pdf المهذب في تفسير سورة الملك

221
٠ א א א א א א א א אد و אد و אد و אد و نوא א אنوא א אنوא א אنوא א אد א د א د א د א FF FF FF FF قא قא قא قא EE EE EE EE و א אو א אو א אو א אF א دא א دא א دא א دא EE EE EE EE

Upload: a333

Post on 30-Nov-2015

108 views

Category:

Documents


3 download

TRANSCRIPT

٠

����

����������������א�א�א�א��א������ �א������������ �א������������ �א������������ ����������

���������������و���אد���و���אد���و���אد���و���אد

�ن�وא�������ن�وא�����א�#"! ���א����ن�وא�����א�#"! ���א����ن�وא�����א�#"! ���א�������א�#"! ���א��

������+�*(�)"'&�א�%$�د���+�*(�)"'&�א�%$�د���+�*(�)"'&�א�%$�د���+�*(�)"'&�א�%$�د�����

�FF�FF�FF�FF�-��.�/0���#1ق�א���ق�א�1#���0/�.��-�!��ق�א�1#���0/�.��-�!��ق�א�1#���0/�.��-�!��!EEEEEEEE����

��������א���6#1א5و�4א���6#1א5و�4א���6#1א5و�4א���6#1א5و�4

FFFF�����EEEEEEEE*�")�7دא�א�6��*�")�7دא�א�6��*�")�7دא�א�6��*�")�7دא�א�6�

١

بسم اهللا الرمحن الرحيم

لك وهو تبارك الذي بيده الم{احلمد هللا رب العاملني ،القائل يف حمكم الترتيل ء قديريلى كل شسورة امللك) ١(} ع.

إن سورة من « : وأصلي وأسلم على خري خلق اهللا حممد بن عبد اهللا ، القائل القرآن ثالثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهى سورة تبارك الذى بيده

لك١.»الم . وعلى آله وصحبه أمجعني ، ومن تبعهم بإحسان إىل يوم الدين

:أما بعد فضائل سورة امللك ، وهي متداولة بني املسلمني ، فهذه السورة فكلنا يعلم

.ذات الثالثني آية هلا مكانة كبرية يف نفوس السلف واخللف وف وقد قمت بتفسريها منذ عشرين سنة ، تفسريا موجزا ، ومل تتسن الظر

تفسري هلا أطول من األول بكثري ،وقد جبمعاليوم وقد قمت . لنشره حني ذاك :قسمته لسبعة مباحث على الشكل التايل

حول مكيتها وعدد آياا من عدة تفاسري-املبحث األول أمساؤها ، بشكل مفصل من عدة تفاسري-املبحث الثاين

سري مناسبتها ملا قبلها من عدة تفا-املبحث الثالث من عدة تفاسري أهم املوضوعات اليت اشتملت عليها السورة-املبحث الرابع

فضائل السورة ، وقد استقصيتها من مظاا وقمت بتخرجيها -املبحث اخلامس .واحلكم املناسب عليها

تفسريها، وهو أكرب املباحث وعمدة الكتاب ، فقد قسمت -املبحث السادس :كل موضوع يف مطلب وهي رئيسةالسورة لستتة موضوعات

بعض أدلة القدرة اإلهلية-املطلب األول

.هذا حديث حسن: وقال ) ٣١٣٤ (- املكرت -سنن الترمذى - ١

٢

تعذيب الكفار العصاة -املطلب الثاين وعد املؤمنني باملغفرة وديد الكافرين مرة أخرى -املطلب الثالث أنواع من الوعيد والتهديد والعربة باألمم السابقة -املطلب الرابع

دة األصنام وإثبات قدرة الله توبيخ املشركني على عبا-املطلب اخلامس واختصاصه بعلم

واملؤمنني باهلالك ���� دعاء كفار مكة على النيب-املطلب السادس : وقد قسمت كل مطلب إىل األمور التالية

من كلمات القرآن للشيخ غازي الدرويب -شرح الكلمات بشكل موجز اسري وإعراب القرآن ، ومن صفوة التفل موجز من التفسري املنري بشك-البالغة

وبيانه لدرويش غالبا من تفسري املراغي ، والتفسري الواضح -املعىن العام

من التفسري املنري مع تعديالت كثرية من تفاسري أخرى -التفسري والبيان والسيما التفسري القرآين بالقرآن

من تفاسري منوعة وغالبها من تفسري القامسي ودروزة ، -ومضات عامة واأللوسي ، والظالل وغريها والشنقيطيلوسيط ،وا

من التفسري املنري وأيسر التفاسري -ما يستفاد من اآليات من التفسري املنري غالبا- وزدت يف املطالب التالية مناسبة اآليات

مثرات اإلميان باليوم اآلخر- وزدت يف املطلب اخلامس من تفسري املراغي مقاصد السورة بشكل خمتصر-املبحث السادس

عشرة مثرة مثاين وهي - الثمرات العملية لسورة امللك - السابعاملبحث .حبيث صار تفسريا واضحا وشامال وموضوعيا هلا

.وقد عقبت على بعض األخطاء واألوهام فإن أصبت ، فبه ونعمت والفضل هللا وحده ،وإن أخطأت فمن تقصريي

.وأستغفر اهللا

٣

} ا بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرونوم{: قال تعاىل سورة النحل) ٥٣(

وحواسهم ، ..حيام اليت حييوا .. فكل ما هم فيه من نعم ، هو من عند الله وجوارحهم ، ونومهم ويقظتهم ، وطعامهم وشرام ، وما بني أيديهم من مال

كل هذا ، وأضعاف هذا مما يتقلبون فيه ، ويقيمون وجودهم عليه ، .. وبنني ٢..هو من عطاء الله ، ومن فضل الله ، ومن رمحة الله

لذا أسأل اهللا تعاىل أن ينفع به معده وقارئه وناشره والدال عليه يف الدارين مجعه وأعده

الباحث يف القرآن والسنة علي بن نايف الشحود

م٢٣/٣/٢٠٠٩ املوافق ل١٤٣٠ ربيع األول ٢٧ يف

������������

)٣٠٨ / ٧ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢

٤

����א�#$ �א5ولא�#$ �א5ولא�#$ �א5ولא�#$ �א5ول

�����و��د��'"��"�و��د��'"��"�و��د��'"��"�و��د��'"��"!�ل�.�9:0"!�ل�.�9:0"!�ل�.�9:0"!�ل�.�9:0"

٣.باتفاق اجلميع: هي مكية قال ابن عطية والقرطيب وهي السادسة والسبعون يف عداد نزول السور نزلت بعد سورة املؤمنني وقبل

٤ .جاز إحدى وثالثون ويف عد غريهم ثالثونوآيها يف عد أهل احل.سورة احلاقة ٥. "من السور املكية اخلالصة» امللك « سورة : " ويف التفسري الوسيط

****************

)٢٠٥ / ١٨ (-ع تفسري القرطيب ـ موافق للمطبو - ٣

)٥ / ٢٩ (-التحرير والتنوير البن عاشور - ٤

)٥ / ١٥ (-موافق للمطبوع -التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ٥

٥

����א�#$ �א�;")+א�#$ �א�;")+א�#$ �א�;")+א�#$ �א�;")+

"<=">?"<=">?"<=">?"<=">?����

٦".سورة تبارك الذي بيده امللك" ���� مساها النيب كما مسي ثابت بن فهذا تسمية للسورة بأول مجلة وقعت فيها فتكون تسمية جبملة

.ولفظ سورة مضاف إىل تلك اجلملة احملكية. جابر تأبط شرا ٧وبسمع منه ���� مبجموع الكلمتني يف عهد النيب " تبارك امللك"ومسيت أيضا

الكلمات يف اللفظ دون يكون اسم السورة جمموع هذين اللفظني على طريقة عد . إضافة إحدامها إىل األخرى مثل تسمية الم ألف

ة وكتب التفسري ويف أكثر املصاحف تسمية هذه السورة والشائع يف كتب السن. ٨باب ما جاء يف فضل سورة امللك: وكذلك ترمجها الترمذيسورة امللك

.٩وكذلك عنوا البخاري يف كتاب التفسري من صحيحه ها في عهد رسول الله كنا نسمي:عن عبد الله بن مسعود، قالوأخرج الطرباين

إياها بأا املانعة املنجية كما يف ���� ، أي أخذا من وصف النيب ١٠المانعة ���� .حديث الترمذي املذكور آنفا وليس بالصريح يف التسمية

مساها ���� ويف اإلتقان عن تاريخ ابن عساكر من حديث أنس أن رسول اهللا ن وصفه إياها باملنجية يف حديث الترمذي وليس أيضا ولعل ذلك م١١"املنجية"

حسن وسيمر لفظه يف فضائلها) ٣١٣٤ (- املكرت -سنن الترمذى - ٦

حسن وسيمر لفظه يف فضائلها) ٣١٣٣ (- املكرت -سنن الترمذى - ٧

)٦٧ / ١١ (- املكرت -سنن الترمذى) ٩. (فضل سورة الملكباب ما جاء فى - ٨

سورة الملك- ٦٧) ٢٨٥ / ١٦ (- املكرت - صحيح البخارى٩

حسن ) ١٠١٠٥) (٤٨١ / ٨ (-املعجم الكبري للطرباين - ١٠

وفيـه قصـة )٥٣٠٠) (٢١٢ / ٢ (-ومسند البزار كامال ) ٤٦ / ٦ (-تاريخ دمشق البن عساكر - ١١ ريدوس

٦

ى أيضا الواقية، ويف اإلتقان عن كتاب مجال القراء تسم،.بالصريح يف أنه اسم .نعة بصيغة املبالغةاوتسمى امل

أن ابن عباس كان يسميها اادلة ألا جتادل عن قارئها عند سؤال : وذكر الفخر ١٣ .ذه مثانية أمساء مسيت ا هذه السورةفه.١٢امللكني ومل أره لغري الفخر

مسيت سورة امللك الفتتاحها بتقديس وتعظيم الله نفسه " : ويف التفسري املنري ملك السموات واألرض ، وله وحده مطلق السلطان ، -الذي بيده امللك

والتصرف يف األكوان كيفما يشاء ، حييي ومييت ، ويعز ويذل ، ويغين ويفقر ، ألا تقي وتنجي من » املنجية«و» الواقية«وتسمى السورة أيضا . نعويعطي ومي

. ..عذاب القرب وتشفع لصاحبها ١٤ ".ألا جتادل عن قارئها يف القرب» اادلة«وكان ابن عباس يسميها

****************

]٥٨٧١) [٩٦ / ٦ (-بل ورد ذلك عنه كما يف احتاف اخلرية املهرة بزوائد املسانيد العشـرة : قلت - ١٢

وفيه ضعف) ٦٠٤ (-ومسند عبد بن محيد

/ ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع وانظر )٥ / ٢٩ (-التحرير والتنوير البن عاشور - ١٣١٠٤٣(

)٥ / ٢٩ (-ـ موافقا للمطبوع التفسري املنري - ١٤

٧

����א�#$ �א�;"� א�#$ �א�;"� א�#$ �א�;"� א�#$ �א�;"�

"��#@�"��"�9#�"�."��#@�"��"�9#�"�."��#@�"��"�9#�"�."��#@�"��"�9#�"�.����

السابقة على هذه السورة ، »التحرمي « كانت اآليات اليت ختمت ا سورة معرضا للصراع بني اخلري والشر ، واحلرب بني اإلميان ، والكفر ـ فيما كان من

مث ما كان .. امرأة نوح وامرأة لوط ،وخروجهما من املعركة خاسرتني كافرتني من امرأة فرعون ، وصراعها مع قوى الشر احملدقة ا من كل جهة ، مث انتصارها ،

مث كان مما ..وسط هذا الظالم املطبق ، إىل حيث النور واهلدى وخروجها من الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم « : قوله تعاىل » امللك « بدئت به سورة ليقرر أن نتيجة هذا الصراع بني احملقني واملبطلني ، واحملسنني » أحسن عملا

ظهر على حقيقتها كاملة يوم القيامة ، وهلذا كان مما قضت به واملسيئني ـ إمنا تحكمة الله سبحانه وتعاىل أن يكون موت ، مث تكون حياة بعد هذا املوت ،

فكان من املناسب أن ..ليحاسب الناس على ما عملوا ىف الدنيا ، من خري أو شر اليت ختمت ا مع تلك احلقيقة» امللك « تلتقى هذه احلقيقة اليت قررا سورة

١٥.وبذلك يتأكد املراد منهما معا.. »التحرمي « سورة :وجه تعلق هذه السورة مبا قبلها من وجهني : " ويف التفسري املنري

وهو أن هذه السورة تؤكد مضمون السورة السابقة يف مجلتها ، : وجه عام - ١يف مواجهة ���� رسوله حممدفالسورة املتقدمة تبين مدى قدرة الله وهيمنته وتأييده ل

احتمال ظهور تآمر امرأتني ضعيفتني من نسائه عليه ، وهذه السورة توضح بصيغة .عامة أن بيد الله ملك السموات واألرض ومن فيهن ، وأنه القدير على كل شيء

مثالني فريدين متمثلني » التحرمي«وهو أنه تعاىل ذكر يف أواخر : وجه خاص - ٢ للكافرين ، وبامرأة فرعون املؤمنة ، ومرمي العذراء البتول بامرأيت نوح ولوط

للمؤمنني ، وهذه السورة تدل على إحاطة علم الله تعاىل وتدبريه وإظهاره يف خلقه

)١٠٤٣ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٥

٨

ما يشاء من العجائب والغرائب ، فإن كفر امرأيت نوح ولوط مل مينع اتصاهلما هلا بفرعون الطاغية اجلبار بنبيني كرميني ، وإميان امرأة فرعون ، مل يضر به اتصا

١٦ .العنيد ،كما مل يزعزع إميان مرمي محلها غري املعهود بعيسى عليه السالم

وجه مناسبتها ملا قبلها أنه تعاىل ملا ضرب مثال للكفار بتينك : " وقال اآللوسي املرأتني احملتوم هلما بالشقاوة وإن كانتا حتت نبيني عظيمني ومثال للمؤمنني بآسية

رمي ومها حمتوم هلما بالسعادة وإن أكثر قومهما كفار ، افتتح هذه مبا يدل على وموقيل إن أول . إحاطته عز وجل وقهره وتصرفه يف ملكه على ما سبق به قضاؤه] ١٢: الطالق [هذه متصل بقوله تعاىل آخر الطالق الله الذي خلق سبع سماوات

لق بذلك وفصل بسورة التحرمي ألا كالقطعة من سورة ملا فيه من مزيد البسط ملا يتع ١٧ "الطالق والتتمة هلا

****************

/ ٢٩ (-وانظر تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع )٥ / ٢٩ (-التفسري املنري ـ موافقا للمطبوع - ١٦٣(

)٣ / ١٥ (-روح املعاىن ـ نسخة حمققة - ١٧

٩

����א�#$ �א��א*�א�#$ �א��א*�א�#$ �א��א*�א�#$ �א��א*�

Aא��B"��C�א��-<?Aא��B"��C�א��-<?Aא��B"��C�א��-<?Aא��B"��C�א��-<?�:���D�E9Fא��:���D�E9Fא��:���D�E9Fא��:���D�E9Fא�""""�����א����א����א����א���

:قال ابن عاشور .واألغراض اليت يف هذه السورة جارية على سنن األغراض يف السور املكية"

من العلم بعظمة اهللا تعاىل وتفرده بامللك احلق؛ ابتدأت بتعريف املؤمنني معاينوالنظر يف إتقان صنعه الدال على تفرده باإلهلية فبذلك يكون يف تلك اآليات حظ

.لعظة املشركنيومن ذلك التذكري بأنه أقام نظام املوت واحلياة لتظهر يف احلالني جماري أعمال

. جماريهاالعباد يف ميادين السبق إىل أحسن األعمال ونتائج .وأنه الذي جيازي عليها

.وانفراده خبلق العوامل خلقا بالغا غاية اإلتقان فيما تراد لهوأتبعه باألمر بالنظر يف ذلك وباإلرشاد إىل دالئله اإلمجالية وتلك دالئل على

.انفراده باإلهليةمتخلصا من ذلك إىل حتذير الناس من كيد الشياطني، واالرتباق معهم يف ربقة

جناة من ذلك ويف تكذيبه اخلسران، ���� ذاب جهنم وأن يف اتباع الرسول عإىل علم اهللا مبا حيوكونه للرسول ظاهرا وخفية بأن ���� وتنبيه املعاندين للرسول .علم اهللا حميط مبخلوقاته

ة خلق العامل األرضي، ودقة نظامه، ومالءمته حلياة الناس، وفيها سعيهم والتذكري مبن .رزقهمومنها

واملوعظة بأن اهللا قادر على إفساد ذلك النظام فيصبح الناس يف كرب وعناء .يتذكروا قيمة النعم بتصور زواهلا

.وضرب هلم مثال يف لطفه تعاىل م بلطفه بالطري يف طرياا .وأيسهم من التوكل على نصرة األصنام أو على أن ترزقهم رزقا

١٠

.نفسهم فيهاوفظع هلم حالة الضالل اليت ورطوا أمث وبخ املشركني على كفرهم نعمة اهللا تعاىل وعلى وقاحتهم يف االستخفاف

.بوعيده وأنه وشيك الوقوع م .ليسترحيوا من دعوته ���� ووخبهم على استعجاهلم موت النيب

م وأوعدهم بأم سيعلمون ضالهلم حني ال ينفعهم العلم، وأنذرهم مبا قد حيل ١٨."من قحط وغريه

: ويف التفسري الواضح وهي مكية على الصحيح ، وعدد آياا ثالثون آية ، وتشتمل كأخواا املكيات "

على إثبات وجود الله ببيان مظاهر قدرته وعلمه،وقد تعرضت ملا يالقيه الناس يوم القيامة ، ولبيان بعض نعمه على عباده ، والسورة على العموم تدور حول بيان

١٩.النعم : يف التفسري الوسيط وقال

وقدرته وعن - تعاىل -والسورة الكرمية زاخرة باحلديث عن أدلة وحدانية الله " مظاهر فضله ورمحته بعباده ، وعن بديع خلقه يف هذا الكون ، وعن أحوال الكافرين ، وأحوال املؤمنني يوم القيامة ، وعن وجوب التأمل والتدبر يف ملكوت

لكي ���� لنبيه - سبحانه -ن احلجج الباهرة اليت لقنها وع.. السموات واألرض ومن . قل- تعاىل -يقذف ا يف وجوه املبطلني ، واليت تبدأ يف بضع آيات بقوله

قل هو الرحمن آمنا به ، وعليه توكلنا ، فستعلمون من : - سبحانه -ذلك قوله ٢٠. قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معني،.هو في ضالل مبني

: وقال دروزة يف السورة لفت نظر إىل عظمة الله وقدرته يف مشاهد الكون ونواميسه ، و"

وتذكري . وتقرير كون الله إمنا خلق الناس وقدر عليهم البعث بعد املوت الختبارهم

)٥ / ٢٩ (-ور التحرير والتنوير البن عاش - ١٨

)٧٠٩ / ٣ (-التفسري الواضح ـ موافقا للمطبوع - ١٩

)٥ / ١٥ (-موافق للمطبوع -التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ٢٠

١١

ووصف ملصري الكفار واملؤمنني األخروي ، ومحلة . ل الله ونعمه على الناسبأفضا تنديد وإنذار على الكفار وردود على ما كانوا يقولونه يف مواقف اجلدل مع النيب

٢١ ".وآياا منسجمة متوازنة مما يسوغ القول بوحدة نزوهلا. ���� : وقال الصابوين

شأا شأن سائر السور املكية ، اليت تعاجل سورة امللك من السور املكية ،" موضوع العقيدة يف أصوهلا الكربى ، وقد تناولت هذه السور أهدافا رئيسية ثالثة

وإقامة األدلة والرباهني . . إثبات عظمة اهللا وقدرته على اإلحياء واإلماتة (وهي ) .عث والنشورمث بيان عاقبة املكذبني اجلاحدين للب. . على وحدانية رب العاملني

ابتدأت السورة الكرمية بتوضيح اهلدف األول ، فذكرت أن اهللا جل وعال بيده امللك والسلطان،وهو املهيمن على األكوان ، الذي ختضع لعظمته الرقاب ، وتعنو

تبارك [ له اجلباه ، وهو املتصرف يف الكائنات باخللق واإلجياد ، واإلحياء واإلماتة .اآليات ] على كل شيء قدير الذي بيده امللك وهو

مث حتدثت عن خلق السموات السبع ، وما زين اهللا به السماء الدنيا من الكواكب الذي خلق [ الساطعة ، والنجوم الالمعة ، وكلها أدلة على قدرة اهللا ووحدانيته

.اآليات . . ] سبع مسوات طباقا ما ترى يف خلق الرمحن من تفاوت ارمني بشيء من اإلسهاب،وهم يرون جهنم تتلظى ، مث تناولت احلديث عن

وتكاد تتقطع من شدة الغضب،والغيظ على أعداء اهللا،وقارنت بني مآل الكافرين إذا ألقوا فيها مسعوا [ واملؤمنني،على طريقة القرآن يف اجلمع بني الترهيب والترغيب

.اآليات . . ] هلا شهيقا وهي تفور والشواهد على عظمة اهللا وقدرته ، حذرت من عذابه وبعد أن ساقت بعض األدلة

ءأمنتم من يف السماء أن خيسف بكم [ وسخطه ، أن حيل بأولئك الكفرة اجلاحدين .اآليات . . ] األرض فإذا هي متور

)٣٧٣ / ٥ (- موافق للمطبوع -التفسري احلديث لدروزة - ٢١

١٢

، من )�(وختمت السورة الكرمية باإلنذار والتحذير للمكذبني بدعوة الرسول ، ) ���� ( يتمنون فيه موت الرسول حلول العذاب م يف الوقت الذي كانوا

قل أرآيتم إن أهلكين اهللا ومن معي أو رمحنا فمن جيري الكافرين [ وهالك املؤمنني ٢٢!! .؟ اآليات ، ويا له من وعيد شديد ، ترتعد له الفرائص ] من عذاب أليم

: ويف التفسري املنري ة األساسية وهي إثبات سورة امللك كسائر السور املكية تعىن بأصول العقيد"

وجود الله ، وعظمته ، وقدرته على كل شيء واالستدالل على وحدانيته ، .واإلخبار عن البعث واحلشر والنشر

بدئت باحلديث عن متجيد الله سبحانه ، وإظهار عظمته ، وتفرده بامللك والسلطان - ١: آليات ا(، وهيمنته على األكوان ، وتصرفه يف الوجود باإلحياء واإلماتة

٢.(

مث أكدت االستدالل على وجود الله عز وجل خبلقه السموات السبع ، وما زينها به من الكواكب والنجوم املضيئة ، وتسخريها لرجم الشياطني وحنو ذلك من

مما يدل على أن نظام العامل نظام حمكم ال ) ٥ - ٣: اآليات (مظاهر قدرته وعلمه .خلل فيه وال تغاير

إعداد عذاب جهنم للكافرين ، وتبشري املؤمنني باملغفرة : اهر قدرته تعاىل ومن مظواألجر الكبري ،وذلك مجع بني الترهيب والترغيب على طريقة القرآن الكرمي

).١٢ - ٦: اآليات (

ورزقه ، علمه بالسر والعلن ، وخلقه اإلنسان: ومن مظاهر علمه وقدرته ونعمه ليها وحفظها من اخلسف ، وحفظ السماء من إنزال وتذليل األرض للعيش اهلين ع

احلجارة احملرقة املدمرة للبشر ، كما دمرت األمم السابقة املكذبة رسلها ، وإمساك الطري وحنوها من السقوط ، وحتدي الناس أن ينصرهم غري الله إن أراد عذام

).٢٠ - ١٣: اآليات (

)٣٧٧ / ٣ (-صفوة التفاسري ـ للصابوىن - ٢٢

١٣

علمه بالله تعاىل ، وإنذار املكذبني وأردفت ذلك يف اخلامتة بإثبات البعث ، وحصر ، وحتذيرهم من إيقاع العذاب م ، وإعالن وجوب التوكل ���� بدعوة الرسول

على الله ، والتهديد بتغوير املاء اجلاري يف األار والينابيع دون أن يتمكن أحد ).٣٠ - ٢٥: اآليات (بإجرائه واإلتيان ببديل عنه

لوجود الله تعاىل ووحدانيته ببيان مظاهر علمه أن السورة إثبات : واخلالصة وقدرته ، وإنذار بأهوال القيامة ، وتذكري بنعم الله على عباده ، وربط الرزق

٢٣ .بالسعي يف األرض مث التوكل على الله تعاىل

: ويف الظالل كما كان اجلزء الذي سبقه كله من السور . هذ اجلزء كله من السور املكية"

وبعض مطالع السور يف هذا اجلزء .. ولكل منهما طابع مميز ، وطعم خاص . املدنيةكما . »املزمل«ومطلع سورة » املدثر«من بواكري ما نزل من القرآن كمطلع سورة

أن فيه سورا حيتمل أن تكون قد نزلت بعد البعثة حبوايل ثالث سنوات كسورة .»القلم«

-ى أا نزلت يف عودة رسول الله اليت يرو» اجلن«وحبوايل عشر سنوات كسورة مث صرف الله إليه نفرا من اجلن . من الطائف ، حيث أوذي من ثقيف- ����

وكانت . ٢٤فاستمعوا إليه وهو يرتل القرآن ، مما حكته سورة اجلن يف هذا اجلزءوإن كانت . هذه الرحلة بعد وفاة خدجية وأيب طالب قبيل اهلجرة بعام أو عامني

. أخرى هي األرجح بأن السورة نزلت يف أوائل البعثةهناك روايةيف الله ويف الوحي ، ويف اليوم . إنشاء العقيدة- يف الغالب -والقرآن املكي يعاجل

. وإنشاء التصور املنبثق من هذه العقيدة هلذا الوجود وعالقته خبالقه. اآلخرؤثرا موجها موحيا والتعريف باخلالق تعريفا جيعل الشعور به حيا يف القلب ، م

باملشاعر الالئقة بعبد يتجه إىل رب ، وباألدب الذي يلزمه العبد مع الرب ،

)٦/ ٢٩ (-التفسري املنري ـ موافقا للمطبوع - ٢٣

/ ١٤ (-وصـحيح ابـن حبـان ) ٣٦٤١ (- املكـرت -سـنن الترمـذى انظر خرب إسالم اجلن - ٢٤٦٥٢٦)(٤٥٩(

١٤

وقد رأينا . وبالقيم واملوازين اليت يزن ا املسلم األشياء واألحداث واألشخاص .مناذج من هذا يف السور املكية السابقة ، وسنرى مناذج منه يف هذا اجلزء

تطبيق تلك العقيدة وذاك التصور وهذه - الغالب يف-والقرآن املدين يعاجل املوازين يف احلياة الواقعية ومحل النفوس على االضطالع بأمانة العقيدة والشريعة يف

وقد رأينا . معترك احلياة ، والنهوض بتكاليفها يف عامل الضمري وعامل الظاهر سواء . املاضيمناذج من هذا يف السور املدنية السابقة ومنها سور اجلزء

تعاجل إنشاء تصور جديد للوجود وعالقاته - سورة تبارك -وهذه السورة األوىل تصور واسع شامل يتجاوز عامل األرض الضيق وحيز الدنيا احملدود ، . خبالق الوجود

وإىل خالئق أخرى غري اإلنسان . إىل عوامل يف السماوات ، وإىل حياة يف اآلخرةوإىل عوامل يف . ، ويف العامل اآلخر كجهنم وخزنتهايف عامل األرض كاجلن والطري

الغيب غري عامل الظاهر تعلق ا قلوب الناس ومشاعرهم ، فال تستغرق يف احلياة .احلاضرة الظاهرة ، يف هذه األرض

كما أا تثري يف حسهم التأمل فيما بني أيديهم ويف واقع حيام وذوام مما ميرون .به غافلني

لنفوس مجيع الصور واالنطباعات والرواسب اجلامدة اهلامدة املتخلفة وهي ز يف امن تصور اجلاهلية وركودها وتفتح املنافذ هنا وهناك ، وتنفض الغبار ، وتطلق احلواس والعقل والبصرية ترتاد آفاق الكون ، وأغوار النفس ، وطباق اجلو ،

ملبدعة ، وحتس حركة ومسارب املاء ، وخفايا الغيوب ، فترى هناك يد الله اوتؤوب من الرحلة وقد شعرت أن األمر أكرب ، وأن . الوجود املنبعثة من قدرة الله

ومن الظواهر إىل . إىل السماء- على سعتها -وحتولت من األرض . اال أوسعمع حركة القدر ، وحركة احلياة ، وحركة . ومن اجلمود إىل احلركة. احلقائق .األحياء

ولكن السورة تبعث حركة التأمل فيما . ة أمران مألوفان مكروراناملوت واحليا

١٥

الذي خلق «: وراء املوت واحلياة من قدر الله وبالئه ، ومن حكمة الله وتدبريه فورالغ زيزالع وهلا ، ومع نسأح كمأي كملوبياة ليالحو توالم«.

مام األعني اجلاهلة ال تتجاوزه إىل اليد اليت أبدعته ، وال والسماء خلق ثابت أولكن السورة تبعث حركة التأمل واالستغراق يف هذا . تلتفت ملا فيه من كمال

الذي خلق سبع سماوات «: اجلمال والكمال وما وراءها من حركة وأهداف ارجع البصر هل ترى من فطور؟ ثم ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ف. طباقا

سريح وهخاسئا و رصالب كإلي قلبنن ييتكر رصجع البماء .. ارا السنيز لقدو .»..الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطني

ولكن السورة تكشف . ية غاية الوجود ، واية املطافواحلياة الدنيا تبدو يف اجلاهلوهو خلق آخر حافل . الستار عن عامل آخر هو حاضر للشياطني وللكافرين

وللذين كفروا بربهم . وأعتدنا لهم عذاب السعري«: باحلركة والتوفز واالنتظار صريالم بئسو منهج ذابإذ. عفورت هيهيقا ووا لها شمعا ألقوا فيها س . زيمت كادت

قد ! بلى : ألم يأتكم نذير؟ قالوا : كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها . من الغيظ: ء إن أنتم إلا في ضالل كبري وقالوا ما نزل الله من شي: جاءنا نذير فكذبنا وقلنا

فاعترفوا بذنبهم فسحقا . لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعري .»!لأصحاب السعري

ي باال والنفوس يف اجلاهلية ال تكاد تتجاوز هذا الظاهر الذي تعيش فيه ، وال تلقوهي مستغرقة يف احلياة الدنيا حمبوسة يف قفص األرض الثابتة . إىل الغيب وما حيتويه

فالسورة تشد قلوم وأنظارهم إىل الغيب وإىل السماء وإىل القدرة اليت مل . املستقرةترها عني ، ولكنها قادرة تفعل ما تشاء حيث تشاء وحني تشاء وز يف حسهم

إن الذين يخشون ربهم « يطمئنون إليها ويستغرقون فيها هذه األرض الثابتة اليتكبري رأجة وفرغم مب لهيبذات . بالغ ليمع هوا به ، إنرهأو اج لكموا قوأسرو

الذي جعل لكم الأرض ذلولا أال يعلم من خلق وهو اللطيف الخبري؟ هو. الصدورورشه النإليقه ورز كلوا منناكبها ووا في مشفام . سفخماء أن يفي الس نم متأأمن

١٦

كمليسل عرماء أن يفي الس نم متأمن ؟ أمورمت فإذا هي ضالأر حاصبا؟ بكم ..»فستعلمون كيف نذير

ولكن السورة متسك . إنه خلق يرونه كثريا وال يتدبرون معجزته إال قليال. والطريأولم يروا «: بأبصارهم لتنظر وبقلوم لتتدبر ، وترى قدرة الله الذي صور وقدر

يمسكهن إلا الرحمن ، إنه بكل شيء إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن؟ ما صريب«.

وهم آمنون يف دارهم ، مطمئنون إىل مكام ، طمأنينة الغافل عن قدرة الله ولكن السورة زهم من هذا السبات النفسي ، بعد أن هزت األرض من . وقدره

جربوته الذي ال حيسبون حتتهم وأثارت اجلو من حوهلم ، زهم على قهر الله وأمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن؟ إن الكافرون «: حسابه

.»إلا في غروروالرزق الذي تناله أيديهم ، إنه يف حسهم قريب األسباب ، وهي بينهم تنافس

لك يف السماء ، ووراء األسباب ولكن السورة متد أبصارهم بعيدا هنا. وغالبأمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه؟ بل لجوا في «: املعلومة هلم كما يظنون

..» عتو ونفورفالسورة ترسم هلم . وهم سادرون يف غيهم حيسبون أم مهتدون وهم ضالون

أفمن يمشي «: ة متحركة موحية حقيقة حاهلم وحال املهتدين حقا ، يف صور .»مكبا على وجهه أهدى ؟ أمن يمشي سويا على صراط مستقيم؟

وهم ال ينتفعون مبا رزقهم الله يف ذوات أنفسهم من استعدادات ومدارك وال سورة فال. يتجاوزون ما تراه حواسهم إىل التدبر فيما وراء هذا الواقع القريب

تذكرهم بنعمة الله فيما وهبهم ، وتوجههم إىل استخدام هذه اهلبة يف تنور هو : قل «: املستقبل املغيب وراء احلاضر الظاهر ، وتدبر الغاية من هذه البداية

هو : قل . الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ، قليلا ما تشكرونوهم يكذبون بالبعث واحلشر ، ..» الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون

١٧

: فالسورة تصوره هلم واقعا مفاجئا قريبا يسوؤهم أن يكون . ويسألون عن موعده عند الله ، وإنما أنا مىت هذا الوعد إن كنتم صادقني؟ قل إنما العلم: ويقولون «

بنيم ذيرقيل . نوا ، وكفر الذين وهجو لفة سيئتز هأوا ربه : فلم متهذا الذي كن ..» !تدعون

ومن معه أن يهلكوا فيسترحيوا من هذا الصوت - ���� -وهم يتربصون بالنيب ! هم بالتذكري والتحذير واإليقاظ من راحة اجلمودالذي يقض عليهم مضجع

فالسورة تذكرهم بأن هالك احلفنة املؤمنة أو بقاءها ال يؤثر فيما ينتظرهم هم من عذاب الله على الكفر والتكذيب ، فأوىل هلم أن يتدبروا أمرهم وحاهلم قبل ذلك

ومن معي أو رحمنا فمن يجري أرأيتم إن أهلكني الله: قل «: اليوم العصيب هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو : الكافرين من عذاب أليم؟ قل

.»في ضالل مبنيهو وتنذرهم السورة يف ختامها بتوقع ذهاب املاء الذي به يعيشون ، والذي جيريه

» قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معني؟«! الله الذي به يكفرونومفتاح .حركة يف احلواس ، ويف احلس ، ويف التفكري ، ويف الشعور. إا حركة..

السورة كلها ، وحمورها الذي تشد إليه تلك احلركة فيها ، هو مطلعها اجلامع ..» تبارك الذي بيده الملك ، وهو على كل شيء قدير«: ملوحي ا

وعن حقيقة امللك وحقيقة القدرة تتفرع سائر الصور اليت عرضتها السورة ، وسائر فمن امللك ومن القدرة كان ..احلركات املغيبة والظاهرة اليت نبهت القلوب إليها

وكان خلق السماوات وتزيينها باملصابيح . ن االبتالء ماخلق املوت واحلياة ، وكاوكان . وكان إعداد جهنم بوصفها وهيئتها وخزنتها. وجعلها رجوما للشياطني

وكان اخلسف واحلاصب . وكان جعل األرض ذلوال للبشر. العلم بالسر واجلهرر وكان القه. وكان إمساك الطري يف السماء. والنكري على املكذبني األولني

وكان اإلنشاء وهبة السمع واألبصار . وكان الرزق كما يشاء. واالستعالء .وكان الذرء يف األرض واحلشر. واألفئدة

١٨

وكان املاء الذي به احلياة . وكان عذاب الكافرين. وكان االختصاص بعلم اآلخرةفكل حقائق السورة وموضوعاا ، وكل صورها ..وكان الذهاب به عند ما يريد

ده «: ا مستمدة من إحياء ذلك املطلع ومدلوله الشامل الكبري وإحياءاالذي بي كبارتء قديريلى كل شع وهو ، لكالم« !!

وحقائق السورة وإحياءاا تتواىل يف السياق ، وتتدفق بال توقف ، مفسرة مدلول ٢٥!عاملطلع امل الشامل ، مما يصعب معه تقسيمها إىل مقاط

****************

)٣٦٢٨ / ٦ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٥

١٩

G."Hא�#$ �אG."Hא�#$ �אG."Hא�#$ �אG."Hא�#$ �א����

IJIJIJIJK"K"K"K"����/�א���/�א���/�א���/�א���

إن سورة من كتاب الله عز وجل ما : ، قال ���� عن أبي هريرة ، أن رسول الله هلتخأدار والن من هتجرل فأخجلر تفعة شإال ثالثون آي ة هيورس هية ، ونالج

٢٦الملكإن سورة في القرآن ثلاثون آية : " ، قال ���� وعن أبي هريرة ، عن رسول الله

له فرغى يتا حاحبهلص فرغتسو : تبه أب ؟ فأقر لكده المالذي بي كاربقال تة وامأس : مع٢٧"ن

بية أن النريرأبي ه نقال ���� وع " : تفعة شة ثلاثون آيورآن سفي القر ٢٨"بيده الملك وهو على كل شيء قدير لصاحبها حتى غفر له تبارك الذي

ن من ابقال وع ، هنع الله ضيود رعس : ، الهى رجتؤره فتل في قبجى الرتؤي الهقول رجفت : لك ، ثمة المورأ بي سقري قومبيل كان يلي سا قبلى مع لكم سلي

ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ : فيقول يؤتى من قبل صدره أو قال بطنه ،ليس لكم على ما قبلي سبيل كان : بي سورة الملك ، ثم يؤتى رأسه ، فيقول

القبر وهي في التوراة فهي المانعة تمنع من عذاب: يقرأ بي سورة الملك ، قال بأطنو أكثر لة فقدا في ليأهقر نملك ، وة المور٢٩"س

صحيح) ٣٨٣٨(املستدرك للحاكم - ٢٦

صحيح ) ٧٨٨( صحيح ابن حبان - ٢٧ هنع الله ضياتم رو حقال أب : لها : " � قواحبهلص فرغتسا " تلى مع مالاس ا ، فأطلقاءتهقر اببه ثو ادأر ،

أراد بـه في خبر أبي أمامة � وكذلك قوله . تولد منه وهو الثواب ، كما يطلق اسم السورة نفسها عليه ثواب القرآن ، وثواب البقرة ، وآل عمران ، إذ العرب تطلق في لغتها اسم ما تولد من الشيء على نفسه كما

اهنذكر.

٢٨ - قيهير للبذاب القبع اتحسن) ١٣٠( إثب

صحيح) ٣٨٣٩(ك للحاكم املستدر - ٢٩

٢٠

مات رجل فجاءته مالئكة العذاب فجلسوا عند :" وعن عبد الله بن مسعود، قالكم إليه، قد كان يقرأ سورة الملك، فجلسوا عند رجليه، ال سبيل ل: رأسه، فقال

ال سبيل لكم إليه قد كان يقوم علينا بسورة الملك، فجلسوا عند بطنه، : فقال ٣٠ ".ة الملك، فسميت المانعةال سبيل لكم إنه قد وعى في سور: فقال

ليس لكم على : يؤتى الرجل في قبره فيؤتى رجاله فيقوالن:"وعن ابن مسعود، قالليس لكم : ولما قبلنا من سبيل كان يقرأ علينا سورة الملك، ثم يؤتى جوفه، فيق

ليس لكم : علي سبيل قد كان وعى في سورة الملك، ثم يؤتى من رأسه، فيقولفهي المانعة تمنع :"، قال عبد الله"على ما قبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك

ذابعبأطيو لة أكثرا في ليأهقر نلك مة المورذه ساة هروهي في التر، والقب " إذا كان الرجل يقرأ سورة الملك كل ليلة فأدخل قبره : ويف رواية عن عبد الله،قال

ما لكم على ما قبلي سبيل فذكر : يبدأ برجليه فتقول رجالهفيؤتى في قبره ف٣١.." مثله

من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه : " وعن عبد الله بن مسعود ، قال نسميها المانعة ، وإنها ���� بر ، وكنا في عهد رسول الله الله بها من عذاب الق

أطابو أكثر لة فقدا في كل ليأ بهقر نة موراب الله س٣٢"في كت ليس : رجلاه فتقول رجلاهيؤتى الرجل في قبره فتؤتى : " وعن ابن مسعود، قال

: لكم على ما قبلي سبيل إنه كان يقرأ سورة الملك ثم يؤتى من قبل صدره أو قالك ثم يؤتى من ليس لكم على ما قبلي سبيل إنه كان يقرأ سورة المل: بطنه فيقول

ليس لكم على ما قبلي سبيل إنه كان يقرأ سورة الملك، فهي : قبل رأسه فيقولقد المانعة تمنع من عذاب القبر وهي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة ف

صحيح ) ٨٥٧١) (٣٧ / ٨ (-املعجم الكبري للطرباين - ٣٠

صحيح ) ٨٥٧٢) (٣٧ / ٨ (- املعجم الكبري للطرباين - ٣١

صحيح) ٩٢١٨( السنن الكبرى للنسائي - ٣٢

٢١

بأطيو طن" أكثرقال في البقال في : " ويف رواية ولك وة المورس ا فيعد قد هإن هن إنليجر الرذاب القبع بإذن اهللا عز وجل من هعنملك فتة المورفي س قوم٣٣" كان ي المانعة، ���� كنا نسميها في عهد رسول الله :ه بن مسعود، قالوعن عبد الل

بأطيو أكثر لة فقدا في كل ليأ بهقر ة، منوراب الله سا في كتهإن٣٤."و ة تبارك هي المانعة ، تمنع بإذن الله سور: " وعن عبد الله يعني ابن مسعود قال

له أسه فقالتل رقب ل منجر ر ، أتيذاب القبع الى منعتو كاربت : بيل لكلا س: رجليه فقالت رجلاه على هذا إنه كان قد دعا في سورة الملك ، وأتي من قبل

لا سبيل لكم على هذا إنه كان يقوم بي بسورة الملك فمنعته بإذن الله من عذاب ٣٥" طاب القبر ، وهي في التوراة سورة الملك ، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأ

خباءه على قبر وهو لا ���� ضرب بعض أصحاب النبي : وعن ابن عباس ، قال يحسب أنه قبر ، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك الذي بيده امللك حتى ختمها ،

بيى النفقال ���� فأت ، : سبا لا أحأنر ولى قبائي عخب تبري ضول الله إنسا ري فقال رسول الله . أنه قبر ، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك امللك حتى ختمها

���� " " : ة ، هياملانع ر هيذاب القبع جيه مننة ، تجي٣٦" " املن صوب بعض أصحاب رسول الله خباءه على قبر وهو لا : وعن ابن عباس قال

أتى رسول الله يحسب أنه قبر ، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك حتى ختمها ، فيا رسول الله إني ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر ،فإذا : فقال ����

هي المانعة هي : " ���� فيه إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فقال رسول الله ٣٧"منجية تنجيه من عذاب القبر ال

صحيح ) ٢٢٧٩) (١٢٥ / ٤ (-شعب اإلميان - ٣٣

حسن ) ١٠١٠٥() ٤٨١ / ٨ (-املعجم الكبري للطرباين - ٣٤

٣٥ - قيهير للبذاب القبع اتصحيح) ١٢٨( إثب

وفي الباب عـن أبـي " " هذا حديث غريب من هذا الوجه " قال )٣١٣٣ (- املكرت -سنن الترمذى - ٣٦ هريرة ن قلت ، هو حسن لغريه

٣٧ - هير للبذاب القبع اتإثب ١٢٩( قي (عيفض وهالك ، ون مرو بمع نى بيحبه ي دفرت

٢٢

خباءه ���� ضرب بعض أصحاب النبي : وعن ابن عباس ، رضي الله عنه قال ذي بيده على قبر وهو لا يحسب أنه قبر ، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك ال

يا رسول الله إني ضربت : فقال ���� الملك حتى ختمها ، فأتى رسول الله خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر ، فإذا إنسان يقرأ بسورة تبارك حتى ختمها

٣٨" هي المانعة ، هي المنجية ، تنجيه من عذاب القبر :" ����ل الله ، فقال رسوتوفي رجل فأتي من جوانب قبره ، فجعلت سورة من القرآن : وعن عبد الله قال

٣٩" نظرت أنا ومسروق فإذا هي سورة الملك ف: تجادل عنه حتى منعته قال ٤٠"جادلت سورة تبارك عن صاحبها حتى أدخلته الجنة : " وعن عبد الله قال

بىن النة عريرأبى ه نآن« قال - ���� -وعالقر ة منورإن س تفعة شثالثون آي لكده المالذى بي كاربة تورس هىو له ى غفرتل حج٤١ .»لر

سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت : " ���� قال رسول اهللا : وعن أبي هريرة، قال ، له ى غفرتا حاحبهلص لكده المالذي بي كارب٤٢"ت

بىابر أن النج نأ - ���� -وعقرى يتح امنزيل( كان ال ينامل ت ( و) الذى كاربت لكده الم٤٣ ).بي

٤٤"وتبارك لا ينام حتى يقرأ امل " ���� كان النبي : وعن جابر ، قال ٤٥.وعن طاوس قال تفضالن على كل سورة فى القرآن بسبعني حسنة

٣٨ - زيورر المصن ند بمحل لماللي امضعيف ) ١٨٤(قي

٣٩ - قيهير للبذاب القبع اتصحيح) ١٢٦( إثب

٤٠ - هير للبذاب القبع اتإثب صحيح) ١٢٧( قي

.هذا حديث حسن:وقال ) ٣١٣٤ (- املكرت -سنن الترمذى - ٤١

حسن ) ٢٢٧٦) (١٢٣ / ٤ (-شعب اإلميان - ٤٢

حسن لغريه) ٩٢١٦- ٩٢١٤(والسنن الكبرى للنسائي )٣١٣٥ (- املكرت -سنن الترمذى - ٤٣

٤٤ - ارميالد ننضعيف ) ٣٣٦٤( س

فيه ضعف ) ٣١٣٧ (- املكرت -سنن الترمذى - ٤٥

٢٣

-وددت أنها في قلب كل مؤمن : " ���� قال رسول اهللا : وعن ابن عباس، قال لكده المالذي بي كاربني تعول اهللا " -يسة أن رايفي روقال ���� و " : تددلو

٤٦ "أن تبارك في صدر كل إنسان من أمتي : ألا أطرفك بحديث تفرح به ؟ قال : وعن ابن عباس ، رضي الله عنها قال لرجل

تبارك الذي بيده الملك ، فاحفظها : اقرأ : عباس ، يرحمك الله قال بلى ، يا أبا، وعلمها أهلك ، وجميع ولدك ، وصبيان بيتك ، وجريانك ؛ فإنها المنجية ،

م يوم القيامة عند ربها لقارئها ، وتطلب إلى ربها وهي المجادلة ، تجادل وتخاصأن ينجيه من النار إذا كانت في جوفه ، وينجي الله بها صاحبها من عذاب القبر

ددت أنها في قلب كل إنسان من و: " ���� قال رسول الله : قال ابن عباس ٤٧"أمتي

٤٨"في سورة تبارك جادلت صاحبها حتى أدخلته الجنة : " وعن عبد اهللا، أنه قالي صلاة الصبح تبارك يقرأ ف: " وقال أبو عقيل زهرة بن معبد، أن ابن شهاب كان

أتقرأ هذه السورة الطويلة : قل هو اهللا أحد، فقلت: الذي بيده الملك وفي الآخرإن قل هو اهللا أحد ثلث القرآن، و: " قال ابن شهاب" مع هذه السورة القصرية ؟

٤٩"تبارك تخاصم لصاحبها في القبر أقرئني يا : فقال ���� أتى رجل رسول الله : وعن عبد الله بن عمرو ، قال

ني ، واشتد كبرت س: قال الرجل " اقرأ ثلاثا من ذوات آلر : " رسول الله ، فقال قال مثل مقالته الأولى ، " اقرأ ثلاثا من ذوات حم : " قلبي ، وغلظ لساني ؟ قال

لكن أقرئني : فقال مثل مقالته الأولى ، قال " اقرأ ثلاثا من المسبحات : " فقال : جامعة ، فأقرأه إذا زلزلت الأرض زلزالها حتى فرغ منها ، قال الرجل سورة

ضعيف ) ٢٢٧٧) (١٢٤ / ٤ (-شعب اإلميان - ٤٦

٤٧ - قلانيسر العجن حافظ ابة للحاليالع طالبضعيف ) ٣٨٥٩(الم

صحيح ) ٢٢٧٨) (١٢٤ / ٤ (-شعب اإلميان - ٤٨

حسن مرسل ) ٢٢٨١) (١٢٦ / ٤ (-شعب اإلميان - ٤٩

٢٤

أفلح الرويجل : " ���� والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها أبدا ، فقال رسول الله ٥٠"، أفلح الرويجل

وع بية ، أن النارين ساض ببن العر ���� قدرل أن يات قبحبسأ المقركان ي ٥١"إن فيها أية أفضل من ألف آية : " ويقول

ى يقرأ المسبحات لا ينام حت ���� كان رسول الله : وعن خالد بن معدان ، قال إن بعض أهل العلم كانوا : قال معاوية " إن فيهن آية كألف آية : " ويقول

سورة الحديد والحشر والحواريني وسورة الجمعة : يجعلون المسبحات ستا غالتلى والأع كبر مح اسبسن و٥٢"اب

: " وعن مرة بن شراحيل وكان يسمى مرة الطيب عن عبد الله بن مسعود ، قال لم يكن له إن الميت إذا مات أوقدت نريان حوله ، فتأكل كل نار ما يليها إن

ة ثلاثنيورآن إلا سالقر أ منقري كني لم اتلا مجإن را ، وهنيبو هنيول بحل يمع أسه فقالتل رقب من هتة ، فأته ف: آيليل رجقب من هتأ بي ، فأتقركان ي هإن قالت :

فه فقالتول جقب من هتبي ، فأت قومكان ي هاني : إنعكان و هقال . إن : هتجفأن . " ٥٣. "فنظرت أنا ومسروق في المصحف فلم نجد سورة ثلاثني آية إلا تبارك : قال

إس نة ، قال وعون أبي فرد الله ببن عب اقول الله : " حسا أن رنلغقال ���� ب : " ، اتبصخم اتضور نحم ه اتآن ذوالقر رإن ثما ، ورر ثمجإن لكل ش

أن ي بأح نفم ، اتاورجتم اتبشعم نمو ، اميموأ الحقرة فليناض الجفي ري عترقرأ سورة الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له ، ومن قرأ امل تنزيل السجدة ،

لة ، فكأنليم ووفي ي لكده المالذي بي كاربتأ إذا وقر نمر ولة القدلي افقا ومزلزلت الأرض زلزالها فكأنما قرأ ربع القرآن ، ومن قرأ قل يا أيها الكافرون

شع دأح الله وأ قل هقر نمآن ، والقر عبأ را قرما في فكأنرقص ى لهنات ، برم ر

حسن ) ٩٢٢٣(لسنن الكبرى للنسائي ا - ٥٠

حسن ) ٩٢٢٠(السنن الكبرى للنسائي - ٥١

صحيح مرسل ) ٩٢٢٢(السنن الكبرى للنسائي - ٥٢

صحيح ) ٤١٦(فضائل القرآن للقاسم بن سلام - ٥٣

٢٥

���� فقال رسول الله . إذا نستكثر من القصور : ، فقال أبو بكر الصديق " الجنة لفلق لم يبق الله أكثر وأطيب ، ومن قرأ قل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب ا: "

أي رب ، أعذه من شري ، ومن قرأ بأم القرآن ، فكأنما : شيء من الشر إلا قال ٥٤"قرأ ربع القرآن ، ومن قرأ ألهاكم التكاثر فكأنما قرأ ألف آية

ب زر نش ، قال وعيبار : " ن حالن اة منجن لكده المالذي بي كارب٥٥"ت : كان طاوس لا ينام حتى يقرأ بهاتين السورتين :" وعن يحيى بن أبي كثري ،قالآية منها تشفع ستني آية يعني تعدل ستني إن كل : " تنزيل ، وتبارك وكان يقول

٥٦"آية امل : لا ينام حتى يقرأ ���� كان رسول الله : وعن أبي الزبير ، عن جابر قال

زيل ونر: تيبو الزقال أب لكده المالذي بي كاربة في : تورلان كل سفضا يمفه ا لهبهم فعرة ، ونسون حعبا سبهم له ا كتبمأهقر نمة ، ونسح عنيبآن بسالقر

٥٧"سبعون درجة ، وحط بهما عنه سبعون خطيئة مح ناب ، عن شهن ابف ، وعون عن بمحد الربن عد بأن قل . . . ي هربأخ هأن

وأن تبارك الذي بيده الملك ، وهو على كل شيء : " هو الله أحد ثلث القرآن ٥٨"قدير ، تجادل عن صاحبها

دعن مب الدان ، قال وعن خ " : المنيالع بر فيه من بياب لا رزيل الكتنإن امل تاللهم إن كنت من كتابك ، فشفعني فيه ، : تجادل عن صاحبها في القبر تقول

، هنني عحفام ، ابككت من أكن إن لمه ، وليا عهاحنل جعجر تكون كالطيا تهإنو

هذا حديث ضعيف جدا وبعضه ما ورد فيه لـه اصـل ) ٢٨٦(الضريس فضائل القرآن لمحمد بن - ٥٤

.صحيح

صحيح مرسل ) ٢٣٠(فضائل القرآن لمحمد بن الضريس - ٥٥

صحيح مرسل ) ٢٢٥(فضائل القرآن لمحمد بن الضريس - ٥٦

٥٧ - اريخد للبفرالم بصحيح من قول أيب الزبري ) يف قول أيب الزبري : ( قال الشيخ األلباين ) ١٢٤٨(الأد فهو مقطوع موقوف

٥٨ - ابييآن للفرائل القرصحيح مرسل ) ٢٧(فض

٢٦

فيشفع له ، فتمنعه من عذاب القبر ، وفي تبارك الذي بيده الملك وهو على كل مثله ، ء قديريأ ب" شقرى يتح بيتلا ي الدا، فكان خ٥٩"هم

إن رجال ممن قبلكم مات وليس معه شئ ) ���� (وعن أنس قال قال رسول اهللا من كتاب اهللا عز وجل إال تبارك فلما وضع يف حفرته أتاه امللك فثارت السورة يف وجهه فقال هلا إنك من كتاب اهللا وإين أكره مساءتك وإين ال أملك لك وال له

به فانطلقي إىل الرب تبارك وتعاىل وال لنفسي ضرا وال نفعا فإن أردت هذافاشفعي له فتنطلق إىل الرب فتقول أي رب إن فالنا عمد إيل من بني كتابك فتعلمين وتالين أفتحرقه أنت بالنار وتعذبه وأنا يف جوفه فإن كنت فاعال ذاك به فاحمين من كتابك فيقول أال أراك غضبت فتقول وحق يل أن أغضب قال فيقول

بته لك وشفعتك فيه قال فتجئ فتزبر امللك فيخرج خاسف البال مل اذهيب فقد وهحيل منه بشئ قال فتجئ فتضع فاها على فيه فتقول مرحبا ذا الفم فرمبا تالين وحمبا ذا الصدر فرمبا وعاين ومرحبا اتني القدمني فرمبا قامتا وتؤنسه يف قربه

مل يبق صغري وال كبري وال ) ���� (خمافة الوحشة عليه فلما حدث ذا رسول اهللا ٦٠"املنجية ) ���� (حر وال عبد باملدينة إال تعلمها ومساها رسول اهللا

****************

٥٩ - ارميالد ننصحيح مرسل ) ٣٣٦٣(س

وسنده ضعيف جدا ] ١٤٠٢) [ ٤٦ / ٦ (-تاريخ دمشق البن عساكر - ٦٠

٢٧

����א�#$ �א��"دسא�#$ �א��"دسא�#$ �א��"دسא�#$ �א��"دس

"< ���"< ���"< ���"< �����������א��M�1א5ولא��M�1א5ولא��M�1א5ولא��M�1א5ول

�:NOא�����*�P6?د���א����א�P6*�:NO?د���א����א�P6*�:NO?د���א����א�P6*�:NO?د���א���

D�C�B�AD�C�B�AD�C�B�AD�C�B�A����

J�I�H�G�F�E�D�C�B�A�� ��P�O�N�M�L�KW�V�U�T� S�R�Q� � ��a�`�_�^� ]�\�[�Z�Y�X

�d�c�bl�k�j�i�h�g�f�e� � ��r�q�p�o�n�mw�v�u�t�s� � ��~�}�|�{�z�y�x

@�A�B�C�D�E�F��� })٥(الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطني وأعتدنا لهم عذاب السعري

:شرح الكلمات معناها... الكلمة ... رقم اآلية

١ ... كاربر خريهتعاظم ومتجد وتكاث... ت

١ ... ده امللكاملالك املتصرف... الذي بي

أوجدمها وقدرمها أزال... خلق املوت واحلياة ... ٢

٢ ... كملوبليختربكم... لي

أخلصه وأصوبه... أحسن عمال ... ٢

٢ ... زيزالقوي الغالب... الع

٢ ... فورعباده التائبنيالستري لذنوب... الغ

بعضها فوق بعض بينهن خالء... طباقا ... ٣

تباين واختالف... تفاوت ... ٣

٢٨

شقوق وصدوع وخلل... فطور ... ٣

مرتني... كرتين ... ٤

ذليال صاغرا... خاسئا ... ٤

٤ ... سريكليل انقطع من اإلعياء... ح

٥ ... ابيحصعظيمة مضيئةبكواكب... بم

ترمى منها الشياطني... رجوما للشياطني ... ٥

٦١عذاب النار... عذاب السعري ... ٥ :البالغة

جماز ،ويكون قوله الملك على » اليد«بيده الملك استعارة متثيلية ، أو يف لفظ .احلقيقة

. الله لعباده باالبتالء واالختبارليبلوكم استعارة متثيلية ، شبه معاملة

.الموت والحياة بينهما طباق

الذي بيده الملك وضع املوصول للتفخيم والتعظيم ،أي له السلطان والتصرف .املطلق

فارجع البصر ثم ارجع البصر كرتين إطناب بتكرار اجلملة مرتني لزيادة التنبيه .لتذكريوا

٦٢.الغفور ، فطور: قدير ، حسري ، السعري سجع مرصع ، وكذا قوله

:املعىن العام جمد الله نفسه وأخرب أن بيده امللك والتصرف ىف مجيع املخلوقات مبا يشاء ال معقب حلكمه ، وال يسأل عما يفعل ، لقهره وحكمته وعدله ، وهو القدير على

بأنه قدر املوت واحلياة ليبلوكم فينظر من منكم أخلص له عمال كل شىء مث أخرب، وهو ذو العزة الغالب على أمره ، الغفور ملن أذنب مث تاب وأقلع عنه ، مث أردف

)١ / ٢٢ (-ت القرآن للشيخ غازي الدرويب كلما - ٦١

)٣٨٢ / ٣ (- صفوة التفاسري ـ للصابوىن و)٨ / ٢٩ (- وانظر التحرير والتنوير - ٦٢

٢٩

ذلك بأنه خلق سبع مسوات بعضها فوق بعض ال خلل فيها وال عيب ، فانظر أيها ق بالبصر ، لتستيقن متام تناسبها الرائي أ ترى فيها شقا أو عيبا ؟ مث أعد النظر وحد

واستواء خلقها ، وقد زينا أقرب السموات إليكم بكواكب يهتدى ا الساري ، ويعلم ا عدد السنني واحلساب ، وعليها تتوقف حياة احليوان والنبات ، وهى أيضا سبب األرزاق املهيجة لشهوات شياطني اإلنس واجلن ، وهؤالء قد استمدوا

مظاهر الطبيعة بوساطة احلرارة والضوء من الكواكب ، وبذا أعد هلم شيطنتهم من ٦٣.عذاب السعري جزاء ما اقترفوا ىف حيام الدنيا

عما سواه ذاتا وصفة وفعال وتكاثر خريه وبره - جل شأنه -تعاىل الله وتعاظم على مقتضى إرادته ٦٤على مجيع خلقه ، فهو صاحب التصرف التام يف املوجودات

تبارك « ته بال منازع ، وهو على كل شيء قدير وهو احلكيم اخلبري ، ولفظ ومشيئيدل على غاية الكمال واية التعظيم واإلجالل ، ولذا ال جيوز استعماله يف حق »

...غريه سبحانه وتعاىل وقد شرع القرآن يف تفصيل بعض أحكام امللك وآثار القدرة ، وبيان أن هلما

.ها تعود على اإلنسان باخلري العميمحكما وغايات جليلة كلوهو الذي خلق املوت واحلياة ، وقدرمها على كل كائن يف الوجود ، وراعي

ولعل يف ذكر املوت مقدما عظة وعربة . ترتيبهما الوجودي فقدم املوت على احلياةمعاملة من خيترب أمركم فيعرف خريكم وشركم ، ٦٥ملن يعترب ، قدرمها ليعاملكم

وأكثر إخالصا ، وأبعد عن حمارم الله ، وأسرع يف طاعة ! م أحسن عمالويعلم أيكالله ، وكان املفروض أن يكون عمل اإلنسان دائرا بني احلسن واألحسن ال بني اخلري والشر ،وقد خلق الله املوت واحلياة ليبلوكم وليختربكم ، فاحلياة حمل

)٤ / ٢٩ (- تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع - ٦٣

. حقيقتـه لفظ اليد جماز وليس علـى : استعارة متثيلية ، أى » بيده امللك « وعلى ذلك يكون قوله - - ٦٤ .ويرى السلف أن اليد على حقيقتها والله أعلم ا

.استعارة متثيلية حيث شبه معاملة املوىل جل شأنه لعباده باالبتالء واالختبار) ليبلوكم( يف قوله - - ٦٥

٣٠

الذي هو اية االختبار ، وهو االختبار والتكاليف ، واملوت حمل اجلزاء والثواب .العزيز الذي ال يعجزه عقاب من أساء ، الغفور ملن شاء أو ملن تاب

وهو الذي خلق سبع مسوات متطابقة بعضها فوق بعض ، وهل السموات هي من جمموع - والله أعلم -مدارات الكواكب أو مادة ال يعلمها إال الله ؟ الظاهر

والسنة أن السماء مادة ال يعلمها إال الله ، والعلماء النصوص الواردة يف القرآنواخلطب سهل ، لو تبصر . إا فراغ يدور فيها الكواكب: الطبيعيون يقولون

والعدد على حسب ما كان -اإلنسان لرأى أن الله هو الذي خلق سبع مسوات ، معروفا عند العرب متطابقة بعضها فوق بعض أشبه ما تكون بطبقات البيضة

ليس فيها عيب وال خلل ، وال ترى يف خلقها تفاوتا يف أى ناحية من النواحي ، إن كنت يف شك يف ذلك فارجع البصر ، ودقق النظر حىت يتضح لك احلال ،

لك شبهة يف تناسب خلق الرمحن واستكماله لكل ويتبني لك املقام ، وال تبقىمث . ال: وق ؟ اجلواب فارجع البصر هل ترى من فطور أو شق. أسباب احلكمة

- واملراد التكثري يف النظر ملعرفة اخللل -ارجع البصر ، ودقق النظر مرة بعد مرة يعد إليك البصر حمروما من إدراك العيب واخللل يف السموات ، فكأن النظر طرد

.عن ذلك طردا بالصغار وعاد خاسئا ذليال ، وهو كليل من طول معاودة النظرماوات السبع ، وما فيهن آية من آيات الله الكربى لو تأملت ما وعلى اجلملة فالس

فيها من تناسب وجتاذب وإحكام ودقة ونظام ال خيتل أبدا مع سرعة دوراا ، هلالك هذا النظام العجيب ، وإن شككت يف ذلك فارجع البصر مرة بعد مرة فإنه

.لعظيمةسريتد إليك خائبا خاسئا وهو كليل وضعيف أمام هذه القدرة افهذه السموات السبع خالية من العيوب واخللل ، وهي كذلك يف غاية احلسن

ولقد زينا السماء الدنيا بزينة هي الكواكب ، فهي يف السماء كاملصابيح . والبهاءيف السقوف ، وإنك لترى السماء ليال ، وكأا عروس ليلة الزفاف ، وهذه النجوم

ة أو تلتهب من االحتكاك باألجواء هذه األجزاء واألفالك ينفصل منها أجزاء ملتهبجعلت رجوما للشياطني ، وأعدت لذلك فلم يعد للشياطني طريق الستراق السمع

٣١

من السماء ، ومل يعد للدجالني الكذابني طريق للكذب على الناس ، حيث إن الله أخرب أن النجوم خلقت زينة للسماء ، ورجوما للشياطني ، وأعتدنا ألولئك

٦٦.شياطني عذاب النار املسعرة املشتعلة يف اآلخرةال :التفسري والبيان تبارك « معىن .»تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير « : قوله تعاىل "

خرب يراد به .. فهو ..أي متجد ، وتعظم ، وكثر خريه وبركته على خملوقاته » ه سبحانه على هذا الوجود من خري وبركة ، فالله سبحانه ، إظهار ما أفاض الل

بيده امللك كله ، ال ميلك أحد معه شيئا ، وهو سبحانه القادر على كل شىء وإنه ليس بكثري على من ال ينفذ خريه ، وعلى من ميلك كل شىء ، ويقدر على ..

فاجر ، وحىت كل شىء أن يفيض هذا اخلري على الوجود ، حىت لينال منه الرب والليكون من الفجار من ميلك من متاع الدنيا ما يقيم به سلطانا قاهرا على الناس ،

وإنه إذ كانت هنا دنيا ..مثل فرعون الذي حشر ،فنادى ، فقال أنا ربكم األعلى يتقلب فيها الناس ، فإن هناك وراء هذه الدنيا حياة أخرى ، أخلد وأبقى ، وهى

فعال هلا ،وأم مل خيلقوا هلذه الدنيا ، إال لتكون معربا هلم إىل احلياة اليت خلق الناس » وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون « :اآلخرة ، كما يقول سبحانه

ولكن كثريا من الناس جعلوا هذه احلياة الدنيا هى حيام ، ).العنكبوت : ٦٤(دها ، وهلذا فإم مل يلتفتوا إىل احلياة اآلخرة ، ومل يعملوا هلا اليت ال حياة هلم بع

٦٧".. حسابا ميجد الله تعاىل نفسه الكرمية للتعليم واإلرشاد ، وخيرب أنه أي: " ويف التفسري املنري

سبحانه املتصرف يف مجيع املخلوقات مبا يشاء ، وأنه التام القدرة على كل األشياء ملكه كيف يريد ، من إعزاز وإذالل ، ل هو بتصرف يف، ال يعجزه شيء ، ب

)٧١٠ / ٣ (-التفسري الواضح ـ موافقا للمطبوع - ٦٦

)١٠٤٥ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ٦٧

٣٢

ورفع ووضع ، وإنعام وانتقام ، وإعطاء ومنع ، ال معقب حلكمه ، وال يسأل عما .يفعل حلكمته وعدله وإطالق سلطانه

وكلمة تبارك تعاىل وتعاظم ، وهي تدل على غاية الكمال ومنتهى التعظيم . يف حق غري الله تعاىلواإلجالل ، ولذا ال جيوز استعماهلا

أن الله تعاىل وتعاظم عن كل ما سواه من املخلوقات ، : اآلية على أمور ثالثة تدلوأنه املالك املتصرف يف السموات واألرض يف الدنيا واآلخرة ، وهو صاحب

.القدرة التامة والسلطان املطلق على كل شيء

:ومن مظاهر قدرته وعلمه قوله سبحانه

لذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ا« - ١أي إنه تعاىل موجد املوت واحلياة ومقدرمها من األزل ، وهو الذي جعلهم ..»

عقالء ليدركوا معاين التكليف ويقوموا به ، وليعاملهم معاملة املخترب ألعماهلم ، جازيهم على ذلك ، وليعرفهم أيهم أطوع وأخلص لله وخري عمال ، وهو القوي في

الغالب القاهر الذي ال يغلبه وال يعجزه أحد ، الكثري املغفرة والستر لذنوب من تاب وأناب بعد ما عصاه وخالفه ، فهو سبحانه مع كونه عزيزا منيعا يغفر ويرحم

ئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ، وأن نب: ، ويعفو ويصفح ، كما يف آية أخرى الأليم ذابالع وذابي ه٥٠ - ٤٩/ ١٥احلجر [ع.[

واآلية دليل على أن املوت أمرانقطاع تعلق : واملوت . ، ألنه خملوق وجوديإجياد تعلق الروح بالبدن واتصاهلا به ، و: الروح بالبدن ومفارقتها له ، واحلياة

.خلق الروح يف الكائنات احلية ، ومنها إجياد اإلنسان: احلياة معناه

.هو ظهور كمال إحسان احملسنني: واملقصد األصلي من االبتالء

.وقدم املوت على احلياة يف اآلية ألنه أقوى داعيا إىل العمل رأوا أن هناك ويف هذا تنبيه هلؤالء الغافلني عن احلياة اآلخرة ، وذلك إذا نظروا ف"

فهاتان صورتان تتداوالن اإلنسان ، .. عمليتني جتريان عليهما ، ومها املوت واحلياة فالكائن احلى ، كان ميتا ، أي عدما ، مث .. كما تتداوالن عامل األحياء كله

٣٣

أخرجته قدرة الله سبحانه إىل احلياة ، مث تعيده تلك القدرة إىل املوت مرة أخرى . احلياة للحساب واجلزاءمث ترده إىل..

فإذا جاء من عند الله من خيرب بأن بعد هذا املوت حياة أخرى ، وأن املوت ليس اية اإلنسان ـ فهل يقع هذا عند العقالء موقع اإلنكار ؟ وكيف والشواهد كلها تشهد بإمكانيته ؟ بل وتقطع بأنه أمر ال بد منه ، من حيث أن هذه احلياة اليت

سان بعد العدم ، إمنا كانت ليقوم ا على خالفة الله ىف األرض ، حيث لبسها اإلنوخملوق هذا .. بسط سلطانه ـ بعقله ـ على كل ما ىف هذا الوجود األرضى

..شأنه ، ال بد أن يرقى صعدا إىل أفق أعلى من هذا األفق األرضى مل فيها وإن هذه اخلالفة اليت لإلنسان على األرض ليست خالفة مجاعية ، حت

اجلماعة اإلنسانية كلها تبعتها ، وإمنا هى خالفة حيمل فيها كل فرد مسئوليته ، وذلك .. وحياسب على ما كان منه ، فيجزى باإلحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا

..يقضى بأن يرد اإلنسان إىل احلياة مرة أخرى ، ليحاسب ، وليثاب أو يعاقب وكان ال بد من احلساب واجلزاء على ما إذا كان كذلك ،:والسؤال هنا ، هو

كان من اإلنسان ـ فلم ال حياسب ىف احلياة الدنيا ؟ ومل املوت مث احلياة ؟ وما حكمة املوت مث احلياة ؟ أليست هذه احلياة اجلديدة هى عودة باإلنسان ـ نفسا

ئا وذاتا ـ إىل حياته األوىل ، ووصل ملا انقطع منه باملوت ؟ وهل يضيف املوت شي !!؟..جديدا إىل اإلنسان حىت يكون ملوته مساغا

إن هذه التصورات هى نتيجة هلذا الفهم اخلاطئ للموت الذي يقع على : ونقول اإلنسان بعد احلياة ، حيث يبدو منه أنه انقطاع للمجرى حياة اإلنسان ، مث إنه بعد

!! قيامةزمن ما ـ قد يطول أو يقصر ـ يعود إىل احلياة مرة أخرى ، يوم الولو فهم املوت على حقيقته ، وأنه ليس إال حتوال من مرتل إىل مرتل ، وانتقاال من حال إىل حال ـ لو فهم املوت على هذا ، ملا كان ملثل هذه التصورات أن جتد هلا

..مكانا ىف تفكري اإلنسان ، يوقع ىف نفسه هذه العزلة املوحشة بني املوت واحلياة

٣٤

ه ـ هو حياة جديدة تلبس اإلنسان خارج هذا اجلسد الذي فاملوت ـ ىف حقيقتوتلك اجلثة اهلامدة اليت خيلفها املوت وراءه ، هى اليت .. تركه املوت جثة هامدة

..تعطي املوت تلك الصورة املخيفة املفزعة مث يطرقه املوت .. ذلك أننا نرى اإلنسان ىف ثوب احلياة ، ميوج بالنشاط واحلركة

هامد مهود اجلمادات اليت بني أيدينا ، مث هو ىف حلظة يغيب ىف الثرى ، ، فإذا هومث إذا فتش عنه بعد زمن ، رؤي وقد حتول إىل أنقاض ، مث إذا أعيد إليه النظر بعد

!! زمن آخر مل ير هلذه األنقاض أثروعن هذا التصور ، يقول املشركون الذين ال يؤمنون باحلياة اآلخرة ـ يقولون ما

وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق « : قوله سبحانه وتعاىل على لسام ي ».. جديد ؟

ولكن لو جاوزنا هذا اجلسد ، لوجدنا أن احلياة اليت كانت تلبسه ) السجدة : ١٠(، قد اكتسبت خبالصها منه باملوت ، قوة ال حدود هلا ، حيث خرجت من هذا

ا ، وانطلقت ىف هذا العامل الرحيب ، حتلق فيه بقدر احليز الضيق الذي كان حيتووىف هذا يقول .. ما احتفظت به من خصائصها الروحية حال تلبسها باجلسد

: وهو شرح ملعىن قوله تعاىل .. »الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا « : الرسول الكرمي ني موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى الله يتوفى الأنفس ح«

) ..الزمر : ٤٢(» عليها الموت ويرسل الأخرى إىل أجل مسمى أما أن امليت يبقى بعد موته ىف حال مهود ، ومجود ، إىل أن جيىء يوم البعث

..والنشور ، فهذا فهم خاطئ أيضا اإلنسان إذ ميوت ، فإن املوت ـ كما قلنا ـ ال يقع إال على جسده ، أما روحه ف

..، فإا جتد ىف موت اجلسد فرصتها للخالص من القيد الذي قيدها به وعلى هذا ، فإن اإلنسان إذا مات ، فإمنا ميوت موتا ظاهريا يرى ىف هذا اجلسد ،

ذي انطلق من اجلسد حممال بكل ما وأما هو ىف حقيقته ، فهو حى ىف هذا الروح ال

٣٥

وىف هذا يقول الرسول ـ صلوات الله .. ترك اجلسد فيه من آثار طيبة ، أو سيئة ..»من مات فقد قامت قيامته « : وسالمه عليه ـ

وهذا يعىن أن امليت إذ ميوت ، يبعث ىف احلال بعثا جديدا ، مبعىن أنه يقوم من عامل : شري إىل ذلك احلديث الذي ذكرناه من قبل ، وهو النوم الذي كان فيه ، كما ي

..»الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا « قيامة خاصة بكل إنسان ، وهى قيامته ساعة : وهذا يعىن أيضا أن هناك قيامتني

موته ، وهى ـ كما قلنا ـ قيامة من عامل النيام ، عامل احلياة الدنيا ـ مث قيامة ا الناس مجيعا من عامل القبور ، حيث تلتقى األرواح عامة ، وهى اليت يبعث فيه

..بأجسادها مرة أخرى ، على صورة يعلمها الله سبحانه وتعاىل أما هذه احلياة اليت عاشها اإلنسان على هذه األرض ، فهى اختبار وابتالء له ،

..تتكشف فيه حقيقة طبيعته اليت أوجده الله عليها بة بذرت ىف األرض مع ما بذر من حبوب ، مث ال تلبث إنه ىف هذه احلياة أشبه حب

.كل حبة أن تكشف عن حقيقتها ، وعن الثمر الذي تثمره ، من جيد أو ردىءوملا : وقد يسأل سائل ..، فإذا آن وقت احلصاد ، مجع كل زرع مع ما بشا كله

، ذا هذا البذر والغرس ؟ أليس صاحب البذر والزرع ، هو الله سبحانه وتعاىل وهو سبحانه عامل مبا كمن ىف هذا البذر من مثر ؟

واجلواب على هذا ، أن علم الله سبحانه باملخلوقات قبل أن ختلق ، هو علم وخلق املخلوقات ىف صورها ، وأشكاهلا ، وأزمنتها ، وأمكنتها هو .. مكنون

سبحانه بصفة إظهار هلذا العلم املكنون ، وأنه لوال هذا ملا قام اخللق ، وملا اتصف هو الله الخالق « :يقول سبحانه .. ولظل الوجود ىف حال كمون » اخلالق «

روصالم احلشر : ٢٤(» البارئ.( ١(» اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق « : ويقول سبحانه أيضا

الله خالق كل شيء ، وهو على كل شيء « : ويقول جل شأنه ) العلق : ٢ـ فكان مما اقتضته إرادة الله سبحانه أن خيلق هذا الذي خلق ). الزمر : ٦٢(وكيل

٣٦

الذي أعطى كل شيء « : وهذا ما يشري إليه قوله تعاىل .. من موجودات وعوامل صار لكل خملوق ذاتيته ومكانه ىف هذا وذا ) .. طه : ٥٠(» خلقه ثم هدى

.الوجودكيف تكفرون « .. فللحياة حكمة ، وللموت حكمة ، وللبعث بعد املوت حكمة

. ٢٨(» بالله ، وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون : ١١٥(تم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ال ترجعون أفحسب« ) .. البقرة

وقضية احلياة بعد املوت هى مضلة الضالني ، وهى الغشاوة اليت حتجبهم ) املؤمنونعن الله سبحانه وتعاىل ، فال يرون مالله سبحانه وتعاىل من قدرة ، وأنه سبحانه

احلياة ىف تلك األجساد اهلامدة ، والعظام البالية ، قادر على كل شىء ، وأن بعثليس بأبعد ىف جمال املنطق اإلنساىن ، من خلقها أول مرة ، من تراب ، أو من

ولكن هل يكون للمنطق مكان عند من ختم الله على قلبه .. نطفة من ماء مهنب فلن تملك له من الله ومن يرد الله فتنته« ومسعه ، وجعل على بصره غشاوة ؟

٦٨")املائدة : ٤١(» شيئا لعلكم : شهدت الحسن ، وقرأ هذه الآية في البقرة : عن الصعق التميمي ، قال

ر فيها ليعلم أن الدنيا دار بلاء هي والله لمن تفك: تتفكرون في الدنيا والآخرة قال ٦٩"،دار جزاء ،ثم دار بقاء ثم دار فناء وليعلم أن دار الآخرة

لهة ، قوادقت نون في ا: " وعفكرتت لكمات لعالآي لكم الله نيبي ا كذلكينلدوالآخرة وأنه من تفكر فيهما عرف فضل إحداهما على الأخرى ، وعرف أن الدنيا رمصي نوا ممقاء ، فكونب ارد اء ثمزج ارة دأن الآخراء ، وفن ارد لاء ثمب ارد

٧٠"لدنيا لحاجة الآخرة حاجة احنت قلوبهم إلى : " وتطمئن قلوبهم بذكر الله قال : وعن قتادة ، في قوله تعالى

كان كثري " : فلولا أنه كان من المسبحني قال : وقال " ذكر الله واستأنست به

التفسري القرآين بالقرآن- ٦٨

صحيح ) ٢١١٤(تفسري ابن أبي حاتم - ٦٩

٧٠ - ريآن للطبفسري القران في تيالب امعصحيح ) ٣٨١٨( ج

٣٧

إن العمل الصالح يرفع صاحبه : الصلاة في الرخاء فنجا وكان يقال في الحكمة : والذين هم عن اللغو معرضون قال : وقال " إذا ما عثر وإذا ما صرع وجد متكأ

"اهلق أتذ في خا أخلم ا أن اللهلن ذكراطل ون البع مهقدا ور الله مأم الله منو مما الله بخالق خلقا هو أعلم منا ولا أكرم عليه منا : آدم عليه السلام قالت الملائكة

تفاب نمو هطيعي نم لمعاء ليا شبم هادعب لي اللهتبي قدو ملق آدلائكة بخت الملييعصيه ، ومن فكر في الدنيا والآخرة عرف فضل إحداهما على الأخرى وعرف أن

فكونوا ممن يصرم ثم دار فناء وأن الآخرة دار بقاء ثم دار جزاء الدنيا دار بلاء ٧١"حاجة الدنيا لحاجة الآخرة إن استطعتم ولا قوة إلا بالله

ن زيد بن ثابت وليدة بمائة دينار اشترى أسامة ب: وعن أبي سعيد الخدري ، قال بيالن تمعر ، فسهقول ���� إلى شري إلى : " يتشة المامأس ون منبجعألا ت

نفظن اينيع فتا طرده مفسي بيالذي نل ، وة لطول الأمامر ، أسهش يفريأن ش تيلتقيان حتى أقبض ، ولا رفعت طرفي ، وظننت أني أوضعه حتى أقبض ، ولا متإن كن ، مني آدا بت ، يوبالم ى أغصتا حهي أسيغأن تنة فظنلقم تلقم

دقلون فععون لآت تدوعا تمى ، إنتوفي الم كمفس٧٢"وا أن الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من « : قوله تعاىل - ٢

أي أنه سبحانه كما خلق املوت ".»تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور أي بعضها ينطبق على بعض ، وقائم عليه قيام .. ع مسوات طباقا واحلياة ، خلق سب

اشتمال واحتواء ، وهذا يعىن أن الوجود دائرى الشكل ، وأنه دوائر ، بعضها داخل بعض ، جيمعها مركز واحد ، أشبه بتلك الدوائر اليت حيدثها حجر يلقى به

وهكذا .. من بعض ىف املاء الساكن ، فتنداح من موقع احلجر دوائر ، بعضها أكرب ٧٣".إىل ماال اية

صحيح ) ٢٧٢١(حلية الأولياء - ٧١

٧٢ - قيهيان للبالإمي بعضعيف ) ١٠١٦٨(ش

تفسري القرآين ال- ٧٣

٣٨

أي إنه تعاىل الذي أوجد وأبدع السموات السبع ، املتطابقة بعضها فوق بعض ، ، جيمع بينها ٧٤كل مساء منفصلة عن األخرى كما جاء يف حديث اإلسراء وغريه

نظام اجلاذبية ، ما تشاهد أيها الناظر املتأمل يف خملوقات الرمحن من تناقض وتباين ."وعدم تناسب

أي ما ترى من اختالل أو » ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت « : وقوله تعاىل فكل ما خلق الله حيمل .. نقص ىف نظام الوجود ، وما أبدع اخلالق من خملوقات

شارة دالة على قدرة اخلالق ، وعلمه ، وحكمته ، وإبداعه فيما خلق ـ وىف هذا وأن كل خملوق مهما صفر .. قدرة الله سبحانه ، وإىل إحكام ما خلق إلفات إىل

شأنه ، وضؤل شخصه ، هو صنعة احلكيم العليم ، فيه من روعة الصنعة ، وقدرة فليس فيما صنع الله سبحانه ـ .. الصانع ، ما ىف أعظم املخلوقات وأروعها

سن ىف أكمل حسن وأحسن ، بل كل ما خلق الله على صفة واحدة ، هى احلوترى الجبال تحسبها « : وهذا ما يشري إليه قوله تعاىل .. كماله ، وأبدع آياته

وىف ) النمل : ٨٨(» جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إمنا خلقت مجيعها ـ إشارة أخرى إىل أن املخلوقات» الرمحن « إضافة اخللق إىل

ورحمتي وسعت « : كما يشري إىل ذلك قوله تعاىل .. بيد الرمحة اليت مستها مجيعا ).األعراف : ١٥٦(» كل شيء

هو دعوة إىل اإلنسان أن ينظر » فارجع البصر هل ترى من فطور « : وقوله تعاىل أي ..»ا ترى في خلق الرحمن من تفاوت م« : بعقله لريى مصداق قوله تعاىل

أن من شك يف هذه احلقيقة ، أو من مل يقع له بعد علم ا ، فليلق بصره على هذا هل يرى من : الوجود ، وليقف بني يديه وقفة املتأمل الدارس ، مث ليسأل نفسه هو التشقق ، :فطور ؟ أي هل يرى خلال ، أو اضطرابا ، أو تفاوتا ؟ والفطور

)١١٣٢١) (٥٧ / ١٥ (-انظر احلديث مطوال يف املسند اجلامع - ٧٤

٣٩

والفطور إمنا يكون .. والتصدع ، الذي من شأنه أن يصيب الشيء الذي أصيب به ٧٥".ىف املواد اجلامدة ال السائلة

! هل تشاهد فيها من شقوق وصدوع؟: واردد طرفك يف السماء ،وتأمل أيوهذا دليل على تعظيم خلقها ، وسالمتها من العيوب ، وكون خالقها ذا قدرة

الله الذي رفع السماوات بغير : ونظري اآلية .م دقيق شامل حمكم متقنتامة وعلعمد ترونها ، ثم استوى على العرش ، وسخر الشمس والقمر ، كل يجري لأجل

].٢/ ١٣الرعد [مسمى

تتحدد اآلن باألميال حسبما تدل عليه مادة ال يعلم حقيقتها إال الله،و: والسماء إا مدارات الكواكب ، ويرى العلماء الفلكيون أا : وقيل . برامج غزو الفضاء

فراغ يدور فيها الكوكب ، وإذا عرفنا أن الكواكب ذات أبعاد متفاوتة ومسافات وتكون اموعة الشمسية . خمتلفة ،أدركنا تصور كرات السموات السبع

أو النظام (واموعة الشمسية . »الكون«النجمية ما يعرف باسم واموعات تطلق يف علم الفلك على الشمس والكواكب السيارة وتوابعها ، وهي ) الشمسي

عطارد ، الزهرة ، األرض ، املريخ ، املشتري ، : بترتيب بعدها عن الشمس تتغري ألوان بعضها واموعات النجمية مشوس نائية البعد. أورانوس ، نبتون ، بلوتو

.لعدة أيام أحيانا» ثم ارجع البصر كرتين ، ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسري « : وقوله تعاىل "

أي إذا انكشف لنظرتك اليت ألقيتها على هذا الوجود ، أنه ليس ىف خلق الله من ود هذه النظرة ، اليت أعطتك علما يقينيا تفاوت ، أو من فطور ، فال تقف عند حد

فهذا الذي وقع لك من علم ، . بأن ليس ىف خلق الله الرمحن من تفاوت أو فطورهو خري كثري ، فاحرص عليه ، واجعل منه زادا تتزود به ىف طريقك إىل اإلميان

مث اطلب مزيدا من هذا العلم ، وذلك مبعاودة النظر بعد النظر ، ىف.. بالله فإنك إن فعلت سلك بك ذلك طريقا ال اية .. ملكوت الله ، الذي ال حدود له

)٩٦ / ٢ (-التفسري القرآين للقرآن - ٧٥

٤٠

وإن بصرك إذ يعود إليك . له ، من العلم اليقيين ، بقدرة الله ، وعظمته ، وجاللهأي » خاسئا « بعد هذه الرحلة الطويلة الساحبة ىف ملكوت الله ، سيعود إليك

هذا اجلالل الذي ببهر األبصار ، وخيلب العقول مرتجرا ، مرتدا ىف استخزاء ، أمام، بعد أن يبلغ به التعب واإلعياء غايته ، وبعد أن يرى اإلنسان الذي حصل ما

!! حصل من علم الدارسني املتفحصني ، أنه ما زال على شاطىء حبر ال اية لهاملعىن على وجيوز أن يكون .. املتعب الكليل ، الذي أعيا من طول النظر : واحلسري

صورة أخرى ، وهى أنه مهما عاود الناظر النظر والبحث وراء الوقوع على تفاوت ىف خلق الرمحن ، فإنه لن جيد شيئا من هذا ، ولو أجهده السري ، وطال به املطاف

وهذا يعىن أن العلم وحده ال يقيم اإلنسان على إميان يقيىن ، .. ، حىت يسقط إعياء لعلم بقلب سليم ، تنقدح فيه شرارة العلم ، فيضىء بنور احلق إال إذا التقى هذا ا

وىف هذا ما يشري إىل أن العقل ، وإن كان من املطلوب منه أن ينظر ىف .واهلدىملكوت الله ، وأن يقرأ ىف صحف الوجود ما شاء من آيات الله ـ فإن عليه أن

توى كل ما ىف هذا يعلم أنه على ساحل حميط ال اية له ، وأنه إذا أراد أن حيفلريض .. الوجود ، فإن ذلك لن يقع له ، ولن جيد آخر املطاف إال العجز واإلعياء

إذن مبا يقع له من علم ، وليتخذ من هذا العلم ، الشاهد الذي يقيم ىف قلبه إميانا فذلك حسبه من العلم ..وثيقا بالله ، ومباله من قدرة ، وعلم ، وحكمة ، وجالل

.." به شاطىء األمان الذي يبلغ

ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطني « : قوله تعاىل – ٣هو إشارة إىل صفحة من صحف الوجود ، اليت ميكن أن يرتادها النظر ، وأن »

دنيا ، هي أقرب فالسماء ال..يقرأ فيها العقل آيات من قدرة الله وإحكام صنعته ..مساء إلينا ، وهي املطلة على األرض اليت نعيش عليها

وإن العني ـ أي عني ـ لترى فيها مصابيح تزينها ، وتنتثر على صفحتها كأا ومن هذه السماء الدنيا تنطلق رجوم وشهب ترمى ا الشياطني ، اليت .. الآللئ

: فالضمري ىف قوله تعاىل .. أل األعلى تتطاول إىل هذه السماء ، وحتاول االتصال بامل

٤١

وجيوز ..أي وجعلنا من عاملها رجوما للشياطني . يعود إىل السماء» وجعلناها « إنا زينا السماء الدنيا « : أن يعود الضمري إىل املصابيح ، وىف هذا يقول سبحانه

رد ال يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان ما شهاب هعبطفة فأتالخ طفخ نإلا م واصب ذابع ملهورا وحكل جانب د من

الصافات١٠ ـ ٦(» ثاقب .( وده ، وىف هذا إشارة إىل أن للعقل حدودا ، ينبغى أن يقف عندها فإن جتاوز حد

رمى بشهب من الشكوك ، فاحترق بنارها ، كما حيترق الشيطان الذي يصعد ىف وليس ىف هذا حجر على العقل ىف .. السماء ، وجياوز احلدود اليت حتتملها طاقته

االنطالق إىل أبعد مدى ، ولكن ليكن على حذر من أن يضل ، ويتوه ، أو يغرق ."ىف عباب هذا احمليط العظيم

زينا أقرب السموات إىل الناس بكواكب ثوابت وسيارات ، فصارت يف أي ولقد أحسن خلق وأج شكل ، ومسيت الكواكب مصابيح ألا تضيء كإضاءة السراج ، وجعلنا تلك الكواكب مبا ينقض منها من الشهب أو من دوا رامجات يرجم ا

ـ هو وعيد للشياطني ، » السعري وأعتدنا لهم عذاب « : قوله تعاىل "الشياطني ، وأنه إذا مل يرجم بعضهم بتلك الرجوم القاتلة ىف الدنيا ، فإم مجيعا على موعد مع

.عذاب السعري ، الذي أعده الله سبحانه وتعاىل هلم ، ىف اآلخرة ـ إشارة إىل أن هذا العذاب حاضر معد هلم منذ» وأعتدنا لهم « : فقوله تعاىل

"..أي حاضر ) ق : ٢٣(» هذا ما لدي عتيد « : ومنه قوله تعاىل .. األزل وأعددنا للشياطني يف اآلخرة بعد اإلحراق يف الدنيا بالشهب عذاب النار أي

.املستعرة املوقدة بسبب فسادهم وإفسادهم

كما ورجم الشياطني يعد فائدة أخرى للكواكب ، غري كوا زينة للسماء الدنيا ، ].١٦/ ١٦النحل [وعالمات وبالنجم هم يهتدون : قال تعاىل

اطني إن اللهيا للشومجا راهلنعجو ابيحصا بميناء الدما السنيز لقدة ، وادقت نعخلقها زينة للسماء الدنيا ، : خصال جل ثناؤه إنما خلق هذه النجوم لثلاث

٤٢

ورجوما للشياطني ، وعلامات يهتدى بها ؛ فمن يتأول منها غير ذلك ، فقد قال له ا لا علمم كلفتو ، هصيبن اعأضو ، ظهطأ حأخأيه ، و٧٦." به بر

رجم أعدائكم الذي : وجعلنا فيها فائدة أخرى ، هي : أي " :ويف البحر املديد يخرجونكم من النور إىل الظلمات ، بانقضاض الشهب املقتبسة منها ، فيأخذ امللك شعلة من نار الكوكب ، ويضرب ا اجلين ، فيقتله ، أو خيبله ، فريجع غوال

٧٧"الكواكب فال تزول عن أماكنها ؛ ألا قارة يف الفلكيفزع الناس ، وأما ومضات عامة

امللك عالم األجسام ، كما أن امللكوت عامل النفوس ؛ ولذلك : قال القاشاين وصف ذاته باعتبار تصريفه عامل امللك ، حبسب مشيئته بالتبارك ، الذي هو غاية

باعتبار تسخريه عامل امللكوت ، العظمة ، واية االزدياد يف العلو والربكة ، وفسبحان الذي بيده ملكوت { مبقتضى إرادته بالتسبيح ، الذي هو الترتيه ، كقوله

، كال مبا يناسبه ، ألن العظمة واالزدياد والربكة ] ٨٣: يس [ } كل شيء تعاىل } بارك ت{ فمعىن . تناسب األجسام ، والترته يناسب اردات عن املادة

وتعاظم ، الذي يتصرف يف عامل امللك بيد قدرته ، ال يتصرف فيه غريه فبيده كل ما وجد من األجسام ، ال بيد غريه ، يصرفها كما يشاء ، وهو القادر على كل ما

.عدم من املمكنات ، يوجدها على ما يشاء فإن احلياة هي اإلحساس املوت واحلياة من باب العدم وامللكة ، : وقال القاشاين

واملوت عدم ذلك عما من شأنه أن . واحلركة اإلرادية ولو اضطرارية كالتنفس واألمل يعترب فيه . يكون له ، وعدم امللكة ليس عدما حمضا ، بل فيه شائبة الوجود

احملل القابل لألمر الوجودي ، فلذلك صح تعلق اخللق به ، كتعلقه باحلياة ، وجعل العلم التابع : خلقهما بالء الإنسان يف حسن العمل وقبحه ، أي الغرض من

للمعلوم الذي يترتب عليه اجلزاء ، وهو العلم الذي يظهر على املظاهر الإنسانية بعد

٧٦ - ريآن للطبفسري القران في تيالب امعصحيح ) ٣١٩٤٤(ج

)١١٠ / ٨ (-البحر املديد ـ نسخة حمققة - ٧٧

٤٣

وقوع املعلوم ، فإنه ليس إال علم اهللا الكامن يف الغيب ، الظاهر بظهور املعلوم ؛ على األعمال ، واملوت هو الداعي إىل حسن العمل ألن احلياة هي اليت يتمكن ا

الباعث عليه ، وبه يظهر آثار األعمال ، كما أن احلياة يظهر ا أصوهلا ، وا وقدم املوت على . تتفاضل النفوس يف الدرجات ، وتتفاوت يف اهلالك والنجاة

أريد به العدم إن : وقيل . احلياة ؛ ألن املوت يف علم امللك ذايت ، واحلياة عرضية السابق فتقدمه ظاهر ، لسبقه على الوجود ، أو العدم الالحق فتقدميه ألن فيه عظة

٧٨.وتذكرة ، وردعا عن ارتكاب املعاصي ساقه يف مباحثه " الفصل " ولإلمام ابن حزم رمحه اهللا كالم يف هذه اآلية يف كتاب

التفاوت املعهود هو ما نافر النفوس : مع املعتزلة ، نأثره هنا لنفاثته ، قال رمحه اهللا ، أو خرج عن املعهود ، فنحن نسمي الصورة املضطربة بأن فيها تفاوتا ، فليس

: هذا التفاوت الذي نفاه اهللا تعاىل عن خلقه ، فإذن ليس هو الذي يسميه الناس تفاوتا ، فلم يبق إال أن التفاوت الذي نفاه اهللا تعاىل عما خلق هو شيء غري

: ود فيه البتة ؛ ألنه لو وجد يف خلق اهللا تعاىل تفاوت ، لكذب قول اهللا تعاىل موجوال يكذب اهللا تعاىل إال كافر ، فبطل } ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت {

ظن املعتزلة أن الكفر والظلم والكذب واجلور تفاوت ، ألن كل ذلك موجود يف .ي فيه، مشاهد بالعيان فيه ، فبطل احتجاجهم خلق اهللا عز وجل ، مرئ

فما هذا التفاوت الذي أخرب اهللا عز وجل أنه ال يرى يف خلقه ؟: فإن قال قائل هو اسم ال يقع على مسمى موجود يف العامل أصال ، بل هو معدوم مجلة : قيل هلم

واهللا تعاىل . اىل ، إذ لو كان شيئا موجودا يف العامل ، لوجد التفاوت يف خلق اهللا تع .قد أكذب هذا وأخرب أنه ال يرى يف خلقه

إن العامل كله ما دون اهللا تعاىل ، وهو كله خملوق : مث نقول ، وباهللا تعاىل التوفيق مث إذا نظر الناظر يف . هللا تعاىل ، أجسامه وأعراضه كلها ، ال حناشي شيئا منها

القسمة جريا مستويا يف تفضيل تقسيم أنواع أعراضه ، وأنواع أجسامه ، جرت

)٤٩١ / ١٢ (-قامسي حماسن التأويل تفسري ال - ٧٨

٤٤

، أجناسه وأنواعه ، حبدودها املميزة هلا ، وفصوهلا املفرقة بينها ، على رتبة واحدةوهيئة واحدة ، على أن يبلغ إىل األشخاص اليت تلي أنواع األنواع ، ال تفاوت يف شيء من ذلك البتة بوجه من الوجوه ، وال ختالف يف شيء منه أصال ، ومن وقف على هذا علم أن الصورة املستقبحة عندنا واقعتان معا حتت نوع الشكل والتخطيط ، مث حتت نوع الكيفية ، مث حتت اسم العرض ، وقوعا مستويا ال تفاضل فيه ، وال

وكذلك أيضا نعلم أن الكفر واإلميان بالقلب . تفاوت يف هذا بوجه من التقسيم فعل النفس ، مث حتت الكيفية والعرض ، واقعان حتت نوع االعتقاد ، مث حتت

وقوعا مستويا ال تفاضل فيه ، وال تفاوت من هذا الوجه من التقسيم ، وكذلك أيضا نعلم أن اإلميان والكفر باللسان واقعان حتت نوع فرع اهلواء بآالت الكالم ،

تويا مث حتت نوع احلركة وحتت نوع الكيفية ، وحتت اسم العرض ، وقوعا حقا مس .اختالف ال تفاوت فيه وال

وهكذا القول يف الظلم واإلنصاف ، ويف العدل واجلور ، ويف الصدق والكذب ، وكذلك كل ما يف العامل ، حىت يرجع مجيع املوجودات . ويف الزنا والوطء احلالل

إىل الرؤوس األول اليت ليس فوقها رأس جيمعها إال كوا خملوقة هللا تعاىل ، وهي وهر والكم والكيف واإلضافة ؛ فانتفى التفاوت عن كل ما خلق اهللا تعاىل اجل

وعادت اآلية املذكورة حجة على املعتزلة ؛ ضرورة ال منفك هلم عنها ، وهي أنه لو كان وجود الكفر والكذب والظلم تفاوتا كما زعموا ، لكان التفاوت موجودا

. وهي أن يرى يف خلقه تفاوت يف خلق الرمحن ، وقد كذب اهللا تعاىل ذلك ، ٧٩.انتهى كالمه

وهذا من أساليب النظم القرآين . بدأت السورة بالثناء على الله: " وقال دروزة يف مطالع سور عديدة ، وقد أعقب الثناء تنويه مبطلق تصرف الله عز وجل

.واإلشارة إىل حكمته يف خلق الناس وموم وبعثهم

)٤٩٤ / ١٢ (-حماسن التأويل تفسري القامسي - ٧٩

٤٥

وهو الذي بيده ملك كل شيء املتصرف يف هذا الكون . فلله التقديس والثناءوهو الذي بيده املوت . تصرفا مطلقا ، القادر على كل شيء قدرة شاملة تامة

وقد جعل ذلك وسيلة الختبار اجلنس البشري حىت يظهر . واحلياة والقادر عليهماته األحسن منهم عمال ، على غري حاجة وضعف ألنه قوي عزيز ال يدانيه يف قو

أحد وليس هو يف حاجة إىل أحد ، واملتصف مع ذلك بالغفران والصفح .والتسامح

وهو الذي خلق السموات السبع بإتقان وانتظام وتطابق ال ميكن أن يرى الناظر إليها أي تفاوت أو تناقض أو صدوع أو شقوق أو خلل مهما دقق يف النظر وعاود

ولن يلبث أن يرتد نظره ذليال . ع األحناءالتدقيق مرة بعد مرة وأجال النظر يف مجيمذهوال حائرا كليال مما يرى من العظمة ورائع الصنع واإلتقان مستشعرا بعجزه عن

.درك األسرار الربانية واإلحاطة ا مستبينا ضالة شأنه إزاءها . وأسلوب اآليات تقريري قوي موجه إىل عقول السامعني وقلوم

والسؤال والتحدي . دها من التنديد بالكفر وإنذار للكافرينوهي مقدمة ملا يأيت بعيف اآليتني األخريتني يزيدان يف قوة الصورة العظيمة اليت رمستها اآليات األوىل ملشاهد كون الله ويف تصوير شعور املرء ا وهو الشعور الدائم العام الذي ال

ت ويتفكر يف عظيم يستطيع أحد أن يتفلت منه حينما يرسل ببصره إىل السموا .اإلبداع واإلتقان والسعة اليت ال حيصيها ذهن وال حييط ا بصر

وواضح من أسلوا أا موجهة إىل مجيع األذهان استهدافا للتنبيه واالسترعاء ومن الواجب أن تبقى يف هذا . والتذكري بعظمة الكون وخالقه وواجب الناس إزاءه

.دا عن اهلدف القرآينالنطاق ألن يف إخراجها منه ابتعاولقد صرف بعض املفسرين عبارة املوت إىل العدم الذي يسبق احلياة ، وعبارة

والذي تلهمه اآلية الثانية هو قصد بيان حكمة الله يف خلق . احلياة إىل احلياة الدنياالناس وإماتتهم وإحيائهم ثانية وهو اختبارهم يف الدنيا ومعرفة صاحلهم من

وفيه ما فيه من . تهم جزاء أعماهلم يف احلياة األخروية بعد املوتلتوفي. طاحلهم

٤٦

تلقني جليل مستمر املدى يف كون الناس مدعوين إىل العمل الصاحل والتسابق فيه وقد تكرر هذا . وكون حكمة خلقهم أو متيزهم عن سائر خلق الله متصلة بذلك

يف سياق سورة هود ، أكثر من مرة يف السور السابقة وكتبنا تعليقا على مداه .فنكتفي ذا التنبيه

ورجم الشياطني من السماء بالشهب قد تكرر ذكره وعلقنا على ذاتية املوضوع وإذا كان من شيء حيسن أن يقال . يف سياق تفسري سورة اجلن مبا يغين عن اإلعادة

هنا هو أن من املمكن أن يستلهم من اآليتني وما قبلهما وما بعدمها قصد تقرير كون الله عز وجل باملرصاد لكل من جيرؤ على حدوده ويقف منه موقف املتمرد مهما خيل للناس أنه قوي شديد كشياطني اجلن مثال الذين هلم يف أذهان السامعني

أما تزيني الدنيا باملصابيح فهو تعبري متكرر ومتسق مع شعور . صورة ضخمة مفزعةعليه أنظارهم من مشاهد السماء وجنومها الناس على اختالف طبقام مبا تقع

ومن الواجب أن يبقى ذلك . وشهبها ومبا يف أذهام من ذلك بسبيل العظة والتنويهولقد تكرر يف القرآن تقرير كون . يف هذا النطاق مثل سائر التعابري القرآنية املماثلة

نا عليها مبا يغين مصري الشياطني يف اآلخرة هو العذاب والنار مما مر منه أمثلة وعلق ٨٠".عن اإلعادة

هذا ، واملتأمل يف هذه اآليات الكرمية ، يراها قد ساقت ما : " ويف التفسري الوسيط وقدرته بأبلغ أسلوب ، ودعت الغافلني الذين فسقوا - تعاىل -الله يدل على وحدانية

ع صورة يف أبد- سبحانه -عن أمر رم ، إىل التدبر يف هذا الكون الذي أوجده ٨١ "..وأتقنها ، فإن هذا التدبر من شأنه أن يهدى إىل احلق ، ويرشد إىل الصواب

قادرا عاملا - تعاىل -اعلم أن هذا هو الدليل الثاين على كونه : قال اإلمام الرازي ، وذلك ألن هذه الكواكب نظرا إىل أا حمدثة وخمتصة مبقدار معني ، وموضع

ونظرا إىل كوا حمكمة متقنة .ى أن صانعها قادرخاص ، وسري معني ، تدل عل

)٣٧٤ / ٥ (- التفسري احلديث لدروزة - ٨٠

)١١ / ١٥ (-موافق للمطبوع -التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ٨١

٤٧

موافقة ملصاحل العباد ، ومن كوا زينة ألهل الدنيا ، وسببا النتفاعهم ا ، تدل ٨٢.على أن صانعها عامل

وبالله لقد زينا ومجلنا السماء القريبة منكم بكواكب مضيئة كإضاءة : واملعىن واكب ، ما يرجم الشياطني وحيرقها ، من هذه الك- بقدرتنا -السرج ، وجعلنا

وأنا لمسنا السماء : - تعاىل -إذا ما حاولوا أن يسترقوا السمع ، كما قال وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع ، فمن . فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا

له جدمع الآن يتسدا يصشهابا ر . وجعلناها رجوما للشياطني عاد الضمري يف قوله : قوله : قال اإلمام ابن كثري

وجعلناها على جنس املصابيح ال على عينها ، ألنه ال يرمى بالكواكب اليت يف ٨٣ .- والله أعلم -السماء ، بل بشهب من دوا ، وقد تكون مستمدة منها

هذه ..» تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير«: "ل ويف الظالالتسبيحة يف مطلع السورة توحي بزيادة بركة الله ومضاعفتها ، ومتجيد هذه الربكة

.الرابية الفائضةوذكر امللك جبوارها يوحي بفيض هذه الربكة على هذا امللك ، ومتجيدها يف

وهي ترنيمة تتجاوب ا أرجاء . جيدها يف جناب الذات اإلهليةالكون بعد متوهي تنطلق من النطق اإلهلي يف كتابه . الوجود ، ويعمر ا قلب كل موجود

.الكرمي ، من الكتاب املكنون ، إىل الكون املعلوم»لكده المالذي بي كبارناصيته فهو املالك له ، املهيمن عليه ، القابض على .. » ت

حني تستقر يف الضمري حتدد له الوجهة واملصري . وهي حقيقة.. ، املتصرف فيه وختليه من التوجه أو االعتماد أو الطلب من غري املالك املهيمن املتصرف يف هذا امللك بال شريك كما ختليه من العبودية والعبادة لغري املالك الواحد ، والسيد

فال يعجزه شي ء ، وال يفوته شي ء ، وال .. » يء قديروهو على كل ش«! الفريد

)١٢ / ١٥ (-موافق للمطبوع -التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ٨٢

)١٣ / ١٥ (-افق للمطبوع مو-التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ٨٣

٤٨

خيلق ما يشاء ، ويفعل ما يريد ، . حيول دون إرادته شي ء ، وال حيد مشيئته شيءوهي .. وهو قادر على ما يريده غالب على أمره ال تتعلق بإرادته حدود وال قيود

له من كل قيد يرد عليه حقيقة حني تستقر يف الضمري تطلق تصوره ملشيئة الله وفعفقدرة الله وراء كل ما خيطر ! من مألوف احلس أو مألوف العقل أو مألوف اخليال

والقيود اليت ترد على تصور البشر حبكم تكوينهم احملدود .. للبشر على أي حال جتعلهم أسرى ملا يألفون يف تقدير ما يتوقعون من تغيري وتبديل فيما وراء اللحظة

فيتوقعون من . فهذه احلقيقة تطلق حسهم من هذا اإلسار. واقع احملدوداحلاضرة والوينطلقون . ويكلون لقدرة الله كل شيء بال قيود. قدرة الله كل شيء بال حدود

.من أسر اللحظة احلاضرة والواقع احملدود ..» ، وهو العزيز الغفورالذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا «

ومن آثار متكنه املطلق من امللك وتصريفه له ، وآثار قدرته على كل شيء وطالقة واملوت يشمل املوت السابق على احلياة واملوت . أنه خلق املوت واحلياة.. إرادته

.واحلياة تشمل احلياة األوىل واحلياة اآلخرة. الالحق هلاه كما تقرر هذه اآلية ، اليت تنشئ هذه احلقيقة يف التصور وكلها من خلق الل

فليست املسألة . اإلنساين وتثري إىل جانبها اليقظة ملا وراءها من قصد وابتالءإمنا هو االبتالء إلظهار املكنون . وليست كذلك جزافا بال غاية. مصادفة بال تدبري

: هم للجزاء على العمل يف علم الله من سلوك األناسي على األرض ، واستحقاقواستقرار هذه احلقيقة يف الضمري يدعه أبدا يقظا .. » ليبلوكم أيكم أحسن عملا«

وال يدعه . حذرا متلفتا واعيا للصغرية والكبرية يف النية املستسرة والعمل الظاهروهو «: ومن مث جييء التعقيب . كذلك ال يدعه يطمئن أو يستريح. يغفل أو يلهوفورالغ زيزفالله عزيز . ليسكب الطمأنينة يف القلب الذي يرعى الله وخيشاه» الع

.غالب ولكنه غفور مسامحفإذا استيقظ القلب ، وشعر أنه هنا لالبتالء واالختبار ، وحذر وتوقى ، فإن له أن

احلقيقة اليت إن الله يف! يطمئن إىل غفران الله ورمحته وأن يقر عندها ويستريح

٤٩

يصورها اإلسالم لتستقر يف القلوب ، ال يطارد البشر ، وال يعنتهم ، وال حيب أن إمنا يريد هلم أن يتيقظوا لغاية وجودهم وأن يرتفعوا إىل مستوى حقيقتهم . يعذم

وأن حيققوا تكرمي الله هلم بنفخة روحه يف هذا الكيان وتفضيله على كثري من هذا فهناك الرمحة السابغة والعون الكبري والسماحة الواسعة فإذا مت هلم . خلقه

.والعفو عن كثريمث يربط هذه احلقيقة بالكون كله يف أكرب وأرفع جماليه كما يربط به من الناحية

الذي خلق سبع «: األخرى حقيقة اجلزاء يف اآلخرة ، بعد االبتالء باملوت واحلياة ماوات طباقا ، ما تس رى منل ته رصجع البت ، فارفاوت من منحلق الررى في خ

سريح وهخاسئا و رصالب كإلي قلبنن ييتكر رصجع البار ا . فطور؟ ثمنيز لقدووما للشجلناها رعجو ، صابيحيا بمنماء الدعريالسالس ذابع منا لهدتأعياطني ، و .

صريالم بئسو ، منهج ذابع همبوا بركفر للذينوا لها . ومعإذا ألقوا فيها سفورت هيهيقا وش .مألهس جفيها فو ظ ، كلما ألقييالغ من زيمت كادها تتنزخ : ألم

ما نزل الله من شي ء ، إن : قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ! بلى : يأتكم نذير؟ قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب : وقالوا . أنتم إلا في ضالل كبري

.»!فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعري. السعريوكل ما يف هذه اآليات آثار ملدلول اآلية األوىل ، ومظاهر للهيمنة املتصرفة يف

مث هي بعد ذلك تصديق لآلية الثانية من خلق . امللك ، وللقدرة اليت ال يقيدها قيد ..املوت واحلياة لالبتالء ، مث اجلزاء

ماوات السبع الطباق اليت تشري إليها اآلية ال ميكن اجلزم مبدلوهلا ، استقاء من والسنظريات الفلك ، فهذه النظريات قابلة للتعديل والتصحيح ، كلما تقدمت وسائل

وال جيوز تعليق مدلول اآلية مبثل هذه الكشوف القابلة للتعديل . الرصد والكشفوأا طباق مبعىن أا طبقات . مساواتويكفي أن نعرف أن هناك سبع . والتصحيح

.على أبعاد متفاوتة

٥٠

والقرآن يوجه النظر إىل خلق الله ، يف السماوات بصفة خاصة ويف كل ما خلق يوجه النظر إىل خلق الله ، وهو يتحدى بكماله كماال يرد البصر . بصفة عامة

فليس .. » ن تفاوتما ترى في خلق الرحمن م«.عاجزا كليال مبهورا مدهوشا » فارجع البصر«.. هناك خلل وال نقص وال اضطراب وهل وقع نظرك على .. » هل ترى من فطور؟«وانظر مرة أخرى للتأكد والتثبت

فرمبا فاتك شيء يف النظرة »ثم ارجع البصر كرتين«شق أو صدع أو خلل؟ ..» ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسري« النظر مث أعده السابقة مل تتبينه ، فأعد

وأسلوب التحدي من شأنه أن يثري االهتمام واجلد يف النظر إىل السماوات وإىل وهذه النظرة احلادة الفاحصة املتأملة املتدبرة هي اليت يريد القرآن أن . خلق الله كله

لفة تذهب بروعة النظرة إىل هذا الكون الرائع العجيب فبالدة األ. يثريها وأن يبعثهااجلميل الدقيق ، الذي ال تشبع العني من متلي مجاله وروعته ، وال يشبع القلب من

والذي يعيش منه من . تلقي إحياءاته وإمياءاته وال يشبع العقل من تدبر نظامه ودقتهق بدائعه ، ألا أبدا متجددة يتأمله ذه العني يف مهرجان إهلي باهر رائع ، ال ختل

.للعني والقلب والعقل كما كشف العلم احلديث عن -والذي يعرف شيئا عن طبيعة هذا الكون ونظامه

ولكن روعة الكون ال حتتاج إىل هذا . يدركه الدهش والذهول-جوانب منها ون فمن نعمة الله على البشر أن أودعهم القدرة على التجاوب مع هذا الك. العلم

مبجرد النظر والتأمل فالقلب يتلقى إيقاعات هذا الكون اهلائل اجلميل تلقيا مباشرا مث يتجاوب مع هذه اإليقاعات جتاوب احلي مع احلي قبل . حني يتفتح ويستشرف

.أن يعلم بفكره وبأرصاده شيئا عن هذا اخللق اهلائل العجيب. إىل متلي مشاهده وعجائبهومن مث يكل القرآن الناس إىل النظر يف هذا الكون ، و

خياطب ساكن الغابة وساكن . ذلك أن القرآن خياطب الناس مجيعا ، ويف كل عصروهو خياطب األمي الذي مل . الصحراء ، كما خياطب ساكن املدينة ورائد البحار

يقرأ ومل خيط حرفا ، كما خياطب العامل الفلكي والعامل الطبيعي والعامل النظري

٥١

من هؤالء جيد يف القرآن ما يصله ذا الكون ، وما يثري يف قلبه وكل واحد . سواء .التأمل واالستجابة واملتاع

. بل إما اعتباران حلقيقة واحدة. واجلمال يف تصميم هذا الكون مقصود كالكمالومن مث يوجه القرآن النظر إىل مجال السماوات بعد . فالكمال يبلغ درجة اجلمال

وما السماء ..» ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح«: ا أن وجه النظر إىل كماهلولعل املصابيح . الدنيا؟ لعلها هي األقرب إىل األرض وسكاا املخاطبني ذا القرآن

املشار إليها هنا هي النجوم والكواكب الظاهرة للعني ، اليت نراها حني ننظر إىل وما كانوا ميلكون . خاطبني إىل النظر يف السماءفذلك يتسق مع توجيه امل. السماء

.إال عيوم ، وما تراه من أجرام مضيئة تزين السماءوهو . مجيل مجاال يأخذ بالقلوب. ما يف هذا شك. ومشهد النجوم يف السماء مجيل

مجال متجدد تتعدد ألوانه بتعدد أوقاته وخيتلف من صباح إىل مساء ، ومن شروق ومن مشهد الصفاء إىل مشهد . ليلة القمراء إىل الليلة الظلماءإىل غروب ، ومن الومن . ومن مرصد ملرصد. بل إنه ليختلف من ساعة لساعة.. الضباب والسحاب

.وكله مجال وكله يأخذ باأللباب.. زاوية لزاوية ! هذه النجمة الفريدة اليت توصوص هناك ، وكأا عني مجيلة ، تلتمع باحملبة والنداء

وهذه ! النجمتان املنفردتان هناك ، وقد خلصتا من الزحام تتناجيانوهاتان. اموعات املتضامة املتناثرة هنا وهناك ، وكأا يف حلقة مسر يف مهرجان السماء

. وهذا القمر احلامل الساهي ليلة! وهي جتتمع وتفترق كأا رفاق ليلة يف مهرجانوالفاين .والوليد املتفتح للحياة ليلة. ةواملنكسر اخلفيض ليل. والزاهي املزهو ليلة

..! الذي يدلف للفناء ليلة .وهذا الفضاء الوسيع الذي ال ميل البصر امتداده ، وال يبلغ البصر آماده

اجلمال الذي ميلك اإلنسان أن يعيشه ويتماله ، ولكن ال جيد له وصفا . إنه اجلمال ! فيما ميلك من األلفاظ والعبارات

٥٢

النفس إىل مجال السماء ، وإىل مجال الكون كله ، ألن إدراك مجال والقرآن يوجهوهذا اإلدراك هو . الوجود هو أقرب وأصدق وسيلة إلدراك مجال خالق الوجود

الذي يرفع اإلنسان إىل أعلى أفق ميكن أن يبلغه ، ألنه حينئذ يصل إىل النقطة اليت بريء من شوائب العامل األرضي يتهيأ فيها للحياة اخلالدة ، يف عامل طليق مجيل ،

وإن أسعد حلظات القلب البشري هلي اللحظات اليت يتقبل فيها . واحلياة األرضيةذلك أا هي اللحظات اليت يئه ومتهد له ليتصل . مجال اإلبداع اإلهلي يف الكون

.باجلمال اإلهلي ذاته ويتمالهله السماء الدنيا ا هي ويذكر النص القرآين هنا أن هذه املصابيح اليت زين ال

..» وجعلناها رجوما للشياطني«: كذلك ذات وظيفة أخرى وقد جرينا يف هذه الظالل على قاعدة أال نتزيد بشيء يف أمر الغيبيات اليت يقص

وهو كاف . الله علينا طرفا من خربهاو أن نقف عند حدود النص القرآين ال نتعداه .ض له من أموربذاته إلثبات ما يعر

فنحن نؤمن أن هناك خلقا امسهم الشياطني ، وردت بعض صفام يف القرآن ، وسبقت اإلشارة إليها يف هذه الظالل ، وال نزيد عليها شيئا وحنن نؤمن أن الله جعل من هذه املصابيح اليت تزين السماء الدنيا رجوما للشياطني ، يف صورة شهب

إلا من خطف «... » حفظا من كل شيطان ماردو«: كما جاء يف سورة أخرى ثاقب شهاب هعبطفة فأتكيف؟ من أي حجم؟ يف أية صورة؟ كل ذلك مل .. » الخ

. يقل لنا الله عنه شيئا ، وليس لنا مصدر آخر جيوز استفتاؤه يف مثل هذا الشأنولو علم الله أن هناك خريا . املقصودوهذا هو . فلنعلم هذا وحده ولنؤمن بوقوعه

فما لنا حنن حناول ما مل يعلم الله . يف الزيادة أو اإليضاح أو التفصيل لفصل سبحانهمث يستطرد فيما أعده الله ! أمر رجم الشياطني؟. يف مثل هذا األمر: أن فيه خريا؟

..»وأعتدنا لهم عذاب السعري«: للشياطني غري الرجوم ولعل مناسبة ذكر . فالرجوم يف الدنيا وعذاب السعري يف اآلخرة ألولئك الشياطني

هذا ، الذي أعده الله للشياطني يف الدنيا واآلخرة هي ذكر السماء أوال ، مث ما

٥٣

والعالقة بني الشياطني والذين كفروا عالقة . جييء بعد من ذكر الذين كفرواوملا ذكر ما . كر اختاذها رجوما للشياطنيفلما ذكر مصابيح السماء ذ. ملحوظة

أعد للشياطني من عذاب السعري ذكر بعده ما أعده للذين كفروا من أتباع هؤالء ٨٤ "..» وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصري«: الشياطني

ما يستفاد من اآليات

:يستنبط من اآليات ما يأيت ربوبية اهللا تعاىل بعرض دالئل القدرة والعلم واحلكمة واخلري والربكة تقرير-١

.وهي موجبة أللوهيته أي عبادته دون من سواه عزوجل

تعاظم الله بالذات عن كل ما سواه ، وهو مالك السموات واألرض يف الدنيا - ٢ .واآلخرة ، والقادر على كل شيء من إنعام وانتقام

جد املوت وأوجد احلياة ليعامل العباد معاملة املخترب ، ويقيم الله هو الذي أو- ٣الدليل عليهم أيهم أطوع وأخلص لله ، وهو سبحانه القوي الغالب يف انتقامه ممن

.عصاه ، الغفور ملن تاب

هو التجربة واالمتحان حىت يعلم أنه هل يطيع أو يعصي؟: واالبتالء أن اهللا جل ثناؤه : قول قتادة رمحه اهللا بيان احلكمة من خلق النجوم وهي يف-٤

زينة لسماء الدنيا ، ورجوما للشياطني ، : إمنا خلق هذه النجوم لثالث خصال ٨٥.وعالمات يهتدى ا

الله هو الذي أوجد أيضا السموات السبع متطابقة بعضها فوق بعض ، ما - ٥ل هي مستقيمة ترى يف خلقها من اعوجاج وصدوع ، وال تناقض وال تباين ، ب

.مستوية ، دالة على خالقها ، ال عيب وال خلل فيها

)٣٦٣١ / ٦ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٨٤

)٢٨٦ / ٤ (-أيسر التفاسري للجزائري - ٨٥

٥٤

إذا كرر اإلنسان النظر يف السموات مرات كثرية ، ال يرى فيها عيبا بل يتحير - ٦بالنظر إليها ، ويرجع إليه بصره خاشعا صاغرا متباعدا عن أن يرى شيئا من ذلك ،

.وقد بلغ الغاية يف اإلعياء

لسماء الدنيا وهي القرىب أقرب السموات إىل الناس بكواكب زين الله ا- ٧مصابيح إلضاءا ، وجعل منها شهبا تنقض على مردة الشياطني ، وأعد الله

.للشياطني أشد احلريق بسبب الكفر والضالل واإلفساد

.واآليات كلها دليل على كونه تعاىل كامل القدرة والعلم :٨٦ حمالة جيتهد ، وهللا در القائل من جعل املوت نصب عينيه ال -٨

وفي ذكر هول املوت والقبر والبال عن الشغل باللذات للمرء زاجر أبعد اقتراب األربعني تربص وشيب فذاك منذر لك ذاعر

فكم يف بطون األرض بعد ظهورها محاسنهم فيها بوال دواثر الدنيا مكب منافس لحطامها فيها حريص مكاثروأنت على

على خطر تمسي وتصبح الهيا أتدري مباذا لو عقلت تخاطر وإن أحد يسعى لدنياه جاهدا ويذهل عن أخراه آل شك خاسر

فجد وال تغفل ، فعيشك زائل وأنت إىل دار المنية صائر

****************

)١١٠ / ٨ (-البحر املديد ـ نسخة حمققة - ٨٦

٥٥

א��M�1א�;")+א��M�1א�;")+א��M�1א�;")+א��M�1א�;")+

���M'�6�-��Qא��0"���M'�6א��0"���M'�6א��0"���M'�6א��0""(���-��Q�"(���-��Q�"(���-��Q�"(�������

�G�H�I�J�K�L�M�N�O {:قال تعاىل � ��P�Q�R�ST�U�V�W�X� ���¥�¤�£�¢�¡�^�_�`�a�b�c�d�e

§�¦����»�º�¹�¸�¶�m�´�³�²�±�°�s�®�¬�«�ª�©�¨¼� � �{�|�Æ�Å�Ä�Ã�Â�Á�À�¿�¾�½� � �������

������{

:شرح الكلمات معناها... لكلمة ا... رقم اآلية

ألقتهم املالئكة يف النار... ألقوا فيها ... ٧ صوتا منكرا... شهيقا ... ٧٧ ... فورت هيتغلي... و تتقطع من شدة الغضب... تميز من الغيظ ... ٨ خطأ عقلي... ضالل كبري ... ٩

٨٧رامةفبعدا من الرمحة والك... فسحقا ... ١٠ :البالغة

.ألم يأتكم نذير استفهام إنكاري للتقريع والتوبيخ زيادة هلم يف العذاب

إن الذين يخشون : وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم مقابلة ، قابلة بقوله بعدئذ .ربهم بالغيب ، لهم مغفرة

.ها شهيقا استعارة مكنية ، شبه شدة استعارها وحسيسها بصوت احلمارسمعوا ل

)١ / ٢٢ (-كلمات القرآن للشيخ غازي الدرويب - ٨٧

٥٦

استعارة مكنية تبعية ، شبه جهنم باملغتاظة » تكاد متيز من الغيظ « : ويف قوله عليهم لشدة غلياا م وحذف املشبه به وأبقى شيئا من لوازمه ألن املغتاظة تتميز

ض لشدة اضطراا ويقولون فالن وتتقصف غضبا ويكاد ينفصل بعضها عن بعويف هذه اآلية أيضا فن حسن االتباع . يتميز غيظا إذا وصفوه باإلفراط يف الغضب

٨٨ ..فقد جرى الشعراء على جها فولعوا بإسناد أفعال من يعقل إىل ما ال يعقل

جلملة مرتني ما كنا في أصحاب السعري فسحقا لأصحاب السعري إطناب بتكرار ا .لزيادة التنبيه

:املناسبة بعد أن بين الله تعاىل ما أعد للشياطني من عذاب السعري يف اآلخرة بعد اإلحراق بالشهب يف الدنيا ، عمم الوعيد ، وأوضح أن هذا العذاب معد أيضا لكل كافر

.جاحد بربه ، مث ذكر أوصاف النار وأهواهلا الشديدة :املعىن العام

ن ذكر سبحانه أن شياطني اإلنس واجلن قد أعد هلم عذاب السعري ، أردف بعد أذلك ببيان أن هذه النار قد أعدها لكل جاحد بوحدانيته ، مكذب برسله ، منكر للبعث واليوم اآلخر ، مث وصف هذه النار بأوصاف تشيب من هوهلا الولدان ،

:وتصطك لسماعها األسنان ، منها .يق حني يلقى الكافرون فيهاأنه يسمع هلا شه) ١( .أا تفوز م كما يفور ما ىف املرجل حني يغلى) ٢( .أا تكون شديدة الغيظ واحلنق على من فيها) ٣( أمل تأتكم الرسل فتبعدكم عن هذا العذاب ؟: أن خزنتها يسألون داخليها ) ٤(سل فكذبوهم أن أهلها يعترفون بأن الله ما عذم ظلما ، بل قد جاءهم الر) ٥(

.أنتم ىف ضالل بعيد: وقالوا هلم

)١٥٠ / ١٠ (-إعراب القرآن وبيانه ـ موافقا للمطبوع انظر - ٨٨

٥٧

٨٩.دعاء املالئكة عليهم بالبعد من رمحة الله وألطافه ، وكرمه وإحسانه) ٦(وللذين كفروا برم عذاب جهنم ، وبئس املصري مصريهم ، إذا ألقوا فيها مسعوا هلا

ان ، وهو حسيسها حالة كوا تفور م وتغلى غلي٩٠صوتا منكرا كصوت احلمارينفصل بعضها عن بعض : املرجل ، ويا ويلهم حينما يرون النار ، تكاد تتميز ،أى

.وهذا وصف جلهنم دقيق! والغضب٩١من شدة الغيظ كلما ألقى فيها مجاعة من أصحاا سأهلم خزنتها وزبانيتها : وهاك وصفا ملن فيها

: لقاء ربكم ؟ قالوا أمل يأتكم نذير يتلو عليكم آيات الله ، وينذركم : قائلني هلم ما أنزل الله : جاءنا نذير فأنذرنا وتال علينا آيات ربنا ، فكذبناه ، وقلنا له بلى قد

من شيء على بشر مثلنا ، ما أنتم أيها الرسل مجيعا إال يف ضالل كبري ، وقالوا لو كنا نسمع الكالم مساع قبول : معترفني خبطئهم ومتحسرين على ما فام

لو كنا نعقل وحنكم عقولنا حقيقة يف كل ما يلقى إلينا ما كنا يف وإنصاف ، وفاعترفوا بذنبهم الذي هو كفرهم بآيات الله فبعدا هلم ! عداد أصحاب السعري اليوم

٩٢.من رمحة الله ورضوانه ، وسحقا هلم إم من أصحاب السعري

:التفسري والبيان ـ هو معطوف » هم عذاب جهنم وبئس المصري وللذين كفروا برب«: قوله تعاىل

.»وأعتدنا لهم عذاب السعري « .. على قوله تعاىل أي أعتدنا للشياطني عذاب السعري ، وللذين كفروا برم أعتدنا هلم كذلك عذاب

رون من فالشياطني من اجلن ، والكاف.. جهنم ، وبئس املصري الذي يصريون إليه

)١٠ / ٢٩ (- تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع - ٨٩

.استعارة صرحية) شهيق(وعلى ذلك ففي - ٩٠

جهنم ال يعقل أن يكون هلا غيظ وغضب وإمنا جيوز أن يكون يف الكالم استعارة تصرحيية حيث شـبه - ٩١يف إيصال الضرر ، وجيـوز أن يكـون اشتعال النار م وشدة تأثريها فيهم باغتياظ املغتاظ على غريه املبالغ

.الغضب للزبانية

)٧١٢ / ٣ (-التفسري الواضح ـ موافقا للمطبوع - ٩٢

٥٨

اإلنس ، هلم مجيعا عذاب أليم ، معد هلم ، وهو ىف انتظار ورودهم عليه يوم ".القيامة

أي وأعتدنا لكل اجلاحدين برم ، املكذبني رسله من اجلن واإلنس عذاب نار .جهنم ، وبئس املآل واملرجع وما يصريون إليه ، وهو جهنم

:مث ذكر صفات النار األربع وهي

أي أن جهنم هذه اليت .. »ا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور إذ« – ٢ ، ١.. أعدها الله سبحانه للكافرين ، ستلقاهم لقاء يسوءهم ، كما يسوءهم عذاا

إم سيجدون منها عدوا راصدا هلم ، كأن بينها وبينهم ثارات قدمية ، فإذا أمكنتها إنه ال يشفى .. العدو عدوه ، حني متكنه الفرصة منه الفرصة فيهم ، أخذم أخذ

فهى تشهق شهيق من وجد . غيظها منهم ، إلا أن تضرم بكل ما فيها من قوة ..فرصته ىف عدوه بني يديه ، وقد طال انتظاره هلا لتلك الفرصة

ائه إن هؤالء الكافرين ، هم أعداء الله ، والنار جند من جند الله املسلط على أعد . "فهم هلذا ىف موقف العدو من هذه النار ، املسلطة عليهم من الله سبحانه..

أي إذا طرح الكفار يف نار جهنم ، كما يطرح احلطب يف النار العظيمة ، مسعوا هلا صوتا منكرا كصوت احلمري أول يقها ، أو كصوت املتغيظ من شدة الغضب ،

.وهي تغلي م غليان املرجل

أي أن جهنم حني برد عليها هؤالء الواردون من ".»تكاد تميز من الغيظ « - ٣أهلها ، تلقاهم ، مغيظة حمنقة ، تكاد متيز من الغيظ ، أي تتقطع وتتمزق من الغيظ

"..، واحلنق عليهم ، ال يشفى غليلها ، إال أن حتتويهم ، وجتعلهم وقودا هلا

ـ أي كلما ألقى » ها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير كلما ألقي في « - ٤أي مجاعة ممن قضى الله فيهم أم من أصحاب النار ـ كلما » فوج « ىف جهنم

« : ألقى فوج من هذه األفواج املتتابعة ، سأهلم خرنة جهنم وزبانيتها هذا السؤال .»ألم يأتكم نذير ؟

٥٩

ألم ما وردوا جهنم إال .. ذا السؤال تقريعى وتوبيخى للواردين على جهنم وهملخالفتهم النذير ، أي الرسول الذي أرسله الله تعاىل إليهم ، لينذرهم عذاب هذا

ولو أم اتبعوا .. اليوم ، فكذبوا الرسول ، ومل يؤمنوا مبا جاءهم به من عند الله هذا يعىن أنه ال يعذب إال من بلغتهم رسالة رسل و.. هذا النذير ما وردوا جهنم

« : وهذا ما يشري إليه قوله تعاىل ..الله ، مث خالفوها ، ومل يقبلوا ما دعوا إليه منها ) ..اإلسراء : ١٥(» وما كنا معذبني حتى نبعث رسولا

التعبري عن سوق الكافرين إىل وىف » كلما ألقي فيها فوج « : وىف قوله تعاىل جهنم باإللقاء ىف هذا ما يشري إىل هوان هؤالء ارمني ، وعدم احترام آدميتهم ، وأم إمنا يعاملون معاملة األشياء املستغىن عنها ، من النفايات والفضالت ، حيث

."نطرح بعيدا بغري حساب ، فتقع حيث تقع ، غري ملتفت إليها

:وهلم من ناحيتني فيجيبهم الكفار بق

قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في « - ١هو جواب الواردين على النار ، ملا سئلوا عنه من زبانية جهنم » ضالل كبري

أي قد جاءنا نذير ، ولكن ! بلى: جوام ؟ فكان » ألم يأتكم نذير « : بقوهلم كذبنا ذا النذير ، وقلنا ما نزل الله من شىء ، أي من كتب ، وما أرسل من

..رسل جيوز أن يكون من جواب أهل النار » إن أنتم إلا في ضالل كبري « : وقوله تعاىل

، مث رموهم بالضالل ، ومن مقوالم للمنذرين الذين جاءوهم ، حيث كذبوهم وجيوز أن يكون هذا تعقيبا من زبانية ..الكبري ، الذي ال خيفى أمره على أحد

، أي ما » ما « نافية مبعىن » إن « و..جهنم على ما مسعوه من جواب أهل النار "..أنتم إال ىف ضالل كبري

وخوفنا ، بلى جاءنا رسول من عند الله ربنا ، فأنذرنا: أي أجاب الكفار قائلني ما نزل الله من شيء على لسانك ، ومل يوح : لكنا كذبنا ذلك النذير ، وقلنا له

.إليك بشيء من أمور الغيب وأخبار اآلخرة والشرائع اليت أمرنا الله ا

٦٠

فهذا على األظهر . وما أنتم أيها الرسل إال يف ذهاب عن احلق ، وبعد عن الصوابحتى إذا جاؤها : ونظري اآلية قوله تعاىل . للمنذرينمن مجلة قول الكفار وخطام

ألم يأتكم رسل منكم ، يتلون عليكم آيات : فتحت أبوابها ، وقال لهم خزنتها ة العذاب بلى ، ولكن حقت كلم: ربكم ، وينذرونكم لقاء يومكم هذا؟ قالوا

لى الكافرين٧١/ ٣٩الزمر [ع.[

وهذا دليل على عدل الله يف خلقه وأنه ال يعذب أحدا إال بعد قيام احلجة عليه ، وما كنا معذبني حتى نبعث رسولا : وإرسال الرسول إليه ، كما قال تعاىل

].١٥/ ١٧اإلسراء [

.. »ا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعري وقالو«: قوله تعاىل - ٢هذا من حديث النفس ألصحاب النار ، حيث يرجعون باملالمة على أنفسهم ، ويتهمون أنفسهم بأم كانوا ىف غفلة من أمرهم ، وأم مل يكونوا أصحاب مسع

ا رسل الله ، وملا وردوا هذا أو عقل ، إذ لو كانوا أصحاب مسع وعقل ما كذبووقدم السمع على العقل ، ألم إمنا أدينوا ىف اآلخرة من جهة .. املورد الوبيل

فلم حيسنوا .. مسعهم ، وما جاءهم عن طريقه من آيات الله ، على لسان رسله وم االستماع إىل ما أنذرهم به الرسل ، ومل يقبلوا ما دعوا إليه من اإلميان بالله والي

.اآلخر ، ومل يعرضوا ما مسعوا على عقوهلم ، ذا البالغ السمعي ، ومل يكن هلم من عقوهلم بالغ عقلى م إذ مل يأخذوامث إ

"..يقيم هلم طريقا إىل اإلميان بالله ، ويدعوهم إليه فقد ضلوا ، وهلكوا له من احلق مساع أي إننا نلوم أنفسنا ونندم على ما فعلنا ، فلو كنا نسمع ما أنزل ال

من يعي ، ومساع هداية ، أو نعقل عقل من مييز وينظر وينتفع ، وعقل هداية ، ما كنا من أهل النار ، وما كنا عليه من الكفر بالله والضالل ، ولكن مل يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل ، وال كان لنا عقل يرشدنا إىل اتباعهم ، واإلميان مبا

وقدم السمع على العقل والتفهم ألن ، ���� تعاىل ، واالستماع إىل الرسول أنزل الله .املدعو إىل شيء يسمع كالم الداعية أوال مث يتفكر فيه

٦١

أي أن هؤالء املعذبني بنار جهنم ، ..»فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعري « وأم أهل هلذا العذاب الذي هم فيه قد شهدوا على أنفسهم أم كانوا ظاملني ،

دعاء عليهم بالبعد من رمحة الله » فسحقا لأصحاب السعري « : وقوله تعاىل .. ".. ناطق أو صامت ، ىف هذا الوجود .. ورضوانه ، يرميهم به كل لسان

أي فأقروا معترفني مبا صدر عنهم من ذنب استحقوا به عذاب النار ، وهو الكفر .وهذا بيان باجلرمية مث العقاب. وتكذيب األنبياء ، فبعدا هلم من الله ومن رمحته

لن يهلك الناس : " يقول ���� أخبرني من سمع النبي : عن أبي البختري ، قال فسهمأن وا منذرعي وا ، أوذرعى يت٩٣"ح

مةومضات عا } جا فوفيه ا ألقي{ مجاعة من الكفرة : أي } كلم ذيرن أتكمي ا ألمهتنزخ مألهساستدل به على أنه ال " : اإلكليل " قال يف .يف الدنيا ينذركم هذا العذاب : أي }

٩٤.تكليف قبل البعثة :تنبيهان ه اآلية لعدها دليال على تفضيل السمع على لو تفطن نبيه هلذ: قال الناصر : األول

.البصر ، فإنه قد استدل على ذلك بأخفى منها .استدل به من قال بتحكيم العقل " : القواطع " قال ابن السمعاين يف : الثاين

إمنا مجع بني السمع والعقل ، ألن مدار التكليف على أدلة : قيل : وقال الزخمشري ٩٥السمع والعقل

فلهم أيضا عذاب : ويف هذه اآليات إنذار للكافرين بالله وآياته : " دروزة وقالوحينما يقبلون عليها سريوا يف حالة تبعث الرعب . جهنم وبئست هي مصريهم

والفزع حيث يكون هلا صوت مرعب من شدة فوراا وتكاد تتشقق وتتفجر من ج منهم سأهلم املوكلون ا وكلما ألقي فيها فو. الغليان أو سخطا على الكفار

٩٣ - داوأبي د ننصحيح ) ٣٨٤٤(س

)٤٩٨ / ١٢ (-حماسن التأويل تفسري القامسي - ٩٤

)٤٩٩ / ١٢ (-حماسن التأويل تفسري القامسي - ٩٥

٦٢

سؤال املندد املقرع عما إذا مل يكن قد أتاهم نذير يعظهم وخيوفهم من هذا املصري فيجيبون إجابة املتحسر النادم أنه قد جاءنا نذير فوقفنا منه موقف املكذب وسفهناه

حققنا وأنكرنا أن يرسل الله رسال للناس وقلنا له إنه يف دعواه يف ضالل كبري فاست .هذا املصري

وهكذا يعترفون مبا اقترفوه من ذنوب فسحقا . ولو كنا نعقل أو نسمع ما صرنا إليه .هلم وبعدا

ولعل عطف الكفار على الشياطني قد . واآليات معطوفة على سابقتها ومتصلة ا .قصد به تشديد التقريع فهم من طبقة واحدة ومصريهم واحد

ومن شأن . فروض حدوثها الذعة مستحكمةوالوصف قوي مرعب واحملاورة امل ٩٦ ".ذلك إثارة الفزع والندم يف الكفار ومحلهم على االرعواء وهو مما استهدفته اآليات

إذا كان األمر كما أخربوا عن أنفسهم ، فقد أقروا : " ويف التفسري الوسيط م يف هذا ما ظلمهم ، وأن ندمهم لن ينفعه- تعاىل -واعترفوا بذنوم ، وأن الله

وخبلودهم - تعاىل -بل هم جديرون بالدعاء عليهم بالطرد من رمحة الله .. اليوم فاآلية .سقيا لك: والالم يف قوله لأصحاب للتبيني ، كما يف قوهلم .يف نار السعري

الكرمية توضح أن ما أصام من عذاب كان بسبب إقرارهم بكفرهم ، وإصرارهم ٩٧ "عليه حىت املمات

مث يرسم مشهدا جلهنم هذه ، وهي تستقبل الذين كفروا يف غيظ : " الظالل ويفتكاد تميز من . إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور«: وحنق شديد

..» !الغيظوجهنم هنا خملوقة حية ، تكظم غيظها ، فترتفع أنفاسها يف شهيق وتفور وميأل

الغيظ فتكاد تتمزق من الغيظ الكظيم وهي تنطوي على بغض وكره يبلغ جواحنها ! إىل حد الغيظ واحلنق على الكافرين

)٣٧٧ / ٥ (-التفسري احلديث لدروزة - ٩٦

)٩ / ١٥ (-موافق للمطبوع -التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ٩٧

٦٣

يقرر - فيما حنس -ولكنه . والتعبري يف ظاهره يبدو جمازا تصويريا حلالة جهنموكل خليقة تعرف . فكل خليقة من خالئق الله حية ذات روح من نوعها. حقيقة

وتدهش حني ترى اإلنسان يكفر خبالقه ، وتتغيظ هلذا اجلحود را وتسبح حبمده وهذه احلقيقة وردت يف القرآن يف . املنكر الذي تنكره فطرا وتنفر منه روحها

.مواضع شىت تشعر بأا تقرر حقيقة مكنونة يف كل شيء يف هذا الوجودسبع والأرض ومن تسبح له السماوات ال«: فقد جاء بصريح العبارة يف القرآن

مهبيحسون تفقهال ت لكنده ، ومبح حبسء إلا ييش إن منو ، وورد .. » فيهنوهي تعبريات صرحية مباشرة ال جمال فيها .. » يا جبال أوبي معه والطير«: كذلك .للتأويل

ائتيا طوعا أو : لى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ثم استوى إ«كذلك ورد ..» أتينا طائعني: كرها قالتا

مما حيتمل أن يقال فيه إنه جماز تصويري حلقيقة خضوع السماء واألرض لناموس .ريحبل هو أبعد من املعىن املباشر الص. ولكن هذا التأويل ال ضرورة له. الله

كما ورد يف موضع آخر تعبري عن دهشة الكائنات . ووردت صفة جهنم هذهتكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق . لقد جئتم شيئا إدا«: وغيظها للشرك برا

ما يلدا ، ومن وحا للروعا ، أن ددالجبال ه خرتو ، ضخذ الأرتمن أن يحغي للربن ..» ولدا

وكل هذه النصوص تشري إىل حقيقة ، حقيقة إميان الوجود كله خبالقه ، وتسبيح ودهشة اخلالئق وارتياعها لشذوذ اإلنسان حني يكفر ، ويشذ . كل شيء حبمده

عن هذا املوكب وحتفز هذه اخلالئق لالنقضاض على اإلنسان يف غيظ وحنق ي يطعن يف عزيز عليه كرمي على نفسه ، فيغتاظ وحينق ، ويكاد من الغيظ كالذ

كذلك نلمح .»!تكاد تميز من الغيظ. تفور«: كما هو حال جهنم وهي . يتمزقألم يأتكم . كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها«: هذه الظاهرة يف خزنة جهنم

..» نذير؟

٦٤

فهي مشاركة جلهنم . وواضح أن هذا السؤال يف هذا املوضع هو للتأنيب والترذيلكما هي مشاركة هلا يف التعذيب ، وليس أمر من الترذيل . يف الغيظ واحلنق

واجلواب يف ذلة وانكسار واعتراف باحلمق والغفلة ، ! والتأنيب للضائق املكروبقد جاءنا نذير فكذبنا ! بلى : قالوا «: الل بعد التبجح واإلنكار واام الرسل بالض

لو كنا نسمع : وقالوا . إن أنتم إلا في ضالل كبري. ما نزل الله من شي ء: ، وقلنا فسه فالذي يسمع أو يعقل ، ال يورد ن..» !أو نعقل ما كنا في أصحاب السعري

وال يسارع باام . وال جيحد مبثل ما جحد به أولئك املناكيد. هذا املورد الويبءالرسل بالضالل على هذا النحو املتبجح الوقح ، الذي ال يستند يف اإلنكار إىل

ما «: مث ينكر ويدعي ذلك االدعاء العريض على رسل الله الصادقني يقول . دليلفاعترفوا بذنبهم فسحقا «! » إن أنتم إلا في ضالل كبري:نزل الله من شي ء

وهو دعاء عليهم من الله بعد اعترافهم بذنبهم . والسحق البعد..» لأصحاب السعري .يف املوقف الذي مل يؤمنوا به ومل يصدقوا بوقوعه

رجاء هلم يف مغفرة ، وال إقالة ال. فهم مبعدون من رمحته. والدعاء من الله قضاءويا له من ! ويا هلا من صحبة. وهم أصحاب السعري املالزمون له. هلم من عذاب

وهذا العذاب ، عذاب السعري ، يف جهنم اليت تشهق بأنفاسها وهي تفور ، ! مصري أن النفس - والله أعلم -وحنسب . والله ال يظلم أحدا. عذاب شديد مروع حقا

هي نفس فرغت من - وقد أودع فطرا حقيقة اإلميان ودليله - برا اليت تكفركما فرغت من كل صفة جتعل هلا اعتبارا يف الوجود ، فهي كاحلجر . كل خري

وقد انتهت إىل نكسة وارتكاس مكاا هذه النار ، إىل غري . الذي توقد به جهنم ! جناة منها وال فرار

تظل تنتكس وترتكس يف كل يوم تعيشه ، حىت والنفس اليت تكفر بالله يف األرضصورة ال . تنتهي إىل صورة بشعة مسيخة شنيعة ، صورة منكرة جهنمية نكرية

.مياثلها شيء يف هذا الكون يف بشاعتها ومسخها وشناعتها

٦٥

فكل شيء روحه مؤمنة ، وكل شيء يسبح حبمد ربه ، وكل شيء فيه هذا اخلري ، ما عدا هذه النفوس الشاردة .. إىل حمور الوجود وفيه هذه الوشيجة اليت تشده

فأي مكان . املفلتة من أواصر الوجود ، اآلبدة الشريرة ، اجلاسية املمسوخة النفوريف الوجود كله تنتهي إليه ، وهي مبتوتة الصلة بكل شيء يف الوجود؟ إا تنتهي

حق ولكل كرامة إىل جهنم املتغيظة املتلمظة ، احلارقة ، املهدرة لكل معىن ولكلواملألوف يف سياق القرآن أن ! بعد أن مل يعد لتلك النفوس معىن وال حق وال كرامة

فهو يعرض هنا صفحة املؤمنني يف . يعرض صفحتني متقابلتني يف مشاهد القيامة٩٨ ".مقابل صفحة الكافرين

ما يستفاد من اآليات

:دلت اآليات على ما يأيت .زاء ببيان ما جيري فيها من عذاب وعقاب تقرير عقيدة البعث واجل-١ بيان أن تكذيب الرسل كفر موجب للعذاب ، وتكذيب العلماء كتكذيب -٢

.الرسل بعدهم أي يف وجوب العذاب املترتب على ترك طاعة اهللا ورسوله بيان أن ما يقوله أهل النار يف اعترافهم هو ما يقوله املالحدة اليوم يف ردهم -٣

.بأن التدين تأخر عقلي ونظر رجعي على العلماء تقرير أن الكافر اليوم ال يسمع وال يعقل أي مساعا ينفعه وعقال عن املهالك -٤

٩٩.} لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا يف أصحاب السعري { قالوا باعتراف أهل النار إذ يف للكافرين اجلاحدين وجود الله ووحدانيته ، املكذبني رسله عذاب جهنم - ٥

وظاهر اآلية يقتضي القطع بأن الفاسق املصر ال . اآلخرة ، وبئس املرجع واملنقلب .يبقى يف النار

هي مساع شهيق أي صوت منكر هلا ، : للنار أوصاف أربعة مرعبة رهيبة - ٦والفوران فهي تغلي بالكفار غليان املرجل ، والغضب فهي تكاد تتقطع وينفصل

)٣٦٣٣ / ٦ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٩٨

)٢٨٧ / ٤ (-أيسر التفاسري للجزائري - ٩٩

٦٦

على أعداء الله تعاىل ، وتعنيف الزبانية فكلما ألقي بعضها من بعض من شدة الغيظفيها مجاعات منهم يسأهلم خزنتها وهم مالك وأعوانه من الزبانية سؤال توبيخ

أمل يأتكم رسول نذير يف الدنيا ينذركم هذا اليوم : وتقريع زيادة هلم يف العذاب !.حىت حتذروا؟

: وخوفهم ، فكذبوه ، وقالوا يعترف الكفار بأنه قد جاءهم رسول أنذرهم - ٧ .ما أنتم يا معشر الرسل إال يف بعد عن احلق والصواب

وبعد أن اعترفوا بتكذيب الرسل ، اعترفوا أيضا جبهلهم ، وهم يف النار ، -٨لو كنا نسمع من الرسل النذر مساع تدبر ووعي ، وتعقل وفهم ما جاؤوا : وقالوا

.لى أن الكافر مل يعط من العقل شيئاودل هذا ع..به ، ما كنا من أهل النار: وقال الفوج الذي ألقي في النار للخزنة : يقول تعالى ذكره :" وقال الطربي

عن ة ، أوصيحالن ا به مناءونا جذر مالن قل منعن أو عمسا نينا في الدكن قل لو "عنهم ما كانوا يدعوننا إليه ما كنا اليوم في أصحاب السعري يعني أهل النار

سحقا لكم ، أي بعدا من رمحة الله ، سواء اعترفوا أو : يقال للكفار حينئذ - ٩ .جحدوا ، فإن ذلك ال ينفعهم

على أن الدين ال يتم إال .. نا نسمع أو نعقل لو ك: احتجوا بآية وقالوا - ١٠واحتجوا ا أيضا على . بالتعليم ألن السمع يقتضي إرشاد املرشد وهداية اهلادي

تفضيل السمع على البصر ألن اآلية دلت على أن للسمع مدخال يف اخلالص من ، فوجب أن يكون النار والفوز باجلنة ، فالسمع مناط الفوز ، والبصر ليس كذلك

.السمع أفضل

****************

٦٧

����א��M�1א�;"� א��M�1א�;"� א��M�1א�;"� א��M�1א�;"�

R�S?��.�)'�J"0و���'��א����T�"*�U�.Vو���א�R�S?��.�)'�J"0و���'��א����T�"*�U�.Vو���א�R�S?��.�)'�J"0و���'��א����T�"*�U�.Vو���א�R�S?��.�)'�J"0و���'��א����T�"*�U�.Vو���א�����

��������������������{: قال تعاىل � ��AK�J�I�H�G�F�E�D�C�B� � ��R�Q�P�O�N�M�L

S����b�a�`�_�^�]�\�[�Z�Y�X�W�V�U�Tc��{

:شرح الكلمات معناها... مة الكل... رقم اآلية

خيافون اهللا وهم غائبون عن أعني الناس... يخشون ربهم بالغيب ... ١٢ ١٢ ... كبري رأي اجلنة... أج عليم مبا خيطر يف القلوب... عليم بذات الصدور ... ١٣١٤ ... لقخ نم لمعكم وجهركمأال يعلم اخلالق سر... أال ي ١٤ ... اخلبري اللطيف وهم... و لطيف بعباده خبري سهلة ممهدة... ذلوال ... ١٥ يف جوانبها... فامشوا في مناكبها ... ١٥ ال جيدي سعيكم ما مل ييسره اهللا لكم... وكلوا من رزقه ... ١٥١٥ ... ورشه الن١٠٠املرجعإليه ... إلي

:البالغة .وأسروا واجهروا بينهما طباق

.الصدور والنشور: كبري ، الخبري سجع ، وكذا قوله

:املناسبة

)١ / ٢٢ (-كلمات القرآن للشيخ غازي الدرويب - ١٠٠

٦٨

بعد وعيد الكفار بعذاب النار ، ذكر الله تعاىل للمقابلة وعد املؤمنني باملغفرة يعا بأنه عليم بكل ما يصدر واألجر الكبري ، مث عاد إىل ديد الكافرين والناس مج

عنهم يف السر والعلن ، وأقام الدليل على ذلك بأنه هو اخلالق والقادر الذي ذلل األرض للعامل ، وأذن هلم باالنتفاع مبا فيها من خريات وكنوز ظاهرة وباطنة

.كالزروع والثمار واملعادن :املعىن العام

وعد املؤمنني باملغفرة -هيبهم مبا بالغ بعد أن أوعد الكفار مبا أوعد ، وبالغ ىف ترواألجر الكرمي ، مث عاد إىل ديد الكافرين بأنه عليم مبا يصدر منهم ىف السر والعلن ، وأقام الدليل على ذلك بأنه هو اخلالق ، فال خيفى عليه شىء من أمرهم ،

أنه بل يصل علمه إىل ظواهر أمورهم وبواطنها ، مث عدد نعماءه عليهم ، فذكر عبد هلم األرض وذللها هلم ، وهيأ هلم فيها منافع من زروع ومثار ومعادن ،

١٠١.فليتمتعوا مبا أوتوا مث إىل رم مرجعهم ، وإليه بعثهم ونشورهمأما املؤمنون الذين خيشون الله حقا ، ويؤمنون به ، وخيافون عذابه يوم القيامة

.بري ال يقادر قدره وال يعرف كنههأولئك هلم مغفرة عظيمة لذنوم ، وهلم أجر كوالله يعلم الغيب والشهادة ، ويعلم السر وأخفى ، فسواء عنده اإلسرار يف القول واجلهر به ، إنه عليم بصاحبة الصدور ، ومبا يكون من اخلواطر اليت تالزم القلوب

؟ واحلال أنه فال تربحها ، أال يعلم الله خملوقاته اليت خلقها ؟ أال يعلم اخلالق خلقه هو اللطيف العامل بدقائق شئون البشر ، املطلع على خفايا اخللق ، وهو اللطيف بعباده ، وإن لطفه بعباده لعجيب ، فهو يوصل اخلري إليهم ، ويكشف الضر عنهم

.من أخفى الطرق وأدقها ، وهو اخلبري بكل شيءل ما فيها ، فانقياد سهلة مذللة ينتفع اخللق بك: هو الذي جعل لكم األرض ذلوال

األرض لبىن آدم ظاهر الوضوح ، وخاصة يف هذه األيام حيث مل يدع اخللق ضربا من ضروب االنتفاع إال سلكوه ، وال عنصرا إال حللوه وركبوه ، صهروا املعادن ،

)١٣ / ٢٩ (-تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع - ١٠١

٦٩

وفتتوا الذرات واستنبتوا النباتات ، واكتشفوا أسرار الكائنات ، وغاصوا يف أعماق يف أجواء الفضاء ، أليس الله قد لطف بعباده حيث مكنهم من كل البحار وطاروا

ذلك ؟ جعل األرض ذلوال ، وإذا كان كذلك فامشوا يف مناكبها ونواحيها ، ١٠٢.وجوانبها وأطرافها ، وآكامها وسهلها وحزا

:التفسري والبيان هو بيان ..» مغفرة وأجر كبري إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم«: قوله تعاىل

للطرف املقابل للذين كفروا برم ، والذين عرضتهم اآليات السابقة وعرضت وكما أن ىف اآلخرة عذابا ، ..أحواهلم ، وما يلقون من هوان وعذاب يوم القيامة

يد وفي الآخرة عذاب شد« : فإن فيها رمحة ورضوانا ، كما يقول سبحانه ) ..احلديد : ٢٠(» ومغفرة من الله ورضوان

وإذا كان للذين كفروا برم ، عذاب جهنم وبئس املصري ، فإن للذين آمنوا ، والذين خيشون رم بالغيب ، هم الذين خافوا عذاب يوم ..مغفرة وأجرا عظيما

مث إم هم الذين .. القيامة ، وخافوا لقاء رم ، قبل هذا اليوم الغائب عنهمخيشون رم ىف سرهم ، كما خيشونه ىف عالنيتهم ، حيث يشهدون سلطان الله

فهم لشهودهم هذا السلطان ، ال يعصون . قائما عليهم ىف كل حال من أحواهلمالله ، وال يفعلون ما ال يرضاه ، وهم هلذا جمزبون من الله تعاىل ، مبغفرة ذنوم

والذين يؤتون « : وهم على خشية من الله ، كما يقول سبحانه اليت تقع منهم ، مهرات ويون في الخسارعي ون أولئكراجع همبإىل ر مهجلة أنو مهقلوبا ووما آت

) ..املؤمنون : ٦٠(» لها سابقون لهم « .. ا يعملون من حسنات وإىل جانب غفران ذنوم يكون مضاعفة أجرهم مل

كبري رأجة وفرغم«".. أي إن الذين خيافون عذاب رم ومل يروه ، فيؤمنون به : " ويف التفسري املنري

خوفا من عذابه ، وخيافون الله يف السر والعلن ، فيخشون رم إذا كانوا غائبني

)٧١٥ / ٣ (-لتفسري الواضح ـ موافقا للمطبوع ا - ١٠٢

٧٠

عات ، حيث ال يراهم أحد إال الله عن الناس ، بالكف عن املعاصي والقيام بالطا .تعاىل ، هؤالء هلم مغفرة عظيمة يغفر الله ا ذنوم ، وثواب جزيل ، وهو اجلنة

« قال - ���� - عن النبى - رضى اهللا عنه - عن أبى هريرة ثبت يف الصحيحني ظل إال ظله إمام عدل ، وشاب نشأ فى سبعة يظلهم الله تعالى فى ظله يوم ال

عبادة الله ، ورجل قلبه معلق فى المساجد ، ورجالن تحابا فى الله اجتمعا عليه فقال إنى أخاف الله ، وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال

الله ل ذكرجرو ، هميني فقنا تم الهشم لمعى ال تتا حفاهقة فأخدبص قدصل تجرو اهنيع تا ففاضالي١٠٣.» خ.

محد الربو عان، قال قال أبسن كيالح بص نقول: نوعة، يريرا هأب تمعأن : سعين بكت من خشية اهللا، : حرم على عينين أن تنالهما النار" : ، قال ���� رسول اهللا

١٠٤"وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر يرأبي ه نقال وع هفعة ، رل : رجو زة اهللا عيشخ من كتب نيع ارل النخدال ي

حتى يعود اللبن في الضرع وال يجتمع دخان جهنم وغبار في سبيل اهللا في ١٠٥."منخري عبد ، أو قدم مسلم

و أسروا قولكم أو « ه تعاىل على أنه مطلع على الضمائر والسرائر ، فقال مث نبه اللـ هو بيان شارح ، ودعوة إىل اإلميان » اجهروا به إنه عليم بذات الصدور لهم مغفرة إن الذين يخشون ربهم بالغيب « : بالغيب ، الذي أشار إليه قوله تعاىل

كبري رأجأي أن سبحانه وتعاىل ، عامل مبا حنفى وما نعلن ، مطلع على ما .. »ووأنه .. وإذن فليكن سلطان الله مشهودا لنا ىف كل حال .. نعمل ىف سر أو جهر

إذا كنا ال جناهر باملنكر أمام الناس ، فكيف جناهر باملعاصي أمام الله ؟ ل أو نقول ، سر بالنسبة إىل الله سبحانه ، بل كل أعمالنا وأقوالنا ، فليس فيما نفع

سواء منكم من أسر القول ومن « .. هى جهر منا بني يديه ، على أية حال لنا

)٢٤٢٧ (- املكرت -وصحيح مسلم ) ١٤٢٣ (- املكرت -صحيح البخارى - ١٠٣

)٣٩٣٠)(٩٩ / ٦ (-شعب اإلميان - ١٠٤

صحيح) ٢٥٦٥(-مسند الطيالسي - ١٠٥

٧١

فمن ترك ) .. الرعد : ١٠(» جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار اصي جهرا ، ومل يتركها سرا ، فهو إمنا يفعل ذلك خوفا من الناس ، ال من املع

.." خشية الله ، وىف ذلك استخفاف جبالل الله ، وسوء أدب مع الله أي سواء أخفيتم كالمكم أو جهرمت به ، فالله عليم به ، يعلم مبا خيطر يف القلوب

واملراد أن قولكم وعملكم على أي وما تكنه الضمائر ، ال خيفى عليه منه خافية ،سبيل وجد ، فالله عليم به ، فاحذروا من املعاصي سرا كما حتترزون عنها جهرا ،

وقدم السر على اجلهر ألنه مقدم . فإن ذلك ال يتفاوت بالنسبة إىل علم الله تعاىل من عليه عادة ، فما من أمر إال وهو يبدأ أوال يف النفس مث جيهر به ، وللتحذير

إنه عليم بذات الصدور كالعلة : وقوله . التكتم والسر الذي قد يظن عدم العلم به .ملا قبله

رون به من واآلية خطاب عام جلميع اخللق يف مجيع األعمال ، وتشمل ما كانوا يس . ���� الكالم يف أمر رسول الله

أال يعلم من خلق وهو اللطيف « :مث أقام الله تعاىل األدلة على سعة علمه ، فقال بريهو تقرير ملا جاء ىف قوله تعاىل ..»الخ : » هوا به إنرهأو اج لكموا قوأسرو

فإن علم الله سبحانه وتعاىل مبا نسر وما جنهر به من قول .. »عليم بذات الصدور من التراب ، .. فنحن صنعة الله .. أو يشك فيه عاقل ـ أمر ال يصح أن ينكره

وإذا كان ذلك .. إىل النطفة ، إىل العلقة ، إىل املضغة ، إىل أن نصبح بشرا سويا شأن الله فينا ـ أفيخفى على الله بعد ذلك شىء من ظاهرنا ، أو باطننا ؟ أفيخفى

من اآلالت البخارية ، على الصانع شىء من أسرار ما صنع ؟ أخيفى على صانع آلةدق ، أو عظم ؟ أال يعلم السر ىف كل .. أو الكهربية ، أى جزء من أجزائها

..حركة من حركاا ، أو سكنة من سكناا ؟ أال يعلم مل تتحرك ، ومل تسكن ؟ فإذا كان ذلك كذلك فيما خيلق املخلوقون ، فكيف ال يكون هذا الرب العاملني ،

.. ؟ وخالق املخلوقني ..استفهام تقريرى » أال يعلم من خلق « : فاالستفهام ىف قوله تعاىل

٧٢

تكشفان » صفتان من صفات الله تعاىل » وهو اللطيف الخبري « : وقوله تعاىل اللطيف « فهو علم .. عن سعة علمه ، ونفوذ هذا العلم إىل أعمق أعماق الوجود

".. الذي ال ختفى عليه حقيقة أي شىء » اخلبري « ء الذي ال حيجب عنه شى» أي أال يعلم اخلالق الذي خلق اإلنسان وأوجده السر : ويف التفسري املنري

ومضمرات القلوب؟ فهو تعاىل الذي خلق اإلنسان بيده ، وأعلم شيء باملصنوع ه وتضمره من صانعه ، وهو العليم بدقائق األمور ، وما يف القلوب ، واخلبري مبا تسر

.أال يعلم السر من خلق السر: واملراد . األمور ، ال ختفى عليه من ذلك خافية

) أي أال يعلم اخلالق(واألول : أال يعلم الله خملوقه؟ قال ابن كثري : معناه : وقيل فيمكن جعل من والواقع أن كال املعنيني حمتمل ،. وهو اللطيف الخبري: أوىل لقوله

أال يعلم اخلالق خلقه ، كما ميكن جعلها : امسا للخالق جل وعز ، ويكون املعىن وال بد من أن يكون اخلالق .أال يعلم الله من خلق: امسا للمخلوق ، ويكون املعىن

.عاملا مبا خلقه وما خيلقه

ذي جعل هو ال« مث أقام الله تعاىل الدليل على قدرته ، ونبه إىل متام نعمته ، فقال ورشه النإليقه ورز كلوا منناكبها ووا في مشذلولا فام ضالأر هو خطاب ..»لكم

للناس مجيعا ، وإلفات هلم إىل فضل الله عليهم ، وإحسانه إليهم ، إذ خلقهم ، ، ميسرة هلم وأقامهم على خالفة األرض ، وجعل احلياة فيها ذلوال هلم ، أي مذللة

..، مبا أوجد فيها من أسباب احلياة ، وأدوات العمل للعاملني فيها هو دعوة إىل العمل ىف » فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه « : وقوله تعاىل

فالله .. هذه احلياة ، وإىل السعي ىف األرض ، والضرب ىف وجوهها املختلفة دي الناس خريات كثرية ممدودة على بساط هذه األرض ، سبحانه قد وضع بني أي

وعليهم هم أن يتحركوا ىف كل وجه على هذا البساط ، وأن ميدوا أيديهم إىل كل شىء يقدرون عليه من هذا اخلري ، فإن هم مل يفعلوا ، فقد خبسوا أنفسهم حقها

يت تأكل من من احلياة الكرمية على هذه األرض ، ونزلوا إىل درجة احليوانات ال ..حشائشها ، وخسيس مثارها

٧٣

ومناكب األرض ، هى أجزاؤها العليا فيها ، أشبه مبنكيب اإلنسان ، ومها جانبا وهذا يعىن أن يستدعى اإلنسان قواه كلها ، وأن يعمل ىف احلياة عمال .. الكتفني

ض ، جادا ، حيشد له طاقانه اجلسدية والعقلية ، حىت يأخذ مكانا متمكنا من األريستطيع به أن يقهر قوى الطبيعة فيها ، وأن يقودها بقوته ، وأن يتحكم فيها

فهذا هو مكان اإلنسان الذي يعرف قدر إنسانيته ، وحيترم وجوده بني .. بسلطانه إنه اخلليفة على هذه األرض ، ومقام اخلالفة يقتضيه أن يأخذ .. املخلوقات فيها

..س السلطان من رعيته مكان الصدارة فيها ، وأن جيلس جملـ إشارة إىل » على « بدال من » ىف « حبرف اجلر » امشوا « وىف تعدية الفعل

أن ينفذ اإلنسان يف أعماق هذه املناكب ، وإىل أن يعمل على كشف أسرارها ، ال ..جمرد اختاذها طريقا ميشي عليه

سان ، بعد انتهاء رحلته ىف هو خامتة مطاف اإلن» وإليه النشور « : وقوله تعاىل فهو بعد هذه الرحلة ، تطوى صفحة وجوده على األرض ، مث تنشر .. األرض

".. حياته من جديد ، بني يدى الله ىف احلياة اآلخرة أي إن الله هو الذي سخر لكم األرض وذللها لكم ، وجعلها سهلة لينة قابلة

ا جعل فيها من اجلبال ، وفجر فيها لالستقرار عليها ، ال متيد وال تضطرب ، مبالينابيع ، وشق الطرق ، وهيأ املنافع ، وأنبت فيها الزروع وأخرج الثمار ، فسريوا يف جوانبها وأقطارها وأرجائها حيث شئتم حبثا عن املكاسب والتجارات واألرزاق

رزقه أي مما وكلوا من :، وال يغين السعي شيئا عن تيسري الله ، لذا قال تعاىل رزقكم وخلقه لكم يف األرض ، ومكنكم من االنتفاع ا ، وأعطاكم القدرات على حتصيل خرياا ، مث اعلموا أنكم يف النهاية صائرون إليه ، فإليه النشور ، أي البعث من قبوركم ، ال إىل غريه ، وإليه املرجع يوم القيامة ، فاحذروا الكفر

.علنواملعاصي يف السر وال

واآلية دليل على قدرة الله ومزيد إنعامه على خلقه ، وعلى أن السعي واختاذ .األسباب ال ينايف التوكل على الله ، وعلى أن االجتار والتكسب مندوب إليه

٧٤

لو توكلت على اهللا حق :" يقول ���� سمعت رسول اهللا: عن عمر بن الخطاب، قال "توكله رزقت كما يرزق الطير تغدوا خماصا ، وتروح بطانا

لو أنكم تتوكلون على اهللا حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو " وفي رواية ١٠٦" خماصا وتروح بطانا

وا ورواحا ، لطلب الرزق ، مع توكلها على الله عز وجل ، وهو فأثبت هلا غد .املسخر املسير املسبب

" ما أنتم ؟ : " وروي عن معاوية بن قرة، أن عمر بن الخطاب، أتى على قوم فقالنتم المتكلون، ألا أخبركم بالمتوكلني ؟ بل أ: " نحن المتوكلون ، فقال: فقالوا

-" المتكلون " ، وقوله "رجل ألقى حبة في بطن الأرض، ثم توكل على ربه ١٠٧ –يعني على أموال الناس

الكافرين بأن الله عامل بسرهم ويكون املراد من اآليتني هذه وما قبلها ديدوجهرهم ، وأنه هو املنعم املتفضل عليهم مبا يسر هلم من خريات األرض ،

أيها الكفار اعلموا أين عامل بسركم وجهركم : فاحذروا عقابه ، فكأنه تعاىل قال ، فكونوا خائفني مين ، حمترزين من عقايب ، فقد أسكنتكم يف هذه األرض اليت

، وجعلتها سببا لنفعكم ورزقكم ، وإين إن شئت خسفت بكم هذه ذللتها لكم .األرض ، وأنزلت عليها من السماء أنواع احملن

ومضات عامة} فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه { : يف قوله تعاىل " : اإلكليل " قال يف

األمر بالتسبب والكسب بنعمته تعاىل على خلقه يف تسخريه هلم األرض ، يف اآلية تذكري : وقال ابن كثري

وتذليله إياها هلم ، بأن جعلها ساكنة ال متيد وال تضطرب مبا جعل فيها من اجلبال

صحيح ) ١١٣٩) (٤٠٤ / ٢ (-شعب اإلميان - ١٠٦أن كل موجود من خلق ورزق وعطاء ومنع من اهللا مث تسـعون لو تعلمون يقينا أنه ال فاعل إال اهللا و : أي

٩/٣٨٨) االحتاف(لرزقكم ) املشروع(يف الطلب على الوجه اجلميل

فيه جهالة) ٤٢٩ / ٢ (-شعب اإلميان - ١٠٧

٧٥

، وأنبع فيها من العيون ، وسلك فيها من السبل ، وهيأ فيها من املنافع ، ومواضع ترددوا يف أقاليمها سافروا حيث شئتم من أقطارها ، و: واملعىن . الزرع والثمار

١٠٨وأرجائها يف أنواع املكاسب والتجارات). ١٢( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبري : " وفال دروزة

احتوت هذه اآلية بيان مصري املؤمنني الذي يتقون الله وعذابه املغيب عنهم مقابلة فإن هلم من ربهم املغفرة واألجر . كفار جريا على األسلوب القرآينلبيان مصري ال

١٠٩ ".ويف اآلية بشرى وتطمني وتثبيت للمؤمنني يف الوقت نفسه. الكبرياملتبادر أن اخلطاب يف اآلية األوىل موجه للمكذبني ، :" وقال عن اآليتني التاليتني

.بالكفار وإنذارهمويف اآليات واحلالة هذه عود على بدء إىل التنديد فسيان عند الله أن تسروا ما تقولون أو جتهروا به : وقد تضمنت األوىل حتديا هلم

.فهو عليم به ألنه عليم بكل ما جيول يف صدور الناس وأفكارهمفالله هو الذي خلق الناس ومن الطبيعي : وتضمنت الثانية حجة برهانية على ذلك

وهو اللطيف الذي . يف أفكارهم وما ختفيه صدورهمأن يعلم أعماهلم وما يدور ١١٠".يعرف دقائق األمور ، اخلبري الذي ال يعزب عن علمه شي ء

هو الذي جعل لكم الأرض ذلوال فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه : يف اآلية ورشه النإلي١٥(و.(

لى الناس مبا كان من تسخريه األرض وتيسريه االنتفاع تذكري بفضل الله ع- ١ .خبرياا ليسعوا يف مناكبها ويأكلوا من رزقه

. وتقرير بأن مرجع الناس إليه ليحاسبهم على أعماهلم- ٢ .وواضح أن اآلية استمرار لآليات السابقة سياقا وموضوعا

)٥٠٠ / ١٢ (-حماسن التأويل تفسري القامسي - ١٠٨

)٣٧٨ / ٥ (-التفسري احلديث لدروزة - ١٠٩

)٣٧٨ / ٥ (-زة التفسري احلديث لدرو - ١١٠

٧٦

ين هم موضوع ومع أن من احملتمل أن يكون اخلطاب فيها موجها للكافرين الذاخلطاب يف اآليات السابقة فإا تنطوي على ما هو املتبادر على تلقينات جليلة

: املدى فقد سخر الله الدنيا للجميع فليس ألحد أن مينع أحدا من السعي يف مناكبها - ١

.واالنتفاع منها وقد حث اجلميع على السعي يف مناكبها فليس ألحد أن يأكل سعي غريه أو- ٢

.يسلبه مثرات سعيه ويقعد هو عن السعي وقد سخر الدنيا ومنافعها جلميع الناس ولكنه نبههم إىل أن هذه املنافع ال تنال - ٣

.إلا بالسعي والعمل وقد قرر أن الرزق الذي يستخرجه الناس من األرض هو يف احلقيقة رزقه ألنه - ٤

اعد على إخراجه ، فال حق هو الذي خلق مادته وأوجد القوى واألسباب اليت تس ١١١.ألحد أن يدعيه لنفسه أو حيتكره من دون الناس

» ليبلوكم أيكم أحسن عملا«: تتمة ملدلول اآلية الثانية يف السورة : " ويف الظالل هم مغفرة إن الذين يخشون ربهم بالغيب ، ل«: بذكر اجلزاء بعد ذكر االبتالء ..

كبري رأجو «.. والغيب املشار إليه هنا يشمل خشيتهم لرم الذي مل يروه ، كما يشمل خشيتهم لرم وهم يف خفية عن األعني ، وكالمها معىن كبري ، وشعور نظيف ، وإدراك

وهو املغفرة : يؤهل هلذا اجلزاء العظيم الذي يذكره السياق يف إمجال . بصري .فري ، واألجر الكبريوالتك

ووصل القلب بالله يف السر واخلفية ، وبالغيب الذي ال تطلع عليه العيون ، هو : قالوا: عن أنس، قال.. ميزان احلساسية يف القلب البشري وضمانة احلياة للضمري كن اكقنال، فإذا فارلى الحع كدكون عنول اهللا نسا رأن ي افخا، فنرهلى غيا ع

اهللا ربنا في السر والعلانية، : قالوا" كيف أنتم وربكم ؟ : " يكون ذلك نفاقا قال

)٣٧٩ / ٥ (-التفسري احلديث لدروزة - ١١١

٧٧

ليس ذلكم : " لقالوا أنت نبينا في السر والعلانية قا" كيف أنتم ونبيكم ؟ : " قال فاق١١٢"الن..

.فمىت انعقدت يف القلب فهو مؤمن صادق موصول. فالصلة بالله هي األصلوهذه اآلية السابقة تربط ما قبلها يف السياق مبا بعدها ، يف تقرير علم الله بالسر

.واجلهر ، وهو يتحدى البشر: اليت أودعها إياها وهو الذي خلق نفوسهم ، ويعلم مداخلها ومكامنها ،

أال يعلم من خلق وهو . وأسروا قولكم أو اجهروا به ، إنه عليم بذات الصدور« .»اللطيف الخبري؟

وهو يعلم ما هو أخفى من اجلهر . أسروا أو اجهروا فهو مكشوف لعلم الله سواءعليم ا ، فهو الذي ! اليت مل تفارق الصدور» بذات الصدورإنه عليم «. والسر

أال يعلم وهو الذي » أال يعلم من خلق؟«! خلقها يف الصدور ، كما خلق الصدور .الذي يصل علمه إىل الدقيق الصغري واخلفي املستور» وهو اللطيف الخبري؟«خلق؟

ن الله حبركة أو سر أو نية يف الضمري ، يبدون إن البشر وهم حياولون التخفي مفالضمري الذي خيفون فيه نيتهم من خلق الله ، وهو يعلم دروبه ! مضحكني

. والنية اليت خيفوا هي كذلك من خلقه وهو يعلمها ويعلم أين تكون. وخفاياه فماذا خيفون؟ وأين يستخفون؟

ن استقرارها فيه ينشئ له إدراكا أل. والقرآن يعىن بتقرير هذه احلقيقة يف الضمريفوق ما يودعه هناك من يقظة وحساسية وتقوى ، تناط ا األمانة . صحيحا لألمور

أمانة العقيدة وأمانة العدالة ، وأمانة التجرد لله . اليت حيملها املؤمن يف هذه األرضيه من وهو ال يتحقق إال حني يستيقن القلب أنه هو وما يكمن ف. يف العمل والنية

..وهو اللطيف اخلبري . سر ونية هو من خلق الله الذي يعلمه الله

حسن) ٦٩٠٤) (٣١٩ / ٢ (-ومسند البزار ) ١٠٢٩) (٣٤٥ / ٢ (-شعب اإلميان - ١١٢

٧٨

عندئذ يتقي املؤمن النية املكنونة ، واهلاجس الدفني ، كما يتقي احلركة املنظورة ، وهو يتعامل مع الله الذي يعلم السر واجلهر ، الله الذي خلق . والصوت اجلهري

.الصدور فهو يعلم ما يف الصدورنتقل م السياق من ذوات أنفسهم اليت خلقها الله ، إىل األرض اليت خلقها هلم مث ي

هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا ، فامشوا في «: ، وذللها وأودعها أسباب احلياة ورشه النإليقه ، ورز كلوا منناكبها وم «..

م على هذه األرض وسهولة استقرارهم عليها ، وسريهم والناس لطول ألفتهم حليا.. فيها ، واستغالهلم لتربتها ومائها وهوائها وكنوزها وقواها وأرزاقها مجيعا

والقرآن يذكرهم هذه النعمة اهلائلة ، . ينسون نعمة الله يف تذليلها هلم وتسخريهايل بقدر ما ويبصرهم ا ، يف هذا التعبري الذي يدرك منه كل أحد وكل ج

.ينكشف له من علم هذه األرض الذلولواألرض الذلول كانت تعين يف أذهان املخاطبني القدامى ، هذه األرض املذللة

واملذللة للزرع واجلين . للسري فيها بالقدم وعلى الدابة ، وبالفلك اليت متخر البحارصلح للزرع واملذللة للحياة فيها مبا حتويه من هواء وماء وتربة ت. واحلصاد .واإلنبات

تفصيال ميد يف - فيما اهتدى إليه حىت اليوم -وهي مدلوالت جمملة يفصلها العلم .مساحة النص القرآين يف اإلدراك

الذي .. » ذلولا«: إن هذا الوصف : فمما يقوله العلم يف مدلول األرض الذلول ض هذه اليت نراها فاألر! يطلق عادة على الدابة ، مقصود يف إطالقه على األرض

وهي يف !! بل راحمة راكضة مهطعة.. ثابتة مستقرة ساكنة ، هي دابة متحركة الوقت ذاته ذلول ال تلقي براكبها عن ظهرها ، وال تتعثر خطاها ، وال ختضه وزه

إن هذه الدابة اليت ! مث هي دابة حلوب مثلما هي ذلول! وترهقه كالدابة غري الذلولفسها بسرعة ألف ميل يف الساعة ، مث تدور مع هذا حول نركبها تدور حول ن

مث تركض هي والشمس . الشمس بسرعة حوايل مخسة وستني ألف ميل يف الساعة

٧٩

واموعة الشمسية كلها مبعدل عشرين ألف ميل يف الساعة ، مبتعدة حنو برج حيا ومع هذا الركض كله يبقى اإلنسان على ظهرها آمنا مستر.. اجلبار يف السماء

مطمئنا معاىف ال تتمزق أوصاله ، وال تتناثر أشالؤه ، بل ال يرتج خمه وال يدوخ ، !وال يقع مرة عن ظهر هذه الدابة الذلول

وقد عرفنا أثر اثنتني منها يف حياة هذا اإلنسان . وهذه احلركات الثالث هلا حكمة هي اليت فدورة األرض حول نفسها. ، بل يف احلياة كلها على ظهر هذه األرض

ولو كان الليل سرمدا جلمدت احلياة كلها من الربد ، ولو . ينشأ عنها الليل والنهارودورا حول الشمس هي .. كان النهار سرمدا الحترقت احلياة كلها من احلر

ولو دام فصل واحد على األرض ما قامت احلياة يف . اليت تنشأ عنها الفصول فلم يكشف ستار الغيب عن -احلركة الثالثة أما . شكلها هذا كما أرادها الله

.وال بد أن هلا ارتباطا بالتناسق الكوين الكبري. حكمتها بعدوهذه الدابة الذلول اليت تتحرك كل هذه احلركات اهلائلة يف وقت واحد ، ثابتة

ألن هذا ٢٣ ، ٥ حيدده ميل حمورها مبقدار -على وضع واحد يف أثناء احلركة تنشأ عنه الفصول األربعة مع حركة األرض حول الشمس ، والذي امليل هو الذي

لو اختل يف أثناء احلركة الختلت الفصول اليت تترتب عليها دورة النبات بل دورة ! احلياة كلها يف هذه احلياة الدنيا

والله جعل األرض ذلوال للبشر بأن جعل هلا جاذبية تشدهم إليها يف أثناء حركاا ولو كان . جعل هلا ضغطا جويا يسمح بسهولة احلركة فوقهاالكربى ، كما

-الضغط اجلوي أثقل من هذا لتعذر أو تعسر على اإلنسان أن يسري ويتنقل ولو كان أخف الضطربت . فإما أن يسحقه أو يعوقه-حسب درجة ثقل الضغط

خطى اإلنسان أو النفجرت جتاويفه لزيادة ضغطه الذايت على ضغط اهلواء حوله ، ! كما يقع ملن يرتفعون يف طبقات اجلو العليا بدون تكييف لضغط اهلواء

. والله جعل األرض ذلوال ببسط سطحها وتكوين هذه التربة اللينة فوق السطح لتعذر - كما يفترض العلم بعد برودها وجتمدها -ولو كانت صخورا صلدة

٨٠

ء وأمطار وغريها هي ولكن العوامل اجلوية من هوا. السري فيها ، ولتعذر اإلنبات. اليت فتتت هذه الصخور الصلدة ، وأنشأ الله ا هذه التربة اخلصبة الصاحلة للحياة

! وأنشأ ما فيها من النبات واألرزاق اليت حيلبها راكبو هذه الدابة الذلولوالله جعل األرض ذلوال بأن جعل اهلواء احمليط ا حمتويا للعناصر اليت حتتاج احلياة

ا ، بالنسب الدقيقة اليت لو اختلت ما قامت احلياة ، وما عاشت إن قدر هلا أن إليه تقريبا ونسبة األزوت أو ٢١فنسبة األكسجني فيه هي . تقوم من األساس

تقريبا والبقية من ثاين أكسيد الكربون بنسبة ثالثة أجزاء من ٧٨النتروجني هي .عشرة آالف وعناصر أخرىوالله جعل األرض ! بالضبط لقيام احلياة على األرضوهذه النسب هي الالزمة

ومنها حجم األرض .. ذلوال بآالف من هذه املوافقات الضرورية لقيام احلياة ودرجة حرارة . وحجم الشمس والقمر ، وبعد األرض عن الشمس والقمر

ونسبة توزيع املاء . وميل حمورها. ودرجة سرعتها. ومسك قشرة األرض. الشمس .إىل آخره.. إىل آخره .. وكثافة اهلواء احمليط ا . يهاواليابس ف

وهي اليت جعلت فيها رزقا ، . وهذه املوافقات جمتمعة هي اليت جعلت األرض ذلوال .وهي اليت مسحت بوجود احلياة ، وحبياة هذا اإلنسان على وجه خاص

ذي يطيق والنص القرآين يشري إىل هذه احلقائق ليعيها كل فرد وكل جيل بالقدر ال - الذي بيده امللك -، وبالقدر الذي يبلغ إليه علمه ومالحظته ، ليشعر بيد الله

ولو . وهي تتواله وتتوىل كل شيء حوله ، وتذلل له األرض ، وحتفظه وحتفظها! تراخت حلظة واحدة عن احلفظ الختل هذا الكون كله وحتطم مبن عليه وما عليه

اهلائلة أذن له اخلالق الرمحن الرحيم باملشي يف فإذا استيقظ ضمريه هلذه احلقيقة واملناكب .»فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه«: مناكبها واألكل من رزقه فيها

وإذا أذن له باملشي يف مناكبها فقد أذن له باملشي يف . املرتفعات ، أو اجلوانبموس منها فقد أذن له يف فمىت أذن له يف الش. سهوهلا وبطاحها من باب أوىل

والرزق الذي فيها كله من خلقه ، وكله من ملكه ، وهو أوسع مدلوال مما ! الذلول

٨١

فليس هو املال الذي جيده أحدهم يف يده . يتبادر إىل أذهان الناس من كلمة الرزقإمنا هو كل ما أودعه الله هذه األرض ، من . ، ليحصل به على حاجياته ومتاعه

وهي يف األصل ترجع إىل طبيعة تكوين األرض من . ومكوناتهأسباب الرزق عناصرها اليت تكونت منها ، وطبيعة تقسيم هذه العناصر ذه النسب اليت وجدت

على االنتفاع - ومنه اإلنسان -مث القدرة اليت أودعها الله النبات واحليوان . ا .ذه العناصر

تعتمد حياة كل «: زق ذا املعىن ويف اختصار نشري إىل أطراف من حقيقة الرنبات كما هو معروف على املقادير اليت تكاد تكون متناهية يف الصغر من ثاين

ولكي نوضح . أكسيد الكربون املوجود يف اهلواء ، واليت ميكن القول بأا تتنسمهاهذا التفاعل الكيماوي املركب املختص بالتركيب الضوئي بأبسط طريقة ممكنة

إن أوراق الشجر هي رئات ، وإن هلا القدرة يف ضوء الشمس على جتزئة «: نقول وبتعبري آخر يلفظ األكسجني . ثاين أكسيد الكربون العنيد إىل كربون وأكسجني

وحيتفظ بالكربون متحدا مع هيدروجني املاء الذي يستمده النبات من جذوره ).حيث يفصل املاء إىل هيدروجني وأكسجني(

تصنع الطبيعة من هذه العناصر سكرا أو سليلوزا ومواد كيمائية وبكيمياء سحرية .أخرى عديدة ، وفواكه وأزهارا

. ويغذي النبات نفسه ، وينتج فائضا يكفي لتغذية كل حيوان على وجه األرضويف الوقت نفسه يلفظ النبات األكسجني الذي نتنسمه والذي بدونه تنتهي احلياة

.بعد مخس دقائق مجيع النباتات والغابات واألعشاب وكل قطعة من الطحلب ، وهكذا جند أن«

. وكل ما يتعلق مبياه الزرع ، تبين تكوينها من الكربون واملاء على األخصولو . واحليوانات تلفظ ثاين أكسيد الكربون ، بينما تلفظ النباتات األكسجني

كانت تستنفد يف كانت هذه املقايضة غري قائمة ، فإن احلياة احليوانية أو النباتيةومىت انقلب التوازن . النهاية كل األكسجني ، أو كل ثاين أكسيد الكربون تقريبا

٨٢

وقد اكتشف أخريا . متاما ذوى النبات أو مات اإلنسان ، فيلحق به اآلخر وشيكاأن وجود ثاين أكسيد الكربون مبقادير صغرية هو أيضا ضروري ملعظم حياة

.تات تستخدم بعض األكسجنياحليوان ، كما اكتشف أن النبافبدون اهليدروجني كان . وجيب أن يضاف اهليدروجني أيضا ، وإن كنا ال نتنسمه«

ونسبة املاء من املادة احليوانية أو النباتية هي كبرية لدرجة تدعو إىل . املاء ال يوجد .» الدهشةو ال غىن عنه مطلقا

.وهناك دور األزوت أو النتروجني يف رزق األرض. ون النتروجني يف شكل ما ال ميكن أن ينمو أي نبات من النباتات الغذائيةوبد«

وإحدى الوسيلتني اللتني يدخل ا النتروجني يف التربة الزراعية هي طريق نشاط معينة تسكن يف جذور النباتات البقلية ، مثل الربسيم واحلمص » بكتريا«جراثيم

م تأخذ نتروجني اهلواء وحتيله إىل وهذه اجلراثي. والبسلة والفول وكثري غريهانتروجني مركب قابل ألن ميتصه النبات وحني ميوت النبات يبقى بعض هذا

.النتروجني املركب يف األرضوذلك عن طريق عواصف . وهناك طريقة أخرى يدخل ا النتروجني إىل األرض«

وبني وكلما ومض برق خالل اهلواء ، وحد بني قدر قليل من األكسجني . الرعدأي يف الصورة اليت (» النتروجني ، فيسقطه املطر إىل األرض كنتروجني مركب

يستطيع النبات امتصاصها ألنه ال يقدر على امتصاص النتروجني اخلالص من اهلواء ). كما أسلفنا٧٨ونسبته فيه حوايل

واألرزاق املخبوءة يف جوف األرض من معادن جامدة وسائلة كلها ترجع إىل فالرزق يف ضوء . وال نطيل شرحها. كوين األرض واألحوال اليت البستهاطبيعة ت

وأعمق أسبابا . هذه البيانات السريعة أوسع مدلوال مما يفهمه الناس من هذا اللفظوحني يأذن الله للناس يف األكل . يف تكوين األرض ذاا ويف تصميم الكون كله

ما مينح البشر القدرة على تناوهلا منه ، فهو يتفضل بتسخريه هلم وتيسري تناوله كوهو حمدود بزمن مقدر يف ..» فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه«: واالنتفاع ا

٨٣

علم الله وتدبريه زمن االبتالء باملوت واحلياة ، وبكل ما يسخره الله للناس يف هذه إليه ..» وإليه النشور«: بعده فإذا انقضت فترة االبتالء كان املوت وكان ما . احلياة

وإلا فإىل أين إن مل يكن إليه؟ وامللك بيده؟ وال ملجأ منه إال إليه؟ وهو على كل .. ١١٣ "شيء قدير؟

ما يستفاد من اآليات

:يستدل باآليات على ما يأيت . فضيلة اإلميان بالغيب ومراقبة اهللا تعاىل يف السر والعلن -١ يف األرض لطلب الرزق من التجارة والفالحة وغريمها مشروعية السري-٢١١٤. تقرير عقيدة البعث واجلزاء -٣

إن خشية الله ، واخلوف من عذابه وعقابه ، وجماهدة الشيطان واجب كل - ٣إنسان ، وإن الذين خيافون الله ، وخيافون عذابه الغائب عنهم وهو عذاب يوم

وعلنهم ، هلم مغفرة لذنوم ، وثواب كبري وهو القيامة ، ويراقبون الله يف سرهم .اجلنة

إن الله تعاىل عامل على السواء باجلهر وبالسر ، ومبا يف الصدور من خطرات - ٤وعليه يكون ما أخفاه املشركون من . وخفايا ومبا يف القلوب من اخلري والشر

كذلك كل . ز وجل، وما جهروا به معلوما متام العلم لله ع ���� الكالم يف أمر حممدوأهله يف كل عصر ، دوال وأفرادا ، ���� ما يكيد به الناس لإلسالم وقرآنه ونبيه

.يعلم به الله ، ويعاقب أهل الكيد واملكر والشر والضالل عليه

الدليل على كونه تعاىل عاملا جبميع األشياء السرية والعلنية أنه هو اخلالق - ٥ .ق شيئا ال بد وأن يكون عاملا مبخلوقهلإلنسان وأفعاله وأقواله ، ومن خل

إن األرض وما فيها من خريات ومنافع وكنوز مسخرة لإلنسان هي من نعمة - ٦الله وفضله ، وهي حقل التجارب ، ومرصد السلوك اإلنساين ، والله الذي ذللها

)٣٦٣٥ / ٦ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١١٣

)٢٨٨ / ٤ (-أيسر التفاسري للجزائري - ١١٤

٨٤

ويسر لعباده األرزاق فيها قادر أيضا على أن خيسفها بأهلها وسكاا ، ويكون صري واملرجع إليه بعد البعث من القبور للحساب واجلزاء ، فما على الناس إال امل

.استعمال األرض يف اخلري ، والبعد عن الشر واملنكرات والكفر واملعاصي

****************

٨٥

����א��M�1א��א*��א��M�1א��א*��א��M�1א��א*��א��M�1א��א*��

������������?)�אع�.(�א���:��وא���9'��وא�W6�*"5.-�א��"*���?)�אع�.(�א���:��وא���9'��وא�W6�*"5.-�א��"*���?)�אع�.(�א���:��وא���9'��وא�W6�*"5.-�א��"*���?)�אع�.(�א���:��وא���9'��وא�W6�*"5.-�א��"*�������

�{: قال تعاىل �j�i�h�g�f�e�do�n�m�l�k�� � ��p}�|�{�z�y�x�w�v�u�t�s�r�q� � ��?�~

A�B�C�D�E�F�G� � ��H� I�J�K�L�M�N�O�PQ�R�S�T�U�V�W�X�Y�{

:شرح الكلمات معناها... الكلمة ... رقم اآلية

اهللا فوق السموات وفوق العرش... من في السماء ... ١٦١٦ ... بكم سفختغور بكم... ي ١٦ ... مت تتحرك وتضطرب... ور رحيا من السماء فيها حصباء... حاصبا ... ١٧ كيف عاقبة إنذاري... كيف نذير ... ١٧ إنكاري عليهم بإهالكهم... كان نكري ... ١٨١٩ ... نقبضيافات وتبسط أجنحتها تارة مث جتمعها... ص ١٩ ... إال الر نسكهما يم نمميسكهن مبا سخر هلن من اهلواء... ح ١٩ ... صريئ ببكل ش ه١١٥مبا يصلح كل شئ من خملوقاته... إن

:البالغة .صافات ويقبضن بينهما طباق ألن املعىن صافات وقابضات

.نذير ، نكري ، بصري سجع مرصع مراعاة لرؤوس اآليات

:املناسبة

)١ / ٢٢ (- كلمات القرآن للشيخ غازي الدرويب ١١٥

٨٦

ان األدلة على علم الله وقدرته لترهيب الكافرين وختويفهم ، أورد تعاىل أدلة بعد بيأخرى بقصد الوعيد والتهديد ، من إمكان اخلسف العاجل بأهل األرض ، أو إرسال الريح احلاصب اليت تدمر كل شيء ، مع التذكري بإهالك األمم السابقة

ري على الطريان يف جو كعاد ومثود وقوم نوح وفرعون وجنوده ، وإقدار الط .السماء

:املعىن العام بعد أن ذكر ما أعده للكافرين من نار تلظى ، ووصف هذه النار مبا تشيب من

أردف ذلك بترهيبهم وختويفهم بأم ال يأمنون أن حيل م ىف -هوله الولدان من خسف عاجل متور به األرض : الدنيا مثل ما حل باملكذبني بالرسل من قبلهم

مورا ، أو ريح حاصب لك احلرث والنسل ، وال تبقى منهم ديارا وال نافخ نار مث ضرب هلم املثل مبا حل باألمم قبلهم من ضروب احملن والبالء ، فقد أهلكت مثود بصاعقة مل تبق ومل تذر ، وأهلكت عاد بالريح الصرصر العاتية اليت سخرها عليهم

وأهلك فرعون وقومه بالغرق ىف حبر -ابعة متت-سبع ليال ومثانية أيام حسوما مث لفت أنظارهم إىل باهر قدرته ، وعظيم منته على عباده ، ) البحر األمحر(القلزم

فطلب منهم أن يروا الطري وهى تبسط أجنحتها ىف اجلو تارة ، وتضمها أخرى ١١٦.بتسخري الله وتعليمه ما هى ىف حاجة إليه

ي يف الباطل ، والتكذيب للرسل ، واذكروا أنه تعاىل احذروا أيها الناس هذا التمادفجعل لكم األرض سهلة لينة منقادة انقياد الدابة الذلول ، فدعوا إذن العناد والتكذيب ، واعلموا أن إليه النشور ، وإليه وحده مرجع اإلنسان يف احلياة

.األخرى ليحاسبه وجيازيه النعم بالنقم ، فاحذروا عقابه ، واخشوا واعلموا أيها الناس أن الله قادر على تبديل

أن خيسف بكم األرض ، ويغيبكم فيها ، - تبارك وتعاىل -غضبه ، أأمنتم احلق فإذا هي تتحرك بشدة حركة غري عادية ؟ أأمنتم أيها القوم ذلك اإلله العظيم الذي

)١٦ / ٢٩ (- تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع - ١١٦

٨٧

ه مكان مع أنه ثبت بالدليل العقلي أن الله ليس ل-تعتقدون أنه موجود يف السماء أأمنتم أن يهلككم ، -بل هو موجود بقدرته وعلمه وإحاطته يف كل مكان

ويبيدكم ، ويغري هذه األرض الذلول اليت تنتفعون ا يف كل شيء ، فإذا هي متور ! وتضطرب ؟

أن يرسل رحيا شديدة تثري - كما تعتقدون -بل أأمنتم الله الذي هو يف السماء ! لريح ترسل عليكم فتهلككم وتستأصل شأفتكم ؟ احلصباء وحتملها ، هذه ا

انظر إىل ترتيب اآليات ترتيبا حمكما دقيقا حيث ذكرهم ربك بنعمة صالحية األرض للمعيشة ، مث حذرهم عاقبة التمادي يف الباطل ، وأن من احلكمة أال يأمنوا

تصبح زوال النعم فإن الله قادر على سلبهم إياها ، فبعد أن تكون األرض ذلوالكالفرس اجلموح فترجف وتضطرب اضطراب خسف وهالك حىت تبتلعهم ،

عن ديدهم ذا - تبارك وتعاىل -وكأن العرب استبعدوا هذا ، فأضرب احلق إىل ديدهم بشيء كثري احلصول عندهم ، وهو الريح احلاصب اليت ترتع الناس ،

وفيه يتبني ! باقية ؟ وتتركهم هلكى كأم أعجاز خنل خاوية فهل ترى هلم من !إنذار الله هلم حقا فستعلمون كيف نذير ؟

مث أراد الله أن يهددهم بأسلوب آخر يكون بلفت نظرهم إىل من تقدمهم من .األمم اليت كذبت رسلها ، وأبيدت عن آخرها ، ويف ذلك سلوى للرسول األكرم

اليت عرفوها ، وكانوا ميرون على ولقد كذب الذين من قبلهم من األمم السابقةآثارهم ، فغضب الله عليهم وأذاقهم عذاب احلياة الدنيا ، وخسف م األرض ،

! وأهلكهم وتلك آثارهم ، فانظروا كيف كان نكريي وسخطى على الكفار ؟ هؤالء كذبوا برسلهم ، واستخفوا بوعيدهم ، واغتروا مباهلم ، فكانت عاقبة أمرهم

نيا واآلخرة ، وكان املشركون من العرب يعتقدون أن ما يهددون به خسرا يف الدوذكر هلم بعض آيات قدرته يف الكون . لن حيل أبدا ، فذكرهم مبا حل بغريهم

أليس من عجائب القدرة ما : فقال ما معناه . ليعلموا أن الله على كل شيء قديرز الفضاء ، من الذي يراه اإلنسان يف كل وقت وآن ، من حتليق الطيور يف أجوا

٨٨

رفعها ، ومن الذي منعها من السقوط ، ومن الذي أوجد فيها القدرة على الطريان ، وللتحرك يف السماء ، من الذي ركبها تركيبا به تقوى على ذلك ؟ أليس هذا من عجائب صنع الله ؟ أعموا ومل يروا إىل الطري فوقهم صافات أجنحتهن تارة ،

ما فعل هذا إال الرمحن الذي سهل لذلك احليوان وسائل ويقبضنها تارة أخرى ، الطري واالنتقال ، كان هذا أساسا لتفكري اإلنسان يف الطريان ، إنه بكل شيء بصري

بسط الطائر جلناحه أساس طريانه ، وقد يبقى مستمرا عليه ساعات ، وقبضه له .. « : ط بقوله هنا عرب عند البسومن . وهو يطري قليل احلصول ، عارض متجدد

.١١٧»يقبضن « : وعند القبض بقوله » صافات أومل ينظر املشركون إىل عجيب صنع الله وإىل آثار قدرته الظاهرة يف طريان الطائر

١١٨!يف اهلواء فيعرفوا مبلغ قدرة الله على إنزال العذاب م ؟

:التفسري والبيان مناسبة هذه اآلية .»كم الأرض فإذا هي تمور أأمنتم من في السماء أن يخسف ب«

ملا قبلها ، هى أن اآلية السابقة كانت دعوة موجهة من الله سبحانه وتعاىل إىل الناس مجيعا ، أن يأخذوا أماكنهم من األرض ، وأن يعملوا قواهم كلها فيما أودع

وذلك ىف قوله .. من طيباا الله هلم فيها من خري ، ليقطفوا من مثارها ، ويأكلواهو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه « : تعاىل

ورشه النإليوهذه األرض اليت مكن الله سبحانه للناس من السعي فيها ـ من .. »و عليها ، فال تفتح فاها لتبتلعهم ؟ ميسكها أن أن متيد م ؟ ومن حيفظ وجودهم

! ..أليس ذلك من تدبري احلكيم العليم ؟ ومن رمحة الرمحن الرحيم ؟فما بال هؤالء املشركني ال يؤمنون بالله ،وقد جاءهم رسول كرمي يدعوهم إىل الله

.، وحيمل بني يديه كتابا منريا ، تنطق كل آية من آياته مبعجزة قاهرة متحدية ؟

خمالفا بني اللفظني ومل ) صافات ويقبضن : (ملا ذا عرب القرآن بقوله : هذا جواب عن سؤال حاصله - - ١١٧يأت ما فعلني أو امسني ؟ وحمور اجلواب أن اسم الفاعل يدل على الدوام واالستمرار والفعـل يـدل علـى

.البسط كثري دائم عند الطريان ، والقبض قليل غري متجدد: لتجدد ، والصف أى احلدوث وا

)٧١٦ / ٣ (-التفسري الواضح ـ موافقا للمطبوع - ١١٨

٨٩

أي تضطرب وترجتف مبا » متور « وا أن خيسف الله م األرض ، فإذا هى أأمنحيدثه هذا اخلسف من انقالب ، تفقد به توازا ، وتلقى م من فوق ظهرها ؟

؟ .. أأمنوا عذاب الله أن يرتل م وهم على هذه األرض وقد حادوا الله وحاربوه يوم « : ة عظيمة ، ومنه قوله تعاىل االضطراب الشديد ، املنبعث من رج: واملور

ـ » من في السماء « : وىف قوله تعاىل ) .. الطور : ٩(» تمور السماء مورا وليس ىف هذه املكانية حتديد لوجود .. إشارة إىل علو سلطان الله ،وإىل متكنه منهم

١١٩."الله ، وإمنا هي إشارة إىل علو سلطانه ، ومتكن قدرته أي هل تأمنون أن خيسف أو يغور ويقلع الله بكم األرض ، كما خسف بقارون بعد ما جعلها لكم ذلوال متشون يف مناكبها ، فإذا هي تضطرب وتتحرك ومتوج

بكم؟

واملراد ذا االستفهام الوعيد واإلخبار بأنه تعاىل قادر على تعذيب من كفر بالله هو القادر على أن يبعث عليكم : قل : قوله تعاىل ونظري اآلية.وأشرك معه إهلا آخر

لكمجت أرحت من أو قكمفو ذابا من٦٥/ ٦األنعام [ع.[

ولكن من لطفه ورمحته تعاىل خبلقه أنه حيلم ويصفح ، ويؤجل وال يعجل كما قال كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ، ولكن ولو يؤاخذ الله الناس بما : تعاىل

فاطر [يؤخرهم إىل أجل مسمى ، فإذا جاء أجلهم ، فإن الله كان بعباده بصريا ٤٥/ ٣٥.[

ل عليكم أم أمنتم من في السماء أن يرس« مث أتبع الله تعاىل ذلك بوعيد آخر ..»حاصبا فستعلمون كيف نذير

وهذا ما يشري إليه قوله .. ما حيصب به ، أي يقذف به من حصا وحنوه : احلاصب » إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم « : تعاىل للكافرين واملشركني

ومنه احلصباء ، وهى .. يها كما يلقى احلصا أي أم يلقون ف) ..األنبياء : ٩٨( ..دقاق احلصا

)١٠٦٢ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١١٩

٩٠

وىف اآلية ، ديد للمشركني بأن يرموا من بالسماء بالصواعق والرجوم ، إن مل فهم واقعون حتت البالء ، يأخذهم من .. تأخذهم األرض بالزالزل واخلسف

بيتون على فكيف ي..السماء ، أو يأتيهم من األرض ، أو من السماء واألرض معا أمن من هذا البالء ، وهم على عداوة ظاهرة لله ، وىف حرب سافرة معه ، ومع

؟ .. رسوله ، ومع أوليائه املؤمنني به ديد بعد ديد ، بأم إن أمهلهم » فستعلمون كيف نذير « : وىف قوله تعاىل

راصد هلم ، إن مل يلقهم الله سبحانه ، فلم يعجل هلم العقاب ، فإن عقاب اللهاليوم فغدا ، وإن مل يأخذهم به يف الدنيا ، أخذهم به ىف اآلخرة ، ولعذاب اآلخرة

١٢٠".. أكرب لو كانوا يعلمون أي بل هل أمنتم ربكم الله الذي هو يف السماء كما تزعمون ، وهل أمنتم سلطانه

اء ، كما أرسلها وملكوته وقهره أن يرسل عليكم رحيا مصحوبة حبجارة من السمعلى قوم لوط وأصحاب الفيل يف مكة،وحينئذ تعلمون إذا عاينتم العذاب كيفية

ونظري اآلية ! إنذاري وعقايب ملن خالف وكذب به ، ولكن ال ينفعكم هذا العلم؟ ، ثم ال أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر ، أو يرسل عليكم حاصبا: قوله تعاىل

].٧٨/ ١٧اإلسراء [تجدوا لكم وكيلا

مث ذكر الله تعاىل بعذاب األمم املتقدمة مؤكدا ختويف الكفار باملثال والربهان ، أما وىف هذا إلفات ..»ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكري « :املثال فهو

لله سبحانه من نقم ، ومن مهلكات أرسلها على الذين للمشركني إىل ما كان فلينظروا ىف آثار هؤالء الذين كفروا من قبلهم ، وليشهدوا .. كفروا من قبلهم

.. كيف كان أخذ الله هلم ، بعد أن أتوا ما أنكره الله تعاىل عليهم من منكررات ١٢١ ".إذ ليس وراء هذا اإلنكار من الله ، إال االنتقام والعذاب

)١٠٦٣ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٢٠

)١٠٦٤ / ١٥ (-للقرآن ـ موافقا للمطبوع التفسري القرآين - ١٢١

٩١

أي إن الكفار الذين كانوا قبلهم ، والذين كذبوا الرسل ، شاهدوا أمثال هذه العقوبات بسبب كفرهم ، كعاد ومثود وكفار األمم ، فحاق م سوء العذاب ،

وانظروا كيف كان إنكاري عليهم مبا أوقعته م من العذاب الشديد؟

ه ، مما يدل على كونه وأما الربهان فقد ذكر تعاىل عدة براهني على كمال قدرت .تعاىل قادرا على إيقاع مجيع أنواع العذاب بالكفار

ما .. أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن « وهذا هو الربهان األول صريء بيبكل ش هإن منحإلا الر نسكهمدة إىل هؤالء..»ياملشركني هو دعوة جمد

، أن يعيدوا النظر ىف موقفهم الضال عن طريق اهلدى ، بعد أن طالت مسريم ىف فتلك .. هذا الطريق املنحرف ، وبعد أن أصبحوا ىف معرض سخط الله ، ونقمته

هي فرصتهم األخرية ، إن أفلتت منهم ، ومل يستقيموا على الطريق املستقيم ، ..وارد اهلالكني فليس هلم بعد هذا إال أن يردوا م

والدعوة اليت يدعى إليها املشركون هنا ، لإلميان بالله ، واالستقامة على طريق احلق ـ هى دعوة موجهة إىل عقوهلم اليت غطى عليها اجلهل والضالل ، وذلك بأن يوقظوا هذه العقول ، وأن ينظروا ا إىل آيات الله اليت بني أيديهم من صحف

وآيات الله اليت .. أصموا آذام عن آيات الله اليت تتلى عليهم الوجود ، بعد أن بني أيديهم كثرية ال حيصرها عد..

مث إنه لكيال تزيغ أبصارهم ، وال تضطرب عقوهلم أمام هذه اآليات الكثرية ـ فها هي ذى آية وضعها الله تعاىل بني أيديهم ، ودعاهم إىل النظر فيها ، وتقليبها على

..وجوهها مجيع فلينظروا إىل الطري ، وقد صفت أجنحتها ـ أي بسطتها ىف جو السماء ـ مث لينظروا إليها ، وقد قبضت هذه األجنحة ، أو ضمتها ، وهي ىف حالتيها تلك ، حملقة ىف اجلو ، ساحبة ىف السماء ، ال تسقط ، كما تسقط األجسام من أعلى إىل

..أسفل

٩٢

فماذا يقع ىف عقوهلم من هذا النظر ، إن كان .. تلك لينظروا إىل الطري ىف حاليها ..هلم نظر ، وكانت هلم عقول ؟

ومن . من ميسك هذه الطري ؟ ومن منحها تلك القدرة على أن تسبح ىف السماء.. »ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصري « ميسكها أن تسقط من اجلو ؟

١٢٢"؟ .. م ؟ وأين ما تعطيه هذه األبصار من شواهد على وجودها فأين أبصارهأي أومل ينظروا إىل الطري فوقهم يف اجلو أو اهلواء ، وهن باسطات أجنحتها تارة ، وقابضات ضامات هلا تارة أخرى ، ما ميسكهن يف اهلواء عند الطريان والقبض

هلن من اهلواء برمحته والبسط إال اإلله الرمحن القادر على كل شيء ، مبا سخرولطفه ، إنه سبحانه عليم بصري مبا يصلح كل شيء من خملوقاته ، ال خيفى عليه

ألم يروا إلى الطير مسخرات في : ونظري اآلية .شيء من دقائق األمور وعظائمها/ ١٦النحل [ات لقوم يؤمنون جو السماء ، ما يمسكهن إلا الله ، إن في ذلك لآي

٧٩.[

ويف اآلية دليل على أن األفعال االختيارية للعبد خملوقة لله تعاىل ألن : قالوا .استمساك الطري يف اهلواء فعل اختياري هلا ، وقد أضافه الله تعاىل إىل نفسه

ومضات عامة : وقد تضمنت .هذه اآليات موجهة أيضا للسامعني الكافرين:" قال دروزة

إنذارا بأسلوب سؤال إنكاري عما إذا كانوا آمنوا وهم يكذبون بآيات الله و - ١رسله من أن خيسف الله م األرض فتميد حتت أقدامهم أو يرسل عليهم رجوما

.من احلجارة فريون حينئذ مصداق نذره ووعيده . من عذاب الله فيهم وتذكريا هلم مبا كان من تكذيب األمم السابقة ومبا كان- ٢ ولفتا لنظرهم إىل الطري اليت تطري يف السماء فتبسط أجنحتها أو تقبضها وما - ٣

ميسكها عن السقوط إال الله حيث ينطوي يف هذه الظاهرة دليل على قدرة الله .وكونه البصري بكل شيء املدبر لكل شي ء

)١٠٦٦ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٢٢

٩٣

٤ -ن ميكن أن ينصرهم من وتنديدا إنذاريا آخر بأسلوب السؤال اإلنكاري عمدون الله إذا ما جاء وقت عذابه هلم أو عمن يرزقهم غريه إذا هو أمسك عليهم الرزق ، ومع ذلك فقد متادوا يف العتو والتمرد على دعوة الله والنفور منها حيث

.صاروا بذلك مستحقني هلذا وذاك٥ -ا على وجهه ال سؤاال تنديديا آخر عمن هو األفضل أهو الذي ميشي مكب

يرى طريقه ، أم هو املستقيم يف مشيته الذي يرى الطريق الواضح املستقيم ويسري .فيه

وهي قوية حمكمة يف تنديدها . واآليات استمرار لآليات السابقة سياقا وموضوعا ١٢٣ ".وإنذارها

: ويف التفسري الوسيط املتسعة األرض- بفضله ورمحته - الذي جعل لكم - سبحانه -هو : أى "

.األرجاءمذللة مسخرة لكم ، لتتمكنوا من االنتفاع ا عن طريق املشي عليها ، أو البناء

..أو غرس النبات فيها . فوقهاملتمسني رزق .. ومادام األمر كذلك فامشوا يف جوانبها وأطرافها وفجاجها

يف التمسوا الرزق « : ربكم فيها ، وداوموا على ذلك ، ففي احلديث الشريف .»خبايا األرض وكلوا من رزقه االنتفاع مبا فيها من وجوه النعم ، وعرب عنه باألكل : واملراد بقوله

.ألنه أهم وجوه االنتفاعفاآلية الكرمية دعوة حارة للمسلمني لكي ينتفعوا مبا يف األرض من كنوز ، حىت

فإنه .. ر معاشهم يستغنوا عن غريهم يف مطعمهم ومشرم وملبسهم وسائر أمو .بقدر تقصريهم يف استخراج كنوزها ، تكون حاجتهم لغريهم

)٣٧٦ / ٥ (-التفسري احلديث لدروزة - ١٢٣

٩٤

إن على األمة اإلسالمية : قال اإلمام النووي يف مقدمة اموع : قال بعض العلماء أن تعمل على استثمار وإنتاج كل حاجاا حىت اإلبرة ، لتستغىن عن غريها ، وإال

اإلنتاج احتاجت إىل الغري بقدر ما قصرت يف فعليهم أن حيتلوا . العامل اإلسالمى األولوية يف هذا كله- تعاىل -وقد أعطى الله

١٢٤ "..مكام ، وحيافظوا على مكانتهم ، ويشيدوا كيام بالدين والدنيا معا بدون حتيز أو تشبيه أو حلول يف - عز وجل -الله : املراد مبن يف السماء "

.مكان كما - عز وجل -أأمنتم من في السماء وهو الله : قوله : ى قال اإلمام اآللوس

من يف السماء أمره وقضاؤه ، يعين أنه : ذهب إليه غري واحد ، فقيل على تأويل من يف السماء أمره ، : من التجوز يف اإلسناد ، أو أن فيه مضافا مقدرا ، وأصله

خالق من : استتر ، وقيل على تقدير فلما حذف وأقيم املضاف إليه مقامه ارتفع و ..وقيل يف مبعىن على ، ويراد العلو بالقهر والقدرة ..يف السماء

���� واآلية عندهم من املتشابه وقد قال- تعاىل -وأئمة السلف مل يذهبوا إىل غريه على : يف السماء - عز وجل -فهم مؤمنون بأنه . آمنوا مبتشاه ومل يقل أولوه

وحديث اجلارية عن معاوية بن . مع كمال الترتيه- سبحانه -أراده املعىن الذي كانت لي غنيمة ترعاها جارية لي في قبل أحد ، : الحكم السلمي ، قال

نها بشاة ، وأنا من بني والجوانية ، فاطلعت عليها ذات يوم ، وقد ذهب الذئب م آدم آسف كما يأسفون ، فصككتها صكة ، فعظم ذلك علي ، فأتيت رسول اهللا

���� ا ؟ قال : فقلتتقها ، فقال : أفال أعبه هتيا ، فأت؟ ق: ائتني به الله نأي الت :أعتقها ، فإنها : ، قال ���� أنت رسول اهللا : من أنا ؟ قالت : في السماء ، قال

وتأويله مبا أول به اخللف ، خروج عن . من أقوى األدلة يف هذا الباب١٢٥" . مؤمنة ١٢٦ ". .دائرة اإلنصاف عند ذوى األلباب

)١٩ / ١٥ (-موافق للمطبوع -التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ١٢٤

)١٦٥)( ٣٨٣ / ١ (-وصحيح ابن حبان ) ١٢٢٧ (- املكرت -صحيح مسلم - ١٢٥

.١٥ ص ٢٩راجع تفسري اآللوسى ج - ١٢٦

٩٥

إمنا حكم بأا مؤمنة ذا القدر من : قال اخلطايب : ا مؤمنة فإ : " قال ابن األثري يف السماء ، وهذا القدر ال يكفي يف : أين اهللا ؟ قالت: قوهلا ، وهو أنه ملا سأهلا

ثبوت اإلسالم واإلميان ، دون اإلقرار بالشهادتني ، والتربؤ من سائر األديان؛ ألنه يف دار اإلسالم ، وبني املسلمني ، وحتت رأى منها أمارة اإلسالم ، وأا - ���� -

أال ترى أنا إذا رأينا رجال وامرأة .رق املسلم ، وهذا القدر يكفي علما لذلكهي زوجيت ، وصدقته على ذلك ، فإننا : مقيمني يف بيت ، فسألناه عنها ، فقال

جاءنا نقبل قوهلما ، وال نكشف عن أمرمها وال نطلب منهما شرائط العقد ، فإذا رجل وامرأة أجنبيان ، يريدان ابتداء عقد النكاح ، فإننا نطالبهما بشروط النكاح ، من إحضار الويل ، والشهود ، وغري ذلك ، وكذلك الكافر إذا عرض عليه اإلسالم

.إين مسلم ، حىت يصف اإلسالم بكماله وشرائطه: ، مل نقتصر منه على قولهل حالهجهإين مسلم ، قبلناه ، فإذا كان : يف الكفر واإلميان ، فقالوإذا جاءنا من ي

كان قبول قوله أوىل ، بل يحكم - من هيئة وإشارة ودار -عليه أمارة اإلسالم ١٢٧".عليه باإلسالم ، وإن مل يقل شيئا

قدم ذكرمها هذا الحديث من أحاديث الصفات ، وفيها مذهبان ت: " وقال النووي الإميان به من غير خوض في معناه ، مع اعتقاد : أحدمها . مرات في كتاب الإميان

والثاني تأويله بما . أن الله تعالى ليس كمثله شيء وتنزيهه عن سمات المخلوقات كان المراد امتحاا ، هل هي موحدة تقر بأن : فمن قال بهذا قال يليق به ،

الخالق المدبر الفعال هو الله وحده ، وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء الكعبة ؟ وليس ذلك ؛ لأنه منحصر في السماء كما كما إذا صلى المصلي استقبل

أنه ليس منحصرا في جهة الكعبة ، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعني ، كما أن العابدين للأوثان التي بين أيديهم ، الكعبة قبلة المصلني ، أو هي من عبدة الأوثان

ا قالتثان : فلمة للأوابدع تسلية ودحوا مهأن لماء ، عمقال القاضي . في السهم ونظارهم لا خلاف بين المسلمني قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلم: عياض

)٢٣١ / ١ (-جامع األصول يف أحاديث الرسول - ١٢٧

٩٦

أأمنتم { : ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى ونحوه ليست على ظاهرها ، بل متأولة } من في السماء أن يخسف بكم الأرض

ميعهمد جعن كييف منلا تديد وحر تغي ق منة فوات جهقال بإثب نفم ، على السماء ، ومن قال : في السماء ، أي : المحدثني والفقهاء والمتكلمني تأول

اب التحأصو كلمنيتالمظار واء النمهد ة في منالة الجهتحاسو دفي الحزيه بنن قبا سو محن ذكرا ، واهضقتب مسأويلات بحا تلوهأوالى تعتانه وحبقه سح .

ويا ليت شعري ما الذي جمع أهل السنة وألحق كلهم على وجوب : قال إمساك عن الفكر في الذات كما أمروا ، وسكتوا لحرية العقل ، واتفقوا على ال

تحرمي التكييف والتشكيل ، وأن ذلك من وقوفهم وإمساكهم غير شاك في الوجود يد ، بل هو حقيقته ، ثم تسامح بعضهم بإثبات والموجودة ، وغير قادح في التوح

الجهة خاشيا من مثل هذا التسامح ، وهل بين التكييف وإثبات الجهات فرق ؟ هأناده ، وق عبالقاهر فو هأن ع منرالش ا أطلقهإطلاق م ش ، لكنرلى العى عوتاس

وهره ، وقول غيعفي الم صحالذي لا ي زيه الكلينة للتامعة الجك بالآيسمالت عمعصمة لمن وفقه الله تعالى ، وهذا كلام } ليس كمثله شيء { : قوله تعالى

. رحمه الله تعالى القاضيدليل على أن الكافر لا يصري مؤمنا إلا بالإقرار بالله تعالى وبرسالة رسول : فيه و

اه ذلك دليل على أن من أقر بالشهادتين ، واعتقد ذلك جزما كف: وفيه . ���� اللهفي صحة إميانه وكونه ، من أهل القبلة والجنة ، ولا يكلف مع هذا إقامة الدليل والبرهان على ذلك ولا يلزمه معرفة الدليل ، وهذا هو الصحيح الذي عليه

١٢٨"الجمهورخرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له، : قالوعن نافع،

هلم يا : " فسلم، فقال ابن عمر: ووضعوا سفرة له، فمر بهم راعي غنم، قال لماعي، هة، فقال"رفرذه السه من فأصب ،له :رمع نفقال اب ،ائمي صإن " :

)٢٩٨ / ٢ (-شرح النووي على مسلم - ١٢٨

٩٧

أتصوم في مثل هذا اليوم الحار شديد سمومه وأنت في هذه الجبال ترعى هذا وهو يريد يختبر أي واهللا أبادر أيامي الخالية، فقال له ابن عمر: فقال له" الغنم ؟ هعرو " : من طيكعنا وهنثم طيكعذه فنه مكغن اة منا شنبيعأن ت ل لكفه

إنها ليست لي بغنم، إنها غنم سيدي، فقال له ابن : فقال" لحمها فتفطر عليه ؟ عرم " :ا، فقلتهفاعلا إذا فقد كديى سسا عفم : ا الذئبأكله " هناعي على الرفو

فجعل ابن عمر يردد قول : أين اهللا، قال: وهو رافع أصبعه إلى السماء وهو يقولفلما قدم المدينة بعث إلى مولاه : فأين اهللا ؟ قال: قال الراعي: لالراعي وهو يقو

منالغ له بهوو ،اعيالر قتاعي فأعالرو منالغ هى منرت١٢٩"فاش ويف وبينما هم يف هذا األمان على ظهر األرض الذلول ، -واآلن : "ويف الظالل

اآلن يهز هذه األرض الساكنة من حتت .. هذا اليسر الفائض بإذن الله وأمره ويثري اجلو من حوهلم فإذا هو حاصب . أقدامهم هزا ويرجها رجا فإذا هي متور

يهز هذه األرض يف حسهم ويثري هذا احلاصب يف .. يضرب الوجوه والصدور دوا بأبصارهم إىل السماء وإىل تصورهم ، لينتبهوا من غفلة األمان والقرار ، ومي

أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض «: الغيب ، ويعلقوا قلوم بقدر الله فون كيلمعتحاصبا؟ فس كمليسل عرماء أن يفي الس نم متأمن ؟ أمورمت فإذا هي

..» فكيف كان نكري؟. د كذب الذين من قبلهمولق! نذيروالبشر الذين يعيشون على ظهر هذه الدابة الذلول ، وحيلبوا فينالون من رزق الله

يعرفون كيف تتحول إىل دابة غري ذلول وال حلوب ، يف ! فيها نصيبهم املعلوم قليال فريتج كل شيء فوق ظهرها بعض األحيان ، عند ما يأذن الله بأن تضطرب

ذلك عند . وميور كل ما عليها ويضطرب فال متسكه قوة وال حيلة! أو يتحطمالزالزل والرباكني ، اليت تكشف عن الوحش اجلامح ، الكامن يف الدابة الذلول ، اليت ميسك الله بزمامها فال تثور إال بقدر ، وال جتمح إال ثواين معدودات يتحطم

ما شيد اإلنسان على ظهرها أو يغوص يف جوفها عند ما تفتح أحد فيها كل

حسن ) ٤٩٠٨) (٢٢٣ / ٧ (- شعب اإلميان ١٢٩

٩٨

البشر وال ميلكون من هذا األمر شيئا .. وهي متور .. أفواهها وختسف كسفة منها .وال يستطيعون

وهم يبدون يف هول الزلزال والربكان واخلسف كالفئران الصغرية حمصورة يف قفص ! ن القدرة الكربى املمسكة بالزمامالرعب ، من حيث كانت آمنة الهية غافلة ع

والبشر كذلك يشهدون العواصف اجلاحمة احلاصبة اليت تدمر وخترب ، وحترق والعاصفة . وهم بإزائها ضعاف عاجزون ، بكل ما يعلمون وما يعملون. وتصعق

حني تزأر وتضرب باحلصى احلاصب ، وتأخذ يف طريقها كل شيء يف الرب أو ان أمامها صغريا هزيال حسريا حىت يأخذ الله بزمامها البحر أو اجلو يقف اإلنس

والقرآن يذكر البشر الذين خيدعهم سكون الدابة وسالمة مقادا ، ! فتسلس وتلني .ويغريهم األمان بنسيان خالقها ومروضها

واألرض الثابتة حتت . يذكرهم ذه اجلمحات اليت ال ميلكون من أمرها شيئاوالريح الرخاء من حوهلم تتحول إىل . ذف باحلمم وتفورأقدامهم ترتج ومتور ، وتق

إعصار حاصب ال تقف له قوة يف األرض من صنع البشر ، وال تصده عن التدمري فستعلمون كيف «.حيذرهم وينذرهم يف ديد يرج األعصاب وخيلخل املفاصل.. !!! »نذير

ولقد «: الغابرين املكذبني ويضرب هلم األمثلة من واقع البشرية ، ومن وقائع .. » كذب الذين من قبلهم ، فكيف كان نكري؟

. والنكري اإلنكار وما يتبعه من اآلثار ، ولقد أنكر الله ممن كذبوا قبلهم أن يكذبواوهم يعلمون كيف كان ، فقد كانت آثار » فكيف كان نكري؟«: وهو يسأهلم

! اخلراب تصف هلم كيف كان هذا النكريالدمار وواألمان الذي ينكره الله على الناس ، هو األمان ! وكيف كان ما أعقبه من تدمري

الذي يوحي بالغفلة عن الله وقدرته وقدره ، وليس هو االطمئنان إىل الله ورعايته كن هذا ول. فاملؤمن يطمئن إىل ربه ، ويرجو رمحته وفضله. فهذا غري ذاك. ورمحته

ال يقوده إىل الغفلة والنسيان واالنغمار يف غمرة األرض ومتاعها ، إمنا يدعوه إىل

٩٩

التطلع الدائم ، واحلياء من الله ، واحلذر من غضبه ، والتوقي من املخبوء يف قدره ، .مع اإلخبات واالطمئنان

ما «: أا قالت - رضي الله عنها - عن عائشة - بإسناده -قال اإلمام أمحد . إمنا كان يبتسم. مستجمعا ضاحكا حىت أرى منه هلواته- ���� -رأيت رسول الله

. إذا رأى غيما أو رحيا عرف ذلك يف وجهه- ���� -كان رسول الله : وقالت يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه املطر ، : قالت

صلى الله عليه -فقال رسول الله . ةوأراك إذا رأيته عرفت يف وجهك الكراهييا عائشة ما يؤمنين أن يكون فيه عذاب؟ قد عذب قوم « : -وعلى آله وسلم

فهذا هو اإلحساس » وقد رأى قوم العذاب وقالوا ، هذا عارض ممطرنا . بالريحوهو ال ينايف . اليقظ الدائم بالله وقدره ، ومبا قصه القرآن من هذا يف سريه

.إىل رمحة الله وتوقع فضلهاالطمئنان ورد األمر حباله وكليته إىل . مث هو إرجاع مجيع األسباب الظاهرة إىل السبب األول

فاخلسف واحلاصب ، والرباكني والزالزل . من بيده امللك وهو على كل شيء قدير، والعواصف ، وسائر القوى الكونية والظواهر الطبيعية ليس يف أيدي البشر من

وكل ما يذكره البشر عنها فروض حياولون ا . إمنا أمرها إىل الله. أمرها شيءوكل . تفسري حدوثها ، ولكنهم ال يتدخلون يف إحداثها ، وال حيمون أنفسهم منها

ما ينشئونه على ظهر األرض تذهب به رجفة من رجفاا ، أو إعصار من وا يف أمرها إىل خالق فأوىل هلم أن يتوجه! أعاصريها ، كما لو كان لعبا من الورق

هذا الكون ، ومنشئ نواميسه اليت حتكم هذه الظواهر ، ومودعه القوى اليت يتجلى - حيث هي رمز للعلو -وأن يتطلعوا إىل السماء . جانب منها يف هذه األحداث

.فيتذكروا الله الذي بيده امللك وهو على كل شيء قديرعامل بالقدر الذي أعطاه الله من . ن القوةإن اإلنسان قوي بالقدر الذي وهبه الله م

ولكن هذا الكون اهلائل زمامه يف يد خالقه ، ونواميسه من صنعه ، وقواه . العلموما يصيب اإلنسان . وهذه القوى تسري وفق نواميسه يف حدود قدره. من إمداده

١٠٠

دث والوقائع اليت حت. منها مقدور مرسوم ، وما يعلمه اإلنسان منها مقدور معلومتقف هذا اإلنسان بني احلني واحلني أمام قوى الكون اهلائلة مكتوف اليدين حسريا ، ليس له إال أن يتذكر خالق هذه القوى ومروضها وإال أن يتطلع إىل عونه

.ليواجهها ، ويسخر ما هو مقدور له أن يسخره منها ومن القدرة وحني ينسى هذه احلقيقة ، ويغتر وينخدع مبا يقسم الله له من العلم

على تسخري بعض قوى الكون ، فإنه يصبح خملوقا مسيخا مقطوعا عن العلم احلقيقي الذي يرفع الروح إىل مصدرها الرفيع وخيلد إىل األرض يف عزلة عن روح

!الوجود بينما العامل املؤمن يركع يف مهرجان الوجود اجلميل ، ويتصل ببارئ الوجود

على أن قوى ! إال من ذاق حالوته حني يكتبها الله لهوهو متاع ال يعرفه . اجلليلالكون اهلائلة تلجئ اإلنسان إجلاء إىل موقف العجز والتسليم سواء رزق هذه

.احلالوة أم حرمهامث يواجه قوى . فهو يكشف ما يكشف ، ويبدع ما يبدع ، ويبلغ من القوة ما يبلغ

يع أن يتقي العاصفة أحيانا وقد يستط. الكون يف انكسار احلسري الصغري اهلزيلوال ميلك أن يقف يف طريقها ، . ولكن العاصفة متضي يف طريقها ال ميلك وقفها

أحيانا ! .. وقصارى ما يبلغ إليه جهده وعلمه أن حيتمي من العاصفة ويرتوي عنهاويف البحر تتناوحه األمواج . وأحيانا تقتله وتسحقه من وراء جدرانه وبنيانه

أما الزلزال والربكان . ا أكرب سفائنه كلعبة الصيب يف مهب الرياحواألعاصري فإذفليس إال العمى هو الذي يهيئ لبعض ! فهما مها من أول الزمان إىل آخر الزمان

إن ! يف هذا الوجود ، أو أنه سيد هذا الوجود» اإلنسان يقوم وحده«املناكيد أن ن القوة والقدرة والعلم ما موهوب م. اإلنسان مستخلف يف هذه األرض بإذن الله

ولو ختلت عنه يد الله حلظة . والله رازقه ومعطيه. والله كالئه وحاميه. يشاء اللهولكنه . لسحقته أقل القوى املسخرة له ، وألكله الذباب وما هو أصغر من الذباب

١٠١

فليعرف من أين يستمد هذا التكرمي ، . وكرمي. وحمفوظ. بإذن الله ورعايته مكلوء .ذلك الفضل العظيمو

يف مشهد . بعدئذ ينتقل م من ملسة التهديد والنذير ، إىل ملسة التأمل والتفكريوهو مظهر من مظاهر القدرة ، وأثر من آثار . يرونه كثريا ، وال يتدبرونه إال قليال

.التدبري اإلهلي اللطيفضن؟ ما يمسكهن إلا الرحمن ، إنه بكل أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقب«

صريء بيوهذه اخلارقة اليت تقع يف كل حلظة ، تنسينا بوقوعها املتكرر ، ما ..» شولكن تأمل هذا الطري ، وهو يصف جناحيه ويفردمها . تشي به من القدرة والعظمة

ة الصف الغالبة ، وحالة القبض حال: ، مث يقبضهما ويضمهما ، وهو يف احلالني العارضة يظل يف اهلواء ، يسبح فيه سباحة يف يسر وسهولة ويأيت حبركات خييل إىل

تأمل ! الناظر أحيانا أا حركات استعراضية جلمال التحليق واالنقضاض واالرتفاع هذا املشهد ، ومتابعة كل نوع من الطري يف حركاته اخلاصة بنوعه ، ال ميله النظر ،

وهو متعة فوق ما هو مثار تفكري وتدبر يف صنع الله البديع ، الذي . وال ميله القلبأولم يروا «: والقرآن يشري بالنظر إىل هذا املشهد املثري ! يتعانق فيه الكمال واجلمال

..» إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن؟ ..» ما يمسكهن إلا الرحمن«: قدير مث يوحي مبا وراءه من التدبري والت

والرمحن ميسكهن بنواميس الوجود املتناسقة ذلك التناسق العجيب ، امللحوظ فيه النواميس اليت تكفل .. كل صغرية وكبرية ، احملسوب فيه حساب اخللية والذرة

ة وتتكرر ، توافر آالف املوافقات يف األرض واجلو وخلقة الطري ، لتتم هذه اخلارق .وتظل تتكرر بانتظام

. والرمحن ميسكهن بقدرته القادرة اليت ال تكل ، وعنايته احلاضرة اليت ال تغيبفال تفتر وال . وهي اليت حتفظ هذه النواميس أبدا يف عمل ويف تناسق ويف انتظام

.. » ما يمسكهن إلا الرحمن«: ختتل وال تضطرب غمضة عني إىل ما شاء الله ذا التعبري املباشر الذي يشي بيد الرمحن متسك بكل طائر وبكل جناح ، والطائر

١٠٢

» إنه بكل شيء بصري«! صاف جناحيه وحني يقبض ، وهو معلق يف الفضاءومن مث يهيئ وينسق ، ويعطي القدرة ، . ويبصر أمره وخيربه. يبصره ويراه..

.ية اخلبري البصريويرعى كل شيء يف كل حلظة ، رعا. وإمساك الطري يف اجلو كإمساك الدواب على األرض الطائرة مبا عليها يف الفضاء

ولكن القرآن يأخذ . كإمساك سائر األجرام اليت ال ميسكها يف مكاا إال اللهبأبصار القوم وقلوم إىل كل مشهد ميلكون رؤيته وإدراكه ويلمس قلوم بإحياءاته

. فصنعة الله كلها إعجاز وكلها إبداع ، وكلها إحياء وكلها إيقاعوإال. وإيقاعاتهحسب توفيق . وكل قلب وكل جيل يدرك منها ما يطيقه ، ويلحظ منها ما يراه

١٣٠ ".الله ما يستفاد من اآليات

:يستنبط من اآليات ما يلي هم حتذير املعرضني عند اهللا وإنذارهم بسوء العواقب إن استمروا على إعراض-١

فإن اهللا قادر على أن خيسف م األرض أو يرسل عليهم حاصبا من السماء وليس .إال إميام وإسالمهم اهللا عز وجل . هناك من يؤمنهم وجيريهم حبال من األحوال

. يف اهلالكني األولني عري وعظات ملن له قلب حي وعقل يعقل به -٢هللا وعلمه ورمحته املوجبة لعبادته من آيات اهللا يف اآلفاق الدالة على قدرة ا-٣

وحده طريان الطري يف السماء وهو يبسط جناحيه ويقبضهما وال يسقط إذ املفروض أن يبقى دائما خيفق جبناحيه يدفع نفسه فيطري مبساعدة اهلواء أما إن قبض

١٣١.أو بسط املفروض أنه يسقط ولكن الرمحن عز وجل ميسكه فال يسقط

لقادر على أن خيسف بالكافرين والظاملني األرض ، عقوبة على الله تعاىل هو ا- ٤كفرهم ، كما خسف بقارون وبداره األرض ، فإذا األرض تذهب وجتيء وتغور

.م وتبتلعهم

)٣٦٣٧ / ٦ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٣٠

)٢٨٩ / ٤ (-أيسر التفاسري للجزائري - ١٣١

١٠٣

أأمنتم من في السماء تنبيها على أن اإلله : وإمنا خص الله تعاىل السماء يف قوله إله يف من يعظمونه يف األرض ، علما بأنه تعاىلالذي تنفذ قدرته يف السماء ، الوهو الذي في السماء إله ، وفي الأرض إله ، : السماء ويف األرض ، كما قال

ليمالع كيمالح وه٨٤/ ٤٣الزخرف [و.[

ي السماء أأمنتم من ف: وقد احتج املشبهة على إثبات املكان لله تعاىل بقوله وأجام الرازي بأن هذه اآلية ال ميكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق املسلمني ألن كونه يف السماء يقتضي كون السماء حميطا به من مجيع اجلوانب ، فيكون أصغر من السماء ، والسماء أصغر من العرش بكثري ، فيلزم أن يكون الله تعاىل شيئا

باتفاق أهل اإلسالم ألن العرش أكرب املخلوقات يف أصغر من العرش ، وذلك حماللله : لمن ما في السماوات والأرض قل : قل : وألنه تعاىل قال . السماء واألرض

.فوجب صرف اآلية عن ظاهرها إىل التأويل] ١٢/ ٦األنعام [

نه وملكه وقدرته أأمنتم من يف السماء سلطا: تقدير اآلية : وللتأويل وجوه أوالها وهو :، والغرض من ذكر السماء تفخيم سلطان الله وتعظيم قدرته ، كما قال

فإن الشيء الواحد ال يكون دفعة ] ٣/ ٦األنعام [الله في السماوات وفي الأرض .١٣٢واحدة يف مكانني

سهلة إن الله تعاىل هو الذي أنعم على عباده بتذليل األرض ، وجعلها - ٥لالستقرار عليها ، وامنت عليهم ، فأباح هلم السري يف نواحيها وأقطارها وآكامها وجباهلا حبثا عن الرزق ولالجتار والتكسب ، وأذن هلم باألكل مما أحله هلم ، مث هم يف النهاية مرجعهم إىل الله ، فإن الذي خلق السماء ال تفاوت فيها ، واألرض

.هم وينشرهم من قبورهم أحياءذلوال ، قادر على أن يبعث

إن الله عز وجل هو القادر أيضا على تعذيب الكفار بإرسال حجارة من - ٦السماء ، كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل ، وحني وقوع العذاب

.يعلمون كيف إنذار الله بالعذاب أنه حق

٧٠/ ٣٠: زي تفسري الرا - ١٣٢

١٠٤

بلهم ، فإم شاهدوا أكد الله تعاىل ختويفات الكفار بضرب املثل مبن كانوا ق- ٧أمثال هذه العقوبات بسبب كفرهم ، وكفار هذه األمم املتقدمة ، كقوم نوح

.وعاد ومثود وقوم لوط وأصحاب مدين وأصحاب الرس وقوم فرعون

أنه كما ذلل األرض لإلنسان ، ذلل : من الرباهني الدالة على قدرته تعاىل -٨و وهي تطري إال الله عز وجل ، وهو عليم اهلواء للطيور ، وما ميسك الطري يف اجل

١٣٣.بصري بكل شيء ومبا يصلح كل شيء من خملوقاته

****************

)٢٨ / ٢٩ (-التفسري املنري ـ موافقا للمطبوع - ١٣٣

١٠٥

�G."Hא�M�1א��G."Hא�M�1א��G."Hא�M�1א��G."Hא�M�1א�����

�א��\�Yوא�YZ"[9S*�6-�א�6# ��@�B"#]م�و�"�Z5א�د"#��_���U`��א��\�Yوא�YZ"[9S*�6-�א��� 6#��a:*א�%�@�B"#]م�و�"�Z5א�د"#��_���U`��א��\�Yوא�YZ"[9S*�6-�א��� 6#��a:*א�%�@�B"#]م�و�"�Z5א�د"#��_���U`��א��\�Yوא�YZ"[9S*�6-�א��� 6#��a:*א�%�@�B"#]م�و�"�Z5א�د"#��_���U`�����������*:�aא�%����

�{ : قال تعاىل � ��¨�§�¦�¥�¤�£�¢�¡�b�c�d�e�f�g�hª�©� � ��°�l�®�¬�«º�¹�¸�¶�t�´� ³�²�±� � ��»

z�Æ�Å�Ä�Ã�Â�Á�À�¿�¾�½�¼� � �������������������������������������������

������ � ������� �¡�¢�£�¤� � ��¥�¦�§�¨�©ª�«�¬�­�®� � ��J�I�H�G�F�E�D�C�B�AN�M�L�K��{

:شرح الكلمات معناها... الكلمة ... رقم اآلية

٢٠ ... لكم دنأعوان... ج خديعة من الشيطان وأعوانه... غرور . ..٢٠ متادوا... لجوا ... ٢١ معاندة واستكبار... عتو ... ٢١ تباعد... ونفور ... ٢١ ساقطا على وجهه ال يأمن العثور... مكبا على وجهه ... ٢٢ منتصب القامة ساملا من السقوط... يمشي سويا ... ٢٢ ابتدأ خلقكم... نشأكم أ ... ٢٣ القلوب والعقول... األفئدة ... ٢٣ قليال ما تستعملون هذه القوى يف طاعة اهللا... قليال ما تشكرون ... ٢٤

١٠٦

خلقكم وبعثكم يف األرض... ذرأكم في األرض ... ٢٧ ١٣٤رأو العذاب قريبا منهم... رأوه زلفة ... ٢٧ :غة البال

.أمن هذا الذي استفهام إنكار

أفمن ميشي مكبا على وجهه أهدى أم من ميشي سويا على صراط « ويف قوله استعارة متثيلية وهو مثل للمؤمن والكافر ، فالكافر أعمى ال يهتدي إىل » مستقيم

الطريق بل ميشي متعسفا فال يزال يتعثر وينكب على وجهه واملؤمن صحيح البصر وهكذا . ميشي يف طريق واضحة مستقيمة ساملا من العثور واخلرور على وجهه

١٣٥. تتجلى طريقة القرآن يف التجسيد .غرور ، نفور سجع مرصع ملراعاة رؤوس اآليات

:املناسبة بعد أن أورد الله تعاىل الربهان األول على كمال قدرته وهو متكني الطيور من

على عبادة األصنام ، ورد على اعتقادهم شيئني أو أمرين الطريان ، وبخ املشركني ومها القوة يف األعوان ، وجلب اخلري من األصنام ، مث أورد تعاىل برهانني آخرين :

ومها خلق الناس وحواسهم ، وتكاثر اخللق واستمرارهم : على كمال قدرته ملا أمره ���� حملمدمث ذكر شيئني قاهلما الكفار. وتوزيعهم يف األرض مث حشرهم إليه

ربه بتخويفهم بعذاب الله ومها مطالبته بتعيني وقت العذاب ، ودعاؤهم عليه وعلى .املؤمنني باهلالك ، وهذا األخري موضع الفقرة التالية

فتكون الرباهني الثالثة على كمال قدرة الله هي االستدالل أوال بأحوال الطيور من إلنسان وهي السمع والبصر والعقل وحدوث احليوانات ، مث االستدالل بصفات ا

ذاته ، مث االستدالل بضمان تكاثر اخللق وحفظ النوع اإلنساين وتوزيعه يف أحناء .األرض واحلشر يوم القيامة

)١ / ٢٢ (-كلمات القرآن للشيخ غازي الدرويب - ١٣٤

/ ١٠ (-وإعراب القرآن وبيانه ـ موافقـا للمطبـوع ) ٣٨٢ / ٣ (-صفوة التفاسري ـ للصابوىن - ١٣٥١٥٩(

١٠٧

:املعىن العام بعد أن أبان للمشركني عجائب قدرته فيما يشاهدونه من أحوال الطري ، ووخبهم

يخهم على عبادم غريه تعاىل يبتغون منه نصرا أردفه بتوب-على ترك التأمل فيها ورزقا ، منكرا عليهم ما اعتقدوه ، مبينا هلم أم ال يصلون إىل ما أملوه ، وإال

.فليبينوا هذا الناصر واملعني والرازق إذا هو أمسك رزقهأما وقد وضح احلق لذى عينني فهم ىف جلاج وعناد بعد وضوح احلجة وتبني احملجة

ب مثال يبني حاىل املشرك واملوحد ، فمثل حال األول حبال من ميشى ، مث ضرمنحنيا إىل األمام على وجهه ، فال يدرى أين يسلك ، وال كيف يذهب ، فيكون حائرا ضاال ، ومثل حال الثاين حبال من ميشى منتصب القامة على الطريق الواضح

.، فريى ما أمامه ويهتدى إىل ما يريدبذكر الدالئل على تفرده باأللوهية بذكر خلق اإلنسان ىف األرض مث أعقب هذا

.وإعطائه نعمة السمع والبصر ، وأرشد إىل أن القليل من الناس شكور هلذه النعممث أردف هذا بذكر سؤال املشركني للرسول عن ميقات البعث استهزاء به ،

منا هو نذير مبني ، وإجابته إياهم بأن علمه عند الله وليس له من علمه شىء ، وإوذكر أنه حني تقوم القيامة ويعرف املشركون قرب وقوع ما كانوا ينكرون تعلو

إن ما كنتم تستعجلون قد وقع وال : وجوههم غربة ، ترهقها قترة ، ويقال هلم ١٣٦.مرد له ، فماذا أنتم فاعلون ؟

وهلم آهلة من دون أم أم تعاموا عن ذلك اعتدادا بأن هلم من دون الله قوة حتميهم الله ترزقهم إن أمسك الله عنهم الرزق ، فوخبهم الله وأنبهم على هذا الزعم الفاسد ، وأنكر عليهم وجود جند هلم وأعوان يدفعون عنهم عذاب الله إن أراد

ال١٣٧أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن : م سوءا فقال جند هلم وال أعوان ، ما الكافرون الذين يتومهون ذلك إال يف غرور باطل ،

)١٩ / ٢٩ (-تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع - ١٣٦

. أمن هي أم اإلضرابية ، ومن هي لالستفهام اإلنكارى- - ١٣٧

١٠٨

وخداع كاذب ، وأنكر عليهم اعتقادهم أن اآلهلة ترزقهم إن أمسك الله عنهم واإلشارة هنا -أخربوىن من هذا : أمن هذا الذي يرزقكم ؟ أى : الرزق بقوله

! ؟ الذي تظنون أنه يرزقكم من دون الله-للتحقري ال أحد أبدا يرزق غريه ، فإن الله هو الرزاق ذو القوة املتني ، بل هؤالء جلوا يف

.عنادهم ، واستمروا يف عتوهم ونفورهم عن احلقولقد ضرب الله مثال للكفار املعاندين املوصوفني بالعتو والنفور مع مقارنتهم

ك أن الكافر املغرور الذي باملؤمنني الذين هداهم الله إىل الصراط املستقيم ، وال شنفخ الشيطان يف أنفه فامتأل عتوا ونفورا فهو كاملاشى املكب على وجهه الذي

: يتعثر يف كل خطوة خيطوها ، أما املؤمن فهو كالسائر على طريق الحب ، أى ممهد مستقيم ، وهو منتصب القامة معتدل يف املشي فأى القبيلني أهدى طريقا ،

وأقرب وصوال ؟ا كان املشركون كذلك فهل هم معذورون أوال ؟ ال ، ليسوا معذورين يف وإذ

شيء فالله خلق اخللق ، وجعل هلم السمع واألبصار واألفئدة لعلهم يتجهون إىل .ولكن قليال ما يشكرون! نور الله: اخلري وإىل احلق

هو الذي خلقكم ، وذرأكم يف األرض فكان منكم النسل الكثري ، : قل هلم لتكاثر املفضى إىل االنتشار يف بقاع األرض ، ولكن اعلموا أنكم إليه حتشرون ، وا

وال غرابة يف ختام هذه اآليات باحلشر فإن السورة مكية من أغراضها إثبات .البعث

عن ميعاد البعث استهزاء به وسخرية بوعيده ���� وكان املشركون يسألون النيب .املؤمنون إن كنتم صادقني يف دعواكم ؟ مىت الساعة أيها : وإنكارا له فيقولون

الله وحده الذي يعلم الوقت : إمنا العلم عند الله ، أى : ولكن الله رد عليهم بقوله . ، وإمنا الرسول مبلغ فقط ، أما مىت يكون ؟ فليس من اختصاصه

ملا رأوه وقد كانوا. فلما رأوا هذا اليوم املوعود ، والعذاب السيئ الذي أعد هلمهذا : يكذبون به استاءت وجوههم ، وامتألت غيظا ومها ، وقيل هلم تأنيبا وإيالما

١٠٩

الذي كنتم تطلبونه وتسألونه ، أو هذا هو الذي كنتم تدعون بطالنه وتزعمون أنه .ال يأتيكم ، فها أنتم أوالء ترونه قريبا منكم ، ال شك فيه اآلن

لك ، ويف خالل هذا يسفه أحالمهم يدعوهم إىل اإلميان ، ويلح يف ذ ���� كان النيبانتظروا : ويذم آهلتهم ، وكانوا يكرهون ذلك ويستاءون له فكانوا يقولون لبعض

١٣٨.فسيموت ومتوت دعوته ويهدأ بالنا ، وتطمئن نفوسنا

:التفسري والبيان والرزق يرد الله تعاىل على املشركني الذين عبدوا معه غريه ، يبتغون عندهم النصر

: منكرا عليهم ما اعتقدوه ، وخمربا أم لن حيصلوه على ما أملوه ، فيقول

أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في « - ١وإذا مل يستجب املشركون هلذه الدعوة اليت يدعون فيها إىل آيات الله ..»غرور أهلم جند .اإلميان به ـ فعلى أي شىء يعولون ىف اخلالص من نقمة الله وعذابهوإىل

ينصروم من دون الله ، ويدفعون عنهم بأسه إذا وقع م ؟ إم ملخدعون مغرورون ، إن كان ذلك من أمانيهم ، ومن متعلقام ظنوم ، كما يقول الله

دون الله ما ال يضرهم وال ينفعهم ويقولون ويعبدون من« : سبحانه وتعاىل عنهم إن الكافرون « : ىف قوله تعاىل » إن « و).يونس : ١٨(» هؤالء شفعاؤنا عند الله

أي ما الكافرون إال ىف غرور ، » ما « حرف يفيد النفي ، مبعىن » إلا في غرور ١٣٩"..يهم حيتويهم ، ويشتمل عل

أي بل من هذا اجلند أو العون الذي يعينكم ومينعكم من عذاب الله إن أراد بكم ! سوءا؟

الواقع أنه ليس لكم من دون الله من ويل وال واق ، وال ناصر لكم غريه ، وهلذا هم بأن العذاب ال فإن الكافرين هم يف خداع وغرور عظيم من جهة الشيطان ، غر

.يرتل م

)٧١٨ / ٣ (-التفسري الواضح ـ موافقا للمطبوع - ١٣٨

)١٠٦٨ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٣٩

١١٠

من دون الرحمن إشارة إىل أن بقاء الناس يف األرض مع كفرهم : ري بقوله والتعب .وظلمهم هو برمحة الرمحن الذي وسعت رمحته كل شيء

على الكفار الذين كانوا ميتنعون من اإلميان ، ويعتمدون يف زعمهم واآلية رد اهم أنه ال ناصر واعتقادهم املخطئ على القوة من جهة اإلخوة واألعوان ، خمربا إي

.هلم سوى الله سبحانه

مث رد الله تعاىل على ادعائهم وجود رازق غري الله ، وأن األصنام مصدر مجيع :اخلريات هلم ، ودفع كل اآلفات عنهم ، فقال

٢ - »قهرز كسإن أم قكمزرهذا الذي ي نفور . أمنو وتوا في عل لجوهذا ..»بمن يرزقهم إن أمسك الله :سؤال آخر ، مطلوب من املشركني أن جيدوا له جوابا

الرزق عنهم ؟ هل من رازق هلم غري الله ؟ إن هذه الوقفات مع املشركني ، وهذه املراجعة اليت يراد ا الكشف عن آفات

نادا ، وجلاجا الضالل املسلطة عليهم ، ال تزيدهم إال بعدا عن احلق ، وإال عتوا وعالعناد :والعتو .. وجماوزة احلد . اإلغراق فيه: واللجاج ىف الشيء .ىف العناد والكفر

١٤٠. الشديد أي بل من هذا الذي إذا منع الله عنكم رزقه ، رزقكم بعده باألمطار وغريها؟

واملعىن أنه ال أحد يعطي ومينع ، ويرزق وينصر إال الله عز وجل ، وحده ال شريك بل : ، وهم يعلمون ذلك ، ومع هذا يعبدون غريه ، لذا وصفهم تعاىل بقوله له

لجوا في عتو ونفور أي بل متادوا واستمروا يف عناد واستكبار عن احلق ، ونفور .عنه ، وتابعوا طريقهم يف طغيام وإفكهم وضالهلم ، ومل يعتربوا ومل يتفكروا

ر ينصر من عذاب الله ، وال رازق يرزق غري الله إن فدلت اآليتان على أنه ال ناص .حجب رزقه عن خملوقاته

عن وراد كاتب المغرية بن شعبة قال أملى على المغرية بن شعبة فى كتاب إلى بىة أن الناويعم- ���� -ر كل صبقول فى دة كان يوبكتالة م » إال الله ال إله

)١٠٧٠ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٤٠

١١١

وحده ال شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شىء قدير ، اللهم ال .١٤١»لجد مانع لما أعطيت ، وال معطى لما منعت ، وال ينفع ذا الجد منك ا

إذا رفع رأسه من الركوع - ���� -وعن أبى سعيد الخدرى قال كان رسول الله ربنا لك الحمد ملء السموات واألرض وملء ما شئت من شىء بعد أهل « قال

د أحجالماء وال الثنو تطيا أعلم انعال م مالله دبع ا لككلنو دبا قال العم ق دالج كمن دذا الج فعنال يو تعنا ملم طىع١٤٢.»م

بىاس أن النبن عن ابكوع ق- ���� -وعالر من هأسر فعا « ال كان إذا رنبر مالله دعء بىش من ا شئتملء ما ومهنيا بمض وملء األرات وومملء الس دمالح لك

نك أهل الثناء والمجد ال مانع لما أعطيت وال معطى لما منعت وال ينفع ذا الجد م د١٤٣.»الج

أفمن يمشي « :مث ضرب الله مثال للمؤمن والكافر أو املوحد واملشرك ، فقال ؟ » مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم

وهذه بديهة من البديهيات ، توضع موضع القضايا املطلوب من املشركني النطر وذلك بعد أن عجزت عقوهلم عن أن تنظر فيما .. ، والوصول إىل حكم هلا فيها

!.ينظر فيه العقالءمن ميشى مكبا على وجهه ، ال .. أى أهدى سبيال ، وأسلم عاقبة :والقضية هى

يرى ما بني يديه ، ولو كان هاوية يهوى إليها ، أو وحال يغوص فيه ـ أم الذي وىف هذا استخفاف بعقوهلم ، ..لرأس ، مستقيم اخلطا ؟ ميشى مفتح العينني ، رافع ا

١٤٤ "..وإنزاهلم مرتلة األطفال الذين يلقنون املعلومات تلقينا

احلظ والسعادة والغىن: اجلد - ) ٨٤٤ (- املكرت -صحيح البخارى - ١٤١

احلظ والسعادة والغىن: اجلد - ) ١٠٩٩ (- املكرت -صحيح مسلم - ١٤٢

)١١٠٠ (- املكرت -صحيح مسلم - ١٤٣

)١٠٧٢ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٤٤

١١٢

أرأيتم حال املؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من ميشي مكبا على وجهه ، أي ميشي متعثرا يف كل وقت ، منحنيا غري مستو ، ال يدري أين يسلك ،

.وال كيف يذهب ، بل هو تائه حائر ضال

أهذا أهدى أم ذلك املؤمن الذي مثله كمن يسري معتدال ناظرا أمامه على طريق مستو ، ال اعوجاج به وال احنراف فيه ، فهو يف نفسه مستقيم ، وطريقه مستقيمة ، سواء يف الدنيا واآلخرة ، ففي الدنيا إذ يسري على منهج الله يكون على هدى

وهذا االستفهام . بصرية ، ويف اآلخرة حيشر على طريق مستقيم يؤدي به إىل اجلنةوال تراد حقيقته ، بل املراد منه أن كل سامع جييب بأن املاشي سويا على صراط

.مستقيم أهدى

قل هو الذي « :مث ذكر الله تعاىل الربهان الثاين الدال على كمال قدرته قائال و أكمشة قليلا ما أنالأفئدو صارالأبو عمالس ل لكمعـ جاء تلقينا هلم ، وإلزاما » ج

فاإلله الذي حدثتهم اآليات ..إياهم بتلك احلقائق ، سواء عقلوها أو مل يعقلوها السابقة عنه ، ودعتهم إىل النظر ىف آياته ، وإىل اإلجابة على عدد من األسئلة اليت

العقالء أن يسألوها أنفسهم ، وأن يتولوا اإلجابة عليها ، ىف سبيل التعرف من شأنولكن .. على الله ـ هذا اإلله ، هو الذي جعل هلم السمع ، واألبصار ، والعقول

كثريا من الناس ال يشكرون الله تعاىل على هذه النعم بل وال يعترفون به ربا ، وىف ١٤٥"). سبأ : ١٣(» من عبادي الشكور وقليل« : هذا يقول سبحانه

إن الله ربكم هو الذي ابتدأ خلقكم بعد أن : أي قل أيها الرسول هلؤالء املشركني مل تكونوا شيئا مذكورا ، وأوجد لكم حاسة السمع لسماع املواعظ به ، وحاسة

لوقات الله البصر لنظر بدائع خلق الله ، والقلوب والعقول للتأمل والتفكري يف خموإدراك حقائق األشياء ، ولكن قلما تستعملون هذه القوى اليت أنعم الله ا عليكم يف طاعته وامتثال أوامره ، وترك زواجره ، وفيما خلقت ألجله من اخلري ، وذلك هو الشكر احلقيقي هلذه الطاقات ، ال جمرد ترداد الشكر باللسان ، ومالزمة

)١٠٧٣ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٤٥

١١٣

هو أن يصرف تلك النعمة إىل وجه رضاه ، : لله تعاىل العصيان ألن شكر نعمة ا .فإذا مل تستعمل هذه القوى يف طلب مرضاة الله ، فأنتم ما شكرمت نعمته مطلقا

قليلا ما تشكرون إشارة إىل أنه تعاىل أعطاهم هذه القوى العظيمة ، : فقوله تعاىل ذه اجلوارح بالذكر ألا وإمنا خصت ه.ولكنهم ضيعوها يف غري ما خلقت ألجله

.أداة العلم والفهم

قل هو الذي « :مث ذكر الله تعاىل الربهان الثالث على كمال قدرته ، فقال ـ جاء تلقينا هلم ، وإلزاما إياهم بتلك احلقائق » ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون

لذي حدثتهم اآليات السابقة عنه ، ودعتهم فاإلله ا..، سواء عقلوها أو مل يعقلوها إىل النظر ىف آياته ، وإىل اإلجابة على عدد من األسئلة اليت من شأن العقالء أن يسألوها أنفسهم ، وأن يتولوا اإلجابة عليها ، ىف سبيل التعرف على الله ـ هذا

من الناس ولكن كثريا .. اإلله ، هو الذي جعل هلم السمع ، واألبصار ، والعقول ال يشكرون الله تعاىل على هذه النعم بل وال يعترفون به ربا ، وىف هذا يقول

).سبأ : ١٣(» وقليل من عبادي الشكور « : سبحانه وهذا اإلله ، هو الذي ذرأ الناس ، أي خلقهم ، وأقامهم على هذه األرض وبثهم

: اخللق ، وذرأ الشيء : والذرء ..فيها ، وهو الذي سيحشرهم إليه بعد موم فمن صدق . هذه حقائق ، مطلوب من الرسول أن يبلغها الناس مجيعا. كثره وبثه

١٤٦". ومن أعرض وكفر ، فقد ضل وخسر.. وآمن ، فقد اهتدى ، وسلم إن الله هو خلقكم وبثكم ووزعكم يف أحناء األرض ، مع : أي وقل هلم أيضا

، واختالف ألوانكم وأشكالكم ، مث إليه جتمعون بعد اختالف ألسنتكم يف لغاتكمهذا التفرق والشتات ، فهو جيمعكم كما فرقكم ، ويعيدكم كما بدأكم للحساب

.واجلزاء

بتخويف الكفار بعذاب الله ، ذكر مقالة الكفار ومطالبتهم ���� وبعد أمر الله حممداولون مىت هذا الوعد إن ويق« :بتعيني وقت البعث استهزاء واستنكارا ، فقال

)١٠٧٥ / ١٥ (-رآن ـ موافقا للمطبوع التفسري القرآين للق - ١٤٦

١١٤

صادقني متهو بيان ملا انتهى إليه أمر هؤالء املشركني ، بعد هذه الوقفة ..»كنإن كل .. الطويلة معهم ، وبعد هذه املراجعة حلسام املغلوط ، الذي اطمأنوا إليه

تكذيبهم وإم مازالوا على .. هذا مل يزحزحهم عن موقف الضالل الذي هم فيه بالبعث ، واحلساب واجلزاء ، فيسألون هذا السؤال ، الذي يدل على رفضهم لكل

مىت هذا الوعد إن كنتم « :ما قدم إليهم من أدلة ، وما عرض عليهم من آيات وكأم يقولون النيب ، ..يقولون هذا ىف استهزاء وسخرية .. »صادقني ؟ مىت هذا الوعد ؟ : ا الذي ختوضون فيه ، وقولوا لنا دعونا من كل هذ: وللمؤمنني

أي مىت يوم القيامة الذي تقولون عنه وجتعلونه موعدا للحساب واجلزاء ؟ مىت يومه ؟ إن كنتم صادقني ىف هذا الزعم ، فحددوا له موعدا هلذا اليوم ، طال هذا املوعد

..أم قصر فهذا دليل على أن احلديث عن هذا أما إطالق هذا اليوم ضالا ىف غياهب الغيب ،

..اليوم ، هو حديث مكذوب ، وقول مفترى إذ لو أنه كان حديثا قائما على واقع من احلق ، لعلم املتحدث به ، املوعد الذي

أما أن يتحدث متحدث عن أمر سيقع ، مث ال يربط هذا احلديث عنه .. يقع فيه هكذا كانوا ..بار الكهان واملنجمني بزمن معلوم ، فذلك رجم بالغيب ، أشبه بأخ

١٤٧..يفكرون ويقدرون مىت يقع ما تعدنا به من : أي ويقول املشركون حملمد واملؤمنني كما واستهزاء

القيامة واحلشر والعذاب والنار يف اآلخرة ، واخلسف واحلاصب يف الدنيا ، إن .ا به ، أو فبينوه لناكنتم يا حممد واملؤمنون به صادقني فيما تدعونه؟ فأخربون

قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير « : وقد جاءهم الرد املفحم ىف قوله تعاىل بنيإن الرسول مل يقل هلم يوما إنه يعلم الغيب ، أو أنه إله مع الله ، وإمنا .. »م

قل إنما « : يلقاهم به ىف قوله تعاىل بادأهم من أول األمر ، مبا أمره الله سبحانه أن وحى إليي مثلكم رشا بإلا ما « : وقوله سبحانه ) .. الكهف : ١١٠(» أن بعإن أت

)١٠٧٧ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٤٧

١١٥

وحى إليوإذ كان هذا شأنه ، فإنه ال يعلم من أمر الساعة ) ..يونس : ١٥(» ي ).األعراف : ١٨٧(» بي قل إنما علمها عند ر« : شيئا

إن موعد الساعة فرع من أصل ، وجزئية من أمر كلى ، هو الساعة ذاا ، أي فإن آمنوا ا إميان غيب .. هذه هى القضية .. القيامة والبعث ، واحلساب واجلزاء

وإن مل يؤمنوا .. ، فإن من متام هذا اإلميان أن يؤمنوا بكل ما جاء ىف القرآن عنها ١٤٨.. ال ، فال معىن إذن ألن يسألوا عن متعلقاا ا أص

إمنا علم ذلك عند الله ، فال يعلم وقت الساعة والعذاب :أي قل هلم أيها النيب على التعيني إال الله عز وجل ، لكنه أمرين أن أخربكم أن هذا كائن وواقع ال حمالة

كفركم ، فعلي البالغ ، فاحذروه ، وإمنا أنا منذر لكم ، أنذركم وأخوفكم عاقبة .وقد أديته لكم

ومما ينبغى أن يؤمن به الرسول قبل أن يبدأ رسالته ، أن يؤمن باآلخرة ، كما " أكاد أخفيها « : وىف قوله تعاىل .. آمن بالله ، وأن يستيقن أا آتية ال ريب فيها

ستر الغيب ، وأن إشارة إىل أن الساعة غيب من غيوب الله ، وأا حمجبة وراء » ومع هذا ، فإن .. الذي يؤمن ا إمنا يؤمن إميان غيب ، ال إميان شهادة ومعاينة

هناك من األمارات ، والدالئل ، ما جيدها العقل بني يديه ، ليستدل منها على أن احلياة الدنيا ليست هى مبدأ اإلنسان ، وايته ، وأنه ال بد أن يكون وراء هذه

.. أرحب وأوسع ، لتجزى فيها كل نفس مبا عملت ىف هذه الدنيا احلياة حياة أخفيتها « ومل جيىء النظم القرآىن » أكاد أخفيها « : وهذا هو السر ىف قوله تعاىل

فهذا التعبري القرآىن حيمل ىف طياته إشارة مضيئة إىل أن اإلنسان مطالب ـ مبا » وى عاقلة مدركة ـ بأن يتجنب الشر ، أودع الله سبحانه وتعاىل ىف كيانه من ق

ويتجه إىل اخلري ، وأن يتنكب طرق الضالل ، ويأخذ طريق اهلدى ، وبذلك يكون أما من زهد ىف عقله ، .. مهيئا تلقائيا للقاء اآلخرة ، وللفوز برضوان الله فيها

)١٠٧٩ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٤٨

١١٦

اب وتنكر لفطرته ، فركب طريق الغواية والضالل ، فإن ما يلقاه ىف اآلخرة من عذ .وبالء ، هو اجلزاء العادل الذي يستحقه

وهذا يعىن أنه إذا مل تكن هناك آخرة ، أو حساب وجزاء ـ فإنه كان جديرا باإلنسان أن حياسب نفسه ، ويقيمها على ما هو أكرم إلنسانيته ، وأحفظ لقدرها

..وكرامتها ، وأال يقع ىف أي أكاد ألا أنبئ أحدا عنها» أكاد أخفيها « ـ وقوله تعاىل

حساب الناس أا آتية ، حىت يعمل كل مبا ىف طبيعته ، وحىت جيزى كل مبا هو .أهل له ، إذا جاء يوم احلساب ، على غري حساب أو انتظار من الناس

ولكن رمحة الله بعباده ، قد مشلتهم ، فأنذروا ذا اليوم قبل أن يقع ، وحذروا مبا واملنحرفني ، ووعدوا مبا فيه من خري ونعيم ورضوان ، فيه من نكال وبالء للضالني

..للمؤمنني املتقني وىف هذا إشارة إىل بىن » فال يصدنك عنها من ال يؤمن بها واتبع هواه فتردى «

وإمنا .. إسرائيل ، وتعريض بإميام باآلخرة ، إذ كان إميام ا إميانا غري مستيقن ذلك أم ال يؤمنون إلا مبا هو مادى ، جيبه .. تلبس بالشك ، والظنون هو م

وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى « :حواسهم ، وىف هذا يقول الله عنهم يقولون هذا عن الله وآيات الله ترتل عليهم من السماء ) البقرة : ٥٥(» الله جهرة

ا رأى العني ، ويعيشون فيها ، فكيف بيوم القيامة وليس ىف أيديهم شىء ، يرو ١٤٩"منه ؟

أما الساعة فهي املوعد املرتقب للجزاء الكامل العادل ، الذي تتوجه إليه النفوس "والله .. فتحسب حسابه وتسري يف الطريق وهي تراقب وحتاسب وختشى االنزالق

فعلم الناس ا قليل ال . وأنه يكاد خيفيها» اعة آتيةإن الس«: سبحانه يؤكد جميئها يتجاوز ما يطلعهم عليه من أمرها بقدر ما حيقق حكمته من معرفتهم ومن جهلهم

فال بد من جمهول . واهول عنصر أساسي يف حياة البشر ويف تكوينهم النفسي..

)٧٨٥ / ٨ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٤٩

١١٧

- ذه الفطرة وهم-ولو كان كل شيء مكشوفا هلم . يف حيام يتطلعون إليهفيحذرون ويأملون ، . فوراء اهول جيرون. لوقف نشاطهم وأسنت حيام

ويكشفون املخبوء من طاقام وطاقات الكون من حوهلم . وجيربون ويتعلمونويرون آيات الله يف أنفسهم ويف اآلفاق ويبدعون يف األرض مبا شاء هلم الله أن

بالساعة اهولة املوعد ، حيفظهم من الشرود وتعليق قلوم ومشاعرهم .. يبدعوا ، فهم ال يدرون مىت تأيت الساعة ، فهم من موعدها على حذر دائم وعلى استعداد

فأما من فسدت فطرته واتبع هواه فيغفل . ذلك ملن صحت فطرته واستقام. دائمن بها واتبع فال يصدنك عنها من ال يؤم«:وجيهل ، فيسقط ومصريه إىل الردى

فالفطرة . ذلك أن اتباع اهلوى هو الذي ينشىء التكذيب بالساعة..» هواه فتردى السليمة تؤمن من نفسها بأن احلياة الدنيا ال تبلغ فيها اإلنسانية كماهلا ، وال يتم فيها العدل متامه وأنه ال بد من حياة أخرى يتحقق فيها الكمال املقدر لإلنسان ،

١٥٠"..لعدل املطلق يف اجلزاء على األعمالوا

فلما رأوه زلفة « مث وصف تعاىل حال أولئك الكفار عند رؤية العذاب ، فقال إنه يوم آت ال ريب .»سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون

إن « : ميقاته ، كما يقول سبحانه فيه ، ولكن اقتضت حكمة الله أن خيفىفلو ) .. طه : ١٥(» الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى

كشف هذا اليوم للناس لفسد نظامهم ،واضطربت حيام ، ولو كان بينهم وبينه إنه .. ميوت فيه مئات السنني أو ألوفها ، متاما كما لو عرف اإلنسان اليوم الذي

ذا الكشف ، ميوت كل يوم مئات املرات ، ولو كان بينه وبني املوت عشرات ..السنني

، وهم مازالوا » رأوه « وىف احلديث عن رؤية املشركني هلذا اليوم بصيغة املاضي ىف هذه الدنيا ، وىف إنكار ، وتكذيب له ـ ىف هذا إمهال إلنكارهم ، وعدم

لفاسد ىف أمر البعث ، مث سوقهم إليهم سوقا ىف الدنيا وهم اعتداد مبعتقدهم ا

)٢٣٣١ / ٤ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٥٠

١١٨

أي » زلفة « : وقوله تعاىل ..متلبسون ذا اإلنكار ، فإذا هم بني يدى ما ينكرون « : ومنه قوله تعاىل .. دانيا ، وقريبا منهم ، حبيث يعاينونه ، ويقعون حتت سلطانه

قنيتة للمنلفت الجأزأي دنت وقربت هلم ، لتكون بني ) ـ الشعراء ٩٠(» و .أيديهم

ـ أي حل ا السوء ، ونزل ا » سيئت وجوه الذين كفروا « : وقوله تعاىل ..الكرب

وإسناد السوء إىل الوجوه ، ألا هى اليت تتجلى على صفحتها آثار املشاعر ، سان ، من فرح أو حزن ، ومن لذة واألحاسيس ، واألفكار اليت تدور ىف كيان اإلن

..أو أمل بدال من ضمريهم ، ليكون ىف ذلك مواجهة هلم ذا » الذين كفروا « وىف إقامة

وهو أم كانوا .. الذي يسؤوهم ، وليبني السبب الذي من أجله حلت م املساءة ..كافرين

أي أنه حني يلقاهم هذا اليوم ، » وقيل هذا الذي كنتم به تدعون« : وقوله تعاىل هذا الذي كنتم «:ويقع عليهم منه ما يقع من فزع وكرب ، يلقاهم من يقول هلم

فها ... أي هذا الذي كنتم تطلبونه ، وتلحون ىف الكشف عن وجهه » به تدعون فلم تنكرونه ؟ ومل تفزعون منه ؟ .. هو ذا قد جاءكم من أمر كان شديد اللهف على لقائه ؟ وهل يفزع املرء

« : ومنه قوله تعاىل عن أصحاب اجلنة .. معناه تطلبون ، وتتمنون » تدعون « و ).فصلت : ٣١(» ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون

د بنفسه وهو متع» به تدعون « .. »الباء « وىف تعدية الفعل تدعون حبرف اجلر وحنومها ، مما يدل على .. »تستعجلون « أو » تفون « ـ لتضمنه معىن الفعل ،

١٥١".شدة الرغبة للشىء ، والطلب له

)١٠٨١ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٥١

١١٩

أي فلما رأوا العذاب املوعود به قريبا يف الدنيا ، وقامت القيامة وشاهدها الكفار اسودت ، ورأوا أن األمر كان قريبا ألن كل ما هو آت قريب وإن طال زمنه ،

وجوههم ، وعلتها الكآبة ، وغشيتها الذلة واملهانة ، وقالت هلم مالئكة العذاب هذا الذي كنتم يف الدنيا تطلبونه وتستعجلون : اخلزنة على وجه التقريع والتوبيخ

فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقني : ���� به استهزاء ، يف قولكم لرسول الله ].٢٢/ ٤٦اف األحق[

وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ، وبدا لهم سيئات ما : ونظري اآلية ].٤٨ - ٤٧/ ٣٩الزمر [كسبوا ، وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن

ن يقع ىف وفيه إشارة إىل ما ينكشف للمشركني والضالني ىف هذا اليوم ، مما مل يكففي هذا اليوم يرون أن ما كانوا يعبدون من دون الله ، هو ضالل ىف ..حسبام

ضالل ، ويرون أعماهلم اليت زينها هلم الشيطان ، وجوها منكرة ، تطلع عليهم يرون هذا اهلول الذي يلقاهم من وأكثر من هذا ، فإم .. بالويالت واحلسرات

كما يرون أناسا كانوا يسخرون ..جهنم ، مما مل يقع ىف خيال ، أو خيطر على بال منهم ويستهزئون م قد لبسوا حلل النعيم ، ونزلوا منازل الرمحة والرضوان ، على حني يشهدون سادم وكرباءهم ممن كانوا يرتلوم منازل اآلهلة ، وقد قطعت هلم

يصهر به ما ىف بطوم واجللود .. ياب من نار ، يصب من فوق رءوسهم احلميم ثكلما أرادوا أن خيرجوا منها من غم أعيدوا فيها .. وهلم مقاطع من جديد .. إن معارف الناس ، وتصورام وأخيلتهم ىف هذه الدنيا ، ال تكاد تلتقى مع ...

له أكثر تصورا هلا ، وأقرب إدراكا شىء من أمور اآلخرة ، وإن كان املؤمنون بال ..ملها

روى أن بعض الصاحلني حني حضره املوت ، فزع واضطرب ، فسئل ىف هذا ، فما » وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون « : ذكرت قول الله تعاىل : فقال

!.أدرى ماذا يبدو ىل من الله وأنا مقدم عليه

١٢٠

.»وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن « : تعاىل قوله ـ » وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون « : هو معطوف على قوله تعاىل فمما يبدو للظاملني ـ مما مل يكونوا حيتسبونه ـ .. من عطف اخلاص على العام

هو سيئات ما كسبوا ، حيث يبدو كسبهم الذي كسبوه ، وعملهم الذي عملوه وخسرانا إىل خسران ، مع أم . ىف الدنيا ، ضالال ىف ضالل ، وسوءا إىل سوء

والله سبحانه .. كانوا حيسبون أن هذا الذي يعملون ، هو احلق ، وهو اخلري سرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة قل هل ننبئكم بالأخ« : وتعاىل يقول

وقوله ) الكهف : ١٠٤ ـ ١٠٣.. (»الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أي نزل م ، واشتمل : حاق م ..»وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن « : تعاىل

ومعىن هذا ، أن احلق الذي كانوا يستهزئون به قد جاء ..ق وأصله من احل.. عليهم ليحاكمهم ، وليقتص منهم جلنايتهم اليت جنوها عليه ، باالنتصار للباطل ، وحماربة

١٥٢"..أولياء احلق ال يفصح عنه ولكنه هكذا . وال يفصح عما بدا هلم من الله ومل يكونوا يتوقعونه "

! الله الذي يبدو منه هلؤالء الضعاف ما ال يتوقعون. فهو الله.. هائل مذهل خميف وبدا لهم سيئات ما كسبوا ، وحاق بهم ما كانوا «!.هكذا بال تعريف وال حتديد

حني يتكشف هلم قبح ما فعلوا . وهذه كذلك تزيد املوقف سوءا..» به يستهزؤنوهم يف ذلك املوقف . وعيد والنذيروحني حييط م ما كانوا به يستهزئون من ال

١٥٣"..األليم الرعيب ومضات عامة

أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على { . : "قال القامسي هو املتعثر الذي خير على : واملكب . متثيل للضالني واملهتدين } صراط مستقيم

)١١٧٣ / ١٢ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٥٢

)٣٠٥٦ / ٥ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٥٣

١٢١

والذي ميشي سويا . ريقه ، واختالف سطحه ارتفاعا واخنفاضا وجهه لوعورة ط .هو القائم السامل من العثار الستواء طريقه ، واستقامة سطحه

ولعل . واملراد متثيل املشرك واملوحد بالسالكني ، والدينني باملسلكني : قال القاضي ار بأن ما عليه املشرك االكتفاء مبا يف الكب من الداللة على حال املسلك ، لإلشع

١٥٤ ".فلذلك ذكر املسلك يف الثاين دون األول : ال يستأهل أن يسمى طريقا ، أي أمر للنيب بتوجيه اخلطاب إىل الكفار يف ) ٢٤ -٢٣( يف اآليتني : " وقال دروزة

معرض التذكري والتنديد والتقرير بأن الله هو الذي خلقهم يف البدء ووهبهم نعمة وبأن . صر والعقل مع تأنيبهم على قلة شكرهم لله على هذه األفضالالسمع والب

.الله هو الذي كثرهم يف األرض ومناهم وسيحشرون إليهوقد انطوى يف اآلية الثانية . واآليتان متصلتان مبا سبقهما كذلك سياقا وموضوعا

١٥٥ ".رضتقرير قدرة الله على حشرهم إليه ما دام هو الذي خلقهم وكثرهم يف األحكاية لتساؤل الكفار تساؤال يتضمن معىن اإلنكار )٢٥(ويف اآلية األوىل "

واالستخفاف عن موعد حتقيق وعد البعث واحلساب والعذاب األخروي إذا كان أمر للنيب بإجابتهم بأن علم ذلك عند الله ، ) ٢٦(ويف الثانية . ذلك حقا وصدقا

.وأنه ليس إلا نذيرا للبيان والتبليغوأسلوب اآليتني واآليتني اللتني . اآليتان أيضا متصلتان سياقا وموضوعا مبا سبقهماو

قبلهما قد يلهم أن هذه اآليات وما قبلها حكاية أو تسجيل ملوقف حجاجي ".وجاهي بني النيب والكفار أو تعقيب عليه

جاءت يف معرض توكيد حتقيق وعد الله ووصف حالة الكفار ) ٢٧(ويف اآلية وحينئذ تتجهم وجوههم . فلسوف يرون حتقيق هذا الوعد أقرب مما يظنون : حينئذ

ويقال هلم هذا هو مصداق وعد الله الذي كنتم تنكرونه . هلعا من العاقبة

)٣ / ١٣ (-حماسن التأويل تفسري القامسي - ١٥٤

)٣٨١ / ٥ (-التفسري احلديث لدروزة - ١٥٥

١٢٢

وقد . واآلية متصلة بالسياق كما هو واضح. وتتعجلونه تعجل الساخر اجلاحد ١٥٦ ."تضمنت إنذارا وتعنيفا وردا

أفمن يمشي مكبا على وجهه : ١٥٧عند تفسريه هلذه اآليةقال اإلمام ابن كثري : أهدى

هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه ، كمثل من ميشى ال يدرى أين : ميشى منحنيا ال مستويا على وجهه ، أى : مكبا على وجهه ، أى

حائر ضال ، أهذا أهدى أمن يمشي سويا يسلك ، وال كيف يذهب ، بل هو تائه منتصب القامة على صراط مستقيم أى على طريق واضح بني ، وهو يف نفسه : أى

هذا مثلهم يف الدنيا ، وكذلك يكونون يف اآلخرة ، .مستقيم وطريقه مستقيمةميشى على وأما الكافر فإنه حيشر .. فاملؤمن حيشر ميشى سويا على صراط مستقيم

..وجهه إىل النار يحشر الناس « قال - ���� -وروى اإلمام أمحد عن أبى هريرة أن رسول الله

وههمجلى وفا عصنانا وكبفا رصناة وشفا ماف صننول . »ثالثة أصسا رقالوا يإن الذى أمشاهم على أقدامهم قادر « على وجوههم فقال الله وكيف يمشون

. .١٥٨»على أن يمشيهم على وجوههم أما إنه يتقون بكل حدب وشوك ؟ قيل يا رسول اهللا كيف حيشر الناس على وجوههم يوم القيامة: وعن أنس ، قال

١٥٩."الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن ميشيهم على وجوههم: قال املؤمن يف متسكه - سبحانه -هذا مثل للمؤمن والكافر ، حيث شبه : وقال اجلمل

بالدين احلق ، ومشيه على منهاجه ، مبن ميشى يف الطريق املعتدل ، الذي ليس فيه لى الدين الباطل ، مبن ميشى يف وشبه الكافر يف ركوبه ومشيه ع..ما يتعثر به

الطريق الذي فيه حفر وارتفاع واخنفاض ، فيتعثر ويسقط على وجهه ، وكلما

)٣٨٢ / ٥ (- احلديث لدروزة التفسري - ١٥٦

.٢٠٨ ص ٨تفسري ابن كثري ج - ١٥٧

الغليظ من األرض ىف ارتفاع: احلدب -حسن ) ٨٩٨٩ (- املكرت -مسند أمحد - ١٥٨

صحيح) ٧٢٢٠) (٣٤٢ / ٢ (-مسند البزار كامال - ١٥٩

١٢٣

فاملذكور يف اآلية هو املشبه به ، واملشبه حمذوف ، .ختلص من عثرة وقع يف أخرى ١٦٠.. لداللة السياق عليه

واالعتبار ، وبذلك نرى هذه اآليات الكرمية قد لفتت أنظار الناس إىل التفكر ووخبت املشركني على جهاالم وطغيام ، وساقت مثاال واضحا للمؤمن

١٦١.والكافر ، ليهلك من هلك عن بينة وحيىي من حي عن بينة على سبيل تبصريهم باحلجج - هلؤالء املشركني - أيها الرسول الكرمي -قل

يف اإلرشاد والتوجيه والدالئل الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا ، وعلى سبيل التنويع هو الذي أنشأكم وأوجدكم يف كل طور من - عز وجل -الرمحن : قل هلم ..

الذي أوجد لكم السمع الذي تسمعون به ، -أطوار حياتكم ، وهو سبحانه واألبصار اليت تبصرون ا الكائنات ، واألفئدة أى والقلوب اليت تدركوا ا

. - عز وجل -ليلا ما تشكرون خالقكم ق- مع كل هذه النعم -ولكنكم .. األفئدة واألبصار ، وأفرد السمع ، ألن القلوب ختتلف - سبحانه -ومجع

باختالف مقدار ما تفهمه مما يلقى إليها من إنذار أو تبشري ، ومن حجة أو دليل ، .فكان من ذلك تعدد القلوب بتعدد الناس على حسب استعدادهم

فيما تنتظمه أبصارهم من آيات الله يف كونه ، فإن أنظارهم وكذلك شأن الناس ختتلف يف عمق تدبرها وضحولته ، فكان من ذلك تعدد املبصرين ، بتعدد مقادير

.ما يستنبطون من آيات الله يف اآلفاقوأما املسموع فهو بالنسبة للناس مجيعا شيء واحد ، هو احلجة يناديهم ا

.ه هلم النبيوناملرسلون ، والدليل يوضحلذلك كان الناس مجيعا كأم مسع واحد ، فكان إفراد السمع إيذانا من الله بأن

.حجته واحدة ، ودليله واحد ال يتعدد

.٣٨٠ ص ٤حاشية اجلمل على اجلاللني ج - ١٦٠

)٢٣ / ١٥ (-مطبوع موافق لل-التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ١٦١

١٢٤

مىت : لقد حل بالكافرين العذاب الذي كانوا يستعجلونه ، ويقولون : واملعىن " .هذا الوعد

ساءت رؤيته : ه الذين كفروا أى فحني رأوه نازال م ، وقريبا منهم سيئت وجو .وجوههم ، وحلت عليها غربة ترهقها قترة

هذا هو : وقيل هلم على سبيل التوبيخ والتأنيب هذا الذي كنتم به تدعون أى ١٦٢".العذاب الذي كنتم تتعجلون وقوعه يف الدنيا ، وتستهزءون مبن حيذركم منه

قلوم ملسة أخرى تعود م إىل مشهد البأس والفزع من مث يلمس: "ويف الظالل فريدد . اخلسف واحلاصب ، بعد أن جال م هذه اجلولة مع الطري السابح اآلمن

قلوم بني شىت اللمسات عودا وبدءا كما يعلم الله من أثر هذا الترداد يف قلوب كم من دون الرحمن؟ إن الكافرون إلا أمن هذا الذي هو جند لكم ينصر«: العباد

» في غروروقد خوفهم اخلسف وخوفهم احلاصب ، وذكرهم مصائر الغابرين الذين أنكر الله

.عليهم فأصام التدمريمن هو هذا الذي ينصرهم وحيميهم من الله ، غري الله؟ من هو : فهو يعود ليسأهلم

.. » إن الكافرون إلا في غرور«م بأس الرمحن إال الرمحن؟ هذا الذي يدفع عنهغرور يهيئ هلم أم يف أمن ويف محاية ويف اطمئنان ، وهم يتعرضون لغضب الرمحن

.وبأس الرمحن ، بال شفاعة هلم من إميان وال عمل يسترتل رمحة الرمحنه ، مث ال خيشون ذهابه وملسة أخرى يف الرزق الذي يستمتعون به ، وينسون مصدر

أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه؟ بل «: ، مث يلجون يف التبجح واإلعراض ..» لجوا في عتو ونفور معقود بإرادة الله يف أول أسبابه ، يف تصميم - كما سلف -ورزق البشر كله

وهي أسباب ال قدرة للبشر عليها إطالقا ، . هذا الكون ويف عناصر األرض واجلوفهي أسبق منهم يف الوجود ، وهي أكرب منهم يف الطاقة ، . وال تتعلق بعملهم بتاتا

)٢٦ / ١٥ (-موافق للمطبوع -التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ١٦٢

١٢٥

فمن يرزق البشر إن .وهي أقدر منهم على حمو كل أثر للحياة حني يشاء الله أمسك املاء ، أو أمسك اهلواء ، أو أمسك العناصر األوىل اليت منها ينشأ وجود

األشياء؟إن مدلول الرزق أوسع مدى وأقدم عهدا وأعمق جذورا مما يتبادر إىل الذهن عند

ومرد كل صغرية وكبرية فيه إىل قدرة الله وقدره ، وإرساله . ما يسمع هذه الكلمة .لألسباب وإمساكها حني يشاء

الرزق ويف هذا املدلول الكبري الواسع العميق تنطوي سائر املدلوالت القريبة لكلمة.. ، مما يتوهم اإلنسان أا من كسبه ويف طوقه ، كالعمل ، واإلبداع ، واإلنتاج

وكلها مرتبطة بقيام األسباب والعناصر األوىل من جهة ومتوقفة على هبة الله فأي نفس يتنفسه العامل ، وأي حركة يتحركها ، . لألفراد واألمم من جهة أخرى

، ومنحه املقدرة والطاقة ، وخلق له النفس الذي إال من رزق الله ، الذي أنشأه يتنفسه ، واملادة اليت حتترق يف جسده فتمنحه القدرة على احلركة؟ وأي جهد عقلي يبذله خمترع إال وهو من رزق الله الذي منحه القدرة على التفكري واإلبداع؟

، وإال بأسباب وأي إنتاج ينتجه عامل أو مبدع إال يف مادة هي من صنع الله ابتداء أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك «.. كونية وإنسانية هي من رزق الله أصال؟

..» !رزقه؟والتعبري يرسم خدا مصعرا ، وهيئة متبجحة ، بعد .»بل لجوا في عتو ونفور«

تقريره حلقيقة الرزق ، وأم عيال على الله فيه ، وأقبح العتو والنفور ، والتبجحوالتصعري ، ما يقع من العيال يف مواجهة املطعم الكاسي ، الرازق العائل وهم خلو

وهو ! وهم بعد ذلك عاتون معرضون وقحاء. من كل شيء إال ما يتفضل به عليهمتصوير حلقيقة النفوس اليت تعرض عن الدعوة إىل الله يف طغيان عات ، ويف إعراض

ا تعيش على فضله ، وأا ال متلك من أمر نافر ، وتنسى أا من صنع الله ، وأ يتهمون - مع هذا -ولقد كانوا ! وجودها وحياا ورزقها شيئا على اإلطالق

كما يصنع ! ومن معه بالضالل ويزعمون ألنفسهم أم أهدى سبيال- ���� -النيب

١٢٦

ومن مث يصور هلم واقع حاهلم وحال . أمثاهلم مع الدعاة إىل الله يف كل زمانأفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى «: منني يف مشهد حي جيسم حقيقة احلال املؤ

والذي ميشي مكبا على وجهه إما أن .. » ؟ أمن يمشي سويا على صراط مستقيم؟يكون هو الذي ميشي على وجهه فعال ال على رجليه يف استقامة كما خلقه الله ،

هو الذي يعثر يف طريقه فينكب على وجهه ، مث ينهض ليعثر من وإما أن يكونوهذه كتلك حال بائسة تعاين املشقة والعسر والتعثر ، وال تنتهي إىل هدى ! جديد

وأين هي من حال الذي ميشي مستقيما سويا يف طريق ال ! وال خري وال وصول !عوج فيه وال عثرات ، وهدفه أمامه واضح مرسوم؟

وىل هي حال الشقي املنكود الضال عن طريق الله ، احملروم من هداه ، إن احلال األالذي يصطدم بنواميسه وخملوقاته ، ألنه يعترضها يف سريه ، ويتخذ له مسارا غري مسارها ، وطريقا غري طريقها ، فهو أبدا يف تعثر ، وأبدا يف عناء ، وأبدا يف

.ضاللملهتدي إىل الله ، املمتع داه ، الذي يسري واحلال الثانية هي حال السعيد ادود ا

وفق نواميسه يف الطريق الالحب املعمور ، الذي يسلكه موكب اإلميان واحلمد .وهو موكب هذا الوجود كله مبا فيه من أحياء وأشياء. والتمجيد

وحياة الكفر هي العسر والتعثر . إن حياة اإلميان هي اليسر واالستقامة والقصدفأيهما أهدى؟ وهل األمر يف حاجة إىل جواب؟ إمنا هو سؤال التقرير ..والضالل ويتوارى السؤال واجلواب ليتراءى للقلب هذا املشهد احلي الشاخص ! واإلجيابمشهد مجاعة ميشون على وجوههم ، أو يتعثرون وينكبون على .. املتحرك

امات ، ومشهد مجاعة أخرى تسري مرتفعة اهل. وجوههم ال هدف هلم وال طريق .مستقيمة اخلطوات ، يف طريق مستقيم ، هلدف مرسوم

إنه جتسيم احلقائق ، وإطالق احلياة يف الصور ، على طريقة القرآن يف التعبري وعلى ذكر اهلدى والضالل ، يذكرهم مبا وهبهم الله من وسائل .. بالتصوير

١٢٧

هو : قل «: اكرين اهلدى ، وأدوات اإلدراك مث مل ينتفعوا ا ، ومل يكونوا من الش ..» الذي أنشأكم ، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ، قليلا ما تشكرون

وحقيقة أن الله هو الذي أنشأ اإلنسان ، حقيقة تلح على العقل البشري ، وتثبت .ذاا بتوكيد يصعب رده

وهو مل يوجد -علم وأقدر ما يعلم من اخلالئق وهو أرفع وأ-فاإلنسان قد وجد وال مفر من .. نفسه ، فال بد أن يكون هناك من هو أرفع وأعلم وأقدر منه أوجده

واملماراة فيها نوع من .فوجود اإلنسان ذاته يواجهه ذه احلقيقة. االعتراف خبالق .املماحكة ال يستحق االحترام

جبانبها ما زود الله به اإلنسان من وسائل والقرآن يذكر هذه احلقيقة هنا ليذكر ..» وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة«: املعرفة

: نعمة اإلنشاء ونعمة السمع واألبصار واألفئدة : وما قابل اإلنسان به هذه النعمة نهما بعض والسمع واألبصار معجزتان كبريتان عرف ع..» قليلا ما تشكرون«

واألفئدة اليت يعرب ا القرآن عن قوة اإلدراك واملعرفة ، معجزة . خواصهما العجيبةوهي سر الله يف هذا املخلوق . ومل يعرف بعد عنها إال القليل. أعجب وأغرب

..الفريد وللعلم احلديث حماوالت يف معرفة شيء عن معجزيت السمع والبصر نذكر منها

: حملة: ويقول العلم . سمع باألذن اخلارجية ، وال يعلم اال الله أين تنتهيتبدأ حاسة ال«

إن االهتزاز الذي حيدثه الصوت يف اهلواء ينقل إىل األذن ، اليت تنظم دخوله ، ليقع .وهذه تنقلها إىل التيه داخل األذن. على طبلة األذن

القسم اللوليب ويف. والتيه يشتمل على نوع من األقنية بني لولبية ونصف مستديرة« .وحده أربعة آالف قوس صغرية متصلة بعصب السمع يف الرأس

فما طول القوس منها وحجمها؟ وكيف ركبت هذه األقواس اليت تبلغ عدة « آالف كل منها تركيبا خاصا؟

١٢٨

هذا كله . وما احليز الذي وضعت فيه؟ ناهيك عن العظام األخرى الدقيقة املتماوجةوتنتهي األعصاب . ويف األذن مائة ألف خلية مسعية! رىيف التيه الذي ال يكاد ي

.» دقة وعظمة حتري األلباب. بأهداب دقيقةومركز حاسة اإلبصار العني ، اليت حتتوي على مائة وثالثني مليونا من مستقبالت «

وتتكون العني من الصلبة والقرنية . الضوء ، وهي أطراف أعصاب اإلبصار .خبالف العدد اهلائل من األعصاب واألوعية وذلك .. واملشيمة والشبكية

وتتكون الشبكية من تسع طبقات منفصلة ، والطبقة اليت يف أقصى الداخل تتكون « .من أعواد وخمروطات

وقد . إن عدد األوىل ثالثون مليون عود ، وعدد الثانية ثالثة ماليني خمروط: ويقال .. بالنسبة للعدسات نظمت كلها يف تناسب حمكم بالنسبة لبعضها البعض و

وعدسة عينيك ختتلف يف الكثافة ، ولذا جتمع كل األشعة يف بؤرة ، وال حيصل ..» اإلنسان على مثل ذلك يف أية مادة من جنس واحد كالزجاج مثال

وهي قوة اإلدراك . فأما األفئدة فهي هذه اخلاصية اليت صار ا اإلنسان إنسانا ا . ا اإلنسان يف هذا امللك العريضوالتمييز واملعرفة اليت استخلف واليت محل

.األمانة اليت أشفقت من محلها السماوات واألرض واجلبالأمانة اإلميان االختياري ، واالهتداء الذايت ، واالستقامة اإلرادية على منهج الله

! القومي وال يعلم أحد ماهية هذه القوة ، وال مركزها ، داخل اجلسم أو خارجه .ر الله يف اإلنسان مل يعلمه أحد سواهفهي س

وعلى هذه اهلبات الضخمة اليت أعطيها اإلنسان لينهض بتلك األمانة الكربى ، فإنه وهو أمر يثري اخلجل واحلياء عند التذكري به ، .. » قليلا ما تشكرون«: مل يشكر

كر نعمة الله كما يذكرهم القرآن يف هذا اال ويذكر كل جاحد وكافر ، ال يشمث يذكرهم أن الله مل ينشئ ! عليه وهو ال يوفيها حقها لو عاش للشكر دون سواه

إمنا هي فرصة . البشر ومينحهم هذه اخلصائص عبثا وال جزافا لغري قصد وال غاية

١٢٩

ليه هو الذي ذرأكم في الأرض ، وإ: قل «: مث اجلزاء يف يوم اجلزاء . احلياة لالبتالء ..» تحشروناجلمع بعد النشر يف : واحلشر . وحيمل كذلك معىن االنتشار. اإلكثار: والذرء ومها حركتان متقابلتان من الناحية التصورية ، تقابلهما من الناحية . األرجاءوهذا مشهد . ذلك مشهد لإلكثار من اخللق ونشرهم أو نثرهم يف األرض. املعنوية

وجيمعهما السياق يف آية واحدة ، ليتقابل ! هم بعد النشر والنثرجلمعهم منها وحشروليتذكر البشر وهم منتشرون يف . املشهدان يف احلس والتصور على طريقة القرآن

وأن هناك أمرا وراء . األرض أن هناك غاية هم صائرون إليها ، هي اجلمع واحلشر .هذا ، ووراء االبتالء باملوت واحلياة

ويقولون مىت هذا «: هذا احلشر ، وارتيام يف هذا الوعد مث حيكي شكهم يفصادقني متإن كن دع؟ »الو..

فإن معرفة موعد . كما أنه سؤال املماحك املتعنت. وهو سؤال الشاك املستريبهذا الوعد وميقاته ال تقدم وال تؤخر وال عالقة هلا حبقيقته ، وهو أنه يوم اجلزاء

ويستوي بالقياس إليهم أن جييء غدا أو أن جييء بعد ماليني السنني . بتالءبعد اال .فاملهم أنه آت ، وأم حمشورون فيه ، وأم جمازون مبا عملوا يف احلياة..

ومن مث مل يطلع الله أحدا من خلقه على موعده ، ألنه ال مصلحة هلم يف معرفته ، ته ، وال أثر له يف التكاليف اليت يطالب وال عالقة هلذا بطبيعة هذا اليوم وحقيق

الناس ا استعدادا ملالقاته ، بل املصلحة واحلكمة يف إخفاء ميقاته عن اخللق كافة ، قل إنما العلم عند الله ، «: واختصاص الله بعلم ذلك املوعد ، دون اخللق مجيعا

بنيم ذيرا نما أنإنو«. وتتجرد ذات الله ووحدانيته بال . جبالء فارق ما بني اخلالق واملخاليقوهنا يربز

مبا فيهم الرسل -ويقف اخللق . ويتمحض العلم له سبحانه. شبيه وال شريكإنما العلم عند : قل «: يف مقامهم متأدبني عند مقام األلوهية العظيم -واملالئكة

١٣٠

أما العلم فعند . وظيفيت اإلنذار ، ومهميت البيان.. » ر مبنيوإنما أنا نذي. الله .صاحب العلم الواحد بال شريك

وبينما هم يسألون يف شك وجيابون يف جزم ، خييل السياق القرآين كأن هذا اليوم الذي يسألون عنه قد جاء ، واملوعد الذي يشكون فيه قد حان وكأمنا هم واجهوه

: فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ، وقيل «: ن فكان فيه ما كا. اآلنفقد رأوه قريبا مواجها هلم حاضرا أمامهم دون توقع ! »هذا الذي كنتم به تدعون

.فسيئت وجوههم ، وبدا فيها االستياء. ودون متهيدا هذا هو حاضر.. » هذا الذي كنتم به تدعون: وقيل «: ووجه إليهم التأنيب

! وهو الذي كنتم تدعون أنه لن يكون. قريباوهذه الطريقة يف عرض ما سيكون تتكرر يف القرآن ، ملواجهة حالة التكذيب أو الشك مبفاجأة شعورية تصويرية تقف املكذب أو الشاك وجها لوجه مع مشهد

.حاضر ملا يكذب به أو يشك فيه يف علم الله أما خط الزمن فهذا اليوم كائن. مث هي يف الوقت ذاته تصور حقيقة

وهي مسألة نسبية ال متثل احلقيقة . بينه وبني البشر فهو قائم بالقياس إىل البشر. ولو أذن الله لرأوه اللحظة كما هو يف علم الله. اردة كما هي يف حساب الله

فهذا االنتقال املفاجئ هلم من الدنيا إىل اآلخرة ، ومن موقف الشك واالرتياب إىل. موقف املواجهة واملفاجأة ، يشري إىل حقيقة قائمة لو أذن الله ا ال نكشفت هلم

١٦٣ ".يف الوقت الذي يصور هلم هذه احلقيقة تصويرا يهز مشاعرهم ما يستفاد من اآليات

:يستدل باآليات على ما يأيت تقرير حقيقة ثابتة وهي أن الكافر يعيش يف غرور كامل ولذا يرفض دعوة -١ .قاحل . تقرير حقيقة ثابتة وهي إحنراف الكافر وضالله وإستقامة املؤمن وهدايته -٢

)٣٦٣٩ / ٦ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٦٣

١٣١

وجوب الشكر هللا تعاىل على نعمة السمع والبصر والقلب وذلك باإلميان -٣ .١٦٤والطاعة

. تقرير عقيدة البعث واجلزاء -٤

، ال ناصر وال رازق للمؤمن والكافر يف احلقيقة والواقع إال الله عز وجل - ٥ولكن الكافرين يف غرور من الشياطني تغرهم بأن ال عذاب وال حساب ، ويف متاد

.واستمرار يف طغيام وضالهلم ونفورهم عن احلق

مثل الكافر يف ضالله وحريته كالرجل املنكس الرأس الذي ال ينظر أمامه وال - ٦، ومثل املؤمن ميينه وال مشاله ، والذي ال يأمن من العثور واالنكباب على وجهه

يف هدايته وتبصره كالرجل السوي الصحيح البصري املاشي يف الطريق املستقيم .وال شك بأن الثاين أهدى من األول. املهتدي له

وهي متكني الطيور من : هناك براهني ثالثة على كمال قدرة الله تعاىل - ٧بصر والفؤاد أو العقل الطريان يف اهلواء ، وخلق اإلنسان وتزويده بطاقات السمع وال

، وخلق الناس موزعني مفرقني على ظهر األرض مث حشر الناس يوم القيامة ، .ازاة كل بعمله ألن القادر على البدء أقدر على اإلعادة

غالب الناس ال يشكرون نعم الله باستعمال حواسهم فيما خلقت ألجله ، - ٨ .وال يوحدون الله تعاىل

عد ختويفهم بعذاب الله بتعيني الوقت املوعود به استهزاء طالب الكفار ب- ٩ .وإنكارا

أن علم وقت قيام الساعة عند الله : اجلواب عن تساؤهلم واستعجاهلم - ١٠وما مهمة الرسول إال البالغ املبني واإلنذار والتخويف . وحده ، فال يعلمه غريه

.البين من العذاب

)٢٩١ / ٤ (-أيسر التفاسري للجزائري - ١٦٤

١٣٢

مثرات اإلميان باليوم اآلخر

ا كان اإلميان باليوم اآلخر أحد أصول اإلميان الستة اليت ال يصح إميـان مسـلم مل .بدوا

واجتنـاب ) عز و جل(وملا لذلك اإلميان من أثر يف حياة املسلم وطاعته ألوامر اهللا نواهيه، وملا له من أثر يف صالح القلوب وصالح النـاس وسـعادم يف الـدنيا

، وملا يف نسيان ذلك اليوم العظيم والغفلة عنه من خطر على حياة النـاس واآلخرةفال غرابة إذن أن يرد ذكر هذا اليوم كثريا يف القرآن الكرمي ، حىت ال .. ومصريهم

.تكاد ختلو منه صفحة من صفحاتهاملشـهود، وإذا كان الكتاب والسنة قد اهتما غاية االهتمام بتفاصيل ذلك اليـوم

.وبأحوال هذا النبأ العظيم؛ فإنه من احلمق واجلهل أال تم مبا اهتم به الوحيانقضية وجوده : إن أعـظــم قـضـيـة جيب أن ينشغل ا كل واحد منا هي

أن يتقدم وحياته والغاية منها، وقضية مستقبله ومصريه وشقائه وسعادته، فال جيوزوهل هنـاك . شيء مهما كان، فكل أمر دونه هني ،وكل خطب سواه حقري ذلك

أعظم وأفدح من أن خيسر اإلنسان حياته وأهله، وخيسـر مـع ذلـك سـعادته فاعبدوا ما شئتم من دونه قـل إن {: وسعادتهم، فماذا يبقى بعد ذلك؟ قال تعاىل

الذين اسرينان الخـرسالخ ـوه ة ألا ذلـكامالقي موي ليهمأهو مهوا أنفسسرخبني{: وقال تعاىل . سورة الزمر ) ١٥(} الم مـن اشعنيا خهليون عضرعي ماهرتو

وا إن الخنآم قال الذينو فيف خون من طرنظروا الذل يسـرخ الـذين اسـرينسـورة ) ٤٥(} أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمني في عـذاب مقـيم

.الشورى :وأمهية هذا املوضوع تتجلى فيما يلي

انفتاح الدنيا الشديد على كثري من الناس يف هذا الزمان وما صحب ذلك من -١ليل والنهار بأساليب جديدة ودعايات خبيثة تزين الدنيا يف أعـني النـاس مكر ال

١٣٣

مـن اإلميـان -� -وتصدهم عن اآلخرة، ومع ما كان عليه صحابة رسول اهللا والتقوى، فقد كان حيذرهم من االغترار بالدنيا وضرورة االستعداد لآلخرة، مـع

ريب أننا أحوج منهم بكثري إىل أن الدنيا مل تنفتح عليهم مثل اليوم، فال شك وال .أن نتذكر اآلخرة ويذكر بعضنا بعضا، بعظمة شأا وأمهية االستعداد هلا

ركون كثري من الناس للدنيا، ولقد ترتب على ذلـك أن قسـت القلـوب، -٢، وإذا قرأ أحدنا القرآن قرأه بقلب )عز وجل (وحتجرت األعني، وهجر كتاب اهللا

اله، فأنى ملثل ذلك القلب أن خيشع لذكر اهللا؟ وأنى لعينيه أن تدمع خوفا من اهللا، .واهللا املستعان.. وقد انعكس ذلك على الصالة ، فقل اخلاشعون واملطمئنون فيها

ملا يف تذكر ذلك اليوم ومشاهده العظيمة من حث علـى العمـل الصـاحل ، -٣عل اخلريات وترك املنكرات ، بل ما تكاسـل املتكاسـلون يف عمـل واملبادرة لف

الصاحلات سواء الواجب منها واملسنون إال بسبب الغفلة عن اآلخرة واالنشـغال رجال لا تلهيهم تجارة {: عنها، يقول تعالـى فـي وصــف عباده الصاحلني

ام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلـوب ولا بيع عن ذكر الله وإق ارصالأبـل {: سورة النــور ، وقال تعاىل ) ٣٧(} وـاء الليآن قانت وه نأم

تسل يه قل هبة رمحو رجرية والآخر ذرحا يقائما واجدـون سلمعي وي الـذين .سورة الزمر) ٩(} والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب

٤- من املشكالت املعقدة واألمراض املزمنة، اليت نشـأت يف عصرنا اليوم ملا ظهر ن يؤديان غالبا إىل حياة عنها األمراض النفسية املتنوعة من القلق واالكتئاب، اللذي

.البعد عن اهللا تعاىل، وعن تذكر اليوم اآلخر: يائسة، ومن أسباب ذلك ملا متيز به زماننا اليوم من كثرة املظامل يف بعض اتمعات واعتـداء النـاس -٥

بعضهم على بعض، من أكل ألموال غريهم بدون وجه حق، وكذلك النيل مـن ألعراض، واحلسد والتباغض، والفرقة واالختالف، وخباصة بني بعـض الـدعاة ا

ـر الوقــوف وطلبة العلم، وال شك أنه ال شيء مثل تذكر اليوم اآلخر، وتذك .عالجا لتلك األمراض) عز وجل(بني يدي اللـه

١٣٤

األسباب يف وهـن وملا كان الركون إىل الدنيا والغفلة عن اآلخرة من أعظم -٦النفوس وضعفها كان ال بد من التذكري املستمر بذلك اليوم ،وما فيه من نعـيم أو جحيم، ألن يف هذا التذكري أكرب األثر يف نشاط اهلمم وعدم االستسالم للوهــن

وما أعده للمجاهدين يف سبيله الـداعني ) عز وجل (واليأس رجـاء ثواب اللـه .ليهإ

وملا قل يف برامج الدعوة والتربية االعتناء ذه اجلانب العظيم من التربية مما له -٧األثر الكبري يف االستقامة على اجلادة ، والدعوة إىل اهللا على بصرية، ولكن نرى من

لـل بعض املهتمني بالدعوة من يستهني ذا اجلانب العظيم حىت صار بعضهم يق إن هذا األمر يغلب عليه الوعظ أو هـذا مقـال : من أثر التذكرة باآلخرة بقوله

وعظي ة رسوله ) سبحانه(مع أن املتأمل لكتاب اهللا .. إخل… عاطفيوسن- �- .. يرى جبالء جانب الوعظ بارزا بالربط بني الدنيا واآلخرة والثـواب والعقـاب

.يهدينا مجيعا ،وأن يوفقنا لالقتداء بالسنة والسري على جهانسأل اهللا أن إن يف اليقني باليوم اآلخر وأنبائه العظيمة آلثارا واضحة ومثارا طيبة، البد أن تظهر يف قلب العبد وعلى لسانه وجوارحه، ويف حياته كلها، ولكن هذا اليقني وحده ال

لصرب وجماهدة الشهوات والعوائق، ألن الواحد منا ـ مـع يكفي حىت ينضم إليه ايقينه باليوم اآلخر وأهواله ـ يرى يف حياته أن مثرات هذا اليقني ضعيفة، فالبـد

١٦٥.إذن من سبب هلذا األمر

****************

مثرات اإلميان باليوم اآلخر ففيه الكثري–انظر كتايب أركان اإلميان - ١٦٥

١٣٥

����א��M�1א��"دس�א��M�1א��"دس�א��M�1א��"دس�א��M�1א��"دس�

b����0_�א��.�"�`�c"د�b����0_�א��.�"�`�c"د�b����0_�א��.�"�`�c"د�b����0_�א��.�"�`�c"د� ���� �deN"*�U�.Vوא��deN"*�U�.Vوא��deN"*�U�.Vوא��deN"*�U�.Vوא�������������

�{: قال تعاىل ���[�Z�Y�X�W�V�U�T�S�R�Q�P�O^�]�\�� ��l�k�j�i�h�g�f�e�d�c�b�a�`�_

m���x�w�v�u�t�s�r�q�p�o�n��� {

:شرح الكلمات معناها... الكلمة ... رقم اآلية

٢٨ ... تغريت واسودت... سيئت ٢٨ ... متأيأخربوين... قل أر ٢٨ ... جريحيفظ... ي ا يف أعماق األرضذاهب... غورا ... ٣٠ ١٦٦نابع ، سائح ، جار على وجه األرض... ماء معني ... ٣٠

:املناسبة هذا هو األمر الثاين الذي حكاه الله عن الكفار بعد ختويفهم بعذاب الله ، فطالبوا

وعلى ���� أوال بتعيني وقت احلشر والبعث والعذاب ، مث دعوا على رسول اللهشاعر نتربص به ريب المنون : أم يقولون : ما قال تعاىل املؤمنني باهلالك ، ك

بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إىل أهليهم : وقال ] ٣٠/ ٥٢الطور [ ].١٢/ ٤٨الفتح [أبدا

:البالغة والتأخري فقد قدم املفعول يف قوله وعليه التقدمي» آمنا به وعليه توكلنا « : يف قوله

فإن قلت مل أخر « : توكلنا وأخره يف قوله آمنا به ، وقال الزخمشري بصدده

)١ / ٢٢ (-يخ غازي الدرويب كلمات القرآن للش - ١٦٦

١٣٦

مفعول آمنا وقدم مفعول توكلنا؟ قلت لوقوع آمنا تعريضا بالكافرين حني ورد ا عقيب ذكرهم كأنه قيل آمنا ومل نكفر كما كفرمت مث قال وعليه توكلنا خصوص

١٦٧»مل نتوكل على ما أنتم متوكلون عليه من رجالكم وأموالكم :املعىن العام

وعلى املؤمنني باهلالك كما ���� روى أن كفار مكة كانوا يدعون على رسول الله» أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون « : حكى الله عنهم ىف آية أخرى بقوله

ننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك بل ظ{: وقوله سورة الفتح فرتلت اآلية ، ) ١٢(} في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا

الله ، مث أمره أن إن هالكى أو رمحىت ال جتريكم من عذاب: مث أمره أن يقول هلم إنا آمنا بربنا وتوكلنا عليه ، وستعلمون غدا من اهلالك ؟ مث أمره أن : يقول هلم إن غار ماؤكم ىف األرض ومل تصل إليه الدالء ، فمن يأتيكم مباء عذب : يقول هلم

١٦٨زالل تشربونه ؟كم ، أخربوىن إن استجاب الله دعاء: رد الله عليهم آمرا النيب أن يقول هلم

ماذا تستفيدون من ذلك ، ما دمتم . فأهلكنا باملوت أو رمحنا فأخر أجلنا قليالمقيمني على الكفر والضالل ، أحتسبون أن ذلك ينجيكم من عذاب الله ؟ ال ولن ينفعكم موتنا أو عدمه ، وإمنا الذي ينفعكم هو اإلميان فقط ، والذي جنانا حنن هو

فقط ، وأما أنتم إذا ظللتم على ما أنتم عليه اإلميان بالرمحن والتوكل عليه فستعلمون غدا من هو يف ضالل كبري ؟

أخربوىن إن أصبح ماؤكم غائرا ال تصله األيدى : قل هلم مذكرا بنعمة من نعمه وال الدالء فمن يأتيكم مباء معني جار على وجه األرض نابع من العيون ، أو منظور

)١٦٢ / ١٠ (- إعراب القرآن وبيانه ـ موافقا للمطبوع - ١٦٧

)٢٣ / ٢٩ (-تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع - ١٦٨ فال يعول عليهسبب الرتول ال يصح: قلت

١٣٧

فآمنوا به واعملوا صاحلا ينجيكم ربكم من عذاب إليه بالعيون ؟ ال أحد غري الله١٦٩.أليم

:التفسري والبيان :واملؤمنني من وجهني ���� وتعاىل عن دعاء الكافرين الك النيبأجاب احلق سبحانه

قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجري « -الوجه األول مناسبة هذه اآلية ملا قبلها ، هى أن اآلية السابقة قد .»رين من عذاب أليم الكاف

طلعت على املشركني املكذبني بيوم القيامة ـ طلعت عليهم ذا اليوم ، وكشفت ..!عما وقع عليهم من مالقاته ، من هلع وفزع

ل إن هناك وإنه ليس هذا ، وحسب ، هو الذي يلقاه الكافرون من هذا اليوم ، بوهذا ما جاءت اآلية الكرمية لتقريره ، .. عذابا أليما ىف نار جهنم اليت أعدت هلم

ىف أبلغ صورة ، وذلك أن هذا العذاب الواقع بالكافرين ال يصرفه عنهم أحد ، من صديق أو قريب ، وأن ما يقع لغريهم من إساءة أو مسرة ، ال أثر له ىف العذاب

ك الله النيب ومن معه أو رمحهم ىف هذه احلياة الدنيا ، فليس فاذا أهل.. الواقع م إنه واقع .. يف هذا ما خيلص الذين كفروا ، من عذاب اآلخرة ، أو يدفعه عنهم

..م ، فال حميد هلم عنه ، وال منقذ له منه إم كانوا يتمنون هالك النيب ، ويتوقعون أن يصبحوا يوما فال يرون له مكانا فيهم

أم يقولون شاعر نتربص به « : وهذا ما ذكره الله تعاىل عنهم ىف قوله سبحانه ، وىف هذا ـ على ما قدروا ـ راحة هلم من عناء ، ) الطور٣٠(» ريب المنون

.وعافية من بالءوإم لوامهون ىف تقديرهم هذا ، خمدوعون فيما يتمنون ، إذ ماذا يعود عليهم من موت النيب ؟ إنه صلوات الله وسالمه عليه ـ ال ميلك لنفسه ، وال ملن معه نفعا

ـ ليس هو الذي يتولى ���� وال ضرا ، بل األمر كله بيد الله ، وأن النيب ـحساب هؤالء الكافرين ، ويأخذهم بالعذاب الذي أعد هلم ، حىت إنه لو مات

)٧١٩ / ٣ (-التفسري الواضح ـ موافقا للمطبوع - ١٦٩

١٣٨

ي يتوىل هذا ، بل الذي يتواله ، إنه ليس هو الذ.. لرفع عنهم العذاب ـ وكال ١٧٠. هو الله سبحانه ، وليس للكافرين من جمري من هذا العذاب

أخربوين عن أي فائدة أو : أي قل يا حممد هلؤالء املشركني بالله ، اجلاحدين لنعمه منفعة لكم ، أو راحة فيما إذا أهلكين الله باإلماتة أو رمحين بتأخري األجل ، أنا

ذلك ، فال ينجي الكافرين أحد من املؤمنني ، فلو فرض أنه وقع بناومن معي منواملؤمنني معه ، كما كان الكفار ���� عذاب الله ، سواء أهلك الله تعاىل رسوله

.يتمنونه أو ينتظرونه ، أو أمهلهم

واملراد باآلية تنبيه الكفار وحثهم على طلب النجاة واإلنقاذ بالتوبة واإلنابة الله باإلميان واإلقرار بالتوحيد والنبوة والبعث ، وإعالمهم بأنه ال والرجوع إىل

واملؤمنني من العذاب والنكال ، فسواء عذم الله ���� ينفعهم وقوع ما يتمنون للنيب .أو رمحهم ، فال مناص هلم من نكاله وعذابه األليم الواقع م

قل يا محمد للمشركني : ���� ه محمد يقول تعالى ذكره لنبي: " وقال الطربي مكقو في : من را فأخنحمر أو عيم نمني واتفأم الله لكنيإن أه اسا النهأي متأيأر

. مؤلم ، وذلك عذاب النار آجالنا فمن يجري الكافرين بالله من عذاب موجع ليس ينجي الكفار من عذاب الله موتنا وحياتنا ، فلا حاجة بكم إلى أن : يقول

لك بلاء تستعجلوا قيام الساعة ، ونزول العذاب ، فإن ذلك غير نافعكم ، بل ذ ظيمع كمليع".

فستعلمون من هو .. وعليه توكلنا .. آمنا به .. قل هو الرحمن « -الوجه الثاين أي إن النيب ومن معه ، هم ىف مقام العبودية لله ، كسائر الناس » في ضالل مبني

حسنوا العمل ، غفر الله هلم ، وأنزهلم منازل املكرمني إن آمنوا بالله ، وأ.. مجيعا وهلذا جاء قوله تعاىل إىل النيب الكرمي ، بإعالن هذا االميان بالله ىف وجه الكافرين ..

، ليكون هلم من ذلك علم بأن النيب ليس خارجا عن هذه الدعوة اليت يدعوهم لك هى سبيل املؤمنني معه وت.. إليها ، وأنه عبد الله مؤمن به ، متوكل عليه

)١٠٧١ / ١٥ (-قا للمطبوع التفسري القرآين للقرآن ـ مواف - ١٧٠

١٣٩

فهل يؤمن الكافرون بالله ؟ وهل يأخذون الطريق الذي أخذه النيب وأصحابه ؟ .. ١٣٧(» فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق « : ١٧١). البقرة:

ي آمنا به وحده ، ال نشرك به شيئا ، وعليه توكلنا إنه الله الرمحن الذ: أي قل هلم تفويض األمور إليه عز وجل ، كما قال : والتوكل . يف مجيع أمورنا ، ال على غريه

فستعلمون من : وهلذا قال تعاىل ]. ١٢٣/ ١١هود [فاعبده وتوكل عليه : تعاىل هو يف خطأ واضح منا ومنكم ، وملن تكون هو في ضالل مبني أي ستدركون من

. وفيه تعريض بالكفرة أم متكلون على الرجال واألموال. العاقبة يف الدنيا واآلخرة وإذا كان هذا حاهلم فكيف يقبل الله دعاءهم على املؤمنني؟

مث ذكر الله تعاىل الدليل على وجوب التوكل عليه ال على غريه ، فقال مظهرا هو » قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معني « :قه الرمحة يف خل

ديد للكافرين بأن يسلط الله تعاىل عليهم البالء ىف الدنيا ، وأن يرميهم باملكاره ، فلو أن الله سبحانه ذهب ذا املاء الذي . وأن يرتع عنهم نعمه اليت يعيشون فيها

و قوام حيام ، وحياة حيوام ونبام ، فمن يأتيهم جبرعة ماء منه ؟ هواملاء .هو ذهابه غائرا ىف األرض ، أي منسربا فيها، ضائعا ىف بطنها: وغور املاء

وىف اآلية الكرمية إشارة إىل النيب الكرمي ، ..العني ، هو املاء الذي يفيض من العيون أنه هو احلياة اليت منها حياة القلوب والنفوس ، وأنه وإىل القرآن الذي بني يديه ،

لو ذهب هذا النيب ـ كما يتمنون ـ لكان ىف هذا هالكهم ، وضياعهم ، بذهاب إنه لن يأتيهم نىب بعده ، ولن يرتل عليهم من الله كتاب . مصدر اهلدى والنور هلم

ياة ، وغذاء بعد هذا الكتاب ، الذي إن فام حظهم منه ، فقد فام ماء احل ١٧٢. " األرواح

)١٠٧٢ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٧١

)١٠٧٣ / ١٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٧٢

١٤٠

أخربوين إن صار ماؤكم الذي جعله الله لكم يف العيون : أي قل هلم يا حممد واآلبار واألار ملنافعكم املتعددة غائرا ذاهبا يف األرض إىل أسفل حبيث ال ينال بالدالء وغريها ، فمن الذي يأتيكم مباء كثري جار ال ينقطع ، أي ال يأتيكم به أحد

الله تعاىل ، وذلك باألمطار والثلوج واألار ، فمن فضله وكرمه أن أنبع لكم إال .املياه وأجراها يف سائر أقطار األرض لتحقيق حاجة الناس قلة وكثرة

.واملقصود أن جيعلهم مقرين ببعض نعمه ، لرييهم قبح ما هم عليه من الكفر

فلم ال جتعلون من ال يقدر : ينئذ هو الله ،فيقال هلم ح: فإذا كان ال بد وأن يقولوا على شيء أصال شريكا له يف املعبودية؟

واآلية دليل على وجوب االعتماد على الله تعاىل يف كل حاجة ، مع أنه برهان آخر على كمال قدرته ووحدانيته ، وإشارة إىل أن الفتوح العقلي ال يتيسر إال

تم الماء الذي تشربون ، أأنتم أنزلتموه من أفرأي: ونظري اآلية .بإعانة الله تعاىل ].٦٩ - ٦٨/ ٥٦الواقعة [المزن أم نحن المنزلون

أال تفكرون من أين جاء ؟ أال تنظرون فيه وىف هذا .. وهذا املاء الذي تشربون "أخرج لكم من هذا املاء املاء امللح الذي ميأل وجه األرض ؟ من فصل بينهما ؟ ومن

امللح ، هذا املاء العذب الفرات ؟ أأنتم الذين صنع هذا الصنيع ، وأنشأ من هذا املاء امللح سحابا حيمل املاء العذب ، وينشىء منه األار ، ويفجر العيون ؟

!!أجيبوا! أأنتم أنزلتموه من املزن ، أي السحب ، أم حنن املرتلون ؟ واإلقرار ، بأن الله سبحانه هو الذي صنع لكم هذا الذي وال جواب إال التسليم

ولو شاء الله سبحانه وتعاىل ، جلعل هذا املاء العذب على حاله اليت كان ! صنععليها من قبل أن خيرج من رحم البحار ، كما خرجتم أنتم من أرحام أمهاتكم ،

١٧٣ "..وكما خرج النبات من رحم األرض ما دور . ، وعنصرها الذي ال تنشأ إال به كما قدر اللهوهذا املاء أصل احلياة"

أما الذي أنشأه من عناصره ، وأما الذي أنزله من .اإلنسان فيه؟ دوره أنه يشربه

)٧٢٨ / ١٤ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٧٣

١٤١

لو نشاء جعلناه «وهو الذي قدر أن يكون عذبا فكان . سحائبه ، فهو الله سبحانه يشكرون فضل الله الذي فهال. ماحلا ال يستساغ ، وال ينشئ حياة. »أجاجا

أجرى مشيئته مبا كان؟واملخاطبون ابتداء ذا القرآن كان املاء النازل من السحائب ، يف صورته املباشرة ، مادة حيام ، وموضع احتفاهلم ، واحلديث الذي يهز نفوسهم ، وقد خلدته

ل لعلها ومل تنقص قيمة املاء بتقدم اإلنسان احلضاري ، ب.. قصائدهم وأشعارهم والذين يشتغلون بالعلم وحياولون تفسري نشأة املاء األوىل أشد شعورا . تضاعفت

فهو مادة اهتمام للبدائي يف الصحراء ، وللعامل . بقيمة هذا احلدث من سواهم ١٧٤."املشتغل باألحباث سواء

ومضات عامة :قال القامسي

من دعوته وانتشارها ، ريب املنون ؛ ختلصا ���� كان كفار مكة يتربصون بالنيب"أخربوين إن أماتين اهللا ومن معي من املؤمنني ، أو : أي . فأمر أن يقول هلم ذلك

رمحنا بتأجيل آجالنا وانتصارنا ، فمن جيريكم من عذاب أليم قضى اهللا وقوعه بكم .لكفركم ؟

خلصوا أنفسكم ، فإنه ال منقذ لكم من اهللا إال بالتوبة : أي : قال ابن كثري واإلنابة ، والرجوع إىل دينه ، وال ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنكال

واملعين . ، فسواء عذبنا اهللا أو رمحنا ، فال مناص لكم من عذابه ونكاله الواقع بكم إما الدنيوي وهو خزيهم باالنتصار عليهم ، ودحور ضالهلم ، أو : بالعذاب

١٧٥ ".األخروي ، وهو أشد وأبقى املقصود تقريرهم ببعض نعمه تعاىل ، لرييهم قبح ما هم عليه من : قال الرازي

أخربوين إن صار ماؤكم ذاهبا يف األرض ، فمن يأتيكم مباء معني ؟ : أي . الكفر

)٣٤٦٩ / ٦ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٧٤

)٥ / ١٣ (- التأويل تفسري القامسي حماسن - ١٧٥

١٤٢

فلم جتعلون من ال يقدر على شيء : هو اهللا ؛ فيقال هلم حينئذ : فال بد وأن يقولوا * أفرأيتم الماء الذي تشربون { : وهو كقوله تعاىل أصال شريكا له يف العبودية ،

بل هو الذي : ، أي ] ٦٨: الواقعة [ } أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المرتلون ١٧٦.أنزله وسلكه ينابيع ؛ رمحة بالعباد ، فله احلمد

: وقال دروزة بتوجيه سؤال استنكاري للكفار عما إذا كان ���� يف هذه اآليات أمر للنيب "

ومن معه ���� يستطيع أحد أن جيريهم من عذاب الله وبالئه الشديد إن مات النيبوعمن يستطيع أن يأتيهم باملاء الدائم . قبل نزوله عليهم أو رمحهم حني نزوله

إميان من وأمر له أيضا بإعالن إميانه و. الظاهر إذا ما أصبح ماؤهم غائرا يف األرضمعه إميانا مطلقا بالله وتوكلهم عليه وحده وبإنذار الكفار بأم لن يلبثوا حىت

.يعرفوا من الفريقني املهتدي ومن هو املرتكس يف الضاللةوفيها توكيد ملا تلهمه اآليات . واآليات متصلة أيضا مبا سبقها سياقا وموضوعا

���� الذي قام بني النيبمن املوقف احلجاجي الوجاهي ] ٢٦ و٢٥ و٢٤ و٢٣[وقد جاءت خامتة هلذا املوقف أو التعقيب . والكفار والتعقيب عليه كما هو املتبادر

.وخامتة للسورة يف الوقت ذاتهولقد قال بعض املفسرين إن اآلية األوىل تضمنت ردا على الكفار الذين كانوا

إحدى آيات ويتمنونه حىت خيلصوا منه وهو ما حكته ���� يتربصون مبوت النيبولكن التأويل الذي أولناها . وقد ال خيلو القول من وجاهة. سورة الطور السابقة

١٧٧ ".والله أعلم. به هو الذي تبادر لنا أنه األوجه : ويف التفسري الوسيط

)٥ / ١٣ (-حماسن التأويل تفسري القامسي - ١٧٦

)٣٨٣ / ٥ (-التفسري احلديث لدروزة - ١٧٧

١٤٣

-احلياة والنصر بدليل املقابلة ، وقد منح الله : املوت ، وبالرمحة : واملراد باهلالك "الدنيا إال بعد أن بلغ الرسالة ، ���� العمر املبارك النافع ، فلم يفارق نبيه -تعاىل

".وأدى األمانة ، ودخل الناس يف دين الله أفواجا ، وكانت كلمته هي العلياأخربوىن إن : على سبيل التوبيخ وإلزام احلجة - أيها الرسول الكرمي -وقل هلم "

. له وجود أصالأصبح ماؤكم غائرا يف األرض ، حبيث ال يبقىفمن يستطيع أن يأتيكم مباء ظاهر على وجه األرض ، تراه عيونكم ، وتستعملونه

وحده ، فعليكم - تعاىل -إنه ال أحد يستطيع ذلك إال الله .يف شئونكم ومنافعكم ١٧٨".أن تشكروه على نعمه ، لكي يزيدكم منها

املؤمنة اليت معه أن واحلفنة - ���� -لقد كانوا يتربصون بالنيب : " ويف الظالل يهلكوا فيسترحيوا منهم وكانوا يتواصون بينهم بالصرب عليه حىت يوافيه األجل ،

.فتسكن هذه الزوبعة اليت أثارا الدعوة يف صفوفهمكما كانوا يتبجحون أحيانا فيزعمون أن الله سيهلك حممدا ومن معه ألم ضالون

فهنا أمام مشهد احلشر واجلزاء ، ينبههم ! ، وألم يكذبون على الله فيما يقولونفأوىل هلم . إىل أن أمنيتهم حىت لو حتققت ال تعصمهم هم من عاقبة الكفر والضالل

أرأيتم : قل «: أن يتدبروا أمرهم قبل هذا املوعد الذي واجههم به كأنه واقع م نا ، فمحمر أو عيم نمو الله لكنيذاب أليم؟إن أهع من الكافرين جريي ن «..

فما ينفعهم ! وهو سؤال يردهم إىل تدبر حاهلم ، والتفكري يف شأم ، وهو األوىل كما ال ينقذهم بطبيعة احلال أن -أن تتحقق أمانيهم فيهلك الله النيب ومن معه

أهم يف األرض وإليه وهو الذي ذر. والله باق ال ميوت. يرحم الله نبيه ومن معه ..حيشرون

إمنا . فمن جيريكم من عذاب أليم؟ وال ينص على أم كافرون: ولكنه ال يقول هلم » فمن يجري الكافرين من عذاب أليم«: يلوح هلم بالعذاب الذي ينتظر الكافرين

لتراجع وهو أسلوب يف الدعوة حكيم ، خيوفهم من ناحية ، ويدع هلم فرصة ل..

)٢٩ / ١٥ (-موافق للمطبوع -التفسري الوسيط للقرآن الكرمي - ١٧٨

١٤٤

فلو جاهم بأم كافرون ، وأنه ال مفر هلم من العذاب . عن موقفهم من ناحية ..األليم

.فرمبا جهلوا ومحقوا وأخذم العزة باإلمث أمام االام املباشر والتهديدمث ! ففي بعض احلاالت يكون أسلوب التلميح أفعل يف النفس من أسلوب التصريح

ألمرين ، إىل تقرير موقف املؤمنني من رم وثقتهم به يترقى من هذه التسوية بني اوتوكلهم عليه ، مع التلميح إىل اطمئنام إلميام ، وثقتهم داهم ، وبأن

.الكافرين يف ضالل مبني ..» فستعلمون من هو في ضالل مبني. هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا: قل «

هنا يشري إىل رمحته العميقة الكبرية برسوله واملؤمنني معه » الرحمن«وذكر صفة . فهو لن يهلكهم كما يتمىن الكافرون أو كما يدعون

آمنا «صلة اإلميان . إىل إبراز الصلة اليت تربطهم برم الرمحن- ���� -ويوجه النيب ..» به

والتعبري يشي بالقرىب بينهم وبني .. عليه وحده .. » وعليه توكلنا«وصلة التوكل هو الذي يتفضل على رسوله وعلى املؤمنني فيأذن له - سبحانه -والله . الرمحن

ال ختف مما يقوله : وكأمنا ليقول له . بإعالن هذه القرىب ، ويوجهه إىل هذا اإلعالن يف أن تظهر وأنت مأذون مين. فأنت ومن معك موصولون يب منتسبون إيل. الكفار

..وهذا ود من الله وتكرمي ... فقل هلم ! هذه الكرامة ، وهذا املقاموهو أسلوب .. » فستعلمون من هو في ضالل مبني«: مث ذلك التهديد امللفوف

كذلك من شأنه أن خيلخل اإلصرار على اجلحود ويدعوهم إىل مراجعة موقفهم فمن «: فيتعرضوا للعذاب الذي سبق ذكره يف اآلية ! خمافة أن يكونوا هم الضالني

ويف الوقت ذاته ال جيبههم بأم ضالون فعال ، » يجري الكافرين من عذاب أليم؟ وهو أسلوب يف الدعوة يناسب بعض حاالت النفوس . حىت ال تأخذهم العزة باإلمث

١٤٥

بعذاب الدنيا قبل عذاب اآلخرة ، وأخريا جييء اإليقاع األخري يف السورة يلمح هلمأرأيتم إن أصبح ماؤكم : قل «: وذلك حبرمام من سبب احلياة األول ، وهو املاء

..» غورا فمن يأتيكم بماء معني؟النابع الفائض : واملعني . الغائر الذاهب يف األرض ال يقدرون عليه: واملاء الغور

وهي ملسة قريبة يف حيام ، إن كانوا ما يزالون يستبعدون ذلك اليوم . املتدفق .وامللك بيد الله وهو على كل شيء قدير.. ويشكون فيه

! فكيف لو توجهت إرادته إىل حرمام مصدر احلياة القريبوهكذا تنتهي هذه ! مث يدعهم يتدبرون ما يكون لو أذن الله بوقوع هذا احملذور

ينتهي هذا احلشد من اإليقاعات واللمسات ، وهذه الرحالت السورة ، و .واجلوالت

وكل آية على وجه التقريب كانت إيقاعا . يف آفاق وأغوار وأبعاد مترامية األطرافأو كانت رحلة يف عامل جمهول مغيب ، أو منظور ال تلتفت إليه األنظار . خاصا

.والقلوبوكأمنا هي سهام . زها وعدد آيااسورة أكرب من حجمها وحي. إا سورة ضخمة

وهي تبين من قواعد ! تشري إىل بعيد ، ويكاد كل سهم يستقل بكشف عامل جديدالتصور اإلسالمي جوانب رئيسية هامة فهي تقر يف الضمري حقيقة القدرة املطلقة ،

. وحقيقة االبتالء باملوت واحلياة متهيدا للحشر واجلزاء. وحقيقة اهليمنة املطلقة. وحقيقة العلم املطلق بالسر والنجوى. يقة الكمال واجلمال يف صنعة اللهوحق

مع كل -وحقيقة حفظ الله للخالئق ، وحضوره سبحانه . وحقيقة مصدر الرزقوتصوره . ومجلة من هذه احلقائق اليت يقوم عليها تصور املسلم لربه... خملوق

نبثق منه منهج حياة املؤمن هذا التصور الذي ي. للوجود وارتباطه خبالق الوجود .ومع الناس. ومع نفسه. مع ربه. كله

١٤٦

والذي يتكيف به شعوره وضمريه . ومع الكون كله من أحياء وأشياء. ومع األحياء ١٧٩ "...وشخصيته وقيمه وموازينه ، واستقباله للحياة

ما يستفاد من اآليات

:دلت اآليات على ما يأيت .حىت متنوا موته ���� ن عداوة لرسول اهللا بيان ما كان عليه املشركون م-١١٨٠. مشروعية احلجاج إلحقاق احلق وإبطال الباطل -٢

واملؤمنني ألنه ال يستجاب ���� ال فائدة وال جدوى من دعاء الكفار على النيب- ٣دعاؤهم ، وألنه إن مات املؤمنون أو رمحوا فأخر الله تعاىل آجاهلم ، فمن جيري

فال حاجة م إىل توقع السوء وانتظاره مبن آمنوا ، وال الكافرين من عذاب أليم؟ إىل استعجال قيام الساعة ، وما عليهم لتخليص نفوسهم من العذاب إال إعالن

.اإلميان واإلقرار بالتوحيد والنبوة والبعث

جيب االعتماد والتوكل على الله تعاىل يف كل حاجة ، بعد اختاذ األسباب - ٤لبشر ، وشأن املؤمنني أن يتكلوا على الله سبحانه ، أما الكفار والوسائل املقدورة ل

.فيتكلون على رجاهلم وأمواهلم

إن الله تعاىل هو القادر على إمداد خلقه باألرزاق واألمطار واملياه النابعة ، - ٥ ه وكرمه ميدوال أحد غري الله عز وجل يقدر على ذلك ، والله برمحته وفضله ومن

. حيتاجون ، وإن كفروا وجحدوا بهعباده مبا

أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا : قل : حيكى أن بعض املتجربين على الله قرئت اآلية وهذا من .تأتينا به الفؤوس واملعاول ، فذهب ماء عينيه: عنده ، فقال ..

١٨١.اإلعجاز

)٣٦٤١ / ٦ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٧٩

)٢٩٢ /٤ (-أيسر التفاسري للجزائري - ١٨٠

)٣٩ / ٢٩ (-التفسري املنري ـ موافقا للمطبوع - ١٨١

١٤٧

تغفار جملبة له بعد نضبه ، قال إن الذي يأيت باملاء هو اهللا تعاىل فالتوبة واالس-٦ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا { : تعاىل

رمنيجا ملووتلا تو تكمة إلى قوقو كمزدي٥٢: هود [}و[ فقلت استغفروا ربكم إنه كان { ليه السالم قال تعاىل على لسان النيب نوح عو

ويمددكم بأموال وبنني ويجعل ) ١١(يرسل السماء عليكم مدرارا ) ١٠(غفارا ]١٣-١٠: نوح [}) ١٢(لكم جنات ويجعل لكم أنهارا

: ويف الظالل وهي أمور جتري . وهو يتعلق بإدرار املطر ومضاعفة القوة. ر يف هذا الوعدوننظ "

فيها سنة الله وفق قوانني ثابتة يف نظام هذا الوجود ، من صنع الله ومشيئته بطبيعة فما عالقة االستغفار ا وما عالقة التوبة؟. احلال

فإن نظافة القلب فأما زيادة القوة فاألمر فيها قريب ميسور ، بل واقع مشهود ، يزيدام صحة يف اجلسم . والعمل الصاحل يف األرض يزيدان التائبني العاملني قوة

باالعتدال واالقتصار على الطيبات من الرزق وراحة الضمري وهدوء األعصاب واالطمئنان إىل الله والثقة برمحته يف كل آن ويزيدام صحة يف اتمع بسيادة

ليت تطلق الناس أحرارا كراما ال يدينون لغري الله على قدم شريعة الله الصاحلة اكما تطلقان طاقات الناس ليعملوا .. املساواة بينهم أمام قهار واحد تعنو له اجلباه

وينتجوا ويؤدوا تكاليف اخلالفة يف األرض غري مشغولني وال مسخرين مبراسم بول ، والنفخ فيها ليل ار التأليه لألرباب األرضية وإطالق البخور حوهلا ودق الط

وامللحوظ دائما أن األرباب األرضية حتتاج ! لتمأل فراغ اإلله احلق يف فطرة البشروحيتاج معها سدنتها وعبادها أن خيلعوا عليها بعض صفات األلوهية من القدرة

فالربوبية ! كل ذلك ليدين هلا الناس.. أحيانا .. والعلم واإلحاطة والقهر والرمحة ! اج إىل ألوهية معها ختضع ا العبادحتت

١٤٨

وهذا كله حيتاج إىل كد ناصب من السدنة والعباد وإىل جهد ينفقه من يدينون لله وحده يف عمارة األرض والنهوض بتكاليف اخلالفة فيها ، بدال من أن ينفقه عباد

!تراةاألرباب األرضية يف الطبل والزمر والتراتيل والتسابيح هلذه األرباب املف ولقد تتوافر القوة ملن ال حيكمون شريعة الله يف قلوم وال يف جمتمعهم ، ولكنها

حىت تنتهي األمور إىل ايتها الطبيعية وفق سنة الله ، وتتحطم هذه . قوة إىل حنيإمنا استندت إىل جانب واحد من السنن . القوة اليت مل تستند إىل أساس ركني

ألن فساد احلياة . وهذه وحدها ال تدوم. ووفرة اإلنتاجالكونية كالعمل والنظام .الشعورية واالجتماعية يقضي عليها بعد حني

فالظاهر للبشر أنه جيري وفق سنن طبيعية ثابتة يف النظام . مدرارا. فأما إرسال املطرولكن جريان السنن الطبيعية ال مينع أن يكون املطر حمييا يف مكان وزمان ، . الكوينا يف مكان وزمان وأن يكون من قدر الله أن تكون احلياة مع املطر لقوم ، ومدمر

وأن يكون الدمار معه لقوم ، وأن ينفذ الله تبشريه باخلري ووعيده بالشر عن طريق توجيه العوامل الطبيعية فهو خالق هذه العوامل ، وجاعل األسباب لتحقيق سنته

ه الطليقة اليت تصرف األسباب مث تبقى وراء ذلك مشيئة الل. على كل حالوالظواهر بغري ما اعتاد الناس من ظواهر النواميس وذلك لتحقيق قدر الله كيفما

باحلق الذي حيكم كل شيء يف السماوات واألرض غري مقيد مبا . حيث شاء. شاء ١٨٢ ""عهده الناس يف الغالب

: وهو يقول هلم ونقف أمام احلقيقة اليت كشف عنها هود لقومه : " وقال أيضا ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة «

رمنيجا ملووتال تو ، تكموهي ذات احلقيقة اليت ذكرت يف مقدمة .. » إىل قو لقومه مبضمون الكتاب الذي أحكمت - ���� -السورة بصدد دعوة رسول الله

وأن استغفروا ربكم «: وذلك يف قوله تعاىل . آياته مث فصلت من لدن حكيم خبري

)١٨٩٧ / ٤ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٨٢

١٤٩

، لهل فضت كل ذي فضؤيى ، ومسل منا إىل أجستاعا حم كمعتمه يوا إليوبت ثما فإنلووإن تم كبريووي ذابع كمليع ي أخاف «..

إا حقيقة العالقة بني القيم اإلميانية والقيم الواقعية يف احلياة البشرية ، وحقيقة وهي حقيقة .. اتصال طبيعة الكون ونواميسه الكلية باحلق الذي حيتويه هذا الدين

اهرا من احلياة الدنيا يف حاجة إىل جالء وتثبيت وخباصة يف نفوس الذين يعلمون ظ والذين مل تصقل أرواحهم وتشف حىت ترى هذه العالقة أو على األقل تستشعرها -إن احلق الذي نزل به هذا الدين غري منفصل عن احلق املتمثل يف ألوهية الله

واحلق الذي خلقت به السماوات واألرض ، املتجلي يف طبيعة هذا -سبحانه والقرآن الكرمي كثريا ما يربط بني احلق املتمثل يف ألوهية .. الكون ونواميسه األزلية

واحلق الذي قامت به السماوات واألرض واحلق املتمثل يف - سبحانه -الله .. الدينونة لله وحده

واحلق املتمثل يف دينونة الناس لله يوم احلساب بصفة خاصة ، واحلق يف اجلزاء على : وذلك يف مثل هذه النصوص .. خرة اخلري والشر يف الدنيا واآل

»ما العبنيهنيما بو ضالأرماء وا السلقنما خو . ذناهخوا لاتخذ لهتنا أن ندأر لو زاهق ، بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو.. إن كنا فاعلني .. من لدنا

ولكم الويل مما تصفون ، وله من في السماوات والأرض ، ومن عنده ال أم . يسبحون الليل والنهار ال يفترون. يستكبرون عن عبادته وال يستحسرون

ض هالأر ة منذوا آلهخحان اتبتا ، فسدلفس ة إلا اللهكان فيهما آله ون؟ لوشرني مأم اتخذوا من دونه . ال يسئل عما يفعل وهم يسئلون. الله رب العرش عما يصفون

ي وذكر من قبلي ، بل أكثرهم ال هذا ذكر من مع. هاتوا برهانكم: آلهة؟ قل وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه ال . يعلمون الحق فهم معرضون

).٢٥ - ١٦األنبياء ... (» إله إلا أنا فاعبدون »إن كن اسا النهطفة يا أين من راب ، ثمت من لقناكما خث فإنعالب ب منيفي ر مت

، ثم من علقة ، ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ، لنبين لكم ، ونقر في الأرحام

١٥٠

خن ى ، ثممسل مشاء إىل أجما ن نم كممنو ، كمدوا أشلغبلت طفلا ، ثم كمرج لمعال ير لكيمذل العإىل أر دري نم كممنفى ، ووتد علم -يعب ى - منرتئا ، ويش

تزتا الماء اههليلنا عزة ، فإذا أنهامد ضهيج الأرج بوكل ز من تتبأنو ، تبروذلك بأن الله هو الحق ، وأنه يحي الموتى ، وأنه على كل شيء قدير ، وأن

).٧ - ٥ :احلج ...(» الساعة آتية ال ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبوروليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم ، وإن «

وال يزال الذين كفروا في مرية منه حتى . الله لهاد الذين آمنوا إىل صراط مستقيمالملك يومئذ ، لله يحكم بينهم ، . تيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيمتأ

والذين كفروا وكذبوا بآياتنا . فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيمع مله فأولئكهنيم ذاب . مهقنزروا ليمات قتلوا أو بيل الله ثموا في سرهاج الذينو

ازقنيالر ريخ وله إن اللهنا ، وسقا حرز الله . إن اللهو ، هنوضرلا يخدم مهخلندليليمح ليملع .و ذلك إن الله ، الله هنرصنه ليليع غيب به ثم وقببمثل ما ع عاقب نمغفور فولع . أن اللهل ، وفي اللي هارالن ولجيهار ول في الناللي ولجي بأن الله ذلكصريب ميعبأن . س أن ذلكالباطل ، و وونه هد ون منعدأن ما يو ، قالح وه الله

الكبري ليالع وه ة؟ . اللهرضخم ضالأر بحصماء ماء فتالس ل منزأن أن الله رت ألمبريخ لطيف إن الله .ما في الس له نيالغ وله إن اللهض وما في الأرماوات و

ميدره ، . الحر بأمحري في البجت الفلكض وما في الأر لكم رخس أن الله رت ألموهو .ه بالناس لرؤف رحيمويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، إن الل

سان لكفورإن الإن ، ييكمحي ثم كمميتي ثم ياكمكا . الذي أحسنلنا معة جلكل أم دىلى هلع كإن ، كبإىل ر عادر ، وفي الأم كننازعفال ي ، ناسكوه مقيم هتسم

). ٦٧ - ٥٤: احلج ..(» ...وهكذا جند يف هذه النصوص وأمثاهلا يف القرآن الكرمي العالقة الواضحة بني كون الله سبحانه هو احلق ، وبني خلقه هلذا الكون وتدبريه بنواميسه ومشيئته باحلق ،

وبني احلكم وبني ترتيل هذا الكتاب باحلق ، . وبني الظواهر الكونية اليت تتم باحلق

١٥١

فكله حق واحد موصول ينشأ عنه جريان .. بني الناس يف الدنيا واآلخرة باحلق قدر الله مبا يشاء ، وتسليط القوى الكونية باخلري والشر على من يشاء وفق ما

ومن هنا كان ذلك الربط بني . يكون من الناس من اخلري والشر يف دار االبتالءفكل أولئك ... تاع احلسن وإرسال السماء مدرارا االستغفار والتوبة ، وبني امل

موصول مبصدر واحد هو احلق املتمثل يف ذات الله سبحانه ويف قضائه وقدره ، ..ويف تدبريه وتصريفه ، ويف حسابه وجزائه ، يف اخلري ويف الشر سواء

ياة ومن هذا االرتباط جملى أن القيم اإلميانية ليست منفصلة عن القيم العملية يف حسواء عن طريق قدر الله الغييب املتعلق بعامل . فكلتامها تؤثر يف هذه احلياة. الناس

أو عن طريق اآلثار العملية املشهودة اليت . األسباب من وراء علم البشر وسعيهموهي اآلثار اليت ينشئها يف حيام اإلميان أو . ميكن للبشر رؤيتها وضبطها كذلك

.ج احملسوسة املدركةعدم اإلميان ، من النتائإن سيادة : وقد أسلفنا اإلشارة إىل بعض هذه اآلثار العملية الواقعية حني قلنا مرة

املنهج اإلهلي يف جمتمع معناه أن جيد كل عامل جزاءه العادل يف هذا اتمع ، وأن فضال على األمن والسكينة -جيد كل فرد األمن والسكينة واالستقرار االجتماعي

ومن شأن هذا كله أن ميتع الناس متاعا حسنا يف هذه -قرار القليب باإلميان واالستإن الدينونة لله : وحني قلنا مرة .. الدنيا قبل أن يلقوا جزاءهم األخري يف اآلخرة

وحده يف جمتمع من شأا أن تصون جهود الناس وطاقام من أن تنفق يف الطبل والترانيم والتهاويل اليت تطلق حول األرباب والزمر والنفخ والتراتيل والتسابيح

ومن شأن ! املزيفة ، لتخلع عليها شيئا من خصائص األلوهية حىت ختضع هلا الرقابهذا أن يوفر هذه اجلهود والطاقات للبناء يف األرض والعمارة والنهوض بتكاليف

اة اليت يتمتع فضال على الكرامة واحلرية واملساو. اخلالفة فيكون اخلري الوفري للناس ١٨٣..ا الناس يف ظل الدينونة لله وحده دون العباد

)١٩٠٣ / ٤ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٨٣

١٥٢

وهذه القاعدة اليت يقررها القرآن يف مواضع متفرقة ، قاعدة صحيحة تقوم : "وقال على أسباا من وعد الله ، ومن سنة احلياة كما أن الواقع العملي يشهد بتحققها

وما من أمة . عن األمم ال عن األفرادواحلديث يف هذه القاعدة . على مدار القرونقام فيها شرع الله ، واجتهت اجتاها حقيقيا لله بالعمل الصاحل واالستغفار املنبئ عن

ما من أمة اتقت الله وعبدته وأقامت شريعته ، فحققت العدل واألمن .. خشية الله واستخلفها فيها للناس مجيعا ، إال فاضت فيها اخلريات ، ومكن الله هلا يف األرض

.بالعمران وبالصالح سواء - مع هذا -ولقد نشهد يف بعض الفترات أمما ال تتقي الله وال تقيم شريعته وهي

: ولكن هذا إمنا هو االبتالء .. موسع عليها يف الرزق ، ممكن هلا يف األرض ، تأكله آفات مث هو بعد ذلك رخاء مؤوف» ونبلوكم بالشر والخير فتنة«

االختالل االجتماعي واالحندار األخالقي ، أو الظلم والبغي وإهدار كرامة اإلنسان . وأمامنا اآلن دولتان كبريتان موسع عليهما يف الرزق ، ممكن هلما يف األرض..

.١٨٤إحدامها رأمسالية واألخرى شيوعيةانية ، ويهبط تصور ويف األوىل يهبط املستوي األخالقي إىل الدرك األسفل من احليو

ويف الثانية در قيمة !! احلياة إىل الدرك األسفل كذلك فيقوم كله على الدوالرإىل درجة دون الرقيق وتسود اجلاسوسية ويعيش الناس يف وجل دائم » اإلنسان«

من املذابح املتوالية ويبيت كل إنسان وهو ال يضمن أنه سيصبح ورأسه بني كتفيه !ك يف الظالمال يطيح يف مة حتا

١٨٥! وليست هذه أو تلك حياة إنسانية توسم بالرخاء

****************

ر األبرار ، اسقطت الثانية واألوىل على وشك السقوط بإذن اهللا تعاىل على أيدي احملاهدين األطه : قلت - ١٨٤

.رووا هذه األرض بدمائهم الزكية العطرة الذين

)٣٧١٣ / ٦ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٨٥

١٥٣

����א�#$ �א��"دسא�#$ �א��"دسא�#$ �א��"دسא�#$ �א��"دس

�-<?�-<?�-<?�-<? .�"��Zא���.�"��Zא���.�"��Zא���.�"��Zא���

ما حوته السورة من موضوعات

وصف السموات) ١(

.بيان أن نظام العامل ال عوج فيه وال اختالف) ٢ (

.وصف عذاب الكافرين ىف الدنيا واآلخرة) ٣(

١٨٦.لق اإلنسان ورزقه وأشباه ذلكالتذكري خب) ٤(

****************

١٨٦

)٢٥ / ٢٩ (-تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع -

١٥٤

�����א��"*��א��"*��א��"*��א��"*�א�#$ א�#$ א�#$ א�#$

�א��������:�E6א��Bא�E;א���א�������:�E6א��Bא�E;א���א�������:�E6א��Bא�E;א���א�������:�E6א��Bא�E;א�����

حول تفسري هذه وحديثا لقد طوفنا يف كتب التفسري قدميا-الثمرة األوىل السورة املباركة ، وما هي إال ومضات مما فتح اهللا به على هؤالء األئمة األخيار

.كالم ربنا إحاطة تامة سواه، وإال فال حييط بقل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد {: قال تعاىل

سورة الكهف) ١٠٩(} كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداملداد كل ما يكتبون وكل والبشر يكتبون با. والبحر أوسع وأغزر ما يعرفه البشر "

فالسياق يعرض هلم البحر بسعته ! ما يسجلون به علمهم الذي يعتقدون أنه غزيروغزارته يف صورة مداد يكتبون به كلمات الله الدالة على علمه فإذا البحر ينفد

مث إذا هو ميدهم ببحر آخر مثله ، مث إذا البحر اآلخر ينفد . وكلمات الله ال تنفدوذا التصوير احملسوس واحلركة اسمة يقرب ! ات الله تنتظر املدادكذلك وكلم

إىل التصور البشري احملدود معىن غري احملدود ، ونسبة احملدود إليه مهما عظم .واتسع

واملعىن الكلي ارد يظل حائرا يف التصور البشري ومائعا حىت يتمثل يف صورة قدرة على التجريد فإنه يظل يف حاجة ومهما أويت العقل البشري من ال. حمسوسة

ذلك شأنه مع املعاين .. إىل متثل املعىن ارد يف صور وأشكال وخصائص ومناذج اردة اليت متثل احملدود ، فكيف بغري احملدود؟ لذلك يضرب القرآن األمثال للناس ويقرب إىل حسهم معانيه الكربى بوضعها يف صور ومشاهد ،وحمسوسات ذات

. وخصائص وأشكال على مثال هذا املثالمقومات على سعته -وهو . والبحر يف هذا املثال ميثل علم اإلنسان الذي يظنه واسعا غزيرا

. حمدود-وغزارته

١٥٥

وكلمات الله متثل العلم اإلهلي الذي ال حدود له ، والذي ال يدرك البشر ايته بل .فضال على حماكاته.ال يستطيعون تلقيه وتسجيله

يدرك البشر الغرور مبا يكشفونه من أسرار يف أنفسهم ويف اآلفاق ، فتأخذهم ولقدولكن ! نشوة الظفر العلمي ، فيحسبون أم علموا كل شي ء ، أو أم يف الطريق

اهول يواجههم بآفاقه املترامية اليت ال حد هلا ، فإذا هم ما يزالون على خطوات ! األفق الذي تدركه أبصارهممن الشاطئ ، واخلضم أمامهم أبعد من

إن ما يطيق اإلنسان تلقيه وتسجيله من علم الله ضئيل قليل ، ألنه ميثل نسبة .احملدود إىل غري احملدود

ولكن .. فليعلم اإلنسان ما يعلم وليكشف من أسرار هذا الوجود ما يكشف دادا يف ليطامن من غروره العلمي ، فسيظل أقصى ما يبلغه علمه أن يكون البحر م

وسينفد البحر وكلمات الله مل تنفد ولو أمده الله ببحر مثله فسينتهي من بني . يدهويف ظل هذا املشهد الذي يتضاءل فيه علم ..يديه وكلمات الله ليست إىل نفاد

-اإلنسان ينطلق اإليقاع الثالث واألخري يف السورة ، فريسم أعلى أفق للبشرية فإذا هو قريب حمدود بالقياس إىل األفق األعلى . الشاملةوهو أفق الرسالة الكاملة

١٨٧"الذي تتقاصر دونه األبصار ، وتنحسر دونه األنظار==============

كل جيل من أجيال املسلمني يفتح اهللا تعاىل عليهم بقدر ،لفهم –الثمرة الثانية كل كتابه وكشف بعض أسراره حىت يكون القرآن مواكبا حلياة املسلمني يف

.ليأخذ م إىل بر األمان ومكانزمان ===============

. ال بد من االعتقاد اجلازم أن مالك امللك هو اهللا وحده–الثمرة الثالثة : وينتج عن ذلك عدة أمور

)٢٢٩٦ / ٤ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٨٧

١٥٦

: ،قال تعاىل أننا مجيعا عبيد هللا تعاىل وحده ، فعلينا السمع والطاعة له-األولستطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح فاتقوا الله ما ا{

سورة التغابن) ١٦(} نفسه فأولئك هم المفلحونوا الله إن يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتق{ : وقال تعاىل

ليمع ميعس ١: احلجرات [{ الله[ تأمل البداية كيف تكررت النداءات ألهل اإلميان، للفت االنتباه لشيء مهم جيب

السياق العذب يؤسس العالقة املتينة املبنية على القناعة -مث بدأ-إطراق السمع له له دالله مهمة فاملتلقي هلذا والتعظيم للشخص الذي يستمد منه هذا الدين، وهذا

القرآن وهذا الدين سيأخذه من شخص معني معروف بصفته وبامسه وشخصه، إذا ال بد من ملء نفوس أتباعه بطاعته واتباعه ومحاية ما جاء به والدفاع عنه، وال

.ميكن أن يتمكن هذا يف نفوسهم حىت حيبوهعصره وعايشوه وعرفوه بامسه لذلك جاء األمر خاصا وعاما، خاصا ملن هم يف

وشخصه، وأخذوا هذا الدور منه مشافهة، إذا ال بد من إيضاح الطريق هلم للتعامل وخطاب عام ملن . لذلك جاءت النداءات يف صدر هذه السورة- � -معه

وهم الذين دخلوا يف - � -عرفوه بامسه وصفته ومل تكتحل أعينهم برؤيته قيامة؛ ألنه عندما انتهى دوره على مسرح احلياة بعدما اإلسالم بعد ذلك إىل يوم ال

.. بلغ الرسالة كاملة غري منقوصة، وبعد ما رضي اهللا هذا الدين بعد إمتامه وكماله ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم دينا( ما جرى على اخللق، وذاق - � بأيب هو وأمي - جرى عليه ]٣من اآلية: املائدة[

الكأس اليت ذاقها األنبياء من قبله، وكذلك اخللق وهو الرحيل عن هذه الدنيا، . � فغاب جسده وجسمه وشكله، وبقي هديه

، البد أن يؤمن ويقبل مبسلمات � والذي يريد أن يعتنق هذا الدين بعد رحيله .ألا قطعية الثبوت والداللة، وهنا تكمن عظمة هذا الدين -دون اعتراض-غيبية

١٥٧

كما أسلفنا -لذلك جاءت بداية هذه السورة على خطني متوازيني عام وخاص ، � الذين عاصروه -رضوان اهللا عليهم-، فهو خطاب خاص للصحابة -القول

ن وعام ملن سيأيت بعده من املسلمني، وملن سيعتنق اإلسالم بعد ذلك، وتلحظ أاخلطاب اخلاص مبن سيأيت بعده يف ثناياه األمر بامتثال أمر غييب مل يره، فعندما

يا أيها الذين آمنوا ال تقدموا بين يدي الله : (يقول احلق تبارك وتعاىل، أن � حيق للمخاطب الذي مل يشاهد شخص النيب ] ١:احلجرات)[ورسوله

اهللا بشيء مل أشاهده ومل أعش معه يف وقت واحد، وأنتم كيف يأمرين : يقول؟ وهذا ..تقولون أن القرآن صاحل لكل زمان ومكان ويشمل عموم املسلمني

.اعتراض له ما يسوغهفإذا اتسعت دائرة فهمنا لكتاب ربنا سبحانه وتعاىل، واستوعبنا مشولية اإلسالم

الغموض املصطنع، فنحن بشكلها الصحيح، هلان الفهم وسهل االستيعاب وزال الذين أتينا بعده، كما عرب هو عليه الصالة والسالم - � -إخوان رسول اهللا

أو لسنا : بذلك بأننا إخوانه، والذين رأوه هم أصحابه كما قال هلم عندما قالوا: إذا الصحابة عليهم مسؤوليتان، األوىل. أنتم أصحايب: إخوانك يا رسول اهللا؟ قال

نصات واإلطراق له، واخلضوع بالصوت إىل درجة اهلمس، وال ينتج االخنفاض واإل، وهذا يسهل عملية التلقي � هذا إال إذا استحكم احلب واالنقياد ملا يقول،

واالستيعاب لتعاليم اإلسالم، لذلك الصحابة هان عليهم الفهم، فضحوا بأرواحهم أما الذين مل . سؤولية الثانيةيف سبيل اهللا من أجل إعالء دينه، الذي اعتنقوه، وهي امل

فعليهم مسؤولية خطرية منقسمة -وهم إخوانه- � تكتحل عيوم برؤيته احلب، الذي جيب أن ميأل جنبات القلب بكل : بوحدا إىل قسمني، القسم األول

ما تعنيه هذه املفردة من املعىن اللغوي والشرعي، لشخصه عليه الصالة والسالم، ١٨٨النقياد واالستجابة واالتباعا: والقسم الثاين

٢٧/٨/١٤٢٦ عبد اهللا بن عبد الرمحن العيادة -ضوء من احلجرات- ١٨٨

١٥٨

. أننا حمتاجون إىل مدد اهللا وعطائه ورمحته دائما ال نستغين عنها حلظة –الثاين ) ١٥(} يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد{: قال تعاىل

سورة فاطرم احملتاجون إىل الله تعاىل على اإلطالق ، يف منح القدرة يا أيها البشر مجيعا ، أنت "

على احلياة والبقاء ، ويف مجيع احلركات والسكنات ، ويف مجيع أمور الدين والدنيا ، لذا فاعبدوه وحده ألن مثرة العبادة عائدة إليكم وحدكم ، والله هو املنفرد بالغىن

مود املشكور على نعمه وعلى وحده ال شريك له عن عبادتكم وغريها ، وهو احملوذكر الحميد ليدل به على أنه الغين النافع . مجيع ما يفعله ويقوله ويقدره ويشرعه

١٨٩ ".بغناه خلقه ، اجلواد املنعم عليهم ، املستحق بإنعامه عليهم أن حيمدوهدعوة للناس أن يتجهوا » يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله« : وىف قوله تعاىل "

والناس مجيعا ىف حاجة .. حباجام إىل من ميلك كل شىء ، ومن بيده اخلري كله دائمة إىل من يعينهم ، ويقضى حوائجهم ، وهم يتوسلون إىل هذا بكثري من الوسائل ، ومنها عبادة األصنام ، واملالئكة واجلن ، وامللوك وأصحاب اجلاه

وكلهم إمنا يتناولون ما بني أيديهم من جاء .. ك اخلري منهم والسلطان ، يبغون بذل ..إم فقراء إىل الله .. ، أو سلطان ، أو مال ـ من عطاء الله

وإذن فالناس .. إن حبس عنهم العطاء ، كانوا أفقر الفقراء ، وأضعف الضعفاء ء وهؤالء من عطاء كلا نمد هؤال« .. مجيعا ـ غنيهم وفقريهم ـ فقري إىل الله

والله هو « : وقوله تعاىل ) اإلسراء : ٢٠(» ربك وما كان عطاء ربك محظورا ميدالح نيفإنه .. حث للناس على الطلب من الله ، والرغب إليه فيما عنده » الغ

وسئلوا الله من فضله « .. سبحانه غىن ، ال تنفذ خزائنه ، وال تنقص بالعطاء أبدا .. فهو سبحانه يستجيب ملن سأله ، ويعطيه ما شاء من فضله ) النساء : ٣٢(»

أي حيمد لعباده ما يلقون به عطاءه ، من محد وشكر ، أيا » محيد « وهو سبحانه ..كان هذا العطاء ، قليال أو كثريا

)٢٤٩ / ٢٢ (-لتفسري املنري ـ موافقا للمطبوع ا - ١٨٩

١٥٩

من ال يشكر على القليل ال يشكر وإن .. إنه فضل من فضل وإحسان من إحسانه ١٩٠"..على الكثري

إن الناس يف حاجة إىل تذكريهم ذه احلقيقة يف معرض دعوم إىل اهلدى ، "يف حاجة إىل . وجماهدم ليخرجوا مما هم فيه من الظلمات إىل نور الله وهداه

وأم . الغىنوأن الله غين عنهم كل . تذكريهم بأم هم الفقراء احملاويج إىل اللهحني يدعون إىل اإلميان بالله وعبادته ومحده على آالئه فإن الله غين عن عبادم

وأم ال يعجزون الله وال يعزون عليه فهو إن شاء . ومحدهم ، وهو احملمود بذاته. أن يذهب م ويأيت خبلق جديد من جنسهم أو من جنس آخر خيلفهم يف األرض

..فإن ذلك عليه يسري الناس يف حاجة إىل أن يذكروا ذه احلقيقة ، لئال يركبهم الغرور وهم يرون أن

يعىن م ، ويرسل إليهم الرسل وجياهد الرسل أن يردوهم عن - جل وعال -الله ويركبهم الغرور فيظنون . الضاللة إىل اهلدى ، وخيرجوهم من الظلمات إىل النور

والله هو ! عبادم تزيد شيئا يف ملكه تعاىلوأن هداهم و! أم شيء عظيم على الله .الغين احلميد

وإن الله سبحانه مينح العباد من رعايته ، ويفيض عليهم من رمحته ، ويغمرهم بإرسال رسله إليهم ، واحتمال هؤالء الرسل ما حيتملون من -بسابغ فضله

إن الله .. واإليذاء إعراضهم وإيذائهم ، وثبام على الدعوة إىل الله بعد اإلعراض ألن هذه صفاته . سبحانه إمنا يعامل عباده هكذا رمحة منه وفضال وكرما ومنا

ال ألن هؤالء العباد يزيدون يف ملكه شيئا داهم ، أو ينقصون من . املتعلقة بذاتهوال ألن هؤالء العباد خملوقات نادرة عزيزة صعبة اإلعادة أو . ملكه شيئا بعماهم

.فيغتفر هلم ما يقع منهم ألم صنف ال يعاد وال يستبدلاالستبدال ، وإن اإلنسان ليدهش وحيار يف فضل الله ومنه وكرمه ، حني يرى هذا اإلنسان الصغري الضئيل اجلاهل القاصر ، الضعيف العاجز ، ينال من عناية الله ورعايته كل

)٨٦٦ / ١١ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٩٠

١٦٠

واألرض تابع . واإلنسان ساكن صغري من سكان هذه األرض! هذا القدر اهلائل. والشمس جنم مما ال عد له وال حصر من النجوم. صغري من توابع الشمس

متناثرة يف فضاء الكون - على ضخامتها اهلائلة -والنجوم إن هي إال نقط صغرية وهذا الفضاء الذي تتناثر فيه تلك النجوم كالنقط . الذي ال يعلم الناس حدوده

.. ينال اإلنسان من الله كل هذه الرعاية مث! التائهة إن هو إال بعض خلق الله سواء يف تكوينه -ينشئه ، ويستخلفه يف األرض ، ويهبه كل أدوات اخلالفة

ويضل هذا -وتركيبه أو تسخري القوى والطاقات الكونية الالزمة له يف خالفته فريسل الله إليه الرسل ، رسوال بعد. املخلوق ويتبجح حىت ليشرك بربه أو ينكرهويطرد فضل الله ويفيض حىت ليرتل . رسول ، ويرتل على الرسل الكتب واخلوارق

يف كتابه األخري للبشر قصصا حيدث ا الناس ، ويقص عليهم ما وقع ألسالفهم ، وحيدثهم عن ذوات أنفسهم ، ويكشف هلم عما فيها من قوى وطاقات ، ومن

ن بالذات ، فيقول هلذا ليحدث عن فالن وفال- سبحانه -عجز وضعف ، بل إنه هاك حال ملشكلتك ، وهاك خالصا : أنت فعلت وأنت تركت ، ويقول لذاك :

كل ذلك ، وهذا اإلنسان هو الساكن الصغري من سكان هذه األرض ! من ضيقتك، التابعة الصغرية من توابع الشمس ، التائهة يف هذا الوجود الكبري حىت ما تكاد

! حتس فاطر السماوات واألرض ، وخالق هذا الوجود مبا فيه ومن هو- سبحانه -والله

وهو قادر على أن خيلق مثله بكلمة ومبجرد توجه . مبجرد توجه اإلرادة. فيه بكلمة ..اإلرادة

. والناس خلقاء أن يدركوا هذه احلقيقة ليدركوا مدى فضل الله ورعايته ورمحتهاردة والرمحة الفائضة باإلعراض وليستحيوا أن يستجيبوا للفضل اخلالص والرعاية

.واجلحود والنكران. فهي من هذه الناحية ملسة وجدانية موحية ، إىل جانب أا حقيقة صادقة واقعة

والقرآن يلمس باحلقائق قلوب البشر ألن احلقيقة حني جتلى أفعل يف النفس وألنه

١٦١

ق ، وال يعرض إال فال يتحدث إال باحلق ، وال يقنع إال باحل. هو احلق وباحلق نزل ١٩١"احلق ، وال يشري بغري احلق

=============== . ال بد من التسليم التام هللا تعاىل بكل ما يفعل –الثمرة الرابعة

قل أندعو من دون الله ما ال ينفعنا وال يضرنا ونرد على أعقابنا بعد { : قال تعاىل اندإلى إذ ه هونعدي ابحأص ان لهريض حفي األر اطنييالش هتوهتكالذي اس ا الله

المنيالع بلر لمسا لننأمرو ىداله وى الله هدا قل إن هى ائتندسورة ) ٧١(} اله األنعام

أمرنا أن نسلم لرب - من مث - اهلدى وأننا قل يا حممد وأعلن أن هدى الله هوفالعوامل كلها مستسلمة له ، فماذا . فهو وحده الذي يستسلم له العاملون. العاملني

يشذ عن االستسالم هلذه الربوبية - من بني العاملني -الذي جيعل اإلنسان وحده الشاملة اليت تستسلم هلا العوامل يف السماوات واألرضني؟

إنه يقرر احلقيقة اليت ال مناص من .. ربوبية للعاملني هنا له موضعه إن ذكر الاالعتراف ا وهي استسالم الوجود كله ، وما فيه من عوامل مشهودة ومغيبة ،

من ناحية -للنواميس اليت وضعها الله هلا وهي ال متلك اخلروج عليها ، واإلنسان رها ، وال ميلك اخلروج عليها يستسلم كذلك هلذه النواميس ك-تركيبه العضوي

فال يبقى إال أن يستسلم يف اجلانب الذي ترك له اخليار فيه ليبتلى فيه ، وهو جانب ولو استسلم فيه استسالم كيانه العضوي ، .. اختيار اهلدى أو الضالل .. االختيار

..« الستقام أمره ، وتناسق تكوينه وسلوكه ، وجسمه وروحه ، ودنياه وآخرته واملسلمني معه ، أم أمروا باالستسالم فاستسلموا ، إحياء - ���� - إعالن الرسول ويف

١٩٢".مؤثر ملن يفتح الله قلبه للتلقي واالستجابة على مدى الزمان==================

)٢٩٣٧ / ٥ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٩١

)١١٣٣ / ٢ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٩٢

١٦٢

ال جيوز االعتراض على أي حكم من أحكام اهللا تعاىل ، ألنه –الثمرة اخلامسة . على سيده مالك امللك ، والعبد ال يعترض

سورة األنبياء) ٢٣(} لا يسأل عما يفعل وهم يسألون{ :قال تعاىل أي أن هذا الذي يكون من حياة وموت ، وبعث ، هو من تدبري الله ، ومن

فمن أسلم نفسه لله ،فقد فاز وجنا ، ومن .. تصريفه ىف ملكه ، ال يسأل عما يفعل وذلك يوم تنكشف له احلقيقة ، وجيد .. ه ، فقد خاب وخسر أىب أن يسلم نفسه لل

١٩٣..اليوم الذي كان يكذب به ، والنار اليت توعد الله ا املكذبني قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وترتع الملك ممن { : وقال تعاىل

تاء وشن تم عزتاء وشتء قديريكل ش لىع كإن ريالخ دكاء بيشن ت٢٦(} ذل م ( سورة آل عمران

.. إله واحد فهو املالك الواحد .. إا احلقيقة الناشئة من حقيقة األلوهية الواحدة ". مث هو من جانبه ميلك من يشاء ما يشاء من ملكه.. بال شريك » مال امللك«هو

فليس ألحد . ه متليك العارية يستردها صاحبها ممن يشاء عند ما يشاءميلكه إياإمنا هي ملكية معارة له خاضعة لشروط . ملكية أصيلة يتصرف فيها على هواه

اململك األصلي وتعليماته فإذا تصرف املستعري فيها تصرفا خمالفا لشرط املالك وقع أما يف اآلخرة فهو حماسب . ياوحتتم على املؤمنني رده يف الدن. هذا التصرف باطال

..على باطله وخمالفته لشرط اململك صاحب امللك األصيل وكذلك هو يعز من يشاء ويذل من يشاء بال معقب على حكمه ، وبال جمري عليه ،

وما جيوز .. هو الله - سبحانه -وبال راد لقضائه ، فهو صاحب األمر كله مبا أنه . دون اللهأن يتوىل هذا االختصاص أحد من

يؤيت . فهو يتوالها سبحانه بالقسط والعدل.. ويف قوامة الله هذه اخلري كل اخلري ويعز من يشاء ويذل من . امللك من يشاء ويرتع امللك ممن يشاء بالقسط والعدل

فهو اخلري احلقيقي يف مجيع احلاالت وهي املشيئة املطلقة . يشاء بالقسط والعدل

)٢٥١ / ١٣ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٩٣

١٦٣

إنك على «.. » بيدك الخير«: قيق هذا اخلري يف كل حال والقدرة املطلقة على حتء قديريكل ش «..

وهذه القوامة على شؤون البشر ، وهذا التدبري ألمرهم باخلري ، ليس إال طرفا من ١٩٤ "القوامة الكربى على شؤون الكون واحلياة على اإلطالق===============

ذا أعطاه اهللا إوي املنع والعطاء عند العبد املؤمن ، ف أن يست–الثمرة السادسة .شكر ، وإذا منعه صرب

عجبا ألمر المؤمن إن أمره كله خير « - ���� -عن صهيب قال قال رسول الله ر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء وليس ذاك ألحد إال للمؤمن إن أصابته سراء شك

ا لهريفكان خ رب١٩٥.»ص كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا {: وقال تعاىل

سورة األنبياء) ٣٥(} ترجعون مدى احتمال املبتلى ، ومدى صربه على ليتكشف. واالبتالء بالشر مفهوم أمره"

فأما االبتالء باخلري فهو يف حاجة .. الضر ، ومدى ثقته يف ربه ، ورجائه يف رمحته ..إىل بيان

..إن االبتالء باخلري أشد وطأة ، وإن خيل للناس أنه دون االبتالء بالشر صمد لالبتالء إن كثريين يصمدون لالبتالء بالشر ولكن القلة القليلة هي اليت ت

.باخلريولكن قليلني هم الذين يصربون . كثريون يصربون على االبتالء باملرض والضعف

ويكبحون مجاح القوة اهلائجة يف كيام اجلاحمة يف . على االبتالء بالصحة والقدرة .أوصاهلم

)٣٨٤ / ١ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٩٤

)٧٦٩٢ (- املكرت -صحيح مسلم - ١٩٥

١٦٤

ولكن قليلني . كثريون يصربون على الفقر واحلرمان فال تتهاوى نفوسهم وال تذلوما يغريان به من متاع ، وما يثري انه من . ن يصربون على الثراء والوجدانهم الذي

!شهوات وأطماعكثريون يصربون على التعذيب واإليذاء فال خييفهم ، ويصربون على التهديد

ولكن قليلني هم الذين يصربون على اإلغراء بالرغائب . والوعيد فال يرهبهمربون على الكفاح واجلراح ولكن قليلني هم كثريون يص! واملناصب واملتاع والثراء

مث ال يصابون باحلرص الذي يذل أعناق . الذين يصربون على الدعة واملراح ! وباالسترخاء الذي يقعد اهلمم ويذلل األرواح. الرجال

إن االبتالء بالشدة قد يثري الكربياء ، ويستحث املقاومة وجيند األعصاب ، فتكون أما الرخاء فريخي األعصاب . بال الشدة والصمود هلاالقوى كلها معبأة الستق

!وينيمها ويفقدها القدرة على اليقظة واملقاومة لذلك جيتاز الكثريون مرحلة الشدة بنجاح ، حىت إذا جاءهم الرخاء سقطوا يف

١٩٦"إال من عصم الله .. وذلك شأن البشر !االبتالء : ، قال تعاىل ن عند البالء وأكثر الناس ال يشكرون عند الرخاء وال يصربو

} وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض { سورة فصلت) ٥١(

فهو ملح فيه ، مكرر له ، يطلب اخلري لنفسه . هذا اإلنسان ال يسأم من دعاء اخلريفقد األمل والرجاء وظن أن ال خمرج له . جمرد مس. لشروإن مسه ا. وال ميل طلبه

وال فرج ، وتقطعت به األسباب وضاق صدره وكرب مهه ويئس من رمحة الله وهذا اإلنسان إذا ! ذلك أن ثقته بربه قليلة ، ورباطه به ضعيف. وقنط من رعايته

طاره الرخاء أذاقه الله منه رمحة بعد ذلك الضر ، استخفته النعمة فنسي الشكر واستونسي اآلخرة ! نلته باستحقاقي وهو دائم علي. هذا يل: وقال . فغفل عن مصدره

وانتفخ يف عني نفسه فراح يتأىل .. » وما أظن الساعة قائمة«واستبعد أن تكون

)٢٣٧٧ / ٤ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٩٦

١٦٥

. على الله ، وحيسب لنفسه مقاما عنده ليس له ، وهو ينكر اآلخرة فيكفر باللهولئن رجعت إىل ربي إن «! لو رجع إليه كانت له وجاهته عندهومع هذا يظن أنه !»لي عنده للحسىن

فلننبئن الذين كفروا «:عندئذ جييء التهديد يف موضعه هلذا الغرور .. وهو غرور : سان إذا أنعم الله عليه وهذا اإلن..» بما عملوا ، ولنذيقنهم من عذاب غليظ

فأما إذا مسه الشر فيتخاذل ويتهاوى ، . وأعرض ونأى جبانبه. استعظم وطغى أية دقة ، !فهو ذو دعاء عريض. ويصغر ويتضاءل ، ويتضرع وال ميل الضراعة

خالقه . إنه خالقه الذي يصفه! وأي تسجيل للصغرية يف نفس اإلنسان والكبريةعرف أا تظل تدور يف هذه الدروب املنحنية ، إال وي. الذي يعرف دروب نفسه

١٩٧..فتستقيم .. أن تدي إىل الطريق املستقيم ================

أن املنع والعطاء حبكمة وبقدر ، ولكن جيب أن نعلم أنه إذا –الثمرة السابعة .نا أن ننسب الفضل هللا وحده وإال فاهلالكاأعط

ان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن إن قارون ك { : قال تعاىل الفرحني حبلا ي إن الله حفرلا ت همقو ة إذ قال لهة أولي القوبصوء بالعنلت هفاتحم

ر الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما وابتغ فيما آتاك الله الدا) ٧٦( فسدينالم حبلا ي ض إن اللهفي الأر ادغ الفسبلا تو كإلي الله نسقال ) ٧٧(أح

ه قد أهلك من قبله من القرون من هو إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الل ٧٦: القصص ) [٧٨(أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون

،٧٨ [ { إا قولة املغرور املطموس الذي ينسى مصدر النعمة وحكمتها ، ويفتنه املال

.ويعميه الثراء

)٣١٢٩ / ٥ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٩٧

١٦٦

فكم من الناس يظن أن علمه وكده مها وحدمها . وهو منوذج مكرر يف البشريةومن مث فهو غري مسؤول عما ينفق وما ميسك ، غري حماسب على ما . سبب غناه

!يفسد باملال وما يصلح ، غري حاسب لله حسابا ، وال ناظر إىل غضبه ورضاهلفردي الذي بذل يف حتصيلها من واإلسالم يعترف بامللكية الفردية ، ويقدر اجلهد ا

ولكنه يف . وجوه احلالل اليت يشرعها وال يهون من شأن اجلهد الفردي أو يلغيه كما يفرض منهجا -الوقت ذاته يفرض منهجا معينا للتصرف يف امللكية الفردية

وهو منهج متوازن متعادل ، ال حيرم الفرد مثرة جهده ، وال -لتحصيلها وتنميتها يف االستمتاع به حىت الترف وال يف إمساكه حىت التقتري ويفرض يطلق يده

وطرق . للجماعة حقوقها يف هذا املال ، ورقابتها على طرق حتصيله ، وطرق تنميته .وهو منهج خاص واضح املالمح متميز السمات. إنفاقه واالستمتاع به

ملنهجه ولكن قارون مل يستمع لنداء قومه ، ومل يشعر بنعمة ربه ، ومل خيضع .وأعرض عن هذا كله يف استكبار لئيم ويف بطر ذميم. القومي

أولم يعلم «: ومن مث جاءه التهديد قبل متام اآلية ، ردا على قولته الفاجرة املغرورة ج أكثرة وقو همن دأش وه نون مالقر له منقب من لكأه قد ئل أن اللهسال يعا؟ وم

.»عن ذنوبهم المجرمونفإن كان ذا قوة وذا مال ، فقد أهلك الله من قبله أجياال كانت أشد منه قوة

وليعلم أنه هو . فليعلم. فهذا هو العلم املنجي. وكان عليه أن يعلم هذا. وأكثر ماالفليسوا هم . م عن ذنوموأمثاله من ارمني أهون على الله حىت من أن يسأهل

١٩٨!»وال يسئل عن ذنوبهم المجرمون«! احلكم وال األشهاد===============

. أن يصرب على البالء ويرضى بالقضاء –الثمرة الثامنة الأنفس ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال و{ :قال تعاىل

ابرينر الصشبات ورالثمه ) ١٥٥(وا إليإنا لله وة قالوا إنصيبم مهتابإذا أص الذين

)٢٧١٢ / ٥ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ١٩٨

١٦٧

أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) ١٥٦(راجعون ]١٥٧ - ١٥٥: قرة الب [})١٥٧(

ال بد من تربية النفوس بالبالء ، ومن امتحان التصميم على معركة احلق باملخاوف ال بد من هذا البالء .. والشدائد ، وباجلوع ونقص األموال واألنفس والثمرات

ليؤدي املؤمنون تكاليف العقيدة ، كي تعز على نفوسهم مبقدار ما أدوا يف سبيلها ئد الرخيصة اليت ال يؤدي أصحاا تكاليفها ال يعز عليهم والعقا. من تكاليف

فالتكاليف هنا هي الثمن النفسي الذي الذي تعز . التخلي عنها عند الصدمة األوىلوكلما تأملوا يف سبيلها ، . به العقيدة يف نفوس أهلها قبل أن تعز يف نفوس اآلخرين

كذلك لن يدرك . اكانت أعز عليهم وكانوا أضن.. وكلما بذلوا من أجلها إم عندئذ .. اآلخرون قيمتها إال حني يرون ابتالء أهلها ا وصربهم على بالئها

لو مل يكن ما عند هؤالء من العقيدة خريا مما يبتلون به : سيقولون يف أنفسهم وعندئذ ينقلب املعارضون للعقيدة .. وأكرب ما قبلوا هذا البالء ، وال صربوا عليه

وعندئذ جييء نصر الله والفتح .. ا ، مقدرين هلا ، مندفعني إليها باحثني عنه ..ويدخل الناس يف دين الله أفواجا

فالشدائد تستجيش . وال بد من البالء كذلك ليصلب عود أصحاب العقيدة ويقوىمكنون القوى ومذخور الطاقة وتفتح يف القلب منافذ ومسارب ما كان ليعلمها

والقيم واملوازين والتصورات ما كانت . ت مطارق الشدائداملؤمن يف نفسه إال حتلتصح وتدق وتستقيم إال يف جو احملنة اليت تزيل الغبش عن العيون ، والران عن

.القلوبااللتجاء إىل الله وحده حني تز .. وأهم من هذا كله ، أو القاعدة هلذا كله

ال جيد . لقلب إىل الله وحدهاألسناد كلها ، وتتوارى األوهام وهي شىت ، وخيلو اويف هذه اللحظة فقط تنجلي الغشاوات ، وتتفتح البصرية ، . سندا إال سنده

ال حول إال .. ال قوة إال قوته .. ال شيء إال الله .. وينجلي األفق على مد البصر

١٦٨

وعندئذ تلتقي الروح باحلقيقة .. ال ملجأ إال إليه .. ال إرادة إال إرادته .. حوله ..واحدة اليت يقوم عليها تصور صحيح ال

. وبشر الصابرين«:والنص القرآين هنا يصل بالنفس إىل هذه النقطة على األفق ..» إنا لله وإنا إليه راجعون: الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا

وإليه املرجع واملآب .. لله .. اتيتنا كل كياننا وذ.. كل ما فينا .. كلنا .. إنا لله تسليم االلتجاء األخري .. التسليم املطلق .. التسليم .. يف كل أمر ويف كل مصري

.املنبثق من االلتقاء وجها لوجه باحلقيقة الوحيدة ، وبالتصور الصحيح ..الذين يبلغهم الرسول الكرمي بالبشرى من املنعم اجلليل .. هؤالء هم الصابرون

أولئك «: وهؤالء هم الذين يعلن املنعم اجلليل مكام عنده جزاء الصرب اجلميل .. صلوات من رم ..» عليهم صلوات من ربهم ورحمة ، وأولئك هم المهتدون

.. يرفعهم ا إىل املشاركة يف نصيب نبيه الذي يصلي عليه هو ومالئكته سبحانه ..وشهادة من الله بأم هم املهتدون .. ورمحة .. ام كرمي وهو مق

..وكل أمر من هذه هائل عظيم التعبئة . فال بد من وقفة أمام هذه اخلامتة يف تلك التعبئة للصف اإلسالمي.. وبعد

يف مواجهة املشقة واجلهد ، واالستشهاد والقتل ، واجلوع واخلوف ، ونقص والتعبئة يف هذه املعركة الطويلة الشاقة العظيمة . األموال واألنفس والثمرات

.التكاليفصلوات من .. ويضع يف الكفة األخرى أمرا واحدا . إن الله يضع هذا كله يف كفة

إنه ال يعدهم هنا نصرا ، وال يعدهم هنا متكينا .. رم ورمحة وأولئك هم املهتدون .. لوات الله ورمحته وشهادته ، وال يعدهم هنا مغامن ، وال يعدهم هنا شيئا إال ص

.لقد كان الله يعد هذه اجلماعة ألمر أكرب من ذواا وأكرب من حياافكان من مث جيردها من كل غاية ، ومن كل هدف ومن كل رغبة من الرغبات

كان جيردها من كل شائبة تشوب - حىت الرغبة يف انتصار العقيدة -البشرية كان عليهم أن ميضوا يف طريقهم ال يتطلعون .. لدعوته التجرد املطلق له ولطاعته و

١٦٩

هذا هو .. إىل شيء إال رضى الله وصلواته ورمحته وشهادته هلم بأم مهتدون اهلدف ، وهذه هي الغاية ، وهذه هي الثمرة احللوة اليت فو إليها قلوم وحدها

هلم ، إمنا هو لدعوة فأما ما يكتبه الله هلم بعد ذلك من النصر والتمكني فليس .. .الله اليت حيملوا

جزاء على التضحية باألموال . إن هلم يف صلوات الله ورمحته وشهادته جزاءوجزاء على القتل . وجزاء على اخلوف واجلوع والشدة. واألنفس والثمرات

أرجح . إن الكفة ترجح ذا العطاء فهو أثقل يف امليزان من كل عطاء.. والشهادة ..صر وأرجح من التمكني وأرجح من شفاء غيظ الصدور من الن

هذه هي التربية اليت أخذ الله ا الصف املسلم ليعده ذلك اإلعداد العجيب ، وهذا هو املنهج اإلهلي يف التربية ملن يريد استخالصهم لنفسه ودعوته ودينه من بني البشر

١٩٩.أمجعني=================

لراسخ ، واإلميان املنري يقودان لإلميان احلقالعلم ا -الثمرة التاسعة لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك { :قال تعاىل

ه واليوم وما أنزل من قبلك والمقيمني الصالة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالل سورة النساء) ١٦٢(} اآلخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما

كالمها . فالعلم الراسخ ، واإلميان املنري ، كالمها يقود أهله إىل اإلميان بالدين كله .يقود إىل توحيد الدين الذي جاء من عند الله الواحد

رفة الصحيحة كاإلميان الذي يفتح القلب وذكر العلم الراسخ بوصفه طريقا إىل املعللنور ، لفتة من اللفتات القرآنية اليت تصور واقع احلال اليت كانت يومذاك كما

فالعلم السطحي كالكفر اجلاحد ، مها . تصور واقع النفس البشرية يف كل حني. وحنن نشهد هذا يف كل زمان.. اللذان حيوالن بني القلب وبني املعرفة الصحيحة

الذين يتعمقون يف العلم ، ويأخذون منه بنصيب حقيقي ، جيدون أنفسهم أمام ف

)١٤٥ / ١ (-لمطبوع ىف ظالل القرآن ـ موافقا ل - ١٩٩

١٧٠

دالئل اإلميان الكونية أو على األقل أمام عالمات استفهام كونية كثرية ، ال جييب عليها إال االعتقاد بأن هلذا الكون إهلا واحدا مسيطرا مدبرا متصرفا ، وذا إرادة

-وكذلك الذين تتشوق قلوم للهدى . .واحدة ، وضعت ذلك الناموس الواحد أما الذين يتناوشون .. يفتح الله عليهم ، وتتصل أرواحهم باهلدى -املؤمنون

املعلومات وحيسبون أنفسهم علماء ، فهم الذين حتول قشور العلم بينهم وبني عالمات - بسبب علمهم الناقص السطحي -إدراك دالئل اإلميان ، أو ال تربز هلم

وكالمها هو الذي .. وشأم شأن من ال فو قلوم للهدى وال تشتاق . فهاماالستال جيد يف نفسه حاجة للبحث عن طمأنينة اإلميان ، أو جيعل التدين عصبية جاهلية فيفرق بني األديان الصحيحة اليت جاءت من عند ديان واحد ، على أيدي موكب

٢٠٠.عنيواحد متصل من الرسل ، صلوات الله عليهم أمج===============

لق بإرسال الرسل ، فال عذر هلم لقد أقيمت احلجة على اخل– شرةاعالثمرة ال .عند اهللا

رسال مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس على الله حجة بعد الرسل {: قال تعاىل سورة النساء) ١٦٥(} وكان الله عزيزا حكيما

والذى نفس محمد بيده ال « أنه قال - ���� -وعن أبى هريرة عن رسول الله يسمع بى أحد من هذه األمة يهودى وال نصرانى ثم يموت ولم يؤمن بالذى

٢٠١.»ان من أصحاب النار أرسلت به إال كهو إشارة إىل » لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل « : وقوله سبحانه

ألطاف الله ، ورمحته بعباده ، حيث مل يدعهم إىل عقوهلم ليتعرفوا إليه ، ويستقيموا دي الذي محله إليهم رسل الله ، على سبيله ، بل رفد هذه العقول بذلك النور اهلا

..لتكون رؤيتهم آليات الله واضحة ، وطريقهم إليه مشرقا

)٨٠٤ / ٢ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٠٠

)٤٠٣ (- املكرت - صحيح مسلم- ٢٠١

١٧١

فمن كفر بالله وحاد عن طريقه ، فليس ذلك عن علة ، إال العناد ، واتباع اهلوى ، فإذا أخذ الكافر بكفره ، فذلك هو احلكم الذي حكم به .. واالنقياد للشيطان

.فال عذر ملعتذر ، وال حجة لكافر. يه هلاالكافر على نفسه ، ورضهو بيان للصفة اإلهلية املتجلية على » وكان الله عزيزا حكيما « : وقوله تعاىل

ولو .. فهو سبحانه وتعاىل عزيز ، خيضع لعزته كل موجود . العباد ىف هذا املقامفيهم رسله مبشرين شاء ألخذ الناس بغري حجة عليهم ، ولعذم من غري أن يبعث

ولكنه .. ومنذرين ـ إذ ليس ألحد أن يراجع الله ، وال أن يعترض على ما يريد ال يفعل إال ما تقضى به » حكيم « ـ سبحانه ـ مع هذه العزة املتمكنة الغالبة

٢٠٢.حكمته ، ىف إشراقها وعدهلاقل ما يتدبرون به ولله احلجة البالغة يف األنفس واآلفاق وقد أعطى الله البشر من الع

رمحة منه بعباده ، وتقديرا - سبحانه -ولكنه . دالئل اإلميان يف األنفس واآلفاق اقتضت - أداة العقل -لغلبة الشهوات على تلك األداة العظيمة اليت أعطاها هلم

يذكروم ويبصروم » مبشرين ومنذرين«رمحته وحكمته أن يرسل إليهم الرسل م وحترير عقوهلم من ركام الشهوات ، اليت حتجب عنها أو وحياولون استنقاذ فطر

.حتجبها عن دالئل اهلدى وموحيات اإلميان يف األنفس واآلفاق: حكيما . قادرا على أخذ العباد مبا كسبوا: عزيزا ..» وكان الله عزيزا حكيما«

ة هلما عملهما والقدرة واحلكم..يدبر األمر كله باحلكمة ويضع كل أمر يف نصابه ..فيما قدره الله يف هذا األمر وارتضاه

أمام حشد من اإلحياءات اللطيفة » لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل « .العميقة وخنتار منه ثالثا على سبيل االختصار الذي ال خيرج بنا من الظالل

:نقف منها

)١٠١٢ / ٣ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٠٢

١٧٢

قضية » اإلنسان«قل البشري ووظيفته ودوره يف أخطر قضايا أمام قيمة الع: أوال اإلميان بالله اليت تقوم عليها حياته يف األرض من جذورها بكل مقوماا واجتاهاا

.وواقعياا وتصرفاا كما يقوم عليها مآله يف اآلخرة وهي أكرب وأبقى يعلم أن العقل وهو أعلم باإلنسان وطاقاته كلها ،- سبحانه -لو كان الله

البشري ، الذي وهبه لإلنسان ، هو حسب هذا اإلنسان يف بلوغ اهلدى لنفسه واملصلحة حلياته ، يف دنياه وآخرته ، لو كله إىل هذا العقل وحده يبحث عن دالئل اهلدى وموحيات اإلميان يف األنفس واآلفاق ، ويرسم لنفسه كذلك املنهج الذي

على احلق والصواب وملا أرسل إليه الرسل على مدى تقوم عليه حياته ، فتستقيم التاريخ وملا جعل حجته على عباده هي رسالة ، الرسل إليهم وتبليغهم عن رم

: هي عدم جميء الرسل إليهم - سبحانه -وملا جعل حجة الناس عنده - سبحانه -ملا علم الله ولكن .. » لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل«

بغري توجيه -أن العقل الذي آتاه لإلنسان أداة قاصرة بذاا عن الوصول إىل اهلدى وقاصرة كذلك عن رسم منهج للحياة اإلنسانية حيقق -من الرسالة وعون وضبط

..املصلحة الصحيحة هلذه احلياة وينجي صاحبه من سوء املآل يف الدنيا واآلخرة هذا شاءت حكمته وشاءت رمحته أن يبعث للناس - سبحانه -له ملا علم ال

وما كنا معذبني حتى نبعث «: بالرسل ، وأال يؤاخذ الناس إال بعد الرسالة والتبليغ .. وهذه تكاد تكون إحدى البديهيات اليت تربز من هذا النص القرآين .. » رسولا

..قتضيات احلتمية فإن مل تكن بديهية فهي إحدى املما هي وظيفة هذا العقل البشري وما هو دوره يف قضية اإلميان واهلدى ويف .. إذن

قضية منهج احلياة ونظامها؟. إن دور هذا العقل أن يتلقى عن الرسالة ووظيفته أن يفهم ما يتلقاه عن الرسول

ين عليها من ومهمة الرسول أن يبلغ ، ويبني ، ويستنقذ الفطرة اإلنسانية مما يروينبه العقل اإلنساين إىل تدبر دالئل اهلدى وموحيات اإلميان يف األنفس . الركام

١٧٣

واآلفاق وأن يرسم له منهج التلقي الصحيح ، ومنهج النظر الصحيح وأن يقيم له .القاعدة اليت ينهض عليها منهج احلياة العملية ، املؤدي إىل خري الدنيا واآلخرة

كون حاكما على الدين ومقرراته من حيث الصحة والبطالن وليس دور العقل أن ي بعد أن يتأكد من صحة صدورها عن الله وبعد أن يفهم -، والقبول أو الرفض

ولو كان له أن يقبلها -أي املدلوالت اللغوية واالصطالحية للنص : املقصود ا أو ال يريد ! دلول بعد إدراك مدلوهلا ، ألنه هو ال يوافق على هذا امل-أو يرفضها

فهو إذن .. ما استحق العقاب من الله على الكفر بعد البيان -أن يستجيب له ملزم بقبول مقررات الدين مىت بلغت إليه عن طريق صحيح ، ومىت فهم عقله ما

..املقصود ا وما املراد منها منهج النظر مبعىن أا توقظه ، وتوجهه ، وتقيم له.. إن هذه الرسالة ختاطب العقل

. ال مبعىن أنه هو الذي حيكم بصحتها أو بطالا ، وبقبوهلا أو رفضها.. الصحيح ومىت ثبت النص كان هو احلكم وكان على العقل البشري أن يقبله ويطيعه وينفذه

سواء كان مدلوله مألوفا له أو غريبا عليه وما مدلوله . لنص هو أن يفهم ما الذي يعنيه ا- يف هذا الصدد -إن دور العقل

وعند هذا احلد ينتهي دوره . الذي يعطيه حسب معاين العبارة يف اللغة واالصطالحفهذا . إن املدلول الصحيح للنص ال يقبل البطالن أو الرفض حبكم من هذا العقل..

النص من عند الله ، والعقل ليس إهلا حيكم بالصحة أو البطالن ، وبالقبول أو سواء ممن .. وعند هذه النقطة الدقيقة يقع خلط كثري .ند اللهالرفض ملا جاء من ع

يريدون تأليه العقل البشري فيجعلونه هو احلكم يف صحة أو بطالن املقررات ..أو ممن يريدون إلغاء العقل ، ونفي دوره يف اإلميان واهلدى .. الدينية الصحيحة

سالة ختاطب العقل ليدرك من أن الر.. والطريق الوسط الصحيح هو الذي بيناه هنا مقرراا وترسم له املنهج الصحيح للنظر يف هذه املقررات ، ويف شؤون احلياة

مل يعد أمامه إال - أي إذا فهم ماذا يعين النص -فإذا أدرك مقرراا . كلها

١٧٤

فهي ال تكلف اإلنسان العمل ا سواء فهمها أم مل .. التصديق والطاعة والتنفيذ .يفهمها

لك ال تبيح له مناقشة مقرراا مىت أدرك هذه املقررات ، وفق مفهوم وهي كذوقد علم .. ليحكم بصحتها أو خطئها . مناقشتها ليقبلها أو يرفضها.. نصوصها

.الذي ال يقص إال احلق ، وال يأمر إال باخلري. أا جاءته من عند اللهقل مقررات الدين الصحيحة واملنهج الصحيح يف التلقي عن الله ، هو أال يواجه الع

مبقررات له سابقة عليها كوا لنفسه من مقوالته - بعد أن يدرك املقصود ا -إمنا املنهج الصحيح .. أو من مالحظاته احملدودة أو من جتاربه الناقصة ! »املنطقية«

فهي أصح من مقرراته ! أن يتلقى النصوص الصحيحة ، ويكون منها مقرراته هو قبل أن يضبط مبوازين النظر الدينية -هجها أقوم من منهجه الذايت الذاتية ومن مىت صح عنده أا من الله - ومن مث ال حياكم العقل مقررات الدين -الصحيحة

إن العقل ليس إهلا ، ليحاكم ! .. إىل أية مقررات أخرى من صنعه اخلاص- ..مبقرراته اخلاصة مقررات الله

هذا .. عقليا بشريا للنص مبفهوم عقلي بشري آخر له إن له أن يعارض مفهوما جماله ، وال حرج عليه يف هذا وال حجر ما دام هنالك من األصول الصحيحة جمال

على أصوله الصحيحة وبالضوابط اليت -وحرية النظر . للتأول واألفهام املتعددة وليس هنالك . مكفولة للعقول البشرية يف هذا اال الواسع-يقررها الدين نفسه

من هيئة ، وال سلطة ، وال شخص ، ميلك احلجر على العقول ، يف إدراك املقصود مىت كان قابال ألوجه الرأي املتعددة ، ومىت كان -بالنص الصحيح وأوجه تطبيقه

النظر يف حدود الضوابط الصحيحة واملنهج الصحيح ، املأخوذ من مقررات الدين ..سالة ختاطب العقل وهذا كذلك معىن أن هذه الر-

مبعىن أنه خياطب العقل بقضاياه ومقرراته وال .. نعم .. إن اإلسالم دين العقل وخياطب العقل مبعىن أنه يصحح له . يقهره خيارقة مادية ال جمال له فيها إال اإلذعان

منهج النظر ويدعوه إىل تدبر دالئل اهلدى وموحيات اإلميان يف األنفس واآلفاق

١٧٥

لفطرة ركام اإللف والعادة والبالدة وركام الشهوات املضلة للعقل لريفع عن اوخياطب العقل مبعىن أنه يكل إليه فهم مدلوالت النصوص اليت حتمل . والفطرة

فإذا وصل إىل .. مقرراته ، وال يفرض عليه أن يؤمن مبا ال يفهم مدلوله وال يدركه إال التسليم ا فهو مؤمن ، أو مرحلة إدراك املدلوالت وفهم املقررات مل يعد أمامه

وليس هو . وليس هو حكما يف صحتها أو بطالا.. عدم التسليم ا فهو كافر مأذونا يف قبوهلا أو رفضها ، كما يقول من يبتغون أن جيعلوا من هذا العقل إهلا ، يقبل من املقررات الدينية الصحيحة ما يقبل ، ويرفض منها ما يرفض ، وخيتار منها

.. يشاء ، ويترك منها ما يشاء ما» أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟«: فهذا هو الذي يقول الله عنه

..ويرتب عليه صفة الكفر ، ويرتب عليه كذلك العقاب حقيقة يف أمر الكون ، أو أمر اإلنسان ، أو أمر اخلالئق - سبحانه -فإذا قرر الله

فهذا الذي قرره الله .. أو إذا قرر أمرا يف الفرائض ، أو يف النواهي .األخرى ..مىت أدرك املدلول املراد منه . واجب القبول والطاعة ممن يبلغ إليه

أولم «.. » الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن«إذا قال الله سبحانه روا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل ير الذين كف

يء حيماء«.. » ش ة منابكل د لقخ اللهو «.. ىل إ.. » خلق الإنسان من صلصال كالفخار ، وخلق الجان من مارج من نار«

فاحلق .. عن طبيعة الكون والكائنات واألحياء واألشياء - سبحانه -آخر ما قال بعد أن يفهم مدلول النصوص واملقررات اليت -وليس للعقل أن يقول . هو ما قال

إنين ال أجد هذا يف مقررايت ، أو يف علمي ، أو يف جتاريب فكل ما يبلغه -تنشئها ال حيتمل إال - سبحانه -وما قرره الله . ابالعقل يف هذا معرض للخطأ والصو

.احلق والصواب ..» ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون«: وإذا قال الله سبحانه

١٧٦

» ؤم متبا إن كنالر من قيوا ما بذرو قوا اللهوا اتنآم ا الذينهيا أيمنني . فإن لمتفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم ال تظلمون

.. » وال تظلمون ..» ...وقرن في بيوتكن وال تبرجن تبرج الجاهلية الأوىل «»ضليو نهتزين دينبال يو وبهنيلى جع رهنمبخ نإىل آخر ما قال يف .. » ..رب

: وليس للعقل أن يقول - سبحانه -شأن منهج احلياة البشرية فاحلق هو ما قال ولكنين أرى املصلحة يف كذا وكذا مما خيالف عن أمر الله ، أو فيما مل يأذن به الله

فما يراه العقل مصلحة حيتمل اخلطأ والصواب ، وتدفع إليه .. للناس ومل يشرعه ال حيتمل إال الصحة والصالح - سبحانه -وما يقرره الله .. الشهوات والرتوات

وما قرره الله سبحانه من العقائد والتصورات ، أو من منهج احلياة ونظامها ، سواء يف موقف العقل إزاءه

: فليس للعقل أن يقول .. قطعي الداللة ومل يوقت بوقت مىت صح النص ، وكان آخذ يف العقائد والشعائر التعبدية ولكين أرى أن الزمن قد تغري يف منهج احلياة

فما دام النص مطلقا فإنه . فلو شاء الله أن يوقت مفعول النصوص لوقته.. ونظامها الله ، ورمي علمه احترازا من اجلرأة على.. يستوي زمان نزوله وآخر الزمان

إمنا يكون االجتهاد .. سبحانه وتعاىل عما يقولون علوا كبريا -بالنقص والقصور يف تطبيق النص العام على احلالة اجلزئية ال يف قبول املبدأ العام أو رفضه ، حتت أي

!مقولة من مقوالت العقل يف جيل من األجيالقيمة العقل ودوره يف احلياة وليس يف شيء من هذا الذي نقرره انتقاص من

بعد -فإن املدى أمامه واسع يف تطبيق النصوص على احلاالت املتجددة .. البشرية -أن ينضبط هو مبنهج النظر وموازينه املستقاة من دين الله وتعليمه الصحيح

واملدى أمامه أوسع يف املعرفة بطبيعة هذا الكون وطاقاته وقواه ومدخراته وطبيعة ات فيه واألحياء واالنتفاع مبا سخر الله له من هذا الكون ومن هذه الكائنات الكائن

١٧٧

ال كما تبتغي - يف حدود منهج الله -واألحياء وتنمية احلياة وتطويرها وترقيتها !.الشهوات واألهواء اليت تضل العقل وتغطي الفطرة بالركام

: وقفة أخرى » لى الله حجة بعد الرسللئلا يكون للناس ع«: ونقف من هذه اللفتة ومن - صلوات الله عليهم -نقف منها أمام التبعة العظيمة امللقاة على الرسل

وهي تبعة ثقيلة مبقدار ما .. جتاه البشرية كلها -بعدهم على املؤمنني برساالم ..هي عظيمة

سواء ، منوطة بالرسل وبأتباعهم من إن مصائر البشرية كلها يف الدنيا ويف اآلخرةفعلى أساس تبليغهم هذا األمر للبشر ، تقوم سعادة هؤالء البشر أو شقوم . بعدهم

.يف الدنيا واآلخرة.. ، ويترتب ثوام أو عقام صلوات الله عليهم -ومن مث كان الرسل .. ولكنه كذلك .. إنه أمر هائل عظيم

. حيسون جبسامة ما يكلفون-وهذا هو الذي .. يبصرهم حبقيقة العبء الذي ينوطه م - سبحانه -وكان الله

ويعلمه كيف يتهيأ له .. » إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا«: يقول الله عنه لنبيه أو زد عليه . نه قليلانصفه أو انقص م. يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا«: ويستعد

إنا نحن نزلنا عليك القرآن «.. » إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا.. ورتل القرآن ترتيلا م ربك بكرة واذكر اس. فاصبر لحكم ربك وال تطع منهم آثما أو كفورا. تنزيلا

وهذا هو الذي يشعر به نبيه .. » ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا. وأصيلاإني لن : قل «: وهو يأمره أن يقول وأن يستشعر حقيقة ما يقول - � -

» إلا بالغا من الله ورساالته.. ملتحدا يجريني من الله أحد ، ولن أجد من دونه » لكسي هول ، فإنسر ضى منتن اردا ، إلا مبه أحلى غيع ظهرب فال ييالغ عالم

وأحاط بما . ربهمليعلم أن قد أبلغوا رساالت.. من بين يديه ومن خلفه رصدا ..» لديهم وأحصى كل شيء عددا

أمر سعادم .. أمر حيام وممام .. أمر رقاب الناس .. إنه األمر اهلائل العظيم أمر هذه البشرية ، اليت إما أن تبلغ إليها الرسالة .. أمر ثوام وعقام .. وشقائهم

١٧٨

وإما أن تبلغ إليها فترفضها وتنبذها . الدنيا واآلخرةفتقبلها وتتبعها فتسعد يفوإما أال تبلغ إليها فتكون هلا حجة على را ، وتكون . فتشقى يف الدنيا واآلخرة

فأما رسل الله ! تبعة شقائها يف الدنيا وضالهلا معلقة بعنق من كلف التبليغ فلم يبلغوا الرسالة ، ومضوا إىل رم فقد أدوا األمانة وبلغ- عليهم الصالة والسالم -

-وهم مل يبلغوها دعوة باللسان ، ولكن بلغوها .. خالصني من هذا االلتزام الثقيل قدوة ممثلة يف العمل ، وجهادا مضنيا بالليل والنهار إلزالة العقبات -مع هذا سواء كانت هذه العقبات والعوائق شبهات حتاك ، وضالالت تزين ، .. والعوائق

كما صنع رسول . ت قوى طاغية تصد الناس عن الدعوة وتفتنهم يف الدينأو كانومبا أن رسالته هي خامتة . مبا أنه املبلغ األخري. خامت النبيني- � -الله

.فلم يكتف بإزالة العوائق باللسان. الرساالت ..» هحتى ال تكون فتنة ويكون الدين لل«إمنا أزاهلا كذلك بالسنان

فهناك أجيال وراء .. على املؤمنني برسالته .. وبقي الواجب الثقيل على من بعده . بأتباعه- بعده - وتبليغ هذه األجيال منوط - � -أجيال جاءت وجتيء بعده

تبعة إقامة حجة الله على الناس وتبعة استنقاذ -وال فكاك هلم من التبعة الثقيلة على ذات املنهج .. إال بالتبليغ واألداء -شقوة الدنيا الناس من عذاب اآلخرة و

فالرسالة هي الرسالة والناس هم الناس .. وأدى - � -الذي بلغ به رسول الله وهناك قوى عاتية طاغية تقوم دون .. وهناك ضالالت وأهواء وشبهات وشهوات

املوقف هو ..الناس ودون الدعوة وتفتنهم كذلك عن دينهم بالتضليل وبالقوة .املوقف والعقبات هي العقبات ، والناس هم الناس

وبالغ بالعمل حىت يكون املبلغون . بالغ بالبيان. وال بد من بالغ ، وال بد من أداءوبالغ بإزالة العقبات اليت تعترض طريق الدعوة وتفنت . ترمجة حية واقعة مما يبلغون

..أداء وإال فال بالغ وال .. الناس بالباطل وبالقوة

١٧٩

. وإال فهي التبعة الثقيلة.. إنه األمر املفروض الذي ال حيلة يف النكوص عن محله تبعة ضالل البشرية كلها وشقوا يف هذه الدنيا ، وعدم قيام حجة الله عليها يف

..ومحل التبعة يف هذا كله ، وعدم النجاة من النار ! اآلخرةعة تقصم الظهر وترعد الفرائص وز فمن ذا الذي يستهني ذه التبعة؟ وهي تب

وإال فال جناة له . إما أن يبلغ ويؤدي هكذا» مسلم«إنه : إن الذي يقول ! املفاصل؟كل .. مث ال يبلغ وال يؤدي » مسلم«إنه : إنه حني يقول .. يف دنيا وال يف أخرى

من بدال ! ألوان البالغ واألداء هذه ، إمنا يؤدي شهادة ضد اإلسالم الذي يدعيهوكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا «: أداء شهادة له ، حتقق فيه قوله تعاىل

.» شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدامث بأسرته . مث ببيته وعائلته. وتبدأ شهادته لإلسالم ، من أن يكون هو بذاته

وختطو شهادته اخلطوة .. ن اإلسالم الذي يدعو إليه وعشريته ، صورة واقعية م إىل حتقيق - بعد دعوة البيت واألسرة والعشرية -الثانية بقيامة بدعوة االمة .. الشخصية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية .. اإلسالم يف حياا كلها

ي لون كانت وتنتهي شهادته باجلهاد إلزالة العوائق اليت تضل الناس وتفتنهم من أأدى شهادته لدينه ، ومضى » شهيد«فإذ استشهد يف هذا فهو إذن .. هذه العوائق

.»الشهيد«وهذا وحده هو .. إىل ربه ويف اية املطاف نقف وقفة خاشعة أمام جالل الله وعظمته ممثلة يف علمه ، وعدله

..حد ويطغى ذا الكائن اإلنساين الذي جي.. ، ورعايته ، وفضله ، ورمحته وبره نقف أمام عظمة العلم ذا الكائن وما أودعه من القوى والطاقات وما ركب يف

وما رتبه على هذا العلم حني مل يكله إىل . كينونته من استعدادات اهلدى والضاللعلى عظمة هذه األداة اليت وهبها له وعلى كثرة ما يف األنفس .. عقله وحده

فلقد علم الله أن هذه األداة العظيمة .. بات اإلميان واآلفاق من دالئل اهلدى وموجتنوشها الشهوات والرتوات وأن الدالئل املبثوثة يف تضاعيف الكون وأطواء النفس

ومن مث مل يكل إىل العقل .. قد حيجبها الغرض واهلوى ، وحيجبها اجلهل والقصور

١٨٠

يكل إليه بعد البيان ومل- إال بعد الرسالة والبيان -البشري تبعة اهلدى والضالل واالهتداء وضع منهج احلياة ، إمنا وكل إليه تطبيق منهج احلياة الذي يقرره له الله

يبدع فيه ما شاء ، ويغري فيه ما - وهو ملك عريض -مث ترك له ما وراء ذلك .. منتفعا بتسخري الله هلذا امللك كله . شاء ، ويركب فيه ما شاء ، وحيلل فيه ما شاء

! ا اإلنسان وهو الذي خيطىء عقله ويصيب ، وتعثر قدمه وتستقيم على الطريقهلذ لو مل - سبحانه -ونقف أمام عظمة العدل الذي يرتب للناس حجة على الله

هذا مع احتشاد كتاب الكون املفتوح ، . يرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرينحدانيته ، وتدبريه وكتاب النفس املكنون باآليات الشواهد على اخلالق ، وو

ومع امتالء الفطرة باألشواق واهلواتف إىل االتصال .. وتقديره ، وقدرته وعلمه ببارئها واإلذعان له ، والتناسق والتجاوب والتجاذب بينها وبني دالئل وجود

ومع هبة العقل الذي ميلك أن حيصي الشواهد .. اخلالق يف الكون والنفس مبا يعلم من عوامل الضعف اليت تطرأ - سبحانه -ه ولكن الل.. ويستنبط النتائج

على هذه القوى كلها ، فتعطلها ، أو تفسدها ، أو تطمسها ، أو تدخل يف حكمها اخلطأ والشطط ،قد أعفى الناس من حجية الكون ، وحجية الفطرة ، وحجية العقل ، ما مل يرسل إليهم الرسل ليستنقذوا هذه األجهزة كلها مما قد يرين

ليها ، وليضبطوا مبوازين احلق اإلهلي املمثل يف الرسالة ، هذه األجهزة ، فتصح عوعندئذ فقط يلزمها اإلقرار .. أحكامها حني تستقيم على ضوابط املنهج اإلهلي

..والطاعة واالتباع أو تسقط حجتها وتستحق العقاب يكرمه الله ونقف أمام عظمة الرعاية والفضل والرمحة والرب ذا املخلوق الذي

خالفة .. وخيتاره ، على ما يعلم به من ضعف ونقص فيكل إليه هذا امللك العريض ! وهو بالقياس إليه ملك عريض.. األرض

مث تشاء ! وإن كان يف ملك الله ذرة متسكها يد الله فال تضيع يف ملكه الكبريفطرة هادية ولكنها رعايته وفضله ورمحته وبره ، أال تدعه ملا أودع يف كينونته من

.. تطمس ومن عقل هاد ولكنه يضل بل يتفضل عليه ربه فريسل إليه الرسل تترى

١٨١

وهو يكذب ويعاند ويشرد وينأى فال يأخذه ربه بأخطائه وخطاياه وال حيبس عنه ..بره وعطاياه ، وال حيرمه هداه على أيدي رسله اهلداة

ىت تبلغه الرسل فيعرض ويكفر ، مث ال يأخذه بالعقاب يف الدنيا أو يف اآلخرة ح ..وميوت وهو كافر ال يتوب وال ينيب

.. ومن عجب أن يأيت على هذا اإلنسان زمان يزعم لنفسه أنه استغىن عن ربه .. استغىن عن هدايته ودينه ورسله .. استغىن عن رعايته وفضله ورمحته وبره

فلم يكتب عليه -م مبنهج الله ما مل تقو-استغىن باألداة اليت علم ربه أا ال تغنيه فيتمثل لنا الطفل الذي حيس ببعض القوة يف ساقيه .. عقابا إال بعد الرسالة والبيان

غري أن الطفل يف هذا املثال أرشد ! فريوح يبعد عنه اليد اليت تسنده ، ليتكفأ ويتعثري الفطرة إذ أنه مبحاولة االستقالل عن اليد اليت تسنده جييب داع. وأطوع للفطرة

يف استحثاث طاقات كامنة يف كيانه وإمناء قدرات ممكنة النماء وتدريب عضالت أما إنسان اليوم الذي يبعد عنه يد الله ، .. وأعصاب تنمو وتقوى بالتدريب

يعلم الله أا ال - بكل ما يكمن فيها من قوى -ويتنكب هداه ، فإن كينونته وقصارى ما يف قواه أا . ناء عن يد الله وهداهتشتمل على قوة مكنونة متلك االستغوتضل وختتل وتضطرب إذا هي استقلت . ترشد وتضبط وتستقيم برسالة الله

كل - إن مل يكن هو اخلداع والتضليل -وخطأ وضالل ! بنفسها ، وتنكبت هداهة إن العقول الكبرية كانت حرية أن تبلغ بدون الرسالة ما بلغته بالرسال: زعم يقول

مبنهج النظر الصحيح فإذا أخطأ بعد ذلك يف - مع الرسالة -فالعقل ينضبط .. التطبيق كان خطؤه كخطأ الساعة اليت تضبط ، مث تغلبها عوامل اجلو واملؤثرات ، وطبيعة معدا الذي يتأثر ذه املؤثرات ، ال كخطأ الساعة اليت مل تضبط أصال ،

عن طريق -وآية أن ما يتم بالرسالة ! نوشتان شتا! وتركت للفوضى واملصادفة .. ال ميكن أن يتم بغريها فال يغين العقل البشري عنها -العقل نفسه

١٨٢

أن تاريخ البشرية مل يسجل أن عقال واحدا من العقول الكبرية النادرة اهتدى إىل ال يف تصور اعتقادي وال .. مثل ما اهتدت إليه العقول العادية املتوسطة بالرسالة

.. خلق نفسي ، وال يف نظام حياة ، وال يف تشريع واحد هلذا النظام يفإن عقل : بل إم ليقولون .. إن عقول أفالطون وأرسطو من العقول الكبرية قطعا

فإذا حنن - بعيدا عن رسالة الله وهداه -أرسطو هو أكرب عقل عرفته البشرية اهلائلة اليت تفصله عن تصور رأينا املسافة - كما وصفه -راجعنا تصوره إلهله

.املسلم العادي إلهله مهتديا دى الرسالة وحىت مع استبعاد - إىل عقيدة التوحيد - يف مصر القدمية -وقد وصل أخناتون

فإن -تأثره يف هذا بإشعاع عقيدة التوحيد يف رسالة إبراهيم ورسالة يوسف سافة بينها وبني توحيد املسلم الفجوات واألساطري اليت يف عقيدة أخناتون جتعل امل

.العادي إلهله بعيدة بعيدةويف اخللق جند يف الفترة اليت هيمن فيها اإلسالم يف صدر اإلسالم مناذج لألوساط

ال تتطاول إليها أعناق األفذاذ على مدار التاريخ ممن - � -ممن رباهم الرسول .مل خترجهم رسالة مساوية

يعات ال جند أبدا ذلك التناسق والتوازن ، مع السمو ويف املبادئ والنظم والتشروال جند أبدا ذلك اتمع . والرفعة اليت جندها يف نظام اإلسالم ومبادئه وتشريعاته

الذي أنشأه اإلسالم يتكرر ال يف زمانه وال قبل زمانه وال بعد زمانه يف أرض ..أخرى ، بتوازنه وتناسقه ويسر حياته وتناغمها

فاحلضارة املادية . ستوي احلضاري املادي هو الذي يكون عليه احلكمإنه ليس املولكن ميزان احلياة يف فترة من .. الصاعد » العلم«تنمو بنمو وسائلها اليت ينشئها

هو التوازن .. الفترات هو التناسق والتوازن بني مجيع أجزائها وأجهزا وأوضاعها طلق الطاقات اإلنسانية كلها لتعمل دون الذي ينشىء السعادة والطمأنينة ، والذي ي

والفترة اليت عاشت باإلسالم .. كبت ودون مغاالة يف جانب من جوانبها الكثرية واخللخلة وعدم .. يف أي عصر - بعيدا عن الرسالة -كامال مل تبلغها البشرية

١٨٣

االتزان هو الطابع الدائم للحياة يف غري ظل اإلسالم مهما التمعت بعض اجلوانب .فإمنا تلتمع لتنطفئ جوانب أخرى. ومهما تضخمت بعض اجلوانب

والبشرية معها تتأرجح وحتتار .. وإمنا تتضخم على حساب اجلوانب األخرى ٢٠٣ وتشقى

=============== الذين ال يسمعون هلدي السماء دواب -شرة ادية عالثمرة احل

رض ، ولكن يشمل الناس فيما يشمل ، فهم يدبون على األ» الدواب«ولفظ الصم «استعماله يكثر يف الدواب من األنعام ، فيلقي ظله مبجرد إطالقه وخيلع على

إم ! وإم لكذلك! صورة البهيمة يف احلس واخليال» البكم الذين ال يعقلونفالبهائم هلا آذان ولكنها ال تسمع إال ! بل هم شر الدواب. لدواب ذا الظل

إال أن البهائم مهتدية . ال تنطق أصواتا مفهومةكلمات مبهمة وهلا لسان ولكنها .بفطرا فيما يتعلق بشؤون حياا الضرورية

فهم شر الدواب .أما هؤالء الدواب فهم موكولون إىل إدراكهم الذي ال ينتفعون به .» إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين ال يعقلون«! قطعا

»مهعمرا لأسيخ فيهم الله لمع لوم ..» وم وشرحها ملا تسمعه آذاأي ألمسع قلو ٢٠٤ مل يعلم فيهم خريا وال رغبة يف اهلدى- سبحانه -ولكنه ..

) ٥٥(} إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم ال يؤمنون{: وقال تعاىل رة األنفالسو

إمنا يتلبس .. إن كفر هؤالء الكافرين الذين وصفوا بأنهم شر الدواب عند الله وتلك اجلماعة هى .. بنفوس خاصة ، من مجاعة من الكافرين ، ال بكل الكافرين

! اليت من شأا أال ختلع هذا الكفر أبدا ، بل تشد قلوا عليه ، حىت متوت به

اإلسـالم ومشـكالت «: ويراجع بتوسع كتاب )٨٠٥ / ٢ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٠٣

.»دار الشروق» «ختبط واضطراب«: فصل » احلضارة

)١٤٩٣ / ٣ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٠٤

١٨٤

ك اجلماعة هذا الوصف الذي وصفها الله سبحانه وتعاىل به ، ومن هنا استحقت تلوهى أا شر ما دب على األرض من كائنات ، وذلك ألا ال تعقل كما يعقل

مث هى ليست .. الناس ، وال تسمع كما يسمع الناس ، وال تبصر كما يبصر الناس لدواب ، وإمنا هى من دواب احليوانات ، تعيش ، ىف حدود الطبيعة املتاحة لتلك ا

وذلك مسخ لإلنسان ، وللحيوان معا ، .. مزيج من اإلنسان واحليوان ..خلق آخر .وذا املسخ يكون هؤالء اآلدميون احليوانيون شر الدواب ، طبيعة وخلقا

حكم قاطع ، قاض على هذا الصنف من » فهم ال يؤمنون « : فقوله تعاىل وهذا الصنف هو الذي ذكره الله .. إلميان قلبه أبدا الكافرين بأنه لن يدخل ا

إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ال « : سبحانه وتعاىل ىف قوله عهمملى سعو لى قلوبهمع الله متون خمنؤة .. يغشاو صارهملى أبعو ملهو

ظيمع ذاب٢٠٥).البقرة :٧ ـ ٦(» ع ================

أن القرآن الكرمي هو الكتاب الوحيد الذي تكفل اهللا –الثمرة الثانية عشرة .تعاىل حبفظه

سورة احلجر) ٩(} إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون{: قال تعاىل وال يلتبس بالباطل . فهو باق حمفوظ ال يندثر وال يتبدل. عليهفخري هلم أن يقبلوا

وال ميسه التحريف وهو يقودهم إىل احلق برعاية الله وحفظه ، إن كانوا يريدون إن الله ال يريد أن يرتل عليهم املالئكة .. احلق ، وإن كانوا يطلبون املالئكة للتثبت

.فوظ ، ال مالئكة اهلالك والتدمري، ألنه أراد م اخلري فرتل هلم الذكر احملوننظر حنن اليوم من وراء القرون إىل وعد الله احلق حبفظ هذا الذكر فنرى فيه

- إىل جانب غريها من الشواهد الكثرية -املعجزة الشاهدة بربانية هذا الكتاب ونرى أن األحوال والظروف واملالبسات والعوامل اليت تقلبت على هذا الكتاب

ل هذه القرون ما كان ميكن أن تتركه مصونا حمفوظا ال تتبدل فيه كلمة يف خال

)٦٤٣ / ٥ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٠٥

١٨٥

،وال حترف فيه مجلة ، لوال أن هنالك قدرة خارجة عن إرادة البشر ، أكرب من سات والعوامل ، حتفظ هذا الكتاب من التغيري والتبديل ، باألحوال والظروف واملال

.وتصونه من العبث والتحريفقرآن زمان يف أيام الفنت األوىل كثرت فيه الفرق ، وكثر فيه لقد جاء على هذا ال

وراحت كل فرقة تبحث هلا . الرتاع ، وطمت فيه الفنت ، ومتاوجت فيه األحداث ودخل يف هذه الفنت - � -عن سند يف هذا القرآن ويف حديث رسول الله

دعاة » ينيالقوم« مث من - خاصة -وساقها أعداء هذا الدين األصالء من اليهود ولقد أدخلت هذه الفرق على حديث رسول ! الذين تسموا بالشعوبيني» القومية«

ما احتاج إىل جهد عشرات العلماء األتقياء األذكياء عشرات من - � -الله وغربلتها وتنقيتها من كل دخيل عليها - � -السنني لتحرير سنة رسول الله

كما استطاعت هذه الفرق يف تلك الفنت أن .من كيد أولئك الكائدين هلذا الدينتؤول معاين النصوص القرآنية ، وأن حتاول أن تلوي هذه النصوص لتشهد هلا مبا

..تريد تقريره من األحكام واالجتاهات أن حتدث - ويف أشد أوقات الفنت حلوكة واضطرابا -ولكنها عجزت مجيعا

نصوصه كما أنزهلا الله حجة حدثا واحدا يف نصوص هذا الكتاب احملفوظ وبقيتباقية على كل حمرف وكل مؤول وحجة باقية كذلك على ربانية هذا الذكر

.احملفوظ ضعفوا فيه عن محاية أنفسهم ، - ما نزال نعانيه -مث جاء على املسلمني زمان

وعن محاية عقيدم ، وعن محاية نظامهم ، وعن محاية أرضهم ، وعن محاية وغير عليهم ! وحىت عن محاية عقوهلم وإدراكهم. وأخالقهمأعراضهم وأمواهلم

كل .. أعداؤهم الغالبون كل معروف عندهم ، وأحلوا مكانه كل منكر فيهم . منكر من العقائد والتصورات ، ومن القيم واملوازين ، ومن األخالق والعادات

تعري من كل وزينوا هلم االحنالل والفساد والتوقح وال.. ومن األنظمة والقوانني وأحيانا إىل حياة يشمئز .. وردوهم إىل حياة كحياة احليوان » اإلنسان«خصائص

١٨٦

» التقدم«ووضعوا هلم ذلك الشر كله حتت عنوانات براقة من .. منها احليوان » حتطيم األغالل«و» التحرر«و» االنطالق«و» العلمية«و» العلمانية«و» التطور«ووأصبح .. آخر تلك الشعارات والعناوين إىل ... » التجديد«و» الثورية«و .ليس هلم من هذا الدين قليل وال كثري. باألمساء وحدها مسلمني» املسلمون«

وباتوا غثاء كغثاء السيل ال مينع وال يدفع ، وال يصلح لشيء إال أن يكون وقودا ! ..وهو وقود هزيل.. للنار

تبديل نصوص هذا الكتاب مل يستطيعوا- بعد هذا كله -ولكن أعداء هذا الدين فلقد كانوا أحرص الناس على بلوغ . ومل يكونوا يف هذا من الزاهدين. وال حتريفها

ولقد بذل أعداء ! هذا اهلدف لو كان يبلغ ، وعلى نيل هذه األمنية لو كانت تنال رصيدهم من جتارب أربعة آالف سنة أو تزيد - ويف مقدمتهم اليهود -هذا الدين

قدروا على الدس يف سنة رسول .. وقدروا على أشياء كثرية . ن اللهيف الكيد لديوقدروا على تزوير األحداث ودس . وعلى تاريخ األمة املسلمة- � -الله

األشخاص يف جسم اتمع املسلم ليؤدوا األدوار اليت يعجزون عن أدائها وهم .قواننيوقدروا على حتطيم الدول واتمعات واألنظمة وال. سافرون

وقدروا على تقدمي عمالئهم اخلونة يف صورة األبطال األجماد ليقوموا هلم بأعمال اهلدم والتدمري يف أجسام اتمعات اإلسالمية على مدار القرون ، وخباصة يف العصر

..احلديث مل .. - والظروف الظاهرية كلها مهيأة له -ولكنهم مل يقدروا على شيء واحد

اث شيء يف هذا الكتاب احملفوظ ، الذي ال محاية له من أهله يقدروا على إحداملنتسبني إليه وهم بعد أن نبذوه وراء ظهورهم غثاء كغثاء السيل ال يدفع وال مينع فدل هذا مرة أخرى على ربانية هذا الكتاب ، وشهدت هذه املعجزة الباهرة بأنه

.حقا ترتيل من عزيز حكيم -أما هو اليوم . جمرد وعد- � -رسول الله لقد كان هذا الوعد على عهد

فهو . من وراء كل تلك األحداث الضخام ومن وراء كل تلك القرون الطوال

١٨٧

إنا «: املعجزة الشاهدة بربانية هذا الكتاب ، واليت ال مياري فيها إال عنيد جهول ٢٠٦لله العظيموصدق ا.. » نحن نزلنا الذكر ، وإنا له لحافظون

=============== سرة واتمع الذي ال القرآن الكرمي هو زاد الفرد واأل–الثمرة الثالثة عشرة

.ينضب دخلت المسجد فإذا أناس يخوضون فى أحاديث فدخلت على : عن الحارث قال

فقلت لىع :ى أن أنرجدأال تساديث فى المون فى األحوضخفقال . اسا ي : قد ا؟ قلتلوهفع :معول الله : قال . نسر تمعى سا إنقول - � -أمكون « : ييس

نفت« . ا؟ قال : قلتهمن جرخا الممالله ،« :و ابالله كت ابكت لكما قبأ مبفيه ن كهرت نالذى م ول ، هزباله سل ليالفص وه كمنيا بم كمحو ، كمدعا بم ربخو ،

المتني من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله ، فهو حبل الله، وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذى ال يزيغ به األهواء وال تلتبس به األلسنة ، وال يشبع منه العلماء ، وال يخلق عن كثرة الرد ، وال تنقضى

هو ) إنا سمعنا قرآنا عجبا(به ، وهو الذى لم ينته الجن إذ سمعوه أن قالوا عجائالذى من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ، ومن دعا إليه

٢٠٧. هدى إلى صراط مستقيمإن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنني الذين يعملون { : وقال تعاىل

سورة اإلسراء) ٩(} الصالحات أن لهم أجرا كبريامن صنع ال تفتح مغاليق فطرا إال مبفاتيح - وهي من صنع الله -إن هذه البشرية

وقد - سبحانه -الله وال تعاجل أمراضها وعللها إال بالدواء الذي خيرج من يده وننزل من القرآن ما «: جعل يف منهجه وحده مفاتيح كل مغلق ، وشفاء كل داء

مننيؤة للممحرشفاء و وه «..

)٢١٢٧ / ٤ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٠٦

يبلى: خيلق -حسن لغريه ) ٣٣٩٤ (- املكرت -سنن الدارمى - ٢٠٧

١٨٨

ولكن هذه البشرية ال تريد أن ترد القفل .. » ومإن هذا القرآن يهدي للتي هي أق«إىل صانعه ، وال أن تذهب باملريض إىل مبدعه ، وال تسلك يف أمر نفسها ، ويف

ما تعودت أن تسلكه يف أمر األجهزة .. أمر إنسانيتها ، ويف أمر سعادا أو شقوا وهي تعلم .. صغرية واآلالت املادية الزهيدة اليت تستخدمها يف حاجاا اليومية ال

ولكنها ال تطبق . أا تستدعي إلصالح اجلهاز مهندس املصنع الذي صنع اجلهازهذه القاعدة على اإلنسان نفسه ، فترده إىل املصنع الذي منه خرج ، وال أن تستفيت املبدع الذي أنشأ هذا اجلهاز العجيب ، اجلهاز اإلنساين العظيم الكرمي

إنه «: يعلم مساربه ومداخله إال الذي أبدعه وأنشأه الدقيق اللطيف ، الذي ال ..» أال يعلم من خلق وهو اللطيف الخبري؟. عليم بذات الصدور

البشرية املسكينة احلائرة ، البشرية اليت لن . ومن هنا جاءت الشقوة للبشرية الضالةالراحة ، ولن جتد السعادة ، إال حني ترد جتد الرشد ، ولن جتد اهلدى ، ولن جتد

ولقد ! الفطرة البشرية إىل صانعها الكبري ، كما ترد اجلهاز الزهيد إىل صانعه الصغريكانت تنحية اإلسالم عن قيادة البشرية حدثا هائال يف تارخيها ، ونكبة قاصمة يف

..بات حياا ، نكبة مل تعرف هلا البشرية نظريا يف كل ما أمل ا من نكلقد كان اإلسالم قد تسلم القيادة بعد ما فسدت األرض ، وأسنت احلياة ،

ظهر الفساد «وتعفنت القيادات ، وذاقت البشرية الويالت من القيادات املتعفنة و ..» في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس

ور اجلديد الذي جاء به القرآن ، تسلم اإلسالم القيادة ذا القرآن ، وبالتصفكان ذلك مولدا جديدا لإلنسان أعظم يف .. وبالشريعة املستمدة من هذا التصور

لقد أنشأ هذا القرآن للبشرية تصورا . حقيقته من املولد الذي كانت به نشأتهجديدا عن الوجود واحلياة والقيم والنظم كما حقق هلا واقعا اجتماعيا فريدا ، كان

لقد ! نعم.. على خياهلا تصوره جمرد تصور ، قبل أن ينشئه هلا القرآن إنشاء يعز كان هذا الواقع من النظافة واجلمال ، والعظمة واالرتفاع ، والبساطة واليسر ،

حبيث ال خيطر للبشرية على بال ، لوال ... والواقعية واإلجيابية ، والتوازن والتناسق

١٨٩

يف ظالل القرآن ، ومنهج القرآن ، وشريعة .. حياا أن الله أراده هلا ، وحققه يف .القرآن

حني عنها لتتوالها اجلاهلية . مث وقعت تلك النكبة القاصمة وحني اإلسالم عن القيادةصورة التفكري املادي الذي تتعاجب به . مرة أخرى ، يف صورة من صورها الكثرية

إن ! ش واللعبة الزاهية األلوانالبشرية اليوم ، كما يتعاجب األطفال بالثوب املربقيضعون هلا املنهج اإلهلي يف كفة . هناك عصابة من املضللني اخلادعني أعداء البشرية

!!! اختاري: واإلبداع اإلنساين يف عامل املادة يف الكفة األخرى مث يقولون هلا عامل اختاري إما املنهج اإلهلي يف احلياة والتخلي عن كل ما أبدعته يد اإلنسان يف

!!! املادة ، وإما األخذ بثمار املعرفة اإلنسانية والتخلي عن منهج اللهإن املنهج اإلهلي ليس .. فوضع املسألة ليس هكذا أبدا . وهذا خداع لئيم خبيث

.. إمنا هو منشئ هلذا اإلبداع وموجه له الوجهة الصحيحة . عدوا لإلبداع اإلنساينهذا املقام الذي منحه الله له ، . ة يف األرضذلك كي ينهض اإلنسان مبقام اخلالف

وأقدره عليه ، ووهبه من الطاقات املكنونة ما يكاىفء الواجب املفروض عليه فيه وسخر له من القوانني الكونية ما يعينه على حتقيقه ونسق بني تكوينه وتكوين هذا

عبادة لله ، على أن يكون اإلبداع نفسه .. الكون ليملك احلياة والعمل واإلبداع ووسيلة من وسائل شكره على آالئه العظام ، والتقيد بشرطه يف عقد اخلالفة وهو

فأما أولئك الذين يضعون املنهج اإلهلي . أن يعمل ويتحرك يف نطاق ما يرضي اللهفهم سيئو النية ، .. يف كفة ، واإلبداع اإلنساين يف عامل املادة يف الكفة األخرى

البشرية املتعبة احلائرة كلما تعبت من التيه واحلرية والضالل ، شريرون ، يطاردون ومهت أن تسمع لصوت احلادي الناصح ، وأن تؤوب من املتاهة املهلكة ، وأن

...تطمئن إىل كنف الله وهنالك آخرون ال ينقصهم حسن النية ولكن ينقصهم الوعي الشامل ، واإلدراك

..العميق

١٩٠

نسان من القوى والقوانني الطبيعية ، وتروعهم هؤالء يبهرهم ما كشفه اإلفيفصل ذلك البهر وهذه الروعة يف شعورهم بني . انتصارات اإلنسان يف عامل املادة

القوى الطبيعية والقيم اإلميانية ، وعملها وأثرها الواقعي يف الكون ويف واقع احلياة خر وحيسبون أن القوانني وجيعلون للقوانني الطبيعة جماال ، وللقيم اإلميانية جماال آ

الطبيعية تسري يف طريقها غري متأثرة بالقيم اإلميانية ، وتعطي نتائجها سواء آمن حكموا بشريعة الله أم بأهواء . اتبعوا منهج الله أم خالفوا عنه. الناس أم كفروا

!الناس. نيإنه فصل بني نوعني من السنن اإلهلية مها يف حقيقتهما غري منفصل.. هذا وهم

. فهذه القيم اإلميانية هي بعض سنن الله يف الكون كالقوانني الطبيعية سواء بسواء.. ونتائجها مرتبطة ومتداخلة وال مربر للفصل بينهما يف حس املؤمن ويف تصوره

وهذا هو التصور الصحيح الذي ينشئه القرآن يف النفس حني تعيش يف ظالل ب السابقة واحنرافهم عنها وأثر هذا ينشئه وهو يتحدث عن أهل الكت. القرآن

ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم «: االحنراف يف اية املطاف ليهم ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إ. سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم

لهمجت أرحت منو قهمفو لأكلوا من همبر وينشئه وهو يتحدث عن وعد . »مناستغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا : فقلت «: نوح لقومه

و ، ننيبوال وبأم كمددميهارا، وأن ل لكمعجيات ونج ل لكمعجوينشئه .. » يإن الله «: وهو يربط بني الواقع النفسي للناس والواقع اخلارجي الذي يفعله الله م

فسهموا ما بأنريغى يتم حما بقو ريغال ي «.. كلها إنفاذ ... ة ، وإقرار شريعته يف األرض إن اإلميان بالله ، وعبادته على استقام

.لسنن اللهوهي سنن ذات فاعلية إجيابية ، نابعة من ذات املنبع الذي تنبثق منه سائر السنن

.الكونية اليت نرى آثارها الواقعية باحلس واالختبار

١٩١

ولقد تأخذنا يف بعض األحيان مظاهر خادعة الفتراق السنن الكونية ، حني نرى هذا االفتراق .. اع القوانني الطبيعية يؤدي إىل النجاح مع خمالفة القيم اإلميانية أن اتب

وهذا ما وقع .. قد ال تظهر نتائجه يف أول الطريق ولكنها تظهر حتما يف ايته لقد بدأ خط صعوده من نقطة التقاء القوانني الطبيعية يف . للمجتمع اإلسالمي نفسه

وظل يهبط ويهبط . بدأ خط هبوطه من نقطة افتراقهماو. حياته مع القيم اإلميانيةكلما انفرجت زاوية االفتراق حىت وصل إىل احلضيض عند ما أمهل السنن الطبيعية

..والقيم اإلميانية مجيعا تقف كالطائر الذي يرف جبناح . ويف الطرف اآلخر تقف احلضارة املادية اليوم

تقي يف اإلبداع املادي بقدر ما واحد جبار ، بينما جناحه اآلخر مهيض ، فرييرتكس يف املعىن اإلنساين ويعاين من القلق واحلرية واألمراض النفسية والعصبية ما

لوال أم ال يهتدون إىل منهج الله ، وهو وحده العالج .. يصرخ منه العقالء هناك .والدواء

هذه الشريعة ال فإنفاذ . إن شريعة الله للناس هي طرف من قانونه الكلي يف الكونوالشريعة إن .. بد أن يكون له أثر إجيايب يف التنسيق بني سرية الناس وسرية الكون

فهي موضوعة لتنفذ يف . هي إال مثرة اإلميان ال تقوم وحدها بغري أصلها الكبريوهي متكاملة مع . جمتمع مسلم ، كما أا موضوعة لتساهم يف بناء اتمع املسلم

كله للوجود الكبري وللوجود اإلنساين ، ومع ما ينشئه هذا التصور اإلسالميالتصور من تقوى يف الضمري ، ونظافة يف الشعور ، وضخامة يف االهتهامات ،

وهكذا يبدو التكامل والتناسق بني سنن ... ورفعة يف اخللق ، واستقامة يف السلوك فكلها .. يم اإلميانية الله كلها سواء ما نسميه القوانني الطبيعية وما نسميه الق

.أطراف من سنة الله الشاملة هلذا الوجودوعمله وإرادته ، وإميانه وصالحه ، . واإلنسان كذلك قوة من قوى الوجود

هي كذلك قوى ذات آثار إجيابية يف هذا الوجود وهي .... وعبادته ونشاطه ي مثارها كاملة وكلها تعمل متناسقة ، وتعط.. مرتبطة بسنة الله الشاملة للوجود

١٩٢

حني تتجمع وتتناسق بينما تفسد آثارها وتضطرب ، وتفسد احلياة معها ، وتنتشر ذلك بأن الله لم يك مغيرا «: الشقوة بني الناس والتعاسة حني تفترق وتتصادم

فسهموا ما بأنريغى يتم حلى قوها عمعة أنمباط قائم وثيق بني عمل فاالرت.. » نعاإلنسان وشعوره وبني ماجريات األحداث يف نطاق السنة اإلهلية الشاملة

وال يوحي بتمزيق هذا االرتباط ، وال يدعو إىل اإلخالل ذا التناسق ، .للجميعوال حيول بني الناس وسنة الله اجلارية ، إال عدو للبشرية يطاردها دون اهلدى

٢٠٨.. ، وتقصيه من طريقها إىل را الكرمي وينبغي هلا أن تطاردهوما أحوج األمة املسلمة يف كل وقت إىل متلي هذه التوجيهات ، وإىل دراسة هذا القرآن بالعني املفتوحة واحلس البصري ، لتتلقى منه تعليمات القيادة اإلهلية العلوية

رد على الكيد يف معاركها اليت ختوضها مع أعدائها التقليديني ولتعرف منها كيف توما . العميق اخلبيث الذي يوجهونه إليها دائبني ، بأخفى الوسائل ، وأمكر الطرق

ميلك قلب مل يهتد بنور اإلميان ، ومل يتلق التوجيه من تلك القيادة املطلعة على السر والعلن والباطن والظاهر ، أن يدرك املسالك والدروب اخلفية اخلبيثة اليت يتدسس

يد اخلبيث املريب فيها ذلك الكمث نلحظ من جانب التناسق الفين والنفسي يف األداء القرآين ، أن بدء هذه اجلولة يلتحم خبتام قصة آدم ، وباإلحياءات اليت أشرنا إليها هناك ، وهذا جانب من

٢٠٩التكامل يف السياق القرآين بني القصص والوسط الذي تعرض فيه ..أعداء األمة املسلمة هم أعداؤها فالنفس البشرية هي النفس البشرية و

وال جناة للنفس البشرية وال لألمة املسلمة إال بإدخال هذا القرآن .. والقرآن حاضر وما مل يستيقن .. يف املعركة ، ليخوضها حية كاملة كما خاضها أول مرة

!املسلمون من هذه احلقيقة فال فالح هلم وال جناح

)١٥ / ١ (-ن ـ موافقا للمطبوع ىف ظالل القرآ - ٢٠٨

)١٨٠ / ١ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٠٩

١٩٣

أن تقبل على هذا القرآن ذا الفهم وهذا .. النفس وأقل ما تنشئه هذه احلقيقة يف .اإلدراك وهذا التصور

أن تواجهه وهو يتحرك ويعمل وينشئ التصور اجلديد ، ويقاوم تصورات اجلاهلية ال كما يواجهه الناس اليوم نغمات حلوة . ، ويدفع عن هذه األمة ، يقيها العثرات

.. إنه المر غري هذا نزل الله القرآن . .ترتل ، وكالما مجيال يتلى ، وينتهي األمر لقد نزله لينشئ حياة كاملة ، وحيركها ، ويقودها إىل شاطئ االمان بني األشواك

. والعثرات ، ومشقات الطريق اليت تتناثر فيها الشهوات كما تتناثر فيها العقبات ٢١٠..والله املستعان

وأنه هو مدرستها اليت تلقت إن القرآن هو كتاب هذه األمة احلي ورائدها الناصح .فيها دروس حياا

كان يريب به اجلماعة املسلمة األوىل اليت قسم هلا إقامة - سبحانه -وأن الله منهجه الرباين يف األرض ، وناط ا هذا الدور العظيم بعد أن أعدها له ذا القرآن

الباقي بعد - احلي أراد ذا القرآن أن يكون هو الرائد- تعاىل -وأنه . الكرمي لقيادة أجيال هذه األمة ، وتربيتها ، وإعدادها لدور القيادة - � -وفاة الرسول

الراشدة الذي وعدها به ، كلما اهتدت ديه ، واستمسكت بعهدها معه ، واستمدت منهج حياا كله من هذا القرآن ، واستغزت به واستعلت على مجيع

إن هذا القرآن ليس جمرد ! ا هذه ، مناهج اجلاهليةوهي بصفته. املناهج األرضيةدستور للتربية ، كما أنه دستور للحياة .. ولكنه دستور شامل .. كالم يتلى

العملية ، ومن مث فقد تضمن عرض جتارب البشرية بصورة موحية على اجلماعة يف املسلمة اليت جاء لينشئها ويربيها وتضمن بصفة خاصة جتارب الدعوة اإلميانية

. وقدمها زادا لألمة املسلمة يف مجيع أجياهلا- عليه السالم -األرض من لدن آدم كي تكون األمة املسلمة على بينة من . جتارا يف األنفس ، وجتارا يف واقع احلياة

.طريقها ، وهي تتزود هلا بذلك الزاد الضخم ، وذلك الرصيد املتنوع

)٢٦١ / ١ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢١٠

١٩٤

.. وفرة ، وذا التنوع ، وذا اإلحياء ومن مث جاء القصص يف القرآن ذه الوقصص بين إسرائيل هو أكثر القصص ورودا يف القرآن الكرمي ، ألسباب عدة ، ذكرنا بعضها يف اجلزء األول من الظالل عند استقبال أحداث بين إسرائيل وذكرنا

ونضيف إليها هنا ما - وخباصة يف أوله -بعضها يف هذا اجلزء يف مناسبات شىت علم أن أجياال من هذه األمة املسلمة ستمر - سبحانه -وهو أن الله .. جحه نر

بأدوار كاليت مر فيها بنو إسرائيل ، وتقف من دينها وعقيدا مواقف شبيهة مبواقف بين إسرائيل فعرض عليها مزالق الطريق ، مصورة يف تاريخ بين إسرائيل ،

سبحانه -ملرآة املرفوعة هلا بيد الله لتكون هلا عظة وعربة ولترى صورا يف هذه اإن هذا القرآن ! قبل الوقوع يف تلك املزالق أو اللجاج فيها على مدار الطريق-

وينبغي أن يتدبر على أنه . ينبغي أن يقرأ وأن يتلقى من أجيال األمة املسلمة بوعيال . املستقبلتوجيهات حية ، تترتل اليوم ، لتعاجل مسائل اليوم ، ولتنري الطريق إىل

ولن ! على أنه جمرد كالم مجيل يرتل أو على أنه سجل حلقيقة مضت ولن تعودننتفع ذا القرآن حىت نقرأه لنلتمس عنده توجيهات حياتنا الواقعة يف يومنا ويف غدنا كما كانت اجلماعة املسلمة األوىل تتلقاه لتلتمس عنده التوجيه احلاضر يف

. ني نقرأ القرآن ذا الوعي سنجد عنده ما نريدوح.. شؤون حياا الواقعة سنجد كلماته وعباراته ! وسنجد فيه عجائب ال ختطر على البال الساهي

هذا فافعلوه : وتوجيهاته حية تنبض وتتحرك وتشري إىل معامل الطريق وتقول لنا كذا فاختذوا : وتقول لنا . هذا عدولكم وهذا صديق: وتقول لنا . وهذا ال تفعلوه

وتقول لنا حديثا طويال مفصال دقيقا يف كل ما . ن احليطة وكذا فاختذوا من العدةموسنجد عندئذ يف القرآن متاعا وحياة وسندرك معىن .. يعرض لنا من الشؤون

» يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم«: قوله تعاىل ال حلياة تارخيية حمدودة يف صفحة . للحياة الدائمة املتجددة..هي دعوة للحياة ف

٢١١.عابرة من صفحات التاريخ

)٦٥ / ١ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢١١

١٩٥

»مأقو دي للتي هيهآن يهكذا على وجه اإلطالق فيمن يهديهم ..» إن هذا القرويشمل وفيما يهديهم ، فيشمل اهلدى أقواما وأجياال بال حدود من زمان أو مكان

ما يهديهم إليه كل منهج وكل طريق ، وكل خري يهتدي إليه البشر يف كل زمان .ومكان

يهدي لليت هي أقوم يف عامل الضمري والشعور ، بالعقيدة الواضحة البسيطة اليت ال تعقيد فيها وال غموض ، واليت تطلق الروح من أثقال الوهم واخلرافة ، وتطلق

عمل والبناء ، وتربط بني نواميس الكون الطبيعية الطاقات البشرية الصاحلة لل .ونواميس الفطرة البشرية يف تناسق واتساق

ويهدي لليت هي أقوم يف التنسيق بني ظاهر اإلنسان وباطنه ، وبني مشاعره وسلوكه ، وبني عقيدته وعمله ، فإذا هي كلها مشدودة إىل العروة الوثقى اليت ال

مستقرة على األرض ، وإذا العمل عبادة مىت توجه تنفصم ، متطلعة إىل أعلى وهي .اإلنسان به إىل الله ، ولو كان هذا العمل متاعا واستمتاعا باحلياة

ويهدي لليت هي أقوم يف عامل العبادة باملوازنة بني التكاليف والطاقة ، فال تشق وال تسهل وتترخص حىت تشيع. التكاليف على النفس حىت متل وتيأس من الوفاء

.وال تتجاوز القصد واالعتدال وحدود االحتمال. يف النفس الرخاوة واالستهتارأفرادا وأزواجا ، : ويهدي لليت هي أقوم يف عالقات الناس بعضهم ببعض

وحكومات وشعوبا ، ودوال وأجناسا ، ويقيم هذه العالقات على األسس الوطيدة املودة والشنآن وال تصرفها املصاحل الثابتة اليت ال تتأثر بالرأي واهلوى وال متيل مع

األسس اليت أقامها العليم اخلبري خللقه ، وهو أعلم مبن خلق ، وأعرف . واألغراضمبا يصلح هلم يف كل أرض ويف كل جيل ، فيهديهم لليت هي أقوم يف نظام احلكم

.ونظام املال ونظام االجتماع ونظام التعامل الدويل الالئق بعامل اإلنسان

١٩٦

لليت هي أقوم يف تبين الديانات السماوية مجيعها والربط بينها كلها ، ويهدي وتعظيم مقدساا وصيانة حرماا فإذا البشرية كلها جبميع عقائدها السماوية يف

٢١٢.سالم ووئام================

. أمهية القصة يف القرآن الكرمي وطريقة عرضها –عشرة رابعة الثمرة ال. رآن ميثل موكب اإلميان يف طريقه املمتد الواصل الطويلقصص األنبياء يف الق

ويعرض قصة الدعوة إىل الله واستجابة البشرية هلا جيال بعد جيل كما يعرض طبيعة اإلميان يف نفوس هذه النخبة املختارة من البشر ، وطبيعة تصورهم للعالقة

ملوكب الكرمي يف وتتبع هذا ا.. بينهم وبني رم الذي خصهم ذا الفضل العظيم طريقه الالحب يفيض على القلب رضى ونورا وشفافية ويشعره بنفاسة هذا العنصر

كذلك يكشف عن حقيقة التصور . وأصالته يف الوجود- عنصر اإلميان -العزيز ٢١٣..اإلمياين ومييزه يف احلس من سائر التصورات الدخيلة

ار ، وتزخر باالنفعاالت والقصة تقطع إىل مشاهد حية ، متوج باحلركة وباحلووالسمات ، وتتخللها التوجيهات إىل مواضع العربة يف السياق ، وتكشف عن

وبني الطواغيت املتسلطة على عباد » رب العالمني«طبيعة املعركة بني الدعوة إىل الله ، املدعية للربوبية من دون الله ، كما تتجلى روعة العقيدة حني تستعلن ، فال

٢١٤.. سلطان الطواغيت ، وال حتفل التهديد والوعيد الشديد ختشى، إن للقرآن طريقة موحدة يف التعبري ؛ يتخذها يف أداء مجيع األغراض على السواء

تلك هي طريقة التصوير التشخيصي بوساطة التخييل . حىت أغراض الربهنة واجلدل . والتجسيم

-يث هي طريقة فنية من طرق األداء من ح، فلننظر اآلن يف تقومي هذه الطريقة فاألهداف الدينية اليت جاء القرآن ، -وذلك هو جمال حبثنا يف هذا الكتاب

)٢٢١٥ / ٤ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢١٢

)٥٥ / ١ (-ع ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبو - ٢١٣

)١٣٤٤ / ٣ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢١٤

١٩٧

كل أولئك مباحث ... واملوضوعات اإلهلية والتشريعية اليت تناوهلا ، لتحقيقها ، ليست من مهنا هنا ؛ وإذا كان بعضها قد جاء عرضا يف ثنايا الفصول املاضية

وبعض الناس . وكيف سلك يف التعبري عنه ، نا به لننظر كيف تناوله القرآن فإمنا جئوصالحية ومرونة ، ويرى ما فيها من دقة وعظمة ، حني ينظر يف هذه املوضوعات

وحيسب أن طريقة التعبري القرآنية ، حيسبها ميزة القرآن الكربى ، وإحاطة ومشول ، كما أن بعضهم يفرق بني املعاين وطريقة وأن اإلعجاز كله كامن فيها ؛، تابعة هلا

. ويتحدث عن إعجاز القرآن يف كل منهما على انفراد ، األداء هي اليت ، إن الطريقة اليت اتبعها القرآن يف التعبري : أما حنن فنريد أن نقول

. أبرزت هذه األغراض واملوضوعات ؛ فهي كفاء هذه األغراض واملوضوعات وقد استغرقت من – إىل تلك املباحث العقيمة حول اللفظ واملعىن وال يردنا هذا

فزعم أن املعاين ملقاة على ، النقاد العرب ما استغرقت مند أن أثارها اجلاحظ قارعة الطريق ؛ مث تابعه يف البحث ابن قتيبة وقدامة وأبو هالل العسكري وغريهم

د وصل فيها إىل رأي حاسم ق" عبد القاهر " وإنا لنحسب أن –خمالفني ومؤيدين ال يتصور عاقل أن يدور ، إىل أن اللفظ وحده " دالئل اإلعجاز " حني انتهى يف

وأن املعىن . إمنا من حيث داللته يدور البحث فيه ، حوله حبث من حيث هو لفظ إمنا ، وحده ال يتصور عاقل أن يدور حوله حبث من حيث هو خاطر يف الضمري

وأن املعىن مقيد يف حتديده بالنظم . لفظ يدور البحث فيه من حيث أنه ممثل يف . مث يتحد املعىن متام االحتاد . فال ميكن أن خيتلف النظمان ، الذي يؤدي به

فنحن نترجم عنه ؛ وإال ، القضية هذه الصياغة املختصرة " عبد القاهر " مل يصغ فقرات منه كاليت نقلناها يف وال نقل ، فقد استغرق فيها كتابا ال نستطيع نقله هنا

. بذلك األسلوب املعقد الذي رأيناه هناك ، أول هذا الكتاب ولو خطا خطوة واحدة يف التعبري ، ولكن له فضله العظيم يف تقرير هذه القضية

إن طريقة األداء حامسة : فنقول حنن عنه ، لبلغ الذروة يف النقد الفين ، احلاسم عنها ؛ وإنه حيثما اختلفت طريقتان للتعبري عن املعىن الواحد اختلفت يف تصوير املعىن

١٩٨

وبذلك تربط املعاين وطرق األداء ربطا ال . صورتا هذا املعىن يف النفس والذهن فلن يربز املعىن الواحد . كل على انفراد . جيوز احلديث بعده عن املعاين واأللفاظ

وقد ال يتأثر املعىن . ملعىن مبقدارها إال يف صورة واحدة ؛ فإذا تغريت الصورة تغري اوهي املعول عليها يف ، ولكن صورته يف النفس والذهن تتغري ، الذهين العام يف ذاته

فاملعىن املنقول ، فإذا اختلف األثر الناشئ عنه – إذ التعبري يف الفن للتأثري –الفن ! خمتلف بال مراء

فهذه الطريقة ، التصويرية يف القرآن إىل فضل الطريقة، وننتهي من هذا البيان ، صورا اليت نراها ، هي اليت جعلت للمعاين واألغراض واملوضوعات القرآنية

فهي يف هذه الصورة غريها يف أية صورة ، ومن هذه الصورة كانت قيمتها الكربى . كما أسلفنا ، أخرى

فرقت يف ثنايا الكتاب وإن كانت قد ت، وحنب أن نزيد املسألة إيضاحا بالنماذج وتفرق التعليق عليها يف مواضعها مبا يفيد مزية الطريقة القرآنية فيها ؛ ولكننا هنا ،

. ولدينا من النماذج الكثري ، يف معرض التلخيص األخري لقد كانت السمة األوىل للتعبري القرآين هي اتباع طريقة تصوير املعاين الذهنية

والسري على طريقة تصوير املشاهد ، رازها يف صور حسية وإب، واحلاالت النفسية ومشاهد ، واألمثال القصصية ، والقصص املروية ، واحلوادث املاضية ، الطبيعية كأا كلها حاضرة .. والنماذج اإلنسانية ، وصور النعيم والعذاب ، القيامة

. بالتخييل احلسي الذي يفعمها باحلركة املتخيلة . شاخصة اليت تنقل املعاين واحلاالت ، فضل هذه الطريقة على الطريقة األخرى فما

النفسية يف صورا الذهنية التجريدية ؛ وتنقل احلوادث والقصص أخيارا مروية ؛ ال تصويرا ختييليا ؟ ، وتعرب عن املشاهد واملناظر تعبريا لفظيا

، صورا التجريدية أن نتصور هذه املعاين كلها يف ، يكفي لبيان هذا الفضل : وأن نتصورها بعد ذلك يف اهليئة األخرى التشخيصية

١٩٩

وتصل إليهما جمردة من ، إن املعاين يف الطريقة األوىل ختاطب الذهن والوعي ، وتصل إىل النفس ، ويف الطريقة الثانية ختاطب احلس والوجدان . ظالهلا اجلميلة

ومن ، من احلس عن طريق احلواس و. من احلواس بالتخييل : من منافذ شىت ويكون الذهن منفذا واحدا من منافذها . الوجدان املنفعل باألصداء واألضواء

. ال منفذها املفرد الوحيد . الكثرية إىل النفس وهلذه الطريقة فضلها وال شك يف أداء الدعوة لكل عقيدة ؛ ولكننا إمنا ننظر

فوظيفة الفن . وإن هلا من هذه الوجهة لشأنا .إليها هنا من الوجهة الفنية البحتة وإجاشة ، األوىل هي إثارة االنفعاالت الوجدانية ؛ وإشاعة اللذة الفنية ذه اإلثارة

وكل .. وتغذية اخليال بالصورة لتحقيق هذا مجيعه ، احلياة الكامنة ذه االنفعاالت ك املثال فوق ما ضربنا وإلي: أولئك تكفله طريقة التصوير والتشخيص للفن اجلميل

: من أمثال معىن النفور الشديد من دعوة اإلميان ينقل إليك يف صورته التجريدية هكذا -١ فيتملى الذهن وحده النفور يف برود . إم لينفرون أشد النفرة من دعوة اإلميان :

ذكرة معرضني فما لهم عن الت: " مث ينقل إليك يف هذه الصورة العجيبة . وسكون ، فتشترك مع الذهن حاسة النظر " . فرت من قسورة . كأنهم حمر مستنفرة .

السخرية من هؤالء الذين : وشعور اجلمال ، وانفعال السخرية ، وملكة اخليال ! يفرون كما تفر محر الوحش من األسد ؛ ال لشئ إال ألم يدعون إىل اإلميان

، واجلمال الذي يرتسم يف حركة الصورة حينما يتمالها اخليال يف إطار من الطبيعة !املرهوب " قسورة " تشرد فيه هذه احلمر يتبعها ! إذا صح هذا التعبري –تزيد يف مساحته النفسية ، فللتعبري هنا ظالله حوله

ميكن أن يؤدى ، هللا ومعىن عجز اآلهلة اليت كان العرب يعبدوا من دون ا-٢ إن ما تعبدون من دون اهللا ألعجز عن : كأن يقال ، يف عدة تعبريات ذهنية جمردة

. فيصل املعىن إىل الذهن جمردا باهتا . خلق أحقر األشياء

٢٠٠

إن الذين تدعون من دون : "... ولكن التعبري التصويري يؤديه يف هذه الصورة خالله لن ي همن نقذوهتسئا لا ييش ابالذب مهلبسإن يو وا لهعمتلو اجابا ولقوا ذب

طلوبالمو الطالب فعفيشخص هذا املعىن ويربز يف تلك الصور املتحركة " . ض. " وهذه أخرى " . وا له ولو اجتمع. " هذه درجة " لن يخلقوا ذبابا : " املتعاقبة

همن نقذوهتسئا لا ييش ابالذب مهلبسإن يأرأيت إىل تصوير ... وهذه ثالثة " . و، مبا يثري يف النفس السخرية الالذعة ، وإىل التدرج يف تصويره ، الضعف املزري

ا هذا الغلو ؟ أهذه مبالغة ؟ وهل البالغة فيه. واالحتقار املهني ؟ ولكن لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا " إن هؤالء اآلهلة . فهذه حقيقة واقعة بسيطة ! كال

والذباب صغري حقري ؛ ولكن اإلعجاز يف خلقه هو اإلعجاز يف خلق اجلمل " لهفليست املعجزة يف . يستوي فيها اجلسيم واهلزيل " احلياة " إا معجزة . والفيل

. إمنا هي خلق اخللية الصغرية كاهلباء . صميمها هي خلق اهلائل من األحياء ولكن اإلبداع الفين هنا هو يف عرض هذه احلقيقة يف صورة تلقي ظالل الضعف عن خلق أحقر األشياء ؛ واجلمال الفين هنا هو يف تلك الظالل اليت تضفيها

مث يف ، ويف التجمع له ، اولة اخللق ويف احلركة التخييلية يف حم، حمتويات الصورة وهم وأتباعهم عاجزون عن هذا ، حماولة الطريان خلف الذباب الستنقاذ ما يسلبه

! االستنقاذ ويعرب عن حالة ختلي األولياء عن أوليائهم أمام هول القيامة ذه الصيغة -٣

تبوعون عن التابعني وختلى امل، وتنابز األولياء . لقد تناكر األصفياء : التجريدية ولكن أين . فيكون من أدق التعبريات اليت تصاغ . حينما شاهدوا اهلول يوم الدين

وبرزوا لله جميعا فقال : " هذا التعبري الذهين من هذا االستعراض املفعم باحلياة عا فهبت ا لكما كنوا إنركبتاس فاء للذينعذاب الله من الضع ا مننون عنغم مل أنت

. شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص قالح دعو كمدعو إن الله راألم ا قضيطان لميقال الشا ومو كملفتفأخ كمدتعوو

كان لي عليكم من سلطان إال أن دعوتكم فاستجبتم لي فال تلوموني ولوموا

٢٠١

قبل أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من أليم ذابع مله إن الظالمني . "

: ففي خذت االستعراض يتجسم للخيال مشهد من ثالث فرق ، وقصر عقوهلم ، الذين كانوا ذيوال لألقوياء وهم ما يزالون يف ضعفهم . الضعفاء

هذا يسألوم اخلالص من، يلجأون إىل الذين استكربوا يف الدنيا . وخور نفوسهم ويعتبون عليهم إغواءهم يف احلياة ؛ متمشني يف هذا مع طبيعتهم اهلزيلة ، املوقف

. وضعفهم املعروف وهم ضيقو . وواجهوا مصريهم ، وقد ذلت كربياؤهم . والذين استكربوا

، الذين ال يكفيهم ما يروم فيه من ذلة وعذاب ، الصدور ؤالء الضعفاء أو يذكروم جبرمية ، م ال ميلكون لذات أنفسهم خالصا وه، فيسألوم اخلالص

فما يزيدون على أن يقولوا هلم يف سأم وضيق . إغوائهم هلم حيث ال تنفع الذكرى " : اكمنيدله ا اللهانده لو . "

. واستهتار وتبجح ، بكل ما يف شخصيته من مراوغة ومغالطة . والشيطان ، بأن اهللا وعدهم وعد احلق – اآلن فقط –يعترف ألتباعه . "وشيطنة " ومكر

: " وهو ينفض يديه من تبعام ، مث ميضهم ويؤملهم . وأنه هو وعدهم فأخلفهم وما كان لي عليكم من سلطان إال أن دعوتكم فاستجبتم لي فال تلوموني ولوموا

إني كفرت بما أشركتمون من : " فيقول ، ال بل يزيد يف تبجحه . " أنفسكم !إنه لشيطان . حقا " . قبل

، الذي يتخلى فيه التابع عن املتبوع ، وإن هذا إلبداع يف تصوير املوقف الفريد كنها حيث ال جيدي أحدا منهم أن يتخلى أو يستمسك ؛ ول. ويتنكر املتبوع للتابع

. تربز عارية أمام اهلول العظيم ، طبيعة كل فريق وإال فما . ومع الصورة اليت يرمسها القرآن له ، وإن الشيطان هنا ملنطقي مع نفسه

! يكون شيطانا بغري هذه التالعب والتبجح واإلنكار

٢٠٢

من وراء ، وتلك الظالل مجيعها ، وهكذا تصل إىل النفس تلك األصداء كلها من هذا التصوير الفين ؟ ، فأين يقع التعبري الذهين . ملصور املشخص التعبري ا

وأم خيدعون ، إن أعمال الذين كفروا ال حساب هلا وال وزن : ويقال -٤ وال هادي ، ال خمرج هلم منه ، أنفسهم حني يظنوا شيئا ؛ أو أم يف ضالل دائم

وجييش ، ولكنه حييا ويتحرك . ك فيؤدي املعىن إىل الذهن حيث يركد هنا. هلم فيه والذين كفروا أعمالهم : " حني يؤدي يف هذه اهليئة التصويرية ، به احلس واخليال

هعند الله دجوئا ويش هجدي لم اءهى إذا جتاء حآن مالظم هبسحة ياب بقيعركسو هابحس فاهاب فوالحس ريعس أو " . الله " جوم اهشغي ير لجحات في بكظلم أو

كدي لم هدي جرض إذا أخعب قا فوهضعب اتظلم ابحقه سن فوم جوقه من فومورا فمن له ل اللهعجي ن لمما واهرور يمن ن فيها ، هنا صور فنية ساحرة " . ا له

لو أريد ، وهي بعد يف حاجة إىل ريشة مبدعة .... وفيها ختييل قوي ، روح القصة بل أين . لو أريد تصويرها باحلركات ، وإىل عدسة يقظة ، تصويرها باأللوان

في بحر : " ات اليت تستطيع أن تربز هذه الظلم، أو أين هي العدسة ، هي الريشة لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا

؟ " . أخرج يده لم يكد يراها ووجد " حىت إذا جاءه مل جيده شيئا " يسري وراء السراب ، أو تصور الظمآن

ويف سرعة " وجد الله عنده " – مل تكد ختطر له على بال –ة مفاجأة عجيب ؟ " فوفاه حسابه " خاطفة تناوله

فلنذكر معه املتاع الفين ، فإذا ذكرنا الغرض الديين الذي رمست له هذه الصورة . يف هذا التصوير احلي اجلميل ، الطريف

وضياع اجلهد معه ، ضالل بعد اهلدى ومن هذا الوادي تصوير معىن ال-٥ أولـئك الذين اشتروا الضاللة بالهدى فما : " تلك الصور احلية املتتابعة ، سدى

دينتهوا ما كانمو مهتارجت تبحر . اءتا أضارا فلمن قدوتثل الذي اسكم مثلهم

٢٠٣

ا حون مصربات ال يفي ظلم مكهرتو ورهمبن الله بذه لهو . مفه يمع كمب مص " . ال يرجعون

أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم " يكاد البرق يخطف أبصارهم . حذر الموت والله محيط بالكافرين من الصواعق

عهممبس بلذه اء اللهش لووا وقام همليع إذا أظلما فيه ووشم ماء لها أضكلم " . قدير وأبصارهم إن الله على كل شيء

هؤالء هم قد أوقدوا النار : إن هنا حشدا من الصور املتتابعة يف شريط متحرك أو ها هي ذي .. وخييم حوهلم الظالم ، وفجأة يذهب اهللا بنورهم . فأضاءت وهؤالء هم مذعورون " صيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق : "العاصفة فيجعلون أصابعهم يف آذام ؛ وما تغين ، وخيافون املوت ، الصاعقة يتوقعون

وها هو ذا الربق خيطف . األصابع يف اآلذان ؛ ولكنها حركة الغريزة يف هذا األوان وها هو ذا . فهم خيطون على ضوئه خطوة ، ولكنه ينري الطريق حلظة ، البصر

.... ال يدرون كيف خيطون ، ينقطع فيظلون واقفني ، مبا فيه من احلركة والتتابع ، لو سجلت عدسة الصور املتحركة مشهدا كهذا

فال تنقص منه ، فكيف واملنظر هنا تسجله األلفاظ . لكانت موفقة كل التوفيق حركة واحدة تستطيع عدسة الصور املتحركة إثباا ؟ ال بل تتيح للنفس متعة

ر وميحوها ؛ ويصنع احلركات بأن تدع للخيال عمال ؛ وهو يرسم الصو، أشهى والقلب ، والوجدان ينفعل ، والنفس جتيش . ويتبعها ؛ ويرسم الظالل ويشهدها

!حتت تأثري ماذا ؟ حتت تأثري الكلمات ، يسرع يف النبضات ومن متام القول يف طريقة القرآن التصويرية أن جنمل هنا ما تفرق يف مواضع

، فهي مسة بارزة فيه ، يبثها التعبري يف التصوير خمتلفة يف الكتاب عن احلياة اليت . حتدد نوع التصوير ومستواه

مل تستبدل ا صور فحسب ؛ ولكن ، إن املعاين الذهنية واحلاالت املعنوية . ومرت من خالل وسط حي . وقيست مبقاييس حية ، اختريت هلا صور حية

٢٠٤

وختلي احلامالت ، عما أرضعن فهول الساعة العظيم يصور يف ذهول املرضعاتوترنح السكارى وما هم بسكارى ؛ ويقاس مبدى فعل اهلول يف هذه ، عن محلهن

. ال باأللفاظ واألوصاف التجريدية ، النفوس اآلدمية " حيث يكون . وفصيلته اليت تؤويه ، أو يصور يف فرار املرء من أخيه وأمه وأبيه

فهو يقاس بأثره يف النفس اإلنسانية ال " . ذ شأن يغنيه لكل امرئ منهم يومئ . باملقاييس األخرى الوصفية

فإذا اشتركت اجلوامد يف تصوير هذا اهلول خلعت عليها احلياة أو أشرك معها فهي حية " يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيال : " األحياء

. فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا " أو . ترجتف كاآلدميني وهول ... فالسماء املنفطرة جبوارها األطفال الشيب ... " . السماء منفطر به

اج يف ذلك ن: وإىل جانبها يصور يف والد وولده ، الطوفان يصور يف الطبيعة ال عاصم اليوم : " وهذا جيرفه الطوفان حيث ، السفينة ملهوف على فلذة كبده

حمن رر الله إال مأم وإن اهلول هنا ليكاد يكون أعظم من اهلول يف الطبيعة " . منإطارا للهول فما كان املوج يف املشهد إال ".وهي تجري بهم في موج كالجبال : "

!ويفصم الصلة اليت ال تفصمها األهوال ، النفسي الذي يفرق بني االبن وأبيه تلقي ظلها ، تبدو من خالل صرخات إنسانية ، وآالم العذاب الشديد يف اآلخرة

" " . ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون : " من خالل التعبري " . وهم يصطرخون فيها

ولكن تربز من وسط آدمي ، ال توصف باأللفاظ ، ووخزات اخلزي يف هذا اليوم ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال : " حي

ت ما كنتبم ذابون فذوقوا العكفر . " ويوم يعض : " يندم بعد فوات األوان ، وصرخات الندم يهتف ا لسان إنسان

يا ويلتى ليتني لم } ٢٧{الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيال ... " . أتخذ فلانا خليال

٢٠٥

فلما جن عليه الليل : " إلميان نراه من خالل نفس بشرية يف قصة إبراهيم وتسرب ا اآلفلني ا أفل قال ال أحبي فلمبـذا ركبا قال هأى كور . "

وال تهنوا في : " واحلض على اجلهاد يأيت يف تصوير موقف املؤمنني والكافرين ء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما ال ابتغا

... " . يرجون ويقيس ، وهو تصوير يفرق بني حقيقة املوقفني تفرقة حامسة يف بضع كلمات

. الفوارق بنفوس الفريقني وما ينتظرمها من مآل استعراض ما استعرضنا من الصور يف شىت الفصول ؛ فحسبنا هذا وال نعود إىل

احلياة . وتوضيح معىن احلياة يف هذا التصوير ، القدر لبيان نوع التصوير القرآين إىل كائن ، ألا تنتقل من كائن حي ، اليت تنقل األثر من احلس إىل أعماق النفس

.ل التعبري والتصوير فتتغلغل يف أعماق الضمري من خال، يف وسط حي ، حي : ومسة ثالثة يف تعبري القرآن

وال عرضت مألوفا إال ، إن هذه الريشة املبدعة ما مست جامدا إال نبض باحلياة !كسائر معجزات احلياة ، ومعجزة ساحرة ، وتلك قدرة قادرة . بدا جديدا

ل عينان ولكنه يف تعبري القرآن حي مل تشهده من قب، الصبح مشهد مألوف مكرور " . الصبح إذا تنفس " إنه .

" والليل إذا يسر " ولكنه يف تعبري القرآن حي جديد ، والليل آن من الزمان معهود " . يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا " وهو يطلب النهار يف سباق جبار .

: " ولكنه يف تعبري القرآن نفس حتس وتتصرف ، والظل ظاهرة تشهد وتعرف " . موم ال بارد وال كرمي وظل من حي

فوجدا فيها : " ولكنه يف تعبري القرآن حيس ويريد ، واجلدار بنية جامدة كاجللمود ! " . جدارا يريد أن ينقض فأقامه

أما يف تعبري القرآن فمشهد رائع . والطري بنية حية ولكنها مألوفة ال تلفت اإلنسان لطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا أولم يروا إلى ا: " يثري اجلنان

نمحالر . " ....

٢٠٦

واآلثار . والدور العامرة . واجلبال والوديان . والشمس والقمر ، واألرض والسماء أو مشاهد . كل أولئك أحياء ... واألشجار واألفنان . والنبات واحليوان . الدائرة

!فليس هناك جامد وال ميت بني اجلوامد واألشياء . ء ختاطب األحياوإا لفن قائم وحده إزاء املعاين واألغراض وهو يف أفقه . تلك طريقة القرآن

٢١٥.وصنو هذه األغراض ، كفاء تلك املعاين ، الرفيع ===============

.يف القرآن الكرمي احلكمة من ضرب األمثال –الثمرة اخلامسة عشرة تؤتي أكلها كل حني بإذن ربها ويضرب الله األمثال للناس لعلهم {: عاىل قال ت

سورة إبراهيم) ٢٥(} يتذكرونالله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح {: وقال تعاىل

ي زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة المصباح ف دي اللههور يلى نع ورن ارن هسسمت لم لوضيء وا يهتيز كادة يبيلا غرة وقيرلا ش

ربضياء وشن يوره ملنليمء عيبكل ش اللهاس وثال للنالأم سورة ) ٣٥(} الله النــور

وضرب األمثال واألشباه يف القرآن الكرمي يراد به كشف الغوامض ، وتنبيه األذهان إىل احلقائق ، وإبانة املصاحل ، وتقرير احلكم البالغة ، وهو من األمور

وأما الذين كفروا فيجادلون يف احلق بعد ما . والتعليماملستحسنة يف العقول والتربيةتبين ، وميارون بالربهان وقد تعين ، فيخرجون من املوضوع ، ويعرضون عن

٢١٦.احلجةوتلك الأمثال نضربها للناس ، وما يعقلها إلا العالمون أي هذا املثل وأشباهه يف

للناس تقريبا ألفهامهم ، وتوضيحا ملا التبس عليهم ، وما القرآن الكرمي ، يضرا

طريقة القرآن يف عرض القصة - التصوير الفين يف القرآن- ٢١٥

)١١٣ / ١ (-التفسري املنري ـ موافقا للمطبوع - ٢١٦

٢٠٧

يفهمها ويدركها ويتدبر حقيقتها إال العلماء األثبات ، املتضلعون يف العلم ، ٢١٧.املتأملون يف القضايا واملسائل

كما نلمس اهتمامها بضرب األمثال للمؤمن والكافر ، والشاكر واجلاحد واإلله لك ألن يف ضرب األمثال تقريبا للبعيد وتوضيحا للخفى وذ.. احلق واآلهلة الباطلة

، بأسلوب من شأنه أن يكون أوقع يف القلوب ، وأثبت يف النفوس وأدعى إىل ٢١٨.التدبر والتفكر

إن ىف ضرب األمثال زيادة إفهام وتذكري للناس ، ألن أنس النفوس ا أكثر ، "فكر إىل ما يعلم باالضطرار فهى خترج املعىن من خفى إىل جلى ، ومما يعلم بال

٢١٩ ".والطبع ، وا يطبق املعقول على احملسوس فيحصل العلم التام بالشيء املمثل لهملا تغلغلت الوثنية ىف مجيع األديان املعروفة وأفسدا على أهلها ، : " وقال املراغي

غته حقيقة أنزل الله هلداية البشر هذا النور املبني وهو القرآن ، فبني ملن يفهم لالتوحيد بالدالئل والرباهني الكونية والعقلية مع ضرب األمثال وذكر شىء من القصص لكشف ما ران على هذه العقيدة من شهات املضلني وأوهام الضالني اليت

٢٢٠ ".مزجتها بالشرك================

ا دون القيامة آتية ال حمالة ولكن اهللا تعاىل قد استأثر -عشرة سادسةالثمرة ال . خلقه

يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل { :قال تعاىل سورة األحزاب) ٦٣(} الساعة تكون قريبا

. هلاد وكل من يزعم من اخللق أنه يعرفها فهو كذاب أشر ، فاملهم االستعدا

)٢٤٥ / ٢٠ (-التفسري املنري ـ موافقا للمطبوع - ٢١٧

)٩٦ / ٨ (-التفسري الوسيط للقرآن الكرمي لطنطاوي - ٢١٨

)١٤٩ / ١٣ (-تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع - ٢١٩

)٣٧ / ٦ (-تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع - ٢٢٠

٢٠٨

عن الساعة اليت حدثهم عنها طويال - ���� -ا يفتأون يسألون النيب كانوا م وقديسألونه عن . وخوفهم ا طويال ووصف القرآن مشاهدها حىت لكأن قارئه يراها

موعدها ويستعجلون هذا املوعد وحيمل هذا االستعجال معىن الشك فيها ، أو ا ، أو السخرية منها ، حبسب النفوس السائلة ، وقر ا من اإلميان أو التكذيب

.بعدهاوالساعة غيب قد اختص به الله سبحانه ، ومل يشأ أن يطلع عليه أحدا من خلقه

عن ويف حديث حقيقة اإلميان واإلسالم. مجيعا ، مبا فيهم الرسل واملالئكة املقربون معبد الجهنى فانطلقت أنا يحيى بن يعمر قال كان أول من قال فى القدر بالبصرة

ا مندا أحلقين ا لون فقلنيمرتعم ن أوياجح رىين الحممحد الربع نب ديمحو لنا عبد الله فسألناه عما يقول هؤالء فى القدر فوفق- ���� -أصحاب رسول الله

راآلخمينه وي نا عنداحبى أحصا وأن هفتنفاكت جدساخال المطاب دن الخب رمع نبقد هن إنمحد الربا عأب فقلت إلى كل الكالمياحبى سأن ص تناله فظنشم نع رظه

ون العلمقفرتيآن وءون القرقري اسا نلنقب- أنهمش من ذكرون أن - ومعزي مهأنو فأن رأن األمو رآ. ال قدرب مهأنو مهرىء منى بأن مهبرفأخ أولئك ء قال فإذا لقيت

منى والذى يحلف به عبد الله بن عمر لو أن ألحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل دعن نحا نمنيطاب قال بالخ نب رمثنى أبى عدقال ح ر ثمبالقد منؤى يتح همن الله

ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد - ���� -رسول الله بىإلى الن لسى جتح دا أحمن رفهعال يفر والس ه أثرليى عرر ال يعالش- ���� -

ه إلى ريتكبر دنن فأسنى عبرأخ دمحا مقال يه ولى فخذيه عكفي عضوه ويتكباإلسالم أن تشهد أن ال إله إال الله وأن « - ���� -فقال رسول الله . اإلسالم

تىؤتالة والص قيمتول الله وسا ردمحإن م تيالب جحتان وضمر ومصتكاة والز قال فأخبرنى عن . قال فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال صدقت. استطعت إليه سبيال

له واليوم اآلخر وتؤمن بالقدر أن تؤمن بالله ومالئكته وكتبه ورس« قال . اإلميانأن تعبد الله « قال . قال فأخبرنى عن اإلحسان. قال صدقت. »خيره وشره

٢٠٩

اكري هفإن اهرت كنت فإن لم اهرت كة. »كأناعن السنى عبرا « قال .قال فأخمأن تلد األمة « قال . قال فأخبرنى عن أمارتها. »المسئول عنها بأعلم من السائل

قال ثم . »ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان قال لى ان ا ثمليم فلبثت ائل « طلقن السرى مدأت رما عي« . ولهسرو الله قلت

لمقال . أع » كمدين كملمعي اكمريل أتجب ه٢٢١.»فإن علم كالمها ال ي- جربيل عليه السالم - والسائل - ���� -فاملسؤول رسول الله

على وجه االختصاص والتفرد من دون .. » إنما علمها عند الله: قل «علم الساعة .عباد الله

قدر الله هذا حلكمة يعلمها ، نلمح طرفا منها ، يف ترك الناس على حذر من أمرها ، ذلك ملن أراد الله له اخلري . ، ويف توقع دائم هلا ، ويف استعداد مستمر لفجأا

فأما الذين يغفلون عن الساعة ، وال يعيشون يف كل حلظة . وأودع قلبه التقوىوقد بني . على أهبة للقائها ، فأولئك الذين خيتانون أنفسهم ، وال يقوا من النار

الله هلم وحذرهم وأنذرهم وجعل الساعة غيبا جمهوال متوقعا يف أية حلظة من ٢٢٢..» يك لعل الساعة تكون قريباوما يدر«: حلظات الليل والنهار

================= ق ، وأنه مملوك هللا ،فال حيقد على غريه و إذا أيقن أنه خمل– عشرة سابعةالثمرة ال

.وال حيسده،ويطهر قلبه مما سوى اهللا تعاىل ، فال يلتفت لغريه عنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ولا تمدن عينيك إلى ما مت{: قال تعاىل

سورة طـه) ١٣١(} لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقىى يراد به النصح واإلرشاد ، وذلك بأال » وال تمدن عينيك « : قوله تعاىل

ؤالء املشركني من أموال وبنني وأال يقع يلتفت النىب واملؤمنون إىل ما بني أيدى هىف نفسه ، أو أنفس املؤمنني ، أن ذلك الذي أمد الله بعض املشركني ، به ، من

يطلـب ويتتبـع : يتقفر -املستأنف الذى مل يسبق به قدر : األنف ) ١٠٢ (- املكرت -صحيح مسلم - ٢٢١

وجيمع

)٢٨٨٢ / ٥ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٢٢

٢١٠

بل هو ابتالء وامتحان .. نعمة ، هو تكرمي هلم ، وإحسان منه سبحانه وتعاىل إليهم ا به ، وها هم أوالء قد كفرو.. هلم ، لريى منهم سبحانه أيشكرون أم يكفرون ؟

وحادوه ، وحاربوا رسوله ، وذا حتولت هذه النعم إىل سيئات وأوزار ، تضاف ..إىل رصيدهم مما كسبوا من سيئات وأوزار

إشارة إىل أن ما يتمتع به املشرك من عطاء » أزواجا منهم « : ـ وىف قوله تعاىل .. متعة هلا الله هو شركة بينه وبني زوجه ، اليت هى متعة من متعه وهو

فإن شكرت ، .. فاملرأة كالرجل هنا ، ىف أا مبتالة بنعم الله ، وحماسبة عليها وآمنت ، وعملت صاحلا أخذت حبظها من رضوان الله ، وإن جحدت وكفرت ،

.وخالطت اآلثام ، فعليها وزر ما عملت ، وستلقى جزاءها من عذاب اللهإشارة إىل أن ذلك املتاع الذي ىف » ياة الدنيا زهرة الح« : ـ وىف قوله تعاىل

..أيدى الناس ، هو زهرة من زهرات احلياة الدنيا ، يبهج العني ، ويسر القلب متاما .. ولكنه ال يعمر طويال ، بل سرعان ما يذبل وجيف ، مث يصري حطاما

!!متأل العني جة ومسرة ، مث متوت وشيكا. كالزهرة« لتضمنه معىن » متعنا « : منصوب على أنه مفعول ثان للفعل » زهرة « و

.»أعطينا ـ إشارة إىل ما بني يدى النىب » ورزق ربك خير وأبقى « : وىف قوله تعاىل

هو القرآن الكرمي ، مث تلك الرسالة الشريفة اليت اصطفاه .. الكرمي من رزق عظيم فأى رزق خري من هذا الرزق ؟ وأي عطاء ! عنه إىل عبادهالله هلا ، وختيره لتبليغها

أكرم وأوفر من هذا العطاء ؟ إنه أشرف قدرا ، وأعظم أثرا ، وأخلد ذكرا من كل ٢٢٣!ما ىف هذه الدنيا من مال ومتاع

لنفتنهم «فإمنا منتعهم ا ابتالء . والزهرة سريعة الذبول على ما ا من رواء وزواقوهو متاع . عن معادم ، بسلوكهم مع هذه النعمة وذلك املتاعفنكشف» فيه

)٨٤٠ / ٨ (-التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٢٣

٢١١

وهو رزق للنعمة ال » ورزق ربك خير وأبقى «زائل كالزهرة سرعان ما تذبل .رزق طيب خري باق ال يذبل وال خيدع وال يفنت. للفتنة

م األصيلة وما هي دعوة للزهد يف طيبات احلياة ، ولكنها دعوة إىل االعتزاز بالقيفال تتهاوى النفوس أمام زينة الثراء ، وال تفقد . الباقية وبالصلة بالله والرضى به

اعتزازها بالقيم العليا ، وتبقى دائما حتس حرية االستعالء على الزخارف الباطلة ٢٢٤..اليت تبهر األنظار

================ . فوات األوان أن يستعد للقاء اهللا تعاىل قبل– عشرة ثامنةالثمرة ال

لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم { :قال تعاىل سورة احلشر) ٢٠(} الفائزون

كل نفس ذآئقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن {: وقال تعاىل ) ١٨٥(} ح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إال متاع الغرورزحز

سورة آل عمرانحقيقة أن احلياة يف هذه األرض موقوتة : ال بد من استقرار هذه احلقيقة يف النفس

ميوت . ميوت الطاحلونميوت الصاحلون و.. ، حمدودة بأجل مث تأيت ايتها حتما . ميوت املستعلون بالعقيدة وميوت املستذلون للعبيد. ااهدون وميوت القاعدون

ميوت الشجعان الذين يأبون الضيم ، وميوت اجلبناء احلريصون على احلياة بأي مثن ميوت ذوو االهتمامات الكبرية واألهداف العالية ، وميوت التافهون الذين ..

.ع الرخيصيعيشون فقط للمتاكل نفس تذوق هذه اجلرعة ، .. » كل نفس ذائقة الموت«.. الكل ميوت

ال فارق بني نفس ونفس يف تذوق هذه اجلرعة من هذه .. وتفارق هذه احلياة .إمنا الفارق يف شيء آخر. الكأس الدائرة على اجلميع

)٢٣٥٧ / ٤ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٢٤

٢١٢

ما توفون أجوركم يوم وإن«: الفارق يف املصري األخري . الفارق يف قيمة أخرىهذه هي القيمة اليت يكون ..» فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز. القيامة

القيمة الباقية اليت . وهذا هو املصري الذي يفترق فيه فالن عن فالن. فيها االفتراق: ي يستحق أن حيسب له ألف حساب واملصري املخوف الذ. تستحق السعي والكد

»فاز ة فقدنخل الجأدار ون النع زححز نفم «.. وكأمنا ! بذاته يصور معناه جبرسه ، ويرسم هيئته ، ويلقي ظله» زحزح«ولفظ

فهو يف حاجة إىل من ! للنار جاذبية تشد إليها من يقترب منها ، ويدخل يف جماهلافمن أمكن أن يزحزح عن جماهلا ! يال قليال ليخلصه من جاذبيتها املنهومةيزحزحه قل

..فقد فاز .. ، ويستنقذ من جاذبيتها ، ويدخل اجلنة وهو كذلك يف حقيقته ويف ! فيه حركة وشد وجذب. بل مشهد حي. صورة قوية

أليست للمعصية جاذبية؟ أليست النفس يف حاجة إىل من ! فللنار جاذبية. طبيعتهأليس ! وهذه هي زحزحتها عن النار! حزحها زحزحة عن جاذبية املعصية؟ بلىيز

إال أن .. يظل أبدا مقصرا يف العمل - حىت مع احملاولة واليقظة الدائمة -اإلنسان !يدركه فضل الله؟ بلى

! وهذه هي الزحزحة عن النار حني يدرك اإلنسان فضل الله ، فيزحزحه عن النارولكنه ليس متاع احلقيقة ، وال . إا متاع..» الدنيا إلا متاع الغروروما الحياة «

املتاع الذي خيدع اإلنسان فيحسبه . إا متاع الغرور.. متاع الصحو واليقظة املتاع الذي يستحق . فأما املتاع احلق! أو املتاع الذي ينشئ الغرور واخلداع. متاعا

.هو الفوز باجلنة بعد الزحزحة عن النار.. ك فهو ذا.. اجلهد يف حتصيله عند ما تكون النفس قد . وعند ما تكون هذه احلقيقة قد استقرت يف النفس

املوت على إذ كل نفس ذائقة -أخرجت من حساا حكاية احلرص على احلياة ٢٢٥.. وأخرجت من حساا حكاية متاع الغرور الزائل -كل حال

)٥٣٩ / ١ (-ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع - ٢٢٥

٢١٣

رفي نب ركيقال بقول : وزة ، يريرا هأب تمعول الله : سسقال ر� " : افخ نم ٢٢٦"أدلج ، ومن أدلج بلغ املنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله اجلنة

ما رأيت مثل الجنة ، نام طالبها وما رأيت مثل " : وكان عامر بن عبد قيس يقول أذهب حر النار النوم ، فما : " فكان إذا جاء الليل قال : قال " النار نام هاربها

هب حر النار النوم ، فما ينام حتى أذ: " ينام حتى يصبح ، وإذا جاء النهار قال ٢٢٧ "من خاف أدلج ، بعد الصباح يحمد القوم السرى : يمسي ، فإذا جاء الليل قال

من خاف : � ه قال رسول الل: وعن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه ، قال إن سلعة الله الجنة ، أدلج ، ومن أدلج فقد بلغ المنزل ، أال إن سلعة الله غالية ، أال

٢٢٨ " "جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيهإن الجنة لا تنال : " كان يقص علينا غدوة وعشية ، ويقول : ال وعن كردوس ، ق

إلا بعمل لها ، اخلطوا الرغبة بالرهبة ، ودوموا على صلاح ، واتقوا الله بقلوب ٢٢٩ "من خاف أدلج : " ر أن يقول ، ويكث" سليمة وأعمال صالحة

من آمن بالله وبرسوله " �: قال رسول الله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال ، جاهد في ، وأقام الصالة ، وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله اجلنة

يا رسول الله ، أفال نبشر : ، فقالوا " سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها إن في اجلنة مائة درجة ، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ، : " الناس ؟ قال

ا بم ، سودالفر ألوهفاس ، الله مألتض ، فإذا ساألراء ومالس نيا بن كميتجرالد ني ٢٣٠" فوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار اجلنة - أراه -فإنه أوسط اجلنة وأعلى اجلنة

فدنا المشركون : نس بن مالك رضى الله عنه فذكر شيئا من قصة بدر قال وعن أقال . »قوموا إلى جنة عرضها السموات واألرض « :- � -فقال رسول الله

٢٢٦ - حيحالص امعـ الج مذيرالت ننوقال ) ٢٤٨٤(س:غريب نسديث حذا حه

)٥٥( التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ٢٢٧

حسن) ٧٨٥٢( املستدرك للحاكم - ٢٢٨

)٣٦١٢٧) (٣٠٤ / ١٩ (- مصنف ابن أيب شيبة - ٢٢٩

٢٣٠ - اريخالب حيح٢٦٦٢(ص(

٢١٤

ارىصام األنمالح نب ريمقول ع؟ فقال :يضاألرو اتوما السهضرول الله عسا ري : » معخ: قال . »نخ بول الله . بسخ « :- � -قال رب لكلى قوع ملكحا يم

فإنك من « :قال ال والله يا رسول الله إال رجاه أن أكون من أهلها : قال . »بخ؟ لئن أنا حييت : فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال : قال . »أهلها

م فرمى بما كان معه من التمر ث: قال . حتى آكل تمراتى هذه إنها لحياة طويلة ٢٣١رواه مسلم . قاتلهم حتى قتل

إني : لما حضرت أبا بكر الوفاة أرسل إلى عمر ، فقال : وعن زبيد ، قال ، وإن لله إن لله حقا في الليل ال يقبله في النهار: موصيك بوصية إن حفظتها

حقا في النهار ال يقبله في الليل ، وأنه ال يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة ، وإنما ا ويناطل في الدالب اعهمبة باتامالقي موي هازينوم فتخ نم ازينوم فتخفته خ

ا ثقلتمإنفيفا ، وكون خاطل أن يفيه إال الب عوضان ال يلميز قحو ، همليع قحو ، همليثقله عا وينفي الد قالح اعهمبة باتامالقي موي هازينوم ثقلت نم ازينوم

يزان ال يوضع فيه يوم القيامة إال الحق أن يكون ثقيال ، ألم تر أن الله ذكر أهل لمال أبلغ هوالء ، : الجنة بصالح ما عملوا ، وتجاوز عن سيئاتهم ، فيقول القائل

أنا : فيقول القائل : ر بسيئ ما عملوا ورد عليهم صالح ما عملوا وذكر أهل الناخير من هؤالء ، وذكر آية الرحمة وآية العذاب ، ليكون المؤمن راغبا راهبا ، وال

وال يلقي بيديه إلى التهلكة ، فإن أنت حفظت قولي يتمنى على اهللا غير الحق ، هذا فال يكن غائب أحب إليك من الموت ، وال بد لك منه ، وإن أنت ضيعت

جزعت لنو هك منإلي ضغأب غائب كنذا فال يلي هقو٢٣٢."ه

��������������

العني -) ٥٠٢٤ (- املكرت -وصحيح مسلم ) ١٨٣٧٣) (٤٣ / ٩ (- املكرت -السنن الكربى للبيهقي - ٢٣١ اجلاسوس:

صحيح) ٣٥٥٧٤) (١٣٤ / ١٩ (-مصنف ابن أيب شيبة - ٢٣٢

٢١٥

����?>-�א�]"د?>-�א�]"د?>-�א�]"د?>-�א�]"د

أضواء البيان للشنقيطي .١ أيسر التفاسري للجزائري .٢ البحر احمليط ـ نسخة حمققة .٣ البحر املديد ـ موافق للمطبوع .٤ التحرير والتنوير البن عاشور .٥ موافق للمطبوع-التفسري احلديث لدروزة .٦ التفسري القرآين للقرآن ـ موافقا للمطبوع .٧ ـ موافقا للمطبوعالتفسري املنري .٨ التفسري الواضح ـ موافقا للمطبوع .٩

التفسري الوسيط للقرآن الكرمي لطنطاوي .١٠ اجلامع ألحكام القرآن للقرطيب .١١ الكشاف للزخمشري .١٢ املفصل يف موضوعات سور القرآن .١٣ دار طيبة-تفسري ابن كثري .١٤ تفسري الشيخ املراغى ـ موافقا للمطبوع .١٥ مؤسسة الرسالة-تفسري الطربي .١٦ ري الفخر الرازى ـ موافق للمطبوعتفس .١٧ روح املعاىن ـ نسخة حمققة .١٨ صفوة التفاسري ـ للصابوىن .١٩

إعراب القرآن وبيانه ـ موافقا للمطبوع .٢٠ ىف ظالل القرآن ـ موافقا للمطبوع .٢١ كلمات القرآن للشيخ غازي الدرويب .٢٢ حماسن التأويل تفسري القامسي .٢٣ نظم الدرر ـ موافق للمطبوع .٢٤ بزوائد املسانيد العشرةاحتاف اخلرية املهرة .٢٥ السنن الكربى لإلمام النسائي الرسالة .٢٦

٢١٦

املكرت-السنن الكربى للبيهقي .٢٧ املستدرك للحاكم مشكال .٢٨ املسند اجلامع .٢٩ املعجم األوسط للطرباين .٣٠ املعجم الصغري للطرباين .٣١ املعجم الكبري للطرباين .٣٢ جامع األصول يف أحاديث الرسول .٣٣ دالئل النبوة للبيهقي .٣٤ املكرت- سنن أيب داود .٣٥ املكرت-سنن ابن ماجه .٣٦ املكرت-سنن الترمذى .٣٧ املكرت-سنن الدارمى .٣٨ )٣٢١(شرح مشكل اآلثار .٣٩ )٤٥٨(شعب اإلميان .٤٠ صحيح ابن حبان .٤١ املكرت-صحيح البخارى .٤٢ املكرت-صحيح مسلم .٤٣ جممع الزوائد .٤٤ مسند أيب عوانة مشكال .٤٥ مسند أيب يعلى املوصلي مشكل .٤٦ املكرت-مسند أمحد .٤٧ ر كامالمسند البزا .٤٨ موسوعة السنة النبوية .٤٩ شرح النووي على مسلم .٥٠ فتاوى الشبكة اإلسالمية معدلة .٥١ فتاوى واستشارات اإلسالم اليوم .٥٢

٢١٧

����א����س�א�6"مא����س�א�6"مא����س�א�6"مא����س�א�6"م

٤.................................................................................א�#$ �א5ولא�#$ �א5ولא�#$ �א5ولא�#$ �א5ول

"��"'� ٤...................................................................!�ل�.�9:0"�و��د��'"��"!�ل�.�9:0"�و��د��'"��"!�ل�.�9:0"�و��د��'"��"!�ل�.�9:0"�و��د�

٥................................................................................א�#$ �א�;")+א�#$ �א�;")+א�#$ �א�;")+א�#$ �א�;")+

"<=">?"<=">?"<=">?"<=">?.....................................................................................٥

٧...............................................................................;"� ;"� ;"� ;"� א�#$ �א�א�#$ �א�א�#$ �א�א�#$ �א�

"��#@�"��"�9#�"�."��#@�"��"�9#�"�."��#@�"��"�9#�"�."��#@�"��"�9#�"�............................................................................٧

٩................................................................................א�#$ �א��א*�א�#$ �א��א*�א�#$ �א��א*�א�#$ �א��א*�

٩.................................................���D�E9F:�"�א������D�E9F:�"�א������D�E9F:�"�א������D�E9F:�"�א���?>-�א��C���B"א��Aא?>-�א��C���B"א��Aא?>-�א��C���B"א��Aא?>-�א��C���B"א��Aא

G."Hא�#$ �אG."Hא�#$ �אG."Hא�#$ �אG."H١٩............................................................................א�#$ �א

١٩.............................................................................K"IJ/�א���K"IJ/�א���K"IJ/�א���K"IJ/�א���

٢٧............................................................................"دس"دس"دس"دسא�#$ �א��א�#$ �א��א�#$ �א��א�#$ �א��

"< ���"< ���"< ���"< ���...................................................................................٢٧

٢٧............................................................................א��M�1א5ولא��M�1א5ولא��M�1א5ولא��M�1א5ول

�:NOא� ٢٧..............................................................*�P6?د���א����א�P6*�:NO?د���א����א�P6*�:NO?د���א����א�P6*�:NO?د���א���

٢٧....................................................................:شرح الكلمات

٢٨............................................................................:البالغة

٢٨........................................................................:املعىن العام

٣١...................................................................:التفسري والبيان

٤٢.......................................................................ومضات عامة

٥٣...............................................................ما يستفاد من اآليات

٥٥..........................................................................א��M�1א�;")+א��M�1א�;")+א��M�1א�;")+א��M�1א�;")+

-��Q�"(������M'�6�-��Qא��0""(������M'�6�-��Qא��0""(������M'�6�-��Qא��0""(���� ٥٥............................................................��M'�6א��0"

٥٥...................................................................:شرح الكلمات

٥٦............................................................................:املناسبة

٢١٨

٥٦........................................................................:املعىن العام

٥٧...................................................................:التفسري والبيان

٦١.......................................................................ومضات عامة

٦٥...............................................................ما يستفاد من اآليات

٦٧..........................................................................א��M�1א�;"� א��M�1א�;"� א��M�1א�;"� א��M�1א�;"�

R�S?��.�)'�J"0و���'��א����T�"*�U�.Vو���א�R�S?��.�)'�J"0و���'��א����T�"*�U�.Vو���א�R�S?��.�)'�J"0و���'��א����T�"*�U�.Vو���א�R�S?��.�)'�J"0و���'��א����T�"*�U�.V٦٧...................................و���א�

٦٧...................................................................:شرح الكلمات

٦٧............................................................................:البالغة

٦٨........................................................................:املعىن العام

٦٩...................................................................:التفسري والبيان

٧٤.......................................................................ومضات عامة

٨٣...............................................................ما يستفاد من اآليات

٨٥...........................................................................א��M�1א��א*�א��M�1א��א*�א��M�1א��א*�א��M�1א��א*�

٨٥...........................................................................א��M�1א��א*�א��M�1א��א*�א��M�1א��א*�א��M�1א��א*�

٨٥...................................?)�אع�.(�א���:��وא���9'��وא�W6�*"5.-�א��"*��?)�אع�.(�א���:��وא���9'��وא�W6�*"5.-�א��"*��?)�אع�.(�א���:��وא���9'��وא�W6�*"5.-�א��"*��?)�אع�.(�א���:��وא���9'��وא�W6�*"5.-�א��"*��

٨٥...................................................................:شرح الكلمات

٨٥............................................................................:البالغة

٨٥............................................................................:املناسبة

٨٦........................................................................:املعىن العام

٨٨...................................................................:التفسري والبيان

٩٢.......................................................................ومضات عامة

١٠٢.............................................................ما يستفاد من اآليات

G."Hא�M�1א�G."Hא�M�1א�G."Hא�M�1א�G."Hא�M�1١٠٥.......................................................................א�

G."Hא�M�1א�G."Hא�M�1א�G."Hא�M�1א�G."Hא�M�1١٠٥.......................................................................א�

�א��\�Yوא�YZ"[9S*�6-�א�6# �@�B"#]م�و�"�Z5א�د"#��_���U`��א��\�Yوא�YZ"[9S*�6-�א�� 6#��a:*א�%�@�B"#]م�و�"�Z5א�د"#��_���U`��א��\�Yوא�YZ"[9S*�6-�א�� 6#��a:*א�%�@�B"#]م�و�"�Z5א�د"#��_���U`��א��\�Yوא�YZ"[9S*�6-�א�� 6#��a:*א�%�@�B"#]م�و�"�Z5א�د"#��_���U`� ١٠٥....��*:�aא�%

١٠٥.................................................................:شرح الكلمات

١٠٦..........................................................................:البالغة

٢١٩

١٠٦..........................................................................:املناسبة

١٠٧......................................................................:املعىن العام

١٠٩.................................................................:التفسري والبيان

١٢٠.....................................................................ومضات عامة

١٣٠.............................................................ما يستفاد من اآليات

١٣٢........................................................مثرات اإلميان باليوم اآلخر

١٣٥.......................................................................א��M�1א��"دسא��M�1א��"دسא��M�1א��"دسא��M�1א��"دس

١٣٥.......................................................................א��M�1א��"دسא��M�1א��"دسא��M�1א��"دسא��M�1א��"دس

b����0_�א��.�"�`�c"د�b����0_�א��.�"�`�c"د�b����0_�א��.�"�`�c"د�b����0_�א��.�"�`�c"د� ���� deN"*�U�.Vوא�deN"*�U�.Vوא�deN"*�U�.Vوא�deN"*�U�.V١٣٥...................................وא�

١٣٥.................................................................:شرح الكلمات

١٣٥..........................................................................:املناسبة

١٣٥..........................................................................:البالغة

١٣٦......................................................................:املعىن العام

١٣٧.................................................................:التفسري والبيان

١٤١.....................................................................ومضات عامة

١٤٦.............................................................ما يستفاد من اآليات

١٥٣..........................................................................א�#$ �א��"دسא�#$ �א��"دسא�#$ �א��"دسא�#$ �א��"دس

١٥٣......................................................................?>-�.�"��Zא���?>-�.�"��Zא���?>-�.�"��Zא���?>-�.�"��Zא���

١٥٤...........................................................................א�#$ �א��"*�א�#$ �א��"*�א�#$ �א��"*�א�#$ �א��"*�

�א��������:�E6א��Bא�E;א���א�������:�E6א��Bא�E;א���א�������:�E6א��Bא�E;א���א�������:�E6א��Bא�E;١٥٤............................................................א�

لقد طوفنا يف كتب التفسري قدميا وحديثا حول تفسري هذه السورة -الثمرة األوىل املباركة ، وما هي إال ومضات مما فتح اهللا به على هؤالء األئمة األخيار ، وإال فال حييط

١٥٤.........................................................بكالم ربنا إحاطة تامة سواه

كل جيل من أجيال املسلمني يفتح اهللا تعاىل عليهم بقدر ،لفهم كتابه –الثمرة الثانية وكشف بعض أسراره حىت يكون القرآن مواكبا حلياة املسلمني يف كل زمان ومكان

١٥٥.............................................................ليأخذ م إىل بر األمان

١٥٥............ ال بد من االعتقاد اجلازم أن مالك امللك هو اهللا وحده–الثمرة الثالثة

٢٢٠

قال تعاىل . أننا حمتاجون إىل مدد اهللا وعطائه ورمحته دائما ال نستغين عنها حلظة–الثاين :}ميدالح نيالغ وه اللهاء إلى الله والفقر مأنت اسا النها أي١٥٨.سورة فاطر) ١٥(} ي

١٦١.................... ال بد من التسليم التام هللا تعاىل بكل ما يفعل –الثمرة الرابعة

ال جيوز االعتراض على أي حكم من أحكام اهللا تعاىل ، ألنه مالك –الثمرة اخلامسة ١٦٢...............................................امللك ، والعبد ال يعترض على سيده

أن يستوي املنع والعطاء عند العبد املؤمن ، فإذا أعطاه اهللا شكر ، –لسادسة الثمرة ا ١٦٣........................................................................وإذا منعه صرب

أن املنع والعطاء حبكمة وبقدر ، ولكن جيب أن نعلم أنه إذا أعطانا أن –الثمرة السابعة ١٦٥................................................ده وإال فاهلالكننسب الفضل هللا وح

١٦٦............................. أن يصرب على البالء ويرضى بالقضاء –الثمرة الثامنة

١٦٩...............دان لإلميان احلق العلم الراسخ ، واإلميان املنري يقو-الثمرة التاسعة

. لقد أقيمت احلجة على اخللق بإرسال الرسل ، فال عذر هلم عند اهللا –الثمرة العاشرة .......................................................................................١٧٠

١٨٣....................الذين ال يسمعون هلدي السماء دواب -الثمرة احلادية عشرة

أن القرآن الكرمي هو الكتاب الوحيد الذي تكفل اهللا تعاىل حبفظه –الثمرة الثانية عشرة .......................................................................................١٨٤

. القرآن الكرمي هو زاد الفرد واألسرة واتمع الذي ال ينضب –ثمرة الثالثة عشرة ال.......................................................................................١٨٧

١٩٦............ أمهية القصة يف القرآن الكرمي وطريقة عرضها –الثمرة الرابعة عشرة

٢٠٦............ احلكمة من ضرب األمثال يف القرآن الكرمي –الثمرة اخلامسة عشرة

. القيامة آتية ال حمالة ولكن اهللا تعاىل قد استأثر ا دون خلقه-الثمرة السادسة عشرة .......................................................................................٢٠٧

إذا أيقن أنه خملوق ، وأنه مملوك هللا ،فال حيقد على غريه وال –الثمرة السابعة عشرة ٢٠٩...........................حيسده،ويطهر قلبه مما سوى اهللا تعاىل ، فال يلتفت لغريه

٢١١................ أن يستعد للقاء اهللا تعاىل قبل فوات األوان –الثمرة الثامنة عشرة