الكم اهلائل من اإلنتاج 1" 2007إىل 1957ذلك يف الفرتة املمتدة بني األشكال و رنسا ملسألة الثورة اجلزائرية، وحرصها على تغليب السينمائي الفرنسي لدليل على األمهية اليت توليها ف

ا للثورة اجلزائرية جه هذا التحدي توجب على السينما اجلزائرية أن توا ، من هناوجهة نظرها ونظربالتايل يصبح حتديا هوياتيا. و يف هذا را حيويا بالنسبة لتاريخ الشعب و الذي يعد أماملطروح عليها ، و

تصدي ملثل هذه اجملال ال يسعنا إال أن نسجل تراجع دينامية اإلنتاج السينمائي الساعي لليني اجلزائريني أمحد جباوي ذي يالحظه أحد أبرز النقاد السينمائ، بالشكل الاملوضوعات احليوية

، أال تؤدي السينما الدور الذي لعبته قبل مبناسبة الذكرى اخلمسني للتحرير "و ميكننا أن نأسفبقوله:ذ أكثر االستقالل. فالقنوات الفرنسية اليت استفادت من دعم كبري من الدولة الفرنسية كانت حتضر من

م ملعشرات األفالم و من سنتني ا يعترب األشرطة الوثائقية، ال لالحتفال باستقاللنا، بل لرتسيخ نظراية حرب اجلزائر" و ال ميكن حينذاك أن نتعجب من الشروع يف بث هذه األفالم بداية من التاريخ "

لكثيف أمام هذا املد اع العمل إىل غاية شهر جويلية. و املصادف لذكرى وقف إطالق النار ليتسن اخلمسينية لإلنتاج املخطط له بدقة متناهية يف الزمن، ماذا قمنا به باملقابل؟ لقد أدركنا منذ سنوات أ

www.djazairnews.infار ، السينما و الثورة اجلزائرية سليم عق - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

29

أنه باملقابل كانت القوة االستعمارية السابقة حتضر مبنهجية لرتسيخ صورة منمقة كانت على األبواب و لتماطل بدل تنسيق جهودهم، إذ ، فضلت ثالث وزارات االنتظار و اوعلى الرغم من ذلك للقمع .

لذا كان منتظرا أال تكون عشية االحتفال باخلمسينية، و 2012مل يتم اختيار املشاريع إال يف عام .1األفالم غري جاهزة بالكامل ... "

ني والدارسالذي يعد من بني أهم املتابعني إن هذا النص يعرب بوضوح عن حسرة صاحبه اليت يتلزم عليها أن تلعب الدور ليه أوضاع السينما يف اجلزائر، و ، ملا آلت إاجلزائر للحركة السينمائية يف

ساط الدوائر عن هويته اليت الزالت حمل نقاش يف أو و املوكل هلا يف الدفاع عن ثورة هذا الشعب .االستعمارية السابقة

الفصـــــــــــــــــــل األول :

www.elkhabar.comأمحد جباوي ، احملنة الكربى للسينما اجلزائرية - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

30

ــــــــــــــــــالهويــــــــ ة الجزائريــــــــــــــــــــــة

ة ـث األول : ضبط مصطلح الهويـالمبح

:الهوية غموض مفهوم - 1

عواقب، ذلك راجع لغموض يعد البحث يف مفهوم اهلوية مبثابة مغامرة غري مضمونة الكننا أن نرجعه ألسباب شىت، بداية لتقاطعه و تداخله طبيعته الزئبقية ، هذا الغموض الذي مياملفهوم و

على " مع عدد من املصطلحات األخرى بالشكل الذي ال مييز فيها الباحث حدودا فاصلة بينها ، " بأن مثة تكافؤا بني اهلوية حني توصلت إىل القول : 1980) سنة Duvant.D.Aغرار ما طرحته (

هذه األخرية اليت داخل مع مفهوم اهلوية الفردية، و لحات تت. إذا فهذه املصط 1الذات و األنا "و تؤسس للهوية اجلماعية كما سنرى الحقا ، إىل جانب هذا ميكننا أن نشري إىل بعض املصطلحات

86، ص:2009، اجلزائر، وزارة الثقافة اجلزائرية، اجليل املغاريب الثاين بفرنساند ، اهلوية يف مواجهة االندماج عحممد مسلم - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

31

والضمري اجلمعي ، اهلوية عية مثل : اهلوية والقوميةاألخرى و اليت تتداخل أيضا مع مفهوم اهلوية اجلمامثل هناك مصطلحات أخرى قد تتقاطع معها ولو جزئياة، اهلوية واحلضارة، و لألمة، اهلوية والثقاف

وهي كلها مصطلحات قد تكون هلا عالقة مبفهوم اهلوية مفهوم الوطنية واملواطنة وكذا األيديولوجية، .تسنسعى لتوضيحها وإبراز نقاط تقاطعها مع مفهوم اهلوية إن وجد

لعالقة بالثقافة تبدو أكثر " إن العريب يشري بقوله :ا جند حممد ا، كما أننهذا من ناحية. 1"ملفهوم الذي حندده للهوية. فهناك ما يقرتب من التطابق بني املفهوم الذي حندده للثقافة واوثوقا

ذا نلمس هذا التداخل القائم ما بني مفهوم اهلوية بشكل عام و مجلة من املفاهيم أو املصطلحات ا تتلبس بنفس املعاين.األخرى و اليت أحيان

حزمة من املصطلحات األخرى والذي شكل خل القائم ما بني مفهوم اهلوية و إن هذا التداسببا من أسباب ظهور مفهوم اهلوية بشكل غامض يصعب ضبطه بدقة، قلت هذا الغموض يعود

اهلوية علم بقوله : "د يوضح عبد اجلليل ذلك يف هذا الصدة تبلور هذا املفهوم و تطوره، و أيضا لطبيعيعية ، لذلك دارت حوهلا حوارات معريف مشتق من حزمة من علوم اجتماعية إنسانية نظرية و طب

اوهلا أكادميية خمتلفة و متعددة. فقد تنن يف جماالت علمية و مفكرو شات عديدة، تناوهلا علماء و مناقو والتاريخ وعلم االجتماع وعلم النفس م السياسية والعلوم القانونية العلو بالتنظري علماء االجتماع و

، كما جتد جماال هلا يف العلوم التطبيقية املعملية و املختربية (علوم وعلم األنثروبولوجي والفلسفة واملنطقة األخرى ، الطبيعة ) . فهي بذلك من العلوم البينية اليت تستقي و تقتبس أصوهلا من العلوم املعرفي

، يف 2اليت تتقاطع أو تتقابل معها تلك املعارف العلمية عند تناوهلا " املسائلذات الصلة بالقضايا و

108، ص: 2003 ة،اجلزائرحممد العريب ولد خليفة، املسألة الثقافية و قضايا اللسان و اهلوية ، ديوان املطبوعات اجلامعي - 1 www.sudanpolice.gov.sd/pdf/888 ، نية املعاصرة، إشكالية اهلوية وبناء الدولة الوطالطيب عبد اجلليل حسني حممود -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

32

ذلك حياول الطيب عبد اجلليل أن يسلط الضوء حول طبيعة هذا املصطلح، هذه الطبيعة املتشعبة من مث فال شك وتناولت هذا املصطلح بالدراسة والتنظري، و تشعب هذه اجملاالت املعرفية اليت اهتمت

بذلك جند أن مفهوم اهلوية قد ة تباين هذه الفروع املعرفية، و ائج هذه الدراسات متباينأن تكون نت، ذلك ما يؤكده أيضا حممد املعرفية يأخذ معاين خمتلفة حبسب اختالف مناهج حبث هذه امليادين

لبحث مما زاد يفمسلم بقوله : " لقد أصبحت اهلوية مفهوما يشغل اهتمامات الكثري من ميادين ا . 1عدم القدرة على إعطائه مدلوال صاحلا لكل هذه امليادين"صعوبة تعقيده وعدم إمكانية حتديده و

ذا الشكل الواسع على جممل اجملاالت املعرفية حبيث ال جند كاتبا إن انتشار مفهوم اهلوية ت يرجع جل أو منظرا تناول مفهوم اهلوية بالدراسة إال و يؤكد على هذه القضية، و يف نفس الوق

املهتمني مبفهوم اهلوية صعوبة حتديده هلذا السبب، فها حنن جند ب . املرجتي و إ. بوجوحام يؤكدان ما املقاربات و ذلك بقوهلما : "يعترب مفهوم اهلوية من بني املفاهيم الدراسات إىل اليت تضخمت بشأ

يل من املفاهيم هي اليت حظيت ) يعلق بأن القلAlfred grosserدرجة جعلت املفكر (ألفرد جروسر(بالتضخيم الذي عرفه مفهوم اهلوية و هو أمر يعود إىل تناثر هذا املفهوم على ضفاف ختصصات عدة

من السيكـولوجيا إىل علوم السياسة نثروبولوجيا إىل السوسيولوجيا و داخل حقل العلوم اإلنسانية من األاجملازفة الفكرية املفتوحة على االحتماالت ، الشيء الذي جيعل من كل حماولة حلصره ضربا من

كلمة اهلوية مع عدد من املفاهيم اليت تتداخلبقوله : " . ويف نفس السياق يشري أمني محادة2كافة"خرى. وذلك بسبب جماالت االستخدام مثل أحيان أتعقيده يف وأحيانا أ تساعد يف جالء املعىن

. 3" الجتماع وغريها من املعارفوعلم النفس واملنطق وا الثقافة والسياسة

85حممد مسلم، م س ، ص: - 1إشراف:د.عبد سؤال اهلوية، رسالة لنيل شهادة ماجيستري،تمع البدوي و أقاليم الصحراء و ، اجملمساعيل بوجوحامإبكار املرجتي و -2

.03، ص:2010- 2009تطوان، سنة بوليفة، جامعة العزيز . www.arabna.info، ما معىن اهلوية،أمني محادة - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

33

مما سبق تتضح لنا الرؤية بأننا يف مواجهة مصطلح يصعب ضبطه، وتكمن هذه الصعوبة بداية يف كون مصطلح اهلوية مصطلحا مرنا قد يأخذ معاين خمتلفة من خالل تقاطعه مع مصطلحات أخرى ،

ا مصطلح اهلوية، هذا الغموض الذي يلفه قد يرجع ة و ومن ناحية أخرى فهذه الصعوب قد يتلون ا هذا املفهوم ، فتناوله و لألمهية اليت أصبح حي خمتلفة قد مده بنوع من تداوله يف ميادين معرفية ظى

يستعصي هذا كله قد يربك الباحث ويضعه أمام صورة ضبابية الثراء والتنوع على املستوى الداليل ، و عقد ضبط هذا املفهوم بشكل أكثر، دقة. ومما زاد الطني بلة و ه بحتديدفيها القبض على املفهوم و

، حبيث أن املتتبع لصريورة املصطلح من الناحية املصطلح من خالل تطوره التارخييهو ما متيز به هذا يف ناخ الثقايف الذي يطرح يف إطاره، و التلون حبسب املخيية يلمس مدى قابليته للتغري والتطور و التار ولة سريعة لرصد أهم احملطات التارخيية اليت سامهت يف بلورة هذا املفهوم ، ميكننا أن نقول بأن حما

ا من خالل التفكري مفهوم اهلوية وإن كان حديث النشأة إال أن االهتمام باهلوية يف حد ذاإن البحث يف اإلنساين فيها، يضرب جبذوره يف عمق التاريخ ، ذلك ما يشري إليه العطري بقوله: "

حركات النقاشات الدائرة حول األقليات و تاريخ مفهوم اهلوية ، سيؤكد لنا ارتباط النشأة و االمتداد، بارز يف خارطة االنشغاالت حضور بمنتصف القرن املاضي صار للمفهوم التحرر الوطين ، فمنذ

، إال أنه حقوق اإلنسانحول الذات واآلخر واملواطنة و ، خصوصا مع اتساع دوائر النقاشالعلميةبال يف املنت الفلسفي ، فإن هذا ال ينفي حضوره قاملتأخر باملفهوم بالرغم من هذا االنشغال املعريف

، فاهلوية كتيمة معرفية كانت منذ البدء رهانا للتفكري و النظر اإلغريقي والرتاث العريب اإلسالمي .1املعريف "

تطور المفهوم : - 2

يف عمق تاريخ التفكري اهلوية ليس وليد الساعة ، بل يضرب جبذوره وبذلك فمصطلحة ألول مرة مع املنطق األرسطي، ومت توظيفه منذ تلك حتديدا " قد ظهر مفهوم اهلوياإلنساين و ة والرياضية بصفة خاصة، ويف السياقات الفلسفية بصفة عامة، ، يف السياقات العلمية املنطقياللحظة

www.ejtemay.com/showthread.php واآلن،ناعبد الرحيم العطري ، مالحظات حول اهلوية و االنتماء ه -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

34

ن نتصور أن مفهوم اهلوية قد حتجر يف ما ميكن أن يوحي به االستدالل املنطقي أو لكن ال ينبغي أو .1الرياضي األرسطي فقط "

هوم اهلوية وفق منظوره املنطقي يكون املعلم األول أول من افتتح جمال التفكري يف مف بذلكأ، هو هو، =هو أ ، أ الرياضي ، حبيث جنده يعرب عن قانون اهلوية بتعابري متعددة كأن يقول : " أو

ا دون تغيري، قد تدل مجيع هذه التعبريات أن للشيءالشيء نفسه (...) و ذاتية خاصة حيتفظ .2معىن ذلك أن اهلوية تفرتض ثبات الشيء " فالشيء دائما هو هو (...) و

ا تعرب عن شك ل وفق هذا املنظور كانت بدايات التفكري يف " اهلوية " اليت يرى أرسطو أمن أشكال الثبات املخالف للتغيري ، فاهلوية حبسب رأيه تعين أن الشيء (هو هو) مل يطرأ عليه أي

، مفـاده أن " هذا املصطلح متبنيا تصورا خمتلفاتغيري ، ليأيت دور جون لوك من خالل إسهامه يف بلورة يصاحب خمتلف مـا جيعل الشخص "هو هو" عرب أزمنة و أمكنة خمتلفة ، هو ذلك الوعي الذي

أفعاله وحاالته الشعورية من شم و تذوق و مسع و إحساس و إرادة ... تضاف إليها الذاكرة اليت تربط اخلربات الشعورية املاضية باخلربة احلالية، مما يعطي هلذا الوعي باإلحســاس استمرارية و دميومة

ا أي هلا هوية" .3فتتشكل بذلك " األنا " كذات مطابقة لذا

ذا جند جون لوك حياول أن يبلور مفهوم اهلوية من منظوره هذا، مرتكزا على عنصرين وية الشخص يف ، مبعىن أنه ال ميكن أن نتحدث عن ه، بداية بالوعي املصاحب لألفعال أساسني

أفعاله، فالوعي أساس من أسس تشكل اهلوية الشخصية بالنسبة جلون غياب وعيه بذاته وبنفسه و

سلسلة الدراسات األمازيغية:حول خطاب اهلوية احلسني آيت باحسني،اهلوية يف عالقته باألمازيغية لغة و ثقافة و حقوقا، -1

باملغرب(أشغال الندوة الوطنية املنعقدة يف إطار ربيع الرباط للثقافة األمازيغية)، منشورات اجلمعية املغربية للبحث و التبادل .98ص: ، 2006الثقايف،الدار البيضاء، مارس

ران، مدخل إىل املنطق الصوري، دار الثقافة ل - 2 .44،ص:1994هرة ،لنشر و التوزيع، القاحممد www.addoha.ibd3.orgم.هيباوي، اهلوية الشخصية و قيمة الشخص، -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

35

، رة اليت تسري جنبا إىل جنب الوعيافة إىل العنصر اآلخر واملتمثل يف الذاكرة، هذه الذاكلوك، باإلضذه االستمرارية جململ خرباته املاضية واحلالية حبيث يتمكن الشخص بواسطة ذاكرته من اإلحساس

الربط بينهما بواسطة ذاكرته بالشكل الذي تنتج تلك االستمرارية كما عرب عنها جون لوك.و

ننتقل من جون لوك إىل حمطة أخرى تتمثل يف آراء جول الشوليي الذي حاول أن يطرق املوضوع من زاوية أخرى و إن مل يبتعد كثريا عما طرحه جون لوك، فجول الشوليي يرى " أن الذي يولد لدى الفرد إحساسا بأن له هوية ، أو ذاتا متميزة، قابل لالختزال يف عاملني ، استمرار نفس

أن ما هو عليه أن سلوكياته حيكمها خيط ناظم، و الطبع، و ترابط الذكريات هكذا يعتقد الشخصاليوم مكمل ملا كان عليه يف املاضي، و من مث تبدو انطباعاتنا النفسية اليوم تداعيات حلاالت ماضية،

عي، ألن من هذا املنطلق ، يرفض الفيلسوف أن تتحدد هوية الشخص يف شيء قبلي متأصل يف الو . من خالل هذه الفقرة 1اهلوية ليست إال عبارة عن ذكريات تتداعى ويستدعي بعضها بعضا"

لصاحبها حول الشوليي يتضح جليا مفهوم اهلوية بالنسبة له، هذا املفهوم الذي مل يتزحزح بعيدا عما ملسناه عند جون لوك، فها هو الشوليي يركز أيضا على عنصر ترابط الذكريات.

فالذاكرة أساسا من أسس اإلحساس باهلوية، و حني نتحدث عن الذاكرة فإننا نلمس إذا الشخص يف ابط الذكريات ال ميكن أن حيصل و ضمنيا قضية الوعي الذي أشار إليها لوك أعاله، فرت

حالة غيبوبة مثال، كما ال ميكننا أن نتحدث عن ترابط ذكريات يف حالة غياب الوعي بالنسبة فة إىل العنصر اآلخر الذي أشار إليه الشوليي و املتمثل يف ما أطلق عليه باستمرارية للشخص، باإلضا

نفس الطبع، وهو مبدأ آخر يؤكد املبدأ السابق واملتعلق بالوعي بشكل أو آخر. فإحساس اإلنسان ونفس ردود الفعل بنفس الكيفيات يعد مبدأ تباستمرارية نفس الطبع مبعىن تواصل نفس السلوكيا

خر من املبادئ اليت أشار إليها المشوليي خبصوص هوية الشخص، واليت حتيلنا بشكل أو بآخر إىل آ

minbar.olympe-network.comحممد باداج، الشخص و اهلوية، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

36

ا ال نتصور أن اإلنسان ميكن أن يستوعب طبيعة سلوكه قضية الوعي اليت أشار إليها لوك واليت بدونسبة جلول الشوليي ال وطبعه إن كان يتسم باستمرارية أو حتول عما كان عليه. وبذلك فالشخص بال

ويته الشخصية بدون أن يلمس هذه االستمرارية يف طبعه وسلوكياته، وكذا إحساسه ميكن أن يشعر برتابط ذكرياته .

ذا يتواصل البحث والتفكري يف "اهلوية" ، فها حنن نصادف شوبنهور الذي تناول أيضا وور يربط هوية الشخص هذا املفهوم من زاوية قد ختتلف عما تعرضنا له إىل ح د اآلن. ذلك أن شو

ا باإلرادة ، حيث " ينفي شوبينهاور أن تكون هوية الشخص متوقفة على مظاهره اجلسمية ألخاضعة للتغري. كذلك يرفض ربط اهلوية بالذاكرة والشعور، ألن معطيات الشعور يف تغري دائم

بسبب الشيخوخة أو املرض. كما أن اإلنسان قد وأحداث املاضي يعرتيها النسيان بفعل تلف الذاكرة الذي يشكل أساس هويتنا ونواة كري. فالعنصر الثابت فينا إذن، و ينقطع يف بعض احلاالت عن التف

.1وجودنا هو اإلرادة "

ذا الطرح الذي نلمسه يف تصور شوبنهور نلمس أيضا تزحزح حمور التفكري يف مفهوم اهلوية بق، فإذا كانت قضايا الوعي و الذاكرة واستمرارية السلوك و غريها من املبادئ عما كان عليه يف السا

متثل حدود الفضاء الذي سبح فيه مفهوم اهلوية، فإننا جند مع تفكري شوبنهور تطورا ملموسا، حبيث ربط مفهوم اهلوية بإرادة اإلنسان اليت يعتربها الثابت الوحيد الذي يشكل أساس اهلوية يف احلياة، ا متغريات سواء بفعل الزمن خبالف مجيع املظاهر األخرى اليت ينظر إليها شوبنهور على أ

القدرات اليت تؤثر بدورها على الذاكرة و كالشيخوخة اليت تؤثر و تغري املظاهر اجلسمية أو األمراضذا يتحول شوبنهور إىل عنصر آ له الثابت هي بالنسبةخر واملتمثل يف إرادة اإلنسان و العقلية.

الوحيد الذي يؤسس هلوية الشخص، حيث يشري شوبنهاور إىل ذلك بقوله:"يرى الناس عامة أن هوية

.م.هيباوي، م س - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

37

ا ال تكفي ذا الذكرى املرتابطة ملسار حياتنا، فإ الشخص تتوقف على هوية الشعور، فإذا كنا نعين تفاء املستمر للتذكر لتفسري األخرى (هوية الشخص) ...(إن) هوية الشخص ال يفقدها هذا االخ

ا تتوقف عن اإلرادة" .1(الذاكرة)، إ

ذا جند شوبنهاور خيالف لوك يف ما ذهب إليه فالذاكرة ال حتدد هوية الشخص وإمنا يركز يسعى لتحقيقه هو هلوية الشخص، فما يريده الشخص و على عنصر اإلرادة باعتباره احملدد األساسي

ما حيدد هويته .

ىل آخر عرب الفرتات من مفكر إفهوم اهلوية من مرحلة إىل أخرى و تطور مذا الشكل يناخ الفكري و الفلسفي هذا املفهوم للتلون باملك نلمس مدى قابلية هذا املصطلح و بذلالتارخيية، و قابليته للتحول و التطور. فها حنن نلمس مع ليبتون قفزة أخرى على مستوى داللة هذا السائد، و ن النظام القيمي يث جند رالف لينتون " الذي يعترب أن اهلوية الشخصية تتحدد انطالقا ماملفهوم، حب

.2من النموذج الثقايف للمجتمع"واألخالقي، و

هذا التصور يتمكن لينتون من نقل هذا املفهوم إىل مستوى جديد على ذا املفهوم و ما أفرزه من أنظمة أخالقية وثقافية ماعي و فهوم اهلوية بالواقع االجتمستوى التفكري من خالل ربطه م

وضعه يف السبيل الذي طوة مهمة يف تقريب هذا املفهوم و بذلك يكون قد خطى خوغريها، و ا مع طبيعة هو التصور الذي يتوافق إىل حد مد ذلك، و سيموقعه يف التصور الذي سيصبح عليه بع

اليت حتظى بقدر من االهتمام يف الوقت املعاصر، هي النظرةاجملتمعات املتجددة واملتطورة باستمرار، و نظرا ملبدئها املوافق ملا توصلت إليه البحوث املعاصرة يف جمال اهلوية.

www.falsafatona.blogspot.com، عز الدين علي ، الشخصية و اهلوية -1 . م سم.هيباوي، -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

38

يقفز التفكري قفزة أخرى من خالل التحول عن االهتمام بتعريف اهلويــة إىل حمور آخر و مطلق ليرتكز بشكل عام و بتعريف هوية األشياء يتمثل يف اإلنسان كمركز ثقل، و من االهتمام

البحث يف حتديد هوية الكائن البشري، ذلك ما حبثه ديكارت من خالل عملية تفكري منطقية قادته من مث بداية التعرف على نفسه حيث جود أوال و من مرحلة الشك يف كل شيء إىل اكتشاف أنه مو

ول :" لقد تبني يل اآلن، ، إىل أن يصل من خالل حديثه للق1يصرح : "بدأت أعرف أي شيء أنا"ا ال تعرف باحلواس، أو بقوة املخيلة، و إمنا باإلد ا ترى، أن األجسام ذا راك وحده، ال تعرف أل

ا تفهم، أو تدرك بالذهن"و .2تلمس، بل أل

إن حبث ديكارت من خالل منهج الشك يف حقيقة وجود الشيء، قاده إىل مسلمات تتعلق باجلانب اخلارجي أو الشكلي للشيء، والذي ميكن أن يدرك خبصوص هوية الشيء اليت ال

باحلواس، وإمنا هوية الشيء مبثابة جوهره، تكمن يف روحه اليت ال تدرك إال بالذهن، و يف هذا ينطلق ديكارت من عملية التفكري كعنصر أساسي حتدد طبيعة الكائن البشري.

، قد طرأت على املفهوم من زاوية فوقيةالت اليت إن البحث عن نظرة عامة ، ترصد لنا التحو ) الذي أراد أن يلخص لنا صريورة مصطلح اهلوية عرب تطوره sturthollنصادفها مع ستيوارت هــول(

ا عرب تارخيه، بداية مبرحلة ما قبل التارخيي من خالل أربعة مراحل واليت متثل أربعة مفاهيم تلون ر، يلي ذلك موضوع علم االجتماع و أخريا موضوع ما بعد احلداثة.احلداثة، مث موضوع التنوي

98، ص:1988 سنة ، بريوت،4، منشورات عويدات،طتر: د.كمال احلاجتأمالت ميتافيزيقية يف الفلسفة األوىل، رنيه ديكارت، -1 26م ن ، ص : -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

39

ففي مرحلة ما قبل احلداثة حسب رأي هول كان فيها موضوع الفرد و اهلوية الفردية ميثل "احملور األساس يف التفكري. وعموما ما ترتبط فكرة هوية الفرد بديانته واملوقع الذي ولد فيه، من خالل

.1له يف وضع نظام تراتيب للمجتمعات"لتنظيم اجملتمعات والقائمة على إرادة اإلالنظرة الكالسيكية

" فمن حيث ظهور اهلوية كعلم ي يؤكده الطيب عبد اجلليل بقوله:وهو نفس الطرح الذمعريف مستقل، تعود جذوره البعيدة للفكر اإلنساين مبعاين خمتلفة تقوم على الفرز بني اجملتمعات يف

.2املعتقد."ية القدمية على أساس من الدين و على أساس عرقي، ونشأة اجملتمعات األول مؤسسة القبيلة

ذا تكون اهلوية يف هذه البدايات األوىل أو ما ميثل املرحلـة األوىل حبسب هـول، قد تلونت ل تنظيم اجملتمعات السائدة وسبهوية الشخص الثقافة السائدة ذه الصبغة، حبيث حتدد معامل

، فهوية الشخص حتدد حبسب النظام الرتاتيب وسط اجملتمع، فإما من طبقة امللوك أو األمراء أو ذاكآنالسادة أو العامة أو العبيد وفق ما يراه هول، أو بنفس هذا املنظور االجتماعي حبيث حتدد هوية

ما أشرنا إليه يعد فق منظـور الطيب عبـد اجلليل، و الشخص حبسب القبيلة أو على أسـاس عرقي و سابقا من خالل التطرق ملفهوم اهلوية عند أرسطو يف إطار دراسته للمنطلق من أن أ=أ تأكيدا هلذا

ر النظرة الثابتة، مبعىن أنه ألغى الغريية، و موضوع اهلوية حبسب رأيه مفهوم ثابت ال حيتمل التطو عليه.التغيري، فالشخص ال حيافظ على هويته إال إذا بقي على ما هو و

حيدد ، يشري هول إىل تغري املفهوم، و مع موضوع التنوير الذي ميثل مرحلة بداية احلداثة "و الثامن عشر ، حيث ظهر مفهوم جديد للهوية نتيجة ة ما بني القرنيني السادس عشر و هذه الفرت

خص متميز عن عقل الشخص أفكار ديكارت على وجه اخلصوص الذي رأى بأن عقل كل ش

، 1والنشــر و التوزيــع، طدار كيــوان للطباعــة ورن، سوشــيولوجيا الثقافــة و اهلويــة، تــر: حــامت محيــد حمســن، و هوليــ سأنظــر: هــارملب -1

.95-94، ص: 2010دمشق، .10الطيب عبد اجلليل، م س ، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

40

بالتايل كل شخص يصبح متميزا. فالتميز يف عقل اإلنسان عرب عنه ديكارت بقوله أنا أفكر و اآلخر، ، و هو راشد وغري ذاتيا مكتمالعن غريه و منفصالو إذن أنا موجود، وبذلك يرى الفرد نفسه متميزا

.1"مقيد مبوقعه يف اجملتمع أو عقيدته التقليدية

على حتققت يف عصر التنوير بشكل عام و ملعرفية اليت حياول هول أن يشرح لنا هذه النقلة امستوى مفهوم اهلوية بشكل خاص، فاهلوية اليت كان ينظر إليها يف السابق من خالل نظرة ستاتيكية

اليت ال واحدة أو عدد قليل جدا من الصفات، و تصنفه من خالل صفة جامدة ، تتوجه إىل الفرد و أو تطور، جند هول يرصد لنا هذه النقلة اليت عكست اآلية تقبل يف إطار هوية الشخص أي تغيري

و الذي كان أساسه فكر ديكارت، وحررت الفرد وسط اجملتمع من خالل هذا املفهوم اجلديد للهوية :" إذا نقلة املعرفية اليت حصلت بقوهلماهولبورن تلك الهامليس و تأكيدا ملا ذهب إليه هول يوضح و

، فإن العلم احلديث أثبت الذي شاع له التقديس قرونا مضتثولوجينيكان االستقراء هو وثن املاالكتشاف لألخطاء وبالتايل علم املستمرة للتشكيك أي للنقد و معيار املراجعة واملقصود به قابلية ال

بدأ نهجية هذه تغريت معامل اهلوية و قابلية العلم املستمرة للتقدم (...) و بناء على وجهة النظر املمستقبلي، وحتولت فلسفة اخلرافة اليت سيطرت على يف الذات اإلنسانية بشكل منهجي و لتفكري ا

الفكر اإلنساين إىل فلسفة عقالنية تزن األمور مبنطق عملي ، يعتمد على السياق االجتماعي و العامل .2من حولنا "

ا هول متثل املرحلة ذا تتوضح لنا الصورة اليت حتققت يف إطارها تلك النقلة اليت أعتربهالثانية من خالل ما رصده من مراحل تطور مفهوم اهلوية عرب صريورته التارخيية مبتعدا عن تلك النظرة املتافيزيقية متوجها إىل مرحلة جديدة يف تفسري الظواهر، و املتعلقة بالسياق االجتماعي ، و وفق هذا

السياق تفسر مجيع الظواهر.

.96-95ص: م س،هارملنبس و هولبورن ، نظر: ي - 1 .67-66ص: ،ننظر: م ي - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

41

ماع " واملصادفة للقرن التاسع اليت أطلق عليها " موضوع علم االجتثة و أما املرحلة الثالهي الفرتة اليت ( أخذت فيها مفاهيم موضوع اهلوية تتطور نتيجة لتطور والعشرين حبسب رأيه و

اجملتمع ، و تداخل العالقات بني األفراد، ففي هذه املرحلة كثرت اجلسور املؤدية ما بني الطبقاتوسط الظروف من مث سهل على الفرد أن يتحول من طبقة إىل أخرى احل السابقة هلا، و بالنسبة للمر

ظرا لتعقد من مث مل يعد االنتماء الطبقي مؤشرا كافيا لتحديد هوية الشخص، ناليت يوجدها لنفسه، و يه هي حبسب رأيشري إىل مرحلة ما بعد احلداثة و اجملتمعات بصفة عامة، مث العالقات االجتماعية و

سبعينيات القرن العشرين، فخالهلا أخذ اهتمام الناس يتمحور حول الفرتة املعاصرة أي ستينيات و قضايا غري الطبقة يف حتديد هويتهم، فاحلركات االجتماعية اجلديدة مهتمة حبسب رأيه بقضايا أخرى

ت شكلت مثل صراع السود، التحرير الوطين، احلركات املناهضة لألسلحة النووية وهذه التوجها . 1املفاهيم االصطالحية للكلمة)أثرت النقاش حول حتديد اهلويات و مفاهيم جديدة

ذا نكون قد حاولنا رصد حركة تطور مفهوم اهلوية من خالل ما نظر له بعض الفالسفة ذلك أو من خالل املراحل العامة اليت تطور من خالهلا املفهوم بتطور التفكري اإلنساين بشكل عام و

حبسب ما رصده هول يف هذا اإلطار.

الهوية في التراث العربي اإلسالمي : - 3

مل يكن الفكر العريب اإلسالمي بعيدا عن هذه االهتمامات، حبيث نلمس حضور الكلمة يف الرتاث الفلسفي اإلسالمي ، فها هو اجلرجـاين يعرف اهلوية بقوله:" احلقيقة املطلقة املشتملة على

.2اشتمال النواة على الشجرة يف الغيب املطلق" احلقائق

98-97، ص: م سهارملنبس و هولبورن ، ظر: ين - 1 113هـ ، باب اهلاء، ص:1306الشريف علي حممد اجلرجاين، التعريفات، املطبعة اخلريية، مصر، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

42

يشبه اجلرجـاين من خالل هذا النص اهلوية بالنواة، و اشتمال هذه اهلوية على حقيقة الشيء و خصائصه اجلوهرية كاشتمال النواة على الشجرة يف الغيب املطلق، هذه النواة اليت ختتزل مجيع

صائص الشجرة اليت انتزعت إال أن تنتج شجرة بنفس خ اخلصائص اجلوهرية للشجرة ، و ال ميكنهاغري بعيد عن هذا املعىن جند ابن حزم يقول:"وحد اهلوية هو أن كل ما مل يكن غري الشيء منها، و

فما خرج عن أحدمها دخل يف فهو بعينه، إذ ليس بني اهلوية و الغريية وسيطة يعقلها أحد ، .1"اآلخر

كري املنطقي لتوضيح مفهوم اهلوية من خالل هذا التقابل الذي يسعى ابن حزم وفق هذا التفيقيمه بني ثنائية اهلوية و الغريية ، فالشيء إما أن ينتمي إىل دائرة اهلوية، و إما أن خيرج إىل دائرة

، فهوم ابن حزم فكرة التطابق التامالغريية ، فال وسطية بينهما، فمعىن اهلوية هنا يستدعي حبسب م تحقق هذا التطابق إىل درجة التساوي يؤول الشيء إىل دائرة الغريية و ال تتحقق هويته.فإن مل ي

ينبين على تراثنا ومن جانب آخر جند د.عبد العزيز يشري بقوله :" إن فهمنا للهوية الشخص نفسه، والوجود ، و ة يطلق على معان ثالثة : التشخيصلفظ اهلوياحلضاري، (...)، و

لشيء هو باعتبار حتققه يسمى ، أن ماهية اب ( الكليات) أليب البقاء الكفويكتاجاء يف اخلارجي، و .2"أعم من هذا االعتبار يسمى ماهيةباعتبار تشخيصه يسمى هوية و إذا أخذ ذاتا، و

ذا تعرب تارة عن التشخيص مبعىن التمثل يف صورة الشخص، و تارة تعرب عن معىن فاهلوية اخلارجي ، و هي عموما معان تؤول إىل نفس املعاين اليت عرب من خالهلا الشخص نفسه أو الوجود

أرسطو عن اهلوية ، كذلك جند أن اهلوية تشري إىل املاهية، ماهية الشيء وتكون هذه املاهية حبسب ا و هذا باعتبار حتقق ماهية الشيء، و قد تسمى هذه املاهية هوية باعتبار أيب البقاء الكفوي إما ذا

www.almeshkat.comابن حزم ، الفصل يف امللل و النحل، -1 الثقافة اإلسالمية يف إطار الرؤية، املتكاملة.د.عبد العزيز بن عثمان التوجيري، احلفاظ على اهلوية و -2

www.islamtoday.net/files

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

43

خيص ماهية هذا الشيء ، و قد تكون ماهية إذا أخذت أعم من هذا االعتبار على حد تعبري أبو تشالبقاء الكفوي. من هنا نلمس جممل املعاين اليت دارت يف فلكها " اهلوية " يف الرتاث العريب

اإلسالمي.

وخصوصيته أما الفارايب فيتناول اهلوية بقوله :" هوية الشيء و عينيته و وحدته و تشخصهو وجوده املنفرد له كل واحد، و قولنا إنه " هو " إشارة إىل هويته وخصوصيته ووجوده املتفرد له الذي ال يقع فيه اشرتاك ، و قال اهلوهو معناه الوحدة و الوجود فإذا قلنا زيد هو كاتب معناه زيد

.1موجود كاتب"

أبو البقاء الكفوي أعاله، و هو بذلك ذا يكون تعبري الفارايب مبثابة شرح ملا عرب عنها " اهلوية " يف إطار اإلرث الفلسفي العريب يلخص أيضا جممل األفكار و املعاين اليت تلونت اإلسالمي ، و عليه ميكننا أن نستنتج بشكل عام أن مفهوم اهلوية من املنظور الفلسفي مل يبتعد فيه

الذي ناين و األرسطي على وجه اخلصوص و رتاث الفلسفي اليو الفالسفة املسلمون عما كان عليه يف اليقتضى أن يكون الشيء ذاته مبعىن عرب عن مبدأ اهلوية بعالقة املساواة ( = ) أي أن حتقق مبدأ اهلوية

أ= أ .

ا مصطلح اهلوية قد يكون هذا مسحا سريعا لصريورة املصطلح و جممل املعاين اليت تلون عريب اإلسالمي ، غري أننا جند د.هيثم يعلــق على املعىن الذي تلبس به مصطلح يف إطار الرتاث ال

مها جيل خباطرمها و اهلوية قائال:" ليس هناك من ضرورة لتحميل أيب البقاء الكفوي و اجلرجاين ما مل . فبحسب رأيه املفهوم الذي أصبح عليه مصطلح اهلوية يف الفرتة املعاصرة 2يتحدثان عن اهلوية "

، عارف العثمانية ، حيدرآباد الركزأبو نصر حممد بن حممد بن أولزلغ بن طرخان الفارايب، التعليقات ، مطبعة جملس دائرة امل -1

21هـ ، ص: 1349 www.achr.nu/art59 د.هيثم مناع، صناعة اهلوية -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

44

يبتعد كثريا عما كان عليه يف السابق ، لذا ميكننا أن نعمم هذه الفكرة بقولنا ليس هناك من ضرورة ذلك و هم يتحدثون عن اهلوية ، و أيضا لتحميل فالسفة العرب و املسلمني ما مل جيل خبواطرهم حلديث للكلمة، عىن االصطالحي اراجع لتباين املفاهيم ، فما ذكروه عن اهلوية خيتلف كثريا عن امل

عليه " يشري البعض إىل أن مفهوم " اهلوية " مفهوم غريب مل تعرفه لغتنا العربية إال حديثا، فالبحث و املتأين يف معامجنا يشري إىل هذه احلقيقة ، فاملصباح املنري و القاموس احمليط، و لسان العرب ختلو من

اهلوية مستقاة من الفعل هوى ، أي سقط هذا املصطلح احلديث، إذ ال يعدو الشرح من أن تكون .1من عل"

إن مقولة د.هيثم السابقة ال ميكننا بأي حال من األحوال أن نفسرها على أن الفكر العريب اإلسالمي كان مقصرا يف تناوله ملفهوم اهلوية ، بل على العكس من ذلك متاما فالدرس العريب

ثراء النقاش حوله، لكن كل ذلك كان يف إطار السياق اإلسالمي آنذاك ، اهتم باملصطلح و حاول إاملصطلح قد العام الذي كان يسبح يف فلكه املصطلح، وألسباب عديدة نعتقد أن النقاش حول

اب شىت ليس اجملال للتعرض ، شأنه شأن جممل أوجه احلياة الثقافية اليت أصبحت تتقهقر ألسبتوقفمل ألمة من ناحية ومن ناحية أخرى "لتخلف الذي سيطر على الكننا نشري إىل أبرز عنصر، هو اهلا و

تكن الثقافة العربية يف عصورها الزاهرة حباجة إىل تعريف اهلوية أو القومية، بل مل تكن حباجة إىل طرح سؤال اهلوية ذاته ، فلمـاذا تطرح سؤاال لتأكيد الذات على الرغم مما شيدته من جمد و حضارة عربية

.2عامل هوية حضارية عربية بارزة، تدل على ترابط و متاسك حقيقي بني أبناء األمة"أصيلة و م

إذا فلسبب واحد أو للسببني معا مل يتواصل البحث و النقاش حول مدلول الكلمة وفق بدايات النهضة العربية السياقات الثقافية املستجدة باستمرار ، و بذلك نلمس ظهور املصطلح مع

ام كبري به بعد انقطاع التفكري حوله لفرتات طويلة، ليظهر على الساحة الفكرية العربية اهتماحلديثة و

.73، ص:2008فاطمة الزهراء سامل، حنو هوية ثقافية عربية إسالمية، دار العامل العريب، القاهرة، - 1 .81، ص: نم - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

45

ا الفكرية ، بعيدة عن و السياسية و االجتماعية اجلديدةمبعان جديد أملتها املرحلة اجلديدة بسياقاالذي تبلور املعان املتداولة سابقا، و بذلك يلج املصطلح الساحة الفكرية العربية قادما بالشكل

ا.ه من التيارات الفكرية احلديثة و وأصبح عليه يف الثقافة الغربية كغري مصطلحا

المفهوم االصطالحي الحديث للهوية : - 4

كنا قد أشرنا يف السابق إىل الغموض الذي لف املصطلح عرب صريورته التارخيية، و ها حنن املصطلح يف العصر احلديث بالرغم من مرة أخرى نصادف شيئا من هذا الغموض الذي حييط

إسهاب الفالسفة و الباحثني إلشباع املصطلح، فها هو هيثم مناع يؤكد ذلك بقوله : " ليس مثة من ائي لكل من الثقافة و اهل تأسيس الكالم على وية نستطيع استعارته باطمئنان و تعريف ناجز و

احد مؤكدا ضبابية املصطلح بقوله: "ما نتحدث . ذلك ما يذهب إليه أيضا عزيزي عبد الو 1معطياته"، هو ، متشعب، (...)عن اهلوية مبا يتحدد يف ضيافة مفهوم مزعج ، حده لزج، ملغز، حمري ، شائك

ا الذات األكثر غىن ، و ثراء يف تباشري احلد األدىن الذي ال يستطيع أي حبث اإلمساك به ، إين ، هي أكثر املفاهيم تداوال لضبط العلمي و الفهم العقالالوعي اإلنساين ، تتفلت باستمرار من ا

.2أكثرها غموضا وتلونا"و

مما سبق ميكننا أن نستنتج بيسر أن حماولة حتديد و ضبط املفهوم عملية ليست بالسهولة مبا معرفية متعددة من ناحية انتشاره الواسع على ضفاف فروعنظرا حلداثة املصطلح من ناحية و كان،متشعب، برز حمركا للتحرر، عامل وحدة اهلويـة " كمفهـوم غامض ومعقد و بذلك بدت ، و أخرى

.3للجماعة، و عنصر متايز وتباعد هلا عن اآلخر ومهيا كان أو حقيقيا "

www.achr.nu/art59د.هيثم مناع، صناعة اهلوية -1 www.9.com/vb/98282 عزيزي عبد الواحد، اهلوية كبحث عن الذات - 2 د.هيثم مناع، م س - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

46

حملرك األيديولوجي للهوية يف الفرتة املعاصرة، كثريا ما جعله مبثابة افالتوظيف السياسي و ها يف ميدان النضال من أجل التحرر، أو االعرتاف خبصوصيتها حبجة زج األساسي لتعبئة اجلماعات و

ا تشكل جمموعة ذات هوية واحدة، وبنفس التوظيف كذلك متكنت اهلوية من تو حيد أفراد أمجاعات يف إطار وحدة كربى أو وعاء يستوعب هذه اجلماعات، بغظ النظر عن مقدار االختالف و

لعناصر الفرعية ، غري أن هذا املفهوم وظف أيضا على النقيض من القائم بينهم على مستوى بعض اذلك أحيانا أخرى، أدت إىل متزيق وحدة اجلماعة و تفتيتها بدعوى إبراز خصوصيات هذه

الفسيفساء الناجتة عن انفجار اجلماعة األم.

إىل إن هذا التوظيف املتعدد األوجه الذي اخنرط فيها هذا املفهوم ، و الذي قد يفضيو لكنها دليل أيضا على تعقيده نتائج متباينة لدليل على أمهية املفهوم و خطورته من جهة،

لتوضيح طبيعة هذا الغموض تشري كاترين هالبرين بقوهلا:" اكتسح مفهوم اهلوية يف حبر وغموضه، و ذلك سحرية، و نفسه حىت غـدا مبثابة كلمةبضعة عقود جممل العلوم اإلنسانية فقد فرض هذا املفهــوم

ني النساء حتوالت األديان ، والعالقات بمتنوعة مثل علم نفس األفراد ، و يف حتليل حقائق جد اهلجرة، والصراعات العرقية. يشهد على ذلك ما والرجال، وموضوعات املهن، واحلياة األسرية، و

.1يكتب من افتتاحيات كثرية عن هذا املوضوع"

ا الكاتبة متثل الفضاء الذي تسبح فيه كلمة "اهلوية"، هذه إن هذه اجملاالت اليت عددة، ما اختزلته من معان أهلتها لولوج هـذه اجملاالت املعرفية املختلفو الكلمة السحرية على حد تعبريها ،

تفسريها على هذا الصعيد أو ذاك ، و تبعا لذلك فال بد من أن حيمل ملعاجلة اإلشكاالت املطروحة و ا املصطلح تبعا هلذا مصطلح "اهلو ية " مبضمون فكري خمتلف حيدد معىن من املعاين اليت لبس

حبسب املرجعية الفكرية و املنهج الذي ينطلق منه الباحث يف دراسته للموضوع. أو ذاك، و التخصص

www.cjtcmay.com/shoroكاترين هالبرين، مفهوم اهلوية : تارخيه و إشكاالته، تر: د.إلياس بلكا، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

47

ر، وطبيعة الغموض من هنا قد تتضح لنا الصورة أكثر لنقرتب من طبيعة املصطلح يف وقتنا املعاصملعرفة تبنت املصطلح و وظفته، جيعله يستعصي على تعريف دقيق، كون جممل فروع ايلفـه و الذي

بعض الظواهر اخلاضعة حاولت أن تعطيه تفسريا، و من ناحية أخرى حاولت أن تفسر من خاللهو كنتيجة هلذا املناخ العام الذي حييط باملصطلح جعله يستعصي على تعريف دقيق يلقى للدراسة، و

ائية"اإل .1مجاع، لذلك " فال وجود هلوية ثقافية قابلة للتعريف بصفة

يف توضيح املفهوم وحتديده يف نفس اإلطار يوضح حممد ولد خليفة هذه الصعوبة و ا تعريف وال جدوى من تعريف التعريف"بقوله:"سبب االستعصاء .2، هو أن اهلوية هي يف حد ذا

م الذي أصبح عليه مصطلح " اهلوية " يف وقتنا املعاصر يف حماولة منا حملاصرة املفهو و المح املصطلح يف الفرتة املعاصرة، سنحاول أن ننطلق من البدايات األوىل اليت بدأت تتشكـل فيهـا م

لتحديد ذلك نشري مباشرة إىل إ.إريكسون ، هذا الباحث الذي كان جلهوده أثر كبري على كلمة و وية بشكل كبري يف الواليات املتحدة األمريكية يف الستينات، ويكاد (اهلوية) "فقد انتشر مفهوم اهل

.3اجلميع يتفقون على أن إريكسون هو أب كلمة "اهلوية" باملعىن املعاصر"

بذلك يعترب إريكسون بدء التأسيس للمعىن االصطالحي الذي أصبحت عليه"اهلوية" يف تؤكده أيضا الباحثة هو ماألوساط العلمية، و و إمجاعا يف ا وقتنا املعاصر، الشيء الذي جيد قبوال

كاترين هالبرين بقوهلا:" لقد قام عامل النفس إ.إريكسون بدور مركزي يف انتشار استخدام هذه الكلمة و توسع شعبيتها يف العلوم اإلنسانية، (...)، و يف سنوات الثالثينيات عمل إريكسون يف احملميات

122حممد العريب ولد خليفة، م س، ص: - 1 .89 م ن ، ص: - 2 www.kalema.net/v1زكريا نوار، خطوة حنو التأسيس ...األدب و االنتماء -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

48

درس "االجتثاث الثقايف" هلؤالء و هي قبيلة يوروك بكاليفورنيا، و نوبية اهلندية لقبائل السيوبداكوتا اجل .1اهلنود املعرضني ملوجة احلداثة "

بلورة املعىن االصطالحي " إمجاع حول جهود إريكسون يف حنت و بذلك نكاد نعثر على سفة بدراسة " للهوية " مبفهومها املعاصر، فبالرغم من االهتمام املتواصل عرب التاريخ من طرف الفال

ا واملتسارع بشكل كبري، مل ينطلق إال يف فرتة الستينيات يف أمريكا اهلوية " إال أن االهتمام املتزايد يف االهتمام ، و ذلك راجع لظروف سامهت يف إجياد مناخ ساعد على انتعاش هذه الظاهرة املتمثلة

لتوضيح هذه و منها إىل باقي دول العامل. و االيت امتدت بعد ذلك إىل أوروباملتزايد" باهلوية "، و ا :" إذن الظروف اليت وجدت بأمريكا و دفعت هلذا االهتمام، توضح كاترين هالبرين ذلك بقوهل

توسع استخدامها يف علوم االجتماع بالواليات املتحدة كان يف الستينيات ، مث فانتشار كلمة اهلوية و كما قال –بسرعة كبرية حىت صار من املستحيل إن هذا االستعمال كثر وتوسع و انتشر

أن حندد املعىن الدقيق لكل استخدام خاص ملفهوم اهلوية . مث إن الوضع السياسي -ب.كليزونفرضه على لغة اإلعالم كما على التحليل بدوره يف ترسيخ اصطالح اهلوية، و بأمريكا ساهم

اية الستينات ، األقلية األمريكية من أصل إفريقيبرزت االجتماعي و السياسي ، ذلك أنه يف ، مث حدت أقليات أخرى حدو حركة السود 1966" سنة خصوصا بظهور منظمة "الفهود السود

.2"وية حقيقية"يف سنوات السبعيناتمطالبة باالعرتاف خبصوصيتها وهذه الظرفية أنتجت " صحوة ه

ليت حتدد يف إطارها املفهوم بذلك ميكننا أن نقول بأن فرتة الستينات هي الفرتة او يتفرع ق املعىن االصطالحي أكثر فأكثر و االصطالحي لـ " اهلوية " مث كانت مرحلة السبعينات ليتعم

املصطلح أيضا إىل فروع عديدة نتيجة الدراسات اليت تناولته واهتمت به.

كاترين هالبرين، م س. - 1 - من أصل إفريقي للمطالبة حبقوقهم بأمريكا، نشط يف إطارها األمريكيني 1966 منظمة ظهرت سنة.

.كاترين هالبرين، م س - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

49

نقيب عن كيفيات يقودنا احلديث عن املفهوم االصطالحي للهوية، إىل جمال علم النفس للتتبلور هذا املفهوم على مستوى دراسة " اهلوية الفردية " بادئ ذي بدء لينتقل بعدها املفهوم إىل جمال

الدراسات اليت اهتمت باجلماعة.

فقد شهد جمال علم النفس حركية نشيطة، و اهتماما بالغا مبجال الدراسات النفسية، من اولة الستكشاف هذه النفس البشرية و األطوار اليت متر خالل الرتكيز على دراسة الشخصية، يف حم

د إجيابيا أو سلبيا. ا يف إطار منوها، و كذا اجلوانب اليت هلا تأثري مباشر على توجيه سلوك الفر اخنرط يف هذا املسعى العديد من العلماء يف حماولة لفهم طبيعة النفس البشرية، و ما قد يعرتيها من و

ة عن أزمات تعيشها و كذا سبل معاجلتها.أمراض نفسية ناجت

أثرت يف لرصد أبرز اجلهود اليت تبلورت و لرصد هذه الدينامية سنحاول أن نقوم مبسح عامو هذا اجملال من خالل التعرض ألهم هؤالء املنظرين، بداية ب( وليم شلدون ) و نظرية النمط اليت

ا ، و املندرجة يف إطار ما يطلق عنه بالنظري ات البيولوجية.جاء

ذهب وليم شلدون إىل الربط ما بني احلالة اجلسمانية للشخص و طبيعة شخصيته، مركزا بذلك على الدور األساسي الذي تلعبه العناصر الوراثية يف بناء الشخصية، حبيث " يرى شلدون أمهية

ا، قناعته واضحة و حامسة ألثر البنيان اجلسمي كمحدد أويل للسلوك، و يكمن خلف إحلاحه هذبأمهية العوامل البيولوجية والوراثية يف حتديد السلوك، بل إن األمر يصل بالنسبة له إىل أن حماولة فهم اإلنسان على حنو صحيح ال ميكن أن تتم دون زيادة فهم العوامل البيولوجية، اليت تلعب دورا حامسا

.1يف تطور الفرد "

www.bafree.net/arabneuropsychد.سامي عبد القوي،العوامل البيولوجية والشخصية، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

50

احلديثة ، جنده يتوجه لدراسة الشخصية من خالل ذا املفهوم الذي ثارت عليه النظريات، حبيث أنواع أساسية من البنيان اجلسمي جانبها البيولوجي ويف هذا الصدد حيدد ( شلدون ثالثة

وي، يشري إىل النمط األندورمويف الذي يتميز صاحبه باالمتالء وزيادة حجم البطن و املظهر الكر أخريا جند النمط طول العظام، و زيادة ز بقوة البنية اجلسمية، و وأيضا النمط امليزوموريف والذي يتمي

جلسم مع بساطة العضالت دقة ارب حجم الدماغ واجلهاز العصيب وطول و اإلكتوموريف واملتميز بك .1حنافة اجلسم و يلحق عدد من األمزجة بكل منط من األمناط املورفولوجية السابقة )و

النظرية الفيزيولوجية اليت تعد أيضا من ) و eysenkزنك ( غري بعيد عن هذا التفكري جند إيو بني النظريات البيولوجية ، حيث حاول يف إطارها تقدمي رؤيته لدراسة الشخصية مرتكزا على ثالثة

ة مقابل شخصية انطوائية أو أبعاد أساسية للشخصية، فبداية قد تكون الشخصية إما انبساطيم بالثبات االنفعايل والعكس أيضا صحيح قابل شخصية تتسقد تتسم بالعصابية يف مالعكس، و

أخريا يشري إىل الشخصية الذهانية ، ويشرح لنا السعيد العطوي هذه العناصر بقوله :و

الشخصية املنطوية شخصية هادية، يعمل على الشخصية االنبساطية / االنطوائية: -1"ا، يعطي أمهي لقيم واملعايري األخالقية ة بالغة لضبط مشاعره من خالل قدرته على التحكم

، فهو شخصية ال تندمج بكثرة مع اجملتمع، لذلك تقل سلوكياته العدوانية ألنه منطو واالجتماعية على ذاته.

أما الشخصية االنبساطية فهي على النقيض من ذلك ، فهي تندمج مع اجملتمع بشكل ك ال يعطي التبعات املرتتبة وراء مغامرته أوسع من سابقتها، فهو شخص يتسم باالندفاعية فهو بذل

ا، متفائل و لكن ال ميكن أن يعتمد عليه ، فهو شخصية تتسم باملرح بشكل كبري. اليت يقوم

. ي عبد القوي، م سد.سام - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

51

تتسم الشخصية العصابية أنه من السهل الشخصية العصابية/ الثبات االنفعالي: -2ا، و قلقها حبسب درجة العصابية لديها على عكس الشخص ية اليت تتسم بالثبات االنفعايل استثار

ا على حل املشكالت بعقالنية و ترو بشكل أكثر فمن الصعب فهي شخصية هادئة تتسم بقدرا. استثار

م الشخصية الذهانية: -3 جند الشخصية الذهانية تكثر عند األفراد املسجونني ألت اإلجرامية فهم يتسمون بسمة اليت حيبون فيها املغامراون اجتماعيا ولكنهم عدوانيون و منفرد

وسببه هو ضمور يف خاليا املخ تيجة أن املرض الذهاين مرض عقلي االضطراب يف املزاج ن .1كالشخصية الفصامية التخشيب"

من خالل هذه األسس الثالثة حياول إيزنك أن يوضح لنا أمناط الشخصية اليت ميكن أن ا الشخصية، و من نعثر عليها ، ولكل أساس من هذه األسس جمموعة من مث السمات اليت تبصم

فعلى احمللل النفساين أن يتتبع هذه السمات ليتوصل إىل منط الشخصية ، ليتسىن له فهما أعمق هلذه ا و عالجها يف احلاالت املرضية . الشخصية و بالتايل القدرة على التكفل

ا ذا نلمس يف هذا الصنف من النظريات اليت يندرج حتت مسمى النظريات البيولوجية، أتتعامل مع الشخصية من خالل رؤية ستاتيكية ثابتة، و كأن الشخصية معطى ثابت ال يتحول وال يتغري و ال يتطور، و إمنا حتكمه عناصر ومعطيات سابقة ال سبيل إلعادة تشكلها. فهذه الرؤية

يتجاوزها التفكري اإلنساين يف جمال القائمة على منطلقات وراثية يف دراسة الشخصية سرعان ما) اليت humanisticالدراسات النفسية للشخصية، لتظهر ما يطلق عليه بالنظريات اإلنسانية (

سعت إىل تناول الشخصية من خالل طرح خمتلف، فها هو أبراهام مارسلو ممثل هذه املدرسة يتوجه و بذلك نلمس حتوال يف التوجه إىل الشخصية لدراسة الشخصية من خالل تركيزه على مبدأ الدافعية،

n.net-www.ofaq سعيد العطري، نظرية هانز أيزنك للشخصية، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

52

أكثر ارتباطا بواقعها وبيئتها اليت مل تعد حمكومة بعناصرها الوراثية، بل أصبحت من خالل هذا املنظور ، من هنا تربز ثنائية الدافعية من خالهلا إىل إشباع جممل حاجتهادرجة حيويتها، اليت تسعى و

، فكلما احتاجت إىل إشباع جانب من جوانبها دلل على ذلك واإلشباع اليت حتكم حركة الشخصيةالتوتر الذي تصاب به الشخصية، و هذا التوتر الذي يؤسس إىل دافعية تسعى من خالهلا الشخصية

، وقد " قام عامل النفس ا لتخفيض التوتر الذي تعاين منهإىل إعادة التوازن من خالل إشباع حاجتهو بصياغة نظرية فريدة متميزة يف علم النفس ركز فيها بشكل أساسي على األمريكي أبراهام مارسل

humain)اجلوانب الدافعية للشخصية اإلنسانية حيث قدم مارسلو نظريته يف الدافعية اإلنسانية

motivation) حاول فيها أن يصوغ نسقا مرتابطا يفسر من خالله طبيعة الدوافع أو احلاجات اليتاإلنساين و تشكله. و يف هذه النظرية يفرتض مارسلو أن احلاجات أو الدوافع اليت حترك السلوك

من حيث األولوية أو شدة (hierarchy)اإلنسانية تنتظم يف تدرج أو نظام متصاعد، فعندما تشبع احلاجات األكثر أولوية أو األعظم قوة و إحلاحا فإن احلاجات (prepotency)التأثري

هلرمي تربز و تطلب اإلشباع هي األخرى و عندما تشبع نكون قد صعدنا درجة التالية يف التدرج ا .1أعلى على سلم الدوافع.. و هكذا حىت نصل إىل قمته"

بالعودة إىل مصطلح احلاجة، فإننا جند ماسلو( يرتبها وفق شكل هرمي، تنطلق فيه من و ، لذا للحياة كاهلواء واملاء واألكل احلاجة الفسيولوجية، كون اإلنسان حمتاجا إىل املكونات األساسية

فهي تغلب على احلاجات األخرى، مث تأيت احلاجة األمنية، حبيث ما دام قد أشبع احلاجات االستقرار ، ألن األمن قضية أساسية بالنسبة البد له من أن حيصل على األمان و الفسيولوجية ف

تشمل حاجة احلاجات االجتماعية " و مارسلو " لإلنسان، بعد ذلك يتطلع اإلنسان إىل ما أمساه لتتحرك بعد ذلك حاجات التقدير متفاعل مع أفراد اجملتمع،لشعوره بأنه حمبوب من اآلخرين و الفرد

له واحرتامهم، وشعوره بالقدرة والنجاح وكذلك حاجته تشمل حاجة الفرد لشعوره بتقدير اآلخرين و

loy.comwww.happytoyou.makcoubbعبد السالم ، ما هي نظرية أبراهام ماسلو(عامل النفس األمريكي) -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

53

ا يشري إىل حاجات حتقيق أخري ر بشكل عام، و إشباعه حاجة التقديهي حاصل حتصيل لتقدير ذاته و حتقيق اهبه و مو ق بدون حتقق احلاجات السابقة ، وفيها حيتاج إىل استخدام قدراته و لن تتحقالذات و

.1كل إمكانياته الكامنة و تنميتها إىل أقصى حد

الشخصية والبيئة إذا كنا قد الحظنا أن إبراهام حاول أن يربط من خالل نظريته ما بنيا و اع املتمثلة يف ظروف الشخص ، فكلما ساعدت هذه الظروف الشخص على إشباحمليطة

منت منوا صحيا، مبعىن أن الشخص حىت وإن تأثرت شخصيته حاجاته كلما تطورت شخصيته و ، يكون هلا ثقلها حبسب هذه النظريةبعوامل وراثية بشكل مباشر أو غري مباشر إال أن الظروف املادية

أن للبيئة تأثريا بشكل من األشكال على منو الشخصية، فإذا كان احلال كذلك بالنسبة لنظرية أي "، يه يف إطار نظريته "مفهوم الذاتماسلو فإننا جند مع كارل روجرز تعميقا هلذا املفهوم من خالل تبن

ا . م ا تنمو نتيجة تفاعل الفرد مع جمتمعه و اخلربات اليت مير ن هنا ميكننا أن نلمس اليت يرى أاملرتبطة أساسا باجملتمع و الظروف اليت متر ر الشخصية و مكانيزمات منوها و هذه القفزة يف جمال تصو

هي اليت تنفصل عن اجملال املدرك، و ا، حيث يشري حامد زهران إىل ذلك بقوله:" هي كينونة الفردا.(....) و و اخلربات اليت ميتنمو نتيجة تفاعل الفرد مع جمتمعه هناك ثالثة مفاهيم للذات :ر

مفهوم الذات املدرك : ذات الفرد كما يتصورها هو.

املفهوم االجتماعي للذات : الصورة اليت يعتقد الفرد أن اآلخرين

ا عنه ، و يتمثلها يف تفاعله معهم. يتصورو

الفرد أن يكون املفهوم املثايل للذات : و هي الصورة املثالية اليت يريد

www.happytoyou.makcoubbloy.comنظر:أمحد ماجد، نظرية هرمية احلاجات ملاسلو.ي -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

54

عليها و وظيفة الذات هي تنظيم خربات الفرد املتغرية بسبب :

التفاعالت االجتماعية. - أ

.1الدافع الداخلي لتحقيق الذات" -ب

ذا جند روجزر يركز على مفهوم الذات، كمفهوم حموري يف نظريته، فهذه الذات اليت ن من خالل ما يتصوره الفرد عن نفسه، أو تصور هذا تتبدى من خالل زوايا ثالث ، فإما أن تكو

يكون عليها. إن هذا التقسيم الفرد لصورة هاته الذات عند اآلخرين، أو بالصورة اليت حيلم الفرد أن أشكاهلا تكون هذا التفصيل بالنسبة ملا تكون عليه الذات حييلنا على مفهوم النسبية، فهذه الذات بو

ت معطيات مطلقة ، هلذا تفسح نظرية روجرز اجملال لنمو الشخصية من ليسحبسب تصور الفرد و هوم املثايل خالل هذه اجلدلية اليت ميكن أن تقوم بواسطة الرؤية الثالثية للذات. وذلك بأخذ املف

ا، و يتعمق مبدأ هذه الدينامية يف للذات كغاية سامية و كمحطة يسعى الفرد إلبراز ذاته على صورصية من خالل ما يقره روجرز من حديثه عن وظيفة الذات اليت يربطها بالواقع جمال منو الشخ

االجتماعي من ناحية، و بالدوافع الداخلية لتحقيق الذات من ناحية أخرى.

فهذه الرؤية القائمة على اجلوانب النفسية و املتمثلة يف الدوافع الداخلية و كذا على جوانب جتماعية، لنمو الذات الفردية تعترب تطورا ملحوظا باملقارنة مع ما مت مادية متمثلة يف التفاعالت اال

طرحه إىل غاية اآلن .

ىل جمال نظريات التحليل ومن نظرية روجرز أو كما يطلق عليها بنظرية الذات نتحول إحتديدا مع فرويد، الذي سنحاول أن نقدم ملخصا عاما نسعى من خالله لرصد أهم مالمح النفسي و

ب النظرية و رؤيته لتطور الشخصية، فقد حتدث فرويد عن الشخصية من جانبني ، يتمثل اجلانهذه

www.jamaa.netحامد زهران، نظرية الذات اليت وصفها كارل روجرز، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

55

تشمل أقساما ثالثة هي: اهلو، األنا، األنا كوينها و وظيفتها و تاألول يف أسس بناء الشخصية و وعي، املتمثل مبحتواها و مدى ارتباطها بالدث عن الشخصية يف اجلانب اآلخر و األعلى، مث جنده يتح

ليفضي ذلك إىل ما أمساه بالشعور، ما قبل الشعور، وأخريا الالشعور. وبصدد احلديث عن الشخصية من منظور فرويد جند أمحد كردي يشري إىل أن مفهوم الشخصية يعد مفهوما حموريا بالنسبة لنظرية

أحد القواعد فرويد، حيث يقول: "إن مفهوم الشخصية يف نظرية التحليل النفسي عند فرويد هو األساسية هلذه النظرية و اليت تتمثل يف مكونات ثالث للشخصية ولكل مكون خصائصه ومميزاته إال

ا يف النهاية تكون وحدة واحدة متثل شخصية اإلنسان" .1أ

ذا جند أن ملفهوم الشخصية أمهية كبرية من منظور نظرية فرويد ، إال أن العناصر اليت فهوم الشخصية حيظى بقيمة أهم ، مبعىن أن األهم يتمثل يف العناصر املشكلة يتأسس عليها م

للشخصية و املتمثلة يف كل من األنا، اهلو، األنا األعلى و ما ميثله كل عنصر بالنسبة للنشاط العام أو الدينامية العامة للشخصية، فتفاعل هذه العناصر مع بعضها البعض هو ما حيظى باألمهية القصوى

لتوضيح ذلك البد مات اليت تبدو عليها الشخصية، و ، ألن طبيعة هذا التفاعل هو الذي حيدد الس أن نورد تعريفا هلذه العناصر اليت يعرفهـا لنا أمحد كردي بقولــه :

" األنا : يعترب مركز الشعور و اإلدراك احلسي و يتطابق مع مبدأ الواقع و يقوم بدور الدفاع وافق االجتماعي للشخص مع بيئته توافقها كما إنه يعمل على حتقيق التوازن و الت عن الشخصية و

االلتزام بالقيم و املبادئ و التقاليد و العادات والقيم االجتماعية.و

وهو ما ميثل يوية النفسية ومستودع الغرائز والدوافع الفطريةاهلو: يعترب منبع الطاقة احلهو ال شعوري كما أن الوظيفة األساسية له تتمثل يف الطاقة النفسية و الذي ينتج عنه األساس الغريزي

www.kenanaoneline.comيد الكردي ، نظريات الشخصية ، أمحد الس -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

56

املنطق ، إنه ميثل اخلربة االهتمام بالقيم والعادات والتقاليد و جلب الراحة لإلنسان و حتقيق اللذة دون الذاتية للعامل الداخلي .

مل والسلوك تنظيم منافذ الع األنا األعلى : يعترب مستودع املثاليات و األخالقيات وليس ما هو داخلي، إنه مبثابة الدرع األخالقي للشخصية كما أنه يعمل والضمري وميثل ما هو مثايل و

.1على كبح اندفاعات اهلو"

ذا جند الشخصية تقوم على هذا الثالثي، بالشكل الذي يكون فيه األنا معربا عن حمصلة طريف نقيض، حياول كل منها جر الشخصية باجتاه ، نشاط اهلو و األنا األعلى ، اللذان يقفان على

إما أن تنطلق لتحقيق غرائزها من خالل سيطرة اهلو على سلوك الشخصية، أو باجتاه االلتزام التام ثل العليا من خالل سيطرة األنا األعلى.

باألخالقيات و القيم و امل

الطفولة، ملا هلا من آثار بالغة إىل جانب ذلك جند أن هذه النظرية تويل أمهية بالغة ملرحلةعلى مستوى منو الشخصية ذلك ما يؤكده د. فاجل العمرة بقولـه : "إن الشخصية يف منوها متر عرب سلسلة من املراحل ( من الطفولة إىل النضج) وخيتلف األفراد يف درجة جناحهم و توافقهم يف اجتياز

ب نظرية سيكولوجية يؤكد اجلوانب التطورية يف هذه املراحل املختلفة (...) و فرويد أول صاحالشخصية و يؤكد خباصة الدور احلاسم لسنوات الطفولة املبكرة و الطفولة املتأخرة، يف إرساء اخلصائص األساسية لبناء الشخصية و احلقيقة أن فرويد يرى أن الشخصية يكتمل القدر األكرب منها

اية السنة اخلامسة من العمر، وأن ما يلي ذلك من منو يقوم يف معظمه على صياغة البناء عند .2األساسي "

، م س.أمحد السيد الكردي ، نظريات الشخصية - 1 www.alajman.ws، د. فاحل العمرة ، منو الشخصية - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

57

من هنا جند أن مرحلة الطفولة تعترب مبثابة املشتلة األساسية اليت تتحدد فيها اخلطوط العريضة ملا ستكون عليه شخصية الفرد ، و ترجع النظرية مجيع جناحات أو إخفاقات الفرد يف حياته

ا يف ا مع هذه الظروف اليت شكلت مالمح للظروف اليت مر هذه املرحلة والكيفية اليت تفاعل شخصيته.

ومدى ارتباطها أما إذا رجعنا إىل نظرية فرويد و حتديدا فيما خيص حمتوى الشخصيةهي قضية أساسية يف مفهوم فرويد الذي يرى بأن سلوك الفرد موجه بدرجة مهمة بالوعي، و

:.حسني عبد الفتاح الغامدي بقولهاملضمون بثالثة عناصر يوضحها د بالالوعي، فنجده حيدد هذا

) : و ميثل اجلزء الواعي من العقل، و يشمـل اجلزء األكرب conscionsnessالشعور( -1" الالشعورية.ية) فيما عدا ميكانيزمات الدفاع من األنا( العمليات العقلية الواع

تكون يف مركز ): و حيوي تلك اخلربات اليت ال conscionsness sub -ما قبل الشعور( - 2 خلربات يف طريقها إىل الكبت .اسرتجاعها بشيء من اجلهد و أيضا االوعي إال أنه ميكن

يث ميثل حاجلزء األهم من وجهة نظر فريد، ): هذا هوunconcionsnessالالشعور( - 3ال شعورية و عادة ما ترتبط ، حيث تكون حمتوياته اجلزء األعمق من العقل والبعيد عن الوعي

اليت رتبطة باجلنس والعدوان، و ترتبط عادة باملركبات األوديبية املبات، األحداث املاضية واليت بالرغ .1حولت عن طريق ( ميكانيزم الكبت ) من حيز الوعي إىل حيز الالوعي أو الالشعور"

ن مفهوم الشخصية مفهوما ذا ميكننا أن جنمل القول خبصوص هذه النظرية اليت جعلت محموريا كما حللت الشخصية إىل ثالثة عناصر تتفاعل فيما بينها بالشكل الذي يكون فيه حمصلة هذا التفاعل هو ما تبدو به الشخصية ، كما أننا نلمس تلك األمهية اليت أوكلت جلانب الالشعور ومدى

www.pdfactory.comفرويد يف التحليل النفسي، د.حسني عبد املفتاح ألغامدي، مدرسة التحليل النفسي أوال: نظرية -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

58

الالشعور هي اليت حتظى باألمهية يف هذا تأثريه و توجيهه لسلوك الفرد، حبيث اعترب فرويد أن منطقةا تنطلق مبيكانيزم الكبت اليت تعمل على اجملال، و خاصة ما يتعلق مبيكانيزمات الدفاع و اليت يرى بأ

استمرارية كبت اخلربات املؤملة أو الغري مقبولة.

ز بأسلوبه إال أنه سرعان ما متينتحول اآلن إىل يونغ الذي تأسست حبوثه على نظرية فرويد، جه املتميز و طرحه الذي خالف فيه نظرة فريد يف العديد من القضايا، شاقا بو القائم على ذلك

نظريته األصلية ، ذلك ما نلمسه يف العديد من العناصر الذي تقوم عليها نظريته، فإذا كان فرويد كما فذلك ما نلمسه أيضا عند الحظنا سابقا يويل أمهية خاصة لالشعور و مدى تأثريه على سلوك الفرد،

خبالف ذلك جند يونغ يطور كله يف مرحلة الطفولة، و يونغ، لكننا جند هنا فرويد يركز ذلك الالشعورهذا الطرح و يوسع من جماله حبسب ما يشري إليه عبد الرمحن إبراهيم ( فإذا كان فرويد يويل ملرحلة

ا على توجيه سلوكه، فإننا جند يونغ الطفولة أمهية بالغــة يف تشكيـل شخصية الفرد من خالل قدر .1يوسع هذا املفهوم أكثر ليشمل طفولة الفرد و طفولة اجلماعة اليت ينتمي إليها و اإلنسانية كلها)

وعي أو الالشعور، ال شعور شخصي وال يف هذا اإلطار يتحدث يونغ عن أشكال الالو يونغ يؤكد أصالة ذلك يعترب اكتشافا أصيال لهذا األخري مل يتحدث عنه فرويد و بشعور مجعي، و لتوضيح هذه املصطلحات جند حممد السيد يشرح لنا ذلك من خالل مقارنة هذه نظريته هاته، و

املصطلحات اليونغية إن صح التعبري، مبا يقابلها من مصطلحات عند فرويد بقوله:" الالشعور فرويد"، إذ حيتوي على اخلربات املاضية الشخصي ال يقابل الالشعور بل ما قبل الشعور عند "

والتوقعات املستقبلية اليت ال تكون يف حيز الوعي يف حينها إال أن باإلمكان اسرتجاعها بشيء من اجلهد كما ميكن ظهور التوقعات املستقبلية من خالل األحالم مما يشري إىل أن هذا املستوى من

www.maganin.comأ.د.عبد الرمحن إبراهيم ، كارل غوستاف يونغ ، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

59

ذا جند يونغ و 1الالشعور ليس عميقا" إن وظف مصطلح الالشعور إال أنه ال يقصد به نفس . اليت تكون قريبة من د بذلك طبقة من طبقات الالشعور و املضمون الذي محله إياه فرويد، بل يقص

السطح بالشكل الذي يسهل اسرتجاعها بشيء من اجلهد.

إىل جانب هذا جنده يشري إىل الالشعور اجلمعي و يقصد به أيضا حبسب حممد السيد و ائال:" الالشعور اجلمعي ، مل يتحدث عنه فرويد ، فريى " يانج" بأن الالشعور اجلمعي عام بني كل ق

الناس ، إذ يعتمد على االستعدادات املتوارثة فهي ليست الذاكرة أو اخلربات الشخصية املكبوتة كما ود األفعال االنفعالية يقول" فرويد" بل تنتج عن التأثري االنفعايل الرتاكمي للخربات اإلنسانية أي رد

املكررة ألفكار قد ال تكون واقعية، و حيتوي الالشعور اجلمعي كذلك على كل اخلربات التطويرية اليت . 2مرت باإلنسان و كونت أساس شخصيته "

ذا جند أن يونغ يعترب ما أمساه بالالشعور اجلمعي ال يتشكل فقط من جتارب الفرد املنطقة املظلمة يف النفس، بل يوسع جمال هذا الوعاء األسود ليشمل الشخصية اليت سقطت يف هذه

باإلضافة إىل تلك اخلربات الشخصية املكبوتة كل جتارب اجلنس البشري اليت توارثتها األجيال، إضافة إىل عنصر الالشعور جند العديد من القضايا اليت مل يتفق فيها يانغ مع أستاذه فرويد، ولإلشارة إىل

اليت اختلفت عنها عند فرويد، الذي يركز على ظرة يونغ العامة للنفس البشرية و طلق بدءا من نذلك ننحلة الطفولة اليت يعيشها الفرد وآثارها ماضي الشخصية بشكل أساسي من خالل اهتمامه الكبري مبر

نظار غ ينظر إىل الشخصية مبرسم مالمح شخصيته يف املستقبل. يف حني جند يونعلى توجيه سلوكه و يؤكد أن السلوك احلاضر يضا املستقبل حبيث (أتقوم على دعامتني معا، املاضي و ، نظرةخمتلف

" اإلنسان حتركه وأيضا يصنعه املستقبل كإمكان. ويف ذلك يقول:للشخصية يصنعه املاضي كواقع،

www.xzxever.comعبد الرمحن حممد السيد، نظريات الشخصية ، - 1 م س ، عبد الرمحن حممد السيد -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

60

ذا جند أن الشخصية اليت كانت أسرية ماضيها عند فرويد1األهداف كما حتركه األسباب" قد . حتررت نوعا ما مع يونغ ، فسلوك الشخصية هنا ال حيكمه و يوجهه املاضي فقط ، بل هناك عامل

، خصية إنه املستقبل حبسب رأي يونغآخر ينافس هذا املاضي بكل ثقله يف توجيه سلوك الشا أن تؤثر يف طبيعة سلوكها. فاألهداف والغايات اليت حتددها الشخصية لنفسها من شأ

ا تنظر إىل تأكيو دا لذلك جند أن " نظرية يونغ إىل الشخصية نظرة إىل املستقبل مبعىن أا نظرة إىل اخللف بأن تأخذ املاضي يف األمام متطلعة إىل مستقبل منو الشخصية وإىل تطوره كما أ

.2اعتبارها"

ن خالل البنية وإذا عدنا إىل نظرة يونغ حول النفس، فإننا جندها مغايرة ملا هو عند فرويد، مالرباعية اليت حيددها يونغ للنفس، فقد " وضع يونغ بنية رباعيتـه اخلاصة بالنفس اإلنسانية، انطالقا من أربع وظائف نفسية ، حتدد و متيز خمتلف األمناط البشرية و هي : التفكري ، احلدس، العاطفة و

ا ميكن للفرد أ . 3ن يستغلها يف سبيل تطوره وتغريه"اإلحساس.وهذه الوظائف األربع تكون أداة ،

ذا تربز نظرة يونغ للشخصية ، نظرة تتميز بالدينامية، من خالل تصوره القائم على ن األربعة للشخصية وحتوهلا، التحول القائم على األركاشخصية وحتوهلا ، هذا التطور و إمكانية تطور ال

" إن ننا أن نقولنحت مالمح الشخصية، و بذلك ميكنسب تأثري كل منها، ت وبتفاعلها فيما بينها و مها :" الكينونة" كيف يكون؟" نظرة يونغ لإلنسان نظرة دينامية وميكن أن نلخصها يف تصورين اثنني

بذلك جند يونغ بالرغم من أنه يتبىن ويوافق . و 4التصور الثاين هو التحول " إىل ماذا يتحول؟ "و وك الشخصية حبيث" تعطي سيكولوجية يونغ دورا هاما للوراثة حيث يؤكد على تأثري املاضي يف سل

م ن . - 1 www.alhammali.mam9.comدمني ، الشخصية. .أ - 2 www.bmhh.med.saمحزة، مدرسة كارل يونغ التحليلية . - 3 م ن. - 4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

61

معىن ذلك إمكانية ة هناك وراثة خلربات األجداد ، و أنه توجد باإلضافة إىل وراثة الدوافع البيولوجيالنمط األول هو ذاكرة العنصر جداد تورث يف شكل أمناط أولية، و وجود نفس النظام من خربات األ

. 1ءا من إرث اإلنسانية"الذي أصبح جز

إذا فالربغم من هذا التأكيد على املاضي و ما ميثله من ثقل يف توجيه سلـوك اإلنسان، إال أن نظرته تفسح اجملال لصريورة الشخصية و حتوهلا و تغريها وبالتايل لتطورها من خالل ارتكاز تصوره

كون ؟ و إىل ماذا يتحول؟.العام للشخصية على هذين التساؤلني احملوريني : كيف ي

بالعودة إىل تلك الركائز اليت اعتمدها يونغ يف حتديد الشخصية، ميكننا أن نوضحها من و هي الشخصية كرتشمر، بني الشخصية املنفتحة و مييز يونغ مثلما أشار إليه ولد املطوع بقوله:" خالل

حاب من الواقع، وأقل يل إىل االنسبني الشخصية املنطوية، اليت هي أماالجتماعية واملتفائلة ، و ا الباطنياجتماعية، و : متييز بني أربع وظائف للشخصية هي، ورافق هذا التميز ةأكثر انغماسا يف حيا

العيان.، الشعور، و اإلحساس، التفكري

وظيفتان عقليتان:

التفكري: املعىن العادي هلذا اللفظ . - 1

نفسه و لغريه من الناس .الشعور: القدرة على تقومي اإلنسان ل - 2

ووظيفتان إدراكيتان:

اإلحساس: كل ما ندركه باالدراكات احلسية ( فهم احلقائق) . -3

م س.أدمني، الشخصية، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

62

املشاكل اليت ال هو يعمل تلقائيا حلل الوقائع اليت ال تدرك عن وعي، و العيان: إدراك -4 .1ميكن حلها بطريقة عقلية"

نسبة ليونغ الذي يعترب التفكري عنصرا مهما ذا تتضح لنا الصورة حول بناء الشخصية بال بالتايل تؤثر بشكل أو بآخر يف نوعية سلوكها، خاصة إذا لعناصر اليت تشكل هذه الشخصية، و من ا

علمنا بأنه يطرح البعد املتمثل يف املستقبل من خالل ما حتدده الشخصية من أهداف، يؤثر بنفس بالتايل يف التأثري على السلوك العام ة ويف تشكيلها، و به املاضي يف سلوك الشخصيالثقل الذي يؤثر

ا الشخصية، باإلضافة إىل للشخصية، مبعىن أنه يتدخل بذلك يف رسم املالمح العامة اليت ستبدو ذلك جنده يدرج الشعور إىل جانب التفكري باعتبارمها وظيفتني عقليتني، أي ال تنتميان إىل منطقة

- ني عموما، الوعي و الالوعي) مع فرويد حول تقسيم النفس إىل منطقت(ألن يونغ يتفق -الالوعي إلنسان من تقييم نفسه الشعور حبسب يونغ يقوم بدور أساسي يف حياة الفرد، فمن خالله يتمكن او

اليت حيتاجها مكذلك حميطه، فهو املسئول عن متييز اجليد من الرديء من خالل عملية التقييوأفعاله و اليت جتمع كل ما يدركه ددمها من خالل وظيفة اإلحساس، و الوظيفتان اإلدراكيتان فيح الشخص، أما

الشخص من خالل إحساسه . فتلك املعرفة النابعة من اإلحساس تدخل يف ما أطلق عليه بوظيفة اإلحساس ، و أخريا وظيفة العيان ( و يعرب عنها أحيانا يف بعض املراجع بوظيفة احلدس) فيدخل يف

ها كل املعرفة اليت ال نصل إليها عن طريق الوعي أي عن قراءة منطقية أو استقرائية.إطار

ملا جاء به يونغ خبصوص الشخصية ومنظوره ذا نكون قد حاولنا أن نقدم صورة موجزة هنا جنده يصنفها عموما ضمن شكلني، فإما أن تكون انبساطية أو انطوائية و أوكل لكل صنف هلا، و

لسمات أيضا، و هذا التقسيم قائم على النسبية فال وجود لشخصية انبساطية بشكل جمموعة من ا

www.bafree.netولد املطوع ، كارل غوستاف يونغ - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

63

مطلق و العكس صحيح، بل حىت الشخصية االنبساطية حتتوي على نسبة ضئيلة من السمات اليت ا الشخصية االنطوائية و لكن بنسب ضعيفة . تتسم

لر) الذي كان له إسهامه اخلاص ننتقل اآلن إىل نظرية أخرى و مع رائد آخر، إنه ( ألفرد أديف جمال دراسة الشخصية، و الذي سنحاول أن نقدم موجزا ألهم أفكاره، و يف هذا اإلطار ميكننا أن

، يص حركة التحليل النفسي من سبل وأراء فرويدنشري بداية إىل أهم ملسة أضافها أدلر واملتمثلة يف ختلناصر بل اعتربها وحدة واحدة، " يطلق على سواء من خالل رفضه مبدأ تقسيم الشخصية إىل ع

الذي يرفض من خالهلا فكرة االختزالية يف سبيل شخصية اسم ( علم النفس الفردي) و نظريته يف التطورها بواقعها االجتماعي "فمع أدلر و ممن ساروا معه ، أو من خالل ربطه الشخصية و 1الكلية "

يعترب رائد النظرة االجتماعية النفسية وركز ليل النفسي و تماعية يف حركة التحبدأ يؤرخ لالجتاهات االج، و تأكيد الذات وإحراز ترتيبه باألسرة يف حياة الفرد مثل تربية الطفل و على اجلوانب االجتماعية

. 2الشعور بالنقص حملددات سلوكه "التفوق و

م اليت أحاطها أفكاره يف انتزاع حركة التحليل النفسي من وسط املفاهيبذلك سامهت أراؤه و الالشعور واحلتمية النفسية، واضعا إياها يف مسلك خمالف، أهم مساته املتمثلة يف اجلنسية و ا فرويد و

ربط تطور هذه الشخصية بواقعها االجتماعي.

وإذا أردنا أن نلخص القاعدة األساسية اليت تقوم عليها نظرية أدلر فيمكننا القول إن " أدلر لديهم هدف مشرتك و هو التطور حنو األفضل أو النضال من أجل التفوق، يرى أن مجيع البشر

ا لتحقيق هذا اهلدف" . 3لكنهم خيتلفون يف األساليب اليت يتبعو

أمحد السيد الكردي، م س. - 1 www.myegyptsun.com. رويد، التحليل النفسي وتطور اجتاهاته - 2 أمحد السيد الكردي، م س. - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

64

ا، هذه الغايات متثل شكال من هنا جند أن الشخصية وحدة واحدة تسعى لتحقيق غاياالبشر حبسب رأي أدلر، و هذا السعي هذه مسة عامة بني مجيع أشكال التطور وحتقيق الذات، و من

ة اليت تقوم عليها نظرية للتطور ناتج عن اإلحساس بالعجز أو القصور وهو أحد املبادئ األساسييبدأ هذا الشعور مبكرا بالسنني األوىل للطفولة، نظرا ألن األطفال يعيشون يف حميط يردع أدلر، و"

م ومينعهم عن أنشطتهم الطبيعية" ذا1رغبا وشامال يشرتك فيه مجيع البشر، يكون هذا املبدأ عاما . من مث جند كل فرد يف هذه احلياة يسعى لتعويض هذا النقص، بذلك يكون سلوكه حبسب أدلر و

يهدف إىل التطور حنو األفضل، باإلضافة إىل هذا املبدأ جنده حيدد مجلة من املبادئ اليت تقوم عليها ل وجيز يف املبادئ التالية ، بداية مببدأ العجز أو القصور الذي نظريته و ميكننا أن نلخصها بشك

هو خاصية فطرية وراء كل الغرائز ، أي أن الطفل منذ ه، يلي ذلك ( مبدأ االهتمام ، و أشرنا إليه أعال، وبذلك يكرس أدلر الطبع االجتماعي لتعبري عن ذاتهاحباجة إىل التواصل مع اآلخرين و صغره

يشري إىل مبدأ الغائية و األهداف الومهية، أي أن الكائن احلي كما يتأثر باملاضي لإلنسان، كما جندهفإنه جيب أن حيدد أهداف توجه أسلوب حياته، أما مبدأ أسلوب احلياة فهو الذي ينتج عن تفاعل

دف البيئة اخلارجية مع الذات الداخلية، أي أنه ينشأ نتيجة لتمازج عاملني يتمثل العامل األول يف اهلاخلاص الذي حيدده لنفسه، أما الثاين فيتعلق بالقوى البينية اليت تساعد أو تعيق أو تعدل مسريته،

ل األهداف اخلاصة اليت حيددها مبعىن أن مبدأ أسلوب احلياة يعرب عن سلوك الشخص من خالري ملبدأ األخأسلوب تفاعله وسط بيئته لتحقيق هذه األهداف يف مسعى لتحقيق ذاته ، أما اوطبيعة و

لويقصد به أن القوى الالشعورية موجودة و لكن ليس من العسري االتصاواملتمثل يف الذات اخلالقة ذا يرفض حتمية فوريد و يعيد الشخصية ملركز الشعور)ا، . 2وهو

رويد ،م س . - 1 . www.faculty.KSU.edu.Saمحود الشريف، نظريات الشخصية .د - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

65

ة مبا ذا نكون قد حاولنا القيام مبسح عام جململ اجلهود اليت أسست لبزوغ مصطلح اهلويال ندعي يف هذا أننا تعرضنا جلميع تلك اجلهود ، بل حاولنا الرتكيز على من دالالت عصرية، و حيمله

نا لتلك األفكار أهم املفكرين الذين أدلوا بدلوهم يف جمال هذه اجلهود، كما أننا ال ندعي أننا تعرضورة موجزة سم صوالتعميق بل على العكس متاما، ألن مسعانا يف هذا يهدف إىل ر بكثري من الشرح تطورها بالشكل الذي أفضت فيه هذه اجلهود إىل بلورة مصطلح اهلوية وفق الداللة لصريورة األفكار و اليت أصبح عليها .

الذي ميثل مرحلة من مراحل تطور التفكري لنحت مصطلح ونتحول اآلن مع رائد آخر و سابق باعتباره األب احلقيقي لكلمة اهلوية، إنه إريك هامربجر إريكسون و الذي كنا أشرنا إليه يف ال

اهلوية و املفكر الذي ميثل احلجر الزاوية لظاهرة انتشار هذا املصطلح فيما بعد، وإذا حاولنا الرجوع ا يف هذا اجملال فإننا جند أنفسنا مضطرين للعودة مرة أخرى لفروي باعتبار دجلهوده النظرية اليت أسهم

عنه فيما بعد شأنه يف ذلك شأن أدلر، غري أن ما جـاء به إريكسون أحد تالمذته الذي انشق تعترب نظرية إريكسونمن جوانبه على نظرية فرويد حبيث" إريكسون أيضـا يرتكز يف الكثري

ERICKSON يف النمو النفســي االجتماعـي BY CHOSOCIAL DEVLOPMENT ال أن إريكسون ركز على منو األنا ، إيف نظريته عن النمو اجلنسي FREUDامتدادا ملا قدمه فرويد

. بذلك 1البايلوجية والنفسية كعوامل حمددة للنمو"على أمهية اجلوانب االجتماعية و وفاعليتها مؤكداميكننا القول بالرغم من أن إريكسون قد انطلق من القاعدة املعرفية اليت أسسها فرويد خبصوص هوية

رهنت منو األنا بضوابط تنتمي إىل املاضي، بل جند إريكسون األنا ، إال أنه ابتعد عن رؤية فرويد اليتخبالف ذلك يتبىن نظرة دينامية خبصوص تطور األنا خملصا إياها من النظرة الفرويدية القائمة على

تشكل هوية األنا بكل من مفهوم الذات والتوافق النفسي واالجتماعي ةعبري بنت حممد حسن عسريي، رسالة ماجستري: عالق -1

كلية -، جامعة أم القرىشراف: د.حسني عبد الفتاح الغامديملرحلة الثانوية مبدينة الطائف، إالعام لدى عينة من طالبات ا 11ص: هـ1424-1423لسعودية، رسم: قسم علم النفس، اململكة العربية ا -الرتبية

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

66

خاصة أحداث مرحلة الطفولة، لينقلها نقلة نوعية يربط يف إطارها ما بني منو األنا ور و سيطرة الالشعاعي و ظروفها العامة و كيفيات تفاعلها يف هذا الوسط، مع فسحه اجملال واسعا دون مبحيطها االجتم

ذا نلمس وجهة نظر إريكسون املختلفة عما تبناه فرويد يف قيد إلمكانيات تطورها ومنوها السليم. هذا الصدد.

يث وللحديث عن هوية األنا من جهة نظر إريكسون ننطلق يف البداية من حتديد املفهوم، حيشري مصطلــح هويــة األنا من وجهة EGO-EDENTITYيشري د. عبد الفتاح بقوله:" هوية األنا

إىل " حالة م) على وجه العمو ERICKSON1963,1968,KROGER1943( ر إريكســــوننظـ، و الوحدة و التآلف الداخلية INDIVIDNLITYنفسية داخلية تتضمن إحساس الفرد بالفردية

INNER WHOLENESS AND SYNTHESIS االستمرارية ، و التماثل وSAMENESS

AND CONTINUITY أخرياس الفرد بارتباط ماضيه وحاضره ومستقبله، و ممثال يف إحسا يف االرتباط باملثل االجتماعية ممثال SOLIDARITY SOCIAL اإلحساس بالتماسك االجتماعي

.1"الشعور بالدعم االجتماعي الناتج عن هذا االرتباطو

ختالف عن باقي ذا جند إريكسون ينظر إىل هوية الشخص من خالل إحساس الفرد باالهو ما يولد إحساسه خبصوصياته اليت تشري إليه و تعرب عنه، باإلضافة إىل إحساسه أفراد اجملموعة و

سه بأنه مستقبله، أي إحسامرارية اليت تربط ماضيه حباضره و بالوحدة الناتج عن شعوره بنوع من االستكذا استمرارية نفس كان عليه يف املاضي عن احلاضر و هو هو مل يتغري الشخص يف جوهره عما

اية هذا التعريف الشخصية يف املستقبل دون أن حيصل يف هذا اخلط انقطاع، لكننا جند يف أن تلميحات مهمة جدا بالنسبة للداللة اليت سيصبح عليها املصطلح و ذلك من خالل إشارته إىل

مرحلة املراهقة د. حسني عبد الفتاح الغامدي، عالقة تشكل هوية اآلنا بنمو التفكري األخالقي لدى عينة من الذكور يف -1 a.com-saud-www.drالشباب باملنطقة الغربية من اململكة العربية السعودية، و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

67

مفهوم هوية األنا حتيل أيضا على اإلحساس بالتماسك االجتماعي املتمثل يف االرتباط باملثل االجتماعية و الشعور بالدعم االجتماعي الناتج عن هذا االرتباط.

وعالقة هذا احمليط حد جوانبه بالواقع االجتماعي ذا يربط إريكسون مفهوم هوية األنا يف أالناتج عن ارتباط عالقة دعم احمليط هلذا الشخص، و ث تكون هذه العالقةاالجتماعي بالشخص، حبي

املرتكز ألنا و الشخص مبنظومة املثل االجتماعية، فهذا الربط القائم من خالل مفهوم إريكسون هلوية االشعور بالدعم االجتماعي الناتج عن هذا االرتباط، س باالرتباط باملثل االجتماعية و على اإلحسا

غة أو أخرى النواة اليت سينبثق عنها التفكري يف جمال اهلوية لنحت املصطلح كما هو عليه ميثل بصي اآلن.

العوامل البيولوجية أن النمو اإلنساين هو حصيلة التفاعل بني يرى إريكسون يف إطار نظريته "الفرد من من خالل هذا التفاعل تنمو شخصيةالغريزية، والعوامل االجتماعية وأيضا فاعلية األنا، و

كسب حاجة يؤدي حلها إىل منو األنا و يظهر يف كل منها أزمة أو خالل مثان مراحل متتابعة، .1حتديدا منو األنا"هذه األزمات إىل اضطراب النمو و فعاليات جديدة يف حني يؤدي الفشل يف حل

يها الفرد ذا جند إريكسون يقسم دورة حياة اإلنسان إل مثان مراحل يف كل مرحلة يواجه فأزمة و هي أزمة ضرورية لتطور شخصية اإلنسان و منو األنا بشكل سليم، و األزمة هذه ال يعطيها إريكسون أبعادا كبرية بل على العكس من ذلك فهي " تعبري عن وجود مطالب ملحة حباجة إىل

ذا يطرح على األنا حتديا متمثال يف 2مواجهة وإشباع" ، وهنا رارية منوهاحل هذه األزمة الستم، يشري إريكسون إىل احتمالني، إما أن حتل هذه األزمة إجيابا مما يؤدي إىل منو سليم لألنا أو تفشل

www.ahmedfawy2011.yoo7.comاريك إريكسون، أمحد أبو الفاو، فصول حياتنا - 1 العام" لدى عينة ت والتوافق"النفسي واالجتماعيد.حسني عبدالفتاح الغامدي،عالقة تشكل هوية اآلنا بكل من مفهوم الذا - 2

a.com-saud-www.drمن طالبات املرحلة الثانوية مبدينة الطائف،

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

68

من بني األزمات الثمانية ابات تعيق النمو السليم لألنا، و األنا يف حلها مما يسبب مشاكل و اضطر مبرحلة املرتبطة أزمة تشكل هوية األنا و كسون خنص املرتبطة مبراحل عمر اإلنسان حبسب تقسيم أري

، نظرا ملا تتميز به هذه األزمة من أمهية و ملا هلا من تأثري على حياة اإلنسان املراهقة بشرح بسيطذا التوضيح يف احلالتني، أي يف حالة بشكل عام، و يف هذا جند د. عبد الفتاح الغامدي يتقدم لنا

ذلك يقول: ( وظف إريكسون مفهوم هوية األنا لإلشارة إىل أزمة يفحلل االجيايب أو احلل السليب، و االنمو يف مرحلة املراهقة و بدايات الشباب حيث ميثل حلها املطلب األساسي الستمرارية النمو

السوي خالل هذه املرحلة و نقطة حتول حنو االستقاللية الضرورية للنمو السوي يف مرحلة الرشد.

) بالشكل الذي identificationألنا على ما يسبقها من توحدات(يعتمد تشكل هوية او تكاملية جديدة خمتلفة عن أصلها تكون فيه عبارة عن نتاج عملية دمج تطويرية تؤدي إىل خلق وحدة

تتضمن خلق جسر بني الطفولة و الرشد.و

ضطراب من القلق واال ) املمثلة يف درجةcrisisتبدأ عملية التشكل بظهور األزمة (و املرتبط مبحاولة املراهق حتديد معىن لوجوده يف احلياة من خالل اكتشاف ما يناسبه من املختلط و ىن أو قيمة على املستوى الشخصي عالقات اجتماعية ذات معتقدات وأهداف وأدوار و معمبادئ و

ا حماولة لإلجواالجتماعي هذه احلياة؟ ما دوري يفابة على تساؤالت مثل ( من أنا؟ و ، مبعىن آخر فإحتقيق ضطراب و يتم حتقيق اهلوية يف الظروف احلسنة بانتهاء هذا االوإىل أين أجته؟)، وتنتهي األزمة و

لية ومتاثل واستمرارية ماضيه وحدته الكبالذات ممثال يف إحساسه بتفرده و املراهق لإلحساس القوي املتطلبات الشخصية امللحة و يق بني احلاجاتالتوفوحاضره ومستقبله و قدرته على حل الصراع و

ينعكس ذلك سلوكيا يف قدرته على سه بواجبه حنو ذاته وجمتمعه، و االجتماعية بدرجة تؤكد إحساا، والتزامه باملثل االجتماعية بدال من مواجهتها اختيار قيمه و مبادئه و أدواره االجتماعية و التزامه

يته اجلديدة املتمثلة يف اإلحساس بالثبات .، عند هذه املرحلة يكون األنا قد اكتسب فعال

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

69

على العكس يؤدي الفشل يف حل أزمات النمو يف مرحلة الطفولة إىل اضطراب اهلوية يف و مرحلة املراهقة ، ويأخذ هذا االضطراب من وجهة نظر أريكسون إىل منطني أساسيني، يتمثل األول

يف حل األزمة مما يؤدي إىل اإلحساس حيث يفشل املراهق role confusion)يف اضطراب الدور(أهداف ثابتة ذات معىن أو قيمة شخصية و اجتماعية ت و عدم القدرة على تبين أدوار و املهلهل بالذا

) و املرتبطة بدرجة أعلى من négative identity، و يتمثل النمط الثاين يف تبين اهلوية السالبة()، حيث يلعب دورا أكثر سلبية يف حياة الفرد innerfragmentationاإلحساس بالتفكك الداخلي(

ملارشا تفصيل يف هذه تماعيا كاجلنون وتعاطي املخدرات، و و يدفع إىل ممارسة أدوار غري مقبولة اج .1) )2القضايا حبسب امللحق(

ذا نكون قد حاولنا بإجياز شديد تتبع تطور التفكري يف مفهوم اهلوية، من خالل التعرض نظرين الذين اهتموا باملوضوع، و لكن على الرغم من ذلك إال أنه البد أن نشري إىل أن لكوكبة من امل

الدراسات اليت تعرضنا هلا إىل غاية اآلن مل نلمس فيها بعد ما يربط مفهوم اهلوية باجلماعة بشكل وية األنا، واضح و صريح، فإىل غاية اآلن كان مجيع ما أشرنا إليه قد تناول باب اهلوية الشخصية أو ه

أو منو األنا، وبشكل عام كل ما يرتبط بالفرد، إال أن الدراسات اليت برزت بعد ذلك شقت سبيال آخر من خالل البحوث اليت ربطت اهلوية باجلماعة وسعت لتفتيت هذه اإلشكالية املطروحة، لذا

اسي الذي نسعى لتوضيحه سنعمد فيما يلي إىل تناول مفهوم اهلوية اجلماعية والذي يعد احملور األسمن خالل هذا املبحث البسيط، وبداية حناول أن نستهل ذلك من خالل رصد أهم التعريفات اليت ميكنها أن توضح لنا املفهوم بشكل جلي، ألنه سبق و أن أشرنا إىل إشكالية املفهوم و صعوبة

لتوضيحه.ضبطه، لكن على الرغم من ذلك فإننا نسعى حملاصرة املفهوم يف حماولة

األخالقي لدى عينة من الذكور يف مرحلة املراهقة شكل هوية اآلنا بنمو التفكريد. حسني عبد الفتاح الغامدي، عالقة ت - 1 ،م س. الشباب باملنطقة الغربية من اململكة العربية السعوديةو

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

70

الهوية الجماعية : - 5

إن االنتقال للحديث عن اهلوية اجلمعية أو هوية اجلماعة قد يثري التساؤل حول عالقة هذا املنطوي حتت مسمى اهلوية الفردية أو الشخصية ، وكإجابة من اهلوية مبا مت التطرق إليه، و الشكل

إطار اهلوية الفردية ميثل القاعدة النظرية اليت انبثقت ميكننا أن نقول ببساطة إن ما متت اإلشارة إليه يف وية اجلماعة، لكن مثل هذه اإلجابات قد تكون بديهية أو سطحية ألن عنها الدراسات اخلاصة العالقة القائمة ما بني اهلوية الفردية و اهلوية اجلمعية تتميز بروابط و جسور قوية، ألن مفهوم اهلوية

يتبلور إال يف ضوء ثنائية األنا واآلخر، و يف هذا السياق يشري حممد مسلم الفردية ال ميكنه أن ذه الوحدة الذي يزيده اطمئنانا و متاسكا ال امتحدث عن مفهوم اهلوية قائال: "ولكن هذا الشعور

ميكن أن يتحقق إال من خالل املواجهة مع اآلخرين ، ألن اآلخر أو الغري يعكس للفرد الصورة ا عن نفسه، و حلقيقية ا من هذا املنطلق فإن مفهوم اآلخر يلعب دورا حيويا يف تكوين اليت يكو

ا بعيدا عن . و يضيف قائال :" لذلك فإن الصورة عن الذات ال ميكن ل1اهلوية" فرد أن يكو .2، بل جيب أن تظهر باملقارنة معهم"اآلخرين

أو خنضعه للدراسة و البحث مبعزل بذلك فاإلنسان ككائن اجتماعي ال ميكننا أن ننظر إليه ا عن حميطه و بيئته، و يف هذا املعىن جند هاملس يصرح بقوله:" رغم أن اهلوية تنسب إىل األفراد إال أ

ذا ميكننا أن نربط 3ترتبط باجملموعات االجتماعية اليت ينتسب هلا األفراد و يصنفوا على ضوئها " .ه خبصوص اهلوية اجلماعية، و لتحديد ميكانيزمات اهلوية ميكننا أن بني ما مت التطرق إليه وما سنباشر

مستويات ثالث: ندرج تصور د.خضر لطبيعة اشتغال اهلوية من خالل قوهلا:" تتحدد اهلوية يف العالقة بني هذه املستويات الثالثة تتحدد أساسا حسب نوع الفردية الوطنية والقومية، واجلمعية) و

87حممد مسلم، م س، ص: - 1 91م ن ، ص: - 2 .13هاملبس و هولبورن ، م س ، ص: - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

71

، فإذا كان هذا اآلخر داخليا فاهلوية الفردية تفرض نفسها ك(أنا) و إذا كان (اآلخر) الذي تواجهههذا اآلخر يقع يف دائرة األمة فاهلوية الوطنية و القومية تفرض نفسها حمل ( األنا ) و إذا كان هذا

هكذا تتحرك اهلوية على دوائر متداخلةة اجلمعية متأل مكان ( األنا ) و اآلخر يقع خارجها، فاهلوي .1ذات مركز واحد"

ا موضوع واحد يتحدد لونه بطبيعة اآلخر من هنا جند د. خضر تتحدث عن اهلوية و كأاملتمثلة يف (األنا) الشخصية أو الفردية نكون وسط الدائرة الصغرى للذات و الذي تواجهه الذات ، ف

ن الدائرة الوسطى لذات لتعرب ععندما يكون اآلخر فردا ينتمي إىل نفس اجلماعة، وتتضخم هذه الكنه ال ينتمي إىل اجملموعة الوطنية و املمثلة للهوية الوطنية والقومية كما أشارت، عندما يكون اآلخر و

داخل احلدود الواسعة لألمة، أما إذا حتول األخر ليكون فردا أو مجاعة من خارج دائرة األمة فهنا تتحرك اهلوية اجلماعية.

ضر يؤكد لنا مرة أخرى هذه العالقة القائمة ما بني منطي إن هذا التصور الذي تطرحه خاهلوية الشخصية و اجلمعية ، و يف نفس الوقت جيعلنا نتساءل حول املرجعية اليت انطلقت منها يف حتديد مثل هذه الدوائر ، مبعىن أنه قد ال حيصل اإلمجاع حول هذا الطرح إال إذا انطلقنا من مفهوم

ا ) أن األمة اإلسالمية عام ة متثل وحدة واحدة و تندمج مجيع الشعوب ( بكل أطيافها و عرقيااملنطوية حتت لواء األمة يف هوية واحدة، أما املالحظة الثانية اليت ميكن أن نشري إليها تتمثل يف

جه اخلصوص، فجعلتها هوية وطنية التقسيم الذي اعتمدته د.خصر بالنسبة للهوية اجلماعية على و يكون اآلخر من ية حبسب احلالة ، فاهلوية اجلمعية جندها تسميها باهلوية الوطنية عندما مجاعوقومية و

تكون اهلوية قومية عندما يكون األخر من خارج حدود القومية و كمثال خارج حدود الوطن و لتوضيح ذلك ميكننا أن نقول أننا نكون بصدد احلديث عن اهلوية الوطنية اجلزائرية عندما يكون

353، ص:2009، القاهرة، 1امل الكتب، طع ! لطيفة ابراهيم خضر، هويتنا إىل اين؟ - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

72

تنبعث هوية قومية عندما يكون هذا اآلخر خارج حدود القومية الوطن، و من خارج حدود هذا اآلخراجلزائر دولة عضو يف العربية متثل فضاء هذه القومية و العربية باعتبار أن الدول املمثلة يف اجلامعة

ون هذا عندما يك اجلامعة العربية و بالتايل تنتمي إل هذا الفضاء القومي، و أخريا تنبعث هوية مجاعيةا اآلخر من خارج األمة، ا تلك الرسومات ( اليت نشر وكمثال على ذلك نلمس املشاعر اليت أثار

ذا سلم يف كافة البالد اإلسالمية، و اجمللة الدامنركية) حني تعرضها لشخص الرسول صلى اهللا عليه و امللحقة باهلوية لتحديد التعبري، اتنعود للقول بأن الباحث قد يصادف عددا من التسميات واملفرد

قد تتفرع هذه التسميات أيضا إىل عدد من املسميات األخرى ، لذا سنعمد بعد حني إىل حتديد و املشرتكة من ، ويف هذا الصدد يشري أليكس بقوله:" لقدر درست اهلوية ةاملصطلح الذي تناولته الدراس

ية مجعية ، هو حتت تسميات عديدة: مثل هوية مشرتكةقبل السوسيولوجيني واألنرتوبولوجيني واملؤرخنيبينت هذه الدراسات وجود "أنا اجتماعية أولية مشرتكة بني مجيع األفراد الذين أو هوية أولية. و

ترتكز هذه األنا على مبدأ املشاركة االنفعالية األساسية يف إطار تمون إىل مجاعة واحدة متماسكة، و ين . 1اجلماعة"

ذه التسميات يؤكد لنا أ ليكس من خالل هذا النص ، ما ذهبنا إليه أعاله واملتعلق وية املشرتكة و اهلوية اجلمعية واهلوية األولية واليت كلها املستعملة للتعبري عن اهلوية، فها هو يشري إىل اهل

ا تعد مبثابة مرادفات ملفردة اهلوية اجلمعية ، كما تعرب عن نفس املوضوع الحظنا ذلك مع ما ، مبعىن أ وظفته د.خضر.

كما هقبل الشروع يف توضيح املفهوم من خالل حماصرته جبملة من التعريفات نظرا النفالتو ذي يتناوله هذا اجلزء من البحث هو مشار إليه يف السابق، نود أن نضبط قبل ذلك املصطلح ال

هوم الذي عرب عنه أ. د. إبراهيم أبراش حنن نتبىن هذا املصطلح باملفملقصود به " اهلوية اجلماعية" و او

103، ص:1993، دمشق، سنة 1باعية، طاليكس ميكشيللي، اهلوية،تر: د.علي وطفة، دار الوسيم للخدمات الط -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

73

ذا املعىن هي شعور الفرد collective identitéاجلماعية( بقوله " سنعاجل هنا اهلوية ) واهلوية .1باالنتماء إىل مجاعة أو مجاعات معينة"

نستعمل مصطلح اهلوية صر اجلماعة يف الشعب اجلزائري، و ذا فإننا بداية نود أن حننفس املفهوم الذي أشار إليه إبراهيم أبراش، أي أن تكون اهلوية اجلماعية مبعىن شعور الفرد اجلماعية ب

باالنتماء إىل الشعب اجلزائري.

هذه احملددات اليت وضعناها كإطار لضبط املصطلحات جندها ال تتعارض مع التعريف و املتخصصة ةاسات األكادمييالذي يعطيه حممود حسني للهوية بقوله:" من االستقراء لألدبيات والدر

عن اهلوية تشري إىل أن هوية أمة هي هوية تارخيية و التاريخ هو الذي يشكلها و هذا يعين أن ال هوية خارج اجملتمع والتاريخ، فاألمة وحدها متلك اهلوية سواء كانت مجاعة كبرية أو صغرية، شرط متاثل

.2"أفرادها و انصهارهم يف الوجود اجملتمعي اجلماعي

بتطبيق هذا التعريف على ما ذكرناه سابقا فإننا جند أن شرط وجود مجاعة سواء أكانت و ي يتحقق يف مجاعة الشعب كبرية أو صغرية يتماثل أفرادها و منصهرين يف الوجود اجملتمعي اجلماع

ا ت تضرب جبذوره، باإلضافة إىل عنصر التاريخ فهذا الشعب موجود على هذه األرض لفرتااجلزائريومن مث فبإمكاننا أن نتحدث عن هوية هذا الشعب الذي استوىف شروط احلديث يف عمق التاريخ،

ا فنجد إبراهي معن هويته حبسب تعريف حممود حسني . أما إذا رجعنا لتعريف اهلوية يف حد ذاصائص اليت أبراش يعرفها بقوله: " تتفق أغلب التعريفات بأن اهلوية مبفهومها العام هي جمموعة من اخل

ميكن للفرد عن طريقها أن يعرف نفسه يف عالقته باجلماعة االجتماعية اليت تنتمي إليها و اليت متيزه دفة أو عن األفراد املنتمني للجماعات األخرى ، هذه اخلصائص أو املميزات اجلمعية ال تتكون ص

nation.orgwww.palأ.د.إبراهيم أبراش، الفكرالعريب ومسألة اهلوية يف عصر العوملة الثقافية . -1 الطيب عبد اجلليل حممود حسني، م س. - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

74

على مدار تاريخ اجلماعة من ، بل تتجمع عناصرها و تطبع اجلماعة بطابعهابقرار يف حلظة تارخيية ماا (الواقع االجتماعي) وتعبريات شائعة مثل: الرموز طإلبداعي (الثقافة) و خالل تراثها ا ابع حيا

أهم مكونات اهلوية هي تلك اليت تنتقل بالوراثة داخل والعادات والتقاليد، واللهجة أو اللغة، و القيم والرتاث الثقايف(...) وجيب األساطري و حيويتها بينهم مثل : اجلماعة و تظل حمتفظة بوجودها و

.1الوعي باهلوية " و ةتوفر عنصرا االنتماء للجماع

إن تعريف اهلوية حبسب رأي إبراهيم أبراش يركز على قضية املميزات العامة اليت متيز مجاعة من و اجلماعة،حمددة عن غريها من اجلماعات، و هذه اخلصائص اليت يتبناها الفرد ليثبت انتمائه هلذه

مث ميكنه أن يعرف نفسه وفق عالقة االنتماء إىل هذه اجلماعة ، و عليه فإن احملور األساسي الذي يدور حوله هذا التعريف اخلاص باهلوية يتمثل يف جمموع املميزات اليت متيز اجلماعة وهو نفس املفهوم

ا الذي يذهب إليه د.خالد بن عبد اهللا القاسم يف تعريفه للهوية قائال:" إن هوية أية أمة هي صفاذا يتفق التعريفان حول القصد من 2اليت متيزها عن باقي األمم لتعرب عن شخصيتها احلضارية" .

ا متثل تلك اخلصائص اليت ت ا مجاعة أو أمة عن غريهااهلوية، حبيث أ ، إال أننا جند إبراهيم تميز ذه ا خلصائص بكوننها ال تتشكل صدفة أو بقرار يف حلظة تارخيية ما، أبراش يفصل أكثر فيما يتعلق

بل تتبلور من خالل خماض تعيشه األمة عرب فرتات تارخيية، بالصورة اليت تكون فيها هذه املميزات ا، كما جنده يطرح فكرة مستوحاة و يف نفس الوقت تعرب عن تراثها اإلبداعي وثقافتها و طابع حيا

، وأن أهم تلك املكونات هي اليت تنتقل بالوراثة اعىن أن للهوية عناصر تتشكل منهمكونات اهلوية، مب لألجيال الالحقة.

م س أ. د. إبراهيم أبراش، - 1 www.faculty.ksu.edu.saد. خالد بن عبد اهللا القاسم، العوملة الثقافية و أثرها على اهلوية -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

75

ميكننا أن نستنتج مما سبق أن اهلوية هي روح عامة تطبع مجاعة ما على فرتات طويلة من ز والعادات افة اجلماعة، الرمو التاريخ و هذه الروح تتشكل من مكونات حيددها التعريف كالتايل: ثق

التقاليد، اللهجة أو اللغة، األساطري، القيم.و

إن هذه العناصر اليت تشكل مكونات هوية اجلماعة و هي يف نفس الوقت تعابري عن هذه ا جمموعة كبرية من اهلوية، ال متثل جمموع العناصر املكونة للهوية و إن كانت أبرزها، اليت تتفق حوهل

تعريف اهلوية ح الذي يؤكده الدكتور عبد اهللا الشامي بقوله : " ميكن هو نفس الطر تعاريف اهلوية، و ا شفرة (...) و ل هي شفرة، تتجمع عناصرها العرقية على مدار تاريخ اجلماعة ( التاريخ ) من خالبأ

ا االجتماعي ، باإلضافة إىل الشفرة تتجلى اهلوية كتراثها اإلبداعي ( الثقافة ) و ذلك من طابع حياا عناصر تعبريات خارجية مثل: الرموز، األحلان، العاداتخالل معلنة جتاه ، اليت تنحصر قيمتها يف أ

تنتقل بالوراثة داخل اجلماعة، ، هي تلك اليتاجلماعات األخرى (...) ولكن املالمح احلقيقية للهوية .1"القيم و الرتاث الثقايف حيويتها بينهم مثل: األساطري، و تظل حمتفظة بوجودها و و

ا اليت يتفق حوهلا التعريفانذا التعريف نؤكد التعريف السابق ملفهوم اهلوية و أهم مكو ، ناا حتيل كما جند يف نفس السياق عبد الرحيم العطري يعرف اهلوية بقولـه: "إن اهلوية يف أبسط تعريفا

عندما ننتقل عن األغيار، و الذات و املميزة على امليزة أو العالمة املنغرسة يف الذات والدالة علىباملفهوم من دائرة الفردي إىل اجلمعي، فإنه يصري داال على السمة العامة لثقافة من الثقافات ، وهي

ائية" .2مسة غري ثابتة أو

، اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب ،224هلوية يف إسرائيل، عامل املعرفة، العدد د.رشاد عبد اهللا الشامي، إشكالية ا - 1

. 07، ص:1997الكويت، أغسطس/آب www.ejtemay.comعبد الرحيم العطري ، البحث عن اهلوية سرد تارخيي لتطور املصطلح، -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

76

لكن التعريف هنا يؤكد على ما هي إال ميزة متيز اجلماعة ، و يتأكد لنا مرة أخرى أن اهلوية ا امليصنف من امليزات و هي تلك ا ليست زة اليت تعرب عن جوهر اجلماعة و ملنغرسة يف الذات، مبعىن أ

ولفرتة وجيزة نتيجة ظروف طارئة تؤثر على اجلماعة، لتزول امليزة السطحية اليت قد تبصم اجلماعةبزواهلا، باإلضافة إىل ذلك فإننا نلمس وكأن التعريف هنا يطابق ما بني مفهوم اهلوية ومفهوم الثقافة،

، ولكن األهم من ذلك وخبالف التعريفات السابقة جنده مى باهلويةاعتبار الثقافة هي روح ما يسبائية. ا غري ثابتة أو يشري إىل قضية جوهرية من خالل حتديده هلذه السمة بكو

ا معطى ثابت غري قابل للتغري لذا ميكن أن ندرجها إن التعريفات السابقة تعرف اهلوية وكأن أن نطلق عليه بالتعريفات الستاتيكية ، عكس ما أشار إليه العطري بأن اهلوية غري ثابتة يف ما ميكائية . أو

ا حتيل على األفكار التالية: و بشكل عام ميكننا القول :" تعرف اهلوية عادة بكو

ا هذه اخلصوصية.ما مييز خصوصيتنا و - الكيفية اليت نتمثل

ر و السلوك املتماثل.طرق التفكري و الشعو -

.1جمموع السمات احلضارية املرتبطة بعمق اجملال التارخيي " -

من خالل هذا التعريف ميكننا أن حندد اخلطوط العريضة اليت يالمسها مفهوم اهلوية من ا اجلماعة هذه اخلصوصية ، و خالل كل ما ميثل خصوصية اجلماعة و كذلك الكيفية اليت تتم يف ثل

س على مستويات التفكري والشعور والسلوك املتماثل، ضمنية لقضية هذا الوعي الذي ينعك هذا داللةا السارة منها و أخريا يعود إىل املعطى التارخيي و ما بصم به هذه اجلماعة من و القاسية، خالل جتار

حول خطاب األمازيغيةو سؤال اهلوية، سلسلة الدراسات ، حول خطاب اهلوية باملغرب، األمازيغية د. حممد أتركني، م س -1

45اهلوية باملغرب ، ص:

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

77

قوله:" يرى وتأكيدا للتوجه املخالف للنظرة الستاتيكية للهوية، جند صاحل اهلرماسي يعرف اهلوية ببعض الباحثني أن هوية األمة" اليت هي حقيقتها املميزة هلا تتشكل من عنصرين أساسيني : منط

الذي أنتج ذلك النمط ، فهذان العنصران مها اللذان يالعالقة بني األفراد، و املنطلق اإليديولوجا من األمم األخ ا تشيعطيان لكل أمة حقيقتها اليت تتميز خصها يف الواقع، رى، و يكون

ا يف التاريخ"و .1صريور

كنا قد هلما منط العالقة بني األفراد، و إن املؤلف يؤسس تعريفه للهوية من خالل حمورين أو لكننا جنده يدرج الذي يتميز به أفراد اجلماعة ، و ملسنا هذا يف التعريفات السابقة مبعىن السلوك العام

تمثل يف املنطلق اإليديولوجي ، فاإليديولوجي مبفهومه العام معطى آخر من خالل احملور الثاين واملا أكثر مما يقرتب يقرتب من اجلانب التنظريي املوجه لضبط أسلوب تنظيم اجلماعة و تسيري شؤومن اجلانب التارخيي الذي أكدته التعريفات السابقة ، و اجلانب األيديولوجي غري ثابت، فقد تقرر

ن حلظات التاريخ من تغيري أيديولوجيتها، من هنا جند أن التعريف يذهب اجلماعة يف أي حلظة م أيضا يف املنحىن الذي يرى بأن اهلوية معطى غري ثابت ، بل بإمكانه أن يتغري و يتطور .

ميكننا اآلن أن نرسى على تعريف بسيط و معرب عن جممل التعريفات السابقة بقولنا:" إن تية و التفرد و السمات السلوكية اليت متيز اجملتمع عن غريه و أن اهلوية مضمون اهلوية يدور حول الذا . 2ترتبط باالنتماء ارتباطا وثيقا"

ذا فاهلوية تعرب عن مسات خاصة جبماعة دون غريها و جمموع السلوكيات وردود األفعال تمائهم للجماعة من خالل اليت متيز أفراد اجلماعة و كذا عالقة أفرادها فيما بينهم و تأكيدهم على ان

تبين هذه السمات العامة اليت متيز اجلماعة.

24، ص:2001عاصر، دار الفكر، دمشق، حممد صاحل اهلرماسي، مقاربة يف إشكالية اهلوية املغرب العريب امل -1 354د. لطيفة إبراهيم خضر، م س ، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

78

إننا حىت ولو كنا قد توصلنا إىل هذا التعريف البسيط و الذي ميثل نقطة تقاطع العديد من من بني مظاهر ا فاملفهوم يستعصي على الضبط، و التعريفات اخلاصة باهلوية ، إال أنه كما أشرنا سابق

نلمسه من تداخل املفهوم مع مجلة من املفاهيم األخرى، مثلما الحظنا ذلك مع هذا االستعصاء ماصاحل اهلرماسي الذي وظف مفهوم االيدولوجيا يف تعريفه للهوية، وفيما يلي حناول أن نشري إىل جمموعة من التعريفات اليت يرتبط فيها مفهوم اهلوية مبفاهيم أخرى من بعيد أو من قريب لنعود بعد

وضيح هذه املفاهيم اليت تتقاطع و مفهوم اهلوية، وبداية جند صاحل اهلرماسي يتساءل قائال:" ذلك لتميكننا التساؤل عن املفهوم اخلاص هلوية شعب ما من الشعوب غري املفهوم العام الذي ينطوي على

هي فكرة التميز من الغري، هل هوية شعب ما هو الثابت و املشرتك بني أفراد ذلك الشعب ؟ أما جمموع هذه اهلويات؟ و هويته القومية أو الثقافية أو الوطنية . 1ما مكونات هذه اهلويات؟"، أم أ

مفهوم اهلوية اجلماعية، مجلة من املصطلحات اليت تتقاطع و ذا جند اهلرماسي يشري إىل غري بعيد اجلماعية، و ذه املفاهيم باهلوية معددا كل من اهلوية القومية ، الثقافية و الوطنية و عالقة هيصعب ة و احلضارة مبفهوم اهلوية بقوله:"عن ذلك جند د.إبراهيم أبراش يربط ما بني مفهومي الثقاف

ا على العامل العريب دون ربط املوضوع بالثقافة ، سواء مبفهومها الضيق مقاربة ظاهرة العوملة وانعكاساذا جنده يطا 2الذي يتماهى مع مفهوم اهلوية..." بق ما بني مفهوم الثقافة مبفهوم اهلوية ، و يف ،

، فما القصد من 3تعبري د.خضر قائلة :" فاهلوية هي حتديد للشخصية الذاتية جلماعة بشرية معينة" الشخصية ؟ و ما عالقتها باهلوية؟

صطلحات أخرى مثل الرتاث كما ميكننا أن ندرج باإلضافة ملا سبق من مصطلحات ، ماليت نرى أن هلا عالقة ما مبفهوم اهلوية اجلماعية أو على األقل نعتقد ي اجلمعي و واحلضارة والالوع

24مد الصاحل اهلرماسي م س، ص:حم -1

أ. د. إبراهيم أبراش .م س . - 2 .364ص:م س ، د. لطيفة إبراهيم خضر، - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

79

ذلك ، لتتضح الصورة بعد تناوهلا مجيعا بالدراسة على أننا سنتناول هذه املصطلحات بكثري من اإلجياز ألن املقام ال يتسع للبسط و التفصيل فيها، و بداية مع مفهوم اإليديولوجيا.

وجيا : اإليديول - أ

لقد تصدى العديد من املفكرين ملصطلح االيدولوجيا سواء دوركايهم أو ماركس أو أجنلز أو كيفية تتبع مراحل تطور املصطلح و قد نعثر يف بعض هذه الدراسات على" أو غريهم، و ت"دست وا

ا عرب التاريخ، كما أسهم هؤالء بالعديد من التعريفا ت الفلسفية تبلوره ، و املعاين اليت تلون للمصطلح و اليت قد تزيده غموضا لطبيعة تفرعها و هي مسة ارتبطت باملصطلح منذ بداياته حيث يقول عبد إله العروي :" أن كلمة إيديولوجيا دخيله على مجيع اللغات احلية، تعين لغويا يف أصلها

، ملان و ضمنوها معىن آخرعارها األالفرنسي ، علم األفكار، لكنها مل حتتفظ باملعىن اللغوي، إذ است. فمن خالل هذه االنطالقة اليت 1مث رجعت إىل الفرنسية فأصبحت دخيلة حىت يف لغتها األصلية"

مكنت املصطلح من أكثر من معىن، يشرح لنا العروي الغموض الذي لف املصطلح على تباين ما نسعى لتقدمي تعريف رالدراسات اليت تناولته، لكننا ال نود أن خنوض يف هذه اإلشكالية بقد

السياق الذي ارتبط فيه املصطلح مبفهوم اهلوية و يف هذا املقام يعرف د.شبل بدران يتوافق و ترب ارتباطها الوظيفي مع مصاحل اإليديولوجيا بقوله:" هي مجلة اآلراء املمنهجة نسبيا ، اليت يع

ت على أرضية التجربة أت و انتشر طموحات فئة اجتماعية مستها املميزة ، و تدخل فيها أفكار نشو ، كما تدخل فيها ية ، من أجل وصف الواقع وتقييمهالشروط احلياتية للفئة االجتماعية املعنالتارخيية و

. 2التوجهات السلوكية املشتقة من هذه األفكار"

.9، ص:1993، بريوت ، 5 العريب، طعبد اهللا العروي، مفهوم اإليديولوجيا، املركز الثقايف - 1اخلدمات و بنية النظام السياسي، مركز احملروسة للنشر و ة د.شيل بدران، الرتبية و األيديولوجيا: دراسة يف العالقة بني الرتبي - 2

.36، ص:2008املعلومات، القاهرة، الصحفية و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

80

ا أفكار ممنهجة تنتجها فئة اجتماعية يشري الكاتب بوضوح يف تعريفه لأليديولوجيا على أية صلبة شكلها تاريخ هذه الفئة وظروف هذه األفكار تقوم على أرض، و اطموحاها و مة مصاحلخلد

ا ذا املفهوم لأليديولوجيا يكون الكاتب يف توافق مع التعريف السابق الذي أوردناه للهرماسي حيا .ا أفكار ممنهجة ترمي من كون األيديولوجيا عنصر أساسي يف حتديد هوية اجلماعة، من حيث أ

ذا املفهوم ميكن أن تكون األيديولوجيا مبثابة روح هوية اجلماعة اليت يربط لتحقيق مصاحل اجملموعة ، أفرادها تاريخ مشرتك و مصري مشرتك .

يضيف د. بدرات تعريف آخر لإليديولوجيا بقوله:" األيديولوجيا جمموعة املفاهيم اليت و ا مجاعة من البشر عن أوضاعها يف ظ . وهذا التعريف يقربنا أكثر من مفهوم 1رف تارخيي معني"تكو

ون مبثابة وعي اجلماعة بواقعها اهلوية ، فاإليديولوجيا اليت تنتجها اجلماعة من منطلق هذا املفهوم تكبالتايل فهذه البعد التارخيي هلذه اجلماعة، و هذا الوعي ال ميكن أن يكون خارج وبظروفها، و

ويتها عن وعي، الرتباطها ببيئة تجتها اجلماعة تأخذ بعني االعتبار مالمح هاإليديولوجيا اليت أن، بل البد ماعة ال ميكن أن تنشأ من عدمأوضاع اجلماعة . بذلك ميكننا أن نقول بأن إيديولوجيا اجلو

وية اجلماعوواقعها وظروفها، و أن تأخذ بعني االعتبار تاريخ اجلماعة ة، كل هذا يرتبط ارتباطا وثيقا ، يعجزوا عن حتقيقها فرادى، أساسا من أجل حتقيق مصاحل مشرتكةيتجمعون دوإذا علمنا أن األفرا

يكون يف ذات الوقت و الذي يستقطب أفراد هذه اجلماعةفذلك يؤكد كون اهلوية مبثابة الشعار الكبري تكون مبثابة االمسنت الذي يقوي أواصر ترابط اجلماعة، لكن من خالل التعريف السابق

كعنصر مهم هلذه اجلماعة يزيد من ترابطها و يرسم أمامها الطريق بكل وضوح لتحقيق اإليديولوجيةة أن تنطلق يف مشروعات تطويرية :" ال تستطيع مجاعا، ويف هذا السياق يقول د. بدرانمصاحله

.37م ن ، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

81

ا و عن الوسائل الكفيلة بتحقيق و لي هذه احلاجات ما يحتريرية ما مل تكن قد بنت تصورا عن حاجاا"و ا لتحقيق مأر . 1التصورات، أي ما مل تكن قد أنشأت أيديولوجيا تسرتشد

الحضــارة : - ب

إن مفهوم احلضارة مفهوما رحبا يشمل جممل مناحي حياة اإلنسان، و يعرفها معجم العلوم ة هي اجملتمعات اليت تعرف اإلنسانية كالتايل:" تعترب احلضارة نقيض الرببرية، فاجملتمعات املتحضر

ذا التعريف جند أن احلضارة ترتكز على بعض العناصر 2الدين، و األخالق و األعراف احلميدة" .اليت تؤسس أيضا لتعريف اهلوية فكل من الدين و األخالق و األعراف متثل عناصر حتدد لنا طبيعة

احلضارة ما هي إال صورة من صور هوية اجلماعة، من هنا ميكننا أن نقول حبسب هذا التعريف إن لتقدم الروحي واملادي لألفراد اهلوية. هذا ما يؤكده ألربت بتعريفه للحضارة قائال:"إن احلضارة هي ا

.3اجلماهري على السواء"و

ذا التعريف على اجلانب الروحي ا من لذي يتأسس عليه مفهوم احلضارة، و يؤكد الكاتب كبريا ما بني احلضارة و اهلوية بشكل عام، إال أننا ندرك بأن مفهوم هذا املنظور ال نلمس تباينا

احلضارة أعم من مفهوم اهلوية، ذلك ما يؤكده احلسن املراكشي بقوله:" احلضارة طريقة حياة نشأت ، احلضارة تشمل الفن مدن أو جمتمعات نظمت يف شكل دول بعد أن بدأ الناس يعيشون يف

من هذا املنظور فإن ر يدخل يف طريقة حياة اجملتمع، و كل شيء آخسلطة و وشكل الوالعادات والتقنية

37د. شيل بدران، م س ، ص: -1ر معجم العلوم اإلنسانية ، إشراف: جان فرانسوا دورتيه، تر: جورج كتورة،كلمة و جمد املؤسسة اجلامعية للدراسات والنش -2 .350، ص:2008توزيع، بريوت، وال 34، ص:1963ة العامة للتأليف و الرتمجة والنشر، مصر،ألبريت أشقيتسر، فلسفة احلضارة، تر:عبد الرمحن بدوي، املؤسسة املصري -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

82

املعقدة ة و تشمل أسلوب احلياة البسيطة و احلضارة مماثلة للثقافة تشري إىل وسيلة ما من وسائل احليا .1اجتماعية" تتصف بنظم اقتصادية وحكومية و فتشري فقط إىل أساليب احلياة اليت أما كلمة احلضارة

أيضا من خالل هذا التعريف مدى ترابط كل من احلضارة و الثقافة واهلوية على أن نلمس ة عن اهلوية اجلمعية جلماعة تبقى احلضارة تعبريا أعم ، فهي و إن كانت تشمل مجيع العناصر املعرب

ا تشمل أيضا عناصر أخرى خارج نطاق اهلوية، كمجمل ما تنتجه اجلماعة من تقنية ما ، إال أل السلطة، وغري بعيد عن هذه السياقات جند أبو زيان الزيلعي يعرف احلضارة بقوله: "يذهب وأشكا

البعض إىل اعتبار احلضارة أسلوب معيشي يعتاد عليه الفرد من تفاصيل صغرية إىل تفاصيل أكرب ن يعيشها يف جمتمعه و ال يقصد من هذا استخدامه إىل أحداث وسائل املعيشية بل تعامله هو كإنسا

من املمكن تعريف ، و امع األشياء املادية و املعنوية اليت تدور حوله و شعوره اإلنساين اجتاههما الفنون و التقاليد و املرياث الثقايف و ا التقين الذي لتارخيي و مقدار التقدم العلمي و احلضارة على أ

متتع به شعب معني يف حقبة من التاريخ .

ات والتقاليد وأسلوب كل ما مييز أمة عن أمة من حيث العاد إن احلضارة مفهوم شامل تعينل حضارة على اإلبداع األخالقية و مقدرة اإلنسان يف كالبس والتمسك بالقيم الدينية و املاملعيشية و

ذا التعريف أساسا، إىل جانب ما سبق نالحظ أن تعريف احلضارة 2العلوم"يف الفنون واآلداب و . أن مفهوم احلضارة تعرف أيضا من خالهلا، إالر اليت تعرب عن اهلوية، و عناصيرتكز على نفس ال

، جنده يشمل أيضا جانب اشتماله جممل عناصر اهلوية أوسع من مفهوم اهلوية، فهو إىلمفهوما أعم و مجيع ابتكارات اإلنسان سواء يف اجملال التقين أو الفكري أو غريها من االجنازات اليت ينجزها الفرد

احل اجلماعة.لص

- : ا الثقافة حسب السياق العام ا، فاملفردة املس مطبعي يف املقال األصلي ئنعتقد بوجود خط الباحث لوارد .طر حتتها يقصد www.aboukhar2.maktoobblog.comاحلسن املراكشي، تعريف احلضارة، -1 www.aboukhar2.maktoobblog.comأبو زيان الزيلعي، تعريف مفهوم احلضارة، -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

83

الالوعي الجمعي: - ج

إن من بني جممل املصطلحات اليت قد ترتبط مبفهوم اهلوية، ميكن أن نعثر على مفهوم الالوعي اجلمعي، و الذي يعد أكثرها تداخال مع مفهوم اهلوية، فاحلديث عن الالوعي عموما حييلنا

مكبوتات الفرد، فيها مجيع جتارب وخربات و تستقر إىل تلك املنطقة املظلمة يف نفس اإلنسانية واليت لكننا بإضافة صفة اجلمعي هلذا الالوعي فالوضع قد يتزحزح قليال حبيث تصبح هذه املنطقة املتمثلة يف الالوعي اجلمعي ختتزن كل ما هو مشرتك بني أفراد اجلماعة ، ذلك ما يشري إليه سعيد احلناوي يف

كون من عدد من التقاليد و األعراف املهيمنة يف بيئة حبد معرض حديثه عن الالوعي اجلمعي " املا ، حبيث يصبح القول إن هذه األعراف و التقاليد قد اختذت طابعا شخصيا يف كيان الفرد ذا

ا هو ، و ليس اجملموع" .1فبدت يف سلوكه الفردي على أ

ليها مجاعيا يف إطار مبعىن أن الالوعي اجلمعي خيتزل مجيع األعراف و التقاليد املتفق عا قنا ذا جند عات شخصية توجه سلوكه العام ، و اجملتمع أو اجلماعة لتتحول يف ذات الفرد على أ

الالوعي اجلمعي يشتغل مبكانيزمات غري بعيدة عن امليكانيزمات اليت تشتغل وفقها اهلوية اجلمعية من سلوكه العام، إال أن أطروحة الالوعي اجلمعي حيث تبين الفرد مسات اجلماعة و مبادئها و متظهرها يف

يتوافق عليها أفراد اجلماعة، يف حني جند تسلوكيايف ذات الفرد من مناذج و أفكار و تتعلق مبا استقر وهو يتحرك لتبين أفكار ومسات أطروحة اهلوية تسري يف عكس هذا االجتاه حبيث ترصد الفرد

ا ةليها، فالالوعي اجلمعي أقرب إىل عملية جربيمعتقدات اجلماعة ليتمكن من االنتماء إو يؤثر السلف و اجلماعة على الفرد لترتشح يف ذاته تلك املعاين املشرتكة، لكن أطروحة اهلوية اجلمعية بعيدة عن جمال الالوعي و ما يرتشح فيه من خربات ، بل على العكس من ذلك فقد أشارت التعريفات

، 1ناشرون، طالسلوك، الدار العربية للعلوم رؤوف سعيد احلناوي، الالوعي اجلمعي و أثره يف الذاكرة الشعبية و أمناط - 1

25، ص:2008بريوت ،

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

84

بدأ الوعي . وعي الفرد خبصوصيته ومساته اليت تؤهله لالنتماء هلذه السابقة للهوية و ركزت على م اجلماعة ، و وعي اجلماعة خبصوصيتها اجتاه اجلماعات األخرى .

الذهنيــة : - د

يرتبط مفهوم الذهنية مبفهوم اهلوية ارتباطا وثيقا بالشكل الذي ميكننا أن نعتربه مبثابة ردود و كذا بأفعاله و الفرد واجلماعةرتبط بشكل مباشر بسلوك التمظهر املادي للهوية ، فالذهنية ت

الثقافة أفعاله، و إذا أردنا تعريف الذهنية فيمكننا أن نقول: " إن مفهوم الذهنية يغطي مفهومذلك على حنو مشويل، فالذهنية هي اخلربة املكتسبة اليت يشرتك فيها مجيع أعضاء اجلماعة، املستبطنة و

ذلك من أجل ية مرجعية مستمرة و ال شعورية و ة كحال الثقافة املستبطنة تأخذ وضعوحال هذه اخلرب . 1إدراك األشياء ، و من أجل حتديد األحداث و توجيه السلوك"

ا تؤثر من هنا يبدو لنا أن الدور الذي تلعبه الذهنية يتوافق متا ما مع اهلوية من حيث إيكس تعريفه للذهنية بقوله:" تشري الذهنية باللغة الدراجة إىل توجه سلوك الفرد أيضا ، و يواصل إلو

حالة نفسية داخلية وإىل طريقة للنظر إىل األشياء واليت تنطلق من مبادئ أساسية ، و هي طريقة يف النظر إىل األشياء ترتبط عفويا مع آداب سلوكية قابلة للمالحظة و يف إطار هذا املعىن ميكن للمرء

سلوكية اليت تشكل قاعدة التصرف املبادئ الو ية ذهنية؟ و ذلك من أجل إدانة األخالق أن يقول أا على رؤية خاصة للعامل وعلى طريقة للتعامل مع األشياء ) فالذهنية تنطوي يفوالسلوك، (... ذا

. بذلك أية عناصر ال على التعيني ال نعينناصر الوسط الذي حييط باإلنسان و على مواقف خاصة بعو بل يشار إىل العناصر األساسية للهوية اليت تنطلق منها الرؤية اخلاصة بالوجود ، املنطلقات األساسية

.39-38إليكس ميكلشيللي، اهلوية، م س ، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

85

للهوية . و تشكل هذه العناصر اهلامة اليت تأخذ فيه اجلماعة موقعها، العناصر العقدية و القالب . 1األساسي الذي تتشكل فيه هوية اجلماعة و أسسها"

يت حياول إليكس توضيح مفهوم الذهنية يف إطارها، عن طريق من خالل هذه الفقرة ال، اليت يشتغل وفقها مفهوم الذهنية تبسيط املفهوم و حتليله إىل صور بسيطة تعرب عن امليكانيزمات

بالطريقة اخلاصة من مث يشبـهها ها، أىل و هي احلالة النفسية، و منتقال من مفهوم الذهنية إىل ما مياثلاملرتبطة بعناصر تنتمي للوسط الذي حييط باإلنسان، مع تركيزه باخلصوص على هذه و للنظر لألشياء

ذا ال يكو ن مفهوم الذهنية بعيدا عن العناصر اليت جيب أن تكون مرتبطة بعناصر أساسية للهوية. ة عليه ميكننا أن نقول بأن الذهنيطلق من نفس العناصر األساسية، و ، حبيث كل منها يقوم أو يناهلوية

هذه الذهنية لسلوك املنبعث عن هذه الذهنية، و ما هي إال وجه من أوجه متظهر اهلوية و املتمثل يف ا ال ميكنها أن تبتعد عن صورة هوية الشخص ألن قاعدة انطالق كل منها واحدة .

الهوية الثقافيــة : - هـ

يت حيصرها مفهوم ملعاين اللعل مفهوم الثقافة كروح عامة قد يعرب بشكل أو بآخر عن اقد تكون الثقافة أيضا أحد العناصر األساسية اليت تدخل يف حتديد و تلوين هوية مجاعة ما، اهلوية، و

الثقافية) قد ينتج مدلوال جديدا غري أن إضافة مفردة الثقافة ملفردة اهلوية لتشيكل مصطلح ( اهلوية، و احلكمة األخالقية والدينية االجتماعية تعرفه د. فاطمة الزهراء سامل بقوهلا: "هي مجلة اخلربات

األيديولوجية النظرية اليت يصوغها جمتمع ما ، حبيث تصبح تلك اخلربات واالتفاقات تاالتفاقاو ا أو حماولة تغيريها، إال النظرية قوانني ملزمة و حمكات أساسية ، ليس من اليسري اخرتاقها أو العبث

ا"من أجل تطويرها و . إن التأمل يف هذا النص الذي حتاول من خالله د.سامل تعريف 2االرتقاء

39، ص:إليكس ميكلشيللي، اهلوية، م س - 1 31فاطمة الزهراء سامل، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

86

اهلوية الثقافية، يكشف عن مدى تطابق هذا التعريف مع جممل مضامني التعريفات السابقة اليت أوردناها خبصوص اهلوية اجلماعية ، و عليه ميكننا أن نقول بأن مفهوم اهلوية الثقافية ما هو إال تعبريا

ا تشري إىل أن اهلوية اجلماعية ما هي يف آخر من بني التعر يفات اخلاصة باهلوية اجلماعية، غري أحقيقتها إال هوية ثقافية ، و يف تعريف آخر للتوجيري يعرف اهلوية الثقافية بقوله:" إن اهلوية الثقافية

لعامة، القسمات ااجلوهري و املشرتك من السمات و واحلضارية ألمة من األمم، هي القدر الثابت واليت متيز حضارة هذه األمة عن غريها من احلضارات و اليت جتعل للشخصية طابعا تتميز به عن

ذا تكون اهلوية الثقا1الشخصيات األخرى " اجلوهري و املشرتك فية مرة أخرى ذلك القدر الثابت و ، الثابت و اجلوهري اليت مييز حضارة هذه األمة، فإذا كنا يف السابق نستعمل نفس التعبري أي القدر

، فالكاتب هنا قد أحلقه جبملة ماعة يف تعريفنا للهوية اجلماعيةواملشرتك لنحلقه بكلمة مسات اجلحضارة األمة ، و األمة ما هي إال اجلماعة الكبرية ، بذلك نالحظ مرة أخرى مدى تطابق هذا

افية تعبري يغطي فضاء واسعا من التعريف مع تعريفات اهلوية اجلماعية لنستنتج أن مفهوم اهلوية الثقيعرب مفهوم اهلوية اجلماعية ، ويعرب عن روح هذه األخرية ، ألن التعريف األخري ملفهوم اهلوية الثقافية

هذا التعبري جنده عند حممد مسلم يف قوله:" يصف البعض احلضارة عن خصوصية حضارة األمة ، و ا أوسع مستويات ا هوية ثقافية ..."من مث ميكن اهلوية (...) و بأ عليه فإن . و 2تعريف احلضارة بأ

اليت هي يف حقيقتها أوسع انا باحلضارة حبسب حممد مسلم ، و اهلوية الثقافية و اليت يعرب عنها أحيمن خالل هذه العالقة املتعدية اليت يقيمها حممد مسلم متدرجا مستويات اهلوية كما يشري، بذلك و

ما تعربين عن مفهوم اهلوية، والقصد هنا من مفهوم احلضارة إىل مفهو م اهلوية الثقافية، مستنتجا أاهلوية اجلماعية ، و يف نفس السياق جند د.فاطمة الزهراء سامل تؤكد هذه العالقة القائمة ما بني اهلوية

ية العربية يف ، سؤال يشغل الذهنعريب املعاصرو اهلوية الثقافية بقوهلا: "مفهوم اهلوية الثقافية يف الفكر ال

www.islamtoday.netعبد العزيز بن عثمان التوجيري، د. -1 73حممد مسلم، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

87

الفرتة الراهنة (...) ويستدعي طرح سؤال اهلوية بالطبع سؤال الثقافة إذ ال توجد هوية بال ثقافة حتدد .1معاملها "

من هنا ميكننا القول إنه ال ميكن احلديث عن اهلوية اجلماعية مبعزل عن الثقافة، فالثقافة كون اهلوية اجلماعية مبثابة عنوان كبري يدخل أساس قوي من أسس اهلوية، و هي روح اهلوية و بذلك ت

يف إطاره ما يسمى باهلوية الثقافية، ذلك ألن اهلوية اجلماعية تتشكل من العديد من العناصر ذات الطبيعة الغري ثقافية، كالعرق على سبيل املثال و اليت تؤثر بشكل أو بآخر على املستوى الثقايف كما

قرره اجملتمع من أفكار و قيم وية الثقافية فهي تتشكل مما يسنوضحه الحقا، أما فيما خيص اهلحضارة بشكل عام نابعة من ظروفه اخلاصة و املعربة عن متيز شخصيته، وبعبارة أخرى ميكننا أن نعرب و

عن ذلك مبصطلح البنية الفوقية اليت تنتجها اجلماعة، و يف هذا يعرب حممد عابد اجلابري بقوله:" ا نتيجة تراكم تارخيي طويلافية هي حجر الزاوية يف تكوين األماهلوية الثق .2"م أل

غري بعيد عن مفهوم اهلوية الثقافية، ميكننا العثور على عناوين أخرى مثل اهلوية القومية اليت و تراث هي انتقالو يعرفها ندمي البيطار بقوله:" اهلوية القومية جتد تفسريا هلا يف الواقعة املوضوعية التالية،

.3اجتماعي ثقايف معني إىل األجيال اجلديدة"

إن هذا التعريف ال يشذ عن السياق العام الذي تعرف من خالله اهلوية اجلماعية، وبذلك فإنه من خالل هذا التعريف ميكن القول أننا الزلنا يف صلب اهلوية اجلماعية، و إذا أردنا أن نبحث

يقول :" ترتبط اهلوية القومية يلثقافية ، فإننا جند حممد صاحل اهلرماسعالقة هذه اهلوية القومية باهلوية اباهلوية ارتباطا عميقا حىت إن بعض الباحثني ال يفرق بني اهلويتني و يذهب إىل أن اهلوية القومية ذات

.63د.فاطمة الزهراء سامل ، م س ، ص: - 1راسات الوحدة العربية، د)، مركز 37حممد عابد اجلابري، مسألة اهلوية العروبة و اإلسالم...و الغرب، سلسلة الثقافة القومية( - 2

.11، ص:2001بريوت، .14، ص:2002، بريوت، سنة 2ندمي البيطار، حدود اهلوية القومية، البيان للنشر و التوزيع و االعالم، ط - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

88

ذا يؤكد حممد اهلرماسي على مدى تداخل 1مسات ثقافية باألساس " اهلوية مفهومي اهلوية القومية و . الثقافية، بالشكل الذي يشري فيه إىل أن ما مييز اهلوية القومية هي مسات ثقافية ال غري، وإذا رجعنا

األمة مية يف جوهرها شعور قبل كل شيء و لعفت الشرقاوي فإننا جنده يعرف القومية بقوله:" و القو .2هي التشكل االجتماعي هلذا الشعور"

أساسها ما هي إال شعور باالنتماء، و إذا ما ربطنا ذا يشري الشرقاوي إىل أن القومية يفهذا التعريف بالتعريف السابق له جنده يؤكده ، حبيث إذا كانت القومية مبثابة شعور، فالبد أن تكون اهلوية القومية ذات مالمح ثقافية و عليه فهي شديدة االرتباط مبفهوم اهلوية الثقافية، و كالمها ال خيرج

اهلوية اجلماعية. أما إذا عرجنا على مفهوم اهلوية الوطنية فقد جنده ال يشذ عن عن نطاق دائرةالسياق العام ملا طرقناه إىل حد اآلن ، و لكن قبل التطرق هلذا املفهوم، نتناول أوال مصطلح املواطنة

تعرف و وطنه ، و اليت يعرفها عبري عبد املنعم فيصل بقوله:" املواطنة: هي العالقة بني الشخص وق و يؤدي ما عليه من واجبات، اليت يكون فيها الفرد مواطنا و يتمتع مبا له من حقبقانون الدولة و

ذا التعريف ميكننا أن نقول بأن املواطنة عبارة عن صيغة 3تعرتف الدولة بانتمائه السياسي هلا"و .لفرد مقابل ذلك حبزمة من تعاقدية تعرتف مبوجبها الدولة باالنتماء السياسي للفرد هلا، و يقوم ا

الواجبات و ميارس مجلة من احلقوق. كما جند كامل داود يعرف املواطنة بقوله:" أن مفهوم املواطنة ريخ ، و اهلوية ممكن أن تتسامى ينبثق من الوطن كرابط جغرايف أما اهلوية فتكون أقرب إىل التا

عدى كل اهلويات الفرعية ديثة ، فاملواطنة تتحينئذ تكون األساس لبناء الدولة احلاطنة و تتحول إىل مو و

23حممد الصاحل اهلرماسي، م س ، ص: - 1اهلوية القومية يف األدب العريب املعاصر، عفت الشرقاوي، املصادر الفكرية ملفهوم اهلوية لدى رواد الفكر القومي العريب، - 2

18، ص:1999معهد البحوث و الدراسات العربية ،القاهرة،التوزيع، تبة العصرية للنشر و عبري عبد املنعم فيصل، علم االجتماع و تنمية الوعي االجتماعي باملتغريات احمللية و العاملية، املك - 3

165، ص:2010مصر،

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

89

1هي هوية كربى و انتماء موضوعي للدولة احلاضنة للجماعات املتشاركة يف جغرافية الوطن"األخرى و قد اعة أو اجلماعات املتواجدة به، و ، فمن خالل هذا جند أن املواطنة ترتبط باملكان احلاضن للجم

إىل هذه ماءها إىل هذا احليز اجلغرايف و بت هذه اجلماعات عنصر انتتتحول املواطنة إىل هوية إذا ما غل ا كجماعات صغرية، لتشكل بذلك مجاعة الدولة على بعض العناصر الفرعية اليت تؤسس خلصوصياكربى يضمها هذا الفضاء اجلغرايف، و عليه ميكننا أن نقول بأن اهلوية الوطنية ما هي إال اهلوية

ية للجماعة حني ترتبط حبيز حمدد يؤطره نظام يف شكل دولة تعرتف بانتماء اجلماعة اجلماعية أو الثقافهلا ويعرتفون بانتمائهم هلا، و هذا املفهوم يؤكده اجلباعي بقوله :" الوطنية صفه للدولة و حتديد ذايت

جنسية دولة ملواطنيها(...) و الوطنية، على الصعيد القانوين، ترادف اجلنسية، فجميع الذين حيملون م اإلثنية أو اللغوية أو الثقافية أو الدينية أو معينة هم مواطنوها ، بغض النظر عن انتماءا

.2املذهبية...."

إن جممل هذه اهلويات اليت تطرقنا إليها، تعد مبثابة أوجه متعددة ملا حيصره مفهوم اهلوية مجاعية جلماعة ما ارتبطت بوطن حمدد، كما اجلماعية ، فاهلوية الوطنية ما هي يف حقيقتها إال هوية

أن اهلوية القومية أيضا هوية مجاعية جلماعة ما حني تغلب البعد القومي و العرقي الذي تشعر بانتمائها له، بذلك تكون هذه اهلويات اليت ميكن أن نعثر عليها ، يف األساس هوية ذات طابع ثقايف

ا تتميز بالرتكيز على عنصر حمد د، يكون باألساس أحد عناصر تشكل اهلوية اجلماعية بشكل غري أعام و لكنه يطغى على باقي العناصر ، كاالرتباط بالبيئة اجلغرافية أو الرتاث الثقايف أو اإلحساس باالنتماء إىل قومية معينة، فكلما مت الرتكيز على عنصر من هذه العناصر تلونت اهلوية بلون . غري أننا

اختلفت إال أننا جند أنفسنا نتحدث دائما يف نطاق دائرة ما يسمى و تذه املسميامهما تشعبت هيف هذا يقول بن عبد العزيز خرية: " هوية وطنية أو عية للجماعة كإطار عام للطرح، و باهلوية اجلما

www.ahewar.orgربة إىل مفهوم اهلوية، كامل داود، مقا - 1 www.hem.bredband.netجاد الكرمي اجلباعي، يف مفهوم املواطنة ، -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

90

قومية: نسبة إىل الوطن أو إىل األمة اليت ينتسب إليها الشعب، فهوية أمة من األمم هي جمموعة فات أو السمات الثقافية العامة اليت متثل احلد األدىن املشرتك بني مجيع األفراد الذين ينتمون إليها الص

ذا يوظف نفس . و 1و اليت جتعلهم يتميزون بتلك الصفات عما سواهم من أفراد األمم األخرى" هو صر عن آخر، فإذا السياق ليعرف اهلوية الوطنية أو القومية مع األخذ بعني االعتبار أفضلية عن ةالصيغ

، وإذا أعطى السياق ا بصدد احلديث عن اهلوية الوطنيةأعطى األفضلية للوطن مبعىن احليز اجلغرايف، كن األفضلية للمرجعية القومية كنا بصدد احلديث عن اهلوية القومية .

أسس الهوية : - 6

عض املصطلحات و ما طبيعة بعد هذه اجلولة البسيطة اليت حاولنا أن نالمس من خالهلا بىل عناصره عالقتها مبفهوم اهلوية اجلمعية، نسعى اآلن للتعرض هلذا املفهوم من خالل حماولة تفكيكه إ

من أجل حتقيق ذلك سنورد مجلة من اآلراء املعربة عن أهم هذه املكونات األولية املشكلة له، و الثقافة هي أبرز مكونات دو لنا أن الدين واللغة و ه:" يباملشكلة للهوية، فبداية مع حممد اهلرماسي بقول

ثل الثالثي املتكون هي نفس العناصر اليت يؤكد عليها أيضا حممد ولد خليفة بقولــه: "ومي، و 2اهلوية". 3شخصيتها القاعدية"عة و احلدود السيكولوجية للجمامن اللغة والدين والثقافة املرجعية األساسية و

الثقافة، يعد من بني أهم الركائز اليت يقوم عليها ي املشكل من الدين واللغة و تج أن الثالثذا نستنبقوهلا:" ينتج عن حتديد اهلوية مفهوم اهلوية، ولكن فاطمة الزهراء تضيف على ذلك عناصر أخرى

ar.com-www.politicsبن عبد العزيز حرية، دور اهلوية يف تفعيل مسار التكامل املغاريب، -1 27حممد اهلرماسي ، م س، ص: - 2 110- 109حممد العريب ولد خليفة، م س، ص: - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

91

ا من لغة وثقافة وتعليم و م . بذلك ميكننا إدراج التعلي1قيم و مبادئ، توحد مع هذه األركان"وأركا املبادئ حتت مسمى الثقافة كما هو معرب عنه أعاله، ليكون هذا التعريف تأكيدا ملا سبق. والقيم و

لكن عبد العزيز بوراس جنده يتطرق إىل القضية من خالل عناصر أخرى بقوله: "إن عناصر عزيز بوراس . إن عبد ال2اهلوية حسب جل الباحثني تتحدد يف ثالثة أبعاد: الشعب ، األرض واللغة"

تحدث عن هوية يف غياب اجلماعة، يشري إىل عنصر الشعب و هذا شيء طبيعي فال نستطيع أن نالذي ورد سابقا جنده يشري إىل عنصر ةللحديث عن هوية هذا الشعب، فباإلضافة إىل عنصر اللغو

إليه أيضا حممد األرض باعتباره احليز اجلغرايف الذي تتواجد عليه اجلماعة، و هو العنصر الذي يشري، فباإلضافة إىل 3مسلم يف مجلة العناصر اليت يوردها و أمهها ( الثقافة ، الدين، الوطن، األمة ، العرق)

جممل العناصر املشار إليها سابقا جنده يذكر الوطن و هو ما عرب عنه بوراس باألرض، و كذا األمة ، عة و هو العرق.لكنه يضيف عنصرا جديدا يدخل ضمن مكونات هوية اجلما

أما فتحي الرتكي فيقول:" إن أخذ التاريخ يف االعتبار بصفته صريورة، هو العنصر الرئيس ، من هنا ميكننا أن ندرج أيضا عنصر التاريخ إىل 4لكل صورة عن اهلوية سواء كانت فردية أو مجاعية"

شكلة للهوية ، كما جند جانب مجلة العناصر املذكورة سابقا، باعتباره عنصرا قويا من العناصر املا حزمة من هذه األسس فبحسب رأيه، عباس اجلراري يف حتليله للعناصر املكونة للهوية يقدم لن

تتشكل اهلوية من أربع مكونات أو مقومات:

أوال : تبدأ من البيئة أي من الوطن يف جانبيه الطبيعي و البشري، مبا يعنيه من تنوع و يف نفس أبنائه من تعلق و تفان و افتداء. تعدد، و معروف ما لكل وطن

78فاطمة الزهراء سامل، م س، ص: - 1 .17عبد العزيز بوراس، الوحدة و التنوع يف اهلوية املغربية ، م س، ص: - 2 .114، ص:حممد سامل، م س - 3ا، تر: نور الدين السايف و زهري املدنيين، الدار املتوسطة للنشر، تونس، - 4 .44، ص:2010فتحي الرتيكي، اهلوية و رهانا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

92

ثانيا : تأيت اللغة باعتبارها أداة للتواصل بني سكان هذا الوطن.

الشعيب، وما أبدعته األجيال ث ببعديه الثقايف واحلضاري ، ويف سياقه املدرسي و ثالثا: الرتا املتعاقبة.

.1رابعا: الدين و التفاعل مع روحه)

، وهو بذلك يؤكد أيضا على أن لعناصر اليت متت اإلشارة إليهاا ذا جنده يلخص جمملدء بالبيئة يف جانبيها هذه العناصر هي اليت حتظى باإلمجاع يف جمال البحث عن مكونات اهلوية، فب

، يف واحلضاري يف سياقه املدرسي والشعيبكذا الرتاث ببعديه الثقاالطبيعي والبشري إىل اللغة والدين و بني أهم األسس اليت تقوم عليها اهلوية، كما جند إبراهيم القادري حياول أن يلخص لنا تعد كلها من

هذه العناصر بقوله:" على العموم فإن مكونات اهلوية اإلنسانية تنسج وجودها عرب شبكة من العالئق اليت تندرج يف اخلانات احلضارية و املشرتكات التالية:

جمال جغرافية و وطن تارخيي مشرتك.

أساطري و ذاكرة تارخيية مشرتكة

ثقافة شعبية مشرتكة

منظومة حقوق و واجبات مشرتكة

2اقتصاد مشرتك مرتبط مبناطق معينة "

.14-13-12، ص:2000أنظر: عباس اجلرار، هويتنا و العوملة، النادي اجلراري، الرباط، - 1ا األساسية، د. إبراهيم القادري بوتشيش، حول مفهوم اهلوية و -2 www.histoire.maktoobblog.comمكونا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

93

إن هذا التعريف األخري و إن كان يؤكد مجلة العناصر السابقة املشكلة للهوية اجلمعية، سواء صر فرعية أخرى تدخل يف النسيج العام ملفهوم ما تعلق باجملال اجلغرايف أو التارخيي إال أنه يضيف عنا

اهلوية و قد ركز على بعض العناصر منها: األساطري ، الثقافة الشعبية، منظومة احلقوق و الواجبات واالقتصاد املشرتك.

عرب عنها هلا أمهية بالغة يف تشكيل مالمح هوية مجاعة ما، فاألساطري اليت فهذه العناصر امل

كذا جممل اليني يتبناهم أفراد اجلماعة، و مة و حتاول أن ترسم صورة مثالية ألبطال خيتشكل خميال األنتقل من جيل إىل جيل بالوراثة، فنون الثقافة الشعبية باعتبارها إرث حضاري للجماعة أو األمة، ت

شرتك ية، إىل جانب االقتصاد املهي عملية أساسية ركزت عليها العديد من التعريفات املتعلقة باهلو و الذي يعرب عنه البعض باملصري املشرتك ألن االقتصاد املشرتك يوحي بفكرة املنفعة العامة ألفراد و

ذا املنظور يكون هذا العنصر معربا عن املصري املشرتك اجلماعة يف احلاضر و استمرارها يف املستقبل، جلماعة سيكون له أثار إجيابية للجماعة و إن متثل يف جانبه املادي ، و ال شك أن انتعاش اقتصاد ا

على أفرادها و العكس صحيح.

: أ.حسن عايل جنده حيدد عناصر اهلوية كالتايل " تتكون اهلوية من عناصر ـإذا رجعنا لو مهمة قد تتشكل اهلوية من بعض هذه العناصر، و أهم هذه العناصر هي:

الدين -1

الثقافة: و تشمل الثقافة -2

اللغة -أ

الفن و الفلكلور الشعيب -ب

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

94

1القيم و العرف) -ج

عية قد تكون هلا ذا جنده يركز على بعض العناصر املذكورة سالفا ، لكنه يضيف عناصر فر العرف، فحىت و إن مل تذكر بعض هذه العناصر صراحة يف أمهيتها كالفن والفلكلور الشعيب والقيم و

ا مذكورة ضمنيا كلما عثرنا ع التعريفات السابقة عليه ميكننا أن لى إشارة إىل الثقافة الشعبية، و إال أ نقول أن مجيع فنون وآداب الثقافة الشعبية قد يكون هلا أثرا بارزا يف تشكل اهلوية اجلماعية.

ختاما هلذا املبحث البسيط ميكننا أن نلخص ما متت اإلشارة إليه من خالل الرجوع إىل ما رآه من عناصر مكونة للهوية حبيث جند املؤلف يشري يف إطار حديثه عن العناصر إليكس في

اخلاصة باهلوية إىل عدد كبري من التفاصيل، ميكننا أن نلخصها فيما يلي:

يدرج يف إطار هذا العنصر األسالف، اخلرافات اخلاصة بالتكوين، األصول التارخيية و األبطال األوائل .

ية يشري فيه إىل املراحل اهلامة يف التطور والتحوالت األساساهلامة: و األحداث التارخيية التنشئة االجتماعية .واآلثار الفارقة، الرتبية و

العقد الناشئة عن عملية العقائد والعادات والتقاليد و يدرج ضمنه كل مناآلثار التارخيية: و اضية .اليت وجدت يف املرحلة امل التطبيع أو القوانني و املعايري

عناصر ثقافية فنية: و تشمل:

نظام الرموز الثقافية، االيدولوجيا و النظام الثقايف: أي املنطلقات الثقافية، العقائد، األديان و القيم الثقافية، مث أشكال التعبري املختلفة (فن، آداب....) .

www.swmsa.netأ.حسن عايل، اهلوية و دورها يف البناء الفكري، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

95

عايري اجلمعية، العادات العناصر العقلية: و فيها النظرة إىل العامل، نقاط التقاطع الثقافية، امل االجتماعية.

النظام العريف : السمات النفسية اخلاصة، اجتاهات نظام القيم إىل جانب هذا يشري أيضا .1إىل عنصر الذهنية)

اهلوية إىل مكوناته األساسية، ذا جند إليكس حياول أن يـبسط يف جمال حتليل مفهوم لخص أهم هذه العناصر فيما جرد عدد كبري منها، وقد ن حتديد عناصره اليت يقوم عليها ، من خاللو

إن كان بعضها يتكرر من عنصر إىل آخر: األصول التارخيية و فيه داللة على اجلانب يلي، و درج األسالف واألبطال األوائل البيولوجي أو العرقي للجماعة ، و يف إطار نفس العنصر جنده ي

الثقافة الشعبية هلذه ذه العناصر تشري بشكل أو بآخر إىلهفات اخلاصة بالتكوين إن وجدت، و اخلراو أساطري نسجت حول أبطاهلم وأسالفهم األوائل والصيغ األجيال من خرافات و هما تناقلتاجلماعة و

إشارة واضحة إىل هنا نصر األحداث التارخيية اهلامة، و اخلرافية لنشأة هذه اجلماعة ، لينتقل إىل عكذلك الثقافة الشعبية هلذه اجلماعة اليت حداث اهلامة يف هذا التاريخ ، و خاصة األتاريخ اجلماعة و

العقد الناشئة عن عملية عادات والتقاليد و الة اليت يدرج يف إطارها العقائد و يعرب عنها باآلثار التارخيييعود إىل ، مثاجلماعة االجيابية منها السلبية التطبيع مبعىن مجيع اآلثار التارخيية اليت بصمت تاريخ

الذي الشعبية، مث يذكر عنصر الذهنية و الثقافة لثقافة العاملة إن صح التعبري و عنصر الثقافة بشقيه ا يعتربه من بني العناصر املؤسسة للهوية.

ذا نكون قد حاولنا التطرق إىل أهم العناصر املكونة للهوية من خالل هذا املسح العام ات اليت أشارت ألهم عناصر اهلوية، ومن مث حناول أن نلخص هذه الذي رصدنا يف إطاره أهم التعريف

.26-20إليكس ميكشيللي، م س، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

96

العناصر يف شكل نقاط ليتم تدارسها يف املبحث التايل، و عليه ميكننا أن نستخلص مما سبق أهم العناصر اليت تقوم عليها اهلوية و املتمثلة فيما يلي:

ةاللغ

الثقافة و التعليم

ة هامة، و هو ميثل املاضي املشرتك للجماعةالتاريخ مبا يشمل من أحداث تارخيي

البيئة اجلغرافية

- رموز ثقافية -أساطري - خرافات -فلكلور شعيب- ثقافة شعبية مشرتكة مبا تتضمنه من : فن العادات و التقاليد... -زي شعيب

القيم و العرف

املصري املشرتك للجماعة الذي يدعم احتاد و ترابط أفرادها مبا يضمن كينونتها

الذهنية

بة األسس اليت ذا نكون قد خلصنا جممل العناصر اليت تقوم عليها اهلوية ، و اليت تعد مبثاسب تفاعل هذه العناصر تصبغها بألوان حمددة ، ليربز اللون املميز هلوية ما حبتشكل هوية اجلماعة، و

نتيجة عوامل قد تساعد سيادة عنصر حمدد أو عناصر حمددة يف مجاعة ما عن غريها ، فيما بينها، و ، أو أحداث خاصة عاشتها دة سامهت يف بروزها، كبيئة حمدبروز عناصر يف مقابل عناصر أخرى على

اجلماعة .

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

97

المبحث الثـــــاني : خصوصيــة الهويــة الجزائريـــة

تمهيـــد :

يق املباشر ملا توصلنا إليه إن دراسة مفهوم اهلوية اجلماعية لألمة اجلزائرية ، يعد مبثابة التطب، مبعىن ، قد انطلقنا من العام إىل اخلاصيف املبحث السابق . فإذا كنا يف دراستنا النظرية ملفهوم اهلوية

، لنتوصل عرب تدرج البحث إىل تفكيك هذا املصطلح املفهوم يف جماله النظري العام أننا تناولنامن مث للتوصل إىل طبيعة متظهراته وتبسيطه من ناحية، و إىل عناصره األولية ، لتوضيحه واملفهومخاصة على مستوى األفالم السينمائية، على أن نعود هلذه فها فيما يلي من مراحل البحث، و لتوظي

العناصر يف املبحث املوايل بنوع من التفصيل.

ول أن إذا كنا قد اعتمدنا هذه املنهجية يف املبحث األول من هذا الفصل ، فإننا سنحا، أي أننا أننا سننطلق من اجلزئي إىل العامنسلك مسلكا معاكسا لذلك خالل املبحث احلايل ، مبعىن

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

98

، و اآلثار اليت فاعلها مع شخصية األمة اجلزائريةسنباشر دراسة جممل العناصر املشكلة للهوية ، يف تا كل عنصر من عناصر اهلوية مالمح األمة اجلزائرية، ل هية اهلوية اجلزائرية وطبيعتها نستنتج مابصم

ما تلونت به إثر تفاعل مجيع تلك املكونات ، و عليه سنباشر ذلك من خالل :و

الديـــن :

" أو "ديانة" منذ أقدم العصور، تظهر الدراسات أن اإلنسان كان مياال ملا نطلق عليه "ديننظريه للتعاون معا وللنضال ضد حتديدا منذ أصبح قادرا على العيش وسط جمموعات أو التعايش مع و

دده ، و يف هذا اإلطار اجته تفكري اإلن اليت سان لتفسري الظواهر احمليطة به و املخاطر اليت كانت صص اخلارقة ليفسر هذه الظواهر، أحس بنوع من العجز اجتاهها، و هنا التجأ لنسج بعض الق

الرمزي ، أو على األقل التعامل معها. من بتفسريه هذا قد ميكنه السيطرة عليها و لو على املستوىو هنا كانت هذه األساطري ذات طابع تقديسي، أبطاهلا خارقني ليتسم الكل بسمة دينية، و بذلك ميكننا القول بأن الدين و التدين بالنسبة لإلنسان مل يكن بدعة بقدر ما كان مسة الزمت التفكري

يف اإلنسان، وهو جزء من كيانه يبدو فيه "التدين فطرةاإلنساين منذ أقدم العهود، بالشكل الذي حىت تقوم الساعة كغريزة وجوده، مثل بقية الغرائز اليت تتكون منها النفس منذ خلقت البشرية، و و

.1حب البقاء و الطعام و الشراب"اجلنس و

ميكن التعامل فالدين أو التدين مسة متأصلة يف النفس اإلنسانية، مثلها مثل باقي الغرائز، وال معه إال وفق هذه النظرة ، و بذلك يكون له أثر مهم يف النفس البشرية، نظرا للفرتات الطويلة اليت

ختل ة التدين مل تفارق البشرية ، وملارتبط فيها التفكري اإلنساين بالدين، "فمن الثابت تارخييا أن فكر ا نزعة أصي .2لة مالزمة للناس مجيعا"منها أمة من األمم القدمية و احلديثة ، أل

.32،ص:1991اإلسالمية العاملية،د م، ، وظيفة الدين يف احلياة وحاجة الناس إليه، مجعية الدعوةد.حممد الزحيلي - 1 .33م ن ، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

99

لوجدانية اليت العقلية واقول:" الدين هو احلالة النفسية و إذا رجعنا لتعريف الدين ميكننا أن نو ا شخص معني، و ا أمة أو القيم اليت تدين دين، أو هو جمموعة من املبادئ و نسميها التيتصف تتمثل يف عادات خارجية أو آثار و ظهر يف كتب ومراجع و روايات، تمجاعة اعتقادا أو عمال، و

. 1اجتماعية"

تشكيل إن هذا التعريف الذي يقرتحه الزحيلي يعرب بقوة و بوضوح عن أمهية الدين يف هذا التعريف يصبح من ناحية أخرى ميكننا أن نقول بأن الدين وفقشخصية الفرد أو اجلماعة، و

للشخص أو اجلماعة، وهو عقالنية و الوجدانية، فهنا الدين هو احلالة النفسية والمرادفا للهويةهو العادات، وبذلك تكون حمصلة هذه العناصر حتيل مباشرة إىل مفهوم اهلوية . من املبادئ والقيم و

هنا ميكننا أن نستنتج ما لعنصر الدين من تأثري مباشر يف تشكيل هوية اجلماعة ، خاصة إذا علمنا بالشكل الذي تأخذ فيه مالمح الظاهرة االجتماعية ، حبيث " أن الدين ظاهرة تتفشى يف اجملتمع ،

. من هنا 2تتجسد التجربة الدينية يف نسيج الفعل االجتماعي ، الذي يساهم يف إعطاءها معىن معينا"تأخذ هذه املمارسات الدينية الفردية بعدا مجاعيا وعاما، و بذلك يكون تأثري هذه املمارسات الدينية

اهلوية اجلماعية، ألن هذه املمارسات الدينية ال تأخذ شكل املمارسة الفردية خطريا على مستوىاملستقلة بالشكل الذي تبدو فيه إجراء احتياطي بعيد عن أي تنظيم، بل على العكس من ذلك " إن

، وهذا ينسحب حىت على تلك الديانات الوثنية اليت ابتدعها 3كل ديانة هي تنظيم يف معىن ما " ان لسد فراغ ما.خيال اإلنس

. 19 - 18م ن ، ص: - 1

.316، ص:1986اجلزائر، د، ديوان املطبوعات اجلامعية، سليم حداالنقدي لعلم االجتماع، تر:د. بوركو، املعجم ف.ر.بودون و - 2 .316ص: ،م ن - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

100

ن من تأثري عميق يف حياة الفرد ميكننا بذلك أن نلمس بيسر ما هلذا العنصر املتمثل يف الدياجلماعة يف آن واحد، و من مث ميكنه أن يبصم شخصية الفرد أو اجلماعة ببصمات واضحة و مؤثرة و

للدين جند" كارل ماركس تبدو جلية على مستوى اهلوية. و يف إطار احلديث عن هذا التأثري القوي ذه املالحظة يؤكد كارل ماركس ما للدين 1يرى يف الدين(...) باختصار إن الدين أفيون الشعوب" .

من تأثري على الشعوب، و هنا ال يهمنا رأي كارل ماركس حول هذا التأثري إن كان سلبيا أو اجيابيا، يف اجملتمعات، و بذلك يكون عنصرا مؤثرا يف بقدر ما يهمنا تأكيده هلذا التأثري الذي ميارسه الدين

الثوابت و تشكيل و تلوين هوية اجلماعة . كما ميكن تأكيد ذلك بقولنا " تعترب املعتقدات الدينية من .2لذلك تلعب املعتقدات الدينية دورا هاما يف صناعة الثقافة و الرؤية للذات"أهم عناصر الثقافة، و

ا فقد " أشار كل من الكسيس دي توكفيل وأوغست يف احلديث عن هذا األثر أيضو كومت يف حينه : يسهم الدين يف تعزيز اللحمة األخالقية يف اجملتمعات، فالدين يربط ما بني

.3اجلماعات"

إن مقارنة هذه املضامني مبا متت اإلشارة إليه يف املبحث السابق ، جيعلنا مرة أخرى أمام ذه املهمة املتمية، و كنا نرجعها يف السابق للهو وظيفة ثلة يف الربط ما لكننا ها حنن جند الدين يقوم

تعزيز اللحمة األخالقية، بذلك ال ميكننا إال أن نؤكد على أن الدين عنصر أساسي بني اجلماعات و جلماعة و إعطائها صبغة عنصر فاعل يف تلوين هوية ام اهلوية على املستوى النظري، و يف تشكيل مفهو

نفس السياق جند دوركهامي قد درس الظاهرة حبيث "اقرتح دوركهامي حتليال شامال(...) يف حمددة، و ففي ديانة القبيلة يشكل التومت شعارا خيلق التضامن بني عناصر اجملموعة . فمن خالل سري االحتفاالت اجلماعية تعي اجملموعة وجودها و تشد من أواصر الروابط فيها ، ف "التمثالت اجلماعية

.415جان فرانسوا دورتيه ، م س ، ص : - 1 .246إبراهيم لطيفة خضر، م س ، ص: - 2 .415جان فرانسوا دوروتيه ، م س ، ص : - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

101

ا من خالل شعور مشرتك يطوع اجملموعة "تعرب . و يف نفس السياق يشري بن عبد اهللا حممد 1 عن ذاإىل هذه القضية بقوله:" تتمثل وظيفة الدين اليت يتحدث عنها دوركهامي يف كتابه "األشكال األولية

دف إىل حتقيق للحياة الدينية" يف تقوية األواصر اليت تربط الفرد باجملتمع الذي هو عضو فيه ، ك ما اندماجه يف اجملموعة االجتماعية، ألن الطقوس الدينية هي اليت تقوي يف نظره إحساس الفرد باالنتماء ا و تساعد على ربط احلاضر ا و بوحدا إىل مجاعته، ومتكنها من أن جتدد دوريا املشاعر اخلاصة

.2باملاضي"

تأكيد ما ذهب إليه دوركهامي يف املقتبس إن هذا النص الذي حاولنا من خالله توضيح و أعاله، جنده يدرج مجلة من العناصر، اليت كنا قد صادفناها يف املبحث السابق املتعلق باهلوية، فحني

تقوية إحساسه الفرد و اجملتمع، وكذا اندماجه، و يشري الكاتب إىل وظيفة الدين يف تقوية األواصر بنيالوظائف اليت كنا نعتقد كلها حتيلنا إىل تلك املفاهيم و فهذه املعاينباالنتماء و ربط حاضره مباضيه،

مجلة أن اهلوية هي املسئولة عنها، لكننا هنا نستنتج أن اهلوية ما هي إال العنوان الكبري الذي يغطيثر هذه العناصر اليت تؤثر بشكل مباشر يف اجلماعات و األفراد . تؤ من العناصر منها الدين ، و

اجلماعي للجماعة ، بذلك ميكننا أن نفسر هذه اآلثار على املستوى الفردي و منفصلة لتوجد جمتمعة و اليت يف معظمها كنا نلحقها باهلوية يف املبحث السابق، ذلك الوظائف اليت أشار إليها الكاتب، و هذه

يل الصورة ألن الدين مكون أساسي يف مفهوم اهلوية ، من خالل التأثري القوي الذي ميارسه يف تشكالنهائية ملا قد تكون عليه هوية مجاعة ما، ولتأكيد هذه الفكرة يشري بن عبد اهللا حممد إىل ما يتمتع به عنصر الدين من قوة يف ثقافة اجملتمع بقوله:" يتفق معظم الباحثني(...) بأن الدين هو أحد

ة يف ظل التقلبات الفكرية صامد بقيتتتغري ومل تندثر و الثوابت الثقافية االجتماعية اليت مل

.415، ص : نم - 1 .73-72، ص: 2010عات اجلامعية ، اجلزائر، بن عبد اهللا حممد، سيكوباتولوجيا الشخصية املغاربية ، ديوان املطبو - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

102

رز من العناصر املغذية للثقافة واملشكلة هو عنصر باالتطورات العلمية والصناعية، و األيديولوجية و و .1نفسيته و هويته وشخصيته"لعقل اإلنسان ووجدانه و

ا الدين يف صياغة الشكل الذي قد تبدو من خالل هذا قد تربز لنا األمهية اليت حيظى كذا باعتباره رافدا أوال ويف أعماق اجملتمع ثانيا، و ية، باعتباره عنصرا متغلغال يف النفس البشرية عليه اهلو

يف نفسية وهوية وشخصية اإلنسان، و من الروافد األساسية اليت تشكل ثقافة و عقل و وجدان و ية والنماذج ع بني وظائف املعتقدات الدينهذا جند " مونتسكيو حيرص على إبراز العالقة اليت جتم

، 2يعرتف بأن الدين له تأثري كبري على بنية العالقات االجتماعية وأمناطها"املختلفة للمجتمع و خيلص الكاتب يف حتليله إىل استنتاج مهم جيعل فيه عنصر الدين وما يتمتع به من أمهية يف نفس و

نستنبط أن الدين عامل اعة بقوله:"من أمهية بالنسبة للجم املستوى الذي جند عليه اهلوية مبا تتمتع بها، وبه حيافظ على عالقته االجتماعية يتحقق تكامل اجلماعة ومتاسكها و أساسي و جوهري به وحد

. فمن خالل هذا النص الذي يشري فيه 3اليت تضمن للفرد التكيف و االندماج و االستقرار النفسي"ا مفهوم اهلوية ، مما لوظائف و علنا مباشرة أمام أهم االكاتب إىل الدين، جنده جي السمات اليت يتميز

اجلماعة أيضا، يف تلوين سلوكها جيعلنا نطمئن للقول بأن للدين فاعلية قوية على الفرد كما هي على ا ، و ا .من الدين جزء مهم من فاعليتها و بالتايل ميكن استنتاج أن اهلوية تستمد ومنط حيا قو

املغاريب عامة و اجملتمع اجلزائري على وجه اخلصوص يفرض علينا إن احلديث عن اجملتمع االنتقال من احلديث عن الدين بشكل عام للحديث عن اإلسالم باعتباره الدين األكثر انتشارا يف هذه الربوع ، فإذا كنا قد المسنا ذلك التأثري القوي للدين كما أشرنا إليه أعاله ، فإن احلديث عن

اد املسلمني ما للدين من املؤمنني قد يأخذ أمهية أكرب، ذلك ملا ترسخ يف اعتق اإلسالم من منظور

.70بن عبد اهللا حممد، م س ، ص: - 1 .72ن ، ص:م - 2 .73بن عبد اهللا حممد، م س، ص: - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

103

لتعريف ينص على أن الدين أثر يف حياة املسلم، فها هو حممد الزحيلي يعرفه بقوله: " أن اأمهية و إلميانااعتقاد، بل هو االعتقاد احلق، و شريعة، أو عقيدة و نظام يف احلياة ، فهو ليس جمردعقيدة و

شريعة الصحيح الذي ال يشوبه شيء، وهو ليس جمرد شريعة و نظام فحسب، بل هو نظام رباين، و . فمن خالل هذا التعريف تتبني األمهية اليت حيظى 1إهلية لضمان الفوز و الفالح يف الدنيا واآلخرة "

ى أنه اإلميان ا الدين اإلسالمي يف أوساط املسلمني، فهو ليس جمرد اعتقاد ، بل ينظر إليه علالصحيح الذي ال يشوبه شيء حبسب تعبري الكاتب ، بذلك ميكننا أن نقول بأن املسلم يتعامل مع ا حقيقة ال حتتمل الشك، لذا وجب تطبيق تعليمات هذا الدين بشكل الدين و ما جاء به على أ

اإلجراءات يف حياته صارم، ألنه نظام رباين، فالنظام مبعىن أنه يفرض على املسلم تطبيق مجلة من اليومية والواقعية و اليت متس مجيع مناح حياته ، و مفردة رباين تشري إىل أن هذه اإلجراءات ال حتتمل

اآلخرة كما أشار فالح يف الدنيا و المة متكاملة توجه املسلم للفوز و اخلطأ أو التقصري، بل هي منظو إليه الكاتب.

ذا التصور ، و يقنن أفعاله، جيعلنا واعتباره نظام حياة يوجه الفردإن التعامل مع الدين نؤكد بأن الدين اإلسالمي يتميز بتأثريه القوي و املباشر يف توجيه سلوك الفرد و تنظيم عالقات اجلماعة فيما بينها و فيما بينها و بني اآلخر، و من مث ميكننا أن نستنتج ما قد يكون هلذا الدين من

الفرد واجلماعة، و قد يدفعنا ذلك للقول دون أن خنشى مبالغة بأن الدين أثر على مستوى هويةاإلسالمي وسط جمموع العناصر املشكلة للهوية اجلماعية، قد تكون له حصة األسد يف تشكيل هذه اهلوية اجلماعية ، و يف هذا الصدد يواصل حممد الزحيلي تأكيد هذه الفكرة من خالل حديثه عن

جملتمع حيث يشري إىل " إقامة الروابط االجتماعية احلية كلها عن طريق الدين، سواء أثار الدين يف اخاصة ن، أم على مستوى األمم والدول والشعوب، و أكانت على نطاق األسرة أم على مستوى الوط

... ، والتكافل واحملبة واألخوة والتعاون واملساواة الروابط املعنوية واألخالقية، كالرتاحم و التعاطف

. 21ص: م س ، حممد الزحيلي، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

104

الجتماعية واألنظمة واألحكام والقوانني العادلة. اوغري ذلك من املبادئ األخالقية، والتشريعات االنتماء إليه، وأن لشعور بالوالء و أن يغرس فيه ان ذلك أن يربط الفرد باجملتمع، و يهدف اإلسالم مو

.1يكون الفرد مشاركا يف شؤون اجملتمع"

تأثريها يف اجملتمع املغاريب عامة واجلزائري على وجه وبالرجوع إىل الديانة اإلسالمية ووصا، قائال." إال أن أمهية اإلسالم ، بالنسبة إىل املنطقة املغاربية خص ياخلصوص، يشري حممد اهلرماس

تحىت السياسية جيب أال حتجب عنا الفروقاحلياة االجتماعية و الثقافية ، و حضوره املتزايد يف او ذا يؤكد الكاتب على قوة تأثري اإلسالم 2هر الدين و بني تصورات املسلمني عنه"العميقة بني جو ،

يف جممل ه يف عمق اجملتمع، و يف املنطقة املغاربية عامة و منها اجلزائر، و يؤكد أيضا على مدى تغلغل مناح احلياة االجتماعية، الثقافية والسياسية.

حقيقة أساسية، تتمثل يف مدى ارتباط اجملتمع إن هذا التصريح حملمد اهلرماسي يضعنا أماممن جهة أخرى لديانة اإلسالمية، هذا من جهة، و املغاريب عامة و اجلزائري على وجه اخلصوص با

تلوين حياة هذا اجملتمع يف مدى قدرة هذا الدين على صبغ و يضعنا أمام حقيقة أخرى و املتمثلة ا على الد يانة اإلسالمية، وبذلك نلمس مدى تأثري اإلسالم يف بصبغة خاصة، حتيل يف مجيع جزئيا

هذا التأثري الذي نلمسه لإلسالم على الشعب اجلزائري تمع اجلزائري على وجه اخلصوص، و هوية اجملا التأثري على جمتمعات متعددة، ليس غريبا أو مبالغا فيه، كون الديانة اإلسالمية مارست مثل هذ

فقد كان بالنسبة ا تؤكده إبراهيم خضر بقوهلا:" أما اإلسالم تفاعلت معه شعوب خمتلفة، ذلك مو ة، نظاما كامال للحياة وشريعة و عقيدذين أسلموا ومل يتعربوا دينا و تعربوا، أو بالنسبة للللذين أسلموا، و

84- 83حممد الزجيلي ، م س ، ص: - 1 .96حممد سامل اهلرماسي، م س ، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

105

مث كان يسلكون يف احلياة على الطريق الصواب يتعبدون به إىل اهللا تعاىل، وبأحكامه ومبادئه و مثله و .1"موا تارخيا مشرتكا وثقافة ولغةمل يسلالدين للذين تعربوا و هذا

إن ما ذهبت إليه الدكتورة إبراهيم خضر يؤكد ما أشرنا إليه أعاله، و يذكرنا يف الوقت ذاته بالتحوالت اليت مست اجملتمع االسباين القدمي على مستوى اهلوية اجلماعية بعد الفتح اإلسالمي هلا،

وية خمتلفة مت ليصبح ذلك اجملتمع اما عما كانت عليه قبل الفتح، االسباين القدمي جمتمعا أندلسيا منه قد نلمس ما قد شهدته اجلزائر فيما شهده اجملتمع املغاريب من حتوالت على مستوى اهلوية و

اجلماعية ما بني فرتيت ما قبل و ما بعد الفتح اإلسالمي للمنطقة .

من تأثري على األفراد و اجملتمعات جند بن عبد اهللا حممد لإلسالم يف إطار احلديث عماو ينقل عن بالشار مصرحا:" إن امللفت لالنتباه يقول بالشار(...) يف عامل اإلسالم هو التأثري العميق للقرآن على الفرد سواء كان رجال أو امرأة و هذا األمر يعود تفسريه إىل التشبع الذي يعرفه الطفل

ة على متييز ن انتماءه ورتبته(...) و هكذا يتأكد ما هلذا التشبع القرآين من قدر منذ صغره مهما كااة املؤمن على يستمر هذا التشبع الفردي الناجم عن الظاهرة القرآنية طيلة حيالفرد املسلم(...) و

.2توجيهات دينية"و املستوى اجلماعي واالجتماعي بوسائل متعددة، وممارسات شعائرية

شهادة اليت يرصدها لنا حممد بن عبد اهللا ، قد يتبني لنا ذلك التأثري املهم الذي ميكن ذه الأن متارسه الديانة اإلسالمية على األفراد و اجملتمعات بالشكل الذي تضفي عليهم هوية ذات طابع

ومعامالته يس حمصورا يف تربيته وتصوراته ومشاعرهإسالمي متميز، فتأثري" الدين على الفرد املغاريب ل

.247لطيفة إبراهيم خضر، م س ، ص: - 1 .77ص:م س ، بن عبد اهللا حممد ، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

106

ادين يف املية جمسدة يف الكثري من اجملاالت و احلياة و إمنا جند بصماته الواضحونظرته إىل الوجود و .1العمارة وسائر اإلبداعات"العلم و الفكر والفن و

فرد املغاريب إن هذه اجملاالت اليت يعددها الكاتب و اليت تعرب عن مدى تأثر نفسية الا هي إال تأكيد على تلون اهلوية املغاربية و تشبعها خبصائص الديانة اإلسالمية ، مبالديانة اإلسالميةيؤكد الكاتب مرة أخرى عن تأثر الشخصية املغاربية باإلسالم بقوله:" فإذا تها، و واصطباغها بصبغ

عدنا إىل الشخصية املغاربية وجدنا أن الدين هو عنصر مهم من عناصر هذه الشخصية اليت تصبغها بغتها، وجتعل منها شخصية متميزة عن الشخصيات األخرى، و يكون الرجوع القوي هلذه بص

الدين من اطمئنان نفسي الشخصية إىل الدين يف نظر الكثري من الباحثني (...) مرتبط مبا يوفره هذا .2تآخي و إحساس بالذات و اهلوية و من دعم لتماسك األنا االجتماعي"و ألفة و

ذا أل سلكن بالرجوع إىل نص املقتبإلسالمي يف الشخصية املغاربية، و ثر الدين اقد نشري السابق للهرماسي قائال:" إال أن أمهية اإلسالم، بالنسبة إىل املنطقة املغاربية خصوصا،(...) جيب أال

.3حتجب عنا الفروقات العميقة بني جوهر الدين و بني تصورات املسلمني عنه"

مة جتعلنا نقول بأن املمارسة اليومية ، و جممل الشعائر الدينية لسكان إن هذه اإلشارة املهاخلصوصية حبسب البيئة املغربية اجلزائر على وجه اخلصوص ، تأخذ نوعا من عموما و املغرب

التصورات اليت استقرت يف نفوس املغاربة حول الديانة اإلسالمية ، فحىت و إن كان االتفاق التام و ما ز على مستوى القضايا الفرعية، و مة والثوابت إال أن هذه اخلصوصية سترب حول األسس العا

.77م ن ، ص: - 1 .75- 74م ن ، ص: - 2 .96حممد صاحل اهلرماسي ، م س ، ص: - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

107

، إال دليال على وجود هذه اخلصوصيات، اليت جعلت فقه سيادة املذهب املالكي يف املنطقةانتشار و هذا املذهب أقرب إىل نفسية املغاربة.

ون العقيدة اإلسالمية عنصرا مباشرا عن كلنا بن عبد اهللا تصرحيا واضحا و ذه الفقرة يقدمهو ما ينسحب على اجملتمع اجلزائري على وجه ، و مهما من عناصر بناء الشخصية املغاربية عامة

يزا يف تشكيل هوية اخلصوص، كما يؤكد من خالل ذلك أيضا على كون اإلسالم عنصرا بارزا و ممون أخذ اإلسالم بعني اجلزائر دال ميكن احلديث عن هوية مغاربية عامة أو قطرية كاملغاربة . و يرجع د.سليمان عشرايت هذه امليزة اليت ميزت اجملتمع الرببري من خالل الرجوع إىل االعتبار، و

البدايات األوىل لفتح املنطقة بقوله:"...لكن أهم املتحوالت اليت كانت وراء التغيري احلضاري يف بالد ط الرببر، إذ برغم االنتفاضات اليت صاحبت نشر املغرب هو فشو العقيدة اإلسالمية بني أوسا

ذا الصعيد، إال أن اعتناق الرببر للعقيدة اإلسالمية كان عاما، و مل جندهم أبدوا إزاءها أي اإلسالم .1مظهر من مظاهر االستثقال أو الرفض السافر"

بال الرببر عليه يف أعماق هذا اجملتمع و إقلواسع لإلسالم يف أوساط الرببر و فبهذا االنتشار اإىل الدرجة اليت محلوا فيها لواء الفتح بعد مدة وجيزة من إسالمهم، قد نفسر الكيفية و العمق الذي

ا الشخصية ، بالشكل الذي املغاربية عامة واجلزائرية على وجه اخلصوص بالديانة اإلسالميةتأثرت يف هذا يشري د. مرتاض ناصر هويتها. و عنصرا مهما من عمن مثبح فيه عنصرا بارزا يف تكوينها و أص

قائال: "عرفت اجلزائر اإلسالم أثناء النصف الثاين من القرن األول اهلجري، وبالرغم من الردات اليت أصبحوا يشكلون قوة من قلوب اجلزائريني آخر األمر، و حدثت بعد ذلك ، فإن اإلسالم متكن

م شاركوا يف فتح األندلس سالمي القدمي، و ة من العامل اإلإسالمية عظيمة يف اجلهة الغربي من ذلك أ

ملطبوعات اجلامعية، اجلزائر، ، ديوان ااجلزائرية األرضية التارخيية واحملددات احلضارية د. سليمان عشرايت ، الشخصية - 1

.85، ص :2007

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

108

مع طارق بن زياد، ومنذ ذلك التاريخ أصبح اإلسالم ميثل جزءا أصيال من مقومات الشخصية .1اجلزائرية "

إن هذا الطرح الذي يشري إليه مرتاض من حيث تقبل اجلزائريني للديانة اإلسالمية من خالل ت مرحلة الفتوحات مل ينقطع ، بل استمرت هذه اخلاصية املتأصلة يف األجيال األوىل اليت عاصر

الشخصية اجلزائرية، يف األجيال املتأخرة ويف هذا يقول عشرايت :" ليس منطقيا أن يعزف اجملتمع املنافحة عن اهلوية اليت اتبعتها احلركة مي استمرارا لبيداغوجية النضال و املدين عن تبين الدين اإلسال

.2الفصائل األخرى حيث كان الدين مرتكز القضية"ة ويف مقدمتها حزب الشعب و وطنيال

التشبث به إىل درجة اليت تمع اجلزائري للدين اإلسالمي واحتضانه و إن خاصية تقبل اجمل، مل تكن قضية اصطناعية أو ملفقة بقدر ما كانت ثل عنوانا مهما من عناوين هويتهأصبح فيها مي

ذا الدين، و ا ارتبط مبوجبه هذا اجملتممتثل نسيجا عضوي يف هذا اإلطار يواصل عشرايت رصده ع م روحيته و الءمهم طابعه احليايت للعناصر اليت استهوت الرببر يف هذه الديانة بقوله:" فقد استهواجلماعي، و شرطه الروحي التنظيمي، التلقائي، الذي ال إعنات فيه، فضال عن جوهره الدميقراطي

تلك املزايا تبنتها منذ مي يف العبادات... و يف القيم واملزايا، و يتجسد يف التشارك الفعلي اليو الذيالوهلة األوىل الرببرية و تفاعلت معها الروحية اجلماعية بعمق إذ وجدت فيها ما كان يطبع النفسية

.3الرببرية من نزوع إىل احلرية و عدم اخلضوع..."

الرببر يف العقيدة اإلسالمية بالشكل تاألسباب اليت استهو من هنا قد تتضح لنا بعض الذي انفتحوا عليها لتصبح فيما بعد عنصر مهم من عناصر اهلوية املغربية و اجلزائرية على وجه

- ماي 8الدينية، عددوزارة التعليم األصلي و الشؤون ألصالة، د. عبد املالك مرتاض، أصالة الشخصية اجلزائرية، جملة ا - 1

.225،ص:1972جوان، اجلزائر، .13ص: م س ، د. سليمان عشرايت ، - 2 .86ص: م س ، د. سليمان عشرايت ، -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

109

اخلصوص، و يف هذا السياق يؤكد عباس اجلزائري على مدى ارتباط اهلوية بالدين اإلسالمي يف املتعلقة باهلوية و املرتبطة بشكل مباشر أو غري مباشر بالدين معرض حديثه عن مجلة من األبعاد

اإلسالمي ، كاللغة العربية باعتبارها لغة التخاطب اليومي من ناحية و كذا لغة الدين، و األرض ذه األبعاد رض انتشر عليها الدين اإلسالمي و باعتبارها أ الرتاث وغريها... حيث يقول:" إن اهلوية

ا القرتاترتبط أشد اال ذا نلمس مدى العالقة 1به " ارتباط باإلسالم الذي يدعو إىل التشبث ،ما متانة هذه العالقة إال مؤشرا على مدى تأثري الدين بني الدين اإلسالمي واهلوية، و املتينة القائمة مايف نفس هوية اجملتمعات اإلسالمية عامة واجملتمع اجلزائري على وجه اخلصوص، و اإلسالمي يف

الدين اإلسالمي بقوله:" لقائم ما بني اجملتمع اجلزائري و السياق يؤكد مرتاض على مدى هذا الرتابط اساعد على تأصل هذا ة اجلزائرية جمردة عن اإلسالم، و حبيث أصبح من املستحيل تصور الشخصي

.2العنصر يف شخصيتنا الوطنية، قلة اليهود و النصارى بأرضنا"

نقول بأن للدين عالقة وطيدة وتأثريا مهما على مستوى تشكل اهلوية، ذا ميكننا أن ص يف ولإلسالم تأثري أكرب و أهم على اجملتمعات اإلسالمية عامة و اجملتمع اجلزائري على وجه اخلصو

تفكيك عناصر الشخصية اجلزائرية لعل فشل السياسة االستعمارية يف تلوين هويته بألوانه اخلاصة، و ا االستعمارية املعتمدة منذ أن وطأت أقدام املستعمر هذه حمو هوية او جملتمع من خالل سياسا

احلفاظ عليها أثر اإلسالم و فاعليته يف دعم وتقوية هوية اجملتمع و األرض الطيبة، لدليل على مدىكنواة صلبة قاومت على مدار القرن و النصف هذه السياسات االستعمارية، ذلك ما يؤكده مرتاض

.21م عباس اجلزائري ،س ، ص: - 1 .225د. عبد املالك مرتاض،م س ، ص : -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

110

ه:" يستطيع الباحث املتأمل أن يعترب الدين اإلسالمي من أقوى املقومات، إن مل نقل أقواها اليت بقولا من الذوبان و املسخ" .1ظلت تغذي الشخصية اجلزائرية و تصو

بسيطة نناقش من خالهلا مدى ترابط الدين اإلسالمي باللغة العربية، وكخالصة أولية و ة التصور الذي يتبناه املغاربة واجلزائريون ثل وجها من أوجه خصوصياليت متغرب، و خاصة يف بالد امل

عالقته باإلسالم، فإذا عدنا إىل قبائل شبه اجلزيرة العربية الناطقة باللغة العربية حول مفهوم العروبة و ة للغة العربية ختتلف عن تصور املغارباإلسالمية، جند تصورها لإلسالم و أصال قبل استقباهلا للديانة

عامة هلذه العالقة، ذلك أن " مفهوم العروبة فيه ، أي يف بالد املغرب ، يكاد يطابق مفهوم اإلسالم للغة العربية باعتبارها لغة القرآن، رتباط الذي تأسس ما بني الدين واهذا اال، و 2عند عامة الناس"

ة، ألن اللغة هي مدخل جعلت اإلنسان املغاريب يقبل على هذه اللغة العربية، مبا حتمله من ثقاف .3التفاعل معها"ربية يعىن استيعاب هذه الثقافة و للثقافة(...) فقد كان تعلم الع

وجه اخلصوص حدودا فاصلة واضحة اجلزائري علىمل يضع اإلنسان املغاريب عامة و بذلكو ن تعلم العربية دقيقة ما بني مفهومي العروبة واإلسالم، هذا ما يشري إليه اهلرماسي بقوله:" هكذا كاو

ذا نقول بأن شعوب املنطقة عامة 4يعين بداية االنتماء القومي إىل العروبة، و الديين إىل اإلسالم" ،ا وحدة واحدة، فكل ما هو عريب حييل مباشرة إىل مل يفصلوا ما بني هذه الثنائية، بل أخذوها على أ

لدين واستقر فبالقدر الذي انتشر فيه هذا اكل ما هو إسالمي حييل أيضا إىل ما هو عريب، اإلسالم، و جتذرت يف نفوس ، انتشرت معه اللغة العربية مبا حتمل من ثقافة يف هذه الربوع ويف قلوب اجلزائريني

يلخص لنا اهلرماسي ذلك بقوله:" إن هذه املعطيات تؤكد حالة االندماج الكامل بني أبناء املنطقة، و

225، ص:سعبد املالك مرتاض ، م - 1 64، م س ، ص: ياهلرماسحممد صاحل - 2 65ص: ، نم - 3 .65ص: ،، م س ياهلرماسحممد صاحل - 4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

111

هي يف رأينا حالة منوذجية تقدم مثاال حيا على توسع الوجود لعريب، و واإلسالم يف املغرب ا العروبةالعريب بفضل اإلسالم، فبعد أن أكمل العرب املسلمون بسط سلطتهم السياسية على أغلب مناطق

احلضارية، بقصد إعادة بناء ا جهودهم يف زرع القيم الروحية والثقافية و بلدان املغرب العريب ، ضاعفو بالفعل مل مير وقت طويل د للثقافة العربية اإلسالمية، و ن األمة العربية، و كفضاء جدياملغرب كجزء م

م"غرب العريب عادات عرب اجلزيرة وتقاليدهم و مثلهم وقيمهم و حىت أخذ الناس يف امل . 1تصورا

ار مما سبق ميكننا أن نقول بأن املغاربة عامة قد متكنوا من إعادة صياغة هويتهم بعد استقر الديانة اإلسالمية و انتشار اللغة العربية ، بالشكل الذي ارتبط فيه اإلسالم بالعروبة ، " ذلك أن اإلسالم يف هذه األقطار وجه آخر للقومية العربية، حيث ال ميكن فصل القومية فيها عن اإلسالم ،

ل على ترسخ هذه القيم يف كدلي، و 2فالعروبة تعين اإلسالم، كما أن اإلسالم يعين اللغة العربية "اجملتمع املغاريب عامة و اجلزائري على وجه اخلصوص ها هو حممد جنيب يشري إىل ذلك بقوله:

ا على قواعد بالرجوع إىل األعراف و "...و النظم الداخلية للقبيلة املغاربية يتضح مدى اعتماد تشريعاا باملركز .3القريب أو البعيد"إسالمية ، حىت يف أسوأ أحوال توتر عالقا

ا املغاربة مع الدين واللغة، و لكن قد يكون ذلك وجها من أوجه اخلصوصية اليت تعاطى س هذه اخلصوصية يف مظاهر أخرى، واملتمثلة خصيصا يف هذه إىل جانب ذلك ميكننا أن نلم

بدع حبيث يقول شكل التقاليد الرببرية اليت ارتبطت وتداخلت مع الشعائر الدينية يف العادات و عض البدع اليت مازالت موجودة، وال سيما يف يرتبط اإلسالم املعيش يف املغرب العريب بباهلرماسي:"و

أصبح القوم يعدون مناقب األولياء يف تقديس األولياء انتشار كبريا، و فقد انتشراألوساط الريفية (

.68ص: ، م ن -1إشراف:أ. د. رابح بلعيد، ، -دراسة حالة اجلزائر –أوشن مسية، دور اجملتمع املدين يف بناء األمن اهلويايت يف العامل العريب -2

.77، ص:2010- 2009العلوم السياسية، جامعة باتنة، سنة يف ماجستريمذكرة لنيل شهادة )، مركز دراسات الوحدة 41د.حممد جنيب بوطالب ، سوسيولوجيا القبلية يف املغرب العريب، سلسلة أطروحات دكتوراه( -3

.106، ص:2002العربية، لبنان،

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

112

واجد عندهم يف أحيان كثرية األولياء مع كافة بالد إفريقية الشمالية ابتداء من القرن اخلامس عشر، وتاألشجار و العيون و األماكن الرفيعة، حبيث مل يعد جمال للشك يف أن تقديس الويل الصاحل املسلم

.1يغطي ضروبا عتيقة من التقديس بقي الرببر أوفياء هلا"

اليت ملغاربيةذا النص يؤكد الكاتب انتشار هذه البدع و اليت يرجعها إىل طبيعة العقلية اا هؤالء األولياء، سواء من خالل زيارة تنحى منحى التقديس، و الذي متظهر يف املكانة اليت حيظى

ا، أو من خالل الوالئم اليت تقام بامس م للتربك دة) (للزر هم، حيث يواصل الكاتب بقوله: " ومقامايه األضاحي و األكل اجلماعي، ومتارس (الزردة) احتفال مومسي تقدم فداللة خاصة يف هذا اجملال. و

وميتزج فيه الديين بالدنيوي، واجلسدي بالروحي، واخلارق ،فيه الفروسية لتجديد االعرتاف مبكانة الويلاألهم أنه يسمح باملمنوع، حيث تؤدي (احلضرة) ضرب من الرقص الصويف إىل انكشاف بالعادي. و

. 2ختالطا كثيفا بالرجل مما ال نالحظه يف الظروف العادية"اختالطها اشعر املرأة ورقبتها وصدرها، و

مجيع لعنصر الدنيوي وكذا األسطوري، و فهذه املمارسات مجيعها خيتلط فيها العنصر الديين باا من هذه العناصر تطغى عليها حالة من التقديس بالشكل الذي يأخذها فيه ال رجل البسيط على أ

. إن تلك املمارسات بقدسيتها يف املخيال الشعيب والثقافة الشعبيةات تستقر هذه املمارسالدين، و كما رأينا يف بدعة تقديس اسي أن جيد هلا تفسريا بقوله:" و اليت يقبل عليها اجملتمع املغاريب حياول اهلرم

األولياء، فإن هذا التصرف الشعيب يسمح بالتخفيف من غلواء األحكام الشرعية، وإفساح اجملال .3منوع دون حرج"أمام امل

.84حممد صاحل اهلرماسي،م س، ص: -1 85-84، ص:نم -2 .85ي،م س ، ص:حممد صاحل اهلرماس -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

113

ميكن اإلشارة أيضا إىل بدعة االحتفال ماسي إىل ظاهرة أخرى بقوله : " و كما يشري اهلر ، حىت خلها رمسيا أبو يعقوب املريين، وتبناها عن طواعية كل أهل املغربباملولود النبوي الذي أد

ك مرتاض يدعم نفس السياق جند عبد املال. ويف1أصبحت يف مستوى عيد الفطر وعيد األضحى"كثري من اآلباء يف بوادينا ":...حىت كان الشيوخ والعلماء و فكرة تداخل البدع باملمارسة الدينية بقوله

حسره وحلق اللحية رجسا من الزمن يرون العفو عن شعر الرأس و اجلزائرية منذ زهاء عقدين من .2أعمال الشياطني، جيب على املؤمن الفاضل الصاحل نبذه ورفضه..."

تلك هي بعض املظاهر اليت انتشرت يف أوساط أهل املغرب بشكل عام، واليت أوجدت بذلك شكلت اخلصوصية البالد مع الديانة اإلسالمية، و بعض اخلصوصية املغاربية يف تعاطي أهل

غريها مما يكفل به اإلسالم قول اهلرماسي :" لكن هذه البدع و لكن على الرغم من ذلك يغربية، و املال سيما الوثنية منها، مل تبلغ أبدا حد تغيري العقيدة ثريات أشكال التدين السابقة، و يش من تأاملع

ا" .3اإلسالمية األساسية أو طمس مقوما

ا هويتهم، من خالل و كخالصة لطبيعة أثر الدين يف الشخصية املغربية و األلوان اليت لون اهلرماسي مصطلح ئة املغربية، واليت أطلق عليها ما اتسمت به هذه الديانة من خصوصية يف البي

العريب على قدر كبري من ، جنده جيمل ذلك بقوله: "يبدو اإلسالم املعيش يف املغرب (اإلسالم املعيش)مؤدين، ملتزمني أحكام الشريعة غري هو يتسع للجميع مؤدين للفرائض و التسامح كما ذكرنا. فاحلرية و

ذا الواقع ال ينطوي على أي خروج على العقيدة اإلسالمية. فعندما يتعلق غري ملتزمني . إال أن هو األمر بأركان اإلسالم اخلمسة تربز سطوة العقيدة، و يظهر أن للتسامح سقفا ال ميكن جتاوزه . إذ

ممارسة العبادة شأنا بني العبد ميكن لإلسالم املعيش أن يقبل مبن ال يصلي و ال يصوم و يرى يف عدم

.85ص: م ن ، -1 .215-214ص: عبد املالك مرتاض، م س، -2 .85صاحل اهلرماسي ، م س، ص حممد -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

114

جند دليال على ذلك يف التجربة تتعرض الفريضة نفسها لإلساءة . و ه، ولكنه ال يقبل أبدا أن رب و بكثري من األمور اليت تبدو –كما أشرنا –التونسية املشهود هلا باجلرأة ، حيث أن اإلسالم قبل

منع احلالل (تعدد لبغاء)، واائض و إباحة احلرام (شرب اخلمر و خمالفة للنص الديين ، كعدم أداء الفر هب الناس يف انتفاضة شهرية ضد باالعتداء على الفريضة نفسها، و لكنه مل يقبل أبدا الزوجات)، و

1."بة إىل اإلفطار يف رمضاندعوة الرئيس التونسي الراحل بورقي

ا إن احلديث عن أثر الديانة اإلسالمية يف شخصية املغاربة و هويتهم، من خالل متسكهم استقرت يف هذه البيئة و التزامهم بأوامرها و ابتعادهم عن نواهيها، ال جيعلنا جنزم بأن مجيع منذ أن

ال يزالون كذلك إىل يومنا ، بل قد ميع األحكام الدينية يف املاضي و أفراد اجملتمع اجلزائري قد التزموا جبالرؤية الدينية والكمال سب كامال حبليا و يكون ذلك ضربا من السراب، ألنه حينها سيكون اجملتمع مثا

ول بأن لكننا نقن مثل هذا اإلطالق والتعميم، و املطلق بعيد عن الواقع ، لذلك فإننا نبتعد عهللا و وال يزال يتوافق مع هذه التعاليم الدينية من خالل الروح العامة للمجتمع، وكذا اخلطاب املعلن كان

لو كان ذلك فقط بالفرائض واإلتيان باملستحبات، و عن النواهي والقيام التأكيد على ضرورة االبتعادمن مث فهو مؤشر ملا دئ و يف هذا إقرار بتبين اجملتمع هلذه املبامستوى التصريح الشفوي العلين، و على

بذلك ما علينا إال أن نعود إىل جممل تعاليم ع من تلون بالصبغة اإلسالمية، و تكون عليه هوية اجملتمسلوك أفراده ، هذه اهلوية اليت تتداخل العامة هلوية اجملتمع اجلزائري و املالمح اإلسالم لنتمكن من رسم

عناصر أخرى يف تشكيلها، لذا يكون رسم مالمح اهلوية اجلزائرية من منطلق الدين اإلسالمي، جمرد شكل هذه اهلوية، غري أن ذلك ال ينفي ثقل هذا تاج إىل عناصر أخرى لتتضح صورة و مالمح عامة حت

صر و أثره العميق يف تشكيل و تلوين هذه اهلوية.العن

اللغــــة : - 2

. 91، ص : اهلرماسي ، م س صاحل حممد -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

115

ميكننا القول بكل بساطة بأن اللغة حتظى بأمهية خاصة، و تعد من بني الركائز األساسية ملفهوم اهلوية، فقد نعتقد يف سذاجة أن اللغة ما هي إال وسيط للتواصل و التخاطب ، غري أن اللغة

هب إىل القول:" إن اللغة فكر وار أهم من ذلك بكثري حبسب رأي الشريف كرمة الذي يذتقوم بأد .1وجدان و إرادة ، تتجلى يف املهارات و تؤدي وظائف التفكري و التعبري و التواصل "و

على مستوى التواصل فقط ، أو أن تكون اذا جند أن اللغة ال ميكن أن تنحصر وظيفته، بل على العكس من ذلك فهي الفكر والوجدان أيضا. من هنا قل األفكار فقطوسيطا حياديا لن

ذا قد تتضح قول بأن للغة ارتباطا مباشرا و ميكننا ال ا، تأثريا أيضا على فكر ووجدان املتحدث ا اللغة من خالل هذا فس يف نالتأثري الذي متارسه على املتكلم، و املالمح األوىل لألمهية اليت حتظى

اللغة هي وسيلة التحاور والتخاطب بني شىت ؤكد على أمهية اللغة بقوهلا:"و السياق جند د.خضر تابة العمود هي هلذا مبثت وتصل بني األجيال والشعوب، و فئات اجملتمع على تباينها فهي تقطع املسافا

. بذلك 2االنتماء" ي يفاللحمة األساسية وراء متاسكها باعتبارها احلجر األساسالفقري لوحدة األمة و ا اللغة، خاصة باعتبارها قد نلمس صورة أوضح قليال مما كانت عليه حول هذه األمهية اليت حتظى

ا متثل العمود الفقري لوحدة األمة.بط ما بني األجيال املتعاقبة، و الرا كذا لكو

يف سلم عناصر املراتبإن هذه املهام اليت توكلها د.خضر للغة كفيلة بأن ترفعها إىل أعلى االنتماء ، دون أن ننسى وظيفة االنتماء و اليت تعتربها الكاتبة من وظائف اللغة، فبناء هوية اجملتمع

كون اللغة حتقق أو تؤسس أو على األقل تساهم يف تبلور هذا االنتماء ، دليل هو لب مفهوم اهلوية، و ا يف جمال تشكيل هوية الفرد و اجملتمع معا. على األمهية اليت حتظى

www.annales.univ-mosta.dzالشريف كرمة، اللغة العربية و عالقتها باهلوية، - 1 244د. لطيفة إبراهيم خضر، م س ، ص: -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

116

ا اللغة قائال:"واللغة رمز للتقايس يضيف كرمة يف جمال توضيحه للمهو ام اليت تقوم ا ما دة اجلماعية وتدوين سجل األمة ومحاية تارخيها، و ا يتم توثيق روابط الوحاملشرتك، و حفظ ذاكر

.1يضمن التفاعل احلضاري بني اخللف والسلف"

األساسي الذي تقوم به اللغة يف جمال تشكيل مرة أخرى على الدور املهم و يؤكدبذلك جنده هو ، و هوية اجملتمع ، فمن بني املهام اليت يعددها جنده يشري إىل قضية توثيق روابط الوحدة اجلماعية

ني دور يوكل عموما إىل مفهوم اهلوية، فاجلماعة اليت تتميز بتلك الوحدة و تلك الروابط الوثيقة ما با ذات هوية موحدة، غري أننا هنا نلمس ما للغة من دور يف التأسيس هلذه الوحدة أفرادها ، نقول أ

، سواء ما تعلق حبفظ تاريخ اجلماعة أو إقامة العناصر اليت يشري إليها الكاتب من خالل مجلة منكما هو معلوم ففي و تندثر، ال ، و بذلك تتواصل ثقافة اجلماعة و جسور التواصل ما بني األجيال

يف هذا اإلطار جند " اللغة وحدها هي اليت تسمح و أشكال ثقافة اجلماعة ترتسم مالمح هويتها،ا الرمزية يف هذه التقاليد جتقاليد و نقلها من جيل إىل جيل، و باالحتفاظ بالت د األساطري تعبريا

.2األغاين املتداولة مصادرها احلقيقة"و

إىل جيل هلو داللة على التواصل القائم ما بني األجيال، و هذا إن نقل اخلربات من جيلالتواصل ما هو إال داللة على تصاحل هذه اجلماعة مع تارخيها ومرياثها احلضاري ، و من مث يؤشر

،" فاللغة اللغةكل ذلك قد يكون بفضل وارتباط أفرادها فيما بينهم، و على مسة صحية هلذه اجلماعةداولة معانيها، اللغة املتقاليدها بل و توح الشعب يف طقوسها وأساطريها ورموزها و ن ر هي اليت متك

.م س الشريف كرمة، -1

.م ن - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

117

لكنها ثابتة، هي خفية غري واضحة، و كمن عصر إىل عصر أو عرب مسالاملتنقلة من جيل إىل جيل و .1قوة االنتماء"كنوز املعرفة وصالبة اإلميان و وحدها اليت حتمي

ا اللغة على مستوى اهلوية اجلماعية ذا نكون قد سلطنا الضوء على األمهية اليت حتظى للجماعة أو األمة، و يف هذا السياق يشري عز الدين صحراوي بقوله: "يقول ليفى سرتاوس" يف كتابه

"... إننا حني نقول اإلنسان(...) فإننا نعين اللغة، و حني نقول tristes tropiquesاآلفاق احلزينة" .2ا نقصد اجملتمع"اللغة(...) فإنن

ذا قد تربز احلظوة اليت ا، و ذا قد يكون ليفي سرتاوس قد موقع اللغة يف املوقع الالئق ا اللغة ، فكأن ليفي سرتاوس يقول أننا ال نستطيع أن نطرق موضوع اإلنسان بدون التطرق حتظى

ا، و لغة ، ليوحي لنا مبا قد تكون عليه بذلك يربط هذا الكائن املعقد بالللغة اليت يتحدث ويفكر هو ما يصل إليه بقوله مجيع تفاعالته داخل اجملتمع، و اللغة من تعقيد من خالل مالزمتها لإلنسان يف

بكل تعقيداته، من هنا نلمس أن اللغة أن احلديث عن اللغة ما هو إال صورة للحديث عن اجملتمع إال أن ارتباطها مبفهوم اهلوية و طبيعة تفاعلها معه جيعلها إن كانت يف ظاهرها تبدو عنصرا بسيطا و

بذلك من خالهلا يف بناء هذه اهلوية، و على درجة من التعقيد مبا كان ، نظرا لآلليات اليت تسهم . 3خيلص عز الدين صحراوي إىل القول:" لذلك فإن البحث يف اللغة هو حبث يف اإلنسان"

رته العديد من املدارس العلمية ، باششيء مضن ومتعب أن البحث يف اإلنسان الشكهلا الكائن البشري بشكل مباشر، يفهم من خال ةالتيارات دون أن ترسى على قوانني علمية ثابتو لتوضيح هذا التعقيد الذي يكتنف اللغة يشري بن وضع اللغة حبسب الرأي أعاله، و كذلك قد يكونو

.م س الشريف كرمة، - 1 www.univ-biskra.dz/fac عز الدين صحراوي، اللغة العربية يف اجلزائر : التاريخ و اهلوية - 2 . نم - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

118

اجلسد الواصل بني خصوصية الذات وعمومية املوضوع، هي بقوله:" حممد نقال عن نبيل علي عبد اهللاالوحدة لقلعة احلصينة للذوذ عن اهلوية و هي اوك أفراده ومجاعته ومؤسساته، و هي اليت توجه سلو

يها كل أمة أهم مقومات هي املرآة اليت ترى فغة هي الذات وهي اهلوية... و القومية ...بل الل ا و مع فيها جممل جتشخصيتها و ا ورصيد قيمتها ومبادئها اليت تعيش تكافح من حكمتها وخربا

.1أجلها"

تقوم إن املتأمل هلذه الفقرة يدرك هذا التعقيد الذي حتظى به اللغة من حيث الوظائف اليتقوي كأن القارئ هلذه الفقرة جيد نفسه أمام مفهوم اهلوية نفسها، نظرا ملا تتميز به اللغة من تأثريا، و

ا قلعة ، و سواء على األفراد أو اجلماعات وحىت املؤسسات حبس هي كذلك ب الكاتب ، و كذا كوبالفعل كما سنوضحه الحقا . إن هذه املهام اجلليلة اليت حتملها اللغة على عاتقها تربز األمهية اليت

عني االعتبار يعد نصر اللغة بكأن طرق مفهوم اهلوية دون أخذ عا يف عالقتها مبفهوم اهلوية، و حتظى ، من هنا ميكننا التأكيد على أن البحث يف جمال اهلوية لن يستوي دون أخذ اللغة حبثا دون جدوى

بعني االعتبار، كما ال ميكن احلديث عن هوية أية مجاعة دون الرجوع إىل اللغة اليت تتبناها هذه ، هذه املالمح اليت قد توحي بالكثري من اجلماعة لنتمكن من رسم مالمح هوية هذه اجلماعة

ا أو ضعفها ، ثرائها أو فقرها، انتشارها وسط اجلماعة أو تفاصيلها طبيعة هذه اللغة، من حيث قوبقدر إضعافها التارخيي للتعبري عن تارخيها، و وسيلة وعي األمةا، لذلك تعترب" اللغة هي أداة و احنصاره

ا و ظة يضعف هذا الوعي، واحملاف رفضها حملاولة إلغائها عليها هو تدعيم لوجود األمة وتأكيد لسياد .2شخصيتها القومية"ئها أو جتاهل خصوصيتها الذاتية و أو احتوا

ذا ترتبط اللغة بشكل مباشر بشخصية األمة، بكل ما حتتويه هذه املفردة (الشخصية) من لك على شخصية األمة ابا قد ينعكس ذعناصر معقدة ، وعليه فكلما تأثرت اللغة سلبا أو إجي

.78بن عبد اهللا حممد ، م س ، ص: -1 .244لطيفة إبراهيم خضر،م س، ص: -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

119

وية األمة ميكننا أن نقول:" إن اللغة ملتحمة أشد االلتحام وهويتها، و لتعميق مفهوم اللغة يف عالقته ية مل يكادوا يصرحون بالعقيدة، فكثريا ممن يثريون مشكل اللغة يف وقت من األوقات إمنا خيفون عقائد

عرفون اليوم بتداخل موضوع اللغة واإليديولوجية إىل حد أن بعضهم ذهب وعلماء اللسان ي ا عالنيةاية األمر إال تعلم لعقائدية الناطقني إىل أن تعلم أية لغة من اللغات حىت اللغات العلمية ما هو يف

.1بتلك اللغة"

ا عنصر اللغة و يف نفس الوقت مدى اخلط ورة الذي بذلك نلمس مدى األمهية اليت يبدو ا هذا العنصر ، إن هذا التوصيف الذي يقدمه الشريف كرمة خبصوص اللغة ، جيعل منها يتمتع

باإليديولوجية كما أشار الكاتب مهمة يف صرح اهلوية، ذلك الرتباط اللغة نقطة ارتكاز قوية و مة هي الفكر يف حد نقول بأن اللغة حبسب الشريف كر ن، من هنا ميكننا أوارتباطها بالفكر عموما

ا اختارت الفكر الذي تتلبسه و من مث تكون قد ذاته، فاختيار اجلماعة للغة حمددة يعين مباشرة أحددت يف نفس الوقت أحد اخلطوط القوية اليت تشكل هويتها يف املستقبل، ومن مث نستطيع

تعرب العقل اجلمعي لفئة من البشر، و س القول:" إذا كانت اللغة هي تلك اخلاصية اإلنسانية اليت تعكعن رؤيتهم للعامل من حوهلم، و إذا كانت اهلوية يف احلقيقة و الذات و املاهية .. فإنه ميكن القول

م و ماهيتهم." ا و ذا بذلك ، و 2دون أن يكون مثة افتعال: إن اللغة تعد صورة حية حلقيقة أصحاا يف املبحث يضعنا هذا النص مرة أخرى يف صلب م فهوم اهلوية بالرجوع إىل املفاهيم اليت تداوال

منها وعاء خيتزن جتارب اجلماعة السابق، فكون اللغة تعكس العقل اجلمعي للجماعة، قد جيعل لرتكيز أثر اللغة على مستوى اهلوية يستشهد فيصل احلفيان لك يوجه سلوكها بشكل أو بآخر. و بذو

.م س، الشريف كرمة - 1 .www.altasamoh.netفاهيم و جدل العالقات إشكاليات امل-2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

120

) فيقول: "إن الذين يتكلمون بلغة واحدة يشكلون كيانا متكامال ربطته 1814(ت قائال:" أما فخته .1الطبيعة بوشائج متينة و إن تكن غري مرئية "

كذا لقائمة ما بني اللغة واهلوية، و إن تصريح الفيلسوف فخته يؤكد لنا هذه العالقة الوطيدة ا، فكون اللغة ها تكون واضحة ملموسة، لكن نتائجهذه التأثريات اليت قد تكون ظاهرة جلية أو خفية

، فذلك قد يربهن على مدى أمهية موعات بشرية يف إطار كيان موحدمبفردها قادرة على توحيد جمين صحراوي يؤكد يف نفس السياق جند عز الدالذي ميارسه على هوية اجلماعة، و هذا العنصر والتأثري لغة، إن اللغة هي الشرط األساسي الذي يعىن ال يوجد شعب أو أمة ال متتلك نفس املعىن بقوله:"

ذا املعىن أحد املقومات sine qua nonانتقاؤه انتقاء أمة أو كما يقول فالسفة الرومان( ا ) إا ال جمال ل 2.اهلوية الوطنية"لحديث عن مفهوم اجملتمع القومي و األساسية اليت بدو

من خالهلا مجلة من اخلصائص اليت كخالصة عامة ميكننا أن نعود إىل د.خضر لنحوصلو ا اللغة بقوهلا:" ميكن اعتبار اللغة من أهم مقومات اهلوية الثقافية لألسباب التالية: تتميز

اللغة هي أداة التعبري عن فكر اجلماعة و أخالقها. -

اللغة من أهم وسائل حتقيق الوحدة و التماسك، فضال عن االنسجام االجتماعي -

أبناء اجلماعة . بني

اللغة هي الروح و القلب من حياة األمم، حيث من خالهلا يتم التواصل بني -

األجيال، و احلفاظ على الرتاث الثقايف للجماعة.

- ) فيلسوف أملاين .1814 – 1762جوهان جوتليب فيخته (

، م س.فيصل احلفيان، اللغة و اهلوية - 1 عز الدين صحراوي،م س. - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

121

ا مما يؤدي إىل تعاظم من خالل اللغة ينمو التعاطف و - التقارب بني املتحدثني

الشعور القومي.

فيلسوف األملاين ( هريدر ) متثل روح الشعب و هي اللغة على حد تعبري ال -

التقاليد والفلسفة و الدين.ن لكل ما للشعب من ذخائر الفكر و خمز

.1روحه متكن يف لغته "إن قلب الشعب ينبض يف لغته، و -

الزخم الذي اليت تظهر من خالهلا هذاناصر اليت توكلها د.خضر للغة، و فمن خالل هذه العاليت قد ال جند بديال هام اليت تؤديها يف جمال بناء ورسم هوية اجلماعة، و هذه املاللغة ، و تتمتع به نفس الفعالية، لذلك ميكننا أن نقول :" إذا كانت اللغة ؤدي مثل هذه املهام بنفس الزخم و عنها ي

ا تستعمل إىل اليوم كأداة لرسم حدست العالمة الوحيدة على اهلوية و لي ود االنتشار االنتماء، فإ .2الثقايف لألمة"

إذا كانت هذه هي الصورة العامة اليت تبدو عليها اللغة بشكل عام يف عالقتها باهلوية، ا زائري ومدى تفاعلها مع هويته و فسنحاول أن نطرق طبيعة لغة الشعب اجل ما اخلصوصية اليت أفرز

على مستوى اهلوية.

يف ذلك شأن مجيع الشعوب، غري أننا جند على إن الشعب اجلزائري متعدد اللغات، شأنهاملستوى الرمسي قد اعتمدت اللغة األمازيغية كلغة وطنية منذ فرتة وجيزة، وهي ضعيفة االنتشار وسط

دساتري األمة، فهي جمموع السكان مقارنة باللغة العربية اليت تعد اللغة الرمسية للشعب اجلزائري حبسب

246-245د . لطيفة إبراهيم خضر، م س، ص: - 1 .7مد العريب ولد خليفة،ص:م س، د.حم - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

122

اع والكتابة و لغة التخاطب يف دوائر كثرية ، إال أنه ال جيب أن نتغاضى عن لغة اإلبدلغة اإلدارة و اللغة العامية و هي اللغة األكثر انتشارا و تداوال يف األوساط االجتماعية، وأمام هذه اإلشكالية

اللغة ، سنحاول أن جند حال وسطا ، باعتبار أن هذه املطروحة على مستوى هذه االزدواجية اللغويةالعامية نابعة من اللغة العربية بالرغم من بعض املفردات اليت تسربت إليها من اللغات األجنبية

كذا بعض ذه األقوام يف فرتات معينة ، و كالفرنسية أو االسبانية أو الرتكية نظرا الحتكاك السكان غالبية املفردات هي ذات أصل عريب، املفردات اليت حوهلا النطق احمللي عن أصلها ، غري أننا جند أن

ذا ميكننا جتاوزا أن نعمم القول بأن الشعب اجلزائري يتواصل فيما بينه من خالل لغة عربية غري ا السواد األعظم من فصيحة، و لكنها لغة عربية أو سليلة اللغة العربية ، فهي اللغة اليت يتواصل

. مث ةباملائ 95و اليت توظفها األعمال الفنية بنسبة قد تزيد عن الشعب و هي اللغة األكثر انتشارا ، ، العربيةأن اخلطاب الرمسي على املستوى السياسي و كذا الثقايف يشري إىل أن لغة الشعب اجلزائري

إىل جانب الثنائية اليت ترجح الكفة أكثر ناحية اللغة العربية الفصحى باعتبار اللغة منها املنطوق فقط نها املنطوق و املكتوب و تعترب اللغة العربية العامية لغة منطوقة يف أغلب األحوال، يف حني يلجأ و م

املدون إىل اللغة الفصحى لسهولة كتابتها بالنسبة للعامية اليت ال توظف للكتابة إال يف دوائر جد ساسية للشعب اجلزائري مع إىل كل ذلك سنعتمد يف هذا البحث اللغة العربية كلغة أ اضيقة . واستناد

تأكيدا ملا سبق جند د.عبد لغة العربية بعني االعتبار . و أخذت اخلصوصية املغاربية يف تعاملهم مع التشبعوا مببادئه العالية، تعلموا يون حني أدركوا مدلول اإلسالم، و املالك مرتاض يقول :" ولكن اجلزائر ا لغة القرآن و احلديث ، ما لبثت هذه اللغة أن انتشرت غة الدين اإلسالمي اجلديد و أي ل العربية أل

، 1يف اجلزائر حىت أصبحت مع مرور أربعة عشر قرنا من حياة اإلسالم، اللغة الوطنية لألمة اجلزائرية"

- الواسع النتشارمها الباحث: فقد اخرتنا اللغة العربية الفصحى و اللغة العامية كلغتني أساسيتني هلذه اإلشكالية اللغوية نظرا

رنة باللغة األمازيغية الالئي ال يقللن أمهية مقااألخرى ذات االنتشار الضيق و مقارنة باللغة األمازيغية أو بعض اللهجات األمازيغية اللغة العامية النتشارمها الواسعو بذلك اخرتنا اللغة الفصحى و

220د. عبد املالك مرتاض، م س، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

123

خاصة يف جمتمعنا يف قضية لغة الشعب اجلزائري و ذا قد يكون حديث د.مرتاض مبثابة الفصل الذي يذهب إليه عبد العايل الودغريي بقوله:" لقد احتضن املغرب إذن املعاصر، و هو نفس الطرح

ا و هذه اللغة زءا أساسيا من شخصيته جعلها ج، لغة القرآن الكرمي، و أحبها وقدسها واحتفل ذا جند أن الشعب اجلزائري من ضمن شعوب املغرب العريب قد 1وجدانه الروحي "الثقافية و .

ية، واحتضانه هلذه اللغة ليس بدعا، فالتاريخ يذكر أن اللغة احمللية كثريا ما تنازلت احتضن اللغة العربعن مكانتها للغات الوافدة مع احلضارات اليت استوطنت املنطقة، غري أن اللغة العربية متيزت عن

ا لغة القرآن الكرمي كما أشرنا إليه أعاله، و عل بال على هذه اللغة يه كان اإلقغريها من اللغات، كوا من طرف شعوب املنطقة عامة عن طواو باحتضان الشعب اجلزائري عية وطيب خاطر، و احتضا

أن يكون هلذا االختيار انعكاسات مهمة على مستوى هوية ية من بني سائر اللغات، فالبد و للغة العربمقولة البن خلدون" صار الشعب كما أشرنا إليه سابقا و من هذه اآلثار جند عبد العايل يورد

.2استعمال اللسان العريب. من شعائر اإلسالم"

ا الكثري من املعاين ، فهذا السياق الذي إن مالحظة العالمة ابن خلدون حتمل يف طياحتولت فيه اللغة العربية عند املغاربة من جمرد وسيلة للتواصل إىل رمز وإىل شعرية من شعائر اإلسالم ،

ذا ا النقالب الروحي و االجتماعي الذي حصل يف اجملتمع ، و من مث هذا التشكيل اجلديد يوحي ذا عدت ( العربية) جزءا من اهلوية االجتماعية" .3لعناصر هوية اجملتمع " و

اللغة قادرة كما تابعنا على إحداث مثل هذه اآلثار على مستوى هوية اجملتمع كما تذهب و اللغة القومية هي املؤشر األول للهوية الثقافية القومية، فإذا فقد شعب إليه د.خضر بقوهلا:" تعترب

74ص:، 2000عبد العايل الودغريي، اللغة و الدين و اهلوية، مطبعة الصالح احلديدية، الدار البيضاء، سنة - 1 75، ص:نم - 2 .س عز الدين صحراوي، م - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

124

لغته القومية فقد هويته الثقافية و فقد شعوره باالنتماء القومي، وإن ضرب أي هوية ثقافية يبدأ .1بضرب لغتها"

زائري ذا التعبري تؤكد د.خضر على أن اللغة هي املؤشر األول للهوية الثقافية، فالشعب اجلنتيجة تأخذ بعدا إسالميا مث عروبيا، و باعتماده للغة العربية، البد و أن حدد مالمح هويته اليت س

اإلسالمي، ليشكل الوعي ئري ذلك الرتاث احلضاري العريب و لذلك ستنقل هذه اللغة للشعب اجلزاسابقا. من هنا ميكننا أن نقول اجلمعي لألمة اجلزائرية، وهي وظيفة من وظائف اللغة اليت أشرنا إليه

بأن الشعب اجلزائري باعتماده اللغة العربية يكون قد اختار عنصرا قويا من عناصر تشكل اهلوية ا يف اجلماعية ، هذه اللغة اليت ستعطي هوية ذات طابع إسالمي عريب، وهذه اهلوية اليت سيتشبث

عد من بني أهم ركائز هوية الشعب اجلزائري، فقد مواجهته مع االستعمار الذي اكتشف أن اللغة تأراد أن ميحو آثار ة املتمثلة يف اللغة العربية "و حاول االستعمار " القضاء على الذاتية اجلزائري .2الشخصية اجلزائرية فحارب اللغة العربية بكل قوة "

كأنه يشري إىل أن ية ، و العربية و الذاتية اجلزائر ذا يربط عز الدين صحراوي ما بني اللغة ملا كانت اللغة يث يشري صراحة إىل ذلك بقوله:" و اللغة قد شكلت خصوصية الشعب اجلزائري، ح

لغته داعيا جلزائري بقي حمافظا على عروبته و العربية من أبرز مقومات الشخصية الوطنية، فإن اجملتمع الك يربط الكاتب ما بني اعتماد هذه اللغة من ، بذ3إىل اعتبارها لغة رمسية يف املدارس و اإلدارة"

طرف اجملتمع و ما بني انتمائه العرويب، و هذا االنتماء الثقايف ما هو إال أثرا من أثار هذه اللغة على مستوى هوية اجملتمع حيث يؤكد ذلك بقوله :" فاللغة العربية بالنسبة إلينا حنن اجلزائريون، عنصرا

245د. لطيفة إبراهيم خصر، م س، ص: - 1 .م س ،عز الدين صحراوي - 2 . نم - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

125

التارخيي بني الزم املنطقي و من هنا نشأ ذلك التيتنا ويف طريقة تفكرينا و وشخص أساسيا يف هويتنا .1العروبة والوطنية"

ا اللغة ع لى مستوى تشكيل هوية اجلماعة، مما سبق ميكننا أن ندرك املكانة اليت حتظى بية يف ى اللغة العر من ذلك ميكننا أن نستوعب شراسة املعركة اليت خاضها االستعمار للقضاء علو

وجوده و مبعىن يف دفاعه عن أحد مقومات هويته، و نستوعب أيضا بسالة الشعب اجلزائري اجلزائر، و آخر ميكننا أن نقول "إن الدفاع عن اللغة الوطنية هو يف الواقع دفاع عن الوجود احلضاري املتميز

.2للشخصية الوطنية"

اجملتمع اجلزائري، حييل إىل اجلانب املقدس ميكننا أن نصل للقول بأن توظيف اللغة العربية يف الذي ينظر من خالله اجلزائري إىل لغته ، الرتباطها بدينه أوال حىت "صار استعمال اللسان العريب من

، و من مث ميكننا أن نقول إنه باعتماد اجملتمع هلذه اللغة عرب قرون مضت، فقد 3شعائر اإلسالم" ت عليه مسات حمددة ، و بصمت شخصيته ببصمات بارزة. اعتمد بذلك ثقافة معينة، أمل

نطاق ، أحااله على انتماء حمدد، ال خيرج عموما عنوباعتماده هلذا الدين وهذه اللغةنظمة القومية العربية. ذلك ما نلمسه من خالل االرتباط الرمسي للدولة مباحلضارة العربية اإلسالمية، و

الذي يعد مؤشرا على املرجعية املنظمات اإلسالمية العاملية، و العديد منو رمسي، و اجلامعة العربية كعضبذلك نلمس أثر هذان العنصران على مستوى جملتمع ممثال يف أطره الرمسية، و اهلوياتية املتبناة من طرف ا

تلوين اهلوية اجلمعية للشعب اجلزائري .

.نم - 1 .م س ،عز الدين صحراوي - 2 75عبد العلي الودغريي ، م س ، ص : - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

126

لى وجه اخلصوص يف تعاملهم مع اللغة ، من قد تربز خصوصية املغاربة عامة و اجلزائريني عو م العديدة يف ه الذي خصوصيتهم ، بالشكل ذا اجملال و اليت عكست شخصيتهم و خالل إسهاما

ر املغاربة أيضا يف ، أث أثرت العربية يف ثقافة املغرب وتكوين هويتهبقدر ما يوضحه الودغيلي قائال:"و هكذا أصبح اخلط املغريب متميزا عن صنوه ة قوية متميزة، و يف ثقافتها مبا هلم من شخصيهذه اللغة و

) حىت طريقة تالوة رتتيب اهلجائي يف بالد املشرق (...املشرقي ، والرتتيب اهلجائي للحروف خمالفا للا كان للمغرب خمتلفة عما هي عليه يف املشرق (...) و القرآن و حتفيظه جتدها حىت علوم اللغة ذا

منتشرة يف املشرق انطالقا من املغرب ، فمن املغرب واجتاهات أصبحت معروفة و مدارس فيهامن تقوم عليها املناهج التعليمية (...) و انطلقت األجرومية اليت أصبحت من املتون النحوية اليت

ا املشرق أميا احتفال" ذا نلمس مدى التفاعل الذي مت م1املغرب انطلقت اجلزولية اليت احتفل ا . احلضاري الذي أطلعته هلا تبىن هذا املوروث الثقايف و من خالتمع و هذه اللغة اليت تبناها، و بني اجمل

يف نفس اإلطار نلمس أيضا تأثري املغاربة يف هذه اللغة انبا مهما من خمزونه الثقايف، و عليه، ليشكل جضان دليل على مدى احتما هذا التفاعل إال ما أسهموا به يف تطوير علومها ومناهجها. و من خالل

، وتدخل غربية لتتجانس مع طبيعة املغاربةالعمل على تلوينها خبصوصية ماجلماعة هلذه اللغة وتبنيها، و ضمن النسيج العام للثقافة املغربية بشكل متجانس .

الثقافـــــة : -

عة املفهوم إن احلديث عن الثقافة قد يتسع ويتفرع ليالمس جممل جماالت احلياة نظرا لطبيواتساعه ، غري أننا نود يف هذه البداية أن نفرق ما بني مفهوم الثقافة و مفهوم املعرفة ، لنبسط بعد ذلك يف تعريف و توضيح مفهوم الثقافة، ويف هذا اإلطار ميكننا أن نقول :" إن العلم يعطي املعرفة ،

الذي يتم عليه البحث العلمي، و العلم يعطي إنه يعطي اللباقة واملهارة، وفقا للمستوى االجتماعي

.72 – 71عبد العلي الودغريي ، م س ، ص : -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

127

ا تعطي السلوك و الثقافة و امتالك القيم اليت تولد األشياء. تواجد الغىن الذايت الذي يتعطي العلم، إالعلم ية اليت ختلق احلضارة. احلضارة و الثقافة تعطي امتالك القيم اإلنسانعلى كل مستويات اجملتمع، و

.1ليسا مرتادفني"

م الذي حيدد ذا النص يضعنا املفكر مالك بن نيب أمام مصطلحني خمتلفني، املعرفة أو العلهنا نسعى لتوضيح . من فهو يعطي العلممصطلح الثقافة الذي يعتربه أعم و أمشل له جمال اشتغاله، و

ا ث أمدى ارتباطها باهلوية، وفق هذا اخلط الذي رمسه هلا مالك بن نيب، من حيمفهوم الثقافة و هي قضية جوهرية بالنسبة ملفهوم اهلوية ، أو من حيث عالقتها بالقيم تعطي السلوك كما أشار إليه، و

تأكيدا ملا سبق ميكننا القول أننا " ن مربط الفرص بالنسبة للهوية، و اإلنسانية للجماعة، واليت قد تكو اإلنسان يف القرون املتأخرة، ره علماءال نقصد بالثقافة هنا ( املعرفة، و إمنا نقصد املصطلح الذي بلو

األفكار واملعايري والرموز هو عندهم يطلق على " ذلك الكل املركب املتجانس من العقائد و القيم و و ذا والتعبريات واإلبداعات و أمناط العيش اليت تشكل قوام احلياة جملتمع من اجملتمعات، والثقافة

ا يف التعرف على العامل و التعامل معه"الشمول هي يف احلقيقة ذات األمة ، فوفق هذا املفهوم 2وأداسنواصل التعاطي مع مفهوم الثقافة يف عالقته باهلوية، و قبل الشروع يف ذلك البد من أن نعرج قليال

حول ماهية الثقافة.

حماولة اإلحاطة به نستعني مبحمد عارف الذي يلخص لنا تاريخ ولتعريف مفهوم الثقافة و ) اليت يرجعها إىل اللفظ الالتيين cultureتطور املصطلح( منطلقا يف البداية من جذور كلمة (

)culture و الذي يعين حرث األرض و زراعتها، هذا املعىن كما يشري إىل أنه الزم املصطلح يف (ا، وظف املصطلح بالدالالت نفسه العصرين، اليوناين و الروماين، مستشهدا بـ: ششرون الذي

54، ص:1995ق، ري، دار الفكر، دمشمالك بن نيب، مشكالت احلضارة من أجل التغي - 1ا يف الثقافة العربية، رسالة ماجستري، إشراف:د.سومي ألعزي، األكادمييةزهري سعد عباس -2 العربية ، ظاهرة العوملة و تأثريا

. 61، ص:2007/2008كلية القانون و السياسة، املوسم ،املفتوحة يف الدامنرك

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

128

يواصل حديثه بالتأكيد على أن الكلمة ظلت على هذا الوضع حىت القرون الوسطى حيث أطلقت و " ، ليقفز املصطلح مع عصر النهضة مقتصرا على مدلوله cultesيف فرنسا على الطقوس الدينية "

تطور الفين و األديب، فتمثل يف دراسات تتناول الرتبية و اإلبداع ويواصل الكاتب هذا املسح لاملفهوم، فمن فرنسيس بيكون الذي أخذ معه املصطلح صورة التثمري الزراعي للداللة على أحد مرامي الفلسفة الكامن يف هذا املفهوم، مرورا بفولتري و أقرانه الذين وظفوا املصطلح بنفس املفهوم، حيث

ينه باملعرفة، إىل غاية الفهم و تزي) تعين لديهم تنمية العقل وغرسه بالذوق و cultureكانت كلمة (توماس هوبز الذي استعملها مبعىن العمل الذي يبذله اإلنسان لغاية تطويرية سواء أكانت مادية أو معنوية، و يشري الكاتب إىل أن الكلمة استمرت حمافظة على جذرها اللغوي و الدالالت املشقة منه

، و يواصل الكاتب رصده لتطور املفهوم 1م)إىل أن جاء إدوارد تايلور الذي وضع تعريفا هلذا املفهو ا املصطلح من خالل هجرته من الثقافة الفرنسية إىل من خالل إشارته إىل نقلة نوعية أخرى قام

" األملاين اكتسبت الكلمة kulture" إىل "cultureبانتقال مفهوم "الثقافة األملانية ، بقوله :"و دم الفكري الذي حيصل عليه الفرد أو اجملموعات أو مضمونا مجاعيا، فقد أصبحت تدل على التق

.2اإلنسانية بصفة عامة"

جعلته يأخذ هذا البعد إن هذه النقلة النوعية اليت حصلت على مستوى تطور املفهوم، بذلك يقرتب أكثر من املعىن االصطالحي الذي سيستقر عليه، و يف نفس السياق جند اجلماعي، و

ا حصيلة التفاعل بني اإلنسان و بيئته"الفيلسوف األمريكي جون د ذا 3يوي يعرفها بقوله:" أ ،ميكننا أن نقول بأن الثقافة األملانية باعتبارها إحدى احملطات اليت استقبلت املصطلح كان هلا تأثري

عليه من خالل حتميلها إياه هذا البعد اجلماعي للمصطلح ، و الذي استقر عليه فيما بعد، حواض

اللة املفهوم"، سلسلة املفاهيم اسة لسرية املصطلح و داملدنية "در –الثقافة -نظر: نصر حممد عارف، احلضارةي -1 .20 -19 ص:، 1994،الواليات املتحدة األمريكية، 2طاملعهد العاملي للفكر اإلسالمي، ،)1املصطلحات(و .20، ص: نم -2 .21م ن ، ص: -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

129

ا جمموعة طرائق احلياة لدى شعب معني، أي فها حن ن نصادف أيضا كاليد كلوكهن يعرفها بقوله:" أهي اليت حتدد يعيش فيها (...) و املرياث االجتماعي الذي حيصل عليه الفرد من جمموعته اليت

.1األساليب احلياتية ، أو هي طريقة التفكري والشعور و املعتقدات "

القول أن املصطلح قد أخذ داللته اليت أصبح عليها من خالل هذه ذا التعريف ميكننا املسرية الطويلة اليت قادته إىل هذه احملطة ، و غري بعيد عن هذه الداللة للمصطلح جند بسيسو يرصد تعريف املصطلح من منظور اجتماعي والذي يتقاطع يف العديد من النقاط مع التعريف السابق،

علم االجتماع، يأخذ التعريف اللغوي السابق يف التوسع و التعمق على يد بقوله:" و من منظورغريهم) ليصبح تعريفا اصطالحيا يشري إىل ريارد أودونيل، ماكس فيرب، ماركس، و علماء عديدين (ج

مالئمة هلم مقبولة من مجيع أفراد اجلماعة و طريقة احلياة اليت تتمكن مجاعة بشرية من تأسيسها لتكونا، ومنط التفكري، وآداب السلوك وعة ، و هي طريقة تتكمجم ضمن أساليب اإلدارة و آليا

.2املعتقدات، أو منظومة األخالق و القيم اليت حتكم اجلماعة..."و

إن هذا التعريف مبا يتضمنه من إشارات إىل جمموعة من العناصر، كنمط التفكري، آداب صر اليت ترتبط مبفهوم يم ، حييلنا مباشرة إىل جممل العناالسلوك، املعتقدات، منظومة األخالق، الق

القائمة ما بني مفهومي الثقافة بذلك يدفعنا هذا التعريف لالعتقاد بوجود تلك العالقة القوية اهلوية، و "ويتضح من ، ذلك االعتقاد الذي سيرتكز أكثر من خالل ما يشري إليه حسن غامري بقوله:واهلوية

التفكري ني األمناط املختلفة من السلوك و ، أن الثقافة تعين عند األنرتولوجية واجملتمعخالل حتليل الثقاف

.21، ص: سم ، الثقافة -نصر حممد عارف، احلضارة -1 www.dirseit.edu و معركة الدفاع عن اهلويةد. عبد الرمحن بسيسو، الثقافة -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

130

ا و اليت تناقلها األجيال املتع اقبة عن طريق واملعامالت اليت اصطلحت عليها اجلماعة يف حيا .1التفاعل االجتماعي(...) و الثقافة هي ما يتعلمه األجيال بعضها عن بعض"االتصال و

خاصة من خالل تركيزه على مسة توارث األجيال ثقافة أسالفهم جيعلنا نقول ا النص و إن هذالتوارث املشار إليها، يتضمن ذلك تيف هذه البداية بأن عنصر الثقافة مبا يتميز به من مكانيزما

ح التواصل الذي جيب أن حيدث ما بني األجيال، و بذلك ميكننا أن نقول بأن الثقافة هي مبثابة رو اهلوية ألن " الثقافة إذن هي مجاع األنظمة املادية و الروحية اليت ابتكرها اإلنسان لتحكم سلوكه فيما

ويته و ذاته" . و أخريا ميكننا أن نقدم تعريفا للثقافة قد يكون من بني 2هو ذاهب إىل االرتقاء الزهراء سامل بقوهلا:"و لعل التعريفات اليت القت نوعا من اإلمجاع ، من خالل ما أشارت إليه فاطمة

من أقدم التعريفات للثقافة و أكثرها ذيوعا حىت اآلن لقيمته التارخيية، تعريف إدوارد تايلور(...) واألخالق الذي يذهب فيه إىل أن الثقافة هي:" كل مركب على املعرفة و املعتقدات و الفنون و دات اليت يكسبها اإلنسان باعتباره عضوا يف القانون و العرف، و غري ذلك من اإلمكانيات أو العاو

.3اجملتمع"

ذا الشكل الذي يالمس فيه مجلة من العناصر كاملعتقدات، إن احلديث عن مفهوم الثقافة اليت ترتبط أساسا مبفهوم اهلوية جيعلنا نقول بأن الثقافة و غريها و تالفنون، األخالق، العرف والعادا

لعالقة القائمة ما بني فهوم اهلوية، وهذا التعبري الذي نوظفه إلبراز هذه اقد تكون مبثابة وجه آخر ملن اهلوية، باعتبار الثقافة متثل القاعدة أو األساس الذي تقوم عليه اهلوية، ذلك ما نلمسه مالثقافة و

يرسم مبا لكنها نظرية يف السلوكلثقافة ليست جمموعة من األفكار و اخالل تعبري التوجيري بقوله:" و هي الوجوه لذي ينطبع عليه شعب من الشعوب، و مبا يتمثل فيه الطابع العام اطريق احلياة إمجاال، و

13،ص:1989تب اجلامعي احلديث،اإلسكندرية، د.حممد حسن غامري ، املدخل الثقايف يف دراسة الشخصية، املك -1 14 ، ص: سم ، د.حممد حسن غامري -2

.30ص : م س ، فاطمة الزهراء سامل، - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

131

ا عن غريها من اجلماعات، مب ا تقوم به من العقائد والقيم واللغة املميزة ملقومات األمة اليت تتميز .1القوانني و التجاذب"والسلوك واملقدسات و املبادئ و

النص الذي يشري صراحة إىل ماهية الثقافة و أثارها على اجلماعة، سواء فمن خالل هذاا عن الطابع الذي يطبع شعب من الشعوب باعتبارها ، أو باعتبارها ميزة ملقومات األمة اليت تتميز

ماعية لألمة، من عقائد و قيم ولغة غريها من األمم ، آخذة و موظفة يف ذلك جممل عناصر اهلوية اجلية و القاعدة اليت ا، جيعلنا هذا النص نؤكد ما أشرنا إليه بقولنا أن الثقافة تعد مبثابة روح اهلو غريهو

ا أمام العقل العلمي، تأكيدا لذلك تشري إبراهيم خضر بقوهلا:" فإن الثقافة ال تقوم عليها. و توصد باا هي اليت تصنع اجملتمع وتصنع مالحمه و مفهوم حركي تتفاعل مع الزمان، هويته ومتاسكه، فهي وإ

. 2و يتجادل بالتايل مع التاريخ"

ذا تكون الثقافة هي اليت تصوغ مالمح اجملتمع و هويته و متاسكه، و من ناحية أخرى ، صية اجلماعة أو األمة أو اجملتمعفإذا كنا يف السابق قد أشرنا إىل أن اهلوية هي اليت تعرب عن خصو

واليت توكل أيضا للثقافة من خالل تعبري د.خضر بقوهلا:" أيضا ذه املهمة حنن اآلن نصادف ه فهاتركز الثقافة على بعد هام و هو (اخلصوصية) كما وضح يف تعريف اليونيسكو حيث ميكن متييز ثقافة

.3جمتمع عن آخر "

ا اخلاصة حىت ال تذوب شخصيتها يف أمة فإذا كنا يف السابق نوكل قضية متيز األمة مبميزابذلك يربز هذا التداخل هي الثقافة تقوم بنفس املهمة، و أخرى ، (قلت كنا نوكل ذلك) للهوية ، فها

بذلك نعود مرة أخرى للتعبري الذي اهلوية مبا تقوم به الثقافة، و القائم ما بني املهام اليت قد تؤديها

د.عبد العزيز بن عثمان التوجيري، احلفاظ على اهلوية الثقافية اإلسالمية يف إطار الرؤية املتكاملة - 1

www.islamtoday.net 257د.لطيفة إبراهيم خضر، م س، ص: - 2 .254، ص:نم - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

132

ر الذي الشرتاكهما يف العديد من اآلثاأوردناه سابقا بقولنا وكأن الثقافة متثل الوجه األخر للهوية ، ا على اجلماعة و يف ذلك يشري عة، و مالحمها جلية واضحة على املستوى العام للجما رتظهيؤثران

ها إمساعيل ملحم بقوله:" فإن الثقافة تبقى أحد أهم األسباب اليت حتفظ ألمة من األمم متاسك .1..بالثقافة حتافظ األمم على متاسكها"واالحنالل. التفتتوحتصينها من عوامل التشرذم و

آثارها على اجملتمع متتد جملال أو ملهمة كنا نعتقد أيضا جند أن فاعلية الثقافة و ذا التعبريو ا وقفا على اهلوية، ففي خضم املبحث السابق كنا نؤكد من خالل الشواهد العديدة يف السابق أ

بدون هوية مجاعية ينخرط فيها اجلميع اجلماعة وترابطها، و ي احلارس األمني لوحدة على أن اهلوية هال تقوم قائمة هلذه اجلماعة أو تلك، غري أننا اآلن جند ملحم يشري صراحة إىل عنصر الثقافة الذي له

التداخل القائم ما بني اهلوية عالقة مباشرة بقضية متاسك األمة، و بذلك يؤكد لنا مرة أخرى هذاصر اهلوية الذي أشرنا إليه سابقا، إال أن النص الثقافة تبقى كعنصر من بني عنا إن كانتوالثقافة، و

تأكيدا لذلك يقول مالك ا الثقافة يف تشكيل هوية اجلماعة، و يشري إىل األمهية اليت ميكن أن حتظى جاة ، الثقافة هي اليت تكون طوق النيف كل األوقات الصعبة يف التاريخبن نيب:" هكذا هو األمر

.2للمجتمع، حني يتعرض خلطر الغرق"

إن املالحظ هلذا النص يكفيه استبدال مفردة الثقافة مبفردة اهلوية ليجد نفسه أمام التعريف قائم ما بني اهلوية والثقافة، التداخل الذلك داللة على مدى الرتابط و األساسي ملفهوم اهلوية، و يف

مع ما ذهبت إليه د.خضر بن نيب يتوافق متاما يف نفس الوقت جند أن ما ذهب إليه مالكو

سوريا، سنةرات إحتاد الكتاب، بداع) ، منشو إمساعيل ملحم، اخلصوصية يف الثقافة القومية العربية(دور االنتاجية و اال - 1

.16ص: ،1996 55ص:م س ، مالك بن نيب ، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

133

ا ال ميكن أبقوهلا:" ن تنمحي ، فقد يستعمر أحد فالثقافة هي ما تبقى بعد زوال كل شيء أل .1مع ذلك تظل الثقافة هي امللجأ أو املالذ األخري"الشعوب، أو يقيد، و

ا تعترب أحد األسس القوية للهوية إن كون الثقافة هي املالذ األخري لألمة ، جيعلنا نقول بأا " وسيلته ا لرئيسية يف اإلبقاء على حياته، ألن " الوظيفة األساسية لثقافة ما يف حياة جمتمعها كو

قومات الشخصية القومية للجماعة واحملافظة من هنا كانت الثقافة مقوما أساسيا من موشخصيته، و إضافة إىل هذا فهي مكونا ، و 2ثقايف يف األساس"وشخصيتها هي مفهوم ةعليه فإن األمعليها، و ، اعتبارها مكونا أساسيا يف اهلويةحني نتحدث عن الثقافة با من مكونات اهلوية أيضا ألننا "أساسي

فإننا نعين أمرين أثنني:

ا تشكـل عرب األول: مرتكزات هذه الثقافة و اللغة - دعائهما الثابتة اليت ميكن القول بألف عن غريها من روح تلك الثقافة بكل ما مييزه من خصوصيات، مبا ختت - ري واملعريفنسقها الفكو

يبقى مستمرا على امتداد التاريخ ، -إن جاز التعبري-ال شك أن هذا الروح الثقايف الثقافات(...) و حمتفظا بكنهه وطابعه، مهما تكن عوامل التغيري اليت تواجهه.

وفق مدى -العهود، مبا جيعلها يف كل عصر لثقافــة على مر الثاين : مكتسبات هذه ا ، وميكننا أن نعترب الثقافة مقوما أساسيا 3ما هلا من طاقة إبداعية تغتين متأثرة بظروفها احمللية"ها و وعي

عي مجعي يشكل اهلوية اليت للهوية أيضا"... باعتبار الثقافة هي عملية إطالق الطاقات باجتاه توليد و املبادئ جممل والنظرة إىل الكون و هي ما ميثل يف اإلسالم( العقيدة،وتطبع احلضارة بطابعها، و تقود

260د.لطيفة إبراهيم خضر ، م س، ص: - 1 251، ص:نم - 2 .44عباس اجلراري، م س ، ص: -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

134

ا ونلتزمها ونعمل على تطبيقها)، و و فكر هي كل ما مييز شخصية األمة من لغةوالقيم اليت نؤمن . 1أعراف"وفنون وعلوم وتقاليد و

تؤديها الثقافة يف حياة األمة جتعلنا نقول بأن إذا فلهذه األسباب مجيعها و هلذه املهام اليت الثقافة تعد عنصرا أساسيا من عناصر تشكل اهلوية اجلماعية، وقد نذهب للقول بأن للثقافة وزنا ا عنصرا من بني العناصر املهمة املشكلة للهوية اجلماعية من خالل تلك العالقة اخلاصة أكرب من كو

مثة عالقة وثيقة بني اهلوية ليت يعرب عنها التوجيري بقوله:"وية، واالقائمة ما بني الثقافة واهلختتزل ثقافة، فال هوية بدون منظور ينهما، إذ أن ما من هوية إال و والثقافة، حبيث يتعذر الفصل ب .2وجوهرها هوية قائمة الذات"افية ، والثقافة يف عمقها، ثقايف، و ال تستند إىل خلفية ثق

لثقافة واهلوية النص الذي يسعى من خالله التوجيري لرصد هذه العالقة القائمة ما بني اذا يشري قبل ذلك بأنه ال قافة يف عمقها وجوهرها هوية، و توضيحها بالشكل الذي يصرح فيه بأن الثو

، واليت تكون داخلة والقائمة ما بني اهلوية والثقافةهوية بدون منظور ثقايف، تتضح لنا هذه العالقة املتبدون توفر هذه القاعدة وتقوم عليها هوية األمة، و فيها الثقافة مبثابة القاعدة الصلبة اليت تتأسس

، كما أننا ال نتصور أيضا بقاء هذه اهلوية قائمة صلبة تؤدي صلبة ال نتصور تشكل هذه اهلويةالانطالقا من أنه لكل وجودها، ألن " هذه الثقافة بعد مهامها لألمة ، إن تالشت أو اندثرت أو غيبت

أمة ثقافتها من مث لكل أمة هويتها، فاألمة اليت خترتق ثقافتها تصبح األمور فيها باجتاه مسخ .3هويتها"

.300د.لطيفة إبراهيم خضر ، م س ، ص: -1 .م س د.عبد العزيز بن عثمان التوجيري، -2

.300ص: ،س م، د.لطيفة إبراهيم خضر - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

135

كذلك ريفات املوجزة ملفهوم الثقافة، و إذا كنا لغاية اآلن حاولنا أن جنتهد إلعطاء بعض التع ميكن هلا أن تكون ما بني الثقافة و اهلوية بشكل عام، فإننا اآلن حماولة رصد طبيعة هذه العالقة اليت

حناول أن نشري لطبيعة هذه الثقافة اليت تؤسس هلوية اجملتمع املغاريب عامة و اجلزائري على وجه اخلصوص بشكل موجز و عام على أن يكون توضيح هذه اخلصوصية من خالل التطرق ألهم

ا هذه اخلصوصية الثقافية ، و من خالهلا ميكن أن نستنتج ما ميكن العناصر اليت متظهرت من خالهلتشرتك اجلسم الكبري الذي تنتمي إليه و أن تتميز به هذه اهلوية من خصوصية حملية متيزها وسط هذا

معه يف الروافد الكربى املؤسسة للهوية، واملتمثل يف األمة العربية اإلسالمية ، وذلك سواء من خالل ، أو األعراف أو الفنون أو اللباس أو األخالق أو غريها من يف العادات و التقاليد أو القيمما متثل

العناصر.

من خالل احتكاكه الدائم تشكلت و تطورت عرب التاريخ، و إن ثقافة الشعب اجلزائري اليتنيقية، الرومانية ، مبختلف احلضارات و الثقافات اليت استوطنت املنطقة، سواء ما متثل يف احلضارة الفي

، أو احلضارة العربية اإلسالمية، مث احلضارة األوروبية مبا اقتبسته خنبة هذا الشعب من لالبزنطية، الونداوقت هي يف ذات الاليت يعتربها البعض غنيمة حرب، و هذه احلضارة الغربية، من خالل اللغة الفرنسية

ار ملثل هذه الغاية حتديدا الجتهاده يف جتهيل يسعى االستعموسيلة لالطالع على ثقافته، ولو ملا اغرتفت من ا، فالبد أ الشعب . إذا فباحتكاك شعوب املنطقة بشوب خمتلفة أثرت فيها و تأثرت ينابيع ثقافية شىت على مر العصور، لتشكل عصارة تتمثل يف ثقافة الشعب اجلزائري مبا هي عليه اليوم

اجلزائر حتديدا تكون قد عاشت عرب التايل فمنطقة املغرب العريب و ب هذه الثقافة من خصوصية، وية إسالمية اليت ختتلف فيها عن شعوب عربخاصة حنتت خصوصيتها الثقافية، و تارخيها مالبسات

، بالرغم من العناصر الكثرية اليت تشكل وحدة هوية األمة، إال أن هذه اخلصوصية الثقافية أخرىا بالطللشعب اجلزائري، قد ت ابع العام املميز هلذا اللون لون هذه اهلوية احمللية بألوان تتفق من حيث لو

ختتلف عن غريها من حيث تدرجات هذا اللون، لتستقر يف درجة متثل هذه اخلصوصية.و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

136

لك باحلديث عن البيئة املغربية سعيا منا إلبراز هذه اخلصوصية املغاربية ال ضري أن نستهل ذليت انطلق منها الفتح خاصة البيئة املركزية امية األخرى و عن معظم البيئات اإلسالاختالفها و

واستقرت يف بالد املغرب لتصبح إحدى اخليوط املهمة يف اإلسالمي وصدرت هذه الثقافة العربية منهم املغرب األوسط، ذلك كون البيئة عامل مهم يف تشكيل النسيج الثقايف ألبناء املنطقة و

ة كما يؤكد املنصف وناس بقوله: " فحىت هذه اجملتمعات تتمتع بشخصية تستند إىل ظروف الشخصيا" "حقا إن الثقافة حيكمها املكان تؤكده لطيفة إبراهيم حيث تصرح: هو أيضا ما، و 1البيئة و معطيا

ة الشمالية . كما جند حممد شفيق يشري إىل هذا بقوله: " أن طبيعة أفريقي 2ذو الثوابت اجلغرافية "جعلت منه جمتمعا أقرب إىل البداوة منه إىل فت يف العمق اجملتمع األمازيغي و اجلغرافية هي اليت كي ذا نلمس مدى عمق التأثري الذي ميكن3احلضارة و التمدن" بذلك أن متارسه البيئة يف اجملتمع، و .

رجعنا للعالمة ابن خلدون جنده تشكيل شخصية اجلماعة، و إذا ا يكون هلا دورا فعاال يف حنت و أيضخربت الكاهنة مجيع املدن فتح املنطقة من خالل قوله:"...و يشري إىل جانب البيئة يف حديثه عن

، فمن خالل هذه اإلشارة قد 4وكانت من طرابلس إىل طنجة ظال واحدا يف قرى متصلة"الضياع، و ا، باإلضافة إىل جممل تضاريس و لبيئة املغربية وخصوبة أراضها يوجد ما نستنتجه عن طبيعة ا كثافة مد

هذه السمات البيئية اليت تفرقها سهول وهضاب وجبال وسواحل وصحراء، و املنطقة املتنوعة ما بنيما تتضمنه البيئة من شرقية عموما تصنع هلا خصوصيتها وخصوصية شخصيتها ألن "عن البيئة امل

.5اضح يف حتديد منط الشخصية"أشكال ثقافية مادية و ال مادية، تؤثر بشكل و

30، ص:2011 ة، الدار املتوسطية للنشر، تونس،املنصف وناس، الشخصية التونسية حماولة يف فهم الشخصية العربي - 1 .309د.لطيفة إبراهيم خضر ، م س ، ص: - 2 www.dafatir.net 113-112حممد شفيق، ثالثة و ثالثون قرن من تاريخ األمازيغيني،ص: -3

من عاصرهم من ذوي خلرب يف تاريخ العرب و الرببر و عبد الرمحن ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون املسمى ديوان املبتدأ و ا - 4 143، ص:2000، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بريوت، 6الشأن األكرب ،ج

66، ص:م س، حممد حسن غامري - 5

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

137

يف إطار احلديث عن اخلصوصية الثقافية للمنطقة، فمن املهم أن نلقي نظرة سريعة حول و تراث املنطقة، هذا املصطلح و املفهوم يعرفه حممد سليمان قائال أن:" الرتاث مبعناه الواسع، هو ما

عىن آخر هو كل ما ورثته األمة أو مب خلفه السلف للخلف من ماديات و معنويات أيا كان نوعها،، بالصورة احلضارية واء فيما يتعلق باإلنتاج العلمي، باآلدابتركته من إنتاج فكري وحضاري، سو

أساليب ة اإلنسانية للكتابة بأشكاهلا، و اليت ترسم واقع األمة و مستقبلها ، وهذا يعود إىل بدء املعرفذا التعريف الشامل 1ثرية أو فيما سجل يف وثائق الكتابة "التعبري بأنواعها، سواء املخلفات األ .

للرتاث ميكننا أن نلمس خصوصية تراث املنطقة نظرا لقدم تواجد الرببر بشكل عام على هذه حكم عرب املنطقة وما استخلصته من عرب و األرض، و بذلك فجميع التجارب اليت عاشتها شعوب

تكون من ضمن الرتاث احمللي، وعليه البد وأن يصطبغ هذا الرتاث قةالعصور و ورثتها لألجيال الالحغري بعيد عن ذلك جند اجلابري يعرف الرتاث بقوله":...بإمكاننا أن نقرر بناء على ما خبصوصية ما، و

هو املضمون الذي حتمله ري والديين واألديب والفين، و الفكالرتاث " مبعىن املورث الثقايف و تقدم، أن " يكن حاضرا ال يف كلمة داخل خطابنا العريب املعاصر ملفوفا يف بطانة وجدانية إيديولوجية، ملهذه ال

األمة اجلزائرية هو املفهوم الذي نعتمده فيما خيص تراث، و 2ال يف حقل تفكريهم"خطاب أسالفنا و لعربية يف ، كما ميكننا أن نقول أيضا أن الرتاث "هو كل ما استدعته اجملتمعات اعلى وجه اخلصوص

ا التارخيية منذ العصر اجلاهلي، يف بداية مرحلة االستعمار يف مطلع القرن املاضي...من حركة صريور. بذلك يكون تراث األمة متضمنا 3قيم أخالقية ما تزال حمفوظة لنا بصورة من الصور"فكر وثقافة و

عن أثر ذاكرة األجيال املتعاقبة و يا يفالذي بقي حعناصره، و يف ذلك املورث الثقايف جبميع أشكاله و

59، ص:2000أسئلة اهلوية، مجعية البعث اإلسالمي، تطوان، يمان، املسلمون و حسني حممد سل - 1 23، ص:1991بريوت، ت، مركز دراسات الوحدة العربية، مناقشاو حممد اجلابري، توظيف الرتاث و احلداثة دراسات - 2، أمنوذجا -الرمحان كاكي حلني لولد عبدحية القراب و الصاالعلجة اهلذيلي، توظيف الرتاث يف املسرح احللقوي يف اجلزائر مسر - 3

ا، 52، ص:2008مذكرة لنيل شهادة ماجستري،جامعة املسيلة، قسم اللغة العربية و آدا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

138

األفراد دال يف أن للرتاث أثره العميق وامللموس يف حياة اجلماعات و :" ال جيهذا الرتاث يقول الوراكل سواء على مستوى النظر أو على مستوى الفعل.

مهما يكن من اختالف الرأي حول الرتاث ، مفهوما و وظيفة، فال أحد يستطيع أن ينكر و سلوكهم، من حيث يريدون أو ال يريدون، مبخزون اكرة األمة، يرتبط تفكري بنيها و ذ –رتاث ال -أنه

للرتاث عليه ميكننا أن نقول صراحة بأن . و 1تلك الذاكرة، طيبا كان أو خبيثا، خمصبا كان أو جمذوبا"أو إجيابية، سلبية واجلماعة كيفما كان ذلك األثر، و كيفما كانت طبيعته أثرا ما على سلوك الفرد

ا على مستوى التارخيي فسيفرز خصوصية ماجلغرايف و ارتباطه بالفضاء وتبعا خلصوصية هذا الرتاث و غري بعيد عن هذا املفهوم جند ما ن ثقافتها وهويتها خبصوصية ما. و من مث يلو سلوك هذه اجلماعة، و

الشعر العلم الشعيب املأثور، و كلور هو اصطلح عليه بالفلكلور الذي يعرفه على مرسي بقوله:"... الفلالشعيب، وعلى ذلك جيعل الفلكلور متضمنا كل األشكال املأثورة اليت تستخدم الكلمة أداة هلا، واليت

ملعتقدات الشعبية أو اخلزعبالت خلقها الناس سواء كانوا بدائيني أم متحضرين باإلضافة إىل اجند أن تراث الشعب اجلزائري مبا فيه ، بذلك2الرقصات و فنون التشخيص الشعبية"و العاداتو

التقاليد أو ثقافة اجلزائريني خبصوصية مميزة، سواء ما متثل يف العادات و فلكلوره يساهم يف تلويناألخرى، الفنون لى املستوى املادي مثل األزياء و األعراف مبا فيها األخالق العامة أو ما انعكس ع

.ه العناصر لنبني خصوصيتهامن هذ لتوضيح ذلك حناول أن نتعرض لكلو

ما تعارف عليه أفراد اجملتمع من نظم املعتقدات واألعراف : لعل القيم واملعتقدات و القيم و ا و تسري م ومبادئ يلتزمون ل وجها من أوجه ثقافة اجملتمع، قوانني يعودون وحيتكمون إليها، متث حيا

صر الذي اجتمع عليها القوم قد تتبدى مالمح من خالل هذه العناوقد تكون خالصة هذه الثقافة، و

59، ص: 2000حسن الوراكلي ، املسلمون و أسئلة اهلوية ، مجعية البعث اإلسالمي ،تطوان ، - 1 46-45ص:،1995، نية واالجتماعية،القاهرةالبحوث اإلنسامة يف الفولكلور، عني الدراسات و أمحد علي مرسي، مقد - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

139

يتواءم مع منطه دات والقيم الذي يليب مطالبه، و خصوصيتهم حبيث :"...كل جمتمع يفرز نظام املعتق .1االجتماعي السائد"

ا، و بذلك تكون جمموعة القيم اليت يتبناها اجملتمع نا يف ذات الوقت تعكس بعة منه، مؤمنا وك األفراد ته، ألن هذه املعتقدات و القيم تنعكس على مستوى سلشكال من أشكال خصوصي

اجلماعة حبسب قول الوراكلي:" فإن األمم تتمايز فيما بينها، سواء على مستوى النظر أو على و مبادئ خلقية تشكل يف ه من قيم عقدية، و مثل فكرية، و مستوى السلوك، تبعا لتمايز ما تصدر عن

مناهج ى األفراد، مبا يشمل من تصورات ومفاهيم و تتمثل يف املنحى العقلي لدجمموعها، ثقافتها اليت . 2ويف الفعل االجتماعي عندهم، مبا يشمل سلوكيات و مبادرات و مواقف"

العربية ل:"داخل األسرة اجلزائرية ( و فإذا رجعنا لألسرة اجلزائرية جند العماري الطيب يقو القية مكانا هاما باملقارنة إىل القيم املادية، و يف نظام قيم األسرة عموما) تأخذ القيم الروحية و األخ

اجلزائرية يبدو أن كل شيء ينصب حول "الشرف" كما يقول "حممد شقرون": فالرأمسال الرئيسي )"، أو "احلرمة" l’honneurالذي كان ينظم العالقات بني أفراد اجلماعات العربية هو " العرض (

يكونون قابلني رمة لعامل الرجال،اليت بواسطتهااحململروءة" وهي املناطق املقدسة و ازيادة على ذلك "، من هنا يرصد لنا الطيب إحدى أهم القيم اليت قد تتقدم عن غريها و املتمثلة يف 3"لإلجنراح"

أن ، أو احلرمة أو املروءة، بذلك ميكن سواء ما عرب عنه الكاتب بالعرض "الشرف" يف مجيع متظهراتهلإلنسان اجلزائري يف بعض املواقف، فقد تبدو بعض املواقف بسيطة جند تفسريا لتلك الثورة السريعة

نا ارتباطا ما، ال حتتاج إىل ردود فعل قوية بالشكل الذي يبديه اجلزائري، غري أنه إذا دققنا النظر لوجدو

املعلومات (سلسلة عامل املعرفة)،نبيل علي، منظومة القيم و املعتقدات: منظور عريب معلومايت، الثقافة العربية و عصر -1 447- 446، ص:2001،اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب،الكويت،يناير265العدد:

.07ص:، م س، حسن الوراكلي -2االجتماعية، و اإلنسانية ، جملة العلوم أ. العماري الطيب، التحوالت السوسيو ثقافية يف اجملتمع اجلزائري و إشكالية اهلوية -3

univ.dz-www.ouargla 432ص:

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

140

كننا أن نتفهم علة العنف يف ردود بني تلك القيم اليت عرب عنها الكاتب، وبذلك ميبني املوقف هذا و األفعال هاته، وإىل جانب ذلك جند حممد شفيق يشري أيضا إىل بعض خصوصيات جمتمع مشال

ل إىل التقشف ورفض إفريقيا و اليت من ضمنها اجلزائر بقوله:"... من تلك اخلصوصيات مثال املي . 1دأ املساواة بني أفراد العشرية..."من تلك اخلصوصيات احلرص على إقرار مبحياة البذخ والتنعم، و

بذلك ميكننا أن نسجل حبسب وجهة نظر حممد شفيق، أن اإلنسان اجلزائري طالب تبدادي بشكل عام، النظام االسد ال يستسيغ ذلك النظام الطبقي و مساواة، وعليه فاجلزائري ق

شقان، أحدمها خاص يضيف الكاتب يف توضيح هذه اخلصوصية بقوله: "ثقافة األمازيغيني إذنو م، هو رصيدهم املتوارث، بعض عناصره شبه جممدة ال تزال حمافظة على أشكاهلا اليت نشأت عليها

بعضها الوشم وواجهات املباين و اخلزف و شأة يف غابر األزمان، كالعمارة والزخرفة يف الزريبة و أول نه األمازيغي املتميز، كاللغة بطابعحيتمل يف وجوده أنه تطور عرب العصور، لكنه احتفظ مع ذلك

. 2السياسية..."واألدب الشفوي والرقص والغناء والتقاليد االجتماعية و

وتأملها ميكننا أن نلمس مالمح خصوصية مل الفنون اليت عددها الكاتب إذا بالرجوع إىل جماخلزف على الزربية و اجه الفين كالزخرف الشعب اجلزائري على وجه خاص، سواء ما متثل يف جممل إنت

مظاهر حياة هذا اليت حتاكي موز، إىل غاية الرقصات الشعبية و ما ميثله من ر أو ما متثل يف الوشم و هذه األغاين واألهازيج ما يعكس خصوصية هذه الشعب يف احلرب والسلم، ولعل هذه الرقصات و

عوب أخرى. ر لدى شالشخصية لتميز هذه األشكال الفلكلورية عن غريها من أشكال الفلكلو :" أما األعراف فهي األعراف اليت تعارف عليها اجملتمع فيقول فيصل شيخاينوللحديث عن القيم و

ا أو هي "اطراد سلوك األفراد يف مسألة بعينها على حنو معني الناس عليه و فما تعار سلكوا جماالاملصدر األول للقانون يف اجملتمعات كان العرف هوالعتقاد يف التزام هذا السلوك، و اطرادا مصحوبا با

.113-112حممد شفيق، م س، ص: -1 .60، ص: ن م -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

141

القدمية، لكنه أصبح يف معظم اجملتمعات احلديثة مصدرا من الدرجة الثانية ال يلجأ إليه إال عند نقص .1التشريع"

مهما يكن من أمر سواء اعتمد العرف كقانون، أو كمصدر للقانون من الدرجة األوىل أو و االحرتام الذي حيظى به من طرف أفراد القي الذي ميثله، و نه الوزن األخالثانية، فهذا ال يسقط م

ا اجملتمع ا عدم خمالفة هذه األعراف، واألعراف يـنظم اجملتمع ، لذلك راعت الناس يف مجيع تصرفاأموره، وتسد الفراغ الذي قد يرتكه القانون يف مجيع متفصالت احلياة، مجاعية كانت أم فردية، فها هو

ثل فيها "احلياء" العنصر يب يشري بقوله:" إن العالقات اجلنسية حتكمها قيم أساسية ميالعماري الطيف هذا يقول مل و جمال اجلسد و هي احملدد جملال العاالقة اجتماعية تستلزم "احلياء" و ، فكل عالرئيسي

شرف) رفعا إىل العرض(أو الوران مها االحتشام (أو احلياء) و األستاذ " عبد الوهاب بوحديبة:" مثة شعللحياء يبقى أن ة قوية على أعضاء اجملتمع(...) و مصاف املوجبات ومها ميارسان رقابة اجتماعي

ما حيددان رؤى إمجاليةوالشرف جوهرا قرآنيا، و ما يشكالن للعلم مبنية على قواعد مطلقة، و أ إذا النص نلمس أن القيم و األ2جزءا من تربية كل ناشئ مغريب" عراف المست جممل مناح حياة .

الفرد حىت األكثر خصوصية منها، لتنظمها وفق تصور اجلماعة، من هنا ميكننا أن نقول بأن احلياء ا متثل عنصرا من عناصر مسة جوهرية و أساسية يف الشخصية اجلزائرية، و ال ميكنه أن يسقطها أل

شخصيته و هويته.

العادات اليت تبناها اجملتمع اجلزائري وورثها جيل عن و ه األعراف والقيم والتقاليدإن هذ جيل، جنده قد تعامل معها بكل احرتام وأحيانا بنوع من التقديس وبالشكل الذي يعرب عنه عبد

هذه العادات والتقاليد االجتماعية من مجلة العوامل اليت متيز الشعوب بعضها املالك مرتاض قائال:"و

تربوية و حتليلية، مطبعة اسة تارخييه و األعراف األخالقية يف احلضارة العربية اإلسالمية: در فيصل شيخاوي ، القيم و حممد -1

. 23، ص:1997اليمامة، محص، . 433-432أ. ألعماري الطيب، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

142

ا يف أنفس الناس داخل اجملتمعات حىتعن بعض، وإن هذه العاد تصبح هلا قوة ات يقوى سلطاا احرتامهم للمبادئ الدينية أو أشد من ذلك القاعدة املتبعة و حكم القانون الكلي فرتاهم حيرتمو

.1أحيانا"

واحرتام التقاليد " وإن احلرص على إتباع العادات يواصل حديثه يف أثر هذه العادات قائال:و فظل اجلزائريون، نتيجة مما حصن الشخصية اجلزائرية، وحفظها من االضمحالل أو الضعف.، القومية

.2لذلك حييون حياة اجتماعية ختتلف عن الذين استعمروهم"

تبعا ملا سبق ميكننا أن نعرج حول ما متيز به الرببر عامة و منهم سكان اجلزائر من أخالق، و ا ختلقهم بالفضائل اإلنسانية وتنافسهم يف اخلالل أم ن بقوله: "و نتجه العالمة ابن خلو فبحسب ما است

الثناء من رفعة بني األمم ومراعاة املدح و اله من اخللق الكرمي مرقاة الشرف و ما جبلوا علياحلميدة، و ومحاية النزيل، ورعي األذمة والوسائل والوفاء بالقول والعهد والصرب على املكارم اخللق من عز اجلوار

بر الثبات يف الشدائد وحسن امللكة واإلغضاء عن العيوب والتجايف عن االنتقام ورمحة املسكني و و كل وكسب املعدوم، وقري الضيف واإلعانة على النوائب وعلو اهلمة محل الل العلم و الكبري وتوقري أه

نصر دينه، غالب امللك و بيع النفوس من اهللا يفو مشاقة الدول ومقارعة اخلطوب و إباية الضيم و .3فلهم يف ذلك آثار نقلها اخللف عن السلف"

ا الرب بر عامة ومنهم رمبا يكون العالمة ابن خلدون قد جاء على أهم السمات اليت اتسم لعل ما استنبطه ابن خلدون من أخالق الرببر تكون مسات أصيلة يف شخصية أبناء سكان اجلزائر، و

ا جيل عن جيل كما أ اية املقتبس.املنطقة يتوارثو شار إليه يف

.214عبد املالك مرتاض، م س، ص: - 1 215ن، ص:م - 2 .139، ص:م س، 6عبد الرمحان بن خلدون، ج - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

143

ا الشخصية اجلزائرية هذه السمات اليت عددها الكاتب و إن هذه املكارم و اليت انطبعت تبعا يوضع فيها الفرد أو اجلماعة، و جند بعضها يربز على بعض فارضا سيادته تبعا للظروف اليت

، كما ارم بالسلب أو اإلجيابن هذه املكللسياق العام الذي خيضع له الفرد أو اجلماعة، قد تتلو ما جبل عليه ن اجلزائري و سنالحظ ذلك حني احلديث عن الذهنية، إال أننا نقول بأن ثقافة اإلنسا

طيلة عهود طويلة، بالشكل الذي حدد مالحمه ابن خلدون، تبدو ثقافة إجيابية، والزالت هذه وبالتايل نقول بأن هذه إىل اليوم، جمتمعنا اجلزائرياخلصال حتظى باالحرتام و التقدير يف أوساط

االثقافة ال تتناقض و اهلوية اجلماعية للشعب اجلزائري باعتبار عنصر الدين اإلسالمي، عنصرا أساسي ال يتناقض معها.فه يدعم هذه األخالق واملكارم و يف تشكيلها، فالدين اإلسالمي كما نعر

تراث األمة، وهو مظهر من مظاهر اهلوية إن الزي التقليدي جزء ال يتجزأ من األزيـــاء :يف ذلك املناسبات الرمسية واألعياد، و اجلماعية لألمة، لذلك نرى الرؤساء و امللوك يظهرون به يف

ويتهم األصلية و تثمينا هلذا العنصر، فها هو محيد الصواف يضيف عنصر األزياء إىل أهم اعرتاف اللغة باإلضافة إىل بعض السلوكيات هوية أصلية للكثري من اء و وية بقوله:" فيما تشكل األزيعناصر اهل

األقوام اليت ترفض التخلي عنها رغم انتفاء احلاجة هلا، وتصبح كرتاث قومي لبعض اجملتمعات، .1تسعى يف دميومته و التمايز به عن اآلخر"

ا او بس واألزياء ملاليف نفس السياق حياول يوسف بن قربة تركيز هذه األمهية اليت حتظى العسكري من سالمية، بنوعيها املدين و يعترب موضوع املالبس أو األزياء املغربية اإلالتقليدية بقوله:"

طرافة يف هذا اجملال، ألن املالبس حلضارة العربية اإلسالمية، جدة و املوضوعات األثرية اهلامة يف تاريخ ا

www.annaba.org حممد محيد الصواف، عادات الشعوب و التمسك بالرتاث لدميومة اهلوية -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

144

دراسة اثنا املادي والفين ، ال يقل أمهية عن حبث و ما من بني عناصر تر عامة تشكل عنصرا تراثيا ها .1أي أثر تراثي آخر مهما بلغت قيمته الفنية والفكرية معا"

ا عرب اجلزائريون على وجه اخلصوص جبملة من ااربة عموما و قد متيز املغو ألزياء عرفوا بعض ما أورده عربت يف ذات الوقت عن خصوصيتهم وهويتهم وأصالتهم، نذكر منهاالتاريخ و

ا، هي متثل أهم ما مي ة يف دراسته لألزياء املغربية، و يوسف بن قرب ز لباس املغاربة و اجلزائريني وعرفوا سراويل فوقها الربانس وجباب مثل اخلفاف والسراويل والعمائم يف قوله:" خفاف بسيطة و . 2"الصوف(...) و استعملوا باإلضافة إىل ذلك أغطية الرأس مثل العمائم

ا أهل املنطقة وهو ما مساه باملنديل ويشري الكاتب أيضا إىل نوع آخر من اللباس عرف املنديل سوقة، كانوا يرتدون املناديل، و أن عامة سكان املغرب من الرببر الذين أطلق عليهم البقوله:" و

ببعيد أن ليسويتديل على الكتفني والظهر، و كما هو معروف لباس صويف من صوف يغطي الرأسيكون هذا املنديل مبثابة عمامة أو زنارا يتمنطقون به، كما يستشف من األخبار التارخيية أن لبس اجلبة كان من الصوف، فهذا اللباس البسيط انتشر بشكل خاص يف مدينة تاهرت حاضرة الدولة

.3الرستمية"

حىت تسمت به قبائل فيما اشتهرباس تقليدي عرف به أهل املنطقة و أما الربنس و هو أهم لة ، فإننا جند قبائل (البرت) يف خضم تعرضهم لتاريخ املنطقوجود قبائل (الربانس) و يرويه املؤرخون من

الربنس: "ومهما يكن من شيء، فالذي ال شك فيه أن لباس الصوف كان يوسف بن قربة يقول: "اخللفاء و القادةسط حيث ارتداه الزعماء و و األو لباسا عاما شاع استعماله يف بالد املغربني األدىن

األثرية.لسية يف العصر اإلسالمي من خالل املصادر التارخيية و األند -د.صاحل يوسف بن قربة، مقدمة لدراسة املالبس املغربية - 1

www.attarikh-alarabi.ma ن.م - 2 .سم ، د.صاحل يوسف بن قربة - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

145

كما هو معروف -يعرف " اجلبة " و هي لبــاس تقليدي ألهل املنطقة بقولــه: "واجلبة ، و 1األمراء"و ا تسرت -من أوصاف املعاجم اللغوية كانت عبارة عن لباس طويل تتدىل إىل الكعبتني و قد تزيد ، أل

.2ما حتتها"

عدد لنا أهم أجزاء اللباس التقليدي اجلزائري، واملتكون عموما مما أمساه ذا جند الكاتب قدباملنديل و املعروف بالعمامة، و كذا اجلبة واليت متثل ما يطلق عليه بـ "اجلالبة" و أحيانا "القندورة"

ل لباس أخريا الربنس الذي أصبح أهم قطعة متثفاف اليت متثل نوع من األحذية، وكذا السراويل و واخل أهل املنطقة.

إذا كان من بني نتائج الفتح اإلسالمي للمنطقة انتشار اإلسالم يف هذه الربوع، واستقرار حقة ، باإلضافة إىل نشر أو ممن قدم يف املراحل الال ،يها، سواء ممن صاحب محالت الفتحالعرب فويا بني خمتلف األجناس الثقافة العربية وسط الرببر، بالشكل الذي وقع فيه متازجا عضاللغة و

هلذه اهلوية ، ليؤسس ذلك كله هلوية عامة اخنرط فيها الكل، مشكال أمة واحدة ، إال أن والثقافاتإن كانت تأخذ هذا اللون العام الذي طغى على شعوب كثرية ليؤسس هوية العامة املتشكلة، و

د، قد متيزوا وسط هذا اللون العام املوح ، إال أن سكان املنطقةحدة ألمة عرفت باألمة اإلسالميةمو ا هويتهم ، أشبه بلون مماثل هلذا اللون العام، لكنه خيتلف من حيث تدرجاته خبصوصية ما، تلونت

اللونية.

لتميز فمجمل العناصر الثقافية اليت أشرنا إليها أمدت شعوب املنطقة ببعض اخلصوصية وا، تتناغم مع اهلوية العربية ون هذه اهلوية خبصوصية ماز ال شك أنه يلهذا التمي على املستوى الثقايف، و

، نظرا الرتباط اهلوية بعنصر ولكنها حتتفظ لنفسها مبذاق خاص اإلسالمية يف خطوطها العريضة،

.م ن - 1 م ن. - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

146

الثقافة بكل ما حواه من عناصر ، و ما لتفاعل الثقايف باهلويايت من أواصر متينة كما الحظنا. اليت أشرنا من خالهلا إىل بعض اخلصوصية نا هلا حتت عنوان الثقافة، و اصر اليت تعرضفمجمل هذه العن

برتاثهم و تقاليدهم و أعرافهم املغربية ، سواء ما تعلق باخلصوصية الثقافية ألهل املنطقة، أو ما تعلقذه اخلصوصية او اإلسالمية اليت و حمللية عن باقي الشعوب العربية بيئتهم إىل غاية ألبستهم اليت تلونت

ينتمي إليها هذا اجملتمع ، ما هي إال مؤشرات تؤكد على أن لسكان املنطقة خصوصية ما، قد ما ذلك إال دليال حييلنا بدوره اث املادي والروحي بشكل عام، و جتسدت ماديا على مستوى هذا الرت

. ه هذه اهلوية احمللية من خصوصياتعلى ما ميكن أن تكون علي

التاريــــــخ : - 4

رتبطة يعد التاريخ حاضنة قوية جململ عناصر اهلوية، ففيه نعثر على مجيع احللقات املأحداث تسرد، ولكنه يف حقيقته فليس التاريخ جمرد وقائع تروى و ذا " بشخصية األمة و هويتها ، و

الثقايف هلذا التاريخ والذي طار و جوهره سريان املاضي يف احلاضر مبا يعنيه هذا السريان من الوعي باإلجيسده تارخيها ، هلذا يكون للتاريخ مفعوله، 1ويكرس بأن االنتماء العقدي و الفكري ألمة"يبلور،

بذلك خيطأ من يعتقد أن التاريخ سجل ميت، سة هذا التأثري يف حاضر األمة، و من خالل ممار يخ يف حاضر األمة من خالل ما يطلق عليه فالكاتب هنا يشري إىل هذا التأثري الغري املباشر للتار

بتكريسه هلذا االنتماء الوعي باإلطار الثقايف هلذا التاريخ، وبالتايل ميكننا أن نقول بأن التاريخا حبسب هذه الثوابت اليت ذات الوقت موجها حلركة األمة و الفكري لألمة يكون يفالعقدي و خيارا

ملا الفكري . ويف نفس السياق جند د.مرتاض يقول:" و عقدي و تنطلق منها من حيث االنتماء الالوطنية عرب األزمان كانت أمهية التاريخ عظيمة ذات شأن، فإن األمم تفزغ إليه يف تبني شخصيتها

70د. حسن الوراكلي ، م س ، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

147

ا التاريخ بال 1األحقاب البعيدة"السحيقة، و ذا ميكننا أن نؤكد على هذه األمهية اليت حيظى نسبة . الذي تعود إليه األمم كلما تاهتب، فهو بالنسبة للدكتور مرتاض مبثابة الفضاء الشعو لألمم و

األمة يف عيون األجيال واختلت موازينها لتتبني حقيقة شخصيتها الوطنية ، مبعىن كلما تزعزعت هوية رع إليه، سيكون التاريخ مبثاملتالحقة اة "ال حييقول د.حسن هيكل:، لذلك ابـة طوق النجـاة اليت

، ألن إمهال التاريخ سيعرض األمة للخطر، خاصة يف اللحظات اليت 2ألمة إال بإحياء ماضيها"تكون فيها مقبلة على اختاذ قرارات مصريية ، أو اللحظات اليت متر فيها األمة يف مفرتق طرقات

وتطرح عليها خيارات مصريية .

ا التاريخ األمة، كما تتضح لنا أيضا من هنا ميكننا أن نتبني تلك اخلدمات اليت قد ميد ا التا وهذا التأثري الذي ميارسه على األمة يف ريخ بالنسبة لألمم والشعوب، هذه األمهية اليت حيظى

يف هذا اجملال جند إليكس يشري يف إطار حديثه ويتها من االحنالل واالندثار، و جمال احلفاظ على هيذكر فيما تتضمنه هذه العناصر اخلرافات اخلاصة بالعناصر التارخيية، و ما أمساء عن عناصر اهلوية (إىل

.3بالتكوين، األبطال األوائل، و األحداث التارخيية اهلامة يف تاريخ األمة)

ويقسم هذا يعترب إليكس التاريخ كمقوم أساسي من املقومات اليت تقوم عليها هوية األمة،ذا اإلو إىل مجلة من العناصر البسيطة، العنصر حساس اليت تعترب مبثابة روافد صغرية متد اجلماعة

كل ذلك يف إطار اليت تكون عليها هوية اجلماعة، و كذا تؤسس هلذه الصورة باالنتماء و االعتزاز به، و هذا الرافد الكبري املسمى بالتاريخ . فال شك أن انتشار ما أمساه إليكس باخلرافات اخلاصة بالتكوين،

م مجيعا ينتمون إىل هذه وسط اجلماع ة، تدعم روابط االحتاد بني أفراد اجلماعة الذين يشعرون بأكذلك بالنسبة لألبطال القوميني ، فهذا البطل الذي و النشأة املتفردة عن نشأة غريهم من اجلماعات

.217د. عبد املالك مرتاض، م س، ص: -1 .11ص:، 1995بوعات اجلامعية، اجلزائر،ن املط، ديوا 1عبد الرمحن حممد اجلياليل، تاريخ اجلزائر العام، ج -2 .19س، ص:م إليكس ميكشيللي، اهلوية -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

148

ثايل يندجمون معه، بالشكل الذي يصبح فيه البطل املفسهم و يتعرف فيه مجيع أفراد اجلماعة على أناندماجهم فيما بينهم، من خالل هذه ه يزيد من ترابط أفراد اجلماعة و املضحي من أجلهم ، الشك أن

بصدد وحدة اليت يشرتكون فيها مجيعا واليت متثل جممل سلوك وأفعال هذا البطل أو ذاك. و الصورة املا التاريخ يف تشكيل هوية اجلماعة جند ا لشيخ عبد الرمحان احلديث عن هذه األمهية الذي حيظى

اجلياليل يورد على لسان عبد الرمحان صدقي قوله:" ال مراء يف أن التاريخ هو أكرب عامل على الروح ذا التعبري جند الكاتب و 1الوطنية حىت ليصبح القول بأن الوطن هو تاريخ الوطن" كأنه يضع ، و

كأنه يقول ال معىن ون تاريخ، و ، أي ال معىن لوطن بدالتاريخ و تاريخ الوطن على قدم املساواةللحديث عن الوطن مع إمهال عنصر الزمن، فاألمة ال تتشكل إال من خالل تعايش أفرادها مع بعضهم البعض على أرض حمددة عرب فرتات زمنية، و بإسقاط البعد الزمين الذي يشكل تاريخ األمة

فلن يكون هناك معىن للوطن بالنسبة هلذه اجلماعة.

مة اليت جترد من تراثها احلضاري، تتحول إىل جمموعة أشخاص قد ال يوجد رابط ذلك أن األجيمعهم إىل بعضهم البعض، ألن " معرفة ما كان من أثر الرتكيب الثقايف لألمة مبا يقوم عليه من ا احلضاري هو أهم ما ميكن استخالصه من أسس تربوية و ما يعتمده من قيم فكرية يف صنع كيا

عليه فهذا الرتاث احلضاري الذي تضطلع عليه األمة من خالل اهتمامها بتارخييها ، و 2ارخيي"تراثها التا ا احلضاري، و حني نتحدث عن أمة تصنع كيا قد يعد احلجر األساس يف جمال صنع كيا

ا. احلضاري ، فهذا يعىن أن هذه األمة قد أرست أسس هويتها اخلاصة

يف بناء أو صيانة هوية اجلماعة، و بدا مبثابة حجر الزاوية يف جمال ذا يكون التاريخ دائما و أه الكرة وجود أمة تشعر هذا السياق يؤكد الشكيب أرسالن ذلك بقوله:" إنه ال يتصور على وج

ا، و ا تعرف نفسها قائمة بنفسها إال إذا كانت حافظة لتارخيها، و وابذا عية ملاضيها، متذكرة ألوليا

.11عبد الرمحان اجلياليل، م س، ص: - 1 71د. حسن الوراكلي، م س ، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

149

ا مما ال يقوم به إال علم التمبادئها، مقيدو ا، خازنة آلدا اريخ الذي هو ة لوقائعها، مسلسلة ألنسا. فمن خالل هذا النص للشكيب 1املستأنف"الوصل بني املاضي واملستقبل، والرابط بني اآلنف و

تم بتارخيهأرسالن جنده ينفي ما ميكن أن نطلق عليه هوية اجلماعة، بالنسبة جل ا، ماعة أو أمة ال ا او يف لتاريخ بالنسبة هلوية اجلماعة، و بذلك يؤكد أرسالن مرة أخرى على هذه األمهية اليت حيظى

نفس السياق يشري الدكتور غوستاف لوبون يف حديثه عن تشكل األمم بقوله: " فاألمم نتيجة ماض .2ضرها"طويل و حمصول ما خضعت له من البيئات املختلفة التأثري، و مباضي األمم يفسر حا

ا التاريخ فبقوله إن لوبون من خالل هذا النص يشري صراحة إىل هذه األمهية الذي يتمتع ( األمم نتيجة ماض طويل) جيعلنا نستنتج أنه ال ميكن التحدث عن مفهوم أمة بدون ماض، هذا

ا، و إال املاضي الذي ميثل تارخيها ، و األمة ال تتشكل معاملها إال إذا أوجدت لنفسها هوية خاصة ا، فال جمال لصياغة هوية أمة مبعزل عن التاريخ ذابت يف هويات أخرى و لن تكون أمة قائمة بذاهذا من جانب، و من جانب آخر، فحىت األمم ذات اهلوية املتكاملة ال تستطيع أن تنفصل عن

مة فيها للعودة إىل تارخيها، فاملنعرجات كثرية يف حياة األمم و الشعوب، و هي حلظات حتتاج األتارخيها حيث يصرح د.حسن بقوله:" إن األمم السوية حني ختوض معرتك الصراع احلضاري ذياذا عن هويتها الثقافية تكون ملزمة بالعودة إىل تراثها الستلهام ما رجحت به موازينها الثقافية يف املاضي يف

م ال ميكنها بأي حال من األحوال االستغناء . من هنا ميكننا القول بأن األم3جمايل الفكر والسلوك"عن تارخيها سواء تعلق األمر بالتأسيس هلويتها، أو للحفاظ و الدفاع عن عنها، لذلك يصرح

، و هو ما 4د.حسن بقوله:" كان التاريخ مقوما من أبرز مقومات اهلوية الثقافية لألمم و الشعوب"

11د الرمحان اجلياليل ، م س، ص:نقال عن : عب - 1 15م ن ، ص:نقال عن : - 2 72د. حسن الوراكلي، م س ، ص: - 3 70، ص: نم - 4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

150

منطلقا لتجديد هويتها ، إذ تتجذر هوية اجلماعة يؤكده أيضا إليكس بقوله:" يشكل تاريخ اجلماعة .1يف تارخيها"

تبطة ارتباطا ذين النصيني ، ميكننا أن نقول مبا ال يدع للشك سبيل، إن هوية اجلماعة مر ال ميكن أن نتصور هوية خارج البعد التارخيي للجماعة، و التاريخ أيضا له تأثريه يف وثيقا بتارخيها، و انطالقا من املرجعيات الفكرية والعقدية ماعة بالشكل الذي حيدد مالمح هويتها،توجيه سلوك اجل

ما تارخيها، و يف هذا اإلطار يشري زكي البحري بقوله:" التاريخ عنصر هام من عناصر اليت حيتفظ هو أساس من أسس تكوين اهلوية( القومية) ألي شعب أو أمة، فهو سجل لنشأة ة والرتاث و الثقاف

تكوينه ونضجه، وحيوي قائمة بأعماله وإجنازاته وبكبواته وانتصاراته، وهو خمزن اخلربات الشعب و من التغلب على اآلخر من فرتات القوة و فرتات الضعف، و ثبت ملا هو به الشعب والتجارب، و

خالل الرتاث من ناحية أخرى، و من باط التاريخ بالثقافة من ناحية و . فمن خالل ارت 2والتبعية له"ا، يكون أس اسا قويا من أسس تكوين اهلوية، جممل العناصر اليت حيفظها التاريخ لألمة عرب مسري

من يخ للحفاظ على هوية األمة، و لذلك جند األصوات تتعاىل من هنا وهناك بضرورة االهتمام بالتار و ية، إمنا انكب اهتمامها اليت متثل وجها من أوجه هوية األمة العربك جند أن بروز القومية العربية و ذل

خالل ظهور القومية ك ما يذهب إليه السحري بقوله:"و حول التاريخ لصياغة و بلورة هذه اهلوية، ذلالعربية يف العصر احلديث، رأت األمة العربية يف التاريخ عامال أساسيا من عوامل توحد هذه األمة،

ريخ عامل قوي يف مفهوم اهلوية، و بتحييده قد ذا نرى أن التا، و 3ألن التاريخ ينبض بعراقة تكوينها" ال تقوم هلا قائمة .

23إليكس ميكشيللي ، م س، ص: - 1 .www.ahlamontada.net، د.زكي السحري، دور التاريخ يف تشكيل اهلوية العربية -2

زكي السحري، م س. - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

151

إذا كان التاريخ كذلك يف عالقته باهلوية بالنسبة لألمم، فال ميكننا أن نستثين هذه العالقة و التاريخ يف اجلزائر، مما كان ح د. عبد املالك مرتاض بقوله:" و فيما خيص الشعب اجلزائري، حيث يصر

ننا اليوم حني نبحث عن أنفسنا، إ ....حفظ الشخصية اجلزائرية و تعميق أصالتها له أثر واضح يف، ين و إىل حوادثه اجلسام بوجه خاصنشرئب إىل معرفة أصول شخصيتنا، نفزع إىل التاريخ الوطو

.1لنرى يف هذا التاريخ أنفسنا ماثلة، وشخصيتنا الوطنية قائمة واضحة"

ي، نؤكد مرة أخرى على التاريخ بصفته مقوما من للحديث عن خصوصية الشعب اجلزائر و مقومات هويته، فحىت و إن انضوى الشعب اجلزائري حتت مسمى اهلوية العربية اإلسالمية ، باعتبارها هوية األمة مجعاء، إال أن تاريخ هذه املنطقة حيدد خصوصية هذا الشعب عن غريه من شعوب األمة،

ريقيا و اجلزائر خصوصا، عن تاريخ غريها من شعوب هذه و ذلك الختالف تاريخ منطقة مشال إفاألمة، فالرتاث احلضاري الذي شكل وجدان اجلماعة يف هذه البيئة اجلغرافية، خيتلف عنه يف البيئات

الوندال لفنقيني والرومان والبزنطيني و األخرى، من خالل احلضارات اليت استوطنت املنطقة كحضارة ا يضاف إليه الرتاث احلضاري العريب اإلسالمي. على مر تاريخ املنطقة،

ا سجل األمة و فهذه امل من تارخيها ختتلف فيها عن غريهانظومة احلضارية اليت حيتفظ هوية اجلزائري ذات خصوصية ما خلصوصية تارخيها ، لذلك الشعوب، و بذلك تكون شخصية و

و الشخصية الوطنية سلسلة طويلة متتد نقول : " فالتاريخ حلقات من احلياة و احلوادث واحلروب، ا" .2مع هذه احللقات التارخيية وترتبط

الذهنيـــة : - 5

217م ن ، ص: - 1 .217م س، ص: -د.عبد املالك مرتاض، 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

152

ا ترتبط مبفهوم اهلوية ارتباطا لقد تطرقنا يف املبحث السابق إىل مفهوم الذهنية و قلنا إأفعاله، و بذلك وثيقا، فهي ترتبط بشكل مباشر بسلوك الفرد أو اجلماعة و كذا بأفعاله و ردود

تكون مبثابة احملصلة اليت يستند إليها الفرد يف تشكيل تصوره للعامل، مبا خيتزله هذا العنصر و يستمده من جممل العناصر األخرى اليت مت التطرق إليها ، و بداية البد أن نشري إىل العنصر البشري الذي

كيلة الرببرية اندجمت فيها العديد من استوطن منطقة مشال إفريقيا منذ غابر العصور، فهذه التشاية املطاف هذا التمازج الرببري العريب، غري أننا نشري هنا األجناس على مر العصور إىل أن كان يف إىل أن هذا االختالط ما بني األجناس مل يشكل يف أية فرتة من الفرتات مشكال أو عائقا أمام تواصل

اتيا على مستوى اجملموعات، بل ذاب أفراد اجلماعة يف بوتقة األفراد فيما بينهم، أو مشكال هويواحدة مشكلني بذلك أمة واحدة، ذلك ما يؤكده املنصف وناس يف سياق حديثه عن اجملتمع التونسي بقوله:" فاجملتمع التونسي على سبيل املثال، يتسم باالستقرار االجتماعي و بالتجانس العرقي

لندامجعت بني القرطاجني والرومان والو نسبيا يف مكوناته البشرية اليتعلى الرغم من أنه عرف تنوعا هو ما ميكن أن نسحبه ، و 1االيطاليني و املالطيني"تراك واألجانب من الفرنسيني و األواألندلسيني و

واالجتماعية منذ األزل، قد عاشا نفس الظروف التارخيية على اجلزائر باعتبار أن القطرين اجلارين الظروف الصعبةالرغم من كل االحتالالت اخلارجية والتوترات و ذلك بقوله أيضا:"... فعلى ويؤكد

ا و جتانسها و شكلت تدرجييا ضربا من النفسية فإن بالد إفريقيا الشمالية حافظت على وحد .2على االنتماء العرقي" -جزئيا أو كليا–املشرتكة ونوعا من الوعي اجلماعي املبين

إىل إمكانية توحدها، يف إطار ا إىل طبيعة التشكيلة السكانية والبشرية و ن قد أشرنذا نكو ا أن تؤسس هلوية موحدة، مما السمات العامة ينتج ضربا من النفسية املشرتكة و مجاعة واحدة بإمكا

المح بذلك ميكننا أن نتحدث بداية عن مينخرط فيها أفراد هذه اجلماعة وهذه األمة، و اليت ميكن أن

.31م س ، ص: املنصف وناس، - 1 .35املنصف وناس،م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

153

ا الرببر، فباإلضافة إىل ما ذكرناه على لسان ابن خلدون من عز هذه األخالق العامة اليت ختلق اجلوار ومحاية النزيل ورعي الذمة والوسائل والوفاء بالقول والعهد والصرب على املكارم والثبات يف

املسكني وبر الكبري وتوقري يف عن االنتقام و رمحةوالتجاالشدائد وحسن امللكة واإلغضاء عن العيوب عانة على النوائب وعلو اهلمة وإبائية اإلل وكسب املعدوم، وقرى الضيف و محل الكأهل العلم و

، فها هو غالب امللك وبيع النفوس من اهللا يف نصر دينهممقارعة اخلطوب و الضيم ومشاقة الدول و هي حتمل املسؤولية شعب األيب و متأصلة يف شخصية هذا السليمان عشرايت يشري إىل خصلة أخرى

و هذا ما رأينا يوغرطة يقوم تامة من خالل قوله:" لقد كان من عرفهم أن يواجهوا اهلزمية باالنتحار،، فما كان منه إال أن ألقى بنفسه من شفري فلة باملقاومة والتحدي يف األسريتوج به حياة حابه و

سحيق.

اختذت قرار من النهاية، لذا سبقت األحداث و لقد استقتلت الكاهنة و كانت على بينةاالنتحار اجلماعي على ذلك النحو الذي كان من سنن الرببر يف مضمار احلرب، قرار كان ينسجم

.1مع طوية ملكة رأت وجودها القومي يواجه مصريا ال قبل هلا به"

ا االنتحار قد يصدق ذلك إذا حدث هذد يرى البعض يف االنتحار هروبا وضعفا وجبنا، و قاالنتحار يأيت بعد استنفاذ مجيع وسائل املقاومة و أسباب النصر، ة املعركة، ولكن و قبيل أو يف بداي

تكون هذه العملية من أخالق البطل الشريف الذي يتحمل مسؤولية فشله يف املعركة وفق العرف جة منطقية تظهر مالمح الرببري، و حفاظا على شرفه من املهانة و اإلذالل يف سجون العدو، و كنتي

قيمة الشرف و العزة املتأصلة يف النفس الرببرية اليت تقدم و تقبل املوت على التفريط يف هذه القيم. هذه السمات األخرية اليت يؤكدها عشرايت يف سياق حديثه عن القرار الذي اختذته الكاهنة يف

انتحرت على إثرها عمال بأعراف قومها، حيث معركتها األخرية يف مواجهة اجليوش الفاحتة، واليت

.72ص: م س ،سليمان عشرايت، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

154

يقول:" أم تراه خيارا سديدا أملته الشروط غري املتكافئة بني الطرفني األمر الذي حتم على الكاهنة أن ، و جتعل يف ذات الوقت عتصمد وترتقب مصريها، بصفتها ملكة و هلا أعراف يف التأيب و الالتراج

.1"رعيتها يف حل من متابعة القتال

يؤكدمها عشرايت بقيميت التأيب والالتراجع إذا فتأكيدا لقيميت الشرف و العزة املشار إليهماجذرة يف هاتني القيمتني تنبعان من قيمة الشرف يف سياق احلرب واملقارعة . إن هذه السمات املتو

يلي يف حديثه عنالشخصية اجلزائرية على وجه اخلصوص ، يدعمها قول املالشخصية الرببرية عامة و تقف يف وجوه -قبل اإلسالم و بعده-مل تزل هذه األمة النشيطة احلربيةاألمة اجلزائرية بقوله:"و

اهلامجني و تثور على الظلمة املستبدين و تنهض للتخلص من وطأة األجنيب على حريتها و إزاحة ا" .2كابوس املستعمرين عن مقليت حيا

عامة للشخصية اجلزائرية و السمات اليت سبق ذكرها، إال إن هذا النص و إن أكد الروح الا قيمة احلرية، لذا أنه يشري إىل قيمة أخرى يقدمها الرببري عامة و اجلزائري على وجه اخلصوص، إ

سنرى الحقا بأن هذه القيمة املتأصلة يف رجل األمازيغي هو الرجل احلر، و يقال أن معىن كلمة التعامل أفراد اجملتمع مع أي ار على صعيد التنظيم االجتماعي و زائرية كان هلا آثالشخصية الرببرية و اجل

سلطة مركزية تقوم على هذه األرض عرب التاريخ.

و يف سياق ذلك يشري املنصف وناس واصفا طبيعة هذه الشخصية الرببرية بقوله: "فما رببري خالل العهود القرطاجية استطعنا استنتاجه من خالل االعتماد على دراسات موثقة للمجتمع ال

الوندالية و البزنطية هو أن الشخصية الرببرية كانت مقاومة و متمردة، و لكنها كانت كذلك تقلبيه

73، ص:م س سليمان عشرايت، - 1 81ص:م س، مبارك عبد الرمحان امليلي، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

155

ا على القبول تبدي التعاون مث تنقضه، تناور وتتآمر بدليل عدد االنتفاضات من جهة و عدم قدر .1 عربية إسالمية من جهة أخرى.."بأية صيغة حكم سواء كانت وندالية أو بزنطية أو حىت

عامة و اجلزائرية إن هذا النص يشري إىل الطبيعة التحررية و النزعة الثورية للشخصية الرببرية دنا كلميت مقاومة ، لكننا إذا تتبعنا هذه املصطلحات اليت يوظفها الكاتب ، لوجعلى وجه اخلصوص

املتصارعة، اومة دليل على عدم تكافئ القوىمها كلمتان مكملتان لبعضهما، فاملقومتمردة، و منة لتشعل فتيل إن مخدت هذه املقاومة ، فسرعان ما يتمرد القوم على السلطة املهيوبالتايل فحىت و

عدد املقاومات اليت حلقبة االستدمارية يف اجلزائر، و ذلك ما الحظناه إبان ااملقاومة من جديد، و ف الكاتب أيضا مفردة تقلبية ، فهو بذلك يصف الشخصية تنهض من حني إىل حني . كما يوظ

ا أصبحت إحدى السمات املغاربية املتأصلة يف الشخصية الرببرية و ذه الصفة ، اليت سنالحظ أواجلزائرية على وجه اخلصوص ، نظرا للظروف اليت فرضت على هذه األمة عرب التاريخ ، فكما يوضح

ا ت بدي التعاون مث تنقضه، وما إشارة املؤرخني إىل أن الرببر قد ارتدوا اثين الكاتب معىن (التقلبية) أ . ) املتأصلة يف الشخصية الرببرية عشر مرة ، إبان الفتوحات اإلسالمية، إال تأكيدا هلذه مسة ( التقلبية

جدها تاريخ توا البد لنا أن نقف قليال عند هذه الصفة اليت تركزت يف الشخصية الرببرية عربكذا تأصلها يف الشخصية اجلزائرية على وجه اخلصوص، فعندما يقول الكاتب على هذه األرض، و

ا شخصية تقلبية تبدى التعاون مث تنقضه، ففي هذا داللة عل ى رفض مبدئي ملثل هذا التعاون، بأبت هلذا دألوب، و قيام هذا التعاون كان على أساس فرض لسياسة ما من طرف الغالب على املغو

هذه الشخصية على اختاذ شكل التعاون كإسرتاتيجية للتعايش مع هذا القاهر املتسلط، لتنقض عليه يف الفرتة املناسبة، و تبعا هلذه الظروف و التجارب اليت عاشتها هذه األمة على مر التاريخ تركزت مسة

املتمثلة يف املناورة الكاتب و يت أشار إليها التقلبية يف هذه الشخصية، و منها تنبثق السمات األخرى ال

50املنصف وناس، م س، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

156

و التآمر. و لتأكيد ذلك و توضيحه أيضا يقول الوناس:"... الشخصية الرببرية متوجسة بطبعها من ساعدها على اإلطاحة ر، فقد تعاون ماسينيسا مع روما و اآلخر و خاصة إذا كان قادما من البح

يئتها لتقبل االحتالل الروماين اعتمادا لكنه مع ذلك سلويب التخريب واالنتفاض، و على أبقرطاج و ظل متوجسا من روما و خائفا منها. و كذلك فعل أحد أحفاده يوغرطة الذي ظل يرشي روما خشية

، و اليت جعلت من هذه هذه التجارب املريرة عرب التاريخذا يشري الوناس إىل .1منها إىل حد وفاته" مسة التقلبية باملعىن املشار إليه . الشخصية متوجسة من اآلخر ، مما ركز فيها

اجلزائرية على وجه اخلصوص حييلنا إىل مسات الشخصية املغاربية عموما و إن احلديث عنا و احلديث عن مالمح هوية هذه اجلماعة اليت تشكلت بعد إمتام حصول الفتوحات واستقرار الوضع

اإلسالمية الوافدة، حبيث انصهرتا هاتني الثقافتني يف هذه املثاقفة ما بني ثقافة الرببر والثقافة العربية ية بوتقة واحدة لتنتج ثقافة مغاربية تتميز خبصوصيتها، كما كان احلال يف األندلس الذي أنتج شخص

ال هي باألعجمية، بل شخصية أندلسية جديدة . جديدة ال هي بالعربية القحة وال هي بالرببرية و ية من الثقافة العربية ما عريب، حبيث أخذت هذه الشخصية املغربكذلك كان احلال يف املغرب ال

يف يف هذا يقول بن عبد اهللا حممد ة ما أخذت لتنتج شخصية جديدة . و من الثقافة األمازيغيأخذت و لالنتباه أن هذا النموذج يبدو يف جممله مطابقا لنموذج ت:" من الالفحديثه عن الشخصية املغاربية

دية العربية"(...) إذ جند ما ال يقل عن عشرة خصائص هي نفسها منسوبة إىل "الشخصية القاع، و هو ما يؤكده أيضا أمحد بن نعمان قي مؤلفه "مسات الشخصية اجلزائرية من 2الشخصية العربية"

انتماء من أغلبها مستنبط مسات بعدة اجلزائري اجملتمع يتميز"منظور األنرتوبولوجيا النفسية" بقوله: اجلزائرية الشخصية مسات....إال أن تنوعها و تعددها ورغم .العريب اإلسالمي الكيان إىل جملتمعا هذا

51املنصف وناس، م س، ص: - 1 30بن عبد اهللا حممد ، م س، ص: -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

157

مسة تشرتك فيها الشخصية اجلزائرية مع الشخصية وأربعونأربع النفسية األنثروبولوجيا منظور من . 1"العربية

سالمية يف املغرب عامة ربية اإلإذ نورد هذين الشاهدين لندلل على مدى تأثري الثقافة العو لتوضيح ذلك جند عناصر اجملتمع يف بوتقة واحدة، و اجلزائر على اخلصوص، و كذا على ذوبان مجيع و

اإلسالم ر العربية و اهلرماسي يصف هذه الظاهرة بقوله:" اعتمادا على االختالط و التزاوج و نشإذا كانت بعض عريب اإلسالمي، و ا من اجملتمع الانصهر الرببر مع القادمني اجلدد، و أصبحوا جزء

الخنراط يف اجلزر قد بقيت معزولة يف اجلبال أو على أبواب الصحراء، و بالتايل كانت يف منأى عن اكان تأثريهم يف بلدان من أن يوصف، و تعريبه، فإن فضل اهلالليني كان أكرب مسرية أسلمة املغرب و

ال رسال لتوىل اإلمارة، و ال يكونوا جندا للفتح و هلالليني ملاملغرب حدثا مل متحه القرون، ذلك أن ام و أبنائهم و هيئات تعليمية أو دعاة لنشر الدين، ليستوطنوا املغرب بدون أنعامهمبل قدموا بعائال

كوهم شظف العيش أماكن وجودهم الوعرة والبعيدة، و شار بالرببر يف اسرعان ما اختلطو عودة ، و انفتحوا عليهم ، فبثوا فيهم حيوية عربية تواصلت رتاحت هلم نفوس الرببر، و اخ ، فااملنوقسوة الطبيعة و

التقاليد الوافدة مع تسارعت بقدر تعاطف الرببر معهم واستعدادهم للحوار والتفاعل مع العادات و و .2حضارية واحدة"ار اجملموعتني يف بوتقة ثقافية و هو ما ساعد على انصهالصعيد، و عرب

ما ذهب إليه اهلرماسي هو انتشار قصص السرية اهلاللية يف الثقافة إن خري دليل على تأكيدا هلذا رة اجلماعية لألمة اجلزائرية . و الشعبية و اليت ترسخت عرب القرون و حافظت عليها الذاك

االندماج التام نورد نصا للدكتور عشرايت الذي يقول :" إذ أن دواعي املساكنة و التآخي اليت رسخها

، خصوصية اإلشهار التلفزيوين اجلزائري يف ظل االنفتاح االقتصادي دراسة حتليلية سيميولوجية فايزة خيلفأنظر : نقال عن، -1 -أ. د. نصر الدين لعياضي ، كلية العلوم السياسية و اإلعالم، إشراف :لبنية الرسالة اإلشهارية ، رسالة لنيل شهادة دكتوراه دولة

.158، ص : 2005- 2004، -جامعة اجلزائر،قسم علوم اإلعالم و االتصال 67-66حممد صاحل اهلرماسي، م س، ص: -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

158

بني العرب و الرببر يف هذه الديار كانت من العمق حبيث غطت على األنساب، فغمر اإلسالم . 1بعضها بعضا، بتعرب الرببر و ترببر العرب، و هذه حقيقة واقعة ال مراء فيها"

السابق لنقول ال عجب أن تكون الشخصية الرببرية قد سبذلك ميكننا أن نعود للمقتبو من بني مسات الشخصية املغاربية العربية و تبنتها لتصبح استمدت بعض السمات من الشخصية

اجلزائرية األصيلة .و

ملواصلة رصد مالمح اهلوية اجلزائرية و ما انعكس منها على شخصية األفراد جند بن عبد و اهللا حممد يشري إىل مستان أساسيتان و مركزيتان يف سلوك اجلزائري بشكل عام بقوله:" فمن خالل

سجما متاما مع رف تتحدد نظرة كل مغاريب إىل العامل(...) و جتعل سلوكه الفردي مناحلياء و الشوبالتايل فهو حينما يبدي استحياء من الغري يسعى يف الغالب إىل جتنب لوم املطلب اجلماعي،

ذا نقول بأن احلياء مسة أساسية و جوهرية يف شخصية اجلزائري، و تعبري الكاتب يف 2اجلماعة" .املقتبس بأنه يسعى إىل مثل هذا السلوك لتجنب لوم اجلماعة، ما هو إال مؤشرا على متكن هذه ايةوحرصها الشديد عليها، كما جند الكاتب يؤكد أيضا على هذه لسمة يف الالوعي اجلمعي لألمة، ا

حساس السمة يف موضع آخر بقوله:" و لعل أهم هذه السمات اليت يربزها هذا النموذج هي مسة اإل .3باحلياء"

من بني السمات املرتبطة بالشخصية اجلزائرية الذي يذكرها الكاتب جنده يشري إىل جمموعة و اجلزائرية على وجه اربية عامة و من صفات الشخصية العربية و اليت تنطبق على الشخصية املغ

ستاذ من بني هذه السمات جنده يقول :" فاألظرا للظروف اليت شرحناها سابقا و اخلصوص ن

203-202ص: سليمان عشرايت ، م س، -1 .59بن عبد اهللا حممد ، م س،ص: -2 30بن عبد اهللا حممد ، م س ، ص: -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

159

) ، مثال يعتربان أن "الفحلوي" هو Al. Azm. SJ. 1928) واألستاذ عزم (s.ammar.1964عمار(املكون األساسي للشخصية القاعدية العربية و يذكران أن " الفحلوي " هو شخص سريع التكيف

، 1يستوعب كل جديد حبذر نسيب، و هو مستعد دائما إلبداء وفاق سطحي وتودد سريع ..." يواصل حتليله إىل أن يركز هذه السمة األخرية يف الشخصية املغاربية بقوله :"...حىت صار التوددو )the ingratiation) كما يقول كردينار (kardiner مسة بارزة من مسات الشخصية القاعدية (

.2املغاربية "

ة ومتكنها يف و لكن يف مقابل ذلك ، فبالرغم من بروز بعض مسات الشخصية العربي الشخصية اجلزائرية، إال أن هذه األخرية تتفرد بسمات أخرى متيزها عن الشخصية العربية، و يف هذا الشأن يعدد بن عبد اهللا حممد أهم هذه السمات اليت متيز الشخصية اجلزائرية و املتمثلة يف" الصراحة،

االنفعال، احلساسية و عدم تقبل النقد، االنطواء على الذات، العمل يف صمت، االندفاع، النرفزة و التعصب و التشبث بالرأي و املبدأ، االتعاظ من دروس املاضي، االعتماد على النفس، نشد الكمال

.3و احللول اجلذرية "

ا الشخصية اجلزائرية ، و اليت يبدو بعضها إجيابيا ا جمموعة من السمات اليت انطبعت إاملاضي و االعتماد على النفس وغريها، يف مقابل مسات أخرى قد كالصراحة و االتعاظ من دروس

تبدو سلبية، لكننا هنا و حنن يف مقام رصد هذه السمات االجيابية منها و السلبية حبسب ما أحصاه

30م ن ، ص: -1 - لطف: تودد، حتبب، استمال: -التودد: التلطف لهingra’taite 32م س، ص: بن عبد اهللا حممد ، -2

34-33بن عبد اهللا حممد، م س، ص: - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

160

قد ة تفاعل هذه القوى فيما بينها، و الكاتب، ال يسعنا إال أن نقول بأن الشخصية اجلزائرية هي حمصلات أقرب إىل صفات مطلقة يوكلها الكاتب للشخصية اجلزائرية، ذلك ما نلمسه تبدو هذه السم

كناز، تاجر أما أخالق الرببري مطلقا فإنه فالح مقيم، عامل ند عبد الرمحان امليلي قائال:" و أيضا ع، حر متطرف ينتقم ممن أغضبه بأكثر مما يستحققد يكون لصا متمردا، حار حاذق، حريب شجاع، و

نح له الفرصة هلدم تلك الرياسة ية إىل درجة أنه يكره الرآسة عليه و يتقزز منها إىل أن تسيف احلر ا"و .1ختريب سلطا

ذا نلمس توظيف هذه السمات املطلقة يف النصني، و هذا اإلطالق نستوحي منه نوعا ن امليلي يوظف من التطرف الذي يالزم الشخصية اجلزائرية يف االجتاهني السالب واملوجب و إن كا

املصطلح صراحة بقوله ( حر متطرف يف احلرية ).

إن مقارنة السمات الواردة يف النصني ببعضها البعض قد تعكس لنا توافق النصني حول أهم واملصطلحات، فعندما جند بن عبد اهللا حممد ية بالرغم من اختالف املفردات مسات هذه الشخص

د تتوافق مع ما ذهب إليه امليلي من أن هذه الشخصية(حريب يشري إىل مسة الصراحة فهذه السمة قشجاع) و ( لص متمرد)، فقول الصراحة جينب عنه الكثري عندما يكون سببا يف غضب القوم أو جيلب اهلالك لصاحبه، لذا نرى بأن هذه السمات متوافقة إىل حد ما، و الشجاعة هنا أيضا متوافقة

بان قد يكون لصا لكنه متخفيا، كما أننا جند مسات أخرى يف النص مع طبيعة اللص املتمرد، ألن اجل النص الثاين من مسات مثل واليت تتوافق أيضا مع ما جاء يفالنرفزة واالنفعال األول مثل االندفاع و

على أرضية االندفاع ار ينتقم ممن أغضبه بأكثر مما يستحق)، فهذا االنتقام الشديد ال يتأسس إال(حنشدانه تعصب و التشبث بالرأي واملبدأ، و االنفعال، كما جند مسات عدم تقبل النقد و الوالنرفزة و

ا حرة متطرفة احللول اجلذرية ال تتضارب مع طبيعة هذه الشخصية اجلزائرية اليت قال فيها امليلي بأ

95، ص:م سمبارك بن عبد الرمحان امليلي، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

161

ا تكره الرآسة عليها و تتقزز منها إىل أن تسنح هلا الفرصة هلدم تلك الرياسة، يف احلرية إىل درجة أكما جند أن مسة االعتماد على النفس تتوافق أيضا مع مسات: فالح مقيم، عامل كناز، تاجر حاذق،

حبيث ال ينجح يف هذه املهن إال من كان معتمدا على نفسه، حازما ، يقبل بذل اجلهد.

عنها ذا ميكننا أن نقول عموما بأن هذه السمات الواردة يف النصني و إن كان التعبريا تصف جوهرا واحدا. بأشكال خمتلفة إال أ

ا الشخصية اجلزائرية و يضيف الكاتب مجلة أخرى من الصفات املهمة اليت تتسم ملعىن جند التعاون، عزة تدل على هذا اسمات اليت تظهر يف هذه الدراسة و من هذه البقوله:"... و

التمسك تماتة يف الدفاع عن الشرف و واالساألنفة ، التدين ، احملافظة على السمعة النفس و .1باألصول"

متجذرة يف الشخصية اجلزائرية، فمبدأ التعاون يتفق حوله أفراد إن هذه السمات متأصلة و قد يكون الطابع االجتماعي للنظام السياسي ائري و نلمس مالحمه يف األفراح واألقراح و الشعب اجلز

يف اجلزائر ما هو إال تعبريا عن ذلك .

ا الكاتب الشخصية اجلزائرية فقد تتبدى يف أقوى صورها عندما أما عزة النفس اليت يسم ختدش األمة يف كرامتها، ذلك ما الحضناه من خالل اهلبة القوية للشعب اجلزائري أثناء األحداث

يني و على املصرية اجلزائرية إثر مقابلة كرة القدم الشهرية، بعدما أن أهان اإلعالم املصري رموز اجلزائر رأسهم الشهداء، و يف هذا يقول إليكس:" و يأخذ الشعور بالقيمة أمهية على مستوى اجلماعة أو الثقافة كما هو احلال على املستوى الفردي، و ميكن االستدالل على ذلك من خالل العمليات

34بن عبد اهللا حممد، م س، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

162

التهديد. و نالحظ الدفاعية اليت تعتمدها اجلماعة عندما تتعرض القيمة اجلمعية أو الثقافية للحظر و .1يف هذا السياق أن التبخيس جيعل اجلماعات ذات طابع عدواين"

عليه ميكنا أن نقول بأن رد فعل اجلزائريني كان منطقيا و طبيعيا ( يف سياق تعرض اآلخر و ها الكاتب للشخصية ملقدسات اجلماعة) ، و هو يف نفس الوقت داللة على مسة عزة النفس اليت أوكل

ا هذه الشخصية، و يشري أيضا إىل مسة األنف، و اجلزائرية هذه السمة يذكرها يف مقام آخر ة اليت تتسم أيضا بقوله:" البعد اآلخر الذي يربز كعنصر أساسي من عناصر الشخص املغاريب هو التطلع إىل

ا إىل مرتبة جتعلها تتسم باخللق القومي و حتظى باالحرتام والتقدي ر.ذيب النفس و الرقي

هذا االحرتام يرمز إليه يف املنطقة املغاربية مبفهوم" النيف"(...) فالنيف الذي هو كناية عن العائلة اليت ديد جيسد الشخص يف بعده اخللقي ويرمز إىل شرف الفرد و اجلسم و عن الوجه بالتح

ذا تربز القيمة الداللية و 2ينتمي إليها و القبيلة اليت ينحدر منها" فسية اليت تعرب عنهما الشحنة الن. كلمة " النيف" عند املغاربة عامة

ي حتليال واجلزائريني بشكل خاص حبسب وجهة نظر الكاتب ، غري أننا جند د.عشرايت يعطيتوجه إليه من وجهة نظر خمتلفة بقوله:" من هنا كانت صفة األنفة صفة توحش مغايرا هلذا املفهوم، و

فاألمة اآلخذة حبظ من البداوة مدنية الفرد أو اجلماعة، أي بداوة، أو خلقا داال على نقص يفمن خالل جتديد حركتها عرب -املتجاوزة لوطأة الزمانو –بواسطة الرتحال -التحرر من قيود املكـــان و

املواسم، أمة يغلب على طبعها خلق األنفة خبالف األمة األلصق باملدنية، فتلك تتميز باالنبساط يف ية االحتمال و التكيف.التعامل و بقابل

85إليكس ميكشيللي، م س، ص: - 1 59-58بن عبد اهللا حممد، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

163

تتكيف معه الذهنية فكثري مما تعتربه الذهنية البدوية امتهانا ال يقابل إال برفع السيف، قد بناء عالقات التعامل و التنازل تتحمله و ال ترى فيه غضاضة، و ذلك لتعودها على املدنية و

.1الرباغماتية "والتغاضي و

ه السمة بسلوك البداوة أكثر منها إىل سلوك ذا الشكل جند الدكتور عشرايت يلحق هذ املدنية .

قد يبدو يف هذا نوع من التضارب بني ما جاء يف املقتبس السابق و ما صرح به د.عشرايت، زائرية، و لكن طفوها على إال أننا نقول بأن مسة األنفة حتيل إىل اخللق الكرمي املتأصل يف الشخصية اجل

ا على باقي السالسطح و مات األخرى بالشكل اليت تصبح فيه ظاهرة مرصودة مبا يصاحبها سياد من عنف غري مربر قد تكون فعال سلوكا بدويا مل يرتقي بعد إىل منزلة التمدن و التحضر.

يواصل عشرايت رصده هلذه السمة املميزة للشخصية اجلزائرية بقوله:" الشك أننا ركزنا على و ا من أهم ما األنفة و النزوع إىل مييز النفسية اجلماعية اجلزائرية، وهي خصيصةاخلصيصة اليت قدرنا أ

وأبرزنا ذلك بكون املسار الشاق الذي قطعته تارخيية هذا الشعب منذ النفعايل، الرد ااالنتفاض و و روح التصدي والثأر للكرامة. قوى نوازع احلميةنفسية اجلزائري استجابة احلذر، و القدمي قد كرس يف

ا لسجاو لنسبة يا تكاد تكون غريزية تشرتك فيها البشرية كافة، إال أن ما يضفي عليها متيزها باإل كل مطاولة تستشعرهم اليت تالزم ردودهم حيا - الغريزية-، الصبغة الفوريـــة و اآلليــة للجزائريني .2عرب األمد"ما ذلك إال لتعميق الشرط االنفعايل الفطري فيهم، إذ ظلوا بدوا أو شبه بدو املهانة، و

وحياول أيضا أن يعطي هلذه ذا جيعل عشرايت من مسة األنفة مسة مميزة للشخصية اجلزائرية،السمة مرجعية تارخيية سامهت يف تركيزها يف سلوك اجلزائري، فهذا املسار التارخيي الشاق الذي عاشته

260-259ص:سليمان عشرايت، م س ، - 1 261م ن، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

164

خصية اجلزائرية، لكنه رغم األمة اجلزائرية ساهم بقدر وافر يف تركيز و بروز هذه السمة على الشذه الشخصية ، إال أنه ال ينفي عالقة هذه السمة حماولته إجياد أسباب تؤسس هلذا السلوك املرتبط

انية و اليت تالزم بالسلوك البدوي بقوله:" لكن أال ختفي تلك االنفعالية اليت تبدو أحيانا خرقاء و جمإلنسان إىل مستوى من الصبيانية رفات الغري سبب، قصورا مدنيا يهبط بتصسلوكنا لسبب و

.1الطيش"و

باالضافة إىل ذلك جند عشرايت يلتفت إىل بعض السمات اجلديدة اليت طرأت على و الشخصية اجلزائرية يف الوقت الراهن، و أصبحنا نلمسها يف واقعنا اليومي، سواء كانت هذه السمات

كانت عليه، فها هو يرصد لنا جانبا من جديدة طارئة على الشخصية اجلزائرية، أو حتولت عماا تلك ا ما بني الدولة، من خالل لعالقة اخلاصة ما بني اجلزائري و جوانب الشخصية اجلزائرية، إ

مفهوم البايللك، ويف هذا يقول:" ال ريب أن مفهوم الدولة امللتصق بالبايلك قد ورثته الذاكرة اجلزائرية كان و يب فقط، كانت مؤسسات الدولة تتسمى عندنا بالبايلك، عن العهد الرتكي، فإىل األمس القر

اليت جتد من احة من املرافق التابعة للدولة و البايلك حييل يف الشعور الفردي و اجلماعي على تلك املس األهايل حرمتها الوطيدة حىت من غري أن تقوم عليها خفارة .

لى الصعيد النفسي الفردي تشعر عفالبايلك كانت تعين اخلوف، إذ أن سلطته كانت تسبالرقابة الذاتية اليت أقامت يف نفوس املواطنني إلحساس باحلضور املعنوي و اجلماعي من خالل ذلك او

.2حاجزا يصون املصاحل العامة ويلحق العقاب عن أي مس بتلك املصاحل مهما كان الطرف"

262ص:، م س ، سليمان عشرايت -1 218-217م ن ، ص: -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

165

ذا النص الذي فشا يف األوساط لبداية تشكل هذا املفهوم اخلطري التأسيسحياول عشرايت ئح شرالعالقة الراسخة يف ذهنية أوساط و االجتماعية منذ فرتة، هذا املفهوم الذي يعكس طبيعة ا

الذي من خالله حتدد هذه الشرائح طبيعة تعاطيها مع أجهزة الدولة.واسعة يف اجملتمع اجلزائري، و

يف الشخصية اجلزائرية، يضعنا عشرايت ها هنا أمام ظاهرة خطرية تكاد ترسم كسمة بارزة واليت جيب التعاطي معها جبدية، ملا يكتنزه مفهوم البايلك أو ما يكافؤه من شحنات سلبية و عدائية اجتاه الدولة، حبيث يقول عشرايت:" فثقافة البايلك القهرية كرست فينا حس الدولة، لكنها إىل ذلك

ن نرث بعد االستقالل هذه الصورة الغريبة قرنت صورة الدولة بالبطش واخلوف و العقاب. و الغريب أللدولة، ونرث معها كل ما يالبسها من مشاعر منفرة ، تعمقت يف نفوسنا إبان العهد االستعماري

.1الفرنسي"

الذي تركز عرب ح إحدى مسات الشخصية اجلزائرية و الذي يكاد يصب-هذا املفهوم قد يكون ة له انعكاسات خطري -ألتراك ) أو الفرتة االستعماريةقرون مضت سواء يف فرتة احلكم العثماين( ا

وكات فردية و مجاعية غري سوية، ولكنها سلوكات ما يفرزه من سلعلى مستوى البناء االجتماعي، و إلعراب عن مشاعر ن تسلك النفوس لد أفعال تأخذ الطابع املنهجي، "فمن الطبيعي أردو وأفعال و

فينا روح الزجر البالغني، األمر الذي منىة تفاديا للعقاب و مللتويالسلطان تلك الطرق اكراهية الدولة و .2مشروعية انتهاكها من خالل ضرب مصاحلها"قدسية خيانة الدولة، و

إن هذا التعبري الذي يديل به د.عشرايت يف حماولة منه لوصف هذا السلوك الذي ارتبط مرارا ملا عربنا عنه سابقا "بالشخصية حبسبه مبفهوم البايلك، خنشى يف حقيقة األمر أن يكون است

218ص :سليمان عشرايت، م س ، - 1 218ص :م ن ، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

166

التقلبية" اليت متثل إحدى مسات الشخصية الرببرية حبسب تعبري حممد بن عبد اهللا من أن هذه الشخصية التقلبية( تبدي التعاون مث تنقضه، تناور و تتآمر...).

التحرر إبان العهود القرطاجية لقد كانت هذه السمة مربرة لنزوع هذه الشخصية حنوالبزنطية، لكن بروز هذه السمة املقنعة مبفهوم البايلك يدلل على وجود أزمة يف العالقة ما لوندالية و او

بني املواطن و السلطة، تلك األزمة اليت استدعت هذه السمة للربوز على مستوى الشخصية اجلزائرية.

نزعة التقديس: -

رببرية عموما واجلزائرية على وجه إن هذه النزعة تبدو أيضا مسة متأصلة يف الشخصية الاخلصوص، فمجمل الدراسات اليت أجريت تؤكد هذه النزعة بالشكل الذي تبدو لنا فيه كسمة بارزة

ما يلفت االنتباه(...) هو اتفاق أصحاب هذه املصادر على أن الشخصية "فطبعت هذه الشخصية، ا فوقطبيعية و ال عقالنية يف اجملتمع املغاريب تبدو مشبعة مبجموعة من املعتقدات الغيبية اليت يعتربو

ا ترتبط يف تقديرهم بعامل "املقدس املبهم". أل

تشرط كثريا من السلوكات، تشمل على ما يعرف ه املعتقدات اليت تطبع الثقافة واهلوية و هذاالستحواذ وكذلك على ما يسمى بالعني اجلن و عامل ذ ابن خلدون بالسحر والطلسمات و منلشريرة، من هنا فإن املخيلة اجلماعية تبدو مصبوغة بتصورات تتعلق بكائنات غيبية تربطها بالشخص ا

.1املغاريب إما عالقات ود وتقارب و إما عالقات ختاصم و تنافر"

واملتمثلة يف هذا ة اجلزائرية يؤكد بذلك بن عبد اهللا حممد هذه النزعة املتأصلة يف الشخصيمن ضمنها هذا كما عرب عنه بالقوى الفوقطبيعية، و عتقاد بكل ما هو غييب، أوالتقديس و هذا االلسنا ندري هذا تتساءل بداك شاحبة قائلة:" و يف تهجه اجتاه السحر والطلسمات، و السلوك الذي تن

.85بن عبد اهللا حممد، م س، ص : - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

167

ثانيا ملاذا يصر بعض األفراد على املغامرة بآخر قرش ميلكونه يف بيت من بيوت قارئات الكف و ليس .1ألفراد فحسب بل تقريبا جل األسر اجلزائرية جهرا، أما سرا فحدث و ال حرج"بعض ا

الذي قد ا إليه من خالل املقتبس السابق و إن هذا التساءل يعترب يف حد ذاته تأكيدا ملا ذهبنيتضمن أيضا اإلجابة عن هذا السؤال املطروح، من خالل قول بن عبد اهللا حممد، بأن هذه

ذا املعتقد فال وية، و ما دامت شخصية اجلزائري و اهلتطبع الثقافة و ملعتقدات الغيبيةا هويته مطبوعة شخصية البآخر قرش ملمارسة هذا السلوك. من منطلق التقديس الذي تتسم به نزعة غرابة أن يغامراجملتمع االتارخيي، مبظهره اهلرمي، على نزعة تقديس املوتى اليت اعتنقه يدل قرب الروميةاجلزائرية، إذ

القدمية اليت انتهت إىل ال يستبعد أن يكون ذلك من تأثريات الديانة املصرية الرببري منذ القدمي، و انت الثقافة اإلسالمية مبا مازجها من معتقدات خارجة فقد ك ....اعتقدوها أو محلوها قيماالرببر و

هو ما عمق قاد باملتصوفة و م يف طريق االعتعن نطاق اإلسالم تدفع العامة و من ال وعي ديين هلار األضرحة وتقديسها، لعل هذا التصريح يفسر لنا ظاهرة انتش، و 2الوازع الغييب يف النفسية اجلزائرية"

او ا، و سلوك زيارا صاحل كذا سلوك تقدمي األضاحي يف شكل قربان لاليت تكون أحيانا للتربك زعة التقديس يف الشخصية اجلزائرية.هي كلها سلوكات تؤكد نصاحب هذا الضريح أو ذاك، و

يبدو أن عنصر التدين الذي كنا أشرنا إليه سابقا، يعترب مسة بارزة من مسات الشخصية املغاربية و اجلزائرية على وجه اخلصوص، كما أن له عالقة مباشرة أو غري مباشرة مبا ملسناه يف هذه

ا يعنينا هو رصد في عيسى بقوله:" كل مالشخصية من نزعة إىل التقديس، ذلك ما يشري إليه لطتدعي ةحتديد األطر اليت مسحت حبصول تقاطع ما بني اإلسالم كمنظومة إيديولوجيمظاهر التقارب و

الكونية والواقع احمللي املغاريب املتنوع، هذا الذي وظف الظاهرة الصوفية ال للتعبري عن تصوراته اخلاصة

37بداك شاحبة، املمارسات السحرية للمجتمع األمازيغي، منشورات دار السعادة، اجلزائر، دت، ص: -1 - كما يسميه سكان منطقة تبازة ، املدينة اليت حتتضنه .وهو القرب امللكي املوريتاين أو قرب الرومية

257سليمان عشرايت، م س، ص: -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

168

ؤم بني اإلسالم كمنظومة كونية بلوغ نوع من التالحول التدين و االعتقاد فحسب، بل لا أشكال التدين املوروثة دون أن ينتج عن ذلك أي طمس ملكونات و اخلصوصيات املغربية اليت أطر

.1هذه العقيدة األساسية"

بذلك فظاهرة الصوفية و انتشار ممارستها يف مشال إفريقيا، مسئولة بشكل كبري على تعميق و أوساط املغاربة بشكل عام، و إن كانت هذه املمارسات متجذرة يف الشخصية نزعة التقديس يف

ا أشكال التدين املوروثة الرببرية قبل ذلك بكثري من خالل إشارة الكاتب إىل أن هذه املمارسات أطر قبل اإلسالم.

اية هذا العنصر ال بأس أن نسلط الضوء حول نظرة الشخصية اجلزائرية للمرأة، و طب يعة يف املكانة اليت حتتلها، و للحديث عن املرأة يف البيئة اجلزائرية، جند أن هذه املفردة تزامحها مفردات أخرى

قد أضحى صا يوضحه لنا د.عشرايت بقوله:" و مثل " احلرمة " و "الولية" و كل منها حيمل مفهوما خا بواالستبداد تستوجوالغزو ليت كانت ظروف التغالب مفهوم احلرمة حييل إىل املرأة أو العقيلة ا

.2صيانتها على حنو ما تصان النفائس من اجملوهرات واألعالق الثمينة"

إن هذا املفهوم الذي يعد األكثر انتشارا يف األوساط اجلزائرية حبسب تقديرنا، قد غطى تب سلوك تبعا لذلك يرت إىل املرأة مبفهوم "احلرمة"، و على غريه و من مث أصبح اجلزائري عموما ينظر

الرجل اجتاه هذه " احلرمة " اليت يستوجب صيانتها حنو ما تصان النفائس، غري أن السلوك الذي قد يكون خشنا عنيفا، الرجل لصيانتها قد يكون صحيحا وقد يكون خاطئا، قد يكون مرنا و يعتمده

احلرص عليها.ألنه ينطلق من مبدأ هذه احلرمة و و كل ذلك مربرا بالنسبة للرجل

107، ص:1994السابع عشر، سراس للنشر، تونس، لطفي عيسى، مدخل لدراسة مميزات الذهنية املغاربية خالل القرن - 1 250سليمان عشرايت ، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

169

ما حتمله اليت حتتلها املرأة يف تصوره، و ن هذا احلرص الشديد عليها هلو داللة على املكانة إمن رمزية بالنسبة له، " فلقد كانت سيكولوجية اجملتمع الرببري حمكومة بقيم ال تبعد عما كان اجملتمع

واحدة، قوامها الغرية األخالقية بصبغة(...) األمر الذي صبغ الذهنية والقيم الثقافية و العريب يعرفهالذوذ عن الشرف الذي هو مجاع ملرأة و محايتها محاية النفاسة واإلعزاز، و على العرض، و صون ا

.1القيم احمللية على الرجولة و القوامة"

ا لكل ذلك كان للمرأة يف تصور الرجل اجلزائري مكانة مميزة تر تبط بأقدس مقدساته، إالثاين الذي تأخذه مفردة "املرأة" فهو "الولية" اليت يعرفه عشرايت الرجولة، أما املفهومالشرف و

ره على األنثى حني تعدم الراعي حييل بدو –مبرور الزمن -بقوله:"كما أضحى مفهوم(الولية) .2، أو هو حييل إىل تلك األنثى اليت هلا على الرجال حق الرعاية و األخذ باليد"والكفيل

هذا يف اجملتمع، و إمنا تؤشر على تدهور مكانة املرأة و دورها إن هذه املقتبسات الثالث ما ذا الشعب من صراعات وانكسارات و التدهور الذي كرسته املسرية التارخيية الطويلة اليت عاشها ه

رجاله بالشكل الذيد فيها اجملتمع الرببري بنسائه و ينجر عنهما من حمن، فمن املرحلة اليت كان يعتتتحول لتنظر حنن نلمس هذه الذهنية ترتاجع و سلمه مثل الكاهنة، ها تقوده يف حربه و كرم فيه امرأة

إن محلها كل ما يقدسه من قيم، لذلك يقول عشرايت:" إن حاالىل املرأة نظرة الكائن الضعيف، و إ جعلتها ظال شائها للرجل، إذ أضحت الكلمة يف اجملتمع العتيق هيكهذه قد أدنت من مكانة املرأة و

كلمة الرجل و احلكم حكمه، فكلمة الرجل يف البيئة اجلزائرية إىل وقت قريب، بل إىل اآلن، كلمة

.248-247ص: م س، ، سليمان عشرايت - 1 .250، ص: م ن - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

170

ا رسه الرجل مع املرأة بال معارضة. و فوقية، متارس حق الوطء على حنو ما ميا حني تعلو كلمة املرأة، فإ .1عرة ال يطاق"يكون الرجل قد تقهقر إىل وضع من املتعرب عن شذوذ ال تقبله البيئة، و حتما

ت طبيعة العالقة ما بني الذهنية اجلزائرية اليت قننرى من مسات الشخصية و هذه إذا مسة أخأي خرق هلذه العالقة يعترب وضعا غري سوي من طرف اجلماعة اليت حددت للمرأة أن املرأة والرجل و

شرف الرجل رجل، وأي بروز فهو وضع غري سوي وفيه خدش لتقف يف الصف اخللفي وراء الثل تبعا هلذه النظرة " ظلت املعايري االجتماعية تعترب كل امرأة تقبل على بعض املبتدعات مورجولته، و

مع املغاريب متثل حامي محى فعلتها مستنكرة، ألن املرأة يف أعني اجملتالتدخني، امرأة شاذة منبوذة و .2"القيم

.250ص: م س، ، سليمان عشرايت - 1 .100بن عبد اهللا حممد ، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

171

الفصــــــــــل ـــيالثانــــــــــ

طبيعة مضامين السينما الجزائرية

و عالقتها بالهوية

المبحــــث األول : عالقة موضوعات األفالم ذات الطابع التاريخي بالهوية

: تمهــــــــــد -

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

172

يعتـرب طــرق موضـوع اهلويــة علــى مسـتوى الســينما مــن املوضـوعات احلساســة نظــرا ملـا تتمتــع بــه هــول علــى مســتوى املتلقــي يف وقتنــا احلاضــر، باإلضــافة إىل االنتشــار الــذي تتميــز بــه الصــورة مــن تــأثري م

وســط شــرائح اجلمــاهري الواســعة. "ألن عــرض الفــيلم، غــري حمــدد أو مشــروط بزمــان أو مكــان . الســينما ـا تتحـول إىل آليـة للتواصـل يف تتميز بسعة مجاهريها، و جتاوزها لكل احلدود، فهـي كونيـة مـن حيـث أ

. 1عـن مشـاكله، و أزماتـه"داة للتعبـري، عـن معـيش اإلنسـان، و أعمق معانيه (...) هي يف واقع األمـر ألـــذلك يكـــون ملوضـــوع اهلويـــة يف الســـينما أمهيـــة خاصـــة، و لكننـــا نتســـاءل يف هـــذه البدايـــة عـــن طبيعـــة

اشـــم هنـــا نصـــادف همومـــا و الفـــيلم علـــى وجـــه اخلصـــوص، و متظهـــرات اهلويـــة علـــى مســـتوى الســـينما عالفـيلم كتعبـري فـين القائمة مـا بـني اهلويـة كمفهـوم و النحاس يف حماولة منه لتفكيك و حتليل هذه املعادلة

بقوله:" إن النظرة العامة لإلنتاج السينمائي تكشف لنا دون حاجة إىل تعمق، عن العديد مـن املظـاهر ن للمنــتج أن يتجاهــل مــن مث مل يكــلتعبري عــن اهلويــة القوميــة(...) و الــيت تشــري بوضــوح إىل االهتمــام بــا

.2املتطلبات القومية"االهتمامات و

إن ما ميكن استنتاجه من هذا النص هي حماولة الربط اليت يسعى إليها النحـاس و القائمة مـا عــــرب عــــن اهتمامــــات الشــــعوب بــــني مضــــامني هــــذه األفــــالم و قضــــية التعبــــري عــــن اهلويــــة، فكــــل فــــيلم

م ميكننا أن نقو ول حبسـب رأي الكاتـب أن الفـيلم قـد اهـتم بـالتعبري عـن هويـة األمـة، ذلـك مـا متطلبايؤكــده أيضــا بقولــه :" و احلــق أن التعبــري املباشــر عــن اهلويــة العربيــة يف شــكلها العــام مــن خــالل قضــاياه

ظـرة ريبـة العامة(...) كما أن اهتمام السينما القطرية مبشاكل جمتمعها احمللي ال ميكن النظر إليه دائمـا ن

www.ahewar.orgمسري الزغيب ، إشكالية اهلوية و االختالف يف السينما العربية، - 1دراسة استطالعية مستقبلية، اهلوية القومية يف السينما العربية، مركز هاشم النحاس، اهلوية القومية يف السينما العربية : - 2

.183-182،ص:1976ة، بريوت، أكتوبر دراسات الوحدة العربي

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

173

(...) ذلك أن الفيلم املنتمي ألرضه احمللية، و الذي يعاجل مشاكل جمتمعه احمللي جدا، ميكـن بقـدر مـا . 1ميلك من صدق املعاجلة أن يكون يف الوقت نفسه قوميا"

ري عـــن اهلويـــة مـــن خـــالل األفـــالم، حيـــاول الكاتـــب مـــرة أخـــرى أن يـــربط العالقـــة مـــا بـــني التعبـــيعـرب عنهـا هـذا الفـيلم، فنجـده يـذهب إىل القـول إن ادا إىل املضامني الـيت حيملهـا و نمفهوم اهلوية، استو

اهتمـام الســينما القطريــة مبشـاكل جمتمعهــا احمللــي ال ينطـوي علــى أي عيــب، فالكاتـب ينطلــق مــن دائــرة ، دائـرة حمليـة أعم، إنه يبحث عن اهلوية القومية يف عالقتها بالسينما، لكننا إذا ما نزلنا إىل دائـرة أضـيق

مثلما هو احلال بالنسبة للسياق العام لبحثنا، فإننا نسـتنتج مـن النصـني السـابقني للنحـاس، أن األفـالم اهتماماتـه. إن فقط إذا تبنـت مشـاكله ومهومـه و السينمائية إمنا تعرب عن هوية اجملتمع و الشعب فقط و األفــالم ، فكلمــا كانــت هــذه املضــامني تعــرب الكاتــب هــا هنــا يــربط قضــية التعبــري عــن اهلويــة مبضــامني

اسـتنادا إىل هـذا كان اشتغاهلا يف صلب اهلويـة ، و بصدق عن الواقع املعيش للمجتمع و الشعب، كلما ميكننا أن نعود ملسألة اإلنتاج السينمائي اجلزائري وفق هذا املنظور الذي حيدده الكاتب.

مــا اصــطلحنا علــى تســميته بــاألفالم التارخييــة ، و ث عــن الســينما اجلزائريــة عمومــايعتــرب احلــديالـــذي يشـــمل جممـــل األفـــالم الـــيت عاجلـــت موضـــوع مقاومـــة األفـــالم الـــيت تناولـــت تـــاريخ األمـــة، و مبعـــىن

الشعب اجلزائري بشكل عام و ثورة التحرير على وجه اخلصـوص، يف عالقتهـا بقضـية اهلويـة، حـديثا ال يعة انطالقة هذا النشاط الفين يف اجلزائر، ذلـك خلصوصـية هـذه طائل منه ما مل نأخذ بعني االعتبار طب

النشأة، و هذه الوالدة اليت لونت هذا الفن بألوان مميزة و بصـمته ببصـمات خاصـة،" فلقـد أدى مـيالد السينما يف اجلزائر يف أحضان الثورة إبان حرب التحرير أن تكـون سـينما ملتزمـة مـن البدايـة، سـالح يف

.184هاشم النحاس، م س ، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

174

بعـــد االســـتقالل ظلـــت علـــى التزامهـــا بـــالتعبري عـــن حركـــة اجملتمـــع ربون بـــه عـــن أنفســـهم، و د الثـــوار يعـــيـــ .1اجلديد"

مــــن هنــــا نقــــول إن هــــذه الــــوالدة القيصــــرية للنشــــاط الســــينمائي يف اجلزائــــر فــــرض عليــــه مبــــدأ األمـة، هي يف عمقها قضايا مرتبطة باجملتمع و مبصـري بالقضايا اليت استدعت والدته، و االلتزام، االلتزام

هو نفس الطرح الذي تؤكـده ، هؤالء الثائرين من أجل األرض والعرض، و باعتبارها سالحا يف يد الثواررتب حاج موسى بقوهلا:" ذلك أن السينما اجلزائرية مرتبطة بالسياسة تارخييا، فهي أصال سينما نضال

. 2) "1957ولدت يف اجلبل (

لى عاتقها مهام ضخمة يف هذه املرحلة الـيت عقبـت إن هذه السينما اجلزائرية الفتية أخذت عذي خلـف جمتمعـا مـثقال بـاألمراض مباشرة االسـتقالل الـوطين و الـتخلص مـن هـذا املسـتعمر الغاشـم الـ

ن علـــى الســـينما أن تواصـــل نضـــاهلا الفقـــر، حيـــاول أن يلملـــم جراحـــه . يف هـــذه الظـــروف كـــاواآلفـــات و تلك القضايا اليت كانت مطروحة آنذاك ما متثـل يف تثمـني تـاريخ التزامها بقضايا األمة، ولعل من أبرزو

اجلزائر النضايل بشكل عام.

ذا التاريخ مل يكن طفرة بالنسبة لباقي الفنون، ولعله جيدر بنـا أن نسـلط إن اهتمام السينما ينما، بــل بعـض الضـوء علــى ذلـك، فاالهتمــام بتـاريخ األمــة و بـالثورة التحريريـة مل يكــن حكـرا علــى السـ

تصــب يف بوتقــة واحــدة، فهــا هــو مــل الفنــون لتــدفع باجتــاه واحــد، و تضــافرت الكثــري مــن اجلهــود يف جم

. 63، ص: نم - 1

2 - Ratiba hadj-moussa, le corps-l’histoire le territoire le rapport des genre dans le cinéma algérien, les édition Balzac publisud,canada,1994;P:87

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

175

خملــوف بــوكروح يشــري إىل ذلــك بقولــه:" يشــكل موضــوع الثــورة اجلزائريــة أحــد املوضــوعات الــيت خــاض .1فيها الكثري من الكتاب و الفنانني بعد االستقالل"

ــذا مــن خــالل هــذا املقتــبس قــد نع ــا اإلنتــاج الســينمائي اخلــاص لــل تلــك الغــزارة الــذي متيــز املوضوع، فبحسب ما يشري إليه الزغيب قائال:" السينما اجلزائرية من جهتها اهتمت كثريا مبوضوع الثورة ال ســيما يف الســنوات الــيت عقبــت االســتقالل حيــث شــكل هــذا املوضــوع أهــم املضــامني الــيت تناولتهــا

.2ة الفتية"سينما الدول

إن غـــزارة اإلنتـــاج الـــذي تنـــاول موضـــوع الثـــورة يف هـــذه احلقبـــة الـــيت عقبـــت االســـتقالل، تعـــد ــا ردة فعــل قــومي ضــد احــتالل اســتيطاين، محــل ظــاهرة عامــة علــى مســتوى اإلبــداع يف اجلزائــر، و كأ

ا مـ ن قهـر واسـتغالل رواده شعارات صليبية تستهدف شخصية األمـة، الـيت أرادت أن تعـوض مـا أصـاقــد عاجلــت القــرن، و يشــري بــوكروح بقولــه:" و و هجــوم مــنظم علــى مقومــات شخصــيتها ملــا يزيــد عــن

املسرحيـــات الــيت تناولــت الثــورة التحريريــة موضــوعات مــن وجهــات نظــر خمتلفــة ومتباينــة، الــبعض منهــا م رايـس، و"حسـان طـريو" ركز على العمل الفدائي يف املدن مثـل: مسـرحييت "أوالد القصـبة" لعبـد احللـي

. 3لرويشد، و البعض اآلخر ركز على الكفاح املسلح"

يعــرب هــذا املقتــبس األخــري عــن مضــامني هــذه األعمــال املســرحية لــنفس الفــرتة، والــذي ميكننــا بيســـر أن نســـحبه علـــى األفـــالم الســـينمائية موضـــوع الدراســـة، ذلـــك لكـــون أهـــم هـــذه املســـرحيات قـــد

رية، وعليـــه فبالشـــكل الـــذي عـــاجل فيـــه أبـــو الفنـــون هـــذا املوضـــوع مـــن خـــالل حتولـــت إىل الشاشـــة الكبـــوجهات نظر خمتلفة، كذلك عاجلت السينما من خالله هذا املوضـوع وفـق وجهـات نظـر خمتلفـة. فهـذا

.24خملوف بوكروح، املسرح و اجلمهور، دراسة يف سوسيولوجية املسرح اجلزائري و مصادره،د م ،د ت ، ص: - 1 .www.ahewar.orgمسري الزغيب، م س، - 2

.25وف بوكروح، م س، ص:خمل - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

176

والسـينما اجلزائريـة علـى وجـه اخلصـوص ملوضـوع ثـورة التحريـر مل يكـن شـاذا، االهتمام اليت أولتـه الفنـون:" ... يتكون املؤلف الفين لكي يتمتعوا به عن طريق داشيف جنده يورد نصا هليغل بقولهو فإذا رجعنا لي

التأمــل و هــو موجــود ألجــل اجلمهــور و الــذي يطالــب بــأن يــتمكن هــذا اجلمهــور يف موضــوع التصــوير ـــذا جنـــد أن الســـينما 1الفـــين مـــن أن جيـــد ذاتـــه و معتقداتـــه األصـــلية احلقيقيـــة و مشـــاعره و تصـــوراته" .

اجلزائريــة ملــا بعــد االســتقالل، قــد ســعت كــذلك ليجــد هــذا اجلمهــور ذاتــه و معتقداتــه األصــلية احلقيقيــة ومشاعره و تصوراته من خالل تناوهلا ملوضوع ثورة التحرير.

تصـــوراته املكـــافئ عــــره و معتقداتـــه األصـــلية احلقيقيـــة ومشايعتـــرب احلـــديث عـــن ذات الشـــعب و زائرية قد حققت ذلك على أكمـل وجـه، أننا ال جنزم هنا بأن السينما اجل املوضوعي ملفهوم اهلوية ، غري

ــــا للتعبــــري عــــن اهلو ، كمــــا ويــــة اجلزائريــــة وفــــق منظــــور النحــــاسيف ذات الوقــــت ال ننكــــر سعيهـــــا وحماوالــا ــذه املهمــة حبســب ظروفهــا و إمكانا مــن خــالل تبــين قضــايا حاولــت هــذه الســينما الفتيــة أن تقــوم

عـــن طريـــق ذلـــك كانـــت حماولـــة إعـــادة بنـــاء الشخصـــية الوطنيــــة واهلويـــة اجلزائريـــة، خاصـــة إذا و اجملتمـــع، علمنــا بــأن هــذه األفــالم أنتجــت وفــق رؤيــة خاصــة لتحقــق غايــات حمــددة، ويف هــذا يقــول عبــد الرمحــان

ــذا فــاألفالم مل حتــدد هلــا كغايــة حكا يــاة بــث احليــة قصــص فريــدة مــن نوعهــا، أو وضــع و اجللفاوي:"...لكنها مل توظف إال كـأداة قابلـة لنقـل الية جديدة نسبيا يف سينمانا، و يف قصص خيالية، أو وسائط مج

دعم أطروحات توضيح ميثاق يتعلق على وجه اخلصوص بالثورة الزراعية.أفكار سياسية، و

ــدف إليــه علــى مســتوى الرمــزي حيظــى بأمهيــة وطنيــة، ســواء تعلــق مبوضــوع الشــباب أو فمــا حنراف أو ما تعلق بـاملرأة ، أو البـدوي يف نضـاله ضـد اإلقطـــاع وهكـذا. فـالفكرة كانـت دائمـا عامـة اال

. 2تزعم ارتباطها مبصري األمة يف كليته"

104، ص: 1984ليكال بولداشيف، قضايا البحث الفلسفية يف الفن، تر: زياد املال ، دار دمشق للطباعة و النشر، سوريا، -1

2 - abderrahmane djelfaoui, un cinema limité par le conformisme, cinema action, prinmtemp1981, N:14, Papyrus Edition, 1981, P : 51.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

177

يـــدا كـــل البعـــد عـــن مفهـــوم الرتفيـــه إن احلـــديث عـــن الفـــن الســـينمائي يف تلـــك الفـــرتة يكـــون بعملهـام أفكار سياسية بالدرجـة األوىل، باإلضـافة إىل ا املتعة اخلالصة، كون السينما وظفت كوسيلة لنقلو

مبعــىن آخــر فهــي وســيلة فعالــة لتوعيــة الشــعب ، لــذا وجــدناها حبســب رأي الــيت أشــار إليهــا الكاتــب، و لعل احلديث عن هـذه املوضـوعات يت تزعم ارتباطها مبصري األمة. و الكاتب تباشر املوضوعات العامة ال

مـا خلفتـه ا الفرنسـية االسـتعمارية آنـذاك، و ولوية يف تلك املرحلة يعيـدنا للسـينموالقضايا العامة ذات األمـــن دمـــار و مســـخ علـــى املســـتوى النفســـي لإلنســـان اجلزائـــري، فكـــان لزامـــا علـــى الســـينما اجلزائريـــة أن تتصدى لذلك لتعيد بناء هذه الشخصية اجلزائرية اليت خرجت من هذه احلـرب املتعـددة األوجـه بـدمار

مـن مث جـاءت تلـك هذه اآللة االستعمارية يقول:" و ، فها هو سليم عقاز يف معرض حديثه عنرهيبا يف مضامينها بعيدة عن الصراع احلقيقي املوجـود يف الواقـع كمـا مل تتضـمن بـأي حـال األعمال متشا

م حتقـــــريهم و التقليـــــــل مـــــن شـــــ مـــــن األحـــــوال ذكـــــر للمجــــــاهدين و الفـــــدائيني اجلزائـــــريني إال بغـــــرض أ .1دورهم"و

يعد هـذا الـدور الـذي لعبتـه السـينما االسـتعمارية، و الـذي تـرك أثـارا سـلبية يف خميـال الشـعب اجلزائــري، دافعــا للســينما اجلزائريــة منــذ الفــرتات األوىل النطالقتهــا يف مرحلــة مــا بعــد االســتقالل للقيــام

ــا يف هــذه املعركــة، و بتبنيهــا هلــذا الــدور ميك ا أن بالــدور املنــوط ــا حاولــت منــذ بــدايا ننــا أن نقــول بأاملعرفيــة يــت مــن قــوة حبســب ظروفهــا املاديــة والبشــرية و تشــتغل علــى موضــوع اهلويــة الوطنيــة بكــل مــا أت

آنذاك.

فاملعركـــة الـــيت اخنرطـــت فيهـــا الســـينما اجلزائريـــة يف تلـــك اآلونـــة، ميكـــن اختصـــارها مـــن خـــالل ال اجلوهري الذي طرح على السينما اجلزائرية يف تلك البـدايات اإلشكالية املطروحة، و املتمثلة يف السؤ

doc.aljazerra.netسليم عقار، السينما و الثورة اجلزائرية، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

178

، هـــذا 1األوىل و املتمثـــل فيمـــا عـــرب عنـــه " عبـــد الغـــين مغـــريب بقولـــه :" كيـــف نـــتخلص مـــن املســـتعمر؟"املستعمر الذي ال يـزال جيـثم علـى خميلـة الشـعب اجلزائـري مـن خـالل اآلثـار النفسـية الـيت ال يـزال يعـاين

لإلجابة عـن هـذا التسـاؤل اجلـوهري، يقـدم عبـد الغـين حتلـيال االستقالل مباشرة . و الشعب عقب منهانقتــبس منــه هــذا املقطــع " فقــد شــاهدنا مــن خــالل األفــالم املعروضــة ســابقا، إىل أي درجــة يعــد هــذا ا، و لكن مـا ال نعرفـ ه االنشغال أساسيا و حيويا بالنسبة للشخصية اجلزائرية املسلوبة و الغري معرتف

الل يف ســينما املســتعمر أختــزل يف بطاقــة بريديــة، أو إىل ضــيــف تالشــى هــذا اجلزائــري بــاألمس، و هــو كدمـه يغطـي بثبـات روحـه، يف الوقـت الـذي كنـا ننتظـر فيـه األقـل يف سر امليم). ولكنه اآلن بلحمـه و بك(

العنصــر األساســي أفالمـه اخلاصــة، صـدقونا، فمــن خـالل هــذه الرؤيـا يتوجــب طـرح اإلشــكالية(...) إنـه الذي اختفى أمام الكثري من الناس الذين يعلنون غضبهم من املكانـة الـيت حيتلهـا موضـوع ثـورة التحريـر يف الســـينما اجلزائريـــة ، إذا مـــا اعرتفنـــا بـــأن الســـينما خاصـــة يف بلـــد مـــن العـــامل الثالـــث، حتـــرر مـــؤخرا، ال

.2تمع"حاضر يف اجمل -ميكنها إال أن تلعب دورا يف العالقة ماضي

ــذا الــنص حيــاول الكاتــب أن جييــب عــن ذلــك الســؤال املركــزي املطــروح أعــاله، و وفــق هــذا راحة عــن قضــية اهلويــة اجلزائريـــة التحليــل يســعى لتوضــيح اإلشــكالية، إن الكاتــب و إن مل يتحـــدث صــ

ـا، إال و أنـه يشـري إىل تصدي السينما ملهمة إعادة بناء هذه اهلويـة وجتريـدها مـن الشـوائب الـيت حلقـت ى أن هــذا االنشــغال أساســيا وحيويــا بالنســبة للشخصــية اجلزائريــة املســلوبة، و يف هــذا داللــة واضــحة علــ

يت صدرها املستعمر ( بكسر املـيم) قضية اهلوية املتضررة نتيجة الصورة الالعالقة ما بني هذا االنشغال و ة اليت يطرحها الكاتب إشكالية تصور، أي مـا واظب عليها لترتسخ يف نفسية اجلزائري، ألن اإلشكاليو

هـــي الصـــورة الـــيت ســـتتبناها الســـينما اجلزائريـــة لعـــرض صـــورة هـــذا الشـــعب يف مقابـــل تلـــك الصـــورة الـــيت كرستها السينما االستعمارية.

1 - abdelghani megharbi, le mimoir apprivoisé. Sociologie du cinema algerien, ENAL,Alger, 1985, P :108

2 - Op,abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Sociologie du cinema algerien, P :108

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

179

مــوع اإلنتــاج بــذلك ميكننــا أن نســتوعب قضــية احلجــم الــذي ختــتص بــه أفــالم الثــورة وســط جمإال أن منطلق هـذا الواقـع الـذي تصـدت لـه باعتبارهـا سـينما ملتزمـة ال يسـعها ، منالسينمائي اجلزائري

تتكفــل مبشــاكله، و بــذلك جنــد " الســينما اجلزائريــة مــن جهتهــا اهتمــت كثــريا تعــرب عــن هــذا اجملتمــع، و مبوضوع الثورة ال سيما يف السنوات الـيت عقبـت االسـتقالل، حيـث شـكل هـذا املوضـوع أهـم املضـامني

تناولتها سينما الدولة الفتيـة، لكـن مـن منظـار مغـاير و وفـق إيديولوجيـة خمتلفـة ركـز بالدرجـة األوىل اليت . 1الثورة"السعي إىل تقديس صورة اجملاهد و على ختليد املاضي اجمليد دون اخلوض يف تفاصيله، و

تحريــــر لقـــد وجـــدت الســــينما اجلزائريـــة مــــن خـــالل رجوعهـــا إىل تــــاريخ األمـــة ممــــثال يف ثـــورة الالذي أشرنا إليـه سـابقا فيمـا يتعلـق مع التحدي املطروح عليها، و كموضوع هلا، احلل املناسب للتعاطي

بالشخصية املسلوبة لألمة ولعل هذا االختيار ميثل املمر اآلمن ملعاجلة مثل هذه القضايا كما يشري إليـه عـن اهلويـة بـالرجوع إىل ماضـي د. حفناوي بعلي بقوله: "و يندرج سياق البحث عن الذات و البحث

ب من الغرب أو الشرق" .2هذه األمة وتارخيها و تراثها و العتزاز به بالرغم من كل الرياح اليت

ــا وفــق هــذا الطــرح جنــد هــذه الســينما قــد توجهــت للتــاريخ القريــب هلــذه األو مــة ممــثال يف ثورا ومتجيدها و وىل، إنتاجها، مع الرتكيـز علـى املرحلـة األمتجيد رموزها ، من خالل جممل مراحل للتغين

وية اجملتمع .و فيما يلي حناول أن نقدم مالمح هذه السينما يف مرحلتها األوىل ، وطبيعة ارتباطها

طبيعة تعاطي اإلنتاج السينمائي مع هوية المجتمع :

مالمح سينما المرحلة األولى : –أ

.، م س سليم عقار -1 .137، ص: 2002حفناوي بعلي، أربعون عاما على خشبة مسرح اهلواة اجلزائر، منشورات إحتاد الكتاب اجلزائريني،اجلزائر، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

180

ده يقســـم عمومـــا حبســــب الدراســـات إىل ثالثــــــة إن الـــدارس لإلنتـــاج الســــينمائي اجلزائـــري جيــــقـد جـاء إنتـاج قسيمه إىل ثالثة مراحل بقولـه:" و مراحل ، فها هو هاشم النحاس يتناول هذا اإلنتاج بت

طموحاتــه يف وم اإلنســان العــريب يف اجلزائــر و هــذه التجربــة علــى ثــالث موجــات، يعــرب كــل منهــا عــن مهــ .1مرحلة من مراحل تارخيه املعاصر"

ــا هاشــم النحــاس يف هــذا الــنص بقولــه أن هــذا اإلنتــاج الســينمائي ف هــذه الشــهادة الــيت يــديل عرب عن مهوم اإلنسان العريب يف اجلزائر، لتعبري صريح يؤهلنا للقول بـأن جممـل هـذه األفـالم قـد عـربت

بالسـينما، لكننـا ال عن اهلوية اجلزائرية، يف ضـوء مـا أشـرنا إليـه يف بدايـة املبحـث خبصـوص عالقـة اهلويـةنود أن نبقى على مستوى هذا التعميم، لنتـدرج قلـيال باجتـاه األفـالم الـيت تـدخل يف إطـار هـذا املبحـث

(أفـالم لكاتـب حتـت عنـوان: على وجـه التحديـد، و ألجـل ذلـك نطـرق املرحلـة األوىل الـيت يشـري إليهـا انتـــاج الســينمائي وفـــق التقســيم الثالثـــي هـــو أول قســم مـــن أقســام اإلاألوىل( وحـــرب التحريــر)، و املوجــة

ـا تلـك الـيت تتعلـق حبـرب التحريـر و مـا سـبقها مـن إرهاصـات أو الذي تبناه، و يصف هذه األفـالم بأ حلقها من آثار و يقسم أفالم هذه املوجة األوىل إىل:

أفالم عن إرهاصات الثورة.

أفالم حرب التحرير.

ها احلرب.األفالم املتعلقة باآلثار اليت تركت

.64، م س، ص:هاشم النحاس -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

181

مث ينتقل بنفس املنهجية إىل القسم الثاين من أقسام اإلنتاج السينمائي اجلزائـري حتـت عنـوان: تليهـــا املرحلـــة األخـــرية أو القســـم األخـــري وفـــق تقســـيمه حتـــت ثانيـــة( و التغيـــري االجتمـــاعي )، و املوجـــة ال

. 1مسمى املوجة الثالثة( و النضج السينمائي)

ملرحلة مـن البحـث، هـي جممـوع األفـالم الـيت تـدخل وفـق تقسـيمه حتـت إن ما يهمنا يف هذه امـــن ضـــمن هـــذه الباقـــة مـــن األفـــالم ســـنتناول منـــاذج مـــن وجـــة األوىل ( و حـــرب التحريـــر)، و عنـــوان امل

ا كذا أفالم من بني اجملموعة الثانية املعنوية ب" أفالم عن إرهاصات الثورة"، و اجملموعة األوىل اليت عنوهــي الفــرتة الــيت متثــل أحــداث حــرب التحريــر ومــا قبلهــا و ذلــك لتناوهلــا التحريــر" ، و بب" أفــالم حــر

ة الثالثـة مـن أفـالم هـذه املوجـة جانبا من تاريخ اجلزائر، دون أن نتطرق يف إطار هذا املبحـث للمجموعـا ب" األفالم املتو هـا هـذه األفـالم ، ألن األحـداث الـيت تناولتعلقة باآلثـار الـيت تركتهـا احلـرب"اليت عنوا

للشـعب اجلزائـري آنـذاك، اضـر بالنسبة لصناع السينمــا و تقع يف فرتة اجلزائر املستقلة، وهي متثل زمن احلاملتعلـــق ، و وعليـــه فهـــي ختـــرج عـــن احليـــز املوضـــوعايت الـــذي حـــددناه لألفـــالم املدرجـــة يف هـــذا املبحـــث

إن كانـــت بعـــض هـــذه األفـــالم خيـــرج عـــن باملوضـــوعات الـــيت تناولـــت جانبـــا مـــن تـــاريخ األمـــــة ، فحـــىت و املــدى الــزمين للمرحلــة األوىل ، إال أننــا ســنتطرق إليهــا باعتبارهــا تنــدرج حتــت نفــس املوضــوع املخصــص

. وغـري بعيـد طـابع تـارخييللدراسة يف هذا املبحث، و املتمثل يف األفالم اليت عاجلـت موضـوعات ذات حبسب وجهة ثيا ملراحل السينما اجلزائرية، و قسيما ثالعن النحاس جند أيضا رتب موسى احلاج، تتبىن ت

نظرها فإن هذه املراحل تتوزع كالتايل:

ا مرحلة األفالم اليت اختذت كم :1964-1971 -1" هذه وضوع هلا ثورة التحرير الوطين، و إسـبعة ) مـن جممـوع 14تعدادهم ال يقل عن أربعة عشـر (ناحية اإلحصائية األكثر أمهية، و األفالم من ال

. 1)"17عشر (

.74-46ص: م س،هاشم النحاس ، نظر : ي - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

182

، لتليهـــا املرحلـــة الثالثـــة و الـــيت 1975إىل 1972 مث تشـــري ( إىل املرحلـــة الثانيـــة بدايـــة مـــن .2بداية الثمانينات ) – 1976حتددها بالفرتة املمتدة من

إن املالحـــظ هلـــذين التقســـيمني الســـابقني جيـــدمها يتفقـــان حـــول هـــذا التوزيـــع الثالثـــي ملراحـــل ــا متثــل اإلنتــاج الســي نمائي اجلزائــري، كمــا يتفقــان علــى وجــه التحديــد حــول املرحلــة األوىل منــه، مــن أ

جممل اإلنتاج الذي تطرق ملوضوع الثورة بشكل عام، وهذا اإلنتاج الذي طرق هـذا املوضـوع يعـد علـى ا أشـرنا درجة كبرية من األمهية فيمـا خيـص موضـوع تعبـري السـينما اجلزائريـة عـن موضـوع اهلويـة ، ذلـك مـ

إليـــه ســـابقا و هـــو مـــا أكـــده النحـــاس بنـــوع مـــن التعمـــيم مـــن خـــالل إشـــارته إىل ارتبـــاط هـــذا اإلنتـــاج موم اإلنسان العريب يف اجلزائر . السينمائي

لنفسـها غايـة خـارج نطـاق التوعيـة وبذلك تتضح الصورة خبصوص هذه السينما اليت مل ترسم ا لنفســـها تعــرب بصــورة جليـــة عــن مـــدى هــذه الغايــات و األهـــتمـــع، و تبــين قضــايا اجملو داف الــيت حــدد

ارتبــاط هــذه الســينما بواقــع اجملتمــع، حبيــث جنــدها تــزعم حبســب اجللفــاوي أن جممــل القضــايا الــيت تبنتهــا كانت حتظى بأمهية ذات طابع وطين.

عنـه إن هذا السـلوك الـذي سـلكته السينمــا اجلزائريـة يف تلـك الفـرتات مـن تـاريخ تطورهـا يعـرب م غــــري مباشـــرة ، عــــن مصـــاحل النــــاس يولداشـــيف بقولـــه:" تعــــرب أنـــواع الفــــن املختلفـــة، بصــــورة مباشـــرة أ

إن ) و احلقـوق االقتصـادية(...والفئات والطبقات االجتماعية، األخالقية واجلمالية والدينيـة والسياسـية و هــي إمكانيــة اســتخدام جيــة، و ولــد وظيفــة الفــن األيديولو التعبــري يف الفــن عــن مصــاحل خمتلــف الطبقــات ي

3الفن يف النضال الطبقي من أجل حتقيق املصاحل اجلذرية للشعب"

1 -,Ratiba hadj-moussa ,Op cit, p :98 2 - Voir: Ibid , P :98

112ليكال يولداشيف، م س، ص: - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

183

ذا ميكننا أن نقول حبسب يولداشيف أن وظيفـة الفـن األيديولوجيـة تتجسـد جـراء اسـتخدام الفن لتحقيق املصاحل اجلذرية للشعب، وإذا كان ذلك صحيحا فيمكننـا أن نقـول بـأن الفـن السـينمائي يف اجلزائـــر قـــد لعـــب وظيفـــة أيديولوجيـــة مـــن خـــالل ســـعيه لتحقيـــق املصـــاحل اجلذريـــة للشـــعب باهتمامـــه

بالقضايا اليت حتظى بأمهية وطنية وترتبط مبصري األمة.

إن هـــذا الســـبيل الـــذي التمســـته الســـينما اجلزائريـــة يف التعبـــري عـــن القضـــايا العامـــة للمجتمـــع، موحدا اجتاه قضية أو أكثر من القضايا املعاجلة سـينمائيا، ومـا هـذا الشك أنه يبلور و يصوغ رأيا عاما

الـــرأي العـــام املوحـــد الـــذي ســـعت إىل بلورتـــه يف حالـــة جناحهـــا، (مـــا هـــو ) إال صـــورة مـــن صـــور توحـــد اجلماعة و اتفاقها حول هذه القضية، و بالتايل فهذه القضية اليت حتظى مبثل هذا اإلمجاع، تؤشـر علـى

اجلماعة و توافقها اجتاه هذه القضية، و ما إمجاع وتوحد اجلماعـة حـول قضـية حمـددة، إال متاسك هذه وجها من أوجه تشكل هذه اهلوية اجلمعية من خالل التوافق احلاصل.

فالســينما بســعيها لتحقيــق هــذا االنســجام االجتمــاعي و الفكــري مــن خــالل بلــورة رأي عــام ى الساحة، فهي يف ذات الوقت من حيـث تـدري أو ال تـدري تسـعى حمدد، اجتاه القضايا املطروحة عل

ردود أفعــال موحــدة هــا أفــراد اجلماعــة مبواقــف حمــددة و أيضــا لبلــورة هويــة وطنيــة حمــددة، حيــث حيظــى فياجتـاه تلــك القضــايا، و هــو نفــس الســلوك الــذي متليـه اهلويــة اجلماعيــة علــى أفــراد اجلماعــة، حينمــا عربنــا

األول مــن الفصــل األول بقولنـــا:( فاهلويــة تعــرب عــن مســات خاصــة جبماعـــة دون عــن ذلــك يف املبحــث بالتــايل ميكننــا أن نقــول بــأن و .1غريهــا ، وجممــوع الســلوكيات و ردود األفعــال الــيت متيــز أفــراد اجلماعــة)

نشغاهلا مبوضوع اهلوية ليس غريبا على السينما اجلزائرية.اموضوع اشتغال السينما و

األفالم الـيت تناولـت موضـوع الثـورة ، أو األفـالم الـيت متثـل القسـم األول حبسـب وبالرجوع إىل التقسيمات اليت أوردناها، جند موين براح يصرح بصددها قائال: "أما على مستوى األفالم اليت عاجلـت

69نظر البحث، ص: ي- 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

184

لكــن موضــوعات الثــورة التحريريــة، فــنلمس مقــاربتني خمتلفتــني، األوىل وصــفية، أمــا الثانيــة فهــي حتليليــة، . 1غايتها املشرتكة تتمثل يف إعادة بناء جمتمع متماسك على الشاشة"

صرحية فيما خيـص موضـوع حبثنـا، موين قد تكون له دالالت قوية و إن هذا النص الذي يوردهاحلقيقـة م الـيت عاجلـت موضـوعات الثـورة، و فنجده يشري إىل املقـاربتني األساسـيتني اللتـني تبنتهمـا األفـال

إمنـــا مـــا يعنينـــا هـــو خـــوامت هـــذه املقاربـــات، وأيهمـــا أعمـــق وأصـــح، و هـــذا املقـــام ال تعنينـــا طبيعـــةأننـــا يف ما املشرتكة تتمثل يف إعادة بناء جمتمع متماسك على الشاشة . فهذه الغاية اليت تسعى األمور، فغايا

ية بالنسبة لقضية اهلويـة إليها هذه األفالم اليت عاجلت موضوع الثورة ، تكون يف غاية األمهية واحلساس، يستدعي البحـث نظريـا عـن تمع املتماسك لعرضها على الشاشةاجلزائرية، فالبحث عن صورة هذا اجمل

القواسم املشرتكة ألفراد و مواطين هذا اجملتمـع و الرتكيـز عليهـا و تثمينهـا مـن أجـل إجيـاد خطـاب مقنـع مجاعــات، وتكراريــة هــذه العمليــة بشــكلها أفــرادا و يــال املتلقــنيللمتلقــي، يــدعم ويركــز هــذه الصــورة يف خم

ذا الشكل تـنعكس تلـك الصـورة الـيت رمستهـا املقنع يؤدي إىل ترسيخ قناعات بتماسك هذا اجملتمع، وا على أفراد اجملتمع، لرتسخ صورة التماسك االجتماعي. السينما عرب شاشا

فهــذا يــوحي بتوحــد اجلماعــة، )، إذا كــان الكاتــب قــد وظــف تعبــري ( التماســك االجتمــاعيو ـا، و هذه األخرية تعـد مـن مثـار تشـكل اهلويـة اجلماو بـذلك ميكننـا أن نقـول عيـة ومتسـك أفـراد اجلماعـة

ا الســينما اجلزائريــة لنفســها، خاصــة مــن خــالل أفــالم املرحلــة األوىل حبســب بــأن هــذه الغايــة الــيت حــددنعــرب عنــه بقولنــا أن األفــالم الــيت عاجلــت موضــوعات الثــورة التقســيم، تعــد التعبــري املكــافئ ملــا ميكــن أن

ــا ترمــي إىل دعــم وترســيخ ة، قــد حــددت لنفســها غايــة وحيــدة و التحريريــ إن اختلفــت املقاربــات، إال أاهلويـــة اجلزائريـــة، و هـــذا التوجـــه حبســـب اعتقادنـــا مل يـــرتك للعفويـــة واالرجتـــال حبســـب مـــا جتـــود بـــه قرحيـــة

كان ختطيطا موجها نابعا عن قـرارات سياسـية، ذلـك مـا يؤكـده عبـد الرمحـان اجللفـاوي الفنان، بقدر ما

1 - mouny berrah , la guerre-la terre- la vie quotidienne, cinema action - cinéma du Maghreb, printemps 1981, N 14, Papyrus Edition, 1981, P : 46

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

185

مســريي املؤسســة الســينماتوغرافية، و املعــرب عنــه املطالــب بــه، مبــا يف ذلــك مســئويل و بقولــه:" إن التوجــه . 1بشكل صريح هو من أجل سينما تربوية لصاحل الشعب، باملفهوم الواسع للكلمة"

رحلــة ذه اخلالصــة الــيت توصــلنا إليهــا بقولنـا أن الســينما اجلزائريــة مــن خــالل أفــالم امللتأكيـد هــو ، قـــد اشـــتغلت علـــى تناولـــت موضـــوع تـــاريخ األمـــة عمومـــا األفـــالم الـــيتاألوىل علـــى وجـــه اخلصـــوص ، و

دعـم اهلويـة الوطنيـة، فهـاهي رتـب احلـاج موسـى تشـري إىل ذلـك بقوهلـا:" لقـد صـممت يل وبلورة و تشكالتحــرر، بغــض األحــداث الــيت دفعــت إىل الكفــاح و لصــاد) الســينما لتكــون مبثابــة وســيلة لشــرح(بضــم ا

ـــــدف إىل اســـــتعادة التـــــاريخ واهلويـــــة النظـــــر عـــــن بعـــــض األفـــــالم اخلاصـــــة، إن هـــــذه األفـــــالم كانـــــت . 2اجلزائرية"

ـدف أوال إىل اسـتعادة ذا جند الكاتبة تعرب صراحة عن الغاية من هذه األفالم، اليت كانت ـــا و التـــاريخ، ألن األحـــداث الـــيت عايشـــها الشـــعب ا ـــا هـــي الـــيت جلزائـــري عـــرب تارخيـــه، بنجاحا إخفاقا

ـــه، و صـــنعت هـــذه الشخصـــية اجل ـــة بالشـــكل الـــذي هـــي علي ـــاريخ مقـــوم أساســـي يف زائري كـــذلك ألن التا مهمــة صــياغة تشــكيل اهلويــة اجلماعيــة للشــعب، لــذا ال ميكننــا أن نتصــور ســينما أخــذت علــى عاتقهــ

اهلويـــة اجلماعيـــة للشـــعب دون أن تأخـــذ تـــاريخ هـــذا الشـــعب بعـــني االعتبـــار، فاهلويـــة الـــيت ترمـــي هـــذه ـــا و تركيزهـــا، البـــد أن تتأســـس علـــى جممـــل العناصـــر الـــذي وقـــع حوهلـــا إمجـــاع أفـــراد الســـينما إىل بلور

ال املؤسسـة للهويـة الوطنيـة، و عناصـر الشعب ، سواء ما تعلـق باجلانـب اللغـوي ، الـديين أو غريهـا مـن ال تسري يف االجتاه املعاكس لتلك الثوابت . نتصور هلذه السينما اليت حددت لنفسها تلك الغاية أن

ــا ســينما ملتزمــة، لقــد تبــني مــن الشــواهد الســابقة، كمــا يبينــه أيضــا واقــع الســينما اجلزائريــة، بأضــايا و مشــاكل جمتمعهــا، و قــد حاولنــا دون أن أخــذت علــى عاتقهــا هــذا العــبء املتمثــل يف تبنيهــا لق

1 - Abderrahmane djelfaoui , le mimoir apprivoisé. Sociologie du cinema algerien, Op cit,P :51. 2- ratiba hadj- moussa , 0pcit, P:98.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

186

يــة اجلماعيــة للمجتمــع اجلزائــري، جنــزم بــالقول بــأن جنعــل هــذا االلتــزام شــكال مــن أشــكال االهتمــام باهلو قـــد اســـتنتجنا ذلـــك اســـتنتاجا مـــن بعـــض الشـــواهد القليلـــة، كمـــا ميكننـــا أن نـــدعم هـــذا االســـتنتاج مـــن و

خالل العناصر التالية :

وطنيـة احملليـة ميـدها خبصوصـيتها، جلزائرية سينما ملتزمة، و هذا االلتزام بالقضـايا الأن السينما امــن مث تســهم يف جلمعــي للمتلقــني و هــذه اخلصوصــية االجتماعيــة إن صــح التعبــري ترتســخ يف الالوعــي او

يـــة بلـــورة صـــورة عامـــة هلـــذا اجملتمـــع، و هـــذه األخـــرية قـــد متثـــل رافـــدا مـــن روافـــد تشـــكيل اهلويـــة اجلماع للمجتمع اجلزائري.

غــري أننــا نعــود فنقــول أن هــذا االلتــزام الــذي ملســناه علــى مســتوى الســينما اجلزائريــة يعــد رافــدا ائريـة مبفهومهـا الثقـايف الصـريح والواضـح، إىل باهتا وغري صريح عن تبين هذه السينما لقضـايا اهلويـة اجلز

.حتليل مناذج من هذا اإلنتاج السينمائيأن يتم فحص و

ثـــورة لـــيت اهتمـــت مبوضـــوع نضـــال ومقاومـــة و خاصـــة مـــن خـــالل األفـــالم اهـــذه الســـينما و تبـــني الشــعب اجلزائــري ضــد احملتــل ، قــد اهتمــت بتــاريخ األمــة ســواء تعلــق األمــر بالتــاريخ البعيــد أو القريــب

ـــا يعـــد ركنـــا أساســـيا يف اإلســـهام يف الـــذي مت الرتكيـــز عليـــه.فاهتمامها بتـــاريخ األمـــة و أجمادهـــا و إجنازا تشكيل اهلوية اجلماعية لألمة، باعتبار التاريخ أحد األسس املهمة يف بلورة هذه اهلوية.

املسـاحة مة ال جيب أن حيجب علينا الـوزن و إن احلديث عن تناول السينما اجلزائرية لتاريخ األا األفــالم الــيت عاجلــت أحــداث ثــورة التحريــر، كــذلك علينــا أن نضــع نصــب أ عيننــا أن هــذه الــيت أخــذ

األحــداث املقدمــة مل تكــن جمــردة، بــل كانــت حتمــل معهــا فكــر الثــورة التحرريــة مبــا فيــه مــن قــيم، كقيمــة التــآزر و غريهــا . مـــن هنــا جيــوز لنــا أن نقـــول أن وقيمــة التضـــحية والتضــامن و اجلهــاد لتحريــر األرض

يكــــون قــــد اشــــتغل بشــــكل عــــام رخييــــة، اإلنتــــاج الســــينمائي الــــذي أدرجنهــــا حتــــت مســــمى األفــــالم التاا هلــــذه القــــيم األخالقيــــة بــــدرجات متفاوتــــة علــــى قضــــية اهلويــــة اجلزائريــــة مــــن خــــالل بثهـــــا وتصــــديرهو

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

187

. فهـذه األفـالم ينـتج عنـه إال تركيـز هـذه املعـاين، ناهيك عن تكرارية املوضوع الشيء الـذي ال للملتقيو انتصــاراته يف وجــه عــدو غاشــم يف علــى اخــتالف قصصــها وأبطاهلــا تناولــت موضــوع بطولــة شــعب

معركـــة غـــري متكافئـــة ماديـــا، و مـــا كـــان هلـــذا االنتصـــار أن يكـــون لـــو ال تشـــبع هـــؤالء األبطـــال الـــذين م بعدالــــة قضــــيتهم . ميجــــدهم الفــــيلم مــــن الشــــهداء و اجملاهــــدين ، تشــــبعهم بقــــيمهم الروحيــــة وإميــــا

القــيم، و نقــول بتكراريــة املوضــوع يف الوقــت الــذي فتكراريــة هــذا املوضــوع ال يــؤدي إال إىل تركيــز هــذهـا بقولـه:" إن حـاالت التشـابه يذهب فيه عبد الغاين مغريب للتأكيد على تكرارية األحداث يف حـد ذا

حــىت األحــداث الــيت متيــز مســتوى اجلماليــات أو الشخصــيات، و العديــدة الــيت نعثــر عليهــا، ســواء علــى .1هذه األخرية"

كل أو بــآخر يف بــث هــذه ح الــذي مفــاده أن الســينما اجلزائريــة أســهمت بشــلــدعم هــذا الطــر و من خالهلا املسامهة يف بلورة اهلوية اجلزائرية، ما علينـا إال أن نعـود إىل رتـب حـاج موسـى حيـث القيم، و

تشـــري إىل ذلـــك بقوهلا:"ســـأنطلق من"أعلـــى"، يف هـــذه احلالـــة مـــن اخلطـــاب السياســـي يف حماولـــة ملعرفـــة د الــــيت حييــــل عليهــــا الغــــري املعلــــن الــــذي حيملــــه واملرجعيــــات الــــيت يوظفهـــــا عنــــدما يتحــــدث عــــن األبعــــا

.2رجل، فهذه املرجعيات تعود بشكل أساسي إىل حمددين: الدين و الشرف"-العالقـــات امرأة

الم الــيت تناولــت ــذا تؤكــد الكاتبــة علــى هــذه املرجعيــات الفكريــة الــيت تنطلــق منهــا هــذه األفـــــذه العالقـــات رجـــل لثـــورة، و أحـــداث ا أساســـي مـــن امـــرأة فهـــي تنطلـــق بشـــكل –خاصـــة فيمـــا ارتـــبط

المي عنــدما نتحــدث عــن املرجعيــة الدينيــة يف بلــد كــاجلزائر، فإننــا نقصــد الــدين اإلســاملرجعيــة الدينيــة، و ، بـل ردةك أننا ال نتحـدث عـن ديانـة جمـكذا دين غالبية الشعب، أضف إىل ذلباعتباره الديانة الرمسية و

ديانة إسالمية ارتبطت ببيئة مغربية فانطبعت خبصوصية مغربية كما هو موضح يف الفصـل السـابق، لـذا ــــة رجـــل ـــا –فعندمــــا نتحـــدث عـــن املرجعيـــة الدينيـــة الـــيت ضـــبطت هـــذه العالقـ إمـــرأة يف أفـــالم الثـــورة فإنن

1 -,abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. 0p cit, P :110 2 - ratiba hadj- moussa, Op cit,P : 25

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

188

و حمرمــات باإلضــافة إىل نتحــدث عــن ثقافــة دينيــة بكاملهــا، بشــقها الشــرعي مبــا يتضــمنه مــن مباحــات التقاليد اليت تضبط هذه العالقة والـيت يعتربهـا الكثـري جـزءا مـن الـدين ، باإلضـافة إىل الشـرف باعتبـاره أحد العناصر املهمة اليت تشكل اهلوية اجلزائرية على وجه اخلصوص و تطبعها خبصوصية حملية كما هـو

ذلـــك تشـــري الكاتبـــة أيضـــا إىل قضـــية اجلـــنس يف هـــذه موضـــح ســـابقا يف عنصـــر الذهنيـــة، باإلضـــافة إىل األفــالم الــيت تناولــت موضــوع الثــورة بقوهلــا :" ففــي هــذا اإلطــار كــل ميــل أو مطالبــة جنســية تعتــرب غــري

.1ضرورية و ضد ثورية"

إن هذه املالحظة األخرية تعترب حتصيل حاصل ملا أوردناه يف املقتبس السابق، فالقضـايا ذات امـرأة، –أو املطالبات اجلنسية على حد تعبري الكاتبة تكون يف صـميم العالقـات رجـل الطابع اجلنسي

و ما دامت هذه العالقـات بـاجلمع حيكمهـا التصـور الـديين و مبـدأ الشـرف مبفهومـه احمللـي، فـال بـد أن أن الكاتبـــة يـــتم التكـــتم عليهـــا و ال تثـــار إال يف الســـياق الـــذي ال يتعـــارض مـــع هـــاتني املـــرجعيتني. غـــري

إمنــــا ربطتهمــــا اجلنســــية بــــاملرجعتني الســــابقتني، و تشــــري إىل قضــــية حساســــة، فالكاتبــــة مل تــــربط القضــــية ــا تــرتبط باملرجعيــة الدينيــة باملرجعيــة الثوريــة، ذلــك مــا يــدفعنا إىل اســتنتاج أن املرجعيــة الثوريــة يف حــد ذا

ا ال تتعارض معها. بشكل عام أو على األقل أ

فالم اليت تناولـت موضـوع الثـورة ا اآلن أن نعمم هذا االستنتاج األخري بقولنا أن هذه األميكننالـداعي إىل اسي الذي تبنته السلطة آنـذاك، و اليت وظفت خطابا مشبعا بالقيم الثورية نظرا للنهج السيو

نظـــرا اعية والثقافيـــة، و زراعيـــة والصـــناســـتمرارية الثـــورة، انطالقـــا مـــن ثـــورة التحريـــر إىل الثـــورات الـــثالث الالرتبـاط هــذه الســينما بالسياســي كمــا هــو مشــار إليـه ســابقا، ميكننــا أن نقــول بــأن هــذه الســينما كانــت

ــا و تبــث مــن خــالل هــذه الشــرحية مــن األفــالم فكــرا ذو مرجعيــة ثوريــة إن مل ، وهــذه املرجعيــة يف حــد ذاــا مل تتعــا ــذا ميكننــا القــول أن هــذه األفــالم الــيت تتبــىن املرجعيــة الدينيــة كأســاس هلــا، إال أ رض معهــا.

1 -ratiba hadj- moussa, Op cit ,P : 26

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

189

ـا داعمــا لعناصــر اهلويــة اجلزائريـة و مل يتعــارض معهــا جبميــع مقومــات تناولـت موضــوع الثــورة كــان خطاا(هــذه العناصــر الــيت هــذه اهلويــة ســواء مــا تعلــق بتوظيــف اللغــة أو الــدين أو الثقافــة الشــعبية جبميــع ألوا

حتليل األفالم). سنشري إليها من خالل

على الرغم من هذا االستنتاج األخري إال أننا نشري إىل اجلوانب السلبيـة أو أوجـه التقصـري يف هـــذه األفـــالم، فهـــا هـــو عبـــد الرمحـــان اجللفـــاوي يشـــري إىل جانـــب منهـــا بقولـــه:" إن اشـــتغال الفـــيلم هـــو

مــن خــالل اخلطــاب اللفظــي بالشــكل الــذي يصــرح فيــه بكــل بســاطة و ســذاجة عــن الواقــع السياســي .1للبطل أو األبطال"

ذا جند الكاتب يصف خطاب هذه األفالم بالبسـيط و السـاذج، كمـا أنـه يشـري إىل ارتكـاز ال يكـــون ذلـــك إال علـــى حســـاب اللغـــات األخـــر الـــيت يوظفهـــا ذه األفـــالم علـــى اخلطـــاب اللفظـــي، و هـــ

تبارهـــا اللغـــة األكثـــر خصوصـــية للســـينما حبســــب الفـــيلم الســـينمائي و أمههـــا لغـــة الصـــورة املتحركــــة باعكريستيان ميتز، و غري بعيد عن هذا جند مصطفى لشرف يعاين جانبا آخر من جوانـب الضـعف الـيت أشــرنا إليهــا بقولــه: "رمبــا كنــت أصــر بشــكل مفــرط و مبــالغ فيــه علــى هــذا التوافــق مــع الواقــع، ألنــه يف

مـــع الريفـــي أو البـــدوي، الكثـــري مـــن التفاصـــيل قـــدمت أفضـــل األفـــالم اجلزائريـــة الـــيت خصصـــت للمجتــــل مــــن انســــجام العمــــل الفــــين و يعطــــي أحيانــــا االنطبــــاع بــــأن هــــؤالء الكتــــاب بكــــذب مفضــــوح، يقل

بعـدم ة و باألحرى لغة حملية مصـطنعة، و باستعماهلم ألزياء و ديكورات بازار، و مبد املمثلني بلغة املدين . 2كساكين مدن، يعتربون غرباء عن وطنهم"تصحيح ردود أفعال هؤالء املمثلني

أو املخرجني يبدو أن الكاتب من خالل هذا النص يصدر حكما قاسيا على هؤالء الكتابفـالم الـيت حاكـت اجملتمـع البـدوي مل يستدركوا هـذه األخطـاء الـيت بـدت علـى هـذه األالذين مل يعاجلوا و

1 - abderrahmane djelfaoui,un cinéma limité par le conformisme, Op cit,P :52 2 - Mustafa lacheraf,aujourd'huit depuis la libération, , cinema action - cinéma du Maghreb, printemps 1981, N 14, Papyrus Edition, 1981,P :40-41.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

190

بعــض العيـــوب الــيت بـــرزت، كاســتعماهلم للغـــة حاولــت أن تعــاجل مشـــاكله، غــري أن الكاتـــب يشــري إىلو الــذين عــربوا بــنفس أفعــاهلم و ردود أفعــاهلم كســاكنة البــدو بــل هــي لغــة ســاكنة املــدن، و بعيــدة عــن لغــة

مدن و اليت ال تتطابق مع سلوك البدوي، مـن هنـا يـرى الكاتـب بـأن هـؤالء الكتـاب أعطـوا اإلحسـاس م غربــاء ــذا فحــىت أفعــال و ردود أفعــال اليــد و عــن وطــنهم، رمبــا جلهلهــم تقا بــأ لبــدو أبنــاء وطــنهم، و

ـــا نقـــول بـــأن هـــذه املظـــاهر الـــيت و إن لـــن نســـاير الكاتـــب يف احلكـــم الـــذي أصـــدره علـــى هـــؤالء، إال أنن سجلها الكاتب نعتربها جانبا من جوانب الضعف الذي كان يكتنف هذه األفالم املقدمة.

تحليــل األفــــالم :

تطـــور الســـينما ، أن منثـــل لكــل مرحلـــة مـــن مراحــلالل حتليـــل بعـــض األفــالمخــســنحاول مـــن ، لنســـتثين املرحلـــة حلـــة الثانيـــة، أو املرحلـــة الثالثـــة، املر ، ســـواء مـــا تعلـــق باملرحلـــة األوىل اجلزائريـــة بنمـــاذج

الرابعة اليت غاب عن انتاجها السينمائي أفالم تناولت موضوعات ذات طابع تارخيي .

: األفيون و العصا.األوىل من خالل املرحلة أفالم

عنوان الفيلم : األفيون و العصا

إخراج: أمحد راشدي

سيناريو: أمحد راشدي عن رواية الكاتب مولود معمري (األفيون و العصا)

. 1969إنتاج: الديوان الوطين للتجارة و الصناعة السينماتوغرافية سنة

حتطـيم عناصـر اهلويـة اجلزائريـة، يف الوقـت الـذي ب و االستعمار الفرنسي جهوده لضـر لقد ركزتصــدت فيــه خنبــة هــذا الشــعب هلــذه احملــاوالت، مــن خــالل تفعيــل عناصــر اهلويــة الوطنيــة، إلذكــاء نــار املقاومـة الشــعبية ، و بـذلك ســعت هــذه األفـالم الســينمائية إلعـادة خلــق هــذه األجـواء الواقعيــة، حبيــث

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

191

العناصـــر الـــيت متثـــل قـــيم و ثقافــــة و قناعــــات هـــذا الشـــعب، عـــربت مضـــامني هـــذه األفـــالم عـــن تلـــك بالتايل كانت تعبريا عن هويتنا .و

مضـــامينها عـــن مقاومـــة يف عـــربت هـــذه األفـــالم الـــيت أدرجناهـــا حتـــت خانـــة األفـــالم التارخييـــة،املسرح الشعب اجلزائري لالستعمار سلبا و إجيابيا، و إذا كان خملوف بوكروح يصرح بصدد حديثه عن

اجلزائري قائال:" ارتبط املسرح اجلزائري على صعيد املضمون بالنضاالت اليت خاضها اإلنسان اجلزائـري ، فـذلك مـا ينطبـق أيضـا علـى اإلنتـاج السـينمائي 1من أجل إثبات هويتـه الثقافيـة و شخصـيته الوطنيـة"

ة مبا فيهـا األفـالم الـيت تناولـت الذي عنوناه باألفالم التارخيين بصدد دراسته يف هذا املبحث، و الذي حن موضوع الثورة .

إن نــــص خملــــوف بــــوكروح ال ينطبــــق فقــــط علــــى هــــذا اإلنتــــاج الســــينمائي ألنــــه تــــوخى نفــــس الغايات و األهداف اليت تبناها الفن املسرحي و مجيع الفنون آنذاك كما أوضحنا سابقا، و ألنـه أيضـا

قـد حتولـت بعـض املسـرحيات إىل أعمـال سـينمائية مثـل ل من مضامني هذه األعمال املسـرحية، بـل لفيلم أبناء القصبة لعبد احلليم رايـس، و الـذي هـو باألسـاس نصـا مسـرحيا ، أخـرج علـى خشـبة املسـرح

الوطين .

وبــذلك فــال شــك أن فــيلم "األفيــون و العصـــا" كبــاقي سلســلة األفــالم الــيت تناولــت موضـــوع ام، من حيث تفاعله مع أسـس الشخصـية الوطنيـة، و مـن ناحيـة الثورة، ال يشذ عن القاعدة بشكل ع

أخــرى فهــذه األفــالم ال تســعى لتقــدمي شخصــا حمــددا باعتبــاره البطــل املخلــص، قــدر مــا تســعى لعــرض ــا أفــالم ملحميــة تصــف ملحمــة شــعب خاضــها يف ســبيل بطولــة شــعب بكاملــه يقــاوم آلــة الــدمار. إ

لسياق يشري النحاس بقولـه : " و حيكـي فـيلم "األفيـون و العصـا" اسرتجـاع حريته وكرامته، و يف هذا ا

.57أحسن ثليالين،م س ، ص: -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

192

بطـــوالت أهـــايل قريـــة "تـــاال" اجلزائريـــة يف مقـــاومتهم لالســـتعمار الفرنســـي جنبـــا إىل جنـــب مـــع مناضـــلي . 1جبهة التحرير اجلزائرية"

قـــدم بطـــوالت أهـــايل قريـــة (تـــاال)، إن الكاتـــب مـــن خـــالل هـــذا الـــنص، يصـــف الفـــيلم بأنـــه يعل هو كذلك، ألن أهايل (تاال) هـم الـذين كـانوا يف مواجهـة عسـاكر املسـتعمر املسـتقرة يف القريـة بالفو

، فأثار الضـربات املوجعـة الـيت كـان يوجههـا اجملاهـدون لقـوات املسـتعمر، كانـت تـنعكس أثارهـا مباشـرة ية الـيت كانـت على سكان القرية، من خالل عمليات االستنطاق و التعذيب و جممل األعمال االنتقاما وحدات اجليش االستعماري يف حق سكان القرية واليت عرضتها مشاهد الفيلم. تقوم

وبـــالرجوع إىل فـــيلم "األفيـــون و العصـــا"، فـــإن مضـــامني مشـــاهده تناولـــت مجلـــة مـــن القضـــايا ـا و املرتبطة باهلوية اجلزائرية، اليت متس ا أهايل سكان قرية (تاال)، وما متسـكهم رصـهم عليهـا إال حك

شكال من أشكال التمسك خبيار املقاومة، وفيما يلي حناول أن نرصد بعض املشـاهد مـن هـذا الفـيلم، ا تفاعلت مع بعض القيم ذات الصلة باهلوية اجلزائرية . اليت نرى أ

قــد صــادفنا هــذه القيمــة يف جممــل نشــري إليهــا هــي قيمــة "التضــامن"، و إن أول قيمــة ميكننــا أن ، يف جممـــل يف نفـــس الوقـــت القيمـــة األخالقيـــةهلـــا ســـابقا، فانتشـــار هـــذه الســـمة و فـــالم الـــيت تعرضـــنااأل

الــيت تعــرب عــن إحــدى الســمات ائريــة و األعمــال الفنيــة لداللــة علــى جتــدر هــذه القيمــة يف الشخصــية اجلز عمــق تــاريخ األساســية هلــذه الشخصــية وهــذه اهلويــة، هــذه القيمــة األخالقيــة الــيت تضــرب جبــذورها يف

تصــادفنا يت متــت اإلشـــارة إليــه ســابقا، و هــذا الشــعب بالشــكل الــذي الحظــه العالمــة ابــن خلــدون و الــهذه القيمة يف هذا الفيلم من خالل تضامن أهايل القرية فيما بينهم بشكل عام، و كذلك مـن خـالل

كل مادي مباشر من خالل تسرت أهايل القرية على اجملاهدين، كما ميكننا أن نلمس ذلك التضامن بشد) حــــني يســــتقبل حــــارس الغابــــة 26ثــــا:35مشــــهدين علــــى األقــــل، يكــــون املشــــهد األول يف اللحظــــة (

.67ية، ص:س، اهلوية القومية يف السينما العربم س، هاشم النحا -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

193

د) مظهــر التضــامن مــع 53ثــا:32شخصــية الطبيــب باعتبــاره جماهــدا. كمــا يــربز املشــهد املوافــق للحظــة( الفرنســي املرافــق اجلنــديعلــي) اجملاهــد و أفــراد جــيش التحريــر، حيــث يصــطحب هــذا الشــيخ شخصــية (

له، ليـوفر هلما بعض الطعام و الراحة يف بيته .

الـــيت متســـك اجلزائـــري بثوابتـــه الدينيـــة و د) فيعـــرض مـــدى 58ثـــا:31أمـــا املشـــهد املوافـــق للحظـــة(تؤســـس لشخصـــيته و هويتـــه، فهـــا هـــو علـــي يف هـــذا املشـــهد يـــرفض عـــرض اجلنـــدي الفرنســـي مشـــاركته

بـالرغم عب واجلوع و أن ما عرض عليه هو حلم خنزير. فالربغم من الت الطعام، جملرد أن داخله الشك يفيفضــل اجلــوع علــى أن عجــل، إال أن (علــي) يــرفض بقــوة و مــن إحلــاح اجلنــدي الفرنســي علــى أنــه حلــم

يرتكب هذه املعصية.

إن موقـــف (علـــي) هـــذا، مـــا هـــو إال تعبـــريا عـــن مـــدى متســـك اجلزائـــري بدينـــه و بثوابتـــه مهمـــا ) فيعـرض علينـا سا01:د05ثا: 03الظروف و كيفما كانت الضغوط . أما املشهد املوافق للحظة(كانت

ـذه األشـجار إال شـكال متسك األهايل بأشجار الزيتون الذي قرر املستعمر اقتالعهـا، و مـا متسـكهم ذكرنـا، صـر اهلويـة كمـا سـبق و أنمن أشكال التمسك باألرض، هذه األرض اليت متثل عنصـرا مـن عنا

) حيــث خياطــب (الطيــب) ســا01د:09ثــا:11مباشــرة بعــد هــذا املشــهد، جنــد مشــهدا آخــر يف اللحظــة (و العميــل ســكان القريــة بلهجــة ملؤهــا الســخرية و االنتقــام قائال:"...مــا بقــا لكــم ال زيتــون، ال خبــز، ال

حياء...".

يـــاء، مبعـــىن أن ضـــياع إن الشخصـــية هنـــا تـــربط العالقـــة مـــا بـــني أشـــجار الزيتـــون و اخلبـــز و احلأشــجار الزيتــون الــيت كانــت متثــل مصــدر رزق األهــايل، ستتســبب يف ضــياع حيــائهم، هــذا احليــاء الــذي افتقده هو بتعامله مع املستعمر، وكأنه يقول بافتقادكم مصدر عيشكم ستفرطون يف حيائكم و ترمتون

املبحث الثاين مـن الفصـل األول (بأنـه يف أحضان املستعمر من أجل اخلبز، و احلياء كما أشرنا إليه يف

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

194

ــ ا متثــل عنصــرا مــن عناصــر مســة جوهريــة و أساســية يف الشخصــية اجلزائريــة ، و ال ميكنــه أن يســقطها أل .1 هويته)شخصيته و

ـا تعـرب عـن ضـياع األرض، ذا فشخصية الطيب عندما تعرب عن ضياع أشـجار الزيتـون فكأــــؤدي إىل ضــــو ــــيت ت ــــة ، فاألهــــايل هــــذه األخــــرية ال ــــذي هــــو يف ذات الوقــــت ضــــياع للهوي ــــاء، ال ياع احلي

هـــو يف نفـــس الوقـــت داللـــة مباشـــرة علـــى متســـكهم أشـــجار الزيتـــون يتمســـكون بأرضـــهم، و بتمســـكهم بـا الرببـر ويتهم. و يف نفس سياق املعـاين املرتبطـة باحليـاء، مـا أشـار إليـه ابـن خلـدون مـن مسـات متيـز

) ليجسـد لنـا هـذه القيمـة سـا10:د25:ثـا36لكبـري، يـأيت املشـهد املوافـق للحظـة (مثل رمحة املسكني وبر ا األخالقية املنغرسة يف الذات اجلزائرية .

فاملشـــهد يتعلـــق بفتحـــة خيـــرج منهـــا املعتتقلـــني بعـــد أن يصـــعدوا بعـــض العتبـــات، إال أن العتبـــة مبثابــة هــذه العتبــة و يطلــب مــن األوىل مكســرة ، فيســتغلها (الطيــب) العميــل ليضــع أحــد شــيوخ القريــة

يف ة الـــدرجات ، لكنهـــا تـــرفض ذلـــك، و إحـــدى بنـــات القريـــة أن تضـــع رجلهـــا علـــى ظهـــره لتصـــعد بقيـــذا الشيخ املسكني و بر به. ا من حياء ورمحة رفضها تبدو تلك القيم املتشبعة

املوافـــق للحظـــة ولـــن ينتهـــي الفـــيلم دون أن يـــذكرنا بـــبعض التقاليـــد العتيقـــة فهـــا هـــو املشـــهد .اجتماع يف املسجد لتدارس الوضع ) يعرض أمامنا إمام املسجد الذي يطالب بعقدسا01د:36ثا:31(

إن هذا املشهد حييلنا على ما لشخصية اإلمام من قوة و تأثري يف حميطها، ناجتة عـن سـلطتها حرتام الـذي يكنـه اجملتمـع هذه القضية تعرب عن مدى االو .تؤهلها لطلب اجتماع يف احلنيالروحية اليت

التقــديس للــدين باعتبــاره عنصــرا مــن مــن خاللــه، نشــري لــذلك االحــرتام و لرجــل الــدين بشــكل عــام، والــيت ا ميثــل إحــدى التقاليــد العتيقــة، و عناصــر اهلويــة ، و مــن ناحيــة أخــرى فــإن املشــهد يقــدم لنــا ســلوك

131نظر: البحث،ص:ي - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

195

ــذا يكــ ون مضــمون املشــهد قــد عــرب عــن عنصــرين جتعــل مــن املســجد مكانــا لتــدارس أمــور اجلماعــة . ميثالن ركيزتني مهمتني يف اهلوية اجلزائرية، الدين، و األسلوب الذي جاء عليه هذا االجتماع .

بــذلك يكــون الفــيلم قــد تفاعــل إجيابــا مــع هويــة اجملتمــع و مل يشــذ عــن املالمــح العامــة الــيت و ات ترتبميزت هذا الصنف من األفالم اليت تناولت موضوعا .ط بتاريخ األمة ونضاال

أفالم المرحلة الثانية من خالل : وقائع سنين الجمر:

تواصــل الســينما اجلزائريــة اهتمامهــا مبوضــوع الثــورة التحريريــة و القضــايا املرتبطــة بتــاريخ األمــة ثــر عمومــا يف مراحلهــا الالحقــة ، و إن تغــريت طبيعــة املعاجلــة عمــا كانــت عليــه يف الســابق ، لتصــبح أك

نضجا ، لكنها مل حتد عن الغاية األساسية اليت تبنتها هذه األفالم ، و الرامية إىل ترسـيخ صـورة جمتمـع متماسك، من خالل دعمها لعناهر هويته .

، ت املوضوع املدروس يف هذا املبحـثقد يكون حديثنا هذا يشمل جممل األفالم املنضوية حت. فقـد نعثـر ة (االسـتثناء الـذي يؤكـد القاعـدة)ليت تكـون مبثابـغري أننا نشري إىل بعض اإلستثناءات ، و ا

يف هذا الصنف من األفالم على مشاهد قد تطول أو تقصر، ال تنطبق عليها تلك املالمـح العامـة الـيتلكنهــا ال متثــل غالبيــة هــذا االنتــاج ، لــذلك ال جنــدها تــؤثر علــى بصــمت هــذا الصــنف مــن األفــالم ، و

به هذا الصنف من األفالم .الصورة العامة ملا اتسم

وملواصــلة حتليــل األفــالم ، نباشــر ذلــك مــع "وقــائع ســنني اجلمــر" الفــيلم اجلزائــري احلــائز علــى ، مـــن إنتـــاج الـــديوان الـــوطين للتجـــارة 1975الســـعفة الذهبيـــة يف مهرجـــان الـــدويل للفـــيلم "بكـــان" ســـنة

يق فارس مبساعدة رشيد بوجدرة.والصناعة السينمائية ، عن قصة يل : حممد األخضر محينة و توف

يقدم لنا حممد األخضر حامينة فيلمه وقائع سنني اجلمر على مدار ثالث ساعات حيـاول أن إىل غايـة 1939يرصد من خالهلا أحداث ترتبط بتاريخ اجلزائر، ليغطي بـذلك فـرتة زمنيـة متتـد مـن سـنة

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

196

إىل غايـة 1939غطي تاريخ اجلزائـر مـن سـنة كما تشري إليه وسيلة تامزاين بقوهلا: "لوحة تارخيية ت 1954، هذا الفيلم الذي حضر مبناسبة إحياء الذكرى العشرين للثورة اجلزائرية، حيتـل 1954الفاتح من نوفمرب

. 1مكانة مميزة وسط اإلنتاج اجلزائري أريد له أن يكون تكرميا متوهجا لتارخينا "

اإلمكانـــات الضـــخمة املاديـــة منهـــا والبشـــرية بالفعـــل فـــاملتتبع ملشـــاهد الفـــيلم يلمـــس هـــذه و لتؤهله ألن يكون فعال تكرميا متوهجا لتارخينـا، و مـا اجلـائزة الـيت حصـدها يف مهرجان(كـان) و الـيت مل

يتمكن منها أي فيلم عريب إىل غاية اآلن لدليل على أمهية هذا االجناز من ناحية التقنية واجلمالية .

ــدم للمشــاهد عو لــى شــكل لوحــات، لكــل منهــا عنوانــا خاصــا يظهــر علــى الشاشــة الفــيلم يق حبسب الرتتيب التايل : بعد ظهور العنوان األساسي للفيلم يف البداية :

)سا00د: 09: 04يظهر العنوان يف اللحظة ( -سنني الرماد -1 "

)سا01د:04: 15يظهر العنوان يف اللحظة (-سنني العربة -2

)سا01د:44: 29يف اللحظة ( يظهر العنوان -سنني اجلمر -3

)سا02د: 11: 09يظهر العنوان يف اللحظة ( -سنني اهلجمة -4

2 " سا)02د: 35: 15يظهر العنوان يف اللحظة ( –سنني النار -5

الفيلم عبــارة عــن هاشــم النحــاس يلخصــه لنــا بقولــه:"و و إذا حاولنــا تلخــيص الفــيلم فهــا هــو شعب اجلزائري من أجل األرض واالستقالل و الكرامة .ملحمة شعرية بالسينما، حيكي كفاح ال

1 - wassyla tamzali , en attendant omar gatlato, presse de l’ENAP, alger, 1979, P : 139

.1974الصناعة السينمائية، اجلزائر، جلمر ، الديوان الوطين للتجارة و حممد األخضر محينة، فيلم وقائع سنني ا - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

197

يبـــني كيـــف اختصـــرت عوامـــل الثـــورة تـــدرجييا مـــن خـــالل متابعتنـــا لقصـــة فـــالح شـــاب يبـــدأ و بالكفاح ضد جفاف األرض يف القرية اليت يستأثر املستعمر مبائها ملزارعه وينتقل إىل املدينة فال يكون

ناة تكشف عن ضغوط املستعمر و تنتهي به إىل االخنـراط أسعد حاال حيث يدخل يف سلسلة من معا . 1يف صفوف اجملاهدين مع بداية اندالع ثورة التحرير "

ــذا جنــد النحــاس ينظــر إىل الفــيلم علــى أنــه قصــة كفــاح، جســدها األخضــر محينــة مــن خــالل يســتقر بــه الوضــع بطلــه الفــالح الــذي اضــطره اجلفــاف لينــزح إىل املدينــة، حيــث تتواصــل معاناتــه إىل أن

بــني أحضــان املناضــلني الســاعني إىل بلــورة فكــرة املقاومــة املســلحة، و مــن ناحيــة أخــرى جنــد عبــد الغــين مغريب حياول أن يقدم لنا ملخصا للفيلم بتفاصيل أكثر قد ال يذكرها الفيلم .

ا املخرج ب" سـنني الرمـاد " جنـد عبـد الغـين م غـريب يقـول فإذا عدنا للوحة األوىل و اليت عنواحي املســـيلة نفـــس الـــدوار الواقـــع بنـــواتقـــدم لنـــا قســـمني مـــن نفـــس القبيلـــة و بصـــددها:" اللوحـــة األوىل

يف مواجهــــة دائمــــة بســــبب املــــاء، العنصــــر الرئيســــي و احليــــوي يف حيــــاة هــــؤالء مهــــا ذين لــــواحلضــــنة، وال لـذي يصـنع املآسـي إىل الرجال، هذا العنصر الذي تستحيل احلياة بدونه، خاصـة يف حيـاة الفـالح، و ا

احلد الذي جيرب الرجال على التخلي عن أراضيهم، لصاحل منفى قاس وغري مضمون، أو ميزق بعضهم ! البعض، مأزق رهيب

حـــول هـــذه النقطـــة املركزية،األخضـــر محينـــة ال يبـــدي أي حـــرج يف وصـــف بعـــض املمارســـات لــــدوار، خاصــــة تلــــك املتعلقــــة بالتضــــحية ) النافــــذة يف واقــــع اmagicoreligieusesالســــحرية الدينيــــة (

.2بالعجل، على أمل سقوط الغيث النافع و املنتظر باللهفة"

65هاشم النحاس، م س ، ص: - 1

2 -abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op cit, P: 97

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

198

إن مــا عــرب عنــه عبــد الغــين مغــريب خبصــوص هــذه اللوحــة، مــن أن املــاء عنصــر حيــوي بالنســبة يمــات للفــالح ، يكــون احملــور األساســي هلــذه اللوحــة، و قــد تكــون التيمــة الــيت طغــت علــى غريهــا مــن ت

الفــيلم الــيت تعــد فرعيــة بالنســبة هلــذه التيمــة األساســية الــيت ينطلــق منهــا الفــيلم يف هــذا املقطــع . فهــذه مخسـة عشـر ثانيـة مـن أصـل ثـالث ساسـية خصـها املخـرج مبـدة سـاعة وأربـع دقـائق و اللوحة املهمـة و األ

ساعات تتوزع على مخس لوحات.

املشــــاهد الــــيت وظفهــــا وىل ، و مــــا تضــــمنته خمتلــــف إن الرجــــوع إىل مضــــمون هــــذه اللوحــــة األ، رمبــا قــد ميــدنا بــبعض االســتنتاجات املتعلقــة بالكيفيــة الــيت يــتم التعامــل مــن خالهلــا مــع األخضــر محينــة

بعض العناصر املرتبطة باهلوية اجلزائرية املوظفة يف الفيلم.

قبيلــة واحــدة علــى امليــاه، فمــع بدايــة الفــيلم يعــرض علينــا األخضــر محينــة صــراع جممــوعتني مــن تنتهي هذه املناوشات القائمة بطلقة نارية تصيب أحدهم ، يتلمسه أخوه فيكتشف أنـه فـارق احليـاة . و كرد فعـل يقـرر مغـادرة املكـان، معلنـا بـأن"األرض الـيت مـات فيهـا أخـوه مـن أجـل قطـرة مـاء لـن يبقـى

.1فيها"

مـــن بيتـــه إىل اجلمـــوع الـــيت تنتظـــر قـــراره يف مث يواصـــل مـــن خـــالل املشـــهد املـــوايل حيـــث خيـــرج)، معلنا هلذه اجلموع بأنه ذاهب إىل فرنسـا، فيحـاول اجلمـع أن يثنيـه عـن عزمـه، دون 00:ثا46اللحظة(

طائــل، يذكرونــه بــبعض العناصــر الــيت يهتــز هلــا البــدوي، يذكرونــه بأرضــه، بأجــداده ، بــأوالده، دون أن إىل فرنسا . يكرتث لذلك ما دام قد قرر اهلجرة

، حيـث يطلـع رجـل علـى ذلك ينتقل املخرج إىل مشـهد آخـر وهـو تكـرار للسـابقمباشرة بعد يتكــرر أن تثنيــه عــن عزمــه دون فائــدة، و . حتــاول اجلماعــة 2اجلماعــة معلنــا انســحابه "خلــوين نقــاجي "

د).00ثا:40اللحظة:(م س، ألخضر محينة، حممد ا - 1 د).00ثا:46حممد األخضر محينة، م س، اللحظة:( -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

199

جــل علــى املشــهد للمــرة الثالثــة مــع شخصــية أخــرى بــنفس مواصــفات املشــهد األول ، حيــث خيــرج الر اجلماعة معلنا انسحابه من القرية بسبب الفقر و جفاف األرض اليت مل تعد تعط شيئا.

إن املتأمل لسلوك هذه الشخصيات اليت وظفها األخضـر محينـة يـدرك أن هـذا السـلوك الـذي ال يفـرط فيهـا مهمـا كـان الـثمن ، وحـىت سلكته يعد سـلوكا شـاذا بالنسـبة للبـدوي الـذي يعتـز بأرضـه و

إن كانــت اســتثناءات يف احليــاة الواقعيــة، فــال جيــوز لنــا أن جنعــل مــن االســتثناء القاعــدة الــيت جيــب أن و ــا . فاألخضــر محينــا هنــا جنــده جيعــل الشخصــيات الــثالث تصــر علــى االنفصــال عــن األرض، حيتــذى

هــا إال كمــا جعلهــا أيضــا تكفــر بكــل مــا هــو مقــدس بالنســبة هلــؤالء البــدو، فكــل شخصــية ختــرج مــن بيتــذه املقدسـات ( األرض، األجــداد، األوالد..) علهـا تثنيهــا عـن عزمهــا، لكــن والقتهـا اجلمــوع تـذكرها

تصر على رأيها.قط هذه املقدسات من حياة البدو و األخضر حامينا جعل شخصياته تس

ـــذا جنـــد أن فكـــرة التخلـــي عـــن األرض يؤكـــدها األخضـــر محينـــه مـــن خـــالل ثـــالث مشـــاهد واليــة، باإلضــافة إىل نفــس املشــهد الــذي ســيكرره البطــل بعــد حــني. إن هــذه الفكــرة الــيت ركــز عليهــا مت

األخضــر محينــة قــد ال تتناســب مــع الفــيلم الــذي حيــاول أن يظهــر مقاومــة هــذا الشــعب وميجــد تارخيــه النضايل.

هكتـــار ماليـــني 7مـــا يزيــد عـــن 1954يف هــذه القضـــية يشـــري عبـــد الغــين املغـــريب بقولـــه:" يف و لكـــن راضـــي يف معظمهـــا صـــاحلة للزراعـــة، و بقيـــت لـــديهم ( اجلزائريـــون)، حقيقـــة و إن مل تكـــن هـــذه األ

ــم حــافظوا عليهــا، مسحــت ( لــيس لإلقطــاعيني بطبيعــة احلــال) لــيس باحلفــاظ علــى يبقــى مــن حيــث أـــة مــنهم مــن طــرف جانــب كبــري مــن ثقــافتهم التقليديــة فحســب بــل األمــل باســرتجاع األراضــي املسلوبـ

. 1املستعمرين و"خدامهم من األهايل" حلفائهم، يف يوم ما."

1 - abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op cit, P: 143

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

200

هــي الصــورة اجلــديرة بــأن ترصــد ال كــربى ال يتنــازل عنهــا البــدوي، و ــذا فــاألرض قيمــة رمزيــةــا عنصــر أساســي يف تشــكيل هويــة اجلماعــة. كمــا ميكننــا أن نشــري العكــس، ألن األرض و التمســك

بالنســبة هلــذه العالقــات داخــل اجملتمــع البــدوي، فهــؤالء الشــباب إىل قضــية أخــرى، قــد تكــون حساســةمل يكفـروا دين بـل كـل أفـراد القبيلـة كـذلك، و الذين ثـاروا مـن أجـل وضـع مل يكونـوا فيـه املتضـررين الوحيـ

م يف وجه هذا اجلمع مـن أفـراد القبيلـة . ليكـون م قرارا ذا الواقع كحال أبطال األخضر محينا بإعالــا شــيخ القريــة الــذي ال يتخــذ قــرارا بدونــه و خــارج جملســه املخــرج بــذ لك قــد أســقط اهليبــة الــيت يتمتــع

املشكل عادة من مشايخ القبيلة ووجهائها، كما أسقط عنصر احلياء من هذه الشخصيات الـثالث . قولنــا إنــه " فكمــا الحظنــا يف الفصــل الســابق بــأن احليــاء مســة بــارزة يف الشخصــية اجلزائريــة و املغاربيــة، ب

منسـجما جتعـل سـلوكه الفـرديرة كـل مغـاريب إىل العـامل (...) و من خالل احلياء أو الشـرف تتحـدد نظـ . 1"متاما مع املطلب اجلماعي

من هنا ميكننا أن نقول بأن هذا املشهد املكرر من خالل أربع شخصـيات بـنفس األسـلوب، وطنية، بل على العكس من ذلـك متامـا فقـد اشـتغل مل يكن داعما أبدا ألي عنصر من عناصر اهلوية ال

على تكسري بعضها.

إن عنصــر احليــاء الــذي أســقطه املخــرج يف املشــاهد املــذكورة هــا حنــن جنــده يوظفــه يف مشــهد بـذلك بـرزت ات احلاضـرة وبـدرجات متفاوتـة، و ، حيث بدا احلياء على مجيـع الشخصـي2خطبة البنت

اجلزائرية يف تعاملها مع مثل هذه املوضوعات.على الشاشة مالمح خصوصية اهلوية

عنــدما يصــل إىل املدينــة ، و 1يــأيت بعــد ذلــك دور البطــل الــذي يقــرر أن يرحــل مثــل مــن ســبقهقاصدا " سي قدور" الذي نزح عن القبيلة باجتاه املدينة منذ فرتة، حيث كان البطـل يف حينهـا مـن بـني

59بن عبد اهللا حممد، م س، ص: - 1 .د)26ثا:04حممد األخضر محينة، م س، اللحظة( - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

201

. إن بطلنا أمحد عندما جيد سي قـدور يف وضـع أحسـن منـه، زمرة الرجال الذين حياولون إقناعه بالبقاء يســتنتج أن قــرار قــدور ومــن ســبقه كــان صــائبا، و هنــا نتســاءل عمــا يريــد املخــرج التعبــري عنــه ، هــل كــل

مــا و بقــي ، هــا هــو يقتنــع اآلن مــن خيــالف العــرف و التقاليــد يكــون قــراره صــائبا ، ألن مــن متســك كـــان علـــى خطـــئ، نتســـاءل إن كـــان املخـــرج يريـــد التعبـــري فعـــال عـــن هـــذه برحيلـــه يثبـــت أنـــهويرحـــل، و .!املعاين؟

ا و مع وصول البطل إىل بيت سي قدور تربز قيمة أخرى من خالل مجيع األفعال اليت يقوم والتــآزر، وهــي قيمــة مرتســخة يف الشخصــية أمحــد، حيــث تــربز قيمــة التضــامن ســي قــدور لصــاحل بطلنــا

السينما من خالل توظيفهـا و إبرازهـا هلـذه السـمة، فهـي تسـعى لرتكيزهـا أكثـر يف اجلزائرية ، و ها هي، جنــد أن 2خميــال امللتقــى والالوعــي اجلمعــي لألمــة، و مــع مشــهد عــراك البطــل مــع صــاحب العمــل

لـــة فيمـــا عربنـــا عنـــه يف الســـابق املتمثى مـــن مســـات الشخصـــية اجلزائريـــة، و املخـــرج قـــد وظـــف مســـة أخـــر أو " الشرف" . فرد فعل البطل قد تطابق مسات اهلوية اجلزائرية، اليت يثـور صـاحبها مبجـرد النيف" ب"

اإلحساس باإلهانة .

ـا صــاحبها بـــ:" ســنني الرمــاد"، ـذا نكــون قــد قمنــا مبسـح ســريع هلــذه اللوحــة األوىل الــيت عنوــا تــرتبط مــن ) متتبعــني بعــض العناصــر الــيت د90ثــا:40الــذي يظهــر علــى الشاشــة يف اللحظــة ( ارتأينــا أ

بعيد أو قريب بعناصر اهلوية اجلزائرية وكخالصة وجيزة، ميكننا القول بأن هذه اللوحـة األوىل مـن الفـيلم قــد مثــن مــن خالهلــا املخــرج بعــض القــيم، املرتبطــة باهلويــة اجلزائريــة كقيمــة التضــامن مــن التــآزر و قيمــة

ا نتســاءل عــن إهــدار بعــض القــيم الرمزيــة األخــرى، مثــل قيمــة الشــرف و النيــف بــاملفهوم اجلزائــري، لكننــاألرض بالنسبة للبدوي و الفالح و اليت ختل عنهـا أبطـال الفـيلم بـدون أسـف، كمـا نتسـاءل عـن قيمـة

.د)30ثا:13، اللحظة( نم - 1 .د)39ثا:20م ن ، اللحظة ( -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

202

النظـام التقيلـدي يف الـدوار، و ثقـل رأي اجلماعـة فيـه و حكمهــا علـى الفـرد و خضـوعه هلـا. فـإن متكــن بعض القيم فقد أمهل أخرى .املخرج فعال من تثمني

مـــع اللوحـــة الثانيـــة حيـــث يظهـــر عنـــوان هـــذا املقطـــع مـــن الفـــيلم" ســـنني العربـــة" يف اللحظـــة و ينــة الواقــع املــزري للجزائــريني ) و هــي اللوحــة الــيت صــور مــن خالهلــا حممــد األخضــر محس 01د:04ثــا:15(م نتيجة األمراض و األوبئة و نقص التغذية، و يف هو سـنني اإلطار يقـول عبـد الغـين مغـريب :" ذامعانا

ايـــة العربـــة" لوحـــة تســـلط الضـــوء بشـــكل فريـــد علـــى الوبـــاء املرعـــب حلمـــى التيفـــوس، الـــذي ســـبب يف .1احلرب العاملية الثانية عشرات اآلالف من املوتى يف صفوف اجلزائريني "

مكنتـه مــن إعــادة إن مشـاهد هــذه اللوحـة مــن الفــيلم تعكـس مــدى رهافــة حـس املخــرج، الــيتخلق املناخ الدراماتيكي و الظروف الصعبة اليت عاىن منهـا الشـعب اجلزائـري يف هـذه السـنوات، أمـا مـا ميكن أن نالحظه فيما خيص تلك العناصر املتعلقـة باهلويـة اجلزائريـة أو الشخصـية الوطنيـة، فإننـا نلمـس

ساس قوي من أسس اهلوية اجلزائرية، ففي املشهد هنا رجوع األخضر محينا إىل عنصر الدين، باعتباره أــا أحــد املعمــرين، و الــيت تســيل الــذي يطــل فيــه أبنــاء القريــة علــى الســد و وفــرة امليــاه بــه الــيت يســتأثر لعـــاب اجلماعـــة ، حيـــث يعلـــق أحـــدهم علـــى املشـــهد بقولــــه : "الـــدنيا هلـــم و اآلخـــرة لنـــا"، يوظـــف هنـــا

ال شخصــيات معقبــا علــى كــالم زميلــه:" و الفــيلم علــى لســان أحــد ال األخضــر محينــا أول آيــة قرآنيــة يف . 3ال تنس نصيبك من الدنيا"إلشارة إىل هذا اخلطأ فاألصح:" و ، مع ا 2تنس نصيبك يف هذه الدنيا"

رضـــه جـــاء توظيـــف هـــذه اآليـــة يف ســـياق شـــحذ اهلمـــم و عـــدم الرضـــا بـــاألمر الواقـــع الـــذي ف ا، فإن مل تكن اآلية حتريضا مباشرا على املقاومة، فعلـى األقـل بذلك وظفت توظيفا حتريضياملستعمر، و

1 -,Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op cit, P 98 .

سا01د:30ثا:35اللحظة:م س، خضر محينة، حممد األ - 2 .77قصص، اآلية :سورة ال - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

203

جندها من خالل السياق حتث اجلماعة على التسـاؤل حـول هـذا الواقـع املفـروض علـيهم، و املتمثـل يف م منهـا، بــذلك نلمـس أن األخضــر محينـه قــد ــذه امليـاه الــيت جيمعهـا يف الســد و حرمـا اسـتئثار املعمـر

ا إجيابيا، يتماشى و روحه العامة الرافضة للظلم و اهلوان.وظف الدين توظيف

إن هذا املشهد الذي يدوم على الشاشة ملدة أربعني دقيقـة، و الـذي يتضـمن أحـد األحـداث اهلامــة يف تــاريخ الشــعب اجلزائــري و يف تــاريخ احلركــة الوطنيــة، واملتمثــل يف اجملــازر الــيت ارتكبهــا املســتعمر

، و هــــــو العنــــــوان الــــــذي يظهــــــره املخــــــرج يف اللحظــــــة 1945الثــــــامن مــــــايو يف حــــــق هــــــذا الشــــــعب يف "، مل يعطيهــا املخــرج الثقــل الــالزم باعتبــار 1945مــايو 08)، بالشــكل التــايل " اجلزائــر س01د:43ثــا:13(

هـــــذه األحـــــداث قـــــد عمقـــــت اإلحســـــاس بالوطنيـــــة و ســـــامهت يف توحيـــــد رؤيـــــة الشـــــعب وإحساســـــه ذي أســس النبثــاق الــوعي السياســي الــوطين، وتعــد الفاجعــة الــيت تــردد باســتقالله عــن اآلخــر، الشــيء الــ

مــن أهــم األحــداث الــيت وحــدت ا، و صــداها يف القصــائد و القصــص لتخلــد يف وجــدان األمــة بكاملهــاألمة ضد اآلخر، و قد سامهت بشكل من األشـكال يف رسـم مالمـح هويـة الشـعب اجلزائـري باعتبـاره

اآلخر. غري أن حممد األخضر محينه مل يويل هـذه األحـداث العنايـة الكافيـة، مجاعة موحدة ختتلف عنفقــد خصــها بعــرض لقطــات تظهــر جثثــا مرميــة هنــا و هنــاك، صــورة بــدون أي تعليــق لفظــي مــع دخــان يتصاعد من أمكنة متعددة يف مدة ال تتجـاوز الدقيقـة الواحـدة، ويف هـذا يشـري مصـطفى لشـرف:" أمـا

، والـــيت كانـــت مبثابـــة مقدمـــة لتبلـــور الـــوعي الـــوطين ليـوجـــه ناحيـــة 1945الداميـــة ل خبصـــوص األحـــداث وسائل أخرى للنضال، فال نرى من تلك األحداث إال بعـض اإلشـارات الشـبه إحيائيـة. أمـا الفـاتح مـن

. 1نوفمرب املتوج هلذه الوقائع الطويلة، فقد عوجل كذلك بنفس االستحياء"

ــا مــع هــذا احلــدث املهــم، الــذي ال إن هــذه البســاطة الــيت جنــد حممــد األخضــر محينــه يتعامــل يزال حمفورا يف الالوعي اجلمعي لألمة، يكرره أيضا يف تعامله مع حدث اندالع ثورة التحرير يف الفاتح

1- mustafa lacheraf, du « voleur de bagdad » a « omar gatlato » 0p.Cit P :37

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

204

مــن نــوفمرب الــيت عوجلــت بســذاجة بالغــة، ومهــا احلــدثان اللــذان أســهما بقســط وافــر يف توحيــد الشــعب يف هــذا الســياق يعلــق عبــد الغــين مغــريب يــة اجلزائريــة يف مقابــل اآلخــر، و و تشــكيل مالمــح اهلو اجلزائــري

قــــائال:" البــــد أن نعــــرتف، بأنــــه مــــن الضــــروري معرفــــة تــــاريخ اجلزائــــر احملتلــــة، لنــــتمكن مــــن فهــــم بعــــض تـربط ويـة االستنتاجات من فيلم حممد األخضـر محينـه، ففـي الواقـع ال نعثـر يف الفـيلم علـى أي عالقـة ق

حىت بالنسبة ألحداث و وقائع هذه الفرتة احملددة . هذه اللوحات بعضها ببعض، و

غامضـة ، هــل مـرد هــذا لكـون املخــرج مل تكـن لــه لك الشخصـيات املوظفــة فهـي مبهمــة و كـذــــا الباحــــث، أم لرغبتـــه يف إرضــــاء النقــــاد الرغبـــة يف جعــــل رســـائله تتمتــــع بالدقــــة التارخييـــة الــــيت يتمتـــع

.1مكانة حمددة، وخاصة يف أوروبا"نب ، أو لرغبته يف حنت صورة ما و ألجاا

ـــذه العبـــارات يصـــف لنـــا الكاتـــب مضـــمون هـــذا الفـــيلم الـــذي أعـــد لتكـــرمي تـــاريخ الشـــعب اجلزائر كما أشرنا إليه سابقا، لكن هذا التعبري جـاء بصـورة ضـبابية شـبه غامضـة، فـال األحـداث املهمـة

و ال الشخصيات الفاعلة يف هذه امللحمة التارخيية مكننا من التعرف عليها. مت الرتكيز عليها

س) تظهــر عنــوان " ســنني اجلمــر" علــى 01د: 44ثــا: 23إن اللقطــة املوافقــة اللحظــة ( الشاشة معلنة بداية لوحة أخرى من لوحات الفيلم ، هـذه اللوحـة الـيت حـاول حممـد األخضـر محينـة أن

ا انعكاســـات جمـــازر الثـــامن مـــن مـــايو علـــى الشـــعب اجلزائـــري، و بدايـــة تبلـــور وعـــي يعـــرض مـــن خالهلـــسياســـي ، علـــى مســـتوى املناضـــلني مـــن خـــالل نشـــاطهم التوعـــوي يف أوســـاط الفئـــات الشـــعبية . لقـــد

هـو مـا يسـعى عبـد ة اليت كان ينظمها سي العريب . و جسد املخرج ذلك من خالل االجتماعات السري بقوله:" إن هذه اللوحة اليت استعارت عنوان العمل بكامله، كعنوان هلا، متحورت حـول الغين لتوضيحه

تكثيــف نشــاط احلركــة الوطنيــة، كمــا ميكننــا أن نالحــظ أيضــا تســييس الفالحــني الســابقني العائــدين مــن

1 - Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :99

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

205

املهجر بفرنسا، و كذا الغايات املرجوة من طرف قطاع عـريض مـن الشـعب، مـن خـالل احلـرب العامليـة . 1الثانية"

ميكننــا أن نشــري أيضــا إىل بعــض القــيم األخالقيــة الــيت تعــد مــن مالمــح اهلويــة اجلزائريــة و الــيت تتجــذر فينــا يف الوعــي املتلقــي لترتكــز أكثــر و وظفهــا املخــرج ، و بتوظيفــه هلــا فهــو يؤكــدها و يرســخها

ا، ومن ذلك نذكر املشهد الذي عر ض فيه املخـرج ذلـك التضـامن كقيمة أخالقية تبصم هويتنا و تلو، ويف 2و التــآزر الــذي أبدتــه اجملموعــة مــع شخصــية املناضــل ســي العــريب بعــد خروجــه مــن مركــز الشــرطة

هــذا يقــول مصــطفى األشــرف:" انطالقــا مــن هــذه التيمــات يف فــيلم وقــائع ســنني اجلمــر، أخــذت تظهــر أكثــــر تفــــاؤال، ســــواء علــــى أفكــــارا خبصــــوص نفــــس التضــــامن و القبــــول القــــائم دون انشــــقاق، وأحيانــــا

املســتوى األخالقــي أو السياســي، تضــامن علــى صــعيدين، صــعيد الفالحــني الفقــراء و األكثــر فقــرا مــن احلـــرفيني " املسيســـني" الـــذين يســـتقبلون ضـــا علـــى صـــعيد األعيـــان مـــن التجـــار و أيإىل املـــدن، و النـــازحني

ــذا يكــون املخــرج قــد 3للدعايــة" املناضــلني املوضــوعني حتــت اإلقامــة اجلربيــة، أو مــن هــم يف جولــة .عكــس واقعــا و يف نفــس الوقــت أكــد قيمــة أخالقيــة . كــذلك حييلنــا املخــرج مــرة أخــرى علــى العنصــر الــديين املتجــذر يف الشخصــية اجلزائريــة مــن خــالل االجتمــاع الــذي يعقــده ســي العــريب مــع أعضــاء هــذه

هــذه االفتتاحيــة يــوعز مــن اهللا الــرمحن الــرحيم". و ة " باســم اخلليــة الســرية، حيــث مت افتتــاح اجللســة بعبــار خالهلا املناضل سي العريب للحضور بأن هذا النشاط السياسي ال يتعـارض مـع الـدين، وقـد يكـون مـن صلب الدين، و بذلك يؤسس خلطابه قاعدة صـلبة السـتنادها علـى مقـوم أساسـي مـن مقومـات اهلويـة

مة أساســية مــن مســات الشخصــية اجلزائريــة علــى الشاشــة، اجلزائريــة، وهــي يف نفــس الوقــت انعكــاس لســذلـــك ألن تـــداخل السياســـي بالـــديين كانـــت مســـة لونـــت مجيـــع االنتفاضـــات الشـــعبية اجلزائريـــة املقاومـــة

لالستعمار الفرنسي عرب التاريخ.

1 -, Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :98 سا )02د :05ثا :10اللحظة (حممد األخضر محينة، م س، - 2

3- mustafa lacheraf, - Op.Cit ,P :37*

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

206

جاد هلذه السـمات يف السـينما اجلزائريـة، ال يـؤدي إال إىل تركيـز هـذه ظيف صادق و إن أي تو ســـمات و تأكيـــدها يف الشخصـــية الوطنيـــة و مـــن مث كســـمة مـــن مســـات اهلويـــة اجلزائريـــة، كمـــا نلمـــس ال

إشارة حمتشمة من طرف املخرج لرافد مهم يف شخصـيتنا و املتمثـل يف الثقافـة العربيـة مـن خـالل البيـت اة....) ، يـالشعري الذي يستشهد به املناضل سي العريب يف نفس االجتماع (إذا الشعب يومـا أراد احل

ــا حتوهـذه كلهــا إشـارات و ـا تفعــل فعلهـا يف املتلقــي مــن حيـث أ يلـه علــى مرجعيــات التفاتــات نعتقــد أينا قد تعامل معها ، غري أننا نتوقف هنا عند قضية خطرية نعتقد أن حممد األخضر مححمددة و تؤكدها

ينة" الذي بدا كالالزمة يف الفيلم، فكلما ، يتعلق األمر بشخصية "امليلود" أو "درويش املدبسلبية تامةحتــرك الفعــل نصــادفها إمــا معلقــة أو شــارحة للحــدث أو متنبئــة مبــا ســتؤول إليــه األحــداث علــى شــاكلة

الــيت مثــل مــن خالهلــا الضــمري مــد األخضــر محينــه، و الــدراويش، هــذه الشخصــية الــيت أداهــا يف الفــيلم حم ية.الشعيب و أيضا الثقافة الشعبية والشفو

ــا ظلــت طيلــة فــرتة االســتعمار اخلــزان األساســي الــذ ــا وآدا ي يغــذي إن الثقافــة الشــعبية بفنوالــزاد الــذي ال ينضــب يف مواجهــة ثقافــة غربيــة يســعى املســتعمر لنشــرها بــدءا مقومــات اهلويــة الوطنيــة، و

لرتاث و هذا الـزاد كـان مـن من اللغة الفرنسية إىل ما حتمله هذه اللغة من قيم غريبة عن اجملتمع، فهذا اأكثــر وقــورا خصــية أكثــر اتزانــا نفســيا وعقليــا و األجــدر حملمــد األخضــر محينــة أن جيســده مــن خــالل ش

وهيبة، تتناسب مع ما هلذا الرتاث من وقار و حكمة و هيبة . غري أنه على العكس مـن ذلـك جسـده ـا شخصـية الـدراويش، هي باحلكيمة ايف شخصية حتتل مكانة بني بني، ال هي باجملنونة و ال لرزينـة، إ

.املعىن الذي أراده األخضر محينه؟الدراويش قد ال يأخذ منهم العاقل، فهل هو و

ـذا الشـكل كانـت آنـذاك أقـرب مـا إن هذه الثقافة الشفوية اليت تعامل معهـا األخضـر محينـه الل حكايــات " الســرية اهلالليــة" كــان تكــون إىل الثقافــة األساســية بالنســبة للشــعب اجلزائــري، فمــن خــ

هذا الشعب يستعيد ثقته بنفسـه و أملـه يف اخلـالص، ومـن خـالل قصـائد امللحـون الـيت خلـدت معـارك

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

207

ــض يف هــذا الشــأن، كــان يســتمد قوتــه، مــن خــالل هــذه و مقاومــة األمــري عبــد القــادر و غــريه ممــن يف هذا يقول عبد و تبلورت الرؤى، و انشحذت اهلمم مايو 08القصائد اليت وصفت و شجبت جمازر

غــري ، مــن خــالل قنــوات متعــددة، رمسيــة و الغــين:" إن هــذا الــوعي املطــارد بــال رمحــة مــن طــرف املضــطهدوية ممثلـــة بوضـــوح بفضـــل احلكايـــات واألســـاطري إىل غايـــة رمسيـــة، جلـــأ( الـــوعي) إىل فضـــاء الثقافـــة الشـــف

عشــائريا ، نظــام ظــل يف جانبــه األكــرب أبويــا و ط األغــاين، كــل هــذا كــان يشــتغل بفعاليــة وســاألشــعار و .1مرتابطا بنشأته الدينية"

ـا تلـك الثقافـة الشـفوية، ذا يؤكد الكاتب على تلك الفعالية و الدينامية اليت كانت تتمتـع نظــرا النســداد قنــوات الثقافــة العاملــة إن (صــح التعبــري) يف وجــه غالبيــة أبنــاء الشــعب، ممــا فســح اجملــال

ل و التعبـري مــن خـالل هـذه الثقافــة الشـعبية الشـفوية، والــيت اسـتوعبت هـذا الــوعي حبسـب تعبــري للتواصــــا الرمسيـــة الكاتـــب، هـــذا الـــوعي املطـــارد بـــال رمحـــة علـــى مســـتوى هـــذه الثقافـــة العاملـــة مـــن خـــالل قنوا

ولـــه:" أمـــا كاجلرائـــد القوميـــة واجلمعيـــات األهليـــة و غريهـــا ، و يعلـــق عبـــد الغـــين حـــول هـــذه القضـــية بقبالنسبة للضمري الشعيب، فقد جتسد من خالل مغفل القرية(...) فإن كانت منذ البدء املرامـي اجلماليـة صــادقة و أصــلية بالقــدر الــذي يكــون فيــه التقليــد الشــعيب مــأخوذا بعــني االعتبــار، فــإن ضــمري كــل أمــة

.2جدير بأن ميثل بشكل أحسن من تلك السذاجة واهلزلية"

أن جتسيد هذا التقليد الشعيب من خالل هذه الشخصية الغري سوية، يكون مبثابة ذا نقول بري األمــة حبســب تعبــري الكاتــب، التقليــل مــن الثقــل الــذي متثلــه الثقافــة الشــعبية و الــيت حتيلنــا علــى ضــم

عليــه نقــول بــأن حممــد األخضــر محينــة قــد تعامــل بنــوع مــن الســلبية مــع هــذا العنصــر الــذي ميثــل أحــد و املقومــات األساســـية هلويـــة األمـــة، هـــذا علـــى املســـتوى العـــام هلـــذه الشخصـــية و داللتهـــا، أمـــا إذا رجعنـــا لألفعال اليت أوكلها كاتب السيناريو و املخرج هلا فيمكننا أن نسجل أحد األفعال اليت ميكن أن تكـون

1 -Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :143

2 -Ibid P :100

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

208

ذه الشخصـية، و الـذي هلا دالالت قوية . فالربغم من ذلك اخلطاب الطويـل و العـريض الـذي أوكـل هلـتراوح ما بني اخلطاب التوعوي و التحريضي وأحيانا االستفزازي لشحذ اهلمم للقيام بالوثبة الضرورية،

) يعــرض شــيئا مناقضــا ســا01د:49ثــا:40الــيت سنصــادفها مــع أول نــوفمرب، إال أن املشــهد املوافــق للحظــة(ن جبهـات القتـال ضـد النازيـة، ينـزع مـن لذلك اخلطاب متاما، حبيـث نشـاهد البطـل أمحـد الـذي عـاد مـ

على صدره ذلك الوسام املسلم إليه ملشاركته يف هـذه احلـرب إميانـا منـه بـأن ال قيمـة هلـذا الوسـام نتيجـة الضرب الذي تعرض له البطل من طرف العساكر يف اللقطة السابقة للمشهد، و هنـا و مبجـرد سـقوط

ط هذا الوسام من على األرض و يضعه على صدره دون أن هذا الوسام على األرض يقفز امليلود ليلتق) إىل غايـــــة ســـــا 01د: 49يـــــربر هـــــذا الفعـــــل، و يبقـــــى هـــــذا الوســـــام معلقـــــا علـــــى صـــــدره مـــــن اللحظـــــة (

) . سا02د:40اللحظة(

سيستشـــهد يف املشـــاهد الالحقــــة) إن هـــذا الوســـام الـــذي ســـلمته فرنســـا للبطـــل أمحد(الـــذيلى صدره ملا يزيد عـن اخلمسـني دقيقـة مـن مـدة الفـيلم املتبقيـة، و طيلـة هـذه رفضه له ، يبقيه امليلود عو

املدة يواصل خطابه التوعوي املناهض لالستعمار. و هنا نتساءل عن دالالت هـذا الفعـل الـذي وضـع فيــه حممــد األخضــر محينــا هــذا الوســام االســتعماري علــى صــدر ممثــل الضــمري الشــعيب؟ و كيــف متكــن

ة من اجلمع ما بـني ممثـل املقاومـة الشـعبية خبطابـه املعـاد لالسـتعمار ومـا بـني الوسـام حممد األخضر محين كرمز هلذا االستعمار من خالل شخصية واحدة ؟

ــا ال نســعى إلصــدار أحكــام بقــدر مــا نســعى إىل مناقشــة مضــامني بعــض املشــاهد بغــرض إنن ستقبل.تفجري بعض األسئلة اليت نأمل أن تتعاطى معها دراسات أخرى يف امل

). تبـدأ لوحــة جديـدة مــن خـالل العنــوان الـذي يعلــن عنهــا " ســا02د:11ثـا:09حبلـول اللحظــة(و ســنة اهلجمــة" . إن مــا يغلــب علــى هــذه اللوحــة هــو ذلــك املخــاض السياســي الــذي عاشــته اجلزائــر يف

ذي اعتمدتــه اطيــة"، و التوجــه الــأربعينيــات القــرن املاضــي بعــد تأســيس "حركــة انتصــار احلريــات والدميقر

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

209

القاضي بتبين النضال السـلمي و احلـوار يف مقابـل اجلنـاح الـرافض والـداعي إىل تبـين املقاومـة املسـلحة، و اصـة بتنشـيط احلملـة االنتخابيـة فقد حاول املخـرج أن جيسـد ذلـك كلـه مـن خـالل تلـك التجمعـات اخل

هـو مـا يشـري إليـه عبـد الغـين الشعب، و املناضلون لتوعية أفرادكذلك االجتماعات السرية اليت يعقدها و بقوله:" اللوحة الرابعة موسـومة ب(سـنة اهلجمـة) تـربز علـى وجـه اخلصـوص العـداء القـائم مـا بـني حممـد

) و ما بـني الطـاهر املعاقـب باإلقامـة اجلربيـة يف مدينـة مسـيلة، مؤيـد le MTLDمبعوث احلزب الوطين( .1فكرة النضال املسلح"

ا العــداء القــائم مــا بــني مناضــلني يف احلركــة الوطنيــة لكــل منهمــا رؤيتــه يشــري الكاتــب إىل هــذاخلاصـــة حـــول أســـلوب النضـــال املناســـب للمرحلـــة، و هـــو يف الواقـــع الطـــابع العـــام الـــذي صـــبغ جممـــل أحداث هذه اللوحة، غـري أن املتابعـة الدقيقـة ألحـداث هـذه اللوحـة تـربز غـري ذلـك، فـالربغم مـن ذلـك

ينشــب مــابني "ســي العــريب" الــذي يتبــىن أســلوب املقاومــة املســلحة، و مــا بــني ممثلــي اجلــدال الــذي كــان الذين ال يزالون يتشـبثون بـاحلوار كأسـلوب ) MTLDاحلزب الوطين(حركة انتصار احلريات الدميقراطية

مناســب للمرحلــة، مــن خــالل دخــوهلم معــرتك انتخابــات التمثيــل الــوطين، إال أننــا نالحــظ يف االجتمــاع خري الذي عقده املمثل الوطين للحـزب بشـكل سـري ، حضـور "العـريب" مبعيـة رفقائـه، و بـالرغم مـن األ

النقــاش الســاخن الــذي دار بينهمــا، و رفــض العــريب ألســلوب احلــوار مــع املســتعمر و الــدخول معــه يف الـــيت شـــرة و قـــت بعـــد اختتـــام االجتمـــاع مبااملعـــرتك السياســـي، إال أنـــه شـــارك معهـــم يف املســـرية الـــيت انطل

توجهـــت إىل حيـــث يـــنظم البـــاش أغـــا و حلفـــاء فرنســـا حبضـــور وتزكيـــة الســـلطات الفرنســـية جتمعـــا آخـــر وسط املدينة حلشـد الـدعم ملمـثلهم يف هـذه االنتخابـات، حبيـث فـور وصـول املسـرية إىل عـني املكـان مت

إطالق نار، أدى إىل استشهاد العريب على الفور.

1 - Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :99

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

210

ــ ى العــداء كمــا عــرب عنــه ك النقاشــات احلــادة، مل تــرق إىل مســتو ــذا ميكننــا أن نقــول بــأن تلإمنــا أرادهــا املخــرج أن تبقــى علــى مســتوى التعبــري الــدميقراطي عــن قناعــات كــل طــرف، مــع الكاتــب، و

القابليــة علــى التعــاون بالنســبة للقضــايا املتفــق عليهــا، بــذلك شــاهدنا العــريب الــرافض ألســلوب احلــزب نظمها ممثل احلزب بغاية إعالن رفضهم ترشح هذا العميل لالنتخابات.يشارك يف املسرية اليت

مـــن املقتـــبس الـــذي بـــذلك ميكننـــا أن نشـــري مـــرة أخـــرى إىل مـــا أشـــار إليـــه مصـــطفى لشـــرف و الذي يعرب فيه عن شكل من التضامن و القبول القائم بال انشقاق، سواء على مستوى أوردناه سابقا و

الكاتب يف حتليله هلذه اللوحة إىل قضية مهمة، تربز على مستوى هذا األخالقي أو السياسي . ويشري اسـتفاد مـن هـذا ب الـذي اخنـرط يف النضـال، و املشهد من الفيلم بقوله:"... يتحـدث عـن شـرحية الشـبا

. وبالفعـل 1التضامن، هذه الشرحية اليت خلفت سابقتها األكـرب سـنا و الـيت زج مبعظمهـا يف السـجون" ني الوافدين على املدينة، و اليت عرضتهم هذه اللوحة كانوا من بني فئة الشباب.فكل املناضل

باإلضافة إىل ما سبق ميكننا أن نسجل بعض التساؤالت حول مضامني بعض املشاهد، لقـد الحظنا فيما مضى كيف مر حممد األخضر محينا مـرور الكـرام يف أقـل مـن دقيقـة واحـدة علـى أحـداث

حني جنده يف هذه اللوحة يركز على جمزرة أخرى ليخصص هلا ما يقارب من مخـس ، يف 1945مايو 08دقــائق مــن العــرض املتواصــل، هــذه اجملــزرة الــيت كنــا قــد أشــرنا إليهــا بصــدد استشــهاد املناضــل العــريب فــور

اجملـزرة وصول املسرية إىل عني املكان . فإذا ما أردنا أن جنري مقارنة بسـيطة مـا بـني اجملـزرتني، نقـول أن ا أيادي فرنسية ببشاعة 08 ، يف حني جنده يعرض هـذه قد ترفع املخرج عن عرض تفاصيلهامايو نفذ

) بفـارق أن سـا02د:34ثـا:11/إىل/ غاية:سا 02د:29ثا:20اجملزرة احلاصلة يف اللحظة املوافقة ل(بداية من:للبــاش أغــا واملســلحني بســيوفهم، دون تــدخل اجملــزرة تنفــذها أيــاد جزائريــة، ممثلــني يف الفرســان املــرافقني

1 - mustafa lacheraf, Op.Cit, ,P :37

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

211

الســـلطات الفرنســـية الـــذي يبقـــى ممثليهـــا يتفرجـــان علـــى املشـــهد حبياديـــة تامـــة، كمـــا يعرضـــهما املخـــرج صامتني و بدون تعابري وجه واضحة و كأن األمر ال يعنيهم.

يو مــا 08مــن هنــا نتســاءل ملــاذا أحجــم حممــد األخضــر محينــة عــن عــرض بشــاعة جمــازر ، تعـــد 1945 مـــايو 08، يف الوقـــت الـــذي أســـهب يف عـــرض هـــذا املشـــهد، بـــالرغم مـــن أن أمهيـــة 1945

كمحـرك أساســي علـى املســتوى الـدرامي ســواء للشخصــيات أو لألحـداث الــيت تلتهـا. و عليــه نتســاءل لـو حـىت و وطنية؟ هل ملثـل هـذا املشـهدأيضا عن أمهية املشهد الذي صور هذه اجملزرة، بالنسبة للهوية ال

أثبتته الوقائع التارخيية أن يدعم أسس الوحدة الوطنية؟

نلمــــــــــــس كــــــــــــذلك قضــــــــــــية أخــــــــــــرى يف هــــــــــــذه اللوحــــــــــــة املواليــــــــــــة و الــــــــــــيت تبــــــــــــدأ حبــــــــــــدود ــار)، فهــذه اللوحــة الــيت اســتوقفتنا فيهــا تلــك 02د:35ثــا:15اللحظــة( ــا (ســنني الن ســا) بارتســام عنوا

أن أشـرنا دث الفـاتح مـن نـوفمرب، وإن سـبق و تمثلـة يف حـالقضية اليت صورها حممـد األخضـر محينـا و املإىل أنــه مل يركــز علــى أحــداث الفــاتح نــوفمرب، فقــد عرضــها مبــا فيهــا لقطــات الفــالش بــاك الــيت تصــف أحــداث الليلــة الــيت ســبقتها مــن خــالل إعــالم الطفــل بكيفيــة استشــهاد أبيــه، كــل ذلــك عــرض يف مــدة

صد لنا مراسيم تكرمي اجلنود الفرنسيني الذين سقطوا يف هـذه الفـرتة، ثالث دقائق، لينتقل إىل املدينة لري من خالل عزف النشيد الوطين الفرنسي و رفع العلم.

وهنــا نتســاءل أيضــا عــن هــذا الكيــل مبكيــالني، فلمــاذا خيصــص هــذا املشــهد الــذي عرضــه يف يل فرنسـا الـوطن حبسـب ذلك اجلو من اهليبة و الوقار الذي تسـتحقه تلـك األرواح الـيت سـقطت يف سـب

اخلطاب الذي وظفـه ، يف الوقـت الـذي مل يكلـف نفسـه أن يعـرض مشـهد قـراءة الفاحتـة بشـكل رمـزي على أرواح هؤالء الذين سقطوا من اجلانب اآلخر يف سبيل اجلزائر الوطن.

مـن هنـا نقــول بـأن حممــد خلضـر حامينــا يف فيلمـه هـذا مل يســلك بفيلمـه ســلوك جممـل األفــالم 08تناولـت موضـوع الثـورة و الـيت ركـزت علـى متجيـد هـذه الثـورة ورموزهـا، فهـا هـو يعـاجل أحـداث اليت

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

212

أيضــا موعــد انــدالع ثــورة التحريــر مبــن ســقطوا فيهــا مــن الشــهداء ، دون أن يضــع وســاما و 1945 مــايو رمزيا على أرواح هؤالء الشهداء.

الحظـات العامـة كغيـاب املـرأة ميكننا أن نسـتخلص أيضـا إثـر مشـاهدتنا هلـذا الفـيلم بعـض املمتاما، فما وجودها إال كديكور ملأل الفضاء، فالربغم من توظيـف أربـع شخصـيات نسـائية علـى األقـل، إال أنـــــه مل يوكـــــل ألي مـــــنهن "فعـــــال مـــــا " تقـــــوم بـــــه، عـــــدا ذلـــــك املشـــــهد البســـــيط الـــــذي تـــــتلفظ فيـــــه

الث خلطبــة البنــت بــالرغم مــن أن إيديولوجيــة املمثلــة(كلثوم) يف دور عمــة البطــل أمحــد، جبملتــني أو ثــثــورة التحريــر كســرت مجيــع احلــواجز لتســاوية مــا بــني الرجــل و املــرأة يف جمــال النضــال . إضــافة إىل ذلــك فــال نســجل أي حضــور للبــدو خــارج إحــدى الصــورتني، إمــا واقفــني وجهــا لوجــه متــوثبني لالنقضــاض

ممـــددين يف شـــبه نـــوم أو جالســـني يف انتظـــار أن متطـــر علـــى بعضـــهم الـــبعض مـــن أجـــل قطـــرة املـــاء، أوأمـا علـى مسـتوى العمـل النضـايل والثـوري، هـم حيصـدون،، ماعدا مشهدا واحـدا عرضـهم فيـه و السماء

أســـهموا ا فـــاتورة غاليـــة يف هـــذا املضـــمار و هـــو كمـــا يبـــدو أنـــه حمـــور الفـــيلم، فهـــؤالء البـــدو الـــذين دفعـــو و غيبهم الفيلم متاما، و ذلك ما يشـري إليـه عبـد الغـين مغـريب بقولـه:" ال إسهاما مهما يف هذه الثورة فقد

نعثـــر علـــى وجـــود للبـــدوي اجلزائـــري ال بصـــيغة صـــرحية و ال بصـــيغة ضـــمنية، إال مـــن خـــالل صـــنف مـــن . 1األبطال، يقوم بكل شيء دفعة واحدة، بدون أي عمق بسيكولوجي حقيقي"

ل االســتثناء الــذي يؤكــد القاعــدة العامــة ملــا بــذلك قــد تكــون بعــض مشــاهد هــذا الفــيلم متثــو ا التحريرية . درجت عليه األفالم اليت تناولت موضوع تاريخ األمة و ثور

أفالم المرحلة الثالثة من خالل :

فيلم بني هنـــــــدل : - 1

1 - abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op cit, P :100

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

213

فــــيلم ســــينمائي، عــــن قصــــة جلــــياليل ســــاري، اقتبسه(الســــيناريو) مصــــطفى غــــرييب بــــين هنــــدلالصــناعة الســينمائية ســنة إنتــاج الــديوان القــومي للتجــارة و ، مــن بــاح، أخرجــه األمــني مربــاحمــني مر واأل

1976.

حيــاول حممــد عبيــدو أن يلخــص لنــا قصــة هــذا الفــيلم بقولــه:" أخــرج األمــني مربــاح فيلمــه "بــين ع : قريــة بـــين هنــدل يـــتم نـــزع أمــالك الفالحـــني بطــرق االســـتغالل البشــعة، ممـــا يـــدف 1976 هنــدل" عـــام

م، يضــطر الــبعض إىل بيـــع أرض األجــداد مث يزحفــون علـــى بــالكثري إىل اهلجــرة خــارج وطـــنهم، و مــد، أو ماســــح العــيش، فمــنهم مـن جيــد عمــال كشــيالاملدينـة، حيــث يعشــون حيــاة جديــدة حبثـا عــن لقمــة

إطــالق أحذيــة، أو حــداد، أو يف أعمــال وضــيعة لــدى القــوادين و الســاقطات، يقــرر ابــن القريــة حممــد . 1النريان على املستعمرين الذين كانوا حيتفلون بزواج بني عائلتني"

ــذا امللخــص املختصــر جــدا يســعى حممــد عبيــدو لرســم اخلطــوط العريضــة هلــذا الفــيلم، الــذي وأثقــل كاهلهــا بالغرامــات، ليعــود رها هــذه القبيلــة بعــد أن اضــطهدت تنطلــق أحداثــه بالرحلـــة الــيت تباشــ

من خالل لقطات اسرتجاعية شارحا وموضحا الظروف احلقيقية اليت دفعتهم إىل هذا الفيلم بعد ذلك القرار.

ــا هــذا الفــيلم، و يشــري عبــد الغــين مغــريب إىل خاصــي هــو مــا يؤهلــه ألن يكــون ة مهمــة يتســم أقرب إىل الوثيقة التارخيية من خالل حمافظة الكاتب على أكرب قدر ممكن بالنسبة لفيلم سينمائي علىاألحداث التارخيية و الواقعية كما هي دون برت أو تضخيم و يف هـذا يقـول:" مل تتغـري احلقـائق كثـريا يف

ليليـــة و واضـــحة علـــى عمليـــات ســـلب فـــيلم بـــين هنـــدل، ألن هـــذا الفـــيلم املطـــول بـــرهن لنـــا بصـــيغة حت اقتالع اجملتمع التقليدي من جذوره: يف الربع األخري من القرن التاسع عشر.و

.www.ahewar.orgحممد عبيدو، السينما يف اجلزائر - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

214

حتطــيم القاعــدة املاديــة كانــت املســبب األول و املباشــر للتفســخ الثقــايف،إن الفــيلم يظهرهــا إن .1بطريقة تعليمية، فمن ثقافة مؤسسة و متكاملة نعرب إىل نظام ثقايف يتفتت"

ـا الفـيلم، يف حماولـة منـه ليوثـق ذا النص يؤكد لنا الكاتب على الصيغة التوثيقية الـيت اتسـم يف نفس الوقت يشري بنظرة مرحلة من مراحل تارخييه. و إلمكان، واقعا عاشه الشعب اجلزائري يفقدر ا

حتليلية ملا اقرتحه علينا مضمون هـذا الفـيلم، و الـذي يـرى الكاتـب أنـه مضـمون ثقـايف بالدرجـة األوىل، مـن خاللـه الثقـايف و هلـا اهلجـوم علـى النظـام فهو شاهدا على الكيفيات و امليكانيزمـات الـيت مت مـن خال

علـــى هويـــة األمـــة اجلزائريـــة املمثلـــة يف طبقـــة الفالحـــني . و يـــربط الكاتـــب القاعـــدة االقتصـــادية بالنظـــام ال ميكــن فهــم مقولــة البنيــة املاركســي حيــث يقــول الزهــراين:" و الثقــايف بالشــكل الــذي نلمســه يف املــنهج

ــــا عنــــد مــــاركس، فالــــدين و قالفوقيــــة و البنيــــة التحتيــــة عنــــد جاكبســــون مبعــــزل عــــن امل لسياســــة اولــــة ذا . 2االجتماعية)ية التحتية) للقوى االقتصادية و الثقافة(البنية الفوقية) ال ميكن دراستها مبعزل عن (البنو

الـــروابط القائمـــة مـــا بـــني البنيـــة الفوقيـــة للمجتمـــع جنـــد الكاتـــب يقـــيم نفـــس العالقـــات و ـــذامـا بـني ما يشمل البنيـة الفوقيـة مـن جهـة و كل ه و قوانينو معتقداته و ة يف ثقافته و دينهاجلزائري و املتمثل

صـوص، أي يف جانبـه االقتصـادي. البنية التحتية هلذا اجملتمع و املتمثلة يف وسائل اإلنتاج على وجه اخلطـرأ إذا كان الكاتب يشـري إىل هـذه العالقـة اجلدليـة القائمـة مـا بـني البنيتـني، فهـذا يعـين أن أي تغيـري يو

أن يؤثر على البنية الفوقية.التحتية البد و على البنية

مــن هنــا كانــت مأســاة هــذه القبيلــة الــيت ضــربت بنيتهــا التحتيــة املتمثلــة يف ســلب أراضــيها الــيت كانـــت متثـــل عـــرب قـــرون مصـــدر رزقهـــا األساســـي، و حتـــدد طبيعـــة عالقـــات العمـــل و تســـهم بشـــكل أو

بآخر يف إفراز بنية فوقية.

1 - abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :139

www. Uqu.edu.saنهج ، د.صلح بن سعيد الزهراين، العقل املستعار: حبث يف إشكالية امل - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

215

ا التحليــل الــذي يتبنــاه الكاتــب مــا هــو إال حماولــة ســحب أحــداث الفــيلم علــى الواقــع، إن هــذفالتحليل يف حد ذاته يتعلق بأحداث الفيلم، لكن الكاتب حياول أن يقدمه على أنه الواقع ذاته الـذي

ع الفيلميـة عاشه قطاع واسع من الشعب اجلزائري يف فرتات من تارخييه ، مستندا يف ذلك إىل أن الوقائن املخـرج كـان قريبـا مـن الواقــع مل تتغـري كثـريا عمـا هـو يف الواقـع، ولعـل الكاتـب حمقــا يف ذلـك باعتبـار أ

من األحداث التارخيية، و أمينا يف نقلها إىل الشاشة بالقدر الـذي يسـمح ببنـاء درامـا سـينمائية، كـون و أكادمييــة حبســب مــا تشــري إليــه الكاتبــة الســيناريو أساســا يقــوم علــى قاعــدة نظريــة منبثقــة مــن أطروحــة

وســــــــيلة تــــــــامزايل قائلــــــــة:"إن هــــــــذا الفــــــــيلم هــــــــو اقتبــــــــاس مــــــــن رســــــــالة أكادمييــــــــة ل:د.ســــــــاري "جتــــــــرد إلنتاجهـــا ســـينمائيا ، كـــان الغـــرض مـــن ذلـــك وضـــع يف dépossession des fellahs) (laالفالحـــني"

.1قلة من املثقفني" متناول اجلمهور العريض عمل نظري، والذي كان من قبل يف متناول

ذا ميكننا أن نلمس بأن املخرج مل ينطلـق يف بنـاء أحـداث هـذه القصـة مـن اخليـال البحـث، أحـــداث واقعيـــة وثقتهـــا أطروحـــة أكادمييـــة. و يصـــرح املخـــرج مـــا كـــان مســـلحا مبعطيـــات تارخييـــة و بقـــدر

عجبـــا جـــدا بـــذالك خبصـــوص فيلمـــه قـــائال:"أردت أن أقـــدم مـــن خـــالل الصـــور مفـــاهيم نظريـــة، كنـــت م، الـــذي راودتـــه يف يـــوم مـــا فكـــرة نقـــل "كتـــاب الـــرأس املـــال "لكـــارل املشـــروع الغـــري مكتمـــل ألزنســـتان

. 2ماركس إىل الشاشة (...) أما وجهة نظري فكانت بتحدي اإلقطاع "

قد جيعلنا التصريح الذي أدىل به املخرج ، نتبني منطلقات املخـرج و غاياتـه، حبيـث مل يسـعى ء عــدا أن يــرتجم هــذه املفــاهيم النظريــة إىل صــور، إليصــال هــذه األفكــار إىل شــرائح أوســع مــن إىل شــي

اجلماهري.

1 -Wassyla tamzali ,Op.Cit,P :84

- . أحد أهم املخرجني و املنظرين الروس يف جمال السينما

2 - abederrahmane djelfaoui, Op.Cit,P :51

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

216

األحــــداث ميكننــــا اآلن أن نقــــول بــــأن مشــــاهد الفــــيلم كانــــت قريبــــة بدرجــــة كبــــرية نســــبيا مــــنـــــة، و ـــــة لتوضـــــيح و فضـــــح تلـــــك األســـــاوالوقـــــائع التارخيي ة ليب التعســـــفيأن الفـــــيلم جـــــاء بصـــــيغة تعليميم ، و يف هــذا يؤكــد عبــد الغــين مغــريب بقولــه: "أراد املخــرج متعمــدا حماصــرة التيمارســها املعمــرون و أعــوا

-1900أدق التفاصــــيل، يف فــــرتة حتصــــي حــــوايل ثالثــــني عامــــا(بــــليــــة مصــــادرة الفالحــــني اجلزائــــريني عم1873"(1 .

تلــك التفاصــيل كيــز إلظهــار ــذا التصــريح الــذي يؤكــد فيــه الكاتــب حــرص املخــرج علــى الرت ــا تلــك اجلرميــة املعقــدة و املمنهجــة ضــد الشــعب اجلزائــريالدقيقــة لســلبه أرضــه ومــن مث ، الــيت نفــذت

وبالتايل ميكننا أن نقول بأن هذا الفـيلم اعتمـد األسـلوب ضرب هويته وشخصيته كما أوضحنا سابقا، ب مل يكـــن متاحــا لغــريه مـــن (الديــداكتيكي) أو التعليمــي لفضـــح هــذه املالبســات. ولعـــل هــذا األســلو

املخرجني لوال سعة إطالعه و متكنه من اجلوانب السوسيولوجية هلذه الظاهرة اليت تناوهلا الفيلم.

ويف هذا يوضح لنا اجللفاوي بعض مزايا املخرج بقوله : " كما أن املخرج(...) ال خيفـي البتـة كـــــون الســـــينمائي مـــــتمكن مـــــن املظـــــاهر نوايـــــاه يف أن يكـــــون دقيقـــــا للغايـــــة يف وصـــــفه، باإلضـــــافة إىل

السوسيولوجية الدقيقة للظاهرة، و هذا الذي أدى إىل نظرة سياسية مرتبطة باجملتمع.

: التعريــف بالواقعــة كمـا نــرى، فـإن الكاتــب منـذ البدايــة حـدد ثــالث غايـات يف حتليلــه و هـيو .2الواقعة االجتماعية و أخريا الواقعة السياسية"التارخيية، و

ا مــا انتقلنــا إىل مضــمون الفــيلم فإننــا نشــري بدايــة إىل بعــض املآخــذ الــيت تأخــذ علــى الفــيلم إذو فها هـي وسـيلة متـزايل تصـرح بقوهلـا:" إن يف "بـين هنـدل" إىل جانـب جمتمـع املعمـرين لـدينا جمموعـة مـن

ضائل.الشخصيات ذات اخلطوط السوداء، و يف اجلانب األخر الفالحون الذين يستأثرون بكل الف

1 -Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :100 2 - Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :101

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

217

الشر، ال دئني رئيسيني و متضادين، اخلري و إن هذه النزعة القائمة على تقسيم اجملتمع وفق مب . 1نرجعها إىل ضعف يف السيناريو أو يف اإلخراج ، لألسف فهي واقعة متواصلة يف سينمانا"

تلــوح الكاتبــة عــرب هــذه اإلشــارة إىل الضــعف الفــين الــذي اكتنــف الفــيلم، مــن خــالل إحلــاقصـــفات مطلقـــة للشخصـــيات املوظفـــة، و كـــأن اخلـــري و الشـــر ال يلتقيـــان يف الـــنفس البشـــرية ، غـــري أننـــا جنـــدها تعمـــم هـــذا احلكـــم، و ال جتعلـــه ضـــعف خيـــتص بـــه هـــذا الفـــيلم، بـــل هـــي مســـة عامـــة يف الســـينما

اجلزائرية على حد قوهلا.

اهد الفـــيلم، ال بـــأس أن نقـــدم قبـــل أن نتطـــرق إىل بعـــض التفاصـــيل النابعـــة مـــن متابعتنـــا ملشـــو اليت ميثل لم، و تلخيصا ألهم أجزاء الفيلم . و يف هذا يقول عبد الغين املغريب عن املقطع األول من الفي

افتتاحيـة تؤســس للســياق العـام للفــيلم بــأن:" املقطــع األول يفتـتح بتقــدمي قبيلــة بـين هنــدل (الــيت أعطــت ا للصـيغة أو بـاألخرى للملصـق بالل غـة الوطنيـة) و الـيت حبسـب "منطـق التحليـل" السـتعادة صـيغة عنوا

القصــة، فهنــا لســنا املؤلــف، ســتلعب(القبيلة) دور"البطــل" األساســي يف الفــيلم. و بكلمــة واحــدة بطــل . 2لكن جمموعة رجال و نساء"بصدد الفرد، و

او ـا قببالفعل فاللقطات األوىل من الفيلم تفتتح بعرض هذه اجلموع البشرية يف مسري يلـة ، إــبــين هنــدل برجاهلــا ونســائها و حبســب تعبــري الكاتــب ا يف رحلتهــا حبثــا عــن مــالذ آمــن، و أطفاهلــا و دوا

فهذه االفتتاحية تعلن عن األسلوب امللحمي للفيلم ، و بذلك يقدم لنا البطل احلقيقـي يف هـذا الفـيلم ـــا القبيلـــة بكاملهـــا. ويقـــول الكاتـــب:" و يف مقابـــل هـــذه القب يلـــة الـــيت ســـتتواجه حتمـــا، نالحـــظ يف إ

الطــرف اآلخــر، املعمــرين، إىل جانــب اإلقطــاع، فــاألول ممثــل يف اإلدارة االســتعمارية أكثــر منــه يف جتمــع

1 - Wassyla tamzali, Op.Cit,P :84 2 - Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :10

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

218

املعمـــرين و بعـــض اإلطـــارات الـــيت وصـــلت لتوهـــا مـــن األلـــزاس ولـــوين، أمـــا اإلقطـــاع فقـــد جتســـد بشـــكل . 1لباش أغا املهتم بإنتاجه اإلقطاعي"رئيسي يف القايد اجلشع و املتسلط و يف شخصية ا

ــذا تكتمــل أطــراف القصــة، فــإىل جانــب أفــراد القبيلــة الــيت متثــل ذاك البطــل الرتاجيــدي، جنــد غـري الرمسيـة علـى أفـراد يت تضغط بكل الوسائل الرمسية و البطل املضاد الذي متثله اإلدارة االستعمارية القـــات و الســـجن بســـبب و بـــدون ســـبب، يف ذلـــك املالحالقبيلـــة لتجريـــدهم مـــن أراضـــيهم، مســـتعملة

ــا املتمثلــة يف جتريــد والغرامــات يف زمــن اجلفــاف و الفقــر، إىل جانــب تســخريها للعدالــة كآلــة لبلــوغ غاياأفــراد القبيلــة مــن أراضــيهم ، لتضــعها بــني أيــدي هــؤالء املعمــرين ، الــذين يســاندون ويــدعمون هــذه

علـى املزيـد ، مث يـأيت دور الطـرف األخـري و املتمثـل يف أعـوان هـذه اإلدارة و يضغطون عليها للحصـول اإلدارة مــن اجلزائــريني و الــذين اصــطلح الكاتــب علــى تســميتهم( باإلقطــاع ) املمثــل يف شخصــية البــاش آغا و الذي غيبته األحداث، فلم يتدخل إال يف عملية متابعة حصاد حماصيل أراضيه، لتبقى شخصية

تسـعى بكـل مـا أوتيـت مـن قـوة لتجسـيد بة باش أغا، تضـغط علـى األهـايل. و نيل رتالقايد الطموح إىل رغبات أسياده.

بـــذلك يصـــف الكاتـــب أقطـــاب هـــذا الصـــراع بقولـــه:" لـــدينا اآلن ثـــالث جمموعـــات حاضـــرة، ا و مصدر غذائها بشـكل إحداها معزولة بالكامل و تعيش حالة فوضى كاملة، منذ أن هدرت قاعد

ــذا تتحــرك هــذه الثالثيــة 2ا الطرفــــان الباقيــان فهــم املعمــرون و "األهــايل خــدامهم"ال يقــاوم ، أمــ .لرتسم أحداث الفيلم وفق هذا الوضع الغري متكافئ ، فالقطب األول يتحالف فيه املعمـرين املـدعومني

ة حتـــاول أن بـــاإلدارة االســـتعمارية باإلضـــافة إىل اخلـــدمات الـــيت يقـــدمها اإلقطـــاع، لتبقـــى القبيلـــة معزولـــتتشــبث باحليــاة خاصــة بعــد أن حرمــت مــن مصــدر رزقهــا األساســي، الشــيء الــذي أثــر علــى أســلوب

ا و جعلهـا تواجـه م التمـزق ، " ففقـدان أراضـيهم دفـع معظمهـم صـريها احملتـوم القاضـي بالتشـرذم و حيا

1 Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit,P :101 2 - Ibid. P :101

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

219

ـــا ببؤســـهم و أوهـــامهم، ا لقلـــة القليلـــة تـــنجح إمـــا للعمـــل مقابـــل أجـــر زهيـــد، أو للنـــزوح للمدينـــة حييطو . 1كحرفيني، أما الكتلة األكثر فتكتفي بالتسول "

ن ذلـــك هـــو املصـــري احملـــتم ـــذه الصـــورة الـــيت وصـــفها الكاتـــب تـــؤول أحـــداث الفـــيلم و يكـــو اياتــه بــأن أفــراد القبيلــة اضــطروا للنــزوح إىل املدينــة حبثــا عــن للقبيلــة ، حبيــث تفصــح أحــداث الفــيلم يف

كن املدينة مل تستوعبهم مجيعا، حبيث متكن عيسى و زميـل لـه مـن احلصـول علـى شـغل لقمة العيش، ليف ورشــيت احلــدادة وصــبغ الصــوف، يف حــني اشــتغل رجــل آخــر مــن أبنــاء القبيلــة وظيفــة مقيتــة لنفســه،

ـــه يف املشـــهد نـــة لـــيعلن عـــن اجتماعـــات احلـــاكم، تتمثـــل يف "الـــرباح" ، فنجـــده جيـــوب أحيـــاء املدي ولكن) ينــاجي نفســه قــائال "واش راك حتكــي يــا خلضــر، راك عــارف خطــاب ســا01د:08ثــا:33للحظــة( املوافــق

خريفــات. يــا اللــي مسعكــم بــاخلري خلضــر راه فيــه حــىت فايــدة، كــذب و املــري مــا عنــدو حــىت معــىن، و مــا يكــذب علــيكم". و لكــن علــى الــرغم مــن عــدم إميانــه بوظيفتــه اجلديــدة هــذه، إال أنــه جمــرب علــى تــوفري

العيش لعائلته، فحني يشتغل آخرون كحمالني أو شيالني مقابل أجر زهيد أيضا. لقمة

هــذه هــي النهايــة الــيت يــؤول إليهــا احملظــوظني مــن أبنــاء القبيلــة الــذين اســتوعبتهم املدينــة، أمــا باقي أفراد القبيلة ممن ال حظ هلم يف احلصـول علـى وظيفـة فقـد قـرروا مواصـلة املسـرية لوجهـة أخـرى قـد

كون أرحم بالنسبة هلم .ت

برجوعنا إىل أحداث الفيلم و ما تفصح عنـه مضـامني مشـاهده فإنـه ميكننـا أن نسـجل بعـض االفتتـاحي الـيت 2التعابري اليت تتضمنها هذه املشاهد و تفصح عنها شخصيات القصة، فبداية باملشـهد

ام، لــنلمس هــذا االهتمــام يعقــب اجلرينيــك مباشــرة حيــث جيتمــع رجــال القبيلــة لــيال داخــل إحــدى اخليــ

1 Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :101

الصناعة مرباح،الديوان القومي للتجارة و األمني مرباح،بين هندل،قصة:جياليل خالص ساري،سيناريو:مصطفى غرييب و األمني -2 د) .03ثا:02، اللحظة(1976ئر، سنةالسينمائية، اجلزا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

220

م، و ن طــرف هــؤالء الرجــال والشــباب، و بصــحة الشــيخ مــ ــة الشــيخ يف حيــا يف ذلــك داللــة علــى أمهيالـربط يف ا يكـون هـو صـاحب احلـل و على التقدير الذي حيظى به كشخصية حمورية يف القبيلة، فعادة مـ

ا الداخليــــة ـــــا الشــــيخ يف إشــــارةو اخلارجيــــة، و صــــاحب املشــــورة ، و شــــؤو هلــــذه املكانــــة الــــيت حيظــــى ــم القبيلــة وأفرادهــا جنــد عبــد الغــين يشــري بقولــه:"... باعتبــاره صــاحب الــرأي األخــري يف القضــايا الــيت

يف الواقــع جنــد املســتوطن قــد االحــرتام، الــذي تكســر وقـــوض، و إضــافة إىل التسلســل اهلرمــي القــائم علــى .1حل حمل شيخ القبيلة..."

ـا شـيخ القبيلـة، مـا املكانة الـيت احتلهـا املسـتوطن و إن هذه الـيت كـان يف السـابق خيـتص كانــت أن تكــون لــوال تــواطئ اآللتــني العســكرية و اإلداريــة مبــا فيهــا االقتصــادية لرتكيــع املــواطن اجلزائــري

الذي كان إىل حني، و بذلك فهذه الصورة تعرب عن شكل من أشكال القمع االستعماري، يف الوقتذه السلطة القائمـة علـى االحـرتام طوعـا مـن طـرف أفـراد القبيلـة كمـا يعـرب عنـه حيظى فيه شيخ القبيلة

هـو يف الواقــع ى وجــه اخلصـوص و الكاتـب، أمـا الكاتبـة (بــداك شـاحبة) متحدثـة عــن اجملتمـع القبـائلي علـتمــــــع القبــــــائلي جملــــــس عــــــام منــــــوذج للقبيلــــــة اجلزائريــــــة آنــــــذاك بوجــــــه عــــــام، فتقــــــول: "يــــــدير شــــــؤون اجمل

وضــع القــوانني املنظمــة للجماعــة هــي تســهر علــىت) يعــني مــن طــرف أعضــاء اجملتمــع و يســمى(تامجعحــدود األراضــي و يطغــى علــى العالقــات الــيت تــربط ني العــائالت، كــالطالق والــزواج و حيــل املشــاكل بــو ، اإلداريــة واملدنيــة) ، تتســابق كــل املؤسســات القبائليــة ( السياســيةفــراد للعمــل اجلمــاعي والتعــاون و األ

إعطائهــا أكــرب قــدر التضــامن بــني أعضــاء نفــس اجلماعــة و مــن أجــل هــدف واحــد هــو إثبــات و تطــوير ا هذا اجمللس الـذي يـدير شـؤون و مصـاحل القبيلـة، 2ممكن من القوة" ذا نلمس األمهية اليت حيظى .

ذي يستمد أمهيته بالنسبة ألفـراد القبيلـة مـن أمهيـة و لعل هلذا اجمللس رئيسا، يكون شيخا للقبيلة ، و ال اجمللس يف حد ذاته.

1 - Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P : 140 .

29بداك شاحبة، م س ، ص: -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

221

توضـــيحا هلـــذه األمهيـــة جنـــد صـــاحل بلعيـــد يعـــدد املواصـــفات الـــيت جيـــب أن تتـــوفر يف العضـــو و .1التضحية) -النباهة -العفة -الكفاف -الغىن -التعقل -املتمثلة يف (كرب السنا اجمللس و املنتمي هلذ

املنتمــي هلــذا اجمللــس جيــب أن تتــوفر فيــه الســمات الــيت جتعــل منــه شخصــية فــإذا كــان العضــو بارزة و أحد وجهاء القبيلة، فما بالنا برئيس هذا اجمللس و شيخ القبيلة.

ــا ذلــك الشــيخ الــذي حيتضــر، هــي املعــاين الــيت إن هــذا االحــرتام و هــذه املكانــة الــيت حيظــى ـــا هـــذا املشـــهد، و يف نفـــس الســـياق و و فـــق نفـــس التسلســـل اهلرمـــي الـــذي أشـــار إليـــه الكاتـــب يبـــوح

أعاله، ها حنن نصادف شخصية سي عيسى و هو شيخ آخر جتاوز الستني كمـا يقـدم نفسـه، يسـمح لنفسه بأن يتدخل يف شؤون أحد الرجال احلضور يف اجمللس، فينصحه ببيع عنزاته.

لة، فـالفرد فيهـا خيضـع ملـا تـراه إن هذه االلتفاتة لداللة على أن حياة البدو كانت حياة متداخاجلماعة مناسبا، كما أن النصح و املشورة كانت متثل قيمة من القـيم األخالقيـة يف ثقـافتهم و نظـامهم التقليدي، فها هـو الرجـل جييـب عـن ذلـك بأسـباب مقنعـة حتـول دون بيـع العنـزات، دون أي تشـنج أو

ب إليــه الكاتــب أعــاله خبصــوص ذلــك النظــام حــرج، و يف نفــس الوقــت تثبــت هــذه االلتفاتــة، مــا ذهــالقائم على التسلسل اهلرمي املدعوم باالحرتام الكايف، فسي عيسى يعد يف منزلة أقـل مـن منزلـة الشـيخ

يف تســاءل ثــان نــابع املســؤول الشــاب أصــغر منــه سنـــا. و ، ألن لــة أعلــى مــن منزلــة املســؤولولكنــه يف منز حـوال الشـيخ يقـول "عسى":(سـعدية سـهرانة معـه ، و الطالـب من نفس املشهد و نفس اجمللس، عـن أ

2جبانبه و عمره بيد اهللا)

إن هـــذه الكلمـــات لتعـــرب بصـــدق عـــن ثقافـــة و تقاليـــد هـــذه القبيلـــة الـــيت متثـــل منوذجـــا مصـــغرا هـــذه اللحظـــات الـــيت للشـــعب اجلزائـــري آنـــذاك، فمـــن التقاليـــد أن تكـــون الزوجـــة إىل جانـــب زوجهـــا يف

14،ص: 2007ة، دار األمل، ردمك ، صاحل بلعيد، يف اهلوية الوطني -1

.س)00د:03ثا:02(م س ، مرباح،اللحظةاألمني - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

222

أخالقيـة تسـم هويـة ، فهي داللـة علـى وفـاء الزوجـة لزوجهــا، والوفـاء يف حـد ذاتـه قيمـة يشتد به املرضمــن خالهلــا اجملتمــع اجلزائــري، و وجــود الطالــب إىل جانبــه كــذلك لــه دالالتــه، فالطالــب هــذه القبيلــة، و

احلــل يف مثــل هــذه الظــروف يف حيــاةلســلطة الدينيــة، فهــو صــاحب الــربط و رمــز مثقــف القبيلــة ورمــز االقبيلـــة مثلمـــا يشـــري إليـــه د.عشـــرايت بقولـــه:" بـــل لقـــد ترســـخ ملفهـــوم املثقـــف يف الذهنيـــة اجلزائريـــة معـــىن القــارئ القــرآين، ذلــك ألن القــارئ يف الــوعي الشــعيب كــان يعــين املثقــف، واملثقــف عنــد العامــة هــو ذلــك

مـن تعلـيم للقـرآن ومـن صالة بالنـاس والفقيه أو احلافظ الذي ارتبطت وظيفته باملسائل األخروية، من . بــذلك فلــم تشــذ صــورة الطالــب يف 1مــن قــراءة علــى األمــوات ، هــذا إطــار حياتــه بــني النــاس"فتــوى و

هذا املشهد عن تلك الصورة الراسخة يف الوعي الشعيب حبسب د.عشرايت .

)، يظهـــر الطالـــب والســـعدية د 04ثـــا: 12مـــع املشـــهد الثـــاين الـــذي ينطلـــق حبـــدود اللحظـــة ( و بـــالرغم مـــن ض بـــالرغم ممـــا يقاســـيه مـــن أمل ، و لشـــيخ املـــريض، فمـــا ميكـــن مالحظتـــه أن الشـــيخ املـــرياو

الوضعية اليت يعيشها و هو قـاب قوسـني أو أدىن مـن املـوت ، إال أن ثقافتـه الدينيـة املتجـذرة تـربز مسـة م ميثـل جـزءا أصـيال مـن من مسات اهلويـة والشخصية اجلزائرية املتدينة يف عمومها حبيث "أصبح اإلسـال

ــ 2مقومــات الشخصــية اجلزائريــة" ا الشــيخ داللــة علــى رضــاه بواقعــه . و عبــارات "محــد اهللا" الــيت يتفــوه القدر.لوقت داللة على إميانه بالقضاء و هي يف نفس ازعه، و عدم جو

ي قـيم إن هذه املعاين كلها تعبق برائحـة تلـك الثقافـة الشـعبية املؤسسـة علـى أرضـية دينيـة، وهـا الشخصية القاعدية اجلزائرية. أخالقية و قناعات راسخة تصطبغ

.227ص:سليمان عشرايت، م س، - 1 .225عبد املالك مرتاض ، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

223

الشــكل الــذي جيــب أن تكــون ويتواصــل حــواره مــع الســعدية لتــربز لنــا حقيقــة شــيخ القبيلــة بل القبيلـة، فهـا هـو يصـارع يتوضح لنا أكثر سر االحرتام و االهتمـام الـذي حيظـى بـه وسـط رجـاعليه، و ومصريها الذي آلت إليه، الشيء الذي يقلقه.عنه مصلحة القبيلة تغيب لكنه الاملوت و

ذا تكون صورة شـيخ القبيلـة املنعكسـة علـى الشاشـة ال تؤكـد إال وجـوب احـرتام مثـل هـؤالء الــذين يعطــون للقبيلــة أكثــر ممــا يأخــذون، فهــا هــو يف أحلــك ظروفــه خيتطــف حلظــة وعــي يهبهــا للقبيلــة،

ليخصص هذه اللحظة للتفكري يف عائلته الصغرى. دون أن تتغلب عليه أنانيته

إن تقـــدمي مثـــل هـــذه الشخصـــية بالشـــكل الـــذي أفصـــح عنـــه مضـــمون املشـــهد، ال يزيـــدها إال احرتاما، و من خالهلا احرتام مجيع الشيوخ الذين يفكرون مبنطقه، منطق العطاء السخي.

ليبلغ سكان القريـة القـرارات الـيت ) الذي يظهر فيه القايدد06ثا:42أما املشهد املوافق للحظة(ا ضــــــدهم اإلدارة االســــــتعمارية، باعتبــــــاره الواســــــطة الرمسيــــــة بينهمــــــا، فهــــــو عبــــــارة عــــــن مشــــــهد اختــــــذ

اكهــا بالغرامــات، و اســرتجاعي(فالش بــاك)، يظهــر التضــييق الشــديد علــى مصــادر رزق هــو القبيلــة وإأثقــل علــيهم دما جــردوا مــن أراضــيهم و ائالت بعــمشــهد يــربر مــن خاللــه الكاتــب فعــل هــروب هــذه العــ

بالغرامــات، لكــن اللقطــة املواليــة يف هــذا املشــهد الــذي يظهــر فيهــا احلــاكم، فبعــد طــرده الغــري الصــريح م اختـاروه ليمثـل هـؤالء للشيخ ممثل القبيلة ، ها هو يتجـه إىل القايـد ليـذكره بواجباتـه اجتـاههم، و بـأ

صفته ممثال للقبيلة، فهذا املوقـف ليعـرب عـن نزاهـة الشـيخ و تفانيـه بدل الشيخ، الذي ال حيب حضوره بيف الدفاع عن مصاحل القبيلـة، و هـي صـورة داعمـة ملـا تقـدمنا بـه سـابقا خبصـوص صـورة الشـيخ بشـكل

عام.

القايـد مـن ر اجلـاري مـا بـني احلـاكم مـن جهـة و إن مضمون هذا املشهد الـذي يعلـن عنـه احلـوالكاتب حقيقة الصراع القائم مـا بـني األهـايل و املعمـرين الفرنسـيني ممثلـني يف جهة أخرى ، يوضح فيه ا

م من اإلقطـاع كمـا عـرب عنـه عبـد الغـين بقولـه:" و يف مقابـل هـذه القبيلـة الـيت سـتتواجه احلاكم و أعوا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

224

حتمــــا، نالحــــظ يف اجلانــــب اآلخــــر، املعمــــرين، و مــــن جانــــب آخــــر اإلقطــــاع، فــــاألول ممثــــل يف اإلدارة االســــتعمارية أكثــــر منــــه يف جتمــــع املعمــــرين(...) أمــــا اإلقطــــاع فقــــد جتســــد بشــــكل رئيســــي يف القايــــد

1اجلشع..."

نســـتنتج ممـــا ســـبق أن مضـــمون هـــذا املشـــهد يعلـــن عـــن طبيعـــة الصـــراع الناشـــب مـــا بـــني هـــذه ، فهـو األطراف املذكورة ، إنه صراع حول األرض، و الصراع حول األرض يـرتبط بشـكل مباشـر باهلويـة

صراع هويايت باعتبار األرض عنصرا أساسيا من عناصر اهلوية حبسـب مـا ذهـب إليـه عبـد العزيـر بـوراس . 2بقوله:" إن عناصر اهلوية حبسب جـل البـاحثني تتحـدد يف ثالثـة أبعـاد: الشـعب ، األرض واللغـة"

مثـل يف هـذه القبيلـة بذلك يكون هذا الصراع مرتبطا بأساس قوي من أسس هوية الشعب اجلزائـري، املالــيت تســعى للتمســك بأرضــها مبــا أوتيــت مــن قــوة، يف الوقــت الــذي تضــغط فيــه اإلدارة لتجريــدهم منهــا

بكل الوسائل.

ــذا املضــمون يؤكــد الكاتــب علــى مــدى ارتبــاط اجلزائــري بأرضــه، الــيت متثــل لــه قيمــة رمزيــة و النيــف ه مــن دالالت الشــرف والرجولــة و بكــل مــا حيملــكبــرية، فــالتفريط يف األرض كــالتفريط يف العــرض

املتجذرة يف الشخصية اجلزائرية البدوية ودون هذه القيم ال يشعر البدوي باكتمال رجولته ولن يعامل بــذلك فمحاولــة التمســك بــاألرض هــي يف ذات الوقــت م، إذا مــا فــرط يف هــذه القــيم، و بــاالحرتام الــالز

حماولة بالتمسك باهلوية.

) يظهر "سي عيسى" الذي يـنهض مـن جملسـه السـتقبال د11ثا:05ملوافق للحظة(أما املشهد اــا القايــد املتوجــه حنــوهم إلعالمهــم بوجــوب االنســحاب مــن هــذه األرض الــيت يقومــون حبرثهــا اآلن، أل

1 - Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :101

.، م سحدة و التنوع يف اهلوية املغربيةس، الو عبد العزيز بورا - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

225

ــا أرضــه و أرض أجــداده و لــن يف عــداد أرض البايلــك، و ليســت يف ملكيــتهم، فيصــرح "عيســى"( بأ و أحضروا له رجال الدرك).خيرج منها و ل

ا لدلي ويتـه، إن موقف "عيسى" املستميت يف الدفاع عن أرضه و التمسك ل على متسكه نظام عيشه التقليدي، ألنه يعـي بـأن التفـريط يف األرض يعـين أنـه سيصـبح أجـريا لـدى أحـد املعمـرين، و

، ن، و سواء اختار هذا احلـل أو ذاكملهأو سينزح إىل املدينة حبثا عن مصدر رزق قد يقوده إىل أخبس امـــن هنـــا يكـــون دي حبســـب الوضـــع املســـتجد، و فكالمهـــا يدفعـــه للتنـــازل عـــن قيمـــه و عـــن نظامـــه التقليـــ

التمســك بــاألرض متســكا باهلويــة لــذا تقــول وســيلة متــزال:" إن مضــمون فــيلم مربــاح يهــدف أن يكــون .1كربهان ، فاهلدف الذي ينشده املخرج عقائديا"

) ليعـرب عـن االسـتيالء التعسـفي د13ثـا:20نا الكاتب مع املشهد املوايل املصادف للحظة (ينقل) مقدما إعالن السلطة د14ثا:40على األرض من طرف اإلدارة االستعمارية، لينتقل يف املشهد املوايل (

رق االســتعمارية عــن مشــروعها القاضــي باالســتيالء عــن أراض أخــرى لبنــاء ســكنات حديثــة و إجنــاز طــال يتـواىن احلـاكم عـن ل للجميـع، و الستقبال معمرين جدد، ينشئون بـدورهم شـركات حيـث يتـوفر العمـ

ـــالت ـــة ازامن مـــع تلـــك االجنـــازات كالنظـــام و اإلعـــالن عـــن القـــيم الواجـــب نشـــرها ب حلقـــوق األمـــن ومحاي حياة جديدة، حيث الكل يكسب قوته من جهده اخلاص.الفردية، إنه نظام جديد و

ـــا ه نـــا بصـــدد املنظومـــة اجلديـــدة مـــن القـــيم الـــيت يســـعى املعمـــر لرتســـيخها بعـــد أن يفكـــك إنناملنظومـــة األخالقيـــة الـــيت عـــاش يف إطارهـــا اجلزائريـــون قرونـــا مـــن الـــزمن. فالكاتـــب يعـــرب مـــن خـــالل هـــذا ـــا األهـــايل بعـــدما يفـــك املشـــهد عـــن صـــراع هويـــايت ، مســـتعمر يســـعى لتفكيـــك منظومـــة قـــيم ارتـــبط

ــا املاديــة، لينصــب منظومــة اقتصــادية غريبــة عــن عــرف و تقاليــد األهــايل، ومــن خالمكانيز هلــا تتوطــد مايف هــذا الصــراع اهلويــايت تبقــى األرض مبثابــة احملــور الــرئيس، فــإذا متكــن املســتعمر منظومــة قــيم جديــدة، و

1 - Wassyla tomzali, Op.Cit, P :84

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

226

تفكيــك كــل النظــام مــن جتريــد األهــايل مــن أراضــيهم بكافــة الوســائل، ســهلت املراحــل التاليــة املؤديــة إىلالتقليـــدي لألهـــايل، ليســـتعيض عنـــه مبنظومـــة جديـــدة، و يف نفـــس الوقـــت جنـــد أن األهـــايل مـــن حيـــث م يدرون أو ال يدرون يصارعون بالوسائل املتاحة من أجـل احلفـاظ علـى أراضـيهم، ليواصـلوا منـط حيـا

م، و من خالل ذلك عـرب لنـا الكاتـب مـن خـالل ياحملافظة علـى هـويتهم األصـلية. و مبا فيها كسب قومشهدين عن مسة بارزة من السمات اليت ارتبطت بالشخصية اجلزائرية واليت حيددها د.عشـرايت بقولـه:"

ـــا مـــن أهـــم مـــا مييـــ هـــي ز النفســـية اجلماعيـــة اجلزائريـــة، و الشـــك أننـــا ركزنـــا علـــى اخلصيصـــة الـــيت قـــدرنا أ . 1النفعايل"خصيصة األنفة و النزوع إىل االنتفاض و الرد ا

إن هذه السمة اليت يعتربها عشرايت من أهم ما مييز النفسية اجلماعية اجلزائرية، جنـد أن الفـيلم ) واملعـرب عـن ثـورة شخصـية عبـد د27ثـا:15قد تفاعل معها من خـالل مشـهد أول، يصـادف اللحظـة (

عليهـا لبيـع األرض يغضـب عبـد القادر أمام موسى بن حداد، حبيث تغيري هـذا األخـري للشـروط املتفـق القــادر الــذي ينــزع لالنتفــاض كمــا عــرب عنــه عشــرايت، و مبجــرد تلفــظ موســى بأنــه "ســيد" يف وجــود عبــد القــادر، جعلــت هــذا األخــري يشــعر بنــوع مــن اإلهانــة و االســتفزاز ليســلك ذلــك الســلوك الــذي وصــفه

جومــه عليــه و ضــربه ضــ ربا مربحــا بالعصــا، معتــربا الرتاجــع عــن عشــرايت "بــالرد االنفعــايل" الــذي جتســد شــروط البيــع، منــاورة لســرقة أرضــه منــه، و كــان بإمكــان الشخصــية أن تتصــرف تصــرفا آخــر أقــل عنفــا، ـــا الشخصـــية اجلزائريـــة جعلتـــه يســـلك هـــذا الســـلوك، دون تقـــدير لعواقـــب لكـــن الســـمة الـــيت انطبعـــت

سلوكه، ليلقى عليه القبض بعد ذلك.

د االنفعايل كلما استشعرت هذه الشخصية اجلزائرية نوعا من االستفزاز أو نفس السلوك بالر و )، فصـــاحل الـــذي انتقـــل مـــن د53ثـــا:10املســـاس بالكرامـــة جنـــده يتجســـد يف املشـــهد املصـــادف للحظـــة (

راضــي بشــرائها مــن أفــراد قبيلتــه خدمــة القايــد إىل املعمــر بعــدما لعــب دورا أساســيا يف حصــوله علــى األ

261م س، ص:سليمان عشرايت، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

227

لـه حتـت التهديـد، جنـده ينتقـل خلدمـة هـذا األخـري مبعيـة زوجتـه خلـدمتهما أيضـا، و لكنهـا إعادة بيعهاو هــذه ا يعــرب عنــه عبــد الغــين بقولــه:" و مبجــرد أن أحســت بعــدم احرتامهــا و أن كرامتهــا علــى احملــك كمــ

هنـا ، و 1لـة"األخرية أمام عـدم احـرتام املعمـر هلـا، تغـادر زوجهـا واصـفة إيـاه جبميـع الصـفات الغـري متخينلمس أيضـا وضـعا آخـر يعـرب عـن مثـل هـذه الـردود االنفعاليـة، فبـالرغم مـن حمـاوالت زوجهـا لتهـدئتها،

ا ترد بنوع من العنف و تغادر زوجها متجهة إىل أهلها. إال أ

فمن خالل هذين املشهدين عرب الكاتب عـن مسـات متأصـلة يف الشخصـية اجلزائريـة و املعـربة وية هذه الشخصية، حبيث أبرز يف ذات الوقـت مسـة الـردود االنفعاليـة الـيت تعـد مسـة عامـة عن مالمح ه

مـــن مســـات الشخصـــية اجلزائريـــة حبســـب عشـــرايت، و أيضـــا التعبـــري عـــن مفهـــوم آخـــر بلورتـــه الشخصـــية اجلزائريــة و أمدتــه بكــل املعــاين النبيلــة كمــا هــو موضــح يف الفصــل الســابق، بالشــكل الــذي أصــبح ميثــل

ما النيف" حتيلنا إىل قيمة األنفة و إحدى خصوصيات الشخصية اجلزائرية، إنه مفهوم "النيف" فكلمة ". ويف نفـس السـياق تؤكـد "شـفيقة" نقـال عـن األمـني مربـاح 2تتضمنه من معـاين الكرامـة و التحـدي "

ى املمــثالت خبصــوص هــذه اللقطــة األخــرية قولــه: "عــرب األمــني مربــاح(...) الســيما عنــدما قالــت إحــد"نأكـــل النخالـــة و مـــا نغســـلش وســـخ الروميـــة"، مشـــريا إىل أن هـــذا دليـــل واضـــح علـــى متســـك اجلزائـــري

.3بشرفه و عزته واستقالله على مر األجيال"

ــب فيــه د21ثــا:56إن املشــهد املوافــق للحظــة ( ) الــذي تعلــن فيــه الســعدية عــن مــوت الشــيخ، يمة الشيخ، احرتاما هلذا الشخص الذي أعطى الكثـري للقبيلـة، اجلماعة هبة رجل واحد مندفعني إىل خ

و داللــة علــى وفــائهم لــه و هــي مســة أخــرى تطبــع الشخصــية اجلزائريــة منــذ القــدم فيمــا عــرب عنــه العالمــة

1 -, Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé. Op.Cit, P :102

73،ص:2007شعبية للجيش،أحسن ثليالين، املسرح اجلزائري و الثورة التحريرية، وزارة الثقافة، سحب الطباعة ال - 2 massa.com-www.elج.شفيقة، نادي السينما يعود ألفالم الثورة -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

228

بـر قول والعهد(...) رمحـة املسـكني و ابن خلدون بقوله:" أما ختلقهم باخلصال اإلنسانية(...) الوفاء بال .1الكبري"

ذا يــربز املشــهد بعــض الســمات املتأصــلة يف الشخصــية اجلزائريــة، فباإلضــافة إىل مســة الوفــاء ــا، و مـــن خـــالل ذلـــك تـــربز قيمـــة نلمـــس مســـة أخـــرى تتمثـــل يف روح التضـــامن مـــع الســـعدية يف مصـــا

مســة هــذه القيمــة قــد ترتفــع إىل درجــة الواجــب، وهــي بــني أفــراد العائلــة والقبيلــة، و التضــامن القــائم مــا ي الضـــيف أخـــرى لونـــت الشخصـــية اجلزائريـــة عـــرب القـــرون فيمـــا عـــرب عنـــه ابـــن خلـــدون بقولـــه:"...وقر

2اإلعانة على النوائب.."و

) الـذي يعقـب مشـهد صـالة جنـازة الشـيخ فهـو خمصـص د23ثـا:32أما املشهد املوافق للحظـة(الطالــــب يف هــــذا الجتمــــاع رجــــال القبيلــــة الــــذي يرتأســــه "عيســــى" أكــــرب احلضــــور ســــنا، مــــع مشــــاركة

م حلصــد احملصــول الفالحــي، االجتمــاع، حيــث يقــرتح عيســى علــى اجلماعــة أن يــذهبوا لعــرض خــدما. ويسـعى بعـد ذلـك لرتتيـب 3فكما يقول:" تكون اخلدمـة عنـد الكولـون و عنـد القيـاد، هـذا بـال شـك"

األطفــال ســاء و القــوت، ليبقــى يف الــديار الناألمــور، حبيــث يطالــب خبــروج مجيــع رجــال القبيلــة لكســب برفقــة الطالــب، الــذي يفصــح عــن رغبتــه يف اخلــروج معهــم أيضــا، لكــن اجلميــع يعــرتض حبجــة أال يــرتك

هنـا نلمـس خاصـية بـه الطالـب بعـدم اعرتاضـه عليـه. و األطفال و النساء مبفردهم ، الشيء الذي يقتنـعائـري حبســب مـا ذهــب أخـرى مـن اخلــواص أو السـمات الـيت ارتبطــت بشخصـية الطالــب يف اجملتمـع اجلز

ئـري يســتجدي معاشـه بصـورة دائمــة، إليـه عشـرايت بقولـه:" لقــد ظـل الطالـب أو احلــافظ يف اجملتمـع اجلزاهي تضمر شفقة ال ختلو من استخفاف، ألنه ال خيفـى عليهـا ظلت النظرة االجتماعية تتلقاه و لذلكو

ما حيركه من خصاصة و من توق إىل اجلشع.

136، ص: م سعبد الرمحن ابن خلدون ، - 1 136م ن ، ص: - 2 د)23ثا:32(، األمني مرباح ، م س، اللحظة - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

229

تالزمه حىت يف ما خيـص مسـائل احلرمـة و احلـرمي، إن تعامـل اجملتمـع بل لقد ظلت هذه النظرة مــع الفقيــه بــال تشــدد و ال غضاضــة، لكــأن هــذه النظــرة االستصــغارية قــدرت أن (ثقافتــه) تكســر حــىت

. 1نوازع الرجولة فيه"

ـا منزلـة وسـط ، ال ذا التعبري يرسم عشرايت صورة الطالب يف اجملتمع اجلزائري، الذي حيتل هي مبنزلة الرجال القوامني، وال هي مبنزلة النساء مبفهـوم "الوليـة" الـذي أشـار إليـه الكاتـب و الـيت جيـب

إعالتها، و هو الوضع الذي جيعله يأكل مما جيود به الرجال عليه.

إن وضع الطالب جنده يفرض على شخصية أمحد الـذي سـيتخلف أيضـا عـن اجلماعـة ليبقـى فال، لكونه مصابا يف ذراعه إثر إطالق نـار عليـه أثنـاء عمليـة هروبـه مـن احملجـرة الـيت مع النساء و األط

احتجــز فيهــا للقيــام باألعمــال الشــاقة، لكــن موقفــه يتنــاقض متامــا مــع موقــف الطالــب، حبيــث نصــادف يصــرح لعمتــه قــائال:" واش راين نــدير هنــا، راين حنــس بروحــي عــايش 2شخصــية أمحــد يف مشــهد الحــق

النــاس، مهــا يتعبــوا بــاه جييبــوا هاذيــك لقمــة اخلبــز ألوالدهــم، و أجنــي أنــا نأكلهــا هلــم، أواه يــا علــى ظهــر خاليت نرجع للبالد" .

الوضــع الــذي تعارفــت افظ علــى صــورة الطالــب الواقعيــة، و ــذا يكــون مضــمون املشــهد قــد حــد ذاته مظهـرا مـن مظـاهر عليه القبائل اجلزائرية آنذاك. إن انعكاس هذه السمة على الشاشة يعد يف ح

تفاعل هذا الفن السابع مع مسات الشخصية اجلزائريـة، وهو تأكيد هلذه السـمة ، الـيت ارتبطـت بسـلوك اجلزائري و منطقه يف التفكري، و من مث فهي تؤشر على مسة من مسات اهلوية اجلزائرية.

علــيم الــذي يتلقــاه الناشــئة، ) فيعــرب مضــمونه عــن منــط التد31ثــا:48أمــا املشــهد املوافــق للحظــة(مــن خــالل الطالــب املنتصــب لتحفــيظ األطفــال ســورة " قــل يــا أيهــا الكــافرون"، فهــذا املشــهد يعــرب عــن

228-227سليمان عشرايت ،م س، ص: - 1 د).41ثا:12مرباح ، م س ، اللحظة(األمني - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

230

الثقافــة القاعديــة املرتبطــة بالــدين أساســا ، و الــذي يعــد أبــرز مكونــات اهلويــة اجلزائريــة علــى مــر القــرون ) حيـث يعـرض اجلماعـة و قـد انطلقـت يف عمليـة د32ا:ثـ11املاضية . و ينتقل بنـا الكاتـب يف املشـهد (

احلصاد، فيبادر أحـد رجـال القبيلـة معلقـا علـى مـا يـراه مـن وفـرة يف احملاصـيل بقولـه "آه، يـا اللـي رزقهـم ـارهم مـا ريب"، فيجيبه "عيسى" قائال:" كنا برزقنا الباس علينا، حامدين ريب، جاو هذا الكفار، من

شفنا خري...".

تعبري شخصية عيسـى، يبـدو الفصـل واضـحا و قاطعـا مـا بـني األنـا و اآلخـر، فباعتبـار إن يفمــن هنــا يكــون التميــز بــني األنــا اآلخــر كــافرا، فســيكون األنــا بالضــرورة املعــاكس للكــافر، أي املــؤمن، و

اســتمر اآلخــر يف خطــاب "عيســى" متيــزا هوياتنــا، و يبــدو أن هــذا التمييــز املنطلــق مــن هــذا املنظــور قــد و طيلـة فـرتة االســتعمار باعتبـاره ركنـا أساســيا مـن أركـان اهلويــة اجلزائريـة، حبيـث أننــا نالحـظ أن اجلمعيــات ذات الطــابع الثقــايف أو الرياضــي و حــىت النــوادي األهليــة الــيت كــان يؤسســها اجلزائريــون، كــانوا يلحقــون

ا مفــردة " اإلســالمية" أو " اإلســالمي" أو "املســ كــذا كقولنــا الكشــافة اإلســالمية أو هلمني" و بتســميا واجلمعيات اليت كان يؤسسها املعمرون.و هذا متيزا عن النوادي النادي الرياضي للمسلمني،

ــذا الشــكل الــذي جيعــل مــن اإلميــان مقابــل الكفــر، إحــدى الركــائز الــيت إن تعبــري الشخصــية علــى أن الــدين عنصــر أساســي مــن عناصــر اآلخــر، هــو يف احلقيقــة األمــر داللــة تفــرق و متيــز بــني األنــا و

اهلويــة اجلزائريــة، و بــذلك فتوظيــف الفــيلم ملثــل هــذا اخلطــاب ، مــا هــو إال دعمــا و تركيــزا هلــذا العنصــر الذي يعد أساسا قويا من أسس اهلوية الوطنية لدى املتلقي.

ـــا املشـــهد املعـــروض بدايـــة مـــن اللحظـــة( ـــا:40أم التعبـــري عـــن ) ميثـــل حمـــورا مهمـــا يف جمـــالد47ثالصراع اهلويايت القائم، فهؤالء املعمرين احملتجني على احلاكم يف هذا االجتماع بسبب اسـتفادة إحـدى الشركات البلجيكية من فرصة االسـتثمار يف أحـد املنـاجم باملنطقـة، و تعبـريهم للحـاكم مـن امتعاضـهم

م أجانـب بالنســبة هلم( هـم الفرنسـيني)، فيحـاول احلــاكم أن مـن قـدوم هـؤالء البلجيكيــني الـذين يعتـربو

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

231

م بقولــــــه(إن هــــــذه الشــــــركة ســــــتوظف أوروبيــــــني مســــــيحيني مثلــــــي يطمئــــــنهم ويهــــــدئ مــــــن ثــــــور ومثلكم وال توظف العرب).

من هنا جند أن مضـمون اللقطـة يعلـن مـن خـالل شخصـية احلـاكم علـى هـذا التمـايز املطـروح ى" بوصـفه و هذا التعبري يتوافق متاما مع ما صرح به سـابقا "عيسـما بني اجلزائريني و جممل األوروبيني،

ذا جيعل الكاتب حمور االنتماء الديين حمورا أساسيا بالنسبة للتمايز اهلوايايت.هلؤالء مجيعا "بالكفار" ،

قـيم املدرسة اليت ستقوم بنشر ثقافة و ويف نفس املشهد يعرب احلاكم جلماعته عن قرب تدشني تحضر يف هذه املنطقة الوحشية.العامل امل

ـــذا التعبـــري نلمـــس هـــذه املفارقـــة القائمـــة مـــا بـــني عـــاملني، كـــل منهمـــا ينطلـــق مـــن مرجعيـــات هوياتيــه ختتلــف عــن اآلخــر، فهــا هــي كــل القــيم املتجــذرة يف الشخصــية اجلزائريــة تبــدو للجانــب اآلخــر

ا يعلـن مضـمون هـذه اللقطـة عـن ذلـك قضايا وحشية ال ترقى إىل مستوى التمـدن والتحضـر، مـن هنـالتقابل و ذلك الصراع القائم ما بني نظرتني خمتلفتني إىل احلياة، و هذا الصـراع يعـد يف حقيقتـه صـراعا هوياتيا، ألن النظرة إىل احلياة و إىل العامل تعد من بني العناصر العقلية املكونة للهويـة حبسـب مـا أشـار

خـرى فـإن هـذا املشـهد يفضـح فيـه الكاتـب سـلوك هـذه اإلدارة االسـتعمارية ومن ناحية أ إليه اليكسيف دعمهـــا الالحمـــدود للمعمـــرين علـــى حســـاب اجلزائـــريني، بـــالرغم مـــن اخلطـــاب اإلنســـاين الـــذي حتملـــه كشــعار هلــا. و يف هــذا يشــري عبــد الغــين بقولــه : " كمــا نالحــظ ، فــبخالف "وقــائع اجلمــر" فــإن فــيلم

بدقــة كبــرية إىل خمالفــات املســتوطنني املســتعمرين و اإلدارة االســتعمارية الــيت مثلــت األمــني مربــاح يشــريالضـــامن الســـتمرارية هـــذه املخالفـــات ، مبعـــىن أنـــه يف فـــيلم بـــين هنـــدل ، جنـــد أســـباب الفقـــر املـــدقع و

-86نظر: البحث ص: ي

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

232

اجلهنمــي لطبقــة الفالحــني اجلزائــريني ، تأخــذ مكانــة مميــزة، يف حــني نلمــس يف فــيلم محينــة العكــس هــو . 1السائد "

) تتكـرر صـور التضـامن الـيت يعلـن د59ثـا:32مرة أخرى فمن خـالل املشـهد املوافـق للحظـة ( و ، الـذين القاطن باملدينة يستقبل "عيسى" وأفراد مـن القبيلـةعنها هذا املشهد ، فها هو "بوزيان" احلداد

مــا اســتقبال انعــدام مصــادر الــرزق، و دوم اخلريــف و قــرروا النــزوح إىل املدينــة يف املشــهد الفــارط، نظــرا لقــمــع أفــراد القبيلــة إال صــورة مــن صــور التضــامن معــه و "بوزيــان" هلــم و تــوفري منصــب شــعل لعيســى عنــده

بصورة عامة ، ليبقى أمر اآلخرين الذي سيعاجل رويدا رويدا مثلما يصرح به، مقرتحا أيضـا "سـي حممـد هــو مــا مت شــغيل رجــل آخــر مــن رجــال القبيلــة، و الصــباغ" الــذي ميكــن أن يســاهم يف هــذا التضــامن بت

بالفعــل. إن هــذا املوقــف الــذي يعــرب عنــه هــذا املشــهد، و الــذي كنــا قــد صــادفنا مثيلــه مــع فــيلم "وقــائع سنني اجلمر"، ما هو إال جتسيدا لقيمة أخالقية مرتبطة باهلوية اجلزائريـة و املتعلـق خباصـية التضـامن الـيت

ري أن روحـي التضـامن و التضـحية وحـدها تبقيـان غـري كـافيتني إلسـعاف مجيـع أشرنا إليهـا مـن قبـل ، غـ أفراد القبيلة.

) الــــذي يعــــرض أحــــد األحيــــاء الــــذي يقطنــــه ســــا01د:02ثــــا:42مــــع املشــــهد املوافــــق للحظــــة (و مـا ميتلكـه معمـرين عـن شخصـية البـاش أغـا، و املعمرين، جند إحدى الشخصـيات تتحـدث يف جلسـة لل

م، لتتدخل شخصـية أخـرى معلنـة بأنـه يف سـعة مـن الـرزق إىل درجـة أنـه من أراضي فسيحة تسي ل لعااجته إىل مكة للقيام بشعائر احلج هذه السنة ، فرتد عليه شخصية أخرى بقوهلا (أنه يأكل من الصحن

) إن مضمون هذا احلـديث ليؤكـد مـرة أخـرى عـن هـذا !!!اإلسالم !! الفرنسي ومن جهة أخرى مكةاهلويــايت القــائم علــى عنصــر الــدين، و بــذلك نلمــس نوعــا مــن التكثيــف هلــذا الطــرح مــن خــالل التمــايز

أكثــر مــن مشــهد يف هــذا الفــيلم، فهنــا بــالرغم مــن أن منصــب البــاش أغــا ال ميكنــه إال أن يكــون عمــيال

1 - Abdelghani magharbi, le mimoir apprivoisé Op.Cit P :102

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

233

مـن ذلـك لكـن علـى الـرغميكون صديقا متزلفا للمعمـرين، و متواطئا مع االستعمار، و ال ميكنه إال أن بالتــايل فــإن مضــمون هــذه مبجــرد أن أثــريت قضــية الــدين ، و فهــا هــو يعتــرب غريبــا عــن مجاعــة املعمــرين

اللقطة يعرب صراحـة على أن الدين عنصر أساسي يف تشكيل اهلوية عامــة، وبالنسبة لشخصية "الباش اليت يعد حليفا سياسيا هلا. أغا" فإن انتماءه الديين جعله يبدو غريبا عن مجاعة املعمرين،

بذلك يكون فيلم "بـين هنـدل" الـذي تنـاول موضـوع األرض و الصـراع القـائم الفتكاكهـا مـن قبيلة بين هندل كنموذج عن باقي القبائـل اجلزائريـة ، مـن طـرف املسـتعمر، قـد وظـف عنصـرا مهمـا مـن

اتــــب مشــــكلة يف إدراج بعــــض العناصــــر الــــيت تتأســــس عليهــــا هويــــة اجلماعــــة، وتبعــــا لــــذلك مل جيــــد الك، سـواء ضوع األساسـي ، و املـرتبط باهلويـةالعناصر األخرى ، اليت تعد مبثابة تيمات ثانوية بالنسبة للمو

مـا تعلــق خبصـال و أخــالق هــؤالء البـدو ، أو مــا تعلـق بوجهــة نظــر طـريف الصــراع لبعضـهما الــبعض مــن لقـول بـأن فـيلم بـين هنـدل مـن بـني األفـالم الـيت بالتـايل ميكننـا اق هويايت مصطبغة بصبغة دينية ، و منطل

، أو لفـيلم لتـاريخ اجلماعـة ، أو أرضـهاتفاعلت بشكل إجيايب مع عناصر اهلوية الوطنية ، سـواء بتنـاول اا . ما تبلور من سلوك و أسلوب حيا

فيلم الشيخ بوعمامـــة: - 2

يظهر جنرييك الفيلم بعض املعلومات بالشكل التايل:

صلي ل :بوعالم بسيايحالنص األ

حوار: بوعالم بسايح، بن عمر خبيت.سيناريو و

اقتباس: بن عمر خبيت، رشيد بن سامل.

إنتاج: املؤسسة الوطنية لإلنتاج السمعي البصري.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

234

يتأســـس الفـــيلم علـــى فكـــرة املقاومـــة ضـــد املســـتعمر الفرنســـي، يف مرحلـــة مـــن مراحـــل تـــاريخ إعــادة بنــاء أحــداث هــذه املقاومــة مــن خــالل قصــة هــذا الشــعب اجلزائــري، حيــث يســعى الكاتــب إىل

الفيلم، الذي تتخذ منه شخصية الشيخ بوعمامة بطال هلا.

إن شخصــية الشــيخ بوعمامــة باعتبــاره أحــد رمــوز الطريقــة الشــيخية، و أحــد أبنــاء زاويــة أوالد ية ببلـدة عـني بـين سيد الشيخ كمـا يشـري إليـه خليفـي عبـد القـادر بقولـه:" و راسـلنا شـيخ الزاويـة الشـيخ

مطهر باملغرب األقصى، و هو سليل الشيخ بوعمامة، حيث كان سيدي الطيب بن سيدي بوعمامـة، .1خليفة والده على الطريقة"

بــذلك يكــون رجــل ديــن، و عليــه ففكــرة الفــيلم و أحــداث املقاومــة كلهــا تتأســس علــى معــىن و ـــا أن نقـــول يف هـــذه ـــا ميكنن ـــة أن فكـــرة الفـــيلم تتأســـس علـــى فكـــرة اجلهـــاد يف ســـبيل اهللا، مـــن هن البداي

عقائدية، خيمت بضالهلا على أغلب مشاهد الفيلم .

إن فكــرة اجلهــاد الــيت تــربط بالعقيــدة اإلســالمية ارتباطــا قويــا، بالشــكل الــذي تكــون فيــه فرضــا علــــى كــــل مســــلم لتحريــــر األرض مــــن الكفــــار، جعلــــت مشــــاهد الفــــيلم بكاملهــــا تعبــــق بتلــــك الــــروح

الفـــيلم يظهـــر فيـــه الشـــيخ بوعمامـــة المية و التـــأدب بـــاآلداب اإلســـالمية، فـــأول مشـــهد يفتـــتح بـــه اإلســـم انتهوا لتوهم من الصالة ليتوجه الشيخ بالدعاء و التوسل إىل اهللا.و مجاعته جالسني و كأ

قبـــل أن نواصـــل حـــديثنا عـــن هـــذا الفـــيلم الـــذي يصـــور لنـــا أحـــداث ثـــورة أوالد ســـيد الشـــيخ و ، نــود أن نرصــد أهــم العناصــر الــيت تضــمنتها قصــة 1882-1881اجلنــوب الغــريب للجزائــر بتــاريخ مبنطقــة

الفــيلم أو وظفهــا كاتــب الســيناريو، و الــيت نــرى بــأن هلــا عالقــة مباشــرة باهلويــة الــيت نســعى للبحــث عــن مظاهرها يف هذا الفيلم، و من بني هذه القضايا نشري إىل كل من:

. 188، ص:2004/جوان2003،ديسمرب 4/5د. عبد القادر خليفي، جتربتنا مع الرواية الشفوية، جملة عصور، العدد: -1

www.oussoue.maktoobblog.com

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

235

الدين

اللغة

األرض

لتاريخا

املعتقد

الثقافـة :

الشعر

األغاين الشعبية و األهازيج

ألعاب الفروسية

جمالس الذكر

احتفالية الوعدة ( أو الزردة)

مفهوم النيف (كتصور شعيب للكرامة)

الديـــن :

يعــد فــيلم " الشــيخ بوعمامــة" الــذي يــدوم ملــدة ثــالث ســاعات مــن بــني األفــالم اجلزائريــة الــيت ا علــى قضــايا هلــا عالقــة قويــة باهلويــة اجلزائريــة، فــالفيلم الــذي تعهــد فيــه البطولــة إىل أحــد حييلنــا مضــمو

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

236

رجال الدين، كما سبق و أن أشرنا، الشك يف أن مضمونه يكون مشـبعا بـالقيم الدينيـة، والـيت تشـكل البعــد اإلســالمي عنصــرا مهمــا مــن عناصــر اهلويــة اجلزائريــة ، " فمنــذ بدايــة الــوعي القــومي بــاجلزائر، كــان

(جوهر االنتماء) فإن أعلنت حقيقة الصراع مع االحـتالل األورويب : أال وطنيـة مـن دون عمـق عـريب ، فإنه أيضا ال قيمة لعروبة مـن دون إسـالم، فهـو ثالثـي مقـدس، فثالثيـة( اخلطـاب القـومي) يف (اجلزائـر)

ـــا، فتبقـــى ال ـــة لغـــة، و اإلســـالم دين ـــا، و العروب ـــا جـــوهر االنتمـــاء إذن: األرض وطن عقيـــدة اإلســـالمية هن . 1احلضاري، هي اليت جعلت لألمة هوية واضحة املعامل"

من هنا جند أن الصراع الذي خاضه بطل الفيلم ضد احملتل الفرنسي، قد فعل فيه أحـد ركـائز بـذلك فهـو ، و ده السيناريو أحد رجال الزويااهلوية اجلزائرية و املتمثل يف عنصر الدين، باعتباره كما حد

يقدم نفسه للمشاهد باعتباره رجل ديـن أوال و أخـريا، و صـاحب سـلطة روحيـة مكنتـه مـن مجـع بعـض القبائل من حوله لتوحيد هدفهم املتمثل يف املقاومة املسلحة للمستعمر.

وم مــن خــالل فيلمــه هــذا، أراد أن يصــور لنــا مالمــح بدايــة تبلــور حــس وطــين يقــإن الكاتــب و القوميــة املســتقلة عــن هويــة املســتعمر الواجــب حماربتــه، و يف خضــم هــذا باهلويــة الوطنيــة و علــى الــوعي

مــن ، فكــان الــدين مــن أمههــا ، و الصــراع القــائم وظــف الكاتــب بعــض العناصــر املرتبطــة باهلويــة الوطنيــة خالله عكس الفيلم أحد أقوى أسس اهلوية اجلزائرية.

ىل توظيــف عنصــر الــدين، إال أنــه جيــب أن نعــرتف بــأن لقــد أشــرنا يف حتليــل األفــالم الســابقة إذلـك التوظيــف مل يكــن بالثقــل الــذي يبــدو بــه يف فـيلم "الشــيخ بوعمامــة"، بــل علــى العكــس مــن ذلــك متاما، لقد كـان توظيـف الـدين يتمثـل عمومـا مـن خـالل إشـارات باهتـة، تكـون يف أغلـب األحيـان عـن

ف مــا نالحظــه يف فيلمنــا هــذا، حبيــث ال يتحــدث البطــل يف طريــق اإلحالــة إىل آيــة خمتصــرة جــدا، خبــالمشــهد مــن املشــاهد إال واستشــهد بإحــدى اآليــات القرآنيــة، بــذلك نلمــس هــذا الكــم اهلائــل لآليــات

78،ص:1999د الكتاب العرب، دمشق، عمر بن قينة، دراسة اخلطاب القومي يف الثقافة اجلزائرية، منشورات إحتا - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

237

القرآنيـة املوظفــة يف الســيناريو، ناهيــك عــن جممــل أحاديــث البطــل الــيت حتيــل يف معظمهــا علــى مضــامني .آيات قرآنية أو أحاديث نبوية

ذا يكون الكاتب قـد اسـتغل عنصـر الـدين بشـكل مهـم يف هـذا الفـيلم، و حبسـب اعتقادنـا فإن هذا التوظيف املكثف للخطاب الديين مل يكن مفروضـا علـى الـنص بقـدر مـا كـان نابعـا مـن البنيـة

هـذا و يلم علـى مثـل هـذا احلـس الـوطين الدرامية للقصة . فالكاتـب ال يسـتطيع أن يؤسـس ألحـداث الفـالــوعي، دون أن جيعــل كــل ذلــك يرتكــز علــى قاعــدة دينيــة، ألن الفــرتة الــيت اختارهــا الكاتــب ملعاجلتهــا ســـينمائيا، مل يتبلـــور فيهـــا بعـــد ذلـــك الـــوعي يف أوســـاط اجلزائـــريني بالشـــكل الـــذي أصـــبح عليـــه يف ثـــورة

هنـاك، لتقـدميها نـدلع هنـا و املقاومـات الـيت كانـت تنوفمرب، لذلك جند الكاتب قد اقرتب من واقع هذه يف إطارهــا السوســيوثقايف العــام، ألن كــل تفكــري وطــين آنــذاك إمنــا كــان ينبثــق مــن التفكــري الــديين كمــا يؤكــده عمــر بــن قينــة بقولــه:" ينبغــي القــول مــن البدايــة أن التفكــري الــديين و التعبــري عنــه ذو صــلة محيمــة

ر أساســي و هــو العربيــة و الــدين لــديهم وجهــان لعملــة واحــدة بــالتفكري الــوطين والقــومي(...) العتبــاويتها احلضارية عربيا و إسالميا ." 1هي (اجلزائر) وطنا

ـــذا ميكننـــا أن نقـــول بـــأن الفـــيلم قـــدم لنـــا اجلزائـــري يف عالقتـــه و ارتباطـــه القـــوي بدينـــه الـــذي لم .شك◌ل القاعدة الصلبة اليت قامت عليها األحداث الذي عرضها الفي

اللغـــة:

.65عمر بن قينة، م س، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

238

إىل جانــــب الــــدين ميكننــــا أن نتحــــدث عــــن اللغــــة باعتبارهــــا أساســــا قويــــا مــــن أســــس اهلويــــة، فالكاتــب قــد وظــف لغــة أقــرب مــا تكــون إىل الفصــحى، باعتبارهــا عنصــر مــن العناصــر الــيت حتيــل علــى

ة يف (الغــــرب اهلويــــة اجلزائريــــة، الشــــيء الــــذي يؤكــــده عمــــر بــــن قينــــة بقولــــه:" ملختلــــف العوامــــل التارخييــــاإلســـالمي) أو( املغـــرب العـــريب) بـــات احلـــس القـــومي يقـــوم علـــى دعـــامتني حضـــارتني أساســـيتني : مهـــا (اللغـــة) و (الـــدين) يف فضـــاء تـــارخيي و جغـــرايف معـــني منـــذ القـــرن الثـــاين اهلجـــري ، علـــى أرض شـــرعت

.1منذئذ تتحدد هويتها احلضارية"

املتمثل يف اللغة، تلـك صر اهلوية اجلزائرية، و خر من عنابذلك يكون الفيلم قد وظف عنصرا آاللغــة البدويــة النظيفــة مــن األلفــاظ العجميــة و األقــرب مــا تكــون إىل اللغــة الفصــحى، الــيت تعتــرب أحــد

ــا تعــد وســيلة ه بــن عبــد اهللا حممــد بقولــه:"... و رمــوز توحــد األمــة بالشــكل الــذي يعــرب فيــ مــن مث فإفعالــة إســرتاتيجيات حمكمــة و ســجامها مبــا تــوفره هلــا مــن آليــات و اســكها وانلتعزيــز وحــدة اجلماعــة و مت

)، فهـي taleb ibrahimi k ,1997,81"لتعميـق الشـعور باالنتمـاء إىل حضـارة موحـدة و وطـن موحـد " (لغة الوجدان و هي لغة اهلوية األساسية اليت استطاعت مبعية املرجعية الدينية أن حتافظ على الشخصية

. guilloume g,1997,P12 " (2( الذاتية

بــذلك كــان توظيــف هــذه اللغــة املختلفــة عــن لغــة املســتعمر تأكيــدا هلويــة هــذا الشــعب، كمــا و شخصــية البطــل الــدارس لكتــاب اهللا ميكننــا أن نقــول بــأن توظيفهــا جــاء منســجما مــع البنــاء الــدرامي ل

كــذا ام للفــرتة الــيت يصــورها الفــيلم و املــتمكن مــن الفصــحى، كمــا انســجمت أيضــا مــع املنــاخ الثقــايف العــو بالتــايل مل يــؤثر بعــد يف هــذه البيئــة بالشــكل نطقــة الزالــت مل حتتــك بــاملعمر، و لبيئــة هــذه األحــداث، فامل

الــذي قــد تتســرب فيــه بعــض املفــردات األجنبيــة للغــة التخاطــب، لتبــدو فيــه هــذه اللغــة الفصــحى غريبــة ا بـدون كما هو احلال يف املدن . فالتعليم ال يز ال كما كان يف السابق، و اللغـة الزالـت حتظـى بسـطو

75عمر بن قينة، م س، ص: -1 80ص: بن عبد اهللا حممد، م س، -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

239

ضــرة أخــرى ، هلــذا جــاء توظيــف هــذه اللغــة علــى لســان البطــل، الــذي يـعــد مثقفــا ، إىل جانــب حميطــه القريب الذي يعترب فيه الشاعر بلخري أهم وجوهه، مناسبا و يليق مبثل هذه الشخصيات .

المعتقــد:

اجلهــاد كمصــطلح قــد وظفــه ى فكــرة اجلهــاد كمــا أشــرنا إليــه، و أســس علــإن مضــمون الفــيلم يتالبطل يف العديد من املناسبات اليت كان يستجمع فيها قواه وحيضر هلذه االنتفاضة، بتحـريض حميطـه

قـد لطـابع العقائـدي هلـذا الصـراع، و على مقاومة املستعمر، و ما توظيف هذا املصطلح إال إحالة على احيث يشري عمر بن دة اإلسالمية من أقوى العقائد الدينية اليت حتث على مناهضة الظلم،تكون العقي

العربيـــة اإلســـالمية يف اجلزائـــر يف ســـياق الـــرفض الستســـالم حضـــارة مغـــزوة هـــي احلضـــارةقينـــة بقولـــه:" و ) ، عــن موضــوع االنتمــاءم1937ه/1355اجلزائــر) حلضــارة أوروبــا الغازيــة، كتــب (ابــن بــاديس) ســنة ((

ـــا احلضـــاري املعـــرب عنـــه باجلنســـية القوميـــة:" هـــذه املقومـــات و املميـــزات هـــي اللغـــة العربيـــة الـــيت يعـــرب ــا، و العقيــدة الــيت يبــين حياتــه علــى أساســها، و الــذكري ات التارخييــة الــيت يعــيش عليهــا، ويتــأدب بآدا

. 1 هذه املقومات"ينظر ملستقبله من خالهلا، و الشعور املشرتك بينه و بني من يشاركه يفو

فمن خالل هذا النص لعمر بن قينة الذي حيدد فيه العناصـر الـيت يتأسـس عليهـا هـذا الـرفض الستسالم حضارة مغزوة حلضارة غازية، جنده يشري إىل عنصر العقيدة، واليت جيعلها القاعدة األساسـية

هـذا املعتقـد الـديين، جنـد الفـيلم اليت تقوم عليها حياة اجلزائـري حبسـب تعبـري بـن بـاديس، و إىل جانـب قد رصد لنا بعض املمارسات اليت حتيل إىل معتقدات شعبية تعرب عـن خصوصـية اهلويـة اجلزائريـة، ذلـك

) الذي قدم من خالله املخرج أجواء احتفاليـة "الوعـدة" د28ثـا:41ما نصادفه يف املشهد املوافق للحظة(ماعــة يف فــيلم بوعمامــة إمنــا أقامــت هــذه االحتفاليــة فقــط أو "الــزردة"، حبيــث ميكننــا أن نقــول بــأن اجل

لالحتفـــال بـــالويل الصـــاحل "ســـيدي الشـــيخ"، و هـــذه التظـــاهرة مـــا هـــي إال شـــكال مـــن أشـــكال تقـــديس

88-87ص:عمر بن قينة، م س، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

240

األوليــاء الصــاحلني، و الــيت تعــد ظــاهرة بــارزة يف جمتمعنــا و الــيت تشــري إىل تلــك املعتقــدات الشــعبية كمــا )، الــذي يعــرض ســا02د:18ثــا:20يف نفــوس األهــايل يف املشــهد املوافــق للحظــة(تتمظهــر قــوة هــذا املعتقــد

ردة فعل األهايل عن فعل نسف قبة الويل الصاحل، حيث يصـرح أحـد الضـباط ناصـحا مسـؤوله املباشـر لغـتهم، أعتقـد أن أنا أعرف جيدا سكان هذا البلـد و الذي قرر نسف ضريح هذا الويل الصاحل بقوله: "

سـوف سـيحدث غضـبا عنـد العـرب الرحـل، و لية خطرية و غري مالئمة، إن إسقاط هذا الويلهذه العمـذا احلـادثؤكـده عبـد القـادر خليفـي بقولـه:" و هو ما يبد"، و يتذكرونه إىل األ كـل أوالد سـيد قـد تـأثر

. 1حىت الذين كانوا حتت السلطة الفرنسية"الشيخ و خدامهم، و

هلرماسـي قـائال:" و يـرتبط اإلسـالم املعـيش يف املغـرب العـريب وخبصوص هذا املعتقـد يتحـدث اال سيما يف األوساط الريفيـة " فقـد انتشـر تقـديس األوليـاء انتشـارا دع اليت مازالت موجودة، و ببعض الب

الشـمالية مـن القـرن اخلـامس عشـر، كبريا، و أصـبح القـوم يعـدون مناقـب األوليـاء يف كافـة بـالد إفريقيـة يف أحيان كثرية األولياء مع األشـجار و العيـون و األمـاكن الرفيعـة، حبيـث مل يعـد جمـال تواجد عندهم و

. 2للشك يف أن تقديس الويل الصاحل املسلم يغطي ضروبا عتيقة من التقديس بقي الرببر أوفياء له"

ل جانبــــا مــــن املعتقــــدات الشــــعبية، ــــذا يكــــون الفــــيلم قــــد عكــــس هــــذه املمارســــات الــــيت متثــــتأخذ هذه املعتقدات وهذه التقاليد أمهيتها وفـق مـا أشـار جذرة يف حياة األمة اجلزائرية، و د املتالتقاليو

ـا متثـل خصوصـية اإلسـالم ـا متثـل وجهـا مـن أوجـه اإلسـالم املعـيش، أي أ إليه اهلرماسي، مـن حيـث أ اليت تعكس بدورها خصوصية شخصيته و هويته .يف منطقة املغرب العريب عموما، و

ألرض:ا

194س، ص: معبد القادر ولد خليفة، -1 74،ص:حممد الصاحل اهلرماسي م س، -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

241

إن قيام الفيلم على فكرة اجلهاد حتيلنـا علـى موضـوع األرض الواجـب حتريرهـا، و األرض تعـد تالزمــت العناصــر الثالثــة: األرض أيضــا أساســا مــن أســس اهلويــة مثلمــا يعــرب عنــه عمــر بــن قينــة بقولــه:"

. 1لقومي"التاريخ الوطين جلزء من التاريخ القومي العام، و اللغة و الدين يف اخلطاب او

إن احلديث عـن اخلطـاب القـومي مـا هـو إال حـديثا عـن اهلويـة القوميـة، و هـذه اهلويـة يف حـد ــا مــ الــيت وضــحناها يف الفصــل األول، حبيــث تكــون إمــا فرديــة أو ا هــي إال أحــد مســتويات اهلويــة، و ذا

الذي تواجهـه، فـإذا كـان وطنية أو قومية، و قلنا بأن العالقة بني هذه املستويات تتحدد حبسب اآلخرهذا اآلخـر يقـع يف دائـرة األمـة فاهلويـة الوطنيـة أو القوميـة تفـرض نفسـها حمـل (األنـا)، مبعـىن أن القوميـة

هي مبثابة دائرة أوسع تضم دائرة أصغر تسمى اهلوية الوطنية.

طنيــة، كل أو بــآخر عــن اهلويــة الو ــذا يكــون يف وضــعنا هــذا، مفهــوم اهلويــة القوميــة يعــرب بشـــــة و بـــالرجوع إىل الـــنص املقتـــبس جنـــد أن األرض متثـــل حبســـب الكاتـــب عنصـــرا مهمـــا مـــن عناصـــر اهلوي

اجلزائرية، وهو التعبري الذي جاء علـى لسـان البطـل بقولـه : " مـا أحنـا مـا رانـا طـالبني إال طلـب فريـد، ـــا أحـــرار ـــا يف بالدن ـــا ال شـــيعة، ال مـــال، أحن ـــي رســـلك مـــا بغين ـــغ الل صـــارى إذا بـــاغيني اهلدنـــة ، و النبل

.2السلم، ما عليهم إال خيلوا البالد ملواليها، و يرحلوا عن هذا األرض، اللي ما راهيش أرضهم..."و

كمــا جنــد هــذا التعبــري عــن االرتبــاط بــاألرض يعــرب عنــه الشــيخ بوعمامــة يف مشــهد آخــر مــن نا اللي شفنا فيها دهم من بالد أجدادمشاهد الفيلم بقوله:" أعلنا اجلهاد ضد احملتلني الكفار باش نطر

.3منوتوا فيها إذا حب ريب"نور احلياة و

87عمر بن قينة، م س، ص: -1

سا)02د:41ثا:20،اللحظة ( 1985ر ،بن عمر خبيت،فيلم الشيخ بوعمامة،املؤسسة الوطنية لإلنتاج السمعي البصري،اجلزائ -2 سا)01د:46ثا:24م ن ، اللحظة( -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

242

إن هــــذا التعبــــري املتضــــمن هلــــذا االرتبــــاط و التمســــك بــــاألرض، يعــــد مســــة مــــن مســــات اهلويــــة ــذا اجلزائريـة، فتشـكل هويـة اجلماعـة تســتوجب وجـود مجاعـة تعـيش لفــرتات طويلـة علـى أرض حمـددة.

ــذا الشــكل الــذي يــذكرنا فيــه بــأن هــذه األرض هــي أرض األجــداد جيعلنــا نلمــس جنــد أن تعبــري الب طــل ــا دليــل علــى تلــك العالقــة العاطفيــة الــيت يقيمهــا البطــل مــع هــذه األرض، و هــذه العالقــة يف حــد ذا

ويته . مدى متسك البطل بأرضه و من خالهلا يعرب عن متسكه

ايــة الفــيلم كصــدى و كمغــزى جلميــع أحــداث وبــالرجوع إىل املقتــبس األول الــذي يــرتد د يف الفــيلم، ليكــون مبثابــة اخلالصــة العامــة ملــا عــرب عنــه مضــمون الفــيلم بشــكل عــام، الــذي قــام علــى فكــرة

اجلهاد، و لن يكون إال لتحرير األرض .

التاريـــخ: -هـ

، ميثـل شـكال إن تفاعل الفيلم مع هذه األحداث اليت متثل صفحة من صفحات تـاريخ األمـةتـداول تـاريخ نفوس األفراد، كمـا أن تنـاول و من أشكال التفاعل مع هوية األمة بتنشيطها و تركيزها يف

األمــة لــن ميضــي بــدون أثــر يف احلاضــر، فهــا هــو حســن الــوراكلي يشــري إىل ذلــك بقولــه: "فلــيس التــاريخ سـريان املاضـي يف احلاضـر مبـا يعنيـه جمرد وقائع تروى، وأحداثا تسرد، ولكنه يف حقيقته و جـوهره ، و يكــرس بــأن االنتمــاء العقــدي هــذا الســريان مــن الــوعي باإلطــار الثقــايف هلــذا التــاريخ و الــذي يبلــور

. 1الفكري ألمة"و

ــــذا جنــــد مضــــمون الفــــيلم يــــذكرنا بفــــرتة مــــن تارخينــــا، و مــــا قصــــة الفــــيلم إال ذلــــك الســــريان نتمـاء العقـدي و الفكـري راكلي الذي يرى بأنه يبلور ويكرس االللماضي يف احلاضر حبسب تعبري الو

بــذلك يكــون تنــاول تــاريخ األمــة مــن خــالل هــذا الفــيلم، مــا هــو إال دعمــا هلويتهــا، ذلــك مــا لألمــة، و

.70ص:د.حسن الوراكلي ،م س ، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

243

تدعمــه املقتبســات الســابقة عــن عمــر بــن قينــة، الــذي ال يتحــدث عــن عناصــر اهلويــة إال و أدرج عنصــر يعتربه أحد ثالثة عناصر معربة عن اهلوية الوطنية، و تارة يكون مبثابة الفضـاء الـذي التاريخ، فتارة جنده

تتحــدد فيــه اهلويــة، و تــارة أخــرى جيعلــه مبثابــة النافــذة الــيت ينظــر مــن خالهلــا إىل املســتقبل، و مــا هــذه التعابري إال مؤشرا على أمهية هذا العنصر بالنسبة للهوية.

الثقافـــة:

قلنا بـأن مة، و يف الفصل السابق ما للثقافة من ثقل يف تشكيل و تلوين هوية األ لقد أوضحناا ذات طابع ثقايف، والحظنا د.خضر و اهلوية مـا مييـز هي تعرف الثقافـة بقوهلـا:"...هي كـل يف حد ذا

.1وعلوم و تقاليد و أعراف"فنون فكر و شخصية األمة من لغة و

ــا إن هــذا التعريــف اجلــامع قــد ال يهمنــا منــه إال تلــك العناصــر الــيت أثارهــا الفــيلم، ونعتقــد أمتثل ما ميكن أن نسميه جانبا من الثقافة الشعبية، اليت سنتعرض لبعض مظاهرها اليت عرضها الفـيلم ،

هـي تقليـد تعـارف عليـه دف أجـواء "الوعـدة" أو "الـزردة" و ) نصـاد28ثا:41ففي املشهد املوافق للحظة (ا يقـول فيهـائالت يف مواسـم حمـددة و ون بالشـكل الـذي أصـبح ميثـل سـلوكا تسـلكه القبائـل و العـاجلزائري

احتفــال مــومسي تقــدم فيــه (للــزردة) داللــة خاصــة يف هــذا اجملــال، و (الــزردة) حممــد الصــاحل اهلرماســي:" وج فيـه الـديين تجديـد االعـرتاف مبكانـة الـويل، وميتـز األكل اجلماعي، و متـارس فيـه الفروسـية لاألضاحي و

. 2اجلسدي بالروحي، و اخلارق بالعادي"بالدنيوي ، و

إن مظاهر هذه االحتفالية اليت صورها فيلم "الشيخ بوعمامة"، ما هي إال شكل من أشـكال التفاعـل مــع تقاليـد اجملتمــع، و باعتبــار التقاليـد و القــيم و األعــراف بشـكل عــام، تعــد جـزءا مــن الثقافــة

بط بــدورها مبفهــوم اهلويــة، فــإن انعكــاس هــذه القضــايا علــى الشاشــة يف فــيلم "الشــيخ الشــعبية الــيت تــرت

300يم خضر،م س، ص:د.لطيفة إبراه - 1 74حممد الصاحل اهلرماسي، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

244

بوعمامــة" وفــق الســياق الــذي طرحــت فيــه، تعــد حماولــة لتثمــني هــذا املــوروث الشــعيب مــن خــالل تركيــز جانـب الفيلم على إبراز اجلوانب االجيابيـة منهـا، و بالتـايل تكـون دعمـا لعناصـر اهلويـة اجلزائريـة، وإىل

ذلــــك فقــــد وظــــف الفــــيلم بعــــض األغــــاين الشــــعبية و األهــــازيج التقليديــــة يف مناســــبتني، األوىل مبناســــبة توظيـف قـوات االحـتالل ملقـام الضـريح . و فعاليات هـذه االحتفاليـة "الوعـدة"، و الثانيـة مبناسـبة نسـف

مـن خالهلـا عـن ة، و ون الفـيلم عـن الثقافـة الشـعبيهذه األهازيج نعتربها شكال من أشـكال تعبـري مضـمهويـــة األمـــة، باإلضـــافة إىل مشـــهد الـــذكر وفـــق تقاليـــد الزوايـــا و الصـــوفية ، و ألعـــاب الفروســـية يف هـــذه

االحتفالية، و اليت تعد فنا شعبيا بامتياز.

ــا الفــيلم، البــد أن نشــري إىل ويف إطــار احلــديث عــن أشــكال هــذه الثقافــة الشــعبية الــيت يشــع ملقاطع الشعرية اليت وظفها الكاتب على لسان شخصـية بلخـري الشـاعر والفـارس افن الشعر امللحون، و

ــذا الفــن، حبيــث مل توظــف هــذه و اجملاهــد، إن هــذه األبيــات الــيت وظفهــا الكاتــب يف الســياق الالئــق إمنــا جــاءت لتعــرب عــن إحســاس خيـــتلج يف لرغبــة يف توظيــف الشــعر امللحـــون، و األبيــات الشــعرية جملــرد ا

شاعر و كتعبري عن اجلماعة، و كان هذا التعبري مبثابة موقف درامي، فكان الشعر مبثابة سـالح نفس الفتــاك يعاقــب بــه ذلــك القاضــي اخلــائن صــاحب الفتــوى الــيت اعتــربت اجملاهــدين أشــخاص خــارجني عــن القـــانون، كمـــا عـــربت عنـــه شخصـــية الشـــيخ بوعمامـــة بقولـــه:" أشـــعار بلخـــري تـــزرع احلمـــاس يف قلـــوب

حملــاربني، كالمــو قــاطع كيــف أنيــاب بــوران الصــحراء، بــال شــك راحيــني خيلــو يف جســم اخلــاين عطــا اهللا ا .1أثار ما تتمحاش، تبقى وصمة عار يف جبينو إىل األبد"

بــذلك يكــون الفــيلم قــد تفاعــل مــع جممــل عناصــر الثقافــة الشــعبية و عكســها علــى الشاشــة و ألمة.بالشكل الذي تدعم فيه اهلوية اجلماعية ل

.سا)01د:26ثا:30( اللحظةم س، مر خبيت ،بن ع - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

245

وصــــيات الذهنيــــة املغاربيــــة عامــــة قبــــل أن خنــــتم البــــد أن نشــــري إىل قضــــية متثــــل إحــــدى خصو اجلزائرية بشكل خاص، إنه مفهوم " النيف" الـذي أعطـى للذهنيـة املغاربيـة خصوصـيتها و منهـا اهلويـة و ملوافــق للحظــة اجلزائريــة، فهــا حنــن نصــادف هــذا املصــطلح الــذي يعــرب عنــه البطــل يف املشــهد ااربيــة و املغيضــربوين بــه مس، رانــا موالفينــو، خلــي يقتلــوه و ) بقولــه:" التهديــد راه واضــح كــي الشــســا02د:40ثــا:50(

.1ال نيف"...) و إال ما يبقى يل ال شرف و للنيف، لعل يكون عندي النيف (

إن هــذا التعبــري جــاء كــرد علــى تلميحــات املفــاوض املبعــوث مــن طــرف الفرنســيني، بــأن ابنــك لديهم، فإن مل تستجب لشروط اهلدنة، قد يكون مصريه املوت، على هذا يرد بتلك الكلمـات سجني

اليت تشري بوضوح ملعىن " النيف" يف الثقافة اجلزائرية، املرتبط مبفاهيم الشرف و الرجولة و االحرتام .

عت بكـل مـا ميكننا القول بأن هذه الباقة من األفـالم الـيت عاجلـت جانبـا مـن تـاريخ األمـة، سـحماولة إعادة بناء وتشكيل هوية اجملتمع ، متصدية بذلك قة للتعبري عن قضايا اجملتمع ، و أوتيت من طا

لتلـك الصـورة الســلبية الـيت روجتهــا سـينما احملتــل. غـري أن مشــاهدة هـذه الباقــة مـن األفــالم الـيت تناولــت اهلويــة اجلماعيــة لألمــة بشــكل عــام، موضــوعات ذات طــابع تــارخيي و دراســتها تــربز طبيعــة تعاطيهــا مــع

حبيــث مل نلمــس انعكــاس خصوصــيات هـــذا اجملتمــع علــى الشاشــة بشـــكل دقيــق ومفصــل يؤشــر علـــى تنـــاول عـــامل للقضـــية ، يف حماولـــة لتثمـــني العناصـــر الـــيت تؤســـس للهويـــة اجلماعيـــة لألمـــة، بقـــدر مـــا كـــان

يف هـذا السـياق مت تنـاول عب، و ملحمـة الشـالرتكيز على عنصر التاريخ يف جانبه النضايل لألمة ومتجيد بعـــض العـــادات و التقاليـــد أوغريهـــا مـــن العناصـــر املشـــكلة هلويـــة األمـــة لتكـــون مبثابـــة خلفيـــة للحـــدث

بالتايل ميكننا القول أن هذه السينما قد حاولـت و احملوري، واملتمثل يف النضال واجلهاد لتحرير األرض .وخاصــة املرحلــة األوىل منهــا، أن جتتهــد حبســب اإلمكانــات جاهــدة يف عمومهــا عــرب مراحــل تطورهــا،

ــا نتيجــة احلملــة املاديــة والبشــرية واملعرفيــة املتاحــة هلــا إلعــادة صــياغة هويــة األمــة، و ختليصــها ممــا حلــق

سا).02د:40ثا:50م ن ، اللحظة ( - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

246

بـذلك تكـون هـذه سـينما مـن خـالل األفـالم الـيت تعمارية املمنهجة هلـدم شخصـيتها وتشـويهها ، و االسـا، قـد تفاعلـت مـع هويـة اجملتمـع و تناولت املوضـوعات ذات الطـابع التـارخيي، وبغـظ النظـر عـن اجنازا

عربت عنها .

المبحث الثاني : عالقة موضوعات األفالم ذات الطابع االجتماعي بالهوية.

متهيــــــد : -

اجلت إذا كانت األفالم اليت تناولت املوضوعات ذات الطابع التارخيي، مبا فيها األفالم اليت عموضوعات ثورة التحرير ، نعثـر عليهـا بشـكل مركـز فيمـا اتفـق جـل النقـاد علـى تسـميته باملرحلـة األوىل مــــن مراحــــل تطــــور الســــينما اجلزائريــــة، فــــإن املوضــــوعات ذات الطــــابع االجتمــــاعي جنــــدها تتــــوزع علــــى

بالتـايل موسـى . و اس و رتـب حـاجاملرحلتني التـاليتني مـن التقسـيم الـذي اعتمـده كـل مـن هاشـم النحـهو املقياس اكهما يف معاجلة نفس املضامني، و فإن املبحث الثاين سنتناول فيه هاتني الفرتتني معا الشرت

الذي اعتمدناه يف دراستنا من حيث التقسيم املعتمد إما أفالم تارخيية أو اجتماعية .

أفالم المرحلة الثانيــة : -ب

ر اإلنتــاج الســينمائي اجلزائــري لقــة املواليــة مــن مراحــل تطــو نباشــر هــذا املبحــث مــن خــالل احلــــا هــــذه املضــــامني و حماولــــة استكشــــاف طبيعــــة مضــــامني هــــذه األفــــالم ، و الكيفيــــات الــــيت تفاعلــــت

الفيلميــة مــع جــل العناصــر املتعلقــة باهلويــة اجلزائريــة، و لتحديــد عينــة األفــالم املقصــودة بالدراســة ضــمن لفـرتة مـا قسيم الذي اعتمدته رتب احلاج موسى بقوهلا ( حتـدد هـذه املرحلـة يف اهذا املبحث ، نعود للت

. 1هــي املرحلــة الثانيــة مــن تــاريخ الســينما اجلزائريــة، حبســب وجهــة نظرهــا)) و 1975-1972بــني ســنتني(

1 -Ratiba Hadj – moussة Op.Cit,p:98

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

247

ـــا هاشـــم النحـــاس ب"املوجـــة الثانيـــة (والتغيـــري االجتمـــاعي)و لدراســـة . و 1هـــي أيضـــا املرحلـــة الـــيت يعنوهــذه العينــة مــن األفــالم بغيــة حتديــد و ضــبط طبيعــة عالقتهــا بعناصــر اهلويــة و مــدى تفاعلهــا مضــامني

املرحلــة عــن هويــة اجملتمــع أم ال، نعــود مــرة أخــرى إىل معهــا، لنســتنتج مــا إذا عــربت فعــال ســينما هــذهو مـــا بـــني مفهـــوم اهلويـــة يف الســـينما، للـــربط مـــا بـــني مالمـــح هـــذه اهلويـــة الـــيت تعـــد حمـــور هـــذه الرســـالة

( مــن أن احملــور األساســي الــذي يؤشــر علــى أن الســينما، وذلــك حبســب مــا ذهــب إليــه هاشــم النحــاسالسينمـــا قــد عــربت أم ال عــن هويــة اجملتمــع. يكــون مــن خــالل مضــامني هــذه األفــالم ، ومــدى ارتبــاط

. 2هذه املضامني بقضايا اجملتمع، و تعبريها عن آالمه و طموحاته)

ســــينما اجلزائريــــة يف هــــذه املرحلــــة مــــن مراحــــل تطورهــــا، اهتمامهــــا باإلنســــان لقــــد واصــــلت الــا أفــالم هــذه املرحلــة، و الــيت تناولــت جممــل القضــايا اجلزائــري، مــن خــالل تلــك املضــامني الــيت متيــزت

ويف هـذا تشـري رتـب احلـاج موسـى بقوهلـا:" دون أن تكـون هنـاك غلت تفكري اإلنسـان اجلزائـري، اليت شمــة مــع املرحلــة األوىل فهــذه املرحلــة الثانيــة عاجلــت موضــوع األرض، و إن كــان موضــوع ثــورة قطيعــة تا

التحريـــر ال يـــزال حاضـــرا، إال أن األحـــداث جتاوزتـــه لتطغـــوا مشـــاكل مـــا بعـــد الثـــورة التحريريـــة، فصـــدور . 3) كان منبع هذا التحول"1971نوفمرب8املراسيم اخلاصة بالثورة الزراعية(

مــن خــالل هــذا الــنص ، تشــري إىل طبيعــة بعــض املضــامني الــيت تناولتهــا أفــالم هــذه إن الكاتبـة ا اجلزائـر، إال املرحلة، و إن كانت تؤكد على موضوع األرض الرتباطه بالتحوالت السياسية اليت شـهدا تشري إىل موضوعات أخرى رافقت هذا العنـوان الكبـري الـذي اهتمـت بـه سـينما هـذه املرحلـة، مثـل أموضوع الثورة والذي طغت عليه جممل املوضوعات االجتماعية اليت مثلت ما أمسته الكاتبة مبشاكل ما

بعد الثورة، أي أن السينما يف هذه املرحلة توجهت ملعاجلة مشاكل مرحلة ما بعد االستقالل.

.69هاشم النحاس، م س، ص: - 1 184-183-182نظر: هاشم النحاس،م س، ص:ي -2

3 - Ratiba Hadj – moussa ,Op.Cit,p:98 .

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

248

ا مثـل بالرجوع إىل طرح هاشم النحـاس، ميكننـا أن نقـول بـأن سـينما هـذه املرحلـة أيضـا مثلهـو نها املرتبطـــة املرحلـــة الـــيت ســـبقتها، قـــد تفاعلـــت مـــع عناصـــر هويـــة الشـــعب اجلزائـــري مـــن خـــالل مضـــامي

تأكيدا لذلك جنده يصف هذه املرحلـة بقولـه:" و تـأيت هـذه املوجـة الثانيـة مـن األفـالم بالواقع احمللي . و بابه حــرب التحريــر وعــرب إذا كــان اجليــل األول قــد عاصــر يف شــوم اجليــل الثــاين مــن املخــرجني ، و مــع قــدحممــد يف مقــدمتهم حممــد األخضــر محينــا وأمحــد راشــدي و كــانذه املرحلــة علــى حنــو مــا بينــاه، و عــن هــ

مــــن أبــــرزهم : حممــــد شــــبابه بدايــــة ســــنوات االســــتقالل، و ســــليم ريــــاض، فــــإن اجليــــل الثــــاين عاصــــر يف مــنهم ســيد للســينما اجلزائريــة، و ة احلقيقيــةويعتــربه بعــض النقــاد البدايــ 72بوعمــاري الــذي أخــرج الفحــام

فيما عزيز طليب الذي قدم منطقة حمرمـة(علي مزيف الذي قدم العرق األسود( مما سبق عرضه) و عبد الهـو ملوجـة الثانيـة، أمـا مـرزاق علـوش و الذي يدخل ضمن االجتاه العـام هلـذه ا 1972سبق عرضه) مث نوة

. 1رحلة و بدايات املرحلة الثالثة" واحد من أهم املخرجني الشبان فيمثل نضج هذه امل

ــذا ميكننــا القــول بـــأن النحــاس يتفــق متامـــا مــع رتــب احلــاج موســـى يف حتديــده لبدايــة هـــذه املرحلة املتمثلة يف املوجة اجلديدة حبسب تعبريه، حبيث حيدد حممد بوعمـاري كرائـد للمرحلـة مـن خـالل

إليهـا رتـب احلـاج موسـى، و أيضـا تتفـق معـه حـول ، و هـي السـنة الـيت تشـري 1972فيلمه الفحام لسنة ) يكـــون أول فـــيلم ميكـــن 1972الفـــيلم الـــذي دشـــن هـــذه املرحلـــة بقوهلـــا:" الفحـــام للســـيد بوعمـــاري (

، وهــو مــا يؤكــده الناقــد الســينمائي الســوري فيصــل بقولــه:" 2إدراجــه حتــت مســمى (الســينما اجلديــدة)"مفصـال تارخييـا يف مسـار 1971نما اجلزائريـة يعتـربون سـنة كما جتدر اإلشـارة هنـا إىل أن املـؤرخني للسـي

هــذا الفــن، إذ يســجل ظهــور اجتــاه جديــد يف العمــل والرؤيــة اجلماليــة يتمثــل فيمــا مســي ب" الســينما . 3اجلديدة". و هو االجتاه الذي شهد ميالده مع فيلم "الفحام" حملمد بوعماري"

69ص:هاشم النحاس،م س، -1

2 -Ratiba Hadj – moussa, Op.Cit, p:98 ا القيصرية، -3 www.startimes.comب. فيصل، السينما اجلزائرية رصيد حافل رغم والد

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

249

إننــا جنــد هاشــم النحــاس يلخــص لنــا ذلــك وإذا رجعنــا لدراســة بعــض مالمــح هــذه الســينما ف بقوله:

اجملتمـع اجلزائـري عقـب االسـتقالل، واملشـاكل واهلمـوم تعبريها االجتماعي اللصيق بواقع -" أ الطموحات اجلديدة لإلنسان اجلزائري يف هذه املرحلة.و

رية، عند تناوهلا ملوضوع حرب التحرير تبتعـد عـن املبالغـات و أوهـام البطـوالت األسـطو -ب ممــا أصــاب الكثــري مــن أفــالم املرحلــة الســابقة . و عــن هــذا التيــار يقــول واحــد مــن أصــحابه عبــد العزيــز

ثـــورة و الزراعـــة و ثـــورة التعريـــب طـــواليب " عاجلـــت هـــذه الســـينما كـــل القضـــايا القوميـــة املطروحـــة مثـــل ال .1التسيري االشرتاكي والذايت"و

ال م مــا ميــز أفــالم هــذه املرحلــة، و ن حيــدد أهــحيــاول هاشــم النحــاس مــن خــالل هــذا الــنص أــا تعبـري اجتمــاعي سـيما مـن حيــث املضـامني الــيت تناولتهـا حيـث نالحــظ أنـه يصــف هـذه املضـامني بألصـــيق بواقـــع اجملتمـــع عقـــب االســـتقالل، و هـــذه إشـــارة قويـــة تـــدل علـــى التحـــول الـــذي مـــس مضـــامني

ز علــى املوضــوعات املتعلقــة بثــورة التحريــر، فهــا هــو النحــاس الســينما، فــإذا كانــت يف املرحلــة األوىل تركــنسـان اجلزائـري يؤكد على هذا التحول لتكون غايتها يف هذه املرحلة الواقع االجتماعي الذي يعيشـه اإل

بذلك تكون مسايرة لتطلعات هذا املواطن و مهومه وآالمه.عقب االستقالل، و

ل يف املنظور الذي تتوجه من خالله إىل موضـوع وباإلضافة إىل ذلك نلمس ميزة أخرى، تتمثالثـــورة، فكمـــا ســـبق و أن أشـــرنا إىل أن هـــذه الســـينما و إن اهتمـــت يف هـــذه املرحلـــة مبشـــاكل مـــا بعـــد االســـتقالل، إال أن موضـــوع الثـــورة بقـــي مســـتمرا دون أن حيظـــى باألولويـــة أو يطفـــو علـــى املوضـــوعات

النحـاس، كـان تنـاول موضـوع الثـورة بعقالنيـة أكثـر ممـا كانـت االجتماعية، ففي هذه املرحلـة كمـا يشـري

70-69هاشم النحاس، م س، ص. - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

250

ـــا ابتعـــدت عـــن املبالغـــات وأوهـــام البطـــوالت عليـــه يف املرحلـــة الســـابقة ، ذلـــك مـــا نفهمـــه مـــن قولـــه أ األسطورية.

يلخص لنا جممـل املوضـوعات الـيت طغـت علـى السـطح يف هـذه املرحلـة مـن خـالل التصـريح و لعزيز طواليب . فهذه املوضوعات اليت أشار إليها تعطينـا صـورة عامـة عـن الذي يورده على لسان عبد ا

القضايا اليت شغلت بال هؤالء السينمائيني، و من خالهلم ما انشغلت به سينما هذه املرحلة.

إن هذه القضايا اليت أشار إليهـا النحـاس مـن خـالل تصـريح طـواليب لتؤكـد علـى مـدى ارتبـاط قع االجتمــاعي لإلنســان اجلزائــري، و بقضــاياه املفصــلية، مــن حيــث أن مجيــع ســينما هــذه املرحلــة بــالوا

بـذلك مة يف تاريخ اجلزائر و شـعبها، و هذه القضايا اليت عددها شكلت منعرجات سياسية وفكرية مهنؤكــد مــرة أخــرى و بشــكل عــام قبــل أن نتــدرج لفحــص تفاصــيل بعــض األفــالم، (نؤكــد) علــى اهتمــام

باهلوية الوطنية من خالل مضامني أفالمها. سينما هذه املرحلة

قد تكون هذه الفكرة األخرية متثل حكما عاما، يشوبه نوع من اإلطالق، إال أننـا نـدرك بـأن راعي جوانب عدة، منها اجلمالية والفكرية واالقتصادية واإلداريـة صناعة الفيلم تفرض على املخرج أن ي

مي أعمال فنية تعليمية حول موضـوع اهلويـة كفكـرة أساسـية، خوفـا غريها، لذا قد ال يغامر املخرج بتقدو ا العمل، لذلك قد ترتاوح مشـاهد الفـيلم بـني من انزعاج املتلقي من هذه الطريقة التعليمية اليت يقدم التعبري الصريح عن اهلوية و مشاهد ترفيهية ال عالقة هلـا باملوضـوع، لـذلك نقـول جتـاوزا بـأن أفـالم هـذه

لة عربت عن اهلوية اجلزائرية مـن حيـث أن املوضـوع األساسـي الـذي تناولتـه ارتـبط بشـكل أساسـي املرحبواقع اجلزائري، وإن كنا سنعثر يف بعض األفالم اليت اعتربناها معربة عن اهلوية، عن مشاهد منفصلة ال

بشـكل كبـري علـى املوضـوع عالقة هلا مبوضوع اهلوية، واليت ليس هلا وزنا و ال مساحة زمنية جتعلها تـؤثر األساسي للفيلم، غري أننا نقول بأن سـينما هـذه املرحلـة ارتبطـت بـالواقع االجتمـاعي بشـكل كبـري كمـا يعرب عنه موين براح بقوله :" إن تـدخل السـينمائيني ينزلـق يف الديناميـة الـيت تسـعى الدولـة لطبـع اجملتمـع

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

251

ـم يعـاجلون بشـكل متتـابع موضـوع حـرب ا، فأفالمهم تتابع عن قرب أخبار االهتمامـا ت الوطنيـة، إالتحرير الوطين، بشكل بطويل عموما(...)، مث من خالل التحـوالت االقتصـادية و االجتماعيـة، طرقـوا موضــوع األرض بــدرجات متفاوتــة علــى مســتوى اخلطــاب.(...) و أخــريا النقــاش حــول امليثــاق الــوطين،

يف احليــاة االجتماعيـة والسياسـية (...)، مث لتناقضـات احليــاة(...)، مث هـؤالء الـداعني إىل مشـاركة املـرأةــاجس ــا بصــدد إنتــاج متنــوع نســبيا، مســكون وسلســلة أفــالم تلفزيونيــة غــري متكافئــة القيمــة،(...) إنن

. 1الواقع االجتماعي، و السياسي، و التارخيي للجزائر..."

ـــاـــذه املضـــامني املتنوعـــة يؤكـــد الكاتـــب علـــى مـــدى ا ط مضـــامني هـــذه الســـينما بواقعهـــا، رتب تعبريها عن طموحات املواطن و كذا عن مشاكله.و

إن وجهــــات النظــــر الــــيت عرضــــناها إىل غايــــة اآلن حــــول الســــينما اجلزائريــــة، الحظنــــا اتفاقهــــا بشـكل عـام حـول املنظـور الــذي تتوجـه بـه إىل هـذه السـينما، و كــذلك حـول التقسـيم الـذي يتبنـاه كــل

، حبيـث جنـده ينطلـق مـن مـس رؤيـة قـد ختتلـف قلـيال عمـا سـلفعودة إىل أمحد محـام فقـد نلمنها، و بالوجهة نظر خمالفة، فها هو يتبىن تقسيما آخر ملراحل تطور السينما اجلزائرية بقوله:" لقـد مـرت السـينما

ا، فقـد كانـت املرح لـة األوىل اجلزائرية بعد االستقالل مبرحلتني مـن حيـث التطـور األيـديولوجي ألصـحاتأسيســـية هلـــذا النـــوع مـــن الفنـــون، و كـــان الســـينمائيون يتخبطـــون يف إشـــكالية حتديـــد هـــويتهم بالنســـبة لآلخــر الــذي ميثلــه الغــرب، ويف املرحلــة الثانيــة وبالتحديــد يف الثمانينيــات مــن القــرن العشــرين، حتــدث

اد األمة يف عصرها احلديث، القطيعة بني السينمائي وهويته نتيجة لالنتكاسات اليت ما فتئت تنخر أجمو حتدث الردة و يتحول السينمائي من حامل آلمال و آالم جمتمعه إىل سينمائي فقط، وتغدو بذلك

.2الصناعة الفيلمية اهلدف األمسى لكل عامل يف هذا احلقل من الفنون."

1 - Abderrahmane djelfaoui, la guerre- la terre- la vie quotidienne, OP.CIT, P :51

echamal.com-www.aswatأمحد محام، واقع السينما يف اجلزائر -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

252

ريـة ختتلـف عمـا إن وجهة نظر أمحد محام اليت ينطلق منها لتحديد مراحل تطور السينما اجلزائرتب حاج موسى ارتكزا يف تقسيميها ملراحـل و تقدمنا به يف السابق، فإذا كان كل من هاشم النحاس

، فإننــا نالحــظ هنــا أمحــد تطــور الســينما يف اجلزائــر علــى مــدى تطــور مضــامني هــذه األفــالم الســينمائية محام يسقط هذا املعيار متبنيـا معيـارا آخـر يتمثـل يف مـدى اهتمـام هـذه األفـالم بإشـكالية حتديـد اهلويـة بالنسبة لآلخر، بذلك جنده يقسم تاريخ تطور السينما اجلزائرية ملا بعد االسـتقالل إىل قسـمني، مرحلـة

، و مرحلة ثانية تنازلت فيها عن هذه الغاية.أوىل اهتمت فيها هذه السينما بقضايا اهلوية

و حيــدد الكاتــب املرحلــة األوىل للســينما اجلزائريــة منــذ انطالقتهــا إىل غايــة مرحلــة الثمانينيــات الـــيت حتـــدث فيهـــا القطيعـــة، و بـــذلك نســـتنتج بـــأن مـــا نعتـــربه مرحلـــة ثانيـــة مـــن مراحـــل تطـــور الســـينما

و رتــب حــاج موســى، ينــدرج فيمــا اعتــربه أمحــد محــام اجلزائريــة حبســب تقســيم كــل مــن هاشــم النحــاسمرحلــة أوىل، و بــذلك ميكننــا أن نقــول بــأن مــا ذهبنــا إليــه يف الســابق خبصــوص ميــزات هــذه "الســينما اجلديدة" كاهتمامها بقضايا اهلويـة اجلزائريـة ال يتعـارض مـع طـرح أمحـد مهـام الـذي يـدرج هـذه الفـرتة يف

لــيت اهتمــت فيهــا الســينما بإشــكالية حتديــد اهلويــة بالنســبة لآلخــر، وبــذلك املرحلــة األوىل بالنســبة لــه و ا) كانـــت فيهـــا الســـينما اجلزائريـــة الزالـــت علـــى 1975-1972نقـــول بـــأن هـــذه املرحلـــة احملصـــورة مـــا بـــني(

عهدها السابق باهتمامها بقضايا اهلويـة اجلزائريـة بـالرغم مـن حتـول مضـامينها مـن االهتمـام مبوضـوعات ىل الرتكيز على القضايا االجتماعية و مشاكل ما بعد الثورة و كأمثلة عن هذه املرحلة ميكننـا أن الثورة إ

نشري إىل كل من :

فيلم " الفحام " : - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

253

( سيناريو و إخراج: حممد بوعماري، إنتاج: الـديوان الـوطين للتجـارة و الصـناعة السـينمائية، .1سا)1د:40، املدة:1972سنة

تطــور الســينما اجلزائريــة، فهــو هــذا الفــيلم باعتبــاره عتبــة املرحلــة الثانيــة مــن مراحــل تنبــع أمهيــة، ذلـك مــا يؤكـده هاشــم النحـاس بقولــه أن 2أول فـيلم ميكـن إدراجــه حتـت مســمى "السـينما اجلديــدة""

التغين بأجمـاد فيلم الفحام :" أول األفالم اليت اختذت اجتاها مغايرا الجتاه األفالم السابقة اليت استغرقها لعلــه أدق هــذه املوجــة تعبــريا عــن اجتاهــا ملعانــاة الــيت ســببها االســتعمار، و و بطــوالت املاضــي، أو إبــراز ا

.3اجلديد."

ــا هــذا الفــيلم الــذي يعتــرب عالمــة مميــزة يف مســرية الفــن مــن هنــا تــربز هــذه األمهيــة الــيت حيظــى ة النوعية على مستوى املضامني املعاجلة حبيث جند السينمائي يف اجلزائر، و الذي مكنها من تلك القفز

وســــيلة تــــامزايل تعلــــق بقوهلــــا :" إن مصــــطلح "الســــينما اجلديــــدة" صــــحيح أنــــه وظــــف ألول مــــرة حــــول لكـــن بـــاملعىن السياســـي و لـــيس بـــاملعىن اجلمـــايل ، فهنـــا لســـنا بصـــدد مدرســـة جديـــدة يف لفحـــام"، و "ا

يـعد نتاج الثورات االقتصـادية أفالم الثورة، ف أفالم البطوالت و ، و الذي خبالالسينما ولكننا أمام فيلم .4االجتماعية، و مثرة جهود التقدمية الصاعدة يف اجلزائر"و

وإذا أردنـــا أن نقـــدم الفـــيلم مـــن خـــالل ملخـــص بســـيط، فســـنعود مـــرة أخـــرى هلاشـــم النحـــاس حيولـه إىل اب يقطع اخلشـب و ش من خالل قصة حطالذي يلخصه بقوله:" يتجه الفيلم إىل الواقع املعا

لكــن ظهــور الغــاز يــاة بصــناعة األواين الفخاريــة، و فحــم يبيعــه يف ســوق القريــة، و زوجتــه تعينــه علــى احلالطبيعـــي، مـــع التغـــريات االجتماعيـــة اجلديـــدة، يـــؤدي إىل الـــدخول يف أتـــون الصـــراع االجتمـــاعي احلـــاد

1 -Voir: wassyla tamzali, Op.Cit,P:134. 2 - Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:98.

70ص: اشم النحاس، م س، ه - 34 - wassyla tamzali, Op.Cit,P:48

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

254

ه االلتحـاق مبصـنع و يفـرض عمـل الزوجـة يف الذي يهدده بني القبـول بـالواقع اجلديـد الـذي يفـرض عليـيستســلم للخــوف مــن أو أن خيضــع للتقاليــد البدائيــة و مصــنع كمــا يفــرض إرســال األطفــال إىل املدرســة،

أقاويل أو مهسات اجلريان فيصبح ضحية التطور اجلديد.

.1خيتار الفحام يف النهاية االستجابة لتطورات اجملتمع اجلديد"و

ذا امللخـــص البســـيط التحـــول الـــذي أحدثـــه هـــذا الفـــيلم علـــى نلمـــس بوضـــوح مـــن خـــالل هـــمستوى املضمون باملقارنة مع األفالم اليت تناولناهـا سـابقا، فهـا هـو الفـيلم يتجـه إىل موضـوع بعيـد عـن ـــه يعـــاجل قصـــة عائلـــة بســـيطة تتصـــارع مـــع ظروفهـــا ـــة، إن موضـــوعات املقاومـــة الشـــعبية و الثـــورة التحريري

احلياتية .

ة :فيلم نو -

فيلم نوة(من إخراج عبد العزيز طواليب، سيناريو: عبد العزيز طواليب، مقتـبس عـن قصـة لطـاهر . 2)1972وطار، إنتاج:اإلذاعة والتلفزيون اجلزائري، سنة:

يعترب فيلم نوة كذلك فيلما مميزا يف إطار سلسلة أفالم هذه املرحلة اليت تشري إليها رتب حاج ا الفـــيلم كـــذلك صـــيغ لالحتفـــاء بـــالثورة الزراعيـــة، و قـــد متحـــور بشـــكل موســـى بقوهلـــا:" كســـابقه، فهـــذ

. 3أساسي حول إدانة اإلقطاع اجلزائري"

ذا يكون الفيلم حبسب الكاتبة قد توجه ملعاجلـة موضـوع األرض بشـكل أساسـي، كمـا جنـد جتمــاعي حتليل االيب يصــف فيــه هــذا الفــيلم بقولــه:"هاشــم النحــاس يــورد نصــا للمخــرج عبــد العزيــز طــو

71-70هاشم النحاس، م س، ص: - 1

2 - wassyla tamzali, Op.Cit, P:132 3 -Abdelghani magharbi, Op.Cit, P:104

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

255

االسـتعمار أثنـاء يف فـرتات ثـالث، قبـل االسـتعمار و تارخيي للمجتمع العريب من خالل اجملتمع اجلزائري .1ذلك من خالل احلياة اليومية لقرية جزائرية، حيث نعود تارخييا قرنني من الزمان"وبعده، و

عــيش للمــواطن، ــذا تكــون مضــامني أفــالم هــذه املرحلــة قــد اقرتبــت أكثــر مــن الواقــع ا مل

حيث برز موضوع األرض بشكل كبري يف مضامني هذه األفالم، و قد يكون ذلك راجعا ملا أشرنا إليه ، حظنا أن هذه املوجـة مـن األفـالميف السابق من حيث أن السينما اجلزائرية مرتبطة بالسياسة، فكما ال

ـــا أطلـــق عليـــه بــــ: "الســـينما اجلديـــدة" اســـتندت إىل اإلعـــالن عـــن مراســـيم الثـــورة الزراعيـــة كمحفـــز أو مل

يف هــذا ل مضــامني هــذه األفــالم، و لظهورهــا، لــذا كانــت األرض مــن بــني التيمــات األساســية الــيت تشــك ، وجــدت بدايـة تأصـيل ملمـوس هلــا، اإلطـار يشـري مصـطفى لشـرف بقولــه: " إن الصـورة اجملـردة للوطنيـة

رار السياسي يتحول إىل النضال من أجل األرض.أن االفرتاض الداعي إىل النضال من أجل االستقو

صـوص املتعلقـة بـالثورة ، مميزة بإصـدار الن1972هذه القراءة تفرض نفسها متاما يف واقع جزائر ا"الزراعية و .2بالصراعات املرتبطة

يؤكد الكاتب هنا على بعض نتائج املرحلة األوىل من السينما، حبيـث أن سـينما تلـك املرحلـة أهــدافها بالقضــاء علــى تلــك الصــورة اجملــردة للوطنيــة بالتأصــيل امللمــوس لصــورة الوطنيــة و مــن حققــت

خالهلـا هلويــة الشــعب، و هــي املعركــة األساســية الــيت خاضــتها ســينما املرحلــة األوىل، مث يواصــل الكاتــب ن النضــال ليعطينــا قراءتــه للواقــع السياســي و االجتمــاعي للجزائــر آنــذاك، الــذي أفــرز مفهومــا مفــاده أ

الذي أمثر االستقرار السياسي جيب أن يتحول إىل نضال من أجل األرض.

ا القيـادة السياسـية الشـك ملناخ الذي خيم على اجملتمع ، و إن هذا ا هذه الغايات اليت حـددــا تــؤثر علــى النشــاط الســينمائي، ال ســيما أن اإلنتــاج الســينمائي قــد أممتــه الدولــة و بــذلك أصــبحت أ

.81هاشم النحاس، م س، ص: - 1

2 - Mouny Berrah, Op.Cit,P : 51

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

256

املنــتج الوحيــد علــى الســاحة الوطنيــة. مــن هنــا يكــون انــدماج هــؤالء الســينمائيني يف هــذه احلركيــة العامــة للمجتمع أمرا طبيعيا، و بالتايل تكون مضامني أفالمهم داعمة هلذه املساعي، إذا فال غرابة أن تتحـول

ت عتبـــة هـــذه املرحلـــة ) الـــيت مثلـــ1972الســـينما لالهتمـــام مبوضـــوع األرض ، خاصـــة و أن هـــذه الســـنة( اجلديدة اليت تعيشها السينما اجلزائرية قد متيزت بإصدار النصوص املتعلقة بالثورة الزراعية.

ـــة مـــا يؤكـــد ارتبـــاط الســـينما يف هـــذه املرحلـــة باأليـــديولوجيات و بالتوجيهـــات السياســـية العامــا رتــب احلــاج موســى بقوهلــا :"...إن الســينما اجلديــدة ال ختفــي هــي للــبالد ا املبدئيــة إذعا يف تصــرحيا

. بــل علــى العكــس مــن ذلــك ، فهــي تعلــن عــن دورهــا مــن غــددعمهــا للتوجهــات االشــرتاكية جلزائــر الو ، (...) إن عالقـــات مـــا بـــني السياســـةمنطلـــق خـــدمتها للتوجهـــات السياســـية واأليديولوجيـــة للســـاعة

.1ج الفيلمي"األيديولوجية و التعبري السينماتوغرايف طغت يف كل اإلنتا

هـــذه احلركيـــة ، و معـــربة عـــننبـــذلك تكـــون ســـينما هـــذه املرحلـــة معـــربة عـــن انشـــغاالت املـــواط عليه يكون التعبري السينماتوغرايف تعبريا عن هوية األمة.العامة للمجتمع، و

إذا حاولنـــا أن نقـــرتب أكثـــر مـــن مضـــامني هـــذه األفـــالم، الستكشـــاف طبيعتهـــا فإننـــا جنـــد و رب عـن ذلـك بقولـه: "إن األفـالم الـيت تناولـت موضـوع األرض، سـتحاول أن تقـرتب مصطفى لشرف يع

ائي مع هذه الثنائية القائمة على اخلـري و الشـر،(...) من اجملتمع من الداخل، دون أن تقطع بشكل ا ذلك التواطؤ مع املعمرين من أجل ملكية األرض الوطنية" .2فغالبية هذه األفالم تضع من أولويا

النص الذي يعرب فيه صاحبه عـن طبيعـة هـذه األفـالم، بـأن هـذه ميكننا أن نستنتج من خالل األفالم اليت حاولـت أن تقـرتب مـن اجملتمـع مـن الـداخل، البـد أن تكـون قريبـة مـن انشـغاالت املـواطن،

لعكـس مـن ألن املقاربة اليت تبنتها حبسب الكاتب مل تكن من اخلارج أي مل تكـن سـطحية، بـل علـى ا

1 - Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:98. 2 - Mustafa lacheraf, Op.Cit,p:48.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

257

ذلك، كما يشري الكاتب إىل تلك امليزة اليت طبعت أفالم املرحلـة األوىل و الـيت كنـا قـد أشـرنا إليهـا مـن حيــث أن هــذه الســينما اعتمــدت دائمــا علــى رســم شخصــيات تتميــز إىل حــد كبــري بصــفات مطلقــة،

غالبــا مــا تكــون حبيــث تكــون إمــا خــرية جماهــدة، تضــحي بنفســها يف ســبيل الــوطن أو شخصــية شــريرة، فرنسية أو جزائرية متواطئة مع املستعمر.

ـا مل تـتلخص منهـا بعـد، يف الكاتب هذه امليزةإىل يشري حديثه عن سينما املرحلة الثانيـة، بأفالثنائيــة القائمــة علــى اخلــري و الشــر الزالــت مســتمرة ، كمــا أن الكاتــب يشــري إىل قضــية أخــرى، تتمثــل

ــا مضــامني أفــالم املرحلــة األوىل، و مــا بــنييف هــذا اخلــيط الــرابط مضــامني أفــالم هــذه املرحلــة الثانيــة، إـــا إىل الفـــالح البســـيط، هـــذه األرض الـــيت تواطـــ أت عليهـــا قـــوى الشـــر يف قضـــية األرض الواجـــب إعاد

فهــا هــي الســينما مــن اإلقطــاعيني مــن اجلزائــريني، لنهبهــا مــن الفالحــني.املاضــي، واملمثلــة يف املعمــرين و خــالل موضــوع األرض تكشــف ماضــي هــؤالء اإلقطــاعيني، والكيفيــات الــيت حــافظوا مــن خالهلــا علــى هذه األراضي، أو الكيفيات اليت مكنتهم من مجع هذه األراضـي، كاشـفة بـذلك املواقـف القائمـة علـى

التواطؤ ما بينهم و ما بني املعمرين على حساب الفالحني البسطاء.

اليت تناولـت موضـوع األرض قـد تناولـت موضـوعا جديـدا بالنسـبة من هنا تكون هذه األفالم للســينما اجلزائريــة، أو علــى األقــل أن معاجلــة موضــوع األرض يف هــذه املرحلــة كانــت معاجلــة تتســم بنــوع مــن اجلــدة، و لكنهــا حتيــل دائمــا إىل املاضــي القريــب الــذي ترتبــت عنــه نتــائج احلاضــر و املشــاكل الــيت

لبسيط.يعيشها الفالح ا

ميكننــا القــول بــأن مضــامني هــذه األفــالم مل تقطــع بشــكل كلــي مــع موضــوعات أفــالم املرحلــة الســابقة، بــل حافظــت علــى بعــض اخليــوط الرفيعــة لتتواصــل مــن خالهلــا، و هــذا التواصــل يوضــحه لنــا

األرض مصطفى لشرف بقوله:" إذا كانت األفالم حول احلرب تعرض صور الوطنية املثالية، فإن أفـالم

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

258

حتاورهم و تضع اخلطوط حتت التناقضات الداخلية جملتمع "جزائـري لـنفس املرحلـة".إن األفـالم احلديثـة .1الراسية على اليومي، ختدم هاتني املقاربتني من الداخل"

ـــذا الـــنص تلـــك العالقـــة القائمـــ ة مـــا بـــني أفـــالم املرحلـــة األوىل وأفـــالم هـــذه املرحلـــة، تتضـــح نتحدث عن قطيعة بقدر مـا هـي مرحلـة مـن مراحـل تطـور هـذه السـينما، إن هـذه بذلك ال ميكننا أنو

ال من أشـكال التواصـل مـا بينهمـا، و العالقة القائمة ما بني أفالم املرحلتني األوىل و الثانية، متثل شكالتمــام شــك أن هــذا التواصــل جيعــل هــذه الســينما تتــأثر بــالروح العامــة الــيت ســادت املرحلــة األوىل، مــن اه

هذه األفالم بقضايا اهلوية، فهذه القضية اليت جعلتها تلـك األفـالم هـدفا و غايـة، الشـك أننـا نلمسـها يف هذه املرحلة الثانية أيضا و لو بضالل أخف.

بـــالرجوع إىل نـــص املقتـــبس األخـــري نقـــول إذا كانـــت أفـــالم املرحلـــة األوىل قـــد اســـتغرقها التغـــين حـد تعبـري هاشـم النحـاس، فهـا هـي أفـالم املرحلـة الثانيـة األكثـر واقعيـة بأجماد و بطـوالت املاضـي علـى

بغوصها يف أعماق اجملتمع لتدرسه و تقدمه من الداخل، و تقف على مشاكله احلقيقية و اليومية.

إن سينما املرحلة الثانية كما يشري الكاتب تنـاقش مشـاكل جمتمـع جزائـري لـنفس املرحلـة الـيت ـــا ســـينما املرحلـــة األوىل، ألوىل، و رحلـــة اتناولتهـــا ســـينما امل لكنهـــا تقـــف عنـــد بعـــض القضـــايا الـــيت جتاوز

لتضع خطوطا حتـت تلـك التناقضـات الداخليـة للمجتمـع، الشـيء الـذي أسـقطته سـينما املرحلـة األوىل النشغاهلا بقضية أهم تتمثل يف ترسيخ أسس هوية مسلوبة.

نما و هــــذه األفــــالم للمرحلــــة الثانيــــة نعــــود يف ختــــام هــــذا املســــح الســــريع ملالمــــح هــــذه الســــيو بالتـــدريج مـــن التـــارخيي إىل السوســـيولوجي، الســـينما شـــرف الـــذي يصـــف املرحلـــة بقولـــه :" و ملصـــطفى ل

1 - Mustafa lacheraf, Op.Cit, p:46.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

259

اجلزائرية تضع مؤقتا حدا ملا يؤسسها كسينما وطنية، لتتبىن األفالم اخلياليـة املتعلقـة بـاحلراك االجتمـاعي .1جملتمع يف اضطراب مستمر"

تــب هنــا يشــري مــرة أخــرى إىل طبيعــة التحــول علــى مســتوى البنيــة الدراميــة و كــذا علــى فالكامستوى املضامني، فإذا كانت يف السابق قد تأسست كسينما وطنية من خالل اهتمامها باملوضوعات التارخييــة و القصــص املســتوحاة مــن وقــائع ثــورة التحريــر، فإننــا جنــدها اآلن قــد ختلــت عــن ذلــك متوجهــة

فالم اخلياليـة لتتفاعـل مـع هـذا الواقـع االجتمـاعي، جملتمـع يف اضـطراب مسـتمر، وبـذلك تكـون هـذه لألعاجلــت مهومـــه وآمالــه ســينمائيا، الشــيء الــذي يــدفعنا ارتبطــت بــالواقع املعــيش للمــواطن و األفــالم قــد

ا عربت عن هوية اإلنسان اجلزائري. للقول بأ

أفالم المرحلة الثالثة : -ج

، 1976يتفق املهتمون بشأن السينما اجلزائرية على أن عتبة هذه املرحلة تكون بداية من سـنة بدايـــــة الثمانينـــــات: ظهـــــرت يف هـــــذه الفـــــرتة -1976ذلـــــك مـــــا تؤكـــــده رتـــــب حـــــاج موســـــى بقوهلـــــا:"

غري معرب عنها.ة، إىل حد الساعة كانت هامشية و موضوعات جديد

رأة، املشــاكل اليوميــة، كأزمــة الســكن، النــزوح الريفــي، فــاألفالم تباشــر مشــاكل الشــباب و املــ .2النقل،...إخل خالفا للمرحلة السابقة"

البدايـــة احلقيقـــة هلـــذه املرحلـــة مـــن مراحـــل الســـينما اجلزائريـــة، وهـــو مـــا 1976ـــذا تكـــون ســـنة ا يوافـــق عليـــه هاشـــم النحـــاس بقولـــه:" إذا كـــان فـــيلم " عمـــر قتلتـــه الرجلـــة" هـــو مـــا ميثـــل نضـــج الســـينم

1 - Mustafa lacheraf, Op.Cit,p:48 2 - Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:98

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

260

ـذه السـينما اجلزائرية يف نظر بعض النقاد، فهو من ناحية أخرى يعلن عن بداية مرحلة جديـدة تنتقـل .1عموما إىل مستوى أكثر نضجا"

إذا كان هاشم النحاس حيـدد بدايـة هـذه املرحلـة الثالثـة مـن خـالل فـيلم عمـر قتلتـو الرجلـة"، حبســـب البطاقـــة التقنيـــة الـــيت توردهـــا وســـيلة متـــزايل ، 1976فإننـــا نعلـــم بـــأن هـــذا الفـــيلم قـــد أنـــتج ســـنة

:(ســيناريو و أخــراج , مــرزاق علواش,إنتــاج الــديوان الــوطين للتجــارة و الصــناعة الســينمائية, إنتــاج ســنة . 2)س 1د:20, املدة : 1976

تكــون مبثابــة االنطالقــة الفعليــة هلــذه املرحلــة مــن مراحــل 1976ــذا ميكننــا أن نؤكــد بــأن ســنة ما اجلزائرية , واليت دشنها فيلم " عمر قتلتو الرجلة" ملرزاق علواش.السين

إن مضــــامني أفــــالم هــــذه املرحلــــة مــــن مراحــــل تطــــور الســــينما اجلزائريــــة، مل ختتلــــف عمــــا اتسمت به املرحلة السابقة هلا، فـالربجوع إىل املقتـبس السـابق لرتـب حـاج موسـى الـيت أشـارت إىل أهـم

توجهـت إليهـا هـذه السـينما، ميكننــا أن نقـول بـأن سـينما هـذه املرحلـة عمقـت التوجــه املوضـوعات الـيت الـــذي باشـــرته يف املرحلـــة الســـابقة، مـــن خـــالل تكفـــل أحســـن و أمشـــل باملوضـــوعات االجتماعيـــة علـــى ـا سـينما تنوعها. ويصف هاشم النحاس سينما هذه املرحلة بقوله :" مييز هذه املرحلـة عـن سـابقتيها أدعائية، فالسينما اجلزائرية سواء يف مرحلتها األوىل املرتبطة بالتحرير أو مرحلتها الثانيـة املرتبطـة بـالتغيري،

كانت يف احلالتني سينما نضالية حتمل وجهة نظر دعائية (باملعىن الفكري للكلمة).

.74ص:م س، م النحاس، هاش - 1

2 - Wassyla tamzali, Op.Cit,P:144

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

261

هـــا حماولـــة لكنهـــا يف هـــذه املرحلـــة اجلديـــدة ال تقودهـــا الـــدعوى (املســـبقة غالبـــا) و لكـــن يقود .1االستكشاف، استكشاف نفسها و استكشاف اإلنسان الذي تعرب عنه"

قد يكون هذا أحد املالمح األساسية الـيت منيـز مـن خالهلـا أسـلوب سـينما املرحلـة الثالثـة عـــن غريهـــا مـــن املراحـــل الســـابقة، و بـــذلك يكـــون التمييـــز علـــى مســـتوى األســـلوب فقـــط، يف حـــني أن

يف هـــذه املرحلـــة تبقـــى كمـــا كانـــت عليـــه يف املرحلـــة الثانيـــة مـــن حيـــث التوجـــه العـــام املضـــامني املعاجلـــةللقضــايا االجتماعيــة، بــل جنــدها يف هــذه املرحلــة تتعمــق أكثــر فــأكثر، فهــي يف هــذه املرحلــة كمــا أشــار إليــه النجــار تســعى الستكشــاف اإلنســان الــذي تعــرب عنــه، بعيــدا عــن ذلــك التوجــه الــدعائي الــذي عــرب

يف نفس سياق احلديث عن ختلي هذه السينما عـن اخلطـاب الـدعائي، جنـد رتـب حـاج و ه الكاتب.عنموسى تعلق عن ذلك بقوهلا:" خالفا للمرحلة السابقة، فهذه املرحلة ال تسـتنفذ خطابا"منظمـا" يتمتـع

.2بشرعية ما، و كأنه أخريا متكنت السينما من التجذر يف حقيقتنا دون أن تستند ملربرات"

، مــا هــو إال تلــك املنظومــة ختفــى مــن أفــالم ســينما هــذه املرحلــةفهــذا اخلطــاب املــنظم الــذي ااأليديولوجيـــة الـــيت كانـــت أفـــالم املراحـــل الســـابقة تســـعى للتعبـــري عنهـــا وللدعايـــة هلـــا، مثلمـــا أشـــار إليـــه

ة الـيت مل تعـد النجار سابقا، كما تشري الكاتبـة إىل الوضـع الـذي أصـبحت عليـه السـينما يف هـذه املرحلـــا طــاب تســتند إليــه لتــربر وجودهــا، و تبحــث فيهــا علــى خ كــأن الســينما حتولــت يف هــذه املرحلــة مــن كو

، إىل فـن قــائم بذاتـه متجـذر يف حقيقتنــا وواقعنـا سـالح يوظـف لتحقيـق غايــات حمـددة جمرد وسـيلة أو مهه التعبري عن اإلنسان.

هذه املرحلة بقوله: " فمع استقرار اجملتمع بـدأت يلخص لنا هاشم النحاس وضع السينما يفالسينما يف التحرر من طلباته امللحة العاجلة، لتنظر يف احتياجـات أخـرى جديـدة تتـواءم مـع متطلبـات

.75-74ص:هاشم النحاس، م س، - 1

2 - Ratiba hadj-moussa Op.Cit,,P:98.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

262

اجملتمــع اجلديــد، و هــي بــذلك تتحــول مــن ســلطة فوقيــة تفــرض تعاليمهــا، و تكــون ســالحا للــوعي يف تصــبح بــذلك جــزءا مــن نســيج احليــاة الواســعة يف كــل األوقــات، و احليــاةوقــت الشــدة، إىل أداة للــوعي ب

.1اليومية، أداة حياة بعد أن كانت سالح معركة"

حيــاول الــنص الــذي بــني أيــدينا أن يرصــد لنــا املنــاخ العــام الــذي نشــطت يف إطــاره ســينما هــذه الثقافيـة الـيت لونـت لألجـواء السياسـية واالجتماعيـة و املرحلة، حبيث نستشف من خاللـه املالمـح العامـة

تـــاح العـــام الـــذي عرفتـــه املرحلـــة، هـــذه املرحلـــة باملقارنـــة مـــع ســـابقتها، والـــنص يشـــري إىل نـــوع مـــن االنفبالتــايل جنــد أن الضــغط قــد خــف علــى الســينمائيني، هــذا الضــغط الــذي متثــل يف املراحــل الســابقة يف و

دفاع عــن قـــيم حمــددة، أو لتبليــغ رســائل اإلحســاس بواجــب حتقيــق غايــات حمــددة لصــاحل اجملتمــع، أو الــ حمددة، لذلك وظفت السينما آنذاك كسالح.

إن هــذه الغايــات الــيت كانــت توجــه عمــل الســينمائي فرضــت عليــه أن يرتــب األولويــات الــيت جيــب أن يتعــاط معهــا مــن خــالل هــذا الفــن خدمــة للمجتمــع، وللمصــاحل العليــا لألمــة بالشــكل

ه آنـــذاك ، و مـــا إن قطعـــت الســـينما أشـــواطا مهمـــة يف هـــذا الـــدرب حـــىت خـــف هـــذا الـــذي تبلـــورت فيــــا، لتبـدأ يف هـذ ه املرحلـة الثالثـة تلتفـت ميينـا العبء الذي كانـت حتملـه، و هـذه املسـؤولية الـيت ألزمـت

ـــا و يف مشـــاال يف حماولـــة لتـــدارك الـــنقص ومعاجلـــة القضـــايا احليويـــة الـــيت مل يســـعفها احلـــظ يف االهتمـــام ــا تقــرؤه مــن جديــد لتستكشــفه، و الفــرتات الســابقة، وبــذلك جنــدها قــد التفتــت للمجتمــع وك بالفعــل أ

ــا للمجتمــع عميقــة بالشــكل الــذي دفعهــا لتنويــع موضــوع ا و اتســاع جمــاالت اهتمامهــا، كانــت قراء ااجتاههـــا، يف هـــذا يشـــري هاشـــم النحـــاس بقولـــــه: "و الســـينما عنـــدما تكـــون ســـالحا يف معركـــة يتوحـــد و

75ص:هاشم النحاس، م س، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

263

كـذلك دة الظـروف يف املرحلـة احلامسـة، و بسبب الرتكيز على اجتاه معني و تضـخم أمهيتـه، ممـا تفرضـه حـ كان حاهلا يف املرحلتني السابقتني .

ـــا تأ خـــذ يف التشـــعب يف كـــل مرحلـــة تســـري يف اجتـــاه وحيـــد، أمـــا عنـــدما تصـــبح أداة حيـــاة فإ .1هر واضحا يف اجتاهها اجلديد"هذا ما يظلتغطية اهتمامات وطموحات أوسع، و

فيـه املرحلـة الثانيـة بـذلك تكـون هـذه املرحلـة اسـتمرارا للمرحلـة السـابقة بالشـكل الـذي كانـت تطورا نوعيا بالنسبة للمرحلة اليت سبقتها أيضا.استمرارا و

ـا، فيمكننـا القـول بأنـه "ميثـلو هـذا إذا أردنا أن منثل للمرحلة من خالل أهم األفالم الـيت ميزاالجتاه ثالثة أفالم كل منها يعترب وحده اكتشافا جديدا يف الشكل واملضمون يف جمال التجربة اجلزائريـة يف الســـينما و منـــه مـــا يعتـــرب اكتشـــافا بالنســـبة لســـينما العـــامل العـــريب كلـــه، فـــإذا كـــان األول "عمـــر قتلتـــه

مغــامرات بطــل يقــدم قصــة خياليــة الرجلــة" اجتمــاعي ســاخر مــن ناحيــة املضــمون (...)، فــالفيلم الثــاينا العرب الفيلمـان لـنفس املخـرج أمـا الفـيلم الثالـث "حسـن ية الواضحة يف الشـكل واملضـمون و هلا ارتباطا

ـــا عمـــل جديـــد بالنســـبة تاكســـي" فيقـــدم كوميـــديا ســـينمائية وهـــي و إن كانـــت يف شـــكل تقليـــدي إال أ . 2للفيلم اجلزائري له مربراته"

األفالم الثالثة من جممل اإلنتاج ، باعتبارها أهـم العنـاوين الـيت ميـزت إنتـاج ميز الكاتب هذه ن نقدم منوذجني من إنتاج املرحلة:هذه املرحلة من مراحل تطور السينما اجلزائرية، و فيما يلي حناول أ

مغامرات بطل: فيلم

75هاشم النحاس ، م س، ص: -1 .76-75، ص: هاشم النحاس ، م س -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

264

ــــــواش، ســــــي ــــــواش، إفــــــيلم مغــــــامرات بطــــــل( مــــــن إخــــــراج : مــــــرزاق عل ــــــاج ناريو: مــــــرزاق عل نتالديوان الـــوطين للتجـــارة و الصـــناعة الســـينمائية و اإلذاعـــة والتلفزيـــون اجلزائـــري، ســـنة اإلنتـــاج : مشـــرتك:

.1)اس2:د10، املدة:1978

اتســـم عمومـــا جبميـــع امـــة الــيت ميـــزت هـــذه املرحلـــة، و فــيلم "مغـــامرات بطـــل"، أحـــد األفـــالم اهلا أفالم هذه الفرتة، جمتمعه، ليغوص فيهما متناوال مشدود بقوة إىل واقعه و فالفيلم امليزات اليت تلونت

بــذلك بعــض القضــايا املهمــة الــيت كانــت مطروحــة يف هــذه الفــرتة، مثلمــا يشــري إليــه عبــد الغــين املغــريب ــا جنــوح األحــداث، يف الواقــع بقولــه:" مغــامرات بطــل يعــاجل ظــاهرة تفامخــت أكثــر فــأكثر يف البلــد: إ

فــالم علــى األقــل لتحســيس املــواطن(على األقــل أولئــك الــذين ميلكــون كــان جيــب أن نصــور عشــرات األذه اآلفة االجتماعية" .2تلفازا)

إن هذا التصريح الذي يوضح فيه الكاتب الغاية من وراء هذا الفـيلم الـذي حـاول أن يغـوص ســتقبل خاصــة فئــة الشــباب الــذي يعتــرب متــه لقضــية هامــة تنخــر اجملتمــع، و يف اجملتمــع مــن خــالل معاجل

ــذا نقــول بــأن هــذا الفــيلم و مــن خاللــه أفــالم املرحلــة ك حتــدثنا لهــا الزالــت تعــرب عــن اجملتمــع، و األمــة . سياسـية، يلمه الثاين خيرج حكايـة فلسـفية و وسيلة متزال عن (مغامرات بطل) قائلة: "مرزاق علواش يف ف

جــل لـــ"املهدي" (املهــدي املنتظــر)، تلخــص األحــالم الومهيــة جليــل مــن الشــباب، بطلهــا حيمــل االســم املبالــذي خيــرج يف رحلتــه الكتشــاف العــامل، مقتنعــا بأنــه مكلــف مبهمــة إنقــاذ العــامل، هــذه الرحلــة املفتوحــة

. 3على بلدان غري حمددة تقوده إىل السجن، حيث ينهي مغامرته"

1 - Wassyla tamzali, Op.Cit,P:150. 2 - Abdelghani magharbi, Op.Cit, P:128. 3 - Wassyla tamzali, Op.Cit,P:150

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

265

و يف بنائــــه ب الســــيناريتشــــري الكاتبــــة مــــن خــــالل هــــذا الــــنص إىل احلكايــــة الــــيت اســــتغلها كاتــــو غـري مباشـر علـى الـرتاث هذه احلكاية املرتبطة باملهدي املنظر حتيلنا بدورها بشكل مباشـر أالدرامي، و

بــذلك يكــون الكاتــب قــد اشــتغل علــى املــوروث الشــعيب ، الــذي يشــكل أحــد الشــعيب والــديين لألمــة، و اخليوط اهلامة يف تشكيل اهلوية اجلماعية لألمة.

ينما املرحلـــة و مـــن خـــالل هـــذا الفـــيلم حتديـــدا، الزالـــت تتفاعـــل مـــع مـــن هنـــا نلمـــس بـــأن ســـوية الشعب و الزالت تعرب عن قضايا اجملتمع. القضايا املرتبطة

إذا حاولنــا أن نقــدم ملخصــا ألحــداث هــذا الفــيلم فيمكننــا أن نقــول :" ينتهــز أحــد رجــال و -العدالة، فيدعي دافع عن الفقراء وحيققالقبيلة الفقراء انتظارها بشوق لقدوم املهدي املنتظر الذي ي

هبوط ملك عليه من السماء خيربه بأن طفله سيكون هذا املهدي. -معاش ابنه ليضمن معاشه و

صة تليق باملخلص، ويكـرب االبـن تصدق القبيلة الكذبة و تتوىل عنه مهمة تربية ابنه تربية خاو حيوهلـا ه يستطيع أن يكذب على القبيلة و ه، لكن يتورط يف عدة مغامرات و تصرفات تكشف عن غبائو

لكنهـا –دون كيشـتيه –إىل كرامات و عندما يرحـل إىل املدينـة هلـدايتها يقـع يف عـدة مـآزق مضـحكة .1يف الوقت نفسه تكشف عن بعض السلبيات االجتماعية."

ائمـة لـك العالقـات القفمن خالل هـذه األحـداث الـيت صـورها الكاتـب، حيـاول أن يكشـف تماديـة، ليواصـل التزوير للحقائق والنفـاق االجتمـاعي، امللفـق بـرداء ديـين لتحقيـق مصـاحلعلى الكذب و

يــع املشــاريع القائمــة هــذه األوهــام الــيت ترســخت يف ذهــن البطــل مكســرا بــذلك مجكشــف هــذا الزيــف و األوهام يف عقول الشباب.على الكذب و

79هاشم النحاس، م س، ص: -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

266

فيلم حسن طاكسي: – 2

قومي للتجارة و الصناعة السينمائية"إنتاج الديوان ال

.1حوار :حممد سليم رياض و رويشد"سيناريو و

حسان تاكسي يلخصه لنا حممد عبيدو بقوله :" وأخرج سليم رياض فـيلم (حسـان تاكسـي) .(...) يف هــذه املغــامرة حنــن أمــام حســن العجــوز املتعــب و املنهــك يف الســنوات الطويلــة 1982عــام

ون جــدوى احلصــول علــى ســتقالل يف اجلزائــر، لقــد شــغل عــدة وظــائف، حمــاوال داملاضــية الــيت تلــت اال، السـكوت علـى الظلـم للحصـول علـى عمـللكن كربياءه منعه يف الكثري من األحيان مـن حياة كرمية و

ميــنح حســان رخصــة القيــادة لكونــه أحــد اجملاهــدين القــدامى و يــنهض مــن هاويتــه ليبــدأ بدايــة جديــدة: ...) حسـن التاكسـي هـو رؤيـة مـؤثرة عـن حيـاة أبنـاء العاصـمة اجلزائـر إننـا نعـيش "إنه حسن طاكسي (

.2معه كل مشاكله اليت هي يف النهاية مشاكل الناس أمجع"

يف هذا الفيلم و من خالل بطله الذي تقوده رحلته لكسب العيش لالحتكاك بعديد الدوائر روح ملتعب، غري أن األسلوب اهلـزيل و ملواطن االرمسية، يكشف لنا من خالهلا املشاكل اليت تثقل كاهل ا

ـا املمثـل رويشـد تلطـف مـن أجـواء هـذه الـدراما املثقلـة باملعانـاة اليوميـة للمـواطن، الدعابة اليت يتحلـى يعكــس الصــورة يت يعــاين منهــا املــواطن البســيط، و وبــذلك فــإن الفــيلم كســابقه انعكــف علــى املشــاكل الــ

يشري إىل بعض التناقضات اليت طفت على السطح. اليت أصبح عليها اجملتمع، و

مــــن خــــالل هــــذين الفيلمــــني ميكننــــا أن نقــــول عمومــــا بــــأن ســــينما املرحلــــة قــــد تفاعلــــت مــــع بـذلك عـربت عـن اهلويـة بشـكل اطن و اجملتمـع يف هـذه املرحلـة، و املوضوعات ذات األمهية بالنسبة للمو

،اجلزائر.1982م رياض، فيلم :حسان تاكسي، الديوان القومي للتجارة و الصناعة السينمائية،حممد سلي - 1 .www.ahawar.org.3حممد عبيدو ، السينما يف اجلزائر - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

267

كمــا جيــدر اإلشــارة إىل االقــرتاب مــن التوجــه عــام ، بالشــكل الــذي يشــري فيــه هاشــم النحــاس بقولــه: "ــا العربيــة، و ترمــز العــريب يف هــذه اجملموعــة مــن عــدة نــواحي، فــاألول يقــدم شخصــية جزائريــة حتمــل مساللشخصـــــية العربيـــــة عامـــــة يف بعـــــض أبعادهـــــا البـــــارزة، و الثـــــاين يقـــــدم حماولـــــة لشـــــكل ســـــينمائي عـــــريب

و الثالــث يقــدم فيلمــا مــن أفــالم الســينما العربيــة التقليديــة واملضــمون يرمــز إىل وضــع عــريب عــام أيضــا، .1اجليدة، مما يضمن له القبول لدى اجلمهور العريب ."

ـــا حتيـــل مباشـــرة علـــى املرجعيـــة ـــذا تكـــون أفـــالم هـــذه املرحلـــة مثلمـــا أشـــار الكاتـــب علـــى أة" والــذي اعتــربه أول العربيــة، ســواء مــن حيــث البنــاء الــدرامي لشخصــية بطــل فــيلم "عمــر قتلتــو الرجلــ

اعتمـــده، فـــيلم، أو مـــن حيـــث شـــكل و مضـــمون الفـــيلم الـــذي يعـــد الثـــاين مـــن حيـــث الرتتيـــب الـــذي قـــايف الشـــعيب، أو الفـــيلم املتمثـــل يف فـــيلم "مغـــامرات بطـــل"، الـــذي حييـــل أيضـــا إىل ذلـــك املـــوروث الثو

يف هــذا هــور العــريب، و ظــى بقبــول لــدى اجلمالــذي يــرى بأنــه حي املتمثــل يف "حســان طاكســي "األخــري و التعبــري إشــارة إىل أن مضــمون الفــيلم يعــرب عــن شــرائح واســعة مــن الشــعوب العربيــة، وبــذلك تقبــل عليــه

تعبــريه عــن هويــة تــرتبط هــذه اجلمــاهري دون أن تشــعر بنــوع مــن االغــرتاب، ويف إقباهلــا هــذا داللــة علــى مـل بعـدها احمللـي مـن خـالل ، وهو بعد ثقايف أساسي يف تشـكيل اهلويـة اجلزاببعد عريب ئريـة، دون أن

تعامل الفيلم مع قصة رمست مالمح شخصيات جزائرية حملية.

أفالم المرحلة الرابعة: -د

ايـــة فـــرتة الثمانينيـــات حبســـب تقـــديرنا، باعتبـــار أن املرحلـــة إن هـــذه املرحلـــة الـــيت تنطلـــق مـــع ، تعتــرب احملطــة احلساســة 1984-1970عــل املرحلــة مــا بــني الثالثــة متتــد إىل غايــة منتصــف الثمانيــات" و ل

.76هاشم النحاس، م س، ص:1-

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

268

بالنسـبة للســينما اجلزائريــة، حيــث شــهدت دخــول الــديوان الــوطين و الصــناعة الســينمائية العمــل امليــداين .1حمتكرا االسترياد والتوزيع"

الثمانينيــات حــدا ملرحلــة انقضــت، جيعــل فيصــل يف حديثــه عــن الســينما اجلزائريــة ، منتصــف الثمانينيـات ه نقول بأن املرحلة الرابعة ملراحـل تطـور هـذه السـينما، ينطلـق مـن النصـف الثـاين لفـرتةعليو ت فيها اجلزائر أزمـات اقتصـادية متتد بذلك هذه املرحلة طيلة فرتة التسعينيات، وهي املرحلة اليت شهدو ملصـاحلة الوطنيـة، و الـذي ، إىل غايـة تبلـور مشـروع ا1988سياسية متعاقبة، بـدءا مـن أحـداث أكتـوبر و

طوى عنف العشرية احلمـراء، و نعتقـد بانتهـاء هـذه الفـرتة األليمـة طـوت السـينما مرحلـة عصـيبة لتنتقـل ملرحلـة جديــدة أهـم مــا مييزهـا العــودة القويــة للدولـة لتمويــل اإلنتـاج الســينمائي، مـن خــالل االحتفــاالت

ب" ســـنة اجلزائـــر يف فرنســـا" أو تظـــاهرة " اجلزائـــر الســـنوية الـــيت دأبـــت عليهـــا الدولـــة، ســـواء مـــا تعلـــق عاصمة الثقافة العربيـة" أو "تلمسـان عاصـمة الثقافـة اإلسـالمية" أو مـن خـالل إصـدار قـانون تتبـىن فيـه

موضوع ثورة التحرير.ئية اليت تتناول تاريخ اجلزائر و التمويل الكامل لألعمال السينما

الــذي جيعلهــا ئي ســيلون املرحلــة حتمــا، بالشــكل لعــل هــذا املوقــف الــداعم لإلنتــاج الســينماو ذلك ما تبدى من خالل الكم املعترب لألعمال السـينمائية الـذي تنـاول موضـوع ختتلف عن سابقتها، و

الثورة و رموزها من األبطال .

بــالرجوع إىل الفــرتة الــيت حــددناها بالنســبة للمرحلــة الرابعــة مــن مراحــل تطــور الســينما ميكننــا و ل بأن هذه الفرتة بالنسبة للسينما اجلزائرية كانت فرتة أزمة بامتيـاز، كـادت أن ختتنـق فيهـا ألسـباب القو

عدة أمهها الوضع األمين الذي حال دون إجناز أعمال يف ظروف عادية داخل تراب الـوطن، باإلضـافة

.www.startimes.comب. فيصل، السينما اجلزائرية رصيد حافل رغم والدته القيصرية. -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

269

غايــة هجــرة الكثــري مــن إىل الرتاجــع احملســوس للدولــة يف جمــال التكفــل بتمويــل اإلنتــاج الســينمائي، إىل الوجــوه الســينمائية إىل خــارج الــوطن، ناهيــك عــن قــرار احلكومــة حبــل مؤسســات اإلنتــاج الســينمائي يف

ا الفوضــى بالشــكل الــذي يشــري فيــه الناقــد بعــد عشــر الســينمائي أمحــد جبــاوي بقولــه:" و ظــروف تشــوـــة بـــد ال مـــن تســـليمها إىل قطـــاع ســـنوات، قـــررت احلكومـــة حـــل مؤسســـات الســـينما، و قـــام وزيـــر املالي

الســـينما، بتحويـــل التجهيـــزات اخلاصـــة بـــالتلفزيون بعـــد أن قـــام بتفكيكهـــا، و مـــن املفارقـــات أن يـــتم يف ســياق عمليــة إعــادة اهليكلــة حتويــل مقــر الســينما إىل احلــزب الــذي كــان يتزعمــه الــوزير األول الــذي قــام

التــايل علــى العتــاد والتجهيــزات متخليــا بســلفا حبــل مؤسســات الســينما دون أن ينشــئ هيئــة انتقاليــة، املخـــابر ألمـــالك الدولـــة (...) و يف نفـــس الوقـــت أغلقـــت قاعـــات الســـينما تباعـــا، لتغلـــق الـــدائرة بعـــد و

ذلك.

تعمـــدة لتســـليم الســـينما الســـؤال كيـــف ال نـــرى يف مثـــل هـــذا املســـعى للهـــدم املنهجـــي إرادة مو . 1ة األقراص املضغوطة املقرصنة"جمموعات املصاحل النشطة يف جمال جتار للوبيات و

ـــذه الظـــروف و املشـــاكل الـــذي عـــاىن منهـــا قطـــاع الفـــن تبلـــورت يف هـــذه الفـــرتة الـــيت متيـــزت الســـينمائي يف اجلزائـــر و خاصـــة ضـــعف التمويـــل، أســـاليب أخـــرى لإلنتـــاج الســـينمائي، أهـــم مـــا مييزهـــا

بـدفع العـاملني يف 1993مسـت القطـاع سـنة اللجوء إىل الرأس املـال األجنـيب، خاصـة بعـد اهليكلـة الـيت القطــاع إىل تشــكيل مؤسســات إنتاجيــة خاصــة، مثلمــا يشــري إليــه رمــزي نــايلي:" أمــا التســعينيات فقــد

مــنح املخرجــون 1993محلــت تغيــريا جديــدا و أكثــر جذريــة يف هيكلــة الســينما اجلزائريــة، ففــي أكتــوبر شــهرا يف دعــوى هلــم مــن الدولــة 36مــا يــوازي مرتبــات أعضــاء املركــز اجلزائــري لفنــون و صــناعة الســينما

www.alkhabar.comأمحد جباوي، احملنة الكربى للسينما اجلزائرية -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

270

ـــم، و لت باشـــر املركـــز مهامـــه متيحـــا الفرصـــة أمـــام املشـــروعات الواعـــدة شـــكيل كيانـــات إنتاجيـــة خاصـــة .1للخروج إىل حيز التنفيذ بناءا على قراءة جلنة يرأسها الكاتب رشيد ميموين"

ر القـــانوين لالســـتعانة بـــالرأس املـــال اإلطـــايكلـــة اجلديـــدة القنـــوات الضـــرورية و أوجـــدت هـــذه اهل، خاصــة عنــدما يكــون مصــدره ذلــك الكيــان كــون نوايــاه حســنة يف مجيــع احلــاالتاألجنــيب، الــذي ال ت

الذي كان و ال يزال يعمـل علـى هـدم مقومـات اهلويـة الوطنيـة، بالشـكل الـذي يلمـح إليـه أمحـد جبـاوي ميكننـــا لـــذكرى اخلمســـني للتحريـــر بقولـــه:" و يـــة ايف إطـــار حديثـــه عـــن اإلنتـــاج الســـينمائي مبناســـبة احتفال

ــــه قبــــل ــــذي لعبت ــــدور ال ــــر، أال تــــؤدي الســــينما ال ــــذكرى اخلمســــني للتحري بالتــــايل أن نأســــف مبناســــبة الاالستقالل، فالقنوات الفرنسية اليت استفادت من دعم كبري من الدولة الفرنسية كانت حتضر منذ أكثر

م ملـــا مـــن ســـنتني عشـــرات األفـــالم و األشـــرطة ا لوثائقيـــة، ال لالحتفـــال باســـتقاللنا، بـــل لرتســـيخ نظـــرايــة حــرب اجلزائــر" و ال ميكــن حينــذاك أن نتعجــب مــن الشــروع يف بــث هــذه األفــالم بدايــة يعتربونــه "

.2من التاريخ املصادف لذكرى وقف إطالق النار ليتسع العمل إىل غاية شهر جويلية..."

ة الشخصية اجلزائريـة املسـلوبة، باألمس القريب تكرس صور فهذه السينما الفرنسية اليت كانت جتتهــد مــن أجــل تكــريس تلــك الصــورة الــيت ال توظفهــا إال كضــالل أو ديكــورات يف أفالمهــا، الزالــت و ذا املوعد الوطين اهلام .و بث وجهة نظرها إىل غاية اآلن حبسب الكاتب من خالل اهتمامها

ــ مــن هنــا نتســاءل كيــف يكــون تعبــري كيــف يكــون الم املدعومــة باملــال الفرنســي ؟ و هــذه األف تعاملها مع اهلوية اجلزائرية ؟.

ايـة الثمانينـات بذلك نعتقد، و حبسب هذه الظروف العامة اليت سادت املرحلـة، بدايـة مـن ــا متثــل فــرتة أزمــة عاشــتها الســينما اجلزائريــة بالشــكل الــذي يشــري فيــه ع ايــة التســعينات، أ بــد إىل غايــة

.ouledberriche.ahlamontada.netرمزي نايلي، تاريخ السينما اجلزائرية، - 1

أمحد جباوي، م س. 2-

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

271

بـأن السـينما مل تعـد احلكيم مزيان قائال:" إن درواويش اقتصاد السوق يقول حممـد شـويخ، قـرروا فجـأة ال يلــزم دعمهــا :"مل يكــن لــدينا ثقافـــة الرتكيــب املــايل بتاتــا. فــنحن يف وســط عـــدائي، ال ذات مــردود و

ود لـه، فهنـاك الكثـري مـن توجد خمابر، السينما مل تكن علما دقيقا، البنوك ال تساهم، السبنسور ال وجـا آليـة ضـارة املشاكل لصناعة فيلم، (...) لذلك فالكثري من األفالم اجلزائريـة تنـتج بـأموال فرنسـية:" إ

جدا، يكفي أن نلقي نظرة على مسار بعض السينمائيني األفارقة.

ء عميـق جـدا، فيحصـل علـى اجلــوائز فـاملخرج يصـنع أول فـيلم قـوي جـدا ألنـه منبثـق مـن شـيإلعانـــات الـــيت تـــربز مـــن العـــدم، و حتضـــر معهـــا الضـــغوط اخلبيثـــة املمارســـة مـــن طـــرف هـــؤالء املمـــولني او

. 1املطالبني بضرورة توسيع القاعدة اجلماهريية للفيلم"

بعــــة مــــن مراحــــل الســــينما يتحــــدث الكاتــــب هنــــا عــــن الفــــرتة الــــيت اعتربناهــــا متثــــل املرحلــــة الرامن املشـاكل الـذي كـان يتخـبط فيهـا القطـاع بشـكل عـام، و الـيت هنا جنده يشري إىل العديداجلزائرية، و

أدت إىل شلله تقريبا خصوصا بعد انسحاب الدولة وتراجعها عن دعمه و ما تلـى ذلـك مـن إجـراءات وصــفها أمحــد جبــاوي باهلــدم املنهجــي. كمــا يعــرب الكاتــب صــراحة عــن النوايــا اخلبيثــة هلــؤالء املمــولني،

أن آلية الدعم األجنيب آلية ضارة . ويستخلص حبسب جتربته

على مستوى أفالم هذه املرحلة، من هنا فال ريب أن نلمس االنعكاسات السلبية هلذه اآلليةـا مـن قـد ترتكـز هـذه اآلثـار السـلبية علـى وجـه التحديـد يف قضـايا مرتبطـة باهلويـة اجلزائر و يـة ومـا يـرتبط

لـه مـن خـالل بعـض الشـواهد بتحليـل منـاذج مـن أفـالم عرف. ذلك ما سنحاول أن منثـلقيم أخالقية و أعــراف اجملتمــع اجلزائــري بشــكل خمتلــف عمــا يهــا الســينما اجلزائريــة مــع قــيم و هــذه املرحلــة الــيت تعاملــت ف

ا تعاملـت مـن خـالل ذلـك بشـكل خمتلـف ألفناه يف أفالم املراحل السابقة، وبالتايل ميكننا أن نقول أايــة مـع قضـايا اهلويـة اجلزائ ريــة، ذلـك مـا ســنبحثه مـن خـالل بعــض النمـاذج مـن أفــالم هـذه املرحلـة يف

1 - Abdelhakim meziani, le cinema algerien a l’heure des grands choix, www.euromedcafé.org.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

272

املبحــث . غـــري أننــا نقـــول بــأن ســـينما هــذه املرحلـــة مل تكــن وفيـــة للمبــادئ الـــيت قامــت عليهـــا الســـينما يف املرحلـــة الثانيـــة و بالتحديـــد يف بقا أمحـــد مهـــام بقولـــه: " ... و اجلزائريـــة بالشـــكل الـــذي عـــرب عنـــه ســـا

هويتــه نتيجــة لالنتكاســات الــيت مــا ، حتــدث القطيعــة بــني الســينمائي و ثمانينــات مــن القــرن العشــرين الحــول الســينمائي مــن حامــل آلمــال فتئــت تنخــر أجمــاد األمــة يف عصــرها احلــديث ، و حتــدث الــردة ويت

.1آالم جمتمعه إىل سينمائي فقط ..."و

تحليل األفالم :

-I - : السينما اجلديدة" و هوية اجملتمع"

Erreur ! Il n'y a pas de texte répondant à ce style dans ce document.

هــي التســمية الــيت أطلقــت علــى االنتــاج الســينمائي للمرحلــة الثانيــة، لتمتــد الســينما اجلديــدة و عليه سـنتطرق إىل املـرحلتني معـا لعـدم وجـود تفـاوت مهـم ا ، و لسينما للمرحلة الثالثة أيضمالمح هذه ا

ما بينهما .

فيلم عمر قتلو الرجلة: - 1

فيلم قتلتو من بني األفالم اجلزائرية اليت حظيـت باهتمـام النقـاد بشـكل مركـز مقارنـة بغـريه مـن لقـــومي للتجـــارة إنتـــاج الـــديوان ا األفـــالم، ف(عمـــر قتلتـــو الرجلـــة، ســـيناريو و إخـــراج: مـــرزاق علـــواش،

. فـــإذا كـــان هاشـــم النحـــاس يعتـــربه ( أول فـــيلم يتنـــاول 2)س1د:28الصـــناعة الســـينمائية، مـــدة العـــرض:و

.أمحد محام، م س - 1 ،اجلزائر،اجلينرييك1976سينمائية،مرزاق علواش،عمر قتلتو الرجلة،الديوان القومي للتجارة و الصناعة ال - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

273

أول فـيلم مطـول ، فـإن رتـب حـاج موسـى تشـري إىل أن (عمـر قتلتـو 1قضايا التحرير أو التغيري الثـوري)اســــتفاد مــــن انفتــــاح لشــــباب و ئــــل الــــذين تنــــاولوا مشــــاكل اهــــو مــــن بــــني األفــــالم األواملــــرزاق علــــواش، و

يشــري مــوين بــراح إىل أن (عمــر قتلــوا يفتــتح ، و 2الســينماتوغرافية اجلزائريــة علــى املوضــوعات االجتماعيــة)بعــد عرضــه، . رمبــا هلــذه األســباب حــاز الفــيلم باهتمــام النقــاد3سلســلة الشخصــيات النموذجيــة احملليــة)

ســـيطرت علـــى األفـــالم الســـينمائية، وعات الـــيت باعتبـــاره ميثـــل نوعـــا مـــن التجديـــد علـــى مســـتوى املوضـــكذلك ألسلوب الفيلم املختلف عما سبقه من أفالم، و قد تكون هذه األسـباب جمتمعـة جعلـت مـن و

فيلم" عمر قتلتو الرجلة" عالمة مميزة يف تاريخ اإلنتاج السينمائي اجلزائري.

بشـــكل عـــام أســـلوب حيـــاة وإذا أردنـــا أن نلخـــص الفـــيلم ميكننـــا أن نقـــول بـــأن القصـــة ترصـــدشـــاب جزائـــري مـــن ســـكان العاصـــمة، هـــذا الشـــاب املســـكون بفكـــرة الرجلـــة، فهـــا هـــو يف أول مشـــهد

) يصـــرح البطـــل عمـــر متوجهـــا للجمهـــور مباشـــرة بقولـــه :"...عنـــدهم ســـا00د:01ثـــا:26املوافـــق للحظـــة (ى النيـف و الشـرف" . احلق، عندي الرجلة هي الصح يف هذا الدنيا، يف عقليـيت الراجـل الزم ميـوت علـ

ذا املفهوم عند عمر املرتبطة بالنيف و الشرف، هي ما تعـارف عليـه جمتمعـه الصـغري مـن أن و الرجلة ــا لتجســيد مفهــوم الرجلــة، املفهــوم خيتــزل مجلــة مــن القــيم و األخــالق الــيت تضــبط ســلوك الفــرد ويلتــزم

القضـــايا الـــيت متثـــل خطوطـــا محـــراء كمـــا هـــو احلـــال بالنســـبة لعمـــر. حبيـــث جنـــده يعلـــن عـــن بعـــض هـــذهــــدين ــــا مــــن ال ــــا والعــــرف الســــائد، و إن كانــــت هــــذه القضــــايا تســــتمد قو بالنســــبة للقــــيم املتشــــبع

اإلســـالمي، إال أن مفهـــوم الرجلـــة بالنســـبة لعمـــر ال يـــرتبط بالـــدين بقـــدر مـــا يـــرتبط بـــالقيم االجتماعيـــة ـذه القضـايا، واألخالقية جملتمعه الصغري و بالعرف السائ د. فها هو يف الوقت الذي يؤكد على التزامه

76م س، هاشم النحاس،ص: - 1

2 -Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:150. 3 - mouny berrah, Op.Cit, P:46.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

274

)، بـذلك يكـون وزن العـرف سـا01د:14ثـا:40جنده ال يتواىن يف شـرب اخلمـر يف املشـهد املوافـق للحظـة ( التقاليد أقوى بكثري من وزن الدين يف تشكيل مفهومه للرجلة. و

هي القضايا املرتبطة باحملرمات ة له، إن من بني القضايا اليت تشكل مفهوم الرجلة بالنسب املرتبطــة بــالعرف أكثــر ممــا تــرتبط بالــدين، فهــا هــو يف املشــهد األول بعــد أن يقــدم نفســه للجمهــور مث و

نرقــد كــاين أخــيت ووســطه العــائلي حيــث يصــرح بقولــه:" يف البيــت ويــن ه احلــي الــذي يقطنــه، يعــود ملنزلــيمة (...) ما جنمش نرقد وحـدي مـع أخـيت صـفية، والت مخس ذراري أنتاع أخيت حلالصغرية صفية، و

امـــــرأة اهللا يبـــــارك، اهللا يهـــــديك "حرامـــــات" " . فهنـــــا كلمـــــة "حرامـــــات" مبعـــــىن "حـــــرام"، وهـــــو نفـــــس املصــطلح الــذي يكــرره خبصــوص مــن يتوجــه بنظــره إىل نوافــذ العمــارات، بقولــه: "...وأنــا نضــرب ليهــا

. إذا فـــالربغم مـــن اســـرتاقه 1امـــات" اللـــي خيـــزر للتـــواقي"، علـــى خـــاطر يف حومتنـــا "حر خـــزرة ســـكيميا فعل ممنوع يف وسطه االجتماعي، لذلك ال جيوز أن يقوم بـه، و إن فعـل، فـال للنظر إال أنه مقتنع بأ

جيوز أن يكتشف ذلك حميطه القريب.

كــذلك مــن بــني القضــايا الــيت تؤســس ملفهــوم الرجلــة عنــد عمــر، هــي رفضــه النــابع مــن تشــبعهبـــالقيم املتعـــارف عليهـــا، ســـواء تعلـــق األمـــر بـــالنظر إىل النوافـــذ أو اجلـــري وراء البنـــات، الشـــيء الـــذي

لكـــن الفعـــل ) ، و س01د:00ثـــا:20جيســـده مـــن خـــالل طـــرده ألحـــد الرجـــال يف املشـــهد املوافـــق للحظـــة (صــل النظــري بــالرجوع إىل الفنيــف" و"الشــرف" يف مفهــوم البطــل، و األخــري حييــل أيضــا علــى قضــييت "ال

ندرك مـدى ارتبـاط هـاتني القيمتـني باهلويـة اجلزائريـة وفـق خصوصـيتها املغاربيـة، بـذلك جنـد أن مضـمون فعـــل عناصـــر مهمـــة مـــن عناصـــر اهلويـــة وظـــف و الفـــيلم املؤســـس علـــى فكـــرة الرجلـــة بالنســـبة لعمـــر، قـــد

: "بــالرجوع إىل جمريــات اجلزائريــة، بالشــكل الــذي تشــري فيــه رتــب احلــاج موســى إىل هــذه القضــية بقوهلــا

- .سكيمي: كلمة عامية مبعىن خفية

س) 00د:09ثا:11اللحظة (مرزاق علواش، م س ، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

275

يف الرجلــــة، تشــــكل مبــــدأ يف احليــــاة و األحــــداث، و مواقــــف الشخصــــية الرئيســــية الــــيت تظهــــر كيــــف أن .1اجملتمع"

إذا كان مضمون الفيلم قد فعـل هـذه املبـادئ، فـذلك لـن يكـون إال دعمـا وترسـيخا ملبـادئ ــذا نقــول بــأن فكــرة الرجلــة الــيت الــيت يــل إىل معــىن الشــهامة بشــكل عــام، و حت تــرتبط باهلويــة اجلزائريــة،

ـا املخـرج فيلمـه، تعـد مؤشـرا علـى تفاعـل مضـمون هـذا الفـيلم تسيطر على فكر البطل، و الـيت افتـتح مــع حميطــه و واقعــه، ومــع القــيم األخالقيــة و العــرف الســائد يف هــذا اجملتمــع، و بــذلك يكــون مضــمون

حلاقها ببطل إجيايب، مبعىن أن البطل مبا أحلق به من صفات تؤهله الفيلم قد مثن هذه القيم األخالقية بإألن يكــون مقبــوال مجاهرييــا، و بالتــايل يــوفر هلــذه القــيم الــيت حيملهــا حيــزا مهمــا مــن القبــول اجلمــاهريي، ذلك القبول الذي يشري إليـه عبـد الغـين مغـريب بقولـه:" مـن النـاذر أن نشـاهد أفالمـا مـن إنتـاج جزائـري

ن مــن جــذب اجلمهــور اجلزائـــري، فــبعض هــذه األفــالم ترغـــب يف الكثــري مــن األحيــان أن تكـــون تــتمك .2أعماال للدعاية"

إن صريورة أحداث الفـيلم بعـد هـذا املقطـع تعـرض لنـا إكسسـوارا ، يقدمـه لنـا البطـل باعتبـاره األغـاين اهلنديـة يف أعز ونيس لـه يف يومياتـه و لياليـه، إنـه جهـاز املـانتوفون الـذي يسـجل بواسـطته تلـك

هـو اإلكسسـوار الـذي تتأسـس عليـه هـذه الشعيب يف احلفالت و األعراس، و قاعات السينما ، و أغاين ا مســـجال علـــى إحـــدى األشـــرطة دون أن احلبكـــة البســـيطة للفـــيلم، املتمثلـــة يف تعلقـــه بفتـــاة مســـع صـــو

ــا ســابق معرفــة . مث يواصــل البطــل وصــف يومياتــه بــدءا بتلــ لبنــت الــيت ترتقــب مــروره كــل ك ايكــون لــه ، ليصـل نه مل يكلمها و ال يعرف امسهاهو متجه إىل عمله، و اليت أطلق عليها اسم "زهرية" ألصباح و

بعد ذلك إىل مقر عمله باملتفشية املكلفـة مبراقبـة جـودة الـذهب، مقـدما زمالئـه مـن خـالل مسـات كـل منهم.

1 - Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:151. 2 - Abdelghani megharbi, Op.Cit, P :95.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

276

ــا، ســينما، يتــابع أحــيتواصــل الفــيلم بعــرض مشــهدا للبطــل يف قاعــة د األفــالم اهلنديــة املولــع هكــذا دواليــك يــتم رصــد يوميــات البطــل ، فهــا هــو مشــهد لعمــر متوجــه لعملــه و قــد تــأخر كالعــادة، و

ومشهد خلروج فرقة التفتيش مبا فيها عمر ملراقبة السـوق املوازيـة لبيـع الـذهب يف أحـد شـوارع العاصـمة، هم ما مييزها أغاين املطرب "شاعو" احملبوب.ليليه مشهدا حلفلة حيضرها البطل، أ

امجـــه إحـــدى العصـــابات لتجـــرده ممـــا ميتلـــك، وأمههـــا يف طريـــق عودتـــه بعـــد انقضـــاء الســـهرة، الشريط السمعي الذي سجل عليه أغاين الشـعيب و هـو أعـز مـا ميلـك، ليتصـل بعـد ز "مانيتوطو" و جها

جانب وظيفته ينشط يف السوق املوازية ، فيطلب منـه الذي إىل بزميل له، امسه (موح السمينة)، و ذلك أن يــوفر لــه جهــاز "مــانيتو"، وبالفعــل يــوفر لــه الغــرض، و يهديــه شــريط مسعــي، بعــدما اســرتجعهما مــن

عند إحدى زميالته يف العمل اليت كانت ترغب يف شرائهما.

فســها، يأخــذ عمــر اجلهــاز إىل بيتــه و يــدير الشــريط فــإذا بــه يكتشــف صــوت فتــاة، حتــدث نــا تشــتغل ــا بعــدما خيــربه بأ ــذا الصــوت و بصــاحبته، فيبــوح لصــديقه (مــوح) برغبتــه يف مالقا فيتعلــق معـــه و أن امسهـــا ســـلمى، و يتشـــوق عمـــر للقائهـــا، فيقـــوم مـــوح مبفاحتتهـــا يف املوضـــوع، لينقـــل لعمـــر

ا عمر و حيدد معها موعدا. يتم هذا يف ما بعـد مشـهد مقابلـة موافقتها و يعطيه رقم هاتف، فيتصل ا (موح). كرة القدم لفريق املولودية املولع

ــا، فبمجـــرد أن يراهــا وســط البنــات ، بعـــد أن ينعتهــا لــه (مــوح)، يـــرتدد و حــني يــذهب ملالقاإليهــا، إال أنــه يــرتدد البطــل كثــريا بــالرغم مــن اإلحلــاح املبــالغ فيــه مــن طــرف (مــوح) و دفعــه دفعــا للتوجــه

ل املشـــــهد دون أن نعـــــرف إن مت اللقـــــاء أم ال، لكـــــن الســـــياق العـــــام يؤشـــــر علـــــى عـــــدم يتحـــــو كثـــــريا و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

277

مــــا، ليعــــود البطــــل يف املشــــهد األخــــري إىل حياتــــه الروتينيــــة ، بالشــــكل ا لــــذي عرضــــها الفــــيلم يف مالقا . 1يعلن البطل أنه سيهاتف اليوم (سلمى)البداية، و

رئيسية حاملـة لفكـرة الرجلـة بالشـكل الـذي إذا كان فيلم مرزاق علواش جيعل من الشخصية اليلــيب حليــاة و تعــرب عنــه رتــب حــاج موســى بقوهلــا :"عمــر يضــع مبــدأين للشــرف: فالشــرف هــو أســاس ا

منطــق املســاواة. علــى األقــل علــى املســتوى الرمــزي، فــالثروة االقتصــادية ال جــدوى منهــا بــدون جممــوع و أرقى."ممارسات الشرف" اليت تضمن هلا باملقابل مكانة أكرب

. تلـــك مســـة أخـــرى 2فالشـــرف هـــو بوتقـــة حتـــوالت املؤشـــرات الـــيت تســـتدعي ردود فعـــل ثابتـــة"ـذا الشـكل االجيـايب، فعمـر شخصـية هادئـة، متشـبعة نلمسها يف الشخصية اليت رمسها الكاتب لتبـدو

ل من أشـكال مببادئها البسيطة، قنوعة مبا تـوفر هلا. فطيلة أحداث الفيلم مل نلمس أي شكوى أو شكا الشخصــية، ماعــدا يف مشــهد وحيــد املوافــق للحظــة ( ) الــذي حتــدثنا ســا01د:26ثــا:11التــدمر الــيت أبــد

اية الشهر و فيه الشخصية بأن مصروفها بدأ م يف يقبضـوا بعـد مـاهيتهم. فبـالرغم مـن أن ملينفذ و أاألفــراد مبــا فيهــا اجلــد واألم ددةأنــه يعيــل أســرة متعــ بيــت ضــيق إىل درجــة االكتظــاظ، و عمــر يعــيش يف

األخت الصغرى باإلضافة إىل أخته املطلقة بأبنائها اخلمسة، رغم ذلك مل تصدر عنه أية شكوى من و ــل هــذه املســؤوليات مــن ضــ من مفهومــه للرجلــة هــذا الوضــع االجتمــاعي الــذي يعيشــه، فقــد يكــون حتم

ا كشعار حلياته.اليت يتبناها ويكتفي

حتمله شخصية "عمر" من قيم و مفاهيم، إال أن مضـمون الفـيلم حييـل أيضـا علـى بالرغم مما قضــايا ذات أمهيــة، فهــا هــو عبــد الغــين يعــرب عــن مضــمون الفــيلم بقوله:"إنــه يطــرح مشــكال آخــر، أكثــر

يلم عمر قتلتو الرجلة، م س.نظر: مرزاق علواش، في - 1

2 - Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:151.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

278

يـة الـيت حيياهـا الشـباب اجلزائـري، و تأكيـدا هلـذه الرؤيـة النقد 1خطورة و عمقـا، يتمثـل يف نوعيـة احليـاة"إنتــاج عمــر قتلتــو و 1976الــيت حيملهــا الفــيلم، تعــرب رتــب احلــاج موســى قائلــة :"كــان جيــب انتظــار ســنة

.2ملرزاق علواش، لنشاهد على الشاشة، أثرا الذعا على مرآة"

قولــه: "غــري أن كــل هــذه يف نفــس الســياق يوضــح حممــد عبيــدو هــذه التلميحــات الســابقة بو عنـــد حـــدود زمـــن الثـــورة، ســـلبا أو إجيابيـــا، فمـــا الـــذي حصـــل بعـــد هـــذه املواقـــف ظلـــت واقفـــة األفـــالم و

االسـتقالل؟ لقـد كــان ذلـك بــدوره، سـؤال شــائك أمـا اجلــواب فكـان مــرزاق علـواش أول مــن جـرؤ علــى اإلتيــان بــه، يف فيلمــه الرائــع (عمــر قتلتــو الرجلــة). حيــث احلــديث عــن الواقــع اليــومي: احليــاة الصــعبة،

.3قة بني اجلنسيني"البطالة، أزمة السكن، العال

ميكننـــا ممـــا ســـبق أن نقـــول بـــأن مضـــامني فـــيلم "عمـــر قتلتـــو الرجلـــة" جريئـــة بطرحهـــا ملشـــاكل اجتماعية يعاين منها املواطن بشكل عام، و زيادة على ذلك فالفيلم يعد البداية احلقيقية ملا قد نسميه

إن مل ذلـــك الوقـــت. فـــالفيلم و السياســـي يفالنقـــد االجتمـــاعي، و ضـــمنيا نقـــدا سياســـيا ألداء النظـــام إن مل يعلــن صــراحة عــن املشــاكل ضــعيف اجتــاه التكفــل بــاجملتمع، و يتحــدث صــراحة عــن أداء حكــومي

الــيت يعــاين منهــا املــواطن و اجملتمــع، إال أنــه عــرب ضــمنيا عــن الكثــري مــن هــذه املشــاكل الواجــب التكفــل ه املشـاكل الـيت أفصـح عنهـا مضـمون الفـيلم ا، و قد جند يف تعبري حممد عبيدو أعـاله، بعضـا مـن هـذ

واليت خلصها من خالل عبارة "احلياة الصعبة" اليت يعيشها املواطن.

إن مـــن بــــني القضــــايا الــــيت أعلــــن عنهــــا مضـــمون الفــــيلم، ميكننــــا أن نشــــري بدايــــة إىل مشــــكل يعــود للبيــت الــذي الســكن اخلــانق، الــذي عــرب عنــه البطــل يف املشــهد األول، فبعــد تقــدمي أفــراد عائلتــه،

1 - Abdelghani megharbi, Op.Cit,P :135. 2 - Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:48.

. 3حممد عبيدو، م س، السينما يف اجلزائر -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

279

ـا أصـبحت امـرأة، و أبنـاء أختـه ينام فيه و الذي يشرتك فيه معه كل مـن أختـه الصـغرى، لكنـه يقـول أـــا "حرمـــات" حبســـب تعبـــريه. و هـــذا املشـــكل املتمثـــل يف اخلمســـة، حـــىت ال ينفـــرد بأختـــه يف الغرفـــة، أل

منه الشخصـية، املكاين الذي تضررت ضيق الفضاء تعلق عليه رتب احلاج موسى بقوهلا :"إن التداخل .1النساء"س الفصل الفضائي ما بني الرجال و أس يهز نظام القيم و

فهذه الغرفة اليت ينام فيها عمر متثل االستثناء بالنسـبة للفضـاءات الـيت يرتادهـا البطـل، و الـيت يـع الفضـائي للفـيلم هـو مـا ينطبـق علـى نظـام التوز مـا بـني اجلنسـني قاعـدة مشـرتكة ، و جتعل من الفصـل

ككل، عدا مشهد وحيد ميثل االستثناء الـذي يؤكـد القاعـدة، و هـو مشـهد قاعـة السـينما حيـث توكـل مهمة مراقبة القاعة لفتـاة . عـدا ذلـك جنـد أن مجيـع األمكنـة الـيت يرتادهـا البطـل تتسـم بالفصـل مـا بـني

إىل قضــية االخــتالط مــا اجلنســني. فعمــر يعــيش وســط جمتمــع رجــويل. مــن هنــا تشــري رتــب حــاج موســىبــني اجلنســـني يف غرفـــة نــوم عمـــر، و الـــيت متثـــل االســتثناء علـــى مســـتوى توزيــع الفضـــاء بالنســـبة للفـــيلم، ــز نظــام القــيم، خاصــة و أن الفــيلم يتأســس علــى أفكــار قيميــة مــن خــالل بنــاء ــا حيــث تشــري إىل أ

شخصية البطل اليت حترك أحداث الفيلم.

ـا بالضـرورة تثـري مشــكل إذا كنـا قـد أشـو رنا إىل صـورة اجملتمـع الرجـويل الــيت عرضـها الفـيلم، فإا الكثـــري مـــن ـــا قضـــية العالقـــات مـــا بـــني اجلنســـني الـــيت يشـــو آخـــر عـــرب عنـــه الفـــيلم ضـــمنيا و بقـــوة، إاملشـــاكل، و يف هـــذا تقـــول رتـــب احلـــاج موســـى: "وتغييـــب اجلانـــب اجلنســـي املعـــرب عنـــه ضـــمنيا، جيعلـــه

.2يطفو"

بالفعــل فــالفيلم ال يعــرب صــراحة عــن هــذه القضــايا، فالبطــل يف حــد ذاتــه و إن كــان يف ســن و الـــزواج إال أنـــه ال يثـــري هـــذه القضـــايا، و كـــأن "رجلتـــه" الـــيت قتلتـــه متنعـــه مـــن ذلـــك، إال أن الوســـيلة الـــيت

1 - Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:151-152 2 - Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:157.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

280

إلشــكال املطــروح اختارهــا صــاحب الفــيلم ليــتم التواصــل مــا بــني البطــل وإحــدى الفتيــات تعلــن عــن اعلى مستوى التواصل ما بني اجلنسني، خاصة يف جمتمع كما صوره الفيلم، يرفض حـىت أن يرفـع رجـل

عينيه اجتاه فتاة تطل من نافذة يف عمارة، فهو سلوك حمرم.

ـــا تقـــول كـــان مـــن املنطقـــي أن إن رتـــب احلـــاج موســـى عنـــدما توظـــف كلمـــة "تغييـــب"، فكأنســـية الـــيت يعـــاين منهـــا اجلنســـني يف جمتمـــع ختنقـــه األزمـــات و خاصـــة أزمـــة يتعـــرض الفـــيلم للمشـــاكل اجل

لكن بتغييب هـذا املشـكل جعلـه املخـرج يطفـو بقـوة معلنـا عـن نفسـه كمشـكل قـائم يف هـذا و السكن، اجملتمع، يبحث عن تكفل أحسن به.

الوافــدة كمــا تلمــح مضــامني الفــيلم إىل وضــع الثقافــة يف اجلزائــر يف مواجهتهــا لتلــك الثقافــاتإىل اجملتمــــــــع عــــــــرب الشاشــــــــات، ســــــــواء الشاشــــــــة الصــــــــغرية أو الشاشــــــــة الذهبيــــــــة. فاملشــــــــهد املوافــــــــق

ـا، لتنقلـب لع أخته ببطـل املسلسـل اللبنـاين و ) يعرب فيه البطل عن و س00د:07ثا:01للحظة( مجيـع زميالذا اإلعجــاب، مــنهن يعــربن عــن هــكــل حيــث جيتمــع البنــات لنشــر الغســيل و الصــورة إىل ســطح العمــارة

كذلك بنمط فساتني البطلة.و

قـدم يف إطـار إن هذه الصـور الوافـدة تنقـل معهـا منـط يف احليـاة، و هـذا األسـلوب يف احليـاة يماج يف هـــذا مـــا إعجـــاب هـــذه العينـــة مـــن البنـــات بأبطـــال و بطـــالت الفـــيلم إال انـــدثقافتـــه األصـــلية، و

ط الثقــايف املقــرتح. والشــيء نفســه يقــال فيمــا خيــص مــن مث انــدماج يف هــذا الــنماألســلوب مــن احليــاة، و الشباب املولع باألفالم اهلندية.

إن هذه اإلشارات اليت سجلناها قد متثل بعض املشاكل االجتماعية و الثقافيـة الـيت عـرب عبــريه تارتبــاط الفــيلم بواقعــه وجمتمعــه و عنهــا الفــيلم ضــمنيا، و مــا هــذا التعبــري إال دلــيال آخــر علــى مــدى

عنه، الذي يعد يف ذات الوقت تعبريا عن هوية اجملتمع .

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

281

كمـــا نشـــري أيضـــا إىل صـــورة املـــرأة و الكيفيـــة الـــيت تفاعـــل معهـــا مضـــمون الفـــيلم، فمجمـــوع اللقطــات ال تــدوم ألكثــر مــن ثــانيتني يف معظمهــا، الــيت رصــدت صــورة امــرأة يف هــذا الفــيلم ، عــددها

م يف لقطتــني متمــاثلتني إحــداها يف بدايــة الفــيلم و األخــرى ) لقطــة، ظهــرت صــورة األ11إحــدى عشــر(ايتــه . جــاء ت األوىل يف اللحظــة:( ) . س01د:26ثــا:26) أمــا الثانيــة يف اللحظــة:( س00د:06ثــا:47يف

وقــد تفاعــل مضــمون الفــيلم بشــكل ســليب مــع صــورة األم الــيت ظهــرت صــامتة ال تــتكلم ، تقــدم القهــوة يف هــذا انتقــاص مــن قيمــة األم بشــكل عــام و ألم ب مــن اإلطــار، و ز و لعمــر مث تنســحللشــيخ العجــو

، إىل تربيـة أبنائهـا بعـد استشـهاد زوجهـاعمر على وجه اخلصوص . فتلـك املـرأة الـيت ناضـلت مـن أجـل جانـــب تكفلهـــا بأبيهـــا الشـــيخ املـــريض املقعـــد. هـــذه املـــرأة الـــيت حتملـــت كـــل تلـــك األعبـــاء مل ينصـــفها

ن هذه التضحيات، كان على الفيلم أن يقـدمها كـأم مبـا متتـاز بـه شخصـية مضمون الفيلم، و حىت بدو . ذلــك مــا الحظتــه أيضــا حــرتام وتقــدير نــابعني مــن ثقافــة وتقاليــد اجملتمــعاألم يف اجملتمــع اجلزائــري مــن ا

ــا إمــا املــرأة الصــامتة، اخلاضــعة (...) (كــأم رتــب حــاج موســى مــن خــالل قوهلــا :"قــدمت األم علــى أا يف "عمــر قتلتــو" تتعــارض و الصــورة الــيت يســوقها الفــيلم عمــر)، أو املــ رأة العدائيــة، الثرثــارة. إن صــور

ــا األمهــات يف اجملتمعــات املغاربيــة ، يتفــق ملنطــق الشــرف (الرجلــة)، نــدرك األمهيــة البالغــة الــيت حتظــى ـا ظهـ رت يف "عمـر قتلتـو" يف الكثري حول القول بأن األم هي الصورة األكثر تقديرا للمـرأة، يف حـني أ

.1شكل خليط حبيث املثل األعلى الذي متثله يتفجر من الداخل"

ـــذه الصـــورة نقـــول بأنـــه أغفـــل الوضـــع احلو مل قيقـــي لـــألم يف الوســـط اجلزائـــري، و بتقـــدمي األم يقدمها يف سياقها احلقيقي، و بذلك فرط يف جانب يـرتبط بثقافـة وتقاليـد و أعـراف األسـرة اجلزائريـة.

ـا فـوق أ ما الصور األخرى اليت عرضت فيها املرأة بشكل عـام فكانـت إمـا سـلمى أخـت عمـر و زميالســـطح العمـــارة يثرثـــرن حـــول مسلســـل البارحـــة، أو لـــزهرية تلـــك الفتـــاة الـــيت يراهـــا عمـــر أثنـــاء ذهابـــه إىل

ـا العمل صباحا، فهي صورة لفتاة صامتة تنظر من النافذة، (أو ملمثلة يصورها مشهد مسـر حي علـى أ

1 - Ratiba hadj-moussa, Op.Cit,P:158

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

282

ســــلعة تبــــاع لألمــــري) أو لنســــاء يتجــــادلن علــــى شــــرفات و نوافــــذ العمــــارة، أو ألخــــت نائمــــة يف ثــــالث مشاهد، لتأخر عمر خارج البيت ليال بشكل دائم.

ا، فقـد قـدم أما اللقطات اليت رصدت املـرأة و هـي تفعـل، فلـم تكـن أكثـر إجيابيـة مـن سـابقاة السـينما صورة امرأة عاملة بقاعـهب املغشوش يف السوق املوازية، و لذالفيلم مجعا من النساء يتاجرن با

صــورة منشــطة حلفــل فــين ال تــتمكن مــن اإلفصــاح عــن مضــمون الربنــامج الــذي ال حيرتمهــا اجلمهــور، و الطويـل تعـرض مفاتنهـا داللـة علـى نضـجها ألخـت عمر"سـلمى" بشـعرها الكثيـف و تعلن عنـه، وصـورة

اجلنسي.

لقطـــات الـــيت ظهـــرت فيهـــا املـــرأة يف فـــيلم مـــرزاق علـــواش، ومضـــامني هـــذه إنـــه جـــرد جملمـــوع الاللقطات توحي بالشكل السليب الذي تعامل معه مضمون فيلم "مرزاق علواش" مع صورة املرأة عموما و صورة األم على وجه اخلصوص. لكننا على الرغم من ذلك نقول بأن فيلم "عمر قتلتو الرجلة" يعبق

سواء من خالل تلك التقاليد اليت عرضها الفيلم و املرتسخة يف أعماق اجملتمع، أو مـن برائحة األصالة خـــالل تلـــك األغـــاين الـــذي قـــدمها الفـــيلم مـــن أداء املطلـــب الشـــعيب (شـــاعو عبـــد القـــادر) مـــن خـــالل

بالتوظيف املركـزت "عمر" املولع بأغاين الشعيب. و حفلتني مطولتني، أو من خالل ما تبثه أشرطة كاسيهلـــذه املوســـيقى أعطـــى املخـــرج مـــذاقا مميـــزا للفـــيلم حييـــل علـــى مرجعيـــات هوياتيـــة للمجتمـــع اجلزائـــري . فتوظيــف موســيقى الشــعيب يعــد شــكال مــن أشــكال التفاعــل مــع الــرتاث، فكمــا تشــري دليلــة مالــك يف

ادي مقاهلــا حــول موســيقى الشــعيب مــن خــالل نصــر الــدين البغــدادي بقوهلــا :" أكــد نصــر الــدين البغــدالباحـــث املخـــتص يف املوســـيقى اجلزائريـــة الكالســـيكية ، أن الطـــابع الشـــعيب الـــذي تشـــكلت شخصـــيته

، بفضـــل حممـــد العنقـــى الـــذي عمـــل بـــذكاء متميـــز علـــى إدخـــال آالت 1949احلاليـــة بدايـــة مـــن ســـنة .1موسيقية غربية لتخضع للنوتات احمللية املستمدة من املوسيقى األندلسية..."

www.vitaminedz.comدليلة مالك، نصر الدين البغدادي حياضر على هامش فعاليات مهرجان أغنية الشعيب. -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

283

ا الــنص بــأن هــذه املوســيقى الــيت لونــت أجــواء الفــيلم حتيلنــا بشــكل أو بــآخر إىل ــذا يؤكــد لنــتراث و أصالة األمة ، و إىل الثقافة و الفنون األندلسية اليت تشكل جزءا مـن الثقافـة العربيـة اإلسـالمية

اليت تعد أبرز مرجعيات اهلوية الوطنية.

فيلم كحلة و بيضاء: - 2

إنتاج التلفزيون اجلزائريفيلم كحلة و بيضاء من

سيناريو و إخراج : عبد الرمحن بوقرموح

. 1س 01د:59ثا:48املدة :

واقعيـــة جملتمـــع يف حالـــة تتأســـس فكـــرة فـــيلم "كحلـــة و بيضـــاء" علـــى رصـــد ظـــواهر اجتماعيـــةشـــها اجملتمـــع جـــاء بطريقـــة واقعيـــة حتـــول مســـتمر، غـــري أن هـــذا الرصـــد هلـــذه الظـــواهر الـــيت يعيســـريورة و

شرة جدا، الشيء الذي دفع بالكاتـب عبـد الغـين مغـريب إىل تصـنيف هـذا الفـيلم ضـمن مـا يسـمى مباو -) بقولـــه :"أصـــبح فـــيلم بوقرمـــوح مهمـــا. إنـــه ميثل"ســـينماcinema-veritéاحلقيقـــة" ( -"سينماـبـــ

، ذلـــك ألن أســـلوب الفـــيلم اقـــرتب كثـــريا مـــن 2)، مـــن دون شـــك"cinema-veritéاحلقيقـــة" (ـــة الواقعيـــة، بال شـــكل الـــذي أصـــبح ميثـــل فيـــه شـــاهدا علـــى واقـــع حقيقـــة حمـــددة، و مبثابـــة وثيقـــة تارخيي

احلقيقة).-بالشكل الذي يتبناه سينمائي هذا التيار الفين (سينما

.1980ئر، سنة عبد الرمحان بوقرموح، فيلم : كحلة و بيضاء، التلفزيون اجلزائري، اجلزا -1

- cinema-verite: Le cinéma-vérité: c’est celui de la reproduction la plus fidèle possible d’une réalité « vivante et saignante » c’est celui du constat brut d’une réalité social ou psychologique. Le scéniaste doit être le témoin impartial de la réalité. 2 - Abedelghani megharbi, OP.CIT, P:136.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

284

فـــالفيلم يقـــوم علـــى رصـــد هـــذه الظـــواهر مـــن خـــالل أحـــداث تعيشـــها عائلـــة، و جمموعـــة مـــن ا مـع شخصـيات أ فـراد العائلـة، و تسـند البطولـة يف هـذا الفـيلم الدوائر الـيت تتقـاطع مسـارات شخصـيا

اتــه يقودنــا إىل خمتلــف املنــاطق، ألحــد أبنــاء هــذه العائلــة "الربيــع" ذو العشــر ســنوات، فمــن خــالل حتركهــو ميثــل اخلــيط الــرابط جملمــل األحــداث و الشخصــيات ، حيــث يفتــتح الفــيلم وخمتلــف الشخصــيات، و

ع منـه كرسـيا متحركـا، يـدعي كـذبا جلبـه ألبيـه الـذي فقـد على مشـهد للربيـع يفـاوض أحـد التجـار ليبتـا بالتـايل مبلغا ال يتوفر عليه "الربيـع" و رجله يف احلرب (لبابا اللي انقع كراعو يف احلرب)، فيطلب التاجر

ال تتم الصفقة، ليبدأ جينرييك الفيلم.

الــيت ســتقوده مــن هنــا يعلــن الفــيلم عــن البطــل األساســي للفــيلم و عــن الفكــرة الــيت حيملهــا وا فكرة ترسـخت يف عقـل هـذا الطفـل مفادهـا ضـرورة شـراء كرسـي مت حـرك ليهديـه طيلة هذا الفيلم ، إ

اليت تعاين شلال يف رجليها.ألخته األصغر منه، و

كما يعلن مضمون هذا املشهد عن املناخ العام الذي سيطبع أجواء الفـيلم مـن خـالل احلـوار بــه، حــول بعــض مقتضــيات مبــاراة كــرة القــدم لنيــل كــأس اجلمهوريــة. إن اجلــانيب للتــاجر مــع مجاعــة جبان

:ه احملاور الثالثة و املتمثلة يفجممل األحداث اليت يتضمنها الفيلم ستنبثق من هذ

مرض الطفلة: الذي يكون مربرا أخالقيا حلركة "الربيع" اهلادفة لتوفري

مقعدا متحركا هلا.

: اليت توجد مناخا خاصا ينخرط فيه مجيع أفراد اجملتمع ممبارة كرة القد

م. م و مرجعيا على اختالف مستويا

: يسعى مضمون الفيلم ملعاجلتها، و اليت يربطها بالدائرتني تيمات أخرى -

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

285

السابقتني.

ــا النقــاد واملهتمــني بعــد عرضــه، ملباشــرة حتليــل الفــيلم البــد أن نشــري إىلو اهلالــة الــيت أحاطــه حبيــث يعــرب عبــد الغــين عــن ذلــك بقولــه:" إن هــذا االهتمــام الــذي حظــي بــه فــيلم "كحلــة و بيضــاء"، يذكرنا بشـكل كبـري مبـا حظـي بـه فـيلم "عمـر قتلتـو الرجلـة"، ألنـه ال ميكـن أن ننكـر مـا هلـذين الفيلمـني

.1يث شكلهما أو من حيث مضامينهما"من خصائص مشرتكة، سواء من ح

ة الـيت يعقـدها الكاتـب، مـا تبدو أمهية فيلم "كحلة و بيضاء" واضحة جلية من خـالل املقارنـالســينما اجلزائريــة كمــا مــا بــني فــيلم "عمــر قتلتــو"، هــذا األخــري الــذي أعتــرب عالمــة مميــزة يف تــاريخ بينــه و

ـــذا الفـــيلم ابـــذلك جنـــد أن الكاتـــب يلحـــق فـــيلم "كحلـــالحظنـــا، و لعالمـــة، ال مـــن حيـــث ة وبيضـــاء" لكــن مــن حيــث املضــمون أيضــا. إن عقــد مثــل هــذه املقارنــات مــا بــني الفلمــني مــن الشــكل فحســب و

ما يدفعنا الستنتاج بعض السـمات العامـة الـيت يشـرتكا فيهـا و الـيت حنـاول أن نلخصـها خالل مشاهد من خالل النقاط التالية:

ا مـن يط متحرك يف فيلم "عمر قتلتو الرجلة"، تتبعه الكامريا لتكشـف لنـنش البطل : -أ نكـاد نعثـر علـى مشـهد يغيـب تعرفنـا عـن الشخصـيات األخـرى، فـالخاللـه عـن مجيـع الفضـاءات ، و

عنه البطل . بنفس األسـلوب كـذلك يف فـيلم "كحلـة و بيضـة" البطـل "الربيـع" نشـيط متحـرك ، " يف هـذا الفـيلم ، مبـا يف ذلـك األطفـال اجملمعـني ، فالشخصـية األكثـر أمهيـة هـو الواقع كل شيء طبيعي يف

األم . فقــرية ، تتضــمن زيــادة علــى األب و طفــل يكــاد يبلــغ العشــر ســنوات، حيــث يعــيش وســط عائلــةأختــني (إحــدامها مشــلولة)، و أخــوين أكربمهــا ميــال إىل الكتابــة، أمــا األصــغر مولــع بكــرة القــدم (يلعــب

.2حمللي)"مع الفريق ا

1 - Abedelghani megharbi, OP.CIT,P:135. 2 - Abedelghani megharbi, le mimoir apprixoisé. OP.CIT, P:135

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

286

لم، جممــــل الفضــــاءات نكتشــــف أيضــــا مــــن خــــالل متابعتنــــا لشخصــــية "الربيــــع" ، بطــــل الفــــيلطفــل ومــن العالقــات القائمــة مــا بيــنهم، ذلــك مــا يؤكــده الكاتــب بقوله:"إنــه بالضــبط اوالشخصــيات و

جــه، رغبتــه يف احلصــول علــى مقعــد متحــرك ألختــه املشــلولة، نســتعمله مبثابــة مو خــالل فكرتــه الثابتــة، و هـــو حـــي علـــى أطـــراف املدينـــة يقطنـــه األهـــايل ة ســـطيف، وأيضـــا يف (حـــي الســـود)، و يـــدرجنا يف مدينـــ

حيــث كــل شــيء يســري: النباهــة، احليويــة، النضــارة، املشاكســة، القســوة، الســخاء، الصداقة،الفوضــى، مبثــــل . وكــــذلك1التطــــاول، الغــــرور، الفخــــر بالالثقافــــة، البحــــث عــــن احليــــل الصــــغرية (عفســــة)...إخل"

أسلوب فيلم "عمر قتلتو الرجلة"، فال توجد إال قلة قليلة من املشاهد اليت يغيب عنها البطل "الربيع".

: يف فــيلم "عمــر قتلتــو الرجلــة" جنــد املوســيقى بشــكل عــام، ســواء مــا منــاخ الفــيلم -ب أو مــا تعلــق مبوســيقى تعلــق مبوســيقى الشــعيب الــيت أعطــت للفــيلم مــذاقا خاصــا كمــا أشــرنا إليــه ســابقا،

أغـاين األفـالم اهلنديـة املعروضـة، فهــذه املوسـيقى الـيت يالحـق البطــل أمـاكن بثهـا، سـواء يف احلفــالت أو اسـتطاعت تلـك الفضـاءات ن خالهلا مناخا مميزا للفـيلم، و األعراس أو قاعات السينما، أوجد املخرج م

ذا الفن.أن تعرض علينا يف ذات الوقت تلك احلشود من الشباب امل ولعة

أما يف فيلم "كحلة و بيضاء" فإن مقابلة كـرة القـدم قـد أوجـدت مناخـا عامـا أشـبه مـا يكـون مبا أحدثته املوسيقى من أثر يف فيلم "عمر قتلتو الرجلة".

هـــو مـــا أشـــار إليـــه الكاتـــب يف حتليلـــه للفيلمـــني بقولـــه : " إذا كـــان يف (عمـــر قتلتـــو) وظفـــت و لكية يف اجلزائـر ل الكامريا، ففي "كحلة و بيضاء" وظفت كرة القدم،املوسيقى كذريعة لتجو

الرياضة امل

يف ســطيف أيضــا، حيــث صــور الفــيلم، فبمثــل املوســيقى يف فــيلم "علــواش"، كانــت كــرة القــدم مدرجــة و .2بانسجام يف بنية "كحلة وبيضاء"

1 - Ibid,P:136. 2 - Abedelghani megharbi, OP.CIT, P:135

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

287

الفـيلم، يعـد مؤشـرا علـى تلـك إن إشارة الكاتب إىل انسـجام إدراج مقابلـة كـرة القـدم يف بنيـة ــا املنــاخ العــام للفــيلم. فكــل شخصـــيات األجــواء الــيت خلقتهــا هــذه املقابلــة يف كــرة القــدم، و لونــت الفــيلم تتــابع مســتجدات هــذه املقابلــة و اجلميــع يوليهــا اهتمامــا خاصــا، و يرتقــب مــا ستصــفر عنــه مــن

نتائج.

لرجلــة" أعتــرب كفــيلم واقعــي مــن خــالل تصــويره : إذا كــان فــيلم "عمــر قتلتــو ا الواقعيــة - جللحياة اليومية لشاب عاصمي، فكـذلك "كحلـة و بيضـاء" يعتـرب فيلمـا واقعيـا مـن خـالل رصـده لواقـع

يشـري إىل ذلـك ة عريضة من سكان مدينـة "سـطيف". و البطل " الربيع"، و من خالله يرصد واقع شرحيالفــيلم بقولــه :" ...باختصــار شخصــيات مل "عبــد الغــين " مــن خــالل حديثــه عــن طبيعــة شخصــيات

ــــم ميثلــــون تصــــدر عــــن منــــوذج واحــــد، مثلمــــا تعودنــــا العثــــور عليــــه يف العديــــد مــــن األفــــالم الوطنيــــة. إـــذه امليـــزات م الواقعيـــة اليوميــة، دون تكلـــف أو افتعـــال، أو تظــاهر، أو دمياغوجيـــة، شخصــيات حيـــا

.1احلقيقة" من دون شك" أصبح فيلم بوقرموح مهما، إنه ميثل "سينما

ا فيلم "كحلـة و بيضـاء" علـى غـرار مـا اتسـ م ذا يشري الكاتب إىل مسة الواقعية اليت اتسم ذه الواقعيـة مـن به فيلم "عمر قتلتو الرجلة"، و يواصل الكاتب رصد هذه العناصر اليت بصمت الفيلم

احلكايـة يف الفـيلم علـى وجـه اخلصـوص، خالل حديثه عن البنية الدراميـة للفـيلم و عـن قصـة الفـيلم أو بقوله:"إننا ال نستطيع أن نقول قصة، ألنه ال وجود لقصـة يف احلقيقـة. فالكـامريا تتجـول بـدون حتفـظ،

م اليومية" .2لتعرض أمامنا أناس يعيشون حيا

فكما أشار الكاتب سـابقا إىل أن الفـيلم ميكـن أن يـدرج حتـت مسـمى تيـار "سـينما احلقيقـة" هو يؤكد ذلك بنفيه لوجـود قصـة حقيقيـة يقـوم عليهـا الفـيلم، بـل علـى العكـس مـن ذلـك، فـالفيلم فها

1 Abedelghani megharbi, OP.CIT, P:136 2 - Ibid. P:136

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

288

يرصــد مقطعــا مــن حيــاة شــرحية مــن النــاس. و يواصــل الكاتــب يف نفــس الســياق حديثــه عــن شخصــية ـا شخصـية خياليـة مـن إبـداع خميلـة الكاتـب بقولـه:"أما ا شخصية واقعية أكثر من كو البطل مؤكدا بأ

الذي يتكفل بيثة و الساذجة يف نفس الوقت، و خبصوص هذا الطفل ذو املالمح الوديعة و النظرات اخل بأموره بشكل أحسن من الكبار،(...) ليس من إبداع خميلة الكاتب.

الطفل الذي يبيع، يشرتي، يتاجر...اخل، مع إبداء مالمـح اجلديـة، نصـادفهم أكثـر فـأكثر يف .1دنا، و يف الشرايني الكربى لكربيات املدن، والعاصمة على وجه التحديد"األحياء الفقرية ملدن بال

ـــذا يشـــري الكاتـــب إىل شخصـــية بطـــل الفـــيلم الواقعيـــة و البعيـــدة عـــن إبـــداع خميلـــة الكاتـــب، باإلضافة إىل جممل أحداث وقائع الفيلم اليت أهلته ليصنف هذا األخري ضمن تيار "سينما احلقيقة".

رعية : التيمات الف

مـــني قـــد أثـــار جمموعـــة مـــن التيمـــات خبصـــوص هـــذه التيمـــات الفرعيـــة، جنـــد أن كـــل مـــن الفيلالقضــايا الفرعيــة، لكــن كــل منهمــا قــد تفاعــل مــع هــذه القضــايا بشــكل خمتلــف، وســنتطرق الحقــا إىل و

هذه القضايا اليت أثارها الفيلم و طبيعة تفاعله معها.

النهاية :

ايـــة فـــيلم "عمـــر قت لتــو الرجلـــة " عـــود علـــى بــدء، و لكـــن يف مســـتوى خمتلـــف حبيـــث كانــت يتطابق املشهد األخري مع املشهد األول الذي انطلقت به األحداث، لكن املشهد األخري يزيد عنه يف

ا اخلارجيـة ا و يعـرف صـور و يعـرف رقـم هاتفهـا كون عمر يف هذه الصبيحة متعلق بفتاة يعرف صـويف حــني جنــده يف املشــهد األول مل يتعلــق بعــد بفتــاة حمــددة، فيمــا عــدا هــذا يعلــن أنــه ســيهاتفها اليــوم،و

1 - Ibid.P:136

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

289

جنــد تقريبــا نفــس األوضــاع الــيت عرضــها املشــهد األول، سيعيشــها البطــل يف هــذه الصــبيحة مــن املشــهد األخري للفيلم.

ايــــة ســــعيدة جلميــــع أطــــراف اللعبــــة، فالبنــــت أمــــا النهايــــة يف فــــيلم "كحلــــة و بيضــــاء" فهــــي " حلت مشكلتها بسفرها إىل خارج الوطن لتلقي العالج، و األخت الكربى "زهرى" سـتتزوج "ساسية

من "راقو" صديق العائلة، أما الطفل "الربيع" فقد حقق حلمه يف النهاية باقتناء كرسي متحرك ألختـه، ياضـــي أمــا بالنســـبة لالبـــن "علــي" الرياضـــي فقـــد متكـــن مــن فـــرض نفســـه علـــى الطــاقم املســـري للفريـــق الر

ــا مــن أمــل تســوية وضــعيتها علــى لتســوية وضــعية أختــه "ساســية" الــذي كــاد أن يكــون ســببا يف حرمامســتوى الضــمان االجتمــاعي، بتدخلــه اخلشــن ضــد مســئول هــذه املؤسســة، كمــا حتققــت هــذه النهايــة

ة.السعيدة بالنسبة إليه إثر فوزه باملقابلة املنتظرة و بروزه كنجم بتسجيله ثالثة أهداف كامل

كذلك جند شخصية راقـو الـيت كانـت النهايـة لصـاحلها أيضـا، فقـد فـاز بلعبـة الرهـان الرياضـي لريبح مبلغا ينقله من دائرة الفقر و العوز إىل مصاف األغنياء، و يـرتبط بالعائلـة املقربـة إليـه بزواجـه مـن

ــــع "زهــــرى" و أخــــريا حيقــــق النــــادي الرياضــــي للفريــــق احمللــــي هدفــــه بــــالفوز بالكــــأس، و هــــ ي غايــــة مجيذا االجناز، و السطايفيني بذلك عمت النهاية السعيدة مجيع األطراف. الذين سيسعدون

طبيعة تفاعله مع بعض القضايا اليت تناوهلا بشكل أو بـآخر، وللحديث عن مضمون الفيلم و صـــية مـــا ميثلـــه هـــذا العنصـــر بالنســـبة للشخلمـــح لقضـــية احليـــاء، و جنـــده يف املشـــهد األول مـــن الفـــيلم ي

اجلزائرية، بالشكل الذي لون اهلوية اجلمعية. فهـا هـو االبـن األكـرب مصـطفى ينسـحب مـن اجللسـة بعـد إمتــام عشــائه خارجــا مــن البيــت، لتتــدخل األم معلقــة عــن استفســارات األب بقوهلــا (عــاله تــتكلم مــع

الولد بذاك الشكل، راح يتكيف "قارو" حاب يبوخ لك الدخان يف وجهك).

ذا الشكل يـوحي بـأن عـادة السـجائر حبضـور األب علـى األقـإن حديث ا ل، تـدخل يف ألم ــذا جنــد أن انســحاب مصــطفى إىل خــارج البيــت داللــة نطــاق دائــرة "العيــب" و مــا ال جيــوز اجتماعيــا.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

290

علـــى انطبـــاع هـــذه الشخصـــية بســـمة احليـــاء، بـــالرغم مـــن أن شخصـــية مصـــطفى هـــي شخصـــية مثقفـــة، ا حافظت على حيائها اجتـاه متعلمة، ذات توجه إيديو لوجي يساري، فبالرغم من هذه املعطيات إال أ

األب. و يف نفـــس املشـــهد جنـــد األب جييـــب األم عـــن تـــدخلها بقولـــه (الواحـــد راح عنـــد صـــاحبو راقـــو ) . إن شـــكل إجابـــة األب يـــوحي لنـــا بأنـــه ال يعـــرتض علـــى !!! يضـــرب قرعـــة "بـــرية" وهـــي تقـــويل...

به إىل اخلارج لتدخني سيجارة، بل نلمس موافقة ضـمنية علـى ذلـك، غـري أنـه يثـري سلوك االبن بانسحاخــروج االبــن لتعــاطي اخلمــر ( البــرية ) ، ومــن خــالل إجابتــه نلمــس بأنــه مشــكلة أخــرى ، تتمثــل يف

على علم بذلك السلوك ، وهو متأكد بأن خروج مصطفى للتو، هو لغرض تعاطي اخلمر مـع "راقـو" األب يف ذلك مشكلة ما أو حرجا ما . ، وال يرى

إن هذا السلوك الذي يسـلكه األب يعـد أحـد مظـاهر الذهنيـة املغاربيـة يف تفاعلهـا مـع الـدين اإلسالمي، بالشكل الذي يعـرب فيـه الصـاحل اهلرماسـي عـن العقيـدة اإلسـالمية يف هـذه املنطقـة مبصـطلح

لســـلوك فقـــد كـــان علـــى شـــريعته أن ختفـــف مـــن اإلســـالم املعـــيش واصـــفا ذلـــك بقولـــه:"أما علـــى صـــعيد اصـــرامتها، و أن تتفاعـــل مـــع عـــادات املنطقـــة لتتشـــكل يف النهايـــة مالمـــح إســـالم خـــاص بأهـــل املغـــرب ا العــريب ميكــن أن نســميه اإلســالم املعــيش، حيــث (أمهــل النــاس جــزءا هامــا مــن الشــريعة بســبب قســو

ســوله، و أمــل دخــول اجلنــة بعــد املــوت و اإلنســانية الشــديدة، حمتفظــني جبــوهر الــدين: اإلميــان بــاهللا و بر .1العميقة و القيم النبيلة "

يثــه عـن سـلوك الشخصـية اجلزائريــة هـو مـا يؤكـده أيضـا د.عبــد املالـك مرتـاض مـن خـالل حدو مــدى ارتبــاط ذلــك الســلوك بالعقيــدة اإلســالمية مــن ناحيــة و بالتقاليــد االجتماعيــة مــن ناحيــة أخــرى و

كثـري مـن األبـاء الشـيوخ يتغاضـون تغاضـيا تامـا عـن تـرك الصـالة مـن قبـل أبنـائهم . بقوله :"...إذا كـان

82ص:حممد صاحل اهلرماسي، م س، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

291

م، حــىت إذا رأوا رؤوســهم حاســرة ، وحلــاهم حملوقــة ، أنكــروا ذالــك علــيهم فــال ينهــروهم بــل ال يرشــدو .1وأعظموه أشد اإلعظام"

الـذي سـلكه إن هذا السلوك الذي يصفه د. مرتـاض،ال خيتلـف كثـريا يف جـوهره عـن السـلوك األب ، وبــذلك نقــول بــأن هــذا ســلوك هــو تأكيــد لســمات الذهنيــة املغاربيــة والشخصــية اجلزائريــة وهــو

أحد مالمح اهلوية اجلزائرية .

أشـــار الفـــيلم أيضـــا إىل قضـــية حساســـة تتمثـــل يف قيمـــة العلـــم ، والـــيت نـــرى بأنـــه تفاعـــل معهـــا وى مــن العلــم والثقافـــة وال فائــدة ترجــى مـــن بشــكل ســليب متامــا مـــن خــالل تركيــزه علــى فكـــرة (ال جــد

املثقفني). فالفيلم قد ركز على هذه الرسائل من خالل الشواهد التالية:

: يف هـــذا املشـــهد األول الـــذي جتتمـــع فيـــه العائلـــة علـــى العشـــاء، وبعـــد املشـــهد ألول - نــه أحلـــق بــه صـــفة الفـــيلم علــى أنـــه مثقفــا وكاتبـــا ولك انســحاب االبــن األكـــرب مصــطفى ، الـــذي قدمــه

أختــه الــيت تستفســر بقوهلــا (ملــاذا يصــرخ أيب ث جــانيب لالبــن الصــغري "الربيــع" و فهــا هــو حــدي (البطــال).تواصـل البنـت بقولـه: "عـال خـاطرش مـا خيـدمش". و دائما يف وجه أخي مصـطفى؟)، فيجيبهـا "الربيـع"مـا عنـدهش الوقـت مـم، و ى خـاطر هـو عـامل بـزاف و خي(عاله مـا خيـدمش؟) فيكـون جـواب االبن:"علـ

باه خيدم".

يف نفس السياق يرى األب يف حديثه مع مصطفى دائما يف املشهد األول من الفيلم: و

مصطفى : خنرج نضرب دورة و أجني

درو على العامل هذا كيفاش تغريوه. األب : آه، عند صاحبك راقو. باه

215ص: د.عبد املالك مرتاض، م س، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

292

هللا جتيبوا الضحك" أنتما املثقفني هاذوا، اهللا يعطينا رضاكم، وا

وحني ينهض علي (االبن األصغر الرياضي)

جييبه األب: وين رايح؟

علي : رايح نراجع شوية، و إال نسيت بلي راين نقرأ.

"!!! . وأخوك كي قرأ واش دار فيها األب: ماذابنا خترجنا غري كما خملويف

ىل البيــت ليــزف إليــه األب نبــأ ) يــدخل الطفــل الربيــع إد40ثــا:38يف املشــهد املوافــق للحظــة (و اية السنة الدراسية، فيجيب بقوله:"بصح كلي والوا" جناحه يف امتحان

ما راكش فارح بالقراية ؟ !!! األم: كلي والو

الربيع: عاله ، أحنا حمتاجني ديبلوم ؟

ــ يت إن مضــمون فــيلم "كحلــة و بيضــاء " يعــج بالشــواهد الــيت اخرتنــا الــبعض منهــا، والجاءت على شكل تصرحيات مباشرة على ألسـنة الشخصـيات لتسـفه قيمـة العلـم والثقافـة و املثقفـني،

هــا هــو الطفــل "الربيــع" ترتســخ يف ذهنــه أال يســتهزئ مــن شخصــية مصــطفى املثقــف، و فهــا هــو األب "علـي" الـذي قيمة للثقافة و املثقف البطال مثل مصطفى، وها هو األب يتدخل مرة ثانية ليوجه ابنـه

ال تكن ثل خملويف (الذي ضرب به املثل) و يهم للذهاب ملراجعة دروسه، و كأنه يقول له: كن رياضيا م متعلما و مثقفا مثل أخيك مصطفى.

- . خملويف : شخصية رياضية ذات شهرة يف الوسط السطايفي

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

293

إن الكاتــب مــن خــالل هــذه املشــاهد يعــرض علينــا مشــكلة مــن بــني املشــاكل احملوريــة الــيت قــد لكنـه يـروج هلـا أيضـا، يعرب عن هذه املشـكلة بطرحهـا، و فيلم تنتشر يف أوساط اجملتمع، إننا نقول بأن ال

ــذا الشــكل الســليب، و مــن خــالل رمســه لشخصــية مصــ كــذلك مــن خــالل الســياق العــام طفى املثقــف الذي جاءت يف إطاره هذه املشاهد مؤكدة سـلبية الشخصـية بالشـكل الـذي تنفـر منهـا املتلقـي، فحـىت

مل يربزها و مل يكن هلا أثرا يف أحداث لفيلم.يست و ته هذه مل يتناوهلا السينار مؤلفا

إن قضــية العلــم و الثقافــة الــيت عاجلهــا الفــيلم، يشــري إليهــا "عبــد الغــين" يف إطــار حديثــه عــن األحيــاء الفقــرية ملــدن بالدنــا، هــؤالء األطفــال الــذين ميــثلهم البطــل بقوله:"...نصــادفهم أكثــر فــأكثر يف

مــا يهــم ! و إىل اجلحــيم املدرســة ! املــدن و العاصــمة حتديــدا، يشــرتونيف الشــرايني الكــربى لكربيــات و .1اآلن هو املصاحل، احليل. و بكلمة واحدة الربح السهل"

فــالفيلم بــالرغم مــن أنــه عــرض قاعــة الــدرس، عــرض املدرســة، عــرض بعــض التالميــذ يراجعــون م ركز عليها تتمثل يفأن الصورة املهينة اليت عرضها و دروسهم، إال هؤالء األطفال الذين يقضون أوقا

يف الشوارع و األسواق. فكما عرب الكاتب بقوله (إىل اجلحيم املدرسة، مـا يهمهـم هـو الـربح السـهل). املثقـف، حيـث يشـري إليهـا "عبـد ل الصـورة الـيت أحلقهـا بالثقافـة و و يؤكد الكاتب هـذه الفكـرة مـن خـالالـدليل أن أخـاه األكـرب بـالرغم لرجـال "املثقفـون"؟ مسـامري. و ح االغـين" بقولـه: "علـى أي حـال مـاذا يـرب

ال أحــد يرغــب يف التعــرف عليــه، إنــه فاشــل ال ميلــك درمهــا، ال يعرفــه أحــد، و مــن أنــه مثقــف "كاتــب" بامتياز .

ا يف عقلـه، تبـدو ثقيلـة جـدا إىل الدرجـة الـيت متنعـه مـن التفكـري يف حـل ألن املعارف اليت خز(...) فاألب يتفق متاما مع هذا التصور، و أيضا الطفـل، ! مية . ينبغي هلذا عقل خفيفمشاكله اليو

فهــو يطــري يف الســماء عنــدما يســمع أبــاه يتحــدث عــن توقيفــه عــن الدراســة، ليــتمكن مــن أن "يعمــل"،

1 - Abedelghani megharbi, OP.CIT, P:136

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

294

يتحـــرك علـــى مـــدار اليـــوم يف اخلـــارج، هنـــاك حيـــث ميكننـــا أن نصـــنع الثـــروة، حـــىت و إن كانـــت صـــغرية، ـــذه الكتب؟"هكـــذا لـــذلك ال جيـــب أن تفاجـــأ بقـــول االبـــن ألخيـــه مصـــطفى:"ماذا تريـــدين أن أفعـــل

.1تأخذنا القشعريرة"

" بقولــه :"إنــه ــذا الشــكل تعامــل الكاتــب مــع صــورة املثقــف، و الــيت عــرب عنهــا "عبــد الغــينرة النجــــاح، بــــذلك فالثقافــــة ال تــــؤدي إال للفشــــل ، و يف املقابــــل يعــــرض علينــــا صــــو فاشــــل بامتيــــاز"، و

لكــن مــن خــالل الــذي ال يــنجح مــن خــالل الدراســة و املتمثلــة بشــكل أقــل يف ذلــك الشــاب الرياضــي،ممارسة موهبته يف كرة القدم، و يلخـص لنـا عبـد الغـين صـورة ذلـك النجـاح بقولـه :"علـى ذكـر الثقافـة ،

ة القـــدم يتمتـــع مـــا هـــي بالضـــبط؟ أخـــوه األكـــرب أمل يكـــن بائســـا، يف حـــني أن األخ األصـــغر العـــب كـــر الــدليل أنــه يتجــول فخــورا يف املدينــة (...) و حــىت رئــيس قطــاع الضــمان االجتمــاعي مل ! بشــهرة كبــرية

ــذا "الكاتــب" الــذي يقضــي وقتــه حاشــرا أنفــه يف الكتــب.(...) ويف املقابــل جنــد املســئول ال يســمع ور النجــاح الــيت . تلــك صــورة مــن صــ2يعــرف شخصــية العــب كــرة القــدم فحســب بــل يعتــز بــه أيضــا"

الثقافـة. لكـن الصـورة احلقيقيـة للنجـاح جيسـدها الكاتـب ا عن جمـاالت الدراسـة والعلـم و تتحقق بعيداألســواق، ، وإمنــا جنــده يهــوم يف الشــوارع و ال الثقافــةو مــن خــالل ذلــك الطفــل الــذي ال حيــب الدراســة

املناسـبة لتحقيـق حلمـه املتمثـل يشرتي كل شيء و يبيـع كـل شـيء، ليـتمكن يف النهايـة مـن مجـع الثـروة يف شراء "كرسي متحرك".

إن الكاتــب "عبــد الغــين" يوظــف يف املقتــبس األخــري مجلــة قويــة جــدا بقولــه: "هكــذا تأخــذنا يتكفـــل ذا الطفـــل الـــذي حيقـــق النجاحـــات، و القشـــعريرة". بالفعـــل فهـــذه الصـــورة الـــيت قـــدمها الفـــيلم هلـــ

اخلــوف مــن أن تســتقر ار، صــورة تبعــث فينــا القشــعريرة، و الكبــمبشــاكله اليوميــة بشــكل أفضــل ممــا يفعلــه ذا الشكل يف أذهان املتلقني بشكل عام وخاصة من هم يف سن ذلك الطفـل البطـل. صورة النجاح

1 - Abedelghani megharbi, OP.CIT, P:136 2 - Ibid. P:137.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

295

و يف مقابـــل كـــل هـــذا، جنـــد الفـــيلم يعـــرض مشـــهدا خطـــريا حيمـــل كـــل دالالت اخلـــوف مـــن املســـتقبل، ر املبكــر أو يقــرع أجــراس اخلطــر، مــن خــالل املشــهد الــذي عرضــه وكأنــه يطلــق بــذلك ســفارات اإلنــذا

املخرج لذلك املسرح املهجور، و الذي عرب عنه "عبد الغـين" بقولـه :"كمـا ال نفاجـأ عنـدما نشـاهد يف هذا الفيلم، كامريا بوقرموح تظهر لنا مطوال هذا املسرح احلزين و املغلق، هـذا الرمـز الثمـني، لـيس لفـراغ

ثــر مــن جفــاف فحســب ولكــن لتثــاقف هائــل وعميــق طابعــه اجلــوهري طغيــان املــادة علــى ثقــايف وألكــا مبدعــة األحـالم. ففــي مثـل هــذا الســياق احلـس اإلنســاين، حـىت علــى مســتوى الطفولـة، بــالرغم مـن أ

.1يليق بنا أن نتحدث بدال من املثاقفة. عن االغرتاب"

مــع للثقافــة و املرافــق الثقافيــة متجهــا حنــو ــذا املشــهد يكــون بوقرمــوح قــد عــرب عــن هجــرة اجملتاألسواق و الشوارع حيث ينغمس يف احلياة املادية، و من خالل هـذا املشـهد أيضـا يكـون الكاتـب قـد غاص يف أعماق اجملتمع لتحسس مشـاكله، واضـعا يـده علـى قضـية شـائكة تنخـر جسـم األمـة، ليطلـق

يف البلد، و حول هذا االغرتاب الذي يشري إليـه صرخة قوية مدوية، حزينة ومرعبة حول الوضع الثقايف"عبــد الغــين" و الــذي أفــرز مشــاكل معقــدة علــى مســتوى اهلويــة اجلماعيــة ، الشــيء الــذي أوجــد مناخــا

عاما أسهم يف تبلور مشاكل عويصة عاىن منها اجملتمع يف فرتات الحقة .

عليـــه يف األفـــالم الـــيت كمـــا تعامـــل الفـــيلم مـــع صـــورة املـــرأة بشـــكل خمتلـــف عمـــا كانـــت تناولناها إىل حد اآلن . فإذا كانت املرأة تظهر يف تلـك األفـالم صـامتة يف أغلـب األحيـان، مطيعـة إىل درجة الرضوخ، راضية بواقعها، فها هي السينما من خالل "كحلة و بيضاء" تلتفت ملناقشة واقع املـرأة

ـــا، مكســـرة ذلـــك الطـــوق الـــذي ضـــرب عليهـــا، للحـــد الـــذي كـــادت أن تكـــون و مهومهـــا و اهتماما مناقشة قضاياها سينمائيا مبثابة (تابو) أو خطا أمحر.

1 - Abedelghani megharbi, OP.CIT, P:137.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

296

ــــا:38د)، (25ثــــا:58(ففــــي املشــــاهد املوافقــــة للحظــــات ــــا:38د)، (48ث جنــــد الشــــابة س)، 01د:26ثـا باسـم "ميبيتشـو" تعـرب عـن مشـاعرها اجتـاه "علـي" الرياضـي املغرمـ ة صورية و الـيت حيلـو "للربيـع" منادا

به، سواء من خالل رسائلها الغرامية الشفوية يف املشـهد األول، أو رسـائلها الكتابيـة يف املشـهد الثـاين، أو من خالل توديعها له يف املشهد األخري.

بشـكل صـريح وال بشـكل إحيـائي، إن هذه التعابري مل نعثر عليها يف أفالم املراحـل السـابقة البعيـد عـن عاطفتهـا بشـكل قـوي وصـريح، وغـريهي املرأة تعرب عن لكن يف فيلم "كحلة و بيضاء" ها و

"صـــورية" جنـــد "زهـــرة" تبـــدي صـــورة أخـــرى مل نألفهـــا للمـــرأة يف الســـينما، إنـــه املشـــهد املوافـــق للحظـــة قــات العمــل يف نقاشــها مــع أبيهــا، الــذي تظهــر فيــه الزهــرة وعيــا كبــريا بقضــايا الشــغل و عالد) 51ثــا:50(ـــا:59(روج األب يف املشـــهد املـــوايل املوافـــق للحظـــة تواصـــل حـــديثها بعـــد خـــو ـــا د) 52ث لتعـــرب عـــن قناعاـــه نوعـــا مـــن و ـــا يف الســـابق نلمـــس في ـــزواج الـــذي كن ـــا ملوضـــوع ال أفكارهـــا بكـــل جـــرأة، و خاصـــة بإثار

االســتحياء حــني إثارتــه حبضــور الــذكور مــن أفــراد العائلــة، ذلــك مــا الحظنــاه يف فــيلم بــين هنــدل علــى ، بانســحاب البنــت مــن اجللســة الــيت ســيثار فيهــا احلــديث عــن خطبتهــا البــن عمتهــا مــن ســبيل املثــال

ـا عـن اسـتعجاهلا قـدوم عـريس بقوهلـا: "راقـو أخيها. لكننـا هنـا جنـد "الزهـرة" تعـرب بكـل جـرأة أمـام إخو وإال واحد آخر، املهم خنرج من هذا الدار".

نـه الشـاب رضـوان ثلهـا الوحيـد يف الفـيلم، إكما جند الفيلم يثري موضوع الشرطة مـن خـالل ممالــذي يعتــربه "عبــد الغــين" إحــدى الشخصــيات القويــة أو األساســية يف الفــيلم بقولــه:"إن بزيــه الرمســي، و

مــا: صــاحب ة لكثــري مــن العــائالت يف هــذا البلــد املتعلــق بشخصــيتني كبريتــني بألوا هــذه العائلــة مشــاو رجــل شــرطة تائـه يف هــذه الوظيفــة الجنذابـه حنــو اهتمامــات مطعـم بســيط يتعـاط اخلمــر بشــكل كبـري،

أخرى، غري اليت متيز رجال الشرطة.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

297

ايــــة باختصــــار فكــــل مــــن الشخصــــيتني يســــجل حضــــوره يف الفــــيلم برباعــــة مــــن البدايــــة إىل . إن الكاتب قد جسـد صـورة الشـرطي مـن خـالل شـاب مل يـتخلص بعـد مـن مرحلـة املراهقـة، 1الفيلم"

الزي الرمسـي الـذي فرضـته عليـه الوظيفـة ، والـذي ال يعـريه أي اهتمـام يف الكثـري مـن األحيـان أسري هذا بسلوكه ، فتارة جنده يساعد "الربيع" يف مالحقة البط والقبض عليه ، و تارة أخـرى جنـده يتنـاول قيتـارة

"الربيع" ليعزف ويغين، ليعجب الربيع بعد مساع صوته قائال:

بالبوليس كي عدت هكذا؟ "الربيع: واش تدير

الشرطي (رضوان): وعاله البوليس مشي خدمة؟

الربيع: يقولوا راهم ما يسلكومهش مليح.

رضوان(أفحمه هذا الرد و عجز عن اإلجابة ، و بصمته كأنه يؤكد أقوال الربيع).

.2"504ليواصل الربيع قائال: لو كان تغين يف األعراس، لو كان تصبح ب

الشــرطة يف الفــيلم تائهــا، طائشــا، غــري مقتنــع بوظيفتــه ، الشــيء الــذي يــدفع ــذا يبــدوا ممثــلاملتمثل يف "األعـراس" ، نظـرا ملـا يـوفره مـن أمـوال. كمـا يظهـر الفـيلم ربيع" القرتاح البديل األفضل ، و "ال

اء صورة الشرطة من خالل املكاملة اهلاتفية اليت جيريها رضـوان مـع مسـئوله ، ليستفسـر عـن طبيعـة اإلجـر الواجــب اختــاذه يف الوضــع الــذي أصــبح عليــه "راقــو" ، غــري أن املســئول يصــرخ يف وجــه رضــوان الــذي أزعجه يف جوف الليل و حرمه من النوم ، وال يعري القضية اليت اعتربها رضوان مستعجلة أي اهتمام ،

مـه هـذه ا لقضـايا املطروحـة علـى وبذلك عرب هذا املشـهد عـن االسـتقالة التامـة هلـذا املسـئول الـذي ال مه راحته الشخصية. رضوان، بقدر ما

1 - Abedelghani megharbi, OP.CIT, P:136.

د)57ثا:20املشهد :( م س، ة و بيضاء"، نظر: فيلم "كحلي - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

298

ـــ هـــي بعيـــدة متامـــا عـــن صـــورة الشخصـــية الـــيت تســـهر علـــى ا الصـــور الـــيت يعكســـها الفـــيلم، و إلسنا ندري ما الغاية من رسم هذه الصورة السلبية لقطاع الشـرطة دون خدمة املواطن وأمنه وسالمته، و إعطاء النموذج االجيايب البديل.

كمـــا يشـــري الفـــيلم إىل تعســـف اإلدارة و مـــا تســـببه مـــن معانـــاة للمـــواطن مـــن خـــالل املشـــهد د)، الذي عرض طبيعة تعامل مدير الضمان االجتمـاعي يف احلـالتني، احلالـة 32ثا:13املوافق للحظة (

األوىل الـــيت أحل فيهـــا علـــى ســـفر زوجـــة صـــديقه بـــالرغم مـــن أن زوجهـــا يؤكـــد بـــأن حالتهـــا ال تســـتدعي احلالــة الثانيــة املتعلقــة بالساســية الــيت تســدعي حالتهــا خــارج الــوطن، بــل هــي جمــرد وســاوس، و العــالج يـوظــف كــل األســاليب البريوقراطيــة لتعطيــل إن مل نقــل منــع خــارج الــوطن، لكــن املــدير يتلكــأ و العــالج

سفرها للعالج.

لرياضــــي"، إىل جانــــب ذلــــك عــــرب مضــــمون الفــــيلم عــــن قضــــايا أخــــرى مثــــل قضــــية "الرهــــان ااحتيـال، الكف باعتبارها أكاذيب و نصـب و فشخصية "راقو" التقدمية اليت ترفض التعامل مع قارئات

جندها تـؤمن إميانـا بإمكانيـة فوزهـا بلعبـة "الرهـان الرياضـي" وكسـبها أمـوال طائلـة، مـن خـالل مواظبتهـا ك "راقــو" مــن دائــرة الفقــر إىل علــى هــذه اللعبــة، الشــيء الــذي يتحقــق بالفعــل يف النهايــة، و ينتقــل بــذل

دائــرة الغــىن، ليؤســس علــى ذلــك إجنــازات مهمــة، كتطــوير مطعمــه، شــراء ســيارة، زواجــه بزهــرة، جلــب والديه للعيش معه، و الشك مسكنا حمرتما.

إن هذا الفعل الذي تضمنه الفيلم و الذي ترتبت عليه هذه النتائج، ما هو إال تعبـريا يؤسـس مـــن ناحيـــة األخـــرى نعتربهـــا فكـــرة تـــبخس قيمـــة قـــة يف األوهـــام و أحـــالم اليقظـــة، و ار لعقليـــة اتكاليـــة، غ

هـي الفكـرة الـيت أسـس هلـا مـن خـالل شخصـية يف اجتـاه الغايـة تـربر الوسـيلة، و العمل و اجلهد، لتصـب "الربيع"، شخصية احلاذق، الفهلوي، صاحب احليل، الذي ال يهمه شـيء غـري مجـع الثـروة بأيـة وسـيلة

انت.ك

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

299

ويف اخلتام ميكننا أن نقول بأن فيلم "كحلة و بيضاء" حـاول أن يغـوص يف اجملتمـع ليعـرب عـن بعض القضايا كرياضة كرة القدم اليت أصبحت مبثابة ظاهرة اجتماعية، إىل جانب ذلـك تنـاول جمموعـة

ه إىل حـد اآلن، من القضايا اليت عاجلها بشكل خمتلف، فها هي صورة املرأة اليت قدمها بشـكل مل نألفـبــذلك يكــون مضــمون الفــيلم قــد تعاطــا مــع جممــل القضــايا الــيت تناوهلــا بنــوع مــن اجلــدة، إال أننــا نلمــس نوع من السلبية يف تعامله مع بعض القضايا بالرجوع إىل معيار القيم الواجـب بثهـا، غـري أننـا نشـري إىل

باهلويـــــة كاحليـــــاء و التضـــــامن الـــــذي جســـــده أن مضـــــمون الفـــــيلم تنـــــاول جمموعـــــة مـــــن القـــــيم املرتبطـــــة "كاماتشـو" يف التنـازل عـن نصـيبه مــن مبيعـات القمصـان تضـامنا مــع "الساسـية" لتـوفري املقعـد املتحــرك

هلا.

II - هوية المجتمع :سينما المرحلة الرابعة و

فيلم رشيدة : -1

عنوان الفيلم : رشيدة

ميينة بشري شويخ "سيناريو و حوار

إخراج: ميينة بشري شويخ

إنتاج مشرتك :

canal +،Art France cinéma,Ciné sud Promotion,Cièl Production "1

.س 01د:32ثا:17: مدة الفيلم

اجلزائر ،canal +،Art France cinéma,Ciné sud Promotion,Cièl Production،2002ميينة بشري شويخ،رشيدة،إنتاج: -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

300

واصــلت الســينما اجلزائريــة اهتمامهــا بقضــايا اجملتمــع يف املرحلــة الــيت تلــت الفــرتة الــيت اصــطلح احلمــراء، فكانــت هــذه املأســاة الوطنيــة موضــوعا للعديــد مــن األفــالم ، حبيــث علــى تســميتها بالعشــرية

جنـــدها تعكـــس "معانـــاة املـــواطن مـــن خمتلـــف أشـــكال العنـــف و اهلمجيـــة اإلرهابيـــة، الـــيت كلفـــت اجلزائـــر سـيىت، رشـيدة، د هـذه األفـالم جنـد فـيلم بـاب الـوامـن بـنير البشرية، املاديـة واملاليـة، و الكثري من اخلسائ

اآلراء ختتلــف مــن فــيلم إىل آخــر و أكثــر دقــة مــن ، املنــارة، العــامل األخر...اخل.والــدالالت و النســاء دوار . 1خمرج آلخر"

علــى غــرار عنــاوين هــذه األفــالم الــيت تناولــت ظــاهرة اإلرهــاب يف اجلزائــر، باعتبارهــا ظــاهرة و مثــيال هلــا يف فــرتة مــا بعــد فريــدة مــن نوعهــا يف زمخهــا و عنفهــا و دمويتهــا و دمارهــا، مل يعــرف اجملتمــع

ـــا كبـــريا بالشـــكل الـــذي تعكســـه أعـــداد األفـــالم الـــيت طرقـــت هـــذا االســـتقالل، لـــذلك كـــان االنشـــغال . على وجه اخلصوص. 2املوضوع بشكل عام، "بل تناول واقعا اجتماعيا و أمنيا مرتبطا باملرأة اجلزائرية"

مــن تناولــه صــراع املــرأة اجلزائريــة و مقاومتهــا هــو مــا يؤكــده حممــد عبيــدو بقولــه :" يســتمد الفــيلم قوتــه و اإلرهــاب خــالل العشــرية الســوداء الــيت شــهدت انتشــار العنــف والعمليــات اإلرهابيــة بشــكل خميــف يف

.3اجلزائر.."

أمـــا أحـــداث الفـــيلم فتـــدور حـــول فتـــاة امسهـــا "رشـــيدة" تشـــتغل كمعلمـــة يف إحـــدى املـــدارس طلـبهم مــن رشـيدة وضـع قنبلـة باملدرســة، الشـيء الـذي ترفضــه االبتدائيـة الـيت تكـون هــدفا لإلرهـابيني، ب

بقـــوة فيطلقـــون عليهـــا النـــار، لتنتقـــل إىل املستشـــفى، وبعـــد خروجهـــا منـــه تقـــرر مـــع أمهـــا اهلـــروب مـــن ـا النفسـية خاصـة بعـد العاصمة لالختفـاء يف إحـدى القـرى بضـواحي العاصـمة، و هنـاك تسـتمر معانا

لقريــة و إحساســها بعــدم األمــان، لكنهــا يف النهايــة تســرتجع نفســها اكتشــافها وجــود عناصــر إرهابيــة با

www.djazairess.comورة املرأة يف فيلم رشيدة.. داللة سيميولوجية أ. ج، ص -1 م ن . -2 www.ahewar.org، 6 -حممد عبيدو، السينما يف اجلزائر -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

301

، و يلخــص لنــا الســعيد تريعــة أحــداث 1وشــجاعتها بعــد العمليــة اإلرهابيــة البشــعة الــيت حتــدث بالقريــةالفــيلم: "رشــيدة مدرســة يوقفهــا ذات صــباح شــابني و يطلبــان منهــا محــل حقيبــة صــغرية إىل مدرســتها،

ـــا قنبلـــة يـــراد ا األبريـــاء. فـــرتفض. فيوجـــه إليهـــا أحـــد فـــتفهم أ منهـــا نقلهـــا إىل مدرســـتها لتقتـــل تالمـــذ ويهربان.يني مسدسه و يطلق النار عليها اإلرهاب

ا الـــيت كـــادت أن حادثـــة هـــزت الفتـــاة الـــيت إن مل متـــت فقـــد فقـــدت كـــل شـــيء، منهـــا أعصـــا املدنيني.تفلت أمام شعورها املستمر بالقتل و اجلرائم املرتكبة ضد البسطاء و

ن علـى رشيدة صورة سينمائية تعكس خماوف النساء، و رعبهن من الواقع املـؤمل و عـدم قـدرالتعــايش معــه أو اهلــرب منــه، صــورة لنســاء أخريــات تعرضــن ملــا تعرضــت إليــه رشــيدة و أخريــات تعرضــن

.2ل ذحبا "مث القتنار عليهن ، بل إىل االختطاف واالغتصاب اجلماعي و ألبشع من جمرد إطالق

ــذا يلخــص لنــا الكاتــب جممــل األحــداث الــيت يتناوهلــا الفــيلم، وإن كانــت تتعلــق يف جمملهــا جانــب احلــادث مبعانــاة املــرأة مــن ظــاهرة اإلرهــاب الــذي عرفتــه اجلزائــر يف العشــرية احلمــراء، فــالفيلم إىل

فتيــات أخريــات مــن جــراء املتعلــق برشــيدة بطلــة الفــيلم، فإنــه يشــري إىل معانــاة األساســي الــذي عرضــه و ن مـــن طـــرف اجلماعــات ااختطــافهن و ن مــن نظـــرة اجملتمـــع هلـــن بعـــد إلرهابيـــة، و اغتصـــا كـــذلك معانـــا

جنــاحهن يف اهلــروب مــن قبضــة اإلرهــابيني ، كمــا يعــرض الفــيلم مشــاهد أخــرى و برتكيــز أقــل ملعانــات أو القتل . املواطن بشكل عام من أعمال العنف اإلرهايب ، سواء من خالل التهديد

وبـــالرجوع إىل مضـــمون الفـــيلم ميكننـــا القـــول ، "يقـــوم فـــيلم رشـــيدة علـــى خطـــاب أيـــديولوجي ضــمين يــدعو إىل حتــرر املــرأة اجلزائريــة مــن قيــود العــادات والتقاليــد والــدين اإلســالمي، ويظهــر ذلــك مــن

ــــيت شــــكلت للمشــــا هد خطــــاب خــــالل األوضــــاع املختصــــة والغــــري املختصــــة املوظفــــة داخــــل الفــــيلم ال

ميينة شويخ، م س، فيلم رشيدة. - 1 www.sabaqueen.netة ، كيف يظهر اإلرهاب يف السينما اجلزائرية السعيد تريع -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

302

بطلــة الفـيلم رشـيدة حـرة، طليقــة إيـديولوجي الـذي بـرز يف املشـاهد واللقطــات األوليـة للفـيلم يف تصـوير .1تقوم بعملية التجميل و ترفض ارتداء احلجاب "و

يشــري هــذا الــنص إىل قضــية أساســية تضــمنها الفــيلم و املتعلقــة يف الــدعوة إىل حتــرر املــرأة مــن الـــيت تعتربهـــا الكاتبـــة جمـــرد قيـــود للمـــرأة، و قـــد تكـــون شـــكال مـــن أشـــكال عـــادات و تقاليـــد اجملتمـــع و

التخلف تفرض على املرأة من طرف الرجل.

ترتفــــع فاملشـــهد األول مــــن الفـــيلم يفــــتح علـــى لقطــــة كبـــرية ألمحــــر شـــفاه يف يــــد، ســـرعان مــــا لتليهـا مباشـرة هـي تتـزين ألحـد صـورة تذكاريـة مـع التالميـذ يف املدرسـة، لنكتشف شـفاه ووجـه رشـيدة و

لقطة أخرى ملعلمة متحجبة ترفض طلب املصور لاللتحاق بالتالميذ ألخـذها صـورة معهـم، لتعلـق عـن موقفها لرشيدة بقوهلا: "راين مليحة كي خالين راجلي خندم" . إن مضـمون هـذه العبـارة يعلـن علـى أن

ن هــــذه املــــرأة إمنــــا ترتــــدي زوج هــــذه املعلمــــة املتحجبــــة رجــــل متشــــدد، و يف نفــــس الوقــــت يشــــري إىل أذه األفعال، ذلك ما تؤكـده اللقطـة احلجاب و متتنع عن أخذ الصور جملارات زوجها فقط دون اقتناع

وتضــــع إحــــدى مساعتيــــه يف أذن هــــذه املعلمــــة ، املواليــــة عنــــدما تشــــغل رشــــيدة جهــــاز "الوالــــك مــــان" سرورا.إليها فجأة ووجهها يشع سعادة و املتحجبة لتلتفت

قطـات األوىل الـيت تعـرض علينـا صـورتني، إحـدامها لرشـيدة كـامرأة حيويـة هـذه الل يفتتح الفيلم متحررة، ذات شخصية قوية، تتمتع بـدنياها، و تفعـل مـا ترغـب دون حـرج، و يف املقابـل صـورة المـرأة

هــــر ذلــــك مــــن خــــالل التجــــاوب التــــام ال ختتلــــف نفســــيتها و فكرهــــا عــــن نفســــية و فكــــر رشــــيدة ، يظــــة مــــن جهــــاز او ــــتم مــــا بينهمــــا و مهــــا يســــتمعان إىل أنغــــام املوســــيقى املنبعث ــــذي ي لتواصــــل الوجــــداين ال

ـــا و تقاليـــدها مـــن خـــالل لباســـها كرمـــز "الولكمـــان". غـــري أن املشـــهد يظهـــر هـــذه املـــرأة املرتبطـــة بعادا

www.djazairess.com. 3أ ج، صورة املرأة يف فيلم رشيدة.. داللة سيسيولوجية ج -1 - . جهاز بث املوسيقى

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

303

اجتـــاه أنغـــام لثقافتهـــا، ضـــعيفة باملقارنـــة بشخصـــية رشـــيدة املتحـــررة، و مـــا طبيعـــة تفاعلهـــا و رد فعلهـــا املوسيقى ، إال تعبريا عن رفضها للواقع املفروض عليها.

يتكـــرر هـــذا املوقـــف مـــن خـــالل اإلجابـــة التهكميـــة الـــيت تقـــدمها رشـــيدة عـــن ســـؤال إحـــدى و ا يف املشهد املوافق للحظة ( ) حبسب احلوار التايلد39ثا:01زميال

" املعلمة : و عاله ما تديريش حجاب؟

الطبيب. رشيدة: حناهويل

املعلمة: و عاله، الطبيب خري من ريب اللي لزم علينا احلجاب؟

رشيدة: ريب غفور رحيم

املعلمة: و شديد العقاب".

رشــيدة . إن مضــمون هــذا ــذا جنــد الكاتبــة تعــرب صــراحة عــن رفضــها احلجــاب علــى لســانليها، يبـدو أنـه قفـز قفـزة نوعيـة يف تعاطيـه مـع باملقارنة مع مضامني األفالم السابقة اليت تطرقنا إالفيلم و

، عــام . إضــافة إىل رفــض فكــرة احلجــابوصــورة املــرأة بشــكل ا املرتبطــة بــالعرف والتقاليــد بعــض القضــايرشـــيدة شـــبه عاريـــة تســـبح مـــع خطيبهـــا د) 45ثـــا01(فهـــاهي الكاتبـــة تعـــرض يف املشـــهد املوافقـــة للحظـــة

جندها تقبل خطيبها. )د44ثا:14الطاهر، و قبل ذلك يف اللحظة (

از للشخصــية إن هــذه املشــاهد الــيت يعلــن عنهــا مضــمون فــيلم رشــيدة تشــكل نوعــا مــن االبتــز وبيضــاء" جنــد أن شخصــية راقــو الــذي ء ، فباملقارنــة مــع فــيلم "كحلــة املنطبعــة باحليــااجلزائريــة احملافظــة و

تواجـده يف بيـتهم ، وذلـك حفاظـا يرغب يف االرتباط بـالزهرة ، مل جيـرؤ علـى رفـع بصـره يف الزهـرة حـنيعلى احلياء ، و شرف عائلة أصدقائه وفق العرف اجلزائري . كما أننـا نسـجل مشـاهد أخـرى مل تألفهـا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

304

) املـــرأة الـــيت تصـــرخ يف وجـــه رجـــال ســـا01د:19ثـــا:28الشاشـــة اجلزائريـــة ، فهـــاهي أم املختـــار يف اللحظـــة (. هـذه الصـورة الـيت مل تألفهـا السـينما اجلزائريـة الـيت القرية و تلومهم عـن خـوفهم و تـوخبهم عـن جبـنهم

تــــتكلم وال تعــــرب عــــن مواقفهــــا دأبــــت علــــى تقــــدمي املــــرأة كشخصــــية ديكــــور إن صــــح التعبــــري، فهــــي الأحاسيسـها يف وجـه الرجــل، و قـد تعرضـها يف أحســن األحـوال يف صـورة شخصــية مسـاعدة لشخصــية و

الرجل صاحب دور بطولة.

الـــــيت تقـــــف فيهـــــا املـــــرأة النـــــد للنـــــد للرجـــــل يف املشـــــهد املوافـــــق للحظـــــة تتكـــــرر هـــــذه الصـــــورة) حــني يــرفض األب اســتقبال ابنتــه اهلاربــة مــن خمتطفيهــا اإلرهــابيني، فهــا هــي البنــت الكــربى د59ثــا:15(

حتدتـه بقرارهـا بالتكفـل بالبنـت عن موقفـه، لقـد داسـت قـرار األب و تتحدى األب الذي رفض الرتاجعطئ األب رأسه وينسحب مهزوما . هـي صـورة أخـرى مل نألفهـا ، يتحـدى فيهـا األبنـاء الضحية، ليطأ

، وإن كـــان ينـــدرج ذلـــك يف أحســـن نـــات يف حتـــديهن آلبـــائهم بشـــكل خـــاصأبـــائهم بشـــكل عـــام، والباألحـــوال حتـــت مســـمى عقـــوق الوالـــدين ، لكـــن حينمـــا يعلـــو صـــوت هـــذه البنـــت علـــى صـــوت أبيهـــا،

عنـه د.سـليمان ر على صـوت رجـال القريـة ، فهـذا يعتـرب شـذوذا كمـا عـرب وحينما يعلو صوت أم املختاـا حتمـا تعـرب عـن شـذوذ ال تقبلـه البيئـة . و يكـون الرجـل عشراين بقوله :"و حني تعلو كلمة املـرأة، فإ

.1قد تقهقر إىل وضع من املعرة ال يطاق"

ــذا قــد رصــدنا مضــامني بعــض املشــاهد الــيت تفاعلــت مــع تق اليــد و قــيم وأعــراف نكــون اجملتمــع بشــكل خمتلــف عمــا الحظنــاه يف أفــالم املرحلــة األوىل أو الثانيــة وحــىت املرحلــة الثالثــة. ويف هــذا يشـــري الناقـــد يف دراســـته املعنونـــة ب(صـــورة املـــرأة يف فـــيلم رشـــيدة.. داللـــه ســـيميولوجية) بقولـــه:"و هـــذه

، خاصـة األوروبيـة . هرجانات السينمائية الدوليـةاملالصورة لقيت ترحيبا و جناحا عرفه الفيلم يف خمتلف ـــة للمجتمـــع اجلزائـــري، فالرســـالة جيـــب أن ختاطـــب األفـــراد مل يعكـــس فـــيلم رشـــيدة بعـــض القـــيم الثقافي

250ص:شرايت، م س، سليمان ع - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

305

بلغتهم و ثقافتهم و قـيمهم، لكـن الفـيلم اسـتخدم قـيم ثقافيـة غربيـة، البعيـدة عـن قـيم اجملتمـع اجلزائـري اإلسالمي.

رشــيدة حمــل انتقــادات متنوعــة بعضــها ارتــبط باملخرجــة و بعضــها اآلخــر ارتــبط لقــد كــان فــيلمـــة بتقـــدمي ـــة الغربي ـــه ، فهـــو يغـــازل الذهني صـــورة ســـلبية عـــن املـــواطن العـــريب مبضـــمون الفـــيلم يف حـــد ذات

.1اإلسالمي بالرتكيز على عناصر التخلف واألصولية املتشددة و تواجد اإلرهابيني يف املدن الكربى"و

الناقــد مــن خــالل هــذا الــنص إىل أن فــيلم رشــيدة قــد ابتعــد عــن ثقافــة اجملتمــع اجلزائــري، يشــريـا ، بابتعاده عن قـيم و تقاليـد اجملتمـع اجلزائـري اإلسـالمي ، يـربز ذلـك مـن خـالل املشـاهد الـيت مثلنـا

ــا أن الــيت أصــرت الكاتبــة علــى الرتكيــز عليهــا، خاصــة فيمــا يتعلــق مبواقــف املــرأة . هــذه او ملــرأة الــيت أرادا يف وجـه اجملتمــع ، لكـن هـذه الصـورة تصـطدم بتقاليـد و عـرف اجملتمــع تكـون قويـة تصـرخ بـأعلى صـواجلزائـري الــذي يريــد للمــرأة أن تعــيش يف ظـل الرجــل و أن تســري إىل جانبــه يف أحســن األحــوال دون أن

ا مـن فكـرة قوامـة الرجـال تتقدمه ، و هو العرف السـائد يف جممـل الـدول اإلسـالمية، الـيت ت نطلـق شـعوا اآلية القرآنية . على النساء ، سواء كان تفسريا صحيحا أو خاطئا للفكرة اليت توحي

بـــالرجوع مـــرة أخـــرى ملناقشـــة مضـــمون الفـــيلم جنـــده قـــد ركـــز بشـــكل كبـــري علـــى املـــرأة، و االجتماعيــة، وانــب السياســية،فــالربغم مــن أن الكاتبــة قــد تناولــت موضــوعا خطــريا متشــعبا، يالمــس اجل

يطــال مجيــع أفــراد اجملتمــع الــيت عانــت مــن ظــاهرة اإلرهــاب، ســواء كــانوا األطفــال أو الثقافيــة للمجتمــع و الشباب أو الكهول أو الشيوخ، الذكور منهم و اإلناث، إال أن كاتبة السيناريو اجتهـدت لتحيـد مجيـع

باعتبارهـا املتضـرر األكـرب مـن هـذه الظـاهرة وهـي بـذلك يف الشرائح بدرجات متفاوتة، مركزة علـى املـرأة الصف األمامي يف مواجهة اإلرهاب.

س م أ. ج ، -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

306

إن هــذه الصــورة الــيت أرادت ميينــة شــويخ أن تنقلهــا إىل الشاشــة مل تعــرب مــن خالهلــا بدقــة عــن واقع اجملتمع يف مواجهـة هـذا اخلطـر، و بـذلك نلمـس احنيازهـا الصـريح جلنسـها الـذي أوجـد شـكال مـنأشكال تشويه احلقائق، و إن كنا ندرك بأن الفن خيتلف عن الواقع و لن يكون الواقع، إال أنه املكافئ

املوضوعي للواقع انطالقا من فكرة أرسطو بأن الفن يتناول ما ميكن أن يكون.

إن ميينة شويخ يف فيلمها جعلـت كـل الشخصـيات الفاعلـة و االجيابيـة يف القصـة إناثـا، بدايـة مــن البطلــة رشــيدة، إىل األم الــيت تســند البطلــة، إىل مــديرة املدرســة صــديقة رشــيدة و الــيت أدت مهامــا ـــا "الطـــاهر" خطيـــب رشـــيدة، لكـــن الكاتبـــة جعلـــت مـــن كـــان مـــن األجـــدر و مـــن املنطـــق أن يقـــوم شخصـــية "الطـــاهر" جمـــرد ظـــل ســـليب ال يقـــدم و ال يـــؤخر يف أحـــداث خطـــرية متـــس زوجتـــه املســـتقبلية،

الطــاهر يعتــرب الغائــب الكبــري يف أحــداث هــذا الفــيلم، فهــا هــي رشــيدة تصــرح بقوهلــا يف املشــهد املوافــق ف، dans un village) إثر انتقاهلا و أمها إىل القرية :"ياما..ياما. زوج نسـاء وحـدهم د18ثا:21للحظة (

".tranquilleزعم خيلونا

رشـيدة و األم، إال أن ميينـة شــويخ ـذا جنـد أن منطـق األحــداث يسـتدعي وجـود رجـل يســندحتـــدت هـــذا املنطـــق و ارتـــأت غـــري ذلـــك. باإلضـــافة إىل ذلـــك جنـــد أيضـــا الطبيبـــة الـــيت تتـــابع األوضـــاع

ـا طبيبـة قويـة تتغلـب د43ثـا:30الصحية لرشيدة، كذلك أنثى تقدمها ميينه شـويخ يف اللحظـة ( ) علـى أا يف وجه سكان القريـة، على خوفها لتؤدي واجبها اإلنساين، مرورا بأم املختار اليت تصرخ بأعلى صو

مـن اختطفها اإلرهاب، و يف املقابل و إىل غاية بنت ذلك القروي اليت تتحدى أبيها بكفالة أختها اليت أجل تثمني دور املرأة اليت تدعو إىل حتررها جندها تعري شخصـيات الـذكور يف قصـتها مـن جممـل القـيم

تمـع، فهـا هـو أبـو العـروس يصـطدم مـع أحـد الشـباب الـذي يريـد أن يقـيم عالقـة املتعارف عليهـا يف اجمل غرامية مع ابنته اليت ستزف قريبا إىل عريسها.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

307

رجيي، يف قضـية خطـرية إن ميينة شويخ تقدم هذا األب الذي يصطدم مع الشاب يف شكل ألب جتعلـه يطـرد املـدعوات نفـس املرتبطـة بـه. و ترتبط بشرفه و شرف ابنته و تتعدى إىل شرف زوجهـا ا

هابيــة وحــدهن يف شــوارع القريــة، مــن النســاء يف حفــل زفــاف ابنتــه يف عــز الليــل ليــواجهن اجملموعــة اإلر قبل ذلك تقدمه ميينة شويخ يطـرد الشـاب املغـرم بابنتـه، و الـذي اقـتحم عليـه البيـت يف الليـل، ليخـرج و

رجيـــــي، يف موقـــــف خطـــــري يســـــتدعي منـــــه ردا أكثـــــر قـــــوة الرتباطـــــه بعناصـــــر إليـــــه و يطـــــرده يف شـــــكل احلرمة.خصية الوطنية و اهلوية كاحلياء والشرف و الش

ســب رأينــا للفكــرة العامــة للفــيلم إن هــذه املواقــف الــيت يعلــن عنهــا مضــمون الفــيلم راجعــة حبخرجة تنتمي املتمثلة يف الدعوة إىل حترير املرأة، ذلك ما يشري إليه الناقد بقوله: "وميكننا القول، أن املو

.1الثقافية"رأة بإعطائها حقوقها السياسية واالجتماعية و إىل الفئة اليت تدعو إىل حترير امل

ــذين الشــكلني املتناقضــني، و لــذلك جنــدها تقــدم املــرأة و الرجــل يف فيل ــا تقــول بــأن مهــا كأمـــن اســـتثمار قواهـــا نـــتاملـــرأة ميكنهـــا أن تكـــون أكثـــر قـــوة مـــن الرجـــل يف هـــذا اجملتمـــع لـــو حتـــررت ومتك

ـا، كوكبـة مـن املعلمـات يف الكامنة. و لـذلك أيضـا جنـدها تقـدم يف املدرسـة الـيت كانـت رشـيدة تشـتغل مقابل معلم وحيد يف صورة "بزناس" توخبه املديرة على سلوكه السليب داخل املؤسسة.

شــري إليهــا إن مضــمون الفــيلم بشــكل عــام كمــا تعلــن عنــه هــذه املشــاهد يؤكــد الفكــرة الــيت يـا الناقد أ.ج بقوله: " فاملخرجة تريد تغيري هذا الواقع املر و الدفاع عن هذه املرأة املظلومـة بـإبراز معاناــــز أوضــــاعها وحتســــني ظروفهــــا املســــامهة يف خلــــق حمــــيط مؤســــس اجتمــــاعي يف العشــــرية الســــوداء بتعزي

.2مسؤولية"اقع املر برؤية أكثر رشادة و بالتعامل مع هذا الو

.م س أ.ج، -1 . سأج ،م -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

308

إضـــافة إىل ذلـــك فمضـــمون الفـــيلم يعلـــن عـــن رؤيـــة إيديولوجيـــة، تعتـــرب مبثابـــة قناعـــة شخصـــية ا تعلن صراحة خشيتها من جميء اإلسالميني للكاتبة، يعرب عنها عدنان حسني أمحد بقوله : " كما أ

ــــم، حبســــب تصــــورها سيفرضــــون مشــــروعه ســــيحرمون النــــاس كــــل م الــــديين املتشــــدد، و إىل الســــلطة أل .1ال احلياة العصرية املتحضرة "أشك

يف ختام هذا التحليل البسيط لفيلم رشيدة، ميكننا القول بأن الفـيلم و إن تنـاول قضـية و مهمة، من قضـايا اجملتمـع اجلزائـري، إال أن مضـمون الفـيلم مل يكـن أمينـا يف عرضـه و تعاطيـه مـع ثقافـة

ـــة اجملتمـــع أو لعـــدم قـــد تقاليـــد وقـــيم و أعـــراف اجملتمـــع اجلزائـــري و و وي نرجـــع ذلـــك إىل جهـــل الكاتبـــة ا ناحية هوية خمتلفة فيمـا يسـمى بعمليـة "اسـتالب"، ذلـك مـا يشـري اقتناعها بصورة هذه اهلوية الجنذا

.2إليه الناقد أ.ج بقوله: "واملخرجة متأثرة بالبيئة الثقافية األوروبية و انتمائها إىل املدرسة الفرنسية"

إىل املدرسة الفرنسية، و هـذا التـأثري الـذي متارسـه عليهـا هـذه البيئـة الغربيـة، قـد فهذا االنتماء يكـون العامـل األساسـي الـذي شـكل قناعـات الكاتبـة، بالشـكل الـذي لـون مضـمون فيلمهـا، الــذي مل يعــرب بدقــة عــن قــيم و ثقافــة اجملتمــع، فهــا هــي تعــرض النســاء شــبه عاريــات داخــل احلمــام، كمــا جنــدها

املمثلــة "باهيــة راشــدي" تصــلي بشــكل غريــب ، فهــي تكــرب حيــث ال يســتدعي الوضــع التكبــري تعــرض املمثلـة أيضـا ال يعـرفن كيفيـات حيث ال يستدعي الوضع محد اهللا، وكـأن الكاتبـة واملخرجـة و وحتمد اهللا

هـي هـا)، و د18ثـا:50أداء الصالة ليتمكن من تصحيح بعض األخطاء يف هذا املشهد املوافق للحظـة (ـا ال تستسـيغ وضـع أمهـا و رشيدة تنظر إىل أمها يف نفس املشهد بنـوع مـن الغرا هـي تصـلي، مث بـة وكأ

ـا ال تـدرك بـأن املصـلي القـائم يف جندها تقرتب لتجلس مقابـل أمهـا القائمـة يف الصـالة لتكلمهـا و كأ نفتنه.ال جيوز لنا أن نتوجه إليه بالكالم حىت الن يكلمنا، و صالته ال جيوز له أ

www.ahewar.orgالدولة. وآلية التعاطي مع إرهاب الدين و للمخرجة اجلزائرية يامينا شويخ فيلم رشيدةمحد،عدنان حسني أ-1

.أ. ج، م س - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

309

ــذا الشــكل ميكننــا أن نرجــع طبيعــة تعــاطي مضــمون فــيلم رشــيدة مــع عناصــر اهلويــة اجلزائريــة قـــد يكـــون وراء ذلـــك ســـببا آخـــر يعلـــن عنـــه الناقـــد أ.ج بقولـــه كاتبـــة بالثقافـــة الغربيـــة عمومـــا، و لتـــأثر ال

سســـات الغربيـــة الـــيت :"وتظهـــر جليـــا قناعـــة املخرجـــة وانتمائهـــا للمدرســـة الغربيـــة أو بـــاألحرى تـــأثري املؤ .1إعطاء قيمة سلبية للمرأة اليت ترتدي احلجاب"لفيلم بالدعوة إىل حترر املرأة و سامهت يف إجناز هذا ا

ــا الفــيلم مــع عناصــر اهلويــة اجلزائر يــة ــذا الــنص قــد نرجــع األســلوب و الكيفيــة الــيت تعاطــا د مزيـــان إىل آثـــاره بقولـــه :"... لـــذلك القـــيم الثقافيـــة للمجتمـــع ألثـــر املـــال األجنـــيب، الـــذي أشـــار أمحـــو

ا آليـــة ضـــار ة جـــدا،(...) فيحصـــل علـــى اجلـــوائز فـــالكثري مـــن األفـــالم اجلزائريـــة تنـــتج بـــأموال فرنســـية:"إ .2اإلعانات اليت تربز من العدم، و حتضر معها الضغوط اخلبيثة من طرف املمولني..."و

سب مـا أشـار إليـه حممـد عبيـدو بقولـه:" إن تعبري أمحد مزيان ينطبق متاما على فيلم رشيدة حبقــــب ...و إزاء رفــــض اهليئــــات اجلزائريــــة، مل جتــــد بــــدا مــــن االلتفــــات إىل مصــــادر التمويــــل األوروبيــــة، ع

كانـت النتيجـة بـاهرة ..إذ مـا إن مت إخـراج الفـيلم حـىت راح حيصـد وجيـين إنشائها مؤسستها اإلنتاجية، و ة" (...) ســــت عشــــرة جــــائزة عــــرب مهرجانــــات الســــينما جــــائزة تلــــوى أخــــرى (...) أحــــرز فــــيلم "رشــــيد .3العاملية، ومت انتقاؤه رمسيا ملهرجان (كان) ..."

ــذا ميكننــا أن نقــول بــأن مضــمون فــيلم رشــيدة يكــون قــد تــأثر بثقافــة الكاتبــة املتــأثرة بالثقافــة ا بقـيم هـذه الثقافـة، و يف نفـس الوقـت جلهلهـا أو عـدم إقتناعهـا ب ثقافـة و قـيم و هويـة الغربية و إعجا

ما صاحبه من إغراء للـرتويج للفـيلم أحضرها هذا التمويل األجنيب، و اجملتمع اجلزائري، أو للضغوط اليت يف املهرجانات الدولية، أو يكون هلذه األسباب جمتمعة قد تعاطا مع قيم اجملتمع بشكل غري إجيايب.

.أ. ج، م س - 1

2 - Abdelkrim méziani, le cinema algerien a l’heure des grands choix, www.euromédcafé.org. 6ص حممد عبيدو، السينما يف اجلزائر م س، - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

310

مـا تالهـا (عـدا األفـالم الـيت حلـة التسـعينات و اجلزائريـة يف مر ذا ميكننا أن نقـول بـأن السـينماأجنزت مبناسبة االحتفاالت خبمسينات الثورة) و هي املرحلة اليت انفتحت فيهـا علـى التمويـل األجنـيب، جندها قد تفاعلت مع قيم و ثقافة اجملتمع بشـكل خمتلـف عمـا كانـت عليـه يف مراحلهـا السـابقة ، فـإذا

ــا قــد عرضــت علينــا أبطــاال حيملــون كنــا قــد الحظنــا مــن خــالل متابعتنــ ا ألفــالم الفــرتات الســابقة، أطنيـــة، مـــن خـــالل احـــرتامهم لعـــادات مســـات الشخصـــية اجلزائريـــة، و يســـلكون ســـلوكا يتفـــق و اهلويـــة الو

ة قد ابتعدنا عن أعراف اجملتمع وتقاليده تشبعهم بثقافة حملية، فها حنن يف هذه املرحلوتقاليد اجملتمع، و اجملتمـع يف الكثـري مـن األحيـان، بذلك تكون هذه األفالم قد عكست ثقافة غريبة عن ثقافـة وثقافته، و

لكنهــا تنطلــق مــن مرجعيــة قضــايا اجملتمــع و تنــاقش مشــاكله، و إن كانــت هــذه األفــالم ال تــزال مهتمــة بو ثقافية ختتلف عن املرجعية اليت كانت تصدر عنها يف السابق.

أفالم أخرى : - 2

، موضــوع اهتمــام الشــباب 2005زاق علــواش مــن خــالل فيلمــه "بــاب الــواب" ســنة يطــرق مــر بتقنيات االتصال احلديثـة، الـيت بـرزت كظـاهرة اجتماعيـة مـع بدايـة انتشـار قاعـات االنرتنـت يف أحيـاء مــدننا، و لكــن املوضــوع ســرعان مــا يتحــول ليعــرض علينــا أحــداث زيــارة فتــاة فرنســية مــن أصــل جزائــري

ا قادمة لزيارته.(كليمونس)، تكون قد تعارفت مع شاب (بوزيد) عرب االنرتنيت، لتعلن له فجأة أ

فيباشـــر الشـــاب جمموعـــة مـــن الرتتيبـــات الســـتقباهلا، بـــدءا بالتحايـــل علـــى أمـــه و أختـــه بغـــرض إخالء البيت، ليبقى مع أخيه الستقبال الفتاة.

قافـــة اجملتمـــع، فهـــذا الشـــاب الـــذي إن املوضـــوع منـــذ البدايـــة يبـــدو شـــاذا بالنســـبة لتقاليـــد و ثوملمحــا وســلوكا يف غيــاب أهلــه، يســكن يف عمــارة وســط حــي شــعيب ، سيســتقبل فتــاة فرنســية لســانا

و يف فيلمـي "عمـر ال جيد يف ذلك حرجـا أمـام اجلـريان . ذلـك مـا مل نشـاهده يف أفـالم املرحلـة األوىل أو

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

311

" كــذلك ملــزاق علــواش، ة لفــيلم "العــامل األخــر"كحلــة وبيضــاء"، ونفــس الشــيء بالنســبقتلتــو الرجلــة" وللوهلــة األوىل أنــه يتنــاول موضــوع اإلرهــاب، لكــن ســرعان مــا يتحــول املوضــوع أيضــا إىل الــذي يبــدو و

الشـعيب قصة فتاة فرنسية تسافر إىل اجلزائر للبحـث عـن خطيبهـا الـذي التحـق بصـفوف اجلـيش الـوطينبعـد سلسـلة مـن املغـامرات تعثـر عليـه لتكتشـف أنـه فـر مـن انقطعت أخبـاره، وألداء اخلدمة الوطنية و

صــفوف اجلــيش ليختبــئ يف مكــان معــزول يف الصــحراء، كــذلك بالنســبة لفــيلم "حراقــة" ملــرزاق علــواش ، فـالربغم مـن أن العنـوان حييلنـا علـى ظـاهرة خطـرية أخـذت حيـزا أكـرب فـأكرب، ممـا اسـتدعى 2009سنة

ل اســـتحداث إجـــراءات مكافحتهـــا ســـواء بتشـــديد احلراســـة علـــى الدولـــة للتعامـــل معهـــا حبـــزم مـــن خـــالالشواطئ ، أو من خالل استحداث بعض القوانني حملاربتها. إال أن الفيلم مل يناقش املوضوع بقـدر مـا ــذا جنــد أن هــذه األفــالم مل تنــاقش هــذه ــا شــباب مــن خــالل رحلــة حبريــة، عــرض علينــا مغــامرة قــام

ها كخلفية ألحداث جلها يتمحور حول عالقة غرامية لشابني.املوضوعات بقدر ما جعلت

ميكننا أيضا أن نالحظ على هذه األفالم ظاهرة أخـرى، تتمثـل يف اللغـة املوظفـة، فـإذا كنـا يف الســابق قــد اعتربنــا اللغــة عنصــرا أساســيا بالنســبة ملفهــوم اهلويــة فهــا هــي أفــالم املرحلــة تتعامــل مــع هــذا

أيضا عما عاهـدناه يف أفـالم املراحـل السـابقة، فاللغـة التقليديـة للسـينما اجلزائريـة العنصر بشكل خمتلف يف مراحلها السابقة تتعطل اآلن، ليظهر التعبري باللغة الفرنسية بنسب كبرية تطفو على جممـل مشـاهد

غريبـة عـن الفيلم. و ها هـي صـور تقاليـد و ثقافـة اجملتمـع اجلزائـري تغيـب لتفسـح اجملـال ملشـاهد أخـرىـــا، و مـــن ذلـــك ميكننـــا أن نشـــري إىل مشـــاهد اإلثـــارة و القبلـــة الـــيت غـــزت اجملتمـــع و ثقافتـــه حتتـــل مكا

ثقافــة وديـن اجملتمــع، دون مراعــاة هلويتــه الــذي يعتــرب احليــاء بشــكل فاضــح دون مراعــاة لتقاليــد و الشاشـة عنصرا أساسيا فيها.

ب الـواب" ملـزاق علـواش، ففـي املشـهد املوافـق على سبيل املثال ميكننـا أن نشـري إىل فـيلم "بـاو يف فـيلم واصـل املشـهد يف الفـراش عـاريني، و ) يعرض الفيلم البطلة تقبـل أخ البطـل ليتد49ثا:48للحظة (

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

312

) مشـهدا جنسـيا فاضـحا لعمليـة د50ثـا:12"املنارة" للمخرج حجاج بلقاسـم جنـده يعـرض يف اللحظـة (.انـه أن يقـدم هـذا املشـهد بشـكل إحيـائي لكنـه يصـر علـى اغتصاب فتاة من طرف إرهايب، و كـان بإمك

جتسيد االغتصاب بشكل مادي بعيدا عن كل إحيائية.

كـــذلك بالنســـبة لفـــيلم "العـــام األخـــر" ملـــرزاق علـــواش الـــذي يعـــج مبثـــل هـــذه املشـــاهد، حبيـــث ليعـرض يف ) عـرض عنـاق وقبـل البطـل والبطلـة ، د56ثـا:31ميكننا أن نسجل يف املشهد املوافق للحظة (

يطاردها رجل ومهـا نصـف ) مشهد نادية بائعة اللذة جتري فوق الرمال هاربة ، 01د:04ثا: 41املشهد (يف املشــهد للبطــل و البطلــة يســتحمان عــراة، و ) يعــرض مشــهداس01د:09ثــا:20يف اللحظــة (عــاريني، و

متـا علـى الـذهاب للثكنـة ) جند صاحبة املقر توصي اثنتـان مـن بائعـات اللـذة اللتـان عز س01د:17ثا:28(مــن الــدقيق والقهــوة مــن الثكنــة. العســكرية حلضــور حفــل عيــد رأس الســنة بــأن حيضــرا معهمــا كميــات

ــذه املشــاهد الفاضــحة، ليعــرض يف اللحظــة (و البطلــة ) مشــهدا للبطــل و س01د:24ثــا:35الفــيلم ملــيء ميارسان اجلنس عاريني.

ه املشـــاهد، كمـــا مل تتـــوان يف عـــرض األمكنـــة مل تتـــوان أفـــالم هـــذه املرحلـــة يف عـــرض مثـــل هـــذاحلاضــنة ملثــل هــذا الســلوك، فهــا هــو فــيلم حراقــة يــدرجنا إىل داخــل "كبــاري" مبــا حيتضــنه مــن ســلوكات

ها هو فيلم "باب الواب" ال يوظف مـن الـدين إال صـوت آذان الفجـر لإلعـالن عـن لحياء، و خادشة لة ملــا هــي عليــه تقاليــد األســرة اجلزائريــة، فــاألم حــني بدايــة يــوم جديــد، كمــا عمــد إىل عــرض صــورة خمالفــ

تعـــود مـــع ابنتهـــا إىل البيـــت و تكتشـــف وجـــود هـــذه الفتـــاة يف البيـــت فهـــي يف املشـــهد املوافـــق للحظـــة ا تــوبخ ابنهــا و تلومــه ألنــه مل خيرب س01د:08ثــا:41( هــا باحلقيقــة وتســتدرك قائلــة :" )، بعــد تأديــة صــالـا ال تعـرتض علـى الوضـع. كمـا كأنين ال أعرف تقاليد حسنو الضيافة" و يف هذه اجلملة داللة على أ

أنه يف الوقـت الـيت كانـت تعـرض األفـالم السـابقة فضـاءات املسـاجد، كمـا هـو احلـال يف فـيلم "األفيـون

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

313

والعصـــا"، فهنـــا جنـــد الفـــيلم يعـــرض فضـــاء الكنيســـة مـــن خـــالل زيـــارة أخـــت البطـــل برفقـــة (كليمـــونس) تبادر أخت البطل بالقيام بطقـوس إشـعال الشـموع وغريهـا، و هـي الـيت تقـرتح صديقة أخيها، حيث

على "كليمونس" بعض األفعال.

)، حتــدث األخــت س01د:11ثــا:40مث بعــد خروجهمــا مــن الكنيســة يف املشــهد املوافــق للحظــة (يتزوجـا بعـد صديقتها "كليمونس" عن رغبتها يف الزواج، و لكنها ال تتمكن من ذلك طاملـا أخواهـا مل

و تقول :"هكذا قررت العائلة".

ـــا مـــن تقاليـــد إن هـــذه الفكـــرة الـــيت يريـــد الكاتـــب مـــرزاق علـــواش أن ميررهـــا ملشـــاهديه علـــى أاجملتمـــع اجلزائـــري، تعـــد يف الواقـــع تشـــويها لتقاليـــد اجملتمـــع، فالتقاليـــد قـــد تـــربط زواج البنـــات ببعضـــهن

لكـــن التقاليـــد مل تـــربط زواج ىل أن يـــتم تـــزويج الكـــربى، و صـــغرى إالـــبعض ، كـــأن يـــؤخر زواج البنـــت ال البنات بزواج الشباب.

ــــة الســــجائر. لت ــــاول واحــــدة، و كمــــا جنــــد أخــــت البطــــل يف هــــذا املشــــهد ختــــرج علب حتــــدث تناألخــر تقابلــه يف املقــربة اليهوديــة حبســب ل تقابلــه يف املقــربة املســيحية، و صــديقتها عــن عشــقيها، فــاألو

تصرحيها.

ما ميثله فعل التـدخني يعتـرب بعيـدا عـن قـيم و ثقافـة اجملتمـع، فهـو فعـل منبـوذ شهد و إن هذا املكما عرب عنه بن عبد اهللا حممد بقوله :"ظلت املعايري االجتماعية تعترب كل امرأة تقبـل علـى املبتـدعات

متثــل حــامي مثــل التــدخني، امــرأة شــاذة منبــوذة و فعلتهــا مســتنكرة، ألن املــرأة يف أعــني اجملتمــع املغــاريب .1محى القيم"

.100بن عبد اهللا حممد، م س، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

314

تــتلخص قصــة الفــيلم مــن خــالل شــاب ســئم احليــاة يف اجلزائــر و يريــد أن يهــاجر إىل فرنســا، فيتعــرف علــى فتــاة عــرب االنرتنيــت لتحقيــق هدفــه، فهــو إذا يريــد أن يقــيم معهــا عالقــة لريتــبط معهــا يف

ا. وهي الفكر ة املسـيطرة علـى الشـباب الـذي النهاية يف شكل زواج ليتمكن من الرحيل و االلتحاق خانتــه احليــل يف اهلجــرة و اإلقامــة يف أوروبــا بطــرق قانونيــة ، لكــن الشــاب (بوزيــد) بعــد أن حــذر أخــاه

بعـــدم االقـــرتاب مـــن صـــديقته (كليمـــونس) الـــذي خيطـــط للـــزواج منهـــا ليـــتمكن مـــن اهلجـــرة إىل فرنســـا ه قـــد ضـــاجعها، يعتـــرب األمـــر عاديـــا، ولـــن وتســـوية وضـــعيته القانونيـــة ، جنـــده بعـــد أن اكتشـــف أن أخـــا

ـــذا احلـــ ـــا إىل فرنســـا ، نلمـــس أن عالقتهمـــا مل تتـــأثر هـــو ادث، و يكـــون لـــه أي رد فعـــل، و بعـــد عودسلوك بعيد عن الذهنية اجلزائرية و املغاربية والعربيـة، ألن الثقافـة العربيـة جـزء مهـم يف تشـكيل اهلويـة

ن يشاركه رجل يف حبه المرأة.اجلزائرية، و العريب ال حيب أ

مــن هنــا نقــول بــأن مضــمون الفــيلم مل يعكــس الذهنيــة اجلزائريــة، بــل علــى العكــس مــن ذلــك أحلق سلوكا غربيا بشخصيات جزائرية.

الـيت الطارئـة علـى الشاشـة اجلزائريـة، و حاولنا أن نرصد من خالل هذه األفـالم بعـض املشـاهد تقاليد اجملتمع، و بذلك نؤكد ما ذهب إليه عبـد الكـرمي مزيـاين تسري مضامينها يف عكس اجتاه ثقافة و

اليت كمـا ارة حيضر معه الضغوط اخلبيثة، و من أن املال األجنيب املوظف يف السينما اجلزائرية يعد آلية ضاالجتــاه املعــاكس لقــيم وثقافــة الحظنــا يف الكثــري مــن األحيــان تــدفع التعبــري الســينماتوغرايف للتعبــري يف

هوية اجملتمع .و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

315

الفصل الثالث

انعكاس صورة المجتمع على الشاشة وطبيعة تفاعلها على هويته .

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

316

المبحث األول : البناء الدرامي للسيناريو و طبيعة تفاعله بالهوية .

تمهيـــــد :

اليت كانت قاعدة إن هذا املبحث املخصص لدراسة عناصر البناء الدرامي للسيناريوهات ا السينما اجلزائرية عرب مراحل تطورها، يستدعي االطالع املباشر على جململ األفالم اليت أجنزسيناريوهات األفالم املراد دراستها ، غري أن عدم إمكانية احلصول على هذه السيناريوهات يدفعنا

اجه .استنتاج ما ميكن استنتنصوص و ملشاهدة األفالم كبديل عن هذه ال

ا الكثري من التحفظات، إال أننا إن هذه العملية، وإن كانت من الناحية املنهجية يشوذ بالصورة عمدنا إليها كبديل على اعتبار أن "يكون السيناريو: رسم باللغة.. والبناء العام ملا سينف

األساس لتنظيم و فيلم، اللغةاحلركة . فالسيناريو يقدم للمخرج وغريه من الفنانني والفنيني صانعي الو . معىن ذلك أن السيناريو هو األساس والقاعدة ، وهو املنطلق واملوجه لكل ما 1العمل السينمائي "

سيظهر على الشاشة، فبهذا املعىن يكون الفيلم جمرد تنفيذ ملا نص عليه السيناريو، وهو الرتمجة البصرية للغة السيناريو األدبية.

لم جمرد جتسيد مادي و بصري للسيناريو ، وعليه ميكننا جتاوزا أن نطلع على ذا يكون الفيا ، خاصة إذا علمنا أن الكتابة السيناريستية ختتلف هذه السيناريوهات من خالل األفالم اليت جسد

، من حيث أن "السيناريو قصة ةعن غريها من أشكال الكتابة سواء كانت شعرية، روائية أو مسرحي

. com.shared4عبد اهللا غفال، شكل السيناريو - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

317

، وبذلك تكون الصورة اليت تظهر على الشاشة قد حددها السيناريو برسم معاملها 1بالصور" تروى، وبالتايل يكون الفيلم أقرب ما يكون إىل نص ري يف إطاره الفعلاألساسية وكذا املناخ العام الذي جي

لسيناريو عبارة عن السيناريو، خاصة إذا رجعنا لألستاذ عادل النادي يف تعريفه للسيناريو بقوله: "واذه الرؤية قد جند مصوغا مقبوال إىل حد ما لألسلوب الذي اعتمدناه كبديل 2الفيلم على ورق" .

لذا سنحاول من خالل هذا عن دراسة نصوص السيناريوهات بشكل مباشر لتعذر احلصول عليها.ائي اجلزائري عرب السينم املبحث أن نتطرق إىل جمموعة من السيناريوهات كنماذج متثل جممل اإلنتاج

سنعمد إىل طرق أهم عناصر البناء الفين هلذه السيناريوهات و اليت ترتبط بشكل أو مراحل تطوره، و بآخر مبفهوم اهلوية، من خالل التعرض بداية ملوضوع الفيلم و ما عالقته باهلوية؟ ، مث عنصري احلبكة

أطراف الصراع الذين حددهم ملناقشة املوضوع؟ من هم، و والصراع. فما احلبكة اليت اختارها الكاتب؟كيف انعكس ذلك على املوضوع يف عالقته باهلوية؟.مث نناقش عنصر الشخصيات، أي كيف مت و

كيف كان تعبريها وسلوكها العام بالنسبة ملقومات اهلوية؟ ، مث نتطرق إىل مناقشة و رسم الشخصية؟اللغة اليت وظفها الكاتب اف اجملتمع ، إىل جانببعض العناصر الثقافية كالدين و تقاليد و أعر

طبيعتها، كما سنكرس يف هذا الفصل أيضا نفس الرؤية اليت انطلقنا منها، من خالل تقسيم األفالم و ا ، إما تارخيية أو اجتماعية. فاألفالم ذات املوضوعات التارخيية هي اليت إىل قسمني حبسب موضوعا

لى تسميته بأفالم املرحلة األوىل حبسب التقسيم الذي أوردناه ملراحل أنتج معظمها فيما اصطلحنا ع تطور السينما اجلزائرية، لتكون املراحل التالية تظم يف معظمها أفالم تناولت موضوعات اجتماعية.

معمارية السيناريو: - 1

قبل مباشرة حتليل هذه السيناريوهات، البد من التأسيس لذلك من خالل التعرض ملعىنالسيناريو و طبيعة بنائه الدرامي بشكل خمتصر و مركز، وبعيدا عن معىن كلمة "سيناريو" واملعاين اليت

.23، ص:1989سد فيلد، السيناريو، تر:سامي حممد، دار املأمون للرتمجة و النشر، بغداد، - 1 . 123، ص: 1987أ. عادل النادي، مدخل إىل فن كتابة الدراما، مؤسسات عبد الكرمي بن عبد الله تونس، – 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

318

ا عرب التاريخ، ميكننا القول أن السيناريو "هو فيلم على الورق ، فهو نص وصفي موجه لبست ا مشهدا مشهدا ، ليرتجم كفيلم يصف فيه السيناريست (من يكتب السيناريو) األحداث وصفا دقيق

ذا يكون هلذا النص بعض اخلصوصية1من كتابة احلوارات و التعابري اجلسدية إىل املكان و الزمان " . ، إىل جانب من حيث أنه يفرد فضاء مهما للوصفعلى مستوى شكل كتابته و تقدميه على الورق ،

اهتمامه باحلوارات.

عام للنصوص الدرامية من حيث تقسيمه إن السيناريو كنص درامي ال يشذ عن الشكل الإىل أجزاء ثالثة متمثلة يف فصل أول و فصل ثان مث ثالث، كما يؤكده عادل النادي بقوله: "فبناء القصة يف الفيلم ال خيرج بصفة عامة عن بناء القصة باملفهوم التقليدي املعروف (...) من أن العمل

.2ية أو االنفراج"يتضمن البداية و الوسط أو التأزم، مث النها

ذا نستدل على أن معمارية النص السينمائي مل تتغري كثريا على مستوى الشكل العام عما ورثه فن القصة أو املسرحية ، هذا الشكل الذي يوضحه هيغل بقوله: " إن عدد الفصول

د صراع ، أما الثاين فهو األكثر مواءمة لبنية النصوص الدرامية هي ثالثة، يكون أوهلا مبثابة عرض مليالالتصادم ، التجابه، تصارع الغايات، و كل التعقيدات اليت تنتج ، أما الثالث فيظهر هذا الصراع يف

. 3ايته اليت تتحقق بالتوافق"

ذا ميكننا القول بأن روح الكتابة الدرامية مل تتغري يف لبها بشكل جوهري عما كانت عليه تبعا هلذا ميكننا أن ما الشكسبريية إىل غاية اليوم، و نذ أيام اإلغريق مرورا بالدرايف العهود السابقة م

رحي) يف جمال الكتابة نستنتج بيسر مدى حضور القوانني األرسطية (اليت قننت بناء النص املسليم األكثر غرابة أن يظن املرء أن التعاوضحه جان بول تورك بقوله :"... و ، بالشكل الذي يالسينمائية

www.most-toufik.comمصطفى توفيق، تعريف السيناريو، - 2 128أ. عادل النادي ، م س ، ص: -2

3- G.W.F.Hegl ,esthetique, flammarion, T4, paris, 1979, P: 237

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

319

اكاة) مل يكن قادرا على اليت سنها رجل منذ ألفي عام ، تنطبق اليوم متاما على شكل من التمثيل (احملس ال جيد نفسه أمام نفال يوافق عليه أي كاتب سيناريو و ، فليس هناك سطر واحد تصوره، ومع هذا

ة لتلك اليت أشار القضايا اليت يسعى إىل حلها و . 1إليها أرسطو"أن يقدم هلا حلوال مشا

بغض النظر ل أنواع السيناريوهــــات "... و هــذا الشكل العام الذي أخذه السيناريو يشمل كو اية" .2عن القصة البد أن يكون للسيناريو بداية و وسط و

البناء الدرامي للسيناريو: - 2

نستهل احلديث عن العناصر الفنية للبناء الدرامي بـ:

الشخصيــة : -

واختلفت وسائل ائها إىل قانون واحد مهما تعددتلشخصية الدرامية حتتكم يف رمسها و بناالتعبري بني املسرح و تلفزيون أو سينما، حبيث ال ميسها أي اختالف من الناحية اجلوهرية ، عدا ما

ستوضع يرتتب من تباين على مستوى الوسائل املوضوعة يف خدمة الشخصية تبعا للقناة التعبريية اليتأبعادها الثالثة، ورسم ها هلا، حبيث "ابتكار الشخصيات و يف إطارها واإلمكانات املادية اليت ستوفر

الشخصيات و منوها منوا يتفق مع حتمية البناء الدرامي ، ال خيتلف من وسيلة تعبري إىل أخرى ، أي .3ال خيتلف من مسرح إىل السينما أو التلفزيون أو اإلذاعة"

ثناء حديثنا عن الشخصية كمادة خام على الورق سنجد أنفسنا أحيانا نعود إىل بعض لذا أ

للسينما، دمشق، وزارة الثقافة املؤسسة العامة فن كتبة السيناريو،تر:د.قاسم املقداد، منشورات -جون بول توروك، السيناريو - 1 176، ص:1995

33م س ، سد فيلد ، ص:- 2 129م س، أ.عادل النادي، ص: -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

320

القواعد األرسطية اليت رمست املعامل األوىل لبناء الشخصية الدرامية.

أدوارها و طبيعة رمسها، فهناك أقسام و أنواع من حيث وظائفها و تنقسم الشخصيات إىلمعينة يف إطار أحداث السيناريو، و عموما يكون هذا شخصيات رئيسية حيملها السيناريست مهام

النوع من الشخصيات ، شخصيات نامية تقابلها شخصيات ثانوية تكون يف أغلب األحيان بسيطة م السيناريست ببنائها تتدرج ببساطتها إىل التسطيح أو النمطية. وهناك شخصيات أخرى ال يهت

لك الشخصيات اليت تشكل ها فقط ، أو تهي تلك الشخصيات اليت قد يذكر امسالدرامي، و وتكون هذه األخرية أقرب يف وظيفتها إىل فكرة الديكور أو اإلطار الذي تصور فيه اجملاميع،

الشخصيات الرئيسية منها إىل فكرة الشخصيات احلية الفاعلة ، و لعدم أمهية هذين النوعني األخريين على مستوى البناء الدرامي فال نتطرق إليها.

يعترب هذا التقدمي مبثابة اإلطار العام الذي تدور يف فلكه خمتلف الشخصيات، فمهما كان بقدر هذا التعرض يتم تطورهم، نوعها جند " شخصيات القصة معرضني بدرجات متفاوتة، و

بالفعل جند بعض الشخصيات غري موجود إال من خالل صورهم (اجملاميع..)، و أخرى فقط على و . 1االمسية أو الصوتية (...) و أخريا جند النوع الثالث الذي يدخل مباشرة يف القصة" مستوى احلالة

و القصد من هذا النوع األخري، هم الشخصيات الرئيسية والشخصيات الثانوية، اللذان سنحاول أن نتعرض هلما .

الشخصيات الرئيسية:

دة أحداث السيناريو، أو تتمثل عموما يف شخصية البطل الذي تلقى على عاتقه مهمة قياذا التعبري ميكن القول أن رسم البطل املضاد املطالب خبلق خمتلف العقبات اليت تواجه البطل. الشخصية الرئيسية له أمهية بالغة، ففي كثري من األحيان يتحدد من خالهلا أمهية السيناريو نفسه، فما

1- K.claudio, le scenario, - www.mouviz.com

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

321

ر هذه القصة اليت تعرض، حبسب املخطط السيناريو يف إحدى تعريفاته إال حياة البطل يف إطا األساسي املتمثل يف الشكل التايل:

البطل -"

)1... تبعا حلادث (حادث حمرك-

... عليه أن يسعى لتحقيق هدف-

ة العديد من العوائق - ... هذا األخري الذي يضعه يف جما

... إىل أن ينتهي ببلوغ أو عدم بلوغ هدفه احملدد.-

أو إىل األحسن" أال يف النهاية إىل األسو ... ينتهي به احل-

1املخطط

نستدل من خالل هذا املخطط عن األمهية اليت ميكن أن تأخذها الشخصية بالنسبة لبناء السيناريو، حبيث نكاد نقول أن بناء الشخصية بشكل جيد يؤدي مباشرة إىل بناء سيناريو جيد، ألن

ذا يكون بناء رسم الشخصية كثريا ما يتحدد من خالل ر ا بالشخصيات األخرى ، سم عالقاالشخصية البطلة أو الرئيسية بشكل جيد يعىن حبال من األحوال بناء شخصيات أخرى تتناسب معها و تدور يف فلكها، والشخصية يف تعريفها العام ما هي إال "...كلية سردية مميزة خبطوط

ا إن خصوصية، مثل االسم، اللقب، السن، الصوت، لو ا، معوقا ن البشرة، أعداؤها، لكنا

1 - Yves lavandier, la dramaturgie, www.multimania.com

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

322

فبناء الشخصية عموما، ما هو إال اإلحاطة بشكل أو بآخر مبختلف هذه العناصر اليت 1وجدت..." حتددها و متيزها.

الشخصيات الثانوية : - 2- أ

لبطل (أو شخصيات هي جمموع الشخصيات اليت تظهر يف السيناريو عدا شخصية اهلا أدوار ذات مساحات متفاوتة، و تكون هذه الشخصيات عموما غري مبنية بناء توكلالبطولة)، و

دراميا بالشكل الذي بنيت به الشخصية البطلة، "و متتاز... بصفة واحدة أو بصفات قليلة جدا، فهي شخصية ذات بعدين و قريبة جدا من الشخصية النمط أو النموذج ، و هذه الصفات ال تتغري

.2صية الفارس و الضابط و الصديق املخلص..."طوال القصة كشخ

و عموما جند هذه الشخصيات توظف بالقدر الذي جيعل احلدث الدرامي متواصل بشكل يؤ له الظروف سواء بشكل إجيايب أو سليب منطقي ، فهي اليت تنقل األخبار من و إىل البطل، و

هذا النوع من الشخصيات مبا يلي:لتوفر له مساحة للحركة، و حيدد الدكتور رضا أهم واجبات

ا تساعد البطل على إظهار شخصيته. - أ

ا تعطي الفرصة للبطل ، كي يوضح القرارات املختلفة اليت يتخذها. - أ

ا تساعد اجلمهور على معرفة الكثري عن تفصيالت الصراع . - أ

صراع ، إما باإلجياب كل شخصية ثانوية، متثل خطا منفصال ذا عالقة بال -

1 - V. vincent, ecrire un scénario, www.mouviz.com

.57، ص:1998والتوزيع، بريوت، مؤسسة األشرف للطباعة والنشر ، حتوالت احلبكة (مقدمة لدراسة الرواية العربية)،د.خليل رزق - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

323

. 1أو بالسلب

ذا تكون الشخصيات الثانوية عناصر مهمة يف البناء الدرامي، و من خالهلا يتمكن و ا أو ال. السيناريست من توضيح بعض اجلوانب للجمهور، سواء كان البطل على علم

الصـــراع : - ب

لدرامية عامة و للسيناريو بشكل خاص، فال يعترب الصراع مبثابة العمود الفقري لألعمال اميكن أن نتصور عمال دراميا خاليا من الصراع كيفما كان نوع هذا الصراع، ألنه "ال دراما بال

.2صراع"

الذي جيب الكشف عن بذوره يف الفصل األول، والصراع هو قاعدة وأساس السيناريو، و شاشة يبدأ يف عملية البحث بشكل تلقائي منذ ألن املشاهد بصفة عامة جنده مبجرد جلوسه أمام ال

البدايات األوىل للفيلم عن أقطاب وصيغة هذا الصراع املنتظر و بالتايل "فمسؤولية الكاتب يف توليد ميكن تعريف الصراع بأنه " نضال بني قوتني متعارضتني . و 3قدر من الصراع يكفي لشد املشاهدين"

ذا يصبح الصراع نتاج تفاعل الشخصيات وخصوصا 4ينمو احلدث الدرامي مبقتضى تصادمهما" ،حركيت البطل و البطل املضاد ألن "هدف الدراما يقوم على متثيل أفعال (...) و الفعل الدرامي ال يتوقف من خالل التحقيق اهلادئ و البسيط هلدف معني، بل بالعكس فهذه األفعال تدور يف وسط

.5مصنوع من صراعات وتصادمات"

.85ص:، 1988زيون، دار الفكر العريب، القاهرة، أنظر: د.عديل سيد حممد رضا، البناء الدرامي يف الراديو و التلف - 1 70أ.عادل النادي، م س ، ص: - 2 34سد فيلد، م س، ص: -3 34م ن ص: -4

4 –A.W.F . hegel, Op.Cit, P :225

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

324

جة تصادم هذه الرغبات املختلفة و الغايات املتباينة اليت حتركها إرادات متعاكسة، يتبلور فنتيالصراع الذي يعطي للعمل ديناميكية ، و خيلق ردود أفعال عاطفية لدى املتلقي ، إذا ما متت عملية

اندماج املتلقي بالبطل.

الذي تضرمه وتقوده من من هنا ميكننا القول أن الشخصية هي احملرك األساسي للصراع ا، لذا فالصراع " بدون أي شك ينشأ عن أجل القضاء على القوى املعاكسة يف سبيل حتقيق غايا

لكنه يتحدد أيضا ، و 1يتحدد مقدار الصراع أو قوته من خالل إرادة الشخصية الرئيسية"الشخصية، و ما ازداد تان املتعاكستان كلمن خالل قوة إرادة الشخصية املضادة للبطل ، فكلما تكافأت القو

العكس صحيح فكلما ضعفت إحدى القوتني بالنسبة لألخرى، كلما سهل الصراع تأججا و قوة ، و القضاء عليها دون مقاومة تذكر.

جيدر بنا أن نشري إىل أن الصراع هو روح العمل الدرامي، و هو أيضا "مبثابة عالمة احلياة يف ليت تؤدي لصراع تنكشف جممل انتصارات و إخفاقات البطل ، ا، حبيث يف خضم هذا ا2املسرحية"

، و هذا شيء 3الصراع "ال يكون كامال ما مل يتعقبه تغيري يف العالقات"إىل جممل التطورات، و ، وفق خمطط ضروري بالنسبة للعمل بشكل عام، فإذا كان الصراع ميثل مرحلة اختالل التوازن األول

ة يف: املتمثلسلدن للبنية النصية و

1(حالة توازن

1قـــــــوة

حالة اضطراب

70أ.عادل النادي، م س، ص: - 1 69م ن ، ص: - 2 67د.سيد حممد رضا،م س، ص: - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

325

2قــــــوة

.1) 2حالة توازن

فال بد أن ينشأ بعد هذه املرحلة املتمثلة يف الصراع حالة توازن جديدة ختتلف عن احلالة األوىل حسب املخطط السابق.

الصراع قد يكون خارجيا حبيث تتواجه فيه شخصيات ضد بعضها، أو يكون داخليا و عيشه شخصية واحدة يف حالة عدم توافق مع نفسها، بالشكل الذي تبدو فيه كفريسة ألفكارها ت

وشكوكها. وقد تتلون هذه الصراعات بألوان متعددة من خالل ما حدده د. رضا :

:صراع ساكن - (

وهو صراع ضعيف ناتج عن شخصيات غري قادرة على القيام بأفعال تنشط من خال هلا الصراع.

: صــراع واثب -

وهو عيب من عيوب الكتابة الدرامية ، قد ينتج من عدم التمهيد اجليد واملنطقي ملختلف األفعال الدرامية املراد عرضها.

: صــراع صاعد -

وهو أنسب أنواع الصراع الدرامي حبيث يتحرك بشكل منتظم ومتواصل إىل حلظة الذروة ليتهاوى.

.28د.خليل رزق، م س، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

326

الكاتب لونا آخر يتمثل يف: إىل جانب هذه األلوان يضيف

: صراع مرهص

من طرف خفي على ما ينتظر وهو الصراع الذي على وشك النشوب ، أو ما يدلوهذا النوع جيعل املشاهد يف حالة انتظار وترقب و متابعة، ألنه يتوقع انفجارا يف أي ، 1)حدوثه حلظة.

عمل أكثر من نوع أو لون يف تلكن رغم هذه التقسيمات إال أننا جند السيناريست قد يس، حبيث أن هذه األنواع قد يهيئ بعضها لآلخر، وقد ينتج بعضها عن بعض. فعلى سبيل املثال عمله

، أو العكس فجار ختوض من خالله صراعا خارجياقد جند شخصية ما تعاين صراعا داخليا يهيئها النا إىل اإلحساس باإلحباط وجيعلها فقد جند شخصية تقود صراعا خارجيا يبوء بالفشل ، ما يؤدي

ا لتعيش صراعا داخليا نتيجة هذا الفشل. تنغمس يف ذا

الحبكــة: -ج

احلبكة ما هي إال القاعدة الصلبة اليت يبىن عليها السيناريو وفق املقاربة األرسطوتالية، كما مبثابة رسم اإلطار العام تعترب إحدى القواعد األساسية لبناء قصة قوية ، و احلبكة ميكن أن تكون

ا شخصيات العمل ، و احلبكة اجليدة الصنع مؤهلة الذي يشكل مجيع التعقيدات اليت تسري يف ممراو التوتر الذي الحتضان وضعيات مشوقة قادرة على خلق درجة معينة من جذب االنتباه و التشويق

حتتضنها حبكة جيدة الصنع ، تضع من خالل هذه الوضعيات التصادمية اليت قد يطلبه املتلقي ، و ة ، ميكن أن يولد صراعا قويا، يكون قادرا على دفع األحداث إىل األمام ، ا يف موضع جما شخصيا

ويسمح بتطور الشخصيات .

. 70ص :النادي ، م س ، أ.عادل - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

327

بذلك ميكن أن تكون احلبكة هي مربط الفرس و قبلة الكاتب لصنع فيلم جيد، ألن احلبكة يف أي عمل درامي، والسيناريو خصوصا، ألن 1 لألحداث)يف مفهومها العام هي (التنظيم الفين

.2الدراما التلفزيونية تتبع "نفس قواعد احلبكة يف املسرحية"

ذا تكون احلبكة مبثابة اخلطة أو املخطط الذي يوضع لتنتظم وفقه أجزاء احلكاية، ا من خالل العمل"باعتبار احلكاية "جمموع األحداث املتصلة فيما بينها و اليت يتم إخبا . (فإذا 3رنا

كانت احلكاية أو املنت احلكائي هو املادة املعروضة، تكون احلبكة مبثابة املبىن احلكائي الذي حيدد . و خيلص د.رزق إىل القول (أن 4اهليكل و الشكل الذي سيقدم به املنت احلكائي أو املادة املعروضة)

يرى التعاقب العلي شرطا الزما للحكاية ، والشرط احلكاية هي التسلسل الزمين لألحداث ، والا الصياغة الفنية لألحدث يف احلكاية حسب الوحيد هو التسلسل الزمين ، أما احلبكة فيؤكد أ

. فهنا يلتقي الكاتب مع عادل النادي 5ظهورها يف اخلطاب السردي وترتبط عادة برباط السببية ) احلبكة، بأن (األحداث تتبع يف طبيعتها ما سبقها من أحداث، يف مفهومه لرتتيب األحداث يف إطار

.6و تؤدي إىل ما يليها من أحداث أيضا، على أساس من التسلسل املنطقي)

حلبكة يف تنظيم أحداث احلكاية، ذا الشكل يتضح مفهوم رباط السببية الذي تلتزم به ا، و ميكن هلذه الصيغ ن صيغ تقدمي احلكايةميكن أن نشري هنا إىل أن هذا التنظيم ما هو إال صيغة مو

كاية ختتلف من أجل تقدمي املنت احلكائي نفسه، ألن "املؤلف يستطيع ترتيب أحداث احلأن تتعدد و لذا فإننا ن حبكة جديدة، أو حبكة خمتلفة، و كل ترتيب معني يكو (...) بطرق متعددة (...) و

37د. خليل رزق، م س ، ص: - 1 12عادل سيد حممد رضا، م ، ص: - 2 12د. خليل رزق، م س، ص: - 3 11ظر: م ن ، صين- 4 40صظر: د. خليل رزق، م س، - 5 60أنظر: م س، أ. عادل النادي، ص: - 6

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

328

.1نستطيع أن نكون حبكات عدة من احلكاية نفسها"

ذا نكون قد عرفنا احلبكة بشكل عام، غري أنه ميكننا أن نضيف إىل ذلك بقولنا :" أن هي خطة الفعل اليت ميكن عن طريقها يسي للفعل، وهي خط تطور القصة و احلبكة تقدم اإلطار الرئ

ذا الشكل قد 2للشخصيات، و غري ذلك من العناصر املكونة للدراما أن تكشف عن نفسها" ،دى مفهوم احلبكة يف السيناريو، جمرد كيفية تنظيم األحداث ليتسع قليال ليشمل كل العناصر يتعإضاءة و غريها، مبعىن كل العناصر اليت شكلة للعمل، من أحداث و شخصيات وموجودات و امل

"احلكاية منسوجة يف خطاب (...) تسهم يف تشكيل اخلطاب السينمائي، ألن احلبكة هي أيضا فه كيفية تعبريية، تنتظم الوحدات السردية يف وحداته املختلفة، و تتشكل احلبكة على اخلطاب بوصو

، علما بأن اخلطاب السينمائي متعدد اللغات كما عددها كريستيان ميرت بأنه 3مستواه الرتكييب". و بالتايل فهذه 4يتشكل من الصورة و املوسيقى والضجيج و األثر اخلطي و الكالم املباشر"

غات تتآلف لتشكيل اخلطاب السينمائي ، و الذي تنتظم البىن السردية يف وحداته املختلفة الل لتشكيل حبكة النص السينمائي.

ميكننا مما سبق أن خنلص إىل القول أن احلبكة يف النص السينمائي، ما هي إال السيناريو مل على حبكة، فإن أي فيلم ذاته، كما يؤكده عادل النادي بقوله :" ألن أي مسرحية البد أن تش

البد أن يشمل على سيناريو (...) و لذلك فإنه من العبث أن نتكلم عن حبكة الفيلم منفردة، ألن

.39د.خليل رزق، م س، ص: - 1 60أ. عادل النادي، م س، ص: - 2 37خليل رزق، م س، ص:.د - 3

4 - jean mottet ,introduction a la sémiologie ( texte-image), l’office des publication universitaires, Alger, 1980 , P :89

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

329

. 1الفيلم هو (السيناريو) "

وبالتايل ميكننا القول أن احلكاية اليت يبىن على أساسها السيناريو، البد أن تشمل حبكة ي، و يكون عموما هذا املبىن احلكائي، هو السيناريو ذاته الذي يقدم من خالهلا هذا املنت احلكائ

حيدد كيفية تسلسل املشاهد و تنظيم أجزاء العمل، ألنه كما سبق و أن أشرنا إىل أن السيناريو عبارة عن فيلم على الورق، بذلك خنلص إىل أن السيناريو ما هو إال تصميم للحبكة اليت سيتم من خالهلا

عرض احلكاية .

الحوار السينمائي: -د

قد ال يكون احلوار هو بيت القصيد، بقدر ما نرمي يف هذا املبحث إىل مناقشة طبيعة اللغة و لكن على الرغم من ذلك يتوجب علينا أن نسلط بعض الضوء على احلوار املوظفة يف هذه األفالم،

كل مألوف و متداول يف أجناس أدبية السينمائي و ما يتمتع به من خصوصية، ألنه إذا كان احلوار شخمتلفة، و قد يستعمل فيها بنفس الشكل العام، من حيث أن احلوار هو تلك الكلمات و اجلمل اليت تتداوهلا و تتبادهلا الشخصيات بغرض التواصل فيما بينها، فإن هذا التعريف العام يبقى ناقصا، ألن

ت ال ميكن أن ترقى إىل درجة احلوار ما مل نضفي هذه الكلمات و اجلمل اليت تتبادهلا الشخصياالغري ، و الفرق بني احلوار الدرامي و 2عليها الصبغة الدرامية، ألن "احلوار جيب أن يكون دراميا"

الدرامي، هو نفس الفرق ما بني احلوار الفين و الغري الفين فأساس" الفرق بني احلديث يف احلياة ة ، هو أن احلديث يف احلياة اليومية ال يقول شيئا يف معظم الوقت، اليومية، واحلديث يف التمثيلي

بينما يتحتم على حديث التمثيلية أن يقول الكثري، و ال يصل حديث احلياة اليومية يف أكثر األحايني

122أ.عادل النادي، م س، ص: - 1 .144س، ص: مد.عديل سيد حممد رضا، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

330

.1إىل هدف حمدد. أما حديث التمثيلية فالبد أن يصل إىل هدف ما "

ا احلوار الدرامي عن غريه، و املتمثلة أساسا يف ذا نستنتج أهم اخلصائص اليت يتميز ذا قبل أن يشرع الكاتب يف كتابته، و وجهته و هدفه وار الدرامي جيب أن حتدد غايته و غايته، فاحل

يسهل الوصول إىل اهلدف دون لف أو دوران، وبأقصر جهد و وقت ممكنني، إىل ذلك نضيف جلمهور، حبضوره أو غيابه، فاحلوار الغري الدرامي أو ما عنصرا مهما حيدد الفرق بشكل أوضح، إنه ا

يسمى حبديث احلياة اليومية ينحصر يف دائرة خمتلفة، تتحدد حبسب الشخصيات املشاركة يف هذا احلديث، أما " احلوار الدرامي، ليس حوار من أجل الشخصيات واألحداث فحسب، و لكن من

شاهد، حيث أن املشاهد هو الطرف الثالث يف احلوار باإلضافة إىل الطرفني األساسيني يف أجل امل .2احلوار"

أساس رامي واحلوار الغري الدرامي، و ذا نستطيع أن نفصل بشكل واضح ما بني احلوار الدا احلوار الدر امي من كونه يستعمل يف التواصل هذا الفصل زيادة على العناصر التقليدية اليت يتميز

املوفق و كونه يتسم بالرتكيز، فإننا جنده إضافة إىل ما سبق من عناصر يشرتط يعلن عن الشخصية و و عنصرا آخر يتمثل يف الفرق يف عدد األقطاب املشاركة فيه ، فإما أن تكون ثالثية بأخذ اجلهور كقطب مهم وغاية، ألجله يرسم هذا احلوار ليأخذ الصبغة الدرامية، أو العكس فتنتفي الصبغة

هذه احملادثة. الدرامية عن

إن الصبغة الدرامية مسة مشرتكة يف مجيع احلوارات اليت تستعملها الكثري من وسائل التعبري، إال أن احلوار الدرامي السينمائي له خصوصيته اليت متيزه عن غريه من احلوارات الدرامية ، وينبع هذا

بري خمتلفة ، أمهها الصورة " االختالف من طبيعة الفن السينمائي نفسه، الذي خيتص بوسائل تع

51، ص:1980، تر:عزت نصري، اهليئة املصرية العامة للكتاب، مصر،جورج لوثر، التأليف التلفزيون - 1 28ص :أ. عادل النادي ، م س ، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

331

فاحلوار يف الفيلم له ما مييزه وجيعله خمتلفا عن أنواع احلوار األخرى يف الرواية الطويلة، والقصة القصرية، واملسرحية، والتمثيلية اإلذاعية، فهو عامل مساعد أو مكمل، إنه يستعمل فقط لتوضيح، اللقطة أو

لسيناريست واملخرج للتعبري عن أفكارمها (...) واحلوار هنا أداة املشهد (...) ألن الصورة هي وسيلة ا . 1من هذه األدوات "

ذلك ما يؤكده أيضا جون بول توروك بقوله : " ال ينبغي أن يغيب أبدا أن داللة املنظر يف .) االنتقاالت، و احلركات، وحركة املمثلني و النظرات (..لفيلم حتمله عدة عناصر، الفعل، واحلركة، و ا

. 2و احلوارات ليس أكثر من واحد منها أحيانا يكون هاما، و أحيانا أخرى أقل أمهية "

ا يف املسرح، ألن "احلالة يف ذا قد ترتاجع أمهية احلوار يف السينما عن األمهية اليت حتضى ألن ، 3املسرح ختلقها الكلمات، أما يف السينما فينبغي على الكلمات أن تنبثق من احلالة "

السيناريست ينطلق يف كتابته من العام إىل اخلاص، فهو يصف أوال الديكور مث احلركة ليصل إىل ذا يهتم السيناريست بوصف حركة الشخصية قبل كالمها، ألن وصف املكان واحلركة الشخصية .

شخصية قد يعلم املشاهد بكثري من املعلومات ال يأيت عليها احلوار ، و عليه تكون كلمات المكملة ملا عرضته الصورة ، فالكلمات تنبع من الوضعـية ، ألن "كل ما تبينه الصورة، أو مما تستطيع

، و يف نفس السياق يؤكد سيد حممد رضا بقوله: " على 4إظهاره ، ال ينبغي على الكالم أن يقوله" . 5عترب أوال"الكاتب أن جيعل احلوار يف احلد األدىن، و أن جيعل الصورة هي اليت ت

ا احلوار يف اجملال السينمائي عن احلوار يف غريه من ذا نلمس اخلصوصية اليت يتسم

112ص: ن،م - 1 229-228جون بول توروك، م س ، ص: - 2 228م ن ، ص: - 3 228ص: ن،م - 4 144د.عادل حممد سيد رضا، م س، ص: - 5

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

332

وسائل التعبري املختلفة ، و بالتايل فإننا " جند أن احلوار يف الفيلم جزءا من الكل، ال معىن له مبفرده ، ، و لكن مهما كانت املساحة اليت 1فيمكن إذا قرأنا احلوار وحده يف بعض املشاهد ال ندرك مغزاه"

عامة قد يشرتك أنه جيب أن يضبط بقواعد ومسات أساسية و يأخذها احلوار يف الفيلم السينمائي، إال فيها مع غريه من احلوارات الدرامية.

إذا كنا من خالل هذا املسح السريع، قد حاولنا مالمسة بعض اجلوانب التقنية أو الفنية ملا ب أن يقدم بلغة به احلوار يف الفيلم السينمائي بشكل عام ، فهذا احلوار املوظف جي جيب أن يتميز

أن أشرنا تعد أساسا قويا من أسس اهلوية الوطنية ، لذا فاألعمال السينمائية حمددة، واللغة كما سبق و ا أن تتعامل بشكل دقيق مع هذا العنصر، ال ذي زيادة على اجلزائرية الداعمة للهوية الوطنية، يفرتض

أننا اعتربناه عنصرا مهما من عناصر اهلوية ، جنده يتقاطع مع العديد من العناصر املؤسسة للهوية ة بالثقافة، و اللغة بالتاريخ، الوطنية، بشكل ال نتبني فيه بوضوح حدود فاصلة بينهم، كتداخل اللغ

اللغة بالدين يف بيئتنا املغاربية و غريها من العناصر.و

املكانة اليت قد حتتلها اللغة بالنسبة هلوية اجملتمع جند د. عز الدين صحراوي يعرب إن هذها و ال شك من العناصر األساسية املسهمة يف عنها قائال:" ملا كانت اللغة ظاهرة اجتماعية فإاحلفاظ على وحدة و متاسك اجملتمع، حيث تكتسب أمهية بالغة بالنظر إىل طبيعة الوظائف اليت

ديها يف سياقها االجتماعي والتارخيي و السياسي و الثقايف و اللغوي .تؤ

داع الفكري، ومطلبا ال تكون كذلك إال إذا كانت رمزا للهوية للوطنية و وسيلة لإلبو خنبويا يهدف إىل تأكيد السيادة الوطنية و الوحدة اللغوية، وهلذا كانت بالنسبة لنا حنن اجتماعيا و صرا أساسيا يف هويتنا الوطنية وطريقة تفكرينا، فهي أخطر بكثري من أن تكون جمرد اجلزائريني عن

144أ.عادل النادي، م س، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

333

.1أصوات لغوية، تستعمل أداة للتوصيل"

بذلك جند عز الدين صحراوي من خالل هذا النص جيعل من اللغة الوطنية رمزا للهوية نظرا التارخيي أو السياسي أو الثقايف ، ألمهية الوظائف اليت تؤديها سواء كان على املستوى االجتماعي أو

ا ترتبط بشكل أو بآخر بطريقة تفكرينا. و غري حبيث يعتربها وسيلة لإلبداع الفري، زيادة على كوبعيد عن هذا التفكري جند د.مباركي بوعالم يغوص يف قضية توظيف اللغة يف املسرح اجلزائري، فإذا

ا، كان يرى "أن مسألة اهلوية يف لغة املسرح اجل زائري تؤول إىل مسالة أكرب، و هي اهلوية اجلزائرية ذاكما يقدمها املسرح اجلزائري من خالل استعمال اللغة العامية الثالثة املستلهمة من الرتاث الشعيب (...)، و هلذا حاول رواد املسرح اجلزائري تأسيس هوية هذا املسرح املتميز عن اآلخر األورويب من

ا لغة مسرحية شعبية نابعة خالل رجوعهم إىل توظيف الرتاث الشعيب و استعمال اللغة الثالثة ، أل .2من احتفاالتنا و فنوننا التقليدية، قريبة من الوجدان الشعيب احمللي"

فإننا نستطيع أن نسقط نفس النص على الفن السينمائي اجلزائري، بقولنا إذا أراد السينمائي ، فيمكنه ذلك من خالل طبيعة اللغة اليت يوظفها، فكلما كانت متشبعة اجلزائري التميز عن اآلخر

بالرتاث الشعيب كلما كانت أقرب للتعبري عن هويتنا، و كلما كانت كذلك كانت أقرب إىل طريقة تفكرينا، إن مل تكن حبسب ما ذهب إليه د. عزالدين صحراوي عنصرا أساسيا يف طريقة تفكرينا ،

حسب د. بوعالم مباركي قريبة من الوجدان الشعيب احمللي. وكلما كانت كذلك كانت

ى تعبري هذه األعمال اإلبداعية إن قرب هذه اللغة من الوجدان الشعيب احمللي، يعد مؤشرا علالفنية عن اهلوية الوطنية، باختيارها لذلك الوسيط القريب من الوجدان الشعيب، ذلك ما قد نستشفه و

www.univ-bcskra.dz التاريخ و اهلوية -ين صحراوي ، اللغة العربية يف اجلزائرد. عز الد - 1 www.annales.univ-mosta.dzبوعالم مباركي، لغة املسرح بني اهلوية و الغريية، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

334

، بذلك فاألعمال الفنية املعربة عن 1له:" إن اللغة فكر ووجدان و إرادة"من تعبري شريف كرمة بقو ا قريبة من هوية األمة ، قد ال جتد وسيطا أحسن من تلك اللغة املتشبعة بالرتاث الشعيب، كو

ا. الوجدان الشعيب، و كذلك كون اللغة فكر يف حد ذا

لغة الوطنية الرتباطها باجملتمع باإلضافة إىل ذلك يؤكد عز الدين صحراوي على عنصر القائال:" فاللغة تصاحب سلوكنا يف كل حلظة و ترافقنا يف أطوارنا التارخيية املتالحقة، مما جيعلها أداة

.2صادقة للتعبري عن حياة اجملتمع اجلزائري"

إن ارتباط اللغة باجملتمع و تعبريها بصدق عن أحواله عرب مراحل تارخيية، أمر بديهي بدليل أن تطور اللغة ال يكون إال بتطور اجملتمع، و احنطاطها باحنطاطه، بذلك تكون كما يرى د.صحراوي أداة صداقة للتعبري عن حياة اجملتمع، غري أن تعبريها عن أحوال اجملتمع قد يكون أعمق من ذلك،

ا تصاحب سلوكنا، سلوك الفرد و اجلماعة داخل اجملتمع، هذا السلوك النا بع من منط حبيث أمعربا عنها ، و عليه ميكننا القول بأن اللغة الوطنية ويتها و تفكري اجلماعة، وبالتايل يكون نابعا من ه

، قادرة على التعبري عن هوية اجملتمع، و قد ال يقف. بوعالم باللغة العامية الثالثةأو كما عرب عنها دمن ذلك بالشكل الذي يراه د.صحراوي بقوله:" ، بل ميتد إىل أخطر دورها عند حد التعبري عن اهلوية

إن هذا الدفاع عن اللغة الوطنية، هو يف الواقع دفاع عن الوجود احلضاري املتميز للشخصية الوطنية، وأن سيادة أمتنا من سيادة لغتنا الوطنية (...) فال أمة من دون لغة وطنية، و ال تاريخ و حضارة إال

ناء األجيال املتعاقبة ال ميكن أن يتم إال من خالل اللغة الوطنية، من خالل هذه اللغة ، كما أن بفهي القوة الطبيعية الالزمة يف إحداث التفاعل والتواصل لدى خمتلف الشرائح االجتماعية، و من هنا

قدان هلا يؤدي حتما إىل الضياع كان فصل الشخصية عن اللغة الوطنية أمرا مستحيال، و كل ف

www.annales.univ-mosta.dzف كرمة، اللغة العربية و عالقتها باهلوية، الشري - 1 د.عز الدين صحراوي.م س، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

335

.1االندثار"و

قد تربز أمهية اللغة الوطنية بشكل عام، من خالل ارتباطها بالشخصية الوطنية بشكل ذاخاص، باإلضافة إىل عديد املهام األخرى اليت تؤديها، خاصة ما تعلق بإحداث التفاعل و التواصل لدى خمتلف الشرائح االجتماعية، الشيء الذي قد يعطي للمجتمع شيئا من القوة و التماسك لبناء

شروع الداخلي و كذا ملواجهة األخطار اخلارجية.امل

تحليــــل األفـــــالم:

I - :البناء الدرامي في سيناريو الفيلم التاريخي

فيلم: بني هندل - 1

نستهل مناقشتنا لألفالم ذات املوضوعات التارخيية من خالل فيلم "بىن هندل" الذي سبق الفصل الثاين، لذلك سنركز على العناصر ذات األمهية بالنسبة للبناء الدرامي و أن تطرقنا له يف للسيناريو مباشرة.

الموضــوع : - أ

ا قضية إن موضوع الفيلم يتناول قضية حساسة ترتبط باهلوية الوطنية أشد االرتباط، إوراس بقوله:" إن عناصر اهلوية األرض اليت متثل أحد األبعاد املهمة بالنسبة للهوية حسب عبد العزيز ب

.د.عز الدين صحراوي.م س - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

336

. و بالرجوع إىل الفيلم جند 1حسب جل الباحثني تتحدد يف ثالثة أبعاد: الشعب، األرض، و اللغة"عبد الغين مغريب يشري إىل موضوع الفيلم بقوله: " إن املخرج (...) تعمد حماصرة عمليات مصادرة

)، و مبعىن آخر 1900-1873طي فرتة ثالثني عاما (الفالحني اجلزائريني يف أدق تفاصيلها، يف فرتة تغفإن االهتمام األساسي للفيلم ينخرط فيما أمساه بعض املؤرخني "االستعمار الرمسي"، الذي انطلق بسقوط اجلمهورية الثانية (...) فإىل غاية ذلك التاريخ كانت عمليات مصادرة األرض يف هذا البلد

كانه للمدنيني املتعطشني جلمع الثروة بأسرع وقت، بسلب توكل للتدخل العسكري، الذي أخلى م . 2حتت غطاء قانون وارنيين " 1973قطع واسعة من األرضي اخلصبة، بداية من سنة

ذا املوضوع الذي اختاره الكاتب لسيناريو الفيلم ، ميكننا أن نقول بأن السيناريو حتما متثل رأس مال الفالح اجلزائري. فقطعة األرض سيتضمن الكثري من العناصر اليت ترتبط باألرض اليت

اليت ورثها عن أجداده ، يسعى خلدمتها ويعيش من حماصيلها و حييا يف فضائها اخلاص به . أجداده، وفر له منط حياة ورثه عن آباءه و بذلك كانت هذه األرض بالنسبة للفالح اجلزائري متثل و ت

اء و األجداد . من هنا كان ملوضوع السيناريو عالقة قوية باهلوية ، ويكرس يف نفس الوقت تقاليد اآلبباعتبار أن املوضوع يدور حول عنصر األرض واليت متثل أحد األبعاد األساسية للهوية كما أشرنا إليه

املباشر للتفسخ دة املادية، كانت املسبب األول و أعاله ، و يف هذا يقول عبد الغاين: "إن حتطيم القاع ايف. إن الفيلم يظهرها بطريقة تعليمية.الثق

. ذلك التفتت الثقايف الذي يعيه 3متكاملة نعرب إىل نظام ثقايف يتفتت"فمن ثقافة مؤسسة و )، حيث يعرب بوزيان لعيسى عن د59ثا:33"عيسى" أثناء زيارته لـ "بوزيان" يف املشهد املوافق للحظة (

بيلة و احلياة داخل املدينة ، فاحلياة اجلماعية اليت كانت تسود اختالف منطي احلياة ، احلياة وسط الق

17عبد العزيز بوراس ،م س، ص: - 12 - Abdelghani Megherbi, les algérien au miroir du cinéma colonial, Op.Cit, P : 100. 3 - Abdelghani Megherbi, Op.Cit, p:139

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

337

م و تقاليدهم كالتويزة وغريها ، اليت كانت جتمعهم حلرث األرض أفراد القبيلة من خالل منط حيام وأفراحهم، مل تعد قائمة يف فضاء املدينة معا و حصدها معا ، وتقاليدهم اليت توحدهم يف أحزا

احلياة الفردية . اليت يسودها منط

ذا جند أن موضوع السيناريو يرتبط ارتبطا قويا باهلوية الوطنية ، يف فرتة من فرتات تاريخ جمتمعنا ، كما يعكس ما تلقته اهلوية الوطنية من ضربات وحشية ألسسها.

الصراع : -ب

بدون صراع كما لقد سعى الكاتب أن يؤسس صراعا هلذه الدراما السينمائية ، ألنه ال دراماهو مشار إليه سابقا . و بالرجوع إىل فيلم "بين هندل" ميكننا أن نقول بأن الكاتب حاول أن يبلور هذا الصراع القائم حول األرض، ما بني قوتني متواجهتني، تتمثل القوة األوىل يف اإلدارة االستعمارية

سدهم قد جاءات هذه اإلدارة، و عمني إلجر طبقة من العمالء الداعمرين املتعطشني جلمع الثروة، و و املوالفالحني اجلزائريني ثل القوة املواجهة يف األهايلمن جهة أخرى تتمالكاتب يف طبقة اإلقطاع ، و

مالكي هذه األراضي. بذلك كان الصراع صراع وجود، ألن ضياع األرض بالنسبة للفالح اجلزائري ط حياته ، بفقدان مصدر رزقه ، أما بالنسبة للمعمر منوشخصيته و يعين حتلل هويته و تفتت ثقافته

فان عدم احلصول على األرض املوعودة يعين تبخر األحالم اليت هاجر من أجلها، وبالتايل يصاب باإلحباط و خيبة األمل و الضياع ، لذلك بدت املعركة بالنسبة للطرفني معركة وجود ، معركة حياة أو

ات ومربرات و غايات يسعى إما للحفاظ عليها أو لتحقيقها . ( بعيدا موت ، فكل طرف حتركه قناع عن الطبيعة األخالقية هلذه القناعات و املربرات اليت حترك كل منهما ) .

- د14ثا:40كما أن الصراع يبدو صراعا عقائديا ، ذلك ما يربزه املشهد املوافق للحظة (

اية خطابه عن اد18ثا:6 سخ مستقبال، كاألمن و الرفاهية لقيم اليت سرت )، حيث يعلن احلاكم يف

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

338

املمتلكات الفردية اليت ستكون حممية ، لرتافق هذه اجلمل األخرية دقات والنظام الذي سيحرتم و جرس الكنيسة داللة على طبيعة هذه القيم الغربية املعلن عنها و الغريبة على اجملتمع غربة جرس

الكنيسة يف هذه البيئة اإلسالمية.

ذه القيم اليت سرتسخ يف البالد مستقبال من خالل املشهد و يواصل احلاكم عملية التبشري نشر الثقافة يف هذه املنطقة املتوحشة (حبسب ) بفتح مدرسة و د49ثا:08-د48ثا:01املوافق للحظة (

ملوافق للحظة تعبريه) ، و قيم العامل املتحضر، و نفس املشروع احلضاري يعلن عنه أيضا يف املشهد ا ).د51ثا:34(

عمليات التبشري بنشر قيم حضارية، يستلزم تكسري منط إن اإلعالن عن هذا املشروع و ا، ذي يقوم عليه اجملتمع التقليدي و التنظيم ال الذي يتبناه األهايل، و تكسري مجيع القيم اليت يؤمنون

، غة العقائدية اليت يأخذها الصراعصبيف هذه العملية نلمس التم تعويضها بقيم غربية جديدة، و ليباإلضافة إىل بعض املشاهد اليت تصرح فيها الشخصيات عن انتمائها العقائدي املسيحي يف مقابل

-س01د:02ثا:49، املشهد ()د 49ثا:08-د48ثا: 01: املشهد (عقيدة األهايل اإلسالمية مثل

).س01د:03ثا:47

حول قضية مصريية متمثلة يف األرض، تعلن عن إن هذه املواجهة القائمة ما بني الطرفني إمكانية تبلور صراع قوي ، إال أن طبيعة البناء الدرامي مل تؤهل الطرفني املتواجهني خلوض مثل هذا الصراع القوي ، نظرا لعدم تكافؤ القوتني املتواجهتني ، فمن جهة جند جهاز إداري مدعوما مبجتمع

الستعمارية اليت تدعمهم ضمنيا، هلم باإلضافة إىل اآللة العسكرية ااملعمرين وطبقة اإلقطاع املوالني الجتماعي و االقتصادي البائس، من جهة ثانية جند طبقة من الفالحني العزل الغارقني يف وضعهم او ما آل إليه مصريهم ، يبحثون عن وسيلة لرفع هذه املظامل اليت سلطت عليهم.و

قة الفالحني من مواجهة هذه القوة بل فضلت اهلروب، ذا الوضع القائم، مل تتمكن طب

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

339

قدرة على املواجهة أضعف الصراع ومل ذلك ما فعلته قبيلة "بين هندل". إن هذا اهلروب و عدم الاملعاناة ملناخ العام ألحداث السيناريو، و لكن على الرغم من ذلك فإن اميكنه من التطور واالحتدام، و

ا سلط عليهم من ظلم ، توحي بشكل من أشكال الصراع القائم ما بني مديدة ألفراد القبيلة، و الشالطرفني، إننا بصدد الصراع املرهص الذي عرفه أ.عادل النادي بقوله:" هو الصراع الذي على وشك

.1النشوب، أو ما يدل من طرف خفي على ما ينتظر حدوثه"

ال نستطيع أن نصف الصراع يف بالفعل فإننا هنا يف حضور هذا "الصراع املرهص"، ألننا و هذا السيناريو بالصراع الساكن الذي ينتج عن شخصيات غري قادرة على القيام بأفعال تنشط هذا الصراع ، و دليلنا يف ذلك املشهد األخري، الذي قام فيه أحممد بتفجري هذا الصراع من خالل عملية

درسة من املدرس، كما ال ميكننا أن انتقامية أطالق فيها النار على املعمرين احملتفلني مبناسبة زواج امل

نصفه بالصراع الواثب ألنه مل يظهر أي مواجهات ما بني الطرفني عدا التالسن الذي كان يقوم ما بني القايد و أفراد القبيلة.

الحبكة : - ج

ه باك)، وهذ-أما احلبكة فقد أضعفتها تلك االنتقاالت الكثرية من خالل تقنية (الفالشهو ما تشري ا مل تكن مدروسة بشكل جيد، و االنتقاالت أوجدت نوعا من اإلرباك لدى املتلقي أل

إليه وسيلة متزايل بقوهلا: " فبدون أدىن شك أن هذا اإلرباك قد تركز أكثر من خالل الفالش باك الغري ذا بدت احلبكة ضعيفة إىل حد ما، و احلبكة كما عرفناها ما 2مضبوط..." هي إال السيناريو يف .

فالسيناريو تضمن العديد من االسرتجاع (فالش باك) بداية من املشهد املوافق للحظة حد ذاته. ).د26ثا:25)، و اللحظة (د21ثا:57)، و أيضا يف اللحظة (س00د:06ثا:40(

70ص:أ.عادل النادي، م س، - 12 - Wassila tamzali, Op.Cit, P:80

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

340

اليت مل يعلم الكاتب واملخرجاريو، و إن هذه االسرتجاعات (فالش باك) اليت تضمنها السيندت بعض اخللل على مشاهديهما بإدراج هذه املشاهد على شكل اسرتاجاعات (فالش باك)، أوج

السيناريو مما أنتج بعض الغموض واإلرباك لدى املتلقي.مستوى احلبكة و

إذا كان ذلك ميثل ضعفا ما على املستوى الفين ، فإننا نقول بأن احلبكة اليت قدم من خالهلا نوع من التضاد الذي عكس صورة جمتمعني متواجهني خيتلفان عن بعضهما السيناريو قد أوجدت

شكال و مضمونا.

الشخصيات : - د

أما بالنسبة للشخصيات، فيمكننا أن نشري إىل أن الفيلم مل يقدم لنا أبطاال حمددين، بل زالت على العكس من ذلك، فكما هو مشار إليه يف الفصل الثاين، فالسينما يف هذه املرحلة ال

تستأثر بدور البطولة للشعب أو اجملتمع ، و هو ما تشري إليه وسيلة متزايل بقوهلا: " إن موضوع الفيلم ، لذلك مل تربز شخصيات بطلة تقود أحداث الفيلم و صراعاته، 1يكمن يف تقدمي "الفالحني"كبطل"

يساهم كل منها بل على العكس من ذلك قدم لنا السيناريو جمموعة من الشخصيات األساسية اليتبقسط يف دفع احلدث ، و ما دامت هذه األحداث و السيناريو برمته يدور حول موضوع األرض اليت ترتبط مبوضوع اهلوية ، فقد رسم الكاتب هذه الشخصيات اليت حتمل قيم هويتنا يف صورة إجيابية ،

بذلك وام يف صورة سلبية، و مها على الداليت قددة واليت تعرب عن اآلخر، و خبالف الشخصيات املضاجاء رسم هذه الشخصيات داعما هلويتنا ، كما جند أن رسم الشخصيات اليت عربت عن اآلخر

ا ، واليت بدت يف شكل أكاذيب بشكل سليب ، كان من وأقنعة ختتفي وراءها فرا من قيمه اليت يتغىن احنيازه إىل ن هذه الشخصيات و تنفري املتلقي مذئاب. و هذه الصورة تعد أيضا دعما هلويتنا ب

الشخصيات املضادة و بالتايل التعاطف مع قيمها اليت تعرب عن هويتنا.

1 - Wassila tamzali, Op.Cit,P:80

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

341

فعلى سبيل املثال جند السيناريو قد قدم لنا شخصية "عيسى" يف املشهد االفتتاحي د ) جن13:29-11:28يف املشهد املوافق للحظة (م النصح حمليطها، و كشخصية خرية ، اجتماعية ، تقد

ا شجاعة الكاتب يقدمها لنا من زاوية أخرى، فهي تواجه القايد دون خوف أو مركب نقص ، إ) يربز د24ثا:28يف املشهد املوافق للحظة (ثها بأرضها مهما كانت الظروف . و تعلن عن حقها بتشب

قبيلة ال السيناريو ما تتمتع به الشخصية من حكمة ، فهو يرتأس اجتماعا و يقرتح ما جيب على رجال هو بذلك يتبوأ مركز شيخ القبيلة ضمنيا باعتباره أكرب احلضور.القيام به لضمان القوت، و

هذه السمات اليت تؤهل يقدم لنا الكاتب شخصية "عيسى"، و ذه السيمات احلميدة يتقبل بيسر ما تتبناه من قيم من مث ميكنه أنوتعاطفه معها، و الشخصية لتحظى بقبول املتلقي

كات حتيل على هويتنا.سلو و

إىل جانب شخصية عيسى، نعثر على شخصية "خلضر" اليت تعرب هي األخرى عن قيمة من ا قضية "النيف" أو األنفة ، ففي املشهد املوافق للحظة ( ) جندها تعلن عن د19ثا:24قيم هويتنا ، إ

الذي تنفذه يف املشهد رفضها للرضوخ و االستسالم بعزمه على اهلروب من املعتقل ، و هو الفعل املوايل، كما نشري إىل شخصية أحممد و اليت باإلضافة إىل ما تتميز به من شجاعة أهلتها للمشاركة يف

) د24ثا:46- د41ثا:12عملية اهلروب من املعتقل ، فها هو الكاتب يقدمه يف املشهد املوافق للحظة (من يد غريه ، لذا يقرر مغادرة القبيلة و عزة نفس، ال يرضى أن يأكل على أنه صاحب أنفة (نيف) و

الرجوع إىل الديار، ما دام ال يستطيع العمل نتيجة اجلرح الذي يعاين منه إثر إطالق النار عليه أثناء عملية هروبه من املعتقل، و يقدمه يف املشهد األخري بصفيت الشجاعة و اإلقدام من خالل عملية

ا ضد جمتمع امل م و غيبوا عنه ، و ثأرا للكثري من االنتقام اليت قام عمرين ثأرا ألهله الذين دمرت بيوم من العيش الكرمي أوالئك الذين صادفهم يف أحياء املدينة، الفقراء والذين تسبب يف فقرهم و حرما

املعمرين، كما ميكننا أن نشري إىل شخصية القاضي القنوع الذي ال يرضى إال باملال احلالل على

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

342

ن اإلمكانات املتوفرة له لالنغماس يف احلرام جلمع الثروة.الرغم م

إن جممل هذه الشخصيات املمثلة للشق االجيايب من اجملتمع اجلزائري، جند أن السيناريو قد ذه السمات احلسنة ، ليوفر هلا قبول ا خلفية ملتلقي و قبول ما حتمله من فكر ومعتقد و قدمها لنا

ثقافية تعرب عن اهلوية.

) شخصية عبد القادر، فهذه الشخصية د26ثا:25ما يقدم لنا السيناريو يف املشهد (كلودود الرقيق الذي يواسي زوجته حتديدا متثل الشخصية النموذجية لإلنسان اجلزائري ، فهو الرجل ا

ا الناجتة عن موت ابنها، و يف نفس الوقت يقدمه على أنه رجل الشرف الذي و خيفف عنها كريف نفس الوقت تتمسك شخصية متهورة اندفاعية عنيفة، و ى عهوده ، كما يقدمه أيضا كحيافظ عل

الذهنية اجلزائرية كما هو ة ، و هذه الصفات كلها تتوافق و بأرضها رغم ما تعانيه من عوز و حاج موضح يف املبحث الثاين من الفصل األول.

م دون لبيولوجي بشكل سليإن هذه الشخصيات مجيعها قد قدمها لنا الكاتب يف بعدها اا تدعم الشخصية هذه الصورة اخلارجية أو البيولوجيأي نقص أو عاهة تشوهها، و ة اليت قدمها

، املتشردين، الفقراء ، املضطهدينمتدها بقوة ، أما بعدها االجتماعي فهي عموما طبقة الفالحني و يف مقابل هذا جند ناريو، و السمات و هي موضوع السي فهذه الشخصيات تشرتك مجيعها يف هذه

قد قدم هذه الطرف األخر من طريف الصراع ، و السيناريو يقدم لنا جمموعة من الشخصيات اليت متثلالشخصيات كلها اليت متثل جمتمع املعمرين ، من خالل مشاهد ال تتضمن إال اجلري وراء مجع الثروة

كيفما كانت الوسيلة ، نذكر منها :

)د19ثا:28و زوجته يف اللحظة ( مشهد لشخصية بيار -

)د33ثا:55مشهد القايد ضيفا عند بيار ( -

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

343

) د39ثا:53مشهد للوليمة اليت يقيمها القايد للمعمرين ( -

)د47ثا:26مشهد مراسيم استقبال الكولونيل أغمو ( -

مشهد جتمع املعمرين يف مكتب احلاكم لالحتجاج على حضور شركات -

)د47ثا:39الستثمار (غري فرنسية ل

)د55ثا:15مشهد لبيار و خبري تقسيم األراضي ( -

).سا01د:02ثا:54مشهد جللسة مجاعة من املعمرين يف املقهى ( -

ففي هذه املشاهد مجيعها جند أن الشخصيات ال حديث هلا غري موضوع األرض ا و الوكيفيات احلصول عليها بطرق غري شرعية ، بذلك يقدمها لنا هي سيناريو بأهم مسة يلحقها

مسة "اجلشع" الذي ال حدود له. هذه الصورة اليت تتجسد أيضا يف شخصية احلاكم باعتبارها أهم ) د08ثا:36املمثل الرمسي لإلدارة االستعمارية، فاملشهد املوافق للحظة (شخصيات جمتمع املعمرين، و

لكنهلفالحني و طردهم منها ظلما وجورا، و ضي ايقدمه و كأنه ذئب جشع يسعى بكل قوة لنهب أرابذلك خيتزل املشهد صورة الغريب املتحضر و املؤمن يضع قناع رجل القانون املتحضر واملسامل. و باملبادئ اإلنسانية و كيفية تعامله مع األهايل.

ا هذه الشخصيات لكفيلة بتنفري املتلقي منها، على إن هذه السمة العامة اليت تلونت احلضارية اليت ا و يعدد تلك القيم اإلنسانية و م من عديد املشاهد اليت كان احلاكم يصرح فيهالرغ

يسعى لنشرها يف املنطقة ، و لكن هذه القيم بدت يف هذا السياق كخدع يستعملها احلاكم للتسرت خصية احلاكم ، ورائها لتنفيذ خمططاته ، كما قد ينفر املتلقي من هذه القيم الغربية اليت تروج هلا ش

ا أنتجت ذئابا يف شكل آدميني استحسان تلك القيم اليت عرب ، وبالتايل قد تنصرف للتعاطف و أل

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

344

اليت أنتجت شخصيات ذات أبعاد إنسانية.و عنها الطرف اآلخر (اجلزائري)

ذا ميكننا أن نقول بأن رسم الشخصيات يف سيناريو "بين هندل" كان داعما لصورة اهلوية ا حبسب اجلزائ رية ، على الرغم من أنه قدم شخصيات جزائرية سلبية، مثل شخصية القايد، إال أ

تمع املعمرين باعتبارها موالية أفعاهلا ال حتسب على جمتمع الفالحني بقدر ما يلحقها املتلقي مبج مساندة له.و

اللغة : - هـ

ارخيية والوقائع التطق األحداث نبية و اليت يفرض منأما بالنسبة للغة، فعدا الشخصيات األج، مبعية من والهم من الشخصيات اجلزائرية يف حلظات اجتماعهم ، فإن أن تتحدث باللغة الفرنسية

هي و كانت لغة حملية شعبية نظيفة و الكاتب قد وظف اللغة العربية عموما يف حوارات الشخصيات، بني العامية املهذبة و الفصحى البسيطة.ما قد نصطلح على تسميته باللغة الثالثة اليت توافق ما

فهذه اللغة املوظفة مل يكتنفها مفردات عويصة غارقة يف احمللية و غري مفهومة، فقد بدت يف ا اليت حتيل على جمملها مفردات سهلة واضحة مفهومة ، كما ميكننا مالحظة العديد من مفردا

تقاليد األمة و تراثها مثل:

) نعثر على:د11ثا:42للحظة ( ففي املشهد املوافق -

مفردة "التويزة" -

مفردة"املعيزات" -

- التضامن.و ل ما، و هي جتسيد لروح التعاونالتويزة : هي تقليد جزائري يقضي اشرتاك اجلماعة إلجناز عم - ت: تصغري مجع املعزة، أي العنزة املعيزا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

345

مفردة "بين عمي" -

مفردة "أرض البايلك" -

) من خالل تعبري د25ثا:04"اجلنة" يف اللحظة (و مفردة "الربنوس" -

أحممد "عبد القادر راه يشرب من اجلنة و خرية زوجة عبد القادر بقوهلا :

شادو من برنوسو راه من وراه

)د57ثا:46مفردة : " احملراث" يف اللحظة ( -

) .س01د:00ثا:18مفردة "العرش" يف اللحظة ( -

ذا نستطيع أن نقول بأن سيناريو فيلم " بين هندل " قد تفاعل بشكل إجيايب مع صورة اهلوية اجلزائرية من خالل جممل عناصر البناء الدرامي .

مامة :فيلم:الشيخ بوع - 2

الموضوع : -أ

يقوم سيناريو الشيخ بوعمامة " على فكرة اجلهاد ملقاومة احملتل وحترير األرض. وفكرة اجلهاد ت املفهوم وقننته وحثت عليه . راسخة يف الذات اجلزائرية رسوخ هذه العقيدة اإلسالمية اليت عرف

أبرز مقومات السيناريو بأحد أهم و يقوم عليها بذالك ترتبط فكرة اجلهاد يف سبيل اهللا اليت و الشخصية الوطنية وأسس اهلوية اجلزائرية. من هنا جند أن موضوع الفيلم يرتبط بشكل مباشر باهلوية

- إىل فرتة احلكم الرتكي للجزائر .أرض البايلك: مفردة من الرتاث حتيل - . الربنوس : لباس من الصوف عرف به املغاربة ، و قد ذكره العديد من املؤرخني ، و منهم ابن خلدون

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

346

اجلزائرية، باعتبار أن الشخصية اجلزائرية عرفت مبقاومتها للمحتل منذ األزل بالشكل الذي أصبحت مثلما يشري إليه املنصف وناس بقوله : " فيما استطعنا مسة املقاومة إحدى مسات هويتها عرب التاريخ،

استنتاجه من خالل االعتماد على دراسات موثقة للمجتمع الرببري خالل العهود القرطاجنية، . 1متمردة ..."الشخصية الرببرية كانت مقاومة و الوندالية ، والبيزنطية، هو أن

واليت عرب عنها املنصف وناس مبصطلح ، اليت ارتبطت بالشخصية اجلزائريةإن هذه السمة املقاومة الذي حييل على شكل من أشكال النشاط الدفاعي، البعيد كل البعد على معاين االعتداء، ذا املفهوم للمقاومة فال شك أن مسة املقاومة فاملقاومة ال تكون إال لصد املعتدي و درء مظامله، و

بدعمه املعنوي هلذه الفكرة، انتشار اإلسالم يف هذه الربوع ستتجدر أكثر يف الذات اجلزائرية بعدالعرض، وما يكون للمجاهد د يف سبيل اهللا دفاعا عن األرض و حثه عليها من خالل مصطلح اجلهاو

من جزاء عند هللا ، وكذا فضل الشهيد.

ه، البد أن ذا يربط موضوع السيناريو بعالقة متينة بعناصر اهلوية اجلزائرية، وبناء علي ذه الصبغة اليت حتيل بشكل مباشر أو غري مباشر على تتلون مجيع عناصر البناء الدرامي للسيناريو

عناصر اهلوية اجلزائرية.

الحبكة : –ب

اليت متثل السيناريو يف حد ذاته كما سبق و أن أشرنا، عرضت وضعيات إن احلبكة و وعمامة برجاله من شيوخ ، بداية من اجتماع الشيخ باآلخرت بالتضاد القائم ما بني األنا و اتسم

ا، و ، ليلي ذلك اجتماع القائد 2تعبريه عن رغبته يف إعالن اجلهاد يف الوقت املناسبالقبائل وفرسا

50املنصف وناس، م س، ص: - 1 د).04ثا : 35عمر خبيت، م س ، املشهد املوافق للحظة ( بن - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

347

أهدافه الواجب جبنراالته لتوضيح غاياته و 1)1878الفرنسي ( اجلنرال سرييز، قائد قسمة وهران حتقيقها .

حداث يف جمملها اليت أوجدت نوعا من التضاد، و كانت هذه األتوالت هذه املشاهد و ردود أفعال من خالل ترصد كل طرف لآلخر.عبارة عن أفعال و

ستعالمات اليت فها هو اجلنرال سرييز يسعى لضربة استباقية تشل حركة املقاومة نتيجة لالا هذه مجعتها جواسيسه، و اجلواسيس يف صفوف بوعمامة كرد فعل على احلركة املشبوهة اليت رصد

، كما اضطر بوعمام إلعالن اجلهاد يف فرتة مبكرة عما كان يعتزمه ، نتيجة التدخل اخلشن 2ورجاله. وهامها الطرفان 3ألحد الضباط الفرنسيني ضد شيوخ إحدى القبائل مما اضطرهم لقتله ومن معه

. بذالك كانت جممل األحداث 4لطرف اآلخريهامجان بعضهما البعض إما ثأرا أو انتقاما ملا قام به امرتبطة ببعضها البعض لتحقق مبدأ السببية أو العلية الذي يعطي للحبكة ماهيتها ، كما نالحظ أيضا أن مشاهد و أحداث السيناريو كانت أيضا حتيل يف جمملها على عناصر اهلوية سواء على

رجاله تعقد يف اخليام اليت متثل أسلوب مستوى الشكل أو املضمون، فها هي اجتماعات بوعمامة ب، وها 6، يف مقابل اجتماعات اآلخر املنعقدة دوما يف مكتب اجلنرال سرييز 5حياة ارتبطت برتاثنا

م للتوج ايتها بالدعاء إىل اهللا هي العديد من املشاهد تعرض بوعمامة يؤم اجلماعة يف صال ه يف

د) .07ثا : 50هد املوافق للحظة (م ن ، املش - 1 د).37ثا 50ملشهد املوافق للحظة (م ن ، ا - 2 د).44ثا : 56شهد املوافق للحظة (م ن ، امل - 3: 02د:02ثا:07(املشهد.سا)01د:54ثا:46سا)،املشهد(01د:46ثا،24سا)،املشهد(01د:44ثا:50ن،املشهد ( م - 4

سا)، ... 02د : 07ثا : 22شهد (سا)، امل02د:04ثا:57سا)، املشهد ( د)46ثا:55املشهد ( د)،26ثا:20بن عمر خبيت، م س، املشهد ( - 5 د)،50ثا:53د)، املشهد (42ثا:22( د)، املشهد34ثا:02م ن، املشهد ( - 6

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

348

مو املتمثلة يف احلكومة الفرنسية ، يف مقابل مرجعيات اآلخر1التضرع له ، كمرجعية أساسية يف حياا.و جنراال

التأخري على مستوى املشاهد ، ذلك ما لرغم من ذلك نالحظ بعض التقدمي و على االذي يلقي فيه الشاعر بلخري قصيدة هجائية يف حق القاضي عطاء اهللا 2نالحظه مثال يف املشهد

، ري و فرسانه جبماعة بوعمامة للتويعرض التحاق بلخ 3املوايلالعميل ، وسط احلضور ، لكن املشهد م. من خالل االستقبال احلار الذي خصهم به بوعمامة و ترحيبه

ذا الشكل الفاضح إننا ال نستطيع أن نفسر سبب هذا التقدمي و التأخري الذي جاء يكن مربرا، وهذا يعد خلال والذي قد يربك املتلقي ، ألن تأخري مشهد وصول بلخري و فرسانه مل

على مستوى احلبكة .

الصـــــراع : –ج

وبة جملتمعني ففي هذا سياق يقدم لنا الكاتب أحداث الفيلم ، من خالل رصد مشاهد متناوجهة نظره يف اآلخر، وكذا ا بذلك أسلوب تفكري كل منهما، و ، عارضخمتلفني ومتواجهني

واجهة عدوه، و بذلك يعرض علينا وضعية تقوم على مفارقات التكتيكات اليت يعدها كل منهما ملإذا كان األول معتدي ظامل ، غريب مسيحي فالثاين شرقي مسلم، و عدة ، فإذا كان اجملتمع األول

إذا كان الطرف األول من طريف الصراع مسلح بالقوة العسكرية مع الثاين مقاوم يدافع عن حقه، و فاجملتواملنظمة، فها هو الطرف الثاين مسلح املتطورة نسبيا وجيوشه الضخمة تهاجملسدة من خالل أسلح

بإميانه بقضيته ، كما يعرض علينا منط حياة كل منهما النابع عن حضارته املختلفة عن اآلخر.

سا)01د:01ثا:22د)، املشهد (04ثا:41م ن، املشهد ( - 1 سا)01د:27ثا:15د املوافق للحظة (م ن، املشه - 2 سا)01د:28ثا:34م ن، املشهد املوافق للحظة ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

349

وي الذي سينشب ما بني ذه املفارقات يسعى كاتب السيناريو للتأسيس للصراع الدمقوم ما بني مليت الكفر و اإلميان، بالقول أنه كان عقائديا بامتياز، يالذي ميكننا أن نصفه الطرفني. و

بذلك كان صراعا هوياتيا، وظفت يف إطاره عناصر اهلوية اجلزائرية لشحذ اهلمم بغية مقاومة هذا و العدو الغاشم ، وقد مت استغالل عنصر الدين بشكل مفرط باعتباره أقوى عناصر اهلوية الذي ميكنه

ل حركة املقاومة ، و هو ما نلمسه من خالل املشاهد التالية:تنشيط وتفعي

): يصف الشيخ بوعمامة الطرف اآلخر بالكفار، د04ثا:35يف املشهد املوافق للحظة ( -1 كما يوظف مصطلحي: اجلهاد ، عمالء النصارى.

االته عن ): يعرب القائد الفرنسي، اجلنرال سرييز جلنري د07ثا:55يف املشهد املوافق للحظة ( -2ما، كما يصف بوعمامة خطر زاوية أوالد الشيخ يف إذكاء نار املقاومة و العصيان وتوسع دائر

باملتعصب ، و ينبه رجاله بأن رجل دين بزاويته أخطر من جنرال بفيلقه.

) يعرب سرييز على أن بوعمامة قائد روحي للحركة، د42ثا:35يف املشهد املوافق للحظة ( -3 ا رجل دين يقود املقاومة.و ضمني

شيخ بوعمامة بقوله:...كلهم كفر والكفر ): يعرب الد20ثا:57يف املشهد املوافق للحظة ( -4رسوله، ينا، أحنا مسلمني نآمنوا باهللا و إال يذروا حىت واحد فيهم ما يبغينا و إال حيمملة واحدة، خيلو و

مش العدوان..."جلهاد يف سبيل اهللا لرد الكفر و ، اكتاب اهللا ما يسمح للمؤمنني يقاتلوا اللي ما حار

): يعرب أحد الضباط الفرنسيني بقوله:" كل سا02د:18ثا:17يف املشهد املوافق للحظة ( -5 هؤالء البدو املتعصبون، ال يقسمون إال بالدين، وال يواصلون الكفاح إال من أجله..." أي الدين .

كل طرف كان يعي جيدا ائم كان صراعا عقائديا، و راع القإن مجيع هذه املشاهد تربز أن الصياتية، فإذا كان الشيخ يصفه من مرجعية هو اآلخر، فكل طرف يتحدث عن غرميه و متيزه اهلويايت عن

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

350

هي مفردات قد حتيلنا على فرتات لطرف اآلخر بالكفر والنصارى، و من معه يصفون ابوعمامة و يكون أبرزها احلروب الصليبية ، كذلك حتيلنا قدصراعات مع اآلخر و متعددة خاضت فيها األمة

يف مقابل شكل أساسا قويا من أسس اهلوية، و هذه املفردات بشكل أو بآخر على مرجعية دينية تفرنسي يصفون بوعمامة باملتعصب، والقائد الروحي وأنه ومجاعته ال يقاتلون ذلك جند ضباط اجليش ال

من أجله.إال بالدين و

يف هذا قائم و وجهيت النظر يف النزاع، و ل بقوة عن طبيعة هذا الصراع الإن هذه العبارات تد الصراع.

الشخصيات : –د

، فقد قدم لنا الكاتب كوكبة من الشخصيات نستهلها أما فيما خيص رسم الشخصيات بالتعرض لشخصية البطل "الشيخ بوعمامة".

وجي، سليمة ال تعاين من إن هذه الشخصية احملورية قدمها لنا الكاتب يف بعدها البيولمح ، مما ميدها عاهات أو تشوهات قد تنفر املتلقي ، فهي مربوعة القد متناسقة األطراف، حسنة املال

، أما من الناحية االجتماعية فهي كما تتميز بصوت حسن جيذب السامع ،بقبول املتلقي واستحسانهر ، فلم تقدها بصفتها العسكرية بقدةضة، فحىت ولو قادت هذه املقاومشخصية ذات صبغة دينية حم

ا بسلطتها الروحية، و ا شخصية تعيش حياة زهد تبعا لذلك فقد قدمها الكاتبما قاد على أ تقشف.و

أما يف بعدها النفسي ، فإننا جند الكاتب قد أوكل هلا مجلة من الصفات، فشخصية رتم آرائه يف السلم واحلرب ، كما بوعمامة بدت شخصية قوية ، حكيمة ، رزينة ، الكل حيرتمه ، حي

بدت هذه الشخصية تتمتع بوقار خاص ، الكل يثقه و يسعى إلرضائه، شخصية هادئة على درجة

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

351

من األخالق.

اليت أحلقها الكاتب بالشخصية، جتعلنا ننظر ت املتعلقة باألبعاد الثالثة، و إن هذه السماا أق ، فشخصية اليت ال وجود هلا يف أرض الواقع ،رب ما تكون إىل الشخصية املثاليةإليها على أ

هي اليت ، فهي اليت حتلل األوضاع بدقة وحكمة، و بوعمامة مل تقرتف خطأ إنسانيا على مدار القصةهي اليت تواجه إىل قوة قادرة على جلب النصر، و ترسم اإلسرتاتيجية املناسبة اليت حتول الضعف

، مشبع مبعاين اإلنسانية، فها هو ال غلو فيه و ال تفريطمتوازن ، أعدائها وأصدقائها خبطاب وسطيلكنه يف نفس وموعد إعالن اجلهاد، و يعاتب أحد الشيوخ على فعله الذي أربك خطة .1يف اجتماع

الوقت يقر مبشروعية الفعل ، من خالل حتليل هذا الفعل يف سياقه العام . كما جنده يف مشهد يعتذر هلما عن عدم متكنه من الرتحيب باعتبارمها ضيوفه، و ن بيستقبل الضابطان الفرنسيا 2آخر

ا الشخصية، و استقباهلما فور وصوهلما ، لنلمس يف كلماته تلك الروح ا مدى لطيبة اليت تتمتع ا، و بالرغم من مواقف كل طرف منهما اجتاه تواضعها بالرغم من السلطة الروحية اليت يتمتع

عاتب "مرزوق" أحد فرسانه الشجعان على اهلجوم الذي قام به ، ي 3اآلخر. و ها هو يف موضع آخرالتعاطف مع مرزوق ، إال أنه متكن من وضع النقاط على نلمس يف عتابه الكثري من احلب و لكننا

األحرف بشكل لبق و تصحيح املسار، ويتواصل املشهد حبضور األسريين لديه، فنشهد مرة أخرى ويعتذر له عن اخلطأ الذي حدث، ه ، فمن جهة جنده يطمئنه ذلك التوازن الذي يتميز به خطاب

الذي تسبب يف مثل هذا أخرى ينبه األسري إىل سلوكه (ومن معه)، الغري الصحيح، و من ناحيةو ، باعتبارهم دخلوا البالد دون إذن من أهلها، و استولوا على نبات احللفى الذي يعد مراعي احلادث

م. حليوانات األهايل ، و اليت ا حيا

د)46ثا:57املشهد املوافق للحظة (بن عمر خبيت، م س ، - 1 د)39ثا:43املشهد املوافق للحظة (م ن، - 2 سا)01د:20ثا:54م ن، املشهد املوافق للحظة ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

352

ومضمونا، تسمو الشخصية يف شكل متكامل شكال ذا حاول الكاتب أن يقدم لنا هذهبروحانية جتعلها أقرب إىل الشخصيات املثالية ال يصدقها املتلقي لوال مرجعيتها الدينية اليت تعطيها

الذي يوفر هلا أيضا ذلك البعد الصويف و متدها بقبول املتلقي من ناحية ، وبعدها الوطين اجلهادي مساحة من التعاطف و القبول .

السمات اليت وفرت هلا االحرتام إن الكاتب مبده هذه الشخصية احملورية مبجمل هذه يا املرتبطة باهلوية اجلزائرية ، جنده قد وفر يف ذات الوقت القبول جلملة من القضاوالقبول لدى املتلقيا الديين الذي حييل على املرجعية اإلسالمية، أو ما متثل ، سواء ما تعلواليت محلها للشخصية ق خبطا

ئرية، أو ما تعلق أيضا وقيمها احلضارية اليت حتيل بشكل مباشر إىل عناصر اهلوية اجلزا يف أخالقهابذلك جند أن خطاب الشخصية يف جممل جزئياته كان داعما لعناصر اهلوية بلغتها وتراثها وسلوكها. و

اجلزائرية .

مل يكتفي الكاتب بتحميل الشخصية احملورية تلك الصفات اليت أشرنا إليها، بل ذهب ليؤكد نبل الشخصية اجلزائرية احلاملة للواء اهلوية الوطنية من خالل جممل الشخصيات احمليطة

و الصدق يف القول ، فال وجود لنفاق أ، و 1واإلقدام بشخصية بوعمامة، فكلهم يتميزون بالشجاعةا بدليل يف الصفوف أو ملؤامرات، و شقاق الكل متشبع مببادئ الديانة اإلسالمية و يتمسك

بدليل الشعائر الدينية اليت يشرتك البطل دون أن يعرتض عليه أحد، و اخلطاب الديين الذي وظفه اجلميع يف أدائها.

وية باإلضافة إىل ذلك جند أن الكاتب كي يلمع أكثر هذه الشخصية احلاملة لسمات اهلالفرنسية و من والها من العمالء، اجلزائرية ، قد عمد إىل إحلاق بعض السمات الناشزة بالشخصيات

.سا)02د:17ثا:25سا)،(02د:14ثا:20سا)،( 01د:48ثا:08ن عمر خبيت، م س، املشاهد:(نظر: بي - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

353

2املرواغةهذا الطرف، أو مسة اخلداع و بسلوك إحدى شخصيات 1الغلظة كأن يلحق مسة الفضاضة و .3احلقد األعمىمن الطرف اآلخر أو مسة التطرف و للنيل

يلطخ صورة هذا الطرف، ليحدث تضادا تربز فيه شخصيات كأن الكاتبذه السمات، و الطرف الثاين ببياضها الناصع و نقائها ، اللذان يوحيان بالسريرة الطيبة و اخللفية اليت تنطوي عليها

شخصيات هذا الطرف.

صورة المرأة من خالل الفيلم : -هـ

د القليلة طاغيا إال أن املشاهأما صورة املرأة الذي قدمها الكاتب ، و إن مل يكن حضورها ، أو 4، فقد قدمها إما كربة بيت منهمكة باألشغال املنزلية و حتضري األكلاليت سجلت فيها حضورهامن ضمنه القيم احلضارية لتسلمها األجيال فهي اليت حتفظ الرتاث و يف صورة حلقة وصل بني

قوية اليت تساند الرجل و تآزره يف السراء ، كما رمسها الكاتب يف صورة املرأة ال5لألجيال الالحقة .6والذراء

ذا يكون الكاتب من خالل جممل عناصر البناء الدرامي للسيناريو، قد سعى لتأكيد عناصر اهلوية اجلزائرية ، نظرا لطبيعة املوضوع و سياقه التارخيي اللذان دفعا الكاتب يف هذا السبيل،

أراد أن يعرب عنها كمبدع . ناهيك عن قناعاته الشخصية اليت

اللغــة : –و

د)56ثا:40بن عمر خبيت، م س ، املشهد املوافق للحظة ( - 1 د)14ثا:46م ن، املشهد املوافق للحظة ( - 2 سا)02د:18ثا:18م ن، املشهد املوافق للحظة ( - 3 سا)01د:52ثا:55د املوافق للحظة (م ن، املشه - 4 د)30ثا:00م ن، املشهد املوافق للحظة ( - 5 سا)01د:55ثا:57د املوافق للحظة (م ن، املشه - 6

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

354

ىل ، ميكن القول أن الكاتب قد وظف اللغة الفرنسية إللحديث عن لغة السيناريو وحواراتهرنسية يف جمملها بلغتها ، حبيث أنطق الشخصيات الفجانب اللغة العربية، وكان ذلك مربرا متاما

بعض لغتها العربية ، عدا املرتمجني و ة يف معظمها يف مقابل ذلك أنطق الشخصيات اجلزائريالفرنسية، و التواصل مع اآلخر، املشاهد اليت كانت تضطر فيها بعض الشخصيات لتوظيف اللغة الفرنسية بغرض

كانت هذه املشاهد جد حمدودة.و

وبالرجوع إىل اللغة العربية املوظفة على ألسنة الشخصيات اجلزائرية فيمكننا أن نالحظ بداية كان ذلك التوظيف مربرا كون الشخصية فت يف أغلب األحيان لغة فصيحة، و البطل اليت وظشخصية

ذا جاءت هذه اللغة على لسان لكتاب اهللا وأحاديث رسوله متسك بناصية اللغة العربية حلفظها ،الشخصية منطقية و مقبولة، أما الشخصيات احمليطة به فكانت لغتها يف معظمها لغة ثالثة أقرب ما

كون إىل اللغة الفصحى ، كما جند أن هذه اللغة اليت وظفها الكاتب تفوح بعبق الرتاث، سواء من ت، أو ما جاء من مقاطع 1خالل مقاطع الشعر امللحون و األهازيج اليت وظفها يف مشاهد الفروسية

طا وافرا اليت مثلت قسالمة املميزة للغة شخصية البطل و . أما الع3على لسان الشاعر بلخري 2شعريةمامة" يف مشهد من من جسم احلوارات، فهي حضور الشواهد القرآنية ، حبيث ال يكاد ينطق "بوع

مع رسم بذلك كانت لغته تتسم بنوع من اإليقاع الذي يتناسب املشاهد، إال واستشهد بآية قرآنية، و ما تتمتع به من وقار يستوجب لغة رصينة.هذه الشخصية املتدينة ، و

ذلك جند أن الكاتب عمد إىل توظيف الرتاث الشعيب ، من خالل األمثال باإلضافة إىل، 4الشعبية اليت أوردها على لسان شخصية البطل على وجه اخلصوص كقوله:" احلر ولد مجاعته"

د) 28ثا:20حظة (بن عمر خبيت، م س، املشهد املوافق لل -1 سا)01د:27ثا:15د املوافق للحظة (م ن، املشه - 2 سا)01د:28ثا:34د املوافق للحظة (م ن، املشه - 3 سا)02د:17ثا:43خبيت، م س، فيلم ، املشهد املوافق للحظة (بن عمر - 4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

355

، اليت نلمس فيها نوعا من 2، و عبارة "رب البيت حيميه و العاقبة للمتقني"1"كان اهللا و باقي اهللا"ا أبرهة.التناص مع الع بارة الشهرية لعبد املطلب اليت واجه

حيان قريبة جدا من اللغة ذا جند أن الكاتب قد وظف لغة ثالثة ، كانت يف الكثري من األ، إىل جانب ذلك جنده قد سعى لتوظيف الرتاث الشعيب ليجعل لغته قريبة من الوجدان الفصحى

الشعيب احمللي .

م اليت تناولت موضوعات ذات طابع تارخيي، تؤكد مدى إن تتبع هذه الطائفة من األفالمن خالل ذلك تؤكد أيضا على مدى ارتباطها التعبري عنها، و التزام هذه السينما بقضايا جمتمعها و

بقضايا اهلوية اجلماعية للمجتمع والتفاعل معها بشكل إجيايب على مستوى عموم املشاهد املعاجلة ، ا السينما اجلزائرية يف إطار هذه عدا بعض االستثناءات اليت تؤ كد القاعدة العامة اليت التزمت

املوضوعات اليت تناولتها.

II - : البناء الدرامي في سيناريو الفيلم االجتماعي

فيلم عمر قتلتو الرجلة : - 1

الموضوع : –أ

" عن بعض القيم الراسخة يف كنا قد الحظنا يف السابق كيف عرب فيلم "عمر قتلتو الرجلةاجملتمع اجلزائري ، سواء كانت هذه القيم نابعة من الدين أو من تقاليد األمة ، فذلك قد ال يؤثر اية املطاف هذه القيم ترتبط باهلوية اجلزائرية كيفما كان منبعها. من هنا بشكل كبري ، ألننا جند يف

ذي ألفه مرزاق علواش "عمر قتلتو الرجلة" قد ارتبط نؤكد مرة أخرى على أن موضوع السيناريو ال

سا)02د:50ثا:08د املوافق للحظة (م ن، املشه - 1 سا)02د:53ثا:44م ن، املشهد املوافق للحظة ( - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

356

الشرف ليت تتأسس على مفهومي "النيف" و بشكل مباشر مبوضوع اهلوية ، لكونه تناول فكرة الرجلة ا"، ومها عنصران أساسيان من عناصر اهلوية اجلزائرية كما هو مشار إليه يف عنصر الذهنية يف الفصل

، كونه تناول قضية من قضايا األمةون املوضوع مرتبط باهلوية لاألول . باإلضافة إىل ذلك يكوباهتمامه هذا يكون معربا عن هوية اجملتمع استنادا إىل رأي هاشم النحاس بقوله : "واحلق أن التعبري املباشر عن اهلوية العربية يف شكلها العام من خالل قضاياه العامة [...] كما أن اهتمام السينما

اكل جمتمعها احمللي ال ميكن النظر إليه دائما نظرة ريبة (...) ذلك أن الفيلم املنتمي القطرية مبشألرضيته احمللية ، و الذي يعاجل مشاكل جمتمعه احمللي جدا ، ميكن بقدر ما ميلك من صدق املعاجلة

وية 1أن يكون يف الوقت نفسه قوميا " ذا يؤكد هاشم النحاس على أن ارتباط الفيلم اجملتمع . وتعبريه عنها يكون من خالل اهتمامه ومعاجلته لقضاياه العامة ، وال يعيب الكاتب يف هذا السياق

اهتمام السينما بقضايا جمتمعها احمللي .

وبالرجوع إىل موضوع فيلم " عمر قتلة الرجلة " جنده يغوص يف اجملتمع ليلفت نظرنا إىل ة حمددة ، بذلك يكون موضوع الفيلم لصيقا بالواقع اليومي بعض القضايا املرتبطة بالشباب يف فرت

هو ما تشري إليه رتب احلاج موسى بقوهلا :" هذا األخري (مرزاق علواشى ) يف فيلمه للمجتمع . و ض جلب اجلماهري . بل يرتك الشهري"عمر قتلتو" ال يستخدم كودات أو رموز، وال وسائل أخرى لغر

ي شعيب عاصمي، ليظهر بواقعية تتجول يف الواقع اليومي حل، ببساطة إىل الكامريا كل شيءموضوعية كبرية ، كيف يعيش الشباب . ال وجود لدماء و ال جلنس، كما ال وجود لرجال خارقني، و

ولكن بكل بساطة أناس"مثل مجيع البشر" مثل أوالئك الذين نصادفهم يف مجيع أحياء اجلزائر، . 2عامل اإلسالمي " وبالتأكيد أيضا يف بلدان من ال

وية ذا تؤكد الكاتبة على أن موضوع الفيلم منبثق من الواقع اليومي ، وبالتايل جنده يرتبط

174ص : هاشم الناس، م س ، - 12-raliba hadj-moussa, Op.Cit p:91

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

357

اجملتمع حبسب ما ذهب اليه هشام النحاس .

الحبكة : –ب

أما خبصوص حبكة الفيلم ، فيمكننا أن نقول بأن سيناريو الفيلم ال يتضمن أي حبكة للحبكة ، هذا إذا استعرنا مفهوم احلبكة من عامل املسرحية مثلما أشارت إليه رتب باملفهوم التقليدي

احلاج موسى أعاله بقوهلا:"... بل يرتك كل شيء ببساطة إىل الكامريا تتجول يف الواقع اليومي حلي .1شعيب"

الكامريا ترصد يوميات ذلك ما نستنتجه أيضا من خالل مشاهدتنا للفيلم ، حبيث جند أن من خالله تصف الواقع اليومي لشرحية من اجملتمع و املتمثلة يف الشباب.لبطل، و ا

إن هذا األسلوب الذي اعتمده مرزاق علواش يف بناء السيناريو قد أضعف احلبكة إن مل . فأحداث سيناريو 2نقل قد ألغاها بالفعل ، ألن" العلية تكون احلبكة ، أما الزمنية فتكون احلكاية"

قتلوا الرجلة" ال ترتبط يف عمومها بأي رابط فيما بينها ، ذلك ما يوحي باستقاللية كل فيلم "عمرحدث عن اآلخر، ما عدا يف بعض الفرتات اليت سنشري إليها ، و لكن يف الغالب األعم جند السيناريو يعرض البطل مستيقظا من النوم صباحا ، ليتوجه إىل مقر عمله ، يصف كل ما تعود أن

اية يومه يتوجه لريفه عن نفيصادف سه، فتارة ه يف طريقه هذا ، مث يصف مقر عمله و زمالئه ، و يف تارة حضور حفل فين، وتارة أخرى جنده يف حفل زفاف، وأخرى على شاطئ يقصد دار السينما ، و

طل . البحر و هكذا . فهذه األمكنة اليت يعرضها السيناريو ، ال جند هلا رابطا عدا شخصية البلذلك كانت غالبية أحداث السيناريو مستقلة عن بعضها البعض بالشكل الذي ينعدم فيه مبدأ العلية

حبكة الرواية هي سلسلة الذي يؤسس لتبلور حبكة سيناريو كما يؤكد أيضا د.خليل رزق بقوله : "ف

1 - Ibid. P 91 .27د.خليل رزق، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

358

لسردي (...) األحداث املرتبطة عادة برباط السببية مرتبطة حسب ظهورها يف اخلطاب ااألعمال و ميكن إبالغها بطرق متعددة منها العرض السينمائي ، و التمثيل املسرحي أو اإلميائي أو السرد و

.1القصصي"

إن هذا الرأي الذي بلورناه ، قد نستثين منه بعض املشاهد اليت ارتبطت ببعضها وفقا ملبدأ شراء جهاز آخر، وهو عن السببية مثل مشهد سرقة جهاز الكاسيت من البطل ، الذي دفعه للبحث

التعرف على صاحبة هذا الصوت، احلدث الذي قاده إىل صوت الفتاة سلمى، ومن مث إىل الرغبة يفا ، مما يفقد السيناريو بنيته و ا تتخللها الكثري من املشاهد اليت ال ترتبط هذه املشاهد يف حد ذا

السيناريسية.

الصراع : –ج

اخلالية من أي تعقيد، قد تعكس يت اختارها الكاتب، البسيطة و الإن طبيعة هذه احلبكة ، كما أن طبيعة الصراع املوظف قد تعكس ة من الشباب يف فرتة من الفرتاتطبيعة حياة هذه الشرحي

والتصادم على املصاحل ، فإن كان ذلك صحيحا فإنه أيضا منط حياة هؤالء ، اخلالية من الصراعاتثل يف فكر هذه الشخصيات و هنا نشري على وجه اخلصوص إىل احلكمة حييلنا على عنصر آخر يتم

اليت مفادها أن " القناعة كنز ال يفىن".

فهذه الشخصيات املمثلة يف بطل السيناريو و اليت ال تتصارع من أجل األمور احلياتية، ال ا متشيعة بفكرة "القناعة"، و بد ا حتيلنا عأ األخالق اإلسالمية لى منظومةهذه الفكرة يف حد ذااليت تثمن كلها هذه احلكمة و هذا املبدأ، كما عرب عنها الشاعر عبد قاليد وحكم اجملتمع اجلزائري و تو

الرمحن اجملذوب ، (اليت اختزلت أشعاره جممل قناعات اجملتمع ، و مبادئه األخالقية) بقوله :

.39، ص: د.خليل رزق، م س - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

359

"الدنيا مثلتها دالعة : ترتكب مع مجيع الدالع

1احلاذق يعطي معاها ساعة : واجلايح غذا معاها قاع "

فهذه األبيات تشري إىل هذه احلكمة املتجذرة يف الثقافة الشعبية و سلوك األفراد الداعية إىل هي تقلل من قيمة هذه الدنيا، و هو املفهوم الذي إذا مور الدنيوية أكثر مما تستحق، و عدم إعطاء األ

ذا ميكننا أن ما انعكس على سلوك األ فراد حيد من الصراعات حول األمور الدنيوية و يضعفها . نلمس شكل من أشكال االرتباط القائم من جهة ما بني طبيعة هذه احلبكة و هذا الشكل من

الصراع املوظف يف السيناريو و من جهة أخرى مبفهوم اهلوية بشكل عام .

ل سيناريو الفيلم ، وهذا املوضوع املرتبط ذا جند الكاتب قد عاجل موضوعا من خال لوصف يف باهلوية قد اختار له أسلوبا خاصا بعيدا عن احلبك الدرامية ، بل عمد إىل أسلوب السرد وا

بذلك فهذا األسلوب الذي اعتمده قد أضعف عنصر الصراع ، فالقصة عموم أجزاء السيناريو. و ال يشعر طل هادئ ، مستقيم ، راض بواقعه و ياها بتعرض مشاهد تعكس املناخ العام حلياة هادئة حي

بأي نوع من اإلحساس بالضيق من هذا الواقع الذي حيياه ، لذلك ال يوجد أي مشاريع أو آمال أو طموح للبطل يسعى لتحقيقها ، بل يكتفي بالتمتع حبياته كما هي عليه ، و مبا يتوفر لديه من

وضع ال يقلقه ، كأنه وضع طبيعي فيبدو أن هذا الإن كان يقطن مسكنا ضيقا ، ، وحىت و وسائل عادي تأقلم معه البطل و تقبله .و

بالتايل تكاد تكون ا أن تنمو لتفرز صراعا دراميا، و لكل ذلك ال نعثر على أي بذرة من شأالقصة خالية من أي صراع ، فالبطل ال يواجه أي صراعات وال يسعى لتحقيق أي هدف ليواجه

نعه من ذلك ، ليتأسس عليه صراعا ما.عقبات و قوى مت

40، ص:2007ومان، فيسريا للنشر، اجلزائر، عبد الرمحن اجملذوب، الشاعر عبد الرمحن اجملذوب، إعداد: توفيق - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

360

ا، و حىت الغاية الذي حيددها البطل لنفسه ، يف ضرورة العثور على الفتاة اليت أغرم بصوهي اول البطل ألن الفتاة موجودة، و فهذا اهلدف ال يضع له الكاتب أي عائق ، بل يكون يف متن

خرية رغبة عمر يف حتديد موعد تشتغل مع صديقه "موح السمينة"، وحني يعرض عليها هذا األلوال تردد للتعارف ، توافق على الفكرة، وبذلك تسري األمور بيسر و سالسة من دون أي مشاكل

بذلك فال وجود ألي قوة معاكسة تواجه البطل لينشب صراعا ما. فحىت البطل يف آخر مرحلة، و ال أحد يتصدى ملثل هذا الدوام، و على مستوى االنضباط املهين جند البطل دائم التأخر عن موعد

يزجر مثل هذا السلوك ، نافيا بذلك الكاتب أي مالبسات تعكر صفو البطل أو تدفعه التقصري و للتأزم .

الشخصيات : –د

أما بالرجوع إىل الشخصيات فيمكننا أن نقول بأن أهم شخصية هي شخصية عمر الذي اليت تعترب بالنسبة هلا جمرد شخصيات مساعدة ، فال تدور يف فلكها مجيع الشخصيات املتبقية ، و

وجود إال لبطل واحد من دون بطل مضاد، لذلك اهتم الكاتب بشكل أساسي برسم هذه الشخصية من وصف لبعض الشخصيات دون الرتكيز على البقية، إال من خالل ما جادت به هذه الشخصية

إن الشخصية تشرح أفعاهلا، تصف مقتضبا " الوصف عموما يكون سطحيا و هذا األخرى. و ا يؤازر تدفق سرد الصور. و تتحدث عن حيها.لشخصيات األخرى ، تقدم عائلتها و ا يوجه صو

. فنجدها تصف الشخصيات كما تصف املكان واألحداث فقط لنحدد عالقة 1قراءة القصة "ا من أشخاص و أشياء، دون التعمق يف إعطاء صورة واضحة عن هذه الشخصية مبا حييط

الشخصيات األخرى.

ناسق جتسد صورة الشاب لقد الكاتب قدم لنا شخصية عمر يف شكل أنيق متكامل و مت

1 - Abdelghani Megharbi, Op.Cit,P:148-149

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

361

ا ال املتوازن و العصري ، فشخصية عمر ال تعاين من أي تشويه على املستوى البيولوجي ، كما أمه لنا يف صورة بطل ب قد قدتعاين من أي مشاكل حادة على املستوى االجتماعي، بل جند الكات

، فهو رجل البيت، وهو الذي يعيل عائلته ، و هو الذي يذوذ عن محى احلي . فهو الذي مسئول لطرد أحد الغرباء الذي يعتقد أنه متواجد يف احلي ملعاكسة البنات. 1يستنجد به أبناء حيه (القزم)

2ك ما يثبته املشهدأما اجلانب النفسي للشخصية ، فنجدها عموما هادئة متوازنة ، ذلالذي مل يتمكن من إثارة عمر بالرغم من االستفزازات القوية اليت لذي زاره فيه أحد جتار الذهب ، و ا

ا إال بعد جهد جهيد. حاول أن يستفزه

البطل عمر املعروف يف وسط أصدقائه ب "قتلتو الرجلة"، إلميانه القوي مبفهوم "الرجلة" و .3يف عقلييت الراجل الزم ميوت على النيف و الشرف" اليت يرتمجها بقوله :"...

ذه القيم املتأصلة يف اجملتمع ويف الوقت ذاته ذا جند الكاتب قد محل هذه الشخصية تعد من بني العناصر اليت تشكل هوية اجملتمع . إن الكاتب استطاع فعال أن يلمع مثل هذه القيم

وية األمة و يقدمها للم بذلك يكون رسم نيق أناقة البطل الذي حيملها ، و تلقي يف شكل أاملرتبطة ا، مبثابة دعم و يعالبطل الذي حيمل مثل هذه القيم و شخصية ترسيخ لتلك القيم رب عن إميانه

ا الشخصية البطلة يف هذا الفيلم ، من هنا ميكننا أن نرب ط العالقة ما بني األخالقية اليت تبشر رسم الشخصية على مستوى السيناريو. طبيعةمفهوم اهلوية و

صورة المرأة في الفيلم : -هـ

أما صورة املرأة يف هذا الفيلم فتبدو إىل حد ما كشخصية حمدودة و سلبية، فبداية جند أن

سا)01د:00ثا:36الرجلة"، املشهد (مرزاق علواش ، م س، فيلم "عمر قتلتو - 1 سا)00د:49ثا:58شهد (م ن، امل - 2 سا)00د:01ثا:31م س ، مرزاق علواش ، املشهد ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

362

حىت عدد الشخصيات ن منعدمة بالنسبة للفعل، و فاعليتهن على مستوى مشاهد السيناريو تكاد تكو أختيه باإلضافة إىل ا أن حنصرهن يف كل من أم البطل و الالئي ظهرن ميكنن النسائية احملدودة جدا

بعض النساء الالئي يتبادلن الشتائم ة من النساء يتاجرن يف الذهب، و زميالت األخت صافية، جمموع من على شرفات العمارة .

ا يسلكن سلوكا سلبيا، يعشن يف فية و فاألخت صا اقع، أوهام اليقظة بعيدا عن الو زميالالسوق املوازية جمموعة النساء بائعات الذهب ، يتسم سلوكهن أيضا بالسلبية الشتغال أغلبهن يفو

، ملخادعتهن الزبائن بتقدمي الذهب املغشوش. أما صورة األم فهي أيضا سلبية بالرغم املمنوعة قانوناا من أن عبد الغين يشري إىل ما ميكن أن تكون عليه شخصية األم بقوله: " ندر ك األمهية اليت حتظى

ا الكائن النسوي األكثر تقديرا، يف األمهات يف اجملتمعات املغاربية ، الكثري يتفق حول القول بأ .1حني أننا جند يف عمر قتلتو الرجلة ، تظهر يف وضع غري متجانس"

األم على وجه اخلصوص، جمحفا يف حق صورة املرأة عموما و بذلك جند أن الكاتب كان مل يكن حضوره إال مبثابة كومربس مدار الفيلم صامتا ال يتكلم، و ك الكائن الذي قدمه علىذل

لتأثيث الفضاء .

من هنا ميكننا القول بأن الكاتب مل يهتم برسم صورة املرأة يف فيلمه، كما أنه مل يكن ا تتمتع به من حظوة واحرتام مبأمينا يف رسم صورة األم بالشكل اليت هي عليه يف اجملتمع اجلزائري، و

بذلك فقد قدم لنا شخصية األم يف هذا السيناريو بشكل سليب ال يعكس وضعها احلقيقي وتقدير، و ا يف اجملتمع ري عن هوية اجملتمع يف هذا ، ليكون الكاتب بعيدا عن التعبوطبيعة عالقتها مع أفراد أسر

1 - Abdelghani Megharbi, Op.Cit, P:158

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

363

.الباب

اللغــــة : - و

، نزل إىل مستوى العامة يف الشارع كأنهظف لغة عامية بسيطة ، و نجده قد و أما عن اللغة فبعيدا عن اللغة الثالثة األقرب إىل الفصحى اليت ألفناها يف األفالم السابقة . إن طبيعة هذه اللغة اليت استعملها الكاتب مرزاق علواش قد تكون ضرورة أملتها طبيعة الفيلم الذي سبق و أن أشرنا إىل

) هذا التيار الذي يسعى لالقرتاب أكثر cinema-veriteاحلقيقة" (-اجه يف تيار "سينماإمكانية إدر فأكثر من الواقع .

قد تكون طبيعة هذه اللغة اليت وظفها الكاتب نابعة من طبيعة الشخصيات اليت وظفها، و الوظائف البسيطة اليت فمجملها شخصيات ذات مستوى تعليمي و ثقايف بسيط، وهو ما تؤكده

ا و م الساذجة . يشغلو كذا طبيعة اهتماما

فيلم كحلة و بيضاء : -2

الموضوع : -أ

لقد تطرقنا يف الفصل السابق إىل مضامني هذا الفيلم بنوع من اإلسهاب، ذلك ما يدفعنا لتناول هذا العنصر بنوع من الرتكيز، و يف هذا اإلطـار ميكننا أن نلخص املوضوع الذي يقوم عليه

اريو الفيلم و املتمثل أساسا يف تصوير واقــع اجتماعي حي ، بالشكل الذي دفع عبد الغين مغريب سين)، غري أن الكاتب وفق منظوره cinema-veritéاحلقيقة (- لتصنيفه ضمن تيار ما يسمى بسينما

اوله نوتقنيته، قد عاجل جمموعة من التيمات و الظواهر اليت فرضت نفسها على اجملتمع آنذاك، كتراوحت معاجلة هذه تدم ، و موضوع الثقافة، والعلم. و ، و ظاهرة كرة القلظاهرة الفهلوة و(البزنزة)

إجيابا من عنصر آلخر، مما أوجد بعض الغموض حول الرسالة اليت يسعى الكاتب القضايا سلبا و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

364

فني ، جنده يتباكى املثقيمة الدراسة و العلم و الثقافة و لتمريرها ، ففي الوقت الذي جنده يبخس قا بعرضه صورة املسرح املى ما آلت إليه أوضاع الثقافة ، و عل هجور، يتناول يدق ناقوس اخلطر بشأ

احملسوبية من خالل موقف مدير الضمان االجتماعي اجتاه حالة "الساسية" ، ليقدم قضايا الربقراطية و ط يف آخر حلظة على فريقه حل حلوال تقوم على االبتزاز من خالل موقف الشاب علي، الذي اشرت

مشكل "الساسية" أخته مقابل مشاركته ضمن صفوف الفريق يف املقابلة اليت حضر هلا ليس الفريق وحده ، و إمنا اجملتمع السطايفي برمته .

بذلك ملسنا بعض اخللل على مستوى طبيعة معاجلة التيمات املوظفة ، هذا اخللل الذي يبلغ ض . غري أنه ميكننا القول عموما بأن الكاتب قد سعى لالقرتاب من قضايا اهلوية أحيانا مستوى التناق

من خالل اهتمامه بقضايا ارتبطت باجملتمع يف فرتة حمددة ، و إن كانت هذه املعاجلة تتسم بالسذاجة أحيانا حبسب ما استنتجناه، لعدم تبلور رؤية واضحة لدى الكاتب اجتاه القضايا اليت طرحها .

الحبكـــة : -ب

إن دراسة سيناريو فيلم "كحلة و بيضاء" جيعلنا نتطرق إىل طبيعة احلبكة اليت وظفها الكاتب ، فهذه احلبكة كانت يف عمومها بسيطة ، حبيث تأسست على نضال شخصية الربيع بشكل أساسي من أجل توفري كرسي متحرك ألخته "الساسية" املقعدة ، و هذه الغاية اليت حددها

كاتب لبطله و اليت يعلن عنها السيناريو منذ املشهد األول ، لينخرطا أخواه يف هذا املسعى يف الاية الفيلم. فرتات الحقة، ويتواصل نضال البطل إىل غاية حتقيق هدفه املنشود قبيل

ما جبلت عليه الشخصية الكاتب تبدو يف ظاهرها تتوافق و إن طبيعة هذه احلبكة اليت رمسهاا تتضمن كل معاجلزا هي مسات اين التعاون والتآزر االجتماعي و ئرية ، فهي غاية نبيلة يف حد ذا

ا هوية الشخصية اجلزائرية مثلما يشري إليه بن عبد اهللا حممد يف رصده لبعض السمات املرتبطة تتلون

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

365

ذا ميكننا أن نقول ل1بالشخصية اجلزائرية و منها "التعاون ، عزة النفس،..." لوهلة األوىل بأن ، الكاتب قد وظف يف عمله حبكة تتوافق و مسات اهلوية اجلزائرية ، غري أننا نكتشف أن هذا اهلدف

حقيقه . من هنا ميكننا أن نقول النبيل الذي حدده الكاتب لبطله مل يرصد له أفعاال بنفس النبل لتثقافتنا الشعبية املتشبعة بفكرة (ما بين كأن الكاتب قد تبىن فكرة (الغاية تربر الوسيلة) البعيدة عن و

على باطل فهو باطل).

بالتايل ميكننا أن نقول بأن الكاتب و إن كانت نواياه حسنة ، إال أنه مل حيالفه احلظ يف و التعبري السليم عن هوية اجملتمع من خالل حبكته.

الشخصيات : –ج

نشري بداية إىل أن الكاتب قد رسم أما فيما يتعلق بطبيعة بناء الشخصيات ، فيمكننا أن شخصية املثقف بشكل سليب متاما ، فهذه الشخصية املمثلة يف شخصية مصطفى وهي شخصية ثانوية تعيش يف ظل شخصية راقو صاحب املطعم الصغري، مل يوكل هلا الكاتب أي فعل إجيايب يؤثر

ة ، مل تقدم على صية بطالبشكل مباشر يف األحداث بالرغم من حضورها الشبه الدائم ، فهي شخ، والناس من حوله حتسني واقعها و ظروفها ، ال حتظى برضا األب الذي يقيم أبنائه أي فعل لتغيري و

مبدى مداخيلها املادية ، أي من منظور اقتصادي .

ذا الشكل السليب إن رسم الكاتب ، ما هو إال جزء من املوقف الذي عرب هلذه الشخصية ذا الشكل سيناريو اجتاه العلم ومسالكه و يف هذا ال عنه املثقفني، فإذا كان رسم شخصية املثقف

هو طفل متمدرس و لكنه ال يعري املدرسة أي اهتمام ، فها هو السليب ، فها هي شخصية الربيع و ها هو األب يبشره ا ال عالقة هلا مبوضوع الدرس، و شارد الذهن يفكر يف قضاي 2يرصده يف القسم

34بن عبد حممد، م س، ص: - 1 )08:53عبد الرمحن بوقرموح، م س، املشهد ( - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

366

.1يف االمتحان النهائي للفوز بشهادة التعليم االبتدائي فيجيبه بقوله: " بصح كلي والو" بنجاحه

كما بلور الكاتب هذا املوقف اجتاه العلم من خالل طبيعة رسم شخصية األب، الذي ال ، و ها هو الربيع ال يهمه من تركة أخيه من الكتب 2يرتك فرصة ليقلل من قيمة العلم و املتعلمني

مة الذي تنازل له عنها، إال مقدار ما توفره له من املال يف حالة بيعها ؟ ، دون االهتمام القي .3مبضامينها بالرغم من تنبيه مصطفى له بقيمتها العلمية

واهلوية اجلزائرية ، تب من خالل شخصياته، ال يتوافق إن هذا املوقف الذي بلوره الكالماء منذ القدمي حبسب ما أشار إليه ابن خلدون يف معرض فالشخصية اجلزائرية احرتمت العلم و الع

هو ما أكده أيضا أمحد ابن ، و 4توقري أهل العلم..."عداده صفات الرببر بقوله :"... وبر الكبري، و تالنعمان يف كتابه "مسات الشخصية اجلزائرية من منظور االنثربولوجيا النفسية" من خالل إشارته إىل

ا من بني مسات الشخصية اجلزائرية. 5ة و تقدير العلماء""حب العلم و املعرف ، على أ

ذا ميكننا أن نقول بأن الكاتب مل يعرب تعبريا صادقا عن اهلوية اجلزائرية فيما خيص هذه القضية من خالل رسم شخصياته يف هذا السيناريو. كما مل يتفاعل الكاتب بشكل اجيايب مع عناصر

، و هي 6زائرية مثل :(مسة "اجلد" و اتصاف اجلزائري بأنه "إنسان مناضل" ) أخرى مرتبطة باهلوية اجلا الشخصية السمات اليت يدعمها قول بن عبد اهللا حممد يف تعداده ألهم السمات اليت تتميز

د)40ثا:38م ن، املشهد ( - 1 د)03ثا:09م ن، املشهد ( - 2 )د49ثا:08م ن ، املشهد ( - 3 139م س، عبد الرمحن بن خلدون، ص: - 4 159ص:منظور االنرتبولوجيا النفسية، فايزة خيلف، م س، نقال عن أمحد بن النعمان، مسات الشخصية اجلزائرية من - 5 159-158، ص: فايزة خيلف، م س - 6

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

367

1اجلزائرية واليت منها : "... العمل يف صمت ، االندفاع...."

ا على النضال، جند أن الكاتب إن هذه السمات اليت تعرب عن جدية هذه الشخ صية ودأذا الشكل ، بل على العكس من ذلك متاما حبيث كان رسم شخصية راقو الطاحمة إىل مل يعرب عنها

املنطقية لتحقيقها، بل جنده شخصية تراهن على حتقيق وة دون توفري األسباب الواقعية و حتقيق الثر ذا الشكل و سم ذلك من خالل لعبة "الرهان الرياضي". لقد ر حقق هلا الكاتب هذه الشخصية

هدفها دون أن تبذل جهدا ، فقد حقق (راقو) يف النهاية ثروة هائلة نتيجة ضربة حظ فاز على إثرها يف لعبة "الرهان الرياضي".

إن هذه الصورة اليت رمسها الكاتب هلذه الشخصية ، و النقلة النوعية اليت حققها هلا بتحوهلا أن يركزها أكثر، كسمة (اجلد) الثراء ، قد غيب فيها مسات مرتبطة باهلوية كان بإمكانهمن الفقر إىل

ا (راقو)، كما أن مسة "القناعة" املرتبطة و كذا (النضال) يف حتقيق هذه النقلة النوعية اليت قام سليب أيضا ، يتفاعل معها الكاتب بشكل2بالشخصية اجلزائرية و اليت يشري إليها أمحد بن النعمان

من خالل رمسه لشخصية األب اجلشع الذي ال يتواىن يف حث و دفع ابنه (علي) وحتريضه على . 3السفر إىل فرنسا ليبعث له باألموال الطائلة "

أخرى ترتبط باهلوية يف مقابل هذه العناصر جند الكاتب قد تعامل بصدق مع قضاياو خالل رسم بعض الشخصيات، فهنا نذكر قضية عرضها بالشكل الذي هي عليه من اجلزائرية و

"احلياء" اليت تعد مسة بارزة من مسات اهلوية اجلزائرية، فهذه السمة جندها جمسدة من خالل رسم هي ، شخصية زهرة و 4العديد من الشخصيات كشخصية مصطفى الذي ميتنع عن التدخني أمام والده

34-33ص:حممد بن عبد اهللا، م س، - 1 158نقال عن : فايزة خيلف، م س، ص: - 2 د)42ثا:52د الرمحن بوقرموح، م س، املشهد (عب - 3 د)05ثا:46عبد الرمحن بوقرموح، م س، املشهد ( - 4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

368

ال خترج إال مرتدية لباسها هي أخت مصطفى حيث يربز حياؤها من خالل سلوكها ، فهي و ، كما يربز حياؤها من خالل املشهد الذي يثري فيه أخيها الصغري 1التقليدي مصطحبة أخوها الربيع

موضوع ميلها لشخصية راقو، لكنها امتنعت عن التعبري صراحة عن عواطفها اجتاهه استحياءا من .2حضور أخواها الكبار مصطفى وعلي

ض الشخصيات وإحلاق ة الشخصية اجلزائرية من خالل رسم بعكما عرب الكاتب عن طبيعا، و أهم هذه الشخصيات جند علي الرياضي الذي يسلك هذا السلوك يف مسة النرفزة واالندفاع

، حبيث يكاد يتحول هذا اجلدال القائم إىل صدام مادي 3مواجهة مدير مؤسسة الضمان االجتماعي ل مصطفى الذي منع ذلك.نتيجة اندفاع شخصية (علي) لوال تدخ

اللغـــة : –د

أما احلديث عن عنصر اللغة اليت تعد إحدى مقومات اهلوية ، فنجد الكاتب قد عمد إىل ا عربية توظيف لغة عربية بسيطة بساطة شخصيات القصة ، لغة غارقة يف احمللية القطرية ، مفرد ا

وية عكست منط تفكري جمتمع يف مرحلة واضحة ، كما وظف تراكيب لغعامية بسيطة مفهومة و ، داللة على 4"504حمددة ، فها هو الربيع يعلق على مثن الكرسي املتحرك بقوله:" آ، رايح تبيع أنت

املرتفعة ميثل شكال من السيارات الفاخرة و ارتفاع سعرها، باعتبار أن هذا النموذج من السيارات كان ع ابنه (علي) العب كرة القدم يف صفوف الفريق احمللي الثمن آنذاك ، أو من خالل حديث األب م

، لو كان جيو ب جتيبها، ما حنبش السبان وإال التقطاع من السطايفيةبقوله: "... امسع الكوب حن

د)35ثا:13م ن ، املشهد ( - 1 د)52ثا:13م ن ، املشهد ( - 2 د)54ثا:20املشهد (م ن، - 3 سا)00د:00ثا:51م ن، املشهد ( - 4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

369

.1يالنشوين نالنشيك...."

وية اجملتمع من خال ا على التعبري ذا ميكننا أن نقول بأن اللغة املوظفة ارتبطت ل قدر اهتمامات بعض الشرائح االجتماعية الواسعة االنتشار يف إحدى مراحل تطور اجملتمع.و عن مهوم

فيلم تجار األحالم : - 3

صريورة أحداث فيلم جتار األحالم، ذلك ألننا مل بنا أن نقدم ملخصا بسيطا لقصة و جيدر التقنية تظهر:نتعرض له فيما تعرضنا من األفالم يف املباحث السابقة، فبطاقة الفيلم

" العنوان : جتار األحالم

) RTAإنتاج : التلفزيون اجلزائري و اإلذاعة و التلفزة اجلزائرية (

2سيناريو و إخراج : حممد افتسان".

.3سا) 02د:40مدة الفيلم: - 1980(تاريخ اإلنتاج و مدته: سنة

الموضوع : –أ

بشكل حموري قضية اجتماعية عرفها اجملتمع إن موضوع سيناريو فيلم "جتار األحالم" يعاجل يف هذا يشري وتتعلق حتديدا مبجال األغنية، و اجلزائري يف هذه الفرتة ، كظاهرة فنية برزت إىل الوجود،

مصطفى أشرف بقوله: "ففي فيلم جتار األحالم حول الغموض الذي يسود عامل األغنية احلديثة،

د). 04ثا:54املشهد (عبد الرمحن بوقرموح، م س، - 12 - Mohamed ben Salama et Azzidine Mabrouki ,les filmes de television ,cinéma action: cinéma du maghreb, N 14.printemps 1981, éditions Papyrus ,Paris, 1981 , p :132 3 - Ibid, P :119

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

370

.1ة بظاهرة تسول طفيلي مذهبة ، خيرجنا من الالمباالة"والقرص والنجومية، والكباريهات املرتبط

ذا يتناول سيناريو الفيلم قضية اجتماعية ظهرت يف سنوات السبعينات والثمانينيات، ا الكثري من الغموض الكاتب من فيما تتعلق بأساليب اشتغاهلا، و كانت مبثابة ظاهرة فنية يشو

هذه الظاهرة و تسليط الضوء عليها من خالل تناوله لقصة خالل هذا السيناريو يسعى إىل تشريح ا يف جمال األغنية. بسيطة لشابة تريد أن حتقق ذا

إن موضوع قصة السيناريو املتعلق بقضية اجتماعية برزت للوجود كظاهرة فنية، حييلنا مباشرة تمام السينما على قضية اهلوية حبسب رأي هاشم النحاس الذي تعرضنا له سابقا، من حيث أن اه

مبشاكلها القطرية يعد يف صلب قضايا هوية اجملتمع.

من هنا سنسعى إىل إبراز كيفية تفاعل سيناريو الفيلم مع قضايا اهلوية اليت تناوهلا بشكل مباشر أو غري مباشر من خالل عناصر بنائه الدرامي.

الحبكــة : –ب

ر بطولته ما بني مصطفى صاحب أحد إن سيناريو فيلم "جتار األحالم" (تتوزع أدواقد أمده لوطن و لديه أعمال خارج الوطن، و استوديوهات إنتاج األغنية، باإلضافة إىل كباري داخل ا

الكاتب بشخصيات مساعدة كشخصية مراد الذي يعترب مبثابة ذراعه األمين ، أو عمال الكباري ا جند البطلة "عايشة" و صديقتها (الفتوة) إىل جانب صديقه صاحب كباري آخر، يف مقابل هذ

يامسينة، إىل جانب شخصية مساعد أخرى تتمثل يف شخصية الفنان الشاب مجال، و الذي يبدو غراء الفنانني الشباب بالربوز على وعي باملصيدة اليت وضعها مصطفى ، املتمثلة يف شركة اإلنتاج إل

اب هؤالء لتنشيط ليايل الكباري ستقطالنجاح ، يف الوقت الذي تعترب فيه هذه الشركة كنقطة الو

1 - Mustafa Lecheraf,Du voleur de Bagdad à Omar Gatlato, Op.Cit, P :43

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

371

حتقيق أرباح من ورائهم.و

ا أي تعقيد، حيث تنطلق األحداث إن حبكة سيناريو "جتار األحالم" تبدو بسيطة ال يشو، الذي وسيقية فيلتقون مبراد صديق مصطفىصديقتها إلحدى قاعات التدريبات املبزيارة (عايشة) و

، ما على حتقيق أحالمهماما ملصطفى الذي بإمكانه مساعديقرتح عليهما حتديد موعد ليقدمه، خاصة بعد أن يؤكد هلا مجال الذي يبدي ميال هلا لكن مراد حياول إقناعها بالفكرة ترتدد (عايشة)

بأن حلمها بااللتحاق بالكونسرفاتوار (معهد املوسيقى) ال يفيدها يف شيء.

ا ، يئة، فتبدو مرتددةو يعدها مبساعدته الرب يتم اللقاء مع مصطفى الذي يظهر إعجابا عائلة، الذي يقف يف طريقها لكن مصطفى يقنعها باختاذ اخلطوة املوالية و كسر حاجز اخلوف من ال

فتتوجه إىل مصطفى لتسلمه ، اليت ترفض الفكرة وتطردها من البيت، الفين، فتجهر بذلك ألمهايف الكباري ، لتكتشف يف النهاية فزيون و يف التله و وتسجيالت يف شركت ، فينظم هلا حفالتنفسها

ا بالنسبة له جمرد رقم يف قا ن و أ استخدمهن يف تنشيط ليايل كباريه ئمة الفتيات الالئي تالعب تسلم يف جهة القلب، فرتده جثة هامدة و لريبح أمواال، فتقرر يف حلظة أن تنتقم لنفسها فتطعنه مبقص

.1نفسها للشرطة)

إن على مستوى رسم احلبكة، فالبطلة و ل هذه األحداث ال يوحي بأي تعقيد إن تسلسايات ، إال أن سعيها هذاطريقها املنبوذة من طرف عائلتها كانت تسعى يف ال جتهر به إال يف

يف رغبته للحصول على هذه الفتاة، ال ، لذا ال نصادف عقبات تواجه البطلة كما أن البطلالقصة، عدا بعض الكلمات إلقناعها بضرورة ال يواجه عقبات تؤجج صراعا قويا تايلبالو ، يبذل جهدا

سعيها قدما لتحقيق جناحها.

1980مد إفتسان، فيلم : جتار األحالم، إنتاج االذاعة و التلفزة اجلزائرية،اجلزائر ، حم - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

372

، نوعز بساطتها للمناخ الثقايف حلبكة البسيطة اليت رمسها الكاتبإن طبيعة هذه ا فضة ملثل هذهوثقافته الرا واالجتماعي العام الذي وظفها فيه الكاتب ، هذا املناخ املرتبط بقيم اجملتمع

هو الشيء ة ختفي مجيع مشاريعها عن عائلتها، و ، مما جعل البطلاألهداف اليت تسعى إليها البطلةا االجتماعية و الذي مكن البطلة من احمل األسرية بشكل طبيعي بالرغم من افظة على عالقا

ما شابه ذلك، نزل و املالحظات اليت كانت األم توجهها هلا بسبب تأخرها عن موعد دخوهلا إىل املالكن ذكاء البطلة و .تواطئ زميلتها يامسينة اليت تثق فيها أم البطلة (عايشة) جعلها تغطي على حركا

ذه احلبكة حىت وإن أضعفت ، فهبكة هلا عالقة باهلوية اجلزائريةمن هنا نقول بأن طبيعة احلا ترتبط بشكل مباشر بقضية اهلوية اجلزائرية، فالصراع في هذا اجملتمع الذي ينظر إىل املرأة على ، إال أ

ا حامي محى التقاليد والقيم، جمتمع يرى فيه الذكر أن رجولته و شرفه تكمن يف جانب كبري يف أا ايتها حفاظه على شرف املرأة وصو ، ال ميكن للبطلة أن تعلن مبشروعها يف إطاره، وإال كانت

أخته يف ، فشخصية علي أخ البطلة يبلغه نبأ اشتغال املوت لغسل العار. وهو ما حيدث فعالحني و ،ه يتوجه مباشرة إىل الكاباري، فبمجرد خروجه من السجن جندالكاباري وهو يف السجن

، بنية القضاء عليها لوال تدخل احلرس إلخراجه 1صعود أخته إىل املنصة، خيرج سكينه ويتوجه حنوها مث قتله.

و طريقة رسم حبكته متعلقة بقضايا اهلوية بشكل عام و قضية ذا يكون موضوع السيناريو الشرف بالشكل خاص.

)01: 31ثا : 42املشهد (م س، إفتسان، حممد - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

373

الصراع : –ج

أما بالنسبة للصراع فكما أشرنا إليه ، أنه تأثر بطبيعة احلبكة ، فكان ضعيفا، ساكنا يف أخته معظم األحيان ليتفجر يف النهاية من خالل املواجهة الدموية ، سواء من خالل تواجه علي مع

، أو من خالل تواجه علي مع حراس الكباري ، هذه املواجهة اليت (بطلة القصة ) يف حماولة لقتلهاانتهت بقتله ، أو من خالل تواجه مصطفى مع البطلة ، لتقتله يف النهاية ، بذلك ميكننا أن نصف

شكل من الصراع الذي وظفه الكاتب بأنه من صنف "الصراع الذي يشعرنا بقرب نشوبه"، وهوأشكال الصراع الذي يعرفه شكري عبد الواهب بقوله: " وهو صراع يتعمد املؤلف الكشف عنه بطريق غري مباشر خللق نوع من التوتر والرتقب املقصود لذاته لدى املشاهد ، حىت ال يتسرب امللل

. 1إليه ، إنه نوع من الوعد والتلميح الذي يقطعهما املؤلف على نفسه ملشاهديه ..."

الشكل الذي ذا التعريف ميكننا القول بأن طبيعة الصراع يف السيناريو"جتار األحالم" كان ب، ألننا على مدار القصة مل نلمس مواجهة قوية ما بني األطراف ، لكننا وصفه شكري عبد الوهاب

أن األحداث كانت ختفي ورائها صدمات قوية، و كنا نشعر دوما بأن سالسة تدرج األحداث ، بالرغم من فتور ذا التوتر القائم يف نفس امللتقىتفجر يف حلظة ما لتفضي إىل فاجعة رهيبة، إن هست

اجملتمع الصراع يف أغلب حلظاته، يعود بالدرجة األول الرتباط األحداث بقضايا الشرف يف مفهوم ، يف حلظة ماحضر صداما قويا ستنشب ، لذا ال ميكن للملتقي إال أن يستاجلزائري يف تلك الفرتات

ذلك ما يبعث على نوع من القلق والتوتر الذي يعانيه امللتقى على مدار القصة .

.94، ص: 2007دولية،اإلسكندرية ، مؤسسة حورس ال شكري عبد الوهاب،النص املسرحي، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

374

الشخصيات : –د

الشخصيات باعتبارها أبرز عناصر البناء الدرامي للسيناريو فيمكننا أن نصنفها عموما وفق شخصية مصطفى ها حتت طائفة الشخصيات الشريرة ومتثلها جمموعتني . جمموعة ميكننا أن ندرج

رجها حتت مسمى الشخصيات الضحية طائفة مقابلة من الشخصيات اليت ميكن أن ندودائرته ، و ا، و هناك طائفة ثالثة حياول الكاتب أن يعدل من خالهلا ومتثلها شخصية بطلة (عايشة) ومن حييط

ع ولو على صيات يوظفها لتأجيج هذا الصرا هذه الشخلضعف شخصيات الطائفة الثانية، و الكفة من يسبح يف فلكه.ق بعض التهديدات لشخصية مصطفى و ، خبلاملستوى النفسي

املتمثل يف وضوع على قدر كبري من اخلطورة، و تتالعب مب، شخصية مصطفى شريرة ، فيكسب لهن كمادة لتنشيط شركته وكباريهشرف بعض الفتيات الالئي يسقطن يف شراكه، ليستعم

، فعلى البارزة ب يف فيلمه، من خالل بعض اخلطوطئهما، قد رمسه الكاتاألموال الطائلة من وراإلغراء إلسقاط فرائسها يف مستوى البعد البيولوجي متكاملة متناسقة حتظى جباذبية مما يؤهلها للعبة ا

، أما من ناحية البعد االجتماعي فيعد من كبار التجار، نظرا ومن مث االنقضاض عليهن، الشباكنشاطه الفين أيضا ألن يكون أحد سسات التجارية اليت تعود إليه، وبذلك تؤهله ثروته و ؤ لتعدد امل

كذلك لربط عالقات مع رجال ذوي مراكز ، و 1الشخصيات البارزة اليت تتحكم يف سوق األغنيةلتتسم بضمري ميت، بال وازع . غري أن الكاتب رسم الشخصية من اجلانب النفسي 2مهمة يف الدولة

، توضح تلك اجلوانب األخالقية 3عرتافات إحدى الراقصات الالئي اشتغلن معه، للصحفي، فاديين، ماكن العبادةأال عالقة له بالشعائر الدينية و حبيث يظهر يف شكل سكري ال يتواىن يف تعاطي اخلمر، و

ملال.مجع انزواته، و ، ال يفكر إال يف إشباعيف صورة شيطان متلبس جبلد أدمي بذلك بدت الشخصية

د)18ثا:02املشهد ( م س،حممد إفتسان، - 1 د)53ثا:55املشهد (م ن ، - 2 س)01د:01ثا:11م ن، املشهد ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

375

املقدسة يف إن طبيعة رسم هذه الشخصية اليت تتالعب يف هذا السيناريو بقضية الشرف يني، تتالءم والدور اليت محلها الكاتب جممل الصفات املنبوذة يف عرف اجلزائر وسط اجملتمع اجلزائري، و

اليت ، فاملتلقي حتما سيصدر حكما سلبيا خبصوص هذه الشخصية ، من خالل السماتاملوكل هلاا الكاتب، و بذلك فال حت عليه ميكننا أن نستنتج بأن ظى بأي تعاطف من طرف املتلقي. و محلها

ا الكاتب يريد أن يقول بأن الشخصيات اليت تتالعب بقضايا اهلوية مثل قضية الشرف ال شك أ أن دخيلتها فاسدة.تكون مبثل صورة مصطفى و

تالمس جممل ب صورة مصطفى، جندها إن هذه الصورة اليت رسم من خالهلا الكاتاليت ترتدد عليه ، فها هي الشيخة الزيتونة والشيخ املرافق هلا ال يتوانيا الشخصيات املساعدة له، و

ظر عرف اجملتمع اجلزائري اخلمر بالرغم من سنهما املتقدمة، مبا ميثله هذا الفعل يف ن 1يف شرببدون تأنيب 2ال يتوانون يف قتل علي أخ البطلةها هم مساعديه من عمال الكباري احملافظ. و

ضمري.

، جند الكاتب قد رسم األم يف شكل األم التقليدية ما بالنسبة لرسم الشخصيات األخرىأا، حبيث جندها تلوم البطلة و توخبها بعد أن تكتشف افظ على شرف العائلة عامة و اليت حت شرف بنا

لو كان يشوفك ، و !!! اكياج) بقوهلا: " قويل يل راحية متاكي؟بأن ابنتها قد اشرتت لوازم الزينة (املالتحذير من عواقب هذا الفعل، بذلك األخ لدليل على نغمة التهديد و . إن إشارة األم إىل 3خوك.."

بذلك ملشهد عن طبيعة اجملتمع احملافظة، و ميكننا القول بأن الكاتب قد عرب بصراحة من خالل هذا ا ة اجملتمع.فقد عرب عن هوي

د) 15ثا:48املشهد (حممد إفتسان، م س، - 1 س)01د:41ثا:08م ن، املشهد ( - 2 ).02: 17م ن، املشهد ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

376

إن هذا اجملتمع احملافظ الذي عرب عنه الكاتب من خالل رسم شخصية األم، والذي ال يقبل بأي صيغة خروج فتاة من بيت أهلها ، إال يف صيغة عروس تزف لعريسها، فهذه مسة أخرى يؤكدها

ظروف عيشها ضجرها منعرب لزميلتها عن وضعها التعيس و الكاتب من خالل شخصية البطلة اليت تا . 1وسط عائلتها، لذا فهي مستعدة لالرتباط بأول عريس يطرق با

ذا يكون الزواج بالنسبة هلا كحل مشرف للهروب من البيت العائلي و ظروفه اخلانقة، عدا ذا شرف العائلة بالدرجة األوىل ، و ذلك فأي تصرف للبنت يف حماولة لالنفصال عن العائلة ستمس

كاتب قد أعطى ملمحا آخر من مالمح هوية اجملتمع .يكون ال

كما ميكننا أن نشري إىل قضية أخرى ترتبط بقضايا اهلوية ، اليت أشار إليها الكاتب برمسه كة الديسك)، فبعد الرتحيب لقائها مع مصطفى صاحب (شر 2لشخصية البطلة (عايشة) يف مشهد

يعتذران عن تناول السجائر، كما ميتنعان عن اجللوس ، يقدم هلما مصطفى علبة السجائر فما و شرب اخلمر.

عبد اهللا حممد إن سلوك املرأة يف مثل هذا الوضع يرتبط باهلوية بشكل مباشر حبسب بن ل التدخني، ظلت املعايري االجتماعية تعترب كل امرأة تقبل على بعض املبتدعات مثالذي يشري بقوله:"

. 3ة ، ألن املرأة يف أعني اجملتمع املغاريب متثل حامي محى القيم"فعلتها مستنكر امرأة شاذة منبوذة و ا كسمة توجه فعدم إقبال بطلة الفيلم على تناول السجائر وشرب اخلمر يعد سلوكا أحلقه الكاتب سلوك شخصيته، ليوفر هلا شكال من أشكال تعاطف اجلمهور معها ، ألن تقدميها وهي تدخن أو

د) 06ثا: 27املشهد (م س، مد إفتسان، حم - 1 د) 09ثا: 44م ن، املشهد ( - 2 100بن عبد اهللا حممد، م س،ص: - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

377

ما ذهب إليه بن عبد اهللا حممد، املتلقي ينظر إليها كشخصية شاذة حبسب تشرب اخلمر، سيجعل بذلك عربت هذه التعاطف الذي ينشده لبطلته، و بالتايل لن يتمكن الكاتب من التأسيس ملثل هذاو

ويتها من خالل سلوكها هذا. الشخصية عن متسكها

ل رسم شخصياته، كما جند أيضا أن الكاتب قد عرب عن بعض مالمح اهلوية من خال) على أن اجملتمع الذي تعيش فيه جمتمعا د30ثا:31فالبطلة تعرب صراحة يف املشهد املوافق للحظة (

ا افظا، و حم هو ما يربز أيضا من خالل شخصية األم حني تصدم لدى مساع ابنتها البطلة تصرح بأ. أما طبيعة رسم شخصية 1تشتغل يف ملهى ليلي (كباري)، و تطردها على إثر ذلك من املنزل

"علي" أخ البطلة فتشري أيضا إىل هوية اجملتمع احملافظ ، فها هو يقوم بردود فعل عنيفة اجتاه الشاب ، و يف رد فعله هذا تواءم مع مسات طبيعة هوية اجملتمع 2الذي يعلمه بطبيعة الشغل الذي تشغله أختهنفس ط هذه القضية بالشرف، وهو نفس املنطق و الرتبا ، اليت متلي مثل هذا السلوك العنيف، نظرا

السلوك الذي يقوده إىل حتفه دفاعا عن الشرف.

وية اجملتمع و إىل جانب ذلك ميكننا أن نشري إىل قضايا أخرى قد اليت نرى يكون هلا عالقة بأن الكاتب مل يتعامل معها بشكل إجيايب، فها حنن جند البطلة عايشة تتوافق مع مصطفى على أن

.3األغنية البدوية أو التقليدية ليست من الفن يف شيء

ية نلمس فيه إن هذا املوقف الذي تتوافق حوله البطلة و البطل املضاد بصدد األغنية البدو رفض جلانب مهم من ثقافتنا التقليدية، كما أن النزهات املتكررة اليت مجعت نوعا من نكران الذات، و

ومجال، ال تعرب بأي شكل عن هوية هذا اجملتمع احملافظ ، كما ة ومرادكل من عايشة و يامسينما بني

سا)01د:06ثا:06إفتسان، م س، املشهد (حممد - 1 سا)01د:34ثا:07، املشهد( نم - 2 د)17ثا:43م ن ، املشهد ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

378

ميكننا أن نشري إىل سلوك آخر أحلقه الكاتب بسلوك شخصية عايشة اليت جترؤ يف مقر عملها على ، بعد أن ن طلب منها العودة إىل مركزها ومباشرة العملشتم شخصية املراقب الذي مل يفعل إال أ

ما تزدنيش مهك حىت أنت يا ن ، لتتوجه إليه عايشة بقوهلا: "ن العمل و تتحدثاوجدمها متوقفتان ع .1واحد الشماته "، و تضيف زميلتها إىل ذلك شتائم أخرى يف حق الرجل

البيئة "... فكلمة الرجل يفع ما أشار إليه د.عشرايت بقوله:إن هذا السلوك باملقارنة مالرجل مع املرأة مة فوقية ، متارس الوطء على حنو ما ميارسه، بل إىل اآلن كلاجلزائرية إىل وقت قريب

ا حتما تبال معارضة، و يكون الرجل قد عرب عن شذوذ ال تقبله البيئة، و حني تعلو كلمة املرأة، فإ .2تقهقر إىل وضع من املعرة ال يطاق"

عة يإن مقابلة هذا النص بسلوك البطلة الذي أشرنا إليه أعاله ، يوضح بشكل جلي طب، من سلكته البطلة يوضح يف ذات الوقت طبيعة السلوك الذياملوقف الذي وضع فيه املراقب، و

، بل على هذا اجملتمع املوظف يف السيناريوحيث أنه ال يعرب بأي شكل من األشكال عن هوية العكس من ذلك متاما فهو مبثابة تعبري معاكس عن قيم هوية اجملتمع .

أن الكاتب قد عرب من خالل عناصر البناء الفين للسيناريو، سواء ماذا ميكننا القول بالكثري ، عن يعة الصراع املوظف ، أو الشخصيات، أو احلبكة و طبتعلق بالفكرة وموضوع السيناريو

اليت ال تعرب قد أدرج بعض السلوكات لشخصياته و يف ذات الوقت جنده من مالمح هوية اجملتمع، و نه وظف لغة اجملتمع الذي رصده يف هذا السيناريو، كما ميكننا أن نشري إىل أ عن طبيعة هوية هذا

ا مل تكن إحيائيةطبيعة الشخصعامية بسيطة تتناسب و صور تراثية ومل حيملها بتعابري أو يات، إال أمستوى الشخصيات اليت لغة بسيطة عامية ساذجة تتالءم و بذلك كانتحتيل على هوية األمة، و

د)25ثا:42إفتسان، م س،، املشهد (حممد - 1 250سليمان عشرايت، م س، ص: -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

379

بناء سيناريو فيلم "جتار األحالم". وظفها يف

فيلم : رحلة شويطر . - 4

يعترب فيلم "رحلة شويطر" أيضا من األفالم اليت نتعرض إليها ألول مرة يف هذه الدراسة، لذا حناول يف هذه البداية أن منهد له من خالل ملخص بسيط ألحداث سيناريو الفيلم.

فيلم: رحلة شويـطر

و إخراج : حاج رحيمسيناريو

1س 01د:54ثا:29املدة:

2 1976سنـــــة اإلنتاج:

) E.N.P.Aجهة اإلنتاج : املؤسسة الوطنية لإلنتاج السمعي البصري (

الموضوع : - أ

من خالهلا يقوم سيناريو فيلم "رحلة شويطر" على فكرة بسيطة ، حياول الكاتب أن يعاجل هرة عرفتها املدن اجلزائرية آنذاك والزالت تعاين منها.هي ظاظاهرة النزوح الريفي، و

1976 ،اجلزائر، ENPAحاج رحيم، فيلم (رحلة شويطر)،املؤسسة الوطنية لإلنتاج السمعي بصري، - 12 - www.okbob.net

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

380

ني، رحلة شويطر" مغامرة أحد الفالحرة، تصور أحداث سيناريو فيلم "انطالقا من هذه الفكمن خالل وصفه للحياة يف العاصمة، ، هذا احللم الذي يزينه له صهرهيتملكه حلم العيش يف املدينة

كانت هذه الصورة اليت قدمها له صهره ن وسائل الراحة والرفاهية، و م ما يتوفر عليه سكان العاصمةو صعوبات حياة سكان املدن.ا فيها، دون أن يأيت على مشاكل و (بوسعد) مبالغ

، كأنه ينتقل إىل اجلنة، ذلك ما قدمه لنا ه بانتقاله إىل العيش يف العاصمةاعتقد رابح أنقرر . من هنا ي2هي الصورة اليت رمسها له صهره بوسعدو ،1السيناريو من خالل صور احللم الذي ختيله

بالرغم من تدخل صديقه سي عبد القادر إلخراجه من هذا الوهم الذي رابح التوجه إىل العاصمة، و بني رئيسه كحجة يستغل رابح مشكل بسيط وقع بينه و . 3يعيشه، إال أن رابح يعتربه جمرد حاسد

ىل العاصمة، وهناك حيتك بالواقع ويكتشف حياة املدن عن العمل واالنتقال إليقرر التوقف ، يدفعه ملمارسة التجارة املوازية ، فباإلضافة إىل معاناته من البطالة لفرتات طويلة، مماومشاكلها

أهم ظاهرة لوك أهل الدوار حيث عاش و كرب، و يكتشف سلوك سكان املدن املختلفة متاما عن سن السالم. قد يكون الكاتب قد بالغ يف تصوير هذه القضية إال أنه أراد تلفت انتباهه أن القوم ال يردو

م العديدة خبالف سكان الدوار الذين أن يعرب حبسب رأينا عن ضيق وقت ساكنة املدن و انشغاال يعيشون بريتم أبطأ من ذلك.

حقه، إن مشكل التواصل القائم ما بني رابح و حميطه اجلديد من ساكنة املدينة، يظل ياليوجهه ، فلم (النجار)، الذي يتفهمه وينصحه و فما عدى بعض النازحني مثله مثل شخصية "قاسي"

ي شغله ليقوم يعثر رابح على شخصية أخرى يقيم معها تواصال حقيقيا وطبيعيا، فحىت املدير الذيطرده املطاف و اية خاصة االعتناء بالورود اليت يعشقها، فإنه يتصادم معه يفعلى حديقة منزله و

د)10ثا:11املشهد(حاج رحيم، م س ، - 1 د)13ثا:53( م ن، املشهد - 2 د)20ثا:55املشهد (، نم - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

381

ا حبسن نية. ألشغال قام

، ليقرر يف النهاية حبثا عن وظيفة لكنه ال يظفر بذلكيطوف رابح عرب حمطات عديدة رفض العودة للدوار. لذي اندمج يف أسلوب حياة املدن و العودة إىل الدوار خملفا وراءه ابنه عيسى، ا

بناء قرية عصرية، أزيلت بإزالة الدوار و بيته اليت، بل فقد أيضا رابح مل يفقد ابنه عيسى فقطذا جند أن هذا الفالح الذي تطلع للعيش يف املدينة قد ساكنتها ممن كانوا متواجدين يف الدوار.

خسر أكثر مما ربح ، و رمبا قد خسرا الكثري ومل يربح شيء.

طر"، باإلضافة يعترب هذا ملخصا ألهم األحداث اليت يطلعنا عليها سيناريو فيلم "رحلة شوي، لفيلم ليصور لنا مغامرة سي رابحإىل أحداث ثانوية أخرى . إن هذه األحداث اليت رصدها سيناريو ا

حىت أفراد العائلة مل يتأثروا نفسيا من جراء هذه النقلة اليتاءت بسيطة خطية ال تعقيد فيها، و جبكة السيناريو كانت بسيطة أيضا، . من هنا ميكننا أن نقول بأن حفرضها عليهم سي رابح رب األسرة

فها املتمثل وقد انعكست على عنصر الصراع لتضعفه ، فشخصية البطل مل تبذل جهدا لتحقيق هد، بل اكتفت مبا يقرتحه عليه صهره (بوسعد)، عدا ذلك مل نلمس جهدا أو يف احلصول على وظيفة

ذا ميكننا ا لقول بأن الصراع كان ضعيفا و بسيطا معاناة نتيجة إخفاقها يف احلصول على الوظيفة ، للغاية.

الشخصيات : -ب

، فيمكننا أن نشري بداية إىل ميكن أن تكون هلا عالقة باهلوية أما بالرجوع إىل القضايا اليت طبيعة رسم الشخصيات يف هذا الفيلم.

قدمها للمتلقي يف غري منطقي، و عمد الكاتب إىل رسم الشخصيات البدوية بشكل قل مما هي عليه ، و كأنه بذلك يقدم لنا شخصيات كوميدية حبسب تعريف أرسطو مستوى أ

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

382

لشخصيات الكوميدية ، فها هو الشاب البدوي عيسى يبدو خائفا خوفا مبالغا فيه من شاب يف نفس سنه و بنيته اجلسمية ، استفزه و أراد أن يعتدي عليه. إن هذا السلوك الذي أوكله الكاتب

تبار أن البدوي يكون أكثر عنفا وأكثر خشونة من ابن و غري منطقي، باعيبد 1لشخصية عيسى:"... من هنا كانت صفة األنفة صفة حتوش أي بداوة، أو املدينة، ويف هذا يشري د.عشرايت بقوله

خلقا داال على نقص يف مدنية الفرد أو اجلماعة (...) فكثري مما تعتربه الذهنية البدوية امتهانا ال .2 برفع السيف ، قد تتكيف معه الذهنية املدنية و تتحمله و ال ترى فيه غضاضة"يقابل إال

إن هذا النص يربهن على أن طبيعة رسم شخصية عيسى ، ال توحي ببناء منطقي ناضج هنا ون أكثر خشونة، و للشخصية ، فاملنطق يؤكد على أن ردود فعل عيسى يف مثل هذه املواقف تك

أساسي بالنسبة ب واملتمثلة يف إكسسوار مهم و أساسية أسقطها الكات البد أن نشري إىل قضيةا العصا. للبدوي ، إ

ا الواقعية، فالكاتب قد حرم الشخصية من هذا اإلكسسوار الذي ال تنفصل عنه يف حيا قد يكون ذلك بغرض إضعاف الشخصية و لكنه مل يكن مربرا.و

البدوي قبل أن تتأقلم مع واقعها اجلديد، مل إن رسم شخصية عيسى و هي ال تزال بلباسها ينصف شخصية البدوي عامة و شخصية عيسى على وجه اخلصوص اليت كانت متتلك من احلكمة

، نصيحة تنم عن رؤيا عميقة، لوال تعنت األب رابح.3ما أهلها لتوجيه النصح ألبيها

ذا الشكل الذي الحظنا تصر على شخصية ه مل يقإن رسم الكاتب لشخصية البدوي فحىت التحية ، فها هي شخصية األب رابح أيضا يتجول يف املدينة كاألبله أو األمحق ،الشاب عيسى

د)36ثا:56س، املشهد ( محاج رحيم، - 1 260-259سليمان عشرايت، م س، ص: - 2 د).24:ثا40س، املشهد (م حاج رحيم، - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

383

ا عليه، و ا الناس، ال يردو كأن الكاتب يريد أن يقول بأن شخصية رابح بلباسها التقليدي اليت حيي يته البدوية بقدر ما هو رفض بذلك فهذا الرفض مل يكن رفضا لشخصجمتمع املدينة، و مرفوضة يف

للباس التقليدي.

عنصر أساسي إن الكاتب يتعامل مع هاتني الشخصيتني معاملة خاصة باعتبار أن اللباس. فشخصية رابح ظرة الدونية للشخصية بسبب لباسهابذلك جنده خيتصر هذه النيف بناء الشخصية، و

صميم الشخصيات ليجعل من البوابني كلهم الذي يتميز بنوع من احلكمة اليت تؤهله ألن ينفذ إىلشخصية واحدة بالرغم من تعددهم، يظهر ذلك يف حديثه مع سي قاسي النجار قائال :"كي نروح

هذيك، للشركة باه نطلب اخلدمة ، نلقى دائما واحد قدام الباب ، البس لبسة مانيش عارف كيفاه للي نروح ليها نلقاه والشركة ا مكانش يقويل: مكانش..مكانش ..، و منني نقول له على اخلدمة

اذيك ، فيجيبه سي قاسي قايتبع فيا..) ئال: (لكان بغيت ندبر عليك أنا، ما تلقاش اخلدمة .)الكسوة

ا احلطة هاذي. رابح : ياه (متفحصا نفسه).واش

!! قاسي : بالشاش و السروال عرب تلقى اخلدمة ؟

ه بقوله:يتواصل احلوار إىل أن ينصح

قاسي : نعطيك نصيحة نتاع واحد قدمي هنا يف املدينـة ، شفت هذاك

السانتريي، هذاك راه يقرأ يف اجلرنان (...) روح يكريلك،

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

384

.1سباط ، وينحي لك الشاش...) " كوستيم، قمجة ، كرافات ،

أخذ رابح بالنصيحة و غري لباسه، استطاع أن ينفذ إىل حيث يرغب وبالفعل بعد أن يدخل الشركة مهابا حمرتما، و يتوغل إىل غاية مكتب املدير بدون موعد حمدد مسبقا.و

ا، و إن بتغيري و ، عدا اللباس الذي تغري، مل تتغري يف سلوكهاإن الشخصية مل تتغري يف مضمو اللباس استطاعت الشخصية أن حتوز احرتام هؤالء البوابون ويسمحوا هلا بالدخول.

اره أهم عنصر حييل على ه شخصية البدوي و تعامله مع لباسها باعتبإن الكاتب يف رمست، إحلاق هذه النظرة الدونية للبدوي وسط املدينة ، يعد تعامال سلبيا مع هذه الشخصياهويتها، و

ذا الشكل السليبو نفور ، والذي ال يدعم إال مواقف رفض و تعامل الكاتب مع اللباس التقليدي بالتايل فهو رمز هلويتنا.الذي حييل على أصالتنا و تراثنا، و للباس،املتلقي من مثل هذا ا

فتعامل الكاتب مع اللباس التقليدي باعتباره أحد اخلطوط اهلامة يف رسم الشخصية واملعربة ا يف الكثري من األحيان ، جنده يتكرر أيضا مع شخصية الشاب البدوي عيسى ، الذي عن مضمو

ينة ليتجول، فإذا مبجموعة من الصبيان يلتفون حوله مستهزئني من لباسه خيرج فور وصوله إىل املداية املطاف "رشيد"، و ، لي2التقليدي هو شاب عصري يهابه أقرانه من سكان احلي، تدخل يف

. غري عبارته واضحة بأنه سيكون يف محاهكانت ميع بأن (عيسى سيكون صديقه)، و مصرحا أمام اجل .3، ألنه السبب يف هجوم األطفال عليهرة تغيري لباسهيد ينصح عيسى بضرو أن رش

رفض للشخصية جمتمع املدينة ملثل هذا الزي ، و إن حديث رشيد لعيسى دليل على رفض ا لن تتمكن من االندماج يف جمتمع املدينة ، و اليت ترتديه . وهي بلباسها التقليدي أو البدويبالتايل فإ

د).52ثا:10حاج رحيم، م س، املشهد( - 1 د)35ثا:36س ، املشهد( م حاج رحيم، - 2 د)37ثا:25م ن، املشهد ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

385

سيناريو للباس التقليدي، متثل نوعا من االنفصام يف الشخصية اليت هذه النظرة الدونية اليت يكرسها الكأنه رمز لتفاهة الشخصية ي و بذلك بدا اللباس التقليدرفض لباسها التقليدي رمز هويتا وأصالتنا، و ت

اليت ترتديه.

يف حالة ، من خالل هذا الفيلم، وخاصة رسم الكاتب لشخصية البدوي عموما إن طبيعة، يعد أمرا ال يدعم عناصر اهلوية اجلماعية، بقدر ما يزرع بذور الشك اليت قد س التقليديارتدائها للبا

هو ما قد يدفع إىل شكل من الذي رفض فيه الزي التقليدي، و تدفع إىل رفض تراثنا الثقايف بالشكل أشكال القطيعة مع ماضينا و تراثنا وهي عناصر هويتنا .

" :صورة المرأة في "رحلة شويطر - ج

جانب آخر من اجلوانب اليت قد ترتبط باهلوية ميكننا أن نعثر عليها يف سيناريو فيلم "رحلة شويطر"، إنه (شخصية املرأة)، فطبيعة رسم شخصية املرأة جندها قد حتولت عما كانت عليه يف أفالم

يحة) زوجة املوجة األول و حىت الثانية حبسب التقسيم الذي أوردناه سابقا. فها هي شخصية (ربهوية اجملتمع بالشكل الذي أشرنا إليه يف فيلم "جتار عد) تسلك سلوكا ال يتوافق أيضا و (بوس

األحالم"، فهنا أيضا تتكرس صورة شخصية املرأة العنيفة و اليت ال تستحي أو ختاف من مواجهة ا احلاد عليهم مثل هذا السلوك ، بالرغم من أننا أشرنا يف السابق إىل أن1الرجال، و تسليط لسا

بعيدا عن هوية اجملتمع و ال يقبله .

، من خالل الشجار 2إن هذا السلوك الذي سلكته شخصية ربيحة يتكرر يف مشهد آخربأسلوب 3الذي ينشب بينها و بني أحد الباعة املتجولني ، كما جندها تكلم زوجها يف مشهد آخر

د).35ثا:56املشهد(حاج رحيم، م س، - 1 د).49ثا:29م ن ،املشهد( - 2 سا)01د:18ثا:56م ن،املشهد( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

386

أقرب إىل هلجة التهديد.

، بل تكرارية هذا السلوك تثبت بأن الكاتب يكن سلوكا عارضا ملإن سلوك شخصية ربيحة بالتايل ميكننا أن نقول مرة أخرى أن الكاتب مل يعكس رسم هذه الشخصية وفق هذه اخلطوط، و قد

صورة املرأة حبسب ما متليه هويتهة اجملتمع، بل رسم هذه الشخصية بشكل ال يتوافق متاما مع هوية اجملتمع .

ثقافية :العناصر ال - د

أما بالرجوع إىل عنصر الدين الذي يعد ابرز أسس هويتنا، فإننا جند الكاتب قد غيب هذا العنصر متاما بالرغم من تعامله مع جمتمع بدوي و شخصيات بدوية، كان من املفرتض أن تكون أكثر

البدوي سلوكي أهل هو عنصر قد يشكل إحدى املفارقات يفتباطا بالدين من ساكنة املدن، و ار ، خاصة بعد انتقال رابح بعائلته للعيش مع صهره ( بوسعد) . لكن الكاتب مل يويل وسكان املدن

شخصية كل من رابح وصديقه قاسي النجار و جيمع فيه 1هذا اجلانب أمهية ما عدا مشهدا وحيداا متوجهة ألداء الصالة. ثالثة، هذه األخرية اليت تنسحب من اجللسة مدعية أ

كأن رابح و قاسي ال تعنيهما "اهللا يقبل"، دون أي رد فعل آخر، و ها قاسي بقوله :ليجيبالصالة . إن إضعاف الوازع الديين هلذه الشخصيات بشكل غري مربر، قد ال يكون داعما للهوية،

خاصة و أن الكاتب قدم يف مقابل هذا، مشاهد حلانات تغص بروادها.

أهم السمات الشخصية املغاربية لنا مسة تعد من بني يف مقابل هذا جند الكاتب قد رصدو

سا)01د:15ثا:43املشهد(حاج رحيم، م س ، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

387

على الذي جتتمع فيه عائلة السي رابح و عائلة بوسعد 1، ففي املشهدواجلزائرية على وجه اخلصوصك اجلميع ، فرابح ينفجر سعاال، ، تعرض لقطة للبطل يقبل البطلة ، لريتبمشاهدة فيلم تلفزيوين أجنيب

يها ، والكل يصرخ يف وجه زوجة رابح ختفي وجهها بني يدتحضر املاء، و ة تصرخ يف وجه كنزة لخري و اجلميع يبحث عن حجة لطرد األطفال من اجللسة.الكل، و

ء هذا اإلرباك الذي وقعت فيه الشخصيات لتعبري صريح عن مسة احلياإن هذا السلوك و فيه الكاتب مفارقة . إضافة إىل ذلك نعثر على مشهد آخر عرضاملتجذرة يف الشخصية اجلزائرية

، أصدقاء بنت املدير بية ميثلها جمموعة من الشبابثقافة غر فتني، ثقافة حملية ميثلها رابح و مابني ثقاالذي يشغل رابح . فنشهد االحتفال بعيد امليالد املقام يف منزل املدير، يبدو غريبا عن هوية اجملتمع،

باب ، مرورا بظاهرة االختالط الذي مل يألفه رابح.بدء بطبيعة املوسيقى اليت يرقص على أنغامها الش

إن هذا املشهد قد صدم شخصية رابح و جعله يقر بأنه فرط يف حق زوجته وابنته مما دفعه لسحبهما من احلفلة حفاظا على كرامتهما و اعتذاره هلما. كما ميكن القول أن هذه الغربة اليت شعر

سلوب الذي حيتفل من خالله ملنزل، تؤكد غربة هذا األا رابح وسط هذا احلفل حني دخوله ا بالتايل غربة هذه الثقافة اليت يرمز إليها. الشباب، و

اللغــة : -هـ

اليت كانت عربية عامية بسيطة، عنصر اللغة اليت وظفها الكاتب و كما ميكننا أن نشري إىلإن حاول دة عن أي إحيائية، و مباشرة بعيتتالءم و طبيعة الشخصيات املوظفة، فهي لغة بسيطة

هو يعلق على مشهد شعبية اليت جرت على لسان الشيخ و الكاتب توظيف الرتاث من األمثال ال، أو من خالل املثل الشعيب الذي 2حضور رابح بعائلته مازحا ، بقوله: "اللي جابوه كرعيه احلديد ليه"

سا)01د:21ثا:15شهد(م ن،امل - 1 د)32ثا:04املشهد(حاج رحيم، م س، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

388

". غري أن الكاتب كان 1صاحبورد على لسان السي قاسي بقوله : "كثري لصحاب يبقى بال بإمكانه أن يستنفذ قدرا أكرب من املوروث الشعيب، خاصة أن البيئة البدوية حاضرة بقوة يف الفيلم.

بأن الكاتب قد تعامل من خالل هذا السيناريو مع عناصر اهلوية اجلزائرية القول ذا ميكننا وقضية التكافل االجتماعي الذي برز ، قت الذي عرض فيه عناصر كاحلياءبدرجات متفاوتة، ففي الو

من خالل استقبال بوسعد لعائلة رابح و إيوائها ملا يزيد عن سنتني أو أكثر، فقد تعامل بشكل سليب لباسه.ترتبط باهلوية كسلوك املرأة ، وشخصية البدوي و مع عناصر أخرى

وعات ذات الطابع اليت تناولت املوضقة من األفالم اليت تطرقنا هلا و من خالل هذه البااالجتماعي سواء يف مرحلتها األوىل أو الثانية من مراحل تطور هذا اإلنتاج السينمائي، تؤكد أيضا

من خالل ذلك تؤكد أيضا على مدى تمعها وحماولة التعبري عنها، و مدى التزام هذه السينما بقضايا جمإجيايب على مستوى عموم املشاهد ارتباطها بقضايا اهلوية اجلماعية للمجتمع والتفاعل معها بشكل

ا السينما اجلزائرية يف مراحلها املعاجلة ، عدا بعض االستثناءات اليت تؤكد القاعدة العامة اليت التزمت هاته .

سا). 01د:16ثا:30م ن،املشهد( - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

389

الهوية التشكيل البصري للسيناريوهات وطبيعة تفاعلها مع المبحث الثاني :

تمهيـــــد : -

ليوم مسة حضارتنا، حبيث يتفق اجلميع على أننا نعيش عصر حضارة لعل الصورة تعد ا الصورة، اليت أصبحت الوسيط األكثر حضورا يف وسائل االتصال والتواصل، ذلك ما يشري إليه

لنا توصيف عصرنا الذي نعيش، فهو باتفاق اآلراء أننا نعيش سليمان العسكري بقوله :" إذا جازمل تأخذ الصورة . و 1لشكل الثقايف السائد لعصرنا هو ثقافة الصورة"عصر الصورة ، و من مث فإن ا

ا حاملة لشحنات تعبريية هامة ، فكما يشري حسن خليفة بقوله كل هذه األمهية يف عصرنا، إال لكو: " يف األدبيات اإلعالمية تتداول مقولة هي أشبه بقاعدة يف جماهلا، وهو باملناسبة مقولة صينية،

www.montadaalquran.comد. سليمان العسكري، عصر ثقافة الصورة - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

390

، وهو املعىن الذي قد نوضحه من خالل تصريح 1ة واحدة أفضل من ألف نص"مفادها:"صور تولد بوحها و لغتها، فهي حتمل ذكرى و حممد السموري بقوله: "فكل صورة معلقة يف اجلدار هلا

ا ال بسواها، فلكل لوحة عواملها ومن مظاهر ثقافة الصمت يف خطاب الصورة فن انطباعا خيتص اعر لطاملا محلت بالتعبري عنها مشكالم كثري و يدغدغ فيك أحاسيس و يغنيك عنالكاريكاتري، إنه

ا أو عاجل مشكالت كنت تبحث عن حل هلا"و . وبذلك نؤكد مرة أخرى على أن 2اإلفضاء الصورة ليست بريئة أبدا.

بالرجوع إىل جمال السينما، نقول أن الصورة املتحركة هي اللغة األكثر خصوصية للفيلم و ما املتحركة كأداة أساسية للسرد، و سب كريستيان ميتز، حبيث يرتكز اخلطاب الفيلمي على الصورةحب

مل تتمكن الصورة من التعبري عنه، يوكل إىل اللغات األخرى اليت توظفها السينما، كاحلوار اللفظي أو ئي، " فالسينما إذا عندما املوسيقي أو غريها. لتبقى الصورة املتحركة األداة األساسية يف السرد السينما

ا مل تكن تتواصل مع املتلقي، بل كانت تبعث إرسال يات عرب لغة بصرية كانت صامتة، ال يعين أ .3دالة"مرئية واضحة و

لذلك جند ما تقوله الصورة قد ال يكرره احلوار، فالصورة إما أن تؤسس السياق الذي يتلقى ا، أو تعرب عن معلومات أخرى سكت عنها احلوار اللفظي.فيه املشاهد اجلمل احلوارية لتحديد معانيه

ن عناصر اهلوية من هنا نسعى الستنطاق صور بعض األفالم لنستنتج طبيعة تفاعلها م يف هذا املسعى نركز على املقاطع أو املشاهد ذات الداللة القوية فيما يتعلقاجلزائرية سلبا وإجيابا، و

من الفيلم بعني االعتبار لعدم ارتباطها بعناصر اهلوية اجلزائرية سلبا ، دون أخذ األجزاء األخرىباهلوية

hacenkhelifa.maktoobblog.comحسن خليفة، ثقافة الصورة - 1 www.diwanalarab.comحممد السموري، خطاب الصورة و مجاليات اخلطاب البصري، - 2 www.arrafid.alد.فايزة خيلف، الصورة الفيلمية و إشكالية السرد السينمائي الوهم اجلميل و حقيقة الواقع - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

391

أو إجيابا .

إن اخلطاب البصري الفيلمي قد ال يتطابق متاما مع ما عربت عنه اجلمل احلوارية للممثلني، املكاين و الزماين الذي جيري ه الفضاء و فتصوير مشهد حواري يف فيلم يتطلب من املخرج أن يؤسس ل

يه ، باإلضافة إىل عناصر فنية أخرى ترتبط أساسا بالصورة ، كمبدأ التشكيل الذي يقصد به كيفية فو املكافئ ملا هشة العرض، أو ما يعرف بالكادر و توزيع العناصر اليت حيتويها املشهد على سطح شا

ميكن القول و كورات أو ممثلني أو مناظر طبيعية، "، سواء أكانت هذه العناصر دينعرب عنه بالصورةق إن الكادر أو الصورة و هي الوحدة األوىل يف اللقطة الفيلمية أو املكون األول لبنية اللغة أو النس

اإلقناع على ه ، فهي الوحدة األوىل للتأثري و والرموز من خالل ما حتتويالفيلمي، تعرب عن الدالالت .1املشاهد"

ماهلا من تأثري على املشاهد، ات الدالالت، و كادر أو الصورة ذمن هنا ميكننا القول أن الوتبعا هلذه الرسالة اليت تبثها ومدى ا ارتباط ما بعناصر اهلوية، قد تبوح هلذا املتلقي بأفكار قد يكون هل

، قد تتمكن من دفع املشاهد لبلورة مواقف و قناعات حمددة اجتاه عناصر قوة تأثريها ودرجة إقناعهاأكثر ارية، فخطاب الصورة أشد تأثريا و غظ النظر عما عربت عنه املقاطع احلو هويته سلبا أو إجيابا، ب

يف فصورة واحدة أفصل من ألف نص). و إقناعا من اخلطاب اللغوي، كما هو مشار إليه أعاله ( نفس السياق تؤكد فايزة خيلف ما للصورة الفيلمية من تأثري بقوهلا : " ميكن القول إن الصورة الفيلمية

ا هي وحدة سينمائية دالة، و هي زاوية مفصلية يف حتديد منحىن القصص أو السرد السينمائي، ألذا جتزم د.فايزة مبا ال 2جتعل من الفيلم بنية سردية واضحة املعامل، و نظام قصصي موحد املغزى" .

ا الصورة الفيلمية، واليت تس عى الكاتبة لتوضيحها يدع جماال للشك يف هذه القوة التعبريية اليت تتمتع أكثر من خالل رجوعها إىل "أندري بازان يف قوله :" ما جيب تأكيده أن السينما فن له إمكانيات

267، ص:2004رب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة،، دار الغيف السينما والتلفزيون يف عصر العوملة، الداللة نسمة البطريق - 1 .د.فايزة خيلف ،م س - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

392

ل وجداين بقدر ما هي لقاء فكري ليست بالضرورة متوفرة يف باقي الفنون األخرى... هي تواص .1تفاعل مجايل مع الصورة"و

ان بازان، إمنا يعرب عن مدى خطورة هذه الوسيلة إن هذا النص الذي أوردته الكاتبة على لسبحسب الكاتب جندها تالمس يف جمال التعبري، فالصورة تضرب على أكثر من حمور لتمرير رسالتها، ف

ا الوجدان، و قد يكون الوجدان أدق منطقة تلج من خالهلا إىل املتلقي، باإلضافة إىل ما مييز خطاما بني الصورة وفكر رزا بأنه لقاء فكري ، هذا اللقاء القائممن طابع عقلي، والذي عرب عنه با

شفرها بشكل رسالة محلها فنان مضمون معني و يف ذلك التعبري داللة على أن الصورة املتلقي، و ا، دون أن نسقط ما يلف هذه العناصر من متعة مجالية تدفع املتلقي منطقي ميكن املتلقي من قراء

للتفاعل معها.

هذه املعاين اليت أشار إليها بازان يف حديثه عن الصورة ، يؤكدها لنا جون أمينيس بقوله إن :"ولكن الصورة تأيت لنجده الكلمة (...) حترك عواطفنا، جتعلنا نفكر، تنفذ إىل حيث ال تستطيع

ا تدخل يف توافق مع اهتزازات الروح اليت تفلت منا عادة" .2الكلمة، إ

ا تنفذ إىل حيث ال تستطيع ذا ميكننا أن ن لخص خطورة الصورة يف جمال التعبري بقولنا أ الكلمة.

ذه القدرة اهلائلة على التعبري، ال ا الصورة، إن صناع السينما على وعي تام يت تتمتع فالمهم تبعا لذلك فال غرابة أن جند هؤالء يضمنون صور أدى تأثريها يف املتلقي، و مالفيلمية و

م ن. - 12 - jean onimus, reflexion sur l’art actuel, desclée de brouwer, Belgique,1964,P : 179.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

393

يف نفوس املتلقني هلذه ذلك إما للحصول على أكرب قدر من التأثرياألكثر خطورة، و الرسائل، أو لعدم متكنهم من التعبري الصريح و املباشر من خالل اللغة احلوارية عن هذه األفكار. الرسائل

فرتات ألمهية الصورة منذ سواء تعلق األمر بالسبب األول أو الثاين ، فإن صناع السينما قد تفطنوا و قائال : "منذ العقد األول سعوا الستغالل هذه الوسيلة ، فها هو إبراهيم العريس يصرح بعيدة و ، عرفت السينما كيف تتسرب إىل الذهنيات حبيث قد ال يكون من اخلطأ اعتبارها واحدة من لعمرها

يف أخرى ، وما العريضة يف فرتة أو العناصر األساسية اليت سامهت يف تشكيل طبيعة ثانية للجماهريا ، سوى مثلني ميكن إيرادمها بكل سهولة حول نظرة اهتمام لينني بالسينما، وما اهتمام هتلر

.1السياسيني إىل السينما كفن قابل ألن يستغل يف "التعبئة" "

إن هذا التأثري الذي متارسه السينما على املتلقي حياول العريس أن يعرب عنه، من خالل رب السينما إىل الذهنيات، و هذه اإلشارة هلا دالالت قوية حول العالقة اجلدلية إشارته إىل تس

خصوصا ما هلذا الفن من قدرة هائلة على إحداث أثار عميقة يف مة ما بني السينما و اجملتمع ، و القائا تساهم يف تشكيل طبيعة ثانية للجماهري العريض اجملتمع ، و ة). إن اليت عرب عنها العريس بقوله (أ

هذه العبارات األخرية تؤكد خطورة هذا الفن و قدراته اهلائلة اليت متكنه من إحداث التغيري يف اجملتمعات، هذه التغريات اليت ميكن أن نصفها بالتغريات العميقة يف اجملتمعات، بالشكل الذي

وظيفه لعبارة طبيعة تة ثانية، كما عرب عنها العريس، و تتحول فيه هذه اجملتمعات من طبيعة إىل طبيعهي إال داللة على عمق هذه التغريات اليت بإمكان السينما أن حتدثها يف اجملتمع، وهنا جنده ثانية ما

يدعم آراءه مبثلني لرجلني بصما التاريخ ببصمات خالدة ، ومتكنا من إحداث طفرات غري عادية يف ما لينني و هلرت، و حي اتني الشاة الشعوب إ خصيتني إال لإلشارة إىل عمق التغيري الذي ما التمثيل

داث مثل تلك أحدثته الشخصيتان يف جمتمعيهما، وبالتايل ما للسينما من قدرات هائلة يف إح

املؤسسة -وزارة الثقافةتمع يف الوطن العريب، منشورات إبراهيم العريس، الشاشة... املرآة قراءات يف العالقة بني السينما و اجمل - 1 29، ص:2008لعامة للسينما، دمشق، ا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

394

ذلك من خالل اهتمام هذان القائدان بالفن السينمائي مهة يف حتقيقها، و ، أو املساالتغريات يف اجملتمع على وجه اخلصوص من بني مجيع الفنون.

تمعات و إحداث هنا ميكننا أن نقول بان للسينما قدرات هائلة يف جمال التأثري يف اجملمن عن عزي ، ذلك ما يشري إليه نصري بوعلي نقالتغريات عميقة فيها، خاصة على املستوى الفكري

ة اثلة متشايرى عزي عبد الرمحان أن ثقافة الصورة التلفزيونية حتمل قيما متمعبد الرمحان بقوله :" و هذه الوسائل يفكر نفس التفكري يصبح إنسان - املعيارية حبيث كما يقــول تقوم على النمطية و

يسلك سلوكا شبه موحد. هذا الواقع قضى تدرجييا على التنوع الثقايف احلضاري الذي مييز مجاعات و .1تتنوع يف اللغة والعوائد والتجربة و اإلحساس املشرتك"

البصري إىل صلب موضوعنا يف هذا املبحث ، املتعلق بعالقة اخلطاب ذا ينقلنا عبد الرمحن، هذا اجملتمع، فهو يشري من خالل هذا النص إىل طبيعة تأثري السينما يفالسينمائي بعناصر اهلوية

التأثري الذي يتمظهر على مستوى السلوك العام، حبيث يسعى إىل إجياد شكل منطي من السلوك اجملتمع. يتلون به مجيع أفراد

الذي ينتج بالضرورة منطا من السلوك، يعد يف د اجملتمع على منط من التفكري، و إن إمجاع أفراهو ما يؤكده الكاتب من خالل اإلشارة إىل أن هذه ماعة ، و حد ذاته عملية إعادة تشكيل هوية اجل

قيقة أن هذا التنوع ما احلقضي تدرجييا على التنوع الثقايف واحلضاري الذي مييز اجلماعات، و اآلثار تعليه ميكننا أن نقول حبسب رأي عة بتنوع اجلماعات والثقافات، و هو إال تعبري عن اهلويات املتنو

بوعلي أن السينما قادرة على التأثري املباشر على عناصر هوية اجلماعة بالشكل الذي تعيد فيه صياغتها منتجة هوية جديدة للجماعة.

.30ص: ، 2005دار اهلدى، اجلزائر، سنة د. نصر بوعلي، التلفزيون الفضائي و أثره على الشباب يف اجلزائر، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

395

شري إليها أيضا عثمان إمساعيل بقوله: "... و يذكر العلماء أن من إن هذه الفكرة األخرية يسرة يف أفرادها آخذة يف الضمور ضمن تأثري التلفزيون على األسرة أن القيم التقليدية اليت تبثها األ

، فهي البقر ومسلسالت العنف واجلرميةاالضمحالل لتحل حملها قيم تلفزيونية مشتقة من أفالم رعاة و دائرة كبرية من اآلثار ذات احللقات املتصلة يصنعها التلفزيون كل يوم و يشبع أفراد األسرة بالتأكيد

.1ذه القيم"

ذا يؤكد عثمان إمساعيل عن التأثري املباشر الذي ميكن للسينما أن متارسه على هوية ب هوية هذه اجلماعة ثل لاجلماعة، من خالل تأثريها املباشر على منظومة القيم التقليدية ، و اليت مت

املوجه لبديلة اليت تبثه هذه األفالم، و واألفكار الكاتب إىل هذا السيل من القيم ، كما يشري اأو تلكا هذه األفالم و إىل اخللية األوىل للمجتمع، من هنا تكمن هذه اخلط اآلثار اليت ختلفها ورة اليت تتسم

يف اجملتمع واملرتبطة مباشرة بعناصر اهلوية.

يف توضيح و تفسري آللية هذا التأثري املمارس من طرف السينما على الفرد يوضحها لنا و إبراهيم العريس بقوله:"... هناك يف تلك املسافة املظلمة املضيئة يصنع الفيلم، أو بشكل أكثر

ذهنه، فاعلية تتتاىل يف عيين املتفرج ومن عينيه إىل حتديدا، ينتقل من مجاد يتتايل على الشاشة إىل عة ، طبيياة اليومية اليت ستكتسب بعد ذلك، وبالتأكيدمن ذهنه إىل حياته اليومية املقبلة ، تلك احلو

ته تلك التجربة لن ثانية، طبيعة تغيرييه دون ريب، و هل حنن حباجة ألن نقول هنا أن املتفرج بعد جما .2يكون أبدا هو ما كان عليه قبل خوض التجربة؟.."

الل هذا النص يشري إشارة واضحة إىل هذه املراحل و السبل اليت تسلكها إن العريس من خ

السوداين، الدار غيري القيم االجتماعية للمجتمعإهلام عبد الرمحن عثمان إمساعيل، دور برامج التلفزيون غري السودانية يف ت - 1 182، ص:2006العربية للنشر التوزيع، القاهرة،

51إبراهيم العريس، م س، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

396

من عينيه إىل على الشاشة إىل عيين املشاهد، و ، فمن ارتسام الصوراألفالمتلك الرسائل اليت تبثها ذهنه، و من ذهنه إىل حياته اليومية مباشرة.

ياة املشاهد، بالشكل الذي إن هذا املسار الذي تأخذه الرسالة منطلقة من الشاشة إىل حوصفه الكاتب، لدليل على مدى قوة التأثري الذي متارسه هذه األفالم على املشاهد، و املنعكس مباشرة على سلوكه اليومي ، هذا السلوك الذي يكتسب حتما حبسب الكاتب طبيعة ثانية خمتلفة

عما كان عليه.

والكيفية اليت تلك األفالم على املشاهد،رسه لقد حاول الكاتب أن يعرب عما ميكن أن متام قادرة جيري وفقها هذا التأثري، غري أننا قد ال ننخرط متاما يف ما يراه الكاتب، فليست كل األفال

الكاتب متاما يف ما ذهب إليه، وال نرى يف ذلك يف نفس الوقت نتفق مععلى مثل هذا التأثري، و نقصد باجليدة تلك األفالم املصنوعة بإحكام من الم اجليدة، و ا يتعلق ببعض األفهذا فيممبالغة منه، و االفكرية و كذا من الناحية التقنية بغظ النظو الناحية الفنية ، ر عن طبيعة مضامني هذه األفالم وغايا

، أو عاصفة وقف األساسي من الثقافة املرئيةأعتقد أن املجند سليمان العسكري يصرح بقوله:" لذلكجوهر ما نستقبله، حنتفظ بسالمة بصريتنا النقدية، وأن نتساءل عن املغزى من شكل و الصور، هو أن

و نستحضر بشكل دائم أسئلة هويتنا و أصداء تارخينا و واقع حاضرنا، لعلنا نرى الرسائل املضمرة يف .1كل سيل بصري جيرفنا فنستطيع التشبث ببعض من شواطئ النجاة"

رحلة األولى :الخطاب البصري ألفالم الم - أ

فيلم معركة الجزائر: -1

بطاقة فنية للفيلم:

سليمان العسكري ،م س. - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

397

"فيلم : معركة اجلزائر

إخراج : جيلو بونتيكورفو

الكاتب : إنيو موريكوين ، جيلو بونتيكورفو

إنتاج : أنطونيو موريكوين ، ياسف سعدي (شركة : قصبة فيلم)

1966سنة الصدور :

1د " 117مدة العرض :

اجلزائر ر من إخراج جيلو بونتيكورفو، الذي يصور ما حدث يف مدينة فيلم معركة اجلزائحىت 1954يف القصبة حتديدا من بطوالت حتت لواء جبهة التحرير الوطين، منذ اندالع ثورة نفسها و

استوحى األحداث من الوقائع اع اخليال احملض بقدر ما استند و يكن الفيلم من إبدملاالستقالل، و ك الفيلم املشار إليها يف جنرييض الشخصيات اليت عايشت األحداث و ل اشرتاك بعالتارخيية من خال

إبراهيم حجاج الذي صياغة السيناريو مثل سعد ياسف و كمسامهني يفكممثلني جسدوا أدوارا و جسد شخصية "علي البوانت".

فيلم معركة اجلزائر فيلم ذو طابع ملحمي حياول أن يصور ملحمة شعب بأكمله، لذا الصيات يسعى الفيلم لتقدمي بطل واحدا، بل على العكس من ذلك تطالعنا صور الفيلم على شخ

حىت الشخصيات ندرك حىت أمساء البعض منها، و ، يف الوقت الذي العديدة تقوم بأفعال البطوليةاليت مثلت أدوار قادة التنظيم الفدائي جندهم يستشهدون أو يلقى عليهم القبض، لتحقق اهلدف

وهي البطل احلقيقي يف الفيلم. شريةنهائي تلك األمواج البال

/ar.wikipedia.org/wiki فيلم معركة_اجلزائر_ - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

398

ة خبصوصيات اجملتمع يبدو من خالل متابعة الفيلم أن املخرج االيطايل كان على دراية كبري ، هذه السمات دراية بطبيعة الشخصية اجلزائرية كذلك علىاجلزائري ، وأساليب مقاومته لالستعمار، و

من بني تلك الذي خلد مقاومة الشعب اجلزائري، و ا العمل الضخم اليت حاول أن يستثمرها يف هذ، ميكننا أن نشري إىل املشهد الذي وجه فيه "علي هوية األمةو ات املرتبطة بالشخصية اجلزائرية السم

تسبب يف سقوطه.لكمة لشاب الفرنسي الذي عرقله و البوانت"

املتأصل يف السلوك العنيفإن الرد العنيف الذي صدر من علي البوانت حييلنا على الذي أشار إليه د.سليمان عشرايت بقوله :"الشك أننا ركزنا على اخلصيصة اليت الشخصية اجلزائرية و

ا من أهم ما ميي الرد األنفة والنزوع إىل االنتفاض و هي خصيصةز النفسية اجلماعية اجلزائرية، و قدرنا أالذي قطعته تارخيية هذا الشعب منذ القدم قد كرس يف االنفعايل، وبررنا ذلك بكون املسار الشاق

ا لسجايا تكاد روح التصدي والثأر للكرامة، و قوى نوازع احلمية و نفسية اجلزائري استجابة احلذر، و إتكون غريزية تشرتك فيها البشرية كافة، إال أن ما يضفي عليها متيزها بالنسبة للجزائريني ، الصبغة

ما ذلك إال كل مطاولة تستشعرهم املهانة، و اليت تالزم ردودهم حيال - الغريزية–ية واآللية الفور .1لتعميق الشرط االنفعايل الفطري فيهم ، إذ ظلوا بدوا أو شبه بدو عرب األمد"

، حييلنا على تلك السمات ي نفذ به "علي البوانت" رد فعلهذا يكون األسلوب الذاألنفة و اليت عرب عنها د.سليمان عشرايت، سواء ما تعلق خبصيصة املتأصلة يف الشخصية اجلزائرية ،

غريزية الرد االنفعايل ، أو كما عرب عنها الكاتب بالصبغة الفورية و اآللية الأو النزوع إىل االنتفاض و لي البوانت" ضد هي مسات كلها جيسدها الفعل احلركي الذي قام به "عاليت تالزم ردود الفعل، و

بذلك يكون اخلطاب البصري قد عرب من خالل هذا املشهد عن جممل تلكرنسي، و الشاب الفبذلك نلمس ما يطلق عليه باقتصاد الصورة، اليت عربت من خالل السمات اليت ذكرها د.عشرايت، و

.261سليمان عشرايت، م س، ص: - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

399

وية األمة. لقطات بسيطة عن جممل تلك السمات املرتبطة

كز عليه كثريا من خالل ضه الفيلم و شري إىل سلوك آخر عر باإلضافة إىل هذا ميكننا أن نرد فعل تلك املرأة من السكري، اليت تعرض 1مشهد يدوم ألكثر من نصف دقيقة ، بداية باللقطة

هلذا الرفض مرجعية دينية السلوك املتمثل يف شرب اخلمر، و الذي يعد داللة على رفضها لذلكو ، مبشهد آخر حيث تربر يدعم هذا املشهد ب البصري للفيلمباعتبار اخلمر حمرما دينيا. إن اخلطا

بسقوطه يستغلون املوقف فال يالحقون هذا السكري بالشتائم، و الحقة جملموعة من األط 2لقطة ليدحرجوه عرب السلم . يقع هذا على مرأى من اجلميع ، دون أن حيرك أحدا ساكنا.

، املتمثلة يف الثقافةإن توظيف األطفال ملالحقة السكري، داللة بصرية قوية على أن هذه ما سكوت املارة إال موافقة على ضرورة عقاب ثقافة نبذ اخلمر وشاربه، متغلغلة يف أعماق اجملتمع، و

هذا الرجل الذي اخرتق قوانني اجلماعة بشربه للخمر. من هنا يكون هذا التعبري البصري تعبريا عن تكرر أيضا مع "علي البوانت" الذي املشهد نفسه ية، وتعبريا عن خصوصية هويتها، و ثقافة األم

يصفع أحد مرتادي املقهى، حبجة أنه ضبط معه خمدرات.

إن مشاهد الفيلم يدرك بأن هذه األفعال كانت تعبريا عن احلس الوطين، ألن جبهة التحرير اخلمر، تمع و تنظيمه، ومن مث منعت تعاطي املخدرات و يف هذه اآلونة أخذت على عاتقها تأطري اجمل

ا نابعة من أن هذه القوانني تستند إىل مرجعية دينية متأصلة يف اجملتمع.لك ن هذه االستجابة لنداءا

اليت تعرض املدرسة القرآنية 3هو ما تؤكده الرتبية الدينية للناشئة اليت تربز من خالل اللقطةو ا املكتظة باألطفال، كمؤشرة على طبيعة الثقافة املنتشرة ذات املرجعية الدينية ، و اللقطة يف حد ذا

)د18ثا:05اللحظة ( ،1966ياسف سعدي (قصبة فيلم)، جيلو بونتيكورفو،فيلم معركة اجلزائر،إنتاج:أنطونيو موريكوين ، -1 د)18ثأ:31م ن ، اللحظة ( -2 .د)01ثا:44جيلو بونتيكورفو،م س ، اللحظة ( -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

400

تعبريا بصريا عن طبيعة ثقافة غالبية أبناء الشعب و اليت تعرب عن هويتهم اإلسالمية .

ات الشخصية اجلزائرية وهويتها، كما ميكننا أن نشري إىل عنصر أخر حييل على إحدى مسن من طرف عساكر املتمثلة يف مسة التضامن، ذلك ما نلمسه يف اللقطة اليت تعرض فدائيني مطارديو

م و ختبؤهم داخل االستعمار، يدخال بيتا فيطلبا املساعدة من أهله، لتبادر صاحبة البيت بالرتحيب البئر إىل غاية زوال اخلطر، و ابتعاد العساكر .

بذلك جند أن فيلم معركة اجلزائر قد عرب بصريا عن جمموعة من السمات والسلوكات اليت ، باإلضافة لذلك ميكننا أن نشري إىل عنصر آخر، يبدو على أمهية كبرية حتيل على هوية اجملتمع

. ضا، واملتعلق باللباس التقليدي و"احلايك" حتديدابالنسبة ملوضوع اهلوية و املقاومة أي

الذي وظفه املخرج يف به العديد من اللقطات، و إن هذا اللباس التقليدي الذي تزينتلهم ، يعد أداة مهمة من أدوات النضال والتعبري عن اهلوية، حبيث جند عملية تنكر الفدائيني يف تنق

لتايل : "إن "احلايك" عبد الغين مغريب يوضح أمهية هذا اللباس التقليدي و رمزيته من خالل النص ا، يعد رمزا بامتياز للتقاليد(خاصة يف جمتمع املدينة)، ترتديه املرأة فقط جملرد االحتجاب يف حد ذاته

ني املعمرين، هذا األخري الذي كان حيبذ لو اختفى هذا اللباس إىل األبد، من حيث أنه حيفظ عن أع أحد منابع املقاومة الثقافية (و بالتايل السياسة)

مبا أكثر فأكثر، إضعافه أكثر (...) و إن انتزاع "احلايك": كان يعين تركيع اجملتمع األصلي ك وفق طبيعة الصراع، فال ميكن أن نتفاجأ من كون العديد أن كل شيء كان ينظر إليه و يشكل آنذا

الالئي بيا، متعلمات يف مدارس فرنسية، و من الفتيات اجلزائريات املنتمني إىل عائالت ميسورة نساجتذبن إىل لباس "احلايك". هذا األخري الذي حتول إىل وسيلة ثقافية، فقد تكيف وفق خصوصية

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

401

.1خدم لرسم خط أمحر للتمايز ما بني ثقافتني"اللحظة (...) إن احلايك است

، ل يف "احلايك" عن تقاليد اجملتمعذا يكون الفيلم قد عرب بصريا من خالل اللباس املتمثمن خالل ذلك املرأة وعدم إبراز مفاتنها، و سواء ما تعلق منها بطبيعة اجملتمع الذي حيرص على تسرت

هو اللباس الذي حتول اجملتمع ذو الطبيعة احملافظة، و ة يكون "احلايك" قد عرب عن خصوصية ثقافقافتها يف حبسب الكاتب إىل سالح هويايت تلبسه الفتاة املتعلمة عن وعي بأنه ميثل خصوصيتها وث

إىل رمز يفصل ما بني ثقافتني، وحاجز ضد االندماج بذلك حتول هذا اللباسوجه ثقافة املستعمر، و يساهم يف حفظ منابع املقاومة ، الذي مكنه حبسب الكاتب من أن الذوبان يف اآلخر، الشيء و جيعل املستعمر يعي جيدا خطورة رمزية "احلايك" بالشكل الذي متىن فيه لو خيتفي هذا اللباس إىل و

األبد .

فيلم األفيون و العصا: -2

يعرض العصا ملخرجه أمحد راشدي عن رواية للكاتب مولود معمري، حيث فيلم األفيون و الفيلم قصة مقاومة سكان قرية "تالة" للمستعمر الفرنسي، هذه املقاومة اليت وظف فيها أفراد الشعب

ن بصدد موضوع اهلوية ، حناول أن نرصد بعض حنواملعنوية، وهنا و خمتلف األسلحة املتاحة، املادية يف هذا اإلطار ميكننا ألمة، و رتبطة باهلوية اجلماعية لامليت أفصحت عنها صور هذا الفيلم و العناصر ال

عميل إلخراج اليت تربز سكان القرية احملتجزين يف سجنهم، حيث يأيت الطيب ال 2أن نشري إىل اللقطةللخروج يتحتم عليها أن تصعد بعض درجات السلم ، الذي أوىل عتباته "فروجة" من السجن، و

ابة أسفل السلم ، ليكون ظهره مبثمكسرة، ليعبث الطيب إلذالل القوم بوضع أحد الشيوخ منبطحا ا يأمر فروجة بصعود السلم للخروج ، فتقف برهة أمام وضع الشيخعتبة بديلة لتلك املكسرة، و وكأ

1 - Abdelghani Megharbi, Op.Cit,P :147-148

س)01د:25ثا:51اللحظة (م س، د راشدي ، أمح - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

402

، مث ترفع رجلها لتضعه فوق العتبة املوالية متخطية الشيخ ، لكن الطيب ينزهلا تفطنت ملا يريده الطيب يخ للمرور إىل أعلى السلم.بقوة و جيربها على وضع رجلها فوق ظهر الش

إن هذا الفعل احلركي الذي وظفه املخرج يف هذه اللقطة ، لتعبري بصري بليغ عن مقدار املتمثل وأعراف اجلماعة، و عن تقاليداحلقد الذي يكنه الطيب للقوم، و يف نفس الوقت يعترب تعبريا

كذا تردد فروجة يف وضع ة الشيخ ، و اليت بدت من خالل نظر يف القيمة الرمزية لقساواة هذا الفعل ، رجلها فوق ظهر الشيخ، إىل أن يدفعها الطيب دفعا لذلك.

ثلة يف وجوب احرتام املرأة املتم بصريا عن إحدى قيم اجملتمع و بذلك يكون املشهد قد عرب ا مسة احلياء. لقد استحيت الشابة من "فعل"للرجل، و كذلك مسة أخرى نابعة من نفس السياق ، إ

وضع رجلها على ظهر الشيخ، و لعل هذا التعبري البصري الذي وظفه املخرج يف هذا املشهد حييلنا لعل أهم كدها بن عبد اهللا حممد بقوله:" و على مسة بارزة من مسات الشخصية اجلزائرية ، و اليت أ

صري للفيلم قد ذا يكون اخلطاب الب 1السمات اليت يربرها هذا النموذج هي مسة اإلحساس باحلياء"من مث يكون قد تفاعل إجيابا مع اهلوية و خالقية للمجتمع اجلزائري بصدق، عكس إحدى القيم األ

اجلماعية لألمة، من خالل السياق الذي أسسه هلذه القيمة األخالقية إلبرازها كقيمة إجيابية.

الذي يقبض فيه كما ميكننا أن نشري إىل مشهد آخر أكثر إثارة ، إنه مشهد ما قبل النهايةاليت يأمره فيها الضابط الفرنسي 2حتديدا اللقطةعلى اجملاهد (علي) ويراد إذالله قبل القضاء عليه، و

بتناول علبة السجائر من على األرض، يف حماولة منه لدفعه إىل وضع االحنناء أو الركوع لرفع العلبة ، لي) قبل القضاء عليه، سعيا منه لكسر هي حماولة من طرف الضابط الفرنسي إلذالل اجملاهد (عو

كربياء هذا اجملاهد و من خالله كسر كربياء سكان القرية املقاومني، الذين مجعهم ليشهدوا رضوخ

30ص:بن عبد اهللا حممد، م س، - 1 س)01د:54ثا:54اللحظة (م س، د راشدي ، أمح - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

403

بطلهم و خضوعه ملنطق القوة و اجلربوت ، لكن البطل يفضل املوت واقفا بدل حياة اخلنوع.

ا عن سلوكه املستمد من سلوك ، مل يكن غريبا املنطق الذي تصرف مبوجبه البطلإن هذهويتهم ، فهنا جند أن البطل قد برزت يف سلوكه مسات ، والذي متليه عليهم شخصيتهم و اجلماعة

هي مسة صرف ميكننا أن نصفه بالشجاعة، و متعددة هلا أصول عميقة يف هوية اجملتمع، فهذا التمة ابن خلدون بقوله :"...حريب متأصلة يف الشخصية الرببرية منذ القدم بالشكل الذي الحظه العال

يف خضم حديثه عن سلوك الرببر. 1شجاع..."

رة كذلك يف الشخصية اجلزائرية، كما تربز من خالل هذا التصرف مسة أخرى متجدهي السمة اليت أشار إليها د.سليمان عشرايت يف حديثه عن واملتمثلة يف روح التأيب والالتراجع، و

ب و عدم االستسالم هلم، ة من خالل سلوك الكاهنة يف حماربتها للعر مسات الشخصية اجلزائرية عامهلا أعراف يف الذي حتم على الكاهنة أن تصمد وترتقب مصريها ، بصفتها ملكة و "... األمر بقوله :

يف نفس السياق ميكن أن نقول أن بطلنا برزت يف سلوكه هذه السمات اليت . و 2التأيب و الال تراجع" افا يف اجملتمع.تكاد تكون أعر

متأصلة يف كما ميكننا أن نرجع هذا السلوك الذي سلكه البطل إىل قيمة أخالقية أخرى املتمثلة يف قيمة الشرف بالشكل الذي يؤكده العماري الطيب بقوله :"داخل الشخصية اجلزائرية، و

باملقارنة إىل القيم املادية ا واألخالقية مكانا هام ة عموما) تأخذ القيم الروحيةاألسرة اجلزائرية (و العربي .3يف نظام قيم األسرة اجلزائرية يبدو أن كل شيء ينصب حول "الشرف"..."، و

بذلك جند علي يدفعه شرفه كرجل وسط اجملتمع اجلزائري، و شرفه كمجاهد حيارب هذا و

س)01د:54ثا:54م ن، اللحظة ( - 1 77ص:سليمان عشرايت، م س، - 2 432العماري الطيب، م س، ص: -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

404

العدو الغاشم ، يفرضان عليه مثل ذلك السلوك.

ري هلذا املشهد قد عرب عن شبكة معقدة من مما سبق ميكننا القول أن اخلطاب البصهذا السلوك الذي السمات اليت حتيل على اهلوية اجلماعية ، هذه السمات اليت متظهرت يف شكل

يشذ عن التيمة من مث ميكننا القول مرة أخرى بأن اخلطاب البصري هلذا املشهد ملسلكه البطل، و داعما تلك الروح املقاومة ، و معربا عن بعض مالمح ، بل كان يسري يف نفس االجتاهاألساسية للفيلم

ا يف مقاومة و مواجهة املستعمر . اهلوية اجلماعية لألمة اليت ركنت إليها، لتستمد قو

فيلم : دورية نحو الشرق - 3

فيلم: دورية حنو الشرق

سيناريو: عمار العسكري

إخراج: عمار العسكري

و الصناعة السينمائيةإنتاج: الديوان القومي للتجارة

1971سنة:

ا جمم وعة من عناصر جيش التحرير يتلخص فيلم " دورية حنو الشرق" يف مهمة تكلف ، بنقل أسري من اجلند الفرنسي إىل خارج احلدود اجلزائرية باجتاه تونس، حيث يسلم األسري الوطين

لة تعرتض اجملموعة بعض العوائق الرحساملا جملموعة من أفراد جيش التحرير الوطين، و يف إطار هذه املتمثلة أساسا يف نشاط جيش االستعمار عرب كامل الرتاب الوطين ، الشيء الذي يفرض على و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

405

، أو لضرورة دعم بعض إما للثأر لألهايل الذين هامجهم اجملموعة االشتباك معه ألسباب متعددة إلمتام مهمتها.الوحدات يف اشتباكها معه، أو لفتح ممر تسلكه اجملموعة

ذا الشكل الذي يعرب وعزمية أفراد من خالله عن مدى قوة إرادة تسري أحداث الفيلم ف الشعب حول أفراد جيش التحرير جيش التحرير الوطين و استماتتهم يف املقاومة ، و مدى التفا

ء الذي نفذه شاب تسليم األسري، الشية قضوا مجيعا قبل إمتام املهمة و ، غري أن أفراد اجملموعودعمه مدين التحق باجملموعة هروبا من بطش العدو .

، دون أن ميجد بطال فردا، بل ات اجلسامذا أراد عمار العسكري أن خيلد هذه التضحيعلى العكس من ذلك جاء العمل يف طابع ملحمي ميجد بطولة شعب بأكمله ممثال يف ذلك الشاب

بة و أجنزها على أكمل وجه .املدين الذي تسلم املهمة يف ظروف صع

، ماعية لألمةإن املخرج عمار العسكري يوظف العديد من العناصر ذات العالقة باهلوية اجليف حماولة منه لتكثيف مظاهر الصراع القائم ما بني الطرفني، ويف إطار ذلك ميكننا أن نرصد بعض

ميكن أن نلخصها من خالل العناصر اليت وظفها على مستوى اخلطاب البصري للفيلم ، واليت اإلشارة إىل بعض املشاهد .

ا عن مدى متسك األهايل فاملشهد األول من الفيلم قد عرب من خالله املخرج بصريكما نعلم أن األرض تعد عنصرا مهما يف تشكيل هوية اجلماعية، بذلك جنده يعرب بشكل باألرض، و

ويته من خالل اللقطات اليت رصد فيها ذلك الفالح برفقة ابنه 1مباشر عن متسك هذا الشعب ، عن تعرض املنطقة هلجمات العدو حيرثان األرض. فبالرغم من حالة احلرب والالستقرار نتيجة

، إال أن املخرج عدو، جالبة الدمار واملوت معهاطريق تلك الطلعات اجلوية اليت تنفذها طائرات ال

د)02ثا:23، اللحظة (1971ناعة السينمائية، الصالشرق، الديوان القومي للتجارة و عمار العسكري، فيلم: دورية حنو - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

406

، ذلك ما يؤكده أكثر من خالل موسم الزرعذلك الشيخ مصمما على حرث أرضه وحتضري أظهرهو مستلقيا حتت شيخ مع ابنه من تلك القنابل، و اليت تظهر الوضعية اليت خيتبئ من خالهلا ال 1اللقطة

، لداللة بصرية على إن بقاء الشيخ يف حقله، متمسكا مبحراثه وثوره احملراث ماسكا احلبل بقوة . مدى متسكه بأرضه .

بصريا أيضا على عنصر آخر من عناصر اهلوية اجلماعية لألمة، من خالل كما حييلنا املخرج بعض اللقطات اليت حتيل على البيئة الثقافية اليت ينشا فيها األطفال، باعتبار الثقافة أيضا أساس اهلوية

يذ يدرسون. لكن طبيعة التشكيل يعرض علينا املخرج جمموعة تالم 2اجلماعية. ففي اللقطة األوىلالدرس املتمثلة يف األلواح حتلينا بصريا إىل ذلك التعليم التقليدي القائم على حفظ القرآن أدواتو

تعرض كتاب القرآن الكرمي يف يد 3أوال، كأساس ألي علوم أخرى ، و هو ما تفصح عنه لقطة موالية املدرس (الطالب) .

يت حتيل مباشرة على هوية ذا يعرب املخرج بصريا عن ثقافة النشء ذات الصبغة الدينية و ال األمة.

يواصل املخرج تعبريه عن هذه اخللفية الدينية اليت متثل إحدى األسس القوية للهوية من و تعرض شابا من أفراد جيش التحرير املنتشرين يف املكان، بزيه العسكري يقوم بأداء 4خالل لقطة

الصالة، واضعا سالحه أمام موضع سجوده.

لتحرير الوطين بثقافته بريا بصريا عن مدى متسك هذا الشاب ممثل جيش اتعد هذه اللقطة تع

د)12ثا:20م ن ، اللحظة ( - 1 د)02ثا:47م ن ، اللحظة ( - 2 د)06ثا:50، اللحظة (نم - 3 د)07ثا:01عمار العسكري، م س ، اللحظة ( -4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

407

حه أمامه بالشكل الذي عقيدته من خالل أدائه إلحدى شعائر دينه ، كما أن وضع سالالدينية و بصريا عن مدى تقديس الشاب كأنه يسجد هلذه القطعة من السالح، يكون تعبريا يبدو فيه و مفهوم اجلهاد الذي يعد مفهوما جوهريا يف عقيدته.من خالله تقديس لسالحه، و

اليت كنا قد أشرنا إليها ات اليت حتيل على هوية األمة، و كما يعرب املخرج عن بعض السلوكاللتان توحيان بطبيعة نفوس الشخصيات اليت ، أو الكرم و يف السابق ، سواء ما تعلق بسمة التضامن

الذي يوقظ 1، ففي املشهدميدة اليت توارثتها جيل عن جيلحليعرضها الفيلم و املتمسكة باخلصال افيه احلارس اجملاهدين، معلنا هلم قدوم عساكر املستعمر، ليقرروا االنسحاب قبل أن يفرض عليهم االشتباك معه، ففي هذه األثناء تقف ربة البيت بالباب حاملة ما حضرت من خبز، لتعطي كل من

ا خارجا قطعة خبز، ليكو اجلماعة، فينظر إليها يف تردد، ن دور األسري الفرنسي الذي يصحب مير كأنه خيشى أن ميد يده فتمنعه املرأة من اخلبز كونه عدو، لكن املرأة تعامله نفس املعاملة اليت عاملت و

ا هذه املرأ ة، ا بقية أفراد اجلماعة، وبذلك يعرب املخرج بصريا عن تلك القيم الروحية اليت تشبعت قرىدون من حيث رمحة املسكني، و هاته القيم اليت أشرنا إليها يف السابق على لسان العالمة ابن خل

مشاركة السجني اجلماعة 2هو السلوك الذي يعرب عنه بصريا مشهدالضيق واإلعانة على النوائب، و .طعامهم

و الشرق" على ذا يكون املخرج عمار العسكري قد عرب بصريا من خالل فيلمه "دورية حنجمموعة من السمات املتجذرة يف الشخصية اجلزائرية واملعربة عن هوية األمة، سواء من خالل تلك

، اليت أظهر أو ما ارتبط باخللفية الثقافية والدينية، ابية اليت أحلقها بشخصيات الفيلمالسلوكات االجيا، و شخص أن عمار العسكري من خالل عليه ميكننا أن نقول يات فيلمه متشبعني و متمسكني

د)54ثا:41م ن ، اللحظة ( -1 س)01د:19ثا:12م ن، اللحظة ( -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

408

، يكون قد تفاعل إجيابيا مع عناصر اهلوية اجلماعية لألمة يف وظفه يف فيلمه اخلطاب البصري الذي "دورية حنو الشرق".

ة اليت من خالل هذه النماذج اليت طرقناها نلمس مدى التزام هذه األفالم بالسمات العامخاصة ما حل تطور السينما اجلزائرية، و رحلة األوىل من مرااملتعلقة بإنتاج املو أشرنا إليها يف السابق،

، من خالل التزامها بدعم عناصر تناولت موضوعات ثورة التحرير، وتاريخ األمة تعلق باألفالم اليتا على عاتقها يف هذه املرحلة من استقالل البالد . هوية اجملتمع ، و هي املهمة اليت أخذ

ني لتاريخ السينما اجلزائرية ، آراء بعض املهتمني و الدراسكنا قد الحظنا ذلك من خالل ذا اخلط و كنا قد الحظنا ذلك من خالل دراستنا ملوضوعات هذه األفالم و ها حنن نلمس التزامها

على مستوى التعبري البصري هلذه األفالم .

الخطاب البصري ألفالم المرحلة الثانية : -ب

مر:فيلم "وقائع سنين الج -

تعرضنا يف الفصل الثاين لفيلم "وقائع سنني اجلمر" من خالل معاجلة املوضوعات لذا ننتقل

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

409

مباشرة لتحليل بعض املقاطع من الفيلم بصريا، دون الرجوع إىل ملخص الفيلم و إحاالته حىت ال نسقط يف التكرار.

قبيلتني على ضفة يفتتح فيلم "وقائع سنني اجلمر" بلقطة أوىل تعرض صراعا دمويا ما بني واد، مما يوحي بصريا على أن الصراع القائم يرتبط مبصدر املاء، ذلك ما تؤكده أحداث ومشاهد الفيلم التالية . ليختم املخرج هذا الصراع بلقطة قريبة لرجل يسقط بني أحضان أخيه جثة هامدة ،

ه وهو يتوعد ، ذلك ما تعلن خمضبة بالدماء ، داللة على إصابته القاتلة، لتعرض اللقطة شخصية أخي حركات يديه.عنه اللقطة من خالل مالمح وجهه و

اليت مفادها مغادرة املكان، اهلجرة الية عن طبيعة رد فعل الشخصية و لتعلمنا اللقطة املو لالرمتاء يف أحضان املستعمر.

صية هذه الشخ هذه اللقطة هلا دالالت قوية مبوضوع اهلوية ، ذلك راجع باألساس لتنكر. فنمط حياة أفراد القبيلة يف مثل تلك البيئة اليت تمع الصغري املتمثل يف القبيلةرفضها لتقاليد اجملو

شيخ الذي تكون كلمته ، هذا الشيخ القبيلة يف مثل هذه املواقف يعرضها الفيلم تقتضي أن يتدخلاألول تعرض هذه ، إال أن لقطات هذا املشهد هي الفيصل وحكمه حمرتما مطاعا من طرف اجلميع

نوها عن عزمها شيوخ القبيلة الذين جتمعوا ليثنفذ وعيدها متحدية مجيع الرجال و الشخصية وهي ت ، باإلضافة إىلبدأ الذي يلتزم به أفراد القبيلة، وتصر الشخصية على التنكر هلذا املوقرارها باهلجرة

يف ذلك رفض صريح رض، و عمامتها ورمتها على األقد نزعت ذلك جند الصورة تعرض الشخصية و لتقاليد وقيم القبيلة.

إن هذا املشهد األول من فيلم "وقائع سنني اجلمر" قدم لنا خطابا بصريا يوحي بأن الشخصية تقف موقفا تصادميا مع قيم القبيلة ، فمهما كانت الظروف واألسباب اليت تعلن عنها

ج قدم لنا هذه الشخصية بصريا وهي تتنكر خر قصة الفيلم من خالل حوارات املمثلني ، إال أن امل

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

410

كومة عرفها من خالل رميها للعمامة اليت تعترب رمزا لنمط من احلياة البدوية ، احململاضيها وتقاليدها و األعراف.جبملة من القيم والتقاليد و

بذلك ميكننا أن نقول بأن هذا املشهد األول من الفيلم عرب بصريا عن شخصية تنسلخ من و ها، متجهة حنو اآلخر.هويت

إن لقطات هذا املشهد األول حتاول أن تربط ما بني تلك الصراعات اليت عرضها املشهد يف من خالل خطابه البصري الذي كأن باملخرجاليد اليت حتكم حياة القبيلة، و بدايته و ما بني التق

ملياه ، ليعلن بصريا من ، يربئ املستعمر من كونه املتسبب األساسي يف حرمان األهايل من اوظفه خالل رد فعل الشخصية، أن سبب االقتتال هو تقاليد القبيلة اليت تتنصل منها الشخصية يف النهاية.

بناءا على ذلك ميكننا القول هنا بأن املخرج من خالل هذا املشهد االفتتاحي يقف موقفا و من وبالتايل فهو موقف سليب، بشكل خاص واجملتمع بشكل عامأعراف القبيلة يا من تقاليد و سلب

، أن مشهد اخلروج عن اجلماعة، وعدم الرضوخ حلكمها، خاصة و عناصر مهمة تشكل هوية األمةكأن اقبة، و كما جرت العادة عليه، يكرره املخرج يف هذه البداية يف هذه البداية يف ثالثة مشاهد متع

عة و التحرر من التقاليد.املخرج من خالل خطابه البصري يدعو للخروج عن نظام اجلما

ن بصدده يعرض أمامنا بطل القصة الذي حناملوايل و 1كما جند أن املخرج يف املشهد . لقد عرب عن هذه الطبيعة يت ترعى قطيع الغنم يف أرض قاحلة، الوهو يسري باجتاه ابنته الصغرية

على أرض قد تشققت و هو يسري ، من خالل لقطة ألقدام البطل صريا يف اللقطة األوىل من املشهدب

د)05ثا:21اللحظة (م س، األخضر محينا، حممد - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

411

تلون يرصد فيها فضاء فسيح 1اجلفاف الذي يصيب املنطقة، و تؤكدها لقطة عامةالنعدام املياه، و كأنه صحراء الشاسعة يقف البطل يف مركزها يالحظ حالة قطيعه. وما بلون مييل إىل االصفرار، و

انسحاقها داللة على ضعف الشخصية و ، إال توظيف املخرج هلذه اللقطة العامة بزاوية ضد هابطة يف هذا الفضاء الفسيح ، كما تعرب عن عجز الشخصية وقلة حيلتها اجتاه ما تواجهه من مشاكل.

ا متوت عطشا، و ، حالة الشياه املنبطحة على األرض تعرض صور هذا املشهد بداية كأا عليه للحظات ، لتظهلترتكز الصورة على البنت اجلالسة و هي ترفع رأسها باجتاه أبي ر ها مركزة نظراهكذا يتواىل حوار العيون بينهما يف هذا لقطة اجملال املضاد وجه األب وهو يبادهلا نفس النظرات، و

املشهد الصامت.

إن هذه اللقطات اليت قدمها املخرج تعرب بصريا على أن البنت تشكو حاهلا وحال قطيعها قد انطلق املوالية و 2لبحث عن حل هلذه املشكلة، فتعرضه اللقطةألبيها ، الذي يقرر أن يذهب ل

موالية و هو يهرول باجتاه مجع من األهايل يسريون يف موكب احتفايل 3مسرعا باجتاه معني ، مث لقطة وغريها. حاملني الرايات والدفوف

ضريح أحد تعلمنا اللقطات املوالية بأن املوكب الذي التحق به البطل (أمحد) يتجه حنو ذلك يف إطار ل اهللا يرفع عنهم هذا اجلفاف، و ، لع ياء الصاحلني ، لتقدمي األضاحي والتربك بهاألول

م و مدى تقديسهم لألولياء الصاحلني ، اليت تعترب إحدى مسات تقاليد اجملتمع وما جرت عليه عادا الذهنية املغاربية كما هو موضح يف القسم النظري.

ا ترتبط بالعق قدم لنا املخرج هذا يدة الدينية الشكل من الطقوس املنتشرة يف اجملتمع على أ

د)06ثا:17م ن، اللحظة ( - 1 د)06ثا:32م ن ، اللحظة ( - 2 د)06ثا:42م ن، اللحظة ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

412

لكن اللقطات تعرض علينا هذا الطقس على أنه جزء من الدين إن مل يكنبشكل من األشكال، و طات أخرى ليعدل من خالهلا الوضع، هذا التوظيف الفلكلوري للدين مل يقدم املخرج لقالدين كله، و

ذا الطقس كتقدم ممارساو . لقد بديل عن الشعائر الدينية الصحيحةت دينية صحيحة، بل اكتفى جسم إنساين، أوىل تظهر صخرة كبرية تأخذ شكل 1عرب املخرج بصريا عن هذا الطقس بداية بلقطة

كأنه صنم ، لتهبط الكامريا قليال راصدة بعض أفراد القبيلة قابعني عند قدميه، و برأسه وكتفيه وجسمه، يف الوقت الذي يواصل فيه بقية أفراد القبيلة إمتام املراسيم االحتفالية ه هؤالء لعبادته والتقرب منهيزور

للطقس، ذلك ما يوحي به اخلطاب البصري هلذا املشهد.

للبطل يقف أمام ابنته حيث تركها مع قطيع 2ينتهي الطقس ليعرض علينا املخرج لقطةللبطل، تليها ا. ليعرب املخرج عن ذلك من خالل لقطة كبرية الغنم، يتأمل الوضع الذي ازداد سوء

ا تبكي بلقطة عامة ترصد خيتم متوسطة جملموعة من الشياه امليتة، و ، مث لقطة لقطة كبرية للبنت وكأابنته واقفا ناك، باإلضافة إىل صورة البطل و هالفضاء الفسيح واملاشية امليتة واملتناثرة أجسادها هنا و

د.يتأمل املشه

، على أن النجدة اليت هرول يلم يعرب من خالله املخرج بصرياإن هذا املقطع من الف على الالجدوي من معتقداته ال فائدة من ورائها، وبذلك يؤكد لناطل لطلبها بالرجوع إىل تقاليده و الب

تشكل جزءا من هوية التقاليد اليت الواقع يثبت أن هذه املعتقدات و ، غري أنهذه التقاليد واملعتقداتالشخصية الوطنية من اهلجمة اليت شنها املستعمر احلفاظ على اهلوية اجلزائرية و اجملتمع سامهت يف

لذلك كان على املخرج أن يوازن يف طرحه حىت ال نفهم ة القضاء على الشخصية الوطنية، و مستهدفم بعض التقاليد السلبية ، فكان ، فحىت وإن هاجنه هجوم شامل على مجيع تقاليد وأعراف اجملتمعبأ

أنه يقدم لنا بيئة بدوية متشبعة جبميع أشكال قاليد أخرى أكثر إجيابية، خاصة و عليه أن يقدم ت

د)08ثا:26اللحظة (م س، األخضر محينا، حممد -1 د)13ثا:03م ن ، اللحظة ( -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

413

التقاليد املنتشرة يف اجملتمع، و عليه ميكننا القول بأن املخرج باعتباره صانع هذه اللغة البصرية للفيلم مل مها عنصران مهمان يف تشكيل هوية اجملتمع.و األعراف، و مع عنصر التقاليد يتعامل بشكل إجيايب

بالرغم من هذا االنطباع الذي ترتكه فينا تلك اللقطات من عدم تفاعل املشاهد و البصرية للفيلم بشكل إجيايب مع تقاليد و معتقدات و أعراف اجملتمع ، إال أن املخرج قد وظف

. ففي اجلزائرية كما أشرنا إليه سابقا أحد العناصر املميزة للذهنيةعنصرا احلياء توظيفا إجيابيا ، باعتباره دف خطبة أخته 1مشهد اخلطبة حيث تقوم العمة برفقة ابنها (علي) بزيارة البطل (أمحد) يف بيته

ألبنها (علي)، جند املخرج يقدم هذا احلدث بصريا من خالل جممل التقاليد اليت حتكمه، بداية من ا من اجللسة .حسن الضيافة إىل غاية احلياء الذي يلف (علي) و خطيبته من خالل انسحا

ا الفيلم يف هذا املشهدو الذي يقرر فيه 2ها هو املخرج يكرر املشاهد األوىل اليت افتتح البطل (أمحد) هجرة الدوار، رغم إحلاح اجلماعة عليه يف حماولة لرده عن قراره، إال أنه ال يلتفت هلذه

حضور شيخ القبيلة اليت تالحقه ، غري أن الفارق الوحيد يف هذا املشهد عما سبقه يكمن يف اجلموعالغريب يف األمر أن شيخ القبيلة يوافق على قرار ذي غيب يف املشاهد السابقة. و اليف هذا املشهد، و

الشيخ مودعا محد) ليسلم علىالبطل (أمحد) باهلجرة ، ذلك ما تبديه الصور حني يتوجه البطل (أ ، وهو ما تفعله زوجته أيضا ، داللة على التوافق القائم ما بني الشيخ والبطل (أمحد).إياه

نتساءل هنا عن طبيعة القرار الذي اختذه الشيخ مبوافقته على هجرة البطل، هذا القرار الذي ما كان الثمن يط يف األرض مهالتفر ار، الذين عارضوا مبدأ اهلجرة و الدو خيالف فيه مجيع أفراد القبيلة و

، يعترب إعالنا منه على فسح اجملال أمام ار الشيخ مبوافقته على هجرة أمحد. هل قر منذ املشاهد األوىلهذا ما ال تستسيغه الذهنية القبلية مبا شرذم و تقطيع أوصال القبيلة ؟ و أفراد القبيلة للهجرة و الت

د) 26ثا:48اللحظة (م س، ضر محينا، حممد األخ -1 د)31ثا:02ن، اللحظة (م -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

414

للمخرج أن يربر موقف الشيخ وفق التقاليد اليت حتكم تتميز به من عصبية ، ففي أي سياق ميكن مل كن املخرج وفيا لتلك التقاليد، و القبيلة ، و بعدم احرتام املنطق الذي يسري الذهنية القبلية، مل ي

يعكسها بشكل صادق يف الفيلم، ألن مربر اهلجرة مل يكن مقنعا ألولئك اجلموع الذين عارضو قرار الدوار، فكيف للشيخ أن يقتنع و يوافق عليه .البطل (أمحد) وبقوا يف

تصادم البطل (أمحد) مع صاحب 1تتواصل أحداث الفيلم ليربز لنا املخرج يف مشهدو خصوصيته على حسب العمل، مسة حمورية من مسات الشخصية اجلزائرية ، واليت حتيل على هويته،

ا من أهم ما الشك أننا ركزنا على اخلصيصة اليت قدر قول د.عشرايت:" مييز النفسية اجلماعية نا أ . 2، وهي خصيصة األنفة والنزوع إىل االنتفاض و الرد االنفعايل ..."اجلزائرية

مل بطلنا برميه ببعض يربز املخرج هذه السمة يف هذا املشهد ، حني يهاجم صاحب العذه اإلهانة، لياحلجريات، وحماولة ضربه بالسوط قوم بردود فعل تضبطها طبيعة ، ها هنا يشعر بطلنا

تكوين شخصيته اليت شكلتها هويته اجلماعية، واملتمثلة يف هذا االنتقاض و الرد االنفعايل ، حبيث ينهض البطل يف وجه صاحب العمل ، لريد التحدي، و يرديه أرضا.

هذا، إن هذا السلوك الذي أشار إليه د.عشرايت املتجذر يف النفسية اجلزائرية إىل يومنا ، مما جعله يدفع الثمن غاليا يف ني قام بفعله مل يقدر عواقب ذلكبالشكل الذي سلكه بطلنا، فهو ح

املشاهد الالحقة.

مدى عالقته باهلوية استنادا ملا أشارت إليه د.خضر بقوهلا : لقد تطرقنا ملفهوم الوطنية و اجلمعية) و العالقة بني هذه املستويات القومية،و تتحدد اهلوية يف مستويات ثالثة:( الفردية، الوطنية

الثالثة تتحدد أساسا حسب نوع (اآلخر) الذي تواجهه، فإذا كان هذا اآلخر داخليا فاهلوية الفردية

د)43ثا:47اللحظة ( م س ،ألخضر محينا،حممد ا - 1 261م س، سليمان عشرايت، ص: - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

415

تفرض نفسها ك(أنا) و إذا كان اآلخر يقع يف دائرة األمة فاهلوية الوطنية و القومية تفرض نفسها حمل ارجها، فاهلوية اجلمعية متأل مكان (األنا) وهكذا تتحرك اهلوية (األنا) و إذا كان هذا اآلخر يقع خ .1على دوائر متداخلة ذات مركز واحد"

وبذلك فحني نناقش اخلطاب البصري لبعض املشاهد يف عالقته بالوطنية ، نكون حينئذ يفا صفة اصلب موضوع اهلوية اجلماعية، و اطن اليت ملو توضيحا ملفهوم الوطنية " يعرف بدوي املواطنة بأ

ه بنوع من الوالء لبالده، وخدمتها يف أوقات السلم و احلرب تتميز من قبلحتدد حقوقه وواجباته و . 2التعاون مع املواطنني اآلخرين يف حتقيق األهداف القومية"و

ا، فإننا فإذا كان ذلك ما جيب أن يتحقق يف سلوك الفرد لريقى إىل درجة املواطنة ويتصف ا نف ملستعمر، لتفرق ما س الشروط اليت راعتها اجملموعة الوطنية إبان فرتة الكفاح املسلح ضد انقول أ

خاصة فيما يتعلق مبوقف الفرد من الثورة التحريرية كهدف بني الوطين وغري الوطين من اجلزائريني، و عب اجلزائري ل الشقومي. وعليه ميكننا أن نقول بأن مفهوم الوطنية قد ارتبط يف فرتة من فرتات نضا

اجلزائري هلذه الثورة ودعمها خاصة إبان ثورة التحرير الوطين، مبدى احتضان الفردضد املستعمر، و الوجداين ل بأن االحنياز الفكري الواعي و من مث ميكننا أن نقو تضحية يف سبيلها لتحرير الوطن، و الو

ما االحنياز جلانب الثورة إال يكن كله، و هوم الوطنية، إن مل للثورة والثوار، بدا كجزء ال يتجزأ من مف رفض و مقاومة للجانب اآلخر.

من هنا نتساءل عن طبيعة تفاعل بعض املشاهد بصريا مع بعض القضايا املرتبطة مبفهوم الوطنية الذي يعد جزء ال يتجزأ من مفهوم اهلوية اجلماعية.

عية من ضالل ثقيلة، جنده يرتسم إن مفهوم الوطنية، بكل ما يلقيه عليه مفهوم اهلوية اجلما

353ص:م س، يم خضر، لطيفة إبراه - 1 .168ص:م س، ، نقال عن أمحد ذكي بدوي، عبري عبد املنعم فيصل - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

416

ما بني أسطر اخلطاب البصري لبعض املشاهد ، فارضا نفسه على املتلقي بالنسبة ملا عداه من عناصر هذا اخلطاب البصري ، و الذي سنجازف مبحاولة تقدمي ترمجة لغوية له.

حيث تظهر ، على قارعة الطريق، يه البطل (أمحد) خارج مقر الشرطةالذي يرمى ف 1فاملشهد، يف أثناء ذلك جيد شخصية (امليلود) تقف التعذيب ، فيحاول النهوض بصعوبة عليه آثار الضرب و

على مسافة معتربة منه ، لتعرض الصورة لقطة مقربة لبطلنا (أمحد) و هو يتجه بنظره إىل (امليلود)، طل (أمحد) للحظات مث يشيح تليها لقطة مقربة وفق اجملال املضاد لشخصية (امليلود) متوجها بنظره للب

أسه متوجها بنظره إىل طفل يعود إليه بنظرة مركزة ، مث خيفض ر نظره عنه ملتفتا جانبا للحظات، و بهو عرض وجه الطفل، مث لقطة للبطل و هنا تتحرك الكامريا لتجبانبه، إنه (إمساعيل) ابن بطلنا ، و

د) بنظرة ة (امليلود) متوجها للبطل (أمحخيفض رأسه و عينيه إىل األسفل، تليها لقطة مقربة لشخصيهو حياول النهوض بصعوبة دون مساعدة من (امليلود) الذي يبقى واقفا أخرى ، مث لقطة للبطل و

يلود) مبفرده يتفرج عليه . يلي ذلك لقطة متوسطة ترصد الشخصيات يف هذا املكان، لينطلق (امل الطفل الذي التحق بأبيه .مبتعدا عن البطل و

عرضته هذه اللقطات ميثل حوارا بصريا قائما ما بني الشخصيات يف هذا املشهد إن ما الصامت، الذي سنحاول أن جنتهد لتقدمي ترمجة لغوية له.

فوقوف شخصية (امليلود) على مسافة من البطل الذي حياول الوقوف بصعوبة نتيجة آالم كأن تخذ ضد البطل، و وقف السليب املالضرب و التعذيب ، متوجها إليه بتلك النظرة داللة على امل

ا، و (امليلود) يف هذا الوضع يعاتب ا كأنه هو املذنب عندما أراد أن يدافع لبطل على فعلته اليت قام عن نفسه و يثور لكرامته يف وجه املستوطن (صاحب العمل)، فسجن و عذب عقابا له ، ذلك ما

، بالرغم من أن املوقف مسافة من البطل ود يقف علىتعرب عنه تلك املسافة الفاصلة بينهما، فامليل

د)45ثا:16حممد األخضر محينا، م س، اللحظة ( - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

417

، بل بقي ساعدته على الوقوف، لكنه مل يفعليستدعي االقرتاب أكثر لدرجة التحام جسديهما ملعلى هذه املسافة يركز نظره عليه، مث يشيح بنظره عنه داللة على أنه يآخذه على فعله الذي سجن

يقول له إن وجودي هنا بسبب الطفل، كأنه ية الطفل، و حول ناحمن أجله ، مث يعود إليه بنظره، ليت، لذلك فبمجرد أن ينهض البطل و يلتحق به ابنه، أتيت ملساعدتك أو االطمئنان عليكما و ، أي مبجرد عثور االبن على أبيه تكون املهمة اليت أوجدت در(امليلود) املكان مبتعدا عنهمايغا

، دون أن يأبه بالوضع الصحي للبطل. ليغادره فورات (امليلود) يف هذا املكان قد انته

عنا الستنتاج أن البطل (أمحد) وصديقه إن هذا اخلطاب البصري املوظف يف هذا املشهد يدفضد هذا املستوطن (صاحب ، يتعلق أساسا بالفعل الذي صدر عن البطل (امليلود) على خالف مامل يدافع عن نفسه و عن كرامته ى لو استسلم البطل و يلود) يرض: ترى أكان (املالعمل). وهنا نتساءل

أمام املستوطن؟

ذلك ما تفوح به رائحة اخلطاب البصري هلذا املشهد ، ألن الوضع املعاكس كان حمل عتاب من طرف (امليلود) ، من خالل نظراته و موقفه، و بالتايل فكأن (امليلود) يبدو يف وضع املتعاطف مع

ب العمل) أمام مواطنه البطل (أمحد) مهضوم احلقوق.شخصية املستوطن (صاح

لألمة يف الفيلم، إن هذا املوقف الذي أوكل لشخصية (امليلود) اليت متثل "الذاكرة الشعبية" ، ألن "الذاكرة الشعبية" ال تنسى أبدا بأن هذا املستوطن ظامل معتدي، قدم من خلف ال يتوافق معها

الذي أبداه بطلنا (أمحد) تعباد أبنائها، وبالتايل مهما كان الرد اسالبالد، و البحار الستعمار هذه ، إال أن "الذاكرة الشعبية" لألمة جتد له مربرا.عنيفا

بالتايل فموقف (امليلود) يتعارض و مبدأ اهلوية اجلماعية اليت جتعل اجلماعة تبلور نفس و ة اجتاهه. و املواقف اجتاه اآلخر، و تبدي ردود فعل ه فموقف (امليلود) يبدو غريبا إىل حد عليمتشا

، اليت كنا ننتظر أن تقف موقفا زائرية موظفة يف هذا السيناريو وهذا الفيلمما ، فباعتباره شخصية ج

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

418

اليت يصدر عنها بطلنا معاكسا للموقف الذي أوكل هلا، باعتبارها ترجع إىل نفس اهلوية اجلماعيةبد أن تتعاطف مع ية متثل "الضمري الشعيب" لألمة، فالالسبب الثاين ، كون هذه الشخص(أمحد)، و

ا شخصية (امليلود) ال تسري وفق البطل (أمحد) و تنحاز إليه ضد اآلخر، لكننا سجلنا مواقف اختذ هذا املنطق .

الذي يعرض شخصية (امليلود) يف املقربة ، تتشكل فيه اللقطة من مبىن 1إن متابعة املشهدفوقه علم فرنسا ، داللة على أنه مبىن حكومي، بالشكل الذي يظهر فيه هذا يف أعلى اإلطار يرفرف

العلم الفرنسي ال يعلوه شيء داخل هذا التأطري، خلفه مباشرة و إىل األسفل منه، تربز مقربة يوجد ليحقق املشهد هذا التشكيل ضرحة لبعض األولياء الصاحلني، و ا بعض القباب داللة على وجود أ

وية ضد هابطة ، لتربز مستويات األمهية و القيمة وفق منظور املخرج كالتايل: أخذ وفق زا

يبدو املبىن احلكومي حيتل موقعا ميثل مركز قوة بوضعه على أحد خطوط القوة بالتناظر مع خطوط التالشي توحي ور و إحدى القباب اليت حتتل أيضا نفس موقع القوة املناظر، لكن قواعد املنظ

، أقوى نقطة ميثلها املبىن احلكوميبالتايل تكون أكثر ارتفاعا من مستوى القبة، و كوميبأن املبىن احلبالتايل خيتص يف مستوى أعلى من مستوى املبىن و فوق هذا املبىن يوجد العلم الفرنسي الذي يظهر

بنقطة القوة عن باقي عناصر التشكيل، يلي ذلك مستوى أرض املقربة يف شكل منحدر مبا حتويه منقبور ، ليقف (امليلود) وسط هذا الفضاء و يف مركز هذا التشكيل، ليأخذ قوة مضاعفة على املستوى

البصري باعتباره الشخصية اإلنسانية الوحيدة يف هذا التشكيل.

، حتيلنا إىل شخصية (امليلود) كبطل لى املستوى البصري يف هذه اللقطةإن حماور االهتمام عكذا فعله فعله باملركز األكثر أمهية واملتمثل يف العلم رمز فرنسا، و تبط أساسي يف هذه اللقطة ، لري

بتعبري آخر جند (امليلود) يستنهض األموات للدفاع عن استدعاءات على هؤالء املوتى. و كبطل يوزع

د)49ثا:00ينا، م س، اللحظة (حممد األخضر مح -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

419

فرنسا األم، اليت يهامجها هتلر جبيوشه.

صية (امليلود) ل املخرج شخ، وملاذا مح ا، ما الدافع إىل مثل هذا املوقففهنا نتساءل أيضطنية يف الفيلم ، يف الوقت الذي كانت فيه الشخصيات اليت متثل أطياف احلركة الو حتديدا هذا املوقف ، متحمسني ملا يفعله هتلر بفرنسا، على أساس عدو العدو صديق. تأخذ موقفا نقيضا

فرنسا ضد املعتدى استنهاضهم للدفاع عن) مناداته لألموات يف املقابر، و يواصل (امليلودشخصية (امليلود) 2املوايل، الذي يوصل إىل مشهد آخر حيث تعرض اللقطة 1النازي يف املشهد

يواصل السري بنفس حركته اليت رصدناها يف املشهد السابق إلجياد تستعد و حتيي العلم الفرنسي، و عل. نوع من الوحدة على املستوى التشكيلي للقطتني، داللة على تواصل الف

لقتال ضد النازية يعد املشهد الذي يعرض البطل (أمحد) بعد عودته مباشرة من جبهات ا، أشرنا إليه خبصوص مفهوم الوطنية ، من بني املشاهد اليت نود مناقشتها يف ضوء مادفاعا عن فرنسا

يتقدم ملالقاة اليت يعرض فيها املخرج بطلنا واقفا يف طابور طويل، ليحاول يف حلظة حمددة أن3فاللقطةأحد معارفه، بعد غياب طويل على جبهات القتال و شوق ألصدقائه ، فيضربه العسكري القائم

تنظيم هذه اجلموع مانعا إياه من التقدم ، دون أن يأبه هلذا الوسام الذي يعلقه البطل على حراسة و على صدره .

ذا الفعل ، لتظهر اللقطة كأنه اخللف ، متكئا على جدار، و طل من املوالية الب4يتأثر البطل منغمس يف تفكري عميق . يستدير البطل ليواجهنا فيظهر يف يده النيشم الذي سلم له نتيجة خدماته

د)49ثا : 00اللحظة (م س ، حممد األخضر محينا، - 1 د)51ثا : 54م ن ، اللحظة ( - 2 سا)01د:49ثا:08اللحظة ( ن،م - 3 سا)01د:49ثا:25م س، اللحظة (حممد األخضر محينا، - 4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

420

، يتأمله قليال لريميه بذلك ندرك موضوع تفكريه جبهات القتال دفاعا على فرنسا، و اليت قدمها على هنا يلج اإلطار ثله مثل التضحيات اليت قدمها، و م، على األرض، وكأنه اقتنع بأنه ال يساوي شيء

شخصية (امليلود) الذي يتناول النيشم املرمي على األرض ، ليضعه على صدره.

ال ا رماه قناعة منه بأنه ال يقدم و إن بطلنا وهو يرمي ذاك النيشم رمز فرنسا االستعمارية ، إمن ، شاهد و مسع أخبار ما صنعت بأهله ة، اليتيؤخر يف شيء ، عدا أن يكون رمزا لفرنسا االستعماري . 1945إثر عودته من فرنسا (جبهات القتال) بعد الثامن ماي

واضح ملا أراد أن يعرب عنه املخرج من خالل ال نتمكن من إعطاء تفسري دقيق و إننا هنا قدما بالنسبة للضمري حركة (امليلود) " الضمري الشعيب" لألمة ، ذلك ما عرب عنه عبد الغين بقوله : "أ

.1الشعيب ، فقد جتسد من خالل مغفل القرية"

أوكله املخرج لشخصية (امليلود)، واليت جسدها بالتايل نتساءل عن املغزى من الفعل الذي و اعرتاضا على ، هل ميكننا أن نقول بأن حركة شخصية (امليلود)، إمنا فعلته كان (خلضر حامينا ) نفسه

برموز ، إمنا يعرب عن اعتزازه الرمز الفرنسي، ووضعه على صدرها التقاطه لذاك مما قام به البطل، و ذا النيشم معلقا على صدرها ملشاهد فرنسا االستعمارية، خاصة و أن الشخصية قد احتفظت

، هل بتكليف وبعبارة أخرى) من املدة املتبقية من الفيلم، د50ثا:10عديدة بعد ذلك تدوم ملدة (ذا الفعل من دون مجيع شخصيات الفيلم األخرى اليت صورها املخرج هلذه الشخصية حتديدا للقيام

من حالفهم)، يعين أن املخرج أراد أن يقول االستعمارية (من قياد وأغوات و الفيلم متعاونة مع اإلدارةق يعل برموزها، و درجة اليت يفتخر فيهابأن "الضمري الشعيب" لألمة حيتفظ بود لفرنسا االستعمارية ، لل

يف نفس السياق نشري إىل مالحظة أخرى تتعلق بسلوك البطل يف أومستها الشرفية على صدره ؟. و ، فوجدناه م على األرض صادر عن قناعة منههذا املوقف ، حيث كنا نعتقد بأن فعل رمي النيش

1 - Abdelghani Megharbi, le mimoir apprixoisé. Sociologie du cinema algerien, Op.Cit,P:100

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

421

وله، عتزاز مبا يفعله و يقيقف مسمرا ، مطأطأ الرأس أمام ما يقوم به امليلود الذي واجهه بكل قوة و اواثق من كأنه غريسمية اليت اختذها مهتزا ضعيفا، و من خالل الوضعية اجلفبدا البطل يف هذه الصورة و

عوان كأنه ارتكب خطأ ما برميه لذلك النيشم الذي مل حيمله يف الفيلم إال أفعله الذي أقدم عليه، و نتخابات. مل حيرك التحضري لال1لصورة يف مشهدالقايد، كما تعرضه افرنسا من أمثال الباش أغا و

، مل ينهره، مل يوضح له مغزى يشاهد (امليلود) يلتقط النيشم ويضعه على صدره هوالبطل ساكنا و هذا الفعل، مل يدافع عن نفسه أمام (امليلود) الذي عاتبه بشكل غري مباشر على فعله، بل كان البطل

ين إىل األمام قليال وكأنه مطأطأ الرأس ، يف وضع أشبه ما على مدار املشهد واقفا يف مجود منحه هو الذي ثار قبل ذلك لكرامتا أخالقيا نتيجة خطأ ارتكبه. و يكون بالولد الذي يتلقى تأنيبا أو درس

يضحي يف بعد حني مجاعة من اجملاهدين ، و هو الذي سيقودأمام املستوطن (صاحب العمل)، و وطنية.سبيلهم و يف سبيل القضية ال

إن مقابلة سلوك الشخصيتني يف هذا املشهد ليعرب تعبريا بصريا صرحيا عن ترجيح ميزان . إن هذا املشهد للغاية أمام شخصية البطل (أمحد) القوة لصاحل شخصية (امليلود) اليت تبدو قوية

الغري الالئق، ل يف نطاق اخلطأ أويعلن عن رسائل بصرية مفادها أن ما قام به البطل (أمحد) يدخبذلك فالتعبري البصري هلذا املشهد يعلن أنه مهما كانت الظروف ، فلهذا النيشم وقاره، فقد صنع و

لتزين به الصدور، ال ألن يرمى على األرض، و ملا كان هذا النيشم رمزا لفرنسا االستعمارية، فكأن ن غري الالئق رفضها بالشكل الذي وموقار الذي جيب أن نوليه لفرنسا، املشهد يعرب بصريا عن ال

رفض فيه البطل نيشمها .

ا شخصية (امليلود)، و إن هذه املوا اليت عربت عنها اللغة البصرية للفيلم تبدو قف اليت اختذ ذلك أن الضمري الشعيب لألمة غريبة عن طبيعة الشخصية اليت مثلت الضمري الشعيب ، فهل يعين

سا)02د:19ثا:58حممد األخضر محينا، م س، اللحظة ( -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

422

الستعمار وتتعاطف معه؟ذاكرتنا اجلمعية حتن إىل او

الذي يلجأ فيه (إمساعيل) ابن 1هو املشهدأن نعود ملقطع آخر من الفيلم، و ميكننا أيضا بطلنا إىل امليلود، طالبا منه املساعدة لاللتحاق بأبيه املتواجد يف اجلبل مع رفاقه اجملاهدين، الذين

قد استشهد. فجروا الثورة املباركة ، لكنه يصل متأخرا قليال، ليجد أباه

، يسأل الطفل أحدهم أين أيب؟ ليجيبه بأنه ذهب بعد وصوهلا إىل حيث يقيم أبيه واجلماعة ".1954نوفمرب 1عبارة: " 2الجتماع مع اجلماعة ، يف هذه اللحظات يظهر على الصورة

امليلود يقفون على أطالل مساكن يبدو أن ضراوة املعارك قد الطفل و 3املواليةلتظهر اللقطةا حطاما، فيسارع الطفل لولوج املكان ومن خلفه امليلود، أ ، بعد حلظات خيرج من املبىن احملطمرد

ا، لتتحلق حوهلا مجاعة من 4ليكتشفا عند عتبة الباب بقعة من الدم تظهرها اللقطة ، فيقفا يتأمال اجملاهدين أصدقاء أبيه.

5، ذلك ما ترويه لقطاتلطفل و يروي له قصة استشهاد أبيهيتقدم أحدهم ليصارح ا الفالش باك.

هو متأثرا ملوت أبيه ، يقف وسط تشكيل شبه املوالية الطفل إمساعيل و 6تظهر اللقطةحي مبحاولة احتواء اجلماعة كأن التشكيل الدائري يو له أصدقاء أبيه من اجملاهدين، و دائري، يشك

الكامريا خملفا وراءه اجلماعة، ية، غري أنه يستجمع وقفته لينسحب من وسطهم متوجها ناحللطفل

سا)02د:40ثا:35للحظة (ا م س،حممد األخضر محينا - 1 سا)02د:43ثا:10م ن، اللحظة ( - 2 سا)02د:43ثا:54م ن، اللحظة ( - 3 سا)02د:45ثا:22اللحظة ( ن،م - 4 سا)02د:46ثا:10م ن، اللحظة ( - 5 سا)02د:46ثا:56حممد األخضر محينا، م س، اللحظة ( - 6

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

423

1، يف لقطةكا إياهم خلفههم تقفون مطأطئي الرؤوس. لنلتقي مع الطفل الذي غادر اجلماعة تار و ال و رموز اإلدارة االستعمارية كبرية لوجهه، وهو وسط جتمع باملدينة ، مكون من األهايل و األطف

م من القايد والباش وأغا ومعمرين و طون بالعلم الفرنسي استعدادا لرفعه تكرميا ألرواح جنود حييوأعوا من سقطوا من جنود االحتالل.

ذه املناس لكن الطفل إمساعيل تظهره بة يلقيه أحد األطفال اجلزائريني، و إن اخلطاب امللقى ، مث خيرج بسرعة مبتعدا عن هذا التجمع، متجها للبحث عن و الدموع تنهمر من عينيه 2الصورة

قد انطلق يف الرباري جيري املوالية و 3ويبكي عليه، لتعرضه اللقطةفيجده جثة هامدة، حيزن له د ، امليلو وحده.

إن تتابع هذه اللقطات بالشكل الذي وصفناه ، البد أن يتضمن رسائل معينة أراد املخرج رمبا تلك و ،ة استشهاد أبيه قد أثرت فيه بقوةأن يعرب عنها بصريا ، فاكتشاف الطفل (إمساعيل) لقضي

، لكن ة ترمحية على روح الشهيداللقطة اليت عرضت اجلماعة يف تشكيل شبه دائري قد تكون وقف حيتفي به بالشكل الذي عرض فيه احتفاء مل، و املخرج قدم لنا ذلك املوقف يف مشهد صامت

دون السلطات الفرنسية مبوتاهم ، كما أن املخرج آثر أن جيعل الطفل ينسحب من وسط اجملاهدينكالم ، مع بقائهم جامدين صامتني مطأطئي الرؤوس، ليرتكهم الطفل خلفه و يتقدم ناحية الكامريا،

هيئات.حيث الرموز الفرنسية من إدارة و متجها إىل املدينة

فل هلذه اجلماعة اليت إن هذه احلركة اليت وظفها املخرج لتعبري صريح على رفض هذا الطاملنهج الذي اعتمدوه و ما يقومون به من أفعال، وكأنه رفض حلركة ، وبرفضه هلم يرفضتركها خلفه

سا)02د:47ثا:51م ن، اللحظة ( - 1 سا)02د:49ثا:04( م ن، اللحظة - 2 سا)02د:54ثا:44م ن، اللحظة ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

424

اجلهاد اليت أدت إىل حترير الوطن، كما نشري أيضا إىل ذلك التشكيل الذي اعتمده املخرج بوضع م خجلوا من فعلتهماقفني يف مجود مطأطئي الرؤوس، و اجلماعة يف شكل دائري و اليت أودت بروح كأ

مجود غري قادرين على مواجهة الطفل و إقناعه بعظمة تايل وقفوا يف صمت و الشهيد أمحد، وبال تضحية والده والغاية من ذلك .

بتتابع اللقطات جند الطفل الذي ترك خلفه مجاعة اجملاهدين ، ها هو يقصد املعسكر و العلم ة، يرافق طقوس رفعالثاين، الذي حيتفي مبوتاه . يقف الطفل وسط اجلموع يشارك يف التظاهر

ها هو طفل آخر يؤبن من قضوا من اجلانب الفرنسي، لكنه يف خطابه ال يلتفت ملوتى الفرنسي، و ينسحب رافضا هذا الطرف (إمساعيل) و جيعله يذرف الدموع و الطرف الثاين ذلك ما حيزن الطفل

ينحاز كما رفض الطرف األول، لتعرضه لقطة أخرى و قد انفرد بنفسه جيري يف الرباري وحيدا، ال إىل أي طرف .

راب ما على مستوى اخلطاب إن هذه املقاطع اليت تفحصناها من الفيلم ، تعلن عن اضطعن الصراع القائم ما بني ، ففي الوقت الذي تعلن فيه مضامني العديد من املشاهد الفيلمي

، لسياسيةاجلزائري من خالل خنبه ا من واله يف وجه معسكر الشعبمعسكرين، معسكر االستعمار و جند أن املخرج حييد من الناحية البصرية رموز االستعمار من هذا الصراع الناشب ، موظفا موايل هذا

ئم يف الفيلم على مستوى البصري وكأنه القومية ، ليظهر الصراع القااملستعمر من القياد واألغوات و فيه مضامني املشاهد تعلن عن . كما أننا نالحظ يف الوقت الذي كانت صراع ما بني اجلزائريني فقط

ما بني ات اليت مثلته يف هذا الفيلم، و العداء القائم ما بني الشعب اجلزائري من خالل الشخصيريا مناقضا متاما املستعمر، جند املخرج يوظف شخصية امليلود باعتبارها الضمري الشعيب لألمة، تعرب تعب

عربت بصريا و بقوة عن مدى تعاطف امليلود مع ، خاصة يف املشاهد الصامتة اليت عن تلك املواقفاملتتبع ألداء هذه الشخصية يف هذا الفيلم ، يكاد ال يعثر هلا على موقف أو فعل اختذته ضد فرنسا. و

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

425

بذلك يكون اصطدامها عمر، فهي تصطدم مبعاونيه فقط، و املستعمر، وحىت عندما تصطدم باملستقت الذي كانت شخصية امليلود تسقط فيه جام غضبها على جزائريا جزائريا لينزه املستعمر يف الو

الطبقات الشعبية اجلزائرية يف أكثر من مشهد، سواء بتحميلهم املسؤولية عن الوضع الراهن، أو امهم بأوصاف أخرى. با

د اليت قدمها كرمز للجهل التقاليبأن الفيلم بدا منتقدا للعادات و كخالصة ميكننا أن نقول و ذي حيد فيه الكثري من ، يف الوقت الض السلوكات اليت تدعم هذه النظرةزا على بع، مركوالتخلف

، بالرغم صية اجلزائرية و اهلوية اجلماعيةاليت تعرب بعمق عن الشخالعادات والتقاليد واألعراف احلسنة و القلة القليلة.اليت مل يربز منها إاليئة بدوية غنية مبظاهر العادات والتقاليد، و من أن بيئة الفيلم، ب

فيلم ميدالية لحسان : -

نصادف فيلم ( ميدالية حلسان) ألول مرة يف هذا البحث، لذلك نقدم ملخصا لقصة الفيلم بشكل موجز، لنتحول ملناقشة ما اتسم به اخلطاب البصري هلذا الفيلم فيما يتعلق ببعض املشاهد اليت

تكون هلا عالقة ما بعناصر اهلوية.

الية حلسانفيلم : ميد"

مقتبس عن مسرحية "البوابون"

تأليف: رويشد

إخراج: حاج رحيم

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

426

.1" 1986إنتاج: سنة

يتناول فيلم " ميدالية حلسان"، احلياة اليومية لشخصية حسان بواب بإحدى العمارات، إىل ه، ا معتزا بنفسه ومهنتجانب زوجته اليت تساعده يف أشغاله . حسان الذي بدا يف الفيلم ذكيا، فطن

الفيلم يرصد لنا هذه احلياة ع جريانه، خاصة البسطاء منهم، و ، متعاطف ميواجه معارضيه مبنطق قويفعل مغادرة زوجة حسان ، عدان أن يقدم ذلك يف إطار عقدة قويةاليومية البسيطة ألبطاله، دو

زوجة اليت هو األمر الذي تأثر به حسان كثري، لكنه مل يفعل شيء إزاء هذا الوضع. فاللزوجها، و غادرت بدعوة من أختها وزوج أختها للعيش معهما والتمتع بنعيم احلياة، عادت من حيث أتت ملا

، وبذلك تنكشف إلقاء القبض عليه من طرف الشرطة إثر اكتشفت أن أموال زوج أختها مشبوهة ة.أمامها احلقيقة، بأن شرف حسان زوجها أفضل من ماليني صهرها زوج أختها الغري النظيف

مل يعاجل الفيلم أفكارا مهمة عدا عرض تلك احلياة اليومية لشخصيات بسيطة يعتزون ببساطتهم، مقابل هذا جند الفيلم يوجه نقدا أخالقيا لكل الشخصيات امليسورة احلال يف الفيلم ، إىل

جانب هذا جند الفيلم يوجه نقده للشخصيات البدوية.

الخطاب البصري للفيلم:

فيلم بصريا بشكل قوي و واضح عن مضامني املشاهد اليت قدمها، إال أننا نود أن مل يعرب الالعنصر األكثر داللة يف الفيلم نشري إىل طبيعة توظيف الزي التقليدي يف هذا الفيلم ، باعتباره

وية اجلماعة.التقاليد، و املتعلق بالرتاث و و من خالهلما يرتبط بشكل أو بآخر

الذي تقصد 2، فها هو املشهدنقد منذ البدايات األوىل للفيلم كان مثار فاللباس التقليدي

1 - Filmalgérien.Blogspot.com د)09ثا:04،اللحظة (1986ئري، سنة حاج رحيم، فيلم ميدالية حلسان، إنتاج التلفزيون اجلزا - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

427

فيه زوجة (سي يوسف) بيت حسان و زوجته يف حماولة الستعطافهما للضغط على (ربيعة) أخت ، للعدول عن رغبتها يف الزواج (بيوسف) زوجها . فهنا عوض أن يستجيبوا لطلبها أو زوجة حسان

يبادر بتقدمي النصح هلا بضرورة االهتمام مبظهرها كحل ملشكلها. جيد هلا حسان حال ، جنده

املشكل اب التقليدي للمرأة اجلزائرية، و إن هذا املظهر الذي مل يرق حلسان ، يتمثل يف احلجالذي خيفي إلضافة إىل "العجار" و من "احلايك"، و"اخلمار" الذي تضعه املرأة عادة على رأسها، با

أة عدا عينيها.أجزاء من وجه املر

فمع هذه البدايات للفيلم يهاجم حسان هذا الزي التقليدي للمرأة ، و ينصحها إن أرادت سان لباس غري احلفاظ على زوجها ما عليها إال أن تعتين بلباسها . إن هذا الزي التقليدي يبدو حل

ا 1بدو به يف مشهد، ذلك ما تقتنع به ليؤول بصريا من خالل الشكل الذي تالئق بامرأة عصرية زيار، مقلدة "ربيعة" يف زيها ، حبيث تكون قد ختلصت من هذا الزي التقليدي حلانة زوجها برفقة حسان

، وهي اليت سرقت منها زوجها حبسب رأيها.العصري

الذي يعرض شخصية 2، من خالل املشهدلفيلم هجومه على اللباس التقليدييواصل او ا "رابح" بزيها التقليدي ، ليقدمها املخرج من خالل صفات خمالفة متاما للصفات اليت قدمت

تالني ، ينصبون عليها لسذاجتها شخصية "حسان" ، فها حنن جند الشخصية تسقط يف شراك حملغباء الذي تتسم به الشخصية . يأخذون أمواهلا ، ليعرب اخلطاب البصري هلذا املشهد عن مدى او قد أحضرت آخر و 3لشخصية بنفس النمط ، حبيث نصادفها يف مشهديواصل الفيلم تقدمي هذه او

شرطيني للمكان الذي نصب عليها فيه ، لتجد املكان خاليا، وبالتايل تبدو للشرطيني شخصية محقاء

س)01د:25ثا:20اللحظة ( م س ،ميدالية حلسان، ، حاج رحيم - 1 د)02ثا : 53م ن، اللحظة ( - 2 د)16ثا:55ظة (م ن، اللح - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

428

1شديدة الغباء ، و هو ما يرتكز يف ذهن املتلقي، ليظهر املخرج املزيد من غباء الشخصية يف مشهدخرى يف شراك نفس احملتالني ، فيجردوه من أمواله مرة أخرى ، ليعرب املخرج ، حبيث يسقط مرة أآخر

عن مدى الغباء الذي تعاين منه الشخصية.

يف مقابل هذا جند أن الفيلم يقدم هذان احملتاالن يف تعاملهما مع شخصية حسان بشكل نه أحد النشالني إثر خمالف متاما ، فحسان بواب بسيط لكنه بلباس غري تقليدي ، خياف أن يقرتب م

، فيبدي زميله خوفا كبريا من على شخصية "حسان" ليكون ضحيتهما اقرتاح زميله عليه أن ينصباا املتمثلة يف ذكائها و حماولة االقرتاب من هذه الشخ ا صية لقو فطنتها. وهي السمات اليت يعارض

شخصية "رابح".

، يف حماولة إجياد حتني للنصب عليهمالشخصيتني مقرت ذا يكون الفيلم قد عرض مشهدينهذا ا يتعلق بسماهم البسيكولوجية، و نوع من التضاد تبدو فيه الشخصيتني على طريف نقيض فيم

التضاد قد عزل كل السلبيات ليلحقها بشخصية البدوي نتيجة النطالء اخلديعة عليه و وقوعه يف ان تبدو ألحد احملتالني مبثابة فريسة شباك احملتالني بكل يسر. و يف مقابل ذلك جند شخصية حس

حمتملة ، لكن زميله يعارض ذلك خبوف ليقررا االنسحاب من املكان تفاديا حلسان .

املتمثلة يف شخصية قدمها الفيلم يف زي تقليدي، و كما نشري أيضا لشخصية ثانية سلبية الشخصية الثانية اليت هي متثل مارة اليت يسكنها البطل "حسان" و "أمحد" الذي يقطن بنفس الع

وظفها املخرج يف زي تقليدي و بسمات سلبية .

ية ، حتيل على ثقافتنا الشعبية إن املخرج يوظف هذا اللباس التقليدي بكل ما حيمله من رمز وبالتايل فاملتلقي قد تتشكل يف ذهنه هذه خالله شخصية غبية أو محقاء،هويتنا وأصالتنا، ليقدم من و

د)17ثا:58م ن ، اللحظة ( - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

429

بذلك جند أن هذا التعبري يدي ومظاهر الغباء والتخلف، و ة ما بني هذا الزي التقلالرابطة القائمبذلك قد تلحق تلك اإلساءة يسئ إىل الزي التقليدي لألمة ، و البصري هلذه الشخصيات السلبية،

يف مقابل هذا مل يوظف املخرج شخصية أخرى حتمل هذا الزي ليقدمها من تراث األمة، و جبزءظهر إجيايب، حياول من خالله خلق نوع من التوازن، حىت يتمكن من كسر هاته العالقة أو للمتلقي مب

ما بني تلك القائمة ما بني الزي التقليدي و الرابطة اليت ميكن أن تنشأ يف ذهن املتلقي، تلك الرابطة محق و غريها.خرج لشخصياته ، من ختلف و غباء و السمات السلبية اليت محلها امل

ه التكرارية املتعلقة بتقدمي شخصيات سلبية يف زي تقليدي، جتعلنا نتساءل عن الغاية إن هذاملرجوة من ذلك؟ أهي نقد موضوعي لسلوكات سلبية حيافظ عليها البدو بعد استقرارهم يف املدينة؟ خاصة و أن اجلزائر عرفت موجات من النزوح الريفي إىل املدن، و إن كان كذلك ، فإننا نعاتب ن املخرج على تركيزه على اجلوانب السلبية يف سلوكات هذه الشخصيات، دون اإلشارة أو التنقيب ع

، ألن تصوير الشخصية مبثل هذا اإلطالق بوجهه السليب، يدعو جوانب إجيابية يف سلوكات هؤالءا حتمل هذا الزي التقليدي، فاملتلقخذ موقف سليب من هذه الشخصيات، و املتلقي أل ي ينفر مبا أ

تقاليد األمة .لك هذا اللباس املعرب عن تراث و من الشخصية و من كل ما يرمز هلا مبا يف ذ

اليت تلج فيها يد حسان 1كما ميكننا أن نشري إىل مشهد تكرمي البوابني، و خاصة اللقطةعبريا التأطري، لينزع نقاب (عجار) زميلته عائشة كاشفا بذلك وجهها للجمهور. تعد هذه اللقطة ت

بصريا واضحا للدعوة إىل التخلي عن هذا النقاب (العجار)، وإذا ما قرأنا هذا يف إطار السياق العام للفيلم ، فهي دعوة للتخلي عن اللباس التقليدي بشكل عام و من خالله دعوة للتخلي عن التقاليد.

قاليدها وهو ما تعاطي بشكل سليب مع ثقافة األمة و ذا ميكننا أن نقول بأن الفيلم قد ت ميثل ركائز مهمة بالنسبة للهوية .

س)01د:37ثا:45اللحظة (م س، ميدالية حلسان، حاج رحيم، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

430

إن فيلم ميدالية حلسان مل ميثل االستثناء يف توظيفه لشخصيات سلبية بزي تقليدي، بل على العكس من ذلك متاما، فالعملية شهدت تكرارية أساءت كثريا للزي التقليدي اجلزائري، ذلك ما

، حيث يف أول ظهور لشخصيات ترتدي بن ددوشسان نية" ملخرجه الغويتنصادفه مثال يف "ح، فهذه تتوقف فيه سيارة ملساعدة حسان ونقله معهم الذي 1، يعرضها علينا املشهدلباسا تقليدية

، حيث يثبت رجال املرور تبدو شخصيات مستهرتة نتيجة سكرهاالشخصيات بلباسها التقليدي ، ذلك بعد إيقافهم.

املشهد، مل يكن له ضرورة ظيف مثل هذه الشخصيات يف هذاإن املتتبع للفيلم يدرك أن تو ، فبمجرد انقضاء هذا املشهد الذي ال يدوم ألكثر من درامية، بل على العكس من ذلك متاما

وال نلمس هلا أي ظهور بعد د)، ختتفي هذه الشخصيات02ثا:35مخس و ثالثني ثانية (ني و دقيقتلباسها البدوي، تتعامل مع البطل حسان مبنطق آخر شخصيات أخرى ب 2، لتظهر يف مشهدذلك

ا شخصيات أخرق غيب، لتغيب هذه الشخصيات أيضا بعد هذه اللحظة دون ظهور آخر، لكوا ال يؤثر يف الفعل الدرامي العام ، كما ميكننا أن نشري إىل مثل هذا ثانوية، وحىت احلدث املناط

خروج "عيسى" االبن، للتجول فور وصوله ، 3 مشهدالتوظيف يف فيلم (رحلة شويطر)، حبيث يعرب آخر 4تعبري بصريا واضحا عن السخرية من هذا اللباس التقليدي الذي يرتديه ، كما يقدم لنا مشهد

إال أنه يبدو من خالل حركاته والتفاتاته وتعجبه شخصية رابح يتجول يف العاصمة بلباسه التقليدي،م) من إمضاء حممد إفتسان كتابة يد عن هذه الصور جند فيلم (جتار األحالغري بعمن املارة كاألبله، و

إخراجا يقدم لنا هذه الشخصيات ذات اللباس التقليدي من خالل املشهد الذي جيمع جمموعة و

التجاري للفن الغوثي بن ددوش ،إنتاج:املركز حوار: رويشد،اقتباس:الغوثي بن ددوش، فيلم: حسان نية، سيناريو و -1 د)39ثا:36( ، اللحظة1989ته ، سنة السينمائي و صناع

د)59ثا:49ن ، اللحظة ( م -2 د)34ثا:01اللحظة(م س ، رحلة شويطر) ، حاج رحيم، فيلم ( -3 د)40ثا:20م ن ، اللحظة( -4

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

431

شباب (مصطفى ، مجال، عايشة ، يامسينة) يف بيت مصطفى صاحب شركة األسطوانات ، لتلتحق قة الشيخة أيضا بلباسها ن يف الشيخ(املغين) بلباسه التقليدي برفما شخصيتان أخريتان تتمثال

يقدم لنا هاتان الشخصيتان ذات اللباس التقليدي ، كشخصيتني 1، غري أن هذا املشهدالتقليدي منحلتني أخالقيا يف مقابلة شباب أكثر حتفظا منهما.

، قد تكون دفعت "بعيسى إن هذه التكرارية اليت دأبت عليها العديد من األفالم اجلزائريةشريط" للتصريح بقوله : " من أكثر جرائم السينما اجلزائرية يف حق اإلنسان اجلزائري العريب و هويته

إظهار تلك الشخصية اجلزائرية بلباسها التقليدي -بناء على خلفية حاقدة -الثقافية هو اعتمادها .) مبنظر اجلزائري عن باقي سكان املعمورة (..من " برنوس و قندورة وحلفة أو شاش" الذي مييز

اجلهل أصبحت هذه الشخصية األصيلة ترمز بشكل قذر للتخلف والغباء و وأسلوب مشوهني، و كن من استطاع السينمائي اجلزائري مترير هذه النظرة و متوتتصرف أمام األشياء واملواقف ببالذة، و

أصبحت هذه الشخصية مسخرة لكل لقد جنح يف ذلك، و رمسها يف أذهان املتلقني وغريهم، و للسينمائي جهل كبريين (...) أال يعكس هذا انسالخا صارخاالناس ملا تشكله من عوامل ختلف و

هويته الثقافية؟.. أال خيفي هذا الفعل املتعمد كراهية للرموز و األشياء اجلزائرية اجلزائري عن أصالته و قارا لإلنسان اجلزائري األصيل؟...العربية؟.. أال يشكل هذا احت

بن امة و وبوعم ذي كان يرتديه األمري عبد القادرذلك اللباس اجلزائري التقليدي احملض ال يفالشعب اجلزائري ، يصبح اليوم و باديس و املقراين و بن قطون (الشاعر الشعيب الفحل) و كل أفراد

2"! واملسخرة؟واجلهل و حمال للضحك هذا الزمن الرديء رمزا للتخلف

ذه الكلمات اليت تعرب عن ثورة الكاتب و غريته عن اللباس التقليدي اجلزائري، ملا دأبت

د).16ثا:44اللحظة( ، م س ، حممد إفتسان ، فيلم:جتار األحالم -1 .162، ص:1995يونيو ارة اإلعالم، الكويت،، وز 439حديث عن اهلوية الثقافية، جملة العريب، العدد عيسى شريط، أربعة أفالم و - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

432

صفات عليه الكثري من املشاهد السينمائية يف تقدمي هذا اللباس يف وضع غري الئق، من خالل إحلاق ه املشاهد قد تعاملت سلبا بذلك التعامل السليب مع هذا اللباس، تكون هذسلبية متاما مبن يرتديه ، و

أصالته و هويته.اللباس حييل املتلقي على تراثه و مع هويتنا اجلماعية ، باعتبار هذا

ري الحظنا من خالل هذه النماذج املمثلة للمرحلة ، أن تعابريها البصرية بدت منتقدة للكثقة كانت هذه الباقة من األفالم ، فبخالف أفالم املرحلة السابمن القضايا املرتبطة بعادات وتراث األمة

ان " مع الزي التقليدي بشكل عام، وصورة أكثر انتقادا لرتاث األمة كتعامل فيلم " ميدالية حلسشأن يف فيلم " لكنه مل ميسس قضايا جوهرية حتوز على توافق اجلماعة مثلما هو الالبدوي أيضا، و

وفقه مع قضايا طبعت وجدان تعامل عنه و نعده طفرة شاذة فيما عرب ، الذيوقائع سنني اجلمر"، نلمس أيضا أن سينما هذه املرحلة بدت منتقدة لبعض القضايايف مقابل هذه املشاهد اليت األمة. و

هوية اجملتمع ، بطرحها ال تزال تتناول القضايا ذات االهتمام العام مما يؤهلها لتكون سينما معربة عن مناقشتها .لقضاياه و

البصري ألفالم المرحلة الثالثة :الخطاب - ج

فيلم الشيخ بوعمامة : -1

حتيل على اهلوية إن الصورة األوىل للفيلم تعبق برائحة الرتاث ، و عناصر الثقافة الشعبية اليت، كبة من الفرسان القادمني من بعيدترصد لقطاته تلك الكو 1، فاملشهد االفتتاحياجلماعية لألمة

ا حتيلنا على الفلكلور اجلزائري نادقهمببأزيائهم التقليدية و ممثال يف . إن هذه اللقطات الشك أاليت متارس يف مواسم الوعدة أو الزردة أو الطعم ، فهذه اللقطات األوىل اليت يقدمها ألعاب الفانتازيا،

د)03ثا:20اللحظة ( م س،بن عمر خبيت، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

433

رى فيه ياق العام الذي جتلنا املخرج ، حتيل املتلقي على ثقافته الشعبية، و تعلن منذ البداية عن الس البيئة الرتاثية اليت تنشط فيها شخصيات الفيلم.األحداث، و

يلنا ، ليقدم لنا فيه اجلماعة وفق تشكيل معني حت1ينتقل املخرج بعد ذلك إىل مشهد ثان، فريصد لنا شخصية بوعمامة يف وضع اإلمام رافعا على إحدى الشعائر الدينية واملتمثلة يف الصالة

و اجلماعة تؤمن من خالل رفع أيديهم. يديه ، يتضرع إىل اهللا

يف نفس الوقت حتيل املتلقي املعتقد الديين هلذه اجلماعة ، و إن هذه اللقطة تعرب بصريا عن إىل عنصر الدين اإلسالمي، و هي يف نفس الوقت إحالة إىل أهم عناصر اهلوية اجلماعية، باعتبار

ام.الدين أساس قوي من أسس اهلوية املغاربية بشكل ع

، اليت تلي اختتام الدعاء والتضرع هللا 2كما نشري أيضا إىل إكسسوار مهم يظهر يف اللقطةذا تكواملتمثلة يف "السبحة"، و ون هذه اللقطات قد هو إكسسوار حييل املتلقي على قضية الذكر.

د عربت عن طبيعة شخصية بشكل مكثف عن املعتقد الديين ويف نفس الوقت قعربت بصريا و ا الديين، عالوة على آداء املمثل (عليوات) الذي أبرز مالمح اجلدية و الصرامة مع مامة و بوع مضمو

هدوء النفس، يف أدائه للشخصية يف هذا املشهد. هذه التعابري اليت دعمت اخلطاب البصري يف إعالنه عن األبعاد النفسية للشخصية ، و خاصة من حيث تشبعها باملعتقد الديين.

التايل جمموعة من اللقطات ترصد اجتماعا لبعض قادة جيش 3رض الفيلم يف التتابعيع ، تزود املشاهد عض العبارات املرسومة على الشاشةاملستعمر، يظهر يف اللقطة األوىل من هذا التتابع ب

ببعض املعلومات حيث تشري إىل املكان والتاريخ بأنه مكتب اجلينرال سرييز، قائد قسمة وهران

د)04ثا:37م ن ، اللحظة ( - 1 د)05ثا:08اللحظة (م س، بن عمر خبيت، -2 د)07ثا:50م ن ، اللحظة ( -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

434

على صدره اجلينرال سييز بزيه العسكري، و " . حيث يظهر على الصورة بداية شخصية 1878، على رتبة عسكرية يف هذا االجتماعجمموعة من األومسة اليت حتيل املشاهد بصريا على أنه صاحب أي، ئدهم ، كذلك يف زيهم العسكر ليتحرك ناحية باقي اجملتمعني الذين يظهرون واقفني يف مقابلة قا

كل منهم حيمل عددا من األومسة حبسب رتبته العسكرية ، كما تصف لنا الصورة مكان االجتماع ، و ، لتعرب الصورة عن ذوق صاحبه، ب يبدو أنيقا، غاية يف التنظيم واجلمال وبألوان مجيلة ومتناسقةفاملكت

تب ذو ثقافة صاحب املك كما تعرب الديكورات املوظفة، خاصة املكتبة اليت تبدو يف اخللفية، على أن نه من خربة يف جماله ، باإلضافة إىل اخلرائط اليت يوظفها يف اجتماعه ، و اليت تعرب عن متك واسعة و

خربته امليدانية أيضا، باإلضافة إىل العلم الذي حييل املتلقي على هوية املوضوع الذي حياضر فيه و توى البصري.الشخصيات . ذلك ما تبوح به هذه اللقطات على املس

تحرك ما بني خريطة وضعها يف هو يالحقة لشخصية "اجلنريال سرييز" و تظهر اللقطات املتية كأنه بصدد شرح خطة حربخالل حتركاته ، تنبئنا الصور و منجانب، يقابلها جمموعة الضباط، و

ا املرحلية و ا. يتحرك "اجلنرال سيزير" أحيانا، ليبتفاصيل تطبيقا قف خلف مكتبه أهدافها وغايابه قد عربت مالمح وجهه عما تتميزه صاحب سلطة يف هذا االجتماع، و لتعرب الصورة بصريا على أن

لغة يف نفس الوقت ما هلذا اخلطاب الذي يوجهه لضباطه من أمهية باالشخصية من جدية وصرامة ، و ، كما تعلمنا بهخلف مكتهو عرضته و 1إشارات يديه يف لقطة. ذلك ما أبدته مالمح وجهه و

ما يتبعها من لقطات، عن بعض السمات النفسية لشخصية "اجلنريال سرييز"، املوالية و 2اللقطةكذلك عن طبيعتها ا تتميز به الشخصية من صرامة، و فاخلطاب البصري هلذه اللقطات يعرب على م

ا من ي تو هصية و السلطوية، ذلك ما نستنتجه من التشكيل احلركي الذي اعتمدته الشخ جه مالحظاإىل طبيعة اجللسة ، يف الوقت الذي يقف فيه باقي الضباط يف صف أمامها، باإلضافةخلف املكتب

د)11ثا:47بن عمر خبيت، م س، اللحظة ( - 1 د)12ثا:30م ن، اللحظة ( - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

435

هو يواصل إبداء مالحظاته.اليت اختذها و

ذه املشاهد و تن من خالل عرض تتابعني، يقدم من خالهلما املخرج طلق أحداث الفيلم ق تتعلق خرج لغة بصرية تعرب بقوة عن قضايا ذات عمقد وظف املالفيلم ، و قطيب الصراع يف هذا

، حيث سنوجزها من خالل العناصر التالية :بكل طرف من أطراف الصراع

بالنسبة للتتابع األول: -أ

يف فضاء طبيعي جتماع الذي عقده الشيخ بوعمامة لقد قدم لنا املخرج اال الفضاء : - 1، فالفضاء الطبيعي ذي اجتمع فيـه "اجلنريال سييز" ومن معهال مقابل الفضاء الداخلي املغلقمفتوح يف

الشيخ بوعمامة يف هذا االجتماع املفتوح داللة على أن فحوى اخلطاب اللغوي الذي يوظفه ة ، ندرك عندما تقوم الكامريا مبسح لتصف لنا تركيبة هذه العناصر اجملتمعوموضوعه يرتبط باألرض، و

م سادة يف قبائلهم ، أو مبعىن آخر أن الشيخ بوعمامة قد اجتمع سن من خالل أناقة لباسهم و هم أمع شيوخ القبائل احمليطة به، وملا يكون اجتماع شيوخ القبائل على موضوع األرض اليت متثل عنصرا من عناصر اهلوية اجلماعية، ندرك أن اجلماعة تواجه خطرا يهدد وجودها، ذلك اخلطر الذي يعلمنا

من خالل التوليف املستعمل، فتقابل التتابعني، تعرب فيه اللقطات على أن مشايخ القبائل املخرج عنهواملتمثل يف إدارة هذه القوة املمثلة لتتدارس موضوع اخلطر الداهم، اجتمعت بقيادة الشيخ بوعمامة

أن تقابل هذا ما يستدعي التصدي له، وبالتايل نقول ا لالستيالء على األرض، و يف جنراالت فرنسبذلك حييلنا اخلطاب ضري إلعالن اجلهاد ضد الغزاة، و هذه الصور تعرب بصريا بشكل صريح عن التح

املتمثل يف مفهوم اجلهاد، املرتبط هم من عناصر اهلوية اجلماعية و البصري هلذه الصور إىل عنصر م بالعقيدة و الدين اإلسالمي.

ل استغالله ملفهوم اجلهاد بدافــع حترير األرض إن توظيف املخرج للدين من خال الدين :-2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

436

، ألن سياق األحداث جيابــي للفيلم من عناصر اهلويةو استعادة الكرامة ، ملؤشر على التفاعل االمن اسرتجاع حقوقه، و ، و ا الظلم املسلط عليـــهجتعــل من املتلقـي يتعاطف مع املظلوم يف سبيل رفع هذ

ليه يثمن عنصر الدين عاملظلوم لرفع الظلم عنه، و ا وسائل اليت يوظفهي يثمن كل المث جند املتلق سالحــا ضد اآلخر الظامل. باعتباره

مجاعته، حييل املتلقي إىل وظف يف اجتماع الشيخ بوعمامة و إن التشكيل املالتشكيل: -3، نظرا ثقافة اإلسالميةبيئة متشبعة بال البيئة الثقافية واخللفية الفكرية اليت تنطلق منها اجلماعة، فهي

ا التشكيل، و لكون االجتماع عقد عقب إمتام مراسيم ا هذا السياق الذي يعقد لصالة اليت يوحي إىل تاريخ األمة حني كان املسجد مركزا قاليدنا العربية اإلسالمية و فيه االجتماع حييل املتلقي إىل ت

مهما تناقش فيه أمور األمة .

الفسيح الذي جتتمع فيه اجلماعة نربط هنا ما بني هذا الفضاء إننا رمزية الفضاء : - 4يكون يف ما بني فضاء املسجد، من خالل شعرية الصالة، فالوضع الطبيعي ألداء الصالة مجاعة،و

سجد بالقرب أو تعذر ما إقامة الصالة يف الفضاء الفسيح إال داللة على عدم وجود هذا املاملسجد، و يكون هذا الفضاء الذي اجتمعت فيه اجلماعة حيلينا على فضاء املسجد، الذي وبالتايل الوصول إليه،

ميثل رمزية كربى ملرجعيات األمة و هويتها.

ويف مقابل هذا جند أن الطرف املقابل قدم من خالل: -

إن الفضاء الذي احتضن اجتماع اجلينرال سرييز و من معه، يتمثل يف مكتب الفضاء : -ه املادية البادية، داللة على طبيعة هذه احلضارة الغربية املادية يف مقابل حضارتنا اجلنريال بفخامت

الروحية ، حيث يصفها الصادق اإلبراهيمي بقوله:"... فالفكر الغريب و بسبب ما توصل إليه من

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

437

تطور تكنولوجي و اكتشاف علمي عظيم جعله يتشبع باملادية واملنطق التجرييب و صار يتعامل ه بالتجربة) و هكذا شكك بقيمه الواقع على أساس (أن كل شيء لك كاذب حىت تثبت صحت معا بالتجربة"و .1مبادئه املعنوية مث جترد منها ملا عجز عن إثبا

لقد أفضى هذا الفضاء املوظف إىل تشكيل خمتلف على مستوى التأطري، فكان الوقوف االختالف على مستوى التشكيل احلركي هذالوس يف اجتماع الشيخ بوعمامة، و مقابل اجل

بالتايل مؤشرا على ما النابعني من ثقافتني خمتلفتني، و للمجموعتني داللة على اختالف سلوكيه مرجعيتهما اهلوياتية املختلفة.

ان يؤسسان جملرى األحداث ، فهما اللذن املعروضان ، اجتماعان تأسيسيانيعترب االجتماعا عن طبيعة ، حيث تفصح اللغة البصرية هلذين االجتماعنياع الذي سينبثقالتالية، كما يؤسسان للصر

عن تواجه دوافع كل طرف خلوض هذا الصراع ، كما أن تقابل اللقطتان يعرب الصراع الذي سيندلع و من خالهلما تواجه حضارتني خمتلفتني.جمموعتني خمتلفتني و

مشهد مسرية بعض جنود املستعمر باالنتقال إىل التتابع املوايل يعرض علينا املخرجو ، متجهني إىل منطقة تيوت على جيادهم يف تشكيل منظم، غري أن لقطة موالية يعرض ومساعديهم

علينا من خالهلا جمموعة من الفرسان تعرتضهم للتأكد من هويتهم.

، مل يكن توظيفها موفقا، املخرج يف هذا املقطع من الفيلم اليت وظفها 2إن هذه اللقطةلتعبري البصري هلذه اللقطات أدى إىل نتائج معاكسة ملا كان يبتغيه املخرج، فتأسيسا على التتابعني فا

السابقني ، نعتقد بأن املخرج أراد أن يعرب عن يقظة األهايل و استعدادهم لكل طارئ، ذلك ما تؤشر

www.alwastnews.comالشيخ حممد الصادق اإلبراهيمي، األزمة احلضارية يف عاملنا املعاصر، - 1 د)19ثا:07بن عمر خبيت، م س، اللحظة ( - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

438

حركة هذه اليت أظهرت إحدى الشخصيات يف مكان عال، حيث بدت كحارس يراقب 1عليه اللقطةالقافلة، لكن التشكيل الذي وظفه املخرج و اإلخراج الذي اعتمده شكل خطابا بصريا أفضى إىل

بالتايل فقد بأفالم الويستارن األمريكية، و نتائج معاكسة متاما، فهذه اللقطات تعلن عن تأثر املخرجاحلمر كما تقدمهم أفالم ظهر فرسان األهايل الذين اعرتضوا هذه القافلة، يف صورة فرسان اهلنود

اهلمجية، ية و هوليود، اليت قننت مثل هذه اللقطات عرب تكرارية مملة لتحيل إىل طبيعة اهلنود الرببر فكأن خمرجنا قد سقط يف هذا التعبري البصري من حيث ال يدري ، فعوض أن يكون التعبري البصري

لبدو بطبيعتهم، أفضت تلك اللقطات إىل هلذه اللقطات تعبريا على االستعداد املتواصل و يقظة اة اهلنود احلمر املتخلفة تداخل صورة هؤالء الفرسان باأليقونة اليت قننتها سينما هوليود حول طبيع

بالتايل فقد عرب هذا املشهد بصريا بشكل سليب عن طبيعة البدو و ثقافتهم.والرببرية، و

لة اليت يقودها الضابط الفرنسي وما ني أفراد القافالذي يتم فيه اللقاء ما ب 2أما املشهد املوايلما بني جمموعة اجلنريال سرييز واجملموعة ، هذا اللقاء الذي ميثل أول احتكاكبني مشايخ منطقة تيوتوة اليت تفصل ما بني ، عرب عنه املخرج بلغة بصرية بليغة من حيث اهلاملوالية للشيخ بوعمامة

طرفني وسط احليز املكاين الذي خصصه املخرج ألحداث املشهد، وما ، من خالل متوقع الاملتحاوريناملسافة اليت تفصلهما إال داللة على تباعد وجهات نظرمها عن بعض، كما أن التوليف الذي وظفه

اجملال املضاد اليت عربت عن التصادم القائم ما بني ن خالل استعماله للقطات اجملال و املخرج معدم توصلها إىل توافق، يعد داللة على رفض املشايخ للمطلب الفرنسي مجلة وجهيت نظر الطرفني و

وتفصيل . كما عرب املخرج بصريا عن قوة و ثبات هؤالء املشايخ أمام ضعف ممثلي اجليش الفرنسي، من خالل زوايا االلتقاط اليت وظفها املخرج ، فعلى طول املشهد جنده خيص لقطات املشايخ بزاوية

م يف مقابل زوايا هابطة قدم من خالهلا اجلانب اآلخر ليوحي ضد هابط ة داللة على عظمتهم و قو

د)17ثا:23م ن، اللحظة ( - 1 د)20ثا:28اللحظة ( م س،بن عمر خبيت، - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

439

م. للمتلقي باإلحساس بضعفهم أمام مشايخ القبيلة املصطفني يف مكان مرتفع داللة أيضا على قو

، ذه اللغة البصرية املوظفة يف هذا املشهد عرب املخرج عن بعض السمات اليت متيز اجلزائريعربت عنه العزمية يف وجه ممثلي اجليش الفرنسي، بالشكل الذيوقوف هؤالء املشايخ بتلك القوة و ف

، مثل ة اليت متيز الشخصية اجلزائرية، ما هي إال إحالة على بعض السمات املعنويتلك اللقطات بصريابن خلدون يف حديثه الشجاعة واإلقدام و عدم الرضوخ والتصدي للمعتدي بالشكل الذي أشار إليه ا

و إباية الضيم و مشاقة الدول ومقارعة عن مسات الرببر بقوله: "...اإلعانة على النوائب و علو اهلمةبيع النفوس من اهللا يف نصر دينه ، فلهم يف ذلك آثار نقلها اخللف من اخلطوب وغالب امللك و

.1السلف"

عرب عنها بصريا يف سياق جدي اليتأشكاال من الفلكلور اجلزائري ، و كما قدم املخرج الذي وظفه املخرج ، ناهيك عن اللباس التقليدي كسبه قوةمهيب، ارتبط عموما باملقاومة ، مما أ

ملتمثلة يف مقاومتهم ، حبيث أحلق هذا اللباس بشخصيات حيرتمهم املتلقي ألفعاهلم اتوظيفا إجيابيام، تلك اللالستعمار و عدم دفعت املشاهد لتقبل واحرتام هذا الزي، و صفات اليت تضحيتهم وبطوال

2النفور منه الحرتامه للشخصيات اليت ترتديه. إن هذه األشكال من الفلكلور اليت رصدها لنا مشهدفعاليات الوعدة أو الزردة ، قد تنوعت ما بني ألعاب الفروسية، و أغاين و أهازيج ، سواء من خالل

، 4البعض اآلخر يصفقن النساء بعضهن يضرب على الدف و قة م، أو جلو لعجوز تغين 3لقطة منفردةمتثل باقة ، تعرب عن هذه االحتفالية، و 5أو من خالل ما عرضته إحدى تلك اللقطات لزغرودة الشابة

من الفلكلور اجلزائري.

136ص:م س، الرمحن بن خلدون، عبد -1 د)28ثا:36اللحظة (م س، بن عمر خبيت، -2 د)29ثا:25م ن، اللحظة ( -3 د)29ثا:58م ن، اللحظة ( -4 د)29ثا:19م ن، اللحظة ( -5

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

440

وتقاليدنا، قد عرب احلياة الذي قدمه لنا املخرج ، والذي حييلنا على تراثناإن هذا النمط من عنه املخرج بصريا بشكل إجيايب يستوجب احرتام و تقدير املتلقي هلا، ملا يتمتع به أفراد هذه البيئة من

الذي عرض الضابطني الفرنسيني واقفني ينتظران 1احرتام و تقدير، ذلك ما عرب عنه بصريا املشهديم الذكر، و إثر خروجه استقباهلم من طرف الشيخ بوعمامة ريثما ينهي مبعية حميب الويل الصاحل مراس

بصريا من خالل أفعال ، ذلك ما عرب عنه املشهدوإجالل تليق مبقامه كقائد روحي حييونه حتية إكبارم يدركون أنه عدو الضابطان و من معهم من اجلنود الذين هرعوا ناحيته ليسلموا عليه، بالرغم من أ

م بعد حني. لذوذ سيحار

توحي بطبيعة هذا ني للمعركة اليت سيتواجهان فيها ، استعداد الطرف2إن لقطات مشهداليت تعرض معسكر بوعمامة ، تعلن عن توظيفه لعنصر الدين يف هذا 3، فاللقطةالصراع العقائدي

جلوسهم انتهاء اجلماعة من أداء الصالة و ، والذي يعرب عن صراع من خالل التشكيل الذي عرضتهاليف ذلك التعبري البصري من عند اهللا، و ما النصر إال ادهم أن و التضرع هللا، من منطلق اعتقللدعاء و

تأكيد على أحد عناصر هوية اجلماعة.

، فهنا أيضا الشيخ بوعمامة يستقبل أحد األسرى، يعرض الذي عقب املعركة 4أما املشهدقد عرب املخرج عن أخالق الشخصية اليت حتيل على هويتها، حيث نالحظ الشيخ بوعمامة يشرك

ؤالء األسرى و عدم رغبته يف إيذائهم، ذلك ما عربت عنه أ سريه يف طعامه ، داللة على اهتمامه التحاق بلخري و مجاعته بصفوف املقاومة لدعم صف الشيخ 5تلك اللقطات بصريا، ليعرب مشهد

، على بعض خيوط نسيج هوية اجلماعة بوعمامة، و هو سلوك متجذر يف الشخصية اجلزائرية و حييل

د)39ثا:54م ن،اللحظة ( -1 د)59ثا:48اللحظة ( م س،بن عمر خبيت، - 2 سا)01د:01ثا:13م ن، اللحظة ( - 3 س)1د:21ثا:50م ن ، اللحظة ( - 4 س)01د:32ثا:48م ن، اللحظة ( - 5

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

441

إباية ما من حيث اإلعانة على النوائب و كما أشار إليه ابن خلدون يف حديثه عن أخالق الرببر عمو الضيم و بيع النفوس من اهللا يف نصر دينه ، باعتبار أن املعركة تأخذ الصفة العقائدية.

، فيعلن من خالله املخرج بصريا عن طبيعة هذه احلرب 1أما مشهد اهلجوم على القبيلة العسكرية ، موظفا مجيع قدراته التكنولوجية و رة اليت يشنها جيش املستعمر ضد شعب أعزل ، القذ

، كما عرب املخرج بصريا دراج آلة التلغراف يف هذا الصراعاليت رصدت إ 2ذلك ما أعلنت عنه اللقطةإطالق 3عن طبيعة القيم األخالقية اليت حيملها ممثلي هذه احلضارة الغربية سواء من خالل لقطات

النار على جمموعة من النساء داخل اخليمة، أو اللقطات اليت رصدت نتائج اهلجوم على أفراد القبيلة ألطفال و شيوخ ونساء قضوا يف هذا اهلجوم. 4العزل ، و املذحبة اليت عرضتها تلك اللقطات

ة هجوم أحد فرق اجليش الفرنسي على رمز من الرموز الروحي 5كما توحي قراءة مشهدلألهايل، بتعبري بصري واضح و صريح عن طبيعة هذا الصراع العقائدي القائم ما بني الطرفني، و ما اللقطة التالية لتفجري ضريح الويل الصاحل إال جتسيد إلحدى مسات اهلوية املغاربية من حيث طبيعة

م املعيش يف املغرب يرتبط اإلسالحممد الصاحل اهلرماسي بقوله:"و تفاعلها مع الدين حبسب ما يوضحهتقديس األولياء السيما يف األوساط الريفية ( فقد انتشرببعض البدع اليت مازالت موجودة و العريب

ة ابتداء من القرن أصبح القوم يعدون مناقب األولياء يف كافة بالد إفريقية الشماليانتشارا كبريا و األماكن الرفيعة ، حبيث شجار والعيون و األ تواجد عندهم يف أحيان كثرية األولياء معاخلامس عشر، و

مل يعد جمال للشك يف أن تقديس الويل الصاحل املسلم يغطي ضروبا عنيفة من التقديس بقي الرببر

س)1د:54ثا:55م ن، اللحظة ( - 1 س)1د:52ثا:30م ن، اللحظة ( - 2 س)01د:56ثا:09اللحظة (بن عمر خبيت، م س، -3 س)01د:56:ثا18م ن، اللحظة ( -4 س)02د:20ثا:22م ن ، اللحظة ( -5

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

442

.1أوفياء له"

ع فئات اجملتمع من شيوخ ، حبيث طال مجيلفعل هذا الذي عرضته تلك اللقطاتإن رد ااجلزائرية على وجه ى مسات اهلوية املغاربية عموما و د، لتعبري بصري قوي عن إحوعجائز وأطفال

اخلصوص.

ذا يكون اخلطاب البصري لفيلم الشيخ بوعمامة قد عرب عن بيئة بدوية، حتيل املتلقي على قد عرض هذا اجملتمع يف صراعه مع أسلوب حياة اجملتمع اجلزائري، و مرحلة من مراحل تطور

قد عرب لكافية ملقاومة جيوش املستعمر، و اليت أمدته بالقوة ااملستعمر، مركزا على عناصر هويته اخلطاب البصري للفيلم عن العديد من رموز هذه املرجعية اهلوياتية لألمة ، سواء ما تعلق باللباس أو

هي يف جمملها عناصر حتيلنا على ثقافتنا الشعبية حلياة أو املعتقد أو الفلكلور، و السلوك، أو أسلوب اركنا مهما من أركان اهلوية اجلماعية لألمة، وبالتايل ميكننا أن نقول بأن هذا اخلطاب البصري اليت متثل

قد تفاعل إجيابيا مع عناصر اهلوية اجلماعية لألمة.

فيلم : عمر قتلتو الرجلة - 2

من خالله شرحية شباب رض احلياة اليومية لشاب جزائري و إن فيلم "عمر قتلتو" يسعى لعا و دة، و يف إطار ذلك جنده يعكس على الشايف مرحلة حمد ا شة أسلوب هذه احلياة بسلبيا إجيابياويف خضم ذلك تربز جمموعة من العناصر على احلقيقة)، -) مبعىن (سنما cine-veriteعلى شاكلة(

مالمح سلوك أفراده بالشكل الذي تعكس فيه واملرتبطة بتقاليد اجملتمع و مستوى اخلطاب البصري، اجلماعة.هوية

ذلك ما نلمسه يف بداية الفيلم، يف املرحلة اليت يقدم لنا فيها عمر البيئة اليت يعيش فيها،

84ص: م س ، اهلرماسي، حممد الصاحل -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

443

اليت ترتجم بصريا ما يصرح به البطل من أن (اخلزرة للتواقي حرامات يف 1حيث تربز إحدى اللقطاتاه النافذة حيث تقف احلومة)، فهنا تعرض اللقطة الطريقة اليت خيرتعها عمر السرتاق النظر باجت

"زهرية".

إن عمر هنا ال يستطيع أن يتوجه بنظرة مباشرة و بشكل فاضح إىل زهرية، متنعه من ذلك التقاليد، لذا جنده جيتهد يف إجياد طريقة متكنه من ذلك، فنراه يلجأ إىل حركات جسمانية مثرية،

ره باجتاه "زهرية"، كل ذلك حىت ال أثناء صعوده يوجه بصوي اللتقاطه و حيث يسقط شيئا ما بيده ليه، ألنه يعلم أن هذا ي ميثل بالنسبة له كارثة أخالقيةيتفطن إليه أحد و بالتايل يفتضح أمره، الشيء الذ

الفعل خمالف ملفهوم الرجلة اليت قتلته ، و الشرف الذي يعتربه أهم شيء يف احلياة.

ه اليت امتدت هلا يد فتاة تقف لسحب يد 2هذه الرجلة تدفعه أيضا يف إحدى اللقطاتو جبانبه يف احلافلة، فمالمسة يدها تبدو حبسب مفهومه للرجلة، أنه عمل خمل بالشرف الذي حيرص

عليه الرتباطه بالرجلة.

يد ذا جند أن الفيلم عرب بصريا من خالل هاتني اللقطتني عن سلوك حييل على بعض التقالياء د ترتبط ارتباطا وثيقا مبفهوم اهلوية اجلماعية من خالل عنصري احلهذه التقالياملنتشرة يف اجملتمع، و

مها عنصران مييزان الذهنية الذي يغلب على شخصية عمر، وكذا عنصر الشرف املتمسك به، و واجلزائرية على وجه اخلصوص. املغاربية عامة

يف اجملتمع من املتجذرة باإلضافة إىل ذلك يعرب اخلطاب البصري للفيلم عن مسة التضاهو خيلي سبيل املرأة اليت تظهر عمر و 3، واليت متثل أحد مالمح اهلوية اجلماعية لألمة، فاللقطةاجلزائري

د) 09ثا:21اللحظة (م س، تلتو الرجلة، مرزاق علواش،فيلم : عمر ق - 1 د)11ثا:48اللحظة (م س، تلتو الرجلة، مرزاق علواش،فيلم : عمر ق -2 د)30ثا:20م ن، اللحظة ( -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

444

اليت ضبطها تتاجر يف اجملوهرات بالرغم من علمه بأن هذا الفعل سيحاسب عليه، إال أنه ميضي يف ا يف حاجة ماس ألن اجملتمع مل يوفر هلا احلياة الكرمية ا، و ة لبيع صيغتها إلطعام أبنائهقراره العتقاده أ

اليت تغنيها عن مثل هذه األعمال املخالفة للقانون، كما ملسنا مسة أخرى يربزها اخلطاب البصري يف ا الشجاعة و اإلقدام و سلو ار حديثه عن سلوك مها مستان أشار إليهما ابن خلدون يف إطك عمر، إ

متجذراتان يف الشخصية اجلزائرية، فعمر حني عودته من قاعة بالتايل فهما مستان الرببر عامة، و السينما ليال تعرتضه "مجاعة بين عريان"، و بالرغم من علمه خبطورة هذه اجلماعة و بطشها وما تزرعه

فيقه، إال أن رجلته من رعب يف قلوب الناس، و بالرغم من توفره على إمكانية جتنبهم كما نصحه ر وره، و لها مسات متجذرة يف الشخصية اجلزائرية متنعه من ذلك، ليواصل طريقه ويصطدم كواندفاعه و

م ، كما يعرب اخلطاب البصري عن مسة كنا قد أشرنا إليها يف السابق ، و اليت عرب عنها د.عشرايت اليت نية و يت تبدو أحيانا خرقاء وجما:" لكن أال ختفي تلك االنفعالية القولهبالردود االنفعالية اخلرقاء ب

إلنسان إىل مستوى من الصبيانية تالزم سلوكنا لسبب و لغري سبب، قصورا يف مدنية يهبط بتصرفات ا هيز النفسية اجلماعية اجلزائرية، و ، أو كما وصف هذا السلوك بقوله أيضا:"...أهم ما ميي1الطيش"و

.2النزوع إىل االنتفاض و الرد االنفعايل..."خصيصة األنفة و

تواجد أحد التجار يف مكتبته لالحتجاج، 3لسمة تربز يف سلوك عمر يف مشهدإن هذه اوهو ما يشكل بالنسبة له استفزازا ل الشتائم اليت يكيلها لعمر، غري أن التاجر يصعد املوقف من خال

ميس بكرامته و يدفعه للردود العنيفة، لو ال تدخل البواب للفصل بينهما.

اشر أو غري مباشر بثقافة األمة لتو" مشهدا أخر يرتبط بشكل مبكما يقدم لنا فيلم "عمر قتوأصدقائه يسبحون يف البحر يف تجذرة يف اجملتمع، إنه مشهد عمر خاصة مسة احلياء املوتقاليدها و

262س، ص:د. سليمان عشرايت، م -1 261م ن ، ص: -2 د)51ثا:34اللحظة (مرزاق علواش، فيلم : عمر قتلتو الرجلة، م س، -3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

445

يدوم ملا يقارب الدقيقتني ، إال أن املخرج 1حماولة منهم للرتويح عن أنفسهم، و بالرغم من أن املشهدذلك حفاظا على مبدأ احلياء ة يف تأطريه للقطات املتتابعة، و إظهار جسم أي فتا حيرص على عدم

الذي يتمسك به املتلقي باعتباره مسة أساسية من مسات هويته كما هو موضح سابقا.

الفيلم العديد ، فقد عرضت صورفيلم غيب عنصرا الدين من الصورةيبقى أن نشري إىل أن المل تغب عنها قنينات اخلمر، حىت ة اليت يعقدها البطل مبعية زمالئه واليت التسليمن جلسات السمر و

يف مقابل ذلك مل نعثر على أي عليها، كما عرض فضاء احلانة، و إن اجتهد املخرج يف عدم الرتكيزو لقطة لفضاء املسجد حىت يكون نوع من التوازن على املستوى البصري، باعتبار الدين عنصرا مهما يف

وية اجملتمع . تكوين ه

، فإذا كان فيلم "عمر قتلتو ضنا هلما يقفان على طريف املرحلةإن النموذجني اللذين تعر اية هذه املرحلة . و الرجلة" ميثل عتبتها ، فإن فيلم " الشيخ بوعمام هذا األخري يؤكد ة قد ميثل

جملتمع ، شأنه يف ذلك ما ذهنا القاعدة من خالل تعابريه البصرية اليت تفاعلت إجيابا مع قضايا هوية اإليه يف السابق بقولنا أن األفالم اليت تناولت قضايا الثورة و تاريخ األمة أخذت على عاتقها مهمة بناء هوية اجملتمع ، فالفليم و إن كان من الناحية الزمية بعيدا عما أصطلح عليه باملرحلة األوىل من

أننا نلمس تلونه بنفس األلوان و اطباعه بنفس خصائص هذه مراحل تطور السينما اجلزائرية ، إال األفالم . ذلك ما تؤكده تعابريه البصرية التين تفاعلت إجيابا مع عناصر هوية اجملتمع . أما خبصوص النموذج الثاين فلم يبتعد كثريا عما المسناه يف أفالم املرحلة األوىل ، فقد تعامل إجيابا يف معظم

صر هوية اجملتمع . بذلك تكون أفالم هذه املرحلة ال تزال تتفال إجيابا مع عناصر مشاهده مع عنا هوية اجملتمع يف الغالب األعم من مشاهدها .

الخطاب البصري ألفالم المرحلة الرابعة : -د

د)52ثا:21م ن، اللحظة ( -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

446

فيـــلم: المنــــارة - 1

فيلم : املنارة

إنتاج مشرتك: التلفزيون اجلزائري مع مشاهو لإلنتاج

راج : بلقاسم حجاجإخ

1سيناريو و حوار: سليم عيسى

، حبسب ما يشري إليه عالوة حاجي بقوله: 2004كما نشري إىل أن الفيلم قد أنتج سنة أكتوبر اليت غريت اخلارطة السياسية يف اجلزائر، 05العام الذي شهد أحداث 1988"يبدأ الفيلم من .2، سنة إنتاج الفيلم"2004و ال ينتهي يف

صه لنا جازية لفيلم كما هو مشار إليه يتناول أحداث فرتة عصيبة عاشتها اجلزائر، تلخاو م قبل حدوث الزلز و سليماين بقوهلا: " ال الذي هز تدور وقائع الفيلم حول قصة شباب كانت حيا

خدمةسرة، تؤهلهم لإلجنازات اجليدة و فكك وحدة نواته األوىل املمثلة يف األكيان جمتمع بأكمله و فوزي" ثالثة احملورية الثالث للفيلم "أمساء ورمضان و بلدهم كل يف ختصصه ممثلون يف الشخصيات

وصداقة الطفولة أصدقاء قدموا من مدينة شرشال إىل العاصمة يف اجلامعة ، جتمعهم عشرة اجلريةيومي تنسج أطراف هذا الفيلم حول عالقة صداقة وحب و نضال وأيضا زمالة اجلامعة يف العاصمة و

يلة تزدهر فيها مشاعر الصداقة واحلب لشباب كان يؤمن باجلزائر، بداية الفيلم كانت تعد بقصة مج 1988أكتوبراملنافسة بني شابني للفوز بقلب أمساء اليت كان قلبها يتأرجح بني االثنني، لكن عاصفة و

والتخريب تارة وصور شة صور مروعة تظهر أعمال الشغبختلط كل األوراق (...) تتعاقب على الشا، عند هذه النقطة تتداخل طم يديل بشهادات مؤثرة عن الوضعبشاعة عن شباب حمأكثر رعبا و

، اجلينرييك2004اهو لإلنتاج، سنةبلقاسم حجاج، املنارة، التلفزيون اجلزائري مع مش - 1 www.maktoobblog.comعالوة حاجي، فيلم جريء عن العشرية السوداء. -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

447

ا األحداث حيث تتقهقر الصورة اجلميلة ملتعة احلياة اليومية لتسيطر على الشاشة صورة تفوق قسو مشاهد أفالم الرعب.

واقف و يتحول الصديقان بادئ و املتتكسر املكل هذه األحداث تتبخر الصداقة و وسطو م هذه فوزي إىل أعداء وتبقى أمساء بينهما حائرة حتاول احلفاظ على التوازن ، لكن يف زخرمضان و

ب التناقضات تنهزم الصداقة و ينتقل رمضان الشاب الوسيم الذي أختار ممارسة مهنة الطب و اليت يتحول فوزي الصحايف الشاب الذي كان يسعى ار، و الضفة األخرى اليت تزرع املوت والدم احلياة إىل

ويف حلظة عصيبة جيد نفسهه، مواقفمه و يف كتاباته إىل إظهار احلقيقة إىل شخص آخر قاس يف أحكا .1ميارس التعذيب..."

احملورية املطروحة على األمة، ذا تتلخص قصة الفيلم اليت حاولت أن تعاجل إحدى القضايامن و ،اجملتمعأعراف السلوكات ذات االرتباط بتقاليد و طار ذلك جملموعة من قد تعرض الفيلم يف إو

خالهلما يكون على عالقة ما مبوضوع هوية اجملتمع بشكل عام.

إن الشريط البصري للفيلم يعرض منذ بدايات الفيلم وضعا غريبا ال تستسيغه الذهنية ما ميثل بالنسبة للفيلم الوضعية األساسية اليت هو تناىف مع أعراف وتقاليد اجملتمع، و اجلزائرية، وضعا ي

. فهذه العالقة ال تربر ء، رمضان، وفوزي) الذين تربطهم عالقة صداقةجيتمع فيها أبطال الفيلم (أمساتواجد أمساء معهما تقطن نفس البيت يف اجلزائر العاصمة بعد انتقاهلم إليها من مدينة شرشال

، ى يف حرية من أمرها أليهما متيللك فهما يعشقان الفتاة اليت تبقلاللتحاق باجلامعة، و عالوة على ذ حيث تصف الوضع بقوهلا:"... ي أوردناه،فكما أشارت إليه جازية من خالل ملخص الفيلم الذ

.2املنافسة بني شابني للفوز بقلب أمساء اليت كان قلبها يتأرجح بني االثنني"مشاعر الصداقة واحلب و

، مت التعبري البصري عنه من خالل يقدمه الفيلم كوضعية أساسية الذيإن هذا الوضع

www.almustaqbal.comجازية سليماين، عشرية الرعب اجلزائري يف فيلم "املنارة" - 1

م س . ،ازية سليماينج -2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

448

تعرض الكامريا باب غرفة كل منهم ، حيث هد البيت الذي يقيم فيه األصدقاءتصف للمشا 1لقطةهي تتحرك من غرفة ألخرى باحثة ل متابعة الكامريا حلركة أمساء و ، من خالقد كتب عليه امسهو

حق يتقدم فيه الشابان منها ، لريسم كل منهما قبلة على إحدى عنهما، باإلضافة إىل مشهد الاهلدايا ، فهذه املشاهد تعرب بصريا عن وضعية غريبة عن سلوك يف آن واحد ويقدما هلا الورود و خديها

اجملتمع ، ينطلق منها الفيلم.

عية لألمة ، إن املخرج يعرب بصريا يف فيلمه عن سلوك خمالف للسلوك الذي متليه اهلوية اجلماهو ما قد ندعمه بإشارة ع الثقافة العربية اإلسالمية، و فاجلزائري باعتباره ناتج تثاقف الثقافة الرببرية م

فايزة خيلف إىل مسات الشخصية اجلزائرية بقوهلا :" يتميز اجملتمع اجلزائري بعدة مسات مستنبط أغلبها . 2من انتماء هذا اجملتمع إىل الكيان العريب اإلسالمي"

ا ترفضو أن يشاركها كما هو متعارف عليه أن من بني مسات الشخصية اجلزائرية العربية أ، من هنا ميكننا أن نقول بأن املخرج من خالل خطابه البصري يف فيلم رجل آخر حبها المرأة

د "املنارة" حياول أن يسوق جلمهوره أسلوب حياة غريب عن الشخصية اجلزائرية ، و غريب عن تقاليذا الوضع ، و اجتماعهم اجملتمع ، فاشرتاك البطالن يف حبهما لنفس الفتاة مع تقبلهما و رضامها

مل يتعامل معا للعيش يف بيت واحد ال يعكس حقيقة تقاليد اجملمع و أعرافه، و بالتايل فاملخرج هناذا يكون قد تعامل سلبا مع هذه التقاليد و مع تقاليد األمة بصدق األعراف، و كتحصيل ، و

حاصل نقول بأن اخلطاب البصري للفيلم مل يعكس مالمح هوية اجملتمع يف هذه القضية و بالتايل يكون قد زيف و تعامل سلبا مع اهلوية.

إن اخلطاب البصري لفيلم "املنارة" يوظف الكثري من اللقطات اليت مل نألفها يف السينما

د)07ثا:50اللحظة ( م س ،بلقاسم حجاج، -1 .، م س فايزة خيلف - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

449

رحلة األوىل أو املرحلة الثانية، إننا هنا بصدد خطاب بصري أكثر اجلزائرية سواء ما يتعلق بأفالم املجرأة ، فها هي مشاهد "القبلة" (بضم القاف) تغزو الشريط البصري للفيلم ، ذلك ما نالحظه من

هو ما ان أو فوزي، أو الشاب الضابط)، و تبادل القبل ما بني أمساء و أفراد حميطها (سواء أكان رمض . 1قطات الفيلم تعرضه العديد من ل

إن هذه اللقطات اليت كانت تعترب يف األفالم السابقة مبثابة تابوهات حتاصرها تقاليد اجملتمع ، ها حنن جندها اليوم تتجسد متحدية تلك األعراف والتقاليد، وال يتوقف هذا الشريط متنعها أعرافهو ذا الشكل، بللبصري عند ابتزاز هذه التقاليد و ا ، يعرض مشاهد أخرى أكثر جرأةجنده األعراف

ذلك فتاة بلباس السباحة (بيكيين)، و على شاطئ البحر مع الرتكيز على2فها هي لقطة لشابى الفتاة عارضة جممل جسمها عاريا، بالتدرج من اللقطة املتوسطة وفق زاوية هابطة إىل لقطة مقربة عل

أمساء يتقامسان أخرى ترصد فوزي و 4مها متعانقان، ولقطةلفوزي و أمساء يرقصان و 3ها هي لقطةو فراش النوم.

ذا او ، حيث يفضل املخرج أن لشكل إىل أن نصل إىل مشهد الذروةتتواىل هذه اللقطات أمساء من طرف زميلها رمضان. 5جيسد ماديا مشهد اغتصاب

املشاهد اليت عرضها الشريط البصري لفيلم املنارة، بدت مستفزة إن هذه اللقطات و ة من مسات الشخصية املغاربية ، شاهد اجلزائري ، ختدش حياءه ، هذا احلياء الذي يعد مسة بارز للم عليه فال ميكن للمجتمع أن يتقبلها بسهولة.التايل فهذه املشاهد ال تتوافق وهوية اجملتمع احملافظ، و بو

د) 16ثا : 48 د)، (10ثا : 23، ( د) 30ثا: 53، اللقطات (م سبلقاسم حجاج، -1 د)06ثا:70م س، اللحظة (بلقاسم حجاج، - 2 د) 38ثا : 41م ن ، اللحظة ( - 3 د)41ثا:56م ن، اللحظة ( - 4 سا)01د:03ثا:04م ن، اللحظة ( - 5

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

450

يف ال: "...و مقاله لعالوة حاجي قائ ذلك ما ميكن أن نستنتجه يف قراءة ملا بني األسطر يف النقاش الذي تال عرض الفيلم بقاعة "املقار" حبر األسبوع املاضي، اعترب بلقاسم حجاج أن املشهد

تساءل ملاذا يتقبل اجلزائري هذه املشاهد إذا أتت من اخلارج و ال يتقبلها ال ينتمي إىل "البونوغرافيا"، و 1عندما يصنعها جزائريون؟"

املشهد من طرف ، يعد يف حد ذاته رفضا لذلك " يف النقاشمصطلح "البورنوغرافياإن إثارة ، إال دليل على أن رد اجلمهور احلاضر، وما دفاع املخرج عن هذا املشهد ونفي مسة "البونوغرافيا" عليه

رد الفعل هذا ما هو إال ، و فعل اجلمهور كان قاسيا ضد ذلك املشهد الذي جسد عملية االغتصابملثل هذه املشاهد، مما دفع املخرج للتساؤل عن سبب رفض تلك املشاهد داللة على رفض اجلمهور

شاهد عندما يكون صانعها جزائري. من طرف امل

إن هذا التساؤل األخري الذي يطرحه املخرج ، جيعلنا نطرح سؤاال آخر مفاده هل املخرج ابا، فلماذا يتعجب من على وعي بأبعاد هوية اجملتمع الذي يقدم له أفالمه؟ و إن كان اجلواب إجي

عدم تطابق ردود فعل اجلزائري مع اإلنسان الغريب؟

فيلم : رشيدة -2

الذي كنا قد تطرقنا له يف السابق، يعلن خطابه دة ملخرجته يامينة بشري شويخ، و فيلم رشيي وضعية املرأة وسط اجملتمع. فها هللقطات األوىل أنه يتجه لتقدمي ومعاجلة شخصية و البصري منذ ا

األوىل من الفيلم تظهر تلك اخللفية اخلضراء داللة على أن األفعال اليت ستؤطرها هذه اللقطة 2اللقطة، ليفتح باليد األخرى، لتلج التأطري يد متسك بأمحر شفاهتوحي باحلياة و احليوية و االنتعاش ،

ه . من دون شك أن ليصبح الكادر كله يؤطر أمحر الشفاه هذا، مندفعا إىل األعلى نتيجة حركة فتح

م س، عالوة حاجي . - 1 س)00د:00ثا:50اللحظة (م س ، فيلم رشيدة، ينة شويخ،يام - 2

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

451

املخرجة قد وظفت هذا التشكيل الذي يستحوذ فيه أمحر الشفاه على مساحة الشاشة لتثمني املوضوع ، و بذلك تعرب هذه اللقطة على أن وسيلة الزينة هذه و من خالهلا وسائل الزينة عامة تعد

ما يليها من لقطات و طة، فمن خالل هذه اللقة لسياق الذي سنتداوله يف الفيلمأهم شيء بالنسب، أهم بكثري من املرأة اليت تسرت ى أن املرأة اليت تأخذ زينتها وتربز حماسنهاتعرب املخرجة بصريا عل

اليت تعرض رشيدة إىل جانب زميلتها، فهذه اللقطة اليت تشكل نوعا 1مفاتنها، ذلك ما تؤكده اللقطة ، يفشيقة احليوية املقبلة على احلياةيلة الر من التضاد و تؤكد اخلطاب السابق، تعرض رشيدة اجلم

أقل مجاال و مبالمح كئيبة.مقابل فتاة متحجبة أضعف حجما و

إن هذه الفكرة قد عربت عنها املخرجة بصريا من خالل سلسلة من اللقطات، بدءا باللقطة فضاء الشاشة، ى شفتني متآلن) تركز علinsertلتليها لقطة قريبة جدا ( األوىل اليت أشرنا إليها،

إعطائها هذه العناصر املعروضة على الشاشة، و ) توظف لتثمني insertهذه اللقطات القريبة (و األمهية البالغة، مث نالحظ أمحر الشفاه يدخل جمال التأطري، لتبدأ عملية تلوين الشفتني ( اللتان متألن

لكن هذه املرة مأخوذ من الشاشة)، يلي ذلك لقطة لشعر رشيدة وفق نفس التأطري القريب ، و ، يتبع يث تنزع رشيدة رباط شعرها لتحرره) أيضا لتثمني شعرها ، حP.Rاخللف، و هي لقطة مقربة (

، لتتحرك س على املرأة بعد أن أخذت زينتهاذلك لقطة أخرى مقربة ترصد صورة وجه رشيدة املنعكوجه رشيدة ) لGros planق لقطة كبرية (الكامريا مبتعدة عن املرأة، باجتاه رشيدة لتقدم لنا تأطريا وف

قد ارتسمت على هذا الوجه ابتسامة عريضة.وفق زاوية ضد هابطة، و

كذا وسيلة ة هلذه العناصر من جسم املرأة، و إن هذه اللقطات املقربة اليت وظفتها املخرجا املخر ة داخل التأطري، كحركة جالزينة املتمثلة يف أمحر الشفاه ، باإلضافة إىل طبيعة احلركة اليت اعتمد

تقدمي أوىل شفاه، أو حركة فك شعر رشيدة، و ، سواء من خالل حركة فتح أمحر الاستعراضية

د) 02ثا:10اللحظة (م ن ، - 1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

452

، فإن كل تلك العناصر صديقتها املديرة بزيهما العصريشخصيات الفيلم املتمثلتان يف رشيدة و دعوة صرحية إىل حترر عن يعرب حتيل على خلفية فكرية و تشكل خطابا بصريا حيمل دالالت قوية

.املرأة

إن هذه الدعوة اليت عربت عنها املخرجة بصريا تنطلق من مرجعيات فكرية ال تتوافق متاما ا إىل أخذ الزينة إلظهار مفاتن املرأة، و مع املرجعيات الفكرية للهوية اجلزائرية ، فالدعوة إىل دعو

، كل ذلك يسري جملتمع املفروضة على سلوك املرأةاالتحرر، الذي يعد بالدرجة األوىل حتررا من تقاليد يف عكس االجتاه الذي تعارف عليه أفراد اجملتمع و استقر عليه يف شكل تقاليد اجتماعية.

إضافة ملا سبق ميكننا أن نقول بأن املخرجة قد وظفت اللباس باعتباره عنصرا من عناصر ا رياخلطاب البص مني إىل فضاء املدينة قدمت كل النساء الاليت ينت، توظيفا متحيزا، حبيث نالحظ أهي العصري و تسرحية شعرها العصرية و ، حىت شخصية أم رشيدة تقدمها املخرجة بزيها بزي عصري

ا املرغمة على متثل شخصية األم املتقدمة يف السن نسبيا ، عدا تلك املعلمة البائسة اليت تظهر حبجارية حيث يف مقابل فضاء املدينة تقدم لنا املخرجة فضاء الريف أو القه، و رتدائه ، رغم عدم اقتناعها با

، الذي يكون سيد املوقف بال منازع.كل النساء يرتدين احلجاب

إن هذه املفارقة تأخذ دالالت عميقة ، فمن البديهي أن يكون سكان العاصمة أكثر سكان الريف، نظرا للوسائل املتاحة لكل حتضرا و أكثر ثقافة و أكثر عصرنة ، و خبالف ذلك يكون

ا البصري على أن احلجاب هو لباس جمتمع . من هنا و كأن املخرجة تريد أن تعرب من خالل خطابالتايل فهو لباس الطبقات الدنيا من و قات األقل حتضرا و األقل ثقافة واألدىن مستوى معيشي، الطب

و ال يدعم فكرة االعتزاز بالرتاث، اجلزائرية أو باألحرى فه أسس اهلويةاجملتمع. وهو تعبري ال يتوافق و ، فالسياق الذي يؤسس له الفيلم حيط من قيمة هذا الزي التقليدي ، يف مقابل ومنه الزي التقليدي

الزي العصري الذي تبشر به املخرجة.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

453

رية، تربز عنصرا أمها يف بيتهما اجلديد الذي انتقال إليه يف القهر رشيدة و اليت تظ 1إن اللقطةا هذا العنصر يف فيلم املتمثل يف الدينو مهما من عناصر اهلوية اجلزائرية والكيفية اليت وظف

"رشيدة"، حبيث تعرض اللقطة األم قائمة يف الصالة، يف الوقت الذي تكون فيه رشيدة تتفرج على ذه الشعائر الدينية اليت تبدو هلا غريبة إىل حد ما أو على هذا املشهد، و كأن رشيدة ال عالقة هلا

األقل مل تألفها، و كأن املخرجة تعرب بصريا على أن الفتاة املتحررة ال ميكنها أن تصلي أو متارس يدة تقرتب من أمها وهي الشعائر الدينية ، ألن ذلك قد يقيد حريتها. نالحظ يف هذه اللقطة رش

هم يلعبون مع يلنا على تصرف األطفال الصغار و قي حيهو فعل غري منطقائمة يف الصالة لتكلمها، و تبقى تلك التصرفات تصرفهم، ليتجنبوها بعد ذلك، و آبائهم القائمني يف الصالة، دون وعي بطبيعةم مبرحلة من مراحل الطفولة . مرتبطة يف ذاكر

وإن كان ، تبدو من خالل هذه احلركة مثل األطفال، شيدة الشابة البالغة املثقفةفكذلك ر ا بدت جاهلةوضعها وأبعاد شخصيتها ختالف ذلك بطبيعة و شروط إقامة الصالة، ، فإننا نقول أ

بذلك فكأن املخرجة تقلل من قدسية الصالة كرمز للدين الذي يعد أساسا قويا من أسس اهلوية.و

اشة كما أن املخرجة قد وظفت لقطات أبرزت فيها أجزاء من جسم املرأة، مل تألفها الشها هي يدة شبه عارية تسبح مع خطيبها، و تعرض رش 2اجلزائرية يف سابق عهدها، فها هي لقطة

أخرى تعرض فيها املخرجة نساء القرية داخل احلمام شبه عاريات. 3لقطة

إن مثل هذه اللقطات مل نألفها على الشاشات اجلزائرية يف أفالم املراحل األوىل، و هي ددن يف قة اجلماعية للمجتمع اجلزائري ، مما جيعل الكثري من املمثالت يرت لقطات ال تستسيغها الذائ

د)16ثا:28يامينة شويخ، م س، اللحظة ( - 1 د)45ثا:27اللحظة (م س، ينة شويخ، يام - 2 س)01د:09ثل:41م ن، اللحظة ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

454

ما ذلك إال دليل على أن هذه املشاهد ال تتوافق و طبيعة هوية اجملتمع.متثيل مثل هذه املشاهد، و

وبشكل عام، ميكننا أن نقول بأن فيلم "رشيدة" سعى للتعبري بصريا عن فكرة قد ليس هلا هو ما اجتاه وضع املرأة بالنسبة للرجل، و اجملتمع ، فما استقر عليه الوضع يف جمتمعناأساسا قويا يف

، جند ية" يف الفصل األول من هذا البحثتعرضنا إليه سابقا من خالل طرق مفهوم مصطلح "الولالفيلم يسري يف االجتاه املعاكس هلذا املعىن ، فاخلطاب البصري للفيلم يغيب حضور الرجل كفاعل إجيايب يف مجيع املشاهد ، يف الوقت الذي جند فيه املرأة تسعى لسد هذا الفراغ، فالفيلم يقدمها

تتحمل املسؤولية و تواجه مشاكلها وحدها.

املديرة اليت 1قد تكرر هذا الطرح يف الفيلم من خالل الكثري من النماذج، بداية مبشهدو ذا تعرب املخرجة تنهر أحد املعلمني بعد أن تفاجئه و قد عقد ح لقة لبيع بعض األشياء لزميالته،

على أن املرأة قادرة على اهليمنة و فرض سلطتها حىت على الرجال ، كما ميكننا أن نشري إىل هذا ، يف الوقت احملنة اليت تعيشها خطيبته رشيدةالغائب الكبري، الذي غاب متاما من اللقطات اليت تعرض

.الذي مل يكن غيابه مربرا

تتحمل فيه مسؤولية، كان من املفروض ف آخر تتصدر فيه املرأة اجملال و كما نشري إىل موقالذي يعرض تلك الفتاة اليت هربت من وكر خمتطفيها، لتواجه 2أن يتحملها رجال ، إنه املشهد

مصريها بنفسها بعد أن كفلتها امرأة أخرى هي أختها نتيجة تنصل أبيها من مسؤولية كفالتها بعد ا. و ها هو مشهد يع سكان القرية و رجاهلا آخر المرأة أخرى من نساء القرية توبخ مج 3عود

ا، و حىت ، خلوفهمحتديدا شرف ابنته اليت الرجل الذي كان يدافع عن شرفه و وجبنهم و عدم جند

د)03ثا:32م ن ، اللحظة ( - 1 د)59ثا:24اللحظة (م س، يامينة شويخ ، - 2 د)48ثا:30م ن ، اللحظة ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

455

اية الفيلم ، جنده يطرد نب ضور زفاف ابنته، فها هو جيالنساء الالئي استضافهن حل 1ستزف يف اعة اإلرهابية اليت هامجت القرية، رجهن من بيته يف عز الليل ليضعهن وجها لوجه مع أفراد اجلمخيو

واخلزي هلذه الشخصيات (الذكور) يف مقابل ما حتملته النساء.وهي كلها مواقف جتلب العار

هذا التوجه من خالل مشهد آخر لطفلني، حيث ن املخرجة تصر على هذا املوقف و إ، لينسحب الولد إىل مكان منعزل أوىل 2عارك الولد مع بعض زمالئه لتهب الفتاة لنجدته يف لقطةيت وحتاول مواساته فتعطيه برتقالة لعله يكف عن البكاء.ثانية، و تلتحق به زميلته 3هو يبكي يف لقطةو

أوكلتها ابل األفعال اليت ، يف مقسليب لشخصية الرجل يف فيلم رشيدةإن هذا التوظيف الألقل، يف أحد املبادئ األساسية ، إمنا تدل على أن املخرجة تريد أن تكسر أو أن تشكك على اللمرأة

املتجذرة يف اجملتمع اجلزائري ، إنه مبدأ القوامة.و

شأنه شأن باقي الشعوب العربية إن مبدأ القوامة املتجدر يف عمق اجملتمع اجلزائرين (الرجال قوامون على ستمد من الدين اإلسالمي الذي يشري إىل أ، كون هذا املبدأ مواإلسالميةى مواجهة الصعاب بالشكل الذي استقر به هذا مفهوم يف اجملتمع، من أن الرجل أقدر علالنساء)، و هو أقدر على محايتها.من املرأة و

كان إن هذا املفهوم املستمد من الدين، و بالشكل الذي بلورته العقلية الشعبية، سواء أتفسريا صحيحا لآلية أو جانب احلقيقة ، فال يهم ذلك بقدر ما يهمنا ترسخ هذا املفهوم يف الذهنية اجلزائرية على وجه اخلصوص، بالشكل الذي أصبح ميثل أحد مالمح هوية اجلزائرية. و عليه نقول بأن

س)01د:16ثا:40م ن، اللحظة ( - 1 س)01د:01ثا:59م ن، اللحظة ( - 2 س)01د:02ثا:19م ن، اللحظة ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

456

ذا الشكل الفاضح و الغري املربر يف الكث ا ملبدأ القوامة ري من األحيان ، جندها تسبح املخرجة بضربالتايل مل تتعامل بشكل إجيايب مع اجلزائرية من خالل فيلمها هذا، و يف االجتاه املعاكس لتيار اهلوية

عناصر اهلوية اجلزائرية، بالشكل الذي تثمن فيه بعض عناصرها، أو تعمل على دعم بعضها اآلخر.

فيلم العالم اآلخر: –3

البطاقة التقنية :

)L'autre Mondeوان الفيلم : العامل اآلخر ("عن

إخراج : مرزاق علواش

سيناريو : مرزاق علواش

LANCELOT FILMS،() BAYA FILMS)،( WE AIME EL(إنتاج مشرتك:

DJAZAÏR)،(ARTE France CINÉMA) ،( CANAL + HORIZONS(:2001جوان سنة

، ملخرجه مرزاق 2001ر) لسنة ميكننا أن نلقي نظرة سريعة حول فيلم (العامل اآلخ الذي يعد أيضا من بني مناذج األفالم اليت بيعة تفاعله مع عناصر اهلوية، و علواش من حيث ط

أنتجت عقب فرتة العشرية احلمراء مباشرة .

أي ارتباط بعناصر يبدو من الوهلة األوىل أن اخلطاب البصري هلذا الفيلم مل يكن له يف تغييبه لعناصر أن التدقيق يف هذا الفيلم يدفعنا إىل استنتاج آخر، واملتمثل ، غري اهلوية القومية

ا يف توظيف واستغالل قد ال يتوقف األمر عند هذا احلد، بل جنده قد ذهب بعيدخصوصية اجملتمع، و تمع. ، إىل احلد الذي مت فيه عرض بعض اللقطات اليت تتناىف و مبدأ احلياء املتجذر يف اجملجسم املرأة

مل يكن له ارتباط بعناصر وبذلك ميكننا أن نصحح التعبري السابق الذي أشرنا فيه أن هذا الفيلم

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

457

، بالقول بأن اخلطاب البصري هلذا الفيلم قد سار عكس اجتاه هوية األمة ، سواء من خالل اهلويةا متثل الرتكيز على عناصر شاذة ، أو الكيفية اليت قدمت من خالهلا هذه النماذج البشري ة على أ

، فهو بذلك مل ميثل عمق طبيعة اجملتمع ، من خالل تركيزه أو النموذج يف اجملتمع اجلزائري القاعدةا سيدة ضريرة جتمع يف بيتها وتعيل بائعات اللذة، و على متثل الشخصية اجلزائرية اليت عرضها على أ

عرضها ليخلق منها لصورة القامتة لإلرهاب اليت ، اليت توفر هذا الفضاء من احلرية ، يف مقابل ااملتفتحة .ن خالل ما يقدمه عمومابذلك جند الفيلم يسري يف عكس اجتاه عناصر اهلوية مهذا التضاد . و

، فيمكننا أن نشري إىل ما ذه املعاجلة البصرية هلذا الفيلمأما إذا رجعنا إىل بعض تفاصيل هسيغها الذوق العام للمجتمع، نظرا لعدم توافقها مع عرضته لقطات الفيلم من صور جريئة ، ال يست

هي لقطات صور العناق والقبل، و 1مبدأ احلياء. فمشهد عثور الشابة على خطيبها، تعرض لقطاتها السينما اجلزائرية يف سابق عهدها، خلصوصية 2نفس اللقطاتالثقافة و اهلوية اجلزائرية، و تفاد

، يلي ذلك مشهدا يبته مبعاناته يف الفرتة األخريةوح فيه البطل خلطنصادفها أيضا يف املشهد الذي يبإحدى بائعات اللذة يطاردها رجل ومها نصف عاريني، حيث جيري مشهد املطاردة 3تعرض لقطاته

، ليتحول املشهد نهاية و خيتفيا وراء هذه الكثبانفوق هذه الكثبان الرملية املرتامية، ليتمكن منها يف الياق إىل البطل والبطلة من خالل لقطة تعرضهما نائمني إىل جانب بعضهما البعض يف يف نفس الس

التحام جسدي معرب. كما يعرض مشهد االستحمام لقطات للبطل و البطلة عاريني يستحمان معا، قبلهما من ية ، و يتكرر مشهد عناق البطلة والبطلة، و متوسطة تدوم ملدة عشرين ثان 4من خالل لقطة

ما املطاف يف مشهد (بورنوغرايف) من 5قطاتخالل ل بداية االحتفال بعيد رأس السنة، لينتهي

د)56ثا:28، اللحظة (2001ائر، سنةمرزاق علواش، فيلم :العامل اآلخر،إنتاج مشرتك جزائري فرنسي،اجلز - 1 س)01د:03ثا:39مرزاق علواش، فيلم :العامل اآلخر،، اللحظة ( - 2 س)01د:05ثا:12م ن، اللحظة ( - 3 س)01د:09ثا:18، اللحظة (نم - 4 س)01د:21ثا:29م ن ، اللحظة ( - 5

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

458

تعرض بشكل فاضح و مادي ممارستهما للجنس. 1خالل لقطات

فيلم : باب الواب -4

البطاقة التقنية :

) Bab el web"عنوان الفيلم : باب الواب (

إخراج : مرزاق علواش

سيناريو : مرزاق علواش

)Maïa Filmsنتج : إنتاج مشرتك جزائري فرنسي (امل

2"2005سنة :

اإلثارة تغزو األفالم ، ها هي تعابريما اجلزالئرية يف السابقخبالف ما كانت عليه السينترفضها ترفضها التقاليد و ، لتعرب بصريا عن سلوكات كانت باألمس القريب ترفضها العقيدة و اجلزائرية

. فحىت ارسة على األفالم يف فرتات سابقةفض الذي ترمجته الرقابة املمأعراف اجملتمع ، ذلك الر تلك اللقطات املتعلقة بالقبلة األفالم األجنبية املستوردة سنوات السبعينات كانت تقتطع منها

عندما نتحدث عن اجلزائرية من خالل أفالم جزائرية. و ، لنجدها اليوم ترتسم على الشاشة واإلثارةو "اإلثارة" على الشاشة ، فال شك أننا نستحضر جسم املرأة مبفهومه املادي ، فهذا مشاهد "القبلة"

الة من احلياء الذي مينعها من أي سلوك الكائن الذي عرضته األفالم اجلزائرية يف السابق حماطا ادفها اليوم يستهرت بتقاليد و أعراف اجملتمع، سواء ما تعلق بلباسها أو كالمها أو أفعاهلا، ها حنن نص

س)01د:24ثا:35م ن، اللحظة ( - 12 - fr.wikipedia.org/wiki/Bab_el_web

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

459

على الشاشة تسلك سلوكا خمتلفا متاما .

ففيلم باب الواب الذي يعد أحد مناذج هذه األفالم ، تنطلق أحداثه بداية من خالل ، حبيث جند البطل و أخاه اللذان يتحايال على بقية أفراد ساسية شاذة بالنسبة للسلوك العاموضعية أليخلو هلما اجلو الستقبال فتاة تعرف عليها البطل من ،ة و حثهما على السفر لقضاء عطلةالعائل

، مث تتحول عالقة الفتاة بعد نزوهلا ضيفة على األخوين لتتوجه باجتاه أخ عرب اإلنرتنيت خالل التواصل البطل الذي راقها أكثر.

رصد العائلة اجلزائرية، كما ميكننا أن نإن هذا املناخ وما يرتتب عنه، ال ميثل منوذج الشاب و م مرحلة بعض املشاهد اليت جسدت هذا املسعى املتمثل يف هذا السلوك الشاذ الذي تبنته بعض أفال

، فها هو املخرج مرزاق علواش يؤثث يف فيلمه (باب الواب) إحدى الغرف ما بعد العشرية احلمراءرأة عارية ، و ها هي تربز لوحة الم 1بلوحة زيتية كديكور، ليتم الرتكيز عليها فيما بعد من خالل لقطة

، حيث تقبل الفتاة أخ البطل ، ليلي هذه السلسلة من أخرى ترصد لنا إحدى مشاهد القبلة 2لقطة القبل ، مشهدا عناق حتت الفراش عراة ، داللة على ممارسة اجلنس.

، يعرض أخت البطلني يف جديدا بالنسبة للسينما اجلزائريةآخر قد يكون 3وها هو مشهدا و ئية تشارك يف تلك االكاتيدرا لعرف اجملتمع .لطقوس الدينية متنكرة لعقيد

ذا ميكننا أن نقول بأن فيلم ( باب الواب ) ملخرجه مرزاق علواش قد عرض مغامرة مراهقني ، كثريا ما سكت اجملتمع عن مثل هذه املغامرات، ليدرجها حتت طائلة األخطاء اليت ال جيوز

ا مت ا ، أل بالتايل ال يوافق عليه عرف، و الا شاذا يرفضه الدين والتقاليد و ثل يف نظره سلوكاجملاهرة

د)23ثا:50،اللحظة ( 2005جلزائر، ) ، اMaïa Filmsمرزاق علواش ، باب الواب ، إنتاج مشرتك جزائري فرنسي ( - 1 د)49ثا:48م ن ، اللحظة ( - 2 س) 01د:10ثا:53م ن ، اللحظة ( - 3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

460

مها من مقدسات الشخصية اجلزائرية . بقضايا متس الشرف واحلياء، و اجملتمع، الرتباط هذه املغامراتا املتعلقة مبمارسة اإلغواء و و الفيلم بتناوله هلذه املغامرة و عرض بعض تفاصيل حيثي نس، يكون اجلابالتايل ميكننا ته مبثل تفاصيل تلك املغامرة، و قد خالف القواعد اليت استقرت عليها اجلماعة مبجاهر

هو ما عرب عنه نرجس رمضان خالف العرف وتقاليد اجملتمع. و القول بأن الفيلم منذ بدايته األوىل قد ظ بني الفينة واألخرى حماوالت أما اليوم فإننا نلحخبصوص مجلة من أشكال هذا النموذج بقوله : " إلنتاج أفالم سينمائية جديدة، حياولون ( ... ) واجتهادات عدد معترب من املخرجني السينمائيني

ا مستقاة من الواقع اجلزائري، ينتظرون منها إحداث ضجة إعالمية وفكرية يف إيهامنا من خالهلا أا ال متت بأية صلة للمجتمعاملستوى... غري أننا إن أمعنا النظر واملتابعة ال ال من اجلزائري، كتشفنا أ

ا ليست جزائرية، وما فلمي مسخرة'' للمخرج الشاب إلياس ''حيث منبعها أو فكرها أو وسائلها كومؤخرا على حصة األسد من الرتويج اإلعالمي خلري دليل سامل و''قبلة'' لطارق تقية اللذين استحوذا

ما جلمهور غري جزائري بالدرجة األوىل. ولقد سبقهما يف ذلك كل من موجهني على ما أقول، كو، والذي مل يعرب ( ... ) 2005مرزاق علواش صاحب فيلم ''باب الواب'' الذي أنتجه سنة املخرج

اإلغراء مضمونه سوى عن حماوالت القفز على ''الطابوهات'' من خالل إدراج بعض لقطات يف 1..." واجلنس

ار إليه الكاتب ، ميكننا أن نقول أيضا أن املخرج يف فيلمه هذا مل يربز أي باإلضافة ملا أشمسة من مسات الشخصية اجلزائرية ، لذلك نعتقد بأن املخرج قد أنتج الفيلم جلمهور آخر، بعيدا عن

اجلمهور اجلزائري يف داخل الوطن .

م اليت تلت مباشرة فرتة ذا ميكننا أن نلمس املسافة اليت ابتعدت من خالهلا هذه األفالالعشرية احلمراء عن اخلطوط العريضة املعربة عن اهلوية اجلزائرية، بل جندها قد سارت يف الكثري من

w.djazairess.com/elhiwar/13654ww، جزائرية لغري اجلزائريني ، سينما نرجس رمضان -1

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

461

األحيان بعكس االجتاه.

، يلمس بيسر القفزة النوعية احلاصلة ذه املرحلة من اإلنتاج السينمائيإن املالحظ لنماذج هثر جرأة على قضايا ترتبط األفالم ، بالشكل الذي بدت فيه أك على مستوى التعبري البصري هلذه

أعراف اجملتمع ، و يكون الرابط املشرتك هلذه النماذج ، يرتكز أساسا يف طبيعة تعاطي هذه و بعادات ، أيضا قد تكون التقاليد وطبيعة رأة، وطبيعة استغالهلا معنويا وماديا على مستوى الصورةاألفالم مع املبذلك يكون التعبري اليت قد تشكل عنصرا مشرتكا فيها. و ، من بني العناصرفالم معهااألتعاطي هذه

البصري هلذه األفالم قد ابتعد عن التفاعل اإلجيايب مع عناصر هوية اجملتمع ، مما يستدعي وقفة تأملية مهوم يا و ايف أسباب هذه الظاهرة اليت بدت على شاشات سينما كان منطلقها " سينما ملتزمة " بقض

اجملتمع، تسعى لدعم عناصر هويته .

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

462

خاتمـــــــــال ــــــةــــــ

ا من ميكننا يف ختام هذا البحث أن نقول بأن اهلوية اجلزائرية قد استمدت العديد من مقوما، ومـن ناحيـة ر الواسع لإلسالم يف املنطقةاهلوية العربية اإلسالمية بشكل عام ، ذلك ما أوجده االنتشا

، خاصــة مـــن انصــهارمها يف بوتقــة واحــدةأخــرى مــا أوجــده تفاعــل العنصــر العــريب بالعنصــر الرببــري ، و خــــالل اســــتيطان القبائــــل اهلالليــــة للمنطقــــة . و لكــــن علــــى الــــرغم مــــن ذلــــك تبقــــى لشــــعوب املنطقــــة

ـا، واملرتبطـة بالبعـد اجلغـرايف املتميـز، وكـذا البعـدين ا احلضـاري لألمــة ي و لتـارخيخصوصـيتها الـيت تلونـت اجلزائرية .

إن هذه األبعاد قد أفرزت العديد من السمات ، الـيت متظهـرت علـى مسـتوى السـلوك الفـردي االنـــدفاع، واتســـام أبنـــاء املنطقـــة بســـمة مقاومـــة و و اجلمـــاعي ، كالشـــجاعة ، واإلقـــدام ، وروح التـــأيب ، ا املعتدي ، واليت ظلت مسـة متأصـلة يف الشخصـية اجلزائر يـة علـى طـول تارخيهـا، كمـا متيـزت خبصوصـيا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

463

علــى مســتوى املمارســة الدينيــة ، فحــىت و إن احــتفظ الــدين اإلســالمي جبــوهره إال أن العقليــة املغاربيــة ـم طبعته مبا أمساه اهلرماسي باإلسالم املعـيش، حبيـث متكـن سـكان املنطقـة مـن تأسـيس تصـور خـاص

ــا للــدين ، أهــم مــا مييــزه الوســطية بــدون م غــاالة. وإىل جانــب ذلــك مــا المســناه مــن مســات اصــطبغ سكان املنطقة كتثمينهم ملبـدأ التعـاون، وتقـدير العلـم و العلمـاء وميـوهلم للتـدين ، باإلضـافة لتمسـكهم بقيمــيت احليــاء و الشــرف الــذي يتأســس عليــه تصــورهم للحيــاة، وهــو مــا يعــربون عنــه مــن خــالل مفــردة

ين املرتبطـة بكرامـة اجلزائـري وشـرفه، كمـا ميكننـا أن نشـري إىل مسـات أخـرى "النيف" الـيت ختتـزل كـل املعـاسلبية و قد تكون علـى درجـة مـن اخلطـورة، يف الوقـت الـذي نرجعهـا يف أصـلها لسـمات إجيابيـة، تعـود الرتبــاط ســكان املنطقــة مببــدأ احلريــة، وعــدم تفــريطهم فيهــا. غــري أننــا الحظنــا مــن خــالل مــا أشــار إليــه

ذا املفهوم، وما أوجده من مشاكل عشرايت خبص وص مفهوم "البايلك" ، وسلوك املواطن الذي ارتبط على مستوى عالقة املواطن بالدولة .

كانــت تلــك أهــم مــا اتســمت بــه هــذه الشخصــية اجلزائريــة مــن مســات لونــت هويتهــا وأعطتهــا ن السـينما اجلزائريـة، وإن وبطرق موضوع السينما اجلزائرية ميكننا أن نقـول بشـكل عـام أ خصوصيتها .

ا مــن دمــار تســبب فيــه املســتدمر اهتمــت يف مراحلهــا األوىل ببنــاء الشخصــية الوطنيــة نتيجــة مــا أصــاالغاشــــم ، إال أن هــــذا التكفــــل مل يكــــن بصــــفة مدروســــة، عاملــــة وواعيــــة، بقــــدر مــــا كــــان اجنــــراف وراء

ه الدولـة، وبالتـايل عليـه أن يـرتجم سياسـات توجهات أيديولوجية للدولة، باعتبـار أن قطـاع السـينما أممتـا . الدولة ويبشر بتوجها

فمجمــل مضــامني الســينما اجلزائريــة قاربــت موضــوع اهلويــة مــن زاويــة أيديولوجيــة، فمــا اهتمــام هذه السينما اجلزائرية بعناصر اهلوية اجلزائرية ، إال لتقاطعها مع سياسات الدولة، فحـني نعـود لـتفحص

ا السينما اجلزائرية، الشك أننا نعثـر علـى تقاطعـات مـا بينهـا و مـا بـني هذه املوضوعا ت اليت اهتمت ا الدولــة آنــذاك . فــإذا رجعنــا ملوضــوع اهتمــام الســينما اخليــارات األيديولوجيــة والسياســات الــيت اعتمــد

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

464

نـــذاك علـــى مبوضـــوع الثـــورة التحريريـــة و املقاومـــة عمومـــا، فإننـــا نصـــادف هـــذا النظـــام السياســـي القـــائم آالشرعية الثورية ، و بالرجوع لتيمة األرض ، فال شـك أننـا نصـادف أيضـا اهتمـام الساسـة بـاألرض مـن خالل سياسة تأميم األراضـي ، و إذا عرجنـا ناحيـة موضـوع الشـباب واملشـاكل االجتماعيـة، فـال شـك

ــا مــن بــني اهتمامــات الساســة آنــذاك، كــون هــذه املشــاكل االجتماعيــة الــيت يعان يهــا الشــباب، متثــل أ حتديا بالنسبة للنظام، باعتبار هذه الفئة تشكل غالبية السكان آنذاك .

وبرتاجــع الدولــة عــن التكفــل بالقطــاع الســينمائي ، فقــد الحظنــا مــا أمســاه أمحــد محــام بــالردة، بالشكل الذي أصبحت يف هذه السينما تسبح يف عكس تيار مبادئ و قيم اجملتمع، وبالتايل تسري يف االجتاه املعـاكس ملـا يقتضـيه التكفـل باهلويـة الوطنيـة سـينمائيا، و هـو نفـس التـذمر الـذي عـرب عنـه أمحـد جباوي اجتاه األداء السينمائي للمرحلة املتأخرة ، مـن عـدم متكنهـا مـن القيـام بـنفس الـدور الـذي كانـت

تؤديه سابقا.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

465

قائمة المصادر و المراجع

القرآن الكريم. معاجــــــــــــــم :ال

للدراسات جان فرانسوا دورتيه، معجم العلوم اإلنسانية ، تر: جورج كتورة، املؤسسة اجلامعية .1 . 2008التوزيع، بريوت، والنشر و

اد، ديوان املطبوعات بوركو، املعجم النقدي لعلم االجتماع، تر:د. سليم حد ف.ر. بودون و .2 316، ص:1986زائر، اجلاجلامعية،

المصـــــــــــــادر :

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

466

اخلرب يف تاريخ العرب والرببر عبد الرمحن ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون املسمى ديوان املبتدأ و -01، 2000، بريوت،6التوزيع،جة والنشر و من عاصرهم من ذوي الشأن األكرب، دار الفكر للطباعو

143ص: األفــــــــــــــــــالم :

1969 الصناعة السينمائية، اجلزائر،فيون، الديوان القومي للتجارة و فيلم األ راشدي،أمحد .1

.األمني مرباحخالص ساري،سيناريو:مصطفى غرييب و بين هندل،قصة:جياليل األمني مرباح، .2

.اقتباس: الغوثي بن ددوش حوار: رويشد،سيناريو و حسان نية،ي بن ددوش، فيلم:الغوث .3

. 2004 سنةارة، التلفزيون اجلزائري مع مشاهو لإلنتاج، بلقاسم حجاج، املن .4

.اجلزائر ،1985 املؤسسة الوطنية لإلنتاج السمعي البصري، فيلم الشيخ بوعمامة، بن عمر خبيت، .5

، ياسف سعدي (قصبة فيلم)، إنتاج:أنطونيو موريكوينجيلو بونتيكورفو،فيلم معركة اجلزائر، .61966 .

ENPA ،1976ر)،املؤسسة الوطنية لإلنتاج السمعي بصري، حاج رحيم، فيلم (رحلة شويط .7

.1986حاج رحيم، فيلم ميدالية حلسان، إنتاج التلفزيون اجلزائري، سنة .8

، اجلزائر.1980: كحلة و بيضاء، التلفزيون اجلزائري، سنة عبد الرمحان بوقرموح، فيلم .9

.1971الصناعة السينمائية، و الشرق، الديوان القومي للتجارةعمار العسكري، فيلم: دورية حنو .10

الصناعة السينمائية، جلمر، الديوان الوطين للتجارة و حممد األخضر محينة، فيلم وقائع سنني ا .11 .اجلزائر

1980: جتار األحالم، إنتاج اإلذاعة و التلفزة اجلزائرية،اجلزائر ، حممد إفتسان، فيلم .12

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

467

الصناعة السينمائية،اجلزائر،للتجارة و تاكسي، الديوان القومي حممد سليم رياض، فيلم :حسان .13

1982.

1976 السينمائية،اجلزائر، والصناعة عمر قتلتو الرجلة،الديوان القومي للتجارة مرزاق علواش، .14

، سنة سينما) 3بايا فيلم ) فرنسي(فرانسباب الواب ، إنتاج مشرتك جزائري (مرزاق علواش، .152005.

.2001سنةمشرتك جزائري فرنسي،مرزاق علواش، فيلم (العامل اآلخر)،إنتاج .16

2010مرزاق علواش،حراقة ، إنتاج مشرتك جزائري(وزارة الثقافة) فرنسي(املركز الوطين السينمائي)، .17

canal +،Art France cinéma,Ciné sud Promotion,Cièlرشيدة،إنتاج: ميينة بشري شويخ، .18

Production ،20021989سنة ، وصناعتهالتجاري للفن السينمائي ، اجلزائر.

المراجــــــع باللغة العربية :

.1995القاهرة، االجتماعية، الدراسات والبحوث اإلنسانية و عني أمحد علي مرسي، مقدمة يف الفولكلور، .1

2007 وزارة الثقافة،سحب الطباعة الشعبية للجيش، الثورة التحريرية،أحسن ثليالين،املسرح اجلزائري و .2

العثمانية قات ، مطبعة جملس دائرة املعارفلزلغ بن طرخان الفارايب، التعليأبو نصر حممد بن حممد بن أو .3 .هـ1349، حيدرآباد الركز ،

وزارة جملتمع يف الوطن العريب، منشوراتاقراءات يف العالقة بني السينما و إبراهيم العريس، الشاشة... املرآة .4 .2008املؤسسة العامة للسينما، دمشق، -الثقافة

لرمحن عثمان إمساعيل، دور برامج التلفزيون غري السودانية يف تغيري القيم االجتماعية للمجتمع إهلام عبد ا .5 . 2006السوداين، الدار العربية للنشر التوزيع، القاهرة،

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

468

بداع) ، منشورات إحتاد إمساعيل ملحم، اخلصوصية يف الثقافة القومية العربية(دور االنتاجية و اال .6 .1996سوريا، سنة الكتاب،

، باب اهلاء . هـ1306الشريف علي حممد اجلرجاين، التعريفات، املطبعة اخلريية، مصر، .7

2010، اجلزائر، ربية ديوان املطبوعات اجلامعيةبن عبد اهللا حممد، سيكوباتولوجيا الشخصية املغا .8

ت .بداك شاحبة، املمارسات السحرية للمجتمع األمازيغي، منشورات دار السعادة، اجلزائر، د .9

. 2000، 1حسن الوراكلي ، املسلمون و أسئلة اهلوية ، مجعية البعث اإلسالمي ،تطوان ،ط .10

اجلزائر، شورات إحتاد الكتاب اجلزائريني، حفناوي بعلي، أربعون عاما على خشبة مسرح اهلواة اجلزائر، من .112002 .

النشر والتوزيع، و شرف للطباعةخليل رزق ، حتوالت احلبكة (مقدمة لدراسة الرواية العربية)، مؤسسة األ .12 .1998بريوت،

ط السلوك، الدار العربية للعلوم رؤوف سعيد احلناوي، الالوعي اجلمعي و أثره يف الذاكرة الشعبية و أمنا .13 . 2008، بريوت ، 1ناشرون، ط

اجلامعية تدات احلضارية ، ديوان املطبوعاسليمان عشرايت ، الشخصية اجلزائرية األرضية التارخيية و احملد .14 . 2007، اجلزائر ،

. 1989سد فيلد، السيناريو، تر:سامي حممد، دار املأمون للرتمجة و النشر، بغداد، .15

. 2007شكري عبد الوهاب،النص املسرحي،مؤسسة حورس الدولية،اإلسكندرية ، .16

احملروسة سي، مركزشيل بدران، الرتبية و األيديولوجيا دراسة يف العالقة بني الرتبية و بنية النظام السيا .17 .2008للنشر و اخلدمات الصحفية و املعلومات، القاهرة،

.2007صاحل بلعيد، يف اهلوية الوطنية، دار األمل، ردمك ، .18

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

469

.1987تونس، عادل النادي، مدخل إىل فن كتابة الدراما، مؤسسات عبد الكرمي بن عبد الله، .19

. 1993، 5قايف العريب، بريوت، طعبد اهللا العروي، مفهوم اإليديولوجيا، املركز الث .20

األدب ومي العريب، اهلوية القومية يفعفت الشرقاوي، املصادر الفكرية ملفهوم اهلوية لدى رواد الفكر الق .21 . 1999العريب املعاصر، معهد البحوث و الدراسات العربية، القاهرة ،

تغريات احمللية والعاملية، املكتبة االجتماعي بامل عبري عبد املنعم فيصل، علم االجتماع و تنمية الوعي .22 . 2010، 1التوزيع، مصر، طالعصرية للنشر و

2000اهلوية، مطبعة الصالح احلديدية، الدار البيضاء، سنة عبد العايل الودغريي، اللغة والدين و .23

. 1995، اجلزائر، 1عبد الرمحن حممد اجلياليل، تاريخ اجلزائر العام، ديوان املطبوعات اجلامعية، ج .24

عمر بن قينة، دراسة اخلطاب القومي يف الثقافة اجلزائرية، منشورات إحتاد الكتاب العرب، دمشق، .251999.

.1988التلفزيون، دار الفكر العريب، القاهرة، ناء الدرامي يف الراديو و عديل سيد حممد رضا، الب .26

2007اجلزائر، للنشر، عبد الرمحن اجملذوب،الشاعر عبد الرمحن اجملذوب،إعداد:توفيق ومان،فيسريا .27.

.2008ية، دار العامل العريب، القاهرة،فاطمة الزهراء سامل، حنو هوية ثقافية عربية إسالم .28

ا، تر: نور الدين السايف و زهري ا .29 ملدنيين، الدار املتوسطة للنشر، فتحي الرتيكي، اهلوية و رهانا . 2010تونس،

.2009، القاهرة ، 1طكتب، عامل ال ! لطيفة إبراهيم خضر، هويتنا إىل اين؟ .30

السابع عشر، سداس للنشر، لطفي عيسى، مدخل لدراسة مميزات الذهنية املغاربية خالل القرن .31 . 1994تونس،

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

470

نسا ، وزارة الثقافة اجلزائرية،حممد مسلم ، اهلوية يف مواجهة االندماج عند اجليل املغاريب الثاين بفر .32 . 2009اجلزائر ،

ان املطبوعات فة،املسألة الثقافية و قضايا اللسان و اهلوية،ديو حممد العريب ولد خلي .33 .2003اجلامعية،اجلزائر،

ران، مدخل إىل املنطق الصوري، دار ا .34 .1994القاهرةلثقافة للنشر و التوزيع، حممد

حممد صاحل اهلرماسي، مقاربة يف إشكالية اهلوية املغرب العريب املعاصر، دار الفكر، .35 .2001دمشق،

)، 37لسلة الثقافة القومية(عابد اجلابري، مسألة اهلوية العروبة و اإلسالم...و الغرب، س حممد .36 . 2001دراسات الوحدة العربية، بريوت، مركز

د.حممد الزحيلي، وظيفة الدين يف احلياة وحاجة الناس إليه، مجعية الدعوة اإلسالمية .37 ، د م .1991العاملية،

. 1995أجل التغيري، دار الفكر، دمشق، مالك بن نيب، مشكالت احلضارة من .38

حممد حسن غامري ، املدخل الثقايف يف دراسة الشخصية، املكتب اجلامعي .39 .1989احلديث،اإلسكندرية،

املنصف وناس، الشخصية التونسية حماولة يف فهم الشخصية العربية، الدار املتوسطية للنشر، .40 . 2011تونس،

ات، مركز دراسات الوحدة العربية،مناقشو اثة دراسات حممد اجلابري، توظيف الرتاث و احلد .41 . 1991بريوت،

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

471

حممد فيصل شيخاوي ، القيم و األعراف األخالقية يف احلضارة العربية اإلسالمية: دراسة تارخييه .42 . 1997تربوية و حتليلية، مطبعة اليمامة، محص،و

مصادره،د ط،د ت اجلزائري و يف سوسيولوجية املسرح خملوف بوكروح، املسرح و اجلمهور، دراسة .43 .

.2002، بريوت ، سنة 2ندمي البيطار، حدود اهلوية القومية، البيان للنشر و التوزيع و االعالم، ط .44

داللة املفهوم"، املعهد املدنية "دراسة لسرية املصطلح و –الثقافة -نصر حممد عارف، احلضارة .45سلسلة املفاهيم و ،1994، 2ية، ط العاملي للفكر اإلسالمي، الواليات املتحدة األمريك

)1(املصطلحات

الغرب للطباعة والنشر نسمة البطريق ، الداللة يف السينما و التلفزيون يف عصر العوملة ، دار .46 . 2004التوزيع، القاهرة،و

نصر بوعلي، التلفزيون الفضائي و أثره على الشباب يف اجلزائر، دار اهلدى، اجلزائر، - 74 .47 .2005سنة

، اهلوية القومية يف هاشم النحاس، اهلوية القومية يف السينما العربية دراسة استطالعية مستقبلية -76 - 75 .48 .1976العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، بريوت، أكتوبر السينما

المراجع المترجمة:

والنشر، ليف والرتمجة ية العامة للتأألبريت أشقيتسر، فلسفة احلضارة، تر:عبد الرمحن بدوي، املؤسسة املصر .1 .1963مصر،

واآلداب، اجمللس الوطين للثقافة والفنون ، 51جان الكسان، السينما يف الوطن العريب، عامل املعرفة، العدد: .2 .1978ينايرالكويت،

.1980جورج لوثر، التأليف التلفزيون، تر:عزت نصري، اهليئة املصرية العامة للكتاب، مصر، .3

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

472

وزارة الثقافة املؤسسة العامةفن كتبة السيناريو،تر:د.قاسم املقداد، منشورات -يوجون بول توروك، السينار .4 .1995للسينما، دمشق،

عويدات، ، منشورات4، تر: د.كمال احلاج، طرنيه ديكارت، تأمالت ميتافيزيقية يف الفلسفة األوىل .5 . 1988سنةبريوت،

د املال، دار دمشق للطباعة زياليكال بولداشيف،قضايا البحث الفلسفية يف الفن، تر: .6 .1984النشر،سوريا،و

محيد حمسن، دار كيوان للطباعة هارملبس و هوليورن، سوشيولوجيا الثقافة و اهلوية، تر: حامت .7 .2010، دمشق،1والنشر و التوزيع، ط

. 1993، دمشق ، سنة1اليكس ميكشيللي، اهلوية، تر: د.علي وطفة، دارالوسيم للخدمات الطباعية، ط .8

مراجـــع باللغة الفرنسية :ال

1. Abdelghani Megharbi,les algérien au miroir du cinema colonial,Prèsse de

L'E.N.A.P,Algérie, 1982.

2. abdelghani megharbi, le mimoir apprixoisé. Sociologie du cinema algerien,

ENAL,Alger, 1985.

3. G.W.F.Hegl ,esthetique, flammarion, T4, paris, 1979.

4. jean mottet ,introduction a la sémiologie( texte-vinage), l’office des

publication universitaires, Alger, 1980 .

5. jean onimus, reflexion sur l’art actuel, desclée de brouwer, Belgique,1964.

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

473

6. Ratiba hadj-moussa, le corps-l’histoire le territoire le rapport des geures dans

le cinéma algérien, les édition Balzac publisud,canada,1994.

7. wassyla tamzali , en attendant omar gatlato, presse de l’ENAP, alger, 1979.

جامعية :ال رسائــــــــل ال

سؤال اهلوية، رسالة لنيل شهادة أقاليم الصحراء و تمع البدوي و امساعيل بوجوحام ، اجملبكار املرجتي و .1 .2010-2009 سنةتطوان، ماجيستري،إشراف:د.عبد العزيز بوليفة، جامعة

عبري بنت حممد حسن عسريي، رسالة ماجستري: عالقة تشكل هوية األنا بكل من مفهوم الذات .2وية مبدينة الطائف، إشراف: والتوافق النفسي واالجتماعي العام لدى عينة من طالبات املرحلة الثان

قسم علم -كلية الرتبية-، جامعة أم القرىهـ1424-1423د.حسني عبد الفتاح الغامدي رسم: النفس، اململكة العربية السعودية .

، -دراسة حالة اجلزائر –أوشن مسية، دور اجملتمع املدين يف بناء األمن اهلويايت يف العامل العريب .3 2010-2009ستري يف العلوم السياسية، جامعة باتنة، سنة مذكرة لنيل شهادة ماجي

)، 41د.حممد جنيب بوطالب ، سوسيولوجيا القبلية يف املغرب العريب، سلسلة أطروحات دكتوراه( .4 .2002مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان،

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

474

ا يف الثقافة العربية، إشر .5 ي، األكادمييةاف:د.سومي ألعز زهري سعد عباس ، ظاهرة العوملة و تأثريا رسالة ماجستري.، 2007/2008العربية املفتوحة يف الدامنرك كلية القانون و السياسة، املوسم

لولد الصاحلنيلقوي يف اجلزائر مسرحية القراب و العلجة اهلذيلي، توظيف الرتاث يف املسرح احل .6ا،عة املسيلة، قسم اللغة العربية و ، جام- أمنوذجا - عبدالرمحان كاكي ، مذكرة لنيل شهادة 2008آدا

.ماجستري

المجالت و الدوريات باللغة العربية :

، اجمللس الوطين للثقافة 224ة د.رشاد عبد اهللا الشامي، إشكالية اهلوية يف إسرائيل، عامل املعرف .1 .1997اآلداب، الكويت، أغسطس/آب والفنون و

العريب، وزارة اإلعالم، الكويت، عيسى شريط ، أربعة أفالم و حديث عن اهلوية الثقافية ، جملة .2 1995، يونيو 439العدد

،سلسلة الدراسات احلسني آيت باحسني،اهلوية يف عالقته باألمازيغية لغة و ثقافة و حقوقا .3يع الرباط للثقافة خطاب اهلوية باملغرب(أشغال الندوة الوطنية املنعقدة يف إطار رباألمازيغية:حول

ورات اجلمعية املغربية للبحث و التبادل الثقايف،الدار البيضاء .، منش2006 مارساألمازيغية)،

وزارة التعليم األصلي والشؤون د. عبد املالك مرتاض، أصالة الشخصية اجلزائرية، جملة األصالة، .4 جوان، اجلزائر. - ماي 8،عدد1972الدينية،

املعلومات عصرلعربية و ريب معلومايت، الثقافة انبيل علي، منظومة القيم و املعتقدات: منظور ع .5 . 265العدد: ،2001يناير الكويت، اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب، عامل املعرفة)، لسلة(س

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

475

المجالت و الدوريات باللغة الفرنسية:

97- cinéma72, société technique éditions et publication, N:171, Decembre1972, Paris.

98- Cinéma action cinéma du Maghreb, papyrus Editions,N:14 Printemps1981,Paris

ت :مواقــــــــــــع االنترن

أمحد جباوي ، احملنة الكربى للسينما اجلزائرية .1www.elkhabar.com

،أمحد السيد الكردي، نظريات الشخصية .2www.kenanaoneline.com

اريك إريكسون، فصول حياتنا أمحد أبو الفاو، .3 www.ahmedfawy2011.yoo7.com

العوملة الثقافية . العريب ومسألة اهلوية يف عصر أ.د.إبراهيم أبراش، الفكر .4 www.palnation.org

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

476

أمحد محام، واقع السينما يف اجلزائر .5 www.aswat-echamal.com

ا األساسية، .6 إبراهيم القادري بوتشيش، حول مفهوم اهلوية و مكونا www.histoire.maktoobblog.com

أبو زيان الزيلعي، تعريف مفهوم احلضارة، .7www.aboukhar2.maktoobblog.com

أ. ج، صورة املرأة يف فيلم رشيدة.. داللة سيميولوجية .8www.djazairess.com

أمني محادة ، ما معىن اهلوية، .9www.arabna.info

ابن حزم ، الفصل يف امللل و النحل، .10www.almeshkat.com

ملاسلو :أمحد ماجد، نظرية هرمية احلاجاتأنظر .11www.happytoyou.makcoubbloy.com

أدمني ، الشخصية. .12 www.alhammali.mam9.com

الشريف كرمة، اللغة العربية و عالقتها باهلوية، .13www.annales.univ- mosta.dz

ملعاصر،الشيخ حممد الصادق اإلبراهيمي، األزمة احلضارية يف عاملنا ا .14www.alwastnews.com

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

477

ي و إشكالية اهلوية، جملة العلومالعماري الطيب، التحوالت السوسيو ثقافية يف اجملتمع اجلزائر .15 432اإلنسانية و االجتماعية، ص:

www.ouargla-univ.dz

حلسن املراكشي، تعريف احلضارة،ا .16

www.aboukhar2.maktoobblog.com

السعيد تريعة ، كيف يظهر األرهاب يف السينما اجلزائرية .17www.sabaqueen.net

ا القيصرية . ب. فيصل ، السينما اجلزائرية رص .18 يد حافل رغم والدwww.startimes.com

بن عبد العزيز حرية، دور اهلوية يف تفعيل مسار التكامل املغاريب، .19www.politics-ar.com

وية و الغريية،بوعالم مباركي، لغة املسرح بني اهل .20 www.annales.univ-mosta.dz

جاد الكرمي اجلباعي، يف مفهوم املواطنة ، .21www.hem.bredband.net

ج.شفيقة، نادي السينما يعود ألفالم الثورة .22 www.el-massa.com

جازية سليماين، عشرية الرعب اجلزائري يف فيلم "املنارة" .23 www.almustaqbal.com

حامد زهران، نظرية الذات اليت وصفها كارل روجرز، .24

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

478

www.jamaa.net

حسني عبد املفتاح الغامدي، مدرسة التحليل النفسي أوال: نظرية فرويد يف التحليل النفسي .25www.pdfactory.com

األخالقي لدى عينة من حسني عبد الفتاح الغامدي، عالقة تشكل هوية اآلنا بنمو التفكري .26 ة و الشباب باملنطقة الغربية من اململكة العربية السعودية،مرحلة املراهقالذكور يف

www.dr-saud-a.com

ذات والتوافق"النفسي حسني عبدالفتاح الغامدي،عالقة تشكل هوية اآلنا بكل من مفهوم ال .27 ة الطائف،العام" لدى عينة من طالبات املرحلة الثانوية مبدينواالجتماعي

www.dr-saud-a.com

محزة، مدرسة كارل يونغ التحليلية .28www.bmhh.med.sa

محود الشريف، نظريات الشخصية .د .29www.faculty.KSU.edu.Sa

حسن عايل، اهلوية و دورها يف البناء الفكري .30 www.swmsa.net

حسن خليفة، ثقافة الصورة .31hacenkhelifa.maktoobblog.com

خالد بن عبد اهللا القاسم، العوملة الثقافية و أثرها على اهلوية .32www.faculty.ksu.edu.sa

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

479

رجان أغنية الشعيب. دليلة مالك، نصر الدين البغدادي حياضر على هامش فعاليات مه .33www.vitaminedz.com

رمزي نايلي، تاريخ السينما اجلزائرية، .34ouledberriche.ahlamontada.net

زكريا نوار، خطوة حنو التأسيس ...األدب و االنتماء .35www.kalema.net/v1

زكي السحري، دور التاريخ يف تشكيل اهلوية العربية، .36 www.ahlamontada.net.

سليم عقار ، السينما و الثورة اجلزائرية .37 www.djazairnews.inf

جية الشخصية،سامي عبد القوي،العوامل البيولو .38www.bafree.net/arabneuropsych

سعيد العطري، نظرية هانز أيزنك للشخصية، .39 www.ofaq-n.net

مسري الزغيب ، إشكالية اهلوية و االختالف يف السينما العربية، .40 www.ahewar.org

سليمان العسكري، عصر ثقافة الصورة .41 www.montadaalquran.com

صلح بن سعيد الزهراين، العقل املستعار حبث يف إشكالية املنهج ، .42www. Uqu.edu.sa

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

480

األندلسية يف العصر اإلسالمي من خالل -دمة لدراسة املالبس املغربيةصاحل يوسف بن قربة، مق .43 املصادر التارخيية و األثرية.

www.attarikh-alarabi.ma

الطيب عبد اجلليل حسني حممود،إشكالية اهلوية و بناء الدولة الوطنية املعاصرة، .44 www.sudanpolice.gov.sd/pdf/888

عبد الرحيم العطري ، مالحظات حول اهلوية و االنتماء هنا واآلن، .45 www.ejtemay.com/showthread.php

ث عن اهلوية سرد تارخيي لتطور املصطلح،، البحعطريعبد الرحيم ال .46www.ejtemay.com

عز الدين علي ، الشخصية و اهلوية، .47 www.falsafatona.blogspot.com

ة و الثقافة اإلسالمية يف إطار الرؤية، املتكاملة عبد العزيز بن عثمان التوجيري، احلفاظ على اهلوي .48

www.islamtoday.net/files

عزيزي عبد الواحد، اهلوية كبحث عن الذات .49 www.9.com/vb/98282

راهام ماسلو(عامل النفس األمريكي)عبد السالم ، ما هي نظرية أب .50www.happytoyou.makcoubbloy.com

عبد الرمحن إبراهيم ، كارل غوستاف يونغ ، .51www.maganin.com

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

481

عز الدين صحراوي، اللغة العربية يف اجلزائر : التاريخ و اهلوية .52www.univ-biskra.dz/fac

عبد الرمحن بسيسو، الثقافة و معركة الدفاع عن اهلوية .53 www.dirseit.edu

/جوان 2003ديسمرب 4/5العدد:في، جتربتنا مع الرواية الشفوية،جملة عصور،عبد القادر خلي .542004

www.oussoue.maktoobblog.com

و آلية التعاطي مع إرهاب للمخرجة اجلزائرية يامينا شويخ -لم رشيدةعدنان حسني أمحد، في .55 الدولة.و الدين

www.ahewar.org

عبد اهللا غفال، شكل السيناريو .56

com.shared4

عالوة حاجي، فيلم جريء عن العشرية السوداء. .57www.maktoobblog.com

واآلن، ظات حول اهلوية و االنتماء هنا، مالح عبد الرحيم العطري .58www.ejtemay

فاحل العمرة ، منو الشخصية ، .60www.alajman.ws

فيصل احلفيان، اللغة و اهلوية:إشكاليات املفاهيم و جدل العالقات .61

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

482

www.altasamoh.net.

فايزة خيلف، الصورة الفيلمية و إشكالية السرد السينمائي الوهم اجلميل و حقيقة الواقع .62www.arrafid.al

كاترين هالبرين، مفهوم اهلوية : تارخيه و إشكاالته، تر: د.إلياس بلكا .63www.cjtcmay.com/shoro

كامل داود، مقاربة إىل مفهوم اهلوية .64 www.ahewar.org

البدايات ، - حممد عبيدو ، السينما يف اجلزائر .65 http://www.ahewar.org

تاريخ السينما اجلزائرية ،مانو الرباجيية ، .66www.arabslab.com

حممد باداج، الشخص و اهلوية، .67minbar.olympe-network.com

م.هيباوي، اهلوية الشخصية و قيمة الشخص، .68 www.addoha.ibd3.org

113-112ن قرن من تاريخ األمازيغيني،ص:حممد شفيق، ثالثة و ثالثو .69 www.dafatir.net

حممد محيد الصواف، عادات الشعوب و التمسك بالرتاث لدميومة اهلوية .70www.annaba.org

مصطفى توفيق، تعريف السيناريو، .71

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

483

www.most-toufik.com

حممد السموري، خطاب الصورة و مجاليات اخلطاب البصري، .72www.diwanalarab.com

، ، سينما جزائرية لغري اجلزائريني نرجس رمضان .73www.djazairess.com/elhiwar/13654

د.هيثم مناع، صناعة اهلوية .74www.achr.nu/art59

وسوعة احلرة ، سينما جزائرية .ويكيبيديا امل .75

ولد املطوع ، كارل غوستاف يونغ .76 www.bafree.net

77. Abdelhakim meziani, le cinema algerien a l’heure des grands choix,

www.euromedcafé.org

78. Filmalgérien.Blogspot.com

79. K.claudio, le scenario, www.mouviz.com

80. V. vincent, ecrire un scénario, www.mouviz.com

81. Yves lavandier, la dramaturgie, www.multimania.com

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

484

رســـــالفه

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

485

إھداء

شكر

..................................................................................................................... .... مقدمة

............................ المدخل: خصوصية نشأة السينما الجزائرية

............................................................................................. سيامن ما قبل الاسـتقالل

............................................................................................. سيامن ما بعد الاسـتقالل

الفصل األول:الهوية الجزائرية ................................................................................ :ضبط مصطلح الھويةالمبحث األول

.......................................................................... الهويـة : مغوض املفهوم -1

................................................................................. ر مفهوم الهويةتطو -2

............................................................ الهوية يف الرتاث العريب االساليم -3

.......................................................... املفهوم الاصطاليح احلديث للهوية -4

..................................................................................... الهوية امجلاعية. -5

.......................................................................................... االيديولوجيا -ا

........................................................................................... احلضـارة -ب

.................................................................................... الالوعي امجلعي -ج

.............................................................................................. اذلهنيـة -د

..................................................................................... الهويـة الثقافيـة -هـ

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

486

.......................................................................................................... اسس الهوية -6

..................................................................... المبحث الثاني:خصوصية الھوية الجزائرية

..................................................................................................................... . مھيـــــدت

............................................................................................... ادليـــن - 1

................................................................................................ اللغـة -2

............................................................................................... الثقافـة -3

........................................................................ القمي واملعتقدات واالعراف -

................................................................................................ االزيـاء -

............................................................................................. التاريـــخ -4

.............................................................................................. اذلهنية -5

...................................................................................... نزعة التقديس -6

الفصل الثاني طبيعة مضامين السينما

الجزائرية و عالقتها بالهوية

................................ يخي بالھوية:عالقة موضوعات األفالم ذات الطابع التارالمبحث األول

..................................................................................................................... . تمھيـــــد

.................................................... طبيعة تعاطي االنتاج السيامنيئ مع هوية اجملمتع

....................................................................... سيامن املرحةل االوىل مالمح -ا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

487

............................................................................................ حتليـل افـالم

................................................ افالم املرحةل االوىل من خالل: االفيون و العصا

............................................... افالم املرحةل الثانية من خالل: وقائع سـنني امجلر

...................................................................... افالم املرحةل الثالثة من خالل:

..................................................................................... دلـبين هنفيمل -1

............................................................................... فيمل الشـيخ بوعاممة -2

............................. المبحث الثاني:عالقة موضوعات األفالم ذات الطابع االجتماعي بالھوية

......................................................................................................................... تمھيـــد

............................................................................... افالم املرحةل الثانية -ب

.......................................................................................... فيمل الفحام -1

.............................................................................................. فيمل نوة -2

............................................................................... املرحةل الثالثةافالم -ج

................................................................................ مغامرات بطلفيمل -1

................................................................................ حسن طاكيسفيمل -2

............................................................................... ةاملرحةل الرابعافالم -د

............................................................................................................ حتليل االفـــــــــالم

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

488

III – السيامن اجلديدة وهوية اجملمتع ................................................................................

....................................................................................... فيمل معر قتلو - 1

................................................................................ فيمل كحةل و بيضاء -2

IV- سيامن املرحةل الرابعة و هوية اجملمتع............................................................................

.......................................................................................... فيمل رشـيدة - 1

....................................................................................... افالم اخرى -2

صورة المجتمع على الشاشة وطبيعة الفصل الثالث:انعكاس

تفاعلها على هويته

................................ البناء الدرامي للسيناريو و طبيعة تفاعله مع الھوية :المبحث األول

................................................................................. تمھيــــد

................................................................................... معامرية السيناريو - 1

........................................................................... البناء ادلرايم للسيناريو -2

............................................................................................ الشخصية -ا

......................................................................... : الشخصيات الرئيسـية 1-ا

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

489

............................................................................ : الشخصيات الثانوية 2-ا

............................................................................................. الرصاع -ب

............................................................................................... حلبكةا -ج

..................................................................................... احلوار السيامنيئ -د

................................................................................... حتليل االفــــــــــالم

V – البناء ادلرايم يف سيناريو الفيمل التارخيي ..................................................................

...................................................................................... فيمل بين هندل - 1

................................................................................................. الشـيخ بوعاممة فيمل -2

VI - البناء ادلرايم يف سيناريو الفيمل الاجامتعي ..................................................................

.............................................................................. معر قتلتو الرجةلمل في - 1

.................................................................................. فيمل كحةل وبيضاء -2

.................................................................................. فيمل جتار االحالم -3

.................................................................................................. فيمل رحةل شويطر -4

..................... المبحث الثاني:التشكيل البصري للسيناريوھات و طبيعة تفاعلھا مع بالھوية

........................................................................................................................ تمھيـــد

......................................................... اخلطاب البرصي الفالم املرحةل االوىل -أ

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

490

................................................................................. فيمل معركة اجلزائر -1

.............................................................................. فيمل االفيون و العصا -2

........................................................................... دورية حنو الرشق فيمل -3

....................................................... اخلطاب البرصي الفالم املرحةل الثانية -ب

............................................................................. فيمل وقائع سـنني امجلر -1

............................................................................... ميدالية حلسان فيمل -2

........................................................ اخلطاب البرصي الفالم املرحةل الثالثة -ج

............................................................................... شـيخ بوعاممةال فيمل -1

............................................................................. فيمل معر قتلتو الرجةل -2

......................................................... اخلطاب البرصي الفالم املرحةلالرابعة -د

......................................................................................... ـارةفيـمل املن -1

......................................................................................... فيمل رشـيدة -2

.................................................................................... فيمل العامل االخر -3

.................................................................................... ابب الواب فيمل -4

....................................................................................... الخاتمة

...................................................................... قائمة المصادر والمراجع

أطروحة دآتوراه مالمح الهوية في السينما الجزائرية

491

.................................. الفهــــــرس