˘ تˆ اور 0 را ˘ا & ا #, ح2$! · ة ﺔﻣﺪﻘﻣ أ ﺔــــــﻣ...

الجمھورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة وھران كلية ا*داب، اللغات والفنون

قسم اللغة العربية وآدابھا

بنية اللغة الحوارية في روايات محمد مف2ح

�� دة ا��آ� را �� أ��و��

�� :��

أعضاء لجنة المناقشة:

رئيسا ن راجامعة وھ محمد بشير بويجرة. أ د

مشرفا ومقررا ن معة وھراجا لحليمبن عيسى عبد ا. أ د

مناقشا ان عة وھرجام ر اسطنبول ناص. أ د

مناقشا عة مستغانم جام عقاق قادة . أ د

مناقشا معة مستغانم جا سعيدي محمد . د

مناقشا المركز الجامعي غليزان بن عبد * مف)ح.د

:إشراف : إ�اد ا��

عبد الحليم بن عيسى. دأ زاوي أحمد

2014/2015السنة الجامعية

KADA

Tampon

الذين وقفوا إلى أتقدم بالشكر الجزيل لكل األساتذة

كما أشكر ،وزودوني بالمادة العلميةجنبي

عبد الحليم بن عيسى أستاذي المشرف

وأعانني الذي وقف إلى جنبي

وبالكلمة بعلمه

الطيبة

ة مقدمة

أ

ةــــــممقد

امللحمةو القصة القصرية، ؛رد كافةالفن السردي األهم ضمن فنون الس "الرواية"تعد

حتتل الصدارة من حيث اإلقبال عليها بالدرس و هاتنماز عنفهي ،اخلرافة وغريهاو املسرحية، و

يت تنفرد ا، وخصوصيتها ال ،والقراءة على السواء، فعلة ذلك قد تعود إىل معماريتها الفنية املتميزة

.نسان ومعاجلة مشاكله االجتماعيةباإلضافة إىل أا أقدر على تصوير مهوم اإل

مثل ؛هناك تقنيات فنية كثرية مشرتكة بينها وبني القصة القصريةلكن رغم ذلك تبقى و

وتعد اللغة أهم عنصر تشرتك . الزمان الداخلي واخلارجي، والشخصيات واملكان واحلدث وغريها

ا الوعاء الذي ينقل األفكار، ووسيلة التعبري اليت متكن الفرد الفنون األدبية مجيعها؛ أل فيه هذه

.آلخرينإىل ا سرد األحداث ونقلهامن

كثرية من ناحية النص السردي صعوبات مجة وإشكاالتوضمن هذه البنية اللغوية يطرح

نية للرواية من زمان مركب وأمكنة متعددة د البنيات الفة التأويل؛ وذلك لتعد جهالقراءة ومن

تعقدباإلضافة إىل متعددة، ويةلغبنيات وأحداث متشابكة وشخصيات كثرية ذوات رموز خمتلفة و

. وتنوعها ال الكالمشكأ

فيها األفكار املتناقضة والفلسفات املتعددة السردي الروائي ساحة كبرية تلتقيل النص وميث

مبواقفها املتضاربة د الشخصياتلتعد و عنها من جهة،املعرب حداثلتعقد األ ظراراء الكثرية نواآل

وال ميكـن الدارس من ،، وكل ذلك يزيد يف تعتيم رؤية الباحث والقارئ على السواءمن جهة أخرى

وتراكيب الزمان الوصف احلقيقي لبنيات اخلطاب الروائي، خصوصا عندما يتضافر السرد والوصف

وتتعدد أفعال الشخصيات داخل اإلطار الداليل لشبكة العالقات السردية اليت تعرب ج املكان،وتدر

اليت يسعى فيها املؤلف عيةثقافية خصوصا يف الروايات الواق -يف جمملها عن العالقات السوسيو

مثل روايات حممد مفالح اليت حنن بصدد دراستها ووصف ا،وتصرفا األشخاص نقل طبائعإىل

.نية لغتها احلواريةب

ة مقدمة

ب

؛ منها "بنية اللغة الحوارية عند محمد مفالح"موضوعية جعلتنا خنتار موضوع ومثة أسباب ذاتية و

رغبتنا يف اإلسهام يف التحليل الروائي، والكشف عن حوارية هذا الفن األديب، ومعاينة أهم

.رواياته خمتلف العناصر اليت تسهم يف تشكيل لغة احلوار يف

الدراسات األكادميية ضمنمل حتظ بالدراسة الدقيقة والكافية روايات حممد مفالح ن مث إ

؛ وما كان منها مل خيرج عن بنية النص السردي آلياتهو الحوار السردي بنيةمة يف جمال املقد

نذكر الدراسات األكادميية اليت تناولت روايات حممد مفالح ومن أهم. ووصف فنياته املختلفة

:منها

: روايات حول أمسهان حيدر ةباحثمذكرة ماجستري أعدا ال ، وهي"بنية النص السردي"-

وقد ركزت هذه الدراسة عموما على بنية اخلطاب ، مهوم الزمن الفالقي، االيار، بيت احلمراء

الروائي مثل الشخصيات والزمان واملكان وغريها وبينت دور كل بنية ضمن النص السردي

.البنيات األخرى وعالقتها مبختلف

" عائلة من فخار"ية يف عامل حممد مفالح الروائي العناصر املكانية والتأثيثات املشهد"-

وركز الباحث على بنية املكان ؛موالي الكبري أمحد باحثمذكرة ماجستري لل ؛أمنوذجا" انكسار"و

احلدث ضمن النص السردي، وعالقته مبختلف العناصر األخرى مثل الشخصيات والزمان و

.فيه ووظيفته السرديةوركز على اجلانب الفين . وغريها

؛"أمنوذجا" عائلة من فخار"شعرية النص السردي يف التجربة الروائية حملمد مفالح "-

واهتمت الباحثة جبانب الشعرية حماولة إجياد معاملها ضمن ؛ ة كرمية بودايلباحثمذكرة ماجستري لل

جلمالية والفنية سواء ما تعلق باللغة أو بعناصر الرواية وبنياا النص الروائي وقدمت أهم أسسها ا

. املختلفة

ة مقدمة

ج

؛ أطروحة دكتوراه بنية اخلطاب الروائي عند حممد مفالح، عائلة من فخار منوذجا"-

واهتم الباحث مبختلف البنيات السردية لرواية عائلة من فخار مثل الزمان ؛ سعيد خليفي باحثلل

.حلدث واحلوار وغريهاواملكان والشخصيات وا

حممد مفالح رواياتاألدب اجلزائري و من أهم الدراسات النقدية القيمة اليت اهتمت ب

وقد ،لـبشري بوجيرة حممد )الجزء الثاني" (بنية الزمن في الخطاب الروائي الجزائري"كتاب

بنيات اجلزائري وأمهيته يف خمتلف ال ووظائفه يف بنية السرد الروائيمبينا أنواعه اهتم الباحث بالزمن

.ذلك السردية مثل املكان واحلدث وغري

وقد .ئيةلعبد احلفيظ بن جلويل، قراءة يف جتربة حممد مفالح الروا "الهامش والصدى"كتاب و

بيت احلمراء و مهوم الزمن الفالقي وااليار وغريها كثري؛ واهتم مببحث : درس بعض رواياته مثل

: لـ ) مهوم الزمن الفالقي ( يف " زمن في زمنين" كتاب و .ليت طبعت هذه الرواياتالواقعية ا

واهتم هذا الدارس بالزمن الروائي يف روايات حممد مفالح وعالقته مبختلف .شايف عكاشة

.العناصر الفنية األخرى ووظيفته يف اخلطاب السردي

وتسليط األضواء على ،يف بنية اللغة الروائيةمن هذه الدراسة املتواضعة البحث حنن ونتوسل

وأنواعه وأشكاله املختلفة، وعالقته املتينة بالشخصيات وخمتلف العناصر السردية السردي احلوار

يف تنمية فها حممد مفالح احلركات اجلسدية املختلفة اليت وظ أثر األخرى، كما نريد الكشف عن

.الشخصيات أشكال السرد بني خمتلف

وحتقيقا هلذه الغايات متحورت إشكالية البحث حول بنية اللغة احلوارية يف روايات حممد

هي ماأين تكمن حوراية اخلطاب الروائي لدى حممد مفالح؟ و : مفالح، وقد صغناها كما يلي

يف بنية لغة احلوار عند حممد مفالح؟ وما هي أنواع احلوار تسهمأالعناصر اللغوية املختلفة اليت

؟ سمية املختلفة يف احلوار الروائيهي وظائف احلركات اجل فها يف رواياته؟ ومايت وظ ال

ة مقدمة

د

؛ وأربعة فصولث على مدخل حوقد اقتضت طبيعة هذه اإلشكالية تقسيم هيكل هذا الب

ا من خالل آراء ممفهوم البنية والبناء عند العرب والغربيني، وذكرنا خصائصه المدخل تناولنا يف

سوسري، دي وعلى رأسهم فرديناند ،علماء اللغة مهانطالقا مما قد "البنية"مث وصفنا . علماءال

لقاهر عبد اعند وعرضنا بعض آراء العلماء العرب حول تعريفها خصوصا ،وجون بياجيه وغريمها

القدامى مشاهري اللغويني اعتمادا على ما ذكرها إىل حتديد مفهوم اللغة نمث انتقل. اجلرجاين وغريه

.وغريهم ودي سوسري وتشومسكي وابن خلدون، مثل ابن جين واحملدثني؛

فناه لغة واصطالحا انطالقا مما أورده علماء ر فع ،"احلوار"وقد خصصنا مبحثا لـ

آراء أهم الدارسني وقد استأنسنا كثريا ب حبسب كل مرجعية معتمدة، عتواليت اختلفت وتنو ؛السرد

فمنه احلوار مث ذكرنا أنواعه؛ .وغريمها الرمحان وعبد السالم عشري طه عبدمنهم ال هذا ايف

الفلسفي واحلوار الديين واحلوار القرآين، واحلوار السردي، واحلوار اللغوي، وحوار املفاوضات

.السياسية وغري ذلك

عرضنا أهم تعريفاا معتمدين ف، "احلوارية"للبحث يف مفهوم الفصل األول صنا وقد خص

من تعريف بعض الدارسني أيضا فدناأ دق، و باختني على مؤسسها يف الفكر احلديث ميخائيل

هلا صلة وثيقة مببحث احلوارية مسائلعدة ناأوردقد و ،........و ومنهم تزفتان تودروف احملدثني

. التهجني واألسلبة وغري ذلكد اللغات من خالل حوار األفكار وحوار اخلطابات، وتعد : وهي

وقد ركزنا على بنية اخلطاب احلواري من خالل مفهوم اخلطاب وأنواعه، واجلملة احلوارية، وذكرنا

الفكر وحتدثنا أخريا عن احلوارية يف ا،أمهية الشكالنيني الروس يف تطوير مبحث احلوارية وتفعيله

.اللساين واألسلويب احلديث

بتحديد مفهوم السرد، هاه لدراسة بنية احلوار السردي؛ فبدأناصنفخص الفصل الثانيأما

نا كيف يتمظهر احلوار بكل أشكاله داخل امللفوظ السردي، فذكرنا خصائص احلوارمث بي

، مث ذكرنا بعض االشرتاطات املنطقية اليت ذكرها بعض الدارسني مثل طه عبد الرمحان السردي

ة مقدمة

ه

نا دف إىل بأدلة حوارية من روايات حممد مفالح؛ ألن وأثرينا البحث . وحممد نظيف وغريمها

.ائي لكشف بنية لغة احلوار السردياخلطاب الرو علىالتطبيق املباشر

ال ختتلف كثريا اليت باعتبارها من أهم املصطلحات " احملادثة"ثنا بعد ذلك على مفهوم وحتد

ا الدارسون سواء من الفالسفة أو من فذكرنا أهم قواعدها اليت ذكره ؛"احلوار" مصطلح عن

؛ وكل هذه املبادئ تدخل ضمن احلوار اليومي، نا على مبدأ التعاون وأهم قواعدهاللغويني، وركز

.احلوار الروائي أو يف عاديال واراحملادثة سواء يف احل وهي بنية أولية البد منها إلقامة

،فوها إىل أمناط كالميةصن وكيف ؛اللسانيونالسالسل الكالمية اليت جاء ا إىل أشرناو

: تنظيم تلك األزواج املتجاورة، وعرجنا على أهم الوظائف اللغوية وهي عنبعد ذلك كما حتدثنا

.وغريها وظيفة إقامة االتصالو ندائية، الوظيفة ، والتعبرييةالوظيفة ال

اسة بتحديد مفهوم فبدأنا الدر ،احلوار وعالقته بالفضاء السرديالفصل الثالث وتناولنا يف

الكالم بني وتولد يف تشكل احلوار السرديوتعدده ج ، وبينا أمهية املكان املتدر "املكان"

.الشخصيات الروائية

نا معطيات الزمن السردي مقد بعد ذلك بنية الزمان وأمهيته يف احلوار اخلارجي، كما تناولنا و

.وبينا أثرها يف بنية الزمن الروائي ،طعاالسرتاحة والقثل املشهد االسرتجاعي واخلالصة و م

فذكرنا أهم أنواعه مركزين على ؛بنية الزمن بالنسبة للحوار الداخلي إىل نا بعد ذلكطرقوت

.بينا وظائفها يف البناء السرديو املونولوج واملناجاة واالرجتاع الفين،

ية، مث هذا الفصل للحديث عن مفهوم الشخصية السردمن وخصصنا املبحث األخري

مها الشخصية املركبة أو احملورية والشخصية البسيطة ؛نا أنواعها وبنيتها مركزين على منطني اثننيمقد

العالقات السردية أثناء ثنا بعد ذلك عنوحتد .أو املسطحة حسب آراء الدراسني واملنظرين

الشخصيات مع التواصل من خالل السرد الروائي، فتناولنا حوار السارد مع الشخصيات وحوار

ة مقدمة

و

بعضها داخل امللفوظ السردي الروائي، وكان هدفنا من هذا الفصل هو البحث يف بنية اللغة

.احلوارية يف ظل املعطيات السردية اليت ذكرناها سابقا

؛عناصر جمموعة منإىل هفخصصناه للحوار اللفظي وغري اللفظي، وقسمنا أما الفصل الرابع

يف تشكيل لغة احلوار غري حلوار غري اللفظي، مث بينا أمهية الصمت مفهوم ا انطلقنا فيها من

مركزين البحث علىوحتدثنا عن احلوار السردي من خالل حركات اجلسم املختلفة ، امللفوظ

شخصيات السردية يف العمل تعبريات الوجه وحركات العينني باعتبارمها لغة غري منطوقة متارسها ال

وهي حركة جسمية مهمة يف احلوار املنطوق وتبديها الشخصية ؛"حركة هز الرأس"، والروائي

حتريك األيدي والسبابة مث تناولنا احلركات اجلسمية األخرى مثل . املتحاورة لتعرب عن موقف ما

.وغريها

مثل وظيفة التكرار ووظيفة التضاد ووظيفة ؛الوظائف املختلفة للحوار غري امللفوظمث أوردنا

نا أمهيتها يف بناء اللغة احلوارية يف عزيز وأخريا وظيفة التنظيم، وشرحنا هذه الوظائف وبي التدعيم والت

.روايات حممد مفالح

و كان الفصل األخري هذا زبدة حبثنا؛ ألننا عرضنا فيه أمهية احلوار ودوره يف تشكيل لغة

كانت قليلة يف جمملها، رغم اخلطاب الروائي؛ أما احلوار امللفوظ فقد حظي ببعض الدراسات وإن

أن حتليل اخلطاب والتداوليات احلديثة ونظريات االتصال قد اشتغلت على اخلطاب املنطوق وغري

املنطوق، لكن املؤلفات يف هذا الباب تبقى ضحلة يف املكتبات العربية وال تويف حاجة الباحثني،

.ا اجلوانب التطبيقية فقليلة جداوما كان منها ظل يركز على اجلوانب النظرية املستهلكة، أم

القائم على إيراد كل املسائل املتعلقة ذا املوضوع، وصفيالنهج املوقد اعتمدنا يف دراستنا على

وقد أفدنا يف دراساتنا من . انطالقا من روايات حممد مفالح التمثيلو والشرح التحليلمث معاينتها ب

.الدراسات السردية والدراسات التداولية

ة مقدمة

ز

عربية الاحلديثة واملعاصرة من الكتبو ،كانت مرجعيتنا العلمية مستمدة من كتب الرتاث العريب

ووظائفه املتعددة، السردي بأسلوب احلوار اليت تمراجع املصادر و قد أفدنا كثريا من املو ،جنبيةاألو

: لـ ) التداول اللسايناالستلزام احلواري يف: (منهاو ؛عىن بتحليل لغته وكشف مجالياتهكما أا ت

عندما (، وكتاب عبد العزيز حممد حسن: لـ )علم اللغة االجتماعي(أدراوي العياشي ، وكتاب

.م عشري ومؤلف احلوار القصصي لفاتح عبد السالم وغريها كثريلعبد السال ) نتواصل نغري

نها قلة املراجع وال خنفي بعض الصعوبات اليت واجهتنا وحنن ننجز هذا البحث، ونذكر م

ا مبشكلة تعدد كما أننا اصطدمن ،املتخصصة يف حتليل احلوار بنوعيه ملفوظ وغري ملفوظ

.املصطلحات العربية

ونأمل يف األخري أن نكون قد أسهمنا ولو بالنزر القليل يف الكشف عن بنية احلوار

املهتم ئميسرة تفيد القار السردي بنوعيه ملفوظ وغري ملفوظ، وأن تكون دراستنا هذه مادة

.بتحليل اخلطاب الروائي

دـزاوي أحم

1435وهران في الثاني عشر من شعبان

2014الموافق لـلعاشر جوان

مدخل مفاهيم عامة في البنية واللغة والحوار

1

:مدخل

:مفاهيم عامة في البنية واللغة والحوار

مفهوم البنية وخصائصها -1

مفهوم اللغة -2

مفهوم الحوار -3

:لغة -1

:اصطالحا -2

الحوار في القرآن الكريم -4


2

:ية ـــوم البنـمفهـ 1

مفهوم واسع يرتبط مبختلف العلوم واحلقول املعرفية، ومن الصعوبة مبكان حتديدها "البنية"

بنا : يف اللغة العربية هلا فعالن "البنية"و .ألا ترتبط مبفاهيم أدبية وعلمية شىت ؛ا دقيقاحتديد

: الفعل بىن بالقصر، ومن اشتقاقاتهو ،باملد؛ وهذا الفعل أقل استعماال، ومنه يشتق بنوة

.1البنيان، والبناية، والبناء، واالبتناء، والباين والبىن

ا تعين االستعمال، ال يكاد يقر معناها على مدلول واحد؛ ألمصطلح متعدد "البنية"و

بنية الرواية، وبنية اخلطاب، وبنية النص على مستوى األدب، ونقول بنية : أشياء كثرية فنقول مثال

ا وقد كان علماء اجلرب واهلندسة يتداولون هذ. املادة وبنية اجلسم على مستوى العلوم الدقيقة

كانت ف. 2ون عن هذا املدلول مبفهوم النسق، وكانوا يعرب تاسع عشرقرن الاملصطلح منذ اية ال

مث استعاره بعد ذلك علماء اللغة، ومنهم فردينان دي ،مصطلحا رياضيا يف بداية أمرها "البنية"

.والشكالنيون الروس وغريهم Ferdinand de Saussure سوسري

،اتالرياضيعلماء باكي وهم مجاعة منوكان أول تعريف ملصطلح البنية جاء عند مجاعة بور

وتتصف ؛وظلت تستخدم مصطلحات كثرية تنتمي إىل مفهوم البنية مثل الرتكيب والبناء وغريمها

:البنية عموما باخلصائص اآلتية

ليست عناصر متفرقة، وال هي كل ال يءموعة اليت تتكون منها بنية أي شفا: البناء -

وقد ،عناصر مبنية بناء منتظما، تقوم بني عناصرها عالقات خمتلفة يتجزأ وال يتفرع؛ وإمنا هي

.فهي خاضعة ملبدأ التحول، وليست شيئا جامدا ؛يتولد بعضها من بعض

.البنية قائمة على ترتيب عناصرها وتتناىف مع التشويش خصوصا البنية الرياضية: الترتيب ـ

، إعداد وتصنيف يوسف ) بىن( ، مادةلسان العرب ،رم بن علي األنصاريأبو الفضل مجال الدين حممد بن مك ابن منظور 1 .ت -، لبنان، د، بريوتدون ذكر الطبعة ،، دار لسان العربخياط

: ، ص1998، املغرب 1الدار البيضاء، ط العريب، يف، اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي، املركز الثقاطه عبد الرمحان 2175.


3

الرياضية، ويقوم على تصنيف وهو أيضا صفة من صفات البنية: التصنيف التشابهي ـ

.العناصر وفق الشبه

وكانت مجاعة بورباكي الرياضية تصر على تنوع البنية الواحدة إىل بنيات : التنوع البنيوي ـ

.1خمتلفة تتناسل عن البنية األم مثل البنية اجلربية والبنية الرتتيبية وغريمها

ويف هذه احلالة بالذات ،2ابلة للتحولويزعم جان بياجيه من جهة أخرى، أن البنية مادة ق

امتداد جلملة من املفاهيم " <<عموما بأا "البنية"وتعرف .قد تنتفي عنها صفيت الثبات والرتتيب

املوزعة على حقول معرفية خمتلفة لعل أمهها مفهوم اموعة يف الرياضيات؛ حيث يراها جون

.3>> "أقدم بنية عرفت و درست" Jean Piagetبياجي

سوسري أما اللسانيون احملدثون والنقاد البنيويون؛ فقد استفادوا من فردينان دي

Ferdinand de Saussure دروس يف (ن خالل حماضراته ا قدمه حول هذا املصطلح ممم

: كذا البناءو structure:حيث أشار فيها إىل مصطلحي البنية) اللسانيات العامة

construction من ينفي عن دي سوسري -سني من الدار -، و هناك Ferdinand de

Saussure حيث يرى جون بياجي ؛"البنية"مصطلح استعمالJean Piaget ومن دار يف فلكه

عنها مبصطلح النسق أو النظام، وأن من جاء بعده من اللغويني هم الذين أطلقوا مصطلح أنه عرب

. 4البنية

ل معاجلتهم للمسائل اللغوية الصوتية والصرفية العلماء العرب ا من خال وظهر اهتمام

اهتدائهم إىل مفهوم بنية الكالم، وقد عربوا عنه مبصطلحات خمتلفة يف <<والنحوية، من خالل

. 179... 175: طه عبد الرمحان،اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي، ص ينظر 1 08، ص1980باريس ، بريوت 2، طوبري، منشورات عويداتعارف منيمنة وبشري أ: ، البنيوية، ترجان بياجيه 2

3 JEAN PIaget:le structuralisme ,6 éme ed,P.U.F ,Paris ,1974,p :17. 4 JEAN PIaget:le structuralisme ,6 éme ed,P.U.F ,Paris ,1974,p : 5.


4

النظم والتأليف والرتكيب، والرتتيب والتعليق، والبناء وكلها تشري : دواهلا، متفقة يف مدلوهلا، وأمهها

>>إىل إنشاء الكالم1.

تقرتب كثريا من وهي لحظ أن هناك بعض املصطلحات استخدمها العلماء العرب ون

مصطلح البنية احلديث وتؤدي معناه، وتفيد يف غالبها معىن البناء، ومنها التماسك واالبتناء

.وغريها

وجند أبا هالل العسكري من العلماء العرب الذين تناولوا بعض املفردات اليت تقرتب من

أجناس الكالم << :ة، حيث استعمل مصطلحي التأليف والرتكيب، ويظهر هذا يف قولهمفهوم البني

>>السائل، واخلطب، والشعر، ومجيعها حتتاج إىل حسن التأليف وجودة الرتكيب: املنظوم ثالث؛ 2

.فالتأليف والرتكيب من خصائص البنية لكنه مل يشر إليه إال ضمنيا

الرتتيب والتعليق والبناء، حيث يقول : لحات منهاأما عبد القاهر اجلرجاين فاستخدم مصط

وأما نظم الكالم فليس األمر فيه كذلك؛ ألنك تقتفي نظمها آثار املعاين <<يف مسألة الرتتيب

وترتيبها على حسب ترتيب املعاين يف النفس، فهو نظم يعترب فيه حال املنظوم بعضه مع

>>بعض املفهوم العام للبنية منذ القدمي، ولو عربوا عنه وهذا يدل على اهتداء العلماء العرب إىل .3

.امنه مثل مصطلح النظم وغريه وهو يقرتب يف معناهمبصطلحات أخرى

. 17: ، ص2009جامعة وهران، 5، العدد اخلامس، ط ، جملة اللغة واالتصالحممد كراكيب، البىن اللغوية 1، 1981، بريوت لبنان 1ط ،مفيد قميحة، دار الكتب العلمية: ، حتقيق الكتابة والشعر: ، الصناعتنيالل العسكريأبو ه 2

. 179: ص 1980، مصر، كتبة القاهرة، محممد عبد املنعم خفاجي: ، تعليق وشرح، دالئل اإلعجازعبد القاهر اجلرجاين 3

. 98: ص


5

واعلم أنك إذا رجعت إىل نفسك، علمت علما ال << يف موضع آخراجلرجاين ويقول

على بعض أن ال نظم يف الكلم، وال ترتيب حىت يعلق بعضها ببعض، ويبىن بعضها يعرتضه الشك<<

1 .

اجلرجاين قد اقرتب من مفهوم البنية احلديث، خصوصا إذا اعتربنا عبد القاهر والشك أن

.البناء والبنية مصطلحني مرتادفني

ويعرفها بعض علماء اللغة العرب احملدثني انطالقا من مفهوم النظام، حيث يقول ميشال

املتسق الذي تتحدد كل أجزائه مبقتضى البنية هي ذلك النظام <<زكريا مستفيدا من غريه إن

اليت رابطة متاسك وتوقف، جتعل من اللغة جمموعة منتظمة من الوحدات أو العالقات املنطوقة

>>تتفاضل، وحيدد بعضها بعضا على سبيل التبادل2.

ويظهر من هذا التعريف أن البنية نظام من الوحدات والعالقات املنطوقة املتبادلة، وأا

.من العالقات تربط العناصر ببعضها لتكون كال متسقا، منسجما متكامال جمموعة

ويبدو أن دراسة العالقات بني العناصر اللغوية تؤدي إىل فهم البنية اللغوية والبنيوية كمنهج

قبل كل شيء عند العالقات والصالت اليت جتعل العناصر ممتلكة لقيمة أو ... تقف << لغوي

اا، بل من موقعها كعناصر مرتابطة، ومتعلق بعضها ببعض ضمن كلية ماملعىن ال ينبعان من ذ<<

3.

وهذا يدل على أن املعىن يستخرج من جمموع العالقات اليت تربط عناصر الكل، وال جيوز

فلو ،حذف بعض هذه العناصر أو جتاهل العالقات اليت تربطها؛ ألن املعىن متواجد يف صلبها معا

.ا تتشكل من جمموعة من الكلمات، تؤدي املعىن جمتمعة يف سياق معنيجنده نظرنا إىل مجلة

. 102: عجاز، ص عبد القاهر اجلرجاين، دالئل اإل نظري 1 8: ت، ص -، دار مصر للطباعة ،القاهرة، د لة البنية أو أضواء على البنيوية، مشكزكريا إبراهيم، مشكالت فلسفية 2، البىن اللغوية ودالالا يف اخلطاب االشهاري، جملة اللغة واالتصال، ط عن حممد كراكيبة والتاريخ، ، البنيويأضولفو باسكيز 3 .16: ، العدد اخلامس، ص2009عة وهران جام5


6

وتدل البنية على النسق والذي يتحدد العنصر ضمنه بوضعيات واختالفات؛ فتغدو منظومة

حبيث تعني هذه من عالقات وقواعد تركيب ومبادلة تربط بني خمتلف حدود اموعة الواحدة

.1ر من العناصرالعالقات وهذه القواعد معىن كل عنص

:عناصر ةخصائص البنية يف ثالث Jean Piaget وقد حصر جون بياجيه

للعناصر اليت ينظمها النسق، حبيث ال جيوز وحتيل على التماسك الداخلي :الكلية - أ

.ألا كل متشابك يؤدي معىن ما ؛فصلها

هي دائمة البنية نظام من التحوالت، ال يعرف الثبات، ف وتفيد أن :التحوالت - ب

.لتحول والتغري، وليست شكال جامداا

ينطلق من داخل البنية ،وحفظها حفظا ذاتيا و يتكفل بوقاية البنية :الضبط الذاتي-ج

.2بل هو ضرورة ملحة لبقائها ؛ذاا ال من خارج حدودها، والضبط مهم يف البنية

م البنية، وأن عناصرها ويتضح جليا وفق هذا التصور الشكلي البنيوي، أن اللغة ختضع ملفهو

غري تتتطلب احلضور يف الفقرة أو اجلملة حىت يكتمل املعىن، وإذا حذف عنصر من عناصرها أو

. وهذا ما أكده علماء اللغة العرب وغريهم. مكانه، فال تظهر قيمته؛ ألنه ال يؤدي معناه

يصف لعبة ميثل نظام اللغة بلعبة الشطرنج، ويقارب بينهما فكان وقد كان دي سوسري

. 3>>حتقيقا اصطناعيا ملا تقدمه لنا اللغة بشكل طبيعي <<الشطرنج أا تؤدي

.17 :ص،1985دار الطليعة، بريوت، 3ط جورج طرابيشي،: ، فلسفة موت اإلنسان، تر، البنيويةروجيه غارودي 12 jean Piaget : LE STRUCTURALISME,P, 08 - 16 . 3 F.DE SAUSSURE : COURS DE LINGUISTIQUE GENERALE , PRESENTE PAR DALILA MORSLY, 2ED .ENAG, ALGER 1994 P: 141.


7

ن؛ ألن قطعة الشطرنج ال قيمة هلا يف ذاا منعزلة االلغة ونظام لعبة الشطرنج متشافنظام

تؤدي ألا ؛ال قيمة هلا يف ذاافيف النظام اللغوي، إال يتحدد معىن الكلمة ال عن الرقعة، كذلك

.معىن مبهما، ال قيمة له إال يف مجلة أو فقرة

ال شك أن اللغة هي الوسيلة االجتماعية اليت جتمع األفراد، ومتكنهم :مفهوم اللغة - 2

من االتصال؛ ألن مصاحلهم مشرتكة، وال ميكن تصور حياة اجتماعية إنسانية بدوا، ومهما

األفراد واجلماعات ظل الرابط بنيا تتعددت اللغات واللهجات فإ.

وهي ...الولوع بالشيء ) : اللهج (و ربية، فتعين اللغة الصوت مطلقا،أما يف املعاجم الع

ت ل ا قـ إذ <<الشريفالنبوي يف احلديث وقد جاء ،1تكلمت امشتقة املعىن من اللغو، لغوت إذ>>ت و غ ل د ق فـ ب ط خ ي ام اإلم و ت ص ن أ ة ع م الج م و يـ ك ب اح ص ل

2.

فقد حددها ابن جين وقد اهتم اللغويون العرب بتحديد اللغة منذ عهود مبكرة،

ويتبني من هذا القول أن ابن جين حصر .3>> ر ا كل قوم عن أغراضهمـ عبأصوات ي <<بأا

اللغة يف األصوات اليت يعرب كل قوم عما حيتاجون إليه يف حيام االجتماعية، لكن اللغة تتعدى

ال األصوات إىل اإلشارات و اإلمياءات وغريها، وهي وسيلة يعرب ا اإلنسان عن أحاسيسه جم

ومشاعره بأشكال خمتلفة، خصوصا إذا ربطناها بعلم االتصال احلديث؛ فإن جماهلا سيزيد يف

. االتساع

!©%šÏ(( :قوله تعاىل وجند يف القرآن الكرمي $#uρ Ÿω šχρß‰yγô±o„ u‘ρ–“9$# #sŒÎ) uρ (#ρ“÷s∆ Èθ øó‾=9$$ Î/ (#ρ“÷s∆ $ YΒ#t� Å2

.واملقصود باللغو، الكالم الزائد الذي ال جتىن منه فائدة ؛4)) ∪⊅∠∩

: ، ص1،ج2006بنان،بريوت ل 1ط حممد علي النجار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع،: حتقيق، اخلصائص، بو الفتح عثمانأ بن جينا 161 .

دار مود حممود حممود حسن نصار،حم: ضبط النص ،، صحيح البخاريبن إبراهيم بن املغرية بن بردزبة أيب عبد اهللا حممد بن إمساعيلالبخاري، 2 .277: ص 2003 ،، لبنانبريوت، 1ج ، 3الكتب العلمية، ط

. 67: ص، 1،ج ، اخلصائص أبو الفتح عثمانبن جين اينظر 3 .72اآلية ،سورة الفرقان 4


8

وتطلق اللغة عموما على كل كالم يصدر من شخص أو يدور بني شخصني أو أكثر؛ إا

تطلق اللغة تطلق على ما جيري على لسان كل قوم؛ ألن اللسان هو اآللة اليت يتم النطق ا، أو

.1على الكالم املصطلح عليه أو على معرفة أفراد الكلمة وأوضاعها

ونستنتج من هذا الكالم أن اللغة تتضمن وتتطلب احلوار؛ ألن الكالم يقتضي الطرف

ا ليتمكنا من تبادل املصاحل مفردااآلخر بالضرورة؛ فاملتكلمان يكونان على علم باللغة و

غة من حيث النوع تنقسم إىل لغة طبيعية، ولغة وضعية؛ فأما اللغة والل .ختلفةاالجتماعية امل

الطبيعية فتشمل مجيع احلركات واإلشارات، واألصوات الطبيعية اليت بقيت كما هي ومل يطرأ عليها

. تغيري يذكر

وأما اللغة الوضعية؛ فتشمل كل املفردات واملصطلحات اليت استحدثها املتكلمون حسب

وقد تعددت أشكال . تمعات وبتقدم العلم والتكنولوجياألن اللغة تتطور بتطور ا حاجام إليها؛

وقد درسها .اللغة، فنجدها أصواتا أو حركات أو إمياءات كما هو عند الصم والبكم واألطفال

اللغويون والفالسفة، وعلماء النفس، وعلماء االجتماع، واألنرتبولوجيون وغريهم؛ ألا وسيلة

.الوقت نفسه كفيلة بإقامة االتصال بني األفراد واجلماعات وغاية يف

واللغة جمال حيوي يهيئ للكاتب األرضية اليت يعرب بواسطتها عما خيتلج يف نفسه من أفكار

وملا كانت ذه األمهية، نالت حظا وافرا، فتدارسها العلماء والبالغيون . وشعور وهواجس

.وضبط خصائصها وبنيتهاوالفالسفة وحاولوا تعريفها وحتليلها

نظام من << فهيFerdinand de Saussure أما اللغة يف منظور فردينان دي سوسري

العالمات، يرتبط بعضها ببعض على حنو تكون فيه القيم اخلاصة بكل عالمة، أو هي نتاج

.286،287:ص، 1982، بريوت، لبنان 2ج ط، -د ،، دار الكتاب اللبناينسفي، املعجم الفلمجيل صليبا 1


9

ده على اجتماعي مللكة اللسان، وجمموعة من التقاليد الضرورية اليت تبناها جمتمع ما ليساعد أفرا

>>ممارسة هذه امللكة1.

ويظهر جليا من هذا القول أن اللغة جتمع عددا ال حصر له من الدوال واملدلوالت اليت

ببعضها؛ وأن هذه العالمات شديدة االرتباطاصطلح عليها أفراد اتمع ليتواصلوا مع بعضهم،

اجون إليه، حىت أصبحت هذه ألا تنتمي إىل اللغة الواحدة اليت يعرب ا كل األفراد عما حيت

.العالمات تقاليد يتعلمها الفرد ليتواصل مع اآلخرين

إذ غة يقرتب من تعريف الفارايب هلا،تعريف دي سوسري لل وترى نادية رمضان النجار أن

نظام اجتماعي تتكلمه مجاعة معينة بعد أن تتلقاه عن اتمع، وحتقق به وظائف <<يقول أا

>>جيل إىل جيل معينة، وتتشكل من2.

فعل اللسان، فهي يف املتعارف عليه، <<ويعرف ابن خلدون اللغة يف املقدمة باعتبارها

عبارة املتكلم عن مقصوده، وعليه، ال بد أن تصري ملكة متقررة يف العضو الفاعل هلا، وهو اللسان

>> وهو يف كل أمة حبسب اصطالحام3.

مصنوع على الرغم من توارث الناس هلا، وما هي إال أما جون لوك، فيقرر أن اللغة شيء

وللغة وظيفتان مها التذكر والتعبري عن .عالقات حسية تعرب أو ترمز إىل األفكار املوجودة يف الذهن

وال يكاد خيتلف مفهوم اللغة عند الفالسفة واللغويني الغربيني عن مفهومها عند .4األفكار

، طرابلس ليبيا، ، وآخران ، الدار العربية للكتاب، تعريب صاحل القرمادي فردينان دي سوسري، دروس يف اللسانيات العامة1 . 17: ط ص -دوفاء للطباعة والنشر، ، مراجعة وتقدمي عبده الراجحي، دار الوأنظمتها بني القدماء واحملدثني ، اللغةنادية رمضان النجار 2

. 41: ط ، ص -د ، مصراإلسكندرية .546 :ص بالقاهرة، الشعب،دار بريوت،املكتبة األدبية ،)العربلكتاب ( املقدمة خلدون،عبد الرمحان بن 3

4ALAIN REY, THEORIERS DU SIGNE ET DU SENS, LECTURES M EDUTIONS KLINKSIEK, PARIS, 1973, PP : 154 – 157


10

م الغريب أن اللغة يف مفهومها، مشتقة من الكلمة الالتينية العرب؛ إذ جاء يف املعجاللغويني

Lingua 1واليت تعين جمموعة من األصوات املفيدة؛.

العادة املالحظة << بأا يف معجمه اللساين George Mouninويعرفها جورج مونان

وضحة عند مجيع الناس يف االتصال عن طريق اللسان، أو هي جمموعة كل اللغات اإلنسانية امل

داخل أمزجتهم املشرتكة أو بطريقة أخرى يف استعمال الفالسفة وسيلة اتصال حىت مع أنظمة

>> أخرى غري اللغات الطبيعية2.

وما يريده صاحب املعجم اللساين؛ أن اللغة ال تنحصر يف االتصال عن طريق اللسان

مثل لغة اإلشارات فحسب، بل ميكن للغة أن تشمل مجيع وسائل االتصال اإلنسانية األخرى،

املختلفة، ولغة االتصال غري اللفظي، وغري ذلك من شىت طرق التواصل اليت نستخدمها يف حياتنا

. اليومية

<< ن إيقول jean diboisوجند جون ديبوا اللغة ملكة خاصة باجلنس البشري، وذلك

>>من أجل التواصل بواسطة نظام عالمات صوتية أو لسانيةذا املعجمي جيعل من ؛ ويبدو أن ه 3

اللغة خاصية إنسانية، ومييزها بنظام العالمات اليت توصف به، لكنه حصر العالمات يف نوعني

فتات ، و أمهل األيقونات اليت متثل جزءا مهما يف التواصل اإلنساين مثل الال)صوتية ولسانية(

.اإلشهارية على سبيل التمثيل

ملكة عند املتكلمني بلغة ما، لتكوين أا ) Naôm Chomsky(نعوم شومسكي ويرى

؛ ويبدو من تعريفه للغة أنه اعتربها ملكة إنسانية يتعلمها الفرد، وقد شدد 4وفهم مجل حنوية

.287/ 286 :ص ،2ج الفلسفي،املعجم صليبا،مجيل ينظر 12 George mounin, dictionnaire de la linguistique : p, u, f : 1974, p : 196. 3 Jean dibois : dictionnaire de la linguistique, librairie la rousse , 1974 , p :274 .

49: ص ،القدماء واحملدثني اللغة وأنظمتها بني ،نادية رمضان النجارينظر 4


11

وقد ارتكز تعريفه على . عالقتها بقواعد النحو؛ ألنه مبثابة القانون الذي يضبط كيفية الكالم ا

.يفية أدائها للتواصل القدرة على التكلم، وك: مصطلحني أساسيني مها

ويستفاد مما سبق من تعريفات الفالسفة واللغويني، أن اللغة ظاهرة إنسانية فطرية، ومن نتاج

اتمع الذي اصطلح أفراده عليها، وأا الوسيلة اليت تكفل لألفراد واجلماعات التواصل والتحاور

. لفظيفيما بينهم بأي شكل من أشكال التواصل سواء كان لفظيا أو غري

جمموعة من مفردات << وجند من املفكرين العرب احملدثني عبد اهللا العروي الذي يعتربها

.1>>وتراكيب ختص جماالت معينة، مشتقة من أصل واحد أو مستعارة من أصول خمتلفة

والوظيفة التفاعلية من أشهر وأهم وظائف اللغة على مستوى التواصل اإلنساين؛ حيث تعد

ها وسيلة للتفاعل مع اآلخرين يف اتمع، وهي وظيفة تظهر أثناء الكالم الذي جيري اللغة مبوجب

بني متكلمني، وتربز أمهيتها يف ربط عالقة الفرد باآلخرين أثناء احلديث باعتبار اإلنسان كائنا

اجتماعيا قبل كل شيء، وال مناص له من االتصال باآلخرين، و حتمل اللغة يف التفاعل

ماعي أنظمة القيم األخالقية، واملثل اليت تستوعبها اجلماعة من خمياهلا اجلمعي االجت

imaginaire de groupe)(2.

ن وظيفة اللغة تكمن يف التعبري أو التواصل الذي يعد إحدى وظائفها األساسية، إوالواقع

وما يصاحبها من ويتم التواصل بني األفراد بإرسال واستقبال املعلومات واملعارف عن طريق اللغة

ومعرفة بناء اللغة من األمهية مبكان؛ ألا حتتوي على أجزاء ال بد أن . إشارات و إمياءات ورموز

.جتتمع حىت تؤدي معناها على أحسن وجه

احلوار ظاهرة إنسانية رافقت اإلنسان مند ظهوره على وجه األرض، وهو :مفهوم الحوار 3

قيم حياته وتتواصل؛ ألن اإلنسان كما يؤكد علماء ضرورة حتمية للكائن البشري حىت تست

.210: ، ص، لبنان1997، 4التاريخ ، املركز الثقايف العريب، ط ، ثقافتنا يف ضوء اهللا العروي عبد 1 .149: ، ص1993، تونس 1، طالنشر والتوزيع، مؤسسة أبو وجدان للطبع و نور الدين النيفر، فلسفة اللغة واللسانيات 2


12

وملا كان الفرد حباجة إىل اآلخرين، وكان اآلخرون . االجتماع ال يستطيع العيش منعزال عن اآلخرين

حباجة إليه، كان يعيش مع غريه فيبادهلم املنافع املختلفة، ويعرب عن آرائه وأفكاره وحاجاته

.حي احلياة اإلنسانية املختلفة مع بين جنسه يف شىت منا

وبتعدد األجناس واألقوام، تعددت اتمعات و اللغات وكثرت اللهجات، وتنوعت أساليب

وما اللغة إال وسيلة من وسائل التواصل اإلنساين، اليت جتسد . احلوار أثناء الكالم اليومي لألفراد

وال ميكن مل تتطلبه ضرورات حياته،ظاهرة احلوار الذي يرافق كالم األفراد أثناء تبادل األفكار وفقا

وجيد . للفرد أن يستغين عن احلوار؛ ألنه ضرورة إنسانية تقتضيها حياة اإلنسان الواعية اهلادفة

اإلنسان نفسه حماطا بأشكال شىت من أدوات التواصل يف حياته اليومية مع غري اآلدميني، فال

قف بسيارته عندما يشتعل الضوء األمحر، يستغين عن املنبه الذي يوقظه عندما يرن صباحا، ويتو

بينما يسري عندما يشتعل الضوء األخضر، ويتعرف على الصباح الباكر عندما يسمع صوت

.الديكة والطيور

وقد اهتمت نظريات االتصال احلديثة باحلوار، وكثريا ما نعت مبصطلحات كثرية كالتخاطب

ليا، فإا تنتمي يف جمملها إىل حقل التواصل والتفاعل واحملادثة، وإن كانت تتفاوت معانيها دال

.الذي يشمل أسلوب احلوار

وقد اهتم الدارسون العرب القدامى باحلوار ولو بشكل مقتضب غري صريح، وقد كان احلوار

املوقف من الرأي وإبداءممارسا من قبل النقاد العرب، من خالل التعليق على الشعراء، وإظهار

.رهمأشعااآلخرين من خالل

وقد عاجل اجلاحظ قدميا قضية مهمة تتعلق ببنية احلوار من حيث عالقة الكالم باملتكلم

ينبغي للمتكلم أن يعرف أقدار املعاين، ويوازن بينها وبني أقدار <<: واملخاطب واملقام فقال

املستمعني، وبني أقدار احلاجات، فيجعل لكل طبقة من ذلك كالما، ولكل حال من ذلك مقاما

حىت يقسم أقدار الكالم على أقدار املعاين، ويقسم أقدار املعاين على أقدار املقامات، وأقدار


13

ويبدو من هذا القول أن املتكلم والسامع يشرتكان يف . 1>>املستمعني على أقدار تلك احلاالت

<<التخاطب، وما يكتمل التفاعل ويتطور؛ ألما ميثالن قطيب احلوار، ويتبادالن األدوار،

وكل منهما يقتضي اآلخر بالضرورة؛إذ ال ميكن أن نبلغ شيئا ما دون وجود اآلخر، و ال يكون

. 2>>دا بل يكون فاعال ؛ أي سائال وجميبا يف اآلن نفسه هذا اآلخر مستقبال أو سامعا حماي

ويبدو أن اجلاحظ كان يريد مالءمة الكالم ملقتضى احلال ومالءمة الكالم للمخاطب على

مستوى اخلطابة، لكن حىت على مستوى احلوار بني طرفني البد من مراعاة مستوى املتحاورين،

.وموضوع احلوار

رة إنسانية عنصرا مهما من عناصر التواصل البشري، ذلك أن ويشكل احلوار باعتباره ظاه

أي تفاعل بني طرفني أو أكثر يتطلب الفعل ورد الفعل، من أجل غاية إخبارية أو إقناعية أو

.تواصلية أو حجاجية

، ومفهوم التواصل Interactionمفهوم التفاعل : ويتشكل التفاعل التواصلي من مفهومني

Communication فاعل هو مشاركة طريف احلوار يف الكالم حول مضامني إنسانية ؛ فالت

ينتج ملفوظا Sujet parlantفهو التبادل الكالمي بني شخص متكلم لأما التواصمعينة،

، وهذا األخري، يلتمس االستماع أو اجلواب الصريح أو Interlocuteurموجها إىل خماطب

3املضمر حسب منط امللفوظ

بويب علي أبو ملحم، منشورات دار مكتبة دمي وشرح وتتق ، البيان والتبيني ،أبو عثمان عمرو بن حبر بن حمبوب اجلاحظ 1 .18 :، ص 1، ج 1992بريوت 2اهلالل ط

، 2006فريقيا الشرق، املغرب، إ، )ليات احلجاج مقاربة تداولية معرفية آل( عندما نتواصل نغري : عبد السالم عشري 2 .200 :ص 2010، ، دون ذكر رقم الطبعة، الدار البيضاءلشرقأفريقيا ا، احلوار وخصائص التفاعل التواصليحممد نظيف 3

15:ص


14

ا املفهوم احلالة اليت يصل إليها احلوار بني متكلمني أو أكثر، كل منهما ويعين التواصل ذ

يسهم يف عملية احلوار اليت تتطلب مكونات لسانية متثلها اللغة وخارج لسانية ميثلها املتحاوران

وقد ارتبط احلوار بأهم الدراسات اللغوية احلديثة اليت تسعى لكشف كوامن اخلطاب األديب

ه، خصوصا يف األعمال السردية واملسرحية اليت ميثل فيها احلوار جزءا هاما من وحتليله ومقاربت

أحداثها ومشاهدها، فاملسرحية تعتمد على احلوار الذي جيري بني شخصياا اليت متثل إحداها

املرسل ومتثل األخرى املرسل إليه، فيتم التخاطب والتحاور بالتداول، وال ميكن إغفاله يف القصة

الكاتب ة اليت تعتمد على الشخصيات اليت تتحدث وتتخاطب مبعية السارد الذي فوضهوالرواي

احلقيقي هلذه املهمة الفنية، أو مبعزل عنه إذا كان هذا األخري ساردا حمايدا عن الشخوص، مراقبا

.لألحداث من بعيد

:ـ لغة 1

راجعته الكالم، : حاورته<< يف أساس البالغة أن احلوار من) ـه538ت (يرى للزخمشري

>> وهو حسن الكالم وكلمته فما رد علي حمورة ، وما أحار جوابا أي ما رجع1 .

وإذا كان احلوار يف اللغة يعين مراجعة الكالم بني طرفني متخاطبني، فأصل كلمة احلوار عند

عن ، وهو الرجوع )بفتح احلاء وسكون الواو (احلور <<يف لسان العرب من )م711ت(ابن منظور

رجع عنه وإليه، : الشيء وإىل الشيء، فيقال حار إىل الشيء، وعنه حورا، وحمارا وحمارة، وحؤورا

. 2 >>مراجعة املنطق والكالم يف املخاطبة : واحملاورة

،عبد الرحيم حممود: ة ـ حتقيق ، أساس البالغحممود بن عمر بن حممد اخلوارزمي ، جار اهللا، أبو القاسملزخمشريا 1 . 98: ت ص . ، د ط -د ،انتشارات دفرت تبليغات األمري

دون ذكر الطبعة،2جدار صادر ، ، لسان العرببن علي األنصاري رمابن منظور أبو الفضل مجال الدين حممد بن مك 2 . 182: ص ،1997بريوت


15

الرجوع كاحملار واحملارة واحلؤور، ): م 817: ت(آبادي كما يعين احلوار يف القاموس احمليط للفريوز

: اجلواب كاحلوير واحلوار، واحلرية، واحلويرة مراجعة النطق، وحتاوروا : واحملورة والنقصان واحملاورة

. 1والتحاور التجاوب... تراجعوا الكالم بينهم

واحملاورة واحلوار املراد يف الكالم ومنه << وجاء يف مفردات القرآن للراغب األصفهاين

ويتضح من ذلك أن احلوار يعين .3>>ركماواهللا يسمع تحاو << :، كقوله تعاىل 2>>التحاور

مراجعة النطق والكالم بني طرفني اثنني، أي أن املتكلمني يتداوالن احلوار يف موضوع ما، فيسأل

أحدمها اآلخر، واآلخر جييبه، وال يكون احلوار املتداول أسئلة وأجوبة فحسب، بل يكون إخبارا،

...وتوسعا يف الكالم

مهارة لغوية فطر عليها اإلنسان، وال يستطيع أن ميارس dialogue/ واراحل:ـ اصطالحا 2

حياته من دوا، وهو شكل من أشكال التواصل بني مجيع البشر؛ ألنه كالم واع حيث حيمل كل

متحاور جمموعة من األفكار يسعى إليصاهلا للطرف الثاين، وال ميكن أن نسمي تواصل احليوانات

.آلية برجمها اهللا سبحانه وتعاىل فيها حوارا؛ ألنه صفة غريزية

ويصطلح على احلوار تعريفات كثرية، قد ختتلف ألفاظها لكنها تتشابه يف مضامينها، ومن

وهو من أهم األساليب اليت نعتمدها يف حياتنا ... طريقة من طرائق التعبري املختلفة << ذلك أن

. 4>>لكونه وسيلة أساسية للتخاطب والتواصل... اليومية

.151: ، صدون ذكر الطبعة وتارخيها 2جمد الدين حممد بن يعقوب، القاموس احمليط، ج الفريوز آبادي 1 2ط ،ت، دار الشاميةصفوان عدنان داوودي، دمشق دار القلم، بريو : ب األصفهاين، معجم ألفاظ القرآن، تح الراغ2

241: ، ص ـه 1433 .سورة اادلة، من اآلية األوىل 3، ص 2010يب قراقر للطباعة والنشر، الرباط، ، دار أ)التقنيات وااالت( والتواصل علي آيت أوشان، ديداكتيك التعبري 4 :61


16

ويشرتط يف احلوار شخصان فأكثر، أحدمها يتكلم و يسأل واآلخر جييب، على أن يتكلما

بالتداول، ويسمى الطرف األول املتكلم، أما الطرف الثاين الذي يوجه له الكالم فيسمى

.املخاطب أو املتلقي أو السامع

املناجاة، واللغة السردية اللغة املعرتضة اليت تقع وسطا بني <<ويعرفه عبد امللك مرتاض بأنه

كما يصطلح على احلوار أيضا بأنه أسلوب من ،1>>وجيري احلوار بني شخصية وشخصية

.2القص مثل الوصف والسرد أساليب

ويرتبط احلوار كثريا بالفنون السردية كالرواية والقصة القصرية واملسرحية، وهو عنصر مهم يف

.القصة املتخيلةالرواية؛ ألنه يومهنا بأننا نعيش واقع

وقد األمم والثقافات قدميا وحديثا ذا املبحث؛ ألنه ميثل األساس والدعامة اليت تقوم عليها

كائن حواري بطبعه، وال نستثين فئة الصم البكم؛ ألم واإلنساناحلياة إذ ال ميكن التفاهم إال به،

، ويستطيعون أن يعيشوا حياماملختلفة اليت تنظم واإلمياءات باإلشاراتيتكلمون ويتحاورون

.غري امللفوظة باستخدام احلركات اجلسمية املختلفة للتواصل مع اآلخرينحيام عن طريق اللغة

أنواع و فنون، ولكن أصله أن يكون مثة <<أن احلوارمن وجهة نظره ويرى السيد خضر

ل تلك املسألة أو طرفان يتداوالن احلديث حول مسألة ما أو قضية، فيجري بينهما كالم حو

.3 >>القضية هذا الكالم هو احلوار أيا كان موضوعه أو أطرافه، إنه عملية لغوية تواصلية

وال يفهم من ذلك أن احلوار يقتصر دائما على طرفني اثنني فحسب، فيمكن أن يتعدد

ويرد عليه آخر خصوصا إذا كان املوضوع يفتح شهية . أطرافه ويبدي كل منهم موقفه ورأيه

.ملتحاورين فيتدخل كل منهم ، وقد يتحول إىل جدال أو سجال وغري ذلكا

176:، ص2005، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران )حبث يف تقنيات السرد(يةروا، يف نظرية التاضر عبد امللك م 1 158: ، ص2010تونس، 1حممد علي للنشر، ط دار ،عجم السردياتم ،جمموعة من املؤلفنيو حممد القاضي 2 . 125: ، ص1، ج 2009، القاهرة، 1يد خضر، أحباث يف النحو والداللة، مكتبة اآلداب، طالس 3


17

حوارا بني احلوار األديب، وإن بدا يف الظاهر <<ويرى فاتح عبد السالم من جهة ثانية أن

إىل املتلقي الذي شخصني فهو يف حقيقة األمر غري حمصور يف هذا املدى املنظور، وإمنا مير عابرا

.1>>الثالث غري املرئي بني هذين الشخصني املتحاورين يكون يف مثابة الشخص

أن املتلقي حيتل مرتبة مهمة بني املتحاورين ألن احلوار مير عربه، لكنه ال يستطيع أن ويبدو

يعرب أو يبدي رأيه ، ويف هذه احلالة سيختار أحدمها ليظم صوته إىل صوته ويشاركه الرأي والفكرة

احلقيقة موجه هلذا الشخص االفرتاضي الثالث الذي يصطلح والعرض والرفض؛ ألن اخلطاب يف

.عليه باملسرود له

أن يتناول احلديث طرفان أو أكثر، <<أما عبد الرمحن النحالوي فريى بأن احلوار

عن طريق السؤال واجلواب، بشرط وحدة املوضوع أو اهلدف، فيتبادالن النقاش حول أمر معني،

جة، وقد ال يقنع أحدمها اآلخر، ولكن السامع يأخذ العربة ويكون لنفسه نتي إىلوقد يصالن

. 2>> موقفا

ويشرتط يف احلوار وحدة املوضوع واهلدف الذي يقوم من أجله، فال يستفاد منه إذا كان

ويشري عبد الرمحن النحالوي . جتىن منه فائدة فارغا من اهلدف، ويصبح ضربا من الكالم الذي ال

وبني من الذي يدور بينه ن لنفسه موقفا من خالل احلواركو ع هو املستفيد؛ ألنه ي أن السام

.يتحاور معه

األفكار واملعارف إيصالويف ضوء ما تقدم من تعريف احلوار اصطالحا، نستخلص أنه يعين

و باحلجة بني األطراف املتحاورة، واهلدف يف األخري ه اإلقناعاآلخرين، وتبادهلا من خالل إىل

.مكانالتفاهم واالتفاق بينهم قدر اإل

.14: ، ص1999، ، األردن1طعبد السالم، احلوار القصصي، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، فاتح 1: ، ص2001، دمشق، 2املدرسة واتمع، دار الفكر، طيف البيت و اإلسالميةعبد الرمحن النحالوي، أصول الرتبية 2

206.


18

:ـ الحوار في القرآن الكريم 4

لقد ورد احلوار يف القرآن الكرمي بكثرة، واملتأمل يف كتاب اهللا جيد أنواعا شىت من احلوار منه

ين بعثوا إليهم، خصوصا حوارهم مع الطغاة واملشركني، مثل حوار ذحوار األنبياء مع الناس ال

ا األخري حجاجا وحوار موسى ذالسالم مع أبيه، وحواره مع امللك النمرود ويسمى ه إبراهيم عليه

عليه السالم مع فرعون وحواره مع السامري، وحوار حممد عليه الصالة والسالم مع األعراب و

. لك كثري جداذحواره مع اجلن وغري

شيتها وتشاورها ، وحوار بلقيس ملكة سبأ مع حا)قابيل وهابيل ( وهناك حوار بين آدم

وهناك حوارات كثرية يف القرآن الكرمي بني ). عليه السالم(معهم للنجاة من قبضة سيدنا سليمان

، وختتلف بنية كل حوار، عليهم الصلوات والسالم وبعض خلقهاهللا سبحانه وتعاىل و أنبيائه الكرام

ئكته الكرام يف اآليات فقد يكون اهللا سبحانه وتعاىل هو الذي يبدأ احلوار كما بدأه مع مال

احلوار ) عليه السالم(السابقة، وقد يكون العكس فيبدأ احلوار بعض خلقه كما بدأ سيدنا إبراهيم

:مع خالقه وكما ورد يف اآلية الكرمية

>> øŒÎ) uρ tΑ$ s% ÞΟ↵Ïδ≡t� ö/ Î) Éb>u‘ ‘ÏΡ Í‘r& y#ø‹Ÿ2 Ç‘ósè? 4’ tA öθ yϑø9$# ( tΑ$ s% öΝ s9uρr& ÏΒ÷σ è? ( tΑ$ s% 4’ n? t/ Å3≈ s9uρ £Í≥yϑ ôÜuŠ Ïj9 É<ù= s% (

tΑ$ s% õ‹ã‚sù Zπ yèt/ ö‘ r& zÏiΒ Î� ö� ©Ü9$# £èδ ÷�ÝÇsù y7ø‹ s9Î) ¢Ο èO ö≅yè ô_$# 4’n? tã Èe≅ä. 9≅t6 y_ £åκ÷]ÏiΒ #[÷“ã_ ¢Ο èO £ßγãã ÷Š$# y7 oΨ�Ï? ù'tƒ $ \Š÷è y™ 4 öΝn= ÷æ $#uρ ¨βr&

©!$# î“ƒÍ•tã ×ΛÅ3ym ∩⊄∉⊃∪ <<1 .

، و املرسل إليه )عليه السالم(أو املتكلم هو إبراهيم ) احملاور ( أن ويبدو من هذا احلوار

هو اهللا تعاىل، وموضوع احلوار هو كيفية إحياء اهللا املوتى، وقد بدأ حياور ربه بنداء ) املخاطب( أو

، وقد اعتمد أسلوب احلوار على أسئلة )رب أرين كيف حتيي املوتى ( وطلب فيه أدب جم،

مع إميانه الشديد الذي ال يساوره ) عليه السالم(يف تفسري القرآن أن سيدنا إبراهيم وأجوبة، وذكر

260سورة البفرة ، اآلية 1


19

1شك يف ما سأل عنه، أراد أن يعلم السامعني غرضه، فطلب املعاينة املضمومة إىل االستدالل

يطلب الدليل من ربه حىت ) عليه السالم( ويقوم هذا احلوار على احلجاج ألن سيدنا إبراهيم.

به، فيقدم اهللا سبحانه أدلة قاطعة على قدرته وكيفية خلقه بعدما طلب من نبيه الكرمي أن يطمئن قل

يأيت بأربعة طيور ويقطعهن مث خيلط الريش باللحم ، ويضع على كل جبل من أرضه جزءا مث

. يدعوهن فتعود الطيور كما كانت عليه وتأتيه طائرة بإذن اهللا

أسلوب احلوار بكثرة ،فقد حاور اهللا سبحانه وتعاىل وقد اعتمد القرآن الكرمي على

فكان أول حوار يبينه القرآن، أن اهللا عندما أراد إعمار ؛قيخلقه منذ األزل ذا األسلوب الرا

:األرض خاطب وحاور مالئكته الكرام يف قوله

>> zΝ ‾= tæ uρ tΠyŠ#u u!$ oÿ ôœF{$# $ yγ‾= ä. §Ν èO öΝ åκyÎ z÷tä ’n? tã Ïπ s3Í× ‾≈ n= yϑø9$# tΑ$ s)sù ’ ÎΤθä↔ Î6 /Ρr& Ï!$ yϑó™ r'Î/ ÏIωàσ ‾≈ yδ βÎ) öΝ çFΖä. tÏ% Ï‰≈ |¹

∩⊂⊇∪ (#θ ä9$s% y7oΨ≈ ysö6 ß™ Ÿω zΝ ù= Ïæ !$ uΖs9 āωÎ) $ tΒ !$ oΨtF ôϑ ‾=tã ( y7 ¨ΡÎ) |MΡ r& ãΛÎ= yè ø9$# ÞΟŠÅ3pt ø:$# ∩⊂⊄∪ <<2 .

بني الطرف احملاور واملتأمل يف هذه اآليات الكرمية، سيدرك وال شك هذا احلوار القرآين، ي

األكرب األول وهو اهللا سبحانه وتعاىل مع املالئكة الكرام، وهم ميثلون الطرف الثاين الذي يتلقى

لكن اهللا ... ) أجتعل فيها من يفسد فيها ( احلوار مث يرد اجلواب بسؤال آخر وينب موقفه باحلجة

). تعلمون إين أعلم ما ال( سبحانه وتعاىل جييبهم بالقطع على استنكارهم

) املالئكة الكرام(حتول إىل خماطب، وأن ) اهللا سبحانه وتعاىل(ونلحظ أن املتكلم األول

وأن اهللا تعاىل ميثل الذات العليا الذي ال يرد له أمر بيد . املخاطبون حتولوا أثناء احلوار إىل متكلمني

. أن املالئكة متثل الذات السفلى أمام اهللا خالقهم وموالهم

. 44: ، ص1995، دمشق 2لي، تفسري القرآن ، دار اجليل، ط جالل الدين السيوطي وجالل الدين احمل 1 .32، 31: سورة البقرة، اآليتني 2


20

هر جليا من اآليتني الكرميتني أن هذا احلوار الذي دار بني اهللا عز وجل ومالئكته كما يظ

الكرام هو كالم اهللا؛ قد بنيت لغته بناء خيتلف عن بناء لغة احلوار اآلدمي؛ ألنه كالم جليل منزه

ألن عن الزلل، ال يأتيه الباطل من بني أيديه وال من خلفه، إنه حوار قرآين معجز بلغته وألفاظه،

.فطاحل املفسرين اختلفوا يف تأويله، وال يعلم تأويله إال اهللا عز وجل

الفصل األول الحوارية والخطاب السردي

21

الحوارية والخطاب السردي: الفصل األول

ـ مفهوم الحوارية 1

أ ـ حوار األفكار

ب ـ مفهوم اخلطاب

ج ـ أنواع اخلطاب

ـ الحوارية عند ميخائيل باختين 2

تعدد اللغات واألصواتأ ـ

ب ـ التهجني

ج ـ حوارية الكلمة من خالل التهجني

د ـ األسلبة

األسلوبي الحديثـ الحوارية في الفكر اللساني و 3

اجلملة احلوارية والسرديةأ ـ

فهوم اجلملة احلواريةب ـ م

ـ أنواع اجلملة احلوارية ج

وارية من خالل التناصـ احل د

ـ مفهوم التناص 1

ـ أنواع احلوار الروائي 2


22

:Dialogismeمفهوم الحوارية – 1

ألن ؛ني احلوارالعالقة املتينة بينها وب إىل -وقبل الكالم عن احلوارية - البد من اإلشارة أوال

بني جمموعة من األفراد، اكان شكله كالمسواء هذا األخري هو مصطلح قدمي قدم وجود اإلنسان

.األخرى بني خمتلف الكائنات احلية اآلي أو اتصاال

واحلوار أسلوب مهم يف القرآن الكرمي، بني اهللا عز وجل ومالئكته األبرار، وبينه وبني أنبيائه

فكان احلوار هو األسلوب . واألمم اليت بعثوا إليه وبني أنبياء اهللا ورسله. السالمالكرام عليهم

.، وحث األنبياء عليهالذي اختاره اهللا لنشر رسالته

فهي مصطلح ظهر يف العصر احلديث، وتزامن ظهوره مع ميخائيل باختني أما احلوارية

Mickaël Bakhtine ،على ميخائيل باختني، و هو ما مل خيف مع احلوار وهلا جذر مشرتك ،

.1حني وضعه للداللة على العناصر املتباينة داخل األثر الروائي

كان على دراية بالعالقة املتينة بني املصطلحني، وأن احلوارية مصطلح هذا الدارس أي أن

فهوم عندما درس امل هلذا )Bakhtine 1987(انتبه باختني وقد. جديد تولد عن مفهوم احلوار

أشكاهلا وقد بلور مفهوم احلوارية اعتمادا على إنتاج دوستويفسكي الروائي؛ حيث تتعدد ... الرواية

وذلك من خالل تعدد لغات الشخصيات، وكثرة األصوات .2 أكثر من غريه يف امللفوظ الروائي

.واخلطابات يف النص الروائي الواحد

، إال Dialogismeصطلح احلوارية م صادفن باحث يشتغل يف حقل اللغة، ويما مو

احلديث من خالل اإلنساين ميخائيل باختني الذي أرسى دعائمها يف الفكر يرجعها مباشرة إىلو

1 .160: ، ص2010، تونس، 1دار حممد علي للنشر، ط، معجم السرديات جمموعة من املؤلفني،حممد القاضي و

.162: ، ص معجم السرديات و جمموعة من املؤلفني، حممد القاضي 2


23

اليت تتفاعل داخل املختلفة الفنية الرواية ووصف بنيااحماوالته وضع قوانني للسرد أثناء حتليل

؛ 1تأخذ شكل احلوار وقد كان يلح على ربط اخلطاب باحلوارية، وكل املعارف حسبه .األثر األديب

ألن احلوار بني النصوص قائم، وهو حوار مفتوح غري منته مادام الكتاب يكتبون، والقراء يقرؤون

وينقدون، وكل منهم يبدي رأيه؛ ويتم احلوار حول قضية ما عن طريق الكتابة، وقد يكون األمر

.املتحاور حوله لغويا أو ينتمي إىل حقل علمي آخر غري األدب

هذا األخري مهووسا مببدأ احلوارية ردحا من الزمان، واستفاد النقاد احملدثون من هذا لقد ظل

وحاولوا البحث عن تلك املصطلحات اليت جاء ا .2املبدأ النقدي يف حتليل اخلطاب الروائي

.التهجني، واألسلبة البارودية وغريمها: باختني مثل

أن يكتب وار النصوصحبيقصد و ، لنقاداوال شك أن احلوارية تكون بني نصوص املبدعني و

يف زمن ما حول قضية ما، فيأيت كاتب آخر فيكتب نصا آخر حياور به خطابكاتب ما أي

ية بني فاحلوار . ا، أو يرد عليه ويعارضه يعاجل القضية نفسها مبديا إعجابهذلك النص؛ إما أن

النصوص اليت حتاور ذلك النص ددتتعو ،الزمان و املكاناختالف عرتف بال ت النصوص واخلطابات

. بتعدد اجتاهات أصحاا الفلسفية والفكرية والدينية

عندما يدخل تعبريان لفظيان يف نوع << ويعرب ميخائيل باختني عن مفهوم احلوارية بأا

وتكون هذه العالقة نتاج تفاعل ، 3>>خاص من العالقة الداللية تقع ضمن دائرة التواصل اللفظي

، واحلوار لدى باختني ليس التبادل الكالميسواء كان مسموعا أو صامتا الل احلوارلغوي من خ

، بريوت 1ملؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط، افخري صاحل: ، تر، املبدأ احلواريميخائيل باختني، ن تودووفتزفيتا 1 199: ، ص1996

، رسالة دكتوراه يف األدب )واد مدن امللح وثالثية أرض الس مخاسية( ، اخلطاب الروائي عند عبد الرمحان منيف ، بعيو نورة 2 . 69، 68: ، ص2008/ 2007جامعة اجلزائر، ، العريب

.122/ 121: ، ص، املبدأ احلواريتزفيتان تودوروف، ميخائيل باختني 3


24

، نوعه لفظي كيفما كان بل يقصد به أي تبادل ؛بصوت عال بني فردين متكلمني فحسب

تاب هو فعل كالمي مطبوع يشكل أحد عناصر التبادل اللفظي؛ ألنه موضوع نقاشات فعالة فالك

نتاج مداخالت كالمية سابقة، سواء كانت مداخالت املؤلف نفسه تتخذ شكل احلوار الذي هو

أم مداخالت مؤلفني آخرين، لذا فاخلطاب املكتوب هو جزء ال يتجزأ من نقاش وجدال

.1إيديولوجي

هو الذي وجماالت احلوارية عند باختني واسعة ومتعددة، كثرية األنواع واألشكال، واحلوار

وجي والفكري خصوصا يف حقل الرواية اليت تعد خطابا يوجهه ميثل النقاش واجلدال اإليديول

الكاتب للقارئ، ليس ألجل املتعة والتسلية؛ بل لعرض آرائه وفلسفته من خالل السارد الذي

يتخفى وراءه عن قصد ليمرر ما شاء من أفكار إيديولوجية وفلسفية وإصالحية هذه املرجعية تفتح

.تلقي يف خمتلف األزمنة واألمكنةامل أفقا للحوار مع فكر املبدع من قبل

اليت كانت dostowifisky/ وقد كان ميخائيل باختني معجبا بروايات دوستويفسكي

، ية تنظر إىل العامل بنظرة خمتلفةحسبه ختتلف عن الروايات األخرى؛ إذ كان بطلها شخصية حوار

وكان صوا يقيم عالقات ،فإذ كانت تنفلت من سلطة املؤل ؛وتتمتع باحلرية يف اختاذ قراراا

وليس أحد غريه، سبقه إىل يئة هذه فكان دوستويفسكي<< ،حوارية مع األصوات األخرى

2>> األرضية احلوارية اليت كان من مظاهرها التعددية الصوتية والفكرية واللغوية واألسلوبية.

الروائي من البطل الذي وغالبا ما كانت الرواية اليت أشار إليها باختني تنبثق يف اخلطاب

ه حياور أيضا من هم كان حيـاور كل من هم يف الرواية من شخصيات وأفكار وفلسفات، كما أن

: ص ،1989الدار البيضاء 1، ط، دار توبقالحممد بكري وميىن العيد: ميخائيل باختني، املاركسية وفلسفة اللغة، تر 1129.

1مجيل ناصف التكرييت دار توبقال للنشر ودار الشؤون الثقافية العامة، ط: ، تر ميخائيل باختني، شعرية دوستويفسكي 2 .162: ص ، 1986الدار البيضاء


25

خارج الرواية مبا حيملون من مرجعيات خمتلفة وعقائد متعددة، وما مييز حواره، أنه مفتوح على

اب الروائي عند حممد مفالح وجند مثاال لذلك يف اخلط .العامل اخلارجي، فال حيده زمان وال مكان

بطل هذه الرواية ) خلضر ولد الفخار(على سبيل التمثيل، فشخصية ) عائلة من فخار(يف رواية

فهو حيمل منهج الصوفية، من خالل تصرفاته وأفعاله من خالل الطقوس اليت كان ميارسها، فكان

وهو . وغريهم) يوسف لولد، اخروفة ، البنتميينة الزوجة( حواره موجها لكل شخصيات الرواية

يف الوقت نفسه حياور من هم خارج الرواية من القراء والنقاد واملبدعني وغريهم من الذين خيالفون

.فكره وعقيدته وفلسفته يف احلياة

:حوار األفكار -أ

األفراد املتكلمون هم صناع احلوار، فهم يتبادلون الكالم يف حيام االجتماعية، الشك أن

ا كما أم يفم يتبادلون خمتلف األفكار يف خمتلف املواضيع، وال حيتكرووإال ماتت تلك أذها

وال تبدأ حياا يف التشكل والتطور إال عندما تعثر على تعبريها اللفظي فتجدده <<األفكار

.1>> لتتولد منها أفكار جديدة

سواء كان ذلك من خالل أفكار الفرد تقيم حوارات مع أفكار اآلخرين ويرى باختني أن

ه الفكرة بالكلمة اليت تكون مسموعة وجماب عنها بأصوات أخرى فهو يشب ؛الشفوي أو الكتايب

وكذلك األفكار املخبأة يف أذهان األفراد جتعل املتكلمني يقيمون ،2صادرة عن وعي اآلخرين

ففي كلتا احلالتني تقيم احلوار سواء كانت تلك األفكار متوافقة وخيدم بعضها بعضا أو خمتلفة،

تلك األفكار حوارا، ويظهر ذلك جبالء يف النصوص واخلطابات اليت يتحاور فيها الكتاب

.أخرى أحياناواإلمجاع والتوافق أحيانا واالعرتاض بينهم النقد املختلفة وحيدث بأفكارهم

71: ص ،، اخلطاب الروائي عند عبد الرمحان منيفبعيو نورة 1 .125/ 124: كرييت، صمجيل ناصف الت: ، شعرية دوستويفسكي، تر ميخائيل باختني 2


26

ني األفكار عندما والبد لألفكار أن تتخطى فكر الفرد حىت ال تبقى حمجوزة، وحىت حتيا ب

؛ أي أن اللغة مبا حتمل وبالتايل تتولد عنها أفكار جديدةويلقح بعضها بعضا ،تتحاور مع غريها

من أفكار، ال تظهر قيمة تلك األفكار ما مل يفصح عنها صاحبها من خالل كالمه وحواره مع

.غريه من الذين يوافقونه أو يعارضونه وخيتلفون معه

الم بني اثنني يف الزمان واملكان فحسب؛ لكن احلوار ميكن أن يتباعد وال يقصد باحلوار الك

، املهم أن يبدي الالحق انطباعه حول فكر السابق سواء كان يضم صوته إىل صوته أطرافه

وميكن أن منثل لذلك من خالل اخلطاب . ويؤيده، أو كان خيتلف معه فلسفيا أو فكريا أو عقائديا

):عائلة من فخار(خالل رواية الروائي عند حممد مفالح، من

الكتاب خبشوع مث شرع يف القراءة عن سرية سيدي اهلواري، وتوقف ) خلضر(وتصفح <<

عند الفقرة اليت حتدث فيها املؤلف عن تقشفه يف امللبس واملأكل واملشرب، وعن تواضعه الكبري،

جملسه حضروكان إذا ◌ : عن سيدي اهلواري) روضة النسرين(يف ) ابن صعد(كما قرأ ما قاله إىل اهللا بطريقة اخلوف،وذكرهم بآيات انتقامه، وأليم عذابه، وإذا وأرباب الدنيا دعاهم األغنياء

حضر جملسه الفقراء واملساكني دعاهم إىل اهللا بطريق الصب وذكرهم بآيات الرجاء وحسن الظن

شكر، وحظهم على إخراج باهللا، وإذا حضره أهل الصحة والعافية من التجار ذكرهم بطريقة ال

.1>> ...الزكاة

فالنص الروائي عند حممد مفالح حياور فكر هذا الويل الصاحل، من خالل إيراد السارد

؛ وهذا معناه أن احلوار )روضة النسرين(يف كتاب ) ابن صعد(اليت أشار إليها جلانب من سريته

األجيال، ويسعى املؤلف من خالل متواصل بني الكتاب واملفكرين عرب مبا فيه من أفكار النصي

استحضار سريه هذا الويل الصاحل لغاية تعليمية، تفيد القارئ وتعلمه بعض خصال الرجل الصاحل،

.78: ، ص:وهران ص 2004 1للنشر والتوزيع طدار الغرب حممد مفالح، رواية عائلة من فخار، 1


27

السابقني، وحتظه على احرتامهم واالقتداء ، وتنقل إليه أفكار وكيف كان يتعامل مع الناس يف زمانه

.م

:" DISCOURSالخطاب "ب ـ مفهوم

د مفهوم اخلطاب، واالختالف يف حوار اخلطابات، يواجهنا مشكل تعد إىل قبل التطرق

تعريفه من مدرسة ألخرى بني املتقدمني واملتأخرين، وعند علماء اللغة على اختالف اجتاهام،

.مث التطرق حلواريته ثانيا ،املفهوم أوال لذلك آثرنا ضبط هذا

اخلطاب الفلسفي والديين والسياسي خيتلف اخلطاب ويتعدد بتعدد ميول اإلنسان؛ فنجد

واإلنسان حيمل يف ذاته جمموعة من اخلطابات، يؤمن ا ويدافع عنها؛ ألا . والروائي وغريها كثري

.تشكل جزءا من شخصيته، وا يدافع عن آرائه، ويفرض وجوده يف اتمع

ستطيع من خالله واخلطاب الفردي هو الذي يعرب عن فكر اإلنسان وفلسفته يف احلياة، وي

التحاور مع غريه، وإقناعه بفكرة معينة، مثل الروائي الذي يعرب خيتبئ خلف السارد وميرر ماشاء

.ويوجهها مباشرة إىل متلقي النص األديبمن أفكار وخطابات

مراجعة الكالم، وقد خاطبه بالكالم خماطبة، << ه بأن " اخلطاب"لقد عرف ابن منظور

ويبدو أن مفهوم اخلطاب عند ابن منظور يقرتب كثريا من مفهوم ؛1>> وخطابا ومها يتخاطبان

. 2، واخلطاب مبعىن الرسالةهر اخلطاب بالكالم دون بيان نوعأما يف املعجم الوسيط فيفس ".احلوار"

: ، صبريوت ، مادة خطب 3صادر ط ، دار1: ال الدين حممد بن مكرم، لسان العرب مجأبو الفضل مج بن منظورا 1361

243: ، ص 1980دعوة، استنبول إبراهيم مصطفى وآخرون، املعجم الوسيط ، دار ال 2


28

اقتصار مفهومه على اللغة املنطوقة يف حالة احملاورة، << ويظهر من املعىن اللغوي للخطاب

.1>> للغة املكتوبة يف حالة املراسلةويضاف إىل ذلك ا

وعالقة .أثناء الكالم اإلنسان عن فكر ومهما كان نوعه منطوقا أو مكتوبا؛ فهو يعرب

اخلطاب باحلوار متينة، وهو مصطلح مميع يصعب تصنيفه يف حقل أديب دون آخر فنقول اخلطاب

.غري ذلكو ،الفلسفياخلطاب السياسي و اخلطاب احلواري واخلطاب السردي و

صاحب هذا القول قد أشار إىل اخلطاب املكتوب واملنطوق، ومل يشر إىل ويبدو أن

الفرد ل نسبة مهمة من الكالم اليومي؛ ألن ومتث ،اإلشارات اجلسمية اليت ترافق اخلطاب احلواري

تلك نه من التعبري عن أفكاره ومشاعره من خالليستخدم حركات كثرية تقرب فهم املتلقي، ومتك

.احلركات املختلفة

أما .2>> توجيه الكالم حنو الغري لإلفهام<< ويراد باخلطاب عند بعض علماء أصول الفقه

ومنهجه يم كثرية كل حسب مدرسته ومرجعيتهاللغويون احملدثون وغريهم، فأعطوا للخطاب مفاه

لتبس مفهومه مبفهوم القد و ، وكاد مفهوم اخلطاب أن يفقد داللته األصليةيف الدراسة والتحليل

كل كالم جتاوز اجلملة الواحدة سواء كان مكتوبا أو ملفوظا، << ،النص، واخلطاب عند الغربيني

غري أن االستعمال جتاوز ذلك إىل مفهوم أكثر حتديدا يتصل مبا الحظه الفيلسوف غرايس عام

.3>> ن عالمة معلنةللكالم دالالت غري مـلفوظـة، يدركـها املتـحدث والسامـع دو من أن 1975

33: ص 2009، بريوت 1، املركز الثقايف العريب ، الدار البيضاء ، طمجعان بن عبد الكرمي، إشكاالت النص 1ملسائل والضوابط والقواعد الكلية، مصطفى ، الفوائد املكية فيما حيتاجه طلبة الشافعية من االسيد علوي بن أمحد السقاف 2

.62: ، ص مصر ،ت -يب، الطبعة األخرية ، دالبايب احلل

. 89:، ص2000، بريوت، الدار البيضاء، 2اقد األديب، املركز الثقايف العريب،طلي ميجان والبازعي سعد، دليل النالروي 3


29

ه متوالية من امللفوظات ذات عالقات معينة، أما اخلطاب بأن Haris وحيدد هاريس

اخلطاب هو امللفوظ منظور إليه من وجهة آليات وعمليات فريى أن BENVENISTEبنفنيست

.1اشتغاله يف التواصل

عصرنا احلايل بط يف ب مدلوله؛ إذ أصبح يرتع وتشع مفهوم اخلطاب قد توس وال شك أن

االنطالق من فهوم امل هذا ب حتديديتطل و ،الثقايف من خالل الدميقراطيةباجلانب السياسي و

.تخصص فيهتواال الذي ،هافي يرتدداملدرسة اليت

بريمنغـهام ويرتبـط حتليل اخلطاب يف النقد األجنلوساكسوين، عند أصحاب مدرسة

Birmingham انطالقا من التفاعالت بني املعلم ) املخاطبة( حتليل احلوار بنمط معني من

. وهذا ما يزيد يف إظهار العالقة القائمة بني اخلطاب و احلوار ،2والتالميذ

ه مراجعة الكالم بني اثنني؛ أي وهذا املفهوم يتناغم وتعريف ابن منظور للخطاب؛ إذ عد

وملا . بات، ا خياطب غريه وجيادل خصمهطاواإلنسان حيمل جمموعة من اخل .حوار جيري بينهما

كان لزاما أن رين وحياورهم حول شىت القضايا، و كان اإلنسان اجتماعيا بطبعه، كان خياطب اآلخ

.طابات السردية الروائية أو غريهاتقيم هذه اخلطابات حوارات سواء يف اخل

ا بينها من خالل السارد ب من جمموعة خطابات تتحاور فيموإذا قرأنا نصا روائيا جنده يرتك

والشخصيات، ومن أمثلة ذلك اخلطاب الديين الذي يتحاور مع اخلطاب السياسي أو مع

ووجد خلضر يف <<اخلطاب الصويف، وهذا ما يظهر جليا يف هذا املقطع الروائي حملمد مفالح

ر ادية اليت الكتاب بعض مقتطفات من قصائد سيدي إبراهيم التازي ومنها قصيدته املعروفة بامل

35: ان بن عبد الكرمي ، إشكاالت النص، صمجع 1 .25، 18، 1997، 3املركز الثقايف العريب، بريوت ط )التبئري الزمن ، السرد ،(، حتليل اخلطاب الروائي سعيد يقطني 2


30

العامل ال تعاديه، واجلاهل ال "أى قراءة حكمة هذا العامل الصويف وهي ...حفظها عن ظهر قلب

>>... "تصافيه واألمحق ال تؤاخيهفهذا اخلطاب الروائي يف هذا املقطع السردي حياور اخلطاب ؛ 1

فائدا العظيمة يف حياة أحد أعالم الصوفية مبديا إعجابه حبكمته، مربزاالصويف؛ إذ أحال على

فقد . هم هذا احلوار بني هذين اخلطابنيالناس، وال يهم الزمان البعيد الذي قيلت فيه بقدر ما ي

التقى النص الروائي مع النص الصويف يف بوتقة واحدة، ودخلت احلكمة يف تشكيل لغة اخلطاب

.الروائي

مع ذاته يف ) محاد الفالقي(حديث وجند يف رواية أخرى حوارا مع الرتاث الشعيب؛ من خالل

مسح بكفه اليمىن العرق املتصبب على .. اجر مازال الدرب طويال.. اجر يا محاد<<: قول السارد

اجر .. ال تفشل يا محاد .. جبينه وعينيه احلادتني مث مرر ميناه على فمه اجلاف وتابع جريه اجلنوين

.2>>)..اللي تلتفتوا جريه ..( ال تلتفت خلفك.. وال تدع التعب ينال منك

ر الكاتب باألدب الشعيب واضحا؛ حيث حاوره من خالل احلكمة الشعبية اليت ويظهر تأث

أوردها، وهنا التقى وعيان أو نصان خمتلفان يف الزمان واملكان من خالل استحضار النص الشعيب

باطا دون قصد بل ومل حيضر الروائي النص اعت .على لسان الشخصية وهي تتحدث مع ذاا

اهلدف من ذلك تعليمي موجه للمتلقي، كما أنه باستحضاره للحكمة الشعبية حياور الرتاث األديب

اجلزائري، ويف الوقت نفسه حيمل املتلقي على تصديق ما قيل يف الرواية أو جعله حيس بأن ما يقرأه

.أمر واقعي

لعمل السردي، ويدرج ضمنها وقد كان ميخائيل باختني يهتم حبوار اخلطابات داخل ا

املستويات اللغوية املتباينة، واللهجات االجتماعية املتعددة عندما تؤخذ باعتبارها مواقف ذات

. 78، مد مفالح، رواية عائلة من فخارحم 1 .227: ، ص2007، رواية مهوم الزمن الفالقي، دار احلكمة، اجلزائر، حممد مفالح، األعمال غري الكاملة 2


31

معىن، أو حمددا وجهات نظر ذات ارتباط إيديولوجي ما، سواء كان فكريا أو سياسيا أو تارخييا أو

.1فلسفيا

املتضمنة يف حوار اخلطابات داخل املنت وهو يتحدث عن املستويات اللغوية "باختني" إن

السردي، كان يبني كيف يتحاور الطبيب بلغته اخلاصة مع الفالح بلغته البسيطة، أو مثل حوار

.املستعمرين خبطابام الشديدة اللهجة مع شعب بسيط

وكل من املعمر والطبيب والفالح وااهد ميتلك خطابا خاصا به ولغة متفاوتة، وكل منهم

والفلسفات ووعي اإليديولوجياتم بلغته اخلاصة خطابا حياور خطاب اآلخر مهما اختلفت يقي

.كل منهم باحلياة

خطاب اآلخرين داخل لعبة اآلخرين، وهو يفيد يف تكسري <<حوار اخلطابات هو دوما إن

لك ويكون لت ..التعبري عن نوايا الكاتب، وهذا اخلطاب يقدم التفرد يف أن يكون ثنائي الصوت

اخلطابات، ويف تنوع اللغات السوسيولسانية جوهريا يف تنوع جذور ضاربة بعمقالثنائية الصوتية <<2.

احلوارات اليت تقيمها اخلطابات، هي نتيجة حتمية لالختالف القائم ويستفاد مما سبق أن

لكاتب بني الناس منذ القدمي، اختالف يف اللغات ويف الفكر، وحني تتحاور اخلطابات يتنحى ا

جانبا؛ ألن اخلطاب الذي يقدمه ويعرضه ليس نتاجه اخلالص؛ بل نتاج الفكر البشري القائم على

.التعدد واالختالف

: ص ،1986بغداد، الدار البيضاء، نصيف التكريت، دار توبقال للنشر، : تر ، شعرية دوستويفسكي،ميخائيل باختني 1269 .

. 82 ، 81: ، ص 2009،القاهرة 1توزيع، طرؤية للنشر وال ،حممد برادة: اخلطاب الروائي، تر ،ميخائيل باختني 2


32

، ولو شاء اهللا جلعلنا أمة واحدة هلا لغة منذ أن خلق اهللا الناس وهذه سنة كونية ال تتغري

:واحدة، لكـنه قال يف حمكم التنزيل

>> $ pκš‰ r'‾≈ tƒ â¨$Ζ9$# $ ‾Ρ Î) /ä3≈ oΨø)n= yz ÏiΒ 9� x. sŒ 4 s\Ρé&uρ öΝ ä3≈ oΨù= yè y_uρ $ \/θãè ä© Ÿ≅Í←!$ t7 s% uρ (#þθ èùu‘$ yètG Ï9 4 ¨βÎ) ö/ ä3tΒt� ò2r& y‰ΨÏã «!$#

öΝ ä39 s)ø? r& 4 ¨βÎ) ©!$# îΛÎ=tã ×��Î7yz ∩⊇⊂∪ <<1.

ة ة أو هلجويف هذا حكمة ال يعلمها إال اهللا تعاىل؛ ألن لكل شعب ولكل قبيلة لغة معين

، وقد جند الدولة الواحدة تضم جمموعة من اللهجات موعات من ختتلف عن هلجة اآلخرين

األفراد مستقلة يف الوطن الواحد، رغم أن هلم نفس التاريخ والعقيدة ونفس العادات والتقاليد يف

.أغلب األحيان

تتفرع إىل دة لكنها وخري مثال نضربه يف هذا املقام األمة العربية اليت تضم دوال هلا لغة واح

.عدة هلجات، وهذا ما جيعل االختالف والتعدد أمر وارد يف الرواية اخلطاب الروائي

:أنواع الخطاب -ج

اخلطاب يف معجم الدراسات السردية املعاصرة مع مصطلحات أخرى لينشئ بذلك يلتقي

:للخطاب منهاخمتلفة فنجد من ذلك أنواعا جديدة، تدالال

.12سورة احلجرات، من اآلية 1


33

:ناديسالخطاب اإل 1

وهو تلك العبارات واجلمل اليت ترد يف سرد مكتوب ويتمظهر هذا النوع يف السرد الروائي

أو إىل السارد الذي حيكي أحداث وترافق اخلطاب املباشر، وتسنده إىل هذه الشخصية أو تلك

. القصة املتخيلة

دث العامل الذي حتGenette Girard وهو عند جريار جينيت :الخطاب الحكائي 2

.بنقل عامل متخيل، وله زمان ومكان، وخيتص فيه احلكاية

ويرجع هذا املصطلح إىل ميخائيل باختني، الذي يعرفه بكونه ظاهرة : الخطاب الروائي 3

اجتماعية ال ينفصل فيها الشكل عن املضمون، وهو ظاهرة متعددة األساليب واللغات واألصوات

.1 توجهاته احلواريةفهو خطاب إنشائي، وتتجسم إنشائيته يف

ترد اجلمل االستفهامية والطلبية كاألمر و النهي بني الشخصيات الروائية فمن خالل احلوار

كالتوكيد والشرط و والتعجب، وقد جند النداء أحيانا،كما تظهر األساليب اإلخبارية يف احلوار

.النفي وغريها

: ـ الحوارية عند ميخائيل باختين 2

:اللغات واألصوات تعدد -أ

يعد اخلطاب الروائي من وجهة نظر باختني مؤسس احلوارية، ظاهرة اجتماعية تعكس ما

ئأفكارا إيديولوجية، تتصارع لتنشحيدث يف الواقع اإلنساين بني األفراد واجلماعات، وحيمل

.175/ 174: ص ،، معجم السرديات، جمموعة من اللغوينيو ي حممد القاض 1


34

إن .. عنيتبادل آيل للكالم بني شخصيتني بشأن موضوع مجتماعي؛ فاحلوار ليس جمرد احلوار اال

.1هنا يكون مبعىن احلوارية احلوار

الرواية جمتمع وكأن د األصوات واللغات،ن اخلطاب الروائي تتعد م ه ض والالفت لالنتباه أن

ون وظائفهم املوكولة إليهم قائم بذاته له زمانه ومكانه وشخوصه الذين يتحركون ويتحاورون، ويؤد

ع اللغات؛ ففيها لغة األمي والشيخ والطفل والفالح وتتنو .يف القصة املتخيلة اليت أبدعها املؤلف

ومن زمان ،وااهد؛ بل ولغة الفيلسوف والسياسي وغريها من اللغات املتفاوتة من طبقة إىل طبقة

.إىل آخر

حوار اللغات ليس جمرد حوار القوى االجتماعية يف سكونية << ويرى ميخائيل باختني أن

هنا ينصهر التعايش والتطور معا يف الوحدة ...واأليام ار األزمنة واحلقبتعايشها؛ بل هو أيضا حو

.2>> امللموسة الصلبة، لتنوع مليء بتناقضات لغات خمتلفة

أن يدرك التواصل اللفظي ال ميكن فهو يربط امللفوظ اللغوي بالوضع االجتماعي؛ ألن

صل بغريه عن طريق اللغة اليت مادام اإلنسان كائنا اجتماعيا يت خارج الوضعية االجتماعيةاللغة اليت اهتم ا شكلت بالنسبة لباختني منطلقا أساسيا يف تشييد نظريته وتصوره، غري أن <<

بل اللغة احلوارية احململة بالقصدية والوعي ؛ليست اللغة النسق ذات البنية الساكنة والثابتة

... مناط العالئق القائمة بني الشخوصوااليدولوجيا اليت تكشف لنا عن خمتلف أشكال الوعي، وأ

ة الرواية، مقاربة أسلوبية لرواية زقاق املدق لنجيب حمفوظ، عامل الكتب احلديث للنشر والتوزيع، إدريس قصوري، أسلوبي 1 .435، ص2008، األردن، 1ط .411،412: ، ص1987، الرباط،1حممد برادة، دار الفكر ، ط: ، ترميخائيل باختني، اخلطاب الروائي 2


35

، )الديالوجي(د اللغات ز باختني عن طريق اللغة بني شكلني يف الفن الروائي الشكل املتعد وقد مي

.1>> "املونولوجي" والشكل األحادي اللغة

رات وكثرة على عرض خمتلف التصو –حسب باختني–د اللغات ويقوم الشكل املتعد

ل أثناء سرد األحداث؛ بل يتيح السارد يكون حمايدا وال يتدخ ى؛ ألن د الرؤ األصوات وتعد

ون عن أفكارهم اإليديولوجية ورؤاهم اخلاصة، الكالم وتبادل احلوار بالتناوب، ويرتكهم يعرب ألبطاله

ق يف نظر باختني إال إذا وهذا ال يتحق <<ق استقاللية الشخصيات عن وعي الكاتب وتتحق

ن التعبري عن البطل بالنيابة عنه؛ بل ينبغي تشخيص وعيه، وهو يف كامل حركيته ى الكاتب عختل

. 2>>أن يكون جمرد صوت ناطق باسم الكاتب البطل عن وعي يكف وعندئذ وحيويته،

الرواية لكن إذا حدث هناك خلط بني الكاتب والشخصية، وانعدمت املسافة بينهما، فإن

، وينعدم فيها احلوارونولوجامل تظهر من خاللرات الشخصية اليت ذك لل إىل جمموعة من استتحو

.اخلارجي

مة بني الكاتب من خالل العالقة القائ –حسب باختني-الرؤية املونولوجية للرواية، قتتحق و

تؤدي الشخصية ألن ؛م وسيطرةك حت ا عالقة ما يقال عن هذه العالقة أ وأقل .والشخصية الروائية

<<علــى يعمل الذي يرسم خمطط القصة و يف حدود ما يسمح به املؤلف أدوارها السردية املختلفة

الكاتب فتفقد بذلك إليديولوجية ويدخلها يف النسق اخلاص... إبراز إيديولوجية واحدة مهيمنة

.3>>ار أو تفاعل حيقق إنتاجية النصوتغدو عاجزة عن خلق حو ... الشخصيات هوياا املختلفة

1 2007غرب ، امل، مطبعة آنفو برانت، فاسجمموعة الباحثني الشباب ، منشوراتيد احلسيب، حوارية الفن الروائيعبد ا ، 30: ص .31: ، صاحلسيب، حوارية الفن الروائي عبد ايد 2 .31: ، ص، حوارية الفن الروائيعبد ايد احلسيب ينظر 3


36

إال عن وجهة نظر الكاتب الذي يوظفها هلذا الدور الذي رمسه فالشخصيات يف احلقيقة ال تعرب

.هلا

ويرى ،دة اللغات، حتوي عدة رؤى ووجهات نظر متباينةالرواية متعد ويستفاد مما سبق أن

ومعىن هذا ،ن تقوم على صوت إيديولوجي واحدميكنها أ الرواية أية رواية ال << محيد حلميداين أن

ه مجيع أمناط احلكي البد أن حتتوي على صراع وتعارض داخلي بني أصوات متناقضة غري أن أن

، فإذا حوارية باملعىن الذي حدده باختنيليس من الضروري أن تكون كل أنواع احلكي ذات طبيعة

ه ال ميكن أن يصبح ئة ومتساوية يف احلضور، فإن كان التعارض يف الرواية ال جيري بني قوى متكاف

.dialogue <<1، ولكنه سيبقى حمصورا يف نطاق ما نسميه فقط حوارا dialogisme/ حوارية

ره باحث من مفهوم احلوارية اليت أسسها ميخائيل باختني أوسع مما قد يتصو والواقع أن

ه ار العاملي واحلضاري بكل أشكاله وأنواعه، إن هذا املفهوم يضم كل أنواع احلو الوهلة األوىل؛ ألن

احلوار النصي كيفما كان شفويا أو مكتوبا له حدود واية، وهو ذو ألن ؛مفهوم أوسع من احلوار

نا نستطيع أن ر هلا حدودا، أو نظن أما احلوارية فمن الصعوبة مبكان أن نتصو .طبيعة شكلية مرئية

احلوار النصي هو جزء ال خيضع للشكل دائما؛ ونستطيع القول إن ه مفهوم أن منسك بتالبيبها، إن

.ه غري معلوم احلدودوأن هذه األخرية مفهوم عائم، تكتنفه الضبابية، ألن ؛صغري من احلوارية

تربز فعالية املؤلف يف إفساح اال أمام كل واحد من << وعلى مستوى السرد الروائي

قصى قوا؛ فهو يسعى لكشف وتطوير ونشر كل اإلمكانيات الشخصيات املتصارعة ألن تبلغ أ

.2>> الفكرية واملعنوية الكامنة؛ فالشخصيات داخل الرواية تتجادل فيما بينها

.51: ص 1989ن 1، مدخل نظري، منشورات دراسات سال، ط محيد حلميداين، أسلوبية الرواية1 .96: ، صكريتنصيف الت: ميخائيل باختني، شعرية دوستويفسكي، تر 2


37

عن السارد الناطق بلسان املؤلف يفسح اال للشخصيات لكي تعرب على أن وهذا يدل

وروايات حممد . ل إىل جدالحىت يتحو ر وجهات نظرها ومواقفها املختلفة اليت جتعل احلوار يتطو

داخل اقتصاد السرد العام بني األصوات رواية حوار<< رة بإطار حواري جعل منهامفالح مؤط

.1>> اهلو املبثوثة فيها، و هو حوار خارجي، وداخلي يف األنا واألنت و

الل ومن خ ،وتتمظهر سردية احلوار بنوعيه داخلي وخارجي ضمن تداخل السرد باحلوار

من جهة ومن خالل السارد الذي يشرف على سرد األحداث ،عالقته املتينة بالضمائر من جهة

، وهو ةإمساك الروائي بزمام األمور واردقراءة روايات حممد مفالح جند ظاهرة انطالقا منو . أخرى

وقد .فق معها سلفاإذ يت ؛شكل من احلوار غري املرئي، وغري الصريح بني الكاتب وبني شخصياته

ومن أمثلة ذلك احلوار الذي ؛لعا على األحداثف يف كل رواية ساردا عليما بكل شيء، ومط وظ

: دار بني خادم ضريح سيدي احممد بن عودة وراشد

:حدثه عن وعدة الويل الصاحل اليت تقام كل سنة يف بداية فصل اخلريف فقال له راشد << .ـ سأحضر إن مسحت يل الظروف بذلك

:وقال له ... عن غرضه من رحلته إىل مدينة معسكر، فابتسم له اخلادم وأخربه ...الباي األكحل رجل فاضل حيرتم زاوية سيدي احممد كثريا

مة األسبان، تارخينا عريق يا ـ الباي يعرف جيدا فضل سيدي احممد وقبيلة فليتة يف مقاو .2>>.. ال تنس أن تبلغ سالمنا ألهل معسكر ..بين

ر خطابا يعتقده عرب حممد مفالح مير من هذا املقطع احلواري بني الشخصيتني أن ويظهر لنا

فضل أولياء اهللا الصاحلني، ويريد أن يظهر فضل سيدي احممد بن هذا احلوار، فهو يريد أن يبني

املصرية للكتاب، القاهرة، ، اهليئة، الصديق بوعالم)النقد التطبيقي دراسات يف(، تنويعات حول لعبة النسيان جملة فـصول 1 .173: ، ص1989، ديسمرب، 4و 3: الثامن، العدد دال 66، 65: ، ص2010طليطلة للنشر والتوزيع، اجلزائر، حممد مفالح، شعلة املايدة، دار 2


38

لكنخ هلذه األحداث ه يؤر ان االحتالل االسباين، إن عودة، وفضل قبيلة فليتة ودورها يف املقاومة إب

طريق السارد والشخصيات، أما هو فال يظهر منه إال أفكاره واعتقاداته، والروائي ذا اخلطاب عن

. يقيم حوارية يربط فيها بني جيلنا وجيل تارخيي سابق

ة ذوات ، علـى عـــد "Enonciationظ التلف "ر؛ إذ حييل أوسع مما نتصو "احلوارية"و مفهوم

؛ وتتمظهر روائيا، أو نصا شعريا أو غري ذلككان هذا امللفوظ نصا تتفاعل داخل امللفوظ كيفما

هذا األخري هو صاحب العملية هذه الذوات من خالل الذات املسيطرة وهي الكاتب؛ ألن

ل يف شؤون اآلخرين دون أن ط احلكاية ويتدخ ر خمط اإلبداعية بالدرجة األوىل، فهو الذي يسط

ف جمموعة من إذ يوظ ؛ه السردي الروائية يف نص فني إسرتاتيجيةى ه يعتمد علإن يشعر به املتلقي،

.ثئها للحوار، وجيعلها تتحد فيها احلياة، ويهي مث يبث ،الشخوص

من احلياة أو املتناقضة قفه ا عن مو وتعرب ،بلسانهالشخصيات الروائية ث وغالبا ما تتحد

من خالهلا ميكن أن يربهن اتمع، كما أنههلا أو ينقد من خال ،ا السياسية املختلفةياقضالجتاه

يف يظهر جبالءكان وهذا ما ،ما إيديولوجياأو ينفي أخرى، أو يعارض رأيا ،على قضية ما

.الروايات الكالسيكية بامتياز

دون حبرية الروايات أن يرتك الشخصيات السردية تتحدث أغلبيف ال يستطيع الكاتب و

.لتخدم فكره وفلسفته ومعتقداتهأن يوظفها تدخل منه ودون

:و يظهر ذلك من خالل احلوار التايل

:محلق جعفر النوري إىل جاره ثابت اللحام، وخاطبه بصوت مثري لألعصاب<<

.األسعار معقولة بالنسبة إىل األثرياء -


39

:ضحك ثابت اللحام ملء فيه، وخاطب جعفر النوري باستهزاء

لصاحل املواطنني ائد؟ حكومتنا أصدرت قرارات هامةأمل تقرأ اجلر . كأنك تعيش يف املريخ -

.الذين أرهقتهم حافالت النقل املهرتئة

:مث استطرد حبماس

...البنوك تقدم قرضا لكل شخص يريد شراء سيارة، ولو كانت من طراز فورد -

:بسخط صاح أمحد املشاي

.كفى دعاية للحكومة اليت جتلدنا كل يوم بارتفاع األسعار -

:ثابت اللحاموقال له

، أردمت القضاء على االشرتاكية والنظام األحادي. حنن اليوم يف دميقراطية واحلمد هللا -

1>>فذوقوا طعم الدميقراطية والرأمسالية

ويظهر يف هذا احلوار أصوات خمتلفة ومتناقضة قد ميثل إحداها صوت الكاتب لكنه خفي ال

أدوارا، لكنه كان يراقبها بدقة وال يرتكها يظهر، ألن املؤلف اختار تلك الشخصيات وأسند هلا

.تنفلت من قبضته

1 .80،81:، ص2013حممد مفالح، رواية مهس الرمادي، دار الكتب، دون ذكر رقم الطبعة، اجلزائر،


40

كان يتحدث باسم احلكومة ويذكر حماسنها، واإلجراءات املتخذة خدمة ) ثابت اللحام(ف

وحتجج برفع . فكان معارضا للحكومة من خالل رده على صاحبه) أمحد املشاي(أما . للمواطنني

.األسعار يف كل يوم

ار بأنه فكري سياسي، أطرافه حتمل أفكارا متناقضة، وآراء متعددة، كما و ميكن وصف هذا احلو

. أنه يعتمد على احلجاج، من خالل تقدمي كل طرف جمموعة من األدلة إلقناع اآلخر

:التهجين -ب

ه أن ا يقر وال يؤمن بالصوت الفردي، إمن ،ميخائيل باختني ال يؤمن بصفاء اخلطاب إن

ألن ؛لهبات األجنبية عنه، واليت يتفاعل معها يف سريورة تشك له اخلطاخطاب هجني تشك

ل ويولد من خالل تواصله مع صيغ اخلطابات األخرى ، فهو يقيم معها اخلطاب عنده يتشك

ف التهجني وهو يعر . 1>>باختني يدمج النص يف التاريخ ويف اتمع << حوارا وهذا ما جعل

ل ملفوظ واحد، وهو أيضا التقاء وعيني لغويني مفصولني حبقبة مزج لغتني اجتماعيتني داخ<<ه بأن

.2>>زمنية وبفارق اجتماعي، أو ما معا، داخل ساحة ذلك امللفوظ، وال بد أن يكون قصديا

الروائي جيد نفسه يستعري ألن ؛وهنا يثري مسألة مهمة هي قضية التأثر والتأثري يف لغة الرواية

اخلطاب الروائي ملتقى غته، فتغدو لغة الرواية مركبة من عدة لغات؛ ألن لغة اآلخرين ويدجمها يف ل

1Kristeva Julia, séméiotique , recherche pour une sémanalyse. Ed. du seuil ; paris ; 1996 ; p: 87 .

50: ، ص مرجع سابقدار الفكر، حممد برادة،: لروائي، تر ختني ، اخلطاب اميخائيل با 2


41

كالمنا يشتمل بوفرة على كلمات اآلخرين بدرجة << ويرى باختني أن . األفكار والفلسفات

.1>>...منقولة من الدقة

نا جند يف الرواية الواحدة ز أي خطاب أديب؛ ألن وهذه إشارة واضحة إىل التناص الذي ميي

.نصوصا خمتلفة حاضرة قد تكون حكما أو أمثاال أو آيات قرآنية أو أقوال مأثورة أو غري ذلك

توظيف الشعر ضمن بنية النص نا وجدنا يف اخلطاب الروائي عند حممد مفالح ومن ذلك أن

العالء أيب للشاعر العريب )لسان عباس الربي(استحضار بيت شعري على الروائي من خالل

: يقول فيه والذياملعري

2إال من راغب في ازدياد تـعب كلـها الحياة وما أعجب

، أن الشخصية كانت متر بظروف قاسية لدرجة والدافع يف استحضار هذا البيت الشعري

أا ملت وسئمت احلياة، ومل ترى فيها غري الشقاء والبؤس، فكانت تتمىن املوت؛ ألنه أرحم هلا

. وقد تكون تؤمن على األقل بفلسفة أيب العالء املعري ورأيه يف احلياة ،ن احلياة القاسيةم

.3>> اعمل آلخرتـك كـأنـك تـموت غـدا <<شريف هو كما يستحضر السارد جزءا من حديث

.مل الصاحلللعوهذا يربز أمهية الدين اإلسالمي يف توجيه الفرد؛ فالشخصية تتذكر املوت وتسعى

.55: ، ص )نفسه( حممد برادة: تر، ميخائيل باختني، اخلطاب الروائي 1 110: ، ص2010ة للنشر والتوزيع، اجلزائر، ، رواية انكسار، دار طليطلحممد مفالح 2 443: ، صاية انكسار، ينظر املصدر نفسه، رو حممد مفالح 3


42

ما استحضره السارد من شعر وحديث شريف، ال خيرج عن السياق العام ونلحظ أن

ه كان يوافق موضوع الكالم واحلوار، وقد استخدمته الشخصية املتحاورة كحجة إلقناع للسرد؛ ألن

.الطرف اآلخر ومن أجل تأكيد القول

يف أعماهلم الروائية بغية حتقيق أكرب وقد استثمر الروائيون املغاربة تقنية التهجني ووظفوها

اللغات املندغمةقدر من الفعالية اجلمالية، جيعل اللغات والرؤى تتعايش وتتحاور فيما بينها؛ هذه

.1يف األعمال الروائية

فعم بعناصر التواصل وقد اهتم باختني برتكيب اخلطاب، وركز دراسته على اخلطاب امل

أشكال ودعا إىل احلوارية ذات اال الرحب؛ إذ حتوي كل. سلويباللفظي والتعدد الصويت واأل

احلوار من حمادثة وتفاعل وحتاور وجدل ومناقشة، لكنها تم أكثر باحلوارية االجتماعية والتارخيية

.يف اخلطاب الروائي

واحلوارية اليت أسسها باختني أوسع وأرحب من رؤية املدارس اليت اقتدت باألمنوذج

دي سوسري نظر إىل اللغة ي الذي غالبا ما كان مييز بني اللسان واللغة والكالم؛ أي أن السوسري

كنسق مغلق، ومل يربطها مبستوى الكالم الفعلي، األمر الذي جعل باختني يربط اللغة باتمع؛

.عل بني فردين أو أكثر يف اتمعث نتيجة تفاالتحد ألن

ن خالل ممارسة الفرد للكالم مع غريه تصبح لغته اجتماعية ومهما كان طابع اللغة فرديا، فم

ذاته الفردية هي يف األصل اجتماعية، ولو عزلنا فردا وال يستطيع الفرد االنعزال عن اتمع؛ ألن

مية تعاملية ؛ فال يكفي اللغة ذات طبيعة تعل عن اتمع فال يتعلم اللغة وال يستطيع الكالم؛ ألن

.بد من ممارستها فعليا يف امليدانيام بفعل الكالم؛ إذ ال حفظ قواعدها للق

سليمان قوراري، مجاليات احلوارية يف الرواية املغاربية، رسالة دكتوراه يف األدب املعاصر،إشراف حلسن كرومي، جامعة 1 .377: ، ص2011، 2010وهران،


43

:حوارية الكلمة من خالل التهجين - ج

ا جزء من اجلملة وجزء من النص، أل ؛le mot/ اهتم ميخائيل باختني بالكلمة

. والكلمة هي وقود الكالم، فهي بنية مهمة يف تشكيل لغة احلوار الذي تقيمه النصوص فيما بينها

كن باختني يرفض تلك الكلمات ذات الطابع احملايث؛ أي اليت ال ختدم احلوار وال تفعله، ل

وكـذلك الكلمات أحـادية الصوت اليت تـفتـقر للنربة االجتماعية، واليت ال تتفـاعل مـع الكلمات

األجنبية وتكتفي بذاا، فهي كلمات من نوع خاص ال تقيم أي عالئق حوارية مع غريها

أين ) نصوص(، أي ملتقى كلمات )النص ( مات اليت تنشدها املقولة احلوارية هي الكلمة فالكل

.1)نص آخر(نقرأ على األقل كلمة أخرى

ويقصد بذلك الكلمات اليت تتقاطع وتتواجد يف جماالت خمتلفة ونصوص كثرية من خمتلف

والقصة واملسرحية وغريها الثقافات واحلضارات، وتتواجد يف شىت أنواع األدب خصوصا يف الرواية

وتتواجد ظاهرة التهجني بكثرة يف النصوص الروائية؛ إذ يراها ميخائيل .من النصوص األدبية

باختني اخلطاب األنسب واملادة الدمسة ملبدأ احلوارية؛ ألن اخلطاب الروائي حقل رحب ختتلط فيه

تنوع األساليب، فينتج عن ذلك ، ويقوم على هجنية الصيغ و املختلفة اللغات وتتعدد فيه األصوات

.احلوار وتصبح الرواية ذات طبيعة حوارية

ترتجم الوعي بضرورة تعدد اللغات وامللفوظات<< الرواية باختني أن ميخائيل يرى و

.2>>وحيدة أن تعكسه وليس بإمكان لغة... اخلطابات وتداخل

1 Kristeva Julia. Séméiotique ,recherche pour une sémanalyse. Ed. Du seil ; paris ; 1996 ; p: 84.

29، ص سابقرجع محممد برادة، : ترباختني، اخلطاب الروائي، ميخائيل 2


44

اليت وجدنا فيها ظاهرة التهجني )قيمهوم الزمن الفال(ل لذلك من خالل رواية وميكن أن منث

ها تسهم يف بنية لغتها بارزة؛ حيث ميتزج بلغة الرواية كلمات خمتلفة وخطابات أجنبية عنها لكن

، وجند لغة شعبية عامية منها قول إحدى )اهللا أكرب، املسجد الكبري، املؤذن( ومن ذلك جند كلمة

وفيا تعرب عنه الشخصية بعدما ضاقت ا ، وجند خطابا ص)اللي تلتفتو أجريه ( الشخصيات

أنا عبدك الضعيف ، وأنت وحدك القادر على كل شيء .. إهلي : السبل وهي تناجي اهللا قائلة

، وجند يف الرواية أيضا لغة اإلنسان العامي الساذج الذي يقسم ) فارق يب وال تدعين أموت

أقسم باهللا وسيدي احممد : ( الرجال بأولياء اهللا الصاحلني حني يتحاور موسى اجلواج مع بعض

، وجند احلوار الفلسفي من خالل قول )بن عودة وكل الصلحاء بأنين مل أمسه يف حيايت بأي سوء

>> وكيف تغادر جسد أبيه؟ ولكن كيف ميوت اإلنسان؟وما هي الروح؟وأين هي؟ <<: السارد1 .

أشرنا إليها، وهي بنيات لغوية لقد كانت لغة الرواية هجينة ذه الكلمات واخلطابات اليت

تسهم يف تشكل لغة الرواية ولغة احلوار الذي كان طويال عرب عدة صفحات؛ ألنه كان ميتزج

. بالسرد أثناء عرض السارد ألحداث الرواية

ويرفض باختني من وجهة نظره الرواية أحادية الصوت، واليت تكون منربا للكاتب ميرر من

احلياة، ويروج لعقيدته وفلسفته وإيديولوجيته عموما؛ ألنه يف هذه احلالة خالهلا وجهة نظره يف

يفرض رأيه وال يعرتف إال بصوته، ويكمم أفواه الشخصيات، ويقصي مجيع األصوات ومينع عنها

، ألن الكتاب احلوار؛ ألنه حيكم زمام لعبة السرد وهذا ما نلحظه يف الروايات الكالسيكية بوضوح

.صوات الشخصيات السردية وال يرتكوا تعرب حبريةكانوا يكبحون أ

243... 226: ، ص 2007، دار احلكمة، اجلزائر، ، مهوم الزمن الفالقيري الكاملةحممد مفالح، األعمال غ 1


45

:د ـ األسلبة

لها إحدى اآلليات اليت يتوس << األسلبة يف مفهومها العام تعين أن إىل يشري بعض الدارسني

، وخمتلف الرؤى والتصورات اليت يبديها حول العامل والعوامل اإليديولوجيةالسارد للتعبري عن خلفيته

ي إىل تركيب ن ميخائيل باختني يدعو إىل األسلبة؛ وهي مجلة أساليب تؤد وكا .1>>حوله

األسلوب اجلامع للنص الروائي،وتندرج ضمن التهجني القصدي الذي هو إحدى طرائق إبداع

دة األساليب واللغات واألصوات؛ ألن وهو ذا الطرح يفضل الرواية متعد ؛2صورة اللغة يف الرواية

لها يف الرواية متعددة األصوات من خالل احلوار بني األنا واآلخر سواء يف أفكار األمم تلتقي ك

اآلخر يسكن يف ذواتنا، <<اخلطاب الروائي أو غريه، ويف هذا الصدد يشري أمحد يوسف أن

. 3>>وحنن بدورنا نسكن يف ذوات اآلخرين

ائي الواحد مثلما وكان يشري إىل ظاهرة التناص؛ حيث تلتقي نصوص كثرية يف اخلطاب الرو

ومن أمثلة . رأينا يف النصوص الروائية حملمد مفالح، حيث صادفنا القرآن واحلديث واحلكم وغريها

:ذلك هذا النص الصويف الذي وظفه الروائي حممد مفالح يف خطابه السردي

؛ وهو ذا ينهل من 4>>... العامل ال تعاديه، واجلاهل ال تصافيه واألمحق ال تؤاخيه <<

وباملذهب الصويف ألدب الصويف إلبراهيم التازي وحياوره بطريقة ذكية مبديا إعجابه حبكمته،ا

.حيث القارئ على االقتداء بهكما أنه

.379: سليمان قوراري، مجاليات احلوارية يف الرواية املغاربية، ص 1 . 54، ص مرجع سابقحممد برادة، :تر، ، اخلطاب الروائيباختني ميخائيل 2ت وحتليل اخلطابات، ، منشورات خمترب السيميائيايميائيات التواصل وفعالية احلوار، املفاهيم واآلليات، سمحد يوسف 3 .181: ص، 2004 ،اجلزائر، جامعة وهران ،1ط . 78: صوهران 2004 1، دار الغرب للنشر والتوزيع طمد مفالح، رواية عائلة من فخارحم 4


46

ولقد استثمر الروائيون املغاربة استثمارا متفاوتا فيما بينهم األساليب اللغوية الرتاثية واملعاصرة

.1وائيةبغية بعث روح حوارية داخل نصوصهم الر ...

:اللساني واألسلوبي الحديث ـ الحوارية في الفكر 3

ميخائيل باختني وهو يؤسس لنظرية احلوارية، قد استفاد من املدرسة اللسانية الشك أن

ول من املدرسة األسلوبية التقليدية كما وصفها Ferdinand de Saussure/ دوسوسري لفردينان

فمدرسة الدراسات ؛ما تفتقدان إىل النربة االجتماعيةمها؛ أل لكن دراسته املستفيضة جعلته يتجاوز

اللسانية قد ركزت على اللسان باعتباره نسقا مغلقا ثابتا ومستقال بذاته، ومعطى مسبقا يأخذ به

.الفرد املتكلم وال حييد عنه

ألديب رة بلسانيات دو سوسري، فقد ركزت على العمل اأما مدرسة الدراسات األسلوبية املتأث

الذي ميتاز بالنسق املونولوجي املغلق، وأمهلت احلوار، وخصصت دراساا على اللغة وبنائها

وملا غابت فعالية احلوار يف هذا الطرح اللغوي غابت معه العالقات التفاعلية بني . وأسلوا

ر وال التلفظات فنتج عنها إقصاء الذات الفاعلة للخطاب، فلم تكرتث هذه الدراسات ال باحلوا

فقد أصمت أذنيها عن هذا احلوار متاما؛ فتمثلت << أما املدرسة التقليدية . باألطراف املتحاورة

ه كل مغلق مكتف بذاته، تشكل عناصره كال مغلقا ال يفرتض شيئا خارجا العمل األديب على أن

ليت لغة اودرست نظام العمل األديب قياسا على نظام ال. 2>>عن ذاته، ال يفرتض أي أقوال أخرى

.تدرس يف ذاا ومن أجل ذاا

.379: احلوارية يف الرواية املغاربية، ص ، مجاليات ريسليمان قورا 1 ، 1988دمشق سوريا، 1، ط، منشورات وزارة الثقافةف حالقيوس: ميخائيل باختني، الكلمة يف الرواية، تر 2

25: ص


47

املدرستني سالفيت الذكر مل خترجا عن مقولة النسق املغلق للخطاب، ويستخلص مما سبق أن

وانصب اهتمامها على اجلانب الشكلي للغة وبنائها، وأمهل جانب احلوار الذي يقوم عليه األثر

عزل هذا الطرح اللغوي اخلطاب األديب عن األديب، سواء احلوار الداخلي أو اخلارجي، وبالتايل

.السياق اخلارجي

فلم يهتم بتلك املدارس البنيوية ومقوالا الكربى ما كان يريده، ومل جيد ميخائيل باختني يف

املنغلقة على ذواا، لقد راح يبحث عن حوار اللغات وحوار النصوص، وال يؤمن مبقولة عزل

، وتبحث عن مجالية النص يف إطاره به فقطديب واالهتمام السياق اخلارجي عن اخلطاب األ

.وال يهمها اجلانب احلواري فيهفقط الداخلي

كما رفض أفكار الشكالنيني الروس اليت تقصي كل ما هو خارج النص، وتعزل كل العوامل

اريخ وال تؤمن بانفتاح النص على العوامل اخلارجية مثل الت. اليت ال تدخل ضمن بنيته الداخلية

.وعلم النفس و علم االجتماع

وال تعدو هذه املقوالت الكربى لتلك املدارس سوى إرهاصا ضئيال، بعيدا عن مفهوم

أي تعالق خمتلف النصوص واللغات ؛احلوارية اليت يريدها باختني الذي يدعو إىل مبدأ التشاكل

احها صيغ ليست من جنسها دة األصوات، جتتيف اخلطاب الروائي؛ ألن الرواية تكون دائما متعد و

ل أصواتا تلتقي كلها يف مثل القرآن واحلديث والشعر واألمثال واحلكم وغريها، هذه الصيغ متث

لكنها اخلطاب الروائي، وتقيم حوارات فيما بينها علما أن هذه النصوص متفاوتة الزمان واملكان

. تلتقي كلها يف بوتقة واحدة

ع بنيته النصية، سواء يف القصة أو يف املسرحية ويظهر هذا د أشكال السرد وتتنو وهكذا تتعد

فضاءه رحب ميكن املبدع من اخليال، وتوسيع روايته كيفما التعدد واضحا يف اخلطاب الروائي؛ ألن


48

ل فيه احلوار أهم الصيغ اليت تنبين منها لغة اخلطاب د لغته، وميث سع السرد وتتعد يشاء، ويت

سفية ، إيديولوجية ، سياسية ، فل( عرب تشاكل النصوص املتعددة املواضيع الروائي، والذي ينتج

....)دينية

اهتموا أيضا أن الشكالنيني الروس اهتموا مبسألة حوارية صيغ اخلطاب النثري، و والشك

من " Chlovski شلوفسكي "حه يف اخلطاب الشعري، وهذا ما وض بتعددية األصوات لكن

مثل االستعارات ز حبوثه حول الصور الشعرية اليت ال تتغري الشعرية، ورك خالل داسته للحوارية

ه يف احلقيقة صور شعرية مستعارة من والكنايات واازات الذي قد نعتقده من ابتكار شاعر، لكن

.1شعراء آخرين ومتوارثة عرب األجيال، وبدون أن حيدث فيها الشاعر تغيريا

ة من جيل إىل جيل سواء يف النص الشعري أو يف النصوص النثرية، تعد هذه االستعارات املتوارث إن

..آخر دون أن حيده الزمان واملكان بنية لغوية تسهم يف تشكيل احلوار الذي يقيمه املبدع مع مبدع

د اخلطاب األديب خطاب مفتوح على كل ما هو خارج النص، وهو ذو بناء معقد متعد و

تقيم اللغة جسورا مع خمتلف الصيغ والنصوص واللغات كلرية وبذا، وهو ذو لغة حواالبنائية

د واالنفتاح على النصوص األخرى وبالتايل، فلغة النصوص األدبية والروائية تؤدي فعل التعد

.وتباعد كتاا يف الزمان واملكاناألجنبية مهما تنوعت مواضيعها،

الشكالنيني الروس فيما أوضحنا، مقولة احلوارية تتقاطع مع مقولة ونلحظ مما سبق أن

م يؤمنون فقط أل ؛، بائن بينونة كربىle contexte/ واالختالف معهم على مستوى السياق

.مببدأ احملايثة وإقصاء كل ما هو خارج النص

الشركة املغربية للناشرين ،طيبإبراهيم اخل: لشكلي ضمن نصوص الشكالنيني الروس، تر ، نظرية املنهج ااخينباوم بورس 1 .42: ص1982،بريوت الرباط، 1املتحدين، ط


49

النسق احملايث الذي سجنت <<وكل هذا جعل ميخائيل باختني يتجاوز مقولة

اجتاز عتبات الدراسة البنيوية للمحكي، لينتقل إىل طور آخر الشكالنية الروسية النص فيه، وقد

.1>>من البحث عن العالقة اليت تربط البنية األدبية ببىن أخرى

ا دراسات جادة ، أ سة اللسانية واألسلوبيةويظهر مما سبق عن املقوالت الكربى للمدر

ي، لكن تلك الدراسات أسهمت يف التأسيس للحوارية، واهتمت كل منهما بقضية التلفظ البشر

.2وهو حواريته؛ أي ذلك البعد التناصي فيه التلفظ املستفيضة أمهلت أهم مظهر من مظاهر

ويقصد بالتناص حوار النصوص عرب األجيال باختالف مهما ابتعدت يف املكان واختلفت يف

.الزمان

:أ ـ الجملة الحوارية والسردية

قبل احلديث عن اجلملة احلوارية وقد كان ) القصصية(البد من حتديد مفهوم اجلملة السردية

، وقـد القصصـيةأول من استـخدم مصطلـح اجلـملة T.Todorov 1969/تزفتان تودوروف

ا هي الوحدة ف اجلملة القصصية بأ استخدمها يف دراسة احلكاية، يف النص السردي، وهو يعر

.3ف مقطعا سردياحد مع مجل أخرى فتؤلالقصصية الدنيا اليت تت

مجلة فعلية، ومجلة امسية، وليس للجملة حيز : ملة من وجهة نظر النحويني نوعاناجل و

املستوى : ز تودوروف يف اجلملة بني مستوينيوميي. نصي ثابت فقد تطول، وقد تكون موجزة

يه تفكك واملستوى الثاين، وف). فاعل، مفعول به ( ك اجلملة إىل مسند وعون تفك الرتكييب، وفيه

.108: يميائيات التواصل وفعالية احلوار، املفاهيم واآلليات، ص، سأمحد يوسف 1عمان األردن 2، دار فارس للنشر والتوزيع، ط فخري صاحل: املبدأ احلواري تر: تزفتان تودوروف، ميخائيل باختني 2

. 16: ، ص1996 .128: ، صمعجم السردياتجمموعة من اللغويني، و حممد القاضي 3


50

وتقيم اجلمل فيما بينها يف اخلطاب ... لة إىل أمساء أعالم وأمساء ونعوت، وأفعال ونعوتهذه اجلم

؛العالقة املنطقية :أنظمة أو عالقات هي ةالسردي وغريه، أمناط عالقات كثرية، تنتمي إىل ثالث

والعالقة .لمون للصالةأذن املؤذن لصالة الفجر فهرع املس: يرتبط السبب بالنتيجة مثل قولنا وفيها

تتمظهر يف الرواية ويف الشعر، وهي عالقة توازي تدل على أن ،وهي أساسية ومهيمنة ؛املكانية

هي عالقة تقوم على جمرد التعاقب و ؛العالقة الزمانيةو . وأن أخرى سرتوى فورا ،حكاية قد رويت

.1يف الزمان، وجندها يف القصة والرواية

:ةمفهوم الجملة الحواري -ب

اجلملة احلوارية هي مجلة تدخل ضمن بنية السرد، و هي ذات عالقة باجلمل السردية

قد تكون امسية أو و .أخرىمن جهة، وهلا عالقة باجلمل احلوارية األخرى من جهة األخرى

األمر أو التعجب أو ها ختتص باحلوار، وقد تكون إنشائية تفيد معىن االستفهام أوفعلية، لكن

.كنها أن تكون إخبارية إذا أفادت معىن الشرط والتوكيد وغريمهاالنداء ومي

ا تقوم من خالل كالم واجلملة احلوارية هي تلك اجلملة اليت يستلزمها السرد احلكائي؛ أل

أشخاص احلكاية مع بعضهم، وغالبا ما تتم بني طرفني متحاورين، وهي مبثابة حلقة وصل بني

يدور يف خلد جأ إىل عرض احلوار حىت يكشف عن بعض ماالسارد يل أحداث احلكاية؛ ألن

.الشخصيات املتحاورة

ي إىل متاسك وحدات النص ا تؤد ووظيفة اجلمل احلوارية يف النص السردي مهمة، حيث إ

<< و ل على القارئ معرفة أحداث القصة الروائيةومتكن الشخصيات من عرض األحداث، وتسه عدة وظائف خاصة ا، جتعل منها مجلة مرتبطة بسياق احلكاية الك اجلملة احلوارية بدورهمت

.129: معجم السرديات، صجمموعة من اللغويني، و حممد القاضي 1


51

وحمددة لرؤية سردية مقرتنة ا، وما ينبغي التنبيه إليه هو طبيعة تلك العالقة اليت ختص اجلملة

.1>>احلوارية يف عالقتها باجلمل حوارية األخرى

لرواية أن يسلخ ا احلوار يسهم يف متاسك الرتكيب السردي، وال يستطيع كاتب والشك أن

احلركية والتبادل تكون خالية من وافة ومشوهة؛ جألا ستبدو قصة مباشرة ؛احلوار من حكايته

.اللفظي احلواري

، وميكن الشخصيات من عرض احلوار جيعل الرتكيب السردي متماسكا والثابت أن

وار استلزاما ال ، ويسعف القارئ يف فهم احلدث القصصي، لذلك يعترب جل النقاد احلاألحداث

.بد أن يطبع القصة احلكائية

:أنواع الجملة الحواريةج ـ

:إىل عدة أصناف من حيث نوعها وآخرون اجلمل احلوارية يصنف عبد الفتاح احلجمري

:الجملة الحوارية المباشرة 1

تنجزان الفعل احلواري بشكل و ،الكالم أو أكثر، تتبادالنتنيعلى شخصي ويقوم هذا النوع

وهناك أمثلة كثرية من هذه اجلملة يف كل الروايات العربية والغربية ويف حياتنا اليومية، وجند .2باشرم

حلوار الذي يدور بني روايات حممد مفالح غنية ذه اجلمل، ومن أمثلة ذلك ما يظهر يف هذا ا

:خلضر وزوجته

، املغرب ، الدار البيضاء1، ط ، شركة النشر والتوزيعالتخييل وبناء اخلطاب يف الرواية العربية ،عبد الفتاح احلجمري 1 96 :، ص2002

. 97: احلجمري، التخييل وبناء اخلطاب، ص د الفتاحعبينظر 2


52

...قل يل مىت تؤدب ذلك الصعلوك ؟ سيقتلين يا رجل <<

:تنهدت ميينة قائلة حبنق .. رجال أصبح يوسف -

.أعلم ذلك -

" .علي ولد اخلري"سأجن، البارحة يف عرس محو اعتدى على -

:وقال هلا بلهجة هادئة

سينتهي املشكل خبري، إنه صديقه ، أليس كذلك ؟ -

.1>>سيشكوه اخلري إىل الشرطة إذا مل تتدخل لتسوية املشكلة -

ل حوارية إخبارية ب من مجيرتك أنه ته شخصيتان،الذي أد ويظهر يف هذا احلوار االجتماعي

أقل هذه اجلمل احلوارية املباشرة ؛ والشك أن )أعلم ذلك ،سينتهي املشكل ، سأجن(مباشرة مثل

يتني ي وظيفة توايل األحداث بسرعة، فهي خترب عن حديث يدور بني شخصا تؤد ما يقال عنها أ

.أو أكثر دون إطناب أو إطالة

:الجملة الحوارية المنقولة – 2

وثيقة الصلة بسياقات السرد وحمافظة على تركيبها <<النقاد كما يرى معظم وهي مجلة

ا مجلة منقولة الستجابتها لوجهة نظر السارد أو الشخصية الروائية ، مما جيعلها مجلة التلفظي إ

.2>> ةموقع إحايل على موقف أو قول أو فعل يهم السارد أو الشخصي

. 79: ، عائلة من فخار، صحممد مفالح 1 .98: التخييل وبناء اخلطاب، ص ح احلجمري،عبد الفتا 2


53

ا مجل ويتواجد هذا النوع من اجلمل يف سرد حممد مفالح وغريه بكثرة، ونستطيع القول إ

ا إعادة ملا جاء يف السرد، وقد نقلت هذه اجلمل موقف السارد أو شخصية من غري مباشرة؛ أل

بل تكمله وتضفي ؛ عن وجهة نظرها، وليست مجال مستقلة عن السردشخصيات الرواية لتعرب

:عليه مجالية خاصة، ومن أمثلتها ما يبدو يف هذا املقطع احلواري بني يوسف ووالده خلضر

.ف جيدا ما ينفعينر أنا اليوم عمري سبع وعشرون سنة، أع -<<

:اهللا يهديك يا يوسف، مث أضاف له قائال دوء -

.نت من عائلة ولد الفخار احملرتمةولكنك ال تعرف بأنك ضائع، وأ -

: ح يوسف متهكما وصا

. 1>> مل أجد من ينقذين من عائلتكم حىت أعود إىل رشدي-

صلة هذه اجلمل املوظفة يف هذا احلوار هي مجل منقولة عما قبلها، وهي مت ويظهر جليا أن

بسياقات السرد، وتشري إىل تفكك عائلة ولد الفخار، وعزوف االبن عن طاعة والده، وهي مجل

األب الذي سئم احلياة االجتماعية، فأحب التصوف والعلم حيث كان رد فعله حتيل على موقف

سراه وأطرق حلظة، ومل يرد على كالم ابنه مث دفع باب غرفته أنه سوى عمامته الصفراء، بي

.2الغرفة وامك يف مطالعة كتب التصوف وتراجم األولياء الصاحلني خلباخليزرانة، ود

21: حممد مفالح ، رواية عائلة من فخار، ص 1 .21: حممد مفالح، رواية عائلة من فخار، ص 2


54

:التامة الجملة الحوارية غير – 3

وهي مجلة غالبا حتيل على فكرة أو موقف، أو خرب نفهمه منت خالل احلكاية، وتنتهي

بنقط حذف، وهنا إشراك للمتلقي ليتم الفكرة وميأل الفراغ، ويؤول املوقف لكن ال خيرج عن

السياق العام للحوار، ومن أمثلة هذه اجلمل ما جنده يف رواية الوساوس الغريبة من خالل احلوار

:الدائر بني عمار احلر و نصرية التل

...أريد رأيك يف زميلك عبد احلكيم الوردي - <<

:وتوقف عن الكالم ، تذكر شيئا مهما وهو أنه مل يقدم نفسه فقال هلا معتذرا

...نسيت أن أقدم نفسي -

...أنا -

:وقاطعته نصرية التل

وة ؟، صاحب مكتبة الربأعرفك ألست عمار الكتيب -

أين التقينا ؟... -

>> كنت تزور ثانويتنا إللقاء احملاضرات وتنشيط الندوات -1.

وهذه اجلمل احلوارية غري تامة ، ميكننا أن نسد تلك الفراغات، فنقول يف اجلملة األوىل

) .ذلك الرجل املرتفع عن الناس ( مثال عبد احلكيم الوردي

.33، 32: ، صبةحممد مفالح، رواية الوساوس الغري 1


55

الذي حيب املثقف ، أنا عمار احلر األستاذنفسي نسيت أن أقدم: ملة الثانية ونقول يف اجل

.الكتب

ويلحظ أن حممد مفالح قد قطع أواصر هذا احلوار، ومل يرتكه متواصال يف بنية خطية

تني، ر فقد جعل السارد يشرح ويتدخل ليفيدنا ببعض املواقف املتعلقة بالشخصيتني املتحاو ؛متصلة

.كمل السرد مث يعود للحوار ليتممهكما كان ي

:الجملة الحوارية ذات الفعل التلفظي –4

وهي مجلة هلا خاصية شفوية تشرتك ا ضمن الصيغ النصية؛ أي حتيل على موقف شفوي

:مميز يظهره سياق القصة، وهي مجلة ذات نوعني من أفعال التلفظ

: فعل تلفظي لغوي -1

ة من التعابري الشفوية ، وقد يعرب الفعل التلفظي عن بعض ويرتبط بتوظيف املتكلم موع

، هه ؟ ، ... أوه ( ومن أمثلة ذلك مواقف الفرد من حيث القبول والرفض و االعرتاض والتأييد

من خالل ) رواية عائلة من فخار(، ومن أمثلة ذلك ما وجدناه يف ... )،آه ...، إيه ، إيه ! أف

:قول األم البنها

: خالك وقول يوسف يف موضع آخر إنه .. صه

.1وعالم أندم يف هذه احلياة القذرة ؟.. هه .. ؟ .. الندم

.44، 24، ، املصدر نفسه، رواية عائلة من فخارحممد مفالح 1


56

ومثل هذه الكلمات اليت تتألف منها اجلمل احلوارية ذات الفعل التلفظي قليل يف روايات

بني حممد مفالح؛ ألنه كان حيكي بضمري احلكي، ويسرد التفاصيل ويعيد عرض احلوار

.شاء لسارد يتدخل، فيقطع احلوار ويشرح ماالشخصيات وكان ا

:فعل تلفظي متكرر – 2

املتلفظ واملتلفظ إليه ملقاصد مراعاة اجلملة احلوارية تركيب تعتمده <<عبارة عن وهو <<

طيب طيب، أو الشك الشك، أو : وللفعل التلفظي املتكرر وظيفة تأكيد أمر ما كقولنا . 1

.نعم نعم

ة املتكررة قليلة يف حوار شخصيات حممد مفالح الروائية؛ ألنه كان يعرض واألفعال التلفظي

احلوار بطريقة مباشرة حبيث أنه كان جيعل املتحاورين يثقان فيما يقوالنه دون احلاجة إىل تكرار أو

.تأكيد الفعل التلفظي احلواري

األخري أن السارد كان الروائي خيتبئ خلف السارد، إليهام القارئ؛ فيظن هذا وغالبا ما

و إذا كان الكاتب ميثل الذات األوىل يف الرواية، فإن السارد ميثل . والكاتب شخصية واحدة

الذات الثانية اليت تتواجد يف امللفوظ الروائي، والسارد شخصية ومهية يوظفها الكاتب ويوكل

حوار الشخصيات، إليها وظائف كثرية تؤديها ومنها، سرد األحداث، وتوزيع األدوار، وإدارة

.وتقدميها أثناء احلكي

.100: ، صوبناء اخلطاب يف الرواية العربية، مرجع سابقعبد الفتاح احلجمري، التخييل 1


57

ويعطي بعض يضئ بعض اجلوانب اخلفية يف احلكاية، -باإلضافة إىل ذلك كله- السارد كما أن

وفكره وفلسفته ختدم الكاتب غالبا ماويعرب عن وجهة نظر معينة املعلومات املتعلقة بالشخصيات

.وختالف رأيه تعارضه لماوق

وال هو املعاصرة، فال هو ميثل السارد دا، مستقال خصوصا يف الروايات الكاتب حماي و قد يكون

. ميثل أي شخصية من شخصيات القصة، بل ميثل موقفه اخلاص ال غري

:ـ الحوارية من خالل التناص د

أن النص ينفتح على نصوص خارجية عنه؛ سواء أكانت تلك النصوص أدبية أو ويقصد به

سردي جيسدوالنص ال. 1يتعايش مع باقي األجناس والفنون األخرى ؛ ألن اجلنس الروائيغري ذلك

الكرمي نصوص أدبية خمتلفة كالشعر واألمثال واحلكم والقرآن اتتفاعل فيه والروايةذلك بامتياز؛

.الشريف واحلديث

وال يورد الكاتب تلك النصوص عرضا دون قصد؛ فهي أجزاء مهمة تسهم يف تشكيل

البا ما ترد على ألسنة الشخصيات اليت تتفاعل وتدخل يف حوار ونقاش؛ فتذكر خطابه الروائي، وغ

وقد اعتربت جوليا كريستيفا أن . تلك النصوص وتوظفها كرباهني وحجج تقوي آراءها ومزاعمها

ترحال للنصوص وتداخل نصي، ففي فضاء نص معني تتقاطع وتتناىف <<امللفوظ النصي هو

>> وص أخرىملفوظات عديدة مقتطعة من نص2.

.90: عبد ايد احلسيب، حوارية الفن الروائي، ص 1 .21: ، ص1997، الدار البيضاء، املغرب، 2توبقال للنشر، طفريد الزاهي، دار : ، علم النص، ترجوليا كريستيفا 2


58

:ـ مفهوم التناص 1

فرع من فروع احلوارية اليت أسسها ميخائيل باختني، وهناك Intertextualité التناص

تودوروف بأن اخلاصية املهمة للملفوظ هي .. مفهوم احلوارية معادال للتناص، ويؤكد<< من يعترب

السابقة املشغولة بنفس تحواريته أي بعده التناصي؛ فكل خطاب يدخل يف حوار مع اخلطابا

>> ، كما يدخل يف حوار مع اخلطابات الالحقةاملوضوع1.

ومن الصعوبة مبكان تصنيف هذا املفهوم ضمن مدرسة دون أخرى، أو إدماجه يف حقل

معريف ولغوي دون آخر؛ ذلك ألن الكثري من املناهج النقدية احلديثة تشتغل عليه ضمن أدواا

.لنصوص األدبيةأثناء حتليل ا اإلجرائية

ويشري بعض الدارسني إىل أن التناص مفهوم موجود يف النقد القدمي عند الغربيني من

خالل التمييز بني أنواع من العالقات القائمة بني النصوص؛ ومن املصطلحات املستخدمة آنذاك

ا جند يف كم). parodie(واملعارضة، واحملاكاة الساخرة ) plaget(األخذ غري املعلن، والسرقة

االنتحال والسرقة : النقد العريب القدمي يف كتب املوازنة بني الشعراء الكثري من املصطلحات ومنها

.2واألخذ والسلخ واالحتذاء واالتفاق والنقل واملعارضة

نفس املدلوالت، وما نلحظه، أن هذه املصطلحات متشاة عند العرب والغربيني؛ وتعين

وكلها تعين أن نصا ما متضمن . ال من خالل الرتمجة اليت قد تشوه داللتهاوال تكاد ختتلف كثريا إ

.يف نص آخر، من خالل معارضته أو التأثر بفكرة أو عنوان أو غري ذلك

. 94،95: عبد ايد احلسيب، حوارية الفن الروائي، ص 1 .113: ، صمعجم السردياتحممد القاضي و جمموعة من املؤلفني، 2


59

<<ومن هذا املنطلق .1وقد أعلن روالن بارت أن التناصية قدر كل نص مهما كان جنسه

ر، صاف، خال من آثار املالمسات أمجعت الرؤى النقدية اجلديدة على نفي وجود نص بك

>>النصية2.

ويتمظهر التناص يف النصوص الشعرية والروائية واملسرحية بوضوح من خالل كلمة أو مقولة

ويرى ميخائيل باختني .أو عنوان أو غري ذلك عن طريق تأثر كاتب بآخر سبقه يف شيء من ذلك

شخصة لكل خطاب حي يفاجيء التوجيه احلواري هو بوضوح ظاهرة م<< من جهة أخرى أن

اخلطاب خطاب اآلخر بكل الطرق اليت تؤدي إىل غايته، وال يستطيع شيئا سوى الدخول معه يف

>>تفاعل حاد وحي3.

ويقصد بالتفاعل؛ أن كل نص حياور نصا آخر ويعارضه، حماوال إعادة توجيهه ونقده، لكن

ملعارض مبقولة أو فكرة آلخر ذلك ال ميكن أن يكون يف كل احلاالت؛ فقد يعجب الكاتب ا

إال إذا كان باختني يتحدث عن النص النقدي . فيقتبسها منه، وال يتعرض له بالنقد والتجريح

.ونقدهااألدبية الذي يتعرض فيه الناقد بالدرس والتمحيص والوصف ملختلف النصوص اخلالص،

هو يف احلقيقة ويرى باختني من جهة أخرى أن كل تلفظ حىت يف شكله املكتوب، اجلامد

وميكن أن منثل لذلك بالسرد الروائي الذي يقيم حوارات متعددة مع . 4جواب على شيء ما

.خطابات كثرية

.96: ، ص1988، 3حممد خري البقاع، العرب والفكر العاملي، بريوت، عدد : روالن بارت، نظرية النص، تر 1، إشكالية املصطلح، يف اخلطاب النقدي العريب اجلديد، الدار العربية لعلوم ناشرون،منشورات االختالفيوسف وغليسي، 2 .390: ، ص2008 اجلزائر ،1ط .125: ص،1992، بريوت، 2سسة العربية للدراسات والنشر، طاملبدأ احلواري، املؤ : تزفتان تودروف، ميخائيل باختني 3 .392شكالية املصطلح يف النقد العريب اجلديد، ص إ ،ليسي يوسف وغ 4


60

مبدأ احلوارية، ومل يذكر مصطلح التناص؛ حيث تلتقي نصوص كثرية يف إىلوهو يشري

الكرمي فنا القرآناخلطاب الروائي الواحد مثلما رأينا يف النصوص الروائية حملمد مفالح؛ حيث صاد

من النصوص اليت غريهاواألمثال واألغاين والقصائد الشعبية، و واحلكم النبوية الشريفة ديثحاواأل

تتداخل وتدخل ضمن بنية لغة النص الروائي، وجتعل يف األخري النص املكتوب يتحاور مع تلك

. دت يف املكانالنصوص املختلفة، إا تتالقح وتتحاور مهما اختلفت يف الزمان وابتع

:ـ أنواع الحوار الروائي 2

: ـ الحوار الصوفي 1

املنهج الصويف مذهب عريق يف اإلسالم، ويذكر بعض الصوفية والدارسون املهتمون ذا

التصوف يف معناه يتنازعه معنيان األول حقيقي وهو املوت، واآلخر << املنهج الديين أن داللة

... األهواء وفضول الرغبات بغية استخالصها هللا عز وجل جمازي وهو موت النفس بفطامها عن

فاقرتن هذا املذهب مبجاهدة النفس وتصفيتها من شوائب الدنيا بالزهد والتواضع هللا، واإلقبال

>> عليه دون سواه1

اإلقبال على اهللا سبحانه وتعاىل بالعبادات والطاعات، ويدعو هذا املذهب الديين إىل

.ء والشهوات وترك ملذات الدنيا الزائفةواالبتعاد عن األهوا

فالروائي حممد مفالح حياور هذا املذهب اإلسالمي يف بعض رواياته من خالل الشخصيات

أو من خالل التعبري عن زهدها السردية اليت جندها تدعو هلذا املنهج، أو تعرب عن تعلقها بالصوفية

جند بصمات الصوفية ) عائلة من فخار(ة ففي رواي. يف الدنيا وزخرفها واإلقبال على الطاعات

جامعة آل البيت، 1أمني يوسف عودة، تأويل الشعر وفلسفته عند الصوفية، عامل الكتب احلديث للنشر والتوزيع، ط 2 . 10: ، ص2008األردن،


61

ميارس طقوس هذا املذهب من خالل قول ) خلضر ولد الفخار(مطبوعة يف صفحاا فشخصية

:السارد

لزيارة أضرحة األخيار لقد أصبح خلضر يقضي جل وقته يف الزاوية أو يسافر إىل منطقة جبل <<

، أو يدخل غرفته وينهمك يف تالوة القرآن الكرمي أولياء اهللا الصاحلني أو للتعبد يف مغارة وادي مينة .1>> ومطالعة كتب التصوف وترديد األذكار واملدائح الدينية، وال يهتم مبا جيري يف البيت ،

ال تم مبا جيري يف اتمع، وال تفكر يف الرزق والثراء، وال يهمه ) خلضر(لقد كانت شخصية

هذه الشخصية للتعبري عن ووظف الروائي. تعلق به دون سواهأمر البيت؛ ألنه نذر حبه هللا وال

مبا فيها واالنغماس يف الطاعات الصوفية، وأقام حواره مع هذه الفرقة اليت تدعو إىل تطليق الدنيا

.والزهد والتعبد

بعض أعالم الصوفية، ويقيم معهم حوارا حوارية خاصة، متتد ويستحضر السارد يف الرواية نفسها

ىل عهد قدمي؛ وذلك من خالل حب بعض الشخصيات الروائية لبعض الصوفيني، خيوطها إ

، مجع أمسك بالكتاب الذي استعاره من الشيخ املنور<< : ويظهر ذلك من خالل قول السارد

تراجم عديدة عن رجال التصوف منذ عصر الرواد األوائل كاحلسن البصري، مؤلف الكتاب

لقد قرأ الكتاب مرارا، ...ي، وسيدي عبد القادر اجلياليل واحلالج، ورابعة العدوية، والسهرود

ولكنه ظل منجذبا إىل سري رجال الصوفية واألولياء الصاحلني الذين وصلوا إىل أعلى املراتب يف

.2>> العبادة والزهد والتعفف والتأمل

.92 :ص ،2008، وهران 1حممد مفالح، رواية عائلة من فخار، دار الغرب للنشر والتوزيع ط 1

.77:ح، رواية عائلة من فخار، صحممد مفال 2


62

ن يستحضر أعالم الصوفية، وحياور مذهبهم م) خلضر(لقد كان السارد وهو خيرب عن شخصية

خالل ذكر مبادئه، فيبدي إعجابه به، وهي حوارية ثنائية؛ ختاطب رجال التصوف وختاطب

.املتلقي من خالل حثه على احرتامهم واالقتداء م وتذكر سريهم

سيدي إبراهيم التازي تلميذ سيدي اهلواري، << لرتمجة ) خلضر(ويظهر ذلك من خالل مطالعة

وعلم اللغة والبالغة، وشاعر اشتهر بقصائد يف الزهد وذم وهو ويل صاحل، وعامل ضليع يف الفقه

. 1>> الدنيا

لقد كان املؤلف من خالل السارد يف هذه الرواية يؤدي وظيفة تعليمية من خالل التعريف

برواد الصوفية، وذكر أهم أعماهلم واإلعجاب بزهدهم وبيان عبادام واألخبار عن ذمهم للدنيا

مقام الزهد؛ وهو التخلي عما يف أيدي الناس من << والصويف يسعى إىل . ائفةوما فيها من نعم ز

.2>> أمالك رغبة يف اهللا تعاىل

يف بعض رواياته من خالل الصويف املذهب يقيم الروائي حممد مفالح حواريته مع و

اتباع<< الشخصيات السردية ويهدف إىل ذكر حماسن هذا املنهج الذي يقوم على الدعوة إىل

أوامر الكتاب املنزل والتحلي بآدابه، وذلك يف سبيل القرب من املتكلم األمسى سبحانه، وهذه هي

طريقة العرفان الصويف الذي هو حضور كلي ومتجدد داخل الشبكة اإلشارية لكلمات اهللا يف

.3>> ... قرآنه

ائية اليت أسند إليها لقد استطاع حممد مفالح أن يعرب عن املنهج الصويف عرب شخصياته الرو

وظائف معينة، وقد أدت أدوارها من خالل السارد الذي كان يرافقها وخيرب عنها وعن كل

.78: صينظر حممد مفالح، املصدر نفسه، 1 2 .12: صأمني يوسف عودة، تأويل الشعر وفلسفته عند الصوفية، 1محمد المصطفى عزام، الخطاب الصوفي بين التأول والتأويل، مؤسسة الرحاب الحديثة للطباعة والنشر، ط 1

. 165: ، ص2010لبنان ، بيروت ،


63

لبا للعلم، وتتصل برجال فكانت تلك الشخصيات الصوفية تقرأ القرآن وتسافر ط. تصرفاا

دنا شخصية فوج. الكاتب هلا ومتارس طقوس الصوفية كما أراد. الصوفية يف تلك األماكن البعيدة

شعلة (يف رواية ) راشد(تؤدي هذا الدور بامتياز، وكذا شخصية ) عائلة من فخار(يف ) خلضر(

.وغريمهاالتارخيية ) املايدة

يلتقي النص الصويف مع اخلطاب الروائي من خالل توظيف الروائي إلحدى الشخصيات و

ويف هذا الصدد يقول ة الكتابة،ويدخل يف تشكيل لغته بدءا من حلظ .اليت متثل هذه النزعة الدينية

>> اآلخرين ذوات يف نسكن بدورنا وحنن اآلخر يسكن يف ذواتنا، <<أمحد يوسف أن ؛1

أي أن النص يدخل يف تشكيله نصوص خمتلفة، غريبة عنه، منها الدينية والفلسفية والشعرية وغري

.ذلك كثري

حيث قرأ كتابا حملمد مفالح) من فخارعائلة (يف رواية ويظهر ذلك من خالل قول السارد

العامل ال تعاديه واجلاهل التصافيه واألمحق ال <<: وأعجب حبكمة صوفية يقول فيها صاحبها

>> تؤاخيه2

وهو ذا ينهل من األدب الصويف إلبراهيم التازي وحياوره بطريقة ذكية مبديا ؛

النص وموجهة ملتلقي تعليمية هنا لكاتب، وغاية اإعجابه حبكمته، وحيث القاريء على االقتداء به

.الروائي

نزعة صوفية أخرى من خالل قول إحدى ) مهوم الزمن الفالقي(وجند يف رواية

:ومد رجليه ورفع رأسه حنو السماء الصافية، ومهس خبوف<< الشخصيات

.181 :ص ،احلوار، املفاهيم واآللياتأمحد يوسف، سيميائيات التواصل وفعالية 1

.78: ص ح، رواية عائلة من فخار،حممد مفال 2


64

أنا عبدك الضعيف، وأنت وحدك القادر على كل شيء فارق يب وال تدعين .. إهلي -

>>وحيدا حتت هذه الشجرة بعيدا عن أهلي أموت1.

والسارد من خالل هذا الكالم حياور الرجل الصويف وجيسد فكره ومعتقده؛ وهذه الشخصية

اليت تعرب عن الفكر الصويف الذي جيعل ذاته قريبة من الذات اإلهلية، وينادي اهللا ويناجيه ويدعوه

. السماء إىلويرقى به ،أن يرفعه إليه

ركب بغلته وجلمها <<لسارد يصرح بذلك من خالل قول إحدى الشخصيات ووجدنا ا

بقوة، وتوجه حنو جهة الزاوية، كان الرجل يداوم على حضور جمالس الزاوية لقراءة أوراد الطريقة

ذا، قد حاور الصوفية من خالل الشخصية السردية اليت متثل يكون املؤلفو . 2>>الصوفية

قد ترك احلرية يف هذه الرواية والكاتب .حضور جمالسها وتتلو أورادها هذا املذهب وتداوم على

. دون أن يتدخل أو يعلق أو يبدي موقفا من ذلك كله لطريقة الصوفيةلللسارد ليعرب عن حبه

ونشري أن املنهج الصويف يدخل ضمن املنهج الديين، لكن حوارية الروائي ختتلف من مذهب

.ياته الروائيةآلخر، من خالل توظيفه لشخص

:ـ الحوار الديني 2

مما جعل اجلزائرية عموما بتوظيف الرتاث الديين على مستويات متعددة لقد اهتمت الروايات

وقد اهتم حممد مفالح يف خطابه . العقيدة اإلسالمية حتتل موقعا مهما يف بنية اخلطاب السردي

رآنية واألحاديث النبوية الشريفة على باحلوار الديين من خالل استحضار بعض اآليات القالروائي

.231: ، مهوم الزمن الفالقي، صحممد مفالح، األعمال غري الكاملةينظر 1 .63: ينظر حممد مفالح، شعلة املايدة، ص 2


65

ألسنة الشخصيات الروائية وكان توظيفه لذلك توظيفا واسعا؛ حيث أصبحت اآليات واألحاديث

.ترسم لنفسها قوالب متعددة، وهي بذلك تدخل ضمن بنية لغة الرواية

يف اخلطاب الروائي؛ وهذا املقدسةمن خالل حضور النصوص الديين ويتشكل هذا التناص

كل ما جيعل النص يرتبط بعالقة ظاهرة أو ضمنية مع <<ما يصطلح عليه بالتعالق النصي؛ وهو

النبوي الشريف واحلديث الكرمي خمتلفة منها القرآن الدينية وهذه النصوص. 1>>غريه من النصوص

ة وخمتلف النصوص األدبي العريب الفصيح وامللحون و الشعراألدبية والشعبية واألمثال واحلكم

وكلها تتمثل الدين اإلسالمي وحتاول نقل تعاليمه السمحة، والغرض منها تعليمي على األخرى

ألسنة الشخصيات اليت وظفها حممد مفالح وأسند إليها األدوار السردية اليت تؤديها يف املنت

.احلكائي

ل جيعوهذه النصوص كلها تدلل على احلوار الذي يزخر به الفن الروائي، ومن خالهلا

ومتكن املتلقي من االطالع . الكاتب تلك النصوص تلتقي وتتحاور بطريقة مباشرة أو غري مباشرة

. تلك النصوص مهما ابتعدت يف الزمان واملكانعلى

؛ ففي رواية اليت درسناها روايات حممد مفالحأغلب يف بقوة ااخلطاب القرآين حاضر جند و

ذات يوم املقربة الذي زار) عباس الربي( شخصية عنجند قول السارد وهو حيدثنا مثال )انكسار(

>>..قرأ عليها سورة الفاحتة خبشوع ودعا اهللا أن يغفر هلا <<وملا وصل إىل قرب إحدى معارفه ؛2

والغاية من ذلك تعليمية، جتعل القارئ حيرتم املوتى ويرتحم عليهم من خالل قراءة سورة الفاحتة

.والدعاء هلم

.100: ، صت، ينظر معجم السرديا، جمموعة من املؤلفنيو لقاضيحممد ا 1 .42: ينظر حممد مفالح، رواية انكسار، ص 2


66

بعض اآليات ذكر وجند لالختصار، فقط السورة بذكر اسم السارد وقد اكتفى

إنا لله وإنـا إليه راجعون (( :عدة مرات وقوله )) كـل نـفس ذائـقة الموت (( << :يف قولهالكرمية (( <<1.

نيته؛ وكان املقام الذي ودخلت يف ب. ولفظ سورة الفاحتة بالنص الروائي تنيوقد تعالقت اآلي

<< ف والرتحم على املوتى؛ هو زيارة الشخصية للمقربة القرآينالنص ستحضرجعل السارد ي

دائم لتجاوز ذاته واالنفتاح على الظاهرة األدبية، والبحث عن نصوص أخرى حراك النص يف

>> يتفاعل معها مث يتجاوزها لنحت وجوده النصي اخلاص2.

املختلفة تؤدي حبضورها إىل تشكيل لغة النص السردي، فيغدو نصا أي أن تلك النصوص

جديدا مركبا منها، وال يستطيع أن يستغين عنها؛ ألا أصبحت جزءا منه منذ حلظة الكتابة، وهي

وجعله قابال للحوار مع غريه من النصوص األخرى هتسهم بالتايل يف إغناء النص واستمراريت

.السابقة عليه

وهو جزء من احلوارية يف النص الواحد التعدد الصويت والتعدد اللغوي صد به وهذا ما يق

وآلية من آلياا، وهي مرتبطة ببعضها البعض ارتباطا وثيقا، كما أا مرتبطة ببعض األجناس

حتقق يف األخري التالقي والتفاعل بني النصوص القدمية كلها األدبية الفنية واملعرفية الدخيلة، و

وال تعرتف احلوارية بتباعد احلدود والزمان ألن . 3من خالل احلوارية النصية اجلديدةوالنصوص

كل نص اآلخر من خالل تعدد اللغات واألصوات، وهذا ييف تشيسهم النصوص تلتقي وكل منها

.ما يظهر جبالء يف النصوص الروائية

.42،43: رواية انكسار، ص حممد مفالح، 1 .10: صت، ، معجم السردياجمموعة من املؤلفنيو حممد القاضيينظر 23 .125: ، صمرجع سابقبعيو نورة، الخطاب الروائي عند عبد الرحمن منيف،


67

يف رواية هوجدناما يف النص الروائي حملمد مفالح أيضا من أمثلة حضور النص القرآين و

ولكن علينا إعداد املعدات واألسلحة وهذا ما << قول السارد ومن ذلك التارخيية )شعلة املايدة(

ة ومن رباط الخيل تـرهبون بـه ( (<< به القرآن الكرمي أمر ن قـوا استـطعتـم موا لهم موأعد اهللا وعدو كم عدو ( (<<

1.

الغاية هي نقل كالم الشخصية بصدق أوال لبومل حيضر الكاتب هذه اآلية دون قصد؛

هذه وبالتايل يتضمن النص الروائي احلجاج فوإبراز العقيدة والدين اإلسالمي الذي تؤمن به ثانيا،

لني، وحترير الوطن سكان بفكرة اجلهاد ضد الغزاة احملتاآلية الكرمية متثل حجة الشخصية إلقناع ال

املعروف بالورع ) الطاهر بن حوى(هي خصوصا إذا ذكرا شخصية تارخيية بارزة .من االستعمار

.والزهد والتدين

الشيخ أيضا على لسان شخصية الشريفة كما ذكر حممد مفالح بعض األحاديث النبوية

ا ذكر بعض األحاديث كم<< :، وذلك من خالل قول السارد)شعلة املايدة(أبو طالب يف رواية

رابط يف سبيل اهللا يوما وليلة كانت كصيام شهر وقيامه من: (النبوية اليت حتث على الرباط، ومنها

.2>>.) وأمن الفتان وأجرى عليه رزقهفإن مات جرى عليه عمله الذي كان

ويظهر من خالل إيراد السارد هلذا احلديث الشريف، أن الكاتب مهتم باجلانب الديين،

وصا عندما ربطه برجل الدين الذي كان يعظ الناس وحيثهم على التمسك باإلسالم وحيظهم خص

. من أرض اجلزائر على اجلهاد يف سبيل اهللا لطرد الغزاة املستبدين

.94: ينظر حممد مفالح، شعلة املايدة، ص 1.186:، ص2013حممد مفالح، شعلة املايدة وقصص أخرى، أيدكوم للنشر والتوزيع، دون رقم الطبعة، اجلزائر، 2


68

وحيتل املضمون الديين مساحات واسعة يف الروايات املغاربية، وميكن حضور البعد الديين

تتواجد يف النصوص الروائية على اختالف توجهات أيضا من خالل املفردات الكثرية اليت

ترحم على الفقيد، استغفر اهللا، املغفور له، : أصحاا؛ ففي روايات حممد مفالح جند الكثري منها

التكبري، الصالة على النيب، اهللا أكرب، اجلهاد، صلى على : وجند كذلك قوله. 1املوت يرتبص به

.2...حممد وعلى آل حممد

ات واملصطلحات الدينية عبارة عن مؤشرات للحوار الديين، واستحضرها حممد وهذه الكلم

.هوشكلت حضورا فاعال يف املنت الروائي عندمفالح يف خطاباته الروائية

حوارا جيسد تلك املصطلحات الدينية من خالل قول ) شعلة املايدة(ووجدنا يف رواية

:السارد متحدثا عن الشيخ وهو خياطب الطلبة

مث التفت حنو الطلبة . وركز وجهه يف وجه ابنه هين. م عن التحرير األول ملدينة وهران تكلمث<<

:وخاطبهم قائال

وأنا مستعد لقتال الغزاة الذين عاثوا الفساد باملساجد وأضرحة العلماء . سأرافقكم إىل الرباط -

. والصلحاء

:وبعد ذلك أشار إىل حممد الشلفي أن يتقدم وقال للطلبة

.نا ابننا النجيب أرجوزة الشيخ احللفاوي الذي خلد ا الفتح األول لوهرانسيسمع -

...وأنشد األرجوزة بصوته الرخيم. قفز حممد الشلفي واقفا مث جلس قرب شيخه

.105: حممد مفالح، رواية انكسار، مرجع سابق، ص 1

.28:، صشعلة املايدة وقصص أخرى حممد مفالح،ينظر 2


69

أدى الطلبة صالة الفجر خلف الشيخ أيب طالب، وتلوا معه سورا من القرآن الكرمي ومنها سورة

.1>>... العصر

اهتمام الكاتب باجلانب الديين، وذلك من خالل كالم الشيخ أيب هذا احلوار ويظهر لنا

طالب مع طلبة القرآن الذين كان حيثهم على اجلهاد وحيمسهم للقاء أعداء الدين والوطن، وما

صالة الفجر، تلوا : يدلل على ذلك استخدام السارد للمصطلحات الدينية والكلمات القرآنية مثل

. الكرمي، سورة العصر، عاثوا فسادا باملساجد وغري ذلكسورا من القرآن

باملضمون الديين << واهتمت الروايات املغاربية عموما يف حواراا مع العقيدة اإلسالمية

وأعلت من شأنه، لكونه حافزا مهما يف تفسري الكثري من الظواهر االجتماعية والبناء الفكري

، ولدوره اخلطري يف تشكيل الوعي الفردي واجلماعي، ونظرا لألفراد واجلماعاتوالتطور احلضاري

.2>>اجتماعي الفعال-بنائي والسوسيو -لدوره السوسيو

دوره الفعال يف اتمع؛ سواء يف الربهنة على خمتلف القضايا أو اإلسالمي له أي أن الدين

حلديث الشريف والدعوة إىل لألفراد، أو من خالل تعليم القرآن وا من خالل توجيه السلوك العام

يف اخلطاب الروائي ويشكل بنية مهمة من كله وينعكس ذلك. اجلهاد على ألسنة الشخصيات

.بنياته املختلفة

.187،188: د مفالح، شعلة املايدة وقصص أخرى، صحمم 1

.312: سليمان قوراري، مجاليات الرواية املغاربية، مرجع سابق، ص 2


70

تتالقح فيها عدة فنون << ويرى سليمان قوراري من جهة ثانية أن الروايات املغاربية عموما

األسلوب الشعري، واألسلوب الفلسفي، ومعارف بفضل التعددية اجلملية واألسلوبية؛ فنلفي فيها

.1>>واألسلوب التصويري، واألسلوب احلواري

وهذا ما يدل على حوار اخلطاب الروائي مع خمتلف الفنون األخرى، ألن النص الروائي هو يف

من خالل والفلسفات احلقيقة خطاب هجني، تشرتك فيه الكثري من اللغات واألصوات والرؤى

اب واملبدعني واحلكماء والشعراء وغريهم وكلها ختتلف يف رحاب ما يصطلح الكت تعدد أساليب

أو التعالق النصي وغري ذلك من املصطلحات اليت تدل يف النهاية ،عليه النقد احلديث بالتناص

.على تشكل النص الواحد من نصوص كثرية

:ـ الحوار التاريخي 3

، خصوصا تاريخ الفرتة اليت استعمرت هتم حممد مفالح بتوظيف التاريخ يف بعض رواياتها

، وأراد بذلك أن ينقل واقع تلك الفرتة، وأن يؤرخ لبعض احلوادث واملعارك احلربية؛ قدميا فيها اجلزائر

<<: نقرأ التاريخ االستعماري القدمي للجزائر، ومن ذلك جند قول السارد) شعلة املايدة(ففي رواية وانتظر . قتيل 8000ظة، ازم العدو االسباين خملفا ويوم احلراش الذي عاشه راشد حلظة حل

300استشهد ..م خملفني عتادهم احلريب الضخماالسبان األحياء قدوم الليل ليفروا إىل مراكبه

جماهد جزائري، وكان من بينهم الشيخ جماهري، واملؤذن علي الزروايل، والطالب الصادق الراشدي،

د العسكري، وقد أصيب حممد الشلفي برصاصة يف ذراعه وعواد الفلييت، وأمحد الفلييت، وأمح

>> اليسرى فعاجله طبيب البايلك يف حينه2.

.393: ، صاملرجع نفسهسليمان قوراري، مجاليات الرواية املغاربية، 1

.46: ينظر حممد مفالح، شعلة املايدة ، ص 2


71

لقد تعالق التاريخ بنصوص الرواية، ودخل معها يف حوار؛ وقد استعار حممد مفالح

الباي األكحل، الباي حسني بن خري الدين، ( شخصياته من التاريخ اجلزائري القدمي ومنها

وكان يستحضر التواريخ اليت غزيت أو حررت فيها . وغري هؤالء كثري) اجللودي الداي، اآلغا

.البلدان اجلزائرية قدميا؛ وكلها مؤشرات تدل على تناص الرواية مع التاريخ

وترى جوليا كريستيفا أن التناص التارخيي يتمظهر من خالل التداخل النصي؛ فمن خالل

وهذا معناه أن كل نص ما هو إال فضاء .1واالجتماعيةبناء كل نص تظهر معطياته التارخيية

رحب تلتقي فيه جمموعة من املواقف والشواهد واألفكار املختلفة، والنص ذا املنطق بناء هجني

. غري صاف؛ فهو يتشكل من نصوص سابقة عليه

مثال ليست تارخيا خالصا لكنها حتوي بعض احلقائق والشواهد )شعلة املايدة(ورواية

وتتكيء الرواية املغاربية .لنصوص التارخيية، مثلما حتوي نصوصا دينية وتراثية وصوفية وغري ذلكوا

.2على التاريخ وسجالت الذكريات جاعلة منها بؤرة هلا

ق التواصل الفكري والثقايف والسياسي؛ ألن النص يدخل يف حوار مع النص عم ي وكل ذلك

فيستدعي الذاكرة التارخيية، ويسلط ؛ تباعدمها يف املكانالسابق عليه رغم اختالفهما يف الزمان و

.األضواء على قضايا مهمة مثل االستعمار وغري ذلك

خيفي يف طياته نصا آخر؛ وهو ال خيفيه متاما <<وبناء على هذه املسلمة، فكل نص أديب

ص بل يدعه جليا إىل حد ما؛ فيمكن من خالل شفافية الكتابة أن نرى النص األول طي الن

.22: د الزاهي ، صفري: جوليا كريستيفا، علم النص، تر 1 .377: ، صمرجع سابق سليمان قوراري، مجاليات احلوارية يف الرواية املغاربية 2


72

الثاين؛ وبذلك تغدو القراءة عملية مزدوجة يظهر فيها النص القدمي من وراء أستار النص

>>اجلديد1.

بقوة؛ وذلك من خالل حوارا جيسد احلوار التارخيي) عائلة من فخار(وجند يف رواية

دك أصبح والـ << . حول موضوع يهتم بتاريخ اجلزائر القدمي )يوسف( ابنها مع )ميينة( حديث

عبد القادر، ويف ثورة سيدي لزرق الذي شارك يف ثورة األمري) يوسف الكبري(مهتما بسرية اجلد

..بلحاج

:وصاح يوسف بغضبـ

...ال أهتم بسريته، حنن يف زمن آخر لو يبعث يوسف الكبريـ

" سي يوسف الكبري"الذي كان مفخرة الدوار؛ كان ال تنس أن والدك مساك باسم اجلد الكبري

أجربت اليت فرنسا فقد رفض أوامر" سي املهدي"والدك أما جد جيش األمري؛ اهدا يف جم

بين "يف انتفاضة " فليتة"بل مترد مع أهل قبيلة ،العاملية احلرب يف على التجنيداجلزائريني

>> "شقران2.

المها مع م التاريخ من خالل كعل وقد حتولت شخصية ميينة إىل راو ثان، ألا كانت ت

كما أن شخصية يوسف ترمز لفئة اجتماعية ال يهمها التاريخ املشرف ألبطال اجلزائر، ).يوسف(

.وهدفها مادي، فهي ال تؤمن إال بامللموس واملنفعة الذاتية

.100: ، صحممد القاضي وجمموعة من املؤلفني، معجم السردياتينظر 1 .40،41: ينظر حممد مفالح، رواية عائلة من فخار، ص 2


73

بعض الشواهد واملواقف التارخيية؛ فمحمد مفالح يهدف السرتجاع ويظهر لنا هذا احلوار

إىل أقرب << غريها و الرواية هذهو االستعمار الفرنسي؛ إبان فرتة البطويل اجلزائري التاريخ

>>الوثيقة التارخيية، تسجل حقائق وتعكس واقعا، وحتمل رؤية تصور1

وهو حياور ذلك الزمن؛

األمري (وقد استعاد بعض أبطال اجلزائر ومنهم . وغايته تعليم التاريخ على لسان الشخصية الروائية

؛ وهي شخصيات تارخيية حتاور معها الروائي وأدجمها )املهدي، ويوسف الكبريوسي عبد القادر،

بأنه يقرأ رواية واقعية أو القارئوغايته هي إيهام . يف نصوصه السردية كشواهد على تلك الفرتة

.جعله حيس أنه يعيش أحداث القصة على األقل

ييلية للواقع والتاريخ، موازاة العمل الروائي، موازاة إبداعية فنية خت<< وهناك من يرى بأن

على النقل الواقعي التسجيلي للحوادث، وإمنا تنزع إضافة إىل ذلك إىل فاعلة؛ مبعىن أا ال تقتصر

>>البحث يف حلول مأزق الكائن يف املكان؛ أي أن النص الروائي وجد ليمثل الواقع والتاريخ 2

ه، والبد للرواية أن تستحضر الذاكرة اجلماعية معا؛ ألن اإلنسان له حاضر يعيشه، وله تاريخ حييا ب

لت على عاتقها مهوم محإىل ذلك كله فالرواية وباإلضافةللشعب وتعرب عنها أحسن تعبري،

.البشرية، فهي تصورها وحتاول أن تسلط عليها األضواء، وتعاجلها، وتكشف أوزارها

:ـ الحوار من خالل التراث 4

ن النصوص األدبية األخرى؛ ألنه حيوي نصوصا خمتلفة خيتلف النص الروائي عن غريه م

إىل ذلك مرآة ينعكس فيها الواقع بكل خلفياته باإلضافةويستقطب لغات متعددة كثرية، وهو

جيسد البنيات االجتماعية بشكل أجلى من خالل بعده النثري وخلقه <<وهو على هذا األساس

، 2011، األردن، 1ة ذاكرة اجلسد، عامل الكتب احلديث، طاألخضر بن السايح، سطوة املكان وشعرية القص يف رواي 1 .189: ص

عبد امللك إشرافدكتوراه يف األدب العريب، جامعة وهران، رسالةحلسن كرومي، مجاليات املكان يف الرواية املغاربية ، 2 . 64: ، ص2006/ 2005اجلزائر ، مرتاض


74

عاش؛ إنه خيلق عاملا بواسطة اللغة، ومن خالله لعامل اجتماعي يتفاعل مع العامل االجتماعي امل

>> ميارس رؤيته للعامل االجتماعي الذي يعيش فيه بكل جزئياته وتفاصيله1.

ذلك كله؛ فالنص الروائي يتحاور مع الرتاث الذي هو جزء من اتمع ومن إىل وباإلضافة

وظهرت ... الساحة الفكرية احتل الرتاث يف العقود األخرية مكانة بارزة يف <<وقد العامل،

مؤلفات فكرية وفلسفية كثرية يف سائر البلدان العربية تبني موقفها من الصراع السياسي بني دول

ومل يكن الروائي العريب مبعزل عن هذا الصراع، وكان من الطبيعي أن يرتك بصماته يف ... العامل

2>>الكتابات األدبية و الروائية جتسيد الرتاث على لسان شخصية من أي أن الروائي حياول.

.شخصيات الرواية أثناء احلوار، ألن الرتاث يدخل ضمن مقومات الوطن

وإدماجه يف املعمار وقد احتفت الروايات املغاربية واجلزائرية عموما مبوضوع توظيف الرتاث

الرتاث بشقيه العريب مع جلمالية، وأبعاده الداللية، من خالل حوارااالروائي بغية استثمار طاقاته ا

الرتاث باختالف مواضيعه و .أي أن العالقة بني التناص وتوظيف الرتاث متينة. 3واإلسالمي

الدينية والتارخيية والفنية وغريها متثل مادة التناص يف العمل الروائي كما أا تعرب من مواقف

.الشخصيات السردية وتعرب عن اجتاهات املؤلف

نزعة تنخرط ضمن مذهب حتديثي يف << عن يف العمل الروائي ث الرتا قد يعرب توظيفو

الرتاث والبحث الكتابة الروائية، يتوق إىل حتديث متنه احلكائي وأنساق خطابه عرب االرتداد إىل

: ، ص، الدار البيضاء، المغرب 3، المركز الثقافي العربي، ط)ياقالنص والس( ، انفتاح النص الروائي، سعيد يقطني 1140

إشراف عبد دكتوراه دولة يف اللغة واألدب، رسالة، )2000 – 1971(اث يف الرواية اجلزائرية خملوف عامر، توظيف الرت 2 . 50: ، ص2003، 2002يفي، جامعة وهران، ر الواحد ش

.331: ، مرجع سابق، صالرواية املغاربية ، مجاليات احلوارية يفريسليمان قورا 3


75

فيه عما ميكن أن يستوعب إشكاالت الراهن، ويعرب عنها كأشكال مجالية جديدة جتذر اهلوية

1>>التحديات املعاصرة الثقافية واحلضارية أمام تفاقم

والرواية ذا املنطق، تقوم بوظيفة الدفاع عن مقومات األمة خصوصا وأن اجلزائر قد تعرضت

والرواية باستحضار بعض ذلك .وسائر مقومااوتراثها ألبشع استعمار حاول طمس لغتها ودينها

.تسهم يف التصدي للغزو الثقايف بكل أشكاله

بأشكال متعددة، وقد أقام الروائي جسورا اثال يف روايات حممد مفالحوقد وجدنا الرتاث م

جند ما جيسد التارخيية مثال )شعلة املايدة(كثرية حملاورة الرتاث واستحضاره يف نصوصه؛ ففي رواية

:قول السارد من خالل ذلك

لقد رأى كيف استقبل سكان مدينة... ورافق راشد جيش البايلك إىل مدينة معسكر <<

معسكر اخلليفة وجنده بالزغاريد وطلقات املدافع وبارود اخليالة، ونظمت باملدينة أيام عديدة

لالحتفال بالنصر العظيم فغىن مطربو األغنية البدوية الوهرانية أمجل قصائد الشعر امللحون بآليت

شيد واملدائح وتال الطلبة واملشايخ القرآن الكرمي يف املساجد وصدحوا باألنا.. القصبة والقالل

>>..صحيح البخاري واؤ وقر النبوية، 2.

لقد كان حممد مفالح حياور الرتاث على لسان السارد، وحياول نقل الواقع التارخيي القدمي،

وميكن أن . وأطلعنا على شيء من الرتاث الديين واالجتماعي يف سرده ألجواء االحتفال آنذاك

منه الديين الذي جتسده تالوة الطلبة للقرآن الكرمي وأداء املدائح النبوية، منيز يف الرتاث عدة أنواع ف

.81،82: ، ص2003، تونس 1ارحتاالت السرد املغاريب، املغاربية للنشر، طبوشوشة بن مجعة، التجريب و 1

.50: ينظر حممد مفالح، رواية شعلة املايدة، ص 2


76

ومنه الرتاث . وقراءة صحيح البخاري، ومنه الرتاث االجتماعي الذي متثله العادات والتقاليد املتوارثة

.وغريها كثريواألعراس والوالئم وطلقات البارود واخليالةالشعيب الزغاريد والغناء مثلالفين

وتربز لنا هذه البنية << الرواية فضاء رحب تلتقي فيه الكثري من النصوص واخلطابات و

مبا حتويه " القصة"االجتماعية داخل النص الروائي بصورة أجلى يف كون النص يقوم على أساس

>>مباشرة الواقع إىل من شخصيات وأحداث وفضاءات وأزمنة تكون مرجعيتهاالشخصيات و ؛ 1

وغريها، ) واآلغا ،والداي الباي،(منها نذكر الرواية مستقاة من الواقع التارخيي و السردية يف هذه

.وقد أشرت إىل ذلك سابقا

وقد تكون الشخصيات غري تارخيية، تعيش زماا، لكن الكاتب جيعلها تستحضر الرتاث

) عباس الربي(شخصية يظهر لنا بعض ذلك من خالل حوار) انكسار(بكل أشكاله؛ ففي رواية

:مع أمه

التقطت رقية حجر التيمم الذي كانت حتتفظ به يف زاوية احلجرة، وقالت له بغضب <<

:مكتوم

.ـ أنت رجل غريب

:وقال عباس حمزونا

. 2 >> غريب وفاشلـ

.141: ينظر سعيد يقطني، انفتاح النص الروائي، ص 1 .33: انكسار، ص ينظر حممد مفالح، رواية 2


77

فحجر التيمم يدخل ضمن الرتاث الديين الذي وظفه الروائي، وله عالقة متينة بالشخصية؛

وجزئياته جزة عن الوضوء، وهدفه تصوير الواقع املعاش بكل حذافريهامرأة مسنة وعا) رقية(فاألم

.وخلفياته

وجند توظيف الكثري من النصوص األخرى مثل الشعر واحلكم واألقوال، وكلها تلتقي يف

:املشهورةوجند من ذلك احلكمة الشعبية . وتتداخل من خالل التناص الرواية وتتحاور

العام يبان من : ( ، والقول املشهور)ك إال شفركما يحكك إال ظفرك وما يبكي( << . 1>> )كل ذي نعمة محسود(، و) خريفه

وكان الروائي يويل عناية . وهذا حوار صريح مع الرتاث األديب و الشعيب الذي خلفه األجداد

كبرية بالشعر الشعيب؛ حيث أورد الكثري من الشعر باللغة العامية، وهدفه نقل ذلك الواقع من

.استحضار تلك النصوص وحماورة الرتاث بكل أشكاله عرب النص الروائيخالل

ال شك أن حضور الرتاث بكل أشكاله يف الروايات اجلزائرية، إمنا هو استثمار لطاقاته و

اإلحيائية، ومبثابة دعامة قوية تقوي النسيج للنص الروائي مبا مينحه من مناعة وحصانة ضد تيارات

. 2>>...االحتواء والتهجني

املطلع على رواية شعلة املايدة التارخيية، سيجدها مفعمة بوصف الشخصيات السردية و

لألماكن أثناء احلوار، ألن هذه الرواية ختتلف عن نظرياا؛ ألن صاحبها كان يهتم بالتأريخ

.ألحداث اجلزائر، وللغزو املتوايل للمد االستعماري منذ قدمي الزمان على مدينة اجلزائر

.31،33: ينظر حممد مفالح، رواية انكسار، ص 12 .214: مجاليات احلوارية يف الرواية املغاربية، مرجع سابق، ص سليمان قوراري،


78

:لحوار السياسيا 5

ألا تنتمي إىل الواقع أن يوظف السياسة يف بعض رواياته استطاع الروائي حممد مفالح

، االجتماعي الذي تتحرك فيه الشخصيات السردية، اليت هي صورة منقولة عن شخصيات الواقع

الشخصيات السردية وميرر ما شاء من أفكار تلك كان يف كل مرة خيتبئ خلف املؤلف لكن

.العامل العريببالده أو واقف متعددة حول ما حيدث يف وم

السياسة حتتل ساحة كبرية منها لكوا تتحدث عن الربيع العريب ) مهس الرمادي(وجند يف رواية

واية حكم بعض رؤساء الدول العربية، وكان يتحدث عن ذلك من خالل الشخصيات املتحاورة

.لواقع بكل حذافريهوكان هدف الروائي هو تصوير ا. يف القصة

:وجند يف احلوار الذي يدور بني بعض شخصياا شيئا من ذلك

:النوري شاشيته، مث خاطب أمحد املشاي قائال حرك جعفر<<

كما اليوم أصبح كل طري يلغى بلغاه . لو كان بومدين حيا ملا حدثت هذه الفوضى..آخ -

...يقول املثل الشعيب

:سأله باهتمامحنو ثابت اللحام، و مث التفت

ما رأي رجال الدين يف فوائد القروض البنكية؟ -

:قال ثابت اللحام مبرارة

كلكم تعيشون بأموال الربا -


79

:وقال ناصر الربيعي بنربة حادة

حدثونا عن الربيع العريب، أرأيتم كيف كانت اية معمر القذايف؟... -

ء ومل يهتم بنا أي عريب، بل حنن مررنا بعشرية دامية ذهب ضحيتها اآلالف من األبريا... -

.هناك من يتمىن تدمري بالدنا

:هز جعفر النوري رأسه، وقال حبماس

املرحوم بومدين الفحل كان يعرف هؤالء العرب آه لو كان حيا لوضع حدا للفوضى اليت ... -

.1>>تسود اجلامعة العربية

رية لبعض الشخصيات اليت وترك احللقد أدمج الكاتب السياسة يف هذا احلوار االجتماعي،

متثل مواقفه وفكره لكي تتحدث حبرية، وجعل من هذه الرواية منربا لكي يعلي صوته من خلف

.الشخصيات الومهية

اخلطاب الروائي من خالل جمموعة من املصطلحات السياسية هذا يظهر احلوار السياسي يف و

دامية، اجلامعة العربية وغري ذلك كثري، لقد الربيع العريب، مقتل معمر القذايف، عشرية : املستخدمة

.كانت الشخصيات متثل برباعة وتعرب عن مواقف الشعب اجلزائري من أزمة العرب احلالية

وجه وهو نقد سياسة إن هذه الشخصيات الروائية اليت وظفها حممد مفالح تؤدي دورها على أمت

رة اليت دمرت بلداا حبجة اإلصالح بعض الدول العربية، ورفض سياسة الشعوب العربية املتهو

. والتغيري

.83: ، ص2013دار الكتب، دون ذكر الطبعة، اجلزائر، حممد مفالح، مهس الرمادي، 1


80

إن حممد مفالح من الروائيني الذين حيبون نقل الواقع املعاش بكل ما فيه من مساوئ، إنه يقيم

حواراته الروائية مع السياسة ومع الدين ومع التاريخ ومع الرتاث وغري ذلك وهدفه يف األخري هو

.نقل ذلك الواقع بأمانة وصدق

شخصية معارضة للسلطة وهي ترمز لفئة جعل من أمحد املشاي ) مهس الرمادي(ية ويف روا

ويظهر السارد . اجتماعية هامة من أبناء اجلزائر يف زمن التعددية احلزبية وزمن العشرية السوداء

:موقفه بوضوح من خالل قوله

كثرية منها املشاي يدعي أنه تعرض يف عهد الثورات الثالث، إىل مضايقات مازال أمحد <<

كلما ذكر 1988حرمانه من حمله التجاري، وهو ال ينسى الرتحم على ضحايا أحداث أكتوبر

مل ينخرط يف أي حزب ساند كل حزب إىل تطبيق الشريعة، ... الناس الدميقراطية والتعددية احلزبية

.1>>...وشارك وقتذاك يف كل املسريات الصاخبة اليت نظمتها أحزاب املعارضة

سياسة اجلزائرية يف زمن مضى، وكأنه بذكره لبعض إن حممد مفالح يف هذه الرواية حياور ال

تلك األحداث السياسية اليت مرت ا البالد من خالل صوت الشخصية السردية يشيد مبواقف

.بالده املشرفة وسياستها احملكمة يف جتاوز تلك احملنة اليت مرت ا

لم كل شيء عن شخصية أمحد املشاي املعارضة، وحيكي بالنيابة عنها إن السارد يف هذه الرواية يع

وال يسمح هلا باحلديث عن كل مواقفها، وال يبدي رأيه حوهلا، وصوت املؤلف خيتلط بأصوات

متخفيا الكاتب حممد مفالح صوت الشخصيات املتكلمة، فال نعلم من يتكلم يف الرواية أهو

رأي فئة معينة أم فتعرب عن ملعربة عن وعي اتمعوص ا، أم هو صوت الشخخلف الشخصيات

. هو صوت آخر غري معلوم اهلوية

.24: صينظر حممد مفالح، مهس الرمادي، مرجع سابق، 1


81

حيث ذهب نذار السفاية ):سفاية املوسم(ما جنده يف هذا احلوار الروائي يف رواية ومثال ذلك

واقفا قرب شجرة الفيكوس )خليفة السقاط(رأى <<، هة اجلهة اجلنوبية من ساحة الوئاماجل إىل

ابتسم له خليفة السقاط، وسأله عن أحواله، مث دار بينهما . اقرتب منه مث صافحه بربودة. قةالعمال

:احلديث عن حركة االحتجاج فقال له خليفة السقاط بسرعة

.احلركة ستتواصل -

:مث أردف قائال حبماس

.هشام الكعام، هو سبب هذه الفوضى العارمة(انتهى -

:نظر إليه شزرا، مث قال له بغيظشفتيه اجلافتني، و ) نذار السفاية(مط

عجبت من أمرك يا خليفة، كيف يسرك ما حيدث من دمار يف بالدك؟ -

.مل االنتظار. الشعب يريد التغيري اجلذري -

أين كنت خالل العشرية احلمراء؟مل أرك يف املدينة، اختبأت يف العاصمة حىت مرت -

إنك ذا الكالم تسهم يف أرجوك ال تتحدث باسم الشعب فلست وصيا عليه، مث...العاصفة

.1 >>...إذكاء نريان الفتنة، كفانا دماء

الذي ميثل ) نذار السفاية(ويظهر من خالل هذا احلوار السياسي صوتني متناقضني، مها صوت

صوت الضمري احلي، والعقل الراجح، ويعرب عن حبه لبالده؛ ألنه اليرضى هلا إال اخلري، فهو

13: ، ص2013، دار الكتب، الجزائر، )الدروب المتقاطعة ( سفاية الموسم حممد مفالح، 1


82

وهناك صوت . يقوم ا بعض املواطنني من معارضي النظام يعارض االحتجاجات اليت كان

.الذي ميثل رأي املعارضني، ويتحمس لالحتجاجات السياسية) خليفة السقاط(

ومن الصعوبة مبكان معرفة صوت املؤلف يف هذه الرواية، هل هو صوت املؤيد للنظام أم ميثل

تعرب عن أحزاب سياسيةكانت ات وأن تلك األصو . صوت املعارض له؟ أم أنه ال ينحاز أليهما

.يف البالد معينة

جعل الروائي حممد مفالح اخلطاب السياسي ضمن خطابه الروائي، وذلك رغبة منه يف لقد

اجلزائر قد مرت بتلك نقل الواقع االجتماعي والسياسي الذي تعيشه البالد بصدق ودقة؛ ألن

مل يكن الروائي مبعزل عن هذا احلراك السياسي العشرية السوداء، ومرت مبشاكل سياسية كثرية، و

فنقله لنا من خالل شخصياته الروائية اليت اختارها بدقة وأسند إليها تلك الوظائف واالجتماعي،

.السردية

بنية الحوار السردي عند محمد مفالح الفصل الثاني

83

بنية الحوار السردي عند محمد مفالح: الفصل الثاني

مفهوم السرد .1

أهمية السارد في الحوار الروائي .2

مستويات السارد وأنواعه .3

تعدد الرواة .4

أنواع الرؤية السردية .5

أهمية ضمائر الحكي في السرد والحوار .6

البنية األسلوبية والبالغية للحوار .7

األساليب اإلنشائية بالحوارعالقة .8

التكرار في السرد الروائي ظاهرة .9

أهمية اللهجة العامية في بناء الحوار .10

تمظهر الحوار في الخطاب الروائي .11

خصائص الحوار من خالل المقاربة التواصلية .12

بنية المحادثة في ضوء التداولية .13

الفعل اللغوي في المحادثة وأنواعه .14

قواعد المحادثة عند بول غرايس .15

الخطاب الروائيأنماط الحوار أو المحادثة في .16

األخرى ثةأنواع المحاد .17


84

:مفهوم السرد - 1

من األنشطة اللغوية <<بل هو السرد يف مفهومه العام ال يتعلق بالقصة احملكية فحسب؛

والتواصلية اليت ميارسها كل شخص، ومتكنه من سرد جمموعة من الوقائع واألحداث أو اسرتجاعها

وهو يعين ذا التعريف اإلخبار ونقل املعلومات واملعارف ،1>> سواء كانت واقعية أو متخيلة

ملختلفة من طرف متكلم إىل متلق ا

<< و. بنية مهمة يف الرواية، وميثل حوارا قائما بني الراوي واملروي له يعترب السرد القصصيو

:القصة باعتبارها حمكيا أو مرويا له، متر عرب القناة التالية

المروي له ـالقصة ــــــــ الراوي ــــــــــ

الكيفية اليت تروى ا القصة عن طريق هذه القناة نفسها، وما ختضع له من والسرد هو

ومن أجل .2>> مؤثرات، بعضها متعلق بالراوي واملروي له، والبعض اآلخر متعلق بالقصة ذاا

نائه؛ ألن األحداث حتليل نص سردي، البد من معرفة العناصر اليت يتم االعتماد عليها يف ب

األحداث، الشخصيات، (وأهم مكونات النص السردي األخرى هي . وحدها ال تكتسي أمهية

اصر السردية اليت ال تتم احلكايةوال ميكن إغفال أحد هذه العن .3الزمان واملكان، الوصف واحلوار

. للسارد الذي يروي تلك األحداث إال ا مع احلضور الفعلي

. 43: ، ص 2010علي آيت أوشان، ديداكتيك التعبري والتواصل، دار أيب قراقر للطباعة والنشر، الرباط 1، 2000الدار البيضاء املغرب، ، 3محيد حلميداين، بنية النص السردي، املركز الثقايف العريب للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2

.45: ص . 43،44،45: ينظر علي آيت أوشان، املرجع نفسه، ص 3


85

الطريقة اليت تروى ا احلكاية واألقوال، أما األفعال فهي نظر أخرى هوالسرد من وجهة و

اليت تعمل على موازاة السرد باحلكاية، وبتناسق وتدعيم جمموعة من املكونات والوظائف السردية

.1األخرى اليت تلبس حلة اللغة أثناء السرد الروائي

كون فيه املؤلف هو السارد األول وي ؛ااشر مب ؛السرد على مستوى اخلطاب الروائي قد يكون

ال يتيح احلوار ألي و الذي يعلم كل شيء ويتصرف يف احلكي، ويستحوذ على عملية السرد،

شخصية وال ألي سارد؛ وهو بالتايل يكبح حريات الشخصيات والراوي، وال يرتكها تتحرك إال

.يف حدود وعي املؤلف احلقيقي للرواية

،حول موضوع اجتماعي معنيحوار الشخصيات يقوم على ؛باشرم غريقد يكون السرد و

.احلوار وشرحهحول بعض التعليقاتل فال يظهر إال من خال أما صوت الكاتب

يميل إىل اخلطاب املباشر الذي تتمظهر فيه عدة فويفاضل ميخائيل باختني بني أنواع السرد

واختلفت رؤيتها للواقع اإلنساين ومهما تعددت آراؤها. أصوات خمتلفة تتحاور وتتفاعل فيما بينها

كون البطل واملؤلف << وتنوعت اديولوجيتها، فثمة مكمن التعدد الصويت احلقيقي عند باختني

.2>> يعربان معا فنسمع، ويف حدود البناء اللساين الواحد رنني صوتني خمتلفني

وقد ظل باختني مهتما بالرواية متعددة األصوات مثل روايات دوستويفسكي اليت وجد

كثرة األصوات وأشكال الوعي املستقلة وغري املمتزجة ببعضها البعض، وتعددية <<فيها

شراف عبد امللك إيف األدب العريب، دكتوراهعز الدين باي، بنية النص الروائي، دراسة نظرية يف تقنيات السرد، رسالة 1 .150: ، ص2004 – 2003وهران، مرتاض، جامعة

1986ر ، الدار البيضاء، للنش حممد البكري ، وميىن العيد، دار توبقال: تر ،املاركسية وفلسفة اللغةيخائيل باختني، م 2

. 193، ص املغرب


86

و طبيعة اتمع اإلنساين قائمة على التعدد .1>> األصوات األصلية للشخصيات الكاملة القيمة

ألن ؛وهذا ما يعكسه التعدد الروائي الذي ينفتح على اخلارج لينشئ احلوار ،واالختالف

إذ تعرب عن مواقفها من العامل وتتفاعل مع اآلخر، ؛الشخصيات يف هذه الروايات تتمتع باحلرية

. ل صوتا حرا قائما بذاته يعرب عن تيار معني أو عقيدة ما أو وجهة نظر فلسفية وإيديولوجيةومتث

):عباس الربي(و) بغداد خبلوين(من خالل احلوار بني ) انكسار(ذلك ما جنده يف رواية ومن أمثلة

:هز عباس رأسه وقال جبد<<

...مشاريع استثمارية ومناصب عمل و إىلاملدينة يف حاجة -

:قاطعه بغداد خبلوين قائال بغيض

.. أنتم األثرياء ال تفكرون إال يف مشاريع االمسنت اليت قضت على حقول الربتقال ـ أزمات اقتصادية، إرهاب ..وهاهي النتيجة .. السريع إنكم ال تتحدثون إال عن ريع البرتول والربح

:قاطعه عباس قائال. ، بطالة خميفةمهجي

هذه نتيجة السياسة العرجاء اليت كنت تؤيدها، أمل تسهم يف تطبيق الثورة الزراعية والتطبيل ـ .2>>للثورة الصناعية والرقص للثورة الثقافية؟

يديولوجيا وسياسيا إوميثل هذا احلوار الروائي صوتني خمتلفني، ويعكس كل منهما وعيا

ملال واألعمال، وينادي بشعار اخلدمة الثري يتكلم بلغة ا) عباس الربي:(خيالف اآلخر؛ ف

فكان فيمثل صوت الرجل املثقف الواعي بأمور السياسة والثقافة، وال ) بغدد خبلوين(العمومية؛ أما

عباس (خيرتق صوت ) بغداد خبلوين(يقوم هذا احلوار بالتناوب بني املتكلم واملخاطب، بل جند

هذا احلوار احلجاج، ألن كل متحاور ويتضمن. ويقاطعه، مث حيدث العكس بعد ذلك )الربي

، املغرب، 1مجيل نصيف الديكريت ، دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء ط: ، ترخائيل باختني ، شعرية دوستويفسكيمي 1 10: ص

18: سار ، ص ينظر حممد مفالح ، رواية انك 2


87

منهما يدعم رأيه باحلجج والرباهني، وقد حتول احلوار إىل جدال، وكان قائما على انتقاد كل

.شخص للطرف اآلخر فكريا وسياسيا

:ـ أهمية السارد في الحوار الروائي2

إال يف بعض يعد السارد بنية مهمة يف اخلطاب الروائي، وال ميكن أن يستغين الروائي عنه

الواسطة بني العامل << هه معطى حواري من مستلزمات احلكي، ويعرف بأن ألن ؛السري الذاتية

هرغم أن 1>> املمثل والقارئ؛ فهو العون السردي الذي يعهد إليه املؤلف الواقعي بسرد احلكاية

ملتحاورين يف شخصية ومهية من ابتكار املؤلف الذي أسند إليه وظيفة احلكي والوصف وتقدمي ا

يف الرواية ما دام هو الذي يدخل ضمن بنية احلكي بقوة ويروي حيتل موقعا مهيمنا وهو. احلكاية

ه السارد الذي فوضه الكاتب هو الذي يتكلم؛ والواقع أن أن ئوكثريا ما يظن القار . 2أحداثها

.الكاتب ليعرب عن وجهة نظره وفكره وفلسفته يف احلياة

هناك حالتني للسارد؛ إما أن يكون خارجا عن نطاق احلكي أن بعض الدارسنيويرى

)Narrateur Extradiégétique ( أو أن يكون شخصية حكائية موجودة داخله)Narrateur

Intradiégétique( 3، الراوي يف احلالة األوىل ليس شخصية سردية، ويفهم من هذا القول أن

ه املؤلف نفسه الذي يسرد أن يظن القارئ جلعلوذلك هدفه اإلخبار ووصف األحداث فقط،

.األحداث

ه ال يشارك مع ، ولكن الروائيةعلى األحداث وقد يكون الراوي يف احلالة الثانية جمرد شاهد

.يكون شخصية رئيسية يف القصة بل ذلك يف األحداث

.195 : ص معجم السرديات،جمموعة من املؤلفني، و حممد القاضي 1، 1ناجي مصطفى، منشورات احلوار األكادميي، واجلامعي، ط: ، ترالسرد من وجهة النظر إىل التبئريجريا جينات، نظرية 2

.100: ، ص1989الدار البيضاء، .195: السرديات، صحممد القاضي وجمموعة من املؤلفني، معجم 3


88

على شاهدا ن يف احلكي سواء كان متضم احلالة الثانية فالراوي وباالضافة إىل ذلك

دث، وإمنا هو أحد املتورطني األحداث، أو كان شخصية مشاركة فيها فهو ال يكتفي بسرد احلوا

.فيها

:مستويات السارد وأنواعه 3

:أ ــ الراوي المشارك

وهو الذي يروي احلوادث ويشارك فيها، ويف حواراا مع الشخصيات األخرى، وهذا الراوي

قريب من الشخصيات الروائية اليت تؤدي ألنهلسردية يشارك الشخصيات يف خمتلف احلوادث ا

الشخصيات شارك؛ ألنه ي وهو راو من داخل احلكاية. 1وظائفها السردية اليت أسندها هلا املؤلف

.الروائية، ويقوم يف الوقت نفسه برواية األحداث األحداثمجيع

يف عدد قليل Narrateur Extra diégétiqueف حممد مفالح الراوي املشارك وقد وظ

؛ الذي كان يسرد األحداث واملغامرات )معمر اجلبلي(من رواياته اليت درسناها، ونذكر من ذلك

اليت خاضها أثناء رحلته عرب الشاحنة، وكان شخصية تصنع األحداث وتتفاعل مع غريها،

الذي جرى وتتحاور مع الشخصيات األخرى من بداية الرواية إىل آخرها، و املقطع احلواري التايل

: بني معمر اجلبل ونادل املقهى يظهر ذلك

الحظت أن . اقرتبت من سن الستني. شعرت ببعض التعب. دخلت املقهى وأنا أهلث<<

كان جل الرواد يثرثرون ويف . السكون الذي كان يعم املقهى، مملوء بصخب العيب الدومينو

.عيوم شبه سؤال

مل . ات انتصب أمامي النادل األمسربعد حلظ. جلست على كرسي بالستيكي وصفقت :ماذا جرى لك يا ولدي؟ سألين بربودة. يبتسم يل كعادته

. 60: ص 2000، عمان 2عبد الستار جواد، جمدالوي للنشر،ط: لوبوك بريسي، صنعة الرواية، تر 1


89

:ماذا تشرب يا عمي معمر ؟ مث أردف قائال بصوت خافت ـ ساحمين أصبحت عصبيا ـ .قهوة موزة ـ

قصد املصرف اخلشيب مث عاد ممسكا بالصينية الصفراء، وضع فنجان القهوة على املائدة :وقال يل بأسى

... كرهت هذا املقهى، وكرهت نفسي، ال أستطيع مواصلة هذا العمل ـ أين ستشتغل إذا ما توقفت عن العمل باملقهى ؟ ـ .1>>أريد أن أعمل بالصحراء ـ

ية، مث جعل يصف املقهى، ورواده خيربنا عن حالته الصح) معمر اجلبلي(وكانت

وكان السارد يف هذه الرواية صانعا للحوار . فحوى احلوار الذي جرى بينهمانادله، وأطلعنا عن و

ه كان يتنقل عرب األمكنة ويتوقف يف بعضها، ويصادف شخصيات كثرية من أصدقائه ومعارفه ألن

.وكان يقيم حوارات كثرية معهم

: ب ــ الراوي العليم

دودة على الوقوف على األبعاد ميتلك القدرة غري احمل <<راو مشارك لكنه عليم حيث وهو

فيكشف لنا عن العوامل السرية لألبطال دون أن تقف يف طريقه . الداخلية، واخلارجية، لألشخاص

وهو قناع من أقنعة املؤلف، من أكثر النماذج شيوعا، وأقدمها، ال سيما ... سقوف أو حواجز

.2>> يف الروايات املبكرة

. 9، 8: ينظر حممد مفالح ، رواية هوامش الرحلة األخرية ، ص 1 ، بيروت1الجزائر، طمنشورات ا�خت�ف، ، الدار العربية للعلوم ناشرون بنية النص الروائي،خليل، إبراهيم 2

81: ، ص 2010لبنان


90

تقريبا يستخدم الراوي العليم الذي يعرف كل شيء عن وكان حممد مفالح يف كل رواياته

عباس (جند ) انكسار( ففي رواية. القصة وشخصياا، وحواراا، وكان يتكلم بلسان املؤلف

:يتحاور مع الطبيب) الربي

وسأله منور العشوب عن سبب . كان عباس جيد يف نصائح الطبيب بعض السلوى <<

:بصوت خافت وهو جيلس على الكرسي اخلشيب انقطاعه عن زيارته فرد عباس قائال

.إنين متعب يا دكتور -

وأومأ إليه الطبيب أن يتحرك حنو السرير الطيب احملاذي للمكتب اخلشيب، فتبسم عباس

وخلع سرته األنيقة مث متدد على السرير الطيب، فتفحص الطبيب عينيه املتعبتني وضغط على بطنه

غطه، وحني جلس عباس على حافة السرير الطيب نقر الطبيب مث استعمل السماعة واآللة فقاس ض

. مبطرقة خشبية حتت ركبته اليمىن

:وملا فرغ من كشفه قال له

.أنت يف صحة جيدة يا عباس -

:وجلس على كرسيه اجللدي العريض مث قال له بامسا

.أنت حيوي ولكنك متعب نفسيا -

:استوى عباس يف الكرسي اخلشيب مث قال له

األخرية حدث يل شيء غريب جعلين أكره العمل وأنفر من يف الفرتة - .1>>...الناس

. 36: ينظر حممد مفالح، انكسار، ص 1


91

ه رافقهما، وأخربنا السارد العليم كان على اطالع تام على حوار الشخصيتني؛ ألن ويبدو أن

وكان . عن كل شيء، وكان يرى كل شيء، وكان يسرد كل صغرية وكبرية، ومل يغفل حلظة عنهما

.بدقة يراقب حركة الشخصيتني ويصفها

) عباس الربي(ويف صفحة أخرى من الرواية نفسها جند الراوي العليم يغوص يف نفسية

أين هم أين اختفى زمالء الدراسة؟. تساءل عن معارفه القدامى<< وخيربنا عن حديثه مع نفسه

أصدقاء الطفولة؟ هل انقرضوا وهو ال يعلم عنهم شيئا؟ وأين هم أبناء األحياء الذين لعب معهم

.1>>كرة القدم يف ملعب السوق؟

ويعلم ماذا كان يدور بنفسه، كان ) عباس الربي(لقد كان الراوي يعلم ماضي شخصية

كان يلعب فيه كرة امللعب الذي يعرف حىت األسئلة اليت كان يطرحها على نفسه، وكان يعلم اسم

وكان الراوي يطلعنا أحيانا حىت عن احلديث النفسي بني الشخصية وذاا، . القدم وغري ذلك

ويكون الراوي يف مثل هذه احلاالت قادرا على معرفة ما يدور خبلد األبطال ، ويستطيع أن يدرك

: عباس سيجارة وقال يف نفسهأشعل <<: ، ومن أمثلة ذلك قول السارد2رغبات األبطال اخلفية

وقصد سيارة أجرة فركبها وطلب من السائق أن يوصله إىل " الوقت غري مناسب للثرثرة أكثر"

متىن لو مل يصادف جويدة يف طريقه، ندم على األيام اليت قضاها وهو جيري وراء . فندق السفري

.3>>... السراب

عامل الشخصية ، و يسرد تفاصيلها؛ فقد أخربنا عما صرحت يف يغوص أن استطاع الراوي

وعن ندمه على األيام ) عباس الربي(به يف ذاا، وأا أشعلت السيجارة، مث أخربنا عن أماين

.املاضية

. 35: ، رواية انكسار، صحممد مفالح 12 T. Todorov : Les catégories du Récit, in L’analyse structurale du récit –communication 8.seuil .1981 P : 147.148

. 104: ينظر حممد مفالح،رواية انكسار، ص 3


92

:ــ تعدد الرواة 4

أن << كثريا ما يعمد الروائيون إىل االعتماد على تقنية تعدد الرواة، ويعين هذا املصطلح

يتناوب األبطال أنفسهم على رواية الوقائع واحدا بعد اآلخر، ومن الطبيعي أن خيتص كل واحد

.1>> منهم بسرد قصته، أو على األقل بسرد قصة خمالفة من زاوية النظر ملا يرويه الرواة اآلخرون

تقوم كل شخصية بعرض بعض فد الروائي جيمع بني عدة شخصيات، وغالبا ما جن

نا وجدنا ومن أمثلة ذلك أن . اإلخبار عن شخصية أخرى أو رواية قصة معينةاملعلومات أو

عائلة (إىل جانب الراوي احلقيقي لقصة ) ميينة(متثل راو ثان أثناء حواره مع أمه ) يوسف(شخصية

:ومن ذلك قوله) من فخار

: وصاحت أمه بقلق . وقد جتاوزت سنه الستني جياليل العيار رجل قذر ـ<<

.وهي أيضا تعرف ذلك.. م أعل

:ضرب يوسف جبينه بيمناه وقال

إنه رجل خبيث وكل املدينة تعرفه، إنه متزوج بامرأة من عائلة معروفة، وله منها بنت تبلغ ـ

لقد ... مث إنه رجل مرتش ومكروه، وال يشرف عائلتنا أن تصاهر شخصا مثله ،ست سنوات

.2>>...اشرتى ترشحه على رأس قائمة حزب غري معروف

من خالل ) جياليل العيار(لقد أطلعنا الراوي الثاين عن بعض اجلوانب الغامضة من قصة

.ة احلوار الروائي ليشكل بنية لغ) يوسف(الكالم بينهما؛ وهنا يسهم السرد على لسان

. 49: ينظر محيد حلميداين، بنية النص السردي، ص 1 . 43: ينظر حممد مفالح، عائلة من فخار، ص 2


93

التارخيية، فباإلضافة إىل ) شعلة املايدة(واعتمد حممد مفالح على أكثر من سارد يف رواية

وغريهم يتناوبون على السرد ) حممد الشلفي(و) الشيخ الطاهر(و) راشد(الراوي احلقيقي فيها جند

:يظهر ذلك) حممد الشلفي(و) راشد(ويف احلوار بني . لكن بنسب متفاوتة

كان راشد يستمع إىل حديث حممد الشلفي عن تاريخ مازونة وحكام الرتك، وقد <<

حدثه مرة عن جل البايات الذين حكموا بايليك الغرب من مازونة، فقال له إن أول باي استقر

...باملدينة هو حسن بن خري الدين وغادرها بعد محلته على املرسى الكبري

مىت يعلن : فسأل صديقه بلهفة... حديث بني عمه ووالده وتذكر راشد ما كان جيري من

.الباي اجلهاد لتحرير وهران؟

: قلب حممد الشلفي ميناه مث أجاب قائال حبذر

..." مسعت من مشاخينا أن وهران ستحرر يف عهد حممد ولكنـ

."من هو هذا الرجل الذي يدعى حممدا؟"وسكت حلظة مث واصل كالمه

.1>> مد األكحل كما جيزم مشاخيناإنه حم"ومتتم راشد

من الروائية متكني تلك الشخصيات إىل من وراء تعدد الرواة هدفوكان حممد مفالح ي

على كان يهدف لغاية تعليمية التاريخ الكاتب التعبري أثناء احلوار عن تاريخ اجلزائر القدمي؛ ألن

اقع القصة، ه يعيش و يهام املتلقي بأن إتارخيية، مما زاد يف يف معظمها لسان الشخصيات اليت كانت

.الروائية كثر يف رواية األحداث خصوصا ملا يشارك رواةأو أن ما يقرأه صحيح

ذي يرتكب من ال يف بنية احلوار الروائيالتفاصيل سردو األحداث حكي وقد أسهمت لغة

.عدة عناصر كلها تسهم يف بنيته

. 29: ينظر حممد مفالح، شعلة املايدة، ص 1


94

: ـ أنواع الرؤية السردية 5

اليت ينظر الراوي من خالهلا ويسرد Point de vueويقصد بالرؤية السردية؛ زاوية الرؤية

هي مبعىن من املعاين <<: بقولهWayne Boothوعرفها واين بوث . أحداث القصة املتخيلة

السارد ينتابه طموح للتعبري ؛ أي أن 1>> مسألة تقنية ووسيلة من الوسائل لبلوغ غايات طموحة

عن أحداث القصة، ويعرب وفق املهمة املوكولة إليه؛ فيصف األحداث من تلك الزاوية ويركز على

.بعض األحداث دون غريها

وقد أعطى حممد مفالح أولوية احلكي للسارد الذي جعله يسرد وخيرب ويصف، ويتدخل بني

وقال، مث أجاب ، مث سأله ، وأردف ( من خالل قوله الشخصيات، ويقدم املتحاورين أثناء احملادثة

..).قائال، وصاح يف وجهه، وأضافت قائلة

وكان السارد يف تلك الروايات هو سيد املوقف، وهو من يدير احلوار بني الشخصيات فيما

وكان السارد ال يغفل عن . ما هو الذي يقدم احلوار بني خمتلف الشخصياتئبينها، وكان دا

بل كان يوجهها، وأحيانا يوحي هلا ؛وهي تتحدث عن نفسها ج إذ كان يراقب الشخصيةملونولو ا

ا تقوله، وهذا ما يصطلح عليه نقاد الرواية، ومنهم توماتشوفسكي، والناقد الفرنسي جان بويون مب

/Jean Pouillonبالرؤية السردية ، Vision de narration.

املبحث، وكان يسمي هو من أسهم يف هذا G.Genetteجريار جينيت والواقع أن

وهو مبحث من مباحث الصيغة والصوت، و يراد به بؤرة السرد، ويكون فيه الراوي ذلك بالتبئري؛

. 2يف الرواية عليما بكل شيء

:ؤية السردية إىل ثالثة أنواع وهينقاد الر الم وقد قس

.46: واين بوث، البعد وزاوية الرؤية، عن حميد لحميداني، بنية النص السردي، ص 1 .65: ، صمعجم السرديات ،جمموعة من املؤلفنيحممد القاضي و 2


95

: الشخصية الحكائية> أ ـ الراوي

وهذه طريقة يستخدمها ؛ Vision par derrière من اخللف بالرؤية عنه وهذا ما يعرب

ه يستطيع أن ويكون الراوي عارفا أكثر مما تعرفه الشخصية احلكائية، إن <<السرد الكالسيكي،

يصل إىل كل املشاهد عرب جدران املنازل، كما أنه يستطيع أن يدرك ما يدور خبلد األبطال،

وتتجلى سلطة الراوي هنا يف أنه يستطيع أن يدرك مثال رغبات األبطال اخلفية ، تلك اليت ليس

. 1>> هلم ا وعي هم أنفسهم

ا رواية تارخيية أل ؛ة بامتيازحملمد مفالح هذا النوع من الرؤي) شعلة املايدة(د رواية وجتس

ه مهتم بالتأريخ لثورات الغرب اجلزائري، واملؤلف أعلم ذه احلقبة من تاريخ اجلزائر القدمي؛ ألن

فه حممد الثورات، وهذه األسباب جعلت السارد الذي وظ الع على أحداث تلكاإلط وكثري

عليم بكل ما يدور يف القصة وخارجها، ويعلم ه سارد مفالح ذا معرفة أوسع مبا يدور يف الرواية، إن

. الشخصيات يف نفوسها وما تفكر به ما ختبئه

لكن كانت وظيفة السارد احلكي واإلخبار؛ لذلك كان احلوار يف هذه الرواية بني

الشخصيات مراقبا من طرف السارد؛حيث كان هذا األخري يشرف عليه، ويديره ويقدمه، ويهدف

: ك ما جنده يف هذا املقطع احلواريعن أحداث القصة، ومن أمثلة ذلإىل اإلخبار احلوار

عن امسه، فأجاب حممد ومحلق الشيخ التوايت جيدا يف وجه الطالب اجلريء وسأله << :الشلفي بأدب

.حممد ولد اجلياليل الشلفي

: ألقى الشيخ التوايت نظرة على دفرتهو قال

1 Todorov : les catégories de récis in l’analyse structurale du récis –communications 8 seuil 1981 p ; 147 ;148 .


96

أنت من حوض الشلف ؟

استقر أجدادي حبوض الشلف يف بداية القرن التاسع عشر : بفخاروقال حممد الشلفي

.وأخربين والدي أن أحد أجدادي كان من تالميذ سيدي حممد بن علي ااجي ...

:قال له الشيخ التوايت

سيدي حممد بن علي ااجي قدم الكثري من أجل محاية البالد من هجمات العدو االسباين : تنحنح حممد الشلفي مث قال

:وقال له الشيخ التوايت بصدق ...وكان صاحب زاوية شهرية

.1>>سيكون لك شأن عظيم . بورك فيك

احلكائية احلوار أكرب من معرفة الشخصية حالة معرفة الراوي يف هذا ومما جيدر ذكره، أن

يطلق على وكان جريار جينيت .ويسمى السارد يف هذه احلالة راو عليم ،)الشخصية>الراوي (

حيث يورد الراوي معلومات هذا النمط من الرؤية قصة غري مبأرة أو تبئريا من الدرجة الصفر،

. املونولوج ما نراه يف ؛ مثلأي معلومات ختص العامل الداخلي للشخصية 2ختص دواخل الشخصية

ه سلك طريقة السرد الكالسيكي يف؛ ألن )الراوي العليم(ف حممد مفالح يف أغلب رواياته وقد وظ

ه خالف الروائيني لكن اجلديد عند حممد مفالح أن . توظيف سارد كلي العلم مبا يدور يف القصة

فإذ جعله يطول يف الرواية، وقد كان السارد يوظ ؛الكالسيكيني، وأبدع يف تطوير احلوار الروائي

هو الذي وقد كان السارد. األحداث الوصف واإلخبار أثناء احلوار أحيانا، مث يواصل سرد تقنية

.ويقدم الشخصيات املتكلمة كما أشرنا إىل ذلك سلفا ،يدير احلوار

ه ال يتيح ، ووظيفته احلكي واإلخبار فقط؛ ألن يءجند الراوي يعرف كل ش و يف هذه احلالة

احلوار للشخصيات وال يرتكها تتحاور إال بالقدر الضئيل الذي يسمح به هو، ويف هذه احلالة يقل

. 39، 38: حممد مفالح ، رواية شعلة املايدة ، ص 1 . 65: معجم السرديات، ص ،جمموعة من املؤلفنيو حممد القاضي 2


97

، ومبا الشخصية ويكون موجزا قصريا يف مقاطع قليلة؛ ألن الراوي عليم مبا تفكر بهاحلوار كثريا،

.ستتحدث عنه

:الشخصية الحكائية = ب ـ الراوي

؛ ويف هذه احلالة تتساوى معرفة الراوي مبعرفة الشخصية ) vision avec:(الرؤية مع

وال يستطيع السارد أثناء السرد أو . 1وتكون معرفته بأحداث احلكاية على قدر معرفتها احلكائية،

احلوار مع الشخصيات أن يزودنا بأي معلومة ما مل تفصح عنها الشخصية من خالل حديثها

يستخدم هذا الشكل ضمري املتكلم أو ضمري الغائب، << وحوارها مع غريها أو مع السارد، و

م ومت االنتقال بعد ذلك إىل ولكن مع االحتفاظ دائما مبظهر الرؤية مع؛ فإذا ابتدئ بضمري املتكل

ضمري الغائب؛ فإن جمرى السرد حيتفظ مع ذلك باالنطباع األول الذي يقضي بأن الشخصية

ويطلق جريار جينيت ؛2>> ليست جاهلة مبا يعرفه الراوي، وال الراوي جاهل مبا تعرفه الشخصية

البؤرة يف نقطة ما من عامل على هذا النمط من الرؤية مصطلح التبئري اخلارجي؛ ويقصد به أن تقع

احلكاية؛ حيث ينتفي على الشخصية تقدمي أي معلومة عن الشخصية ما مل تقدمها هي أو مبعية

.3السارد

د الراوة يف هذه احلالة، فيخرب السارد عن القصة باعتباره شاهدا أو حاضرا أحداثها وقد يتعد

خصية تتحاور مع الشخصيات األخرى إذا استخدم ضمري املتكلم أنا، وميكن أن يكون الراوي ش

هو، وميكن أن تلعب الشخصية دور الراوي وتسهم يف تطور جمرى األحداث إذا استخدام الضمري

.من جديد واإلخباريف حلظة ما؛ فرتوي شيئا أو خربا مث تتوقف ليستأنف السارد احلقيقي احلكي

.47: محيد حلميداين، بنية النص السردي، ص 12 Todorov : les catégories de récis in l’analyse structurale du récis –communications 8 seuil 1981 p ; 147 ;148 .

.66: ص معجم السرديات، ،جمموعة من املؤلفنيو حممد القاضي 3


98

روايات حممد مفالح ومنها بعضرؤية ومعرفة السارد بالشخصية احلكائية يف وغالبا ما تتساوي

ما يعرفه السارد يتطابق مع ما تعرفه ؛ حيث وجدنا)انكسار، وعائلة من فخار، وغريمهارواية (

رواياته ذات منط إخباري، م؛ ألن ء احلوار ترك شخصياته تتكل ا؛ فاملؤلف أثنالسرديةالشخصية

ت اإلخبار عن بعض مواقفها اليت ه يتيح للشخصياوهذه حالة جتعل احلوار يزداد ويكثر؛ ألن

جيهلها الراوي متاما ما مل خترب عنها هي، ومن مثة ينبثق احلوار من خالل الفعل ورد الفعل أثناء

من خالل هذا احلوار الذي يدور بني ) عائلة من فخار(ومن ذلك ما جنده يف رواية . الكالم

:ار ، فبدأ يوسف احلو ) ميينة(وأمهما) يوسف(وأخيها ) خروفة(

لن يتزوجك قاتل جدي؟ ـ <<

:وشكته إىل أمها فقالت هلا ميينة

ـ يوسف ال يفقه شيئا يف أمور احلياة؛ كان جدكم يعاين من نوبات عصبية خطرية، رمى

لن ينفعك يوسف إذا ما ضيعت هذه ... بنفسه حتت سيارة املرسيدس، فما ذنب الرجل ؟

:وقالت خروفة لوالدا . الفرصة

.دين بالقتلهد ه ولكن - :وقالت هلا ميينة بسخرية - :وأضافت قائلة بغضب . يوسف لن يقتل حىت دجاجة، أنا أعرف ابين جيدا -

عمره اليوم سبع وعشرون سنة، وما زال . ليهتم بنفسه. لن أمسح له بالتدخل يف حياتك

يدخن يلجأ إىل الناس من أجل مثن سيجارة أو فنجان قهوة، لقد ساءت أخالقه كثريا، أصبح

... ويتناول اخلمر ورمبا املخدرات

:ومهست خروفة يف ضعف


99

.1>>... خائفة يا أمي إين -

الراوي مبعرفة الشخصيات السرديةلسردي كيف تتساوى معرفة ا ويظهر جليا يف هذا احلوار

احلكائي، ومل أثناء السرد) هو(ف ضمري الغياب ؛ فقد كان السارد يوظ )خروفة يوسف، ميينة (

يكن على علم ببعض األحداث إال من خالل تصريح الشخصية ا، ونلحظ من خالل ذلك

ل اجلد، ل شخصية ميينة إىل سارد ثانوي، أضاء بعض جوانب القصة فكشف عن حقيقة مقتحتو

.و أظهر سلوك يوسف الطائش

د، سواء بني الراوي وقد تساوت معرفة الشخصية مبعرفة الراوي، فكثر احلوار وتعد

وظيفته لشخوص، أو بني الشخصيات دون الراوي، لكن الراوي أحيانا كان يكبح احلوار ألن وا

.صلية هي األخبار عن حوادث القصةاأل

:الشخصية <الراوي -ـج

ويف هذه vision de - dehors) الرؤية من اخلارج : ( وهذا ما يصطلح عليه بـ

إذا قارناها مبعرفة بعض شخصيات القصة؛ فيتفرغ احلالة تكون معرفة الراوي بأحداث القصة قليلة،

معرفته مبا يدور يف خلد الشخصيات ضحل، فيكتفي مبراقبة الراوي للوصف اخلارجي فقط؛ ألن

ومل يعتمد حممد مفالح على هذا النمط من الرؤية؛ .2األشخاص ووصف احلوار، وتقدمي املتحدثني

، ومعرفته بأحداث القصة أكثر من معرفة دائما باألحداث يف رواياته السارد عليم ألن

ك اال رت تنحى جانبا وت هوهنا تنعدم معرفة الراوي بأحداث القصة؛ ألن . الشخصيات عموما

د احلوار بينها وكثر اجلدل والكالم دون مشاركة الراوي للشخصيات اليت صنعت احلدث؛ فتعد

. تلك األحداث ه كان جمرد شاهد علىالذي اكتفى باملراقبة والوصف؛ ألن

. 37، 36: حممد مفالح ، رواية عائلة من فخار، مصدر سابق ، ص 1 .48: محيد حلميداين، بنية النص السردي، ص 2


100

مبختلف أنواع الرؤية السردية أن وعالقته املتينة بالشخصيات و ونستنتج من وظائف السارد

ة يف جمموعها من مفهوم مستمد وهي ؛ذلك قد يكون نابعا من نظرة البنائية املعاصرة للشخصية

من حيث هتمام ال الشكالنيني والبنائيني معا إىل االالوظائف اليت تقوم ا؛ وهذا هو سبب حتو

ويقصد بذلك الوظائف .1األعمال اليت تقوم ا أكثر من االهتمام بصفتها ومظاهرها اخلارجية

دة اليت كان يركز عليها يف يها يف الرواية ال أوصافها اخلارجية وصفاا املتعد السردية اليت تؤد

.روايات الكالسيكيةال

:ـ أهمية ضمائر الحكي في السرد والحوار6

الضمائر بنية مهمة و معطى سردي، ال ميكن للروائي أن يكتب من دون أن يوظف إحداها

ل أداة طيعة يف يد ي دورا مهما يف اخلطاب الروائي، وتشك للتعبري عن الشخصيات السردية، وتؤد

من خالهلا يستخدم املؤلف هذه الضمائر ليعرب و .املؤلف؛ إذ خيتار إحداها لريوي قصته اخليالية

م من يتكل ئفتتداخل هذه الضمائر يف السرد فال يدري القار آرائه وفلسفته وموقفه يف احلياة، عن

؟و مها معا؟ أأو الكاتب ؟هل هو السارد ؛يف الرواية

:أ ـ ضمير الغائب هو

كلمة جامدة، ليس هلا أصول اشتقاقية تدل على احلضور أو الغياب ، ولو " هو"الضمري

على حدث أو زمان كما يدل على اسم فال يدل د، وإن دل شيء حمد أخذ منعزال ما دل على

.2وال يدل على ظرف الزمان ،الصفة على موصوف كما تدل الفعل، وال يدل

وعليه، فالعالقة بني الضمري واالسم داخل امللفوظ السردي هي عالقة إحالة؛ فهو دائما

حييل على الصيغة االمسية يف أي خطاب وال وظيفة له من غريها، وأبسط الصيغ األساسية للرواية

.52: ، صبنية النص السرديمحيد حلميداين، 1 .109: ، ص1998، القاهرة، 3متام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، مطبعة عامل الكتب، ط 2


101

بل ؛هي صيغة الغائب؛ ويف كل مرة يستعمل الكاتب صيغة أخرى؛ فعلينا أال نتقيد ا حرفيا

.1إىل صيغتها األساسية املضمرةنردها

من أهم ضمائر احلكي اليت يستخدمها الراوي أثناء سرد أحداث القصة " هو" وال شك أن

املتخيلة، ويفيد احلديث عن شخصية غائبة مضى زماا؛ لذلك هو أنسب الضمائر األخرى

Maurice Blanchotويربط موريس بالنشو . ه يرتبط داما بالزمن املاضيللحكي؛ ألن

ه ىل مفرد أو مثىن أو مجع، لكن إوقد حييل هذا الضمري . 2استعمال املاضي البسيط بضمري الغائب

.ه يفيد اإلخبار عن حدث مضى زمانهيالئم سرد القصص؛ ألن

ه من أهم الضمائر السردية يف احلكي؛ ألن " هو"الضمري ويضيف عبد امللك مرتاض أن

على زمان سابق على زمن ذ القدمي، والذي حييلمن) كان(كان يرتبط بالفعل السردي العريب

أي السرد ... La narration ultérieurويستخدم هذا الضمري يف السرد التابع .3الكتابة

أحداث ماضية بعد وقوعها، وهذا النمط التقليدي بصيغة املاضي، هو الذي يقوم فيه الراوي بذكر

4.إطالقا النوع األكثر انتشارا

دوارا سرديا مهما يف حتديد عالقته بالكاتب والسارد واملتلقي؛ فاملؤلف " هو"لضمري ي اويؤد

وال مناص من اختيار ،املتكلم يصطنع ضمريا للحكي، وتكتب الروايات عادة بصيغة الكاتب أو

إحدى هاتني الصيغتني، فما ينقل إلينا بصيغة الغائب هو غري ما يقال لنا بصيغة املتكلم؛ خاصة

.5ا كقراء يتبدل متاما ملا يقال لناأن وضعن

.63: ، ص1982، بريوت، 2فريد أنطونيوس، منشورات عويدات ط: ميشال بوتور، حبوث يف الرواية اجلديدة ، تر 1 .238: عبد امللك مرتاض ، يف نظرية الرواية، ص 2 .234: عبد امللك مرتاض، املرجع نفسه، ص 3 .101: ، ص1986، بغداد ، 1ىل نظرية القصة، دار الشؤون الثقافية ، طمسري املرزوقي، مجيل شاكر، مدخإل 4 .63: ميشال بوتور، حبوث يف الرواية اجلديدة، ص 5


102

نوع احلكاية هو الذي يفرض على الكاتب اختيار الضمري السردي؛ فهناك من والواقع أن

" أنا"ه خيص السرد الواقعي واالجتماعي، وهناك من يستخدم الضمري ؛ ألن "هو"يوظف الضمري

سلط األضواء على حمطات اليت حيكي فيها الكاتب على حياته، وي خصوصا يف السرية الذاتية

.مهمة منها

ومن الذين . فهناك من يوظفه يف بعض الروايات اجلديدة" أنت"ضمري املخاطبة أما

Laيف رواية التحوير Michel Butor اصطنعوه يف السرد الروائي ميشال بوتور

Modification1.

على طبيعة السردل الضمري عموما جوهر مسألة الصوت السردي، وهو ليس عالمة وال ميث

إذ ال .. .وإمنا بني طبعني متباينني لراوي ال خيتار بني شكلني حنوينيا هو نتيجة مباشرة له؛ فاوإمن

.2إن كان ذلك الضمري هو ضمري املخاطبيسرد بدون ضمري، حىت و

ه ج سبيل الرواية يف كل رواياته؛ ألن " هو"ل السرد بالضمريوكان حممد مفالح يفض

ومن أمثلة ذلك . متخيلة كان يروي قصصا اجتماعية وقعت يف زمان مضى أوو ؛الواقعيةالتقليدية

مهس الرمادي، سفاية املوسم، عائلة من فخار، الوساوس الغريبة، شعلة املايدة، انكسار (روايات

).وغريها

لفتت مجاعة الشبان << : اآليت و غريه ذلك من خالل قول الراوي ويبني املقطع السردي

أصبح عبد اهلادي شخصا خطريا على األمن كما قال املعمر جاكو "..فرنسوا"لنقيب نظر ا

. 120،121: عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، ص 1، الدار 1حممد مكسي، حممد أوحلاج، القراءة املنهجية ملؤلف اللص والكالب، لنجيب حمفوظ، مكتبة السالم اجلديدة، ط 2

.135، ص2007البيضاء،


103

مساء لقاء يرأسه عبد اهلادي يتحدث فيه عن االستعمار كل يعقد الرمشي يف دكان . األصلع

...<<1.

طبيعة رواياته ؛ ألن "هو"وكان الروائي يعرض أحداثه الروائية باستعمال ضمري الغياب

.القدمي وقعت يفماضية ا قصص ؛ أل واألخبارب الوصف االجتماعية تتطل

ر الشخصيات املتحاورة من هيمنة صيغ احلكي التقليدية، ممثلة يف بروز ضمري تتحر مل<<و

، ويف بروز لسان حال شخصية السارد الذي يوجه ويسري )هن هم، هي، مها، هو،(الغائب

وهذا هو شأن ؛ 2>>د واجتاه خمطط ومدروس مسبقابني املتحاورين وفق إطار حمد الكالم املتبادل

.الروايات الواقعية اليت حتكي عن حدث مضى، وحتاول تصوير ونقل ذلك الواقع بكل خلفياته

تداخال متشابكا يف اخلطاب السردي، وهنا منيز بني جمموعة << والواقع أن الضمائر تشكل

؛ وتتبادل هذه األصوات األدوار، والعالقة ئالسارد، والشخصيات، والقار املؤلف، : من األصوات

بني أنا وأنت وهو متثل جوهر التحالف اللسانيايت، الذي يوحد املتكلم باملتلقي، سواء تكلم

.3>>" هو"أو ضمري الغياب " أنا"املتكلم مستعمال ضمري احلضور

املؤلف لرواية قصته املتخيلة، وميثل وهذا معناه أن ضمائر احلكي بنيات مهمة يستخدمها

الضمري املستخدم شخصية من شخصيات القصة، وهو قابل للتبادل فقد يعرب تارة عن املؤلف

. وتارة عن السارد وقد يعرب عن شخصية أخرى من احلكاية

وبدون هذه الضمائر ال ميكن أن يكتب الروائي قصته املتخيلة، ألنه جيد نفسه يوظف

.يغ للتعبري عن البطل أو غريهإحدى هذه الص

.389: حممد مفالح، األعمال غري الكاملة، رواية االنفجار، ص 1 .177: عثمان بدري، وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي عند جنيب حمفوظ، ص 2مرتاض، جامعة وهران، إشراف عبد امللكيف األدب العريب، راهو دكتعز الدين باي، بنية اخلطاب السردي، أطروحة 3

.197: ، ص2004/ 2003


104

":أنا " ب ـ ضمير المتكلم

يف السرد الروائي كثريا مثلما يستخدم ضمري الغياب؛ ألن "أنا"ال يستخدم ضمري املتكلم

يف السرية " أنا"أسهل السرد أن يصف الراوي األحداث وهو بعيد عنها، ويوظف الروائي الضمري

الذاتية؛ وهي كل قصة يرويها بطلها بضمري املتكلم؛ أي كل حكاية يتطابق فيها البطل مع

.؛ وفيها يعرض جزءا مهما من حياته وسريته1الراوي

يت يف الدرجة الثانية من حيث األمهية السردية يأ هذا الضمري أن ويرى عبد امللك مرتاض

يف ) شهرزاد(؛ ألن ضمري املتكلم استخدم يف السرد القدمي؛ حيث كانت " هو"بعد ضمري الغياب

. ا هي الساردة لتلك احلكايات؛ أل )بلغين(تفتتح قصصها بعبارة " ألف ليلة وليلة"حكايات

. ه يعيش واقع القصة اخلياليةملتلقي يف حلظة ما بأن يف عملية احلكي يوهم ا" أنا"واستعمال الضمري

"أنا"فـ : ضمري املتكلم حييل على الذات، أما ضمري الغياب فيحيل على املوضوع << وكأن

2>> مرجعيته برانية" هو"، على حني أن مرجعيته جوانية.

وعادة ل الضمري مسألة مهمة يف مبحث الصوت السردي، وله عالقة بالرؤية السردية،وميث

ما يستخدم الضمري يف تصنيف منط السرد؛ فيقال سرد بضمري املتكلم، أو بضمري املخاطب، أو

.3بضمري الغائب، وكان جريار جينيت يعين بالضمري، احلضور العلين أو الضمين للراوي

ه يدل على من للضمري عالقة متينة باحلكاية وبالراوي على حد السواء؛ ألن والواقع أن

هذا األخري الراوي؛ ألن " أنا"ل إىل املؤلف تتحو " أنا"ف. ومن يروي أحداثها ، الروايةيتكلم يف

ض كما يفرت ،ل نقطة التقاء عامل الرواية وعامل احلكايةل وجهة نظر املؤلف، ويف الوقت نفسه ميث ميث

ومهية " أنا"والرواية تعتمد على . ا جرت؛ فالراوي عامل وسيط بني ما هو خيايل وما هو حقيقيأ

.105: ، صمعجم السرديات جمموعة من املؤلفني، و حممد القاضي ينظر 1 .243: عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، ص 2 .280: معجم السرديات، ص ،جمموعة من املؤلفني و حممد القاضي ينظر 3


105

وينبغي لنا أن ال ،ا، وليس هو الكاتبضتب ، والراوي ال يعترب متكلما حمالكا" أنا"ال عالقة هلا بـ

.1كذلك ئل القار ه ميث ننسى أن

بصيغة ضمري << القصة إذا كانت ن من جهة ثانية أ Michel butor/ويرى ميشال بوتور

الراوي يقص ما يعرفه عن نفسه، وما يعرفه عنها فقط، أما يف احلوار الداخلي، فذلك م؛ فإن املتكل

، فنحن إذن فه عن نفسه يف هذه اللحظة بالذاتيتقلص بازدياد؛ إذ ال ميكنه أن يروي إال ما يعر

ريه وهذا أثناء احلوار الداخلي واملناجاة ؛ ويريد به ضمري التكلم دون غ2>>أمام ضمري مغلق

. النفسية اليت تبديها الشخصية املتحدثة عن ذاا

يسهم يف كثرة ) هو(استخدام الراوي لضمري الغياب أن يستخلص من القول السابقكما

ما كثر هذا النوع من احلوار بني الشخصيات السردية وذواا؛احلوارات الداخلية يف الرواية؛ وكل

.وحتاورت الفلسفات واألفكار ،ت اإليديولوجياتنوعوت ،دت وجهات النظرتعد

من خالل حديث بعض شخصياا ،بكثرة يف الروايات Monologueويوجد املونولوج

والعالقة بني الضمري . خصوصا "أنت"، أو "أنا"مع أنفسهم؛ فيستخدمون الضمري السردي

ويلقي الضوء على العامل ،حديث الشخصية مع ذاا يغين السرد فإن . واحلوار الذايت متينة

يف اجلو العاطفي والنفسي املتلقي، ويشركه ب املسافة بني الشخصية و الداخلي لألشخاص، ويقر

.3املتوتر الذي تعيشه

.65: ، ص )مرجع سابق(اجلديدة ، حبوث يف الروايةميشال بوتور 1 . 68: ميشال بوتور ، حبوث يف الرواية اجلديدة ، ص 2 261: ، بنية النص الروائي، صبراهيم خليلإ 3


106

يكشف حدود الذات، ويرسم العالقات الشعورية إذ واملونولوج من أهم فنيات الرواية،

من الناحية الفنية هو إتاحة فرصة لكشف الشخصية داخل النص األديب اليت ال للمرسل والغرض

.1اخلارجي أن يقدم الكثري عنها يستطيع احلوار

واختيار ضمري احلكي يف املونولوج ميكن أن يطيل زمن السرد، وميكن أن يعمل على إبطائه؛

أثناء السرد فإنه يفسح اال لشخصياته لكي تتأمل )هو(الراوي ضمري الغائب فإذا استعمل

وإذا استخدم . وحتاور ذواا من خالل املونولوج، وتعرب عن كل ما حتس به يف السرد الروائي

مبا جلهلهى الراوي؛ وذلك تعد ياملونولوج ال أثناء سرد األحداث، فإن ) أنا(السارد ضمري املتكلم

.يدور يف خلد الشخصيات

املتكلم واملخاطب يف اخلطاب الروائي، ويتـفـاوت ي ف أحيانا ضمري حممد مفالح يوظ وكان

كان يستعمل هذا هحيتل الصدارة؛ ألن ) هو(ضمري الغياب وجودمها يف املقاطع السردية؛ إال أن

.الضمري يف أغلب رواياته

ال ناإلجراءاالشخصي والالشخصي، وهذان : ضمريين <<ف السرد عموما ويوظ

فقد " هو"أو الضمري الالشخصي " أنا"رات اللغوية املرتبطة بالضمرييستفيدان بالضرورة من املؤث

إسنادها احلقيقي هو مسندة إىل ضمري الغائب، لكن... توجد سرود أو على األقل فصول منها

أحداثهم فهم حممد مفالح ملهمة السرد،كانوا يروونيوظ فالرواة الذين كان ؛ 2>> لضمري املتكلم

...)كان، خرج، سافر( وتدلل عليه األفعال املاضية غالبا)) هو(( باستخدام الضمري الالشخصي

ال يعود على أي "هو"الضمري أن ث روالن بار ويزعم. للضمري املتكلم كان لكن إسنادها احلقيقي

ي ظائف السردية للراو و الال تتعدى و . موأن الكاتب أو شخص آخر هو الذي يتكل ،شخص

.58: قيس عمر حممد، البنية احلوارية يف النص املسرحي، ص 1عقار، منشورات احتاد حسن حبراوي وبشري القمري وعبد احلميد: روالن بارط وآخرون، طرائق حتليل السرد األديب، تر 2

. 27: ، ص1992الرباط، املغرب، ،1الكتاب،ط


107

اإلخبار عن أحداث وقصص حقيقية أو متخيلة عن واقعه االجتماعي، أو وقائع تارخيية وقعت يف

.زمان بعيد يف غليزان واملناطق احمليطة ا

عن جمموعة ، ليخرب)هو(كان السارد يستخدم ضمري الغياب )الوساوس الغريبة(ويف رواية

بعد مقتل األرملة الثرية زينب من الوساوس واهلواجس كانت تنتاب بعض شخصيات القصة

.اهلنيدي

بل ؛نقل أخبار املرأة الثرية اعتمد السارد أسلوب اإلخبار والوصف، ومل يقتصر على وقد

وكان السارد . كان خيرب ويصف جل شخصيات القصة اليت كانت تتحرك مع زينب اهلنيدي

ادث والوقائع وينسجم و يستخدم زمن الفعل املاضي الذي يتالءم مع الوصف واإلخبار وعرض احل

ه و لعل هذا الضمري أكثر الضمائر السردية تداوال يف السرد الروائي؛ ألن . )هو(مع ضمري الغياب

.1يديولوجياتإوميرر ما شاء من أفكار و ،وسيلة صاحلة يتوارى وراءها الكاتب

:قائال ث مع نفسه املتخاذلةيتحد ) عمار احلر (السرد الروائي جند مقاطع أحد ففيسأكتبه يف ": ؟ مث أجاب نفسه قائال؟ وكيف سيؤلف كتابهملاذا ال يغادر املدينة ولكن إىل أين<<

.2>> أي فندق من فنادق وهران أو اجلزائر العاصمة

وهو يتحدث ) عمار احلر(الم السارد الذي كان حيدثنا عن د هذا املونولوج عن كوقد تول

ل الطرف الذي كان ميث )هو(األول ضمري الغياب ؛ضمريينبها، وقد استخدم مع نفسه ويؤن

خذ املناجاة النفسية يف وغالبا ما تت . ل الطرف املتحاور معهالذي ميث )أنا(م وضمري املتكل احملاور

.3>>وجييب نفسه ،م املرسلشكل حوار حيث يتكل << النص السردي واملونولوج عموما

.234: ، ص2005عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران اجلزائر، 1 . 75: حممد مفالح ، رواية الوساوس الغريبة ، ص 2: ، ص1985سعيد علوش، معجم املصطلحات العربية املعاصرة، دار الكتاب اللبناين، بريوت سوشربيس، الدار البيضاء، 3

209.


108

ح على لسان الشخصية داخلي ذايت، ال خيلو من السارد يف رواية حممد مفال إن حوار

املونولوج عموما يعتمد على ضمري واحد، يستخدمه اإلبداع على مستوى السرد الروائي؛ ألن

املناجاة النفسية فال تنحصر يف استخدام << أما .السارد أو الشخصية للتعبري عن الذات املتكلمة

طب الغائب، دون أن تفقد وضعها من كوا تؤدي ضمري املتكلم، وإمنا قد جتيء يف ضمري املخا

.1>>فعل املناجاة النفسية

للحكي يف جل الروايات الكالسيكية، وقد يستخدم )هو( وغالبا ما يستخدم الضمري

ومن أمثلة ذلك املونولوج الذي ورد يف رواية . ث مع ذااإذا كانت الشخصية تتحد )أنت(الضمري

:مث تنهد خماطبا نفسه <<: مع نفسه يف قول السارد ) عباس الربي(انكسار من خالل حديث

دافع عنه قبل أن يباع يف املزاد العلين، البنك لن يشفق ... فكريف املركز يا غيب -

. 2>> عليك وحسادك ينتظرون سقوطك

؛ إنه حوار )أنت(يف حواره مع ذاته ضمري املخاطب ) عباس الربي(م املتكل وقد استخدم

ونفسه، جعل الراوي يتوقف عن السرد ليمكن الشخصية من الكشف ) عباس الربي(داخلي بني

وقد أسهم هذا املونولوج يف امتداد زمن اخلطاب وقد قلص زمن احلكاية، . عن ذاا بنفسها

نه أضاء جوانب مهمة من حياة الشخصية، وأظهر بعض تصرفاا ووظيفة هذا احلوار الداخلي أ

للسرد وصفها واإلخبار عنها، ومنها تفكريه يف مركزه التجاري املهدد باإلفالس، اليت مل يتسن

وتربص احلساد به ومتين سقوطه؛ وتظهر أمهية املونولوج للسرد أنه يوضح بعض اجلوانب السردية

قليال من عناء السرد، ويقوم بعملية الكشف األساسية عن ئاخلفية للشخصيات، ويريح القار

ومن ذلك ما ورد يف رواية . 3سيكولوجية الشخصيات ومواقفها االجتماعية والفكرية املختلفة

.128: ، ص1999، األردن 1فاتح عبد السالم، احلوار القصصي، دار الفارس للنشر والتوزيع، ط 1 . 48: حممد مفالح، رواية انكسار ، ص 2 .99: ج، القراءة املنهجية ملؤلف اللص والكالب، مرجع سابق، صحممد مكسي، حممد أوحلا 3


109

سأنتقم <<:وهو يتحدث مع نفسه كانون بصوت مسموع ) عباس الربي(على لسان "انكسار"

.1>>سرتى كيف أعذا...ت فيها من البيت وسأجعلها تندم على اللحظة اليت فر ... منها

) عباس(،ونلحظ أن هذا احلوار الداخلي خيرب عن شخصية )أنا(ضمري املتكلم وقد استخدم

املهزومة، الضعيفة، املرتبكة، اليت متلكها اليأس؛ فاملونولوج يكشف لنا كيف استحال عباس إىل

ه بعد والتعذيب وانغالق هذا الرجل على نفسشخصية تضمر الشر، وال تفكر إال يف االنتقام

.هروب زوجته جناة من البيت

ف ويقل املونولوج يف بعض روايات حممد مفالح كونه يعتمد على سرد تقليدي، كان يوظ

خلد الشخصيات، وكان حيكـي ه سارد يعرف ما يدور يف؛ إن )ساردا عليما(يف أغلب رواياته

ا من واقع غليزان الذي يعيش فيه، وكان يستخدم الزمن قصصا متخيلة أو حقيقية استخلصه

.اضية الدالة على احلركة والنشاطاملاضي الذي تدل عليه كثرة األفعال امل

":أنت"ـ ضمير المخاطب ج

، "أنا"و" هو"بنفس الدرجة اليت حظي ا ضمريي السرد " أنت"مل حيظ ضمري املخاطب

إال مجاعة من الروائيني اددين الذين " أنت"الكالسيكيون عن استعمال وعزف الروائيون

وغريه، وذلك رغبة Michel Bitor "ميشال بيتور"يف روايام ومنهم " أنت"اصطنعوا الضمري

الضمري أنت يعين على ويرى هذا األخري أن .منهم يف خمالفة تقاليد الروائيني الكالسيكيني

فيمكن وجود ... الشخص الذي نروي له قصته أو شيئا عنها ال يعرفه <<مستوى السرد الروائي

.2>> قصة تروى بصيغة ضمري املتكلم تكون دائما بالنتيجة قصة تعليمية

. 47: حممد مفالح ، رواية انكسار ، مصدر سابق ، ص 1 .69: ميشال بيتور، حبوث يف الرواية اجلديدة ، ص 2


110

تعليمية بالضرورة؛ فيمكن " أنت"لكن ال ميكن أن تكون أي قصة تروى باستعمال الضمري

أو ، 1"احلفر يف جتاعيد الذاكرة"روايته أن تكون سرية ذاتية كما فعل عبد امللك مرتاض مثال يف

اختيار ذلك الضمري دون غريه هو رغبته يف إىل يـل الكاتب وأن م . قصة اجتماعية، أو غري ذلك

.تغيري منط احلكي واإلبداع وخمالفة تقاليد الرواية الكالسيكية

كضمائر؛ هي " أنت"يف اخلطاب السردي، أو " هو"السرد أو " أنا" ويرى سعيد يقطني أن

.2مبثابة ترهينات سردية، أو أصوات سردية منتجة من خالل السرد أو اخلطاب

لكل ضمري اختيار الكاتب للضمري السردي مهم على مستوى الرواية؛ ألن والواقع أن

السردية هذا األخري عن الشخصيةيعرب أمهيته الفنية، والبد من توظيف الضمري املناسب؛ حىت

.أحسن تعبري

ه يف رواياته، إال يف حاالت احلوار الداخلي؛ ألن " أنت"ومل يستعمل حممد مفالح الضمري

الشخصيات تلك عن ماضي كان يكتب الروايات االجتماعية املستوحاة من الواقع، وكان يعرب

، وقد يدل على بطل فه يف مجيع رواياته الواقعيةاألنسب؛ فوظ " هو"السردية، ولذلك كان الضمري

. أخرىالقصة، أو على أي شخصية روائية

إذا أراد الكاتب أن يتفادى احلديث عن نفسه وقد يستخدم هذا الضمري يف السرية الذاتية

.مباشرة، أو أراد أن يعرب عن شخصية أخرى

.121: عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، ص 1، 1997، بريوت، الدار البيضاء 2، املركز الثقايف العريب، ط)الزمن، السرد، التبئري (سعيد يقطني، حتليل اخلطاب الروائي، 2

.189: ص


111

:السرديوالبالغية للحوار األسلوبيةاللغوية ـ البنية 7

ن املتحاورين ل جمموع القواعد اليت متك ه ميث يعد النحو بنية مهمة يف تشكيل لغة احلوار؛ ألن من األداء الصحيح للغة، وال ختص هذه الضوابط لغة احلوار فحسب، وإمنا ختص لغة مجيع

أثناء الفنون األدبية على السواء؛ وهي ضوابط يصطلح عليها أفراد العامل بينهم، ويطبقون قواعدها .ممارسة الكالم بينهم

ا تكاد وهناك جمموعة من اخلصائص اللغوية واألسلوبية، سنركز عليها يف هذا املبحث؛ أل :تطبع لغة احلوار الروائي مقارنة بأساليب أدبية أخرى، ومن أهم هذه اخلصائص اللغوية

:Sommaire /اإليجاز ـ 1

طبيعة املوقف الكالمي تقتضي ذلك، فال يستطيع يعتمد أسلوب احلوار على اإلجياز؛ ألن ، وألن احلوار يعتمد على والكالمأخذ الكلمة ينتظر الطرف املتكلم أن يكثر من الكالم؛ ألن

هام، ي وظيفة اإليضاح واإلفثنا عنها سابقا تؤد الفعل ورد الفعل؛ و احلركات اجلسمية اليت حتد . وتسهم يف التقليل من الكالم

أي ؛ 1>>اجلامع للمعاين اجلمة بنفسه اللفظ القليل<< ه ف الزركشي اإلجياز بأن وقد عر طبيعة اختصار الكالم مبا قل ودل، فال ميكن أن نفصل من خالل احلوار عن كل شيء؛ ألن

.احلوار تتطلب ذلك

الراوي رواية مدة زمنية خيتصر عندما أن ب نيسرديباإلجياز من وجهة نظر الويقصد به لواقعة طويلة أو فصوال كثرية صفحات لذلك طويلة من احلكاية يف أسطر قليلة، وقد خيصص

ختصار ان السارد من وهذه هي وظيفة اإلجياز اليت متك . 2>> زمنية وجيزة ال تستغرق إال مدةيذكر كل شيء، وال السارد ال أحداث القصة وحذف بعض املشاهد اليت ال ختدم السرد؛ ألن

.ات املهمة من القصة، واليت ختدم وجهة نظره وموقفه من اتمعإال على احملط يركز

. 115: ، ص 1988، دار الفكر، بريوت، لبنان، 3: الزركشي بدر الدين، الربهان يف علوم القرآن، ج 1 .254: ص معجم السرديات،عة من املؤلفني، جممو و حممد القاضي 2


112

على السواء الختزال الوقت والتالعب بالزمن، وحذف ئيلجأ الكاتب والقار << وكثريا ما

؛ فاإلجياز ذا 1>>غري الضروري لسرد احلوادث سردا قابال لالستيعاب يف مدة قصرية من الزمن

ة يف النص السردي، ويستحيل على الكاتب أن يكتب كل شيء؛ ألن زمناملنطق ضرورة ملح

القصة أطول بكثري من زمن السرد فهو األسلوب غري املباشر الذي يتيح للسارد التنقل عرب الزمن

.2بسهولة

اإلجياز يف النص احلواري ضرورة؛ حىت ال << أن إىل من جهة أخرى رض السيد خ ويشري

ولكن احملاورة ال .. بعضه، ولذلك قد جند النص السردي ميتد متتابعا صفحات تنسي كثرة الكالم

ر يطرح قضية وينتظر اجلواب؛ وهلذا توجز اجلمل احلوارية عادة وال تتعدد فاحملاو ؛حتتمل مثل ذلك

.3>> تراكيبها اللغوية

وار بني ل لذلك ذا املقطع من رواية زمن العشق واألخطار؛ حيث يدور احلوميكن أن منث

:دي السينغايل وشخصية حممد النيلياجلن

ـ أتريد سيجارة ؟<< :، مث ضيق عينيه وسألين برقة .. ـ ال أدخن

: عن نفسي قائال ت نا ؟ دافع ب س ـ ملاذا ت .. مل أسب أحدا

.. أليس كذلك ؟ . لقد شاركت يف بناء املقهى.. م القرية وتكذب ل أنت مع .. ـ ال تكذب محادي ؟ وأين هو

.ـ لست أدري ـ ماذا يفعل حمفوظ يف القرية ؟ ومن أين جاء ؟

.100: إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، ص 1، ديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، عبد احلميد بورايو: ، تر)الصورة نص(إىل السميولوجيا ، مدخل دليلة مرسلي وآخرون 2 .58، 57: ت، ص -د .152: ، ص2009، القاهرة، 1ط، مكتبة اآلداب، 1، ج السيد خضر، أحباث يف النحو والداللة 3


113

.1>>.. ـ إنه يقطن يف القرية منذ اية احلرب العاملية الثانية يرتكب هذا احلوار من مجل موجزة؛ وقد كان كل من اجلندي وحممد النيلي يتبادالن احلوار

اآلخر؛ألن احلوار إذا طال وكان من طرف ومل حيتكر أحدمها الكالم ملدة أطول من . بالتناوب

.واحد سيتحول حتما إىل خطاب

أنا ال أدخن يا سيدي ، ( وقد كان ممكنا أن جييب حممد النيلي عن التدخني كاأليت

، و غري ذلك من .. )فالتدخني آفة خطرية تؤثر على القلب وعلى اجلهاز العصيب، وتتلف الرئتني

موقفا كهذا ال يتطلب اإلكثار ؛ ألن )ال أدخن ( الشخصية بقوهلا الكالم الطويل الذي أوجزته

مهما كان ة عموما أثناء احلوارلواملداخ. من الكالم؛ فاملرسل إليه يريد أجوبة على قدر األسئلة

؛ وقد جند 2 >>متيل يف األعم األغلب إىل اإلجياز؛ وهذا يتضح يف املداخالت االرجتالية <<نوعه

.اليومي االجتماعييف احلوار ذلك

:ـ كثرة التوكيد 2

كل طرف متحاور يلجأ إىل إثبات مواقفه بالربهنة وخيتص أسلوب احلوار بالتوكيد؛ ألن

<< فاإلقناع هو ا يقول؛التوكيد والقسم إلقناع الطرف اآلخر مب أدوات ويستخدم واحلجج،

عملية يقصد منها جعل طرف آخر و القدرة على التأثري يف اآلخرين لتحقيق هدف معني، وه

.3>>..يقبل رأي أو فكرة معينة أو ليقوم بعمل معني ) شخص أو مجاعة (

) إن، أن، ونون التوكيد والم االبتداء(وتزخر اللغة العربية بأنواع التوكيد منها التوكيد باحلروف

ميثل غالبا حالة صراع << رواحلوا. والتوكيد بالقسم وغري ذلك كثري، 4والتكرار يف التوكيد اللفظي

. 361، 360: ، ص زمن العشق واألخطار: لة ، رواية ، األعمال غري الكامحممد مفالح 1 .164: إشكاالت النص، صمجعان بن عبد الكرمي، 2 .220ص، 2010حممد هيكل، مهارات احلوار بني التحدث واإلنصات، مطابع اهليئة املصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 3ص 2ج / 89، 88ص 1، ج 1996، بريوت 32مصطفى الغالييين، جامع الدروس العربية، املكتبة العصرية، ط 4

231ص 3ج/ 306، 303


114

أو ما يشبه ذلك، ومن مث حماوالت إقناع متنوعة، ولذا حيتاج كل طرف إىل استعمال بعض صور

.1>>التوكيد املالئمة ليؤكد كالمه

وللتوكيد وظيفة مهمة على مستوى السرد الروائي، إذ يعمد إليه املتحاورون أثناء كالمهم،

العناصر املهمة اليت خيصوا بالذكر، وقد يكون هدفهم تنبيه الطرف هم ال يؤكدون إال بعض لكن

مسة " الوساوس الغريبة "التكرار يف رواية لشك << وقد .مهم يف كالمهم املخاطب إىل شيء ما

إىل ئفقت عموما يف عامل التأكيد أو لفت انتباه القار ها ات بارزة واختفت أسباا ومربراا، ولكن

جاء ما ...ق باأللفاظومن أمثلة التكرار املتعل .2>>...لفاظ أو الرتاكيب املكررةأمهية بعض األ

:على لسان أحد الكتاب املشهورين وهو ينصح عمار احلر بالكتابة قائال له

.3>>تفكر يف اجلودة ال... يا عمار اكتب واكتب واكتب <<وجدناه يف هذا املقطع احلواري الذي ومن أمثلة التوكيد يف النصوص الروائية حملمد مفالح ما

:والصادق ) البهلول ( ، وعلي ) انون ( جرى بني أمحد .يءـ لقد أخربتك بكل ش<<

: صاح أمحد قائال ـ ..أريد أن تعيد ما قلته أمام األخضر

ـ من اعرتض سبيل رمحة ؟ : ردد أمحد خبشونة ..ـ أنا : أجاب الصادق

: صفق علي البهلول متعجبا ـ أمل تقل لنا األخضر ؟

..ـ األخضر أعطاها التمر ودعاها إىل الدكان ـ من دفعها إىل اخلندق األمحر ؟ ومن ردمها بالرمل ؟: ـ وسأله أمحد مبقت

. 161: ، مرجع سابق ، ص 1السيد خضر ، أحباث يف النحو والداللة ، ج 1منوذجا، رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه يف خليفي سعيد، بنية اخلطاب الروائي عند حممد مفالح، عائلة من فخار 2

.183: ، ص 2012/ 2011اجلياليل، جامعة تلمسان، إشراف بن يشواألدب العريب، . 71: حممد مفالح، رواية الوساوس الغريبة، ص 3


115

..ـ واهللا ما فعلت هلا شيئا :رددا ـ إذن األخضر هو الذي دفعها ؟ وحني حرك أمحد عصاه، حرك الصادق رأسه م

.1>>..هو .. ـ هو

لقد أخربتك : ( كان يؤكد زعمه بقوله ) الصادق ( ونلحظ من خالل هذا احلوار أن

فلجأ ،التهمة املنطقي إلثبات االستداللعلى )أمحد انون ( كما اعتمد ،)يءبكل ش

؛ أما )ما فعلت هلا شيئا واهللا(والنفي ليبعد التهمة على نفسه إىل أسلوب القسم) الصادق (

واستخدم ) أمل تقل لنا األخضر ؟ ( فاعتمد على تكذيبه ليوقع به يف قوله ) علي البهلول (

.معرتفا بعدما انكشف أمره ) هو ، هو ( الصادق التوكيد اللفظي

التأكيد والربهان (ار هو أسلوب احلجاج القائم على واألسلوب املستخدم يف هذا احلو

وقد أسهم التوكيد بشىت أنواعه يف بنية لغة احلوار الروائي ، وقد كان كل ). دالل املنطقي واالست

.من األطراف املتحاورة يوظف التوكيد بأنواعه حىت ينجح يف إقناع من خياطبه

: مفهوم الحذف ووظائفه ـ 3

إذ يسهم يف تشكيل لغة احلوار ؛يعد احلذف تقنية مهمة من تقنيات األسلوب احلواري

باب دقيق املسلك، لطيف املأخذ، عجيب <<ه فه عبد القاهر اجلرجاين بأن الروائي، وقد عر

.2>>ك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن اإلفادة أزيد لإلفادة فإن .. .األمر

علمي النحو مصطلح سردي استعاره الكتاب والروائيون من وه "اإلضمار"واحلذف أو

G.Genette والبالغة للداللة على مظهر من مظاهر تغري نسق السرد، وقد ميز جريار جينات

د؛ وهو الذي تعني فيه املدة الزمنية احملد اإلضمار: مها الزمن بني ضربني من اإلضمار يف 1972

. 405: حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة ، خرية واجلبال ، ص 1 ون املطبعية ، اجلزائر ، ، املؤسسة الوطنية للفنبن عبد الرمحن، دالئل اإلعجازر ، أبو بكعبد القاهر اجلرجاين 2

149: ص 1991


116

د؛ فال تعني د أما اإلضمار غري احمل ...).انقضت ثالث سنوات(احملذوفة من احلكاية كقول السارد

.1انقضت سنوات عديدة: فيه املدة الزمنية احملذوفة من احلكاية كأن يقول الراوي مثال

تها وقد ميز السرديون بني أربع أشكال أساسية يف حركة السرد، اصطلح على تسمي

:باحلركات السردية األربع وهي

إذ ؛أسرع هذه احلركات السردية فاإلضمارامل واملشهد؛ و الوقفة، و اإلضمار أو احلذف،

.2حييل على مدة زمنية من احلكاية ال يوافقها حيز يف النص

حتريك احلدث، أو التشويق <<عة منها ي احلذف يف السرد أو احلوار وظائف متنو ويؤد

أو حتريك حاسة ... أو لعلة تتعلق بالزمان أو املكانواإلثارة، أو احلفاظ على قوة الدفع والتصعيد،

التأويل االحتمايل لدى املتلقي، أو احلفاظ على درجة من التنبيه والتهاب املشاعر لديه خالل

.3>>مراحل احلدث املختلفة

والسردي؛ ألن واخلطاب الروائي يعتمد على ظاهرة احلذف من خالل األسلوب احلواري

مقول رية كالفعل و املبتدأ و الصفة و األطراف املتحاورة تغفل عمدا بعض عناصر اجلملة احلوا

.القول و غريها

و ما ميي قد قتضاب الكالم و اقتصاد الزمان، و ه يهدف إىل از أسلوب احلوار عموما أنيلجأ احملاور عادة إىل حذف بعض أجزاء الكالم مراعاة لطبيعة املوقف احلواري، و لذا يكثر <<

.4>>لكالمية األخرى احلذف يف األسلوب احلواري عنه يف الصور ا

.30: معجم السرديات، ص، جمموعة من املؤلفني و حممد القاضي ينظر 1 .147: معجم السرديات، نفسه ص ،جمموعة من املؤلفنيو ينظر حممد القاضي 2، بدون ذكر مكان دار 1991، 1لكرمي ، دار الصابوين ، ط القصصي يف القرآن اكاظم الظاهري ، بدائع اإلضمار 3

128: النشر ، ص 168، ص 1السيد خضر ، أحباث يف النحو و الداللة ج 4


117

ه السرد األديب كل احلذف ال يقتصر على عناصر اللغة احلوارية فحسب؛ ألن والواقع أن

مثل املبتدأ واحلال ؛عرضة هلذه الظاهرة، فتحذف العناصر النحوية املختلفة من الكالم األديب

1.وجوبا أو جوازا والفعل وغري ذلك

يف تسريع وترية السرد زمنية تشرتك مع اخلالصةتقنية << واحلذف على مستوى السرد هو

قد ... والقفز به يف سرعة وجتاوز مسافات زمنية يسقطها الراوي من حساب الزمن الروائي الروائي

.2>> يلغي فرتات زمنية طويلة

ال يسلـم فن أديب منها؛ ألا (...) وهذه اخلاصية غري حنوية ويعرب عنها بنقاط احلذف

كالم كثري ال فائدة من ذكره، أو ألنه كالم يفهم من سياق اجلملة، أو هو كالم تؤدي إىل حذف

.3>>يدلل عليه الفراغ والبياض والثغرة << و مسكوت عنه،

ه تقنية يستخدمها املبدعون على اختالف انتماءام الفنية؛ اإلضمار بأن ويـعرف احلذف أو

والبالغة للداللة على مظهر من مظاهر الكتاب من علمي النحو سردي أخذه مصطلح<< وهو

هذه اخلاصية متيز كل روايات حممد مفالح سواء من خالل السرد أو و . 4>> تغري نسق السرد

ا ختتصر الزمان و تعرب بقليل أ : الروائي و منها على مستوى النص ي وظائف معينةاحلوار و تؤد

من أهم وظائفها أا تشرك املتلقي أو الكالم عن كثريه، و تعد ضمن بنية النص الروائي، و

و قد تؤدي وظيفة أيديولوجية .القارئ يف عملية اإلبداع؛ إذ متكـنـه من سد الفراغ و مأل البياض

؛ لذا يعد احلذف يف هذه احلالة رسالة مشفرة من يث تعرب عن بعض القضايا السياسيةمعينة؛ ح

.قبل أحد أطراف احلوار

.167، 162: ، ص1السيد خضر، أحباث يف النحو والداللة ، ج 1 .232: ، ص 2004، األردن، 1ية للدراسات والنشر، طمها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، املؤسسة العرب 2 .127: ينظر حممد مكسي، حممد أوحلاج، القراءة املنهجية ملؤلف اللص والكالب ، ص 3 . 29: معجم السرديات، ص ،جمموعة من املؤلفنيو حممد القاضي ينظر 4


118

يلجأ إليها الروائي لصعوبة سرد األيام واحلوادث بشكل << ه وسيلةوي بأن ويرى حسن حبرا

متسلسل دقيق؛ ألنه من الصعب سرد الزمن الكرونولوجي؛ وبالتايل ال بد من القفز واختيار ما

.1>> أن يروى يستحق

:ومن أمثلة حذف الكالم ما وجدناه يف هذا املونولوج لعباس الربي

البنك لن يشفق . دافع عنه قبل أن يباع يف املزاد العلين ... فكر يف املركز يا غيب – <<

؛ و يظهر من هذا احلوار الداخلي من كالم عباس 2>> و حسادك ينتظرون سقوطك... عليك

، ويستطيع القارئ أن يؤول (... )الربي مع نفسه أنه حذف كالما كثريا وعرب عنه بنقاط احلذف

: احلذف األول

غيب و إال ستكون عرضة للبطالة فكر يف املركز يا: ( فيقول ...) فكر يف املركز يا غيب (

.و غري ذلك) الكسل و الفراغ و اعلم أن وراءك عائلة ستموت جوعا و

قد البنك لن يشفق عليك و ستصادر أمالكك و(ن منأل الفراغ يف احلذف الثاين و ميكن أ

:، و حذف سارد حممد مفالح كالما يف اجلملة احلوارية الثانية)تقاد إىل السجن وتشرد عائلتك... أنظر أمامك -: و أخرج صاحب السيارة رأسه من زجاج الباب و صاح يف وجه عباس <<

.3>>لسنا حشرات

هل أنت أعمى أو جمنون، أوقد يقول أي كالم انظر أمامك يا حيوان: ورمبا كان يقول له

(...) .سوء وقد يسبه بأقبح الكالم، لكن السارد حذف كل هذا و عرب عنه بنقاط تفيد احلذف

.156: ، ص 1990، بريوت، الدار البيضاء، 1حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، املركز الثقايف العريب، ط 1 .48ينظر حممد مفالح، انكسار ص2 48: ينظر حممد مفالح، انكسار ، ص 3


119

:ـ عالقة األساليب اإلنشائية بالحوار 8

ليس << وقد عرف علماء األصول و النحاة والبالغيون اجلملة اإلنشائية بأا بنية لغويةد واقعها، ولذلك وصفت اجلملة اإلنشائية واقع خارجي، ومن مث فاللفظ ا هو الذي يوج لنسبتها

؛ وذلك ألن املتكلم يسخدم تلك األساليب أثناء حواره مع غريه؛ 1>> موجدة ملعناها(بأا . فيطلب شيئا، ويأمر بفعل شيء، كما أنه ينهى عن فعل، وغري ذلك

ومن أهم األساليب اإلنشائية اليت شكلت .الكذب وهي ذا املنطق ال ختضع للصدق أو : بنية لغة النص الروائي عند حممد مفالح ما يلي

: ـ كثرة النداء1 عالمة من عالمات االتصال بني الناس، وهو دليل قوي على "ه فه اللغويون بأن ويعر

إنسان كل يوم من فهو كثري االستعمال، وال يكاد خيلو كالم << مث ، ومن" اجتماعية اللغة"خالل ، يعد النداء من أهم األساليب اإلنشائية املتداولة يف النص األديب الروائي من2>> النداء

:باا بعنف وصاح ه حنو املخبزة ودق اجت << سليمان الذي احلوار بني عواد الروجي و .3>> افتح يا عواد -

. م يف تشكيل بنية لغة احلوار الروائيسهاستخدم السارد النداء يف هذا املقطع احلواري مما ي، ويشكل بنية مهمة من لغة احلوار ما ه على فعل شيءومن وظائفه املختلفة تنبيه املخاطب وحث مجلة النداء مجلة طلبية، وهذا التقدير حيوهلا إىل مجلة << اليومي والروائي؛ ويرى بعض النحويني أن

األمر والنهي واحلث يرافق النداء يف احلوار اليومي بني ومسيت كذلك؛ ألن ، 4>> خربية .األشخاص

334: ، ص2009القاهرة، 1حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، مكتبة اآلداب، ط 1

. 319: ص، 2010بريوت لبنان 2ضة العربية، طالتطبيق النحوي، دار النهعبده الراجحي، ينظر 2

186: حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة ، ص 3 . 319: ، ص التطبيق النحوي ينظر عبده الراجحي، 4


120

وينتج التفاعل االجتماعي بني املتكلمني عبارات خمتلفة تدل على التخاطب احلي بينهم؛

والتحاور موضوع مهم من مواضيع التداولية؛ .ويقتضي هذا التفاعل وجود طرفني على األقل

عن طريق اللغة املنطوقة، أو عن طريق حركات اجلسم املختلفة؛ لكونه يرتكب من أطراف متحاورة

تقوم بني ذوات متكلمة وأخرى مستمعة، ) تفاعلية(ممارسة ختاطبية << اللغة يف حقيقة أمرها ألن

1>>حمكومة باالنتماء إىل اموعة اللغوية نفسها .

مثل النداء واألمر والنهي ل احلوار ظواهر لغوية خمتلفةومن خالل التفاعل بني األفراد يتخل

وكذا حبركات اجلسم ،اهتماما كبريا بتلك األساليب اللغويةويل التداولية ذا ت والتعجب وغريها، ل

.املختلفة اليت تصاحب الكالم واحلوار بني األفراد

) :السؤال والجواب ( االستفهام من خالل 2

وقد. سواء كان طرفا احلوار اثنني أو أكثريبىن احلوار الروائي وغريه من األسئلة واألجوبة،

تكون األسئلة من أجل االستفسار عن شيء ما، أو تكون األسئلة إنكارية دف إىل التوبيخ

.والتأنيب، وقد يراد ا التعجب والدهشة

طلب الفعل بصيغة خمصوصة، << ه بأن موفق الدين بن يعيش أسلوب األمر ويعرف

ب إضافاته؛ فإن كان من األعلى إىل من دونه، قيل له أمر، وإن كان من ولصيغته أمساء حبس

.2>>األدىن إىل األعلى قيل له دعاء

أسلوب األمر يستعمل استعماال أصليا، واستعماالت فرعية ويرتتب عن هذا الكالم، أن

ما على ويهدف تناول أسلويب األمر والنهي إىل ضبط مميزا. ينجم عنها الطلب والدعاء وغريمها

.47: ، ص1986ميىن العيد وحممد البكري، ، أفريقيا الشرق، املغرب، : ميخائيل باختني، املاركسية وفلسفة اللغة، تر 1 .58: ، ص7ت، ج.، يعيش بن علي، شرح املفصل، مطبعة القاهرة ، دابن يعيش موفق الدين 2


121

املستوى البنيوي، إال أن هذا ال يلغي كونه يربط بني بنية العبارة اللغوية وبني اهلدف التواصلي

.1 الذي يرمي إليه املتكلم

احلوار املبين من األسئلة منوقد كانت روايات حممد مفالح حتتوي على قدر كبري

وقد كان احلوار كثريا يف السرد الروائي، وكان أغلبه طويال، وكان يتخلله السرد والوصف ،واألجوبة

.وقد أشرنا إىل هذا يف مبحث سابق

مثل هذا املقطع احلواري ؛ووجدنا نوعا آخر من احلوار يعتمد على أسئلة وأجوبة مباشرة

عن زوجته حيث سأله الذي جرى بني عباس الربي وصديقه جياليل العيار من خالل اهلاتف؛

:جناة اليت فرت من البيت مىت تثوب إىل رشدك ؟.. تأخرت يا عباس.. ـ ألو <<

ـ وأنت؟ هل تبت بعد زواجك ؟ : ، مث قال له ناصحا ... ـ تبت يا عباس

ـ ملاذا ال تتصل ا ؟ ـ لست مستعدا ؟

:ـ رمبا تكون قد ندمت على هروا من البيت ..ـ رمبا تعود؟ـ مىت

ـ هذا اليوم؟ .2>>ـ سأنتظرك

وكان . احلوار قائم على األسئلة و األجوبة املباشرةمجل هذا املقطع احلواري موجزة و و تبدو

ن الشخصيتني من احلوار دون ألن احلوار كان هاتفيا، والسارد مك ؛كل سؤال يتطلب جوابا

تدخل منه، وكان احلوار يالئم السرد وخيدمه؛ لكونه ينقل كالما اجتماعيا من واقع احلياة اليومية

. للشخصيات املتحاورة

.61: ، ص2011اجلزائر، 1االختالف، طالعياشي أدراوي، االستلزام احلواري يف التداول اللساين، منشورات 1 109 - 108حممد مفالح ، رواية انكسار ص 2


122

: ـ األمر 3

واألمر يف لغة <<: األمر أسلوب إنشائي كثري االستعمال يف لغتنا العربية، وعرفه السكاكي بقوله

... وصه على سبيل االستعالء... لينزل، وانزل، : أعين استعمال حنو. ستعماهلاالعرب عبارة عن ا

جيابه وجوب الفعل حبسب جهات إإذا كان االستعالء ممن هو أعلى رتبة من املأمور استتبع مث

خمتلفة، وإال مل يستتبعه االستعمال بالشرط املذكور، أفادت الوجوب، وإال مل تفد غري

1>>...الطلب .

. 2>> طلب الفعل على سبيل االستعالء<<هواألصوليني أن ويرى بعض النحاة والبالغيني

الشخصيات يف احلوار الروائي والسردي عند حممد مفالح؛ لكون ةبنية مهم ويشكل األمر

وقد خيرج األمر إىل أغراض . الروايات املختلفة يعمد بعضها إىل األمر أثناء احلوار يف مواضع كثرية

و من ذلك ما وجدناه يف هذا احلوار اهلاتفي بني عباس الربي . أدبية أخرى منها النصح و اإلرشاد

: و صديقه جياليل العيار

املدينة ؟مىت تعود إىل ... أهال يا عباس ... ألو<< - بعد تسوية قضية الديون مث سأله عن زيارته لفايز الشوري فقال له عباس بسخط - أصبح هاتفه معطال - : شجعه جياليل العيار قائال له - حاول االتصال به مرة أخرى إنه رجل طيب -

ـ احرص على تسوية املشكلة قبل فوات األوان .3>>ـ سأحاول

حلميد هنداوي، دار الكتب عبد ا: السكاكي أبو يعقوب، يوسف بن حممد بن علي ، مفتاح العلوم، حتقيق وتقدمي 1 228 ،ص 2000، بريوت لبنان 1العلمية، ط

. 336: ينظر حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، ص 2 86ينظر حممد مفالح، انكسار ص 3


123

و غرضه احلث و إسداء النصح و قد قام ) حاول االتصال به ( و يظهر األمر من خالل الفعلني .)سأحاول ( األمر مقام السؤال ألن عباس رد عليه

: و يظهر األمر الثاين يف قوله )احرص على تسوية املشكلة (

.النصح و اإلرشاد يتمثل يف وكان غرضه األديب :النادل لعواد الروجي و قد يكون األمر من أجل األمر يف مواضيع أخرى كقول

:و قال عواد الروجي << . ادفع عشرة دنانري - :وقال عواد الروجي - ..سرقوين -

:وقال بلهجة قوية ..و اقرتب منه بلمريكان .1>> ادفع مثن ما شربت -

ملقام ال يسمح وقد كانت مجل هذا احلوار مباشرة، تعتمد على الطلب واجلواب؛ ألن اوقد خرج األمر عن . )ادفع(ر فعل األمر وهو عن املوضوع، وقد تكر اخلروج بإطالة الكالم أو

) بلمريكان(فعواد الروجي كان يف هذا املوقف خائفا، و ).عواد الروجي(أصله حيث وبخ النادل أي ؛ )التهديد والتعجيز والتسخري(خيرج إىل أغراض منها واألمر يف اللغة العربية. دامهد كان

.2)اإلهانة والتذليل :النهي 4

نشائية يف اللغة العربية، وهو حث املخاطب على وقف الفعل، من أهم األساليب اإلعن الفعل على وجه االستعالء، مثل األمر ؛ حيث طلب الكف وهو ؛)ال تفعل(وصيغته هي

االستفهام : جعل السكاكي أسلوب النهي ضمن األغراض األصلية اليت تلتصق باجلملة، وهي .3...والنهي واألمر والتمين

122ينظر حممد مفالح، األعمال غري كاملة، بيت احلمراء ص 1 . 333: ينظر حممد حسن عبد العزيز، مرجع سابق، ص 2 .429: عبد احلميد هنداوي، ص: قدمي تأيب يعقوب، يوسف بن حممد بن علي ، مفتاح العلوم، حتقيق و السكاكي 3


124

ل النهي أسلوبا مهما يف السرد الروائي، وجند احلوار يف اخلطاب السردي عند حممد و ميث

األمر والنهي؛ لكون الشخصيات تتحاور و يأمر بعضها بعضا، و ينهى بعضها قوم علىمفالح ي

. غريهامر و ح و اإلرشاد و التوبيخ و األقد خيرج النهي إىل أغراض أدبية منها النصو .البعض اآلخر

:و من مجل النهي يف احلوار الروائي ما وجدناه يف هذا املقطع بني حمفوظ وخضرة .متىن أن تظل يدها الرقيقة بني أصابعه املنتعشة << :سحبت يدها قائلة

...ـ ال تذكر هذا و إال .1>>ـ ال تغضيب

فغرضه ) ال تغضيب (اجلملة الثانية و غرض النهي يف اجلملة األوىل التنبيه و التهديد، أما يف

:و قد خيرج النهي عن غرضه األصلي إىل التوبيخ أحيانا كقول السارد . االستعطاف :قاطعه سي عدة بإشارة من يده اليمىن <<

.2>>أنت شيطان ..ال تكذب

و إذا خرج النهي عن غرضه األصلي إىل التهديد والتوبيخ؛ فإنه يؤدي إىل توقف احلوار يف

موقف كهذا، ألن الطرف األدىن ال يستطيع أن يرد الكالم، أو يدافع عن نفسه خصوصا إذا كان

.الطرف اآلمر ميثل سلطة عليا

: ـ ظاهرة التكرار في السرد الروائي 9

64ينظر حممد مفالح، األعمال غري كاملة ، رواية بيت احلمراء ، ص 1 112: ينظر حممد مفالح، األعمال غري الكاملة، نفسه ، بيت احلمراء، ص 2


125

لقد اهتم علماء الداللة و اللسانيات النصية ذا املفهوم؛ ويقصد به إعادة العنصر املعجمي

ويكرر املتكلم فعال أو امسا أو . 1نفسه، أو إعادته باستخدام كلمة عامة أو ترادف، أو ما شاه

.غري ذلك لغاية معينة

مستقبلة ومع ذلك ال يعدم و التكرار ظاهرة قليلة يف لغة احلوار؛ ألن كل األطراف مرسلة و

وبذلك 2وجود احلوار يف اخلطاب احلواري وغريه من اخلطابات األخرى إذا كان األمر يتطلبه

يدخل التكرار ضمن بنيته ألن له داللة خاصة ووظيفة معينة على مستوى النص السردي ومقاطع

ها ومن أهم وظائف و يعمد أحد املتحاورين عن قصد إىل تكرار بعض الكلمات دون غري . احلوار

التكرار أنه يهدف إىل التنبيه، و يلفت نظر القارئ إىل أشياء معينة دون غريها، أو التأكيد على

بعامل التأكيد، وهناك من األلفاظ املكررة يف <<أمر معني؛ ويرى أحد الدارسني أن التكرار يتعلق

نتباه إىل أمهيتها السردية، مبا مواضع متباعدة بشكل دوري يف كل مرة؛ إمنا مت ذلك دف لفت اال

.3>>توحي به من دالالت هامة يف منو احلدث وتطوره

إىل ذلك حيدث نوعا من الربط بني اجلملتني اليت حدث فيهما التكرار يف باإلضافةوهو

إطار النص؛ وهو نوع من الربط الطبيعي الذي يقوم يف حقيقته على مبدأ التشابه أو التماثل القائم

.4بني بعض الكلمات و األشياء ببعضها

) سليمان(واري بني ومن صور التكرار يف روايات حممد مفالح ما وجدناه يف هذا املقطع احل

) :خدجية(و زوجته ... ـ هيا استيقظي ، استيقظي <<

، 2009) املغرب(الدار البيضاء 1مجعان بن عبد الكرمي، إشكاالت النص، النادي األديب بالرياض واملركز الثقايف العريب، ط 1 . 359: ص . 173: السيد خضر، أحباث يف النحو والداللة ، ص ينظر 2 .184: ص خليفي سعيد، بنية اخلطاب الروائي عند حممد مفالح، عائلة من فخار منوذجا، 3 . 359: شكاالت النص، صإ ينظر مجعان بن عبد الكرمي، 4


126

محلقت .. وحرك رجله اليمىن ودفعها بقوة فاستيقظت خدجية اليت دخلت عقدها اخلامس

:يف وجه زوجها وسألته بلهجة ضعيفة

ـ ماذا حدث؟ :صاح فيها قائال خبشونة

..حضري يل القهوة .. هيا..ـ هيا :عينيها براحتيها وقالت له بلطف فركت

.1>>... أليس كذلك ؟..ـ ما زال الوقت فعل : موضعني للتكرار يف هذا املقطع احلواري مها ) سليمان(و قد استخدم املتكلم

.مرتني ألن زوجته كانت تغط يف النوم و قد ال تسمعه فكررها حىت ينبهها ) استيقظي(

، فقد جاء فعل األمر ه يف حمل الطلبألن ؛ مرتني للتنبيه )هيا(و يدل تكرار الكلمة الثانية

املكررة و يظهر التكرار كذلك يف حوار آخر بني عواد الروجي) هيا(مباشرة بعد ) حضري (

:نعيمةو :و مد حنوها يده اليمىن قائال .اشتقت إىل رؤيتك -<<

.سأفضي لك بسر مهم..تعايل ..تعايل - ..لقد قررت أن أغري حيايت ، أشارت إليه أن يبتعد عنها ..أنا أريدك زوجة على شريعة اهللا و رسوله -

:لوت رأسها مقهقهة مث انتصبت أمامه بتحد وقالت له بلهجة يج األعصاب .2>> أنا لن أقبل بك زوجا -

كانت وظيفة مرتني أثناء حواره مع نعيمة و ) تعايل(لقد كرر عواد الروجي فعل األمر

فيه من الغلظة و اخلشونة و لو مل يكرر لكان فعل أمر. التكرار احلث على اإلقدام باللني والرفق

. 168: محمد مف�ح، ا(عمال غير الكاملة،رواية بيت الحمراء، ص 1

168،ص مصدر سابقينظر حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة، 2


127

ويستخدم الروائي . و هذا الفعل املكرر ال خيلو من االستعطاف والرتجي للظفر باملدعو؛ ما فيه

.1أحد املتحاورين إظهارهاألنه قد ميثل نوعا من اإلحلاح على قضية ما، يريد ؛التكرار يف احلوار

ر ضمريا من الضمائر، و يف هذه احلالة تكون وظيفة هذا اللفظ هو وقد يكون اللفظ املكر

أنا ..أنا - << : وهو مونولوج ؛حليمة تلفظت بهتأكيد الفعل كما جاء يف هذا الكالم الذي

:و غلبتها الدموع فبكت حلظة مث قالت مهددة .اليت أخنقته..

.2>>ـ سيعرف من تكون حليمة

و ال خيلو هذا التكرار من وظيفة إظهار تأنيب الضمري خصوصا إذا كان الكالم حوارا ذاتيا بني

.ذاتهالشخص و

: ـ أهمية اللهجة العامية في بناء الحوار10

لقد اختلف حمللو اخلطاب و النقاد كثريا حول قضية استخدام اللهجة العامية يف

يف اللغة اليت <<الفنون السردية كالرواية و القصة و املسرحية، لكن بقي اجلدل قائما و مل حيسم

اء مما رسخ يف وجدانيات األدب.... يصاغ ا احلوار هل هي الفصيحة أو العامية، أم مزيج بينهما

نابعة مـن االزدواجية اللغوية العربية◌ لغة احلوار" الباحثني و القراء أن هناك مشكلة امسها ف ؛ وال يقصد بذلك أن يكتب األديب نصا روائيا كامال بالعامية، ألن العامية يف خمتل3>>

وغالبا ما يوظف . النصوص األدبية ال متثل إال نسبة ضئيلة من النص سواء يف احلوار أو يف السرد

.املبدع بعض الكلمات اليت تساعده يف تصوير الواقع

.174: ينظر السيد خضر،أحباث يف النحو والداللة، ص 1 .112حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة، بيت احلمراء، ص 2،لبنان بريوت، معهد االنتماء العريب، )لغة احلوار يف األدب( ،روحي الفيصلمسر ، 60، عدد جملة الفكر العريب 3

.127ص1990


128

عموما إىل وجود عالقة ص الروائية و املسرحية و القصصيةويرجع توظيف العامية يف النصو

فاعل وحتاور الشخصيات داخل جمتمع بني الواقع املعاش من خالل تو بني السياق العام للحدث

.1 ما ضمن امللفوظ الروائي

، وقد فسر هؤالء كون احلوار ش و منهم حممد مفالحالواقع املعناك من يطمح إىل نقل اوه

2الذي جيري على لسان الشخصية و تتخلله العامية ميثل انسجاما مع األمانة يف نقل الواقع و ؛

اهلدف من استخدام هذه املفردات العامية هو حرص الروائي على نقل الواقع حبذافريه وجند حممد

مفالح قد حرص على استعارة تلك املفردات اليت يتداوهلا سكان الغرب اجلزائري يف كالمهم

.اليومي بكثرة ووظفها يف حوارات الشخصيات

االجتماعية أشكال لغوية تتميز ا اللهجات << ويشري حممد حسن عبد العزيز أن

مجاعة من الناس، تشرتك يف مجلة من اخلصائص االجتماعية كالتعليم واملهنة والعمر والنوع

3>>والنشاط االجتماعي

احلواري، باللغة العربية الفصيحة يف أغلب رواياته، لكنه وكان حممد مفالح قد صاغ املكون

ملعىن على أحسن وجه، وعلى هذا بعض األلفاظ اليت تؤدي اكان يعود إىل العامية فيستعري منها

.ساس نقول إن العامية قد أسهمت يف تشكيل بنية اللغة احلوارية يف أغلب رواياتهاأل

:الح وظف العامية من طريقني مهاوما جتدر اإلشارة إىل ذكره يف هذا املقام أن حممد مف

:المفردات العامية - أوال

يف النثر الروائي، كما أا توجد يف مقاطع احلوار، وهذا املبحث هو وتوجد هذه املفردات

الذي نركز عليه دراستنا أكثر، وقد ظل حممد مفالح ينهل من القاموس العامي من بيئة اتمع

اجلزائري خصوصا من منطقة الغرب اليت اصطلح سكاا منذ قدمي الزمان على بعض الكلمات

34ص 1977يوسف نوفل قضايا الفن القصصي، دار النهضة العربية، القاهرة 1 42ص 1955املصري املعاصر ،مكتبة مصر ، مصر القاهرة ، األدبعبد القادر القط يف 2

.286: اللغة االجتماعي، صحممد حسن عبد العزيز، علم 3


129

جزائرية أخرى؛ ومن أمثلة تلك الكلمات العامية الواردة يف صلب اليت قد ال توجد يف أماكن

:املقاطع احلوارية املختلفة ما وجدناه يف هذا احلوار الذي دار بني زبيدة و عباس الربي

:وزجمرت زبيدة بتحد << ـ وكيف نسمي الرجل اليت حيتجز مركزه التجاري ؟

.1>>الشؤون اخلاصةك مرارا من حشر أنفك يف ت حذر .. ـ أششت هلا محولة لغوية، قد ال تؤدي معناها كلمات فصيحة على أمت وجه ) أششت ( و كلمة

ألن هذه الكلمة تعين حث املخاطب على السكوت ؛....)اخرسي، أسكيت، أغلقي فاك(مثل

لزوج إىل التام و فيها شيء من التحقري و توجه من أعلى املتكلمني إىل أسفلهم، فتوجه مثال من ا

الزوجة، أو من األم إىل االبنة، أو من األب إىل االبن، و غالبا ما يصاحبها وضع السبابة على

.الشفتني عموديا

ومن أمثلة العامية اليت ختللت احلوار يف روايات حممد مفالح و اليت تتواجد يف بعض

ز فوق حواجز اللغة و مقاطع السرد رغم أنه روائي كان جييد اللغة الفصيحة، واستطاع أن يقف

لكن وجهته حنو كتابة الرواية الواقعية جعلته . استطاع أن جيعلها آلة طيعة يكتب ا ما يشاء

. خيتار بعض األلفاظ العامية اليت تؤدي املعىن و تسعفه يف نقل الواقع املعاش على صورته احلقيقية

استل سيجارة من علبة أفراز و حاول <<: ومن أمثلة الكلمات العامية على مستوى السرد قوله

.2>>مواصلة الكتابة

و مل جيد حممد مفالح كلمه تؤدي املعىن إال كلمة . 3>> ولكن الصبـر يدبـر <<و قوله

ألن هذا مثل شعيب متداول يف منطقة ) يؤمل ، وال هي يؤذي وال غري ذلك ( فالهي ) يـدبـر (

. غليزان

.32، رواية انكسار ص ينظر حممد مفالح1 .96ينظر حممد مفالح، رواية الوسواس ص 2 10ينظر حممد مفالح، األعمال غري الكاملة ، رواية االيار، ص 3


130

كمة أن الكاتب وظفها؛ ألا من نتاج اتمع الذي أبدعها أفراده وتكمن سردية هذه احل

من أجل تربير موقف، أو للتعبري عن سلوك معني، وقد استعارها الروائي من األدب الشعيب،

وهدفه من توظيف هذا القول أنه حياور . وجعل الشخصية الروائية تنطق ا يف الوقت املناسب

. خالل تعالق ذلك النص بنص الكاتبالرتاث الشعيب اجلزائري، من

فكان بإمكانه أن يقول القطعة النقدية و ؛ 1>> و رماها يف اجتاه الدورو <<:أما قوله

و هو قطعة نقدية كانت سائدة يف زمن معني يف اتمع ) الدورو(حنوها لكنه حرص على قول

شديد، و الواقع املزري الذي اجلزائري، و هي تعين أيضا أقل قيمة نقدية مما تدل على الفقر ال

.كانت تعيشه الشخصيات آنذاك

وإذا كانت اللهجة تعين جمموعة من الصفات اللغوية وتنتمي إىل بيئة خاصة، ويشرتك يف

، فإن حممد مفالح ينقل الواقع اجلزائري املعاش كما هو وحيافظ 2هذه الصفات مجيع أفراد البيئة

تقاها من بيئة معينة حيث جنده يقول من خالل هذا على بعض تلك األلفاظ العامية اليت اس

:املقطع احلواري بني عابد و حمفوظ سألته كيف نتحرك ؟<<

أن تقول ال يا سي حممد ظهر : علت شفيت رفيقنا حمفوظ ابتسامة ذات معىن و قال يل دوء

حياين مث قال رفع ذراعه اليمىن و ... ارررر... أمامي بن عودة احلطاب و هو حيث محاره على السري

. 3>>ـ حرارة هذا اليوم ال تطاق:يل

لغة ختاطب ا احلمار إال هذه اللفظة املتداولة يف ) بن عودة احلطاب(ومل جتد شخصية

؛ اليت يصعب نطقها لغويا، وال يستطيع املتكلم خماطبة احلمار أثناء حثه )ارررر(بعض املناطق

:لسري بأي مفردة غري هذه اليت اصطلح عليها يف اتمع اجلزائري، و ال تعوضها الكلماتعلى ا

...).هيا أو امش أو حترك إىل األمام (

14ينظر حممد مفالح ،األعمال غري الكاملة،االيار، ص 1 . 244: ينظر حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، ص 2 .314حممد مفالح ،األعمال الغري كاملة، رواية زمن العشق واألخطار، ص 3


131

ويرى يوسف الشاروين أننا ال نعرف الشخصية عن طريق الوصف، بل عن طريق

ستطيع أن نتعرف عن تصرفاا، واللغة من بني هذه التصرفات اليت تعرب عن شخصية صاحبها؛ فن

.1أخالقها أو بيئتها من جمموع األلفاظ واللهجات اليت تستخدمها

) سي الطيب(موظفة يف حوار آخر حملمد مفالح بني شخصني مها ) البومنتل(و جند مفردة

:و حمفوظ ..أنتم شباب اليوم أفسدمت العصر - <<

.ـ للشباب مهوم مل يعرفها أباءهم : و حرك سي الطيب سبابة يده اليمني و قال دوء

لنغطي أقدامنا اخلشنة ) البومنتل (ننتعل كنا...مهوم كثرية لنا كان ..ال يا سي حمفوظ ...<<2.

، لكن الكاتب أىب ) اخلف و احلذاء الطويل و غريها ( وهذه املفردة هلا بدائل أخرى مثل

يستخدم يف القدمي من قبل البدو ؛ ألن هذا النوع من األحذية كان )البومنتل (إال أن يقول

.سكان الصحراء لتأمني أرجلهم من لسعات العقارب وغريهاو

نتيجة االنفصال االجتماعي؛ فأرباب العمل اللهجات االجتماعية نشأت<< شك أن وال

، 3>>كاخلبازين والنجارين والنقاشني قد يستخدمون هلجة خاصة فيما بينهم لغرض من األغراض

و استخدام املفردات العامية يف احلوار الروائي يسهم يف تشكيل لغته و تشكيل أهم بنياا يف

.مجيع الفنون السردية، خصوصا إذا كان ذلك يؤدي إىل نقل الواقع بدقة

ويرى عبد امللك نوري ومن حذا حذوه أن الكتابة باللغة العامية ضروري لتجسيد الواقعية

وقت احلاضر مقتنع أشد االقتناع بأن اللغة جزء ال يتجزأ من الشخصية، وأن يف ال << إنين فيقول

الشخصية القصصية لـتتشوه وتفقد ركنا مهما من أركاا إذا مل تتحدث بلغتها اخلاصة، ومبا أنين

.187: ، ص1964يوسف الشاروين، دراسات أدبية، مطبعة املعرفة، مصر، 1 .100ينظر حممد مفالح، األعمال غري الكاملة، رواية بيت احلمراء ، ص 2 .286: حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، ص 3


132

أكتب عن أشخاص عراقيني إذن ال بد أن أدعهم يتحدثون باللهجة الدارجة كال حسب مستواه

.1>>الجتماعيالثقايف وا

ماجعل أغلب الروائيني يكتبون بعض املقاطع احلوارية بالعامية هو رغبتهم يف نقل الواقع و

بصدق، لذلك حرصوا على ترك الشخصيات الروائية تتحدث باللهجة العامية اليت تليق ا،

الكاتب الذي جيعل شخوص قصته << وقد يعزى ذلك إىل أن. وتوافق مستواها االجتماعي

تتكلم وتفكر بلغة غري اللغة اليت تفكر وتتكلم ا يف احلياة يهدم من أساسها الواقعية اليت هي

فإن جاءت حماكاة ... السبب يف كيانه؛ ألن احلدث إمنا يقوم على األشخاص وتفاعلهم

.2>> األشخاص ناقصة جاء احلدث ناقصا وبالتايل انعدمت الواقعية

فها الكاتب الروائي مثل بعض الشخصيات البسيطة اليت يوظ هذا الدارس أن يقصدو

الفالح والسائق وبائع اخلضر ال ميكن أن تتحدث بلغة فصيحة؛ وأن اللهجة العامية هي اليت تليق

لكن عبد امللك مرتاض يرى عكس ذلك و يعترب ذلك أمر بشع . مبقامها ومستواها االجتماعي

.3حقا

: ماء الشخصيات سأ - ثانيا

لقد اعتمد حممد مفالح على اللغة العامية يف رسم مالمح شخصياته الروائية وفق رؤية

واقعية وكانت أمساء شخصياته عموما مركبة من امسني، األول اسم الشخصية والثاين مضاف إليها

ز، نعيمة زالميت ، عمار عدة الكارو، عواد الروجي، حممد الال( ومن هذه الشخصيات

خصيات مركبة من وغريهم كثري، وهي ش) ، محزة املزلوط ، سعيد احلكي ، محاد الفالقي السنديكا

الغرب اجلزائري خصوصا يسمي الرجل باسم و ،اتمع اجلزائري برمته ألن ؛)مضاف ومضاف إليه(

، جملة األديب املعاصر، الد الثاين ، العددان األول والثاين، )العامية يف حوار القصص العراقي احلديث ( عبد اإلله أمحد، 1 . 108: ، ص 1974تشرين أول بغداد

100: ص 1984بريوت،لبنان، رشاد رشدي، فن القصة القصرية، دار العودة، 2 .178: ية، ص عبد امللك مرتاض، يف نظرية الروا 3


133

أو أي ؛آخر غري امسه، و قد يفيد االسم املضاف إىل امسه التحقري أو رفعة الشأن أو منصبا زاوله

.صفة اجتماعية متيز ا أو غري ذلك

يفسر االسم طبيعة الشخصية الروائية، ويفسر موقعها يف السلم االجتماعي، << وميكن أن

ويفسر داللتها على احلدث الروائي الذي جاءت يف سياقه بالنفي أو اإلثبات، ويفسر منزعها

املؤلف الذي خيتار شخصياته بدقة ه يكون مبعية ، لكن ذلك كل 1>>اإليديولوجيواجتاهها

.ويوجهها، وخيتا هلا اللغة اليت تتحدث ا والطبقة االجتماعية اليت تنتمي إليها

بإشارات تتضح من خالل مسات شخصيات <<ويزخر احلوار يف القصة والرواية عموما

هم ذات انتماء اجتماعي معني، تتجسد يف صورة الناس العاديني يف احلياة، من حيث مهن

.2>> وأعماهلم وسلوكهم وتقاليدهم الشعبية

خربة الناس املستمدة من أعماهلم يف إشارة الكاتب إىلالقول السابق و نلمح من خالل

و الروائي خيتار األمساء اليت تالئم وتعرب عن . ومشاكله اليت ال تنتهي مومه واقعهم االجتماعي

عدة الكارو، (وظفها حممد مفالح ومنها تلك الشخصيات بدقة؛ مثل شخصيات الكثرية اليت

.خروفة، محاد الفالقي، علي العنكبوت وغريها كثري

مستمدة من صميم جمتمع روائيةال وجدنا لغة الشخصيات تومن خالل دراسة تلك الروايا

غليزان، وهي تقرتب من مفردات احلياة االجتماعية احلقيقية يف زمان مضى من خالل احلوارات

يظهر ) حمفوظ(مع ) عدة الكارو( يظهر فيها مستوى الشخصية جبالء؛ ففي حوار املختلفة اليت

:املستوى االجتماعي هلذه الشخصية : حك سي عدة الكارو قفاه وقال مبتسما <<

ـ بعد الفيلم مباشرة قام منصور ـ ابن الكلب ـ وخاطبين قائال بال حياء وال خجل وهو ميسد

: ، صرخت أمه بدهشة"ين أنوي الزواج خالل هذه السنة إن يا أيب: " حليته امللعونة

.51: ص،2000للنشر والتوزيع، اجلزائر، وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي الواقعي عند جنيب حمفوظ، موفمعثمان بدري، 1 215: ، ص 1999األردن ، 1فاتح عبد السالم ، احلوار القصصي ، املؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط 2


134

:أما أنا فقلت له . ـ فكر يف عمل تسرتزق به

أنا ال أملك إال عربة وحصانا لكسب لقمة اخلبز، مل ... ـ تزوج يا بين ولكن ال تعتمد علي

:ال حظ اجلار ذلك فحرك ذراعيه يف اهلواء قائال ... يعلق حمفوظ بأية كلمة

.أعذرين، أرهقتك حبديثي وأنت يف حاجة إىل الراحة .. جيل التقدم .. ـ هه

.1>>..ـ بال شك أنت مل تشرب قهوتك ابن الكلب أحب أن يتزوج بالقمل والبق

شخصية ) عدة(ثنا عنها حممد مفالح؛ فمن قصة اجتماعية حد واقعوهذا احلوار يعرض

اجة، وال يعرف حقوق األبناء على آبائهم؛ بسيطة أمية كتب عليها الشقاء والتعب، يفكر بسذ

.موراح يتكلم بلغته أقرب إىل لغة الشارع منها إىل لغة األب الواعي املتفه

واسم الشخصية يكشف عن مهنتها البسيطة اليت متتهنها يف حي شعيب بسيط، ويكشف

يعيشها وهو حواره مع صديقه حمفوظ عن تداوله حلديث مستمد من وعيه بلحظاته احلالية اليت

تقرتب لغة هذا احلوار من <<يعاين احلياة الصعبة مبا فيها من فقر وجهل وغنب اجتماعي و

حقيقة الشخصيات يف الواقع من حيث طرق تفكريها ووعيها وطموحها؛ حيث نقلت لغة احلوار

.2>>جزءا من اإليقاع الذي ينتظم حركة احلياة يف بيئة حمددة

طة جدا، وقد ناسبت مستوى الشخصيات املتحاورة، ووظف فيها ذا احلوار بسيوتبدو لغة ه

؛ ومثل هذه الرتاكيب يشيع استعماهلا يف )ابن الكلب، الكارو، البق، اششت(مفردات عامية مثل

اتمع اجلزائري، ووظيفة هذه الرتاكيب هي الكشف عن احلالة االجتماعية املزرية وكذا عن

نقل ويستحضر الصيغ العامية املتداولة يف حياة الناس أثناء مستوى الشخصيات املتحاورة؛ ألنه ي

جوها سيكولوجيا، وال منطا باعتبارهاوال يعامل التحليل البنيوي الشخصية . كالمهم اليومي

. 83: حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة ، االيار، ص 1 215: فاتح عبد السالم ، احلوار القصصي ، مرجع قصصي ، ص 2


135

اجتماعيا؛ وإمنا باعتبارها عالمة يتشكل مدلوهلا من وحدة األفعال اليت تنجزها يف سياق السرد

.1وليس خارجه

أخرى اجلانب اآلخر من لغة املتكلمني يف الوسط االجتماعي الشعيب ويظهر من ناحية

واملتمثل يف كشف مواقف العامة من سلوك بعض املنحرفني؛ فاحلوار يكشف لنا عن النخوة املغيبة

ويظهر هذا من خالل احلوار يف كالم الشخصيات املتحاورة و رفضهم للسلوك غري األخالقي،

: اآليتحرا، كان منصور واقفا أمام عمود الكهرباء ملا أشارت إليه ربيعة، أصبح كل إنسان... <<

:ابتسمت له وقالت له بصوت لطيف . اقرتب منها وهو يف حرية من أمره

..ـ أريد منك أن ترافقين إىل وسط املدينة

هز منصور رأسه فرحا ومشى جبانبها، ضرب سي الطيب كفا بكف وصاح ناقما على هذا

:الزمن العجيب

.أنظروا هذا منكر.. ـ انظروا :والتفت إىل رجل كان إىل ميينه وتساءل حبرية

ـ أليست ربيعة ؟ :وقال الرجل ذو القبعة احلمراء

.ـ خرجت من بيت حمفوظ :انتفض سي الطيب يف مكانه قائال

.ـ كيف حيدث هذا وحنن على قيد احلياة ؟ هذا جنون رافقها ؟ـ من ي: سأل سي الطيب باهتمام ...

. ـ منصور األبله:وأجاب صاحب القبعة احلمراء .ـ ولد سي عدة الكارو ؟ هذا عمل منكر

.1>>... لو كانت زوجيت لذحبتها على ركبيت وشربت دمها : ألعور قال الشيخ ا...

.39: ، ص2010، اجلزائر، 1حممد بوعزة، حتليل النص السردي، منشوات االختالف، ط 1


136

ذا احلوار سيلمح اجتاهات التفكري والوعي فيه، يف جمال ذلك الوسط ل يف هواملتأم

االجتماعي يف مدينة غليزان، حيث جيسد حوار الشخصيات األخالق العامة اليت كان يزخر ا

اتمع من خالل رغبة الشخصيات يف تغيري الوضع املخل باألخالق، ورفض سلوك ربيعة اليت

يف غياب زوجها، و كان مرافقها شخصية أجنبية ال متت بصلة إىل املدينة ) منصورا(اصطحبت

قرابة إىل ربيعة؛ فاحلوار ينقل إلينا موقف الشخصيات الروائية اليت تشبه إىل حد ما سلوك أفراد

. اتمع يف ذلك الزمن حيث كان النهي عن املنكر، وحراسة اجلار بعني ال تنام

فقول ؛هاي ا ووع هنيا عن ذ عرب وت ،الواقعية ذا احلوار تناسب الشخصياتوكانت لغة ه

إمنا هو قول كل جزائري غيور ) لو كانت زوجيت لذحبتها على ركبيت وشربت دمها : (الشيخ األعور

اجلمعي، وتنطق مبكارم األخالق؛ال يرضى الفاحشة يف أهله، وكأن الشخصيات تتكلم بالضمري

فاألسرة والبيئة االجتماعية والطبقة اليت تنتمي إليها الشخصية واملهنة اليت تزاوهلا، هلا كلها أثر كبري

.2يف السلوك البشري وطريقة التصرف يف املواقف والتعامل مع الغري

وهذا ما أكده علماء االجتماع؛ حيث بينوا دور اتمع والعرف العام يف سلوك األفراد

نسان كائن اجتماعي بطبعه؛ يعيش مع غريه فيؤثر فيهم ويتأثر ل هذا يؤكد أن اإلواجلماعات، وك

.م، ويعدل سلوكه وفق ما ميليه اتمع

:ـ تمظهر الحوار في الخطاب الروائي 11

يعد احلوار أحد أهم أشكال القول اليت يقوم عليها اخلطاب الشفوي واملكتوب، حيث جيري

بني أفراد اتمع على مجيع مستويام الفكرية والثقافية واإليديولوجية، ويهدف إىل حتقيق التفاهم

.هافهو ضرورة إنسانية ال مناص منوالتواصل وإقامة املصاحل املختلفة اليت تتطلبها حيام،

وتتمظهر لغة احلوار يف اخلطاب املسرحي بوترية أكثر، لكون احلوار ميثل العمود الفقري يف

.املسرحية، بل جنده يف خمتلف فنون األدب األخرى

. 92، 91: اليار، ص حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة ،رواية ا 1 100، 99: ، ص1996حممد مندور، األدب وفنونه، ضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2


137

اخلطاب الروائي هو أكثر األشكال األدبية استيعابا ملختلف مستويات الكالم <<وملا كان

أشكال األدب اليت استثمرت اخلصائص التعبريية والوظيفية األديب وغري األديب، فإننا جند أنه أبرز

والداللية واأليديولوجية للمكون اللغوي احلواري، خصوصا يف عصرنا احلديث ، الذي ميكن وصفه

.1>>من بني ما يوصف به العصر احلواري

ويظهر من خالل هذا القول اعتماد الرواية على لغة احلوار؛ ألا توظف شخصيات تتفاعل

وتتحدث، ويعرب كل منها وفق رؤيته اخلاصة، وفلسفته الذاتية وعن أفكاره ورؤيته للعامل فالرواية

.يات اللغة يف العمل الفين الواحدإذن؛ مواجهة بني متكلم وخماطب، ولذلك تتعدد مستو

أثار Bakhtine Mikael وما جتدر اإلشارة إىل ذكره يف هذا املقام أن ميخائيل باختني

التعدد والتنوع اللساين يف اخلطاب الروائي، كما أنه أثار مسألة تنوع مستويات اللغة مسألة

ومرجعيتها ، فهناك لغة الطبيب ولغة احلوارية، فلكل شخصية مستوى مستواها الثقايف واعتقادها

وجند الفالح ولغة الشحاذ ولغة األمي، ولغة السياسي، واملثقف وكلها خمتلفة ومتباينة يف الواقع،

.هذا االختالف ماثال يف لغة الرواية

ومن خالل اللغة احلوارية يف العمل الروائي وغريه، تتحقق خاصية التفاعل اللفظي بني

املتخاطبني وكل منهما يشارك يف العملية التلفظية، مراعيا أدب الكالم، وال يفهم من هذا أن

لصوت املرتفع بني شخص وآخر ولكن كل التواصل اللفظي املباشر، أو ا <<احلوار هو بالضرورة

.2>>تواصل لفظي، جيري على شكل تبادل لألقوال؛ أي على شكل حوار

احلوار وسيلة يلجأ إليها السارد إليقاف الزمن أو لالسرتاحة و من النقاد من يرى أن

الكالم املتمظهر أساسا يف احلوار، خصوصا يف الرواية ويف الـحوارات << فحسب والواقع أن

هين جامعة عبد القادر: عثمان بدري وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي الواقعي عند جنيب حمفوظ،أطروحة دكتوراه، إشراف 1 12: ص 1997- 1996اجلزائر،

101، 82: ، ص 1987حممد برادة، دار الفكر، القاهرة : ميخائيل باختني، اخلطاب الروائي، تر 2


138

للكاتب والقارئ، أو تزيينا للنص، وإمنا قناة التلفظ الروائي، وملتقى ) اسرتاحة ( الداخلية ليس

الشفوي باملكتوب؛ ومن هذا املنظور تربز إمكانات املكون احلواري يف الرواية بوصفه مظهرا خالقا

. 1>>ولتشخيص الصريورة األيديولوجية ولتفاعالت الشفوي باملكتوب ظية ممكنة،لف لعوامل

؛ منها الوظيفة األيديولوجية يف الرواية للحوار عدة وظائف ويبدو من خالل هذا القول أن

اليت تكشف عن فكر املتحدث، والوظيفة التوليدية؛ جتعله يلفظ كالما واعيا مفيدا، والوظيفة

فعند قراءة أية رواية حتتوي على احلوار . وفيها يتفاعل الكالم الشفوي بالنص املكتوباإلبداعية؛

جند الراوي يتوقف عن السرد ويقدم الشخصيات، وميكنهم من التعبري باحلوار أو باملناجاة عن

بوضوح يف رواية أفكارهم وعواطفهم وهواجسهم ومشاكلهم االجتماعية، وهذا ما يظهر

:ار احلوار بني عباس الربي وصهره الذي خاطبه قائال؛ حيث د) انكسار(

:اهتم بتجارتك، مث بلهجة محاسية ... ـ أنت ال تعلم شيئا يف أمر السياسة << .ـ كنا نريد تطبيق العدالة االجتماعية، ولكن أعداء الشعب وقفوا يف طريقنا

:مرر عباس ميناه على وجهه وقال له بزهو . 2>>يتكم ـ لقد حترر الشعب من وصا

ويهدف الروائي من خالل هذا احلوار إىل الدعوة لتحقيق العدالة االجتماعية بطريقة ذكية

، وأسند إليها هذه املهمة، واختبأ خلفها ليمرر )بغداد خبلوين(غري معلنة، حيث وظف شخصية

ما شاء من أفكار سياسية وإيديولوجية، وانتقد السلطة وسياسة احلكام من خالل هذا اخلطاب

. ويتحول احلوار من الكالم بني الشخصيتني الروائيتني إىل الكالم بني الروائي واملتلقي. يالروائ

، ، الرواية أفق الشكل واخلطاب املتعددين 1993، القاهرة ، 4: ، أ 11: ، مج 1: زمن الرواية ج ( جملة فصول 1 .22 ، 21: حممد برادة، ص

19: حممد مفالح، رواية انكسار، ص 2


139

:ـ خصائص الحوار من خالل المقاربة التواصلية 12

ينفرد احلوار حسب حمللي اخلطاب التداويل بعدة خصائص متيزه عن باقي أنواع اخلطاب

أثناء التواصل االجتماعي بني األفراد، ويرى األخرى، و احلوار حبد ذاته يتطلب هذه املبادئ

تواصل (أن مصطلحي ) Goffmanكوفمان (و ) Batsonباتسون (بعض الدارسني ومنهم

communiquer (و)التواصلcommunication ( قد ظهرا أول األمر يف اللغة الفرنسية يف

فظة الالتينيةقريب من الل participerالنصف الثاين من القرن الرابع عشر، ومعىن شارك

communicare ويعين املصطلحان . اليت تعين أن يكون مشرتكا يف عالقة تواصل مع آخر

وهذه املبادئ تدخل ضمن املقاربة التواصلية . 1عموما مشاركة وحدة الشعور، والتشارك يف الرأي

:لتحليل احلوار وهي

:مبدأ المشاركة -أ

<< يرى جل الدارسني املشتغلني يف احلقل التـواصلـي، أن املشـاركة هــي أول خصائص

التواصلي، وا تنطلق ميكانزمات احلوار، واملشاركة اليت تفعل إرادة القول لدى أطراف التفاعل

.2>>احلوار هي املؤطرة لعناصر التفاعل بني ممثلي اخلطاب

اإلنسان ا كان التفاعل التواصلي قائما؛ ذلك أن ولوال هذه اخلاصية ما كان احلوار، وم

اجتماعي بطبعه حيث جتمعه باآلخرين اللغة والشعور واملصاحل املختلفة، وكثريا ما خيتلف مع غريه

، فهو جيد نفسه مييل إىل احلوار مع غريه تلقائيا، فـيكلمـهم وحياورهم سواء اتفق يديولوجياإو فكريا

.أو اختلف معهم

.17: باتسون وكوفمان، التواصل الجديد، عن محمد نظيف، الحوار وخصائص التفاعل التواصلي، ص 1

.16: لتفاعل التواصلي، مرجع سابق، ص، احلوار وخصائص احممد نظيف 2


140

وآخرين أن املشاركة أول آليات ) Goffmanكوفمان (و ) Batsonباتسون (وقد أشار

ويوجب هذا املبدأ ؛)Paul Griceبول غرايس (مبدأ التعاون الذي دعا إليه التواصل، ويقصد ا

أن يتعاون املتكلم واملخاطب على حتقيق اهلدف املرسوم من احلديث الذي دخال فيه وقد يكون

وميكن أن تتجسد هذه ؛ 1ددا قبل دخوهلما يف الكالم أو حيصل حتديده أثناء الكالمهذا اهلدف حم

:اخلاصية من خالل هذا املقطع احلواري

مبتسما مث ) احلر عمار(رفعت نصرية التل رأسها، ومحلقت يف وجهه ومل تتكلم، حياها <<

:قال بلطف

مل ترد على حتيته.. رب صدفة ـ

:قالت له بسخط

.أنا ال يهمين أمر عبد احلكيم الوردي، أرجوك ال تكتب عين .. ابتعد عين ـ

:ال تقلقي لن أكتب عنك، فردت عليه حبنق ـ

2>>لست غبية ومثلك لن خيدعين ـ.

ويبدو من هذا املقطع احلواري القصري أن اإلنسان مفطور على الكالم مع الغري، وعلى

وحدة الشعور <<املشاركة الكالمية معهم مهما كان موقفه منهم وعالقته م وغالبا ما تدفع

والتشارك يف الرأي، وهي معاين تبني ما تؤول إليه املشاركة أثناء التفاعل التواصلي من انصهار

.3>>ي اخلطاب يف تفعيل اهلدف األول وهو التشارك يف الرأيممثل

238: ، ص1998، الدار البيضاء املغرب 1املركز الثقايف العريب، ط) التكوثر العقلي ( ، اللسان وامليزان أوطه عبد الرمحن 1 .111، 110: ح، رواية الوساوس الغريبة، صحممد مفال 2

.17: ، صاحلوار وخصائص التفاعل التواصلي ،حممد نظيف 3


141

لكن هذا الرأي ال يصمد كثريا؛ فاملتكلمون أحيانا يدخلون يف احلوار واجلدال احلاد دون

تفاهم وال تعاون منهم، وأحيانا ال يستجيب أحدمها حملاوره فينصرف ويتوقف احلوار خصوصا إذا

.بذلك؛ كأن يكون الوقت غري مناسب للكالمكان املقام االجتماعي ال يسمح

:ب ـ خاصية اإلجماع أو التنازع

يؤدي التفاعل التواصلي من خالل احلوار الذي جيري بني األفراد إىل حصول اإلمجاع، وهذا

؛ وذلك أن السلوك التواصلي خيضع لدعاوي قبلية كلية بغية خلق الظروف )هابريماس(ما يؤكده

.1اإلمجاع عرب صريورة تبادل احلجج املواتية للوصول إىل

لكن اإلمجاع ال حيصل دائما، إذ كثريا ما يؤدي عدم إقناع املتكلم للمخاطب إىل حدوث

التنازع؛ حيث يسعى كل فرد من أطراف احلوار إىل فرض رأيه، والتشبث مبوقفه، فيواجه املتكلم

ء عرض احلجج، و يسمى هذا النوع غريه بالرأي املناقض وهذا ما يصطلح عليه بالرأي املضاد أثنا

ازع ماثلة وجند يف روايات حممد مفالح خاصية التن. من اخلطاب املدعم باألدلة باحلوار احلجاجي

:يف هذا املقطع احلواري

رفع .. ـ أنا اليوم عمري سبع وعشرون سنة، أعرف ما ينفعين : قال يوسف بعصبية <<

: والده اخليزرانة حنو السماء وقال متنهدا

:مث أضاف قائال له دوء .. ـ اهللا يهديك يا يوسف

وصاح يوسف متهكما . ولكنك ال تعرف أنك ضائع وأنت من عائلة ولد الفخار احملرتمة

.2>>مل أجد من ينقذين من عائلتكم حىت أعود إىل رشدي :

. 6: ، ص 2003بناين ، إفريقيا الشرق ، عز العرب حلكيم: مانفريد فرانك ، حدود التواصل ، ت 1 . 21، 20: حممد مفالح ، عائلة من فخار، مصدر سابق ، ص 2


142

وكذلك جند التنازع وعدم التوافق يف احلوار التايل من الرواية نفسها؛ حيث دار الكالم بني

من جياليل العيار؛ فكانت األم قد بدأت احلوار ) خروفة(شخصية يوسف وأمه بشأن زواج أخته

: قائلة حبزم

ـ جياليل شخص ذكي، فكيف نرفض رجال طموحا مثله ؟<<

:وقاطعها يوسف بغضب

:أصبحت خروفة جمرد لعبة بني يديك، مث تابع بتحد ـ

.1>>...إنك تنفذين خطط أخيك قويدر املاكر -

احلوار على الرأي والرأي املضاد؛ فاألم اعتمدت الربهنة إلقناع يوسف القد اعتمد طرف

.رض الذي قدمته أمه بالرفض القاطعبزواج أخته، لكن يوسف أظهر موقفه املضاد وواجه الع

:اصية التقابل أو التكاملخ -ج

يعد التقابل من أهم خصائص التفاعل التواصلي، وأحد أبرز ميكانيزمات احلوار، ويف هذا

كل كل تبادل و << ن إ) watzlawick فاتسالفيك( الصدد يقول بعض الدارسني ومنهم

، أو يف آن واحد تقابلية وتكاملية ، أو طبيعة تكاملية)symétrique(تواصل من طبيعة تقابلية

.2>>حبسب أن يعطى االمتياز للتساوي أو االختالف بني املشاركني

العالقة احلوارية التقابلية ترتكز على التساوي أثناء التبادل بني أن ويرى حممد نظيف وآخرون

وأخذ الكلمة بالتناوب، ودون أن يكون أحدمها خاضعا لآلخر، وأثناء الكالم تكون ..املشاركني

وهذا حيدث . 3سلوكات املتواصلني متوازية، وكل منهما ميكن أن يأخذ وضعية سفلى ووضعية عليا

.44: ص) عائلة من فخار( فالح، حممد م 1.18: ، صيعن محمد نظيف، الحوار وخصائص التفاعل التواصلالمعجم النقدي للتواصل، 2 ،فاتس�فيك

.18:احلوار وخصائص التفاعل التواصلي، ص ينظر حممد نظيف، 3


143

فقوا سلفا قبل دخوهلم يف مني أن يت احلوار اليومي بني األفراد، وال ميكن للمتكل عشوائيا يف أثناء

أحدمها قد يذعن ق من خالل التقابل والتكامل الرتاضي بني طريف احلوار، كما أن ويتحق .الكالم

بني احلوارلآلخر أثناء احلوار االجتماعي؛ أما اآلخر فيحاول أن يسرتضيه، وبذلك يكتمل

البعد احلواري يقتضي اآلخر بالضرورة، إذ ال ميكن أن نفهم دون أن << حقيقة بني؛ ألن املتخاط

.1>>نبني الداللة، وال ميكن أن نبني الداللة دون أن جنادل وهكذا دواليك

وهذا هو شأن احلوار االجتماعي الذي ميكن املتكلمني من أخذ الكلمة والنقاش حول

أحدمها عن أشياء تبدو غامضة أو غري مفهومة، وقد يتحول مواضيع كثرية، ويف كل مرة يستفسر

.إىل جدال إذا مل يقتنع أحد املتكلمني؛ فيلجأ اآلخر إىل بعض األدلة واحلجج إلقناعه احلوار

:خاصية المضمون والعالقة -4

املضمون شرط مهم من شروط التواصل احلواري بني املرسل حمللو اخلطاب احلواري أن يرى

. 2>>اخلرب، الرسالة، اجلانب الكمي للحوار <<و املرسل إليه، ويقصد باملضمون

ميكننا من معرفة أي اإلرساليتني تتولد عن األخرى، هل الكالم املوجه إىل املرسل يءوال ش

ي يوجه اخلطاب يف املرة األوىل هو املرسل، ؟ وال شك أن الذليه؟ أو الكالم الوجه إىل املرسلإ

لكن هذا األخري سرعان ما يتحول إىل مستقبل، واملرسل إليه يتحول إىل مرسل أثناء تبادل احلوار

:بينهما، وميكن أن منثل هلذه الظاهرة من خالل احلوار الروائي التايل

الرجل الذي متنيته زوجا قد وها هو ... أمل أقل لك أن الرجال ال ثقة فيهم..يا نصرية ـ <<

وتنهدت نصرية التل قائلة ألمها ...هو الذي قتل األرملة املسكينة..إنه جمرم.. لقي عليه القبضأ

:املضطربة

.200: ، ص2006عبد السالم عشري، عندما نتواصل نغري، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، املغرب، 1

.19: محمد نظيف، الحوار وخصائص التفاعل التواصلي، ص 2


144

.فالرجل مظلوم.. قد يكون اخلرب جمرد إشاعة ـ

:وقالت هلا أمها بعصبية

:تقول وابتعدت نصرية التل عن أمها وهي..املظلوم هو عبد احلكيم الورديـ

.1 >>ـ الدنيا حظوظ

، أما نصرية التل فكانت )مستقبل(يف البداية مث حتولت إىل ) مرسال(لقد كانت األم

يف البداية مث حتولت إىل مرسل؛ويتم هذا من خالل احلوار السردي، أثناء التواصل ) مستقبال(

متكلم ومن متكلم ؛ أي تتحول من مستمع إىل 2الكالمي؛ فأنت جتد نفسك تتبادل وتغري دورك

.إىل مستمع دون أن تشعر

دا بشكل حمسوس أثناء ي ليس حمد م واملتلق جانب العالقة بني املتكل ويرى حممد نظيف أن

اجلوهرية و العالقة. 3ه ميوقع األشخاص يف التفاعلالتواصل احلواري، ويبدو جانبا جوهريا ؛ ألن

اهلادفة الواعية اليت جتعل املتكلم يعمد إىل احلوار مع غريه، تظهر يف احلوارات االجتماعية اإلنسانية

فأحيانا يوافق اآلخر أو يعارضه، أو حيمله على فعل سلوك ما، أو على فعل ما، وهو واع مبا يفعل

العمر، (االجتماعية منزلتهحتدثية منسجمة مع يؤدي الفاعل أدوارا << هادف إىل ما يريد؛ وذا

وحتتم عليه كل وضعية اجتماعية أن يوجه ... لي واالجتماعي والسياسياجلنس، املوقع العائ

ق يف إيصال مقاصده ومراميه إىل املتلقي وتظهر األدوار التحدثية ملفوظاته اجتماعيا حىت يتفو

؛ وهذا ما يتضح جليا يف احلوار الذي جرى بني الوالد واملعلمة 4>>صراحة أثناء املقاطع احلوارية

130، 129: ينظر حممد مفالح، رواية الوساوس الغريبة، ص 1 .107: ص معجم السرديات، جمموعة من املؤلفني، و حممد القاضي ينظر 2 . 20: ينظر حممد نظيف ،احلوار وخصائص التفاعل التواصلي ، ص 3 .193: ، ص2006، الدار البيضاء، املغرب 1حممد الداهي، سيميائية الكالم الروائي، شركة النشر والتوزيع، ط 4


145

لد وزوجته عهم عالقة حوارية هادفة، ومن أمثلة ذلك احلوار الذي جرى بني الواواألم، حيث جتم

: ميينة، واملعلمة مليكة

:حياها مث بادر قائال ... رأى املعلمة مليكة واقفة <<

:مث أردف قائال بلطف ... والتفت حنو زوجته . ـ أعتذر لك عن سلوك االبن الطائش

.ولكنه مل ينصت إليناقاء السوء ، ـ لقد حذرناه من أصد

: تنهدت مليكة مث قالت

.ـ أنت رجل طيب ولكن ابنك ال يشبهك ، لقد صفع ابنيت أمام كل الناس

:بأسف) ميينة ( وقالت

.1>>ـ سيقتلين هذا الولد الشقي

ة اجتماعية لتعديل أخالق والشك أن السارد يف هذه املقطع احلواري يهدف إىل مترير دعو

ين الذين يعيشون معنا يف مؤداها احرتام اآلخر كان احلوار يكتسي نزعة إنسانية، وإن اتمع

. ، خصوصا اجلريان واملعلمني اتمع

ال يقتصر على نقل << watzlawick وإذا كان السلوك احلواري حسب فاتسالفيك

.2>>اخلرب، ولكن حيمل يف نفس الوقت على سلوك معني

املرسل حياول دائما أن تغيري ما يعتقد املخاطب؛ ذلك أن واملضمون احلواري، يسهم يف

يقنع من حياور بأنه على صواب، فيحاول إقناعه باحلجج املناسبة، ويطول احلوار بينهما، وقد

: احلواري يف رواية شعلة املايدة يتحول إىل خطاب حجاجي مثل ما جنده يف هذا املقطع

:تبسم الشيخ الطاهر وقال له بنربة ال ختلو من عطف ـ<<

. 93: ، ص ينظر حممد مفالح، رواية عائلة من فخار 1.20: فاتس�فيك، منطق التواصل عن محمد نظيف، الحوار وخصائص التفاعل التواصلي، ص 2


146

:جتد فيه من يساعدك، مث قال له ناصحا .. اقصد اجلامع األعظم ـ

سافر قبل أن تضيع منك الفرصة ـ

:أمال راشد رأسه حنو والده، وقال بأسف

.أحببت أن أسهم يف تعليم أبناء العرش ـ

:وقال له والده مبرارة

وات اجلفاف أصبحت الطبيعة قاسية جدا، سكان املنطقة يف حاجة إىل سواعد بعد سن ـ

:مث بنربة ختامية . أبنائهم ملساعدم يف خدمة األرض

.1>> سافر إىل املدينة اليت ستحقق فيها حلم سيدي اهلامشي ـ

حيثه فيه على السفر، واعتمد يف ) راشد(عرضا للمخاطب ) الشيخ الطاهر(م املرسل لقد قد

خطابه على احلجج إلقناعه، والطرف اآلخر قد رفض العرض مقدما حجة كدليل على عدم

وقد حتول هذا احلوار إىل خطاب . السفر، لكن الوالد ضاعف احلجج إلقناعه وحثه على القبول

. ة باحلجةحجاجي حيث قورعت فيه احلج

بصيغته التقابلية أو التكاملية املفضية إىل اإلمجاع أو << والتبادل احلواري بني متكلمني

جانب املؤثرات اليت م املضامني احلوارية، وجانب األوامر : التنازع أو الرتاضي، مير من جانبني

.2>>اليت م تكييف السلوكات والعالقات مع ما تقتضيه تلك املضامني

احلجاج قائم ومالزم لكل حوار اجتماعي يفضي إىل إمجاع أو اختالف بني طريف احلوار و

على رأي ما أو قضية إنسانية معينة، وكل من املتحاورين يسعى بكل ما أويت لفرض رأيه، وإقناع

ليست اللغة وسيلة للتواصل واإلخبار، << و . اآلخر باحلجج املمكنة، حىت حيقق ما يصبو إليه

.59: ، رواية شعلة املايدة، ص ينظر حممد مفالح 1 . 21: ينظر حممد نظيف،احلوار وخصائص التفاعل التواصلي، ص 2


147

يضا جمموعة من األدوار املتبادلة يراهن من خالهلا كل متلفظ على تعزيز صورته لدى اآلخر، وإمنا أ

فاحلوار يتضمن احلجاج من خال تقدمي أحد املتحاورين جمموعة من ؛1>> التهوتغيري معتقداته ومتث

واحلجاج يقوم على .ف اآلخر، وحثه على تصديقه واألخذ برأيهر احلجج والرباهني إلقناع الط

استدالل حتليلي، (Démonterالربهنة : هي Boissinot.Aأشار إليها بواسينو ثالث جماالت

قيمية أحكاما تشغل منهجية حوارية ( argumenter، وإقامة احلجة ) ومنهجية معقلنة للفهم

.2)فن اإلحياء، والتطويع بوسائل شىت( persuader واإلقناع، )

وأحيانا . بني الطرفني املتحاورين، ويسود التوافق واإلمجاعوقد حيدث الرتاضي بعد التنازع

.يكون اجلدال عقيما ال يفضي إىل أية نتيجة كما هو يف احلوار السياسي املتلفز مثال

يكون موجها من األعلى ، حني ألوامر يف خضم احلياة االجتماعيةوغالبا ما يتحقق جانب ا

ويف هذه احلاالت يكاد . و يف الثكنات العسكريةاملدرسة أ ، سواء يف األسر أو يفإىل األسفل

.فينفذ املأمور املطلوب؛ ألنه يواجه سلطة أعلى منه احلوار أن يتوقف وينغلق؛

ويهدف احلوار االجتماعي إىل إحدى احلاالت التواصلية كاإلمجاع أو التنازع، وهذا ما

أسسا لسانية، وأسسا أخرى خارج لسانية تسجلها –حسب حممد نظيف وآخرون –يكسبه

؛ وتعد جهودها Orrchioni3يوينكة املتعددة اليت أشارت إليها أور حواري -اخلطاطات امليتا

.لي احلوارعناصر التفاعل املتعارف عليها يف عرف حمل إسهاما تواصليا يشرح

:ـ االزدواجية السننية 5

كل طرف من أطراف << حوارية للتفاعل التواصلي؛ ويقصد ا أن -وهي اخلاصية امليتا

العملية احلوارية ميلك سننا خاصا به، وهي حقيقة تتجـاوز األطروحة األحادية اليت دافع عنها

.126: ، سيميائية الكالم الروائي، صينظر حممد الداهي 1.126: بواسينو ، النصوص احلجاجية، عن حممد الداهي، سيميائية الكالم الروائي، مرجع سابق، ص 2 .24: حممد نظيف، احلوار وخصائص التفاعل التواصلي، ص 3


148

حوارية جلاكوبسن صاغت السنن بشكل مفرد ومعلق يف اهلواء -أن اخلطاطة امليتاجاكوبسن، ذلك

:(Jacobson Roman )؛ وهذا ما جنده يف قول رومان جاكوبسن 1>>بني ممثلي اخلطابخماطب جديد، كل واحد حياول قصدا أو بغري قصد، اكتشاف مفردات عند حديثنا إىل <<

موحدة سواء من أجل اإلرضاء، أو ببساطة من أجل التفاهم أو أخريا للتخلص، نستعمل نفس

.2>>جمال اللغة يف اخلاصة امللكية ال توجد مصطلحات املرسل إليه

املتكلم يستخدم لغة حوارية أن إىل ه يشري من خالل السنن املوحد ويبدو من خالل قوله؛ أن

ويصل احلوار يف األخري إىل الرتاضي بني الطرفني والتفاهم أو ،جتمع مفردات يفهمها املخاطب

بورديويرى حيث ؛ لي احلوار من يرفض رأي جاكوبسنلكن هناك من اللسانيني وحمل . االختالف

االختالفات واردة بني طريف احلوار؛ وعليه التوترات و مني؛ ألن اللغة ليست موحدة بني املتكل أن

ويف كل منطقة من .3ة يفرضها أي تفاعل حواري بني أفراد اتمعد السنين هو ضرورة ملح فالتعد

.اتمع الواحد جند السنن يتغري بني املتكلمني باللغة الواحدة

السنين، وما يسهل فهم د وال تكاد ختلو لغة حوارية سواء كانت شفوية أو مكتوبة من التعد

فق عليه بني مجيع أفراد اتمع الواحد، والعادات والتقاليد مفردات تلك اللغة هو االصطالح املت

ل العناصر أن يصغي إىل الكالم املوجه إليه، مث حيل << على املرسل إليه لذا يتعني . املشرتكة بينهم

تسبها حني تعلمه اللغة، مث يتقبل الكالم من الصوتية بالتوافق مع العناصر الفونولوجية اليت اك

.4>>حيث هو يؤلف مجال، وأخريا يعطيه التفسري الداليل املالئم ويتفهم الكالم

25:حممد نظيف، ينظر احلوار وخصائص التفاعل التواصلي ، ص 1

2 Jacobson (Roman) Essais de linguistique généraleT1.Ed. Minuit 1963 : p :33 .26:حممد نظيف، احلوار وخصائص التفاعل التواصلي ص 3، بريوت 1فاطمة الطبال بركة، النظرية األلسنية عند رومان جاكوبسن، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط 4

.70: ، ص1993لبنان


149

بتعدد اللهجات واللغات بيد أن لكن القواعد اليت حتكم العالقة بني الدال واملدلول تتغري

الرموز اليت ة حياول املرسل إليه فك ومن مث الدال يبقى ثابتا ومعناه واحد أثناء احلوار بني اخلاطبني،

تدخل ضمن بنية اللغة، لكن يف وقت قصري جدا؛ وما يسهل الفهم واالستيعاب أثناء الكالم

احلوار و. مكتسبات الفرد اليت تعلمها يف حياته االجتماعية، سواء من املدرسة أو غري ذلك

، ومل يعد للعمل ضى، أصبح فيه االجتهاد ورا فو جمتمعكم يعيش يف<< :الروائي التايل يبني ذلك

.اجلاد أي معىن، مل أستطع جماراتكم يف حياتكم اليومية

.ـ حياتنا مملة جدا:أعطى له حممد املريرة زجاجة ليمونادة صغرية، وقال للفتاة

:وخاطبتهما دليلة قائلة بضيق. ـ قل إا مسمومة:وغمغم زبري البحار خماطبا صديقه

هنا فضوليون بشكل غريب، وحيرتفون يف كل وقت النميمة والغيبة والتجسس، ـ الناس

1>>...ومههم الكبري مراقبة جناح اآلخرين .

اليت ال و ؛بعض املصطلحات الدينية مثل النميمة والغيبة والتجسس هذا احلوار يف ويظهر

ل منظومة من وهي متث مها يف املسجد،يفهمها إال من درس الرتبية اإلسالمية يف املدرسة أو تعل

. مدلوالا من طبقة اجتماعية إىل أخرى الدوال اليت خيتلف فهم

:ـ بنية المحادثة في ضوء التداولية 13

تعد احملادثة أو احلوار شيئا مهما يف احلياة االجتماعية، اهتم بدراسته علماء النفس وعلماء

ه سلوك علم النفس السلوكي يفسر احلوار بأن وكان .االجتماع واألنرتوبولوجيون، وعلماء السياسة

خيضع للمنبه واالستجابة، لكن علم االجتماع جتاوز هذه النظرة الضيقة، واهتم بالبحث يف

.60: ، ص2013حممد مفالح، سفاية املوسم، دار الكتب، اجلزائر، 1


150

مون فيه األدوار، وكيف يبدون أفعاهلم الكيفيات اليت يبىن ا احلوار، وكيف يتبادل املتكل

.1واستجابام

ه يشكل نسبة كربى من كالم األفراد يف أي جمتمع ألن ولئن اهتمت هذه العلوم باحلوار، ف

ويظهر اهتمام علماء االجتماع بـه، وبالطرق اليت يـستخدم فـيها الكالم إلقـامة العالقـات

نظروا يف القواعد اليت تنظم احملادثة << االجتماعية وما فيها من مصاحل ومنافع إنسانية، وقد

. <<2ا من ثقافة إىل ثقافة وتفسر وقائعها ويف الطرق اليت ختتلف

ل احلوار السياسي من خالل التفاوض تفاعال عرب احلوار املكتوب وامللفوظ بني ويشك

املتفاوضني السياسيني يقيمون حوارا قائما على الفعل ورد الفعل، ن أطراف املوقف السياسي؛ أل

والشروط وتشرتك فيها حول مواضيع خمتلفة ختضع لالحرتام وحسن الكالم، وتدعم باحلجج

.أطراف كثرية

نا نصادفها يف أحايني كثرية، ليست احملادثة سلسلة عشوائية من املنطوقات، ولو أن << و

وحنن تم باحملادثة اليت حتكمها معايري، وهي معايري ألا حتدد السلوك الشائع يف جمتمع بعينه،

صة بعدد املسموح هلم باحلديث، ومعايري ومنها معايري خاصة حبجم احملادثة نفسها، ومعايري خا

.3>>خاصة مبوضوع احملادثة وببنائها اللغوي

ويظهر من خالل هذا القول أن احملادثة احلقيقية املنظمة، ختضع حلجم احلوار ألنه ال ميكن

ل إىل أن يقول أكثر من الالزم، وكذلك عدد املتحدثني ال ميكن أن يتجاوز األربعة، وإال حتو

بد للمحادثة من موضوع، حىت ال تصبح كالما عدمي الفائدة، أما بناؤها اللغوي فاحلوار فوضى، وال

. 210، ص 2009، القاهرة ، 1حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، مكتبة اآلداب ط 1 .210حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي ، ص 2 .185، 183: ، ص1990القاهرة ، حممد عياد، عامل الكتب،: هدسن، علم اللغة االجتماعي، تر 3


151

ل وميكن أن منث .ال بد أن خيضع لسؤال وجواب، حىت حيدث التفاعل بني األطراف املتحاورة

:هسألته أم :لذلك من خالل هذا احلوار الروائي

هل مسعت كالمي ؟

.1مسعت ما قلته: غمغم حممد قائال

مني اثنني ل حمادثة بني متكل ه ميث وأقل ما ميكن أن نصف به هذا املقطع احلواري املوجز، أن

احلالة النفسية املرتدية وكان اجلواب مقتصدا، ال يزيد على السؤال، فكانت مجله موجزة؛ ألن

. ونفهم ذلك من فعل القول غمغم ،للمخاطب ايب ال تسمح له باإلكثار من الكالم

:ـ الفعل اللغوي في المحادثة وأنواعه 14

باألفعال الكالمية املختلفة خصوصا املتعلقة باحلوار John Austinاهتم جون أوستني

والتخاطب، مثل أفعال الطلب واألمر والنهي والوعد والوعيد واإلنذار واالعتذار والتوبيخ، ووضع

:هلا شروطا حمددة، وقسمها إىل ثالثة أقسام

صوت حمدد وتركيب خمصوص وداللة له وهو فعل التلفظ بصيغة ذات :الكالمي الفعل 1

.معينة

وهو الفعل التواصلي أو فعل اإلجناز الذي تؤديه هذه الصيغة التعبريية : الفعل التكلمي 2

.سأعود إىل القدس: يف سياق معني كالوعد القريب يف قول القائل

.2أثر الفعل التكلمي يف املستمعأو فعل التأثري؛وهو : الفعل التكليمي 3

299، 298: حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة، مهوم الزمن الفالقي، ص 1 .260: صمرجع سابق، طه عبد الرمحن، اللسان والكالم أو التكوثر العقلي، 2


152

الشروط اليت جيب أن يستوفيها أداء الفعل اللغوي John Searleوقد وضع جون سورل

:حىت يكون أداء موفقا أثناء الكالم بني املتكلم واملخاطب ومنها

.ـ جيب معرفة املضمون املعرب عنه أثناء الكالم

.تكلم بكلمات معينة أثناء حمادثتهـ غرض التواصل من الفعل التكلمي الذي يلزم امل

.ـ شرط الصدق وخيص املتكلم أثناء تأدية الفعل التكلمي

.1ـ معرفة املتكلم بقدرة وإرادة املستمع وطبيعة العالقة بينهما

لقد كان احلوار يف روايات حممد مفالح يشمل أفعال الكالم اليت أشار إليها جون أوستني،

:ففي احلوار اآليت جند بعض ذلك

وجدت عبد السالم احلسي يف البيت، أمرته أن خيرج فضحك يف . رأيت حلما مزعجا<<

:وهي تقول ..اقرتبت مين زوجيت . ـ أنت ال بيت لك: وجهي ساخرا وقال يل بوحشية

.ـ لو أسرعت يف بناء البيت ملا جترأ علينا هذا الرجل الوقح

: قلت هلا بثقة وهدوء

:شدتين زوجيت وهي تصيح. جرا من معطفيأخرجت خن. ـ ال ختايف سأطرده

.ـ ال تقتله يا معمر

:قلت هلا بعصبية سأذحبه

.2>>... ـ سأذحبه

.261، 260: طه عبد الرمحن، اللسان والكالم أو التكوثر العقلي، صينظر 1 .62: مفالح، هوامش احللة األخرية، صينظر حممد 2


153

منها األفعال الكالمية ونعثر يف هذا املقطع احلواري على الكثري من األفعال اإلجنازية؛

وكلها تدل على فعل قيل يف زمن . ضحك، اقرتبت من زوجيت، التصقت يب، أخرجت خنجرا(

) سأقتله، سأذحبه: (منها أفعال التهديد من خالل الفعل التكلمي يف قوله. اهلجوم على العدو

؛ وله )، ال تقتلهال ختايف: (والنهي يف قوله. ويفيد الوعد القريب ألنه نطق به وقت اهلجوم عليه

. أما الثاين فيفيد التحذير ويتضمن األمر. أثره البالغ يف نفس املستمع؛ فالفعل األول يطمئنها به

:ـ قواعد المحادثة عند بول غرايس وغيره 15

يف جانبيه، التواصلي والتهذييب الباحثني والفالسفة شغل موضوع احملادثة والتخاطب

ويتوىل فرع متميز من املنطقيات احلديثة البحث . اء االجتماع وغريهمواملناطقة وعلماء اللغة وعلم

وكذا فرع التداوليات من النظر فيه، الختصاصه بدراسة " منطق احلجاج واحلوار"فيه، وهو

.1االستعماالت اللغوية يف تعلقها مبقامات الكالم

، وقد اهتم الكثري 2جاءت بعد مبدأ التعاونأشار إليها طه عبد الرمحن أخرى ئمباد وهناك

من علماء اللغة االجتماعي باحملادثة، وحاولوا أن يضعوا هلا نظاما حيكمها حىت ال تتشتت وتصبح

فاقرتح عدة مبادئ للمحادثة والتخاطب Paul Griceأما بول جرايس . عشوائية بدون مقصد

إىل الغرض املطلوب وكلها تتفرع عن مبدأ التعاون؛ الذي يعين أن يتعاون املتخاطبون على الوصول

:من دخوهلما يف التخاطب وهذه القواعد اخلطابية هي

.237: ، صالسابق املرجعاللسان وامليزان ينظر طه عبد الرمحن ، 1) منطق التأدب(يف مقالتها الشهرية Robin Lakoofوهو مبدأ تداويل ذكرته روبني الكوف :مبدأ التأدب : ثانيا 2

).لتكن مؤدبا(وعنوان هذا املبدأ وقد اهتم به كل من . مبدأ تداويل يتميز به التخاطب، ويقصد به مقابلة الوجه للوجه أثناء الكالم وهو: ثالثا مبدأ التواجه

) .Stephen Levinson(وستيفن ليفنسن) BrownPenelope(بنيلوب براونمبادئ (يف كتابه Geoffrey Leetchوهذا املبدأ التداويل الرابع الذي أورده جيوفري ليتش :مبدأ التأدب األقصى: رابعا

.ـ أكثر من الكالم املؤدب.ـ قلل من الكالم غري املؤدب:، وهو يعده مكمال ملبدأ التعاون، وله مبدأين اثنني مها)التداولية


154

وكلها ذكرها ضمن حماضراته، ويف مقالته . ووجهة اخلرب) أو العالقة(الكـم والكيـف واإلضافة

.1)المنطق والتخاطب(الشهرية

يعرف، بل ويتمثل يف كالم الفرد يف موضوع ما، فال خيرب السامع مبا ( مبدأ الكم – 1

يفيده مبا جيهل، أو يشكك يف صحته، وال بد أن يتكلم بالقدر والكم املطلوبني، فال خيرج عن

املوضوع، كما جيب أن تكون عباراته واضحة دقيقة حىت ال ينحرف عن املقصد وحىت ال يساء

. فهمه

بدأ إىل ويهدف هذا امل) ال تقل ما تعتقد عدم صدقه ، أو ما دليل له(: مبدأ القيمة – 2

الصدق يف الكالم مع الغري لكن احملادثة غالبا ما تتضمن الكذب وفق ما تقتضيه األعراف

. االجتماعية كاامالت واملدح

ويقصد به أن يكون كالمنا متعلقا ببعض ، ويكون مناسبا ، فال :مبدأ العالقة – 3

.نتكلم أشياء ال يقتضيها املقام، أو خنرج عن املوضوع كأن ندمج معلومات مل حين أواا

الم، واالبتعاد عن وهو مبدأ يقوم على الوضوح يف الك) : األسلوب( مبدأ الكيف – 4

اطب مباشرة دون ار اللغة الواضحة اليت يفهمها املخ؛ أي البد للمتكلم من اختياللبس والغموض

.عناء

وكثريا ما 2والبد للمتحاورين من اإلجياز يف احلديث والرتتيب يف األفكار حىت ينجح احلوار

خل آخر ليصحح أو يتم الكالم تلقائيا، حيث ال يراعي أحد املتحاورين هذه املبادئ، فيتد

، كأن يقول أحدمها أنا ال أفهم شيئا مما تقول، ورمبا يقع احلوار يف انسداد أو ليستدرك ما نسي

. يتحول إىل مشادات كالمية

.238: بول غرايس، املنطق والتخاطب، عن طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي، ص 1 .212، 211: ، ص ماعيعلم اللغة االجتينظر حممد حسن عبد العزيز ، 2


155

على احلوار الروائي عند حممد مفالح؛ جند بعض تلك بول غرايسوعند تطبيق مبادئ

وعة من األفعال قابلة للتطبيق وبعضها اآلخر يصعب تطبيقه؛ ألن تلك املبادئ هي عبارة عن جمم

.التوجيهات، وهي موجه للمتكلمني يف اتمع وختص الكالم الشفوي أكثر من الكتايب

وأي حوار البد أن خيضع هلذا املبدأ؛ وال يقصد به اتفاق مسبق بني املتكلم واملخاطب يف

فحىت احلوار العشوائي الذي يبدأ بني متكلمني اثنني حول موضوع ما خيضع . مجيع احلاالت

ذلك؛ ألن اإلصغاء للمتكلم مث إجابته أو التعقيب عليه وتوجيه السؤال إليه، واعتماد كالمهما ل

الشرح والتفسري وغري ذلك، كلها تدل على أن هناك تعاونا قائما بني املرسل واملتلقي حىت ولو كان

:مع السائق) عباس الربي(ومن أمثلة ذلك كالم . كل منهما ال يعرف اآلخر

. واستقل سيارة أجرة إىل حمطة آغا محل حقيبته الضخمة<<

:وملا دخلت سيارة األجرة شارع عمريوش، قال للسائق متعجبا

!ـ الناس ال ميلون من اجلري

:قال له السائق

.ـ العاصمة مدينة حيوية

:مث سأله بامسا

ـ أكنت تعيش يف بالد الغربة؟

:متتم عباس خبجل

.1>>ـ كنت غريبا

.111: رواية انكسار، ص ينظر حممد مفالح، 1


156

طبيعة العالقة بني << مبدأ التعاون بامتياز، وما يقوي هذا الزعم هود يف هذا احلوار ويتجس

فكالمها ينتمي . 1>>املتكلم واملخاطب وما بينهما من خلفية معرفية وهو ما يعرف بالتالحم

أول من استهل احلوار، فأجابه السائق ) عباس(وكان . الوطن الواحد، وهلما مرجعية معرفية واحدة

منها و يبة من السفر ر عمال لغة تنتمي حلقل مفهومي واحد حيوي مفردات قعلى قدر السؤال، واست

ولو تواصل احلوار لتشعبت املواضيع حول السفر والغربة، وكان عباس قد . اجلري، حيوية، الغربة:

والري واحلشرات تكلم بلغة على قدر مستوى السائق، ولو صادف فالحا لكلمه بلغة الفالحة

. الضارة

وهذا املبدأ التداويل مطلوب يف الكالم بني املتحاورين، وغالبا ما جيب أن :الكمـ مبدأ 1

يتحدث املتكلم مع املخاطب عن أشياء جيهلها إذا كان هدفه نقل اخلرب، أو يكذب معلومة

ائدة املطلوبة احليلولة دون أن ينقص املتحاورون من مقدار الف << ويقوم هذا املبدأ على. معينة

:ها إىلوتتفرع بدور

>>ـ لتكن إفادتك للمخاطب على قدر حاجته، ـ ال جتعل إفادتك تتجاوز حد املطلوب2.

) :رقية(وأمه ) عباس الربي(ويظهر هذا املبدأ يف احلوار الروائي التايل بني

:طارد عباس القط الرمادي مث نفخ قائال<<

.ـ جناة غادرت الفيال

:فها وقالت لههاهي األيام تنص. ابتسمت رقية كاملنتصرة

.ـ لتذهب ارمة إىل اجلحيم

:مث تنهدت وسألته

.214: ينظر حممد حسن عبد العزيز، املرجع السابق، ص 1 .99: العياشي أدراوي، االستلزام احلواري يف التداول اللساين، ص 2


157

ـ مىت تطلقها ؟

:فرفع عباس أصابع ميناه بعصبية مث قال متنهدا

.ـ سأفكر يف األمر

:رمت رقية ابنها بنظرة خاطفة وقالت له بغضب مكبوت

.ـ طلقها

:غمغم عباس بغموض

.1>>...سرية تامة ـ نفذت خطتها يف :مث تابع قائال برثاء. خدعتين

أخرب أمه بشيء جديد هو أن ) عباس الربي(لقد كان هذا احلوار جيسد مبدأ الكم ألن

عرضها ) رقية(وقدمت األم . فدار موضوع احلوار كله حول هذا املوضوع. زوجته هربت من البيت

). طلقها(ووجهت له فعل األمر

ران عن موضوع اهلروب، وكانت اللغة وقد مت احلوار بقدر معقول ومل خيرج الطرفان املتحاو

ت، طلقها، غضب، تنهدت، خدعتين، سرية ر غاد(املتداولة تناسب املقام ومن املفردات املستعملة

). تامة

؛فقد أجنزت )طلقها(بقوهلا ) رقية(يف هذا احلوار من طرف األم ) مبدأ الكم(اخرتاق وقد مت

على ) طلقها(ويدل فعل األمر) للطالق(لي فعال لغويا غري مباشر، وهو مشتق من املعىن األص

.تأمر ابنها أمرا صرحيا مباشرا، بل تستعطفه وتلتمس منه ذلك االلتماس؛ فهي ال

وأصبح مييز يف " االستلزام الحواري"هذه الظاهرة ب P.Griceوقد مسى بول غرايس <<

؛ فالفعل اإلجنازي 1>>املستلزمةنظرية األفعال اللغوية بني القوة اإلجنازية احلرفية، والقوة اإلجنازية

.25: ينظر حممد مفالح، املرجع السابق، ص 1


158

أو النهي و الفعل اإلجنازي املستلزم فيدل عليه املقام والسياق احلريف يدل عليه بصيغة فعل األمر

).االستعطاف وااللتماس واحلث وغري ذلك(العام للكالم، وهو

قول ، فهذا ال)لقد اشتد بنا احلر يف هذا املكان( ومنم أمثلة خرق مبدأ الكم قول القائل

لكنه يف باطنه طلب تدي ) احلر الشديد ( خيل مببدأ الكم الظاهر، ألنه خيرب عما هو معلوم

.2يأخذ مببدأ التعاون الذي عتبار املتكلماإليه ب

):الكيف(مبدأ القيمة أو – 2

وهذا املبدأ التداويل ميكن أن جيسد يف اخلطاب الروائي حسب منط الشخصيات اليت

. فإن الشخصيات جيب أن تكون صادقة وال تقول إال ما له دليل على صحته يوظفها الروائي،

لكن احملادثة غالبا ما تتضمن الكذب وااملة، ومن أمثلة ذلك ما وجدناه يف اخلطاب الروائي يف

):جياليل العيار(و) خروفة(هذا املقطع احلواري بني

.. أنا أحبك وأنت تعلمني ذلك ولكنك ـ<<

:الكالم حلظة مث أضاف بقلق يهيج األعصابوتوقف عن

.ـ أخفيت عين بعض أسرارك

:مررت خروفة ميناها على وجهها الدائري مث سألته باستنكار

ـ عن أي أسرار تتحدث؟

ـ أمل تكن لك عالقة بأستاذ جامعي؟

:وسألته قائلة بامتعاض...

.96: التداول اللساين، ص ، االستلزام احلواري يفالعياشي أدراوي 1 .239: طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي، مرجع سابق، ص 2


159

ـ ماذا تريد مين؟

:فأجاا ضاحكا بسخرية

...احلقيقةكل ..ـ احلقيقة

...إنه يعرف عنها السر الذي ال تعلمه حىت والدا

:وقالت بانفعال

.1>>ـ إنك تعرف احلقيقة وهي أين كنت على وشك الزواج من ذلك األستاذ اجلامعي

لقد كان أحد الطرفني املتحاورين ميارسن الكذب يف هذه الرواية، وقد خرق هذا احلوار مبدأ

.الذي يدعو فيه إىل الصدق، وعدم الكذب بول غرايس

الكاذبة، اليت ) خروفة(لكن الظاهر يف هذا احلوار املأخوذ من الواقع؛ أنه يظهر شخصية

. عالقتها السرية برجل آخر خطيبها أخفت عن

ر يتوجه إىل غريه مطلعا إياه على ما يعتقد احملاو <<ويكمن البعد االجتماعي يف احلوار أن

يكمن البعد " املطالبة"وهذه " االطالع"طالبا إياه مبشاركته اعتقاداته ومعارفه، ويف هذا ويعرف، وم

.2>>االجتماعي للحوارية

االستلزام احلواري ينجم عن العدول عن إحدى القواعد املتحكمة يف احلوار وعليه فإن

.الذي أشار إليه الدارسون من قبل اللغوي مع التشبث مببدأ التعاون

من خالل حوار يومي أن يقول السيد خلادمه) الكيف(ومن أمثلة اخلروج عن قاعدة القيمة

ويتمثل خرق هذا املبدأ يف أن الكالم املصرح به غري مطابق ملا " ال تطع أمري: " يدور بينهما

.82، 81: ينظر حممد مفالح، عائلة من فخار، ص 1 .109، 108: ينظر العياشي أدراوي، االستلزام احلواري يف التداول اللساين، ص 2


160

معىن يقصد النهي عن الطاعة، وإمنا يقصد معىن يتالءم مع املقام وهو جيول خباطر املتكلم؛ فهو ال

.1التهديد والوعيد

:مبدأ العالقة – 3

كان كالم الشخصيات الروائية املتحاورة يف أغلبه متعلقا ببعض، وكان مناسبا، وكانت

كان أحيانا مواضيعه يقتضيها املقام، ومل خيرج املتحاورون عن املوضوع؛ لكن أحد املتكلمني

، ومن أمثلة ذلك ما جاء يف هذا يدمج معلومات أخرى، وخيرج عن املوضوع األصلي للحوار

:احلوار

:، وملا رأى الوردة احلمراء ردد خماطبا الشاب البطالجلس إىل جانب صاحل الوهبة<<

.ـ الدنيا حظوظ

:قال حممد املريرة ضاحكا

.ـ مخسة يف عيين احلسود

:ـ قال له نذار السفاية

املزلوط؟هل من جديد يا صديقي . ـ وردة محراء يف هذا اخلريف اجلاف

... ـ قد نفرح بزواجه خالل هذا املوسم: ـ هتف صاحل الوهبة

تنهد نذار السفاية . استل حممد املريرة سيجارة من علبة التبغ وأشعلها مث امتصها دوء

:قائال حبزن

.104: يف التداول اللساين، ص اريينظر العياشي أدراوي، االستلزام احلو 1


161

أخشى أن تباع بالدينار الرمزي كما بيعت سكنات أمالك . ـ تدهورت وضعية املؤسسة

إنه جمرم حقيقي، وهو على اتصال دائم خبليفة السقاط . ؤسسة الشتويةدمر املدير م ،الدولة

.وأمثاله

.1>>...أحداث أكتوبر نسفت كل التابوهات. ال تكن متعصبا: قاطعه صاحل الوهبة قائال

وقد مت خرق مبدأ العالقة من خالل اخلروج عن املوضوع األساسي للحوار، و الدخول يف

.ون التمهيد له، فالسياسة ال يناسبها املقام يف هذا احلوارموضوع آخر خيتلف عنه مباشرة د

) :األسلوب( مبدأ الكيف – 4

وقد كان هذا املبدأ التداويل موجودا يف اخلطاب الروائي عند حممد مفالح؛ فكان احلوار بني

املتحدثني يتميز بالوضوح، وخيلو من اللبس والغموض و كانت األفكار متتاز بالرتتيب لدى

حاورين؛ لكن مل يتوفر شرط اإلجياز يف احلديث يف أغلب املقاطع احلوارية؛ حيث كانت هناك املت

هوامش (، و)انكسار(حوارات طويلة جدا لدرجة أا حتتوي السرد أحيانا خصوصا يف رواييت

.2وغريمها) الرحلة األخرية

الرمحن أن هذا ؛ فريى طه عبد)غرايس(وهناك من يعرتض على مبدأ التعاون الذي دعا إليه

ط إال اجلانب التبليغي من التخاطب، أما اجلانب التهذييب ضب القواعد املتولدة منه ال ت <<املبدأ و

جلانب التهذيب من املخاطبة ) غرايس(فعلى الرغم من ذكر ... منه، فقد أسقط اعتباره إسقاطا

.3>>يف هذه اإلشارة ، فإنه مل يقم له كبري وزن

غرايس، أو املبادئ األخرى اليت جاءت بعده إىل تقومي التخاطب ويهدف مبدأ بول

اليت إن التزمت ا احملادثة حققت مبتغاها، لكنها ئوكانت تقدم جمموعة مهمة من املباد. واحلوار

. 33، 32: ينظر حممد مفالح، سفاية املوسم، ص 1 .26، 25: ينظر حممد مفالح، انكسار، ص 2 .240، 239: ينظر طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان، مرجع سابق، ص 3


162

ب يتحول يف خصوصا إذا علمنا أن املخاط . كانت يف أغلبها تركز على املتكلم ومل املتلقي

ويرى طه عبد . م، وأن املتكلم أيضا يتحول إىل متلقيحملادثة إىل متكل حلظة من حلظات احلوار وا

تسهم يف التحليل التداويل للمحادثة واحلوار وتم باجلوانب التبليغية ئالرمحن أن تلك املباد

.1والتهذيبية على السواء

: في الخطاب الروائي) الحوار( ـ أنماط المحادثة أو 16

الذي قدمه بول غرايس واملبادئ التداولية األخرى اليت قدمها من الواضح أن مبدأ التعاون

علماء اللغة بعده كلها تضم جمموعة من املبادئ والنصائح اليت ختص اجلانب التبليغي والتهذييب

وعند دراستنا للحوار الروائي عند حممد مفالح وجدنا أن . للكالم أثناء ختاطب األفراد

.قواعد هذه املبادئ أثناء الكالم الشخصيات املتحاورة تلتزم ببعض

وتتموقع دراسة وحتليل احملادثة ضمن علم اهتم به علماء االجتماع هو علم النص أو علم

اخلطاب، واهتم علم اللغة االجتماعي باللغة املنطوقة عامة، واحملادثة خاصة وذلك لعالقته املتينة

ل يف أول الطريق كما يقول هدسنبالتفاعل االجتماعي، وما تزال الدراسات يف هذا اا

Hudson ا؛ ألن السلوك اللغوي التخاطيب، ذو بنية خاصة ختتلف عن امللفوظات األخرى، أل

وقد وضع علماء االجتماع اللغوي احملادثة أو احلوار ضمن . خطاب قائم بني الفعل ورد الفعل

: سالسل كالمية خمتلفة ومتنوعة وصنفوها يف أمناط هي على النحو اآليت

وهذا النمط نصادفه بكثرة يف األعمال الروائية وهي من ،)سؤال وجواب (: النمط األول

:؛ ميكن أن منثل لذلك ذا احلوار2أشهر األبنية الشائعة يف احملادثة املنظمة

ما امسك ؟: الضابط

.241، 240: ينظر طه عبد الرمحن، اللسان وامليزان، ص 1 .214: مرجع سابق، صعلم اللغة االجتماعي ، ينظر حممد حسن عبد العزيز، 2


163

.محاد الفالقي: محاد

ما ذا تفعل هنا ؟: الضابط

.1خلهربت من اجلوع ، يل زوجة وثالثة أطفال، ولكن ليس يل أي د: محاد

تظل أكثر من غريها، وثيقة الصلة <<وهذا املقطع احلواري عبارة عن مجل حوارية،

ويتم . 2>>تنجزان الفعل احلواري بشكل مباشر) أكثر(بالتبدالت اليت تقتضي وجود شخصني أو

.ذلك من خالل األسئلة واألجوبة املباشرة بني املتكلم واملتلقي أثناء الكالم اليومي

:النمط الثاني

وفيه ميكن أن يكون اجلواب سؤاال، وميكن أن حيدث عكس ذلك، أي أن يكون السؤال

.جوابا كما يبدو يف احلوار اآليت

:قال محاد لزوجته -

مل كل هذا البكاء ؟ -

:وقالت فاطمة -

قد يقتلك الوحوش ؟...إين خائفة يا محاد -

:قاطعها محاد قائال -

...يا فاطمة انك تعذبينين مبخاوفك هذه -

. 224: ص رواية مهوم الزمن الفالقي،حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة ، 1، 2002، الدار البيضاء املغرب، 1عبد الفتاح احلجمري، التخييل وبناء اخلطاب يف الرواية العربية، شركة النشر والتوزيع، ط 2

.96ص


164

.فكر يف أوالدك -

.1وماذا أفعل هلم ؟ -

: النمط ثالث

يف هذا ذلك كما يظهر . 2وإجابة) نداء ، دعوة ( وهي سلسلة شائعة تنبين من طلب

:املقطع احلواري

.ال تسخر مين إذا أفضيت لك بسر : مد منصور يده وقال -

كيف أسخر من أسرار سي منصور ؟ -

. 3أوال، مث سأحدثك مبا يشغلينالبد أن نشرب قهوة -

ولقد وجدنا أمناطا أخرى من احلوار غري هذه يف روايات حممد مفالح منه ما يظهر يف هذا

:املقطع احلواري

...كقنينة مخر... رائعة وشهية ك ... أنت رائعة

. 4قضت عليك ربيعة:وقالت له مبتسمة -

حنو املخاطب، وال حيتاج إىل سؤال، وكذلك ويتضمن هذا احلوار إخبارا مبا يشعر به املتكلم

أنا لست كاخلمر أو غري ذلك؛ وإمنا هي : جوابه يكون حسب السياق، ال ردا على جوابه، مثال

.تنبهه حبب ربيعة اليت سلبت لبه

هدسن، وتتمثل يف حتية اللقاء اليت تعد من Hudsonوهناك سالسل حوارية أخرى درسها

وعبارة ائية تدل على . ة اليت ينطلق منها اخلطاب بني املتكلمنيمدخال للحديث، وهي البواب

. 255: حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة ، مهوم الزمن الفالقي، ص 1 .215: ينظر حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، ص 2 . 38: حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة ، رواية االيار ، ص 3 .58: ينظر حممد مفالح ، األعمال غري الكاملة ، رواية االيار ، ص 4


165

وتلعب عبارة املدخل واملخرج أمهية بالغة يف التفاعل بني . اخلروج من احلوار وتتمثل يف عبارة الوداع

.1املتكلم واملخاطب

ريا ما ولكن، ليس بالضرورة أن يبدأ املتخاطبان احلوار دائما بالتحية، وخيتتم بالوداع؛ فكث

فيبدأ احلوار دون ذلك خصوصا يف األماكن العامة كاحلافالت، واملقاهي حيدث خرق هذا املبدأ

حتية أو تبادل ، : بنية نظرية ثالثية شبيهة ببنية احملادثة اليومية للحوار<< والواقع أن . واألسواق

.2>>وحتية أو تبادل اختتام ... افتتاح وتبادل أوسط أو جوهر

: وخرق بعض قواعد احملادثة وارد يف روايات حممد مفالح كما يظهر يف هذا املقطع

التقت برجل كان يدفع عربة، فسألته عن بيت ... تابعت سريها، قطعت مسافة طويلة <<

... جلول الكيب

هل أنت والدته ؟ -

..ال : هزت مرمي رأسها وهي تقول -

.حياتنا قهرنا الوحش وكدر : فقال خبشونة -

:مث سأهلا بعطف

ـ وماذا فعل لكم هذا الوحش ؟ هل سرقك يا خالة ؟

:متتمت مرمي بلوعة

.ـ أنا أخته

.215: حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، ص 1 .160: ص ،جمموعة من املؤلفني ، معجم السرديات القاضي و حممدينظر 2


166

.1>>العفو يا خالة : مط الرجل شفتيه خائفا وقال متلعثما

السياق وال نكاد نلمح يف هـذا املقطع عبارة الدخول يف احلوار أو االستهالل؛ ألن

االجتماعي ال يقتضيه، فمرمي كانت يف الشارع حمتارة، وهي ال تعرف الرجل الذي سألته، فلم

الراوي وهو يتوسل باحلوار، ال ينسخ واقعا سبق << و .يكن الوقت كافيا حىت تطيل معه احلوار

تاما حينا، عمال قصصيا له منطقه وقوانينه اخلاصة اليت تفرض أن يكون احلوار ينشئالنص؛ وإمنا

.2>>بل قد يرد احلوار نتفا ال تتجاوز أحيانا التدخل الواحد. وأن يكون مبتورا أحيانا أخرى

وغالبا ما يبدأ احلوار بالتحية دون الوداع، أو يبدأ بدون التحية وخيتم بالوداع؛ ألن السياق

:ملقطعومثل ذلك ما جنده يف هذا ا االجتماعي هو الذي ميكـن املتخاطبني من ذلك،

:ألقى التحية على نعيمة بلهجة متلعثمة <<

.ارك سعيد يا نعيمة -

... رمقته بنظرة ذات معىن، ومل ترد على حتيته

:اقرتب منها وقال هلا

:اشتقت إىل رؤيتك، ومد حنوها يده اليمىن قائال -

.لقد قررت أن أغري حيايت ... تعايل تعايل -

عواد الروجي يف مكانه أشارت إليه أن يبتعد عنها، مجد -

:وقال هلا حبزن

...أنا أريدك على سنة اهللا ورسوله -

. 288: ، صغري الكاملة، مهوم الزمن الفالقي، األعمال حممد مفالح 1 .160: ص معجم السرديات، ،جمموعة من املؤلفنيو ينظر حممد القاضي 2


167

.1>>... أنا لن أقبل بك زوجا -

واملتأمل هلذا احلوار، جيد أن عبارات اللقاء أو الوداع قد تنعدم من أحد املتخاطبني يف ظرف

كهذا؛ ألن السياق االجتماعي يتحكم يف مثل هذه املواقف، فعواد الروجي قد غامر باقرتابه من

و املرأة ليغازهلا، ويطلب يدها للزواج؛ الطرف اآلخر العاطفي ال يفتح شهية احلوار، إذ عمد ف وق امل

ولو أن املرأة جتاوبت معه وكان هلا رغبة يف ذلك . لقطعه؛ فأصبح مبتورا خاليا من التفاعل املطلوب

.الكتمل احلوار وطال بينهما

مثة نوع من البنية يف << أن إىل من ناحية ثانية) هدسن Hudson(ويشري حملل اخلطاب

والغالب أن املتحدثني يغريون من موضوعام، اخلطاب احلواري، تعتمد على موضوع احلديث،

من خالل تبادل األدوار، وبنية هذا النوع هرمية غالبا، ينتقل فيها املتحدث من بنية كربى إىل بنية

.2>>صغرى بصورة متدرجة ، وهذا صعب إىل حد كبري

نتقال الظروف العامة للمتحدثني، والسياق العام؛ كل ذلك يتيح للمتحدثني اال وال شك أن

نسيان عامل الزمن حقله املفهومي، دونمن املوضوع األهم إىل مواضيع أخرى تنتمي إىل نفس

لكن من الصعوبة مبكان، أن يكون االنتقال . الذي يسمح أو مينع مثل هذا االنتقال أثناء احلوار

وائية على أثناء احلوار يكون نادرا، إذ تغلب العش) هدسن(متدرجا، هذا التدرج الذي أشار إليه

.احلوار خصوصا غري املثقفني ثقافة واسعة

وقد يتم االنتقال ضمن املوضوع الواحد إىل مواضيع شىت، ففي حمادثة رجلني عن الفالحة

) األمطار و املنتوج واحلشرات الضارة وديون الفالحني ( مثال ، نتوقع أن يتناول املشاركون مثال

من احلوار قد يتواجد يف الرواية، لكنه ال يكون متصال، بل وحنسب أن هذا النوع . وغري ذلك كثري

.متقطعا يف صفحات النص الروائي أثناء سرد الراوي لألحداث

.130: ، األعمال غري الكاملة، بيت احلمراء ، صحممد مفالح 1 .216: حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، ص 2


168

:تبادل الكالم : النمط الرابع

كل منهم تقوم احملادثة أو احلوار على تبادل الكالم بني األطراف املتكلمة بالتداول، فيعرب

كالم يتطلب التنظيم، إذ يتكلم كل واحد بالتناوب، ويسمع لكنه. عن رأيه، ويبدي وجهة نظره

د علماء اللغة لغريه وإذا كان الكالم عشوائيا؛ فإنه ال يرقى إىل مستوى احلوار اجلاد املنظم، وقد أك

ب دراسة أنواع ه يتطل التناوب يف احملادثة نشاط يعرب عن مهارة بالغة، وأن << املهتمني باحلوار أن

كون ت العينني،حيث شاط املصاحب للكالم ، باإلضافة إىل الكالم نفسه مثل حركةعديدة من الن

، كما تكون ردود أفعال املشاركني متزامنة من ناحية التوقيت الدقيق، و هذه األنشطة كلها متناسقة

.1>>فيه غاية يف الدقة واالنتظام

ول، هو تلك احملادثة اليت واحلوار الناجح الذي يشري إليه حممد حسن عبد العزيز يف هذا الق

يتكلم يف صلبها املتحاوران بالتناوب ، حبيث يتكلم الواحد منهما بالقدر الذي يسمح به

املوضوع، والوقت والسياق، مث يرتك جماال لآلخر ليعقب عليه، أو يـفهمه أو يشرح له أو خيربه من

كلم هو أنك تتبادل األفكار مع فعندما تت. خالل التبادل التواصلي القائم أساسا على الكالم

غريك؛ وهذا يعين أن كل خطاب هو بـناء مجاعي، سواء تعلق األمر مبحادثة عادية أو حبوار

.2قصصي أو بنص مكتوب أو بغري ذلك

ويصاحب احلوار نشاطات أخرى مثل حركة اليدين والعينني، وتقطيب الوجه، وحركات

لكالم، فهي لغة جسدية يبديها املتكلم أثناء حواره مع الرأس وخمتلف اإلمياءات؛ ألا مبثابة ا

د مواضيعه دون أن يعطى املوضوع اآلخرين، والبد للحوار أن يكون منتظما دقيقا، حبيث ال تتعد

. األساسي حقه من الكالم

:ويؤكد عبد الفتاح احلجمري، أن مثة نوعني من الرتتيبات املتصلة بتبادل احلديث، وهي

.217: حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، ص 1 .107: جمموعة من املؤلفني، معجم السرديات، صو ينظر حممد القاضي 2


169

ولنستمع اآلن إىل : املتكلم بالفعل من يتكلم يف إطار احلوار كأن يقول مثالأن خيتار ـ 1

.رأي فالن يف املوضوع؛ وهذا ما نلحظه يف احلوار الذي يذاع يف اإلذاعة أو التلفزة

.أن يبادر املتكلم الذي أتيح له الكالم إىل البدء باحلديث ـ 2

ء قصد عدم مقاطعته، وهنا يستعمل كما ميكن أن خيرب أحد املتحاورين بعدم االنتها

، وهي عبارات تدخل ... )ومع ذلك ، ومن مثة ، وعندئذ ، وألجل ذلك ( العبارات التالية

أو يعلن عن النهاية مستخدما مصطلحات معينة إلاء سلسلة من األحداث .ضمن بنية الكالم

. 1مهاغري و )من هنا، وهلذا(أو يستخدم اية استدالل ما مثل) أخريا(مثل

وأختصر قويل يف نقطتني، : ( قول مثالم، فيه ما زال يتكل كما ميكن للمتحدث أن يعلن أن

وهذا من أرقى أنواع األدب أثناء الكالم، ومن أهم التقنيات اليت ،..)أو حىت ال أطيل عليكم

.ميارسها املتحاورون أثناء النقاش بشىت أنواعه

احلوار من األمهية مبكان، وذلك حىت يتمكن كل طرف من ويعد التناوب يف احلديث أثناء

ل من التحدث، ويعتمد التناوب على توزيع املعلومات بني املشاركني يف احملادثة، ويعرض ك

ويبدي رأيه يف املوضوع، ويستخدم احلجج والرباهني إلقناع املتحاورين الكالم املناسب،

وهو عبارات يطلقها أحد املتحدثني ) املتوازنةاألزواج (هذا التناوب اآلخرين، ويصطلح على

.2وتتطلب إجابة معينة من املتحدث اآلخر

الدار البيضاء،املغرب 1ط -املدارس-عبد الفتاح احلجمري، التخييل وبناء اخلطاب يف الرواية العربية، شركة النشر والتوزيع 1 .132: ، ص2002

. 217: حممد حسن عبد العزيز ، علم اللغة االجتماعي ، مرجع سابق ، ص 2


170

، أو حتية تعقبها حتية، أو شكوى يعقبها )سؤال وجواب(وتعد البنية احلوارية اليت تتكون من

أهم أشكال احلوار اليت ال يعرتيها لبس أو غموض 1... اعتذار، أو دعوة يعقبها قبول أو رفض

.هي من أهم البنيات اليت تشكل لغة احملادثة احلوارية و

:ومن أمثلة ذلك ما جنده يف روايات حممد مفالح يف هذا احلوار الذي دار بني شخصياا .ارك مبارك يا سي موسى ـ <<

:فرد موسى التحية بامسا وسأله ضاحكا -

.لقد أتعبتك هذه العربة اللعينة -

...هذا حظ املزلوط مثلي -

:ضحك موسى فقال له عواد الروجي -

ومىت تشبعنا طعاما ؟ -

.2>> يف األيام القريبة إن شاء اهللا -

، حيث يتم فيه من أزواج متوازنة ه يتألف ل يف بنية هذا املقطع احلواري، يلحظ أن واملتأم

تفهم من ، كما أنه يضم أسئلة وأجوبة أحيانا صرحية وأحيانا م بالتناوب ، وفيه التحية وردهاالكال

نعم لقد أتعبتين : ، ومل يقل )هذا حظ املزلوظ مثلي: (ففي جواب سي موسى قال ؛لكالمسياق ا

،لو كنت غنيا الشرتيت شاحنة( به ومنه نفهم قوال مل يصرح .هذه العربة، ألن التعب ظاهر عليه

).أو توقفت عن هذه احلرفة اللعينة

ويرى علماء النفس االجتماعي أن احلوار أو احملادثة من أهم أشكال التفاعل

احملاور أو املتكلم غالبا ما جيري حوارا داخليا مع ذاته حماوال أن يتخيل االجتماعي؛ فهم يرون أن

506: ن القاهرة، ص 1998، 1، ط ، عامل الكتب متام حسان: ء ، تر روبرت دي بوجراند ، النص واخلطاب واإلجرا 1. .196: ينظر حممد مفالح، األعمال غري الكاملة، رواية بيت احلمراء ، ص 2


171

ا أكثر األسئلة اليت يتوقع أن يطرحها املشاركون يف احلوار، كما حياول أن ينتقي األجوبة اليت يراه

.1مالءمة و إقناعا

وكلما توافرت لدى املتحاورين شروط معينة كلما كان احلوار نافعا وبناء و ناجحا؛ وهي

املعرفة مبوضوع احلوار وقوانينه ووسائله، واإلرادة والرغبة يف احلوار والرغبة يف اإلصغاء، والقدرة على

.ركة يف الكالم احلوار من خالل امتالك املستوى الثقايف والعلمي للمشا

وخري مثال نضربه يف هذا املقام احلوار السياسي املتلفز، من خالل حصص تعىن بالتحليل

فيجمع منشط احلصة شخصني أو أكثر، قصد معاجلة موضوع ما، فيتصل ما مسبقا .السياسي

أنه حيضر وخيربمها باملوضوع، ويهئ كل منهما نفسه وحيضر اإلجابة ملا يتوقع أن يسأل عنه، كما

.أسئلة للطرف اآلخر، لذلك يظهر لنا مثل هذا احلوار بالنجاح

:األخرى ـ أنواع المحادثة 17

اليت أشار إليها علماء اللغة، ففي أثناء الكالم ) خماطب / متكلم ( ينبثق احلوار من ثنائية

، وقد عكف حمللو بني اثنني أو أكثر حيدث احلوار أو احملادثة، ويهدف إىل غاية اجتماعية معينة

هو اخلطاب من << فكان موضوع حتليل احملادثة . اخلطاب على حتليل مقاطع احلوار واحملادثة

.2>>خالل التفاعل، أي اخلطاب من حيث هو إنتاج مشرتك بني اثنني من املشاركني أو أكثر

اميانويل (، وشاركاه يف ذلك كل من )هرفيه ساكيس(ومؤسس تيار حتليل احملادثة هو

).جايل جيفرسون ( و) شيفلون

: ، ص 1979عبد الفتاح دويدار حممد عبد الفتاح، سيكولوجية االتصال واإلعالم، دار املعرفة اجلامعية ، اإلسكندرية ، 162 ،68 .

منذر عياشي، املركز الثقايف العريب، : القاموس املوسوعي اجلديد لعلوم اللسان ، اوزوالد ديكرو و جان ماري سشايفر، تر 2 . 147: ، ص 2007، الدار البيضاء املغرب 2ط


172

وقد أجرى هارفيه ساكيس حتليل احملادثة، منطلقا من قاعدة مفادها أن التفاعل اللغوي

جيري بشكل منظم، وإذا كان هو كذلك فألنه ميتلك بنية معقدة ومنظمة تنظيما تتابعيا، وتستند

.1إىل نسق القوالب الكالمية

دراسة أنواع احملادثات وفق مستويات كثرية معينة لو احملادثة واحلوار علىلقد عكف حمل

رات احملادثة، وهذه ومنظمة، وهي تقنيات تعني حملل اخلطاب احلواري على تفهم معاين عبا

:املستويات هي

:ـ تنظيم األزواج المتجاورة 1

ذلك ينبين احلوار الروائي وغري الروائي من خالل حتليل احملادثة من األزواج املتجاورة، ويبدو

:من خالل

: أ ـ السؤال والجواب

االستفهام يف اللغة العربية متنوع يف بنياته الرتكيبية ، وهذا التعدد ال خيل أن ومن الثابت

بالسمة األساسية اليت حيتفظ عليها، غري أن بعض البنيات الرتكيبية لالستفهام اليت تكاد تكون

:غالبة استعماال هي

: مثل قولنا ..) اهلمزة ، وهل ، من ، كيف ، أين (

ـ أزيد منطلق ؟

ـ هل أنت مسافر ؟

ـ كيف فعلت هذا ؟

.2أين تذهب غدا ؟

.147: منذر عياشي ، ص: ينظر القاموس املوسوعي اجلديد لعلوم اللسان ، اوزوالد ديكرو و جان ماري سشايفر، تر 1رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية اآلداب ، )وتداولية دراسة داللية ( بنعيسي أزاييط ،االستفهام يف اللغة العربية، 2

260.: ص1988، 1987، والعلوم اإلنسانية، جامعة سيدي حممد بن عبد اهللا، فاس، إشراف عبد الوهاب التازي سعود


173

: ب ـ تبادل التحيات

؛ واخلطاب الروائي عند حممد مفالح مفعم )صباح اخلري –صباح اخلري يا أيب ( مثل قولنا

رواياته اجتماعية، حتاول تشريح الواقع املعاش، لتصور ذه األزواج املتجاورة، خصوصا أن جل

.حياة بعض الشخصيات يف مدينة غليزان

، من خالل ما أظهرته دراسات كثرية تم باحملادثة )صباح اخلري ( ويتم تأويل عبارة التحية

ابعة وذلك أن تأويل العبارات داخل احملادثة يتعلق كثريا مبوقع الكلمة يف قلب السلسلة املتت

تعد حتية عندما تفتح احملادثة من قبل املتكلم، لكنها تكون إجابة ) صباح اخلري( لألفعال؛ فعبارة

إذا استخدمت ردا على حتية من قبل السامع؛ فالزوج املتجاور يعد سلسلة تتكون من عبارتني

و هناك حاالت متجاورتني، يقوم بإنتاجهما متكلمان خمتلفان أثناء احلوار مها املتكلم واملخاطب،

:أخرى هي

نعم بكل -هل تسافر معي إىل الرباط ؟ : كقول متكلم آلخر :ج ـ العرض والقبول

. تأكيد، فهو سؤال مباشر يتطلب جوابا مباشرا على قدره

فيجيبه ! تصدق علي من فضلك: كقول املتسول ألحد املارة : د ـ العرض والرفض

بالسلب، فال يستمر احلوار بل ينغلق؛ ألن العالقة بني املتكلم واملخاطب ال تدعو إىل التوسع يف

الكالم، والسياق العام ال يسمح بذلك؛ فكل هذا جتاور ينبين عليه احلوار أثناء تداوله بني

يتالغة مهية اللواهلدف من الكالم بني اثنني يف مثل هذه املواقف يدل على أ .1متكلمني أو أكثر

.املتكلمني ابني العالقات االجتماعيةقوي ت

يف حميط احملادثة، ويف ضوء التداولية و سياقاا ) الزوج ااور(والبد من تأويل عبارات

املختلفة؛ ألن العبارة الواحدة قد تدل على معىن معينا، كما ميكنها أن تدل على معان أخرى

.148: منذر عياشي، ص: تر ،د لعلوم اللسان، أوزوالدو ديكرو و جان ماري سفايشينظر القاموس املوسوعي اجلدي 1


174

ميكن أن نفهم منها دعوة أو طلبا يف ) ماذا تفعل هذا املساء ؟ : ( مثال حسب سياقها، فلو قلنا

سياق سلسلة كالمية معينة، كما ميكن هلذه العبارة أن تؤول التماسا إخباريا يف سياق آخر، وهلذا

، ال تكون قد استخدمت فقط يف اجناز فعل ما، ولكنها )ماذا تفعل هذا املساء ( فإن عبارة

لة كالمية هي العنصر األول من زوج جتاوري موجه ألداء التمهيد لزوج تشكل مقدمة لسلس

؛ فاملرسل أو املتكلم هو العنصر املهم يف عملية )الدعوة و قبوهلا أو رفضها ( جتاوري آخر مثل

الكالم أو احلوار؛ ألنه هو الذي ميثل نقطة انطالق احلوار؛ أما املرسل إليه فعملـه خيتلف فإذا كان

للغة اليت يسمعها جيدا وميتلك بالتايل نظامها، وبواسطته يفك رموز نظام املرسلة ويفهم يعرف ا

أما إذا كان ال يفهم لغة املتكلم أو هلجته فيجد مشقة يف تأويل رموز املرسلة، . 1الكالم املوجه إليه

.وقد يؤدي ذلك إىل انقطاع احلوار وفشل االتصال بني املتكلمني

على املخزون اللغوي الذي خيتار منه املرسل ما حيتاج إليه للتعبري ، مث أما املرسلة فرتكز

ينظمه يف مقولة يتبعها إىل املرسل إليه؛ لكنها ال تفهم إال ضمن سياق نردها إليه وهو ما يصطلح

وأخريا ال بد من وجود قناة االتصال، اليت تربط بني املرسل واملتلقي إلقامة التواصل . عليه باملرجع

.2لكالم أو احلوارأو ا

لكننا عندما نتحدث عن االتصال، فإن مفهومه أوسع مما نظن؛ ألنه يشمل اجلماد واحليوان

لكن عندما حنصر التواصل يف احلوار، فيخص . واألشياء واإلنسان مثل املنبه والديك وغريها كثري

ياة، وتتعدد أشكال اإلنسان ألنه عملية واعية هادفة، وضرورة اجتماعية إنسانية تقوم عليها احل

.ت واألصوات املختلفة غري اللغويةاحلوار واالتصال كاإلشارات واإلمياءا

، بريوت 1فاطمة الطبال بركة، النظرية األلسنية عند رومان جاكوبسن ، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، ط 1 65، ص1993لبنان

.71: ينظر فاطمة الطبال بركة، النظرية األلسنية عند رومان جاكوبسن، ص 2

عالقة الحوار بالفضاء السردي لثالفصل الثا

176

:عالقة الحوار بالفضاء السردي: الفصل الثالث

الحوار والمكان .1

الحوار والبنية المكانية المتدرجة -أ

الحوار وتعدد األمكنة -ب

أنواع األماكن.2

مفهوم الوصف. 3

عالقة الحوار بالوصف والسرد.4

الحوار وعالقته بوصف المكان .5

وظائف الوصف في الخطاب الروائي .6

الحوار والزمان .7

البنية الزمنية للحوار الخارجي .8

أنواع الحوار .9

البنية الزمنية للحوار الداخلي. 10

الحوار والشخصيات. 11

أنواعها -ب مفهوم الشخصية -أ

داللة أسماء الشخصيات -ج

التماثل والمفارقة في أسماء الشخصيات -د


177

:والمكانالحوار 1

الفلسفية واجلمالية ديبل املكان يف النصوص األدبية، خيضع لرؤية األتشك من الثابت أن يتمظهر من خالله فكره وإيديولوجيته، كما يبدي من خالله موقفه من احلياة ،يف النص الروائي

اه املكان واملكان يعرب عن إسقاط فكري فلسفي لرؤية املؤلف، وشعوره جت. االجتماعية والسياسية .ي أدوارها كما رمسها هلا املؤلفالذي يوظفه لتتحرك فيه الشخصيات وتؤد

للشخصيات واحلوار واحلبكة، ي دورا رئيسا يف تشكيل اإلطار العاماملكان يؤد وقد ظل وذا ينمو احلوار ويتطور يف النص ،1فاملكان ميارس سلطة يف وعي الشخصيات اليت تقدم احلوار

السردي كلما أدركت الشخصيات قيمة ذلك املكان خصوصا إذا كان منربا علميا أو صرحا . معرفيا، أو كان ساحة من ساحات الوغى يف زمن ما

كان مكانا أليفا ،أم كان معاديا متميزا بالتبدل أو <<سواء واملكان بنية مهمة يف اخلطاب، ا أو باهتا، تلتصق فيه الشخوص أم تنفر منه، فاملؤلف يؤسس للمكان يف ضوء التغري، واضح

.2>>مفهومه اإليديولوجي املتحقق كخط اسرتاتيجي للمكان

ي املكان وظيفة دفع احلدث وتكثيف احلوار بني شخصيات الرواية؛ ولذلك وغالبا ما يؤد للمكان قدرة على التأثري يف <<و .عمله السردي عها يفجند الكاتب يكثف من األمكنة وينو

تصوير األشخاص، وحبك احلوادث، مثلما للشخصيات أثر يف صياغة املبىن احلكائي للرواية؛ لت الشخصيات ما تنق وكل . 3>>فالتفاعل بني األمكنة والشخوص شيء دائم ومستمر يف الرواية

جتماعيا مثل املقهى واحلافلة د احلوار، خصوصا إذا كان املكان اعرب األمكنة، يزيد احلدث، و يتعد ا ال تدعو إىل فها الراوي رغم أ وهناك أمكنة يوظ . والساحات العامة، واألسواق الشعبية والبيوت

31: ، ص 1999منصور نعمان جنم ، املكان يف النص املسرحي، دار الكندي للنشر والتوزيع، أربد، األردن 1 54: منصور نعمان، ينظر املرجع نفسه ، ص 2 .131: براهيم خليل، بنية النص الروائي، صإ 3


178

لكن السارد أحيانا ينقل إليها احلدث من خالل .احلوار مثل املسجد واملقربة واملكتبة وغريهاتم باألماكن االجتماعية اليت ينمو احلدث وكان حممد مفالح يه .الشخصيات فيتولد عنها احلوار

كان من الكتاب الواقعيني الذين يهتمون بنقل الواقع كما هألن و يتعدد احلوار من خالهلا؛ منها،ميكن النظر إىل املكان << هو، ويهتمون برسم الشخصيات واألماكن وفق ما يرون يف اتمع؛ لذا

ددة اليت يتم من خالهلا النظر يف عامل الرواية، الروائي من حيث هو مدخل من املداخل املتعوالوقوف على مراميه، ومدلوالته العميقة، ورموزه، وما فيه من مجاليات الوصف، إىل جانب

.1>>مجاليات السرد القصصي

وذا املنطق، أصبح املكان عتبة سردية مهمة، منها نلج عامل الرواية، ونتعرف على مجالياا دوار املوكولة ه الفضاء الذي تتحرك فيه الشخصيات، وتتفاعل وتؤدي األاملختلفة؛ ألن وبنياا

اختيار األمكنة يف السرد الروائي يساعدنا على معرفة ما يريد الروائي توصيله إىل <<، وحسن إليها .2>>املتلقي

مبعامله، وال يتم ذلك إال من خالل اللغة؛ ألن عالقتها باملكان شديدة، فهي اليت تعرفبغري اللغة يستحيل املكان إىل صورة أو شيء مرئي حيتاج ملن يرمسه باأللوان <<وتبث فيه احلياة، و

واخلطوط، لكن اللغة مبا هلا من قدرة على اإلحياء والتعبري عن اإلحساس، تستطيع أن تقدم املكان . 3>> الكاتب أم الراويبالرؤية الذاتية سواء كانت رؤية ... حد فيها الزمن باحلدثيف صورة يت

حباجة ملن يرسم هودة، و ه بنية مهمة من بنياته الفنية املتعد ومن هنا تـتبدى سردية املكان؛ ألن .ه الباهتة، والسارد هو الذي يقوم ذا الفعل من خالل وصفه ورسم مجاليته بدقةمعامل

. 30: ، ص2003،عمان، األردن، 1حممد أبو رزيق، املكان يف الفن، وزارة الثقافة، ط 1 . 251: ، ص1996، عمان 1نزيه أبو نضال، عالمات على طريق الرواية يف األردن، أزمنة النشر، ط 2 .164: إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، ص 3


179

يدل على ) عائلة(فعنواا وغريها؛ ) عائلة من فخار(ويشكل البيت فضاء متعددا يف رواية د األفراد ويدل على الكالم واحلوار وتعدد الرأي واالختالف؛ ألن أغلب شخصياا تنتمي تعد

، وخروفة ويوسف و احلبيب واخلال قويدر )ميينة(، واألم )خلضر(األب : إىل عائلة واحدة وهي أسهمت يف منو احلدث وهناك شخصيات قليلة ال تنتمي إىل العائلة لكنها. والعم بن عودة

وقد تعدد احلوار اخلارجي يف البيت، وكان .واحلوار، منها جياليل العيار وبعض أصدقائه ومعارفهالعيار، وهذا موضوع الزواج من جياليل يف خروفة رغبةاملوضوع الذي أشعل فتيل الكالم هو

مثلة احلوار ما دار بني ومن أ. يتساوى مع السرد اجتماعي اعتمد على احلوار الكثري، ما جعلهويضاف إىل .خروفة وأمها ميينة، وبني يوسف وأبيه، وبني يوسف وخروفة، وبني األم وابنها يوسف

ذلك حوار خارج البيت؛ لكنه ال يتعدى أفراد العائلة و دار بني جياليل العيار وخطيبته خروفة، .وبني بعض أصدقائهما، وبني يوسف وصديقته سارة املراجي

ة والتوتر والغضب، لكون يوسف وأبيه يعارضان زواج خروفة، يف ز احلوار عموما باحلد وامتاتشجع ابنتها على ذلك لدافع مادي، وحرصها على مصاهرة جياليل العيار األم كانت حني

.املعروف بالثراء وكثرة األموال

والد، وقد وظفه ومن أمثلة احلوار السردي، ما دار داخل البيت املتواضع، يف غرفة األ أثر يف التعبري عن هوية الكاتب الروائي والشخوص؛ << للمكان ألن ؛حممد مفالح عن قصد

. 1>>خالصة الظروف والبيئة احمليطة، والتاريخ والعادات والتقاليد واألعراف اإلنسانيةفاحلياة

معامله وأشكاله اهلندسية، ميلك جانبا حكائيا ختيليا يتجاوز << هومما يزيد يف أمهية املكان أن فإن ما يهم يف السرد هو اجلانب ... لذلك حىت لو كان الفضاء الروائي ميتلك امتدادات واقعية

.2>>أي الدور احلكائي النصي الذي يقوم به داخل السرد ؛التخيلي للفضاء

.141: إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، صينظر 1 .100: ، ص)مرجع سابق(حممد بوعزة، حتليل النص السردي 2


180

بل يعين بذلك األماكن الواقعية ؛وال يقصد باجلانب التخيلي األماكن اخليالية أو األسطوريةاملألوفة، ويضاف إليها خيال املبدع، فريمسها بأحسن صورة، وجيعل عالقتها بالشخوص أكثر

، وأسهم يف الكشف عن مشكلة اجتماعية )يوسف(وابنها ) ميينة(دار احلوار بني األم وقد. متانة .تعاين منها العائلة أزمة السكن احلادة اليت كانت هي

:هز يوسف كتفيه ودخل غرفة األوالد وهو يقول <<

...أما زالت خروفة مصرة على الزواج بذلك القاتل ؟ - .ما دخلك أنت يف أمرها؟ إا حرة -

.ـ جياليل العيار رجل قذر، وقد جتاوزت سنه اخلمسني: قال هلا يوسف بعناد

:وصاحت أمه بقلق

.وهي أيضا تعرف ذلك ...أعلم -

:مينه وقال ضرب يوسف جبينه بي

إنه رجل خبيث وكل املدينة تعرفه، إنه متزوج بامرأة من عائلة معروفة، وله منها - ..لقد اشرتى ترشحه على رأس قائمة حزب غري معروف .. بنت تبلغ ست سنوات

:وحتركت ميينة يف مكاا وقالت له بسخرية

..مىت أصبحت مهتما بالسياسة واالنتخابات ؟ - . بة بني يديكأصبحت خروفة جمرد لع - :مث ض وتابع قائال - .ين خطط أخيك قويدر املاكرذإنك تنف -


181

.إنه خالك .. صه -

.1>>أعلم أنه يشتغل حلساب جياليل العيارـ

ه جرى يف غرفة ضيقة، مما ضاعف قلق األم وابنها، فاشتد وما نلحظه يف هذا احلوار أن وجيلس، وكانت األم تتحرك يف مكاا فكان وكان يوسف ينهض . احلوار وتطور إىل صراع متوتر

وقد .حوارا حجاجيا تصاحبه احلركات، واعتمد كل منهما على أدلة وبراهني ليقنع الطرف اآلخرفانفرد يوسف بأمه أثر املكان على املتحاورين إذ مكنت الغرفة من استمراره واستغراقه زمنا؛

ة، ولو كان يف الشارع أو يف مكان آخر مفتوح ليناقش معها أمر زواج أخته يف غياب أفراد العائليفر فرارا من األمكنة املغلقة اليت تلقي الضوء على بعض << لكان أطول؛ وكاتب الرواية عموما

.2>>األشخاص إىل األمكنة املفتوحة اليت تشهد حركة غري فردية على الدوام

إىل مث ينتقل ،لبيوت وغريهاوكان حممد مفالح يبدأ أحداثه السردية من األماكن الضيقة كا .ذلك أماكن أخرى أكثر انفتاحا مثل الشوارع واحلدائق والساحات العامة وغري

القصرية؛ ألن يوسف كان عنيدا السابق من خالل مجله البنية اللغوية للحوار ومتظهرتسريعا، وقد فكان احلوار . متحديا، واألم كانت يف موقع املدافع عن حقوق خروفة والناطق بامسها .عرب عن نفسية يوسف املنفعلة؛ ألنه كان يعارض هذا الزواج من البداية

املكان يف النص الروائي دائما من نسج خيال املؤلف؛ ألن خمتلف األمكنة اليت و ليس .واملقهى ش فيه األفراد مثل البيتجتري فيها األحداث تنتمي إىل الواقع االجتماعي الذي يعي

44 – 42: حممد مفالح ، رواية عائلة من فخار ، مصدر سابق ، ص 1 .146: إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، صينظر 2


182

متينة بني االثنني، ذلك أن درجة االنعكاس << لنص السردي واملكان الواقعيوالعالقة بني ال املكان يتشك ؛ ألن 1>>اليت يثريها مكان ما له مالحمه وحضوره وكيانه على الفن أشد من سواه

ل احلوار وال يتشك .واليت تكشف عن بعض مجالياته ،من خالل اللغة الواصفة جلزئياته وتفاصيلهما يف منو احلوار وتطوه كما ر املكان إىل حد لذا تبدو عالقتهما أكثر متانة، ويؤث ،إال يف صلبه

بوضوح تام ضمن النص أو يدرج بعض مالحمه أو <<ويوصف املكان .أشرنا إىل ذلك سابقا .2>>تفاصيله املكانية على لسان الشخوص، ويعد من هذه الزاوية وعاء لألحداث والشخصيات

س املكان يف العمل السردي من طرف املؤلف الذي خيتاره اختيارا م، يتأس د على ما تق وبناء وهو بنية مهمة ومعطى سردي، يساعد على توايل األحداث وحترك يالئم احلدث القصصي، جيعله

.ه يسهم يف تطور ومنو احلوارمثلما رمسها هلا املؤلف، كما أن الشخصيات الروائية

،العناصرواية، وجتمع اللغة احلوارية تلك تتفاعل فيه عناصر الر ل املكان فضاءويشك يضطلع احلوار بوظيفة الكشف عن األماكن املرئية وغري املرئية؛ فبواسطته يظهر املكان ويظهر <<و

.3>> تأثريه يف الشخصيات

العديد من العناصر املكانية؛ فتتجلى من خالل با ما يتعمد املؤلف عن قصد إخفاءوغالالم بني املتحاورين، ومن هذا املنطلق يصبح من وظائف احلوار والسرد الكشف عن مجالية الك

ة، وتتحقق هذه الوظيفة من خالل الوصف؛ حيث يقوم املكان وحتديد بعض مالحمه وحدوده بدق السارد أو بعض الشخصيات بوصف بعض األماكن اليت وقع فيها احلدث الروائي، ويشمل

.م وطبائعهمالوصف األشخاص وصفا

، العراق )57(املوسوعة الصغرية الرواية واملكان، منشورات وزارة الثقافة واإلعالم، دار احلرية ، سلسلة ياسني النصري، 1 12،13، ص1980

25: منصور نعمان جنم ، املكان يف النص املسرحي ، مرجع سابق ، ص 2، عمان 1قيس عمر حممد ، البنية احلوارية يف النص املسرحي، ناهض الرمضاين أمنوذجا دار غيداء للنشر والتوزيع ، ط 3

96: ص 2012األردن


183

:الحوار والبنية المكانية المتدرجة أ ـ

املكان الذي يوظفه املؤلف يف رواياته ال يظهر دفعة واحدة؛ بل خيضع ملبدأ أن الشك ئا فشيئا حىت يكتمل شكله التدرج يف أغلب األحيان، ومهما اعتقدنا باكتماله فهو يظهر شي

.ويبدو بوضوح تام النهائي

اليت تبدأ من موقع أو شكل مكاين حمدد لتضم << ا األمكنة جة بأ األمكنة املتدر ف وتعر ، كأن يبدأ النص من شكل مكاين ميثل طريقا عاما ملكان على اختالف مستويات تكوينهبعدها ا

.1>>واضح ، مث يبدأ املكان بالظهور التدرجيي غري

بتأثريه يف فاعلية احلوار وسلوك يعطي أمهية << ويبدو أن ظهور املكان بتسلسل بطيء2>> الشخصيات، فهي ختضع ملنطق املكان يف أغلب األحيان

.

ي حركة الشخصيات احلوارية إىل االنتقال من حالة إىل حالة، ومن مكان إىل مكان وتؤد ور، د معامله، فيبدأ احلوار مثال من حيز ضيق كغرفة النوم، مث ينتقل إىل شارع جماآخر، يـتممه وحيد

ده مث يتدرج إىل سوق شعيب، وينتقل رويدا رويدا إىل وسط املدينة أو إىل أي مكان آخر تقص .الشخصيات وفق ما يتطلبه احلدث

؛كان املتدرج إن أغفل السرد ذلكوالشك أن البنية احلوارية هي اليت تكشف عن حدود املوحىت السارد يقوم بذلك .حيث تعمد بعض الشخصيات إىل وصف بعض األماكن وخترب عنها

.من خالل حواره مع الشخصيات

، وهذا ينعكس على البنية احلوارية املشكلة للمكان ارتباطا ظاهرا املكان بالشخصيةيرتبط و .1السردي وطرائق جتلياته داخل بنية النص

94يف النص املسرحي ، مرجع سابق ، منصور نعمان ،املكان1 102: قيس عمر حممد ، البنية احلوارية يف النص املسرحي ، ص 2


184

) الربيعباس (اليت زارها انكسار هو مدينة اجلزائر العاصمةوهناك جزء من املكان يف رواية وال ميكن أن تظهر لنا هذه األماكن اليت وقع فيها احلدث دفعة واحدة، وال .وبقي فيها عدة أيام

حىت رقعة جغرافية منها يف وقت واحد، فيبدأ املكان بتشكله البطيء من احلافلة اليت سافر فيها مع خادم عباس الربي إىل العاصمة، فظهر جزء منه وهو فندق السفري، حيث حتدثت الشخصية

:الفندق يف هذا احلوار وطلب منه غرفة فأجابه

..كل الغرف حمجوزة من طرف الناشرين املشاركني يف الصالون الدويل للكتاب -<<

مىت أصبح للكتاب صالون دويل ؟ - .منذ سنوات - هل هناك إقبال عليه ؟ - لست أدري - ومىت تفرغ الغرف من هؤالء ؟ - .2>>...أكتوبر 24بعد يوم -

وقد ،دةهذا احلوار مباشرا، وكانت مجله قصرية تنبين من أسئلة مباشرة وأجوبة حمد ويبدو أسهم احلوار يف حتديد معامل الفندق، إذ كان مشغوال من طرف الناشرين، وكشف عن صالون

.الكتاب وكثرة اإلقبال عليه

جلى شيئا وكان هذا احلوار هو الذي دفع عباس الربي إىل تغيري املكان، الذي ما فتئ يتفشيئا من خالل احلوار، مث توقف يف ساحة بور سعيد وطاف يف العاصمة، ليستقر أخريا يف فندق

ه إىل املقهى ااورة للفندق، أين التقى بالفتاة بساحة موريس أودان، وهو املكان الثاين، مث اجت :له البيضاء جويدة فأجرى معها هذا احلوار الذي أخربها فيه أنه غريب فقالت

103: قيس عمر حممد ، البنية احلوارية يف النص املسرحي ، ص 1 . 76، 75: حممد مفالح ، رواية انكسار مصدر سابق ، ص 2


185

.لست غريبا، فأنت يف عاصمة بالدك ـ<<

.. املال .. العاصمة ال تشعرين بالغربة ، احلياة فيها ممتعة ، فيها كل شيء .. فعال ـ ..اجلمال و.. الفن .. السياسة

: قاطعته الفتاة

.من يعش فيها يعرف الصعوبات احلقيقية اليت يواجهها سكاا - :العاصمة تناسبين ؟ وأضافأنا رجل أعمال أظن أن - .أنا من غرب البالد - .عرفت ذلك من هلجتك - .شيبتين مهوم احلياة - .وراثياقد يكون الشيب -

:مسد شعره وهو يهمس

.1>> ..فعال شاب أخي وهو دون الثالثني -

، تقرتب من واقع املسافرين إىل بلد غري م املكان عرب نقالت متخيلةاحلوار يقد ونلحظ أن وهو اجلزائر العاصمة، وما حتويه من أماكن ؛يقيمون فيه، واحلوار هنا يكشف عن املكان الذي

وكذا ،بل ويكشف أن هذا املكان هو بلد املال والسياسة والفن واجلمال؛ وفنادق وشوارعوكان السارد قصد اإلخبار عن أمساء بعض .ها تسهم يف إجالء املكانالصعوبات وغري ذلك، وكل

وبالتايل أصبح للحوار وظيفة الكشف عن املكان . من خالل احلوار ال من خالل السرد املدن، املريضة، وتعطشه حلب النساء وكشف احلوار حىت عن ذهنية عباس الربي، ونفسيته .جبالتدر

. واضطراره للكذب لريضي عشيقته جويدة

. 81، 80: حممد مفالح ، رواية انكسار ، مصدر سابق ، ص 1


186

س الربي إىل مكان جديد هو ويزداد املكان يف التكشف من خالل احلوار، عندما انتقل عبابناية الوزارة، ليقابل صديقه فايز الشكوري، ومل جيده، فأجرى احلوار مع الكاتبة، وكان احلوار

، كلي املعرفة بأحداث )عليم(السارد يف روايات حممد مفالح ألن ؛سرديا ومل يرد يف مقاطع، ومما جاء يف حواره مع كي عنهإذ كان يرافق عباس الربي ويراقب حتركاته وأفعاله وحي ؛الرواية

:الكاتبة

أريد مقابلته، حركت السكرترية حاجبيها .. أنا عباس الربي صديق السيد فايز << :قال هلا عباس بلطف . إن السيد الشكوري يف مهمة: املقوستني بعناية وقالت له بسرعة

.لقد وعدين مبقابلته يف أي وقت

.هزت السكرترية رأسها متعجبة

:وقالت له بربودة

قالت .. جئت من مدينة بعيدة : بعد عودته، قال هلا عباس حمتجا سيستقبلك ـ .1>>...بضيق تعال غدا

السارد مل يرتك احلرية للشخصيتني بنية سردية خاصة؛ حبيث أن منوتنبين لغة هذا احلوار يسهم هذا و ،)قالت، فأجابته قال،(م عوضا عنهما ويستخدم األفعال ان يتكل فكما، كي تتكل

احلوار يف الكشف عن أصحاب املناصب احلساسة وكيف حيتجبون عن املواطنني، كما كشف عن .سذاجة عباس الربي وغروره، وجريه وراء السراب

ما ، وقد كثر احلوار يف رواية انكسار، وكل )الشاهق: (ل احلوار وصف مبىن الوزارة بـوختل د بتجدد كان يتنقل عباس عربها، كان احلوار يتعدد معها، وكان احلوار يتجد دت األماكن اليت تعد

.وينمو أكثر من خالل تفاعله معهم راألشخاص الذين كان يصادفهم، ويتطو

. 88، 87: حممد مفالح ، رواية انكسار ، مصدر سابق ، ص 1


187

وكان احلدث يسري جنبا إىل جنب مع احلوار، الذي أسهم يف كشف األماكن املختلفة، ى وقد أد . اس يتمظهر رويدا رويدا يف ثنايا احلوارولقد كان املكان الكبري الذي سافر إليه عب

احلوار وظيفة مهمة هي استدراك ما أغفله السرد، سواء يف تعرية املكان أو وصف الشخوص، أو .من خالل اإلخبار عن بعض األمور األخرى اليت ختطاها السرد

:د األمكنةب ـ الحوار وتعد

من أحداث وشخصيات وأماكن خمتلفة مستمد السرد الروائي وما فيه ذكرنا فيما سبق أن من الواقع االجتماعي، وذا؛ فاملكان يبدأ يف التكشف من خالل حركة الشخصيات وتفاعلها

ه يف تشكل الواقع، فحضور البنية ويشري سعيد يقطني إىل أمهية ذلك كل . من مكان آلخريت يتفاعل الكاتب معها يف إطار االجتماعية يف النص يتشكل من خالل املادة احلكائية ال

وتبدو العناصر املرجعية إىل الفضاء، أو إىل الزمان أو احلدث . اجتمـاعـي واقتصادي وتارخيي خاصويقصد بالفضاء خمتلف األماكن اليت يوظفها الكاتب، سواء كانت متباعدة أو ؛1أو العالقات

يدل على د املكان يف الروايةتعد ومن الواضح أن . متقاربة، مفتوحة أو منغلقة، واسعة أو ضيقة .دت معها األماكن، وتنوع احلواراحليوية و احلركة؛ فكلما كثرت حركة الشخصيات تعد

ىل اختالفها من حيث طابعها ونوعية األشياء اليت توجد فيها؛ ختضع إ باإلضافة واألماكن .2يف تشكالا أيضا إىل مقياس آخر مرتبط باالتساع والضيق أو االنفتاح واالنغالق

فها حممد مفالح، من الواقع االجتماعي ال اخليايل، سواء يف وجند أغلب األماكن اليت وظ من األماكن الفضاءات اليت تعج بالناس، ومنها يتناسل ينتقيكان منطقة غليزان أو العاصمة، و

: ، ص2006، الدار البيضاء، املغرب 3، املركز الثقايف العريب، ط)النص والسياق(سعيد يقطني، انفتاح النص الروائي 1143 .

72: نص السردي، ، صمحيد حلميداين، بنية ال ينظر 2


188

ت العامة، املكتبة، السجن البيوت، املقاهي، الفنادق، الساحا: احلوار؛ ومن أشهر األماكن .كثري وغريها

ويعطي احلوار يف رواية انكسار لألمكنة الواقعية قوة يف اجلذب، وله سطوة على غالبا هو احلوار؛ وكان املكان األول الذي ينطلق منه احلوارالشخصيات، ومن هذه األمكنة ينبثق

ه يضم خمتلف األشخاص الذين يصنعون احلدث، ويتفاعلون فيما بينهم، مث ينتشر ؛ ألن "البيت" :ليت كان يوظفها حممد مفالح نوعانوأغلب األماكن ا. احلوار يف بقية األماكن

واألماكن املتحركة . واملكتبة والسجن والفندق وغريها األماكن الثابتة مثل املقهى والساحات العامةوعرب هذه األمكنة بنوعيها تتحرك كل شخصية لتصادف . احلافلة والسيارة والشاحنةمثل

شخصيات أخرى كاألصدقاء واجلريان واألقارب، ومن خالل تلك اللقاءات يتولد احلوار، وقد .ة ومنفتحةقسم الدارسون األماكن برمتها إىل حمددة ومزدوج

:أنواع األماكنـ 2

:األماكن الثابتة 1

ويعمد الروائيون الواقعيون لتوظيفها أكثر يف أعماهلم السردية رغبة منهم دة ومغلقة،وهي حمد .يف نقل الواقع االجتماعي بصدق

د جزء من الفضاء املرجعي املنتمي إىل الفضاء القصصي، وأيا تكن أبعاده بيتا واملكان احملد . ها تشكل ملتقى الشخصيات السردية، وفيها تتفاعل وتتحاور؛ وكل 1غري ذلك من األماكن أو

:م األماكن املتداولة يف الرواياتومن بني أه

:ـ البيت 1

. 418: ، ص2010تونس، 1، دار حممد علي للنشر، طمعجم السردياتجمموعة من املؤلفني، و حممد القاضي 1


189

يعد البيت املكان األول الذي يبدأ منه السرد واحلوار، وهو فضاء للصراع بني أفراد العائلة ، الوساوس الغريبة، انكسار، عائلة من فخار ( واياته ومنها وقد استخدمه حممد مفالح يف أغلب ر

بيت احلمراء وشعلة املايدة وغريها، والبيت العائلي هو املكان األليف، ومنه تتكون مالمح األلفة، . 1ومنه تبدأ احلياة بداية جيدة مسيجة وتكون حممية

البيوت، ومن ذلك قول وأغلب مقاطع احلوار اليت استشهدنا ا سابقا كانت تنطلق من : يف الرواية السارد

...استيقظ عباس الربي يف الوقت الذي تسللت فيه أشعة الشمس إىل حجرة النوم << ..ووضع عباس ميناه على رأسه :ومتتم بضيق

2>>.. جناة..جناة -.

:وجند يف الرواية نفسها احلوار يبدأ من البيت بني شخصيتني تنتميان إىل نفس العائلة... انتصبت زبيدة يف وسط احلجرة وهي مترر يديها على شعرها املصبوغ باألصفر الفاقع< <

.مث التفتت إىل والدا اليت أومأت إليها أن تنصت إىل كالمها :وقالت هلا رقية بلهجة حزينة

...أرجوك يا زبيدة ال تندهشي، لقد فرت جناة من الفيال، يا للفضيحة - :الناهد بيمناها ومهست بشماتة ضربت زبيدة صدرها

.3>>ارمة انتقمت منه -فالبيت هو دائما نقطة انطالق السرد واحلوار معا، لكنه سرعان ما ينتقل إىل مكان آخر،

. وحركة الشخصيات هي اليت تغري األماكن وتتنقل عربها

45: ت، ص.غالب هلسا، دار اجلاحظ للنشر، وزارة الثقافة واإلعالم، بغداد، د: غاستون باشالر، مجاليات املكان، تر 1 .5: صنكسار، ، رواية احممد مفالح ينظر 2 . 32: حممد مفالح، رواية انكسار، ص ينظر 3


190

:المقهى –2

ودائما يركز عليه الروائيون يف ، تل مكانة مهمة يف السرد الروائيهو فضاء حمدود ومغلق، وحيقصصهم، وهو مكان اسرتاتيجي تقصده الشخصيات وتلتقي فيه، ولو تتبعنا تاريخ الرواية سواء يف الغرب أو يف العامل العريب لوجدنا هلذا املكان حضورا كبريا، وهذا األمر جنده يف الروايات

1الواقعية واجلديدة على السواء.

مكان اسرتاتيجي هلثاين الذي استخدمه حممد مفالح بكثافة؛ ألن ويعد املقهى املكان اوهو فضاء يرتاده الناس لتبادل أطراف احلديث بني األصدقاء واألصحاب، ومالذ لرتك ،للحوار

فهو جيمع ؛2البيت واالختباء من صخب الشارع، وجيد فيه مرتادوه فرصة للرتويح عن النفسمن رواياته من ذكر للمواعيد واللقاءات، وال تكاد ختلوالشخوص، وهو فسحة للكالم، وفضاء

جرى ، من خالل هذا احلوار الذي هوامش الرحلة األخيرة رواية املقهى ومن أمثلته ما جنده يف :ونادل املقهى يبني معمر اجلبل

:ماذا تشرب يا عمي معمر ؟ مث أردف قائال بصوت خافت - <<

ساحمين أصبحت عصبيا - .قهوة موزة -

قصد املصرف اخلشيب مث عاد ممسكا بالصينية الصفراء، وضع فنجان القهوة على املائدة :وقال يل بأسى

... كرهت هذا املقهى، وكرهت نفسي، ال أستطيع مواصلة هذا العمل -

أين ستشتغل إذا ما توقفت عن العمل باملقهى ؟-

72: محيد حلميداين، بنية النص السردي، ، ص ينظر 1 .129: خليفي سعيد، بنية اخلطاب الروائي عند حممد مفالح، حبث مقدم لنيل رسالة دكتوراه ، ص 2


191

.1>>أريد أن أعمل بالصحراء -

الذي كان وحده، فأقام احلوار مع ) معمر اجلبلي(هذا احلوار قد بدأ من طرف ونلحظ أن وغالبا ما يعرب السارد يف . النادل؛ ألن املقهى مكان اجتماعي يكثر فيه الكالم واحلوار بني األفراد

حوار املقاهي عن طموح الشباب وأحالمهم ومشاكلهم، وقد وظفه حممد مفالح بكثرة يف ان يسعى لتصوير الواقع االجتماعي جبميع معطياته؛ وألنه يسهم يف تناسل احلوار رواياته؛ ألنه ك

املقهى مكان يقصده مجيع فئات اتمع على ألن ؛د مستويات اللغة الروائيةاالجتماعي، وتعد .اختالفهم وتباين تفكريهم

:ـ السجن3

ويركز عليها نظرا ألمهيتها يف تطوير فها الروائي بكثرة أحد أنواع األماكن املنغلقة اليت يوظ هواالنفتاح (بـ ) االتساع أو الضيق(ـ احلدث واحلوار، وختضع يف تشكالا إىل مقاييس معينة مرتبطة ب

وقد استطاع . 2و الزنزانة ليست هي الغرفة وليست مفتوحة دائما على العامل اخلارجي ،)االنغالقكانا للحوار وفضاء للكالم رغم أنه مكان ال وجيعل منه م ،سارد حممد مفالح أن يلج السجن

دة، ويف قاعات خاصة، لكن السارد كان يرافق يلجه إال اجلناة، ومتنع الزيارة إال يف أوقات حمد عمار (السجني وراء القضبان، ويراقب حواره وحتركاته، ومن أمثلة ذلك، احلوار الذي جرى بني

: حيث زاره وسأله عن أحواله فرد بامسا ) عبد احلكيم الوردي(، وصديقه السجني )احلر

:احلمد هللا ، وأنت ؟ وأضاف - <<

هل اطلعت على كراسايت؟ ما رأيك؟.. أشكرك كثريا ـ

:وصارحه عمار احلر قائال

. 9، 8: ينظر حممد مفالح ، رواية هوامش الرحلة األخرية ، ص 1 72: ينظر محيد حلميداين ، بنية النص السردي، ص 2


192

... كنت مشغوال .. مل أقرأ منها إال بعض الصفحات -

. أخشى أن تبعدين مهوم احلياة عن ممارسة الكتابة.. :وتابع قائال حبزن

:وتفرس عبد احلكيم يف وجه صديقه مث قال

.1>> سيأيت اليوم الذي ينصفك فيه التاريخ..ال تفشل .. واصل الكتابة -

نه كان طويال، وقد تدخل السارد ومل يرتك املتحاوري والالفت لالنتباه يف هذا احلوار أن م منهما، وكان يشرف على احلوارمان بطالقة، فكان يراقب حوارمها ويتدخل لتقدمي املتكل يتكل

. الدائر بينهما

ويركز أغلب الروائيني الواقعيني على توظيف السجن رغبة منهم يف تصوير الواقع كما هو، ف عن الصدق حممد مفالح قد محل هذا احلوار فوق طاقته فاحنر ويبدو من جهة ثانية أن

، ويسأل عن أمور خمتلفة مث أوال والواقعية؛ ألن السجني يسأل عن احلالة املزرية لعائلته وأبنائهيتناول اجلانب األديب؛ فاحلوار جيب أن يأيت منسجما مع الشخصية ومستواها وطبقتها وثقافتها

.وبيئتها االجتماعية

السجني يكون غائبا عن الواقع، ألن و كان السجن أنسب األماكن اليت يكثر فيها احلوار؛فتفوته األخبار وما طرأ على احلياة من تغيري وتبدل، فيستفسر ويسأل الزائرين عن ذلك، خصوصا

عبد احلكيم الوردي كان يف هذه القصة املعقدة، املليئة باألحداث والوساوس واهلواجس؛ ألن .قتل األرملة الثرية زينب اهلنيديمتهما مب

وقد كانت مجل احلوار طويلة؛ إذ سيطرت شخصية عبد احلكيم الوردي على األسئلة غري وكان عمار احلر جييب ويشرح ويستفسر، لكن السارد كان يقطع احلوار ليخرب عن . املباشرة

. 58: حممد مفالح ، رواية الوساوس الغريبة ، مصدر سابق ، ص 1


193

د معلومات تتعلق بالقصة أو مبقتل األرملة، وأحيانا عن عبد احلكيم الوردي الشاعر، مث كان السار .ئناف احلوار مرة أخرىيعود الست

:ـ المكتبة4

إيغال املؤلف حبياة عصره وتشربه لألفكار << املكتبة وغريها من األماكن عموما عن تعرب وإبرازه ألكثر جوانبها وضوحا، سواء أعلن عن انسجامه مع الفكر الفلسفي السائد أو عن

حممد مفالح لبعض أحداث رواية امكان من األماكن املغلقة اليت اختاره هيو . 1>> له تهمعارضا مكان للمطالعة الصامتة، وال جيوز ملن يدخلها أن يتكلم إال عن أ من رغم بالو ). انكسار (

العلم والثقافة، لكن السارد مكن عباس الربي من احلوار مع صهره بغداد خبلوين يف قاعة املكتبة ن احلوار يف هذه الرواية طويال جدا، وكانت ليحدثه عن هروب ابنته جناة من بيته الزوجي، وقد كا

:ذلك قول بغداد خبلوين أمثلة مواضيعه متعددة، ومن

.. أنتم األثرياء ال تفكرون إال يف مشاريع االمسنت اليت قضت على حقول الربتقال -<<إرهاب ، أزمات اقتصادية..وهاهي النتيجة ..إنكم ال تتحدثون إال عن ريع البرتول والربح السريع

.مهجي، بطالة خميفة

:قاطعه عباس قائال

، أمل تسهم يف تطبيق الثورة الزراعية السياسة العرجاء اليت كنت تؤيدهاهذه نتيجة - .2>> والتطبيل للثورة الصناعية والرقص للثورة الثقافية ؟

مدى ى هـذا احلوار وظيفة إيديولوجية، كشفت عن اجتاه كل شخصية، وبني احلوار وقد أد .اختالفهما، وكشف عن نتيجة سياسية وصلت إليها البالد، وعن أزمة خطرية مرت ا

. 31: ينظر منصور نعمان جنم، املكان يف النص املسرحي، ص 1 .18 حممد مفالح ، رواية انكسار ، صينظر 2


194

وانتقل احلوار يف موضوعه الثاين إىل قضية العدالة االجتماعية، ومساوئ األثرياء الذين بوا البنوك بطرق ملتوية يف مشاريع فاشلة، وكان آخر موضوع هلذا احلوار الطويل، هو مسألة هروب

ليشكو إليه تصرف ابنته جناة اليت ) بغداد خبلوين( لزوجة من بيت عباس الربي، فقصد صهرها .أسهمت يف تشكل احلوار ومنوه

وكان احلوار يف مواضيعه األوىل والثانية طويال يف مجله، يعتمد على أسلوب احلجاج ا وصل احلوار إىللكن، مل. صاحبه فاستخدم كل من املتحاورين احلجج والرباهني واألدلة إلقناع

ت بنيته، فأصبح مباشرا يعتمد على أسئلة وأجوبة، وقد وصل إىل التوتر موضوع هروب جناة تغري تعنيه، واعتقاده أا على حق يف تصرفها، نتيجة ال مباالة بغداد خبلوين بتصرف ابنته جناة وكأا ال

:ومما جاء يف احلوار

؟ملاذا ال تصارحين جناة بذلك -<<

هي حرة يف اختاذ القرار الذي يناسبها - :وتابع .. -

.جناة ليست امتدادا لوالدها -

.ولكنها ابنتك اليت كنت تعتز بثقافتها - .ثقافتها مل متنعها يف الوقوع يف خطأ فادح - ماذا تقصد ؟ - . األمر واضح - .جئت ألمسع رأيك يف هروا املفاجئ - .1>>بال ريب أا قررت أن تتحرر، جناة ابنيت ، وأنا أعرفها جيدا -

20: حممد مفالح ، رواية انكسار ، مصدر سابق ، ص 1


195

، ألن الظرف ميتاز بعنف لغتهيف وصف هذا املقطع احلواري، أنه كان قولهوأقل ما ميكن مث إال خصومة شديدة وحتول من حوار إىل جدال هو الذي كان يوجهه،والعرف العام االجتماعي

إال ، وكان يتهرب من أهله وال يبوح بذلك ذه الفضيحة مواجهة اتمع) عباس الربي( طقي ومل . ألعز أصدقائه

:كةـ األماكن المتحر 2

سواء <<املكان عموما متحرك أو ثابت هو الفضاء الذي متارس فيه الشخصيات أفعاهلا ، متميزا بالثبات أم التغري، واضحا أو باهتا، تلتصق فيه الشخوص أم كان مكانا أليفا أو معاديا

كة حقال خصبا ومادة دمسة حلوار شخصيات حممد لت األماكن املتحر وقد شك ؛ 1>>تنفر منهاحلوار حكرا على األماكن الثابتة اليت أشرنا إليها سابقا، فكانت الشخصيات مفالح، ومل يكن

وكان احلوار يتناسل من خالل تلك . لة إىل خمتلف األماكنتتنقل عرب السيارة والشاحنة واحلاف .والراكب وكالمها شخصية روائية احلوار من شخصني مها السائق يدورة، وغالبا ما األماكن املتحرك، املتحرك احلوار يبدأ من املكان الثابت إىل الدرجة الثانية؛ ألن ك حيتل املكان املتحر ومن املؤكد أن

:ألماكن املتحركة اليت وجدناهاومن أهم ا. وأحيانا حيدث عكس ذلك

:ـ الشاحنة 1

ى االثنني أو الثالثة؛ وهي مكان مكان ضيق ومتحرك، وشخصياا حمدودة ال تتعد وهي يقبل االنفتاح على أماكن أخرى، وحىت الروايات اليت حتصر أحداثها يف مكان واحد، نراها ختلق

الرواية تفتح الطريق دائما خللق أمكنة أخرى، ولو إن ...أبعادا مكانية يف أذهان األبطال أنفسهم، حيث كانت )هوامش الرحلة األخرية(وهذا ما وجدناه يف .2ذلك يف اال الفكري ألبطاهلا كان

الشاحنة هي املكان املركزي الذي جرت فيه أحداث الرواية ومغامرات الفتاة ساجية ومعمر اجلبلي

. 54: ينظر منصور نعمان جنم، املكان يف النص املسرحي ، ص 1 . 63: ينظر محيد حلميداين، بنية النص السردي، ص 2


196

أماكن يف رحلتهما إىل اجلنوب اجلزائري، وكانت الشاحنة باعتبارها مكانا مغلقا قد انفتحت على .أخرى منها املطاعم واملقاهي والساحات العامة والبيوت

وكان احلوار قد بدأ من املقهى، من خالل حوار السائق معمر اجلبلي مع النادل، مث انتقل ب إىل الشاحنة حيث وجد فتاة مجيلة تقف قرب مركبته، وملا ركب طرقت الباب واستأذنته يف الركو

:ةثته قائلوركبت إىل جانبه، وحد

.أكره الشتاء، أمقت الربد واألمطار واألوحال -<<

:قلت هلا يف مرح

.الشتاء فصل اخلصوبة، أنا أحبه - . أنت رجل ال ختتلف عن اآلخرين:قالت متنهدة - :وقالت يل .. هل أنت وهرانية ؟ هزت كتفيها ومل جتبين - :ماذا تنتظر ؟ حترك، مث أضافت - .سيكون السفر معك ممتعا -

.بال ريب حتسنني القراءة والكتابة بالعربية:قلت هلا ...

:قالت يل بسرور - .متها يف اجلامع على يد إمام مهاجر مغريب األصل تعل - هل أنت طالبة ؟ -

..هزت رأسها

.1>>ال ال -

. 15، 14: حممد مفالح ، رواية هوامش الرحلة األخرية ، مصدر سابق ، ص 1


197

وقد سيطرت بعض األمكنة اخلاصة على النتاج الروائي العاملي وميكن اعتبار أي مكان وظفه ، خلاص، وإذ تستفيد حتما من الواقعألن الرواية إذ تضع عاملها ا ؛الروائي هو املكان األساسي

1ا قابلة ألن جتعل كل األمكنة مادة لبناء فضائها اخلاصفإ.

وقد طال هذا احلوار يف الشاحنة بني معمر اجلبلي والفتاة ساجية اليت التقى ا؛ وسبب كليهما جيهل اآلخر من جهة، ونظرا لطول الرحلة يتني؛ ألن طول نفس احلوار هو تعارف الشخص

ائم على وكان احلوار عاديا تلقائيا، مل يصل إىل التوتر، ومل يتضمن احلجاج الق. من جهة ثانية .الربهان والدليل والنقاش

ا كانت يف جمملها عبارة عن حوار طويل أ وما يلحظ على رواية هوامش الرحلة األخرية ل احلوار نسبة كبرية من الرواية؛ كون معمر اجلبلي صادف أشخاصا بعض السرد، وقد مث لهيتخل

، واملطاعم توقف يف أماكن شىت، منها املقاهيكثريين يف رحلته الطويلة إىل اجلنوب اجلزائري، و .وكانت لغته بسيطة، عادية ومالئمة للشخصيات املتحاورة ،والبيوت

ليت التقى ا من أصدقائه خمتلفة مع تلك الشخصيات ا وكان معمر اجلبلي يقيم حواراتأندري (قال فيهم الروائيني ن حممد مفالح من الذينو كقد يمعارفه؛ و نوادل املقاهي واملطاعم و و

يرتكون شخصيام تتكلم ويستمعون إليها ويرقبوا وهي تتصرف، و يسرتقون السمع )جيدفكرية أو فلسفية أو غري ون شخصيام لتحقيق غاياتلكن الروائيني دائما كانوا يوجه. 2إليها .ذلك

، اهليئة املصرية للتأليف والنشر، مصر، واية يف األدب االجنليزي احلديثمجاعة من النقاد، نظرية الر و إجنيل بطرس مسعان 1 58: ، ص1971

، 2007، اربد األردن 1جنم عبد اهللا كاظم، مشكلة احلوار يف الرواية العربية، عامل الكتب احلديث للنشر والتوزيع، ط 2 .65:ص


198

:السيارة -2

متحرك، فها كمكان وظ خوص حممد مفالح يف بعض رواياته، لبعض ش وسيلة نقلوهي صلة عادة بلحظات الوصف، وهي ضوابط املكان يف الروايات مت وأرضية حلوار الشخصيات، و

مع السرد أويف مقاطع احلوار، وتغيري األحداث وتطورها، حلظات متقطعة أيضا؛ تتناوب يف الظهور السيارة والواقع أن .1دية األمكنة واتساعها أو تقلصها حسب طبيعة موضوع الروايةيفرتض تعد وهذا . د، ال حيوي الشخصيات إال لبعض الوقت، مث ينفتح على العامل اخلارجي املتعد مكان متغري

) املرسيدس(ما نلحظه متاما يف رواية عائلة من فخار؛ فجياليل العيار الرجل الثري صاحب سيارة : الذي أحب خروفة واصطحبها يف سيارته وأجرى معها هذا احلوار

.اخرتتك أنت يا خروفة ألنك مثقفة مجيلة ومثرية ..أنت فتاة ذكية -<<

:ردد بنشوة ووضع على شعرها الالمع قبلة خاطفة مث

.شعرك مثري ، أحبك يا فاتنة -

:وابتعدت عنه خروفة قائلة

.حذار من نظرات الناس - ، أليس كذلك ؟ ، أنت خطيبيتمل كل هذا اخلوف ؟ احلالل حالل -

:وابتسمت خروفة قائلة حبذر

.انتظر حىت تتم الفاحتة -

.2>>.. سيتم كل شيء يف أوانه فال تقلقي :وتنحنح جياليل العيار بسرور

.63: ينظر محيد حلميداين، بنية النص الروائي، ص 1 .54، 53: مفالح ، رواية انكسار، ص محمد 2


199

جياليل العيار اصطحب خروفة ه قد طال، رغم أن ونلحظ من خالل حتليلنا هلذا احلوار أن داعي الشوق إليها قد أهلب احلوار، وداعي ألن ؛لبعض الدقائق، يف السيارة سائرين إىل شقته

ن ه التقي ا ألول مرة ألجل الزواج، وكل هذا جعل املتحاوري احلب جعلها تتحدث معه؛ ألن يسرتسالن يف احلوار، وقد استشهدنا مبقطع وجيز من هذا النص احلواري الطويل الذي جرى

كل منهما ألن ؛له أسلوب احلجاجتلقائيا، يتخل غري ثابت، وقد كان حوارا مباشرا مبكان متحرك .ه على سلوك أو ينهاه عن فعلكان يريد إقناع الطرف اآلخر، حىت حيث

وصف اليت نصادفها يف النص األديب، فقد يكون مفردة ضمن يدل على أشكال ال وهذا، )طويل القامة، أشقر اللون( :أو مضافا ومضافا إليه كقولنا ،)مجيلة، طويلة، واسعة(اللغة كقولنا

.وقد يأيت يف مقطع سردي أو حواري كما صادفناه يف الروايات املدروسة سابقا

؛ه ضروريأن غوي يف النص األديب، ويرى وب اللويربط عبد امللك مرتاض الوصف باألسله ألن ؛ي وظيفة مجالية، وعلى هذا األساس جيب االهتمام به وتوظيفه أحسن توظيفه يؤد ألن

.يهاوذلك من خالل الوظائف األخرى اليت يؤد ،خيدم اخلطاب الروائي خصوصا

شخاص واألمكنة ل باللغة األشياء واأل ميث الوصف نشاط فين وجاء يف معجم السرديات أن .1وغريها، وهو أسلوب من أساليب القص يتخذ أشكاال لغوية كاملفردة واملركب النحوي واملقطع

:ـ مفهوم الوصف 3

أحسن الوصف ما نعت به الشيء حىت << ويرى ابن رشيق القريواين يف هذا السياق أن مل يعرفوا فن الرواية إال ويرتبط هذا الوصف بالشعر أكثر؛ لكون العرب .2>> يكاد ميثله عيانا

، وربطوه باخلطاب وصف كمصطلح نقدي يف العصر احلديثحديثا، وقد تناول النقاد العرب ال

472: ، صمعجم السردياتجمموعة من املؤلفني ، حممد القاضي و 1 .179: ، ص1934، 2حمي الدين عبد احلميد، القاهرة، ج: ابن رشيق القريواين، العمدة ، ، حتقيق 2


200

الروائي وبالفنون السردية عموما، وعدوه بنية مهمة يف الرواية، وبينوا عالقته املتينة باملكان .والشخصيات والسرد

يتناولوا الوصف كمصطلح نقدي، على العرب القدامى مل و يشري عبد امللك مرتاض أن الشعراء قد مارسوه، وظل النقاد القدامى حيومون حوله، ومل الوصف قدمي، وأن الرغم من أن

.1يتداولوا هذا املصطلح إال يف حدود التصور النحوي أو من خالل الشعر

إجراء أسلويب يسعى إىل تأنيق النسج اللغوي وتبيان صفات املوصوف حيا <<ه فه بأن ويعر تنهض اللغة فيه بوظيفة مجالية يتالشى معها كل شيء خارج ... كان أو شيا، عرب نص أديبوهو باإلضافة إىل ذلك الوعاء الذي تتحرك فيه الشخصيات . 2>>حدود هذه اللغة الوصفية

.وتتحاور وتؤدي وظائفها املختلفة

:ـ عالقة الحوار بالوصف والسرد 4

يظهر لنا جليا من خالل دراسة بنية لغة احلوار يف روايات حممد مفالح، أن احلوار يالزم . األماكن بنوعيها، الثابتة واملتحركة كما أشرنا، وأن املكان يسهم يف بعث احلوار ومنوه وتطوره

واحلاالت والوضعيات املختلفة، املتعلقة تصوير لتلك األفعال << والوصف يف السرد الروائي هو .3>>بتلك الشخصيات واألمكنة اليت جرت فيها تلك األحداث واألفعال

وميثل الوصف بنية مهمة تالزم املكان واألشخاص، وهو يدخل ضمن بنية اللغة احلوارية وصف سردي، ووصف حواري فالوصف : الروايات أن الوصف على نوعني والحظنا يف تلك

سردي قد طغى على حساب الوصف احلواري؛ ألن السارد كان يهتم بوصف األماكن الوكان السارد يف أغلب املقاطع . واألشخاص قبل احلوار أو أثناءه، وألن السرد كان ميتزج باحلوار

.372: ينظر عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، ص 1 .374: ينظر عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، ص 2 .101: ، ص1999، اجلزائر 1إبراهيم صحراوي، حتليل اخلطاب األديب، دار اآلفاق ط 3


201

احلوارية يقطع احلوار ويتدخل ليضيء بعض اجلوانب اليت يكتنفها الغموض، وكان يرافق خمتلف األماكن الثابتة واملتحركة ليشرف على إدارة احلوار ومراقبة الشخصيات املتحاورة يف

وجاء . ة احلوار؛ الوصف املادي واملعنويومن أنواع الوصف اليت أدرجناها ضمن بنية لغ. األحداثالوصف نشاط فين ميثـل باللغة األشياء واألشخاص واألمكنة وغريها، وهو يف معجم السرديات أن

.1أسلوب من أساليب القص يتخذ أشكاال لغوية كاملفردة واملركب النحوي واملقطع

يدل على أشكال الوصف اليت نصادفها يف النص األديب، فقد يكون مفردة ضمن وهذا ، )طويل القامة، أشقر اللون:( مضافا ومضافا إليه كقولنا أو ) مجيلة، طويلة، واسعة(اللغة كقولنا

.وقد يأيت يف مقطع سردي أو حواري كما صادفناه يف روايات حممد مفالح سابقا

:قوله رواياته يف وجدناه ومما األشخاص، بوصف حممد مفالح كثريا مل يهتمو

التبغ، أشعلتها الفتاة بوالعيت العاجية، اليت أخرجتها من علبة " اهلقار"أعطيتها سيجارة <<بدت يل حزينة، .. وراحت تنفث الدخان برشاقة وهي تتنهد، ظلت متتص السيجارة بشراهة

وضعت الفتاة سيجارا بني شفتيها ... حزينة جدا، مث سعلت بقوة، امتص اهلم عودها الطري :سألتها احملمرتني ، والتفتت إيل، تعجبت من سلوكها اجلريء

ما امسك ؟ -

:مرت حلظة قبل أن جتيب

.ساجية - :ساجية ؟ ساجية ؟ مث واصلت بصدق - .اسم مجيل - :حركت ساجية حاجبيها متعجبة وقالت بزهو

472: ، ص، معجم السردياتجمموعة من املؤلفني حممد القاضي و ينظر 1


202

..أعتقد أنين املرأة الوحيدة اليت حتمل هذا االسم اجلميل - :اتسعت عيناها، لوت رقبتها الطويلة، مث سألتين ما امسك ؟ - .1>>معمر اجلبلي.. معمر -

ونلحظ من خالل حتليلنا هلذا اخلطاب الروائي، أن حممد مفالح بىن لغته السردية واحلوارية مستعينا بتقنية وصف الشخصية؛ ألن الوصف له وظيفة فنية مهمة، تقرب احلدث من القارئ

وقد عمد .ئوتومهه أنه بصدد قراءة قصة حقيقية ال خيالية، والوصف ذا يزيد يف تشويق القار تنفث الدخان عيناها واسعتان، مكحلتان: ( السارد إىل وصف شخصية ساجية من خالل قوله

ومل يكتمل الوصف يف السرد فوظف الروائي ...) ، متتص السيجارة بشراهة ، حزينة جدابرشاقة.. حركت عيناها، رقبتها الطويلة، االسم اجلميل : احلوار ليتمم وصف ساجية، ومن ذلك قوله

وقد شكل وصف الشخصية بنية لغة احلوار وأسهم يف إضاءة بعض اجلوانب و رسم مجالية اللغة .الروائية

:وجند يف رواية الوساوس الغريبة حوارا يدور بني عمار احلر ومجيلة الساعي

، فمالمح وجهها مل تكن مجيلة... تني حزنا عميقا الحظ عمار احلر يف عينيها اجلاحظ<<ض عمار احلر وهو يقول هلا بلهجة ... سقة، وجسدها هزيل، أما قامتها فقصرية جدا غري متنا :هادئة

.مل جيد من يأخذ بيديه فسقط يف الفخ .. عبد احلكيم ضحية -

:ومطت مجيلة الساعي شفتيها الغليظتني ، وتنهدت قائلة بتعجب

..الرجل جتاوز عمره الثالثني ، وأنت تتحدث عنه كطفل -

15، 14: حممد مفالح ، رواية هوامش الرحلة األخرية ، مصدر سابق ، ص 1


203

:عمار رأسه وقال وحرك

.الشاعر ال يكرب يا مجيلة .. فعال إنه طفل -

:وتفرست يف وجهه مث قالت له بانفعال

.1>> يلعب ببنات الناس؟ملاذا تزوج ؟ أ -

الواصف هو السارد ويظهر من وصف الشخصيات الذي عمد إليه حممد مفالح، أن . وقد تكون الشخصية الروائية هي اليت تصف أحيانا أخرى. أحيانا مثل ما جاء يف هذا احلوار

ويستخدم الوصف عموما يف حتديد اخلطوط العريضة لديكور الرواية، مث إليضاح بعض العناصر .2اليت تتميز بشيء من األمهية، وتعرب عن شيء ما

له السخرية اهلادفة إىل إجالء مالمح الشخصية الوصف تتخل ونلحظ يف هذا احلوار، أن اول الشخصية ه وصف مادي يتنه ال يغوص يف باطن الشخصية، إن السردية وهو وصف دقيق لكن

له وصف معنوي عرض جوانب نفسية داخلية كاحلزن وسلوكاا، وقد ختل يف جوانبها اخلارجية . تنيواالنفعال الذي انتاب الشخصيتني املتحاور

ة وظائف، فهو يظهر بعض اجلوانب ي هذا الوصف على مستوى احلوار والسرد عد ويؤد ا عموما، كما يثري اخلفية اليت أغفلها السرد الروائي، مثل صفات الشخصية ومزاجها وسلوكه

فالعالقة متينة بني الوصف واحلوار، خصوصا إذا كان السارد هو . رينمو ويتطو يجعلهفاحلوار باألشخاص فه الروائي عليم بالسرد و السارد الذي وظ ألن السردية؛ ي هذه التقنيةيؤد الذي

.احلدثتفاصيل وب

118: ينظر حممد مفالح ، رواية الوساوس الغريبة ، ص 1 . 166: مصطفى، دار املعارف، مصر د، ت، ص إبراهيممصطفى : آال نروب غرييه، حنو رواية جديدة، تر 2


204

ه إذا كان باإلمكان ة؛ حيث يرى جريار جينات أن والوصف يف السرد الروائي ضرورة ملح الصور السردية تعرض ه يستحيل أن نسرد دون أن نصف؛ ذلك أن أن نصف دون أن نسرد؛ فإن

.1األشياء متحركة، أما الصور الوصفية؛ فهي تعرض األشياء يف سكونيتها

السرد يضم األماكن والشخصيات، وهي معطيات فالعالقة بني الوصف والسرد متينة؛ ألن سردية ال تظهر بوضوح إال من خالل تقنية الوصف اليت تسهم يف تشكيل لغة اخلطاب الروائي،

.ن، وسلوك الشخصيات وأفعاهلا، ومظاهرها اجلسميةومتيط اللثام عن مجالية األماك

ل املكان الروائي، ويغدو حيزا له يتشك وبواسطتها واللغة عنصر مهم يف اخلطاب السردي؛مساته وخصائصه، وأبعاده املميزة وتفاصيله احملددة، ويكتسب املكان أمهيته من أثره يف صريورة

؛ 2األحداث

.كل معطيات اخلطاب الروائي وتربز مجالياا املختلفةل فاللغة بنية مهمة ا تتشك

:ـ الحوار وعالقته بوصف المكان 5

، سواء ض رواياته بوصف األماكن املختلفةفه حممد مفالح، يف بعاهتم السارد الذي وظ كة، وكان وصف األماكن خيدم القصة والسرد ويسهم يف بناء كانت هذه األماكن ثابتة أو متحر

احلوار، لكنه مل يكن وصفا دقيقا، حيث كان السارد يرسم األماكن من اخلارج، وال يهتم لغة املباين الشاهقة، : بالتفاصيل وذلك لرتكيزه على احلدث والشخصيات واحلوار، ومن ذلك جند قوله

.الصالة الفسيحة، الشاحنة الضخمة، الرمادية

السارد قبل دخوله يف احلوار مع وصف األماكن كان يقتصر على واجلدير بالذكر أن وكان يهتم ببعض األماكن اليت ختدم موضوع السرد؛ ليخرب عن واقع . الشخصيات أو بعد ذلك

.113: سيزا قاسم، بناء الرواية، دراسة مقارنة لثالثية جنيب حمفوظ، دار التنوير للطباعة والنشر، بريوت، د ، ت ، ص 1عبد امللك مرتاض، : رسالة دكتوراه يف األدب العريب، إشراف غاربية،ينظر حلسن كرومي، مجاليات املكان يف الرواية امل 2

. 140: ص ،2005/2006جامعة وهران،


205

ومقابر وحمطات، ومقاهي ومطاعم وغري ذلك ماعية، وما حتويه من ساحات واسعةاحلياة االجتومل جند يف ما درسنا من روايات حممد مفالح وصف الشخصيات املتحاورة . من األماكن

.لألماكن؛ ألن وصفها خيص السرد والسارد ال احلوار

لع على رواية شعلة املايدة التارخيية، سيجدها مفعمة بوصف الشخصيات السردية املط لكن صاحبها كان يهتم بالتأريخ هذه الرواية ختتلف عن نظرياا؛ ألن ألن ؛ثناء احلوارلألماكن أ

.ألحداث اجلزائر، وللغزو املتوايل للمد االستعماري منذ قدمي الزمان على مدينة اجلزائر

: ـ وظائف الوصف في الخطاب الروائي 6

نشاط لغوي فين تنجزه ذات تتكلم << هاملعاصرة بأن ف الوصف يف الدراسات يعر وملا كان املتكلم يف النص السردي هو الراوي، فإن الواصف هو الراوي . وتكتب يف اآلن نفسه

املنتج التخييلي للوصف، وهو الذي يفتتحه يف املواطن اليت يرى حضوره فيها ضروريا، وخيتتمه ي الوصف بنية سردية مهمة تؤد ن إوميكننا القول . 1>>إليهعندما يقدر أنه أدى الوظائف املوكولة

إىل تكامل النص املسرود، وبدونه تكون الرواية مشوهة ومنقوصة، وال ميكن بأي حال أن يكتب ف عن الواصف السردي وهل هو الروائي قصته دون أن يضفي عليها عنصر الوصف، بغض الطر

.السارد أو شخصية أخرى يف القصة

مثيلية يها الوصف يف النص السردي الوظيفة التعليمية، والتالوظائف اليت يؤد وأهم تلكومن بني وظائف الوصف السردي . 2وغريها وسردية ووظيفة إيديولوجية ،التصويرية ووظيفة تعبريية

اإليهام حبضور الواقع املوضوعي << هي وظيفة سابقا األخرى اليت أشار إليها عثمان بدري

. 468: جمموعة من املؤلفني، معجم السرديات، صو حممد القاضيينظر 1 472: جمموعة من املؤلفني، معجم السرديات، صحممد القاضي و ينظر 2


206

،ه يقرأ رواية حقيقيةل إليه بأن ي ؛ فاملتلقي يف زمن القراءة خي 1>>بنية اخلطاب الروائياخلارجي داخل . وأن شخصياا من ورق ،لةا ال تغدو أن تكون قصة متخي أبطاهلا من حلم ودم، بيد أ وأن

حممد مفالح هي أماكن حقيقية ال وظفهااليت و لكن األوصاف اليت ختص األماكن و نا صادفنا أماكن مثل املقهى عنه؛ ألن خيالية، وعليه تقرتب رواياته من الواقع احلقيقي الذي عرب

.والشاحنة والسيارة وقد حتدثنا عن بنية هذه األماكن سابقا أودان وفندق البلدية كتبةمو

اليت تربز معامل و ها الوظيفة التعليمية، من ؛وظائف خمتلفة "شعلة املايدة"ى الوصف يف وقد أد اجلزائر التارخيية، وتصور وحشية الغزاة، وخترب األجيال عن بسالة األبطال وتربز اجلمال الفتان

كما تسعى لتعليم تاريخ مدينة اجلزائر، ومن أمثلة ذلك ما جاء يف هذا احلوار بني الشيخ ،لبالدنا :يت والصادق الراشدي وحممد الشلفيالتوا

ما امسك يا بين ؟ـ <<

:فرد الصادق الراشدي قائال بسرعة

.الصادق ولد حممود الراشدي -

:مث قال له .. ونظر الشيخ التوايت

.القلعة مدينة عريقة يا بين .. أنت من أهل القلعة الكرام -

:استغل حممد الشلفي الفرصة فتدخل قائال

..فعال إا مدينة عريقة -

: ، ص2000عثمان بدري، وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي الواقعي عند جنيب حمفوظ، موفم للنشر والتوزيع، اجلزائر، 191.


207

لقلعة هلجوم وقد تعرضت ا.. حممد بن إسحاق، وقد اشتهرت بقلعة هوارة إن القلعة ابتناها .1>>، والغزاة األسبانأيب محو موسى الثالث

، وقد أسهم هذا ه ضم ثالث شخصيات تتحدث بالتناوبوما يلحظ يف هذا احلوار أن هذا احلوار يف ، وذكر جزءا من تارخيها القدمي؛ وتتمثل وظيفة )القلعة(احلوار يف التعريف باملكان

تعرف ببعض األماكن تيح اال للشخصيات كي تتكلم، و الثغرات اليت أغفلها السرد لي سد الباي، (وظفة يف الرواية تارخيية ومنها التارخيية، وكان ذلك لسببني؛ أوهلما أن الشخصيات امل

ن كما أدرى باأل ياتشخص ؛ فهي)الباي حممد الكبري، الباشا حممد عثمان ،إبراهيم امللياين، اآلغا .تاريخ البلدانبوأعرف

تلك الشخصيات كانت قد درست العلم، وتاريخ البلدان وأصول العقيدة يف والثاين أن الشيخ التوايت ( الزوايا اليت كانت قدميا مركزا لإلشعاع العلمي والديين، ومن هذه الشخصيات

انت مل تشارك يف احلدث وإن ك) عودة وسيدي خلضر بن خلوف وغريهم وسيدي احممد بن .رغم أن بعضها شخصيات مغيبة ف يسعى من خالهلا لتعليم التاريخ؛ فاملؤلإال باالسم الروائي

. وهذان السببان جعال السارد يتنحى جانبا ليرتك السرد والوصف لتلك الشخصيات القدمية ث التارخييةوثالث لسرد لتلك األحدا ثان وغالبا ما كانت بعض الشخصيات تتحول إىل راو

.املختلفة

حيث ) انكسار(وتظهر الوظيفة التمثيلية التصويرية من خالل السرد واحلوار معا يف رواية زار أول أمس العرافة منونة يف بيتها املتواضع املختبئ يف اجلهة اليسرى << كان عباس الربي قد

. الغامقة السمرة ،من حي الربتقال، وكانت املرة الثانية اليت يقصد فيها العرافة املكتنزة اجلسموقلبت ،>>أريد أن أعرف ماذا سأجين من وراء هذا السفر؟ <<وبسط هلا كفه اليمىن وسأهلا بقلق

ومطت شفتيها الغليظتني، ووضعت يده اليمىن بني ،ة منونة عينيها اجلاحظتني املكحلتنيفيه العراف

38، 37: حممد مفالح ، رواية شعلة املايدة ، مصدر سابق ، ص 1


208

، ومتتم "سيأتيك خرب سار"مرت ثوان طويلة قبل أن تقول له بلهجتها الصارمة يديها اخلشنتني،وقالت له العرافة وغمغم مىت أتلقى هذا اخلرب؟ ".وسيسعدك كثريا "تبسمت قائلة" خرب سار؟"بفرح

.1>> "عليك بالصرب اجلميل"ي حتدق يف وجهه احلائر وه

العرافة ويبدو من هذا املقطع احلواري السردي وظيفة متثيلية حيث صور لنا فيها السارد) عينيها اجلاحظتني املكحلتني(فأحسسنا وكأننا نشاهدها عيانا؛ ألنه وصفها بأوصاف مادية منها

، فكل هذه الصفات تدل على )يديه اخلشنتني( وقوله )اجلسم املكتنز(و) شفتيها الغليظتني(وأحسن إذاصورة العرافة؛ فالوصف اجليد يصبح عينيا وشخصيا باستخدام التفصيالت الوفرية؛

.2 الكاتب اختيار املهم من التفصيالت وأجاد التعبري عنها

نا يف حلظة القراءة أن ب صورا الومهية إىل خيالنا، وقد أجاد التمثيل والتصوير، فأومهنا وقد قر نقرأ قصة حقيقية، وكان الروائي يهدف لتصوير جانب من جوانب الواقع وتشريح ظواهره،

.واإلخبار عن معتقدات الناس الباطلة

الوظيفة ": ويشري محيد حلميداين إىل بعض وظائف الوصف السردية األخرى ومنهاوهو يشكل اسرتاحة يف وسط األحداث ،والوصف يقوم يف هذه احلالة بعمل تزييين ؛"اجلمالية

الوظيفة والوظيفة األخرى هي . السردية، ويكون وصفا خالصا ال ضرورة له بالنسبة لداللة احلكيأو تفسريية؛ أي تكون للوصف وظيفة رمزية دالة على معىن معني يف إطار سياق "توضيحيةال

الوظيفة يف احلالة األوىل تربز مجالية السرد وتؤدي إىل اسرتاحة القارئ، فيتيه يف أي أن ؛ 3 احلكيوالوظيفة الثانية تم . ه الوصف ويشوقه أكثر إلاء قراءة القصةويشد ،ل الظواهر املوصوفةتأم

الح بشرح بعض الرموز يف القصة وتفسر مدلوالا املعرفية واالجتماعية وغريها كما فعل حممد مف

74: ينظر حممد مفالح، رواية انكسار، ص 1 81: واقعي عند جنيب حمفوظ ، مرجع سابق ، صالروائي ال عثمان بدري، وظيفة اللغة يف اخلطاب2 79: ينظر محيد حلميداين، بنية النص السردي، ص 3


209

من خالل ) انكسار(يف احلوار السابق عندما فسر ظاهرة االعتقاد بالعرافني والكهنة يف رواية .الوصف املادي للعرافة

:الحوار والزمان - 7

لقد اعرتى مفهوم الزمن تباين واضح بني مجيع العلماء واملنظرين والفالسفة واللغويني، ويعرفه . 1>> متضي حلدث سابق إىل حدث الحقكل مرحلة << هبأن Platonأفالطون

وخيتلف الزمن؛ فمنه الطبيعي والذايت والنفسي، وقد شابه الغموض والضبابية، ويقصد ويعين الزمن عند .أما الزمن الالحق فهو زمن احلاضر و املستقبل ؛بالزمن السابق الزمن املاضي

.2>> متجدد معلوم ، يقدر به متجدد آخر موهوم <<األشاعرة كل زمن

، ات أخرى يكون جزءا من الدهرة، ومر الزمن يكون مرادفا للدهر مر ابن منظور أن ذكروي .3وقد يدل على مدة قصرية كزمن احلر وزمن الربد وغري ذلك

اسم الزمان يقع على كل مجع من األوقات، وكذلك املدة، ويذكر أبو هالل العسكري أن بني املدة والزمان من حيث العسكريوهنا مييز . 4الزمان، أطول من أقصر أقصر املدة إال أن .الطول

أكثر مما ختتلف يف فق ا تدرك املفهوم العام للزمن، وتت ونستنتج من هذه اآلراء والتعريفات أه شيء ون عن الزمان أن ويكمن االختالف بينها يف توجهات الفالسفة الذين يعرب تقسيم مراحله،

.ه كائن معلومفيجزمون أن اللغويون أما ،موهوم

.261: ، صامللك مرتاض، يف نظرية الرواية ينظر عبد 1 .637: ، ص1978اب املصري، بريوت، القاهرة، ، دار الكتاب اللبناين ودار الكت1مجيل صليبا، املعجم الفلسفي ج2 .، بريوتت.مادة زمن ، دار لسان العرب، د ، لسان العرب،الفضل حممد بن مكرم مجال الدينو ابن منظور أب 3

.263، ص 1973أبو هالل العسكري احلسن بن عبد اهللا بن سهل، الفروق يف اللغة ، دار اآلفاق اجلديدة، بريوت 4


210

أصبح من البديهي اعتبار النص الروائي نصا منتسبا إىل الزمان << ويف النقد الروائي املعاصر أكثر منه إىل املكان نظرا لتتابع األحداث يف السرد بشكل يستدعي حرصنا على ربطها عن طريق

عالقة يتبع مبوجبها احلدث الثاين احلدث تلفة يف صورة خا وفق وعينا هلا يف أزمنتها املإعادة تركيبه .1>>األول

:ـ البنية الزمنية للحوار الخارجي 8

ه ال أي أن << ال يكاد خيتلف اثنان يف كون الزمن يسري عموما يف جمرى خطي مستقيم ميكن أن يعود إىل نقطة قد غادرها، فقد أصبحت ماضية، كذلك املستقبل فهو مل يتشكل

.2>>بعد

فهو قائم بني املاضي واملستقبل، والنصوص السردية، متتلك القدرة على تكسري أما احلاضر املنطق اخلطي للزمن الروائي مثال؛ فيستطيع السارد أن يعود إىل املاضي السرتجاع حادثة ما وقد

وهذا ما يصطلح عليه النقاد والدارسون .يقفز إىل املستقبل، ليخرب عن شيء مل حين أوانه بعد .اللواحق، وسنفصل يف هذا املبحث الحقابالسوابق و

وقد امتدت أطرافه بني أركان الزمن ،لف النص اجلزائريأ نا ن ن أ <<د حممد بشري بوجيرة و يؤك الثالثة؛ املاضي واحلاضر واملستقبل، مع التأكيد على أن ذلك االمتداد كان خيضع يف الغالب

ومعايشة للزمن ،نت حاملة الزمن املاضياألعم للمعيار النفسي الداخلي للشخصية اليت كا .3>>الشعيب املضاد للزمن السياسي يف آن واحد

.197: عز الدين باي، بنية اخلطاب السردي، مرجع سابق، ص 1 .119: قيس عمر حممد، البنية احلوارية يف النص املسرحي، ص 2حممد بشري بوجيرة، زمنية النص وفضاء التجربة، جتليات احلداثة، معهد اللغة العربية واآلداب، جامعة وهران، العدد الثالث، 3

.107: ، ص1994يونيو


211

ويعد احلوار بنية لغوية فنية يف النص الروائي، وله عالقة قوية بالزمن الذي قد يتغري أثناء احلوار، فعندما حيدثنا الروائي عن قصة متخيلة باستخدام الزمن املاضي، مث يعرض لنا حوارا يدور

ل الزمن املاضي إىل حاضر، مما يزيد يف إيهام القارئ أنه يعيش بني شخصني أو أكثر، يتحو حاضر القصة؛ ألن السرد غالبا ما يعرب عنه بالزمن املاضي لكون القصة ماضية، أما احلوار فيقوم

.بني شخصيتني تتحاوران يف شكل حوار مباشر

القصة وزمن السرد؛ فزمن القصة خيضع بالضرورة زمن : وما زمنان مهاومييز القصة والرواية عمالراوي يتصرف فيه ؛ ألن 1للتتابع املنطقي لألحداث، بينما ال يتقيد زمن السرد ذا التتابع املنطقي

فتحدث مفارقة زمن السرد مع زمن القصة؛ألن زمن السرد ال يرتب ترتيبا خطيا منطقيا كما يشاء، اية القصة أو من وسطها أثناء السرد ليولد بذلك مفارقات من طرف الراوي الذي قد يبدأ من

إمكانية استباق األحداث يف السرد حبيث يتعرض القارئ إىل وقائع <<؛ زمنيته كثرية نذكر منهاألحداث اسرتجاعا قبل أوان حدوثها الطبيعي يف زمن القصة وهكذا فإن املفارقة إما أن تكون

استباقا ألحداث الحقة أو تكون ،)RETROSPECTION(ماضية )ANTICIPATION( <<2.

:أـ المشهد االسترجاعي

أصبح االسرتجاع من أكثر التقنيات الزمنية السردية حضورا وجتليا يف النص الروائي، فهو ذاكرة النص، ومن خالله يتصرف الراوي يف تسلسل الزمن السردي، فيقطع الزمن احلاضر،

.3ويوظفه يف احلاضر السرديويستدعي املاضي جبميع مراحله،

1 Girard Genette – Figures 3 ; seuil 1972, p : 77. : ، ص2000، الدر البيضاء، املغرب، 3محيد حلميداين، بنية النص السردي، املركز الثقايف العريب للطباعة والنشر، ط 2

74 : ، ص2004، بريوت ، لبنان، 1مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، املؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 3

192 .


212

ه عملية سردية تتمثل يف إيراد حدث سابق للنقطة الزمنية اليت بلغها أن ويرى مسري املرزوقيالزمن أثناء القص، ورمبا ؛ وهو تقنية سردية يعمد إليها السارد يف الرواية، وهدفه هو كسر1السرد

أول من أشار إىل قضية السوابق واللواحق حيث شرح Girard Genetteيكون جريار جينيت العودة إىل املاضي << مصطلح املفارقة الزمنية يف السرد الروائي، ويقصد باملشهد االسرتجاعي

وتكون هذه العودة إىل أشياء أو أحداث قد وقعت وتالشى زمنها إال أا تبقى مؤثرة يف الذايت ية السردية ال تنسى بعض احلوادث والذكريات اليت الشخص وذلك أن . 2>> والنفسي للشخصية

عرفتها يف طفولتها أو يف فرتة من شباا، فتستدعيها من خالل السارد الذي يشري إليها أثناء .عملية السرد

كل عودة للماضي، تشكل بالنسبة للسرد استذكارا يقوم به << أن أما حسن حبراوي فريى .3>> إىل أحداث سابقة عن النقطة اليت وصلتها القصةملاضيه اخلاص، وحييلنا من خالله

حملمد مفالح، عودة السارد "انكسار"ومن مفارقات الزمن السردي اليت وجدناها يف رواية << :إىل زمان مضى، واسرتجاع حادثة قدمية، مرت عليها السنون، ومن ذلك قول السارد

تلك الفتاة اليت رمى ا ..ة جويدة اشتعلت نريان احلب يف قلب عباس الذي اشتاق إىل رؤيالقدر يف طريقه، مل يشعر مبثل هذه املشاعر امللتهبة إال يوم أحب فيه هند البنديري، وهو طالب

.4>>بثانوية حي تلمينة، لقد عرف وقتذاك لوعة احلب العنيف

لقد متكن السارد من قطع زمن السرد، والعودة بنا إىل ماضي عباس الربي إىل زمن دراسته وقد أضاءت هذه العودة الزمنية احلدث، وأضفت مجالية . بالثانوية، وأخربنا عن حبه لتلك الفتاة

وقد بقي هذا احلدث املاضي مؤثرا يف نفسية الشخصية من خالل . خاصة على بنية لغة السرد

. 76: ل إىل نظرية القصة ، صمسري املرزوقي ومجيل شاكر، مدخ 1 124: ينظر قيس عمر حممد ، البنية احلوارية يف النص املسرحي، ص 2 .192: ينظر مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، ص 3 82:، رواية انكسار ، ص حممد مفالح 4


213

، وقد صاغها السارد وعرضها بزمن مضى، ويبدو هذا )عرف وقتذاك لوعة احلب العنيف( :قولهوهذا ما يعرف باالسرتجاع الفعل السردي بأنه حدث ماض على النقطة الزمنية اليت بلغها السرد

؛ لكنه اسرتجاع خارجي، بعيد املدى يعود بنا السارد إىل مرحلة Rétrospection 1 الزمينباعتبار الطفولة مرحلة تعد من أهم املراحل الزمنية يف تكوين ... السردية طفولة الشخصية

.2 الشخصية

وجند تقنية االسرتجاع نفسها يف موضع آخر من رواية هوامش الرحلة األخرية، من خالل احلوار الذي دار بني معمر اجلبلي وساجية، و جند السارد يكسر الزمن، حيث يعود إىل املاضي يف

:قوله

.ريب حتسنني القراءة والكتابة بالعربية بال -

:قالت يل بسرور

...تعلمتها يف اجلامع على يد إمام مهاجر مغريب األصل -

مل أهتم جبواا، عدت إىل ذكريايت، يف صغري أدخلين والدي جامع القرية ، كان حريصا .3...على تعليمي، حفظت القرآن الكرمي على يد سي احممد الفاطم

قفز من الزمن احلاضر، إىل الزمن املاضي، حني كان ) معمر اجلبلي( السارد وال شك أن السارد يصادفه موقف يشبه موقفه، فيعود بل أن ؛وال تأيت السوابق عبثا. طفال يدرس يف اجلامع

ق هذه التقنية أثناء احلوار، لتشكل قضية السوابق حيق إىل املاضي، وقد استطاع حممد مفالح أن عالن عن بعض هلا عدة وظائف من أمهها اإل كما أن . مهمة من بنيات لغة احلوار السرديبنية

.74: ينظر محيد حلميداين، بنية النص السردي، جمع سابق، ص 1 .197: مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، ص 2 15، 14: حممد مفالح ، رواية هوامش الرحلة األخرية ، مصدر سابق ، ص 3


214

األحداث السردية اليت أغفلها السارد، واستخدام املونولوج واملناجاة النفسية يف اسرتجاع األحداث .1ه يقرأ قصة حقيقيةه يوهم املتلقي أن ضافة إىل ذلك كل املاضية وهو باإل

:باقي ب ـالمشهد االست

مفارقة زمنية سردية تتجه إىل األمام بعكس االسرتجاع؛ وهو تصوير مستقبلي حلدث سردي السارد يقفز أي أن ؛ 2ويقوم الراوي باستباق احلدث الرئيسي يف السرد. سيأيت مفصال فيما بعد

إليها من الزمن احلاضر إىل املستقبل ويعمد إىل استشراف بعض احلوادث اليت مل حين وقتها، فيشري الالحق، و يصطلح على هذه التقنية بالسوابق فقط دون التفاصيل، ويتعرض إليها يف وقتها

ANTICIPATION.

عملية سردية تتمثل يف إيراد حدث آت أو اإلشارة إليه مسبقا، << واملشهد االستباقي هواستشراف وهناك من يطلق عليها .3>>وتسمى هذه العملية يف النقد التقليدي بسبق األحداث

زمن املستقبل؛ أي اإلشارة باقتضاب إىل بعض األحداث اليت مل حين أوان سردها، وهذا ال يتم إال .من خالل االنتقال من زمن السرد املاضي أو احلاضر املستمر إىل املستقبل

قد فارقت نقطة زمن السرد وجتاوزته إىل << وذا املفهوم تكون الشخصية الساردة .4>> ويأيت من خالل اإلشارة إىل الشيء قبل وقوعه مقارنة بزمن السرداالستشراف،

من التنقل من زمن آلخر دون أن متكن السارد مهمة و استشراف املستقبل تقنية سرديةعلى أشياء معينة، ئا تطلع القار وهلا وظائف كثرية منها أ . يؤثر على زمن احلكي أو يشوه بنيته

كما أا تضيء بعض اجلوانب املظلمة من السرد احلكائي، و متكن السارد من اللعب بالزمن

.203: مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية،ص 1 .211: مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية،ص 2 . 76: ، ص1986، بغداد ، 1رية القصة ، دار الشؤون الثقافية ، طمسري املرزوقي، مدخل إىل نظ 3 132: ينظر قيس عمر حممد، البنية احلوارية يف النص املسرحي، ص 4


215

السردي وهي مفارقة سردية ميكن أن تعود إىل املاضي أو إىل املستقبل، وتكون قريبة أو بعيدة عن .1حلظة احلاضر

اليت متكن السارد من عرض أحداثه ،قنية السرديةوال يكاد خطاب روائي خيلو من هذه التوجند حممد مفالح يبين لغة حواره معتمدا على هذه التقنية السردية يف . وتكسري الزمن السردي

اخلطاب الروائي و احلوار معا؛ وهذا املقطع احلواري الذي دار بني عباس الربي ووالدته رقية يظهر :ذلك

تشرب قهوة ؟ـ<<

:أسه دون أن ينبس وأضاف قائال بقنوط فهز هلا ر

.أصبح املركز متعبا

:لقت رقية يف وجه ابنها وقالت بقوة مح :مث قالت له بأسى.. كف عن الشكوى - ..لقد تعلقت مبركز الزنبقة .. نسيتنا يا عباس -البنك أصبح يطالبين بالديون، و إذا مل أدفعها يف آجاهلا احملددة سيحتجز ... -

.املركز .2>> يبيعون املركز املفلس دعهم -

السارد استبق احلديث عن حدث مل حين أوانه، وهو أنه أثناء ونفهم من هذا احلوار، أن احلوار أشار إليه مسبقا على لسان الشخصية؛ واملتمثل يف احتجاز املركز التجاري وبيعه إذا مل

. يدفع الديون يف الوقت احملدد

1 Girard Genette – Figures 3 , p : 89 . .26، 25: ، رواية انكسار،ص حممد مفالح 2


216

عدم إسهاب السارد يف شرحها، ألن أواا مل حيدث بعد، ويلحظ على هذه السابقة الزمنية إىل املستقبل ) احلاضر(وتقنية القفز من زمن السرد. فقد أشار إليها من خالل هذا احلوار باقتضاب

إشارة إىل مجالية القصة؛ ألن هذا احلدث مل يقع بعد، ومل حين أوان سرده؛ فعباس الربي مازال يف ) سيحتجز، ودعهم يبيعون املركز املفلس( سارد على لسان الشخصية مركزه التجاري؛ لكن قول ال

.كلها مؤشرات تدل على وقوع هذا احلدث لكن يف املستقبل

االستباق الذي يعلن عن حدث سيقع يف املستقبل يتناىف وتذكر مها حسن القصراوي أن وصا؛ حيث يعمد مع عنصر التشويق واملباغتة الذي تقوم عليه حبكة الرواية الكالسيكية خص

.1خفاء تلك األسرار وال يعلن عنها خللق التشويقالراوي إل

النتظار وقوع ئيشوق القار تقنية االستباق أصبحت يف الرواية احلديثة عنصرا ن إ والواقعيل حىت حيني الراوي يف السرد أو الشخصية يف احلوار ال تذكر التفاص ألن ؛تلك األحداث بشغف

.ويشارك بالتايل يف بنائها إلمتام القصة ملعرفة التفاصيل ئوقتها، فيعمد القار

والستباق الزمن واستشراف املستقبل وظائف كثرية على مستوى السرد واحلوار ذكرا :مها حسن القصراوي على النحو اآليت

يف النص مبثابة متهيد وتوطئة ملا سيأيت من أحداث رئيسية تعمل االستباقات األولية - .حالة توقع وانتظار وتنبؤ باملستقبل ئوهامة، وبالتايل ختلق لدى القار

.ئقد تكون االستباقات إعالن عن حدث جديد، يكشفه الراوي للقار -

من املشاركة يف النص، فيتابع تطور احلدث والشخصية من خالل ئميكن االستباق القار - .تلك االستشرافات

.1األحداث الغامضة تلقي هذه التقنية الضوء على بعض -

.211: مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، ص 1


217

ويرى محيد حلميداين من وجهة نظره حول قضية االستغراق الزمين الذي يعين التفاوت la(االستغراق الزمين مدة والسرد، أن دراسة القصة زمين بني قياسه النسيب الذي يصعب

DUREE(تقنيات ويرى من وجهة نظره أنه ميكن دراستها وفق . ، وقياسها أمر غري ممكن :، وهي 2احلكاية اليت أشار إليها جريار جينيت أول األمر

scène/ ، املشهد l’éllipse/ ، القطع pause/ ، االسرتاحة sommaire/اخلالصة

:ورأينا أن ندرس زمان النص الروائي عند حممد مفالح وفق هذه التقنيات

وهذه التقنية تستخدم بكثرة يف السرد الروائي، ألنه : sommaire/الخالصة-1يستحيل على السارد أن حييط بكل تفاصيل القصة،اليت تشغل زمانا طويال، قد يقارب املائة سنة

وهي سرد موجز يكون أصغر بكثري من زمن احلكاية، وتتضمن البىن السردية أو يزيد عنها،؛ 3يل، فتأيت يف شكل مقاطع أو إشاراتتلخيصات ألحداث ووقائع جرت دون ذكر التفاص

.ودف اخلالصة إىل تسريع السرد الروائي، وجتاوز بعض األحداث الثانوية

وتعتمد اخلالصة يف احلكي على سرد أحداث ووقائع يفرتض أا جرت يف سنوات أو أشهر ض واختزاهلا يف صفحات أو أسطر أو كلمات قليلة، دون التعر يف بضع فقرات أو صفحات

، ومن أمثلة االختصار أو اخلالصة اليت وجدناها يف رواية انكسار ما ظهر يف هذا 4 للتفاصيل :احلوار

...ابتسم ميلود طيمي<<

. 213، 212: مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، ص 1 . 76: محيد حلميداين ، بنية النص السردي ، ص 2 .224: مها حسن القصراوي، الزمن يف الرواية العربية، ص 3وعبد اجلليل األزدي وعمر حلى، الس األعلى للثقافة، اهليئة العامة حممد معتصم:جريار جينيت، خطاب احلكاية، تر 4

.109: ، ص1997، الرباط 2للمطابع األمريية ط


218

... مث أضاف قائال

... لقد انتهت املأساة الدامية -

.1>>... رنت عبارة املأساة الدامية يف دماغه بقوة ... محلق عباس يف وجه ميلود

دامت املأساة الوطنية عشر سنوات، لكن السارد قلص وخلص الزمن وحذف تلك وقد خلفته يف األحداث الكثرية ومل يهتم بالتفاصيل، وأمهية ذلك هو اختصار العشرية السوداء وما

.مجلة واحدة، ومل حيتفظ إال ببعض األحداث القليلة منها

م أو شهور، حيث اختزهلا يف وقد خلص السارد، أحداثا يفرتض أا وقعت يف عدة أيافالراوي قد خيتصر رواية مدة << سطر، واختصر زمن السرد، ومل يتعرض لشرح تفاصيل احلدث

.2>> زمنية طويلة من احلكاية يف أسطر قليلة

اختصار السرد يقود إىل احلوار، وأحيانا تتواجد ألن ؛وللخالصة عالقة مع احلوار الروائي لكن حممد مفالح كان يعمد إىل السرد فيضمنه تلك التقنية الروائية اخلالصة يف صلب احلوار،

:الوقفةأو pause/االستراحة 2

وتعين االسرتاحة يف عرف النقاد والدارسني يف السرد توقفات معينة حيدثها الراوي بسبب أو جلوئه للوصف، فيتعطل السرد القصصي يف بعض املواضع وتعلق احلكاية ويفسح اال للوصف

.3التأمل والتعليق وتؤدي يف األخري إىل إبطاء السرد

.59: مفالح، رواية انكسار، ص ينظر حممد 1 .254: ص معجم السرديات،جمموعة من املؤلفني، و ينظر حممد القاضي 2 .478: صمعجم السرديات،جمموعة من املؤلفني، و ، حممد القاضيمعجم السرديات 3


219

يتوقف زمن السرد الروائي، لينشغل السارد بالوصف، أو يفوض أحد ومن خالل االسرتاحةوهذا التوقف . الشخصيات بذلك، ويتم وصف بعض األماكن أو األشخاص أو األجواء العامة

.سرد حكايته ويار ، مث يستأنف النيالزمين غالبا ما يؤدي إىل تعطيل السرد يف زمن مع

الذي يرى أن G.GENETTE / لكن هذا الرأي ال يصمد أمام رأي جريار جينيتالوصف حبد ذاته يعد بنية مهمة من بنيات القصة، وقدم أمثلة كثرية الوصف ال يعطل السرد؛ ألن

ملرسيل بروست، فرأى أن ) حبثا عن الزمن الضائع ( من خالل دراسته لبعض الروايات ومنها رواية .1>> الوصف ال حيدث أبدا اسرتاحة أو انقطاعا يف القصة <<

من القصة فال بأس، أما إذا كان و إذا كان الوصف وسيلة إلظهار بعض اجلوانب الغامضة وائي ويؤدي غاية يف حد ذاته، وطغى على زمن السرد فيصبح يف هذه احلالة عيبا يشوه اخلطاب الر

.حتما إىل تعطيل السرد

ومن أمثلة الوصف ما وجدناه يف رواية عائلة من فخار حملمد مفالح، من خالل احلوار هلا كأسا من الليمونادة الباردة، وهو يبتسم هلا، قدم<< الذي دار بني خروفة وجياليل العيار

شعرت خروفة باهلواء املنعش يصفع خديها املوردين، ويداعب خصالت شعرها األسود الالمع، :وقال هلا بصوت فيه خبث .. كان يف املكتب مكيف هوائي كبري ال يسمع له أي صوت

..أهال بك يا حبيبة العمر - .أخفيت عين بعض أسرارك ... ولكنك لك ذأنا أحبك، أنت تعلمني - عن أي أسرار تتحدث ؟ - ذ جامعي ؟أمل تكن لك عالقة بأستا - ذا تريد مين ؟ما... -

1 Girard Genette, Figures 3, seuil, 1976, p : 133.


220

.1>>احلقيقة، كل احلقيقة :فأجاب ضاحكا

السارد مهد للحوار بوصف خروفة وصفا ماديا، مث ويظهر من هذا املقطع الروائي أن شرعت الشخصيات يف احلوار اجلاد، وقد أدى هذا احلوار وظيفة تعبريية مكنت املتحاورين من

.فعرب جياليل العيار عن شعوره وحبه خلطيبته خروفة الكالم بكل حرية؛

ذلك الوصف وائي؛ ألن بل كان خيدم احلوار، وخيدم السرد الر ؛ ومل يكن هذا الوصف عبثياأطلعنا على صفات الشخصية، وعلى صفات املكتب، حيث أدى وظيفة إخبارية، تفيد القارئ

.وثراء الرجل ها احلوار، وكشف مدى مجال خروفةعلى األجواء العامة اليت مت في

هذا الوصف إىل انقطاع يف زمن القصة؛ ألن ومل يؤد الن البطلني اللذين الشخصيتني متث .نة يف اتمعكال منهما ينتمي إىل طبقة معي تدور القصة حوهلما، رغم أن

كل وصف ال جيدر بنا التنبيه إىل أن كل وقفة ليست بالضرورة وقفة وصفية، كما أن والوصف بنية مهمة ضمن اخلطاب ويفهم من هذا القول أن .2يرتتب عليه حتما توقف احلكاية

.بقدر ما يسهم يف تشكيل لغة اخلطاب الروائيالسردية الروائي، وال يؤدي إىل انقطاع زمن القصة .وهو باإلضافة إىل ذلك يعرف القارئ ببعض األماكن والشخصيات على حقيقتها

: l’éllipse/ ـ القطع 3

لطويلة اليت ال يريد احلديث ملراحل اوهو تقنية سردية يعمد إليها السارد ليتجاوز بعض ا: أو يقول. اليت فارقها خالل احلربوبعد سنني طويلة التقى البطل بزوجته : ، كأن يقول مثال عنها

.3ومرت سنتان أو مخسة على عودة البطل

.82: حممد مفالح، رواية عائلة من فخار، ص 1 . 478: ص معجم السرديات، ،جمموعة من املؤلفنيحممد القاضي و ينظر 2 .77: ينظر محيد حلميداين، بنية النص السردي، ص 3


221

وجند حممد مفالح قد عمد إىل القطع يف ثنايا السرد يف أغلب رواياته، ألن السارد كان عض األحداث، فيكتفي باإلشارة إليها ضمنيا، ومن أمثلة ذلك ما جنده يف يتغاضى عن سرد ب

.1>>ومرت سنتان على زواجهما الذي أصبح ممال << "انكسار"رواية

هذا احلدث جزئي، ال خيدم السرد كثريا، وقد يرد قطع؛ ألن الراوي جلأ إىل امل ونلحظ أن رد يف احلوار أكثر، لكنه ي . القطع أحيانا يف صلب احلوار، ويشكـل بنية من بنياته، ومجالية خاصة

الذي دار بني راشد والشيخ من خالل الكالم " شعلة املايدة"ومن أمثلته ما وجدناه يف رواية :الطاهر

.اهلامشي وهو يف قربهسيفرح بك جدك سيدي -<<

.كان جدي رجال عظيما -

:ابتسم الشيخ الطاهر، مث راح يتحدث كعادته عن والده

.2>>...بعدما حررت وهران، عاش جدك فيها بعض األيام -

، يركز فيها السارد ا رواية تارخييةأل ؛"شعلة املايدة"ف السارد تقنية القطع بكثرة يف وقد وظ ع منها أحداثا كثرية، ففي أما باقي األحداث فيشري إليها باقتضاب، ويقط .على األحداث املهمة

؛ وال غري ذلك ،، مل يتعرض لذكر تفاصيل التحرير، وال أهم احلروب)بعدما حررت وهران(قوله .ه ذكر ذلك من خالل السرد؛ وألن طبيعة احلوار ال تسمح بذلك ألن

.84: ، ص حممد مفالح، رواية انكسار رينظ 1 52: ، مصدر سابق، صحممد مفالح، رواية شعلة املايدةينظر 2


222

:ـ المشهد الحواري 4

ل املقطع احلواري الذي ه ميث ألن ؛ثنا عنهاأهم العناصر اليت حتد احلوار و ل املشهد ذروة ميث لكن الروايات الكالسيكية . يشكل بنية لغة الكثري من الروايات الكالسيكية واجلديدة على السواء

.أغلب مواضيعها واقعية ألن ؛حتفل به أكثر

ه جريار جينيتوقد نبGirard Genette ينبغي دائما أن ال <<إىل هذا حيث قال... ، قد يكون بطيئا أو سريعامعيننياحلوار الواقعي الذي ميكن أن يدور بني أشخاص نغفل أن ، مما جيعل االحتفاظ بالفرق بني زمن حوار السرد ي مراعاة حلظات الصمت أو التكراركما ينبغ

ض أا جرت يتحول أي أن زمن حوار القصة كما يفرت .1>>وزمن حوار القصة قائما على الدوام .إىل زمن السرد؛ ألن السارد يتصرف فيه بالزيادة والنقثصان حسب طبيعة القصة ومنطها وأحداثها

يف ف فيه، وهو حر الروائي كان يتصر خيتلف زمن حوار السرد عن زمن حوار القصة؛ ألن و . اختصاره، أو قطع أحد أجزائه، أو حذفه أو الزيادة فيه حسب ما يقتضي احلدث القصصي

فاملشهد يف السرد، هو أقرب املقاطع الروائية إىل التطابق مع << كله وباإلضافة إىل ذلك .2>>احلوار يف القصة، حبيث يصعب علينا أن نصفه بأنه بطيء أو سريع أو متوقف

طبيعة احلدث وأمهية الشخصية مها اللتان جتعالن املشهد احلواري يف السرد وهذا معناه أن ومنهم حممد مفالح إىل ؛ويعمد أغلب الروائيني الواقعيني .بطيئا أو سريعا، أو متوقفا أو حمذوفا

راء احلوار هو أكثر املقاطع الروائية متثيال أل اإلكثار من املشاهد احلوارية يف روايام؛ ألن .لقضايا املهمة اليت يغفلها السرديات، وعرض بعض االشخص

1 Girard Genette , Figures 3 , seil , 1976 , p : 122 , 123 . 78: محيد حلميداين ، بنية النص السردي ، مرجع سابق ، ص 2


223

يكون مقتضبا وقصريا << تقدمي احلوار جيب أن أن من جهة ثانية عبد امللك مرتاض ويرى بل يتمم لكن احلوار ال ميكن أن يشوه الرواية، 1>>وقليال يف هذا املستوى من البناء الروائي

يتمم السرد، و يضفي << إذ ؛مستوى السرد الروائي، فهو تقنية هلا عدة وظائف على أحداثهاويسهم يف بنية لغته، وميكن الشخصية املتحاورة من التعبري ،مجالية خاصة على اخلطاب السردي

.2>>عن إحساسها ومشاعرها ورغباا دون اللجوء إىل تدخل السارد

باإلضافة إىل ذلك الكالم املباشر بني الذي يصدر عن الشخصيات والذي يكشف عن وهو . بعض مواقفها ونواياها وهو جزء من احلدث السردي

:أنواع الحوار -9

احلوار << ن إث عن الكالم اليومي فقال جريار جينات نوعني من احلوار عندما حتد ذكر وجند حممد .3>>معينني قد يكون بطيئا أو سريعاالواقعي الذي ميكن أن يدور بني أشخاص

.يف أغلب رواياتههما فمفالح قد وظ

ذي يعاجل موضوعا بسيطا بني شخصني، وغالبا ما ال وهو احلوار املباشر :الحوار السريع-أوامش الرحلة األخرية مثل هذا احلوار إيل اقتطفناه من رواية ه تضباويكون مق ،تكون مجله قصرية

:، والذي دار بني معمر اجلبلي وساجية مفالححملمد

.ـ ابتعدي عين <<

ماذا تقصد يا عمي اجلبلي ؟ :تساءلت يف حرية

.لست عمك:قلت هلا بسخط

.176: ، ص 2005للنشر والتوزيع، وهران ، عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، دار الغرب 1 47: ، ص2010علي آيت أوشان ، ديداكتيك التعبري والتواصل، دار أيب قراقر للطباعة والنشر، الرباط 2

3 Girard Genette, Figures 3 , seuil , 1976 , p : 122


224

هل زرت الصحراء ؟: سألتها

.أمتىن أن أزورها معك :قالت يل ساجية باصرار

.1>> ال هذا غري ممكن: قلت هلا بقوة

، ينبين من مجل أي كالم عادي، يشبه إىل حد ما الكالم اليوميبدو هذا احلوار مثل وي .، ويتشكل من أسئلة وأجوبة مألوفةموجزة وال يعتمد الربهنة وال يتضمن أسلوب احلجاج

ار سردي ه حو هو كل حوار ميتزج بالسرد، فال نستطيع أن نصفه بأن :الحوار البطيء-بذا النوع من احلوار بكثرة يف روايات حممد ا هـوقد صادفن. ، ويكون طويال وبطيئاأو سرد حواري .وغريها) شعلة املايدة وانكسار وعائلة من فخار: (مفالح، ومنها

ه يعتمد على التحليل والتفسري والشرح، وال ينتهي بانتهاء مقطعه؛ ومتتاز مجله بالطول، لكن له الوصف املادي وقد يتخل د احلوار مع نفس الشخصيات اليت بدأته، السرد يعقبه، مث يتجد ألن

ما؛ ويسمى هذا النوع من ثرة فيقدم املتحاورين، وميهد هلويتدخل فيه السارد بك .لبعض األشخاص غري احملدودة على الوقوف على األبعاد الداخلية ميتلك القدرة << ؛ لكونه "العليم الراوي "الرواة

؛ 2>> لألبطال السرية لألشخاص، فيكشف لنا عن العوامل واخلارجية وهذا الراوي قد يكون مشاركا يف األحداث؛ أي داخل احلكي، وقد يكون شخصية مستقلة

شعلة "ومن أمثلته ما ورد يف رواية . 3واإلخبارأي خارج احلكي، وال خترج وظيفته عن احلكي :الباي والداي يف القصر؛ بني شخصيتني مها "املايدة

ملاذا امتنعت بعض القبائل من دفع الضرائب ؟ -<<

:ورد الباي بصوت مرتبك

.29:، صمد مفالح، هوامش الرحلة األخريةينظر حم 1 .81: النص الروائي ، مرجع سابق، صإبراهيم خليل، بنية 2 .85: ، ص2010، اجلزائر، 1، منشورات االختالف، ط)تقنيات ومفاهيم( حممد بوعزة، حتليل النص السردي 3


225

.إن احلامية تقوم بعملها، ومل يعرتضها رجال القبائل يا موالي -

وحترك يف كرسيه خائفا من رد فعل الداي، لقد شعر بأن الداي على علم مبا جيري يف :البايليك عن طريق اآلغا اجللودي وأنصاره، واستدرك قائال

تلقيت شكاوى من القبائل اليت أصاب أراضيها جفاف يا موالي -

:تشاغل الداي حببات سبحته، مث سأل الباي قائال حبزم

كيف هو الوضع باجلنوب ؟ - .سوف أنتقل إىل اجلنوب لالطالع على أحوال الرعية -

:محلق الداي يف وجه الباي الذي ازداد اضطرابا وخاطبه بلهجة شديدة

...العرب املتحمسني للجهاد ؟ كيف تعاملت مع -لقد شرحت هلم الوضع السائد يف البالد، وقد تفهموا األمر، ولكن العلماء ومشايخ ـ

.1>>الزوايا يعتقدون أن اجلهاد فرض على كل املسلمني، وقد حان وقتهذلك وقد كان هذا احلوار طويال يف هذه الرواية، ألا تارخيية وطبيعة موقف احلكام تتطلب

وقد عمد الراوي إىل الشرح والتحليل، وأدخل السرد يف احلوار، وقدم املتحاورين، وقد استطاع وما ذكرناه من .ا ومضطربا يف حضرة الدايالسارد أن يغوص يف نفسية الباي فبني أنه كان خائف

."شعلة املايدة"ر طويل، صادفناه يف حوار، هو مقطع من حواعن بعض األحداث التارخيية سواء كانت حقيقية أو من الل احلواروعرب الروائي من خ الشخصيات التارخيية كالسرد أمهل تلك اجلوانب، وأسند وظيفة القص لتل ألن ؛ وحي اخليال

تلك ه يعيش تلك اللحظات التارخيية، وجيعله يصدق أن ؛ ليشد القارئ ويومهه بأن "الداي والباي" .األحداث حقيقية، حىت ولو كانت من نسج خياله

.79، 78: حممد مفالح، رواية شعلة املايدة، مصدر سابق، ص 1


226

وهناك أنواع أخرى من احلوار جندها يف احلياة االجتماعية، وقد جند بعضها يف السرد الروائي :وهي

:الحوار التعليمي-ج

وهو كالم بني طرفني أو أكثر تكون فيه العالقة غري متكافئة بسبب جهل أحد املتحاورين ما يعلمه اآلخر، ويف هذه احلالة يهيمن السؤال احلقيقي اجلواب، ومن خالل هذا النوع تنتقل

. منها ذلك املعلومات واملعارف واألخبار من الشخصية اليت تعلم إىل الشخصية اليت جتهل فتتعلمبكثرة، حلرص الروائي على تعليم بعض ) شعلة املايدة( وار يف رواية جند مثل هذا احلو

:ابتسم حممد الشلفي قائال بكل ثقة<< :احلقائق التارخيية، وقام احلوار بني راشد وحممد الشلفيـ فليكن يف علمك أن جل الصلحاء حتفظوا على حكم األتراك بسبب تعسف بعض

:راشد الذي ظل ينصت إليه باهتمام، مث تابع قائال برزانةومحلق يف وجه . حكامهمولكن أال ... وحنن حنرتمهم هلذا السبب .. ـ العثمانيون وقفوا معنا ضد احلمالت الصليبية

ترى أن األتراك احتكروا ألنفسهم كل مناصب احلكم وحرموا منها آباءنا؟ :وضع راشد ميناه على جبينه وهتف يف حرية

يا حممد؟ ـ ماذا جرى لك :هز حممد الشلفي كتفيه باستهانة مث قال بتحد

...ـ إا احلقيقة املرة .ـ ال تتعجل األمور يا صديقي سيأيت اليوم الذي يؤول فيه احلكم إىل أهل البالد

1>>أمتىن أن ال أحرم من علمك: ـ وبعد حلظات من التفكري قال راشد لصديقه .

ل دور املعلم الذي يعرف كـنه احلقائق التارخيية، أما راشد حممد الشلفي كان ميث ويبدو أن كان احلوار تعليميا، وقول قد م منه، و فكان ال يفقه شيئا من التاريخ وال من السياسة، فكان يتعل

.تدل على ذلك) أمتىن أن ال أحرم من علمك(راشد يف األخري

42: ينظر حممد مفالح، شعلة املايدة، ص 1


227

:الحوار الجدلي -د

لنفي وهو نوع تتكافأ فيه العالقة بني املتحاورين، ويهيمن فيه التقرير والدحض واإلثبات وا ، ويصل يف النهاية إىل إقناع أحد األطراف املتحاورة أو يقتنع كل ويقابل أحدمها احلجة باحلجة

باشرة مببحث احلجاج م ارتبطموقلما جند هذا النوع من احلوار يف السرد الروائي؛ لكونه .منهماوغالبا ما يكون سياسيا بني طرفني يتناقشان حول قضية ما، مث ينتهي باالتفاق أو اقتناع أحدمها

.إذا أحسن اآلخر توظيف احلجج والرباهني :السجال -هـ

وهو نوع من احلوار تتكافأ فيه العالقة بني الطرفني، وغالبا ما يبدأ باالختالف، وتستخدم من فيه التقرير والتقرير املضاد، وغالبا ما يتم فيه السباب و التهديد فيه احلجج بني الطرفني، ويهي

.1وحدة الغضبوال يوجد هذا النوع من احلوار يف الرواية، بل يعرض يف التلفزة من خالل دعوة طرفني يف

. د له أمثلة يف احلياة االجتماعيةحصة سياسية، حبيث خيتلف توجههما السياسي واملذهيب، وقد جن :البنية الزمنية للحوار الداخلي-10

م يؤمنون بفكرة إفساح اال أل ؛لقد كان كتاب الرواية الواقعيون يهتمون باحلوار الداخليث مع ذاا لتخربنا مبا يدور يف خلدها، فتعرب بكل حرية عن مشاكلها للشخصية، وتركها تتحد

وقد اهتم حممد مفالح باحلوار الداخلي، وأعطى للشخصية الروائية حرية احلديث .ومهومهانها من التعبري عن دواخلها ومشاكلها، وإن كان احلوار الداخلي عنده بكل أنواعه ال الذايت، ومك

.سارد كما سنتحدث عن ذلك يف حينهينفلت من رقابة ال

.160: معجم السرديات، ص ،املؤلفنيجمموعة من حممد القاضي و ينظر 1


228

:monologue/ المونولوج – 1

ل أصوات الشخصيات مبا ه ميث ناا السردية؛ ألن الداخلي يف الرواية أهم مكو يشكل احلوارفيها السارد، وله عدة وظائف خمتلفة على مستوى السرد الروائي أمهها كشف خبايا ذات الشخصية، والتصريح مبا ينتاا من هواجس ووساوس، وأفكار مدفونة ال ميكن أن تصرح ا إال

واحلقيقة .م حالتها نتيجة الظروف االجتماعية القاسيةتعرب عن مشاكلها وتأز يف حلظة معينة؛ كأنث عن ذواا بكل حرية؛ واملونولوج الروائي هو الذي يتيح للسارد ولشخصياته أن تتحد ن إ

، يتيح هلا استخدام ضمريي املتكلم متكن الشخصية من احلوار مع نفسهابوصفه بنية سردية املونولوج حوار أحادي يكون فيه وهذا معناه أن .1احمليلني إىل ذات واحدة واملخاطب املفردين

.يف اآلن نفسه الشخص متكلما ومتلقيا

تفكريها جلوانب املهمة من حياة الشخصية و ويسهم احلوار الداخلي عموما يف إضاءة بعض اهذه التقنية وسيلة السرد يتخذ من العصر؛ ألن تيديولوجياإلوإمياا بقضية ما ، ومدى وعيها

. تشكيل بنية لغة اخلطاب الروائيتسهم يف

والثابت، أن احلوار الداخلي مستعار من اخلطاب املسرحي القدمي، الذي ظهر عند اإلغريق. تيار الوعي، واملونولوج، واملناجاة النفسية، واالرجتاع الفين وغريها: حات منهاة مصطلذ عد مث اخت

من حديث النفس للنفس، وهو مصطلح دخيل، جيء به <<عند الفرنسيني "املونولوج"ويعين .Edouard dujardan <<2 إدوارد دي جردان الفرنسيني قول أحد األدباء

اب العرب يف العصر احلديث من الغربيني ووظفوا تقنية املونولوج يف الكت استفاد ورمبا .التعبري عن دواخلها والكشف عن مهومهانوا الشخصيات السردية من روايام وقصصهم، ومك

432: ، صمعجم السرديات ،جمموعة من املؤلفني حممد القاضي وينظر 1 .179: ص ،امللك مرتاض ، يف نظرية الرواية عبد ينظر 2


229

، هو أول من استعمل Victor Hugo/ فيكتور هوجو أن عبد امللك مرتاض يذكرو دوارد دي جردان فاستخدمه بشكل إ، لكن بشكل غري واع وال مؤسس، أما "املونولوج"مصطلح

وال يكاد خيتلف الدارسون والنقاد احملدثون عربا وغربيني حول مفهوم املونولوج، فنجد .1واعذلك التكنيك املستخدم يف << هفه بأن يعر ROUBERT HAMUFRIروبرت مهفري

.2>>القصص بغية تقدمي احملتوى النفسي للشخصية، وبعبارة أخرى لتقدمي الوعي

أن فريى ؛ق بني املونولوج واملناجاةض ال يفر عبد امللك مرتا ذونلحظ من جهة ثانية أناملناجاة هي األصل يف االستخدام العريب القدمي، ويستند على قول الزخمشري يف أساس البالغة

3"حديث النفس وجنواها" ا تعينعلى أ.

ا كان يقصد ا إمن ل العريب للمناجاة، لكن الزخمشريوال نشك حلظة واحدة يف األصه، ومناجاته يف حياته اليومية، ومل يقصد ا مناجاة الشخصية يف العمل الشخص لرب مناجاة

.الروائي الذي يوجهه السارد ويشرف عليه الروائي من أجل غاية ما

ناجاة وتيار الوعي زوا بينه وبني امل، ومي قاد قد درسوا هذا املصطلح بعنايةمجهور الن أن واحلق .وغريذلك وأحالم اليقظة

ه مكن شخصياته من التحاور فيما بينها ف حممد مفالح املونولوج يف رواياته؛ ألن قد وظ و ومع السارد، فجاءت مليئة باحلوار الكثيف الذي كاد طغى على السرد، وكلما كثر احلوار، يكثر

بالسرد املونولوج يلتصق معه احلوار الداخلي مثل املونولوج، وتيار الوعي واملناجاة النفسية رغم أن .أكثر مما يلتصق باحلوار

181: ، صاملرجع نفسه ،ينظر عبد امللك مرتاض 1 .44: ، ص1975مصر ،2، دار املعارف، طالربيعيحممود : ، تر روبرت مهفري، تيار الوعي يف الرواية احلديثة 2 .، مادة نج 1965، دار بريوت ، الزخمشري جار اهللا بن حممود بن عمر ، أساس البالغة ، دار صادر 3


230

الذي قهرته الظروف، على لسان عباس الربي) اية انكساررو (وجند املونولوج ماثال يف الصاحلني، ويظهر ذلك من خالل قولوأحس باالنكسار يف حياته، فجعل يستنجد بأولياء اهللا

وأطل برأسه من النافذة، ومحلق يف اجلهة اجلنوبية الشرقية باحثا بعينيه املتعبتني عن << :السارد: قلبه خفقانا متواصال، ومهس بتوسلأضرحة األولياء الصاحلني، وملا ظهرت ببياضها الناصع خفق

.1>>ال تدعوين وحيدا .. يا ساديت

عباس الربي، الذي يعتقد ذا املونولوج وظيفة سردية مهمة هي الكشف عن اعتقادي هويؤد و املونولوج الداخلي يعرب . بتأثري أولياء اهللا الصاحلني يف احلياة؛ فجعل يستنجد م ويطلب عوم

.2ويـلقي األضواء الكاشفة على احلياة الداخلية للشخوص... عن كل ما هو شخصي، وفرديفوزية (أسهمت شخصية ومن صور املونولوج ما وجدناه يف رواية الوساوس الغريبة؛ حيث

بتصرفاا يف دفع املونولوج الذي أبداه عمار احلر، بعدما انتظرها هذه املرأة بفارغ الصرب ) العسلييف املكتبة فجاءت وقابلته بربودة أعصاب، ورفضت احلديث معه وحطمت مشاعره فقال يف نفسه

أحبها راشد، تسهم يف تناسل وجند يف شعلة املايدة شخصية ميينة اليت .جمنونة.. جمنونة : :وج ويظهر ذلك من خالل قول السارداملونول

:ومتتم.. شعر بالندم على اللحظة اليت سافر فيها إىل مازونة دون أن يعلم ميينة بذلك << .3>>الظروف مل تسمح يل بالتفكري السليم.. لست مذنبا

د، ألنه يلتصق بالسرد من ذا املونولوج أنه مراقب من طرف السار وأقل ما نلحظه على ه ،تم، مهس، قال يف نفسهمت( جهة وألن السارد يشرف عليه ويراقبه، ألن بعض األفعال ترافقه مثل

....)ردد

48: حممد مفالح ، رواية انكسار، ص 1

.176: ينظر إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، ص 2 . 50: ص ، رواية شعلة املايدة ، حممد مفالح 3


231

:مناجاة النفس -2

ذايت، وتوجد يف املسرحية والقصة القصرية املناجاة نوع من أنواع احلوار الداخلي، ال إن إذ كان له أمهية كبرية يف مسرح الفرتة ؛ قادم من املسرح <<والرواية، والثابت أن هذا املصطلح

.املناجاة ترتبط باملسرح، وهي قدمية قدم هذا الفن أي أن ؛1>> االيليزابيثية

واعرتاف الذات للذات، لغة حديث النفس للنفس، <<ا ويعرفها عبد امللك مرتاض بأ محيمة تندس ضمن اللغة العامة املشرتكة بني السارد والشخصيات، ومتثل احلميمية والصدق

.2 >> واالعرتاف والبوح

، زيادة الرتابط<< ة حدود متيز املناجاة عن املونولوج، فمن مساامث إىل أن وجتد اإلشارةاملتصلة باحلبكة الفنية وبالفعل الفين، يف حني أن ن غرضها هو توصيل املشاعر واألفكاروذلك أل

:وأهم مساا . توصيل اهلوية الذهنية -قبل كل شيء -غرض املونولوج الداخلي هو

).قلت لنفسي ( ـ مسة التصريح العلين للسارد أنه يتحدث إىل نفسه مثل .ـ ظهورها يف شكل حوار، حبيث يتكلم املرسل وجييب نفسه

، وقد تكون بضمري املخاطب )أنا(استخدام الضمري، فتظهر تارة بضمري املتكلم ـ التنويع يف ).أنت(الغائب

.3>>ـ قد تكون مجلها قصرية مثل ما نراه يف احلوار اخلارجي، وتشبه الكالم الظاهر العلين

رواياته تقوم على ألن ؛وقد وجدنا املناجاة بكثرة يف اخلطاب الروائي عند حممد مفالحر بكثرة ـ كما أشرنا إىل ذلك سابقا ـ فكانت الشخصيات تناجي ذواا، وقد زادت املناجاة احلوا

.126: م، احلوار القصصي، مرجع سابق، صفاتح عبد السال 1 .182: ، صاض، يف نظرية الرواية، مرجع سابقعبد امللك مرت 2 .128، 127: سالم، احلوار القصصي، مرجع سابق، صينظر فاتح عبد ال 3


232

يف النصوص الروائية مجالية خاصة، وأدت وظائف خمتلفة على مستوى السرد الروائي، فأسهمت .يف بعث احلدث إىل األمام، وأضاءت جوانب مهمة كانت مظلمة ، وغري واضحة

املناجاة إما أن تصدر عن السارد، أو عن أحد الشخصيات، وكانت الظروف أن إىل ونشري حبق روايات حممد مفالح كانت تعرب ألن ؛االجتماعية املزرية هي اليت تسهم يف تناسل املناجاة

.االجتماعي املرتدي مبنطقة غليزانعن الواقع

:ربي مناجيا نفسهخالل قول عباس الومن أمثلتها ما وجدناه يف رواية انكسار من

سرتى كيف .. وسأجعلها تندم على اللحظة اليت فرت فيها من البيت .. سأنتقم منها << .1>> سأدمرها :لنافذة الزجاجية ، وهو يردد بغضبأعذا ؟ وقف أمام ا

ه كان يف أوج عن حالته النفسية البائسة؛ ألن ي من خالل هذه املناجاة عباس الرب لقد عربعندما فرت زوجته من البيت يف غيابه، ومل يتمالك نفسه، فكان هذا الظرف االجتماعي انفعاالته

القاهر حدثا مهما يف الرواية، جعل الشخصية تناجي نفسها؛ واملناجاة هي تقنية سردية تتمثل يف .2تفكري الشخصية بصوت عال وبتكثيف وتركيز عاليني

قام والتعذيب، ألنه كان منكسرا، مقهورا، ال لقد حدث عباس الربي نفسه، وتوعدها باالنت :قال السارد عنه يكاد يقر على رأي حيث

دافع عنه قبل أن يباع يف املزاد العلين، .. فكر يف املركز يا غيب : تنهد خماطبا نفسه << .3>>وحسادك ينتظرون سقوطك.. البنك لن يشفق عليك

47: حممد مفالح ، رواية انكسار ، مصدر سابق ، ص 1، 1يف أشكال النقد واحلداثة واإلبداع، دار الشؤون الثقافية العامة، سلسلة آفاق عربية، ط فاضل ثامر، مدارات نقدية 2

358، ص1987بغداد،

.48: حممد مفالح، رواية انكسار، ص 3


233

كان فيها مهتاجا، وحاورها، ونصح يف تلك اللحظة اليت لقد حدث عباس الربي نفسه نفسه بأن يفكر يف مركزه التجاري، الذي هو يف طريق املصادرة بسبب الديون املتفاقمة، وقد

، بعدما ضاقت به للشخصية ةكانت هذه املعاناة االجتماعية قد ولدت هذه املناجاة النفسي .األرض مبا رحبت

الزمين والعمليات الذهنية للشخصيات مباشرة وما هو جدير بالذكر أن املناجاة تقدم احملتوى .1بدون حضور املؤلف لكن مع افرتاض وجود اجلمهور افرتاضا صامتا ئمن الشخصية إىل القار

، بشكل يؤدي الوظيفة نفسها اليت يؤديها )أنت(وقد استخدم يف هذه املناجاة الضمري وجند يف رواية الوساوس .ضمري املتكلم، ولعل السمة احلوارية بني الفرد وذاته تبدو أكثر وضوحا

: الغريبة املناجاة يف شكل أسئلة وأجوبة، من خالل قول السارد

:ن إىل أين؟ وكيف سيؤلف كتابه؟ مث أجاب نفسه قائالملاذا ال يغادر املدينة؟ ولك <<

.2>> سأكتبه يف أي فندق من فنادق وهران أو اجلزائر العاصمة

وقد كان عمار احلر يناجي نفسه ويلومها، وكانت املناجاة يف شكل حوار يرتكب من أسئلة عن الواقع املر الذي واستخدم فيها ضمري الغياب من خالل األسئلة، وكأنه أراد أن يغيب . وأجوبة

الذي يالئمه اللوم والعتاب وتأنيب ) أنا(عاشه؛ أما من خالل األجوبة فاستخدم ضمري املتكلم الضمري، وقد متظهر احلوار الداخلي بني الشخص وذاته و كانت هذه املناجاة تشبه احلوار

ادة، مها الضمريين اخلارجي بني متكلمني اثنني؛ ألن السارد وظف ضمريين متناقضني على غري الع، وكالمها يعود على شخصية عباس الربي املنكسرة واملهزوزة بسبب املشاكل )أنا(مث ) هو(

االجتماعية اليت تعيشها، ويظهر يف هذا املونولوج نوع من التشويش املقصود على القارئ؛ ألن مث ) در املدينة؟ملاذا ال يغا(يف قوله ) هو(حممد مفالح جعل عباس الربي خياطب نفسه بالضمري

.56: روبرت مهفري ، تيار الوعي يف الرواية احلديثة ، ص ينظر 1 . 75: حممد مفالح ، رواية الوساوس الغريبة، ص 2


234

، فال يعلم القارئ من يتكلم يف الرواية )سأكتبه يف أي فندق من فنادق وهران:(حدث نفسه قائال .هل هو عباس نفسه أم هو السارد بلسانه

يف احلوار الداخلي يهدف إىل ) أنا، أنت،هو(توظيف هذه الضمائر السردية والشك أن .إيهام املتلقي من خالل إشراكه يف عملية القص الروائي

ويعد بنية مهمة للحوار . ويشكل الضمري السردي يف روايات حممد مفالح معطى حوارياإىل ) أنا( ن شخص متكلمالداخلي ؛ ألن الشخصية السردية عندما تتحدث مع نفسها تتحول م

ه أمام شخصني خمتلفني القارئ أن شخصا غري ذاا، فيظن ، وكأا ختاطب)أنت(خماطب حديث النفس للنفس، واعرتاف الذات للذات، لغة محيمية <<حسب الدارسني والنقاد فاملناجاة

.1>>تندس ضمن اللغة العامة املشرتكة بني السارد والشخصيات

ث مع ذاته ويناجيها ، يتحد شخصية معمر اجلبلي "وامش الرحلة األخريةه"وجند يف رواية : بصوت مسموع) أنت(ضمري املخاطبة مستخدما

أي داء أصابك يا معمر اجلبلي ؟ كنت هادئا مطمئنا، فأصبحت تائها يطاردك القلق << .2>> واخلوف

ضاعت منه، وهي اليت وكانت شخصية ساجية اليت التقى ا معمر اجلبلي يف الطريق، مث ولدت هذه املناجاة النفسية، وجعلته يتحدث إىل نفسه، وكأنه يتربأ من ذاته، ومن تصرفاته اجلنونية، وقد تكون الوحدة هي اليت أسهمت يف خلق هذا احلوار الذايت، خصوصا وأن معمر كان

.وحيدا يف رحلته تلك

182: امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، ص عبد ينظر 1 46: ، ص، هوامش الرحلة األخريةحممد مفالح 2


235

ها ضمري املتكلم، ولعل احلوار يبدو أكثر يي ضمري املخاطبة الوظيفة نفسها اليت يؤد ويؤد وضوحا، من خالل هذه املناجاة النفسية اليت يستحيل فيها شخص واحد إىل شخصني أحدمها

.حلظة ما من حلظات التشكل السردي يتكلم، واآلخر ينصت يف

):Flash Back(ي أو الفالش باك ـ االرتجاع الفن 3

وشكال من أشكاله، ويصطلح عليه باالسرتجاع، وهو تقنية من تقنيات احلوار الداخلي ،وتقوم به الشخصية السرتجاع أحداث قدمية عاشتها يف طفولتها أو يف شباا، وذا االستدعاء لألحداث، يسهم االسرتجاع الفين يف إضاءة مساحات من ماضي الشخصية السردية؛ ألن السرد

ن ذلك لكن بكيفية حوارية مع ذاا قد يغفل بعض األحداث، وهنا تتدخل الشخصية لتخرب عقطع يتم أثناء التسلسل الزمين املنطقي للعمل األديب << ه ويعرفه سعيد علوش يف معجمه، بأن

.1>>موقف ما مالبساة توضيح املاضية، بقصد يعود إىل ذكر األحداث استطرادا يستهدف

بل يهدف إىل عرض حدث مشابه . وال يسرتجع الشخص تلك الذكريات فقط دون قصدعملية نفسية، تقوم ا ذاكرة الشخصية <<وهناك من يراه . ملا تعيشه الشخصية املتكلمة

ويصطلح على االرجتاع الفين مبصطلحات . القصصية ليتم من خالهلا استدعاء أحداث املاضي وينتج عن االرجتاع الفين تكسر الزمن السردي؛ ألن . 2>> الفالش باكأو ) اخلطف خلفا : ( منها

ه السارد عندما حيدثنا عن ماضي شخصية ما، أو ميكنها من احلديث عن طفولتها أو شباا؛ فإن .ل سرده بعدما تتضح الرؤية للقارئيوقف زمن السرد مدة مث يعود إىل تلك القصة ليواص

واملونولوج أن املونولوج قد يستخدم السارد فيه ) الفالش باك(فين والفارق بني االرجتاع الفال يستخدم فيه إال ضمريا ) الفالش باك(أما . كما أشرنا إىل ذلك سابقا) أنا وأنت(ضمريين مها

ار الكتاب اللبناين ودار سوشربيس، الدار البيضاء، املغرب، ، دمعجم املصطلحات األدبية املعاصرةسعيد علوش ، 1 . 97: ، ص1985

.135: ، صلسالم، احلوار القصصي، مرجع سابقفاتح عبد ا 2


236

وال شك أن هذه التقنية مأخوذة من .غالبا، باإلضافة إىل اعتمادمها على األسئلة) أنا(واحدا هو ا تعني املخرج على تسليط الضوء على حدث مضى، يوفر عليه تكوين األمر؛ أل السينما، بادئ

.فكرة، حىت يفهم تفاصيل الشخصية السينمائية

اسرتجاع السارد أو أحد الشخصيات حلدث ماض، هو يف حقيقته اسرتجاع واع، إن ويعمد الراوي إىل هذه التقنية عن قصد؛ ألا تسهم يف بعث . يهدف إىل إعادة واقع غائب

وكذا تسهم يف إضاءة بعض اجلوانب اخلفية من حياة الشخصية، كما أا تعمل ،احلدث الروائي .ة بني الشخص وذاته، وتسعف القارئ يف فهم مالبسات الروايةعلى خلق احلوارية النصي

واالرجتاع الفين شكل من أشكال احلوار الداخلي مثله مثل املونولوج أو املناجاة حيث تعتمد الشخصية على تذكر أشياء ماضية، وتدخلها يف نظام جديد من الزمن، وتلتقي هذه التقنيات

بيد أن << ذاا ، يف كون الشخصية تقيم حوارا مع)االرجتاع املونولوج ، واملناجاة ، و ( الثالث االختالف األساس يكمن يف صيغة الزمن، إذ يكون التحدث إىل الذات يف االرجتاع عن حدث

إىل ذاته يف وقت إجناز ...وقع يف زمن ماض، يف حني يتحدث املتكلم يف املناجاة أو املونولوج .1>>احلدث

فين اليت عثرنا عليها يف رواية هوامش الرحلة األخرية، تذكر معمر اجلبلي ومن صور االرجتاع اللتلك املرأة اليت التقى ا يف بداية رحلته، مث ضاعت منه بعدما طردها، مث ندم على فراقها، وحبث

دمرتين اخلواطر <<: ذاكرته ويظهر ذلك من خالل قولهعنها فلم جيدها، فبدأت صورا حمزنة يف، بدأت يف اجلري ، خفت أن تكون قد انتحرت، ندمت على تلك الصفعة اليت وجهتها احملمومة

.2>>...خلدها، جريت أكثر متنيت أن أعثر عليها

.136: فاتح عبد السالم، احلوار القصصي، مرجع سابق، ص 1 .37: رواية هوامش الرحلة األخرية، مصدر سابق، ص، حممد مفالح 2


237

لقد كان معمر اجلبلي يسرتجع صورة املرأة، ويستحضر لقطة الصفعة اليت وجهها إىل خدها، ملاضي يف الزمن احلاضر خيلق ويستحضر حالته املزرية حلظة اختفاء ساجية، وكان استحضار ا

هو << واالرجتاع .احلوار الداخلي بني الشخصية وذاا، وجيمع زمنني متناقضني يف حلظة واحدةحديث املتكلم عن ذاته وإليها عن أشياء متت يف املاضي؛ أي أن هناك مسافة بينه وبني ما

.1>> ات املاضيةوميكن أن ندخل فيها التذكر وما يتصل باالسرتجاع... يتحدث عنه

ويظهر التناقض يف اجتماع الزمنني املاضي واحلاضر، وقد أسهم حوار االرجتاع يف بعث احلدث القصصي، وأضفى عليه مجالية ال نظري هلا، وأسهم يف تشكيل السرد الروائي، وأطلعنا على

ها، وقد جانب من شخصية معمر اجلبلي، وحالته النفسية ومدى حبه للمرأة، وندمه على مفارقتكثر االرجتاع الفين يف هذه الرواية، و قد يعزى ذلك إىل الوحدة اليت الزمت الشخصية يف رحلتها

.الطويلة

تذكرت تلك الليلة اليت << ومن أمثلة االرجتاع، ما جاء يف قول معمر الشخصية، السارد ، وكالم تنبح، كان جنود فرنسا يتصاحيون.. جريت كاحلصان ) جانو(قضيت فيها على الرومي

.2>>...وأنا أركض صوب غابة اجلبل األخضر، كان محاد الفالقي يف انتظاري

ويظهر هذا االرجتاع الفين جبالء؛ ألن معمر كان يسرد لنا تفاصيل رحلته الطويلة، يف الزمن من احلاضر عن املاضي القريب، لكنه يف حلظة معينة قفز إىل املاضي البعيد، واسرتجع صورة جميدة

واستطاع ذا ) جانو(نضاله يف شبابه، حيث نفـذ إبان الثورة التحريرية عملية فدائية، وقتل الرومي احلوار الذايت أن جيمع زمنني، ماضيه البعيد حباضره، واخليط الرفيع الذي جيمع الزمنني املختلفني

ة اليت قضى فيها على هو تلك الليلة اليت خرج باحثا جبنون عن حبيبته، ألا تشبه تلك الليل

، 2005، الدار البيضاء، بريوت، 4املركز الثقايف العريب، ط)الزمن، السرد، التبئري (سعيد يقطني، حتليل اخلطاب الروائي 1 .197: ص .37: ، ص هوامش الرحلة األخرية، مصدر سابقحممد مفالح، رواية 2


238

و قد أدى هذا االرجتاع وظيفة شد املتلقي إليه، وجعله يشاركه تلك العملية الفدائية، . الرومي .وجعله يثق يف صدق الراوي، ويتابع قصته بإمعان

عبد احلكيم << ويتمظهر االرجتاع الفين يف رواية الوساوس الغريبة،يف املقهى؛ حيث ظل الزاوية اليمىن من مقهى السعادة املقابل ملقر البلدية، وهو يفكر يف مقتل األرملة الوردي قابعا يف

الثرية، مث تساءل من جديد أال يعود اهتمام الناس إىل الطريقة الوحشية اليت اقرتفت ا اجلرمية ؟ ومن مل كل هذه اهلمجية ؟ .. ) بشعة .. إا جرمية بشعة ( وهز رأسه مث كتب يف كناشه الصغري

1>>تكون زينب اهلنيدي ؟ وكيف حدثت اجلرمية يف هذا الوقت بالذات ؟ .

لقد اعتمد عبد احلكيم الوردي على اسرتجاع الذاكرة، فجعل يسرتجع حادثة مقتل زينب اهلنيدي فأقام حوارا مع ذاته، وكان منفردا يف املقهى، رغم كثرة الكالم والضجيج، فكان يتساءل

تكمن قيمة توظيف الشخصيات االفرتاضية اليت وهنا .سئلته احملريةوحياول أن جيد أجوبة ألوقد . 2اليت يغفلها النص السردي تستدعى من الذاكرة يف عملية االرجتاع لبعض التفاصيل .ب ويستنكر اجلرميةرأسه، وهو يتعج استخدمت الشخصية حوارا غري لفظي، من خالل حركة هز

سارد حممد مفالح كان يراقب وار خارجي، والغريب فيه أن االرجتاع على شكل ح وقد جاء هذاالراوي ه اسرتجاع تقليدي ال إبداع فيه؛ ألن الشخصية، ويشرف على حوارها الداخلي، ويبدو أن

.كان عليما بكل شيء عن عبد احلكيم الوردي، وحىت عما يدور خبلده

:الحوار والشخصيات -11

بني اواضح القد اعرتى مفهوم الشخصية تباين :)Personnage(أ ـ مفهوم الشخصية النقاد التقليديني واملعاصرين، وواجه النقد التقليدي مشكلة اخللط بني مفهوم الشخص

)Personne( وبني مفهوم الشخصية ،)Personnage ( تلك الشخصيات فقد كان يعتقد أن

. 12: ينظر حممد مفالح ، رواية الوساوس الغريبة ، ص 1 .73: قيس عمر حممد ، البنية احلوارية يف النص املسرحي، ناهض الرمضاين أمنوذجا ، ص 2


239

على نسخة طبق األصل عنه، لذلك كان يركز كثرياا السردية هي نفسها اليت تعيش يف الواقع، وأ .صفاا، وسلوكاا، وأمسائها

با وأعسر ق األمر بالشخصية يصبح األمر أكثر تشع حني يتعل <<ه ويرى إدريس قصوري أن مسلكا، ليس لكون الشخصية مقولة أسلوبية مل تلق اهتماما كبريا من لدن النقد فحسب، ولكن

1>>الية عسرية التحديدا أيضا تعترب إشكأل.

فقوا على املعايري اليت ا حيددون الشخصية، النقاد مل يت وما جيعلها صعبة التحديد أن وحاول بعضهم حتديد هذا املفهوم من خالل األفعال اليت تؤديها، ومن خالل وظائفها وعالقاا

.2مع الشخصيات األخرى

له ) signe(مبثابة دليل<<ا الشخصية السردية أ وينظر التحليل البنائي املعاصر إىل وتكون الشخصية مبثابة ...(signifié) ، واآلخر مدلول)signifiant(أحدمها دال ؛وجهان

أما الشخصية كمدلول، فهي .خذ عدة أمساء أو صفات تلخص هويتهاا تت دال، من حيث إ 3>>وسلوكها بواسطة تصرحياا وأقواهلاص أو جمموع ما يقال عنها بواسطة مجل متفرقة يف الن

.املختلفة اليت تظهر بوضوح يف الرواية من خالل أقواهلا أو أقوال السارد عنها

الشخصية بنية مهمة يف العمل السردي، وال ميكن أن تقوم القصة بدوا ولو توافرت وتعد مجيع العناصر السردية األخرى، وال ميكن أن يوجد السرد دون وجود الشخصيات؛ ألا هي اليت

.لذي يقوم به يف الرواية والقصةتنتجه، كما أن السارد هو ا

إدريس قصوري، أسلوبية الرواية ، مقاربة أسلوبية لرواية زقاق املدق لنجيب حمفوظ، عامل الكتب احلديث للنشر والتوزيع، 1 .435:، ص 2008األردن 1ط . 50: محيد حلميداين، بنية النص السردي، ص2

3 .50: ص رجع سابق،دميورتيار وبالزاين، من أجل قراءة القصة، عن محيد حلميداين، بنية النص السردي، م


240

ا من بنية ختييلية من خصية كائنا من ورق، وأ وال خيتلف نقاد العصر احلديث يف كون الشليس للشخصية الروائية وجود واقعي، وإمنا هي مفهوم ختييلي، تدل عليه << فـ وحي اإلبداع ؛

، ويستنبطها الروائي من الواقع االجتماعي الذي يعيش 1>> التعبريات املستخدمة يف الروايةكر اإلنسان وعقيدته،ووعيه للمجتمع والشخصية بنية معقدة الرتكيب، تتشكل من ف.فيه

ل أداة طيعة يف يد املؤلف وأحيانا متث . وأليديولوجيته، وفلسفته يف احلياة، ومتثل نظرته للمجتمع .ما يشاء من أفكار وفلسفات وعقائداحلقيقي للرواية، ميرر من خالهلا

شخصيات واحلوار متينة، ا يقوم على تقنية احلوار، كانت العالقة بني الوملا كانت الرواية فن إذ ال نتصور أن يقوم احلوار يف النص السردي من دون الشخصيات، كما ال تتفاعل الشخصيات

. القصة القصرية، أو يف املسرحيةفيما بينها دون أن تنتج حوارا، سواء يف الرواية، أو يف

ا وفريا إذ كان حظهو ، دب يف تصنيف الشخصية وتنويعهاولقد اختلف الدارسون ونقاد األخصها النقد احلديث بالدراسة الكثرية؛ ألا وثيقة الصلة بالرواية واملسرحية والقصة القصرية،

وغالبا ما كان . موضوعا يدرس من خالل البحوث الكثرية يف املخابر اجلامعية وغريها فأصبحت .النقاد يصنفون الشخصيات من حيث الدور الذي تؤديه يف اخلطاب السردي

،ل السرد حتمامتثل الشخصية يف عامل السرد البنية الكربى للنص الروائي، وبدوا يتعط و ا مهمة للحكاية حىت يستمر احلدث، و ا بنية فإ ومهما كان نوع الشخصية سكونية أو دينامية؛

قصة، الرواية تقوم على الشخصية احملورية اليت تقوم عليها الو . ق املبدع اهلدف الذي يتوخاهحيق . ها لتكتمل احلكايةك احلدث، وتتضافر كل ل الشخصيات الثانوية حمر ومتث

. 9: ، ص2005، سوريا، ة من منشورات احتاد الكتاب العرب، دمشق، دراسحممد عزام، شعرية اخلطاب السردي 1


241

وتتشكل الشخصية السردية يف الروايات من خالل حواريتها، وما تضطلع به من أفعال أو أن أن الشخصية الروائية هلا وظائف سردية تقوم ا، كما أا حتاور بقية .1صفات تتميز ا

.الشخصيات والسارد

:ب ـ أنواع الشخصية

فقد ؛"هنري جيمس"تناولوا الشخصية من وجهة نظر بنيوية ومن النقاد الغربيني الذيوقد كان يعتمد على وصف شخصياته وفق طباعها نظر إليها من زاوية سيكولوجية طباعية حمضة،

املعطيات اخلاصة ا توجد مبثوثة يف مساا ويف مقوماا، ويف أمسائها جل وصفاا، ورأى أن . 2د فيها هو تأقلمها مع احلدث ومسايرا له بدون احنرافالشيء الوحيد املتجد ليظل

ة أو شريرة د صفات الشخصية ومنطها يف الرواية؛والبد للسارد أن حيد فالشخصيات إما خري وهذان ، 3صص يف حقيقتها قائمة على موضوع واحد هو صراع اخلري مع الشركل الق واحلقيقة أن

نقاد الرواية وما هو جدير بالذكر والتنويه يف هذا املقام أن . فهما كتاب الرواية بكثرةالنمطان يوظ من خالل التعامل معها، أصبحوا يصنفون الشخصية استنادا إىل الدور الذي تضطلع به والوظيفة

.4املوكولة إليها بشكل حقيقي أو صوري

عبد امللك مرتاض من بني الدارسني املعاصرين، الذين تناولوا مفهوم الشخصية ولعل بالبحث والدرس، خصوصا حني أشار إىل االختالف بني النقاد الروائيني الكالسيكيني، وكتاب

املالمح اليت ترسم ا الشخصية الروائية، ففي حني كان الروائيون << الرواية اجلديدة باعتبارلحقون مالمح الشخصية مبالمح الشخص ويسرتحيون، وذلك إليهام القراء بأا ترقى التقليديون ي

سليمان قوراري، مجاليات احلوارية يف الرواية املغاربية، رسالة دكتوراه يف األدب املعاصر، إشراف، حلسن كرومي جامعة وهران 1 .377: ، ص2011/ 2010

41: ص 1990، 1حسن حبراوي ، بنية الشكل الروائي، املركز الثقايف العريب، بريوت ، الدار البيضاء، ط 2 .123: ، ص 1979، دمشق، 1يوسف الشاروين، دراسات يف القصة القصرية، طالس للدراسات والرتمجة والنشر، ط 3 .317: ملدق لنجيب حمفوظ، صإدريس قصوري، أسلوبية الرواية، مقاربة أسلوبية لرواية زقاق ا 4


242

إىل مستوى التمثيل الواقعي لصورة احلياة، كان الروائيون والنقاد اجلدد معا يزعمون أن الشخصية ال .1>> من أجل ذلك ال ينبغي أن مننحها هذه األمهية... تعدو كوا عنصرا من مكونات السرد

ا الروائي أصحاب الرواية اجلديدة ضد الشخصية الروائية، فقد رفضوا أن يهتموكان ونزعوا عنها تلك القيمة، وحطموا عنها تلك العاجية اليت صنعها هلا الروائيون الكالسيكيون

الشخصية يف نظرهم ليست فرفضوا امسها الكامل وأوصافها املتعددة، وألغوا كل ما حييط ا؛ ألن ال تعرب عن الشخص الواقعي، فهمشوها من السرد وكثريا ما أمهلوا امسها فعربوا عنها برقم واقعية و

(K)حيث أطلق على شخصية القصر حرف kafka) كافكا "أو حبرف من احلروف كما فعل وأطلق على شخصية احملاكمة جمرد رقم من األرقام حسب ما أشار إليه عبد امللك مرتاض يف

. 2نظرية الرواية

وما دامت الشخصية يف الرواية هي اليت تقوم بالفعل االنساين، فالبد أن تكون العالقة وثيقة بينها وبني احلدث الروائي؛ ألن الكاتب يقدمها من خالل أفعاهلا وصراعاا مع نفسها ، و االسم

يف اء اشتغاهلاأثن واألوصاف العامة ال تزيد يف الشخصية السردية؛ إمنا تعرف بالوظيفة اليت تؤديها .اخلطاب الروائي

ارتباط االسم بالشخصية، هو ارتباط مبصريها ودورها وال شعورها يف شكل ثنائية << و ؛ فقد حييل اسم الشخصية على مبدأ اخلري أو الشر يف الشخصية، كما أنه قد حييل 3>>ضدية

لروائي وينتقيها ويفضلها على طبقة معينة يف اتمع، ويظهر ذلك من خالل الصفات اليت خيتارها ا .)... ، العنكبوتكرشة ، خروفة ، احليزبون (: من بني مئات األمساء والصفات مثل

. 126: مللك مرتاض، يف نظرية الرواية، صينظر عبد ا 1

. 126: ك مرتاض، يف نظرية الرواية، ينظر، صعبد املل2 .22:إدريس قصوري، أسلوبية الرواية، مقاربة أسلوبية لرواية زقاق املدق لنجيب حمفوظ، ص 3


243

عالقتها باللغة متينة، فال يعقل أن يكتب و تعرب املرأة عن شخصية مهمة يف السرد الروائي،و احلدث خصوصا وأن الروائي خطابه السردي دون أن تكون املرأة حاضرة فيه، فهي تسهم يف منو

، وتعاجل مشاكله االجتماعية املختلفة، ومن مثة تصبح املرأة طرفا واية حتاول دائما أن تشرح الواقعالر .قويا يف معادلة السرد الروائي

من ،وغري ذلك) األم والزوجة واألخت واخلطيبة(ل املرأة شخصيات روائية خمتلفة فهي ومتث ل رموزا سردية ترتمجها لغة الرواية فهي ترمز للخري إىل هذا فهي متث وباإلضافة. األدوار اليت تؤديها

مثلما ترمز للشر، وترمز للحب واحلنان، وأحيانا ترمز للمكر واخلداع كما أا ترمز للوفاء .واإلخالص

ر، ومعطى سردي ميكن أن يعكس الواقع إذا أحسن الروائي وهي كائن اجتماعي مؤث ف املرأة بقوة يف كل أعماله السردية؛ ألنه كان دائما مد مفالح أن يوظ توظيفه، و لقد استطاع حم

يسعى لتصوير الواقع بكل خلفياته، ويعاجل أهم مشاكله االجتماعية اليت تكون فيها طرفا فاعال؛ صية الضحية فهي متثل صوتا مسموعا، وتؤدي فعال مهما يف احلياة سواء كانت تؤدي الشخ

.املظلومة أو الظاملة

د أوىل حممد مفالح اهتماما قويا بلغة احلوار السردي، فكان يهتم بالشخصيات السردية وقم وتتحاور مع الرجل، وتسهم يف صناعة احلياة والواقع اليومي ومنها املرأة، فهي اليت تتكل

.واالجتماعي بكل تناقضاته

الجتماعي يف حتليل ومما هو جدير بالذكر أن جمموعة من الدارسني يهتمون بعلم اللغة ا التساوي بني املرأة والرجل، ومن يف األدوار يف احملادثة ال تتوزع<< اخلطاب واحملادثة يؤكدون أن

احملادثات اليت يطاهلا ذلك تلك اليت تنظمها العالقات احلميمة، حيث ينزع الرجال إىل مقاطعة االستماع الفعلي مما تبدي النساء الرجال دالئل أقل على ويبدي النساء أكثر مما يفعل النساء،


244

وهذه الظاهرة تنطبق على اتمعات غري العربية خصوصا؛ فالرجل مثال يف األسرة يعمد إىل .1>>ما من خالل احلوار اليومي يف البيت، أما يف الكالم ويقاطع املرأة رغم أا متثل صوتا لغويا متكل

الطرفان لكون العمل مكان حتكمه قوانني صارمة العمل فقد ختتفي هذه الظاهرة متاما، ويتساوى .دون متييز بني اجلنسني، ألن كال منهما ميتلك كفاءات وخربات وملتزم مبسؤولياته

املرأة بطبعها النساء مهيئات لالستماع أكثر من الرجال؛ ألن دت الدراسة السابقة أن وأك .اآلخر بكل السبل لطرفإلقناع ا م حىت تفكر، وإذا تكلمت فإا تسعىال تتكل

ل املرأة يف اخلطاب الروائي دائما بؤرة ومرتكز احلدث الكالمي، وأحيانا تكون هي ومتث ويف هذا املقطع احلواري يدور الكالم بني شخصية يوسف وأمه . النقطة اليت ينطلق منها الكالم

: حبزم من جياليل العيار، فكانت األم قد أردفت قائلة) خروفة(بشأن زواج أخته

:ـ جياليل العيار شخص ذكي، فكيف نرفض رجال طموحا مثله ؟وقاطعها يوسف بغضب

:ـ أصبحت خروفة جمرد لعبة بني يديك ، مث تابع بتحد

.2..إنك تنفذين خطط أخيك قويدر املاكر -

ه خرق صوت أمه، وقاطعها ومل يرتك هلا جماال أن ) االبن( وأقل ما ميكن قوله أن يوسفللكالم ألنه مل يلتزم بأخالقيات احلوار والكالم مع الوالدين، وامها بأا تنفذ خططا مع أخيها

. قويدر ونعت خاله باملكر، يف حني التزمت األم باإلنصات والسكوت رغم أا والدته

، شخصية املدورة، والشخصية املسطحةوالشخصية الروائية أصناف كثرية، ومن أشهرها الويرجع الفضل يف اصطناع هذا املصطلح حسب عبد امللك مرتاض إىل الناقد االجنليزي

: ، مث تأثر به النقد الفرنسي فنقله ميشال زيرافا إىل الفرنسية حتت عبارة (Forster)فورسرت

158: ، ص 2009بريوت1طالل وهبة، املنظمة العربية للرتمجة، ط: نورمان فار كلوف، حتليل اخلطاب، تر 1 44: ينظر حممد مفالح، عائلة من فخار، ص 2


245

personnage ronds et personnages plats .عد ذلك نقاد من مث تناول هذه الكلمات ب . 1حممد يوسف جنم وحمسن طه بدر وعبد امللك مرتاض وآخرون: العامل العريب منهم

:الشخصية السكونية الشخصية المسطحة أو-1

البسيطة اليت متضي على حال ال تكاد تتغري وال تتبدل يف << وهي تلك الشخصياتعلى أهم روايات حممد مفالح، وجدناه قد وظف وعند اطالعنا . 2>> مواقفها وأطوار حياا

الكثري من الشخصيات السكونية؛ ألنه عمد إىل التكثيف من احلدث، والتكثيف من األماكن اليت وقد . كانت جترى فيها تلك األحداث فكانت الشخصيات السكونية كثرية يف اخلطاب الروائي

، )نصرية التل، حسني السعيد وغريها العسلي،فوزية : (كيل بنية لغة احلوار وأمههاأسهمت يف تشت هذه الشخصيات أدوارها بنسب متفاوتة، وكان حوارها مع الشخصيات الرئيسة مثل وقد أد

.احلكيم الوردي وغريمها متفاوتا عمار احلر وعبد

جالل العزاوي و مسية (فخار مثل هذه الشخصيات وأشهرها وجند يف رواية عائلة من ، وأسهمت هذه الشخصيات يف منو احلوار خصوصا من خالل )وخلضر وغريهم الفرندي وميينة،

فال يكون هلا <<ومهما كان نوع الشخصية . اتصاهلا بالشخصيات الرئيسة مثل خروفة ويوسفإال إذا كانت هلا وظيفة متارسها يف عالقتها مع الشخصيات األخرى معىن يف بنية العمل الروائي

.3>>واحلوادث

206: ينظر ابراهيم خليل، بنية النص الروائي، ص 1 132: ينظر عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، ص 2 .22: ، ص1990ميىن العيد، تقنيات السرد الروائي، دار الفارايب، بريوت لبنان 3


246

: خصية الدينامية أو المدورة ـ الش 2

ال تستقر على حال، فتحب وتكره، وتفعل ،وهي الشخصية املركبة، وهي معقدة ومتغرية .1اخلري والشر، وتؤثر يف غريها تأثريا واسعا

تتأثر بوقائع الرواية من جهة، اليت الشخصية املدورة هي أن فريى أما إبراهيم خليل ويظهر هذا النمط من الشخصية . 2ويستطيع القارئ رؤيتها من جوانب متعددة من جهة أخرى

، الذي كان )عواد الروجي(شخصية ) ت احلمراء بي( واضحا يف السرد الروائي؛ فنجد يف رواية تستقر على حال، إن هذه يعاقر اخلمر وحيب النساء، ويكره من ال يناسبه، إنه شخصية متقلبة ال

.الشخصية املدورة أسهمت يف بناء احلوار وتطويره، وأسهمت يف بناء احلدث الروائي

هوامش "وتتواجد الشخصيات املدورة أو احملورية يف كل روايات حممد مفالح، ففي رواية سهم يف ، وكان كل منهما يصنع احلدث وي) ي وساجيةمعمر اجلبل(جند كال من "الرحلة األخرية

و القصة إحداها نكال منهما شخصية حمورية ال ميكن للسارد االستغناء ع تطور احلوار؛ ألن .مغامرما برمتها تدور حول

حيث كان هذا الرجل كثري ) عباس احلر ( شخصية ) انكسار ( نا جند يف رواية كما أن النساء والرجال، وكان جيري احلركة والسفر من مكان إىل آخر، وقد أقام عالقات خمتلفة مع

، وكان يف كل مرة أمال يف استقرار حياته املنكسرة الكثري من احلوار مع خمتلف الشخصيات، .يصاب خبيبة األمل

وذكر حممد بشري بوجيرة أصنافا أخرى من الشخصيات منها الشخصية اإلقطاعية وسنركز .هلامشية وأخريا الشخصية األجنبيةوالبورجوازية واإليديولوجية والثورية، والرمزية واملستلبة وا

.على منطني من هذه األنواع هي الثورية والرمزية

131: ينظر عبد امللك مرتاض، يف نظرية الرواية، ص 1 206: ينظر إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، ص 2


247

وهي الشخصية ذات االنتماء الثوري الوطين املرتبطة باحلركة << : ـ الشخصية الثورية 3وهي شخصيات كثرية تعرب عن ".مهوم الزمن الفالقي" ووجدناها يف رواية ؛1>> التحريرية

الذي كان منوذجا ) محاد الفالقي(ااهدين والفدائيني إبان ثورة التحرير اجلزائرية، ومنها شخصية للمجاهد واملسبل اجلزائري، الذي ضحى بكل ما أويت من قوة من أجل بالده، وترك عائلته

ين يف زوجها اخلائن، العميل، والتحقت بااهد اليت تركت) سعدية(ليلتحق بااهدين، وشخصية الذي انضم إىل جيش التحرير، وحارب فرنسا حىت استشهد يف ) سي عدة(وشخصية . اجلبل

وكانت هذه الشخصيات تقيم حوارات كثرية يف الرواية، تعرب من . عملية فدائية نفذها مع رفاقةقفز محاد واقفا واستقبل سليمان <<: خالل ذلك على دورها يف البطولة ومن ذلك احلوار اآليت

ـ هل من جديد؟: دي جالبته القدمية وسأله بلهفةكان يرت الذي

.كي واحدومعه تسعة جنود وحر "العني الزرقاء"ل الضابط ت ق .. ـ جنحت املهمة واحلمد هللا

ـ هل قضوا على جلول القذر؟: اليت ضت وسألت سليمان بلهفة برقت عينا سعدية

..ـ سي عدة استشهد:ل حبزن عميقطب جبينه العريض وقالقد جنا بأعجوبة، مث ق..ـ ال

استشهد؟..ـ اهللا أكرب

بكى محاد إيه يا سي ..تنهدت سعدية واغرورقت عيناها بالدموع ..ـ دفناه قرب وادي الغابةنعم .. ت فيه القنبلةلم لن أنسى اليوم الذي س . أنت الذي زرعت بذرة الثورة يف أعماقي.. عدة

.2>> ريا، وجعلتين رجال متحررا وحمرتماتلك القنبلة اليت أعطت حليايت معىن كب

الكاتب كان يهتم بالشخصيات الثورية وبتجربتها ومن خالل حتليلنا هلذا احلوار يبدو أن الذاتية وشعورها اخلاص من خالل احلوادث املثرية اليت عرضها السارد وكان خيرتع شخصياته؛

.9، 8: ، ص2006، وهران، اجلزائر2حممد بشري بوجيرة، بنية الشخصية يف الرواية اجلزائرية، منشورات دار األديب، ط 1 292: ، ص ) زمن العشق واألخطار(ينظر حممد مفالح، األعمال غري الكاملة رواية 2


248

شخوصه، مث جيري عليها من التعديل، ، فهو خيتار من الواقع بعض حمضاوليس ذلك اخرتاعا ومما 1والتغيري، والتحوير، ما جيريه، لتبدو لنا خلقا جديدا، ال عالقة له بالنسخ اليت متثل املادة اخلام

يدعم هذا الرأي، أن حممد مفالح رسم الشخصية الثورية رمسا يليق ا، فجعل الرواية تدور حول واقع لكن كما جيب أن يكون،وكان هذا الوصف خيدم ال كما هو يف ال) محاد الفالقي(شخصية

.منط الشخصية احملاربة، ومل يهتم باألوصاف األخرى

ينتابه موقفان "محاد"ـوكان هذا احلوار جيمع ثالث شخصيات ثورية هلا املواقف نفسها؛ ف د الذي كونه وعلمه، وكان اجلها) سي عدة(يفرح لنجاح العملية، و يبكي الستشهاد متناقضان

) جلول الكيب(اليت ختلت عن زوجها اخلائن ) سعدية(وشخصية . ينسيه زوجته وأطفاله الثالثةوالتحقت بااهدين باجلبل األخضر، وكانت تنتظر مقتله بفارغ الصرب؛ ألنه خان الثورة وأصبح

زن الذي استبشر لنجاح العملية وح) سليمان الفحام(واملوقف السابق نفسه ينتاب . عميال لفرنسا .يف عملية فدائية) سي عدة(كثريا الستشهاد

استشهد، ( وجند لغة احلوار تنتمي إىل حقل مفهومي واحد عنوانه الثورة من خالل الكلمات، وهذا احلوار ثوري بشخصياته ولغته؛ ألن الرواية )حركي، قتل، الضابط، حركي، قنبلة وغري ذلك

تتمثل هذه ص من بدايته إىل ايته، و لى النبكاملها قائمة على ثالث عالمات مهيمنة عل الدوي الذي أعلن عن ث فالقنبلة كانت مت ؛2العالمات املؤسسة يف القنبلة واملدينة واجلبل األخضر

، أما املدينة واجلبل األخضر فكانت متثل الفضاء املكاين الذي كانت تتحرك فيه املواجهة .الشخصيات الثورية أثناء حرب التحرير

، 2010، بريوت لبنان1، ط)منشورات االختالف، اجلزائر( الدار العربية للعلوم ناشرون إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، 1 175: ص 78: ، ص2008، دار املعرفة، اجلزائر، )ح الروائيةقراءة يف جتربة حممد مفال(عبد احلفيظ بن جلويل، اهلامش والصدى 2


249

كل <<و، وهي ال تعرف االنتماء إىل أي جهة وال إىل أي تيار :الرمزيةالشخصية -4مهها منصبا على التعبري عن ذاا وأفكارها املتشعبة، من خالل املظاهر واألحداث اليت جدت يف

.1>>عهد االستقالل

الروائي يهتم بعرض واقعها وبعض اجلوانب من حياا، ومنط هذه الشخصية اجتماعي؛ ألن قد تكون الشخصية رمزية، أي أن << وقدويسلط األضواء على بعض مشاكلها وتطلعاا،

الكاتب بتصويره لدورها، وتقدميه هلا، يف الرواية، يومئ إىل شخصية أو شخصيات أخرى على >>الشخوص مباشرة سبيل اإلشارة؛ لكنه يستعيض ا عن التعرض هلاتيك

ومن الشخصيات ؛ 2حيث ترمز جلميع بنات ) عائلة من فخار(يف رواية ) خروفة(الرمزية عند حممد مفالح شخصية

، عاشت يف عائلة )خروفة(والعنوسة وغريها، فعصرها اللوايت يعانني من املشاكل االجتماعية البطالة، وفشلت يف العثور على فقرية، كثرية األفراد، أت دراستها اجلامعية واصطدمت بشبح

الرجل الثري يطلب يدها للزواج، رفض بعض أفراد )جياليل العيار(شريك حياا، وملا تقدم هلا تفاقمت عليها املشاكل ه ليس الرجل املناسب، و أسرا ذلك، مث اكتشفت أنه يتحايل عليها وأن

.االجتماعية

، ترمز للمرأة املستهرتة، العاهرة، اليت )ريةهوامش الرحلة األخ(يف رواية "ساجية"وشخصية تتسكع يف الشوارع، وتتعاطى التدخني، وتصاحب من تريد وتسافر إىل أي مكان؛ ألا منبوذة يف

. والتسكع يف الطرقات واحلرام اتمع، فهي رمز لكل امرأة متشردة يف اتمع، عنواا الرذيلة

فرتمز لألشخاص الذين ضاعوا يف متاهات "كساران"يف رواية "عباس الربي"أما شخصية اتمع وفشلوا يف حيام، حيث كان مدمنا على اخلمر، ال يعود إىل زوجته إال يف ساعة متأخرة

يتنقل من مكان إىل ضنكامن الليل وال يعمل وعدمي املسؤولية، فهربت منه زوجته، وعاش حياة

.105: ، صية الشخصية يف الرواية اجلزائريةينظر حممد بشري بوجيرة، بن 1 .197: ينظر إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، ص 2


250

س املناسب الذي تنبين عليه الشخصيات عند واألسا. آخر، وكان يصاب بالنكبة إثر األخرىال شعورية، متثل البنية اليت تنتظم يكمن فيما تؤديه الشخصيات من وظيفة رمزية<< حممد مفالح

.1>>رؤية الفنان

ف شخصياته بال هدف وال وظيفة؛ بل كانت الشخصيات الروائي مل يوظ وهذا معناه أن ترمز موعة من القيم فهي ذلك ناليت أوكلها إليها، وفضال ع الرئيسية يف رواياته تقوم باألدوار .هاالدينية والصوفية والسياسية وغري

عباس الربي، املرتاوحة " بيانية"يتشعب احلدث فيها لريسم << واقعية ) انكسار(وكانت رواية واحلكي، ..بني املأساة اليت تكبس على حركة حياته فتشتتها مفجرة فيها حمطات انكسار عديدة

ميثل فضاء لذلك أو تعميق مأسوية انفصال املسارات على أساس هروب الزوجة اليت متثل قرابة .2>> جد محيمة، وموت اخلالة اليت متثل السند الوجداين

الذي يرمز للعلم واجلهاد والبطولة ) راشد(شخصية تارخيية هي ) شعلة املايدة(وجند يف رواية ع عن محاها من احملتل األجنيب، لكن الروائي احنل يف هذه الشخصية، والذود عن اجلزائر والدفا

افعني عنها، اجلزائر مد إىلحيث عرب من خالهلا عن وجهة نظره وموقفه من األتراك الذين قدموا .فتحولوا إىل حمتلني

:داللة أسماء الشخصيات -ج

الذين يهتمون بالشخصيات ح من بني كتاب الرواية الواقعيةحممد مفال من الواضح أن ؛ ومل يوظف الروائي شخصياته بعشوائية دون أن يكون وراء اختيار تلك األمساء سبب له وبأمسائها

هو فن << والفن الروائي عند كتاب الواقعية عموما . عالقة بالواقع الذي يعاجل مشاكله املتفاقمة

.323: إدريس قصوري، أسلوبية الرواية ، مقاربة أسلوبية لرواية زقاق املدق لنجيب حمفوظ، ص 1 4: الكاتب عبد احلفيظ بن جلويل، ص: ينظر حممد مفالح، انكسار، مقدمة ل 2


251

املتلقي حبضور الواقع املوضوعي خارجية توهم) مراجع(بناء الشخصيات الروائية ال بوصفها .1>> اخلارجي فحسب، وإمنا بوصفها صناعة لغوية منتجة للداللة

، وربطها بالواقع اخلارجي، وإذا تأملنا ةبدق وقد انتقى هذا الروائي شخصياته السردية امش هو (عناوين الروايات جندها هي األخرى على عالقة متينة بالواقع االجتماعي؛ فعنوان الرواية

الذي كان يشتغل سائقا؛ وقد حكى مغامراته ) عمار اجلبلي(قصة شخصية حتكي) الرحلة األخريةحبها معه يف رحلته األخرية، وهي صورة طصاا صدفة، و اليت التقى) ساجية(بلسان السارد مع

.معكوسة عن الواقع واحلياة الشاقة، اخلطرة اليت كان يعيشها

الشخصيات، وكانت تتفاعل وتتحاور وتلتقي وختتلف وتدفع ف الروائي الكثري منوقد وظ عن أفراد اتمع وفلسفام احلدث إىل األمام، وكانت تعرب عن آرائه وفكره واعتقاداته حينا، وتعرب

... األمساء والصفات املسندة للشخصيات الروائية<< أن ويرى عثمان بدري .يف احلياة حينا آخردالليا حمكما، ال جمال فيه ملنطق الصدفة أو للمقاصد االعتباطية اليت ختضع هلا خمططة ختطيطا فنيا

؛ ومن هذه الشخصيات 2>>منظومات األمساء يف احلياة العادية خارج العمل الروائي –غالبا -؛ و يعرب هذا االسم عن الفقر الشديد )بيت احلمراء(وهو شخصية بارزة يف رواية ؛ "محزة املزلوط"

عن كل الفقراء بل أصبح رمزا يعرب ؛ عن نفسه فحسبيعاين منه الشخص، وال يعرب الذي كان .واملساكني

ا شخصية ذات عن الكثري من الدالالت، إ ؛ وهي شخصية تعرب "سي عدة الكارو"-مكانة اجتماعية منحطة، يرمز للبؤس والشقاء، وال يشاهد إال قرب العربة اليت جيرها احلمار حىت

شخصية غريبة األطوار، مطلقة، كثرية السب واللعن، هلا هيبة ،)نعيمة زالميت( و. ه اارتبط امس .االجتماعية عند سكان احلي، فاشلة يف حياا

. 50: ينظر عثمان بدري، وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي عند جنيب حمفوظ ، ص 1 .50: ينظر عثمان بدري، نفسه، ص 2


252

احلياة، فاقد ، متشائم يفائسبشخصية بائسة، يعاين من الفقر الشديد، ؛"عواد الروجي"- .الفشل، يدل امسه على كثرة احلركة اليت يرافقها لألمل

، وغريها كثري، وكلها )علي العنكبوت"و" حممد الالز" ؛وهناك شخصيات أخرى كثرية منهامفرغة من <<وهي ،)عثمان بدري(الساخرة، اليت أشار إليها ) الكاريكاتورية(تدخل ضمن األمساء

تبدو خارج دائرة املعىن وتتمثل يف األمساء الشعبية املرتبطة غالبا باألوساط االجتماعية املهمشة اليت ه ألن ؛الروائي بأسلوب السخرية والتهكم ليعرب على مكانتها احلقيقية هااستخدمقد و .1>>اتمع

.ا ضحايا اتمع الظامل الذي ال يرحميبني أ يسعى لعرض الواقع، و

وتأيت يف شكل مساند منظومة األلقاب االجتماعية، <<وهناك أمساء أخرى تدخل ضمن خارجية ملحقة باالسم األصلي، لتحديد املواقع االجتماعية واالقتصادية والسياسية الطبقية يف

التارخيية، وأغلب ) شعلة املايدة(لكن هذه األمساء مل جندها إال يف رواية . 2>>اإلطار العامالباي مصطفى (راك، ومنها شخصياا سياسية ترتبط بالتاريخ اجلزائري القدمي، وبنظام حكم األت

وتدل هذه . وغريهم) بوشالغم، الباي إبراهيم، الباي األكحل، اآلغا اجللودي ،الباشا ، الداي .األمساء على رتب احلكام والسالطني العثمانيني الذين حكموا بعض البالد اإلسالمية قدميا

القة بني العنوان املنكسرة، والع) عباس الربي(مياثل شخصية ) انكسار(وعنوان رواية .البائس، املنكسر) عباس الربي(والشخصية متينة لكون الرواية استعارت صفة من صفات

يدل على تعدد أفراد هذه العائلة، وأا كانت تنتمي ) عائلة من فخار(كما أن عنوان رواية أي حت من فخارإىل طبقة متميزة يف اتمع، تتمتع بالوقار واالحرتام، وهلا تاريخ عريق، مث أصب

.قابلة للزوال والتكسر يف جمتمع ال يؤمن إال بالقيم املادية

52: ينظر عثمان بدري، وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي عند جنيب حمفوظ ، ص 1 52: ، صاملرجع نفسهي، ر ان بدينظر عثم2


253

وانطالقا من نظرية التلقي، يعد العنوان السمة البارزة اليت تؤشر على مضمون الرواية كما أنه حيمل دالالت سيميائية متعددة املسارب، تفتح أفق متلقي النص . وتشكيلها السردي

ميارس مغامرة حماورة العنوان بغية الكشف عن اجلدلية احلوارية بينه وبني املنت الروائي، وجتعل املتلقي .1الروائي

وهذا معناه أن العنوان ميثل البنية األولية للخطاب الروائي، والعتبة اليت منها نلج إىل النص عناصر وللعنوان وظيفة هامة ؛ ففي بنيته تلميح لبعض معاين اخلطاب، وهو من أهم ال. األديب

الذي يسهم يف فك " الدال"املكونة للملفوظ األديب، وهو سلطة النص وواجهته اإلعالمية وهو . 2وهو مفتاح إجرائي يسهل مقاربة النص األديب ،غموض النص؛ لذا يهتم به حمللو اخلطاب

خيتار عناوين رواياته بدقة؛ ألا تسهم يف مقاربة النص األديب، وال شك أن الكاتب كان، وقام )عتبات(يف كتابه جيرار جيناتومن هؤالء . وقد اهتم النقاد والدارسون ذه البنية املهمة

بتفكيك العنوان إىل النص احمليط و النص الفوقي، وجعل العنوان يف مقدمة فضاء النص احمليط الفرعية والداخلية للفصول واملقدمة، باإلضافة إىل املظهر اخلارجي للكتاب وإىل جانبه العناوين

.3مثل الصورة املصاحبة للغالف، وكلمة الناشر وغريها

:أسماء الشخصيات الروائية ـ التماثل والمفارقة في د

استثمر الروائي خصائص املماثلة واملخالفة يف بنية شخصياته السردية، فمن خالل عدد كبري من الشخصيات يف رواياته، كانت ختتلف يف مستواها ووظائفها املختلفة، استخدامه ل

.256: سليمان قوراري، مجاليات احلوارية يف الرواية املغاربية، ص 1 .107: ، ص3: ، عدد25:مجيل محداوي، السيميوطيقا والعنونة، جملة عامل الفكر، الكويت، مج 2: ، ص46:عدد 1992، الكرمل، بيسان للصحافة والنشر، قربص،)العنوان إسرتاتيجية(حليفي شعيب، النص املوازي، 3

107.


254

ففي سياق األمساء جند أن <<وينطبق ذلك على أمساء الشخصية وعملها وطبائعها وتفكريها االسم املعطى للشخصية يتماثل يف شكله اخلطي ويف صورته الصوتية ويف مدلوله مع الطبيعة اخلارجية والداخلية للشخصية ومع موقعها االجتماعي ومع جممل الوظائف املسندة إليها يف البناء

>>الروائياليت تتفاعل فيها الشخصيات ) شعلة املايدة(وميكن أن منثل لذلك من خالل رواية .1

ذات املواقع االجتماعية والسياسية النافذة يف اتمع، وحتمل أمساء متماثلة يف الداللة على مواقع وكانت هذه الشخصيات ) اآلغا اجللودي، الشيخ الطاهر،احلاج حيي( االمتياز اليت حتظى ا مثل

كانة مهمة يف اتمع فهي اآلمرة والناهية، هي اليت بنيت عليها األحداث األساسية ، وكانت هلا م .سموعة، وتدل كلمة اآلغا على رتبة احلاكم الذي ال يعصى أمرههي املوكلمتها

وقد متاثلت األمساء مع . على الوقار واالحرتام والسمع الطاعة الحاج والشيخوتدل كلميت ن الشيخ الطاهر واحلاج حيي كا وقد. يف اخلطاب الروائي خصيات ومع الوظائف املسندة إليهاالش

الذي كان ينهل من علمهما وأدما وكانا يسديان له ) راشد(ميثالن العون والقوة لشخصية حيث )الشيخ الطاهر( وكان األب. النصح واإلرشاد، وكان يتعرف على تاريخ أجداده من خالهلما

تلني، ويأمره باالنضمام إىل على طلب العلم، ويبصره بأمهية اجلهاد ضد الغزاة احمل) راشد( االبن . الفيالق العثمانية

؛ فالطاهر اسم يدل على طهر السريرة )يحي(و) الطاهر(ويظهر التماثل الداليل يف االمسني ونقاء املنبت واألصل، ويدل االسم على الرغبة يف تطهري البالد من احملتل األجنيب خصوصا ملا

تدل على فعل ) حيي(و .كمة والوقار والتجربة والعلميضاف إليها لفظة الشيخ اليت تدل على احلولن ميوت، وتدل على سيحىيمضارع مشتق من احلياة، وتدل على أن هذا الوطن وهذا الشعب

.االستمرارية وعدم التوقف

. 60، 59: ينظر عثمان بدري، وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي عند جنيب حمفوظ ، ص 1


255

ارتباط االسم بالشخصية السردية هو يف احلقيقة ارتباط مبصريها ودورها، وال شعورها، <<وجيسد طقس احلرف طرفها األول، وتشكل داللتها العكسية طرفها يف شكل ثنائية ضدية،

إن ما تنطوي عليه األمساء املوظفة ينتظم ذلك يف عالقة مفارقة عكسية واضحة؛ إذ إن ... الثاين>>الشخصية غالبا ما تؤدي دورا نقيضا المسها

أي أن االسم الذي خيتاره الروائي لشخصياته ال ؛1 ومما يعزز هذا الزعم؛ أن. لشخصية وأفعاهلا، فهو أحيانا ال ميت إليها بصلةة مواقف ار ميثل بالضرو

قا لذلك يعمد إىل التأكيد ومن خالل ذلك جند .2على البناء الساخر الذي تندرج فيه الروائي طبـالروائيني يوظفون أمساء لشخصيام مضحكة وغريبة وتدل على السخرية مثل بعض شخصيات

. لعنكبوت، عدة الكارو، بغداد خبلوين، نعيمة زالميت وغريها كثريعلي ا: حممد مفالح

وهناك أمساء لشخصيات ال تتماثل مع الشخصيات بل ختالفها، ونعين بذلك املفارقة ، )خروفة(فيمكننا تأويل اسم شخصية . 3والتناقض ويتمثل يف داللة املفارقة اليت حيملها االسم

م مع الشخصية املثقفة والواعية والذكية، اليت اختارت حيث ال جند خيطا يوصل داللة االست حبنكتها الثري، ليخرجها من أزمة الفقر اليت تعيشها، واستطاع) جياليل العيار(شخصية

ويف سياق . خسر معها املعركة يف أول لقاء ته بعدما اكتشفت مكره،فقدومكرها أن تنجو من قبضال ميت بصلة ) جناة(وهو والد )بغداد خبلوين(جند اسم تأويل االسم السردي الذي اختاره الروائي

كبري، وتـعرف من للشخصية املثقفة اليت ال خترج من املكتبة، واليت هلا زاد فكري واديولوجياسم ال يدل على صفات ) بغداد(؛ فكلمة )انكسار(السياسة ما ال يعرفه غريها من أبطال رواية

هي مجلة فعلية تامة املعىن، وتدل على البخل، ومل يشر السارد اليت) خبلوين(الشخصية، وال لفظة . إىل شيء من ذلك يف اخلطاب الروائي

. 322: إدريس قصوري، أسلوبية الرواية، مقاربة أسلوبية لرواية زقاق املدق لنجيب حمفوظ، ص 1 .223: الرواية، مقاربة أسلوبية لرواية زقاق املدق لنجيب حمفوظ، صإدريس قصوري، أسلوبية 2 . 62: ينظر عثمان بدري، وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي عند جنيب حمفوظ ، ص 3


256

ويظهر يف منظومة أمساء الشخصيات اليت وظفها حممد مفالح عموما أا أمساء تراثية يوهم وتنتمي إىل قائمة مسميات الغرب اجلزائري عموما، ألنه كان يسعى لتصوير الواقع حبذافريه، و

املتلقي أنه يقرأ قصصا واقعية بامتياز، والواقع أن الشخصيات الروائية من ختييل الروائي، وال وجود .هلا يف الواقع احلقيقي

وما جتدر اإلشارة إىل ذكره ـ يف هذا املقام ـ أن الشخصيات مهما كانت أمساؤها موافقة هلا ال تتساوى يف الرواية من حيث األدوار املختلفة اليت تؤديها والوظائف <<أو معارضة فهي

املسندة إليها فبعضها قد تكون وظيفته هامشية، ال تتعدى حضور موقف مجاعي، أو التلفظ >>بكلمة يف حوار، أو ما شابه ذلك

وجند من األمساء اهلامشية اليت ال يكاد يظهر إال امسها .1معدوم يف القصة ألن دورها ؛)شعلة املايدة(يف رواية ) ، سكينة، وغريهاسارة املراجي ، خدوجة(

ألنه ركز على دورها؛ إليه السارد باقتضاب، وكان يتكلم بدال عنها، وقد خرق السارد وقد أشارراشد، حممد الشلفي، احلاج حيي، :( الشخصيات الرئيسية اليت صنعت أحداث الرواية ومنها

. وغريها) الشيخ الطاهر

شخصيات هامشية، ال تؤدي أدوارا واضحة، وال تتفاعل ) رواية عائلة من فخار(وجند يف و قد مر عليهما . وغريمها)أمال(و) مسية الفرندي(مع غريها ومنها بعض صديقات خروفة ومها

مل يؤد) قويدر(وجند شخصية . السـارد مرور الكرام، ومل تشاركا ال يف احلوار وال يف أحداث الروايةونستنتج من ذلك كله؛ أن الشخصيات ال يتساوى وجودها ودورها ووظائفها يف . أي دور يذكر

مقابل ذلك جند شخصيات أخرى تتمتع باهتمام . الروايات فعدد منها ال دور له يف الروايةالكاتب؛ ألنه خصها ببعض الصفات، وأوكل هلا القيام ببعض األدوار، ال ألا أبطال القصة

.كن، ألا حتمل فكر الكاتب وفلسفته ومتثل مواقفه ووعيه بامتيازفحسب؛ ل

.198: ينظر إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، ص 1

بنية الحوار غير اللفظي في روايات محمد مفالح الفصل الرابع

259

مفهوم الحوار غير اللفظي .1 الحوار تفاعل اجتماعي .2 أهمية الصمت في بناء الحوار .3 الحوار من خالل حركات الجسم .4 وأنواعهااإلشارات الجسمية .5

تعبيرات الوجه.1

حركات العينين.2

حركة هز الرأس.3

:الفصل الرابع

بنية الحوار غير اللفظي في روايات محمد مفالح

الجسم األخرى الحوار من خالل حركات.5

أهمية الحركات الجسمية في تفسير .6 .المواقف الحوارية

أفعال الكالم اإلنجازية في النص الحواري.7

أهمية أفعال القول السردية في بناء الحوار.8

الوظائف اللغوية لحركات الجسد.9

الرسم الكتابي للحوار.10

عالقة الحوار الملفوظ وغير الملفوظ .11 .اللغويةبالوظائف


260

:ـ مفهوم الحوار غير اللفظي 1مني ثنا عنه يف الفصول السابقة، يعين الكالم الذي جيري بني متكل إذا كان احلوار الذي حتد

ه حوار لفظي؛ أي أقل ما يوصف به هذا احلوار، أن أو أكثر يف النصوص الروائية املختلفة، فإن

.من األلفاظ م فيه على لغة تضم جمموعةيعتمد كل طرف متكل

احلوار املكتوب واملنطوق يعتمد على اللغة اللفظية أن نعتقد أن ه من اخلطأ مبكانلكن

حركات جسمية تصاحب الكالم، وال يستطيع املتحاورون مهما كانوا أن ةمث فحسب؛ ألن

املختلفة مثل حركات األيدي، وهز الرأس وتقطيب اإلشارات واإلمياءات يستغنوا عن تلك

.ابة وغريهااحلاجبني، ورفع السب

غري لفظية تصاحب كالمنا لغة مةوتشكل هذه احلركات اجلسمية بني األطراف املتكل

.كانت عفوية غري مقصودة مأ ،سواء كانت حركات واعية ومقصودة اليومي

ن أولئك ، حيث يتمك ل لغة الصم البكمات املختلفة متث تلك اإلشارات واإلمياء والشك أن

.فراد من التواصل يف اتمع مع غريهم بواسطتها األ

روبولوجيا وعلماء النفس وغريهم بالتواصل اللغوي ثوعلماء األن وقد اهتم علماء اللغة

علم "غري اللفظي، ونادوا بضرورة وجود علم خاص ذا النوع من التواصل، مث أطلقوا عليه اسم ؛أعضاء اجلسم وحركاته اليت حتدث وفق منط معني ؛ وهو علم خيتص بوصف "الحركة الجسمية

.1وهي حركات حتدث وفق التعلم وترتبط بثقافة اتمع

أي أن الشعوب من خالل عاداا وتقاليدها وثقافتها ومنط حياا تتفق على جمموعة من

هم تلك وقد خيتلف ف. اإلشارات اجلسمية للتعبري على بعض الكلمات واملعاين أثناء كالم أفرادها

.املعاين يف جمتمع آخر ويعين أشياء أخرى

: حبركات اجلسم، و ربطها بالكالم اليومي من خالل قوله قد اهتم قدمياوكان اجلاحظ أوهلا : ومجيع أصناف الدالالت على املعاين من لفظ وغري لفظ مخسة أشياء ال تنقص وال تزيد<<

.167: ، ص1976فاطمة حمجوب، دراسات يف علم اللغة، دار النهضة املصرية، مصر 1


261

مدلول املعاين أن هذا ويفهم من كالمه. 1>>...اللفظ مث اإلشارة، مث العقد مث اخلط، مث احلال

ينقسم إىل لغة ملفوظة ولغة غري ملفوظة؛ فالكالم امللفوظ هو مجيع األصوات والكلمات اليت

تتشكل منها لغتنا اليومية؛ أما اللغة غري امللفوظة، فيقصد ا حركات اجلسم املختلفة أو اإلشارات

.لفوظأو اإلمياءات اليت تصاحب الكالم امل

أثرها يف املواقف احلوارية اجلاحظ أنواع احلركة اجلسمية اليت تصاحب الكالم اليومي و مث بني

فأما اإلشارة فباليد وبالرأس وبالعني، واحلاجب واملنكب إذا تباعد الشخصان، وبالثوب << : بقوله

عنه، وما أكثر ما واللفظ واإلشارة شريكان، ونعم العون هي له، ونعم الرتمجان هي ... والسيف

اليومي ويف لكالموهذا دليل على أمهية اإلشارة يف ا. 2>>تنوب عن اللفظ وما تغين عن اخلط

.اخلطاب الروائي خصوصا

وكان ابن جين كذلك يهتم حبركات اجلسم يف مواطن كثرية، خصوصا عند شرح أبيات

ي ه شرح بيت شعر أمثلة ذلك أن الشعر العريب القدمي، فكان يركز على ذلك ويربطه باللغة، ومن

:لنعيم بن حارث السعدي الذي قال

وقد صكت وجهها بيمينها أبـعلي هذا بالرحى المتـقاعس - تـقول

، أبعلي هذا بالرحى املتقاعس لو قال الشاعر حاكيا عنها<< ويقول ابن جين يف هذا املقام

ألعلمنا بذلك أا كانت متعجبة منكرة، لكنه ملا حكى احلال ،الوجهمن غري أن يذكر صك

.3>> ، علم بذلك قوة إنكارها وتعاظم الصورة هلا)وصكت وجهها : ( فقال

. 43: ، ص1ت، ج -، البيان والتبيني، ، دار الكتب العلمية، لبنان د أبو عثمان عمرو بن حبر اجلاحظ 1

.43: ص ، نفسه، البيان والتبينيأبو عثمان عمرو بن حبر ينظر اجلاحظ 2

: ، ص1ت ، ج -حتقيق حممد علي النجار ، دار الكتاب العريب ، بريوت ، د: جين أبو الفتح عثمان، اخلصائصبن ا 3

245 ،247 .


262

احلركات واإلشارات اليت تصاحب الكالم املنطوق، تسهم يف فهم السامع بأسرع والواقع أن

كات كثرية أثناء الكالم، ومن مثة يستطيع تأويل ه يسمع ويالحظ املتكلم الذي يبدي حر طريق؛ ألن

من قبل املكتوب فالبد من اإلشارة إىل تلك احلركاتالروائي أما يف الكالم . املعىن وفهمه أكثر

.السارد

االتصال غري اللفظي، ضرورة البد منها أثناء الكالم فعندما د بعض الدارسني أن ويؤك

يتوقف املرء عن الكالم ال ينقطع االتصال، فرمبا ال يستطيع املتكلم الكف عن احلركة أو التعبري

.1بوسائل أخرى

ويقصد بذلك أن كل حركة جسمية يبديها املتكلم أثناء تواصله مع غريه يف احلياة

فيستطيع املتكلم أن ينفي شيئا معينا بواسطة السبابة مثال إذا . فة معينةاالجتماعية تؤدي وظي

.ويستطيع أن يوافق على شيء ما بواسطة حتريك الرأس عموديا. حركها ميينا ومشاال

وال يفهم من ذلك أن املتكلم يكف عن اللغة ويتواصل ذه احلركات؛ بل أن هذه

طب يصدق ما د املعىن وإزالة الشك، وجعل املخا اإلشارات اجلسمية هلا وظائف من أمهها تأكي

) خليفة السقاط(و) نذار السفاية(الدائر بني ومما يؤكد هذا الزعم احلوار . نقوله أثناء حديثنا معه

):نذار السفاية(قال :حول موضوع اجتماعي وسياسي) زبري البحار(و) حممد املريرة(و

يف نضاهلم من أجل احملافظة على العماليف زمن الشدة مل أجد أي شخص ملساندة - <<

.الشتوية

:أن ينصت إليه، مث قال له) خليفة السقاط(أشار إليه

115: مرجع سابق ص االجتماعي،حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة 1


263

أنا شخصيا أرفض مساندة الكساىل على . املؤسسات العموميةلقد انقضى عهد -

.مواصلة ختريب االقتصاد الوطين

قائال ) خليفة السقاط(الطاولة اخلشبية بأصابع ميناه اخلشنة، وخاطب ) نذار السفاية(نقر

:بلهجة صارمة

.إنكم يا أثرياء آخر الزمن، تريدون االستيالء على الشتوية -

:مث بسخرية

.قد يساعدك على مشكلة حفر البئر) هشام الكعام(أنصحك بزيارة -

:بقلق) نذار السفاية(، وقال خماطبا )خليفة السقاط(امتقع وجه

أال تعلم أنين من أشد خصومه؟ -

:سيجارة مالبورو، مث تابع كالمه قائالوامتص

.لقد انقلب علينا اللئيم، سيدفع الثمن غاليا -

:ملء فيه، وقال ) زبري البحار(رأسه ساخرا، فضحك ) حممد املريرة(هز -

1>>... السياسة واالنتخابات والدميقراطيةدمرتنا البطالة وأنتم تتحدثون عن -

1 .45، 44: ، ص2013، دار الكتب، دون ذكر الطبعة ، اجلزائر، )الدروب املتقاطعة(حممد مفالح، سفاية املوسم


264

تستعني باحلركات اجلسمية أثناء حوارها يف هذا ويبدو أن الكاتب جعل شخصياته الروائية

، وكان بعضها يوظف حركات ن كل شخصية من التعبرياملوضوع االجتماعي والسياسي، ومك

أن ينصت، لكن هذه احلركة غري ) نذار السفاية(أشار إىل ) خليفة السقاط(جسمية معينة منها

.معلومة، قد تكون باستخدام السبابة، أو اليد

؛ أي أن الشخصية ذه احلركة اجلسمية طلب )نقر نذار السفاية الطاولة بأصابع يده اخلشن(مث

يرى أحد الدارسني أن وقد كان يف حالة غضب و الصمت دون أن يعلن عن ذلك بلغة ملفوظة؛وقد 1>>على الطاولة يف املقهى بصورة آلية إمنا يعرب بذلك عن ضجر الشخص الذي يطرطق<<

.بني املتحاورين لى أشده، وحتول إىل سجالاحلوار ع كان

وكذلك امتصاصه للسيجارة، تدل على صمت قصري، جيعل الشخصية تفكر فيما تقوله، ويدل

أن السيجارة حتتل موقعا أساسيا يف لغة ويرى جوزيف ميسينجر، .األعصاب والغضبعلى يج

يلقى النجاح خصوصا إذا ال حياول إرضاء اآلخرين، ولكنهاحلركات اجلسمية، وأن الذي يدخن

أي أنه دون . 2طاويا اخلنصر والبنصر على راحة الكف كان يأخذ السيجارة بني السبابة والوسطى

.شعور حياول أن يرضي غريه بتلك اإلشارة لكن املخاطب قد ال يفهمه

االقتناع ، وهي هز الرأس بسخرية، فتدل على عدم )حممد املريرة(أما احلركة اجلسمية اليت أبداها

وعدم املوافقة والتعجب من رأي صاحبه، كما تدل على رفض غري معلن إال من خالل هذه

.اإلشارة اجلسمية

، ص 2006، بريوت ، 1حممد حسني مشس الدين، دار الفراشة للطباعة والنشر ط: جوزيف ميسينجر، املعاين اخلفية حلركات اجلسد، تر 1

255.

.252: ، ص املعاين اخلفية حلركات اجلسد ينظر جوزيف ميسينجر، 2


265

ن وغريها، ومن خالل ان والفم واليداالرأس والعين ؛هيكثرية وللحركة اجلسمية أعضاء

املتكلمني احلركات اليت حيدثها اإلنسان من خالل هذه األعضاء حيدث التواصل غري اللفظي بني

.أو ما نصطلح عليه باللغة غري املنطوقة

من حيث عالقتها بالكالم كاتاحلر بأن فريون أما املشتغلون يف علم احلركات اجلسمية

:نوعان املنطوق اليومي

ـ حركات تصاحب الكالم، وحركات حتل حمل الكالم وحركات وصفية وحركات للتنفيس

تصاحب الكالم فيؤديها اإلنسان أثناء كالمه مع غريه أثناء ؛ فأما احلركات اليت 1عن املتكلم

احلوار، ووظيفتها توضيح الكالم وتأكيده أو نفيه؛ ومنها حتريك احلاجبني ورفع السبابة وحتريكها

.يف اجتاه معني

فهي حركات ذات دالالت رمزية مثل هز الرأس ميينا و احلركات اليت حتل حمل الكالم؛

وهناك حركات .فعل، وهزه عموديا عند املوافقة أو أثناء اإلجابة باإلجياب ومشاال يف حالة نفي

ة، وصفية تتخذ شكل األشياء اليت يتحدث عنها املتكلم، كأن يصف حيوانا كبريا أو حشرة صغري

. ه أو من خالل أصابعهيديفيحاول أن يعرب عن شكلها ب

تر الوجداين الناشئ عن شدة وأخريا هناك حركات تصاحب الكالم رد التنفيس عن التو

والشك أن هذه احلركات اجلسمية اليت تصاحب الكالم، تسهم يف تشكيل لغته احلوارية . االنفعال

. 2 ومتكن األطراف املتحاورة من الفهم السريع للمعاين

114: حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، ص 1

. 116: ، صاملرجع نفسهينظر حممد حسن عبد العزيز، 2


266

أو اليت ،فهم احلركات اجلسمية سواء اليت تصاحب الكالم أن إىل وتشري فاطمة حمجوب

ما تعارف عليه األفراد يف وعلى تقاليده؛ ألن ،تنوب عنه وال تستلزمه يتوقف على ثقافة كل شعب

وهذه . اتمع هو الذي ميكن من فهم معاين اللغة غري اللفظية، ويساعد على فك شفراا النصية

ا ختتلف كذلك احلركات، كما ختتلف يف شكلها ويف مدلوهلا باختالف الشعوب والثقافات، فإ

ما اختلف اجلنس وتفاوتت الطبقات االجتماعية، باختالف املناطق احمللية يف الثقافة الواحدة، وكل

. 1ن مدلوهلا يتغري ال حمالةإف

هي اليت وتقاليدهم ويستفاد من هذا الكالم أن ثقافات الشعوب وعادام وأجناسهم

نظرياا يف جمتمعات أخرى، ويتفقون فيما معينة ختتلف عن جتعلهم يبتكرون حركات جسمية

.بينهم على مدلوالا، وتصبح بعد ذلك جزءا من ثقافتهم ولغتهم

ويرى بعض الدارسني أن الشعوب العربية من أكثر الشعوب اليت تكثر من استعمال األيدي

سمية؛ وذلك أن احلوار الشفاهي يتطلب استخدام تلك اإلشارات اجل. 2يف أثناء الكالم الشفاهي

خصوصية اعتاد عليها ألن املتكلم يريد أن يقنع املخاطب بأسرع طريق، ألن التعبري باحلركات

.املتكلمون العرب منذ القدمي

الذي لفوظويظهر التواصل غري اللفظي يف روايات حممد مفالح من خالل احلوار امل

تكلم مع مجيلة يمار احلر جند ع) الوساوس الغريبة(تصاحبه حركات اجلسم املختلفة؛ ففي رواية

:الساعي يف هذا احلوار

.مل جيد من يأخذ بيديه فسقط يف الفخ.. عبد احلكيم ضحية ـ<<

.109: فاطمة حمجوب، دراسات يف علم اللغة ، مرجع سابق، ص 1

.459: ، ص2009املغرب ، ، الدار البيضاء ، 1مجعان بن عبد الكرمي، إشكاالت النص، دراسة لسانية نصية، املركز الثقايف العريب، ط 2


267

:ومطت مجيلة الساعي شفتيها الغليظتني، وتنهدت قائلة بتعجب

..الرجل جتاوز عمره الثالثني وأنت تتحدث عنه كأنه طفل ـ

:وحرك عمار احلر رأسه وقال

.1>> الشاعر ال يكرب يا مجيلة. .طفلفعال إنه ـ

لغته تتشكل من حركات جسمية أبدا ويظهر لنا من خالل حتليلنا هلذا املقطع احلواري، أن

الشخصيتان معا، وقد أدت هذه احلركات وظائف خمتلفة على مستوى احلوار فقد أجلت معانيه

؛ رى الشخصيتني عيانا أثناء احلواروأسعفت القارئ لفهمه على حقيقته؛ فأشعرنا السارد بأننا ن

فهم موقفها من عبد احلكيم الذي ميكننا من ) مطت مجيلة الساعي شفتيها الغليظتني( فعبارة

من ويظهر لنا. حركاا لفهمنا موقفها منه ر له الكره واالحتقار، ولو اكتفى السارد بذكرم ض ت

تؤكد أنه موافق لقوهلا يف أن صديقه طفل، ووظيفة هذه احلركة أاخالل حتريك عمار احلر لرأسه

.قوهلا

خصيات املتحاورة وهي تبدي بعض احلركات الش) هوامش الرحلة األخرية(وجند يف رواية

:اجلسمية أثناء حواراا املختلفة؛ فمن خالل كالم معمر اجلبلي مع ساجية قوله

:فيها حبنق صرخت <<

..جي أخر .. جي أخر -

:حركت رأسها وهي تردد بتحد

.118: ، ص2005لنشر والرتمجة، اجلزائر، ، دار احلكمة لد مفالح، رواية الوساوس الغريبةحمم 1


268

:قوله إىل... ال .. ال .. ال - .ابتعدي يا متهورة -

.1>>...املفجعتني، ومل تنطق بكلمة رفعت يف عينيها

.. ال (حركة الرأس اليت أبدا ساجية تدل على الرفض، وهي تؤكد قوهلا بالتكرار ويبدو أن

، لكن هذه احلركة زادت القول وضوحا، ولو اكتفى بقوهلا دون ذكر حركة الرأس ..)ال .. ال

الكالم ال ينتهي أثناء سكوت املتحاورين أن ظهرد والعدول، ويلكان الرفض ضعيفا قابال للرتد

.مادامت احلركات تصاحب الكالم

قنوطها ؛ وهذا يدل على)رفعت يف عينيها املفجعتني( :ويظهر من خالل حركتها يف قوله

ووظيفة حركة رفع العينني أا تعرب عن احلالة النفسية املرتدية وتكشف عن .وحزا واستسالمها

.ذلكقع رغم أن السارد مل يصرح بالوااستسالمها لألمر

وتظهر حركة هز الرأس بكثرة يف روايات حممد مفالح؛ ألن أفراد اتمع اجلزائري يعمدون

ه عموديا دل على املوافقة والقبول، وإذا كان أفقيا من اليمني إىل الرأس، فإذا كان هز إىل هز

يف هذا joseph Massinger ويقول جوزيف ميسينجر الشمال دل على الرفض وعدم القبول،

أو ... صحيح متاما هذا الشخص ينطق بكالم غري الرأس يدل مبدئيا على أن هز حركة بأن املقام

يف هذا احلوار م مع عباس الربي ، ويف رواية انكسار جند عبد القوي يتكل 2ه يشعر بقلق مضاعفأن

:من خالل قوله

؟املالنواجه الوالد ونطالبه ببعض ملاذا ال -<<

. 31، 30: د مفالح، هوامش الرحلة األخرية، صينظر حمم 1

.205، ص حممد حسني مشس الدين: ترجوزيف ميسينجر، املعاين اخلفية حلركات اجلسد، 2


269

:أمال عباس رأسه إىل اجلهة اليسرى

أو تريد أن نرثه وهو على قيد احلياة ؟ـ

:مث بسخرية

.أظن أن والدنا العزيز سيتزوج إحدى بنات سعيد احملامدي ـ

:قال عباس بلهجة هادئة ويف نيته إثارة غيظه أكثر

.ـ إنه يريد أن جيدد حياته

ـ ما العمل؟

:من ميناه مث خاطبه قائال بعصبيةقاطعه عبد القوي بإشارة

.. ـ ال

.1>> ..لن أنتظر وقتا طويالـ

ر ، تدل على التذم )أمال رأسه إىل اليسار( حركة اجلسم اليت أبداها عباس الربي ويظهر أن

أو : (لرفض لرأي أخيه، ولو اكتفى بقولهي وظيفة اواحلزن، وهي كافية جلواب عبد القوي، وتؤد

تؤكد لكن إمالة الرأس إىل اليسار. لكان اجلواب حيتمل املوافقة أو جمرد احلرية...) تريد أن نرثه

.رفض عرض أخيه مجلة وتفصيال

.92: سار ، ص، رواية انكينظر حممد مفالح 1


270

:الحوار تفاعل اجتماعي- 2

نسان عن بقية املخلوقات؛ ويقصد به التفاعل الواعي الذي يهدف احلوار ظاهرة متيـز اإل

هذا الدور بامتياز؛ ألن احلياة اليومي بني األفراد ل احلواروميث . لتجسيد التواصل بشىت أنواعه

واصل؛ ألن حيام تقوم على التفاهم توال يستطيع األفراد أن يقطعوا هذا ال. االجتماعية تقوم عليه

والتفاعل االجتماعي عملية يؤثر ا الناس يف بعضهم من خالل . بينهم لتحقيق املصاحل املختلفة

.1وردود األفعال تبادل األفكار واملشاعر

،ها تقوم على التفاعل اليوميفحياته كل نسان كائن اجتماعي وحواري بطبعه؛اإل الواقع أن و

معهم للوصول يتحاور ويتفاوض كارهم، وال يتقبل سياستهم، جتدهوإن كان هناك من يرفض أف

االجتماعي هو املوجه التفاعل << وميكن أن يكون . فاق وتعايش يضمن األمن بني الطرفنيإىل ات

.2>> إىل قبول اآلخر أو رفضه) أو اجلماعة(الرئيسي لسلوك الفرد

مبا حيويه منوال يتم توجيه سلوك الفرد إال من خالل احلوار اليومي بني األفراد؛ فاتمع

ة حياإىل تنظيم كل ذلك ي يؤد ؛املتعارف عليهاالقوانني االجتماعية وخمتلف ،الدين و العقيدة

. املنحرف إصالح سلوكه حماولة ما خالفها الفرد، بادر اآلخرون إىل؛ وكل اإلنسان

وجند ذلك واضحا يف اخلطاب الروائي الواقعي؛ الذي حياول نقل الواقع االجتماعي بكل

:املسن ووالده) عباس الربي( شخصية ومن أمثلة ذلك احلوار الذي جرى بني. جزئياته

ن والده الذي كان يرتدي قميصا أبيض وسرواال من النوع الشرقي وهو تبسم عباس واقرب م<<

:يقول له

.151: ، ص1959سلوي امللة ، دار الشروق، دون ذكر البلد، : ، علم النفس االجتماعي، ترالمربت وليم 1

.111: حممد حسن عبد العزيز، علم اللغة االجتماعي، ص 2


271

.اشتقت إىل رؤيتك... تتغري يا أيب مازلت يف صحة جيدة ـ مل

:مث قال له بلوم ... أشار خليل الربي إىل ابنه أن يدخل

...ـ أنا أعرفكم جيد لقد تنكرمت لألرض اليت جعلت منكم أناسا حمرتمني

م إليك بعض املال الذي بنيت به مركز الزنبقة، فكيف ختليت عين؟سل مل أ أ

:قال عباس مدافعا عن نفسه

.للثراء مازلت أحبك ولكين ال أرغب يف خدمة األرض اليت مل تعد مصدر. ـ مل أختل عنك

قلت لك مرارا ... أصبحت كاآلخرين جتري وراء الربح السهل . حقا ـ أنت شخص غريب

لقد ختليتم عين؛ أمك ...ساعدين يف خدمة األرض ولكنك ابن عنيد مل تستمع إىل كالمي

.1>> املتمارضة فضلت املدينة على حياة الدوار

إىل ) خليل الربي(االجتماعي حوارا هادفا؛ تسعى فيه شخصية األب ل هذا التفاعلوميث

واقع مباشرة؛ فسلوك االبن واألم غري حماولة تعديل سلوكات ابنه وزوجته؛ وهو حوار مأخوذ من ال

وقد كان حوارا حجاجيا؛ حيث عمد األب يف حواره ،سوي، وال يتوافق مع القيم ومع األعراف

جريا وراء الربحوحيدا ه أمهله وتركه يف أرضه ومن ذلك أن . إىل الربهنة إلقناع ابنه وتعديل سلوكه

.عنه والعيش يف املدينةلي زوجته باإلضافة إىل خت ،واملال الكثري السريع

ق التفاعل االجتماعي من خالل االتصال باآلخرين، ويقال والشخصية احلوارية هي اليت حتق

الشخصية اليت تساعد صاحبها على التكيف مع حميطه << بأا الشخصية السوية؛ يف تعريف

.64، 63: ، صحممد مفالح، رواية انكسار 1


272

أن حيدد موقعه يف باالتصال يستطيع الفرد ...ضرار باآلخريناالجتماعي وحتقيق السعادة دون اإل

كما أن نوعية االتصال هي اليت حتدد مدى مسامهة الفرد يف ... لزمان واملكان، ويف حياة اجلماعةا

.1>> دعم التفاعل االجيايب والتجانس والتواد بني املشاركني فيه

األفراد معاإلنسان كائن حواري؛ ال تقوم حياته وال تكتمل دون التواصل اليومي و

طبيعة االتصال ونوعيته هي اليت متكن الفرد من املشاركة يف الكالم مع واجلماعات؛ إال أن

واالتصال أنواع شىت؛ فمنه االتصال األسري والتعليمي يف املدرسة ويف العمل ويف الشارع . اآلخرين

من غري ذلك ويف التلفزة من خالل التحدث بني املشاركني يف موضوع اجتماعي أو سياسي أو

.املواضيع

فيستجيب ... لناس عن استعدادهم لالتصال باآلخرين، وبذل اجلهد للتفاعل معهم اويعرب

األفراد املتكلمون ملطالبهم، ويبدأ التفاعل ويستمر عندما يتلقى املشارك يف احلوار ما يبحث عنه

.2 فيه من معارف، ومن خالل ما يقدمه لآلخرين مما حيتاجون إليه أو يرغبون

وميكن أن يظهر االتصال االجتماعي جبالء يف العمل الروائي؛ ألن الروايات تم باتمع

من خالل حماولة املبدع نقل عيـنة عن شخصيات اتمع، وتصوير مهومهم ومشاكلهم املختلفة؛

:اريف هذا احلو ) علي العنكبوت(مع يتحدث ) عواد الروجي(جند ) بيت احلمراء(ففي رواية

ـ هل ستساعدين على حتقيق مشروعي ؟<<

ـ كيف ال أساعد ابن عرشي ؟

.54: عبد الفتاح، سيكولوجية االتصال واإلعالم ، صعبد الفتاح دويدار حممد ينظر 1



273

:بصوت خافت ) عواد الروجي(وقال

:وأردف قائال خبجل . ـ أنا يف حاجة إىل عربة

.ليس يل مأوى وال أملك ماال. ـ أنت أعلم الناس حبايل السيئة

:سكت علي العنكبوت مث سأله

ـ ماذا ستفعل بالعربة ؟

سأبدأ ببيع الفواكه حىت أربح ماال ... ا قررت أن أصبح تاجرا ... ـ سأعمل

.1>>...كثريا

ونفهم من هذا احلوار الذي بدأ نتيجة االتصال االجتماعي بني شخصيات الرواية،

الكالم إىل ر طرفا مشاركا، متقبال للحوار مع اآلخرين؛ فعواد الروجي بادر ميثل كل متحاو حيث

يف البداية مث شارك يف احلوار من خالل توجيه ي العنكبوت فكان طرفا مستمعاأما عل. أوال

.األسئلة للطرف اآلخر

وقد جنح احلوار؛ ألنه اعتمد على األسئلة واألجوبة، وجتاوب املخاطب مع املتكلم، ومل

قد دار الكالم حول قضية اجتماعية مهمة هي الفقر الشديدو . يعمد أحدمها إىل قطع احلوار

ورغبته امللحة يف العمل جعلته يقرتح على حماوره مشروعا ،الذي كان يعاين منه عواد الروجي

.يسرتزق منه

.146: ، األعمال غري الكاملة، بيت احلمراء، صحممد مفالح 1


274

ا يتم االتصال بني فمن خالهل ؛وتـعد اللغة عامال قويا يسهم يف نشوء احلوار االجتماعي

االجتماعية، هي إذا هي وسيلة فعالة يف تبادل املعرفة ويف توثيق أواصر الصلة <<أفراد اتمع و

وهي الوسيلة األساسية لكل عالقة اجتماعية قائمة عند اإلنسان يف مجيع مراحل ... حلمة اتمع

.1>> منوه

وملا كانت اللغة حتتل هذه الدرجة العالية، وجب على األفراد املتفاعلني امتالك قواعدها

ان الصم و البكم أقل الناس اتصاال ولذلك ك. واإلجادة يف التعبري من أجل التواصل مع اآلخرين

مع الغري إال يف جوانب حمدودة من احلياة؛ ألن اللغة كانت تعوقهم فال يستطيعون التعبري وإقامة

.االتصال مع اآلخرين وبالتايل يفشل احلوار بني هذه الفئة والفئات االجتماعية األخرى

دا يف اتصاله االجتماعي لبساطتها، اللغة غري اللفظية توفر للفرد وقتا وجه<< والواقع أن

وسهولتها، وعامليتها؛ وهلذا كانت وما تزال وسيلة عامة يف التفاهم؛ لكنها مل تتطور مع اإلنسان

بنفس السرعة اليت تطورت ا اللغة اللفظية؛ ألا لغة مادية حمسوسة، خالية من التجريد والتعميم<<2.

وحمللي اخلطاب، واملشتغلني يف حقل التداولية وكل هذا جعل علماء اللغة وعلماء النفس

يفكرون يف حتليل احلوار غري اللفظي، واالهتمام بلغة احلركات اجلسمية وكل اإلشارات ،وغريهم

اليومي بني األفراد اليت يبديها املتكلمون أثناء احلوار؛ ألن هلا أمهية كربى يف حتليل اخلطاب احلواري

. خالل تفاعل الشخصياتأو يف األعمال الروائية من

.59،60: ، ص1958، دون ذكر البلد ، 3فؤاد البهي السيد ، علم النفس االجتماعي، دار الفكر العريب ، ط 1



275

ل فهم الطرف اآلخر؛ ألن سه وتؤدي اللغة غري اللفظية وظيفة مهمة يف الكالم املنطوق، وت

عن مواقف معينة، فال جيد املتلقي عناء يف فهم واليعرب ونأغلب إشاراا عاملية يستخدمها املتكلم

نا االجتماعية املختلفة ال تعتمد عالقاتوالشك أن .نياملقصود، حىت ولو كان ال جييد لغة املتحدث

إمنا تستمد مقوماا كذلك مما نالحظه على وجوه الناس من << و ؛على اللغة اللفظية فحسب

وقد ... تعبريات خمتلفة تفصح عن أحواهلم العاطفية، ومما ندركه من إشارات اليدين وإمياء الرأس

املتكلم الفرد أن وهذا معناه ؛ 1>> جتتمع هذه األمور مجيعا حني خياطب الناس بعضهم بعضا

كثرية جسمية حني خياطب غريه؛ يبدي حركات خمتلفة حماوال التعبري عما يقول، ويبدي حركات

:ويظهر ذلك من خالل احلوار الروائي .دون اختيار بعضها ودون وعي منه أحيانا

مث سأل حممد " براس"طالبا منه فنجان قهوة صفق صاحل الوهبة للنادل فريد السينكو<<

:املريرة مبكر

ـ هل تنوي توطيد عالقتك ا؟

...ـ إا فتاة لطيفة ال تفارق االبتسامة شفتيها احملمرتني

:فرد حممد املريرة بضيق .ابتسم له صاحل الوهبة، مث سأله عن عالقته بنسيمة الرواسي

. ـ فتاة مغرورة إا تشبه والدها املتكرب

:ومط شفتيه مث واصل قائال مبرارة

.113حممد حسن عبد العزيز ، علم اللغة االجتماعي ، 1


276

.1>>...ـ أنا اليوم يف نظرها جمرم خطري

وقد عربت الشخصيات يف هذا احلوار عن آرائها واستعان بعضها ببعض احلركات اجلسمية،

هي حركة يستخدمها رواد تؤدي وظيفة تنبيه النادل، و) صاحل الوهبة(فحركة التصفيق اليت قام ا

.املقاهي لطلب القهوة وذلك لكثرة احلركة والضجيج

أما حممد املريرة فمط شفتيه، وهي حركة جسمية تدل على التعجب واالستنكار وعدم

االقتناع بأمر ما، وبدوا ال نفهم موقف الشخصية املتكلمة من اآلخرين، فكأن حممد املريرة

وهي حركة ضرورية أثناء الكالم، وبدونه . ، أو دعنا منها أو غري ذلكعجبا ألمر هذه املرأة: يقول

.قد ال يفهم معناها

:أهمية الصمت في بناء الحوار - 3

مببحث الصمت من يف العصر احلديث لقد عظم اهتمام علماء اللغة وحمللي اخلطاب

، ويسهم خالل حتليل اخلطاب ميختلف أنواعه؛ ألنه أصبح يشكل بنية مهمة يف احلوار االجتماعي

املنطوق من جهة، وألن له وظائف خمتلفة يؤديها على مستوى التفاعل يف تشكل لغة اخلطاب

. جهة ثانية مناليومي بني األفراد

حصر ف ،قد أمهل ظاهرة الصمتلغة البنيوي علم ال أن إىل ويشري حممد حسن عبد العزيز

عرف تعريفا سلبيا، فقيل بأن مدلوله يعين وكان ي . ه عالمة مميزة لبداية الكالم أو ايتهوظيفته يف أن

فالصمت ؛حقه هال يوفيسليب؛ ألنه للصمت السابق التعريف إن والواقع، ،2فقط غياب الكالم

.31:حممد مفالح، سفاية املوسم، ص 1



277

القول كما ورد يف أحيانا ألنه يدل على شيء ما، وقد يكون جوابا .بنية مهمة يف الكالم املنطوق

.>>السكوت على األمحق جوابه <<: املأثور

كناحية مهمة من نواحي ة الصمتأمهية دراساملعاصر علم اللغة االجتماعي وقد أدرك

، والصمت عن صمت يف أثناء الكالمال: الباحثون من ناحيتني هوقد تناول. االتصال اإلنساين

الكالم؛ واالختالف بني املفهومني شاسع؛ ألن الصمت أثناء الكالم له داللة ختتلف عن الصمت

.1>>كونه قد يكون معربا عن معان ذات عالقة بالنصسفاجلسم يف حال << مطلقا؛

وال ميكن أن . طول الصمت يف احلوار قد يؤدي إىل امللل والفتور وإاء الكالم كما أن

يقوم حوار اجتماعي أو روائي دون أن يتخلله الصمت؛ ألن الصمت بنية مهمة تسهم يف تشكيل

فيما يقول؛ ويقصد حىت يفكر اللغة احلوارية؛ ألن اإلنسان بطبعه مفطور على الصمت، ال يتكلم

توقف زمين قصدي، خيرتق كالم الشخصيات يف املشهد، ويكون لقصديته << يبالصمت احلوار

. 2>> أثر يف توجيه احلوار واستمراره وداللته

.وقد يصرح الراوي بذلك الصمت ببعض األلفاظ، وقد يشري إليه ضمنيا، وقد يأيت مضمرا

وللصمت وظيفة مهمة إذ يسهم يف بنية لغة احلوار، ولغة السرد على السواء؛ لذا جيب على حمللي

اخلطاب االهتمام ذه البنية املهمة؛ ألن الصمت يسعف حملل اخلطاب على فهم معىن اخلطاب،

وغالبا ما يكون من أحد األطراف املتحاورة مقصودا؛ ألنه يؤدي وظيفة إفهامية للطرف اآلخر،

.، فهو كالم لكنه غري منطوقا مثل الكذب أو اخلوف أو غري ذلكوقد يدل على شيء م

:وللحوار الصامت أشكال كثرية أشار إليها فاتح عبد السالم نذكر منها

.458: ، صإشكاالت النص، عان بن عبد الكرميمج 1

50: ، ص1999، األردن 1املؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط، احلوار القصصيفاتح عبد السالم، 2


278

ـ استخدام التنقيط عالمة دالة على الصمت، وعلى الطرف الثاين أن يفهم مقصد : أوال

.1له الطرف األول حىت جييبه على قدر فهمه

نهم حممد مفالح على سبيل يستخدمون التنقيط الدال على الصمت، وم وجند جل الروائيني

، من خالل املشهد احلواري )هوامش الرحلة األخرية(ذي جيسد ذلك بامتياز يف روايته الو ، التمثيل

:الذي دار بني معمر اجلبلي، وساجية اليت وجدها بعد طول انتظار

حالك ؟كيف .. صباح اخلري -<<

:، وقالت يل عينيها احلادتني ركزت يف

.أعرفكأنا ال .. ابتعد عين -

: متتمت

.الذهاب معي إىل الصحراء أردت -

:صاحت يف

.رجلاخجل من نفسك يا .. أنت جمنون -

كان من بني زمالئي يف فرنسا، أنصيت إيل ،أنا أعرف والدك -

....أحببت أن -

:قاطعتين ساجية طالبة النجدة

.50: ينظر فاتح عبد السالم ، احلوار القصصي، ص 1


279

. 1>> أين أنتم ؟.. يا ناس .. يا ناس ـ

ويظهر من هذا املقطع، اعتماد الطرفني املتحاورين على الصمت من خالل الفراغ الذي

رمسه الروائي أثناء احلوار، وتنبين اللغة من كالم صامت غري منطوق لسبب ما؛ ففي قول معمر

م نفسه أو أن يعتذر هلا، مث سأهلا عن قد اها مث صمت قليال، ولعله أراد أن ي حي ) ..صباح اخلري(

)كيف حالك ؟ ( حاهلا

قد ؛غري منطوق حمذوف كالم ن، يدل الفراغ والصمت ع.. )ابتعد عين ( وملا أجابته

ألنه طردها من شاحنته يف أول لقاء ؛يا نذل ، أو يا حقري، أو غري ذلك؛ فهو انتقام منه( يكون

باحلذف؛ تدياالسر الفراغ يف صطلح علىي و .)أنا ال أعرفك : ( جاهله بقوهلامعها، وهاهي تت

.ألن الروائي حيذف بعض الكالم ويعرب عنه بتلك النقاط

،الدك كان من بني زمالئي يف فرنساأنا أعرف و : ( ا تأملنا قول معمر يف آخر احلوارإذ و

يشر أنه كان يعرفها ، قد يدل الفراغ على كذب معمر؛ ألنه من خالل الرواية، مل .. )أنصيت إيل

.أو يعرف أباها

: ، منهاالل الفراغ على معاين ال حصر هلاقد يدل الصمت من خ.. ) أحببت أن: ( وقوله

.ذلك، أو غري )، أو أن آخذك معي أحببت أن أعتذر لك(

:استنتاجه، فيدل على كالم غري منطوق ميكن .. )يا ناس : (أما الصمت يف قوهلا

.أنقذوين، خذوا بيدي من هذا الرجل اللئيم، أو ما شابه ذلك

. 95، 94: ، ص 2012، ، منشورات دار الكتب، اجلزائر، رواية هوامش الرحلة األخريةحممد مفالح 1


280

و يؤدي الصمت يف احلوار الذي تعرب عنه نقاط احلذف وظائف خمتلفة، منها إشراك املتلقي

ه يـتمم احلوار، ويعرب يف عملية اإلبداع، وذلك من خالل ملء الفراغ مبا يناسب، ومن وظائفه أن

ىت يف الكالم لتايل يف تشكيل بنية اللغة احلوارية يف القصة والرواية، وحبايسهم بلغة غري منطوقة، و

.اليومي بني األفراد

: الصمت سيشغل مساحة معينة يف احلوار، فيقول مثال أن إىل قد ينبه الراوي: ثانيا

إىل الصمت الذي كلها ، وهذه األفعال تشري... ، وأطرق قليال، ومل جيبوصمت، وسكت

. 1ريتخلل احلوا

: ومن ذلك قول السارد يف رواية عائلة من فخار

: وأطرقت حلظة مث أضافت <<

2>>جدك كان رجال غريب األطوار . ـ امسعي إيل جيدا

صمت خروفة يدل على تفكري ال خيلو من الوساوس والرتقب واخلوف؛ ألن والشك أن

.التهمة ختص خطيبها جياليل العيار

:بني معمر اجلبلي ونادل املقهىاحلوار هذا جند يفمن أمثلة الصمت ما و

.أمواال طائلة من شغلكم يف اجلنوبأعلم أنكم جتنون ـ<<

. 52: ينظر فاتح عبد السالم، احلوار القصصي، ص 1

. 16: ، ص 2008حممد مفالح ، رواية عائلة من فخار ، دار الغرب للنشر والتوزيع ، وهران ، 2


281

: ، مث تابع قائال ـ مل أعلق على كالمه

... ـ أرسلت طلبا إىل شركة سوناطراك

:صفق صاحب املقهى، وزجمر قائال بسخط

. 1>> يا ولدـ ماذا تفعل ؟ حترك

، وميكن)مل أعلق على كالمه (الصمت الذي رافق احلوار بقوله لقد أشار السارد إىل ذلك

احلمد هللا : ، أو يقول له حسبنا اهللا ونعم الوكيل، لريد العني: للمتلقي تأويل الصمت فيقول مثال

...أنت خمطئ يف تصورك يا ولدي : على نعمه، أو يقول له

، قد يؤدي وظيفة اختصار الكالم، ويسهم بالتايل يف ذه احلاالتوالصمت يف مثل ه

لكن السارد يف روايات حممد مفالح ال يعلن دائما على الصمت . رديتشكيل بنية لغة احلوار الس

الكالم حذفظهر من خالل النقاط الدالة على ي وأالذي يرافق احلوار، فقد يأيت ذلك تلقائيا،

. املسكوت عنه

وقد يأيت الصمت يف احلوار بلغة غري ملفوظة من خالل اإلشارات واإلمياءات اليت :ثالثا

اجلسمية اإلشاراتيبديها أحد املتحاورين، عن طريق احلوار غري اللفظي؛ ويكون من خالل

الفردية، واليت منا أكثر يف مبحث احلوار غري اللفظي وخيتص ا بعض األفراد أثناء الكالم

ما جاء يف ومن أمثلة ذلك. 2حركات اليد، وهز الرأس، وتضييق العينني وغري ذلك اليومي؛ ومنها

: حوار ميينة مع ابنتها يف رواية عائلة من فخار

. 10، 09: حممد مفالح ، هوامش الرحلة األخرية ، مصدر سابق ، ص 1

. 455: ص )ة لسانية نصيةدراس(مجعان بن عبد الكرمي، إشكاالت النص، 2


282

ـ هل من جديد ؟<<

: خروفة ميناها على جبينها العريض، وقالت يف ضجر وضعت

...ال توجد مناصب شاغرة هلذه السنة .. ـ كالعادة

:وقالت هلا بثقة ، تنحنحت ميينة

>>أنت صاحبة شهادة هامة، ستسمح لك بالعمل قريبا .. ـ ال ختايف1.

كانت قد "خروفة"ـوقد جاءت احلركات واألصوات واإلشارات، بديال عن الصمت؛ ف

تنحنحت، وهو "ميينة"وضعت ميناها على جبينها، فهذا صمت يدل على الضجر وامللل، و

ثبتت وجودها يف احلوار مع من خالل ذلك، وأ "خروفة"نتباه صمت مألت به الفراغ، وقد لفتت ا

.ابنتها

قد يكون احلوار الصامت من خالل مكاملة هاتفية بني متكلمني، حبيث يظهر الراوي : رابعا

كالم أحدمها ويضمر كالم اآلخر؛ فالصمت يف هذه احلالة يدل على كالم مل يشأ الراوي إظهاره

، من خالل احلوار الذي جرى بني "انكسار"ومن أمثلة هذا النوع من الصمت ما وجدناه يف رواية

:وعبد القوي الذي بدأ الكالم عباس الربي

مث قفز ... أقول يا عباس ؟ ما مت لن يهدأ يل بال حىت آخذ نصييب من املال، أفه <<

:، وخاطب عباس بغضب واقفا

.ـ لن أمسح لكم بتنفيذ مؤامرتكم الدنيئة

14: ينظر حممد مفالح، رواية عائلة من فخار، ص 1


283

:ورد على املكاملة قائال برقة .. مث أخرج هاتفه احملمول

.1>> ظريين يف ساحة أودانانت.. ال تقلقي .. ـ شاهيناز

حوارمها اهلاتفي قد ويلحظ من خالل هذه املكاملة اهلاتفية بني عبد القوي وشاهيناز، أن

لزمه صمت شاهيناز؛ ألن الراوي مل يشر إىل أي كلمة منها، لكن صمتها املضمر يتضمن كالما،

أن ألتقي بك اليوم ؟ أين؟ صباح اخلري، أين أنت يا عبد القوي ؟ هل ممكن : ؤوله مثال نميكن أن

الذي ذكر اسم املرأة وضرب معها) عبد القوي(لكن السارد أضمر كالمها، واكتفى بذكر جواب

.موعدا

:لي اخلطاب، يؤدي الصمت ثالث وظائف أساسية أخرى هيواستنادا إىل حمل

.م من أخذ نفس واسرتاحة قليلة ن املتكل ـ وظيفة فيسيولوجية؛ متك 1

فة معرفية؛ تسمح للمتكلم أثناء احلوار أن خيطط لألمام، أي يفكر ملا يريد قوله ـ وظي 2

. واإلجابة عنه، حىت ال يقع يف إحراج أثناء احلوار املباشر

ـ وظيفة اتصالية؛ وتسمح للمتكلم أن يبلغ ما يريد من أفكار باإلشارة أثناء الصمت أو 3

سواء كان ذلك يف احلوار اليومي أو يف اخلطاب ؛2)املخاطب(أثناء الكالم إىل الطرف اآلخر

.معينةالشفوي أو املكتوب، إذا دلت عليه قرائن أو مؤشرات

. 93: ، رواية انكسار، صينظر حممد مفالح 1

: ، ص2002، القاهرة، ط -دنازك إبراهيم عبد الفتاح، مشكالت اللغة والتخاطب يف ضوء علم اللغة النفسي، دار قباء 2

70 ،71 .


284

ي وظائف خمتلفة، فهو يسهم يف الصمت من خالل احلوار يؤد ا هو جدير بالذكر، أن ممو

من الصمت أبلغ (قيل قدميا تشكيل بنية لغة احلوار والسرد معا، كما خيتصر الكالم، وقد

ه ميكـن املتلقي من مأل الفراغ، واملشاركة يف السرد، وإفهام الطرف اآلخر بلغة ختلو ، كما أن )الكالم

. من التصريح املباشر

:ـ الحوار من خالل حركات الجسم 4

اإلشارات اجلسمية كثرية، وغالبا ما تصحب اللغة املنطوقة أثناء الكالم، وتدخل الشك أن

ولوحظ أن ... هذه اإلشارات ذات أمهية يف حتليل النص املنطوق <<حلوارية، وضمن بنية اللغة ا

هذه اإلشارات تزيد يف التواصل اللغوي ذي الوظيفة االجتماعية، وتقل يف أنواع أخرى من

بعض األحيان يف الوصول إىل املعىن النصوص الشفهية، لكن إغفاهلا عند التحليل قد يؤثر

>>املقصود1.

تصاحب الكالم اليومي، ،اإلشارات واحلركات اجلسمية باختالف أنواعها وكثراومعلوم أن

.نعدها بنية مهمة ضمن بنيات احلوار اإلنساين وتظهر جبالء من خالل حوار األفراد، ونستطيع أن

مستفيدا من غريه إىل قد قسم مجعان عبد الكرمي اإلشارات اجلسمية املصاحبة للنص اللغوي و

:أربع أنواع

وهي إشارات تصاحب الكالم وتأيت بصورة :اإلشارات الجسمية اإلنسانية العامة – أ

.وتعرب عن احلاالت النفسية الناجتة عن احلياة االجتماعية ،عفوية وتشرتك فيها مجيع الشعوب

وهي إشارات ختص شعبا معينا أو طبقة خاصة أو :سمية الخاصةاإلشارات الج – ب

.وخيتلف تفسريها من ثقافة إىل أخرى ، ا يف جمتمع ماقوم

4531: ، صص، إشكاالت النمجعان بن عبد الكرمي 1


285

يبديها بعض األفراد وهي عبارة عن حركات وإشارات :اإلشارات الجسمية الفردية - ج

.خدام اليد واألصابع أثناء الكالم، وغالبا ما تكون مبتكرة مثل استأثناء كالمهم

جسمه تخدما بعض أعضاء وهي إشارات يقوم ا الفرد مس: اإلشارات التوضيحية – د

، و يكون ذلك يف الكالم اليومي، وأيضا من 1، لتوضيح شيء ما أو شرح موقف معنيمثل اليدين

خالل احلوار يف الفنون السردية، لكن األديب املمتاز هو الذي يعبـر عنه و يشعرنا به من خالل

.اللغة واألوصاف املختلفة اليت يقدمها عن الشخصيات املتحاورة

ن احلركات اجلسمية واإلشارات هي بنيات مهمة من بنيات اللغة أثناء ويستفاد مما سبق، أ

احلوار، وأا ختتلف من جمتمع آلخر، واتمع اجلزائري من اتمعات اليت يستخدم أفرادها

.ا سكان الناحية الغربية من الوطنحركات األيدي واألصابع أثناء الكالم، السيم

شخصيات حممد مفالح اليت وظفها يف رواياته، واليت وسنويل يف هذا املبحث عناية أكثر ب

وسنركز دراستنا يف هذا . عن واقعها املعاش، ويعرب "غليزان"حاول أن يستنسخها من واقع مدينة

نص الروائي، ومن أهم هذه اليت تسهم يف تشكيل بنية لغة ال دأهم أعضاء اجلس لىاملبحث ع

:اجلسمية األعضاء

:تعبيرات الوجه – 1

يـعد الوجه من بني أهم أعضاء اإلنسان، وغالبا ما يكون ناطقا أو يؤدي بعض اإلمياءات

د يف ر للتعبري على شيء ما؛ ألنه مبثابة املرآة اليت تعكس الصور، ولغته صامتة غري لفظية، كما و

ظهر في فلتات ما من رجل أضمر شرا إال و : (( عن اإلمام علي كرم اهللا وجههاحلكمة املأثورة )). لسانه وقسمات وجهه

.456، 455: بن عبد الكرمي، إشكاالت النص، ص مجعان1


286

فهناك مؤثرات ؛معىن اجلملة ال يتحدد دائما وبشكل مطلق مبفرداا ومعناها القواعدي<<و

من انفعاالت الوجه، وكثري... ليال أو كثريا، ومن هذه املؤثراتخارج اجلملة قد تؤثر يف معناها ق

االنفعاالت يف الشكل الذي تتخذه الشفتان كما تظهر... هذه االنفعاالت تظهر يف العينني

.1>> سرورا أو حزنا

:حركات العينين – 2

غالبا ما تؤدي حركة العني لغة خاصة تعرف بلغة العيون، وكلما تغريت حركتها من وضعية

يصاحبها أو إنكار أو غري ذلك، استغراب سؤال أو<<ألخرى؛ فإا تفيد معىن معينا؛ فأثناء أي

تعبريات الوجه؛ ففي السؤال يكون هناك رفع للحاجبني قليال إىل الوراء وفتح مع سكون حلظي

.2>>حلدقة العني، مع شد عضالت اجلبهة إىل اخللف، وهذا الوضع يزيد شدة التعجب واإلنكار .وكثريا ما تستخدمه الشخصيات املتحاورة يف اخلطاب الروائي وغريه

يف بعض املواقف أثناء حوار هذا النوع من احلوار غري اللفظي فوكان حممد مفالح يوظ

زيارة الشخصيات، ومن أمثلته ما دار بني عباس الربي و كاتبة الوزارة اليت تكلم معها طالبا

:صديقه الذي يشتغل ا

:استقبلته السكرترية احملجبة بابتسامة باهتة فقال هلا بأدب جم <<

حركت السكرترية . أريد مقابلته.. السيد فايز أنا عباس الربي صديق -

:حاجبيها املقوستني بعناية وقالت له بسرعة .إن السيد الشكوري يف مهمة -

. 70: ص 2001، دار الفالح صويلح ، األردن ، )علم املعىن ( حممد علي اخلويل، علم الداللة 1

.457: مجعان عبد الكرمي، إشكاالت النص، مرجع سابق، ص 2


287

:قال هلا عباس بلطف

.لقد وعدين مبقابلته يف أي وقت -

: هزت السكرترية رأسها متعجبة وقالت له بربودة

.1>>سيستقبلك بعد عودته

هز الرأس يدل مبدئيا على أن هذا ن إ<< joseph Massingerويقول جوزيف ميسينجر

أو أنه يشعر بقلق ... الشخص غري واثق من نفسه، أو أنه ينطق بكالم غري صحيح متاما

2>>مضاعفأتعجب من تصرف السيد الشكوري (حركة هز الرأس لغة غري منطوقة مفادها ف ؛

وميكن أن تكون فكانت حتس باحلرج يف موقف كهذا) د معارفه بالزيارة وخيتبئ يف مكتبه؟ع الذي ي

.غري متأكدة وغري واثقة من نفسها، وقد تكون كذبت عليه، وقد فضحتها تلك اإلمياءة

كت الكاتبة حاجبيها؛ ونفهم ر ، ففي البداية ح"حركات العني" إىل هذا احلوار أيضا شريوي

ن يقصدون مكتب الوزارة يوميا لقضاء من ذلك أا عربت عن تذمرها ومللها من كثرة الزوار الذي

.مصاحلهم، وهذه الظاهرة مألوفة يف اإلدارات واملكاتب العامة

:الرأس حركة هز –3

هو عضو يضم الوجه "الرأس" من الصعوبة مبكان أن نعزل هذه األعضاء عن بعضها؛ ألن

عضو يشتغل ويؤدي نا نعزهلا فقط لكي نعاين لغة كل حركة على حدة، وألن كل والعينني؛ لكن

.وظيفة لغوية معينة أثناء كالم األفراد

. 88، 87: ، مصدر سابق ، ص حممد مفالح ، رواية انكسار 1

. 205حممد حسني مشس الدين، ص : ، املعاين اخلفية حلركات اجلسد، ترجوزيف ميسينجر 2


288

شخصيات حممد مفالح الروائية، قد عمدت إىل حركة هز الرأس وقد أشرنا سابقا إىل أن

هذه احلركة وهي تغين عن اجلواب أحيانا، ومن أمثلة ) شعلة املايدة(بكثرة، وقد ظهرت يف رواية

:)الشيخ التوايت(مع ) راشد(حوار ذلك

: وقال له الشيخ التوايت بإعجاب<<

.أنت من قبيلة عتيدة -

:وهز رأسه مث تابع قائال

أتعلم ... أتعلم، أن من يتوىل قيادة هذه القبيلة يصبح مؤهال لتويل منصب الباي -

ذلك ؟ .1 >>هز راشد رأسه دون أن يتكلم -

الذي يقوم حبركة هز الرأس أن إىل joseph Massingerجوزيف ميسينجر ويشري

ه منشغل بشيء ه ال يسمع من خياطبه؛ ألن الدالة على املوافقة أثناء االستماع بصورة عفوية؛ أن

. 2آخر، ولو طلب منه إعادة الكالم سيلجأ إىل الكذب

ي هذه احلركة وظيفة الكشف عن لكن حركة هز الرأس اليت أبداها دليل على املوافقة، وتؤد

يوجد حوار تصاحبه ) رواية عائلة من فخار(ويف ). الشيخ التوايت(أمام ) راشد( أدب وأخالق

:احلركات اليت كانت تبديها خروفة يف حوارها مع جياليل العيار الذي خاطبها قائال

.أخفيت عين بعض أسرارك - <<

39: ، ص2010مد مفالح، رواية شعلة املايدة، دار طليطلة للنشر والتوزيع، اجلزائر، حم 1

. 207: حممد حسني مشس الدين، ص: ينظر جوزيف ميسينجر،املعاين اخلفية حلركات اجلسد، تر 2


289

:مررت خروفة ميناها على وجهها الدائري مث سألته باستنكار

تتحدث ؟عن أي أسرار ـ

أمل تكن لك عالقة بأستاذ جامعي ؟ـ

..يف وجه الكهل وضعت خروفة ميناها على جبينها العريض وراحت حتملق

:إىل أن قال هلا

حتبينه ؟ أمازلت -

:فطأطأت خروفة رأسها، وقالت له بصوت خافت

>>هل أصبحت حتقق يف ماضي ؟ 1.

،لقد اعتمدت خروفة على حركات جسمية يف حوارها مع خطيبها جياليل العيار

أستنكر : له وقد أدت كل حركة وظيفة معينة؛ فعندما مررت ميناها على وجهها كأا كانت تقول

، ونلحظ أا مل جتبه مباشرة على سؤاله، ألا كانت ختفي عنه سر عالقتها برجل ما تتهمين به

مباشرة، فقد وضعت ) ال(أو ) نعم(وملا سأهلا عن عالقتها بأستاذ جامعي، مل جتبه ب . آخر

غريب أمرك كيف عرفت ذلك ؟ ووظيفة : ميناها على جبينها العريض وكأا تقول له بتلك احلركة

.هذه احلركة أا كشفت عن دهشتها وعجبها، وهي جواب غري لفظي

: ، وكأا تقول له)ن طأطأت رأسها أ( ان جواا األول أمازلت حتبينه ؟ ، فك: وأما قوله هلا

وقد أكد .روب من الواقعاهلعن ) طأطأة الرأس( حركة ؟ وتعرب حترجين ذا السؤال جلتين، أو مل أخ

. 82،83: خار، مصدر سابق ، صحممد مفالح، عائلة من ف 1


290

الذي يدير رأسه أثناء كالمه، مبعدا نظره عنك تدل متاما على أن هذا بعض علماء النفس أن

. 1أو أنه ينطق بكالم غري صحيح الشخص غري واثق متاما من نفسه

وقد أدت هذه احلركة اجلسمية وظائف سردية مهمة على مستوى احلوار منها أا تعد أجوبة

صامتة، تغين عن اجلواب اللفظي أحيانا، وكانت تكشف عن شخصية خروفة ومواقفها وأسرارها؛

.ااألن السارد مل خيرب عن ذلك أثناء احلكي، وكان يكتفي بذكر تصرف

:الحوار من خالل حركات الجسم األخرى –5

وهي حركات متعددة، قد تصاحب الكالم امللفوظ غري األعضاء اليت حتدثنا عنها، كتحريك

.األيدي واألصابع ووضع األيدي يف أماكن خمتلفة من اجلسم

قوله وقد تنوب تلك احلركات عن اللغة املنطوقة بإشارة يبديها املتكلم، ليفهم املرسل إليه ما يريد

. من غري كالم صريح

شيئا من ذلك، وهذا من خالل حوار عباس الربي مع "انكسار"وقد وجدنا يف رواية

- :قائلة حبزن اليت بدأت احلوار "جويدة"صديقته .أسئلتك سأجيبك بصدق عن كل

:وضع عباس يديه حتت ذقنه وسأهلا -

من يكون هذا الرجل الذي طلب مين أن أبتعد عنك ؟ -

.لست أدري قد يكون أحد معاريف -

..ض عباس وأومأ إليها أن جتلس

. 205: ، صحممد حسني مشس الدين: اجلسد، تر ينظر جوزيف ميسينجر،املعاين اخلفية حلركات 1


291

...ولكنها هزت كتفيها وحتركت حنو الباب

...مل تنبس جويدة بكلمة، ولكنها رمته بنظرة قاسية

.كلنا ضحايا ... -

.1زت جويدة رأسها وركبت سياراه

وضع عباس يديه حتت ذقنه وسأهلا عن (لني عبارة ل هذا احلوار، متأم وإذا أردنا أن حنل

ال أستطيع أن أصدقك أو أثق فيك، : جند تلك احلركة رسالة غري ملفوظة، وكأنه يقول هلا ) الرجل

ا ال نشعر عباس الربي، وبدو وهذه احلركة اجلسمية قد صاحبت كالم.أو أنت خمادعة وكاذبة

.مبوقفه من هذه املرأة

؛ حركتني جسميتني من )وأومأ إليها أن جتلس ولكنها هزت كتفيها : (ويظهر يف عبارة

هزت ( كأا قالت له عندما و . اجلسي من فضلك لنتصاحل: كأنه قال هلاشخصني خمتلفني، ف

. ال أستطيع أن أبقى مع رجل مثلك) كتفيها

ذه احلركة على عدم الرغبة يف مواصلة الكالم، فقد أغنت احلركتني اجلسميتني عن وتدل ه

الكالم بني الطرفني، لكنهما تؤديان طلبا وجوابا يف صمت تام؛ ويشري بعض الدارسني الغربيني أن الذي يرفع غالبا كتفيه إىل األعلى إمنا يؤكد على حرية وعجز عن اختاذ أي قرار، إا حركة <<

وقد تقوم بالتقليل من أمهية احلدث أو التخفيف من ... لى حرية وليس على عدم اكرتاثتدل ع

. 2>> املرارة النامجة عن خيبة األمل

.101: ينظر حممد مفالح ، رواية انكسار ، ص 1

205: حممد حسني مشس الدين ، ص: ينظر جوزيف ميسينجر،املعاين اخلفية حلركات اجلسد، تر 2


292

حبركة جسمية غضب الرجل ويأس املرأة هو الذي جعل كليهما يصمت، ويعرب شك أن وال

هزت جويدة رأسها وركبت ( وكذلك تدل احلركة اجلسمية األخرية اليت أوردها السارد . غري منطوقة

: ، كأا تقول له ذه احلركة )سيارا

.) غريب األطوار رجل أنت جمنون، أو أنت(

الثقة وهناك من فسر حركة هز الرأس يف موقف كهذا بأا تدل على أن هذا الشخص عدمي

.1 بنفسه أو أنه يشعر بقلق مضاعف من خالل تصرفه

عض <<يقرأ جريدة، فيفاجأ خبرب وفاة أحد جريانه فـ "عباس الربي"وجند يف الرواية نفسها

حلركات اجلسمية اليت فهذه ا. 2>>عباس شفته السفلى، مث وضع كفه على جبينه، واستغفـر اهللا

إن : ، فكأنه قال ملا عض شفته السفلى لنفسه لكنه غري منطوقم قاله ، إمنا هو كالأبداها عباس

وقد تدل حركته الثانية ملا ) ملاذا مل أمسع مبوت جارنا ؟ :( املوت يرتبص بكل حي، أو رمبا قال

:على ندمه وحريته، فكأنه كان يقول ) وضع يده على جبينه (

) .كلنا سنموت ال حمالة: ، أو يقول اهللا يرمحك يا جاري (

هذه احلركات اجلسمية قد حتدث ال إراديا، وخيتلف حدوثها من شخص آلخر، وغالبا ن إ

.ما حتدث أثناء تواصل اإلنسان وحواره مع غريه

. 205: ، صحممد حسني مشس الدين: اجلسد، تر املعاين اخلفية حلركات ينظر جوزيف ميسينجر، 1

.105: ينظر حممد مفالح، رواية انكسار، ص 2


293

لني وانتهاء بقذال ج تعرب أوضاع اجلسم املختلفة عن إشارات داللية معينة، بدءا بالر << و

وعليه جيب أن ندخل .1>>معانالرأس، بل إن اجلسم يف حال سكونه قد يكون معربا عن

اإلشارات املختلفة واإلمياءات، وخمتلف احلركات اليت يستخدمها املتكلمون بقصد أو بغري قصد

كبري يف إيضاح املعىن على بقسط تسهم هذه احلركات ألن ؛ضمن بنية لغة اخلطاب احلواري

.، ألا توضح بعض األشياء اليت يعجز الكالم على بيااحقيقته

واإلشارات اليدوية والتعبريات اجلسدية املختلفة احلركات املصاحبة للكالم<< الواقع أنو

تساهم بشكل فعال يف نقل الرسالة –على تنوعها واختالفها –وباقي األيقونات التواصلية

. 2>>املتلقي/ اللغوية وتعزيزها، وتسهيل عملية فهمها من قبل املستمع

أن أهم وظيفة تؤديها تلك احلركات واإلشارات، هي نقل الرسالة ويستفاد من هذا القول

ا وفهم معانيها؛ ألن الكالم وحده من من املتكلم إىل املتلقي، وتسعف هذا األخري يف فكشفرا

دون إشارات قد يكون غري واضح أحيانا، لكن تلك اإلشارات تـكمـله وتعزز فهم املخاطب، كما

أن هذه الفئة تلك اإلشارات وحدها غري كافية يف عملية التواصل إال يف لغة الصم البكم علما أن

.وبة يف التواصل مع أفراد اتمعجتد صع

: ـ أهمية الحركة الجسمية في تفسير المواقف الحوارية 6

يستخدم مني؛ لذامبقاصد املتكل -يف أحايني كثرية–لغة احلوار قد ال تفي الشك أن

توضيح املتحاورون احلركات اجلسمية املختلفة إلفهام الطرف اآلخر، وتعمل تلك اإلشارات على

.458: مجعان عبد الكرمي بن عبد الكرمي، إشكاالت النص، مرجع سابق، ص ينظر 1

: ، ص2013عمان 1ة للنشر والتوزيع، طدار كنوز املعرف –دراسة لسانية –، التواصل اإلنساين ي علويإمساعيل احممد 2

60 .


294

شفاهة احلوار املباشر تزخر باالنفعاالت، وتؤازرها عادة ألوان <<ـاملقاصد، واختصار الكالم ف

الشفاه مثل حركات اليد والعينني وخلجات speech actsدة ومتضافرة من أفعال الكالم متعد

.1>>وتغيري مالمح الوجه وأوضاع البدن

ني اثنني أو أكثر، يقوم على الفعل ورد الفعل احلوار الشفهي املباشر بني متكلم ويبدو أن

من خالل الكالم حول موضوع ما، ويستخدم كل طرف من األطراف املتحاورة بعض احلركات

.اجلسمية لتسهيل الفهم وتقوية الثقة بالنفس

الطريقة اليت نتحدث ا قد يكون هلا << وتؤدي تلك احلركات وظائف لغوية معينة ؛ ألن

قيمة أكثر من الكالم الذي نقوله، من حيث حركات اليد وتعبريات الوجه، ومستوى ارتفاع

. 2>> الصوت وسرعة تدفق الكلمات والتعبريات أو بطئها

؛ أثناء املفاوضات تلك احلركات اليت تصاحب املتكلم احلديث على طاباخلو ل ويركز حمل

ألن هلا تفسريا خاصا ووقعا معينا؛ فاملفاوض ختونه اللغة، فيبني موقفه من خالل تلك اإلشارات

.طاولة املفاوضات السياسية وغريهااجلسمية املختلفة اليت يبديها وهو على

ه قدميا إىل هذه اخلاصية احلوارية اليت لع على كتب الرتاث العريب، سيجد اجلاحظ قد نب واملط

ومجيع أصناف الدالالت على املعاين من <<: تعد جزءا مهما من بنية اللغة احلوارية حيث قال

.234: ، ص2001، الكويت، يناير 265ر املعلومات، سلسلة عامل املعرفة، عدد نبيل علي، الثقافة العربية وعص 1

، 1994الكويت، 190املعرفة عدد حسن حممد وجيه، مقدمة يف علم التفاوض السياسي واالجتماعي، سلسلة عامل 2

29: ص


295

لفظ وغري لفظ مخسة أشياء ال تنقص وال تزيد، أوهلا اللفظ، مث اإلشارة، مث العقد، مث اخلط، مث

.1>>... احلال وتسمى نصبة

اإلشارة بنية مهمة يف الكالم احلواري وغريه، و جيعل اإلشارة ويدل كالم اجلاحظ على أن

املصاحبة للفظ يف املرتبة الثانية، وذلك ألمهيتها يف تفسري اللفظ وتقوية الداللة واإلعراب عن

.موقف املتكلم أثناء احلوار

، وهي تصاحب يف أغلب وقد أوضحنا سابقا بأن اإلشارات اجلسمية هي كالم غري ملفوظ

األحيان احلالة احلوارية، وإن كان احلوار املكتوب يفتقد إىل هذه اخلاصية؛ ألا إشارات ال ميكن

للغة أن ترتمجها إال من خالل اإلخبار عنها؛ ويف السرد الروائي مثال، جند الراوي عندما يصف

نقل تلك اإلشارات األحداث خيرب عن الشخصيات وهي تتفاعل، وحياول بقدر اإلمكان

حملمد مفالح، جند الكثري من احلركات اجلسمية اليت ترافق ) رواية عائلة من فخار(ووصفها، ففي

:احلوار أثناء كالم يوسف مع أمه ميينة

:ضرب يوسف جبينه بيمناه وقال ... <<

لقد اشرتى ترشحه على رأس قائمة حزب غري معروف...إنه رجل خبيث

:وقالت له بسخرية ااـ وحتركت ميينة يف مك

. 2>> بالساسة واالنتخابات؟ ـ مىت أصبحت مهتما

القاهرة ،1، ج5عبد السالم هارون مكتبة اخلاجني، طمد ، حتقيق حمبن حبر، البيان والتبينيأبو عثمان عمرو اجلاحظ 1

.43، ص 1985

43: حممد مفالح، رواية عائلة من فخار، صينظر 2


296

: جياليل العيار :وجند يف حوار آخر مجع خروفة بـ

: ـ قالت وهي تلقي نظرة على ساعتها االلكرتونية <<

.هيا بنا قبل أن تغلق املغازة

:وقال هلا بتحد وافتخار ـ حك الرجل قفاه

. 1>> ـ سأشرتي لك أفخر الفساتني ولو من باريس

ونقرأ فيها لغة غري منطوقة من خالل تلك اإلشارات ل هذه العبارات احلواريةوميكن أن حنل

ه ؛ كأن )ضرب يوسف جبينه بيمناه : ( مثال اليت رافقت اللغة احلوارية املنطوقة، ففي قول السارد

) ن من تصرفاتكم سأج ( أو ) وا أسفي عليكم :(كأنه يقول أو) فات األوان :( كان يقول ألمه

.

، إن هذه احلركة ... قالت خروفة، وهي تلقي نظرة على ساعتها : ويبدو يف قول السارد

: خروفة إىل املغازة اجلسمية، رسالة غري منطوقة موجهة إىل جياليل العيار الذي أخذ خطيبته

. أعذرين عندي موعد مهم: أو كأا تقول له حان الوقت أن نغادر، : كأا تقول له

؛ ألن هذه اإلشارة اجلسمية ال تقر على معىن )حك الرجل قفاه ( ويصعب أن نفسر إشارة

واحد، فمعانيها متبدلة ومتجددة حسب املقام والسياق؛ فقد تدل على احلزم واجلد يف العمل،

.تمهل وقد تدل على اخلجل واحلياء، وقد تدل على التفكري وال

.57: ، عائلة من فخار، صينظر حممد مفالح 1


297

وأما اإلشارة << :يف املوقف احلواري وأمهيتها فقالوقد بني اجلاحظ أثر اإلشارة اجلسمية

واإلشارة ... بالسيف فباليد وبالرأس وبالعني، واحلاجب واملنكب إذ تباعد الشخصان، وبالثوب و

وما أكثر ما تنوب عن اللفظ وما ... واللفظ شريكان، ونعم العون هي له، ونعم الرتمجان هي عنه

.1>>تغين عن اخلط

ز اهتمام الرتاث العريب مببحث احلركات اجلسمية، وأمهيتها يف تفسري املواقف وهذا ما يعز

اإلشارة تصاحب اللغة وبني أمهيتها ووظيفتها أن احلوارية، وقد اعترب اجلاحظ من خالل هذا القول

يف توضيح الكالم، وكذا قيمتها يف الكشف عن موقف املتكلم؛ ألا أحيانا تكون أبلغ وأفصح

.من الكالم املنطوق

ومن الصعوبة مبكان حتليل النص احلواري املكتوب بدقة؛ ألن الروائي مهما حاول

جلسمية املصاحبة للكالم، فإنه لن يوفيها حقها؛ فهو ال يستطيع واجتهد يف نقل تلك اإلشارات ا

لي وهذا األمر قد أرق حمل . تنتاب الشخص وهو يتحاور ويتكلمأن يصف خمتلف االنفعاالت اليت

احلوار املكتوب؛ ألن تلك اإلشارات اجلسمية املصاحبة للكالم ال ميكن أن نراها جبالء إال يف

ة املختلفة، واليت ظهرت الدراسات والنظريات العلمي من أجل هذا كلهو احلوار الشفهي املنطوق؛

األحداث التواصلية من جوانبها املختلفة، مبا يف ذلك األجزاء غري اللغوية <<إىل حتليل تسعى

.2>>املصاحبة للكالم ... منها، كاإلشارة وقسمات الوجه والضحك والبكاء

التداوليةاليت قدمها فريث، مث نظرية السياقومن أشهر تلك النظريات العلمية احلديثة Pragmatique تم بتحديد املقام السياقي للحوار اليت ، وربط تسعى هذه النظرية إىل << و

على ما يكتنف دالالت النص من لبسالنص بالسياقات الفعلية الستعمال اللغة، دف الوقوف

. 43: ت ، ص . دار الكتب العلمية لبنان ، د 1اجلاحظ أبو عثمان عمرو بن حبر ، البيان والتبيني ، ج 1

. 46: ، ص1988، الكويت، 126: سلسلة عامل املعرفة، ع) مهاتعليمها وتعل(، اللغات األجنبية نايف خرما 2


298

واإلشارات البدنية املصاحبة للعملية الكالميةوغموض وانزياح يتصل باملواضعات اللغوية والرموز وال تم نظرية التداولية باللغة احلوارية فحسب، ولكنها تركز على اللغة غري املنطوقة، وما . 1>>

.فيها من إشارات جسمية كثرية أشرنا إليها سابقا

:نجازية في النص الحواري ـ أفعال الكالم اإل7

لقد كانت دراسة األفعال الكالمية وال تزال حمط أنظار املشتغلني يف حقل التداولية وحتليل

اخلطاب عموما؛ ألن أي حتليل للكالم املنطوق واملكتوب يركز فيه الدارسون على تلك األفعال

يف العصر احلديث، وإن كان بعض جون أوستين و جون سيرل اليت أرسى دعائمها كل من

وغريه يرون أن أصول هذه النظرية موجود يف تراثنا اللغوي شاهر الحسنالعرب ومنهم الباحثني

.2البالغي يف تقسيم علماء البالغة العرب الكالم إىل خرب وإنشاء

إىل الكالم األديب وغري << ل األفعال اإلجنازية موضوع علم اللغة النصي، وقد نظر ومتث

وأن إدراك املعاين احلقيقة ... يدل عليه قصد املتكلم speech actاألديب بوصفه فعال لغويا

. 3>> للمنطوقات إمنا يتحقق يف سياقات االتصال الفعلية

وتقوم دراسة الفعل الكالمي باالنطالق من االجتاه النصي التداويل؛ أي من خالل احلوار

من خالل األساليب الذي يتم بني اثنني، أحدمها يسأل واآلخر جييب؛ وتظهر األفعال الكالمية

إصدار مركز امللك املعاصرة، جملة الدراسات اللغوية انيات العربيةحسام اجلياليل، نظريات من الرتاث العريب يف اللس1

.246: ،ص1،ع6، ج2004فيصل للبحوث اإلسالمية ، الرياض،

.466: مجعان بن عبد الكرمي، إشكاالت النص، ص 2

.278: ص، 2005، القاهرة 1ي،طحممد العبد النص واخلطاب واالتصال، األكادميية احلديثة للكتاب اجلامع 3


299

و شخصية متكلمة ونعثر عليها يف األسلوب اخلربي من خالل أفعال السارد أ. اإلنشائية واخلربية

...، سأذهبسأعود:تقول مثال

: وتتمظهر أيضا من خالل األسئلة واألجوبة اليت تدور بني املتحاورين؛ فنجد فيها مثال

واإلنذار واالعتذار والتوبيخ؛ وهي أفعال مثل األفعال أفعال الطلب واألمر والنهي والوعد والوعيد

1السلوكية، واختص ا السلوك اللغوي.

وقد اشتمل احلوار يف روايات حممد مفالح على الكثري من األفعال الكالمية اليت أشار إليها

:جند بعض ذلك ففي احلوار اآليت؛ جون أوستين

احلسي يف بييت، أمرته أن خيرج فضحك يف رأيت حلما مزعجا، وجدت عبد السالم <<

: ةوجهي ساخرا وقال يل بوحشي

:وهي تقول ... ـ أنت ال بيت لك، اقـرتبت مين زوجيت

.لو أسرعت يف بناء البيت ملا جترأ علينا هذا الرجل الوقح

:وهدوء قلت هلا بثقة

.ـ ال ختايف سأطرده

:يح شدتين زوجيت وهي تص. أخرجت خنجرا من معطفي

.ـ ال تقتله يا معمر

: ، ص1998، الدار البيضاء، املغرب 1عبد الرمحن، اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي ، املركز الثقايف العريب، ططه 1

260.


300

:ـ قلت هلا بعصبية

.1>>...سأذحبه ـ

:هذا املقطع احلواري على الكثري من أفعال القول، منها األفعال الكالمية التالية ونعثر يف

؛ وكلها تدل على فعل قيل يف )ضحك، اقرتبت مين زوجيت، التصقت يب، أخرجت خنجرا(

سأقتله، : (يف قوله الفعل الكالميزمن اهلجوم على العدو؛ ومنها أفعال التهديد من خالل

ومنها النهي يف . وكل منها يفيد الوعد القريب؛ ألنه نطق به وقت اهلجوم على العدو) سأذحبه

أما . ؛ وله أثره البالغ يف نفس املستمع ؛ فالفعل األول يطمئنها به)ختايف ، ال تقتله ال : ( قوله

.الثاين فيفيد التحذير ويتضمن األمر

، وحتريك وغالبا ما يرافق األفعال الكالمية احلركات اجلسمية املختلفة مثل رفع األيدي

اليومي يبديها املتكلمون أثناء احلوار ، وخمتلف اإلمياءات واإلشارات اليتالسبابة يف اجتاهات خمتلفة

أو يف اخلطاب الروائي بني الشخصيات املتحاورة حول موضوع اجتماعي أو سياسي أو أي

.موضوع آخر

: ال القول السردية في بناء الحوارأهمية أفع-8

احلكاية، وأثناء وأفعال القول السردية هي تلك األفعال اليت يستخدمها الراوي أثناء سرد

قال، قلت له، أجابه، : اإلخبار عن الشخصيات وهي تؤدي األدوار املوكولة إليها، كأن يقول مثال

.صرخ قائال وغريها

.62: ، هوامش الرحلة األخرية، صحممد مفالح 1


301

ه يدخل ضمن بنية اللغة احلوارية، و تسهم أفعال القول يف ألن ؛و هذا العنصر مهم جدا

.ها الحقاتشكيل لغة احلوار الروائي، وهلا وظائف خمتلفة سنتحدث عن

وقد جاءت نصوص حممد مفالح الروائية ثرية بأفعال القول املختلفة يف أي حوار؛ ألن

.السارد كان يدير احلوار و يشرف عليه يف مجيع رواياته الواقعية

قال و قالت، و قالوا و مهست و ردد و صرخ و سأل و أجاب : و من أمثلة أفعال القول

هذه األفعال تسهم يف بنية لغة احلوار السردي، ومن خالهلا يرتبط و .وغريها كثري.. ورد وأضاف

ينبغي أن ننبه هنا <<و. ومن دوا يكون كالم الشخصيات مشتتا ال قيمة له ،السرد مبقاطع احلوار

ه يصبح ضرورة حني يوثق هذا احلوار قد ال يظهر، ولكن " احلدث احلواري"إىل أن فعل القول يف

.1>> ، وأوضح مثال على ذلك حوارات القرآن الكرميوينقل للناس فيما بعد

وكان العرب قدميا يوظفون أفعال القول يف بداية احلكي؛ فيستخدمون بعض األفعال مثل

و ألفعال القول . 2وغريها) ألف ليلة وليلة(يف القصص اخلرافية مثل حكايات ) كان وقال، وزعم(

وظائف مهمة يف لغة احلوار؛ فهي تؤدي إىل متاسك وحدات النص الروائي، و متنع احلوار من

وميكن أن منثل لذلك من خالل احلوار . التشتت، و تقدم و متهد للحوار و تسهل فهم املتلقي

:بني الشيخ األعور وصاحبه :حك الرجل ذو القبعة احلمراء قفاه و قال متأسفا <<

من كان يظن هذا ؟ -

: وقال الشيخ األعور

. ال يغسل الشرف إال الدم -

:وثار شاب أنيق قائال

. لسنا يف عصر القرون الوسطى -

.175: ، ص2009، 1، القاهرة ج1السيد خضر، أحباث يف النحو والداللة، مكتبة اآلداب، ط 1

. 229: ، صامللك مرتاض، يف نظرية الرواية عبد ينظر 2


302

:تنهد الشيخ األعور وقال

.1>>والقرون الوسطى كانت أحسن حاال من هذا الزمن... ـ الشرف ال عصر له ؛" ثار وتنهدقال و ": من أفعال القول يف حوار واحد هي السارد استخدم الكثري و نلحظ أن

ت إىل متاسك وحدات احلوار وكان السارد هو كانت هذه األفعال تربط بني مجل احلوار، كما أد و

نه راو أل ؛الذي أخرب عن شخصياته، و كان يتابع حركاا بدقة، و يصف حوارها وكالمها بعناية

.عليم بكل شيء يف الرواية

:الوظائف اللغوية لحركات الجسد -9

االتصال اللغوي غري اللفظي، جيعل تلك احلركات واإلمياءات تؤدي وظائف الشك أن

( إكمان حدد ، وقدبني اثنني أو أكثر احلوار أو من خالل خمتلفة كثرية أثناء الكالم العام،

Ekman - 1965 (- تلك -اخلطاب اإلشاريأحد الدارسني املشتغلني يف حقل حتليل وهو

:يف أربع هي اللغوية حلركات اجلسد الوظائف

. 2 وظيفة التكرار ووظيفة التدعيم والتعزيز ووظيفة التعويض ووظيفة التنظيم

:وظيفة التكرار – 1

ويظهر دور هذه الوظيفة من خالل إعادة تلك اإلشارات واإلمياءات ما مت التعبري عنه

وار؛ فال يكتفي الفرد املتكلم باللغة املنطوقة، بل يستخدم إشارة ما تدل لفظيا أثناء الكالم أو احل

11: ينظر حممد مفالح، األعمال غري الكاملة، رواية االيار، ص 1

2www.G oogle.fr /amazon.fr/ Non verbal –Communication-Human-Interaction-. Knapp ,

Mark , Hall Judith A (2002) ; Nonverbal communication in human interaction; copy right u

s a 2002, p : 54


303

على ما يقوله، وقد ضربنا أمثلة كثرية عن هذه الوظيفة مثل ما يظهر يف رواية الوساوس الغريبة من

:خالل حوار مجيلة الساعي مع عمار احلر، وقد تطرقنا هلذا احلوار يف مبحث آخر

:شفتيها الغليظتني، وتنهدت قائلة بتعجب مطت مجيلة الساعي <<

..الرجل جتاوز عمره الثالثني وأنت تتحدث عنه كأنه طفل -

:وحرك عمار احلر رأسه وقال

..إنه طفل .. فعال -

.1>>الشاعر ال يكرب يا مجيلة -

.رأسه باملوافقة "عمار احلر" وتظهر وظيفة التكرار من خالل اإلشارة اجلسمية؛ حيث هز

، فقد كان بإمكانه االكتفاء ز الرأس دون الكالم، أو الكالم دون هز )فعال إنه طفل: ( هأما قول

تناعهواقمن صديقه ) احلر عمار(الرأس؛ وقد أوضحت لنا هذه الوظيفة فضال عن التكرار موقف

.كالم املرأةب

من ناع ونلحظ أن اجتماع احلركة مع الكالم أثناء حوار شخصيتني يؤدي وظيفة الفهم واالقت

، وهو بالتايل السابق يبعد الشكوك وال حيتاج إىل الدليل والربهنة أو تكرار الكالم وقبل املتحاورين

.يسهم يف دفع احلوار إىل األمام

واحلوار امللفوظ الذي ترافقه احلركات اجلسمية املختلفة جيعل كل طرف مقتنع وال تساوره

املتحاورين حول بني الطرفني الفهم السريعدث حيالشكوك، كما أنه يسهم يف اختصار الوقت و

.موضوع اجتماعي معني

.118: س الغريبة، ص، رواية الوساو حممد مفالح 1


304

وال يستطيع اإلنسان املتكلم أن يستغين عن اللغة باحلركات اجلسمية؛ ألنه جيد صعوبات

.مجة مثل فئة الصم البكم الذين يعانون كثريا من خالل تواصلهم مع اآلخرين

:وظيفة التضاد -2

تتعارض العالمات اللفظية والعالمات غري اللفظية أثناء التواصل؛ وتظهر هذه الوظيفة عندما

أو أية إشارة أخرى ) الغمز(مقصود، كأن يستعمل املتكلم حركة العني : وهذا التضاد له وجهان

يا رجل أو أنا ليقول لشخص آخر مثال دون غريه، إنين أعين غري الذي أقول، أو ال أقصدك أنت

.أريد شيئا آخر

ته جه غري مقصود؛ كأن يدعي شخص ما بأنه قوي وواثق من نفسه لكن حركاوهناك و

يف الواقع تقول غري ما يدعي؛ فرتجتف قدميه، ويتصبب عرقا، ويتلعثم يف كالمه خوفا من اجلسدية

ما جند هذه الوظيفة يف اخلطاب الروائي، نظرا لصعوبة جتسيدها يف احلوار املكتوب،وقل . 1غريه

.واردأمر كن حضورها يف احلوار اليومي ل

:ـ وظيفة التدعيم والتعزيز 3

وتظهر هذه الوظيفة عندما يعزز املتكلم كالمه الذي يوجهه لشخص ما، فيثين عليه ويشيد

ربت على كتفه أو يصافحه حبرارة، ومن أمثلة هذه الوظيفة ما خبصاله قوال، ويف الوقت نفسه ي

:من خالل احلوار الذي دار بني جمموعة من الشخصيات "املايدة شعلة"وجدناه يف رواية

:ترجل اخلليفة وترك فرسه للسائس مث قال للملتفني حوله <<

.66: مساعيلي علوي، التواصل اإلنساين، مرجع سابق، صاحممد ا 1


305

الشيخ الطيب حترير وهران وعمره ال يتجاوز العشرين، مث احتضن ـ لقد شهد والد هذا

والده الضعيف البنية واقفا الشيخ الطاهر الذي اقرتب منه خبطى متثاقلة، ت راشد حني شاهد

.1 >> مل يتحمل أن يرى والده وهو يبكي، واخلليفة يربت على كتفيه اهلزيلتني.. أمام اخلليفة

شكرا لك أيها : وهذه اإلشارة اجلسمية اليت أبداها اخلليفة تضمر كالما كثريا، قد يقول له

وضته تلك اإلشارة الشيخ الطيب على إخالصك لوطنك أو غري ذلك من الكالم الذي ع

. اجلسمية

:وظيفة التعويض – 4

واحلركات اجلسدية ض بعض اإلشارات عو وتظهر هذه الوظيفة أثناء الكالم واحلوار؛ حيث ت

من اليمني رأسه ميينا ومشاال، أو حيرك سبابته ؛ كأن يعرب شخص ما عن رفضه، فيهز اللغة املنطوقة

.رأسه عموديا فيبدي موافقته من خالل حتريك ؛ عن قبول فكرةإىل الشمال، أو يعرب

وقد جند هذه احلركات اجلسمية تعوض الكالم املنطوق يف بعض املواقف اخلاصة، كأن تعرب

ها لرجل من خالل حركة امرأة عن قبول الزواج من خالل طأطأة الرأس والصمت، أو تعرب عن حب

.العني خلسة

حوار معمر اجلبلي مع صديقته ساجية يف رواية وجند أمثلة للحركات اليت تعوض الكالم يف

:هوامش الرحلة األخرية

التفتت إيل، ألقت علي نظرة ذات معىن، لقد قرأت ما كان جيول خباطري، وتابعت <<

...كالمها

16: املايدة، صحممد مفالح، رواية شعلة ينظر 1


306

ـ هل أنت وهرانية ؟ :سألتها

:ـ هزت كتفيها ومل جتبين، مث أشارت إىل مقود الشاحنة وقالت يل

.1>>تنتظر ؟ حترك ـ ماذا

ألقت عليه نظرة ذات ( وأول ما يظهر يف هذا احلوار حركة العني؛ حيث نفهم من عبارة

.أحبك، أو أنا معجبة بك: تقول له و كأا ) معىن

؛ وذلك أا هزت كتفيها )ساجية(ل يف احلركة الفعلية اليت قامت ا أما احلركة الثانية فتتمث

الكتفني يعين إجابتها بالرفض دون كالم وكأا تقول كانت وهرانية، فهز ومل جتبه عندما سأهلا إن

.أنا لست كذلك فال تسألين: له

:ـ وظيفة التنظيم 5

ويراد ا تنظيم األدوار بني املتخاطبني أثناء الكالم واحلوار، حيث يعمد أحد املتكلمني إىل

يستمع إىل حماوره، أو يرفع يده ويوجه راحة يده هز الرأس ليعلن ذه اإلشارة موافقته، وأنه ما زال

جتاه املتكلم ليخربه أنه يريد أن يأخذ دوره يف الكالم، أو يعمد إىل مقاطعته برفع يده إذا كان

.يعارضه، أو خيالفه الفكرة

أكثر من وتتواجد هذه الوظيفة يف احلوار املتلفز، ومن خالل احملادثة اليت يشرتك فيها

.وتقل يف اخلطاب الروائي. يتحدثا حول موضوع معني ينظمه مقدم احلصة شخصني

14: ، صمد مفالح، هوامش الرحلة األخريةينظر حم 1


307

اليت األدبية من بني الفنونيف اخلطاب املسرحي؛ لكون املسرحية هذه الوظيفة وقد تتواجد

؛ ألا تدخل ضمن اللغة احلوارية بني بكثرةاجلسمية ى لغة اإلشارات واحلركات تعتمد عل

وهذه احلركات يف املسرحية ليست وليدة العصر احلديث بل .اجلسمية املتكلمني؛ فتتعدد حركام

.منذ عهد اإلغريق قدميا ظهرت

: ـ الرسم الكتابي للحوار 10

ما يعمد السارد يف الرواية إىل إخبار القارئ أو السامع عن األحداث بواسطة بعض كثريا

ويقسم النقاد املهتمون بتحليل اخلطاب السردي احلوار . األفعال، فيومهه وكأنه يتلقى خطابا مباشرا

:من حيث شكله إىل نوعني

أهم تلك الصيغ يعتمد على صيغ فعلية تؤدي وظيفة التدليل الوصفي للمتحدث؛ و أول نوع -

، 1قال ، قلت ، أجاب ، سأل ، مهس ، صرخ ، نادى ، تدخل ، اعرتض وغريها( الفعلية

يرافق ال أن مضمونه يعرب عن اإلعالن، و وهناك من يعد تلك األفعال السردية مقدمة للحوار، إ

هذه املقدمة عالمات أخرى كالنقطتني واملطة، واملزدوجتني أحيانا، وتلك الفسحات اليت

، وهذا ما جند أثره واضحا يف بنية 2طالعنا يف احلوار السريع الذي يتبادله شخصان أو أكثرت

كتاب القصة كما أننا جندها عند الروائيني، اللغة احلوارية يف روايات حممد مفالح وغريه من

. القصرية

.44: فاتح، عبد السالم، احلوار القصصي، مرجع سابق، ص 1

، مقارنة سيميولوجية تطبيقية ، السيميولوجيا واألدب1996، يناير مارس الكويت، 3ع – 24: جملة عامل الفكر، مج 2

.102 :مة صأنطوان طع ،للقصة احلديثة واملعاصرة


308

:وأردفت قائلة حبزن <<وميكن أن ندلل على ما نقول من خالل احلوار التايل

.سأجيبك بصدق عن كل أسئلتك ـ

:وضع عباس يديه حتت ذقنه وسأهلا

ـ من يكون هذا الرجل الذي طلب مين أن أبتعد عنك ؟

.قد يكون أحد معاريف .. ـ لست أدري

؟ كـ كيف حصل على رقم هاتف

..ـ رمبا أخذه من هاتفي احملمول

.ـ يبدو أنه شخص وقح

:ـ تنهدت جويدة مث قالت بصوت خمتنق

.1>>..إنه يريد أن يفسد عالقتنا ـ

ه يعيش واقع الشخصيتني املتحاورتني، خصوصا ليحس من خالل هذا احلوار أن ياملتلق إن

ه حوار يعتمد أسلوب احلجاج، ويقوم على أسئلة وأجوبة مباشرة، ويتضمن األفعال اليت متهد وأن

... ) .أردفت ، سأهلا ، قالت ( للحوار ومنها

. 100، 99: ينظر حممد مفالح، رواية انكسار، ص 1


309

تشكل هذا احلوار من النقطني، وعالمة االستفهام واملطة ونقاط احلذف؛ ألن عالمات كما

وتدخل عالمات الرتقيم . 1الرتقيم تؤدي وظيفة مهمة، فتجعل احلوار واضحا ومفهوما ومنظما

معاين لغة ئضمن بنية اللغة احلوارية، وختص اجلانب الشكلي من الكالم املكتوب حىت يفهم القار

.النصوص

ية ويعتمد جل كتاب الرواية على الصيغ الفعلية ـ اليت أشرنا إليها ـ يف بداية املشاهد احلوار

؛ ألم يوظفون رواة يسردون أحداث القصص، لكن الراوي خصوصا كتاب الروايات الواقعية

عليم باألحداث والشخصيات، ويعلم كل شيء عن ذلك، حىت ما يدور يف عندهم هو راو

.أبطاله، ويشرف على احلوار ويديره، ويقدمه ويوجهه ويرافق السارد نفوسهم،

وال يرتك الروائيون الواقعيون احلرية للشخصيات، لكي تعرب عن كل شيء؛ فالراوي العليم

يف كل حركاا وسكناا، ويتخذ منظور شخصيات حمددة يرى معها األحداث واألشياء يرافقها

. 2داخل السرد، فتصبح الكلمة لديه هي الواقعوحركة اتمع، ويؤدي عمله

واحلوار اخلارجي بني خمتلف ) الذايت ( أي؛ على احلـوار بنوعـيه الداخـلـيهذا الراوي ويشرف

ـ ما وجدناه يف رواية ى سبيل التمثيل ال احلصر ـ علومن أمثلة بناء احلوار الشكلي . الشخصيات

).جياليل العيار(و) خروفة(احلوار يدور بني حملمد مفالح وكان هذا ) عائلة من فخار(

:قالت له خروفة مشجعة<<

، 67: ،ص2009، الرباط 1عز الدين الزيايت، ديداكتيك تقنيات التعبري الكتايب والتواصل، دار القلم للطباعة والنشر، ط 1

68.

، 2005، فلسطني، 1زيع، ط، مكتبة القادسية للنشر والتو سرد يف الرواية العربية املعاصرةأمحد جرب شعث، شعرية ال 2

.71: ص


310

.ـ سيحالفك الفوز إن شاء اهللا

:وحرك الرجل رأسه باستغراب، مث تنهد متسائال

ـ الفوز، وكيف سأحقق هذا الفوز يا عزيزيت ؟

:وصمت مليا مث عاد يقول

. 1>>... ـ أرجو أن يدعمين أفراد عائلتك

:نا هذا املشهد احلواري، جند رمسه الكتايب ينبين من بعض أفعال مقول القول مثلوإذا تأمل

، كما نلحظ أن الراوي كان يدخل الوصف يف ... )قالت ، تنهد متسائال ، يقول (

، وقد كانت اإلشارة اجلسمية تؤدي )حرك رأسه، صمت مليا ( احلوار، وكذا حركات اجلسم

.ثاين يفهم املعىن جبالء دون برهنة وال دليل وظيفة إفهامية، جتعل الطرف ال

فيكون مضمرا ال ظاهرا؛ إنه عكس النوع األول متاما، ويتم فيه أما النوع الثاين من الصيغ،وال 2>>إخفاء أي إشارة إىل اسم املتكلم أو وصف حالته الشعورية أو اجلسمية أو النفسية <<

ويأيت مباشرا معتمدا على تبادل الكالم بني طرفني حيتوي هذا النوع احلواري على األفعال،

وقد يعرتي هذا النوع اللبس والضبابية؛ ألن أحد . متحاورين دون تدخل من الراوي، أو توجيه منه

يف لثاين، فال نعلم أحيانا من يتكلماملتحاورين قد يتكلم مرتني، أو أكثر قبل أن يرد عليه الطرف ا

.احلوار

.52: ، عائلة من فخار، صحممد مفالح 1

. 47 :، صفاتح عبد السالم، احلوار القصصي 2


311

قليل جدا يف روايات حممد مفالح؛ ألن السارد يف مجيع الروايات وهذا النمط من احلوار

اليت قرأناها كان يتدخل ويقدم املتحاورين، وال تفوته حلظة من حلظات احلوار دون أن يشرف عليه

ويديره ويتدخل فيه، ومن أمثلته ما ميكن أن يقع بني متكلمني اثنني عن طريق اهلاتف مثال، وهذا

:ية انكسار بني عباس الربي وخالته زينب ما وجدناه يف روا

.ـ مسعت إن زوجتك قد تكون حبلى <<

ـ جناة حبلى ؟

وهذا ما يفسر .. ـ التقيت نورية منذ حلظات، وملا سألتها عن ابنتها أخربتين بأا حبلى

.كانت يف فرتة الوحم يا عباس .. مغادرا للبيت

..رمبا .. ـ رمبا

.أشعر أن املياه ستعود إىل جماريها .. ـ مربوك يا عباس

..ـ إنين عاجز عن التفكري يا احلاجة

.1>>.. ـ كل شيء مكتوب

وتبدو بنية لغة احلوار عن طريق اهلاتف خمتلفة، حيث جاء بدون األفعال اليت تقدم

و وصف املتحاورين وقد ورد مباشرا، ومل يتدخل السارد إلدارته، فلم ترد أي إشارة إىل املتكلم أ

حالته الشعورية رغم أن عباس كاد يطري من الفرحة والدهشة؛ وقد جاء احلوار مبتورا من املقدمة

.والتحية اليت نستهل ا الكالم عادة، كما أاه املتحاوران من دون خامتة

.110: ، ص، مصدر سابقحممد مفالح، رواية انكسار 1


312

:الوظائف اللغوية بالملفوظ وغير الملفوظ عالقة الحوار 11

مما جتدر اإلشارة إىل ذكره يف هذا املبحث، هو تلك الوظائف اللغوية اليت حتدث أثناء احلوار

الوظائف اللغوية يف بوهلر حصروقد ؛ جاكوبسنرومان مث بوهلرأو الكالم، وقد حتدث عنها

:ثالث

وترجع إىل موضوع احلديث أي إىل احملتوى اإلرجاعي وهي وظيفة :وظيفة تمثيلية – 1

. ، تتعلق بالوصف العام وال تم كثريا بالطرفني املتحاورينوصفية

وترجع إىل املتحدث، وتشري إىل حالته الفكرية والعاطفية قياسا إىل : وظيفة تعبيرية –2

، وقد يستخدم املتكلمان بعض احلركات اجلسمية أثناء كالمهما حسب موضوع موضوع احلديث

.احلوار

املخاطب وتورطه يف التواصل كطرف مرتبط مبعىن الطرف وترجع إىل: ـ وظيفة ندائية 3

؛ ويستخدم فيها أدوات النداء، ويتم من خالهلا توجيه الكالم املباشر للمخاطب أثناء 1املرسلة

.احلوار بني املتخاطبني

هلا قيمتها و رغم أمهيتها يف عملية االتصال، و هذه الوظائف اللغوية اليت دعا إليها بوهلر

.الوظائف اللغوية األخرى تؤديال ، وقد طرف دون آخرلرتكيزها على ناقصة ظلت لكنها

وكانت الوظائف اللغوية اليت أشار إليها جاكوبسن قد كملت الوظائف اليت دعا إليها بوهلر

أن الكالم الذي يبعثه املرسل إىل املتلقي بواسطة << عتربي وكان وظائف أخرىهذا األخري وابتكر

عة وتتأتى كل منها من طبي... االتصال له وظائف لغوية ميكن حصرها يف ست وظائف قناة

:هي الست هذه الوظائف و. 2>> ، وبينه وبني العامل احمليط بهالعالقة بني املتكلم واملتلقي

. 52، 51: ، ص1985ط .منشورات العامل العريب اجلامعية، دمشق، د ،يوسف غازي، مدخل إىل األلسنية 1 .66: ، ص، النظرية األلسنية عند رومان جاكوبسن، مرجع سابقفاطمة الطبال بركة 2


313

):Fonction émotive( ـ وظيفة تعبيرية أو انفعالية 1

يت ال) املرسلة (وبني ) الطرف األول يف احلوار وهو(وهي حتدد العالقة بني املرسل أو املتكلم

، وتبني موقف املتكلم من املوضوع كما تكشف على حالته تدل على موضوع الكالم واحلوار

، وميكن هلذه الوظيفة أن سمية أثناء حواره مع غريهاجلركات بعض احلوجتعله يبدي النفسية

حيث بدأ يوسف ) انكسار(ا وجدناه يف رواية تتجسد يف احلوار السردي و الروائي، ومن أمثلتها م

: احلوار موجها الكالم ألمه ميينة

؟اتلـ أما زالت خروفة مصرة على الزواج بذلك الق<<

:املائدة اخلشبية وصاحت فيه بغضب وضعت ميينة أمامه

.ما دخلك أنت يف أمرها ؟ إا حرةـ

:فقال هلا يوسف بعناد

.د جتاوزت سنهاخلمسنيوقـ جياليل العيار رجل قذر

:وصاحت أمه بقلق

.ـ أعلم وهي أيضا تعرف ذلك

:ضرب يوسف جبينه بيمناه وقال ـ

..ـ إنه رجل خبيث وكل املدينة تعرفه

.ـ لقد اشرتى ترشحه على رأس قائمة حزب غري معروف

:وحتركت ميينة يف مكاا وقالت له بسخرية


314

.1>> واالنتخابات؟ـ مىت أصبحت مهتما بالسياسة

واملوضوع ) يوسف( ويبدو أن الوظيفة التعبريية هنا قد ركزت على العالقة املباشرة بني املتكلم

، كما كشفت عن الوضعية النفسية واحلالة املزرية للمتكلم وبينت غضبه الشديد )زواج خروفة(

، خالل احلوار معها يف الروايةحيال هذا األمر الذي ال يريده، فجعل يعرب عن مشاعره ومواقفه من

كما أنه استعان حبركة جسمية هي أنه ضرب جبينه بيده اليمىن ؛ وتدل هذه احلركة على غضبه

أو أنا أصر على سأجن من تصرفات هذه العائلة،: ، ولو أولنا هذه احلركة لفظ لقال مثالالشديد

. مصاهرة جياليل العيار رفض

ا، وتدلوتضمن احلوار حركة جسمية قامتا حتركت يف مكاهذه احلركة ا ميينة وهي أ

وقد لعب هذا . الذي يرفض زواج أخته، وخيالف رأي والدته) يوسف(من ابنها األم غضب على

د أن يرتك الشخصيتني تتحاوران وتطلعنا عم ت راوياحلوار دور السرد، فجاء شبيها به، رغم أن ال

.أغفلها السرد مهمة عن معلومات

) : Fonction conative(وظيفة ندائية ـ 3

وهذه الوظيفة مهمة يف السرد الروائي؛ ألا تسهم يف بنية احلوار وتركز على مجل األمر

والنداء؛ ألن املتكلم أو املخاطب ينادي اآلخر أثناء احلوار بـقصد تنبيهه واستثارته، وقد يفيد يف

فيها يكثرو .2عد والوعيد والنهي والطلب واألمروأمثاهلا من املعاين كالو ،سياق آخر استحثاثا

.مثل رفع األيدي و حتريك السبابة يف اجتاهات خمتلفة استخدام احلركات اجلسمية

من خالل الكالم الذي دار بني ) شعلة املايدة ( يف رواية ما جنده أيضا ومن أمثلة ذلك

):راشد(وابنه ) الشيخ الطاهر(

.42: ينظر حممد مفالح، عائلة من فخار، ص 1 . 260: ، اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي، صينظر طه عبد الرمحن 2


315

:زمورة ، مث أردف هامسا اذهب إىل .. ـ يا راشد <<

... قضى بيننا سنوات عديدة ،ـ كان األكحل قائدا مهاما

:والتفت حنو راشد وقال له ناصحا ...

.1>>... ـ ال تتأخر عن املشاركة يف اجلهاد الذي سيعلنه الباي

بنية لغة وجند يف هذا احلوار أسلوب النداء واألمر، حيث يسهم أسلوب النداء يف تشكيل

احلوار عموما يتطلب ألن ؛احلوار الروائي، و تتمظهر هذه الصيغة بكثرة يف روايات حممد مفالح

وأقام جون أوستينية اليت أشار إليها كالمل فعال من األفعال اله ميث وألن ؛مثل هذه األساليب

. وغريهم بول غرايس، ووسع جماهلا جون سورلبناءها

مضامني جمردة، وإمنا تؤدي وظائف ختتلف باختالف السياقات واجلمل اللغوية ال تنقل

( فإذا كان الكالم بني صديقني حول موضوع ما وتضمن مثال أفعال األمر . 2واملقامات املتنوعة

، فالسياق العام خيتلف إذا كان الكالم بني األب وابنه، أو بني امللك وخادمه، ...)اذهب، أكتب

ىل أوامر أو ديدات خصوصا إذا رافقتها احلركات اجلسمية أي أن تلك األفعال ستتحول إ

.املختلفة اليت أشرنا إليها سابقا

سياق بتحول التوبيخ أو وعيد وأديد تتحول إىلالنداء واألمر والنهي ميكن أن فصيغ

.وباختالف األطراف املتحاورة، وباختالف مكانتها االجتماعية. وارياحل

):Fonction phatique( ـ وظيفة إقامة االتصال 4

، وهي مطلب من وغريه، إذ تسهم يف تشكيل احلوار وهذه الوظيفة مهمة يف اخلطاب الروائي

االتصال باهلاتف أو سواء كان ) املرسل واملرسل إليه ( مطالب عملية االتصال بني املتحاورين

8: ، صينظر حممد مفالح، رواية شعلة املايدة، مصدر سابق 1 .260: ، اللسان وامليزان أو التكوثر العقلي، صنينظر طه عبد الرمح 2


316

مثل كثرية ، فيستخدم أحدمها ألفاظا مع اآلخر حياول اإلبقاء على االتصال كلممتغريه؛ ألن كل

.وأغلبها يؤدي وظيفة اإلبقاء على االتصال ال غري) ألو، نعم ، هل تفهم ، هاه (

وتتواجد هذه الوظيفة يف الكالم اليومي، ومن خالل احلوار الروائي، لكن يقل العثور على

ال مثل هذه األدوات واأللفاظ اليت ترافق عملية االتصال يف الكالم الروائي؛ ألن السارد قد

ف اليت حتيط باملتكلم، إال إذا كان االتصال احلواري باهلاتف يستطيع أن يعرب عن كل الظرو

ركات اجلسمية رغم استخدام احل اليت أشرنا إليها، و يكثر فيها عبارت ربط االتصال نجد مثالف

، لكن اخلطاب الروائي ال يهتم كثريا باإلخبار عن تلك اإلشارات بعد املتكلم عن املخاطب

.الهتمامه بنقل حمتوى الكالم بينهما

) : Fonction métalinguistique( ـ وظيفة ما وراء اللغة 5

وهي وظيفة ال تظهر إال يف املرسالت اليت تكون اللغة نفسها مادة دراستها؛ أي اليت تقوم

وقد يكون احلوار فيها بني املعلم واملتعلم، .1على وصف اللغة وذكر عناصرها، وتعريف مفرداا

.وقد يكون بني الكاتب ومتلقي النص مهما تباعدا يف الزمان واملكان

وهذه الوظيفة ال ختدم التواصل وال احلوار، وال تسهم يف بنيته؛ ألا تظهر يف بعض

املواضيع حيث تدرس اللغة نفسها بنفسها، ووظيفتها ذاتية؛ فهي تم بوصف اللغة وحتديد معناها

. وذكر عناصرها وألفاظها خارج األثر األديب

) :Fonction référentielle(ـ وظيفة مرجعية 6

هذه الوظيفة أساس كل التواصل، فهي حتدد العالقات بني املرسلة والشيء أو الغرض و

وهي متثل العمل ... الذي ترجع إليه، وهي أكثر وظائف اللغة أمهية يف عملية التواصل ذاا

.1 الرئيسي للعديد من املرسالت، يف حني ال تلعب الوظائف األخرى إال دورا ثانويا

.55: ، ص1980ميشال زكريا، األلسنية مبادئها وأعالمها، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر، بريوت، 1


317

يف أغلبه ال ينبثق من العدم، بل هناك وميثل املرجع فيها اللبنة األوىل للحوار؛ ألن احلوار

ولكل موضوع مرجعية معينة ني أو أكثر إال وله موضوع معني، حمفزات ختلقه وما من كالم بني اثن

.يعود إليها

شاكل وقد تتمظهر مرجعية احلوار يف السرد الروائي عند حممد مفالح من خالل امل

زينب ( االجتماعية املختلفة اليت تؤدي إىل بداية احلوار بني الشخصيات، مثل قضية مقتل

عائلة من فخار ( يف رواية ) فة خرو ( زواج ، ومثل مشكلة)الوساوس الغريبة ( يف رواية ) اهلنيدي

.وغريمها )

عله يعاجل تلك املشاكل ومثل هذه املواضيع االجتماعية اليت متثل املواد األولية للروائي، جت

ومن .املعاش كما هو جتعل الشخصيات الروائية تعرب عن ذلك الواقعكما االجتماعية املتعددة

اليت حتتاج من الدارسني حتليلها، اجلسمية املختلفة تلك اإلشاراتتظهر ، خالل حواراا املختلفة

.ودراستها وحماولة تأويلها ملقاربة معانيها املختلفة

.67: فاطمة الطبال بركة، النظرية األلسنية عند رومان جاكوبسن، ص

ة خاتمة

318

:البحث خامتة

فيه مستويات اللغة وعتننظر، وتالرواية فضاء رحب، تتعدد فيه الرؤى ووجهات ال

أساليبها، وتدخل الشخصيات احملركة للحدث يف صراعات خمتلفة من خالل احلوار مبختلف و

الواقع أشكاله وأنواعه خصوصا يف الروايات االجتماعية اليت حياول الروائي من خالهلا التعبري عن

.ويوظف الشخصيات اليت تعرب عن فلسفته ووعيه وفكره . الراهن بشىت السبل

يف بداية البحث حول بنية اللغة احلوارية وتنصب دراستنا يف اإلجابة على إشكالية طرحناها

. يف اخلطاب الروائي عند حممد مفالح

صد مجيع أشكال احلوار أهم رواياته دراسة موضوعية تم بالبنية اللغوية، وترت وقد درسنا

ويف رحاب هذه الدراسة . السردي، وقد متكنا من حتقيق عدة نتائج مهمة من خالل هذا البحث

:توصلنا إىل النتائج اآلتية

مت متييز مبحث احلوار عن مباحث أخرى مشاة له كاملناظرة و اجلدال والسجال -

.وغريها

مع الشخصيات، وهو حديث احلوار يف روايات حممد مفالح هو كالم الراوي -

و يرتبط بالسرد ارتباطا شديدا؛ كما أن . الشخصيات فيما بينها حول موضوع اجتماعي معني

احلوار خيضع لبنية خطية مستقيمة، حيث وجدناه ميتزج بالسرد لدرجة يصعب الفصل بينهما؛

يكاد املتكلمان ألن السارد كان يصف األحداث وخيرب عنها، مث يقدم املتحاورين للكالم، وال

وال يكاد ينهي سرده حىت يعود إىل املتحاورين من . السرد الراوي ينهيان الكالم حىت يستأنف

.جديد فيمكنهما من إكمال احلوار، وكان احلوار عموما ميتاز بالطول عرب توايل السرد

اعتمد حممد مفالح على لغة جسدية غري ملفوظة ترافق كالم الشخصيات أثناء -

ومنها حركات العينني، قتها بالسرد متينة؛ ألنه هو الذي كان يصفها وخيرب عنها؛السرد وعال

وحركة هز الرأس بوضعيات خمتلفة، وكذا لغة الوجه وتقطيب احلاجبني وغري ذلك من احلركات

ة خاتمة

319

اليت ترتسم على وجه الشخصية املتكلمة أثناء احلوار، باإلضافة إىل حركات األيدي وحتريك

وكل هذه احلركات تدل على لغة غري . من اإلمياءات اليت تصاحب الكالمالسبابة وغريها

منطوقة هي حباجة إىل إعادة قراءا، ودراستها وفك رموزها حىت يتمكن الدارس من استيعاب

.احلوار السردي كامال؛ ألن إغفال تلك احلركات جيعل احلوار مبتورا وناقصا

ومل يأت على منط واحد، وقد وجدنا تنوع احلوار يف روايات حممد مفالح عموما، -

.احلوار السريع املقتضب، واحلوار املركب الطويل، واحلوار املمزوج بالسرد

أدى احلوار وظائف خمتلفة؛ فكان يتمم السرد الذي كان يغفل بعض اجلوانب -

املظلمة يف النص، فكانت الشخصيات املتحاورة تكشف بعض األشياء اليت مل يذكرها السرد،

احلوار الداخلي مثال يكشف عن باطن الشخصية املتحاورة مع ذاا لتخرب وبشكل وكان

مباشر عن عاملها اخلفي، وعن مشاعرها ومهومها الداخلية اليت ليست من شأن السارد بل من

.شأن الشخصية املتكلمة مع ذاا

وظف حممد مفالح رواة يقومون بوظيفة سرد األحداث، وتقدمي املتحاورين وعرض -

لكالم، لكن السارد يف كل رواية كان ساردا تقليديا؛ ألنه كان راويا عليما باألحداث و ا

وكان السارد يرافق . النتائج، وكان يعلم حىت ما يدور خبلد الشخصيات أثناء أو قبل حوارها

.املتحاورين يف كل مكان، يف البيت، يف املقهى، يف السجن، ويف املكتبة

رسناها يعتمد على البنية اخلطية املستقيمة واملتكسرة يف الزمن يف الروايات اليت د -

اآلن نفسه، ألن حممد مفالح وظف املفارقات الزمنية بكثرة، فكان يذكر األحداث السابقة

على السرد واألحداث املستقبلية اليت مل حين وقتها، وكان يقوم بقطع سريورة الزمن يف مثل

.ف وغري ذلكهذه احلاالت، وكذلك أثناء احلوار والوص

يعمد السارد يف الروايات إىل تلخيص وتقليص الزمن يف كل مرة الختصار عرض -

.املشاهد السردية واقتصاد الزمن، فكان يكسر الزمان كلما اقتضى األمر ذلك

:وجدنا احلوار الداخلي يف الروايات اليت درسناها على ثالثة أنواع -

ة خاتمة

320

.موضوع شخصي معلوموهو حديث الشخص مع ذاته حول : املونولوج -

.وهو حديث النفس وتأمالا وأمنياا: مناجاة النفس -

وهو حديث الشخص مع ذاته نتيجة مصادفة : االرجتاع الفين أو الفالش باك -

حدث يشبه حدث مماثل وقع للشخصية يف مرحلة من حياا، وميكن الشخصية من العودة

لداخلي ألن الشخصيات خمتلفة منها الواقعية السريعة إىل تلك املرحلة؛ ونوع الروائي احلوار ا

.وكل شخصية تتطلب منطا معينا. والتارخيية واملغيبة

كثف حممد مفالح يف رواياته من أنواع املكان؛ ألنه وظف أمناطا من الشخصيات كثرية ـ

املكانية وكان خيتار األماكن اليت يتناسل ويتوالد فيها احلوار، وكان يركز على البنية. احلركة والسفر

.املتدرجة، حبيث ينطلق احلوار مثال من البيت مث يصل إىل املقهى، وينتهي إىل املكتبة أو املدينة

وقد أكثر من األماكن ونوعها؛ فمنها األماكن املتحركة مثل الشاحنة والسيارة، والثابتة مثل البيت،

.واملفتوحة مثل الساحة واحلديقة واملدينة

الشخصيات بدقة، ومل يكن خيتار الشخصيات املتحاورة وكان اهتم حممد مفالح برسم -

وكان قد رسم . ينتقيها بعناية فائقة، وال خيتار إال الشخصيات اليت تؤدي احلدث، وتعرب عن الواقع

وكانت شخصياته أقرب . شخصياته وفق معطيات اجتماعية يعيشها الناس فعال يف مدينة غليزان

كانت تعرب عن مهوم الناس، وتعكس طموحام، ومن أمثلة ألا ؛للواقع منها إىل اخليال

عدة الكارو، عواد الروجي، محزة املزلوط، خروفة، جياليل : ( الشخصيات املوظفة يف الروايات

).العيار، بغداد خبلوين، زينب اهلنيدي، محاين اهلدة وغريها كثري

ية، وشخصيات وكانت الشخصيات يف جمملها تنقسم إىل شخصيات مركبة أو دينام

مسطحة ساكنة، وكانت الشخصيات املركبة هي اليت ميزت أغلب أبطال رواياته، حبيث كانت

محزة املزلوظ وجياليل العيار : ومنها؛ شخصيات غريبة األطوار، متقلبة املزاج، كثرية احلركة

.ومعمر اجلبلي، ويوسف الفخار

ة خاتمة

321

حركاا، تسهم يف دفع أما الشخصيات املسطحة، فكانت كثرية، وهي ساكنة يف

زينب اهلنيدي، خروفة، فوزية العسلي، : األحداث، وهي عناصر مساعدة ومكملة للحدث، ومنها

. ونصرية التل وغريها كثري

عاجلت كل روايات حممد مفالح الواقع بطريقة تعتمد على انعكاس املعطيات االجتماعية -

قضايا جمتمع غليزان وعرض يوميات الفرد يف العمل األديب، وقد كان الروائي يركز على تدوين

.البسيط فيه

وجدنا لغة حممد مفالح لغة عربية فصيحة، ووجدناه يعرب عن احلدث، ويصف الواقع، -

وخيرب عن حركة الشخصيات بلغة مفهومة، ووجدنا لغة احلوار بني الشخصيات فصيحة، ومل يعتمد

).وغري ذلك...يدبر، املرسيدس، أششت، أسستأفراز، : ( على املفردات العامية إال قليال مثل

والشك أن توظيفه هلذه املفردات العامية إشارة إىل احلرص على حماولة نقل واقع الشخصيات

.الروائية بأمانة

الروايات تضم أصواتا كثرية ولغات متعددة، منها اللغة السوقية اليت تناسب عامة الناس من -

تويام، وتكشف عن اعتقادام الفاسدة كالتضرع إىل أولياء غري املثقفني، وتعكس وعيهم ومس

.اهللا الصاحلني، ومناجام، وطلب العون منهم يف ساعات العسرة

وجدنا لغة الساسة احملنكني، وكانت تكشف عن سياسة البالد واجتاهات أنظمتها -

.احلاكمة يف فرتة زمنية معينة، والصراعات السياسية

املكتبة لتقرأ ىلإيت كانت تناسب بعض الشخصيات اليت كانت تتجه ووجدنا لغة املثقف ال -

.و عمار احلر وغريمهامثل بغداد خبلوين، أو تكتب الرواية مثل شخصية املعلم

لغة السخرية اليت وظفها حممد مفالح، وقد مارستها الشخصيات سواء أثناء احلوار أو -

يوسف لن يقتل حىت دجاجة، وغري : ميينةياهلم من شياطني، وقول : أثناء السرد كقول السارد

.ذلك كثري

ة خاتمة

322

تتناص روايات حممد مفالح مع نصوص أدبية وفنية وتراثية كثرية، فقد قرأنا عشرات احلكم -

وشيئا من بردة البوصريي، وقرأنا األبيات ،وجدنا الكثري من اآليات القرآنيةواألمثال العربية، و

الت الفلسفية وحىت األغاين الشعبية، ألنه كان حيرص على ، ووجدنا التأمية العربية والشعبيةالشعر

.نقل الواقع بكل خلفياته

رواية شعلة املايدة تارخيية بامتياز؛ ألا حتتوي على تواريخ كثرية ترتبط بأحداث ووقائع -

ومعارك وثورات من التاريخ اجلزائري القدمي إبان االحتالل الرتكي واالسباين، والفرنسي، فأبطاهلا

الكبري، والداي حممد عثمان باشا، واآلغا، وعروج، قدمية مثل الباي خصيات جزائرية أو تركيةش

.وسيدي حممد بن علي ااجي، وغري هؤالء كثري

:وقد تشكلت الروايات من حوارات كثرية منها -

حيث كانت النصوص الروائية تتعالق مع نصوص قرآنية، وأحاديث نبوية : حوار ديين -

.ذكر بعض العبادات والصلوات وغريهاشريفة، ومت

وكان يعرب فيه السارد عن تصوف بعض الشخصيات مثل خلضر الفخار، : حوار صويف -

ويعرب عن هيامه حبب أولياء اهللا الصاحلني، وكان يورد بعض نصوص الربدة للبوصريي، وإخالص

.احملبة والذوبان يف احملبوب

من الرتاث كذكر طريقة الزواج يف القدمي وكان السارد يستحضر أشكاال : حوار تراثي -

وطقوسه يف رواية شعلة املائدة، وكذا املالبس الرتاثية، والتقاليد العربية القدمية ومنه الرتاث الديين

.ذلك وغري

معينة وكان هذا احلوار يكشف عن سياسة اجلزائر املنتهجة يف حقبة زمنية :حوار سياسي -

.يعرب عن االنتخابات واحلمالت االنتخابية يف رواية عائلة من فخار، وأحيانا كان بعد االستقالل

وفيه يتجلى حوار بعض الشخصيات القدمية من الدايات والباشاوات : حوار تارخيي -

.يف فرتة زمنية قدمية من تاريخ اجلزائر واألغوات

ة خاتمة

323

املتلقي يف شراك إلقد ترك حممد مفالح أغلب رواياته مفتوحة ال اية هلا، وكأنه يرغب يف -

عملية اإلبداع، ويرتكه يتخيل النهاية املناسبة للقصة، ويدرك القارئ أن ما قرأه ما هو إال جزء من

هوامش الرحلة األخرية، وعائلة من فخار، ( ألننا ال حظنا أن ؛الرواية، وعليه إكمال الباقي

يف الروايات الواقعية األخرى ال تنتهي اية مأساوية درامية، والاية سعيدة كما ألفناه) وانكسار

. اليت قرأناها مثل روايات جنيب حمفوظ مثال

النداء، النهي، االستفهام و: احلوار يف الروايات يرتكب من أساليب إنشائية كثرية منها -

.األمر، وقد غلب على احلوار االستفهام واجلواب يف أغلب احلاالت

أثناء احلوار خترج عن صيغها األصلية إىل صيغ والحظنا أن تلك األساليب اإلنشائية كانت

أخرى كخروج االستفهام إىل تعجب، وخروج األمر إىل التوبيخ، وحتول النهي إىل نصح وإرشاد

. واستعطاف، أو خروج النهي إىل توبيخ مثال

وقد وجدنا أسلوب احلجاج ماثال يف صيغ احلوار، وقد وظفه حممد مفالح بكثرة حىت -

من خالل حوار ميينة مع ابنها ) عائلة من فخار (احلوار خصوصا يف رواية طبع أساليب

( رواية ، ويف)هوامش الرحلة األخرية ( يـوسف وبني جياليل العيار وخروفة، كما وجدناه يف

) .الوساوس الغريبة

: اعتمد حممد مفالح على يف لغته احلوارية على حذف بعض عناصر اجلملة وهذا لسببني -

ختصار الكالم؛ ألنه شكل الكالم السابق كان قد دل على العنصر احملذوف، أو رغبة يف ا إما أن

. ، وقد أسهم احلذف يف تشكيل بنية اللغة احلوارية يف روايات حممد مفالحمن الصمت

و مل يكن اختيارنا ملبحث بنية اللغة احلوارية حمل الصدفة، وال رغبة يف اجرتار األفكار

كنه كان استجابة ملطمح ورغبة ولوج عامل اللغة السردية، وتشريح لغة الرواية املستهلكة، ل

والكشف عن مكامن لغة النص الروائي عند حممد مفالح وأمهها احلوار السردي، فوقع اختيارنا

على جمموعة من رواياته؛ ألا تم كثريا بالواقع االجتماعي الذي يعتمد على كثرة الشخصيات،

.ويتولد من عالقاا املختلفة احلوار السردي واليت يتناسل

ة خاتمة

324

وعلى هذا األساس اخرتنا هذا املبحث بالذات، وال نزعم أننا قدمنا دراسة شافية كافية أو

رغم -أننا أحطنا باملوضوع يف جمال بنية اللغة احلوارية عند حممد مفالح، بل كان حبثنا هذا

فالبحث يف احلوار السردي امللفوظ نيات لغة النص الروائي؛ال يقدم إال النزر القليل من ب –أمهيته

وغري امللفوظ مازال يف أول الطريق رغم افت الدراسات الكثرية حول هذا املبحث؛ وألن البحث

يف معاين لغة احلوار ولغة اجلسد من الصعوبة مبكان؛ فالدراسات حول هذا املوضوع قليلة وأغلبها

.ويهمل اجلانب التطبيقي املباشريركز على اجلوانب النظرية

واهللا ولي التوفيق

هـ1435شعبان 12: وهران يوم

م 2014جوان 10: الموافق ل

ة قائمة المصادر والمراجع

325

:قائمة المصادر والمراجع المعتمدة

برواية حفص عن عاصم: ـ القرآن الكريم 1

:ـ قائمة المصادر العربية والمترجمة 3

، 1، ط)منشورات االختالف، اجلزائر(إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، الدار العربية للعلوم ناشرون -1

.2010لبنانبريوت

، دار مصر للطباعة القاهرة، د لة البنية أو أضواء على البنيوية، مشكإبراهيم زكريا، مشكالت فلسفية -2

ت،

النشر حممد علي النجار، دار الفكر للطباعة و : ، حتقيقابن جين أبو الفتح عثمان، اخلصائص -3

).م 2006، 1والتوزيع، بريوت لبنان، ط

.1934حمي الدين عبد احلميد، القاهرة، : ابن رشيق القريواين، العمدة ، حتقيق -4

اكرة اجلسد يف رواية ذاكرة اجلسد، عامل ، سطوة املكان وشعرية القص يف ذبن السايح األخضرا -5

.2011، األردن، 1الكتب احلديث، ط

دار صادر بن علي األنصاري، لسان العرب، ين حممد بن مكرمابن منظور أبو الفضل مجال الد -6

.م 1997بريوت

.ت.، دح املفصل، مطبعة القاهرةابن يعيش موفق الدين، يعيش بن علي، شر -7

1ط ،ميحة، دار الكتب العلميةمفيد ق: ، حتقيق الكتابة والشعر: أبو هالل العسكري، الصناعتني -8

. 1981بريوت لبنان،

ميائيات السي يميائيات التواصل وفعالية احلوار، املفاهيم واآلليات، منشورات خمترب، سأمحد يوسف -9

.2004، 1ط ،جامعة وهران، اجلزائر ،وحتليل اخلطابات


326

اجلزائر، 1، االستلزام احلواري يف التداول اللساين، منشورات االختالف، طأدراوي العياشي -10

2011 .

، مقاربة أسلوبية لرواية زقاق املدق لنجيب حمفوظ، عامل الكتب قصوري، أسلوبية الرواية إدريس -11

.2008األردن 1احلديث للنشر والتوزيع، ط

.مصطفى إبراهيم مصطفى، دار املعارف، مصر د، ت: نروب غرييه، حنو رواية جديدة، تر آال -12

أمني يوسف عودة، تأويل الشعر وفلسفته عند الصوفية، عامل الكتب احلديث للنشر والتوزيع، -13

.2008جامعة آل البيت، األردن، 1ط

منذر عياشي، : ، تر م اللسانوس املوسوعي اجلديد لعلو ، القاماوزوالد ديكرو و جان ماري سشايفر -14

.2007، الدار البيضاء املغرب 2ط املركز الثقايف العريب،

إبراهيم اخلطيب : ، تر لشكلي ضمن نصوص الشكالنيني الروس، نظرية املنهج ابورساخينباوم -15

.1982، بريوت، الرباط، 1طالشركة املغربية للناشرين املتحدين

البخاري، أيب عبد اهللا حممد بن إمساعيل بن إبراهيم بن املغرية بن بردزبة، صحيح البخاري، ضبط -16

.2003، بريوت، لبنان، 3حسن نصار، دار الكتب العلمية، طحممود حممود حممود : النص

، املؤسسة العربية للدراساتفخري صاحل: تزفيتان تودووف، ميخائيل باختني، املبدأ احلواري، تر -17

.1996، بريوت 1والنشر ط

قدمي وشرح وتبويب علي أبو ملحم،، تأبو عثمان عمرو بن حبر بن حمبوب، البيان والتبينياجلاحظ -18

.1992 ،بريوت ،2ط ،منشورات دار مكتبة اهلالل

، باريس بريوت 2وبشري أوبري، منشورات عويدات، ط عارف منيمنة: جان بياجيه، البنيوية، تر -19

1980 .


327

، 1، مكتبة القادسية للنشر والتوزيع، طسرد يف الرواية العربية املعاصرة، شعرية المحدشعث أجرب -20

.2005فلسطني،

.1995 ،، دمشق2جالل الدين احمللي، تفسري القرآن، دار اجليل، ط جالل الدين السيوطي و -21

، اهليئة املصرية احلديثواية يف األدب االجنليزي مجاعة من النقاد، نظرية الر و إجنيل بطرس مسعان -22

.1971مصر، ط، .دللتأليف والنشر،

الدار 1مجعان بن عبد الكرمي، إشكاالت النص، النادي األديب بالرياض واملركز الثقايف العريب، ط -23

. 2009) املغرب(البيضاء

.1982، لبنان بريوت، دون ذكر الطبعة ، دار الكتاب اللبناينيل صليبا، املعجم الفلسفيمج -24

للطباعة حممد حسني مشس الدين، دار الفراشة : جوزيف ميسينجر، املعاين اخلفية حلركات اجلسد، تر -25

.2006، بريوت ، 1والنشر ط

.1997، املغرب، 2فريد الزاهي، دار توبقال للنشر، ط: جوليا كريستيفا، علم النص، تر -26

.1990، 1الدار البيضاء، ط حسن حبراوي، بنية الشكل الروائي، املركز الثقايف العريب، بريوت، -27

. 1989، 1، ط، أسلوبية الرواية، مدخل نظري، منشورات دراسات سالحلميداين محيد -28

، الدار 3ط ، بنية النص السردي، املركز الثقايف العريب للطباعة والنشر والتوزيع،محيد حلميداين -29

.2000البيضاء املغرب،

عبد احلميد بورايو، ديوان : ، تر)نص الصورة(، مدخل إىل السميولوجيا دليلة مرسلي وآخرون -30

.ت - املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، د

سوسري، دروس يف اللسانيات العامة، تعريب صاحل القرمادي، وآخران، الدار العربية للكتاب، دي -31

.ط -، دطرابلس ليبيا


328

بريوت ، القلم ، دمشق دارصفوان عدنان داوودي: ، تحلراغب األصفهاين، معجم ألفاظ القرآنا -32

.1433/ 2ط دار الشامية،

،القاهرة ،1متام حسان، عامل الكتب، ط : روبرت دي بوجراند، النص واخلطاب واإلجراء، تر -33

1998.

.1975 2، دار املعارف مبصر طحممود الربيعي: روبرت مهفري، تيار الوعي يف الرواية احلديثة، تر -34

، ، بريوت3طدار الطليعة ،جورج طرابيشي: تر ،اإلنسان ، فلسفة موتروجيه غارودي، البنيوية -35

1985.

حسن حبراوي وبشري القمري وعبد احلميد : وآخرون، طرائق حتليل السرد األديب، تر تروالن بار -36

. 1992الرباط، املغرب، 1عقار، منشورات احتاد الكتاب،ط

.1988، العاملي، بريوت عرب والفكرحممد خري البقاعي، ال: روالن بارت، نظرية النص، تر -37

، بريوت، الدار البيضاء، 2د األديب، املركز الثقايف العريب، طدليل الناق ،والبازعي سعدالرويلي ميجان -38

2000.

. 1988، بدر الدين، الربهان يف علوم القرآن، دار الفكر، بريوت، لبنان لزركشيا -39

.1965صادر، بريوت، زخمشري جار اهللا بن حممود بن عمر، أساس البالغة، دارال -40

سوشربيس، الدار ، دار الكتاب اللبناين ودار معجم املصطلحات األدبية املعاصرة، سعيد علوش -41

.1985، البيضاء، املغرب

، الدار البيضاء، 3، املركز الثقايف العريب، ط)النص والسياق( ، انفتاح النص الروائي سعيد يقطني -42

.2006املغرب


329

، بريوت، 2، املركز الثقايف العريب، ط)الزمن، السرد، التبئري (، حتليل اخلطاب الروائي، سعيد يقطني -43

.1997البيضاء الدار

عبد احلميد : أيب يعقوب، يوسف بن حممد بن علي، مفتاح العلوم، حتقيق وتقدمي السكاكي -44

.2000، بريوت، لبنان، 1هنداوي، دار الكتب العلمية ط

. 1986، ، بغداد1إىل نظرية القصة، دار الشؤون الثقافية، طاملرزوقي، مدخل مسري -45

.2009 ،، القاهرة 1ة اآلداب، طالسيد خضر، أحباث يف النحو والداللة، مكتب -46

ملسائل والضوابط ، الفوائد املكية فيما حيتاجه طلبة الشافعية من االسيد علوي بن أمحد السقاف -47

.ت مصر - الطبعة األخرية، دوالقواعد الكلية، مصطفى البايب احلليب،

لتنوير للطباعة والنشر، بريوت، د، قاسم، بناء الرواية، دراسة مقارنة لثالثية جنيب حمفوظ، دار ا از سي -48

.ت

، 1ط الدار البيضاء، ،ن وامليزان أو التكوثر العقلي، املركز الثقايف العريبطه عبد الرمحان، اللسا -49

. 1998املغرب

، دار املعرفة، اجلزائر، )يةقراءة يف جتربة حممد مفالح الروائ(اهلامش والصدى عبد احلفيظ بن جلويل، -50

2008.

-د ، بالقاهرة ، املكتبة األدبية بريوت، دار الشعب)لكتاب العرب( عبد الرمحان بن خلدون، املقدمة -51

. ت

الشرق، ، أفريقيا)احلجاج مقاربة تداولية معرفية آلليات( عندما نتواصل نغري : عبد السالم عشري -52

.2006املغرب ،

.2009القاهرة، 1، علم اللغة االجتماعي، مكتبة اآلداب، طعبد العزيز حممد حسن -53


330

، الدار 1شركة النشر والتوزيع، ط، وبناء اخلطاب يف الرواية العربية، التخييل عبد الفتاح احلجمري -54

.2002البيضاء، املغرب

واإلعالم، دار املعرفة اجلامعية، الفتاح، سيكولوجية االتصالعبد الفتاح دويدار حممد عبد -55

. 1979، اإلسكندرية

.1955 ،مكتبة مصر، القاهرة ،املصري املعاصر عبد القادر القط، يف األدب -56

حممد عبد املنعم : أبو بكر بن عبد الرمحن، دالئل اإلعجاز، تعليق وشرحعبد القاهر اجلرجاين -57

.1980القاهرة ، مكتبة القاهرة ، ،خفاجي

. 1997لبنان ،4عبد اهللا العروي، ثقافتنا يف ضوء التاريخ، املركز الثقايف العريب، ط -58

، اربد 1، مشكلة احلوار يف الرواية العربية، عامل الكتب احلديث للنشر والتوزيع، طجنم عبد اهللا كاظم -59

.2007األردن

منشورات جمموعة الباحثني الشباب، مطبعة آنفو برانت، ،عبد ايد احلسيب، حوارية الفن الروائي -60

.2007فاس، املغرب

، وهران لنشر والتوزيعدار الغرب ل، )حبث يف تقنيات السرد( ، يف نظرية الرواية،تاضعبد امللك مر -61

2005.

.2010بريوت لبنان 2، دار النهضة العربية، طعبده الراجحي، التطبيق النحوي -62

اللغة يف اخلطاب الروائي الواقعي عند جنيب حمفوظ، موفم للنشر والتوزيع، ، وظيفة عثمان بدري -63

.2000اجلزائر،

، 1عز الدين الزيايت، ديداكتيك تقنيات التعبري الكتايب والتواصل، دار القلم للطباعة والنشر، ط -64

.2009الرباط


331

، بريوتآلفاق اجلديدةد اهللا بن سهل ، الفروق يف اللغة، دار االعسكري أبو هالل احلسن بن عب -65

1973.

ر للطباعة والنشر، ، دار أيب قراق)التقنيات وااالت( علي آيت أوشان، ديداكتيك التعبري والتواصل -66

.2010الرباط،

.1991، 1إلضمار القصصي يف القرآن الكرمي، دار الصابوين، ط كاظم الظاهري ، بدائع ا -67

هلسا، دار اجلاحظ للنشر، وزارة الثقافة واإلعالم، غالب: غاستون باشالر، مجاليات املكان، تر -68

.ت.بغداد، د

. 1999، األردن 1املؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط، ، احلوار القصصيفاتح عبد السالم -69

فاطمة الطبال بركة، النظرية األلسنية عند رومان جاكوبسن، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر -70

. 1993بنان، بريوت ل1والتوزيع، ط

.1976 ،مصر ،1ط ،، دار النهضة املصرية، دراسات يف علم اللغةاطمة حمجوبف -71

دار صادر، بريوت، لبنان، ،2جمد الدين حممد بن يعقوب، القاموس احمليط، ج الفريوز آبادي -72

.ت.د

للنشر منوذجا دار غيداء ، البنية احلوارية يف النص املسرحي، ناهض الرمضاين أقيس عمر حممد -73

.2012، عمان األردن 1، طوالتوزيع

2000، عمان 2ط عبد الستار جواد، جمدالوي للنشر،: لوبوك بريسي، صنعة الرواية، تر -74

.2003، كيم بناين، إفريقيا الشرقاحلالعرب عز: ر، تانفريد فرانك، حدود التواصلم -75

حممد علي للنشر، تونس دار الفارايب ، دار معجم السرديات، ؤلفنيجمموعة من املو حممد القاضي -76

.2010 ،1، ط لبنان


332

.2003عمان، األردن، ،1، املكان يف الفن، منشورات وزارة الثقافة، طحممد أبو رزيق -77

،1دار كنوز املعرفة للنشر والتوزيع، ط –دراسة لسانية –، التواصل اإلنساين احممد امساعيلي علوي -78

.2013عمان

، وهران، 2بنية الشخصية يف الرواية اجلزائرية، منشورات دار األديب، ط، حممد بشري بوجيرة -79

.2006اجلزائر

، 2010، اجلزائر، 1، حتليل النص السردي، منشوات االختالف، طحممد بوعزة -80

.2006، الدار البيضاء، املغرب 1، سيميائية الكالم الروائي، شركة النشر والتوزيع، طحممد الداهي -81

ة من منشورات احتاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، ، دراسشعرية اخلطاب السرديحممد عزام، -82

2005.

2001، ، دار الفالح صويلح، األردن)علم املعىن ( ، علم الداللة حممد علي اخلويل -83

للطباعة والنشر، حممد املصطفى عزام، اخلطاب الصويف بني التأول والتأويل، مؤسسة الرحاب احلديثة -84

.2010، لبنانبريوت، 1ط

2007مفالح، األعمال غري الكاملة ،االنفجار، دار احلكمة، اجلزائر، حممد -85

، 2007مفالح ، األعمال غري الكاملة، االيار ، دار احلكمة، اجلزائر، حممد -86

، 2007مفالح ، األعمال غري كاملة ، بيت احلمراء ، دار احلكمة، اجلزائر، حممد -87

. 2007، دار احلكمة، اجلزائر، ، زمن العشق واألخطاراألعمال غري الكاملةحممد مفالح ، -88

2007حممد مفالح، األعمال غري الكاملة مهوم الزمن الفالقي، دار احلكمة، اجلزائر، -89

.2010ر ، انكسار، دار طليطلة للنشر والتوزيع، اجلزائمفالح حممد -90

2013اجلزائر، ،، دار الكتب)املتقاطعةالدروب ( حممد مفالح، سفاية املوسم -91


333

. 2010، ليطلة للنشر والتوزيع ، اجلزائرمفالح ، شعلة املايدة ، دار طحممد -92

.2008، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، مفالح، عائلة من فخارحممد -93

.2013حممد مفالح، مهس الرمادي، دار الكتب، دون ذكر الطبعة، اجلزائر -94

.2012، اجلزائر حلة األخرية ، منشورات دار الكتبمفالح ، هوامش الر حممد -95

.2005، اجلزائر، ، الوساوس الغريبة، دار احلكمة للنشر والرتمجةحممد مفالح -96

، القراءة املنهجية ملؤلف اللص والكالب، لنجيب حمفوظ، مكتبة أوحلاج حممد ،مكسيحممد -97

. 2007، الدار البيضاء، 1ديدة، طالسالم اجل

.1996مندور، األدب وفنونه، ضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، حممد -98

.2010، ، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، احلوار وخصائص التفاعل التواصليحممد نظيف -99

، ط- ، دبع اهليئة املصرية العامة للكتاب، مطاارات احلوار بني التحدث واإلنصات، مهمد هيكلحم -100

.2010، القاهرة

.1996، بريوت 32كتبة العصرية، ط ، جامع الدروس العربية، املمصطفى الغالييين -101

منصور نعمان جنم ، املكان يف النص املسرحي، دار الكندي للنشر والتوزيع، أربد، األردن -102

1999.

القاهرة ، 1شر والتوزيع ، طحممد برادة، رؤية للن: ميخائيل باختني ، اخلطاب الروائي، تر -103

2009.

مجيل ناصف التكرييت دار توبقال للنشر ودار الشؤون : ، ترميخائيل باختني، شعرية دوستويفسكي -104

.1986الدار البيضاء ،1ط الثقافية العامة


334

دمشق 1يوسف حالق، منشورات وزارة الثقافة، ط: ، الكلمة يف الرواية، ترميخائيل باختني -105

.1988سوريا،

الدار ،1حممد بكري وميىن العيد، دار توبقال، ط: املاركسية وفلسفة اللغة، تر ميخائيل باختني، -106

. 1989البيضاء

، بريوت 2، منشورات عويدات طفريد أنطونيوس: ، تميشال بوتور، حبوث يف الرواية اجلديدة -107

1982.

.1980 ميشال زكريا، األلسنية مبادئها وأعالمها، املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر، بريوت، -108

، دار ني ، مراجعة وتقدمي عبده الراجحي، اللغة وأنظمتها بني القدماء واحملدثنادية رمضان النجار -109

. ط -د ،، مصراإلسكندرية الوفاء للطباعة والنشر،

، ضوء علم اللغة النفسي، دار قباء نازك إبراهيم عبد الفتاح، مشكالت اللغة والتخاطب يف -110

.2002القاهرة،

.1996، عمان 1عالمات على طريق الرواية يف األردن، أزمنة النشر، ط نزيه أبو نضال، -111

، 1أبو وجدان للطبع والنشر والتوزيع، طنور الدين النيفر ، فلسفة اللغة واللسانيات، مؤسسة -112

. 1993تونس

. 2009بريوت 1طالل وهبة، املنظمة العربية للرتمجة، ط: نورمان فار كلوف، حتليل اخلطاب، تر -113

.1990، القاهرة ، حممد عياد، عامل الكتب: م اللغة االجتماعي، تر هدسن، عل -114

، سلسلة املوسوعة رة الثقافة واإلعالم، دار احلريةالنصري ،الرواية واملكان، منشورات وزا ياسني -115

.1980، العراق )57(الصغرية

.1990بريوت لبنان 1ميىن العيد، تقنيات السرد الروائي، دار الفارايب، ط -116


335

1985ط .ريب اجلامعية، دمشق، دمنشورات العامل الع ،مدخل إىل األلسنية ،غازييوسف -117

.1977ار النهضة العربية، القاهرة يوسف نوفل قضايا الفن القصصي، د -118

:الرسائل الجامعية

، رسالة دبلوم الدراسات)دراسة داللية وتداولية ( ربية، ابن عيسي أزاييط، االستفهام يف اللغة الع -119

كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية، جامعة سيدي حممد بن عبد اهللا، فاس، إشراف عبد الوهاب ،العليا

.1988، 1987التازي سعود،

، )مخاسية مدن امللح وثالثية أرض السواد(، اب الروائي عند عبد الرمحان منيف، اخلطنورة بعيو -120

.2008 / 2007ه يف األدب العريب جامعة اجلزائر، رسالة دكتورا

خليفي ، بنية اخلطاب الروائي عند حممد مفالح، عائلة من فخار منوذجا، رسالة دكتوراه يف سعيد -121

.2012/ 2011إشراف بن يشو اجلياليل، جامعة تلمسان، األدب العريب،

سليمان قوراري، مجاليات احلوارية يف الرواية املغاربية، رسالة دكتوراه يف األدب املعاصر، إشراف، -122

.377: ، ص2011/ 2010ن كرومي جامعة وهران حلس

، رسالة دكتوراه دولة يف )2000 – 1971(، توظيف الرتاث يف الرواية اجلزائرية عامر خملوف -123

.50: ، ص2003، 2002جامعة وهران، اللغة واألدب، إشراف عبد الواحد شريفي،

: وظ، رسالة دكتوراه، إشرافعثمان بدري وظيفة اللغة يف اخلطاب الروائي الواقعي عند جنيب حمف -124

. 1997 1996درهين جامعة اجلزائر، عبد القا

إشراف عبد امللكاه يف األدب العريب، ر دكتو رسالةعز الدين باي، بنية اخلطاب السردي، -125

.2004/ 2003مرتاض، جامعة وهران،


336

دكتوراه يف األدب العريب، جامعة رسالة، يات املكان يف الرواية املغاربية، مجالكروميحلسن -126

.2006/ 2005، عبد امللك مرتاض إشرافوهران،

: علميةالمج!ت ال

ة األديب املعاصر، الد الثاين، ، جمل)العامية يف حوار القصص العراقي احلديث ( ، أمحد عبد اإلله -127

.1974العددان األول والثاين، تشرين أول بغداد

ديثة واملعاصرة ، مقارنة سيميولوجية تطبيقية للقصة احل)السيميولوجيا واألدب ( أنطوان طعـمة، -128

.1996، يناير مارس الكويت، 3ع – 24: ، مج جملة عامل الفكر

، جتليات احلداثة زمنية النص وفضاء التجربة، معهد اللغة العربية واآلداب، بشري بوجيرة حممد -129

.1994وهران، العدد الثالث، يونيو جامعة

، يف اللسانيات العربية املعاصرة، نظريات من الرتاث العريباجلياليل، جملة الدراسات اللغويةحسام -130

.2004، ، الرياض1،ع6للبحوث اإلسالمية جإصدار مركز امللك فيصل

لعريب، معهد االنتماء ا 60: ، عجملة الفكر العريب) لغة احلوار يف األدب (، مسر روحي الفيصل -131

.1990، لبنان ،يونيو، بريوت –أبريل

، ، اهليئة )دراسات يف النقد التطبيقي(جملة فـصول، تنويعات حول لعبة النسيان ، الصديق بوعالم -132

.1989، ديسمرب، 4و 3: الثامن، العدد داملصرية للكتاب، القاهرة، ال

: ، مج 1: ج) الروايةزمن ( ة أفق الشكل واخلطاب املتعددين، ، الروايحممد برادة، جملة فصول -133

.1993، القاهرة ، 4: ، أ 11


337

، مقدمة يف علم التفاوض السياسي واالجتماعي، عدد سلسلة عامل املعرفة ،وجيه حممد حسن -134

.1994الكويت، 190

.2009، جامعة وهران 5كراكيب، البىن اللغوية، جملة اللغة واالتصال، العدد اخلامس، ط حممد -135

، الكويت، 126: ، ع)للغات األجنبية تعليمها وتعلمهاا( عامل املعرفة ،نايف خرما، سلسلة -136

1988.

، يناير ، الكويت265الثقافة العربية وعصر املعلومات، عدد ،نبيل علي، سلسلة عامل املعرفة -137

2001.

:ـ قائمة المراجع باللغة ا$جنبية 5

138- DE SAUSSURE. F: Cours de Linguistique générale, présente par

Dalila Morsly, 2 ED .ENAG, Alger, 1994.

139- DUBOIS Jean: Dictionnaire de la linguistique, Librairie La- rousse,

1974 .

140- GENETTE Gérard ; Figures 3 ; seuil ; 1971.

141- Knapp , Mark , Hall Judith Nonverbal communication in human interaction; copy

right u s a A 2002. www.G oogle.fr /amazon.fr/

142- KRISTIVA (Julia ) Séméiotique , recherche pour une sémanalyse . ed

du seuil ; Paris ; 1996 .

143- Mounin Georges, Dictionnaire de la linguistique :P, U, F :1974 .

144- PIAGET Jean : Le structuralisme, 6èm Ed ,P.U.F ,Paris ,1974.

145- REY ALAIN , Théories du Signe et du sens, Lectures M ,

Editions:Klinksiek, Paris , 1973.

: البحث محتويات

أ...........................................................................................مقدمةـ

1:ص.........................................................................................مدخلـ

2:ص..........................................................عند العرب والغربيين ـ مفھوم البنية

6 -2ص..............................................................................خصائص البنيةـ

7ص...................................................................................ـ مفھوم اللغة

12:ص........................................................................الحوار عموماـ مفھوم

14:ص...................................................................................لغةـ الحوار

.15:ص............................................................................ـ الحوار اصط�حا

18:ص.....................................................................في القرآن الكريم الحوار ـ

21:ص............................................. الحوارية و الخطاب السردي: ولا�فصل ال ـ

22:ص............... ...............................................................ـ مفھوم الحوارية

22 ص.........................................................ميخائيل باختينـ الحوارية في منظور

25ص ..................................................................................ـ حوار ا'فكار

27:ص................................................................................ـ مفھوم الخطاب

32ص.................................................................................ـ أنواع الخطاب

33:ص.......................................................................تعدد اللغات وا'صواتـ

40ص........................................................................................التھجينـ

43ص.............................................................ـ حوارية الكلمة من خ�ل التھجين

45ص.........................................................................................ا'سلبةـ

46ص..............................................لحوارية في الفكر اللساني وا'سلوبي الحديثـ ا

50:ص.....................................................................مفھوم الجملة الحواريةـ

51ص......................................................................الحواريةـ أنواع الجملة

57:ص................................................................الحوارية من خ�ل التناصـ

58:ص..............................................................................ـ مفھوم التناص

60ص.................................. ...................................ـ أنواع الحوار الروائي

60:ص............................................................................ـ الحوار الصوفي

64ص..............................................................................ـ الحوار الديني

70:ص...........................................................................ـ الحوار التاريخي

73ص..................................................................ـ الحوار من خ�ل التراث

78ص...........................................................................الحوار السياسي -

83ص.................................بنية الحوار السردي عند محمد مف�ح :الفصل الثانيـ

84 ص............................................................................. ـ مفھوم السرد

87 ص........................................................أھمية السارد في الحوار الروائيـ

88 ص...............................................................وأنواعه مستويات السارد ـ

92ص ...............................................................................ـ تعدد الرواة

94ص ................................................................... أنواع الرؤية السردية ـ

100:ص...............................................أھمية ضمائر الحكي في السرد والحوارـ

100ص ...........................................................................ـ ضمير الغائب

104ص ...........................................................................ـ ضمير المتكلم

109ص .......... ..............................................................ـ ضمير المخاطب

111ص ...............................................للحوار الب�غيةو ا'سلوبيةوالبنية اللغوية ـ

111 ص...................................................................................ـ ا4يجاز

113 ص..............................................................................التوكيد ـ كثرة

115 ص...................................................................وظائفهالحذف ومفھوم ـ

119 ص......................................................ا'ساليب ا4نشائية بالحوارع�قة ـ

119ص..............................................................................كثرة النداء ـ

122ص ....................................................................................ـ ا'مر

123ص ....................................................................................ـ النھي

125ص .....................................................ـ ظاھرة التكرار في السرد الروائي

127 ص...................................................الحوار اءبن فياللھجة العامية أھمية ـ

128ص .......................................................................ـ المفردات العامية

132 ص.......................................................................ـ أسماء الشخصيات

136 ص...................................................تمظھر الحوار في الخطاب الروائيـ

139 ص.......................................خصائص الحوار من خ�ل المقاربة التواصليةـ

149 ص.......................................................ـ بنية المحادثة في ضوء التداولية

151 ص....................................................المحادثة وأنواعهالفعل اللغوي في ـ

153 ص......................................................قواعد المحادثة عند بول غرايس ـ

162 ص.......................................أنماط المحادثة أو الحوار في الخطاب الروائي ـ

171 ص.................................................................أنواع المحادثة ا'خرى ـ

176 ص................................... ع�قة الحوار بالفضاء السردي : الفصل الثالث ـ

177 ص........................................................................الحوار والمكان ـ

183ص......................................................الحوار والبنية المكانية المتدرجة ـ

187ص..................................................................ةكنمالحوار وتعدد ا' ـ

188 ص..........................................................................الثابتةـ ا'ماكن

195ص......................................................................ـ ا'ماكن المتحركة

199ص ........................................................................ـ مفھوم الوصف

200 ص.......................................................والسرد الوصفبالحوار ع�قة ـ

204 ص... ..................................................الحوار وع�قته بوصف المكان ـ

205ص................................................وظائف الوصف في الخطاب الروائيـ

209 ص........................................................................الحوار والزمان-

210 ص..................................................... البنية الزمنية للحوار الخارجي ـ

211ص .................................................................. المشھد ا<سترجاعيـ

214ص..................................................................... ـ المشھد ا<ستباقي

217ص ................................................................................ـ الخ�صة

218ص ................................ .............................................ـ ا<ستراحة

220ص ...................................................................................ـ القطع

222ص ....................................................................... يحوارـ المشھد ال

223ص ..........................................................................ـ أنواع الحوار

227ص ..........................................................البنية الزمنية للحوار الداخلي

228ص ...............................................................................المونولوجـ

231ص ............................................................................مناجاة النفسـ

235ص ..........................................................................ا<رتجاع الفنيـ

238 ص...................................................................الحوار والشخصيات ـ

238 ص.......................................................................مفھوم الشخصية ـ

241ص .........................................................................ةأنواع الشخصيـ

245ص ......................................................سطحة أو السكونية الشخصية المـ

246ص .........................................................ـ الشخصية الدينامية أو المدورة

247ص ......................................................................ـ الشخصية الثورية

249ص .......................................................................رمزيةالشخصية الـ

250ص .................................................................د<لة أسماء الشخصياتـ

253 ص...............................................الشخصياتالتماثل والمفارقة في أسماء ـ

259ص .................. روايات محمد مف�حفي بنية الحوار غير اللفظي : الفصل الرابع ـ

260ص .............................................................ـ مفھوم الحوار غير اللفظي

270ص................................................................اجتماعي ـ الحوار تفاعل

276ص........................................................ـ أھمية الصمت في بناء الحوار

284ص......................................................ـ الحوار من خ�ل حركات الجسم

284ص ........................................................... اإلشارات الجسمية وأنواعهاـ

285ص .........................................................................ه ـ تعبيرات الوج

286ص ........................................................................ـ حركات العينين

287ص ......................................................................ـ حركة ھز الرأس

290ص ...........................................ـ الحوار من خ�ل حركات الجسم ا'خرى

293ص .............................ـ أھمية الحركات الجسمية في تفسير المواقف الحوارية

298ص ........................................ـ أفعال الك�م ا4نجازية في النص الحواري

300ص ........................................ـ أھمية أفعال القول السردية في بناء الحوار

302ص ...................................................ـ الوظائف اللغوية لحركات الجسد

302ص ......................................................................ـ وظيفة التكرار

304ص .......................................................................ـ وظيفة التضاد

304ص ............................................................ـ وظيفة التدعيم والتعزيز

305ص ....................................................................ـ وظيفة التعويض

306ص ...................................................................... .ـ وظيفة التنظيم

307ص ..............................................................الرسم الكتابي للحوار ـ

312ص ....................................الوظائف اللغويةبالملفوظ وغير الملفوظ عالقة الحوار ـ

318ص ................................................................................خاتمة ـ

325ص .........................................................قائمة المصادر والمراجع ـ

339ص ....................................................................محتويات البحث -

˘ تˆ اور 0 را ˘ا & ا #, ح2$! · ة ﺔﻣﺪﻘﻣ أ ﺔــــــﻣ...

Documents