ﺔﻝﻻﺩﻭ ﺔﻴ ﻭﺤﻨﹼﻝﺍ ﻲﻨﺎﻌﻤﻝﺍ ﻥﻴﺒ … · 4 ﺔﻴ...

701
ﺔ ﺍﻝﺸﻌﺒﻴ ﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴ ﺔ ﺍﻝﺩ ﺔ ﺍﻝﺠﺯﺍﺌﺭﻴ ﺍﻝﺠﻤﻬﻭﺭﻴ ﹼﻌﻠﻴﻡ ﺍﻝﻌﺎﻝﻲ ﻭﺍﻝﺒﺤﺙ ﺍﻝﻌﻠﻤﻲ ﻭﺯﺭﺍﺓ ﺍﻝﺘ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﻨﺘﻭﺭﻱ ـ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ـ ﹼﻐﺎﺕﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻝﻠ ﻜﻠﻴﺔ ﻭﺁﺩﺍﺒﻬﺎ ﹼﻐﺔ ﺍﻝﻌﺭﺒﻴ ﻗﺴﻡ ﺍﻝﻠﻡ ﻝﻨﻴل ﺸﻬﺎﺩﺓ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﻋﻠﻭﻡ ﻓﻲ ﺍﻝﻠ ﺒﺤﺙ ﻤﻘﺩ ﻐﺔ ﺍﻝﻌﺭﺒ ﹼﺎﻝﺏ ﺇﻨﺠﺎﺯ ﺍﻝﻁ: ﻜﺘﻭﺭ ﺇﺸﺭﺍﻑ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻝﺩ: ﺴﺎﻤﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺃﺤﻤﺩ ﺍﻝﻜﻨﺎﻨﻲ ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺸﺭﻱ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻝﺠﻨﺔ ﺍﻝﻤﻨﺎﻗﺸﺔ: ﻜﺘﻭﺭ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻝﺩ: ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺤﺴﻥ ﻜﺎﺘﺏ: ﻤﻨ ﺘﻭﺭﻱ- ﺭﺌﻴﺴﺎ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔﻜﺘﻭﺭ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻝﺩ: ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺴﺎﻤﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺃﺤﻤﺩ ﺍﻝﻜﻨﺎﻨﻲ: ﻤﺸﺭﻓﺎ ﻭﻤﻘﺭﺭﺍ ﺍﻷﻤﻴﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻝﻘﺎﺩﺭﻜﺘﻭﺭ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻝﺩ: ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺭﺒﻌﻲ ﺒﻥ ﺴﻼﻤﺔ: ﻤﻨﺘﻭﺭﻱ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻋﻀﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺎﻜﺘﻭﺭ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻝﺩ: ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﻠﻘﺎﺴﻡ ﻝﻴﺒﺎﺭﻴﺭ: ﺍﻝﺤﺎﺝ ﻝ ﺨﻀﺭ ﺒﺎﺘﻨﺔ ﻋﻀﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺎﻜﺘﻭﺭ ﺍﻝﺩ: ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻋﻤﺎﺭ ﻭﻴﺱ: ﻤﻨﺘﻭﺭﻱ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻋﻀﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺎﻜﺘﻭﺭ ﺍﻝﺩ: ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﺤﻲ ﺍﻝﺩﻴﻥ ﺴﺎﻝﻡ: ﻤﻨﺘﻭﺭﻱ ﻗﺴﻨﻁﻴﻨﺔ ﻋﻀﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺎ ﺍﻝﺘﺎﺭﻴﺦ: 13 / 07 / 1430 ﻫـ ﺍ ﻝﻤﻭﺍﻓﻕ ﻝـ: 06 / 07 / 2009 ﻨﺔ ﺍﻝﺠﺎﻤﻌﻴ ﺍﻝﺴ: 1429 ـ1430 ﻫـ،2008 ـ2009 ﺔ ﻭﺩﻻﻝﺔ ﹼﺤﻭﻴ ﹼﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻝﻘﺭﺁﻥ ﺍﻝﻜﺭﻴﻡ ﺒﻴﻥ ﺍﻝﻤﻌﺎﻨﻲ ﺍﻝﻨ ﹼﺏ ﺍﻝﻨ ﻤﺭﻜ ﺍﻝﺨﻁﺎﺏ

Upload: others

Post on 31-Oct-2019

10 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  • الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزراة التّعليم العالي والبحث العلمي

    ـقسنطينة ـ جامعة منتوري

    قسم اللّغة العربية وآدابها كلية اآلداب واللّغات

    ية غة العرببحث مقدم لنيل شهادة دكتوراه علوم في اللّ

    :إشراف األستاذ الدكتور: إنجاز الطّالب

    محمد مشري سامي عبد اهللا أحمد الكناني

    : أعضاء لجنة المناقشة قسنطينة رئيسا-توري من: حسن كاتب جامعة: األستاذ الدكتور األمير عبد القادر مشرفا ومقررا: سامي عبد اهللا أحمد الكناني جامعة: األستاذ الدكتور قسنطينة عضوا مناقشا–منتوري : ربعي بن سالمة جامعة: األستاذ الدكتور باتنة عضوا مناقشا–خضر الحاج ل: بلقاسم ليبارير جامعة: األستاذ الدكتور

    قسنطينة عضوا مناقشا–منتوري : عمار ويس جامعة: الدكتور قسنطينة عضوا مناقشا –منتوري : محي الدين سالم جامعة: الدكتور

    م06/07/2009:لموافق لـ هـ ا13/07/1430: التاريخ

    م2009 ـ 2008هـ، 1430 ـ 1429: السنة الجامعية

    مركّب النّداء في القرآن الكريم بين المعاني النّحوية وداللة

    الخطاب

  • 1

    :مقدمة قلّما تنفصل الدراسات اللّغوية عن القرآن بوصفه أمثل مدونة لسبر أغوارها وتمحيص شوائب أصولها

    غليظ يجمعهما؛ ألن مختلف تلك العلوم وفروعها فاالقتران بين القرآن واللّغة العربية اقتران يربطه موثق ظهرت أول ما ظهرت بظهور القرآن وتأسست قواعدها وفق مرجعية شواهده وهي بدورها حرصت على تبيين خصائصه التّعبيرية وفنونه األسلوبية، فإذا تم اختبار مستويات اللّغة ضمن إطـار مدونـة أخـرى

    فصل الذي يرجع إليه في أي خالف يخص مسألة لغوية مـا إذ ال كالشّعر والنّثر كان القرآن هو الحكم ال يمكن استبعاد هذا النص الشّريف في أي دراسة إنسانية السيما اللّغوية واألدبية منها، ألن مجـال اللّغـة واألدب وجد في آي الذّكر الحكيم نسخا كثيرة عن فنون التّعابير في لغة العرب التـي اختُزلـت جميـع

    يبها في النّظم القرآني، لهذا فإن كالم العرب شعرا ونثرا لم يستطع االستغناء عن توظيف األسـاليب أسالالقرآنية ضمن مقامات الخطاب المتباينة، ألن القرآن لم يغفل ميزات كثيرة من اللّغة القديمة حيث شـكّل

    .د اللّغوي لنصه الشّريفمرآة عاكسة لمختلف نظمها وأدرجها في نصوصه تأكيدا على أصالة االمتدا فهذه العالقة الوطيدة بين الدراسات اللّغوية والقرآن، جعلت الكثير من البحوث العلمية تجد ضالّتها فيما تطمح إليه من اكتشاف في حقل أبعاد هذه العالقة المتجددة، كلّما انعقدت نية للبحث في أي مسألة صوتية

    جمية أو داللية أو بالغية حتّى وإن تكررت دراستها، فإمكانية تحصيل الجديـد أو نحوية أو صرفية أو مع متيسر في هذا النّوع من الدراسات نظرا للثّراء المعرفي الذي تستبطنه ازدواجية الجمع بـين الدراسـات

    بيقي في نصوص اللّغوية والقرآن، فكثرة تالزمهما وانسجام ما هو نظري في مستويات اللّغة مع ما هو تط اآليات القرآنية أكسب معظم هذه البحوث نقلة نوعية على درجة عالية من الكفاءة العلمية، وهذا ما الحظته من خالل الدراسات التي جمعت فيها بين اللّغة والقرآن في مرحلتي اللّيسانس والماجستير، ففي المرحلـة

    ل، وفي المرحلة الثّانية درست وظيفة همزة االسـتفهام األولى تتبعت معاني حروف الجر في السبع الطّوا عند اللّغويين وتطبيقاتها في القرآن، مما جعلني أكتشف موضوعا آخر له صلة بمعاني األساليب اإلنشائية في اللّغة العربية رصدت مالمحه من خالل تعدد تواجده في القرآن الكريم، وهو ما لخّصته ظاهرة اطّراد

    ب النّداء بجميع أنماطه التركيبية ودالالته األسلوبية في كّل موقف من مواقف الخطاب حينما توظيف أسلو .يكون هذا األسلوب هو واجهته ومدخله الرئيس عند أي بؤرة من بؤر التّواصل في القرآن

    دت طرائق توظيف عناصرها في نصة في القرآن الكريم وتعدعت األساليب اإلنشائيالخطاب لقد تنو الموجه على مستوى سياق اآليات القرآنية، حيث اقترنت هذه األساليب بمجاالت دالليـة تباينـت تـارة وتمازجت تارة أخرى؛ مما أدى إلى نشوء معان إضافية ارتبطت ارتباطا وثيقا بطبيعة الخطـاب الـذي

    ائرة الحوار؛ الذي يحدد بدوره اقتضى توجيه هذه األساليب حسب المقام والعناصر المشاركة في تكوين د طبيعة األطراف المعنية بالخطاب وخصوصية كّل طرف وما يتعلّق به من حكم شرعي يستوجبه موضوع الخطاب نفسه، لهذا فإن عملية توظيف هذه األساليب في القرآن الكريم كثيرا ما أفرزت أشكاال نوعية من

    ات عملت على تناوب عناصر الجملة في األسلوب الواحد، كمـا التّراكيب النّحوية التي انتظمت وفق سياق أنّها أوجدت ظالال أخرى للمعنى تواشجت فيها مفردات أسلوبين فأكثر؛ ألن المخاطب من شأنه أن يتعدد كما يتعدد المخاطَب لذلك فقد وظّف أكثر من أسلوب في مقام حواري واحد، فال تكاد تمر آيـة إالّ وقـد

  • 2

    أسلوبان وفق مسارات داللية مختلفة، فاآلية أيا كانت طبيعتها من حيث موضوع نصها الـذي تزاوج فيها سواء ضم معاني الوعظ أو األحكام الشّرعية البد لها ـ أي اآلية ـ أن تنطوي على مدار من مـدارات

    .الخطاب الذي يسوغه أسلوب من أساليب اإلنشاء في اللّغة العربيةمثل هذه النّصوص الخطابية التي تتخلّلها أنواع من األساليب اإلنشائية كما هو معلوم هـو والدافع إلى

    كون القرآن رسالة موجهة إلى العباد قصد فهمها واألخذ بما فيها من أحكام ومواعظ، وهذا ما جعل مـن بالغية أخرى، النص القرآني يحفل بالكثير من األساليب التي خرجت عن معناها األصيل وأفادت معاني

    فكّل آية ال يمكن أن تخلو من أسلوب أمر أو نهي أو استفهام أو دعاء أو عرض أو تحضيض أو تمنّي أو تعجب أو نداء لما تحتويه هذا األغراض التّعبيرية من سمات داللية توحي بالمعاني المقـصود إيرادهـا،

    اطبه، ومن أهم األسـاليب التـي اطّـرد فيستجيب المخاطب بما تمليه عليه ضرورة األخذ من مقصد مخ استعمالها في القرآن الكريم أسلوب األمر، النّهي واالستفهام والنّداء، وهذا األخير كثيرا مـا تكـرر فـي مقامات الطّلب ألن النّداء يكون لطلب إقبال المدعو ليصغي إلى أمر ذي بال، ولذلك يغلب عليه أن يليـه

    مان عليه وكذلك األمر بالنّسبة لالستفهام، فهذه األساليب األربع كثيرا ما تتالزم أمر أو نهي كما أنّهما يتقدفي القرآن ألنّها تشكّل وحدة موضوع الخطاب الطّلبي، فالنّداء ال يكاد ينفك عما يجري مجراه من الطّلب

    اللتها مـن البعيـد إلـى والنّهي، لكن التّعبير القرآني أتى بأسلوب النّداء مقتصرا على يائه التي تغيرت د .القريب عكس الشّائع من استعماالت هذا الحرف في اللّغة العربية

    اهللا (من أكثر حروف النّداء استخداما في القرآن الكريم، حيث لم ينـاد اسـم ) يـا( ويعد حرف النّداء ـ ) وأيها تدرج من المبهم إلى األوضح لما فيه من ) أيها(، كما يكثر استعمال المنادى )يـا(في القرآن إالّ ب

    التي تستدعي انتباه المخاطب لما سيرد عليه من أحكام ووعد ووعيـد ) هـا(في الداللة، وكذا أداة التّنبيه وغيرها من مقاالت الخطاب التي حوتها مواضيع القرآن الكريم، ونادى سبحانه وتعالى عباده بما فـيهم

    مل هذا الحرف في ندائه سبحانه وتعالى إالّ مقترنا بالـدعاء، ألن رسله بالياء لتأكيد قربه منهم، ولم يستع في القرآن لـم ) الرب(النّداء يمكن أن يتشرب معنى األمر وال يؤمر سبحانه وتعالى، فعلى كثرة ما نودي

    يعثر مسبوقا بحرف النّداء إالّ في موضعين، كانت فيهما على سبيل الحكاية، لذلك وظّفت أدوات أخـرى ء الباري عز وجّل إضمارا وإظهارا، احترازا من معنى األمر، وقد تعددت صور النّداء فـي القـرآن لندا

    الكريم، فكما نادى اهللا عباده جملة ناداهم خاصة؛ فمن ذلك نداؤه ألنبيائه والمؤمنين والكافرين والطّوائـف رية التي ضـمها أسـلوب النّـداء والشّعوب وسائر المخلوقات على اختالف أجناسها، فهذه األشكال التّعبي

    جعلت من الخطاب القرآني ذا بعد داللي يتوزع وفق مقتضيات الطّلب العام والخاص، وذلك تماشيا مـع مواضيع مختلفة ومناسبات عديدة فيكون لتكرار هذه األساليب اإلنشائية أثرها في النّفوس، بـالرغم مـن

    ساليب نازلة في سياقها على أحسن هيئة فـي اإليقـاع، قويـة اتّساع دائرة الخطاب والحوار فإن هذه األ . اإليحاء شديدة البعث لما تضمنته من المعاني المرادة واألهداف المقصودة

    فهذه الميزات الخاصة والعامة الستخدامات أسلوب النّداء في القرآن جعلتني أختاره موضوعا للبحـث يرة هي األسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع دون غيـره، والدراسة في مرحلة الدكتوراه، وكث

    :ألخّصها في النّقاط اآلتية

  • 3

    ـ رغبتي في مواصلة الجهد في دراسة معاني األساليب والحروف في القرآن الكريم، التي كنـت قـد 1 .ابتدأتها في مرحلتي اللّيسانس والماجستير

    ها آي الذّكر الحكيم مما يستقطب حفيظة كّل باحث في دراستها ـ كثرة األساليب اإلنشائية التي عجت ب 2 .والبحث في معانيها، واكتشاف العالقة التّكاملية بين مختلف تلك األساليب

    ـ وجود دراسات كثيرة حول األمر والنّهي وأقّل منهما االستفهام، وتضاؤل ذلك مع أسلوب النّداء الذي 3الثة ضمن مجاله الداللي لتستكمل متطلّبات المعنى اإلضافي عندما يتغير كثيرا ما تندرج هذه األساليب الثّ

    . مقام الخطاب ـ عدم اهتمام القدماء بأسلوب النّداء الذي لم يفردوه بالتّصنيف عدا ما ذكروه عن هذا األسلوب ضمن 4

    .مباحثهم في كتبهم المصنّفةركّب النّداء ذاته بالدراسة واستقصاء عالقة عناصره ـ قلّة مثل هذه الدراسات األكاديمية التي خصت م 5

    .بنص الخطاب الوارد فيه ـ يمكّن هذا النّوع من الدراسات الخاصة التي تعنى بجزئية واحدة من إحكام السيطرة العلميـة علـى 6

    ، وهذا ما مختلف جوانب الموضوع، مما يسهل استخالص أكبر كم من النّتائج ضمن دائرة معرفية محدودة . ينشده منهج االختصاص في البحوث المعاصرة

    ـ إن طبيعة موضوعات رسائل الماجستير والدكتوراه تقتضي البحث عن عالقة مفقودة بـين طرفـي 7قضية علمية تستوجب الكشف عن طبيعتها، وهذا ما دفعني الختيار مركّب النّداء الذي من شأنه أن يوضح

    . اكيب النّحوية والدالالت السياقيةمالمح العالقة بين التّر نت أهمة، تضمة عامإشكالي ة تساؤالت حول هذا الموضوع جمعتها في نصوقد تبادرت إلى ذهني عد

    كيف يمكن أن تتحكّم المعاني النّحوية فـي : المفاهيم األساس التي عليها مدار البحث كلّه، هذا توضيحها من خالل الجمع بـين جملـة القة بين عناصر الجملة النحوية وداللة السياق داللة السياق، وما هي الع

    النّداء وجوابها التي كثيرا ما انفصلت عنها في الدراسات األخرى بوصفها ـ أي جملة جواب النّداء ـ مبدأ جملة جديدة مصدرة بأمر أو نهي أو استفهام، أو أنّها مستهّل أسلوب آخر هو األسلوب الخبـري،

    ، السيما إذا تكـرر ل هناك دور فاعل للتّركيب النّحوي في تحديد المجاالت الداللية لألسلوب اإلنشائي وه؟ومرد هذه اإلشكالية إلى فرضية تتعلّق بطبيعة عناصر مركّب بشكل نمطي في نص أي مدونة مدروسة

    تتأثّر به؛ ألن العالقة يفترض أن تكـون النّداء نفسه، التي يفترض أن تؤثّر معانيها النّحوية في السياق أو أسلوب دون أن يستعين بالتّركيب النّحوي الذي ال يمكنه بـأي ة، إذ ال يمكن تشكّل نسيج أيبينهما حتميحال من األحوال أن يستقر على صورة نظامية واحدة ضمن حيز تراتبية عناصره، التي يفترض أن مبدأ

    .غايرا غير المعنى األول في نظام سابق لجملة ماالرتبة فيها يحدد معنى م وانطالقا من هذا النص تم تحديد عنوان جامع للتّساؤالت والفرضيات معا ومعبرا عن مضمون هـذا

    ـ ، والمقصود بالمركّب هو مـا مركّب النّداء بين المعاني النّحوية وداللة الخطاب : البحث الذي وسمته بلنّداء وجوابها؛ ألن جملة النّداء المتكونة من حرف النّداء والمنادى تعد مقدمة أسـلوب جمع ثنائية جملة ا

    النّداء ال غير، حيث ال تستقيم الدراسة بالتوقّف عند حدودها التي البد أن تنفتح على جملة الجواب لكـي

  • 4

    ه مـن جملـة اسـتهاللية يكتمل المعنى، فالمنادي هو الذي يملك سلطة الخطاب في أسلوب النّداء بما في وجواب هو من صنيع المنادي، فالمنادى مضمر وجوبا صيغة خطابه جملة استفهامية مفادها ماذا يريـد منّي المنادي، لكن هذه الجملة على اختالف أنماط تساؤالتها ال يتصورها إالّ المنادي نفسه لكـي يجيـب

    دف جملة النّداء بجواب هو الموجب للنّداء فـي المنادى طواعية، فال يتوقّف بخطابه عند شخصه، بل ير المعنى، وقد حاولت أن أربط بين المعاني النّحوية وداللة أسلوب النّداء ضمن مقامات خطابية متنوعـة، فالمعنى النّحوي يتشكّل بتعدد صور الجملة وتغير عناصرها حينما تتّخذ لها مواقع متباينة، وإن لم يتغيـر

    ة األسلوب هي تلك التي توجه معاني التّركيب في صوره المختلفة عنـدما تنـدرج تلـك لفظها، أما دالل الصور في سياقات تعمل على تحديد معانيها وتمنحها إضافات داللية تتشبع بها لكي تنزاح عـن الـنّمط

    المـستخدم الرئيس، الذي يعد بؤرة الجملة األساس التي بني بوساطتها أسلوب النّداء في أصل وضعه عند أثناء عملية التّواصل األولى، التي إن هي استمرت تفرعت عنها صور جملة النّداء لكي ال يحدث التّماثل

    . في وحدات التّركيب ومعانيه راسات من أجلها، وأهمالغاية التي ترتجى من كّل بحث أكاديمي هي تحقيق بعض األهداف التي تعقد الد

    :أهداف هذا البحث هي . ـ اإلجابة عما ورد في نص اإلشكالية والتحقّق من إمكانية إثبات صحة الفرضية المشار إليها آنفا1 . ـ محاولة إبراز الخصائص العامة التي أفردت مركّب النّداء عن بقية األساليب اإلنشائية األخرى23 الجهد على دراسة مختلـف ـ محاولة إبراز العالقة بين جملة النّداء وجوابه، هذه الثّنائي ة التي انصب

    . العالقات النّحوية واألسلوبية بين طرفيها ـ محاولة تحديد المجاالت الداللية ألسلوب النّداء في القرآن وفصلها بدقّة عن مالزماتها من أسـاليب 4

    .األمر والنّهي واالستفهام التي كثيرا ما تزاحمهارية تخص فكرة االنزياح في أسلوب النّداء انطالقا مـن مقامـات ـ محاولة وضع مالمح واضحة لنظ 5

    الخطاب في القرآن الكريم، ألن فعالية االنزياح ال تبرز إالّ فيما تكرر من أنمـاط تركيبيـة وأغـراض .أسلوبية، كما هو الشّأن مع أسلوب النّداء الذي يمكن بوساطته اختبار وظيفية نظرية االنزياح

    .هد آخر إلى الدراسات اللّغوية في مثل هذه المواضيع ـ إضافة ج6 ـ تقديم عمل آخر يزيد من ثراء المكتبة القرآنية، التي اجتهد بعض الباحثين في تزويدها بهذا النّوع من 7

    . البحوث، خاصة تلك المعاجم التي اختصت بدراسة وحصر مختلف الظّواهر اللّغوية في القرآن ال يمكن ألي س المستجدالعلم تراكمي بطبعه؛ لكي يتأس أن ينطلق من فراغ ألن بحث علمي أكاديمي

    من فكره على أركان صحيحة تضمن الثّبات واالستقرار ألي جهد علمي في أي مجـال مـن مجـاالت ـ احبه البحث، وتعد الدراسات السابقة المحضن األساس الذي تنمو فيه أفكار البحث الجديد الذي يحاول ص

    أن يستفيد من تجارب غيره ويتميز عنهم بإضافاته التي تؤمن له خصوصية بحثه الذي ينشد من خاللـه استحداث شيء جديد يضيفه إلى الحقل المعرفي بصفة عامة، لهذا فقد اجتهدت غاية الجهد في البحث عن

    مها وفرز متشابهها تم تقـسيمها الدراسات السابقة التي لها عالقة بموضوع هذا البحث وبعد جمعها وتقسي : إلى أربعة أقسام

  • 5

    ـ قسم لم يدرس من النّداء في جانبه التّطبيقي المتعلّق بالقرآن إالّ مبحثا واحدا هو المبحث الثّالـث 1 من الفصل الثّالث في هذا البحث، وقد تناول أصحاب تلك الدراسات موضوع نداء المؤمنين في القـرآن

    غيرهم، وهذا النّوع من الدراسات على كثرته ورد عاما غير مبوب وال مجزئ بحيث يسمح فحسب دون بتتبعه وفهم الغاية من الدراسة؛ ألن معظم تلك الدراسات جاءت في شكل قالب وعظي شغله الشّاغل الحثّ

    :على فهم مقتضى الخطاب، وأهم تلك الدراسات هيمبادئ تربوية في آيات النداء للذين آمنـوا (، و "علي عبد الفتاح "لـ) النداءالرياض الغناء في تفسير آيات (

    ـ صـالح أحمـد "لــ ) نداء اإليمان في القرآن الكريم(، و"مأمون صالح النعمان" لـ)ـ دراسة تحليلية آن نداء القر (، و "عبد الحميد الكندح الصيادي الرفاعي "لـ) نداء الحق للناس والمؤمنين أجمعين (، و "الشامي

    نداء المـؤمنين (، و "عمر أحمد عمر " لـ) نداء اهللا جّل جالله (و ،"منيب الطحان " لـ)>يا أيها الذين آمنوا <نداء المؤمنين في القرآن الكريم ـ دراسـة آيـات (و" رجاء أحمد مصطفى المبلغ"لـ) في القرآن الكريم

    ـ أحمـد فـتح اهللا " لـ) المبيننداء المؤمنين في القرآن (، و"أحمد مصطفى منصور"لـ )وتحليل غايات نداءات رب العالمين لعبـاد اهللا (و ،"محمد علي العرفج "لـ) نداء رب العالمين لعباده المؤمنين (، و "جامي

    ، "أبـو بكـر الجزائـري " لـ) نداءات الرحمن ألهل اإليمان (، و "محمد بن صالح العثيمين " لـ) المؤمنينـ ) نداءات الرحمن للذين آمنوا(، و "ولي الشعراوي محمد مت " لـ) نداءات الرحمن ألهل اإليمان (و عبـد "لـ

    نداءات المنّـان (و" علي مصيلحي حسن " لـ) نداءات المؤمنين في القرآن الكريم (و" التواب محمود أحمد ، فميزة هذه الكتب أنّها كانت أشبه بالدروس التي تلقى "عبد الرحمن بن ناصر السعدي " لـ) ألهل اإليمان

    يعمل بعض التّالميذ على جمعها دون عناية بـالمنهج العلمـي واألكـاديمي، غيـر أن في حلقات العلم و خصوصية هذه الكتب تكمن في أنّها نشرت ليستفيد منها عوام النّاس قبل خاصتهم لسهولة أسلوبها وبساطة

    حـسان طرحها، وال أنكر أنّي استفدت من بعضها فيما انفرد به أصحابها من التفاتات ذات قيمة ونكـت يشير إليها صاحب الكتاب أحيانا حينما تجود قريحته بمكنونات مخزونه العلمي، السيما أن بعض أصحاب

    .هذه الكتب علماء مشهود لهم بغزارة العلم ورسوخ القدم في المباحث القرآنيةي أن يجمـع فيـه بـين الجانـب النّظـر " أحمد محمد فارس" ـ القسم الثّاني وقد حاول فيه صاحبه 2

    ، فهو على الرغم من )النّداء في اللّغة والقرآن( والتّطبيقي في موضوع النّداء من خالل كتابه الموسوم بـ جمعه لمعظم آي الذّكر الحكيم الخاصة بالنّداء إالّ أنّه لم يسعفه الحظّ في تقسيمها تقـسيما جيـدا حـسب

    وص النّداء ولم يبين أشكال التّراكيب فيها موضوعاتها كما أنّه لم يدرسها، حيث لم يشرح أي نص من نص بالرغم من وجود جانب نظري في بداية الكتاب ذكر فيه بعض األحكام النّحوية في أسلوب النّداء، فطبعة الكتاب وما حوته من مادة علمية ال تعدو أن تكون طبعة تجارية ينقصها الكثير من قواعد البحث العلمي،

    اطتها تكاد أن تتصدر قائمة كتب موضوع النّداء في جّل المكتبات التي زرتها ألنّها وهذه الدراسة على بس من أولى الدراسات التي ظهرت في المكتبات العربية تعالج مثل هذا الموضوع، ومما يؤكّد حقيقة بعد هذا

    ن تاريخ المدارس الكتاب عن المنهج العلمي األكاديمي هو إدراجه لكم كبير من الصفحات التي تتحدث ع النّحوية التي أورد نبذة عنها دون أن يقوم بموازنة بينها في مجال أصول الدرس النّحوي التي لها عالقـة

    .بالنّداء، وهذا ما يشهد عليه الفصل األول من الكتاب المذكور

  • 6

    في لغة القرآن اءأسرار الند(وهما " إبراهيم حسن إبراهيم " ـ القسم الثّالث ويضم دراستين لصاحبهما 3 ، وأحسن ما في هاتين الدراستين أن صاحبهما )> معناه، أغراضه، أنواعه

  • 7

    ـ " عبد الفتاح محمد عيوش " ورسالة رسالة مقدمة لنيـل ) النّداء وتطبيقاته في القرآن الكريم (الموسومة بمعة صدام للعلوم اإلسالمية، العراق، ولم يذكر صـاحب الفهـرس المعـد م، جا 1997شهادة الماجستير

    لرسائل الماجستير والدكتوراه بالجامعات العراقية المشرف على الرسالتين، وأشـارت بعـض الفهـارس ـ ) النداء اإللهي الموجه لألنبيـاء علـيهم الـصالة والـسالم ( العلمية إلى وجود رسالة أخرى موسومة ب

    سيد محمد : "م، إشراف 2000رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير " حمد بن خالد بن محمد البداح م"لصاحبها، جامعة اإلمام محمد بن سعود، وعثرت في بعض الفهارس على رسـالة غيـر هـذه "ساداتي الشنقيطي

    " محمود لطفي عبـد العـاطي "لصاحبها ) آيات النداء في القرآن الكريم، دراسة موضوعية (موسومة بـ .، القاهرة ـ مصر"عبد الحي الفرماوي: "هـ، إشراف1404رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير

    عن سابقاتها بأنّها قدمت لنيل درجة الدكتوراه " عبد الحميد خميس عبد الحميد ديب" وقد انفصلت رسالة ، كلية )يم، دراسة تحليليةنداءات القرآن الكر(وقد وسمها بـ" فتحي عبد القادر فريد"م، بإشراف 1996سنة

    اللّغة العربية، قسم البالغة والنّقد، جامعة األزهر، القاهرة ـ مصر، فهذه هي الرسالة الوحيدة التي أنجزت حول النّداء في مرحلة الدكتوراه، وتقع الرسالة في خمسمئة وست وسبعين صفحة، حيث عمـل الباحـث

    كـالتّمنّي والتعجـب ا على تتبع مقامات الخطـاب الفرعيـة على تقسيم بحثه إلى ستة فصول اشتغل فيه واالستعطاف والعتاب والتشكّي والتفجع والتحسر والتأسف وااللتماس، فهذه أغـراض فرعيـة ألسـاليب إنشائية رئيسة حاول صاحب الرسالة أن يستقصيها لكنّه لم يعثر على شواهد كافية لكلّّ غرض من هـذه

    مما أحال الفصول إلى مباحث ألن جملة هذه األغراض تصلح أن تكون ضمن مبحث األغراض الفرعية واحد في فصل من الفصول، فنقص الشواهد لديه في هذا المنحى أدى به إلى تغيير مسار البحـث الـذي مكّنه عنوانه من توسعته أينما وجد قصورا في إدراك تلك األغراض التي أراد استقصاءها، فركّز علـى

    ليب التّربوية في آيات النّداء ولم يوف بحقّه في التّحليل البالغي الذي أراده وأشار إليه فـي مقدمـة األسا ا نظرا لخبرة أساتذة جامعة األزهر في هذا المجال، وال أشكسالة أحسن من غيرها منهجيالر بحثه، إالّ أن

    اب منهج الفهرسة العلميـة لألبحـاث لحظة واحدة أن ثمة رسائل أخرى في جامعات عربية؛ غير أن غي األكاديمية المنجزة في الجامعات يحول دون العثور على هذا النّوع من الدراسات السابقة، عكس الكتـب المطبوعة في دور النّشر التي تعمل على إخراج فهارس دورية تعرف بمطبوعاتها السـيما تلـك التـي

    ة للكتاب، أمولية بما فيهـا الملتقيـات ورسـائل الماجـستير تشارك في المعارض الدا األبحاث األكاديميوالدكتوراه والمجالّت العلمية المحكّمة، فهي بحاجة إلى فهرس دقيق يكون عونا على تجـاوز األبحـاث

    . المدروسة واالنطالق نحو التأسيس لرؤية بحثية جديدة ال تستنسخ ما سبق من الدراسات إالّ لماما أما المنهج الذي تم تطبيقه في هذه الدراسة فهو منهج تكاملي يجمع بين منهجي االستقراء والتّحليـل، يرافقهما المنهج اإلحصائي بوصفه من أهم أدوات الرصد واالستقصاء، فهو كثيرا ما يناسب هذا النّوع من

    ث قمت بتتبع كّل جزئية تخص هـذا الموضـوع، المواضيع نظرا لقواعد القياس الكمي التي تحكمه، حي فحصرت مختلف جوانبه النّظرية والتّطبيقية معتمدا أسلوب الفرز والتّمحيص قصد غربلة هوامش اآلراء وإبعادها لكي ال تزيد من شساعة البحث وتعمل على تعقيده، مما مكّن من إحكام السيطرة على عناصـر

    ا يوضح موقع كّل فكرة ضمن أدقّ الجزئيات التي تفرعت عن كّل عنصر الموضوع وتوزيعها توزيعا دقيق

  • 8

    من عناصر البحث المنضوية تحت مباحث كّل فصل من الفصول الثّالثة التي يحويها هذا البحث، ثم قمت بتحليل تلك الجزئيات وشرحها والتّدليل على أرجح اآلراء فيها باالستعانة بالشّواهد من القرآن والحـديث

    كالم العرب شعرا ونثرا، وما يعضد كّل ذلك من آراء لمختلف العلماء الذين تتماشى آراؤهم والمـسألة و .المدروسة في كّل جزئية من جزئيات البحث

    وقد مكّن هذا المنهج من توجيه مسار خطّة انتظم وفقها هذا البحث، والتي تألّفت من مقدمة وتمهيـد :توى محاورها هذه كمايليوثالثة فصول وخاتمة أوجز مح

    وهي التي جمعت فيها أصول الدراسة الوظيفية من ذكر ألسباب االختيار وإشكالية البحث : المقدمة ـ 1 .وعنوانه و أهدافه، ومنهجيه المطبق والمتّبع، وهذه الخطّة التي أنا بصدد شرحها

    ، مما جعلني أقسمه إلى توطئة النّداء وروافدهحدود المعاني اللّغوية للفظ الذي عنونته بـ: التّمهيد ـ 2 وستّة عناصر تتمايز بمعانيها تارة وتتقاطع مع أسلوب النّداء تارة أخرى وهذه العناصر هي لفظ النّـداء والدعاء والتّرخيم واالستغاثة والنّدبة والتعجب، حيث تم التّفصيل في معانيها اللّغوية ضمن منطوق ألفاظها

    إلى وجود عالقة بين أسلوب النّداء وهذه األساليب، ألنّها البد أن تتالمس معه عند توظيفها في التي تشير مقامات إبالغية وخطابية مختلفة، ولم أشر إلى روافد أخرى كاالختصاص واإلغراء والتّحذير ألن ألفاظها

    ا تعبيريا بوساطة التّراكيب النّحويـة اللّغوية ال تحمل أي داللة على النّداء، فهي تتقاطع معه عند استخدامه مـن ) هــ، و (حيث تبرز بعض مالمح اشتراكها مع أسلوب النّداء، كما سيتّضح من خالل الجـزئيتين

    .المبحث الخامس في الفصل األول من هذا البحثتكـون وقد ، األحكام النحوية لعناصـر النداء في لغة العرب الذي جاء تحت عنوان :الفصل األول ـ 3

    . من النّتائجمجموعةوهذا الفصل من توطئة وخمسة مباحث ـ أما التّوطئة فبينت فيها اهتمام القدماء بأسلوب النّداء، ووضحت أهم االعتراضات العلمية التي يمكنها

    ا ممـا أن تحول دون دراسة هذا األسلوب الشّائك، الذي ما إن تتعين فيه جزئية إالّ وتفرعت عنها مثيالته .يؤدي إلى صعوبة في تحديد معالم النّهاية في كّل جزئية مدروسة

    ، فخصصته لدراسة أدوات النّداء فـي أحرف النّداء في اللّغة العربية ـ وأما المبحث األول المعنون بـ ة ورتّبتها وأبعدت متشابهها وأقحمت كّل متفـرة حيث جمعت مختلف اآلراء النّحويد بـرأي اللّغة العربي

    يختلف عن غيره في عدد هذه األحرف ووظائفها، بما في ذلك آراء المحدثين والمعاصـرين الـذين لـم يبتعدوا كثيرا عما قاله القدماء في هذا الباب، فمنهم من أيد رأيا من اآلراء ومنهم من انتصر لمذهب مـن

    ا كّل طرف من أطراف النّزاع العلمي في المذاهب ارتأى بأنّه على بينة نظرا لقوة الحجج التي استند إليه مسألة أحرف النّداء، ومما سهل فرز تلك اآلراء وتحديد وجهتها بدقّة، هو أنّه تم فـصلها بـشكل يـسمح ات تُفرد كّل مذهب على حدة ثـمعها وفهم وجهة نظر أصحابها نظرا النفصالها عن بعضها في جزئيبتتب

    .ب الواحد إن هي تعددتيتم إدراج جميع اآلراء في المذه والذي شغل مساحة ليست بالقليلة في هـذا ،المنادى المبني وتوابعه ـ وأما المبحث الثّاني المعنون بـ

    الفصل؛ ألنّه حوى مختلف اآلراء النّحوية التي عنيت بأحكام المنادى المبني الذي تباينت فيه اآلراء بـين ظيفة النّحوية التي أسندت إلى حرف النّداء، ممـا جعـل كثـرة صحة بنائه وعدمها باختالف العامل والو

  • 9

    المسائل األصولية النّحوية تتزاحم في هذا المبحث، لتعضد رأي طرف من اآلراء التي تم شرحها وتبسيط الغامض منها وترجيح أصحها؛ بحسب ما تم جمعه من أدلّة نحوية أساسها األول قوة الشّاهد وقربه مـن

    .السماع قبل القياسمصادر ، فقد جاء نظيرا للمبحث الذي قبلـه حيـث المنادى المعرب وتوابعه ـ وأما المبحث الثّالث المعنون بـ

    تناولت فيه مفهوم المنادى المعرب وعوامل إعرابه وصوره التي يرد عليها وأحكام توابعه وتوابع توابعه، ي أثبتت إعرابه دون بنائه على اختالف متجذّر بين النّحاة فهو لم يختلف عن سابقه إالّ في نوعية العلل الت

    في علل بناء المنادى وإعرابه، فطريقة التجزيء والتّفريع التي اعتمدتها تمكّن من مقارنة كّل جزئية فـي كّل مبحث من هذين المبحثين المتناظرين، سواء من حيث قيمة العلل المحشودة لتقوية كّل رأي أو نوعية

    الذي يرجح كفّة طرف على طرف آخر، السيما إذا اطّرد الشّاهد في كالم العرب وأيده نص آية أو الشّاهد .حديث بوصفهما من أقوى أدلّة الشّواهد النّحوية في اللّغة العربية

    ، فقد رصدت فيه أهم أوجه التّقابـل بـين الحذف في أسلوب النّداء ـ وأما المبحث الرابع المعنون بـ نب النّظرية والتّطبيقية التي نظّرت لهذه الظّاهرة النّحوية المحيلة على فتح باب التّأويل عند تحكيمها الجوا

    في نص من النّصوص يحتمل وجود محذوف يستوجب تقديره، فالنّحاة قد ضيقوا واسعا في باب أسـلوب لما كان الحذف من أهم مجـاالت النّداء وقيدوا ظاهرة الحذف فيه بشروط لم يخصوا بها أسلوبا غيره، و

    التّأويل في اللّغة العربية فقد تباينت اآلراء في ترجيح المحذوف بين نص وآخر، غير أن الشّواهد المدرجة في هذا المبحث تنطق بنفسها عن وجود آثار حذف يستدعي إظهاره بالتّحاكم إلى قرائن سياقية تشهد على

    اقتضى المقام ذلك، فالحذف غرض إبالغي يوجز الكالم وينمقه لفظا ضرورة إبراز المحذوف وتقديره إن ومعنى لقوة تركيز البناء في اللّفظ والمغزى في الداللة، وهذا ما أثبتته الشّواهد القرآنيـة فـي المبحـث

    .التّطبيقي الموازي للمبحث النّظري، كما سيتّضح في الفصل الثّاني من هذا البحث، فقد حاولت فيه أن أفصل بين مفهومي شـعب النّـداء شعب النّداء مس المعنون بـ ـ أما المبحث الخا

    وأغراضه، فشعب النّداء هي التّرخيم واالستغاثة والنّدبة واالختصاص والتّحذير واإلغراء والتعجب، أمـا عريض والتّهديـد األغراض فهي تلك التي تخرج إليها األساليب اإلنشائية عادة كالمدح والذم والتّوبيخ والتّ

    وغيرها من األغراض التي يمليها السياق في مختلف مقاماته، فكّل شعبة من هذه الشّعب يمكن أن تنحدر إلى غرض وليس العكس، فهذه الشّعب كثيرا ما تقاطعت مع أسلوب النّداء السيما فـي بنيـة التّركيـب

    مباحث النّداء نفسه، فهي أي الشّعب إن النّحوي حيث تشابهت معه في عدة أحكام سبقت اإلشارة إليها في لم تتقاطع مع النّداء في األحكام النّحوية، فهي عند توظيفها في مختلف التّراكيب تدّل عليه بـأن تتـضمن ملمحا من مالمحه كأسلوب اإلغراء والتّحذير مثال، فغالبا ما يدالّن على وجود محذوف في الكالم أصـله

    .حرف النّداء والمنادى ولكي تكتمل الفائدة وتجتمع للقارئ خالصة ما سبقت إليه اإلشارة في مباحـث هـذا الفـصل ذيلتـه ـ

    بمجموعة نتائج خاصة تتعلّق به دون غيره توجز كثرة اآلراء وتشعبها وتحفظ للمتتبع مجامع ذهنه فـي . األفكار التي حصلها أثناء قراءة الفصل

  • 10

    ، وقد التّحليل النّحوي لعناصر جملة النّداء في القرآن الكريمنوان عالذي جاء تحت : ـ الفصل الثّاني 4 .انتظم هذا الفصل كسابقه في توطئة وخمسة مباحث وجملة من النّتائج

    ـ أما التّوطئة فبينت فيها كيفية بناء نظرية المعنى النّحوي التي تقوم أساسا على تموقع وحدات الجملـة النّحوي، وقد رصدت لذلك مجموعة من اآلراء تؤيد فكرة تحـصيل المـنهج التي بتغيرها يتحدد المعنى

    العلمي في هذه النّظرية السيما عند القدماء الذين منحوا بعدا تطبيقيا موسعا عن فكرة هذه النّظرية، التي لم يكاد التّطبيق فيها يكن للمحدثين إالّ أن أصلوا بعض أصولها ووضعوا قواعدها النّظرية، فالمعاني النّحوية

    أن يتجاوز التّنظير بحكم االستخدام المباشر للجملة بوصفها مكونا أساسا في أي نص، فالمخاطب هو الذي يكيف المعنى النّحوي بالتّقديم والتّأخير بحسب ما تمليه عليه مقامات الخطاب التي يشهدها، وهذه النّظرية

    لكثرة توظيفه في القرآن بشكل متشابه ومتجانس مما يوهم بتكراره هي التي أكسبت النّداء معانيه األصيلة على نمط واحد، فلوال هذه النّظرية التي كشفت عن جميع األنماط التّركيبية ألسلوب النّداء فـي القـرآن وفصلتها عن بعضها برصد كّل صورة من صور التّركيب الواحد بما في ذلك تلك الصور التي حذف فيها

    . عناصر جملة النّداء، كما سيتّضح من خالل المبحث الرابع في الفصل الثّاني من هذا البحثعنصر من يكاد هذا المبحث أن ينفصل عن أمثالـه ،بناء جملة النّداء من لفظه ـ وأما المبحث األول المعنون بـ

    داء نفسه عن تلك التـي من المباحث التي ضمها هذا الفصل نظرا الختالف جملة النّداء المصدرة بلفظ النّ تصدر بحرف من أحرف النّداء؛ ألن جملة النّداء المبدوءة بلفظه تغير من نمط األسلوب أصال حيث تحيله إلى أسلوب خبري، عكس أحرف النّداء التي تبين خصوصية إنشائه على ما هو األصل في هذا األسلوب

    ن إذا ما تم استبعاد معنى الكذب الذي يحكم الخبر عادة، غير أن مفهوم الخبر واإلنشاء أن يتغير في القرآ فالمخبر هو الذّات اإللهية التي ال يأتيها الباطل من بين يديها وال من خلفها، مما جعلني أقحم جملة النّـداء المصدرة بلفظه بوصفها مبحثا من مباحث هذا الفصل؛ ألن طبيعة تلك الجمل تعد من أقوى دالئل أسلوب

    داء، فهي تتضمن اللّفظ ذاته المعبر عن فعل النّداء والمنادي والمنادى عليه وغيرها من صور هذا اللّفظ النّالذي ورد بكثرة في القرآن الكريم، فإن لم تؤخذ هذه الجملة بعين االعتبار لتم إسقاط العشرات من اآليات

    ، فالجملة التي تصدر بلفظ )لنّداء والمنادى حرف ا (التي ورد فيها أسلوب النّداء محذوفا بعناصره األصيلة .النّداء عادة ما تجمع بين وجهين للنّداء خبري ظاهر وإنشائي مضمر

    ـ وقد جمعت فـي هـذا المبحـث ، المنادى المبني في القرآن الكريم ـ وأما المبحث الثّاني المعنون بني في القرآن، الذي قلّت توابعـه حيـث مختلف الشّواهد القرآنية التي صنّفت مختلف صور المنادى المب

    اندرجت ضمن تراكيب جملية تقدمها األمر والنّهي واالستفهام والنّفي، ومما وضح مجموع صور المنادى المبني في القرآن هو مجيئه ضمن نصوص أفرزتها القراءات القرآنية على تباينها، كما سيتّضح من خالل

    . من هذا البحثالمبحث الثّاني في الفصل الثّانيوقد خصصته للتّـدليل علـى ، المنادى المعرب في القرآن الكريم ـ وأما المبحث الثّالث والمعنون بـ

    وجود جميع تلك الصور التي ذكرها النّحاة في الجانب النّظري الذي لم يوافق الجانب التّطبيقي في مسائل لذّكر الحكيم، ألن فحوى الخطاب في القرآن الذي توابع المنادى المبني أو المعرب لعدم وجودها في آي ا

    كثيرا ما ولي المنادى لم يصدر إالّ بأساليب رئيسة أكّدت المعنى ووجهته حسب مقاماته، كاألمر والنّهـي

  • 11

    واالستفهام كما أشرت إلى ذلك آنفا؛ إالّ أن جملة جواب النّداء لم تأت إنشائية فحسب بل زاحمتها الجملـة ذا ما جعل النّداء يخرج إلى أغراض بالغية تم الحديث عنها في الفصل الثّالث من هذا البحثالخبرية، وه

    ، فقد ركّزت فيه على حذف أركان أسلوب النّداء في القرآن الكـريم ـ وأما المبحث الرابع والمعنون بـ ، حيث رصـدت لـذلك الشّواهد التي تثبت وجود ظاهرة الحذف في أسلوب النّداء ضمن آي الذّكر الحكيم

    عدة شواهد تخص حرف النّداء نفسه وكذا المنادى أو حذف أسلوب النّداء برمته؛ إالّ أن هذا الحذف يكـاد أن يكون شاذّا يحتضنه التّأويل أكثر مما يحتمله النّص في حالته الطّبيعية، وقد أدرجـت بعـض صـور

    .جه القراءة القرآنيةالحذف التي اختلف فيها بسبب االحتكام إلى وجه من أوفهذه األساليب على قلّة ورودهـا ، شعب النّداء في القرآن الكريم ـ وأما المبحث الخامس والمعنون بـ

    في آي الذّكر؛ إالّ أنّها أبانت عن ملمح من مالمح االنزياح في أسلوب النّداء، حيث إنّها غالبا ما تحولـت ا من المداهنة ولين الجانب و الزلفى في الخطاب وهذا ما إلى غرض من أغراضه، فالتّرخيم يقتضي نوع

    ال يحتمله نص في القرآن إالّ ما ورد في بعض القراءات القرآنية، كما سيتّضح من خالل المبحث الخامس .في الفصل الثّاني من هذا البحث

    ج لخّصت أهم مـا ورد ـ وقد كان لزاما أن تكون نهاية هذا الفصل كسابقه، حيث ختمته بجملة من النّتائ .فيه وما تم مالحظته باالعتماد على عملية المطابقة بين ما ورد في الفصل النّظري والفصل التّطبيقي

    مقامات الخطاب من خالل المجاالت الداللية للنّـداء فـي القـرآن وقد وسمته بـ: ـ الفصل الثّالث 5 من العنوان حيث خصصته لتتبع داللة أسلوب النّداء من وقد جاء هذا الفصل متمما للوحدة الثّانية ، الكريم

    خالل مقامات الخطاب في القرآن، فهذا األسلوب يعد من أهم واجهات الخطاب والحوار في القرآن نظرا يجلب انتباه المخاطَب لما سيلقى إليه، لهذا تم تقسيم هذا الفصل إلى لكثرة افتتاح اآليات بهذا األسلوب الذي

    .وخمسة مباحث ومجموعة من النّتائج على النّهج الذي سرت عليه في الفصلين السابقينتوطئة ـ أما التّوطئة فحددت فيها معنى الخطاب وأهم عناصره وكيفية تشكّله وأوضحت أهـم معالمـه التـي

    ـ د المخاطَـب والمخاطب، تقتضي إبراز جميع مالمح وأدوات التّواصل بين طرف و آخر حتّى وإن تعدفتوطئة هذا الفصل خصصتها أكثر ما خصصتها لوصف طبيعة الخطاب العام في القرآن وصور تـشكّله وأصل نشأته، انطالقا من معطيات أسباب النّزول وحيثيات اآلية التي كثيرا ما تقيد خطابا ورد عامـا أو

    اولت إبرازها من خالل توطئـة تعمم خطابا يبدو أنّه خاص بفئة دون أخرى، فهذه هي المميزات التي ح الفصل األخير من هذا البحث، ليسهل بعد ذلك فهم أهم المجاالت الداللية التي انقسم بوساطتها الخطاب في

    .القرآن من خالل أسلوب النّداءـ ـ أما المبحث األول لف ، فمثل هذا العنوان يشكّل مجاال دالليا يضم مخت نداء العباد لربهم والمعنون ب

    األدعية التي توجهت بها المخلوقات إلى الباري عز وجّل، حيث انفصل كّل جنس من المخلوقات بحقـل أضيق من هذا المجال الواسع، فدعاء األنبياء لربهم يمثّل حقال منفردا عن حقل دعاء الصالحين من عباد

    ن من المخلوقات كلّما تميزت طائفة منهم اهللا مثال، وهكذا بالنّسبة لبقية التّصنيفات األخرى لمجموع الداعي إالّ وحددت حقال دالليا ينضوي تحت مفهوم مجال النّداء الذي خرج مخرج الدعاء فـي القـرآن، وهـذا المجال هو الذي فتح سبل الخطاب وقنوات التّواصل بين المخلوقات والباري عز وجّل إذ ال توجد وسيلة

  • 12

    مما جعل مساحة الدراسة تتّسع نوعا ما فـي هـذا المبحـث نظـرا أخرى غير هذه في القرآن الكريم، لخصوصيته وجمعه بين أسلوبين مثّل أحدهما ظاهر المعنى واآلخر باطنه، فالنّداء والدعاء قلّمـا تتـشكّل

    . الحدود بينهما؛ فكّل دعاء نداء وليس العكسـ ل هذا المبحث أولى المباحـث الثّالثـة التـي ، يشكّ نداء اهللا ألنبيائه ـ وأما المبحث الثّاني المعنون ب

    خاطب فيها سبحانه وتعالى عباده على اختالف أجناسهم وطوائفهم، وكان البد من تقـديم األنبيـاء عـن غيرهم لشرفهم وخصوصيتهم في الخطاب القرآني ألنّهم أول من كلّفوا، لهذا تصدر مجالهم بقية المجاالت

    خلوقات، ولم يأخذ هذا المجال حيزا كبيرا من الدراسة ألن خطاب األنبياء التي خوطب فيها غيرهم من الم في القرآن ورد وفق عدة أشكال اقتطعت منها تلك التي خوطب فيها األنبياء بوساطة الوحي مباشرة، لهذا

    تّرتيب لم يكن حظّ خطابهم بالنّداء مثلما هي عليه الحال مع غيرهم من المخلوقات كما سيأتي، وقد كان ال الكرونولوجي لوفاة األنبياء هو المحدد النتظام حقول هذا المجال، حيث انفصل كّل نبي بحقل يضم مختلف

    . الموضوعات التي ورد الخطاب بصددهامجال آخر من المجاالت التـي ، فهذا المبحثنداء اهللا ألهل اإليمانبـ ـ وأما المبحث الثّالث والمعنون

    قاته لكنّه انفصل بذاته لوجود عالقة تركيبية بين صيغ نداء فئة المؤمنين في القرآن، خاطب اهللا فيها مخلو ، وقد تكررت بشكل يسمح معها بتأسيس مجال يسهل )يا أيها الذين آمنوا (حيث تميزت عن غيرها بصيغة

    ة يمكن أن تجمع هذه الفئة مع بقيشراكة داللي ة ضمنه دون أياخلية المخلوقات بما في تحديد العالقات الدذلك األنبياء، لهذا كثيرا ما انفصلت بعض الكتب بدراسة هذا المجال وحده كما تم توضيح ذلك في عنصر

    .الدراسات السابقة في هذه المقدمة، لقد ضم هذا المبحث مجاال أوسع اشـتمل نداء اهللا لبقية مخلوقاته ـ وأما المبحث الرابع والمعنون بـ

    كثيرة تنوعت بتنوع المخلوقات التي نوديت في القرآن عدا األنبياء وفئة المؤمنين، فكّل جنس على حقول من المخلوقات أو طائفة إالّ ومثّلت حقال يحصر مجموعة من العالقات تخص ذلك الحقل دون غيره، غير

    ضمن حقل مغاير أو أنّه أن بعض هذه الحقول فيها من القرائن والعالقات ما يمكّن باحثا آخر من إدراجها .يجمع بين حقلين يبدوان متباينين في التّصنيف الذي اعتمدته

    ـ ، يعد هذا المبحث مجاال مغـايرا نداء المخلوقات لبعضهم البعض ـ وأما المبحث الخامس والمعنون ب متباينة، عما سبقه من المباحث؛ ألنّه فتح باب الحوار بين مختلف المخلوقات بعضهم مع بعض في مواقف

    مما جعل كّل المخلوقات الذين ساق القرآن حوارهم في نصوصه يندرجون ضمن هـذا المجـال، حيـث حددت طبيعة كّل حوار حقال متميزا عن غيره، فليس حوار األنبياء مع أقوامهم كمثل حوار األقوام أنفسهم

    كثر الحوار في القرآن الكريم كان البد مع أنبيائهم لوجود مفارقة في نوعية الحوار وأشكاله وطبيعته، ولما .من أن ينتزع النّداء النّصيب األوفر من مساحاته بوصفه من أهم واجهات الحوار

    ـ ولم يختلف هذا الفصل عن سابقيه لكونه حوى في نهايته جملة من النّتائج التي أوجزت جميع األفكار من إفراز بعض اإلشارات المهمة في نوعية مقامات الرئيسة؛ التي دار حولها موضوع هذا الفصل ومكّنت

    .الخطاب التي عمل أسلوب النّداء على توجيهها وتحديدها من خالل معظم مجاالته الداللية

  • 13

    وقد جمعت فيها أهم النّتائج العامة التي تراءت لي أهميتها بوصفها تكشف عن خصوصية : الخاتمة ـ 6 تيم فرعية أخرى خاصة ذيلت بها كّل فصل، ولكي يجتمع للقارئ شتات البحث وطبيعته، نظرا لوجود خوا

    ذهنه حاولت أن أضمن هذه الخاتمة الرئيسة جملة من النّتائج التـي تختـزل مـضمون البحـث وتبـين خصوصيته العلمية؛ من خالل التّركيز على مجموع األفكار التي تغطّي أكبر كم من حيثيات الموضـوع

    . ومضمونه لقد أجبرتني منهجية التّوثيق العلمي على كثرة اإلحاالت، مما ألزمني بـضرورة :الفهارس الفنّية ـ 7

    تذييل البحث بمجموعة من الفهارس العامة؛ التي من شأنها أن تيسر العودة إلى كّل معلومة ينشدها قارئ رت إقحامها في نهاية البحـث لتكتمـل هذا البحث، وعلى الرغم من ضخامة تلك الفهارس العلمية فقد آث

    .الفائدة عند الرجوع إليها إن أي بحث أكاديمي يحاول أن ينأى بنفسه عن كّل كتاب مطبوع أو مخطوط البد له أن يتّبع منهجـا يرصد مختلف الظّواهر العلمية ويتتبعها، لتظهر بذلك خصوصية العمل العلمي األكاديمي عما سواه مـن

    :ل العلمية التّجارية، لهذا فقد اتّبعت منهجا أوجز خطواته فيمايلياألعما ـ عزوت اآليات القرآنية إلى سورها وشكلتها شكال تاما وفقا لرواية ورش عن نافع من طريق األزرق، كما هي عادة البحوث في المغرب العربي، وقد أثبتّ أرقام اآليات في المتن بجانب النّصوص مباشرة، ولم

    ضعها في الهامش لكثرة اآليات القرآنية المستشهد بها والتي هي محّل الدراسة ألنّها المدونة المعتمدة في أهذا البحث، فلو تم زحزحة أرقام اآليات إلى الهامش التّسعت مساحته وتقاسمت مع المتن جميع صفحات

    رقام اآليات وأسماء السور في المـتن البحث، فلكي ال تترهل الهوامش بمثل تلك اإلحاالت الكثيرة أثبتّ أ .كما سبقت اإلشارة إلى ذلك آنفا

    ـ خرجت األحاديث الشّريفة من مضانّها األصيلة بالرجوع إلى كتب الصحاح والـسنن والمـصنّفات و المسانيد، وغيرها من كتب الحديث بما في ذلك كتب الشّروح التي شرحت غيرها من الكتـب المـذكورة

    ذكر درجة الحديث من حيث الصحة والضعف ألن االستشهاد باألحاديث كان لغرض التّـدليل سلفا، ولم أ على وجود ظاهرة لغوية ال تحتاج إلى قوة في الحديث بقدر ما تحتاج إلى كونه منطوقا به في عـصور

    ج التـي االحتجاج؛ ألن الذي نقل الحديث بالمعنى ال يطعن في فصاحته إذا كان في زمن عصور االحتجا انتمت إليها جميع الكتب المستخدمة في تخريج األحاديث، غير أن نسبة الحديث إلى مصدره يبـين فـي

    .الغالب درجته ـ نسبت األبيات الشّعرية إلى أصحابها ودواوينها إالّ من كان غفال منها، كما أنّني عينت بحور األبيات

    .وشكلت معظم كلماتها . مصادر مؤلّفيها إالّ ما كان منها مجهول النّسبة ال يعرف له قائل بعينه ـ وثّقت جميع النّصوص من

    ـ شرحت الغريب وذلك بوضع نجمة مميزة له، ولكي ال تتّسع الهوامش جعلت له فهرسـا فـي نهايـة ، "ابن منظـور "لـ) لسان العرب ( و" الخليل ابن أحمد " لـ) العين(البحث يوضح غامضه باعتماد معجمي

    تشير إلى غرابة اللّفظ الذي يحتاج إلى شرح، فبالعودة إلى فهرس غريب األلفاظ فـي نهايـة فكّل نجمة

  • 14

    البحث يتم اكتشاف المعاني المحتملة لهذا اللّفظ إالّ أن قراءة الغريب ضمن دائرة السياق التي يـرد فيهـا . عادة ما يساعد على فهم بعض دالالته

    هم في متن البحث دون إغفال أحد إالّ األنبياء والصحابة األربعة ـ ترجمت لجميع األعالم الواردة أسماؤ ـ رضي اهللا عنهم ـ " علي بن أبي طالب"و" عثمان بن عفّان"و " عمر بن الخطّاب"و" أبو بكر الصديق"

    غيـرهم باإلضافة إلى المعاصرين من األعالم، وذلك لشهرة األوائل ومعرفة النّاس بمن يعاصرونهم، أما من األعالم فلم أستثن أحدا إالّ ما سقط منّي سهوا أو نسيانا، وقد قمت بهذه التّرجمة الموسعة لألعالم نظرا لصدور كتب حقّقت حديثا تعنى بالتّراجم والطّبقات، فكّل علم من األعالم إالّ وتمت ترجمته مـن أقـرب

    .مصدر تطرق لحياته وأعماله العلميةمعجـم قبائـل :(ل وأصولها التي وردت بعض لغاتها في البحث باعتماد معجم واحد هو ـ عرفت بالقبائ

    ". عمر رضا كحالة" لـ) العرب القديمة والحديثة ـ أعددت للبحث فهارس فنّية تعين على العودة إلى كّل مطلوب مرغوب فيه، وذلـك باإلحالـة علـى

    ألحاديث، وفهرس األعالم الـذي رتّبتـه فهرس اآليات، وفهرس ا : صفحات الورود، وهذه الفهارس هي في األسماء كما هي ) الـ(وأداة التّعريف ) أبو وابن (ترتيبا هجائيا، وذلك بعدم االلتفات إلى وجود كلمتي

    وفهرس الشّواهد الشعرية، وفهرس غريب اللّغة، العادة في إعداد هذا النّوع من الفهارس، وفهرس القبائل، . وفهرس المحتوياتوفهرس المصادر والمراجع،

    ـ ولقد مثّلت النّتائج في نهاية كّل فصل رؤية نقدية لما سبق وتجميعـا لمختلـف األفكـار ذات القيمـة المستنبطة من كّل جزئية من جزئيات الفصل، ليكون ذلك عونا على فهم مضمون البحث مجزءا بـالعودة

    . إليها وفهمه مجمال بالعودة إلى الخاتمة الرئيسة ـ عدم التّجانس الكمي في عدد الصفحات بالنّسبة لفصول البحث ومباحثه يعـود أساسـا إلـى طبيعـة التّصنيف الذي تحكّم في توزيع المادة العلمية التي ال تقبل الزيادة المعرفية في بعض مسائلها؛ ألنّها مكتفية

    ة في كّل فصل أو بحث، وقد حاولـت بذاتها لوجود مدونة محدودة ال يمكن تجاوز عدد نصوصها المدرج أن أستفيض في الفصلين التّطبيقيين و أوجز الحديث في الفصل النّظري ألن االسترسال في عرض آراء النّحاة واللّغويين يمكن أن يشغل حيزا كبيرا، وهذا من شأنه أن يغفل جهد الباحث حينمـا يكتفـي بجمـع

    اج األهم منها في البحث؛ ألن االختيار في حد ذاته جهد يكشف اآلراء وضمها دون مناقشتها وفرزها وإدر عن طبيعة تفكير كّل باحث، فالتّوازن الكمي في عدد الصفحات بين الفصول والمباحث البـد أن يكـون متقاربا بين الفصول التّطبيقية دون إلحاق الجانب النّظري بها، ألنّ ذلك يخّل بالمنهج األكاديمي الذي عادة

    .ا يختزل الجوانب النّظرية ويركّز على ما أفرزته الدراسة في الجوانب التّطبيقيةم أما رصيد البحث من المصادر والمراجع التي استقيت منها مادة هذا الموضوع فقد تنوع بـين كتـب

    حـث بـال ألّفت في مجاالت مختلفة، وأول مصدر أساس استعنت به هو القرآن الكريم بوصفه مدونة الب جامع البيان عـن تأويـل آي (منازع، باإلضافة إلى كتب التّفسير المعتمدة في الدراسات اللّغوية بدءا بـ

    ، باإلضافة إلى كتـب "الطّاهر بن عاشور " لـ) التّحرير والتّنوير (وانتهاء بـ بتفسير " الطبري"لـ) القرآن، "أبي جعفر النحاس "و" األخفش األوسط "و" لفراءا"و" الكسائي"لـ ) معاني القرآن (معاني القرآن مثل كتاب

  • 15

    منـصور يأب"لـ ) القراءاتمعاني(بدءا بـ كما أنّي عدت إلى كتب القراءات بما فيها كتب االحتجاج لها ـ " بن مجاهد ا "لـ) ءاتاالسبعة في القر (و" األزهري عبـد اللطيـف "وانتهاء بمعجمي القراءات القرآنية ل، واستعنت كذلك بكتب علوم القرآن األخـرى مثـل " عمر وعبد العال سالم مكرم أحمد مختار "و" الخطيب

    مباحث في علـوم (و" السيوطي"لـ) اإلتقان في علوم القرآن (و" الزركشي" لـ) البرهان في علوم القرآن ( ، ولم أستطع االستغناء عن كتب إعراب القرآن على "مناع القطّان "و" صبحي الصالح "لصاحبيهما ) القرآن

    ـ " لـ)إعراب القرآن (و " الزجاج "لـ) معاني القرآن و إعرابه (اختالفها وكثرتها بدءا بكتاب جعفـر يأب) الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانـه (وانتهاء بأعاريب المحدثين والمعاصرين مثل كتابي " النحاس

    نتني كتب الحديث ، وقد مكّ "محي الدين الدرويش " لـ) إعراب القرآن الكريم وبيانه (و" محمود الصافي "لـ بما فيها من صحاح وسنن و مسانيد وشروح من تخريج األحاديث المختلفة وترجيح نص على آخر حسب

    ـ " سـيبويه ) "كتـاب (الرواية التي يحويها أقواهم سندا ولفظا، كما أفدت كثيرا من كتب النّحـاة بـدءا بــ " المبرد"لـ ) المقتضب(و فاضـل "لــ ) معـاني النّحـو (و" عباس حـسن "لـ)النّحو الوافي (وانتهاء ب

    الخليل بن أحمـد "لـ) العين(، واستعنت كذلك بالمعاجم اللّغوية على اختالف مدارسها بدءا بـ "السامرائيـ " الفراهيدي ، واسترشدت كذلك بكتب مجـالس العلمـاء "مرتضى الزبيدي "لـ ) تاج العروس (وانتهاء ب

    ، كمـا أنّنـي )أمالي ابن الحاجـب (وانتهاء بـ " أبي العباس ثعلب "لـ ) مجالس ثعلب (وأماليهم بدءا بـ اعتمدت الدواوين والمجموعات الشعرية قصد نسبة األبيات الشّعرية إلى أصحابها وتخريجهـا، ولجـأت كذلك إلى كتب التّراجم والطّبقات بما فيها تلك التي عنيت بالصحابة والمفسرين والقراء والنّحاة والشّعراء

    يرهم من الكتّاب والمؤلّفين، وقد عدت إلى مختلف الفهارس المعـدة لتـصنيف الرسـائل والكتـب و وغالموضوعات ألجل االستعانة بها في البحث عن مصادر المعلومة و مضانّها، فكّل هذه المؤلّفات وغيرها

    و مرجع طواعيـة أسهمت في تغذية موضوع البحث وأكسبته الثّقة العلمية، وسيتّضح عنوان كّل مصدر أ . في هوامش الصفحات اآلتية وفي الفهرس المعد لذلك والموجود في نهاية هذا البحث

    ولم آُل جهدا في تحقيق أي مسألة علمية وردت في هذا البحث حيث شرحت ما يمكن شـرحه بـأن ي كّل موضع مـن فصلت القول في بعض الجزئيات لكي يسهل فهمها، وعمدت إلى التجزيء والتّفريع ف

    مواضع البحث لتنتظم المفاهيم وال تتداخل مع غيرها، وحاولت أن أنقل أساليب القدماء في التّعبيـر إلـى اللّغة المعاصرة دون إخالل بالنّص األصيل؛ ألن عملية التّحليل أوجبت تبسيط القواعد النّحوية والمعـاني

    العلمي الذي يستهجن النّقل ألجل النّقـل ورصـف األسلوبية لكي ال يتعارض ذلك مع مقتضيات المنهج النّصوص أمام بعضها دون تمحيص أو فرز لمحتوياتها، فاالحتفاظ بتلك النّصوص على حالها يؤدي غالبا إلى التّعقيد وعدم فهم الغاية من إدراج النص نفسه، فكثرة النّصوص على اختالفها في هذا البحث هـذّبتُها

    ة المباحث إليها، فإن تعدد الشّاهد في موضع واحد فمرد ذلك إلى رغبـة فـي بحسن توزيعها حسب حاج اإلحالة على المقارنة كما هي عليه الحال في بعض عناصر المباحث في الفصل الثّاني، ألنّـي اعتمـدت

    مما طريقة جدولة األنماط التّركيبية لجملة النّداء قصد وصف كّل الصور التي وردت عليها تلك التّراكيب، يسهل مراقبة التّغيرات المصاحبة لكّل غرض إبالغي يوجب نوعا مغايرا من نظام الجملة غيـر الـذي

    . استخدم في غرض سابق

  • 16

    يـاقوت " فغاية الجهد التي بذلتها في هذا البحث ال أجد لها في باب العزاء والمواساة أحسن مما ذكره وهو الذي خبِر التّأليف في مجاالت كثيرة وبلغ شأوه فيه ) دباءمعجم األ (في مقدمة سفره النّفيس " الحموي

    وأنا، فقد اعترفت بقصوري فيما اعتمدت عن الغاية، وتقصيري «: من خالل معاينة حلوه ومره، وقد قال عن االنتهاء إلى النّهاية، فأسأل النّاظر فيه أالّ يعتمد العنت، و ال يقصد قصد من إذا رأى حـسنا سـتره،

    أظهره، وليتأمله بعين اإلنصاف، ال االنحراف، فمن طلب عيبا وجد وجد، ومن افتقد زلل أخيه بعين وعيبا الرضا فقد فَقَد، فرحم اهللا امرأ قهر هواه، وأطاع اإلنصاف ونواه، وعذرنا في خطأ إن كان منّا، وزلل إن

    ان في اإلنسان غير معدوم، وإن صدر عنّا، فالكمال محال لغير ذي الجالل، فالمرء غير معصوم، والنّسي عجز عن االعتذار عنّا و التّوصيب، فقد علم أن لكّل مجتهد نصيب، فإنّا وإن أخطأنا في مواضع يسيرة، فقد أصبنا في مواطن كثيرة، فما علمنا فيمن تقدمنا وأمنا من األئمة القدماء، إالّ وقد نظم في سـلك أهـل

    وهم هم، فكيف بنا مع قصورنا واقتصارنا، وصرف جّل زماننا فـي الزلل، وأخذ عليه شيء من الخطل، نهمة الدنيا وطلب المعاش، وتنميق الرياش الذي مرادنا منه صيانة العرض، وبقـاء مـاء الوجـه لـدى

    » .العرضفإن «: ، ضمن مجموعة رسائله )التّربيع والتّدوير (عالّمة فن التّأليف قبله في رسالة " الجاحظ" وقد قال

    كنّا أصبنا فالصواب أردنا، وإن كنّا أخطأنا فما ذاك عن فساد من الضمير، وال قلّة احتفال بالتّقصير، ولعّل ، فهذا دأب القـدماء علـى »طبيعة خانت، أو لعّل عادة جذبت، أو لعّل سهوا اعترض، أو لعّل شغال منع

    ك بمن بدأ يترسم أولى خطـوات هـذا صبرهم وحرصهم وطول باعهم في مجال البحث والتّنقيب، فما بال المنهج وينشد معالمه من خالل اإلضاءات التي تبدو في مستهّل مراحله، ليس هذا من باب كثرة األخطاء والزالّت ومحاولة االستتار وراء األعذار، وإنّما هو جهد المقّل الذي عرف حظّ نفسه من العلم قبل غيره؛

    لبة في حياة الباحثين المعاصرين نظرا لطبيعة الحدود الزمانية إلنجـاز ألن العجلة وتسارع األيام سمة غا األبحاث األكاديمية التي تقيد كثيرا من حركية الباحث وتدفعه إلى اإليجاز واالختصار قصد إدراك منتهى

    ي تعد مرحلة الطّلب فيما يعده من دراسات خالل المدة المخصصة لذلك، كما أن قلّة الخبرة في التّأليف الذ الدكتوراه أول أبوابه الصحيحة عادة، هذا اإلقالل غالبا ما يؤدي إلى غياب الممارسات العلمية الفاعلة في

    . إنجاح أي بحث يصبو إلى تحقيق فائدة مادية أو معنويةمن ساعدني من أهل وما كان لهذا البحث ليكتمل على ما ارتضيته له لوال فضل اهللا علي حيث سخّر لي

    سامي عبـد اهللا : "الفضل والعلم الذين أعانوني ماديا ومعنويا، وكان في مقدمتهم األستاذ المشرف الدكتور الذي لم يدخر جهدا في توجيه البحث ومتابعته من خالل قراءاته المتعددة والمتنوعة، تلـك " أحمد الكناني

    ر وإثرائها، فللمشرف وأمثاله من أولي الفضل جزيـل الـشّكر القراءات التي كانت محضنا لمناقشة األفكا تَقْصرهم واهاً لَكَانَتْ عنْد شُكْرِ***لَو كان ِلي ملء السما والـَأرضِ َأفْ : نالذيالخالص،

    ترافعى ذَا االويلَة ماِلي سسو ***نْدوع ومدي وبِه تَكَثَّري ه .فاهللا أسأل أن يجزيهم عني وعن طلبة العلم خير الجزاء في الدنيا واآلخرة

  • 17

    ::::تمهيدتمهيدتمهيدتمهيد

    حدود المعاني اللّغوية للفظ النداءحدود المعاني اللّغوية للفظ النداءحدود المعاني اللّغوية للفظ النداءحدود المعاني اللّغوية للفظ النداء

    وافدهوافدهوافدهوافدهرررر وووو

    توطئةتوطئةتوطئةتوطئة النداء: أوالأوالأوالأوال

    الدعاء::::ثانياثانياثانياثانيا

    الترخيم::::ثالثاثالثاثالثاثالثا

    االستغاثة::::رابعارابعارابعارابعا

    الندبة::::خامساخامساخامساخامسا

    التعجب::::سادساسادساسادساسادسا

  • 18

    :وطئةت مرجعية المادة االشتقاقية المعروفة بالجذر اللّغوي ألي مفردة عادة ما تكون واحدة ال تقبل التعدد في

    د يكمن فيما ينحدر عنها من فروع تشكّل جميع تقاليبها المشتملة علـى الفعـل أصل بنيتها؛ حيث إنالتعدبأنواعه وكذا االسم والمصدر، غير أن هذه القاعدة الصرفية لم تكن كذلك مع لفظ النّداء الذي اختار لـه

    ومنهم من ) ندو(وي المعجميون عدة جذور تزيد وتنقص بنياتها، فمنهم من أرجع لفظ النّداء إلى الجذر اللّغ ، فلئن كانت نهايـة )ندا(وذهب فريق آخر إلى أن األصل هو ) ندأ(وهناك من اختار مادة ) ندي(قال أنّه

    هذه المواد أحرف علّة ال تَثبت ألنّها تتغير بتغير شكل الملفوظ والمكتوب، فاألصل حتما لن يكون علـى تنوع المواد اللّغوية التي تتفرع عن كّل جذر مـن هـذه هذا النّحو نونا وداال فحسب وهذا ما يحيل على

    .الجذور التي تحيل على مفردات تتّحد بالمعنى وتتغير في البنية فالخالف ليس محصورا في مدارس معجمية لكّل منها منهجها الخاص؛ بل إن التّباين واقع بين علماء

    يها إلى آخر، كما سيتّضح من خالل هذا العنصر في هـذا المدرسة الواحدة عند االنتقال من معجم لغوي ف التّمهيد الذي سيتم فيه استقراء بعض التنوعات المعجمية التي تكشف عن مثل هذا التعدد في الجذر الواحد، فالمعاجم المستقرأة كثيرا ما تقاطعت في شرح المواد على تعددها، إالّ أنّها اشتركت فـي إدراج بعـض

    متنوعة للفظ النّداء السيما حينما يعد هذا اللّفظ مماثال للفظ آخر كالدعاء الذي يختلف عنـه فـي المعاني ال شكل البنية، فصاحب المعجم عندما يرى أن النّداء هو الدعاء دون تخصيص بالغرض أو باإلشارة إلـى

    هذه التّفـسيرات أدت إلـى عالقة االحتواء التي تبين تضمن أحدهما لآلخر لوجه بالغي معين، فإن مثل .إفراز الكثير من النّصوص المتشابهة في الظّاهر والمختلفة في الشّرح والتّقسيم للّفظ الواحد وهو النّداء

    ولم يتوقف اختالف أصحاب المعاجم عند هذا الحد بل إنّهم حينمـا أرادوا أن يفـصلوا بـين النّـداء ة فإن حدود الفصل الدقيق بين المعاني استعصت عليهم؛ حتّـى إن وأغراضه كالتّرخيم واالستغاثة والنّدب

    القارئ الذي يفصل مثل هذه األلفاظ عن سياقاتها داخل النّصوص يكاد يجزم بأن المعنى واحـد ال يقبـل الفرق في مستويات التّوظيف اللّغوي خارج دائرة التّوشيح البالغي، الذي دائمـا مـ�