ة ـة الشعبيـة الدميقراطيـة اجلزائريـاجلمهوري .يـث العلمـم العايل والبحـالتعلي وزارة

ة ـوري قسنطينـامعة منتـج

ةـة واالجتماعيـوم اإلنسانيـة العلـكلي .ةــقسم الفلسف

ة ــالفلسف ر يفـادة املاجستيـة لنيل شهـرة مقدمـمذك : إشراف الدكتور : داد الطالبـإع

عـي بوقليـعل العامل عبد احلميد

:ةـاملناقشة ـجلنأعضاء

2012-2011: السنة اجلامعيـــة

الصفة اجلامعة األصلية الرتبة االسم واللقب رئيسا جامعة قسنطينة )أ(أستاذ حماضر د مجال محود

مشرفا ومقررا جامعة قسنطينة )أ(أستاذ حماضر د علي بوقليع

مناقشاعضوا جامعة قسنطينة )أ(أستاذ حماضر د رابح مراجي

أثر اجلانب العقدي يف املصطلح املنطقي عند الغزايل

اإلهداء

إلى والدي الذي قدم كل ما يملك من أجل النجاح في .دراستي

إلى والدتي التي سهرت الليالي وتحدت كل المصاعب .من أجل تربيتي وتعليمي

إلى زوجتي التي وقفت إلى جانبي وشجعتني من أجل .إتمام هذا البحث

الذين تحملوا الكثير في )أشرف، إسالم،أريج(إلى أبنائي .سبيل إتمام دراستي

إلى كل إخوتي و أصدقائي أهدي نتاج عملي هذا، تقديرا .وعرفانا بالجميل

شكر وتقديرمن الواجب أن أسجل شكري وفائق تقديري لكل من

ساعدني وشجعني على انجاز هذا البحث وأخص المشرف علي بوقليع، الذي شجعني مند بالذكرأستاذي

البداية على الخوض في هذا البحث وفتح أمامي كل قنوات االتصال وفي جميع األوقات، وعلى توجيهاته السديدة

كما أتوجه . ومالحظاته القيمة من أجل االرتقاء بهذا البحثبالشكر والتقدير لكل أساتذة قسم الفلسفة الكرام بجامعة

بذلوه من مجهودات طيلة سنوات الدراسة، منتوري ،على مادون أن أنسى زمالئي . وعلى تواضعهم ومعاملتهم الطيبة

وأصدقائي الذين شجعوني ووقفوا إلى جانبي من أجل نجاحي في مشواري الدراسي، وكل من مد لي يد العون وساهم في

.إخراج هذا البحث بهذه الصورة

.على ما قدموه اهللا خيرا فبارك اهللا في الجميع وجزاهم

مقـدمة

2

: مقدمــــة

أبدى املسـلمون ،بعد فتح املسلمني للعديد من البلدان، و بعد استقرار دولة اإلسالم ؛الذي جعل من العلم فريضة على كـل مسـلم ،رغبتهم يف العلم بدافع من الدين اإلسالمي

فعملوا على نقل و ترمجة ثقافات و علوم الشعوب اليت فتحوها و من أهم ما ترجم، خاصة يفالعهد العباسي و حتديدا يف عهد اخلليفة املأمون، كتب الفلسفة اليونانية، السيما كتب املنطق،

) أي ترمجة املنطق(إال أن هذا العمل . نظرا ألمهية هذا العلم باعتباره منهجا للفكر، و آلة للعلوممي مل يلق قبوال من طرف بعض املسلمني، خاصة بعض السلفيني من الفقهاء بلـغ حـد حتـر

اإلشتغال بالفلسفة و املنطق، كما هو احلال عند ابن الصالح الشهرزوري صـاحب الفتـاوى و املدخل ،واملنطق مدخل للفلسفة ،الشهرية يف حترمي اإلشتغال بالفلسفة واملنطق، فالفلسفة شر

كل ذلك أدى إىل تكوين فكرة مفادها أن اإلشتغال باملنطق خروج عن الدين و ،إىل الشر شرما وهو، و قد أثر هذا املوقف سلبا على املنطق يف املشرق اإلسالمي .اد عن الطريق املستقيمابتع

الدفاع عن املنطق، مبينني أمهيته ال بالنسبة للعلوم الفلسفية فقط، بل للعلـوم ىلإدفع بالبعض و يأيت الغزايل يف مقدمة هذه الشخصيات اليت دافعت عن املنطق و منحـت لـه . الدينية أيضا

من ناحية ةغري أن دفاع الغزايل عن املنطق كعلم ومنحه مشروعي.يف العامل اإلسالمي استمراريةمل مينعه من دراسة هذا العلم دراسة نقدية من الناحية املادية وتوجيه عدة انتقـادات ،املمارسة

وهو ما يكشف عـن .وكل ذلك مت من منطلق عقدي ،يف هذا العلم ةللمصطلحات املستخدمكون موضـوع يسوالذي ،ر الذي تركته العقيدة اإلسالمية يف املصطلح املنطقي عند الغزايلاألث

.حبثي

إذا كان لكل حبث أمهيته، من خالله نتوصل إىل نتائج جتيـب علـى جمموعـة مـن و ملصطلح باأحدمها مرتبط :التساؤالت، فإن أمهية هذا املوضوع تكمن يف تناوله جلانبني أساسيني

عند شخصية من أبرز الشخصيات الفلسفية اليت دافعت عن ،اآلخر باجلانب العقدياملنطقي، وكما تكمن أمهية املوضوع يف التنبيه على ضـرورة اسـتبدال . املنطق وقدمت له أسباب بقائه

أمـا .املصطلحات املخالفة لثقافتنا العربية اإلسالمية مبصطلحات مستمدة من العقيدة اإلسالميةفهناك دراسات قريبة من املوضوع تناولت جانبا معينـا، كاجلانـب ،بقةعن الدراسات السا

والقراءة اليت قام ،"املنطق عند الغزايل"املنطقي مثل الدراسات اليت قام ا رفيق العجم يف كتابه

3

و الكتاب ،"املنطق واملوازين القرآنية"حتت عنوان " القسطاس املستقيم"ا حممد مهران لكتاب إضـافة إىل ." املصطلح الفلسفي عند العرب"ألفه عبد األمري األعسم حتت عنوان القيم الذي

. دراسات تناولت اجلانب العقدي،كدراسة امحد زروق حتت عنوان شرح عقيدة اإلمام الغزايلفيتحدث عن أثر اجلانب العقدي يف املصطلح املنطقي عنـد ،أما حبثي فيجمع بني هذه اجلوانب

.الغزايل

تركتـه األثر الذي حماولة الكشف عن : داف البحث العامة فتتمثل أساسا يف أما عن أه علم املنطق عند إحدى الشخصيات الفكرية اإلسالمية و هو أبو حامـد العقيدة يف مصطلحات

إضافة إىل بيان تعامل املسلمني مـع ثقافـات .املنطق لباسا إسالميا هإلباس من خالل الغزايل، .لثقافتهم وعلوم الشعوب املخالفة

عن األسباب اليت دفعتين إىل اختيار هذا املوضوع، تتمثل يف أسباب ذاتية أمهها رغـبيت و دراسـات ال قلـة ، أما األسباب املوضوعية فتمثـل يف )أي املنطق(يف البحث يف هذا اال

املنطقـي و اجلانـب املصطلحو اليت تربط بني ,حسب علمي كادميية حول هذا املوضوعاألإذ على الرغم من اهودات املبذولة يف دراسة الغزايل خاصة مـن الناحيـة العقديـة .العقدي

ال زال يف حاجـة إىل البحث يف تأثري الناحية العقدية على املصطلح املنطقـي فان ,والتصوف .دراسة أكادميية جادة

أثري العقيـدة ما مدى ت:وفيما خيص اإلشكالية الرئيسية املطروحة ميكن صياغتها كاآليت اإلسالمية على املصطلح املنطقي عند الغزايل؟

: و تتفرع هذه اإلشكالية إىل جمموعة من املشكالت اجلزئية و هي

: املشكلـة األوىل

وإذا ؟ما مفهوم العقيدة اإلسالمية، ما موضوعها؟ هل منهج االعتقاد يف اإلسالم واحد أم متعددوكيف سامهت شخصـية و حيـاة الفرق العقدية؟ كان متعددا فما انعكاس ذلك على تعدد

اإلمام الغزايل و ظروف عصره املختلفة يف تشكيل عقيدته؟ وما هو األثر الذي تركته العقيـدة اإلسالمية على توجهات الغزايل الفكرية؟

4

: املشكلة الثانية

ما املقصود باملصطلح املنطقي؟ كيف نشـأ وتطـور عنـد اليونـان وصـوال إىل العـامل إلسالمي؟وكيف كانت مواقف علماء املسلمني من املصطلح املنطقي؟ ا

: ةـاملشكلة الثالث

سواء تعلق األمـر ،ما هو األثر الذي تركه اجلانب العقدي يف املصطلح املنطقي عند الغزايلو كيف انعكس هذا األمر على موقف الغزايل من ؟ االستقراءأو ،أو األغاليط املنطقية ،بالقياس وما موقف املسلمني من العمل الذي قام به الغزايل؟ ؟املنطق

أما عن املنهج الذي سلكته يف معاجلة هذا البحث فهو خمتلف حسب طبيعة املشـكالت، من خالل حتليل النصوص اليت أخذناها من املصـادر،للتعرف ،حيث استعملت املنهج التحليلي

ر الناحية العقدية على املصطلحات املنطقيـة وأث، على أثر العقيدة على توجهات الغزايل الفكريةمث املنهج التركييب مـن خـالل . اليت وظفها الغزايل يف كتبه املنطقية خاصة القسطاس املستقيم

عملية تركيب للنتائج املتوصل إليها بناءا على التحليل السابق مثلما هو احلال بالنسبة ملوقـف مل مينع من االعتماد أحيانا على املنهج ،ذين املنهجني غري أن االعتماد على ه. الغزايل من املنطق

واملراحل اليت مر ا املصطلح ,حياة الغزايل وظروف عصره :خاصة عند احلديث على ،التارخييإىل جانـب . مث انتقاله إىل العامل اإلسالمي عن طريق الترمجـة ،املنطقي مند نشأته عند اليونان

وحتديدا مقارنة بـني ,عن موقف املسلمني من عمل الغزايل منهج املقارنة ال سيما عند احلديث . موقف الغزايل وابن تيمية من فكرة امليزان اليت استخدمها كل منهما

من أجل تطبيق هذه املناهج يف معاجلة هذه اإلشكالية اعتمدت على خطة اشتملت عل و :مقدمة و خامتة و بينهما ثالثة فصول

و اإلشكالية الـيت ،و دوافع اختيار املوضوع ،املوضوع و أهدافه مقدمة حتدثت فيها عن أمهيةو ،إضافة إىل املناهج املعتمـدة يف البحـث ،وما تضمنته من مشكالت يتمحور حوهلا البحث

.و أهم الصعوبات اليت اعترضتين أثناء إجناز هذا البحث ،خطة البحث

5

: أما الفصول فتتمثل يف

:الفصل األول

األول تناولنا : و قد قسمنا هذا الفصل إىل ثالثة عناصر ،العقدي عند الغزايل بانفيه تناولنا اجلومث موضوع ,من خالل احلديث عن مفهوم العقيدة لغة واصطالحا ,فيه مفهوم العقيدة ومنهجها

أما العنصر , وبعدها منهج االعتقاد يف اإلسالم,علم العقيدة واألمساء اليت تطلق على هدا العلم حيث أشـرنا اىل أهـم ,فتحدثنا فيه على أهم األوضاع الثقافية والفكرية لعصر الغزايل الثاين

واىل الوضع السياسـي والعقـدي ,الفرق اإلسالمية اليت كانت موجودة أنداك خاصة العقدية أما العنصر الثالث فيدور حول حياة الغزايل وأهـم مؤلفاتـه .والفكري والثقايف لعصر الغزايل

ويف .ؤلفات ذات الصلة مبوضوع حبثنا و نقصد مؤلفاتـه العقديـة و املنطقيـة وركزنا على املالعنصر الرابع واألخري تناولنا األثر الذي تركته العقيدة اإلسالمية األشعرية على توجهات الغزايل

.الفكرية وآرائه يف بعض املسائل العقدية

مبفهـوم بدايـة ، للعامل اإلسالمي تعرضنا لتطور املصطلح املنطقي وانتقالهالفصل الثاين يف ومـن ،نشأة املصطلح املنطقي عند اليونانويف العنصر الثاين حبثنا يف . املصطلح املنطقي وأمهيته

مث مصـطلح التحلـيالت عنـد ,خالل البحث يف مصطلح اجلدل عند املدارس اليونانية األوىلحتـدثنا الثالثيف العنصر و. وبعده مصطلح منطق عند الرواقية، فمصطلح األرجانون , أرسطو

من خالل حركة الترمجة يف العهدين األموي ،عن وصول املصطلح املنطقي إىل العامل اإلسالميأشرنا إىل الرابعويف العنصر .مث مرحلة تبين املصطلح املنطقي ووضع كتب احلدود , و العباسي

و األخـري لثالـث الفصـل ا أمـا . موقف املسلمني من املصطلح املنطقي بني مؤيد ومعارضو ينقسم إىل ،فيتمحور حول األثر الذي خيلفه اجلانب العقدي يف املصطلح املنطقي عند الغزايل

األول حتدثت فيه عن مرحلة تبين الغزايل للمصطلح املنطقي خاصة يف كتبه األوىل : أربعة عناصراليت قام ا الغزايل وحبثت يف العنصر الثاين يف عملي املزج .ككتاب احلدود ومقاصد الفالسفة

وهي ما اصطلحت عليها مبرحلة اإلبداع االصطالحي ، بني اجلانب العقدي واملصطلح املنطقي .اإلسالمي

6

و يف العنصر الثالث تطرقت إىل موقف الغزايل من املنطق بناءا على ما قام به سـابقا مـن من العمل الذي قـام بـه و يف العنصر الرابع واألخري حتدثنا عن موقف املسلمني.عملية مزج

. الغزايل

.و انتهينا يف هذا البحث إىل خامتة تطرقنا فيها لبعض النتائج

نشري أخريا إىل بعض الصعوبات واملشاكل اليت اعترضتين أثناء إجناز هذا البحث و هي ال تعود وى، بل تعـود إىل قلة املصادر و املراجع كما جرت العادة، فاملصادر و املراجع ال تعد و ال حتص

إىل صعوبة اإلملام ا السيما يف ظل االختالف احلاصل بني املفكرين حـول الصـحيح منـها إضافة إىل ضيق الوقت كوين أستاذ يف التعليم الثانوي و هو ما جيعلين أخصص . واملشكوك فيها

.معظم أوقايت إلجناز واجبايت املهنية

الغزايل عند العقدي اجلانب: األول الفصل

.منهجها ،العقيدة مفهومها: أوال

األوضاع الثقافية والفكرية لعصر الغزايل: ثانيا

.أهم مؤلفاته العقدية واملنطقية،الغزايل حياته:ثالثا

توجهات الغزايل الفكريةأثر العقيدة اإلسالمية على :رابعا

8

:متهيد أمهها العقيدة هذه األخرية تشمل مجلة من املعطيات، إن املفكر ابن بيئته خاصة االجتماعية

كلها على عقيدا اليت فحياة األمة تبىن ، حياة األفراد واتمعات دورا هاما وخطريا يف اليت تلعب عتقـاده ايبين حياته على واليهودي ،فالبودي يبين عقيدته على االعتقاد بتناسخ األرواحتؤمن ا،

كـل .واملسلم على اإلميان بوحدانية اهللا ، واملسيحي على اإلميان بالتثليث، بأنه شعب اهللا املختاروهو ما يـدفعنا إىل طـرح .ذلك جيعل تفكري الفيلسوف أو املفكر انعكاسا لعقيدته اليت يدين ا

الغزايل؟إىل أي مدى يصدق هذا األمر على الفيلسوف :التساؤل التايل .العقيدة مفهومها، منهجها: أوال

عتقد أفيقولون ،أكثر الكلمات ترددا على ألسنة الناس عقيدة من تعترب كلمة :مفهوم العقيدة -1إخل فما املقصود بكلمـة ..عقائدية حرب كذا و فالن عقيدته حسنة، واحلرب بيننا و بني اليهود

عقيدة؟ الشـد الربط و اإلحكـام و والعقد هو ،خوذة من العقدكلمة عقيدة مأ إن :املفهوم اللغوي-أ

عتقد أ"وتقول العرب ، )1(شد بعضه ببعض نقيض حله" عقد احلبل"و ،و اجلمع بني أطراف الشيء .)3(وضمريه ، وعقد عليه قلبههوأعتقد فالن األمر صدق، )2("الشيء، صلب واشتد

ه، مث أصبحت تطلق علـى مـا يـدين ما يعقد اإلنسان قلبه علي هي :االصطالحياملفهوم -ب و اليت حتل يف قلبه وضمريه وتنعكس على تصـرفاته ،اإلنسان به من األفكار واآلراء اليت يؤمن ا

وتطلـق يف .احلكم الذي ال يقبل الشك فيه لدى معتقده «:كما عرفت أيضا بأا )4(".وسلوكاتهالبد من التصديق ذه األصول تصـديقا أي أنه ، )5( »الدين على ما يؤمن به اإلنسان و يعتقده

هي الرأي املعترف به بني أفـراد ... «.جازما ال ريب فيه، ألن الشك فيها جيعلها ظنا ال عقيدةكالعقيدة الرواقية والعقيدة املاركسية، وتطلق يف الدين على ما يؤمن بـه اإلنسـان ،مذهب واحد

.11، ص2،1999عمر سليمان األشقر، العقيدة يف اهللا، دار النفائس، األردن،ط )1( .706، ص1988لعرب، دار اجليل، بريوت، ابن منظور، لسان ا )2( .246، ص1980، 1املعجم الوجيز، تصدير إبراهيم مدكور، جممع اللغة العربية، مصر، ط )3( .14، ص1983مصطفى سعيد اخلن، مبادئ العقيدة اإلسالمية، مديرية الكتب اجلامعية، دمشق، )4( .614، ص 1985، 3ندسية، ط، تصدير إبراهيم مدكور، الدار اهل2املعجم الوسيط، ج )5(

9

خالل هـذه التعـاريف ومن. )1(»وغريها ويعتقده كوجود اهللا، وبعثة الرسل والعقاب والثوابيتضح لنا أن العقيدة تطلق على األمور اليت جيب أن يصدق ا القلب وتطمئن إليها حىت تكـون

.يقينا ثابتا ال ميازجها ريب، وال خيالطها شك : نسبة لإلسالم و هو :اإلسالميـــة:العقيــدة اإلسالميــة-ج إىل فالن إذا أديته ءأدى، يقال أسلمت الشي خضع واستسلم مبعىن :لغـــــــة-1-ج

و املسلم هو املنقاد اخلاضع هللا سبحانه وتعاىل بعبادته وحده واإلخـالص لـه يف االعتقـاد .إليه .والعمل معا

، وارتضاه اهللا سبحانه و تعاىل )ص(هو الدين الذي نزل على رسول اهللا :اصطالحـــا-2-جت لكم دينكم و أمتمت عليكم نعمـيت ورضـيت لكـم اليوم أكمل« )2()ص(ألمة سيدنا حممد

هي جمموعة من قضايا احلـق البديهيـة بالعقـل «وبذلك فالعقيدة اإلسالمية ، )3(»اإلسالم ديناوالسمع والفطرة يعقد عليها اإلنسان قلبه، ويثين عليها صدره جازما بصحتها قاطعـا بوجودهـا

ذلك كاعتقاد اإلنسان بوجود خالقه و علمه به، وثبوا، ال يرى خالفها أن يصح أو يكون أبدا، و )4(.»وقدرته عليه، ولقائه بعد موته و اية حياته و جمازاته إياه على كسبه االختياري

وما دام علم العقيدة يستهدف الدفاع عن ، إن موضوع كل علم هو ما يبحث فيه:موضوعها -دعقيدة يدور حول قضايا العقائد اإلميانية بشكل فان موضوع علم ال، العقائد اإلميانية باألدلة العقلية

وعلى هذا فموضوع علم العقيدة هـو البحـث حـول القضـايا اإلميانيـة يف العقيـدة ، عام، وهو معرفة اهللا تعاىل وجوده ووحدانيته:مبحث اإلهليات -:وتتمثل هذه املباحث يف .)5(ةاإلسالمي

.ومسألة القضاء والقدر، وصفاته واإلميان ا، ووحدانيته .وهو اإلميان برسل اهللا ومالئكته وكتبه :ث النبواتحمب - .وهو معرفة البعث واحلساب واجلزاء واليوم اآلخر واملالئكة واإلميان ا :مبحث السمعيات -

.92، ص1994، الشركة العاملية للكتاب، بريوت، 2مجيل صليبا، املعجم الفلسفي، ج )1(، 2، دار الصفا للطباعة والنشر، القاهرة، ط1سعد الدين السيد الصاحل، العقيدة اإلسالمية يف ضوء العلم احلديث، ج )2(

.15، ص1991 .3سورة املائدة، اآلية )3( .15، ص)د ت(و بكر اجلزائري، عقيدة املؤمن، دار العقيدة، القاهرة، أب )4( .60، ص 1990، 1أمحد عبد الرحيم السايح، علم العقيدة بني الصالة واملعاصرة، دار الطباعة احملمدية، ط )5(

10

:لعلم العقيدة أمساء عديدة أمهها :األمســاء اليت تطلــق على علم العقيــدة -هـ الوحدانية أشهر مباحثـه، لـذلك ن مبحثو مسي علم التوحيد أل: علــم التوحيــد -1

يقـول .ألن مجيع األنبياء و الرسل جاءوا بالتوحيد ،اشتهر بني الدارسني و العلماء بعلم التوحيديقـول اإلمـام . )1(»و ما أرسلنا قبلك من رسول إال نوحى إليه أنه ال إله إال أنا فاعبدون«:تعاىل

واحد ال شريك له، ومسي هذا العلم بتسـمية لـه أصل معىن التوحيد اعتقاد أن اهللا« :حممد عبدهبأهم أجزائه و هو إثبات الوحدة هللا يف الذات و الفعل يف خلقه األكوان، وأنه وحده مرجع كـل

)2( .» )ص(كون، ومنتهى كل قصد و هذا املطلب كان الغاية العظمى من بعثة النيب من أطلق على علم العقيدة علم الفقه أول اإلمام أبو حنيفةيعترب : علم الفقــه األكبــر-2

و السبب يف هذه التسمية يعود إىل أن علم التوحيد هو الفقه األكـرب بالنسـبة إىل فقـه ،األكربالفقه "هلذا مسى اإلمام أبو حنيفة رمحة اهللا عليه ما قاله ومجعه يف أوراق من أصول الدين « ،الفروع :من بينها )4(تسمية أي علم الفقه األكرب لعدة أسبابوقد رجح بعض الباحثني هذه ال )3(،»"األكرب

أا تسمية ذات أسس عريقة قرآنية، كما أا خالية من املآخذ اليت تشري بعض األمساء إليها هـذا العلم مثل علم الكالم كما سنرى الحقا، إضافة إىل أن هذه التسمية ترفع من مكانة هـذا العلـم

حكام العملية الفرعية، وهذه األخرية تبىن على صحة االعتقـاد فوق علم الفقه الذي يبحث يف األ .بأصول الدين، وأخريا تثبت االرتباط املوجود بني هذا العلم و بقية علوم الشريعة اإلسالمية

لكون املسائل اليت يقوم بإثباا و الدفاع ،و مسي بعلم أصول الدين: علم أصــول الديـن-3إذ فإنه ملا كان علم أصول الدين أشرف العلـوم «اليت ينبغي معرفتها عنها تتعلق باألصول العقدية

وقد أطلقت تسـمية ، )5(»شرف العلم بشرف املعلوم، وهو الفقه األكرب بالنسبة إىل فقه الفروعمثلمـا ،علم األصول على العديد من األحباث و الكتب اليت قام ا علماء الكالم يف جمال العقيدة

.25سورة األنبياء، اآلية )1( .17، ص1994، 1حممد عبده، رسالة التوحيد، دار الشروق، بريوت، ط )2( .17، ص2أيب العز احلنفي، شرح العقيدة الطحاوية، دار ابن رجب، املنصورة، ط )3(، ص 2004، 1فرج اهللا عبد الباري، العقيدة اإلسالمية يف مواجهة التيارات اإلحلادية، دار اآلفاق العربية، القاهرة، ط )4(

13. .17أيب العز احلنفي، شرح العقيدة الطحاوية، مرجع سابق، ص)5(

11

الشامل يف أصول "وكتاب ،لإلمام األشعري" اإلبانة عن أصول الديانة"لكتاب هو احلال بالنسبة .للغزايل" األربعني يف أصول الدين"و كتاب ،للجويين" الدين

رغم االختالف ،و هو من أشهر األمساء اليت أطلقت على علم العقيدة: علــم الكــالم-4إما ألن أشهر مسـألة ،علم الكالم«:ولهو هو ما أكده اإلمام حممد عبده بق ،حول سبب التسمية

وقع فيها اخلالف بني العلماء القرون األوىل هي أن كالم اهللا املتلو حادث أو قدمي، و إما ألن مبناه الدليل العقلي و أثره يظهر من كل متكلم يف كالمه، وقلما يرجع فيه إىل النقل اللهم إال بعد تقرير

وإما .إىل ما هو أشبه بالفرع عنها، و إن كان أصال ملا يأيت بعدهامث االنتقال منها ،األصول األوىلن أشبه باملنطق يف تبيينه مسالك احلجة يف علوم أهل ديألنه يف بيان طرق االستدالل على أصول ال . )1(»النظر و أبدل املنطق بالكالم للتفرقة بينهما

:يف اإلسالم عتقاداالمنهج -2 وقد ظهرت بـوادر . )2(وجدت مند وجود األديان ، تعد ظاهرة عامة إن البحث يف أمور العقيدة

حيث عـاجلوا أهـم ، العقيدة لدى اليهود والنصارى الذين أطلقوا عليه اسم علم الالهوت علمغري أن األحبار والرهبان اعتمدوا على .مسائل اإلهليات والقضاء والقدر وغريها من مسائل العقيدة

فجاء اإلسالم ليبني زيـف العقائـد ، ى التسليم املطلق وإلغاء دور العقلمنهج يف العقيدة يقوم علغري أن السؤال الذي يطـرح .ليعلم الناس أصول العقيدة الصحيحة )ص(وجاء الرسول ،السابقة

لذي مييزه عن املناهج السابقة؟ يف اإلسالم؟ وما عتقاداالهو ما هو منهج حب الرأي أو املذهب يف توضـيح مذهبـه إن منهج البحث هو الطريق الذي يسلكه صا

لتقبل احلق والطرق ستعدادهماوالشك أن الناس خيتلفون يف طبائعهم ومقدار ، )3(وإقناع غريه بهومنـها مـا ، وهو ما أدى إىل ظهور مناهج متعددة منها ما هو حسي ، اليت يتبعوا للوصول إليه

تضمنته من آيات يكشف لنا أن منها مـاال غري أن تصفح مسائل العقيدة وما . يعتمد على الذوقومن هنا ميكن حصر هذه املنـاهج يف .ومنها ما يثبت عن طريق النقل ،يثبت إال عن طريق العقل

:منهجني مها

.18-17ص ص، مرجع سابق، رسالة التوحيد ،حممد عبده )1( .27ص، مرجع سابق، العقيدة اإلسالمية يف ضوء العلم احلديث، سعد الدين السيد الصاحل )2( .42املرجع نفسه، ص )3(

12

ن إىل التعقـل و التفكـر آويتجلى هذا املنهج من خالل دعـوة القـر : املنهج العقلي املنطقي-أـ ، رية أنه كائن عاقل مفكرعلى أساس أن طبيعة اإلنسان اجلوه،والتدبر دومن هنـا جـاء تأكي

ففي كتـب « :العقاد يف قوله ما أكده وهو ،ن لإلنسان على مقتضى طبيعته العاقلةآوخماطبة القرعرضـا غـري ولكنها تأيت، ىل التميز إ العقل أو مضمونة إىل األديان األخرى إشارات صرحية أو

ألنه مزلة ، التحذير منه شيئا من الزراية بالعقل أو األحايني ضوقد يلمح فيها القارئ بع، مقصودةإال يف مقام التعظيم والتنبيه إىل وجوب العمل بـه ن الكرمي ال يذكر العقلآولكن القر...العقائد

بل هي تأيت يف كل موضـع ، اآلية سياق وال تأيت اإلشارة إليه عارضة مقتضبة يف، والرجوع إليه ن مبنهج جديد مل يكن معروفا لدى أتبـاع آومن هنا جاء القر، )1( »من مواضعها مؤكدة جازمة

ن للمنهج العقلـي أصـوال آوقد وضع القر.)2(وتآخى العقل والدين ألول مرة ،الرساالت السابقة :حيث أقامه على جانبني

واألخطاء السابقة الـيت ن الكرمي إفراغ العقل من املقوالتآمن خالل حماولة القر:جانب اهلدم -أكل ،أو تقليده واعتماده على الظن ،أو إتباعه لألغلبية دون متحيص، نتيجة ظروف فردية ،فيهاوقع

.هذه املؤثرات السابقة مل تعلم على أساس من التعقل فيتم تصديقها أو تكذيبها : يفيما يل) االجيايب(وميكن حصر قواعد هذا املنهج : حالة البناء-بكقولـه ،ن ألصحاب العقائد الفاسـدة آخماطبة القر ويتجلى ذلك من خالل: طلب الربهان-1

وقوله ،)4( » قل هاتوا برهانكم « :وقوله تعاىل،)3( »هل عندكم من علم فتخرجوه لنا قل «:تعاىلن آومن هنا رفض القر)5( .»آخر ال برهان له به فإمنا حسابه عند ربه هلاإومن يدع مع اهللا «:أيضا

وان الظن الظن،إن يتبعون إال « :يقول تعاىل .تقدمي الربهان أوالعلى الظن وطلب عتمادالاالكرمي )6( .»ال يغين من احلق شيئا

.3، ص )د ت(عباس حممود العقاد، التفكري فريضة إسالمية، ضة مصر للطباعة والنشر، )1( .19ص، مرجع سابق، الة التوحيدرس ،حممد عبده )2( 148سورة األنعام، اآلية )3( .64سورة النمل، اآلية )4( .117سورة املؤمنون، اآلية )5( .28رة النجم، اآلية سو )6(

13

كقولـه ،ن من الوقوع يف التناقضآمن خالل حتذير القر )عدم التناقض:( يف التفكري تساقاال-2ـ ،»كـثريا ختالفـا ان ولوكان من عند غري اهللا لوجدوا فيه آأفال يتدبرون القر «:تعاىل راد وامل

أي ، )1( »إنكم لفي قول خمتلـف «وقوله أيضا يف وصف كالم الكافرين .باالختالف هو التناقض اهللا نزل أحسن احلـديث « :يقول تعاىل ،وعدم التناقض تساقباالن آوقد وصف اهللا القر.متناقض

لذي هـو وضده االختالف ا,ئتالفواال، واملراد بالتشابه هنا التناسب ، )2( »كتابا متشاا مثاينن على ضرورة التمسك بالتفكري املنطقي السيما مبـدأ آومن هنا أكد القر.)3(التناقض والتعارض

.عدم التناقض ن الكرمي على العديد مـن الـرباهني املبسـطة آحيث أشتمل القر:كيفية الربهنة واالستدالل-3

املنطـق فيقتنعـون العامة منهم الذين ال يعرفـون قواعـد ، الواضحة اليت تالئم عقول املخاطبنيومن هنا سلك .فيكتشفون ما فيها من أصول املنطق العقلي ،واخلاصة أصحاب العقول املنطقية،ا

أختـذ ما «:ففي قضية الوحدانية يقول تعاىل، ن يف عرض أهم قضاياه طريقة الربهان املنطقيآالقرهم على بعض سـبحان اهللا ال بعضله مبا خلق ولعإكل له إذا لذهبإاهللا من ولد وما كان معه من

مث ،وهي أن اهللا واحد ال شـريك لـه ،وهنا نالحظ أن اآلية بدأت بالنتيجة )4( .»يصفون عما ومادامت قضية التنازع مستحيلة ملـا ,فلوكان هناك إهلان حلدث التنازع واالختالف .برهنت عليه

.يترتب عنها من تفكك الكون وفساده فاإلله واحد ال شريك له يف كتاب اهللا أو حديث لاملتمث ،الذي يعتمد على وحي السماء جملنهاوهو :يـهج النقلاملن -ب

عنـه ومـا ـاكم ، آتاكم الرسول فخذوه وما «:تعاىل ودليل هذا املنهج قوله، )ص( الرسولأي أا مأخوذة من الكتاب والسنة ، كانت مجيع مقدماته نقلية هو ما فالدليل النقلي.)5( »فانتهواوهي مسائل السـمعيات ،وهناك مسائل عقدية ال دخل للعقل يف إثباا.اع والربط بينهما أواإلمج

والواجبـات الضـرورية ،كاإلميان باملالئكة والبعث واحلشر واجلنة والنار والصراط وعذاب القربوالصـوم ،والزكاة ومقدارها واحلج وكيفيته، املعلومة من الدين بالضرورة كالصالة وعدد ركعاا

.8سورة الداريات، اآلية ) 1( .23سورة الزمر، اآلية )2( .274، ص 1971تب، ، مطبعة دار الك1ابن تيمية، درء تعارض العقل والنقل، ج )3( .91سورة املؤمنون، اآلية )4( .7سورة احلشر، اآلية )5(

14

فكل هذه .فتلك أمور ليس هلا إال طريق النقل أو السمع لعجز العقل عن إدراكها بنفسه ،حتديدهوفطريق إثباـا ، املسائل من الواجب التصديق ا ألا أمور مسعية وردت بالشرع عن طريق التواتر

.الدليل النقلي ال العقلي .عن األخر ااالستغناء بأحدمه وال ميكن,ومن هنا فمنهج العقيدة جيمع بني العقل والنقل

املطروح هنا يتعلق بطبيعة العالقة بـني لواإلشكا:العالقة بني األدلة العقلية واألدلة النقلية -ج هل يقدم العقل على النقل ؟أو يقدم النقل على العقل ؟أو جيمع بينهما؟ ،األدلة العقلية والنقلية

:رأيها ومن هنا ظهرت ثالثة اجتاهات لكل منها وأخضعوا النصوص النقلية لفهـم ، املعتزلة الذين قدموا العقل على النقل هجتااوهو :األول جتاهالا

وهو ما دفع ديبـور إىل ، ن الكرمي باالعتماد على العقلآوقاموا بتأويل آيات القر، العقل البشري )1( .»نآعلى القر بأن كثريا من املعتزلة كانوا يعولون على العقل أكثر مما يعولون« :القول

منوا بظاهر اآليات دون آوا وذومتثله احلشوية والظاهرية واسمة واملشبهة الذين أخ:الثاين جتاهاال .سورفضوا القيا جتهاداالومن مت نفوا أن يكون للعقل دخل يف عملية ، تدخل العقل

ورغـم تقـدميهم .والنقلالذين مجعوا بني العقل ، وهو اجتاه أهل السنة واجلماعة :الثالث جتاهااللك يتوسـط أهـل السـنة ذوب .الشرع على العقل إال أم جعلوا للعقل مدخال يف فهم الشرع

وال ، حبيث ال يعزلون العقل عن الشرع كما فعلـت احلشـوية ، واجلماعة بني احلشوية واملعتزلةاعرة من أبرز ممثلي وتعد األش.وإمنا جيمعون بينهما ، يقدمون العقل على الشرع كما فعلت املعتزلة

"داالقتصـاد يف االعتقـا "حامد الغزايل يف كتابـه عنه اإلمام أبو وهو ما عرب ،هذا االجتاه الثالثأو يعلم أنه ، وينكر مناهج البحث والنظر، وأىن يستتب الرشاد ملن يقنع بتقليد األثر واخلرب«:قائال

، به صدقه فيما أخـرب لذي عرفا وبرهان العقل هو، )ص(ال مستند للشرع إال قول سيد البشر، استضاء بنور الشرع وال أستبصـر وما، للصواب من أقتفى حمض العقل وأقتصر وكيف يهتدي

فال فرق بينه ،ن مثاله املتعرض لنور الشمس مغمضا لألجفانآفاملعرض عن العقل مكتفيا بنور القرمها على اخلصـوص عور ألحدواملالحظ بالعني ال، فالعقل مع الشرع نور على نور، وبني العميان

)2( .» متدل حببل غرور

. 15ص ،1957ة،القاهر، تاريخ الفلسفة اإلسالمية ، ديبور )1( .. 22- 21ص ص ،1994، 1، احلكمة للطباعة والنشر، دمشق، طاالقتصاد يف االعتقاد ،أبو حامد الغزايل )2(

15

:األوضاع الثقافية والفكرية لعصر الغزايل: ثانيا سواء تعلق األمر بواقـع ،نذاكآال شك أن تفكري الغزايل أرتبط بظروف وأوضاع كانت سائدة

ة والعقدية أو تعلق بظروف عصره السياسي، املسلمني وما عرفه من تعدد الفرق واملذاهب اإلسالمية . و الفكرية و الثقافية

:الفــرق اإلسالمية -1ال سيما مشكلة احلكم أو اخلالفة اليت ظهرت بعـد وفـاة ، شكلت الصراعات السياسية

كانت يف البداية ، أحد أهم العوامل اليت أدت إىل انقسام املسلمني إىل اجتاهات خمتلفة)ص(الرسولالف سرعان ما اتسعت وامتدت لتطال اجلانـب الـديين غري أن دائرة االخت، ذات طابع سياسي

فمنـها مـذاهب يف « ؛ وهو ما ساعد على ظهور العديد من الفرق اإلسـالمية ، واإليديولوجي، ومنـها مـذاهب يف السياسـة ...كمسألة اجلرب واالختيار ، قد اختلفت حول العقيدة، االعتقاد

:كن تقسيم هذه الفرق إىل قسمني ومن هنا مي. )1( .»كاالختالف حول اختيار اخلليفة حيـث رأى ، )اإلمامـة (وقد ارتبط ظهور الفرق السياسية مبشكلة اخلالفـة :سياسيةالفرق ال-أ

ورأى ، يف حني رأى فريق آخر أن املهاجرين أحق ـا ، األنصار أن اخلليفة جيب أن يكون منهمأن يتوالها علي بن أيب طالب ومن مت ينبغي ، فريق ثالث أن اخلالفة جيب أن تكون يف بين هاشم

:وقد ترتب عن هذا االختالف ظهور فرق سياسية عديدة منها.يطلق لفظ الشيعة لغة على األصحاب و األتباع، ويطلـق يف عـرف الفقهـاء :الشيعةـ 1- أ

و قد قيل هلم الشـيعة ،رضي اهللا عنهم )2(واملتكلمني من اخللف و السلف على أتباع علي و بنيهوكـل )3( ).ص(وا عليا رضي اهللا عليه و يقدمون علي على سائر أصحاب رسول اهللا ألم شايع

وبأنه أحقهـم باإلمامـة ، )ص(من أيد الشيعة يف أن عليا عليه السالم أفضل الناس بعد الرسول )4( .وولده من بعده فهو شيعي

.5،ص)ت-د(، دار الفكر العريب، القاهرة، تاريخ املذاهب اإلسالمية، ة كتابهضمن مقدم ، حممد أبو زهرة )1( .196،ص7،1989، دار القلم، بريوت، طاملقدمة،ابن خلدونعبد الرمحان )2( .65ص، 1،1950ط، القاهرة ،مكتبة النهضة املصرية، 1ج، مقاالت اإلسالميني ، األشعري )3( .270،ص2،1996 ط، بريوت،دار اجليل، 2ج،هواء والنحلالفصل يف امللل واأل، ابن حزم )4(

16

مث منت ، اهللا عنه ظهرت يف آخر عصر عثمان رضي، وتعد الشيعة أقدم الفرق السياسية اإلسالمية :وميكن أن نلخص معتقدهم يف )1( .يف عهد علي رضي اهللا عنه

و ينفون ،وأنه تعاىل مرته عن مشاة خلقه ،تعتقد اإلمامية أن اهللا واحد يف ذاته: التـوحيـد -عني ذاته و ليست زائـدة ويرون أن صفاته .ويعتربون القائلون به مبرتلة الكافر ،التشبيه والتجسيم

.و بذلك يتفقون يف مسألة التوحيد مع املعتزلة كما سنرى فيما بعد ،لى ذاتهعفهو ،ا يقتضي أن تكون أفعاله كلها حسنةذوه ،تؤكد اإلمامية على عدله تعاىل: العـــدل -

،و أفعاله متسمة باحلكمـة و الغايـة ،و ال خيتاره و ال جيور يف حكمه و قضائه ،ال يفعل القبيحو هو يثيبـهم علـى طاعتـهم ،و إذا كلفهم أقدرهم على هذا التكليف ،عتهميكلف خلقه ملنف

كما تؤكد على حرية اإلنسان، فاإلنسـان خـالق ألفعالـه بإرادتـه .ويعاقبهم على معاصيهموبالتايل فهم يتفقون مع املعتزلة يف هذا : و يؤكدون أن القول باجلرب يتناىف مع عدله تعاىل،واختياره ).العدل(األصل

فهي ركن من أركان الـدين، بـل ،جيمع الشيعة على أن اإلمامة قضية أصولية:إلمــامـةا -و هي ليست املصاحل العامة اليت تفوض إىل نظر األمة و ال جيوز لـنيب إغفالـه و ال «أعظم ركن

)2(.»بل جيب عليه تعيني اإلمامة هلم ويكون معصوما من الكبائر والصـغائر ،تفويضه إىل اإلمامة، كما يعتقد الشيعة أن اإلمامة لعلي بن أيب طالب بعد )3(كيد ذلك يروي الشيعة عدة نصوصلتأو

رغم أن هذه األحاديث ، سواء كان حديثا أو آية ، ووجوا جاءت بالدليل الشرعي ،) ص(النيب و أا ،و بذلك تكون اإلمامة يف نظر الشيعة منصبا دينيا مساويا ،كانت حمل شك عند أهل السنة

)4( . حق إهلي لإلمام علي و لألئمة من بعده من آل البيت الذي وجبت حمبتهم ومواالمتؤكد الشيعة أن الدليل الذي يوجب إرسال الرسل هو نفسه : اإلمـامـة استمـرار النبـوة-

و اإلمام كالنيب جيب أن يكون معصوما من ، )ص(الدليل الذي يوجب نصب اإلمام بعد الرسول .و من السهو و اخلطأ و النسيان ألنه حافظ الشريعة ، ئلمجيع الرذا

.30ص، املرجع السابق، حممد أبو زهرة )1(

.196ص، مرجع سابق، املقدمة، ابن خلدون )2( 199ص، 2001، القاهرة، قباء للطباعة والنشر دار، مدخل إىل علم الكالم، حممد الصاحل السيد )3( .205صاملرجع نفسه، )4(

17

،بعد أن مألت ظلما الالذي ميأل األرض عد ،يف آخر الزمان: يف ظهــور املهــدي االعتقاد )1( .و يرون ذلك ثابت عن النيب و آله بالتواتر

لبشر وهـو األول حجب اهللا اإلمام و إخفاؤه عن أعني ا ؛و تشمل أمرين:بالرجـعة االعتقاد - .حي، والثاين أن اهللا تعاىل سيعيده فيحقق للبشر كماال فيحارب الشيطان حىت يقضي عليه

حيث يروي عنه ، )ص(حني تذهب إىل أن التقية وردت على لسان النيب :يف التقـية االعتقاد -ة شـعارا و قد كانت التقي .»من ال تقية له ال دين له«:و قوله ،»التقية ديين و دين آبائي«قوله

. آلل البيت دفعا للضرر و حقنا للدماء و صالحا حلال املسلمني و مجعا لكلمتهمفقد ظهر كالمها كفرقة يف عهد ، أقترن ظهور هذه الفرقة بظهور الشيعة :اخلــوارج- 2أـ

نقسـام ايف حيث كانت األحداث السياسية و ما جرته من حروب سـببا .)2(علي رضي اهللا عنهأتباع علي إىل قسمني، قسم مؤيد لعلي و مشايع له و هم الشيعة، وقسم خـرج عليـه و هـم

و أمجعـوا ،ألهم خرجوا على علي بن أيب طالب رضوان اهللا عليه ااخلوارج، وقد مسوا خوارج )3(»و هم خمتلفون هل كفره شرك أم ال؟«على تكفريه

ـ :ألقــــام ،"الشــراة"،" احلروريـة " ،"اخلــوارج"ها للخـوارج ألقــاب عديـدة منوهم يرضون ذه األلقاب كلها إال املارقة فإم ينكرون أن يكونوا مارقني من ."احملكمة"،"املارقة"

هو أم مل يرجعوا مع " احلرورية"و السبب الذي مسوا ألجله .)4(الدين كما ميرق السهم من الرميةألـم " شـراة "و مسـوا .زلوا حبروراء يف أول أمـرهم و ن ، و اعتزلوا صفوفه ،علي إىل الكوفة

عمر بـن ،إلنكارهم احلكمني" حمكمة"أي مبعناها اجلنة، و مسوا "شرينا أنفسنا يف طاعة اهللا:"قالوا .»ال حكم إال هللا«و قالوا ،العاص وأبو موسى األشعري

مسائل الدين رغم عدم وجود رأي واضح و خاص باخلوارج يف: املبـادئ العامـة للخـوارجإال أن هناك مبادئ عامة ، )5(من إميان باهللا و من حبث يف صفاته و دراسة يف البعث إخل ،األساسية

:جتمعها و تقول ا و من أمهها

.218ص، مدخل إىل علم الكالم، لصاحل السيدحممد ا )1( . 56ص ، مرجع سابق، تاريخ املذاهب اإلسالمية، حممد أبو زهرة )2( .156ص، مرجع سابق ، مقاالت اإلسالميني ،األشعري )3( . 134ص، امللل والنحل، الشهرستاين وأيضا.191ص املرجع نفسه، )4( .167ص، مرجع سابق ، الممدخل إىل علم الك، حممد الصاحل السيد )5(

18

فهو أول و أهم شيء ينـبين عليـه ، اهتم اخلوارج بضرورة معرفة اهللا تعاىل: التــوحيــد -اخلـوارج وال يعذر فيه أحد وقول ، واجب و ضروري و معرفة اهللا و رسله و شرعه أمر ،اإلميان

.)1( يف التوحيد كقول املعتزلةو هـم مجيعـا ، إن موقف اخلوارج كما يذكر األشعري يشبه موقف املعتزلة : الصفــات -

و اخلـوارج حسـب ، وفرقة اإلباضية ختالف املعتزلة يف اإلرادة فقـط )2(.يقولون خبلق القرآنوأا ليست شيئا سوى الذات فهـي ، عتزلة بعدم زيادة الصفات عن الذاتاألشعري ترى رأي امل

.عني الذاتومنهم مـن ، فمنهم من يقول بقول املعتزلة: موقـفـهـم من القـدر وخلـق األفـعال -

.يقول بقول أهل السنة :حيث يقول ابن حـزم ، يرى اخلوارج وجوب اإلمامة ما عدا النجدات:رأيـهم يف اإلمـامة -الشيعة ومجيع اخلوارج على وجـوب املعتزلة ومجيع تفق مجيع أهل السنة ومجيع املرجئة ومجيعا«

اإلمامة، وأن األمة فرض واجب عليها االنقياد إلمام عادل يقيم فيهم أحكـام اهللا و يسوسـهم ناس ال يلزم ال حاشا النجدات من اخلوارج فإم قالوا) ص(بأحكام الشريعة اليت أتى ا رسول اهللا

و قد أكد اخلوارج على األمهية الكـبرية ، )3(»و إمنا عليهم أن يتعاطوا احلق بينهم مةفرض اإلما .و رأوا يف صالحها صالح األمة و يف فسادها فساد األمة ،لإلمامة

و أن القـرآن مل يـذكر ، فريى اخلوارج أنه جيوز أن يكون اإلمام غري قرشيا ، أما شروط اإلمامةوإذا حكمتم بني الناس أن «:بل اشترط العدل فقط يف احلاكم لقوله تعاىل، اإلمامنسل معني يكون

ما يرى األشعري يقولون باستخدام السيف إلزالـة أئمـة كاخلوارج مجيع ، و)4(»حتكموا بالعدل .اجلور، والثورة على احلاكم الظامل واجبة و مقاومته ضرورة

رج يف بدايتها من مؤيدي علي بـن أيب كانت اخلوا: موقفــهم من علي بن أيب طــالب -فحاربوا معه يف موقعة اجلمل وقاموا بتأييـده حـىت ظهـور ،و رأوا أنه اإلمام الشرعي ،طالب

،لرفضهم التحكيم فكفروا علي مند قبوله التحكيم ،التحكيم، إال أم بعد التحكيم خرجوا عليه

.189األشعري، مقاالت اإلسالميني، مرجع سابق، ص )1( .نفسها املرجع نفسه، الصفحة )2( .149،صمرجع سابق، 4ج، الفصل يف امللل واألهواء والنحل، ابن حزم )3( . 58 اآلية، سورة النساء)4(

19

ويكفرون معاوية وعمر ،بعد التحكيمو ينكرون عثمان وعليا ،وهم يثبتون خالفة أيب بكر وعمر .بن العاص وأبو موسى األشعري أقطاب التحكيم

جيمع اخلوارج كما يذكر األشعري على أن كل كبرية كفر إال :خـلود صاحـب الكبيـرة -كما أمجعوا على أن اهللا سبحانه و تعاىل يعذب أصحاب الكبـائر .فإا ال تقول بذلك ،النجدات

و السبب يف ذلك أن الدين عندهم ليس جمرد .»يف النار خالدين فيها خملدين«م و أ ،عذابا دائمافاإلميان تصديق بالقلب وإقرار باللسان ؛عتقاداالنظري، بل ال بد من مطابقة السلوك هلذا عتقادا

و يقولون خبروج صاحب الكبرية من اإلميان ،ومن مث يؤكدون على أمهية العمل ،وعمل باألركان . الناروخلوده يف

ومل حيدث جـدل ، كان املسلمون األوائل يستقون عقيدم من القران الكرمي:الفرق العقدية-ب ،ومرتكب الكبرية، غري أنه ظهرت بعد ذلك مسائل كمسألة القدر، بينهم يف أمر من أمور العقيدة

:واليت متخض عنها ظهور العديد من الفرق العقدية من أمهها ،وغريها من املسائلاليت ظهرت يف عهد بـين ، أرتبط ظهور هذه الفرقة مبسألة القدر وقدرة اإلنسان:اجلربية -1-بنفي الفعل حقيقة عن «حيث رأت هذه الفرقة إن اإلنسان غري قادر على خلق أفعاله ومن مت، أمية

و وإمنا ه، إن اإلنسان ال يقدر على شيء وال يوصف باالستطاعة...وإضافته إىل الرب تعاىل ، العبدوإمنا خيلق اهللا تعاىل األفعال فيه على حسب ما ، وال اختيار، ال قدرة له وال إرادة، جمبور يف أفعاله

وقد شـاع ، )1(.»وتنسب إليه األفعال جمازا كما تنسب إىل اجلمادات ، خيلق يف سائر اجلماداتمـن أبـرز "نجهم بن صفوا"ويعترب ، القول باجلرب يف أول العصر األموي وصار مذهبا يف آخره

.ممثلي هذه الفرقة كمـا ،هي االعتقاد يف اجلرب إن الفكرة األساسية لدى فرقة اجلربية : أهم اآلراء العقدية للجربية

بـل ،غري أن مذهب جهم ال يقتصر على القول باجلرب فقط.الحظنا سابقا عند جهم بن صفوان وأنه ال شيء من األشـياء يكـون ، ارهناك آراء أخرى كان يدعو هلا منها زعمه بفناء اجلنة والن

أما كالم اهللا فهو حـادث يف .إضافة إىل زعمه بأن اإلميان هو املعرفة وأن الكفر هو اجلهل ، خالدا وعدم وصفه اهللا تعاىل بأنه شـيء أو حـي .ن آمما ترتب عنه القول خبلق القر، نظره وليس قدمي

.98- 97ص ص، 1993، 3، دار املعرفة، بريوت، طالشهرستاين امللل والنحل )1(

20

وأخريا نفـي .وز إطالقه على احلوادثال جيوز وصفه بوصف جي -حسب رأيه-ألن اهللا ،أوعامل .رؤية اهللا تعاىل يوم القيامة

هل هو مؤمن أم غري :ارتبط ظهور فرقة املرجئة من خالل مسألة مرتكب الكبرية:املرجئة-2-بويف .)يف مرتلة بني املرتلتني (يف حني قالت املعتزلة بأنه فاسق ، مؤمن؟حيث قال اخلوارج أنه كافر

الف جاءت املرجئة مبوقفها الذي يقوم على إرجاء احلكـم إىل اهللا تعـاىل يـوم سياق هذا االختمث يف عهـد ، وقد امتنعت هذه الفرقة عن اخلوض يف الفنت اليت وقعت يف عهـد عثمـان .القيامة

وأرجئوا احلكـم يف ، حيث امتنعوا عن إبداء رأيهم يف احلروب اليت وقعت بني علي ومعاوية،عليمث ظهرت مسالة مرتكب الكبرية لتضـاف إىل )1(.وضوا األمر إىل اهللا تعاىلأي الطائفتني أحق؟وفهذه الفرقة كما أشرنا منهج اإلرجاء وتفويض احلكم يف أمـره إىل عتمدتاهذه اخلالفات حيث

.اهللا يوم القيامةالذي كان مـن "واصل بن عطاء"ظهرت فرقة املعتزلة يف البصرة برعاية : املعتـزلــة-3-ب

اليت تعترب مـن "مبدرسة االعتزال"مث انفصل عنه ليؤسس مدرسة عرفت ، احلسن البصري تالميذ فهي اليت وضـعت .بل مؤسسة علم الكالم احلقيقي كنسق مذهيب متكامل، أهم الفرق الكالمية

و معاجلتـها ،دعائم علم الكالم اإلسالمي و طورت موضوعاته مبا أضافوا إليه من مباحث جديدةحيث كانوا يستخدمون النظر العقلي فأدخلوا عنصر العقل يف املعرفة ،من التفلسفبطريقة تقترب

)2( .و أعطوه أسبقية على النص وقالوا بالفكر قبل السمع ،الدينيةميكن إرجاعها إىل ،و قد ذكر مؤرخو الفرق أسباب خمتلفة لتسمية املعتزلة: سبــب التسـمية

:اثننيعتقادية االملخالفته بعض آرائه ،احلسن البصري ستاذهأء جملس اعتزال واصل بن عطا :أولــها

.وخاصة يف مرتكب الكبرية إذا مات من غري توبةفبعد ، دعواهم اليت أدعوها من أم اعتزلوا فرقيت الضاللة و اخلوارج و أهل احلديث: ثــانيـا

ي يف مرتكـب أن خالف واصل بن عطاء أهل احلديث و منهم احلسن البصري و اخلوارج الـرأ .اعتزل كليا الفئتني وكون مدرسة مسيت باملعتزلة، الكبرية

.114ص، مرجع سابق، تاريخ املذاهب اإلسالمية، حممد أبو زهرة )1( .196ص، 1995، 2، مكتبة وهبة، القاهرة، طالفرق الكالمية اإلسالمية، علي عبد الفتاح املغريب )2(

21

مل يظهر مصطلح األصول اخلمسة عند واصل بن عطاء و صديقه عمر :األصول اخلمسة للمعتزلة. )1(و يبدو أن هذا املصطلح من وضع تالميذ واصـل ، بن عبيد رغم خوضهم يف هذه األصول

فمـا هـي هـذه .االعتزال حىت جيمع القول باألصول اخلمسةذكر اخلياط أنه ال يستحق اسم األصول؟

:التـوحيــد )2( .هو ما يصري به الشيء واحدا :لغــــة ال يشاركه غريه فيما يستحق من الصـفات ،هو عند املتكلمني العلم بأنه تعاىل واحد :صطالحاا

ظم األصول أمهية يف مذهبهم و قـد و يعترب التوحيد أع. )3( نفيا و إثباتا على احلد الذي يستحقهو قاموا بالرد على أهل الشرك الذين يثبتون مع اهللا إهلـا أو آهلـة ،دافع املعتزلة عن وحدانية اهللا

و قد رأى املعتزلة ترتيه اهللا عن صـفات .كاوسية و الدهرية يف إنكارها لوجوده تعاىل ،أخرىموا بتأويل اآليات الـيت تصـف اهللا بأوصـاف و قا، )4( »ليس كمثله شيء«:البشر لقوله تعاىل

،وال حتيط به األقطار" ال تدركه األبصار"إن اهللا واحد ليس كمثله شيء «: يقول اخلياط. اإلنسانو أنـه يف ، و أنه األول واآلخر و الظاهر والباطن ،و أنه ال حيول وال يزول و ال يتغري و ال ينتقل

)5( . »رب إلينا من حبل الوريدو أنه أق، السماء إله و يف األرض إلهإىل نفي صفات اهللا تعاىل من العلم والقدرة و اإلرادة ،وقد ذهبت املعتزلة بزعامة واصل بن عطاء

ألن من أثبـت معـىن ، وكان يريد من وراء ذلك عدم إثبات قدمي جبانب الذات اإلهلية، واحلياةفاهللا عامل ،عالف فاعترب الصفات عني الذاتأما ال )6( وصفة قدمية جبانب الذات فقد أثبت قدميني،

فالصفات .وكذا يف باقي الصفات األخرى ،حي حبياة هي هو ،قادر بقدرة هي هو ،بعلم هو هو

.485ص، 1966، 4ط، مصر، دار املعارف، 1ج، نشأة الفكر الفلسفي يف اإلسالم، علي سامي النشار )1( .128ص،1996، 3ط، القاهرة، مكتبة وهبة، شرح األصول اخلمسة، القاضي عبد اجلبار )2( .128صاملرجع نفسه، )3( . 11االية، سورة الشورى)4( .5ص، 1993، 2ط، بريوت، أوراق شرقية، االنتصار، اخلياط)5( .57ص، مرجع سابق ، 1ج، امللل والنحل، الشهرستاين)6(

22

ومـن ،ولكي تثبت الترتيه قامت بتأويل اآليات اليت توحي مبشاة بني اهللا و خملوقاته ،هي الذات )1(.» تدركه األبصار و هو يدرك األبصار ال«:هنا أنكروا الرؤية اعتمادا على قوله تعاىل

:العــــدلوهو مـن أمسـاء اهللا .مصدر عدل يعدل عدال و هو ما قام يف النفوس انه مستقيم :لغـــة

)2( .العدل ألنه ال مييل به اهلوى فيجور يف احلكمىل بأنه عـدل و حنن إذا وصفنا القدمي تعا«:فقد عرفه القاضي عبد اجلبار بقوله :صطالحااأمــا

و أن أفعاله تعاىل كلها ،و ال خيل مبا هو واجب عليه ؛فاملراد انه ال يفعل القبيح و ال خيتاره ؛حكيم ؛ل من احلكمةقضيه العتما يق «:أما الشهرستاين فيتحدث عن العدل عند املعتزلة بقوله)3( .»حسنة

لفعـل اإلهلـي بالعـدل ولكي يوصف ا )4( ،»و هو إصدار الفعل على وجه الصواب و املصلحةو أما علوم العدل فهو أن يعلم أن أفعاله تعاىل « :القاضي عبد اجلبار يف قوله معايري ةوضعت املعتزل

و انه ال يكذب يف خربه، وال جيور ،كلها حسنة و انه ال يفعل القبيح و ال خيل مبا هو واجب عليهيقدرهم على ما كلفهم و يعلمهـم بل ،يف حكمه و ال يكلف العباد ما ال يطيقون و ال يعلمون

و أنه إذ كلف املكلف و أتى مبا كلف على الوجه الذي كلـف فانـه يثيبـه ال ،صفة ما كلفهم : وما نفهمه من هذا القول أن مفهوم العدل يتحدد انطالقا من ثالثة مسائل مهمة هي )5(.»حمالة

.أن أفعاله تعاىل كلها حسنة .أن اهللا تعاىل حكيم

. باإلنسان عناية اهللاأو دفع ضرر عنه يف ،الوعد هو كل خرب يتضمن إيصال نفع إىل الغري: الوعــد و الوعــيد

. )6(وتفويت نفع عنه يف املستقبل ،أما الوعيد فهو كل خرب يتضمن إيصال ضرر إىل الغري ،املستقبلن إذا أن املـؤم «حيث ؛احلساب يف اآلخرة ثوابا أو عقابا دويتعلق أصل الوعد والوعي. )6(املستقبل

.108يةاآل، سورة األنعام )1( .301ص، مرجع سابق، شرح األصول اخلمسة، القاضي عبد اجلبار )2( .301صاملرجع نفسه، )3( .55ص، رجع سابق م ،1امللل والنحل،ج،الشهرستاين )4( .133ص، مرجع سابق، شرح األصول اخلمسة،القاضي عبد اجلبار )5( . 257ص، مرجع سابق، مدخل إىل علم الكالم، حممد الصاحل السيد )6(

23

وإذا خرج عن كبرية ارتكبها اسـتحق ،خرج من الدنيا عن طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض .)1(»اخللود يف النار

ويتفرع أصل الوعد والوعيد عن أصل العدل إذ يقتضي العدل اإلهلي إثابـة األخيـار وعقـاب . األشرار

حيث يعترب ، مية يف مذهب املعتزلةالذي يعترب من أهم األصول الكال: املنــزلة بني املنــزلتنييف نظر معظم املؤرخني بداية تكوين املعتزلة، ويتعلق هذا األصل باإلميان و املوقف من مرتكـب

أمـا يف «:حيث يعرف القاضي عبد اجلبار هذا األصـل بقولـه ؟هل هو مؤمن أم كافر،الكبرية )2(،»ني، وحكم بني احلكمـني فهو العلم بأن صاحب الكبرية اسم بني االمس: املتكلمني صطالحا

و هو الواضع احلقيقي لـه ، وجيمع املؤرخون على أن واصل بن عطاء هو أول من قال ذا األصلمن خالل حماولته تقدمي حل ملشكلة مرتكب الكبرية، حيث اختذ موقف وسـطا مـن احللـول

)3( . املطروحة فقال أن مرتكب الكبرية ال يكون مؤمنا و ال كافرا بل فاسقايعترب األمر باملعروف والنهي عن املنكر من األمـور : األمـر باملعـروف والنـهي عن املـنكر

كنتم خري أمة أخرجت للناس تـأمرون بـاملعروف «:لقوله تعاىل ،املسلم بوجوا لدى املسلمنييف كيفيته، فذهب بعض الصحابة و التـابعني و بعـض ختلفوااغري أم ،)4( »وتنهون عن املنكر

كأمحد بن حنبل إىل أنه يكون مبجرد اإلنكار القليب مث القول باللسـان دون ،أهل السنة و احلديث يف حـني ، القوة، كما أن اإلمامية متنع استخدام القوة إال حلماية اإلمام العادل الشرعي ستخداما

ل القـوة ذهب البعض اآلخر من الصحابة و املعتزلة و بعض اخلوارج و الزيدية إىل وجوب استعمابشرط أن تكـون القـوة ،إذا مل يكن دفع املنكر إال ا، ومن هنا متيل املعتزلة إىل استخدام القوة

.والغلبة يف األمر باملعروف و النهي عن املنكر و إال سقط عنهم األمرعلى "و هي من أكرب املدارس الكالمية نسب إىل مؤسسها ) األشاعرة: (األشـعريــة-4-ب

و ينتهي نسـبه إىل أيب ، هـ 260الذي ولد بالبصرة سنة ، "أيب بشر األشعري بن إمساعيل بن

.58-57ص ص، مرجع سابق ، 1ج، امللل والنحل، الشهرستاين )1( .697ص، شرح األصول اخلمسة، القاضي عبد اجلبار )2( .نفسها املرجع نفسه، الصفحة )3( . 110يةاآل، سورة آل عمران )4(

24

أخد عن معتزلة البصرة و على رأسهم أبو علـي اجلبـائي )1(موسى األشعري صاحب رسول اهللا )2( و اللمع يف الرد على أهل الزيغ و البدع ،مقاالت اإلسالميني :بلغت مؤلفاته حنو الثالمثائة أمهها

اإلسـالم وحجـة ،وأبو املعايل اجلويين ،أبو الطيب البقالين :منهم ة الكثري من األعالمولألشعري .الغزايل اإلمام

بني غلـو املعتزلـة الـدين ، انتهجت األشعرية منهجا وسطا بني العقل و النقل :منهج األشعريةملنـهج و قد وضح األشعري هـذا ا ، ين يعتمدون على النقلذيعتمدون على العقل و السلف ال

وسنة نبينا ، التمسك بكتاب اهللا ربنا عز وجل: و ديانتنا اليت ندين ا ،قولنا الذي نقول به«:بقولهو حنن بـذلك معتصـمون ،وما روي عن السادة الصحابة و التابعني و أئمة احلديث) ص(حممده وأن له سبحانه وجها بـال كيـف وأن لـه سـبحان ... وأن اهللا تعاىل استوى على العرش ...

وإن هللا علما ونثبت هللا السمع والبصر ونقول أن كالم ... وأن له سبحانه عينني بال كيف ...يدين روندين بأن اهللا يرى يف اآلخرة باال بصـا ...هللا غري خملوق، وأن من قال خبلق القران فهو كافر

ن آص القـر و هنا نالحظ أن األشعري اعتمد على النقل أي نصو )3(.»كما يرى القمر ليلة البدروال يؤولـون إال إذا اقتضـت ، ها على ظاهرهـا ذالكرمي والسنة الصحيحة و تعاليم السلف وأخ

فهناك نصوص ال يـدرك معناهـا إال ، لكن هذا ال يدل على رفضهم املطلق للتأويل. الضرورة ـ ، و هنا البد من استخدام العقل، بالتأويل ال فاألشعري مثال يثبت الوجه واليد واالستواء لكن ب

كما أن اجلويين رفض اخذ اآليات اليت تشري إىل اليد . كيف حىت ينفي املماثلة بني املخلوق واخلالقغري أن هـذا املنـهج الوسـطي .ألن ذلك متابعة للحشو ،و الوجه و العني على وجهها الظاهر

إىل ودخول العنصر الفلسـفي ، لألشعرية مل مينع بعض متأخري األشعرية من االعتماد على العقلفسيطر هذا العنصر على طريقـة معاجلتـهم للمشـكالت ،)4(ثقافتهم خاصة مند عصر الغزايل

.و أصبح علم الكالم عندهم فلسفيا وهو ما منحهم قوة احلجة ،الكالمية : أهــم اآلراء العقدية لألشعـرية

. 60ص، 1973، دار الكتب، القاهرة، أبو احلسن األشعري، محودة غرابة)1( .52ص، 1993، القاهرة، دار الرشاد، موسوعة الفرق واجلماعات واملذاهب اإلسالمية، احلنفيعبد املنعم )2( .25-20ص، 1977، 1ط، القاهرة، دار األنصار، حتقيق حسني حممود، اإلبانة عن أصول الديانة، األشعري )3( .273ص، مرجع سابق ، مدخل إىل علم الكالم، حممد الصاحل السيد)4(

25

ريف و هذا من خالل تع" حدوث العامل"تعتمد األشعرية على دليل :وجــود اللـه تعــاىلأي مـن ؛وأن العامل مؤلف من جواهر وأعـراض ، العامل بأنه كل ما هو سوى اهللا تعاىل و صفاته

وبذلك تتبىن األشعرية نظرية اجلوهر الفرد الـيت ،واجلسم يتألف من اجلواهر ،ذوات وصفات هلا مجسـا فيثبتون األعراض مث يثبتون حدوثها، مث يرتبون عليها حدوث األ ،جاء ا العالف املعتزيل

.ألا ال تنفك عن األعراض احلادثة، و ملا كان العامل حادثا إذن البد له من حمدث ، ذهبت األشعرية إىل القول بالترتيه أي ترتيه اهللا تعاىل عن كل صفات نقـص :صفـات اللـه

والتشبيه فنجد األشعري قـال مأما اآليات اليت يوحي ظاهرها بالتجسي .فنفوا التشبيه والتجسيم رغم ميل بعض املتأخرين إىل تأويلها دون ، إثبات هذه الصفات دون تكييف هلا أو تأويل ملعناها ب

.مغاالة يف التأويل، و قد قسم األشعري صفات اهللا إىل قسمني ذاتية و صفات فعليةوهي سبع صفات أثبتها األشعرية معتربة إياها ،األوىل هي ما ال جيوز أن يوصف اهللا تعاىل بضدها

ال هي هو و ال هـي "وليست شيئا غري الذات ، جبانب الذات ليست هي الذات ،ت أزليةصفاوأصحابنا جممعون على أن اهللا تعاىل حي حبياة و قادر بقدرة، و عامل «:يقول عنها البغدادي" غريه

بعلم، و مريد بإرادة، و هو سامع بسمع ال بأذن، و باصر ببصر هو رؤية ال عني، و متكلم بكالم من جنس األصوات و احلروف، و أمجعوا على أن هذه الصـفات السـبع أزليـة و مسوهـا ال

. تعاىل بضدها ألن الضد ليس بفعل فهي اليت جيوز أن يوصف اهللا" الفعلية"، أما الثانية )1(»قدميةو لـه كـالم ،يثبت األشاعرة أن اهللا متكلم: الكـالم اإللـهي و مشكـلة خلـق القـرآن

و هذا يدل على أنه ناه و له كالم و عـدم ، الرسل و تكليفه للعباد باألمر و النهي بدليل إرساله و هي نقائص يترته عنها اهللا و القرآن الكـرمي كـالم اهللا غـري ،الكالم معىن اخلرس و السكوت

.خملوقـ ، ةتقول األشعرية برؤية اهللا تعاىل يف اآلخر: رؤيــة اللـه ا والرؤية واجبة مسعا مستدلني عليه

أما اآليات القرآنية اليت اسـتدل )2( ،»رة إىل را ناظرةضوجوه يومئذ نا«:بالقرآن مها قوله تعاىلال تدركـه «:كفهمهـم لقولـه تعـاىل ،ا نفاة الرؤية فقد فهموها فهما يدعم وجوب الرؤية

.90ص، 1928 ،1ط، دار الفنون اسطنبول، أصول الدين، لبغداديا عبد القاهر)1( .23-22يةاآل، القيامة سورة )2(

26

مرته عن ذلك، اآلية ال تنفي الرؤية و إمنا تنفي اإلدراك ألن اإلدراك إحاطة و اهللا نإ )1(؛»األبصار .فالرؤية املستحيلة هنا هي الرؤية الدنيوية )2(؛»لن تراين«:أما قوله تعاىل ملوسى عليه السالم

سواء كانت خرية أم شريرة مكسوبة ، إن أفعال العباد كلها خملوقة هللا تعاىل :أفـعال العبــادةوبـذلك ،هو من وضـع اهللا أما الفعل ف ،والكسب هو تعلق قدرة العبد و إرادته بالفعل، للعباد

.تتوسط بني اجلرب و االختيارإن صاحب الكبرية إذا خرج من الدنيا من غري توبة فإن حكمه يرجـع إىل اهللا : مرتكب الكبرية

، و إما أن يعذبه اهللا مبقدار جرمه )ص(برمحته وإما أن يشفع فيه النيب هتعاىل برمحته، إما أن يغفر ل جيوز أن خيلد يف النار مع الكفار و ذلك تصديقا ملا جاء به السمع من و ال ،مث يدخله اجلنة برمحته

إخراج من كان يف قلبه ذرة من اإلميان، و يف حالة توبة مرتكب الكبرية عن كبريته فإن السمع قد )3( . ورد فيه ما يشري إىل قبول توبة التائبني

لعقل ال يوجب شيئا و ال يقتضـي ترى األشعرية أن الواجبات كلها بالسمع، وا: احلسن والقبحوكذلك شكر املنعم و إثابـة ،فمعرفة اهللا تعاىل بالعقل حتصل وبالسمع جتب ،حتسينا وال تقبيحا

املطيع وعقاب العاصي جيب بالسمع دون العقل، وال جيب على اهللا تعاىل شيء مـا بالعقـل، ال )4( .الصالح واألصلح و ال اللطف

و أن الصراع بني الفرق ذو ،ء العقدية تعددت بتعدد الفرق اإلسالمية وخالصة القول أن اآلرا فبعض الصراعات العقدية هـي ،ومن الصعب الفصل بينهما، طابع سياسي وعقدي يف آن واحد

احلرية أو القدر مـن ةيف األصل صراعات سياسية مثلما هو احلال بالنسبة ملوقف اجلربية من مسألكما أن الصراعات السياسية مرتبطة بقضايا دينية وهذا يعود ).بأنه مقدر(أجل تأييد حكم بين أمية

إن اخلالف السياسي أو : ((وهو ما أكده حممد أبو زهرة يف قوله ،بني السياسة والدين طإىل االرتباولذلك ...ولكن طبيعة السياسة اإلسالمية ذات صلة بالدين ،املذاهب السياسية قد ابتدأت سياسية

وأن املذاهب السياسية ذاا يف اجتاهاـا ...ب السياسية اليت نشأت حتوم حول الدين كانت املذاهفكان هلا رأي قائم بذاتـه يف ، تعرضت لبحوث أخرى تتعلق بأصول الدين حول اإلميان واالعتقاد

.103يةاآلية، سورة األنعام)1( .143االية، سورة األعراف )2( . 115ص، مرجع سابق، 1ج، امللل والنحل، الشهرستاين)3( . املرجع نفسه، الصفحة نفسها)4(

27

فالشيعة هلـم منـهاج يف ،إذ جند أن املذهب السياسي معه آراء يف االعتقاد...االعتقاد واإلميان .)1( ))قادية وكذلك اخلوارجعتاالقد قاربوا فيه بعض الفرق ، سة العقائددرا

:الوضع السياسي والعقدي والفكري والثقايف لعصــر الغـزالـي- 2 :الوضع السياسي-أوقد متيزت هذه الفتـرة ، وهي فترة من عصور اخلالفة العباسية ـه450عاش الغزايل يف الفترة

حيث سادها الكثري من الفنت واحلروب بسبب تعـدد الفـرق ، اببالتعددية السياسية واالضطراليت ولد فيها الغزايل شهدت حدثا يف غاية ـه450إضافة إىل كون هذه السنة .ومذاهب العصر

معتربين ويتعلق بدخول القوات الفاطمية بغداد عاصمة اخلالفة العباسية، األمهية زاد األمر اضطراباذلك ساعد على انتشار الدعوة الشيعية يف هذه البالد و حلوهلا حمـل أنفسهم محاة اخلالفة، وكل

نشبت بني أوالده حرب دفعت أحـدهم إىل ) م983(لكن بعد وفاة عضد الدولة البويهي . السنةفانقلـب األمـر علـى ،)م1050(استنجاد السلجوقيني السنيني، فلبوا الدعوة ودخلوا بغداد

وكان الغزايل . قة الوزير نظام امللك الذي كان يشجع العلوم البويهيينن، ومن أبرز هؤالء السالجنظـرا ، وكان من أكرب املدافعني عن السـالجقة من أبرز العلماء الذين استدعاهم الوزير لبالطه،

وهناك قام مبجادلة ، فهم الذين عينوه أستاذا باملدرسة النظامية ببغداد، للدعم الذي تلقاه من طرفهمأما حالـة .هذه حالة بغداد اليت عاش فيها الغزايل أيام شهرته .طنيني وتعليميني من با مساعيلينياإل

فقد دخلها السالجقة مند واحد وعشـرين عامـا ،ـه489دمشق اليت سافر إليها الغزايل سنة حتاللاواستمرت دمشق حتت سلطتهم حىت بدأت احلروب الصليبية اليت ترتب عنها )ـه468(

، وقد خيب هذا االحتالل آمال األمة اإلسالمية حينـذاك ، ـه492نة الصليبيني لبيت املقدس س )2( .وآمل نفوس املسلمني ملا نتج عنه من هتك حلرمة اإلسالم وقتل للرجال وب لألموال

:الوضع الفكري والعقدي –ب اليت حيث ظهرت الفرق الكالمية ، متيز عصر الغزايل من الناحية الفكرية بتعدد الفرق واملذاهب

وأبرزها فرقة املعتزلة اليت ظهرت يف عصر بين أمية مث زادت شهرا ،اعتمدت على اجلدل واملناظرةفقامت مبجادلـة ، وقد اعتمدت هذه الفرقة على العقل واملنطق والفلسفة ،خاصة يف عهد املأمون

. 29صن مرجع سابق، ب اإلسالمية تاريخ املذاه، حممد أبو زهرة)1( .492-491ص ص 4ط، بريوت، دار الكتب العلمية 9ج، الكامل يف التاريخ، ابن األثري )2(

28

شاعرة واملاتريديـة واأل، اوس والثنوية واجلربية وأهل البدع إضافة إىل الفقهاء واحملدثني من جهةقوة املعتزلة إىل غاية جمـيء أبـو احلسـن واستمرت ،وقد أستمر هذا الصراع.)1( من جهة ثانية

كما شـهدت .األشعري الذي ثار عليهم وأسس مذهب يعرف باألشعرية جيمع بني العقل والنقل ، ةقتصـادي ا، وقد ساعدت على ظهورها عوامل وظروف سياسـية ، هذه الفترة ظهور الصوفية

وقد رفضت الصوفية .واليت شجعت الناس على األخذ بالتصوف ،سادت العراق آنذاك جتماعيةا :وانقسمت الصوفية بـدورها إىل مـذاهب منـها ) .الذوق(طريقة العقل معتمدين على الباطن

.ومنها الفلسفي ، التصوف السين الديانة اإلسـالمية أما من الناحية العقدية فقد متيز عصر الغزايل بوجود صراع عقدي بني

وبني الفرق اإلسالمية من جهة ثانية فبالنسبة للصراع فيمـا بـني ، والديانات األخرى من جهة والديانات ااورة للمسلمني كاليهوديـة ،الديانات شهد هذا العصر صراعا بني الديانة اإلسالمية

ارى ال يكون هلم نشوء إال على رأيت صبيان النص «:وهو ما أشار إليه الغزايل بقوله ،والنصرانيةوصبيان املسلمني ال نشـوء هلـم إال علـى ، وصبيان اليهود ال نشوء هلم إال على التهود، التنصر

خاصـة وأن الرسـول ، أما الصراع فيما بني الفرق اإلسالمية فلم يكن مفاجئـا )2(.»اإلسالم ،عن هذا التعدد يف الفرق صراعاومن هنا نشأ .أشار إىل افتراق األمة إىل ثالث وسبعني فرقة )ص(

حيـث ظهـرت الباطنيـة .ال سيما الباطنية، خاصة بني أتباع املذهب السين واحلركات الشيعيةوهي عقيدة تقوم على أسـاس القـول باإلمـام املنتظـر ، اإلمساعيلية يف عهد اخلليفة املستظهر

وقد ساهم الغزايل يف مناهضـة .وقد قام هؤالء بقتل الوزير نظام امللك مث ابنه فخر امللك،املعصومكما متيزت هـذه الفتـرة .ذكر فيه فضائح الباطنية ؛"املستظهري"أمساه االباطنية وألف فيهم كتاب

،والذين وصفهم الغزايل بأم كانوا يصلون مع الناس ،بوجود أناس سيطرت على أذهام الزندقة )3( .وحفظ للمال والولد، ألن الصالة عادة أهل البلد

:لوضع الثقايفا-جوقد كان هلذا األمر أثره االجيايب ، الغزايل بظهور الفرق املختلفة رأشرنا سابقا إىل متيز عص

على املستوى الثقايف والعلمي وخاصة وأن هذه الفرق اعتمدت العلم وسيلة لنشر أفكارها وحتقيق

.133ص، تاريخ املذاهب اإلسالمية، حممد أبو زهرة )1( . 6-5ص ص ، )ت-د(، املكتبة الثقافية، بريوت، املنقذ من الضالل ، أبو حامد الغزايل )2( .62ص در نفسه،املص )3(

29

فة فقد ترتب علـى وضعف اخلال ،فعلى الرغم من التفكك الذي حلق بالعامل اإلسالمي.أهدافها وبينها وبني العلماء من السنيني من ناحية أخرى أثر ، اجلدل والنقاش الذي قام بني الفرق املختلفة

واليت جتلت يف اآلثار الفكريـة الـيت خلفهـا )1(،كبري يف النهضة العلمية اليت متيز ا هذا العصرى الرغم من حالة الفوضـى الـيت وعل. من إمساعيلية وصوفية وغريها ،وراءهم علماء هذه الفرق

رغم أن هدف العلماء مل ، فظهرت حركة علمية ،حلقت بالبالد إال أن احلياة العلمية حققت تقدماو من مث كانوا يقبلون على العلم الذي متيل احلكام،بل وسيلة للتقرب إىل ، يكن طلب العلم للعلم

ومؤلفات الغزايل شهيدة «اه و الشهرة و كان هدف العلماء من العلم هو اجل، إليه نفوس الرؤساءعلى ذلك،فكثري ما كنا نراه يشن الغارة على العلماء الذين يكثرون اجلدل، ويتظاهرون بـالغرية

وقد شهد ذلك العصر ظهور . )2( »!!على العلم و الدين و هم يف الواقع طالب جاه وطالب مالكوزير ا أكثـر مـن ،ء الدولة السلجوقيةاملدرسة النظامية نسبة إىل نظام امللك الذي محل أعبا

وكان من أعماله تأسيس تلك املدارس باملـدن الرئيسـية الكـربى يف العـراق ، عشرين سنة ، ومدرسـة بأصـبهان ، ومدرسـة ـراة ، ومدرسة ببلخ، حيث بىن مدرسة ببغداد«،وخراسان

وقد ذكر .)3( »املوصلومدرسة ب ، طربستان ، ومدرسة بآمل ، ومدرسة مبرو ، ومدرسة بالبصرة كما بىن الفـاطميون ، أنه أسس تلك املدارس لتأييد مذهب ألهل السنة ونصرة العقيدة األشعرية

وقد شهدت هذه املدارس إقباال كبريا .من قبله حبوايل مائة سنة اجلامع األزهر لتأييد مذهب الشيعة نفس من الطلبـة ةاإلفادة لثالمثائحيث ذكر الغزايل أنه ممنون بالتدريس و، من طرف الطلبة عليها

ألن االنتساب إىل تلك املدارس ، ومن هذه املدارس وشهرا أستمد الغزايل أمهيته وشهرته .ببغداد .ووظيفة التدريس فيها جمدا للعامل، كان يعد شرفا وفخرا للطالب واملتخرج

ا كانت عليه سابقا ومن هنا ميكن القول إن هذه الفترة كانت من الناحية العلمية أفضل ممنتيجـة ،كما متيز عصر الغزايل بنضج عملية البحث والتأليف عند املسلمني.رغم ضعفها السياسي

وكان للخلفاء العباسيني األثر الكبري يف النهضـة .حركة الترمجة اليت نشطت إبان الدولة العباسية وأمدوها مبـاهلم ، النواحي حيث إم شجعوا احلركة العلمية من كافة، العامية خالل هذا العصر

وكثريا مـا ألـف .وبنوا املدارس ، وجاههم وأكرموا العلماء واألدباء ومنحوهم ملناصب العالية

.393ص، 1996، 14ط، بريوت ، دار اجليل ، 3ج ، تاريخ اإلسالم، حسن إبراهيم حسن )1( .28ص، 1968، القاهرة، دار الكتاب العريب، األخالق عند الغزايل، زكي مبارك )2( .313ص,)ت-د(،4ط، دار إحياء الكتب العربية، 4ج، طبقات الشافعية الكربى ، السبكي )3(

30

وقدمـه "فضائح الباطنية"العلماء الكتب وقدموها للخلفاء كما فعل الغزايل عندما صنف كتاب . للخليفة املستظهري بناء على طلب األخري

:اته وأهـم مؤلفـاته العقدية واملنطقية الغـزايل حي: ثالثافانه ال ميكن فصل هذا التفكري ، إذا كان تفكري الغزايل قد تأثر بظروف عصره كما الحظنا سابقا

ومن هنا وجـب .أيضا عن ظروف حياته وخمتلف اجلوانب املتعلقة بشخصيته خاصة نشأته وتعلمهركهـا ال سـيما املرتبطـة مبوضـوع وأهم املؤلفات الـيت ت ، الوقوف على أهم حمطات حياته

.واملتمثلة يف املؤلفات العقدية واملنطقية،حبثنا :حياتـــــه -1م 1058هـ املوافق لـ 450ولد عام ،هو أبو حامد حممد بن حممد بن حممد بن أمحد الغزايل

إحدى مدن خراسان بفارس، يكىن بأيب حامد لولد له مات و هـو صـغري، شـهرته )1(بطوس، و قد اختلط اسم الغزايل بني التشديد و عدمه، فمنهم من يرجح التشديد كابن خلكـان الغزايل

ومنهم من يرجح عدم تشديد الزاي ألنه نسبه إىل غزالة وهي قرية من قرى طوس، و اخلطأ وقـع كانـت أسـرته . MONTGMRY. W.WATTنتيجة مهنة أبيه و هي غزل الصوف كما يرى

يف غزل الصوف و بيعه، و يبدو أن أباه مال إىل الصـوفية، و كـان فقرية احلال، كان أباه يعمل رجال زاهدا مييل إىل جمالس الوعظ، طلب من صديق له صويف أن يتكفل بالغزايل و أخاه عنـدما أشرف على الوفاة، وطلب منه االعتناء ما و تعليمهما غري أن فقر الوصي و عجزه عن االهتمام

تحاق بإحدى املدارس الدينية اليت كانت متد الوافدين عليها مبا يلزمهم ما دفعه إىل نصحهما بااللهـ بدأ 465يف عام .)2(من النفقة، ففعال ذلك و كان هو السبب يف سعادما و علو درجتيهما

، بعدها رحل إىل جرجان طلبا للعلم على يـد )3(الغزايل بدراسة الفقه على أمحد الرادكاين بطوسرغم أن الكثري من املؤرخني مل يذكروا ذلك و يرون أن دراسة الغزايل كانـت ،الشيخ اإلمساعيلي

األوىل على الرادكاين بطوس، و الثانية على اجلويين يف نيسابور، حيث رحـل يف : على مرحلتنيهـ إىل نيسابور يطلب العلم عند أيب املعايل عبد اللّه اجلويين زعيم فقهـاء مـذهب 473سنة

فدرس عليه ؛ور، وأحد منظري مذهب األشعري، و رئيس املدرسة النظامية فيهاالشافعية يف نيساب

.216ص، 1994، بريوت، دار صادر، 4ج، وفيات األعيان، س الدين ابن خلكانمش )1( . 194صمرجع سابق، ، 6ج، طبقات الشافعية الكربى، تاج الدين السبكي )2( .195وأيضا السبكي ص، 17ص، )ت.د(، دمشق، دار الفكر ، سرية الغزايل وأقوال املتقدمني فيه، عبد الكرمي العثمان)3(

31

خمتلف علوم عصره من فقه، وأصول أحكام ومبادئ يف الفلسفة، وعندما ظهرت بـوادر نبـوغ خترج يف دراسته للعلوم الشرعية ."حبر مغدق"الغزايل أظهر اجلويين اهتماما خاصا به وقال عنه أنه

مساعدا له يف التدريس، واستمر باحثا يف خمتلف العلوم لتظهر عليـه بـوادر على اجلويين وعمل وعندما تبلورت األفكار الصوفية عنده نتيجة مـا . عملية شك عام يف قيمة العلم من أجل املعرفة

بدأت مرحلة جديدة يف حياة الغزايل وهي مرحلة البحث عن احلقيقـة ،تلقاه من دروس التصوف ،هذه الوفاة اليت فتحت باب الشهرة أمـام الغـزايل ،هـ478اجلويين سنة اليت بدأت بعد وفاة

حيث كان نظام امللك وزير السلجوقيني و من حوله كثري من املربزين رفذهب إىل عسكر نيسابويف العلوم، هو الذي أسس املدارس النظامية املشهورة لتغليب العقيدة األشعرية، و قد كان نظـام

السـلجوقي، " ابن شقيق طغرلبـك " "الب أرسالن"ري وزيرا لألمري احلنفي امللك الشافعي األشعفكان يقصد من تأسيس املدارس النظامية تقوية املذهب الشافعي والعقيدة األشعرية، بتغليبها على املذاهب األخرى خاصة التيار اإلمامي و اإلمساعيلية، فكان الغزايل يف نظر نظام امللك الوسيلة اليت

و ال ،اسطتها أن جيعل هدفه حقيقة، و هي اكتساح الشافعيون كل املذاهب األخـرى يستطيع بو 484وقبل الغزايل عرض نظام امللك بالتدريس يف نظامية بغداد عـام . تبقى عقيدة إال األشعرية

و قلما تقلد هذا املنصب الرفيع عـامل وهـو يف هـذه ، هـ و هو يف الرابعة و الثالثني من عمرهفوجد ،هـ وصل الغزايل إىل بغداد يف أيام اخلليفة املقتدي بأمر اهللا العباسي 484م يف عا .السن

ملكانته أثناء تدريسه بالنظاميـة يف " إمام"استحق الغزايل لقب. الغزايل نصريا له يف مذهبه و عقيدتهـ ،بغداد، فكان يدرس ثالمثائة من الطالب يف الفقه و الكالم أو األصول ه ومل يقف تدريس طالب

مقاصـد "بالنظامية يف بغداد عائقا أمام حبثه، فدرس املذاهب الفلسفية املختلفة ووضـع كتابـه من خالله عن العقيدة، و ما حلق ا من طرف الفالسفة و امدافع" افت الفالسفة"مث " الفالسفة

قا على نفس و هو ما ترك أثرا عمي)1( ،)هـ485(أهل التعليم و الباطنية الذين اغتالوا نظام امللك و عندما جاء املستظهر باللّه طلب من الغزايل أن حيارب الباطنية يف أفكارهم فألف كتاب .الغزايل

خاصـة ،، وقد شعر الغزايل بعدها بأنه قد أصبح مهددا باخلطر"فضائح الباطنية"أو " املستظهري"إىل ترك اجلاه واملـال و هو ما دعاه . من طرف الباطنية فانتابه قلق انعكس على سلوكه فيما بعدفوصـل ؛لريحل إىل الشام. هـ488والشهرة و املكانة العلمية اليت بلغها واخلروج من بغداد عام

.82ص1977 ، 2ط، الكويت، وكالة املطبوعات، مؤلفات الغزايل، ان بدويعبد الرمح)1(

32

حـوايل هـ بعد أن قصد احلـج أوال مث عـاد إىل مسـقط رأسـه بطـوس 489دمشق عام م و دفن مبقربة الطابران بطوس و ظل قـربه 1111هـ 505لبث ا حىت تويف عام ،هـ493 .)1(امزار

أثارت مؤلفات الغزايل مناقشات لدى الذين أرخوا ): العقدية و املنطقية(مؤلفاتـــــه -2 ،ةاألربعمائأمهها كثرة هذه املؤلفات اليت يزيد عددها على ،حياته ودرسوا فكره ألسباب عديدة

. )2( وألن بعضا منها نسب خطأ إليه وبعضها استل من كتبه و بعضها نشر حتت عناوين خمتلفـة ةالكتاب الضخم الذي يقع يف حـوايل سـتمائ ،ومن أبرز الدراسات اليت تناولت مؤلفات الغزايل

مبناسبة املهرجان الذي أقـيم بدمشـق 1961عام " عبد الرمحان بدوي.د" صفحة و الذي أعدهكتبه اليت تطرق فيها غري أن الذي يعنينا هنا هو مؤلفاته املنطقية أو )3(.حتت عنوان مؤلفات الغزايل

، إىل جانب كتب العقائد وسنقتصر على ذكر الكتب اليت قطـع بصـحة نسـبتها إىل إىل املنطق . الغزايل

منها: كتب العقائد- 1" يف كتامـا نحنا الفاخوري وخليل اجلر فرييـا أما ،)هـ488(:االقتصاد يف االعتقاد -*

يف علم الكالم عرض فيه آراءه الكالمية، و آراء و هو ،)هـ489(أنه ألف عام " الفلسفة العربية ذات اهللا، صـفاته، مث أفعالـه، وإثبـات نبـوة : مذهب األشاعرة يف أهم املسائل الكالمية منها

بالعقل والسمع، انتقد فيه مذهب املعتزلة متهما إياهم بالتعطيل ومذهب احلشـوية ) ص(الرسوللتأويل فامهم بـاجلمود، ومـن هنـا وضـع الذين توقفوا عند ظاهر النصوص و امتنعوا عن ا

تعبريا منه عن االعتدال و الوسطية بني الذين مجدوا علـى التقليـد " االقتصاد يف االعتقاد"كتابحىت ابتعدوا عن الدين أو توإتباع ظاهر الشرع، بني املتفلسفني الذين تطرفوا يف اآلراء و التأويال

. تركوه ويتألف من ثالثة أبواب ،هـ حسب بويج 505-504 :مإجلام العوام عن علم الكال -*

.يف حقيقة مذهب السلف بالنسبة لصفات اهللا و أفعاله و ذاته: األول

وأيضا ابن .47-46ص ص 1998، القاهرة، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، الفيلسوف الغزايل، عبد األمري األعسم )1( .218ص،4خلكان ج

.163ص، 1986، مشقد، دار طالس للدراسات والترمجة والنشر، أبو حامد الغزايل، فريد جحا )2( .، مرجع سابقمؤلفات الغزايل ، عبد الرمحان بدوي )3(

33

.يف الربهان على أن احلق فيه مذهب أهل السلف :الثاين .يف فصول متفرقة من نفس الفن: الثالث

)هـ489 -488(ياء أوردها يف كتاب اإلح: الرسالة القدسية يف قواعد العقائد -* .من قواعد العقائد يف اإلحياء :عقيدة أهل السنة

هـ يرد فيه بتكليف من 488 :فضائح الباطنية و فضائل املستظهرية و يسمي باملستظهري -* )1(،و ادعاءات الفـاطميني وزعمهـم " جمموعة حيل الباطنية"اخلليفة املستظهر باهللا على ما أمساه

قصد إعطاء شرعية للخليفة " اإلمام املعصوم"النبوات ويرد على فكرة ويتحدث عن معتقدام يف فإين مل أزل مدة املقام مبدينة السـالم متشـوقا إىل أن «: وهو ما أكده الغزايل يف قوله ،ملستظهرا

اخدم املواقف املقدسة النبوية اإلمامية املستظهرية ضاعف اهللا جالهلا و مد على طبقـات اخللـف .)2(»ظالهلا

تظهر فيه حركة تفكري الغـزايل ورفضـه ـه497: فيصل التفرقة بني اإلسالم و الزندقة -* .فيبني أن خمالفة اإلمام األشعري ليست كفرا و كذلك من خالف غريه يف املذاهب ،التقليد املطلق

حسب ماسنيون هذا الكتاب ألفه الغزايل بالفارسية ولـه ) هـ 495-490(: السعادة ءكيميا .ة يتكلم فيه عن النفس و القلب و اللذة و السعادةعربي ترمجة

كما يروي صاحبا الفلسـفة ) هـ495-490(بني: املقصد األسين يف شرح أمساء اللّه احلسىن .العربية

).هـ489-488(و هو املذكور يف اجلزء األول من اإلحياء :قواعد العقائد -* .و علومه و أنواعهايتكلم فيه عن القرآن ) هـ498-495: (جواهر القرآن -*

ما كان يعتقد أنه وكما نالحظ أن مضمون هذه املؤلفات يغلب عليها املنهج اإلمياين للدفاع عن . متأثرا بذلك باملذهب األشعري اإلسالم الصحيح،

: كتب املنطـــق -2

.275ص1998، 2ط، بريوت، عويدات للنشر والطباعة، ترمجة نصري مروة، تاريخ الفلسفة اإلسالمية، هونري كوربان )1(ص ، 1964، القاهرة، للطباعة والنشرالدار القومية ، حتقيق وتقدمي عبد الرمحان بدوي، فضائح الباطنية، أبو حامد الغزايل )2(

.3-2ص

34

ألفـه سـنة ،كتبه الغزايل أثناء تلقيه العلم ويف طور التـدريس يف بغـداد :مقاصد الفالسفة -تعرض فيـه آلراء الفالسـفة يف املنطـق والطبيعـة ،حسب بروكلمن)م 1095 -هـ488(

وميكن اعتباره مقدمة لكتاب افت الفالسفة الذي قام فيه الغزايل بالرد على دعـاوي . امليثافيزيقاوإقباال كبريا سواء لدى االفالسفة من دون التعرض ملسائلهم املنطقية، وقد لقي هذا الكتاب انتشار

و هو كتاب كان لـه شـان «:ملسلمني أم لدى غريهم وهو ما عرب عنه هنري كوربان يف قولها )1( .»....عجيب يف الغرب

وجد الغزايل نفسه حمتاج إىل منهج عقلي و معيار فكري يدعم : معيـــار العـــــلم -ـ زل املنطـق عـن فيه األصول الفقهية و التفكري اإلمياين بعد أن تفهم املنطق يف املقاصد، فقام بع

فكتب كتاب مسـاه ،األحباث الفلسفية وأقره علما معياريا ممزوجا ببعض اخلصوصيات اإلسالميةعرض فيه آراء منطقية خمتلفة مع امليل إىل إيراد بعـض املصـطلحات و األمثلـة ،"معيار العلم"

بغرض منطقـي الة املنطقية ليسوقد صرح الغزايل يف عدة مناسبات بأنه كتب هذه املق.اإلسالميةومـن ملستخدم من طرفه يف كتاب التهافت، لكن يف جزء منه لشرح وتوضيح املصطلح احمض،

)2( .جهة أخرى صرح أنه ككتاب موجه لتكملته مبيزان العملهـ ظهرت فيه اآلراء املنطقية، لكن الغزايل طواها علـى 487سنة : حمـك النظــــر -

، رافقت أزمة الغزايل ىل مصطلحات و أمثلة أصولية متامامثلة إقالبا املصطلحات و األ ،آراء إسالميةووجد أن اعتناقا مزدوجا للفلسفة العقلية و الدين يؤدي ،الشكية أزمة معرفية شعر الغزايل بتناقض :فقدم كتاب إسالمي الشكل و املبىن واملعىن هو ،بالفرد إىل االضطراب املعريف و النفساين

هـ حسب عبـد 497هو حسب بروكلمن من أواخر كتبه ألف سنة و : القسطاس املستقيم -جعل الغزايل املنطق فيه مستمدا من منهج القرآن، ودليل آياته، حيث قام باستخراج .الرمحان بدوي

حيث يـرى أن ،القياس من القرآن مستخدما مصطلحات جديدة استمدها من العقيدة اإلسالميةويتميز هـذا .كما حتدث عن فكرة اإلمام املعصوم )3( آنأشكال القياس املعروفة هي موازين القر

.272 مرجع سابق ص، تاريخ الفلسفة اإلسالمية، هونري كوربان )1(

(2) maurice bouygues ,essai de chronologie des œuvres dalgazali edite et mis a jour par michel allard imprimerie catholique beyrouth 1959p86

.43ص، 1959، 1، قدم له فيكتور شلحت، املطبعة الكاثوليكية، بريوت، طالقسطاس املستقيم،الغزايلأبو حامد )3(

35

مدرسـة دحيث جاء يف شكل حوار أو مناقشة كانت موجهة بشكل مباشر ض ،الكتاب بأسلوبه )1( .خاصة للفكر اإلسالمي وهي اإلمساعيلية

،عمل فيه على مزج االجتهاد بـاملنطق ،)هـ503(وضعه سنة : املستصفى يف علم األصول -ؤه عقلية تستند على نسق قياسي واستداليل، و مهد هلذا الكتاب مبقدمة منطقية عرض ظهرت آرا

و شكل ذلك مدخال لعلم األصول الذي شرحه يف ،فيها قواعد املنطق و أبوابه قبل عرض األصولوليست هذه املقدمة من مجلة علم األصول وال من مقدماته «: ع العلوم قائاليبقية الكتاب بل جلم

وما يالحـظ )2(.»بل هي مقدمة العلوم كلها، و من ال حييط ا فال ثقة له بعلومه أصالاخلاصة، إىل موفّـق ، من نقل ملنطق أرسطو عرب ابن سينا ،على مؤلفات الغزايل هو التطور الذي طرأ عليها

إىل حماولة جعل املنطق علما إسالميا منهجا ومصـطلحا وطبعـه ،بني املنطق و العلوم اإلسالمية .مات العقلية العربية اإلسالمية بس

: أثر العقيدة اإلسالمية على توجهات الغزايل الفكرية :رابعاوكان الغزايل من يلسوف أو املفكر كما أشرنا سابقا، إذا كان للعقيدة أثرها الكبري على تفكري الف

ـ ،أبرز املدافعني عن العقيدة اإلسالمية ، المية عمومـا فما هو األثر الذي تركتـه العقيـدة اإلس واألشعرية خصوصا على توجهات الغزايل الفكرية؟

فدرس علم الكالم وطالع كتب املتقدمني يف ذلـك العلـم ،لقد حبث الغزايل عن احلقيقةـ «فكان حكمه على ذلك العلم، وصنف فيه ما أراد غـري واف ا مبقصـوده، فصادفته علما وافي

و وما هو مقصود الغزايل؟ إن مقصود علم الكالم هفما هو مقصود علم الكالم ؟ )3( .»مبقصوديفلقد ألقى اهللا سـبحانه إىل «وذب تشويش أهل البدعة عنها حفظ عقائد أهل السنة على أهلها،

يـه صـالح دينـهم عقيدة هي احلق على ما فان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، عباده على لسأمورا ، فيأيت الشيطان فيلقي يف وساوس املبتدعة، )4( »كما نطق مبعرفة القران واألخبارودنياهم،

الف السنة تؤدي إىل تشويش عقيدة احلق على أهلها فأوجد اهللا طائفة املتكلمني لنصرة السـنة ختومن هنا أراد طريقة لنفسه خمالفة ، غري أن الغزايل أعترب علم الكالم غري كاف .والدفاع عن العقيدة

(1 ) Richard McCarty the just balance library of classical Arabic literature by twayne publishers 1980.p6.

.10ص، مرجع سابق، املستصفى يف علم األصول، أبو حامد الغزايل )2( .14ص، مصدر سابق ، املنقذ من الضاللأبو حامد الغزايل، )3( .14ص املصدر نفسه، )4(

36

واضـطرهم مقدمات تسلموها من خصومهم، ىاعتمدوا يف ذلك عل «ملا أرادها املتكلمون الذين ومن هنا يرى )1( . »إما التقليد أو إمجاع األمة أو جمرد القبول من القران واألخبار، إىل تسليمها

الغزايل إن اهتمامهم كان منصبا على استخراج مناقضات اخلصوم ومؤاخذم بلوازم مسـلمام وهو ما جعل الغزايل )2( .»ال يسلم سوى الضروريات شيئا أصال وهذا قليل النفع يف جنب من«

وال لدائي الذي كنت أشـكوه ,مل يكن الكالم يف حقي كافيا « :علم الكالم قائال ينصرف عن وخاضـوا يف ، لقد أجته علماء الكالم مع مرور الوقت إىل البحث عن حقائق األمور.)3( » شافيا

عدين عن اهلدف الذي وجد ألجله علم الكالم وهو الدفاع عن مبت ،البحث عن اجلواهر واألعراضمن خالل ختليه عن ،وهوما يكشف عن األثر الذي تركته العقيدة اإلسالمية يف فكر الغزايل.السنة

وقـد .الدفاع عن السـنة متمثلة يف عدم قدرة هذا العلم عن ،طريقة علم الكالم ألسباب عقديةبعد الفـراغ مـن علـم «فكرية مغايرة حنو دراسة الفلسفة تسبب ذلك يف توجه الغزايل وجهة

أحدا من علماء اإلسالم صرفت عنايتـه «فرجع الغزايل إىل علماء اإلسالم فلم جيد )4( ،»الكالموتوصـل إىل أن ،وقد أطلع الغزايل على علوم الفالسفة يف أقل من سـنتني )5( .»ومهته إىل ذلك

ن إو، وهم على كثرة أصنافهم يلزمهم صفة الكفر واإلحلـاد «وعلومهم أقساما، الفالسفة أصنافتفاوت عظيم يف البعد عن احلـق ، وبني األواخر منهم واألوائل، كان بني القدماء منهم واألقدمني

، وهم طائفة جحدت اهللا وأنكرت وجـوده ، أما الصنف األول فهم الدهريون )6( .»والقرب منه .زعمون أن العامل وجد بنفسهفليس للعامل عندها من صانع مدبر، وي

ولكن ،واعترفوا بوجوده ،ورأوا اهللا يف آياته ،الصنف الثاين الطبيعيون الذين طال حبثهم يف الطبيعةفجحدوا اآلخرة وأنكروا ، ذهبوا إىل أن النفس متوت وال تعود... هؤالء لكثرة حبثهم يف الطبيعة «

وال للمعصية عقاب ، فلم يبق عندهم للطاعة ثوابواحلشر والنشر والقيامة واحلساب ، اجلنة والنار

. 15ص، مصدر سابق ، املنقذ من الضاللأبو حامد الغزايل، )1( .15صاملصدر نفسه، )2( .املصدر نفسه، الصفحة نفسها )3( .16صاملصدر نفسه، )4( .17صاملصدر نفسه، )5( .حة نفسهافصالاملصدر نفسه، )6(

37

وهؤالء جحـدوا اليـوم .ن هو اإلميان باهللا واليوم اآلخرألن أصل اإلميا:وهؤالء أيضا زنادقة ... . )1(. »وان امنوا باهللا وصفاته، األخر

أسـتاذ أرسـطوطاليس «ويقدم الغزايل مـثال بسـقراط وأفالطـون :الصنف الثالث اإلهليون فوجب تكفريهم وتكفري متبعـيهم مـن املتفلسـفة ...اليس هو الذي رتب هلم املنطق وأرسطوط

)2( .»اإلسالميني كابن سينا والفارايب وغريمهاأنتقل إىل تقسيم علومهم فوجدها أقساما ،وبعد إن قسم الغزايل الفالسفة إىل ثالثة أقسام

.وخلقية، وسياسية، وإهلية، وطبيعية، ومنطقية، رياضية:ستة وليس متعلق شيء منها بـاألمور ، فتتعلق باحلساب واهلندسة وعلم هيأة العامل «أما العلوم الرياضيةونفس )3( ،»بل هي أمور برهانيه ال سبيل إىل جماحدا بعد فهمها ومعرفتها ،الدينية نفيا أو إثباتا

بـل هـو ، دين نفيا وإثباتاال يتعلق شيء منها بال «احلكم يصدره الغزايل على العلوم املنطقية اليت وشـروط احلـد ، النظر يف طريقة األدلة و املقاييس وشروط مقدمات الربهان وكيفية تركيبـها

تصـديق وسـبيل معرفتـه وإما، تصور وسبيل معرفته احلد ماإإن العلم .الصحيح وكيفية ترتيبهد عالقة بني وظيفة علم ومن هنا ينفي الغزايل وجو )4( .»وليس يف هذا ما ينبغي أن ينكرالربهان،

إذا أنكر مل حيصـل «بل على العكس من ذلك ، املنطق والدين اإلسالمي تدفع إىل رفضه وإنكارههـذه النظـرة إىل )5( .» بل يف دينه، من إنكاره عند أهل املنطق إال سوء االعتقاد يف عقل املنكر

وجهة منطقية حنـو تـبين املنطـق العلوم املنطقية هي اليت دفعته إىل قبول املنطق وتوجيه تفكريهـ ، وتوظيفه يف خمتلف العلوم الشرعية اد هـذه من منطلق عدم تعارضه مع العقيدة اإلسالمية وفس

حبث عن عامل السماوات هو «أما القسم الثالث وهو الطبيعيات الذي .األخرية عند إنكار املنطقومن األجسام املركبة كاحليوان والتراب، املفردة كاملاء واهلواء وما حتتها من األجساموكواكبها،

مث بني حكمه )6( ،»وذلك يضاهي حبث الطبيب عن جسم اإلنسان وأعضائه...والنبات واملعادن

.20-19ص، مصدر سابق ، املنقذ من الضاللأبو حامد الغزايل، )1( .21-20صاملصدر نفسه، )2( .23صاملصدر نفسه، )3( .26صاملصدر نفسه، )4( .فحة نفسهاصالاملصدر نفسه، )5( .27صاملصدر نفسه، )6(

38

وبالتايل فهو أيضا ال ، على أساس أن الدين ال ينكر علم الطب ،يف هذا العلم الذي كان كسابقيه، الزجـر ، أحكام النجوم«كتابه افت الفالسفة ينكر هذا العلم إال يف مسائل معينة أشار إليها يف

أما القسم الرابـع وهـو اإلهليـات . )1( »ءالكيميا، احليل، الطلسمات، التعبري، الفراسةالكهانة، جيـب «وقد أرجع الغزايل ما غلطوا فيه إىل عشرين أصـال .)2( »أكثر أغاليطهم «فيشتمل على

أما املسائل الثالث الواجب تكفريهم فيهـا )3( »شروتبديعهم يف سبعة ع، تكفريهم يف ثالثة منهاوالعقوبات روحانية ، وإمنا املثاب واملعاقب هي األرواح اردة، قوهلم أن األجساد الحتشر «فهي

أن اهللا تعاىل يعلـم «أما الثانية فهي . أا روحانية حسب الغزايل أيضايف حني )4(،»ال جسمانيةمث .)6( »هي قوهلم بقدم العامل وأزليته «والثالثة .)5( »يضاكفر صريحالكليات دون اجلزئيات وهذا أ

وبالتـايل فـرفض .مل يذهب إىل شيء من هذه املسائل مث يعلن أخريا بأن أحدا من املسلمني.)6(العلوم مع قضايا دينيـة همن منطلق عقدي على أساس تعارض هذ االغزايل للعلوم اإلهلية جاء أيضأما العلوم السياسية فجميع كالمهم فيها .أمجع عليها كافة املسلمني متس جوهر العقيدة اإلسالمية

وأخـريا العلـوم .اليت تتعلق باألمور الدنيوية السلطانية، الغزايل يرجع إىل احلكم املصلحية بحسوذكـر أجناسـها .قهـا مجيع كالمهم فيها يرجع إىل حصر صفات النفس وأخال «اخللقية اليت

)7(..» تها وجماهداوكيفية معاجل، وأنواعهاومن هنا يتبني لنا أن الغزايل مل جيد يف الفلسفة اليت تعتمد على العقـل الطريـق األمثـل

األمر الذي دفعه إىل التوجه توجها جديدا حنو البحث عن احلقيقة يف مذهب ،للوصول إىل احلقيقة اخللق حتديهم ملعرفة وشاع بنيكانت قد نبغت نابغة التعليمية، « ثحي ،آخر وهو مذهب التعليم

وقد زعمت التعليمية أنه ال بدأن يوجد يف )8(.» معىن األمور من جهة اإلمام املعصوم القائم باحلق، فيكون لديه حل لكل مشكلة، يف كل زمان إمام معصوم يرجع إليه يف كل ما يتعلق بأمور الدين

.121ص، )ت-د(، 3رق، بريوت، ط، تقدمي ماجد فخري ، دار املشافت الفالسفة، أبو حامد الغزايل )1( .27ص، ، مصدر سابق املنقذ من الضاللأبو حامد الغزايل، )2( .27ص املصدر نفسه، )3( .28صاملصدر نفسه، )4( .املصدر نفسه، الصفحة نفسها )5( .املصدر نفسه، الصفحة نفسها )6( .29املصدر نفسه، ص )7( .34املصدر نفسه، ص )8(

39

ومن هنا اتفقوا على إبطـال .على مجيع ما يف الشرائع من أسراروهو مطلع ، والصواب ما يفيت بهوقد ألف الغزايل كتاب املستظهري يف الرد عليهم تلبية .الرأي ودعوا إىل التعليم من اإلمام املعصوم

فأخذ الغزايل ، ورغبة يف دراسة ذلك املذهب من أجل كشف احلقيقة، باهللا رلطلب اخلليفة املستظهوبعدها أظهر فسادها وقدم ، وشبهام وترتيب حججهم، يف طلب كتب التعليمية ومجع مقاالم

)1( »وال طائل لكالمهم ، اصل عند هؤالءواحلاصل أنه حل « :رأيه يف هذا املذهب من خالل قوله

وأال بـد ، بل الصواب االعتراف باحلاجة إىل معلم «: ويف قضية املعلم املعصوم رد الغزايل بقولهوبالتايل فـالغزايل )2( .»هو حممد عليه السالم ولكن معلمنا املعصوم، وأن يكون املعلم معصوما

غري أن هذا املعلـم املعصـوم هـو ، معلم واىل أن يكون معصوما إىليشاطرهم يف فكرة احلاجة ).ص(الرسول

،وابتعاده عن طريقة مذهب التعليمية، وهنا يتجلى أثر العقيدة اإلسالمية يف توجه الغزايل الفكريإضـافة إىل أن ،خري معلـم يقتـدى به )ص(مية أقرت بأن الرسول على أساس أن العقيدة اإلسال

)3( .»قواعد العقائد يشتمل عليها الكتاب والسنة«دفعه إىل التوجه إىل التصوف وهو ما عـرب عنـه ، إن عدم اقتناع الغزايل بطريقة التعليمية

فأقبل علـى هـذه )4( »مث إين ملا فرغت من هذه العلوم أقبلت مهيت على طريق الصوفية « :بقولهقطع عقبات الـنفس والـترته عـن « :موضحا هذه الطريقة بقوله ،الطريقة اليت تتم بعلم وعمل

وحتليتـه ، حىت يتوصل ا إىل ختلية القلب عن غري اهللا تعـاىل ، وصفاا اخلبيثة، أخالقها املذمومة، ف من الناحية العلميـة وتعرف على طريقة التصو، مث طالع كتب املتصوفة )5( .»بذكر اهللا تعاىل

بل بالدوق موضحا ذلك ،غري أنه الحظ أن هناك الكثري من األشياء ال ميكن الوصول إليها بالتعلموبني أن يكون ، كم من الفرق بني أن يعلم حد الصحة وحد الشبع وأسباما وشروطهما «بأمثلة

سبابه وبني أن يكـون فكذلك فرق بني أن تعرف حقيقة الزهد وشروطه وأ...صحيحا وشبعانا

.36، ص ، مصدر سابق املنقذ من الضاللالغزايل، أبو حامد )1( . 36ص املصدر نفسه، )2( . 38ص املصدر نفسه، )3( . 43ص املصدر نفسه، )4( . 43ص املصدر نفسه، )5(

40

ا هم أرباب ومن هنا يصل الغزايل إىل أن الصوفية إمن.)1( »حالك الزهد وعزوف النفس عن الدنيا إن السبيل إىل ذلك فكيف السبيل إىل معرفة التصوف كعمل وسلوك ؟ .أحوال ال أصحاب أقوال

ر اخللود واإلقبال بكنه اهلمة واإلنابة إىل دا، بالتجايف عن دار الغرور «هو قطع عالقته بالدنيا وهذااحلياة واهلروب مـن ولكي يتحقق ذلك يتحتم عليه أن يعرض عن املال وعن )2( ،»على اهللا تعاىل فكان ال ينساغ يل «فزهد يف الطعام والشراب ، فصمم الغزايل على القيام بذلك ،مجيع ما يشغله

يف العزلة واخللوة لذكر «ا سنتني قضامه وسافر إىل الشام وأقام ا)3( .»ثريد وال ينهضم يل لقمة ومنها إىل احلجاز ، مث رحل إىل بيت املقدس )4( ،»كما كنت حصلته من علم الصوفية ، اهللا تعاىل

وزيـارة رسـول اهللا ، حتركت يف داعية فريضة احلج واالستمداد من بركات مكة واملدينة «حنيمدة عشر سنني لتنكشف له يف اية املطـاف وقد استمر على هذه احلالة.)5( »تعاىل عليه السالم

خاصـة وأن سـريم ، الصوفية هم السالكون لطريق اهللا تعاىل «حيث تبني له أن ، أمورا عديدةمجيع حركام وسكنام ...وأخالقهم أزكى األخالق ، وطريقتهم أصوب الطرق، أحسن السري

راء نور النبوة على وجه األرض نـور وليس و، يف ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوةوهو ما يكشف عن أثر العقيدة اإلسالمية يف توجه الغزايل حنو التصوف باعتبـار .)6( »يستضاء به

.)ص(من الرسول مأخوذا يقومون به وألن مجيع م، املتصوفة يتبعون طريق اهللا تعاىلل الوصول إىل احلقيقة ليتبني لـه ومن هنا نصل إىل أن الغزايل سلك العديد من الطرق من أج

ى الطرق لبلـوغ احلقيقـة أخريا أن طريقة الصوفية املتمثلة يف الذوق أو الكشف هي أفضل وأمسمن الضالل الذي ميثل آخر مراحل تفكريه يفضـل املنقذلكن إذا كان الغزايل يف كتابه .والسعادة

االقتصـاد يف االعتقـاد يسـعى إىل فإننا جنده يف كتبه السابقة خاصة كتاب ،الذوق على العقلففي هذا الكتاب يصرح الغزايل بأنـه أشـعري .وهو منهج األشعري ،ني النص والعقلاملزاوجة ب

وأن مذهب األشعري هو املمثل ملذهب أهل السنة واجلماعة الذي يقوم على التوسط بني ، املعتقد

. 45-44 ص ص، ، مصدر سابق املنقذ من الضاللأبو حامد الغزايل، )1( . 45، ص املصدر نفسه )2( .47صاملصدر نفسه، )3( .49صر نفسه، املصد )4( .49صاملصدر نفسه، )5( .50-49ص صاملصدر نفسه، )6(

41

واليت ،راسته ملختلف املسائل العقديةوقد أعتمد الغزايل على هذا املنهج يف د)النص(العقل والنقل وألن .ألن اال ال يتسع لذكرها مجيعـا سنكتفي بذكر أهم املسائل ذات الصلة مبوضوع البحث

اهلدف من ذكرها يتمثل يف الكشف عن أثر العقيدة األشعرية على تفكري الغزايل ومن مت التعـرف .على عقيدة الغزايل

حيث قدم الغزايل براهني عدة على وجود اهللا شرعية ،هللاوأول هذه املسائل يتعلق بوجود ا .وعقلية

و هي مستمدة من كتاب اهللا وتتمثل يف اآليات القرآنية الـيت تثبـت : الرباهيـن الشرعـية -أأمل تروا كيف خلق اهللا سبع مساوات طباقا، وجعل القمـر فـيهن «:وجود إله خالق كقوله تعاىل

، )1(هللا أنبتكم من األرض نباتا، مث يعيدكم فيها وخيرجكم إخراجانورا و جعل الشمس سراجا، واإن التأمل يف مضمون هـذه )2(.»أم حنن اخلالقون ،ختلقونه أأنتمأفرأيتم ما متنون «: وقوله أيضا

،اآليات يكشف عن وجود صانع مدبر مبدع هلذا العامل، و عن عجائب خلقه الدالة على قدرتـه فى على من معه أدىن مسكة من عقل إذا تأمل بأدىن فكره مضمون هـذه ليس خي«:يقول الغزايل

،اآليات و أدار نظره على عجائب خلق اهللا يف األرض و السماوات و بدائع فطرة احليوان والنباتال يستغين عن صانع يدبره و فاعل حيكمه و يقدره، بـل ،أن هذا األمر العجيب و الترتيب احملكم

وهذا التدبري )3( .»د بكوا مقهورة حتت تسخريه و مصرفة مبقتضى تدبريهتكاد فطرة النفوس تشهفهذا التدبري وهذا التصـريف ،ال ميكن أن يكون مصدره املادة امليتة اليت ال شعور فيها وال إدراك

وهذا التسخري ال يصدر إال عن عامل واسع العلم حكيم بالغ احلكمة قدير تام القـدرة وهـو اهللا )4( .تعاىل

إذا كان يف فطرة اإلنسان و شواهد القرآن ما يغين عن إقامة الـدليل : البـراهني العقـلية -ب :فإن الغزايل مع ذلك يقدم براهني عقلية تثبت وجود اهللا و أول هذه الرباهني ،على وجود اهللا

.16-15االية، سورة نوح )1( .59-58سورة الواقعة، اآلية )2( .95ص، )ت-د(، املكتبة القيمة للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة ، إحياء علوم الدين ، أبو حامد الغزايل )3( .32ص ،1964، 1 ط، مصر، دار املعارف، ميزان العمل، أبو حامد الغزايل )4(

42

أن احلادث ال يستغين يف حدوثـه وهو ،الذي يرتكز على قانون السببية: دليـل احلـدوث -1ومن مت استخدم الغزايل )1(.سبب حيدثه، والعامل حادث، فإذن ال يستغين يف حدوثه عن سببعن

إثبات حدوث العامل كدليل إلثبات أن العامل خملوق وله خالق، فإذا ثبت أن األجسام احملدثة وكل ظر فكان الطريق إىل إثبات وجود اهللا تعاىل هو الن ،حمدث فله حمدث، فاألجسام مفتقرة إىل حمدث

واحلادث ال يستغين عن حمدث فقد حصل لك الربهـان علـى إذا عرفت أنك حادث،«يف أفعالهاإلميان باهللا وما قرب إىل العقل من هاتني املعرفتني أعين أنك حـادث وأن احلـادث ال حيـدث

)2( .»بنفسهأن يرى الغزايل أن العامل جائز، و اجلائز حمـدث خملـوق، و : دليـل اجلـواز و اإلمكـان -2

هلذا العامل موجـدا، واجـب أي فاعل فيستدل على أن ،بديهية العقل تقتضي أن يكون له حمدثومن هنا ال بد من واجب الوجود ملسايرة هذا العامل ممكن الوجود، إن العامل جبميع ما فيه .الوجود

جتاه جائز وممكن أن يكون على مقابل ما هو عليه من حيث احلجم والشكل أو عدد األجسام أو ااحلركة إىل غري ذلك، إذا ال بد لكل حادث من حمدث أحدثه، وهذا احملدث هو اهللا تعاىل خـالق

)3( .هذا العامل بكل ما فيه من حوادثيستدل الغزايل على وجود هللا باالستناد إىل فكرة الغائية الذي يستبعد فكرة : دليـل الغـائية - 3

والغائية والقول ذا املبدأ يؤدي بالضـرورة إىل التسـليم املصادفة، إن هذا العامل يدل على العنايةويسند هذا الدليل ملا نراه يف هذا العامل من تناسق و انسجام، ومن تدبري حمكم، .بوجود اهللا تعاىل

فهذا العامل املادي ال بد ،وعناية تامة بكل صغرية وكبرية، وترابط بني أجزاء العامل وأجزاء وحداتهوقا حمدثا، وهو مند أن خلق خيضع لقوانني وسنن كونية حمددة ليس املصادفة فيها من أن يكون خمل

، وذلك ألن األفعال املتقنة تدل على علم فاعلها، ومن تفكر يف بدائع اآليات السـماوية )4(مكانونفـوذ مشـيئته استدل على قدرة هذا اخلالق و على جالله وقدرته وعلمه ،واألرضية ويف نفسه

.95ص، مرجع سابق، إحياء علوم الدين ،أبو حامد الغزايل )1(للطباعة والنشر دار الفكر، ضمن جمموعة رسائل اإلمام الغزايل، املضنون الكبري به على غري أهله، أبو حامد الغزايل )2(

.344، ص2000، بريوت، والتوزيع .96ص2005 ،1ط، القاهرة، مكتبة الثقافة الدينية، أثر اجلويين على الفلسفة اإلهلية عند الغزايل، درباب عبده سليمان أمح)3( .39ص، مرجع سابق، ميزان العمل، أبو حامد الغزايل )4(

43

ومعادلـة بعـض املنظم بوالترتيإن تأمل اإلنسان هذا النظام احملكم .)1(ته يف بريتهوإتقان حكمالقوى لبعض، ويف خلقت اليد للبطش، واللسان للكالم واحلدقة للرؤية علم أن ذلك دال على أن

)2(.الصنع العجيب واألمر الغريب مدبرا دبره وعليما أتقنه هو اهللا تعاىل هلذاباعتبـار ،الذي يعترب من أهم املسائل العقديـة :ية فتتعلق بالتوحيـــدأما املسألة الثان

و هي القضية األساسية اليت جاءته ا األديان السماوية ،الوحدانية من الصفات اجلوهرية املميزة هللاو أنه اخلالق لكل شـيء، ،وقد دعا الدين اإلسالمي إىل اإلقرار بوجوده تعاىل)3(.و أكدت عليها

كما احتل هذا املبـدأ )4(د ال شريك له، املالك لكل خملوق املوجد لكل شيء من العدموأنه واححمور االهتمام لدى املتكلمني و الفرق الكالمية حيث جعلته املعتزلة األصل األول مـن أصـوهلا

ومادام الغزايل )5(اخلمسة، كما أن أهل السنة واجلماعة أمجعوا على أن صانع وخالق العامل واحد، العتقـاد ايف االقتصادأشهر ممثلي أهل السنة واجلماعة األشعرية،فقد اهتم ذا املبدأ يف كتابه من

و أما األقطـاب املقصـودة «:، أوهلا النظر يف ذات اهللا حيث يقولحيث حتدث عن أربعة أقطابمن حيث أنـه فأربعة ومجلتها مقصودة على النظر يف اهللا تعاىل فإننا إذا نظرنا يف العامل مل ننظر فيه

فال نظر إال يف اهللا وال مطلوب سوى اهللا ...وجسم وأرض بل من حيث أنه صنع اهللا سبحانه عامل ومجيع أطراف هذا العلم حيصرها النظر يف ذات اهللا تعاىل و يف صفاته سبحانه و يف أفعاله عز وجل

قام الغـزايل بتفسـري لقد .)6(»ىلاو ما جاءنا على لسانه من تعريف اهللا تع) ص(ويف رسول اهللا سورة اإلخالص اليت تعدل ثلثا القرآن و اليت تشتمل على واحد مـن ثالثـة و هـو معرفـة اهللا

الصمد أي الغين احملتاج إليه غـريه، " اهللا الصمد"فاهللا تعاىل إله واحد فرد )7(،وتوحيده وتقديسهشريك يف ملكـه ملـا كـان ، إحدى الذات وواحد ألنه لو كان له وهذا دليل على أن اهللا تعاىل

، دار الفكرللطباعة والنشر والتوزيع، ضمن جمموعة رسائل اإلمام الغزايل، احلكمة يف خملوقات اهللا، أبو حامد الغزايل )1(

.46ص، 2000، بريوت، بريوت، للطباعة والنشر والتوزيع دار الفكر، ضمن جمموعة رسائل اإلمام الغزايل ،معراج السالكني، أبو حامد الغزايل)2(

.55ص، 2000 . 109ص ، املرجع السابق، رباب عبده سليمان أمحد)3( .98ص، )ت-د(لنشر والتوزيع، القاهرة، ، دار الثقافة لعلم الكالم وبعض مشكالته، أبو الوفاء التفتزاين )4( . 333ص.1995، بريوت، املكتبة العصرية، الفرق بني الفرق، عبد القادر البغدادي )5( .85ص، مصدر سابق، االقتصاد يف االعتقاد، أبو حامد الغزايل )6( .78ص، 1990، 3، دار إحياء العلوم، بريوت، طجواهر القران، أبو حامد الغزايل)7(

44

صمدا، غنيا، حيتاج إليه غريه، بل كان هو أيضا حيتاج إىل شريكه يف املشاركة والتثنية، ولو كـان .ء تركيبه وحـده اله أجزاء تركيب ملا كان صمدا حيتاج إليه غريه، بل هو حمتاج يف قوامه إىل أجز

د إال اهللا، و أن كل شيء هالـك إال ليس يف الوجو«:ويف توضيح ملعىن الوحدانية يقول الغزايل )1(وجهه، ألنه يصري هالكا يف وقت من األوقات، بل هو هالك أزال و أبدا، إذ ال يتصور إال كذلك،

إن قولك ال إلـه «:كما اهتم الغزايل بإثبات وحدانية اهللا حيث يقول )2( .»...فإن كل شيء سواه الذات والربية حقيقي يف حق اهللا عز وجل إذ إال اهللا يشعر بالتوحيد احلقيقي، ومعىن الوحدانية يف

ال شريك له وال أحد معه يف فعله أصال كما ال شريك للقلم مع الكاتب يف استحقاق احملمدة عند و إلثبات وحدانية اهللا قدم الغـزايل ، )3(»حسن اخلط فهو تبارك وتعاىل املستوجب احلمد وحده

:العديد من األدلة العقلية منهافالواحد عند الغزايل ،فرق الغزايل بني الواحد واألحد: لعامل واحـد غيـر متكثــرخالق ا -أ

هو الذي ميتنع مفهومه عن وقوع الشركة فيه، و األحد هو الذي ال تركيب فيه و ال جزء له بوجه أي هو الذي ال يتجزأ و ال يتثىن و بذلك فالواحد هو نفي للشرك واملثل واألحد نفي ، من الوجوه

ألنه ال جيوز أن يكون شيئان كل واحـد ،وبالتايل فموجد العامل واحد غري متعدد ،ثرة يف ذاتهالككما ال يكون للبدن الواحد إال نفس واحدة فال يكون للعامل إال رب واحد . منهما واجب الوجود .ق به الكل، تعلق الوجود والبقاءهو مبدع الكل و يتعل

لو كان «:هو مستمد من اآليات القرآنية مثل قوله تعاىل و :دليـل التمـانع أو التغـالب -بإنه لو كان اثنني و أراد أحدمها أمرا، فالثاين إن كان «:يقول الغزايل )4( .»فيهما آهلة إال اهللا لفسدتا

كان مضطرا إىل مساعدته كان هذا الثاين مقهورا عاجزا ومل يكن إهلا قادرا، وإن كان قادرا على ومن مت ال )5( .»الثاين قويا قاهرا، و األول ضعيفا قاصرا ومل يكن إهلا قادرا خمالفته و مدافعته كان

.339ص، مرجع سابق، املضنون الكبري به على غري أهله،حامد الغزايلأبو )1(، بريوت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ضمن جمموعة رسائل اإلمام الغزايل ، مشكاة األنوار، بو حامد الغزايلأ )2(

. 276ص، 2000 . 339ص، مرجع سابق، املضنون الكبري به على غري أهله، أبو حامد الغزايل)3( .22االية، سورة األنبياء)4( .97ص، مصدر سابق، إحياء علوم الدين ،أبو حامد الغزايل )5(

45

ال بد من االعتراف بوجود إله واحد ال شريك له خلق العامل بإرادته وحكمته ولوكان مع اهللا آهلة )1(.»فإن اجتماع املدبرين سبب إفساد التدبري«أخرى حلدث الفساد و اختل النظام

اليت تعترب مـن أقـدم ):العقل و النقل(ة فتخص التحـسيـن و التقبيـح أما املسألة الثالثتعرض هلا علماء الكالم و الفالسفة، وميكن حصر وجهـات ،املسائل يف تاريخ الفكر اإلسالمي

يقرر أصحابه أن العقل يتقدم الشـرع : اجتـاه أول: نظر علماء الكالم يف ثالثة اجتاهات رئيسيةفريى أصحابه تقرير سلطة الشرع وحدها و ال جيعلـون : االجتـاه الثـاين وهو اجتاه املعتزلة أما

للعقل مدخال فيما جاء به الشرع و ميثل هذا االجتاه احلشوية والظاهرية الذين يتمسكون حبرفيـة ،ويف مقابل االجتاهني السابقني تأيت األشعرية مبوقفها الوسطي )2( .النص دون تأويل وإعمال للفكر

لكنهم مع ذلك جعلـوا للعقـل ،جعلت الشرع متقدما على العقلفطريقا وسطا حيث اختذت .وما يهمنا هو موقف الغزايل من هذه املشكلة؟ )3(.مدخال يف فهم الشرع

حدد الغزايل خمتلف وجهات النظر من هذه املسألة وحصرها يف مخس مواقـف ،قبل حتديد موقفهم يف أول النظر وظاهر الفكر واخلائضـون فيـه بني املعقول واملنقول تصاد«:أو فرق حيث يقول

حتزبوا إىل فرط جتريد النظر إىل املنقول، وإىل مفرط جتريد النظر إىل املعقول، و إىل متوسط طمـع واملتوسطون انقسموا إىل من جعل املعقول أصال، واملنقول تابعا، فلـم تشـتد ،يف اجلمع والتلفيق

قول أصال واملعقول تابعا، فلم تشتد عنايتهم بالبحث عنه، عنايتهم بالبحث عنه، وإىل من جعل املنومـن .)4(»وإىل من جعل كل واحد أصال وسعى يف التأليف والتوفيق بينهما فهم إذن مخس فرق

خالل هذا النص يتضح لنا أن الغزايل اختذ موقفا نقديا معارضا لكل من طريقة الظاهريـة الـيت وكذلك طريقـة ،إمعان النظر واليت أوقعتها يف التشبيهبالغت يف اهتمامها بظاهر النصوص دون

،املعتزلة الذين أفرطوا يف استعمال العقل وهو ما أوقعهم يف معارضة النصوص القطعيـة الصـرحية ويندرج ،وهو ما دفعه إىل اختاذ موقفا وسطيا جيمع بني املعقول و املنقول وجيعل كل منهما أصال

هي الفرقة املتوسطة اجلامعة بني البحـث «:اليت يعرفها الغزايل بقولههذا املوقف ضمن الفرقة احملقة

الغزايل، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، اإلمام، ضمن جمموعة رسائل إجلام العوام عن علم الكالم، أبو حامد الغزايل)1(

.314ص، 2000بريوت، . 173ص، 1990، 1، دار الفكر اللبناين، طيةتاريخ الفلسفة العرب، كامل محود )2( . 154ص، وأيضا التفتزاين علم الكالم وبعض مشكالته. 174صنفسه، رجعامل )3( .15ص ،1993، 1ط، قرأه وعلق عليه حممود بيجو، قانون التأويل، أبو حامد الغزايل )4(

46

عن املعقول واملنقول اجلاعلة كل واحد منهما أصال مهما، املنكرة لتعارض العقل والشرع وكونـه حقا، ومن كذب العقل فقد كذب الشرع، إذ بالعقل عرف صدق الشرع ولو ال صـدق دليـل

و املتنيب والصادق والكاذب، وكيف يكذب العقل بالشرع، ومـا العقل ملا عرفنا الفرق بني النيببل هنـاك ،وبذلك أنكر الغزايل وجود أي تعارض بني العقل والنقل )1( .»ثبت الشرع إال بالعقل

على أساس أن كل منهما يف حاجة لآلخـر و ال ميكنـه االسـتغناء عنـه ،عالقة تكامل بينهماآن مثاله املتعرض لنور الشمس مغمضا لألجفان فال فرق بينه فاملعرض عن العقل مكتفيا بنور القر«

و بني العميان، فالعقل مع الشرع نور على نور، واملالحظ بالعني العور ألحدمها على اخلصـوص فالعقـل كالسـراج و الشـرع «كل ذلك يؤكد العالقة التكاملية بينهما )2(.»متدل حببل غرور

)3(.»حيصل السراج، وما مل يكن سراج مل يضيء الزيت فما مل يكن زيت مل ،كالزيت الذي ميدهحيث كان مبدأ السببية من املقدمات األوليـة يف الفلسـفة : وتتمثل املسألة الرابعة يف السببية

و من مت اعتربوا االقتران الذي نشأ بني هذه الظواهر الطبيعية كسقوط املطر ووجود )4(،األرسطيةأن الغزايل الذي سار على منهج كبار األشاعرة كـأيب احلسـن السحب إخل اقترانا ضروريا، غري

" إن اهللا مريـد "، )6( وجه إليه ضربته القاضية و أحل فكرة العادة مكانـه )5( األشعري و الباقالينفـال ،وكيف ال يكون مريدا وكل فعل صدر منه أمكن أن يصدر منه ضده و هو مدبر للحادثات

لذلك فإرادة اهللا مطلقة ال حـد وال )7(،كثري إال بقضائه وقدرهمللك وامللكوت قليل أو اجيري يف أما قـوة )8(قيد هلا و هو السبب األول و الوحيد لكل شيء حيدث العامل بإرادته و يبطله بإرادته،

مبدأ السببية فمحدودة و ال تعمل وحدها بل حتتاج إىل عون اهللا لذلك أنكـر الغـزايل الـتالزم االقتران بني ما يعتقد مسببا ضروريا عندنا بل «:املسببات الطبيعية قائال الضروري بني األسباب و

كل شيئني ليس هذا ذاك، وال ذاك هذا، و ال إثبات أحدمها متضمن إلثبات اآلخـر و ال نفيـه

.19ص ،1993، 1ط، وقرأه وعلق عليه حممود بيج، قانون التأويل، أبو حامد الغزايل )1( .72ص، مصدر سابق، االقتصاد يف االعتقاد، أبو حامد الغزايل )2( . 73ص 1988، 1، طبريوت، دار الكتب العلمية، معارج القدس يف مدارج النفس، أبو حامد الغزايل )3( .45ص، 1982، دار الكتاب اللبناين، بريوت، نشأة األشعرية وتطورهاجالل حممد موسى، )4( . 123ص ،1993، 6، ط اإلسكندرية، دار املعارف، جتديد يف املذاهب الفلسفية الكالمية، عاطف العراقي )5( .45ص، سابقالرجع ، املجالل حممد موسى )6( . 82ص، مصدر سابق، إحياء علوم الدين ، أبو حامد الغزايل )7( . 375ص، 1995 ،3ط، ريوتب، الشركة العاملية للكتاب، تاريخ الفلسفة العربية، مجيل صليبا )8(

47

متضمن لنفي اآلخر، فليس ضرورة وجود أحدمها وجود اآلخر و ال من ضرورة عدم أحدمها عدم )1( »...والشبع واألكل، واالحتراق ولقاء الناراآلخر مثل الري والشرب،

بني الظواهر وأرجع هذا االقتران إىل تقـدير اهللا سـبحانه لسبيباوبذلك أنكر الغزايل االقتران فمثال الشبع عند األكل ال جيعل من األكل سببا للشبع إذ يف املقدور خلـق ،خيلقها على التساوق

ال بالنسبة الحتراق القطن عند مالقاته النار حيث يرجعـه و كذلك احل ، )2( »الشبع دون األكلإن فاعل االحتراق خبلـق «:غري أن الغزايل يرفض هذا قائال، أنصار السببية من الفالسفة إىل النار

السواد يف القطن والتفرق يف أجزائه وجعله حراقا أو رمادا هو اهللا إما بواسطة املالئكـة أو بغـري )3(.»مجاد فال فعل هلاواسطة فأما النار و هي

ليس له دليل إال مشـاهدة «:أما عن أدلة هؤالء فهي بدورها مرفوضة و غري كافية يقول االحتراق عند مالقات النار، و املشاهدة تدل على احلصول عنده و ال تدل على احلصول به، و أنه

مبـدأ السـببية ونزاعـه ولو حبثنا عن األسباب اليت محلت الغزايل على إنكار )4(. »ال علة سواهإمنا يلـزم الـرتاع يف «:املستمر مع الفالسفة يف هذه املسألة لوجدنا اجلواب صرحيا يف قول الغزايل

األول من حيث أنه ينبين عليها إثبات املعجزات اخلارقة للعادة من قلب العصا ثعبانـا، وإحيـاء فضه للسببية يرجـع يف النهايـة إىل وبالتايل فالسبب الرئيسي يف ر ، )5( »...املوتى، وشق القمر

كما أنه يف سبيل الدفاع عن العقيدة الدينية، ألن القول )6( .رغبته يف ترك باب املعجزات مفتوحاأن الطبيعة تعمل بنفسها على وفق نضام ثابت مضاد للقول أن اهللا قادر على كل شـيء وكـان

وهـو مـا دفـع )7(،يف جمال الالمعقول رفض الغزايل للسببية وقوله بالعادة يف نظر البعض إيغالإىل رفضها والتصدي هلا ومناقشة الغزايل بقوله إن إنكار األسباب الفاعلة يف " ابن رشد"الفيلسوف

.الطبيعة إنكار للبديهيات ألن لألشياء ذوات و صفات خاصة تقتضي أفعاال معينة

. 195ص، مصدر سابق، افت الفالسفة، أبو حامد الغزايل )1( . 195ص، مصدر سابق، افت الفالسفة، أبو حامد الغزايل )2( .196صاملصدر نفسه، )3( .املصدر نفسه، الصفحة نفسها )4( .192ص املصدر نفسه، )5( . 378-377ص ص ، مرجع سابق، تاريخ الفلسفة العربية، مجيل صليبا )6( .129ص ، مرجع سابق، جتديد يف املذاهب الفلسفية الكالمية، عاطف العراقي)7(

48

إمامـة (ل بوجوب اإلمامـة ذهبت اإلمامية إىل القو حيث:وتعترب اإلمامة املسألة اخلامسةمث أنه عليه السالم نص على إمامـة احلسـن ، قد نص على إمامة علي) ص(وأن الرسول ،)علي

واحلسني واحلسني نص على إمامة ولده علي زين العابدين، وهكذا إماما بعد إمام يـنص املتقـدم ن اإلمامة ال تكون إال واتفقوا على أنه البد يف كل عصر من إمام معصوم و أ ،عنهم على املتأخرين

بالنص والتعيني فما موقف الغزايل يا ترى؟إذ مل «إن الغزايل يرفض نظرية اإلمامة اليت تنص على أن اإلمام بعد النيب هو علي رضي اهللا عنـه

حيث قام بتفنيد التهم السيما النصوص واألخبار )1(،»على إمام أصال ) ص(يكن نص رسول اهللا و أا جتري يف الوضـوح ) ص(واليت يدعون بأا أخبار متواترة عن الرسول ،اليت يعتمدون عليها

جمرى اخلرب املتواتر يف بعثته ودعوته وحتديه بالنبوة وشرعه الصلوات اخلمس احلج والصوم وسـائر و قول اآلحاد ال يورث «يف احلقيقة جمرد أخبار آحاد ال تواتر يف حني أا )2( .الوقائع املستفيضة

ـ ،)اإلمام املعصوم(كما أنكر الغزايل قول الباطنية بعصمة اإلمام من اخلطأ ، )3(»الظنإال ه ذألن هفنقـول «:سواء كان عقليا أو خربا متواترا حيث يقول ،الفكرة ال تستند إىل أي دليل يفيد اليقني

و مباذا عرفتم صحة كونه معصوما ووجب عصمته؟ أبضرورة العقل أو بنظر أو مساع خـرب : هلميورث العلم الضروري؟ و ال سبيل إىل دعـوى الضـرورة، وال إىل ) ص(متواتر عن رسول اله

إن هذه العصمة غري معروفة بضرورة العقـل أي )4(.»دعوى اخلرب املتواتر املفيد للعلم الضروريالدعاء ليست بديهية عقلية، كما أا غري معروفة بالتواتر وال بالنظر العقلي الذي يعترفون به، أما ا

أم عرفوه من إمامهم فإنه غري مقبول إذ كيف يصدقونه وليس هلم دليل سابق علـى عصـمته؟ وإذا ثبت بطالن العصمة فقدت الثقة يف )5( وكيف جيوز أن تعرف إمامته و عصمته مبجرد قوله؟

أن الغـزايل غـري )6(.»ال يولد عاملا و ال يوحى إليه ولكنه متعلم«اإلمام و التعلم منه ألن اإلمام إال أنه ال ينكر وجوب نصب اإلمام ملا فيه من الفوائـد ودفـع ،رغم رفضه القول بعصمة اإلمام

. 103ص، مصدر سابق، فضائح الباطنية، أبو حامد الغزايل )1( .133ص املصدر نفسه، )2( .135ص املصدر نفسه، )3( .142ص املصدر نفسه، )4( .142ص املصدر نفسه، )5( .142ص نفسه، املصدر )6(

49

كافـة اخللـق خليفة اهللا على اخللق، وأن طاعته علـى «: يف الدنيا على أساس أن اإلمام املضارـ « )1( ،»فرض ويف )2(.»اعو أن الدنيا و األمن على األنفس و األموال ال ينتظم إال بسلطان مط

واألكثرون يهلكون حتـت ،حالة تعطل اإلمامة أو غياب السلطان أو اإلمام لن يتفرغ أحد للعبادة ،واإلمامة حسب الغزايل ال تنعقد بالنص )3(.»هلذا قيل الدين والسلطان توأمان«ضالل السيوف،

وهلا شروط بعضـها )4( ،»فلم يكن أبو بكر إماما إال باالختيار والبيعة«و إمنا بالبيعة و االختيار األئمة مـن «) ص(وهي البلوغ ،العقل، احلرية، الذكورية، النسب القرشي لقوله ) خلقية(غريزية سالمة حاسة السمع والبصر و بعضها اآلخر مكتسبة وهي النجـدة الكفايـة و العلـم »قريش

)6( .رضي اهللا عنه أبو بكر مث عثمان علي) ص(ومن مت فاإلمام احلق بعد رسول اهللا ، )5(والورعمنها مسألة ،إضافة إىل املسائل السابقة تطرق الغزايل إىل بعض املسائل املتعلقة بالسمعيات

ذهب الغزايل إىل القول بأنه من الواجب علينا التصـديق بكـل مـا جـاء بـه :عذاب القبـروقـد )7(»فنؤمن بعذاب القرب وأنه حق وحكمه عدل على اجلسم والروح على ما يشـاء «الشرع

النار يعرضون عليهـا «:استدل الغزايل على عذاب القرب مبا ورد يف الشرع من آيات كقوله تعاىلو قد اشتهر « )8(»غدوا و عشيا و يوم القيامة و يوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب

.)9(»و السلف الصاحل االستعاذة من عذاب القرب) ص(عن الرسول و نضـع املـوازين «:حيث أعترب الغزايل امليزان حق لقوله تعاىل: مليزانإىل جانب مسألة نصب ا

فمن ثقلت موازينه فأولئك هو املفلحون، و مـن خفـت «:و قوله أيضا )10(»القسط ليوم القيامة

.169ص ،مصدر سابق، فضائح الباطنية، أبو حامد الغزايل)1( . 201ص، مصدر سابق، االقتصاد يف االعتقاد ،أبو حامد الغزايل )2( . 201ص، املصدر نفسه )3( .103ص، مصدر سابق، إحياء علوم الدين ، أبو حامد الغزايل)4( .181صبق، ، مصدر سافضائح الباطنية، أبو حامد الغزايل )5( . 103ص، مصدر سابق، إحياء علوم الدين ،أبو حامد الغزايل )6( .83صاملصدر نفسه، )7( . 46االية، سورة غافر)8( . 103ص، مصدر سابق، إحياء علوم الدين ، أبو حامد الغزايل)9( .47سورة األنبياء االية )10(

50

لذلك ينبغي أن نؤمن بـامليزان ذي )1( »نيف جهنم خالدو مموازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهفيعرف كل واحد مقدار خريه وشـره بقـول ،ألعمال بقدرة اهللا تعاىلالكفتني الذي توزن فيه ا

و توضع صحائف احلسنات يف كفة النور فيثقل ا امليزان على قدر درجاـا عنـد اهللا «:الغزايلبفضل اله و تطرح صحائف السيئات يف صورة قبيحة يف كفة الظلمة فيخف ا امليـزان بعـدل

تعاىل حيدث يف صحائف األعمال وزنا حسب درجـات األعمـال و هو ما يبني أن اهللا )2(.»اهللافتصري مقادير أعمال معلومة للعباد حىت يظهر هلم العدل يف العقاب أو الفضل يف العفو و تضعيف

)3( .الثوابهو اجلسر ممدود على منت جهنم أحد مـن السـيف وأدق مـن «كما أن الصراط حق و

اهللا سبحانه فتهوي م إىل النار، وتثبت عليه أقدام املؤمنني الشعرة تزل عليه أقدام الكافرين حبكم )4(.»بفضل اهللا فيساقون إىل دار القراروهو )5( ،»فأهدوهم إىل صراط اجلحيم، وقفوهم إم مسئولون«:وقد استند الغزايل إىل قوله تعاىل

، قادر علـى أن وهو ما يستوجب التصديق به على أساس أن القادر على أن يطري الطري يف اهلواء )6( . يسري اإلنسان على الصراط

فيعتربمها الغزايل حق و مها خملوقتان و الدليل على أن اجلنة خملوقة للمؤمن قولـه : أما اجلنة و النار )7( »....و سارعوا إىل مغفرة من ربكم و جنة عرضها السموات واألرض أعدت للمتقني «:تعاىل

.ا خملوقةدليل على أ" أعدت"فقوله تعاىل )7(ر كبري على حيـاة أن للجانب العقدي أث ،وما ميكن أن نستخلصه من خالل هذا الفصل

والـيت ، وهو ما جتلى من خالل أعمال الغزايل الكثرية ويف خمتلف التخصصـات الغزايل وتفكريه، وتوظيفه ملصـطلحاا يف ، وإعادة إحياء علومها، حاول من خالهلا الدفاع عن العقيدة اإلسالمية

.103-102سورة املؤمنون، اآلية )1(

.83ص، مصدر سابق، حياء علوم الدينإ ،أبو حامد الغزايل )2( .103املصدر نفسه، ص )3( .103املصدر نفسه، ص )4( . 24-23سورة الصافات اآلية )5( . 103ص، سابقاملصدر ال ، أبو حامد الغزايل)6( .133اآلية ،سورة آل عمران)7(

51

كل ذلـك مكنـه مـن .طق كما سنرى يف الفصلني القادمنيالعلوم مثلما هو احلال بالنسبة للمن .الم لدفاعه عن العقيدة اإلسالميةشهرها حجة اإلسأ ،احلصول على عدة ألقاب تشريفية

تطور املصطلح املنطقي وانتقاله للعامل : الفصل الثاين

:اإلسالمي

مفهوم املصطلح وأمهيته:أوال

.نشأة املصطلح املنطقي عند اليونان:ثانيا

.املصطلح املنطقي يف العامل اإلسالمي:لثاثا

.موقف املسلمني من املصطلح املنطقي:رابعا

53

: متهيــدواستخدامها ملصطلحات ،إن التقدم يف املعرفة البشرية يعتمد على توثيق املعلومات وتبادهلا

تعرب عنها، غري أن تطور املعارف اإلنسانية ذا الشكل السريع أدى إىل صعوبة إجياد مصطلحات ،ات املقابلة هلاكافية، ومن هنا وجب توحيد املبادئ اليت تتحكم يف إجياد املفاهيم ووضع املصطلح

فماذا نعين .وهنا نشأ علم املصطلح احلديث يف القرن العشرين الذي يهتم بدراسة املصطلحاتوهل هناك فرق بني مصطلح ؟صطالحياا أم حندده لغويا بكلمة مصطلح؟ وعلى أي أساس

وكيف تعرف املسلمون عليه؟وهل كانت ؟و كيف نشأ املصطلح املنطقي عند اليونان ؟صطالحاووما موقفهم من املصطلح املنطقي هل أيدوا م إسهامات ودور يف وضع هذه املصطلحات؟هل موقفا معارضا له؟ واذاختأم ستعمالها

:مفهوم املصطلح وأمهيته: أوالالتسمية قبل التعرض ملفهوم املصطلح جيدر بنا اإلشارة أوال إىل قضية تتعلق باخلالف حول

إن كلمة ؟ هل هناك فرق بينهما؟ أم أن معنامها واحد؟ اصطالحاألنسب هل نقول مصطلح أم : لألسباب التالية اصطالح، واألصح يف نظر البعض كلمة مصطلحختتلف عن كلمة صطالحا

.فقط صطالحاستعملوا لفظ اأن العرب القدامى - .لفظ مصطلح غري فصيح ملخالفة اللغة العربية - .فقط صطالحاظ مصطلح وإمنا جند فيها لفظ أن املعاجم العربية التراثية مل تسجل لف -

ومها مشتقتان ،مترادفتان يف اللغة العربية صطالحاوأن كلمة مصطلح لكن البحث املتأين يكشف يدل على اتفاق أصحاب صطالحاالووجدره صلح مبعىن اتفق ألن املصطلح " صطلحأ"من

ذلك اشتمال املؤلفات العربية وما يثبت ،ختصص ما على استخدامه للتعبري عن مفهوم علمي حمدد .بوصفهما مترادفني صطالحاالتراثية على لفظي مصطلح و

وقد ظهر لفظ مصطلح يف ،فعلماء احلديث كانوا أول من استخدم لفظ مصطلح يف مؤلفامزين الدين (يف مصطلح احلديث للزين العراقي " األلفية"عناوين بعض مؤلفات علماء احلديث مثل

يف مصطلح أهل األثر " خنبة الفكر "و كتاب ،)هـ 806ن احلسني املتوىف سنة عبد الرحيم ب -1332(واستخدم ابن خلدون ،)هـ 825للحافظ بن حجر العسقالين املتوىف سنة (

لفظ مصطلح يف املقدمة يف الفصل الواحد واخلمسون يف تفسري الذوق يف مصطلح أهل ) م1406

54

ي استعمل حممد التهانوي لفظي اصطالح و مصطلح بوصفهما البيان، ويف القرن الثاين عشر اهلجرو من هنا نصل إىل نتيجة وهي أن ."كشاف اصطالحات العلوم"مترادفني يف مقدمة كتابه املشهور

)1(.بوصفهما مترادفني صطالحااملؤلفني العرب استعملوا لفظي مصطلح و : مفهوم املصطلح - 1) مصطلح(و جدر اللفظ )2(من الفعل أصطلح،مصدر ميمي :املفهــــوم اللغــوي –أ

. و اصطلح القوم، زال ما بينهم من خالف )3( .من صلح صالحا و صلوحا زال عنه الفساد، صطالحالوا ،، مصدر صلح واالصطالح. أمر ، تعارفوا عليه و اتفقوا صطلح القوم علىأو

للفظة له داللة حسية عند و جدر ا.)4(و لكل علم اصطالحاته ،اتفاق طائفة على شيء خمصوصأي التنبت ، ومن التنبت تتشعب معاين اخلصب واحلياة حناللاالوالعريب تشري إىل املواجهة للفساد

فتعالامن " صطالحاال"فأضحت شتقاقاالو البقاء، مث أخذت اللفظة جمراها يف ستمراراالو العقلية يف الفعل إذ يقال فتعال حيمل يف داللته معىن تدخل اإلنسان ومهارتهإ وزنا،ووزن

.)5(قتساما, صطناعايف االجنليزية termيف الفرنسية و termeجند ما يقابله مثل كلمة :ويف اللغـات األوروبية

.terminus )6(يطالية وهي مأخوذة من الكلمة الالتينيةاإليف terminoواليت قدمت للمصطلح يعد تعريف اجلرجاين من أشهر التعريفات :صطالحياالاملفهــوم -ب

عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضعه األول «: حيث يعرفه بقولهأن إجياد إالغري أن ما يالحظ على تعريف اجلرجاين أنه حيصر نشأة املصطلح يف االتفاق، )7(.»

ه مث يأخذ به املصطلح ال حيتاج بالضرورة إىل اإلمجاع و اتفاق، فقد يبتكره الشخص مبفرد . لذلك فاالتفاق قد يكون الحقا لوضع املصطلح ،اآلخرون

.566،ص2008ه النظرية وتطبيقاته العملية،مكتبة لبنان ناشرون،بريوت،علي القامسي،علم املصطلح أسس )1(

.21،ص2008، 1املصطلح يف اخلطاب النقدي العريب اجلديد،منشورات االختالف،اجلزائر،ط إشكاليةيوسف وغليسي، )2(

.539مرجع سابق ،ص ،1املعجم الوسيط،ج )3(

.540مرجع سابق، ص ،1املعجم الوسيط،ج )4(

، 1996، 1،مكتبة لبنان ناشرون،ط 1ج ،تهانويلل ،كشاف اصطالحات الفنون، كتاب العجم،ضمن مقدمة رفيق )5( .11ص

.22املصطلح يف اخلطاب النقدي العريب اجلديد،مرجع سابق ،ص إشكاليةيوسف وغليسي،)6(

.28،ص1985علي بن حممد الشريف اجلرجاين،التعريفات،مكتبة لبنان،بريوت،طبعة جديدة،)7(

55

والنتيجة اليت نصل إليها أن املصطلح هو عبارة عن كلمة أو حد هلا معىن معني مرتبط بتخصص جمموع احلدود : وعلى هذا األساس فان املقصود باملصطلح املنطقي .)1(بفن أو بعلم حمددين

. تفق عليها يف علم املنطقواملصطلحات املستخدمة واملالبد من االعتراف بعد أن قطعت املعرفة اإلنسانية يف االني العلمي :أمهيـة املصطـلـح-2

، فاملصطلح على )2(والفلسفي شوطا بعيدا بأمهية املصطلح عموما و املصطلح الفلسفي خصوصاعلى أساس أن ،العلموقد قيل إن فهم املصطلح نصف . حد تعبري اخلوارزمي مفتاح العلوم

و ازدادت أمهية املصطلح يف . املصطلح هو لفظ يعرب عن مفهوم ، و جمموع املفاهيم يشكل معرفة الشبكة العاملية ما جعل عصرنا احلاضر الذي يوصف بأنه جمتمع املعرفة واملعلومات وهو

ا أمهية املصطلح وقد أدرك العرب قدمي" . ال معرفة بال مصطلح"للمصطلحات يف فيينا تتخذ شعار صطالحاتاكشاف "و هو ما بينه التهانوي يف مقدمة كتابه املشهور ،و دوره يف حتصيل العلوم

إن أكثر ما حيتاج به يف حتصيل «:الذي مجع فيه أهم املصطلحات املتداولة يف عصره فقال " الفنونإن لكل علم اصطالحا به إذا العلوم املدونة و الفنون املروجة إىل األساتذة هو اشتباه االصطالح، ف

ستخداماو تكمن أمهية )3(.»سبيال مل يعلم بذلك ال يتيسر للشارع فيه إىل االهتداء إليهكما ال ختفى . )4( التخصص الدقيق ، فعن طريقه ميكن حتديد التعريفات املطلوبةيفاملصطلحات

تفاهم، فالبد من أن يكون هناك أمهية املصطلح يف عملية التفاهم، حيث أنه إذا أريد أن يكون مثة اصطالح عام على األلفاظ املستخدمة على األقل بني اثنني من الفالسفة،وإال فإن يف ذلك إضرارا

ألن «كما تكمن أمهية املصطلح املنطقي يف توفري اجلهد وربح الوقت )5(.بالغا وإضاعة هود كبريأن يصرف وقتا طويال يف املراجعة ألن املؤلف العريب الذي يريد أن يكتب يف الفلسفة عليه

قتصاداولكنه برجوعه إىل هذا املصطلح يسهل عليه كل شيء وكل طريق يفيد يف ، والبحث

(1)le grand dictionnaire encyclopédique de la langue française ,sous la direction dhelene plaziat et de Brigitte matron ,Edition de la connaissance ,France,1996,p1058.

. 172،ص1998املعارف،مصر، كتاب قضايا فلسفية منشأة إشكالية املصطلح الفلسفي،ضمن,إبراهيم مصطفى إبراهيم)2(

.10،مرجع سابق،ص1التهانوي،كشاف اصطالحات الفنوننج)3(

.177إبراهيم مصطفى إبراهيم،إشكالية املصطلح الفلسفي ،مرجع سابق،ص)4(

.154، ص1979، 5عبد الرمحان بدوي،خريف الفكر اليوناين،دار القلم ،بريوت،ط)5(

56

و ما يؤكد أمهية املصطلح كونه مظهرا من مظاهر التقدم )1(.»الوقت يفيد يف إحياء التمدنواألمساء احلضاري، حيث أن تطور العرب حضاريا يعمل على إغناء مفردات العربية

. واملصطلحات، يف حني أن ختلفهم واضمحالل حضارم ترتب عنه مجود األلفاظ و املصطلحات أعترب ما قررناه حبال بغداد و قرطبة و القريوان و «:وهو ما أكده ابن خلدون يف مقدمته قائال

حبار كيف زخرت فيها ،البصرة والكوفة ملا كثر عمراا صدر اإلسالم و استوت فيها احلضارةالتعليم وأصناف العلوم واستنباط املسائل والفنون حىت أربو على صطالحاتاالعلم وتفننوا يف

انطوى ذلك البساط مبا عليه مجلة وفقد العلم ا ...املتقدمني وفاتوا املتأخرين وملا تناقص عمراا )2(.»والتعليم وانتقل إىل غريها من األمصار

:شروط وضع املصطلح -3 :ع املصطلح مرتبط جبملة من الشروط ميكن تلخيصها فيما يليإن وض

أن يقره فريق من العلماء و،أن يتم وضع هذا املصطلح من طرف مجاعة من أهل فن أو علم-1أما إذا قام بوضعه فرد فال يصري هذا ، من أهل ذلك العلم ليصبح مقبوال كمصطلح قبوال عاما

.بل مصطلح شخص ،مصطلح علم .صطالحياالة بني املعىن اللغوي واملعىن وجود عالق-2 ) صطالحيا( أن خيرج اللفظ عن معناه اللغوي إىل معىن جديد-3 ستعمالاوبالتايل ينبغي أن حيصر ،أن يتعلق معناه اجلديد مبوضوع العلم املوضوع هو فيه-4

صطلح ألن معىن املصطلح خيتلف من علم إىل علم آخر فمثال م)3(.املصطلح داخل هذا العلميف حني يعين يف علم احلديث القول املكذوب املنسوب ، املوضوع تعين يف املنطق ما عليه احلمل

. را وإىل قائله ز :للمصطلح عدة أركان أمهها : أركــان املصطـلـح -4

عربية، تصدير إبراهيم مدكور،املعهد العلمي الفرنسي لويس ماسينيون،حماضرات يف تاريخ االصطالحات الفلسفية ال)1(

.8لآلثار،القاهرة، ص

.434ابن خلدون، املقدمة، مرجع سابق، ص)2(

.19، ص1996، 1علي مجعة حممد، املصطلح األصويل ومشكلة املفاهيم ، املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، القاهرة، ط)3(

57

واملقصود به التمثيل العقلي أو الصورة .وهو الركن األساسي من أركان املصطلح :املفهــوم- أومن أجل تقريب هذه الصورة إىل ذهن السامع ينبغي ذكر عناصرها أو أجزائها أو ،الذهنية للشيء

. ذكر أمثلة عليها :أمرانوال بد أن يتحقق يف هذا اللفظ ، الذي يتم اختياره حلمل داللة املفهوم: اللفـــظ-ب .أي أن يؤدي املصطلح املفهوم العلمي املقصود:الدقة العلمية-1 .ون هدا املصطلح سليما من الناحية اللغويةأن يك:الدقة اللغوية-2 ،لفظة التعريف يف مقابل لفظة احلد ستخداماوقد كثر يف العصر احلديث : احلـد أو التعريف-ج

) De Finition(التعريف أو« :وقدمت له تعريفات منها تعريف عبد الرمحان بدوي الذي يقول فيههو جمموع الصفات اليت تكون مفهوم ،ل الشارحويسمى أيضا يف كتب املنطق العربية القدمية القو

إذ مها تعبريان أحدمها موجز و اآلخر ،وهو إذن و الشيء املعرف سواء ،الشيء مميزا عما عداه )1( .»مفصل عن شيء واحد بالذات

:نشأة املصطلح املنطقي عند اليونان :ثانيا :إن تكون املنطق عند اليونان مر بثالثة مراحل

.دل على حنو واعممارسة اجل-1 .التصريح والتنظيم املنهجي لقواعد هذه اادلة وهو ما قام به أرسطو-2 )2( .االنتقال من دراسة اادلة إىل نظرية التعقل الشكلي أي إىل املنطق-3

دفما ملقصو.ومن هنا نالحظ أن بداية نشأة املصطلح املنطقي ارتبطت يف البداية مبصطلح اجلدل وعلى يد من ظهر؟ذا املصطلح

إن مصطلح اجلدل ظهر يف البداية على يد املدرسة :مصطلح اجلدل عند املدارس اليونانية -1، والذي تتلمذ على يد اكسانوفان.)3(اليت يعترب بارمنيدس مؤسسها احلقيقي والفعلي ،يليةاإل

متحرك وبأنه ال يوجد سوى الواحد الال، وتأثر به خاصة يف فكرته القائلة بوحدة الوجوداليت كتبها "يف الطبيعة"هذه الفكرة طورها بارمنيدس ودافع عنها يف قصيدته .الساكن

أما القسم ،القسم األول عرض فيه فلسفته ومسي طريق احلق:واليت تنقسم إىل قسمني،شعرا

.424-423املؤسسة العربية للدراسات والنشر، بريوت، ص ص ،1املوسوعة الفلسفية ،ج،عبد الرمحان بدوي)1(

.24، ص) ت-د(روبري بالنشي، املنطق وتارخيه من أرسطو حىت راسل، املؤسسة اجلامعية ا للدراسات والنشر ، بريوت، )2(

.185، ص1998، دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة، 1مصطفى النشار ، تاريخ الفلسفة اليونانية، ج)3(

58

كما حتدث يف هذه القصيدة عن .الثاين فيصف اآلراء الزائفة السائدة يف أيامه ومسي طريق الظنوبذلك تصور الوجود تصورا منطقيا وأقام ، الواحدة الالمنقسمة األبدية اليت ال تتغري أبدا املادة

بني احلقيقة اليت تعرف مميزا بني الوجود والالوجود، احلقيقة على فكرة منطقية ووجودية، ما جعله يقر بأن الوجود واحلقيقة ال ينفصالن والظن الذي يعرف الالوجود وهو، الوجود

وذا يعترب بارمنيدس فيلسوف الوجود الذي جتاوز عامل .وجد وما يدرك ال خيتلفانوأن ما يورأى أن ما .)1(الظواهر وعامل األعداد واألشكال وبلغ إىل املوضوع األول للعقل وهو الوجود

هو موجود فهو موجود وال ميكن إال يوجد ومن هنا أعترب أول فيلسوف جيرد مبدأ الذاتية ويعرب )أهي أ(فقدم الصياغة املنطقية لقانون اهلوية.)2(ض ليجعلهما أساس العقلومبدأ عدم التناق

)3( .»والالوجود غري موجود، الوجود موجود «عنها تعبريا منطقيا من خالل عبارته الشهريةفقد تأثر به أرسطو فيما بعد خاصة ،ق م488أما زينون تلميذ بارمنيدس الذي ولد سنة

حيث أطلق عليه أرسطو ،)جدل األفكار(يقوم على النفي والسلبعند تقدميه للجدل الذي وقد أستطاع بفضل ،ألنه أستنتج من الطابع املتناقض للحركة أا ممتنعة )4( "خمترع اجلدل"لقب

يقوم النهج اجلديل .)5(هذا الفن اجلديد أن يرد على كل من هامجوا فلسفة أستاذه بارمنيدسمي إىل إفحام اخلصم ، حيث استعمله يف الرد على وير، عند زينون على برهان اخللف

وميكن تلخيص خطوات هذا املنهج القائم على .الفيثاغوريني وتأييد آراء أستاذه بارمنيدسمث يتبع ذلك مبحاولة ، برهان اخللف يف أنه يبدأ بالتسليم بصحة املقدمات اليت يسلم ا اخلصم

ومن مت يكشف اخلصم أن ، هده املقدمات بيان التناقضات اليت تترتب على التسليم بصحةوعلى ذلك يتضح ،التسليم ذه املقدمات قد أدى إىل هذه املتناقضات اليت ال يقبلها العقل

وإذا رمزنا للقضية اليت يريد زينون الربهنة عليها . خطأ املقدمات فيكون نقيضها هو الصحيح فان جدل زينون يتم على النحو )ب(وأن نقيضها أي القضية اليت يسلم ا اخلصم هي )أ(ب

:التايل

.39، مرجع سابق، ص1مصطفى النشار ، تاريخ الفلسفة اليونانية، ج)1(

.29، ص1992جول تريكو، املنطق الصوري ، ترمجة حممود يعقويب، ديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، )2(

.39، ص1936يوسف كرم ، تاريخ الفلسفة اليونانية، مطبعة جلنة التأليف والترمجةوالنشر، )3(

.52، ص1987، 1ماكوفلسكي ، تاريخ علم املنطق، ترمجة ندمي عالء الدين، دار الفارايب، بريوت، ط)4(

.199، مرجع سابق ، ص1مصطفى النشار، تاريخ الفلسفة اليونانية، ج)5(

59

)ب(التسليم بصحة القضية -1 ) د) (ج(يترتب عليه قضايا متناقضة متاما ولتكن )ب(يكشف ملن جيادله أن التسليم بصحة -2 .قضية غري صحيحة ملا ترتب عليها من تناقضات وخلف) ب(يستنتج من ذلك أن القضية -3 .هي القضية الصحيحة)أ(أن وتكون النتيجة النهائية للجدل هي-4

واشتهر ، وقد طبق زينون هذا املنهج يف الربهنة على حجة مذهب بارمنيدس على الوجودومن حججه يف .)1(واألخر باحلركة,قسم خاص بالكثرة :حبججه اليت انقسمت إىل قسمني

:إبطال احلركة .حجة امللعب-1 .والسلحفاة أخيلحجة -2 .حركاملت وحجة السهم الطائر أ-3 . حجة األجسام الثالثة-4 :مصطلح التحليالت عند أرسطو -2

وبذلك ،)2(لقد ميز أرسطو اجلدل من املنطق مبعناه احلقيقي متييزا واضحا ومساه التحليالت .التحليالت ويستخدم مصطلح منطق بل استخدم بدله مصطلح جديد ه نالحظ أن أرسطو مل

وقد كتب .)3(إىل مبادئها وأصوهلا مالذي حيلل العلو واملقصود ذا املصطلح العلم التحليلي .والتحليالت الثانية ,التحليالت األوىل :أرسطو كتابني

أو منظورا إليه من ، ))4تم بقوانني الفكر أو االستدالل من حيث صورته: التحليالت األوىلضوعه فمو، ويستمد هذا املصطلح تسميته من موضوعه ومنهجه.)5(لالشك ةيصالحزاوية

يتسىن وال، هإن إدراك العلم الكامل إدراك الشيء مببادئ .ومنهجه حتليل القياس، أجزء القياس )6( .هذا اإلدراك إال بالتحليل

.102، ص1992، اإلسكندرية، دار املعارف اجلامعية"مالمح الفكر الفلسفي عند اليونان "حريب عباس عطيتو)1(

.35ترمجة حممود يعقويب، مرجع سابق، ص"املنطق الصوري"جول تريكو )2(

123تاريخ الفلسفة اليونانية، مرجع سابق، ص"يوسف كرم)3(

. 125املرجع نفسه، ص)4(

.38مرجع سابق، ص" املنطق وتارخيه من أرسطو اىل راسل" ،روبري بالنشي)5(

. 157تاريخ الفلسفة اليونانية، مرجع سابق، ص"يوسف كرم)6(

60

تتناول الربهان القائم على املقدمات الضرورية واملقدم بالتايل بوصفه أداة : التحليالت الثانيةاألوىل تبحث يف العلم وماهيته وشروط :أو مقالتني وتقع التحليالت الثانية يف جزئني .)1( للعلم

وكيف أن ، أما املقالة الثانية فإا تدرس عالقة التعريف بالربهان،مقدماته وخصائص الربهانمث تتعرض املقالة أيضا لألسئلة اليت ترد يف خمتلف ،الربهان هو وسيلة تعريف احملموالت

.)2(العلوم :أرسطو على احلدود والقضايا والقياس ومن أهم املصطلحات اليت أطلقها

فقد يدل إما على جوهر، .كل من اليت تقال بغري تأليف أصال«ويدل على:مصطلح املقوالتوإما على ، وإما على مىت، وإما على أين، وإما على إضافة، وإما على كيف، وإما على كم

)3( .»وإما على ينفعل، وإما على يفعل، وإما على أن يكون له، موضوع إليهوال هو يف موضوع مثل هذا اإلنسان املشار ،الذي ال يقال على موضوع ما « :اجلوهر

)4( .»والفرس املشار إليهوأما احلد فانه يدل به يف هذا الكتاب على الشيء الذي تنحل إليه املقدمة مما هو جزء « :احلد

املقدمة الضروريان يف ضروري قي كوا مقدمة وهو املوضوع واحملمول اللذان مها جزءا )5( .»وجودها

، وهي إما كلية وإما جزئية، أو سالب شيئا عن شيء ،هي قول موجب شيئا لشيء« املقدمة )6( .»وإما مهملة

)7( .»كل الشيء أو مل يقل على واحد منهوأعين بالكلي ما قيل على « املقدمة الكلية

.38مرجع سابق، ص ،"املنطق وتارخيه من أرسطو اىل راسل"،روبري بالنشي)1(

، 4، طاإلسكندريةاجلامعية، دار املعرفة"2تاريخ الفكر الفلسفي أرسطو واملدارس املتأخرةج"حممد علي أبو ريان )2( .157وأيضا يوسف كرم تاريخ الفلسفة اليونانيةص.49، ص1987

. 35، ص1980، 1وكالة املطبوعات، الكويت، ط من كتاب عبد الرمحان بدوي منطق أرسطوض"املقوالت"أرسطو)3(

.17املرجع نفسه، ص)4(

، 1980، 1ضمن كتاب عبد الرمحان بدوي منطق أرسطو وكالة املطبوعات، الكويت، ط ،"االتحليالت األوىل"،أرسطو)5( .139ص

.139-138املرجع نفسه، ص)6(

.139مرجع سابق، ص"ىلالتحليالت األو"أرسطو)7(

61

أومل يقل على كل ، أو مل يقل على بعضه، ءواجلزئي ما قيل على بعض الشي« املقدمة اجلزئية )1( .»الشيء

ه بعد أن ال يذكر الكل وال واملهمل ما قيل على الشيء أو مل يقل علي« املقدمة املهملة )2( .»البعض

)3( .»مثل قولنا كل إنسان حيوان، هي ما أوجب فيها احملمول لكل موضوع« الكلية املوجبةفيها احملمول عن كل موضوع مثل قولنا ال إنسان واحد هي ما سلب (( «الكلية السالبة

)4( .»حجرويكونان متقابلني عن طريق التضاد مىت كان فيهما اإلجياب الكلي والسلب « التقابل بالتضاد

)5( .»الكلي مثال ذلك كل إنسان أبيض وال إنسان أبيضمثال .لكلي ليس بكليمىت كان يدل يف الشيء الواحد بعينه أن ا«التقابل عن طريق التناقض

)6( .»ذلك كل إنسان أبيض ليس كل إنسان أبيضوأعين باالنعكاس أن يتبدل ترتيب أجزاء القضية فيصري حمموهلا موضوعا وموضوعها «العكس

)7( .»حمموال ويبقى صدقها وكيفيتها من اإلجياب والسلب أيضا حمفوظا )8( .»أعين بالسور لفظ كل وبعض«السورخر من آلقياس فهو قول إذا وضعت فيه أشياء أكثر من واحد لزم شيء ما أما ا«القياس

)9( .»االضطرار لوجود تلك األشياء املوضوعة بذاا :مصطلح األرغانون -3

.139، ص مرجع سابق، "التحليالت األوىل"أرسطو)1(

.139املرجع نفسه، ص)2(

138املرجع نفسه، ص)3(

138املرجع نفسه، ص)4(

.106، ص1980، 1ضمن كتاب عبد الرمحان بدوي منطق أرسطو وكالة املطبوعات، الكويت، ط" االعبارة"أرسطو)5(

106أرسطواملرجع نفسه ، ص)6(

.144مرجع سابق، ص"االتحليالت األوىل"أرسطو)7(

.144أرسطو،العبارة،مرجع سابق،ص )8(

.142مرجع سابق، ص"االتحليالت األوىل"أرسطو)9(

62

،إن أعمال أرسطو وصلتنا على شكل جمموعة رسائل مت مجعها حتت عنوان أو مصطلح األرجانوناملصطلح يعود إىل أن أرسطو كان يرى يف املنطق علما واملربر يف اختيار هذا.الذي يعين الوسيلة

أن هذا ويرى أغلب الباحثني . ذهنيا إعداديا أكثر مما كان يرى فيه فرعا من فروع الفلسفةقام التلميذ احلادي عشر ألرسطو ،ففي القرن األول قبل امليالد.املصطلح ليس من وضع أرسطو،

وهكذا اجتمعت األعمال ، فرتبها حسب مواضيعها، أندرونيكوس الرودسي بنشر أعمال املعلموهو ما يدل على أن مصطلح األرجانون أو تلك الكتابات األرسطية . )1(املنطقية يف جمموعة واحدة

:وتتمثل هذه الكتب يف.)2(األرسطية الرئيسية مجعها وصنفها الشراح شابه الذي وقع الشك حول أصالته وصحة نسبه نظرا لت،)املقوالت( :كتاب قاطيغورياس-1

غري أن البعض يؤكد أنه من ،)3(املذهب الذي عرض فيه مع وجهات نظر أفالطون يف تيماوس .)4(عمل أرسطو باستثناء األبواب اخلمسة األخرية اليت يتكون منها كتاب لواحق املقوالت

، الزمان، املكان، اإلضافة، الكيف، الكماجلوهر، :العشرة وهي ويدور هذا الكتاب حول املقوالت .االنفعال، الفعل، امللكية، اليةاحل .ويبحث هدا الكتب يف حتليل األحكام والقضايا) باري أرمينياس:(كتاب العبارة-2 .الذي تعرض فيه لنظرية القياس بصفة عامة:كتاب التحليالت األوىل-3وال يوجد شك يف صحة ، ويتألف من كتابني يعاجلان نظرية الربهان:كتاب التحليالت الثانية-4

.)5(تها إىل أرسطونسبويتكون من مثاين كتب رئيسية عرض فيها أرسطو كل ما يتعلق )الطوبيقا( :كتاب اجلدل-5

باجلدل قدم فيه الربهان املغالطي أو االستدالالت اجلدلية االحتمالية اليت تبىن على مقدمات ظنية )6(شائعة

.37مرجع سابق، ص"راسل إىلاملنطق وتارخيه من أرسطو "روبري بالنشي )1(

.13، مرجع سابق، ص"املنطق ومناهج البحث"ماهر عبد القادر حممد )2(

.95-94كوفلسكي، تاريخ علم املنطق، مرجع سابق، ص ص ما)3(

.37ترمجة حممود يعقويب، مرجع سابق، ص"املنطق الصوري"جول تريكو )4(

.95ماكوفلسكي تاريخ علم املنطق، مرجع سابق، ص )5(

.37مرجع سابق، ص"2تاريخ الفكر الفلسفي أرسطو واملدارس املتأخرةج"حممد علي أبو ريان )6(

63

الذي يتكون من مقدمات ويبحث يف االستدالل السوفسطائي ):سوفسطيقا(كتاب األغاليط-6 . كاذبة وكيفية وتفنيد ورفض احلجج السفسطائية واألغاليط

:مصطلح منطق عند الرواقية-4فلسفة بوصفه أحد فان الرواقيني قد أدرجوه يف ال، إذا كان أرسطو يرى يف املنطق أداة للفلسفة

عضالت، ة العظام والجيعلون املنطق مبثاب، وعند تشبيههم الفلسفة بكائن حي .أجزائها الثالثةوكان الرواقيون يعنون بكلمة املنطق الكالم .)1(واألخالق مبثابة الروح، مبثابة اللحم ءوالفيزيا

بواب رئيسية أحدها خاص ويقسم املنطق عندهم إىل ثالثة أ )2(.النفسي والكالم املنطوقلرمحان بدوي موقفه من وقد خلص عبد ا.، والثالث باألقيسةوالثاين باألحكام والقضاياباملقوالت،

فنا النظر عن كالمهم يف وقد صر–أما املقوالت « :عمل الرواقيني يف هذه اجلوانب الثالث بقولهومل يأتوا فيه جبديد من ناحية املنطق اللهم إال من ناحية ، ألنه ال قيمة له يف الواقعاأللفاظ، اللهم إال يف ، اثهم يف باب القضاياوال أمهية لكل أحب .، فقد أتوا بأشياء جديدة يف بابهاملصطلح

فما )3( املصطلح املنطقي جديدةكان هلا احلظ بعد ذلك أن تكون هي السائدة يف صطالحاتاوضع هي املصطلحات اجلديدة اليت جاء ا الرواقيون يف علم املنطق ؟ ال خيتلف املنطق الرواقي كثريا عن

واصطالحاا أو تسمياا اجلديدة، املقوالت املنطق األرسطي يف باب املقوالت ما عدا يف عدد :حيث تتكون عندهم من مخسة مقوالت هي

.الشيء-1ولكنه جوهر مادي خالص على عكس اجلوهر ، وهو ما يقابل اجلوهر األرسطي:املوضوع-2

.األرسطي .وهي إما أن تكون صفة أولية أو ثانوية وهي يف مقابل مقولة الكيف عند أرسطو:الصفة -3 .وتقابل مقولة اجلهة عند أرسطو:احلالة العرضية -4 .)4(عند أرسطو اإلضافةوتقابل مقولة :احلالة النسبية-5

.143، مرجع سابق، ص"املنطق وتارخيه من أرسطو إىل راسل" ،النشيروبري ب)1(

.278، مرجع سابق، ص "2تاريخ الفكر الفلسفي أرسطو واملدارس املتأخرةج"،حممد علي أبو ريان)2(

.22، مرجع سابق، ص"خريف الفكر اليوناين" ،عبد الرمحان بدوي)3(

.283، مرجع سابق، ص "2واملدارس املتأخرةج تاريخ الفكر الفلسفي أرسطو" ،حممد علي أبو ريان)4(

64

إىلأما يف باب األحكام والقضايا فعلى الرغم من اتفاقهم مع أرسطو يف تقسيم القضية اء ا إال أم خيتلفون معه يف املصطلحات اجلديدة اليت ج ،)مركبة(بسيطة وغري بسيطة:قسمني

: هؤالء يف املقدمة أو القضية املركبة اليت قسموها إىل أقسام .مبا أن هناك ار فهناك نور:ستناديةإلاملقدمة املتوالية أو ا- .هناك ار وهناك ليل:املقدمة العطفية- .إما هناك ار وإما هناك نور :املقدمة الفاصلة - .ألن هناك ار هناك نور:املقدمة السببية-وإما ختفيضية هناك ليل أقل مما .وهي إما تصعيدية هناك ار أكثر مما هناك ليل:املقدمة التشبيهية-

. )1(هناك اراألوىل حتتوي على نفي لإلسناد ، كما فرق الرواقيون بني مصطلح القضية النافية والقضية السالبة

حامل كقولنا هذا الرجل غري بينما السالبة تنفي إسناد حممول إىل، كقولنا ما من رجل ميشي مثل:القضايا باألعداد الترتيبية إىلحيث رمزوا ،إىل جانب استخدامهم ملصطلحات رمزية.)2(جمتهد

أما .، إذن ليس األولإذا األول الثاين مبا أن الثاين .إذن الثاين، مبا أن األول، الثاين، إذا كان األولبالباب الثالث وهو القياس خاصة القياس الشرطي الذي فيما يتعلق باملصطلحات اجلديدة املرتبطة

:فيمكن حصرها يف مخس مصطلحات هي)3(وجهوا كل اهتمامهم إليه، والنهار طالعا كان النهار طالعا فالشمس ساطعة، إذ :قياس مقدمته الكربى شرطية متصلة مثل-1

.فالشمس ساطعةإذن ع، وإما الليل خميم، والليل خميم، طالإما النهار :قياس مقدمته الكربى شرطية منفصلة مثل-2

.أو والنهار طالع إذن فليس الليل خميما .فليس النهار طالعاون أفالطون قد قياس مقدمته الكربى فيها تقابل بالتضاد أو بالتناقض مثل ليس بصحيح أن يك-3

حي، طون قد مات وإذن ليس أفالطون حيا، أو ولكن أفالطونلكن أفالمات وأن يكون حيا، .إذن ليس بصحيح أن أفالطون مات

.من حيث أن الشمس ساطعة فالنهار موجود :قياس قضيته سببية مثل-4

.147، مرجع سابق، ص"راسل إىلاملنطق وتارخيه من أرسطو "روبري بالنشي )1(

.174، ص 1991، 1، دار العلم للماليني، بريوت، ط"تاريخ الفلسقة اليونانية" ،ماجد فخري)2(

.22، مرجع سابق، ص"خريف الفكر اليوناين" ،عبد الرمحان بدوي)3(

65

. )1(قضيته الكربى فيها مفاضلة مثل زيد أعلم من عمر-5

.املصطلح املنطقي يف العامل اإلسالمي: ثالثا :ميكن تقسيمها إىل فترتني :والنقل مرحلة الترمجة-1 ىمن األمور املتعارف عليها لد):بـدء حركـة الـنقـل(وي الـعـهـد األمـ - ) أ

أن بداية حركة الترمجة و النقل إىل العربية بدأت يف العهد األموي مند يزيد بن ، الدارسنيعندما اتصل مبدرسة اإلسكندرية، و أتى ، )3(، فهو أول من فكر يف الترمجة إىل العربية)2(معاوية

من اليونانية إىل العربية الهتمامه "ءالكيميا"ل الكتب يف الصنعة بالراهب مريانوس و طلب منه نقأما يف عهد عمر بن عبد العزيز . )4(بطريقة حتويل املعادن إىل الذهب ألنه كان يطمع يف اخلالفة

إىل "الكناش"فقد شجع نقل كتب الطب إىل العربية، فأمر ماسرجويه بنقل كتاب يف الطب امسه على الترمجات يف العهد األموي أا كانت فردية غري منتظمة، لكنها رغم العربية، و ما يالحظ

.العباسي رذلك كانت مقدمات حلركة النقل يف العصحيث ازدهرت فيه حركة الترمجة و ) ازدهـار حـركـة الترمجـة: (العصر العبـاسي - )ب

،عاجله األطباء العربالذي كان ممعودا ي، ) هـ136(بدأت هذه احلركة بعهد أيب جعفر املنصور ) جورجيس بن خيتيشوع(غري أن حالته كانت تزداد سوءا عندها اتصل برئيس مدرسة جنديسابور

كما مت يف عهده نقل كتاب ، )5(و طلب منه معاجلته، وعند شفائه أمر بنقل كتب الطب إىل العربيةأيضا كتب الطب و الفلك إىل الذي نقل عمن الفارسية إىل العربية على يد ابن املقف "كليلة ودمنة"

العربية، حيث قام يوحنا بن ماسويه رئيس بيت احلكمة بنقل كتب الطب، يف حني قام حيي بن خالد الربمكي بنقل كتاب اسطي بطليموس، وأخريا عهد املأمون الذي انتشرت فيه حركة

ية مليله إليها كونه الترمجة، حيث ساهم اخلليفة يف تشجيع الترمجة فترمجت الكتب خاصة الفلسف .معتزيل مدافع عن العقل و حرية الرأي

.301تاريخ الفلسفة اليونانية، مرجع سابق، ص"،يوسف كرم)1(

.208، ص 1983، اإلسكندريةوالتوزيع، للطباعةعزيز نظمي سامل، تاريخ املنطق عند العرب، مؤسسة شباب اجلامعة )2(

.65كامل محود، تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص)3(

.53، ص1980، 3بني احلكيمني، دار املشرق، بريوت، ط اجلمع ضمن مقدمة كتاب الفارايب ،ألبري نصري)4(

.66كامل محود، تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص)5(

66

العلمية لتعود بكتب أفالطون و أرسطو تو قد أسس بيت احلكمة و قام بإرسال البعثا .أصبحت منظمة وعامة و شاملة يو من هنا يتبني لنا أن الترمجة يف العهد العباس ،)1(لترمجتها

: أشـهـر مـدارس الـتـرمجــة 2اليت اهتمت بعلم الالهوت و الطب، و بأحباث ):م.ق 306(ة اإلسـكندريـة مدرسـ

وقد اتصل املسلمون مبدرسة اإلسكندرية يف العهد األموي حيث جند )2(الكيمياء و الطب والفلكأما يف )3(الذي يلقب باألسكندراين، "اصطفن"خالد بن يزيد ابن معاوية ترجم له بعض الكتب

.م هذا االتصال مبدرسة اإلسكندرية نظرا لبعدها عن بغدادالعهد العباسي فلم يتم و فرضوا فيها التعليم 363أنشأ الفرس مدرسة الرها عام : مـدرسـة الـرهـاونـصيبيـن

لكن مت غلقها من طرف ، )4(باليونانية، مت تدريس فيها منطق أرسطو و إيساغوجي فرفوريوسألساتذة الطالب إىل نصيبني و أنشأوا مدرسة فتوجه بعض ا) م489(عام )5(اإلمرباطور زينون

و هو ما ساعد ،نصيبني للدفاع عن معتقدام الدينية اعتمادا على بعض نظريات الفلسفة اليونانية .على ازدهار األفالطونية احلديثة و امتدادها إىل بالد فارس

.ة احملدثةازدهرت فيها األفالطوني) م270(تأسست على يد ماليخون : مدرسة أنطاكـية .تأسست على يد أورجيونس الذي ترك مدرسة اإلسكندرية: مدرسـة قــساريةاليت متثلت يف أشخاص ال يف معاهد تعليم، إىل جانب مدارس ختصصت يف : مدرسـة بغــداد

.العلوم خاصة الطب و الفلك و التنجيم و الرياضيات منهاشيد ،)م271-241(سابور األول و هي مدرسة يف خوزستان بناها :مدرسـة جنديسـابور

.مستشفى حيث كان يدرس الطب و يعاجل املرضى) م579- 531(فيها كسرى أنوشروان و هي مدينة تقع مشال العراق اليت كانت مزجيا من الديانات البابلية واليونانية :مدرسـة حران

فلك و الرياضيات، و قد القدمية و األفالطونية احلديثة كانت لغتهم السريانية، و كانوا يهتمون بالأسهم حران يف هذه احلركة الفكرية والعلمية عند العرب، ترجم بعض علمائها اآلثار اليونانية إىل

.67كامل محود، تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص)1(

.60املرجع نفسه، ص )2(

.48-47ألبري نصري ضمن مقدمة كتاب الفارايب، اجلمع بني احلكيمني، مرجع سابق، ص ص)3(

.48، صاملرجع نفسه)4(

.61كامل محود، تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص )5(

67

العربية، و ما يالحظ على هذه املدارس أن أغلبها كانت دينية، وقد أصبحت هذه املدارس مبثابة ون أن يبنوا عليها فلسفة وعلوما أرضية خصبة الستقبال الفكر العريب اإلسالمي، استطاع املسلم

)1( .خمتلفةلن نقوم بإحصاء مجيع املترمجني و خمتلف الترمجات اليت قاموا :أهم املـترمجني والـنـقـلة -3

ا، بل سنكتفي و نركز فقط على أهم الترمجات الفلسفية خاصة املرتبطة بأرسطو كونه يعد أهم و ملا له عالقة باجلانب املنطقي موضوع البحث ،با العرمفيلسوف إىل جانب أفالطون تأثر

:ومن أشهر هؤالء النقلة)2(حيث أقبل النقلة على كتبه املنطقية و الطبيعية و اإلهلية و األخالقية .الذي نقل طيماوس ألفالطون والسماء واحليوان ألرسطو):م815(يوحـنا البـطريق

.ت السماع الطبيعي ألرسطوالذي نقل بعض مقاال: )م835(ناعـمة احلـمـصي بناالذي عينه املأمون رئيسا لبيت احلكمة كان أشهر ):م 873-810(سـحاق إحــنيـن بن

)4(،كانت لديه معرفة إىل جانب لغته السريانية اليونانية والعربية والفارسية ) 3(ناقل على اإلطالق،

و بعض .عقوالتأرسطو امل ويعد أشهر املترمجني نقل عن أفالطون اجلمهورية والنواميس، ومن .و األخالق إىل نيقوماخوس السماع الطبيعي

كان يعرف السريانية و العربية، أسهم يف نقل السماع )م 904-826:(ثـابـت بن قـرة الطبيعي، أصلح الكثري من الترمجات اليت كانت موجودة من قبله، كان جييد ثالث لغات العربية

.اليونانية والسريانيةالذي جييد النقل من اليونانية إىل السريانية، ) م 911- هـ298:(ق بن حـنيـن إســحا

نقل من أفالطون سوفسطس، من أرسطو العبارة ، والكون و الفساد، والنفس، وبعض مقاالته .اإلهليات واألخالق إىل نيقوماخوس

عربية نقل كان يتقن السريانية واليونانية وال): م900-820: (قسـطابن لـوقا البعـلبـكي .بعض السماع الطبيعي ألرسطو

.62 تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص، كامل محود) 1(

.130ص1991، 6يوحنا قمري، أصول الفلسفة العربية، دار املشرق بريوت، ط)2(

.70املرجع السابق، ص كامل محود، )3(

.131سابق، ص يوحنا قمري، املرجع)4(

68

درس املنطق على يد الفارايب اشتهر باملنطق كان ينقل من )م974 -896: (حيـي بن عـديالسريانية إىل العربية، نقل النواميس ألفالطون، و نقل ألرسطو اجلدل واملغالطة والشعر وبعض

.اتالسماع الطبيعي و اآلثار العلوية، و حرف امليم من اإلهلي . الذي نقل كتاب الربهان و حرف الالم من إهليات أرسطو :أبـو بشر مـىت بن يـونس

.الذي ترأس بيت احلكمة وهو طبيب ترجم بعض املخطوطات الطبية :يوحنا بن ماسـويهرغم صعوبة :وصول املنطق األرسطي إىل الفكر اإلسالمي وانتقال األورجانون ومترمجيه-4

إال أن الكثري من الباحثني حيدد )1(،لبدء علم املسلمني بفلسفة وتراث اليونانحتديد الفترة الزمنية و جيمع الباحثون على أن أول من عرفه املسلمون من تراث اليونان )2(،هذه الفترة بالعصر العباسي

فقام العرب بترمجة كتاب األورجانون ألرسطو و شرحه بعد تقسيمه إىل ،)3(الفلسفي هو املنطق :ب مثانية كت

كاتب أيب جعفر املنصور مث إسحاق بن حنني عترمجه ابن املقف) املقوالت(كتاب قاطيغورياس -1 . و حيي بن عدي

.ترمجة ابن املقفع و إسحاق بن حنني) العبارة(كتاب باري ارمينياس -2 .اقبن إسحترمجة ابن املقفع و تيادور و أصلحه حنني ) التحليالت األوىل(أنا لوطيقا األوىل -3ترمجة إسحاق ابن حنني إىل السريانية مث ترمجة أبو بشر ) التحليالت الثانية(أنا لوطيقا الثانية -4

.مىت من لسريانية إىل العربية .إسحاق بن حنني و ترمجه إىل العربية حيي بن عدي ةنقله إىل السرياني) اجلدل(طوبيقا -5زرعة بناريانية و ترمجه إسحاق بن حنني و نقله ابن ناعمة إىل الس) املغالطات(سوفسطيقا -6

.من السريانية و حيي بن عدي إىل العربية .ترمجه إسحاق بن حنني) اخلطابة(ريطوريقا -7 .ترمجه إسحاق بن حنني و أبو بشر مىت من السريانية و حيي بن عدي) الشعر(كتاب بويطيقا -8 :ة يعود إىل أسباب عديدة أمههاإن ظهور حركة الترمج :أسباب قـيام حركة الـترمجة -5

.19ص1984، 3، دار النهضة العربية، بريوت ، طاإلسالمعلي سامي النشار، مناهج البحث عند مفكري )1(

.200عزيز نظمي سامل، تاريخ املنطق عند العرب، مرجع سابق، ص)2(

.19علي سامي النشار، املرجع السابق، ص)3(

69

حيث أن فتح املسلمني للعديد من البلدان أدى إىل :انـتـشـار لغــة الـفـاتح -1انتشار لغتهم بني األمم املفتوحة، فتعلمها محلة العلم السريان الذين نقلوا إىل اللغة العربية ما كانوا

.قد نقلوه إىل لغتهم السريانيةحيث جتمع املصادر التارخيية على أن حركة الترمجة :العباسـييـنتشجيع اخللفــاء -2

شجع نقل الطب ) م775 - 753(فاملنصور )1(ازدهرت بفضل املنصور والرشيد واملأمون،الذي أكثر العطاء ألطبائه ) م809 -786(والنجوم و الفلك إلميانه بالتنجيم، وهارون الرشيد

الذي ) م833 -813(إىل جانب املأمون ،النقل و حث على ،ل على تشجيع الطب و أهلهموعم رأى فيه لحب يعد أكثر اخللفاء اهتماما و تشجيعا للنقل خاصة الفلسفي، وقد علل ذلك ابن الندمي

ما حسن يف العقل مث يف الشرع، مث عند : ما احلسن؟ فأجابه أرسطو : املأمون أرسطو و سأله ثالثاإال أن البعض يرجع ذلك إىل )2(سباب يف إخراج الكتب،اجلمهور، فكان ذلك احللم من أوكد األ

تربيته الفارسية و تأثره باملعتزلة، و قد قام املأمون باختيار أمهر الترامجة و كلفهم بالنقل وشجعهم و أعطاه زنه ما ينقل «على ذلك بالعطاء السخي، وضع حنني بن إسحاق على رأس بيت احلكمة

.)3(»ذهباحيث واجه العرب بعد الفتح مشاكل جديدة يف خمتلف ااالت :أسباب عــلمية -3

وهو ما حتم عليهم تعلم طرق ،السياسية و الفكرية، ال ميكن مواجهتها بأساليب بسيطةإىل جانب حاجة هؤالء اخللفاء املاسة إىل العلوم املنقولة، خاصة علم الطب )4(.جديدة

لتجارة وضبط بيت املال وجباية الضرائب وحاجتهم إىل احلساب واهلندسة يف ا)5(،والتنجيم ،وحاجهم إىل فلسفة اإلسالم والدفاع عنه ،اجتهم إىل االهتداء بالنجومحو)6(،وميزانية الدولة

.والذي دفع املأمون إىل تشجيع النقل الفلسفي و تأييد املعتزلة

.64كامل محود، تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص )1(

.133يوحنا قمري، أصول الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص )2(

.134املرجع نفسه ص )3(

.62املرجع السابق، ص ,كامل محود)4(

.63ألبري نصري ضمن مقدمة كتاب الفارايب، اجلمع بني احلكيمني، مرجع سابق، ص )5(

.64، صاملرجع نفسه)6(

70

إىل القرآن إذ أن اهتمام العرب بالعلم يعود :استجابـتهم لـدعـوة الـدين اإلسـالمي -4هل يستوي الذين يعلمون والذين ال «:و من بني هذه اآليات قوله تعاىل ) ص(وأحاديث الرسول

أما األحاديث النبوية فهي كثرية وسنقتصر ، )2(»وقل ريب زدين علما«:و قوله أيضا )1(»يعلمون سبيل من غادر أهله يف طلب العلم فهو سائر يف«، »العلم فريضة على كل مسلم«على بعضها

. »اهللامرتبطة بتحول العرب من جمتمع قبلي إىل جمتمع حضري، واحلضارة :أسباب حضـاريـة -5

.حتتم طلب العلم و الفنون ووسيلة ذلك هي نقل العلومإذ تعترب اللغة العربية يف .وتعود أساسا إىل افتقار اللغة العربية للغة املنطقية :أسباب ترمجة املنطقغناء هذه اللغة وتطويرها قام العرب بنقل إومن أجل ، اللغة الرمسية للدولةالعصر العباسي هي

مل تعرب عن فهي، اللغة العربية للغة املنطقية فتقاراخاصة اليونانية بسبب )3(،تراث الشعوبمما دفع العرب إىل تطويرها مبختلف ، املصطلحات واألفكار واملواضيع العلمية والفلسفية واملنطقية

ومن هنا ظهرت احلاجة إىل .التعبري عن كل األفكار املستجدة بح لغة علمية قادرة علىالطرق لتص :عنه لويس ماسينيون من خالل قوله وهو ما عرب ،إحياء االصطالحات املنطقية واالستفادة منها

اآلن وها حنن ، فالترمجة العربية صعبة على العريب، أن األمة العربية يف املسائل االجتماعية ضعيفة «أما يف املسائل الفلسفية وما اختص ا فلم ، واألمة العربية يف رقي يف املسائل املادية واالقتصادية

وقد متكنوا من )4( .»ولذلك ال نرى لالصطالح الفلسفي وجودا، يبلغوا فيها كما بلغوا يف األولنيللغة العربية تفسح ميداا وهو ما جعل ا ،القيام ذا العمل بفضل خصائص اللغة العربية االشتقاقية

للعلوم األجنبية خاصة الفلسفة واملنطق من أجل نقل مصطلحات هذه العلوم اليت اشتملت عليها إضافة إىل املناظرات واجلدل الديين الذي دار بني املسلمني وأهل )5(.الكتب املترمجة فيما بعد

جج ملواجهة اخلصوم الذين كانوا الكتاب، والذي أشعرهم باحلاجة إىل املنطق لتدعيم وتنظيم احل

.9يةاآلسورة الزمر، )1(

.114يةاآلسورة طه، )2(

.65كامل محود تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص)3(

.7لويس ماسينيون، حماضرات يف تاريخ االصطالحات الفلسفية العربية، مرجع سابق، ص)4(

.76كامل محود تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص)5(

71

على إطالع بالثقافة اليونانية و يف مقدمتها املنطق، إىل جانب مواجهة العقائد املختلفة كالفارسية .اليت تأسست على املنطق اليوناين و هو ما يستدعي مواجهتها بنفس األسلوب وهو املنطق

:طـرق و مــسـاوئ التـرمجـة- 6 :ن عملية الترمجة تتم بطرق خمتلفة أمههاإ:طـرق التـرمجـة -)أ

وتقوم على ترمجة األلفاظ املفردة، حيث ينظر إىل كل :طريقـة التـرمجــة احلرفيـة -1كلمة مفردة من الكلمات اليونانية و ما تدل عليها، فيأيت الناقل بلفظة مفردة من الكلمات العربية

و من بني الذين اتبعوا هذه )1(نتقل إىل األخرى،ترادفها يف الداللة على ذلك املعىن فيبينها و يالطريقة يوحنا بن البطريق وابن ناعمة احلمصي، غري أن هذه الطريقة رفضت من طرف حنني بن

)2( .إسحاق بسبب عيوا لعدم وجود كلمات يف العربية تقابل مجيع الكلمات اليونانيةفيحصل معناها يف ذهنه، ويعرب عنها و هو أن يأيت جبملة :طـريقة التـرمجة بالـمعـىن -2

باللغة األخرى جبملة تطابقها سواء ساوت األلفاظ أو خالفتها،و من مت فهذه الطريقة تقوم على ، وقد اعتمد على هذه الطريقة )3(نقل املعىن من العبارات مث التعبري عنها جبمل ترادفها يف املعىن

.تج كتب حنني إىل إصالححنني بن إسحاق، و نظرا جلودة هذه الطريقة مل حتاليت يتم فيها وضع اللفظ اليوناين بنفس نطقه األصيل مث :طريـقة التعريـب الـحريف -3

ويتم . وإخل »فاطيغورياس«التعبري عنه باللغة العربية مثلما هو احلال بالنسبة لكتب أرسطو املنطقية .ابلها يف اللغة املترجم إليهااللجوء إىل هذا النوع من الترمجة حني يتعذر إجياد كلمات تق

:ال شك أن عملية الترمجة تتطلب شروط ينبغي توفرها و هي :مســاوئ التـرمجـة-ب .إتقان اللغة املنقول منها - .إتقان اللغة املنقول إليها - .املعرفة باملادة املنقولة -

دفع باخللفاء إىل طلب إعادة غري أن الكثري من املترمجني مل تكن تتوفر فيهم هذه الشروط و هو ما النظر يف بعض التراجم و إعادة ترمجتها من جديد و من مت جاء الشك يف قيمة الترمجات العربية

.9، ص)ت-د(مكة املكرمة، جالل الدين السيوطي، صون املنطق والكالم عن فن املنطق والكالم، املروة، )1(

.10ص ،املرجع نفسه)2(

جالل الدين السيوطي، صون املنطق والكالم عن فن وأيضا. 69كامل محود، تاريخ الفلسفة العربية، مرجع سابق، ص)3( .10املنطق والكالم ص

72

غري أنه رغم النقص املوجود يف هذه الترمجة خاصة يف بدايتها، إال أن ذلك ال ينقص من قيمتها ية والسريانية أمران مفروغ منهما فقيمة النقلة و معرفتهم العميقة بالغات العربية واليونان«

برر ذلك بإعادة ترمجة الكتاب الواحد )1(»وطريقتهم يف النقل أقرب ما تكون إىل الطريقة العلمية .عدة مرات و تصحيح الترمجات القدمية و املقابلة بني الترمجات و املخطوطات األصلية

العديد من املساوئ اليت تنطوي إال أن ذلك ال مينع من وجود ،لكن رغم قيمة هذه الترمجات :عليها الترمجة من أمهها

و هو ما ترتب عنه تشويه ) كلمة كلمة, حرف حرف(املترمجني على الطريقة احلرفية عتمادا- .الكثري من املعاين

بل مت هذا النقل على درجتني من اليونانية ) اليونانية(عدم اعتماد النقل مباشرة من اللغة األصل -نية على يد مترجم، ومن السريانية إىل العربية على يد آخر، وهو ما أدى إىل ضياع إىل السريا

.نوا يضيفون و حيذفون حسب أهوائهمباإلضافة إىل أن السريان كا ، )2(بعض املعاين بني لغة ولغةعدم متكن بعض املترمجني من الترمجة، وهو ما دفع بابن أي أصيبعة إىل تصنيف النقلة إىل طبقات -منهم جيد النقل كحنني الذي يعترب نقله يف غاية اجلودة، وابنه إسحاق وقسطا بن لوقا، ف«

والدمشقي، و ابن زرعة، ومنهم متوسط النقل كابن ناعمة، و ثابت بن قرة، ومنهم من ال حيسن والنتيجة إن حركة الترمجة والنقل رغم بعض مساوئها إال )3(.»العربية و ال اليونانية كابن البطريق

املصطلح املنطقي إىل العامل اإلسالمي وتعرف املسلمني عليه ومن مت اختاذ نتقالاأا مكنت من .مواقف منه وهو ما سنتعرف عليه الحقا

:ووضع كتب احلدود مرحلة تبين املصطلح املنطقي -2حلاجة نظرا ، الحظنا كيفية انتقال املصطلح املنطقي إىل العامل اإلسالمي عن طريق حركة الترمجة

غري أن املسلمني مل يقتصروا على الترمجة والنقل كما يذهب إىل .العرب املاسة إىل لغة منطقية بل اجتهدوا من أجل إجياد لغة منطقية خاصة م هلا ، ذلك بعض املستشرقني وعلى رأسهم رينان

مصطلحاا اليت متيزها عن املصطلحات القدمية يف علم املنطق خاصة مصطلحات املنطق ومن مت جاءت مرحلة تبين املصطلح املنطقي من خالل وضع كتب احلدود من طرف .ألرسطي

.26،ص 1993، 2حنا الفاخوري،تاريخ الفلسفة العربية،دار اجليل،بريوت،ط)1(

.67ص،مرجع سابق ،يخ الفلسفة العربيةتار،كامل محود)2(

.279ص) ت.د(،بريوت،دار مكتبة احلياة،كتاب عيون األنباء يف طبقات األطباء،ابن أيب أصيبعة)3(

73

تسد عجز اللغة يف التعبري عن مصطلحات الكندي يفتش عن ألفاظ «الفالسفة املسلمني فذهب وبعده جاء .)1( »واضطر الفارايب إىل أن يضع قاموسا خاصا يف ألفاظ املنطق...الفلسفة اليونانية وجتدر اإلشارة إىل التداخل الكبري املوجود بني .مث أبو حامد لغزايل، ه يف احلدودابن سينا برسالت

،املصطلح املنطقي والفلسفي يف كتب احلدود نظر الرتباط علم املنطق وصلته الوثيقة بالفلسفةري األعسم يف كتابه وميكن تقسيم تطور املصطلح املنطقي عند املسلمني كما بني عبد األم

:إىل ثالثة مراحل أساسية هي"املصطلح الفلسفي عند العرب" .و متتد من جابر بن حيان إىل الكندي : مرحلة نشوء املصطلح املنطقي -1 .همرحلة حتديد املصطلح املنطقي وانتشار -2 .مرحلة ثبات املصطلح املنطقي واستقراره -3 :طــقيمرحلة نشــوء املصطـلح املن 2-1إن االعتقاد السائد يستبعد دور جابر بن حيان يف نشأة املصطلح : جــابر بـن حيـان -) أ

غري )2(،»فلم تظهر جابرا إال عاملا باملعىن الضيق«نظرا لغلبة االجتاه العلمي على مؤلفاته ،الفلسفيكان جابر على أن ذلك ال يقلل من الدور الذي لعبه جابر يف نشأة املصطلحات الفلسفية، لقد

كما ألف كتب )3( »ثالمثائة كتاب يف الفلسفة«معرفة بالفلسفة اليونانية و ألف حسب ابن الندمي ، ولعل أهم ما ألف جابر رسالة احلدود اليت حتتوي على أربعة )4(املنطق على رأي أرسطوطاليس

:هي )5(موضوعات رئيسية .توطئة من احلد -1 .تقسيم العلوم -2 .العلومحدود -3 .حدود األشياء -4

.88ص 1992 ،ط، بريوت، دار الفكر اللبناين، جريار جيهامي ضمن مقدمة كتاب تلخيص منطق أرسطو البن رشد)1(

.14ص1989، 2ط، القاهرة، اهليئة املصرية العامة للكتاب، سفي عند العرباملصطلح الفل، عبد األمري األعسم )2(

.422ص، 1971، طهران ،حتقيق رضا جترد، 1ج، الفهرست، ابن الندمي)3(

. 423ص ،املرجع نفسه)4(

.18ص، مرجع سابق، املصطلح الفلسفي عند العرب، عبد األمري األعسم)5(

74

واعلم أن الغرض باحلد هو « :وقد حدد جابر يف هذه التوطئة هدف املصطلح أو احلد بقوله )1( .»وال يدخل فيه ما ليس منه، حىت ال خيرج منه ما هو فيه، اإلحاطة جبوهر احملدود على احلقيقة

اعتبارها أول معجم مبسط لأللفاظ فيمكن ،أما تقسيماته اليت ذكرها يف حدود العلوم واألشياءوما يالحظ على جابر عدم اكتفائه بنسخ .الفلسفية يف تاريخ التراث العريب الفلسفي على اإلطالق

املصطلحات آليا، بل بطبعها بطابع إسالمي قصد تقريبها من العقيدة اإلسالمية، وبلغ جمموع تفوتنا اإلشارة إىل نقطة أساسية و ال .احلدود يف رسالة جابر اثنان وتسعون حدا أو مصطلحا

وهي أن جابر يعترب أول من استعمل التعريب احلريف لأللفاظ اليت مل جيد هلا مقابال يف العربية و كذلك مصطلح ما وراء ، "hyll "مبعىن املادة اليت جندها عند أرسطو"اهليويل"كاستعماله ملصطلح

ما يعترب أول من أستعمل حد أو مصطلح ك".metaphysica"الطبيعة الذي يقابل مصطلح أرسطووهو ما يتجلى من " FILOSOFIA"الفلسفة يف املصادر العربية القدمية تعريبا للكلمة اليونانية

وعللها القريبة من الطبيعة من أعلى ، الطبيعية باألموروان حد الفلسفة أا العلم « :خالل قوله )2( .»والقريبة من أسفل

املوضوعات العلمية والفلسفية ي أول من مفكر عريب خاض يفيعد الكند:ـديالكن- )بء قومه أراد أن يعرف أبنا ،السابقني) األوائل(فبعد إطالعه على آراء )3(عاجلها باللغة العربية،و

املسعى الكثري هذاقد واجهت و .جديدة بالنسبة هلميتناول موضوعات مذاهب مل يتعودوا عليها وا جاء اهتمامه الكبري بالتحديد من هنو ،لق بإجياد املصطلحات الفلسفيةعأمهها ما يت ،من العقبات

رسالة يف )4(فكتب رسالة خاصة بالتعريفات حتت عنوانريف والدقة يف استعمال األلفاظ،التعوميكن اعتبارها أول قاموس وصل إلينا للمصطلحات العلمية اليت ،ورسومها حدود األشياء

و إىل ، فيه الكندي مشكلة املصطلح فلجأ إىل التعريب أحياناعاجل )5(.والفلسفية عند العرب و إىل إحياء كلمات عربية قدمية نادرة وإىل توسيع الداللة اللفظية ،الوضع والنحت أحيانا أخرى

، 2ط، القاهرة، اهليئة املصرية العامة للكتاب ،ملصطلح الفلسفي عند العربضمن كتاب ا،كتاب احلدود،جابر بن حيان)1(

.165ص1989

.179ص، املرجع نفسه)2(

.15ص1، 1985ط، بريوت، منشورات عويدات، الكندي، عبد الرمحان مرحبا)3(

.15ص، املرجع نفسه)4(

.16ص، مرجع سابق ،الكندي ،عبد الرمحان مرحبا)5(

75

فوضع طائفة من املصطلحات قريبة املأخذ جارية )1(،"و باالشتقاق حينا آخر اللكلمات بااز حينيف االستعمال وقد كان لرسالة الكندي يف احلدود تأثريها الكبري على من جاءوا بعده يف املشرق

و لذلك )2(اإلسالمي ومغربه كابن سينا والتوحيدي فيما مجعه من تعريفات ذكرها يف املقابسات،يف التعريفات الفلسفية عند العرب كما يذهب إىل اعتربت رسالة الكندي يف احلدود أول كتاب

غري أن بعض املفكرين يرفضون ما ذهب إليه أبو ريدة .ذلك أبو ريدة يف كتابه رسائل الكنديألن رسالة الكندي يف ،"املصطلح الفلسفي عند العرب"ومنهم عبد األمري األعسم يف كتابه

ومنه )3(الية متطورة لوضع املصطلحات بعد جابر،احلدود و الرسوم يف حقيقتها ما هي إال مرحلة تفالعمل الذي قام به الكندي يف نظره إمنا ميثل مرحلة التأسيس للمصطلح استكماال جلهود السابقني

و إذا حبثنا عن مصدر هذه املصطلحات و التعريفات اليت ذكرها .عليه خاصة جابر بن حياناليونانية، أما عن عدد احلدود اليت ذكرها الكندي الكندي لوجدنا أن معظمها يعود إىل الفلسفة

منها مخسة وأربعون مصطلحا مل يعرفها جابر ال يف احلدود ،يف رسالته فهي مئة و تسعة مصطلحاهو ما يبني أن رسالة الكندي جاءت أكثر وو ال يف اللغة الفلسفية اليت عرب عن تلك احلدود ا،

متثل مرحلة نشوء املصطلح فحسب كما هو عند جابر بن حبيث أا ال ،تأثريا من رسالة جابرومن بني املصطلحات واحلدود اليت حتدث )4(.حيان، بل تتعداها إىل مرحلة تكوين املصطلحات

وهو حامل ، اجلوهر هو القائم بنفسه« :عنها الكندي يف رسالته مصطلح اجلوهر الذي يعرفه بقولههو سكون الفهم مع ,اليقني« :تعريفه حلد اليقني بقوله إىل إضافة)5( ،»لألعراض ال تتغري ذاتيته

)6(.»ثبات القضية بربهان :شارهتانمرحلة حتــديد املصطـلح املنطـقي و 2-2

.112ص19782ط، القاهرة، دار الفكر العريب، ندي الفلسفيةرسائل الك، أبو ريدة)1(

.36ص، مرجع سابق، املصطلح الفلسفي عند العرب، عبد األمري األعسم)2(

.37ص، املرجع نفسه)3(

.37ص، املرجع نفسه)4(

، للكتاب ةاهليئة املصرية العام ،ضمن كتاب املصطلح الفلسفي عند العرب ،الكندي رسالة يف حدود العلوم ورسومها)5( .191ص1989، 2ط، القاهرة

.195ص، املرجع نفسه)6(

76

الذي مل تكن له شهرة كبرية بني )مـ997 -هـ 387(تــوىف : اخلـوارزمي –) أالذي يعد من أقدم ما صنفه )1("مفاتيح العلوم"رغم أمهية الكتاب الذي ألفه ،املؤرخني القدماء

العرب على طريقة املوسوعات العلمية، ويتميز بصفة الشمول وهو شبيه إىل حد كبري بكتاب :والكتاب يقع يف مقالتني" إحصاء العلوم للفارايب"

وتتضمن :املقـالـة األولـى .الفقه -1 الكالم -2 النحو -3 كتاب الشعر -4 الشعر والعروض -5 اراألخب -6

وتتضمن :املقـالة الثـانية اللغة -1 املنطق -2 الطب -3 علم العد -4 اهلندسة -5 علم النجوم -6 املوسيقى -7 احليل -8 الكيمياء -9

لوجدنا أن اخلوارزمي خيصص بابا للفلسفة ويقسمه إىل " مفاتيح العلوم"وإذا رجعنا إىل كتاب إيساغوجي، (طق و هو الباب الثاين ويقسمه إىل تسعة فصول ثالثة فصول، كما خيصص بابا للمن

فاطيغورياس، باري أرمنياس، أنا لوطيقا، أفودقطيقا، طوبيقا، سوفسطيقا، ريطوريقا

.44ص، مرجع سابق، املصطلح الفلسفي عند العرب، عبد األمري األعسم)1(

77

ويقدر جمموع املصطلحات اليت أوردها اخلوارزمي يف باب املنطق ثالثة ، )بويطيقا)1(وأخرياأما املصطلحات الفلسفية فبلغ عددها . تإضافة إىل ثالثة مصطلحات فرعية كمرادفا ،وستون

و بذلك يصبح جمموع املصطلحات الفلسفية ،إضافة إىل تسعة فرعية كمترادفات ،مخسة وأربعونواملنطقية اليت عرفها اخلوارزمي مئة و مثانية مصطلحا، وقد قسم اخلوارزمي املصطلحات إىل

.)2(»أعربت ألقابا اخترعت، وألفاظا من كالم العجم«قسمني أو نوعني وهي مصطلحات اخترعها املختصون يف علم املنطق و الفلسفة عن مجلة :ألفــاظ خمترعة -1

.الفالسفة القدماء، فتطورت استعماالا عند املؤرخنيبل عربت ،و هي مصطلحات خمترعة مل تترجم أو توضع بالعربية أصال :ألفـــاظ معربة -2

و كمثال على األوىل املنطق الذي هو ،ألخرى خاصة اليونانيةونقلت إىل العربية نقال عن اللغات ا" وغيال"مصطلح مترجم موضوع للداللة على مصطلح يف غري العربية فهو يسمى باليونانية

الشراح اليونانيني ختراعاتامن " logia"فكلمة )3("املنطق"وبالعربية" ميليلوثا"وبالسريانية دود اليت تطرق إليها اخلوارزمي يف كتابه احلدود الفلسفية ومن بني املصطلحات أو احل.املتأخرين

ل اإلنسان املطلق والفرس واحلمار، النوع هو مث« :حيث حيددمها بقوله ،مصطلحي النوع واجلنس مثل احلي فانه أعم من اإلنسان والفرس، اجلنس ما هو اعم من النوع.وهو كلي يعم األشخاص

الفصل هو ما يتميز « :صل والعرض واخلاصة من خالل قولهإضافة إىل مصطلح الف، »)4(واحلماركالبياض ، ال يف ذاته يالعرض هو ما يتميز به الشيء عن الشيئ...به النوع عن اآلخر بذاته

ويف جمال )5(.»مثل الضحك يف اإلنسان، اخلاصة هي عرض خيص به نوع واحد دائما...والسوادالسور عند أصحاب املنطق « :لقضية حيث يقولالقضية استخدم حدودا عديدة منها السور وا

القضية هي القول اجلازم ومثل قولنا فالن ...وهو كل وبعض وواحد وال كل واحد وال بعض

.88ص، 1930، 1ط، مفاتيح العلوم ،اخلوارزمي)1(

.4ص ، املرجع نفسه)2(

اهليئة ، املصطلح الفلسفي عند العربضمن كتاب ، كتاب احلدود الفلسفية ، وأيضا اخلوارزمي .28ص، املرجع نفسه)3( .215ص1989، 2ط، القاهرة، املصرية العامة للكتاب

، القاهرة، اهليئة املصرية العامة للكتاب ،ضمن كتاب املصطلح الفلسفي عند العرب ،كتاب احلدود الفلسفية ،اخلوارزمي )4( .215ص1989، 2ط

.216ص، املرجع نقسه)5(

78

أما يف القياس فيستخدم حدودا كثرية أيضا منها حد القياس )1( .»كاتب وفالن ليس بكاتبوهذا احلد .ركان يف حد واحدالقياس احلملي هو ما يؤلف من مقدمتني تشت « :احلملي قائال

)2( .»املشترك يسمى احلد األوسط : مرحـلة ثبات املصطـلح و استقــراره 2-3كتب ابن سينا رسالة يف احلدود قصد منها أن يعرف قارئها باملصطلحات :سينــــا بنا-أ

ن نظرية ابن سينا يف و جتدر اإلشارة إىل أ .أي حتديد املفاهيم اليت يتعامل ا الفالسفة)3(األساسيةو قد أقر ابن سينا بصعوبة هذه املهمة )4( ،"الشفاء والنجاة"احلدود كانت سابقة على تأليف كتاب

كون النظر يف احلدود كما يرى ،أي التأليف يف احلدود اليت مل يسبق و أن عاجلها من قبلفإن «:مة رسالة احلدود مقدو قد ال يعطيه حقه وهوما يتضح يف قوله يف موضوع متعذرعلى البشر

أصدقائي سألوين أن أملي عليهم حدود أشياء يطالبونين بتحديدها فاستعفيت من ذلك علما بأنه وأنا اآلن مساعدهم على ملتمسهم، ... كاألمر املتعذر على البشر سواء كان حتديدا أو رمسا

يات رسالة احلدود و إذا تفحصنا حمتو. )5(»ومعترف بقصوري عن بلوغ احلق فيما يلتمسون مينوما تضمنتها من مصطلحات فلسفية، لوجدنا أن عددها بلغ ثالثة و سبعون مصطلحا موزعة

و إذا عقدنا مقارنة بني رسالة . )6(املنطق اثنان الطبيعة مثانية و ستون ما بعد الطبيعة ثالثة: كمايليهب إىل دلك ماجد فخري الكندي يف احلدود مع رسالة ابن سينا لوجدنا أنه رغم تشاهما كما ذ

رسالة احلدود شبيهة برسالة الكندي يف « :و الذي يقول فيه" تاريخ الفلسفة اإلسالمية"يف كتابه حدود األشياء، و منسوجة مثلها على منوال مقالة أرسطوطاليس اخلامسة من كتاب ما بعد

بنامتيز رسالة إال أن رسالة الكندي أوسع من حيث عدد مصطلحاا، إىل جانب . »الطبيعة سينا، بتوضيح طريقة حتصيل احلدود و الرسوم كما بني يف املقدمة وهو ما مل يشر إليه الكندي من قبل كل ذلك يؤكد التطور احلاصل مع ابن سينا باعتباره أول الفالسفة العرب يف عرضه نظرية

.220صمرجع سابق ،، لفلسفية كتاب احلدود ا،اخلوارزمي )1(

.222ص ، املرجع نفسه)2(

.60ص، مرجع سابق، املصطلح الفلسفي عند العرب، عبد األمري األعسم )3(

.60ص، املرجع نفسه)4(

.232-231ص ص، املصطلح الفلسفي عند العرب، ضمن كتاب عبد األمري األعسم، رسالة احلدود، ابن سينا)5(

.66ص، مرجع سابق، صطلح الفلسفي عند العربامل، عبد األمري األعسم)6(

79

، فإننا سنذكر مثاال عن و ما دمنا بصدد البحث يف املصطلح املنطقي، )1(التعريف يف رسالة احلدوديقال موضوع «:احلدود املنطقية اليت ذكرها ابن سينا ويتعلق األمر حبد املوضوع الذي يعرفه بقوله

كل حمل متقوم بذاته مقوم ملا حيل فيه كما يقال هيوىل للمحل غري املتقوم بذاته بل مبا حيله )2(»و يقال موضوع لكل معىن حيكم عليه سلبا أو إجيابا

الذي يقول " معيار العلم"تطرق الغزايل إىل موضوع احلدود يف سياق كتاب : الغـــزايل-بكتاب مقدمات القياس، وكتاب :فاعلم أنا قسمنا القول يف مدارك العلوم إىل كتب أربعة «:فيه

)4( .، وكتاب احلدود حيصره فنان )3(»القياس، و كتاب احلد، و كتاب أقسام الوجود و أحكامه )4(

:يف قوانني احلدود و هو سبعة :ــــن األولالف .الفصل األول يف بيان احلاجة إىل احلد -1 .الفصل الثاين يف بيان مادة احلد و صورته -2 .الفصل الثالث يف بيان ترتيب طلب احلد -3 .الفصل الرابع يف بيان أقسام ما يطلق عليه اسم احلد -4 . يقتنص إال بالربهانالفصل اخلامس يف بيان أن احلد ال -5 .الفصل السادس يف مثارات الغلط يف احلدود -6 .يف استعصاء احلد -7

)5(ومل يعتمد الغزايل يف رسالته ابن سينا يف احلدود فقط، بل استند إىل كتاب النجاة أيضا،

من حيث قام بتنقيح أقوال ابن سينا وتطويرها ،واستعان به لتنظيم مواد الفن األول من احلدودأما الفن الثاين من احلدود فقد خصصه الغزايل لتطبيق نظرية )6(.أجل صياغة ائية لنظرية التعريف

التعريف و قد ذكر الغزايل ستة وسبعون مصطلحا موزعة على املصطلحات اإلهلية، املصطلحات

.67ص، مرجع سابق، املصطلح الفلسفي عند العرب، عبد األمري األعسم)1(

.245ص ، مرجع سابق، رسالة احلدود،ابن سينا)2(

.69ص، 1961، مصر، دار املعارف، حتقيق سليمان دنيا، معيار العلم، أبو حامد الغزايل)3(

.266ص، املصطلح الفلسفي عند العرب، ضمن كتاب عبد األمري األعسم، احلدكتاب ،أبو حامد الغزايل)4(

.79ص، مرجع سابق، املصطلح الفلسفي عند العرب، عبد األمري األعسم) 5(

.84ص ، املرجع نفسه)6(

80

قة على ، وقد صاغ الغزايل احلدود يف رسالته صياغة واعية دقيلحات الرياضيةالطبيعية، املصطحيث جند ،سينا اليت تفتقر هلذا الترتيب للمصطلحات حبسب قول الفالسفة بناخالف رسالة

وجتدر اإلشارة هنا إىل تطور )1(تداخال بني تعريفاته ومصطلحاته اإلهلية مع الطبيعة و الرياضيةعربة اليت املصطلح الفلسفي عند الغزايل تطورا عربيا يف املصطلحات إىل درجة اختفاء األلفاظ امل

و هو ما جيعل لغة الغزايل تعرب عن مرحلة نضج )2(ازدهرت يف مرحلة ما بني الكندي و ابن سينا، .املصطلح الفلسفي عموما و املصطلح املنطقي بصفة خاصة

ومن خالل ما تقدم نتوصل إىل أن املصطلح املنطقي عند الغزايل مل يظهر دفعة واحدة بل شهدت تطورا و نضجا يف املصطلحات و استخدامه ملصطلحات مر مبراحل و أن فترة الغزايل

.عربية مستمدة من العقيدة وهو ما سنكشف عنه بتوسع يف الفصل األخري :املصطلح املنطقيموقف املسلمني من :رابعا

بعد وصول منطق أرسطو إىل العامل اإلسالمي عن طريق الترمجة اختذ املسلمون منه مواقف وقد استندت املواقف من علم املنطق أساسا إىل املصطلحات )3( .لتأييد و املعارضةخمتلفة ما بني ا

.املعتمدة يف هذا العلمتبنت هذا املوقف املدرسة املشائية ويف مقدمتهم الكندي أبو : الفئة املؤيدة للمصطلح املنطقي -1

ع هؤالء قبلوا منطق وابن حزم و ابن رشد يف املغرب، مجي ،نصر الفارايب و الغزايل يف املشرقو منهج ضروري )4(»قانون العمل الذي ال يرد«أرسطو وما تضمنه من مصطلحات معتربين إياه

.للبحث و الدراسة يف خمتلف العلوم العقلية و الدينيةيعترب الفارايب من بني املتحمسني للمنطق األرسطي ) هـ329 -259: (موقف الفارايب-أ

وقد ،ملؤرخني يطلقون عليه اسم املعلم الثاين بعد أرسطو املعلم األولمما جعل ا،واملصطلح املنطقي أكد الفارايب على أمهية املنطق باعتباره يقوم العقل و يسدد اإلنسان حنو الطريق الصواب، وبذلك

فوظيفتهما واحدة و هي تقومي املعوج يف التفكري من خالل ،فهو شبيه بالنحو الذي يقوم اللسان

.86ص ،مرجع سابق، املصطلح الفلسفي عند العرب، عبد األمري األعسم)1(

.88ص ،املرجع نفسه)2(

املاجيستري بعنوان نقد الفلسفة اإلسالمية للمنطق األرسطي حصر الدكتور علي بوقليع هذه املواقف يف ثالثة فئة يف رسالته ) 3( .وما بعدها37،صحمرمة ةمؤيدة فئة ناقدة فئ

.17ص، 2001، القاهرة، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع.املنطق عند ابن تيمية، عفاف الغمري) 4(

81

ويتجلى تأييد الفارايب للمصطلح املنطقي من )1( .مي املعوج يف النطق من خالل النحوو تقو، املنطقمقدما كتبا وشروحات وتلخيصات األورجانون ،خالل دراسة الفارايب ملؤلفات أرسطو املنطقية

الذي قسم فيه املنطق إىل مثانية ،"إحصاء العلوم"جتلت فيها الروح األرسطية بوضوح منها كتاب إىلمثلما هو احلال بالنسبة ألرسطو مستخدما نفس املصطلحات بعد ترمجتها مع االشارة أقسام

ظحيث تناول يف القسم األول قوانني املفردات من املعقوالت واأللفا ،تسميتها األصلية باليونانيةية باري والثاين قوانني األقاويل البسيطة وامللقب باليونان ،الدالة وامللقب باليونانية قاطيغورياس

والرابع ،والثالث األقاويل اليت يعرب ا عن القياسات ومللقب باليونانية أنالوطيقا األوىل ،أرمينياسو اخلامس ، القوانني اليت ميتحن ا األقاويل الربهانية وهو الربهان وباليونانية أنالوطيقا الثانية

والسادس احلكمة املموهة، ة طوبيقااألقاويل اليت ميتحن ا األقوال اجلدلية ويلقب باليونانيو السابع وسيلة امتحان األقاويل اخلطبية و أصناف ،أواألغاليط ويسمى باليونانية سوفسطيقا

و الثامن القوانني اليت تسرب ا األشعار و أصناف األقاويل ، اخلطب ويسمى باليونانية ريطوريقاوقد )3( » كتاب جزء منها يف كل،اء املنطق مثانيةفتصري أجز«)2( .يوطيقاباليونانية ب ويسمى،الشعرية

و مل يكن " العبارة"و كتاب " فاطيغورياس"و " إيساغوجي"ظهر أثر أرسطو يف شروحه لكتاباأللفاظ املستعملة يف "الفارايب شارحا ألرسطو فقط، بل كان مؤلفا لكتب يف املنطق خاصة كتاب

قدم فيه أهم أجزاء املنطق و اليت تتمثل يف الذي اعترب مدخال للمنطق اللغوي، حيث" املنطقوبذلك ميكن اعتبار هذا الكتاب مبثابة اإلرهاصات ،األلفاظ وأنواعها و أجزاء الكالم واحلروف

.األوىل مليالد املنطق العريبيعترب ابن سينا من أشهر مفكري و فالسفة اإلسالم ): هـ 428 - 370(موقف ابن سينا -ب

والذي أكد على ضرورة تعلم املنطق لالهتداء إىل ق األرسطي ومصطلحاته،أثروا باملنطالذين تألن االعتماد على الفطرة ال يوصل إىل احلقيقة ألن الفطرة قد تصيب وقد ختطئ ومن هنا ،احلق

األوىل و البديهية من و كانت الفطرة«:شدد ابن سينا على الرجوع إىل املنطق األرسطي قائال. )4(»ل املعونة على ذلك وكان جل ما حيصل له ذلك إمنا حيصل باالكتسابحدمها قلياإلنسان و

.74.ص، 1،2003ط، اإلسكندرية، دار الوفاء ،عالقة املنطق باللغة عند الفالسفة املسلمني، حسن بشري صاحل) 1(

.46- 45ص ص، ، 1ط، دار ومكتبة اهلالل ، إحصاء العلوم، أبو نصر الفارايب) 2(

.44ص ،املرجع نفسه) 3(

.35ص، 1994، دار الكتب، تقدمي أمحد فؤاد األهواين، منطق الشفاء، ابن سينا)4(

82

إال بإضافة املدخل ملباحث «واملالحظ عدم اختالف منطق ابن سينا عن منطق أرسطو والفارايبكما مت )1( .»ومن هنا كان عدد املوضوعات لديه تسعة بدل مثانية .طق، حيث جعله أوالاملن

اعتبار ابن إىلاألمر الذي دفع ببعض املفكرين .ف أرسطو مث الفارايبحتديدها يف السابق من طروما )2( .سعة الفهم وقوة االستيعاب رغم ما مييزه من، سينا مثرة من مثرات الفكر الفلسفي للفارايب

،يثبت تأثر ابن سينا وتأييده للمصطلح املنطقي هو استخدامه وتوظيفه ملصطلحات أرسطو املنطقيةواللفظ املفرد « :مر مببحث احلدود كمصطلح املفرد واملركب حيث يعرفهما بقولهسواء تعلق األ

إىل )3( .»واملركب هو ما خيالف املفرد ويسمى قوال...هو الذي ال يراد باجلزء منه داللة أصال فهذه « :جانب مصطلح الكليات اخلمس الذي حيدده وحيصره كما فعل أرسطو من قبل بقوله

أو تعلق األمر )4(.»اجلنس والنوع والفصل واخلاصة والعرض العام :هياأللفاظ اخلمسة وهذا الصنف من التركيب «: مبصطلحات مبحث القضايا كمصطلح القضية الذي يعرفه بقوله

انه صادق فيما :ئله وهو الذي يقال لقا، هو التركيب اخلربي، الذي حنن جممعون على أن نذكرهأعلم أن التناقض هو اختالف « :طلح التناقض الذي يعرفه بقولهإضافة إىل مص)5( .»قاله أو كاذب

بعينها أو بغري عينها صادقة إحدامهاوالسلب على جهة تقتضي لذاا أن تكون باإلجيابقضيتني :أما مصطلح العكس فيعرفه بقوله )6(.»حىت ال خيرج الصدق والكذب منهما واألخرى كاذبة

واملوضوع حمموال مع حفظ الكيفية وبقاء ، ضية موضوعاالعكس هو أن جيعل احملمول من الق«أما مصطلحات القياس فهي كثرية وسنكتفي بذكر مصطلح القياس )7(.»الصدق والكذب حباله

إذا سلم ما أورد فيه من ، وأما القياس فهو العمدة وهو قول مؤلف من أقوال « :الذي يعرفه بقوله .)8( .»لزم عنه لذاته قول آخر ، القضايا

.14ص ،1983 ، 1ط، بريوت، دار االفاق اجلديدة، املنطق السينوي ، جعفر آل ياسني)1(

.14ص ،املنطق السينوي ، جعفر آل ياسني)2(

.191ص1960, دار املعارف,اإلشارات والتنبيهات ,ابن سنا )3(

.245ص ,املرجع نفسه )4(

.267ص ,املرجع نفسه )5(

.345ص ,املرجع نفسه )6(

.368ص ,مرجع سابق,ارات والتنبيهات اإلش,ابن سنا )7(

.421ص ,مرجع سابق,اإلشارات والتنبيهات ,ابن سنا )8(

83

أكد ابن حزم أمهية املنطق األرسطي كمنهج من ): هـ 456 -384(موقف ابن حزم - جوإما ،رغم معاداة بيئته للمنطق العتقادهم باشتماهلا على الكفر ،مناهج البحث يف العلوم الشرعية

و هو ما حفزه على دراسة الفلسفة واملنطق ليكتشف أن الفلسفة ال ، )1(لعجزهم عن فهمهافقام ابن حزم بالرد لشريعة و أن املنطق ميكن اختاذه كمعيار لتقومي اآلراء الشرعية،تتعارض مع ا

مبينا أن املنطق ليس حكرا على من يتكلم اللغة اليونانية ألن ،على املواقف املعادية للمنطق اليوناينلى مستوى األمساء واملصطلحات وأن االختالف موجود ع ،املعاين واحدة يف مجيع اللغات

. )2(لذلك امن ابن حزم بأن املنطق هو منطق إنساين ال يعرف احلدود اجلغرافية أو اللغوية.طفقويعود اهتمام ابن حزم باملنطق إىل جمموعة من األسباب والدوافع نستشفها من خالل تأليفه

دوافع دينية :أوال :يسية وهيواليت ميكن حصرها يف ثالثة أسباب رئ ،لكتاب التقريب حلد املنطقأصولية على أساس أن دراسة املنطق تساعد على فهم الكتاب والسنة واستنباط األحكام وكيفية

دوافع جدلية ألن الفقيه أو املتكلم ينبغي عليه :وثانيا .إقامة الرباهني على رد الفروع إىل األصولم وهذا حيتاج إىل دراية بالفلسفة أن يتسلح باملنطق من أجل مواجهة أعداء العقيدة بسالحه

أسباب تعليمية تتمثل يف تقدير علوم األوائل وإبراز قيمتها العلمية :وثالثا.واملنطق بأساليب الربهانومن أجل حتقيق هذا اهلدف اضطر ابن حزم إلعادة طرح .وتقريب املنطق وتيسريه من أجل فهمه

عوبات خاصة املتعلقة بصعوبة ترمجة املنطق بأسلوب واضح ومبسط من أجل جتاوز بعض الصبعض املصطلحات فقام ابن حزم باستعمال ألفاظ عامية سهلة ميكن فهمها من طرف اجلميع وهو

فتقربنا إىل اهللا عز وجل بأن نورد معاين هذه األلفاظ السهلة بسيطة يستوي « :ما عرب عنه بقولهل حسب إدراكنا، و ما منحنا خالقنا تبارك إنشاء اهللا يف فهمها العامي و اخلاص، و العامل اجلاه

، وقد دافع ابن حزم عن املصطلحات املستخدمة يف علم املنطق )3( .»وتعاىل من القوة و التصرفوذلك يف سياق حديثه عن وضع كتب املنطق من طرف القدماء خاصة أرسطو واليت حددوا فيها

فاقا من طرف مجيع األمم حول واليت لقيت ات ،أهم املصطلحات املستخدمة يف هذا العلمكل ذلك من أجل إجياد ،رغم اختالفهم حول األلفاظ واحلدود اليت نعرب ا عن هذه املعاين،معناها

ن من سلف إف« : وتقريب اآلراء حيث يقول ختالفاالحل ملشكلة عويصة تتمثل يف جتاوز

.34ص ,مرجع سابق, املنطق عند ابن تيمية,عفاف الغمري)1(

.111ص,2000,أبو ضيب,امع الثقايف,حزم بنا,وديع واصف مصطفى)2(

.14ص,بريوت,دار الكتب العلمية,ة واألمثلة الفقهيةالتقريب حلد املنطق واملدخل إليه باأللفاظ العامي,حزم بنا)3(

84

ت األمساء اليت اتفقت مجيع مجعوا كتبا رتبوا فيها فروق وقوع املسميات حت، احلكماء قبل زمانناورتبوا كيف يقوم بيان ...ن اختلفت يف أمسائها اليت يقع ا التعبري عنهاإو، األمم يف معانيها

دوا فحدمور، وتقفوا هذه األ، وما يصح من ذلك وما ال يصح، املعلومات من تراكيب هذه األمساءوذللت ، وقربت بعيدا وسهلت صعبا، فنفع اهللا ا منفعة عظيمةيف ذلك حدودا ورفعوا اإلشكال،

ومل )1( .»فمنها كتب أرسطوطاليس الثمانية اموعة يف حدود املنطق، عزيزا يف إرادة احلقائقبل قام بالرد على الذين رفضوا املنطق واستخدام ، يكتف ابن حزم بالدفاع عن املصطلح املنطقي

واصفا ، سلف الصاحل هلذه املصطلحاتالذين حتججوا بعدم استخدام ال، مصطلحاته خاصة الفقهاءالصاحل يف هذا ؟قيل له إن هذا ففهل تكلم أحد من السل:فان قال جاهل « :إياهم باجلهل قائال

، فالذهن الذكي واصل مبا مكنه اهللا تعاىل فيه من سعة الفهم، العلم مستقر يف نفس كل ذي لب فما تكلم أحد .وهكذا سائر العلوم ، عليه إىل فوائد هذا العلم واجلاهل منكسع كاألعمى حىت ينبه

باختالف احلركات ، لكن ملا فشا جهل الناس، من السلف الصاحل رضي اهللا عنهم يف مسائل النحو، فرفعوا إشكاال عظيما، وضع العلماء كتب النحو، اليت باختالفها اختلفت املعاين يف اللغة العربية

)2( .»ولكالم نبيه صلى اهللا عليه وسلم، وكان ذلك معينا على الفهم لكالم اهللا عز وجل وميثلها: الفئة املعارضة للمصطلح املنطقي-2و يعترب . عارض علماء أصول الفقه املنطق واملصطلحات املستخدمة فيه:علماء أصول الفقه -أ

و بلغ األمر إىل حد )3(هـ أقدم من عارض و هاجم املنطق،204افعي املتوىف سنة اإلمام الشحترميه، معلال هذا اهلجوم مبجموعة من املربرات منها استناد املنطق األرسطي إىل خصائص اللغة

دخول املنطق ةاليونانية، اليت ختالف العربية، لغة القرآن الكرمي و السنة، و قد محل الشافعي مسؤوليالرسالة للعامل اإلسالمي النتشار اجلهل بني املسلمني ألصول شرعهم و هو ما وضحه يف كتابه

)4(.»ميلهم إىل لسان أرسطوطاليسما جهل الناس وال اختلفوا إال لتركهم لسان العرب و«:قائال

ويعترب الشافعي صاحب بداية نشأة الفكر الفلسفي يف اإلسالم من ناحية العناية بضبط الفروع التمهيد لتاريخ "واجلزئيات بقواعد كلية كما يذهب إىل ذلك مصطفى عبد الرازق يف كتابه

.12ص، مرجع سابق، التقريب حلد املنطق واملدخل إليه باأللفاظ العامية واألمثلة الفقهية، حزم بنا )1(

.10ص، املرجع نفسه)2(

.14ص، مرجع سابق، صون املنطق والكالم عن فن املنطق والكالم، جالل الدين السيوطي)3(

.15ص جع نفسه،املر)4(

85

كأنه واخلطابة واجلدل، والقياس نطقي يف وضع احلدود والتعريف وحيث ظهر االجتاه امل ،"الفلسفةألن اإلطالع على الرسالة يغنيه ،أراد بذلك وضع حد لدخول املنطق األرسطي للعامل اإلسالمي

قد كان ملقولة اإلمام الشافعي التحليل يف إطار العلم الشرعي، واملنطق كونه يكسبه ملكة عن .السابقة صدى و أثر كبري على علماء املسلمني فيما بعد

أبتعد عن دراسة املنطق و ،فىت بتحرمي املنطقالذي أ ،من أبرز هؤالء ابن الصالح الشهرزوريو قد سئل ابن الصالح عن االشتغال باملنطق ملوصلي، وه كمال الدين بن يونس ابنصيحة من شيخ

و الفلسفة هل هو مباح من قبل الشرع؟ و هل األئمة و السلف الصاحل أباحوا العمل به أم ال؟ هل الفلسفة شر واملنطق «:جيوز استخدام االصطالحات املنطقية يف إثبات األحكام الشرعية؟ فأجاب

االشتغال باملنطق تعلما أو تعليما مما أباحه الشارع، مدخل للفلسفة، فمدخل الشر شر، وليس وأما استعمال االصطالحات املنطقية يف مباحث ...والستباحه أحد من الصحابة و التابعني

فأوصد بذلك الباب أمام من )1(،»األحكام الشرعية فمن املنكرات املستبشعة و الرقعات املستحدثةصون املنطق "كما أيد جالل الدين السيوطي يف كتابه .المييريد أن يدخل املنطق إىل العامل اإلس

، فتوى الشافعي و رأيه يف فساد اللغة نتيجة دخول علوم اليونان "والكالم عن فن املنطق والكالمو أشار الشافعي بذلك إىل ما حدث يف زمن املأمون من القول « :حيث يقول يف بداية الكتاب

فاجلهل بالغة )2( ،»البدع، و أن سببها اجلهل بالعربية و البالغةخبلف و نفي الرؤية و غري ذلك من العربية حسب السيوطي هو السبب املباشر يف ختلي األمة اإلسالمية عن منهج القرآن والسنة واالجتاه إىل املنطق اليوناين، فاملسلم ال حيتاج إىل فلسفة و منطق ليفهم معاين القرآن والسنة خاصة

و هو يريد بذلك أن يقول أن .رتل إال بلسان عريب و أن لكل قوم لغة و اصطالحو أن القرآن مل ياملنطق اليوناين جاء بلغة اليونان، و من مت فهو يعنيهم هم فقط، أما العرب و املسلمني فهم يف غىن

فقد أعاب على الفالسفة املسلمني اشتغاهلم باملنطق على خالف السلف هأما ابن القيم اجلوزي .عنهرغم مكانتهم و عظمة عقوهلم، و من مث فاملنطق ال يفيد العلوم ،لصاحل الذين مل يهتموا باملنطقا

ما دخل املنطق على علم إال أفسده وغري أوضاعه وشوش «:بقدر ما يفسدها ويف هذا الشأن يقولر على املنطق أما ابن تيمية فقد أقر فتوى ابن الصالح يف العديد من كتبه املنطقية،فثا . )3(»قواعده

.42ص، القاهرة، مكتبة ابن تيمية الطالبية، فتاوى ابن الصالح يف التفسري واحلديث والعقائد، الصالح بنا)1(

.20ص، مرجع سابق، صون املنطق والكالم عن فن املنطق والكالم، جالل الدين السيوطي)2(

.158ص، 1ط، ريوتب، دار الكتب العلمية، مفتاح دار السعادة، القيم اجلوزية بنا)3(

86

وشجعه معتربا إياه ميزان غري صادق فهو جمرد أوهام ,الذي اعتربه دخيل على الفكر اإلسالمي الفقهاء إليه قبل أيب حامد الغزايل وخوفهم منه على العلوم على ذلك نظرة البغض من طرف

ن يذمونه ويذمون وأئمة الدي، وهلذا ما زال علماء املسلمني « :وهو ما بينه يف قوله.)1(اإلسالميةحىت رأيت للمتأخرين فتيا فيها خطوط مجاعة من أعيان زمام من ، وينهون عنه وعن أهله، أهله

ومن هنا قام بالرد على )2( ،»كالم عظيم يف حترميه وعقوبة أهلهأئمة الشافعية واحلنفية وغريهم فيها :صفى مقدمة للعلوم كلها قائالكتابه املست الذي جعله يف الغزايل مؤيدي املنطق السابقني خاصة

خربة فليس له ثقة بشيئ من علومه، وأن من ليس له به، انه فرض كفاية :وأما املنطق فمن قال «ومل يقف عند حترميه كما فعل بعض الفقهاء )3( .»فهذا القول يف غاية الفساد من وجوه كثرية

كان على دراية واطالع بفكر واملتكلمني، بل اعتمد على منهج علمي يف نقده للمنطق، وقدو يتجلى هذا " نقض املنطق"و "الرد على املنطقيني"تطرق لنقد املنطق يف كتابني مها ،األقدمني

فإنين كنت دائما أعلم أن املنطق اليوناين ال «:النقد من البداية يف كتاب الرد على املنطقيني بقولهحسب أن قضاياه صادقة ملا رأينا صدق أنت حيتاج إليه الذكي، و ال ينتفع به البليد، و لكن ك

و هو ما يبني )4(.»كثري منها، مث تبني يل فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه، و كتبت يف ذلك شيئا أن ابن تيمية درس املنطق بعمق حيث اطلع على فائدته يف البداية، غري أنه اكتشف خطأ هذا

على مصطلحات وحدود هذا العلم مبينا عدم املنطق فيما بعد وهو ما دفع به إىل نقده مركزا ومن مت فهي ،جدوى استخدام هذه احلدود املنطقية ألا تزيد األمر غموضا بدال من توضيحه

كما أا تفتح الباب واسعا للجدل ألن كل طرف يدعي أن مصطلحاته ، مضيعة للوقت واجلهدوعامة احلدود املنطقية هي من « :لهوهو ما عرب عنه بقو.رغم أا يف احلقيقة واحدة، هي األصح فهي مع ، وهي قبل بيام أبني منها بعد بيام، حشو لكالم كثري يبينون به األشياء:هذا الباب

وتفتح باب ، العمى والضالل إالالفكر واللسان ال توجب وإتعاب، كثرة ما فيها من تضييع الزمانويزعم سالمة حده منه وعند ، ألسئلة ما يفسد بهمن ا خراآلكل منهم يورد حد إذ، املراء واجلدال

.206ص1991، القاهرة، دار الفكر العريب، ابن تيمية، أبو زهرة)1(

.156ص،ـه1370، القاهرة، مكتبة السنة احملمدية، نقض املنطق، ابن تيمية )2(

.155ص، املرجع نفسه)3(

.2003، 1ط، بريوت، دار الكتب العلمية، الرد على املنطقيني، تقي الدين ابن تيمية)4(

87

إىلمث أشار )1( .»رجحان مبني اآلخرليس ألحدهم على ، التحقق جتدهم متكافئني أو متقاربنيوأن العلوم اليت يتعلمها ، أن الذين استخدموا هده املصطلحات اليت وضعها أرسطو هم فئة قليلة

يف اإلسالميةاملصطلحات بدليل أن علماء األمة تلك إىلميكن حتصيلها دون احلاجة اإلنسان، القرون الثالثة السابقة مل تكن لديهم أي معرفة مسبقة ذه احلدود ومل تترجم كتب املنطق بعد

املتكلمني باحلدود فئة إن « :وضع معارف وعلوم حيث يقول إىلومع ذلك استطاعوا أن يصلوا ومن املعلوم أن علوم بين ادم ...فان واضعها هو أرسطو ، ة سيما الصناعة املنطقي، الفيبين ادم قليلة

فان القرون الثالثة من هذه األمة الذين كانوا أعلم بين ...عامتهم وخاصتهم حاصلة بدون ذلك ومل تكن الكتب ، مل يبتدعوها فإم، ادم علوما ومعارف مل يكن تكلف هذه احلدود من عادم

وقد )2( .»حدثت بعدهم من مبتدعة املتكلمني والفالسفة اوإمن، األعجمية الرومية عربت هلم تطرق ابن تيمية يف نقده للمنطق إىل مسالة من أهم مسائل املنطق الصوري و هي مسألة احلد

وهو ما جيعلنا عاجزين عن ، مبينا أن احلدود الكلية توجد يف الذهن فقط ،اليت بين عليها املنطقأن احلدود إمنا هي ألفاظ كلية كقولنا حيوان ناطق «: د حيث يقولمعرفة ما باخلارج بواسطة احل

فما يف اخلارج ال يتعني ، تدل على معىن كلي واملعاين الكلية وجودها يف الذهن ال يف اخلارج...فاحلد ال يفيد تصور حقيقة أصال ، وما يف الذهن ليس هو حقائق األشياء، وال يعرف مبجرد احلد

و النتيجة اليت يصل إليها ابن . ىل املناداة مبنطق امسي كما الحظنا عند الرواقيةوهو ما دفعه إ)3( ،»تيمية أن اطالع السلف على الفكر اليوناين و تأثرهم به يعد خطأ ألن هلم ما يغنيهم عنه، فإن

.كانوا حمتاجني إىل احلق فاملنطق اليوناين ال يوصلهم إىل احلق و ال ميكنهم من فهم دينهمكانت الفكرة الشائعة عند مؤرخي الفكر اإلسالمي ): املتكلمني(علماء أصول الدين موقف -ب

أن املتكلمني األوائل كانوا رجال دين استخدموا منطق أرسطو يف جدهلم ،خاصة املستشرقنيبدليل أن املعتزلة بدئوا حججهم الديين مع النصارى يف وقت مبكر كان املسيحيون يف ،الالهويت

كل هذا دفع إىل .ومن هنا ال بد على املسلمني معرفة منطق أرسطو ،ق األرسطيجدهلم باملنطالقول بأن علم الكالم تأثر مبنطق أرسطو، غري أن الواقع بني لنا أن املنطق األرسطي متت مهامجته

و قد ألفت العديد من الكتب يف نقد .و شيعة إخل من طرف مجيع الفرق الكالمية معتزلة، أشاعرة،

.199ص، مرجع سابق، نقض املنطق، تيمية ابن)1(

.185ص، املرجع نفسه)2(

.187-186ص ص، املرجع نفسه)3(

88

املنجمني لطيب الذي رد فيه على الفالسفة وأليب بكر بن ا" الدقائق"األرسطي ككتاب املنطقأليب حممد " اآلراء و الديانات"ورجح فيه مذاهب املتكلمني على منطق اليونان، وكذلك كتاب

و من هنا .احلسن بن موسى النوخبيت، إىل جانب متكلمة املعتزلة و الشيعة يف ردهم على الفالسفةوهلذا مازال علماء «:رفضوا املنطق األرسطي كما بني ابن تيمية يف قوله ضح أن املتكلمنييت

وهلذا «:و يضيف قائال ، )1(»و عن أهلهونه، ويدمون أهله، وينهون عنه املسلمني وأئمة الدين يدموإن كان فيهم نوع من البدعة هلم من الرد عليه وعلى أهله وبيان مازال متكلموا املسلمني،

لعل السبب الرئيسي و )2(،»و الكفر ما ليس هذا موضعهعنه وحصول الضرر واجلهل به الستغناءافكان بديهيا أال يقبلوا ، يف رفضهم للمنطق األرسطي هو أن املتكلمني مل يقبلوا ميثافيزيقا أرسطو

)3( .عليه هذه امليثافيزيقا ستندتااملنهج الذي

.156ص ، مرجع سابق، نقض املنطق،ابن تيمية )1(

.158ص، املرجع نفسه)2(

.99ص، مرجع سابق، مناهج البحث عند مفكري اإلسالم، علي سامي النشار)3(

أثر اجلانب العقدي على املصطلح : الفصل الثالث

.املنطقي عند الغزايل

:مرحلة تبين الغزايل للمصطلح املنطقي: أوال

اإلبداع .(مرحلة املزج بني اجلانب العقدي واملنطقي : ثانيا

)اإلسالمي االصطالحي

موقف الغزايل من املنطق: ثالثا

.موقف املسلمني من عمل الغزايل:رابعا

90

:متهيدأول من انتقد و استبدل مصطلحات و،إذا كان الغزايل أول من مزج املنطق بعلوم املسلمني

املنطق مبصطلحات جديدة فإن الدافع الرئيسي وراء هذا العامل يرتبط باجلانب العقدي للغزايل، لذي وهو ما يربز األثر الذي تركه اجلانب العقدي يف املصطلح املنطقي لديه، غري أن السؤال ا

يطرح جمددا أين يتجلى هذا األثر؟ ما هي املربرات اليت تثبت ذلك سواء تعلق األمر مبصدر األقيسة املنطقية أو أشكال القياس، أو على مستوى األغاليط املنطقية أو اإلستقراء؟ و كيف انعكس هذا

األمر على موقف الغزايل من املنطق؟وما هو موقف املسلمني من عمل الغزايل؟ خاصة كتاب ،لو تصفحنا كتب الغزايل املنطقية: مرحلة تبين الغزايل للمصطلح املنطقي: أوال

،لالحظنا أن أبو حامد الغزايل تبىن املصطلح الفلسفي عموما"مقاصد الفالسفة " وكتاب " احلدود"حيث ،ن الكتابنيوالسبب يف ذلك يعود إىل فترة تأليفه هلذي. واملنطقي خصوصا يف هذين الكتابني

والذي انتهج ،"احلدود" ويظهر هذا أكثر يف كتابه .ألفهما يف بداية حياته على منهج الفالسفةبدليل أن املرجع األساسي الذي اعتمده الغزايل ،ج الفالسفة الذين سبقوه كالفارايب وابن سينا

التام «ومن هنا نسجل تبين الغزايل.يف تعلم املنطق اليوناين هو كتاب الشفاء واإلشارات والتنبيهات كما أدخلها فالسفة اإلسالم إىل الثقافة العربية مع اجتهاد يف ،واملطلق لكل التعاليم املنطقية اليونانية

. )1( »تقريبها وتعليمها والتمثيل هلاهو ،كما يتضح من خالل العنوان" مقاصد الفالسفة " كما أن اهلدف من تأليفه كتاب

،وتبسيط الفلسفة يف عمومها واملنطق كما ورد على لسان املناطقة الذين سبقوه تلخيص وشرح ،توطئة للرد عليها ونقد أفكار أصحاا ،حيث حاول أن يربهن على مقدرته فهم الفلسفة من جهة

لقد عرض الغزايل وخلص يف هذا . ومن جهة أخرى قدرته على التحكم يف مصطلحاا ولغتهابعد يف كتابه ليقوم بنقدها فيما ،واملنطقية واإلهلية الطبيعية سفةالكتاب أفكار الفال

فرأيت أن « :ما بينه الغزايل بقوله وهو ،وبالتايل فهذا الكتاب مقدمة لكتابه التهافت.التهافتمن علومهم املنطقية ، حكاية مقاصدهم مشتمال على، كالما وجيزا أقدم على بيان افتهم

رؤية للنشر والتوزيع ، من خالل أيب حامد الغزايل وتقي الدين ابن تيمية املنهجية األصولية واملنطق اليوناين، محو النقاري )1(

.254ص ،2010 ،1ط، القاهرة

91

بل ال أقصد فيه إال تفهيم غاية كالمهم من ، غري متييز بني احلق منها والباطل من، والطبيعية واإلهلية )1( .»حكاية مقاصد الفالسفة وهو امسه، ومقصود الكتاب ...غري تطويل

قسم :حيث قسمه إىل ثالثة أقسام ، وقد حتدث الغزايل يف بداية الكتاب عن أقسام املنطقيف األلفاظ « :وهو ما يتجلى من خالل قوله ،أو القياسوقسم االستدالل ، وقسم القضايا,احلدود

مث يف القضية املركبة من موضوع وحممول ، مث يف املعاين وأقسامها، ووجه داللتها على املعاينستخدم أ ،وعند حديثه عن عالقة األلفاظ باملعاين(2) .»وأقسامها مث يف القياس املركب من قضيتني

املطابقة كداللة لفظ البيت على « لتزامالا، التضمن، املطابقة:هي الغزايل ثالثة مصطلحات أساسيةوالثالث بطريق ...واآلخر بطريق التضمن كداللة لفظ البيت على احلائط املخصوص ، معناه

فظ أو احلد يقدم الغزايل جمموعة من لللويف تقسيمه (3) .»كداللة السقف على احلائط لتزاماالأجزاء من املعىن ، أما املفرد فهو الذي ال يراد بأجزائه«كب منها املفرد واملر ،املصطلحات

اجلزئي ما « :ويف تعريفه للكلي واجلزئي يقول)4( .»ن أردت النعت فهو مركبإو...كاإلنسانما ال مينع :والكلي .وهذه الشجرة ,وهذا الفرس ,مينع نفس مفهومه من الشركة فيه كقولك زيد

ويف حديثه عن تشعب )5( .»لفرس والشجرة واإلنساننفس مفهومه من وقوع الشركة فيه كا .املتفقة، املشتركة، املتباينة، املترادفة ،املتواطئة:يقدم الغزايل مخسة مصطلحات هي األلفاظ

أما املترادفة فهي ...فانه ينطبق على الفرس والثور واإلنسان مبعىن واحد ،املتواطئة كقولك حيوان«واملتباينة املختلفة .واخلمر والعقار، على مسمى واحد كالليث واألسداألسامي املختلفة املتواردة

واملشتركة هي اللفظ الواحد املطلق كلفظ .للمسميات املختلفة كالفرس والثور والسماء ملسمياا وفيما خيص )6( .»والعرض)اجلوهر(واملتفقة هي املترددة بني املشتركة واملتواطئة كالوجود ل،العني

بعضها ببعض يقدم الغزايل مجلة من املصطلحات منها مصطلح الذايت والعرضي مقدما عالقة املعاين، إذا قلنا هذا اإلنسان حيوان وأبيض أدركنا تفرقة بني نسبة احليوانية إليه « :أمثلة على ذلك بقوله

.9، ص2003، 1دار الكتب العلمية، بري وت، ط ، مقاصد الفالسفة ،أبو حامد الغزايل )1( .15ص،املصدر نفسه)2(

16.15ص ص، املصدر نفسه)3(

. 16ص ، املصدر نفسه )4( 17-16ص ص ،صدر نفسهامل )5( .18ص ،املصدر نفسه )6(

92

بة وما نسبته نس.فما نسبته إىل املوضوعات نسبة احليوانية يسمى ذاتيا .ني نسبة األبيضية إليهبوما « يف تقسيمه للذايت يستخدم مصطلحني مها اجلنس والنوع األول و)1( .»األبيضية يسمى عرضيا

ويف حديثه عن الكليات اخلمس )2( .»ال أعم فوقه يسمى جنسا وما ال أخص حتته يسمى نوعا .»اجلنس والنوع والفصل والعرض العام وخلاصة «ستخدم مخس مصطلحات وهيأ

املعاين « :خصصه الغزايل للحديث عن القضية حيث بدأ بتعريفها قائال أما القسم الثاين فقدولسنا نقصد من مجلتها إال قسما واحدا وهو اخلرب ويسمى ,املفردة إذا ركبت حصلت منها أقسام

وقد أخد هذا التعريف عن )3( .»قضية وقوال جازما وهو الذي يتطرق إليه التصديق أو التكذيبهذا الصنف من التركيب الذي حنن « :يقول ى اجلملة اخلربية حيثقتصر علأبن سينا الذي إ

نه صادق فيما قاله أو إ:وهو الذي يقال لقائله، جممعون على أن نذكره هو التركيب اخلربيمحلية وشرطية تشتمل األوىل ، وبالنسبة ألقسام القضية يقسمها الغزايل إىل قسمني)4( .»كاذب

ويسمى ,من قولك العامل حادث )العامل(وهو املخرب عنه ك يسمى أحدمها موضوعا «على جزأين أما مصطلح القضية الشرطية .)5( »من قولك العامل حادث)احلادث(ك الثاين حمموال وهو اخلرب

ويقسمها .والثانية تسمى التايل، األوىل تسمى مقدما، فيطلق على القضية اليت تتكون من قضيتنيإن كانت الشمس «:صلة ويقدم مثاال على األوىل بقولهشرطية متصلة وشرطية منف :قسمنيإىل

أما )6( ،»فيسمى تاليا، وأما اجلزء الثاين وهو قولك الكواكب خفية...طالعة فيسمى مقدماولكن ال ترتب ، فتشمل على جزأين كل واحد أيضا قضية إذا حذف عنها كلمة الشرط«املنفصلة

ستخدم أكما .)7( »وإما قدمي، إما حادث العامل:فانك تقول، بني جزأين إال من حيث الذكرالعامل :موجبة كقولك «حيث قسم القضية إىل باعتبار حمموهلا إىل ،مصطلح اإلجياب والسلب

أما من حيث املوضوع فتنقسم القضية إىل .)8( »واىل سالبة كقولك العامل ليس حبادث، حادث

.19مصدر سابق ،ص، مقاصد الفالسفة ،أبو حامد الغزايل )1( .22ص ،املصدر نفسه )2( .25ص ،املصدر نفسه )3( 267ص، مرجع سابق ،اإلشارات والتنبيهات،ابن سينا )4( .26ص ،مقاصد الفالسفة ،أبو حامد الغزايل )5( 26ص ،سهاملصدر نف)6( 27ص ،املصدر نفسه )7( .27ص ،املصدر نفسه)8(

93

هذه األخرية إىل قضية ويقسم)1( ،»واىل غري شخصية ، شخصية كقولك زيد عامل «قسمني فاملهملة ما مل تسور بسور بني فيه أن احلكم حممول على « :مهملة وحمصورة ويعرف األوىل بقوله

واحملصورة هي اليت .اإلنسان يف خسر إذ حيتمل أنك تريد البعض :كل املوضوع أو بعضه كقولك بعض :بة جزئية كقولك إما موجبة كلية كقولك كل إنسان حيوان أو موج:وهي أربعة، ذكر فيها

بعض الناس :أو سالبة جزئية كقولك ، ال إنسان واحد حجر:أو سالبة كلية كقولك ،الناس كاتب سينا هلا مبا يف ذلك األمثلة بناهذا التقسيم السابق للقضية متطابق وتقسيم )2( .»ليس بكاتب

ية كلية وهي إما موجبة فان كان بني أن احلكم عام مسيت القض « :سينا بناحيث يقول ،املقدمةوإذا كان بني ، واحد من الناس حبجر وإما سالبة مثل قولنا ليس,مثل قولنا كل إنسان حيوان

بعض :أو تعرض باخلالف فاحملصورة جزئية إما موجبة كقولنا ,احلكم يف البعض ومل يتعرض للباقي الغزايل ملصطلح تقابل كما تعرض.)3( »وإما سالبة كقولنا ليس بعض الناس بكاتب، الناس كاتب

ولكن إن قامسها ، لكل قضية نقيض يف الظاهر خيالفها باإلجياب والسلب « :القضايا احلملة قائالونعين به أن يكذب إذا .وقيل إن إحدامها نقيض األخرى، الصدق والكذب مسيتا متناقضتني

عرضها من قبل مث تعرض لشروط التقابل كما )4( .»ويصدق إذا كذبت القضية، صدقت القضية :توفرها حيث يقول كما تطرق إىل عكس القضايا والقواعد اليت ينبغي.أرسطو والفارايب وابن سينا

هي :فان بقي الصدق بعينه قل ، واملوضوع حمموال، ونريد بالعكس أن جيعل احملمول موضوعا«وقواعده هي وما يالحظ أن تعريف العكس .)5( »إا ال تنعكس:فان مل يلزم قيل، قضية معكوسة

العكس هو أن« :سينا بقوله بناحيث يعرفه ،نفسها اليت ذكرها ابن سينا دون إضافة أو نقصانوبقاء الصدق ،حفظ الكيفية مع واملوضوع حمموال ،احملمول من القضية موضوعا جيعل

. )6(»والكذب

.28ص، مقاصد الفالسفة مصدر سابق ،أبو حامد الغزايل)1( .29-28ص ص ،املصدر نفسه)2( . 368.ص ،مرجع سابق، اإلشارات والتنبيهات، ابن سينا)3( 30.ص ،أبو حامد الغزايل مقاصد الفالسفة ،مصدر سابق)4( .30ص، املرجع نفسه)5( . 368.ص ،مرجع سابق، اإلشارات والتنبيهات، ابن سينا)6(

94

طلحات ال استخدم الغزايل جمموعة من املص، أما فيما يتعلق باملبحث الثالث اخلاص بالقياسالقياس عبارة « :بداية بتحديد مصطلح القياس بقوله، ختتلف عما ذكره سابقوه خاصة ابن سينا

العامل :ومثل ذلك .عن أقاويل ألفت تأليفا يلزم من تسليمها بالضرورة قول آخر اضطرارا ن يلزم من تسليمهما بالضرورة قول ثالث وهو أ، وكل مصور حادث فإما قوالن مؤلفان،مصور

القياس قول مؤلف من أقوال إذا « :ونفس التعريف جنده عند ابن سينا يف قوله )1( ،»العامل حادثستخدم أويف تقسيمه للقياس )2( .»لزم عنه لذاته قول آخر ،سلم ما أورد فيه من القضايا

هو « :حيث يعرف األول بقوله ، ستثنائياالوالقياس ، أو احلملي قترايناالمصطلحني مها القياس ويصطلح على احلد املشترك الذي يتكرر .)3( »أن جيمع بني قضيتني بينهما اشتراك يف حد واحد

يرد حمموهلا يف والذي، واحلد الذي يرد موضوعا يف النتيجة هو احلد األصغر ،باحلد األوسط يظهر أما اليت، والقضية اليت يظهر فيها احلد ألصغر تسمى املقدمة الصغرى.النتيجة هو احلد األكرب

وفيما يتعلق بتركيبة القياس ذكر الغزايل جمموعة من )4( .فيها احلد األكرب فتسمى املقدمة الكربىسبق وأن ذكرها ابن سينا وأرسطو لنتحصل يف النهاية على ثالثة أشكال تتحدد تبعا ، الشروط

موضوعا يف ألن احلد األوسط إما أن يكون حمموال يف إحدى املقدمتني «، لوضعية احلد األوسطوإما أن ، وإما أن يكون حمموال فيهما ويسمى الشكل الثاين ، األخرى ويسمى الشكل األول

ويتمثل النوع الثاين من األقيسة يف القياس )5( .»يكون موضوعا فيهما ويسمى الشكل الثالث وعلى الثاين ,والذي ينقسم بدوره إىل قسمني يصطلح على األول الشرطي املتصل، ستثنائياال

فهذه ، إن كان العامل حادثا فانه حمدث « :الشرطي املنفصل ويوضح ذلك مبثال قائال ومل )6( »وهو أن له حمدثا، فيلزم منه عني التايل، وهو عني املقدم، ومعلوم أن العامل حادث...مقدمة

.سينا يف كتابه اإلشارات بناوقواعده عما وضعه ومل خيتلف الغزايل يف تعريفه هلذا لقياس)6(، العامل إما حادث « :ستخدم املثال التايل أالشيء بالنسبة للقياس الشرطي املنفصل الذي ونفس

.23مصدر سابق ص ، مقاصد الفالسفة ، أبو حامد الغزايل)1( . 421ص ، اإلشارات والتنبيهات، مرجع سابق ،ابن سينا)2( 33.ص ،مقاصد الفالسفة، أبو حامد الغزايل)3( .33ص ،املصدر نفسه)4( .34ص ،املصدر نفسه)5( .40ص ،فسهاملصدر ن)6(

95

ليس بقدمي فهو أو لكنه. حبادث لكنه قدمي فليسأو . فليس بقدميلكنه حادث ...وإما قدميوتكملها أربعة ،ويعترب القياس احلملي والشرطي يف نظر الغزايل من أصول األقيسة.)1(»حادث :ويبدأ بتعريف قياس اخللف قائال.ولقياسات املركبة ، التمثيل، االستقراء، خللفاقياس :هي أنواع

بأن تضيف إليه مقدمة ظاهرة ,بأن تلزم عليه حماالت ,صورته إن تثبت مذهبك بإبطال نقيضه « النتيجة كاذبة ال حتصل إال من قياس يف مقدماته:مث تقول، الصدق وتنتج منه نتيجة ظاهرة الكذب

ستقراءاالأما )3( .وهذا النوع من األقيسة سبق وأن حتدث عنه ابن سينا من قبل .)2( »كذب ، هو أن حتكم من جزئيات كثرية على الكلي الذي يشتمل تلك اجلزئيات « :فيعرفه بقوله

أو غريمها ووكل إنسان حيرك فكه األسفل عند ، أو فرس، إما إنسان,كل حيوان :كقولك وكل كذا وكذا مما غايرمها حيرك فكه األسفل .حيرك فكه األسفل عند املضغوكل فرس .املضغ

ونالحظ هنا أن تعريف الغزايل )4( .»أن كل حيوان حيرك فكه األسفل عند املضغ:عند املضغ فينتج بدليل استخدامه لنفس املثال حيث يقول ابن ،خيتلف عن تعريف ابن سينا الغزايل لالستقراء ال

مثل حكمنا بأن كل ،هو احلكم على الكلي ملا يوجد يف جزئياته الكثريةف ستقراءالاأما « :سيناغري ستقراءاالو.حيوان حيرك فكه األسفل عند املضغ استقراء للناس والدواب البشرية والطري

وعند .)5( »ستقرىء مثل التمساح يف مثالنا أموجب العلم الصحيح فانه رمبا مل يستقرأ خالف ما ألنه مياثله يف ، هو نقل احلكم من جزئي إىل جزئي آخر « :مثيل يعرفه بقولهحديثه عن مصطلح الت

وهو حكم على « :سينا الذي يقول بناوقد أخد أيضا هذا التعريف عن )6( .»أمر من األمورويتعرض أخريا إىل القياسات املركبة اليت )7( .»جزئي مبثل ما يف جزئي آخر يوافقه يف معىن جامع

وما « :قياسات يف عدد مقدماا سواء بالزيادة أو النقصان حيث يقول الغزايل تتميز عن باقي الولتوضيح )8( .»فهو قياس منتج، وأمكن رده إليه، مما ليس على ذلك النظم ،يورد مشوش الترتيب

.41ص ،مقاصد الفالسفة، أبو حامد الغزايل)1( 42ص، املصدر نفسه)2( .503ص ،مرجع سابق، اإلشارات والتنبيهات، ابن سينا)3( 42ص ،املصدر السابق ،أبو حامد الغزايل)4( .418ص ،املرجع السابق ،ابن سينا)5( .44-43ص ص ،مقاصد الفالسفة ، أبو حامد الغزايل)6( .419ص ، اإلشارات والتنبيهات، اابن سين)7( .46ص ،مصدر سابق ،مقاصد الفالسفة ،أبو حامد الغزايل)8(

96

ليتم ، يتم ردها إىل مقدمتني ،يتألف من أربعة مقدمات)اقليدس(ذلك يقدم مثاال لربهان رياضي «وقد تطرق ابن سينا إىل هذا النوع من القياس من قبل ومساه قياس املساواة )1(.تيجةالوصول إىل ن

وكقولنا اإلنسان من النطفة ) أ(مساو ) ج(ف) أ(مساو ل) ب(و) ب(مساو ل)ج(مثل قوهلم هذا بالنسبة للجانب الصوري أو الشكلي )2( .»فاإلنسان من العناصر، والنطفة من العناصر

«أي مادة القياس وهي املقدمات من حيث يقينها وصدقها ,للجانب املادي أما بالنسبة.للقياسن إو.مل تنتج الصادقة ،وان كانت كاذبة ،كانت النتائج صادقة يقينية،ن كانت صادقة يقينية إف

:وتنقسم املقدمات إىل مخسة أقسام )3( .»مل تنتج اليقينية،كانت ظنية .برهانيا مقدمات يقينية صادقة يترتب عنها قياسا - .مقدمات قريبة من اليقني يترتب عنها قياس جدليا حيتمل الصدق- .بمقدمات ظنية يترتب عنها قياسا خطابيا تتسع للخطأ والكذ-تصور على أا يقينية يترتب عنها قياسا مغالطيا أو سفسطائيا نظرا ملا يقع فيها من تمقدما-

.التباس )4(.نوع من التخيل يترتب عنها قياسا شعريامقدمات كاذبة لكن النفس متيل إليها ب-

عن ابن سينا مبا يف ذلك املصطلحات مأخوذوما نالحظه هنا أن التقسيم السابق للمقدمات والتسميات اليت أطلقها عليها عندما أشار إىل أصناف القياسات من جهة موادها وإيقاعها

واجلدلية املؤلفة من ، اجب قبوهلافهناك قياسات برهانية مؤلفة من املقدمات الو ،للتصديق .)5( ...املشهورات واخلطابية املؤلفة من املضنونات والشعرية املؤلفة من املقدمات املخيلة اخل

وما ميكن استخالصه من خالل عرضنا ملنطق الغزايل ومصطلحاته املنطقية اليت وظفها يفيسة ما هي إال صورة عن منطق ابن سينا سواء املتعلقة باحلدود أو القضايا أو األق ،كتابه املقاصدوالذي نقله بدوره عن أرسطو وهو ما يكشف عن تبين الغزايل يف هذا الكتاب ملنطق ، ومصطلحاته

.أرسطو واملشائية اإلسالمية

.47-46ص ص،أبو حامد الغزايل، مقاصد الفالسفة، مصدر سابق، )1( .496.ص ، مرجع سابق ،اإلشارات والتنبيهات ،ابن سينا)2( .47ص ،املصدر السابق ،أبو حامد الغزايل)3( 48ص ،املصدر نفسه)4( .512-511ص.ص ،مرجع سابق ،اإلشارات والتنبيهات ،ابن سينا)5(

97

مل مينعه فيما ، غري أن تبين الغزايل للمصطلح املنطقي يف كتبه األوىل خاصة كتاب املقاصدبداية بكتابه معيار العلم الذي تناول فيه ،مصطلحات املنطق اليوناينبعد من حماولة التخلص من

.الغزايل ثالثة مباحث أساسية كما هو احلال يف املقاصد وهي مبحث احلد والقضايا واالستداللوإذا كانت املصطلحات اليت استخدمها الغزايل يف املبحث األول اخلاص باحلدود ال ختتلف كثريا

سرعان ما يربز يف املبحث الثاين املتعلق ختالفاالفان ، يف كتاب املقاصد عن تلك املستخدمةحيث نالحظ أن الغزايل استخدم مصطلحات جديدة يف التعبري عنها خاصة عند حديثه ، بالقضايا

)1("املوضوع و احملمول"بدال من استعمال " املخرب عنه"عن تركيبة القضية حيث يستخدم مصطلح وهنا يتضح اعتماد الغزايل مصطلحات اللغة .)2(فزيد خمرب عنه وقائم خرب، ممثال ذلك زيد قائ

ويف شروحه وتوضيحه ألنواع القضية احلملية .العربية وربط املصطلح املنطقي باملصطلح العلميالعامل : احلملي وهو الذي حكم فيه بأن معىن حممول على معىن أوليس مبحمول عليه كقولنا«:يقول

.تعبريا عن طبيعة احلمل، و الذي ينحى فيه منحى فقهيا و لغويا )3(،»حبادث حادث العامل ليس .أما النوع الثاين من القضايا فيتمثل يف القضية الشرطية بنوعيها املتصلة واملنفصلة

: ويقسم الشرطية املنفصلة إىل ثالثة أقساماجتماع القدمي واحلديث كما أي مينع( ،ما مينع اجلمع و اخللو مثال العامل إما قدمي أو حادث -1

.)أحدمها مينع اخللو منفهما ال جيتمعان لكن ميكن أن ختلو ( ،ما مينع اجلمع دون اخللو مثال هذا إما حيوان أو شجر -2

).عنهما بأن ال يكون ال حيوانا وال شجرامينع ( يغرق إما أن يكون زيد يف البحر و إما أال: ما مينع من اخللو وال مينع من اجلمع مثال -3

)4( ).اخللو لكن ال مينع اجلمع فيجوز أن يكون زيد يف البحر و ال يغرق

ستخدم مصطلحي اجلمع و اخللو ومها معان اصطلح عليهما يف الشرعيات أوهنا نالحظ أن الغزايل .جتهاداالو يستعان ما يف

.109ص ،مصدر سابق، معيار العلم، أبو حامد الغزايل)1( .110- 109ص صاملصدر نفسه، )2( .110ص ،املصدر نفسه)3( .112ص ،املصدر نفسه)4(

98

دد تبعا ملوقع احلد ويف حديثه عن أشكال القياس قسم القياس احلملي إىل ثالثة أشكال تتحموضوعا يف ، فعندما يكون احلد األوسط حمموال يف إحدى املقدمتني ،األوسط يف املقدمتني

حكم على املوضوع ، وحاصله يرجع إىل أن احلكم على احملمول «،األخرى يسمى شكال أوالوهنا )1( .»وهو تعدي احلكم إىل احملكوم عليه ,فيكون الوسط سبب التقاء الطرفني ...بالضرورة

من خالل استعماله ملصطلحي ،نالحظ ربط الغزايل املصطلحات املنطقية باملصطلحات العلميةأما .أخذمها من علم األصول ومصطلح التعدي الذي حيمل معىن لغوي ناحلكم واحملكوم عليه اللذا

ه ويقدم شروط هذا الشكل وضروب، الشكل الثاين فيكون احلد األوسط حمموال على الطرفنيولتوضيح )2( ، »يكون احلد املشترك موضوعا يف املقدمتني «وأخريا الشكل الثالث الذي .املنتجة

:فبالنسبة للشكل األول يقدم املثال التايل.األمر أكثر يقدم الغزايل أمثلة من علم الفقه كل مسكر مخر

رام كل مخر ح )3( .فكل مسكر حرام

وعن الشكل الثاين كل ثوب فهو مذروع ال ربوي واحد مذروع

)4( .فال ثوب واحد ربوي

أما الشكل الثالث كل مطعوم ربوي كل مطعوم مكيل

)5( بعض الربوي مكيل القياس بنوعيه بداية باملتصل الذي يتركب من مقدمتني إحدامها مركبة من قضيتني مث حتدث عن

فهو ، إن كان الوتر يؤدى على الراحلة «: مقدما املثال التايل، تربطهما أداة الشرط وأخرى محلية

.135-134ص ص ، مصدر سابق، معيار العلم، أبو حامد الغزايل)1( .141ص ، نفسه املصدر)2( .149ص ، املصدر نفسه)3( .149ص ، املصدر نفسه)4( 150ص ، املصدر نفسه)5(

99

وقد استمد هذا املثال من علم الفقه مما يؤكد )1( ،»فهو إذن نفل، لكنه يؤدى على الراحلة، نفلأما الشرطي املنفصل أو التعاند الذي يقابل ).علم الفقه(املصطلح املنطقي باملصطلح العلمي تباطرا

فهو إذن ، لكنه حمدث ،العامل إما قدمي أو حمدث: فمثاله ،السرب والتقسيم عند الفقهاء واملتكلمني )2(.ليس بقدمي

)اإلسالمي الحيصطاالاإلبداع .(مرحلة املزج بني اجلانب العقدي واملنطقي :ثانيانه بدأ يف إف، إذا كان الغزايل قد تبىن املصطلح املنطقي يف كتبه األوىل كما الحظنا سابقا

ليقوم بإبداع مصطلحات إسالمية من خالل عملية ،التخلي تدرجييا عن مصطلحات املنطق اليوناينخاصة ،ية املتأخرةوقد جتلت هذه العملية يف كتب الغزايل املنطق .مزج اجلانب العقدي باملنطقي

ومن مت ميكن تقسيم هذه .وحمك النظر واملستصفى يف علم األصول ،كتاب القسطاس املستقيم :العملية إىل قسمني

: مرحلة املزج من خالل كتابه القسطاس املستقيم-أ ،يةنظرية القياس اليت متثل قلب النظرية املنطقية التقليد"القسطاس املستقيم "عاجل الغزايل يف كتابه

تقوم على احلوار بني ،مل تكن مألوفة يف الدراسات املنطقية يف اإلسالم وبطريقة جديدة يف الكتابواألمر امللفت لالنتباه يف هذا الكتاب )3(.رفيق من رفقاء أهل التعلم الذين يتبعون اإلمام املعصوم

رف عليها مند القدم، ومل املصطلحات املنطقية املتعا ستخداماختلي الغزايل بصورة كلية تقريبا عن ليشمل املصطلحات املستخدمة يف القياس متدأ، بل )املنطق(يقتصر األمر على جمرد أمساء هذا العلم

الذي حيمل معىن املقياس ,صطلح على مبحث القياس بامليزانأمن مقدمات، و حدود إخل، حيث جديدة، إذ أصطلح على كما أصطلح على أشكال القياس أمساء )4(.مثلما أيضا معيار ومكيال

الشكل األول من أشكال القياس احلملي بامليزان األكرب من موازين التعادل، وعلى الشكل الثاين امليزان األصغر، و نفس األمر ينطبق على القياس سماامليزان األوسط، و على الشكل الثالث سما

م وعلى الثاين مبيزان التعاند ولو صطلح األول مبيزان التالزأالشرطي بنوعيه املتصل واملنفصل، حيث

.152ص ،مصدر سابق ، معيار العلم ، أبو حامد الغزايل)1( 156ص املصدر نفسه،)2( .20.ص ، 1966 ، 1ط، القاهرة، اإلسالماملعهد العاملي للفكر ، املنطق واملوازين القرآنية، حممد مهران)3(

)4(farid jabre ,essai sur lexique deghazali publication de l’université libanaise Beyrouth 1970p274.

100

تساءلنا عن مصدر هذه املصطلحات اجلديدة املرتبطة بالقياس بصورة خاصة لوجدنا أن الغزايل وهو ما يصرح به مند البداية من خالل السؤال الذي طرح عليه من ،يرجعها إىل القرآن الكرمي

ستقيم ليظهر يل حقها و باطلها تزن معرفتك؟ قلت أزا بالقسطاس امل افبما ذ«حماوره فطرومستقيمها، ومائلها، إتباعا هللا تعاىل، و تعلما من القرآن املرتل على لسان نبيه الصادق حيث

؟قلت هي املوازين اخلمس اليت مفقال و ما القسطاس املستقي »و زنوا بالقسطاس املستقيم«:قالو السماء رفها ووضع «:حيث يقول تعاىل)1( ،» ..أنزهلا اهللا تعاىل يف كتابه و علم أنبياءه الوزن ا

و قوله أيضا يف سورة )2(،»و أقيموا الوزن بالقسط و ال ختسروا امليزان, امليزان،أال تطغوا يف امليزان )3(.»لقد أرسنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب و امليزان ليقوم الناس بالقسط«احلديد

حدد الغزايل طبيعة هذا امليزان، و هو ميزان روحاين ،وقبل عرضه هلذه املوازين اخلمسةخاصة إذا وضعنا يف احلسبان ،خيتلف عن امليزان اجلسماين ميزان الرب و الشعري و الذهب و الفضة

ذلك أن القرسطون ميزان الدراهم واإلصطرالب : أن املوازين اجلسمية ختتلف فيما بينها مثالميزان األبعاد يف اخلطوط والشاقول ميزان لتحقيق االستقامة ميزان لقياس حركة الفلك و املسطرة

وهناك موازين روحانية كالعروض الذي هو ميزان للشعر يعرف به أوزان الشعر كما )4(واالحنناء،و هو ما أكده الغزايل ،يشمل املوازين الروحانية معرفة اهللا و مالئكته و غريها من القضايا الدينية

هو ميزان معرفة اهللا و مالئكته وكتبه ورسله وملكه وملكوته، لتعلم «:زان بقولهيف تعريفه هلذا امليكيفية الوزن من أنبياءه كما تعلموا هم من مالئكته، فاهللا تعاىل هو املعلم األول، والثاين جربيل

ويرى الغزايل )5(،»والثالث الرسول، واخللق كلهم يتعلمون من الرسل ماهلم طريق يف املعرفة سواه .الذي توزن به األعمال وعقائد العباد " ميزان يوم القيامة"أن أشهر املوازين روحانية

ومن هنا نالحظ أن مصطلح امليزان الذي استخدمه الغزايل استمده من العقيدة اإلسالمية واآليات القرآنية وهو مرتبط مبسألة عقدية عند الغزايل تتعلق مبجال السمعيات وهي اإلميان بنصب

.42ص,مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .9-8-7يةاآل، سورة الرمحان)2( .25يةاآل، سورة احلديد)3( .47ص سابق، القسطاس املستقيم، مصدر ، أبو حامد الغزايل)4( .43ص ، املصدر نفسه)5(

101

و هو ميزان )1(،»و يضع املوازين القسط ليوم القيامة«:زان الذي اعتربه الغزايل حق لقوله تعاىل امليسواء كانت خرية أو شريرة، ونفس الشيء ينطبق على موازين ،ذي كفتني توزن به أعمال الناس

)2(.»فإن عرض يل شك يف بعض املوازين أخذته و رفعته و نظرت إىل كفيت امليزان «،املعرفةّّّعملية "طه عبد الرمحان على هذه العملية بـ حوقد أصطل: القياس من القرآن ستخراجا-1

ستخرج الغزايل األقيسة احلملية بأشكاهلا الثالثة، أحيث )3(،"التأصيل العقدي للقياس املنطقيا والقياس الشرطي بصورته املتصلة واملنفصلة من النص القرآين، ناسبا إىل نفسه السبق إىل هذ

: فقسم املوازين العقلية إىل ستخراجاال :الذي ينقسم إىل ثالثة أقسام هي: ميزان التعادل - أ

.و هو يقابل القياس من الشكل األول ،امليزان األكرب -)1 .و هو يقابل القياس من الشكل الثاين ،امليزان الوسط - )2 .و هو يقابل القياس من الشكل الثالث ،امليزان األصغر - )3

.يقابل القياس الشرطي املتصل و:ميزان التالزم -ب .يقابل القياس الشرطي املنفصل و:ميزان التعاند -ج

:قام بتحليل هذا األخري إىل عناصر سالكا الطريقة التالية ،و عند حديثه عن امليزان ) .تالقياسا(حتديد موضع امليزان من القرآن أي ذكر اآلية اليت تتدخل يف أحد هذه املوازين -1 .حتديد مصدر التعليم فيها بنسبته إما إىل اهللا سبحانه و تعاىل أو إىل أحد أنبياءه عليهم السالم -2 .إبراز عناصر بنيتها القياسية أي تركيب القياس -3 ).صورة امليزان(جتريد صورا القياسية -4 .املوضوع واحملمول: حد امليزان -5 .ااملقدمتان و أصوهلم: عيار الصنجة -6 .)4(دواعي االستعمال وصوال إىل اليقني: مضنة استعماله -7

.47يةاآل، سورة األنبياء)1( .44ص، مصدر سابق، معيار العلم، أبو حامد الغزايل)2( .341ص ،2005 ،2ط، الدار البيضاء، املركز الثقايف العريب، جتديد املنهج يف تقومي التراث، طه عبد الرمحان)3( .160ص ،1989 ،1ط، بريوت، شرقدار امل، املنطق عند الغزايل، رفيق العجم )4(

102

: ميزان التعادل - أالذي هو ميزان اخلليل :إرجاع الشكل األول من القياس احلملي إىل ميزان التعادل األكرب -)1

عليه السالم الذي استعمله مع منرود، فمنه تعلمنا هذا امليزان على حد تعبري الغزايل، لكن بواسطة لقرآن ذلك أن منرود ادعى اإلهلية، وكان اإلله باالتفاق عبارة عن القادر على كل شيء فقال ا

اإلله إهلي، ألنه هو الذي حيي ومييت، و هو القادر عليه، وأنت ال تقدر عليه فقال أنا : إبراهيم فإن اهللا يأيت بالشمس من املشرق فات ا من املغرب، فبهت الذي «:أحيي وأميت فقال

وهذه احلجة هي مبثابة قياس مضمر حذفت بعض أجزاءه، غري أن هذه األجزاء احملذوفة )1(،»ركف )2( على أن القرآن مبناه على احلذف و اإلجياز, تكون مفهومة من خالل سياق األجزاء املذكورة

.تولد منهما نتيجة هي املعرفة) مقدمتني(وميكن أن نالحظ يف حجة إبراهيم عليه السالم أصلني كل من يقدر على إطالع الشمس فهو اإلله، فهذا أصل وإهلي هو «:وتتمثل صورة هذا امليزان يف

القادر على اإلطالع و هذا أصل آخر، فلزم من جمموعها بالضرورة أن إهلي هو اإلله دونك يا لي، إذ إن التمعن يف صورة هذا امليزان يكشف لنا التماثل املوجود بينه وبني القياس احلم.)3(»منرود

: ميكن صياغته يف شكل قياس منطقي على الشكل التايل .كل من يقدر على إطالع الشمس فهو إله مقدمة كربى

إهلي هو القادر على اإلطالع مقدمة صغرى .إهلي هو اإلله نتيجة

:رموز نقولو بلغة ال .احلد األكرب: كــل و ك ك .احلد األوسط: كــل ص و ص

.احلد األصغر: و. كــل ص كوهو قياس من الشكل األول يكون فيه احلد األوسط موضوعا يف املقدمة الكربى وحمموال يف

و الفرق البسيط بني ميزان الغزايل والقياس املنطقي يكمن فقط يف املصطلحات ،ة الصغرىاملقدمو بناءا على وضع هذين ،حيث أطلق على املقدمة مصطلح األصل ،اجلديدة اليت اصطلحها الغزايل

.258يةاآل، سورة البقرة)1( .49ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)2( .49ص، املصدر نفسه)3(

103

هل ميكن أن يعترف باألصلني معترف مث يشك يف النتيجة؟ و هل يتصور «األصلني يتساءل الغزايل مث جييب الغزايل موضحا ومعلال صحة هذا امليزان ، )1(»يشك يف هذين األصلني شاك؟أن قولنا اإلله هو القادر على إطالع الشمس ال شك فيه، ألن اإلله عندهم و عند كل أحد «:قائال

عبارة عن القادر على كل شيء، و إطالع الشمس من مجلة تلك األشياء، وهذا أصل معلوم قولنا القادر على اإلطالع هو دونك معلوم باملشاهدة، فإن عجز منرود وعجز بالوضع واالتفاق، و

كل أحد سوى من حيرك الشمس مشاهد باحلس، ونعين باإلله حمرك الشمس و مطلعها، فيلزمنا من معرفة األصل األول املعلوم بالوضع املتفق عليه واألصل الثاين املعلوم باملشاهدة، أن منرود ليس

) املقدمتني(و بذلك وضح الغزايل أن أسباب تسليمنا باألصلني )2(.»اإلله هو اهللا تعاىلبإله، و إمنا .كل من يقدر على إطالع الشمس فهو إله إىل الوضع و االتفاق: يعود يف األصل األول

أما النتيجة إهلي هو ،أما يف األصل الثاين إهلي هو القادر على اإلطالع فيعود إىل احلس و املشاهدة .له فهي الزمة يف األصلني السابقنياإل

و قد توقع الغزايل اعتراض البعض على خصوصية هذا املثال كونه ال ينفع إال يف هذا املوضع كما و على الوجه الذي استعمله اخلليل عليه السالم، و ذلك يف نفي إهلية منرود و إثبات «ذكر حماوره

املعارف اليت تتشكل علي، وأحتاج إىل متييز اإلهلية يتفرد بإطالع الشمس فكيف أزن ا سائرمن وزن الذهب مبيزان ميكنه أن «:جييب الغزايل عن سؤال حماوره قائال، )3(»احلق فيها من الباطل؟

ألن امليزان عرف مقداره ال ألنه ذهب بل ألنه مقدار، فكذلك هذا ،يزن به الفضة و سائر اجلواهرلعينها، بل ألا حقيقة من احلقائق، ومعىن من املعاين فنتأمل الربهان كشف لنا عن هذه املعرفة ال

أنه مل لزمت هذه النتيجة منه، و نأخذ روحه وجنرده عن هذا املثال اخلاص حىت ننتفع به حيث كونه ال يهتم مبادة الفكر ،و هو ما يكشف عن إطالع الغزايل ومعرفته بطبيعة املنطق )4(.»أردنا

بل املهم هو صورة الفكر اليت تشكل غالبا فارغا ميكن أن ميأل ،متغريةومضمونه ألن هذه األمور كما توقع الغزايل إمكانية الشك يف صحة املقدمات فماذا ينبغي أن يضع حىت يزول .بأي مادة

الشك؟ إن احلل يكمن حسب الغزايل يف اللجوء إىل األولويات الضرورية املستفادة إما من احلسن

.49ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .50- 49ص ص، املصدر نفسه)2( .50صاملصدر نفسه، )3( .50ص ، املصدر نفسه)4(

104

و لتأكيد ذلك استخدم الغزايل جمموعة من األمثلة ذات الصلة باجلانب ،العقل أو التجربة أو غريزةأن كل نبيد مسكر و كل مكر حرام، ال ميكنه أن ) يف النظر الفقهي(من سلم «:العقدي كقوله

كل جائز فله سبب و اختصاص العامل أو اإلنسان «:و قوله أيضا، )1(»يشك يف أن كل نبيد حرامو هذا املثال األخري له عالقة مبسألة )2(.»به جائز، فإذن يلزم منه أن له سببامبقدار الذي اختص

.عقدية تتعلق بوجود اهللا كما الحظنا يف الفصل األولميزان صادق مفيد ملعرفة ) ميزان اخلليل عليه السالم(و قد اعترب الغزايل ميزان التعادل األكرب

و إبطال ملا أثىن اهللا سبحانه و ،إبطال لتعليم اهللا أنبياءه ألن ذلك و ال يوجد قائل بإبطاله ،احلقيقةو التعليم ال حمالة حق، أن مل ، )3(»و تلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه«:تعاىل عليه إذ قال

)4(.يكن الرأي حقا، و يف إبطال هذا إبطال الرأي و التعليم مجيعا و ال قائل به أصالو يعود هذا امليزان : القياس احلملي إىل ميزان التعادل األوسطإرجاع الشكل الثاين من -)2

و ميكن صياغة ، )5(»قال ال أحب اآلفلني«:بدوره إىل إبراهيم اخلليل عليه السالم يف قوله تعاىلإن القمر آفل و اإلله ليس بآفل، فالقمر ليس بإله، "هذا امليزان على الشكل و الصورة التالية

نتيجة، أي نفي اإلهلية عن القمر ال يصري ضروريا إال مبعرفة األصلني و مها أن فالوصول إىل هذه ال )6(»و مىت عرفنا األصلني صار العلم بنفي اإلهلية عن القمر ضروريا «القمر آفل و اإلله ليس بآفل

: و بلغة املنطق ميكن صياغة هذا الربهان صياغة منطقية على النحو التايل .مقدمـة كربى اإلله ليس بآفل

.القمر آفــل مقدمة صغرى .القمر ليس بإله نتيــــجةوضعية احملمول ) آفل(الذي يتخذ فيه احلد األوسط ،وهو الشكل الثاين من أشكال القياس احلملي

بة حىت يستغرق احلد يف املقدمتني معا، حيث يشترط يف هذا الشكل أن تكون إحدى املقدمتني سال

.52ص ،، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .53ص ، املصدر نفسه)2( .83يةاآلية، سورة األنعام)3( .54ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل امل)4( .76يةاآلية، سورة األنعام)5( .55ص ، صدر السابق،مالقسطاس املستقيم ، أبو حامد الغزايل)6(

105

غري أن السؤال .األوسط مرة واحدة يف املقدمتني، و من مت تكون نتائج هذا الشكل سالبة دوماأنا ال «الذي قد يطرح جمددا حول كيفية معرفة صحة املقدمتني وهو ما ورد على لسان حماوره

أعرف أن القمر آفل، أشك يف أن نفي إهلية القمر يتولد من هذين األصلني، إن عرفا مجيعا لكينفيجيبه الغزايل مبينا ؛ )1(»وهذا معلوم باحلس أما أن اإلله ليس بآفل، فال أعلمه ضرورة و ال حسا

أن «بل ،غرضه من هذا امليزان بأنه ال يتمثل يف الربهنة على القضية السابقة وهي أن اإلله ليس بآفلطريق من الوزن ضرورية، و إمنا حصل العلم أعلمك أن امليزان صادق و املعرفة احلاصلة منه ذا ال

به يف حق اخلليل ليه السالم إذ كان معلوما عنده أن اإلله ليس بآفل، و إن مل يكن ذلك العلم أوليا له، بل مستفادا من أصلني آخرين ينتجان لعلم بأن اإلله ليس مبتغري فكل متغري حادث واألفول هو

، فخد أنت امليزان و استعمله حيث حيصل لك العلم التغيري، فبين الوزن على العموم عنده .مبعىن أن تأخذ الصورة املنطقية، و توظفها يف أي مادة كانت )2( ،»باألصلني

أن كل شيئني، «:ومن أجل توضيح هذا الشكل أكثر و متييزه عن الشكل األول يقول الغزايلأي أن نفي صنعة عن ، )3(»وصف أحدمها بوصف يسلب ذلك الوصف عن اآلخر فهما متباينان

شيء أو ثبوا لغريه دليل على أما خمتلفتان، فنفي األفول عن اإلله، و إثبات األفول للقمر و يرى الغزايل أن اهللا . يستوجب التباين بني اإلله و القمر، فال يكون القمر إهلا و ال اإلله قمرا

و قد اكتفى الغزايل ،ة من القرآنالوزن ذا امليزان يف مواضع كثري) ص(تعاىل علم رسوله حممد ألم ، )4(»قل فلم يعذبكم بذنوبكم؟ بل أنتم بشر ممن خلق«:بذكر أحدمها يف قوله تعاىل لنبيه

:ادعوا أم أنبياء اهللا فبني له كيفية إبراز خطئهم بالقسطاس املستقيم و صورة هذا امليزان هي أن البنني ال يعذبون

أنتم معذبون .ءأنتم لستم أبنا .البنني ال يعذبون اليت نتعرف عليها بالتجربة) (مقدمة كربى(فلدينا أصل

.أنتم معذبون اليت نتعرف عليها باملشاهدة) مقدمة صغرى(و لدينا أصل

.55ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .56ص ، املصدر نفسه)2( .56ص، املصدر نفسه)3( .18يةآلا، سورة املائدة)4(

106

)1( .و نتيجة تلزم عنهما ضرورة و هي نفي النبوةء هللا من دون الناس يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أوليا:قل«:أما الوضع الثاين فقوله تعاىل

ومعلوم أن الويل ،ذلك أم ادعوا الوالية، )2( »فتمنوا املوت إن كنتم صادقني، و ال يتمنونه أبدايتمىن لقاء وليه أو معلوم أيضا أم ال يتمنون املوت الذي هو سبب اللقاء، فيلزم عن ذلك أم

:وصورة هذا امليزان )3(ليسوا أولياء اهللا، .ــقاء وليه مقدمة كربىكل ويل يتمىن ل

.اليهودي ليس يتمىن لقاء اهللا مقدمة صغرى .إذن اليهـودي ليس ويل اهللا نتيـــجة

و بلغة الرموز ال ك و كل ص و ال ص ك

.املقدمة الكربى صادقة بالتجربة .شاهدةاملقدمة الصغرى صادقة باحلس و امل .النتيجة الزمة لزوما ضروريا منطقيا

فكثري منها معرفة التقديس أي ما يتقدس عنه ،أما فيما يتعلق مبواقع استعمال هذا امليزانوعلمنا كيفية الوزن به إذ ،الرب تعاىل، حيث استعمل اخلليل عليه السالم هذا امليزان يف التقديس

و ليس بعرض ...و أن اإلله ليس جبوهر متحيز ...عاىل عرف ذا امليزان نفي اجلسمية عن اهللا تألن العرض ليس حبي عامل، و اإلله حي عامل، فليس بعرض، و كذلك احلال بالنسبة لبقية أبواب

و اآلخر موجب ) منفي(التقديس اليت تأيت معرفتها انطالقا من ازدواج أصلني أحدمها سالب على ،)املصطلح املنطقي(لعقدي على الناحية املنطقية و املالحظ مها مدى تأثري اجلانب ا .)مثبت(

أساس أن مسألة التقديس هي من أهم الصفات الذاتية اليت دافع عنها الغزايل و أثبتها اهللا تعاىل كما .الحظنا سابقا ويف نفس الوقت وظفها واستدل ا يف مسائله املنطقية

.57ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .7-6يةاآل، سورة اجلمعة)2( .57ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)3(

107

و هو مأخوذ من : ن التعادل األصغرإرجاع الشكل الثالث من القياس احلملي إىل ميزا -)3و ما قدروا اهللا حق «:و ذلك يف قوله) ص(علمه اهللا سبحانه و تعاىل نبيه حممد ،القرآن الكرميمن انزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا : ما أنزل اهللا على بشر من شيء، قل: قدره، إذ قالوا ،بنفي إنزال الوحي على البشر قول باطل أن قوهلم ،ووجه الوزن ذا امليزان )1(.»وهدى للناس؟

،وهذه النتيجة تنتج أصلني احدمها أن موسى عليه السالم بشر وهي صادقة باحلس واملشاهدةوالثانية أن موسى مرتل عليه الكتاب وهي معلومة باعترافهم فيلزم بالضرورة قضية خاصة وهي أن

. )2( بأنه ال يرتل الكتاب على بشر أصال بعض البشر يرتل عليه الكتاب وتبطل به الدعوى العامة :و ميكن صياغة هذا امليزان كالتايل

موسى مرتل عليه الكتاب مقدمة كربى .موسى عليه السالم بشر مقدمة صغرى

.بعض البشر مرتل عليه الكتاب نتيجة كل و ك: و بلغة الرموز

كل و ص .بعض ص ك

واملالحظ أن امليزان األصغر هو عبارة عن الشكل الثالث من أشكال القياس احلملي الذي يتخذ فيه احلد األوسط وضعية املوضوع يف كلتا املقدمتني وتكون النتيجة جزئية دائما و يقوم هذا امليزان

حد فبعض أحد الوصفني البد أن يوصف باآلخر كل وصفني اجتمعا على شيئني وا«على بيان أن بالضرورة، و يلزم أن يوصف به كله، أما وصف كله فال يلزم لزوما ضروريا، بل قد يكون يف

)3( »بعض األحوال و قد ال يكون :و لتأكيد هذا األخري يقدم الغزال مثاال على ذلك و هو

.كل إنسان حيوان .كل إنسان جسم

.وان، و ال يلزم أن كل جسم حيوانفيلزم أن بعض اجلسم حي

.91يةاآل، سورة األنعام)1( .59ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)2( .61ص ، املصدر نفسه)3(

108

وقد يطرح تساؤل حول معىن هذه املوازين و ملاذا مسي األول باسم األكرب و الثاين باسم األوسط والثالث باسم األصغر؟ و هنا جييب الغزايل معلال ألن األكرب يتسع ألشياء كثرية إذ ميكن أن

، و النفي العام و بالتايل يتسع ألربعة أجناس من تستفاد منه املعرفة باإلثبات العام و اإلثبات اخلاصأما الثاين أي األوسط فال ميكن أن يوزن به إال النفي، النفي ،)أي أربعة قضايا محلية(املعارف

ال ) منتج الكلية(أما الثالث األصغر فال يوزن به إال اخلاص ) ك س، ج س( ،العام و النفي اخلاص )1(.و أصغر ال حمالةيتسع إال للحكم اخلاص اجلزئي فه

ستخدمها أبه يعد من موازين الشيطان اليت ) للكلية(و يشري الغزايل أخريا إىل أن وزن احلكم العام ووزن ا أهل التعليم لبعض معارفهم، وهو ما ألقاه الشيطان يف أمنية اخلليل عليه السالم يف

الشيطان كمصطلح منطقي يطلقه و هنا يربز جمددا مصطلح ميزان ،»هذا ريب هذا األكرب«:قولهالغزايل على بعض األقيسة اخلاطئة أو األغاليط املنطقية كما سنرى الحقا واليت ترتبط باجلانب

.العقديآيات من القرآن الكرمي من وهو مستفاد: إىل ميزان التالزم املتصل إرجاع القياس الشرطي-ب

لو كان معه آهلة «:و قوله أيضا، )2(»لفسدتا لو كان فيهما آهلة إال اهللا«:عديدة منها قوله تعاىللو كان هؤالء آهلة ما «:و قوله، )3(»كما تقولون، إذا البتغوا إىل ذي العرش سبيال

:وصورة هذا امليزان كالتايل،)4(»وردوها .»لو كان فيها آهلة غري اهللا لفسدتا«:أصل مأخوذ من قوله تعاىل . كان للعامل إهلان لفسدتا لو

.أصل ثاين. أما مل تفسدا لكن معلوم .نتيجة .إذن نفي اإلهلني

:أما صورة امليزان الثاين فهي .لو كان مع ذي العرش آهلة البتغوا إىل ذي العرش سبيال

.معلوم أم مل يبتغوا .نفي اإلهلية سوى ذي العرش

.61ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .22يةاآل، سورة األنبياء)2( .42يةاآل، سورة اإلسراء)3( .99يةاآل، سورة األنبياء)4(

109

.مو هو قياس شرطي متصل يشتمل على جزأين أحدمها الزم و اآلخر ملزو املقدم= ق )1(إذا كان ق كانت ك : و بلغة املنطق الرمزي

.التايل= ك لكن ليس ك .إذن ليس ق

معلوم أن لزوم هذه النتيجة مرتبط بالقاعدة املنطقية اليت تنص على أن رفع التايل يلزم عنه رفع نفي الالزم يوجب بالضرورة نفي امللزوم، ووجود امللزوم يوجب بالضرورة «ث أن حي ،املقدم

نفي امللزوم ووجود الالزم فال نتيجة هلما،بل مها من موازين الشيطان، و هنا اوجود الالزم، أمنالحظ إملام و معرفة الغزايل الدقيقة ذا النوع من القياس و قواعده و حاالت صدقه، وحاالت

ث أن هذا النوع من القياس كما نعلم قاعدتني قاعدة اإلثبات اليت تنص على أن إثبات حي ،كذبه :ملقدم يلزم عنه التايلا

إذا كانت ق كانت ك لكن ق إذن ك

:و العكس غري صحيح أي أن إثبات التايل ال يلزم عنه إثبات املقدم .إذا كانت ق كانت ك

لكن ك . إذن ق

:في التايل يلزم عنه نفي املقدمقاعدة النفي اليت تنص على أن ن إذا كانت ق كانت ك

لكن ليس ك إذن ليس ق

:و العكس غري صحيح أي أن نفي املقدم ال يلزم عنه نفي التايل إذا كانت ق كانت ك

لكن ليس ق

.52ص ، مرجع سابق ، املنطق واملوازين القرآنية، محد مهران)1(

110

.ك ليس إذنقدم ،الغزايل ملصطلحي املقدم و التايل مبصطلحني جديدين ومها امللزوم والالزم ستبدالاإضافة إىل

الغزايل بعض األمثلة الفقهية والكالمية اليت تثبت تأثر منطق الغزايل ومصطلحات جبانبه العقدي :منها قوله

،إذا كان بيع الغائب صحيحا، فيلزم بصريح اإللزام العلم باالستقراء املفيد للنص و إن مل يفد العلم ).بتسليم اخلصم و مساعدته(و معلوم أنه ال يلزم بصريح اإللزام

:وقوله أيضا .و هو مثال أخذه الغزايل من الفقه )1(،فيلزم منه أنه ليس بصحيح) و هذا أويل يف العقل(إذا كان صنعة العامل و تركيب اآلدمي مرتبا عجيبا حمكما فصانعه عامل

).و هذا مدرك بالعيان(ومعلوم أنه مرتب .فيلزم منه أن صانعه عامل

يف الفصل األول له عالقة مبسألة عقدية تطرق إليها الغزايل يف و هو قياس كما سبق و أن الحظنا ائية و ما نراه من تناسق و انسجام، و تدبري حمكم غإثباته لوجود اهللا خاصة ما يرتبط بدليل ال

وأفعال متقنة مركبة بشكل عجيب واليت تدل على وجود خالق قادر عامل، إىل جانب إثبات أن كان صانعه عامل فهو حي، «الذات كاحلياة على أساس صفات اهللا سواء كانت الزائدة عن

إن كان حيا عاملا، «و أنه ليس بعرض ألنه ، )2(»ومعلوم أنه عامل بامليزان األول فيلزم منه أنه حيفهو قائم بنفسه و ليس بعرض،و معلوم بامليزانني السابقني أنه حي عامل فيلزم منه أنه قائم

الصفات القائمة يف الذات و حتديدا أنه ليس بعرض،ومل بعالقة و هذه األخرية هلا )3(.»بنفسهبل يقدم أمثلة عن بعض األقيسة أو موازين التالزم اخلاطئة ،يكتف الغزايل بتقدمي أمثلة صحيحة

و اليت يزن ا بعض أهل التعليم ،و الذي حيمل مدلوال عقديا ،صطلح عليها موازين الشيطانأاليت :منها

يد صحيحة فهو متطهرإن كانت صالة ز و معلوم أنه متطهر

.يلزم عنه أن صالته صحيحة

.63ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .63ص، املصدر نفسه )2( .63ص ، املصدر نفسه)3(

111

أي إثبات التايل يلزم عنه إثبات املقدم ألنه رمبا أبطلت صالته بعلة أخرى، و بالتايل ال يدل على :وجود ملزوم، و نفس الشيء إذا قلنا

إذا كانت صالة زيد صحيحة فهو متطهر و معلوم أن صالته ليست صحيحة

)1( .تجنا أنه ليس متطهرو استن .فإننا نقع يف اخلطأ أيضا ألن نفي املقدم ال يلزم عنه نفي التايل

يف ) الباطلني(إمكانية التسليم بصحة القياسني السابقني " حمك النظر"غري أن الغزايل يرى يف كتابه :يف املثالني التاليني حالة ما إذا كان التايل مساو للمقدم أو إذا كان املقدم علة التايل و له كما هو

إذا كان زنا احملصنني موجود فالرجم واجبمثبتة ألي من املتقدم و التايل جاءت النتيجة لآلخر،و إذا ) الصغرى(فإذا جاءت املقدمة احلملية

إذا : جاءت هذه املقدمة نافية ألي منهما جاءت النتيجة نافية لآلخر، و يصدق هذا أيضا يف قولنا )2( ة فالنهار موجودكانت الشمس طالع

.و قد استمد الغزايل أمثلته من اجلانب العقديو هو مستمد بدوره من القرآن يف قوله : إرجاع القياس الشرطي املنفصل إىل ميزان التعاند -ج

قل من يرزقكم من السموات و األرض؟ قل اهللا، و إنا أو إياكم لعلى هدى «) ص(تعاىل يف نبيه :صورة هذا امليزان و )3(»أو يف ضالل مبني

إنا أو إياكم لعلى ضالل مبني أصل و معلوم أننا لسنا يف ضالل أصل

)4(إذن إنكم يف ضالل نتيجة ضرورية :وبلغة املنطق نقول

إما أن تكون ق أو ك لكن ليس ق

.64ص مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .52ص، 1956، بريوت، ظبطه وصححه بدر الدين النعساين، حمك النظر )2( .24يةاآل، سورة سبأ)3( .65ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)4(

112

.إذن ك .] ك c }ق ~ ) ك vق ({[

السرب "و ما يعرف عند األصوليني باالستدالل بطريق أ ،وهو عبارة عن قياس شرطي منفصليتكون من مقدمة كربى شرطية منفصلة تفيد العناد والتناقض ومقدمة صغرى محلية ،"والتقسيم

،يتثبت أو تنفي أحد طريف املقدمة الكربى و نتيجة تستنتج فيها صدق أو كذب الطرف املتبقرفع أو نفي املقدم يلزم عنه "يرتبط بالقاعدة املنطقية " إذن إنكم لفي ضالل"ولزوم النتيجة السابقة

إن من دخل دارا ليس «:و لتوضيح األمر أكثر يقدم الغزايل مثاال بسيطا قائال ."رفع أو نفي التايلو لقد خلص )1(.»فيها إال بيتان، مث دخل أحدمها فلم نره، فنعلم علما ضروريا أنه يف البيت الثاين

،ا امليزان بأن كل ما احنصر يف قسمني فيلزم من ثبوت أحدمها نفي اآلخرالغزايل قواعد أوحد هذأي أن )2(،غري أنه اشترط أن تكون القسمة منحصرة ال منتشرة ،ومن نفي أحدمها ثبوت اآلخر

وكذب أحدمها إىل صدق ،يكون بني الطرفني عناد تام فيؤدي صدق أحدمها إىل كذب اآلخر" زيد إما باحلجاز أو العراق"مة املنتشرة فاألمر خيتلف كقولك الطرف اآلخر، أما يف حالة القس

أما استثناء نفي ،فاستثناء عني واحد ينتج بطالن عني اآلخر،" أو هذا العدد إما مخسة أو عشرة "ألنه لو قلنا أن زيد بالعراق الستنتجنا )3(الواحد فال ينتج إال االحنصار يف الباقي الذي ال ينحصر

لكن إذا قلنا يف املقدمة احلملية أنه ليس .ة أي أنه ليس باحلجاز و العكس صحيحنقيض هذه القضيو قد اصطلح الغزايل على الوزن ،باحلجاز فإننا ال نستطيع أن نستنتج بالضرورة أنه بالعراق

و هو ما )4(،والذي طبقه بعض أهل التعليم يف مواضع كثرية" وزن الشيطان:"بالقسمة املنتشرة بأا خطأ هذه الطريقة اليت اعتمدت عليها الباطنية التعليمية يف مقابل صدق موازينه اليت يشري إىل

استمدها من القرآن الكرمي، و كل ذلك يكشف عن مدى تأثرمصطلحات الغزايل املنطقية باجلانب .العقدي

سة إذا كان للقرآن موازين و هي األقي :مصطلح موازين الشيطان بدال من األغاليط املنطقية -2فإنه يوجد يف مقابل ذلك موازين و أقيسة فاسدة يصطلح عليها ،الصحيحة كما الحظنا سابقا

.65ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .66ص ، املصدر نفسه)2( .53ص ، مصدر سابق، حمك النظر ، أبو حامد الغزايل)3( .66ص، صدر سابقم، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)4(

113

للشيطان يف جنبه ميزان ملصق به ميثله «ألا عمل من أعمال الشيطان إذ ،الغزايل مبوازين الشيطانوأحكامها بامليزان احلق ليوزن به فيغلط، لكن الشيطان إمنا يدخل من مواضع الثلم، فمن سد الثلم

و قد حصر هذه املواضيع أو املواقع يف عشرة مجعها و شرحها بشكل موجز يف )1(.»آمن الشيطانو من هنا نالحظ أن ميزان ، "معيار العلم"و شرحها بالتفصيل يف كتابه ،"حمك النظر"كتابه

وهوما الشيطان يتضمن أخطاء غري ظاهرة تؤدي إىل قياس فاسد على املستوى الصوري أو املادي،و اليت تعود إىل أخطاء يف تركيبة األقيسة أو يف «يصطلح عليه يف املنطق باسم املغالطات املنطقية

موازين (و قد قدم الغزايل منوذجا عن هذه املوازين )2(.»صورها أو يف األلفاظ املستخدمة يف قضاياخاطر إبراهيم عليه السالم من خالل ما ألقاه الشيطان يف " القسطاس املستقيم"يف كتابه ) الشيطان

قبلك من رسول و ال نيب إال إذا متىن ألقى الشيطان يف أمنيته فينسخ نو ما أرسلنا م«:يف قوله تعاىلهذا ريب هذا «و قد حتدث إبراهيم اخلليل عن الشمس قائال )3(،»اهللا ما يلقى الشيطان

:وميكن صياغة هذا امليزان كالتايل»األكرب .أصل معلوم باالتفاق اإللــه هو األكــرب

.الشمس أكرب من الكواكب أصل معلوم باحلس .الشمس إلــه نتيجة

سرعان ،و عندما نتمعن يف هذا امليزان الذي هو نوع من موازين التعادل و حتديدا امليزان األصغر ،و جد لإلله ووجد للشمس و صف"األكرب"على أساس أن حد ،ما نكشف اخلطأ املوجود فيه

جيوز أن «غري أن حقيقة األمر غري ذلك ألنه ،وهو ما جيعلنا نتوهم بأن أحدمها يوصف باآلخرو ملزيد من )4(.»يوصف املتضادان بوصف واحد، فاتصاف شيئني يوجب بني الوصفني اتصاال

:التبسيط يقدم لنا الغزايل مثاال باللون فعندما نقول .البياض لون

.لون السواد .السواد بياض

.72ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .82ص، مصدر سابق، حمك النظر، أبو حامد الغزايل)2( .52يةاآل، سورة احلج)3( .73ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)4(

114

.فإن هذه النتيجة تعترب خاطئة ألن هذا اللزوم غري ضروريإن احلق «:أهل التعليم مثال ذلك قوهلم) موازين الشيطان(و قد اعتمد على هذه املوازين الفاسدة

مع الوحدة، والباطل مع الكثرة و مذهب الرأي يفضي إىل الكثرة و مذهب التعليم يفضي إىل مث يوضح الغزايل بأن هذه املوازين هي )1(.»م منه أن يكون احلق يف مذهب التعليمالوحدة، فيلز

:موازين الشيطان حيث ميكن صياغة هذا امليزان السابق على النحو التايل .احلق يوصف بالوحدة أصل

.أصل ذهب التعليم يوصف بالوحدة م .نتيجةذهب التعليم يوصف باحلق م

و لكي )2(.على أساس أن الوحدة اتصف ا شيئان، و من مث جيب اتصاف أحد الشيئني باآلخريثبت الغزايل صدق هذا األمر و أنه ال يصدق فقط على هذا املثال السابق يضيف مثاال آخر عن

إن احلق إما أن يعرف بالرأي احملض أو بالتعلم «:موازين الشيطان و أغاليطهم من خالل قوهلمض، و إذا بطل ألحدمها ثبت اآلخر، و باطل أن يكون مدركا بالرأي العقلي احملض لتعارض احمل

فهذا ميزان الشيطان املرتبط مبيزان التعاند، و من ، )3(»العقول و املذاهب، فثبت أنه بالتعليمشرط أن تكون القسمة منحصرة ال ،املعروف أن إبطال أحد القسمني ينتج عنه ثبوت اآلخر

و الشيطان يلبس املنتشرة باملنحصرة و هذه منتشرة إذن ليست دائرة بني اإلثبات والنفي ،منتشرةو متتد هذه املغالطات .بل ميكن إجياد قسم ثالث بينهما كقولنا بأنه يدرك بالعقل والتعلم مجيعا

، »و هو كل حيوان إنسان«ال يلزم عنه عكس عام ،»كل إنسان حيوان«:لتطال العكس فالقولإن من رأى حبال أسود مربقش اللون، يرتاع «:و يقدم مثاال يف قوله »عض احليوان إنسانبل ب«

منه لشبهه باحلية، وسببه معرفته أن كل حية فطويل مربقش اللون، فيسبق ومهه إىل عكسه العام وحتكم بأن كل طويل مربقش اللون فهو حية وكان الالزم منه عكسا خاصا، وهو أن بعض

و إذا كان ميزان الشيطان يتميز باخلطأ بسبب صورته )4(.»حية ال أن كله كذلكالطويل املربقش أنا خري منه خلقتين من نار «فإنه يقع يف اخلطأ أحيانا بسبب فساد مادته كقول إبليس ،الفاسدة

.73ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1( .74ص ، ملصدر نفسها)2( .74ص، املصدر نفسه)3( .75ص، املصدر نفسه)4(

115

و ميكن ، )2(»ما منعك أن تسجد ملا خلقت بيدي؟«:يف جواب قوله تعاىل )1(»وخلقته من طني :ن كالتايلصياغة هذا امليزا

.أنا خري منه أصل .أصلاخلري ال يسجد .نتيجةإذن أنا ال أسجد

إن كل من األصلني غري معلوم و غري واضح و ال مسلم به فقد نعترض و نقول ال نسلم أنك خري، ال كما ميكننا أن ال نسلم بأن اخلري ال يلزمه السجود، ألن امللزوم بالسجود و االستحقاق باألمر

باخلريية، غري أن إبليس مل يأخذ ذا اللزوم و قدم دليل على خرييته على أساس أنه خلق من نار والنار خري من الطني و هذا أمر غري مسلم به أيضا ألن الطني من التراب و املاء و بامتزاجهما قوام

سدة لكل شيء ومن احليوان والنبات، و ما حيصل النشوء و النمو على خالف النار اليت تعد مفو من هنا نالحظ أن هذه املوازين صحيحة الصورة فاسدة املادة، ، )3(مث فقوله أن النار خري باطل

و قد استمد الغزايل معظم هذه األمثلة من القرآن الكرمي، واستوحاها من عقيدته اإلسالمية .األشعرية

:مصطلح القياس الباطل بدال من االستقراء-3هو أن نتصفح جزئيات كثرية داخلة «:بقوله" معيار العلم"يعرف الغزايل االستقراء يف كتابه

و يف كتابه )4(،»حتت معىن كلي، حىت إذا وجدت يف تلك اجلزئيات حكمت على ذلك الكلي بههو عبارة عن تصفح أمور جزئية للحكم حبكمها على أمر يشتمل تلك «:يعرفه بقوله" حمك النظر"

تصفحت :أما االستقراء فهو أن يقول«:فيقول" القسطاس املستقيم"أما يف كتابه )5(،»اجلزئياتوخياط وجنار و فالن فوجدم أجساما فعلمت أن كل الفاعلني من حائك و حجام و إسكايف

تصفحت البعض فال :شد عنك فاعل؟ فإن قال تصفحت كل الفاعلني أو :فيقال له ،فاعل جسمتصفحت الكل فال نسلم له فليس كل الفاعلني معلوما :الكل و إن قاليلزم منه احلكم على

.76يةآلا، سورة ص)1( .75يةاآل، سورة ص)2( .77ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)3( .160ص، مصدر سابق، معيار العلم، أبو حامد الغزايل)4( .72ص، مصدر سابق، حمك النظر، أبو حامد الغزايل)5(

116

و النتيجة أن كل فاعل جسم تلزم يف حالة واحدة و هي إذا تصفحت اجلميع تصفحا ال )1.»عنده ستقراءاالو معىن ذلك أن عملية )2(.يشد عنه شيء وعند ذلك يكون املطلوب أحد أجزاء املتصفح

لذلك »القياس الباطل«ي ال حتل صفة اليقني، بل هي حسب قولهتنطوي بدورها على أخطاء فهألن الظن يف الفقه ،ينبغي عدم التعويل عليه يف العقليات و اإلهليات ألنه ال يصلح إال يف الفقهيات

ولتأكيد ذلك يساءل الغزايل إن كان قد تصفح يف مجلة ذلك خالق )3(كاف حسب رأي الغزايل،يكن قد تصفح معىن ذلك أنه مل يتصفح الكل بل البعض أو اجلزء السموات و األرض؟ و إن مل

للفرس و اإلبل و الفيل واحلشرات و الطيور، فرياها "بتصفح شخص ما «فقط ويشبه هذا التصفحمتشي برجل، و هو مل يرى احلية و الدود فيحكم أن كل حيوان ميشي برجل، وكمن يتصفح

األسفل فيحكم بأن كل حيوان حيرك عند املضغ الفك احليوانات فرياها عند املضغ حترك الفك و بالتايل فاعتراض الغزايل على )4(.»األسفل و هو مل يرى التمساح و أنه حيرك الفك األعلى

القياس يعود إىل عدم قدرتنا على تطبيق االستقراء التام كما ال ميكن االعتماد على االستقراء ،ادقا و يورد الغزايل مثاال حقا استنتج من قياس باطلالناقص ألن التعميم ال يكون بالضرورة ص

أنه حادث ألنه مصور قياسا على البيت و سائر «و لكن قول القائل ،كقولنا العامل حادث حقو إن عدم التفطن هلذه األمور من .وث العاملدال يفيد العلم حب قول باطل )5(»األبنية املصورة

قياس الذي ال يفيد اليقني، بل الظن مثلما هو احلال بالنسبة طرف املتكلمني و متسكهم بالرأي و الألنه كان يب صداع ،فيشري عليه باستعمال ماء الورد ،لإلنسان العامي الذي يعاين من صداع

أثبت أن ماء الورد « :فاستعملته وانتفعت به فيميل قلب املريض إليه و يستعمله، وال يقول لهمن احلرارة أو من أخبرة املعدة و أنواع الصداع كثرية و أثبت يصلح لكل صداع كان من الرب أو

إن التثبت من هذه األمور ليس )6( .»فإن مجيع ذلك خيتلف به العالج...أن صداعي كصداعك

.160وأيضا معيار العلم ص. 73النظر ص كوأيضا حم.96ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم،أبو حامد الغزايل)1( .161ص، مصدر سابق، معيار العلم، أبو حامد الغزايل)2( .163ص ، املصدر نفسه)3( 96ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)4( . 97ص، ر نفسهاملصد)5( .99ص، املصدر نفسه)6(

117

الذي أخذوا عنه امليزان القسط ) ص(و إمنا مبعرفتها من الرسول ،من اختصاص العوام أو املتكلمني :ا بصياغة هذا القول السابق يف شكل ميزان لوجدنا أنو لو قمن ،و القسطاس املستقيم

.كل مصور حادث . العامل مصور

.إذن العامل حادثإذ ال ميكن التسليم ،األول و هو كل مصدر حادث) املقدمة(غري أن الغزايل يعترض على األصل

ه حادث، استقريت كل مصور فوجدت«و هو ما حيتم على اخلصم اللجوء إىل االستقراء فيقول ،بهو هذا أمر غري ممكن و هو ما يدل على فساد ، )1(»كالبيت والقدح و القميص و كيت و كيت

هذا القياس و قد توصل الغزايل إىل فساد االستقراء انطالقا من عقيدته القائمة على اإلميان بوجود .ث العاملواليت ترتكز كما الحظنا على أدلة عقيلة خاصة ما يتعلق بدليل احلدوث أي حدو ،إله

وما نستخلصه أن أثر اجلانب العقدي مشل خمتلف االستدالالت املنطقية الصحيحة منها والفاسدة ومل يقتصر األمر على ذلك، بل تضمن خمتلف املسائل . سواء تعلق األمر باألقيسة أو اإلستقراء

.الكالمية اليت تناوهلا الغزايل مثلما سنرى يف العنصر املوايل :طالحه على طريقة التعليم اإلمامية مبوازين الشيطاناص -4

مبينا أن املعرفة اليت حتصل عن طريق اإلمام ،)النص(عترض الغزايل على طريقة التعليم أ أي موازين )2(ليست ضرورية، فهي إما تقليد للوالدين أو هي موزونة بشيء من هذه املوازين

هي ال ختتلف يف شيء عن طريقة اليهود و اوس و إذا كانت جمرد تقليد للوالدين ف ،الشيطانأما إذا كانت موزونة مبوازين الشيطان فيؤدي ذلك ال حمالة إىل ،الذين اعتمدوا على هذه الطريقة

.و هو ما يقتضي عدم الثقة باإلمام ،الوقوع يف اخلطأ القرآن الذي بقي البحث عن الطريقة الصحيحة و ذلك بالرجوع إىل ،وإذا تبني خطأ هذه الطريقة

إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم «:علمنا هذا الطريق يف قوله تعاىلو يعلل الغزايل ذلك بكثرة املعارف والذي )4(،»سافروا فإم مبصرون«:ومل يقل )3(»مبصرون

.161ص، مصدر سابق، معيار العلم، أبو حامد الغزايل)1( .78ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)2( .201يةاآل، سورة األعراف)3( .79ص ، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)4(

118

عوبة إن مل يكن جيعل العودة إىل اإلمام املعصوم كلما اعترضت اإلنسان مشكلة أمر بالغ الصلذلك فاحلل يكمن حسب الغزايل يف تعلم طريقة الوزن ذه املوازين أي موازين القرآن ،مستحيال

و معرفة شروطها من أجل إجياد حل ملختلف املشكالت اليت قد تواجهنا من خالل عرضها على ألمر يعرض و لتوضيح ا.امليزان، و تذكر هذه الشروط بفكرنا حىت نكون على بصرية من أمرنا

كما أنك إن حسبت ما للبقال عليك أو لك عليه، أو قسمت يف «:الغزايل بعض األمثلة قائالمسألة من مسائل الفرائض، وشككت يف اإلصابة واخلطأ، فيطول عليك أن تسافر إىل اإلمام و لن

طت حتكم على احلساب و تتذكره و ال تزال تعاوده مرة بعد أخرى حىت تستقني قطعا أنك ما غلدقيقة من دقائقها، وهذا يعرفه، وهذا يعرفه من يعرف احلساب فكذلك من عرف الوزن كما

)1(»أعرفه، فينتهي به التذكر و التفكر واملعاودة مرة بعد أخرى إىل اليقني الضروري بأنه ما غلط

الغزايل يقدم ،)النص(و إلظهار و إثبات طريقة امليزان يف مقابل الشك يف مشروعية طريقة التعليم برهانا على صدق هذا األمر بافتراض وجود ثالثة أشخاص يدعون حفظ القرآن وعندما نسأهلم

برهاين أنه نص علي الكسائي، أستاذ املقرئني، إذ نص على أستاذ «:عن الربهان يقول األولأما الثاين فدليله قلب هذه العصا .أستاذي، و أستاذ أستاذي نص علي، فكأن الكسائي نص علي

فأيهم نصدق و أي , حية، و برهان الثالث أن أقرأ مجيع القرآن بني يديك من غري مصحفال شك أن أصدق برهان هو الذي قرأ القرآن لعدم قدرتنا على الشك )2(.»الرباهني أوضح؟

أما بقية األمور األخرى فيمكن تصور وقوع اخلطأ السيما عند طول ،إطالقا يف هذا األمرقلب العصا حية فيمكن أن يكون هذا األمر ناتج عن حيلة أو طريقة املوازين و كذلك ،اإلسناد

فال ميكن الشك فيها ألا مأخوذة من القرآن، وميكن أن نزن ا مجيع املعارف اإلهلية بل أحوال و ال يقتصر األمر على املعارف اإلهلية بل )3( .املعاد وعذاب أهل الفجور وثواب أهل الطاعة

هيهات، ال أدعي أنين أزن ا املعارف الدينية «:خمتلف املعارف والعلوم حيث يقوليتعداها إىل وكل علم حقيقي فقط، بل أزن ا أيضا العلوم احلسابية و اهلندسية و الطبية والفقهية و الكالمية،

و يف رفضه فكرة اإلمام املعصوم يستشهد )4(.»غري وضعي فإين أميز حقه على باطله ذه املوازين

.79مصدر سابق ص، املستقيم القسطاس، أبو حامد الغزايل)1( .80ص ، املصدر نفسه)2( .81ص ،املصدر نفسه)3( .82ص، املصدر نفسه)4(

119

ومن )1(.»ال تعرف احلق بالرجال، أعرف احلق تعرف أهله«:الغزايل بقول علي رضي اهللا عنهخالل ما تقدم تتضح لنا العالقة الوطيدة بني مسألة اإلمامة كمسألة سياسية يف البداية مث عقدية

لى النص من فيما بعد واليت انتقد الغزايل الباطنية اإلمساعيلية التعليمية ورفض طريقتهم القائمة عومنطق الغزايل ومصطلحاته، حيث أن الوسيلة املثلى ،خالل أخد املعرفة على يد اإلمام املعصوم

أما اجلانب «:و هو ما أكده اجلابري يف قوله، إلبطال طريقة النص و التعليم هو استبداهلا باملنطقيل إىل إبطاهلا إال بطرح اآلخر فهو أن دعوى املعلم و التعلم اليت ركزت عليها اإلمساعيلية ال سب

بديل و البديل هو املنطق، و إذن فإحلاح الغزايل على ضرورة اصطناع علم املنطق منهجا وحيدا يف حتصيل العلم مل يكن من أجل املنطق ذاته، بل كان من نظرية التعليم العرفانية اإلمساعيلية وأيضا من

ض إىل أن احتضان الغزايل للمنطق ودفاعه و قد ذهب البع )2(.»أجل إنقاذهم علم الكالم األشعريكان على ضوء معارضة سياسية يف النهاية للشيعة " القسطاس املستقيم"عنه، بل و كتابته لكتاب

حيث كانت اإلمساعيلية يف عصر الغزايل تشكل خطرا كبريا على الدولة )3(،الباطنية التعليميةغري أن تنفيذ آراء الشيعة الفكرية " ائح الباطنيةفض"العباسية فحاول الغزايل تنفيذ آرائهم يف كتاب

يستند إىل طريقتهم يف اكتساب املعرفة، فوجد الغزايل يف املنطق القائم على العقل أفضل وسيلة يواجه ا أصحاب التعليم الذين يعتمدون على اإلمام املعصوم وبذلك ظهرت احلاجة للمنطق

انب العقدي يف مصطلحات الغزايل املنطقية اليت وصف من و يتجلى أثر اجل)4(.ملواجهة أعداء العقلخالهلا طريقة التعليم و كيفية وزن أهل التعليم ا حيث اصطلح عليها مبوازين الشيطان الذي

و ال شك أن هذا املصطلح حيمل مدلوال عقديا على أساس أن وظيفة الشيطان )5(،يوزن به فيغلط .هي الغواية و إبعاد الناس عن احلق

إذا كانت الفرق الكالمية قد انقسمت يف موقفها من العقل والنقل إىل ثالثة اجتاهات واألول يعطي أسبقية للعقل على الشرع وهو اجتاه املعتزلة، واجتاه ثاين يعطي سلطة للشرع وحدها

.81مصدر سابق ،ص، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)1(ية منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسان، أبو حامد الغزايل دراسات يف فكره وعصره وتأثريه، حممد عابد اجلابري وآخرون)2(

.68ص، 9، 1988سلسلة ندوات وحماضرات رقم ، بالرباط .501ص، مرجع سابق ، )عصر اإلمام الغزايل(، ضمن مهرجان الغزايل يف دمشق ، مصطفى جواد)3( .14مرجع سابق ص، املنطق واملوازين القرآنية، حممد مهران)4( .72ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)5(

120

فإن االجتاه الثالث يتوسط بني هذين ،دون تدخل العقل كما هو احلال عند احلشوية و الظاهريةاهني السابقني فيمنح للشرع أسبقية على العقل، غري أنه ال يستبعد دور العقل يف فهم الشرع، االجت

وقد .ويتمثل هذا االجتاه أهل السنة و هم فرقة األشاعرة اليت يعترب الغزايل أحد أبرز ممثليها انعكست هذه النظرة العقدية على موقفه من املنطق و املصطلحات املستخدمة يف هذا العلم

أما هذه األسامي فأنا «:واألمساء اجلديدة اليت ابتدعها الغزايل، وهو ما نلمسه من خالل قولهابتدعتها و أما املوازين فأنا استخرجتها من القرآن وما عندي أين سبقت إىل استخراجها من

سام القرآن، و أما أصل املوازين فقد سبقت إىل استخراجها و هلا عند مستخرجيها من املتأخرين أأخرى سوى ما ذكرا،و عند بعض األمم اخلالية السابقة على بعثة حممد و عيسى صلوات اهللا

و هو ما )1(،»عليهما أسام أخر كانوا قد تعلموها من صحف إبراهيم و موسى عليهما السالمبالرغم من أن أصل ،جيعل الغزايل حسب رأيه أول من استخرج هذه املوازين من القرآن الكرمي

و السبب الذي دفعه إىل ،و لكنه استبدهلا فقط ،املوازين موجود من قبل و هلا أمساء أخرى هذهإبدال كسوا بأسام أخر يعود بالدرجة األوىل الهتمام الناس باجلانب اخلارجي و مالحظة غالف

لو سقيت عسال أمحر يف قارورة حجام، مل تطق تناوله لنفور طبعك «األشياء دون اللباب حبيث و يقدم )2(.»ن احملجمة، و ضعف عقلك من أن يعرفك أن العسل طاهر يف أية زجاجة كانع

نفر عن ذلك طبعك »ال إله إال اهللا عيسى رسول اهللا:قل«:لو قيل لك«:مثاال آخر بقولهو مل يكن لك من العقل أن تعرف أن هذا القول يف »هذا قول النصارى فكيف أقوله؟«:وقلت

راين ممقوت ال هلذه الكلمة و ال لسائر الكلمات بل لكلمتني فقط إحدامها نفسه حق، و أن النصفهذا عذري ... اهللا ثالث ثالثة و سائر أقواله وراء ذلك حق: حممد ليس رسوال والثانية قوله: قوله

و ما ميكن استنتاجه من هذين القولني أن الغزيل كان ينظر )3(»يف إبدال تلك األسامي وإبداع هذه .قة أهل التعليم نظرة استخفاف على أساس ضعف عقوهلمإىل طري

لكن السؤال املطروح، هل قصد الغزايل بإبداله هلده األمساء مذهب التعليم فقط؟ إن الغزايل إىل ضرورة التفطن ألمور هي أجل من تقدمي أهل " القسطاس املستقيم"يدعونا يف خامتة كتابه

فما غرض الغزايل و من يقصد .ين، و امسعين يا جارةالتعليم فلم يكن ذلك غرضي و لكن إياك أع

.67مصدر سابق ص، القسطاس املستقيم، مد الغزايلأبو حا)1( .67املصدر نفسه، ص)2( .68ص، املصدر نفسه)3(

121

بسؤاله أمسعي يا جارة؟ إننا ال نرى جارة للغزايل سوى املعارضني للمنطق من فقهاء الذين وقفوا اصطالحات املنطق و استساغة جمرد أمسائه بضد املنطق و هو ما جعلهم غري قادرين على استيعا

أمساء املنطق بأمساء اصطالحات جديدة خمتلفة مفهومة و هو ما دفعه إىل استبدال)1(،وألقابهيزين املعقول باالستناد "حيث ،ومعروفة لديهم حىت يستسيغها الفقهاء و تتقبلها قلوم وعقوهلم

و عندما يتقبلها الفقهاء و يقتنعون بأن هذه املوازين )2(،"لتكون القلوب فيها أسرع إىل القبولألنبياء سيكتشفون بأا نفسها األقيسة املنطقية اليت كانوا مستمدة من القرآن و مصدرها ا

وهو ما حيتم عليهم إعادة النظر يف موقفهم السابق الرافض للمنطق فيتوقفوا عن ،يهامجوا من قبلالذي يعترب أول من مزج املنطق ،مهامجة املنطق ويأخذوا به يف دراستهم و أحباثهم كما فعل الغزايل

و كل ذلك يؤكد تأثر منطق الغزايل و مصطلحاته بالعقيدة .)الفقهية الكالمية(ة بالدراسات الدينيو إياكم أن «األشعرية اليت تعطي أولوية للنقل أو الشرع دون إمهاهلا للعقل حيث يقول يف نصيحته

.)3(»جتعلوا املعقول أصال واملنقول تابعا و رديفا فإن ذلك شنيع منفر :حمك النظر واملستصفى مرحلة املزج من خالل كتاب-ب

خاصة ابن سينا حماوال إبداع منطق , ابتعد الغزايل عن التقليد" حمك النظر"يف كتاب إسالمي بأمساء و مصطلحات إسالمية فمثال مبحث احلد يسميه يف احملك معرفة بدال من تسميته

العام كما ذكرنا تصورا، و يستعمل مصطلح املعني و املطلق بدال من اجلزئي و الكلي أو اخلاص و مل و )4(."أخذ طابعا دينيا فقهيا"سابقا يف املعيار، و من هنا نالحظ أن املصطلح املنطقي يف احملك

في ف" .حمك النظر"كثريا من مصطلحاته املنطقية عما ذكره يف " املستصفى"يغري الغزايل كتابه بوضوح باستعمال مصطلحات مبحث القضية نالحظ ميل الغزايل حنو املعاين اإلسالمية و الفقهية

و قد التأم «حيث يقول بعد إعطاء مثاال وهو العامل حادث و البارئ تعاىل قدمي ،للتعبري عن القضيةهذا القول إىل جزأين يسمي النحويون أحدمها مبتدأ و اآلخر خربا، و يسمى املتكلمون أحدكما

كوما عليه، و يسمي املنطقيون موصوفا و اآلخر صفة، و يسمي الفقهاء أحدمها حكما واآلخر حمأحدمها موضوعا و هو املخرب عنه و اآلخر حممول و نصطلح حنن على تسمية الفقهاء، فنسميها

.62ص ، مرجع سابق، املنطق واملوازين القرآنية,حممد مهران)1( .101ص، مصدر سابق، القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)2( .101ص ، املصدر نفسه)3( .91ص ، مرجع سابق، يلاملنطق عند الغزا، رفيق العجم )4(

122

و يف حديثه عن القضايا )1( .»حكما و حمكوما عليه، و لنسم جمموع احلكم و احملكوم عليه قضيةنافية عامة "سميتها بأمساء إسالمية و اصطلح على ت ،الشرطية استخدم أمثلة فقهية و تعابري أصولية

.ومثبتة عامة و مثبتة خاصة، والنفي هنا السلب أما اإلثبات فيعين التأكيد و اإلجياب" ونافية خاصةوأما فيما يتعلق باملصطلحات اجلديدة اليت أتى ا الغزايل يف االستدالل و القياس فهي

اع األقيسة فذكر النوع األول منها احلملي لقد تصفح الغزايل أنو. كثرية و سنكتفي بذكر بعضهاوهو ثالثة أشكال يسمى الشكل منه بالنظم ،و النظم اصطالح جديد ظهر يف احملك وهو حيمل

هي "دالالت دينية ولغوية، حيث أن كلمة النظم كما عرفها اجلرجاين يف كتابه التعريفات تأليف الكلمات واجلمل "االصطالح وهي يف )2("العبارات اليت تشتمل عليها املصاحف صيغة ولغة

.)3("مترتبة العاين و متناسبة الدالالت على حساب ما يقتضيه العقله اللفظة حتمل دالالت وجذورا دينية ولغوية،وهو ما يثبت أن معاين الغزايل املنطقية بدأت هذف

إذ يقول كما أدخل الغزايل يف احملك العلة مكان احلد األوسط ، )4(ترتبط بسمات إسالميةفإنه إذا قيل لك ملا قلت أن النبيذ حرام فتقول ...فلنصطلح على تسمية املكرر يف املقدمتني علة «:

و تقوم العلة بربط احلكم يف الكربى باحملكوم عليه ، )5( »...و ال تقول ألنه حرام...ألنه مسكرفاعلم أن يف «:العلة قائال يف الصغرى بينما تقوم يف الفقه بربط األصل بالفرع و يوضح الغزايل دور

)6(»هذا القياس مقدمتني إحدامها قولنا لكل نبيد مسكر، و األخرى قولنا لكل مسكر حرام

.والنتيجة إن النبيذ حرامومن هنا فإن استغناء الغزايل للحد األوسط وتعويضه بالعلة، يعد حتويال للمنطق حنو

نظم الاإلجياب والسلب عند حديثه عن شروط استبدل اإلثبات والنفي بو ،)7(املفاهيم األصوليةاإلجياب أقوى من "األول و الثاين، فاإلجياب يدل على حكم مؤكد ثابت ال يتحمل النفي ف

.33-32ص ص ، مصدر سابق، حمك النظر، أبو حامد الغزايل)1( 166مرجع سابق ص، التعريفات، اجلرجاين)2( .144ص,املرجع نفسه)3( .144مرجع سابق ص ، املنطق عند الغزايل، رفيق العجم )4( .42ص ، مصدر سابق، حمك النظر، أبو حامد الغزايل)5( .41ص، املصدر نفسه)6( .146ص، املنطق عند الغزايل، رفيق العجم)7(

123

أما )1(،"ألنه إمنا يستعمل يف ما إذا كان احلكم ثابت بالعبارة أو اإلشارة أو الداللة قتضاءاالالغزايل مصطلح اإلجياب يف املعيار و و قد استخدم , اإلثبات فهو احلكم بثبوت شيء آلخر

املقاصد، يف حني ظهر مصطلح اإلثبات يف احملك و مقدمة املستصفى، و على الرغم من عدم منطقيا اإلجياب بعدلو األرجح أن ،اختالف املعنيني إال أن استخدام كل منهما له أبعاد خاصة

له بعدا كيفيا يستخدم يف رياضيا كميا على خالف اإلثبات الذي يدل على احلكم و يكونو نفس الشيء بالنسبة ملصطلحي السلب والنفي اللذان يدالن على ، )2(املسائل الفقهية و األحكام

معىن واحد، إال أن الغزايل استخدم لفظ السلب يف املقاصد واملعيار بينما استخدم لفظ النفي يف .احملك واملستصفى

:و هو يفيد يف األحكام كقوله تعاىل ،على املوضوعسلب الصفات و انتزاع حكم يويعين النفأما ،أي جيء باحلكم لرتعه عن العبيد أو نزع الصفة عن املوضوع »و ما ربك بظالم للعبيد«

السلب فهو يفيد يف الدالالت الرياضية اليت هلا أبعاد كمية، ويقوم منطقيا على االستبعاد التداخل ة الشرطية اصطلح على القياس الشرطي املتصل بنمط التالزم و يف حديثه عن األقيس.)3(بني احلدود

، ورغم أن مضمون الشرطي املتصل و )4(»و لنسم هذا النمط منط التالزم«:التالزم حيث يقول التالزم واحد إال أن التالزم يشري إىل األحكام املهيأة اجلاهزة املؤكدة بالتواتر وبالنص الشرعي، يف

إمكانية االحتمال فهو عالقة منطقية أكثر من كونه عالقة حني حيمل القياس الشرطي املتصل و النمط الثالث منط «:، أما الشرطي املنفصل فاستبدله يف احملك بالتعاند حيث يقول )5(نصية

التعاند و هو على ضد منط التالزم، واملتكلمون يسمونه السرب والتقسيم، و املنطقيون يسمونه و يعود سبب اختيار الغزايل للفظ التعاند بدال من )6(.»اندالشرطي املنفصل و حنن مسيناه التع

يعين وجود نقيضني ال جيتمعان وهو تعبري عن قضية ) االنفصال(االنفصال إىل كون هذا األخري بينما مدلول التعاند يدل على احلكمني املتنافيني ،"إما هذا أو ذاك"احتمالية اقترنت بأداة الشرط

.28ص ، مرجع سابق، التعريفات، اجلرجاين)1( .147ص ، مرجع سابق ، املنطق عند الغزايل، رفيق العجم )2( .147ص، املرجع نفسه)3( .148ص، املرجع نفسه)4( .148ص ، املرجع نفسه)5( .52ص، مصدر سابق، حمك النظر، أبو حامد الغزايل)6(

124

موعة أشياء صفتها التعاند الستبعاد غري املطلوب و إبقاء احلكم الصحيح، أو عملية تنقيب بني جمبل قد تتكون ،وجتدر اإلشارة إىل أنه ليس من الضروري أن تتألف مقدمة التعاند من قسمني فقط

إننا نقول هذا الشيء إما مساو و إما أقل وإما « :من ثالثة و هو ما وضحه الغزايل من خالل قوله قة، ولكنها حاضرة فإثبات واحد ينتج نفي اآلخرين،و هو إبطال اثنني ينتج إثبات أكثر فهذه عال

أما مصطلحي صورة ومادة اليت استخدمها الغزايل يف املقاصد و املعيار فقد استبدهلما )1( .»الثالثحيث حتدث يف احملك عن يقينية املقدمات و ظنيتها لينصاع ،يف احملك واملستصفى باليقني و النظم

و اليقني مصطلح إسالمي يستعمل يف املعرفة اإلميانية مقابل اصطالح االعتقاد يف ،املقياس املنتجن املطلوب االقياس املنتج ال ينصاغ إال من مقدمات يقينية، إن ك«:املعرفة العقلية يقول الغزايل

البديهية يف وإذا كان الغزايل قد استخدم مصطلح )2(.»أو ظنيا إن كان املطلوب فقهيا،يقينيا فإنه استبدهلما مبصطلح األوليات يف احملك واملستصفى، و إذا كان املعىن يبدو لنا ،املعيار واملقاصد

فاألوىل نظرة عددية أول وثان أي الذي ال يتكرر فاألوىل هو ،فان داللة كل لفظ ختتلف ،واحداعىن عقلي نفسي يرتبط يف حني أن البديهي له م ،النص والشرع وكالم اخلالق األول الواحد

و استخدم الغزايل يف كتبه املنطقية مصطلح األصل مقطوع بصحته ويتميز )3(.باإلدراك املباشرويعود مصدر هذا اليقني إىل الشرع الديين واألحاديث الشريفة، كما استخدم الفرع ،باليقني

لفقهاء يرتكز على األصل للداللة على النتائج ملرتبطة باألصول، وجعل احلكم كما هو احلال عند ا .و الفرع جتمعهما علة

:موقف الغزايل من املنطق:ثالثادراكات، إليعترب اإلمام الغزايل من أشد املؤيدين للمنطق معتربا إياه معيار العلوم و ميزان ا

غوائل و كل نظر ال يتزن ذا امليزان، و ال يعاير ذا العلم، فاعلم أنه فاسد املعيار غري مأمون ال« يف علم األصول عدم ثقته يف علم من جيهله " املستصفى"، وقد أكد الغزايل يف كتابه )1( »واألغوار

مقاصد الفالسفة أن "كما حاول يف كتابه )4(.»أنه من ال حييط به فال ثقة بعلومه أصال«:قائال

.53ص، مصدر سابق، حمك النظر،أبو حامد الغزايل)1( .54ص ،املصدر نفسه)2( .153مرجع سابق ص ، املنطق عند الغزايل، رفيق العجم)3( .60ص، مصدر سابق، معيار العلم، أبو حامد الغزايل - )1( .10ص ، مصدر سابق، املستصفى يف علم األصول، أبو حامد الغزايل)4(

125

طبيعيات، و يرى أن املنطقيات، والالرياضيات، اإلهليات،و: أربعةيعرض لعلوم اليونان فيقسمها إىلاملنطقيات أكثرها على منهج الصواب و اخلطأ فيه نادر، وإمنا خيالفون أهل احلق باالصطالحات واإليرادات دون املعاين واملقاصد، إذ غرضنا ذيب طرق االستدالل و ذلك مما يشترك فيه

طقية بأمثلة من توضيح املسائل املن" مقاصد الفالسفة"كما حاول أيضا يف هذا الكتاب .النظارالفقه، مؤكدا على يقينية املنطق أما معيار العلم فقد وضح فيه الغزايل أمهية املنطق مبينا مشوليته للعلوم النظرية والعقلية منها والفقهية، وعدم وجود فوارق بني النظر يف الفقهيات والنظر يف

من الناحية املادية فقط حيث العقليات من الناحية الصورية أ والشكلية ، ولكن اخلالف البسيط فإنا سنعرفك أن النظر يف الفقهيات ال يباين النظر يف العقليات يف ترتيبه و شروطه، بل يف «:يقول

.)1(»مآخذ املقدمات فقطيدافع الغزايل عن املنطق معتربا إياه املنهج الوحيد الذي ينبغي أن " القسطاس املستقيم"ويف كتابه

هيهات ال «:قوانينه ميكن أن تزن ا خمتلف املعارف والعلوم حيث يقول يتحكم إليه اجلميع، وأناملعارف الدينية فقط بل أزن ا العلوم احلسابية واهلندسية ) قوانني املنطق(أدعي أين أزن ا

.)2(»والطبيعية و الفقهية و الكالميةكل الكتب غري أن حكم الغزايل على املنطق ميكن أن نستخلصه يف كتاب متأخر عن

و الذي قسم فيه الغزايل درجة الطالبني للحق إىل املتكلمني " املنقذ من الضالل"املنطقية وهو رافضا طرق الفرق الثالث أوىل مبينا أن املنطق ال يتعلق شيء منه ،و الصوفية ةوالباطنية والفالسف

النظر من األدلة، وإمنا بل هو جنس ما ذكره املتكلمون، و أهل «بالدين نفيا أو إثباتا حىت يرفض .)3(»يفارقوم بالعبارات واالصطالحات و بزيادة االستقصاء يف التعريفات و التشعيبات

عن املنطق لوجدنا أن هناك الكثري من األسباب والدوافع اليت ولو حبثنا عن أسباب دفاع الغزايل : ميكن حصر أمهها فيما يلي

اسات الفقهية و إمكانية تطبيق مبادئ القياس املنطقي على إميانه بفائدة املنطق يف جمال الدر -1حيث أدرك الغزايل أن قبول القياس الفقهي يتوقف على " املستصفى"أمور الفقه كما بني يف كتابه

. معقوليته، و األداة إىل ذلك هو املنطق

.60ص، مصدر سابق، عيار العلمم، أبو حامد الغزايل)1( .82ص، مصدر سابق ،القسطاس املستقيم، أبو حامد الغزايل)2( .82ص، مصدر سابق، من الضالل ، املنقذأبو حامد الغزايل)3(

126

خرى أو يتمثل يف الدفاع عن العقيدة إلسالمية ضد خصومها من العقائد األ: دافع عقدي -2بعض التيارات اإلسالمية اليت ابتعدت عن الدين، وهو ما استدعى االستعانة باملنطق لدى مفكري

)1( .اإلسالم و املتكلمني من أجل تنفيذ بعض اآلراء أو إثباا عقليا و منطقيا مند(إذ أن معارضته للشيعة الباطنية، التعليمية، واستفحال خطر اإلمساعيلية :دافع سياسي -3

و الذي أصبح يتهدد الدولة العباسية، فحاول ) القرن الربع األخري من القرن اخلامس اهلجريو تفنيد آراء الشيعة فكريا وسياسيا يستند على " فضائح الباطنية"الغزايل تفنيد آرائهم يف كتابه

لتعليم تفنيد طريقتهم يف اكتساب املعرفة فوجد الغزايل يف املنطق أفضل وسيلة ملواجهة أصحاب ا .)2( الدين يعتمدون على اإلمام املعصوم

و يتمثل يف تقدير الغزايل للعقل إذ أن الغزايل مل يتنكر للعقل يف مجيع مراحل : دافع فكري -4تطوره الفكري إذ على الرغم من أنه بدأ فيلسوفا مث ختلى عن الفلسفة ليصبح متكلما و بعدها

و اإلنسان ال ينال «وما، فهو أشرف ما خلق اهللا تعاىل متصوفا إال أن تقديره للعقل كان حاضرا د، و إذا كان العقل حيتمل هذه املكانة، فإن ذلك ال يغين االستغناء )3(»سعادة الدنيا و اآلخرة إال به

به عن املنطق كما يرى البعض، فاملنطق يبقى ضروري لضبط احلكم احلسي و احلاكم العقلي و هو فلما «:عن أسباب دفعته إىل وضع كتاب معيار العلم حيث يقول ما وضحه الغزايل عن حديثه

كثرت يف املعقوالت مزلة األقدام ومثارات الضالل، ومل تنفك مرآة العقل عما يكدرها من وميزانا للبحث ختليطات األوهام وتلبيسات اخليال، رتبنا هذا الكتاب معيارا للنظر واالعتبار،

غري أن دفاع الغزايل عن املنطق مل )4(.»العقلالقوة الفكر وومشحدا واإلفتكار وصقال للذهن،ومن هنا نالحظ أن موقف .مينعه من توجيه جمموعة من االنتقادات له خاصة ما يتعلق مبصطلحاته

فاملنطق يف نظر الغزايل مقبول ,الغزايل من املنطق من ناحية املمارسة العملية هو القبول والتبين ومن مت حاول استبدال مصطلحاته مبصطلحات ،حية االصطالحية يرفضهغري أنه من النا، شرعا

هي اليت ولدت ردود ومواقف -صح التعبري إن–ولعل هذه االزدواجية يف موقف الغزايل .إسالمية . استعراض أهم هذه املواقف إىلوهو ما يدفعنا ، متباينة بشأن العمل الذي قام به الغزايل

.13ص، مرجع سابق ، املنطق واملوازين القرآنية، حممد مهران)1( .14ص ،املرجع نفسه)2( .131ص، سابق مصدر، ميزان العمل، أبو حامد الغزايل)3( .59ص، مصدر سابق، معيار العلم، أبو حامد الغزايل)4(

127

:الغزايل موقف املسلمني من عمل: رابعايف ،استمر رفض علماء أصول الدين و الفقه للمنطق األرسطي إىل غاية القرن اخلامس اهلجري

هذا القرن بدأ املسلمون باستخدام املنطق األرسطي يف علومهم، وبذلك بدأت عملية املزج هذه ما أدى إىل وضع و هو )1(الذي جنح يف إدخال املنطق إىل حظرية العلوم اإلسالمية، بواسطة الغزايل

حد فاصل بني عهدين عهد الرفض الذي مل يلجأ فيه املسلمون إىل مزج علومهم باملنطق هذا العهد يكاد علماء املسلمني أن ،و عهد بدأ فيه املسلمون مزج علومهم باملنطق ،والفلسفة

ا أمثلة فقهية وقد أورد الغزايل يف مباحثه املنطقية كما ذكرن .)2(جيمعوا على أنه قام به الغزايلاملنطق شامال للعلوم النظرية العقلية منها و الفقهية وشعر بأن هناك " معيار العلم"وجعل يف كتابه

و لعل الناظر بالعني العوراء نظر الطعن واالزدراء ينكر «:من سينكر عليه هذا األمر حيث يقول هية الظنية، فليكف عن غلوائه، يف احنرافنا عن العادات يف تفهيم العقليات القطعية، باألمثلة الفق

طعنه وازدرائه، ويشهد على نفسه باجلهل بصناعة التمثيل و فائدا، فإا مل توضع إال لتفهم األمر اخلفي مبا هو األعرف عند املخاطب املسترشد ليقيس جمهوله إىل ما هو معلوم عنده فيستقر اهول

إن كان اخلطاب مع جنار، ال حيسن إال النجر، وكيفية ف«:مث يوضح األمر مبثال قائال، )3(»يف نفسهاستعمال آلته، وجب على مرشده أال يضرب له املثل إال من صناعة النجارة ليكون ذلك أسبق إىل

ذه الطريقة ميكن إدخال املنطق يف نظر الغزايل يف تلك العلوم )4(.»فهمه، وأقرب إىل مناسبة عقلهلسؤال الذي يطرح ما موقف املسلمني من هذا العمل الذي قام به و اختاذه قانونا هلا غري أن ا

السيما فيما استبدله من مصطلحات؟ هل تابعوا الغزايل يف دعوته إىل األخذ باملنطق أم أم .رفضوها؟

الطرطوشي طرف بعض الفقهاء أمثال القشريي وهوجم الغزايل من :موقف فقهاء املشرق -)ألى اإلمام الغزايل يف لصالح الذي كتب فصال يف بيان أشياء مهمة عابن اواملازري والنووي و

من بني هذه املسائل إدخال و غريهم من الشدود يف تصرفاته، ومل يرتضها أهل مذهبه مصنفاته، و

، واالجتماعية اإلنسانيةعني للدراسات والبحوث ، العالقة بني املنطق والفقه عند مفكري اإلسالم، حممود حممد علي حممد)1(

.131ص، 2000 ، 1ط، مصر .166ص، بقمرجع سا، مناهج البحث عند مفكري اإلسالم، علي سامي النشار)2( .61ص، مصدر سابق، معيار العلم، أبو حامد الغزايل)3( .61ص، املصدر نفسه)4(

128

هذه مقدمة العلوم ومن ال حييط " املستصفى" الغزايل املنطق يف علم األصول وقوله يف مقدمة كتابهفيعترض ابن الصالح على الغزايل يف ذلك بأن الصحابة وسلف األمة مل .مه أصالا فال ثقة يف علو

مسعت الشيخ العماد بن يونس حيكي عن يونس «:يقولحيث يعرفوا املنطق وعنهم أخد علم الدين أنه كان ينكر هذا الكالم : الدمشقي مدرس النظامية ببغداد و كان من النظار املعروفني

بكر وعمر وفالن وفالن فهؤالء وصلوا إىل الغاية من اليقني ومل يكن أحد منهم فأبو«:يقولوو كان نتيجة موقف ابن الصالح الرافض و الذي أفىت بتحرمي املنطق أن مت ، )1(»يعرف املنطق

حترمي النظر يف كتب أصول الفقه اليت مزجت فيها األصول باملنطق مثل الربهان للجويينوما يثبت ذلك فتوى ابن الصالح فقد سئل عن كتاب من كتب األصول ،ى للغزايلاملستصفو

هل حيرم االشتغال به : ليس فيه شيء من علم الكالم و ال من املنطق وال ما يتعلق بغري أصول الفقهأم يكره؟ فأجاب ابن الصالح بأن كتب األصول إذا خلت من املنطق أو الفلسفة فمن املباح

عند اامه ) هـ 637توىف سنة (ن آثار فتوى ابن الصالح ما أصاب اآلمدي وم )2(دراستها،بالفلسفة و املنطق حيث كان واسع اإلطالع يف العلوم الدينية و العلوم القدمية على السواء، توىل

و بالرغم من عدم ،غري أن شهرته باالشتغال بالفلسفة و املنطق ،تدريس العلوم الشرعية بالقاهرةئا من العلوم الفلسفية يف دراسته إال أنه ام بفساد العقيدة و كتب حمضرا وقع عليه إدخاله شي

الكثريون وأعلنوا استباحة دمه لكنه فر إىل الشام و قام بالتدريس بدمشق فام مبثل ما ام به يف .األول وعزل عن منصبه

وإذا كان الغزايل قد . وبدوره انتقد ابن تيمية الغزايل الذي أكد على وجوب معرفة املنطقفأطلق على القياس احلملي ميزان التعادل وعلى ، حتدث عن مصطلح امليزان بدال من القياس

وعلى الشرطي املنفصل ميزان التعاند مصرحا بأنه أبتدع أمساء ، الشرطي املتصل ميزان التالزمعندما قرر أن طرق فان ابن تيمية بدوره أستعمل هذا املصطلح يف منهجه، املوازين من القران

االستدالل الصحيحة ينبغي أن تستمد من كتاب اهللا ال من األمور الوضعية معتمدا على قوله تعاىل لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم «وقوله أيضا)3( ،»اهللا الذي أنزل الكتاب باحلق وامليزان «

.218ص2001 ،1ط، الرياض، مكتبة الرشد ، شرح العقيدة األصفهانية، ابن تيمية )1( .32ص، مرجع سابق، فتاوى ابن الصالح يف التفسري واحلديث والعقائد ،ابن الصالح)2( 17.، اآليةسورة الشورى)3(

129

هل نفهم من ذلك أن ابن تيمية :طرح والسؤال الذي ي)1( .»الكتاب وامليزان ليقوم الناس بالقسط أقتبس هذه الفكرة عن الغزايل ؟وأنه يؤيد عمل الغزايل خاصة يف وضع املصطلحات اجلديدة ؟

إال أنه ال ميكن القول أن ابن تيمية ،رغم تشابه الغزايل وابن تيمية يف القول بفكرة امليزانألن ، زايل ألن معىن امليزان خمتلف لديهماأو أنه يؤيد عمل الغ,قد أخد فكرة امليزان عن الغزايل

، مفهوم ابن تيمية للميزان كما يفسره كثري من السلف بالعدل ويفسره بعضهم مبا توزن به األمور وبالتايل فهو ال يقصد به القياس كما فهمه الغزايل .)2(وهو ما به يعرف العدل أي أما متالزمان

لفظ جممل يدخل فيه القياس الصحيح والقياس الفاسد «هألن لفظ القياس عند ابن تيمية كما يعرفوردت به الشريعة وهو اجلمع بني املتماثلني والفرق بني املختلفني يفالقياس الصحيح هو الذ

وبذلك )3( ،»األول قياس الطرد والثاين قياس العكس وهو من العدل الذي بعث اهللا به رسوله ,به متاثل املتماثالت من الصفات واملقادير وما يعرف به فالقياس الصحيح هو امليزان الذي يعرف

وهو العدل وهو ما ،إن امليزان العقلي هو القياس القرآين الذي أنزله اهللا.)4(اختالف املختلفاتيوزن به ويعرف العدل وميكن نعرف به صحيح الفكر من باطله ونزن به األمور عامة حسية

ن مصدر مجيع االستدالالت فهذا ال يدل آمية يعترب القرلكن إذا كان ابن تي.)5(كانت أو عقليةأما ,ن حيتوي على األصول العامة للدالئل العقلية آن كتابا يف املنطق ألن القرآعلى أن القر

.ن آتفصيالا فليس من وظيفة القريف منهج كل منهما ختالفاإضافة إىل اختالف مفهوم امليزان عند ابن تيمية والغزايل هناك

فمنهج ابن تيمية يقوم على رفض املنطق األرسطي وإظهار ما فيه ، دف من القول بفكرة امليزانواهلفكانت الوسيلة إىل ذلك هي استخراج األدلة العقلية ، من تناقضات وخطورة على إهليات املسلمني

مع هذا ما جعله خيتلف.ن كما فعل الغزايل آمن القران ال على ما يوافق منطق اليونان يف القرمعتربا كتاب القسطاس املستقيم ،الغزايل ويرفض فكرة املوازين اخلمس اليت حتدث عنها الغزايل

بل كان يهدف ،أما منهج الغزايل فلم يكن رافضا للمنطق األرسطي.مقتبسا من ابن سينا وأرسطو

.25 ، اآليةسورة احلديد)1( ..وما بعدها371ص ، مرجع سابق، ابن تيمية الرد على املنطقيني)2( .394ص ،مرجع سابق، ابن تيمية ،حممد أبو زهرة)3( 293ص، مرجع سابق، عفاف الغمري املنطق عند ابن تيمية)4( 294ص ، املرجع نفسه)5(

130

يوافق ومن أجل جتنب ثورة الفقهاء وهو ما دفعه إىل البحث عما، إىل مزجه بالعلوم اإلسالميةوإذا كان الغزايل قد قرر أن املنطق علم يوناين ينبغي معرفته ألنه يقوم .املنطق األرسطي من القران

فان ابن تيمية رفض ذلك ووجه نقدا للغزايل الذي أعتربه أول من مزج الفلسفة ، على أساس عقلييف حني أنه يف حقيقة األنبياء إىلبأصول الدين متعجبا من وضعه كتاب القسطاس املستقيم ونسبته

أدخل ) الغزايل(فانه «:األمر حسب ابن تيمية أقتبسه من كتب اليونان خاصة أرسطو حيث يقولمقدمة من املنطق يف أول املستصفى وزعم أنه ال يثق بعلمه إال من عرف هذا املنطق وصنف فيه

، )1(»مخس موازينذكر فيه "القسطاس املستقيم"وصنف كتابا مساه " وحمك النظر" معيار العلم"وبذلك يرفض ابن تيمية اعتبار املوازين اخلمسة اليت وردت يف كتاب الغزايل القسطاس املستقيم

، كل ما فعله الغزايل هو تغيري مصطلحاته ،إمنا هي منطق اليونان،هي امليزان العقلي الذي أنزله اهللا : ولتأكيد هذا األمر يقدم ابن تيمية جمموعة من احلجج منها

املنطق ، إنزال اهللا املوازين مع كتبه قبل أن خيلق اليونان يف عهد نوح وإبراهيم وموسى-1األرسطي وضعه أرسطو قبل املسيح بثالمثائة سنة فكيف كانت األمم املتقدمة على أرسطو تزن

.قضاياها الذي ظهر ومل يعرف السلف هذا املنطق اليوناين، أن املسلمني ما زالوا يزنون باملوازين العقلية-2

.يف اإلسالم بعد عملية ترمجة وتعريب الكتب يف عهد املأمون وال يلتفتون إليه ,ما زال نظار املسلمني بعد أن عرب املنطق األرسطي وعرفوه يعيبونه ويذمونه -3

وإذا كان الغزايل يعتقد أن املعاين العقلية مشتركة بني)2( .وال إىل أهله يف موازينهم العقلية والشرعيةفان ابن تيمية خيالفه يف ذلك ألنه يوجد يف هذه ,وأن اخلالف فقط يف االصطالح اللفظي ,األمم

مث أن الغزايل جعل املنطق ميزان املوازين العقلية اليت هي األقيسة .املعاين العقلية أشياء كثرية فاسدة فانه لو ،ليس األمر كذلكو وزعموا أنه آلة قانونية تعصم مراعاا الذهن أن تزل يف فكرة، العقلية

. امليزان القرآين هو على ميزان عتماداالومن هنا ال بد من .)3(ميزان لزم التسلسل أحتاج امليزان إىل :موقف فقهاء املغرب - )ب

.162ص، رجع سابقم، الرد على املنطقيني، تقي الدين ابن تيمية)1( 374. -372ص ،املرجع نفسه)2( .375 - 374صاملرجع نفسه، )3(

131

من توجه الغزايل موقفا سلبيا حيث بكان موقف فقهاء املغر: )السليب(املوقف الرافض -1كثريا ما كان ملوكهم ، و)1(التنجيمالفلسفة واملنطق و ما عداعلماء األندلس بكل العلوم ىنعتا

حيث يذكر صاعد يف طبقاته أن أبو عامر حممد بن عبد ،يأمرون بإحراق كتب الفلسفة واملنطقاهللا بن حممد عمد إىل خزائن احلكم، وأمرهم بإخراج ما يف مجلتها من كتب العلوم القدمية املؤلفة

وم وغري ذلك من علوم األوائل وأمر بإحراقها و إفسادها فأحرق بعضها يف علوم املنطق و علم النجو طرح بعضها يف آبار القصر وهلل عليها التراب و احلجارة و غريت بضروب من التغاير وفعل

، كما ذكر أن املنصور بن أيب )2(>>ذلك حتببا إىل عوام األندلس و تقبيحا ملذهب اخلليفة احلكماملدخل لصناعة "يف كتابه ) هـ620توىف سنة (، ويروى ابن طملوس )3(عامر أحرق كتب املنطق

زهد علماء األندلس يف صناعة املنطق فقد حرموا تعلمه و تعليمه، ويذكر أن الغزايل نفسه " املنطقمل يعرض أحباثه املنطقية حتت اسم املنطق و لكنه حتت أمساء أخرى كاملعيار و احملك و امليزان حىت

من هنا قوبلت كتب الغزايل يف أواخر دولة املرابطني و )4(الفقهاء و حماربتهم له،يتفادى غضب و ملا دخلت كتب أيب حامد «) هـ647توىف سنة (بالرفض حيث يقول عبد الواحد املراكشيبإحراقها و تقدم بالوعيد الشديد من ) علي بن يوسف(الغزايل رمحه اهللا املغرب أمر أمري املسلمني

، وشاطره )5(»ستئصال املال إىل من وجد عنده شيء منها، واشتد األمر يف ذلكسفك الدم و او ملا امتدت األيام وصل إىل هذه اجلزيرة كتب أيب حامد الغزايل متفننة، «:الرأي ابن طملوس قائال

خرج عن مفادهم من مسائل صوفية كالمبأشياء مل يألفوها و ال عرفوها وفقرعت أمساعهم ال حماورم، قبعت عن قبوله ذين يعتد أهل األندلس مناظرم والطوائف الغريهم من سائر و

أذهام و نفرت عنه نفوسهم و قالوا إن كان يف الدنيا كفر وزندقة، فهذا الذي يف الكتب )6(.»الغزايل

.137ص ، مرجع سابق، اإلسالمالعالقة بني املنطق والفقه عند مفكري ، حممد يحممود حممد عل)1( .66ص، 1912، بريوت، املطبعة الكاتوليكية، طبقات األمم، صاعد )2( .67ص، املرجع نفسه)3( .181ص، مرجع سابق، مناهج البحث عند مفكري اإلسالم، نشار علي سامي ال)4( .173ص، 1963، القاهرة، جلنة إحياء التراث اإلسالمي، املعجب يف تلخيص أخبار املغرب ، عبد الواحد املراكشي)5( .137ص، قمرجع ساب، نقال عن العالقة بني املنطق والفقه عند مفكري اإلسالم، املدخل لصناعة املنطق، ابن طملوس)6(

132

يف مقابل هذا املوقف السليب ظهر موقف مؤيد للغزايل تبناه الفقيه ): اإلجيايب(املوقف املؤيد -2الذي بينت أكثر ،)هـ 543 - 468" (أبو بكر بن عبد اهللا بن العريب "الكي األشعري امل

لته وقد التقى بالغزايل يف رح)1(، األحباث احلديثة تأثره بالغزايل خاصة طريقة التصوف واملعرفة فقرأت عليه مجلة من كتبه، ومسعت«:تتلمذ عليه باعترافه حيث يقول العلمية إىل املشرق العريب و

هو ما لكتب اليت قرأها كتبه املنطقية ومن بني او، )2(»"باإلحياء لعلوم الدين"كتابه الذي مساه يف استخراج األدلة من القرآن على رسم الترتيب يف ) أي الغزايل(و أبدع «:نستشفه من قوله

يف أخد شاء وما " القسطاس املستقيم"بديعة يف كتاب مساه , الوزن الذي شرطوه قوانني مخسةمل ية، حىت حنا فيه رسم الفالسفة ومعيار العلم عليهم طريق املنطق فرتبه باألمثلة الفقهية و الكالم"

عند عودة ابن عريب إىل األندلس و )3(»أخرجه خالصا عن دسائسهمو, يترك هلم مثاال وال ممثالو إىل جانب ."علممعيار ال"و" نظرحمك ال"جلب معه كتبا للغزايل و كان من بينها كتبه املنطقية

فقد بذوره موقفا مؤيدا للغزايل، ) هـ 524-474(ابن عريب وقف حممد بن عبد اهللا بن تومرت بناهناك قابل الغزايل و أخذ عنه املذهب األشعري، و قد أشار سافر إىل املشرق طلبا لعلم و

ملشرق أئمة األشعرية لقي با « :خلدون إىل تأثر ابن تومرت باملدرسة األشعرية خاصة الغزايل قائالأستحسن طريقتهم يف االنتصار وأخذ عنهم و) يقصد الغزايل و الطرطوسي وغريهم(لسنة من أهل ا

أنه ذهب إىل رأيهم ة الدامغة يف صدور أهل البدعة، وللعقائد السلفية والذوب عنها باحلجج العقليعزل عن إتباعهم يف التأويل ب مبيف تأويل املتشابه من اآليات واألحاديث، بعد أن كان أهل املغر

األخذ برأيهم فيه إقتداء بالسلف يف ترك التأويل وإقرار املتشاات، كما جاءت فطعن على أهل واملغرب ذلك، ومحلهم على القول بالتأويل و األخذ مبذاهب األشعرية يف العقائد، وأعلن بإمامتهم

. )4( .» ة يف التوحيدووجوب تقليدهم، وألف يف العقائد على رأيهم مثلً املرشد

)1(, masarrat husain zuberi, aristotle and alghazali, noor publishing house, delhi

first edition ,1992, p140. .24ص 1997، ، القاهرة، دار التراث، حتقيق عمار طاليب، العواصم من القواسم، أبو بكر ابن العريب)2( .106ص، املرجع نفسه)3( .267-266ص ص ، 1992، بريوت,دار الكتب العلمية، 6ج، تاريخ ابن خلدون، دونعبد الرمحان ابن خل)4(

133

ابن تومرت كان صاحب سلطة ألنونظرا لتأثري ابن عريب يف الفقهاء من تالمذته، والنظرة السلبية زالتذلك بللغزايل تغريت وبدأ يكرب يف عيوم، و املغرب روحية، فإن نظرة أهل

. ملنطق الغزايل

امتة ــــاخلـ

135

:اخلـــامتــة :حتليلنا السابق خنلص إىل مجلة من النتائج ميكن صياغتها على النحو التايلومن خالل

وهناك من أعتمد املنهج , فهناك من أعتمد املنهج العقلي,اختالف منهج االعتقاد يف اإلسالم . أحد أبرز ممثليها وهناك من مجع بينهما كما هو احلال بالنسبة لألشاعرة اليت يعترب الغزايل,النقلي

الصراعات السياسية بني الفرق نتج عنها فيما بعد تعدد يف الفرق واآلراء العقدية بسبب نأ كمالألوضاع الثقافية والفكرية والدينية والسياسية السائدة وقد كان .ارتباط اجلانب العقدي بالسياسي

بدليل ما تركته العقيدة ,ري الغزايلإىل جانب ظروف حياته أثرها الكبري على تفك,يف عصر الغزايل والذي يعرب خمتلف املسائل العقدية وموقفه من, على توجهات الغزايل الفكرية شعريةاألاإلسالمية

رغم وجود بعض االختالفات , عن وجهة نظر املذهب األشعري الذي يزاوج بني العقل والنقل .بينه و بني رواد املذهب األشعري

إىل العرب واملسلمني عن مث انتقل ،نطقي ظهر عند اليونان خاصة عند أرسطوإن املصطلح امل يعود السبب الرئيسي يف ترمجة كتب املنطق و .طريق حركة الترمجة يف العهدين األموي والعباسي

صعوبة الترمجة ورداءة بعض كما دفعت.ومصطلحاته إىل افتقار اللغة العربية للغة املنطقية عمل املسلمني على الترمجة ومل يقتصر .من جديد املصطلحاتة النظر يف بعض الترمجات إىل إعاد

وهو ما مت من خالل وضع كتب ,حماولة إجياد لغة منطقية هلا مصطلحاا ىلإبل تعداه ,والنقل . حيث شهدت فترة الغزايل تطورا يف استخدام املصطلح املنطقي ،احلدود اليت مرت مبراحل

استندت هذه املواقف فان,بني مؤيد ومعارض ,لمني من املنطق تباينت مواقف املسوإذا كانت .إىل املصطلحات املستخدمة يف هذا العلم

للجانب العقدي عند الغزايل أثر كبري على منطقه بصفة عامة ومصطلحاته املنطقية بصفة تاب النظر، كتاب ك(وهو ما جتلى من خالل املصطلحات اليت أطلقها على كتبه املنطقية ,خاصة

.أو بعض املصطلحات كمصطلح امليزان بدال من القياس) إخل...اجلدل، مدارك العقولخاصة كتاب احلدود , ملنطق األرسطي ومصطلحاته يف كتبه األوىلاتبين وإذا كان الغزايل قد

انطالقا من عقيدته اإلسالمية من متبين للمصطلح فانه سرعان ما حتول ,ومقاصد الفالسفةمبصطلحات املنطق مصطلحات لإىل مرحلة اإلبداع االصطالحي من خالل استبدا, ملنطقيا

.القسطاس املستقيم وحمك النظر واملستصفى يف علم األصول كيف كتبه املتأخرة خاصة عقدية

136

بل مشل خمتلف هذه ,نب العقدي على جانب معني من االستدالالت املنطقية مل يقتصر أثر اجلاووأغاليط منطقية اليت أصطلح , الذي اصطلح عليه بامليزان )محلي وشرطي (االستدالالت من قياس

معتمدا على أمثلة , حيث جعل القران مصدر مجيع هذه األقيسة,عليها الغزايل مبوازين الشيطانتضح أثر اجلانب العقدي يف رفضه لطريقة الباطنية اإلمساعيلية و التعليمية يو .عقدية أو فقهية

من خالل أخذ املعرفة على يد اإلمام املعصوم ويصطلح عل طريقتها مبوازين ،القائمة على النص .الشيطان

فانه مع ذلك ال ينكر فضل ,رغم إعطاء الغزايل نفسه السبق يف استخراج املوازين من القران ووهو ما ,مسلمني كانوا أو من األمم األخرى كاليونان يف حتديد أصل هذه املوازين,ني عنه السابق

وإميانه بأن املنطق إنساين ليس ,يكشف الروح العلمية اليت حتلى ا الغزايل من موضوعية وتواضع قية اعتماد الغزايل على العقيدة يف مصطلحاته املنطكما أن .وقفا على أمة من األمم دون غريها

رغم تبنيه وقبوله للمنطق من الناحية ,دفعه إىل اختاذ موقفا رافضا للمنطق من الناحية االصطالحية ,ومن مت إقرار الغزايل بان املنطق علم صوري ميكن تطبيقه يف أي مشروع ,العملية أي املمارسة

.عقدي

و هو ما نلمسه من ،لعقديةو من بني النتائج املترتبة صعوبة التمييز بني كتب الغزايل املنطقية و اخالل تباين آراء املفكرين بشان تصنيف كتب الغزايل و أكرب دليل على ذلك كتابه القسطاس

يف حني صنفه البعض اآلخر ضمن كتبه العقدية، ،الذي صنفه البعض ضمن كتبه املنطقية ،املستقيم .و اعتربه بعضهم جمرد كتاب أخالقي

ا تثبت لنا خصوبة تفكري الغزايل،الذي رأى البعض بأنه عقائدي وضع إن النتائج املتوصل إليها سابقيف حني رأى آخرون بأنه فيلسوفا يف الصميم ينطق فلسفته يف , يف املشرق اإلسالمي ةحدا للفلسف

كما أن فكره ال يرتبط حبقبة . (1)ويتفق الكثري على أنه البطل الصويف الكبري, مصطلحات إسالميةالذي يتجه حنو ،ل ميكن تناول فكره من نواحي عدة السيما يف وقتنا احلاضرزمنية معينة فقط، ب

غري أن باطنه خيفي صراعا فكريا حياول من خالله كل طرف فرض مفاهيمه و ،عوملة شاملةمن خالل ما خلفه ،و من مت وجب البحث و التمسك ويتنا و متيزنا. مصطلحاته على اآلخر

(1) -Mohamed ahmed sheriff, ghazalis theory of virtue ,first edition , new York, 1975, pp1-2.

137

و كل ما نتمناه أن تفتح هذه الدراسة الباب أمام دراسات . يأسالفنا من تراث فكري و فلسف .أكثر تعمقا يف فكر الغزايل و لفالسفة مسلمني آخرين

فهرس املصادر واملراجع

139

فهرس املصادر واملراجع :قائمة املصـادر-أ

.القرآن الكرمي: أوال :مؤلفات أبو حامد الغزايل:ثانيا

القاهرة ، املكتبة القيمة للطباعة والنشر و التوزيع ، " إحياء علوم الدين" ، )أبو حامد(الغزايل -1 .)ت.د(

.2003، 1ط ،دمشق دار القلم،، " األربعون يف أصول الذين " ، )أبو حامد(الغزايل -2قدم له موفق فوزي اجلرب، احلكمـة للطباعـة ، "اإلقتصاد يف اإلعتقاد"،) أبو حامد(الغزايل -3

.1994، 1والنشر، دمشق، طدار الفكر ، ضمن جمموعة رسائل اإلمام الغزايل ،إجلام العوام عن الكالم" ،)أبو حامد(الغزايل -4

.2000 ،بريوت، للطباعة و النشر و التوزيعضمن جمموعة رسائل اإلمام الغزايل ، احلكمة يف خملوقات اهللا عز وجل"، ) أبو حامد(الغزايل -5 .2000 ،بريوت، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع ، ،قدم له فيكتور شلحت، املطبعـة الكاثوليكيـة ، " القسطاس املستقيم"، ) أبو حامد(الغزايل -6

.1،1959بريوت ط ،ضمن جمموعة رسائل اإلمام الغزايل ، املضنون الكبري به على غري أهله"،) أبو حامد( الغزايل -7

.2000 ، بريوت،دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيعتعليق و تصحيح حممد حممـد جـابر، املكتبـة ، " املنقذ من الضالل" ، )أبو حامد(الغزايل -8

).ت.د(، الثقافية، بريوت، 3دار املشـرق، بـريوت ط ، تقدمي ماجد فخري، " افت الفالسفة"، ) امدأبو ح(الغزايل -9 ).ت.د(

دار إحياء العلـوم، ، حتقيق حممد رشيد رضا القباين،" جواهر القرآن " ،)أبو حامد(الغزايل -10 .1990، 3ط ،بريوت

ر القوميـة حتقيق وتقدمي عبد الرمحان بدوي، الدا ،"فضائح الباطنية" ، )أبو حامد(الغزايل -11 .1964، للطباعة والنشر، القاهرة

140

قرأه و خرج أحاديثه و علق عليه حممـود بيجـو، ، "قانون التأويل "، )أبو حامد(الغزايل -12 .1993، 1ط

، ضبطه و صححه حممد بدر الدين النعساين، بـريوت " حمك النظر " ، )أبو حامد(الغزايل -131966.

دار الفكـر ، " ضمن جمموعة رسائل اإلمام الغزايل ، ة األنوار مشكا" ، )أبو حامد(الغزايل -14 . 2000 ، بريوت، للطباعة و النشر و التوزيع

،دار الكتب العلمية ، بـريوت ، " معارج القدس يف مدارج النفس " ، )أبو حامد(الغزايل -15 .1988، 1ط

دار الفكر ، "اإلمام الغزايل ضمن جمموعة رسائل ، معراج السالكني"، ) أبو حامد(الغزايل -16 .2000 ، بريوت ،للطباعة و النشر و التوزيع

.1961دار املعارف، مصر ،حتقيق سليمان دنيا ، "معيار العلم "، ) أبو حامد(الغزايل -17دار الكتـب ، حتقيق و تعليق أمحد زيد املزيدي ، "مقاصد الفالسفة"، ،)أبو حامد(الغزايل -18

. 2003، 1، ط، بريوت ، العلمية ،حققه و قدم له سليمان دنيا، دار املعارف، مصـر ، " ميزان العمل "، ) أبو حامد(الغزايل -19 .1964 1ط

اهليئـة ، ضمن كتاب املصطلح الفلسفي عند العرب ، "كتاب احلد"، )أبو حامد(الغزايل -20 .1989، 2ط، القاهرة ، املصرية العامة للكتاب

.هـ1368 ، قم ، دار الدخائر ، 1ج ، املستصفى يف علم األصول، أبو حامد الغزايل-21 :قائمة املراجع باللغة العربية-ب

شرح وحتقيق نزار رضـا، دار ، "كتاب عيون األنباء يف طبقات األطباء"، ابن أيب أصيبعة -01 ).ت.د( ، بريوت، مكتبة احلياة

مكتبـة ، حتقيق عمار طاليب ، "من القواصمالعواصم " ،)أبو بكر بن عبد اهللا( ، ابن العريب -02 .1997 ، دار التراث، القاهرة

.)ت-د(، حتقيق رضا جترد ،1 ج، " الفهرست"، ابن الندمي -03

141

، حتقيق حممد حسن حممد حسن إمساعيـل ، " الرد على املنطقيني" ، )تقي الدين(ابن تيمية -04 .2003، 1ط، بريوت ، دار الكتب العلمية

حققه و علق عليه سعيد بن نصر بن ، "شرح العقيدة األصفهانية" ، )تقي الدين(مية ابن تي -05 .2001، 1مكتبة الرشد الرياض، السعودية ط، حممد

، مكتبة السـنة احملمديـة ، صححه حامد الفقي ، " نقض املنطق" ، )تقي الدين(ابن تيمية -06 ).ت.د( ،القاهرة

حتقيـق ، " و املدخل إليه باأللفاظ العامية و األمثلة الفقهيةالتقريب حلد املنطق "، ابن حزم -07 .)ت-د(،بريوت، دار الكتب العلمية، أمحد فريد املزيدي

.1989، 7دار القلم، بريوت، ط ،"املقدمة، ) "عبد الرمحان(ابن خلدون -08ت، حققه إحسان عباس، دار صادر، بـريو ، "وفيات األعيان، ) "مشس الدين(ابن خلكان -09

1994. ، مركز دراسات الوحدة العربية ، "الكشف عن مناهج األدلة يف عقائد امللة" ، ابن رشد -10

.1998، 1تقدمي حممد عابد اجلابري، بريوت، ط .1994 ،تقدمي حممد فؤاد األهواين، دار الكتب ، "منطق الشفاء" ، ابن سينا -11 ، دار املعـارف ، حتقيـق سـليمان دنيـا ، "اإلشارات والتنبيهات، ) "أيب علي(ابن سينا -33

1960. ضمن كتاب عبد األمري األعسم املصـطلح الفلسـفي عنـد ، "رسالة احلدود"، ابن سينا -12

.1989، 2ط ، القاهرة ، اهليئة املصرية العامة للكتاب ، العربدار ، تأخرة، أرسطو و املدارس امل2ج، " "تاريخ الفكر الفلسفي" ، )حممد علي(أبو ريان -13

.1987، 4اإلسكندرية، ط، املعرفة اجلامعية تقدمي وحتقيق حممد عبد اهلادي أبو ريدة، دار الفكر ، "رسائل الكندي الفلسفية" ، أبو ريدة -14

.1978، 2ط ،القاهرة ،العريبقافـة مكتبة الث ، أثر اجلويين على الفلسفة اإلهلية عند الغزايل"،) رباب عبده سليمان(أمحد -15

.2005، 1الدينية، القاهرة، ط

142

حققه وقدم له عبد الرمحان ، ضمن كتاب منطق أرسطو، كتاب التحليالت األوىل، أرسطو -16 .1980، 1ط، الكويت، وكالة املطبوعات ، بدوي

.1983، 1دار اآلفاق اجلديدة، بريوت، ط ، "املنطق السينوي"، ) جعفر(آل ياسني -17تقدمي و حتقيق دكتورة فوقية حسني حممـود، دار ، " ة عن أصول الديانةاإلبان" ، األشعري -18

.1977، 1القاهرة، ط ،األنصارحتقيق حممد حمي الدين عبد احلميـد، مكتبـة 1، ج، " مقاالت اإلسالميني" ، األشعري -19

.1950، 1النهضة املصرية، القاهرة، ط .1999، 2لنفائس، األردن، طدار ا" العقيدة يف اهللا"، ) عمر سليمان(األشقر -20القاهرة، ، دار قباء للطباعة و النشر و التوزيع ،"الفيلسوف الغزايل"، ) عبد األمري(األعسم -21

1998 . ، اهليئة املصرية العامـة للكتـاب ، "املصطلح الفلسفي عند العرب"، )عبد األمري(األعسم -22

.1989 ، 2ط، القاهرة املكتبة ، حتقيق حممد حمي الدين عبد احلميد، " الفرق بني الفرق، ) "عبد القاهر(البغدادي -23

.1995، بريوت، اصيد ، العصرية .1928، 1دار الفنون اسطنبول، ط، "أصول الدين، ) "عبد القاهر(البغدادي -24

دار الثقافـة للنشـر و ، "علم الكالم وبعض مشـكالته "، ) أبو الوفاء الغنيمي(التفتزاين -25 ).ت.د(زيع، القاهرة، التو ، 2ج+1ج، موسوعة كشاف اصطالحات الفنـون و العلـوم " ، )حممد علي(التهانوي -26

.1996، 1قدمي و إشراف و مراجعة رفيق العجم، مكتبة لبنان ناشرون، بريوت، طتدراسات يف فكره وعصره و تأثريه، ، "أبو حامد الغزايل"، و آخرون ) حممد عابد(اجلابري -27 .19 889ورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط، سلسلة ندوات و حماضرات رقم منش .1985مكتبة لبنان، بريوت، ، " تالتعريفا"،) حممد الشريف(اجلرجاين -28 ).ت.د(دار العقيدة، القاهرة، ، "عقيدة املؤمن" ، )أبو بكر(اجلزائري -29 .1ط ، بريوت ، دار الكتب العلمية، " سعادةمفتاح دار ال"، ) ابن القيم(اجلوزية -30

143

مديرية الكتـب اجلامعيـة، دمشـق، ، "مبادئ العقيدة اإلسالمية"،)مصطفى سعيد( اخلن -311983.

دار ابـن رجـب ، " شرح العقيدة الطحاويـة "، ) صدر الدين عي بن أيب العز(احلنفي -32 .2003، 2املنصورة، ط

.1930، 1ط ، راجعه حممد كمال الدين األدمهي ،" مفاتيح العلوم"، اخلوارزمي -33، 1بـريوت، ط ، أوراق شـرقية ، "االنتصار أو الرد على ابن الروندي امللحد"، اخلياط -56

1993. دار الطباعة احملمديـة، ،"علم العقيدة بني األصالة واملعاصرة" ، )أمحد عبد الرحيم(السايح -34 .1990، 1ط

حتقيق حممود الطناحي عبد الفتاح حممد ، "طبقات الشافعية الكربى ،) "تاج الدين(السبكي -35 . 1964، 1احللو، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ط

دار قباء للطباعة و النشر، القـاهرة، ، "مدخل علم الكالم" ، )حممد الصاحل حممد(السيد -362001.

علق عليه علي ، "ن فن املنطق و الكالمصون املنطق و الكالم ع"، ) جالل الدين(السيوطي -60 ).ت.د(سامي النشار، املروة، مكة املكرمة،

حتقيق أمري علـي ، 2ج+1ج" امللل و النحل"،)أبوالفتح حممد بن عبد الكرمي(الشهرستاين -37 .1993، 3علي حسن فاعور، دار املعرفة، بريوت، ط -مهنا، دار الصـفا 2ج" المية يف ضوء العلم احلديثالعقيدة اإلس"، )سعد الدين السيد(الصاحل -38

.1991، 2للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، طقدم له أمحد فؤاد األهـواين، ، " سرية الغزايل و أقوال املتقدمني فيه" ، )عبد الكرمي(العثمان -39

).ت.د(دار الفكر، دمشق .1989، 1ريوت، طدار املشرق، ب ، "املنطق عند الغزايل"، ) رفيق(العجم -40حتقيق ، 1ج للتهانوي" كشاف اصطالحات الفنون"ضمن مقدمة كتاب ، ) رفيق(العجم -41

.1996، 1وإشراف و مراجعة رفيق العجم ، مكتبة لبنان ناشرون، ط

144

، 6ط ،اإلسكندرية،دار املعارف،" جتديد يف املذاهب الفلسفية الكالمية" ،)عاطف(العراقي -421993.

،القـاهرة ،دار قباء للطباعة و النشر والتوزيـع ،"املنطق عند ابن تيمية"،) عفاف(الغمري -432001.

.1993، 2، دار اجليل، بريوت، ط2ج" تاريخ الفلسفة العربية"،) حنا(الفاخوري -44، 1قدم له علي أبو ملحم، دار و مكتبـة اهلـالل، ط " إحصاء العلوم" ،)أبو نصر(الفارايب -45

1996. ،مكتبة لبنان ناشـرون " ،علم املصطلح أسسه النظرية و تطبيقاته العملية" ،)علي(القامسي -46

.2008بريوت ، 2مكتبـة وهبـة، القـاهرة، ط ،"الفرق الكالمية اإلسالمية" ،)علي عبد الفتاح(املغريب -47

1995. ،بـريوت ،ية دار النهضة العرب ،"مناهج البحث عن مفكري اإلسالم" ،)علي سامي(النشار -48 .1984، 3ط

ترمجـة خليـل أمحـد ،"املنطق وتارخيه من أرسطو و حـىت راسـل "،) روبري(بالنشي -49 ).ت.د(،بريوت ،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر،خليلديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائر ،ترمجة حممد يعقويب،" املنطق الصوري"،) جول(تريكو -50

1992. .1986دار طالس للدراسات والترمجة و النشر، دمشق، " ،أبو حامد الغزايل) "فريد(جحا -51مهرجان الغزايل يف الذكرى املئوية التاسعة ملـيالده، مطبوعـات ضمن ،)مصطفى(جواد -52

.1962الس األعلى لرعاية الفنون و اآلداب و العلوم اإلجتماعية، القاهرة .1990، 1دار الفكر اللبناين، ط ،"يةتاريخ الفلسفة العرب"،) كامل(محود -53 .1957،القاهرة ،تاريخ الفلسفة اإلسالمية ،ديبور -54 .1965دار املعارف، مصر، ،"احلقيقة يف نظر الغزايل"،) سليمان(دنيا -55 .1961 ،مصر ،دار املعارف ،للغزايل" معيار العلم"ضمن مقدمة كتاب ،)سليمان(دنيا -56

145

مؤسسة شباب اجلامعة للطباعة و التوزيع، ،" تاريخ املنطق عند العرب،) "عزيز نظمي(سامل -57 .1983 ،اإلسكندرية

نشره وديله باحلواشي األب لويس شـيخو اليسـوعي، املطبعـة ،"طبقات األمم"،صاعد -58 .1912 ،بريوت ،الكاثوليكية

،ر الوفاء اإلسكندريةدا ،"عالقة املنطق باللغة عند الفالسفة املسلمني"،) حسن بشري(صاحل -59 .2003، 1ط

.1995، 3الشركة العاملية للكتاب، بريوت، ط،" تاريخ الفلسفة العربية" ،)مجيل(صليبا -60دار اآلفـاق ،"العقيدة اإلسالمية يف مواجهة التيارات اإلحلاديـة "،) فرج اهللا(عبد البارئ -85

.2004، 1العربية، القاهرة، طحققه وقدم له عبد الكرمي عثمان، مكتبـة ،" شرح األصول اخلمسة"،) القاضي(عبد اجلبار -61

.1996 ،3ط، وهبة القاهرة، املركز الثقايف العريب، الدار البيضـاء، "جتديد املنهج يف تقومي التراث"،) طه(عبد الرمحان -62

.2005، 2املغرب، ط .1994، 1وت، طقدمه حممد عمارة دار الشروق، بري،" رسالة التوحيد،) "حممد(عبده -63دار املعـارف اجلامعيـة ،" مالمح الفكر الفلسفي عنـد اليونـان " ،)حريب عباس(عطيتو -64

.1992،اإلسكندرية ، .1973القاهرة، ،دار الكتب ،"أبو احلسن األشعري"،)محودة(غرابة -65 .1991، 6ط،بريوت ،دار املشرق،"أصول الفلسفة العربية ،) "يوحنا(قمري -66 .1963 ،مطبعة جلنة التأليف و الترمجة و النشر ،"تاريخ الفلسفة اليونانية"،) يوسف( كرم -67ترمجة نصري مروة، حسني قبسي، عويدات ،"تاريخ الفلسفة اإلسالمية" ،)هونري(كوربان -68

.1998، 2للنشر و الطباعة، بريوت، ط إبـراهيم ة ندمي عالء الـدين نقله إىل العربي ،"تاريخ علم املنطق" ،)الكسندر(ماكوفلسكي -69

.1987، 1ط ،بريوت ،دار الفارايب،فتحي .1968دار الكتاب العريب، القاهرة، ،" األخالق عند الغزايل" ،)زكي(مبارك -70 .1985،بريوت ،دار النهضة العربية ،"املنطق ومناهج البحث"،) ماهر عبد القادر(حممد -71

146

.1985، 1ط ،بريوت ،نشورات عويداتم،" الكندي،) "عبد الرمحان(مرحبا -72، 1ط،القـاهرة ،املعهد العاملي للفكر اإلسالمي،" املنطق واملوازين القرآنية،) "حممد(مهران -73

1966. .1982، دار الكتاب اللبناين، بريوت،" نشأة األشعرية و تطورها" ،)جالل حممد(موسى -74، 3بـريوت، ط ،دار املشرق ،"بني احلكمتنياجلمع "مقدمة كتاب الفارايب ،)ألبري(نصري -75

1980. منشـأة ، ضمن كتاب قضايا فلسـفية ،إشكالية املصطلح الفلسفي ،إبراهيم مصطفى إبراهيم-76

,1998، اإلسكندرية، املعارف )ت-د(4ط، بريوت، دار الكتب العلمية ، 9ج، الكامل يف التاريخ، ابن األثري -77، مكتبة ابن تيمية الطالبيـة ، يف التفسري واحلديث والعقائد فتاوى ابن الصالح،ابن الصالح-78

).دت(، القاهرة 1971. ، مطبعة دار الكتب ، 1ج ،درء تعارض العقل والنقل ، ابن تيمية-79 .2،1996ط، دار اجليل بريوت ، 4ج+2الفصل يف امللل واألهواء والنحل ج، ابن حزم -80دار الفكـر ، دراسة وحتقيق جريار جيهـامي ، طوتلخيص منطق أرس، )أبو الوليد(ابن رشد-81

.1992، 1 ط، بريوت,اللبناين ).ت.د(، القاهرة، دار الفكر العريب، تاريخ املذاهب اإلسالمية، )حممد(أبو زهرة -82 .1991، القاهرة، دار الفكر العريب، ابن تيمية حياته وعصره، )حممد(أبو زهرة-83 ، حققه وقدم له عبد الرمحان بـدوي ، منطق أرسطو ضمن كتاب، كتاب العبارة، أرسطو-84

.1980، 1ط، الكويت، وكالة املطبوعات، حققه وقدم له عبد الرمحان بدوي ، ضمن كتاب منطق أرسطو، كتاب املقوالت، أرسطو-85

.1،1980ط، الكويت، وكالة املطبوعات اهليئـة ، لسفي عند العربضمن كتاب املصطلح الف ، كتاب احلدود الفلسفية ، اخلوارزمي -86

.2،1989ط، القاهرة، املصرية العامة للكتاب ، ضمن كتاب املصطلح الفلسفي عند العـرب ، رسالة يف حدود العلوم ورسومها ،الكندي-87

.1989، 2ط، القاهرة، اهليئة املصرية العامة للكتاب

147

اهليئة املصـرية ، بضمن كتاب املصطلح الفلسفي عند العر، كتاب احلدود، جابر بن حيان-88 .1989، 2ط، القاهرة، العامة للكتاب

.14،1966 ط ، بريوت، دار اجليل 3ج ، تاريخ اإلسالم، حسن إبراهيم حسن -89املنهجية األصولية واملنطق اليوناين من خالل أيب حامد الغزايل وتقي الدين ابن ، محو النقاري-90 .2010، 1ط، رؤية للنشر والتوزيع القاهرة، تيمية .)ت-د(، ضة مصر للطباعة والنشر، التفكري فريضة إسالمية ، عباس حممود العقاد-91 .1992، بريوت، دار الكتب العلمية، 6ج، تاريخ ابن خلدون، عبد الرمحان ابن خلدون-92 .1979، 5 ط، بريوت، دار القلم ، خريف الفكر اليوناين، عبد الرمحان بدوي-93 .1977 ، 2ط، الكويت، وكالة املطبوعات، لفات الغزايلمؤ،عبد الرمحان بدوي-94، جلنة إحياء التراث اإلسـالمي ، املعجب يف تلخيص أخبار املغرب ، عبد الواحد املراكشي-95

.1963، القاهرة ،4ط، مصـر ، دار املعـارف ، 1ج، نشأة الفكر الفلسفي يف اإلسالم، علي سامي النشار-96

1966. . 1991، 1،طبريوت، دار العلم للماليني، )فلسفة اليونانيةتاريخ ال، )ماجد(فخري-97

.1936، مطبعة جلنة التأليف والترمجة والنشر، تاريخ الفلسفة اليونانية، )يوسف(كرم -98 إبـراهيم تصـدير ، حماضرات يف تاريخ االصطالحات الفلسفية العربيـة ، لويس ماسينيون-99

).ت-د(اهرةالق، لآلثاراملعهد العلمي الفرنسي ، مدكورعني للدراسات ، العالقة بني املنطق والفقه عند مفكري اإلسالم، )حممود حممد علي(حممد-100

.2001، 1 ط، مصر، والبحوث اإلنسانية واالجتماعية، املعهد العاملي للفكـر اإلسـالمي ،املصطلح األصويل ومشكلة املفاهيم،)مجعة( علي حممد-101 ).دت(،القاهرة .2000 ، أبو ظيب، امع الثقايف،ابن حزم،)صفوديع وا(مصطفى-102، القاهرة، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، الفلسفة اليونانية من منظور شرقي، )مصطفى(النشار

1998.

148

منشـورات ، املصطلح يف اخلطاب النقـدي العـريب اجلديـد إشكالية، يوسف وغليسي-103 .1،2008االختالف،اجلزائر،ط

:ات واملعاجمقائمة املوسوع -ج ،دار الرشـاد ،"موسوعة الفرق و اجلماعات و املذاهب اإلسالمية ، ) "عبد املنعم(احلنفي -01

.1993 ، القاهرة .1988 ،بريوت ،دار اجليل، ابن منظور لسان العرب -02 .1980، 1تصدير إبراهيم مذكور ط ، جممع اللغة العربية ، املعجم الوجيز -03، 3الدار اهلندسية ط ، تصدير إبراهيم مدكور، جممع اللغة العربية ، 1ج ، املعجم الوسيط -04

1985. ، املؤسسة العربية للدراسات و النشـر ، 1ج" املوسوعة الفلسفية" ، )عبد الرمحان(بدوي -05

.بريوت .1994، بريوت، الشركة العاملية للكتاب، 2ج" املعجم الفلسفي"، صليبا مجيل -06

:ة األجنبيةاملراجع باللغ -د01-maurice bouygues ,essai de chronologie des œuvres dalgazali , edite et mis a jour par michel allard ,imprimerie catholique beyrouth 1959. 02-richard mccarty , the just balance, library of classical Arabic literature by twayne publishers ,1980. 03-farid jabre ,essai sur lexique deghazali ,publication de l’université libanaise , Beyrouth, 1970.

-04 masarrat husain zuberi, aristotle and alghazali , noor publishing house, delhi ,first edition ,1992. 05-Mohamed ahmed sheriff, ghazalis theory of virtue ,first edition , new York, 1975 .

:الرسائـل اجلامعية -هـ

149

حبث مقدم لنيل درجة املاجستري يف ، للمنطق األرسطي اإلسالميةقد الفلسفة ن، )علي(بوقليع -01 .1996-1995، جامعة قسنطينة، الفلسفة

فهرس اآليات القرآنية

151

ةـــــــــــــیاآل السورة رقم اآلیة الصفحة

املائدة 03 08

..........اليوم أكملت لكم دينكم و أمتمت عليكم

........إليه أنه يو ما أرسلنا قبلك من رسول إال نوح األنبياء 25 09

..................قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا األنعام 148 11

...................................قل هاتوا برهانكم النمل 64 11

.............ومن يدع مع اهللا إهلا آخر ال برهان له به املؤمنون 117 11

.....يتبعون إال الظن،وان الظن ال يغين من احلق شيئا إن النجم 28 11

...............................إنكم لفي قول خمتلف الداريات 08 12

............اهللا نزل أحسن احلديث كتابا متشاا مثاين الزمر 23 12

.............ما أختذ اهللا من ولد وما كان معه من إله املؤمنون 91 12

......وما آتاكم الرسول فخذوه، وما اكم عنه فانتهوا احلشر 07 12

.............حتكموا بالعدلوإذا حكمتم بني الناس أن النساء 58 17

....................................ليس كمثله شيء الشورى 11 20

................ال تدركه األبصار و هو يدرك األبصار األنعام 108 21

........................كنتم خري أمة أخرجت للناس آل عمران 110 22

152

24 22-23 ....................يومئذ ناضرة إىل را ناظرةوجوه القيامة

...................................األبصار ال تدركه األنعام 103 25

لن تراين . األعراف 143 25

40 15-16 ............أمل تروا كيف خلق اهللا سبع مساوات طباقا نوح

40 58-59 .......ختلقونه، أم حنن اخلالقون أأنتمأفرأيتم ما متنون الواقعة

....................لو كان فيهما آهلة إال اهللا لفسدتا األنبياء 22 43

.....................النار يعرضون عليها غدوا و عشيا غافر 46 48

...................و نضع املوازين القسط ليوم القيامة األنبياء 47 48

49 102-103

.............فمن ثقلت موازينه فأولئك هو املفلحون املؤمنون

49 23-24 ...فأهدوهم إىل صراط اجلحيم، وقفوهم إم مسئولون الصافات

......................و سارعوا إىل مغفرة من ربكم آل عمران 133 49

...........هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون الزمر 09 69

..................................وقل ريب زدين علما طه 114 69

99 7-8 -9 .......و السماء رفها ووضع امليزان،أال تطغوا يف امليزان الرمحان

153

.........لقد أرسنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب احلديد 25 99

....................القيامةو يضع املوازين القسط ليوم األنبياء 47 100

...فإن اهللا يأيت بالشمس من املشرق فات ا من املغرب البقرة 258 101

...............و تلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه األنعام 83 103

.................................قال ال أحب اآلفلني األنعام 76 103

......فلم يعذبكم بذنوبكم؟ بل أنتم بشر ممن خلققل املائدة 18 104

105 6-7 ..... يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء هللا :قل اجلمعة

............................و ما قدروا اهللا حق قدره األنعام 91 106

.....................لو كان فيهما آهلة إال اهللا لفسدتا األنبياء 22 107

.............لو كان معه آهلة كما تقولون، إذا البتغوا اإلسراء 42 107

........................لو كان هؤالء آهلة ما وردوها األنبياء 99 107

قل من يرزقكم من السموات و األرض؟ قل اهللا سبا 24 110

............قبلك من رسول و ال نيب نو ما أرسلنا م احلج 52 112

..........وخلقته من طني أنا خري منه خلقتين من نار ص 76 114

.................ما منعك أن تسجد ملا خلقت بيدي ص 75 114

154

.... إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان األعراف 201 116

..................باحلق وامليزاناهللا الذي أنزل الكتاب الشورى 17 127

........الكتاب لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم احلديد 25 128

فهرس املوضوعات

156

املوضوعات ـرســـفهـــ

داءــاإله

كرــالش

01......................................................................... ةــاملقدم

الغزايل عند العقدي اجلانب: األول الفصل 08.......................................................منهجها ، مفهومها العقيدة: أوال

08.................................................................... .مفهوم العقيدة-1

08...................................................................... املفهوم اللغوي- أ

08....... ........................................................املفهوم االصطالحي-ب

09...................................................................العقيدة اإلسالمية-ج

09...........................................................................موضوعها- د

10..................................................األمساء اليت تطلق على علم العقيدة- هـ

11............................................................منهج االعتقاد يف اإلسالم-2

12................................................................ املنهج العقلي املنطقي- أ

13.......................................................................املنهج النقلي-ب

14................................................العالقة بني األدلة العقلية واألدلة النقلية-ج

15...........................................الغزايل لعصر الفكرية و الثقافية األوضاع: ثانيا

15..................................................... ...............الفرق اإلسالمية-1

157

15......................................................................الفرق السياسية- أ

19......................................................................الفرق العقدية-ب

27.............................ي والفكري والثقايف لعصر الغزايل الوضع السياسي والعقد-2

27......................................................................الوضع السياسي- أ

27............................................................الوضع الفكري والعقدي-ب

28................................................................... ...الوضع الثقايف-ج

30...................................... املنطقية و العقدية مؤلفاته أهم ، حياته الغزايل: ثالثا

30............................................................................. حياته-1

32.............................................................مؤلفاته العقدية واملنطقية-2

34...............................الفكرية الغزايل توجهات على اإلسالمية العقيدة أثر: رابعا

اإلسالمي للعامل انتقاله و املنطقي املصطلح تطور: الثاين الفصل 53...........................................................وم املصطلح وأمهيتهمفه:أوال

54...................................................................مفهوم املصطلح-1

55.................................................................... أمهية املصطلح-2

56............................................................. شروط وضع املصطلح-3

56................................................................... أركان املصطلح-4

57................................................اليونان عند املنطقي املصطلح نشأة : ثانيا

158

57.... .....................................األوىل اليونانية املدارس عند اجلدل مصطلح-1

5 9....................................................أرسطو عند التحليالت مصطلح-2

-61................................................................األرجانون مصطلح-3 63................................................. الرواقية املدرسة عند منطق مصطلح-4

63...............................................اإلسالمي العامل يف املنطقي املصطلح: ثالثا

65...............................................................والنقل الترمجة مرحلة-1

66................................................................أشهر مدارس الترمجة-2

67................................................................ أهم املترمجني والنقلة-3

68...........................................وصول املنطق األرسطي إىل العامل اإلسالمي-4

68...........................................................أسباب قيام حركة الترمجة-5

71..............................................................طرق ومساوئ الترمجة-6

72.....................................احلدود كتب وضع و املنطقي املصطلح تبين مرحلة-2

73..................................................... مرحلة نشوء املصطلح املنطقي2-1

75.............................................مرحلة حتديد املصطلح املنطقي وانتشاره2-2

78..................... ......................مرحلة ثبات املصطلح املنطقي واستقراره2-3

78..............................................املنطقي املصطلح من املسلمني موقف: رابعا

80.......................................................املنطقي للمصطلح املؤيدة الفئة-1

84......................................................املنطقي للمصطلح املعارضة الفئة-2

159

الغزايل عند املنطقي املصطلح على العقدي اجلانب أثر: الثالث الفصل 90............................................املنطقي للمصطلح الغزايل تبين مرحلة: أوال

99.............)اإلسالمي حياالصطال اإلبداع.( املنطقي و العقدي اجلانب بني املزج مرحلة: ثانيا

99.....................................مرحلة املزج من خالل كتابه القسطاس املستقيم - أ

101......................................................استخراج القياس من القرآن -1

102....................................................................ميزان التعادل - أ

108.................................... إرجاع القياس الشرطي املتصل إىل ميزان التالزم-ب

111................................... إرجاع القياس الشرطي املنفصل إىل ميزان التعاند -ج

112.................................. مصطلح موازين الشيطان بدال من األغاليط املنطقية-2

115..........................................مصطلح القياس الباطل بدال من االستقراء -3

117................................اصطالحه على طريقة التعليم اإلمامية مبوازين الشيطان-4

121............................. تصفى مرحلة املزج من خالل كتاب حمك النظر و املس-ب

124........................................................املنطق من الغزايل موقف: ثالثا

127................................................الغزايل عمل من املسلمني موقف: رابعا

127................................................................موقف فقهاء املشرق- أ

130............................................................ موقف فقهاء املغرب -ب

131)............................................................السليب(املوقف الرافض-1

132..................................................)..........االجيايب(املوقف املؤيد -2

160

134............................................................................. اخلامتة

138 .............................................................املصادر واملراجع فهرس

150 ..............................................................اآليات القرآنية فهرس

155..................................................................فهرس املوضوعات