خمس دقائق وحسب

75
دقائؽ وحسب خمس! سجوف سورية ، ديسمبرسع سنوات في ت0871 ديسمبر0878 تأليؼ9 لدباغ ىبة امي الجبي اليقمـ زينب الغز مقدمة ب الرحمف الرحيـ بسـ ا( يــ ى يرتد إلي رءوسيف مقنعيطعيبصار مي ـ تشخص فيو املظالموف، إنما يؤخرىـ ليو يعمؿ ا غافي عما وى تحسبف ا طرفيـ وأفئدتيـوتؾ ونتبع الرسؿ، أو لـ تكونوا أقسمتـ مف قبنا أخرنا إلى أجؿ قريب نجب دعموا ربيقوؿ الذيف ظميـ العذاب فلناس يوـ يأتي ىواء وأنذر ا ؿ ماؿ وقد مكروا مكرىـ وعندمثا لكـ امؼ فعمنا بيـ وضربناـ وتبيف لكـ كيموا أنفسيكف الذيف ظمؿ وسكنتـ في مسا لكـ مف زوا ف كاف مكرىـ وا ا الوا رض والسموات وبرزواـ يوـ تبدؿ امرض غير امنتقا عزيز ذو ا عده رسمو إف اخمؼ و مي تحسبف الجباؿ ف ؿ منو ا مكرىـ لتزو حد ما كسبت كؿ نفسر ليجزى النا وجوىيـ ا اف و تغشىيـ مف قطر ابيممصفاد سر في ار وترى المجرميف يومئذ مقرنيفلقيا ا سريع إف ااب واحد و ليذكر أولوا أىلب إلو أنما ىوموا ا بو ليعم بمغ لمناس ولينذروب ىذالحسا ا.) وبعد. . الولدافب لياواى يشي ارة وأىبا ، ومر وعذاقات سجنيا ألما ورفياصرة ، عاشتيا صاحبتوة المعلحياب ايذه سطور مف كتا ف. . إنياء ، والسلدمالدموع وابت با سطور كتعش ادة ، والتي عشسموبة اهر الم فوؽ أرضنا وفي أوطاننالطغيافر والعذاب ، تحكي قصة الظمـ اط والقي ياماتات فوؽ ظممي حتى باض وأفرخ وصار ظمـ زمنا طوي الظميا في! كاف ليـ ذلؾ ىؿ رقيب أو حسيب ؟ فإذا ويسرحوف ويمرحوف دوف فيويوفمكا يتيلظالموف ؟ ىؿ يريدوف مذا يريد ا ما يبقى ويخمد أـ يزوؿيـحد لما وصؿ إليو داـ م غيرىـ ، فممؾ وينتقؿ إلىي وي. . لماؿ حقا ،مذاتيـ ، فيؿ أسعدىـ اى شيواتيـ ومنو عمقوف م ماى ينف أـ يريدوفب ال عف مبادئيـ ، وأصحالمبادئب اـ ؟ أـ يريدوف أف يتخمى أصحا قموبينة فيـ وجعؿ الطمأني اض نفوسياىـ مف أمر وىؿ شفقائد عف ع ترخص امروا سبيؿ ا أنو فيموفءا ، وىـ يعمبة ، وعزيمة ومضا تمسكا وصيف ازدادواهيمايؿ تحقؽ ليـ ذلؾ ؟ أـ أف أىؿ ا عقائدىـ ، ف حلدماء وامنفس وا( مواليـ بأف ليـ الجنة أنفسيـ وأ اشترى مف المؤمنيف إف ا. ) مو بيف عباده ، وجع حرـ الظمـ عمى نفسو إف ا محرما ، فماكؿ مف أرضنا ، ويشرب مف مياىنالظالـ بأسمائنا ، ويأ يتسمى ا ، خصوصا عندما ارتو أقساه وما أشد مر! ثـ يكوف أشد قسوة مف أعدى امعداء! ي سجوفكررة وقعت فلكتاب ىو صورة متصر ، وىذا الناغية عبد الطاي سجوف ا والتعذيب ف ارة السجفد قاسيت وعانيت وعشت مر لق طاغة في ىذا العصرلطغا أكثر ا ية آخر ، وما.. يمؿؿ وى يمي ي لكف ا.. ادة ، واغ مف أي استز أبملكتابئع ىذا المزيد، فوقا وى أريد اى أمره غالب عم.. الى زينب الغز

Upload: shamkarama

Post on 15-Nov-2014

2.442 views

Category:

News & Politics


15 download

DESCRIPTION

 

TRANSCRIPT

Page 1: خمس دقائق وحسب

!خمس دقائؽ وحسب

0878ديسمبر – 0871تسع سنوات في سجوف سورية ، ديسمبر ىبة الدباغ9 تأليؼ

مقدمة بقمـ زينب الغزالي الجبيمي

بسـ اهلل الرحمف الرحيـ

طرفيـ وأفئدتيـ وال تحسبف اهلل غافبل عما يعمؿ الظالموف، إنما يؤخرىـ ليـو تشخص فيو األبصار ميطعيف مقنعي رءوسيـ ال يرتد إلييـ ) ؿ ما ىواء وأنذر الناس يـو يأتييـ العذاب فيقوؿ الذيف ظمموا ربنا أخرنا إلى أجؿ قريب نجب دعوتؾ ونتبع الرسؿ، أو لـ تكونوا أقسمتـ مف قب

ف كاف لكـ مف زواؿ وسكنتـ في مساكف الذيف ظمموا أنفسيـ وتبيف لكـ كيؼ فعمنا بيـ وضربنا لكـ األمثاؿ وقد مكروا مكرىـ وعند اهلل مكرىـ وا حد مكرىـ لتزوؿ منو الجباؿ فبل تحسبف اهلل مخمؼ وعده رسمو إف اهلل عزيز ذو انتقاـ يـو تبدؿ األرض غير األرض والسموات وبرزوا هلل الوا

إف اهلل سريع القيار وترى المجرميف يومئذ مقرنيف في األصفاد سرابيميـ مف قطراف و تغشى وجوىيـ النار ليجزى اهلل كؿ نفس ما كسبت (.الحساب ىذا بمغ لمناس ولينذروا بو ليعمموا أنما ىو إلو واحد و ليذكر أولوا أاللباب

إنيا . . فيذه سطور مف كتاب الحياة المعاصرة ، عاشتيا صاحبتو ورفيقات سجنيا ألما وعذابا ، ومرارة وأىواال يشيب ليا الولداف . . وبعد ياط والقير والعذاب ، تحكي قصة الظمـ الطغياف فوؽ أرضنا وفي أوطاننا المسموبة اإلرادة ، والتي عشعش سطور كتبت بالدموع والدماء ، والس

!فييا الظمـ زمنا طويبل حتى باض وأفرخ وصار ظممات فوؽ ظممات يبقى ويخمد أـ يزوؿ ماذا يريد الظالموف ؟ ىؿ يريدوف ممكا يتييوف فيو ويسرحوف ويمرحوف دوف رقيب أو حسيب ؟ فإذا كاف ليـ ذلؾ ىؿ

أـ يريدوف ماال ينفقوف منو عمى شيواتيـ وممذاتيـ ، فيؿ أسعدىـ الماؿ حقا ، . . وييمؾ وينتقؿ إلى غيرىـ ، فمو داـ ألحد لما وصؿ إلييـ عقائد عف وىؿ شفاىـ مف أمراض نفوسيـ وجعؿ الطمأنينة في قموبيـ ؟ أـ يريدوف أف يتخمى أصحاب المبادئ عف مبادئيـ ، وأصحاب ال

ح عقائدىـ ، فيؿ تحقؽ ليـ ذلؾ ؟ أـ أف أىؿ اإليماف ازدادوا تمسكا وصبلبة ، وعزيمة ومضاءا ، وىـ يعمموف أنو في سبيؿ اهلل ترخص األروامحرما ، فما إف اهلل حـر الظمـ عمى نفسو ، وجعمو بيف عباده( . إف اهلل اشترى مف المؤمنيف أنفسيـ وأمواليـ بأف ليـ الجنة)واألنفس والدماء

ثـ يكوف أشد قسوة مف أعدى ! أقساه وما أشد مرارتو ، خصوصا عندما يتسمى الظالـ بأسمائنا ، ويأكؿ مف أرضنا ، ويشرب مف مياىنا لقد قاسيت وعانيت وعشت مرارة السجف والتعذيب في سجوف الطاغية عبد الناصر ، وىذا الكتاب ىو صورة متكررة وقعت في سجوف ! األعداءوال أريد المزيد، فوقائع ىذا الكتاب أبمغ مف أي استزادة ، واهلل .. لكف اهلل يميؿ وال ييمؿ.. ية آخر ، وما أكثر الطغاة في ىذا العصرطاغ

.. غالب عمى أمره

زينب الغزالى

Page 2: خمس دقائق وحسب

مقدمة

( وتمكـ االياـ نداوليا بيف الناس)

وأنا أشرقت حياتي أبيى مف .. وتصبغيا بقتامة الظبلـ تارة أخرى. . بالبياض المشرؽ تارة تطبع أياـ اإلنساف . . حياتنا حمقة ألواف متفاوتة . . الورد النضر ، وتنسمت أياـ طفولتي حناف األبويف المحبيف ودؼء األسرة الرضية فأورقت بالبر والرضا ، وأزىرت بالسعادة والحبور

فما كانت أحبلمي الوردية تغفو إال عمى . . السبعة وأخواتي األربعو ونجيتيـ وعشت في ىذا الروض أثيرة أبي وسر أمي ، وأميرة إخوتيوعمى الرغـ مف . . لـ أنتـ إلى أي حزب مف األحزاب في يـو مف األياـ . ولـ تكف تصحو إال عمى راحات الرضا واألنس . . وسادة األمؿ

ورغـ انتسابي إلى كمية الشريعة فيما بعد ، إال أف ذلؾ لـ يكف . . اهلل نشأتي الدينية وتعمقي بدروس الفقو والتجويد وحرصي عمى حفظ كتابولـ يكف عدـ انتظامي أو تحزبي سببا في الوقت نفسو ألعمى عف ممارسات النظاـ السوري . . مبررا لتصنيفي ضمف أي تنظيـ أو حزب

وما أكد لي ذلؾ شيئ قدر مشاىدتي ومعايشتي . . ماءات الظالـ وأعمالو التعسفية ضد أبناء الشعب مف كؿ اإلتجاىات والطبقات واإلنتـ ألصحاب اإلتجاىات السياسية المختمفة وأصحاب البل إتجاه مف المواطنيف والمواطنات الذيف كانوا مثمي ضيوفا باإلكراه عمى زنازيف النظا

لـ يستثف مف ذلؾ حتى أبناء طائفة النظاـ نفسو. . وسجونو مف بنات وطني حتى أقبمت مسيرة حياتي عمى المرحمة الجامعية فكانت لوعة مفارقتي أىمي ومفارقتيـ لي أوؿ عشت عمى ىذه الصورة كألوؼ

لكف ىذا البوف المؤقت والفراؽ المقرر أتبعو غياب قسري وفراؽ قاىر . . ولـ تنفصؿ صورتي وينأى جسدي عنيـ إال بقوة قوي . . غصة وشط بالبقية في . . ومضى بأكثرىـ فانتزعيـ مف دنيا الشقاء إلى مستقر رحمة الرؤوؼ الرحيـ . .قذؼ بي في أعماؽ الظبلـ وسجف الظبلـ

وأنا في غيابة . . وذوت زىور األمؿ مف قبؿ أف تعقد الثمار . . وأظممت الدنيا . . فتكدرت الصورة . . أصقاع األرض وصقيع اإلغتراب ".الناشط سياسيا "السجوف رىينة عف أخي

ات العمر مني وتتفطر جوارحي وتشيخ روحي ألجؿ وشاية كاذبة فندتيا تحقيقات الظبلـ أنفسيـ ، لكنيـ اثروا أف يتجاوزوا الحقيقة تنسمخ سنو فمبثت أتنقؿ بيف زنزانة وميجع وسجف واخر ! وال يدعوا جيود مخبرييـ األجراء وجمبة سياراتيـ التي شقت ىدوء الميؿ لتقبض عمي تذىب سدى

وماتت عمى أعتابيف اخر اماؿ أممتيا ورجاءات بأحد مف بني اإلنساف . . أقفمت فييف كؿ أبواب الرحمة لدى البشر . . اؼ تسع سنوات عجف خبت وكانت مناجاتي . . وال تحده حدود واف حجبتو اآلالـ برىة مف زمف . . عمقتيا وظؿ الرجاء باهلل وحده حيا بقمبي ال تنطفئ شعمتو وا

الميـ يا مف إذا أظمـ ليؿ اليأس في القموب أنار بنور 9 أدعوه سبحانو بقمبي ولبي. . ذا غفا الخمؽ وسكنت السياط لربي منجاي ومبلذي إيا مف إذا ما سدت طرؽ النجاة أرسؿ سفنو . . يا مف إذا ما اشتد الكرب فرجو عف المكروبيف . . جبللو ظبلـ الحزف وأزالو مف غير ضر

.وفي ظمو السبلـ . . وفي رحابو الطمأنينة واإلستقرار . . يا رب يا مف بو األماف . . بوف إلنقاذ الغرقى مف حيث ال يحتس . واذا قضيت فييىء قموبنا لتقبؿ قضائؾ . . واذا أردت فاجعؿ إرادتنا رىف مشيئتؾ . . الميـ إذا ابتمينا فأعنا عمى الصبر

صبر تريية نفوسنا ، وفي الشكر اعتراؼ بنعمتؾ عمينا وانسبلخ مف األنانية والكبر ففي ال. . الميـ أعنا عمى الحمد والشكرفي السراء والضراء . وفي كؿ خير . .

فجد عمينا بطيب األخبلؽ وسبلمة الصدور إنؾ عمى كؿ شيء قدير وأكرمني بشريكة . .وأرسؿ لى مف بيف العصاة مف خفؼ بمواي ونفس كربي . . فثبتني وحفظني . . مف المناف عمي بنعـ ال تعد وال تحصى

ال . . ورحمنا كبلنا بأخوات بارات محسنات . . فكانت أشد مني صبرا واطمئنانا وأبمغ في التضحية والعطاء " . . ماجدة"السجف وشقيقة الروح . . فرة والمثوبة أشكرىف ىنا وأسأؿ اهلل لي وليف المغ. . وقد كف معنا شريكات اليـ والقيد والمعاناة . . ننسى فضميف وليفتيف وعونيف

لكنني أرى واجب الحديث عف . . وأسالميف المسامحة والعفو إف كنت ذكرت بيف طيات الكتاب ما قد ينكأ جراح نفوسيف أو يكدر عمييف تكدر ييوف أف نبذؿ في سبيميا بعض العنت وال. . وضرورة توثيؽ ىذه المرحمة أمانة ممزمة . . مظالـ النظاـ وانتياكات الحقوؽ ألخ وأجؿ

لقد عثت في جحيـ سجوف النظاـ السوري تسع سنوات رىينة . . حتى ال يضيع الكثير الذي بذلناه والكرب الجمؿ والعذاب الشنيع الذي نمناه . . ويكؿ القمـ عف أف يسجؿ حقيقة كؿ ما جرى . . ال أقدر أف أصؼ كيؼ تكوف السنوات التسع مف العمر حبيسة قمقـ ممعوف . . ببل ذنب

مقبمة أومدبرة . . ىنية أو عصية . . ي وقد عشت التجربة عمى أي حاؿ وأنجاني اهلل في الختاـ أستطيع القوؿ بأف األياـ سوداء أو بيضاء لكنن

Page 3: خمس دقائق وحسب

نما وبي. . فبينما كاف الظممة يظنوف أنيـ ممكوا بجبروتيـ الببلد والعباد كاف قدر اهلل أغمب وأبقى . . ىي كميا مقادير مقدرة وأجؿ مسطور . . يانا عمى العرض بيف يدي الحكـ العدؿ مقبموف ذا كاف قد ساءني سجني والمني أف . . ىـ اليـو يسوموف الناس سوء العذاب فإنيـ في الغد وا وا

ع فإنني وأنا أعيش نعـ اهلل اليـو أحس أف الكريـ قد مسح برحمتو جرح القمب ، وأبدؿ ىم. . أفقد تسع سنوات في غيابة الزنازيف ببل ذنب أحس ذلؾ وألمسو في زوجي الحبيب الذي كاف عمى العيد يزرع األمؿ في . . النفس طمأنينة ، وحرماف األياـ السوداء نورا وعطاء وفضبل

التي أفاءت عمى حياتنا " وفاء"وأراه في ابنتنا األنسة . . نفوس المحروميف نورا وأمبل أشرؽ في نفسي فعوضني عف كثير مما فقدت وحرمت أمانة لنا وقد حممت مف قبؿ أمانة الجياد وشرؼ الدعوة " حناف "الذيف تركتيما أميما " وسارة" جابر"وفي ولدي االخريف . . ة والحبور بالسعاد

والظممة . . وفصؿ الحساب لـ يزؿ مقببل . . وأحس مف قبؿ ومف بعد أف النياية لـ تحف بعد . . فكانت خير أسوة في الديف والدنيا معا ومف مثمو جؿ وعبل وكيؿ بالظالميف ؟ . . ومف كرب العالميف نصير ومجير . . اليـو ىـ بيف يدي اهلل في الغد موقوفوف المتجبروف

(إف الذيف فتنوا المؤمنيف والمؤمنات ثـ لـ يتوبوا فميـ عذ اب جينـ وليـ عذاب الحريؽ) . والحمد هلل رب العالميف . .عميو توكمت واليو أنبت . . وباهلل وحده الرجاء . . ذلؾ ىو العزاء

ىبة الدباغ 5991ابريل

Page 4: خمس دقائق وحسب

الفصؿ األوؿ خمس دقائؽ و حسب

خمس دقائق وحسبوفيما ىجع أكثر أىؿ البيت وغبف في عالـ . . ليمة بالغة البرودة في دمشؽ 0874كانت ليمة االربعاء الحادي والثبلثيف مف ديسمبر عاـ

خر األحبلـ ، كنت وقد دنا منتصؼ الميؿ ال أزاؿ أطارد السطور المتراقصة عمى كتاب الفقو وأجيد في استيعاب المعمومات استعدادا المتحاف الكف ىواجس . . والنعاس والبرد واغراءات الفراش الوثير تطاردني بدورىا وتشتت قدرتي عمى التركيز بيف الحيف والحيف . . ة صباح الغد السن

وتدفعني السترجاع صور األياـ الماضية . . أشد كانت تصرفني عف ذلؾ كمو ، ومخاوؼ تنبعث مف أعماقي ببل وضوح تجذبني ىنا وىناؾ أو لعميا كانت كذلؾ حتى . . كانت أموري في كمية الشريعة طواؿ العاـ عمى ما يراـ . . شيء مف القمؽ والرىبة والتوتر وسجؿ ذكرياتي ب

فخبلؿ ذلؾ فاجأتني والدتي بطمب مف . . أنييت الفصؿ األوؿ وعدت إلى حماة مدينتي أزور أسرتي وأقضي فترة العطمة بيف األىؿ واألحباب يا أف أترؾ الدراسة وحتى البمد وأذىب إلى عماف عاصمة األردف حيث يقيـ منذ شيور ىربا مف مبلحقة الحكومة أخي صفواف يمح عمي وعمي

ف لو بتيمة اإلنتساب إلى تنظيـ اإلخواف المسمميف ونقمت أمي رحميا اهلل عف صفواف عندما التقتو بنفسيا ىناؾ في عماف مخاوؼ تنتابو مف ألكنني لـ أجد في نفسي مبررا إلجابتو ، وال عيدت في حياتي احتماالت كتمؾ ، فاعتذرت . . أو رىينة عنو يقـو رجاؿ األمف باعتقالي نيابة

ألستأجر مع عدد مف البنات نفس الشقة التي . . وعدت إلى دمشؽ ثانية مع ابتداء الفصؿ الثاني . . وأكممت إجازتي كالمعتاد . . ألمي وأستأنؼ دواـ الجامعة مف جديد ، وكدت أنسى األمر كمو لوال أف التوتر األمني بدأ يتصاعد . . كة اخترناىا في الفصؿ األوؿ في حي البرام

مف حولنا ، ومظاىر المسمحيف وحواجز التفتيش التي اعتدنا مشاىدتيا خبلؿ الشيور الماضية في حماة بدأت تظير في العاصمة دمشؽ ، وتنتشر . . عناصر األمف عمى باب الكمية يطمبوف البطاقات ويدققوف في األسماء ويفاجؤنا. . لتمتد إلى محيط الحـر الجامعي نفسو

وصار سماع رشقات . . وما لبث األمر أف زاد إلى العبلنية . . اليمسات وتسري اإلشاعات عف اعتقاؿ فبلف وقتؿ اخر واشتباؾ وعراؾ اعة وواجيات الصحؼ الرسمية ما عادت تكؼ عف أحاديث القبض وببلغات اإلذ. . الرصاص وانفجارات القنابؿ أمرا شبو يومي في دمشؽ

وقد امتد التوتر إلى كؿ نخس وسرى الرعب . . وفي زحمة ذلؾ كمو . . ومبلحقة عناصرىـ ىنا وىناؾ " أوكارىـ "ومداىمة " المجرميف " عمى ! بدأت أحس حركة غير طبيعية بالقرب مني أنا . . في كؿ قمب

!اهلل بيعين إلى سوؽ الحميدية لنشتري ىدية مبلئمة . كنت عمى سبيؿ المثاؿ قبؿ يوميف قد اصطحبت صديقتي المقربة وزميمتي في الكمية ماجدة ؿ

حيث تسكف عمتي " الخيـ "فمما ركبنا الباص إلى . . لعمتي المريضة ، فشعرت وكأف ثمة مف يتبعنا مف محؿ إلى محؿ ومف شارع إلى آخر فتبسمت . . وىمست وأنا ال أكاد أقدر عمى تحريؾ شفتي بمخاوفي لماجدة . . فسو قد ركب وراءنا فتممكني الخوؼ جدا تأكدت أف الشخص ن

وعندما كنت أدخؿ الكمية كالعادة استوقفني عناصر األمف فأخذوا بطاقة ىويتي ودققوا . . وصباح ىذا اليـو ! أنت موىومة وحسب 9 وقالت لكنني ولما انتيت المحاضرات وقفمت راجعة إلى البيت مع ماجدة شعرت ثانية وكأف أحدا ما يمحؽ بنا . . عادوىا فييا كما يفعموف كؿ يـو ثـ أ

لكف القمؽ ىا ىو ال يزاؿ . وأف األمور كميا طبيعية مف حولنا وال داعي لمقمؽ . . فمما أخبرتيا بما أحس عادت فأكدت لي أنني موىومة . . فخبطة أبواب السيارات المفاجىء . . ولـ يطؿ األمر بي أكثر مف ذلؾ بعد ذاؾ . . بارد كأنما يزيده فيو ويؤججو وسكوف الميؿ ال. . يتممكني

والجمبة التي تميز وصوؿ رجاؿ المخابرات مكانا ما ، كانت كافية لتطرد كؿ وىـ عف ذىني ، وتدفعني وقد حسبت . . في الشارع أسفؿ منا تدفعني ألىرع إلى النافذة أشع الخبر وأستجمي الحقيقة ، . . د المطموبيف سوؼ يشيده الحي الذي نحف فيو أف مداىمة جديدة أو اعتقاال ألح

وبينا كنت ألقي نظرة خاطفة مف النافذة فألمح عددا أصعب مف . . لكنني لـ أكد أبمغيا حتى بمغ مسمعي طرؽ عمى باب بيتنا أشد ما يكوف ! إذا لـ تفتحوا فسنكسر القفؿ بالرصاص 9 أتاني الصوت عمى باب البيت يصيح . . تمؤل الشارع أف أحصيو ساعتيا مف سيارات المخابرات

أأفتح ليـ والبنات ! لكنني لـ أعرؼ ما أفعؿ . . وبحركةآلية تناولت غطاء صبلتي فوضعتو عمى رأسي وركضت باتجاه الباب بادئ األمر تني أىرع إلى فاطمة أكبرنا سنا وىي معممة تشاطرنا السكف ، فأيقظتيا أوال وأنا أقوؿ ثـ وجد. . كميف نائمات ؟ أصابني اإلضطراب بالحيرة

خريجة كمية طب . )ثـ لمح في خيالي أف شريكة أخرى في البيت معنا اسميا سوسف س ! كأف المخابرات أتوا عميؾ . . ىيا -9 ليا ببل وعي

Page 5: خمس دقائق وحسب

إلعداـ بأخييا صباح اليـو في سجف تدمر كما بمغيا وأبمغتنا ، فظننت أنيـ إنما أتوا قد نفذوا حكـ ا( األسناف وتكمؿ سنتيا التدريبة في دمشؽ خبلؿ ذلؾ كاف رجاؿ المخابرات قد بدأوا بخمع الباب والضرب عميو بالبواريد ، فأسرعت فاطمة إلى حجابيا فوضعتو عمى رأسيا . . مف أجميا

وثالث في المطبخ . . إلى الشباؾ واندفع اخر. . حد منيـ إلى السقيفة فورا يفتشيا قفزوا! شيء غيرمعقوؿ ! ودخموا يا لطيؼ . . وفتحت ليـ ولـ نجد إال أحدىـ يقتحـ الغرفة عمينا ، وما أف رأى مصحفا معمقا عمى الجدار حتى انتزعو ورماه عمى األرض . . وعاشر . . ورابع . .

متعتنا وينقبوف كؿ زاوية في خزائننا ونحف ال نكاد نستوعب لماذا أو ما الذي فيما راح اخروف ينبشوف أ. . وصار يدوسو بقدميو كالميووس فتقدمت وكأنني ألج كابوسا مرعبا بالرغـ عني . وىيبة دباغ -9 وفي غمرة المفاجأة سمعت واحدا منيـ يصيح مف الصالة ! كانوا عنو يبحثوف

.ما عندنا ىذا اإلسـ9 وقمت لو . أرجعوا كؿ واحدة إلى غرفتيا وفتشوا اليويات -9 فقاؿ ليـ رئيس المجموعة . . أكدت ساعتيا أنيـ أتوا عمي لكف قمبي انقطع مف الرعب ، وت

ليفحص ىويتي ، فمما نظر إلى اسمي فييا -وتقدـ عنصر مني وكأنو عسكري في الخدمة . . ودخمنا غرفنا ونحف نرتعد . . فامتثمنا لمطمب 9 أجاب ! لماذا ؟ىؿ ىناؾ شيء 9 سألتو . واهلل يعيف . . أنت بنت بمدي -9 ، وقاؿ بتأثر وىو يبكي ثـ إلى وجيي اغرورقت عيناه بالدموع

لماذا ؟ ىؿ أتوا مف أجمي ؟ قاؿ وىويشيح بناظريو 9 سألتو وكأنني أىوي في بئر مظمـ . ماذا يمكف أف تفعمي ؟ اهلل بيعينؾ . . اهلل بيصبر بتقولي بكؿ عيف وقحة -9 فنظر ىذا إلي بحنؽ وقاؿ " . . وىيبة دباغ "س الدورية الذي كاف ينادي وذىب وأعطى اليوية لرئي. . نعـ 9 عني

خذىا إلى غرفة لوحدىا وفتشيا جيدا -9 والتفت إلى عنصر اخر وقاؿ لو ! أنو ال يوجد لديكـ ىذا اإلسـ

!أم شاي . . قيوه ماذا يمكف أف تجد معي ؟ لقد فتشوا البيت كمو 9 قمت لو .. فتشييا9 ت وقاؿ ليا أخذني العنصر إلى غرفة ثانية وأخذ واحدة أخرى مف البنا

لكف صوت رئيس الدورية كاف يغطي عمى صوتي المرتجؼ وىو يتحدث بالبلسمكي مع شخص اخرسمعتو يقوؿ لو . . وفتشونا منذ أف دخموا ستذىبي معنا خمس دقائؽ وحسب. ىيا ارتدي مبلبسؾ9 فقاؿ لي . أحضروىا 9

دعييـ معمؾ فربما تحتاجينيـ . . ال 9 لبست جمبابي فوؽ غطاء صبلتي ، وكانت معي بعض النقود فأردت أف أعطييا لصديقاتي ، فقاؿ لي لف يمزموا لي ، أنت تقوؿ خمس دقائؽ فكيؼ سأحتاجيـ ؟ لكنو عاد وأكد أنني سأحتاجيـ ، فمـ أكترث 9 قمت وقد بدأت أستعيد بعض توازني .

. أمسكيا مف يدىا -9 ودفعت النقود إلحدى البنات بقربي ، فيما وجدتيـ يدفعونني إلى الخارج ورئيس الدورية يقوؿ أل حد العناصر بما قاؿ ،فتركني أنزؿ حتى . كمبشني وال تمسؾ يدي 9 قمت لو . ىذا أمر 9 قاؿ . كاف الدرج معتما والكيرباء مقطوعة فما رضيت أف يمسؾ لي يدي

مف معيا في 9 وسمعت أحدا يسأؿ بالبلسمكي مف جديد! عود فيدفعني نحو باب سيارة كأنما ىي غوؿ فتح فاه ينتظر افتراسي باب البناية ليولـ تمبث السيارة أف . فصعد ثانية وأحضر شريكتي في الغرفة ماجدة وممؾ غ . أحضروىـ معيا 9 قاؿ . فبلنة وفبلنة9 الغرفة ؟ أجاب

وفي غمضة . . برات انتشروا عمى طوؿ الشارع ، وأطمت سياراتيـ المرعبة مف كؿ زاوية ومفرؽ طريؽ تحركت وسط جمع مف رجاؿ المخاوىناؾ أدخمونا إلى غرفة ممموءة بأجيزة كيربائية فييا ". . السادات "عيف وجدنا أنفسنا قرب ممعب تشريف بالعباسية في فرع المنطقة المسمى

وما أف جمسنا حتى سالنا أحد العناصر الموجوديف . . مرار كأنيا أجيزة اتصاالت أو السمكي أضواء كثيرة حمر وخضر تشتعؿ وتنطفئ باست قيوة أـ شاي ؟. . ماذا تشربوف -9 فييا

وذىب فأحضر فنجانا لكؿ منا وجمس . . ساتي لكـ بقيوة مرة لتصحوا رأسكـ -9 ولما لـ ننبس مف خوفنا ببنت شفة تطوع باإلجابة عنا وقاؿ قمت . الساعة اآلف الثانية وأنت نعسانة بالتأكيد . . لماذا ال تشربيف ؟ ىيا صحي رأسؾ -9 فمما الحظ أننا ال ندنييا مف أفواىنا سأؿ يراقبنا ،

الـز تشربي ليصحى رأسؾ 9 قاؿ بسخرية . وىؿ تراقبني ؟ ال أشتيييا اآلف 9 قمت لو . أناشايفؾ . . ال 9 قاؿ . أنا أشرب 9 وشفتاي ترتجفاف . وكنت أعود فأدنيو ثـ أعيده وجسمي كمو يرتجؼ . . وأدنيت الفنجاف مف فمي وتظاىرت بالشرب . . كففت عف الكبلـ . عرفي تحكي جيدا وت ! وأنا ال أدري ما الذي يمكف أف يحدث في المحظات التالية .

!إلى التحقيق ت مناديا ييتؼ باسمي ، وسرعاف ما اقتادني عنصر اخر إلى مكتب لـ يطؿ المقاـ بي في الغرفة األولى كثيرا فماىي إال دقائؽ حتى سمع

دخمت ىناؾ فوجدت رجبل عيناه جاحظتاف وحمراواف . رئيس الفرع نفسو ، وىو كما عممت بعدىا ابف أخت رئيس الدولة واسمو معيف ناصيؼ

Page 6: خمس دقائق وحسب

قاليا لي بميجة بادية . اجمسي ىنا . كؿ مقزز شفافة ورقيقة ويمؼ رجبل عمى رجؿ فتنكشؼ ساقاه مف تحتيا بش" جبلبية"كالدـ ، يرتدي .ال9 أنت منظمة أليس كذلؾ ؟ قمت 9 الخشونة وأضاؼ قبؿ أف أبمغ الكرسي الذي يتوسط الغرفة فيكشفني مف كؿ جانب

ذا فكيؼ تقومي9 بدأ يتمممؿ في كرسيو .قاؿ وقد. ال توجد لي أي عبلقة بيـ 9 إذا فما عبلقتؾ باإلخواف ؟ قمت 9 قاؿ ف بتوزيع كؿ مجبلت وا النذير ؟ ثـ ىذه الرسالة مف أيف أخرجناىا ولمحت بيف أصبعيو ورقة صغيرة عرفت أنيا الرسالة التي كاف أخي صفواف قد كتبيا قبؿ مغادرتو

فواف حزنا سورية كتوصية بأبي عندما ذىب األخير مع شقيقي األكبر إلى عماف لمعبلج ىناؾ بعدما أصابو مرض انحبلؿ الدـ إثر مبلحقة ص. . وخوفا عميو ، ولكف مسؤولي الحدود أعادوىـ وقتيا ألف أخي لـ يكف قد أدى خدمتو اإللزامية ، وأحببت أف أحتفظ بالرسالة كذكرى مف أخي

الفرع يقرأ لي حامؿ ىذه الرسالة ىو والد أحد المجاىديف فاعتبروىا شيئا كبيرا ، وجعؿ رئيسى"فمما فتشوا البيت عثروا عمييا وكاف مكتوب فييا . . لكف أنا بعرؼ أفرجيو . . والد أحد المجاىديف أليس كذلؾ أبوؾ ىذا عامؿ نفسو إشتراكي وىو مف زعماء اإلخواف -9 منيا بسخرية ويقوؿ

أبي أشد وعممت أنيـ عذبوا . . وظمت ىذه العبارة محفورة في ذاكرتي حتى سمعت عف أحداث حماة بعد سنوات ! واهلل ألعمؿ جسده مصفاية ! العذاب قبؿ أف يرشوه أكثر مف مرة ، حتى صار جسده كالمصفاة بالفعؿ

!وضاع الدليل ال 9 وماذا عف الرسالة ؟ قمت 9 قاؿ . قمتيا وقد سرت القشعريرة في جسدي خوفا عمى أبي وعمى نفسي . أنا لست منظمة وال مف اإلخواف

وكأنما أراد أف يمج إلى غايتو مف مدخؿ اخر ، فجعؿ يقمب الممؼ الذي بيف يديو وسأؿ .ربما نسييا أحد ىناؾ أو وضعيا لي أحد . . أعرؼ مف تعرفيف مف أصدقاء أخيؾ ؟9 ال . . مف ىذا 9 وماذا عف عبد الكريـ رجب ؟ قمت 9 لـ أر أخي مف زمف وال عبلقة لي بأصدقائو ؟ قاؿ وقد اشعت عيناه . . ال أحد -

أنالست منظمة فكيؼ أعترؼ بذلؾ ؟ فتناوؿ . .ال 9 قمت . إذا فمف تعترفي أنؾ منظمة 9 جديد وصاح بي فعاد إلى الصراخ مف . أعرفو وتقوليف أنؾ لست -9 فقاؿ وىو يشتمني . . مف قدمو ورماني بيا ، لكنني تنحيت برأسي قميبل فتجاوزتني وأصابت الكاتب ورائي " شحاطتو "

ولـ يمبث أف غادر الغرفة لبرىة . . ثـ عاد يتحدث عف الرسالة ويموح بيا أماـ وجيي ! إخواف ىذه التصرفات كميا تصرفات. . مف اإلخواف فظننت أنو ذىب ليأتي بجبلد أو أحد ما ليعذبني ، فمما عاد أراد كأنما أف يريني الرسالة أو يستخدميا مف جديد ، فجعؿ يقمب بيف مجموعة

نا ، وقاموا بكييا وتمصيقيا جميعا أمبل في أف يجدوا بينيا دليؿ إدانة ضدي ، فمما لـ يجد أوراؽ كانوا قد أخرجوىا مف سمة الميمبلت ببيتمف مكانيا ؟ ىؿ . . ىؿ تحركت ىذه اؿ 9 قاؿ لو . ال سيدي 9 ىؿ دخؿ الغرفة أحد ؟ أجاب الكاتب بانتباه -9 الرسالة سأؿ الكاتب ورائي

فازداد ! ال أدري . . وضاعت الرسالة أيف . . وينقب أمامو وحولو وبيف يديو فمـ يجد شيئا فجعؿ يقمب. ال 9 غادرت أنت الغرفة؟ أجابو ثانية ذا لـ تعترفي بنفسؾ -9 التآمو وعبل صراخو ، وجعؿ ييددني بعبارات بذيئة ويقوؿ رفيقتؾ ىنا في الممؼ أمامي اعترفت بأنؾ منظمة ، وا

وسأبقى أقوؿ . . ميما كاف لديكـ مف وسائؿ فأنا لست منظمة 9 البذيئة واستفزني التيديد قمت لو وقد جرحتني الكممات! فمدينامايجعمؾ تفعميف أنا لست منظمو

سجل االتياموأخذوا صديقتي . . أخرجوني مف غرفة التحقيؽ إلى غرفة كاألولى التي استقبمتنا ممموءة بأجيزة مشابية كميا أضواء ممونة دائمة الوميض

ولـ أكد ألتقط أنفاسي حتى عادوا فنادوني وأخذوني إليو مف جديد ، ألجد قائمة باإلتيامات تنتظرني تكفي أف . . لفرع ماجدة إلى غرفة رئيس اتوزعيف مجمة النذير ، وتعطيف دروسا لسيد قطب في مساجد دمشؽ ،وقمت بشراء بيت 9 توزع عمى ثبلثة رجاؿ أنت متيمة بأنؾ منظمة

. . وىناؾ اعتراؼ ثابت مف واحدة مف صديقاتؾ بكؿ ذلؾ . . ا جياز إعبلمي بنفؽ في منطقة المياجريف لمتنظيـ ، ونقمت سيارة ذخيرة فيي .ورفيقتؾ ىذه متأكدة تماما مف كؿ المعمومات وىي تعرفؾ جيدا ودرستؾ وعاشرتؾ وال تكذب أبدا

قمت ذلؾ وقد بدأت األمور تتضح في ذىني بعض . ىي كاذبة ، وأنا ليست لي عبلقة بما قالت ولـ أفعؿ أي شيء أو أشارؾ بأي مما ذكرت الشخص الذي . . الشيء ، واستطعت مف ثنايا كبلمو أف أدرؾ أف شخصا بعينو قد نقؿ ىذه الوشايات ليـ ومؤل ممفي بكؿ ىذه األكاذيب

خابرات والمتعامؿ معيـ مف داخؿ جاسوس الم9 إنو عبد الكريـ رجب . . طالما كنت أسمع تحذيرات عنو رغـ أف عيناي لـ ترياه طواؿ حياتي تشجعت ليذا الذي وصمت إليو ، وأدركت أنيا تيـ رخيصة أراد أف يمؤل بيا الصفحات ! أو دسيستيـ داخؿ الصفوؼ . . صفوؼ اإلخواف

Page 7: خمس دقائق وحسب

. . تعترفي يا إذا لـ-9 فمـ أجب تيديدات المحقؽ رئيس الفرع وىو يكرر عمي مف جديد . . وحسب ، وازددت إحساسا مع كؿ الظروؼ بالثقة ! فمدينا ما يجعمؾ تعترفيف .

!في انتظار االعدام إلى الغرفة الغامضة أعادني عنصر مف المخابرات بأمر مف المحقؽ ، ولـ يمبث وأف أحضر رفيقتي ممؾ لتنضـ إلي ، وكانت المسكينة في

وبعد أف أودعانا تحت . . مد وال مف األشخاص أحدا غيري أياميا األولى بدمشؽ وفي أوؿ سنة ليا بالكمية معي ، فمـ تكف تعرؼ ال عف البفمما انتيى دورىا عاد فطمبني وقد مض مف الميؿ أكثره وأعاد نفس الكبلـ عمي . . رقابة العنصر في الغرفة أخذوا ماجدة وبدأوا معيا التحقيؽ

9 -دة اعترفت االف بنفس الكبلـ ، وقالت بأنؾ منظمة ومسمحة رفيقتؾ األولى يقصد عبد الكريـ رجب اعترفت عميؾ اعترافا أوليا ، وىذه ماج

ومف غير أف ينتظر جوابا مني أمر عنصرا فأخرجني مف الغرفة واقتادني إلى الممر ثـ . . وقمت بأعماؿ كثيرة لمتنظيـ وتوزعيف مجمة النذير حدى رجمي إلى أعمى . . ىا ىـ أكمموا صياغة التيمة لي . . خبلص 9 فقمت في نفسي . . وجيني باتجاه الجدار وأمرني أف أرفع يدي وا

!واالف سيرشوني أو يعدموني وما ىي إال برىة حتى وجدت رفيقتي ممؾ بجانبي يأمرىا العنصر أف تفعؿ مثمي ، فازداد إحساسي أنيـ سوؼ يرشوننا ال ريب ، ولـ أعد أحس

رشا مف الخمؼ أـ إعداما بالمشنقة أـ ماذا ؟ وكأنني 9 وكيؼ ستكوف . . كاف كؿ شعوري مركزا حوؿ النياية التي دنت . . ساعتيا بنفسي لماذا أوقفتمونا بيذا -9 إلى العنصر المكمؼ بمراقبتنا فسألتو " بحبلوة الروح "وقد تممكني الشعور بتحقؽ المنية استجمعت بقايا جمدي والتفت

ىؿ تظنيف اإلعداـ . . ال 9 أجاب ىازئا ! تقصد أنيـ سيعدموننا 9 قمت . فعمتـ أنتـ تعرفوف ماذا 9 ما الذي فعمناه ؟ قاؿ ببل مباالة . . الوضع ! يأتي بيذه السرعة والسيولة

!إلى الفمق أدخمونني بعدىا عمى غرفة األجيزة وأمروني أف أجمس . . مرت نصؼ ساعة أو ربما أكثر ، فالوقت في مثؿ ىذا الموقؼ ال معنى لو

ضروا ممؾ فأجمسوىا عمى كنبة أمامي في مواجية الباب الذي كاف مفتوحا بعض الشيء ، فما كادت المسكينة ولـ يمبثوا أف أح. . فجمست وأنا أكاد مف توتري أتقطع ، وصوت ماجدة في غرفة التحقيؽ يبمغ أذني مرة ويغيب . . ولـ تعد تحس بشيء . . تبلمس الكنبة حتى نامت

. . ممؾ . . ممؾ -9 وألتفت إلى ممؾ وأىمس وبودي أف أصيح لتسمع . . وع مف العذاب اآلف تناؿ فبل أدري ماذا تقوؿ وال أعمـ أي ن. . مرة وظمت عمى ىذه الحاؿ حتى الصباح ! ولكنيا في غفوتيا ال تجيب . . . حاولي فقط أف تنظري مف طرؼ الباب وتعممي ما الذي يجري

ال أستطيع حتى أف أستقر عمى الكرسي تحتي ، وقد اجتمع عمي النعاس والتعب أراقبيا وأحاوؿ أف أحادثيا وال فائدة ، وأنا عمى أعصابي حتى أطؿ أحدىـ . . ىذا يمقي سؤاال ببل معنى واخر يكتفي بالنظر والتبسـ . . وبيف كؿ فينة وأخرى عنصر قادـ وأخر عائد . . والخوؼ معا

9 قاؿ . شكرا . . ال شيء 9 ماذا تشربيف ؟ أجبت 9 قاؿ . ال9مت لو ىؿ تريدوف أف تفطروا ؟ ألـ تجوعوا؟ ق -9 مع إطبللة الصباح يسأؿ . . وذىب فأحضر الكأس ووضعو أمامي ، ولكنني لـ أستطع مف توتري وتعبي أف أدنيو مف شفتي . سأتي لؾ بكأس شاي تصحيف بو رأسؾ

في القبو ىذه المرة ، وعندما بمغت الساعة الثامنة دخموا مف جديد فأيقظوا ممؾ ، وأخرجونا إلى تحقيؽ جديد! ال تقولينيا 9 فانتفضت المسكينة تقوؿ ! االف سيأخذوننا إلى الفمؽ ال محالة . . اخ -9 وبينما ىـ ينزلوننا درجات السمـ قمت ىامسة لممؾ

. فيمنا ما الذي سيحدث ومف الذي قاؿ لؾ أف تنامي طواؿ الميؿ ؟ لماذا لـ تسمعي ماذا قالوا لماجدة ؟ كنا استفدنا بعض الشيء أو9 قمت

!ضد الوطن . . أنا أجمسني عمى طرؼ سرير . . عبر ممر كئيب في القبو أخذوني إلى غرفة أخرى لمتحقيؽ وجدت في صدارتيا وجيا جديدا ىو الرائد تركي

. ويدونيا في سجؿ معو عسكري في طرؼ الغرفة وجعؿ عمى مدى نصؼ ساعة تقريبا يعيد تبلوة نفس اإلتيامات عمي بشكؿ سؤاؿ وجواب ، وعندما كاف يبمغني صوتو . . فكنت أكبو قميبل ثـ أنتبو فأشد نفسي . . كنت مف تعبي وارىاقي ال أستطيع متابعة كبلمو أو حتى فتح عيني

يا أف أجد ولو فمما انتيى كاف أممي الوحيد في كؿ الدنيا وقت. . األجش بعربيتو الثقيمة أحس وكأف أمعائي توشؾ أف تخرج كميا مف فمي

Page 8: خمس دقائق وحسب

لكف العنصر عاد واقتادني عبر الممر نفسو إلى غرفة أخرى في القبو وجدت فييا ضابطا اخر . . ببلطة ألقي عمييا جسمي المنيؾ وأناـ -9 ت ذاتيا واستمر حوالي الساعة يسمعني العبارا. . والميجة العموية واضحة عميو . . برتبة رائد استقبمني مف فوره بعبارات بذيئة وكبلـ قذر

. . وأنت قمت بأعماؿ كثيرة تضر بالوطف وال تستحقيف أقؿ مف عقوبة الئلعداـ . . وأنت منظمة اعترؼ الجميع عميؾ . . أنت مف اإلخواف تبلؼ يعيده بحرفيتو ويكرره فبل أميز انتياء المقطع مف بداية مقطع جديد إال مف اخ. . كاف كبلمو أقرب إلى شريط تسجيؿ منو إلى الحديث

ووجدتني وكأنما تحوؿ رأسي إلى جرس كبير يقرع ىذا الرجؿ عميو كؿ لحظة بكمماتو فيرتج . . الشتيمة أو تغير عبارات السخرية واإلستفزاز ضد . . أنت منظمة . . الجميع اعترؼ عميؾ . . الجميع اعترؼ عميؾ -9 وتتكرر فيو العبارات فيزداد اىتزازا وضجيجا . . وال يستقر

وكأنما غبت عف الوجود اخر األمر ، فما وجدتني إال وعنصر اخر يدخؿ الغرفة ! إلى اإلعداـ . . إلى اإلعداـ . . إلى اإلعداـ . . ف الوطاآلف سنطعمكـ فروجا 9 فرد بميجة ذات مغزى . ال ،لـ نجع 9 ألـ تجوعوا يا بنات ؟ قمنالو -9 وممؾ وماجدة في طرؼ اخر منيا ويسأؿ

جذبنا نحف الثبلثة ، ووجدتيـ يقتادوننا عبر الممر . نحف بغنى عف طعامكـ 9 قمت لو وقد فيمت أنو يقصد التعذيب ! حاؿ مشويا عمى أيةأصعدونا في سيارة عسكرية نحف . االف ستروف 9 إلى أيف ؟ قاؿ -9 نفسو فالسمـ حتى بوابة الفرع ، ولما سألتو وقد دب في القمؽ مف جديد

البعض ، وصعد عنصراف مسمحاف وراءنا ، ولـ تمبث السيارة أف انطمقت بسرعة مجنونة كأنما تريد أف تقفز فوؽ بقية الثبلثة قبالة بعضناولـ نكد . . السيارات التي كانت تخمي ليا الطريؽ مف بعيد ، وأمامنا سيارة أخرى تطمؽ الصفير المدوي ، وثالثة مف خمفنا لمحماية أو المراقبة

لسيارة العنيفة في الصعود واليبوط حتى تممؾ ممؾ الدوار وأخذت في اإلستفراغ ، فمؤلت السيارة مف مخمفات جوفيا ، نبدأ مع انعطافات اواؿ وجعمتنا ونحف في حالتنا المبكية نكاد نختنؽ ، فأممنا رأسيا لموراء باتجاه الباب الخمفي بيف العنصريف ، فجعمت تكمؿ تقيؤىا بينيما ط

.يؽ العسكري بالعباسييف إلى سجف أمف الدولة بكفر سوسةالطريؽ ، مف فرع التحق

الفصؿ الثاني 0871أكتوبر 0- 0870رحمة خارج الزمف يناير 9 كفر سوسة

رحمو خارج الزمان: كفر سوسة ئؽ حولو بيف ممرات عبرت السيارات الثبلث بوابة السجف العامة مضيا نحو المبنى الرئيسي الذي انتصب أمامنا بطوابقو الثبلث ، والتفط السا

تنزؿ ومداخؿ معقدة حتى بمغ بابا كيربائيا توقؼ بنا عنده ، واجتذبتنا األيادي مرة أخرى فاقتادتنا عبر ساحة المبنى الداخمية إلى باب اخر مضت . ا اختيار خمس درجات منو إلى القبو المعتـ ، فإذا ىو عالـ اخر مف عوالـ الرعب التي قطعناىا خبلؿ اليوميف الماضييف عف غير م

ولـ األيدي القاسية عبر ممر القبو المظمـ فالتفت بنا جية إليسار وليس في طريقنا إال الصمت واأل بواب الحديدية الكئيبة ووحشة المكاف ، مقابمة في اخر فما كدنا نممح المنادي حتى بدت مف الجية ال! منيرة-9 يمبث أف قطع لياثنا المتدفؽ صوت أجش أتانا مف وسط العتمة ينادي

. شاعت موضتيا وقتذاؾ ، وجعمت تتقدـ نحونا متمايمة يوحي مظيرىا أنيا سجانة أو موظفة ىناؾ " جبلبية"الممر فتاة مضفورة الشعر ترتدي أوؿ الجميع ودفع بي . ىيا فتشييف واحدة واحدة -9 فمما اقتربت ومف غير أف يمتفت إلينا قاؿ ليا أبو عادؿ رئيس نوبة السجانيف وقتذاؾ .

وماذا 9 ما اسمؾ ؟ قمت وقد بمغ التوتر بي مبمغا -إلى غرفة عممنا بعدىا أنيا غرفة التحقيؽ والتعذيب ، ودخمت منيرة ىذه ورائي وسألتني ؟ .وليش معصبة؟ -9 لكنيا قالت ببرود . . تريديف مف اسمي ؟ أحسست وقتيا أف بامكاني أف أقتميا مف شدة توتري بيدي

بس ال 9 أجابت بنفس برودىا ورتابة صوتيا ! ماذا تريدينني أف أفعؿ ؟ ىؿ يمكف لئلنساف أف يكوف مبسوطا ىنا ! ال أدري واهلل9 قمت واهلل العظيـ أنا سجينة وقاعدة في 9 قالت . لماذا تكذبيف عمى ؟ شكمؾ ىذا ليس كشكؿ السجينات 9 قمت بحدة . أنا سجينة مثمؾ. . تعصبي

لـ أجرؤ أف أزيد معيا وظننتيا سجانة تريد أف تستدرجني في الكبلـ خاصة وأنيا تتحدث بالقاؼ العموية ، . مف اإلخواف ميجع ممموء بنسواف أحسست ليجة صدؽ في حديثيا فاستأنست بعض الشيء وسألتيا دوف . ما صدقتيني ؟ بكره بنمتقي بالميجع وبذكرؾ 9 لكنيا عادت وقالت لي

ىناؾ واحدة حاجة مف حمب وأخرى اسميا أـ شيماء و جمست تعد لي أسماء 9 مف اإلخواف ىناؾ ؟ قالت ومف معؾ -9 أف أغادر الحذر وأنا الشيوعية الوحيدة في الميجع والبقية كميف مف اإلخواف فتشتني منيرة بعد ذلؾ ، وفعمت الشيء نفسو مع 9 وألقاب ال أعرفيا وأضافت

ري حينما انتيت ، فأخذني وأصعدني ثانية مف القبو ، واقتادني عبر سبللـ وممرات عديدة إلى ماجدة وممؾ بالتتابع ، وكاف العنصر في انتظا ! المبنى الجنوبي لمفرع ، ليبدأ التحقيؽ معي حسب األصوؿ

Page 9: خمس دقائق وحسب

! بين يدي الجالد وكؿ قادـ أو عابر يحمؿ بيده . .باب يقفؿ واخر مف أيف ال أدري يفتح . . ىذا داخؿ وذاؾ خارج 9 كاف كؿ ما حولي يثير الفزع واإلضطراب

وفي البداية أدخموني عمى مكتب رئيس الفرع ناصيؼ خير بؾ ، فأحسست وكأنني انتقمت . . جياز السمكي أو كببل أو أداة أخرى لمتعذيب بات وثيرة ومكتبة ومكتب فالغرفة واسعة دافئة أنيقة التأثيث ، يمتد السجاد الفاخر عمى أرضيما بميابة وقد توزعت عميو كن. . إلى عالـ اخر

. فاخر يحتؿ تمثاؿ لرأس الرئيسس األسد ركنا منو ، بينما ينتصب في زاوية الغرفة القصوى تمثاؿ برونزي آخر لرأس الرئيس بالحجـ الطبيعي عنصرأف يعيدني إلى وأما المقدـ ناصيؼ الذي كاف منيمكا بمحادثة السمكية وقتيا فمـ يعرني أكثر مف نظرة ازدراء بطرؼ عينو ، وأومأ لم

ولـ ألبث أف اقتادني ذاؾ ثانية إلى غرفة أخرى مقابؿ مكتب ناصيؼ ، فوجدت مجموعة أشخاص مجتمعيف عمى . . مكاني وأكمؿ حديثو ولـ يمبث أف . شاب مقيد يعذبونو ويحققوف معو ، وناصيؼ ممسؾ جياز البلسمكي بيده يتحدث فيو مرة ومع الشاب المسكيف والعناصر مرة

شار بيده إلى العنصر الذي أحضرني فجذبني ذاؾ مف منكبي وأمرني أف أنتظر خارج الغرفة مف جديد ، وأنا كالنائمة ال أكاد أقدر عمى أوسرعاف ما عاد العنصر فأدخمني الغرفة ! متابعة المشاىد المتجددة والوجوه المتعاقبة واألصوات التي تختمط الشتائـ فييا باإلستغاثات واآلىات

كانوا أربعة أو خمسة يشتركوف في التعذيب أمامي بالكابؿ والعصي . تيا ألحضر تعذيب الشاب نفسو لعمي أخاؼ وأتكمـ ما يريدوف ذاناصيؼ خير بؾ رئيس الفرع ، والرائد عبد العزيز ثمجة وىو رجؿ ضخـ الجثة بالغ الجبلفة ، وعناصر آخروف كاف 9 والخيزراف والكيرباء ريف بعد مجندا مف درعا كما عرفت الحقا ينادونو حسيف ، ولـ أعرؼ مف كاف ذاؾ الشاب ولماذا يعذبونو ، لكنو كاف أحدىـ لـ يبمغ العش

ثـ اعترؼ اخر األمر ال أدري ليتخمص مف مزيد مف العذاب أـ لسبب اخر . . واهلل العظيـ موأنا -9 يصيح طواؿ التعذيب ويستغيث مناديا لماذا أتيتـ بي ىنا -9 عندما اشتد التعذيب عميو وكاد صراخو يصيبني باإلنييار التفت إلى العنصر معي وسألتو و . . فأقرأنو قتؿ أحد الضباط

ال أريد أف أسأليـ ولكف أنا ما عندي شيء ألعترؼ بو ويضعوني في ىذا الموقؼ 9 قمت بانفعاؿ . إسألييـ. . ال أعرؼ 9 ؟ قاؿ بسخرية ! ال عبلقة لي بأي شيء ىنا . . ال أعرؼ -9 العنصر عف أف ىز كتفيو وابتسـ متيكما وىو يقوؿ ولـ يزد . فأتفرج عمى تعذيب الناس

واستمر الضرب والتعذيب حوالي نصؼ الساعة أنيضوا الشاب بعدىا مضرجا بالدماء والكدمات فكبموا يديو ورجميو ، وفيما اقتادني العنصر مجة الشاب إلى رأس الدرج ، ثـ ركمو برجمو بكؿ قسوة ، فتدحرج ىاويا يئف ، ونادى عمى وراءه ألكمؿ كما يبدو رؤية المشيد ، سحب الرائد ث

جعؿ أحد ما ىنالؾ لينزلو إلى المنفردة في القبو أسفؿ المبنى ، وعاد فأمر العنصر ليدخمني إلى الغرفة مرة أخرى ، فأوقفني في زاويتيا ، و ـ خرج الجميع فجأة ، ليعود الرائد ثمجة وحده ويغمؽ الباب كيربائيا بضغطة زر ، ناصيؼ وثمجة يتحدثاف بالبلسمكي ال أدري مع مف ، ث

ومف غير أف يمفظ أي كممة أو يسألنى أي سؤاؿ لـ أحس . . فاستوى الباب بالجدار حتى لـ أعد أدري مف أيف دخؿ وال أيف كاف ىذا الباب لجدار وارتد ، وصارت الدنيا تدور كميا في ، وصرت أرى الرائد أمامي إال وصفعة مفاجئة تأتيني عمى حيف غرة اصطدـ رأسي مف عزميا با

إذا ما بدؾ تحكي ما بتعرفي ما . . انظري -9 لـ يزد عف أف قاؿ ! أربعة أشخاص معا ، وأرى رأسي أسفؿ مني ورجبلي فوؽ الرأس وفوقي . الذي سيحصؿ لؾ

!بساط الريح نفسي حتى عاد مع ناصيؼ ورئيس الدورية التي أحضرتنا مف البيت وشخص رابع لـ أعرؼ مف خروج الرائد ثمجة برىة لـ أكد أتمالؾ فييا

إذا أيف ىو 9 قاؿ . أخي ليس ىنا 9شو ما بدؾ تحكي ؟ ما بدؾ تقري وتدلينا فيف أخوؾ ؟ قمت لو . . وليؾ -9 وابتدرني ناصيؼ يقوؿ . كاف ؟

إذا سألؾ 9 األمر فإف أخي صفواف كاف قد أخبر أمي عندما زارتو في األردف وقاؿ ليما وواقع . ال أعرؼ الظاىرأنو ذىب ليكمؿ دراستو 9 قمت تذكرت ذلؾ بمجرد أف سألني عنو ، ولـ أكف أدري وقتيا بأف أمي كانت معتقمة في . أبي أيف أنا فقولي لو ذىب ليكمؿ دراستو في الباكستاف

الجواب نفسو ، والتقى كبلمي مع كبلميا في ىذه النقطة ، األمر الذي أعفاني مف نفس السجف معي ، وأنو سأليا قبؿ دقائؽ عف أخي فأجابت أنت تعرفيف بأف أخاؾ ىنا ، وسوؼ تأخذيننا وتدليننا عميو ، أو عمى رفاقو والبيت الذي -9 التعذيب عمى ذلؾ السؤاؿ ، ولكنو سألني بمـؤ

إذىب وأحضر ليا بنطاال وأعطيا إياه خمييا تنستر وضعيا 9 حدىـ وقاؿ لو فنادى عمى أ. . ال أعمـ أي شيء مف ىذا 9 قمت . يجمسوف فيو تقدـ العنصر مني وطرحني عمى لوح مف الخشب لو أحزمة طوؽ بيا رقبتي ورسغي وبطني وركبي ومشط رجمي ، ولما . عمى بساط الريح

Page 10: خمس دقائق وحسب

ووجدتني وأنا بيف الدىشة والرعب مرفوعة الرجميف في اليواء تأكد مف تثبيتي رفع القسـ السفمي مف لوح الخشب فجأة فبات كالزاوية القائمة ، وبكؿ . . وقد سقط الجمباب عنيما ولـ يعد يغطييما إال الجوارب والسرواؿ الشتوي الطويؿ ، وال قدره لي عمى تحريؾ أي مف مفاصؿ جسمي

ولكف انظر كيؼ أنيا منيـ ومجيزة نفسيا لمفمقة وال . . أرأيت ؟ قالت إنيا ليست مف اإلخواف .. انظر سيدي -9 وقاحة صاح العنصر يقوؿ وقبؿ أف أحاوؿ إعادة لوح الخشب إلى استقامتو طمبا . . حاولت دفع أي مف القيود الجمدية عف مفاصمي فما استطعت ! حاجة ليا لمبنطموف

يده خيزرانة طويمة رفيعة وسألنى بميجة تيديد لمستر كانوا قد عمقوه مف جنزير مثبت بو إلى السقؼ ، وتقدـ رئيس الدورية التي اعتقمنا وب شوما بدؾ تحكي ؟-9 صريح في نفس الوقت كاف الرائد ثمجة فوؽ رأسي يجيز مولدا كيربائيا مربع الشكؿ موصوال بالفيش ولو يد يدار . ليس لدي أي شيء ألحكيو 9قمت

بالخيزرانة عمى بطف رجمي أطمؽ ىذا شحنة مف الكيرباء سرت وفيما ىوى ذاؾ. . بيا ومبلقط قربيا مني وأطبقيا فجأة عمى أصابع يدي أرأيت 9 قاؿ ببرود . قمت لكـ ماعندي شيء لمحكي 9 ىو إلسو مابدؾ تحكي ؟ صرخت -9 كالنار في بدنى ، فقاؿ دوف أف يمتفت لصرختي أنت تكذبيف وتخبيف . . ال 9 قاؿ ! نا لـ أفعميا حتى ولو كاف ، ىؿ أعترؼ بأشياء أ9 قمت ! كـ كانت الكيرباء قوية؟ ىذه أخؼ الموجود لدينا

وأقبؿ ثمجة ىنا بصورة قربيا مف ! بدؾ تقومي اآلف تأخذينا وتدلينا عمى البيت الذي يسكف فيو أخوؾ ورفاقو واال فسنأخذؾ إلى تدمر . . عمينا . . لكف ىذا رفيؽ أخيؾ الحميـ 9 قاؿ . ال9؟ قمت كيؼ ؟ أال تعرفيف رفاؽ أخيؾ9 قاؿ . ال9ىؿ تعرفيف ىذا الشاب ؟ قمت -9 وجيى وسألنى

تبسـ الرائد ثمجة . ال أعرفو . . ال 9 أال تعرفينو ؟ قمت بحـز وقد تأكدت لي الوشاية الرخيصة التي حيكت لي . . ىذا عبد الكريـ رجب منظمة مع اإلخواف 9 ىبة الدباغ -9 جيي ابتسامة صفراء وشرع يقرأ مف مجموعة أوراؽ بيف يديو بعيف ، وعينو األخرى تتاج انفعاالت و

صرخت بانفعاؿ وأنا أسمع قائمة اإلتيامات الكاذبة . . اشترت ليـ بيتا ، وتعطي دروسا لسيد قطب في مساجد دمشؽ و . . وتتعامؿ معيـ أال تري ؟ ىذا كمو مكتوب - 9دس الرائد ثمجة األوراؽ بوجيي وىو يقوؿ . ال أعرؼ أي شيء تتحدث عنو . . كذب . . كذب 9 لممرة األلؼ

ىو الذي تكمـ عنؾ بيذا ، وىو مف اإلخواف مائة في المائة ويعرؼ عنؾ كؿ شيء وال بدوأنؾ تعرفينو . . كمو مف اعترافات الرجب . . ىنا زرانة عندما وعاد التعذيب مف جديد ، وصار رئيس الدورية يضرب قدمي بكؿ عزمو ، حتى أصبحت الخي. . عدت إلى قولة كبل . . أيضا

تيوي عمييما تشؽ اليواء بصوت كالصفير ، وجاء عنصرآخر بخيزرانة ثانية وجعؿ يشارؾ معو الضرب ، فيما عاد عبد العزيز ثمجة فقبع فوؽ لكنني لـ أعد . . يا اهلل 9 وكنت في البداية أصيح . . كاف األلـ أشد مف أف يوصؼ . رأسي وجعؿ يكوي أصابعي بالكيرباء مف جديد

ووجدتيـ بعد عشر دقائؽ تقريبا مف الضرب . . تطيع اخر األمر أف أخرج صوتي ، فصرت ألوح برأسي فقط ولـ أعد أحس بشيء أسوسرعاف ما انفكت القيود عف مفاصمي ، وسحبني ! إلى تدمر -9 المتواصؿ يتوقفوف فجأة ، ومع الشتائـ والعبارات البذيئة طرؽ سمعي عبارة

بر الممرات والسبللـ ثانية إلى سيارة متوقفة عند الباب ، ففوجئت برفيقتي ماجدة قد سبقتني إلييا بحراسة عنصر عنصر مف غرفة التعذيب عوانطمقت السيارة بحركة مسرحية إلى أف بمغت الباب الخارجي ، فسألنى مف جديد . . أركبانا معا ولكنني لـ أجرؤأف أتحدث معيا بشيء . آخر

أنا ال عبلقة لي . . ما عندي أي شيىء أحكيو -9 ت وكأف أعصابي المشدودة تصيح كميا معي بصوت واحد لسو ما بدؾ تحكي ؟ أحسس-9 توقفت السيارة ، ولـ يمبث السائؽ أف عاد بنا إلى المبنى مف جديد، وأعادوني مرة ! ىؿ تريدوف أف أكذب عميكـ فقط ؟ ىؿ تريدوف . . بأحد

ة واإلتيامات تطرح عمي ، لكف الضرب والتعذيب اشتد أكثر ، وزاد عدد المشاركيف بتعذيبي حتى لـ وعادت نفس األسئم. . أخرى إلى التعذيب . . وبدأت أرى الغرفة كميا عصيا وخيزرانات . . أعد أستطيع أف أعرؼ عدد مف حولي أو عدد المحصي والخيزرانات التي تيوي عمى رجمي

وأتاني صوت الرائد ثمجة ! فمـ أعد في النياية أجيب عمى أحد . . بصوت واحد غامض والناس فييا مف كثرة أسئمتيـ كالضفادع تنؽ وتنؽ ولكنيا . . تدعي البراءة وتنفي أنيا منظمة وىي ليست مف اإلخواف وحسب . . انظروا إلييا . . أنت إذا مسمحة . . ىا -9 مف جديد يقوؿ ولكف 9 قاؿ . وأنا لست مسمحة . . أنا ال عبلقة لى بأحد . .ال 9 بعصبية أحسست أف تيمة أكبر تمفؽ لي ىذه المرة فصرخت ! مسمحة أيضا

ربما قالت ذلؾ مف خوفيا حتى تنجو مف . . أحضرىا لتقوؿ ذلؾ أمامي . . ال تصدقيا 9 قمت . رفيقتؾ ماجدة ىي التي قالت ذلؾ عنؾ ء وما تعذبت ، وأنت أذا لـ تتكممي فستبقي تأكمي ضربا تكممت عف كؿ شي. . ىى أصدؽ منؾ . . رفيقتؾ ال تكذب . . ال 9 قاؿ . الضرب

ما 9 الف تتكممي ؟ قمت -9 وتقدـ ثمجة مف جديد نحوي وبيده بطارية كيرباء وضعيا عمى فمي مباشرة وقاؿ بميجة التيديد . حتى تحكي وىنا صاح ناصيؼ . عمى نفسي ميما وضعت لي الكيرباء أو أطعمتني ضربا فما عندي شيء أحكيو ولف أكذب . . عندي شيء أحكيو

إذا لـ تتحدثي بكؿ شيء -9 والتفت نحوي ميددا يقوؿ . ىيا أنيضيا وأعطيا ورقة لتكتب ما لدييا مف معمومات وسنرى بعدىا -9 بضجر

Page 11: خمس دقائق وحسب

يـ ؟ إذا لـ ىؿ تعرفيف ألشوايا الديرية كيؼ يكوف شكم -9 وأضاؼ . ىذه المرة فاعممي أف لدينا عناصر الواحد منـ كالوحش يسد الباب ! تعترفي فسأدخميـ عميؾ وسنرى بعدىا

! الموت راحة المؤمن فوجدت نفسي مبممة مف غير أف أشعر، وكنت كأنما أغمي عمي أثناء التعذيب فدلقوا عمي سطؿ ماء حتى " بساط الريح "أنيضوني عف

ؿ نافذة كانت فوؽ رأسي أف الدنيا قد أصبحت ليبل ، تمفت حولي كالسكرى فرأيت الغرفة خمت تقريبا مف الناس ، وأدركت مف خبل. أصحو وبينا أنا ال أزاؿ أحاوؿ استعادة توازني جاء أحد العناصر بورقة وقمـ وجمس ! فقدرت أف ساعتيف أو ثبلث انقضت عمي وأنا في التعذيب

ال فستطمسي أكثر مما أنت طامسة . . انظري -9 أمامي يقوؿ قاؿ . ماعندي أي شيء أحكيو 9 قمت لو . إذا حكيت فستساعدي نفسؾ ، وا أنت حرة 9 قاؿ . ولكف أنا ليس لدي أي شيء 9 قمت لو . وال أحد يصؿ ىنا إال إذا كاف مذنبا . . ال أحد يأتوف بو إلى ىنا وما عنده شيء 9 ؼ وأعطيت الورقة لمعنصر فذىب أجبت بما أعر . . وأعطاني استمارة معمومات عامة عف دراستي ومدارسي ثـ عف عبلقتي بتنظيـ اإلخواف .

ىؿ ىذه أجوبة تمؾ التي أجبت بيا يا أخت -9 بيا ، ولـ يمبث أف عاد الرائد ثمجة يموح بيا ومبلمح الغضب بادية عمى وجيو وىو يصرخ في خرعبارة أطمقيا سمعتو يقوؿ واندلقت كؿ الشتائـ والعبارات البذيئة دفعة واحدة مف لسانو وكأنيا كانت تنتظرفرصتيا لئلفبلت وفى آ. . . اؿ تريديف أف تماطمى بالوقت . . أنت تعرفيف ىذا البيت الذى يسكف فيو أخوؾ ورفاقو وبدؾ تدلينا عميو اآلف لكف أنا أعرؼ لماذا ال تريديف ذلؾ 9

-9 وسجؿ دوف أف أرد عميو بعض الكممات عمى االوراؽ التى معو وخرج ولـ يمبث أف عاد وقالوخرج ، ولـ يمبث أف عاد وقاؿ حتى ييربواذا نزلت إليو ال تخرجى منو حتى تموتى قمت لو ! الموت راحة المؤمف . . أحسف9 إذالـ تتكممي فسننزلؾ إلى القبو ،والقبوا

عيف يخرب بيتؾ الـ تحسي كـ أكمت مف قتؿ ؟ أال تفكري في أف ترحمى نفسؾ وتعترفى لتخمصىمف ىذا وتجيبيف بكؿ وقاحة وكؿ 9قاؿ بغيظ في تمؾ المحظة دخؿ ناصيؼ خير بؾ مف 9 قمت لكـ ماعندى شىء . . لكف أناليس لدي أي شيء حتى أعترؼ بو 9قمت لو . العذاب

.. إذا الـ تعترفي بكؿ شيء االف -بة وقاؿ والشتائـ البذيئة تسبؽ كمماتووسمعنى أقوؿ ذلؾ جديد لمرائدثمجة،فابتدرني بتكشيرة ونظرة مرعوقفت ىنا ونظرت .إخمعي جمبابؾ 9قاؿ بميجة األمر. لكف اناماعندي شيء احكيو 9فسوؼ أعريؾ مف ثيابؾ صحت وقدىزني التيديد. .مباشرة

وتقدـ مني فمد يده يريد أف يفؾ أزرار الجمباب فما وجد . أناسأخمعو لؾ ؿ قاؿ أالتريديف أف تخمعيو؟. إليو والخوؼ الحقيقي يغمرقمبي ألوؿ مرة أمسكني مف . . ففي تفصيمة ذلؾ الجمباب كانت األزرار مخفية ، فحوؿ يده وأنا أحاوؿ مدافعتو إلى رأسي لينزع حجابي فمـ يستطع . شيئا

رادة مني إليو ،ثـ يعود ويخبطو شعرى تحت الحجاب وكاف طويبل وقتيا وممفوفا لمخمؼ أمسكني منو وبدأ يش ده فينجذب رأسي كمو مف غيرا وسيؿ الشتائـ البذيئة يرافؽ ذلؾ كمو ،لكنو لـ يتمكف رغـ ذلؾ مف نزع الحجاب ألف غطاء الصبلة كاف قد نزؿ في أكمامي عندما . .بالجدار

خواف وثيابؾ كميا ممتصقة ببدنؾ التصاقا والجمباب وتقولي عف نفسؾ أنؾ لست مف اإل9 فصاح بي . .لبست الجمباب فوقو ساعة اإلعتقاؿ ! . أزراره سرية ومخفية ومجيز اخر تجييز

ووقتيا كانت قدماي قد تورمتا مف الضرب . . ومع استمرار صمتى وسيؿ الشتائـ منو نادى أحدىـ ليعطيو الكبؿ أو الخيزرانة ليجدد ضربي وتقدـ ليبدأ ضربي ، فركضت بعفوية منو والتجأت وراء " ال تريديف الكبلـ ؟ أنا سأريؾ 9 ولـ يعدبإمكاني لبس الحذاء، فقاؿ وىويتناوؿ ماطمب

يخرب بيتؾ كؿ ىذا التعذيب والضرب والزاؿ فيؾ 9 وبدأت أركض وأدورحوليا وىويركض ورائي ليمسؾ بى ويصيح . . الطاولة فركض ورائي خذىا تنقمع مف . . خذىا 9 فمماتقدـ العنصروأمسكني صاح ناصيؼ فيو أمسكيا مف عندؾ 9 روح لتنطي وتركضى ونادى الحاجب وقاؿ لو

لـ أصدؽ أف حفؿ التعذيب قد انتيى ولـ أعي مامعنى أف أذىب الى المنفرده . ال أريد أف أراىا أكثر مف ذلؾ. . خذىا إلى المنفردة . . وجيى لماذا؟ لماذا لـ 9 لسبللـ والممرات ثانية نزوالىذه المرة وىويقوؿ لىإال عندما دفع العنصر حذائى الى وجذبنى خارج الغرفو وجعؿ يقودنىعبرا

أنظري كيؼ انتفخ وجيؾ وازرقت يداؾ وتورمت رجبلؾ وأكمت قتؿ الدنيا . . تتكممي ؟ أما كاف ذلؾ أفضؿ لؾ ؟ كنت عمى األقؿ رأفت بحالؾ اهلل ال 9 ت وقد فاض بي األمر ولـ أعد ألقي باال لكمماتي وأضف. ماعندي شيء أحكيو 9 قمت . حتى لـ تعودي تستطيعيف أف تمبسي حذائؾ

لكف لوأنؾ كذبت عمييـ كنت خمصت 9 لكنو وكأنما كاف يؤدي دورا مرسوما لـ يمتفت لعبارتي وأكمؿ يقوؿ . . يعطييـ العافية ىؤالء الظبلـ ألنيـ لـ -9 وكيؼ عرفت ذلؾ ؟ قمت 9 ى بدىاءسألن. أنا ال أكذب وأعمـ أف الذي يصدؽ ىنا أو يكذب فنتيجتو واحدة -9قمت . حالؾ

العنصر . . كنا قد وصمنا باب القبو أخيرا ، فوجدت حسيف ! قمت ليـ الحقيقة فمـ يصدقوا فكيؼ سيفعموف إف أنا كذبت عمييـ . . يصدقونني

Page 12: خمس دقائق وحسب

سامة سخرية تكشؼ سنا مقموعة فى الذي كاف يشارؾ قبؿ قميؿ في تعذيب الشاب في األعمى يطؿ عمينا بوجو مظمـ وقد فتح فمو عمى ابتأىبل . . أىبل -9 استقبمني وبيده كبؿ يتموى مثمما تموت كممات الترحيب الساخر عمى فمو وىو يقوؿ . . الوسط فكأنيا نافذة في بيت خرب

! واهلل نورت . . وسيبل

!قن الدجاج جديد عبر الممر المعتـ إلى ثاني زنزانة منفردة في ممر آخر ال أمسكني حسيف مف كتفي وأنزلني الدرجات الخمس إلى أسفؿ ، واقتادني مف

أحسست بالنفور مف الظممة ! واف شاء اهلل نومة ىنية . . غرفتؾ العامرة . . ىذا مكانؾ -يكاد يبدو آخره ، وقاؿ وىو يشير إلى الداخؿ -9 قاؿ وىو يدفعني إلى الزنزانة بغمظة ! ال أدخميا أبدا . . ال واهلل -9 ووحشة المكاف وكنت ال أزاؿ متوترة األعصاب جدا فقمت ببل وعي

التفت إلى أبواب الغرؼ األخرى فممحت صديقاتي زميبلت السكف معي يطممف بوجوىيف مف طاقات الزنازيف . إي بدؾ تدخمي بكسر رأسؾ ىؿ تظنيف نفسؾ في . . تعالي . . تعالي 9 ؿ فجذبني بقوة وىو يقو . . فبلنة . . فاطمة 9 التي وزعوىف عمييا ، فركضت نحوىف وأنا أصيح

صوت أمي التي يبدو أنيا سمعت صوتي أيضا فبدأت تدعو عمييـ بصوت ( 13رقـ )وفجأة سمعت مف آخر الزنازيف ! فندؽ أو في زيارة حمة في قموبكـ ولكنني أرى واهلل أنا طوؿ عمري أسمع أنو ال ر ! ما عندكـ رحمة . . ىؤالء حريمات تتقووف عمييف يا ظبلـ -9 عاؿ وتصيح

ماذا . . أمي ىنا ؟ اهلل يخرب بيتكـ -9 وركضت ثانية باتجاه مصدر الصوت وأنا أصيح بدوري . . بيرتني المفاجأة ! ذلؾ اآلف بعيني خوتؾ ؟ وما حاجتنا -9 فناداني حسيف وىو يقيقو بسخرية . وال حوؿ جميعا ليـ وال قوة . . تفعموف بيا ؟ إخوتي صغار وأبي مريض ألبيؾ وا

وذىب فأغمؽ نوافذ المنفردات جميعا ثـ عاد يدفعني إلى المنفردة وأنا أحاوؿ المقاومة وأتكىء عمى زاوية الباب ، فقاؿ لي ! نحف نريد أمؾ فقط ىيا . . رينو أنت اآلف ستنو 9 أجاب بسخرية ! المكاف معتـ جدا 9 قمت . إذا لـ تدخمي االف فسأحضر كؿ عناصر الفرع ليدخموؾ-9 ميددا واهلل 9 قمت لو . . نظرت فإذا بعمبتيف مف الصفيح في زاوية الزنزانة واحدة فييا خبيص مف أرز أو برغؿ مع مرؽ وفي الثانية ماء . ادخمي

9 د تممكني الغيظ قمت وق. ىذا عشاؤؾ الميمة داذا كاف لؾ نفس لتأكمي فكميو 9 قاؿ ! وىذه واهلل مثؿ معاممة الحيوانات . . ىذا مثؿ قف الدجاج وىنا حضر عنصر اخر متقدـ في السف كاف يحسف معاممتي فيما بعد قدر ! أنتـ تعرفوف أف الذي يدخؿ إليكـ ال تعود لو نفس ليأكؿ

فدخمت . ياهلل يا أختي ادخمي وتوكمي عمى اهلل وال تتركي لو مزيدا مف الفرص ليسخر منؾ -9 تقدـ مني وقاؿ بصوت منخفض . . المستطاع ثـ لـ يمبث صوتيا أف غاب وسط قيقيات العناصر وصياحيـ وىذرىـ ، وعمت المكاف رائحة . . المنفردة وصوت أمي ال يزاؿ يبمغ مسمعي

فيما لفتني في وحدتي الظممة ووحشة المكاف فازدادت أعصابي توترا ولـ أستطع حتى أف ! الخمر وصيحات المجوف احتفاال بميمة رأس السنة إخاصة وأنيـ أخذوا ماجدة بعدي إلى التحقيؽ وكاف مف الممكف أنيا تعذب في تمؾ الساعة مثمما كاف محتمبل أف تقوؿ عني أي أغير جمستي ،

. وبقيت عمى ىذا الحاؿ إلى ما بعد منتصؼ الميؿ ، حينما حضر أحد العناصر واقتادني إلى غرفة التحقيؽ مف جديد . شيء

! الميمون لونلست مف اإلخواف أليس كذلؾ ؟ ولـ تقومي بأي عمؿ ليـ وال تريديف -9 الرائد ثمجة في انتظاري يستقبمني قائبل في غرفة التحقيؽ وجدت

قالت بأنؾ مسمحة وأنيا رأت السبلخ معؾ بعينيا -يقصد ماجدة -ىذه رفيقتؾ . ولكف ىناؾ مف أرسمو اهلل ليعترؼ عميؾ الميمة . . اإلعتراؼ ىي أصدؽ . . ىي ال تكذب ،أنا قمت لؾ ىي ال تكذب 9 قاؿ . ىيا أحضرىا لتقوؿ ذلؾ أمامى . . فقأ ليا عينيا أحضرىا أل9 قمت لو بتحد .

لي ليمتاف كاممتاف لـ أنـ ولـ آكؿ ولـ أدخؿ الحماـ مع القتؿ 9 قمت لو . منؾ ، والدليؿ عمى كذبؾ لونؾ الذي أصبح أصفر مثؿ الميموف ىز برأسو وىو يمط شفتيو ببل معنى وصاح لمحاجب كي يعيدني لممنفردة ، فعدت إلى ! صفر لوني والتعذيب ولعياف القمب ، فكيؼ ال ي

أنا جمستي القمقة ذاتيا وعاد إلي التوتر واألرؽ ، حتى أنني لـ أمد البطانيات خوؼ أف يأتي أحد العناصر فيفتح نافذة الباب أو يدخؿ عمي و . . لزنزانة أرمؽ الصراصير في تمؾ الظممة تتسمؽ الجدراف حولي دونما اكتراث بالنزيؿ الجديد وبينما أنا متكورة عمى نفسي وسط ا. . نائمة

شؽ جدار السكوف فجأة صوت مزالج الباب الخارجي وصياح السجانيف وتدافع أقداـ تتخبط ميرولة فوؽ الدرجات وعمى الممر باتجاه منفردة قد وصمت ، وعممت الحقا أنيـ ستة أو سبعة شباب بيف الثانية عشرة والخامسة عشرة مف أدركت بحدسي أف دفعة مف المعتقميف الجدد . قريبة

والذي يبدو أف واحدا منيـ ! العمر جمعوىـ مف مسجد واحد وحشروىـ معا في ىذه المنفردة التي ال تزيد بمساحتيا عف متر بمتر ونصؼ الحماـ ، فبل يجيبو إال صوت العناصر الغارقيف في متعة اإلحتفاؿ أصابو إسياؿ مف الخوؼ أو التعذيب فجعؿ يصيح طالبا الخروج إلى

Page 13: خمس دقائق وحسب

لـ أعد أستطيع . . يا عالـ . . واهلل بطني بتوجعني -9 لكف الفتى لـ يكف يستطيع الصبر ، فيعيد الرجاء وينادي ! سد حمقؾ -9 برأس السنة وسكت الفتى لبرىة يا . . . سد حمقؾ واخرس يا -ؿ وىو يكررعندىا جاءه عنصر منيـ وفتح النافذة وتناولو بضربة بالكب. . ضبط نفسي

ليو يكفر ويمعف ويقوؿ لو . . حراـ ، بدأنا نشـ بعدىا رائحة مف زنزانتيـ خنقتنا وأخرجو إلى الممر . . . فعمتيا ىنا يا ابف اؿ -9 فعاد العنصرا مالؾ قمب بشر؟ سألؾ أف . . يخرب بيتؾ -9 عمييـ وتقوؿ لو وانياؿ عميو ضربا كالمجنوف ، وتعالى صراخ أمي مف منفردتيا ثانية تدعو

ومضت ساعات . . ماذا يفعؿ المسكيف بنفسو ؟ وعاد األمر بعد ىذه الميزلة إلى ما يشبو اليدوء مف جديد . .تخرجو فمـ تفعؿ ففعميا تحتو فنا ليمتيا إال أنني بدأت أفقد اإلحساس بما حولي ، وأتخيؿ الميؿ المتبقية تمر عمي أثقؿ مف الجباؿ ، وعمى الرغـ مف أنني لـ يطرؽ لي النـو ج

لممرة ربما مف شدة البرد أف الثمج قد غطى المكاف كمو ، وأف العناصر تستعد القتحاـ الزنزانة عمي ليسحبوني في ىذا الثمج فيعروني ويعذبوني لبث وقد دنا وقت الفجر أف أحسست بما يشبو الطرؽ الخافت عمى لكف شيئا مف ذلؾ لـ يحدث ، ولـ أ! األخيرة قبؿ أف يرشوني وأغادر الحياة

قاؿ الجدار مف الزنزانة األخرى المجاورة حيث وضعوا ماجدة ، فعممت أنيا تنبيني إلى موعد الصبلة ، ولـ نكف خبلؿ الفترة السابقة مف اإلعتاتجاه القبمة فطرقت الباب ، ولـ يمبث أف حضر حسيف مف كميا قد تمكنا مف الصبلة ، فتيممت وىممت أف أبدأ ، لكنني لـ أستطع معرفة

أنا ال -9 كررت عميو السؤاؿ مع الرجاء ، فقاؿ بتبـر ! كيؼ وضعت رأسؾ عمى الفمقة فيذا اتجاه القبمة -9 جديد فسألتو ، فقاؿ بسخرية لى حيث أشار وظيري إلى الباب ، فكاف قمبي فصميت إ. ال أعرؼ ، لكنني أشاىد الشباب في المنفردات يصموف بيدا اإلتجاه . . أصمي

وبينما أنا في . . وبالفعؿ ! فيحدث ما ال تحمد عقباه ! ينتفض مف الرعب طواؿ الصبلة خشية أف يفتح أحد العناصر عمي فيراني وأنا أصمىعـ بتصمي ؟ فمـ أجب ، ولكنني . . شو-9 صبلتي فتح السجاف ابراىيـ الطاقة ليعطيني اإلفطار ، فمما رآني أصمي قاؿ بما يشبو السخرية

أحسست أف قمبي قد سقط بيف يدي ، غير أف اهلل سمـ ، ومضى إبراىيـ فأكمؿ توزيـ الفطور عمى الزنزانات األخرى ثـ عاد ففتح وسألنى كد يفعؿ حتى فتحت ولـ ي. . ىززت برأسي دوف أف أجيب ، فاكتفى بدفع طبؽ الطعاـ إلي والذىاب ! خمصتي ؟ اهلل يتقبؿ -9 باستيزاء

أال تريديف الخروج إلى -9 الرجؿ الذي ترفؽ بي ألدخؿ الزنزانة ليمة األمس ، فسألني . . الطاقة مف جديد وكاف القادـ ىذه المرة أبو محمد صوتا ىنا ؟ وىذه مالي ال أسمع -9 سألتو . . الحماـ ؟ أشرت باإليجاب ، فمما فتح باب المنفردة أطممت عمى الممر برأسي فما وجدت أحدا

قمت بدىشة . -يقصد ماجدة -كميـ خرجوا ، وما بقي إال أنت ورفيقتؾ الثانية . . خرجوا 9 صديقتي ممؾ ألـ تنزؿ مف التحقيؽ ؟ قاؿ إذا . . خرج الجميع وبقينا نحف . . أحسست أنيا النياية وأنيا راحت عمينا ! صفوكـ . . أنت ورفيقتؾ وأمؾ فقط 9 وأمي ؟ قاؿ 9 واضطراب 9 أطرؽ وىو يقوؿ . أنا بريئة . . ولماذا أخرجوىـ ولـ يخرجونا نحف ؟ أنا لـ يثبت أي شيء عمي -9 سألتو وأنا أشيؽ بالبكاء ! فيي النيايةوري ألست جائعة؟ أنا أحضرت فط.. أتريديف أف تأكمي -9 ثـ غير مجرى الحديث وقاؿ . إسألييـ ، أنا ىنا مجرد موظؼ. . واهلل ال أعمـ تذكرت وقتيا أنني لـ أكف قد أكمت شيئا إلى ذلؾ الوقت مف قبؿ ، . أكمت منيـ وزاد معي قطعة . . زبدة ومربى وأشياء أخرى 9 الخاص معي

ثـ لما اشتد عمي الجوع في اليـو الثاني بدأت آكؿ القشرة الخارجية لمصموف . . لكنني لـ أشأ أف آكؿ طعاـ غيري أيضا ، فشكرتو واعتذرت وقطعة الجبف التي ال يحضرونيا إال نادرا بطبيعة الحاؿ ، وعمى ىذه الحاؿ بقيت طواؿ فترة بياتي . . لذي يحضرونو ألف الداخؿ عجيف كمو ا

! في المنفردة ثمانية أياـ بالتماـ والكماؿ

!ورعاه البقر "الخط "انتني المجيوؿ بوجؿ ، وأطؿ عمى أحداث األياـ التي مضت طمع صباح أوؿ أيامي في سجف كفر سوسة وأنا ال أزاؿ قابعة أترقب في زنز

الجديد فإذا بو أشبو بالقبر منو إلى أي شيء اخر ، وعدا الصراصير التي كانت ال تزاؿ تبحث " مسكني "تمفت أتأمؿ ! مصدقة ومكذبةيء ، لكف تسرب بعض الضوء واعتياد بمجساتيا المقرفة عف شيء رطب تقتات عميو لـ أستطع في البداية أف أجد عمى الجدار القاتـ ش

محفورة أكثر مف مرة وحوليا أسماء أشخاص " اهلل أكبر وهلل الحمد"عيناي عمى الظممة جعمني أبصر خطوطا مميزة بعض الشيء وشعار فؿ منو اسـ الشخص وأس" ال إلو إال اهلل محمد رسوؿ اهلل "وكاف ثمة نقش لمسجد كتب حولو . . عديديف مروا عمى ىذا المكاف التعس قبمي

لـ تكف أكثر مف ساعتيف عمى صبلة الفجر ! اهلل أكبر وهلل الحمدا ا"كذلؾ لمحت خريطة لفمسطيف وتحتيا عبارة . . الذي نقشو عمى األغمب يناموف إال إذا فكما الكبلب تفعؿ كاف المحققوف والجبلدوف والسجانوف ال . . قد مضتا حيف بدأت دورة يـو جديد مف أياـ السجف تأخذ مجراىا

وسرعاف ما بدأت الشتائـ والمعنات وعبارات الكفر باهلل تختمط بفرقعة الكببلت عمى ظيور السجناء ! دنا الفجر ويستيقظوف وقت الضحى

Page 14: خمس دقائق وحسب

ـ يتصدر المجند العموي المتطوع أحد أجيؿ خمؽ اهلل وأغباى( ياسيف )كاف . بمغة السجف المتداولة " الخط "يقتادونيـ إلى الحمامات أو إلى ليذا العمؿ عمى الدواـ ، فتراه يمسؾ بالكبؿ بيده ويتفرس في طابور المعتقميف المتجو نحو الحمامات لبرىة ، ثـ ال يمبث أف ينقض عمى

فجزاء ذلؾ مضاعفة العذاب حتى ال . . والويؿ كؿ الويؿ لمف كاف يجرؤ ويصيح مف األلـ . . المساكيف لطما ولسعا يسمخ جمودىـ كالدواب ىؿ تظف أنؾ ال تزاؿ في الضيعة التي جئت منيا وىؤالء . . يا ولدي 9 وسرعاف ما انطمؽ صوت أمي مف زنزانتيا تنادي عميو ! عيدىا ثانيةي

ولـ يكف ياسيف ليرضى أف يقطع متعتو الصباحية شيء فاستمر يجمد الشباب ويتمذذ في خمؽ ىذا المشيد ! قطيع مف البقر الذي كنت ترعاه ولـ تكد تنتو ىذه المأساة وييدأ المكاف بعض الوقت ! وأمي تطرؽ الباب بأيدييا وأرجميا وتبكي ألما عمييـ وحسرة وليس مف مجيب . .الرىيب

حتى كاف موعد التحقيقات قد جاء ، وعاد صراخ المعذبيف وصيحات العناصر وشتائـ المحققيف تقرع اذاننا وتذيب منا القموب ، ثـ وكما بدأتخفتت األصوات مف جديد ، ولـ ألبث أف وجدت باب الزنزانة يفتح وأحد العناصر يدعوني لمذىاب إلى الحماـ ، فمما أصبحت ببل مقدمات

. . ىناؾ وحدي وبدأت الوضوء وكؿ ظني أنني قد أغمقت الباب بإحكاـ عمي فوجئت بوالدتي أمامي ، فأدىشتيا المفاجأة مثمما أدىشتني أنا . . ال 9 قتموؾ ؟ عذ بوؾ ؟ قمت أريد أف أخفؼ المصاب عنيا -9 اعييا وتسألنى وىي بادية اإلضطراب واندفعت مف فورىا تحيطني بذر

ولكف ما ىذا ؟ رجمؾ كميا زرقاء 9لكنني كنت وقتيا أضع رجمي عمى الحوض وأغسميا لموضوء ، فأشارت مفجوعة إلييا تقوؿ . بخير سألتني وكأننا في . الحمد هلل ما مسني أحد . . ال 9 د؟ ىؿ مسؾ أحد ؟ قمت مف جديد ىؿ أذاؾ أح! وأصابعؾ مزرقة أيضا وال تكاد تظير

فأخبرتني ىنا أنيا أجابت . يريدوف أخي صفواف ويريدونني أف أدليـ عميو . . واهلل ال أعرؼ 9 ولماذا أمسكوؾ إذا ؟ قمت 9 سباؽ مع الزمف بارتياح لتطابؽ كبلمي مع كبلميا ، ولكنني وجدتيا تتركني وتخرج إلى الممر ندعو في التحقيؽ كما أجبت بأنو يدرس في الباكستاف ، فشعرت

كيؼ جعمتيا تدخؿ واألخرى ال تزاؿ ىناؾ ؟ أال تعمـ أف -9 عمييـ بأعمى صوتيا ، فحضر حسيف راكضا وىو يصيح بالعنصر اآلخر لماذا أغمقت أنت باب . . لي عالـ بوجود أحد اخر لـ يكف 9 اجتماع أكثر مف شخص ىناؾ ممنوع ؟ أجاب العنصر الذي أحضر أمي

ـ ، ولـ المنفردة التي كانت فييا ولـ تتركو مفتوحا ألعمـ أنيا ال تزاؿ في الخارج ؟ واقتاد كبلىما والدتي وىي ال تكؼ عف إطبلؽ دعواتيا عمييفقصت عمي . . ينما اجتمعنا في الميجع بعد انتياء التحقيؽ تتح لي رؤيتيا ثانية إال بعد أياـ ، ولـ تتح لي معرفة سبب وكيفية اعتقاليا إال ح

. ما جرى بالتفصيؿ -رحميا اهلل -

! الكمين قادمة مف حماة لتحضر لي بعض أغراض كنت قد نسيتيا أثناء اإلجازة ىناؾ ، ولتكمؿ بعدىا إلى األردف -عمية األمير -كانت والدتي

ومع والدتي حضرت . . حيث استقر أخي صفواف مع كثير مف الشباب المبلحقيف بتيمة معارضة الحكومة واإلنضماـ إلى تنظيـ اإلخواف استيقظ أبوؾ ليمة اعتقالؾ عمى مناـ مزعج أولمو شرا أصاب -قالت والدتي . ا لزيارة ابنيـ المقيـ في عماف لنفس السبب أسرة اؿ مرقة ترافقي

ـ أخاؾ صفواف ، فقاؿ لي اذىبي وا نظري أحوالو ، فمضيت يرافقني اؿ مرقة وقد اتفقنا عمى المبيت عندكـ ليمتيا والتحرؾ إلى عماف في اليو يا خالتي ارجعي 9 منا قرب بيتكـ في دمشؽ وبت عمى خطوات مف مدخؿ البناية سمعت صوتا يأتيني ويقوؿ برجاء ظاىر ، ولما وص. التالي كاف أحد الجيراف ينادي مف جية ال أراىا ويحذرني مف الصعود بعد أف تـ اعتقالكـ قبؿ ليمة ، ولكنني لـ أرد وما ظننت النداء ! ال تدخمي . .

! الباب حتى استقبمتنا الرشاشات وأيادي جذبتنا إلى الداخؿ بغمظة ، ووجدنا أنفسنا بعد ساعة زمف في سجف كفرسوسة كاف لي ، فما أف طرقنا

. .أحكم األحكمين يا ، كنت وأمي تحدثني عف اعتقاليا ال أقؿ تأثرا وحزنا عمى حاليا مف تأثري وألمي عمى حاؿ ىؤالء المساكيف أسرة عمر مرقة الذيف اعتقموا مع

سنة حينما رشيما الخابرات في الشارع انتقاما مف أىالي 03سنة وأختو مجد 07والدتيـ لـ تكف قد أفاقت بعد مف صدمة مقتؿ ابنيا أيمف ففمما . . وكانت األـ حتى ىذه الفترة فاقدة لتوازنيا العقمي وقد نزعت حجابيا وعصبت رأسيا بعصابة تشد بيا عمى األلـ ! المبلحقيف وحسب

وكنت وأنا في أوؿ ليمة لي في المنفردة أسمع المحقؽ يصرخ في أذنيا بأعمى صوتو . . نفسيا قيد اإلعتقاؿ المفاجيء انيارت المسكينة وجدت تجره واألـ ابنتاىما . . وأما الزوج فكاف أسوأ حاال وقد جاوز المسكيف السبعيف مف عمره . . فيصؿ الصوت عندي وىي كالبمياء ال تجيب

وعندما لـ يجدوا ما ييميـ مف التحقيؽ مع ! قمتا معيما وأغمي عمييما عمى باب المحقؽ ، فاضطرت والدتي أف تصفعيما لتفيقا المتاف اعتكوه ىؤالء البؤساء أرسموىـ لممبيت في القبو تمؾ الميمة ، لكف والغتصاص المكاف ليمتيا بالمعتقميف لـ يجدوا مساحة يضعوف العجوز فييا فتر

Page 15: خمس دقائق وحسب

. . و يناـ عمى أرض الممر أماـ منفردتي ، فكنت أدعو اهلل أف يخفؼ عنيـ المصائب التي تتوالى عمييـ واحدة بعد األخرى بيرمو وشيخوختأنا ماعندي ابف 9 أيف ىو؟ فقالت . . خبرينا عف ابنؾ المجـر -9 قاؿ ليا المحقؽ . . وأما والدتي فقد جابيتيـ مف البداية ما شاء اهلل بحـز

أنا ال أعرؼ نفسي إال أنني 9 قالت . ماذا لديؾ إذا ؟ مجـر ومغرر بإخواتو أيضا عمى طريؽ ا إلجرا ـ 9 قاؿ ليا ! الؾ ىا دير ب. . مجـر . إذا ال تريدي أف تحكي ! تعيشي وتربي . . اهلل يعطيؾ العافية 9 فقاؿ ليا ساخرا . ربيت ابني مف الجامع إلى البيت ومف البيت إلى الجامعة

ولكنؾ 9 أنا في سف أمؾ وتضعني عمى الفمقة ؟ قاؿ ليا . . كتر خيرؾ 9 فقالت لو . ضعيا عمى الفمقة 9 أحد العناصر وقاؿ لو والتفت إلى . وكانت ال . . ولـ يعذبيا -سبحاف اهلل -فتركيا ! وماذا تريدني أف أقوؿ ؟ ال الذي يصدؽ يسمؾ معكـ وال الذي يكذب 9 قالت . ما تكممت

. اؿ فترة اعتقاليا فتشد معيـ وتواجييـ وتدعو عمييـ وكانوا مع ذلؾ يراعونيا مف دوف جميع السجينات والسجناء اآلخريف أدري كيؼ تقـو طو وفي بداية اعتقاليا في المنفردة كانت ! وكانت ال تكاد تناـ ال في الميؿ وال في النيار ، وتراقب كؿ صغيرة تجري وكبيرة فبل يفوتيا شيء .

.أنا ال عبلقة لي بذلؾ 9 ولماذا تعتقمونني ؟ فيجيبيا . . ماذا فعمت أنا -9 وتسألو -وىومف درعا -مدير السجف تنادي أبا عصاـ . . ممنوع -9 فينيرىا وىو يكرر عمييا . أنا أريد أف أرفع كتابا لرئيس الفرع ، أعطني ورقة وقمما . . بؿ بيدؾ كؿ العبلقة 9 فترد عميو وتقوؿ

ف شاء . . ألحكـ الحاكميف . . شكيتؾ لواحد أحد 9 فيصيبيا القير ويشتد بيا الغيظ وتنادي داعية عميو . . . ة لؤلوامر مخالف. . ال تصؿ وا ودخؿ المقود في . . وسبحاف اهلل لـ يمر شير أو شيراف حتى قتؿ ىذا الرجؿ كما بمغنا حادث سيارة . اهلل تقعد قعدتي وما بتصبر صبري

موتو قبؿ أف تموت وسمعت أمي ب. . بطنو

!رىائن ا ولقد استمر الكميف مف بعد اعتقاؿ أمي ومرافقييا ، فاعتقموا مف زميبلت السكف ومف الزائرات مف غير أي تيمة أو عبلقة أكثر مف عشر أشخ

. وتسكف معنا خريجة طب أسناف مف حمب كانت في سنة التدريب بعد التخرج9 سوسف س -. مف قارة ،طالبة تسكف معنا 9 فاطمة -9 ص وىي أردنية 9 يسرى ح -. أختيف مف اؿ جاموس إحداىما كانت تسمى منى فيما أذكر ، وىما طالبتا عمـو مف التؿ وتسكناف معنا أيضا

9 يا أ م. كانت تدرس في جامعة دمشؽ كمية العمـو الطبيعية وتسكف معنا ، وقد اعتقموا والدتيا أيضا التي كانت في زيارة ليا أياـ اإلمتحاف كذلؾ اعتقموا غادة ع طالبة جامعة تسكف معنا كما . طالبة أخرى مف البلذقية مف اؿ درويش . طالبة طب في دمشؽ وىي فمسطينية لبنانية

عد والذي حدث أنيـ أخذوىـ إلى التحقيؽ جميعا بعدما انتيوا مني ومف ماجدة واحدة ب. اعتقموا أخاىا وصديقا لو حضرا لزيارتيا فاعتقبل معا لكنني ومف شدة تعبي وآالمي لـ أحس ساعتيا بما حدث رغـ أنني كنت يقظة متنبية . . األخرى ، فمما لـ يجدوا فائدة مف احتجازىـ أطمقوىـ

طواؿ الميؿ

أمىواإلضرابحولي ، وتذوقت في كنت خبلؿ ساعاتي التي مضت في السجف قد أدركت مجمؿ ما يدور . . لـ ينتو اليـو الثاني عمي مف غير تحقيؽ جديد

أعادوا طرح نفس األسئمة وتوجيو نفس ! أوؿ قدومي أشد العذاب وأبشع التيديدات ، فمما نادوني لمتحقيؽ مف جديد لـ يكف ىناؾ ثمة جديد ! ض الشيء وعمى مدار أسبوع كامؿ استمر البرنامج نفسو ، ولـ يتغير فيو إال طريقة الضرب بع. . اإلتيامات بنفس الطريقة ونفس األسموب

فمع الضرب بالخيزراف والعصي أرادوا مرة أف يضعوني عمى الدوالب فمـ يكف عمى مقاسي ، فصار المحقؽ يعوض عف ذلؾ بالضرب أما في ! بالخيزرانة وأنا واقفة ، فطاؿ بذلؾ كؿ جسدي ، وزاد مف بقع األلـ وآثار المعاناة ، ولكف شيئا في األسئمة أو اإلجابات لـ يتغير

كانت استغاثات السجناء ال تكاد تكؼ ليبل أو 9 والمشاىد المفجعة والحوادث المحزنة لـ تتوقؼ . . ردة فكانت المتغيرات مستمرة ىناؾ المنفكانوا يمروف عمييـ ببل ميعاد ، فإذا ضبطوا أحدىـ مف الطاقة يصمي أخرجوه ! والويؿ كؿ الويؿ لمف يضبطو العناصر وىو يصمي . . نيارا

حمد ربا وتعذيبا ببل رحمة ، وأما الكفر باهلل والشتائـ البذيئة فكانت ديدنيـ حتى عندما يتخاطبوف فيما بينيـ ، لكنيـ لـ يكونوا وهلل الفأوسعوه ضوكنت في بعض األحياف أعطي ماجدة بعض اإلشارات . يضربوننا نحف النساء عمى ذلؾ ، وكنا نتمكف مف الصبلة حتى تحت مراقبتيـ

جدار بيني وبينيا ، واذا تأكدنا مف خمو المكاف مف العناصر كنت أكمميا وتكممني عبر الجدار ، وأذكر أف عنصرا أحس بنا بالضرب عمى المف ىذا الذي يتكمـ ؟ وحتى ال تكوف سببا في تعذيب أحد مف . . أنا أسمع صوتا -9 مرة نتحدث في الميؿ فنيض بسرعة وأتى نحونا يصيح

وأما . أىو حراـ؟ ومرت الحادثة وهلل الحمد بسبلـ . . مع صديقتي 9 مع مف ؟ قالت 9 فساليا بغضب . أنا - 9الشباب قالت ماجدة بثقة

Page 16: خمس دقائق وحسب

توقفت عند " الخط"كانت كمما أرادت أف تخرج إلى . حتى ولو كمفيا ذلؾ الكثير . . والدتي فمـ تكف تدخر فرصة لئلتصاؿ بي إال واغتنمتيا ف تتزحزح حتى يفتحوا ليا فتراني وتحدثني ولو كممتيف ، فإذا مموا أحيانا مف سحبيا ومدافعتيا فتحوا ليا الطاقة زنزانتي وتعمقت بقفميا ال تريد أ

ولـ تمبث في اليـو الثاني مف اعتقاليا . ممنوع 9 فيقولوا . . فترفض وتطمب أف يفتحوا الباب ليا . . ىيا شوفييا ولكف ببل كممتيف -9 وقالوا ولـ أدر بذلؾ إال عندما . . نات مف دوننا أف أضربت عف الطعاـ وعف الخروج إلى الحماـ وحتى عف النـو حتى تراني وبعد خروج بقية الب

ألـ . . قولي ليا إف لجسدؾ عميؾ حقا . . إذا التقيت أمؾ مرة ثانية فأعطييا دروسا في الديف -9 حضر أبو عادؿ رئيس النوبة يقوؿ لي وفي اليـو الثاني ومع استمرارىا . والحؽ معيا . . ىي أـ وأنت تعرؼ كيؼ يكوف قمب األـ 9 قمت لو . تأكؿ تدرسي ذلؾ في الشريعة؟ خمييا

فعنى باإلضراب أتى األمر بالسماح ليا أف تراني وأراىا ، فجاء أبو عادؿ ثانية وأخذني إلى زنزانتيا وىو يذكرني بحديث األمس ، وقاؿ وىو يدماذا يمكف أف 9 أال تريديف أف تساعدينا لتفؾ إضرابيا ؟ قمت 9 قاؿ . ماذا أقوؿ ؟ ىي حرة 9 قمت لو . . ي ليا قول. .مثمما اتفقنا -9 إلييا ىؿ رأيت ابنتؾ ؟ ولـ تكف رفعت نظرىا إلي طواؿ ذلؾ الوقت 9 فالتفت إلييا بغيظ وساليا . أال ترى وضعيا ؟ اهلل يعينيا ويساعدىا . . أفعؿ

ىو أحسف منكـ جميعا . . وحتى يأذف اهلل . . أنت تعرؼ ماذا أريد 9 قالت ! إذا ماذا تريديف ؟ واهلل حيرتينا 9 فقاؿ .ال 9 فقالت . . لتقيرىـ فمـ يجد ما يفعمو إال أف يضحؾ بغباء ويقفؿ الزنزانة عمييا ويعيدني أنا لزنزانتي ! وىو قادر عمى أف يقصؼ رقابكـ . . وىو أحكـ الحاكميف سببا لمتعجيؿ بإنياء التحقيؽ معنا ونقمنا بعد ثمانية أياـ قضيناىا في المنفردة إلى الميجع ،لننضـ -واهلل أعمـ -ابيا كاف مف جديد ، لكف إضر

. ىناؾ إلى بقية النساء المعتقبلت

إلى الميجع نا أوؿ وصولنا ، لكنيف كف قد رأيننا مف شؽ لـ نكف خبلؿ األياـ الثمانية قد رأينا أيا مف المعتقبلت أو اتصمنا بيف باستثناء منيرة التي فتشت

صغير في طاقة باب الميجع وعرفف بوجودنا كما أخبرننا الحقا ، وذات مرة وأنا في طريقي إلى الحماـ رأتني الحاجة مديحة إحداىف بجمبابيافتح لي . . أريد أف أنفض البطانية -9 ة األسود أعبر مف أماـ ميجعيف فدقت الباب تنادي أحدا مف العناصر ، فمما جاءىا حسيف بادرتو قائم

ىيا تعالي نظفي . . فبلنة 9فأدخمني الحماـ بسرعة ليخرجيا ، فصارت تتحدث بصوت عاؿ لنسمع صوتيا ونعمـ بوجود نساء وتصيح ! أجابيا وقتذاؾ ! نساء أنا أسمع صوت. . كأف ىناؾ أحدا في الحماـ -9 ثـ مضت كعادتيا تحاوؿ استدراج حسيف وسألتو . . البطانية معي

ماذا عمى . . خبريني أنت -9 لكنيا استمرت تمح عميو حتى ضجر وسأليا . لوأف ىناؾ نساء ألتينا بيف إليكف . . اليوجد أحد . . ال 9 عادت وىي تمـ ف. . إي ياهلل ادخمي وخمصيني 9 قاؿ ليا ! وواهلل ماعرفنا ويف راح . . صرصور 9 قالت ! بطانيتؾ ؟ لؾ ساعة تنفضيف فييا

أال 9 لكنيا عادت تسألو . وبكرة سيأتوف إليكـ فاطمئني . . نعـ 9 ىناؾ نسواف أليس كذلؾ ؟ فأجابيا أخيرا -9 البطانية تسألو بصوت خافت دة ، لكنني ثـ أدخميا وأرجعني المنفر ! وتجمسوا تتحدثوا معا حتى تشبعوا حكي . . بكرة جاييف لعندكـ وستعرفي 9 تعرؼ مف أيف ؟ فأجابيا

كنت أسمعيما وأنظر بيف حيف واخر إلييما بدوري مف شؽ باب الحماـ ، فاستأنست بذلؾ بعض الشيء واطمأننت إلى أف ىناؾ نساء غيرنا وفي اليـو الثامف وبينما أنا في المنفردة جاء مدير السجف وأعطاني استمارة معمومات عامة عف اإلسـ وتاريخ . . في ىذا المكاف الموحش

فأجبت بشكؿ عادي وكتبت أنني اتيمت باإلنتماء إلى تنظيـ اإلخواف ووقعت ، وبعد . . إلعتقاؿ وسببو وعدد األياـ التي أمضيت في المنفردة احوالي نصؼ الساعة حضر حسيف وفتح الباب بسرعة وطمب مني القياـ ، فسألتو وقد ظننت أنيا جولة أخرى مف التحقيؽ والتعذيب واأل خذ

! إذا كاف اإلعداـ فسيكوف أريح 9 قمت لو . االف ستريف 9 قاؿ ! إلى اإلعداـ 9 قمت . ال 9إلى أيف ؟ إلى التحقيؽ ؟ قاؿ -9 تيامات والشد واإلىؿ تعدمونني فعبل . . طيب 9 قمت لو . حتى تعترفي أنؾ منظمة 9 واذا فمتى ؟ قاؿ بمـؤ 9 قمت . لف نعدمؾ االف . . ال 9 فأجابني ساخرا

أخرجني مف المنفردة وساقني عبر الممر إلى باب اخر كبير ! اعترفي أوال واألمر بعد ذلؾ بينؾ وبيف رئيس التحقيؽ 9 رفت ؟ قاؿ إذا اعتفمما فتح الباب ودفعني باتجاه الداخؿ مددت رأسي بحذر فرأيت ! إلى التعذيب مف جديد . . رحت فييا . . خبلص 9 وأسود فقمت لنفسي ء وكميف يضعف شاشيات صبلة بيض عمى رؤوسيف فارتحت قميبل وخطوت نحوىف سممت ،ولكف الخوؼ كاف ال يزاؿ المكاف مميئا بالنسا

يتممكني ،فيما أغمؽ السجاف الباب ورائي وعاد بعد ىنيية بأمي وماجدة فأدخميما وعمقيا إلى السقؼ مف يدييا المكبمتيف خمؼ ظيرىا ،ومضىتمفت حذرات خشية أف يكوف بيف ىؤالءالنسوة جاسوسة أو مخبرة ،ولـ تمبث أمي أف انفجرت بالبكاء يعذبيا عمى ومضى، وجعمنا في البداية ن

فجعمت . . في المحظة التي اندفعت أنا نحوىا وعانقتيا ، وكأنيا أحست أنيـ وضعونا في الميجع ولف يخرجونامنو إلى األبد

Page 17: خمس دقائق وحسب

ال تبكي وال عمى بالؾ . . ابوي 9 قدمت واحدة مف النساءوىي تمدإلييايدىاوتقوؿ في تمؾ المحظة ت. . تزدادبكاءوتدعوعمييـ بحرقة وتجيربالدعاءأوؿ مف دخؿ السجف مف النساء .كانت ىذه ىي الحاجة مديحة أ! والراحة لمؤمف إالبمقاءربو .. حطي إيديؾ ورجميؾ بمي باردة واقعدي . .

. قيو السجينات حكاية اعتقاليف وقصص تعذيبيف ومآسييف كانت األياـ التي أمضيناىا معيا أكثرمف كافية لنسسع منياومف ب

!وقص المسان. . وتعذيب . . تعرية كانت الحاجة مديحة في األربعينيات مف عمرىا ، وىي امرأة معروفو في حمب تدرس النساء دروسافي الديف عمى الرغـ مف أنيا تكادتكوف أمية

فييا بعض المبلحقيف ،وبينما كانت ذاىبة إلى موعدخارج البيت لتسميـ رسالة ألقوا القبض التقرأ أوتكتب وكانت قد جعمت مف بيتياقاعدة سكفوحمموىا مباشرة إلى فرع مخابرات أمف -عميؿ المخابرات اآلخروجاسوسيـ داخؿ تنظيـ اإلخواف -عمييا نتيجة فسادة مف سامح كيبلني

حينما استطاعت رغـ التعذيب الشديد أف تراوغيـ فترة كافية تمكف الشباب في الدولة ، وىناؾ ازدادت نقمة رئيس الفرع عمرحميدة عمييا ونتيجة جرأتيا وصبلبة ردودىا ازداد حميدة غيظا منيا فختـ ليا حفمة . . بيتيامف اليرب بعدمضي فترة أماف كانوامتفقيف عمييا فيما بينيـ

ولقد قصت عمينا أف حميدة عراىا في البداية مف مبلبسيا وعمقيا ! لفعؿ وفقدت قطعة منو با. . التعذيب بأف قص ليا طرؼ لسانيا بالمقص ثـ أمر بإحضار . . إلى السقؼ مف يدييا المكبمتيف خمؼ ظيرىا ، ومضى يعذبيا عمى ىذه الحالة ويسمعيا أقذع الشتائـ وأبشع العبارات

. أختؾ مديحة 9 أجاب حميدة بتشفي ! مف ىذه . . ال 9 ؽ ىؿ عرفتيا؟ قاؿ الولد بصد9أخييا األصغر وعرضيا عميو بيذه الحالة وسالو واستمرت حفمة التعذيب ساعات عديدة تأكدت . . فأغمي عمى الولد فورا ولـ يعد يحس بشيء ، وأعادوه إلى البيت وىو ال يزاؿ في غيبوبتو

ىـ وحسب عاد حميدة غاضبا يقسـ أنو سيقص ليا ىذا بعدىا أف الشباب غادروا البيت كما يفترض فدلتيـ عميو ، ولما لـ يجدوا ىناؾ إال آثار لكنيا وهلل الحمد شفيت بسرعة وعاد المساف فنما بشكؿ طبيعي ، بؿ إف مدير السجف ! وقصو بالفعؿ . . المساف الذي كذب عمييـ وخدعيـ

وبعد ! يقؿ كبلمؾ فبل أراه إال ازداد طوال قطعنا لؾ لسانؾ ل -9 المدني بدوما المقدـ عماد وكاف سيىء الخمؽ جدا قاؿ ليا بعد ذلؾ بسنوات أـ شيماء 9 اعتقاليا الذي كاف قد مضى عميو نحو الشيرأتوا بيا إلى كفر سوسة مرورا بسجف المسممية بحمب مع مجموعة السجينات األخريات

. ، و . . . . . سناء -فيما رويف لنا -فيما أفرجوا عف عدد اخر مف البنات والنساء كانت بينيف . ، وزوجة عبد العزيز سيخ ، وعائشة ؽ وكانت تسكف مع الحاجة مديحة وتبلزميا في بيتيا ، ولذلؾ كانت تدعوىا الحاجة ابنتيا ، وزوجة عبد القادر حربمي ووالدتيا مف . . . . .

نتيجة وشاية مف سامح كيالي بيت القطاف ، وسيدة أخرى وكانت عروسا في شيرىا السادس وفي السادسة عشرة مف عمرىا ، أمسكوا زوجيا مامو أيضا وجعموا يعذبونو ليعترؼ بمكاف القاعدة التي اتيـ أنو يديرىا ، فمما لـ يفعؿ أحضروا الزوجة بأمر مف حميدة أيضا واعتدوا عمييا أ

! نيا كؿ اإلتيامات وأفرجوا عف المرأة وقد سقطت ع. . قبؿ أف يرسموه إلى تدمر فيقتؿ الحقا ىناؾ في المجزرة الكبيرة التي جرت

وترك ليا جوربانومف ورائيما كانت منيرة التي فتشتني أوؿ دخولي . أـ شيماء ، وعائشة ؽ 9 تقدمت الحاجة مديحة تخفؼ عف أمي وعنا ، وتبعتيا بقية البنات

برات واعتقموىا مف بيتيا ، وقالت ليـ وأما عائشة فيي طبيبة مف حمب قامت بعبلج جريح مف الشباب المبلحقيف فبمغ النبأ المخا! تنظروتبتسـ وقتيا إف أشخاصا أتوا إلييا كأي طبيب وسألوىا أف تعالج جريحا ففعمت ، ولـ تسأليـ عف ىويتيـ ألف ميمتيا اإلنسانية خدمة الناس ال

التحقيؽ معيا مصطفى التاجر أوؿ التحقيؽ معيـ ، لكف جوابيا لـ يرؽ ليـ ، واعتقدوا أنيا تداوي كؿ جرحى المبلحقيف ومصابييـ ، وقد تولى فما رأيؾ إذا أف تبقي ببل جمباب ؟ فانتفضت تتطمع إلى 9 قاؿ . . ال طبعا 9 أترضي أف تبقي ببل حجاب ؟ قالت -9 األمر فسأليا في البداية

ة بعد قطعة وىي مكبمة تقاـو مكاف تمتجئ إليو ، لكف المجـر لـ يترؾ ليا فرصة وىجـ عمييا كالوحش يصفعيا ويضربيا وىو يمزؽ ثيابيا قطعوأمر ! سأتركيـ عميؾ حتى ال تبردي -9 فمما مزؽ كؿ شيء ووصؿ إلى جواربيا قاؿ ليا . . بكؿ ما أوتيت مف قوة دوف أف تستطيع الدفع

ا الطبية وحرمانيا مف عبلوة عمى نزع نظارتي. . الخيزراف والعصي والكيرباء 9 ومر عمييا بكافة أنواع التعذيب " بساط الريح "فمددوىا عمى ثـ أتى دور عمر حميدة فأجمسيا عمى كرسي وقد كبؿ أيدييا وأرجميا مف الخمؼ ببعضيـ البعض وجعؿ يطفىء . . استعماليا فترة مف الزمف

بقيو أعقاب السجاير فى اعؼ منطقو ببدنياليطفىء بعضا مف نيراف حقده االسود ويودعيا الزنزانو مف ثـ بضعو اياـ قبؿ اف تنقؿ مع المجموعو الى كفر سوسو

Page 18: خمس دقائق وحسب

! فنون التعذيب راجعة إلى بيتيـ مع زوجيا وابنتيا الرضيعة شيماء وكانت في الشيور السبعة أو الثمانية مف عمرىا ، وعندما " أـ شيماء. "كانت إيماف ت

ي القفؿ لتفتح ، فيما كاف الزوج والطفمة معو بمغوا مدخؿ البناية الحظوا مؤشرات غير طبيعية في المنطقة ، فتقدمت ايماف ووضعت المفتاح فينتظر أسفؿ الدرج ، فما أف فعمت حتى أحست كما روت مف بعدصوت تمقيـ السبلح مف الداخؿ ، فأعطتو إشارة سريعة باليرب ، في الوقت

عمييا رئيس الدورية يسأليا عف الذي فتح عناصر المخابرات الباب بسرعة وأمسكوا بيا وسحبوىا إلى الداخؿ ، وفي إحدى غرؼ البيت دخؿ عرؼ زوجيا وعف الشباب الذيف كانوا معيا في البيت أل نيـ دخموه ولـ يكف فيو أحد ، وىؤالء جميعا أبمغ عنيـ سامح كيالي ، فقالت إنيا ال ت

رت عمى اإلنكار ، فنفذ تيديده شيئا وال تعرؼ أيف ذىب زوجيا وال مف كاف معو ، فجعؿ ييددىا باإلعتداء عمييا إف لـ تبمغو المعمومات فأصوبعد ذلؾ . . بالفعؿ وحاوؿ فعؿ ذلؾ ، لكنيا قاومتو بشدة وراحت تتصارع معو فأنجاىا اهلل وألقى في قمبو الرعب فمـ يتمكف منيا كما أراد

يرىا وعمقوىا منيما مرفوعة عف نقموىا إلى الفرع عند عمر حميدة الذي اتبع نفس الطريقة معيا ، فشبحوىا في السقؼ بأف كبموا أيدييا خمؼ ظباء األرض فكأنما ىي الذبيحة بيف يدي الجزار ، وجعموا يضربونيا ويعذبونيا وىي عمى ىذه الحالة ال حوؿ ليا وال قوة ، ثـ وضعوا ليا الكير

ة بشيء نقموىا إلى كفر سوسة مع وبعد انتياء التحقيؽ ومف غيرأف تداف المسكين. . في صدرىا والحميب يقطر منو زيادة في التعذيب واإلىانة ! عائشة والحاجة مديحة ، لنجتمع واياىف في ىذا الميجع المقيت

سحل القتمىىذه السيدة استشيد زوجيا وىو يقاـو . أما رابعة نزيبلت الميجع وقتيا فكانت أما مف إدلب ألربعة أو خمسة أوالد مف إدلب اسميا فوزية ح

وقامت السمطة بعد مقتمو بسحؿ جثتو أماميا بالدبابة في شوارع المدينة ثـ اقتادوىا لمسجف وعذبوىا أشد العذاب أثناء مداىمة قاعدتيـ بحمب ، اف وعمى الرغـ مف أنيا لـ تتحدث عف ذلؾ كثيرا وكانت مف النوع الذي يؤثر الصمت إال أننا بقينا نرى اثار التعذيب عمى أرجميا والزرقة مك.

ف ، وبقيت فوزية في الشيور األولى معتدة عمى زوجيا ال تكاد تكمـ أحدا وتسارع كمما فتحوا الباب أو الطاقة فتغطي أظافرىا المقموعة إلى حي . رأسيا بالبطانية وتدير وجييا إلى الجدار

!أبناء النظام ضد النظام نيرة كامؿ مصطفى فكانت مف تصنيؼ اخر وحاؿ ىؤالء كف السجينات األربع المتيمات باإلنتساب أو ألتعاوف مع اإلخواف ، وأما الخامسة م

كانت البنت التي لـ تجاوز الثامنة عشرة مف عمرىا واحدة مف بنات القرى الساحمية العمويات ، شكؿ والدىا وأخوتيا وبعض 9 مختمؼ مع أخييا أيضا الذي لـ أصدقائيـ تنظيما ضد الدولة شيوعي التوجو وصاروا يصدروف منشورات تحض عمى كراىية النظاـ ، وكانت معتقمة

ا يكف يجاوز السادسة عشرة مف عمره ، فاعتبروىما مجرد مراىقيف يقوماف بأعماؿ طائشة ، وقالوا بأنيـ سيتركونيا في السجف حتى يكتمؿ عقميزنزانتيا ، وبزيارة أخييا في وينضج تفكيرىا ، لكنيـ كانوا متساىميف معيا إلى أبعد الحدود ، فسمحوا ليا بالزيارات ، وبإحضار جياز راديو إلى

أي األ غراض التي تأتي ليـ في )القسـ الجنوبي مف السجف ومقابمتو ، وعندما عرؼ الشباب المعتقموف معو بذلؾ صاروف يقسموف زياراتيـ المخابرات ، لكنيا كانت ويرسموف قسما منيا مع منيرة إلينا وكنا فى البدايو نشؾ بيا جميعا ونحذر أف تكوف متعاممة مع( الزيارات المتاحة

نحف لف نبيف لؾ أي شيء ولف نتكمـ أمامؾ عف وضعنا -9 لطيفة جدا وطيبة القمب ، حتى أف الحاجة مديحة سالتيا مرة بيف المزاح والجد و كنت لما وجدتني تأكدي تماما أنني لست مف ىذا النوع ، ول9 فأجابتيا منيرة بطيب خاطر . . ألننا نخاؼ أف تذىبي إلى المقدـ وتحكي لو

وعمى الرغـ مف أنيا ظمت متمسكة بشيوعيتيا بعد العديد مف المناقشات بينيا وبيف البنات ، إال أنيا كانت تحتـر تديننا ، فكانت . معكـ ىنا قفت إلى جانبنا تخفض صوت الراديو إذا كنا في صبلتنا أو تبلوتنا وتراعي مثؿ ىذه األمور ، وعندما أضربنا في وقت الحؽ شاركت معنا وو

. حتى النياية

! ىافي طاقة وأما الميجع نفسو وىو الثاني في التسمسؿ . . ىؤالء كف صحبة الميجع األوائؿ ولشيور عدة قبؿ أف يفد نزالء جدد ويغادر البعض مف بعد

دوش ولكف مف غير باب ، ولحؿ ذلؾ العددي لمياجع القسـ فكاف عبارة عف غرفة متوسطة الحجـ ثمة حماـ عمى يسار الداخميف إلييا فوقو

Page 19: خمس دقائق وحسب

وكاف الحماـ . التي معنا وعمقنا عميو إحدى البطانيات القميمة التي أعطونا إياىا كحاجز " التنورات "مددنا حببل استخرجناه مف وسط إحدى ولكف ! ال حتى صنابير ماء يحتوي أيضا عمى سخاف كيربائي خصوا بو ميجع النساء فقط ، فمـ تكف لمياجع الشباب الحمامات والسخانات و

أو إلى الحمامات بعد كؿ موعد طعاـ ، وأما باب ميجعنا فمـ يكف بابو يفتح " الخط "ذلؾ كاف سببا لكي يخرج الشباب مرتيف أو ثبلث إلى الداخؿ قريبا مف غالب األوقات ، ولـ يكف لو منفذ اخر غير فتحة تسمى نافذة اصطبلحا وىي في الحقيقة مجرد فراغ بيف أعمى الجدار مف

السقؼ وبوابة السجف الرئيسية مف طرفو اآلخر عمى مستوى األرض فييا ، وبيف الجيتيف ثمو طبقات مف القضباف الحديديو والشباؾ الخشف ولذلؾ كنا في عز البرد نستغيث مف الحرارة وانعداـ! والناعـ إلى درجة التسمح حتى بمرور اليواء نفسو وتحجب وصوؿ أي شعاع ضوء

ف عمى اليواء النقي ، ونرجوىـ أف يفتحوا لنا طاقة الباب أو أف يأتوا لنا بمروحة تحرؾ األ نفاس الراكدة عمى أقؿ تقدير ، فكاف السجاف ياسي -ىافي -9 األخص يرفض أف يفتح لنا الطاقة لنتنفس ، فإذا رجتو إحدانا ازداد تعنتا وجعؿ يكرر كاآللة عمى مسامعنا عبارة واحدة أثيرة لديو

فبل يجيب إال . طيب أحضر لنا مروحة أو أي شيء يمكف أف يغير جو الغرفة فإنا نكاد نختنؽ 9 فتقوؿ لو الحاجة . طاقة -أي ال توجد وكاف يـو عيد لنا يـو أف سمحوا لنا بعد ثمانية أشير مف اإلعتقاؿ بالتنفس ! ىافي باب . . ىافي مروحة . . ىافي طاقة -9 بنفس اإلجابة

. فيما لـ يجيبوا طمبنا الثاني بشأف المروحة إال بعد انقضاء أكثر مف سنتيف عمى اإلعتقاؿ . . ارج جدراف الميجع مرة أو مرتيف في األسبوع خ ! وامتبلء الميجع بالنزيبلت حتى غص بيف ، وكدف مف فرط المعاناة وشدة اإلزدحاـ أف يقضيف نحبيف .

! والشكوى مذلة . . والزمن معدوم . . اليمس ممنوع كنا ال نستطيع التفريؽ بيف الميؿ والنيار ! وبدأنا لذلؾ نعتاد أف ننسى الوقت ونغفؿ عف جرياف الزمف . . كانت األياـ تمر بطيئة ورتيبة

كاف يشعؿ ونحسب األياـ بتبدؿ دفعات السجانيف وبتباعد تاريخ اعتقاؿ كؿ واحدة منا ، وأما ضوء الميجع الذي. . ونصمي عمى التقدير وبالطبع فمـ تكف النافذة لتسمع عمقيما وتعدد طبقات القضباف . . ويطفؤ مف الخارج فكاف يزيد تعميؽ الشعور لدينا بتساوي الميؿ والنيار

في إشاعة وزيادة. والشبؾ فييا باالشارة إلى أي تبدؿ في المواقيت أو الزماف ، عبلوة عمى الظممة التي تسود بطبيعة الحاؿ في فصؿ الشتاء خبطة القمؽ الدائـ والتوتر فينا لـ يكف مسموح لنا بالكبلـ إال ىمسا ، ومجرد أف يسمع أحد العناصر صوت واحدة منا كاف يخبط الباب بالكابؿ

. . أسمائنا وعبلوة عمى ذلؾ كانوا إذا أرادوا مناداتنا ألمر ما خاطبونا باسـ رجؿ ال ب! مرعبة وىو يصيح بنا أف نخرس أو أف نخفض الصوت ويبدو أف أمي قررت بعد أسبوعيف تقريبا مف اجتماعنا في الميجع أف تكسر ىذا ! فكنت عمى سبيؿ المثاؿ أنادى غالب األحياف باسـ محمد إ

9 فطرقت الباب بمطؼ في البداية وسألت حسيف أف يحضر لنا مصحفافقاؿ ليا باستغراب . . الجو المرعب بطريقتيا وتخترؽ أسوار االرىاب 9 أال تعمميف أف المصحؼ ممنوع ىنا؟ فسألتو وىي ال تزاؿ محافظة عمى ىدوئيا ! وىؿ تظنيف أنؾ في بيتؾ أو في قصرلتطمبي عمى كيفؾ -

رأيتيـ بعيني مكدسيف في غرفة التحقيؽ وأصحابيـ جالسيف في 9 فقالت لو . ألنو ال توجد مصاحؼ ىنا في الفرع 9 لماذا ؟ قاؿ بشراسة وكانت تتحدث عف الشباب الذيف أحضروىـ يـو اعتقالنا األوؿ مف المسجد دفعة واحدة ووجدوا معيـ مصاحؼ حفاظ صغيرة . المنفردات أعطنا واحدا منيـ فقط ولف يراؾ 9 فعادت ترجوه بمطؼ وتقوؿ لو ! لكف تمؾ المصاحؼ لمحرؽ ال لمقراءة -9 فأجابيا بصمؼ . . فصادروىا

فعادت ودقت وكررت عميو الرجاء فأجابيا نفس . فقاؿ ليا ممنوع وأغمؽ الطاقة . . صغيرا فميست مشكمة وحتى لو كاف. . أحد أو يحاسبؾ فعادت ودقت بقوة فحضر عنصر أخر عموي اسمو ابراىيـ فسألتو نفس الطمب ، وكانت أجابتو كما . الجواب وصفؽ الطاقة بوجييا مف جديد

.. اليوجدلدي ورؽ 9فقاؿ ليا. فقالت لو إذا أعطني ورقة ألقدـ طمبا إلى رئيس الفرع . . . المصحؼ ىنا ممنوع . . ممنوع 9 أجاب مف قبمو . التوجد مصاحؼ ىنا9 وبعدمماطبلت ومشادات كؿ ومؿ وأعطاىا ورقة قدمت عمييا طمبا لممقدـ ،فأرسؿ ذاؾ وراءىا وبيدليا وقاؿ ليا

وامتنعناعف استبلـ وجبتي اإلفطار . . رتنا بذلؾ قررنا اإلضراب عف الطعاـ لماذا تريدينيا لتقرأى وتدعى عمينا فمما عادت وأخب9 وأضاؼفيددونا إف لـ نفؾ اإلضراب بالعودة إلى المنفردات ، وقطعوا الماء عف الميجع زيادة في الضغط ، وكانت أوؿ تجربة لنا فتوقفنا . .والغداء

ي فطمبت ورقة وقمما لتقدـ طمبا اخر لممقدـ فحضرأبوعصاـ مديرالسجف وسأليا عف المطالبة وما عدنا تكممنا بشيء وفي اليـو الثاني عادت أممثؿ ماذا ؟ قاؿ 9 قالت . ماذا تريديف فقالت اننانعاني ضيؽ الخمؽ ونريد أف نتسمى بالمصحؼ فقاؿ ليا ولماذا ال تتسمي بأشياء ثانية

سأذىب فأسأليـ لؾ وأعودبالجواب وبالفعؿ لـ تمض حوالي الساعة 9فقاؿ ليا. طيب عممنا 9 بشغؿ العجيف قالت لو . . كمايتسمى الشباب 9حتى عادأبوعصاـ ومعو مصحؼ قديـ جدا ال أدري مف أيف أتى بو ولكنو جيد وكبير فقسمناه مف فورنا أجزاء أجزاء،وكانت لدينا كرتونة ال

Page 20: خمس دقائق وحسب

عنصربأمرمف أبي عصاـ إلينا فعممنا كيؼ يشتغؿ الشباب أدري مف أيف أيضا فغمفنا األجزاء بيا ورقمناىـ وصرنا نتمو ونحفظ منيـ ، وعاد . بالعجيف

اوراد وأذكار وتسالىكاف الشباب السجناء ياكموف مف الخبز وجييا الناضج وحسب ويجمعوف العجيف مف قمبو فيعجنونو مره ثانيو اذا تكدست كميو كافيو منو

فيصنعوف بو اشكاال وتماثيؿ مختمفو ومسابيح جميمو جدا حتى اف رئيس الفرع ويخمرونو بمعابيـ ثـ يعيدوف عجنو حتى يصبح متماسؾ القواـ احتفظ بطائره مف صنع الشباب فى مكتبو ظننتيا اوؿ ما رايتيا ىناؾ مصنوعو مف الفضو وكاف العناصر يحضروف لمشباب الوانا يستخدمونيا

ياتنا الرتيبو عنصر جديد وبدانا بصنع المسابيح اوؿ االمر فكنا نمضى ايضا فى تجميؿ انتاجيـ لياخذوه منيـ آخراالمر بالتاكيد وىكذا دخؿ حساعات نعرؾ فييا العجيف ونخمره ونكوره ثـ انتقمنا بعدىا الى صنع االطواؽ وعبلقات المفاتيح واالشغاؿ البسيطو وعندما تطورت خبرتنا

طحؿ القيوه او بقايا لنموف بو ثـ لما سمحوا لنا باالدويو فى الفتره ادخمنا التمويف بطريقتنا الخاصو فصرنا نطمب مف بعض العناصر اف يعطونا االخيره استخدمنا بعضيا بعد اذابتو اوسحقو كعنصرتمويف وكانت المفاجاه بحؽ حينما وجدنا الحاجو مديحو د تمكنت مف تيريب اسياخ لشغؿ

ت قطعو مبلبس صوفيو قديمو معيا فكررنا وجعمنا نتسمى الصوؼ حينما حضرت مف سجف المسمميو وكانت واحده اخرى مف البنات قد احضر بشغؿ الصوؼ ايضا وبدانا فى فتره الحقو بجمع نوى الزيتوف اذا حصمنا عميو وحفيا وصنع مسابيح منيا لكف احد العناصر عندما اكتشؼ اننا

نجمعيا وناخذىا معنا فنحفيا عمى ارض الساحو نحفيا عمى جدار الميجع لخشونتو نيانا عف ذلؾ خشيو اف تكوف اشارات نكتبيا الحد فصرنا حده وقت التنفس وصارت امى تبتكراشياء جديده بسيطو ومسميو لنا وتعممنا مف االلعاب مالـ نكف نعمـ فعممتنا مثبل لعبو الكاس وكاف لدينا وا

عمى اى سؤاؿ يوجو الييا بسرعو وصراحو وكنا مف الببلستؾ فكنا نتحمؽ حوليا ونديرىا الى اف تتوقؼ عند احدى البنات فكاف عمييا اف تجيب وترانا دائما أقؿ منيا . . نجتمع عمى ىذه االلعاب ونستمتع بيا ال يشذ عنا إال الحاجة مديحة التي كانت تسخر منا وال ترتاح كأنما التفاقنا

أف ننظـ أوقاتا لتبلوة القرآف الكريـ وحفظو وتبلوة وبرغـ المعاناة والتوتر استطعنا! سنا ومنزلة وخبرة وتحسنا وكأننا ضد طباعيا في كؿ شيء فإذا قدرنا دخوؿ وقت . . حتى صارت البنات يتبارزف مف تستطيع أف تصمي أكبر قدر مف القراف في تيجدىا . . األوراد والمأثورات والتيجد

ربعيف مرة وحزبا مف القرأف عمى نية الفرج وتيسير والضوء مطفؤ بالطبع لنبدأ بعدىا بقراءة ياسيف أ -الفجر صمينا وجمسنا إلى المأثورأت وكنت أبقى مع ماجدة بعد انتياء ورد الصباح نراجع حفظنا مف القراف حتى ننعس فنناـ أو نكمؿ . األمور ، ونكرر الشيء نفسو في المساء

. ىا برىة مف زمف وكانت والدتي تظؿ صاحية بعد الفجر حتى يدخؿ وقت الضحى فتصمييا وتناـ بعد. اليـو ببل نـو

! أحاديث عبر الجدار لى الخط فيقبؿ بعضنا إلى شؽ في وخارج جدراف ميجعنا كاف ألكثرنا تسمية وتسرية مف نوع اخر ، فكنا نترقب وقت خروج الشباب بعد اإلفطارا

ة الوحيدة بيننا وبيف الشباب ، فمقد ولـ تكف ىذه ىي الصم. . طاقة بابنا تراقب ما يجري وتترقب بعضيف أف ترى أخا ليا أو قريبا بينيـ اكتشفت البنات قبمنا وجود فراغ بسيط حوؿ انبوب التدفئة بيف ميجعنا والميجع المجاور فطمبف مف العناصر خرطوما بحجة استعمالو في

جع األخرى باستثنائنا لـ تكف الحماـ فأحضروه ليـ ، فمددوه عبر الفراغ وصرف يحادثف الشباب عبره أو يمررف ليـ الماء مف خبللو ألف المياولقد حدث بعدىا أف . . فييا حمامات أو صنابير مياه كما قمت ، ولـ يكونوا يسمحوف ألحد بطمب ماء أو الذىاب لمحماـ إال في المواعيد سمنت ، فمجأنا إلى واحدة مف السجينات الجدد متيمة بالتعامؿ مع العراؽ اسميا أـ كامؿ فسدت عمينا ، فقاـ العناصر بسد الفتحة باإل

التخاطب عبر األ نبوب المعدني نفسو بالطرؽ عميو كإشارة أولى ، وكانت الحاجة تتولىالحديث بعدىا أغمب األحياف ألف مكانيا كاف مجاوراتبديو خشية أف لؤلنبوب ، فكانت تنتظر ىدوء األحواؿ ونـو الحرس لتقرع عمى األ نبوب وتحادث الشباب بصياح مكتـو تخفيو قدر ما تريد أف

وكانوا في تمؾ الفترة يتعمدوف معاممة الشباب أسوأ ما يمكف ، وينقموف دفعات منيـ إلى تدمر كؿ يـو ، وكاف ! يسمعيا أحد مف العناصر دأ بتبلوة الشخص الموكؿ بذلؾ وينادونو أبا طبلؿ يأتي قبؿ صبلة الصبح فيقرع باب الميجع الذي فيو المطموبوف بكمبشات يحمميا بيديو ثـ يب

أسمائيـ واحدا بعد االخر ، وبعد أف ينتيي مف سرد القائمة التي كانت تبالغ عشريف أو ثبلثيف اسما كؿ يـو يصطؼ الشباب المساكيف في د فمنيـ مف يتجمد فيمضي ،ومنيـ مف يصيح ويستغيث ، ومنيـ مف يغمى عميو وق. . الظبلـ فيكمبش كؿ اثنيف منيـ مف أيدييما وأرجميما معا

وربما استفرغ بعضـ أو فعميا . . أحس بدنو منيتو ، فيشحطوف ىؤالء عمى أرض السجف إلى سيارة بانتظارىـ كالذبائح تماما تقاد إلى المسمخ

Page 21: خمس دقائق وحسب

ث أو وكانوا كمما نقموا دفعة إلى تدمرأتوا بثبل. . تحتو مف ىوؿ الخبر ، فبل نستطيع ونحف نسمع ىذه المأساة كؿ فجر يـو إال البكاء والدعاء فكانت الزنزانات والمياجع محشورة أياميا بالشباب حشرا ، حتى لجأوا إلى استخداـ الحمامات ! أربع دفعات جديدة مف المعتقميف مكانيا

! كزنازيف في بعض األحياف

!ومأساه الولد . . لوعة االمفي الميجع بأف أخي وارؼ سيغادر سورية حسب معموماتيا ولقد كاف مف عجائب مشاىدات السجف وقتذاؾ أف والدتي أخبرتني يـو لقائنا األوؿ

ي إلى لبناف ، وسيخرج مف ىناؾ إلى بمد اخر ولف يعود ، ويبدو أنو أخبرىا بذلؾ حتى ال تقمؽ عميو وحسب ، وحقيقة األمرأنو كاف ال يزاؿ فكأت لتناـ عمى عادتيا ، فما وجدتيا إال وقد ففي يـو مف األياـ صمت أمي التيجد ثـ الفجر ، وانتظرت فصمت الضحى ثـ ات. . سورية

وكاف السجف وقتيا في غاية اليدوء ، فالشباب عادوا مف ! سمعت صوت مشي أخيؾ وارؼ في السجف -9انتفضت فجأة مف نوميا تقوؿ لي وتقدمت مف شؽ . . صوت ما ىذا الكبلـ ؟ ال يوجد أي -9 فقمت ليا . . فبل تسمع أي حس . . والعناصر نائمة عمى األغمب . . الخط

ورأيت حذاءه . . الطاقة ألتأكد فوجدتيـ يقودوف أخي وارؼ بالفعممف طرؼ سترتو البنية التي أعرفيا وقد طمشوا لو عينيو وكبموا يديو لموراء غير أف . أحد ىناؾ ال9 لكنني قمت ألمي وكأنني أحدثيا مف عالـ آخر . ىيا إلى المنفردة -9 الرياضي األبيض وحسيف يسوقو ويقوؿ لو

وبعد فترة . . وغمرتني رغبة في البكاء وحاجة إلخبارأحد ، لكنني لـ أستطع فعؿ أي شيء أماـ أمي . . قمبي كاف كأنما ىبت النار فيو ا ، لى اذ بيا وعندما أضربنا إضرابنا الثاني وأخرجونا إلى المنفردات فعبل عقوبة لنا تصادؼ أف وضعوا أمي وأـ شيماء في زنزانة واحدة مع

نتا ال نفس الزنزانة التي كاف وارؼ معتقبل فييا ، في تمؾ المحظات كانت أمي تتصنع وأـ شيماء البكاء لترققا قموب السجانيف عمينا ،لكنيما كاد أف تدؽ الباب فأخذتا منشفة ووضعتاىا بيف أسنانيما إلخفاء الضحكات ، والتفتت أمي كأنيا تري. . تكاداف تتمالكاف نفسييما مف الضحؾ

الشييد محمد وارؼ . . ال إلو إال اهلل واهلل أكبر وهلل الحمد 9 عمى السجاف فرأت عمى الجدار رسـ مسجد محفور وقد كتب تحتو بنفس الطريقة . أحدا لـ يجبيا لكف . . فانقمب البكاء الذي كانت أمي تتصنعو حقيقيا ، وصارت تنادي عمييـ تريد أف تعرؼ أيف ولدىا ومتى اعتقاؿ . دباغ

وتبيف لي فيما بعد أنيـ اعتقموا وارؼ وغساف أوؿ مرة في حماة وأفرجوا عنيما بعد . . وظمت تعذبيا الظنوف وتقتميا الحيرة وال مف مجيب . شيء أيضا ، أياـ دوف أف يثبت شيء عمى أي منيما ، ثـ كاف اعتقاؿ وارؼ الثاني واحضاره إلى كفر سوسة واإلفراج عنو مف غير أف يداف ب

أمسكناه في المرة األولى لما ظننا أنو مجـر ، فمما تبيف لنا أنو بريء -9وعندما استشيد بعد مدة استدعى المقدـ ماجدة وقاؿ ليا ضمف ما قاؿ لقاتؿ بالقتؿ ولو بعد وبشر ا. . وفي المرة الثانية ظنناه بريئا فأطمقناه أيضا ولكنو طمع مجرما غرر بو أخوه فناؿ جزاءه بعد ذلؾ . . أخرجناه

! حيف

!نصف بالطة لمنوم ووجدتني بعد فترة في الميجع قد ابتميت باالـ شديدة في ظيري حتى لـ أعد أستطيع رفعو ، وترافؽ ذلؾ مع . . وتستمر معاناة السجف وتزداد

لسخاف المركزي الذي كاف عاطبل عف العمؿ كاف نومي وقتيا بجانب أنبوب ا! حتى كدت أموت يوميا بالفعؿ . . حالة تقيؤ مستمر واسياؿ نصيب بالطبع فبل نتمقى منو إال برودتو ورطوبة الماء المتكثؼ عميو ، ولـ يكف لي خيار في المكاف أل ننا كنا الزدحاـ الميجع ال يكاد يجاوز

ريؾ الميجع بأكممو لـ أحس بالبرودة في الواحدة منا وقت النـو أكثر مف نصؼ ببلطة وحسب ، ولو أرادت إحدانا أف تتقمب الستدعى ذلؾ تحفقامت البنات يطرقف الباب جميعا . . البداية ، لكنني وجدتني فجأة ال أقدر عمى تحريؾ ظيري مع األعراض المؤلمة األخرى التي ذكرت

يؾ أحضروه ليا بعد إلحاح وطوؿ ويسألف العناصر أف يحضروا طبيبا لعبلجي لكنيـ لـ يجيبوا ، فطمبت الدكتورة عائشة منيـ طستا مف الببلست . رجاء ، فجعمت تعمؿ لي مغاطس ماء ساخف متتالية خفت عمييا األوجاع بحمد اهلل بعد يوميف

اضراب جديدوكانت أمي ال تفوت فرصة تحقؽ لنا فييا بعض السموى أو تؤرؽ فييا . . ومرت األياـ ، وفي كؿ يـو كانت لنا قصة جديدة وتجربة وعبرة

. . والعناصر إال واغتنمتيا ، وباتت سياسة واضحة عندىا أف تبتكر مطاليب لنا أو باسمنا تحقؽ منيا إحدى الغايتيف أو كبلىما السجانيف لنو وذات يـو وبعدما رأيناىـ سمحوا لمنيرة بتقديـ امتحاف الثانوية خطر عمى باؿ بعض البنات المطالبة بالمثؿ ، فكتبف إلى رئيس الفرع يسأ

Page 22: خمس دقائق وحسب

وبالطبع قوبؿ الطمب بالرفض والسخرية والتقريع ، فاقترحت أـ . . بالكتب الجامعية التي ندرس بيا وبتوفير جو مبلئـ لمدراسة السماح لنا. شيماء أف نضرب عف الطعاـ حتى يستجيبوا ، وسرعاف ما شجعتيا أمي وأيدت أكثريتنا الفكرة ، فمما أتوا بطعاـ العشاء رفضنا استبلمو

إذا لـ تأخذوا العشاء فسنأخذكـ 9 رد العنصر ابراىيـ . نريد أف نقدـ امتحاناتنا أيضا 9 السبب ؟ أجبنا -. مضربيف 9 ا ؟ قمنا لما ذ -9 سألونا أغمؽ ابراىيـ الباب بمـؤ وذىب ليعود بعد قميؿ ! ستتنفس كؿ واحدة لوحدىا عمى األقؿ . . سيكوف أحسف 9 فأجابتو أمي . إلى المنفردات

وبالفعؿ لـ تمض الفترة التي . أي رئيس الفرع يريدكـ أف تتجيزوا لننقمكـ إلى المنفردات بعد نصؼ ساعة -المعمـ -9 قوؿ بضحكة صفراء يتحدث عنيا حتى حضر وأخذ كؿ اثنتيف منا إلى زنزانة مف المنفردات ، فوضع أمي وأـ شيماء في واحدة ، وماجدة وعائشة في أخرى ،

. . أبوي 9 وماذا عنؾ أنت ؟ ألف تقدمي الثانوية أيضا ؟ فأجابتو -9 الثة ، وأما الحاجة مديحة فسأليا ساخرا ووضعني وفوزية حجازي في الثوبقينا بضع ساعات شاىدت أمي خبلليا اسـ أخي وارؼ عمى الجدار فازدادت ثورتيا . . فتركيا في الميجع ! أنا ال أعرؼ القراءة وال الكتابة

ا أف أعادونا إلى الميجع اخر الميؿ ، ولـ يستجيبوا لطمبنا بالطبع ، لكننا كنا سعداء بيذا األثر الذي تركناه والحركة ولـ يمبثو . . وعبل صياحيا . التي أحدثناىا رغـ كؿ الضغوط والترىيب

! رصاص بعد منتصف الميل غير سابؽ إنذار صوت الرصاص يمعمع عمى مقربة وفي يـو مف األياـ وبعدما انتيى العشاء وىجع أكثر السجناء والسجانيف مزؽ السكوف عف

واستنفر الفرع كمو وىرع العناصر فأغمقوا الطاقات كميا وأطفؤوا األ نوار ، وصاحوا بالمساجيف وصوتيـ . . مف السجف وكأنو فوؽ رؤوسنا حديد ىؿ كاف اشتباكا أـ ىجوما عمى لـ نفيـ ما الذي يجري بالت! وال حركة -9 يكاد ال يسمع مع أصوات خرطشة األسمحة وأزيز الرصاص

الفرع ، لكف الرصاص كاف يصؿ إلينا فيصيب حتى جدار الميجع مف الخارج ولـ يكف بينو وبيف الشارع إال فسحة صغيرة يمييا السور فنحس يانا بالجدار خشية أف تبمغنا الط. . وكأنما اخترقو وبمغنا فجأة مف ! مقات حتى أف أمي نيضت فتوضأت وصمت صبلة الشيادة ثـ احتمت وا

فقدرنا أنو أحد عناصر الحماية . . تعالوا . . فبلف قتؿ 9 بيف األصوات المختمطة صرخة كالزعيؽ تبعيا صياح العناصر المضطرب ينادي مف ابراىيـ وبعد حوالي الساعة مف بدء اإلشتباؾ ىدأت األمور بالتدريج كما بدأت ، وحاولت الحاجة اإلستعبلـ عما حدث . . عمى الباب

. . الذي كانت نوبتو وقتيا فنيرىا وحذرىا مف إعادة السؤاؿ ، وعدنا إلى ما كنا عميو ألياـ قميمة أخر دوف أف نعرؼ حقيقة ما جرى بالتحديد

!ولكن إلىتدمر . . إفراج وبينما كانت الحاجة تحادث الشباب في الزنزانة المجاورة عبر األنبوب أتاىا مف وراء الجدار صوت سائؿ منيـ يسأؿ إف كاف . . وذات يـو

يا خالتي نحف مف حماة أيضا وسنخرج غدا إفراج ، فمو كانت لدى أي مف الحمويات رسالة -9 فقاؿ ليا . . فقالت لو نعـ . بيننا حمويات والذي . ف اكتبوىا وضعوىا في شؽ الطاقة ونحف سنسحبيا بإذف اهلل أثناء خروجنا إلى الخط بطريقة ال تشعر العناصر ونوصميا ليـ ألىاليي

وفوجئنا عند الصباح ! تبيف بعدىا أف ىؤالء الشباب المساكيف وعدوا بالخروج في اليـو التالي بالفعؿ ولكف الخروج كاف في الحقيقة إلى تدمر فتممكني القمؽ والخوؼ عمييا وىجمت . . فتعود والدموع مؿء عينييا تحدؽ في وتبكي . . يرسؿ وراء أمي ببل مقدمات أو سبب بالمحقؽ

. وأحس أنيـ سيطمقونني اليـو . . أخبرني أنيـ سينقمونني إلى فرع اخر اليـو ولكنني أظنو كاذبا -9 فقالت . . أحضنيا وأسأليا ماذا حدث ستبقى رىينة 9 وابنتي ؟ قاؿ 9 فسألتو . جيزي نفسؾ وأحضري أغراضؾ بسرعة -9 محقؽ لما استدعاىا ابتدرىا يقوؿ ليا وقصت عمينا أف ال

وجعمت أمي وىي تقص عمينا ذلؾ تخمع ! أو فاعتبري أنؾ لـ تمدي ىذه البنت وانسييا . . عف أخييا صفواف ولف تخرج حتى يسمـ نفسو وسألتنا إف كاف أي منا يريد . . بعد قطعة ، وما أبقت إال ما يسترىا وحسب لعمميا أنو ليس لدينا ما يكفينا مبلبسيا عنيا وتعطينا إياىا قطعة

إرساؿ رسالة أو توصيؿ خبر عنو ، فسارعت ماجدة وأخذت قمما مف منيرة وكتبت رسالة ألىميا عمى ورؽ المحاـر دستيا أمي في كـ سترتيا ، ولـ تكد تبمغ الباب عند السمـ وىي تستحمؼ العنصر أف يخبرىا بموعد خروجنا لى . . ا وندعو ليا وخرجت وأخذت تعانقنا وتقبمنا وتدعو لن

رعة اجابتو الساخرة ورجاؤىا المتكرر يبمغ مسامعنا فيزيدنا ألما وحسرة حتى انفمتت مف بيف يديو وقفمت راجعة ، ففتحت طاقة الباب وسألت بسنا مف بيت مف كانوا ؟ ولـ نكد نخبرىا حتى كاف حسيف قد وصؿ إلييا فأمسكيا مف ياقة جمبابيا وجذبيا نسيت ىؤالء الشباب جيران -9 تقوؿ

وأما رسالة . وكانت اخر مرة أراىا فييا رحميا اهلل . . وىي ترد عميو الكممة بأخرى والعبارة بأشد منيا حتى خرجت . . مغمظا ليا في الكبلـ أوال إلى بيتنا في دمشؽ الذي اعتقمنا فيو وقصت أخبارنا عمى البنات البلتي كف معنا فسألنيا أف يريف ماجدة فعممنا بعدىا أف أمي توجيت

Page 23: خمس دقائق وحسب

ا الرسالة ، لكنيف اجتيدف أف ينقمنيا عمى ورقة عادية خشية أف تتمزؽ المحرمة ، فمما ذىبت أمي بيا إلى أىؿ ماجدة لـ يصدقوىا ألنيـ رأو مؿ بابنتيـ أنيا إنما تسري عنيـ وحسب ، وظموا في شكيـ حتى فتحت الزيارات في سجف قطنا بعد سنيف وظنوا وقد فقدوا األ. . الخط مختمفا

. فرأتيـ ىناؾ ورأوىا بعد طوؿ فراؽ

! معززات مكرمات مت طمبا لو تسأؿ وتأكد لنا الخبر حينما استدعى المقدـ ماجدة بعد أسبوع تقريبا ألنيا قد. . وتـ اإلفراج عف أمي في السادس عشر مف شباط . . أنتف ىنا معززات مكرمات . . ال توجد أحسف مف جمستكف ىذه أبدا . . انظري -9 فيو حبل لموضع ، فقاؿ ليا بكؿ صبلفة واستعبلء

ىذه أـ ىبة أخرجناىا فجمست ىنا عمى الباب فترة طويمة تبكي وال تعرؼ كيؼ تتصرؼ حتى 9 وأضاؼ يقوؿ ! ومثؿ ىذا الفرع لف تجدوا وبالتأكيد كاف ناصيؼ يكذب ألف أمي ظمت جالسة عند الباب ترفض التحرؾ قبؿ أف تعرؼ مصيرنا . . عطيتيا أجرة الطريؽ مف جيبي أنا أ

لى أيف ستتجو األمور ، لكف اإلفراج لـ يتـ وسارت األمور مف سيء إلى أسوأ ، . . وتأمؿ أف تسمع قبؿ ذىابيا ولو إشارة بقرب اإلفراج عنا وا ونبدأ فصبل جديدا مف الكرب . . لتنفتح عمينا قصص أخرى مف الماسي واآلالـ . . ث أف انضمت دفعة جديدة مف المعتقبلت إلينا فمـ تمب

. والمعاناة

!مزيد من المآسي . . مزيد من الضيو ف ميجع ضحى ذلؾ اليـو ودفع إلينا لـ تكف يوماف أو ثبلثة مف اإلفراج عف أمي قد انقضت حينما قرع عمينا أبو عادؿ مدير السجف باب ال

وترتدي بالطو مف الجوخ األسود أيضا وتحمؿ في يدىا بقجة جمعت . . بسيدة تضع منديبل أسود انقمب لونو مف األعمى إلى الصفار الباىت يا جدري أصابيا منذ الطفولة أطمت ثـ ارتدت لموراء لبرىة كانت كافية أف نممح ىيأتيا الرثة وبقا! فييا حاجياتيا كما يفعؿ الشحاذوف تماما

فحوقمنا ! فتبادر إلى أذىاننا أنيا متسولة ألقوا القبض عمييا وأحضروىا لتشاركنا المكاف . . فترؾ مع أصابع الزمف ندبا عمى وجييا المرىؽ لكف الباب فتح ! مناظر الشحاذيف روائح و . . وىؿ ينقصنا عذاب مف ىذا النوع مع كؿ الذي نمقاه 9 وقمنا أل نفسنا ونحف بيف النفور واإلشفاؽ

ودخمت السيدة نفسيا تتبعيا أخريات ال يختمفف في الييئة . . انيضوا واستقبموىف . . ىيا -9 عمى اخره مرة ثانية واندفع أبو عادؿ يصيح بنا بعة ترتدي تنورة أطوؿ منيا وقد عقدت ورا. . وتمؾ تمبس مانطو ممزقا . . واأل خرى أشبو بالمتسوالت . . فيذه كالخادمة 9 الرثة عنيا كثيرا

إيشاربيا عمى رأسيا أوثؽ ما تستطيع ، وعمييا كنزة ضيقة تمتصؽ عمى جسدىا وقد عفا عمييا الزمف ، وفقدت أزرارىا مف الخمؼ فبقيت -9 تعانقيا وىي تصيح ولـ نكد نستوعب النظر إلى النساء الست القادمات حتى اندفعت أوالىف نحو الحاجة مديحة. . مفتوحة بعض الشيء

. . أخيرا . الحمد هلل عمى سبلمتؾ . . حاجة رياض -9 أنت ىوف ؟ وانفجرت السيدة في البكاء ، وبادرتيا الحاجة بالدموع تقوؿ . . أبوي .أخيرا وجدت ونيسا لي في ىذا المكاف

فسحت لصديقتيا الحاجة رياض المكاف فأجمستيا فيو وما وبحركة غير متكمفة دفعت الحاجة مديحة البنت التي كانت تجاورىا في المجمس وأوانفتحت . . ثـ لـ تمبث النفوس أف استراحت . . وتحركت بقية القادمات الجدد نحونا بتوجس طبيعي بادئ األمر ! عادت تحركت عنو أبدا

. العذاب لتزداد المعاناة وتتوالى أياـ. . وغص الميج بالعدد الذي زاد عف سعتو . . جعب الحكايات

! باب الحديد يماف ؽ. ومنتيى ج. ورغداء خ. ولمى ع. الحاجة رياض د9 كانت القادمات مف سجف المسممية بحمب خمس ىذه المرة وكانت ميزلة . وا

كؿ اثنتيف فمقد أركبوىف السيارة مف سجف المسممية بحمب وقد كبموا. . إحضارىف إلى كفر سوسة ال تقؿ ألما عف مأساة اعتقاليف وتعذيبيف سيدة أخرى كف معيف ، لكف السائؽ اتجو بيؤالء الخمس 05منيما معا والخبر يقوؿ إنو إفراج ، وكاف قد سبؽ بالفعؿ إطبلؽ سراح حوالي

عمى الطريؽ الموصؿ إلى دمشؽ ، فمما عبرت السيارة الكرة األرضية مغادرة حمب الحظت الحاجة رياض ذلؾ رغـ أف الوقت كاف مساء ما وصمنا . . طولي بالؾ . . ال 9 فأجابيا بمـؤ وسخرية ! يمكف ضيعت الطريؽ . . أنا بيتي عند باب الحديد خيو -9 مسائؽ ببراءة فقالت ل

. . فمما فيمت الحاجة المقصود أغمي عمييا ! أريد أف أعمؿ لكـ دورة حوؿ حمب وأوصمكـ بعدىا كمكـ إلى باب الحديد . . باب الحديد بعد وجعؿ العناصر يسخروف منيف طواؿ الطريؽ ويزيدوف قمقيف قمقا . . ى وقد ظنت أنيـ سيأخذوىف االف إلى غرفة اإلعداـ واصفر وجو لم

Page 24: خمس دقائق وحسب

ولتفتح كؿ منيا جعبتيا . . لكف دقائؽ تالية مرت كانت كافية لتغير الحاؿ . . فمما وصمف إلينا كف في غاية التوتر واإلجياد . . ورعبيف رعبا . ة اآلالـ وتروي قصتيا في رحم

! تحويشة العمر كانت الحاجة رياض مف النساء الطيبات البسيطات ، خرجت مف المدرسة في الصؼ السادس ولـ تكمؿ تعميميا ، ولـ تتزوج رغـ بموغيا

أ لممبلحقيف قبؿ مف أسرة متدينة وأخت ألشقاء ممتزميف كانت لدييـ منجرة في حمب ففتحوا فييا مخب -كالحاجة مديحة -األربعينات ، لكنيا أف تنكشؼ فيعتقؿ واحد منيـ وييرب اآلخر إلى عماف ، وفي مرة كانت الحاجة رياض ذاىبة إلى ىناؾ لتزور أخاىا في عماف قدمت ليا إحدى السيدات بعض الماؿ لتوزعو عمى أبناء الشباب الذيف أعدموا وال يكادوف يجدوف في ىذا الظرؼ الصعب معينا أو مصدرا لمكسب ،

لفعؿ أخذت رياض المبمغ ووزعتو كجزء مف واجب أحستو نحو ىؤالء المساكيف ، لكف اعترافا أتى عمييا ال تدري مف أيف فاعتقموىا وجعموا وباالمبمغ يعذبونيا أشد العذاب ، وبعدما فتشوا بيتيا ولـ يجدوا شيئا جعموا ييددونيا لتخرج النقود التي أحضرتيا مف عماف ، لكنيا كانت قد وزعتكمو ، فزادوا عمييا التعذيب حتى اضطرت أف تخبرىـ عف مبمغ مف الماؿ كانت قد جمعتو عمى مدار حياتيا وخبأتو لمطوارئ تحت أحد

أخذوا تعبي وعرؽ -9 الكراسي ، فأعطتيـ إياه مرغمة لتنجو بنفسيا ، وكانت كمما تذكرت ذلؾ بعدىا تبكي وتقوؿ لمحاجة مديحة بحسرة إليي قد غدوت -9 وكانت تنشد أحيانا بيف الحسرة والطرافة تقوؿ ! إي ولي عمى اإلخواف وساعتيـ . . وىـ مف اإلخواف جبيني يا حاجة وعمم

وروت الحاجة رياض عف تعذيبيا األىواؿ بحؽ ، فمقد تمت تعريتيا مثؿ أكثر ! ألني وزعت مصرات اإلخواف المسممينا إ. . ىنا سجينا . . دة يسحبيا مف شعرىا عمى األرض فيرتطـ رأسيا باألرض والجدار ، مما تسبب في كسر عظمة أنفيا المعتقبلت بحمب ، وجعؿ عمر حمي

وزاد حميدة عمى ذلؾ العذاب الوحشي فسمط عمى وجييا خرطـو . . وأصابيا بعسر دائـ في التنفس ، فكانت المسكينة بعد ذلؾ دائمة التشخير ذنيا ، وكاف مف المضحكات المبكيات أنيا اعتادت بعد ذلؾ أف تناـ عمى أذنيا السميمة فبل ماء شديد لتصحو مف اإلغماء فخرؽ ليا طبمة أ

تعود تسمع شخيرىا الذي كاف يؤرؽ نـو الميجع كمو ، فنضطر إلى إيقاظيا آخر األمر لتعدؿ مف وضعيتيا وتساعدنا عمى اقتناص ساعة نـو حتى بعد وصوليا إلى كفر سوسة ، وظؿ مكانيا مزرقا لفترة طويمة بعدىا ، وكاف حميدة وقاـ الجبلدوف أيضا بقمع أظافرىا التي لـ تنـ ! ىنيئ

وىو يومىء ليا برأسو لتأتي ، فتفيـ المسكينة اإلشارة وال تسمع . تعالي . . تعالي يا بقرة -9 كما روت يجمسيا في ركف الغرفة وينادييا - ! واهلل بتعرفي اسمؾ يا بقرة -9 الضحؾ وىو يقوؿ فيضج والعناصر والمحققوف عمييا ب. . الكبلـ وتجيبو

!أربعمائة ليره بثماني سنوات بتيمة اإلنضماـ 0868والتي لـ تكف جاوزت وقتذاؾ السادسة عشرة مف عمرىا فكانت زوجة أحد الذيف أعدمتيـ السمطة عاـ . أما منتيى ج

رضا والدىا ، فمما أعدـ الزوج وىي حامؿ رفض أىميا استقباليا في إلى تنظيـ مسمح معارض لمنظاـ ، وكانت منتيى قد تزوجت عف غير وعاشت ! ىذا جزاؤىا ألنيا لـ تسمع كممتي أ ا . . عيني ال تشوفيا "بيتيـ ، وأمضت عدتيا عند بيت إحماىا ووالدىا يقوؿ عمى المؤل

مف تبرع السيدة في عماف ، فمما اعتقمت رياض المسكينة بعدىا عمى الصدقات ، وكانت مف ثـ إحدى مف أوصمت الحاجة رياض ليف ماالضيعة أخذوىا في الميؿ لتدليـ عمى بيتيا فمـ تستطع الرفض بعد العذاب الشديد الذي ذاقتو ، ولما اقتحموا عمى منتيى البيت خرجت وابنتيا الر

ومف سوء حظيا أف اعترافا آخر أتى . ع المخابرات عمى يدىا ، فانتزعوا الطفمة مف بيف أيدييا ودفعو بيا إلى األىؿ واقتادوا منتيى إلى فر عمييا في الوقت نفسو بأنيا تمقت رسالة مف مصطفى قصار عرض عمييما الزواج فييا ، فنالت كاألخريات أشد العذاب ، فعروىا وعمقوىا

أجابتو مف حينيا بالرفض ، ولـ تنكر تسمـ وقالت ليـ ببساطة أنيا ال تنكر تمقي الرسالة لكنيا. . بالسقؼ وتناوبت عمييا كؿ وسائؿ التعذيب لكنيا أوضحت أنيا كانت ىدية نقوط البنتيا وىذا حؽ البنت وال عبلقة لو باألـ أو بأي أحد . . المساعدة المالية التي لـ تجاوز األربعمائة ليرة

ومع الحاجة رياض . ، ومف ىناؾ إلى كفر سوسة ولـ يشفع ذلؾ لمنتيى فأرسموىا بعد التحقيؽ والعذاب المييف إلى سجف المسممية . . اخر وكانت في صفيا الثامف أو التاسع ، ولـ توجو إلييا أية تيمة سوى نقؿ الرسالة مف أخييا . ومنتيى حضرت فتاة حمبية أخرى اسميا إيماف ؽ

مميا نوعا مف الطياشة والجيؿ ، ونجت مصطفى إلى منتيى بطمب الزواج ، ولذلؾ لـ يشددوا عمييا في التحقيؽ وال في التعذيب واعتبروا عفقد اعتقمت مع . وأما رابعة القادمات رغداءخ . مع أـ شيماء 73وقد تـ اإلفراج عنياعاـ . . بذلؾ وهلل الحمد مف التعرية واإلساء ات

ظيـ ، لكف الشاب كاف قد اعتقؿ الخامسة لمى في بيروت عندما ذىبتا ىناؾ عمى أساس أف تمتقيا بأحد الشباب الذي وعدىما بضميما إلى التن

Page 25: خمس دقائق وحسب

عمى قبميما فوجدتا المخابرات في انتظارىما واعتقموىما مف ىناؾ ، ولـ تعذبا كثيرا لصغر سنيما ، حيث كانتا في الصؼ التاسع ونجحتا وقتيا ميا ، وقالت بأنيا رأتو يحمؿ عينو العاشر ، لكف لمى تحدثت بأنيـ أحضروا أثناء التحقيؽ معيا ابف عميا المتيـ بتنظيميما ليعترؼ عمييما أما

ولشدة طيبتيما ولما أرادوا إعادة التحقيؽ معيما في كفر سوسة عادت لمى إلينا منفعمة ! عمى كفو عندما أحضروه والدـ ال يزاؿ يخرج منيا واعتبرت ذلؾ غاية . . الدي نسفني كؼ وسب و -9 تبكي بحرقة ، فسألتيا الحاجة مميوفة عـ حدث ، فقالت بقمب محروؽ وانفعاؿ بمغ مداه

! اإلىانة وأشد العذاب

! حزب اليرموشية ضرب الكؼ ولسع الخيزراف والسب والشتائـ بعض مف أصنافو وحسب ، ونوع اخر مف أصنافو . . لكف العذاب كاف أشكاال في السجف وألوانا

ض األحياف عاداتيـ وتختمؼ اراؤىـ وتتعارض انتماءاتيـ وال تتبايف بع. . أف تضيؽ الزنزانة عمى بضعة عشر شخصا ال منفس ليا وال مخرج دخمت عمينا فجأة . ومف ىذا الصنؼ أتوا إلينا مرة بسجينة مف قرى درعا تيمتيا تيريب السبلح والمتاجرة فيو ! يجدوف بدا إال المجاورة بالقسر

وعندما . . لـ ندر وقتيا ما الذي كانت تتحدث عنو ! وقع كؿ مف عمى شكمو . . طقع -9 فرمتنا بنظرة غريبة ومف غير أية مقدمات قالت عندما نظرت إلى الميجع أوؿ مرة رأيت ىؤالء الكبار البلتي تنادوىف حجات قاعدات مع بعضيما البعض وأنتف -9 سألناىا الحقا قالت

بري ، ضخمة البنية طويمة الجسـ عريضة كاف اسميا كما أذكر أـ ج! وكؿ واحد جالس مع شكمو . . لوحدكف فتصورت أف ىؤالء غيرأولئؾ كانت وسخة جدا فبل تنظؼ ال جسدىا وال مكانيا وال حتى ! المنكبيف ، لكنيا كانت غاية في الجيؿ ابتداء بأولويات النظافة وانتياء بالسياسة

الميجع لكنو ويا لمعجب لـ يطب لو المقاـ إال وزاد عمييا وعمينا القمؿ الذي تسرب منيا إلى ! والمكاف كمو شبر بشبر . . الحماـ إذا استعممتو وطرقت الباب منادية ! عندي الدواء -9 فمما اشتد األمر عمى منيرة قالت ليا الحاجة . . في رأس منيرة التي كانت تجاورىا في مكاف النـو

. أس منيرة باليد األخرى وسكبت الكاز عمى رأسيا عمى حسيف فمما جاء سألتو أف يحضرو ا بابور الكازا ويعيره لنا ففعؿ ، فتناولتو بيد وأدنت ر ولـ يخرج إال بخروج أـ جبري ىذه بعد شير أو شيريف بوساطة مف محمود الزعبي ! لكف الكاز انتيى وظؿ القمؿ غاية في الحيوية والنشاط إ.

9 نيا وقد ظنوا أف وراء تيريبيا السبلح أمر جمؿ ولقد كانوا يسألو ! رئيس الوزراء وقتيا ، بعدما كادت تصيبنا وتصيب حتى المحققيف بالجنوف فيعيدىا إلى التعذيب ظنا أنيا تراوغو ، والمسكينة . . تقصد القرية التي أتت منيا . . مف حزب اليرموشية 9 مف أي حزب أنت ؟ فتجيب -

! مف جيميا ال تعرؼ ما الذي يغضب المحقؽ وال الذي يستغربو مف إجاباتيا

! بالء أخف من بإلءففي وقت الحؽ وأثناء . . وىف الشيوعيات الحاقدات . . كانت عمى ما فييا أرحـ مف صنؼ مف السجينات أخر ابتمينا بو " أـ جبري "لكف

ألقوا القبض عمى عضوة في التنظيـ الشيوعي وىي طالبة طب مف دمشؽ مف 70حوادث اإلعتداء عمى المحجبات بدمشؽ أواخر عاـ ة اسميا فاديا الذقاني ، كانت توزع منشورات باسـ اإلخواف لتأجيج التوتر كما يبدو ، وسرعاف ما انقمب لتصبح مخبرة زميبلت أخي في الجامع

وكثيرا ما كانت النقاشات تدور بيننا حوؿ ذلؾ ببل نتيجة . . كانت تفتخر بشيوعيتيا وتتعالى بيا عمينا ! تنقؿ أخبارنا إلى رئيس الفرع أوال بأوؿ يكف ليمنع مف إحساف الصحبة لوال أنيا كانت تتعمد إزعاجنا والتشويش عمينا ، فمقد سمحوا ليا بالراديو مثؿ منيرة وبممنوعات ، لكف ذلؾ لـ

لنا عمينا أخر ، فكنا إذا أردنا الصبلة أو قراءة القراف رفعت صوتو بالموسيقىوالغناء لتشوش عمينا ، أو وضعت السماعات عمى أذنييا مظيرة وعندما استشيد أىمي عممت فاديا بالخبر مف المقدـ وحدىا ، فما وجدناىا . ولـ تغير مف سموكيا رغـ تكرر الطمبات والرجاءات . .اإلنزعاج

لكف . . سمحوالي بمسجمة -9 ولما سألناىا عـ حدث قالت . . إال وقد عادت بادية السرور تتدحرج عمى أرض الميجع وكأنما أصابيا مس فعادت الحاجة بعد ذلؾ واستدرجتيا عمى انفراد . . ، فالراديو معيا منذ وقت طويؿ ، والفرؽ بيف اإلثنيف ليس بيذه الدرجة ذلؾ لـ يدخؿ عقولنا

وكانت تتابع األخبار بالراديو ! ، فما استحت أف تقوؿ بأنيا سمعت يوميا خبر مقتؿ أىمي في أحداث حماة مف المقدـ فكاف ذلؾ سبب فرحتيا وتظؿ تسير مف إذاعة ألخرى طواؿ الميؿ ونحف ال ندري عما يجري في الدنيا . . ي حماة وقتذاؾ ولكنيا لـ تخبرنا وال كممة وتتتبع ما يجري ف

، وكانت وكأنما " وبعد ذلؾ أتت بنفسيا فزارتنا في سجف قطنا. . عندما نقمنا نحف إلى قطنا ليفرج عنيا الحقا " كفر سوسة"وبقيت فاديا في . . تحدث كيؼ أطمقوا سراحيا ونالت حريتيا فذىبت لتكمؿ دراستيا في فرنسا وعادت االف في إجازة تريد إغاظتنا ت

Page 26: خمس دقائق وحسب

!مسرحية التجسس التي وذات مرة أحضروا امرأة فمسطينية إلى إحدى المنفردات ولعبوا لعبة عمينا قامت بيا ىذه المرأة التي تبيف بعدىا أنيا مخبرة مثؿ منيرة

ي البداية قالت لنا فاديا صراحة أنيـ طمبوا منيا أف تجمس معيا وتستدرجيا عمى أساس أنيا سجينة مثميا وتحمؿ ليـ فف. قامت بتكممة الدور نفسيتيا وتنقؿ ليـ أخبارىا ، وذىبت مف الميجع إلى المنفردة وجمست معيا اليـو األوؿ ثـ عادت تقص عمينا قصصيا ، وظمت تقـو بيذا

حتى إذا زرعت . . ا بصراحة كيؼ أنيا تدرس شخصية تمؾ السجينة وتقدـ التقارير بيا وتنقؿ أسرارىا لممقدـ الدور األسبوع فتأتي وتقص عميننفتح الشفقة عمييا في قموبنا وجدناىـ أحضروىا إلينا مف المنفردة ووضعوىا معنا في الميجع بضعة أياـ كنا نعامميا خبلليما أحسف المعاممة و

ثـ لـ يمبثوا أف نادوا عمييا . . ، وكانت مف جيتيا تتنقؿ مف واحدة إلى أخرى تسمع قصتيا وتستؿ األسرار منيا ليا قموبنا كأية سجينة مظمومةأدري ما باإلفراج ففرحنا ليا وجمسنا نودعيا ، فجعمت تسالنا بكؿ تمقائيو إف كنا نريد إرساؿ أية رسائؿ أو معمومات ألحد لنا في الخارج ، وال

كني واإلحساس بانقباض القمب رأيتيا تمح عمي في طمب ولو حتى إشارة مني أو أثر تذىب بيا إلى أقربائي وأىمي ، سبب الشعور الذي تممفبعد أف ىممت بذلؾ عدت وانسحبت شاكرة وقامت أكثر البنات بإعطائيا رسائؿ إلى أىالييف وصمت كميا يد المقدـ فاستطاع مف خبلؿ ىذه

ف مع فاديا أف يعرؼ الكثير عما يدور في ىذا الميجع وبيف نزيبلتو المعتقبلت ، لكف فاديا ظمت مف خبثيا المخبرة التي أجادت دورىا بالتعاو تدعي استغرابيا مما حدث ، وكاف مف دىائيا أف شاركت حتى في اإلضراب األخير ، وكانت أكثر المتشددات في مراقبة مف ييـ بالتراجع أو

وفي نفس الفترة انضـ إلى ميجعنا نزيمة جديدة اسميا ترفة لـ تكف ! سا عمينا الستكماؿ المسرحية وكؿ ذلؾ تموييا وتدلي. . نقض اإلضراب وترفة سيدة مسيحية . مف اتجاىنا وال مف ديننا ، لكنيا كانت عمى النقيض مف فاديا ىادئة الطباع سمحة الخمؽ ال تؤذي أحدا بقوؿ أو فعؿ

مشكمة في اإلنجاب ، فذىب بيا زوجيا إلى اإلردف أوال ثـ -كما روت -عمرىا ، كانت لدييا مف باب توما بدمشؽ في الثالثة والعشريف مفإف إلى العراؽ لمعبلج ، لكف الزوج اعتقؿ بعد عودتيما بتيمة التعامؿ مع العراؽ واعتقمت معو ، ورغـ أنيا نفت عمميا بأي شيء أو معرفتيا

دت مف بيتيا إلى سجف كفر سوسة ، وتـ تعذيبيا أيضا قبؿ أف ينقموىا إلى الميجع معنا ، فكانت كاف زوجيا قد فعؿ شيئا أـ ال ، إال أنيا اقتيوتـ نقميا عندما نقمونا إلى قطنا ، لتبقى معنا ىناؾ . . وعندما قررنا اإلضراب أضربت أيضا واستمرت ثابتة حتى النياية . بيننا كواحدة منا

. شيور إلى اخر فترة وال يفرج عنيا إال بعدنا ب

!الضيف ضيف اهلل . فبعد كؿ مف وفد أحضروا إلى ميجعنا الذي غص بنزالئو أختيف مف البلذقية ىما منى وأمؿ ؼ . . وتتابع وفود معتقبلت جدد ومآس أجد

قصة منى التي وقد بدأت. بنتيف وصبي ، والثانية عزباء في الثامنة أو التاسعة عشرة 9 سنة وىي أـ لثبلثة أبناء 25أو 24عمر األولىبدأت حينما قتؿ زوجيا برصاصة طائشة أثناء عبوره منطقة كانت مسرحا الشتباؾ بيف . . كانت غاية في الطيب إلى درجة السذاجة بالفعؿ بيا يحمؿ ابنتو عمى كتفو حينما أصابتو طمقة اخترقت يده التي يمسؾ الطفمة -كما روت -المخابرات وعناصر مضادة في البلذقية ، وكاف

وبعد مدة طرؽ بابيا رجؿ مف المبلحقيف المشيوريف في البلذقية يسمونو أبا عنتر أو . واستقرت في قمبو فقتمتو ، وظمت البنت عمى قيد الحياة وى أحمد عنتر ادعى أنو بائع كاز فأرادت أف تشتري منو ، وبينما ىو يؤدي عممو ساليا إف كاف يستطيع أف يختبئ عندىا ألنو ال يجد لو مأ

ولكف أمره انكشؼ كما يبدو فداىمت المخابرات البيت ووجدوه مختبئا في إحدى الخزائف فرشوه مباشرة . . فوافقت عمى بساطتيا وأدخمتو فأوتو ضيط ؟ ىذا أكبر مجـر وأنت تسكنينو في 9 قالوا . ضيؼ -9 ولما ساكوىا في التحقيؽ عف ذلؾ الشخص أجابت . . وأحضروىا إلى السجف

واحد أتاني يقوؿ ال يوجد ! إي واهلل 9 ضيؼ اهلل ؟ قالت عمى طيبيا وبساطتيا 9 فساليا المحقؽ ىازئا ! ألف الضيؼ ضيؼ اهلل 9 قالت ! بيتؾ وكانت قد اتفقت معو أو اتفؽ معيا أنو إذا ساليا شخص عف سبب وجوده معيا تقوؿ ! لي أحد وليس عندي مكاف ويسالني الضيافة ىؿ أرده

وأحضروا األخت التي لـ تكف تعمـ أي شيء عف أي شيء وأودعوىا السجف معنا كؿ الفترة ، . . فبمغيـ ذلؾ أيضا . . يا بأنو خطيب أختولقد تبدت طيبتيا مف أوؿ لحظة دخمت بيا عمينا وىي تبكي بحرقة . وأتوا بأبييما وبأخييا فسجنوىما أيضا ، ثـ أفرجوا عف األخ وتركوا األب

ولماذا أحضراكما . . مف أنتما -9 وكالعادة التففنا حوليا وحوؿ أختيا كأية قادمة جديدة خاصة وأنيا محجبة وسألناىما . . وتنتحب كاألطفاؿ قاؿ لي 9 ولماذا تبكياف كؿ ىذا البكاء وىـ لـ يعذبوكما بعد ولكما في اإلعتقاؿ مدة ؟ قالت منى -9 فسألناىما . . ؟ فقصتا عمينا القصة 74ولقد ظمت منى معنا حتى عاـ ! أبي ال يسب 9 وماذا في ذلؾ ؟ قالت 9 قالت ليا الحاجة . لـ أدخؿ بسرعة سب أبي العنصر ادخمي فمما

Page 27: خمس دقائق وحسب

ة ثـ نقموىا إلى البلذقية ، وعادوا فأرجعوىا بعد سنة إلى قطنا وانتقمت معنا إلى دوما حتى خرجنا جميعا ، وأما أختيا فخرجت مف كفر سوس . 0873عاـ

! عصة القبر وكانوا في البداية . 0870ومف نزيبلت ميجعنا كذلؾ كانت أـ ياسيف ساريج السيدة التي اتيـ ابنيا بتنفيذ حادثة األزبكية بدمشؽ أواخر عاـ

ؿقد أحضروا إلينا صورتو مقتوال وقد تمزؽ وجيو فبل يكاد يبيف منو شيء وسألونا إف كنا نعرفو فكاف جوابنا النفي ، ومرروا الصورة عمى ك. . ولـ يكف الشاب مبلحقا فقالت ال أعرؼ -المياجع فمـ يتعرؼ عميو أحد ، وفي المساء أحضروا أمو وسألوىا إف كانت تعرؼ عنو شيئا

وكانوا قد اعتقموا معيا زوجيا وابنييما أيضا وكاف عمر . حسبنا اهلل ونعـ الوكيؿ -9 وعندما أروىا جثتو ثبتيا اهلل فمـ تزد عف أف تقوؿ سنة ، فوضعوا األب واألوالد في الجنوبي ووضعوىا في الميجع معنا، وبقيت ىناؾ فمـ يفرج عنيا إال بعد نقمنا إلى 01واألخر 05ما أحدى

عرض عمينا رئيسيا النقيب سميماف حبيب صورا مف الجريدة لقتمى " المحكمة الميدا نية "وال أزاؿ أذكر أنيـ عندما أخرجونا إلى . سجف قطنا وىذه الدماء سنخرجيا واهلل مف رقابكـ أنتـ وبعد انتياء مف تمؾ . . دماء ىؤالء األبرياء ىي السبب في تشكيؿ المحكمة 9 وىو يقوؿ التفجير

والـز . . شايفيف الحادثة التي صارت ، ىذه اإلخواف فعموىا -9 الميزلة ، وبينما كاف أحد العناصر يعيدنا إلى الميجع قاؿ لنا " المحكمة"وفعبل كانوا كمما ضيقوا عمينا نعمـ الحقا أف أمرا ما قد حدث في ! ا أف كؿ حادثة تحدث في الخارج ستنعكس عمى الذيف في الداخؿ تتأكدو

ونتأكد أكثر مف صياح الشباب الذي يتعالى وىـ يتمقوف . . ونحس ذلؾ مف منع التنفس فجأة أو إغبلؽ الطاقة عمينا لعدة أياـ . . الخارج أنتـ تفعموف . . تعالوا شوفوا إيش صايرلنا . . ولي عمى قامتكـ يا اخواف 9 وكانت الحاجة رياض ببساطتيا تقوؿ عندىا . . عذيب مزيدا مف الت

! ما تريدوف عمى كيفكـ ونحف عصة القبر عمينا

!سجن أم دير قد تكوف مف أشد . رة فإف قصة ىالة ف واذا كانت مشاىد السجف كميا مؤلمة وحالة السجينات وقصص المعتقبلت تفيض باألسى والمرا

فبينما كنت أنظر مف شؽ الطاقة يوما شد انتباىي مشيد . . المشاىد التي رأيت إيبلما وأكثر ما سمعت وعايشت في السجف مف قصص مرة ا حسف يكمميا ويجذبيا مف كتفيا ىذ! كأنيـ واهلل أتوا بواحدة أجنبية ال تفيـ العربي 9 غير طبيعي أراه أمامي ، فالتفت إلى البنات وقمت ليف

كانوا قد أخرجوىا كما يبدو مف المنفردة . لكنيا تبدوأجنبية مسممة ألنيا تضع حجابا عمى رأسيا . . وال تفيـ عميو " الخوتة"وىي تنظر إليو مثؿ 9 عيدونيا قرابة شير كامؿ عمى ىذه الحاؿ حينما رأيتيا أوؿ مرة ، وانتظرت فرأيتيـ حينما أعادوىا ، ثـ جعمت أراىـ يأخذونيا وي" الخط "إلى

مـ كانوا يشحطونيا شحطا ويدفعونيا في كؿ خطوة لتنتقؿ إلى الخطوة التالية وكأف أعصابيا قد أصيبت بالتشنج ، والجمود كسا سحنتيا فبل تتك! الحممقة فييـ والنظر حوليا نظرات ببل معنى كانوا يأخذونيا إلى التحقيؽ ويعيدونيا سحبا كالدابة أو كالميت ، وال تزيد ىي عمى! وال تتألـ

وال أزاؿ أذكر لحظة أف فتح السجاف إبراىيـ الباب عمينا وىو ممسؾ إياىا مف كتفيا . . وبعد شير كأنما يئسوا منيا فأتو بيا إلى ميجعنا ت فرأيتيا وىي ال تزاؿ بحجابيا ترتدي بنطاال نظر . ودفع بنفس المرأة إلى الميجع ومضى . ىذه وظيفتؾ . . قومي استممي . . ىبة 9 وناداني

انتظرنا لحظة أف تتحرؾ فمـ تغادر ! ومبلبس كميا قذرة لـ تنؿ نصيبا مف النظافة منذ زمف ال يعممو إال اهلل . . عريضا جدا يمسح األرض مف أيف -! ما اسمؾ ؟ فمـ يجب أحد -9 " بمطؼ تقدمنا جميعا نحوىا وسألنا . . المكاف الذي دفعيا إليو إبراىيـ وظمت واقفة عنده ال تتزحزح

ما اسمؾ يا -9 فتأخرنا جميعا وتقدمت الحاجة فسألتيا مف جديد . واهلل ضبعتوىا . . ابتعدوا قميبل -9 تقدمت الحاجة وقالت ! أنت ؟ لـ ترد مف أنت ؟ 9 بعيد ال نراه وال تتزحزح عنو بنتي ؟ أجابت بصوت كأنما ينبعث مف بئر خرب ونظرتيا الوجمة مركزة عمى نقطة واحدة في أفؽ

. لعميا خائفة 9 ظنا . فيئسنا منيا وتركناىا . . ومضت قرابة الساعة والسؤاؿ يتردد ومحاوالت استنطاقيا ولو كممة واحدة إضافية دوف جدوى ناشئ في "ة القراف الكريـ وعمى األض برنامج وكانت عندما تمتقط إذاع. . وقتيا كانت منيرة تستمع إلى الراديو . لندعيا تيدأ بعض الشيء .

وغالبا ما كنا نضو عمى أنبوب التدفئة ليسمع الشباب في الزنزانة المجاورة أيضا ، . . ترفع الصوت أو تعطينا الجياز لنسمع " رحاب القراف ىذا . . أغمقوه . . أغمقوه -9 الت بانفعاؿ وما أف فعمت وقتذاؾ وعبل صوت طفؿ بالتبلوة حتى وجدنا ضيفتنا الجديدة ىجمت عمى الراديو وق

وقامت أـ شيماء فأقفمت الراديو وىي تقوؿ . أستغفر اهلل 9 قمنا جميعا وقد تممكتنا الدىشة ! كؿ ىذا كذب وافتراء . . حراـ . . يخمط بالقراف بعد منتصؼ الميؿ . . صار الميؿ . . ف وضعيا لكف ىالة ظمت عمى وقفتيا ال تتزحزح وال تتحرؾ وال تغير م! يابنات ىذه فييا شيء -9 بجد

Page 28: خمس دقائق وحسب

فمـ تتمالؾ الحاجة نفسيا ودقت الباب وقالت ! وعندما حاولنا تحريكيا كانت كالمسمار المدقوؽ في األرض . . وىي كالخشبة ال تتحرؾ وىي واقفة . . نشرب . . نأكؿ . . س نجم. . يا ابني ىذه المخموقة فييا شيء ؟ ما ليا يبست مكانيا ؟ نريد أف نناـ -9 البراىيـ لما حضر

. . لكنيا تمثؿ . . نعـ 9 وىؿ ىي كذلؾ منذ أف أتت ىنا ؟ قاؿ 9 فسألتو الحاجة . إنيا تمثؿ . . ال تصدقوىا 9 فقاؿ ابراىيـ ! عمى وقفتيا تركتو الحاجة وعادت إلييا ! مـ فيو لكف ىذا شيء تح. . تظف أنياستتخمص مف اإلعتراؼ والتحقيؽ والشيء ثابت عمييا . . كمو تمثيؿ بتمثيؿ

سالناىـ أف يطفؤوا الضوء ففعموا وأتينا لنناـ ، ولـ تمض دقائؽ . . ثانية فسحبتيا مف يدىا شيئا فشيئا وأجمستيا بجانبيا فاستجابت وجمست مف شاف اهلل . . حجة - 9عمى ذلؾ حتى وجدتيا متربعة فوؽ قدمي تحدؽ في وجيي ، فمما رأيتيا كذلؾ لـ أتمالؾ نفسي وصحت برعب

وعادت ىي فجمست منكمشة تنظر برعب وىمع . . فنظروا ورأوىا . . قامت البنات كميف وقامت الحاجة يسألنني ماذا ىناؾ ! تعالي وخذييا وعاد اليدوء . . بيا وجعمت تحضنيا وتمفيا حتى أرجعتيا إلى جان. . تعالي لعندي وانتي ابنتي -9 إلينا ، فجاءت الحاجة وقالت ليا باإلنسانية

وفي الصباح وبعد أف أدينا الصبلة وعدنا لمنـو ثانية أحست وقد غفا الجميع تدفؽ أنفاس بالقرب مني ، فمما فتحت . . شيئا فشيئا إلى الميجع لي ، فمما رأيتيا ىكذا تخيمت أنيا تريد أف تخنقني فصحت صوتا عيني رأيتيا فوؽ رأسي ىذه المرة تكشؼ الغطاء مف جانبو وتتمصص بالنظرا وكانت ماجدة قد ! بالمقموب ولـ أعد أقوى حتى عمى التحرؾ ، فيما تحركت ىي ببل أدنى انفعاؿ وجمست عمى جنب وكأف شيئا لـ يكف

ىؿ . .ماىذا -9 ماذا تريديف ؟ ىؿ تريديف شيئا ؟ فما وجدناىا إال وقد نطقت وقالت تسأليا بميجة جامدة -9 استيقظت عمى الصوت فسألتيا . فعادت إلى صمتيا وظمت عمى جمستيا ال تتحرؾ ! ىذا سجف . . ىذا ليس بدير . . ال 9 ىذا بدير؟ قالت ليا ماجدة

! قذ يفة بطاطا ف كاف حجاب ىالة وثيابيا حينما جاءت وسخة جدا ، وبمرور األياـ وىي عمى حالتيا تمؾ ازدادت نتانة واتساخا ، لكننا كمما حاولت أحدانا أ

وظمت عمى ىذه الحاؿ ثمانية أشير ال تحكي وال تأكؿ وال تشرب وال تحرج ! ترب منيا أو تبلمس ثيابيا انكمشت أكثر ومنعتيا مف اإلقترابتقوتقـو في الميؿ لتدخؿ الحماـ فنتظاىػر ! كنا نسقييا الماء بالغصب وندس ليا المقمة في فميا دسا فتبقى فيو ساعة وال تبتمعيا ! إلى الحماـ

ات يـو منا بالنـو ، فتبقي الستارة مكشوفة وتجعؿ تراقبنا دوف أف تفعؿ شيئا ، فإذا رأت أحدا تحرؾ تخرج مباشرة ولـ تسحب ثيابيا عنيا بعد وذكوقشرتيا ليا وأرادت أف تطعميا . . ىذه بطاطا طيبة وحموة . . خذي -9 جمست عائشة بجانبيا وأعطتيا حبة بطاطا مسموقة وىي تقوؿ ليا

وكنت وقتيا أغسؿ مبلبسي في الحماـ فما وجدت إال شيئا يرتطـ برأسي . . اىا ، فخطفتيا مف يدىا بسرعة وأطبقت عمييا ثـ عادت فرمتيا إي ! نظرت فإذا بيا قد قذفتني بالبطاطا فكادت أف تشجني ، فيما وقعت حبة البطاطا في التواليت . .

! وافتراء . . واعتداء. . كيلكنيا ظمت . بعد شير مف حضورىا قررنا أف نغير ليا مبلبسيا بأي طريقة ، وكانت طواؿ ىذه الفترة لـ يمس جسدىا الماء وفي مرة أخرى و

فكشت . . ىذه ثياب جميمة وثيابؾ وسخة االف . . انظري -9 تنفر وتزمجر كمما اقتربنا منيا ، فجاءت الحاجة وأـ شيماء إلييا معا وقالتا لياورفضت بكؿ إصرار ، فمـ نجد بدا . . فض ، فتقدمت أـ شيماء لتخمع عنيا مبلبسيا ، فصاحت صوتا يا لطيؼ ويا ساتر مف جديد عبلمة الر

خة إال أف نمزؽ ليا ثيابيا تمزيقا لنمبسيا الثياب النظيفة ألوؿ مرة ، لكف جسدىا ظؿ وسخا وطاؿ شعرىا فكانت تحكو بأظافرىا الطويمة الوس. . ز حتى رجحنا أف لدييا قمؿ ، فقررنا إعادة المحاولة وجمست الحاجة والبنات يسايرنيا حتى أدخموىا الحماـ وتظؿ تحكو وتحكو بشكؿ مقز

نريد . . ال شيء 9 وما أف بدأف بخمع ثيابيا حتى خرجت أصواتيا وارتفع زعيقيا ، وىرع العناصر يسألوف ما الذي يجري فقالت ليـ الحاجة وظموا حتى . . فاجرة . . ىي سفيية . . اعمموا أنيا تمثؿ عميكـ 9 فقالوا ليا . ب إف تركناىا مدة أكثر نخاؼ أف تجر . . أف نحمميا فقط

وعندما حمموىا وجدوا آثار ما يشبو الكي بسيخ محمى عمى أرجميا وفخذييا وجسميا . . خروجيا وانتقالنا إلى قطنا يتكمموف عنيا بيدا الكبلـ وفجأة وبعد خمسة أو ستة أشير مف . . كف لتحؿ بعد ، وسر ىذه المرأة ظؿ غامضا يستعصي عمينا لكف األحجية لـ ت. . مف األسفؿ

فجعمت تصيح وتستغيث ، . . وجودىا معنا الحظنا أف بطنيا تنتفخ وتكبر وقد بدأت تتأوه وتتألمـ ، ثـ لـ تمبث أف فقدت قدرتيا عمى اإلحتماؿ وقدرت الحاجة وقتيا أنيا ربما كانت متزوجة مف أحد الشباب وكانا جالسيف معا فحدثت -بعد ولـ نكف قد عرفنا قصتيا -فشككنا أنيا حامؿ

ولما الحظ العناصر ذلؾ أيضا نقموا الخبر كما يبدو إلى رؤسائيـ . وىى اآلف حامؿ . . مداىمة لقاعدتيـ واستشيد الزوج أماميا فأتتيا صدمة دعنا نفعؿ ذلؾ 9 فقالت لو عائشة . نريد أف نفحصيا فربما تكوف حامبل بالفعؿ9 ثـ لعائشة ، فأتى رئيس التحقيؽ وسأؿ عف األمر وقاؿ مف

Page 29: خمس دقائق وحسب

وقامت بالفعؿ ففحصتيا بيف الصراخ والزعيؽ الذي صرع الدنيا فوجدتيا قد تعرضت العتداء واضح لكنو لـ يؤثر عمييا كثيرا . وسوؼ نخبركـ لى حمؿ ، وظمت عمى ىذه الحاؿ يو فجعمنا نقرع . . ميف كامميف حتى ظننا مف شدة األلـ الذي نزؿ بيا أف منيتيا قد دنت وليس ىناؾ ما يشيرا

فأجابنا . . فأتى أحد العناصر يسأؿ ماذا حدث ، فقمنا لو إنيا تكاد تموت مف األلـ . . نريد طبيبا . . ىالة ستموت -9 الباب عمييـ وننادي وأماـ إلحاحنا الذي لـ يتوقؼ ونحف نراىا عمى ! مف المساجيف % 6القانوف أف يموت وماذا في ذلؾ؟ مسموح ىنا حسب -9بكؿ برود وجبلفة

نما لمضباط والعناصر ، فمما كشؼ عمييا قاؿ ليـ -9 ىذه الحاؿ أحضروا ليا آخر األمر طبيب الفرع المخصص ال لعبلج السجناء بالطبع وا وبعد قميؿ يا لطيؼ دخمت الحماـ فخنقتنا . . نني وضعتيـ ليا بنفسي وأعطاىا تحاميؿ ومرىما أذكر أ. مجردإمساؾ. . ليس لدييا شيء

ما 9 فسأليا مستغربا !وكاف نيارا ال ينسى حتى طرقت الحاجة الباب وسألتيـ أف يفتحوه قميبل قبؿ أف نختنؽ جميعا ! الرائحة حتى كدنا نموت ! المدلمة فعمتيا9 ماذا فعمتـ ؟ فأجابتو الحاجة تضحؾ . . ماذا لديكـ . . ىذا

!شويط المحم سجيف في والذي يبدو أف مسؤولي الفرع قرروا بعد استمرار ىالة بتصرفاتيا تمؾ القياـ بمحاولة جديدة المتحانيا ، فرأوا أف يخرجوا ابف خاليا ال

يسمح ليا بمرافقتيا عميا تستأنس نفس الفرع ويجمعوىما معا ليروا رد فعميا مف المقاء ، فسألت الحاجة مديحة رئيس قسـ التحقيؽ أبا فيد أف فأخرجوىـ معا إلى غرفة التحقيؽ بالقبو وكانت ىالة وقتيا قد نزعت الحجاب بالمرة وما عادت تبالي بستر أو بمباس ، . ففعؿ . . وتتكمـ

. ىالة . . ىالة 9 نادييا بألـ فخرجكت منكوشة الشعر تمبس تنورة ممزقة وتحممؽ في المجيوؿ ، فما أف راىا ابف خالتيا بيذه الحاؿ حتى أخذ يأنا ابف . . يا ىالة -9 والمسكيف يبكي ويقوؿ ليا . . وأمسكيا ييزىا وىي ال حياة لمف تنادي . . لماذا تفعميف ىذا بنفسؾ ؟ أنا ابف خالؾ .

عمينا ثـ جرىا إليو جرا ودفعيا لتدخؿ ولكنيا لـ تبد أي ردة فعؿ ولـ تظير أية حركة ، فأتى إبراىيـ وفتح باب الميجع. . أنا فبلف . . خالؾ ونحف كمنا نراقب ما جري فما دخمت ، ووضعت يدييا عمى طرفي الباب ووقفت مكانيا فاجتمع أربعة عناصر يدفعونيا تارة ويسحبونيا أخرى

حتى وصمت واهلل رائحة شويط فأشعؿ أحدىـ السيكارة وجعؿ يمسع ليا يدىا ويزيد ويكرر. . ولكنيـ ما استطاعوا أف يزحزحونيا قيد أنممة 9 فمـ أتمالؾ نفسي أماـ ىذا المنظر الرىيب وصرت أصرخ ببل وعي . . المحـ إلى أنوفنا وىي ال تزحزح أصبعا واحدا وكأنيا ال تحس بشيء

ولـ . ميجع وأقفموا الباب وفي آخر األمر تعاونوا فحمموىا حمبل وألقوىا كقطعة مف خشب عمى أرض ال. حراـ . . واهلل حراـ . . منشاف اهلل -لد ىالة تمض فترة عمى ذلؾ المقاء حتى وجدناىـ يستدعونيا ثانية لمقابمة والدتيا التي عممنا مف بعد أنيا دفعت مبمغا كبيرا ثمف ذلؾ ، وكاف وا

الممتاعة إلى السجف وىي ال وحضرت األـ . . قد أصيب بجمطة إثر اعتقاؿ ابنتو فنقؿ إلى المستشفى ولكنو ما لبث أف مات ىناؾ بعد فترة ـ التي تزاؿ متشحة بالسواد ، لكف المقاء أثر بالسمب عمى األـ والبنت معا ، ففيما ازدادت صدمة البنت وقد عممت بوفاة أبييا تعاظمت لوعة األ

و اإلنييار ، ولـ يستطيعوا أف فأصاب األخرى ما يشب. . ىاليا أف تجد ابنتيا فقدت العقؿ وانقمبت في تصرفاتيا وشكميا أسوأ مف المجانيف ! يخرجوىا مف الفرع إال شحطا

!وتكممت ىالة اف وانتيت المقابمة ، ولكف عذاب المسكينة وتعذيبيا لـ ينتو ، فبعد فترة مف الزماف وكاف قد انقض عمى وجودىا معنا حوالي الثبلثة أشير ك

بسيا وحممت حقيبتيا ووضعت غطاء صبلة عمى رأسيا وركضت ببل مقدمات باب الميجع مفتوحا لمتنفس ، فما وجدناىا إال وقد ارتدت مبلوركض بقية العناصر فأمسكوا بيا . . فمما رآىا السجاف ىيثـ اندفع وراءىا يريد اإلمساؾ بيا فزلقت قدمو ووقع عمى قفاه . . خارج الميجع

ودخؿ ابراىيـ وقد ! رايحة أحضر عيد ميبلد أمي . . د ميبلد أمي عي9 إلى أيف كنت ذاىبة ؟ قالت 9 فسألتيا الحاجة. لى الميجع !وأعادوىا التأـ منيا بشكؿ كبير وكانت جالسة عمى األرض مثمما ألقاىا العناصر فصفعيا عمى وجييا صفعة خبطت رأسيا مرتيف في الجدار،ثـ أمسؾ

ونحف كمنا . . ثـ يدير يدىا أكثر ويصفعيا . . ويصفعيا . . وبدأ يمؼ يدىا وراء ظيرىا . . . تريديف أف تخدعيننا وتيربي يا 9 بياوىويصيح وعمى ىذه الحاؿ ظمت ىالة تتعذب وتعذبنا لعذابيا ! فبل ىو يرحميا وال وىى بيف يديو تتمقى العذاب تنبس ببنت شفة . . نصيح ونستغيث

فؤلحاوؿ معيا مف 9 قد طالت جدا فقمت لنفسي حتى كانت أوؿ مرة تكممت فييا معي حينما كانت مستمقية ذات مرة ، فبلحظت أف أظافرىا اسمي . .اسمي عمى كسمي -9 ما اسمؾ ؟ ففوجئت بيا تجيبني بصوت كأنما ىو قادـ مف عالـ اخر . . قولي لي يا أختي -9 وسألتيا. جديد

ما رأيؾ أف أقص -9 ع ومكذبة وسألتيا مف ثـ وأنا بيف مصدقة لما أسم! . حكييت . . حكت . . حجة 9 انتفضت وأنا أصيح ! مخبا بنسمي

Page 30: خمس دقائق وحسب

لؾ أظافرؾ ؟ ومددت يدي أحاوؿ أف أمسؾ بأصابعيا فما وجدتيا إال وقد نترتيـ مف بيف يدي نترا قطعني مف الرعب ، فانكمشت عمى طرؼ لشباب وجدت المكاف أوسع وفي مرة تالية أردنا أف نحمميا ثانية فقمنا لعمنا إذا أخرجناىا إلى حمامات ا! وألغيت الفكرة وما عاودت اإلقتراب

ولـ تمبث أف انفجرت في ! إلى أيف أنتـ تأخذونني ؟ إلى التمفزيوف -9 سألت . . فتستجيب بسيولة ، فمما أخرجناىا وأخذنا معنا بقجة ثياب أفعؿ حتى تخمع لي ىذه لف9 سألتيا أف تتحمـ 9 وفيما بعد وعندما بدأت تتقبؿ فكرة الحماـ قالت لمحاجة عندما! الصراخ والبكاء فأرجعناىا

أناعندي ثوب واهلل أرسمو أىمي لي ومامسستو . . لكنيا إذا فعمت فميس لديياثوب آخرتمبسو -! فقالت ليا الحاجة. مشيرة إلى ماجدة .ثوبياعؿ وكررت طمبيا لثوب ولـ تكف الحاجة قد لبستو مف قبؿ بالفعؿ فأخرجتو خصيصا ليا لعميا تقبؿ بو ،لكنيالـ تف. . 9 أولبستو وىوغالي عمي

! وقامت الحاجة فأعطت ماجدة بدورىا الثوب الجديد.. ماجدة، فخمعتو ماجدة ليا اخراألمر

األحمر ممنوع والماء مرفوضوكاف مماالحظناه عمى ىالة أنياتخاؼ كؿ شيء أحمرالموف وتنفرمنو فعندماكانت تشاىد ضوءسخاف الحماـ األحمركنا نحس بيمعيا وتوترىا

وكانت ماجدة تضع حمقا عمى شكؿ وردة فيو حجرة صغيرة حمراء ،فكانت ىالة تحممؽ فيو أيضا وترتسـ . . ثيرشيئا بأعصابيا ال نعممو وكأنو يفكانت . وكانت عائشة تضع نظارات طبية ،. فقمنا وغطينا الزر بكيس ورؽ ، وخمعت ماجدة حمقيا وأخفتو . . عمى وجييا معالـ الخوؼ

لى صورتيا المرتسمة عمى زجاج النظارات وال تمؿ ..ارات فترة طويمةىالة تحممؽ في النظ وتظؿ تدنومف وجييا وتبتعدوتعودفتدنوتنظركمايبدوا ." مف حنفية الحماـ حيث نشرب كمنا،فنظرت إليناىكذاجميعاوقالت بترفع! فمؤلنا ليا كأسا . . وبعد فترة وىكذا ببل مقدمات قالت إنيا عطشى

سنأتي لؾ بأحسف كأس ماء في السجف كمو وطرقت الباب فجاء أبو عادؿ يسأؿ . . طيب 9فقالت ليا الحاجة ! ثاني ىؿ يسقي أحد بولو لم-الماء الذي 9 أاليوجدلديكـ ماء؟ فأجابتو الحاجة 9قاؿ مستغربا -. تريد أف تشرب . . ما األمر، فقالت لو الحاجة نريد كأس ماء لمست ىالة

ىذا وسخ وبصقت فيو فسألتو الحاجة أف 9 وأتى ليا بكأس ماء أعطتيا الحاجة إياه ،فنظرت في ثـ فينا وقالت فذىب! لدينا ال يشرب مع ىالة وعادت الحاجة فرجتو أف يجمب لياكأسا آخر فاستجاب أيضا وكأنما اندمج في ىذه . .يأتي بآخرففعؿ ،ولماقدمتو ليا فعمت الشيء نفسو

ومرة أخرى وفي ! فتكررحتى اجتمعت أمامياسبع كاسات مصفوفة بصقت فييا جميعاوماشربت والقطرةلكف الفعؿ تكرر وعاد ! التجربة المثيرة فكانت كؿ واحدة منا تعبرعف . . إحدى جمسات التسمية كنانمثؿ عمى أننا مثؿ البلجئيف الفمسطينييف نرسؿ سبلمات ألىمنا عبر الراديو

ا أى أنؾ .إيش عـ تعممي ىمؽ . . يا حنونتي . . أىدي سبلمي إلى أمي -تقوؿ مشاعرىا وأشواقيا بيذه الطريقة ، فكانت الحاجة رياضأال تريديف أف . . ىالة -9 فسألناىامرة. .أثرىا! فتبدأ المناحة ويبدأ الكؿ في البكاءعمى . . وتنخرط في البكاء . . جالسة تنشقي وتبكي

ومضت بيا -.توحيدربي "فماوجدناىا إالوقدانبمقت مرة واحدة تنشد. نشدي لنانشيداأ. .ىياىالة 9 تشاركي معنا في اإلذاعة؟ وقالت ليا أـ شيماءأغمؽ الطاقة واذىب . . دعنا اآلف بحالنا 9 ما ىذا؟ عامميف مولد نبوي فقالت لو الحاجة 9 فما توقفت حتى نياية النشيد وجاء السجاف وقاؿ

مسنا نحمداهلل أنيا نطقت وكسرت عف نفسيا حاجز الصمت آخراألمر وكأننا بفرحتنا بكبلميا قد ولد لنا أوؿ مولود، فج. اآلف

محاولة اإلنتحاروبدأت ىالة تتحسف شيئا فشيئاحتى رجعت لطبيعتيا بعد حوالى ثمانية أشير مف المعاناة، وعندما كنا نحدثيا عف حالتيا فيما . .ومضت األياـ

وأما قصتيا كما قصتيا . . وما عادت وعت شيئا . . دمشؽ -ريؽ البلذقية بعد كانت تقوؿ إنيا ما أحست بأي شيء بعد ما كانت عمى طكانت ىالة طالبة مف أسرة متدينة تدرس في كمية العمـو في مدينتيا بالبلذقية، وكاف ليا ابف 9 عمينا بعد ذلؾ وسبب صدمتو فكانت كالتالي

ظائفو وفيـ دروس الرياضيات التي تستعصي عميو ، والذي خاؿ في صفو العاشر أو الحادي عشر يعتمد عمييا بعض المرات في حؿ و وأثناء التيحقيؽ معو كاف السؤاؿ التقميدي ليذا . . يبدوأف ىذا الشاب كاف مرتبطا مع مجموعة مف الشباب اعتقؿ أحدىـ فدؿ عميو فاعتقموه

تنظيمي ،لكف الفتى لبراءتو ذكرليـ اسـ ىالة ألنيا مف الذي يدرسؾ ويعممؾ ؟ وكاف القصد مف السؤاؿ الوصوؿ إلى مسؤولو ال9 الشاب الصغيرومع التعذيب الوحشي حاوؿ . . ثـ مزقوا عنيا مبلبسيا . . فأحضروىا إلى التحقيؽ فكبموا أيدييا وأرجميا ! تدرسو الرياضيات والفيزياء بالفعؿ

لقوىا وحيدة في غرفة ميجورة تصفرالريح فييا فتجعميا ثـ أ. . رئيس الفرع الذي يحقؽ معيا وعنصراف أو ثبلثة اخروف معو اإلعتداء عمييا والعدواف الذي . .والعناصرتروح وتجيء خارج المكاف فتوقع مع الرعب الذي يمؼ األجواء ويمفيا . . ويعركيا البرد القارس فترتجؼ . . تنتفض

أنيـ فى كؿ لحظو سيدخموف عمييا ليعتدوا مف جديد تتوقع. . ومف كثرة ماأخذوىا وأعادوىا إلى التحقيؽ . . استيدؼ أشرؼ ما في حياتيا

Page 31: خمس دقائق وحسب

وقامت وىي ال تكادتعي فقطعت بيا . .وفى وسط دوامو الذعر ىذه وجدت ىالة قطعة زجاج أو حديد صدئة في الغرفة ظنت أنيا حبؿ النجاة فأسعفوىا . . دوىا عمى آخر نفس وظمت تنزؼ وىـ اليشعروف بياحتى حاف وقت التحقيؽ معيا مف جديد فوج. . شريانيا لتنيي المأساة

. وبينماىي في الطريؽ بدأت تصحومف غيبوبتيا فوجدت ابف خالتياخمفيا في السيارة مع عددآخرمف أصدقائو األياـ . . ونقموىا إلى دمشؽ ياىا إلى اإلعداـ، فأصابتي. " . " " تعرفيـ جميعا، ا صدمة نفسية أفقدتيا القدرة ووجدت نفسيا البنت الوحيدة بينيـ فظنت أنيـ يقتادونيـ وا

ى عمى الكبلـ ولـ تعدتستوعب بسببياما الذي يدور،وبعد شيرمف المبيت في المنفردده لـ يكفوا فيو عف تعذيبيا والتحقيؽ معيا وصمت اليناعم ىذه الحاؿ

أوالدى حارقين قمبىيد مف النزيبلت الجدد كانت أـ محمود حميمو التاليو فى واستمرالحاؿ مف سيء إلى أسوأ،واستمرميجعنا الذي غص حتىالثمالو يستقبؿ المز

عاما مف قرية حريتاف قرب حمب ، وزوجيا صباب بيتوف مف قرية 24الترتيب بعد دفعة الحاجو رياض وأـ محمود ىذه سيده قرويو عمرىاوالذي يبدوأف زوجيا بنى في بيتو مخبأ . عممة وىى مف الفبلحات الذكيات والواعيات جدا فبليظنيا المرء إال دارسة ومت. . أخرى اسميا حياف

بيت لممبلحقيف مف أبناء منطقتو وآواىـ فيو ثـ أكتشؼ المخابرات األمر فأمسكوا بو ولكنيـ لـ يكتشفوا مكاف القاعده فكمف عناصر منيـ في الكوا مع رجاؿ المخابرات الموجوديف فقتموىـ وفروا بوجودأـ محمود وأوالدىا الخمسة ، فمما طاؿ مكوثيـ خرج الشباب المبلحقوف مف المخبأ واشتب

فمـ يعد ليذه المرأه المسكينو بد مف اليرب فحممت مف استطاعت حممو مف األطفاؿ وسحبت البقيو فى منتصؼ ليمو مثمجو واتجيت الى بيت ا ما حدث خبلؿ ذلؾ ، فمما لـ يجدوىا في البيت ويبدوأف الخابرات اكتشفو . . اىميا فى القريو المجاوره وليس ثمو مف وسيمة لمنجاة إال المسير

. ر تتبعوىا إلى بيت أىميا وألقواالقبض عمييا ىناؾ ، واتيموىا بأنيا كانت عمى معرفة بالقاعدة وأنيا تسترت عمييا وساعدت عمى قتؿ العناصجنيا ال تستطيع أف تحركيا بشكؿ طبيعي ، فنقموىا إلى األمف السياسي بحمب وىناؾ أذاقوىا أشد العذاب حتى كسرت يدىا وظمت طواؿ س.

وبعد شيريف أو ثبلثة أتوا بيا إلى كفر سوسة وأعادوا التحقيؽ معيا مف جديد فنكرت معرفتيا بأي شيء ، . . كما كسروا عظمة أنفيا أيضا سنوات 8و 3طفاؿ الخمسة وىـ بيف وغالب الظف أنيـ أعدموا الزوج في تدمر ، فيما بقي األ. وقالت أف زوجيا بنى البيت ولـ تكف موجودة

. أوالدي حارقيف قمبي مف جوه -9 فبل تفتأ المسكينة تردد . . مف العمر مع أبوييا العجوزيف ، فكاف ذلؾ أكثر ما يؤلميا ويؤرقة ىا باستمرار . مف قطنا 73ولـ يفرج عف أـ محمود إال عاـ . . وتدمع عيناىا دوف أف تبكي كباقي النساء .

!ورىينات . يس وعميال تجواسالصغرى اسميا . . ومف شركاء الميجع أيضانزلت عمينا ذات يـو امرأتاف شقيقتاف مسيحيتاف مف حمب متيمتاف بالتجسس لصالح اسرائيؿ

رج في سنة ومتزوجة مف عموي مف القرداحة اسمو زىير كاف ىو زعيـ الشبكة ، وأختيا أـ جو 24جورجيت ويسمونيا مارييت أحيانا عمرىا وعمى الرغـ مف الفترة الطويمة التي أمضتيا األختاف معنا في الميجع نفسو . الستينات مف العمر وزوجيا عموي أيضا وىو مساعد في الشرطة

ولقد . إال أننا لـ نستطع اإللماـ بحقيقة القصة التي وراءىما لحرصيما وتكتميما الشديد ، وألف القصة كما بمغتنا بعض أطرافيا معقدة جدا وكانوا في البداية يأخذوف جورجيت كؿ يـو إلى . . أحضروا األختيف في البداية مع زوج مارييت ، وعمى أثر ذلؾ اعتقؿ عدد كبير مف الشبكة

التعذيب فيضج الفرع كمو مف صراخيا والتعود اال عمى آخر نفس ، وكانت عائشة تجمس فتمسد ليا أرجميا المزرقة بالماء الساخف وتربط لياالمساج بكؿ طيب خاطر ، حتى إذا ىدأت اآلالـ عمييا انتفضت كالجنية ومضت "الجراح وتشد الكدمات بشاشيات البنات ، وتظؿ تعمؿ ليا

كيؼ كنت -9 وعندما سألتيا الحاجة مديحة مرة ! وتستغرؽ في المعب بكؿ عقميا وكأف شيئا لـ يكف . . تمعب الورؽ مع الشيوعيات األخريات وبينما لـ تكف األختاف تتكمماف الكثير عف وضعيما في البداية إال أف أـ ! أنا أربح مف الطرفيف 9 قميؿ واآلف ربحت ؟ أجابتيا تصيحيف مف

ىا جورج بدأت عندما اجتمعنا ثانية في قطنا تتكمـ عف شقيقتيا جورجيت وتتيميا بأنيا كانت سبب وقوعيا وتدعو عمييا أف يحرقيا اهلل في قبر ا بؿ نقمنا إلى قطنا قد أتوا ونقموا األختيف إلى سجف المزة فأعدموا جورجيت بعدما أمسكوا بقية الشبكة وأعادوا أختيا إلى قطنا لنمتقييوكانوا ق!

ومف السجينات البلتي شاركننا الميجع مف غير اإلتجاه الذي . ثانية ىناؾ ، وىناؾ سمعنا أيضا نبأ إعداـ زوجيا مف راديو صوت لبناف األخت الكبرى اسميا كاميميا 71عميو كانت أختاف أيضا مف أرمف حمب مف تنظيـ معارض مواؿ لمعراؽ أتوا بيما مع بدايات عاـ صنفونا

أثناء عودتيما مف العراؽ ولكنيما لـ تكونا تتكمماف عف قصتيما ولـ تعذبا ، 70والصغرى جميمة ، وكانت ىذه حامبل عند اعتقاليما اخر

Page 32: خمس دقائق وحسب

كذلؾ أحضروا وبشكؿ عابر سيدة مف حمص مف بيت النشواني اعتقموىا . وبقيتا إلى أف نقمنا إلى قطنا ، وخرجتا بعد نقمنا وعاشتا مثمما عشنا رىينة عف زوجيا الذي ىرب وأتوا بيا إلى كفر سوسة ، ولكف ىذه السيدة لـ تبؽ كثيرا ألف ليا ابف عـ رائد في مخابرات البلذقية سارع في

. التوسط لئلفراج عنيا

!شتائم. . العالج الصحى لكف الحسرة لـ تكف . . كانت ظروؼ السجف وافتقاد أولويات اإلحتياجات الصحية والغذائية سببا إلصابة الكثيرات منا بأمراض وعمؿ متعددة

في بداية " زنطارية" فبعدما أصابتني كأكثر النزيبلت. . باإلصابة قدر ما كانت مف طريقة العبلج التخصصي لدى إدارة السجف ومسئوليو واشتد األلـ واألعراض عمي حتى صرت . . قدومي وتخمصت ظاىر األمر منيا لـ ألبث أف بدأت أحس آالما في معدتي تتزايد باستمرار

وصارت وباقي البنات يحاولف تخير غذاء. . وسرعاف ما شخصت عائشة حالتي بالقرحة . . أستفرغ دما وال أكاد أستسيغ تناوؿ أي طعاـ ووصمت . . لكف األمر ازداد سوءا بانعداـ الغذاء الصحي وتراكـ اإلنفعاالت والحسرات . . صحي مناسب لي مف ىذا الذي كاف ينالنا منيـ

فاستدعاني متكرما ببعض مف وقتو الثميف ، . . آالمي مرحمة متقدمة ، فقدمنا طمبا لممقدـ نشرح فيو حالتي ونطمب فيو غذاء يناسب المرض ولقد شاعت بيننا ! ثـ أعادني أسوأ حاال مما أتيت " . . المجـر "قدمو لي وقتيا أف أسمعني محاضرة مطولة حافمة بالشتائـ عف أخي كؿ ما

كذلؾ إصابات فقر الدـ وتسوس األسناف ، وذات مرة اشتد عمى أـ شيماء النخر في ضرسيا فسألتيـ أف يعطوىا مسكنا فمـ يجيبوا طمبيا ، ع تعاظـ األلـ في اإللحاح ، وصارت البنات تمح في السؤاؿ معيا وقد كادت تموت بالفعؿ مف األلـ ، وأخيرا أخذوىا إلي لكنيا استمرت م

فمقد قيدوىا وعصبوا عينييا ونقموىا بالسيارة المخصصة لنقؿ المساجيف إليو ، وىناؾ ومف غير مخدر ! طبيب لـ تدر مف ىو أو أيف كاف إوأجرى ليا في جمسة واحدة جراحة في فكيا الذي أصابو اإللتياب ووصؿ التسوس فيو إلى العظـ ، فعادت بألـ خمع ىذا الطبيب ليا الضرس

كذلؾ أصيبت كثير مف البنات بنقص في الكمس تسبب لرغداء بدوخة مزمنة ، حتى أنيا عندما . أشد ومعاناة استمرت معيا لفترة غير قميمة . . ـ تستطع فسقطت عمى األرض وارتطـ رأسيا بالجدار وأسرعت البنات فحممنيا مف مكانيا حمبل أرادت أف تنيض مف التواليت ذات مرة ل

! وكذلؾ بدأنا نفعؿ بقشر البطاطا إذا وصمتنا ! ندقو ليصبح ناعما كالطحيف ونستفو . . ومف حينيا بدأنا نأكؿ قشر البيض الذي نحصؿ عميو في أحياف نادرة باستخداـ غبلية كيربائية لتسخيف بعض الماء ، وكاف بعضيـ يمف عمينا ومع مرور األياـ بدأ بعض العناصر يسمحوف لنا

لطيي الطعاـ أو تسخينو ، فكنا إذا " البابور"ببقايا الشاي الذي شربوه فنسخنو مف جديد ونشربو ، وفي فترة الحقة استطعنا أف نستعير منيـ وكانوا يأتوف بفروج واحد لمميجع كؿ أسبوع . عمى النار ببل أية إضافات عمى األغمب حصمنا عمى بقايا الفروج المخصص لنا فتتناه ولوحناه

سجينة اخر األمر بأف نفرطو كمو ونفتتو كالخيطاف ونضع عميو 03فيستؿ العناصر منو القطع المذيذة ويرسموف البقايا لنا ، فنتوزعو وقد بمغنا ؼ ممعقة منو تفردىا عمى الخبز وتمفو بغطاء اخر مف الخبز وتتناولو ممتذة وىي تجيد في بعض البيار ونتوزعو بالممعقة ، فتناؿ واحدتنا نص

! تخيؿ أف ما تمضغو االف لحـ دجاج بالفعؿ

!عقوبات حسب المزاج ذي كنا نكاد نختنؽ ففي الوقت ال. . وعمى الرغـ مف سوء حالنا وشدة معاناتنا إال أف حياة السجناء الشباب بالمقارنة معنا كانت جحيعا بالفعؿ

مف ضيؽ المكاف حينما بدأ عددنا في الميجع يزيد عمى بضعة عشر امرأة كانوا يحشروف حوالي الخمسيف مف الشباب في الميجع الواحد فبل وكاف ! ـ ذلؾ النـو يجدوف حتى النفس الكافي أثناء النيار ، واذا ناموا ال يممكوا لضيؽ المكاف إال أف يرفعوا أرجميـ عمى الجدار ويتناوبوف برغ

ىناؾ عنصر يتجوؿ أماـ المياجع باستمرار ، فإذا سمع أدنى حركة مف داخؿ الميجع ضرب الباب الحديدي بالكابؿ الذي معو وصرخ فييـ جو وىواه ويظؿ يذىب ويجيء في الميؿ و الطاقات مفتوحة عمييـ ، فإذا شاىد أحدا يتمتـ أو يتقمب فالعقوبة حسب ما يقتضيو مزا. . ليخرسوا . أفيقوا االف . . ناموا اآلف 9 وكاف كؿ عنصر يتحكـ فييـ حسب مزاجو ! أبسطيا السباب والشتيمة وغالبيا الفمؽ في منتصؼ الميؿ . . ليمتيا

صبلتيـ وفي اخر األمر لـ تعد تفرؽ مع الشباب فصاروا يقفوا ويصموا جماعة ويجيروا بيا حتى يصؿ" . . الخط "أو موعد . . اآلف طعاـ . ال مرت بسبلـ ! لدرجة أف الحاجة كانت تقتدي بيـ بعض األحياف . . وتكبيراتيـ إلينا ! فإذا سمعيـ العناصر نالوا نصيبيـ برضا وتسميـ وا

تائـ وطمب الخروج ثانية لمحماـ ، فكاف الجواب األوؿ ش" الخط "وأذكر أف واحدا مف الميجع المجاور لنا عاد ذات مرة بعدما أخرجوىـ إلى مقذعة ، لكف الشاب كاف كما يبدو محتاجا لمذىاب بالفعؿ فعاد يرجو العنصر ويسألو اإلذف مف جديد ، فجاءه ذاؾ وأخرجو مع أبشع المسبات

Page 33: خمس دقائق وحسب

يش عمؿ ؟ إي واهلل م9 والشتائـ واقتاده أماـ ميجعنا وجعؿ يضربو ويضربو وال يتوقؼ ، وفي آخر األمر دقت الحاجة الباب تقوؿ لو ا إي خيوا وأما خروج الشباب لئلغتساؿ فكاف ! أليس بني ادـ أيضا ! إي حضرت جنابؾ بتطمع في اليـو عشريف مرة . . بدو يطمع عمى الحماـ ! كفر

كانوا يخرجوف سكاف الميجع مجموعة بعد أخرى ، فكاف إذا ضرب عمى الباب بالكابؿ أو بالعصا ضربتيف وخاصة ياسيف فمعناه . عذابا آخر وأظف . . فكاف المساكيف يدخموف بثيابيـ وال يكادوف يفتحوف الدوش عمييـ حتى تحيف إشارة اإلنتياء ! جميع جاىزيف في الخارج أف يكوف ال

فكاف . . كذلؾ كانت الحبلقة إحدى عذابات الشباب الدورية التي ال بد منيا ! بعضيـ لـ يكف يتحمـ تفضيبل منو السبلمة عمى النظافة يتربع ىو عمى الكرسي ليمر الشباب واحدا بعد اآلخر بيف يديو راكعيف عمى ركبيـ ، فيتناوؿ رأس الواحد منيـ وكأنو العنصر الموكؿ بذلؾ

والشاب المسكيف ال يجد فرصة لمتأوه أو التشكي ألنو . . دابة بيف يديو ويمر باآللة عميو ال يبالي جرح لو خدا أو شج لو رأسا أو أصاب عينا وأما نحف فقد عفينا مف الحبلقة وهلل الحمد ، ولكف انعداـ النظافة ! ذاب وخص بفمقة أو لسعة كبؿ ىو في غنى عنيا إف فعؿ ضوعؼ لو الع

وقمة الماء جعؿ شعورنا التي طالت مشكمة وعبئا عمينا ، خاصة وأف صغر السخاف لـ يكف يتيح ألكثر مف واحدة باإلستحماـ كؿ يـو ، لى انتظار ثيابيا لتجؼ فتمبسيا . . ف يضطرنا لمبقاء فييا فترات طويمة وصعوبة الغسيؿ مع قمة المبلبس كا وكثيرا ما كانت واحدتنا تضطرا

وحتى تجؼ كنا ننشرىا عمى حبؿ مطاط أخرجناه مف إحدى قطع المبلبس التي معنا ، لكف صغر الغرفة وكثرة نزالئيا كاف يكثؼ األ . . ثانية ! لمتكثفة تنقط فوقنا ، وليس لنا مف حيمة حياليا إال الصبر واإلحتساب نفاس عمى رطوبة الثوب فتبدأ القطرات ا

!والسل ... والقمل ... الدم كاف ابراىيـ يأتي في نوبتو فيتفقد النافذة التي في الجدار فييز قضبانيا ! ومف برامج السجف الدورية كاف التفتيش عمى أمف الميجع كؿ أسبوع

ماذا يمكف أف يحدث في رأيؾ ؟ ىؿ يمكننا 9 سيا بسوء ، فتصيح بو الحاجة دوف أف تتمكف مف ضبط نفسياالحديدية ويتأكد أف أحدا لـ يمفيـو تعقيـ . . الوحيد " الوقائي "لكف ذلؾ لـ يكف اإلزعاج ! وينبغي أف أنفذىا . . إنيا األوامر 9 فيجيبيا ببرود ! نحف النساء أف نخمعو مثبل

فقد كانوا يجمعوف بطانيات المياجع كميا وال ندري ! كاف يـو عذاب شنيع آخر لنا -لعامة كما يفترض حفاظا عمى الصحة ا -البطانيات لكف األمر كاف أشد رىبة وأسوأ وقعا حينما . . بماذا يجمعونيا ثـ يعيدونيا رطبة إلينا ورائحتيا تعـ السجف كمو حتى نكاد ختنؽ بالفعؿ منيا

فبعد شيريف تقريبا مف دخولنا السجف انتشر القمؿ بيف السجناء دوف أف يصيبنا ىذه المرة ، لكنيـ ! ت تنتشر األوبئة واألمراض أو الحشراومع ذلؾ ! دخموا ميجعنا ورشوا المبيد ونحف فيو بالطبع فقط عمى سبيؿ اإلحتياط ، فصرنا نتقيؤ كمنا وال نكاد نقوى عمى التنفس لساعات

ف كانوا ينادونيـ واحدا بعد اآلخر إلى طاقة الميجع أو الزنزانة ويأمرونيـ أف يمدوا رؤوسيـ منيا وجدنا ببلءنا أخؼ مما نزؿ بالشباب الذيمساجيف ليغرقوا الرأس كمو بالمبيد وبعد سنة تقريبا واشتداد العذاب وانعداـ أبسط اإلحتياجات الغذائية والصحية انتشر السؿ ىذه المرة بيف ال

يعكز بعضيـ بعضا أو يحمموف مف شارؼ " الخط "ليـ في جوؼ الميؿ أو نراىـ عند خروجيـ إلى المساكيف ، فكنا نحسيـ مف صوت سعاوأذكر أنني كاف دوري مساء أحد األياـ لرمي القمامة كالعادة في المطبخ ، وكاف ابراىيـ قد فتح الباب . منيـ عمى النياية حمبل إلى الحماـ

لكنني لـ أرد ودخمت بالقمامة ألرمييا ، ! واهلل ىذه حبلؿ تدخؿ بقمبؾ -9 وؿ لي مف غيرسبب لي وسبقني إلى المطبخ ، فوجدتو وبيده سكيف يقإلى 9 فقاؿ لو ابراىيـ ! سيدي مات 9 فمما أصبحت في الداخؿ وجدت حسيف قادما دوف أف يراني وبيده طاسة الطعاـ ممموءة بالدـ يقوؿ لو

فمما عدت إلى ميجعنا نظرت بعد قميؿ مف شؽ الطاقة فوجدتيـ يحمموف أحد . نفعؿ أغمؽ عميو باب المنفردة اآلف لنرى ماذا . . جينـ منفردة الشباب ميتا بالفعؿ وينقمونو مف المنفردة حيث كاف ، وحكيت ما جرى لمبنات فقالت الحاجة أنيا رأتيـ ينقمونو باألمس مف الميجع إلى ال

. . العناصر فجعمت الحاجة تستدرجو كعادتيا وسألتو عف ىذا الشاب الذي مات ولـ يمبث أف حضر أحد . . ويكاد مف ضعفو يحممونو حمبل ! بمرض السؿ . . فأجابيا اخر األمرأنو مات ميتة طبيعية

!الشياه والجزار ذا كانت صور المرض ومشاىد أياـ انتشار األوبئة مؤلمة ال ريب فإف مما ال يمكف نسيانو مشاىد الذيف ماتوا تحت التعذيب أو أولئؾ الذيف وا

فذات ليمة أطفأوا األ نوار فجأة وأغمقوا الطاقات ولف يبؽ منيرا إال ضوء الممر الذي مكننا أف ! كاف الموت أكثر راحة ليـ ربما مف العذاب ا حدث ، لكف ولـ تفمح الحاجة وال أحد سواىا ىذه المرة في معرفة م. . نراىـ يحمموف جثة شاب يمبس طقما وكرافة ويرمونيا في المنفردة

وفي مرة غيرىا رأيناىـ وقد أحضروا أحد القروييف وقد عروه مف ثيابو كميا ووقفت مجموعة مف . األرجح أنو مات ليمتيا تحت التعذيب

Page 34: خمس دقائق وحسب

العناصر في أوؿ الممر ومجموعة غيرىـ في آخره وجعموا يمسعونو بادئ األمر بالكاببلت والخيزراف ويأمرونو بالجري بينيـ جيئة وذىابا ونحف نتابع ما -ثـ اقتادوه . . وىكذا حتى أنيكوه . . ويحممونو أف يضع يديو فوؽ رأسو ، وكاف األمر لو أف يسرع مرة وأف يبطىء أخرى

. . إلى الحمامات ، فكانوا يفتحوف الماء البارد عميو لوىمة ثـ يحولونو إلى الساخف مرة -يجري مف خبلؿ شؽ الطاقة أو مف تتبع الصوت ! يف بيف يدييـ ال حوؿ لو وال قوة يصيح ويولوؿ كالشاة بيف يدي الجزاروالمسك

!عممية تجميل وىستيرياازدادت عمميات التعذيب في الفرع حتى صرنا نحف الذيف نسمع األصوات فقط -التي لـ نعمـ عنيا بالطبع وقتذاؾ -وتزامنا مع أحداث حماة

إلى درجة أف الحاجة مديحة قالت ليـ آخر األمر ترجوىـ أف ينقمونا إلى ميجع آخر بعيد بعض الشيء عف غرفة . . نستجير مف ىوليا وكثيرا ما صرنا نراىـ يسحبوف الشاب محطما . . وبمقدار ما كاف التعذيب يشتد كاف عدد الضحايا في ازدياد ! لـ نعد نحتمؿ التعذيب ألننا

وال أزاؿ أذكر كيؼ أخرجوا أحد ىؤالء المساكيف مف غرفة التعذيب وألقوه أماـ . . أو ميتا فيمفونو بالبطانيات ويأخذونو إلى حيث لـ نكف نعمـ فجعؿ ىذا المسكيف وقد تدلى لسانو والدـ يغطي جسده كمو يسأليـ جرعة ماء وال مف . . ليفسحوا مكانا لغيره حتى يتذوؽ األىواؿ باب ميجعنا

ولقد تسببت وحشية التعذيب في . فمما طاؿ بو األمرأرقنا لو مف تحت الباب بعض الماء فجعؿ يمعقو بمسانو لعقا مف عمى األرض . . مجيب وأذكر أف واحدا مف ىؤالء كاف نزيؿ الميجع الذي يجاورنا ، فكنا . . قميؿ مف السجناء باإلنييارات العصبية واليستيريا إصابة عدد غير

ولقد أتى . نسمعو ينخرط في نوبة ضحؾ مفاجئة حتى ال يكاد يتوقؼ ، أو ينشج بالبكاء فيعـ الحزف الميجع كمو وىو عمى ىذه الحاؿ ألياـ -وكانت الحاجة مديحة تستخدمو أحيانا لعبلج رجفة أصابتيا بسبب تعذيب الكيرباء -لونا إف كاف لدينا حبا ميدئا العناصر مرة إلينا وسأ

ىناؾ واحد بعيد عنؾ معو ىستيريا بكاء حتى أقمؽ لنا نومنا 9 وماذا ىناؾ؟ مف ىستر منكـ ؟ فقاؿ ليا 9 فسألتو كعادتيا بيف المزاح والجدبت شابا اخر ىستيريا الضحؾ حتى كأنما فقد عقمو ، فرأيتيـ مف شؽ الطاقة أخرجونو إلى الممر وخمعوا عنو وفي مرة أخرى أصا! ببكائو

. ثيابو وأجمسوه عمى الدرج وجعموا كمما ىدأ أزوه ليضحؾ فينفجروف بضحكاتيـ الفاجرة ال يراعوف قيمة إلنسانية أو حرمة لضعؼ وال مرض . تفجير اآلمرية الجوية بدمشؽ عندما قرعوا عمينا الباب وسألونا إف كاف لدينا قمـ كحؿ أو أصبع حمرة ومف المشاىد التي ال تنسى أيضا ليمة

. . لعؿ وعسى 9 قاؿ العنصر! مف أيف لنا بالكحؿ والحمرة في ىذا المكاف ! وىؿ ترانا جاييف مف عرس أبوي -9 قالت لو الحاجة مستغربة . ورأيناىـ وقد . . ا مف زنزانتو وأجمسوه قريبا مف باب ميجعنا ، فرأينا آثار التعذيب تممؤ وجيو وجسده ولـ يمبثوا أف أخرجوا شاب. . ثـ مضى

وبوسائميا الخاصة . . لو " مكياج "التفوا حولو يحاولوف إخفاء ما أمكف مف آثار التعذيب عف وجيو وعمؿ . . كبموه مف يديو ورجميو بالكرسي ! اآلمرية قد ضربت وقتيا ، وأنيـ أرادوا أف يخرجوه في تمؾ الميمة ليعترؼ بشيء يريدونو عمى التمفزيوف أيضا فيمت الحاجة مديحة بعدىا أف

!تبييض السجون لكف عذابات الجسد كانت عمى شدتيا تندمؿ ولو بعد حيف ، أما عذاب الروح وقمؽ النفوس فمـ يكف مف . . وتتعدد عذابات السجف وتتنوع

وكاف طبيعيا مقابؿ انعداـ حريتنا وطوؿ معاناتنا أف نتميؼ لمفرج كؿ حيف ، ونتعمؽ باألمؿ ولو كاف قشة ، ويبدو أف . . السيؿ التخمص منو تماما مثمما كانت قدرة العناصر والضباط عمى المعب عمى ىذا . . وقدراتيـ عمى اإلحتماؿ تتفاوت . . حاؿ الناس في ىذا المقاـ مختمؼ

فطالما كاف . . وأكثر مف وقع ضحية الحتيالو وكذبو الحاجتاف . . برع في ىذا أبو رامي رئيس إحدى النوبات ولعؿ أكثر مف! الوتر فائقة و يعدىما بدنو العفو واقتراب يـو اإلفراج فتصدقانو وتمضياف معو ، فإذا تكشؼ كذبو عاد ونسج ليما كذبة جديدة سخرية بيما وتسرية عف نفس

وأتى مرة يتمشى بجانب الميجع فالقى ىذه . . فيي اإلشارة " دقي البابور"رياض يوما أنو إذا قاؿ ليا عبارة وكاف قد أخبر الحاجة! المريضة وتعاود فترسؿ وراءه فبل يأتي ، وانقضت . . وسرعاف ما نيضت الحاجة تدؽ الباب وتستفسر عنو وتسأؿ وىو ال يجيب . . الكممة ومضى

بكؿ تأكيد ، ولكف قبؿ أف تخرجوا أتيت لؾ بكمية مف 01غدا الساعة -9 د ثانية فقاؿ ليا الساعات وىي عمى أعصابيا تترقب حتى عافوافقت المسكينة عمى الفور وجمست والحاجة مديحة تعمبلف فييا طواؿ الميؿ ، فما طمع . الصوؼ وأريدؾ أف تغزلييا لي كنزة قبؿ خروجكـ

وموعدنا . . أريد كنزة أخرى ببل أكماـ ىذه المرة -9 مية أخرى مف الصوؼ وقاؿ ليما فمما استمميا أحضر ك! الصباح حتى كانتا قد أتمتاىا ثـ جمعتا أغراضيما وىيأتا أشياءىما وجمستا . . فجمست المسكينتاف تغزالف فييا حتى أتمتاىا أيضا وأرسمتاىا إليو . . قبؿ الثانية عشرة

ولـ يظير أبو رامي وال جاء العفو فأدركتا المعبو وجعمت . . وانتصؼ الميؿ . . وحؿ المساء . . ومرت الساعة الثانية عشر . . تنتظراف

Page 35: خمس دقائق وحسب

منا الحاجو رياض تدعوعميو وتشكيو الىالميوالمسكينو تكاد مف غيظيا اف تموت وتكررت المعبو ولكف الموعو والمعاناه التى كنا فييا كانت تجعجميعا وجمسنا ننتظر الساعو الثانيو عشرخمؼ الباب لكف الموعد مر وفات ومضى نأمؿ حتى بالوىـ وذات مرىقالوا لنا الشىء نفسو فتجيزنا تأخر الموعد لساعات فقط ألنيـ يشتغموف لكـ باالوراؽ وجاء ظير اليـو الثانى دوف 9اليـو كمو وانقضى الميؿ ولـ يأتى الفرج فاذا سألنا قالوا

ليس ىناؾ خروج االخواف ضربوا أمريو الطيراف بدمشؽ وألغيت الطمعو وأنتـ ىنا خبلص 9 نتيجو فمما عاودنا السؤاؿ فاجأنااحد العناصريقوؿاالف بسبب جريمو االخواف وكمما فعموا شيئا فستدفوف الثمف ولقد كاف مف المضحكات المبكيات فى قصو وعود االفراج الكاذبو الحديث الذى

أجابيا بعد يوميف وكاف كؿ الذى دار فى الخاطر اف التبييض يعنى متى؟ ف9فاندفعت لحاجو رياض تسأؿ بميفو ( تبييض السجوف)سرى عف ف االخبلء والعفو العاـ ولكننا لـ نجدىـ بعد يوميف اال وقد أتوابجرادؿ الدىاف وصبغوا ممرات السجف كميا باالبيض ليغطوا ما تمطخت بو م

نعـ ىا نحف فعبل قد بيضناىا فكانت 9جوف عندكـ ؟ أجاب ىؿ ىذا تبييض الس9دماء السجناءوجنايات السجانيف فقالت ليـ الحاجو بمراره مناسبو جديده جددت فيياالحاجو رياض االحزاف الياـ تاليو وىى تندب وتبكى فبكينا وتحرؾ فينا االحزاف والموعو والجراح

المحكمو الميدانيو عمى رغداء خ ولمى ع وجاء العنصر فأخذىما معا ظنا بادىء كانت قرابو ثمانيو شيور عمى اعتقالنا قد انقضت حينما نادوا فجأه أوؿ ما نادوا

عو االمر أنيا زياره لكف ساعو تمتيا ساعو اخرى مرتا دوف أف نسمع ليما حسا ولـ يمبث العناصر اف اتوا بعد قميؿ وأخذوا واحده ثالثو ورابقط فتصنعى السعاؿ ،واذا كانت غير ذلؾ فبل تفعمى شيئا اذا أنزلوؾ وكانت زياره ف9وعندما وصموا الى السابعو ولـ يعد اى منيف قمنا ليا

ظر وسنفيـ اف االمر مختمؼ فمما أنزلوىا مف الطابؽ العموى الى القبو ثانيو ساقوىا الى غرفو اخرى لكننا شعرنا بقدوميا وتنصتنا جيدا ننتوجدناىـ فجأه وقد أحضروىف جميعا مصفرات الوجوه اشارتيا فمـ تسعؿ ولـ تفعؿ شيئا فتأكد لف أف ىناؾ شيئا ما وبعد ما مرت ساعو أخرى

كانت المحكمو برئاسو النقيب سميماف حبيب وىو (! المحكمو الميدانيو)باديات االضطراب ومف شفاىيف المرتعشو سمعنا الوؿ مره عباره باط آخروف كانوا يعيدوف قراءة ممؼ ضابط مف القرداحو كث الشعر ىزيؿ الجسـ قصير القامو اليكاد يظير مف وراء الطاولو ومعو اربعو ض

كؿ واحده مف البنات عمييا ويسردوف ما ألصؽ بيا مف تيـ واعترافات ويسألونيا اف كانت تقر بما تسمع اـ ال ثـ ما كاناال اف توقع وتمضىت بأف اعترافاتيا اخذت كميا تحت لـ يكف ىناؾ تعذيب وقتيا ولكف التيديدات لـ تنعدـ فعمى سبيؿ المثاؿ وعندما نفت ماجده االتيامات وقال!

ثـ لـ يمبث المقدـ ناصؼ ! اذا لـ تقولى الصدؽ فسأرميؾ مف الشباؾ وأحكـ عميؾ باالعداـ وأحرمؾ شمو النفس9التعذيب قاؿ ليا النقيب حبيبضربؾ أحد ؟ ىؿ اذاؾ أحد انت قمت فى المحكمو باالمس أنيـ عذبوؾ مف ىذا الذى عذبؾ ؟ ىؿ9اف أرسؿ ورائيا فى اليـو التالى وقاؿ ليا

مف ؟ مف عذبؾ ؟ قالت وقد 9 قاؿ ليا مزمجرا . نعـ 9 حقا؟ فقالت لو بارتباؾ وىي تعمـ أنو عذبيا بنفسو وأذاقيا طعـ السياط والخيزراف بيديو ف يممس أحد أحدا أبدا ولكنؾ ال، لـ يعذبؾ أحد ولـ يمسؾ أحد، عندنا ىنا ممنوع أ9فقاؿ ليا بدىاء . . ال أعرؼ 9 تممكيا الخوؼ واإلضطراب

ولـ تكف التيديدات بأقؿ إيبلما مف عبارات السخرية وبذاءة المساف ! وليش حتى تخافي ؟ . . الظاىر أنؾ كنت خايفة جدا ! غير صحيانة صاح فييا رئيس ( عتقميف أحد الم)لدى أعضاء المحكمة ورئيسيا كميـ ، فعندما نفت ماجدة أماميـ اإلتيامات الممفقة عف عبلقتيا بخالد الشيخ

فانفجر الضباط األربعة بالضحؾ الفاجر وأخذوا يتندروف ! ىؿ مف الضروري أف أحكي لؾ ماذا قاؿ خالد الشيخ عف لوف رجميؾ 9 المحكمة ب وتبكي كذلؾ عادت الحاجة رياض مف ىذه المحكمة وىي تند. .عمييا وييزأوف بيا والمسكينة تنتحب بحرقة حتى كادت أف تصاب بانييار

فكانت تبكي مف طيب قمبيا . . أنت الـز ما تخرجي مف السجف وتبقي فيو مثؿ أىؿ الكيؼ 9 ، فمما سألناىا عـ حدث قالت أنو صاح فييا ال وأما ىالة المسكينة فكانت ال تزاؿ مريضة وقتيا ! بكرة انت بتطمعي وأبقى أنا ىنا أسند الحيطاف . . أبوي يا حجة 9 وتقوؿ لمحاجة مديحة

لطيف تعي ما حوليا ورغـ ذلؾ قرروا أف يأخذوىا إلى المحكمة كاألخريات ، فكانوا يسحبونيا كالدابة سحبا لتعود دائما متسخة الثياب معفرة با . الذي كاف يمؤل الدرج والممرات أياميا في فصؿ الشتاء

!و آخر بالعمالة. . عرض بالزواج وحسب انتقمت تؤدي الدور نفسو في سجوف أخرى ، ثـ عادت بعد شيريف لتحاكـ جميع نزيبلت وبعد أف انتيت المجنة مف مقابمة سبع منا

الميجع مف المتيمات باإلنتساب إلى اإلخواف فقط ، فمما أخرجوني أنا إلى المحكمة وقرأوا عمي إضبارة التحقيؽ وما تضمنتو مف اتيامات 9 سألني النقيب بعدىا

Page 36: خمس دقائق وحسب

ما ىي عبلقتؾ بمخمص قنوت ؟ - . ال أعرفو 9 مت ق

أال توجد بينؾ وبينو عبلقة تنظيمية؟ 9 قاؿ .أبدا 9قمت

. لكنو اعترؼ بأنو يعرفؾ 9 فعاد يقوؿ .ىذاغيرصحيح 9قمت

وسرعاف ما . وبالفعؿ فمـ أكف أعرؼ ىذا الشاب وال التقيتو رغـ أنو كاف طبيبا مف أصدقاء أخي ، وىذا كمو مف افتراءات عبد الكريـ رجب ـ يدخموف المسكيف عمينا يسحبونو عمى األرض سحبا وال تزاؿ واضحة عميو اثار الرصاصات التي أصابتو وىو يحاوؿ اليرب أثناء وجدتي

9 القبض عميو ، فمما أدخموه سألو رئيس المحكمة ىؿ تعرفيا ؟ - .ال 9 أجاب - فسألني ؟ ىؿ تعرفيف ىذا الشخص ؟ - .ال 9قمت - ! خذه مف ىنا ، ىذا انتيى أجمو . . ص خبل9 فقاؿ لمذي أحضره -إذا فأنت ال -9 فمما أخرجوه عاد النقيب وسألني . . وبالفعؿ وحسبما سمعت فقد تـ إعدامو فيما بعد في تدمر وكانوا قد أتوا بو مف ىناؾ -

تقريف بالتيـ التي سمعتيا تتمى عميؾ ؟ . ال 9 قمت ىذا الكبلـ وتعترفي بو ؟لماذا ؟ ىؿ أجبرؾ أحد عمى أف تقولي 9 قاؿ

. . أنا لـ أقؿ ىذا الحكي وأكمت قتؿ الدنيا قبؿ أف يكتبوه عمى لساني 9 قمت لو يعني عذبوؾ ؟9 فسألني مبديا استغرابا كاذبا

نعـ عذبوني ،أال تعرؼ ذلؾ ؟9 قمت لو . انظر -9 الميجع يقؼ في الخارج فناداه وقاؿ لو رئيس قسـ التحقيؽ وقتذاؾ والذي أحضرني مف" أبو فارس "وكاف ! ال ، ال أعرؼ 9 قاؿ . . ىذه ورفيقتيا ماجدة بتشكموا ليما مجمس رحمة .

وبعد أربعة أو خمسة أياـ استدعتنا المجنة ثانية أنا وماجدة . وأمرني بالذىاب بعد أف طمب مني التوقيع عمى المحضر الجديد الذي يكتبو النقيب سميماف نفسو أف أحكي لو لمحة عف حياتي ، فتكممت بصفة عامة وأكدت لو أنني لست منظمة بشكؿ منفرد ، وعندما ذىبت طمب مني 9 لو أردنا أف نزوجؾ واحدا بعثيا مف عندنا ىؿ تقبميف ؟ قمت عمى الفور 9 طيب أريد أف أسألؾ سؤاال 9 ونفيت اإلتيامات مف جديد ، فقاؿ لي

أل 9 لماذا ؟ أجبت 9 قاؿ ثانية .. ج مف غير إرادة أىمي وعمميـ ، وثانيا ألنني ال أريد أف أتزوج اآلفألنني أوال ال أتزو 9 لماذا ؟ قمت 9 قاؿ. ال -يقصد مف الشباب -إي واهلل لو أنني أخرجت لؾ اآلف واحد مف تحت 9 فقاؿ بخسة . نني أريد اآلف إكماؿ دراستي والفكرة ليست عمى بالي

ثـ غير دفة الحديث فأشار إلى جريدة كويتية بيف ! إي عمي 9 قاؿ . لكف ىذا الكبلـ غيرصحيح9لو قمت ! بتوافقي عميو برجميؾ قبؿ إيديؾ ولـ أستطع أف أرى شيئا بالطبع ولكنو جعؿ يقرأ لي . . في الكويت والعراؽ . . انظري كيؼ يشحد اإلخواف عميكـ في الخارج 9 يديو وقاؿ لي

فقمت لو . مبالغات وتضخيمات مف ىذا النوع . . ماجدة وأوالدىا كذلؾ بعد أف استشيد زوجيا و . . أف ىبة وزوجيا وأوالدىا في سجوف سوريا ىذا مف غير أف نعرؼ ما الذي انتيى إليو وال األحكاـ التي " مجمس الرحمة"وانتيى ! الحمد هلل أنني ىنا ال أدري ما الذي يجري في الخارج 9

ة بعد قميؿ ، لكنيا سرعاف ما اتجيت إلى فراشيا وجمست وحدىا متقوقعة عمى نفسيا ال وعدت إلى، الميجع لتتبعني ماجد. . صدرت عنو ما الذي جرى 9 سألتيا . . أكاد أف أنفجر . . لـ أعد أستطيع التحمؿ -9 تتكمـ ال تجيب ، ثـ وفي منتصؼ الميؿ نيضت إلي تقوؿ لي بحرقة

ف شاء اهلل 9 قمت . . بأنؾ ما سمعت شيئا منشاف اهلل ال تقولي ألحد ، ولو أحد سألؾ قولي9 ؟ قالت ىذا أبو فارس عرض 9 قالت ! خيرا فمما أدركت ما تعنيو وتعاني . . عمي أف يخرجونني مقابؿ أف أتعامؿ معيـ وأنا لـ أعرؼ بماذا أجيبو فأعطاني ميمة يوميف ألرد لو الجواب

Page 37: خمس دقائق وحسب

فبل . . يكذب عميؾ فقط حتى يرى ردة فعمؾ ويمعب بأعصابؾ وحسب ىو. . ال تجزعي وال تصدقي 9 منو قمت واحتضنتيا وأنا أقوؿ ليا فتأكد ليا أف األمر كاف لعبة . . لـ يفتح أحد الموضوع معيا ولـ يكمميا أبو فارس بشيء . . ومضت األياـ بالفعؿ . تصدقيو وال تيتمي ! وحش ، ونفوس أحط مف أف يحيط بيا وصؼ أو بياف وتأكد لنا جميعا أف ىؤالء القـو ليـ قموب أقسى مف قمب ال. . خسيسة منو وحسب

!التنفس وبعد . . وفي يـو مف األياـ وبعد أكثر مف ثمانية أشير وقد اشتد الكرب وضاقت بالميجع األنفاس وازدحمت الفرش وتبلصقت األكتاؼ

! اـ كؿ بضعة أي. . طمبات عدة جاءنا اإلذف أخيرا بالتنفس مف عشر دقائؽ إلى نصؼ ساعة كاممة كانت ىناؾ باحة خاصة ليذا الغرض في القسـ الجنوبي مف السجف ننزؿ إلييا بأربع أو خمس درجات تحت األرض ، كانوا يقتادوننا إلييا

اسمنتية راف مشيا يرافقنا ثبلثة أو أربعة عناصر وينزلوننا إلييا ، فإذا نظرنا أعمى منا ال نكاد نرى السماء لكثرة ما يحيط بالساحة مف أبنية وجدفوجدناىا وسيمة لئلتصاؿ غير . . وسرعاف ما عممنا أنيـ يخرجوننا أوال ثـ يعيدوننا ليخرج الشباب إلى الساحة نفسيا لمتنفس . . صماء

ووجدناىـ يكتبوف بضع كممات لنا عمى الجدار . . المباشر معيـ خاصة حينما رأت الحاجة رياض توقيع أخييا عمى الجدار وعممت أنو ىناؾ .ىؿ فبلنة موجودة ؟ فكنا نجيب بما نعمـ 9 يسألوف ف

. فعممنا أنو نقؿ إلى تدمر عمى األغمب . . ال 9 وفي مرة تالية سألتيـ الحاجة رياض عف أخييا فكتبوا ورسموا ما . . ال 9 وسألتيـ أنا في مرة غيرىا عف خالد الشيخ الذي طالما سألوني عنو في التحقيؽ وكاف أحد أصدقاء أخي صفواف ، فكتبوا

!يشبو الجمجمة وعظمتيف ، ففيمت أنو أعدـ في وذات مرة ونحف في فترة التنفس نتمشى أنا وماجدة وكنا معا بجانب الجدار فوجئنا برأس يعموه الصابوف يمتد مف نافذة عمى الجدار ثـ يخت

فمما . . دو اغتناـ الفرصة ليتكمـ معنا لكف العنصر لمحو فعاد فعممنا بعد التدقيؽ أنيا نوافذ حمامات الشباب وأف واحدا منيـ حاوؿ كما يب. . ث عرفنا ذلؾ صرنا إذا شعرنا بوجود أحد في الحماـ ذىبت إحدانا إلى العنصر المكمؼ بمراقبتنا لتمييو بالكبلـ ونحاوؿ نحف خبلؿ ذلؾ التحد

وذات مرة فوجئنا بأحدىـ ألقى . ليا أقرباء أو أىالي معتقموف مع السجناء ، فكانت وسيمة مبتكرة لمسؤاؿ عف سجناء نعرفيـ واإلستعبلـ عمف وتكرر األمر مرة ثانية . إلينا مبمغ مائة ليرة دوف أف يشعر العناصر بشيء ، فأخذتيا إحدى البنات ووضعتيا في الحساب الجماعي لمميجع

القيامة عمى الشباب المساكيف ، وناؿ الميجع الجنوبي كمو نصيبا فرموا إلينا بمائتي ليرة ، لكف عنصر المراقبة اكتشؼ األمر في الثالثة فقامت ! وافرا مف اإلىانة والتعذيب فما عادوا لتكرارىا أبدا

. .وتجدد األضراب . . والذي حصؿ أف الحادثة عمى مرارتيا لـ تكف نياية اإلتصاؿ بالشباب قدر ما كانت بداية لمرحمة جديدة ومنعطؼ ىاـ في حياتنا كميا

ولـ . . ات يـو الحؽ ، وبينما كنا عائدات مف التنفس بشكؿ عادي لمحنا طفميف صغيريف أنيقي الثياب تبدو عمييما سيماء النعمة والرفاىية فذ. تعالي 9 نمبث أف عممنا مف العناصر أنيما ابنا المقدـ ناصيؼ أحضرىما معو كما يبدو لشأف ما ، فمما لمحانا بدورىما نادى األخ أختو يقوؿ

فحرؾ ذلؾ في أـ محمود حميمة شوقيا ألوالدىا الذيف لـ تكف تكؼ عف التموع عمييـ ، وىمت أف تحضف الطفؿ . تعالي جاءت السجينات. فخاؼ وىرب ، فمما وصمنا الميجع كانت ثورة عواطفيا وأشواقيا قد انفجرت ففجرت معيا شجوف بقية األميات ، وعبل النشيج والنحيب فأغرقنا

حتى متى ؟ ولـ نمبث أف طرحنا فكرة اإلضراب مف جديد -9 وفاض بنا إلى حالنا االلـ حتى أطؿ السؤاؿ الذي ال يغيب . . اياه جميعا في حنوكاف وقت العشاء قد دنا فقمنا وجمعنا كؿ ما كاف قد توفر لنا مف طعاـ وصمنا عف طريؽ الشباب . . إلى تمبى مطالبنا ويجدوا لنا حبل

وعقدنا عزمنا عمى ا إلضراب ، فمما أحضروا الطعاـ لـ ينيض أحد الستبلمو مف . . ف بقايا الزيارات فتوازعناه وأكمناه بالخفية أو وفرناه م9 قاؿ مندىشا ىذه الميجة الجديدة . ال نريد أف نأكؿ وال أف نشرب 9 لماذا ال تردوف ؟ قالت لو الحاجة -9 الطاقة ، فسأؿ العنصر باستغراب

فذىب العنصر وأخبر رئيس . . وأغمقت الطاقة . خذوا أكمكـ ونحف بغنى عنكـ . . ال نريد 9 قالت ! طولوا بالكـ . . خير. . خير ! أؼ فسأؿ ثانية . ال شيء 9 ردت الحاجة وقد وسكت الجميع ! ماذا ىناؾ ؟ خير -9 نوبتو أبا عادؿ الذي جاء محموقا وفتح الطاقة بسرعة وقاؿ

المي 9 فعاد وأغمقو وىو يقوؿ بجفاؼ. . اء ؟ ونادى عمى العنصر ليفتح الباب وأمره أف يضع الطعاـ قريبا منا ففعؿ لماذا ال تأخذوف العش -9 فمما نظر . شو أكمتـ ؟ فمـ يجبو أحد -9 وبعد حوالي نصؼ الساعة عاد ففتح الطاقة وسأؿ . . وذىب . . بياكؿ عمى ضرسو بينفع نفسو

Page 38: خمس دقائق وحسب

في اليـو الثاني أحضروا الفطور فمـ . أنتـ أحرار 9 ر العنصر بإخراجو ثـ انصرؼ بادي الغضب وىو يقوؿووجد الطعاـ مكانو احتد جدا وأمأنتـ اآلف ال تضروا إال أنفسكـ . . ما بصير 9 وصار العناصر ورؤساء الدفعات يذىبوف ويعودوف إلينا يقولوف لنا . . الغداء كذلؾ . نأخذه

أفمح في كسر إضرابنا يرفع ويأخذ مكافأة فقد جاء مف الجممة أبو شادي رئيس نوبة في القسـ الجنوبي وألف أحدىـ إذا.. ولف يرد عميكـ أحدإما أف تجدوا لنا 9 فقمنا لو بصراحة. . يحاوؿ معنا أيضا ، وجعؿ يحاوؿ فتح حوار معنا مظيرا عذوبة في الكبلـ ولطفا مصطنعا في الخطاب

. تأكدوا أف أىاليكـ إذا وصموا ىنا فنحف ال نردىـ -9 فأجابنا بكؿ تبجح ! نا وأىالينا أو تخرجونا وتعدمونا حبل فتفتحوا لنا الزيارات لنمتقي أبناءاسـ الفرع وحده . . ألف أىمنا يخافوف أصبل أف يأتوا ىنا 9 فقالت لو ماجدة وقد أخذتنا الحماسة جميعا ! ولكنيـ ىـ الذيف ال يسألوف عنكـ .

فقست المعاممة ، . . ر بنا إلى شيء ، ومر اليـو الثاني عمى ىذه الحاؿ ، فمما حؿ الثالث جدت بعض التطورات ولـ يصؿ الحوا. يخيفيـ فراعو أف خرجنا كمنا بما فينا الشيوعيات والمسيحيات . كؿ المضربات إلى الخارج. . ىيا 9 وحضر أبو رامى رئيس النوبة الثانية ونادانا بجفاء

واقتادنا ! اسيوي -عامميف اتحاد افرو . . واهلل حموة -9 فنظر إلينا نظرة ممؤىا اإلستغراب والغضب معا يقوؿ . . ي والمتيمات بالبعث العراقإلى غرفة التحقيؽ في القبو فيما بدأ اثناف مف العناصر بتفتيش الميجع وتقميب األغراض والبحث عف أي شيء يمكف أف يؤكؿ ليصادروه ،

. مما كاف الشباب قد أرسموىا لنا ، فأخرج منيرة وأمرىا أف تفتح كؿ العمب وترمي بيا في برميؿ الزبالة أماـ عينيوفعثروا عمى بعض المعمبات أنتـ تعرفوف ما ىي طمباتنا وماذا نريد وال -9 فيما أخذ عنصر اخر يتسمى ويسألنا عما نريد وما ىى طمباتنا ، فقطعنا عميو الطريؽ وقمنا لو .

وبعدما انتيى تفتيش الميجع أعادونا إليو ، وقطعوا الماء عنو ، وبدأ الجوع والعطش ينيشاف في بقية جمدنا المنيؾ . بلـ حاجة لمزيد مف الك . نيشا أمر مف السكاكيف

!من أجل سن ثوم لـ نمبث أف اكتشفنا أنا وماجدة وواقع األمر فإنني ومنذ اليـو الثاني فقدت القدرة عمى االستمرار مف اإلعياء ، وبدأت أتفرغ دما بسبب القرحة، و

طبؽ بيض سبؽ واشتريتو مف المشتريات كاف عمى سطح أرفؼ حديدية ركبوىا لنا في الميجع فأعماىـ اهلل مف أف يعثروا عميو ، وكانت ىالة اخر كؿ ليمة ويشربف مصابة بالقرحة أيضا فخبأت قميبل مف حميب النيدو وبعض السكر لئلحتياط ، فجعمت البنات يذبف بعض السكر بالماء

منو ممعقة ممعقة لكؿ واحدة ليتقويف بعض الشيء ، واتفقت ماجدة وىالة أف تتركا الحميب والبيض لي وحدي ، ولـ تخبرا أحدا بذلؾ حتى ال كف حالتي يفت مف عـز أي منا ، وألف اإلتفاؽ تـ عمى أنو إذا فكت أي واحدة منا إضرابيا فسيتبعيا الجميع ويضيع كؿ الجيد ىباء ، ل

الصحية المتردية جعمت ماجدة وىالة ترخصا لي في اإلنفراد ببعض ما يقيتني ، فصرت ألعؽ مف الحميب بعض الشيء ، وكانت ماجدة تأخذ ولـ تدر. . بيضة كؿ يـو إلى الحماـ فتنقرىا مف طرفييا وتتركيا ىناؾ وتخرج ، فأدخؿ بدوري فأشرقيا نيئة بالطبع وأرمي القشر في الحماـ

! فكدف مف استغرابيف وغيظيف وقتيا أف يخنقنني . . البنات بذلؾ إال عندما صرنا في قطنا وأبحنا ليـ بالسر ولقد حدث ذات يـو أف انتشرت رائحة ثـو في الميجع فجأة ، فصرنا نتساءؿ ونسأؿ ، إلى أف أحسسنا بالرائحة تصدر مف فـ أـ شيماء ، فمما

ولكف اإلضراب صمد واستمر ، ! وجدتو بيف ثنايا فراشيا فأكمتو ، فقامت القيامة أيضا عمى سف الثـو ذاؾ سألوىا أقسمت أنو سف ثـو واحد . واإلعياء ألقى بكمكمو عمييف . . ولـ يفمح الترغيب وال الترىيب في إثنائنا عف االستمرار ، رغـ أف حالة البنات بدأت تسوء وتسوء

!زعيمة اإلضراب مف زعيمة اإلضراب . . تعالوا ىنا 9 وفوجئنا بأبي عادؿ يفتح الباب عمينا عند الصباح وينادي بشراسة ظاىرة. . راب ودخمنا رابع يـو لئلض

بينكف ؟ .ما عندنا زعيمة في الميجع 9 فأجبنا بصوت واحد

مف اقترحت عميكف اإلضراب ؟ 9 قاؿ .ال أحد 9 قمنا

فمف ىي ؟. . ب يابنات البد وأف واحدة منكف قالت تعالوا نضر 9 قاؿ بحنؽ أنت زعيمة اإلضراب . . تعالي 9 ولما لـ يجبو أحد جعؿ يتفحص وجوىنا فوقع نظره عمى أـ شيماء فوجدىا أكبرنا جسما وأطولنا قامة فقاؿ ليا

!

Page 39: خمس دقائق وحسب

إلى أيف أنت اخذىا ؟9 فسألتو الحاجة .لتناؿ جزاءىا 9 قاؿ

لماذا أخذت أـ شيماء؟. . أنا زعيمة اإلضراب . . ال 9 فيبت ماجدة تقوؿ لو وال أزاؿ أذكر كيؼ لبست المسكينة حذاءىا الميترئ وخرجت وىي ترتدي . . ألف شكميا يوحي بذلؾ ، ولكف ما دمت اعترفت فتعالي 9 أجاب

، وعمى رأسيا وتحتو بنطاؿ بيجاما عمى غير مقاسيا يصؿ األرض. . ثوبا كاف أخضر الموف قبؿ سنيف ولكف األياـ جعمتو انقمب إلى الصفرة . أنت إذا زعيمة اإلضراب -9 فمما وصؿ بيا غرفة التحقيؽ في القبو نفسو سأليا ثانية ! شاشية كالفبلحات أكؿ الدىر عمييا وشرب

ولماذا تكذبيف إذا ؟9 قاؿ . ال 9 قالت لو . شيماء بالتيمة ومع ذلؾ أردت أف تأخذ أـ. . ألنو ليس لدينا ال زعيمة إضراب وال زعيمة ميجع 9 أجابتو

. .إذا وألنؾ بدلت نفسؾ عف أـ شيماء فبل بد وأف تعذبي مكانيا 9 فقاؿ ليا وقد اشتد غيظو فمما وجدىا عمى ىذا . . ما دخمكـ في ؟ أنا أتحمؿ مسئولية نفسي . . ال أريد أف اكؿ 9 وجعؿ يحاوؿ وضعيا عمى الدوالب وىي تصيح بو

. مف التعذيب ونجت برحمة اهلل اإلصرار والثبات أعادىا وأعفاىا

!وترىيب . .ترغيب ذا كانت ماجدة قد نجت مف التعذيب فإف الشباب الذيف تضامنوا معنا وأضربوا نالوا األمريف بسبب ذلؾ فعندما بمغ نبأ اإلضراب المياجع ! وا

األوامر صدرت بسرعة وأسرع الجبلدوف لكف . . األخرى أعمف الشباب في السجف كمو حتى الجنوبي منو اإلضراب أيضا تضامنا معنا ولـ . . عمى كؿ سجيف عمى الماشي جعمتيـ يتوقفوف عف المتابعة ويكسروف إضرابيـ تجنبا لمزيد مف التعذيب " والعناصر فعمموا عقوبة الفمقة

ستأكمي 9 خبز وجبف وقاؿ ليا يمبث المقدـ ناصيؼ أف أتى بنفسو صبيحة اليـو الخامس فأخرج عائشة إلى غرفة التحقيؽ وحدىا وأتى برغيؼ .االف أمامي

ولـ ندر . أكيد أنتـ لكـ صمة بالخارج وتريدوف استغبلؿ أحداث لبناف إلحراج الحكومة 9 فثار عمييا وجعؿ يشتميا ويقوؿ ليا . . فرفضت والتيديد عمييا خافت مف أف يعذبيا مف جديد فمما اشتد بالكبلـ! وقتيا ما الذي يجري ال في لبناف أو سورية وال حتى في الزنزانة التي بجانبنا

مقمة فتناولت قطعة جبنة وأكمتيا ، فمما عادت إلى الميجع وقصت عمينا ما جرى قامت قيامة البنات ثانية وخربوا الدنيا فوؽ رأسيا عمى ىذه العاـ في فميف بالغصب فكف يرفضف ويمتنعف ، وصبيحة اليـو التالي عاد المقدـ وجعؿ يخرج البنات واحدة إثر أخرى ويحاوؿ أف يدس الط. .

وكانت قد عادت -فمما وصؿ الدور عمى ىالة وتصرفت التصرؼ نفسو . . فإذا أفمح وأدخؿ المقمة في فـ واحدة منيف رفضت أف تبتمعيا . . بتؾ ستكوف لوحدؾ أصبل أنت عقو 9 رماىا عمى األرض وجعؿ يركميا برجميو ويصفعيا كالمجنوف بيديو ويقوؿ ليا -طبيعية وقتذاؾ

مشيرا إلى الرسالة التي كتبتيا لوالدتيا وأرسمتيا مع السجينة الفمسطينية التي تبيف أنيا . . عمى ما تفعميف ( الميدانية)وسنعيد لؾ محكمتؾ ىناؾ ازدنا كمنا صبلبة لكف أحدا برغـ ذلؾ لـ يأكؿ ، وتوقؼ عف إحضاري وكنت الوحيدة التي بقيت في الميجع ، فمما عدف . نقمتيا لممقدـ

وتصميما عمى اإلستمرار والتحدي وقد لمسنا تأثير اإلضراب عمييـ ، وعاد العناصر يحاولوف واحدا بعد اآلخر بالميف وبالخادعة أف ينيوا وذات مرة . . ليغرونا بيا إضرابنا ، فأعادوا لنا الماء أوال ، وصاروا يتفننوف في إحضار األطعمة الشيية التي لـ نحمـ أف نراىا في ىذا المكاف

لكف أحدا . . حضر ىيثـ بطبؽ مف لبف سميؾ ما عيدناه مف قبؿ أبدا ، واخر مف أجود أنواع المشمش وأشياىا ، وثالث مف صنؼ اخر . . المعنات ونزلت عميو . . فمما عاد ووجد مسعاه قد فشؿ كما فشؿ سابقوه تممكو الغضب . . برغـ الجوع المفرط واإلعياء لـ يمس أي شيء

. . فأمر عنصرا أف يخرج الصحوف ، وجعؿ وىو يشتـ الرب والديف يركميا بقدمو فتتطاير في الممر وتتناثر محتوياتيا عمى األرض والجدراف ولـ . . وغالبيتنا مصابات بفقر الدـ أصبل . . واشتد اإلرىاؽ بالبنات وزادت المعاناة ، وصارت بعضيف تسقط مغميا عمييا وتقيء أخريات

وبعد ذلؾ كمو وحينما أسقط في . . تعد إحدانا تقوى حتى عمى النيوض ، فشددنا البطانيات عمى بطوننا وصرنا حتى الصبلة نؤدييا إيماء ى فقالت لو رغداء والكؿ ممد عمى األرض ال يقوى عم. قوموا وقولوا لي ما ىي طمباتكـ -9 أيدييـ جاءنا أبو شادي فسألنا بميجة بادية الجد

طمبؾ عمى العيف والرأس ، ولكف أال توجد لديكف أية طمبات أخرى ؟ 9 فأجابيا ساخرا . أنا أريد إذا متنا أف تقبرونا في حفرة واحدة -9 الحراؾ 9 عادتو فقاؿ متيكما ك. ألقبؿ يديو وأكسب رضاه وحسب 9 لماذا؟ قالت 9 فسأليا . أريد أف أرى أبي قبؿ أف أموت ولو لدقيقتيف 9 قالت ماجدة

Page 40: خمس دقائق وحسب

ولـ يمبث أف عاد ومعو عدة صناديؽ مف . . ثـ أغمؽ الباب بمـؤ ومض . لو كنت مرضية بالفعؿ لما كانت ىذه حالؾ ! واهلل مرضية كثيرأنفسكـ ؟ ألـ تطمبوىا ب9 وماذا تريدنا أف نفعؿ بكؿ ىذه الصناديؽ ؟ قاؿ . . ماذا تفعؿ 9 فقالت لو الحاجة مستغربة " . . دليمة"المحاـر النسائية

ماذا ؟ طمبناىـ مف أوؿ ما وصمنا الفرع وبقينا نطمب 9 فقالت الحاجة وقد تممكنا الغيظ جميعا ! أال تروف كيؼ نمبي لكـ كؿ طمباتكـ في الحاؿ ال نريدىـ . .خبلص 9 فأجابتو وقد كممنا جميعا مف التعاطي الممؿ معيـ ! االف فقط وصمني الخبر 9 قاؿ ! اآلف فقط . . ونطمب ولـ تردوا

اطمئني فمف . . ال 9 فقاؿ بمـؤ وتيكـ ! فقط أغمقوا ىذا الباب عمينا حتى يأتينا النزع ونموت ثـ افعموا بنا ما تشاؤوف . . وال نريد شيئا غيرىا يديو فيحوز وجعؿ يروح ويغدو عمى مدار اليـو مكررا محاوالتو السمجة عسانا نفؾ اإلضراب عمى! أنت كالقطة بسبعة أرواح . . تموتي ! وأنيكنا مف كثرة األخذ والرد أكثر مما أنيكنا العناء والتعب . . حتى ضقنا منو أكثر مف ضيقنا بالجوع . . الجائزة

!رحمة جديده إلى المجيول نا برغـ اإلعياء ودخؿ يومو السابع لنفاجأ في الصباح الباكر بكمبشات الحديد تطرؽ باب الميجع ففزعنا جميعا ونيض. . واستمر اإلضراب

وكرر النداء . . خائفات ، وكنت وقتيا في الحماـ فسمعت أبا طبلؿ ينادي اسمي بصوت عاؿ يختمط بصوت الكمبشات تتأرجح بيف يديو ني فجمست مكا. . فما ظننت إال أف ساعة اإلعداـ قد دنت بالفعؿ ، وىا ىو ذا أت ليقتادني إليو . بسرعة..بسرعة9 مرتيف أو ثبلث وىو يقوؿ

فجاءت البنات وأنيضنني ثـ أخرجنني إليو ، فرأيتو وأنا شبو غائبة ! مف الرعب ال أستطيع أف أرد أو أنيض ، وما عدت أعرؼ ما حصؿ ىيا دعونا . . كمنا نستاىمو ! أىي الوحيدة التي تستاىؿ اإلعداـ . . فقط وحدىا ؟ خذونا معيا -9 فنادتو الحاجة . . وضع القيد في يدي

ولما لـ يأت . . لكنو لـ يمتفت إلييا وجعؿ ينادي أسماءنا واحدة تمو األخرى ويخرجنا إلى الممر ويضع القيود بأيدينا ! مف ىذا العمرنرتاح فصاح . . نريد أف نذىب معيف . . انتظر 9 اسـ سجينات التنظيمات األخرى في القائمة اندفعف نحونا تتقدميف منيرة وىي تقوؿ لو بانفعاؿ

وقعت عمى األرض ، ورد الباقيات بنفس الغمظة إلى الميجع ثـ اقتادنا إلى مكتب األمانات . . ر . . شػ 9 ؽ وىو يدفعيا بكؿ فظاظة فييا بحنصرارىا فدفعوا إلينا أشياءنا ىناؾ ، واكتشفت الحاجة في ىذا الموقؼ الحرج أنيـ سرقوا ذىبيا الذي أخذوه منيا ساعة القدـو ، ورغـ إلحاحيا وا

أنيا لـ تفمح في الحصوؿ عمى شيء منو ، واقتادنا أبو طبلؿ بعدىا إلى باحة الفرع ، فوجدت نفسي أوؿ الواصبلت ، ووجدتو يجذبني بقوة إال فمما تمفت وجدتني في منتصؼ الساحة وقد اجتمعت حولي جميع العناصر ، والمقدـ ناصيؼ يطؿ عمينا مف األعمى مف . قفي ىنا9 ويقوؿ لي

سأنزع لؾ الحجاب 9 قاؿ . ال أريد أف أرفعو 9 قمت لو . ارفعي رأسؾ 9 وأتاني صوت أبي طبلؿ وقد أطرقت رأسي ينادي . و خمؼ شباؾ مكتبقمت لو . أال تريف كـ يوجد عناصر حولؾ ؟ إذا لـ تفكي اإلضراب االف فسأىينؾ أماـ ىؤالء جميعا 9 قاؿ . افعؿ ما تريد 9 قمت . في الحاؿ

فمما لـ أرد بشيء التفت . . فعصب كثيرا وجعؿ يشتمني بعبارات قبيحة ويسب الديف ! اذا يمكف أف تفعؿ أكثر مما فعمتـ م. . إفعؿ ماتريد 9 أتعرفي لماذا يقؼ ىؤالء العناصر ىنا كميـ ؟ قمت وأنا في غاية التوتر -9 وصاح لماجدة فوضع الكمبشات لي وليا سويا وعاد يقوؿ لي

-9 وجعؿ ييدد البنات ويقوؿ ليف بصوت عاؿ ! ىؤالء أخرجناىـ ليتفرجوا عميكـ ألنكـ صرتـ فرجة 9 أجاب . ال أعرؼ . . ال 9 واإلرىاؽ ذا لـ تفكوا اإلضراب فسننزع الحجاب عنكف وسنيينكف . . نحف أخرجناكـ االف ليتفرجوا عميكف . . وأنتف تعرفف كيؼ تكوف إىانتكف . . وا

ثـ جعؿ يخرجنا بالتتابع فيكبؿ كؿ اثنتيف منا . . . واهلل سنفعؿ بكف . . يا كذا . .يا بنات الػ-9 مس وجعؿ يرغي ويزبد وينادي كأنما أصابو ووجدتني . . ووجدت نفسي األولى بينيف فمـ أجرؤ عمى الصعود ولـ أعد أقوى حتى عمى رفع قدمي . . سويا ويقتادىما إلى السيارة مباشرة

ووجدنا بقية البنات تدخمف بعدنا واحدة ! وماجدة مكبمة معي في قفص حقيقي لو قضباف وباب وقفؿ تدفعني أياد مف ورائي قسرا ألجد نفسي وأيقنا وقتيا أنيـ سيقتادوننا اآلف إلى . . عندىا أحسسنا أف األمؿ في اإلفراج عنا أو في حؿ مشاكمنا قد مات . . تمو األخرى الىثات األنفاس

ووجدنا الحاجة أخرجت ليمونة ال ندري مف أيف . . وأغمي عمى بعض . . فداخ البعض . . النياية تدمر أو إلى ساحة أخرى لئلعداـ وأنيا !وبدأت رحمة جديدة بنا إلى المجيوؿ . . فيما أقفؿ باب السيارة عمينا . . وجعمت تقشرىا بيدييا وتمسح بيا عمى وجوىيف

الفصؿ الثالث سجف قطنا ، الموت البطيء

0874 - 0871أكتوبر

Page 41: خمس دقائق وحسب

سجن قطنا ، الموت البطئ أخذت السيارة تنيب األرض نيبا وتكاد في كؿ انعطافة ليا تمفظنا إلى الخارج لوال أف تتمقانا القضباف الصماء تارة وأجساد بعضنا البعض

مينا بإحكاـ والباب الخمفي وفيما جمس اثناف مف الحرس بيننا وبيف حجرة القيادة واثناف اخراف بيف القفص الذي أغمؽ ع. . المنيكة تارة أخرى كنا أنا وماجدة وأـ شيماء والحاجتاف ومنتيى وايماف ورغداء ومنى . مدججيف كميـ بالسبلح ، بقي أبو طبلؿ في المقدمة بجوار السائؽ وحده

بأحد حولي وجدت أكثر وفي بداية المشوار الذي استغرؽ قرابة الساعة أصابني الدوار ، فمما تمفت ألستنجد . . وحميمة وأـ محمود وأمؿ وكانت شيور قد مضت عمينا لـ نركب فييا سيارة وال سطعت عمينا . . فقد اجتمع عمينا الجوع واإلرىاؽ والرعب واليـ ! البنات مغمى عمييف تخفيؼ ىذا وأما أنا وبعد أف بدأت استعادة وعيي حاولت أف أحرؾ يدي في القيد فشد عمييا أكثر ، فمما حاولت. . الشمس بيذا الطوؿ

ولـ نمبث وقد بمغ الكرب مداه أف توقفت بنا السيارة عند حاجز لمشرطة ! الضغط ازداد واشتد حتى ازرقت أناممي وأحسست أنيا ستنقطع بخط وقتيا استطعت أف ألمح قوسا معدنيا فوقنا مكتوب عميو. . المدنية ، وتقدـ أحدىـ ففتح الباب الخمفي لبرىة وكأنما أرادوا أف ينزلونا

لكف الباب عاد فأقفؿ ، وعادوا فساروا بنا إلى الداخؿ ليتوقفوا عند باب اخر جرت عنده كما تبدى عممية التسميـ " سجف قطنا المدني "عريض كنا ال نزاؿ .واإلستبلـ ، وبعد انتظار ربع ساعة تقريبا ريثما سمموا األوراؽ واستمموىا جاء أحد أفراد الشرطة ففتح باب السيارة ودعانا لمنزوؿ

وأذكرأنني سحبت نفسي سحبا وجاء الشرطي فأسندني ثـ . . كالخارجيف مف القبور ال نستوعب ما يدور وال نقوى مف اإلعياء أف نتحرؾ فيما تحمؽ بعض رجاؿ الشرطة حولنا يتيامسوف! وارتمينا جميعا مف فورنا عمى األ رض وافترشناىا كالشحاذيف . . أمسكني مف يدي وأنزلني

! ويحوقموف ، وأخذ آخروف يطموف مف شبابيؾ المخفر عمينا وكأننا مخموقات مف كوكب اخر فالوجوه مصفرة مف اليزاؿ باىتة مف اعتياد الظممة والبعد عف ضوء الشمس ، والثياب رثة . . كاف منظرنا محزنا مثمما كاف غريبا ورىيبا

وفوؽ ذلؾ كنا ال نزاؿ مقيدات األيادي . . ا واختمطت الرقع عمييا فكادت أف تغطييا ممزقة تراخت فوؽ أجسادنا المنحولة وقد تغيرت ألوانيوتبيف فوؽ ذلؾ أف أبا طبلؿ قد نسي مفاتيح الكمبشات في كفر سوسة عمدا ال ندري أـ سيوا ، ! أزواجا بالكمبشات -إذا استطعنا -نتحرؾ

لكف وما أف تحركت سيارة المخابرات حتى أقبؿ الشرطة عمينا يدعوننا لمدخوؿ . .فتركنا عمى حالنا في القيود فوؽ الرصيؼ ومض ليحضرىا كانت غرفة الخفر . إلى غرفتيـ إكراما لنا ، ولما لـ نقو حتى عمى اإلنتقاؿ سحبونا سحبا وأجمسونا ىناؾ في انتظار عودة أبي طبلؿ بالمفاتيح

اسي ، وكاف العناصر يطموف مف الباب بيف الحيف واآلخر ينظروف إلينا بسيطة المحتويات تضـ طاولة مكتب وخزانة السبلح وبعض الكر وأقبؿ واحد منيـ في الخمسينيات مف عمره وحاوؿ ! نظرات يختمط اإلشفاؽ فييا باإلستغراب ، وال تالبث أف تدمع عيونيـ ويبكوف مثؿ النساء

االف . . اطمئنوا أخواتي اطمئنوا 9 الدموع تسيؿ عمى خديو ويقوؿ فجعؿ يواسينا و . . أف يفؾ الكمبشات مف أيدينا مرات عديدة فمـ يستطع يوجد . . انظروا 9 وجعؿ يشير مف النافذة ويقوؿ وىو ال يتمالؾ نفسو مف البكاء . . ستنتقموف إلى الداخؿ وتعيشوف عيشة طبيعية مف جديد

وىناؾ غيرىا فبلنة وفبلنة ، ياهلل إف شاء اهلل اآلف تتنشطوا . . ىناؾ واحدة مف حماة اسميا غزوة . . ونسواف . . وشجر . . أوالد ىناؾ وىؿ إذا وجدنا أوالدا ىنا سيعوضوننا عف أوالدنا ؟ 9 وعندما لمحت أـ محمود ولدا ىناؾ تنيدت وقالت لو . . وتعودوا إلى حياتكـ الطبيعية

ومض الرجؿ الطيب مسرعا فأحضر لنا شايا نشربو . . ني عمييـ واهلل إف شاء اهلل سيأتي أوالدؾ وترينيـ وتطمئ. . منشاف اهلل 9 فقاؿ ليا ونحف ال نكاد نصدؽ ما يجري ، ولـ يمبث مدير السجف المساعد أبو مطيع أف جاء مع وصوؿ أبي طبلؿ بالمفاتيح بعد قرابة الساعتيف ، ففؾ

فيما أخذ أبو مطيع ييدئ مف روعنا ويؤكد لنا . . لسيارة لنا الكمبشات واحدة بعد األخرى ، ومف غير أف يقوؿ لنا أية كممة مضى بالعناصر وا -ودخؿ إلى منطقة المياجع ونحف نتبعو ، فمما دخمت أوالنا . . أف ىذا المكاف مختمؼ جدا، ولف يكوف ىناؾ أي تعذيب وال خوؼ بعد اليـو

وىي تنادييـ وال يسمعوف ترجوىـ أف يتركوىا . . حمبل وجدنا السجينات جميعا ىجمف عمييا يعانقنيا ويحممنيا إلى الميجع -وكانت أـ شيماء منيف المكسورة . . والذي تبيف أف أبا مطيع دخؿ عمى السجينات وأخبرىف بأف نساء خارجات مف أحداث حماة أتيف إليكف . . لتمشي بنفسيا

ننا كذلؾ فعبل نتيجة الحالة المزرية التي كنا عمييا ولـ يكف الرجؿ متصنعا وال كاذبا وقتيا ، وظ. وىف في أسوأ حاؿ . والمجروحة والمصابة ، ! بعد ثبلث سنوات مف العيش في قبو ال يشبيو مف بقاع الدنيا شيء إال حفرة القبر

!عشر سنوات فقط : أحكام شكمية كاف سجف قطنا عبارة عف بناء حجري أشبو ما يكوف بالبيوت العربية القديمة تتوزع الغرؼ فيو عمى محيط باحتو ، وتفصؿ بيف ىذه الباحة

Page 42: خمس دقائق وحسب

وعبلوة عمى ميجع مخصص مف قبؿ لمسجينات السياسيات كانت . وبينيـ القضباف الحديدية فتجعؿ مف كؿ حجرة ميجعا مستقبل بذاتو ة حسب القضايا التي حبست السجينات عمى ذمميا ، فثمة ميجعاف لممتيمات بالقتؿ ، وآخر لمحشيش والمخدرات ، المياجع األخرى موزع

وثمة غرفة خامسة أشبو بالزنزا نة المنفردة كانت والدة ميدي عمواني الذي أعدـ مع مجموعة مف الشباب في أواخر عاـ . . والرابع لمدعارة لكف وبرغـ المجاورة فإف اإلختبلط بيف السياسيات والقضائيات كاف ممنوعا ، وكانوا . . نيا قبؿ أف نأتي مسجونة فييا وحدىا ثـ أفرج ع 68

. فسناء س ! ساعة أف وصمنا قد سمحوا لمسياسيات بالخروج الستقبالنا ، لكف بعضا ممف كف يعرفننا لـ تتمكف مف التعرؼ عمينا بادئ األمر وأقبمت غزوة ! ىؿ جففوكـ في العمب . . ىؿ ىذا أنت ؟ ماذا حصؿ . . غيرمعقوؿ -9 مؽ في وتقوؿ التي كانت معي في الجامعة جعمت تحم

وبيف خميط مف القببلت ! وغمرت الفرحة قموبنا وقموبيف وكأننا التقينا في بيوتنا معززات مكرمات . . أيضا تستقبمنا بضحكتيا وفكاىاتيا . ؾ ولـ يمبث أف حضر العقيد موفؽ السماف قائد المنطقة ورئيس السجف فسمـ عمينا ورحب . . تيا والدمعات والتنيدات جمست كؿ واحدة تقص قص

ي معنى بنا وقاؿ لنا أنتـ ىنا في أمانتنا ولف تجدوا إال خيرا ، وجعؿ يؤكد عمينا أنو لـ تعد لممخابرات أية عبلقة بنا ، وأنو لـ يعد لذلؾ أوحضر أحد رجاؿ الشرطة بكرسي لمعقيد فجمس . . ييو لمتو ونصبر ونحتسب حتى يأذف اهلل بالفرج لبلستمرار في اإلضراب ، راجيا إيانا أف نن

رتو عميو أمامنا ، ولـ يمبث أف أخرج أوراقا بيده وقد ارتسمت معالـ الجدية أكثر عمى قسمات وجيو وقاؿ لنا دوف أف تختفي ظبلؿ الحرج عف نبىذه ورقة األحكاـ التي بمغتنا سأقرأىا 9 ليش إيش في ؟ قاؿ 9 فسألتو الحاجة . اسمعوا فقط . . حا ال أريد بكاء وال نوا. . اسمعوني اآلف -9

حكمت محكمة أمف الدولة عمى المتيمة ىبة دباغ 9 ومف غير أف يترؾ لنا فرصة السترداد األنفاس شرع يقرأ . عميكـ لتعمـ كؿ منكـ حكمياوىجمت عمي وضمتني وىي تبكي . ولي عمى قامتي اف شا اهلل يا ىبة . . اه 9 حاجة رياض فصاحت ال. . بعشر سنوات مع األشغاؿ الشاقة

لكف أثر المفاجأة والتأثر بما سمعوه لـ يمبث أف تقمص ! عشرسنيف . . ولي عمى قامتي اف شاهلل -9 وردت الحاجة مديحة معيا. . وتنوح ف التي حكمت بيا أيضا ، وسرعاف ما اتجيت األنظار إلى المقدـ ثانية وقد عندما تذكرت كؿ منيف نفسيا وجاؿ بخاطر كؿ منيف عدد السني

9 فصاحت بو بانفعاؿ ! بعشريف عاما مع األشغاؿ الشاقة . حكمت محكمة أمف الدولة عمى المتيمة رياض د9 بدأ يكمؿ قراءة بقية األحكاـ ؟ غير معقوؿ فتركوني واتجيوا إلييا وقد تضاعؼ حكميا يواسونيا عاما 14ماذا ؟ ىؿ قمت ! وقؼ أبوي ليكوف دبانة عممت نقطة ىنا بالغمط

أربع . ومنى ع . رغداءخ . الحاجة مديحة عشر سنوات . عشروف سنة . منتيى ج 9 ثـ تتابعت قراءة األحكاـ . . ويخففوف ما وسعيـ عنيا وأختيا عشرة . منى ؼ . حورية أـ محمود عشرة . سنوات أربع. عائثة ؽ . سنيف 3أـ شيماء ( ! لكنيما جمستا معنا السنيف العشرة)سنوات

ولما انتيى مف األسماء كميا ورأى حالة الوجـو التي كستنا وتأثرنا وبكاء مف يبكي . . ترفة عشرة سنيف . ىالة عشرة . عشروف . ماجدة ؿ . ، واف شاء اهلل تخرجوا قبؿ ذلؾ وال تطولوا ، وال أحد ىذه مجرد أحكاـ شكمية وحسب9 منا ونحف مضربات باألصؿ وحالتنا حالة قاؿ لنا مواسيا

ثـ جعؿ يحدثنا عف حقوقنا ىنا والمزايا المتحققة لنا ، وأخذ يشجعنا ىنا لكي نتناوؿ اآلف طعاـ اإلفطار ونعود إلى . . جاء ىنا إال وخرج ي خصصوه مف فورىـ لنا نحف القادمات الجدد ، فالتفت وخبلؿ ذلؾ أعدت البنات لنا مائدة طويمة عمى طوؿ الميجع الذ. . حياتنا الطبيعية

لكننا وعمى الرغـ مف الجوع الشديد والطعاـ ! وبيض إ. . بقدونس . . خيار . . بندورة -9 إلى ماجدة وأنا أصيح وال أكاد أصدؽ نفسي لكننا . . بمغص في المعدة وعجزنا عف اإلستمرار الشيي إال أننا وما أف ابتمعنا المقمة األولى بعد سبعة أياـ مف اإلضراب حتى أصبنا جميعا

عف نظاـ أنيينا إضرابنا واستعدنا بعضا مف حيويتنا ، وكانت سعادتنا غامرة وقد لمسنا نجاح إضرابنا ولو إلى حد ، وبدأنا وقد حدثتنا سابقاتنا وننسج األحبلـ مف ظييرة يـو األربعاء الذي وصمنا فيو ترقبا . .بدأنا نعد األياـ انتظارا ليـو الجمعة اآلتي . . الزيارة األسبوعي لكؿ األىالي

. ليذا المقاء الذي طاؿ

!أشغال شاقة كاف ميجعنا عبارة عف غرفة مستطيمة الشكؿ ال يجاوز طوليا خمسة أمتار تقع في زاوية السجف اليسرى، وبعد أف يتجاوز الداخؿ درجة

وفي الزاوية اليسرى ىناؾ حجرة . ثـ تعود لترتفع إلى المستوى األ وؿ مف جديد " العتبة"يسمى حجرية في البداية تنخفض أرضية الميجع بما وبعد أف استممنا الميجع وعممت كؿ منا حكميا عاد مدير السجف فسممنا . الحماـ ، وثمة نافذتاف تطبلف عمى باحة السجف عمى يميف الباب

كانت كميا قديمة ومستعممة ومنتنة ، وسرعاف ما دب الخبلؼ بيف القادمات وىف يتسابقف فرش إسفنج ومخدات وبطانيات عمى عددنا ، لكنيما لمفوز بأحسف الفرش والبطانيات وأفضؿ األماكف ، وبالطبع لـ تتسع الغرفة لنا جميعا ، وحسما لمخبلؼ صارت فرشتى انا وأختي عمى العتبة

Page 43: خمس دقائق وحسب

واستطعنا آخر األمر اإلستقرار عمى حاؿ جعمنا ننظؼ المكاف معا ونعد مسكننا وبعد أف مرت األزمة عمى خير! ونصفيا اآلخر عمى الخبلء وخبلؿ ذلؾ الحظنا أف بعض زوايا الغرفة متآكمة مف القدـ ، وجانبا مف الدرجة التي عمى الباب مكسور بما ييدد أي عابر بالزلؽ . الجديد فيو

ا ببعض اإلسمنت لترميميا فوافؽ ، وفي اليـو الثاني جاءنا مبكرا وفتح عمينا الباب ، فسالنا مدير السجف أبا مطيع إف كاف باإلمكاف السماخ لنفخرجت الحاجة رياض أوؿ مف خرج ، فما أف راىا وناداىا حتى وجدناىا وقد أغمي عمييا ، وأسرعت الحاجة مديحة فسكبت عمييا الماء

. مف شاف اهلل تكممي معو ! ، يريدوف أف يأخذونني إلى األشغاؿ الشاقة أبوي يا حاجة -9 وصحتيا ،فمما فتحت عينييا تشبثت بيا وىي تقوؿ فخرجت الحاجة . . وصارت المسكينة تبكي كالممسوس . . ونفسي واهلل يضيؽ وال أتحمؿ . . ضغطي يرتفع . . قولي لو ال أستطيع .

. . واهلل لـ أفعؿ ليا أي شيء 9 لرجؿ باستغراب واضطراب إلى أيف ستأخذىا ؟ قاؿ ا. . ما الذي حدث -9 مديحة وقد تممكتيا الدىشة وسالتو لكنيا وكما عممنا بعده ، ولضعؼ سمعيا مف جية ورواسب الخوؼ التي ال تزاؿ . لـ أزد عف أف أقوؿ ليا تعالي يا حاجة وخذي اإلسمنت

! عمييا فأغمي . . تممؤ نفسيا مف جية أخرى ظنت أنو يريد أخذىا لتبدأ تنفيذ حكـ األشغاؿ الشاقة

! في المعتقل " معقل "والده مف دمشؽ ، وأـ معقؿ . مف حماة ، وسناء د . غزوة ؾ 9 كاف ميجع السياسيات قبمنا غاصا كذلؾ بنزيبلتو القادمات مف شتى المحافظات

سر أيضا ، وسنيحة وفاطمة مف وولدىا الذي ولدتو في السجف أيضا ، وأـ ىيثـ مف جسر الشغور ، وأـ عبد الباسط وابنتيا عائدة وىما مف الجكانت غزوة طبيبة أسناف مف . ولكؿ منيف مأساة وغصة . . ولكؿ مف ىؤالء كانت قصة . البلذقية ، وأـ محمود كامؿ مف البلذقية أيضا

في صوراف ، حماة ساعدت بشراء بيت في دمشؽ لمشباب المبلحقيف ، ولكف عبد الكريـ رجب اكتشؼ ذلؾ وأبمغ عنيا فاعتقموىا مف عيادتياأشير 7 -5وفي البداية أحضروىا إلى فرع األمف السياسي بحماة ثـ نقموىا إلى فرع التحقيؽ العسكري بدمشؽ ، وبقيت ىناؾ حوالي

فيبدوأف أحدا ما قد استعمؿ ىويتيا في شراء بيت وىي ال تدري ، وانكشؼ . أما سناء ر . أحضروىا بعدىا إلى قطنا لتبقى معنا إلى النياية وكانت معنا في كمية الشريعة ، وقد اعتقموىا في نفس اليـو الذي 0854البيت بعدما تبيف أنو باسميا فاعتقموىا وأتوا بيا ، وسناء مف مواليد

اعتقمت فيو ولكف الجية التي فعمت ذلؾ كانت التحقيؽ العسكري ، وأثناء التحقيؽ معيا سألوىا عني ثـ طمبوا منيا أف تأخذىـ إلى بيتي فيوال دمشؽ ، وبالفعؿ ذىبوا معيا إلى البيت وقدموىا أماميـ لتقرع الباب ، فمما فعمت خرجت ليا أمي وكنت بالطبع قد اعتقمت الميمة السابقة

وراءىا ي يزاؿ العناصر كامنيف في البيت ، فمما رأتيا أمي قالت ليا إذىبي وال تعودي ثانية في محاولة إلنقاذىا مف اإلعتقاؿ ، لكف الدورية الت. وأما ثالثة السجينات مطيعة ح . والعناصر في الداخؿ سرعاف ما اتصموا معا وعمموا أف جية أخرى اعتقمتني فعادوا بيا إلى الفرع مف جديد

ة ، أـ معقؿ فكانت معممة مدرسة شمميا قرار تحويؿ المدرسيف المشكوؾ في والئيـ لمنظاـ وتحويميـ أواخر السبعينات إلى الوظائؼ اإلداريوأثناء ذلؾ لوحؽ زوجيا ولكنو تمكف مف اليرب ، فأتوا واعتقموىا . . فمنعت مف التدريس وتـ تحويميا إلى أحد المستوصفات كموظفة إدارية

اخر وكانت مطيعة أياـ اعتقاليا في أواخر الثبلثينات مف عمرىا وأما ألربعة أوالد، وتحمؿ الخامس في! مكانو إضافة إلى اعتقاؿ والده كرىينةشيور الحمؿ ، لكف ذلؾ كمو لـ يشفع ليا ، فأتوا وأخذوىا رىينة عف زوجيا ووضعوىا مؤقتا في مستوصؼ عسكري تابع لؤلمف السياسي

بالجسر ، وىناؾ وفي الحجرة التي اعتقموىا فييا ونتيجة الخوؼ والتيديدات التي أسمعوىا إياىا جاءىا الطمؽ عمى غير موعد ، فجعمت تدؽ يـ وتستغيث وىي تخبرىـ أنيا تضع مولودا دوف أف يجيبيا أحد ، فمما خرج المولود وعبل بكاؤه سمحوا إلحدى الممرضات بالدخوؿ الباب عمي

وبعد ذلؾ نقموىا والمولود إلى فرع التحقيؽ العسكري بدمشؽ وبقيت ىناؾ عدة شيور قبؿ أف ! لكف كؿ شيء كاف قد تـ . . إلييا لمساعدتيا ولقد أطمقت حميمة عميو اسـ معقؿ تيمنا . . قطنا فنمتقييما ىناؾ ولـ يكف معقؿ قد جاوز شيوره السبعة أو الثمانية بعد ينقموىا إلى سجف

وعمى الرغـ مف أنيا كانت غاية في الصبر إال أنيا ذاقت المر كثيرا مف أجمو ، . . بالصحابي معقؿ بف يساراضافة إلى أنو ولد في المعتقؿ المستمرة وىي ترى ابنيا يقضي طفولتو الغضة في السجف مف غير ذنب وال سبب ، وترى مستقبمو مجيوال كمستقبميا رىف وعبلوة عمى لوعتيا

. . عبلوة عمى ذلؾ اإلحساس المؤلـ فقد كانت أشد ما تعاني بشأنو وىي تراه بيف أيدي الجميع ووفؽ ىواىف . . المياجع والزنازيف والسجوف وتجذبو إلييا ! لبنييا أو تسمي بو ممميا مف رتابة الحياة حوليا فتحاوؿ أف تعممو ما يروؽ ليا حتى ولو لـ يرؽ لؤلـ وكؿ منيف تفرغ فيو شوقيا

فمف أيف ال تدري بالتحديد تعمـ الولد . . ولقد تسبب ليا بعض مف ذلؾ بكثير مف المشاكؿ والحرج ! أو تستبقيو معيا حتى ولو لـ يرضيا ذلؾ وذات مرة مرض معقؿ وازدادت شكاتو فسمحوا . . فكاف كمما سمع اسمو أو رأى صورتو قاؿ ذلؾ ". . طظ أسد"ف يقوؿ أوؿ ما تعمـ النطؽ أ

Page 44: خمس دقائق وحسب

ولـ . . طظ أسد بيف الناس "بنقمو إلى المستوصؼ لمكشؼ عميو ، وىناؾ وىو بحالتو تمؾ رأى صورة الرئيس معمقة ، فما أف راىا حتى صاح مرة تالية وعندما أخذوىا إلى المحكمة الميدانية كاف ال بد وأف تصطحبو معيا ، فمما كانوا أماـ المجنة تدر أمو وقتيا كيؼ نجت لكنيا وفي

لى التفت معقؿ فرأى تمثاؿ رأس األسد في زاوية الغرفة قريبا منو فبصؽ عميو وقاؿ نفس العبارة ، فأمر الضابط باقتياد األـ وابنيا فورا إوصارت أمو كمما حاولمت أف تسكتو أو تسد لو فمو ازداد صياحا وتردادا ". . طظ أسد"بكي وىو يصيح المنفردة لمتأديب ، فجعؿ معقؿ ي

! وكاف عمييا أف تتحمؿ المعاناة في المنفردة مف جديد بسببو أو بسبب مف لقنوه العبارة وحمموىا الثمف . . لمعبارة

!إثاره الشغب إجسر الشغور أيضا ، وىي أـ ألربعة أطفاؿ شارؾ زوجيا في إيواء بعض المبلحقيف ببيتيـ وممف سبقننا إلى قطنا أيضا كانت أـ ىيثـ مف

وفيما تـ إعداـ الزوج . . فداىمتو الخابرات واشتبكت معيـ ، فقتؿ البعض وفر اخروف واعتقؿ أبو ىيثـ وزوجتو وذاقا معا أشد أنواع العذاب وىي نفس التيمة التي وجيت ألـ معقؿ وأـ عبد الباسط وابنتيا . . جف بتيمة إثارة الشغب فيما بعد كما ترجح أـ ىيثـ فقد تـ استبقاؤىا في الس

وأماسميحة وفاطمة ، وىما بنات خاؿ وبنات عمة مف مرج خوخة . 74عائدة في المحكمة الميدانية ولـ يخرج ىؤالء جميعا إال أواخر عاـ سنة 04وكاف عمر فاطمة وقتيا. مبلحقيف الذيف التجأوا إلى الجباؿ حوؿ قريتيـ بمحافظة البلذقية فقد خرجتا مع مجموعة مف أقربائيما ال

وىناؾ في الجبؿ جمست البنات مع المجموعة الياربة يطبخف ليـ . سنة 07سنة ، وكانت معيـ بنت ثالثة اسميا غنية عمرىا 05وسنيحة وحصمت مقاومة انتيت باستشياد غنية وبعض الشباب اآلخريف ، ويساعدنيـ في بعض األمور حتى جاءت عمييـ فسادة فداىمتيـ الخابرات

وقد أخذوىما بادئ األمر إلى سجف الشيخ حسف بدمشؽ ليوميف أو ثبلثة لـ تسمما خبلليا مف التعذيب ثـ . واعتقاؿ سميحة وفاطمة وكاف مف . يف اعتقموا معيما إلى تدمر جميعا وفيما لـ يسمموا غنية ألىميا ودفنوىا بأنفسيـ فقد تـ نقؿ الشباب الذ. أحضروىما إلى قطنا

. ء نزيبلت الميجع الثاني قبمنا أيضا سيدة مف البلذقية اسميا أـ محمود كامؿ في الخمسينيات مف عمرىا ، ومي جدة وأـ ألربعة أو خمسة أبناوفي البداية تـ سجنيا . يـ عف طريؽ أحد أقربائيا وكاف اعتقاؿ أـ محمود قبؿ اعتقالنا بأياـ فقط بتيمة مساعدة المبلحقيف بتأميف وثائؽ سفر ل

وقد تحدثت أنيـ عذبوىا وضربوىا دونما أية مراعاة لسنيا ، وظمت في . في كفر سوسة قبؿ أف نأتي ىناؾ ولكنيـ نقموىا بسرعة إلى قطنا . السجف بعد ذلؾ ولـ تخرج إال معنا

!تجسس مزدوج رياض الترؾ الزعيـ الشيوعي المعروؼ ، وىي طبيبة في الخمسينيات مف عمرىا ، وكانت ومف نزيبلت قطنا كانت أسماء الفيصؿ زوجة

موجودة ىناؾ في الميجع الثاني مف قبؿ أف نأتي ، وأظف أنيا كانت قد أمضت في السجف ثبلث سنيف قبمنا ، لكنو تـ اإلفراج عنيا بعد أشيرفي نفوسنا انطباعا حسنا عنيا ولمسنا طيبيا وحسف تصرفاتيا معنا ، وذلؾ عمى العكس قميمة مف لقائنا بيا ، وبرغـ قصر الفترة إال أنيا تركت

مف أميرة زركمي التي كانت شريكتيا في الميجع عند وصولنا أيضا ، وىي سيدة دمشقية كردية األصؿ في الخامسة واألربعيف مف عمرىا ، وبعد اكتشافيا سجنت في سورية ! تجسس المزدوج لصالح العراؽ وسورية معا متزوجة مف عراقي وتشتغؿ معو في السفارة العراقية ومتيمة بال

وكانت ىذه السيدة ال تكؼ . فيما صدر عمييا الحكـ في العراؽ باإلعداـ غيابيا وطمقيا زوجيا بعد ذلؾ ، وخرجنا مف السجف وىي ال تزاؿ فيو ثارة المشاكؿ معنا والحديث بالسوء دوما عف اإلخواف ستخرج . . بكره شوفوا -9 ، وكانت ال تكؼ عف ترديد قوليا عمى مسامعنا عف إيذائنا وا

والذي حصؿ أننا خرجنا جميعا في النياية وبقيت ىي تنظر إلينا . . كؿ السجينات وسجينات اإلخواف جالسات ينظرف مساكيف بأعينيف ! ولـ يفرجوا عنيا إال بعدنا بسنة أو ربما سنتيف . . بأعينيا سبحاف اهلل

!ضحاياكانت حياة السجف في قطنا مختمفة عف سابقتيا بكفرسوسة ال ريب ، والميزات والتحسف الذي وجدناىا نعمة كبرى ، لكف السجف يظؿ في كؿ

وبعد أف يفقد اإلنساف في السجف طعـ الحرية تمتد بيف ناظريو مف ثـ قائمة. . والقيد قيد حتى ولو كاف مف ذىب . . اإلعتبارات ىو السجف نحاوؿ . . وعمى العمـو كنا في النتيجة مجبريف عمى التكيؼ والتعايش . . أطوؿ مف أف تعد مف أصناؼ المشاكؿ واالالـ والمعاناة المتنوعة

لـ نكف نختمط في البداية مع السجينات القضائيات ألف األبواب . كمما ضاقت عمينا الحاؿ أف نجد منفسا جديدا يعيننا وييوف عمينا الخطوب

Page 45: خمس دقائق وحسب

ضباف انت تفتح لنا بالتناوب ، مجموعة في الصباح واألخرى في المساء ثـ يعكسوف اآلية في اليـو التالي ، لكننا كنا نتكمـ معيف مف وراء القكوكنا ننصحيف أحيانا ونرييف أغبلطيف ، لكننا وجدنا الكثيرات منيف كف . . ونستمع إلى قصصيف فنجد في ذلؾ بعض التسمية والترويح

ولقد نجحنا ذات مرة في المساعدة عمى استنقاذ إحداىف مف واقعيا السيىء . وء تربية األىؿ أو ظروؼ السوء التي أحاطت بنشأتيف ضحايا سلى بيتيا ومستقبميا المظمـ ، فنتيجة لخبلؼ معيـ قاـ أىؿ ىذه الفتاة بطردىا مف البيت ببل رجعة ، فمـ تجد مف يؤوييا إال امرأة قوادة أخذتيا إ

بيا في ىذا الطريؽ ، فمما أحسسنا أنيا ضحية تدفع ثمف سوء تصرفات الغير سعينا لئلتصاؿ بباحثة اجتماعية كانت تأتي ضمف ومضت مجموعة مف الباحثات لتعمؿ وسط السجينات ، وعمى الرغـ مف أف اإلتصاؿ كاف محظورا بيننا وبيف ىؤالء الباحثات أو حتى مع طبلب

دراسة حاؿ السجف والسجناء القضائييف ، إال أننا وفقنا في اإلتصاؿ معيا بطريقة ما ، وبعدما أطمعناىا عمى الحقوؽ الذيف يحضروف دوريا ل رأينا ومعموماتنا تفاعمت الباحثة معنا ومع السجينة ، ولـ تمبث أف أخذتيا إلى المحكمة وعالجت ليا وضعيا ىناؾ ووجدوا ليا مف ثـ شابا

. زوجوىا إياه

!القروانة ذا ! كاف المقاـ ىنا ىو الحديث عف مواصفات سجف قطنا فإف مف الطريؼ اإلشارة إلى وضع الطعاـ الذي كنا نتناولو في ىذا المنزؿ الجديد وا

ما كانت تصؿ إال وقد كدنا نموت كمنا مف الجوع " القروانة"فمقد كانت الوجبات الرئيسية تأتينا مف سجف القمعة بحمؿ أو صواني معدنية ، لكف فإذا وصؿ أنزلو الشرطة في . . فمقد كاف عمى السيارة أف تقؿ السجينات القضائيات إلى المحكمة وترجعيف وتأتي بالطعاـ في الطريؽ . .

. . وأقؿ . . وضعتي ليا أكثر 9 لكف المشاكؿ والخناقات سرعاف ما كانت تندلع . . باحة السجف وفتحوا لمسجينات ليتجمعف ويتوزعنو بينيف فمما ازدادت المشاكؿ عيف مدير . . وال ينتيي األمر إال وقد تفرقت القموب واشمأزت النفوس . . وال نريد تمؾ . . أف توزع لنا ونريد ىذه

واذا كانت ىذه كيفية توزيع ! السجف غزوة ليذه الميمة ، وظمت المسكينة حتى خروجيا موكمة بتوزيع وجبات الطعاـ عمى كؿ السجينات فكثيرا ما كنا إذا حضرالطعاـ وبدأنا نحركو طفت الصراصير عمى سطحو أو تميمت حتى نمتقطيا . . كانت قصة أخرى الطعاـ فإف نوعيتو

واذا بكر السائؽ في الوصوؿ . . وكاف اعتياديا أف تصمنا الصواني وآثار أقداـ المرافقيف منطبعة عمييا وقد وطأتيا أثناء النقؿ ! بيف األسناف وصرنا ! عمى باب السجف الخارجي فتسبقنا الكبلب والقطط إلى الطعاـ قبؿ أف يحضر مدير السجف ويفتح الباب " ةالقروان"لسبب ما رمى

وبعد ذلؾ سمحوا لنا رسميا بذلؾ فصارت أـ ديبو . . مع طعاميا شيئا نأكمو -سرا بالطبع -لذلؾ نطمب مف إحدى السجانات أف تشتري لنا كذلؾ كانت ىناؾ مشكمة أخرى في الماء الذي لـ يكف يصؿ عبر ! وتبيعيا لنا ولكف بأسعار مضاعفة إتأتي باألغراض -السجانة األخرى

نما كاف عمينا أف ننتظر وصوليا إلى المياجع بالتناوب مف حنفية رئيسية في السجف مددوا منيا خرطوما متفرعا الحنفيات في المياجع ، وا وكاف الماء لذلؾ أحد أسباب . . بالساعة ، ويتحكـ كؿ ميجع بالميجع الذي يميو إذا شاء عمى كؿ الغرؼ ، وكانوا يديرونو عمى المياجع

طبلعنا عمى منجزات النظاـ الرائدة إ" ثوريا"وعندما حضر جياز التمفزيوف إلى الميجع بمرسـو مف إدارة المخابرات لتثقيفنا ! المشاكؿ بيننا ! وا مف طرائؼ التمفزيوف أف الحاجة رياض تصر عمى أف يمتـز الجميع اليدوء والسكينة وكاف. . حضر سبب جديد لمخبلؼ بيف النزيبلت

ولقد حصؿ فيما بعد وأثناء ما سمي ببيعة األبد ! ويصغوا باىتماـ إلى كؿ نشرات األخبار لعؿ خبرا يصدر بالعفو عنا فتكوف أوؿ مف يتمقاه ف عف الخدمة العسكرية فقط ، لكف الحاجة رياض التي واظبت عمى سماع أف صدر عفو بالفعؿ ولكف عف المتخمفي 74لمرئيس األسد عاـ

فمما سمعنا التفاصيؿ أسقط . . الحمد هلل سأرى أمي -9 األخبار انتظارا لمثؿ ىذا النبأ سقطت فور سماع الموجز مغشيا عمييا وىي تصيح ! بقيت أياما عمى اثرىا غارقة في لجج الدموع واألحزاف . . ض في نفوسنا وسقطنا مكسوري الخاطر ، لكنيا كانت فاجعة بالنسبة لمحاجة ريا

!حريق ومما ال يغيب عف الباؿ مف أياـ سجف قطنا النار التي شبت أكثر مف مرة ىناؾ شاىدا جديدا عمى قساوة الحياة التي نحياىا وعنصرا اخر مف

األولى اشتعمت النار في حماـ ميجع القتؿ فالتيمت سجينة متيمة بقتؿ ففي المرة . . عناصر األلـ والتوتر واإلضطراب التي تمفنا باستمرار ووقتيا كنت أنا وماجدة عمى . . وامتدت النار إلى الميجع كمو فأحرقتو وكادت تودي بحياة السجينات األخريات . . زوجيا اسميا فاطمة

قتيا ويستغثف بي ، لكف األبواب كانت مقفمة عمينا جميعا ، فجعمف يناديف عمي و . . شباؾ ميجعنا المطؿ عمييف نقرأ القرآف بعد المغرب فمما وصمت . . فجعمنا ننادي بدورنا عمى السجانة أـ ديبو لتفعؿ شيئا ، لكنيا لـ تكف ترد عمينا في العادة بعد إقفاؿ المياجع وال تستجيب

Page 46: خمس دقائق وحسب

قرعت أـ . . الكيرباء وأوعية الغاز في المطبخ المجاور ألسنة النار إلى ساحة السجف وغطى الدخاف المكاف كمو وكاد الحريؽ يطاؿ أشرطةوفي النياية وأثناء اليرج . . وحضر العناصر يحاولوف في ظممة الميؿ تبيف مصدر الحريؽ دوف جدوى . . ديبو جرس اإلنذار آخر األمر

لكف الناركانت قد التيمت . . النار وعف المكاف والمرج قامت إحدى سجينات الميجع نفسو فأطفأت ببطانيتيا النار عف السجينة التي شبت بياوكاف أنيف المسكينة طواؿ ذلؾ وىي في غيبوبتيا يمنعنا النـو ويزيد مف عذابنا . . جزءا كبيرا مف جسد فاطمة فأسممت الروح بعد أسبوع

ثانية فكانت في ميجعنما نفسو عندما اندلعت النار في وأما المرة ال. . ورائحة لحميا المتقيح تزكـ األنوؼ وتزيد في معاناتنا وألمنا . . النفسي أثناء استحماـ واحدة مف البنات ، فقامت مف اضطرابيا بقفؿ الباب بدال مف فتحو والتجأت إلى الزاوية التي تقابمو مف الحماـ ، " البابور"

فاضطررنا إلى كسر القفؿ ، ودخمت ماجدة جزاىا . . ا فصارت النار بينيا وبيف الباب وكادت األخرى تحترؽ ، لكف لطؼ اهلل تداركيا وتداركن . اهلل خيرا فحممت البابور ال تبالي بالنار المشتعمة فيو ، فأخرجتو إلى العتبة وألقتو ىناؾ ، واحترقت يدىا بسبب ذلؾ

!رحميم اهلل ولقد تنعمنا في . بالزيارات كانت في طميعة ذلؾ كمو واذا كانت ميزات سجف قطنا المدني اإليجابية ال تعد قياسا بكفر سوسة ، إال أف السماح

وكنت أتمقى البريد منيـ جميعا ، . . فترة مف الفترات بحرية المراسمة ، فكتبت إلى بيت أخي بحمب وبيت عمتي وحتى أـ شيماء بالسعودية الكتب والمطبوعات ، فيما استمرت الزيارة األ لكف ذلؾ لـ يدـ أكثر مف شيريف أو ثبلثة ثـ عاد نظاـ الرقابة الصاـر عمى الرسائؿ وعمى

وبعد أف . . كاف االىالى يتوافدوف مف شتى المحافظات الى سجف قطنا منذ الفجر يترقبوف ساعة المقاء . سبوعية كؿ يـو جمعة ولـ تتوقؼ. . قد انتصؼ عى أحسف األحواؿ يتجمعوا عمى البوابة ساعات طواال ويعف عمى باؿ المسؤوؿ يوميا السماح ليـ بالدخوؿ يكوف النيار

أو اليدايا واألغراض التي جمبيا الزائروف فيستبعد ما قد يخالؼ " الزيارات "فيسوقونيـ إلى قاعة الزيارة كأوؿ خطوة ، وبعد أف يتـ تفتيش . . نصيبا منو أو عطاء عميو التعميمات أو ال يوافؽ ىوى العنصر القائـ عمى التفتيش ، ويجاز المسموح أو ما يمكف أف يناؿ العنصر نفسو

يا بعد ذلؾ يطؿ الزوار عمينا وبيننا وبينيـ حاجزاف مف القضباف بينيما ممر يبقى رجاؿ الشرطة يتسكعوف فيو يراقبوف أحاديثنا ويتدخموف فيبمنا اإلتصاؿ بأىالينا وكانت ليمة ال توصؼ ونحف ننتظر أوؿ يـو جمعة بعد وصولنا لنطمب مف أىالي السجينات ق! بعض األحياف وفينا إ

خبارىـ بانتقالنا وبمكاننا ، فمما حضر أىؿ غزوة حينيا رجوتيـ أف يفعموا ذلؾ مع أىمي لعميـ يحضروف الجمعة التالية ، ولـ أكف أعمـ أف وا نوا يعمموف بالطبع ، أحدا منيـ لـ يعد عمى قيد الحياة وأنيـ قد قضوا نحبيـ قبؿ حوالي ثمانية أشير في أحداث حماة ، لكف أىؿ غزوة كا

الكبير عبلوة عمى أف والدتيا نفسيا استشيدت في األحداث ، لكنيـ عادوا في األسبوع التالي واعتذروا بأنيـ لـ يعرفوا مكاف أىمي بعد التغيير ة التالية حضر أىؿ وفي الزيار . . وجعموا يحدثونني عف األحداث ولكف أحدا لـ يذكر شيئا عف أىمي وعائمتي . . الذي حصؿ في المدينة

ـ رفيقتي سناء فرجوتيـ أف يذىبوا إلى دار عمتي في دمشؽ ويخبروىا بانتقالي ، فمما اجتمعوا معيا وعمموا أخبار أىمي منيا أشفقوا عمي ولفوجدوىا مريضة ولـ يسالموىا يثاؤوا إخباري ، وأجابوني في زيارتيـ التالية أنيـ لـ يستدلوا عمى البيت ، وفي الزيارة التي تمتيا قالوا أنيـ ذىبوا

أمؾ ذىبت إلى عمتي وعمتي . . تعالي ألقوؿ لؾ -9 عف أىمي ، وبدأت أحس أف في األمر شيئا غيرطبيعي ،فمما ذىبوا قمت لسناء مواجية إذا كاف مات فاهلل . . اهلل يرحمو9 قمحت . اهلل يرحمو 9 فماذا ىناؾ ؟ ىؿ مات أبى فمـ تتمالؾ نفسيا وردت بصوت خافت . . قالت ليا شيئا

ماذا يمكف أف . . اهلل يرحمو 9 ىكذا بكؿ سيولة اهلل يرحمو ؟ قمت ليا وكأف ألـ السجف يسيؿ عمى اإلنساف كؿ شيء 9 فقالت لي . يرحمو مات أحد اخر معو ىؿ9 فوجدتيا تبكي وبقايا كبلـ ال تزاؿ عمى شفتييا ، فقمت ليا ! أفعؿ لو إذا مات ؟ لو نطحت رأسي بالجدار فمف يرجع

. . ذىبوا مع أمؾ 9 وأيف إخوتي إذا ؟ فقالت لي . . ولي 9 صحت . اهلل يرحميا 9 أمي ماتت ؟ قالت 9 قمت ليا . ؟ فأشارت لي نعـ برأسيا أليس . . يرحميـ اهلل . . إي كميـ 9 قالت ! ىؿ تمزحيف ؟ كؿ إخوتي ماتوا . . بماذا تخرفيف 9 قمت ليا ! لـ ترض بأف تتركيـ فأخذتيـ معيا

وما عدت . ال تزيدي . . إي طيب خبلص 9 قمت وأنا كمف يتخبط في كابوس مرعب ! ذلؾ أحسف مف أف يبقى أحد منيـ وينشغؿ بالؾ عميو يا ولـ تمبث عمتي وعمي أف حضرا في الزيارة التالية فمفت نظري أف وجدتيا تمبس السواد وساكت. . أريد أف أفيـ أي شيء أو أسمع المزيد

. ال 9 ىؿ توفيت جدتي ؟ قالت لي 9 قمت ليا ! ىيؾ واهلل جاي عمى بالي األسود 9 لماذا تمبسيف األسود ؟ فقالت لي . . عمتي -9 مستغربة ! لماذا تغمزني . . عمي -9 غمزني عمي بطرؼ عينو ألغير الموضوع ، لكنني لـ أتمالؾ نفسي وقمت لو ! إذا لماذا تمبسيف األسود 9 قمت فقمت ليا مف . لؤلشيء حدث . . الشيء -9 ناؾ شيء ؟ قاؿ لي وىو ال يريد إعادة القصة أماـ عمتي التي صدمت جدا بما حدث ىؿ ى

Page 47: خمس دقائق وحسب

أال . . كيؼ تسالينيا ىذا السؤاؿ -9 فابتسمت لي ابتسامة حزف وابتدرني عمي بقولو ! صحيح لماذا تمبسيف األسود؟ ترى نقز قمبي 9 جديد عندي خبر بأف أىمي استشيدوا ، لكف أنا أساليا لماذا ىي البسة . . نعـ 9 وكأني عدت إلى ذاكرتي تمؾ المحظة وحسب تعرفيف الخبر ؟ قمت

فقاؿ لي عمي وىو يراني أمامو ! ونسيت أنيا متشحة بالسواد حزنا عمى بيت أخييا . . ولـ يخطر لي أنيا تمبسو عمى أىمي . . األسود ألف الشييد . . أنظري ، إذا مرة ثانية ستأتيف البسة أسود لعندي فبل تأتي 9 قمت ليا ! ىؿ فيمت . . أىمؾ إي حزنانة عمى 9 أتصرؼ بببلىة

. حي مو ميت ، واذا أردت أف تحزني عمييـ ألنيـ أحياء فبل تأتي لعندي

!وشاب الشيود تي انفجرت وقتيا في البكاء وأخذ عمي ييدىء مف كانت العبارة قاسية عمى عمتي ، لكف الحالة كانت أقسى عمى نفسي وأشد ، ورغـ أف عم

لكنني لـ أسمع . . روعيا فما سكتت إال بصعوبة ، إال أنيا تفيمت حالتي ال ريب ، ولما عادت في المرة التالية أتت وقد غيرت السواد بالفعؿ لذي غطى رأسو والكرسي المتحرؾ الذي أقعده نبأ قصة أىمي بالتفصيؿ إال مف أـ ماجدة التي حضر والدىا أوؿ مرة فمـ تكد تعرفو مف الشيب ا

بييا اعتقاليا عميو ، فمما تأكدت أنو أباىا جعمت تقفز مف فرحتيا وقد عقدت الفرحة لسانيا فبل تستطيع الكبلـ ، فمما استدركت نفسيا قالت ألوكاف والدىا حزبيا ضد اإلخواف فتوقعت أف تكوف لديو ! ي واهلل شيبتيني يا بنت9 فقاؿ ليا . . تاري شايب . . واهلل ما عرفتؾ -9 وكأنيا تعتذر

وفي الزيارة . أنا ات ورافع رأسي ولي الشرؼ والحمد هلل . . انظري -9 ردة فعؿ ضدىا أيضا ، لكنو لما راىا أوؿ ما حضر بكى وىو يقوؿ أبمغتني باستشياد أخي وارؼ ، وقصت عمي القصة مف التالية حضرت أـ ماجدة فكانت فرحتنا معا بيا ال توصؼ ، وأبمغتني أـ ماجدة أوؿ ما

عد بداياتيا ، فقالت بأف الخابرات كانوا بعد خروج أمي مف السجف قد استبقوا كمينا في بيتنا وفي ظنيـ أف إخوتي سيأتوف لمسبلـ عمى أمي بيب عمى أبي ، فيخرجونو بيف فينة وأخرى إلى خروجيا فيعتقمونيـ ، فمما لـ يجدوا جدوى مف ذلؾ ولـ يحضر أي منيـ جعموا يعتدوف بالتعذ

ع حديقة كبيرة كانت أماـ بيتنا عمى طرؼ العاصي ويعذبونو أماـ الناس فييا ، فيضربونو مرة ، ويحرقوف لو ذقنو مرة ، ويجرجرونو في الشار ذالال لو وتخويفا لغيره سممينا أوالدؾ لنكؼ -9 ا مسؤوؿ الدورية وكانت أمي تخرج عمييـ وىي تصيح وتدعو ، فيقوؿ لي. . أخرى ، إىانة وا

حتى أراىا بعيني وأمسكيا بيدي ألقوؿ لؾ أيف بقية أوالدي ، . . سممني إياىا بيدي 9 فترد عميو بتحد كعادتيا . . عف زوجؾ ونعطيؾ ابنتؾ وكاف )ية حينما استشيد أخي وارؼ في حمب ثـ كانت الفاجعة التال. لكف واهلل طالما أنيا غير موجودة أماـ عيني فمف تأخذ شيئا ولو قتمتني

يوما فقط مف استشياد أىمي ، 05أثناء مداىمة بيت أوت إليو مجموعة مف المبلحقيف كاف مف بينيـ وذلؾ قبؿ ( عاما وحسب 07عمره رؼ ىناؾ وتبكي عمييا ما وبرغـ الفاجعة فإف أمي اثرت أف تكتـ الخبر عف أبي وىو بحالتو تمؾ فكانت تذىب عند أـ ماجدة وتخرج صورة وا

لكف ذلؾ لـ يمنعيا أف تحاوؿ زيارتي في السجف بأي وسيمة ، ولـ تمنعيا النوازؿ أف . . شاءت حتى تطفىء حرقة قمبيا فتعود إلى البيت سفيف ، ىذا واهلل آ -9 تمضى إلى كفر سوسة مع أـ ماجدة مرة فتقابؿ ناصيؼ مف جديد وتساس إذنا بزيارتي ، فكاف كؿ الذي أجابيا بو

وعندما تركت مكتبو وقفت أماـ نافذة ميجعنا المطمة عمى ساحة . . كما روت لي أـ ماجدة أف تجف -فكادت أمي ! اإلسـ غير موجود عندنا لكنيا لـ الفرع الداخمية والتفتت إلى أحد العناصر مف ليفتيا تسالو راجية أف يخبرىا ولو بإشارة مف طرؼ عينو إف كنت ال أزاؿ ىناؾ أـ ال ،

وظمت وظموا جميعا عمى حالتيـ تمؾ حتى كانت . . تحظ حتى بتمؾ اإلشارة وغادرت مموعة القمب دوف أف تراني أو تسمع عني أي شيء . بداية األحداث في حماة

شيداء أحياءضة وقتذاؾ لـ نسمع بأدنى خبر لكننا في عزلتنا المفرو 71كنا ال نزاؿ في سجف كفر سوسة حينما تفجرت أحداث حماة الشييرة في شباط

عنيا ، وعمى الرغـ مف تسرب بعض األنباء لبعض البنات بيننا إال أف المقدـ ناصيؼ حذرىف أشد التحذير مف أف يتحدثف عنيا أو أف ىنا وىناؾ ، فمما يعممنني بشيء عف مصيرأىمي ، فمما نقمنا إلى قطنا بدأ الخبر يصؿ إلي والقص التي ال تصدؽ والفاجعة الرىيبة تبمغني مف

حضرت أـ ماجدة روت لي المزيد مف تفاصيؿ ما جرى وخاصة فيما يتعمؽ بأىمي رحميـ اهلل ، وقالت بأف البداية كانت حينما رأت في مناميا صافي وىـ أف إخوتي الصغار يناموف عمى سرير واحد ولكنيـ غارقوف في الماء ، وأحست أنيـ برغـ غرقيـ فقد كانوا يتمايموف في الماء ال

فمما استيقظت حدثيا قمبيا بأف أىمي في خطر، فقامت مف فورىا . . ثـ رأت أمي تدخؿ وترقي عمييا فتنقسـ في حجرىا إلى قسميف . . أحياء الذي " حي الطوافرة"ورجت زوجيا أف يذىب ويستطمع أمرىـ ، ويجيد لكي يعود بيـ معو إلى البيت ، ولما كاف أىؿ ماجدة قد انتقموا مف

Page 48: خمس دقائق وحسب

جاورونا فيو طويبل إلى حي جديد عمى طريؽ حمص ، مما جعميـ عمميا مف سكاف الضواحي ، فقد كاف عميو أف يقطع مسافة طويمة حتى د يبالغ محيط المدينة القديـ ، فمما خرج بعد صبلة صباح ذلؾ اليـو وشارؼ حماة وجدىا مطوقة مف كؿ مداخميا ، فمـ يستطع التقدـ أكثر وعا

وانقطعت حماة عف العالـ بينما المذابح تجري في شوارعيا وأىميا يموتوف . . وعـ القتؿ والتدمير . . وانفجرت األحداث . .ناجيا بنفسو وأثناء ذلؾ حاولت عمتي مف جيتيا الذىاب مف دمشؽ إلى حماة الستطبلغ حاؿ أىمي ومساعدتيـ في شيء ، ورغـ أف محاولتيا . . بالمئات

وافقيا عمييا حتى زوجيا ، إال أنيا أصرت عمى المحاولة ، وتمكنت مف دخوؿ المدينة بالفعؿ حتى شارفت عمى الحي تمؾ كانت انتحارية لـ يى الذي نسكف فيو ، إال أف القوات العسكرية ردتيا مف ىناؾ وما سمحوا ليا باإلستمرار ، ووقتيا كانت أربعة أياـ قد مضت عمى أبي وىو ممق

! عمى رفع جثتو في الشارع ال يجرؤ أحد حتى

!كسره خبزو حسب أما حادثة استشيادىـ فبدأت عندما اعتصـ أفراد مف المقاومة في حينا واستعصى عمى القوات الحكومية اقتحامو ، فأحكموا الحصار حولو ومنعوا المؤف والكيرباء والماء عف الحي كمو ، واستمر الحصار لسبعة أياـ كما سمعت حتى لـ يبؽ في بيتنا مف الطعاـ أو الماء شيء ،

عؿ يسأؿ طميعة القوات المحاصرة بعض ما يقيت األطفاؿ ، وروى لي خالي الذي كاف يشيد الحادثة مف شباؾ بيتو المطؿ عمى فخرج أبي وجالمكاف أف الجندي انتير أبي وأمره بالعودة مف حيث أتى ، لكف أحدا لـ يكف ليستطيع أف يسكت جوع األطفاؿ ، فخرج أبي مرة أخرى يقوؿ

لكف ذلؾ لـ يرد أبي إال لبرىة ، عاد . إرجع أحسف ما أرشؾ وأرميؾ باألرض 9 فأجابو الجندي منتيرا . خبزلمصغار فقط نريد قطعة-9 لمجنود وصاح . . في تمؾ المرة لـ يجبو الجنود إال بزخة رصاص أردتو عمى باب بيتو . . لممرة الثالثة بعدىا يساليـ خبزا فاألوالد يكادوف يموتوف

قط مف ىوؿ المنظر مغشيا عميو ، فمما ركضت زوجة ابنو لتحممو لمحيا الجنود فالقوا عمى البيت قنبمة ضوئية خالي مف بيتو المقابؿ وسفي تمؾ المحظات وعندما سقط أبي برصاص . . لتكشؼ كؿ ما فيو واقتحموا عمييـ وانتشروا في كؿ مكاف فيو متدرعيف بالنساء واألطفاؿ فيو

البيت حيث كاف الجميع قد التجأ فخرج ليستطمع األمر ، فمما رأى أباه صريعا أمامو ارتد إلى حجرتو الجنود سمع أخي ماىر الصوت مف قبو واندفع ماىر خارج البيت ! ولـ يكف عمره قد جاوز الثالثة عشرة بعد " قد سمموه إياه ليدافع عف أمف الثورة" شبيبة الثورة"وتناوؿ سبلحا كاف

ولقد قاؿ ناصيؼ خير بؾ لماجدة ولبقية . . أباه ، فأصاب منيـ مف أصاب قبؿ أف يردوه ىو اآلخر قتيبل يطمؽ النار عمى الجنود الذيف قتمواولذلؾ جعمنا الصغير فييـ أربع قطع ألف . . ىؤالء كميـ خونة . . أعطيناه السبلح ليحمينا بو فقتمنا بو -9 رفيقاتي بعد ذلؾ عنو بكؿ صراحة . . بعد ذلؾ خرجت أمي تدعو عمييـ وتبكي وتستنزؿ المعنات ، فأكمموا جريمتيـ ورشوىا أماـ الباب أيضا ! بذرتو إخواف وكاف سيطمع إخواف

ياسر ابف أربعة أعواـ ، وقمر ابنة خمسة ، ورنا في السادسة ، وصفا التي كانت قد 9 ثـ دخموا عمى البيت فأجيزوا عمى كؿ مف بقي فيو وأما أخوتي الثبلثة المتبقيف . . توىا السبعة أعواـ ، ثـ أختي ظبلؿ التي كانت في العشريف تقريبا دخمت المدرسة في أوؿ سنة ليا وقد بمغت ل

فكاف صفواف أوليـ خارج سورية ، وغساف وسامر متخفياف في حمب ، فكانوا الناجيف مف بيف بقية األسرة التي قضت جميعا ، وبالطبع فقد تـ ودفنوا في مقابر جماعية دونما تمييز وذلؾ قبؿ أف يتـ رفع حظر التجوؿ ووقؼ القتؿ والتدمير بأياـ جمع جثث الجميع مع بقية القتمى في البمد

وعندما تمكف الناس مف الخروج مف مخابئيـ اخر األمر وتوجو عمي وزوجتو ليروا ما حدث لـ يجدوا إال غطاء رأس أمي عند بوابة البيت . . . راف القبو وفوؽ أرضو دـ إخوتي البقية وال أثر لجثة أي منيـ وسط بقعة كبيرة مف الدـ ، ووجدوا عمى جد

حي عمى الجيادوكانت أمي قد أرسمت . اذار 7وأما أخي عامر الذي كاف في الرابعة عشر مف عمره فقد استشيد في نفس الفترة بعيدا عف أىمي في شارع

لى السعودية حتى ال يأ تي المخابرات ويجدوا البيت خاليا فيسرقونو كعادتيـ ، لكنيـ لما أتوا عامر ليجمس مع جدتو في بيت أخييا المسافرا فعندما وجدوا عودا مف ممتمكات خالي جمسوا يدقوف عميو وقد انيمؾ بقيتيـ في العبث بمحتويات الغرؼ األخرى . . لمتفتيش فعموا ما ىو أسوأ

ـو فترقص ليـ ، في الوقت الذي اختبأ عامر تحت السرير فما وجدوه ، ببل رقيب أو حسيب ، ثـ طمبوا مف جدتي وسط قيقياتيـ الفاجرة أف تقومف رعبيا وخشية منيا أف يتمادوا معيا أو أف يعثروا عمى أخي قامت جدتي بسنيا الذي قارب السبعيف فامتثمت ورقصت بييبتيا ووقارىا

فخمع أخي ساعتو . . ادى مناد في المآذف ا احي عمى الجيادا ا فمما انصرفوا وقد نيبوا ما أرادوا وحطموا أكثر مما نيبوا ن. . وتقاىا ليـ .. ىذه الساعة ذكرى مني خمييا معؾ وأعطييا ألمي ذكرى وادعي لي -9 وتوضأ وصمى ركعتيف سنة الشيادة ودفع إلييا بالساعة وقاؿ ليا

Page 49: خمس دقائق وحسب

وقد دخؿ سوؽ الطويؿ حيث كاف اإلخواف يعتصموف ورأتو آخر ما رأتو . . وخرج راكضا وجدتي تناديو أف يا عامر تعاؿ وىو ال يستجيب عاـ بداخمو ، ولـ يخرج بعدىا إال مرة واحدة طرؽ الباب فييا عمى إحدى القريبات حافي القدميف ممزؽ الثياب يساليا أف تمنحو أي نوع مف الط

ه العائمة مف األوالد إال البنات ، فاحتارت أوؿ األمر ولـ يكف لدى ىذ. . أو المباس لدييا ، وأخبرىا بأف رفاقو يكادوف يموتوف مف الجوع والبرد ، ثـ أعطتو ما توفرمف جاكيتات وكنزات كبيرة الحجـ يمكف لمشباب أف يستخدمونيا ، وأعدت لو بعض الطعاـ وأشياء أخرى أخذىا وذىمب ،

لمخابرات ، وبعد انتياء األحداث حفروا ثانية ونقموا وفي اليـو التالي وجدوه مستشيدا في نفس الشارع ، فأتى رفاقو ودفنوه مكاف مسجد ىدمتو اوىكذا تمقيت نبأ استشياد والدي وخمسة مف إخوتي ! الجثة إلى المقبرة ، ولكننا لـ نعرؼ لؤلسؼ أيف بالتحديد ألف الذي دفنو استشيد أيضا

شفا قا عمى ، إال أنني سبحاف اهلل لـ أحس الخبر مفجعا مرة واحدة ، وبمغني الخبر الذي كانت البنات تخفينو عني طواؿ شيور رحمة بحالي وا وكؿ منا يدعو اهلل متمنيا أف يرزقو . . كما ظف اآلخروف ، ولـ أحزف عمييـ حزني عمى أحبة فقدتيـ ألنيـ في حالتيـ ىذه شيداء إف شاء اهلل

اس إليو ؟ إننا نخاؼ مف الموت فقط حيث الحساب الشيادة كرما منو سبحانو وفضبل ، فكيؼ يحزف إف أكـر اهلل بيا أحب األحبة وأقرب الن . وأما الشيادة فيي الحياة الحقيقية ، وىي النعمة التى ال يمقاىا إال ذو حظ عظيـ . . والسؤاؿ واإلمتحاف

!ال لأللم . . إبر لمعقم ثـ لـ ألبث أف سقطت فريسة أمراض . . وعادت دورة الحياة المممة ومعاناتيا تجثـ عمى الصدور أثقؿ مف الصخر األصـ . . ومرت األياـ

اتخذ المرض . . ووجدتني أسقط مف ثـ بيد طبيب حاقد مف أبناء طائفة النظاـ أسوأ مف قطاع الطرؽ . . متتالية لـ أعيدىا في نفسي مف قبؿ قضائيات في األصؿ ، فمما ازداد عدد كاف الدكتور سمير كما ينادونو طبيبا زائرا مكمفا بعبلج ال! ذريعة ليفعؿ بي ما اليخطرعمى قمب إبميس

السجينات السياسيات وتزايدت مشاكميف الصحية جعؿ يخصص بضع دقائؽ مف وقتو بيف الحيف واالخر لمقابمة أصحاب الحاالت الشديدة نا معاممة مخابرات وكاف سميرىذالئيما جدا نحس أنو يعامم! منيف ، وال يزيد عف أف يعطي أسوأىف حاال بعض حبوب مسكنة ال تنفعيـ بشيء

حتى أننا لكثرة ما سمعنا . . ما فيكـ شيء ا ا "الطبيب وعندما نشكولو شيئا ال يزيد عف أف ييزأ بنا ويكرر عمينا عبارة واحدة بشكؿ آلي ميا قد طمبت وكنت في البداية وعندما أخذت القرحة التي ورثتيا مف كفر سوسة تشتد عمي اال. عبارتو تمؾ لـ نعد نسالو شيئا اخر األمر

ىذه األعراض ال دواء ليا ، وعميؾ -9 مقابمتو وشرحت لو حالتي وحدثتو بما أعاني ، لكنو قاطعني في نصؼ حديثي ولـ يزد عف أف قاؿ لي ية وأكرمنا اهلل وقتيا حيف بدأ قريب إحدى السجينات معنا وىو طبيب متمرف بالتردد عمينا وتقديـ األدو ! أنت أف تعالجي نفسؾ بنفسؾ

أت والعبلجات البلزمة لنا بالسر غالب األحياف ، والتي وجدت عمييا تحسنا كبيرا وبدأت أتعافى مف قرحتي شيئا فشيئا ، لكف أعراضا أخرى بدتنتابني خبلؿ ابتداء دورتي الشيرية تصحبيا االـ شديدة ، فاضطررت مف شدتيا مرة أف أطمب مقابمة الدكتور سمير مرة أخرى وأسالو ولو

عا مف المسكنات يخفؼ عني األلـ ، ولـ يمبث بعد أياـ أف استدعى الحاجو مديحة وقاؿ ليا أنيـ شكموا لي لجنة لمنظر في ىذا الوجع الذي نو ، يأتيني وقرروا لي العبلخ ، ووجدتو يرسؿ لي عمبة إبر أخذت اثنتيف منيما بالفعؿ قبؿ أف يأتي الطبيب مف جديد فتحدثو قريبتو بالموضوع

ىذه إبرلمعقـ ال لبللـ وىرع غاضبا ذىب إلى -9 ساليا أف يرى اإلبر وأتت بيا إليو لـ يصدؽ ما يرى ، وصاح فييا وقد تممكو الذىوؿ فمماموفؽ السماف مدير المنطقة ورئيس السجف وحكى لو ما حدث ، ومف غير أية مقدمات انقطع الدكتور سمير عف الحضور إلى السجف

مثمما لـ يأت طبيب اخر مكانو ولـ يحضروا أي . . أحدا لـ يأت ليحقؽ في تمؾ الجريمة أو يستفسر عف حالتي لكف. . وانقطعت أخباره . بديؿ

!بول أم دم وسرعاف ما بدأت أحس أعراضا مغايرة في منطقة . . والببلء لـ ينتو . . لكف األلـ لـ يذىب . . ذىب الدكتور سمير إلى حيث ال أعرؼ

فصار . . وبازدياد نوبات األلـ الذي استمر شيورا أغالبو ويغالبني حتى غمبني في النياية تبيف لي أنو التياب الكمى . .أخرى مف جسدي الدـ يخرج مع البوؿ مني وحصؿ معي استفراغ متواصؿ واسياؿ مستمر ، ومع استمرار الظروؼ الصحية السيئة تفاقمت الحالة حتى فاقت أي

كمو عمى ىذه الحاؿ لـ أستطع بالطبع أف أصـو يوما واحدا منو وال حتى أف ( 73يونيو ) 0343اف مف عاـ وأمضيت شير رمض. . احتماؿ ولـ تكف زميبلتي في الميجع يستطعف النـو مف كثرة تأوىي ونحيبي ، ولـ أعد أستطيع مف شدة ضعفي القياـ حتى إلى الحماـ ، . . أصمي

مؾ الفترة انتشر الفسفس في السجف فكاف ابتبلء آخر زيادة عمى ما أنا عميو ، وكاف إذا سكنت وفي ت. . فكانت البنات يحممنني إليو حمبل

Page 50: خمس دقائق وحسب

وكانت ماجدة جزاىا اهلل خيرا وأجزؿ ثوابيا تسير الميؿ عند ! االمي لحظة تقدمت ىذه الحشرات المقيتة لتذيقني بعضاتيا طعما جديدا مف األلـ وفي النياية وعندما قاربت بالفعؿ عمى الموت تدخؿ العميد موفؽ السماف . . الجيد والجمد طرؼ وسادتي لتمتقطيـ عني بيدييا ما وسعيا

وسمح بإخراجي عمى مسؤوليتو الخاصة وعرضي عمى طبيب مختص ، وأخذوني بالفعؿ بسيارة الشرطة وداروا بي في قطنا حتى وجدوا طبيبة أنني أحتاج إلى تحميؿ ، فمما أخذوا البوؿ ليحممونو سأؿ المحمؿ السجانة التي أخصائية أمراض الكمى فحصتني وأعطتني إبرة مسكف وقالت ليـ

أو أف الزجاجة لونيا بني ؟ وبعد ظيور النتيجة وصفت لي الطبيبة ست إبر كؿ اليـو كانت تعطيني إياىـ . . ىؿ ىذا دـ أـ بوؿ -9 أخذتو قامت إدارة السجف أخيرا بإرساؿ كتاب إلى أمف الدولة بكفر سوسة شرحوا ليـ ف. . أـ معقؿ بنفسيا ، لكف أجنابي تعقرت ولـ أشعر بأي تحسف

ليـو فييا حالتي وطمبوا إذنا ألخذي إلى مستشفى المواساة ، فأتت اإلجابة بالموافقة المبدئية معمقة عمى تقرير الطبيب ىناؾ ، ووجدتني في اوىناؾ وجدت جمعا مف الطبلب التفوا حولي كأنما يريد . . ة مني إلى الصحو التالي محمولة في سيارة الشرطة إلى ىناؾ وأنا أقرب لمغيبوب

كؿ منيـ أف يتدرب في ، وتقدمت طبيبة مف بينيف فخمعت عني جمبابي وفحصتني بشكؿ سريع ثـ أعطتني إبرة مسكف في الوريد لـ أعد أحس وسرعاف ما انتيى ! بنات حولي وكأنني في النزع األخير وعندما استعدت وعيي وجدتني في الميجع مف جديد تتحمؽ ال. . بعدىا بشيء

دد مفعوؿ إبرة المسكف دوف أي تحسف ، فعادوا بعد يوميف أو ثبلثة وأنزلوني إلى المستشفى مرة ثانية ، وتكرر ذلؾ ثبلث مرات أو أربع لـ أز ينة قريبيا الطبيب فوجدتو يستقبمني ىناؾ ومعو أخي وابنة وفي المرة األخيرة أبمغت صديقتنا السج! فييف إال رىقا وثقوبا في أوردة الساعديف

عمي التي كانت تتدرب في نفس المستشفى ، وقاموا فور استبلمي فأخذوني إلى الطابؽ العموي حيث تشتد العناية وتأخذ الفحوصات مسارا ألست أخت صفواف دثغ ؟ قمت -9 سالني بانفعاؿ وىناؾ وجدت مف عجائب األقدار أحد األطباء ييرع إلي فينتحي بي جانبا وي. . جادا ىناؾ

ولماذا أنت مسجونة؟ ولـ يدع لي الفرصة لمجواب . . ماذا حدث لو 9 قاؿ والكممات ترتجؼ عمى شفتيو مف التأثر واإلرتباؾ معا . نعـ 9لو كاف وصفواف زمبلء في الكمية ، وأنو لذلؾ وأسر لي وىو يكمؿ فحوصاتو بأنو. . معميش بيعيف اهلل -9 الذي ال يخفى فقاؿ وىو دامع العينيف

ولما كتب ذلؾ في تقريري ومضى بو إلى مدير المسمتشفى وافؽ عميو . إذا تمكف . . سيجيد لكي يبقيني في المستشفى الستكماؿ العبلج مب مني اإلنتظار عمى باب وبكؿ طيب وحسف خمؽ تقبؿ الخبر الشرطي الذي كاف مكمفا بمرافقتي ، وط. . شريطة موافقة الجيات األمنية

.المستشفى مع أخي ريثما يمضي فيحضر الموافقة مف سجف القمعة

!فرصة ذىبية لميرب مضت سيارة الشرطة ووجدتني مف شدة ضعفي ال أستطيع أف أرى الدرج أمامي وأصبت بالدوار ، فجرني أخي مف يدي وأنزلني وكأنني عمياء

ما رأيؾ لو أىربؾ اآلف ؟ قمت لو وأنا -9 ار وحيديف ال رقيب عمينا وال حسيب ، عندىا سالني أخي وجمسنا في الخارج عمى كرسي لئلنتظ! ولـ تمض دقائؽ حتى . سيمقطوننا مف عمى الحدود ويرجعوننا فيزيد ببلؤنا ببلء . . ال أريد -9 ال أكاد أجد لمحرية مع السقاـ واإلعياء معنى

وجعمت السيارة تخترؽ . . نافذتيا يسالوننا إف كنا نفضؿ الذىاب معيـ بدؿ اإلنتظار الممؿ فوافقنا عادت سيارة الشرطة وأطؿ العناصر مف أحياء دمشؽ متجية نحو قمعتيا التي تتوسط أحياءىا القديمة ، ووجدت الناس كؿ في شغمو بيف بائع و مشتري ، وطالب وعامؿ ، وموظؼ

وترىقيـ . . تأميف احتياجاتيـ األولية عف ذاؾ الذي يجري بينيـ دوف أو يبصروه أو يسمعوه كميـ غارقوف في دوامة الحياة يشغميـ . . وتاجر فمما وصمنا سجف القمعة وىرع أحد عناصر الشرطة الذيف يرافقوننا ! مشقة الحياة عف أف يمتفتوا ليتفكروا إلى أيف تمضي قاطرة الظمـ بالوطف

لكف نفسي التي اعتادت اإلحباطات . . ارتد بعد ىنيية مكسور الخاطر وقد ناؿ الطمب الرفض بيده األوراؽ يأمؿ أف يجد ليا توقيع الموافقةوكثؼ الطبيب قريب زميمتنا . . وقفمنا راجعيف إلى سجف قطنا أكمؿ مع نزيبلت الميجعيف أياـ األسر والمعاناة . . باتت تتقبميا بدوف انفعاؿ

ظبة عمى تناوليا تحسنت حالتي شيئا فشيئا ، وبعد مضي شير كامؿ تمكنت مف الخروج إلى زياراتو محمبل باألدوية والعبلجات ، وبالمواالحماـ أوؿ مرة بدوف مساعدة مف أحد ، وبقيت سنتيف تاليتيف ال أشتغؿ أي شيء في الغرفة مثمما يتوجب عمي ، وظمت رفيقاتي يجزييف اهلل

. مف أية فرصة متاحة ليحضرف لي االطعاـ الصحي والعصير والمقويات ويستتفدف . . الخير يحمنني خبلؿ ذلؾ ويغسمف لي مبلبسي

الولد الضائعكانت حياة السجف مزيجا مف المعاناة والغرابات ، ففي ىذا المجتمع الفريد تتوقع أي شيء في أي وقت ، وتقابؿ مف أصناؼ المشاىد غير

وعمى غيرميعاد وخارج كؿ التوقعات بدأت قصة ذلؾ ! لغاز حتى يحيف الميعاد وتظؿ األياـ حبمى والمغيبات أسرار وأ. . المعتادة ما ال يعد

Page 51: خمس دقائق وحسب

كاف منظرا ! وبما يفوؽ شتى التوقعات انتيت مف غير ميعاد قصتو الغريبة . . الغبلـ الضائع الذي التقطو الشرطة مف حي مف أحياء دمشؽ لكف الشرطة الذيف ! غير إرادة منو في غرفة المتيمات بالدعارة إ مؤذيا لمشعور أف ترى غبلما لـ يمد يبمغ السادسة مف عمره سجينا عمى

التقطوه تائيا في دمشؽ وضعوه ىناؾ انتظارا لمعثور عمى أىمو ،غير أف شيورا خمسة انقضت دوف أف يظير لو أىؿ أو أقارب ، وكاف مما وكأنما وجدت السجينات في أحمد ىذا . ينادونو أحمد فصار الجميع . . يزيد في الحسرات أف الفتى أخرس ال ينطؽ وال يتكمـ حتى باسمو وذات مرة وأنا جالسة بعد اإلفطار في رمضاف اكؿ بعض الحموى عمى . . الخادـ المطيع ، فكف يأمرنو وينتيرنو ويضربنو في بعض األحياف

-9 ا في الصندوؽ وىو يمد يده ويقوؿ وجدت أحمد يقترب مني محممق -وكانوا يفتحوف كؿ المياجع لمتنفس بعد اإلفطار -شباؾ الميجح فمـ أتمالؾ ! وىا ىو ذا اآلف يتكمـ . . فطواؿ الشيور المنصرمة لـ نسمع الولد ينطؽ ببنت شفة . . لـ أصدؽ أذني في البدء . أعطيني واحدة

يبدو أف جو الغرفة ىناؾ لـ . كـ اتركوه إذا عند -9 فمما قمنا ذلؾ لمشرطي تأثر وقاؿ . أحمد حكى . . يابنات -9 نفسي ووحدتني أصيح مف 9 سالتو . أحمد بدر الديف -9 فمما التففنا حولو وجدناه يتكمـ بشكؿ طبيعي ، وجاءت الحاجة فسالتو أوؿ ما سالتو عف اسمو ، فقاؿ . يعجبو

قاؿ الفتى ومسحة انكسار جمي ترتسـ وماالذي أتى بؾ إلى الشاـ ؟ 9 قالت وقد تعجبنا كمنا مف الجواب . أنا مف حماة 9 أيف أنت أبوي ؟ قاؿ . أنا لموني مع األوالد الذيف لموىـ في حماة بعد األحدات وأتوا بي ووضعوني في الجامع األموي ثـ لـ أعرؼ أيف أذىب 9 عمى مبلمحموالدكاف فوجدت الحائط واقعا أرسمتني أمي عند أبي إلى 9 كيؼ ؟ قاؿ 9 سالتو . ماتوا 9 وأيف أىمؾ ؟ فصاريبكي ثـ قاؿ ليا 9 سالتو الحاجة

والتفت الفتى نحو الحاجة باضطراب وقاؿ ! ذىبت إلىالبيت أبكى أريد أف أخبر أمي فوجدتيا مقتولة أيضا . . فوقو وىو ميت والدـ طالع منو تفيمنا جميعا حالة الطفؿ أرجوؾ ال تقولي ألحد و . . إذا سمعت أحدا يذكر اسمي فيذا معناه أنؾ أنت التى تكممت . . ال تقولي ألحد 9 ليا

وذات يـو وبينما كنت أخيط مرة عمى ماكينة يدوية كاف أىؿ رغداء قد . . وصارت لو الحظوة والمنزلة بيف البنات . . وتفطرت عميو القموب 9 قمت لو . ". ا يخيط منشاف اهلل شيمي ىالماكينو مف وجيى ال أحب أف أرى أحد9تمكنوا مف إدخاليا الى السجف بعد جيد كبيروجدتو يقوؿ لي

ألف أمي كانت خياطة ، وكانت لدييا ماكينة تشبو ىذه الماكينة التي -9 فجعمت الحاجة تسايره وتمح عميو حتى تكمـ وقاؿ . . لماذا ؟ فبكى منشاف اهلل ال 9وكانت أمي تضع غطاء صبلة مثميا أيضا وتجمس لتخيط وفي مرة ثانية وكنا ننادي عاثشة بعيشة فقاؿ لمحاجة . . مع ىبة

9 قالت لو . ألف أمي اسميا عائشة 9 ولماذا ؟ قاؿ 9 سالتو . نادوىا أـ النظارات 9 وماذا تريد أف ننادييا ؟ قاؿ 9 قالت لو . تنادونيا عيشة نا تأثرا عميو وتعاطفا أيف ؟ فوصؼ ليا المحؿ وصفا دقيقا كأنو يراه فازدد9سالتو . عنده مكتبة قرآف بالحاضر 9 ماذا يشتغؿ ؟ قاؿ . . وأبوؾ ال توجد طبخة وال خياطة وال شغمة إال . . كاف ولدا عبقريا بالفعؿ . . وجمس أحمد معنا وىو يبدع يوما بعد يـو عمى غير كؿ األوالد . . معو

وسمع المقدـ ! عمى سجف تدمر الميـ أنزؿ قنبمة9 واذا دعا بعد الصبلة يقوؿ . . وكاف يؤذف أجمؿ أذاف ويتمو القراف أحمى تبلوة . . وتعمميا موفؽ السماف مدير السجف بقصة الفتى ، فمما التقآه عطؼ عميو وصار يأخذه معو إلى البيت فيحممو ويدهلل أيما دالؿ ، وكاف لممقدـ بنت

بيت ، وأخذه مرة إلى وصبي متقارباف في العمر مع أحمد ، فصار يأخذه معيما إلى المسبح ، ووضع لو سائقا خاصا ليتنقؿ بو بيف السجف والد المحؿ الذي يشتري منو احتياجات بيتو ، لكف الولد تعمـ عمى المكاف فصار يذىب إلى البائع وحده يقوؿ لو أعطني كذا وكذا عمى اسـ العقي

يو رآه بيننا ، ، ثـ يضع ىذه األشياء بصندوؽ ويذىب إلى محطة القطار فيبيعيـ فيو ويرجع إلى السجف عندنا ، فإذا حضر المقدـ يسأؿ عمذا غاب عنا نظنو عند المقدـ حتى إذا حاف اخر الشير وجد المسكيف فاتورة كبيرة عميو لـ يدر مف أيف ، فمما استعمـ أخبره البائع أف . . وا ! فسكت . . أحمد كاف يشتري عمى اسمو

!وصفعتان . . شخصيتان . ا لـ يغب نصيبو مف اليدايا ، واذا انصرفوا تنافسوا مف سيأخذه ليزور عنده وانتشر صيت أحمد وذاع حتى بيف األىالي ، فصاروا إذا حضرو

لـ فعمت ىذا؟ رعؼ بسرعة وأغمي عميو وأخذمع األياـ يحب 9 وصار إذا قالت لو واحدة منا . . وصار أحمد حكاية وتنعـ إلى حد البطر . وذات مرة لـ يعجبو في عائشة . وتكشفت لو قدرات رىيبة في ىذا السياؽ وال يتورع أف يرمي العداوة بيف واحدة وأخرى ! أناسا ويكره اخريف

إذا تكررت الحادثة مرة ثانية فسأمنع عنؾ 9 فانفعؿ الشرطي حنوا عمى الولد وقاؿ ليا . عيطت عمي -9 شيئا ما فمضى إلى الشرطي وقاؿ لو لكف األمورلـ تتكشؼ حتى . وىو غير طبيعي . . يذا الولد شخصيتاف وكأف قمبيا كاف دليميا بالفعؿ ، فمقد قالت لنا مبكرا إف ل! الزيارات

ظييرة يـو كاف مقررا أف يذىب أحمد فيو ليزور أقارب لمحاجة في حمص ، وبينما كانت الحاجة تمبسو البوط الجديد وقد أجمستو في حضنيا

Page 52: خمس دقائق وحسب

فقالت لو الحاجة . . فجر الرعاؼ مف أنفو وأغمي عميو فما وجدنا الولد إال وقد ت. سمير جفاف -9 وقؼ أحد الشرطة في الخارج ونادى . . ىذا ليس اسمو أحمد 9 لماذا ؟ قاؿ 9 ألـ تري كيؼ وقع صاحبكـ عمى األرض ؟ قالت لو 9 عمى مف كنت تصيح ؟ قاؿ ليا -9 مستغربة

ـ أعمنوا بالفعؿ عف ولد ضائع وعرضوا صورتو ألـ تروا صورتو قبؿ مدة في التمفزيوف ؟ وتذكرنا وقتيا أني. . ىذا اسمو الحقيقي سمير جفاف وبيف " وتذكرنا كذلؾ أنو عندما رآىا حينذاؾ أسرع فأطفأ التمفزيوف وكأنو يمعب . . ورأيناىا ، ولكف أحدا لـ يخطر عمى بالو وقتيا أنو ىو نفسو

بيرا في السف يقؼ عمى الشبؾ وىو يبكي ويطرؽ رأسو الحيرة والعجب جعموا يغسموف لو وجيو والدـ يدلؽ مف أنفو دلقا ، ثـ لـ نجد إال رجبل كمف عممؾ أف تقوؿ أف اسمي كذا وتدعي بأف أىمؾ استشيدوا -9 وىنا دخؿ الشرطي فأخذ الولد لممقدـ ، فمما سالو ! فعممنا أنو أباه . . عميو

ريني ؟ ىي كانت تعممني وتقوؿ لي إحؾ كذا واعمؿ كذا أنا ما الذي يد. . نعـ 9 أكيد ىبة ؟ قاؿ لو 9 قاؿ لو . ىبة 9 في األ حداث ؟ قاؿ لو تريدي أف . . اهلل ال يعطيؾ العافية -9 ولـ أجد إال وقد ناداني المقدـ لمقابمتو ، ومف غير أف أعي ما الذي يجري نزؿ بي بيدلة يقوؿ .

ماذا . . طوؿ بالؾ أبوي 9 و الحاجة مديحة التي تبعتني فقالت ل. . أنا فكرتؾ غير ذلؾ . . لئيمة . . أنت حاقدة . . تسيئى إلى سمعة الدولة ىي عممت الولد يقوؿ كؿ ىذا 9 لماذ ا ؟ قاؿ ليا 9 سالتو . . قمبيا ممياف . . ىذه حاقدة . . ىي تريد أف تنزع سمعة الدولة 9 حدث ؟ فقاؿ ليا

فردني المقدـ إلى مكاني وقد ازداد تعجبو . ايرتو وال شيء كؿ البنات قربوا صوبو إال ىي ال س. . تعاؿ أقوؿ لؾ 9 قالت لو الحاجة . . . -9 فقاؿ ليا . . فمما قابمت الشرطي أثناء رجوعنا سالتو أف يشرح ليا ما الذي يجري . . وعادت الحاجة معي تيدئ مف روعي . . وحيرتو

وىذه أمو وىذا أبوه المسكيف يقوالف 9 وأضاؼ . . أىؿ عماؿ يمعب عمينا كمنا كبيرنا وصغيرنا ويدعي اليتـ وىو لو. . ىذا الولد يخرب بيتو وىنا اقتاد المقدـ ! فييرب مف البيت ويختمؽ القصص الغريبة ليخدع بيا الناس . . اآلف بأنو يعمؿ فييـ مثؿ ىذا الفصؿ بيف كؿ فترة وفترة

فعمتو وحده وأنني لـ أعممو أي شيء ، فما تمالؾ المقدـ الولد إلى غرفة التحقيؽ وسالو بحضورأبيو عمف عممو ذلؾ حقيقة ، فاعترؼ الولد أنيا. . ومع ذلؾ فمـ يغير الولد مف تصرفاتو أو يبدي ندما وال اعتذارا . . نفسو وصفعو مف الغيظ صفعتيف عمى وجيو كادتا تقضياف عميو

! ئية بيف مصدؽ ومكذب ومضى مع أىمو يقدـ رجبل ويؤخر أخرى ونحف كمنا كأننا في مشيد مف مشاىد األفبلـ السينما

إ فرا ج وكاف يوما عاديا كمئات مف أياـ السجف المممة . . قد انتصؼ وانسمخت مف العمر سنوف وشيور ما عدنا نبالي حتى بعدىا 73كاف عاـ

فمما التفتف إليو . . حميمة . عائشة ؽ .إيماف ؽ .إيماف ت -9 غيره يـو أف دخؿ أبو مطيع مدير السجف عمينا فجأة وصاح عمى باب الميجع وظف . . لـ تستوعب البنات العبارة بادئ األمر ! إفراج . . جيزف أنفسكف . .ىيا -وتقدمف يستطمعف الخبر ألقى إلييف العبارة كالقنبمة وقاؿ

ولـ تمبث أـ شيماء . . فمما عاد وأكد ما قاؿ احتبست الكممات واختمجت في الصدور القموب . . في النقؿ أو في التمقي . . أف ثمة خطأ ما وتقدمت إيماف فجثت عند رأسي وكنت ال أزاؿ مريضة وقتيا وصارت -. . ال نخرج إال مع كؿ السجينات -9 وايماف أف ردتا دامعتي العينيف

أف األمر أتى بإمكانؾ أف تبقي ىنا عمى الرحب والسعة لوال -9 فقاؿ ليا أبومطيع . لف أخرج إال أف تخرجوا ىبة معي -9 تبكي وتقوؿ ليـ ووقفت أـ شيماء . . لف أخرج . . ال لف أخرج 9 قالت لو ! باإلفراج ، لكف بإمكانؾ أف تخرجي وتجمسي تنتظرينيا عمى باب السجف ماشاء اهلل

شبؾ وبالقضباف كيؼ سأخرج وأنت ال تزاليف ىنا ؟ وأخيرا لـ يجد إال أف يسحبيما سحبا وىما تحاوالف التشبث بال-9 تبكي مف جيتيا وتقوؿ لي . وعممنا بعدىا أنيـ أخذوىف إلى أمف الدولة في البداية ثـ أفرجوا عنيف مف ىناؾ وما عدت رأيتيف بعدىا . . وال تكفا عف النحيب حتى خرجتا

ننا بأف باب الفرج قد لكف خروج ىذه الدفعة ثـ اإلفراج عف سناء بعد أسابيع قميمة وبمناسبة الحركة التصحيحيئ فيما أذكر أحيا فينا األمؿ ، وظوعاد مزيد مف السجينات يفدف عمينا . . فمات األمؿ مف جديد . . غيرأف األياـ التالية كذبت ظنوننا . . فتح وأف أياـ خروجنا قد دنت أيضا

في السبعينات وأحرقوا ! أل بد دفعة وراء دفعة ، فيحرؾ فينا األلـ الراكد ، ويزيد فينا الشعور بأنيا حياة ىا ىنا بيف المياجع والزنازيف إلى اقد أمضيتا عاما كامبل في سجف التحقيؽ العسكري بدمشؽ قبؿ أف يأتوا بيما إلى قطنا أواخر عاـ . وأـ زىير أ . كانت أـ خالد أمية أ ! لحيتو ابنة عالـ شييرمف عمماء دمشؽ ىو وأما أمية فيي . ، لكف كمتييما كانتا قد فقدتا أحب األحباب مف عائمتييما وعانتا في سبيميـ الكثير 73

ولقد . . ويقاؿ أنيـ أعدموه بتدمر فيما بعد ( شياب )واعتقؿ الثالث واألكبر ( عبلء ومصطفى)الذي استشيد اثناف مف أبنائو . الشيخ أحمد أ ىا سنتيف فقط ، فيما كاف الشيخ أحمد تـ اعتقاؿ أفراد العائمة كميـ مرتيف أو ثبلث بما فييـ إحدى حفيدات الشيخ أحمد الطفمة شيماء وكاف عمر

ىذا الشيخ أحمد عامؿ حالو شيخ أنا . . انظري -9 وال أزاؿ أذكر كيؼ قاؿ الرائد عبد العزيز ثمجة في التحقيؽ ! في السبعينات مف عمره

Page 53: خمس دقائق وحسب

وأما أمية فقد نالت نقمة ! إلى اإلعتقاؿ وكانوا قد اعتقموىـ أوؿ مرة ثـ أطمقوا سراحيـ ، فمما استشيد ولداه أعادوىـ! أحرقت لو لحيتو بالنار خوتيا والثانية بسبب زوجياوىو طبيب مف حمب اسمو صالح خ اعتقؿ قبؿ أف نعتقؿ نحف بعاـ كامؿ بتيمة -. مضاعفة مرة بسبب والدىا وا

سراحو الحقا عمى أساس أف يتعامؿ سنة فقط ثـ أطمقوا 05التعامؿ مع اإلخواف ومدىـ بالماؿ ، وفي البداية اعتقموا ابنيـ معو وكاف عمره إلى معيـ ، لكف أمو ىربتو إلى تركيا مباشرة لتنجو بو ، فمما عادت تـ اعتقاليا ، وبقيت قرابة العاـ في سجف التحقيؽ العسكري قبؿ أف تنقؿ

وال أزاؿ . بعد خروجنا بأكثر مف عاـ وفيما تـ اإلفراج عف أـ خالد بعد بذؿ وساطات كبيرة في العاـ التالي ، فإف زوجيا لـ يخرج إال. قطنا . أنت ىنا ؟ ألـ يرموؾ مف الطائرة ؟ قمت وقد تممكني الدىشو -9 أذكر أنيا لما دخمت الميجع في قطنا ورأتني أماميا شيقت وىي تقوؿ لي

ا أـ زىير التي كانت في األربعينات مف وأم! سمعنا واهلل أنيـ رموؾ مف الطائرة وبكينا عميؾ وقتيا أشد البكاء إ9 قالت 9 ماذا ماذا تقصديف عمرىا فقد استشيد أخواىا أيضا مع بدايات األحداث في مواجيات مع المخابرات بدمشؽ ، وصارت ليما شيرة وصيت وقتذاؾ ، وكا نت أـ

نة في سجف التحقيؽ زىير قد ذىبت لتأدية فريضة الحج بشكؿ عادي ، فمما عادت اعتقموىا أيضا مف غير سبب واضح ، وأمضت قرابة الس . 74العسكري قبؿ أف ترافؽ أـ خالد إلى قطنا وتخرج معيا عاـ

سنوات عجافمف زوجيا الطبيب الذي يؤدي خدمتو اإللزامية في البلذقية حينما تـ اعتقالو . كانت ثبلثة أياـ وحسب قد مضت عمى زواج السيدة ابتساـ ع

فبذلت المسكينة وعائمتيا الكثير مف النقود ووسطوا وىـ مف عائمة معروفة في البلذقية الوساطات . . وشقيقو لسبب ال تعرفو ابتساـ إلى اليـو . . الكبيرة حتى تمكنت مف زيارتو في تدمر خمس دقائؽ فقط لـ تكف كافية حتى لتمتقط أنفاسيا وىي تراه بحالة مف التعذيب واليواف مزرية

ابتساـ نفسيا مكبمة األيدي ، يقتادىا عناصر المخابرات العسكرية إلى فرع التحقيؽ العسكري وبعد أقؿ مف شير واحد عمى تمؾ الزيارة وجدتلتمضي سبعة أو ثمانية أشير مف الضياع ىناؾ قبؿ أف تحط بيا الرحاؿ بيننا بعد بضعة . . في البلذقية ثـ إلى الفرع الرئيسي في دمشؽ

غير ما سبب تعرفو بضع سنوات عجاؼ ، وأما الزوج فظمت أخباره منقطعة عنيا أسابيع وحسب مف وصوؿ مجموعة أمية ، فتمضي معنا مفحتى بعدما خرجت مف السجف ، وكاف اخر ما بمغيا مف أنباء تسربت عف حالتو المؤلمة أنو أصيب بالسؿ ، ونقؿ مف ميجع كاف فيو في

لى مكاف مجيوؿ !سجف تدمرا

شو الك بالقصروكانت أمؿ قد . قادمة مف سجف األمف السياسي بحماة . تساـ حتى أطمت ضيفة جديدة عمينا ىي أمؿ ؿ لـ تمض أسابيع قميمة مف وصوؿ اب

لزيارة أىميا وبمدىا ألقوا القبض عمييا في المطار واقتادوىا 74خرجت أثناء األحداث إلى اإلمارات حيث يقيـ إخوة ليا ىناؾ ، فمما عادت عاـ تـ تعذيبيا ىناؾ بشكؿ قاس لتعترؼ بعبلقاتيا التنظيمية وبأحواؿ إخوتيا المبلحقيف ونشاطاتيـ ، ولقد مباشرة إلى األمف السياسي بحماة ، و

حدثني زوج عمتي وكاف وقتيا في السجف نفسو أنيـ كانوا ال يستطيعوف النـو عند سماع صوتيا في التعذيب وبعد ذلؾ نقمت أمؿ إلى قطنا ورغـ ذلؾ وعندما انعقدت لجنة النظر في أمرنا في الفترة األخيرة برئاسة حسف . . وات وظمت ىناؾ حتى خرجت معنا بعد قرابة خمس سن

! مبارح العصر وجاية لتطمعي معيـ . . شو إلؾ بالقصر -9 الخميؿ رمقيا مف عميائو بنظرة امتياف وقرؼ وىو يقوؿ

! الطفمة العجوز وكأف ىذا الوطف ضاؽ بالصالحات فما عاد يرى ليف . . في رحمة الشقاء وحضر ضيوؼ جدد لينضموا إلينا. . وانقضت أسابيع قميمة أخر

وىي مدرسة تربية إسبلمية . كانت القادمتاف ىذه المرة أختيف شقيقتيف مف حمب أوالىما رغيدة ؽ ! مكانا فيو إال ىذيف الميجعيف المتكدسيف منكوبتيف حينما لوحؽ زوج رغيدة وىو ميندس وليا منو ولداف وبنت ولقد ابتدأت حكاية األختيف ال. واألخرى عائشة مدرسة لغة انجميزية

عاقد وانقطعت عنيا أخباره ، ثـ لـ تمبث وأف بمغيا نبأ استشياده في دمشؽ ، فمـ تجد مف وسيمة إلعالة أسرتيا إال أف تذىب إلى السعودية وتتقبؿ أف يقرروا العودة ألوؿ مرة وزيارة األىؿ والبمد وحضور ىناؾ كمدرسة ، وذىبت معيا أختيا عائشة وزوجيا ، وأمضوا ىناؾ بضع سنيف

فمما . . وحممت األسرتاف أفرادىما في سيارة جيمس مميئة باليدايا والتحؼ النادرة وبجياز كامؿ لمعروس . . زفاؼ واحدة مف بنات أخييا ا أف غابوا عنيـ لحظات ثـ عادوا يخبرونيـ بأنيـ مطموبوف وصموا حدود درعا أوقفيـ أمف الجمارؾ فياليـ ما معيـ مف متاع ثميف ، ولـ يمبثو

Page 54: خمس دقائق وحسب

فأخذوا السيارة بما فييا واقتادوا األختيف والزوج إلى سجف كفر سوسة ، وأرسموا وراء أىميـ فسمموىـ أوالد عائشة . . لمخابرات أمف الدولة يب األختيف رغـ أف عائشة كانت حامبل في شيرىا السادس أو وفي كفر سوسة لـ يتورع المحققوف ىناؾ عف تعذ! التسعة وابناء رغيدة الثبلثة

ثـ لـ يمبثوا وأف اتيموا كبل ! السابع ، وكاف مف المضحكات المبكيات أنيـ أرادوا مف رغيدة معمومات عف زوجيا الذي استشيد قبؿ سنوات وصمتا كانت عائشة في شيرىا التاسع وقد سمـ اهلل ليا فمما. . وبعد شيريف مف المعاناة والعذاب حولوىما إلى قطنا . . األختيف بالتنظيـ

. . القابمة أف تأتي لتزور الميمة عندنا مف ميجعيا الثاني . ولما دنا ميعاد الوالدة رجونا المقدـ مدير السجف أف يسمح لرغداء س . . الحمؿ وال أزاؿ أذكر أنيا كانت . . الفجر بنتا سمتيا تسنيـ وظمت رغيدة تعاني ألـ الطمؽ حتى ولدت مع تباشير. . فوافؽ دوف أف يعمـ السبب

فمما جاءت المولودة أحسست حينما نظرت إلييا أف شعر رأسي قد وقؼ مف كثرة ما كانت ىزيمة مجعدة الجمد . . صباحية العيد الكبير وأما زوجيا فمـ يخرج إال بعدنا بشيور . . وما وبقيت رغيدة معنا إلى اخر فترة فيما خرجت عائشة قبؿ انتقالنا إلى د! كعجوز في اخر العمر

! وعندما طالبوا بالسيارة وما كاف فييا ورغـ وساطات وسطوىا لذلؾ فإنيـ لـ يحصموا حتى عمى جواب . .

!الشيوعية الغامضة ذقاني ومسؤولتيا وزعيمة في وفي تمؾ الفترة وضمف النزيبلت الجدد حضرت ذات يـو سيدة مف التؿ اسميا ىند قيوجي وىي ابنة عمة فاديا ال

وىند ميندسة متزوجة لـ تكف قد بمغت الثبلثيف بعد ،وأغمب الظف أف زوجيا كاف معتقبل كذلؾ ، لكننا لـ نعرؼ كيؼ . التنظيـ الشيوعي اإلفراج عنا بعدة وقد خرجت مع بقية الشيوعيات في دفعة واحدة بعد. اعتقمت بالتحديد فقد كانت في الميجع الثاني وكانت غامضة وكتومة

. أشير

! نزيالت تدمر فمما خرجت مجموعة مف النساء منو وقدمف إلينا ! الداخؿ فيو مفقود والخارج منو مولود . . كاف سجف تدمر حتى ذلؾ التاريخ كالقبر المقفؿ

افة إلى اإلنتياء مف بناء سجف جديد كانت حادثة أشبو بالمعجزات وسرعاف ما بمغنا أف سبب إحضارىف ىو انتشار السؿ والجرب ىناؾ ، إضوليذه األسباب قاموا أوال بتصفية المعتقميف لدييـ ، فأعدموا الذيف قرروا إعداميـ ، ونقموا بقية مف ! صيدنايا"دشنوه لخدمة الوطف ىو سجف

لسياؽ نفسو وصمت خمس نسوة وضمف ا. يريدوف اإلبقاء عمييـ وجرى نقؿ النساء إلى قطنا ضمف ىذا السياؽ وتجميعيف في نفس المكاف . إلينا في دفعة واحدة فيما تـ التصرؼ مع بقية النساء المعتقبلت ىناؾ بطرؽ مختمفة

"أم حسان"مأساه وكاف . التي كانت في الخمسينات مف العمر ومعيا ابنتاىا سموى ويسرى ح . أـ حساف خديجة س 9 كانت ثبلث مف القادمات مف أسرة واحدة

والد البنتيف قد شارؾ في إيواء مجموعة مف المبلحقيف في بيتيـ بحماة قبؿ األحداث ثـ قدـ األب ابنتيو عروسيف الثنيف راقا لو زوج أـ حساف و مف ىؤالء الشباب ، فمما قامت األحداث واجتيحت حماة خرجت العائمة إلى القرى المحيطة نجاة بأنفسيـ مثمما فعؿ ألوؼ الناس وقتذاؾ لكف

اثرت البقاء وزوجيا في قاعدة ثانية مع مجموعة مف المبلحقيف اآلخريف ، غير أف أمرىما اكتشؼ وداىمت المخابرات -نتيف يسرى إحدى البمف اليرب ، فيما قتؿ شاب كاف معيـ اسمو أبو خالد ، روت يسرى أنو كاف مصابا المكاف فقاومت المجموعة لفترة تمكف زوج يسرى خبلليا

يوما ، وتـ في النياية اعتقاؿ يسرى وليمى 11وابنتو التي لـ يتجاوز عمرىا . بت في اإلشتباؾ زوجتو ليمى ب بشمؿ نصفي مف قبؿ ، وأصيوسرعاف مما اضطرت يسرى أماـ وحشية المحققيف والجبلديف أف تعترؼ عمى مكاف . فيما لفظت الطفمة أنفاسيا دوف أف يعنى بأمرىا أحد

قمت أـ حساف وسموى وتمكف األب وقتيا مف الفرار ، لكف أخت أـ حساف وزوجيا اعتقبل في نفس البيت ، أىميا في القرية وتدليـ عمييا ، فاعتراكيا وقيؿ بأف األخت وزوجيا قتبل نفسييما بابتبلغ السـ في الزنزانة قبؿ أف يبدأ التحقيؽ معيما ، وأما أـ حساف فقد تمكف المخابرات مف اد

تبتمعيا ، وجمست المسكينة في السجف موزعة الباؿ بيف حاليا الرعيب وحاؿ أختيا وزوجيا وأبنائيـ السبعة واخراج حبة مماثمة مف فميا قبؿ أف . . في الخارج ال معيؿ ليـ ، وأبنائيا ىي البقية فواز الذي لـ يبمغ ثبلث سنوات بعد وأمؿ ونرجس وغزواف الذي دخؿ صفو السادس حينذاؾ

خوتو 74ؿ الزوج عاـ ثـ كانت مصيبتيـ التالية حينما اعتق فاضطر غزواف إلى ترؾ الدراسة والعمؿ في محؿ تصميح سيارات ليقيت نفسو وا وكثيرا ما كانت أـ حساف وقد اجتمعت عمى ! ولـ يعبث الوالد أف أفرج عنو بعد تعذيب وحشي ليسمـ أنفاسو بسبب ذلؾ بيف أوالده بعد أياـ

Page 55: خمس دقائق وحسب

ىنا وتقذؼ ما يصؿ إلى يدييا في كؿ اتجاه وأكثر ما كانت المسكينة تفعؿ ذلؾ يـو أف يأتي كاىميا ىذه اليمـو تفقد أعصابيا فتصيح في وجو فإذا ذىبوا ازدادت . . أوالدىا لزيارتيا يجر بعضيـ بعضا ويحمؿ واحدىـ أخاه أو أختو بالتناوب ليقفوا عمى الشباؾ ويستطيعوا رؤية أميـ

وعندما أفرج عنا وخرجت أـ حساف وابنتاىا معنا وجدت . اعات وأياما ربما في البكاء لوعتيا وتفجرت االميا فتراىا تمطـ خدييا وتمضي سا بعد المسكينة أنيـ سرقوا ليا الذىب الذي أخذوه منيا في األمانات ، وأنيـ دمروا بيتيـ فى حماة بحجة أنو كاف قاعدة لممجاىديف ، فمـ يجدو

وأما أوالد !عمييـ ببل استئذاف ف ضيقتيف كاف المطر إذا نزؿ اخترؽ السقؼ الرث وفاضكؿ ىذه الماسي إال أف يسكنوا بيتا طينيا مف غرفتيبث أخت أـ حساف السبعة فمـ يجدوا مف حظ الدنيا إال أف يأخذىـ بعض المشفقيف إلى عماف ليقيموا مع األسر السورية الممتجئة ىناؾ ، ولـ يم

ع مف قاـ باإلشراؼ عمى ىؤالء المساكيف فزوج البنتيف الكبيرتيف يـو أف بمغتا إحدى الولد األصغر المعوؽ أف مات النعداـ العناية ، وأسر ! وحسب . . عشرسنة

!السيمون ي لكف مأساة ىذه العائمة الممتحنة لـ تتوقؼ عند ىذا الحد ، بؿ ربما كاف ذلؾ كمو الجانب األسيؿ منيا ، فبعد أف أنيى فرع األمف السياس

وىناؾ في ىذا المكاف . . إلى تدمر وقد اعترفف بالمشاركة في مساعدة شباب مبلحقيف بايوائيـ . وىـ ومعيـ ليمى ب استجوابيـ في حماة أرسمالمرعب الذي كف يريف منو مواكب المعتقميف تساؽ صباح كؿ يـو إلى اإلعداـ حاف موعد والدة سموى دوف أف تكوف لدييف أية وسيمة لذلؾ أو

فمما جاء سموى الطمؽ كتمف الخبر . ـ ، لكف اهلل رحميف بوجود قابمة مف حماة معتقمة معيف اسميا رغداءس حتى أي مبلبس لممولود القادوصياحيا معو خشية أف يكوف ذلؾ سبب عذاب جديد ليا أو حتى ليف حتى إذا ولدت سمع أحد الحرس عمى السطح بكاء المولودة فسأؿ

ا اإلنسانية بعد وأدلى ليف عمبة صفيح فارغة وعود كبريت فأشعمف مف ثيابيف فييا ما يكفي فأخبرنو ، فجاء ىذا الشاب الذي لـ تمت فيو بقايغيرأف ! لتسخيف ماء حمموا بو المولودة ، وروت األـ بنفسيا أنيف قصصف ليا الحبؿ السري بقطعة تنؾ اقتطعنيا مف عمبة الصفيح تمؾ

فمقد قامت إحدى المعتقبلت معيف وىي مسيحية . . ة البريئة التي أسمتيا األـ سمية المأساة لـ تنتو أيضا ، والخطر لـ يبتعد عف ىذه المولود اسميا أـ طوني متيمة ببيع جوازات سفر لممبلحقيف ، فمما اعتقمت تحولت تماما مثؿ فاديا الشيوعية إلى مخبرة لتناؿ حظوة في السجف وبعض

فحضر مدير السجف المقدـ فيصؿ غانـ . . اعدىف بالتنكة الفارغة وعود الكبريت المزايا الرخيصة ، وقامت بإإلببلغ عف ىذا العنصر الذي سفنزع عف رأسيا الحجاب وجعؿ -إحدى المعتقبلت -. وجعؿ يسمعيف سيبل مف الشتائـ واإلىانات والتيديدات كعادتو ، ثـ أخرج عائدة ؾ

السيموف "و! السيموف ا ا إ"ى وىدأت نفسو أمر بمعاقبة الميجع كمو ونقمو إلى فمما انتي. . يدوسو بقدميو والشتائـ ال تزاؿ تتدفؽ مف فمو المنتف ىذا عبارة عف قبو كبير رطب ومعتـ ال منفس فيو ، مسكوف بالعناكب والصراصير والحشرات ، وقتيا كاف عمر سمية عشريف يوما فقط ، "

ال أزاؿ أذكر . بربو مزمف لـ تشؼ منو إلى اآلف . سكينة مف حينيا مع بقية السجينات ، فأصيبت الم" السيموف "وكاف عمييا أف تنتقؿ إلى أنيـ يـو أتوا إلى قطنا بعدما أمضوا سنتيف قي تدمر وبضع أسابيع بعدىا في سجف حمص وبينما وقفت النساء تفتشيف الشرطيات وتتسممف

فركضت أنا فرحة بمولود صغير بيننا ألحمميا ، فمما أماناتيف تسممت سمية ببراءة األطفاؿ مف بينيف ودخمت بيف أرجؿ الشرطة نحونا ، ! رفعتيا أحسست أنيا طارت مف خفتيا وضعفيا مف يدي وكادت أف تفمت مني في اليواء

التياب في االعصابف إلى وأما مجموع النساء في تدمركما رويف فكاف قد وصؿ أيامي. ومنى ب . حضرت أـ حساف وابنتاىا ومع ىؤالء حضرت أيضا رغداء س

. . وأع طوني . وليمى ب . وسمسبيمة أ . وعائدة ؾ . ونيمة ز . عائشة أ 9 الخمس البلتي وصمف قطنا وست أخريات ىف 9 إحدى عشرة إلى وأما عائدة وعائشة فقد نقموىما بعدىا إلى سحف حمب لنعود قنمتقييما في مراحؿ سجننا األخيرة ، فيما نقموا سمسبيمة مع مجموعة أـ حساف

وأفرجوا عف ليمى ونيمة وأـ طوني مف تدمر ! ف حمص في البداية ، ولكنيـ نسوىا ىناؾ كما تبيف الحقا ، ولـ يفطنوا لغيابيا إال بعد سنيف سجمباشرة نتيجة واسطة وتدخبلت ثقيمة لؤلولى ، وبعدما اشتد المرض بالثانية حتى قاربت اليبلؾ وأحسنت الثالثة التعامؿ معيـ فتخرجت مف

مخبرة محترفة كانت رغداء ومنى صديقتيف حميمتيف كبلىما مف حماة أما رغداء فكانت قابمة وأما منى فخريجة كمية الشريعة ومدرسة السجفوكانت منى وزوجيا قد شاركا في تأميف مأوى لمجموعة مف المبلحقيف تـ اكتشافو بعد أحداث حماة فيرب زوجيا والشباب جميعا . ديانة

، وىناؾ في األمف السياسي بحماة عذبوىا كثيرا لتعترؼ أنيا منظمة وتدليـ عمى مكاف زوجيا ومف كاف معيـ في القاعدة ، واعتقمت المسكينة

Page 56: خمس دقائق وحسب

لـ ونتيجة التعذيب بالكيرباء أصيبت المسكينة بالتياب في أعصاب أرجميا فمـ تعد تستطيع حتى النـو إذا لـ تسمط المروحة عمييما مف شدة األوأرسموا معيا رغداء التي اعتقمت في نفس الفترة مف مكاف عمميا كقابمة في المستشفى لكف . . التحقيؽ أرسموىا إلى تدمر وبعد العذاب و . .

. رغداء لـ تتكمـ عف تعذيبيا أو الظروؼ التي مرت بيا وكانت مف النوع الكتـو واليادئ تحتسب ما أصابيا عند اهلل

!سجينة طي النسيان 9 ف حضرف مف تدمر والتقيناىف في قطنا ، وأما الست األخريات فقد التقينا ثبلثا منيف في مراحؿ سجننا األخيرة ىف ىؤالء كف الخمس الذي

كانت عائدة ميندسة عاممة مف حمب أتى الطمب . وسمعنا قصص األخريات الباقيات ولكننا لـ نرىف . وسمسبيمة أ . وعائشة أ . عائدة ؾ ا نجت ، وأل نيا وحيدة أىميا وخشية عمييا أحضرىا والدىا الى بيتنا في دمشؽ لتسكف مع صديقات ليا بيننا ، عمييا في بدايات األحداث ولكني

ولقد . . ثـ لـ تمبث أف اطمأنت فعادت إلى حمب وبقيت بسبلـ ىناؾ إلى أف اشتدت األحداث فعادوا واعتقموىا بوشاية مف سامح كيالي أيضا فرع المخابرات والقت كأكثر البلتي القيف عمى أيدي عمر حميدة ومصطفى التاجر ولكنيا كانت تؤثر بمغنا أنيا عذبت عذابا شديدأ في

الكتماف وال تتحدث بشيء ولـ يكف لقاؤنا إال في األسابيع األخيرة مف سجننا حينما جمعنا في سجف التحقيؽ العسكري بدمشؽ قبؿ أف يتـ وعائشة معممة مدرسة مف حمب اعتقمت في نفس الفترة مع . نفس الفترة وفي نفس المكاف في. كذلؾ كاف لقائي مع عائشة أ . اإلفراج عنا

فيي سيدة مربية مف حمص كانت في الستينات مف عمرىا اعتقمت لعبلقة . وأما سمسبيمة أ . عائدة ولكنني لـ أعرؼ السبب وال التفاصيؿ وعممت أنيا تعذبت أيضا ولكني ال أعرؼ التفاصيؿ ألني لـ أجمس . . ة وقتذاؾ سن 05أخييا باإلخواف واعتقموا معيا ابنيا وكاف عمره حوالي

وكانوا قد نسوىا في سجف حمص بعد أف نقموىا مع األخريات مف تدمر ، وعندما قرروا اإلفراج عنا ورد اسميا في . معيا إال األسابيع األخيرة ىؿ تعرفوف ىذا اإلسـ وأيف -9 مر جاء مدير سجف التحقيؽ العسكري إلينا وسالنا القائمة ولكنيـ لـ يعودوا يعرفوا في أي فرع ىي وفي اخر األ

وبعد ! وبالفعؿ ذىبوا فوجدوىا باقية ىناؾ في الزنزانة وحدىا . نعـ ، كانت في سجف حمص وربما ال تزاؿ ىناؾ 9 ىي ؟ فقالت لو البنات تى االف بالخروج مف سوريا رغـ أف زوجيا وأوالدىا يقيموف في السعودية ، وأما اإلفراج عنيا وجدتيـ قد صادروا ليا البيت ، ولـ يسمحوا ليا ح

! أخوىا الذي اعتقؿ معيا فبل يعمموف عنو شيئا إلى االف

! عمى لوح الخشب إحدى النساء الثبلث البلتي أفرج عنيف مف تدمر مباشرة ميندسة كيرباء مف زميبلت عائدة ، وكاف زوجيا قد فتح بيتو مأوى . كانت نيمة ز

لبعض الشباب المطموبيف ، لكف السمطة عممت باألمر فداىـ رجاؿ الخابرات البيت وكمنوا فيو ، وخشية عمى نفسيا مف ىؤالء الوحوش وشرفيا ركضت فور اقتحاميـ البيت وألقت بنفسيا منشرفتو بالطابؽ الثالث ، فمما سقطت أصيبت بكسور عديدة لكنيا ظمت وصيانة لعرضيا

عمى قيد الحياة ، وظف الناس أف سيارة صدمتيا فركضوا وخبروا الشرطة المدنية إلسعافيا ، فمما حضروا وسألوىا عـ حدث وجدت نفسيا البيت وأصروا عمى الدخوؿ وحبسوني فرميت نفسي ، فجاءت دورية مخابرات أخرى وحصؿ اشتباؾ بينيـ وبيف تخبرىـ بأف اإلخواف أتوا إلى

العناصر الكامنة في البيت وكؿ يظف األخريف مف اإلخواف ، فمما اكتشفوا األمر كانت إصابات عديدة قد وقعت بينيـ فحقدوا عمييا أكثر ، مددة عمى لوح خشبي ال تستطيع التحرؾ عنو بسبب كسر رئيسي أصاب حوضيا ، حتى كاد عظميا وتركوىا طواؿ فترة اعتقاليا بدوف عبلج م

وزاد مف معاناتيا المسكينة حينما اكتشفت في تدمر أنيا كانت حامبل في شيورىا الثبلثة األولى تقريبا ، لكنيا . . الميشـ أف يصاب بالتسوس بيا إلى اإلجياض ، وازدادت حالتيا في التردي يوما بعد يـو حتى اضطروا بعد سبعة أو وبسبب حالتيا المفجعة أصيبت بنزيؼ مستمر انتيى وأما خامسة الخمسة واخر السجينات العشر فكانت امرأة مسيحية مف حمص تسمى أـ !ثمانية أشير إلى اإلفراج عنيا تخمصا مف مسئوليتيا

إلى صؼ المخابرات -كما قمت -شؼ أمرىا فاعتقمت ، لكنيا تحولت طوني ، باعت جوازات سفر لبعض المبلحقيف مقابؿ الماؿ ثـ اكت . وصارت مخبرة ليـ عمى السجينات في تدمر ، وتـ اإلفراج عنيا اخر األمر بعدما قرروا غربمة السجناء والسجينات

!إنىأتنفس تحت الماء ف عمى الرغـ مف تقمص األشبار القميمة الممنوحة لنا في مر شير وبعض الشير واندمجت القادمات الجدد في منزليف الجديد واندمجنا معي

. ونجوى ج . سميرة ت 9 كانت القادمات ثبلث ىذه المرة . ولـ تمبث وافدات أخر أف أحضرف إلينا قادمات مف أماكف متفرقة . . الميجعيف

Page 57: خمس دقائق وحسب

أمف الدولة بكفر سوسة ، وأما نجوى فكانمت في سجف وأما أـ زىير ىذه فأتوا بيا مف األمف السياسي بحماة ومرروىا عمى . وأـ زىير نجاح أ كانت القصص . المسممية بحمب ومرت عمى نفس الفرع كفر سوسة ليأتوا بيا بعد ذلؾ إلينا ، وأتوا بسميرة مف أمف الدولة بحماة مباشرة

وكانت أبسط الحاالت ال تقؿ . . د في سورية الجديدة لمقادمات الجدد فصبل اخر مف فصوؿ الظمـ والوحشية التي تدار بيا شئوف الببلد والعباوكانت في العشرينات مف عمرىا وأما لثبلثة أطفاؿ أحدىـ في شيره الثامف فقد . فأما سميرة ت . أبدا بمدلوالتيا عف أشدىا ألما وعذابا وظمما

أنيـ رأوه جثتو في ساحة العاصي وقد كتب استشيد زوجيا في أحداث حماة دوف أف تعرؼ كيؼ بالتحديد ، لكف الرواية التي بمغتيا تقوؿ بوكاف الزوج صباب بيتوف ، وبعد األحداث جاءت عمييا فسادة أف لدييا قاعدة في البيت ، ولما داىمت المخابرات ! اسمو عمييا محروقا بالنار

لمخبأ إال بعض الكتب ، لكف ذلؾ كاف سببا البيت وجدوا غرفة خفية فيو بالفعؿ كاف الزوج قد بناىا دوف أف تدري ، ولكنيـ لـ يجدوا في ىذا اعؿ كافيا ليـ ليبدأوا تعذيبيا في البيت نفسو ، فربطوىا بمبلءة السرير وعصبوا ليا أعينيا وصاروايضربونيا لتعترؼ مف كاف في المخبأ ، وج

وأكمموا ليا التحقيؽ والتعذيب ولكف شيئا لـ بعدىا أخذوىا إلى األمف السياسي ! إني أغرؽ . . إني أتنفس تحت الماء 9 أحدىـ يغني ليا ساخرا فيي سيدة جاوزت الخمسيف مف عمرىا كانت قد مضت . وأما أـ زىير نجاح أ ! يثبت عمييا ، ورغـ ذلؾ بقيت سجينة معنا حتى النياية

اوز الخامسة والستيف لـ يحتمؿ بزوجيا المريض بالقمب إلى عماف إلجراء عممية جراحية لو ىناؾ ،وتمت العممية بالفعؿ ولكف الرجؿ الذي جولكف المخبريف الذيف نشطوا بعد أحداث حماة أشاعوا أنيا أتت . . المضاعفات فتوفي بعدىا بأياـ ، ودفنتو أـ زىير ىناؾ ورجعتإلى سوريا

زىير أية عبلقة بما قالوا ، ولـ يكف ألـ. بنقود معيا وأوصمت رسائؿ في ذىابيا ، فاعتقميا األمف السياسي في حماة قبؿ أف تنقؿ إلى قطنا ففي بداية األحداث وعندما كانوا ينتقموف مف اباء المبلحقيف واألغنياء واألطباء ووجياء البمد . . ولكنيـ كانوا حاقديف عمى عائمتيـ كثيرا

ائـ والكرابيج إلى سوؽ الطويؿ ، أخرجوا إخوانيا الثبلثة مع طاىر حداد وممرضو رشيد قطرنجي ودفعة مف الرجاؿ االخريف وأتوا بيـ تحت الشتوىناؾ ومف غير تفسير أمروىـ أف يعودوا مف حيث أتوا ألف األمر انتيى ، فصدؽ المساكيف وأداروا ظيورىـ راجعيف ، فما أف استداروا حتى

األرض وسقط القتمى فتح رجاؿ األمف نار الرشاشات عمييـ فسقطوا قتمى جميعا إال واحدا مف اإلخوة الثبلثة أصيب بقدمو وسقط عمى لى اآلخروف فوقو ، فمما غادر القتمة المكاف وقد ظنوه ضمف اليالكيف تحامؿ عمى نفسو وزحؼ إلى بيتو فأسعفوه ىناؾ ثـ غادر الببلد بعدىا إ

. غير رجعة

!طعاميم التسبيح والتيميل وتشتد الكروب ببعضيف حتى ال تجد ! عمقـ بعض األحياف واذا كانت مآسي السجينات مرة الطعـ كميا فإف منيف مف ذاقت ما يفوؽ مرارة ال

التي ارتكست في . وكانت قصة نجوى ج . . ومف ىؤالء كانت قصة ىالة التي عافاىا المولى سبحانو أخر األمر ! ليا مف دوف اهلل كاشفة يا الثانية بكمية الطب البشري بحمب ، وكانت كانت نجوى طالبة متفوقة في سنت! تداعيات نفسية مؤلمة لـ تنج المسكينة منيا حتى اخر يـو

مخطوبة ألحد الشباب الذيف لوحقوا مف بعد ضمف ألوؼ مف خيرة الشباب مثمو ، فمما اختفى ذىبت إلى األردف تبحث عنو فيما يبدو يرافقيا فوجدت األـ ! خواف بيف الداخؿ والخارج وفي طريؽ عودتيما ألقي القبض عمييما بتيمة العمؿ كمراسميف لئل. . أبوىا بعد إلحاح ورجاء منيا

نفسيا مف غير معيؿ وال نصير مرة واحدة ، ولـ تجد ما تنفؽ بو عمى أطفاليا الثبلث البقية فأخرجتيـ مف المدارس وأرسمت أكبرىـ وكاف فيوقع المأساة بنزيؼ اضطر األطباء ثـ لـ تمبث األـ وأف أصيبت مف . . الصؼ السادس أو السابع ليشتغؿ بمصنع لمشوكوالتو ويقيت العائمة

خوتيا في الخارج وىـ أبييا الذي غ يبو أف يستأصموا ليا الرحـ ، فمما بمغ ذلؾ نجوى وألنيا مف النوع الحساس جدا فقد أخذت تعيش ىـ أميا وا ذلؾ في عقدة الذنب وصارت وأخذ يتكرس في نفسيا اإلحساس بأف ذلؾ كمو قد حدث بسببيا ، فسقطت ب. . السجف وال تعمـ عف مصيره شيئا

وأخذت الحالة تتطور مف سيء إلى أسوأ وىي تعيش أبشع الظروؼ في أقبية السجوف وبيف . . ال تكؼ عف مبلمة نفسيا بشكؿ قاس ومستمر بدايات المرض وكانت عندما أتوا بيا مف حمب إلى قطنا أوؿ األمر في . . وحوش مف المحققيف والجبلديف ال تعرؼ قموبيـ إنسانية وال رحمة

، فكنا نمحظيا دائمة الشرود غريبة التصرفات ، ثـ اشتدت حالتيا بعد انتقالنا إلى دوما فصارت الحالة صعبة وبشعة جدا حتى جعمتنا نعيشيا . . ات يا بن-9 كاف فراش نجوى إلى جانبي بعد ماجدة ، وفي البداية كانت إذا أحست باقتراب المرض منيا تقوؿ لنا . كمنا عمى أعصابنا

وشيئا فشيئا يأخذ مرضيا في . . ال تتركي أمامي ال إبرة وال مقصا وال سكيف وال شوكة وال ممعقة وال أية قطعة حديد . . انظري . . ىبة بيا وتأتي وكأف المرض كاف يأتييا عمى ديف ، فتراىا تبالغ في تحج. . اإلزدياد فبل تعود تناـ وتظؿ تتمشى في الميجع بيف الفرشات ليؿ نيار

Page 58: خمس دقائق وحسب

وكاف أىميا يأتوف ليا بصابوف غار فبل نراىا إال عاكفة عميو . . فتسالمني أف أطيؿ ليا كؿ أكماـ مبلبسيا رغـ أنيا طويمة أكثر مف البلـز انظري ! أي شيء يعممو اإلنساف يوحي إلى لفظ الجبللة . . انظري -9 تحفر فيو وتحفر وتظؿ تحفر حتى تبمغ الطرؼ اآلخر منو فتقوؿ لي

وكانت إذا حاف وقت النـو مضت معنا إلى فراشيا الذي كاف التالي بجانبي بعد ماجدة ، لكنيا ! ىذه ال أدري ماذا . . ىذه ال إلو إال اهلل . . وؿ تظؿ يقظة جاحظة العينيف ، حتى إذا انتصؼ الميؿ انتفضت مف مكانيا ببل مقدمات فتخطت ماجدة لتأتي فتمكزني مف رجمي لتوقظني وتق

وأحيانا كانت تجمسني في فراشيا . . ورغـ أف المفاجأة تكوف قد أرعبتني بحؽ إال أنني كنت أمضي معيا وأسايرىا . تعالي أحيييا معي-9 لي ي ؟ ألـ تجوع -9 لكنيا كانت تمضي أياما عمى ىذه الحالة ال تأكؿ وال تشرب ، فأسأليا . . تعالي نذكر اهلل الميمة -9 وتمتصؽ بي وتقوؿ لي

فإذا أصبحت قامت توزع ما تممؾ مف مبلبس وأغراض . . فأجمس بجانبيا نسبح وأنا عمى أعصابي ! طعاميـ التسبيح والتيميؿ 9 فتجيبني وغالبا ما تعطي ذلؾ لسجينة أخرى مف القضائيات مريضة مثميا كانت ىاربة مف مستشفى . . حتى ال يبقى لدييا إال الثياب التي عمييا

ورغـ أف نجوى كانت تخؼ في البداية وتعود فتنتكس إال أنيا اإلنتكاس استمر معيا الحقا ، وساءت أمورىا أكثر فأكثر ! قمية األمراض العحتى أننا صرنا مف كثرة ما ! واشتدت تصرفاتيا غرابة وايبلما ، واشتد انعكاس ذلؾ عمى مف حوليا وباألخص جارتييا في السرير ماجدة وأنا

أو تزدحـ الكوابيس عمى ماجدة فبل نراىا إال وىي تصيح وتستغيث وىي في عز . . قظ في الميؿ بدوف إرادتنا ونجيش بالبكاء عانينا معيا نستي -فصارت . . ولقد انعكست حالة نجوى أيضا عمى والدتيا المسكينة مف بعد وزادت في الضغوط عمييا فكأنما أصاب األخرى شيء ! النـو

كأنما تفقد ذاكرتيا أو جزءا مف وعييا فتييـ عمى وجييا في الطرقات ، أو تمضي فتزور أحدا مف -وأبييا حتى بعد أف أفرج عف نجوى أقربائيا ومعارفيا وتمضي عندىـ األياـ دوف أف تخبر مف عائمتيا أحدا ، بينما يبحث المساكيف عنيا في المستشفيات ومراكز الشرطة دوف

. . لنياية كانت نجوى مع اخر دفعة تخرج مف بيننا وكأنيـ أرادوا أف يفقدوىا آخر ما تبقى ليا مف عقؿ وعندما تقرر اإلفراج عنا في ا! نتيجة ىؤالء كف كؿ السجينات ! وكانت مسكينة الوحيدة التي أطمقوىا في دمشؽ ورفضوا أف يأخذوىا إلى مدينتيا كما فعموا مع باقي السجينات جميعا

ومف ىؤالء كانت مجموعة . . ناة معنا ، وكاف ىناؾ غيرىف يحضرونيف لفترات ثـ يطمؽ سراحيف البلتي قضيف سنوات مف العذاب والمعاكاف زوج إحداىف قد لوحؽ كما يبدو فأراد تيريبيف خارج سوريا لكف . . نسوة مف قرية قرب حماة ىف أـ وكناتيا الثبلث وأوالد صغار معيف

عد تصؿ عف الولد أية معمومات فقد أمضت النسوة واألوالد في قرابة العاـ معنا في ميجعنا دوريات الحدود اعتقمت المجموعو كميا ، وفيما لـ توكانت المرة الوحيدة التي يشركوف فييا سجينة -في مرة أخرى . ثـ أفرج عنيـ . . كنا نجمس خبلليا فوؽ بعضنا البعض مف اإلزدحاـ

متيمة بقتؿ زوجيا ، وكانوا كأنما يخشوف أف يتسمؿ أحد مف أقارب ( وقتذاؾ ممكة جماؿ لبناف )أتوا بأخت جورجينا رزؽ -قضائية معنا فيقتميا ، فشددوا الحراسة عمى السجف ووضعوىا في ميجعنا ، وبقيت تشاركنا المكاف قرابة السنة ثـ ( مف اؿ الجندي ) زوجيا المتنفذيف

أما تعامميا معنا فكاف . . نا وتغطي رأسيا متظاىرة بالحزف عمى زوجيا وكانت كمما نزلت إلى المحكمة تستعير ثيابا سوداء م. . خرجت براءة . جيدا مثمما كاف تعاممنا نحف معيا ، وكاف طبيعيا بحكـ حياتيا معنا أف تظير تعاطفا وتفيما حتى أفرج عنيا وانقطعت أخبارىا

لجنة التأىيل واألستغاللا نشاركيف ويشاركننا المكاف والظرؼ وجزءا مف المعاناة ، لكنيـ كانوا عمى الدواـ أقؿ كانت حياة السجينات القضائيات تسير إلى جانب حياتن

. . وغالبا ما كف وكاف اآلخروف ينظروف إلينا نظرة احتراـ ألننا ىنا مف أجؿ رأينا ال مف أجؿ أي جريمة ارتكبناىا . . منا تقييدا وأكثر انفراجا وفي ىذا .. وال يقصروف القتناص أي فرصة الستغبللنا . . ا يقسوف عمينا وال يستجيبوف لطمباتنا لكف المسؤوليف كانوا بحكـ موقؼ النظاـ من

السياؽ كانت تجربتنا مع لجنة إدارة السجوف التي تشرؼ افتراضا عمى حاؿ المسجونيف القضائييف وتحاوؿ إعادة تأىيميـ ليعودوا مواطنيف ماح لنا بتقديـ امتحاناتنا الدراسية تدخموا ووعدونا بدراسة األمر ورفع كتاب لممسؤوليف ، وقالوا لمس 73لكننا ولما رفعنا طمبا عاـ . . صالحيف

وكنوع مف التسرية اقترح . . فجمسنا ندرس ونستعد لئلمتحاف حتى عاد الجواب في النياية مع عدـ الموافقة . . لنا ادرسوا ريثما يأتي الجواب أتوا لنا بشغؿ نشتغمو مقابؿ أجر فوافقنا ، فأتوا لنا بكميات مف الخرز جمسنا نضمو إلى بعضو في عمؿ أف ي( أبو سامر)عمينا مسؤوؿ المجنة

ولما خشينا في الوقت نفسو أف ! مرىؽ بالفعؿ ، حتى إذا أنييناه اخر األمر وقد بمغ الجيد منا مبمغا أخذوه دوف أف يعطونا مف األجر شيئا ! ولكف جيدنا وأجرنا ذىبا مع المجنة ىباء . . جوز كأثواب لمرقص مثبل فقد توقفنا عف استبلـ المزيد يستخدموا ىذه األشغاؿ في أشياء ال ت

Page 59: خمس دقائق وحسب

!عرض لمزواج وعمى الرغـ . . وتتالت األياـ في قطنا ونحف أسرى القضباف والجدراف مف جية وأسرى الحياة الرتيبة والبرنامج الممؿ المتكرر مف جية أخرى

جده في الزيارات بمقاء األىؿ واألقارب إال أف المستجدات التي تمت جعمتني أعيش كربا جديدا بسبب بعض الزيارات مف العزاء الذي كنا نحينما حضرت خالتي ألوؿ مرة تزورني في قطنا رغـ المرات العديدة التي أرسمت ليا السبلمات فييا ورجوت 74كانت أواخر عاـ ! والزائريف

يتيا عمى طرؼ الشبؾ االخر لـ أتمالؾ نفسي وانفجرت في البكاء وكأني أرى أمي أمامي وأتحسس ألـ فقدىا فمما رأ. . حضورىا دوف جواب قالت ! لكف شعورا باإلنقباض بدأ يستولي عمي ساعة بعد ساعة وأنا أستمع إلييا وأتمقى عرضا منيا غاية في الغرابة . . ألوؿ مرة في قمبي

ولكنيا قررت الحضور اآلف ألف وساطة جدية تجري األف لئلفراج . . كاف يمنعيا مف ذلؾ ويحذرىا منو خالتي إنيا لـ تزرني سابقا ألف أخي ولما أبديت تعجبي مف ىذا الشرط الذي ال ينسجـ مع طبيعة ظرفي وال طبيعة ! عني ، وأف الشرط الوحيد لذلؾ أف أخرج مف السجف متزوجة

وعمى الرغـ مما سمعتو مف رفضي لفكرة الزواج أساسا وأنا في ىذه الحاؿ ، . . ط األوؿ الواسطة التي تتحدث عنيا عادت وأكدت أنو الشر وفي اليـو التالي مباشرة فوجئت . فقد غادرتني مؤكدة أنيا بانتظار جوابي في أقرب وقت . . ولربط الزواج باإلفراج عني بكيفية غريبة ال تفيـ ومف أجؿ أف يكوف قريبا . . ني بأنو يخدـ عسكريتو اآلف وأنو انتقؿ إلى قطنا مف أجمي فقط بابنيا يطمب زيارتي ، فمما خرجت لمقابمتو أخبر

لكنو لـ يمبث بعد يوميف أو ثبلثة . فمـ أجد إال أف أترؾ المكاف وأعود لمميجع . . وجعؿ يتحدث أحاديث الجياؿ الفارغة بدوف حياء ! مني ومف غير مقدمات أو . إذا جاء مرة أخرى فبل تفتحي لو الباب ألني ال أريد زيارة كيذه -9 وأف عاد يطمب مقابمتي ، فقمت لمسجانة أمامو

فمـ أجد بدا مف تغييرليجتي معيا ومقابمة تصرفاتيا الغريبة ىذه ! منطؽ وجدتو يعود وخالتي اخر األسبوع وقد أحضرا معيما خاتـ خطبة لماذا ؟ أال يعجبؾ 9 فما رأيؾ ؟ قالت . . نا ال أريد ال أف أخطب وال أف أخرج ومف قاؿ لؾ أنني وافقت ؟ أ -9 بشيء مف الصرامة فسألتيا

ورمتو لي . طيب إذا لـ توافقي عمى الخطبة فاتركي الخاتـ عندؾ 9 قالت . ابنؾ عمى العيف والرأس ولكني ال أريده . . ال 9 ابني ؟ قمت ليا وفي اليـو التالي أتى ابف خالتي وحده مف جديد فجعؿ يرجوني أف . ت فتركتو معي فمما ناديت السجاف ليعيده إلييا كانت قد غادر . . وذىبت

وبدأت أتبيف معالـ مؤامرة ترسـ . . أعطيو ولو قصاصة ورؽ يأخذىا إلى أخي صفواف خارج سورية لكي يناؿ موافقتو شخصيا عمى الخطبة ة المخابرات أنفسيـ وبالتعاوف مع خالتي التي تأكد لي بعدىا أنيا وابنيا بدىاء أثبتت األياـ حقيقة وجودىا ، فالمعبة كميا كانت تدور برعاي

وكاف الغرض أف يتـ إرسالي كطعـ الصطياد أخي صفواف حينما يأتي ليصحبني مف مكاف اإلفراج عني في . . يتعامبلف معيـ بشكؿ مباشر ىو ابف احما أخي غساف واسمو -وكاف يوميا وقفة عيد األضحى -ولقد أكمموا حبؾ المعبة بإرساؿ شخص ثالث بعد أسبوع تقريبا . . تركيا

فتفاجأت جدا خاصة وأنني سمعت مف قبؿ أنو مخبر لمسمطة ، وازددت تحفظا . . حسني ابراىيـ باشا ، وكاف يأتي كذلؾ لزيارتي أوؿ مرة ، واذا تعاونت معنا فسوؼ تكونيف رابع أياـ العيد نحف نعمؿ لؾ واسطة ثقيمة جدا -9 واستغرابا وأنا أسمعو يعرض عمي العرض نفسو ويقوؿ

9 ولما سألتو . ىكذا جاء الشرط 9 فقاؿ لي . أريد أف أبقى في بمدي . . ولماذا مباشرة خارج سورية؟ ال أريد ذلؾ 9 قمت مستغربة . في تركيا إذ لـ يكد حسني . . اتضحت أمامي معالـ المؤامرة وىكذا تبمورت شكوكي أكثر ، وسرعاف ما . تذىبي عند أخيؾ 9 وماذا سأفعؿ بتركيا؟ قاؿ

ىذا يمضي وتقفؿ األبواب عمينا وقد دنا وقت الغروب ، وبينما كنا نستعد لئلفطار وقد أمضينا اليـو صياما حتى دخؿ عمينا أحد عناصر فمما رأيناه ال يتحدث . يحوقؿ أماـ الباب ثـ يعود فيخرج ثانية. . الشرطة الطيبيف عمى غير العادة وجعؿ ينظر إلينا ثـ يتوقؼ بنظره عمي

ىناؾ -9 ىؿ ىناؾ شيء ؟ فناداىا إلى خارج الميجع وقاؿ ليا بتأثر واضح . . ماذا ىناؾ أبوي ؟ قؿ لي -9 بشيء بادرتو الحاجة بالسؤاؿ ىبة الحمد هلل إيمانيا جيد ولف . . يو قؿ لنا ذلؾ خ9 فقالت لو وقد اتجيت نحوي بالكبلـ . . دورية مف أمف الدولة أتت تريد أف تأخذ ىبة

قمت . . ضبوا ليا يا بنات بدؿ وجيزوا ليا فرشاة أسناف وسجادة صبلة . . قومي أبوي وجيزي نفسؾ 9 ودخمت الحاجة تقوؿ لي . . تخاؼ ونحف تعودنا عمى ىذا . . المخابرات أتوا ليأخذوؾ . . إي معميش ال تخافي 9 لماذا ؟ىؿ ىناؾ شيء ؟ قالت تريد أف تخفؼ عني 9 ليا

ووجدتني ال أدري كيؼ أحمؿ حقيبة . . وجعمت كؿ الظنوف السوداء تدىمني معا . . أحسست لحظتيا أف قمبي يقفز قفزا كالكرة . الشيء جؿ بثيابو صغيرة أعدتيا البنات لي وأتبع الشرطي الذي انيمر في البكاء فزادني رعبا وتخوفا ، ووجدتني في مكتب مدير السجف ينتظرني ر

9 قاؿ . نعـ 9 حضرتؾ ىبة؟ قمت لو -9 المدنية عرفت بعدىا أنو المقدـ عمر مدير سجف التحقيؽ العسكري ، لكنو لـ يزد عف أف سالنى خمس دقائؽ . . أنا أعرؼ مشاويركـ 9 قمت لو وقد أسقط في يدي ! مشوار صغير . . ال 9 ىؿ ىناؾ شيء ؟ قاؿ 9 ساكتو . ستتفضمي معنا

!التي صارت خمس سنوات إلى اليـو كيذه

Page 60: خمس دقائق وحسب

الفصؿ الرابع سجف التحقيؽ العسكرى

فى غيابة الجب 0878أكتوبر 0874أغسطس

سجن التحقيق العسكرىكانت سيارة المخابرات المدنية التي أقمتني تنيب األرض نيبا فيما كانت رجمي ترتجؼ مف شدة اضطرابي فتصعد وتنزؿ بشكؿ ال إرادي حتى

كنت أحس السيارة تقفز بنا قفزا فوؽ باقي السيارات مف سرعتيا ، ورأسي يرتطـ بالسقؼ مع ! أثبتيا بيدي اإلثنتيف فبل تفضحني اضطررت أف فيما تطمؽ سيارة المرافقة األمامية أضواءىا الباىرة وبوقيا المرعب فتنفر السيارات والناس . . كؿ انعطافة منيا أو لفتة ويعود فيرتج بيف كتفي

جديدة "وحينما مر موكبنا عمى . . لنا مذعوريف ، وتكمؿ سيارة الحماية الخمفية المشيد فتزمجر بمحركيا لتزيد الناس إرىابا وخوفا مف حو لكننا تجاوزنا وقد أطبقت ظممة الميؿ . إذا ىـ اخذينني إلى اإلعداـ -9 حيث المكاف المخصص إلعدامات العسكرييف قمت لنفسي " عرطوز

نا فرع التحقيؽ العسكري بالمزة فاستقبمتنا األبواب مفتوحة باإلنتظار ، وسرعاف ما ولجت السيارات الثبلث داخؿ األسوار عمينا حتى وصم .الشاىقة فمـ تعد لي مف وقتيا صمة بالعالـ في الخارج

لكنني حتى أثناء 9 مكاني، فقمت لو توقفت السيارة أماـ باب المبنى وتقدـ المقدـ مني فعصب لي عيني وكبؿ يدي إلى الخمؼ وأنا ال أزاؿ ووجدتو يصعدني عمى درج طويؿ ثـ لـ . القوانيف ىنا غيرىا ىناؾ 9 فقاؿ وىو يجذبني مف كتفي . التحقيؽ األصمي لـ أطمش ولـ أكمبش

ة مف الصعود واليبوط زادت وبعد رحم. . يمبث أف أنزلني ثانية وعاد يصعد بي وذلؾ حتى أفقد القدرة عمى معرفة المكاف أو تمييز اإلتجاىات مف توتري واجيادي وأنا لـ أتناوؿ شيئا بعد اإلفطار أدخمني في ممر طويؿ وأدارني باتجاه الجدار وقاؿ لي انتظري ، وبعد خمس دقائؽ فتح

عميو فجمست ، ومف فدخمت ال أكاد أدري إلى أيف ، ويد المقدـ تقودني إلى كرسي أجمسني. أدخميا9 الباب الذي يميني وسمعت صوتا يقوؿ ماذا تريف -9 طرؼ العصابة التي انزلقت عف عيني بعض الشيء استطعت أف ألمح ظؿ طاولة أمامي وىيئة رجؿ ما يجمس خمفيا ويسالنى

كاف محدثي ىو العقيد كماؿ يوسؼ رئيس الفرع ، وكاف أشد ما يخاؼ عمى نفسو ربما ألنو مسيحي ال تحميو . الشيء 9 أمامؾ ؟ قمت لو وأيف ذاؾ اآلخر -9 ووجدتو يمتفت عمى عنصر معنا ويسألو . . ائفتو كأكثر الضباط االخريف ، فكاف يشدد عمى أف ال يعرؼ صورتو أحد ط

لكف الرعب تممؾ قمبي مف جديد ، وقمت لنفسي إنو أخي .. سيدي 13إنو تحت في المنفردة 9 ؟ فأجابو مف غير أف أدري عمف كانا يتحدثاف جالس عمى األرض ومكمبش مف يديو 9 وكيؼ وضعيتو ؟ أجاب االخر -9 وعاد العقيد فسأؿ . ييـ وكانوا يحققوف معو لمتو إذا وقع بأيد

إذا . . شوفي . . إي يا ست ىبة -9 فمما أحس أنني تمقيت الرسالة المطموبة وأصابني الرعب التفت إلي يقوؿ . ورجميو لموراء ومطمش سيدي وليش 9 قاؿ ببرود . بكوف أحسف9 قمت لو . اؾ أمؿ أف نخرجؾ ، واذا بدؾ تكذبي فبل مجاؿ أف تخرجي أبدا بدؾ تحكي معنا الصدؽ فين

بكوف أحسف ؟ألف أي شيء ستسالنى عنو ليست لدي أي معمومة عنو ، فأنا في السجف منذ خمس سنوات ، وعمى عممؾ أف السجيف ال تدخؿ إليو 9 قمت

ليش ؟ىؿ أنت شيء 9 قاؿ . ال 9وال تعاشري أحدا مف السجينات ؟ قمت لو 9 قاؿ . ا حتى التمفزيوف ال أراه وأن. . أخبار وال تخرج عنو أخبار 9 وال حتى مع القضائيات ؟ قمت لو 9 قاؿ . ال لكف اهلل أعطى لكؿ إنساف طبيعة وأنا ال أحب أف أتكمـ مع أحد 9 قمت لو ! مختمؼ عنيـ

!ليش غيرخمقة 9اؿ ق. أصبل أنا القضائيات ال أتكمـ معيف .ال ، لكف أنا طبعي ىكذا ال أحب أف أتكمـ حتى مع رفيقاتي البلتي معي في الميجع 9 قمت لو . ثـ ما ىو ىذا السر الذي سأخبؤه ىنا وىناؾ . ليس لدي بيت لمسر وال أحتاجو 9 قمت . بدؾ تقولي لي مف ىو بيت سرؾ . . ال 9 فقاؿ لي قمت . صحيح وضعناكـ في سجف مدني لكف أنا أعرؼ كؿ شيء عنكـ . . أنني ال أعرؼ شيئا عف السجينات ال تظني . . ال لؾ 9 فقاؿ لي

فمما ذكر اسميا تذكرت لمتو كيؼ كاف ابف خالتي يتضايؽ منيا عندما . ماجدة 9 إذا مف ىو بيت سري يا شاطر إذا بتعرؼ؟ فقاؿ لي 9 لو فيتضايؽ جدا ، . ني وتشجعني عمى صده ورده وتجيبو أحيانا بنفسيا وتساؿ أف يدعني وشأنييأتي في زيارتو السمجو ألنيا كانت تقؼ قريبا م

ىذه ال بيت سري -9 فمما تممحت ذلؾ في ذىني قمت لممقدـ . . ومف أجؿ ىذا نقؿ ليـ أنيا بيت سري ، ومف ىنا عرفت أنو ذىب وفسد عمي

Page 61: خمس دقائق وحسب

فقط مجرد واحدة جالسة بجانبي. . وال شيء ال أعرؼ 9 أكثر مف البعيدة عني خاصة وأنيا كانت زميمتي في الجامعة؟ ثـ ما ىو السر الذي تتوقع أف أخبئو عنؾ ؟ فقاؿ لي أال أتكمـ معيا

أنا ما عندي سر واذا بدؾ رجعني إلى السجف فأنا أحب إلى قمبي أف أجمس في السجف طوؿ عمري وال 9 قمت لو . وأنت التي ستقوليف لي وكانوا يعمموف أنيا تدرس الطب بدمشؽ -تأتي ابنة عمي 9 طيب أنت مف يأتي لزيارتؾ ؟ قمت لو 9 فقاؿ لي . جود تتيمني تيمة ليس ليا و

. . وىذا حسني 9 قاؿ لي ساخرا . ال9ال أحد اخر؟ قمت . . فقط 9 فسالنى . وأحيانا في السنة مرة تأتي عمتي أو عمي -وتأتي لزيارتي أحيانا لمعبة لـ تكف قد اتضحت لي تماما ولـ أتبيف نواياىـ وقتيا والدور الذي يؤديو كؿ منيـ فقد أشفقت أف أذكر اسمو ألـ يحضر لزيارتؾ ؟ وألف ا

طيب 9 فقاؿ لي . أظف أنني نسيتو ألنيا المرة الوحيدة التي زارني فييا -9 في زيارتو الوحيدة لي فأضره ، لكنو لما ذكره أمامي قمت لو خذىا إلى 9 فأشار إلى عنصر منيـ وقاؿ لو. إف شاء اهلل .قمت لو ؟ أنا ال أكذب . ف يأتي ليزورؾ بدوف كذب سأعطيؾ ورقة لتكتبي فييا م

وبعد عشر دقائؽ كتبت خبلليا نفس الكبلـ الذي . وىناؾ أعطاني العنصر ورقة وقمما قبؿ أف يرفع الغطاء عف عيني ويمضي . الغرفة الثانية فقاؿ . ال9 خبلص ما عندؾ أي شيء اخرتقولينو ؟ قمت لو -9 يني ثانية وقادني إلى المقدـ الذي سألنى قمتو عاد العنصر ثانية فعصب لي ع

ووجدت العنصر يجذبني مف جديد وينزؿ بي الدرج مطمشة ومكمبشة إلى الطابؽ األرضي ، وىناؾ عاد فأخرجني . خذىا إلى المنفردة 9 لو ! وؿ المبنى قبؿ أف يعيدونني إلى الباب نفسو وينزؿ بي إلى القبو ىذه المرة بأربعيف درجة مف المبنى وأركبني السيارة وجعموا يمفوف بي ح

!وقبرسعيد . . ليمة عيد وعندما بمغنا أسفمو أدخموني أوؿ األمر عمى ! كاف الدرج حجريا متآكبل مف كثرة ما تعاقبت عميو األرجؿ متقعرا مف شدة ما وطأتو األقداـ

وىناؾ أخذوا مني الساعة التي جاوز الوقت فييا منتصؼ الميؿ والمشط والنقود التي كانت معي ووضعوىـ في ظرؼ غرفة اإلستعبلمات ، -9 بعدىا أدخمني غرفة مكتب صغيرة وأجمسني عمى كرسي فييا وىـ بالذىاب ، فقمت لو " . . إخواف مسمميف "كتبوا عميو اسمي والتيمة

وما دخؿ الطماشة بنفسؾ ؟ 9 قاؿ . لكنني عندما أضعيا أصاب بضيؽ شديد في التنفس 9 قمت لو . ال9 ممكف أف أرفع الطماشة االف ؟ قاؿ بإمكانؾ أف -9 وبعد قميؿ دخؿ عنصر اخر فسألتو السؤاؿ نفسو وقمت لو السبب فقاؿ لي . . فمـ يجبني وذىب . حالة نفسية . . ولو 9قمت

نت الساعة قد جاوزت الواحدة ليبل ، لكنني ورغـ اإلرىاؽ والتعب الشديديف فإف النـو جفاني كا. تمحمحييا قميبل إذا أحسست بضيؽ النفس فعبل ، وأعادني السياد إلى أحاسيس أوؿ أياـ اعتقالي قبؿ خمس سنوات ، والتوتر والتوجس والخوؼ مف المجيوؿ عادت فبسطت أرديتيا الكئيبة

غرفة يروحوف ويغدوف وىـ يحيوف ليمة العيد عمى طريقتيـ مثمما أحيوا ليمة رأس السنة كنت أحسيـ أماـ ال. عمى قمبي األف مف جديد فأثقمتو لماذا 9 وكاف السؤاؿ ال يكؼ عف الدوراف عمى محيط رأسي . وقتذاؾ ، وأصداء ضحكاتيـ الفاجرة وكمماتيـ البذيئة تطرؽ أذني طواؿ الوقت

فمما طمع . . وماذا ينووف أف يفعموا بي . . ي عف أي شيء جاد إلى اآلف ولماذا لـ يسألون. . أحضروني وحدي وبعد كؿ ىذه السنوات الصباح وبدأ يـو جديد مف الحياة طمبت أف أذىب إلى الحماـ فأخذوني إلى مرفؽ يستعممو العناصر أنفسيـ ، لكنني وجدت بابو مرتفعا عف

وعدت إلى الكرسي نفسو وبقيت عمى نفس . لـ أعد أريد -9 األرض بمقدار شبر وىـ يجمسوف أمامو ، فخفت ولـ أحس باإلرتياح وقمت لوفمما كاف العصر أتاني أحد العناصر . الحاؿ إلى وقت العصر دوف أف يعيرني أحد انتباىا أو يسالنى سؤاال أو حتى يتذكرني بوجبة طعاـ

جدت مجموعة مف السجناء أخرجوىـ مف الميجع وأخذني عبر الممرات المتعرجة إلى المنفردة التي خصصوىا لي ، وفي الطريؽ إلى ىناؾ و بمبلبس خفيفة وقاـ عمييـ طبيب وأظنو كاف سجينا أيضا كاف يفحص ليـ دميـ ، وال أدري ما الذي كاف منتشرا فييـ مف مرض أو فقر دـ ،

س المحظة التي التصقت فييا وفرقع الكرباج في نف. . وجيؾ إلى الجدار -9 لكنيـ وما أف دنوت منيـ حتى انفجرت صيحة السجاف فييـ ىؿ سأبقى ىنا ؟ قاؿ -9 وعندما وصمنا المنفردة وفتح السجاف بابيا الثقيؿ ساكتو . . وجوىيـ بالجدار دوف أف أقدر عمى استيعاب ما حدث

أجابني ! ماذا 9 قمت ! إحمدي ربؾ أنؾ ىنا . . ىذه أحسف منفردة وأعمى درجات المنفردات . . نعـ -9 وعمى ناظريو ترتسـ مبلمح السخرية ورمى لي ببطانيتيف رثتيف ثـ أغمؽ عمي الباب . فاحمدي ربؾ وأدخمي. . ىذه المنفردات جديدة كميا لـ يجمس فييا أحد مف قبؿ . . نعـ 9

الجدراف. . متر ونصؼ بمتر ونصؼ مف األرض وحسب . . وما أف فعؿ حتى أحسست نفسي أنني اختنقت . . الحديدي الثقيؿ ومضى وفي وسطو فتحة لمتيوية لكنيا كانت عاطمة عندي وليس ىناؾ أي . . والسقؼ منخفض إلى درجة أنني كنت أستطيع لمسو . . سميكو جدا

وبيف الباب والجدار الذي يميو توجد طاقة عميقة في آخرىا لمبة ضعيفة الضوء بيني وبينيا طبقتاف مف الشبؾ فبل . . فتحة غيرىا أو شباؾ

Page 62: خمس دقائق وحسب

ال . ولـ أعد أستطيع جذب النفس . . وشعرت أنني عمى بوابة الموت بالفعؿ . . فمما أغمؽ الباب أحسست أنو قبرني وذىب ! نفسيا تكاد تنيرا ومف تعبي ورعبي كأنما ! أو لماذا يفعموف بي كؿ ىذا . . كانت لحظة صعبة جدا لـ أستطع تحمميا ، ولـ أعد أستطيع استيعاب ما يجري .

ت قوتي فما شعرت بنفسي إال وباب المنفردة مفتوحا والدنيا ظبلـ جدا والعنصر واقؼ عمى الباب يمكزني بعصا يمسكيا ارتخت أعصابي وخار فمما استجمعت نفسي وحاولت استرجاع األحداث أدركت أف الميؿ قد حؿ وقد حضر وقت الخروج إلى . قومي. . قومي -9 بطرؼ يده ويقوؿ

ولـ أعد أستطيع حتى أف أدرؾ . . عمي ، لكنني وعندما استيقظت ووجدتو أمامي أحسمت كأنو عزرائيؿ وقدرت أنني كأنما أغمي . . الخط لـ أعد أحس ال بالزماف وال بالمكاف فمـ تكف معي ساعة ولـ أعد ! خائفة ؟ كمو مع بعض . . زعبلنة . . ىؿ أنا متضايقة 9 حقيقة شعوري

فمـ أكف أعرؼ ما الذي يجري ىنا ، وال طبيعة ىؤالء . . وأعصابي عمى أشد ما تكوف توترا فمما ناداني نيضت . . أعرؼ الميؿ مف النيار . . ووسخأ إلى أبعد الحدود ، لكنني تمالكت نفسي وغسمت وجيي وعدت . . وتبعتو إلى الحماـ حيث اقتادني فوجدتو كبيرا جدا . . العناصر

فمـ أكد أبمغ األرض وأنا . . نفس وقتذاؾ لتناوؿ أي شيء ، فأدخمني ثانية وأقفؿ عمي فوجدتو أحضر لي طعاما رددتو ببل شيية ، فمـ تكف لي أتممس موضي كالعمياف حتى انطمؽ عنيف صاخب خمؼ الجدار عف يميف زنزانتي جعؿ بدني ينتفض كالممسوع ، لكنني سرعاف ما أدركت أنو

كما بدأ فعـ السكوف المكاف مف جديد ، ثـ عاد فانطمؽ بعنينو اليادر صوت جياز التكييؼ المركزي الذي لـ يمبث أف توقؼ بعد خمس دقائؽمرة أخرى فكأنما ىو وحش سجيف يشتكي عنت السجف مثمي ، وبقي اليدير عمى ىذه الدورة المتناوبة يطرؽ أذني تارة بعد أخرى فكأنو في كؿ

ي بذلؾ ومع عتمة الزنزانة وكأنما فقدت الحواس ، فعدت إلى ما حتى بت ال أكاد أسمع إال الطنيف ، ووجدتن. . دورة لو يخرز فييما خرزا ! يشبو اإلغماء ، ولـ أصح إال صباح اليـو التالي عمى تكبيرات العيد

!تكبيرات العيد من زنزانة رياض التركرؾ يستمع إليو ضمف بعض كانت التكبيرات تنطمؽ مف جياز راديو جمس جاري في الزنزانة المقابمة الزعيـ الشيوعي المعارض رياض الت

كاف الممر الذي تقع فيو زنزانتي يضـ أربع منفردات كؿ اثنتيف ! اإلستثناء ات التي ناليا في منفردتو التي أمضى فييا أكثر مف عشر سنيف يا كانت زنزانة رياض الترؾ ، منيما تقاببلف اإلثنتيف األ خرييف ، فكانت زنزا نتي األ ولى مف اليسار ، ومجاورتي التي تمييا فارغة ، وفي مقابم

ب زنزانتي بينما كانت الزنزانة التي في مقابؿ زنزانتي فارغة في البداية ثـ أتوا بعدىا بشاب وضعوه فييا ، ولـ أره إال مرة واحدة عندما كاف باوأما رياض الترؾ . خروج لموضوء مفتوحا لمتنفس وأتوا بقصعة الطعاـ لو فمد رأسو ليأخذه ، ولـ أعمـ أي شيء عنو إال أنو كاف يطمب ال

فكانت لو بعض الميزات عف السجناء اآلخريف ، فبيف حيف وآخر كانت تأتيو زيارات مف الخارج ، كما سمحوا لو بإحضار الراديو ، وبطيي ؿ رياض الترؾ كمما وبعد مدة جع! بعض الطعاـ لنفسو ، وكثيرا ما كاف العناصر يجمسوف عنده ليطبخ ليـ أو يأخذونو ليجمي ليـ الصحوف

وفي . كذلؾ كاف يرسؿ لي محاـر وشايا وأشياء مشابية . طبخ طبخة سكب لي لقيمات منيا ، لكنني لـ أكف اكميا وأعيدىا مع العنصر إليو استطعت إحدى المرات التي كاف باب زنزانتي فييا مفتوحا رأيتو وكأنما طمب مف العنصر أف يراني فأذف لو ، فذىب وعاد مرتيف مف أمامي

لكف البشريات . . وألنو كاف صباح العيد فقد انطمقت التكبيرات مف الراديو فصحوت عمييا . . خبلليا أف ألمحو لمحا لكنو لـ يقؿ أي شيء بيجة الناس في الخارج تعيش . . التي يحمميا العيد لمناس انقمبت حسرات في قمبي وضيقا وكآبة ، ووجدتني أنخرط في البكاء دوف إرادة مني

وال يعرفوف حتى الميؿ مف النيار وما ىي إال برىة حتى فتح الباب . . العيد وكؿ ىؤالء الذيف في السجف ال يحسوف لمعيد وجودا وال معنى لماذا ؟ 9 أنت ما اسمؾ ؟ قمت لو -9 عمي ووجدت عنصرا اخر قصير القامة طويؿ الشاربيف ال يبعث شكمو عمى اإلرتياح ابتدرني بالسؤاؿ

وكانت رفيقتي ابتساـ . ال 9 ىؿ سبؽ لؾ وأتيت إلى ىنا ؟ قمت لو ! ربما ىي أنت . . أريد أف أعرؼ ألف واحدة كانت ىنا تشبيؾ كثيرا 9 قاؿالتي أحضروىا إلى قطنا قبؿ شيور قميمة قد مرت عمى ىذا السجف مف قبؿ فرجحت أنو يقصدىا ، ولما سألتو عف اسميا تأكد ذلؾ ، فسالنى

وماذا يمزمؾ اسمي ؟ إذا أردت فاذىب وانظر إليو -9 وما اسمؾ أنت ؟ قمت لو وقد أحسست أنو يريد أف يتسمى بي وحسب - 9مف جديد فمـ يمبث وأف غاب قميبل ثـ عاد ففتح الباب ثانية ألجد أمامي المقدـ عمر مدير السجف الذي أحضرني وحولو عناصر بيد أحدىـ . عندكـ

ما اسمؾ ؟ 9 فقاؿ . . ال أستطيع 9قمت لو . وقفي عمى حيمؾ -9 األرض فدفعو المقدـ برجمو نحوي وىو يقوؿ لي طبؽ فيو برغؿ ، أدناه مف ىؿ لي أف -9 وجعؿ يشتمني ويصيح في ، فتممكني الغضب وصحت فيو . ما أوقحؾ . . جاوبيني 9 ألـ تأخذه باألمس ؟ قاؿ 9 أجبتو

قمت . إف لـ تفعمي شيئا غدا يخرجوؾ9 قاؿ ببرود . لكنني لـ أفعؿ شيئا9قمت لو . ي مف نفسؾبكره بتعرف9 قاؿ . أعرؼ لماذا وضعتموني ىنا

Page 63: خمس دقائق وحسب

لى متى سأبقى ىنا . . قؿ لي فقط ما ىي تيمتي 9 لو راجية وجاء جوابو ليعمؽ في ىذا . . كنت أحس أنني سأجف فعبل إذا بقيت ىنا . . وا ومضى ليكمؿ جولة التعييد عمى بقية السجناء في الوقت الذي . لؾ أنؾ مجرمة أال تعرفي حا9فقاؿ وىو يغمؽ الباب عمي . . الشعور

مع إلى أحسست أنني عمى حافة اإلنييار تماما ، ولـ أجد مف سموى إال أف أنفجر بالبكاء في عتمة ىذا القبر الكئيب ، وأتجو إلى اهلل بقمبي أتط. ال تخافي يا أختي فأنا مثؿ أخيؾ 9 وأطؿ عمى عنصر اخر يقوؿ لي ىامسا . . ولـ تمض دقائؽ إال والباب يطرؽ مف جديد . فرجو الكريـ

فأنا عمى ىذه الحالة ال . . لو كاف اختياري لقمت طوؿ الوقت 9 كـ تريدينني أف أفتح لؾ الباب ؟ قمت وأنا ال أكاد أصدؽ . . قولي لي . كرماؿ عينؾ راح أفتح لؾ الباب 9 فقاؿ لي . صمني مف ىوائو شيء أستطيع أف أتنفس ، والمكيؼ الذي يعف طواؿ اليـو بجانب رأسي ال ي

خذي ىذه الميرة ، واذا احتجت أي شيء وقت 9 ثـ أعطاني ليرة معدنية وقاؿ لي . طوؿ الميؿ ، لكف لو سألؾ أي أحد ال تقولي مف فتحو وترؾ باب الزنزا نة ( س)لسجاف الذي سأدعوه ىنا دفعتي فبل تدقي إال دقة واحدة بيا عمى الباب أكوف موجودا بعدىا عندؾ ومضى ىذا ا

يطؿ عمي في كؿ نوباتو فيفتح لي الباب ويسالنى عف احتياجاتي ، " س "مفتوحا عمي ، فكأنما ىي طاقة فتحت بيف رحمة اهلل وبيني ، وصار صرت ال أطمب شيئا مف أحد غيره ولـ يمبث أف جعؿ يحضر لي زجاجات حميب يوزعونيا عمى العناصر فيضعيا عند طرؼ الباب ويذىب ، ف

ولما أحسست بالفعؿ أنو ادمي وأميف . . أبدا ، وعندما يحيف وقت نوبتو أدؽ الدقة كما قاؿ لي فيأتي وأخبره إف كنت أريد الحماـ أو الطعاـ فمما . قدمي كتابا لممقدـ فقاؿ لي . أخذوه مني 9أال يوجد معؾ مشط ؟ قمت لو -9 رجوتو مرة أف يحضر لي مشطا وقصاصة أظافر ، فسالنى

ولكثرة الوسخ المحشو بيف أسنانو لـ . . قدمت الكتاب وجدتيـ يحضروف لي مشطا اخر كأنو مف قذارتو قد تمشط بو كؿ المساجيف قبمي ؾ وأنا ال فمما تقدمت بطمب اخرأتاني الجواب بالمنع ، لكف حوالي عشرة أياـ كانت قد مضت عمي وقتذا. . أتمكف مف تنظيفو بأي وسيمة

أستطيع في ىذا المكاف اإلغتساؿ أو حتى تمشيط شعري المغطى طواؿ الميؿ والنيار تحت الحجاب حتى خشيت أف أصالب بالقمؿ بالفعؿ ، عف اإلغتساؿ وأرجوه أف يحضر لي مشطا وقصاصة أظافر معو ، فتأسؼ لي في البداية واعتذر بأف ذلؾ الطمب " س "فوجدتني أتجرأ وأسأؿ

لكنو ذىب بعدىا وأحضر لي عمى مسؤوليتو مشطا رجاليا صغيرا مف عند رياض الترؾ وقراضة األظافر التي طمبت ، وأحضر لي ممنوع ،وحوالي الثانية ليبل وجدتو يطرؽ عمي الباب ويسالنى أف أتبعو إلى الحماـ التي كانت في منتصؼ ممر . . صابونة أيضا وشحاطة ببلستيؾ

نات ومياجع متتالية ، فأحست وىو يأخذني والسكوف يغمر المكاف بالرىبة والرعب ، فمما بمغنا الحماـ وجدت عمى طويؿ يحتوي كمو عمى زنزاولما دخمت الباب الحديدي . أف يجمس عمى الباب فيغمقو مف الخارج وال يترؾ أي إنساف يدخؿ إليو " س "بابو عنصرا اخر اسمو ياسيف أمره فمما دخمت أحسست بقمبي أف . . مييا مقاسـ لثبلثة حمامات ليا أبواب ولكنيا مرفوعة عف األرض أيضا وجدت مجموعة مغاسؿ وتواليتات ت

ىذا العنصر سيتبعني فمـ أخمع ثيابي ، ولـ ألبث وأف سمعت حسيس خطوات تتقدـ نحوي ، فمما نظرت أسفؿ الباب رأيت حذاءه بالفعؿ ، . . أريد رئيس السجف حاال -9 إلى أيف ؟ قمت لو وأنا أصيح . . أيف -9 ىو يناديني ففتحت بسرعة وجريت خارج المكاف كمو إلى الممر و

قمت لو . . أنت اآلف تخالفيف نظاـ السجف . . تعالي -9 فجعؿ يجري ورائي ويناديني ألرجع ويقوؿ . . ماذا تفعؿ أنت ىنا يا قميؿ األدب الصوت فحضر يسأؿ " س "وكأنما سمع . السجف حتى ال أخالؼ النظاـ فيو أحضر لي مدير9 وأنا أرفع صوتي أكثر وأتجو نحو زنزانتي

-9 واتجو إلي يعتذر ويقوؿ . . بدؿ أف تحرسيا كما قمت لؾ عممت ىذا العمؿ يا حقير -9 ماذا حدث ، فمما أخبرتو صاح فيو بغضب قفمت الباب مف الداخؿ وبقيت قرابة الساعة ال أجرؤ أف وأعادني مف جديد فدخمت وأ. . إمسحييا بذقني ىذه المرة يا أختي وعودي فتحممي

أخمع ثيابي ، حتى إذا أحسست باإلطمئناف وتأكد لي أف ال أحد ىناؾ فتحت الماء عمي ، فمما انتييت وخرجت وجدت ياسيف ىذا مكانو عمى أجبتو . إذا أردت أنا معي واحد ة . . و بالمراة أال تريديف رؤية ىذا الوجو الحم -9 الكرسي ، ورأيتو ينظر إلي مف جديد ويقوؿ بكؿ وقاحة

ولـ يكف أمامي إال أف أعود إلى منفردتي تتعاقب عمي األياـ مف غير أف أدري سببا لوجودي ىناؾ أو نياية . اهلل ال يعطيؾ العافية9 باحتقارت األ نفاس وأطبقت عمينا رائحة العفونة مختمطة وبعد حوالي عشرة أياـ مف وصولي وفي ظييرة يـو اشتد فيو الحر في القبو وازدحم. لحالي

بالعرؽ وباألنفاس حضر المقدـ عمر فناداني ووضع الطماشة عمى عيني ثانية وكمبشني إلى الوراء وجعؿ يقودني بيف المتاىات ىناؾ حتى لو مت بحؽ -9 لفعؿ قاؿ لي فأحسست أنو خنقني ، فمما سألتو أف يمنحني فرصة أتنفس فييا مف غير ىذه العصابة ألنني أكاد أختنؽ با

9 ثـ أخذني إلى رئيس الفرع كماؿ يوسؼ مرة ثانية معصوبة ومكبمة ، لكف ذاؾ لـ يزد عف أف سالنى ! ىكذا يقوؿ النظاـ . . فمف أرفعيا لؾ إلى المنفردة كما جئت ألكمؿ وأعادوني. . خذىا 9 فقاؿ لو مف غيرأف يأبو لسؤالي . لماذا . . ال 9 ىؿ لديؾ شيء تقولينو ؟ قمت باستغراب -

Page 64: خمس دقائق وحسب

وال أعرؼ الميؿ مف النيار وال الصباح مف المساء إال مف تبدؿ الحرس ومف صوت إذاعة . . فييا عشريف يوما ال أرى فييا الشمس وال القمر ! لندف التي تبمغنى مف زنزانة رياض الترؾ عصر كؿ يـو

. .عسرويسرحتى أرسؿ سبحانو إلي مجندا اخر في النوبة الثانية يؤدي خدمتو العسكرية ، صار يعاممني بشكؿ وتظؿ رحمة اهلل أكبر وأوسع ، فما ىي أياـ

وعندما أخبرتو أف التكييؼ في زنزانتي ال . . جيد أيضا ويحضر لي أشياء خاصة ويسمح لي بالخروج إلى الحماـ مرات أكثر ألغسؿ وأشرب ما أخرج إلى الحماـ في نوبتو يأتي بسجيف اخر ليمسح لي المنفردة وينظفيا وينفض يعمؿ ذىب وأصمحو حتى اشتغؿ اخر األمر ، وكاف عند

لكف ىذه النماذج كانت اإلستثناء في ىذا المكاف الظالـ أىمو ، وكاف سوء الخمؽ وانعداـ . لي البطانيات ويرتب الزنزانة لي قدرالمستطاع ائما يحمموف عصيا أو خيزرانات أو كاببلت ، وكاف المقدـ عمر يحمؿ كمبشات فالعناصر د. . المروءة والكرامة واألدب ىو األصؿ األصيؿ

وفي إحدىالمرات جاءني عنصر . وطماشات باستمرار ، لكنني لـ أكف أسمع أصوات تعذيب ىناؾ ألف غرفة التحقيؽ كانت كما يبدو بعيدة لكف وقبؿ أف تسالمني . . ال 9 ألست جائعة ؟ قمت -9 اءيقوؿ لي فج. . مف ىؤالء ببقايا صندويتشة فبلفؿ أكؿ أكثرىاوأبقى الجزء األخيرلي . حسبي اهلل . . طيب 9 قمت لو . ىذه ليست شغمتنا . . واهلل ال أعرؼ 9 ىذا السؤاؿ أريد أف أسألؾ أنا إلى متى سأبقى أنا جالسة ىنا؟ قاؿ

ىؿ تحبيف أف تخرجي -9 قيقة تكشؼ مظيره المقرؼ وقاؿ لي لكنو بدؿ أف ينصرؼ تقدـ فجمس القرفصاء أمامي وىو يرتدي جبلبية بيضاء ر لكف واهلل أنا 9 قاؿ . الحمدهلل 9 قمت لو . لـ أرأحدا يحب قعدة السجف غيرؾ . . عجيب 9 قاؿ . ال 9 إذا أراد أحد أف يخرجؾ ؟ قمت لو

فقاؿ . ال ،لـ أعرؼ ، ىكذا كتب اهلل 9 قمت لو ألـ تعرفي السبب ؟. . لماذا أحضروؾ إلى ىنا بعد خمس سنوات مف اعتقالؾ . . مستغرب مستأجر غرفتيف . . وأنت تعرفي حياة العسكري . . أنت واهلل مثؿ أختي وأنا أعيش لوحدي عسكري . . طيب إذا أخرجوؾ اآلف 9 لي

حسبما دريت أنو 9 ما ىي المناسبة؟ قاؿ و 9 قمت لو أنتيره وقد بدا لي أنو يتمادى . بالمياجريف ، أعطيؾ غرفة لؾ وأناـ أنا في الغرفة األخرى ذا لـ يكف لمواحد أىؿ أما لو اهلل ؟ أنا لي اهلل 9 قمت لو . أىمؾ قتموا بأحداث حماة 9 ومف قاؿ لؾ ؟ قاؿ 9 قمت لو . ال أحد لؾ فقاؿ لي . . وا

المنفردة عمي وجعؿ يمعب بزر الضوء الذي ينير فخرج وأغمؽ باب. ال 9 قمت لو . يعني ما بتحبي تطمعي 9 وكأنما التأـ مني ألني ال أسايره ووقتيا كانوا قد أعطوني وجبة الطعاـ في . الكوة في زنزانتي حتى أحرقو ، فأحسست أف في نيتو أف يطفئ الضوء عمي ليدخؿ في العتمة

وما وجدتو إال وىو يفتح باب . . فمـ يرد. مف ىناؾ -9 طبؽ مف ببلستيؾ ميبلميف ثقيؿ الوزف ، فأفرغت الطعاـ منو وحممتو بيدي وصحت واهلل العظيـ إذا لـ تترؾ الباب فسأجمع عميؾ العناصر -9 فطبقتو بوجيو بقوة وصحت لو . . المنفردة ببطء ويحاوؿ اإلنسبلؿ لمداخؿ

احترؽ ؟ بقيت تمعب بو وما الذي أدراؾ أف الضوء عندي9 قمت لو . ولماذا ؟ أنا أريد أف أدخؿ وأصمح لؾ الضوء 9 قاؿ بخبث . الموجودة وظممت أصيح وأصرخ وأطرؽ بالصحف الذي بيدي عمى الباب حتى حضر وعدد اخر مف " س "وصرت أنادي عمى ! حتى حرقتو يا سفيو

. ىذا الحقير ظؿ يمعب بالضوء حتى حرقو وقاؿ يريد أف يدخؿ بعدىا في العتمة ليرى ما حدث -9 قمت . . العناصر يسألونني ماذا حدث ذوه عني وىـ ال يكتموف شتائميـ لو ، لكنيـ ذىبوا في نفس الوقت إلى الزنزا نة المقابمة وأخذوا الممبة منيا فركبوىا لي ، وتركوا ذاؾفأخ

! السجيف المسكيف ىناؾ في الظبلـ

وساطة فاشمةلى الممر ليوزعونيا عمى السجناء مف جديد ، وفي نفس ذلؾ اليـو كانوا قد أخرجوا كؿ بطانيات الفرع ليعقمونيا ال أدري أيف ثـ أعادوىا إ

-9 وبعد أف أخذتيا وعدت لحؽ بي وناداني . سأخرجؾ االف لتختاري البطانيات التي تريدينيا -9 فجاءني أحد العناصر المناوبة وقاؿ لي شؾ الخروج ، وأنت حسبما عممت أتتؾ إف شاء اهلل ستخرجي قريبا ألنيـ ال يأتوف بأحد ىنا إال إذا كاف عمى و . . أريد أف أقوؿ لؾ شيئا

اهلل 9 قمت لو . لكف ال تقولي ألحد إلنيـ إذا دروا أنني أخبرتؾ واهلل بيخربوا بيتى 9 قاؿ . إف شاء اهلل 9قمت لو . واسطة وسيفرجوف عنؾ القامة اعتدت مشاىدتو بيف فمما انصرؼ وانتيت نوبتو وحؿ الصباح حضر عنصر اخر كبير الشاربيف جاحظ العينيف قصير . يجزيؾ الخير

لماذا تبكيف ؟ قمت وقد -9 حيف وآخر بيف بقية العناصر فأنفر مف مرآه ، ووجدتو ومف غير استئذاف وال إعبلـ يفتح الباب عمي ويسالني ا مف ىنا فأردت أف أرى كنت مار 9 قاؿ ! ثـ كيؼ تفتح عمي الباب مف غيرأف تعطيني خبرا بذلؾ . . ماذا ؟ أنا ال أبكي -9 أربكتني المفاجأة

ال واهلل -9 فقاؿ وىو يدنو مني خطوة بعد خطوة . ال شكرا ، ولو سمحت أغمؽ الباب فأنا ال أريد رؤية أحد 9 أجبت ! إف كاف أحد قد ضايقؾ

Page 65: خمس دقائق وحسب

فمما أحسست بنيتو كنت جالسة وقتيا في زاوية الزنزانة متكومة عمى نفسي ، . . واهلل أنا قمبي مشغوؿ عميؾ . . أنا حابب أطمئف عميؾ العاطمة نيضت بسرعة أريد أف أقفؿ الباب ، لكنو أمسؾ بيدي يريد أف يتمادى ، فاستجمعت نفسي ودفعتو وأطبقت الباب في وجيو وأنا أصيح

ىيا -9 لي فانصرؼ لبرىة لـ تكف كافية حتى اللتقاط أنفاسي ، ولـ يمبث أف عاد يقوؿ . . إذا لـ تخرج فسأجمع عميؾ أىؿ السجف جميعا -9 فجمعت ما لدي مف أغراض وكنت بطبيعة الحاؿ ال أممؾ إال . سيفرجوف اليـو عنؾ . . ىذا آخر يـو لؾ ىنا . . جيزي نفسؾ والبسي

المبلبس التي عمي ، ولما خطوت خارج الزنزانة لـ أجده إال خمفي بيف الجدار وبيني يحاوؿ أف يحيط رأسي بذراعيو ، فانتفضت برعب . واهلل كنت حابب أشرب معاؾ كاسة شاي -9 و عني بقوة وركضت إلى األماـ وأنا أشتمو وأحقره وىو ال يبالي يقوؿ لي بببلىة وغضب ودفعت

فمما دنونا مف أحد األ بواب دفعني إلى الداخؿ ومضى ، وىناؾ وجدت عنصرا اخر برتبة مساعد اسمو جبلؿ . واهلل ليمقا سخنة إذا بتحبي . ولذلؾ فسوؼ نعيدؾ . . ىناؾ واسطة أتتؾ مف التحقيؽ العسكري لئلفراج عنؾ لكف فرع أمف الدولة الذي اعتقمؾ مانع -9 أجمسني وقاؿ لي

. . ومف غير أف أجيب بكممة واحدة نادى عنصرا آخر أعادنى إلى الغرفة األولى التي وضعوني فييا أوؿ ما وصمت القبو . االف إلى قطناوالذي . . ة العاشرة أو الحادية عشرة ليبل ، أخرجوني اخر األمر فسمموني أماناتي وأركبوني السيارة إلى قطنا وبقيت ىناؾ مف الظير إلى قراب

. يبدو أنيـ كانوا ينووف اإلفراج عني بالفعؿ ضمف مخططيـ ، فمما أحسوا أنو سيفشؿ ألغوا الفكرة وأعادوني مف حيث أتيت

إشاعات المغرضينة تنيب األرض نيبا في ظممة الميؿ وتكاد تفترس العابريف في جريانيا األرعف ، فمما وصمنا وسمموني لمشرطة عدت إلى قطنا كما جئت بسيار

كالعصافير يتقافزف فوؽ بعضيف -ىناؾ أحست رفيقاتي بوصولي فعبل صراخيف وارتفعت زغاريدىف وتسمقف الشبابيؾ واأل بواب مقفمة عمييف بأخذي إلى مكاف اخر إف لـ يستجيبوا ، فنزلف يتطمعف إلي بشوؽ ومحبة ، فمما أدخمني السور البعض ، ولـ ييدأف حتى ىددىف الشرطي

وأخذف في كؿ ميجع يسألف الشرطي أف يفتح ليف أوال ليستقبمنني ، فمـ . . تعالي إلينا . . تعالي ىنا -9 صرف ينادينني مف كبل الميجعيف وال أزاؿ أذكر كيؼ . . نا نجتمع ليمتيا في واحد مف المقاء ات الجميمة التي ال أنساىا أبدا يجد إال أف يفتح الميجعيف اخر األمر معا ، وترك

اندفع معقؿ وسمية نحوي وركضا مع البنات الستقبالي وقد أخذا حفاضتييما ووضعاىا عمى رأسييما مثمما فعمت البنات بحجاباتيف وركضا المقاء إال ما سمعتو مف أف أميرة زركمي والسجانة أـ جميؿ التي كانت دائبة اإلساءة ولـ ينغص عمي فرحة! يستقببلنني باألحضاف والقببلت

ولذلؾ كانت البنات في غاية . . لنا قد أشاعتا بعد مغادرتي بأنني أدنت باإلتصاؿ مع اإلخواف مف داخؿ السجف وبتمقي رسائؿ ونقودا منيـ . لكنني عدت بمشيئة اهلل . . ييف مف جديد القمؽ عمي طواؿ ىذه المدة ، ولـ يصدقف أنني سأعود إل

!البقره الزرقاء ولـ يجدد مف رتابة حياتنا المممة إال حدث اإلفراج عف . . عدت إلى قطنا حيث تخؼ المعاناة مقارنة بالسجف الذي أتيت منو ولكنيا ال تنتيي

ثـ لـ تمبث وأف لحقت بيف أـ خالد وأـ زىير بعد عدة أشير . . ة دفعة أخرى مف السجينات كف أـ معقؿ وأـ ىيثـ وأـ عبد الباسط وابنتيا عائدوكاف اإلفراج عنيف جميعا بنفس الطريقة والترتيب ، فقد قرأوا أسماءىف عند الصباح وأعطوىف فرصة ليجمعف حاجياتيف ، ثـ أخذوىف إلى . .

قؿ الذي ولد في المعتقؿ وشب وترعرع فيو حتى قارب مف وكاف منظرا مؤثرا بالفعؿ خروج مع. . التحقيؽ العسكري ليفرج عنيف مف ىناؾ وال أزاؿ أذكر حيف غادر حدود السجف ألوؿ مرة عندما أخرجو أخي غساف في إحدى زياراتو بإذف مف مدير السجف ، ! العمر خمس سنيف

أنا رأيت واحدا يمشي عمى . . ماما . . اما م -9 " فمما عاد جعؿ يحكي ألمو مشاىداتو األولى في عالـ اإلنساف الطبيعى ويقوؿ ليا بانفعاؿ وقاؿ لي أنو وضع رجمو عمى األرض ليمشي فتحركت حجرة ! لقد رأى الحمار 9 فمما سألت أخي عما يعنيو قاؿ لي ضاحكا . . أربع أرجؿ

وفي -! أنما يستغيث بو وعندما أراد مدير السجف أف يحرؾ دراجتو النارية خاؼ واضطرب والتصؽ بأخى ك! تحت رجمو فغشي في البكاء ورا منو المرة الثانية وعندما بمغ ثبلث سنوات أرسموه إلى الضيعة عند بيت جده حتى يتأقمـ قميبل مع الناس ويرى إخوتو ، لكنيـ ومف كثرة ما رأ

! أف الحجارة يمكف أف تؤذي ولقد روت جدتو أنو كاف يتناوؿ األحجار فيرمي بيا إخوتو ويشج رؤوسيـ وىو ال يدرؾ ! لـ يصدقوا كيؼ أعادوه وفيمنا بعد الشرح واإلستقصاء أنو شاىد كيؼ تحمب البقرة فظنيا تبوؿ حميبا ! رأيت بقرة زرقاء بتبش حميب -9 ولما ساكناه عـ رأى ىناؾ قاؿ

أتى في زيارة مع والدتو مؤثرا ومثمما كاف وداع معقؿ مؤثرا فقد كاف استقبالو بعد بضعة أشير حينيما! ، ولعدـ معرفتو باأللواف ظنيا زرقاء لكف أمو بادرت وسألتو لتسمعنا الفارؽ وترينا أثر . . " طظ أسد "فمقد تجمعت البنات حولو ينتظرف أف يسمعف منو كممتو األثيرة . . أيضا

Page 66: خمس دقائق وحسب

القضباف بسبب ىذا النظاـ فجعؿ مقبؿ الذي أنفؽ سنوات عمره الخمس األولى وراء. قؿ ليـ حبيبي ماذا تعممت في المدرسة 9 الحرية عميو فمما سألتو عف السبب . . ولقد روت لنا أمو أنيا لما أخبرتو عف زيارتنا أخذ يبكي ! الظالـ يسمعنا أغنيات المديح والتمجيد لمثورة ولمقائد األسد

نات أمو وأبي مصطفى نفسو ، ولـ يدخؿ مقبؿ عمينا إال بثؽ األنفس رغـ تطمي. االف أبو مصطفى يدخمني الميجع ويقفؿ عمي 9 قاؿ ليا وعندما صار بيننا جعؿ وقد ذاؽ بعض معاني الحرية في الخارج يوزع عمينا نظرات التحسر واألسؼ ، وال يكؼ عف مراقبة الباب خشية أف

!يغمؽ عميو مف جديد

الفصؿ الخامس سجف دوما

معركة مع الزمف 0878أكتوبر 0874نوفمبر

سجن دوما ، معركة مع الزمنونحس كمما تطاوؿ العيد وتباعد الزماف أنيا رحمة إلى النياية ليس عنيا مف . . أسابيع أخر ونحف في قطنا نمضغ األياـ ونزدرد األسى مرتورغـ إشارات مف بعض مسئولي السجف لنا . . وبرغـ األنباء التي كانت بدأت تتسرب إلينا مف قبؿ عف نية نقمنا إلى سجف آخر ! فكاؾ

وبتنا نعيش يومنا . . اض واإلستعداد لرحيؿ قريب ، إال أننا وكأننا ألغينا كممات اإلفراج والخبلص وحتى اإلنتقاؿ مف قواميسنا بتخفيؼ األغر لكننا وفي صباح تشريني بارد وجدنا مدير السجف ومجموعة مف الشرطة معو يدخموف مف ! وحسب في ىذا القمقـ الذي ضاؽ حتى باألنفاس

9 إلى أيف ؟ فمما بمغنا الجواب 9 كاف السؤاؿ األوؿ الذي قفز إلى أذىاننا ! يقولوف لنا جيزوا أنفسكف لمنقؿ صباح الغد غير مقدمات عمينا و لماذا ؟ وكانت اإلجابة حينيا بأف السجف ىنا ضاؽ بنزيبلتو ، وأف الحكومة انتيت 9 إلى سجف دوما المدني حضر بداىة إلينا السؤاؿ التالي

ولكنني -لكف إشاعة سرت وقتذاؾ . فنقموا سجناء دوما إليو لينقمونا إلى ىناؾ ويحولوا قطنا إلى مجرد مخفر " عدرا"في مف بناء سجف جديد وأف أخبارا تسربت عف اعتزاـ اخوتي القدـو واختطافي مف السجف ، وأف ! لـ أدر بيا إال بعد اإلفراج عنا روجت بأف النقؿ كاف بسببي أنا

ولـ أفاجأ حينما سمعت القصة حينيا ألنني كنت قد وجدت مف زوجة ! ذلؾ وأخبرتيـ فقاموا بنقمنا بناء عمى ذلؾ إزوجة أخي غساف عممت بمثمما وجدت عددا غيرىا مف األقارب وأبناء البمد تحولوا إلى صؼ النظاـ وجندوا أنفسيـ جواسيس لديو . . أخي ما يؤكد تعامميا مع المخابرات

وعمى كؿ حاؿ تـ اإلشعار بالنقؿ ، ووجدتنا نيرع لنمممـ ما ! يا أو خوفا مف مشاكؿ ومتاعب قد يواجيونيا إطمعا بمكاسب رخيصة ينالونوتقدمت شاحنة . . وفي صباح اليـو التالي انتشر الحرس عمى األسطحة وتوزعوا عمى المداخؿ واأل بواب . . تكدس لدينا مف متاع وحاجيات حتى إذا امتؤلت الشاحنة وكادت أف . . كياس وغالونات الكاز التي كنا قد اشتريناىا لنمؤل بيا وقود الحماـ كبيرة في البداية لنقؿ األمتعة واأل

تفيض تحركت باتجاه منزلنا الجديد ، أخرجونا بعدىا اثنتيف اثنتيف فكبمونا وأصعدونا واحدا مف باصات النقؿ الداخمي ، وصعدت مجموعة مفابيف األمامي والخمفي ، ومضوا بنا قرابة العشريف سجينة نحو دوما مف طريؽ خارج المدينة ، تتقدمنا سيارة الشرطة المسمحيف فجمسوا عند الب

وزاد مف كآبة الحاؿ الغيـو الداكنة التي كست السماء يوميا فحجبت الشمس وأحالت الدنيا . . شرطة وتتبعنا اثنتاف أخرياف لمحماية والحراسة ووجدناىـ وقد ألقوا أمتعتنا في ساحة السجف فاختمط . . ندما وصمنا اخر األمر كنا متعبيف جدا وجائعيف وقمقيف وع. . مف حولنا كئيبة مظممة

وكاف أكثر السرقات وضوحا جالونات الوقود التي كانت عزيزة عمينا ألننا لـ نحصؿ عمييـ إال بشؽ ! منيا وتداخؿ قدر ما تكسر أو فقد ووعد بعضيـ بالمساعدة في استرجاع بعض منيا ولكف . . بيا نفوا مسؤوليتيـ عنيا وتمعثموا في اإلجابة وعندما طالبنا الشرطة. . األنفس

ووجدتنا مف ثـ نقاد إلى منزلنا الجديد ، فأعطونا ميجعيف لمسياسيات دب الخبلؼ كالعادة حوؿ التوزع عمييما وتقاسـ . . شيئا لـ يرجع ! ة السجف قبؿ أف نحضر األماكف فييما رغـ أف ذلؾ تقرر مف إدار

إضراب جديدفالجدراف الحجرية وبركة الماء في منتصؼ الباحة تحيطيا أحواض . . كاف سجف دوما أشبو ما يكوف في بنائو بالبيوت العربية القديمة

خرى لبيع الحاجيات الرئيسية وعدا عف مطبخ وحماـ وغرفة طبابة وأ. . وطريقة بناء الغرؼ نفسيا كميا تقوؿ ذلؾ . . الزراعة مف كؿ جوانبيا

Page 67: خمس دقائق وحسب

األوؿ مف 9 واضافة إلى ثبلث غرؼ صغيرة كانت تستعمؿ كزنزانات منفردة ، كانت ثمة ست مياجع رئيسيو . . كنا نسمييا ندوة السجف كانت لمحو األمية ثـ اليميف لمتيمات الدعارة ، والثاني بعده لمقتؿ ، واألوؿ مف اليسار لمحشيش ، تميو غرفة القتؿ والسرقة ، وبينيما غرفة

وفي صدارة البناء كاف ميجعا السجينات السياسيات وجدت مكاني في الميجع األيسر منيما ، . ألغي ىذا البرنامج فتحولت إلى غرفة عامة فتيو وىو بناء طويؿ وضيؽ بعض الشيء ، ترتفع فيو مصطبتاف عف اليميف والشماؿ تتوزع الفرش فوقيما بانتظاـ ، وبينيما ممر عمى ض

. خزائف صغيرة تحت المصطبتيف خصصت الستيعاب حاجيات كؿ شخص مف النزيبلت

!مخبرة كل العيود فمما ! كاف ثمة مفاجأة تنتظرنا في دوما ، ففي أواخر أياـ قطنا تـ نقؿ المقدـ موفؽ السماف بسبب تقرير مغرض اتيمو بالتعاوف مع اإلخواف

كف استئناسنا لـ يطؿ ، واستبشارنا انحؿ مكانو ، فالمقدـ مدير السجف الذي يميو وىو درزي مف وصمنا دوما وجدنا الشخص نفسو ىناؾ ، لفمـ يمض األسبوع األوؿ عمى وصولنا حتى أصدرمجموعة قرارات صارمة حرمتنا مف كثير مف الحقوؽ ! عائمة السبع أذاقنا السـ بالفعؿ ا كنا خارج مياجعنا وقت التنفس حضر المقدـ السبع وأمرنا أف نخرج إلى الساحة كؿ ما ففي البداية وبينم. . الميمة التي اكتسبناىا مف قبؿ

. . ر لدينا مف مواقد غاز ألنيا ممنوعة ، وألننا ال نستطيع إال اإلمتثاؿ فقد أخرجنا ما طمب ولكننا رفضنا دخوؿ المياجع احتجاجا عمى القراكنو وبعد أياـ قميمة قاـ أثناء وجودنا في الميجع بجولة تفتيشية مفاجئة صادر عناصر الشرطة وبعد مداوالت لـ تطؿ سمح لنا بإعادة المواقد ، ل

فمـ نجد بدا . . خبلليا مواقدنا وكؿ األدوات المعدنية والزجاجية التي لدينا بعدما أحكموا إقفاؿ األ بواب عمينا ير ال نعاود اإلعتصاـ في الخارج لكف . . فتدخؿ المقدـ وأعاد لنا األغراض . . لسجانات لرئيس السجف المقدـ موفؽ السماف نخبره باألمر إال أف نرسؿ كتابا مف خبلؿ إحدى ا

مخبرة كؿ العيود خير معيف لو عمى نبش أسرارنا ورصد -ووجد في أميرة زركمي . . المقدـ السبع لـ يتوقؼ عف مساعيو في التضييؽ عمينا " . المحكمة الميدانية"بقرار أقسى وأغرب ، فأمر بمنع الزيارات عف البلتي لـ تصدر أحكاـ بحقيف مف تحركاتنا ، وما ىي إال أياـ حتى فاجأنا

وسرعاف ما سرت فينا روح ! وكانت أكثرية السجينات واقع الحاؿ تجيمف أحكاميف رغـ مرورىف عمى المحكمة التي اعتبرت أحكاميا سرية . دأ المتضررات إضرابا عف الطعاـ حتى يتراجع عف ىذا القرار ، فبمغ عدد المضربات حوالي العشريف المقاومة مف جديد ، وقررنا باإلتفاؽ أف تب

وأما . . كف جميعا مف المسجبلت تحت اسـ اإلخواف ىذه المرة ، ألف الزيارات لـ تمنع عف الشيوعيات باألصؿ رغـ أنيف لـ تكف محكومات باإلتفاؽ فيما بيننا حتى ال يمنع زياراتنا أيضا ويقفؿ الباب الذي كنا نتصؿ نحف وىف جميعا نحف البلتي نعمـ أحكامنا فمـ نشاركيف اإلضراب

واستمر اإلضراب . . لكنو رغـ ذلؾ أصدر أمرا بمنعنا مف اإلقتراب مف الشباؾ أثناء الزيارات حتى ال نوصؿ الخبر لمخارج . . بأىالينا عبره وصرنا حينيا نحمميف إلى الحماـ حمبل ونغير ليف ثيابيف . . في أواخرىا أف يمتف بالفعؿ واحدا أو إثنيف وعشريف يوما كادت المضربات

فتعبنا كما لو كنا مضربات معيف تماما ، خاصة وأننا كنا نأكؿ أقؿ القميؿ . . وننظؼ أماكف نوميف وقد فقدف كؿ مقدرة عمى الحركة والتنقؿ فأحضروا طبيب الفرع المخصص لمشرطة . . ضغطيا أو تأتييا حركات عصبية وصارت منيف مف يرتفع. . وبالسر احتراما لشعورىف

! والضباط بالطبع لمكشؼ الدوري عمييف ، فكنا نحمميف إليو في البطانيات حمبل كأنيف قتيبلت

!سم ودمضي بنقمو ،لكف فرحتنا لـ تتـ لـ ينقض شير عمى ممارسات المقدـ السبع الذي لـ يكترث بما حصؿ حتى صدرقرار مفاجىء لـ ندر سببا لو يق

وكاف عماد ىذا إذا التأـ انقمب . . ومأساتنا معو لـ تنتو ، فمقد أحضروا مكانو مقدما اسماعيميا مف السممية اسمو عماد لـ يكف أقؿ لؤما منو لظمـ قررنا التصدي لو أيضا ، ويبدو لكننا وقد فاض بنا الكيؿ وما عاد لدينا جمد عمى احتماؿ ا! أصفر كالسـ وأحمر كالدـ 9 وجيو إلى لونيف

ف أنو بطياشتو وعنجييتو أراد أف يخضعنا بالطريقة التي اعتادىا وأمثالو مع السجينات القضائيات ، فأقبؿ عمينا صباح أحد األياـ وأراد أيرتد مبيونا وقد تياوى انتفاخو يضرب إحدى السجينات مف بيننا لتمتثؿ ألوامره ، فما كاف منيا إال أف ردت عميو بصفعو عمى وجيو جعمتو

وىذا القرار بمنع الزيارات كمو . . وصار ييددىا بالجزاء وبالعقوبات ، فقمنا كمنا عميو نقوؿ لو إف ىذا ليس بحقؾ وال بصبلحياتؾ . . الزائؼ أف يكتب إلى إدارة وعندما أسقط مف يده وأحس خطورة ما يجري وقد شارفت بعض المضربات عمى الموت بالفعؿ وعد . . مف عندؾ

المخابرات ليطمب األحكاـ ويتحقؽ مف وضعنا ، لكف األىالي كانوا أسرع باإلتصاؿ معيـ والحصوؿ عمى أذونات بالزيارة ، فأنيت المضربات ف لـ تنتو ، ولكنو استمر يضايقنا أياـ الزيارات وال يسمح لؤلىالي بالدخوؿ إال بعد أف تدنو إضرا بيف ، وخفت الضغوط والقيود بعض الشيء وا

Page 68: خمس دقائق وحسب

9 ولقد حدثتنا أـ ماجدة فيما بعد أنيا كـ وكـ قبمت األرض عمى باب السجف تقوؿ لو أو لمسؤوؿ الزيارات . . الساعة مف الثانية أو الثالثة بضع كممات فإذا أسقط في يدىا كتبت ورقة صغيرة تطمئف ابنتيا فييا ب. . فيرفض . . دعني أقبؿ رجمؾ وأدخؿ ىذه األغراض البنتي فقط

! وترجوه أف يوصميا ليا ، فكاف يأخذىا ويمزقيا أماميا ويطؤىا بقدميو أماميا دونما رحمة

!من السياسة إلى الى االقتصاد كانت فاتحة الوافدات الجدد عمينا في دوما فتاة فمسطينية األصؿ في الثبلثينات مف عمرىا اسميا جميمة البطش ، كانت تدرس في سوريا

حدى السفارات بدمشؽ وبأشياء أخرى واتيمت مع وكاف قد ألقي القبض عمييا . مجموعة مف تنظيـ شيوعي بتفجير الفندؽ السياحي بحمب وا وبعد أف أمضت قرابة السبع سنوات في سجف المسممية بحمب نقمت إلى دوما . . وحكمتيا محكمة أمف الدولة العميا بالسجف المؤبد 68عاـ

وبرغـ مشاركتيا السجف معنا ألكثر مف سنتيف إال أنيا كانت تميؿ إلى العزلة وال . . ولـ تخرج إال بعدنا بسنتيف 75مع بداية انتقالنا عاـ وبعد جميمة بأسابيع أحضروا طالبة أدب فرنسي مف دمشؽ اسميا ىبلؿ معتقمة بتيمة تخريب . . تختمط حتى مع الشيوعيات األخريات

ولـ يمبث بعد فترة وأف أرسؿ سبعة . . افي دمشؽ ولوحؽ أثناء التضييؽ عمى الصرافيف فيرب خارج سوريا فقد كاف أبوىا كبير صر ! اإلقتصاد فمما ذىبت إلى البيت المطموب تصادؼ ذلؾ مع قياـ . . مبلييف ليرة ونصؼ مف األردف وطمب مف ابنتو أف تعطييا لصراؼ اخر في دمشؽ

حدة منيـ ، فمما فتشوا سيارتيا ووجدوا ىذا المبمغ الكبير نسوا اإلخواف والمنشورات وأخذوا النقود اإلخواف بتوزيع منشورات في المنطقة فظنوىا وا ! ولـ يعيدوا ليا مف ذلؾ شيئا حتى بعد اإلفراج عنيا بعد ثبلث سنوات . . والسيارة

!رىينة الجبناء وكانت عزيزة قد اعتقمت أوؿ مرة بعد حادثو المدفعية . . ـ اليوسؼ وتتالت األياـ وحمت عمينا ضيفة جديدة ىي عزيزة جمود زوجة النقيب إبراىي

ية نالت فييا أشد العذاب ، ثـ أفرجوا عنيا لتكوف طعما يمكنيـ مف اصطياد زوجيا ، فمما لـ يصموا إلى شيء مف خبلليا أعادوا اعتقاليا ثانكاف عمر حميدة يضربيا عمى بطنيا وينادي كالممسوس عمى الجنيف فوجدوىا حامبل ، فقالوا ليا إذا فأنت تعرفيف مكاف زوجؾ وتقابمينو ، و

لكف اهلل حفظ ليا الطفؿ وعادوا فأفرجوا عنيا بعد أف سجنوىا في ثكنة ىنانو وعذبوىا ىناؾ ! إنزؿ واشيد الميـ إني بعثي . . إنزؿ 9يقوؿ لو يرة واسماعيؿ معيا في شيره األوؿ أو الثاني ، وبقيا معا في وعندما خرجت وضعت مولودىا اسماعيؿ قبؿ أف يعتقموىا لممرة األخ. . أيضا

وىناؾ ، وعبلوة عمى معاناة السجف المرة فقد مرت عزيزة بظرؼ رىيب جعميا تعيش كابوسا مرعبا ال . . المنفردة بسجف المسممية أربع سنوات موا في ميجعيـ احتجاجا عمى التعذيب واإلرىاب وسوء فاعتص. . مثيؿ لو ، فخبلؿ تمؾ الفترة حدثت عممية تمرد قاـ بيا بعض السجناء

وقتيا ظف أوالء أف مجموعة مف المسمحيف تسممت إلى داخؿ . المعاممة وأحرقوا فرشيـ ورفضوا اإلنصياع ألوامر المخابرات بإخبلء المكاف ف زنزانتيا وقدموىا كرىينة وصاروا يساوموا فبادروا بخستيـ إلى جذب عزيزة م. . السجف وقامت بالتمرد فما عادوا يجرؤوف عمى اإلقتراب

أتوا خبلليا بقناص قتؿ . . فعاشت المسكينة عمى أعصابيا يوميف مف الرعب كامميف . . إذا لـ تسمموا أنفسكـ فسنقتميا 9 الشباب عمييا ف أىميا مف أخذ إسماعيؿ معيـ ليعيش وعندما نقموىا مف بعد إلى دمشؽ تمك! المعتصميف أماـ عينييا واحدا بعد اآلخر حتى أنيوا الموضوع

وقد مكثت عزيزة في سجف التحقيؽ العسكري ثمانية ! مع إخوتو في بيت والدىا طواؿ الفترة القادمة ، حيث ظؿ أىؿ أبييـ كميـ في السجف ئمة الذيف شمميـ العفو فقد نقموىا إلى ورغـ أنيـ تموا اسميا مع قا. . أشير ثـ نقموىا إلى دوما والتقينا معيا ىناؾ لنبقى معا حتى اإلفراج عنا

فمـ يسمحوا ليا في . . سجف المسممية مف جديد واحتفظوا بيا ىناؾ لمدة سنتيف إضافيتيف في زنزانة منفردة سيئة جدا تحوطيا معاممة أسوأ نائيا فقط بزيارتيا وظؿ الحظر عمى وبعد فترة طويمة سمحوا ألب. . البداية برؤية أحد أبدا مف أىميا حتى أصيبت المسكينة بانييار عصبي

وكانت عزيزة في قمؽ دائـ عمى أوالدىا خاصة بعد تيديدات العميد حسف خميؾ رئيس المجنة التي قابمتنا قبؿ اإلفراج ، . . بقية األىؿ قائما وىـ مستعدوف في أية . . موبيـ تخمد ثأر الذيف قتميـ زوجؾ المجـر ما نسى واىؿ القتمى نار ق -9 والذي قاؿ ليا بمساف ينفث الحقد والمقت

الـز تبقي بعيدا عنيـ حتى ال تشربينيـ الحقد واإلجراـ . . أنت يجب أال تعيشي قريبا مف أوالدؾ 9 وأضاؼ يقوؿ ليا . . لحظة لكي يأخذوا بو ـ اهلل ليا إياىـ وأتى اسماعيؿ فزارنا ولقد سم. . ولذلؾ كانت المسكينة في خوؼ دائـ عمييـ مف نقمة العموييف وىاجس مستمر أيف ستخفييـ !

وعندما أدخمناه ووضعنا ليـ إفطارا وأردت أف أضع . . في دوما مع جده في العيد وقد بمغ سبع أو ثماني سنيف ، وكاف ما شاء اهلل ذكيا جدا

Page 69: خمس دقائق وحسب

لي دامع العينيف وقاؿ وأقسـ ! تستطيعوف وأنتـ ىنا أف تأتوا بثيء نحف في الخارج نستطيع أف نأتي بنقود ، ولكنكـ ال -9 لو عيدية بجيبو نظرا ! أال يأخذىا أبدا إ

!في فراش واحد . . مع الشيوعيات . . معتقمة مف الشيوعيات عمى الباب 03كاف عدد نزيبلت ميجعنا قد وصؿ إلى قرابة األربعة والعشريف حينما أصبحنا ذات يـو وحوالي

كانت القادمات قد اعتقمف دفعة ! . ف تقتسـ كؿ سجينة مف اإلخواف الفراش مع أخرى شيوعية وأ. . ومدير السجف يأمرنا أف نستوعبيف معنا وروت القادمات أنيف أتيف مف التحقيؽ العسكري بعد أف ذاقوا ىناؾ . . واحدة بعد انكشاؼ تنظيميف وتورطو بالعمؿ المسمح ضد النظاـ

لمعتقميف معيف أصيبوا بالشمؿ النصفي نتيجة تعذيبيـ عمى الكرسي الذي يتسبب بعد العذاب الشديد شبابا وبنات معا ، ورويف أف الكثير مف اوعمى الرغـ مف تعاطفنا مع كؿ سجيف وترحيبنا بكؿ قادـ بغض النظر عف اتجاىو أو تنظيمو . طي اإلنساف بداخمو في كسر عموده الفقري

فأكثرىف لـ يكف ابتداء متعاونات وال يتورعف عف إظيار ! نقطة اإلستحالة إال أف التعايش مع الشيوعيات وقد قارب عددىف الثبلثيف وصؿ إلى ولـ يكف يباليف بالطيارة والنجاسة مثمنا ، وال يعتنيف بالنظافة مثمما نفعؿ ، وكنا حينما نستيقظ لنصمي في الميؿ ال . . العداوة وعدـ اإلحتراـ

تى يتسع المكاف لئلثنتيف معا ، فصار ذلؾ غاية في الصعوبة وىف معنا عمى فراش نستطيع ذلؾ إال إذا طوينا فرشتنا وفرشة التي بجانبنا ح ولقد حاولنا تحمميف في الميالي األولى فأعطينا إحداىف فراشا وبت أنا وماجدة في الفراش االخر ، لكننا وبمرور األياـ لـ نعد نحتمؿ ،! واحد

فاتفقنا معيف اخر األمر أف نعطييف قسما مف الميجع ! نيف أنى التفتف أو تقمبفوخاصة أف منيف شديدات الوساخة تفوح الرائحة السيئة مفوافقف عمى ذلؾ وسررف لو جدا، لكف المشاكؿ كانت تندلى كؿ مساء حوؿ . . يتقاسمنو فيما بينيف ونجتمع نحف عمى بعضنا في القسـ االخر

ننتظر إلى األخير حتى تستقر األمور ونناؿ ولو جزءا مف المكاف نناـ عميو وكنت أنا وماجدة . . األمكنة والفرش التي تأخذ مكاف فرش أخرى ! حتى تتدخؿ الشرطة وال تنتيي المشكمة برغـ ذلؾ . . ، وكثيرا ما كانت المشاكؿ تتصاعد فتقمب ىذه فراش تمؾ أو ترمي ليا أغراضيا

(!الخمية ) حتى أقمقونا أياميا وصرعونا " . . الخمية"المنطقة اجتماعيف الذي يسمينو واستمتعت الشيوعيات بالوضع الجديد ، وصرف يعقدف في ىذه

وأذكر أنني كنت مريضة مرة بحمى التيفوئيد وتصادؼ ذلؾ أثناء اجتماع خميتيف ، وكنت أتأوه مف ألمي وال أستطيع . . بماركس ولينيف . . نت طبيبة متخرجة اسميا تماضر العبد اهلل أف يعطوني مسكنا فاقترحت إحداىف وكا. . فأحسوا وكأنني أعطؿ عمييف اإلجتماع . . تحممو

فوافقت البنات وذىبف إلى الممرض وأحضرف منو إبرة مسكف أخذتيا تماضر وحقنتني بيا في الوريد مرة واحدة وبشكؿ سريع ، فوجدتني خبلؿ لـ اعد احس بشيء فقامت كؿ البنات مف قسمنا عمييإ ثـ غبت عف الوعي و . . لحظات أفقد اإلحساس بفكي وال أستطيع تحريكو ولو بكممة

يشتمونيا ويحقرونيا وصاحت فييا الحاجو غاضبو لـ لـ تقولى انؾ تريديف قتميا مف اجؿ اجتماعكـ الممعوف ومع االياـ ازداد التوتر بيننابكره يااخواف اذا استممنا 9 يختميا وىف يقمف لنا وبينيف يزيد فيو ضيؽ المكاف وبؤس الحاؿ وكثيرا ما كانت النقاشات معيف تتطور الى خناقو

الحكـ فسنعمؽ مشانقكـ فى وسط دمشؽ

الحج اليومىالتشديد ولقد كاف تعميؽ المشانؽ اىوف ربما مف الحياه الرتيبيو المممو ببل ىدؼ والأمؿ ومع ازدياداألعداد ومجاورة الشيوعيات وكثرة التضييؽ و

حساسنا بنفاذ الصبر فدبت الفوضى واختمطت األمور وصار اعتياديا قياـ المشاحنات وسماع المشاجرات وكاف مف إدارة السجف ومديريو ازداد إره عف الماء ينقطع أحيانا فبل يصؿ دور الحماـ لواحده منا اال مره فى الشير وأما الزيارات فكانت التمر دوما عمى خير فإما أف يمنعوا الزيا

آخر الوقت وكثيرا ما كانو يبالغوف فى تفتيش الطعاـ حتى يفسدونو ويمدوف أيدييـ فيو ويقمبونو حتى تنفر منو الجميع أو يؤخروا المقاءات الىالنفوس ولقد وصؿ االمر بنا الى شدة الضجر أف ابتكرنا فى الفتره األخيره حجا نؤدى مناسكو كؿ يـو فاتخذنا مف البركو وسط الباحو

رى حوليا لمسعى وكنا نندفع كمنا ببل إستثناء صباح كؿ يـو فنطوؼ ونسعى ونمبى وفى إحدى المرات دخؿ مااعتبرناه الكعبو وحددنا أماكف أخ عمينا عنصر مف الشرطو ونحف بيذا الحاؿ فسأؿ مستغربا ما الذى يجرى فقالت لو إحدانا وكمنا منيمكات فىالتمبيو واليرولو إننا نحج فقاؿ

يعا فى مستشفى ابف سيناء لممجانيف الرجؿ محولقا يبدو واهلل أف نيايتكف جم

Page 70: خمس دقائق وحسب

ريمىذا كانت ذكريات دوما كباقى السجوف التى نزلنا فييا محفوره فى القمب ال تنسى فإف ريمى أحد معالـ تمؾ المرحمة التى ال تغيب عف الب اؿ وا

أرسمو اهلل لنؿ رحمة وسموى فى ىذا وريمى فى الحقيقة قط أنيس أتى بو أىؿ إحدى القضائيات ليا وىو صغير جدا فاشتريناه فكاف كأنما ف المكاف الموحش وعدا عف متعة المعب فيو والفرجو عميو واإلستئناس بوجوده كاف ريمى غاية فى النظافو وفى الذكاء وكنا إذا أردنا غرضا م

وكاف أياـ الزياره يساعدنا فى نقؿ الميجع الثانى ربطنا لو ورقو بما نريد عمى رقبتو وأرسمناه فيذىب ويوصميا لمميجع الثانى ويعود بالطمبا فى األغرض مف مكاف استقباؿ الزولر الى الميجع ينقميا قطعو بعد أخرى بفمو وكثيرا ما كاف يوقظنا لمتيجد إذا لـ نستيقظ ويناـ عند أقدامن

رتو ألف الحيوانات ممنوعو فى ىذا الميؿ كالحارس األميف وذات مره حضر قائد شرطة دمشؽ لمتفتيش عمى السجف فممح ريمى بيننا فثارت ثائالمكاف ونادى أحد العناصر وقاؿ لو تضعو فى كيس وتأخذه فترميو خارج دمشؽ فنفذ الشرطى األمر وذىب بريمى ونحف فى حزف عميو

مده وساءت حالتو فمما ولوعة وكأننا فقدنا أخا أو قريبا لكننا وبعد ثبلثة أياـ وحسب وجدناه وقت الضحى يعود متسمبل الى الميجع وقد اتسخ ج .رأيناه عمت الفرحو وركضت البنات نحوه وكأنما ىو أميـ وأبوىـ وبعد خروجنا عادت واحده منيف الى دوما خصيصا وأخذتو معيا الى حمب

الفصؿ السادس الفرج واإلفراج

0878ديسمبر

وحؿ الشتاء مف جديد في دوما ونحف ال نكاد نميز بيف . . مرت قرابة أربع سنيف أخرى انسمخت مف أعمارنا دوف أف نحس ليف بمعنى أو أثر نداء مناد 78وبينا نحف في حياتنا الرتيبة الخامدة كسر حاجز الصمت ذات يـو مف أياـ أكتوبر الباردة عاـ . . فصؿ وفصؿ أو عاـ وآخر

فظننا أف . . ولماذا ؟ وما الذي حصؿ ؟ لـ يجبنا أحد . . إلى أيف . أف تجمعا حاجياتيما وتستعداف لممغادرة . ة جمود وغزوة ؾ عمى عزيز ولـ يمبث المنادي أف . . لكف أسبوعا مر دوف خبر . . تحقيقا جديدا قد فتح أو محكمة ميدانية عادت لمعمؿ وأنيما عائدتاف إلينا خبلؿ أياـ

. . ومضت بيما سيارة المخابرات ولـ تعد أخبارىـ تصؿ إلينا مثؿ مف سبؽ . . ديد عمى أـ حساف وابنتييا سموى ويسرى نادى مف ج

!حمم وبشارهلكنني وفي . . كنت في تمؾ السنوات التي انقضت ال أنفؾ أرى أمي في المناـ حامبل باستمرار وقد حاف موعد والدتيا وأتاىا الطمؽ وال تمد

ث مدير إذ لـ يمب. . وكاف ما قالتو سبحاف اهلل . . فمما رويت الرؤيا لمحاجة استبشرت بدنو الفرج . . ليمتي تمؾ رأيتيا رحميا اهلل تطمؽ ثـ تمد . . أنا وماجدة وأـ ياسر ولما ورغداء ومنتيى وىالة ونجوى والحاجتيف 9 منا 01السجف أف حضر إلى الميجع في الصباح وقرأ أسماء حوالي

نتحرؾ مف لكننا ومف كثرة ما كاف يفعؿ ذلؾ دائما ويعدنا بالعفو وبالخروج وال يحدث شيء بعدىا لـ ! إفراج 9 وأتبع قراءة األسماء بكممة واحدة . تحركوا . . قوموا بقا -9 وأذكر أنني كنت وماجدة جالستيف عمى طرؼ البركة نقرأ القراف حينما حضر مف جديد وىو يصيح فينا . . أماكننا

قائمة األسماء وأرانا . . لكنو أقسـ أنو صادؽ اليـو ! ال نحتاج ىذا المزيد مف الكذب . . يكفي كذبا عمينا -9 لكننا لـ نحرؾ ساكنا وقمنا لو سأدخؿ لكـ دورية المخابرات -9 فقاؿ لنا بانفعاؿ . . ورغـ ذلؾ فمـ نغير مف جمستنا ونحف ال نزاؿ نظنو كاذبا . . مطبوعة في قرار رسمي

غاريد فيو مع فمما رأيناىـ بالفعؿ وتحققنا مف جدية الخبر ىذه المرة انفجرنا بالتكبير الذي اختمطت الز . التي أتت لتأخذكـ حتى تصدقوني وأذكر أنني وماجدة جمعنا كؿ أغراضنا في كيس كبير . . وتنشطنا جميعا وقمنا نجمع أغراضنا مثمما اتفؽ ! الدموع والنحيب وفرقعة القببلت إ

وقاـ السجف . .وال نكاد نستوعب ما يجري ونحف بيف التصديؽ والتكذيب . . ببل وعي وسحبناه وراءنا ، فكانت األشياء تتساقط منو وال نبالي وتقدـ منا رجاؿ الشرطة . . خرجت السياسيات -9 كمو عمى سماع الخبر ولـ يقعد ، وخرجت كؿ السجينات القضائيات يينئننا ويناد يف

أف ساعة ال يستطيع المرء. . وذاؾ يينؤنا بحرارة ودموعو تجري مف الفرحة كالنساء . . وموظفو السجف الطيبوف ىذا يسألنا عف صحة النبأ أو كيؼ تسمسمت . . أو ماذا كاف شكميا . . ولـ أعد أذكر حتى كيؼ خرجنا إلى السيارة . . وكأنني لـ أعد بوعيي . . يصؼ شعوره فييا

ماـ وأركبونا السيارة في النياية لنجد أنفسنا أ! يبكي واهلل وتنيمر دموعو وكأنو إنساف " ريمي "لكنني ال أنسى كيؼ لحؽ بنا القط . . األحداث ! بوابة فرع التحقيؽ العسكري ونحف أشبو ما نكوف نسبح في حمـ غريب

Page 71: خمس دقائق وحسب

!نحن ىنا القبو عبر مف بوابة الفرع إلى غرفة االستعبلمات قادنا العناصر ونحف ال نزاؿ مكبميف حتى نسمـ أماناتنا ونمؤل بيانات القدـو ، ثـ أنزلونا إلى

القسـ الشمالي ىذه المرة ، وبينما كنا نعبر الممر سمعت البنات البلتي سبقننا أصواتنا كما الدرج المقيت نفسو ، ووضعونا في ميجع واحد فيوأخذنا نتبادؿ . . وقتيا لـ نعد نأبو بالعناصر الذيف كانوا يصيحوف فييف وفينا لنسكت . نحف ىنا9 يبدو فصرف يضربف عمى الباب ويقمف لنا

فقرعنا الباب . . أنفسنا أخيرا في ميجعنا الجديد أربعة عشر سجينة نكاد ال نجد مكانا لمنفس ووجدنا . . عبارات الترحيب والشوؽ والتبريؾ وكنا لما ! ىذا الميجع الذي تقولوف أنو ال يتسع لكف كاف اتسع قبمكف الثنيف وتسعيف شخصا مف الشباب -9 وقمنا ليـ ذلؾ ، فأجابنا العنصر

الميجع رغـ ارتفاعو الشاىؽ رسما لمسجد كما اعتاد سجناء اإلخواف أف يفعموا وتحتو اسـ رفعنا رؤوسنا نستطمع المكاف لمحنا في سقؼ فمما أجابنا جوابو ذاؾ الذي تقشعر لو األبداف قالت . . واستغربنا وقتيا كيؼ وصؿ ىذا الشخص إلى أعمى وتمكف مف رسمو . . شخص ما

! انوا وصموا إلى السقؼ فوؽ بعضيـ البعض معنى ذلؾ أنيـ ك. . اآلف فيمنا خيو -9 لو الحاجة مديحة

!مزاح فقط فمما لـ ننؿ . . والثالثة ونحف نبيت وراء الباب جميعا ننتظر اإلفراج كؿ لحظة ونظنو بات قاب قوسيف أو أدنى . . مرت الميمة األولى والثانية

وعادت رتابة نظاـ السجف تمفنا مرة أخرى زاد . . ست أمالنا إال السراب وعدنا نتقمب بيف التسويؼ والتجاىؿ خبت فرحتنا مف جديد ايف وانتككانت أيامنا في التحقيؽ العسكري كما فيمنما الحقا . عمييا أننا عدنا إلى أيدي المخابرات مباشرة وخضعنا مف جديد ألجواء الرعب واالرىاب

فالطعاـ أقؿ . . عمينا أشد مما كاف التضييؽ حتى أياـ كفرسوسة عاممونا فييا بقسوة بالغة ، وضيقوا فييا . . أقرب ما تكوف إلى فترة تأديب عشر دقائؽ أو ربع الساعة 9 مما يكفي لنصؼ عددنا ، والزنزانة مقفمة األ بواب فبل نغادرىا إال لمتنفس حسبما يقتضي مزاج العنصر وقتذاؾ

كؿ اإلتجاىات ، لكف الجوع والقمؽ واأل بواب المغمقة لـ تكف في اليـو وحسب ، نمضييا في باحة داخمية ضيقة تحيطيا الجدراف المرتفعة مف فعندما يحيف وقت تنفس الشباب كانوا يخرجونيـ راكضيف ال ينتعموف في . لتفعؿ فينما ما تفعمو صيحات اإلستغاثة وصراخ المعذبيف مف حولنا

ومف شدة اصفرارىـ كنا نحس وكأف شعمة ضوء ! أنيـ قطيع غنـ ييرولوف حفايا تتبعيـ الكرابيج والكاببلت وك. . أرجميـ رغـ شدة البرد شيئا وكاف بابو مجاورا لباب سجننا ، . . وال أزاؿ أذكرأف أحد السجناء تأخر في إحدى المرات داخؿ الحماـ بضع ثواف . . تخرج مف كؿ فرد منيـ

المسعات التقميدية بالكابؿ جعؿ ىذا العنصر يأمره ونحف فبعد. . فأخرجو العنصر المكمؼ بمراقبتو وصار يعذبو عذابا أسوأ مف عذاب العبيد. . إزحؼ بيا إلى التواليت -9 فيقوؿ لو ثانية . . فيمتثؿ المسكيف الحيمة لو ويحمميا . إحمؿ الشحاطة بفمؾ 9 نسمع مايدور ويقوؿ لو

ده والشحاطة في فمو إلى ىناؾ فيطمس لو رأسو في لكف ىذا المجـر كاف يقو . . والتواليت ىناؾ يقرؼ الواحد مف اإلقتراب أو النظر إليو . ليعود ويسوقو في اتجاه آخر وىو ال يكؼ عف لسعو وسمخو بالكابؿ . . الحفرة ثـ يخرجو ، ويعود بعدىا فيأمره أف يحمؿ الشحاطة ثانية بفمو

ىؿ أنتـ ييود ؟ أال توجد رحمة -9 فيو وعندما فاض بنا الصبردقت الحاجة الباب وىي تصيح. . وذاؾ يصيح ويستغيث وليس مف مجيب . فقاؿ السفيو وظؿ ! منشاف اهلل إذا ما بدؾ ترحمو إرحمنا نحف وخذوه إلى مكاف آخر عذبو فيو -9 في قموبكـ ؟ وجعمنا ننادي جميعا ونقوؿ لو

ي مرة أخرى كانوا يوزعوف الطعاـ ، وف! . ليش شوفي ؟ نحف نمزح مع بعضنا فقط -9 ابتسامتو الساخرة يتراءى لنا مف وراء باب ا لحديد وىناؾ في فرع التحقيؽ العسكري كانت الطاقة أسفؿ باب الميجع ، فكاف أحد السجناء يحمؿ الطعاـ ويضعو عند الطاقة تـ يأتي العنصر مف

فمما . . معنا في نفس السجف وذات يـو سألتنا عزيزة أف نحاوؿ السؤاؿ عف بيت أىؿ زوجيا إف كانوا . . ورائو فيفتح الطاقة لنسحب القصعو أتوا . . نعـ 9 ىؿ سمعت ببيت اليوسؼ ؟ فقاؿ لي -9 جاء السجيف وكاف دوري يوميا دفعت الطاقة فوجدتيا مفتوحة ، فمددت رأسي وسألتو

يعذبو عمى باب ولـ يكد المسكيف يتـ جممتو حتى كاف العنصر وراءه ، فأمسكو وسحبو وبدأ يضربو و . . بيـ جميعا إلى الميجع الجنوبي وقامت الحاجة فصاحت عميو وقالت لو لعمو يغفؿ . . ولـ أرد عمييا . . ىي التي كممتني . . لـ يكف ذنبي -9 ميجعنا وذاؾ يصيح ويستغيث

الضرب ومضى يتابع. . لكنو لـ يتوقؼ أو يمتفت إلييا . . ىذه مقروفة العمرساءلتو عف الطعاـ فقط . . فعبل لـ يكف ذنبو -9 عنو قميبل ! والتعذيب حتى شبع

!الرئيس ما كان لو خبر فبدأوا يخرجوننا إلى المكاتب في القبو نفسو ويعطوننا . . وبدأت مبلمح أكثر جدية تتبدى عف اقتراب أياـ الفرج واإلفراج . . ومرت أياـ أخر

Page 72: خمس دقائق وحسب

. اع واتجاىات مختمفة ونحف نمسؾ بأيدينا لوحة األرقاـ وصورونا مرات عديدة بأوض. . استمارات لنمؤلىا بمعمومات مفصمة عف تاريخ حياتنا وليش تذكرتونا . . خيو -9 وقتيا سألت الحاجة مديحة رئيس الدفعة وقتيا . يوما تقريبا أبمغونا عف صدور العفو بشكؿ رسمي 04وبعد.

9 يعني اآلف وصمو خبرنا ؟ قاؿ ليا 9 قالت لو . بركـ واهلل الرئيس ما كاف لو خ9 ما ىي ا لمنا سبة ؟ فقاؿ ليا . . اآلف بعد كؿ ىذه السنيف لكف مف . . واهلل يا حاجة لو لو خبركـ مف زمف كاف طالعكـ . . إي واهلل 9 قاؿ ! باهلل عميؾ مض عمينا تسع سنيف ومالو خبر9 قالت . نعـ

خبرىا أف سورية اآلف حزينة تضامنا مع لبناف الذي قتؿ فأ! وما الذي يمنعكـ مف إخراجنا إذا 9 فقالت لو الحاجة ! أوؿ ما دري قاؿ طالعوىف إغبلؽ الدوائر الرسمية ليذه المناسبة . . رئيسيو رينيو معوض قبؿ أياـ وبالفعؿ فقد بقينا في . . وقد صدر األمر لذلؾ بتنكيس األعبلـ وا ؿ إببلغنا النبأ وتوديعنا بما يميؽ كانت برئاسة العميد وخبلؿ ذلؾ أخرجونا مرتيف إلى لجنة شكموىا مف أج. . اإلنتظار أسبوعيف أو ثبلثة أخر

فمما حاف دوري قابمني كماؿ يوسؼ وأنا مثؿ األخريات معصوبة العينيف وقاؿ . . حسف الخميؿ ومعو كماؿ يوسؼ رئيس الفرع وضباط آخروف فقاـ . . أنا أصبل لـ أعمؿ شيئا . .وحتى 9 قمت لو . أنا مف أىمؾ حاطط لؾ مخابرات. . ال تظني أننا أخرجناؾ وتأخدي راحتؾ -9 لي

. وقاؿ لي أيضا أف عمي اإلببلغ عف أي شخص مطموب يتصؿ بي أو حتى أراه . . يشتمني بكبلـ قبيح ويقوؿ لي أنني مجرمة وال زلت أنكر ! رح العصر وجاية لتطمعي شو إلؾ بالقصر مبا -9 وقاؿ ألمؿ . . وكذلؾ قسى عمى عزيزة جمود وحدثيا عف أوالدىا ما سبؽ وذكرتو .

ننا ال نزاؿ في دائرة اإلدانة ولكف كـر الرئيس وعفوه وحده ىو الذي أخرجنا . . وكانت كؿ ميمة المجنة أف تؤكد لنا أننا ال نستاىؿ الطمعة ، وا ! إ

!تأىيل أم تجميل أنيـ بدأوا قبيؿ اإلفراج عنا بما يمكف تسميتو جبلدينا المحترميف. . وضمف مظاىر الكـر الحاتمي الذي تدفؽ عمينا مف أصحاب الفضؿ

وحمت آخر األمر في العسكري وقد بمغت سف . . تأىيبل لسمية ابنة سموى التي ولدت في تدمر وترعرعت بيف سجوف حمص وقطنا ودوما ناظرىا ألوؿ مرة مف شدة ضعفيا ولربما أصابت الرعدة. . المدرسة ، ولكنيا تبدو لمف يراىا ال تزاؿ في سنوات عمرىا األولى مف اليزاؿ

وتحاشيا لمزيد مف األدلة اليقينية عمى جرائـ النظاـ ، وحتى ال تخرج ىذه البنت إلى المجتمع فيراىا الرائح والغادي بيذه . . واصفرار وجييا باحة الفرع خارج القبو ويتركونيا تتعرؼ فكانوا يأخذونيا وأميا كؿ يـو إلى . . الصورة فيسألوا ويعرفوا عف الفاجعة كاف برنامج التأىيؿ ىذا

وفي يـو مف األياـ حضر رئيس . . عمى العالـ مف حوليا ، ويقدموف ليا طعاما إضافيا وحموى وألعابا تستعيد بيـ بعضا مف طفولتيا السميبة فمما لمح سمية قبؿ أف يدخؿ . . ى مكتبو الفرع وىي ىناؾ فوقفت سيارتو ونزؿ السائؽ ففتح لو الباب وتناوؿ الحقيبة منو وتبعو بعدما نزؿ إل

9116 ناداىا وأدخميا معو وجعؿ يداعبيا ويتحدث معيا ، فمما عادت مف عنده قالت ألميا

يسوؽ -حتى تكوف عندي سيارة وشوفير أي شوفير 9 ولماذا ؟ قالت ليا 9 فسالتيا سموى ! ماما أنا غدا عندما أكبر أريد أف أصبح عقيد -9 كيؼ مثؿ غرفتو ؟ قالت سمية 9 ولما سالتيا ! ويدخمني إلى غرفتي مثؿ غرفة ىذا العقيد كماؿ -شنتايتي -يحمؿ لي سنتايتي لي السيارة و

. . وكانت سمية تقميدا لمسجناء قد كتبت اسميا عمى الجدار لمذكرى ! يعني فييا سجاد ممدود باألرض وأضواء وأشياء حموة ما في منيا عندنا . وكذا . . وسجف كذا . . سكنت في سجف كذا . . أنا مف مواليد تدمر 9 ا أف يقرأ المرء ما كتبت ىذه الطفمة البريئة تحتو تقوؿ ولكـ كاف مؤثر

! مسجمة كؿ اسـ وتاريخ كؿ سجف تنقمت مع والدتيا إليو .

!المقدم المخمور وكثيرا ما كاف ! حاف موعد الكاس والطاس أسفو مف األطفاؿ وكاف رئيس الفرع كماؿ اليوسؼ عمى عنجييتو وتجبره يتصرؼ إذا جف الميؿ و

أو ينزؿ بنفسو إلى القبو . . يرسؿ وراء غزوة فيأمرىا بالجموس في مكتبو ويمضي يحدثيا وىو في نصؼ وعيو ييدر بما ال يقيـ أي معنى وأذكر أننا كنا نياما مرة وقد جاوزت . . ال تستجيب فكانت المسكينة تمتنع أكثر األحياف و . . فيقؼ عمى طاقة الميجع وينادييا لتتكمـ معو

فما وجدنا إال وطاقة الباب قد فتحت وأطؿ أحد ما برأسو عمينا ، وكانت العادة التي جرت أف يدؽ أوال . . الساعة الواحدة بعد منتصؼ الميؿ ا بعينيف محمرتيف كالدـ ، فما وجدنا أنفسنا أال لنضع عمى رؤوسنا ، لكف ىذا الطارؽ المجيوؿ فتح الطاقة عمى حيف غرة وأطؿ يحممؽ فين

. مف سمح لؾ . . أغمؽ الطاقة وانقمع -9 ومنا مف بصقت بوجية ومنا مف صاحت فيو . . اهلل ال يعطيؾ العافية 9 ونحف ننادي بصوت واحد

Page 73: خمس دقائق وحسب

ـ كأنما تذكر أنو ىو رئيس الفرع فمد رأسو فقاـ مف المفاجأة بشكؿ غير إرادي وسحب نفسو قميبل ، ث. . يا قميؿ الذوؽ . . ياقميؿ األدب . وعدنا فسحبنا باب الطاقة وأغمقناه في . . لكنو وبسبب ليجتو المثقمة مف السكرلـ نعرفو . . مف ىذه قميمة األدب التي ترفع صوتيا -9 وقاؿ ىناؾ 9 بأية مناسبة ؟ قالت 9 قاؿ ليا . نريد أف نقدـ طمبا لرئيس الفرع . . خيو -9 وفي الصباح خرجت الحاجة تقوؿ لمعنصر . . وجيو

ال تتكممي بما . . دعني أقوؿ لؾ شيئا -9 فمما أجابتو قاؿ ليا . أية ساعة 9 ساليا . عنصر قميؿ األدب فتح الطاقة عمينا باألمس ومد رأسو مف البنات في التنفس بعدىا أنو بعدما وعممنا ! اهلل يمعنو 9 فشيقت الحاجة وقالت ! حصؿ ألف الذي تتحدثيف عنو كاف رئيس الفرع نفسو

! غادرنا أمضى الميمة عمى باب الميجع الثاني يحاوؿ محادثة غزوة والمسكينة مقطوعة مف الرعب ال تدري كيؼ تتيرب منو

!وجزر . . مد. . ا جميعا وقالوا جيزوا أنفسكـ حتى دنت أواخر ديسمبر فأتوا صباح يـو منو وقرأوا أسماءن. . ومضت األياـ ونحف كأنما نتقمب عمى السفود

ماذا جرى ؟ فقالوا مف غير 9 قرعنا الباب وسالناىـ. . لكف النيار مضى ولـ يحدث شيء . . تجيزنا أسرع مف البرؽ ، ودبت الفرحة مف جديد سمية ، وكانوا قد جمعوىف معنا وفي الصباح التالي حضروا ونادوا أـ حساف وابنتييا سموى ويسرى ومعيـ . . تأجمت لمغد 9 أف يذكروا السبب

وظننا أنيف ستنقمف إلى الميجع اآلخر مف جديد . . عند وصولنا لضيؽ الميجع الذي كانوا فيو ، فمما خرجف لـ يذكروا ليف عف اإلفراج شيئا ! خرجف ، وأما نحف فقد فاتنا القطارفقمنا ألنفسنا إذا ىؤالء البلتي صدر العفو عنيف و . خرجوا 9 قالوا لنا . . ،لكننا لما سالمنا عنيف بعدىا وبالفعؿ خرجنا ! وستروف . . أف قمبي يحسسني أني لف أخرج معكف 9وجعمت عزيزة تبكي سبحاف اهلل و تقوؿ . . وقطعنا األمؿ وعدنا لمتشاـؤ

. . الثاني وحدىا وأطمقوا سراحيا وبعد يوميف نادوا عمى غزوة مف الميجع . نحف وبقيت المسكينة مف غير ذنب وال سبب سنتيف تاليتيف بعدنا . رة وأخيرا ونحف نصارع اليواجس ونتقمب بيف المد والجزر أتوا صباح الرابـ والعشريف مف ديسمبر وأبمغونا أف ساعة اإلفراج قد حانت ىذه الم

ى تراجعوا وقالوا أف األمر تأجؿ لكننا لـ نكد نغادر الميجع حت. . وأخرجونا ونحف بيف مصدؽ ومكذب لتسمـ األمانات ومؿء اإلستمارات . وبينما نحف ننتظر عمى أعصابنا . . وعادوا فكرروا نفس األمر في الميؿ ، فأخرجونا إلى غرفة األمانات وأوقفونا في طابور طويؿ ! لممساء

فالتقط أحد العناصر العبارة ! مؤسسةواهلل كأننا واقفيف بانتظار بطاقات التمويف في ال -9 طفح الكيؿ بأمؿ فمالت عمى بنت بجانبيا وقالت ليا ويبقوف يتحدثوف . . سيدي ىؤالء ال يتوبوف 9 ماذا قالت ؟ قاؿ 9 أتسمع ما تقولو ؟ فسألو ذاؾ . . سيدي -9 واىتبميا فرصة فقاؿ لممقدـ عمر

. واهلل أنتو ما الـز تخرجو -9 يد وىو يصيح فجاء المقدـ وكأنما لسعتو أفعى يرغي بالشتائـ ويز . . في السياسة ونقؿ لو العبارة مثمما يحمو لو حتى إذا أكمؿ قاموس الشتائـ التي يحفظيا عف ظير قمب وتسممنا آخر األمر أماناتنا ومؤلنا كؿ . . ال ـز تنقبروا ىوف حتى الموت .

جع الثاني الذي كانت البنات فيو ، فتكومنا وأعادونا إلى المي. . اإلستمارات ووقعناىا قالوا لنا بأف األمر تأجؿ إلى صباح الغد بسبب الضباب وعدنا إلى التشاـؤ مف جديد ، وتذكرنا كيؼ وعدوا الشباب باإلفراج في كفر سوسة ثـ . . كمنا وراء الباب مترقبات متحفزات ال نستطيع النـو

ألمؿ ولمحاتو المذيذة والتفكر فيما يمكف أف نفعمو إذا وحينا لمداعبات ا. . وبقينا طواؿ الميؿ نستسمـ ليذه المشاعر المرة حينا ! نقموىـ إلى تدمروكأف العقؿ لدي قد توقؼ قبؿ ىذه . . لكنني كنت واقع األمر أحس نفسي عاجزة عف تصور ما الذي يمكف أف أفعمو إذا خرجت . . خرجنا

أو إلى . . أنا سأعود ألكمؿ دراستي 9 ف كانت البعض تقم. . المرحمة وما عاد يستطيع استيعاب معنى الخروج أوالى أيف يمكف أف يكوف وأما أنا فمـ . . وستمضي العمر بيف األىؿ واألحباب . . ومنيف مف كانت تقسـ أنيا لف تعود إلى الوظيفة الحكومية أبدا. . وظيفتي مف جديد

ذاؾ الذي كاف بيننا وبيف أف . . ره العقؿ وأراه حتى المحظة شيئا مقطوعا منو األمؿ وال يتصو . . أعد أستطيع حتى أف أفكر في ىذا اإلتجاه ! نبمغو مجرد مطمع الفجر

! حتى مطمع الفجرمة معنا واذا كانت ليمة األربعاء الخامس والعشريف مف ديسمبر تمؾ ليمة ال تنسى فإف مما ال ينسى فييا أولئؾ الشباب السجناء الذيف أحيوا المي

األذكار وقد بمغيـ قرب اإلفراج عنا عمى نية الفرج والتسييؿ ، وكنا نتممس مف إشارات منيـ أنيـ في ميجعيـ المقابؿ يتموف القراف والتسابيح و وعمى الرغـ مف الخاطرة البالغة فقد استمروا يجيروف بالتبلوة والدعاء ليبمغنا في ظممة الميؿ . . يعيشوف ىمنا ومشغولوف بنا أكثر مف أنفسيـ

ودنا الفجر وكنا كمنا ميتات مف . وسمميـ اهلل مف الحرس فاستمروا في دأب ونشاط حتى مطمع الفجر . . فكأنما ىو النور يتنزؿ مف السماء فجعمنا نطرؽ الباب مرة بعد مرة نسأؿ . . لكف ترقب اإلفراج كاف يغمب كؿ األحاسيس والمعاني والمعاناة األخرى . . التعب والنعاس والجوع

Page 74: خمس دقائق وحسب

9 حتى فاض الصبر بالعنصر فقاؿ لنا آخر األمر . . الباب بيننا وبيف الحرية مف غير رجعة ومتى سيفتح ىذا. . الحرس ما الذي حصؿ فمما فتحوا الباب وقالوىا كنا كالموج المختزف خمؼ سد . . عندما نريد أف نخرجكـ فسنفتح لكف الباب ونقوؿ لكف اخرجوا . . توقفوا عف الطرؽ

ولما تجمعنا في الممروقد تثبتت عيوننا عمى الباب . . وكأننا خائفات أف يغمقوه عمينا مف جديد واندفعنا فوؽ بعضنا البعض . . تفجرت بوابتو بيف القبو وساحة السجف في األعمى قرأوا أسماءنا جميعا ، ووجدناىـ قد أخذوا الحاجتيف مديحة ورياض ومعيما نجوى وسمسبيمة إلى الميجع

وأصيبت الحاجة رياض بما يشبو . . أف دورىـ في اإلفراج لـ يحف بعد فكدف أف يمتف بأرضيف الثاني دوف أف نعمـ لماذا ، وىناؾ أخبروىـ بسبع مف حمب وسبع أخريات مف -وأما نحف الذيف بقينا أربعة عشر امرأة . . اإلنييار العصبي وقد كانت تظف أنيا ستكوف أوؿ الخارجات

فكنا ونحف نعبر مف العتمة إلى الضوء ميميبلت . . تتسمؽ السماء في أوؿ إشراقتيا فأخرجونا وقتيا إلى باحة الفرع والشمس ال تزاؿ -حماة ولـ نتمالؾ أنفسنا جميعا فوقفنا كمنا نتأمؿ الشروؽ الدافف ونتمو ! الثياب صفر الوجوه كالخارجات مف القبر إلى دنيا الناس بعد غياب

9 ماذا ىناؾ ؟ لماذا وقفتـ كمكـ ؟ فقالت لو أـ زىير -9 ية إلينا مستغربا وقاؿ الشيادتيف وقد انفجرت بعضنا في البكاء ، فنظر رئيس الدور ماذا تريدنا أف نفعؿ وسرعاف ما وجدناه أحضر الكمبشات وعاد ، فسألناه وقد . . بعد تسع سنيف ىذه أوؿ مرة نرى فييا الشمس وقت شروقيا

كمدنا مرة . الـز تتكمبشوا حتى تقطعوا ضواحي دمشؽ . . ىذا القانوف 9 لـ ىذه الكمبشات ؟ قاؿ-9 غاصت قموبنا بيف الضموع مف جديد لكف األحداث مضت . . وبدأنا تراودنا المخاوؼ مجددا مف أنيـ سينقموننا إلى سجف اخر وحسب . . أخرى بعد شعور الفرح الذي ال يوصؼ

وصعد معنا ثبلثة . . ونحف مكببلت " الميكرو"ثـ أصعدونا إلى وتحققوا مف عددنا وشخصياتنا ، . . فتموا أسماءنا مرة أخرى . . متسارعة وعندما تحركنا سالمت ماجدة أقرب العناصر . عناصر مف المخابرات جمس اثناف منيـ في األماـ وأخذ الثالث مكانو عند الباب في الخمؼ

9 فساكتو وىي تستحمفو . . أنيا وأكد ليا أنو إفراج حقيقي فطم. . إلييا إف كنا خارجات إلى بيوتنا بالفعؿ أـ أنو مجرد نقؿ مف مكاف إلى اخر لكنيـ . . نعـ ىناؾ أمؿ ولكف ليس اآلف 9 لكنيا ظمت تمح عميو حتى قاؿ ليا . واهلل ال أعرؼ 9 ىناؾ طمعة لمشباب ؟ قاؿ ليا . . قؿ لي -

! أخرجوكـ أوال ليتخمصوا مف ىمكـ

!تياني العام الجديد لكننا كنا في نفس الوقت وكأننا نفكر بعقؿ واحد في األتي المجيوؿ . . ف يطير أسرع مف السحاب ويبمغنا بيوتنا لمتو ومض الباص بنا نريده أ

ومف . . كيؼ سنفترؽ اليـو ونصحو في الغد بعيديف عف بعضنا البعض بعد تسع سنوات مف صحبة العسر واليسر؟ إلى أيف سنذىب 9 واألحباب الذيف واراىـ الثرى وقد . . واألحياء التي سويت باألرض . . ماذا عف حماة التي تيدمت . .وماذا عمف مات أو قتؿ . . سنمتقي

وظمت دوامة التساؤالت تعصؼ بنا حتى بمغنا مشارؼ حماة وفكوا لنا الكمبشات مف أيدينا وقالوا لمحمويات أف ! كانوا بيجة العمر كمو إوجعمنا نقبؿ الحمبيات ويقبمننا ويستسمح بعضنا البعض ونتواصى بالزيارة القريبة . إلى حمب فالركب سيكمؿ بالبقية . . يستعددف لممغادرة وتوقؼ الباص أخيرا أماـ فرع األمف العسكري عمى مشارؼ المدينة ، وتخطى السائؽ البوا بة ونزؿ رئيس الدورية التي . . واإلتصاؿ المستمر

وعاد وبقية العناصر معو إلى الباص وىـ يينؤوننا عمى اإلفراج . . بؿ أف يأمرننا بالنزوؿ رافقتنا فتبادؿ بعض الكممات مع مسؤولي الفرع ق . . الحمدهلل خمصنا منكـ ومف نقكـ -9 ويقولوف وىـ يبتسموف

!وأنتم بخير. . كل عامعنا عبارات التينئة بالعاـ الجديد ولـ نمبث أف طرؽ أسما. . ووجدنا عناصر أخرى تستقبمنا ىناؾ ببل اكتراث . . وذىب الركب باتجاه حمب

ولكننا لـ ندرؾ أننا ينبغي لذلؾ أف ننتظر مزيدا مف الوقت ليحضر رئيس الفرع مف . . فتذكرنا أف رأس السنة عمى األبواب. . يتبادلونيا بينيـ وبعد ساعات كنا ال نممؾ إال . . اإلنتظار وفي غرفة مف غرؼ الفرع الباردة تكومنا واحدة تمو األخرى ليست لنا مف حيمة إال ! مراسـ التعييد

. ؟.التحديؽ بوجوه بعضنا البعض وارساؿ الزفرات حضر أحد العناصر وسأؿ كؿ واحدة أف تعطيو رقـ ىاتؼ ولي أمرىا الذي تريد أف يستمميا فمما ( ! عدرا)قدـ ىناؾ بأننا نقمنا إلى سجفوكاف األىالي قد سمعوا قبؿ أياـ عف نبأ اإلفراج فذىب اآلباء إلى دوما أوال ليسألوا فقاؿ ليـ الم

. فمما اتصموا بيـ بدأوا يتوافدوف عمى باب الفرع بيف مصدؽ ومكذب . ولـ يعودوا يعرفوا عنا أي شيء . . ذىبوا ىناؾ لـ يجدوا عنا أي خبر . ى عف ىاتؼ ولي أمري لـ أدر بـ أجيب وعندما حضر العنصر وسالن! واجتمع أكثر آباء البنات واخوانيف وأنا لـ يحضر الستبلمي أحد . فظنيا . . تعاؿ واستمـ ابنتؾ -وكانوا قد اتصموا بوالد ماجدة وقالوا لو مثمما قالوا لآلخريف ! ولـ أجد شيئا أعطيو أو اسما مف األحياء أذكره .

Page 75: خمس دقائق وحسب

. فمما راىا بعينيو كاد أف يغشى عميو . . لعبة فذىبوا إلى البيت وأحضروه بأنفسيـ وىو ال يزاؿ يظف األمر! مداعبة مف أحد ما وأقفؿ الخط لي ويبكي وىو يتمتـ . مع -فمما عاد العنصر يسالنىوقد كاد ينفض الجميع ! وأنت مف الذي سيأتي ويأخذؾ -9 وأخذ وىو يحتضنيا ينظرا

فمما اخترت والد . . بني برفقتيا وأثناء ذلؾ حضر شقيؽ واحدة أخرى مف البنات وعرض أف يصح. مف أريد الذىاب ، قمت مع أبي ماجدة ماجدة اتصؿ ذاؾ ببيت عمي بعدما أخرج رقميـ مف الدليؿ، لكف عمي وزوجتو كانا في حمص وبقيت خالة األوالد معيـ في البيت ، فمما

يكفي كذبا واذا اتصؿ 9 فقالت ليا عمتي . أبمغيا بالنبأ اتصمت بخالي ىناؾ وأخبرتيـ أف شخصا اتصؿ وقاؿ بأف ىبة طمعت واذىبوا لتأخذوىا فأعطتو رقـ حمص ليحدثيـ . اذىبوا وأتوا بيا . . ىبة عند بيت رفيقتيا ماجدة -9 فاتصؿ مرة ثانية وقاؿ ليا ! ثانية أغمقي الخط بوجيو

لخط رأت أف تتصؿ لكنيا وبعدما أقفمت ا. . فخافوا مف ذلؾ وارتابوا . فاعؿ خير9 مف حضرتؾ ؟ قاؿ -9 مباشرة ، فمما اتصؿ سألتو عمتي ببيت أىؿ ماجدة فتأكد ليا الخبر ، لكنيا ولما طمبت أف تتكمـ معي حتى تصدؽ ونادوني ألحدثيا وجدتني وكأنما نسيت كيؼ يكوف الحديث

لـ ودخمت فاحتضنتني ورجعت تقبمني وأنا جامدة مكاني وكأنني ! ولـ تكد تسمع صوتي حتى وجدتيا حضرت أسرع مما أتخيؿ ! عمى التمفوف وكاف أىؿ الحي قد اجتمعوا ! اختمط الشعوراف عندي فمـ أعد أعرؼ ماذا أفعؿ أو الى أيف ينبغي أف أذىب ! أعد أميز بيف الفرح والحزف

لكف ظبلؿ التوجس كانت بادية عمى الوجوه وىـ يحممقوف فينا وال يزيدوف عمى أف . . رجاال ونساء وأطفاال يينئوف بسبلمتنا ويباركوف لنا وكنت أود ذلؾ . . وأـ ماجدة مف ورائنا ترقبنا دامعة العينيف وقد أرادتني أف أبيت عندىـ الميمة . . واقتادتني عمتي مف يدي . وا اهلل يحمد

وكانت قد رأتني قبؿ يـو في نوميا أنني أرسمت ليا بطاقة عمييا رسـ المسجد األقصى وكتبت ليا . . أيضا وأحسيا بمنزلة أمي رحميا اهلل فتفاءلت بذلؾ وذىبت لمشيخ ففسر ليا المناـ وبشرىا بقرب ( سبحاف الذي أسرى بعبده ليبل مف المسجد الحراـ إلى المسجد ا ألقصى 9 )ا تحتي

.. وكاف ذلؾ في اليـو الثاني بالفعؿ . . فؾ أسرنا

!ظالل الفاجعةوتكورت عمى نفسي أتقي البرد . . لثالثة بعد منتصؼ الميؿ ولجت سيارة عمتي وقد قاربت الساعة ا 78وفي تمؾ الميمة الباردة أواخر عاـ

. . وبينما كانت السيارة تعبر بنا المدينة مف طرؼ إلى طرؼ ، كانت المشاىد أمامي تنطؽ بالوحشة أنى اتجيت . . القارس والقادـ المجيوؿ والنواعير التي طالما . . مقفرة تحكي حاؿ القموب المقفرة والشوارع ال. . فالدمار الذي مضت عميو سبع سنوات ال تزاؿ ظبللو تنطؽ بالفاجعة

كاف كؿ شيء عيدتو في . وقد جؼ مف تحتيا العاصي وتيبست حوليا األشجار والحقوؿ . . حركت بأنينيا شجى القموب أراىا جامدة خامدة ىا ىي ذي تحتؿ مفارؽ . . ـ تتغير برغـ السنيف وحدىا سيارات المخابرات ل. . المدينة قد تغير ، وماتت عمى شفاه المشاىد ىيئة الحياة

وعدت بالذاكرة إلى 74وقتيا ارتد بي البصر إلى دمشؽ عاـ ! الطرقات أو تطؿ مقدماتيا مف بيف األزقة تترصد الساعة ربما أحبلـ النائميف . . خابرات عمى طوؿ الشارع في منتصؼ الميؿ ليمة أف اصطفت سيارات الم. . ليمة رأس السنة في بيتنا بالبرامكة قبؿ تسع سنوات بالتحديد

! دوف أف أعرؼ سببا لذلؾ إلى اليـو . . وسألنى رئيسيـ أف أذىب معو خمس دقائؽ وحسب ، فانتزعوني مف الحياة تسع سنوات كامبلت