قواعد في تدبر القرآن

الكريمد. محمد محمود كالو

بحث مقدم للمؤتمر العالمي األول لتدبر القرآن الكريمبعنوان: ) تدبر القرآن الكريم وأثره في حياة األمة(

المنعقد في الدوحة ـ قطر

هـ1434( 8 شعبان )26- 23م2013( 7 يوليو )5- 2الموافق

1

مقدمة:ــه ــا المصــطفى، وعلى آل ــه وكفى، والصــالة والســالم على نبين الحمــد لل

وأصحابه الشرفا، أما بعد: فإن الحديث عن تدبر القرآن حديث جليل، ألن القرآن الكريم خطاب اللهــق، والتــدبر جــوابهم عنــه، وإذا كــان تفســير القــرآن يخــبر عن تعالى للخل

معناه، فإن التدبر يحكي أثره في النفس والحياة. وتدبر القرآن واجب على األمتين، أمة الدعوة وأمة االستجابة، فالمؤمنون بفضل الله تعالى يتأملون آيات الله فتقشعر جلودهم خوفا من الوعيد، ثم

تلين جلودهم عند سماع الوعد؛ لما يرجون من رحمته. أما الكافرون فإنهم أعرضوا عن التدبر فكانوا كما قــال اللــه تعــالى فيهم:

ه ولـكن كانوا أنفسهم يظلموننث لل 1 مثٱوما ظلمهم

لقد دعا القرآن إلى التدبر دعــوة مباشــرة صــريحة، وأبــان أن علــة إنــزال القرآن هو التدبر، وال شك أنها علة عظيمة تقــود إلى كــل فالح وفــوز في

الدنيا واآلخرة.ــأثر، بــل يتعــدى إلى وتدبر القرآن ال يقف بالمؤمن عند مجرد السماع والت العمل واالستجابة لله ورسوله صلى الله عليـه وسـلم، وهـذا أصـل عظيم من أصول التدبر، ولهذا فقــد ذم اللــه تعــالى اليهــود الــذين يزعمــون أنهم

آمنوا بالكتاب، والحال أنهم ال يعملون به. قال القرطبي: " حث على تأمل مواعظ القرآن، وبين أنه ال عذر في ترك التدبر، فإنه لو خــوطب بهــذا القــرآن الجبــال – مــع تــركيب العقــل فيــه –

.33 ـ النحل:12

النقادت لمواعظه، ولرأيتها – على صــالبتها ورزانتهــا – خاشــعة متصــدعة، .2أي: متشققة من خشية الله "

وهذا البحث يتحدث عن بعض القواعد التي كان يسلكها سلفنا الصالح في تعاملهم مع كتاب الله، والتي يمكن بها االنتفاع في تــدبر القــرآن الكــريم،ــون والتي بسبب غفلة الكثيرين عنها أو بعضها أصبحوا ال يتأثرون وال ينتفع

بما فيه من اآليات والعظات، واألمثال والحكم. وقد وقفت على بعض الكتابات في هذا الموضوع لبعض العلماء السابقين

ما بين كتاب مطبوع أو بحث منشور، من ذلك: – قواعد التدبر األمثل، عبد الرحمن حسن حبنكة.1 – مفهوم التدبر تحرير وتأصيل، نخبة من المتخصصين.2.رقية طه العلواني – تدبر القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق، 3مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة، خالد بن عبد الكريم الالحم. - 4 – فن التدبر في القرآن الكريم، عصام بن صالح العويد.5 – تدبر القرآن، سلمان بن عمر السنيدي.6 – تعليم تدبر القرآن الكريم أساليب عملية ومراحل منهجية، هاشم بن7

علي األهدل. وقد استفدت من جميع هؤالء في كتابة البحث، ولوال هذه المراجع وغيرها

لما قام هذا البحث على سوقه. في هذه الدراسة المتواضــعة حــاولت إبــراز بعض القواعــد المهمــة لتــدبر كتاب الله تعالى، وقد قسمت البحث بعد هذه المقدمة إلى تمهيــد وأربعــة

مباحث وخاتمة تشمل النتائج، على الشكل التالي: ـ الجامع ألحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي القرآن، محمد بن2

احمد القرطبي، تحقيق: عبد الله التركي، مؤسسة الرسالة ببيروت، الطبعة.20/388م: 2006هـ 1427األولى

3

ــد: ــهتمهي ــدبر وعوائق ــروط الت ــردات، وش ــف المف ــتمل على تعري ويشوثمراته، والتقسيم األنسب للتدبر.

معرفة لغة العرب وأساليبهم البيانية. من قواعد التدبر المبحث األول:ــهالمبحث الثاني: من قواعد التدبر دراسة سنته وسيرته صلى الله علي

وسلم. من قواعد التدبر معرفــة أســباب الــنزول والمناســباتالمبحث الثالث:

والوقائع.ــع: ــدبرالمبحث الراب ــد الت ــة من قواع ــع األم ــرآن على واق ــزال الق إن

وقضاياها. تشمل نتائج البحث.الخاتمة:

والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، إنه سميع مجيب.م مدينة العين/ اإلمارات العربية المتحدة1/4/2013

د. محمد محمود كالو

:تمهيد ال بد قبل الولوج في ذكر هذه القواعد، أن أمهد بإشارة مختصرة، بتعريف

مفردات عنوان البحث، )وهي القواعد، والتدبر(، وبيان شروط التدبر

4

وعوائقه وثمراته، وتوضيح التقسيم األمثل للتدبر، فأقول:أ ـ تعريف المفردات:

جمع قاعدة، اسم فاعل وأصلها اللغوي يعود إلى مادة )قعــد(،ـ القواعدــف ... وقواعــد ــاس ال يخل وهي ـ كما يقول ابن فارس ـ : أصل مطرد منق

1البيت: أساسه، وقواعد الهودج: خشبات أربع، معترضات في أسفله"ــراهيم ــع إب وإذ يرف ــل: نزي ﴿ولهــذا يقــال: "القاعــدة: أصــل األس، وفي التفأتى الله بنيانهم من القواعد قال ، وفيه: ﴾القواعد من البيت وإسماعيل ﴿ ﴾ بات تي تعمـده، وقواعــد الهـودج: خشـ الزجاج: القواعد: أسـاطين البنـاء ال

بت فيهن " .2أربع، معترضة في أسفله، قد ركوبناء على هذا فالقواعد: هي األصول التي تنبني عليه مسائله وفروعه.

ة كلية منطبقة على جزئياتها" .3والقاعدة اصطالحا: "قضي .4: فـ"هو آخر الشيء، وخلفه خالف قبله" التدبر أما ـ

رة: نظر في عاقتبه، واستدبره: رأى في عاقبته مــا ر األمر وتدب ويقال: "دبرا: أي بأخرة، قال جربر :5لم ير في صدره، وعرف األمر تدب

را ر حتى يصيبكم وال تعرفون األمر إال تدب قون الش وال تت

ـ معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس، تحقيق: عبد السالم هارون، طبعة دار1.5/108الفكر )د.ت(:

ـ المحكم والمحيط األعظم، علي بن إسماعيل بن سيده، تحقيق: عبد الســتار2ــة، ــدول العربي هـــ1377أحمــد فــراج وغــيره، معهــد المخطوطــات بجامعــة ال

، وتيسير التحرير، محمــد أمين المعــروف بــأمير بادشــاه، طبعــة1/96م: 1958.1/15هـ: 1350مصطفى البابي الحلبي بمصر

.177م، بيروت: 1985 ـ التعريفات، علي بن محمد الشريف الجرجاني، طبعة 3 ـ معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس، تحقيق: عبد السالم هارون، طبعة دار4

.2/324الفكر )د.ت(: ــ لسـان العـرب، محمـد بن مكـرم المشـهور بـابن منظـور، دار صـادر، بـيروت5

)د.ت(، مادة )د ب ر(.5

يل يل المعــرفتين لتحصــ ر، أي: تحصــ فك ر: الت دب قــال الزبيــدي: " وقيــل: الت .1معرفة ثالثة "

هكذا حكاه الزبيدي بصيغة التمريض، ولعل ذلك لوجود فــرق بينهمــا، كمــا "الفــرق بين التفكــير أبانــه أبــو هالل العســكري في فروقــه، حيث قــال:

ـالنظر في العـواقب، والتفكــر تصـرف والتدبر: أن التـدبر تصـرف القلب ب .2القلب بالنظر في الدالئل"

والتدبر من الكلمات الواردة في القرآن الكريم على أصل معناها اللغــويولم تنتقل إلى أصل شرعي جديد، وهذا حال أغلب كلمات القرآن.

وقال ابن عطية: "والتدبر: النظر في أعقاب األمور وتأويالت األشياء، هــذارون القرآن أفال يتدب ﴾كله يقتضيه قوله: 4 وـهذا أـمر ـبالنظر واالـستدالل" 3﴿

. وقال الخازن: "أصل التدبر: النظر في عواقب األمور والتفكر في أدبارها، ثم استعمل في كل تفكــر وتأمــل، ويقــال تــدبرت الشــيء أي نظــرت فيــه عاقبته، ومعنى تدبر القرآن: تأمل معانيه، وتفكر في حكمه وتبصر ما في

. 5من اآليات"ر الكالم : أن ينظر في أوله وآخــره، ثم يعيــد نظــره قال ابن القيم: " وتدب

ن " .6مرة بعد مرة، ولهذا جاء على بناء التفعل، كالتفهم والتبي

ـ تاج العروس من جواهر القـاموس، محمـد مرتضـى الزبيـدي، تحقيـق: عبـد1.11/265م: 1972هـ 1393الكريم العزباوي، مطبعة حكومة الكويت،

ة، أبـو هالل العسـكري، تحقيـق: محمـد ابـراهيم سـليم، دار2 ــ الفـروق اللغوـي.75العلم والثقافة، القاهرة )د. ت(:

.24 ـ سورة محمد: 3 ـ تفسير ابن عطية المحرر الوجيز في تفسير الكتـاب العزيـز، عبـد الحـق بن4

.459عطية األندلسي، دار ابن حزم )د. ت(: ل، علي بن محمـد5 ل في معـاني التنزـي ـ تفسير الخازن المسـمى لبـاب التأوـي

.1/563 م: 1979 هـ 1399البغدادي الصوفي، دار الفكر، بيروت 6

قال عبد الرحمن حسن حبنكة: "التدبر هــو التفكــر الشــامل الواصــل إلى1أواخر دالالت الكلم ومراميه البعيدة "

أما بإضافة كلمــة التــدبر للقــرآن الكــريم فيمكن الخــروج بتعريــف لكلمــةالتدبر اصطالحا بأنه: تأمل القرآن بقصد االتعاظ واالعتبار.

ب ـ شروط التدبر:ره إن الحث على التــدبر عــام لجميــع الخلــق دون اســتثناء، ألن اللــه يســ

رنا القـرآن للـذكر فهـل من مدكرنثللذكر، فقال الله تعالى: 2مثولقد يســـوانثوقال تعالى: ر أول ــذك ــه وليت روا آيات ب ــد ي ــارك ل ــك مب ــاه إلي ـاب أنزلن ــ كت

فلم يخص الباري جل جالله ذلك بأهــل العلم دون غــيرهم، إال 3مثاأللباب أن الناس متفاوتون في التدبر والفهم، فمنهم من يفهم من اآلية حكمــا أو حكمين، ومنهم من يفهم عشرة أحكام أو أكــثر، ومنهم من يقتصــر فهمــهم اآليــة إلى نص متعلــق بــه فيفهم على مجرد اللفظ، وألطف من ذلك ضــ من االقتران فهم زائد، وهذا باب عجيب في تدبر القرآن الكريم ال يحسنه إال الحــاذق النــادر من أهــل العلم، كمــا فهم أمــير المؤمــنين علي بن أبي

نثطالب رضي الله عنه قوله تعالى: ـمع4مث� وحمله وفصاله ثالثون شهرا والوالدات يرضعن أوالدهن حولين كاملين لمن أرادنثقوله تبارك وتعالى:

ضاعة أن المرأة قــد تلـد لسـتة أشـهر، حيث " أتي عثمـان 5مثأن يتم الرــد؛ مرأة قد ولدت لستة أشهر؛ فأراد أن يقضي عليها بالح ٱرضي الله عنه ب

ـ مفتاح دار السـعادة، ابن القيم الجوزيـة، تحقيـق: سـيد إبـراهيم وغـيره، دار6.1/183زمزم )د.ت(:

- قواعد التدبر األمثل لكتاب الله عزوجل، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني،110م : 2009هـ 1430دار القلم، دمشق، الطبعة الرابعة

.17 ـ القمر: 2.29 ـ ص: 3.15 ـ األحقاف: 4.233 ـ البقرة: 5

7

ـهنثفقال له علي رضي الله عنه: ليس ذلك عليها، قال الله تعالى: ـ وحملهرا ــون شــ اله ثالث عن أوالدهن نث وقــال تعــالى:1مثوفصــ ــدات يرضــ لوال ٱو

، فالرضاع أربعة وعشرون شهرا والحمل ستة أشــهر،2مث��  حولين كاملين. 3فرجع عثمان عن قوله ولم يحدها"

وكما فهم بعض الصحابة رضي الله عنهم من آية الفرائض في أول سورةالنساء وآخرها أن الكاللة: من ال ولد له وال والد.

هذا وتنحصر شروط التدبر في ثالثة أمور: وجود المحل القابل )القلب الحي(.األول: العمل الذي يصدر من المكلف ) القراءة أو االستماع مع حضــورالثاني:القلب(. قدر من الفهم للكالم المقروء أو المسموع.الثالث:

وقد جمعت آية في كتاب الله تعــالى هــذه الشــروط، وهي قولــه ســبحانهمع وهــونثوتعــالى: ــه قلب أو ألقى الســ ــان ل ــذكرى لمن ك ــك ل إن في ذل

4مث شهيد وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "مــا كــان بين إســالمنا وبين

ــذكرنثأن عاتبنا الله بهذه اآلية: ــوبهم ل ع قل ــوا أن تخشــ ذين آمن ألم يأن للــال ــل فط ــاب من قب ــوا الكت ذين أوت ــوا كال ه وما نزل من الحــق وال يكون الل

.6 إال أربع سنين"5مثعليهم األمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون

.15 ـ األحقاف: 1.233 ـ البقرة: 2.195/ 19 ـ الجامع ألحكام القرآن، محمد بن أحمد القرطبي:3.37 ـ ق: 4.16 ـ الحديد: 5 ـ أخرجه مسلم، كتاب التفسير، باب في قوله تعالى: ألم يأن للذين آمنوا أن6

.3027تخشع قلوبهم لذكر الله، برقم: 8

وال ريب أن هذا العتاب اإللهي مضــمونه: الــدعوة إلى التفكــر والتــدبر في آثار ما تحدثه قراءة القرآن في قلوبهم؛ إذ األصــل أن يكــون لــه أثــر على لين القلب، وخشيته، ودمع العين، وهــو أيضــا تحــذير من أن يكــون حظهم من القرآن مجرد تالوة ال تدبر فيها، وإال فإن النتيجة المحتومة، هي قسوة

قلوبهم كما قست قلوب من سبقهم. قال الخازن في تفسيره: " وتــدبر القــرآن ال يكــون إال مــع حضـور القلب، وجمع الهم وقت تالوته، ويشترط فيــه تقليــل الغــذاء من الحالل الصــرف،

. 1وخلوص النية" ومن صور الوقوف على تدبر القرآن تكرار اآلية، فقد قال أبو ذر الغفــاري رضي الله عنه " قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددهــا،

لعزيـــزنثواآليـــة: ك أنت ـــادك وإن تغفـــر لهم فإن هم عب ٱإن تعـــذبهم فـــإن2مثٱلحكيم

ــدبرها ــات وت ــدهم لبعض اآلي ــيرة عن الســلف في تردي ــول كث وجــاءت نقوالتفكر فيها حتى نادى منادي السحر.

ذيننثوهذا تميم الداري رضي الله عنه قام بآية حتى أصبح: ب ال ــ أم حسواء ــ الحات س ــ ـوا الص ـ ـوا وعمل ـ ذين آمن جعلهم كال ئات أن ن ي ــ ــوا الس اجترح

.3 مثمحياهم ومماتهم ساء ما يحكمون فمن الله علينانث� وعن عباد بن حمزة قال دخلت على أسماء وهي تقرأ

موم ـقال: ـفوقفت عليـها فجعلت تـستعيذ وـتدعو، ـقال4مث ووقانا عذاب الس.6/182 ـ تفسير الخازن، علي بن محمد البغدادي:1 ، والحــديث رواه ابن ماجــه في ســننه، كتــاب إقامــة الصــالة118 ـــ المائــدة: 2

.1350والسنة فيها، باب ما جاء في القراءة في صالة الليل، برقم: ـ مختصر منهاج القاصدين، أحمد بن عبــد الـرحمن المقدســي، تحقيــق: شــعيب3

، واآليــة من53م: 1978هـ 1398وعبــد القــادر األرنــؤوط، دار البيــان، بــيروت، .21سورة الجاثية:

.27 ـ الطور: 49

ــد ــا بع ــاجتي ثم رجعت وهي فيه ــذهبت إلى الســوق فقضــيت ح ــاد: ف عب.1تستعيذ وتدعو"

عر، ــذوا القــرآن هــذ الشــ وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " ال ته وال تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه وحركــوا بــه القلــوب، وال يكن هم

.2أحدكم آخر السورة " أي ال ترموا بكلماته من غير روية وتأمل كما يرمى الدقل ـ بفتحتين ـ وهو

رديء التمر فإنه لرداءته ال يحفظ ويلقى منثورا. وقال ابن قدامة رحمه اللــه: " وليعلم أن مــا يقــرأه ليس كالم بشــر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه، ويتدبر كالمه، فإن التــدبر هــو المقصــود

. 3من القراءة، وإن لم يحصل التدبر إال بترديد اآلية فليرددها" : ولكي يحصــل التــدبر التــام فال بــد من إزالــةج ـــ من عوائــق التــدبر

العوائق المانعة وهي:ــدا: أوال: ــدبر تقلي ــرك الت ــأتنث ت ــول أم جــاءهم ما لم ي روا الق ــدب أفلم ي

فـلو ـجاءهم ـما ـجاء آـباءهم األولين آلمـنوا ـبه، وـهذا 4مث� آباءهم األولينمانع من التدبر من خارج النفس.

رون القرآن أم على قلوب أقفالهانث ترك التدبر عنادا: ثانيا: 5 مثأفال يتدبوهذا مانع من التدبر من داخل النفس.

ـ المصنف، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، كتاب صالة التطوع واإلمامة1.667وأبواب متفرقة، باب الرجل يصلي فيمر بآية رحمة أو آية عذاب، برقم:

ـ زاد المعاد في هدي خير العباد، محمد بن أبي بكر المشهور بابن القيم2 الجوزية، تحقيق: شعيب وعبد القادر األرنؤوط، مؤسسة الرسالة بيروت،

. 1/329م:1998هـ 1418الطبعة الثالثة .53 ـ مختصر منهاج القاصدين، للمقدسي: 3.68 ـ المؤمنون: 4.24 ـ سورة محمد: 5

10

ترك التدبر إنشغاال بالــدنيا، فــالقلوب الهيــة غافلــة، إنهم يســتمعونثالثا: القرآن بآذانهم، ولكنه ال يصل إلى قلــوبهم؛ النشــغالها بــأمور أخــرى، قــال

تمعوه وهمنثاللــه تعــالى: اســ هم محــدث إال ب ــر من ر ــأتيهم من ذك ــا ي مـ . 1مث( الهية قلوبهم 2يلعبون )

د ـ ثمرات التدبر:اسنث ـ حصول اليقين في القلب، كمــا قــال تعــالى: 1 ائر للن هـــذا بصــ

ــون قــوم يوقن ، فمن قــرأ القــرآن بتــدبر وتأمــل 2مثوهدى ورحمــة ل حصل له الهدى واليقين التــام؛ ألن القــرآن كالمــاء العــذب، والقلب كالشجرة التي ال تستطيع أن تعيش وتنمــو إال بهــذا المــاء، فــالقلب كلما تفكــر في معــاني كالم اللــه حصــل لــه الــري والشــبع، والنمــو

واالستقرار.ورة فمنهم مننث ـ زيادة اإليمان، قال الله تعالى: 2 ــزلت ســ وإذا ما أن

ــوا فــزادتهم إيمانــا وهم ذين آمن كم زادته هــذه إيمانــا فأما ال يقول أيــاد3مثيستبشرون ، وإنما ازداد المؤمنون إيمانا بسبب فهمها، واعتق

ــك ــع ذل ــير، ثم م ــل الخ ــة في فع ــا، والرغب ــل به ــا، والعم ــا فيه ممستبشرون.

أمــا المنــافقون، ومن في قلــوبهم مــرض؛ فبســبب إعراضــهم عنكم زادته هذه إيمانا؟! الفهم والتدبر يسأل بعضهم بعضا أي

ـ الهداية إلى العلم الصــحيح، ودفــع أمــراض القلــوب واألبــدان، قــال3ــه أأعجمينثتعالى: لت آيات قالوا لوال فصــ ولو جعلناه قرآنا أعجميا ل

.3-2 ـ األنبياء: 1.20 ـ الجاثية: 2.124 ـ التوبة: 3

11

ذين آمنوا هدى وشفاء ، أي هــذا القــرآن يهــدي1مثوعربي قل هو للــدفع عنهم أمــراض ــافع، وي المؤمــنين إلى ثمــرة العلم الصــحيح الن القلوب واألبدان، فال يكون في قلــوبهم شــك وال ريب؛ ألنهم فهمــوا

مراد الله تعالى. - معرفة حقيقة الدنيا، وأنها ظــل زائــل، وكثيرهــا قليــل، قــال تعــالى:4

ــاتنث ــه نب ــط ب ماء فاختل ما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من الس إنــا ــذت األرض زخرفه ى إذا أخ ــام حت اس واألنع ـل الن ـ األرض مما يأك ــارا ـا ليال أو نه ـ ــا أمرن ــآ أتاه ــادرون عليه هم ق ــا أن نت وظن أهله ي واز ـات لقــوم ل اآلي ــذلك نفصـ ــاألمس ك م تغن ب ـأن ل يدا ك فجعلناها حصـ

رون .2مثيتفك - االعتصام بحبل الله واالجتماع بعد التفرقة والتشــرذم، قــال تعــالى:5

ه عليكمنث ــروا نعمــة الل قوا واذك ه جميعا وال تفر واعتصموا بحبل اللف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانــا وكنتم على إذ كنتم أعداء فألكم ــه لعل ه لكم آيات ن الل ــذلك يبي ار فأنقذكم منها ك شفا حفرة من الن

.3مثتهتدون نث- الشعور باألمن والهداية، قال الله تعالى: 6 وا ــوا ولم يلبســ ذين آمن ال

.4مثإيمانهم بظلم أولئك لهم األمن وهم مهتدون لنث- حصول الخشية ولين القلوب من ذكر الله، قال تعالى: 7 ـز ـ ـه ن ـ الل

ذين يخشون أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود اله يهدي به ه ذلك هدى الل هم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الل رب

.41 ـ فصلت: 1.24 ـ يونس: 2.103 ـ آل عمران: 3.82 ـ األنعام: 4

12

ه فما له من هـاد ، فبسـماع آيـات اللـه،1مثمن يشاء ومن يضلل الل يحصل للقلــوب قشــعريرة وخشــية، وينتج عن ذلــك لين واطمئنــان

وهداية.هـ ـ التقسيم األنسب للتدبر:

ر، فــاألول: يقســم إلى ر، وآخر بالنسبة للمتدب هناك تقسيم بالنسبة للمتدباد تــدبر العلمــاء، وتــدبر الفقهــاء، وتــدبر أهــل اللغــة والبيــان، وتــدبر العب والصالحين، وتدبر عامة المسلمين، وتدبر حــديثي العهــد باإلســالم، وتــدبر

الكفار، وتدبر المنافقين، وغيرهم.ر(: كتــدبرات العقيــدة، أما الثــاني: فيقســم بحســب الموضــوعات )المتــدب وتــدبرات األحكــام، وتــدبرات األخالق، وتــدبرات اللغــة، وتــدبرات التربيــة، ونحو ذلك، وهذا التقسيم هو األنسب لمقاصد التــدبر في القــرآن الكــريم، ألنه األقرب لتحقيق تلك المقاصــد، وآيــات التــدبر تشــعر بــذلك قــال اللــه

رون القرآننثتعالى: 2 مثأفال يتدب

:قواعد في تدبر القرآن الكريم إن التدبر يستحق أن يكون علما مستقال بذاته؛ منفصال عن علوم القــرآن، بل من العلوم المعاصرة التي تفرد لها المؤلفات والكتابات الخاصــة، كمــا يستحق أن تنشأ لــه المؤسســات التربويــة، شــأنها في ذلــك شــأن مراكــز تحفيــظ القــرآن الكــريم، وهــو علم يســتحق أن يطبــق عليــه منهج المــواد

المدرسية المنفصلة.

.23 ـ الزمر: 1.24 ـ سورة محمد: 2

13

ــا: اإلخالص، ــور منه ــدبره أم ــار ت ــف ثم ــتى يقط ر ح ــدب وينبغي على المت واالستعداد النفسي للتدبر، والدعاء بأن يرزقه الله التــدبر، وأن يتــأنى في القراءة وال يستعجل، وأن يكرر اآلية عدة مرات ففي كــل مــرة يفتح اللــهر نفســه المقصــود بكــل خطــاب في عليه فتحــا جديــدا، وأن يعتــبر المتــدب

القرآن الكريم وليس غيره.والقواعد التي تعين على التدبر السليم لكتاب الله تعالى كثيرة منها:

، ال يخفىمعرفة لغــة العــرب وأســاليبهم البيانية المبحث األول: أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب وبلسانهم، وهو ال يفهم إال بفهم مــا بــه نزل، ولذلك اهتم أهل العلم كافة بمعرفة لغــة العــرب، ولن يــؤتي التــدبرر باللغة التي نزل بهـا هـذا القـرآن أكله، وتنضج ثمرته، إال إذا اعتنى المتدب

الكريم.ر بكتب فإذا كانت المفــردة القرآنيــة من غــريب األلفــاظ؛ اســتعان المتــدب التفسير أو كتب غريب القرآن، ثم يتدبر سر اختيار المفردة القرآنيــة دون ما سواها والتي يظن ألول وهلة أنها مترادفــة من كــل وجــه، فقــد اعتــنى كثير من المفسرين بهذه األسرار الدقيقــة، فــإن من فهمهــا وتــدبرها يجــد

في قراءته للقرآن الكريم لذة ال يمكن وصفها.ــالى: ــارك وتع وم . في﴿ ومن أمثلة ذلك ما قاله الله تب ألم . غلبت الر

نين ع ســ يغلبون . في بضــ أدنى األرض وهم من بعــد غلبهم ســر الله ــ لله األمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنص

حيم ( لهــا عــدةأدنىوكلمــة )، 1﴾ ينصر من يشاء وهــو العزيــز الــرــد تحققت ــر"، وق ــرب، وأخفض، وأحق ــا: "أق ــواميس، منه ــان في الق مع

" األراضــيأقــربالمعاني كلها في اآلية الكريمة، فأرض فلســطين هي "

.4- 1 ـ الروم: 114

" نقطــة عن ســطح البحــر في األرضأخفضإلى جزيرة العرب، وفيهــا " "أحقرم، كمـا يمكن أن يقــال بأنهــا " 392كلها، إنها أغـوار البحــر الميت

األراضــي، ألن منطقــة البحــر الميت هي مســاكن قــوم لــوط؛ وهي أرض محقرة حتى عند اليهود، ولهذا رضوا بأن يتخلوا عنها لما يسمى بالســلطة

الفلسطينية. ــه تعــالى: الجلودوكذلك كلمــة ) روا بآياتنــا ﴿( في قول إن الذين كفــ

سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرهــا ، فلم يقــل البــاري جــل1﴾ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما

جالله: بدلناهم عظاما غيرها؛ أو لحوما غيرها، ألن الجلد مركــز اإلحســاس في جسم اإلنسان، فمن كشط جلده ال يحس بــاأللم والعــذاب والحــرارة،

.﴾ ليذوقوا العذاب﴿لذلك قال الله تعالى: سرابيلهم من﴿وقد قــال الزمخشــري في تفســيره عنــد قولــه تعــالى:

:2﴾قطران وتغشى وجوههم النارــران: بفتح القــاف "القطــران: فيــه ثالثـة لغــات: قطــران، وقطــران، وقط وكسرها مع سكون الطاء، وهو ما يتحلب من شجر يسمى األبهل فيطبخ، فتهنأ به اإلبل الجربى، فيحــرق الجــرب بحــره وحدتــه، والجلــد، وقــد تبلــغــه، حرارته الجوف، ومن شأنه أن يسرع فيه اشتعال النار، وقد يستسرج ب وهو أسود اللون منتن الريح، فتطلى به جلود أهل النار حــتى يعــود طالؤه لهم كالسرابيل وهي القمص؛ لتجتمع عليهم األربع: لذع القطران وحرقته،

.3وإسراع النار في جلودهم، واللون الوحش، ونتن الريح".55 ـ النساء: 1.50 ـ إبراهيم: 2 ـ الكشاف عن حقائق غوامض التنزيـل وعيـون األقاويـل في وجـوه التأويـل،3

محمود بن عمر الزمخشــري، تحقيــق: أحمــد عــادل وغــيره، مكتبــة العبيكــان،.3/394م: 1998هـ 1418الطبعة األولى

15

فكل لفظة من ألفاظ القرآن تم اختيارهــا بمــيزان دقيــق، أدق من مــيزان الذهب والفضة، ومن ال يعرف اللغة العربية وألفاظها وأساليبها ال يستطيع

ــه أيضــا أن1﴾ واسأل القرية﴿أن يفهم – مثال – قوله تعالى: ، وال يمكن و)نعبدك( أو )نعبد إياك( ونحو ذلك2﴾ إياك نعبد﴿يفرق بين قوله تعالى: من األساليب العربية.

إن " عدم فهم داللة الكلمة يؤدي إلى خطأ كبير في تأويــل القــرآن، ولــذا لما لم يدر عمرو بن عبيد المعتزلي ما هــو )الوعــد( عنــد العــرب؛ ظن أن

ه وعــدهنثإخالف الوعد أو الوعيد واحد: ــف الل ه ال يخل فــزعم3مثوعــد الل أنه ال يجوز لله عز وجــل أن يخلــف وعيــده فــإذا توعد اللــه أحــدا كمــا في

ــه تعــالى: ــزةنثقول ــزة لم ــل هم ـــل لك ــه: 4مثوي ـذين يرمــوننث أو قول ـ الــذاب ــدنيا واآلخــرة ولهم ع ــوا في ال ــات لعن ــافالت المؤمن نات الغ المحصــ

5مثعظيم فال بــد أن يعــذبهم وال يعفــو عنهم وإال كــان ذلــك كــذبا وإخالفــاللوعد.

كذا قال، وهذا غلط في فهم الفرق بين )الوعد( و)الوعيد( في اللغة الــتي نزل بها القرآن، فالله ال يخلف وعــده وهــو: أن يعــده بــالخير، أمــا الوعيــد وهـو: اإليعـاد بالعقوبـة فإخالفـه ممـدوح ويسـمونه عفـوا وصـفحا ال خلفـا

.6وكذبا" وهناك من الناس من يفهم من اآلية معنى ســريعا صـحيحا، ولكن بالتأمــل

ــابنثيحصل على معنى زائد آخر، كما في قولــه تعــالى: ـــر في الكت واذك.82 ـ يوسف:1.4 ـ الفاتحة:2.6 ـ الروم:3.1 ـ الهمزة:4.23 ـ النور:5 ـ المراحل الثمان لطالب فهم القرآن، عصام بن صالح العويد، مركــز التــدبر6

.49م :2009هـ1430لالستشارات التربية والتعليمية، الرياض، الطبعة األولى 16

ا فالفهم السريع لكلمة ) انتبذت(1مثمريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقي هو ابتعدت وخرجت عن قومها لتتفرغ لعبادة ربها أو لحاجة لها، وهــو فهمــد صحيح، لكن اآلية تدل على ما هو أبلغ من هذا، فإننا إذا تأملنا الكلمة نج أن لها معنى آخر بعيدا وزائــدا يــدل على أن خــروج مـريم لم يكن خروجــا عاديا، بل هو خروج شديد فيه طرح واعــتزال، ونبــذ لقومهــا، فكــأن أهلهــا

وقومها شيء منبوذ غير مرغوب فيهم بالنسبة لها.نثوكذلك قوله تعالى: ــا(2مث وقد بلغت من الكبر عتيا ، قال مجاهــد: )عتي

بمعنى: نحول العظم.وقال ابن زيد: العتي: الذي قد عتا عن الولد فيما يرى نفسه ال يولد له.

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: " والعــتي - بضـم العين- في قــراءةــوو، ــوزن فعــول أصــله عت ــا العــود إذا يبس، وهــو ب الجمهــور: مصــدر عت والقياس فيه أن تصحح الواو ألنها إثــر ضــمة ولكنهم لمــا اســتثقلوا تــوالي ضمتين بعــدهما واوان وهمــا بمنزلــة - ضــمتين - تخلصــوا من ذلــك الثقــلــر بإبدال ضمة العين كسرة، ثم قلبوا الــواو األولى يــاء لوقوعهــا ســاكنة إث كسرة، فلما قلبت ياء اجتمعت تلك الياء مع الواو التي هي الم، وكأنهم ما كسروا التاء في عتي بمعنى اليبس إال لدفع االلتباس بينه وبين العتو الذي

هو الطغيان فال موجب لطلب تخفيف أحدهما دون اآلخر.ه عظامه باألعواد اليابسة على طريقة المكنيــة، وإثبــات وصــف العــتي شب

.3لها استعارة تخييلية"

.16 ـ مريم :1.8 ـ مريم :2ــدار التونســية،3 ــوير، محمــد الطــاهر بن عاشــور، ال ــر والتن ــ تفســير التحري ـ

.16/71م:198417

أي وقع لنبي الله زكريا عليه السالم كبر في السن مبالغ فيه، حتى انحلت منه عظامه، ويبست يبوسا شديدا، فهو يتضرع إلى ربــه بضــعفه الشــديد،ــف ــد، فكي حتى يبس منه العظم، فأصبح بدنه بال رطوبة ينتج منها ماء الول

له مع ذلك بالولد؟! ــة نثوهذا مثال آخر من قوله تعالى: خل لن لمخــاض إلى جــذع ٱفأجآءها 1مثٱ

فحينما نتأمـل كلمـة )فأجآءهـا( فـإن أصـلها )جـاء( ولـو وردت هكــذا كـان المعــنى أن المخــاض جاءهــا، وهــذا جــزء من المعــنى المقصــود، فــدخلت همزة التعدية لتضيف لها معــنى جديــدا آخــر زائــدا على المجيء، وهــو أنــبيل ــذا المجيء على س ــة، فلم يكن ه ــذع النخل ــا إلى ج ــاض ألجأه المخ االختيار؛ بل هو على سبيل االضطرار، ولهذا قــال المفســرون: }أجاءهــا{

معناه: ألجأها، وهذا من عظيم إدراكهم لمعاني القرآن الكريم.ــاب لذلك يقول الزجاج: "وإنما نذكر مع اإلعراب المعنى والتفسير، ألن كت

ــول: ه يق ه ينبغي أن يتبين، أال ترى أن الل رآن﴿الل ؟﴾ أفال يتدبرون القــ فحضضنا على التدبر والنظر، ولكن ال ينبغي ألحد أن يتكلم إال على مذهب

.2اللغة، أو ما يوافق نقلة أهل العلم" ويقول العز بن عبدالسالم: "ال يتأتى تدبر القرآن وفهم معانيه إال بمعرفــة

أي: بمعرفة اللغة العربية.3ذلك" ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية: "فإن فهم الكتاب والسنة فــرض، وال يفهم

.4إال بفهم اللغة العربية، وما ال يتم الواجب إال به فهو واجب".23 ـ مريم :1 ـ معاني القـرآن وإعرابـه، إبـراهيم بن السـري الزجـاج، تحقيـق: عبـدالجليل2

.1/185م:1988هـ 1408عبده الشلبي، عالم الكتب، الطبعة األولى ــ طبقـات الشـافعية الكـبرى، عبـد الوهـاب بن علي السـبكي، تحقيـق: عبـد3

.8/252الفتاح الحلو وغيره، دار إحياء الكتب العربية )د.ت(: ـ اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، أحمد بن عبد الحليم4

بن تيمية، تحقيق: ناصر بن عبد الكريم العقل، مكتبة الرشد، الرياض، )د.ت(:18

ويقول أيضا: "والقرآن نــزل بلغــة العــرب، فال يجــوز حملــه على اصــطالح حادث ليس من لغتهم، لو كان معنــاه صــحيحا، فكيــف إذا كــان بــاطال في

.1العقل؟!" إال أنه ال يطلب من كل قارئ للقرآن الكريم أن يكون عالما باللغة العربية نحويا كسيبويه واألخفش، بل المطلوب أن يحصل قارئ القرآن على الحد

نه من فهم كتاب الله تعالى وتدبره. الذي يمك ومن الغريب أن نجد بعض الناس يتوقف تفاعله مع عبادة التدبر عنــد حــد السماع ألهميته وفضائله؛ ألنه يشعر أن بينه وبين التدبر مسافات شاسعة حتى يكون أهال لممارسته، والتنعم بآثــاره، فيظن أنــه ال بــد من أن يكــونل إليه أنــه ال يجــوز أن يتــدبر على علم بتفسير أي آية يتدبرها، بل ربما خير الذي يشار إليه بالبنــان، فكم حــرم هــذا حتى يكون بمنزلة العالم المفســه، وحالوة التأمــل في الكتــاب الظن فئاما من الناس من لذة التدبر ومتعت

العزيز! وكم فاتهم بسببه خير عظيم! وال شك أن الدافع الذي منعهم من االقتراب من روضــة التــدبر هــذا دافــع شريف، وهو الخوف من القول على الله بغير علم، ولكن الشأن هنا ليس كذلك، فهناك فرق بين التدبر والتفسير من جهــة المعــنى، ذلــك أن دائــرة التدبر أوسع من التفسير من جهة أن التدبر هو إعمــال النظــر في مــآالت

األلفاظ والمعاني.

1/527. ـ درء تعارض العقل والنقل، أحمـد بن عبـد الحليم بن تيميـة، تحقيـق: محمـد1

م:1991هـ 1411رشاد سالم، جامعة اإلمام محمد بن سعود، الطبعة الثانية، 6/7.

19

ــرآن، ــدبر الق قال ابن هبيرة: "ومن مكايد الشيطان تنفيره عباد الله من ت لعلمه أن الهــدى واقــع عنــد التــدبر، فيقــول: هــذه مخــاطرة، حــتى يقــول

.1اإلنسان: أنا ال أتكلم في القرآن تورعا" إن فهم الوعد والوعيد والترغيب والــترهيب والعلم باللــه واليــوم اآلخــر ال يشترط له فهم المصطلحات العلمية الدقيقة من نحوية وبالغيــة وأصــوليةن واضح ظــاهر يــدرك معنــاه الصــغير والكبــير، وفقهية، فمعظم القرآن بي

ماءنثاألعرابي قول الله تعالى: والعالم واألمي، فحينما سمع ــورب الســ فــون كم تنطق ــل مــا أن ه لحــق مث قــال: من ذا الــذي أغضــب2مثواألرض إن

الجليل حتى أقسم. قف مننثوحينمــا أخطــأ إمــام في قــراءة آيــة النحــل: فخــر عليهم الســ

قرأهــا )من تحتهم( صــوب3مثفوقهم وأتاهم العذاب من حيث ال يشعرونله خطأه امرأة عجوز ال تقرأ وال تكتب.

ن واضح، وفهمه وفقهه وتدبره ليس صعبا بحيث يغلق المــرء إن القرآن بي عقله؛ ويعلق فهمه كله بالرجوع إلى كتب التفسير، فهــذا مفهــوم خــاطئ،

ففهم ومدخل من مداخل الشيطان على العبــد ليصــرفه عن االهتــداء بــه،:4القرآن نوعان

يدخل فيه تفسير الغريب، واستنباط األحكام، وأنــواعالنوع األول:الدالالت، وهو الذي يختص بأهل العلم على تفاوت مراتبهم.

ـ الذيل على طبقات الحنابلة، عبد الـرحمن بن أحمـد بن رجب، تحقيـق: عبـد1ــة األولى ــاض، الطبع ــان، الري ــة العبيك ــثيمين، مكتب ــليمان الع ــرحمن بن س ال

.2/156م: 2005هـ1425.23 ـ الذاريات: 2.26 ـ النحل: 3 ـ قواعد وضوابط التدبر، عمر بن عبـد اللـه المقبـل، بحث منشـور على4

الشبكة، موقع المسلم: http://www.almoslim.net/node/139579

20

هو الذي ينتج عن تأمل قارئ القــرآن لمــا يمــر بــهوالنوع الثاني: من آيات كريمة، يعرف معانيها، ويفهم دالالتها، بحيث ال يحتاج معهــا أن يراجع التفاسير، فيتوقف عندها متأمال؛ ليحرك بها قلبه، ويعــرض نفسه وعمله عليها، إن كان من أهلها حمد اللــه، وإال حاســب نفســه

واستغفر. ،دراسة سنته وسيرته صلى اللــه عليــه وســلم المبحث الثاني:

ألنه كان الترجمان الحقيقي للقرآن الكريم، وكان خلقه القــرآن، بــل كــانح لمشــكله، وإذا ن لمجملــه، والموضــ قرآنا يمشي على األرض، فهو المــبيــا ثبت ى إال بالرجوع إلى م كان األمر كذلك، فإن تدبر القرآن وفهمه ال يتأت من سيرته وما صح من سنته صلى الله عليــه وســلم، فكــانت حياتــه كلهــا

قوال وفعال وإقرارا من حين مبعثه إلى وفاته بيانا لهذا القرآن. ولذا كان الصحابة رضي الله عنهم يسألون رســول اللــه صــلى اللــه عليــه وسلم عمــا أشــكل عليهم، وكــان جــل تفســيره بيانــا لمجمــل، أو توضــيحا لمشــكل، أو تخصيصــا لعــام، أو تقييــدا لمطلــق، أو بيانــا لمعــنى لفــظ أو

متعلقه. ويفهم من هــذا أنــه صــلى اللــه عليــه وســلم اقتصــر على بيــان المعــاني الضرورية الــتي ال تحتمــل التــأخير، أو الــتي ال ســبيل إلى معرفتهــا إال عن طريقه، وترك ما سوى ذلك لألمــة ليعملــوا عقــولهم في التــدبر والتفكــر، ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي رضــيــذي ــال: وال الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي إال ما في كتاب الله؟ قــه رجال في ــه الل ــا يعطي ــه إال فهم ــا أعلم ــمة، م ــرأ النس ــة، وب ــق الحب فل

.1القرآن ... الحديث

.111 ـ صحيح البخاري، كتاب العلم باب كتابة العلم برقم:121

قــال الزمخشــري في الفــائق: "ولم يــزل الموثــوق بهم من علمــاء األمــة يستنبطون معاني التنزيــل، ويســتثيرون دفائنــه، ويغوصــون على لطائفــه، وهو الحمال ذو الوجوه، فيعود ذلك تسجيال له ببعد الغور، واستحكام دليل

.1اإلعجاز"وقد قسم الطبري - رحمه الله - التأويل إلى ثالثة أقسام، فجعل األول:

"ما ال يوصل إلى علم تأويله إال ببيــان الرســول صــلى اللــه عليــه وســلم، وذلك تأويل جميع ما فيه من وجوه أمره، واجبه وندبه وإرشاده، وصــنوفه، ومقــادير الالزم بعض نهيه، وووظائف حقوقه، وحــدوده، ومبــالغ فرائضــــدرك علمهــا إال ببيــان خلقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آيه التي لم ي رسول الله صلى الله عليه وسلم له تأويله، بنص منه عليــه، أو بداللــة قــد

ة أمته على تأويله" .2نصبها دال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان فعله وقوله وأخالقه كلها بيان للقــرآن

ادقيننثالكريم، قال تعالى: ــوا مــع الصــ قوا الله وكون ذين آمنوا ات ها ال يا أي . 3مث

وكانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم صدق كلها؛ حتى عــرف في مكــة بالصادق األمين، ولذلك عندما ســأل ســعد بن هشــام عائشــة رضــي اللــه عنها: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى اللــه عليــه وســلم قالت:ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى قالت: "فإن خلق نبي الله صلى الله

.4عليه وسلم كان القرآن" ـ الفائق في غريب الحديث، محمود بن عمر الزمخشري، تحقيق: محمد أبــو1

.3/357الفضل ابراهيم وغيره، الطبعة الثانية، عيسى البابي الحلبي )د.ت(:ــبري،2 ـ تفسير الطبري جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الط

.1/68تحقيق: عبد الله التركي، دار هجر )د.ت(:.119 ـ التوبة:3 ـ رواه مسلم في صحيحه، كتاب صالة المسافرين، باب جامع الصالة الليل ومن4

.139نام عنه أو مرض، برقم: 22

فمكارم أخالق النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته العظيمــة تفســير منــه عليه الصالة والسالم للقرآن، أما البيان القــولي اللفظي الظــاهر، بمعــنى

أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم معنى اآلية كذا، فهذا قليل. مثال ذلك ما أخرجــه الشــيخان، عن ابن أبي مليكــة أن النــبي صــلى اللــه عليه وســلم قــال: )من حوســب عــذب( قــالت عائشــة رضــي اللــه عنهــا:

نثفقلت: أوليس يقول الله تعــالى: يرا ابا يســ ب حســ وف يحاســ ؟1مثفســـ.2 قال: )إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك(

قال الشافعي رحمه الله: "كل ما حكم به الرسول صلى الله عليه وســلم.3فهو مما فهمه من القرآن"

ومن األمثلة على ذلك ما أخرجه الشيخان عن عدي بن حــاتم رضــي اللــهــزلت: ــا نـ ــال: لمـ ــه قـ ــطنثعنـ ـ ــط األبيض من الخي ـ ن لكم الخي ى يتبي حت

ود ــ عمــدت إلى عقــال أســود وإلى عقــال أبيض، فجعلتهمــا تحت4مثاألس وسادتي، فجعلت أنظر في الليل فال يستبين لي، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وســلم فــذكرت لــه ذلـك، فقــال: )إنمــا ذلــك ســواد الليــل

.5 وبياض النهار(

.8 ـ االنشقاق: 1 ـ أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه2

، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب إثبات الحساب103برقم: .2876برقم:

ـ مقدمة في أصول التفسير، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: عدنان3.93م: 1972هـ 1392زرزور، الطبعة الثانية،

.187 ـ البقرة: 4 ـ أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول الله تعالى: )وكلوا واشربوا5

، ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول1817حتى يتبين.. ( برقم: .1090في الصوم يحصل بطلوع الفجر برقم:

23

وقد يقال بأن هذا من قبيل تفسير القرآن بالسنة، فقد قال تعالى مخاطبالنثنبيه صلى الله عليه وســلم: ــز اس مــا ن ن للن ــك الــذكر لتبي ـا إلي ــ وأنزلن

رون هم يتفك .1مثإليهم ولعلن مهمــة الرســول ويالحظ في هذه اآلية الكريمة أن الله عــز وجــل لمــا بيــه: ــة بقول ــاس؛ ختم اآلي ــرآن للن ــيين الق ــلم في تب ــه وس ــه علي ــلى الل ص

روننث هم يتفك .مثولعل وفي هذا دليل على أن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم ال ينــافي تــدبر اآليات، والتفكــر فيهــا، والغــوص في معانيهــا الســتنباط وجــوه جديــدة من

البيان.

ــل، ألن إن تفسير القرآن الكريم على وجه القطع ال يعلم إال في آيات قالئ العلم بالمراد يستنبط بأمارات ودالئل، والحكمة فيه أن الله تعالى أراد أن يتفكر عباده في كتابــه، فلم يــأمر نبيــه بالتنصــيص على المــراد في جميــع

آياته.ــدين ــه في ال هم فقه وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم البن عباس: )الل

أويل( مه الت وـلو بين الـنبي ـصلى الـله علـيه وـسلم جمـيع مـعاني الـقرآن2 وعلما كان لتخصيص ابن عباس بهذا الدعاء من فائدة.

ومن أمثلة ذلك أيضا ما " أخرجه أحمــد عن جــابر بن عبــد اللــه قــال: كنــا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخــط خطــا هكــذا أمامــه، فقــال: هذا سبيل الله عز وجــل، وخطين عن يمينــه، وخطين عن شــماله، وقــال:

ــذانث� هذه سبيل الشيطان، ثم وضع يده في الخط األوسط وتال: وأن ه

.44 ـ النحل:1.2393 ـ رواه أحمد في مسند عبد الله بن عباس برقم:2

24

بيله ذلكم ق بكم عن ســ بل فتفــر بعوا الســ بعوه وال تت صراطي مستقيما فاتقون كم تت . 2 اآلية"1مثوصاكم به لعل

بعــة حــديثا حيث اســتخدم وفي هذا الحــديث من األســاليب الجديــدة والمت النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيره وســائل اإليضــاح التعليميــة لبيــان

معنى الصراط المستقيم. ومن ذلك استخدامه عليه الصالة والسالم للتشبيهات البالغية والتي تقرب معنى اآلية لذهن القارىء، كبيانه صلى الله عليه وسلم لـ)سدرة المنتهى(ــك بن صعصــعة قصــة فقــد أخــرج البخــاري في صــحيحه من حــديث مالــل قالل هجــر، ــا مث المعراج وفيه: )ثم رفعت إلي سدرة المنتهى فإذا نبقه

. 3وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى( وكان يفسر صلى الله عليه وسلم ما يشــكل على بعض الصــحابة فهمــه، ومن ذلك ما "أخرجه أحمد عن عبدالله بن مسعود قــال: لمــا نــزلت هــذه

نثاآلية: وا إيمــانهم بظلم ــوا ولم يلبســ ذين آمن شــق ذلــك على النــاسمثالــون، ألم نا ال يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذي تعن فقالوا: يارسول الله وأي

رك لظلم عظيمنثتســمعوا مــا قــال العبــد الصــالح: إنمــا هــو4مثإن الشــ.5الشرك "

ومن ذلك أيضا ما رواه عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رسول الله صلىيننث اليهود، وإن مثالمغضوب عليهمنثالله عليه وسلم قال : إن مثالضال

. 6النصارى".153 ـ األنعام:1.14977 ـ رواه أحمد في المسند، برقم: 2 ـ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب مناقب األنصار، باب المعراج، برقم3

3674..13 ـ لقمان:4.3578 ـ رواه أحمد في المسند، برقم:5.18891 ـ رواه أحمد في مسند عدي بن حاتم برقم:6

25

ب نثوشاهد ذلك قوله تعـالى في اليهـود: ب على غضـ ـاءوا بغضـ ـ 1مث�� فبوا كثيرا نثوفي النصارى: وا من قبل وأضل .2مثقد ضل

وينبغي التنبــه أنــه يلحقهم في هــذا الوصــف من اتصــف بصــفاتهم وتخلــق بأخالقهم، واليهود أسوأ حاال من النصارى، وقد عقد األلوسي في تفســيره

روح المعاني؛ مقارنة بينهما ومما ذكر من ذلك ما يلي: ـ اليهود أشد في الكفــر والعنــاد وأعظم في الخبث والفســاد، ولــذا قــال1

ركوانثتعالى : ذين أشــ ــوا اليهــود وال ذين آمن اس عــداوة لل د الن لتجدن أشــ والنصارى دون ذلك. 3مثين محمد وعيسى عليهمـا الصـالة والسـالم، والنصـارى2 ـ أنهم كفروا بنبي

كفروا بنبي واحــد وهــو نبينــا محمــد صــلى اللــه عليــه وســلم، وفضــائحهمــد النصــارى، ومن أخص أســباب وصــف اليهــود وفظــائعهم أكــثر ممــا عن بالغضب كونهم قد فسدوا بعد علم، والنصارى فسدوا عن جهــل فوصــفوا

بالضالل. وكان النبي صلى الله عليــه وســلم يفســر القــرآن أيضــا بطريــق الســؤالما تمكن كما في تفسيره لقوله تعالى ليتمكن الجواب في نفس السامع أي

مس تجري لمستقر لهانث .4مثوالشــلم في فعن أبي ذر رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وســمس؟ المسجد عند غروب الشمس، فقال: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الش قلت: الله ورسوله أعلم. قــال: فإنهــا تــذهب حــتى تســجد تحت العــرش،

.90 ـ البقرة:1.77 ـ المائدة:2.82 ـ المائدة:3.38 ـ يس:4

26

ـك تقـدير العزيـزنثفذلك قوله تعالى: تقر لهـا ذل مس تجـري لمسـ والشــ .1مثالعليم

وأخرج اإلمام مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر رضي الله عنــه قــال: سـمعت رسـول اللـه صـلى اللـه عليـه وسـلم وهــو على المنـبر يقـول: "

أال إن القـوة الـرمي، إال إن القـوة2مثوأعدوا لهم ما استطعتم من قوةنث. 3الرمي، إال إن القوة الرمي "

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صــلى اللــه عليــه وســلمنثفي قول الله عز وجل: . 5 قال : "عدال"4مثوكذلك جعلناكم أمة وسطا

ويدخل في تفسير القــرآن بالســنة مــا يســمى باألحــاديث القدســية ففيهــاتفسير كثير للقرآن الكريم.

،معرفة أسباب النزول والمناســبات والوقــائع المبحث الثالث: وتعد من القواعد المهمة في تــدبر القــرآن الكــريم، ألن كثــيرا من اآليــاتــة ــة، وال يمكن أن تفهم إال بمعرف ــائع معين ــا بمناســبات ووق ــط نزوله ارتب األسباب والمناسبات والوقائع التي نزلت لمعالجتها، حتى ال يقــال ـــ مثال ـ إن حادثة الفيل سبب لنزول سورة الفيل، مع أن السورة نــزلت من أجــل

التذكير بها. ويرى بعض النـاس أنـه ال فائـدة في معرفــة أسـباب الـنزول، فهي مجــرد تاريخ يذكر فال جــدوى من ذكرهــا واالهتمــام بدراســتها ، ولكن هــذا الــرأيرها علم ليس بصــواب، وذلــك ألن ألســباب الــنزول فوائــد جمــة، من تــدب

، والحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب صفة38 ـ يس:1.3027الشمس والقمر برقم:

.60 ـ األنفال:2.1917 ـ رواه مسلم في كتاب اإلمارة، باب فضل الرمي والحث عليه، برقم:3.143 ـ البقرة:4.11052 ـ رواه أحمد في المسند، برقم 5

27

أهميتها، فمن فوائــدها أنهــا تعين على معرفــة وجــه الحكمــة الباعثــة علىالتشريع، وهذه فائدة عزيزة يحتاجها الفقيه كثيرا.

ــا،قال الواحدي عن أسباب النزول: " إذ هي أوفى ما يجب الوقــوف عليه وأولى ما تصرف العناية إليها، المتناع معرفة تفسير اآليــة، وقصــد ســبيلها

.1"دون الوقوف إلى قصتها وبيان نزولها ــةوقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ،: "معرفة سبب النزول يعين على فهم اآلي

.2فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب" وقال ابن دقيق العيد:"معرفة سبب النزول طريــق قــوي في فهم معــاني

.3القرآن"ــال ــة مث فأسباب النزول ومناسباتها تزيل اللبس واإلشكال الوارد على اآلي

ذلك:ه فمن حج البيت أونثقول الله تعالى: عائر الل فا والمــروة من شــ إن الصــ

. 4مثاعتمر فال جناح عليه أن يطوف بهما فقد فهم عروة بن الزبير عــدم فرضــية الســعي بين الصــفا والمــروة، ألنــه أم المؤمــنين نفي الجناح يفهم منه عدم التكليــف، فســأل عن هــذا خالتت على نت له أن األمر ليس كمــا فهم، واســتدل عائشة رضي الله عنها فبي ذلك بسبب نزول اآلية، وهو مــا رواه عــروة بن الزبــير رضــي اللــه عنهمــا

إننث"سألت عائشــة رضــي اللــه عنهــا: ) أرأيت قــول اللــه تعــالى: قال: ــه أن ه فمن حج البيت أو اعتمر فال جناح علي الصفا والمروة من شعائر الل

ـ أسباب النزول، علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، تحقيـق: كمـال بسـيوني1.5م:1991هـ-1411زغلول، دار الكتب العلمية، الطبعة األولى

ـ مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمـد بن تيميـة، جمـع عبـد الـرحمن بن قاسـم،2.13/339م: 2004هـ 1425طبع مجمع الملك فهد،

ـ منهج الفرقان فى علوم القرآن، محمد علي سالمة، مطبعة شبرا، القاهرة،3.1/36م:1938

.158 ـ البقرة : 428

وف بهما اآلية فوالله ما على أحد جناح أال يطوف بالصفا والمروة، 1مث� يطــانت ال ــا ك قالت: )بئسما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت على ما أولته جناح عليه أن ال يطوف بهمــا، ولكنهــا أنــزلت في األنصــار، كــانوا قبــل أنلل" وكــان يسلموا يهلون "لمناة" الطاغية التي كانوا يعبدونها عنــد "المشــج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أســلموا ســألوا النــبي من أهل لها يتحرج أن صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقــالوا: يــا رســول اللــه إن كنــا نتحــر

إن الصفا والمــروة مننثنطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله عز وجل: ه اآلية، قالت عائشة: "وقد سن رسول الله صــلى اللــه عليــهمثشعائر الل

.2 وسلم الطواف بينهما فليس ألحد أن يترك الطواف بينهما( فبالرجوع إلى سبب نزول اآليــة زال اإلشــكال عنهــا؛ والــذي أدى إلى فهم عدم شرعية السعي، وأن من تركه ال إثم عليــه، واألمـر خالف هـذا فليس

ألحد أن يترك السعي بينهما كما دل على ذلك سبب النزول.ــوت مننثومن أمثلة ذلك أيضا قول الله تعالى: ــأتوا البي وليس البر بأن ت

كم ه لعل قــوا الل ــوت من أبوابهــا وات ــوا البي قى وأت ــر من ات ظهورها ولكن البــر في إتيــان3مثتفلحون فالقارئ لهذه اآلية الكريمة يشــكل عليــه نفي الب

البيوت من الخلف؛ ألنه ال يعــرف أن أحــدا يــرى أن في إتيــان الــبيوت من الخلف برا - أي خيرا - ولكنه إذا رجع إلى سبب النزول وعرف أن األنصار كانوا إذا حجوا ال يأتون بيوتهم إال من الخلف، ويرون أن في ذلك برا، وقـد عابوا رجال حج ودخل بيته من بابه، فــنزلت هــذه اآليــة تنفي مــا اعتقــدوه،

.158 ـ البقرة : 1 ـ رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب وجوب الصفا والمروة وجعل2

.1561من شعائر الله، برقم:.189 ـ البقرة: 3

29

ــا وأثبت أن البر والخير في تقوى الله، ال في إتيان البيوت من ظهورها كماعتقدوا، بل عليهم أن يأتوا البيوت من أبوابها.

ار إذا ــانت األنصــ فعن البراء رضي الله عنه قال: "نزلت هذه اآليــة فينــا، كــل حجوا فجاءوا ال يدخلون من أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها، فجاء رج

ــزلت: ــذلك، فن ر ب ه عي ــل بابــه، فكأن ــأتوانثفدخل من قب ــأن ت ــر ب وليس البـوت من أبوابها ـ ـوا البي ـ قى وأت ـر من ات ـ ـوت من ظهورهــا ولكن الب ـ 1مثالبي

فبالرجوع إلى سبب النزول زال اإلشكال. وعلم أسباب النزول تزيل اإلشكال في فهم معاني اآليات، ففي عهد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أشكل على بعض الصحابة فهم قوله تعالى:

ــوانث ق ذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما ات ليس على اله يحب نوا والل قــوا وأحســ ــوا ثم ات قــوا وآمن الحات ثم ات �وآمنوا وعملوا الصــ

هذه اآلية أشكلت على جماعـة في عهـد عمـر بن الخطـاب2مثالمحسنين رضي الله عنه فكانوا يرون أن الخمر مباحة ويحتجـون باآليـة، ولكن عمـربن الخطاب عارضهم في ذلك، ورد ابن عباس عليهم بسبب نزول اآلية.

أن عمر بن الخطاب رضــي اللــه عنــهفعن ابن عباس رضي الله عنهما: " أتي برجل من المهاجرين األولين وقد شرب، فأمر به أن يجلــد فقــال: لم تجلدني؟ بيني وبينك كتــاب اللــه، فقــال عمــر: وأي كتــاب اللــه تجــد أن ال

ذيننث أجلدك؟ فقال له: إن الله عز وجــل يقــول في كتابــه: ليس على ال اآلية، فأنا من الــذين آمنــوا 3مثآمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا

وعملــوا الصــالحات، ثم اتقــوا وآمنــوا، ثم اتقــوا وأحســنوا واللــه يحب

، والحديث في صحيح البخاري كتاب العمـرة بـاب قـول اللـه تعـالى189 ـ البقرة: 1.1709وأتوا البيوت من أبوابها برقم:

.93 ـ المائدة: 2.93 ـ المائدة: 3

30

المحسنين، شهدت مع رســول اللــه صــلى اللــه عليــه وســلم بــدرا وأحــدا والخنــدق والمشـاهد، فقـال عمـر: أال تـردون عليــه مـا يقـول؟ فقـال ابن عباس: إن هؤالء اآليات أنزلت عذرا للماضين، وحجة على المنــافقين؛ ألن

ما الخمر والميسر نثالله عز وجل يقول: ذين آمنوا إن ها ال اآلية، 1مث يا أيــوا ــوا وعمل ــذين آمن ــان من ال ــإن ك ــة األخــرى، ف ــذ اآلي ــرأ حــتى أنف ثم ق الصالحات، فإن الله قد نهاه أن يشرب الخمر، فقال عمر رضي الله عنه: صدقت، ماذا ترون؟ قال علي رضي الله عنــه: إنــه إذا شــرب ســكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون جلدة، فأمر بــه عمــر

.2فجلد ثمانين جلدة " "مات رجــال من أصــحابوروى الترمذي عن البراء رضي الله عنه قال :

النبي صلى الله عليه وسلم قبــل أن تحــرم الخمــر، فلمــا حــرمت الخمــر،. 3قال رجال: كيف بأصحابنا وقد ماتوا يشربون الخمر، فنزلت اآلية "

فســبب نــزول اآليــة قــد أزال اإلشــكال عنهــا، حيث خصــها بمن مــات من الصحابة وهم يشربون الخمر قبــل تحريمهــا، وبــه رد ابن عبــاس على من أخطأ في فهم اآليــة، فلــوال ســبب الــنزول لبقي هــؤالء على خطئهم حيث

فهموا من اآلية العموم. ومن فوائد أسباب النزول أنها تعين على معرفــة الحكمــة الــتي من أجلهــارع الحكم، وذلـــك أن ســـبب الـــنزول يحكي المالبســـات والظـــروف شـــ

.90 ـ المائدة: 1 /6 ، وتفسير القرطبي: 166 ـ/ 3 ـ رواه الدارقطني في سننه، كتاب الحدود: 2

، وذكر في رواية الحميدي عن ابن عباس رضي الله عنهمــا أن اســم هــذا298ــه على ــاب ووالي ــر بن الخط ــهر عم ــون الجمحي ص ــة بن مظع ــل " قدام الرج

البحرين ". ـ رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب اللهم بين لنا في الخمر بيان شــفاء3

، قــال أبــو2996فنزلت التي في البقرة يسألونك عن الخمــر والميســر، بــرقم عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

31

واألوضاع التي كان الناس عليها قبل تشريع الحكم، فبالرجوع إليه نتعــرفعلى الحكمة التي قصدها الشارع ، ومن األمثلة على ذلك:

"أتيت علىما رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي اللــه عنــه قــال: ــك نفر من األنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمــرا، وذل قبل أن تحــرم الخمــر، قــال: فــأتيتهم في حش - والحش البســتان - فــإذا رأس جزور مشوي عندهم، وزق من خمـر، قــال: فــأكلت وشـربت معهم، قال: فــذكرت األنصــار والمهــاجرين عنــدهم، فقلت: المهــاجرون خــير من األنصار، قــال: فأخــذ رجــل أحــد لحيي الــرأس فضــربني بــه فجــرح أنفي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأنزل الله عز وجل في

اب واألزالمنث- يعني نفسه - شأن الخمر: ر واألنصــ ــا الخمــر والميســ مـ إنكم تفلحون يطان فاجتنبوه لعل .1مثرجس من عمل الش

فبالرجوع إلى أسباب نزول هذه اآلية تبينت الحكمة العظيمــة من تشــريعب أضرارا كثيرة ومفاسد عظيمة، ومن ضــمنها هذا الحكم، ألن الخمر تسب

ما حدث بين الصحابة من اعتداء بعضهم على بعض لما شربوها. فلوال أسباب النزول ما اهتدينا إلى هذه الحكم النافعة على وجه التفصيل، ومعرفة هذه الحكم تزيد المؤمن إيمانا وثقة في دينه، وما شرعه اللــه لــه من األحكــام النافعــة المبنيــة على مقاصــد عظيمــة، وتــرغب الكــافر في اإليمان إذا تبين له سمو التشريع اإلسالمي ويسره وسهولته، وما اشــتمل عليــه من المنــافع والمصــالح والمقاصــد الحســنة، وكثــير من النــاس قــد

أدهشهم ذلك، فكان سببا في إيمانهم.

، والحديث رواه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب90 ـ المائدة: 1 ارم فداك أبي وأمي قال فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه

.1748فسقط، رقم: 32

ــنزول، وربما يلتبس على بعض الدارسين التفسير على القياس بأسباب ال وهو موجود في تفاسير بعض السلف، ومن أمثلته، ما ذكــره الطــبري في

نث ورد عن أبي أمامــة في قولـه: "جامع البيـان في تفســير القــرآن قــائال:

ه قلوبهم قال: هم الخوارج".1مثفلما زاغوا أزاغ الللــه على الخــوارج الــذين لم ر انــتزع هــذا المقطــع من اآليــة، ونز فالمفســ يكونوا عند نزول هذه اآليات، وإنما جــاءوا بعــد وفــاة الرســول صــلى اللــه عليه وسلم وانقطاع الوحي، وإذا نظرت إلى سياق اآلية، وجــدت أنـه فيــني إســرائيل، وأنهم هم الموصــوفون بهــذا الوصــف، لكن الحــديث عن بــة، ه إلى دخول الخوارج في حكم هذا المقطــع من اآلي ر أراد أن ينب المفس ــا ــزاء وفاق ــوبهم ج ــه قل ــال الل ــق، فأم ــالوا عن الح ــوم م ــال لق وأنهم مث

وتنزيل ذلك المقطع من اآلية على الخــوارج إنمــا هــو على ســبيل لميلهم،القياس بأمر بني إسرائيل، وليس مراده أنهم هم سبب نزولها.

قال اإلمام الشاطبي: "...كما قاله القاضي إســماعيل - في قولــه تعــالى:يءنث قوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شـ ذين فر بعـد مـا 2مثإن ال

حكى أنها نزلت في الخوارج -: وكأن القائــل بالتخصــيص، واللــه أعلم، لم يقل به بالقصد األول، بل أتى بمثال مما تتضمنه اآليــة؛ كالمثــال المـذكور، فإنه موافق لما قال، مشتهرا )كذا( في ذلك الزمان، فهــو أولى مــا يمثــل به، ويبقى ما عداه مسكوتا عن ذكره عند القائل به، ولو سئل عن العموم لقــال بــه ... وهكــذا ينبغي أن تفهم أقــوال المفســرين المتقــدمين، وهــو

.3األولى لمناصبهم في العلم، ومراتبهم في فهم الكتاب والسنة"

.5 ـ الصف: 1.159 ـ األنعام: 2 ـ االعتصـام، إبـراهيم بن موسـى الشـاطبي، تحقيـق: محمـد رشـيد رضـا، المكتبـة3

.103:1التجارية الكبرى )د.ت(:33

ــل فــأمكننثومنه قوله تعالى: وإن يريدوا خيانتك فقــد خــانوا اللــه من قب.1مثمنهم والله عليم حكيم

ة : "وأما تفسير اآلية بقصة عبد الله بن أبي السرح، فينبغي قال ابن عطير، فإن جلبت قصة عبد اللــه بن أبي الســرح على أنهــا مثــال، كمــا أن يحر

يمكن أن تجلب أمثلة في عصرنا من ذلك، فحسن. وإن جلبت علـى أن اآلية نزلت في ذلك، فخطا؛ ألن ابن أبي الســرح إنمــا

ن أمره في يوم فتح مكة، وهذه اآلية نزلت عقيب بدر" . 2تبي وال يلزم من تنزيل الحكم بشيء من أوصاف الكفار على أحد العصاة، أنه لكـــان الكالم عن الكفـــار، ال عن صـــف بكامـــل أوصـــاف الكفـــار، وإال مت

المؤمنين. واألمثلة على أثر أسباب النزول في تفسير القرآن كثيرة وقد اكتفيت بمــا

تقدم رغبة في االختصار. ، ونعنيالمبحث الرابع: إنزال القرآن على واقع األمة وقضاياها

بذلك أن القرآن الكريم لم ينزل لزمــان معين وال لمكــان معين، بــل نــزل صالحا للعمل به وتطبيقــه في كــل زمــان ومكــان، وهــو ال يفهم حيــا غضــا طريا إال بإنزاله على واقع األمة وقضاياها، فلكل زمــان كفــاره ومنــافقوه، ولكل مكان فراعنته وظالموه، لذا كان من الخطــأ والزلــل إنــزال القــرآن على غير منازله، فمن أنزل آيــات المؤمــنين على الكــافرين أوالعكس، أو

جعل المؤمنين الصالحين منافقين كافرين؛ فقد ضل سواء السبيل. د بها طائفة من العلمــاء دون وخصيصة إنزال القرآن على الواقع هذه؛ تفر

لقرآن ولو كان من عنــدنثعامة أهل العلم، قال الله تعالى: رون ٱأفال يتدب

.71 ـ األنفال:1 ـ تفسير ابن عطية المحرر الوجيز في تفسـير الكتـاب العزيـز، عبـد الحـق بن2

.820-819: عطية األندلسي، دار ابن حزم )د. ت(34

لخــوف ألمن أو ــيرا. وإذا جــآءهم أمــر من ختالفــا كث ه لوجدوا فيــه لل ٱغير ٱ ٱ ٱــر منهم ألم ول وإلى أولي ــ س لر ـو ردوه إلى ـ ـه ول ـ ــوا ب ٱأذاع ذينٱ ل ــه ٱلعلم

يستنبطونه منهم قليال يطان إال ــ لش بعتم ه عليكم ورحمته الت لل ٱ ولوال فضل ٱ أي: استنباطات أهل التأمل من العلمـاء بـالقرآن ووقـائع األمـور من1 مث

األمن أو الخوف. أما حين يتصدر للحكم على الوقائع أهل األهواء يحصــل عنــد ذلــك الخلــطــدى، والجهل، ومن تأمل تاريخ المسلمين رأى عامة أهل البدع على غير هلوا آيات الكفار على المؤمنين، وكالرافضة في التالعب كالخوارج الذين نز

بآيات القرآن وتقسيمها بأهوائهم بين أهل البيت وبقية الصحابة. ولعل واقع المسلمين اليوم وما هم فيــه من وضــع ال يحســدون عليــه، مــا يشير إلى أن السبب من وراء ذلك كله هو الجهــل بمنهج التــدبر، والخطــأ

في ربطها بالواقع. إن كثيرا ما نقرأ القرآن الكريم ونغفل عن ربطه بواقع حياتنا، ونفصل

بينه وبين أعمالنا، وننسى تطبيقه على أحوالنا، وتبعا لذلك فقد وجد في المسلمين من يقرأ القرآن طلبا لبركته فقط دون أن يفهم معانيه، ووجد من يقرؤه هذا بلسانه، وال يعقل سوى مبانيه، وأسوأ منه من يقرؤه على

أنه ماض انتهى، وحكايات تتلى ال عالقة لها بواقعه وأحواله. قال ابن القيم: "ولكن أكثر الناس ال يشــعرون بــدخول الواقــع تحتــه – أي القرآن - وتضمنه له، ويظنونه في نــوع وفي قــوم قــد خلــوا من قبــل ولم

.2يعقبوا وارثا، وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن "

.83-82 ـ النساء: 1 مدارج السالكين، ابن القيم الجوزية، تحقيق: رضوان جامع رضوان، المكتب ـ2

.1/289الثقافي، القاهرة )د.ت(: 35

لقــد عــني أهــل العلم قــديما وحــديثا بتــدبر القــرآن العظيم وتأمــل آياتــه، والوقوف عند أحكامــه وتوجيهاتــه، واســتنباط العالقــة بين الواقــع وحكمــه وهداياته، وكان من األئمة األعالم، والعلماء الكرام، الــذين عاشــوا حيــاتهم

بالقرآن ومع القرآن فقها وفهما، وتدبرا وعلما، وتطبيقا وعمال. فخطاب القرآن عام لمن بلغه، ومتناول لمن أتى بعد عصر الرسول صلى الله عليه وســلم، ففي ســورة التكــاثر، أورد ابن القيم قــول من قــال في

نثقوله تعـالى: عيم لن ألن يومئذ عن إنـه خـاص بالكفــار، ورد1 مثٱثم لتسـ النبوية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ألبي عليه بما صح في السنة

بكر وعمر رضي الله عنهما: )والذي نفسي بيديــه لتســألن عن هــذا النعيم علق ابن القيم فقال: 2 يوم القيامة(

ــير مختص ــه غ ــذا الحــديث الصــحيح صــريح في تعميم الخطــاب وأن " فه بالكفار، وأيضا فالواقع يشهد بعــدم اختصاصــه، وأن اإللهــاء بالتكــاثر واقــع من المسلمين كثيرا، بل أكثرهم قد ألهــاه التكــاثر. وخطــاب القــرآن عــامــه لمن بلغه، وإن كان أول من دخل فيه المعاصرون لرسول الله صلى الل عليه وسلم، فهو متناول لمن بعــدهم، وهــذا معلــوم بضــرورة الــدين، وإن

نازع فيه من ال يعتد بقوله من المتأخرين.ذيننثفنحن اليوم ومن قبلنا ومن بعدنا داخلون تحت قوله تعالى: ل ــا ه ٱيأي

قـون كم تت ذين من قبلكم لعل ل لصـيام كمـا كتب على ٱآمنـوا كتب عليكم 3 مثٱ

.8 ـ التكاثر:1 ـ رواه مسلم في صحيحه،كتاب األشربة - باب جواز استتباعه غيره إلى دار2

من يثق برضاه بذلك وبتحققه تحققا تاما واستحباب االجتماع على الطعام،.3799برقم:

.183 ـ البقرة:336

ونظائره، كما دخل تحته الصحابة _ رضي الله عنهم _ بالضرورة المعلومة.1من الدين"

ــريعة، ــه على أصــول الش ــرى أحكام ــربي القضــاء، أج ــا ولي ابن الع ولم والسنن المرعية، وناهض الجهال، واألغمار، وقضــاة الجــور، ومن صــنائعه المحمودة في هذا الباب: أنه أحــيى ســنة ثابتــة كــاد أن ينــدثر رســمها فيــد األندلس، وهي بعث الحكمين إلى الزوجين المتخاصمين، فلما وقــف عن

ــهنثتفســير قولــه تعــالى: بعثوا حكمــا من أهل قاق بينهمــا ف ٱوإن خفتم شــ ــان عليمــا ه ك لل ــآ إن ه بينهم لل لحا يوفق ــ ــدآ إص ــآ إن يري ــا من أهله ٱوحكم ٱ

قال: 2مثخبيرا " وهي من اآليات األصول في الشريعة، ولم نجد لهــا في بالدنــا أثــرا، بــل

ــذوا، 3ليتهم يرسلون إلى األمينة فال بكتاب الله ائتمــروا، وال باألقيســة احت وقد ندبت إلى ذلك فما أجابني إلى بعث الحكمين عنــد الشــقاق إال قــاض واحد، وال إلى القضاء باليمين مع الشاهد إال قــاض آخــر، فلمــا والني اللــه األمــر أجــريت الســنة كمــا ينبغي، وأرســلت الحكمين، وقمت في مســائل الشــريعة كمــا علمــني اللــه ســبحانه من الحكمــة واألدب ألهــل بلــدنا لمــا

.4غمرهم من الجهالة" ففي هذا الموضع قارن اإلمام ابن العربي بين واقعه وبين الحكم

ن مخالفة قضاة عصره لهذا الشرعي المنصوص عليه في اآلية، وبيالتوجيه القرآني الكريم، ومن ثم ذكر تطبيقه للحكم في عصره.

ـ بدائع التفسير الجامع لتفسير اإلمام ابن القيم الجوزية، يسري السيد محمد،1.5/317 هـ:1414دار ابن الجوزي، الطبعة األولى

.35 ـ النساء:2.5/117 ـ أي: يجعالن على يدي أمين )كما في القرطبي(: 3 ـ أحكام القرآن، أبو بكر بن العربي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار4

.1/537م :2003هـ 1424الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة 37

ذين هم في صالتهم خاشعوننثولما مر بقوله تعالى: أنكر على 1مث� ٱل أهــل زمانــه إخاللهم بالخشــوع في الصــالة، وانشــغالهم بــأحوال غــيرهم، فقال: " صليت المغرب ليلة .. ومعنا الشيخ أبو عبــد اللــه محمــد بن عبــد الرحمن المغربي الزاهد، فلما سلمنا تمارى رجالن كانا عن يمين أبي عبد الله المغربي، وجعــل أحــدهما يقــول لآلخـر: أســأت صــالتك، ونقــرت نقــر الغراب، واآلخر يقول لــه: كــذبت بــل أحســنت وأجملت، فقــال المعــترض ألبي عبد الله الزاهد: ألم يكن إلى جانبك فكيف رأيتــه يصــلي؟ فقــال أبــوــالتي عن النــاس ــي وص ــغوال بنفس ــه، كنت مش ــه: ال علم لي ب عبــد الل

وصالتهم، فخجل الرجل وأعجب الحاضرون بالقول. وصدق شيخنا أبو عبد الله الزاهد، لو كــان لصــالته قــدر، أو لــه بهــا شــغل وإقبال بالكلية لمــا علم من عن يمينــه، أوعن شــماله، فضــال عن معرفتــه

. 2كيفية صالته "ــافقيننثوذكــر أبــو حيــان في البحــر المحيــط عنــد قولــه تعــالى: لمن ٱإن

ــرآءون الى ي ــاموا كســ الة ق لصــ ا إلى ــام ه وهو خادعهم وإذا ق لل ٱيخادعون و� ٱ قليال ه إال لل اس وال يذكرون ٱلن ما يلي: 3 مثٱ

" أي متوانين ال نشاط لهم فيها؛ ألنهم إنما يصلون تســترا وتكلفــا، وينبغيللمؤمن أن يتحرز من هذه الخصلة التي ذم

بها المنافقون، وأن يقبل إلى صالته بنشاط وفراغ قلب وتمهل في فعلهــا وال يتقاعس عنها فعل المنافق الــذي يصــلي على كــره ال عن طيب نفس

.2 ـ المؤمنون: 1.314- 3/313 ـ أحكام القرآن، أبو بكر بن العربي:2.142 ـ النساء: 3

38

ورغبــة، ومــازال في كــل عصــر منــافقون يتســترون باإلســالم ويحضــرون.1الصلوات كالمتفلسفين الموجودين في عصرنا هذا "

روا القولنثوعند قول الله تعالى: ب ــاءهمأفلم يد ــأت آب أم جــاءهم ما لم ياآليات. 2مثاألولين. أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ...

قال ابن القيم: " والناصح لنفسه العامــل على نجاتهـا: يتــدبر هــذه اآليـات حق تدبرها، ويتأملها حــق تأملهــا، وينزلهــا على الواقــع، فــيرى العجب، وال يظنها اختصت بقوم كانوا فبانوا، فالحديث لــك واســمعي يــا جــارة، واللــه

.3المستعان"ــل حــزب بمــانثوعند تفســير قولــه تعــالى: ــرا ك ا أمــرهم بينهم زب عــ و�فتقط

قال ابن القيم: 4 مثلديهم فرحونلها على الواقــع تـبين لـه حقيقـة الحـال، وعلم " فمن تدبر هذه اآليات ونز

.5من أي الحزبين هو، والله المستعان": )نسأل الله حسنها(الخاتمة

إن فهم القرآن وتدبره مواهب من الكريم الوهاب، يعطيها لمن صدق في طلبها وسلك األسباب الموصلة إليها بجد واجتهاد، أما المتكئ على أريكتــه المشتغل بشهوات الدنيا ويريــد فهم القــرآن؛ فهيهــات هيهــات ولــو تمــنى

على الله األماني. أما من أخذ بهذه القواعد وأمثالها؛ فإنه سيجد بإذن الله تعــالى أن معــاني القرآن تتدفق عليه، حتى ربما يمضي عليه وقت طويل ال يســتطيع تجــاوز

هـ:1403 ـ البحر المحيط، أبو حيان األندلسي، دار الفكر، الطبعة الثانية 13/393.

.69 - 68 ـ المؤمنون: 2.2/118 ـ مدارج السالكين، ابن القيم الجوزية: 3.53 ـ المؤمنون:4.3/233 ـ بدائع التفسير الجامع لتفسير اإلمام ابن القيم الجوزية: 5

39

آية واحدة من كــثرة المعــاني الــتي تفتح عليــه، وقــد حصــل هــذا للســلفالصالح من قبلنا واألخبار في هذا كثيرة مشهورة.

ــرآن قال سهل بن عبد الله التستري: " لو أعطي العبد بكل حرف من الق ألف فهم لم يبلغ نهاية ما أودع الله في آية من كتابه ألنه كالم الله وكالمه صفته، وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك ال نهايــة لفهم كالمــه .. وإنمــا يفهم كل بمقدار مــا يفتح اللــه على قلبــه وكالم اللــه غــير مخلــوق وال يبلــغ إلى

1نهاية فهمه فهوم محدثة مخلوقة "

ــاوتون في فهمهم ــاس متف ــإن الن ــذا الكالم، ف ــحة ه ــهد بص ــع يش والواق وإداركهم آليــات القــرآن الكــريم وتنزيلهــا على أمــور حيــاتهم، وقــد ينفتح المرئ فهم لبعض اآليات ويتأثر بها، ويأتي في وقت آخر يقــف أمــام اآليــة نفسها وقد أغلقت دونه، فسبحان الله! إنه كالم الله، ال يشبع منه العلماء،

وال يمله األتقياء، وال يخلق على كثرة الرد. فمن اســتعمل هــذه القواعــد في التــدبر كمن اســتعمل منظــارا لتقــريب ر وتزداد عمقــا وتكبير الصور، فبهذه القواعد تكبر المعاني في نظر المتدب وزخما، ويغزر فهمه لمضامينها فينتبــه إلى معــان وألفــاظ لم يكن يــدركها

من قبل. فتذوق - أخي الكــريم - ألـذ وأطيب مـا في القـرآن الكــريم؛ من المعــانيــوز والكنوز مستعينا بهذه القواعد وغيرها تنعم بنعيم مقيم، وتحوز على كن القرآن التي بها فتحت للسلف الصالح كنــوز األرض وخيراتهــا فكــانوا خــير

أمة أخرجت للناس.النتائج التي توصل إليها الباحث:

بعد هذه السياحة الماتعة توصل الباحث إلى النتائج التالية: ـ البرهان في علوم القرآن، محمد بن عبد الله الزركشي، تحقيق: محمد أبو1

.9الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة )د.ت(: 40

ـ أن التدبر هو النظر في عواقب األمــور والتفكــر فيــه، ومعــاني ألفــاظ1 القــرآن الكــريم تفهم من خالل التــدبر، وهــو وســيلة لزيــادة التقــوى

واإليمان. يستحق أن يكون التدبر علما مستقال بذاته؛ منفصال عن علوم القرآن، ـ 2

بل من العلوم المعاصرة التي تفرد لها المؤلفات والكتابات الخاصة،كما يستحق أن تنشأ له المؤسسات التربوية.

معرفة لغة العرب وأساليبهم البيانية، ـ أن من القواعد األساسية للتدبر 3 ألن القرآن الكريم نزل بلغة العــرب وبلســانهم، وهــو ال يفهم إال بفهمر ــدب ما به نزل، ولن يؤتي التدبر أكله، وتنضج ثمرته، إال إذا اعتنى المت

باللغة التي نزل بها هذا القرآن الكريم.ــه4 ـ أن من قواعد التدبر دراسة سنته وسيرته صلى الله عليه وسلم، ألن

ن لمجملــه، كــان الترجمــان الحقيقي للقــرآن الكــريم، فهــو المــبي والموضح لمشكله، بل كانت حياته كلهــا قــوال وفعال وإقــرارا من حين

مبعثه إلى وفاته بيانا لهذا القرآن.ــنزول5 ــة أســباب ال ــرآن؛ معرف ــدبر الق ــ أن من القواعــد األساســية لت ـ

والمناسبات والوقــائع الــتي نــزلت لمعالجتهــا؛ إذ هي الــتي تعين علىمعرفة وجه الحكمة الباعثة على التشريع.

إنزالــه على واقــع ـ أن من القواعــد المهمــة لتــدبر القــرآن الكــريم هي 6 األمة وقضاياها، ألنه نــزل صــالحا للعمــل بــه وتطبيقــه في كــل زمــان ومكان، فلكل زمان كفاره ومنافقوه، ولكل مكان فراعنته وظــالموه،د بهـا طائفـة من العلمـاء دون عامـة أهــل إال أن هــذه الخصيصـة تفــر

العلم.

41

وأخيرا أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يــرعى هــذا القــرآن حــق رعايتــه، ويتدبره حق تدبره، وأن يهــدينا ألعالمــه الظــاهرة، وأحكامــه البــاهرة، وأن يجمــع لنــا بــه خــيري الــدنيا واآلخــرة، فإنــه أهــل التقــوى وأهــل

المغفرة.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المصادر والمراجع:القرآن الكريم. ـ ـ أحكام القرآن، أبو بكر بن العربي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب2

م.2003هـ 1424العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة ـ أســباب الــنزول، علي بن أحمــد الواحـدي النيســابوري، تحقيــق: كمــال بســيوني3

م.1991هــ1411زغلول، دار الكتب العلمية، الطبعة األولى ـ االعتصام، إبراهيم بن موسى الشاطبي، تحقيق: محمد رشيد رضا، المكتبة4

التجارية الكبرى )د.ت(. ـ اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، أحمد بن عبد الحليم بن5

تيمية، تحقيق: ناصر بن عبد الكريم العقل، مكتبة الرشد، الرياض، )د.ت(. هـ.1403 ـ البحر المحيط، أبو حيان األندلسي، دار الفكر، الطبعة الثانية 6 ـ بدائع التفسير الجامع لتفسير اإلمام ابن القيم الجوزية، يسري السيد محمد، دار7

هـ.1414ابن الجوزي، الطبعة األولى ـ البرهان في علوم القرآن، محمد بن عبد الله الزركشي، تحقيق: محمد أبو8

الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة )د.ت(. ـ تاج العروس من جواهر القاموس، محمد مرتضى الزبيدي، تحقيق: عبــد الكــريم9

م.1972هـ 1393العزباوي، مطبعة حكومة الكويت،

42

م، بيروت.1985 ـ التعريفات، علي بن محمد الشريف الجرجاني، طبعة 10 ـ تفسير ابن عطية المحــرر الوجـيز في تفسـير الكتــاب العزيــز، عبــد الحــق بن11

عطية األندلسي، دار ابن حزم )د. ت(.م.1984 ـ تفسير التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية، 12 ـــ تفســير الخــازن المســمى لبــاب التأويــل في معــاني التنزيــل، علي بن محمــد13

م.1979 هـ 1399البغدادي الصوفي، دار الفكر، بيروت ـ تفسير الطبري جامع البيـان عن تأويـل آي القـرآن، محمـد بن جريـر الطـبري،14

تحقيق: عبد الله التركي، دار هجر )د.ت(. ـ تيسير التحرير، محمد أمين المعروف بأمير بادشاه، طبعة مصطفى البابي15

هـ.1350الحلبي بمصر ـ الجامع ألحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي القرآن، محمد بن16

احمد القرطبي، تحقيق: عبد الله التركي وغيره، مؤسسة الرسالة ببيروت،م. 2006هـ 1427الطبعة األولى

ـ درء تعارض العقل والنقل، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: محمد رشاد17م.1991هـ 1411سالم، جامعة اإلمام محمد بن سعود، الطبعة الثانية،

ـ الذيل على طبقات الحنابلة، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، تحقيق: عبد18 الرحمن بن سليمان العثيمين، مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة األولى

م.2005هـ،1425ــابن القيم19 ــاد، محمــد بن أبي بكــر المشــهور ب ــ زاد المعــاد في هــدي خــير العب ـ

الجوزيــة، تحقيــق: شــعيب وعبــد القــادر األرنــؤوط، مؤسســة الرســالة بــيروت،م.1998هـ 1418الطبعة الثالثة

ـ طبقات الشافعية الكبرى، عبد الوهاب بن علي الســبكي، تحقيــق: عبــد الفتــاح20الحلو وغيره، دار إحياء الكتب العربية )د.ت(.

ـ الفائق في غريب الحديث، محمــود بن عمــر الزمخشــري، تحقيــق: محمــد أبــو21الفضل ابراهيم وغيره، الطبعة الثانية، عيسى البابي الحلبي )د.ت(.

ـ الفروق اللغوية، أبو هالل العسكري، تحقيــق: محمــد ابــراهيم ســليم، دار العلم22والثقافة، القاهرة )د. ت(.

ـ قواعد التدبر األمثل لكتاب الله عزوجل، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني،23م.2009هـ 1430دار القلم، دمشق، الطبعة الرابعة

ـــ الكشــاف عن حقــائق غــوامض التنزيــل وعيــون األقاويــل في وجــوه التأويــل،24 محمود بن عمر الزمخشــري، تحقيــق: أحمــد عــادل وغــيره، مكتبــة العبيكــان،

م.1998هـ 1418الطبعة األولى ـ لسان العرب، محمد بن مكرم المشهور بابن منظور، دار صادر بيروت )د.ت(.25 ـ مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد بن تيمية، جمع عبد الرحمن بن قاسم، طبع26

م.2004هـ 1425مجمع الملك فهد، ـ المحكم والمحيط األعظم، علي بن إسماعيل بن سيده، تحقيق: عبد الستار27

هـ1377أحمد فراج وغيره، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، م.1958

43

ـ مختصر منهاج القاصدين، أحمــد بن عبــد الــرحمن المقدســي، تحقيــق: شــعيب28م.1398وعبد القادر األرناؤوط، مكتبة دار البيان،

ـ مدارج السالكين، ابن القيم الجوزية، تحقيق: رضوان جامع رضوان، المكتب29الثقافي، القاهرة )د.ت(.

ـ المراحل الثمان لطــالب فهم القــرآن، عصــام بن صــالح العويــد، مركــز التــدبر30م.2009هـ1430لالستشارات التربية والتعليمية، الرياض، الطبعة األولى

ـ معاني القرآن وإعرابه، إبراهيم بن السري الزجــاج، تحقيــق: عبــدالجليل عبــده31م.1988هـ 1408الشلبي، عالم الكتب، الطبعة األولى

ـ معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس، تحقيق: عبد السالم هارون، طبعة دار32الفكر )د.ت(.

ـ مفتاح دار السعادة، ابن القيم الجوزية، تحقيق: سيد إبراهيم وغيره، دار زمزم33)د.ت(.

ـ مقدمة في أصول التفسير، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: عدنان34م.1972هـ 1392زرزور، الطبعة الثانية،

ـ منهج الفرقان فى علوم القرآن، محمد علي سالمة، مطبعة شبرا، القاهرة،35م.1938

الشبكة العنكبوتية:http://www.almoslim.net/node/139579 ـ موقع المسلم: 36

المحتوىالمسلسل

رقمالموضوعالصفحة

2مقدمة15تمهيد25 ـ تعريف المفردات37 ـ شروط التدبر410 ـ عوائق التدبر511 ـ ثمرات التدبر613 ـ التقسيم األنسب للتدبر714قواعد في تدبر القرآن الكريم814 المبحث األول: معرفة لغة العرب وأساليبهم9

44

البيانية المبحث الثاني: دراسة سنته وسيرته صلى10

الله عليه وسلم21

المبحث الثالث: معرفة أسباب النزول11والمناسبات والوقائع

27

المبحث الرابع: إنزال القرآن على واقع األمة12وقضاياها

33

38الخاتمة1339 نتائج البحث1441المصادر والمراجع1543المحتوى16

45