ﺔﻳﺎﻏو بدﻷا ﺔﻧاﺰﺧal-hakawati.net/content/uploads/civilization/7880_147.pdf ·...

625
ﺧﺰاﻧﺔ اﻷدب وﻏﺎﻳﺔ اﻷرب ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺤﻤﻮي اﻷزراري

Upload: others

Post on 26-Dec-2019

10 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  •  

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    األرب وغاية األدب خزانة  

    األزراري الحموي اهللا عبد بن علي بكر أبي الدين تقي  

    www.al

  • 2  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    مقدمة الكاتب

    صنعته وأوالنا بسم اهللا الرحمن الرحيم والحمد هللا البديع الرفيع الذي أحسن ابتداء خلقنا ب

    جميل الصنيع فاستهلت األصوات ببراعة توحيده وهو البصير السميع أدب نبينا محمدا 

    فأحسن تأديبه حتى أرشدنا جزاه اهللا عنا خيرا إلى سلوك األدب وأوضح لنا بديعه وغريبه

    نحمده حمدا يحسن به التخلص من غزل الشهوة إلى حسن الختام ونشكره شكر من 

    فأحسن النظم وأعوذ باهللا من قوم ال يشعرون بهذا النظام ونشهد أن ال شعر ببديع صفاته 

    إله إال اهللا وحده ال شريك له شهادة شاعر بأنه الواحد وأن سيدنا محمدا وعبده ورسوله 

    المبعوث من بيت عربي فصاحته على األعراب واإلعراب أعظم شاهد وعلى آله وأصحابه 

    ئر بحره وأنواع بديعة وديباج صدره وسلم تسليما الذين هم نظام هذا البيت الشريف ودوا

    كثيرا

    وبعد فهذه البديعية التي نسجتها بمدحه على منوال طرز البردة وكان موالنا المقر األشرف 

    العالي المولوي القاضوي المخدومي الناصري سيدي محمد بن البارزي الجهني الشافعي 

    لمحروسة جمل اهللا الوجود بوجوده هو صاحب ديوان اإلنشاء الشريف بالممالك اإلسالمية ا

    الذي ثقف لي هذه الصعدة وحلب لي ضرعها الحافل لحصول هذه الزبدة

    وما ذاك إال أنه وقف بدمشق المحروسة على قصيدة بديعية للشيخ عز الدين الموصلي 

    رحمه اهللا تعالى التزم فيها بتسمية النوع البديعي وورى بها من جنس الغزل ليتميز بذلك 

    الشيخ صفي الدين الحلي تغمده اهللا تعالى برحمته ألنه ما التزم في بديعيته بحمل على 

    هذا العبء الثقيل غير أن الشيخ عز الدين ما أعرب عن بناء بيوت أذن اهللا أن ترفع وال طالت 

    يده إلبهام العقادة إلى شيء من إشارات ابن أبي

    عن المسمى ونثر شمل األلفاظ األصبع وربما رضي في الغالب بتسمية النوع ولم يعرب 

    والمعاني لشدة ما عقده نظما

     قريب ولكن دون ذلك أهوال...فيا دارها بالخيف إن مزارها  " "

    فاستخار اهللا موالنا الناصري المشار إليه ورسم لي بنظم قصيدة أطرز حلتها ببديع هذا 

    م فصرت أشيد البيت االلتزام وأجاري الحلي برقة السحر الحالل الذي ينفث في عقد األقال

    فيرسم لي بهدمه

    وخراب البيوت في هذا البناء صعب على الناس ويقول بيت الصفي أصفى موردا وأنور 

    اقتباسا

    فأسن كل ما حده الفكر وأراجعه ببيت له على المناظرة طاقة فيحكم لي بالسبق وينقلني 

  • 3  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    إلى غيره وقد صار لي فكرة إلى الغايات سباقه

    ها ما نحته الموصلي في بيوته من الجبال وجاريت الصفي مقيدا فجاءت بديعية هدمت ب

    بتسمية النوع وهو من ذلك محلول العقال وسميتها تقديم أبي بكر عالما أنه ال يسمع من 

    الحلي والموصلي في هذا التقديم مقال

    وكان المشار إليه عظم اهللا شأنه هو الذي مشى أمامي وأشار إلى هذا السلوك وأرشد 

    برأيه وهل يقتدي أبو بكر بغير محمدفاقتديت 

    في حسن االبتداء وبراعة االستهالل

    حسن االبتداء عند المتقدمين

    براعة تستهل الدمع في العلم... لي في ابتدا مدحكم يا عرب ذي سلم  " "

    اعلم أنه اتفق علماء البديع على أن براعة المطلع عبارة عن طلوع أهلة المعاني واضحة 

    ن ال يتجافى بجنوب األلفاظ عن مضاجع الرقة وأن يكون التشبيب بنسيبها في استهاللها وأ

    مرقصا عند السماع وطرق السهولة متكفلة لها بالسالمة من تجشم الحزن ومطلعها مع 

    اجتناب الحشو ليس له تعلق بما بعده

    وشرطوا أن يجتهد الناظم في تناسب قسميه بحيث ال يكون شطره األول أجنبيا من شطره 

    نيالثا

    وقد سمى ابن المعتز براعة االستهالل حسن االبتداء وفي هذه التسمية تنبيه على 

    تحسين المطالع وإن أخل الناظم بهذه الشروط لم يأت بشيء من حسن االبتداء وأورد في 

    هذا الباب قول النابغة

    وليل أقاسيه بطيء الكواكب... كليني لهم يا أميمة ناصب  " "

    ألصبع لعمري لقد أحسن ابن المعتز االختيار فإني أظنه نظر بين قال زكي الدين بن أبي ا

    هذا االبتداء وبين ابتداء امرئ القيس حيث قال

    بسقط اللوى بين الدخول فحومل... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل  " "

    فرأى ابتداء امرئ القيس على تقدمه وكثرة معانيه متفاوت القسمين جدا ألن صدر البيت 

    بة اللفظ وسهولة السبك وكثرة المعاني وليس في الشطر الثاني شيء من جمع بين عذو

    ذلك

    وعلى هذا التقدير مطلع النابغة أفضل من جهة ماليمة ألفاظه وتناسب قسميه وإن كان 

    مطلع امرئ القيس أكثر معاني وما عظم ابتداء امرئ القيس في النفوس إال االقتصار على 

     وبكى واستبكى وذكر الحبيب والمنزل في شطر سماع صدر البيت فإنه وقف واستوقف

    بيت وإذا تأمل الناقد البيت بكماله ظهر له تفاوت القسمين

    وقال أعني ابن أبي األصبع إذا وصلت إلى قول البحتري من هذا الباب وصلت إلى غاية ال 

  • 4  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    تدرك وهو قوله

     ليعلم أسباب الهوى كيف تعلق...بودي لو يهوى العذول ويعشق  " "

     كالم زكي الدين بن أبي األصبعانتهى

    ولقد أحسن أبو الطيب المتنبي حيث قال

     تحسب الدمع خلقة في المآقي...أتراها لكثرة العشاق  " "

    ومثله قوله أي قول حبيب

     فلم أدر أي الظاعنين أشيع...حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا  " "

    وما ألطف قول أبي تمام في هذا الباب

     خف الهوى وتقضت األوطار...يار ديار ال أنت أنت وال الد " "

    ومثله قول أبي العالء المعري

     لعل بالجزع أعوانا على السهر...يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر  " "

    وقد خلب القلوب ابن المعتز في تناسب القسمين بقوله

     وتولى الصبا عليه السالم...أخذت من شبابي األيام  " "

    انئ قسمي مطلعه باالستعارات الفائقة حيث قالوما أحلى ما ناسب ابن ه

     وانشق جيب غاللة الظلماء...بسم الصباح ألعين الندماء  " "

    وقال الشريف أبو جعفر البياضي يشير إلى الرفق باإلبل عند السرى وتلطف ما شاء في 

    تناسب القسمين حيث قال

     أو ما تراها أعظما وجلودا...رفقا بهن فما خلقن حديدا  " "

    وهذه القصيدة طريقها الغريب لم يسلكها غيره فإنه نسجها جميعها على هذا المنوال 

    ومنها

     وسم الوجا بدمائهن البيدا...يفلين ناصية الفال بمناسم  " "

     ونظمن منه بسيرهن عقودا...فكأنهن نثرن درا بالخطا  " "

    ومما يعذب في الذوق من هذا الباب قول ابن قاضي ميلة

     ويحيي جفوني الوجد وهو المكلف... دمعي وقلبي المعنف يزيد الهوى " "

    وقد نبه مشايخ البديع على يقظة الناظم في حسن االبتداء فإنه أول شيء يقرع األسماع 

    ويتعين على ناظمه النظر في أحوال المخاطبين والممدوحين وتفقد ما يكرهون سماعه 

    يناسبهاويتطيرون منه ليتجنب ذكره ويختار ألوقات المدح ما 

    وخطاب الملوك في حسن االبتداء هو العمدة في حسن األدب فقد حكي أن أبا النجم 

    الشاعر دخل على هشام بن عبد الملك في مجلسه فأنشده من نظمه

     كأنها في األفق عين األحول...صفراء قد كادت ولما تفعل  " "

  • 5  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    وهشام بن عبد الملك أحول فأخرجه وأمر بحبسه

    ع أبيه عبد الملك فإنه دخل عليه وقد مدحه بقصيدة حائية أولهاوكذلك اتفق لجرير م

    " ... أتصحو أم فؤادك غير صاح "

    فقال له عبد الملك بل فؤادك يا ابن الفاعلة

    ومن هذه الجهة بعينها عابوا على أبي الطيب المتنبي خطابه لممدوحه في مطلع قصيدة 

    حيث قال

    ب المنايا أن يكن أمانيا وحس...كفى بك داء أن ترى الموت شافيا  " "

    ومن مستقبحات االبتداء قول البحتري وقد أنشد يوسف بن محمد قصيدته التي أولها

    " ... لك الويل من ليل تقاصر آخره "

    فقال بل لك الويل والخزي وأما قصة إسحاق ابن إبراهيم الموصلي في هذا الباب فإني 

    لى المعتصم وقد فرغ من بناء قصره أنفعل وأخجل عند سماعها وما ذاك إال أنه دخل ع

    بالميدان فشرع في إنشاء قصيدة نزل بمطلعها إلى الحضيض وكان هو وحكاية الحال في 

    طرفي نقيض وهو

     يا ليت شعري ما الذي أبالك...يا دار غيرك البال ومحاك  " "

     الغفلة فتطير المعتصم من قبح هذا المطلع وأمر بهدم القصر على الفور فنعوذ باهللا من آفة

    هذا مع يقظة إسحاق وسير الركبان بحسن محاضرته ومنادمته للخلفاء ولكنه قد يخبو 

    الزناد وقد يكبو الجواد مع أنه قيل إن أحسن ابتداء ابتدأ به مولد قول إسحاق الموصلي 

    حيث قال

     إن عهدي بالنوم عهد طويل...هل إلى أن تنام عيني سبيل  " "

     المتيقظ كيف استطردت به خيول السهو إلى أن خاطب فانظر إلى هذا األديب الحاذق

    المعتصم في قصر رياحين تشييده غضة بخطاب األطالل البالية وانظر إلى حشمة أبي 

    نواس كيف خاطب الدمن بخطاب تود القصور العالية أن تتحلى بشعاره مع بلوغه في 

    تناسب القسمين الطرف األقصى حيث قال

     على طول ما أقوت وطيب نسيم...لمن دمن تزداد حسن رسوم  " "

    وقصة ذي الرمة مع عبد الملك تقارب قصة إسحاق مع المعتصم فإنه دخل عليه يوما فأمره 

    بإنشاد شيء من شعره فأنشد قوله

    " ما بال عينك منها الماء ينسكب "

    وكان بعين عبد الملك رمش فهي تدمع أبدا فتوهم أنه خاطبه وعرض به فقال له ما سؤالك 

    ا يا ابن الفاعلةعن هذ

    فمقته وأمر بإخراجه

  • 6  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    حسن االبتداء عند المحدثين

    انتهى ما أوردته في حسن االبتداء للعرب والمولدين وفحول الشعراء ونبهت على حسنه 

    وقبيحه ولكن جذبتني يا أخا العرب نسبة المتأخرين إلى أن أثبت في هذا المحل تشبيبها 

    هلة بديعها وغريبها ليعلم من تنزه في هذه ونسيبها وأظهر في شرح هذه البديعية اآل

    الحدائق الزاهرة إن ما ربيع اآلخر من ربيع األول ببعيد وأن لكل زمان بديعا تمتع بلذة الجديد 

    وهنا بحث لطيف وهو أن االستشهاد بكالم المولدين وغيرهم من المتأخرين ليس فيه نقص 

     في الكالم العربي إما أن تبحث عن ألن البديع أحد علوم األدب الستة وذلك أنك إذا نظرت

    المعنى الذي وضع له اللفظ وهو علم اللغة وإما أن تبحث عن ذات اللفظ بحسب ما يعتريه 

    وهو علم التصريف وإما أن تبحث عن المعنى الذي يفهم من الكالم المركب بحسب 

    الحال اختالف أواخر الكلم وهو علم العربية وإما أن تبحث عن مطابقة الكالم لمقتضى 

    بحسب الوضع اللغوي وهو علم المعاني وإما أن تبحث عن طرق داللة الكالم إيضاحا وخفاء 

    بحسب الداللة العقلية وهو علم البيان وإما أن تبحث عن وجوه تحسين الكالم وهو علم 

    البديع

    م فالعلوم الثالثة األول يستشهد عليها بكالم العرب نظما ونثرا ألن المعتبر فيها ضبط ألفاظه

    والعلوم الثالثة األخيرة يستشهد عليها بكالم العرب وغيرهم ألنها راجعة إلى المعاني وال 

    فرق في ذلك بين العرب وغيرهم إذا كان الرجوع إلى العقل

    وقال أبو الفتح عثمان بن جني المولدون يستشهد بهم في المعاني كما يستشهد 

    بالقدماء في األلفاظ

     ذكره أبو الفتح صحيح بين ألن المعاني اتسعت باتساع قال ابن رشيق في العمدة الذي

    الناس في الدنيا وانتشار العرب باإلسالم في أقطار األرض فإنهم حضروا الحواضر وتفننوا 

    في المطاعم والمالبس وعرفوا بالعيان ما دلتهم عليه بداهة عقولهم من فضل التشبيه 

    وقال له لم ال تشبه تشبيه ابن المعتز ونحوه ومن هنا يحكى عن ابن الرومي أن الئما المه 

    وأنت أشعر منه فقال له أنشدني شيئا من قوله أعجز عن مثله فأنشده في صفة الهالل

    قد أثقلته حمولة من عنبر... فانظر إليه كزورق من فضة  "

    فقال له ابن الرومي زدني فأنشده

    والشمس فيه كاليه... كأن آذريونها  " "

    ها بقايا غاليةفي... مداهن من ذهب  " "

    فقال واغوثاه ال يكلف اهللا نفسا إال وسعها ذاك إنما يصف ماعون بيته ألنه ابن الخلفاء وأنا 

    مشغول بالتصرف في الشعر وطلب الرزق به أمدح هذا مرة وأهجو هذا كرة وأعاتب هذا 

    تارة وأستعطف هذا طورا

  • 7  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    انتهى كالم ابن رشيق

    ه اهللا تعالى قد استشهد في شرح البردة الذي ورأيت الشيخ شمس الدين بن الصائغ رحم

    سماه بالرقم بغالب أهل عصره في ما عرض له من أنواع البديع حتى أورد لهم شيئا من 

    محاسن الزجل

    رجع إلى ما كنا فيه من حسن االبتداء وتناسب القسمين وإيراد ما وعدنا به من كالم 

    المتأخرين

    الذي لم يتقدم عليه بغير الزمان أوائلهاقال قاضي هذه الصناعة وفاضلها والمتأخر 

     قم فاستذم بفرعه أو فالنجا...زار الصباح فكيف حالك يا دجى  " "

    أنظر إلى حسن هذا االبتداء كيف جمع مع اجتناب الحشو بين رقة النسيب وطرب 

    التشبيب وتناسب القسمين وغرابة المعنى

    ومثله قوله يخاطب العاذل

     ال ترم بالقول سهما ربما قتال... دخال أخرج حديثك من سمعي فما " "

    وما ألطف ما قال بعده

     ال والذي خلق اإلنسان والجبال...وما يخف على قلبي حديثك لي  " "

    ومثله قوله

     فكم ذا تقول وكم ال أعي...سمعتك والقلب لم يسمع  " "

    وما ألطف ما قال بعده

     بغير فؤاد وال أضلع...يقول وما عنده أنني  " "

     فقلت نعم يا فتى ما معي...أما مع هذا الفتى قلبه  " "

    وأما مطلع قصيدة ابن النبيه فإن األذواق السليمة تنتبه به إلى فتح هذا الباب وهو

     نزحتم فهي بعد الباب ما نزحت...يا ساكني السفح كم عين بكم سفحت  " "

    نباته وأجرى الصفي معها والقصيدة كلها تحف وطرف وعارضها ابن نباتة فما حال معها مكرر 

    ينابيع فكره فما صفا له معها مورد وجاراها الصفدي فتصفدت سوابق قوافيه عن لحاقها 

    ومنها

     فيها ضحى وعيون النرجس انفتحت...وروضة وجنات الورد قد خجلت  " "

     ومالت القضب للتعنيق فاصطلحت...تشاجر الطير في أفنانها سحرا  " "

     مجامر الزهر في أذياله نفحت...وح حين رأى والقطر قد رش نوب الد " "

    ومما يحسن نظامه في هذا السلك قوله

     فما أكثر القتلى وما أرخص األسرى...رنا وانثنى كالسيف والصعدة السمرا  " "

    ومما اختاره الشيخ جمال الدين بن نباته رحمه اهللا من ديوان أبي الفتوح نصر اهللا ابن 

  • 8  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    اب قولهقالقس وهو حسن في هذا الب

     إنسانها سابح في بحر أنداء...كم مقلة للشقيق الغض رمداء  " "

    وقوله

     أكانا لهم إال مصيفا ومربعا...قفا واسأال مني زفيرا وأدمعا  " "

    وهو من الغايات التي اختارها الشيخ جمال الدين بن نباتة من شعر ابن قالقس فإنه قال 

    ر اهللا بن قالقس فطالعت الفن الغريب وفتح علي طالعت ديوان األديب البارع أبي الفتوح نص

     نصر من اهللا وفتح قريب"بتأمل ألفاظه فتلوت  "

    بيد أني وجدت له حسنات تبهر العقول فضال وسيئات يكاد بذكرها ابن قالقس يقلي

    انتهى كالم الشيخ جمال الدين بن نباتة

     بن البارزي رحمه اهللا ومما وقع في تناسب القسمين إلى الغاية قول الشيخ ظهير الدين

    وهو

    "  ألنا كالنا في الهوى يعشق الغصنا... يذكرني وجدي الحمام إذا غنى  "

    ذكر الصالح الكتبي في كتابه فوات الوفيات أن الشيخ أثير الدين أبا حيان قال رأيت الشيخ 

    المذكور صوفيا بحماة المحروسة وأنشدني لنفسه هذه القصيدة وعدة مقاطيع منها

     وأخفي الذي بي من هواك وأكتم...فأستحيي فأطرق هيبة أراك  " "

     جميعي لسانا في الهوى يتكلم...وهيهات أن يخفى وأنت جعلتني  " "

    وتوفي بعد الثمانين والستمائة وأما مطلع الشيخ شمس الدين بن العفيف في هذا الباب 

    فظرافته ال تنكر ألنه كان ينعت بالشاب الظريف قال في شطره األول

    " ... أعز اهللا أنصار العيون "

    وفي الثاني

    " ... وخلد ملك هاتيك الجفون "

    وما أظرف ما قال بعده

     وجدد نعمة الحسن المصون...وضاعف بالفتور لها اقتدارا  " "

    وما أحسن ابتداءات الشيخ عبد العزيز األنصاري شيخ شيوخ حماة فجميعها نسجت على 

    هذا المنوال منها قوله

     على أن سقمي بعض أفعال أسماء...ي كلها حرف إغراء حروف غرام " "

    وقوله

     أواه من شملي المبدد...وياله من نومي المشرد  " "

    وقوله

     لو كنت لإلغفاء أهال...أهال بطيفكم وسهال  " "

  • 9  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    وما أحلى ما قال بعده

     حلف السهاد علي أن ال...لكنه وافي وقد  " "

    نى وكل كساه ديباجة تأخذ بمجامع القلوب ومطلع وقد توارد هو وابن عنين في هذا المع

    ابن عنين قوله

     وعليهم لو سامحوني بالكرى...ماذا على طيف األحبة لو سرى  " "

    وقوله مهيار الديلمي في هذا الباب مشهور والذي أقوله إن الشيخ جمال الدين ابن نباتة 

    هج من مطالع الشمس نبات هذا البستان وقالدة هذا العقيان ومن مطالعه التي هي أب

    قوله في هذا الباب

     هذا المدام وهاتيك العناقيد...في الريق سكر وفي األصداغ تجعيد  " "

    وقوله

     فما أبهى الغزالة والغزاال...بدا ورنت لواحظه دالال  " "

    وقوله

     يا ساجي الطرف بل يا ساقي الراح...سلبت عقلي بأحداق وأقداح  " "

    وما ألطف ما قال بعده

     فاترك مالمك في السكرين يا صاح...سكران من مقلة الساقي وقهوته  " "

    وقوله

     عمري لقد خلق اإلنسان من عجل...إنسان عيني بتعجيل السهاد بلي  " "

    وقوله

     علمتني الجنون بالسوداء...قام يرنو بمقلة كحالء  " "

    وقوله

    تلت بأي ذنب وقاك اهللا قد ق...نفس عن الحب ما حادث وما غفلت  " "

    وقد تقدم شروط ال بد من اجتنابها في حسن االبتداء منها الحشو ولكن وقاك اهللا حشو 

    اللوزينج

    وقوله

     كأنها لغرامي الم توكيد...الم العذار أطالت فيك تسهيدي  " "

    ولوال اإلطالة ألفعمت األذواق من هذا السكر النباني

    افية مطلعها في هذا الباب غاية ورأيت للشيخ صفي الدين الحلي في األرتقيات قصيدة ق

    وهو قوله

     فما أنا من يحيا إلى حين نلتقي...قفي ودعينا قبل وشك التفرق  " "

    وأنشدني من لفظه الشيخ عز الدين الموصلي قصيدة نونية نظمها بحماة ومطلعها في 

  • 10  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    حسن االبتداء حسن

     فأذكرنا ربع الحبائب والمغنى...سمعنا حمام الدوح في روضة غنا  " "

    ولقد سهوت عن مطلع الشيخ عالء الدين علي بن المظفر الكندي الشهير بالوداعي فإنه 

    ليس له في تناسب القسمين قسيم وهو

     أقول ربي وربك اهللا...بدر إذا ما بدا محياه  " "

    وعارضه الشيخ جمال الدين ابن نباته في هذه القصيدة بعينها وترقى إلى مطلع بدره 

    ع الشيخ جمال الدينوزاحمه في حسنه فمطل

     سهام لحظ أجارك اهللا...له إذا غازلتك عيناه  " "

    ومن مطالعي التي حصل لي فيها الفتوح في هذا الباب قولي

     فبشرني قلبي بسعد طوالعي...طلعتم بدورا في أعز المطالع  " "

    وقولي

     وال لتعريف وجدي فيك تنكير...إغراء لحظك ما لي منه تحذير  " "

    وقولي

     ما أفادت قلبي سوى التقطيع... عروض الجفا بحور دموعي في " "

    وقولي

     شعرت في حبهم يا ليتهم شعروا...هللا قوم لنظم الوصل قد نثروا  " "

    وقولي

     يا قاتلي فسلبتني بمنجرد...جردت سيف اللحظ عند تهددي  " "

    وقولي

    ذري إذا هب ذاك الريح فهو الهوى الع...هواي بسفح القاسمية والجسر  " "

    وكأني بمنتقد تألم قلبه على المتقدمين بكثرة النقد ومالت نفسه إلي مع المتأخرين 

    ليستوفي الشروط األدبية في مباشرة هذا العقد

    وقولي

     يا ليته بنسيم العتب لو عطفا...قد مال غصن النقا عن صبه هيفا  " "

    عارض شيئا من نظم فأقول وباهللا المستعان إن جماعة من المخاديم بدمشق رسموا أن أ

    الشيخ جمال الدين بن نباته وتخيروا لي خمس قصائد منها قصيدته الكافية التي مطلعها

     فمن شافعي في الحب يا ابنة مالك...تصرمت األيام دون وصالك  " "

    فلما انتهيت إلى معارضتها وجدت بين الشطر الثاني من المطلع وبين الشطر األول مباينة 

    امرئ القيس من الكالم على أن في شطره األول ما ليس في الثانيكما تقدم في مطلع 

    وقد اتفق علماء البديع على أن عدم تناسب القسمين نقص في حسن االبتداء وقد تقدم 

  • 11  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    قول زكي الدين بن أبي األصبع إن مطلع النابغة أفضل من مطلع امرئ القيس لتناسب 

    القسمين وإن كان مطلع امرئ القيس أكثر معاني

    هى ولو قال الشيخ جمال الدين في مطلعهانت

    "  فمن شافعي في الحب يا ابنة مالك... تمذهبت في هجري بطول مطالك  "

    لجمع بين تناسب القسمين

    ومطلعي الذي عارضت به الشيخ جمال الدين

     فداوي بني الحب يا ابنة مالك...رضيع الهوى يشكو فطام وصالك  " "

    الحلي في قصيدته الجيمية التي هي من جملة وكذلك من مطلع الشيخ صفي الدين 

    القصائد األرتقيات التي امتدح بها الملك المنصور صاحب ماردين

     فعطرت سائر األرجاء باألرج...جاءت لتنظر ما أبقت من المهج  " "

    فالشطر الثاني ليس من جنس الشطر األول فإن الشطر األول في الطريق الغرامية ليس 

    ا النقد ينتظر في مطلع الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض قدس اهللا له مثيل ومن أنكر هذ

    سره فإنه في هذا الباب طرفة وهو

     أنا القتيل بال إثم وال حرج...ما بين معترك األحداق والمهج  " "

    وهنا نكتة لطيفة تؤيد هذا النقد

    مه قولهاتفق أن الشيخ نور الدين علي بن سعيد األندلسي األديب المشهور الذي من نظ

     مألى من الشهد الرحيق...وا طول شوقي إلى ثغور  " "

     يعذب من شعري الرقيق...عنها أخذت الذي تراه  " "

    لما ورد إلى هذه البالد اجتمع بالصاحب بهاء الدين زهير وتطفل على موائد طريقته الغرامية 

    ثر المطالعة فيهما وسأله اإلرشاد إلى سلوكها فقال له طالع ديوان الحاجري والتلعفري وأك

    وراجعني بعد ذلك فغاب عنه مدة وأكثر من مطالعة الديوانين إلى أن حفظ غالبهما ثم 

    اجتمع به بعد ذلك وتذاكرا في الغراميات فأنشده الصاحب بهاء الدين زهير في غضون 

    المحاضرة يا بان وادي األجرع وقال أشتهي أن يكمل لي هذا المطلع فافتكر قليال وقال 

    يث األدمع فقال واهللا حسن لكن األقرب إلى الطريق الغرامي أن تقول هل ملت سقيت غ

    من طرب معي وما ألطف مطلع الحاجري في هذا الطريق

    "  وعلي أن أبكي بدمع قان... لك أن تشوقني إلى األوطان  "

    واآلراء على هذا النوع تستحسن هنا مطلع ناصر الدين بن النقيب فإنه أعدل شاهد مقبول 

    شبيب بنفسه الطيب يغني في هذه الحضرة عن الموصول وهووالت

     دررا نظمت عقودها من أدمعي...قلدت يوم البين جيد مودعي  " "

    وبالنسبة إلى حسن االبتداءات مطلع الشيخ برهان الدين القيراطي مع حسنه وبهجته فيه 

  • 12  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    نقص وهو

     وبآسها المخضل في جنباتها...قسما بروضة خدها ونباتها  " "

    نه لم يأت بجواب القسم وال ما يحسن السكوت على مطلعه وال تتم الفائدة إال بهفإ

    ومشايخ البديع قرروا أن ال يكون المطلع متعلقا بما بعده في حسن االبتداء

    وقد آن أن أحبس عنان القلم فإن الشرح قد طال ولم أطله إال ليزداد الطالب إيضاحا ويداوي 

    زه في رياض األدب على النبات الغض من نظم المتأخرينعلل فهمه بحكم المتقدمين ويتن

    براعة االستهالل في النظم

    انتهى ما أوردته في حسن االبتداء وقد فرع المتأخرون منه براعة االستهالل في النظم 

    والنثر وفيها زيادة على حسن االبتداء فإنهم شرطوا في براعة االستهالل أن يكون مطلع 

    يت عليه مشعرا بغرض الناظم من غير تصريح بل بإشارة لطيفة القصيدة داال على ما بن

    تعذب حالوتها في الذوق السليم ويستدل بها على قصده من عتب أو عذر أو تنصل أو 

    تهنئة أو مدح أو هجو وكذلك في النثر فإذا جمع الناظم بين حسن االبتداء وبراعة 

    اعة االستهالل فليجتهد في االستهالل كان من فرسان هذا الميدان وإن لم يحصل له بر

    سلوك ما يقوله في حسن االبتداء

    وما سمي هذا النوع براعة االستهالل إال ألن المتكلم يفهم غرضه من كالمه عند ابتداء 

    رفع صوته به ورفع الصوت في اللغة هو االستهالل يقال استهل المولود صارخا إذا رفع صوته 

    عند الوالدة

    تهم بالتلبية وسمي الهالل هالال ألن الناس يرفعون أصواتهم وأهل الحجيج إذا رفعوا أصوا

    عند رؤيته

    ومما وقع من براعات االستهالل التي

    تشعر بغرض الناظم وقصده في قصيده براعة قصيدة الفقيه نجم الدين عمارة اليمني حيث 

    قال

     وباعد إذا لم تنتفع باألقارب...إذا لم يسالمك الزمان فحارب  " "

    تب والشكوى ال تخفى على أهل الذوق في هذه البراعة ويفهم منها أن بقية فإشارات الع

    القصيدة تعرب عن ذلك فإن زكي الدين بن أبي اإلصبع قال براعة االستهالل هي ابتداء 

    المتكلم بمعنى ما يريد تكميله وهذه القصيدة في حكمها وتحشمها وتسيير أمثالها نهاية 

    ه كان بينه وبين الكامل بن شارر صحبة أكيدة قبل وزارة والموجب لنظمها على هذا النمط أن

    أبيه فلما وزر استحال عليه فكتب إليه هذه القصيدة التي من جملتها

     تموت األفاعي من سموم العقارب...وال تحتقر كيدا صغيرا فربما  " "

    ومنها

  • 13  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

     عليه من اإلنفاق في غير واجب...إذا كان رأس المال عمرك فاحترز  " "

     يكر علينا جيشه بالعجائب...ن اختالف الليل والصبح معرك فبي " "

    ومنها

     ألفت لهذا الخلق من كل صاحب...وما راعني غدر الشباب ألنني  " "

    ومنها

     فصونوه عن تقبيل راحة واهب...إذا كان هذا الدر معدنه فمي  " "

     لديكم وحالي عندكم في نوادب...رأيت رجاال حالهم في مآدب  " "

     علي وتأبى األسد سبق الثعالب...خرت لما قدمتكم عالكم تأ " "

     غدوت لكم فيهن أكرم خاطب...ترى أين كانوا في مواطني التي  " "

     حديث الورى فيها بغمز الحواجب...ليالي أتلو ذكركم في مجالس  " "

    ومن ألطف البراعات وأحشمها براعة مهيار الديلمي فإنه بلغه أنه وشي به إلى ممدوحه

    فتنصل من ذلك بألطف عذر وأبرزه في معرض التغزل والنسيب فقال

     لقد نقل الواشي إليك فامحال...أما وهواها حلفة وتنصال  " "

    وما أحلى ما قال بعده

     وكثر فارتابت ولو شاء قلال...سعى جهده لكن تجاوز حده  " "

    لقضاة صدر الدين ملك واذكرني مهيار بحسن براعته ما كتبت به إلى سيدنا وموالنا قاضي ا

    المتأدبين أبي الحسن علي بن اآلدمي الحنفي الناظر في الحكم العزيز بالديار المصرية 

    والممالك اإلسالمية جمل اهللا الوجود بوجوده من حماة المحروسة إلى أبوابه العالية 

    بدمشق المحروسة ورياحين الشبيبة غضة وكانت مطالعاتي قد تأخرت عن أبوابه العالية 

    عارض حجب الفكر عن هذا الفن وهي رسالة مشتملة على نظم ونثر فصدرت الجواب ل

    بقصيدة ترفل في حلل النسيب على طريق مهيار وكلها براعة استهالل أولها

     ودنت وقد رقت لقلبي الشيق...وصلت ولكن بعد طول تشوقي  " "

    وما أحلى ما قلت بعده

    نادمت بمعتق فكأنما قد ...فثملت من طرب برجع حديثها  " "

    وجميعها على هذا الطريق البديعي ومثله

    إن المقر المخدومي األميني الحمصي لما انتقل من توقيع حمص المحروسة إلى صحابة 

    ديوان اإلنشاء بدمشق قصد نقلتي من حماة المحروسة إلى أبوابه العالية وحب حماه يفتر 

    العزم عن ذلك وهذا يفهم من قولي في بعض قصائدي فيها

     وفي غيرها لم أرض بالملك والرهط...يلذ عناق الفقر لي بفنائها  " "

    ولكنه قطع أسئلته العالية بعد أن كانت كؤوس اإلنشاء دائرة بيننا فكتبت إليه بقصيدة تشعر 

  • 14  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    بعتب لطيف وبالبل الغزل تغرد في أفنانها على طريقة مهيار الديلمي وطريق موالنا قاضي 

     تعالى شأنه وبراعة استهاللهاالقضاة صدر الدين عظم اهللا

     ما عليهم لو أنهم كلمونا...من بأسياف هجرهم كلمونا  " "

    ولم أعرب في نحو هذه القصيدة عن غير هذه اإلشارات اللطيفة

    ومنها

     لهم بالهناء فتحا مبينا...غلقوا باب وصلهم فتح اهللا  " "

     لم نحل عنهم ولو قطعونا...وصلوا هجرنا وعيش هواهم  " "

     ليتهم بعد رقنا كاتبونا...ملكوا رقنا فصرنا عبيدا  " "

    ولم أزل أغازل عيون هذه المعاني إلى المخلص فقلت

     قد غدا في بعادنا مسنونا...حبكم فرضنا وسيف جفاكم  " "

     فاسألوا من غدا عليها أمينا...والحشا لم يخن عهود وفاكم  " "

    عة العالمة لسان الدين بن الخطيب وهيومما يشعر بالتهنئة والنصر على األعداء برا

     والحق عن أحكامه ال يسأل...الحق يعلو واألباطل تسفل  " "

    فإنه قال نظمت للسلطان أسعده اهللا وأنا بمدينة سال لما انفصل طالبا حقه باألندلس 

    قصيدة كان صنع اهللا مطابقا الستهاللها ووجهت بها إلى رندة قبل الفتح ثم لما قدمت 

    بين يديه بعد الفتح وفاء بنذري وسميتها الفتح الغريب في الفتح القريب منهاأنشدتها 

     فاهللا عز وجل ال يتبدل...فإذا استحالت حالة وتبدلت  " "

     والصبر بالفرج القريب موكل...واليسر بعد العسر موعود به  " "

     وكفاك شاهد قيدوا وتوكلوا...والمستعد بما يؤمل ظافر  " "

    ومنها

     بحليها بين الورى يتجمل...والحمد منك سجية محمد  " "

     عقد بأحكام القضاء يسجل...أما سعودك فهو دون منازع  " "

     بغريبها يتمثل المتمثل...ولك السجايا الغر والشيم التي  " "

     وهفت من الروع الهضاب المثل...ولك الوقار إذا نزلت على الربا  " "

    ومنها

     قد تنقص األشياء مما تكمل... عوذ كمالك ما استطعت فإنه " "

     واهللا يأمر بالمتاب ويقبل...تاب الزمان إليك مما قد جنى  " "

     بإساءة قد سرك المستقبل...إن كان ماض من زمانك قد مضى  " "

     أرضاك فيما قد جناه األول...هذا بذاك فشفع الثاني الذي  " "

    ال تعزل لما ارتضاك والية ...واهللا قد والك أمر عباده  " "

  • 15  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    "  وقضى لك الحسنى فمن ذا يخذل... وإذا تغمدك اإلله بنصره  "

    ومنها

     متن العباب فأي صبر يجمل...وظعنت عن أوطان ملكك راكبا  " "

     والريح تبتلع الزفير وترسل...والبحر قد خفقت عليك ضلوعه  " "

     تختال في برد الشباب وترفل...ولك الجواري المنشآت قد اغتدت  " "

     من يعلم األنثى وماذا تحمل...خرقاء يحملها ومن حملت به  " "

     سد الثنية عارض متهلل...صبحتهم غرر الجياد كأنما  " "

     يرمي الجياد به أغر محجل...من كل منجرد أغر محجل  " "

     وإذا تغنى للصهيل فبلبل...زجل الجناح إذا أجد لغاية  " "

     ممشقة وطرف أكحل أذن...جيد كما التفت الظليم وفوقه  " "

    ومنها

     حتى يكاد به يقوم الصيقل...وخليج هند راق حسن صفائه  " "

     تبغي النجاة فأوثقتها األرجل...غرقت بصفحته النمال وأوشكت  " "

     مورد والشط منه مهدل...فالصرح منه ممرد والصفح منه  " "

     مره العيون فبالعجاجة يكحل...وبكل أزرق إن شكت ألحاظه  " "

     مما يعل من الدماء وينهل...متأود أعطافه في نشوة  " "

     رمد وال يخفى عليه مقتل...عجبا له إن النجيع بطرفه  " "

     وثباته مثل به يتمثل...هللا موقفك الذي وثباته  " "

     والسمر تنقط والصوارم تشكل...والخيل خط والمجال صحيفة  " "

    األسل المثقف تعمل وعوامل ...والبيض قد كسرت حروف جفونها  " "

    وهي طويلة وجميعها فرائد ولم أكثر منها إال لعلمي أن نظم الوزير لسان الدين بن الخطيب 

    رحمه اهللا تعالى غريب في هذه البالد

    ومن البراعات التي يفهم من إشاراتها أنها تهنئة بمولود قول أبي بكر بن الخازن رحمه اهللا 

    تعالى

     وكوكب المجد في أفق العال صعدا...وعدا بشرى فقد أنجز اإلقبال ما  " "

    ومما يشعر بقرينة الذوق أن الناظم يريد الرثاء قول التهامي

     ما هذه الدنيا بدار قرار...حكم المنية في البرية جاري  " "

    وهذه القصيدة يرثي بها ولده وهي نسيج وحدها وواسطة عقدها

    ومنها

    لماء جذوة نار متطلب في ا...ومكلف األيام ضد طباعها  " "

  • 16  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

     صفوا من األقذاء واألقذار...جبلت على كدر وأنت تريدها  " "

     تبني الرجاء على شفير هار...وإذا رجوت المستحيل فإنما  " "

     والمرء بينهما خيال سار...فالعيش نوم والمنية يقظة  " "

    لده وهو من وما أعلم أن أحدا استهل للمراثي بأحسن من هذه البراعات ومنها يشير إلى و

    المعاني المستغربة

     شتان بين جواره وجواري...جاورت أعدائي وجاور ربه  " "

    وأما قصيدة الشيخ جمال الدين بن نباتة رحمه اهللا تعالى في تهنئة السلطان الملك 

    األفضل بسلطنة حماة وتعزيته بوفاة والده الملك المؤيد سقى اهللا ثراه فإنها من عجائب 

    ها بين نقيضي المدح والرثاء في كل بيت وبراعتهاالدهر فإنه جمع في

     فما عبس المحزون حتى تبسما...هناء محاذاك العزاء المقدما  " "

     شبيهان ال يمتاز ذو السبق منهما...ثغور ابتسام في ثغور مدامع  " "

     كوابل غيث في ضحى الشمس قد همى...يرد مجاري الدمع والبشر واضح  " "

     من ال يتعلم األدب من هنا فهو من المحجوبين عن إدراكهسبحان المانح واهللا

    وكتب إليه الشيخ صالح الدين الصفدي قصيدة ضمن فيها إعجاز معلقة امرئ القيس وصرح 

    في براعتها بغليظ العتب ولم يأت في البراعة بإشارة لطيفة يفهم منها القصد بل صرح وقال

    حطه السيل من عل كجلمود صخر ...أفي كل يوم منك عتب يسوءني  " "

    فأجابه الشيخ جمال الدين بقصيدة ضمن فيها األعجاز المذكورة وبراعة استهاللها

     أفاطم مهال بعض هذا التدلل...فطمت والئي ثم أقبلت عاتبا  " "

    واإلشارة بقوله أفاطم مهال بعض هذا التدلل ال يخفى على حذاق األدب ما مراده منها وفي 

    لى ما قال بعده وهو مما قصده في تلك اإلشارةهذا القدر كفاية وما أح

     إذا هي نصته وال بمعطل...فدونك عتب اللفظ ليس بفاحش  " "

    وهنا بحث وهو إني وقفت على بديعية الشيخ شمس الدين أبي عبد اهللا محمد بن جابر 

    األندلسي الشهيرة ببديعية العميان فوجدته قد صرح في براعتها بمدح النبي وهي

     وانثر له المدح وانشر طيب الكلم...نزل ويمم سيد األمم بطيبة إ " "

    فهذه البراعة ليس فيها إشارة تشعر بغرض الناظم وقصده بل أطلق التصريح ونثر المدح 

    ونشر طيب الكلم فإن قال قائل إنها براعة استهالل قلت إن البديعية ال بد لها من براعة 

    ة مبنيا على تصريح المدح لم يبق وحسن مخلص وحسن ختام فإذا كان مطلع القصيد

    لحسن التخلص محل وال موضع ونظم هذه القصيدة سافل بالنسبة إلى طريق الجماعة 

    غير أن الشيخ اإلمام العالمة شهاب الدين أبا جعفر األندلسي شرحها شرحا مفيدا

    ه وهنا فائدة وهو أن الغزل الذي يصدر به المديح النبوي يتعين على الناظم أن يحتشم في

  • 17  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    ويتأدب ويتضاءل ويتشبب مطربا بذكر سلع ورامة وسفح العقيق والعذيب

    والغوير ولعلع وأكناف حاجر ويطرح ذكر محاسن المرد والتغزل في ثقل الردف ودقة الخصر 

    وبياض الساق وحمرة الخد وخضرة العذار وما أشبه ذلك وقل من يسلك هذا الطريق من 

    لي في هذا الباب من أحسن البراعات وأحشمها أهل األدب وبراعة الشيخ صفي الدين الح

    وهي

     وأقر السالم على عرب بذي سلم...إن جئت سلعا فسل عن جيرة العلم  " "

    فقد شبب بذكر سلع والسؤال عن جيبرة العلم والسالم على عرب بذي سلم وال يشكل 

     هذا على من عنده أدنى ذوق أن هذه البراعة صدرت لمديح نبوي ومطلع البردة أيضا في

    الباب من أحسن البراعات أيضا وهو

     مزجت دمعا جرى من مقلة بدم...أمن تذكر جيران بذي سلم  " "

    فمزج دمعه بدمه عند تذكر جيران بذي سلم من ألطف اإلشارات إلى أن القصيدة نبوية وما 

    أحلى ما قال بعده

     وأومض البرق في الظلماء من أضم...أم هبت الريح من تلقاء كاظمة  " "

    وحشمة الشيخ جمال الدين بن نباتة في براعة قصيدته الرائية النبوية يتعلم األديب منها 

    سلوك األدب وهي

     ولمعة برق بالفضا تتسعر...صحا القلب لوال نسمة تتخطر  " "

    وما أحشم قوله بعده

     هالل الدجى والشيء بالشيء يذكر...وذكر جبين المالكية أن بدا  " "

     وإن كنت أسقى أدمعا تتحدر...لفضا سائل الحيا سقى اهللا أكناف ا " "

    وأما قصيدتي النبوية الموسومة بأمان الخائف فإنها عزيب هذا البارق وحلبة مجرى هذه 

    السوابق ألنني لم أخرج في تغزلها عن التباري والتشبيب بذكر المنازل المعهودة وبراعتها

    لمقام وزمزم فغنوا وقد طاب ا...شدت بكم العشاق لما ترنموا  " "

    وقلت بعده

     فكان دليل الظاعنين إليكم...وضاع شذاكم بين سلع وحاجر  " "

     على خده بالنبت صدع منمم...وجزتم بواد الجزع فاخضر والتوى  " "

     أراك الحمى جاء الهوى يتنسم...ولما روى أخبار نشر ثغوركم  " "

    وما أليقه أن يكون صدرا للمدائح النبوية ومنها

     وأعني به قلبي الذي فيه خيموا...عرب الوادي المنيع حجابه فيا  " "

     تجر ذيول الشوق والقلب يجزم...رفعتم قبابا نصب عيني ونحوها  " "

     مدامعنا غسال لنا وتيمموا...ويا من أماتونا اشتياقا وصيروا  " "

  • 18  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

     غراما وقد متنا فصلوا وسلموا...منعتم تحيات السالم لموتنا  " "

     ومن هم من السادات قلت هم هم...لي في الحي أين قبابهم يقولون  " "

     بدمعي وقلبي نارهم حين تضرم...عريب لهم طرفي خباء مطنب  " "

    ومن ألطف اإلشارات إلى أن هذا التغزل صدر قصيدة نبوية قولي منها

     وسفح اللوى والجزع والقصد أنتم...أوري بذكر البان والزند والنقا  " "

    براعة االستهالل أستهل أهلة هذه المعاني إلى أن وصلت إلى حسن ولم أزل في 

    التخلص فقلت

    "  علي وهم سادات من قد تلثموا... تقنعت في حبي لهم فتعصبوا  "

     ألن رسول اهللا في األصل منهم...لهم حسب عاني ببطحاء مكة  " "

     الرفاء فإنه مدح ومن األغزال التي ال تليق أن يكون غزلها لمديح قصيد نبوي قصيد السري

    بها الفاطميين وجدهم وجرح القلوب بندبة الحسين عليه السالم فإنه قال منها

     وإنما نقضوا في قتله الدينا...مهال فما نقلوا آثار والده  " "

    وهذه القصيدة مشتملة على مدح النبي وآل بيته وندبة الحسين بن علي عليهما السالم 

    فما ينبغي أن تكون براعتها

     فشعشعيها بماء المزن واسقينا...وي الليالي علما أن ستطوينا نط " "

    ما أحق هذه البراعة ليعدها من المديح بقول القائل

     بوادي الغضى يا بعد ما أتمناه...تمنيتهم بالرقمتين ودارهم  " "

    وما كفاه حتى قال بعد ذلك

     فإنما خلقت للراح أيدينا...وتوجي بكؤوس الراح راحتنا  " "

     شمائل البان من أعطافه اللينا...امت تهز قواما ناعما سرقت ق " "

     ألقيت فوق جنى الورد نسرينا...تدير خمرا تلقاها المزاج لها  " "

     روائح المسك منها أم تحيينا...فلست أدري أتسقينا وقد نفحت  " "

     لو فاتنا الملك راحت عنه تسلينا...وقد ملكنا زمان العيش صافية  " "

    غفر اهللا له هذا الغزل فيه إساءة أدب على مماديحه فإنه شبب بوصف القيان وبذكر أقول 

    الخمر وبينه وبين المديح مباينة عظيمة

    رجع إلى البراعات البارعة التي تشعر أنها صدر المديح النبوي باإلشارات اللطيفة منها 

    براعة الشيخ برهان الدين القيراطي وهي قوله

     فبكاه بدمعة حمراء...فراء ذكر الملتقى على الص " "

    وأما براعة بديعيتي فإنها ببركة ممدوحها نور هذه المطالع وقبلة هذا الكالم الجامع فإني 

    جمعت فيها بين براعة االستهالل وحسن االبتداء بالشرط المقرر لكل منهما وأبرزت تسمية 

  • 19  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

     مع حشمة األلفاظ نوعها البديعي في أحسن قوالب التورية وشنفت بأقراط غزلها األسماع

    وعذوبتها وعدم تجافي جنوبها عن مضاجع الرقة وبديعية صفي الدين غزلها ال ينكر غير أنه 

    لم يلتزم فيها تسمية النوع البديعي مورى به من جنس الغزل ولو التزمه لتجافت عليه تلك 

    الرقة

    د أشرت إلى وأما الشيخ عز الدين الموصلي فإنه لما التزم ذلك نحت من الجبال بيوتا وق

    ذلك في الخطبة بقولي وهي البديعية التي هدمت بها ما نحته الموصلي في بيوته من 

    الجبال وجاريت الصفي مقيدا بتسمية النوع وهو من ذلك محلول العقال وسميتها تقديم 

    أبي بكر عالما أنه ال يسمع من الحلي والموصلي في هذا التقديم مقال

    شعر أنها صدر مديح نبوي تشبيبي بعرب ذي سلم ومن أحسن إشارات براعتي التي ت

    وخطابي لهم بأن لي في مدائحهم براعة تستهل الدمع وكأنني وعدتهم بشيء ال بد من 

    القيام به وهذا حسبما أراده ابن أبي األصبع بقوله براعة االستهالل هي ابتداء الناظم 

    بمعنى ما يريد تكميله

    براعة االستهالل في النثر

    دته هنا من البراعات البارعة نظما وأما براعات النثر فإنها مثلها إن لم تكن انتهى ما أور

    براعة الخطبة أو الرسالة أو صدر الكتاب المصنف دالة على غرض المنشىء وإال فليست 

    ببراعة استهالل

    وقد رأيت غالب البديعيين قد اكتفوا عند استشهادهم على براعة االستهالل في النثر 

    رو بن مسعدة كاتب المأمون فإنه امتحن أن يكتب للخليفة يخبره أن بقرة بقول الصاحب عم

    ولدت عجال وجهه كوجه اإلنسان فكتب الحمد هللا الذي خلق األنام في بطون األنعام

    ورأيت الشيخ صفي الدين الحلي في شرح بديعيته قد ألقى عند االستشهاد بها عصا 

    ألقمار أين هو من علو مقام القاضي التسيار واحتجبت عنه في هذا األفق الشموس وا

    محيي الدين بن عبد الظاهر وقد كتب عن السلطان الملك الظاهر إلى األمير سنقر 

     وجعلنا الليل "الفارقاني جوابا عن مطالعته بفتح سوس من بالد السودان واستهل بقوله 

    " والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة

    اهللا

    من البالغة لسحرا واهللا ما أظن هذا االتفاق الغريب اتفق لناثر وإلهالل كاتب أكبر إن 

    المأمون في هذا االستهالل بزاهر وهذا المثال الشريف ليس له مثال منه صدرت هذه 

    المكاتبة إلى المجلس السامي تثني على عزائمه التي دلت على كل أمر رشيد وأتت 

     وما ربك بظالم للعبيد"ي كل عبد سوء على كل جبار عنيد وحكمت بعدل السيف ف "

    وبراعة الشيخ جمال الدين بن عبد الرزاق األصفهاني في رسالة القوس تجاري براعة 

  • 20  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في هذه الحلبة وتساويها في علو هذه الرتبة فإنه 

    ة بقوله تعالى أتى فيها بالعجائب وأصاب غرض البالغة بسهم صائب واستهلها بعد البسمل

     ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في األرض وآتيناه من "

     منها شيطان تطلع شمس النصرة من بين قرنيه مارد ال يصلح "كل شيء سببا فاتبع سببا 

     ما إال بتعريك أذنيه صورة مركبة ليس لها من تركيب النظم إال ما حملت ظهورها أو الحوايا أو

    اختلط بعظم

    وأما براعة الشيخ جمال الدين بن نباتة في خطبة كتابه المسمى بخبز الشعير فإنها خاص 

    الخاص وال بد من مقدمة تكون هي النتيجة الموجبة لتسمية هذا الكتاب بخبز الشعير فإنه 

    مأكول مذموم وما ذاك إال إنه كان يخترع المعنى الذي لم يسبق إليه ويسكنه بيتا من 

    ياته العامرة بالمحاسن فيأخذه الشيخ صالح الدين الصفدي بلفظه وال يغير فيه غير البحر أب

    وربما عام به في بحر طويل يفتقر إلى كثرة الحشو واستعمال ما ال يالئم فلم يسع الشيخ 

    جمال الدين إال أنه جمعه من نظمه ونظم الشيخ صالح الدين واستهل خطبته بقوله تعالى 

     ورتب كتابه المذكور على قوله قلت أنا "لوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا  رب اغفر لي و"

    فأخذه الشيخ صالح الدين وقال

    فمن ذلك قول الشيخ جمال الدين قلت

     يمدها وشباك...ومولع بفخاخ  " "

     يصيد قلت كراكي...قالت لي العين ماذا  " "

    فأخذه الشيخ صالح الدين وقال

     غزال للبدور يحاكي...ى الكراكي غار على سرح الكرى عندما رم " "

     ألم تنظريه كيف صاد كراكي...فقلت ارجعي يا عين عن ورد حسنه  " "

    ومن ذلك قال الشيخ جمال الدين قلت

     سعيدة الطالع والغارب...أسعد بها يا قمري برزة  " "

     فما تعديت عن الواجب...صرعت طيرا وسكنت الحشا  " "

    ال من البحر نفسهفأخذه الشيخ صالح الدين وق

     يصرعه بالبندق الصائب...قلت له والطير من فوقه  " "

     فقال لم أخرج عن الواجب...سكنت في قلبي فحركته  " "

    قال الشيخ جمال الدين قلت

     فكأنه نشوان من شفتيه...وبمهجتي رشأ يميس قوامه  " "

     نعست لواحظه فدب عليه...شغف العذار بخده ورآه قد  " "

    لصالح وقالفأخذه ا

  • 21  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

     تميل حمامات األراك إليه...وأهيف كالغصن الرطيب إذا انثنى  " "

     أتى خده سرا فدب عليه...له عارض لما رأى الطرف ناعسا  " "

    وأحسن ما وقع في هذا الباب للشيخ جمال الدين أنه قال

     ملي الحسن خالي الوجنتين...بروحي عاطر األنفاس ألمى  " "

     تباع له القلوب بحبتين... خد له خاالن في دينار " "

    فأخذه الصالح وقال

     عليه شامة شرط المحبة...بروحي خده المحمر أضحت  " "

     فنقطه بدينار وحبه...كأن الحسن يعشقه قديما  " "

    فلما وقف الشيخ جمال الدين على هذين البيتين قال ال إله إال اهللا الشيخ صالح الدين 

    سرق كما يقال من الحبتين حبة

    قال الشيخ جمال الدين قلت

     وكان مني محل السمع والبصر...يا غادرا بي ولم أغدر بصحبته  " "

     فجاء ما خلته نقشا على حجر...قد كنت من قلبك القاسي أخال جفا  " "

    فأخذه الشيخ صالح الدين وقال

     فسما وأسلمني إلى البلوى وفر...ما زلت أشكو حين وفر لي الضنا  " "

     لي قلبه فرأيت نقشا في حجر... من شكاية لوعتي حتى توفر " "

    قال الشيخ جمال الدين قلت

     وجمال قاتلتي ألذ وأزين...يا عاذلي شمس النهار جميلة  " "

     وادفع مالمك بالتي هي أحسن...فانظر إلى حسنيهما متأمال  " "

    فأخذه صالح الدين مع البحر بل أخذ الكل مع القافية وقال

     وجمال بهجتها تحار األعين...ن كمال صفاتها بأبي فتاة م " "

     لما تبدت بالتي هي أحسن...كم قد دفعت عواذلي عن وجهها  " "

    ومن ذلك قال الشيخ جمال الدين وأجاد إلى الغاية

     ولحظ يا ضنى قلبي عليه...فديتك أيها الرامي بقوس  " "

     وشبه الشيء منجذب إليه...لقوسك نحو حاجبك انجذاب  " "

    أخذه الشيخ صالح الدين وقالف

     فقال وقد رأى جزعي عليه...تشرط من أحب فذبت وجدا  " "

     وشبه الشيء منجذب إليه...عقيق دمي جرى فأصاب خدي  " "

    وما أظن الشيخ صالح الدين غفر اهللا له لما سمع ما قاله الشيخ جمال الدين ونظم بعده 

    ب القوس إلى الحاجب منهذين البيتين كان في حيز االعتدال وأين انجذا

  • 22  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

     رب اغفر لي ولوالدي "انجذاب الدم إلى الخد وليته في براعة استهالله بقول اهللا تعالى 

     قال بعدها اللهم ومن دخل بيتي كافرا بفوائدي المنعمة وبيت "ولمن دخل بيتي مؤمنا 

    ه شعري سارقا من ألفاظه ومعانيه المحكمة فأخجله في سره وعالنيته وعاقبه على قول

    ونيته

    ومنها بلغني أن بعض أدباء عصرنا ممن منحته ودي وأنفقت على ذهنه الطالب ما عندي 

    وأقمته وهو ال يدري الوزن مقام من زكاة نقدي وأودعته ذخائر فكري فأنفقها وأعرته أوراقي 

    ى العتيقة فال واهللا ما ردها وال أعتقها بل إنه غير الثناء بالهجاء والوالء بالجفاء ونسبني إل

    سرقة بيوت األشعار مع الغناء عنها والغنى فتغاضيت وقلت هماز مشاء بنميم وغصة صديق 

    أتجرعها ولو كانت من حميم وأخليت من حديثه باب فمي ومجلس صدري وصرفت ذكره 

    عن فكري

    ولكن وقفت له على تصانيف وضعها في علم األدب والعلم عند اهللا تعالى ووشحها بشعره 

    هوب يقول يا صاحبي أال الوشعري المغصوب المن

    وما يتوضح من جيد تلك األشعار لمعة إال ومن لفظي مشكاتها وال تتضوع زهرة إال ومني 

    في الحقيقة نباتها فضحكت واهللا من ذهنه الذاهل وذكرت على زعمه قول القائل

     فيما علمنا يسرق المسروقا...وفتى يقول الشعر إال أنه  " "

    ا األمر منكرا وكيف حال لذوقه اللطيف هذا الحرام مكررا وعجب له كيف رضي لنفسه هذ

    وقد أوردت اآلن في هذا الكتاب قدرا كافيا ووزنا من الشعر وافيا وسميته خبز الشعير 

    المأكول المذموم وعرضته على معدلة موالنا ليعلم أينا مع خليله مظلوم

    ا الشيخ صالح الدين بغير ولوال اإلطالة ألوردت جميع أبيات الشيخ جمال الدين التي دخله

    طريق ليرتدع القاصر عن التطاول إلى معاني الغير

    ومن البراعات التي يستهل بها في هذا األفق الذي مرآة سمائه صقيلة براعة المقر 

    المخدومي القضائي الفخري عبد الرحمن بن مكانس مالك أزمة البالغة وملك المتأخرين 

    ر المرحومي القضائي الزيني أبي بكرنظما ونثرا في رسالة كتبها إلى المق

    ابن العجمي عين كتاب اإلنشاء الشريف باألبواب الشريفة وبقية الفضالء الذين فضلوا 

    بالطريق الفاضلية بسبب عبد اهللا القيرواني الضرير

    فإني نقلت من خط المشار إليه ما صورته ورد علينا شخص من القيروان ضرير يتعاطى نظم 

    زون الخالي من المعاني فتردد إلي في مجالس متفرقة ثم بلغني بعد الشعر المقفى المو

    ذلك أنه وشى إلى صاحبي الشيخ زين الدين بن العجمي بأني اهتضمت من جانبه 

    وانتقصته وغضضت منه بالنسبة إلىاألدب وأنه يستعين بكالم الغير كثيرا فتأذى بسبب 

     ليس على األعمى حرج"تهاللها ذلك وتأذيت من كذب الناقل فكتبت إليه رقعة براعة اس "

  • 23  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    أقول إنه يستغنى بهذه البراعة عن الرسالة

    منها وبلغ المملوك أنه رماه بعض األصحاب برمية مثل هذه فأصمى وتردد إليه مرة أخرى ف 

     عبس وتولى أن جاءه األعمى" "

    نة ولقد خسرت صفقته إذ المملوك ما برح مخلصا لموالنا في والئه ومبايعا له على سلط

    البالغة وأجل من تشرف بحمل لوائه

    وموالنا بحمد اهللا أولى من استفتى قلبه واستدل على صفاء صدق محبته بشواهد المحبة 

    والمسؤول من صدقاته أمران أحدهما الجواب فإن يقوم عند المملوك مقام الفرج من هذه 

    صلب في الردةالشدة واآلخر رد كل فاسق عن هذا الباب العالي فإن أبا بكر أولى من ي

    انتهى كالم القاضي فخر الدين

    ولقد كشف الشيخ جمال الدين بن نباتة عن هذا الوجه القناع وأظهر من بهجته في رسالة 

    السيف والقلم ما ليس لمطالع البدور عليه اطالع فإن الرسالة مبنية على المفاخرة بينهما 

     وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك  ن والقلم"ولما انتصب القلم لمفاخرة السيف كانت براعته 

     واستهل بعدها بقوله الحمد هللا الذي علم بالقلم وشرفه بالقسم"بمجنون 

     وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم "وبراعة استهالل السيف قوله تعالى 

     جعل  واستهل بعده بقوله الحمد هللا الذي"اهللا من ينصره ورسله بالغيب إن اهللا قوي عزيز 

    الجنة تحت ظالل السيوف وشرع حدها في ذوي العصيان فأغصتهم بماء الحتوف وما أظن 

    أن أحدا من المتقدمين نسج على هذا المنوال وال نفث في عقد أقالمهم مثل هذا السحر 

    الحالل

    وممن طلع من العصريين في هذا األفق الساطع فأبدر ورقي ببالغته أعواد هذا المنبر 

    دين بن البارزي صاحب دواوين اإلنشاء الشريف بالممالك اإلسالمية فإنه القاضي ناصر ال

    اتفق له بحماة محنة كان لطف اهللا تعالى متكفال له بالسالمة منها ولم يضرم نارها إال من 

    غذي بلبان نعمته قديما وحديثا فالحمد هللا الذي أسعف اإلسالم والمسلمين بنجاته وأمتع 

    ل حياته ولما هاجر من حماة المحروسة إلى دمشق العلم الشريف والرياسة بطو

    المحروسة كان إذ ذاك موالنا السلطان الملك المؤيد كافلها ففوض إليه خطابة الجامع 

    األموي فلم يبق أحد من أعيان دمشق حتى حضر في تلك الجمعة ألجل سماع الخطبة 

     البقاع إليه لما فكانت براعة خطبته الحمد هللا الذي أيد محمدا بهجرته ونقله من أحب

    اختاره من تأييده ورفعته فعلت بالجامع األموي أصوات ترنم حركت أعواد المنبر طربا وكاد 

    النسر أن يصفق لها بجناحيه عجبا

    وما ألطف براعة الشيخ العالمة نور الدين أبي الثناء محمود الشافعي الناظر في الحكم 

    ماة المحروسة في كتاب أدعيته العزيز بحماة المحروسة والشهير بخطيب الدهشة بح

  • 24  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    المسمى بدواء المصاب في الدعاء المجاب وهي الحمد هللا سامع الدعاء ودافع البالء

    وفيها البناء والتأسيس فإنه أشار بسامع الدعاء إلى الدعاء المجاب وبدافع البالء إلى دواء 

    المصاب

    ي فإنها شغلت أفكاري وأما براعة خطيب الخطباء أبي يحيى عبد الرحيم بن نباتة الفارق

    مدة ولم يسعني غير السكوت واإلحجام عنها فإنه استهلها في خطبة وفاة النبي بقوله 

    الحمد هللا المنتقم ممن خالفه المهلك من آسفه

    ولقد اعتذر عنها جماعة من أكابر العلماء

    وأورد الشيخ سري الدين بن هانئ في شرحه الذي كتبه على ديوان الخطب على هذه 

    عة عذرا ألبي البقاء أرجو أن تهب عليه نسمات القبولالبرا

    وما أحشم ما استهل الشيخ جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي في خطبة وفاة النبي الحمد 

    هللا الذي استأثر بالبقاء وحق له أن يستأثر وحكم بالفناء على سكان هذا الفناء فأذعنوا 

    لحكمه القاهر

    ر شرح بديعيته فإن استهاللها نير ولكن فيه نظر وأما خطبة الشيخ صفي الدين في صد

    وبعض مباينة عما نحن فيه فإنه قال الحمد هللا الذي حلل لنا سحر البيان

    وكتابه مبني على البديع

    ولهذا استهليت خطبة شرح بديعيتي بقولي الحمد هللا البديع الرفيع

    مجموع فضله ديوانولما جمعت ديواني استهليت خطبتي بقولي الحمد هللا الذي ال يحصر 

    وكان قد رسم لي أن أنشىء صداقا للملك الناصر وأنا إذ ذاك بدمشق وقد حل ركابه 

    الشريف بها على بنت المرحوم الشريف السيفي كشبغا الظاهر الحموي فاستهليت 

    بقولي الحمد هللا الذي أيد السنة الشريفة بقوة وناصر

    مية الخليفية المستعينية العباسية زاد اهللا وتمثلت بعد هذا التاريخ بالمواقف الشريفة اإلما

    شرفها تعظيما فبرزت إلي أوامرها المطاعة أن أنشىء عهدا بكفالة السلطنة بالبالد 

    الهندية للسلطان العادل مظفر شاه شمس الدنيا والدين صاحب دهلي والفتوحات الهندية 

     بهفاستهليت براعته بقولي الحمد هللا الذي وثق عهد النجاح للمستعين

    وقلت بعد االستهالل وثبت أوتاده ليفوز من تمسك من غير فاصلة بسببه وزين السماء 

    الدنيا بمصابيح وحفظا فأفرغ على أطراف األرض حلل الخالفة الشريفة وعلم أن في خلفها 

     واختارها من " إني جاعل في األرض خليفة "الزاهر زهرة الحياة الدنيا فقال عز من قائل 

    الله من أول بيت وضع للناس وسبقت إرادته وله الحمد ان تكون هذه بيت براعة استه

    النهاية الشريفة من سقاية بني العباس وذلك في العشر األواخر من رمضان سنة ثالث 

    عشرة وثمانمائة

  • 25  تقي الدين أبي بكر علي بن عبد اهللا الحموي األزراري-خزانة األدب وغاية األرب

    ومما أنشأته في الديار المصرية وقد استقريت منشىء ديوان اإلنشاء الشريف بالممالك 

    قر األشرف القاضوي الناصري محمد بن البارزي الجهني اإلسالمية تقليد موالنا الم

    الشافعي عظم اهللا شأنه بصحابة ديوان اإلنشاء الشريف بالممالك اإلسالمية بتاريخ شوال 

    سنة خمس عشرة وثمانمائة واستهليته بقولي الحمد هللا الذي أودع محمدا سره وقلت 

    زره وأرسله لينشئ مصالح بعد االستهالل وجعله ناصر دينه فحل به عقد الشرك وشد أ

    األمة فهذبنا بترسالته واهللا أعلم حيث يجعل رساالته وبين ديوان اإلنشاء الشريف بصاحب 

    من بيت ظهر التمييز بكتابته وأيد اإلسالم والمسلمين بملك مؤيد تمسك بمحمد وصحابته

    حمد هللا وأنشأت بعد هذا التاريخ توقيعا لرئيس الطب بالديار المصرية فكانت براعته ال

    الحكيم اللطيف

    وبراعة الشيخ صالح الدين الصفدي في شرح المية العجم في غاية الحسن

    فإنه استهلها بقوله الحمد هللا الذي شرح صدر من تأدب

    والكتاب مبني على شيء من علم األدب

    وأما البراعات التي يحلو تقبيلها بوجنات الطروس فمنها براعة الشيخ جمال الدين ابن نباتة 

    ن رسالة كتبها إلى القاضي عالء الدين الحسني واستهلها بقوله يقبل األرض العلية م

    على السحاب نسبا

    وقال بعد االستهالل الموفية على حصباء األنجم حسبا

    هذا األدب إن أطنبت في وصفه فهو فوق الوصف

    وكتب إليه ا