أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

108
ي ب أ دم أ ورة سط لأ أ ن ي ب ة ق ي ل خ ل أ صة ق ة ق ي ق ح ل وأ ن هي ا( ور ش ب ص ل د أ ب ع: ف ل و م ل أ. : دأر ر( ش ا ب ل أ صام ت ع; لأ أ ر :( ش لن أ ة ن س1998 : ة( ن ي حد ة خ س ن2003 اس: ق م ل أ24 × 17 م سد عد: خات ف لص أ192 ي ب أ دم أ ورة سط لأ أ ن ي ب ة ق ي ل خ ل أ صة ق ة ق ي ق ح ل وأ{{ ة ن ي ا( ب ل أ عة ي لط أ دمة ق م}} ألدوي ن م ت( ث حد أ) دم أ ي ب أ( ات ب لك أ أ هد ن م ي ل و لأ أ عة ي لط أ صدرت ن حي ن م( ث ع ي ي ، وأ ة ن س أ ركة ب ي ف مة خ ض رة خ ض وط ق س ة( خدث ي ما اس ن أ- عم ت ج م ل و أ أ- ركة لب أ ت ل ق رة ،( ب وأ أ ق ح ي ة ، و وث ص وأ ب ق ح ي ن م أ ه ع س و ب ن أ ن ي ب ا ة ، ظ لق و م ل ، و ات ب لك ل صدون ت ي ح ، ير خ ت ل وأ( ش ن و( ش لن ا ن عات ي شت; ي أ علً ادرأ قً رأ ك ق ون لك م ي وأ ب و ك ن م ل م ه ن لة أ م أل عل و ت ث كا وم أل ح ر م ل رة أ ك ما د م ه ف ص و ي ف صدق ي د ق ل ل ب، ات ب لك أ ون م مض

Upload: ahmed

Post on 26-Jul-2015

1.262 views

Category:

Documents


3 download

DESCRIPTION

كتاب المفكر الإسلامي عبد الصبور شاهين.دعوة لإعمال العقل في بعض ما نعتقده مسلمات.

TRANSCRIPT

Page 1: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

آدم أبي

والحقيقة قصة الخليقة بين األسطورة

. المؤلف: عبد الصبور شاهيناإلعتصام الناشر: دار

1998سنة النشر :2003نسخة حديثة :

سم17×24المقاس: 192الصفحات: عدد

آدم أبي

والحقيقة قصة الخليقة بين األسطورة

{{مقدمة الطبعة الثانية}}

مايحدثه سقوط صخرة ضخمة حين صدرت الطبعة األولى من هذا الكتاب ) أبي آدم ( أحدثت من الدوي يتصدون للكتاب ، ولمؤلفه ، ظانين أن في بركة آسنة ، وانبعث من قلب البركة - أو المجتمع - أناس

Z بوسعهم أن يخفتوا صوته ، ويخفوا أثره ، بالتشويش والتجريح ، وعلم الله أنهم لم يكونوا يملكون فكراZ على إستيعاب مضمون الكتاب ، بل لقد يصدق في وصفهم ما ذكره المرحوم الكاتب اإلسالمي قادرا

الرافعي في وصف بعض خصومه ، بأنه )) يرى السماء الصافية فيظن أنها قبة من مصطفى صادق (( .وينظر إلى النجمة البادية فيرى أنها بيضة من بيض الدجاج الزجاج ،

Z ، وقد قذف وقع الصخرة في البركة بعضهم إلى هكذا سمعنا خالل تلك الفترة جعجعة ، ولم نر طحنا القضاء في أربع زخات متواليات ، تولى كبرها رجل قانون ، ورجل تدين : ) قضيتان في ساحات

قضاياهما سوى المحكمة اإلبتدائية ، وأخريان أمام اإلستئناف العادي والعالي ، فلم يلق الرجالن في الخفية - تقرير مستنير أحكام الرفض ، وكان سندنا المهم في تلك المواجهة الشرسة - ذات األهداف

يقرر فيه المجمع أن الكتاب ال ، ( أصدره مجمع البحوث اإلسالمية ) وهو منشور في ملحق الكتابZ من يحتوي على مايخالف القرآن الكريم أو السنة النبوية ، Z من الدين بالضرورة ، أو ثابتا وال ينكر معلوما

إجتهاد توفرت شروطه في مؤلف الكتاب ، والمجمع قد يختلف معه في بعض ثوابت العقيدة ، وإنما هو ( .توصل إليها . ) أو كما قال النتائج التي

صخرة أردت بها أن أدق رأس األفعى اإلسرائيلية الالبدة في الثقافة اإلسالمية أما الكتاب فقد كان الفكر ، ممثلة فيما سمي باإلسرائيليات ، وهي ال تعدو أن تكون أساطير خرافية تسللت إلى القديمة

خالل تلك التفاسير اإلسالمي ، وإلى عقل اإلنسان المسلم ، فاعتمدها أئمة من أهل التفسير ، ومن إسرائيلية إعتنقها كثير من سكنت في منطقة المسلمات من العقل المسلم ، وهي في الواقع أفعى

وممن لم يشعروا بالصدمة حين اتضحت الرجال ، ممن لم يعملوا عقولهم في تحليل نصوص القرآن ، الخرافة ، وتقديرات العلم آلماد ما قبل التاريخ .. من األرقام المسافات الزمنية الهائلة بين معطيات

.خنقت األفعى أفهامهم حين طوقت أعناقهم وأبعاد الحياة البشرية .. لقد في مواجهة غارة إسرائيلية تحاول استخدام كل الوسائل لتخريب والبد لنا أن نلتفت أمامنا اآلن ، فنحن

وهي ال تكف عن ترديد األساطير ، في محاولة لزعزعة يقيننا بأنفسنا ، ويكفي العقل المسلم المعاصر ، عال رئيس الوزراء اإلسرائيلي األسبق مناحم بيجين - أمام األهرامات الشامخة - ليردد بصوت أن يقف

الخالدة ، وهي عملية مزاعمه اإلسرائيلية ، بأن أجداده من بني إسرائيل هم الذين بنوا هذه اآلثار فضيلة ، هذا على الرغم من أن مناحم إغتصاب فاجرة ، يريد بها تجريد األجيال المصرية من كل ميزة أو

Z على مايزعمونه بيجين ، وكل من تجمعوا في فلسطين تحت شعار Z واحدا الصهيونية ، ال يملكون دليالZ لبني إسرائيل في مصر ، Z على إتصال نسبهم بإسرائيل أو إنجازا Z واحدا بل وأكثر من هذا ال يملكون دليال

Page 2: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

، فهم مجرد لملمة تناثرت في العالم قبل عشرات القرون ، وتجمعت في شكل مجموعات بني إسرائيل .الشذاذ ، لتحقيق خطة إستعمارية ، هي ضرب اإلسالم بواسطة هذه الجيوش المرتزقة من

إسرائيلية تتكامل مع العهد القديم ، ليبنوا والعجيب أنهم يسطون على التراث اإلسالمي ، ليؤلفوا ملحمةZ في العقل Z مؤثرا Z ثقافيا المسلم وتاريخة ، وهذا هو شأن الغارة المستوطنة اآلن في ألنفسهم وجودا

غبار اإلفتراءات واألكاذيب واإلسرائيليات ، أن تلهينا عن مرارة واقعنا ، فلسطين ، تحاول بما تثير من أن نحتشد لمقاومته بكل مانملك من قوة وعزم وإصرار ، وأن نرفض كل دعاوي السالم الذي ينبغي

تعنيه إسرائيل ، الزائفة ، التي ليست سوى وسائل يضحكون بها علينا ، وقد تبين لنا أن السالم الذي أوالهما سبقت ، والثانية آتية ال ومن وراءها من أمريكان وأوروبيين ، هي عبارة عن هدنة بين حربين ،

.ريب فيها

Z علينا أن نجاهد تلك الغارة اإلسرائيلية على قلب عالمنا العربي - في بل فلسطين ، إننا نرى لزاماZ Z فكريا Z وتأثيرا Z ، واحتالال Z ، نجاهدها إستيطانا Z وأدبيا Z ... البد أن نجاهدها ماديا Z وإقتصاديا Z ، وسياسيا وإعالميا

علينا .. فقد جاءوا إلى بالدنا قاتلين أو مقتولين وسنكون نحن نقضى على هؤالء الغزاة قبل أن يقضوا .المقتولين - بمشيئة الله تعالى ، حتى نسوقهم إلى حصير جهنم قاتليهم ، وسيكونون هم

المسلم المعاصر من قبل مدرستين لهما وجود على الساحة ، ولهما ضجيج مزعج ، وقد لقد ابتلى العقل : أوان إخماد هذا الضجيج آن

واإلسرائيليات ، .. وأما ثانيهما فهي المدرسة أما أوالهما فهي المدرسة الخرافية التي تتبنى الحكاياتZ ، وهي المدرسة التي ترفع السيف في وجه أي الحرفية ، والتي تشبثت بالمأثور ، حتى ولو كان خرافيا

على قواعد اللعبة السلفية ، والسلفية براء من كل أشكال األساطير والخرافات إجتهاد ، بدعوى الخروج.

القضاء على هاتين المدرستين وال مناص - إذا أردنا لإلسالم أن يتبوأ مكانة في عالم الغد - أن يتم الذي يعوق حركة اإلجتهاد اإلسالمي المعاصر ، وآثارهما ،فهناك تحالف بين الحرفيين والخرافيين ، هو

Z ما اختنقت آراء قيمة بإشاعة هذا الرعب ، مع أن اإلسالم يشجع على اإلجتهاد ، ويعد كل مجتهد وكثيراZ من الدين بالضرورة ، باألجر - مادام ال Z من ثوابت العقيدة ، وما دام الينكر معلوما فلنجتهد ، يخالف ثابتا

.ولتذهب الخرافية والحرفية إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم

==البـــــاب األول==

العقل بين القصة والنقل

{{الفصــــل األول}}

واإلسرائيليات القصـــــة------

، وقد كما أوردها القرآن الكريم - مليئة بالكثير من األسرار الخفية ، والمعاني الظاهرة - قصة الخلق حين أخذ بعضهم عن تناولها المفسرون والمنصفون من زاوية أو أخرى ، وتشابهت محاوالت القدماء ،

األرض ) الجيولوجيا ( وعلم اإلنسان بعض ، وحين جاء العصر الحديث بمعطياته الكثيرة في مجاالت علمZ على ) ) األنتروبولوجيا ( وعلوم الحياة ، واألحياء البيولوجيا ( وغيرها - تغيرت مفاهيم كثيرة ، وصار لزاما

عن هذه القصة أن يأخذ في إعتباره ماكشف عنه العلم الحديث من حقائق من يتصدى لكتابة شيءZ عن موكب المعرفة المعاصرة ، وذلك على الرغم نسبية ، وما قال به من نظريات ، حتى اليبدو متخلفا

Z تعاملوا معها من منطلق المسلمات من القديمة ، أو أن الذين حاولوا الكتابة في هذه القصة حديثا .بمنطق الال مساس والتوفيق والحذر

القرآن الكريم تحتمل الكثير من التأويالت ، وهي حافلة باإليماءات إن هذه القصة كما وردت في ، الداللة التاريخية والزمنية ، ونحن هنا نستخدم المصطلح ) التاريخ ( بالمفهوم العام واإلشارات ذات

Z كان أو غير محدد ، أي : التاريخ وما قبل التاريخ ، منذ كان الذي يشمل كل ما مضى من الزمان ، محددا

Page 3: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

..الزمان بأمر الله التكويني ) كن ( فكان ... وال معقب

اإلسرائيلي لها ، وهو الوارد في سفر التكوين ، حيث إن نظرة القدماء إلى القصة قد تأثرت بالتصورZ هم المسافة بين آدم وإبراهيم ، يختزل الزمان كله إلى أقل من ثالثة آالف سنة تستغرق عشرين جيال

:النسب إلى مجموعتين وقد إنقسمت سلسلة

(( . بين آدم ونوح )) وهي عشرة أجيال :األولىZ :الثانية ((.بين نوح وإبراهيم )) وهي عشرة أجيال أيضا

األولى قد بادت بسبب الطوفان ، ثم بدأت مع مالحظة أن سياق النص يوحي بأن األجيال العشرة األب الثاني لها ، من خالل أوالده الثالثة : سام - وحام - ويافث ) اإلنسانية جولتها الثانية من ساللة نوح ،

Z إرجع إلى سفر -التكوين - العهد القديم ( ، ومع مالحظة أخرى هي : أن العمر الذي عاشه آدم - مثالZ ، أي : قبل نوح بجيل واحد .يصل في تقدير العهد القديم إلى حدود الجيل التاسع تقريبا

Z ، وال دليل على لسنا هنا بصدد مناقشة معلومات العهد القديم ونقدها ، فهي ذات طابع أسطوري غالبا .األسماء أو في األرقام ، وإن كانت إلى اإلحالة وعدم التصديق أقرب خطئها أو صوابها ، سواء في

حتى المالحظ أن أصحاب السير قد إعتبروها من المسلمات ، فكرروها دون أدنى مناقشة ، أو ولكن إلى آدم عبر توقف ، وهذا هو إبن هشام في سيرته يذكر نسب النبي صلى الله عليه وسلم ، فبصل به

المدة من آدم إلى محمد - ثم سلسلة العهد القديم ، فإذا بالنبي من الجيل الخمسين بعد آدم ، أي : إن مامضى من عمر البشرية ، وهو تقديري ال يليق إلى زمننا هذا - ال تذيد على سبعة آالف عام ، هي كل

.العلمية ، التي تقرب وال تحدد مع التقديرات القائمة على الرؤية محمد محيي الدين عبد الحميد ( على ماذكره إبن وحسبنا أن ننظر في تعليق محقق السيرة ) الشيخ

وسلم فقال : ) روى عن عروة بن الزبير أنه قال : ما وجدنا هشام من نسب الرسول صلى الله عليهZ يعرف مابين عدنان ( ..وإسماعيل أحدا

فوق ذلك ال ندري ماهو ( ، وقد وروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ) إنما ننتسب إلى عدنان ، وماZ صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال - لما .بلغ عدنان : ) كذب النسابون ( مرتين أو ثالثا

�ل� أن هذا كله من وقد باب كره مالك وجماعة من العلماء أن يرفع الرجل نسبه إلى آدم ، من ق�ب ( .1 ص 1التخرص والظنون التي اليمكن أن يوثق بها )) سيرة ابن هشام جـ

Z ال ويلفت النظر في هذا التعليق الرواية عن ابن عباس : ) أن بين عدنان وإسماعيل ثالثين أباZ ، تستغرق في المتوسط ثالثة آالف سنة �عرفون ( .. أي ثالثين جيال .على األقل ي

وجدناها تقترب من أربعة آالف سنة وهي فإذا الجعنا إلى حساب التاريخ للمدة من إبراهيم حتى اآلنZ مع ظنون النسابين ، األمر Z على رواة األنساب ، وال على مصادرهم مدة تختلف تماما الذي ال نعو�ل كثيرا

الكتابية

{{الفصــــل الثاني}}

العلميــــــــــة النظـــــرة******

..العلمية إلى هذه المسألة فإنها تضعنا في قلب تصور آخر ، تحسب أبعاده بمئات األلوف أما النظرة أسماء ( 418 - 417بل بمئات الماليين من السنين ، وقد جاء في موسوعة الثقافة العلمية ) صفحة

وق�سمت إلى حقب ، بحسب العصور الجيولوجية ، وآمادها الزمنية ، وهي عصور مرت بكوكب األرض ، .معالمها السائدة - كما قرر العلماء

:حقبة الحياة العتيقة

سنة71،125،000،000الكمبري = حقبة ماقبل سنة500،000،000حقبة الكمبري ..... =

سنة375،000،000األردوفيشي .. = حقبة سنة235،000،000حقبة السيلوري ......=

سنة300،000،000الديفوني ...... = حقبةسنة 250،000،000حقبة الكربوني .... =

Page 4: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

سنة205،000،000حقبة البرمي ..... =

:حقبة الحياة المتوسطة

مليون سنة 170 .... = حقبة الطراياسي مليون سنة135حقبة الجوري .......=

مليون سنة 95حقبة الطباشيري ... =

:حقبة الحياة الحديثة

مليون سنة80حقبة الباليوسيني ... = مليون سنة 50 ..... = حقبة األيوسين

مليون سنة42حقبة األوليجوسين .. = مليون سنة 25 ...... = حقبة الميوسين

ماليين سنة8حقبة البليوسين ..... = ألف سنة500الباليستوسين .. = حقبة

Z ، ويمكن أن نتصور وجوده في شكل مخلوق فطري وكل هذه الحقب يعتبر وجود اإلنسان فيها غامضا .كالحيوان يستخلص إدراكات شتى من األحاسيس المختلطة التي ال تحصى ( ) خام

:حقبة الحياة األخيرة

، وهو دور إنحسار الجليد ، وقد شهد نباتات منزرعة ، وهي حقبة الدور األخير ، دون تاريخ أو تقدير .أو اإلنسان المفكر اإلنسان الهوموسابينز

Z لهذه المعلومات أمام أزمان متطاولة تحسب كما نرى بعشرات المليارات من ومن الواضح أننا طبقا ماقبل الكمبري ، أي : منذ واحد وسبعين مليار وخمسة السنين ، فقد بدأت حقبة الحياة العتيقة بمرحلة

.أطول العصور أو الحقب وأقدمها على األطالق في تقدير العلماء وعشرين مليونا من السنين ، فهو

Z من السنين )) من وبدأت حقبة العلماء الحياة المتوسطة بالعصر الطراياسي ، منذ مائة وسبعين مليوناZ ، ويصف القائلين بها بأنهم مزيفون وكذابون المعاصرين من ال يوافق على هذه التقديرات جملة وتفصيال

) .

Z من السنين ، وتأتي مرحلة وبدأت حقبة الحياة الحديثة مع بداية العصر الباليوسيني منذ ثمانين مليونا حقبة الحياة في العصر الباليستوسيني ، وتقدر بدايتها منذ خمسمائة ألف حاسمة ضمن هذه الحقبة ، هذ

Z .لمعلومات موسوعة الثقافة العلمية سنة ، طبقا

قبل التاريخ ( ، للمؤلفين : األستاذ الدكتور زغلول النجار ، فإذا رجعنا إلى كتاب ) صور من حياة ما ( يقرر أن فترات الجليد في عهد الباليستوسين دامت146وجدناه في ) صفحة - واألستاذ أحمد داود

فصلت بعضها ستمائة ألف سنة ، في فترات ثالث : مائة ألف ، ثم ثالثمائة ألف ، ثم مائتي ألف ، حوالي ينحسر من فوق سطح عن بعض فترات أخرى تميزت بإنحسار الزحف الجليدي ، وعندما كان الجليد

ظهور النباتات والغابات ، كما األرض كانت تكسي بغطاء خضري مزدهر ، وهكذا .. وقد شهد ذلك العصر .من القواقع األرضية ظهرت الحيوانات الالفقارية في البحار ، وانتشرت أنواع

حيوان الرنة ، والثعلب القطبي ، وانتشر بقر كما ظهرت بعض الحيوانات الفقارية من الثدييات ، ومنها والضباع في الغابات ، وانتشرت الدببة في الكهوف ، وبعض البحر في األنهار ، ومرحت األسود

الفيل الضخم الذي يطلق عليه ) الماموث ( ، وحيوان الميجاثيريوم الحيوانات المنقرضة ، كذلك والديناصورات ، وظهرت في ذلك العصر الفيلة واألحصنة والثيران بكثرة ، مع شيء من والجلبتودون

لها وهي األختالف عما ظهر في حقبة الباليوسين ، أي : منذ تسعين مليون سنة ، والحقبة التالية بعض أنواع من ) الميوسين ( منذ من خمسة وعشرين مليون سنة ، وهي الحقبة التي شهدت ظهور

قردان ( في العصر الحديث وغيرها الطيور ، كالبجع وبداية طائر البطريق ، وطيور الماء التي تشبه ) أبو الكالب والدببة ، والنسانيس والقردة ، وبعض ، وانتشرت الخراتيت ، والغزالن والزراف ، وبعض

، بل إن العلماء السوفييت عثروا على سمكة ضخمة متحجرة الحيوانات المفترسة كالنمور ذوات الناب خاركوف ، حددوا عمرها بأنه حوالي ثالثين مليون سنة ، وغرابة الكشف في باطن األرض ، عند مدينة

Z أن قشر Z ببريقه ، كشفوا عنها أثناء حفر نفق سكة حديد ، وتم نقلها إلى أيضا السمكة مازال محتفظا .المتحف العلمي لجامعة خاركوف

ظهور اإلنسان ، وقد وجدت بقاياه في الصخور القديمة ، وقيعان البحار ، والكثبان كل ذلك وغيره سبق :148الرملية ، ويقول مؤلفا كتاب ) صور من حياة ماقبل التاريخ ( - صفحة

Z ، وجدت بقايا لكائنات شبيهه باإلنسان مثل جنس ) اوسترالويشكس وقبل) ، ( المليون سنة تقريبا

Page 5: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

Z ، وانتشر في عصر الباليستوسين المتوسط عبر معظم قارات العالم والذي وجدت بقاياه في أفريقيا .القديم

جاوة ، وإنسان هيدلبرج ، وإنسان نياندارثال ، وبعد ذلك وجدت بقايا ما يعرف بإنسان بكين ، وإنسان وإنسان روديسيا ، وإنسان سوانكومب ،

بين اإلنسان الذي ويختار بعض العلماء من بين هؤالء األناسي إنسان هيدلبرج بإعتباره الحلقة الوسطى كان ذا مباديء فكرية من اللغة يتكلم والحيوانات التي تصيح ، أما اإلنسان النياندرتالي فيظهر أنه

( الملفوظة

لمخلوق واحد ، كان يتنقل من مرحلة إلى مرحلة في تسوية الخالق له وكل هؤالء األناسي وجوه مختلفة من التسوية تغيرت بعض أوصافه ، وأفرده الباحثون في الجيولوجيا واألنثروبولوجيا ، فكلما مضت مرحلة

المخلوقات بتسمية ، وقد وجدت تلك البقايا بصورة ناقصة ونادرة ، مما يجعل معلوماتنا عن هذه .الشبيهة باإلنسان بعيدة كل البعد عن الكمال

المميزات التشريحية لإلنسان المعاصر ، وله صفاته من الذكاء ، والقدرة على وأول كائن إنسي له آثاره عن نفسه هو ) إنسان كرومانيون ( والذي وجدت بقاياه في جنوب فرنسا ، في كهوف ترك التعبير

Z لبعض الحيوانات التي إصطادها ، ويتضح منها أن هذا المخلوق تمتع بقدر من الذكاء على جدرانها رسوما .يربطه باإلنسان الحالي

وثالثين ألف سنة مضت ، وهذه وأقدم بقايا إلنسان كرومانون ترجع إلى حوالي ثالثين ، إلى خمسة .الفترة تعتبر من أقدم فترات التاريخ المسجل

األرض تمتد كما رأينا منذ ماقبل مليون سنة ، وهي هذه النماذج التي عثر عليها من بقايا اإلنسان على .قدره العلماء بخمسة وثالثين ألف سنة تؤرخ لمسيرة هذا المخلوق حتى عهد ،

Z ننقل عنه بعض )) 1996 / 10 / 6وقد نشرت جريدة الوفد في قد نعتمد بعض الصحف اليومية مرجعا نعتمده في توثيقها ، ومع ذلك فنحن نذكره في إطار أنه خبر ظني األخبار حين ال يتوافر لدينا مؤلف

Z في جبل طارق في عدة كهوف عثر عليها هناك ، الداللة (( نشرت الجريدة أن اإلنسان األول عاش أيضا .ذلك كان منذ مايقرب من ثالثين ألف سنة وأن

أن ظهور اإلنسان كان أقدم من هذا التقديري ، فمازالت ومع ذلك فقد نفاجأ بوجود أحافير تدل على على بدء الخلق وكيفيته ، ولن يبلغ اإلنسان مبلغ الحقيقة إال إذا داوم األرض محتوية على شواهد دالة

Z لى شواهدها وأدلتها ، وهو ما أمرت به اآليتان القرآنيتان على البحث ، :واستمر في السير تفتيشا

�ف�}} �ي وا ك ر�ض� ف�انظ�ر�� وا ف�ي األ� ير� �ه� ق�ل� س� �ن� الل ة� إ خ�ر� �ة� اآل� أ �ش� �نش�ُئ� الن �ه� ي �م� الل �خ�ل�ق� ث � ال �د�أ ي�ء� ب �ل� ش� ع�ل�ى ك

. {{ - العنكبوت20ق�د�ير�

:وقوله تعالي

�ين� }} �م�وق�ن �ل �ات� ل ر�ض� آي� . الذاريات {{ - 20و�ف�ي األ�

الحياة على األرض هو وال شك من معطيات البحث والسير فيها ، فهي وكل ماسجله العلم من مراحل الصحيحة ، تهدي اإلنسان إلى أصله ومنشئه ، عبر تلك اآلماد السحيقة .. لقد كانت خطوات في الطريق

� تلك �ق�و�يم ن� ت �ح�س� إن خلق اإلنسان : {{ - التين ، أي4اآلماد - والشك - مقدمات لخلق اإلنسان }} ف�ي أZ على وجود األرض ذاتها ، قبل مليارات السنين ، ثم كانت األرض ، وكان مامر بها كان إرادة سابقة أزال

اإللهي الباهر لظهور السالالت البشرية ، الذي من عهود سحيقة يعجز العقل عن تصورها - هو التمهيدZ آراء نسبية ، تضاربت اآلراء في توقيته ، فليس من هذه العهود ما يعتبر حقيقة مطلقة .. بل هي جميعا

بينها ، وتختلف في العهود والحقب ، وال سبيل حتى اآلن إلى معرفة متى كانت تتفق في الحد الجامع .بدايتها ونهايتها بالضبط

حول اإلنسان ، وعصر ظهوره على وأكبر دليل على نسبية المعلومات المدونة في المراجع العلميةZ أحد العلماء األنثروبولوجيين ، من أن وجود اإلنسان كان األرض ) قبل مليون سنة ( - ما أعلنه مؤخرا

Z عن موسوعة الثقافة العلمية ، وعن كتاب ) صور من حياة ماقبل التاريخ ( وهو أسبق مما سقناه نقال .ونحن نؤمن بنسبية الصدق في معطيات العلم الحديث ، وبخاصة في هذا المجال خبر لم ندهش له ،

أن البروفيسور ( : ) 1972 / 11 / 8لقد نشرت جريدة األهرام في عددها الصادر صباح األربعاء ) أعلن في كينيا أنه تم إكتشاف بقايا جمجمة ( .. ريتشارد ليكي أحد العلماء األنثروبولوجيا - علم اإلنسان

Page 6: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

.، وتعد أقدم أثر من نوعه لإلنسان األول يرجع تاريخها إلى مليونين ونصف مليون عام

يمتد في قدمه مليون ونصف مليون عام عن أقدم أثر أمكن العثور وقال العالم : ) إن هذا اإلكتشاف إكتشاف عظام الجمجمة ، مع عظام لساق بشرية ترجع إلى نفس الحقبة من عليه حتى اآلن ، وقد تم

( .حجري ، بصحراء تقع شرق بحيرة رودلف في كينيا التاريخ ، في جبل

األثر يمكن أن يقلب النظريات القائمة بشأن تطور اإلنسان عن أجداده فيما قبل وقال العالم : ) إن هذا ( .، وكيف ؟ ومتى ؟ التاريخ

Z عن إكتشافه إلى الجمعية - وقد قدم ريتشارد ليكي ، وهو مدير المتحف الوطني في كينيا تقريرا التطور الحالية - وعلى رأسها نظرية داروين - الجغرافية الوطنية في واشنطن ، وقال : ) إن نظريات

كانت له سمات بدنية شبيهة بسمات القرد ، وإن أقدم أثر تفيد أن اإلنسان تطور من خلوق بدائي ، ( .على رجلين ، وله مخ كبير - يرجع إلى نحو مليون سنة لإلنسان كمخلوق منتصب يسير

الجديد يدل على أن المخلوق اإلنساني المنتصب ذا الساقين لم يتطور عن هذا في حين أن الكشف وأنه البدائي الذي يشبه القرد ، بل كان يعاصره منذ أكثر من مليونين ونصف مليون عام ، المخلوق

. انحدر من ساللته يمكن على هذا اإلعتبار إستبعاد المخلوق البدائي األول على أساس أن اإلنسان

تعليق لها على هذا الكالم : ) أن نظرية ليكي تقوم على أساس أن وذكرت الجمعية الجغرافية فيZ من أكلة النباتات ، قد وصل المخلوق البدائي األول وإسمه العلمي ) أوسترالوبثيكوس ( وكان أساسا

من مرحلة تطويرية مسدودة ، بينما إستطاع اإلنسان الذي استخدم اللحم في غذائه ، وتمكن إلى ( .صناعة األدوات الحجرية - أن يبقى على قيد الحياة

أنه أمكن إعادة بناء جمجمة من شظايا العظام التي عثر عليها ، وأنه بالرغم : ) وأكد ليكي في تقريرهZ ، إال أنها تختلف كذلك عن من أن جميع هذه الجمجمة ال تشبه جماجم الجنس البشري المعروف حاليا

( .عن تطور اإلنسان أشكال الجماجم التي عثر عليها لإلنسان األول ، وبذلك تتفق مع أي نظريات حالية

Z وواضح إذن أن الفرق الزمني هائل بين هذا الرأي ، وما تقوله نظرية داروين ، كما أن الفرق هائل أيضا النظريتين ، فهو عند داروين يمشي على أربع منذ مليون سنة ، ثم في جوهر التصور لإلنسان األول بين

ليكي يمشي منتصب القامه منذ مليونين ونصف المليون من السنين ، وأنه كذلك انتصبت قامته ، وعند .منذ كان

داروين بين التأييد والمعارضة فإذا رجعنا إلى ما أورده المؤلف سيد أحمد الكيالني في كتابه عن ) نظرية هورزلر - العالم الذري في سمنتبال ( حين قال : ) وقد أذاع البروفيسور جوهانس21- صفحة

Z في مارس نظرية داروين بشدة ، وقال : ) إنه اليوجد دليل ( نجد أنه عارض1956بسويسرا - بيانا القرد ، وإن التجارب الواسعة التي أجراها ، دلت على أن واحد من ألف على أن اإلنسان من ساللة

Z اإلنسان منذ عشرة ماليين سنة Z جدا Z ، وبعيدا ( .وهو يعيش منفردا

عليها تؤكد نظريته ، وقد قدم البروفيسور المذكور للمتحف وأضاف إلى ذلك : ) أن الهياكل التي درس من الفحم بداخلها قطعة من فك إنسان يرجع تاريخها إلى عشرة ماليين الطبيعي بمدينة بال ، قطعة

( .التاريخ الذي أمكن الحصول فيه على هياكل آدمية سنة ، وهذا هو

المشرف علي األبحاب في جامعة ( أعلن في أمريكا أن الدكتور ) رويتر1956 مارس 31وبتاريخ Z ال يستند إلى كولومبيا - قد أيد البروفيسور هورذلر في وجهة نظره ، واعتبرت نظرية داروين بذلك رأيا

Z ، فمنها اإلنسان الذي يمشي أي دليل علمي ، وأن الكائنات إنما Z تاما خلقت مستقلة األنواع ، إستقالال .ومنها الدواب التي تمشي على أربع ، ومنها الزواحف التي تمشي علي بطونها على رجليه ،

األخرى قبلها ، فما الذي وإذا كان سياق الداروينية يقرر أن القردة خلقت هكذا مستقلة عن األنواعZ لنوع اإلنسان في فرضية داروين ، في حين أن األقرب للمنطق هو أن القدرة التي خلقت يجعلها أصال

Z على رجلين ، وهو اإلنسان ، وهي نوع القردة التي تمشي على أربع - قد خلقت Z آخر يمشي منتصبا نوعا األنواع من المخلوقات المتحركة ، لكل نوع عالمه وقدراته ، وبدايته ونهايته ، القدرة التي أوجدت ماليين

صادر عن قدرة مطلقة واحدة ، تماما كما حدث القرآن عن وحدة األصل وإختالف الشكل - في فالكل�ة� م�ن م�اء : }} قوله تعالى �ل� د�اب �ه� خ�ل�ق� ك �ن� و�الل �ي �م�ش�ي ع�ل�ى ر�ج�ل �ه�م م�ن ي �ه� و�م�ن �ط�ن �م�ش�ي ع�ل�ى ب �ه�م م�ن ي ف�م�ن

�ه� �ن� الل اء إ �ش� �ه� م�ا ي �خ�ل�ق� الل �ع� ي ب ر�� �م�ش�ي ع�ل�ى أ �ه�م م�ن ي ي�ء� ق�د�ير� و�م�ن �ل� ش� .سورة النور {{- 45ع�ل�ى ك

المعلومات التي تضمنتها ، نحن إذن أمام جملة من النظريات المشتجرة والمتعارضة ، التي تركز نسبية التصور الزمنية والخلقية ، وال ريب أن في كل ولكل واحدة منها أدلتها التي تستند إليها في تقرير جوانب

Z من الحقيقة الذي يتراوح حتى .اآلن مابين مليون سنة ، وعشرة ماليين من السنين منها شيئا

، ماتضمنه بحث علمي آخر1966األهرام في هذا الشأن ، خالل شهر يونيو ومن أواخر ما نشرته جريدةZ آخر لهدم نظرية داروين القائلة بأن اإلنسان أصله قرد ، أو منحدر من في بريطانيا ، إحدى قد يكون دليال

Page 7: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

اإلنسان األول كان يمشي سالالت القردة العليا ، تحدى العلماء البريطانيون الرأي العلمي السائد بأنZ على يديه ورجليه ، مثل الشمبانزي .معتمدا

منتصب في جامعة ليفربول البريطانية : ) إن الرأي األرجح هو أن اإلنسان األول كان يسير وقال العلماءZ مثل اإلنسان اليوم ، وأوضحوا أنه لو كان اإلنسان القديم يسير Z - كما تصور ذلك القامة ، تماما منحنيا

Z بعض النظريات العلمية - فإنه لم يكن من الممكن أن يعتدل في ( .قامته ، ويسير كما هو اآلن أبدا

اإلنسان القديم ومقاساته من هيكل كائن شبيه باإلنسان ، وهو وأشار العلماء إلى أنهم أخذوا أحجام والذي عثر عليه في أثيوبيا ، ويرجع إلى ثالثة ماليين عام مضت ، ثم ، ( المعروف بإسم ) لوسي

Z لكيفية تحرك استخدموا الكمبيوتر في تطوير إنسان آلي صناعي ) روبوت ( لكي يكون نموذجا ، وأوضح العلماء أن التجارب أثبتت أن ) لوسي ( - وهي أنثى - لم تكن لتتطور وتمشي ( ) لوسي

إن ذلك يعنى أن : منتصبة القامة بعد ذلك ، وقال الدكتور ) روبن كرمبتون ( أحد المشاركين في البحث�ح�ن� في حاجة إلى إعادة كتابة ، وأشار النظريات العلمية التي تظهر اإلنسان القديم يمشي في وضع م�ن

Z إلى أنه ما إن بدأ اإلنسان يقف على قدمين ، فإنه كانت .هناك ضغوط قوية لكي يسير ويقف منتصباZ إلى أن قرود وأوضح أن المشي بشكل منتصب يساعد اإلنسان على التنفس بشكل جيد ، ومشيرا

فإنها تسير لوقت قصير للغاية ، ألن هذا الوضع ال يساعدها على الشمبانزي عندما تمشي منحنية يصيبها باإلجهاد . وقال : إن هذه القرود بعد خمسين خطوة فقط من المشي في التنفس الصحيح .. بل

مائتي تسارع بالجري ، بعكس اإلنسان القديم الذي يظهر علم اآلثار أنه كان يمشي ألكثر من إنحناء .كيلومتر ، وهذه المسافة ال يمكن أن تتم وهو في حالة إنحناء

Z على جمجمة وهذا الرأي Z مع تقدير البروفيسور ) ليكي ( بناءا كينيا ، غير يلتقي في تقديره الزمني تقريبا القدرة على المشي أن مرتكز اإلستدالل لم يكن البحث في عمر األحفورة ، بل قام على مناقشة

Z لدى القردة واإلنسان ، كيما يصل في النهاية Z أو منحنيا إلى رفض نظرية داروين ، بأسلوب التقنية منتصبا . المعاصرة

داروين فيما ذهب إليه ، وأن وغني عن البيان أن كل الجهود العلمية حتى اآلن تنصب على معارضة ليدحضوا مذهب النشوء واإلرتقاء .. حتى إننا ماقدمناه لم يكن سوى بعض العينات التي جهد فيها العلماء

ثارت لكثرة ماتعرضت له من نقد - مجرد مقولة هشة .. ال نستطيع أن نقول : إن نظرية داروين قدZ في مجال البحث عن أصل اإلنسان ، وإن قدمت الكثير في مجال ) البيولوجيا ( أو علم تعني شيئا

.اإلنسان

نقول : ) نظرية ( ، ورغم أن الناس لقد سقطت إذن فكرة ) التطور الخالق ( ، ونقول : ) فكرة ( ، وال .بكل مارتبط بها من أفكار أخرى فتنوا بهذه النظرية لعدة عقود من الزمان ... سقطت

Z منذ وانتصرت حقيقة ) الخلق المستقل ( التي قررها الدين ، كما أكدها العلم ، فما كان اإلنسان إال بشراZ كان ، وما كان القرد إال .قردا

Z ألوانه في سياق هذا البحث ، وهو :وهنا يطرأ سؤال ، ربما يبدو سابقا

Z على Z واحدا Z إلهيا األرض ، أرادته القدرة اإللهية ؟ هل كان وجود هذه الخليقة البشرية إرادة إلهية وأمراZ Z على الساحة األرضية عبر الوجود الزمني وتابعته في مراحله المتطاولة ؟ أو كان خلقا Z متقاطرا متعددا

المراحل ؟ الهائل ؟ وكان آدم أحد هذه

.ذلكم هو ما سنحاول بيانه فيما يلي من الحديث

Z : هو أن الخالق العظيم خلق هذا الكون الهائل حين قال : ) كن والذي نريد .فكان ( أن نقوله إجماال والمشيئة المطلقة ، كان كل ما كان ، وما يكون ، وما سيكون ، في إطار من الزمان المطلق ،

، أو المكان ، أو أي عوامل أخرى ، واإلنكشاف المطلق ، فليس - بالنسبة إلى الخالق - قيود من الزمان محكومة بالزمان والمكان ، وحدود اإلدراك - كما أراده أما اإلنسان فهو نقطة في بحر الحقيقة .. نقطة

.الله

Z وقد خلق الله Z أو إمتدادا Z في الكون الفسيح ، الذي يتذايد ضخامة وإتساعا ، هذا الغنسان ليكون سيدا .دون توقف .. بأسرع من سرعة الضوء

نهاية ، كما أن له بداية ، وحين تحين هذه النهاية سوف تتغير ثم جعل الله سبحانه وتعالى لهذا الكونت� : }} سبحانه معالم الكون كله كم قال �و�ر� م�س� ك �ذ�ا الش� �ذ�ا1إ ت� و�إ �د�ر� �ج�وم� انك ت�2الن �ر� ي �ال� س� �ج�ب �ذ�ا ال و�إ

ار�3 �ع�ش� �ذ�ا ال ت� 4ع�ط�ل�ت� و�إ ر� �و�ح�وش� ح�ش� �ذ�ا ال ت� 5 و�إ ج�ر� �ح�ار� س� �ب �ذ�ا ال �ذ�ا6 و�إ و�ج�ت� و�إ �ف�وس� ز� �ذ�ا7الن و�إ�ل�ت� ئ �م�و�ؤ�ود�ة� س� : وقال تعالى التكوير{{- 8ال

�د�ل�}} �ب �و�م� ت �و�اح�د� ي �ه� ال � لل وا ز� �ر� م�او�ات� و�ب ر�ض� و�الس�� �ر� األ ر�ض� غ�ي

� �ق�ه�ار� األ هل يعقل أن إبراهيم {{ - 48ال والملكوت من أجل خليقة ال تدوم أكثر من عشرة أيام - بحساب الزمن اإللهي الذي يكون هذا الملك

: يقرر�ة�}} ن �ل�ف� س� �أ �ك� ك ب �و�مZا ع�ند� ر� �ن� ي �ع�د�ون� و�إ ...!الحج {{ - 47م�م�ا ت

بضعة ذلك الزمان امتد إلى مليون سنة ، أو حتى عشرة ماليين ، فإن ذلك ال يعدو أن يكون وهب أن

Page 8: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

.آالف من األيام اإللهية .. ولله المثل األعلى

...إن ملك الله عظيم ..وإن شأن الله أعظم

سجدت له األجساد واألرواح ، وعنت الوجوه - ولهذا اإلله - تقدست أسماؤه ، وتعاظمت آالؤه ..والعقول

Z ال يعلمه إال هو .. إنه موعد الزلزال الكوني الذي يضع النهاية ومن أجل هذا كان موعد Z مكنونا النهاية سرا :لرحلة ماليين السنين .. ويكفي أن نردد هنا قول الله سبحانه

�م�}} �ك ب �ق�وا ر� �اس� ات �ه�ا الن ي� �ا أ ي�ء� ع�ظ�يم� ي اع�ة� ش� �ة� الس� ل �ز� ل �ن� ز� . {{ - سورة الحج1إ

والقرآن اإلنسان بين العلم

:التكرار مرة أخرى نكرر وال نمل هي رؤى نسبية ، من حيث البد أن نسلم بأن معطيات العلم ليست حقائق مطلقة في أغلب األحيان بل

�ه�ن� بقيود من البيئة ، ت والزمان ، والقدرات الذاتية ، والدالئل المتاحة .. إن العقل الذي يتوصل إليها م�ر� .إلخ

واألدنى - الكلمة اإللهية النهائية في الخطاب ما بين السماء واألرض ، أو ما بين األعلى أما القرآن ، وهو األجيال تتفاوت في فهم النص فإنه وال شك يقدم للعقل اإلنساني الحقائق النهائية في الموضوع ، ولكن

Z للعلم ، وال سبيل إلى ستخرجه الفكر الديني - حتى اآلنا المقدس ، حتى ليبدو ما من النصوص - مناقضا .تحقيق اللقاء بينهما

مستحيل - باديء ذي بدء - نقرر أن التناقض بين القرآن ، وما توصل إليه العلم من حقائق نهائية - ونحن بل ما زال يدور في إطار ، وإنما التناقض من جهة أن العلم لم يستقر بعد على بر الحقيقة الكاملة ،

ضعف التفكير الذي تتسم به معالجة النظريات الظنية الداللة ، إلى جانب أن التناقض قد يأتي من .األفكار

Z - إلى الجمود الذي اتسم به التفكير الديني حين توقف عند القول بالبداية اآلدمية للحياة ولننظر مثال وهي بداية قدرت في حدود عشرة آالف عام ، وهو تقدير متواضع في مقابل القول بأن على األرض ،

.الحياة اإلنسانية تراوحت ما بين مليون سنة ، وعشرة ماليين من السنين بداية�و�ن� شاسع بين التقديرين ؟ وهل من سبيل إلى لقاء بينهما ؟ أي ب

خالل فهم واعي للنصوص القرآنية .. فهم يخرج عن المذهب التقليدي الذي نحن نرى أن ذلك ممكن من العلم التفاسير كلها ، ويسعى إلى استنطاق النظم القرآني ، ما دام هناك إمكان إللتقاء إلتزمت به

.بالقرآن

منذ اآليات األولى التي استهل بها ولسوف نحاول السير مع القرآن في حديثه عن اإلنسان والخلق ،Z مع هذا الوحي إلى شاطيء .الحقيقة القرآنية الوحي المحمدي ، وسيرا

Z من األحافير ، أو األعاجيب التي أشارت إليها لكن - قبل أن نشرع في هذا العرض نحب أن نقدم نوعا يخدم سعينا لتحقيق إمكان اللقاء بين العلم والقرآن ، وإن المراجع العربية ، وهي ذات داللة ومغزى ،

.، وأسلوب األساطير غلب عليها طابع المبالغات

{{ الفصــــل الثالث من الباب األول}}

الخليقة نظرة القدماء إلى وجود

جمهورهم على أن آدم هو أول الخليقة ، وأول ما خلق من تراب ، - فإن إذا كان علماء السلف قد اتفق

Page 9: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

Z في أعماق الزمان ، قبل آدم ، بعضهم قد ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ، فتصوروا لهذه الخليقة ممتداZ من الفريق ربما Z ممن قال بهذا المذهب لم يلق نكيرا اآلخر .. بل إلى ماليين السنين ، والمهم أن أحدا

الله بصيرة األقدمين فامتدت عاشت اآلراء المتناقضة جنب إلى جنب ، حتى تلقيناها ورأينا كيف أنارZ إلختالف التخيالت ، وما رؤيتهم إلى أعماق الغيب قبل التاريخ على هذه األرض ، وتنوعت رؤيتهم تبعا

بل هي محض تخيالت هداهم إليها تأملهم المنطقي في أحوال .. نحسب أنهم اعتمدوا على شواهد مادية كتابه عن بعض العلماء : أن الله سبحانه وتعالى خلق في األرض قبل آدم الدنيا .. ) ذكر المسعودي في

Z وعشرين :أمة على خلق مختلفة ، وهي أنواع ثمانيا .منها ذوات األجنحة ، وكالمهم قرقعة

.ما لها أبدان كاألسود ، ورؤوس كالطير ، ولهم شعور وأذناب ، وكالمهم دوي� ومنها .ما له وجهان ، واحد من أمامه ، واآلخر من خلفه ، وله أرجل كثيرة ومنها

( .نصف اإلنسان بيد� ورجل� ، وكالمهم مثل صياح الغرانيق ) جمع غرنوق وهو طائر مائي ومنها ما يشبه .الكالب ومنها ما وجهه كاآلدمي ، وظهره كالسلحفاة ، وفي رأسه قرن ، وكالمهم مثل ع�و�ي

.ومنها ما له شعر أبيض ، وذنب كالبقر .كالخناجر ، وآذان طوال ومنها ما له أنياب بارزة

( .398وعشرين أمة . ) المستطرف / ويقال : إن هذه األمم تناكحت وتناسلت حتى صارت مائة

Z هذه صورة من تفكير األقدمين أو تخيالتهم عن الماضي السحيق قبل هذه الخليقة ، فقد لفقوا أشكاال استبعاد ما ال من المخلوقات ال دليل على أنها وجدت إال في اإلحتمال الخيالي ، ومع ذلك يبقى - بعد

تلك األصناف ، أو بأصناف دليل عليه من األشكال - أن األرض كانت معمورة قبل آدم ، سواء بمثل أبينا - على ما قرره بعض العلماء ، أي : - أخرى كالديناصورات ، أو الماموث أو بأوادم آخرين قبل آدم

األرض أن آدم لم يكن أول مخلوق عاقل على هذه

Z كثيرة من المخلوقات كانت موجودة قبل ظهور اإلنسان ، كأمم الطير ، والحيوان ، ومن المؤكد أن أمما�ر�}} الكريمة والنبات ، وهي كلها أمم بنص اآلية � ط�ائ ر�ض� و�ال

� �ة� ف�ي األ م�م� و�م�ا م�ن د�آب� � أ �ال �ه� إ ي �اح� �ج�ن �ط�ير� ب ي

�اب� �ا ف�ي الك�ت ط�ن �م م�ا ف�ر� �ك �ال م�ث� ي�ء� .. أ Z في دواب ، وإذا كان النص.سورة اإلنعام {{ 38م�ن ش� صريحا

إختالف أشكاله وفصائله ، واآلية األرض والطير ، فإن النبات في نظر العلماء كائن نام ) ينمو ( علىون� : }} الكريمة تشير إلى حقيقة مذهلة حين تأتي فاصلتها ر� �ح�ش� �ه�م� ي ب �ل�ى ر� �م� إ ، .اإلنعام سورة {{- 38ث

.وفي ذلك جملة من المناقشات حفلت بها كتب التفسير

ومتابعة آثار األحياء فيها ، أما عن إهتمام العلماء بالتفتيش أو بمالحظة ما يجدون صدفة في األرض ، السحيقة - فذلك أمر لم تتوافر أدواته واستداللهم بشواهدها على معالم الحياة البشرية وعهودها

الحديث مع تطور علوم األرض ) الجيولوجيا ( واإلنسان لألقدمين ، وال تهيأت أسبابه إال في عصرنا .والتحليالت الكربونية ... وغيرها ، ( ) األنثروبولوجيا

القديم ، ولم تكن أفكارهم تذهب في تقدير تاريخ الحياة على ولكن كان لألقدمين فكرة عن اإلنسان القرآن الكريم عن آدم ونوح ، وعاد وثمود ، وقوم إبراهيم وقوم لوط ... األرض إلى أبعد من حديث

.إلخ

Z كما سبق أن قررنا ، وهي لم تتجاوز ثالثين ألف عام Z فيما وهذه عهود قريبة نسبيا ، وهم معذورون قطعا .ذهبوا إليه

العظام وبقايا هياكل عظمية ، حاولوا تفسيرها ووصفها وقد اعتمد بعضهم على مشاهداته لقطع منZ عن بقدر ما رزقوا من القدرة على تصور حياة الماضيين وأوصاف هيئاتهم الجسمية ، وهي تبعد كثيرا

األحافير ) الحفريات ( التي عثر عليها العلماء في عصرنا ، ولو أن هذه األحافير التي الواقع الذي تصفهZ وصفها السلف - وجدت اآلن لتغيرت فكرتنا عن اإلنسان ، في عهوده السحيقة ، لكن المشكلة أن شيئا

والتذييد ، حتى حجبت الحقيقة ، وضاعت من هذه األحافير ال وجود له اآلن ، فهو وجود مقرون بالمبالغةZ Z نهائيا .معالمها ضياعا

مستظرف ( : ) قال الشيخ ولنذكر عينة من هذه األخبار ، يذكر مؤلف كتاب ) المستطرف في كل فن فرأيت قبور عاد ، فوجدت سن� أحدهم ، ( عبد الله ، صاحب كتاب تحفة األلباب : دخلت إلى ) باشقرد

باشقرد نصف ثنية أخرجت لي من فك أحدهم طوله أربعة أشبار ، وعرضه شبران ، وكان عندي في ومائة مثقال ، وكان دور فك ذلك العادي سبعة عشر األسفل فكان نصف الثنية شبرين ، ووزنها ألف

Z ، وطول عظم عضد أحدهم ثمانية أذرع ، وعرض كل ضلع من أضالعهم ثالثة أشبار ، كلوح ذراعا ( .الرخام

الوصف من باب المبالغة المسرفة ، ألن مشاهدة المومياوات المتحفية التي مضى عليها وقد يكون هذاZ - تبين لنا أن حجم اإلنسان كان بنفس الحجم الحالي ، دون أدنى عالقة بما يصفه خمسة آالف سنة مثال

Z في تضخيم حجم ما يزعم رؤيته الشيخ عبد الله في كتابه المشار إليه ، ولذلك يبدو لنا أن للخيال دورا الحواديت ( التي جاء منها أشكال وألوان في كتاب ) ألف ) من بقايا قوم عاد ، وربما كان ذلك من باب

( .ليلة وليلة

Page 10: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

Z ، أو األفيال الضخمة ، أو ربما Z هائل ، كالديناصور مثال التي تقاس كان ما وجدوه بهذا الوصف حيواناZ من قوم عاد .أنيابها باألشبار ، وزعم الواصف أنه يصف إنسانا

Z ، طوله - ويستمر الشيخ فيقــــول : ) ولقد رأيت في بلغار ، سنة ثالثين وخمسمائة Z طويال نسل عاد رجالZ ، كان يسمى دنقي أو ديقي ، وكان يأخذ الفرس تحت إبطه ، كما يأخذ أكثر من سبعة وعشرين ذراعا

الفرس ، ويقطع جلده وأعضاءه كما يقطع باقة البقل ، الولد الصغير ، وكان من قوته يكسر بيده ساقZ تحمل على عجلة ، وبيضة عادية لرأسه - كأنهما قطعة من جبل ، وكان صاحب بلغار قد اتخذ له درعا

Z ، كان إذا وكان يأخذ في يده Z متواضعا �را شجرة من البلوط كالعصا ، لو ضرب بها الفيل لقتله ، وكان خي ولم يكن في لقيني يسلم علي� ويرحب ، ويكرمني ، وكان رأسي اليصل إلى ركبته ، رحمة الله عليه ،

ورأيتها مرات في بلغار ، وقال بلغار حمام يمكنه دخولها ، إال حمام واحد ، وكانت له أخت على طوله ، العادية قتلت زوجها ، وكان اسمه آدم ، وكان لي قاضي بلغار ، يعقوب بن النعمان : إن هذه المرأة

إليها فكسرت أضالعه ، فمات من ساعته ( ) المستطرف / أقوى أهل بلغار ، قيل : ) إنها ضمته398. )

عن اإلنسان القديم ، وال وقد تأثرت آراء األقدمين من العلماء بما ورد في العهد القديم من أساطير كانوا يتسل�ون بروايتها ، وقد كان سيما قصة عوج بن عنق ، وهي أحد معالم الحياة القديمة التي

.عن واقع شهدته األجيال القديمة المستمعون يبهرون بتفاصيلها ، ويتصورون أنها تعبر

كان من أحسن الناس وأجملهم ، إال أنه كان اليوصف روى عن وهب بن منبه في عوج بن عنق أنه) الطوفان فلم يبلغ ركبتيه ، ويقال : إن الطوفان عال على رؤوس طوله ، قيل : إنه كان يخوض في

، Z وكان يجتاز بالمدينة فيتخطاها كما يتخطى أحدكم الجدول الصغير ، وع�م�ره الله الجبال أربعين ذراعاZ Z دهرا Z في أفعاله ، يسير في األرض برا Z حتى أدرك موسى عليه السالم ، وكان جبارا Z ، طويال وبحرا

من جبل على قدرهم ، ويفسد ما شاء ، ويقال : إنه لما حصرت بنو إسرائيل في التيه ذهب فأتى بقطعةZ في منقاره حجر مدور ، فوضعه على الحجر الذي واحتملها على رأسه ليلقيها عليهم ، فبعث الله طيرا

وأخبر الله عز وجل نبيه موسى عليه السالم بذلك على رأسه ، فانثقب من وسطه ، وانخرق في عنقه ، إن مويى عليه السالم كان طوله عشرة أذرع وعصاه عشرة : فخرج إليه وضربه بعصا فقتله ، ويقال

( .أذرع وضربه فلم يصل إلي عرقوبه ، فتبارك الله أحسن الخالقين أذرع ، وقفز في الهواء عشرة

Z عاش - وهو الحفيد آلدم - حتى عهد موسى ، أي أكثر من والعجيب أن يزعم اوي األسطورة أن عوجاسبعة آالف سنة ... ؟؟

عليه الصالة والسالم ؟؟ ( وكانت وتمضي األسطورة فتحكي عن عنق أم عوج فتقول : ) عنق بنت آدم وفي كل يد عشرة أصابع ، ولكل أصبع ظفران مفردة بغير أخ ، وكانت مشوهة الخلقة لها رأسان ،

هي أول من بغى في األرض ، وعمل الفجور ، وجاهر : ) كالمنجلين ( ، وقال على إبن أبي طالبZ أعظم من الفيل بالمعاصي ، واستخدم الشياطين ، فهم في وجوه السحر ، فأرسل الله عليها أسدا وصر�

( .وذلك بعد والدة عوج بسنتين فهجم عليها وقتلها ،

Z من أخبارهم لكي نظهر ما بلغته إننا لم نأت بكل ما قيل عن عنق وولدها عوج ، وقد اختصرنا شيئاZ ، وحين تأتي األساطير في كتاب مقدس مثل التوراة األساطير -من السيطرة على عقول الناس قديما

كثيرين طوال فإنها تستبد بعقول األتباع ، وتحجب عن أبصارهم بصيص العقل ، وهو ما غرقت فيه عقول .قرون عديدة

{{الفصل الرابع من الباب األول}}

القـــرآن حـــديـــث

القرآنية التي تعرضت لقصة الخلق ، وما يتصل بها ، مرتبة حسب النزول ، جدير بنا أن نذكر السور كما خالل هذا الترتيب تدافع معاني الوحي القرآني ، ومنهجه في سوق األحداث والحقائق ، لنتابع من

:أراد الله لإلنسان أن يتعلمها ، وقد جاء الترتيب هكذا

(1 -- ) السورة حسب النزول رقمالعلق -- الســــــــــــورة اســــــــــم

األولى لإلنسان اإلشارة -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

Page 11: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

******************** (4 -- ) رقم السورة حسب النزول

المدثر -- اســــــــــم الســــــــــــورةاألولى للبشر اإلشارة -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (7 -- ) رقم السورة حسب النزول

األعلى -- اســــــــــم الســــــــــــورة (خلق فسوى ) ألول مرة الذي -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (27 -- ) رقم السورة حسب النزول

التين -- اســــــــــم الســــــــــــورة (إشارة عامة لخلق اإلنسان ) في أحسن تقويم -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (30 -- ) النزول رقم السورة حسب

القيامة -- اســــــــــم الســــــــــــورة (الذكر واألنثى - نطفة من ) منى يمنى ، ثم كان علقة فخلق فسوى -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (32 -- ) رقم السورة حسب النزول

المرسالت -- اســــــــــم الســــــــــــورةإشارة إلى الماء المهين ، والقرار المكين -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (33 -- ) النزول رقم السورة حسب

ق -- اســــــــــم الســــــــــــورةإشارة إلى حضور الله في خلقه -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (35 -- ) رقم السورة حسب النزول

الطارق -- اســــــــــم الســــــــــــورة إشارة إلى مادة الخلق في الصلب والترائب والماء الدافق الذي يخرج -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

.بينهما من

******************** (37 -- ) رقم السورة حسب النزول

ص -- اســــــــــم الســــــــــــورة (قصة الخلق والمالئكة وإبليس للمرة األولى ) دون ذكر آدم -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (38 -- ) النزول رقم السورة حسب

األعراف -- اســــــــــم الســــــــــــورة الخلق والتصوير ثم قصة آدم والمالئكة وإبليس - ) آدم يذكر للمرة -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

(األولى

******************** (40 -- ) رقم السورة حسب النزول

يس -- اســــــــــم الســــــــــــورة (أو لم ير اإلنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين -- ) مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (41 -- ) رقم السورة حسب النزول

الفرقان -- اســــــــــم الســــــــــــورةالماء والبشر ، والنسب والصهر -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (42 -- ) رقم السورة حسب النزول

فاطر -- اســــــــــم الســــــــــــورةZ -- ) مالحظــــــــــــــــــــــــــات (والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا

******************** (43 -- ) رقم السورة حسب النزول

مريم -- اســــــــــم الســــــــــــورةZ -- ) مالحظــــــــــــــــــــــــــات (أو ال يذكر اإلنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا

********************

Page 12: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

(44 -- ) رقم السورة حسب النزولطه -- اســــــــــم الســــــــــــورة منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ( / آدم وحياته -- ) مالحظــــــــــــــــــــــــــات

األرضية

******************** (49 -- ) رقم السورة حسب النزول

اإلسراء -- اســــــــــم الســــــــــــورةوبينه إعتراض إبليس على السجود للطين ، وحوار بين الله -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (53 -- ) رقم السورة حسب النزول

الحجر -- اســــــــــم الســــــــــــورةالخلق من صلصال من حمأ مسنون - إلى آخر القصة -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (54 -- ) النزول رقم السورة حسب

األنعام -- اســــــــــم الســــــــــــورةإشارة إلى الخلق من الطين ال شك في هذا -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (55 -- ) رقم السورة حسب النزول

الصافات -- اســــــــــم الســــــــــــورةإشارة إلى الخلق من الطين الالزب -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (59 -- ) رقم السورة حسب النزول

غافر -- اســــــــــم الســــــــــــورةإجمال مراحل الخلق والشيخوخة -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (68 -- ) رقم السورة حسب النزول

الكهف -- اســــــــــم الســــــــــــورةZ -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات (عالقة التراب بالنطفة ) ثم سواك رجال

******************** (69 -- ) النزول رقم السورة حسب

النحل -- اســــــــــم الســــــــــــورة (خلق اإلنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين -- ) مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (70 -- ) النزول رقم السورة حسب

نوح -- اســــــــــم الســــــــــــورةاألطوار ، واإلنبات في األرض والعودة إليها -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (72 -- ) النزول رقم السورة حسب

األنبياء -- اســــــــــم الســــــــــــورة (الحياة من الماء ) من الماء كل شيء حي -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (73 -- ) النزول رقم السورة حسب

المؤمنون -- اســــــــــم الســــــــــــورة (تفصيل مراحل الخلق ) من ساللة من طين -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (74 -- ) النزول رقم السورة حسب

السجدة -- اســــــــــم الســــــــــــورة (بدأ خلق اإلنسان من طين - ثم جعل نسله من ساللة من ماء مهين -- ) مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (81 -- ) رقم السورة حسب النزول

االنفطار -- اســــــــــم الســــــــــــورة (خلقك فسواك فعدلك -- ) مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (83 -- ) رقم السورة حسب النزول

الروم -- اســــــــــم الســــــــــــورة

Page 13: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

Z -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات الخلق من تراب ثم اإلنتشار على األرض بشرا

******************** (87 -- ) النزول رقم السورة حسب

البقرة -- اســــــــــم الســــــــــــورةالخالفة والسجود من المالئكة والتمرد من إبليس -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (93 -- ) النزول رقم السورة حسب

النساء -- اســــــــــم الســــــــــــورة (الخلق من ) نفس واحدة وخلق منها زوجها -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (98 -- ) النزول رقم السورة حسب

الرحمن -- اســــــــــم الســــــــــــورةZ الخلق والبيان - ) من صلصال كالفخار ( خلقه فعلمه فصار -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات إنسانا

******************** (99 -- ) رقم السورة حسب النزول

اإلنسان -- اســــــــــم الســــــــــــورةZ -- ) مالحظــــــــــــــــــــــــــات Z مذكورا (حين من الدهر ( هو الماضي البشري ) لم يكن شيئا

******************** (104 -- ) رقم السورة حسب النزول

النور -- اســــــــــم الســــــــــــورةوالله خلق كل دابة من ماء ( ، وأشكال الخلق -- ) مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (105 -- ) النزول رقم السورة حسب

الحج -- اســــــــــم الســــــــــــورة .تقرير كامل ونهائي عن خلق اإلنسان ومراحله -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

******************** (108 -- ) النزول رقم السورة حسب

الحجرات -- اســــــــــم الســــــــــــورة .ذكر وأنثى - شعوب وقبائل - تعارف : حضارة -- مالحظــــــــــــــــــــــــــات

الكريمتين لقد بدأ القرآن ومضته األولى باآليتين�ذ�ي خ�ل�ق� }} �ك� ال ب � ر� م �اس� ب

� أ ان� م�ن� ع�ل�ق� 1اق�ر� �نس� بداية رائعة ، تتضمن ، وهي سورة العلق {{- 2خ�ل�ق� اإل�Z خطابه األول ، ولتحقيق هذا الغرض تعريف الله سبحانه وتعالى لذاته ، وهو يخاطب مصطفاه محمدا

هذه الصفة إمكان للتعرف ، وفي الحديث يذكر من صفاته الحسنى صفة ) الخالق ( ، وليس دونZ :) القدسي Z فأردت أن أعرف ، فخلقت الخلق ، فبي عرفوني كنت كنزا وبديهي أن يتعرف ، ( مخفيا

ما وهو يخاطبه ، ويعرفه بنفسه ، ويذوده ـ� :بأدق المعلومات عن أصل الصنعة المخلوق على خالقه ، سيان� م�ن�}} �نس� .، وهي معلومة موضوعية خالصة {{ ع�ل�ق� خ�ل�ق� اإل�

Z إلى معرفة ال نهاية لها وبديهي Z أن يثير هذا السؤال في نفس المخاطب ) محمد ( أشواقا Z أيضا ، وتطلعا في مهابته وعظم شأنه ، في ( إلى إدراك العالقة بين ) العلق ( في مهانته ، وقلة شأنه ، و ) اإلنسان

.عليه وسلم شخص المخاطب األول بهذا الكالم ) محمد المصطفى ( صلى الله

Z آخر ويأتي بعد ذلك الحديث القرآني الثاني عن ) اإلنسان ( فإذا هو ال يذكره بلفظه .. بل يستخدم لفظا الرابعة من التنزيل العزيز ، سورة ) المدثر ( ، وترد فيها يدل عليه ، هو ) البشر ( ، وذلك في السورة

ر� ( }} 25في اآليات : ) لفظة ) البشر ( أربع مرات �ش� �ب �ال� ق�و�ل� ال �ن� ه�ذ�ا إ �و�اح�ة� ( }}29، و ) {{ 25 إ لر� �ش� �ب �ل ر� ( }} 31، و ) {{ 29ل �ش� �ب �ل ى ل �ر� �ال� ذ�ك ر� ( }} 36، و ) {{ 31و�م�ا ه�ي� إ �ش� �ب �ل ا ل Zذ�ير� وال ، {{ 36ن

الوحي ، أي : ريب أن مدلول الكلمة في اآليات األربع يعني المخلوق المخاطب باآليات المنزلة من السور بترتيب النزول ، حتى اإلنسان في عمومه ، ثم لم ترد كلمة ) البشر ( بعد ذلك في جملة من

سياق قصة النبي صالح مع قومه ثمود ، حين السورة السادسة والثالثين ، وهي سورة القمر ، وذلك في�ع�ه� ... : }} قال قائلهم �ب �ت �ا و�اح�دZا ن ا م�ن Zر �ش� �ب {{24أ

المرحلة األولى - جاءت في السورة بيد أن اإلشارة التي تعتبر إضافة إلى المفهوم األول للخلق باعتباره فذكرت المرحلة الثانية في إيجاد الخلق ، وهي السابعة ) في ترتيب النزول ( ، وهي سورة األعلى ،

�ع�ل�ى : }}مرحلة التسوية ، فقال تعالى �ك� األ� ب م� ر� �ح� اس� ب �ذ�ي خ�ل�ق�1س� و�ى ال ، والتسوية هنا عمل {{ 2ف�س�Z الخطوة الثانية في بناء هذا الخلق إلهي سوف يرد ذكره .باعتباره دائما

Page 14: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

لمحلهما ، وهل هو البشر ، أو اإلنسان ، والمذكور هنا هو مطلق الخلق ، ومطلق التسوية ، دون ذكران� م�ن� ع�ل�ق� }بيان لكن السياق يصرف العبارة إلى �نس� .الذي أشارت إليه السورة األولى { خ�ل�ق� اإل�

Z ، وذلك في قوله تعالى ( ثم جاء ذكر ) اإلنسان في سورة التين ، وهي السورة السابعة والعشرون نزوال {{ :� �ق�و�يم ن� ت �ح�س� ان� ف�ي أ �نس� �ا اإل� �ق�ن �ق�د� خ�ل �ين� 4 ل اف�ل ف�ل� س� س�

� �اه� أ د�د�ن �م� ر� �وا و�ع�م�ل�وا5ث �ذ�ين� آم�ن �ال� ال إ�ون� �ر� م�م�ن �ج�ر� غ�ي �ه�م� أ �ح�ات� ف�ل ، واإلشارة هنا إلى ) اإلنسان ( الذي خلق من سورة التين {{- 6الص�ال

� ف�ي } لم يكن يعلم ، فانقسم هذا اإلنسان إلى مستوى رفيع علق ، وعلمه الله ما �ق�و�يم ن� ت �ح�س� ، { أ�ين� } ومستوى وضيع اف�ل ف�ل� س� س�

� الذي يخاطبه الوحي القرآني في مكة : أناس ، وهو وصف للواقع { أ .آمنوا فارتفعوا ، وأناس كفروا فاتضعوا

Z ، وذلك في قوله ثم يعود القرآن إلى خلق اإلنسان في سورة القيامة ، وهي السورة الثالثون نزوالان� : }} تعالى �نس� �ح�س�ب� اإل� �ي دZى أ ك� س� �ر� �ت ن ي

� �ى 36أ �م�ن �ي� ي �ط�ف�ةZ م�ن م�ن �ك� ن �م� ي �ل �ان�37 أ �م� ك �ق�ةZ ف�خ�ل�ق� ث ع�لو�ى �ر�38ف�س� �ن� الذ�ك و�ج�ي �ه� الز� �ى ف�ج�ع�ل� م�ن �نث إشارة إلى ،وفي هذه اآليات . سورة القيامة {{- 39و�األ�

ان� : }} المرحلة السابقة على �نس� الرجل ، وهي مرحلة النطفة من المني يقذفها {{ م�ن� ع�ل�ق� خ�ل�ق� اإل� .في رحم المرأة ، لتصبح من بعد علقة يتخلق منها الذكر واألنثى

Z وتضمنت كان أو أنثى ، اآليات - مما أدركه العلم الحديث - إشارة دقيقة إلى أن تحديد نوع الجنين ، ذكرا .يتوقف على مني� الرجل ، ال على بويضة المرأة

Z من المعرفة بعملية الخلق وتفسيره ، فهي في الحقيقة بيان لما وهكذا أفادت أجمله هذه اآليات مزيدا .النص األول في سورة العلق

على تأكيد العالقة بين الحياة والموت والبعث ، فهو في وكان حرص القرآن في تلك المرحلة األولى�ي� : }} آيات القيامة يختمها بقوله �ح�ي �ن ي �ق�اد�ر� ع�ل�ى أ �س� ذ�ل�ك� ب �ي �ل �ى أ �م�و�ت ، وهو في . القيامة {{- 40ال

Z ( يعيد هذه الحقيقة في قوله تعالى السورة التالية : }}لها ، سورة المرسالت ) الثانية والثالثين نزوال�م م�ن م�اء م�ه�ين� �خ�ل�قك �م� ن �ل ار� م�ك�ين� 20أ �اه� ف�ي ق�ر� �ن � 21ف�ج�ع�ل �ل�ى ق�د�ر� م�ع�ل�وم �ا22 إ ن ون� ف�ق�د�ر� �ق�اد�ر� �ع�م� ال 23ف�ن

المذكور في سورة القيامة بأنه ) ماء مهين ( ، ولكن المقدرة هي التي ( ، وهو هنا يصف ) المني�{{ Z جعلت هذا Z سويا .الماء إنسانا

: }}والثالثون - لتفيد حضور الله في نفس اإلنسان ونزلت بعد ذلك سورة ) ق ( وهي السورة الثالثة�ق�د� ب� و�ل �ق�ر� �ح�ن� أ ه� و�ن �ف�س� �ه� ن و�س� ب �و�س� �ع�ل�م� م�ا ت ان� و�ن �نس� �ا اإل� �ق�ن ل �و�ر�يد� خ� �ل� ال �ه� م�ن� ح�ب �ي �ل ، سورة ق {{- 16إ

فكيف يفلت اإلنسان من قبضة الله ؟؟

Z من المعلومات عن الماء الدافق ) المني� ( الذي ثم يأتي النص في سورة ) الطارق ( ليضيف مذيدا وهي معلومة لم تكن معروفة حتى عصرنا ، و ) الطارق ( هي السورة يخرج من بين الصلب والترائب ،

Z الخامسة والثالثون .نزوال

Z ، قال سبحانه ثم نزلت سورة ) ص ( تذكر قصة الخلق ألول مرة ، وهي السورة السابعة والثالثون نزوال :وتعالى

�ذ� ق�ال�}} ا م�ن ط�ين� إ Zر �ش� �ي خ�ال�ق� ب �ن �ة� إ �ك ئ �م�ال� �ل �ك� ل ب �ه�71ر� �ت و�ي �ذ�ا س� �ه� ف�إ وح�ي ف�ق�ع�وا ل �ف�خ�ت� ف�يه� م�ن ر� و�ناج�د�ين� �ة�72س� �ك ئ �م�ال� ج�د� ال �ج�م�ع�ون� ف�س� �ه�م� أ �ل �اف�ر�ين�73ك �ك �ان� م�ن� ال �ر� و�ك �ب �ك ت �ل�يس� اس� �ب �ال� إ �ل�يس� 74 إ �ب �ا إ ق�ال� ي

�د�ي� �ي �ق�ت� ب �م�ا خ�ل ج�د� ل �س� �ن ت �ع�ك� أ �ين� م�ا م�ن �ع�ال �نت� م�ن� ال �م� ك ت� أ �ر� �ب �ك ت س�� �ه�75أ �ر� م�ن ي �ا خ� �ن �ار� ق�ال� أ �ي م�ن ن �ن �ق�ت ل خ�

�ه� م�ن ط�ين� �ق�ت �ه�ا76و�خ�ل ج� م�ن ج�يم� ق�ال� ف�اخ�ر� �ك� ر� �ن � الد�ين� 77ف�إ �و�م �ل�ى ي �ي إ �ت �ع�ن �ك� ل �ي �ن� ع�ل ب� ق�ال�78 و�إ ر��ون� �ع�ث �ب � ي �و�م �ل�ى ي �ي إ ن �نظ�ر� �ك� م�ن�79ف�أ �ن �م�نظ�ر�ين� ق�ال� ف�إ � 80ال �م�ع�ل�وم �و�ق�ت� ال � ال �و�م �ل�ى ي �ك�81 إ ت �ع�ز� ق�ال� ف�ب

�ج�م�ع�ين� �ه�م� أ �ن �غ�و�ي �م�خ�ل�ص�ين� 82أل� �ه�م� ال �اد�ك� م�ن �ال� ع�ب �ق�ول� 83 إ �ح�ق� أ �ح�ق� و�ال �م� م�نك�84ق�ال� ف�ال �ن� ج�ه�ن �م�أل� أل��ج�م�ع�ين� و�م�م�ن �ه�م� أ �ع�ك� م�ن �ب سورة ص {{- 85ت

وكل ما النص القرآني يتضمن ألول مرة أساسيات القصة ، قصة الخلق ، من مبدئها إلى منتهاها ، هذاZ عن هذه القصة - يضيف بعض التفاصيل التي تثري جوها ، جاء بعد ذلك من نصوص القرآن متحدثا

.وتوضح بعض غوامضها

:نقصدها في القصة هي واألساسيات التي .إخبار الله للمالئكة بأنه سيخلق البشر - 1 .خلق البشر من طين - التسوية - النفخ من روح الله - اإلنسان - 2 .ومعهم إبليس بالسجود للمخلوق عند استوائه واكتماله أمر المالئكة - 3 .سجود المالئكة أجمعين - 45 - Z .رفض إبليس للسجود إستكبارا .بخيرية النار على الطين إدعاء إبليس الخيرية على هذا المخلوق - 6 .طرد إبليس وإمهاله إلى يوم الدين - 7

Page 15: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

.إبليس بغواية بني آدم ، إال المخلصين توعد - 8 .وعيد الله بجهنم لمن اتبع إبليس - 9

التالية ، ولكنها تذيد بعض التفاصيل هذه األساسيات تتكرر في جميع المواضع األخرى في السورةZ في Z : السورة الثامنة والثالثين ، وهي سورة المثرية - كما قلنا - وهو ما نالحظه مثال السورة التالية نزوال

.األعراف

اإلشارة إلى أننا نالحظ بداية ، أن القصة في سورة ) ص ( لم تتضمن ذكر آدم .. بل اقتصرت على غير لتذكر آدم للمرة األولى أن المخلوق - موضوع الحديث - هو ) بشر ( بحسب ، ثم جاءت سورة األعراف

Z بعد إجمال ، ومع مالحظة أن السورتين متتاليتان ، ولكي نعرض في الوحي القرآني ، فكان ذلك تفصيال .حدة تفاصيل القصة نتابع مناقشة كل أساسية على

{{ الفصل الخامس من الباب األول}}

Z : إعــــالم المالئــــــكة أوال

ا : }} وتعالى للمالئكة ، قول الله سبحانه Zر �ش� �ي خ�ال�ق� ب �ن Z من المعاني ، {{ إ ، وهي عبارة تحمل كثيرا�ة� : }} تبدأ بعبارة ذلك أن اآلية �ك ئ �م�ال� �ل �ك� ل ب �ذ� ق�ال� ر� ، فهي تستخدم لفظة ) الرب ( مضافة إلى ضمير {{ إ� : }}وهو : ) محمد ( صلى الله عليه وسلم ، على نسق ماجاء في الخطاب األول المخاطب ، م �اس� ب

� أ اق�ر��ذ�ي خ�ل�ق� �ك� ال ب وهي إضافة تقرب النبي من حضرة ربه ، وتدنيه من جالله ، وهو ما جرى عليه ، {{ ر�

.السور األولى بشكل عام الوحي في

القول ؟ وذلك ما ال سبيل إلى إدراكه ، وإن كان لكن .. كيف قال ) ربك ( ؟ وكيف تلقت المالئكة هذا تكلم فكالمه ليس بحرف ، وال صوت ، وهذه صفة كالمه النفسي هنالك سبيل إلى تأويله : فالرب إذا

ولكن إدراك الخطاب اإللهي يتحقق في كل جنس بحسبه ، فإذا تلقى اإلنسان كما قررها علماء الكالم ، تختلف فمن خالل الحرف ، والصوت ، واللغة ، وإذا تلقته المالئكة فمن خالل قدراتها التي ذلك الخطاب

كيفما فطر الله .. عن قدرات اإلنسان ، الختالف طبيعتها عن طبيعته ، وال مانع من أن يكون بلغة ما .مالئكته

المحجوب ، والحديث فيه اتباع لما تشابه من آيات الله ، أما كيف تم هذا الحوار فخوض في غمار الغيب وبين الفتن ، وأن يلهمنا القدرة على تأويل هذه المتشابهات بما يليق بجالله ، ونسأل الله أن يباعد بيننا

.يعنينا هو التسليم بصدق الخبر ، ووقوع الحوار ، ولله في ذلك حكمة هو أعلم بها وكل ما

Z عن تلقينا له ، باعتبار أنه أعلم وال ريب أن تلقي النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الخطاب كان مختلفا ، منذ جاء الروح األمين بالوحي ، فإذا خاطب الله نبيه ( بربه وأنه ذو إتصال بالمأل األعلى ) عالم المالئكة

النبي ، حتى تكاد قدراته الروحية ترفعه إلى مرتبة الشهود ، فإن لهذا الخطاب موقعه من نفسZ لما وراء Z للحضور القدسي ، فهو مائل على األرض ، وهو في إستشفافا الكلمات المنزلة ، وإستشرافا

.الوقت يعاين من آيات ربه ما ال يعاين الجلوس من حوله ، إن كان الوحي بمحضر منهم نفس

م�ون� }} أما المالئكة فحسبنا من وصفهم ما جاء بشأنهم في القرآن �اد� م�كر� الله ، وهم ال يسبقون {{ ع�ب�ق�و�ل� و�ه�م }} سبحانه �ال �ه� ب �ق�ون ب �س� �ع�م�ل�ون� ال� ي م�ر�ه� ي

� �أ �ف�ه�م� و�ال�27ب �د�يه�م� و�م�ا خ�ل ي� �ن� أ �ي �ع�ل�م� م�ا ب �ال� ي ف�ع�ون� إ �ش� ي

ف�ق�ون� �ه� م�ش� �ت ي �ض�ى و�ه�م م�ن� خ�ش� ت �م�ن� ار� �ه� م�ا : }} ، وهم كذلك سورة األنبياء {{- 28ل �ع�ص�ون� الل ال� يون� �ؤ�م�ر� �ف�ع�ل�ون� م�ا ي ه�م� و�ي م�ر�

� .التحريم {{- 6أ

Z في مطلع سورة فاطر أو �ه� ف�اط�ر� : }} المالئكة ( - بقوله تعالى ) ووصفهم القرآن أيضا �ل �ح�م�د� ل ال�ح�ة� ن �ج� �ول�ي أ الZ أ س� �ة� ر� �ك ئ �م�ال� ر�ض� ج�اع�ل� ال

� م�او�ات� و�األ� �ه� الس� �ن� الل اء إ �ش� �خ�ل�ق� م�ا ي �ز�يد� ف�ي ال �اع� ي ب ث� و�ر� �ال� �ى و�ث �ن م�ثي�ء� ق�د�ير� �ل� ش� .سورة فاطر {{- 1ع�ل�ى ك

Z وحسبنا هنا أن ننقل وال عن تفسير ريب أن لهذه األوصاف معاني محددة ال نستطيع أن نحيط بها علما أما المالئكة فيقول : ) ) المنار ( ما قرره األستاذ اإلمام محمد عبده ، حين تحدث عن المالئكة فقال

أعمالهم ، فيجب علينا اإليمان بهم ، وال يتوقف السلف : إنهم خلق أخبرنا الله تعالى بوجودهم ، وببعض إلى الله تعالى .. فإذا ورد أن لهم أجنحة نؤمن بذلك ، ولكننا ذلك على معرفة حقيقتهم ، فنفوض علمها

أجنحة من الريش ونحوه كأجنحة الطيور ، إذ لو كانت كذلك لرأيناها ، وإذا ورد أنهم نقول : إنها ليستZ آخر ألطف موكلون بالعوامل الجسمانية ، كالنبات والبحار فإننا نستدل بذلك على أن في الكون عالما

Page 16: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

يحكم بإستحالة هذا ، بل يحكم من هذا العالم المحسوس ، وأن له عالقة بنظامه وأحكامه ، والعقل ال ( .بإمكانه ، ويحكم بصدق الوحي الذي أخبر به

الخطاب بينهم وبين الله تعالى ثم قال : ) وأما الفائدة فيما وراء البحث في حقيقة المالئكة ، وكيفية :فهي من وجوه

وجالله يرضى لعبيده أن يسألوه عن حكمته في صنعه ، وما يخفى أحدها : أن الله تعالى في عظمته ، وال سيما عند الحيرة ، والسؤال يكون بالمقال ، ويكون بالحال والتوجه عليهم من أسراره في خلقه

)تعالى في إستفاضة العلم بالمطلوب من ينابيعه التي جرت سننه تعالى بأن يفيض منها إلى الله آخر الستفاضة العلم كالبحث العلمي ، واإلستدالل العقلي ، واإللهام اإللهي ( ، وربما كان للمالئكة طريق

-212 / 1تفسير المنار - ) ذلك ، غير معروف ألحد من البشر ، فيمكننا أن نحمل سؤال المالئكة على213. )

Z : خلق البشـــــر من طيـــن ثـانـيـــــا

ا م�ن ط�ين� }} يأتي هكذا ونص إعالم الله للمالئكة Zر �ش� �ي خ�ال�ق� ب �ن ، واستخدام الصيغة سورة ص {{- 71إ اإلحداث .. أي : اإليجاد من عدم ، والسؤال هو : هل هذه الصيغة في موقعها تفيد ) خالق ( هنا يفيد

، أو المستقبل ؟ المضى اإلعالم به ، وقد أراد أن يخبر المالئكة ونرى أنها تفيد المضى ، أي : إن الله كان قد خلق هذا البشر قبل

خالل مراحل التسوية ، والنفخ اإللهي - كيفما يقعوا له تهيئة لهم ، حتى يتابعوا أحوال المخلوق ، ذلك ) الخلق ( داخل في األمر األزلي ) الخالق ( ) كن ( وهو أمر لم ساجدين - كما أمر الله ، ولعل

)تفاصيله ، إال أن يأذن لها الله بذلك ، أما بقية اإلعالم فيتضمن ذكر ) البشر ( و تعرف المالئكة كل .الطين ( ، والعالقة بينهما

الله تعالى من الطين ، وأصله في اللغة من ) ب ش فأما البشر فهي تسمية لذلك المخلوق الذي أبدعه وجمال ( ، قال ابن فارس : ) هو أصل واحد : ظهور الشيء مع ر ( ، وهو يفيد ) الظهور مع حسن

Z لظهورهم ) مقاييس اللغة حسن وجمال ( ، وسمي البشر ( وفي المعجم الكبير :251 / 1بشرا�ؤ�م�ن� : }} للذكر واألنثى ، وللواحد والمثنى والجمع ، وقد يثني كما جاء في القرآن البشر .. اإلنسان ، �ن أ�ا ... �ن �ل �ن� م�ث ي ر� �ش� �ب وقد335 / 2الكبير ، وقد يجمع على ) أبشار ( - المعجم سورة المؤمنون {{47ل

، مع مالحظة أن الكلمة جامدة ، ال يتحدد المعنى في سياق المعالجة - لكن الغالب الكثير فيه إفراده ظهور هذا المخلوق من بين تراب وماء ، أي : من تتصرف بوجه من الوجوه ، والمعنى المتناسب هنا هو

واألنعام ، والصافات ، وكان خلقه بكل بساطة كما ظهرت النباتات ، طين ، كما ورد ذلك في اإلسراء ،Z وهو قوله تعالى في �م ( : }} سورة نوح ) السبعين نزوال �ك �ت �نب �ه� أ Zا و�الل �ات �ب ر�ض� ن

� سورة {{- 17م�ن� األ� . نوح

طين ، فإن البشر هو أبرز هذه ومع أن كل حيوان أو طير أو حشر - إلى آخر سلسلة الكائنات - هو منZ ، فلذلك أطلق عليه في القرآن ) البشر ( .. أي : الظاهر على كل الكائنات المخلوقات ، وأكدها وجودا

Z لوجوده الطينية .. يسخرها لخدمته ، Zه� ، ويصارع وجودها تأمينا .ويستمد منها ق�وته� وق�و�ت

Z لما يتصف به عالم وربما كان Z بهذا المعنى ، وهو ) الظهور ( - مقابال المالئكة ، إطالق كلمة ) بشر ( أيضاى ، وقد قرر القرآن ذلك �ر� بشأن ) الجن ( ، إذ هي كلمة وعالم الجن ، من عدم الظهور ، فهم خلق ال ي

�م� ه�و� : }} يقول عن الشيطان وقبيله مشتقة من معنى : ) االجتنان ( وهو االستتار ، والله اك �ر� �ه� ي �ن إ�ه�م� ... و�ن �ر� � ت �ث� ال �ه� م�ن� ح�ي �يل فالظهور في البشر ، والخفاء في الجن - هما حقيقة الحياة التي ، {{ 27و�ق�ب

اليابسة ، والماء ، وفي جو السماء تعمر هذه األرض ، على

اليابسة ، الظهور في البشر ، والخفاء في الجن - هما حقيقة الحياة التي تعمر هذه األرض ، على .والماء ، وفي جو السماء

Z على Z وتفوقا Z ( بشر ) اللغات األخرى ، فقد حققت بهذا اللفظ والعجيب أن للعربية هنا تميزا ، تظابقاZ مع معناه ، وكأنما كانت تستملي الغيب ، وتستقريء أستاره ، ليمنحها هذه اللفظة ، دون اللغات عجيبا

.األوروبية األخرى في الفصيلة السامية ، بل دون ما عهدنا من اللغات

)، بل وال تعرف كلمة ( بشر ) كلمة فاللغات السامية كالسريانية ، والحبشية ، واآلرامية - ال تعرف ، وقد عرفت العبرية ( بني آدام ) ، أو ( آدام ) ، وإنما المستخدم فيها هو مايؤخذ من كلمة ( إنسانZ للداللة على هاتين )فقد جاء في سفر التكوين لفظها بالسين ( بشر ) ، وأما ( اإلنسان ) الكلمتين فعال ، أي : كل ( كل بسر حي : ) في عبارة العهد القديم ( نفس ) ، وبمعنى ( لحم ) ، وهي بمعنى ( بسر

Page 17: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

.نفس حية

على خالف القاعدة الغالبة بين العربية والعبرية ، فنحن نعرف أن ما ينطق ( بسر ) غير أن هذه الكلمةZ لهذه بالســين في العربية هو في العبرية بالشــين ، مثل سالم وشالوم ، وسماء وشماي ، وطردا

.، لكن ماحدث هو العكس القاعدة كان األنسب أن تكون بالســين في العربية وبالشــين في العبرية في ( بشر ) كامل بين معنى الكلمة هذا من ناحية اللفظ ، وأما من ناحية المعنى فهناك إختالف

.في العبرية .. وهي عالمة إستفهام تحتاج إلى إجابة حاسمة ( بسر ) العربية ، ومعنى ، وهي الوحيدة في اللسان الفارسي بمعنى ( م�رد� ) وفي الفارسية أستخدمت األلفاظ العربية ، مع كلمة

Z كلمات مستخدمة فيها ( وإنسان رجل ونفر وشخص) .، وهي أيضا

(.إنسان ) ، واستخدمت كلمة ( بشر ) في ترجمة كلمة ( آدمي ) أستخدمت كلمة وفي اللغة األردية

، وقد ( بشر وإنسان ) بمعنى ( man ) اللغات الغربية فمنها اإلنجليزية ، وقد استخدمت كلمة وأما في (إنسان ) بمعنى man ، وكلمة ( بشر ) بمعنى mortal ترجمته للقرآن كلمة استخدم محمد بكثال في

في كال المعنيين ، كذلك في الفرنسية والمجرية man كلمة ، في حين استخدم المترجم عبدالله يوسف .والتركية ..إلخ

في مراجعتنا لمجموعة ومهما تتبعنا ترجمات القرآن في اللغات المختلفة فإننا ال نجد سوى كلمة منه المنورة ، وقد بلغت عدتها تسع عشرة الترجمات التي أصدرها مجمع الملك فهد ابن عبدالعزيز بالمدينة

أن مترجمي القرآن ال يجدون في لغاتهم سوى كلمة ترجمة باللغات اإلسالمية وغيرها ، وهو دليل علىZ (.إنســــــــان ) بمعنى واحدة للمعنيين ، وهي دائما

(استعماالت القرآن لكلمة ) بشر

لهذه الكلمة فسنجد أنها استخدمت في نفس السياق ، وبنفس المعنى ولو أننا تابعنا استعمال القرآن ( : وجمال ( ، في أربعة مواضع هي قوله تعالى ) على ترتيب النزول ) مخلوق ظاهر مع حسن

ا - }} 1 Zر �ش� �ي خ�ال�ق� ب �ن �ة� إ �ك ئ �م�ال� �ل �ك� ل ب �ذ� ق�ال� ر� ص {{ - 71م�ن ط�ين� إ�ذ�ي خ�ل�ق� م�ن� - }} 2 ا و�ه�و� ال Zك� ق�د�ير� ب �ان� ر� ا و�ك Zا و�ص�ه�رZ ب �س� �ه� ن ا ف�ج�ع�ل Zر �ش� �م�اء ب الفرقان {{ - 54ال�ك� - }} 3 ب �ذ� ق�ال� ر� �ون� و�إ ن � م�س� ا م�ن ص�ل�ص�ال� م�ن� ح�م�إ Zر �ش� �ي خ�ال�ق� ب �ن �ة� إ �ك �ئ �م�ال �ل الحجر {{ - 28ل�م م�ن - }} 4 �ق�ك ل �ن� خ� �ه� أ �ات ون� و�م�ن� آي ر� �ش� �نت ر� ت �ش� �م ب �نت �ذ�ا أ �م� إ اب� ث �ر� الروم {{ - 20ت

متميز ( ، أو بمعنى أعم : أما بقية المواضع فقد استخدمت فيها الكلمة بمعنى عام ، هو ) مخلوق غير�ل� : }} بوصف مميز ، كما في قوله تعالى ) مخلوق ( ، فإذا أريد تمييز هذا المخلوق ألحقت الكلمة �م�ث ف�ت

�ه�ا �ا ل و�ي ا س� Zر �ش� Z . مريم {{ - 17ب Z معتدال ق�ل� : }} ، ال إفراط وال تفريط ، وقوله تعالى ، أي : مخلوقا�ح�ان� ب Z س� وال س� ا ر� Zر �ش� � ب �ال �نت� إ �ي ه�ل� ك ب Z من الله ، وقوله تعالى اإلسراء {{ - 93ر� Z مرسال :، أي : مخلوقا

�ل�ي� .... }} �وح�ى إ �م� ي �ك �ل ر� م�ث �ش� �ا ب �ن �م�ا أ �ن ، فهو مخلوق متميز على كل المخلوقات فصلت {{ - 6ق�ل� إ .المنزل بالوحي

�ض�م�ر� الوصف ويبرزه السياق ، كما في قوله تعالى �ر�يم� : }} وقد ي � م�ل�ك� ك �ال ذ�ا إ �ن� هـ� ا إ Zر �ش� ذ�ا ب م�ا هـ�Z ( هنا نكرة ، فإن يوسف {{ - 31 السياق يفيد أن المشار إليه ، وهو ) الجمال ( ، فمع أن كلمة ) بشرا

كريم ، وهي جملة تأتي على سبيل المبالغة ، وإال فالملك ليس جمال مخلوق بشر .. بل هو جمال ملكZ كالبشر ، والمعنى في النهاية : هذا بشر جميل فائق الجمال ، حتى فاق جنسه ، الكريم مخلوق أيضا

.أجمل وأرقى ودخل في جنس آخر

�ع�ه� ... : }} وقد جاء استخدام اللفظة بالمعنى العام في قوله تعالى �ب �ت �ا و�اح�دZا ن ا م�ن Zر �ش� �ب ، القمر {{ - 24أZ Z متميزا عليهم ، وهو قول تكررت روايته في القرآن في وهو إنكار من قوم ثمود أن يكون صالح بشرا

�ا ... : }} نفس السياق الفصصي �ن �ل ر� م�ث �ش� �ال� ب �نت� إ Z الشعراء {{ - 154م�ا أ ، فعدم التميز هنا يعتبر وصفاZ .كالتميز تماما

�م� : }} الكلمة بالمعنى األعم في مثل قوله تعالى على لسان مريم واستخدمت م� و�ل �ون� ل�ي غ�ال� �ك �ى ي �ن أر� ... �ش� �ي ب ن �م�س�س� .، أي : مخلوق على اإلطالق مريم {{ - 20ي

االستعماالت القرآنية عن هذا اإلطار ، مع مالحظة أنها وردت في الوحي المكي ولم تخرج الكلمة فيZ ، ولم ترد في الوحي المدني إال في أربعة مواضع ، مقتصرة على إفادة في سبعة وعشرين موضعا

Page 18: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

:معنى ) مخلوق ( فقط ، وهي اآليـات

ر� ... ق�ال�ت� - }} 1 �ش� �ي ب ن �م�س�س� �م� ي �د� و�ل �ون� ل�ي و�ل �ك �ى ي �ن ب� أ .عمران آل {{ - 47ر��ه� - 2 �ه� الل �ي �ؤ�ت ن ي

� ر� أ �ش� �ب �ان� ل �و�ة� ... م�ا ك �ب �م� و�الن �ح�ك �اب� و�ال �ك�ت .آل عمران - 79ال�ا ... - 3 �ن �ه�د�ون ر� ي �ش� �ب �وا أ .التغابن - 6ف�ق�الر� م�م�ن� خ�ل�ق� ... - 4 �ش� �م ب �نت �ل� أ .المائدة - 18ب

:، وخالصة القول أن الكلمة جاءت في القرآن بمعان أربعة

( وهو المعنى األصلي ) الكائنات البشر هو : الظاهر على كل : األول

( وهو المعنى األعم ) المخلوق بإطالق : الثاني

( وصف سلبي ) المخلوق غير المتميز : الثالث

( وصف إيجابي ) المتميز المخلوق : الرابع

الثالثة األخرى فهي معاني ومن الواضح أن المعنى األصلي الحقيقي هو المعنى األول ، أما المعانيZ في استخدام المعنى األصلي ، Z في اإلستعمال سياقية يمكن إعتبارها توسعا وهو فيما الحظنا أكثر شيوعا

.القرآني

{{ الفصل السادس من الباب األول}}

Z : حقيقة الطين أوال

Z : ) تراب + ماء ( . وقد بادر أما الطين فقد جاء في مواضع مختلفة بهذا اللفظ ، والمقصود به إجماالZ لخلق البشر - والماء أحد طرفي المعادلة - في قوله تعالى في النص الكريم إلى ذكر ) الماء ( أصال

Z ( قال سبحانه Zا : }} سورة الفرقان ) الحادية واألربعين نزوال ب �س� �ه� ن ا ف�ج�ع�ل Zر �ش� �م�اء ب �ذ�ي خ�ل�ق� م�ن� ال و�ه�و� الا ... Zل� : }} ، وهي إشارة تدخل في عموم قوله تعالى . الفرقان {{ - 54و�ص�ه�ر� �م�اء ك �ا م�ن� ال �ن و�ج�ع�ل

ي�ء� ح�ي� ... Z ، إلى أن ينزل النص الكريم ، وسورة األنبياء هي الثانية والسبعون . األنبياء {{ - 30ش� نزوال�ل� : }} بعد المائة ، فيقول سبحانه بتفصيل حاسم في سورة النور ، وهي السورة الثانية �ه� خ�ل�ق� ك و�الل

�م�ش�ي �ه�م م�ن ي �ه� و�م�ن �ط�ن �م�ش�ي ع�ل�ى ب �ه�م م�ن ي �ة� م�ن م�اء ف�م�ن �ع� ... د�اب ب ر�� �م�ش�ي ع�ل�ى أ �ه�م م�ن ي �ن� و�م�ن �ي ل ع�ل�ى ر�ج�

وإن تنوعت األشكال ، وليس وراء ذلك شكل من أشكال الحياة فيما يدب على األرض ، . النور {{ - 45 .فيما ال يدب على األرض

Z للبشر - لنجد أن - و�ع�و�د� إلى سورة الفرقان Z - والتي ذكر فيها ) الماء ( أصال الحادية واألربعين نزوال التراب ( ، وهو ) التالية لها مباشرة في التنزيل ، وهي الثانية واألربعون ) سورة فاطر ( - تذكر السورة

�م� : }} الطرف الثاني للمعادلة الطينية ، فيقول سبحانه �ط�ف�ة� ث �م� م�ن ن اب� ث �ر� �م م�ن ت �ق�ك ل �ه� خ� �م� و�الل �ك ج�ع�ل�م�ه� �ع�ل �ال� ب �ض�ع� إ �ى و�ال� ت �نث �ح�م�ل� م�ن� أ و�اجZا و�م�ا ت �ز� �اب� أ �ت �ال� ف�ي ك �نق�ص� م�ن� ع�م�ر�ه� إ �ع�م�ر� م�ن م�ع�م�ر� و�ال� ي �ن� و�م�ا ي إ

ير� �س� �ه� ي وهي آية تتضمن الكثير من إختصاصات القدرة اإللهية ، ففيه - ، . فاطر {{ - 11ذ�ل�ك� ع�ل�ى اللZ {{ ، وكأنها تفسير بوجه ) إلى جانب ) التراب ( و النطفة ( - إشارة إلى الزوجية }} ثم جعلناكم أزواجا

Z {{ .. أي : في آخر Z وصهرا شكل أزواج لعبارة السورة السابقة ) الفرقان ( التي ذكرت }} فجعله نسباZ في مجال استنساخ الحيوان ، وهو ما تتكامل فيما بينها )) ال يرد على هذا ما توصل إليه العلم أخيرا

القرآن إلى إنتاج اإلنسان عن طريق الزوجية فوجيء به العالم في قضية النعجة ) دوللي ( ، فإن إشارة مجال الحياة المرضية ، وهو ال ينفي وجود طرق أخرى تعبير عن الطريق الرسمي لعبور األناس إلى

(( .يحاول العلم معرفتها

سورة ) طه ( الرابعة ثم تكتمل معادلة الطين بردها إلى األرض ، باعتبارها منبت الخلق ، وذلك فيZ ( ، فيقول سبحانه ةZ : }} واألربعين نزوال �ار� �م� ت �خ�ر�ج�ك �ه�ا ن �م� و�م�ن �ع�يد�ك �م� و�ف�يه�ا ن �اك �ق�ن �ه�ا خ�ل ى م�ن �خ�ر� {{ -55أ

Z ) نوح ، كما قال في السورة السبعين . طه �م� ف�يه�ا ( : }} نزوال �ع�يد�ك �م� ي اجZا ث �خ�ر� �م� إ �خ�ر�ج�ك {{ -18و�ي . نوح

Z ( ، في قوله ، ويتكرر :تعالى ذكر التراب بعد سورة ) فاطر ( في سورة الكهف ) الثامنة والستين نزوال

Page 19: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

ه�}} �ح�او�ر� �ه� و�ه�و� ي ب �ه� ص�اح� و�اك� ق�ال� ل �م� س� �ط�ف�ة� ث �م� م�ن ن اب� ث �ر� �ق�ك� م�ن ت �ذ�ي خ�ل �ال ت� ب �ف�ر� �ك ج�الZ أ {{ -37ر�Z على مسار الوحي ، وهكذا يقدم القرآن الحقيقة . الكهف Z ، ثم يفصلها تدريجيا .إجماال

Z ، وذلك في اآلية الثامنة ويتعرض القرآن في سورة الحجر ، وهي السورة الثالثة والخمسون نزوال : أوصاف الطين : المادة البشرية ، وهي قوله تعالى والعشرين - يتعرض لبعض

ا م�ن ص�ل�ص�ال� م�ن�}} Zر �ش� �ي خ�ال�ق� ب �ن �ة� إ �ك �ئ �م�ال �ل �ك� ل ب �ذ� ق�ال� ر� �ون� و�إ ن � م�س� ، لقد . سورة الحجر {{ - 28ح�م�إZ حين ذكرت أن الطين كان في شكل ) صلصال من حمأ مسنون ( ، و زادت هذه )اآلية المادة وضوحا

فإذا طبخ الصلصال ( هو الطين اليابس ، أو هو الطين الحر خلط بالرمل ، فصار يتصلصل إذا جف ،Z ان� م�ن ص�ل�ص�ال� ( : }} بالنار فهو فخار ، وآية سورة الرحمن ) السادسة والتسعين نزوال �نس� خ�ل�ق� اإل�

�ف�خ�ار� �ال �ه� . الرحمن {{ - 14ك �ه�ت ب بالفخار في جفافه ، ، تنفي عن الصلصال أن يكون طبخ بالنار ، وإن ش� زاد من صفات هذا الطين في سورة والحمأ : هو الطين األسود ، والمسنون : هو المبتل المنتن ، وقد

Z ( فذكر أنه ز�ب� : }} الصافات ) الخامسة والخمسين نزوال ، بمعنى : . الصافات {{ - 11ط�ين� ال� .متالصق أملس متماسك

القرآن في تعبيره عن أصل البشر ، األرض أو التراب ، أو الطين ، أو وسواء - في الحقيقة - أن يستخدمZ ، في التراب وأشكاله الصلصال ، أو الحمأ المسنون ، فكل ذلك ال يختلف ، ألن المكونات واحدة تماما

.السابقة ، وفي الجسد البشري أو المادة الحية

لو أنك أخذت قبضة من تراب األرض الخصبة ، وأجريت عليها عمليات : ) يقول األستاذ البهي الخوليZ ، ولو أخذت قطعة من جسم اإلنسان وأجريت التحليل الكيماوي لوجدتها تتركب من ستة عشر عنصرا

Z - هي نفس العناصر التي عليها تتركب عمليات هذا التحليل لوجدتها كذلك تتركب من ستة عشر عنصرا :منها تربة األرض ، وهذه العناصر هي ما يأتي

%63.03األكسجين = - 1 %20.20الكربـــــــون = - 2 %9.90األيدروجين = - 3 %2.50النيتروجـين = - 4 %2.45الكلســــــيوم = - 5 %1.01الفســـــــفور = - 6 %0.16الكـــــــــلور = - 7 %0.14الفــــــــــلور = - 8 %0.14الكبـــــريت = - 9

%0.11البوتاسـيوم = - 10 %0.10الصـوديوم = - 11 %0.07المغنسـيوم = - 12 %0.01 = الحــــــــديد- 13

اليود + السليكون + المنجنيز = آثار ضئيلة ( وما بعدها15أنظر آدم عليه السالم - للبهي الخولي ص )

والسليكون ، والمنجنيز ( ال تتجاوز وقد تبين من جمع النسب المختلفة أن اآلثار الضئيلة من ) اليود ، مواد أرضية دخلت في تكوين اإلنسان ، وهي النحاس % للمواد الثالث ، وقد أضافت قوائم أخرى0.18

، واأللمونيوم ، والسيلنيوم ، والكادميوم ، والكروم ، وبذلك تصل والكوبالت ، والتوتيا ، والموليديومZ العناصر الترابية .في اإلنسان إلى أربعة وعشرين عنصرا

Z - أي فخلق البشر كان من معدن األرض ، كما قال سبحانه وتعالى في السورة الثانية والعشرين نزوالر�ض� - : }} في الوحي المكي المبكر

� �م م�ن� األ� �ك أ �نش� �ذ� أ �م� إ �ك �م� ب �ع�ل ، أي : . سورة النجم {{ - 32 ... ه�و� أ الصلصال المأخوذ من الطين األسود المنتن - هكذا شاءت إرادة الله ، وال من معدن األرض ، وهو

أن ينكر هذه الحقيقة ، أو أن يكذب بها ، مع أن هناك في مرأى العين مسافة هائلة بين يستطيع أحد� ، وهي مسافة لم الطين واللحم والبشري .. الطين مادة خامدة ، واللحم البشري نسيج حي متنام

العقل لن يكشف عن سر يقطعها العقل اإلنساني حتى اآلن ، ولن يقطعها في المستقبل ، بمعنى أنZ ، ومن ثم� لن Z متناميا Z حيا يكون بوسع اإلنسان - مهما تقدم في دراساته التحول الذي جعل التراب لحما

أن يحول التراب إلى خاليا حية ، فالمسافة بينهما برزخ - عن الخلية الحية ، وعن الهندسة الوراثية اإلنسان ، ألنها في الواقع تعبير عن أمكانيات قدرة الله المتفردة بالخلق يستحيل عبوره على قدرات

.باإلحياء واإلفناء واإلبداع ،

Page 20: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

المسافة بين التراب والمخلوق البشري فيقول هذا عن المسافة بين التراب والمادة الحية ، فأما عنان� م�م� خ�ل�ق� : }} تعالى األستاذ سيد قطب ، وهو يعلق على قوله �نس� �نظ�ر� اإل� �ي 6م�ن م�اء د�اف�ق� خ�ل�ق�5ف�ل

�ب� ائ �ر� �ن� الص�ل�ب� و�الت �ي ج� م�ن ب �خ�ر� فالمسافة الهائلة بين المنشأ والمصير ، بين الماء) ، . الطارق {{ - 7ي التركيب العضوي ، الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب ، وبين اإلنسان المدرك العاقل ، المعقد

الماء الدافق إلى اإلنسان الناطق .. والعصبي ، والعقلي ، والنفسي .. هذه المسافة الهائلة التي يعبرهاZ خارج ذات اإلنسان ، هي التي تدفع بهذا الشيء المائع الذي ال قوام له ، وال إرادة ، توحي بأن هناك يدا

الطويلة العجيبة الهائلة ، حتى تنتهي به إلى هذه النهاية الماثلة ، وتشي بأن وال قدرة في طريق الرحلةZ من أمر الله يرعي هذه النطفة المجردة من الشكل والعقل ، ومن اإلرادة والقدرة هناك ، في حافظا

العجائب ، من مولده رحلتها الطويلة والعجيبة ، وهي تحوي من العجائب أضعاف ما يعرض لإلنسان من ( .إلى مماته ( - ) في ظالل القرآن - سورة طارق

Z ، وقد يقصد به الماء وال يفوتنا هنا اإلشارة إلى أن الماء قد يقصد به ما يخلط بالتراب ليصير طيناZ بموجودات ترابية - المهين الذي يبدو في ظاهره ال عالقة له بالطين ، وإن كان في الحقيقة حافال

الكائنات الحية التي تعتبر : ) كبسولة الحياة ( ، ويتحدث العلم عن مئات الماليين من طينية ، متمثلة في نهاية اإلتصال هذه الكائنات الحية في مني� الرجل .. في الدفقة الواحدة تندفع في رحم المرأة ، في

.الجنسي .. وكل هذا صادر عن التراب ، وعائد إلى التراب

Z : الخ�لق النفسي ثانيا

:عن خلق اإلنسان من نفس واحدة ، وهما وتبقى بعد ذلك آيتان تحدثتاZ .. قوله تعالى آية األعراف ، وهي السورة الثامنة �ذ�ي : }} والثالثون نزوال �ف�س� و�اح�د�ة� ه�و� ال �م م�ن ن �ق�ك ل خ�

�ه�ا �ي �ل �ن� إ ك �س� �ي و�ج�ه�ا ل �ه�ا ز� �ق�ل�ت و�ج�ع�ل� م�ن �ث �م�ا أ �ه� ف�ل ت� ب Z خ�ف�يفZا ف�م�ر� اه�ا ح�م�ل�ت� ح�م�ال �غ�ش� �م�ا ت �ن� ف�ل �ئ �ه�م�ا ل ب �ه� ر� د�ع�و�ا الل�ن� م�ن� �ون �ك �ن Z ل �حا �ا ص�ال �ن �ت �ي �ر�ين� آت اك �اء ف�يم�ا189الش� ك ر� �ه� ش� � ل Z ج�ع�ال �حا �اه�م�ا ص�ال �م�ا آت �ه� ع�م�ا ف�ل �ع�ال�ى الل �اه�م�ا ف�ت آت

�ون� ر�ك �ش� .سورة األعراف {{ - 190ي

Z :قوله تعالى .. وآية النساء ، وهي السورة الثالثة والتسعون نزوال {{� �ق�وا �اس� ات �ه�ا الن ي

� �ا أ و�ج�ه�ا ي �ه�ا ز� �ف�س� و�اح�د�ة� و�خ�ل�ق� م�ن �م م�ن ن �ق�ك ل �ذ�ي خ� �م� ال �ك ب ا ر� Zير� �ث Z ك �ه�م�ا ر�ج�اال �ث� م�ن و�باء ... �س� .سورة النساء {{ - 1و�ن

ها هنا هو الناس ، كما هو نص اآلية الثانية ، وكما واآليتان تقرران وحدة األصل اإلنساني ، إذ المخاطبZ إلى البشر .. بل إلى اإلنسان ، وبديهي هو مفهوم اآلية األولى ، ألن الخطاب في القرآن لم يوجه مطلقا

Z منتمون آلدم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ) كلكم آلدم أن نعرف أي : ، ( أننا جميعا .آلدم وحواء ، باعتبارهما المصدر الوحيد الذي تناسلت منه كل الزريات اإلنسانية

آثار ؟ أو أن حواء غير أن خلق زوج آدم من نفسه مشكل ، فهل حواء من ضلع آدم كما وردت بذلكZ ، كما هو شأن آدم ؟ خلقت مستقال

:في نظرنا ألمرين اإلحتمال األخير هو الراجح

Z من العلماء اعتبروا مسألة الضلع :أولـهما .مجرد رمز لطبيعة المرأة وفطرتها أن كثيرا

آدم مؤول على أنها من نوعه وجنسه ، وقد جاء ذلك بالنسبة إلى كل أن خلق حواء من نفس :ثانيهما�م� : }} زوج في قوله تعالى ك �نف�س� �م م�ن� أ �ك �ن� خ�ل�ق� ل �ه� أ �ات �ه�ا ... و�م�ن� آي �ي �ل �وا إ �ن ك �س� �ت و�اجZا ل �ز� سورة {{ - 21أ

.الروم

بعدها تتحدث عن أن الزوجين جعال ومن المؤكد أن المقصود بآية األعراف ليس آدم وزوجه ، ألن اآليات .آدم وزوجه لله شركاء فيما آتاهما من الذرية ، ولم يكن هذا من

النفوس ، وعلى الرغم من إختالف وتبقى آية النساء معبرة عن األصل النفسي الذي انبثقت منه كلZ ، دونما األقوال في حقيقة هذه النفس ، فإننا نميل إلى أنها هي سر الله في اإلنسان ، وبها صار إنسانا

:تأملنا في هذه المسألة يتم على مستويين سواه ، فالخلق فيما انتهى إليه

.البشري الظاهر من تراب ، وهو الخلق خلق مادي

على يقين من أنه لوال تلك النفخة اإللهية لما من روح الله ، وهو الخلق الباطن ، ونحن نفسي وخلق .األرض كان ذلك المخلوق سوى دابة من دواب

Page 21: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

فيها إلى شيء ، مع أن فلماذا أغرق العلماء أنفسهم في البحث عن ماهية النفس ، دون أن يصلوا!!منتهى الغموض ؟ الحقيقة واضحة بين أيديهم ، وهي في غاية الوضوح بقدر ما هي في

أسراره ، وهذا هو الوضوح الذي نقصده ، كالكهرباء ال تعرف حقيقتها إنها غيب من غيب الله ، وسر من استدل والعقل والروح والنفس قوى أودعها الله كيان هذا اإلنسان - ال تدرك حقائقها ، وإن إال بآثارها ،

.على وجودها بآثارها ، ومن آثارها أن تنبثق منها زوج الرجل التي يسكن إليها

{{ الفصل السابع من الباب األول}}

البشر واإلنســـــان

فقد ذكر خلق ) اإلنسان ( في خمس وثالثين آية ، إذا كان القرآن قد ذكر خلق ) البشر ( في أربع آيات ، :والمدني : فاآليات المكية هي هي على ترتيب النزول موزعة بين المكي

:في السورة األولى - 1

�ذ�ي خ�ل�ق� }} �ك� ال ب � ر� م �اس� ب� أ ان� م�ن� ع�ل�ق� 1اق�ر� �نس� {{2خ�ل�ق� اإل�

.سورة : العلق

********

:وفي السورة السابعة - 2

�ع�ل�ى }} �ك� األ� ب م� ر� �ح� اس� ب �ذ�ي1س� و�ى ال {{2خ�ل�ق� ف�س�

.سورة : األعلى

********

:وفي السورة السابعة والعشرين - 3

�ح�س�ن�}} ان� ف�ي أ �نس� �ا اإل� �ق�ن ل �ق�د� خ� � ل �ق�و�يم �ين� 4ت اف�ل ف�ل� س� س�� �اه� أ د�د�ن �م� ر� {{5 ث

Page 22: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

.سورة : التين

********

:وفي السورة الثالثين - 4

دZى }} ك� س� �ر� �ت ن ي� ان� أ �نس� �ح�س�ب� اإل� �ي �ى 36أ �م�ن �ي� ي �ط�ف�ةZ م�ن م�ن �ك� ن �م� ي �ل �ق�ةZ ف�خ�ل�ق�37أ �ان� ع�ل �م� ك و�ى ث 38ف�س�

�ى �نث �ر� و�األ� �ن� الذ�ك و�ج�ي �ه� الز� {{39ف�ج�ع�ل� م�ن

.سورة : القيامة

********

:وفي السورة الثانية والثالثين - 5

�م م�ن م�اء م�ه�ين� }} �خ�ل�قك �م� ن �ل ار� م�ك�ين� 20أ �اه� ف�ي ق�ر� �ن � 21ف�ج�ع�ل �ل�ى ق�د�ر� م�ع�ل�وم �ا22 إ ن ون� ف�ق�د�ر� �ق�اد�ر� �ع�م� ال ف�ن23}}

.سورة : المرسالت

********

:وفي السورة الثالثة والثالثين - 6

�ع�ل�م� م�ا}} ان� و�ن �نس� �ا اإل� �ق�ن ل �ق�د� خ� �و�ر�يد� و�ل �ل� ال �ه� م�ن� ح�ب �ي �ل ب� إ �ق�ر� �ح�ن� أ ه� و�ن �ف�س� �ه� ن و�س� ب �و�س� {{16ت

.سورة : ق

********

Page 23: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

:وفي السورة الخامسة والثالثين - 7

ان� م�م� خ�ل�ق� }} �نس� �نظ�ر� اإل� �ي �ب� 6م�ن م�اء د�اف�ق� خ�ل�ق�5ف�ل ائ �ر� �ن� الص�ل�ب� و�الت �ي ج� م�ن ب �خ�ر� {{7 ي

.سورة : الطارق

********

:وفي السورة الثامنة والثالثين - 8

�م�}} �اك ن �م� ص�و�ر� �م� ث �اك �ق�ن ل �ق�د� خ� �ل�يس� و�ل �ب � إ �ال � إ ج�د�وا � آلد�م� ف�س� ج�د�وا �ة� اس� �ك �م�آلئ �ل �ا ل �ن �م� ق�ل {{11 ... ث

.سورة : األعراف

********

:وفي السورة األربعين - 9

�اه�}} �ق�ن ل �ا خ� �ن ان� أ �نس� �ر� اإل� �م� ي و�ل� �ين� أ �ذ�ا ه�و� خ�ص�يم� م�ب �ط�ف�ة� ف�إ �س�ي�77م�ن ن �الZ و�ن �ا م�ث �ن ب� ل �ق�ه� ... و�ض�ر� ل {{78خ�

.سورة : يس

********

:وفي السورة الثانية واألربعين - 10

�م� م�ن}} اب� ث �ر� �م م�ن ت �ق�ك ل �ه� خ� �ض�ع� و�الل �ى و�ال� ت �نث �ح�م�ل� م�ن� أ و�اجZا و�م�ا ت �ز� �م� أ �ك �م� ج�ع�ل �ط�ف�ة� ث �م�ه� ... ن �ع�ل �ال� ب إ11}}

.سورة : فاطر

Page 24: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

********

:وفي السورة الثالثة واألربعين - 11

�ا}} �ن ان� أ �نس� �ر� اإل� �ذ�ك و�ال� ي� Zا أ �ئ ي �ك� ش� �م� ي �ل� و�ل �اه� م�ن ق�ب �ق�ن ل {{67خ�

.سورة : مريم

********

:وفي السورة الرابعة واألربعين - 12

�م�}} �ع�يد�ك �م� و�ف�يه�ا ن �اك �ق�ن ل �ه�ا خ� ى م�ن �خ�ر� ةZ أ �ار� �م� ت �خ�ر�ج�ك �ه�ا ن {{55و�م�ن

.سورة : طه

********

:وفي نفس السورة - 13

�ل�}} �ل�ى آد�م� م�ن ق�ب �ا إ �ق�د� ع�ه�د�ن مZا و�ل �ه� ع�ز� �ج�د� ل �م� ن �س�ي� و�ل {{115ف�ن

.سورة : طه

********

:وفي السورة الخامسة واألربعين - 14

�ون� }} �م�ن �م م�ا ت �ت �ي أ �ف�ر� �م�58أ �نت �أ �ق�ون� أ �خ�ال �ح�ن� ال �م� ن �ه� أ �ق�ون �خ�ل {{59ت

Page 25: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

.سورة : الواقعة

********

:وفي السورة التاسعة واألربعين - 15

{{� ج�د�وا �ة� اس� �ك �م�آلئ �ل �ا ل �ن �ذ� ق�ل Zا و�إ �ق�ت� ط�ين �م�ن� خ�ل ج�د� ل س�� �أ �ل�يس� ق�ال� أ �ب � إ �ال � إ ج�د�وا {{61آلد�م� ف�س�

.سورة : اإلسراء

********

:وفي السورة الثالثة والخمسين - 16

ان� م�ن ص�ل�ص�ال�}} �نس� �ا اإل �ق�ن ل �ق�د� خ� �ون� و�ل ن � م�س� {{26م�ن� ح�م�إ

.سورة : الحجر

********

:وفي السورة الرابع والخمسين - 17

�م� ق�ض�ى}} �م م�ن ط�ين� ث �ق�ك ل �ذ�ي خ� ون� ه�و� ال �ر� �م�ت �م� ت �نت �م� أ �ج�ل� م�سم�ى ع�ند�ه� ث Z و�أ �ج�ال {{2أ

.سورة : األنعام

********

:وفي السورة الخامسة والخمسين - 18

Page 26: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

�م}} �قZا أ ل د� خ� �ش� �ه�م� أ �ه�م� أ �ف�ت ت ز�ب� ف�اس� �اه�م م�ن ط�ين� ال� �ق�ن ل �ا خ� �ن �ا إ �ق�ن ل {{11م�ن� خ�

.سورة : الصافات

********

:وفي السورة التاسعة والخمسين - 19

�م� م�ن}} اب� ث �ر� �م م�ن ت �ق�ك ل �ذ�ي خ� �غ�وا ه�و� ال �ل �ب �ت �م� ل �م� ط�ف�الZ ث �خ�ر�ج�ك �م� ي �ق�ة� ث �م� م�ن� ع�ل �ط�ف�ة� ث �م� ... ن د�ك �ش� {{67أ

.سورة : غافر

********

:وفي السورة الثامنة والستين - 20

ه�}} �ح�او�ر� �ه� و�ه�و� ي ب �ه� ص�اح� و�اك� ق�ال� ل �م� س� �ط�ف�ة� ث �م� م�ن ن اب� ث �ر� �ق�ك� م�ن ت �ذ�ي خ�ل �ال ت� ب �ف�ر� �ك ج�الZ أ {{37ر�

.سورة : الكهف

********

:وفي السورة التاسعة والستين - 21

�ذ�ا ه�و�}} �ط�ف�ة� ف�إ ان� م�ن ن �نس� �ين� خ�ل�ق� اإل {{4خ�ص�يم� م�ب

.سورة : النحل

********

Page 27: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

:وفي السورة السبعين - 22

ا }} Zه� و�ق�ار� �ل ج�ون� ل �ر� �م� ال� ت �ك ا 13م�ا ل Zط�و�ار� �م� أ �ق�ك {{14و�ق�د� خ�ل

.سورة : نوح

********

:وفي نفس السورة - 23

Zا}} �ات �ب ر�ض� ن� �م م�ن� األ� �ك �ت �نب �ه� أ اجZا 17 و�الل �خ�ر� �م� إ �خ�ر�ج�ك �م� ف�يه�ا و�ي �ع�يد�ك �م� ي {{18ث

.سورة : نوح

********

:وفي السورة الثالثة والسبعين - 24

�ة�}} ل ال� ان� م�ن س� �نس� �ا اإل� �ق�ن ل �ق�د� خ� ار� م�ك�ين� 12م�ن ط�ين� و�ل �ط�ف�ةZ ف�ي ق�ر� �اه� ن �ن �م� ج�ع�ل �ا13 ث �ق�ن ل �م� خ� �ط�ف�ة� ث الن ... Zق�ة� {{14ع�ل

.سورة : المؤمنون

********

:وفي السورة الرابعة والسبعين - 25

�ق�ه�}} ي�ء� خ�ل �ل� ش� �ح�س�ن� ك �ذ�ي أ ان� م�ن ط�ين� ال �نس� � خ�ل�ق� اإل� �د�أ �ة� م�ن7و�ب ل ال� �ه� م�ن س� ل �س� �م� ج�ع�ل� ن 8م�اء م�ه�ين� ثوح�ه� ... �ف�خ� ف�يه� م�ن ر� و�اه� و�ن �م� س� {{9ث

Page 28: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

.سورة : السجدة

********

:وفي السورة الحادية والثمانين - 26

ك�}} ان� م�ا غ�ر� �نس� �ه�ا اإل� ي� �ا أ � ي �ر�يم �ك �ك� ال ب �ر� و�اك� ف�ع�د�ل�ك� 6ب �ق�ك� ف�س� �ذ�ي خ�ل ي�7 ال

� �ك� ف�ي أ �ب ك اء ر� ة� م�ا ش� ص�ور�8}}

.سورة : االنفطار

********

:وفي السورة الثالثة والثمانين - 27

�م�}} ق�ك ز� �م� ر� �م� ث �ق�ك ل �ذ�ي خ� �ه� ال �م� ... الل �يك �ح�ي �م� ي �م� ث �ك �م�يت �م� ي {{40ث

.سورة : الروم

********

:وفي نفس السورة - 28

�م�}} �م م�ن ض�ع�ف� ث �ق�ك ل �ذ�ي خ� �ه� ال �ع�د� ض�ع�ف� ق�و�ةZ ... الل {{54ج�ع�ل� م�ن ب

.سورة : الروم

********

Page 29: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

********

:واآليـــــات المدنية هي

:في السورة السابعة والثمانين - 29

�ي}} �ن �ة� إ �ك �ئ �م�ال �ل �ك� ل ب �ذ� ق�ال� ر� �يف�ةZ ... و�إ ل ر�ض� خ�� {{30ج�اع�ل� ف�ي األ

.سورة : البقرة

********

:وفي السورة الثالثة والتسعين - 30

�م�}} �ك ب � ر� �ق�وا �اس� ات �ه�ا الن ي� �ا أ �ث� ي و�ج�ه�ا و�ب �ه�ا ز� �ف�س� و�اح�د�ة� و�خ�ل�ق� م�ن �م م�ن ن �ق�ك �ذ�ي خ�ل ا ال Zير� �ث Z ك �ه�م�ا ر�ج�اال م�ن

اء ... �س� {{1و�ن

.سورة : النساء

********

:وفي السورة الثامنة والتسعين - 31

ان� }} �نس� �ان� 3خ�ل�ق� اإل� �ي �ب �م�ه� ال {{4 ع�ل

.سورة : الرحمن

********

Page 30: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

:وفي نفس السورة - 32

ان� م�ن ص�ل�ص�ال�}} �نس� �ف�خ�ار� خ�ل�ق� اإل� �ال {{14ك

.سورة : الرحمن

********

:وفي السورة التاسعة والتسعين - 33

ان� ح�ين� م�ن�}} �نس� �ى ع�ل�ى اإل� �ت ا ه�ل� أ Zور� Zا م�ذ�ك �ئ ي �ن ش� �ك �م� ي ان� م�ن1الد�ه�ر� ل �نس� �ا اإل� �ق�ن ل �ا خ� �ن اج� إ م�ش�� �ط�ف�ة� أ ن

ا Zص�ير� م�يعZا ب �اه� س� �ن �يه� ف�ج�ع�ل �ل �ت �ب {{2ن

.سورة : اإلنسان

********

:وفي السورة الخامسة بعد المائة - 34

�ب�}} ي �م� ف�ي ر� �نت �ن ك �اس� إ �ه�ا الن ي� �ا أ �م� ي �ط�ف�ة� ث �م� م�ن ن اب� ث �ر� �م م�ن ت �اك �ق�ن ل �ا خ� �ن �ع�ث� ف�إ �ب �ق�ة� ... م�ن� ال {{5م�ن� ع�ل

.سورة : الحج

********

:وفي السورة الثامنة بعد المائة

�م}} �اك �ق�ن ل �ا خ� �ن �اس� إ �ه�ا الن ي� �ا أ ف�وا ... ي �ع�ار� �ت �ل� ل �ائ Zا و�ق�ب ع�وب �م� ش� �اك �ن �ى و�ج�ع�ل �نث �ر� و�أ {{13م�ن ذ�ك

.سورة : الحجرات

Page 31: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

********

Z ، وأن بقية ( ويالحظ في نصوص هذه اآليات أن ) خلق اإلنسان جاء بلفظه في ستة عشر موضعاZ - يدل السياق فيها على أن المراد بها هو ) اإلنسان ( ، وليس المواضع - وهي تسعة عشر موضعا

باإلشارة دون العبارة ، أو جاء الخطاب للناس ال لإلنسان ، أو كان النص ) البشر ( ، حيث اكتفى النص واألعراف ، وهو - فيما نرى - أول إنسان ، وكل ذلك جاء في سور : ) األعلى ، والمراسالت ، على آدم ،

والكهف ، ونوح - في وفاطر ، وطه - في موضعين - وفي اإلسراء ، واألنعام ، والصافات ، وغافر ، الواقعة بدعوة الناس إلى التأمل فيما موضعين - والروم ، والبقرة ، والحج ، والحجرات ، وانفردت

( .يفرزون من مني�

فيما بعد - أن المراد في هذه المواضع هو ) اإلنسان ( ، وليس البشر ، واآليات الست ولسوف يتضح لنا ، وثالثة ( عشرة تتحدث عن ) خلق اإلنسان ( تارة من علق ، وأخرى من نطفة ، أو من ) نطفة أمشاج

من ) صلصال من ) طين ( ، أو من ) ساللة من طين ( ، أو من ) صلصال من حمأ مسنون ( أو وكأن التشبيه يحتفظ في كالفخار ( - هو من صلصال ، وليس فخار ، ألن الفخار هو الطين المحروق ،

.السياق بهذا الفرق في الدالة

Z وصراحة ، فتقول ) وتأتي آية سورة الحج �ه�ا : }} السورة الخامسة بعد المائة ( فتخاطب الناس نصا ي� �ا أ ي

�ع�ث� �ب �ب� م�ن� ال ي �م� ف�ي ر� �نت �ن ك �اس� إ �ط�ف�ة� الن �م� م�ن ن اب� ث �ر� �م م�ن ت �اك �ق�ن ل �ا خ� �ن إلى آخر اآلية وهي تجمع ... {{ ف�إ .األصل البديل ، وهو النطفة إشارتين إلى األصل األول ، وهو التراب ، وإلى

.جمع لبني آدم ، مفرده ) إنسان ( من غير لفظه و ) الناس ( : اسم

المــكي القرآن

تأتي لبناتها في اآليات المكية المتتابعة وجدنا الحديث عن البداية المرئية فإذا تابعنا بناء السورة التي�ذ�ي }} إلى ، وهي ) العلق ( في السورة األولى ، ثم تأتي إضافة في السورة السابعة ، تشير لإلنسان ال

و�ى فهو قد خ�لق - ، ثم تأتي لمحة عن المستوى األخالقي - في السورة السابعة والعشرين {{ خ�ل�ق� ف�س�Z �ق�و�يم� }} أوال ن� ت �ح�س� �ين� }} ، ثم ارتد إلى {{ ف�ي أ اف�ل ف�ل� س� س�

� ، ثم استثنى من هؤالء السفلة جماعة {{ أ�ح�ات�}} �وا و�ع�م�ل�وا الص�ال �ذ�ين� آم�ن ، وهي رسالة موجهه إلى معارضي الدعوة والمكذبين بالدين من {{ ال

.كفار قريش

يفرز نطفة تتحول إلى علقة ويعود الوحي إلى بيان آليات الخلق في السورة الثالثين ) القيامة ( : مني للنوع ، وتشير السورة الثانية والثالثون تحمل عناصر الذكورة واألنوثة ، بحسب تقدير الله وتحديده

المكان الذي تتم فيه عملية الخلق ، وهو ) القرار المكين ( ) المرسالت ( إلى نفس المعنى ، لكنها تذكر ( .أو ) الرحم

الله سبحانه يأتي الحديث في السورة التالية مباشرة ، وهي الثالثة والثالثون ) ق ( ليؤكد حضور ثم السورة الخامسة والثالثين وتعالى في وجود هذا اإلنسان ، وهو ملمح تربوي ، يستطرد بعده الوحي في

�ن�6خ�ل�ق� م�ن م�اء د�اف�ق� ( }} ) الطارق ( ليقرر أن هذا الخلق العظيم ، ) خلق اإلنسان �ي ج� م�ن ب �خ�ر� ي�ب� ائ �ر� فقار الظهر ، وهي منبع الماء الدافق عند الرجل ، : ، والصلب سورة الطارق {{ - 7الص�ل�ب� و�الت

وهي عظام الصدر مما يلي الترقوتين ، وهي منبع ماء المرأة ، وهذه والترائب : جمع .. مفرده تريبة ، مجهولة لإلنسان ، وبقيت مجهولة حتى منتصف القرن العشرين ، وقد تضمنها الوحي المعلومة كانت

Z القرآني .منذ أوائل هذا الوحي ، أي منذ : أكثر من أربعة عشر قرنا

�م� }} الثامنة والثالثون ) األعراف ( لتتحدث عن الخZل�ق والتصوير ثم تأتي السورة �م� ث �اك �ق�ن ل �ق�د� خ� و�ل�م� �اك ن وهما مرحلتان في عمر البشرية ، لعلهما استغرقتا بضعة ماليين من السنين ، والتصوير ، {{ ص�و�ر�

التراخي بين األمرين هنا يقابل التسوية في مواضع أخرى ، ومع مالحظة استعمال األداة ) ثم ( التي تفيد .، وهو ماسنفرد له معالجة أخرى

األربعين ) يس ( إشارة إلى مايسبق العلق ، وهو ) النطفة ( مرة أخرى ، ولكن يقرن وتنزل في السورة�اه� م�ن .. }} بالعجب من أن ال يعرف هذا المخلوق قدره في مواجهة خالقه ذلك �ق�ن ل �ا خ� �ن ان� أ �نس� �ر� اإل� �م� ي و�ل

� أ�ذ�ا ه�و� �ط�ف�ة� ف�إ �ين� ن �ي77خ�ص�يم� م�ب �ح�ي �ق�ه� ق�ال� م�ن� ي ل �س�ي� خ� �الZ و�ن �ا م�ث �ن ب� ل م�يم� و�ض�ر� �ع�ظ�ام� و�ه�ي� ر� ق�ل�78ال

ة� و�ل� م�ر�� �ه�ا أ أ �نش� �ذ�ي أ �يه�ا ال ي �ح� �يم� ي �ل� خ�ل�ق� ع�ل �ك .سورة يس {{ - 79و�ه�و� ب

Page 32: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

فيجمع ألول مرة بين ( ويواصل الوحي تعريف اإلنسان بأصله في السورة الثانية واألربعين ) فاطر مع زوجه ، وهو يتابع بعلمه مايتم بين التراب والنطفة ، ويضيف آية من آياته ، وهي خلق الزوج ليأتلف

.يتابع األعمار - طويلة وقصيرة األزواج ، وما يترتب عليه من حمل ووضع ، كما

وذاكرته في السورة الثالثة واالربعين ) مريم ( ويسأله ثم يساعف التنزيل ذلك اإلنسان فيخاطب عقله�ر� : }} كان لديه شيء يذكره غير العدم عن مرحلة ما قبل وجوده ، إن �ذ�ك و�ال� ي

� �اه� م�ن أ �ق�ن �ا خ�ل �ن ان� أ �نس� اإل�Zا �ئ ي �ك� ش� �م� ي �ل� و�ل م�ح�د�ث� بيد ، فاآلية ترد اإلنسان إلى ما سبقه من عدم ، وهو أنصع برهان على أنه {{ ق�ب

التاسعة والتسعون ( - القدرة ، وهي إشارة تشبه إلى حد كبير ما استهلت به سورة ) اإلنسان ( .) المدنية

وهي السورة الرابعة واألربعون ، وذلك في قوله تعالى ( ويلي سورة ) مريم ( في ترتيب النزول ) طه {{Zة �ار� �م� ت �خ�ر�ج�ك �ه�ا ن �م� و�م�ن �ع�يد�ك �م� و�ف�يه�ا ن �اك �ق�ن �ه�ا خ�ل ى م�ن �خ�ر� ، وكأنها تدل اإلنسان الباحث عن مبدأ {{ أ

.نقطة البداية التي ليس وراءها شيء يذكره مهما حاول خلقه إلى

(األرض - ومنها خلقه األول - أدركه - سؤال السورة الخامسة واألربعين ) الواقعة فإذا نظر اإلنسان إلى�م م�ا . }} ليقرب إليه صورة من الحقيقة �ت �ي أ �ف�ر� �ون� أ �م�ن . ؟؟ {{ت

Z من هذه األرض قفز إلى صلب أبيه ، وترائب فإذا نظر إلى األرض ليبحث عن أصله فليعلم أن جزءا األرض� األرض� ، فكان ذلك المخلوق الباحث عن الحقيقة ، يحسبها بعيدة ، وهي - أمه ، فلقحت - فيهما

ون� }} يديه ، وفي إهابه بين �ص�ر� �ب �ف�ال� ت �م� أ ك �نف�س� .الذاريات {{ - 21 و�ف�ي أ

اإلنسان يخرج من البشر

( : }}والخمسين ) الحجر ( ليرد اإلنسان إلى أصل ) البشر وهنا يأتي النص الكريم في السورة الثالثة�ون� ن � م�س� السياق في السورة يذكر ) اإلنسان ( في مقابل ) الجان ( في ، ولما كان {{ ص�ل�ص�ال� م�ن� ح�م�إ

� : }} آيتي الحجر ان� م�ن ص�ل�ص�ال� م�ن� ح�م�إ �نس� �ا اإل �ق�ن ل �ق�د� خ� �ون� و�ل ن ، فإن الحديث عن األصل الترابي {{ م�س�Z ) بالبشر ( ، ولذلك يعود النص إلى األصل فيقول يرتبط ا : }} غالبا Zر �ش� �ي خ�ال�ق� ب �ن �ة� إ �ك �ئ �م�ال �ل �ك� ل ب �ذ� ق�ال� ر� و�إ

�ون� م�ن ص�ل�ص�ال� م�ن� ن � م�س� �28ح�م�إ وح�ي ف�ق�ع�وا �ف�خ�ت� ف�يه� م�ن ر� �ه� و�ن �ت و�ي �ذ�ا س� اج�د�ين� ف�إ �ه� س� .الحجر {{ - 29ل باإلنسان ، اإلنسان ( و ) الصلصال ( سياق تتولى تفسيره اآليات التالية التي تحدد المراد ) والربط بين

( .وهو ) البشر

و�ق الحقيقة Z ، باعتباره وينبغي أن نالحظ أسلوب القرآن في س� هنا ، فهو يذكر ) اإلنسان ( هكذا معرفا ، والمخاطب باآليات ، وهو في مقابل ) الجان ( المشارك لإلنسان الموضوع األساسي المقصود بالذكر

.والمسئولية على هذه األرض في التكليف

أن هذه البداية كانت في صورة ) بشر ( .. هكذا فإذا شرع في بيان حقيقة الخلق منذ البداية ، ذكرZ .. باعتباره النموذج الذي �را أجريت عليه عمليات التسوية ، والتصوير ، والنفخ من روح الله ) أو م�نك

Z - وهي العقل ، واللغة ، والدين التذويد بالملكات ( .العليا التي كان بها البشر إنسانا

� بل كان بداية خلق إنسان في حيز .. فقبل التسوية لم يكن المخلوق البشري إنسانا .القوة ، قبل أن يكون إنسانا� في حيز الفعل

Z عن سر ذلك المخلوق البشري ، أو عما سيؤول إليه أمره ، لم يكن أحد من الجن أو المالئكة يعلم شيئاZ في علم الله وحده ، وهو من إختصاص قدرته التي تابعت تنفيذ المخطط ، وتحقيق فذلك كله كان غيبا

المطلوبة عبر األجيال ، كما زودته تلك القدرة العظمى بعوامل التألق حتى صار البشر التسوياتZ للتكليف ، وحمل األمانة اإللهية Z ( صالحا .الغشيم ) إنسانا

الهائل بين البشر واإلنسان يشي به اإلستعمال القرآني ، وهو فرق ما بين التعريف وكل ذلك الفرق .والتنكير في هاتين اآليتين من سورة الحجر

Z للتذكير في سورة ) األنعام ( التي جاءت بعد الحجر مباشرة وهي الرابعة ويرد هذا المعنى إجماال�م� ق�ض�ى : }} والخمسون �م م�ن ط�ين� ث �ق�ك ل �ذ�ي خ� �ج�ل� م�سم�ى ع�ند�ه� ه�و� ال Z و�أ �ج�ال فهو ) طين.. ، {{ أ

تتحدث كما رأينا عن الزب ( ، كما في السورة التالية مباشرة ) الصافات ( ، غير أن بقية آية األنعام�م� : }} ) أجلين ( في قوله تعالى �ج�ل� م�سم�ى ع�ند�ه� ث Z و�أ �ج�ال كان تحديد المقصود باألجلين ، وقد {{ ق�ض�ى أ

Page 33: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

:موضع اجتهاد المفسرين ، فحصروه في ثالث احتماالت

..فإما أن يكون األجل األول : أجل الموت ، واآلخر : القيامة

(وهو البرزخ ) أن يكون األول : ما بين أن يخلق إلى أن يموت ، والثاني : ما بين الموت إلى البعث وإما.

( .4 / 2وقيل األول : النوم ، والثاني : الموت ) الكشاف

الذي ينقضب بقيام الساعة ( أن األجل الثاني هو أجل حياة مجموع الناس248 / 7وذكر تفسير المنار ) .الدنيا ، وقيل : األجل الخاص بكل فرد ، واألجل العام وهو عمر

Z غاب عن هذه التقديرات ، وهو أن األجل األول النكرة ( هو أجل الحياة ) ونحسب أن هناك احتماال ، فهو أجل كل فرد من المكلفين ، فاألول البشرية السابقة على العهد اإلنساني ، وأما األجل المسمى

لكل فرد ، لتعلقه بالمسئولية والحساب والمصير ، وال مجمل يندمج فيه الكل في واحد ، والثاني مفصل .اآلية مانع في نظرنا من إرادة ذلك في

ه�و� : }} بين التراب والنطفة والعلقة ثم تأتي السورة التاسعة والخمسون ) غافر ( فتربط ألول مرة�م �ق�ك ل �ذ�ي خ� �م� ط�ف�الZ ال �خ�ر�ج�ك �م� ي �ق�ة� ث �م� م�ن� ع�ل �ط�ف�ة� ث �م� م�ن ن اب� ث �ر� ، وهنا يذكر المرحلتين : مرحلة {{ م�ن ت

ومرحلة الخلق من نطفة ، وهما مرحلتان منفصلتان في الظاهر ، وقد ربط القرآن الخلق من تراب ، .بحرف التراخي ) ثم ( للتعبير عن المسافة الزمنية بينهما بينهما

الموضوع لم يرد له ذكر في القرآن بعد سورة غافر ، إال بعد عشر سور .. أي : حتى ويالحظ أن هذاان� : }} سورة ) النحل ( بإشارتها المقتضبة نزلت �نس� �ين� خ�ل�ق� اإل �ذ�ا ه�و� خ�ص�يم� م�ب �ط�ف�ة� ف�إ وهي ، {{ م�ن ن

وفيها إشارة ذات داللة ( السورة التاسعة والستون ، ثم تنزل السورة الحادية والسبعون ، سورة ) نوح

Z ، هي قوله تعالى ا : }} تاريخية ومادية معا Zط�و�ار� �م� أ �ق�ك ل ، :، فمن الناحية التاريخية {{و�ق�د� خ�

أطوار التسوية قد يراد باألطوار المراحل الزمنية المتطاولة التي مر بها خلق البشر ، وتقلبهم في

�د�ة� و�ج�ع�ل� : }} والتصوير والنفخة من روح الله ��ف�ئ �صـر� و�األ ��ب م�ع� و�األ �م� الس� �ك ، ومن الناحية {{ل يراد باألطوار ما جاء بعد ذلك مباشرة من حديث القرآن عن الجنين وأطواره في ، قد :المادية�ج�م� ) القرار عن ذكر المكين ( وهو رحم األم ، فحديث سورة ) المؤمنون ( هو بمثابة اإلجابة عن سؤال ن

والسبعين ) المؤمنون ( األطوار في سورة نوح .. ماهي هذه األطوار ؟؟ .. فجاء الرد في السورة الثالثة�ق�د� : }} ، وذلك في قوله تعالى �ة� م�ن ط�ين� و�ل ل ال� ان� م�ن س� �نس� �ا اإل� �ق�ن ل وكأن اآلية تدفع عن العقل ، {{ خ�

ساللة ( نسلت من ) طين ( ، أي : إنه ) احتمال إدماج العمليتين في عملية واحدة ، فاإلنسان خلق من مباشرة فهو ) أول البشر ( ، وكان ذلك منذ ماليين لم يخلق مباشرة من الطين ، فأما ابن الطين

.السنين

الذي عبرت عنه السورة الخامسة والسبعون ) السجدة ( وهي إضافة مهمة للرد على وهذا المعنى هو :وتعالى المثار عن المقصود بــ ) األطوار ( في السورة الرابعة والسبعين .. يقول الله سبحانه السؤال

�ق�ه�}} ي�ء� خ�ل �ل� ش� �ح�س�ن� ك �ذ�ي أ ان� م�ن ط�ين� ال �نس� � خ�ل�ق� اإل� �د�أ �ة� م�ن7و�ب ل ال� �ه� م�ن س� ل �س� �م� ج�ع�ل� ن 8م�اء م�ه�ين� ثوح�ه� ... �ف�خ� ف�يه� م�ن ر� و�اه� و�ن �م� س� .السجدة {{ - 9ث

Z فخلق اإلنسان ) بدأ من طين ( ، أي : عند �ة� م�ن م�ن }} البداية البشرية ، ثم استخرج الله منه نسال ل ال� س�

ونفخ الروح ، فكان ) اإلنسان ( هو الثمرة في نهاية المطاف .. عبر ، ثم كانت التسوية {{ م�اء م�ه�ين� .التاريخية السحيقة العتيقة تلكم األطوار

�ف�خ� ف�يه� : }} التسوية في قوله تعالى وحسبنا أن نالحظ هنا ما يشير إلى بعض مراحل و�اه� و�ن �م� س� م�ن ث�د�ة� .. ��ف�ئ �صـر� و�األ ��ب م�ع� و�األ �م� الس� �ك وح�ه� و�ج�ع�ل� ل ، فقد تم هذا الج�ع�ل� خالل مراحل . السجدة {{ - 9ر�

فؤاد ) عقل ( ، التسوية ، وهو مايفترض أن ) البشر ( كان في المراحل األولى بال سمع وال بصر والZ كما هو حال المولود ، حين يخرج من بطن أمه .. ال يسمع وال يبصر وال يعقل .. النعدام الحاجة إلى تماما

فكل ما يحتاجه الوليد هو أن تكون له شفتان ، يمتص بهما هذه األدوات في المرحلة األولى من الوجود ، فترة - وبالتدريج - يبدأ في استخدام عينيه وأذنيه وعقله في التعامل مع ما غذاءه من ثدي أمه ، وبعد

�م : }} عناصر الحياة ، وهو قوله تعالى حوله من ج�ك �خ�ر� �ه� أ Zا و�ج�ع�ل� و�الل �ئ ي �ع�ل�م�ون� ش� � ت �م� ال �ك م�ه�ات� �ط�ون� أ م�ن ب

م�ع� �م� ال�س� �ك ون� ل �ر� ك �ش� �م� ت �ك �ع�ل �د�ة� ل �ف�ئ �ص�ار� و�األ �ب . {{ - النحل78و�األ

Z أو كاألطفال بال أسماع وال أبصار وال عقول ، ثم جعل لهم هذه األدوات في .. لقد خلق الله البشر أطفاال ، حين شاءت القدرة أن تذود هذا المخلوق البشري بما يحتاج إليه من أدوات مراحل التسوية المتطاولة

.الكمال

Page 34: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

اإلشارة التاريخية السابقة .. بيد أن الحديث في السورة الرابعة والسبعون ) المؤمنون ( لم يقتصر علىZ ومتابعة ألطوار تكوين الجنين ، وهو :إضافة لم تسبق في أي سياق مكي ، فقال سبحانه بل قدم وصفا

�م�}} ار� م�ك�ين� ث �ط�ف�ةZ ف�ي ق�ر� �اه� ن �ن �ط�ف�ة�13ج�ع�ل �ا الن �ق�ن ل �م� خ� �م�ض�غ�ة� ث �ا ال �ق�ن �ق�ة� م�ض�غ�ةZ ف�خ�ل �ع�ل �ا ال �ق�ن �ق�ةZ ف�خ�ل ع�لك� ع�ظ�امZا �ار� �ب �قZا آخ�ر� ف�ت ل �اه� خ� �ن أ �نش� �م� أ �ح�مZا ث �ع�ظ�ام� ل �ا ال و�ن �س� �ق�ين� ف�ك �خ�ال ن� ال �ح�س� �ه� أ .المؤمنون {{ - 14الل

باإلنسان ، في هذا األيجاز المحكم لقد مر النص الكريم بالمراحل المختلفة التي تبدأ بالنطفة ، وتنتهي�ر� البشر كل األطوار ، .. الذي يتضمن حقائق األطوار في ذلك القرار المكين رحم المرأة ، وهكذا ع�ب

Z Z آخر : ) إنسانا �ق�ين� ( }} فصار خلقا �خ�ال ن� ال �ح�س� �ه� أ ك� الل �ار� �ب {{ .ف�ت

، مع فارق اإلجمال والتفصيل ، ومع انفراد وقد نالحظ هنا أن نص ) السجدة ( يتالقى مع هذا النص .، وانفراد سورة ) السجدة ( بمراحل التكوين الطيني سورة ) المؤمنون ( بمراحل التكوين الجنيني

�ه�ا : }} ماورد في السورة الثانية والثمانون ) االنفطار ( من قوله تعالى ويبقى من الوحي المكي ي� �ا أ ي

� �ر�يم �ك �ك� ال ب �ر� ك� ب ان� م�ا غ�ر� �نس� و�اك� ف�ع�د�ل�ك� 6اإل� �ق�ك� ف�س� �ذ�ي خ�ل �ك� 7ال �ب ك اء ر� ة� م�ا ش� ي� ص�ور�� {{ -8 ف�ي أ

.االنفطار

Z ما ورد في السورة �ه� : }} الرابعة والثمانين ) الروم ( من قوله تعالى وأيضا �م م�ن ض�ع�ف� الل �ق�ك �ذ�ي خ�ل ال�م� �ع�د� ض�ع�ف� ق�و�ةZ ث �م� ج�ع�ل� م�ن ب اء و�ه�و� ث �ش� �خ�ل�ق� م�ا ي �ةZ ي �ب ي �ع�د� ق�و�ة� ض�ع�فZا و�ش� �ق�د�ير� ج�ع�ل� م�ن ب �يم� ال �ع�ل {{54ال

..تنزيالن وردا في مقام التذكير بقدرة الله ، وهيمنته على اإلنسان ، ومشيئته المطلقة ، وهما . الروم- �ك�}} �ب ك اء ر� ة� م�ا ش� ي� ص�ور�

� : }}يخلق ما يشاء ( ، وتنفرد اآلية األولى بمفهوم قوله) ، {{ ف�ي أ معنى خاص باختياره الصورة التي يظهر بها اإلنسان على األرض ، بين سائر الصور ، ، وهو {{ ف�ع�د�ل�ك�

إال بمشيئته ، وال وتنفرد اآلية الثانية بذكر الضعف والقوة ، وضابطهما من المشيئة اإللهية ، فال ضعف�ق�د�ير� و�ه�و� }} قوة إال باختياره وإرادته �يم� ال �ع�ل {{.ال

.المكي عن خلق اإلنسان وبذلك ينتهي الحديث

القرآن المـــدني

السابعة والثمانين ) البقرة ( ، فتذكر مرحلة أخرى من مراحل ثم تأتي المرحلة المدنية ، وتبدأ بالسورة )أن تذكر ) البشر أو اإلنسان ( .. بل هي تركز على ) آدم ( الذي يهيأ لوظيفة الملحمة الخالدة ، دون

المالئكة ، وسيأتي في وما بعدها ( وهو من أجل ذلك يعلم من اللغة ما لم تعلمه30الخالفة ( ) البقرة : .ذلك حديث

..إشارتان ( وفي السورة الثامنة والتسعين ) الرحمن

ان� : }} ، إلى عالقة اإلنسان باللغة في مستواها البياني :أوالهما �نس� �ان� 3خ�ل�ق� اإل� �ي �ب �م�ه� ال {{ -4 ع�ل .الرحمن

: }}أنه ، مذيد من التعريف بالصلصال الذي ذكر في السورة المكية ) الحجر ( على :وثانيهما

�ون� ن � م�س� �ف�خ�ار� : }} ، فتصفه بأنه {{ ص�ل�ص�ال� م�ن� ح�م�إ �ال ، وذلك في مقابل أن الجان خلقوا {{ ص�ل�ص�ال� ك�ار}} قابل ) الحمأ المسنون ( بــ ) نار السموم ( في سورة الحجر ، كما سبق أن {{ م�ن م�ار�ج� م�ن� ن

Z ، وللتكرار هنا قائدة هي مذيد من التعريف بطبيعة المادة التي هي أصل الخلق ، وهي ) الطين أيضا .كما جاء في سورة الصافات ( الالزب

، وهي السورة التاسعة والتسعون ، وقد جاءت في ( وتبقى في المرحلة المدنية إشارة سورة ) اإلنسانZا : }} قوله تعالى �ئ ي �ن ش� �ك �م� ي ان� ح�ين� م�ن� الد�ه�ر� ل �نس� �ى ع�ل�ى اإل� �ت ا ه�ل� أ Zور� ان� م�ن1م�ذ�ك �نس� �ا اإل� �ق�ن ل �ا خ� �ن إ

�يه� �ل �ت �ب اج� ن م�ش�� �ط�ف�ة� أ ا ن Zص�ير� م�يعZا ب �اه� س� �ن .اإلنسان {{ - 2ف�ج�ع�ل

Z للنطفة ، فاألمشاج تطلق على Z تحليليا الخاليا الذكرية ، كالحيوان وهو كما نرى ، نص يضيف وصفا البويضة ، قبل أن تندمجا لتكوين الالقحة ) وهي المنوي ، وتطلق على الخاليا األنثوية ، كالبيضة أو

�و�ن الجنين ) المعجم الوسيط : مشج ( ، واإلنسان خليط من هذه الخاليا ، أو البويضة الملقحة ( التي تك )حقيقة لم تذكر من قبل في أي سياق ، إال ما جاء إشارة عامة عن ) الماء المهين ( ، و األمشاج ، وهي

.الماء الدافق ( من الصلب والترائب

Z تأتي السورة الخامسة بعد المائة : ) الحج ( - لتقدم التقرير النهائي عن قصة الخلق في قوله وأخيرا

Page 35: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

�ب� م�ن� : }} تعالى ي �م� ف�ي ر� �نت �ن ك �اس� إ �ه�ا الن ي� �ا أ �م� م�ن� ي �ط�ف�ة� ث �م� م�ن ن اب� ث �ر� �م م�ن ت �اك �ق�ن ل �ا خ� �ن �ع�ث� ف�إ �ب �ق�ة� ال ع�ل

�ن� �ي �ب �ن �ق�ة� ل �ر� م�خ�ل �ق�ة� و�غ�ي �م� م�ن م�ض�غ�ة� م�خ�ل �م� ث م�ى ث �ج�ل� م�س� �ل�ى أ اء إ �ش� � م�ا ن ح�ام ر�� �ق�ر� ف�ي األ� �م� و�ن �ك �م� ل �خ�ر�ج�ك ن

�و�ف�ى �ت �م م�ن ي �م� و�م�نك د�ك �ش� �غ�وا أ �ل �ب �ت �م� ل �ع�د� ط�ف�الZ ث �ع�ل�م� م�ن ب �ال� ي �ي �ك �ع�م�ر� ل ذ�ل� ال ر�� �ل�ى أ د� إ �ر� �م م�ن ي Zا و�م�نك �ئ ي � ش� ع�ل�م

�م�اء �ه�ا ال �ي �ا ع�ل �ن ل �نز� �ذ�ا أ ر�ض� ه�ام�د�ةZ ف�إ� ى األ� �ر� �ه�يج� و�ت و�ج� ب �ل� ز� �ت� م�ن ك �ت �نب �ت� و�أ ب ت� و�ر� �ز� .الحج {{ - 5اه�ت

Z .. بل ، وهي آية تتضمن تفاصيل مهمة ، وبخاصة فيما يتعلق بالمضغة ، فليست كل مضغة تتحول جنيناZ ، وقد يحين قد تكون مخلقة ، وقد تكون غير مخلقة ، Z ، فبالغا وكذلك فيما يتعلق بحياة اإلنسان : طفال

�ذ� ، وقد �ئ ل تمتد به الحياة إلى أرذل العمر ، وهي حقائق سبق اإليماء إليها في سورة ) غافر : موته أج� والقلوب ، ، ولكنها جاءت هنا في خاتمة التقرير عن إمكان البعث ، ودفع الريب فيه من العقول ( 61

( :اإلنسان - وتلكم هي الغاية التي سيقت من أجلها كل هذه النصوص عن ) خلق البشر

�ه� ه�و�}} ن� الل� �أ ي�ء� ق�د�ير� ذ�ل�ك� ب �ل� ش� �ه� ع�ل�ى ك ن

� �ى و�أ �م�و�ت �ي ال �ح�ي �ه� ي ن� �ح�ق� و�أ �ب� ف�يه�ا 6ال ي �ة� ال� ر� �ي اع�ة� آت �ن� الس� و�أ

�ع�ث� م�ن ف�ي �ب �ه� ي ن� الل� �ور� و�أ �ق�ب .الحج {{ - 7ال

Z ، يختم الوحي حديثه بخطاب عام موجه إلى ) اإلنسانية ( جمعاء ، من كل األلوان ، واألجناس ، وأخيراZ لمبدأ المساواة المطلقة بين جميع Z لعموم الرسالة ، وتأكيدا Z للقاعدة واألصقاع ، تحقيقا الناس ، وإعالنا

الموقف العظيم .. جاء ذلك في سورة الحجرات اإللهية التي سيتم على أساسها محاسبة الخالئق .. يوم�م : }} قوله تعالى ، وهي السورة الثامنة بعد المائة ، في �اك �ق�ن ل �ا خ� �ن �اس� إ �ه�ا الن ي

� �ا أ �ى ي �نث �ر� و�أ م�ن ذ�ك�ن� ف�وا إ �ع�ار� �ت �ل� ل �ائ Zا و�ق�ب ع�وب �م� ش� �اك �ن �ير� و�ج�ع�ل �يم� خ�ب �ه� ع�ل �ن� الل �م� إ �ق�اك �ت �ه� أ �م� ع�ند� الل م�ك �ر� ك

� .الحجرات {{ - 13أ

Z قد نسلوا من ذكر إن هذا البيان اإللهي نداء إلى جميع ) الناس ( يذكرهم بوحدة األصل ، فهم جميعا وزوجه حواء ، باعتبارهما أول من تألقت فيه صفات ) اإلنسان ( من سالالت البشر ، وال وأنثى ، هما آدم

جماعات ) الناس إلتفات إلى ماسبقهما من السالالت واألجيال ، فهما في الواقع المنبع الذي تدفقت منهZ وقبائل ، فهم أصل واحد ، ( على هذه األرض ، من بني آدم .. أي : من ظهره ، وقد جعلهم الله شعوبا

أن يتعارفوا بحكم ما بينهم من قرابة ، فال فضل ألحد - ووجود متنوع ، وعليهم - وقد أدركوا هذه الحقيقة األصل بأي اعتبار مادي ، وإنما يتفاضلون عند الله بالتزامهم ألوامره ، منهم على غيره من شركائه في

، بأال يأكلوا من الشجرة التي حرمها :أوضح ، وبعبارة لمحارمه ، وطاعتهم المطلقة له واجتنابهم

مت على أبويهم في الجنة ، وهي محرمة عليهم إلى أن يرث ، شجرة المعصية عليهم ، التي حر� .األرض ومن عليها الله

الـطريـــق إلى الجـــنة

:البشر واإلنسان مالحظات على العالقة بينZ ، فــ ) البشر ( لفظ عام حقيقة ال ريب فيها ، هي Z مطلقا Z وخصوصا أن بين ) البشر واإلنسان ( عموما

مخلوق ظهر على سطح األرض ، يسير على قدمين ، منتصب القامة ، و ) اإلنسان ( لفظ خاص في كلZ بمعرفة الله وعبادته ، فكل إنسان بشر ، وليس كل بشر .إنسان بكل من كان من البشر مكلفا

Z المعنى األول الذي استعملت فيه الكلمة ) بشر ( في آيات القرآن ، وهو الظاهر أو والمقصود هو طبعا .المتحرك مع حسن وجمال

كلمة أعم� من : البشر واإلنسان ، وهي كلمة ) األنام ( ، وتعني كل مخلوق على وقد جاءت في القرآنZ أو غير عاقل ، وإن كان المفسرون يرون أن الكلمة تعني في قوله ظهر }}تعالى األرض ، عاقال

� �ام �ن �أل� ر�ض� و�ض�ع�ه�ا ل� كما هو وارد الجن واإلنس ، وهما الثقالن المخاطبان ، . : سورة الرحمن {{ - 10و�األ�

.في هذه السورة المدنية

Z في سورة ) البينة ( ، وهي Z - إطالق لفظة وجاء أيضا سورة مدنية ، وهي السورة الحادية بعد المائة نزوال :الخلق ( ، والجمع : برايا ، قال الله سبحانه وتعالى في وصف الكافرين والمشركين ) ) البرية ( على

�ة� }} �ر�ي �ب ر� ال �ك� ه�م� ش� �ئ و�ل� �ة� : }} ، وقال في وصف المؤمنين . البينة {{ - 6أ �ر�ي �ب �ر� ال �ك� ه�م� خ�ي �ئ و�ل

� {{ -7أ .البينة

عرفت هذا الخلق الذي ظهر على ونستطيع أن نقرر مع علماء اإلنسان ) األنثروبولوجيين ( أن األرض باختالف عمر األحافير ) الحفريات ( ، ونتائج سطحها منذ ماليين السنين ، تختلف في تقديرات العلم

Z لقب : ) إنسان ( ، فقالوا : التحليالت العلمية . وقد أطلق العلماء على هذا المخلوق خطأ أو تجاوزا جاوة ، أو إنسان كينيا ، أو ما سوى ذلك من اإلطالقات التي تعني مراحل تكوين إنسان بكين ، أو إنسان

، بإطالق القرآن ، واستخدام كلمة ) إنسان ( في وصف هؤالء ليس إال على سبيل التوسيع ( ) البشر

Page 36: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

Z ، وإال Z أيضا فاللفظ الدقيق بلغة كما استخدمت كلمة ) بشر ( للداللة على معنى ) اإلنسان ( توسعا التي تدل عليها األحافير - هو القرآن ، والذي ينبغي أن يستخدم في تسمية تلك المخلوقات العتيقة

.وبشر كينيا ، وبشر النياندارتال .. ألخ ) البشر ( ، فواجب أن يقال : بشر بكين ، وبشر جاوة ،

القرآن إال على ذلك المخلوق المكلف بالتوحيد والعبادة ال غير ، وهو أما ) اإلنسان ( فال يطلق بمفهوم آدم عليه السالم ، وآدم - على هذا - هو ) أبو اإلنسان ( ، وليس ) أبو البشر ( ، وال الذي يبدأ بوجود

Z لظهور ذلك النسل اآلدمي الجديد .عالقة بين آدم والبشر الذين بادوا قبله ، تمهيدا .اللهم إال تلك العالقة العامة أو التذكارية ، باعتباره من نسلهم

الديني منوط بصفة وألمر ما وجدنا أن القرآن ال يخاطب البشر .. بل يخاطب اإلنسان ، والتكليف منذ ظهر آدم عليه السالم ، وتناسلت ) اإلنسانية ( ، ال بصفة ) البشرية ( ، فلم يعد للبشر القديم وجود

.ذريته ، وورثت األرض وما عليها

Z وجدنا أن كلمة ) البشر ( جامدة ال تتصرف ، اللهم إال بالتثنية والجمع في وألمر قليل ما أيضا مختلفة ، وهي االستعمال ، على حين أن كلمة ) إنسان ( متصرفة مرنة ، وردت في القرآن بصور

Z فقيل : أنيسان ، واإلنس : اسم جماعة الناس ، مفرد ، جمعه : أناسين ، وأناسي ، وقد استعمل مصغرا .والجمع أناس ، والواحد إنسي

من النوس ، وهو الحركة .. مفرده : إنسان من غير لفظه ، ويقال للمرأة إنسان ، والناس : اسم جمع .اإلستعمال يقال : إنسانة ، وإن شاعت على ألسنة العامة ، وكل ذلك أكسب الكلمة مرونة في وال

وذريته بالسيادة على األرض ، وليس يبعد أن نفترض أن الخالق سبحانه - وقد مضت مشيئته بتفرد آدم�حانه فناء� كل البشر ، من غير والنهوض بأمر الدين ، وإقامة التكاليف ، وفي مقدمتها ب التوحيد - ق�د�ر� س�

الساللة الجديدة المنتقاة في الجنة ، وبدأ الصراع بعد أن أخليت ساحته من ولد آدم ، وذلك بعد عزل لكن ، كيف .. الطفيلية التي لم يعد لها دور .. بل التي انتهى دورها ، ليبدأ على األرض دور جديد العناصر

بدأ هذا الدور ؟ .. أو كيف استهل ذلكم العهد ؟

Z للخيال في رسم صورته إال ذلك ما ال سبيل إلى تصويره إال من خالل الكلمات المجردة ، وال دور أيضا بزمان إلهي ، حين من خالل اإليمان المطلق بعالم الغيب ، فذلكم مشهد غيبي تم قبل الزمان اإلنساني

سيكون على طول الزمان ، وبعد صدر أمر بأن يكون الكون .. فكان .. كان كل ماكان ، وكل مايكون أور�ض� }} آخر أن ينتهي هذا الزمان ، فيبدأ للوجود تقويم زمني

� �ر� األ ر�ض� غ�ي� �د�ل� األ �ب �و�م� ت � ي وا ز� �ر� م�او�ات� و�ب و�الس�

�ق�ه�ار� �و�اح�د� ال �ه� ال .ابراهيم سورة {{ - 48لل

تخرج من صلب آدم ، وأصالب بنيه - أمرها أن تخرج حينذاك أمر الله سبحانه كل الذراري التي قدر أن ، كانت أنذاك مجرد ذرات ال يحصيها وال يحصرها حد ، إال علم على ساحة الغيب ، وأن تمثل بين يديه

�ع�ل�م� م�ن� خ�ل�ق� ... .. }} الله وحده �ال� ي �ح�ص�اه�م� و�ع�د�ه�م� }} ، و . الملك {{ - 14أ �ق�د� أ �يه�94ع�د�ا ل �ه�م� آت �ل و�كدZا �ام�ة� ف�ر� �ق�ي �و�م� ال .مريم {{ - 95ي

Z ، وأسرعت الذرات بالمثول أمام الجالل اإللهي ، فألقى Z واحدا الله - سبحانه - على المشهد الهائل سؤاال :الحضور هو الذي من أجله كانت الدعوة إلى

�م� ؟ �ك ب �ر� �ل�س�ت� ب قال تعالى : أ

�ا وتلقوا السؤال ووعوه ه�د�ن �ل�ى .. ش� Z في صوت واحد : ب .فقالوا جميعا

Z الحكمة �ام�ة� : }} من هذا الحشد وقال الله مبينا �ق�ي �و�م� ال � ي �وا �ق�ول �ن ت �ين� أ �ا ع�ن� ه�ذ�ا غ�اف�ل �ن �ا ك �ن �172إ �وا �ق�ول و� ت� أ

ك� ر� �ش� �م�ا أ �ن �م�ا إ �ا ب �ن �ك �ه�ل ف�ت� �ع�د�ه�م� أ �ةZ م�ن ب ي �ا ذ�ر� �ن �ل� و�ك �ا م�ن ق�ب �اؤ�ن �ط�ل�ون� آب �م�ب .األعراف {{- 173ف�ع�ل� ال

عليه النص القرآني يروي حكاية هذا المشهد الكوني الرهيب ، وهو يطلب من النبي صلى الله ، إن�ك� }} وسلم أن يذكر المؤمنين به ب �خ�ذ� ر� �ذ� أ ه�د�ه�م� ع�ل�ى و�إ �ش� �ه�م� و�أ �ت ي �ي آد�م� م�ن ظ�ه�ور�ه�م� ذ�ر� �ن م�ن ب

ه�م� �نف�س� .األعراف {{ - 172 ... أ

Z بصورة من ، وال ريب أن سجل كل آدمي ، أو كتابه الذي سيقدم إليه يوم القيامة - سوف يكون مستهال تبين موقعه بين من حضروا هذا اللقاء ، وتثبت وجوده ، وشهادته على نفسه باإلقرار .. هذا المشهد

Z ، وستكون هذه الصورة هي المرجع األول أو Z ، وحاكما Z ، وربا المستند الرئيسي في بعبوديته لله : إلها� }} محاكمة كل آدمي يوم القيامة أ Zا اق�ر� يب �ك� ح�س� �ي �و�م� ع�ل �ي �ف�س�ك� ال �ن �ف�ى ب �ك� ك �اب �ت .اإلسراء {{ - 14ك

الذين وتكاليفه نقطة البداية في رحلة اإلنسان هكذا بدأ العهد اآلدمي في ملحمة الخليقة ، وهكذا كان فهو يسير بين جدارين متوازيين ، جدار المسئولية الجماعية في نحو الموعد ، موعد اللقاء مع الله ،

Page 37: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

.المسئولية الفردية في اآلخرة .. وبهذا اختلف اإلنسان عن البشر الدنيا .. وجدار

Z ، كما تخص ) الناس ( باعتبارهم إن الدين Z ، يتضمن تكاليف تخص ) اإلنسان ( باعتباره فردا مجتمعا ففي إطار ) البشرية ( ال ، ( وليس هذا التفريق بين الفرد والمجتمع بوارد في استعمال كلمة ) البشر

Z اسمه ) اللغة ( ، وهو أمر غير بعيد تفريق بين المستويات أو األسماء ، إذا افترضنا أن البشر عرفوا شيئا، Z Z حيوانيا كل فرد فيه ككل فرد ، وكل فرد بمثابة أية جماعة ، ال اعتبار للفروق ، ألنهم كانوا مجتمعا

.الفردية

حيوانية السلوك ، ولكنها لقد كان ) البشر ( خالل األحقاب والعهود المتطاولة مجرد مخلوقات متحركة ،Z في خبرتها ، Z في سلوكها ، ونضجا Z في طرائق التفاهم اللغوي فيما بينها تزداد في كل مرحلة تعديال وتلونا

�ج�ع�ل� ف�يه�ا م�ن - }} المالئكة للرب - جال وعال ، وربما كان هذا هو المقصود بسؤال �ت ف�ك� أ �س� د� ف�يه�ا و�ي �ف�س� ي كان هذا هو الواقع المشاهد ، فتعجب المالئكة من استخالف هؤالء المفسدين ، .. البقرة {{ - الد�م�اء

!!المتوحشين

، Z �ة ، وألف سنة ، أو وطبيعي أن ندرك كذلك أن الزمن في هذا الحال لم يكن له معنى أيضا ن �ة� كالس� ن الس� نهايته ، وال وظيفة له وقد عدم موضوعه ، ومن حتى مليون سنة - كيوم واحد ، المعنى لبدايته أو

الكهوف المظلمة فقدت قدرتها على اإلبصار ، إذ كانت المعروف أن بعض الكائنات التي عاشت في .ظالم الحياة بالنسبة إليها ظالم في

التعيسة إلى محبس وقد عشنا في حياتنا تجربة تقرب إلينا هذا المعنى ، حيث ساقتنا الظروف مظلمة .. لم نكن ندري فيها مرور األيام ( .. كانت زنزانة1955) زنزانة ( في اإلعتقال السياسي ) عام

.والنهار ، وضاعت المعالم واآلثار ، وال حدود الشهور ، فقد تساوى الليل

نذهب إليه : ذلك أن قصة الخلق التي جاءت في سورة ) ص ( وبين أيدينا شواهد قرآنية على صواب ما الدليل على تمادي العهود التي عاشتها البشرية في ظالم الزمن السحيق ، أو تعطينا اإلشارة األولى إلى

�اك الزمن .. يقول الله تعالى في زنزانة �ك� : }} ذ�ي ب �ذ� ق�ال� ر� ا م�ن ط�ين� إ Zر �ش� �ي خ�ال�ق� ب �ن �ة� إ �ك ئ �م�ال� �ل �ذ�ا71ل ف�إ�ه� �ت و�ي اج�د�ين� س� �ه� س� وح�ي ف�ق�ع�وا ل �ف�خ�ت� ف�يه� م�ن ر� ، وقد ذهب أكثر المفسرين إلى . سورة ص {{ - 72و�ن

السالم ، وأن الله سبحانه وتعالى كل�ف بعض مالئكته أن يجمعوا له من أن هذا ) البشر ( هو ) آدم ( عليهZ عن تراب األرض ، من جميع أخالطه وألوانه ، كما ذكرت الروايات الواردة في الطبري ، نقال

من روحه ، فكان اإلسرائيليات ، ونقل عنه من جاء بعده ، وأن الله خلق هذا البشر ، وسواه ، ونفخ فيه .آدم الذي أسجدت له المالئكة

�رت عنه اآليتان - في نظرنا - هو أن الله سبحانه خلق ) أو أراد خلق ( البشر من والواقع الذي عب�ي : }} وأخبر مالئكته بهذا الخبر ، أو اإلرادة العلوية الطين ، �ن Z إ را �ش� ، وهذه هي المرحلة {{ خ�الق� ب

Z ، بل هي - بحسب األصل األولى في بداية Z واحدا -الخلق اإللهي . وكلمة ) البشر ( هنا ال تعني فردا الكائنات بأنها تطلق على أكثر من واحد ، لداللتها على الجنس ، وقد حدد القرآن الصورة األولى لخلق

Z ، فقال سبحانه و�اجZا }} خلقت أزواجا �ز� �م� أ �اك �ق�ن Z من األرض ، وذلك . النبأ {{ - 8و�خ�ل �ه� }} إنطالقا و�الل

ر�ض�� �م م�ن� األ� �ك �ت �نب Zا أ �ات �ب :شكل أزواج متنوعات ، فمن األرض كان انطالق الحياة في . نوح {{ - 17ن

�ا}} �ق�ن ي�ء� خ�ل �ل� ش� ون� و�م�ن ك �ر� �ذ�ك �م� ت �ك �ع�ل �ن� ل و�ج�ي ات� ج�ع�ل� ف�يه�ا . }} الذاريات {{ - 49ز� �م�ر� �ل� الث و�م�ن ك�ن� ... �ي �ن �ن� اث و�ج�ي الرعد {{ – 3ز�

القوي البرهان

�ف�خ�ت� ف�يه� م�ن : }} قوله تعالى وتأتي بعد ذلك مرحلتان في �ه� و�ن �ت و�ي �ذ�ا س� وح�ي ف�إ وهي آية مصدرة {{ ر� إذا ( ، وهي ظ�رف لما يستقبل من الزمان ، ويمكن أن يكون هذا الزمان ) بأداة ظرفية زمانية هي

Z ، والقدرة التي تنجز هذا الخلق هي القدرة التي تقول للشيء لحظة ، كما يمكن Z طويال )أن يكون ضهرا�ة التي ال يحكمها الزمان وال المكان .. بل هي �ي �ن التي خلقت الزمان كن فيكون ( ، أي : القدرة الك

يراد به ماليين السنين بحساب والمكان ، ونحسب أن استخدام ) إذا ( في هذا السياق اليبعد عن أنZ معدودة في حساب الزمن اإللهي ، كما الزمن الدنيوي ، وإن كانت هذه الماليين ال تعدو أن تكون أياما

.لم تلمع خالله أشعة العقل ، وال أضواء المعرفة أنها مرت مجرد كتلة في ظالم دائم ،

القرآن الكريم للداللة على المستقبل القريب والمستقبل البعيد سواءZ ، وقد استخدمت ) إذا ( في�ع�ون� : }} فقوله تعالى ك �ر� �ع�وا ال� ي ك �ه�م� ار� �ذ�ا ق�يل� ل ، ال تذيد فيه مساحة ) إذا ( . المرسالت {{ - 48و�إ

ف�ه�ا : }} على لحظة ينطق فيها األمر : ) أركعوا ( ، ولكن قوله تعالى الزمنية خ�ر� ر�ض� ز�� �خ�ذ�ت� األ �ذ�ا أ �ى� إ ح�ت

�ت� ... �ن ي :اآليات ، تمتد فيه المساحة إلى زمان غير معلوم ، وكذلك في . يونس {{ - 24و�از�

Page 38: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

ت� }} �و�ر� م�س� ك �ذ�ا الش� م�اء }} ، و . التكوير {{ - 1إ �ذ�ا الس� ت� إ �ف�خ� }} ، و . االنفطار {{ - 1انف�ط�ر� �ذ�ا ن ف�إ�ف�خ�ة� و�اح�د�ة� الله ، تتراحب في هذه اآليات مساحة الظرف إلى ما شاء . .. الحاقة {{ - 13ف�ي الص�ور� ن

عبرت عن المستقبل وهو استخدام قرآني مستقبلي .. تحسب أبعاده بالسنين المعروفة لنا ، فأما إذا هذا القبيل تأتي ) إذا ( في في داخل الماضي السحيق فتلكم هي المشكلة التي يستحيل حسابها ، ومن

�ذ�ا : }} قوله تعالى وح�ي ف�إ �ف�خ�ت� ف�يه� م�ن ر� �ه� و�ن �ت و�ي Z {{ س� Z عن إرادة أزلية تمضي في ظرفا Z تعبيرا زمنيا المخلوق ، وهو جنس ) البشر ( ، ثم تذوده بنفخة الله الروحية تحققها عبر ماليين السنين ، تسوي ذلك

الذي تسجد له المالئكة ، اإلنسان الذي يدخل بوابة الزمان ، ويبدأ حضوره ( ليكون عندئذ ) اإلنسان .وحضارته

والتسوية ، والنفخ ( ، ومن ومعنى ذلك أن خلق اإلنسان تم عبر ثالث مراحل هائلة ، هي ) الخلق ، حدث ذلك في مرحلة ) الخلق ( األولى ، السذاجة أن نفسر هذا النفخ بأنه بث الروح في الجسد ، فقد

بشر ( يتحرك على األرض بالروح الحيواني ، كما ) التي أحالت التراب أو الطين إلى مخلوق ظاهر وحيوان ، ثم تناولت القدرة ذلك المخلوق في المرحلة الثانية تتحرك سائر الكائنات من حشر ، وطير

تشبيهه بهندسة البناء وتجميله ، وهي مرحلة التعديل المادي أو الظاهري ، وقد ) بالتسوية ( أو ما يمكن ، وهي ماليين السنين ، والله أعلم بتفاصيلها ، ثم جاءت المرحلة الثالثة للهندسة الداخلية استغرقت

العقل ( ، والحياة ) المتمثلة في تذويد المخلوق السوي بالملكات والقدرات العليا ، التي جوهرها من العقالء ، وبذلك اكتمل بناء اإلجتماعية ثمرة العقل ، واللغة وسيلة اإلتصال بين أفراد المجتمع

.وطليعة ساللة التكليف بتوحيد الله وعبادته ، ( ) اإلنسان ( ، فكان ) آدم ( هو أول ) إنسان

وتكاملها استعمال القرآن ألداة التراخي ) ثم ( في ربط أجزاء ومما يستدل به على هذه المراحلZ في قوله تعالى الجملة في سورة السجدة ان� : }} ، مثال �نس� � خ�ل�ق� اإل� �د�أ �ه� م�ن7م�ن ط�ين� و�ب ل �س� �م� ج�ع�ل� ن ث

�ة� م�ن م�اء م�ه�ين� ل ال� �م�8س� وح�ه� ... ث �ف�خ� ف�يه� م�ن ر� و�اه� و�ن ،واألداة ) ثم ( للترتيب مع . السجدة {{ - 9س� السياق ترجمة لمفهوم الزمان المتطاول عبر عنه الظرف ) إذا ( ، التراخي ، وكأن استعمالها في هذا

Z عن التعقيب أو مطلق الجمع في مقابل استخدام الفاء أو الواو في ربط أجزاء أخرى من اآليات ، تعبيرا وظيفة التعقيب تعبير عن تتابع األحداث ، بعضها في إثر بعض دون فاصل طويل من الزمن ، وهو)

Z ، ومطلق الجمع هو وظيفة ) الواو ( فهي ال تفيد Z ) الفاء ( العاطفة أصال Z وال تعقيبا ( .ترتيبا

ان� م�ن : }} قوله تعالى بل إن هذا التراخي يتجلى في سورة ) المؤمنون ( في �نس� �ا اإل� �ق�ن ل �ق�د� خ� �ة� و�ل ل ال� س�ار� م�ك�ين� 12م�ن ط�ين� �ط�ف�ةZ ف�ي ق�ر� �اه� ن �ن �م� ج�ع�ل �م�13 ث �ا ث �ق�ن ل �ق�ة� م�ض�غ�ةZ ف�خ� �ع�ل �ا ال �ق�ن �ق�ةZ ف�خ�ل �ط�ف�ة� ع�ل �ا الن �ق�ن ل خ�

�قZا �اه� خ�ل �ن أ �نش� �م� أ �ح�مZا ث �ع�ظ�ام� ل �ا ال و�ن �س� �م�ض�غ�ة� ع�ظ�امZا ف�ك ... ال ، ولنتأمل استعمال. المؤمنون {{ - 14آخ�ر��ط�ف�ةZ ف�ي ( }} في اآليات ، بجانب استعمال ) الفاء ( ، فبين ) الخلق ( من الطين و ) الج�ع�ل ( ) ثم ن

ار� م�ك�ين� وهذا ) الج�ع�ل ( تعبير مسافة زمنية ، ال يعلمها إال الله ، استغرقتها عمليات التسوية ، {{ - ق�ر�Z عن جانب من استكمال ) الخلق ( ، ثم تكون النطفة علقة ، ولعل تقدير ذلك تم في زمان متطاول أيضا

.

الجنين ، وهي عمليات متتابعة ال يفصل بينها سوى أشهر أو أيام وتذكر اآلية بعد ذلك عمليات تخليقZ .. بين العلقة والمضغة ، وبين المضغة والعظام ، وبين العظام واللحم ، معدودات .. زمن قصير نسبيا

الزمنية كله معطوف بالفاء ، ويعود السياق بعد ذلك إلى استخدام ) ثم ( للتعبير عن طول الفترة وذلك�م� : }} بين ما سبق وما سوف يأتي بعد �ق�ين� ث �خ�ال ن� ال �ح�س� �ه� أ ك� الل �ار� �ب �قZا آخ�ر� ف�ت ل �اه� خ� �ن أ �نش� ، والمعنى {{ أ

Z ، إلى جانب احتمال أن التاريخي إلنشاء هذا الخلق هو النقلة من البشر إلى اإلنسان ، وهو خلق آخر فعال .المولود الجديد يكون المراد هو

Z نفس اإليقاع البطيء �ون� : }} ويمضي السياق ملتزما �ت �م�ي �ع�د� ذ�ل�ك� ل �م� ب �ك �ن �م� إ �م�15ث �ك �ن �م� إ �ام�ة� ث �ق�ي �و�م� ال ي�ون� �ع�ث �ب عبرت ) ثم ( في اآليتين األخيرتين عن زمن طويل ، هو في اآلية ، لقد . المؤمنون {{ - 16ت

الذي يعيشه حتى الموت ، الذي يضع نهاية للحياة المقدورة لذلك الكائن ، وهو ( األولى ) عمر اإلنسان .اآلية الثانية مدة ما بيننا وبين القيامة والبعث في

Z آية �م� : }} األعراف ، قوله تعالى ولنقرأ أخيرا �م� ث �اك �ق�ن ل �ق�د� خ� � آلد�م� ... و�ل ج�د�وا �ة� اس� �ك �م�آلئ �ل �ا ل �ن �م� ق�ل �م� ث �اك ن ص�و�ر� ، وبينهما فيما نتصور آماد ( ، وهي آية تعبر عن مرحلتين ، هما : ) الخلق والتصوير . األعراف {{ - 11

الله سبحانه للمالئكة باستخدام ) ثم ( ، وهو في هائلة ، تعبر عنها األداة ) ثم ( ، ويعطف القرآن خطاب يكن بعد مرحلة التصوير مباشرة ، وهو مايعني مرحلة التسوية .. بل رأينا تعبير عن أن األمر بالسجود لم

�ا }} النفخ من روح الله ( ، وقد أومأ اليها استخدام� ) ثم ( في صدر الجملة ) جاءت قبله مرحلة �ن �م� ق�ل ث� آلد�م� ج�د�وا �ة� اس� �ك �م�آلئ �ل .، دون أن يصرح بها ، ألنه ال سجود إال لمن زود بروح الله {{ ل

بتعبير ذلك قد يعبر النص القرآني عما شأنه التراخي - بالفاء ، فهو يضمنها معنى ) ثم ( ، أو وبرغم� : }} أدق : يوظفها في موقع ) ثم ( ، كما جاء في قوله تعالى �ر�يم �ك �ك� ال ب �ر� ك� ب ان� م�ا غ�ر� �نس� �ه�ا اإل� ي

� �ا أ 6يو�اك� ف�ع�د�ل�ك� �ق�ك� ف�س� �ذ�ي خ�ل �ك� 7ال �ب ك اء ر� ة� م�ا ش� ي� ص�ور�

� ، وقد يسوغ هذا التضمين . االنفطار {{ - 8 ف�ي أZ ، فهو يرى أن المخاطب - وهو Z وتسوية ، وعدال اإلنسان - ال يرى في ذاته سوى مخلوق مكتمل ، خلقا

.إندماج هذه المراحل في ذاته ، ولذلك الق أن يضمن ) الفاء ( معنى ) ثم ( المتراخية

Page 39: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

بطن أمه ، كما يقول وقد تفسر هذه المراحل في سورة االنفطار على أنها خاصة بأحوال الجنين في

�ق�ك� } :اإلمام القرطبي ل �ق�ك� من نطفة .. {خ� في بطن أمك ، : {فسو�اك } ، أي : قدر خ�ل

Z سوي الخلق .. أي : جعلك .. {فعـدلك } وجعل لك يدين ورجلين وعينين وسائر أعضائك ، معتدال

��ك� } :وقرأ الكوفيون : عاصم وحمزة والكسائي د�ل Z ، أي : أمالك وصرفك إلى أي .. {ف�عـ� ا فـ� مخ�فـ�Z ، وإما Z وإما قبيحا Z صورة شاء ، إما حسنا Z وإما قصيرا ( .طويال

مع الفاء ، ألن األسلوب القرآني درج على ولسنا مع هذا التــوجيه ، مع أنه يحل مشكلة التراخيZ .. - استخدام كلمات الخلق والتسوية والنفخ خاصة بأحوال البشر منذ وجدوا ، إلى أن صار البشر سويا

Z اصطفاه الله .، وناط به تحقيق رسالة العبودية لله رب العالمين أي : إنسانا

البشرية لزم لعمليتي التسوية ، والنفخ ، حتى كان آدم ذلك اإلنسان الكامل ترى ، كم من األجيال!؟ الناطق

جيل بصمته المتميزة ، على ال نبالغ إذا قلنا : إن ذلك اقتضى مئات األلوف من األجيال ، وقد سجل كل .والجمال طريق االكتمال ، وال سيما في مجال العقل ، واللسان ،

{{ الفصل التاسع واألخير من الباب األول}}

برهان التكرار

اإلنسان مرة أخرى

التكليف الديني ، وأن ) البشر ( وهم طالئع الخليقة ، وضح لنا مما سبق أن ) اإلنسان ( هو المقصود من بادوا ، ودرست آثارهم ، فلم تبق منهم سوى أحاديث وأحافير تدل على ال مكان لهم في عالمنا ، ألنهم

اإلنساني - موجودين ، منذ عصور جيواوجية متقادمة ، فلما قضت إرادة الله بإجاد هذا الخلق أنهم كانواZ من ) البشر ( ، مزود بأدوات كاملة من العقل واللغة والعاطفة ، قدر خلق آدم ، وهو مستوى خاص جدا

والغريزية ، للتفرقة بين الخير والشر ، وملكات اإلدراك والضمير ، واإلرادة ، واإلستعدادات الفطرية أتم الله بها خلقة ، وهيأه ليعيش في ضوء المعايير الدينية وكل ذلك ثمرة من ثمرات النفخة اإللهية التي

Z أفضل الصالة والسالم ، وذلك قوله تعالى التي أرسل بها األنبياء ، : }}منذ آدم إلى محمد عليهم جميعا .آل عمران {{ - ص

اإلنسان ( باعتباره الطور ) ومقتضى ذلك أن النوع البشري قد انقرض ليحل محله رتبة أرقى هي رتبة على طريق التوحيد ومعرفة الله ، ثم المحسن من أطوار البشر ، والجيل المختار للمسيرة الجديدة

.أطلق على أفراد هذه الرتبة : بنو آدم

Z Z على صحة هذا المذهب ، حين نجده محتفيا Z قاطعا Z لوصف كل ولقد نجد في القرآن دليال باإلنسان متابعاZ ، على حين أنه لم يذكر البشر ( بوصف واحد ، وهو سلوك واضح ) أحواله ، في ثالثة وثالثين موضعا

.الداللة على صدق التفرقة بين المستويين :المصحف وللنظر اآلن إلى نصوص القرآن الواردة بشأن اإلنسان ، بحسب ورودها في ترتيب

�خ�ف�ف� - }} 1 �ن ي �ه� أ �ر�يد� الل ان� ض�ع�يفZا ي �نس� �م� و�خ�ل�ق� اإل .النساء {{ - 28ع�نك

و� - }} 2� �ه� أ �ج�نب �ا ل ان� الض�ر� د�ع�ان �نس� �ذ�ا م�س� اإل �م� و�إ �ن ل �أ ه� م�ر� ك �ه� ض�ر� �ا ع�ن ف�ن �ش� �م�ا ك �مZا ف�ل و� ق�آئ

� �ل�ى ق�اع�دZا أ �ا إ �د�ع�ن ي� �وا �ان ر�ف�ين� م�ا ك �ل�م�س� �ن� ل ي �ذ�ل�ك� ز� ه� ك �ع�م�ل�ون� ض�ر� م�س� .يونس {{ - 12ي

�ن� - }} 3 �ئ �ه� و�ل �ن �ه� إ �اه�ا م�ن ع�ن �ز� �م� ن ح�م�ةZ ث �ا ر� ان� م�ن �س� �ن �ا اإل �ذ�ق�ن �ف�ور� أ �وس� ك �ئ �ي .هود {{ - 9ل

�ن� - }} 4 �ين� إ ان� ع�د�و® م�ب �نس� �إل �ط�ان� ل ي .يوسف {{ - 5الش�

Page 40: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

�ف�ار� - }} 5 ان� ل�ظ�ل�وم� ك �نس� �ن� اإل .إبراهيم {{ - 34إ

�ذ�ا ه�و� - }} 6 �ط�ف�ة� ف�إ ان� م�ن ن �نس� �ين� خ�ل�ق� اإل النحل {{ - 4خ�ص�يم� م�ب

�ان� - }} 7 Z و�ك ان� ع�ج�وال �نس� .اإلسراء {{ - 11اإل

ا - }} 8 Zف�ور� ان� ك �س� �ن �ان� اإل .اإلسراء {{ - 67و�ك

�ه� - }} 9 �ب �ج�ان ى ب� �أ �ع�ر�ض� و�ن ان� أ �نس� �ا ع�ل�ى اإل �ع�م�ن �ن �ذ�آ أ ا و�إ Zؤ�وس� �ان� ي ر� ك ه� الش� �ذ�ا م�س� .اإلسراء {{ - 83و�إ

ا - }} 10 Zور� ان� ق�ت �ان� اإلنس� .اإلسراء {{ - 100و�ك

11 {{ - Zي�ء� ج�د�ال �ر� ش� �ث ك� ان� أ �نس� �ان� اإل� .الكهف {{ - 54و�ك

ان� م�ن�- }} 12 �نس� .األنبياء {{ - 37ع�ج�ل� ... خ�ل�ق� اإل�

�ن�- }} 13 �ف�ور� إ �ك ان� ل �نس� .الحج {{ - 66اإل�

14 {{ - Zان� خ�ذ�وال �نس� �إل� �ط�ان� ل ي �ان� الش� .الفرقان {{ - 29و�ك

�ان� ظ�ل�ومZا- }} 15 �ه� ك �ن ان� إ �نس� �ه�ا اإل� .األحزاب {{ - 72ج�ه�والZ و�ح�م�ل

�ر�- }} 16 �م� ي و�ل� �ين� أ �ذ�ا ه�و� خ�ص�يم� م�ب �ط�ف�ة� ف�إ �اه� م�ن ن �ق�ن ل �ا خ� �ن ان� أ �نس� .يس {{ - 77اإل�

ان� ض�ر®- }} 17 �نس� �ذ�ا م�س� اإل� �س�ي� و�إ �ه� ن �ع�م�ةZ م�ن �ه� ن �ذ�ا خ�و�ل �م� إ �ه� ث �ي �ل Zا إ �يب �ه� م�ن ب �ل� د�ع�ا ر� �ه� م�ن ق�ب �ي �ل �د�ع�و إ �ان� ي م�ا ك�ض�ل� ع�ن �ي �ند�ادZا ل �ه� أ �ل �ه� .. و�ج�ع�ل� ل �يل ب .الزمر {{ - 8س�

�ذ�ا م�س�- }} 18 �ا ق�ال� ف�إ �ع�م�ةZ م�ن �اه� ن �ن �ذ�ا خ�و�ل �م� إ �ا ث ان� ض�ر® د�ع�ان �نس� �ة� .. اإل� �ن �ل� ه�ي� ف�ت � ب �م �ه� ع�ل�ى ع�ل �يت وت� �م�ا أ �ن 49إ

.الزمر{{ -

�ر�- }} 19 �خ�ي ان� م�ن د�ع�اء ال �نس� م� اإل�� أ �س� �وط� ال� ي �ؤ�وس� ق�ن ر� ف�ي ه� الش� �ن م�س� .فصلت {{ - 49و�إ

�ه�- }} 20 �ب �ج�ان �أى ب �ع�ر�ض� و�ن ان� أ �نس� �ا ع�ل�ى اإل� �ع�م�ن �ن �ذ�ا أ ر� ف�ذ�و د�ع�اء ع�ر�يض� و�إ ه� الش� �ذ�ا م�س� {{ -51و�إ .فصلت

�م�ا ق�د�م�ت�- }} 21 �ة� ب �ئ ي �ه�م� س� �ص�ب �ن ت �ف�ور� و�إ ان� ك �نس� �ن� اإل� �د�يه�م� ف�إ ي� .الشورى {{ - 48أ

ان�- }} 22 �نس� �ن� اإل� ءZا إ �اد�ه� ج�ز� �ه� م�ن� ع�ب �وا ل �ين� و�ج�ع�ل �ف�ور� م�ب �ك .الزخرف {{ - 15ل

�ن�- }} 23 ان� خ�ل�ق� ه�ل�وعZا إ �نس� وعZا 19اإل� ر� ج�ز� ه� الش� �ذ�ا م�س� �ذ�ا20 إ �وعZا و�إ �ر� م�ن �خ�ي ه� ال {{ -21م�س� .المعارج

ة� - }} 24 �ص�ير� ه� ب �ف�س� ان� ع�ل�ى ن �نس� �ل� اإل� .القيامة {{ - 14ب

دZى - }} 25 ك� س� �ر� �ت ن ي� ان� أ �نس� �ح�س�ب� اإل� �ي .القيامة {{ - 36أ

ان� م�ا- }} 26 �نس� �ل� اإل� ه� ق�ت �ف�ر� �ك .عبس {{ - 17أ

�ه�ا- }} 27 ي� �ا أ � ي �ر�يم �ك �ك� ال ب �ر� ك� ب ان� م�ا غ�ر� �نس� .االنفطار {{ - 6اإل�

�ل�ى- }} 28 �اد�ح� إ �ك� ك �ن ان� إ �نس� �ه�ا اإل� ي� �ا أ ق�يه� ي �د�حZا ف�م�ال� �ك� ك ب .االنشقاق {{ - 6ر�

�د� - }} 29 �ب ان� ف�ي ك �نس� �ا اإل� �ق�ن ل �ق�د� خ� .البلد {{ - 4ل

�ح�س�ن�- }} 30 ان� ف�ي أ �نس� �ا اإل� �ق�ن ل �ق�د� خ� � ل �ق�و�يم �ين� 4ت اف�ل ف�ل� س� س�� �اه� أ د�د�ن �م� ر� �وا5 ث �ذ�ين� آم�ن �ال� ال �وا إ و�ع�م�ل

�ح�ات� .. .التين {{ - 6الص�ال

�ط�غ�ى - }} 31 �ي ان� ل �نس� �ن� اإل� �ال� إ �ى 6ك �غ�ن ت آه� اس� ن ر�� .العلق {{ - 7 أ

Page 41: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

�ود� - }} 32 �ن �ك �ه� ل ب �ر� ان� ل �نس� �ن� اإل� ه�يد� 6إ �ه� ع�ل�ى ذ�ل�ك� ل�ش� �ن د�يد� 7و�إ �ر� ل�ش� ي �خ� �ه� ل�ح�ب� ال �ن .العاديات {{ - 8 و�إ

�ع�ص�ر� - }} 33 �ن�1و�ال ر� إ �ف�ي خ�س� ان� ل �نس� �ح�ات�2اإل� �وا و�ع�م�ل�وا الص�ال �ذ�ين� آم�ن �ال� ال �و�اص�و�ا إ �ح�ق� و�ت �ال �و�اص�و�ا ب و�ت�ر� �الص�ب .العصر {{ - 3ب

الكريم بصفات مختلفة ، بين الخير والشر ، هذه هي المواضع التي ذكر فيها ) اإلنسان ( في القرآن والحكمة والحمق ، والعلم والجهل ، والطهر والدنس ، والعرفان والقوة والضعف ، واإليمان والكفر ،

Z فهو Z لعداوة الشيطان .. هذا كله عن اإلنسان والجحود ، وأخيرا .مستهدف دائما

كله لم يذكر البشر بشيء من هذا أو غيره ، مع أن كلمة ) البشر ( وردت في على حين أن القرآن القرآن مفردة ثالثين مرة ، ثم ذكرت مثناة مرة واحدة ، أما ) اإلنسان ( فقد ورد لفظه في القرآن

وجاءت لفظة الكريم اثنتين وستين مرة ، باإلضافة إلى ورود لفظة ) اإلنس ( سبع عشرة مرة ،Z وثالثين مرة ، ولفظة ) أناسي ( مرة واحدة ، ) أناس ( سبع مرات ، ولفظة ) الناس ( مائتين وأربعا

.وعشرين مرة فمجموع ورود لفظ اإلنسان وأمثاله ثالثمائة وإحدى ...وعشرين مرة سبق القول أن مجموع ورود لفظ اإلنسان وأمثاله - ثالثمائة وإحدى آدم ( ، وأن ذلك قد جاء سبع مرات فإذا علمنا أن ) الناس ( قد خوطبوا في القرآن الكريم بلقب ) بني

اإلنسان ( هو المرحلة األخيرة والحاسمة في تاريخ ) في القرآن ، إذا علمنا ذلك كله ، تأكد لدينا أن البشر ( إنما كان بمثابة المراحل التحضيرية لذلكم المخلوق الذي ) الحياة على األرض ، وأن وجود

ماليين السنين بين عوامل التسوية ، وتحصيل خواص الجمال ، والكمال ، بروح من قضى على األرضZ بأن يحمل أمانة الله على هذه الله األرض ، الذي الذي قدر له أن يكون سيد الكون ، حتى صار جديرا

Z ، فكان قوله تعالى بشأنه �ة� : }} وينفرد بذلك من دون السموات واألرض والجبال جميعا �م�ان �ا األ� ض�ن �ا ع�ر� �ن إم�او�ات� �ه�ا ع�ل�ى الس� ف�ق�ن� م�ن �ش� �ه�ا و�أ �ن �ح�م�ل �ن ي �ن� أ �ي ب

� �ال� ف�أ �ج�ب ر�ض� و�ال� �ان� ظ�ل�ومZا ج�ه�والZ و�األ� �ه� ك �ن ان� إ �نس� �ه�ا اإل� و�ح�م�ل

.األحزاب {{ - 72

ذلك القدماء والمحدثون ، بعد أن طغى لقد خفيت هذه التفرقة على أجيال العلماء من قبل ، سواء للحديث عن العالم القديم ، والخلق ، حتى تصور طوفان اإلسرائيليات ، وأصبحت المصدر الوحيد

الدين مناقض للعلم في هذه القضية الخطيرة ، وأن الدين ال يملك العلمانيون وأحالسهم وأشباههم أن األسطوري ، وبعض التصورات الخرافية ، وأن الدين بذلك يقف أمام حائط سوى بعض القصص

.تجاوزه للحاق بركب العلم والتقدم مسدود ، يجب

Z ، ويحدد هوية الحياة على ) وها نحن أوالء نجد الدين في نصوصه الحقه Z بعيدا القرآن ( يسبق العلم سبقاZ ال ويدعو يتصادم مع العقل والرؤية العلمية الالحقة .. بل إنه يتوافق مع الحقائق العلمية ، األرض تحديدا

: }}آية سورة العنكبوت إلى االعتماد عليها في فهم قضية ) بدء الخليقة ( ، كما سبق أن قرأنا ذلك في

ر�ض�� وا ف�ي األ� ير� ة� ق�ل� س� خ�ر� �ة� اآل� أ �ش� �نش�ُئ� الن �ه� ي �م� الل �خ�ل�ق� ث � ال �د�أ �ف� ب �ي وا ك ، . العنكبوت {{ - 20 ... ف�انظ�ر�

Z لنصوص القرآن ، فيما توصل إليه من حقائق ، كما أنه في طريقه إلى موافقة وبذلك يكون العلم بيانا .قرر من نظريات تحتاج إلى مزيد من البحث والتحقيق القرآن في كل ما

اإلنسان آدم أبـو

الذي طرحناه من قبل ، وهو : هل كان وجود هذه الخليقة البشرية هل آن األوان لنجيب عن السؤالZ في األرض Z واحدا أرادته القدرة اإللهية ، وتابعته في مراحله المتطاولة ، وسارت به حتى انتهى .. شيئا

المتقاطرة آدم عليه السالم ؟ .. أم كان وجود الخليقة في صورة مجموعة من األشكال المتنوعة أو إلى؟ على الساحة األرضية عبر الوجود الزمني الهائل ، وكان آدم أحد هذه األشياء

Z ألسباب تفرض نفسها Z قاطعا أن البشرية تعني في : إننا نبادر إلى نفي الشق الثاني من السؤال نفياZ ، ال عدة أجناس مقتبس Z واحدا بعضها من بعض على ما قررته النظرية المفهوم الديني القرآني جنسا

.والغرب على السواء الداروينية .. التي أسقطها العلماء في الشرق

مشتركة بين أفرادها وأجيالها .. مختلفة عما .. وقد تميزت هذه الخليقة بصفات ثابتة في كل المراحل : }}وميزات وصفات ، وهو ما يعنيه قول الله تعالى عرفت به أجناس الخالئق األخرى من خصائص

�ه� �ه�م و�الل �ه� و�م�ن �ط�ن �م�ش�ي ع�ل�ى ب �ه�م م�ن ي �ة� م�ن م�اء ف�م�ن �ل� د�اب �ه�م م�ن خ�ل�ق� ك �ن� و�م�ن �ي ل �م�ش�ي ع�ل�ى ر�ج� م�ن ي

�ع� ب ر�� �م�ش�ي ع�ل�ى أ وجدوا كانوا يسيرون ، والعلم يؤكد صدق هذه اآلية بتقريره أن البشر منذ . النور {{ - ي

الخاصية يعني تعدد أجناس الخلق ، وهو منتصبي القامة ، بعكس األجناس األخرى ، واإلختالف في هذه .الخلق ، ما د�ق� منها وما ج�ل� الحقيقة المقررة حتى اآلن فيما نشاهد من أصناف

Z أنه ثم إن الله سبحانه وتعالى أخبر المالئكة Z م�ن� ط�ين }} أزال را �ش� ، وأن هذا البشر سوف {{ خ�ـال�ق� ب يكتمل ، وحينئذ يتعين على المالئكة أن تسجد له ، فلو يتعرض للتسوية والتعديل في أطوار نضجه ، حتى

Page 42: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

تقررت حكمة الخالق في أمره بالسجود لهذا المخلوق بالذات ، دون غيره من تعددت األنواع الخلقية لماZ ، لم يخف أمره على مالئكة الرحمن ، وهي تتابع ما أجناس الخلق األخرى ، فهو متعين منذ كان طينا

Z .. أي : إنسانا Z سويا Z ، هو آدم عليه يطرأ عليه من تغير وتنام عبر الدهور ، حتى أصبح بشرا متكامال السالم

ج�د�}} �ج�م�ع�ون� ف�س� �ه�م� أ �ل �ة� ك �ك ئ �م�ال� �ل�يس� ... 73ال �ب �ال� إ .ص {{ - 74 إ

�م� : }} الذي بدأ بأول بشر خلق من طين إن منطوق القرآن ومفهومه يؤكدان وحدة الخلق البشري ث�ه� ل �س� �ة� م�ن م�اء م�ه�ين� ج�ع�ل� ن ل ال� وح�ه�8م�ن س� �ف�خ� ف�يه� م�ن ر� و�اه� و�ن �م� س� �ص�ار� ث �ب م�ع� و�األ� �م� الس� �ك و�ج�ع�ل� ل

�د�ة� ... �ف�ئ وظيفة سمع وال بصر ، ، وال مانع في نظرنا من أن نتصور البشر األول بال . السجدة {{ - 9و�األ� : }}مقومات هذا الخلق البشري وال فؤاد ، ثم كان ذلك في مراحل مختلفة على طريق استكمال

م�ع� �م� الس� �ك �د�ة� و�ج�ع�ل� ل �ف�ئ �ص�ار� و�األ� �ب الفرق بين الخلق وهو اإليجاد من عدم ، يجب أن نالحظ) ، {{ و�األ� ، وقد سبقت اإلشارة إلى مغزى هذه المرحلة ، واللغة ( . والجعل وهو تمكين الحاسة من أداء وظيفتها

ويبدو أنها بلغت درجة من الكمال في المرحلة اآلدمية الحاسمة ، حتى من أخطر مقومات هذا الخلق ، .المالئكة في أول إختبار تفوق آدم على

البشر وتسويته وتزويده بالملكات العليا التي أصبح لقد كانت ملحمة هائلة !! تلك التي استغرقها خلقZ ( تتألق فيه كماالت �ه� : }} النبوة ، فاختاره الله واصطفاه كما قال بها ) إنسانا �ن� الل اص�ط�ف�ى آد�م� ... إ

Z . آل عمران {{ - 33 �اب� : }} ، كما قال سبحانه ، فصار آدم نبيا �ه� ف�ت ب �اه� ر� �ب ت �م� اج� �ه� و�ه�د�ى ث �ي {{ -122ع�ل .طه

استغرقت هذه الملحمة - كما سبق أن قلنا ماليين السنين ، ولكنها مرت لقدZ في ظالم Z في غيب ، حتى أذن الله للصبح أن ينبلج - فأشرق ظالما ، أو : غيبا

!!، واكتمل الخلق ، وجاء آدم اإلنسان من ساللة البشر

Z أن نتصور - بناء على هذا - أن آدم Z ألبوين ) ذكر وليس غريبا جاء مولودا، Z ولها في مدينتهم الشيخ رشيد رضا أن وثنيي الهند يزعمون أن آلدم أما

، وأن ( . 308 / 8المقدسة - بنارس - قبر عليه قبة بجانب قبة قبره - المنار حواء جاءت كذلك ، على الرغم مما سوف يلقى هذا التصور من معارضة

!!ورفض عنيف !! وبال تفكير تلقائية ،

ماليين ال يتصادم في رأينا مع حقيقة خلق اإلنسان من طين ، ذلك أن الخلق الذي بدأ منذ إن هذا التصور من أحداث بين السنين بالجسد الطيني - كان هدفه النهائي والوحيد خلق ) آدم ( ، وكل ما مضى

وروحه ، وملكاته ، وخصائصه ، التاريخين - إن كان ثمة تاريخ - إنما هو وقائع بناء جسد آدم ، وعقله ،�ة� استمرت بضعة وقد تم ذلك كله في غيبوبة الزمان ، حيث استوى الصفر ن والمليون ، فما هي إال س�

آدم ( الذي نبت من التراب ، وانبثق من األرض ، لقد تبددت .. ) ماليين من السنين حتى استوى اإلنسان .يبق منها سوى الحقيقة الترابية األحداث والوقائع ، ولم

Z عن Z ، وال بعيدا Z - عن اآلخرة حين قال تعالى وهو تصور ليس غريبا : }}الواقع الذي قرره القرآن - مثالZة� ي �ال� ع�ش� �وا إ �ث �ب �ل �م� ي �ه�ا ل و�ن �ر� �و�م� ي �ه�م� ي ن

� �أ و� ض�ح�اه�ا ك� يكون قد انطوى ، أي : إن الزمان . .. النازعات {{ - 46أ

�ه كل األحداث مهما تعاظمت ، واستغرقت مئات السنين ، وهو كذلك ما قرره القرآن وسقطت في ج�ب�وا : }} في قوله تعالى �ع�اد�ين� ق�ال ل� ال

� أ � ف�اس� �و�م �ع�ض� ي و� ب� �و�مZا أ �ا ي �ن �ث �ب �ن113ل �م� ق�ال� إ �ك �ن �و� أ �يالZ ل �ال� ق�ل �م� إ �ت �ث �ب ل

�ع�ل�م�ون� �م� ت �نت .المؤمنون {{ - 114ك

وأبرزها في وجود كل مخلوق يدخل في مضمون الضمائر وبهذا تكون الحقيقة الترابية أثبت الحقائقZ - ) أنا - ونحن - وأنت - وأنت� وأنتما - وأنتم - وأنتن - وهو - وهي - وهما - وهم - وهن ( ، وخبرها جميعا

�}} ( : تراب ) من �ون� ص�ل�ص�ال� م�ن� ح�م�إ ن {{م�س�

==البـــــاب الثاني==

وقائـــع

Page 43: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

القصــة

{{الفصــــل األول}}

واللغـــــــة البشـــر------

..معجزة الخلقالتي أثمرها تزويد المخلوق البشري بالملكات العليا ، وفي قمتها : العقل كانت اللغة هي فإن من أخطر - وإذا كان البشر قد عاشوا ماليين السنين حتى تتم عملية التسوية ، والنفخ اإللهي

�ق�ي أن يدرك األفراد معنى العالقات المتبادلة فيما بينهم ، وهي عالقات ال يمكن أن مظاهر الكمال الخ�ل هنا بالمفهوم العام الذي يشمل الجاذبية الجنسية ، ( تتحقق إال من خالل اللغة ، ونحن نستخدم ) اللغة

النوع البشري من أول لحظة ، كما يشمل التدافع واالحتكاك المادي وهي أقدم لغة وصلت مابين طرفي المبهم .. إلخ ، وعلى طريق النضج البشري بدأت الجوارح تصل ما بين الفرد والفرد ، واإلشارة والصوت

أو وما بين الذكر واألنثى ، ونحسب أن صوت الجنس كان أقدم األصوات التي صدرت عن البشر ، .صرخوا بها

للترقي والتطوع والتنويع ، وما أشبه وكما بدأت وظائف الجوارح تتحدد في سلوكيات مادية ، قابلة ماليين من السنين - بأطفالنا اآلن في أيامهم األولى ، وهو البشر آنذاك - والزمان طفل لم يتجاوز بضعة

�ط�ون� : }} الكريمة ما عبرت عنه اآلية �م م�ن ب ج�ك �خ�ر� �ه� أ م�ع� و�الل �م� ال�س� �ك Zا و�ج�ع�ل� ل �ئ ي �ع�ل�م�ون� ش� � ت �م� ال �ك م�ه�ات� أ

�ص�ار� �ب ون� و�األ �ر� ك �ش� �م� ت �ك �ع�ل �د�ة� ل �ف�ئ .النحل {{ - 78و�األ

Z بوجود الكائنات األخرى Z أن وجود البشر كان مسبوقا من الطير والحيوان في البر ومن المسلم به علمياZ من الكائنات بأشكالها وأنواعها ، كما كان لها تأثير مباشر على الوجود والبحر ، وكانت هذه تشكل عالما

ووسائل عملهم .. بل تولى بعض الطيور مهمة تعليم هذا المخلوق ما البشري ، فمنها كان قوت البشر : }}سلوكيات ، ودور الغراب في قصة أبني آدم ذو داللة ظاهرة في هذا المجال هو بحاجة إليه من

�ه� �ر�ي �ي ر�ض� ل� �ح�ث� ف�ي األ �ب Zا ي اب �ه� غ�ر� �ع�ث� الل �خ�يه� ... ف�ب و�ءة� أ �و�ار�ي س� �ف� ي �ي أي : إن اإلنسان ، . المائدة {{ - 31ك

قمة مأساته - الغراب في مطلع فجره لم يكن يدفن جثث الموتى من جنسه ، حتى شاهد - وهو في اآلدمية الجديدة ، وال يبعد أن نتصور أن يلقنه درس الدفن ، بعدما بلغ سن الرشد ، ودخل في المرحلة

Z البشر كانوا في بداية وجودهم ، وقبل رشدهم .يتآكلون ويتفارسون .. أي : يأكل بعضهم بعضا

، والصراع بين البشر وسائر أجناس الخلق - فإن ذلك يعني أن العالقات ولو أننا تصورنا حياة الصدام .والبشر كانت هي القوت اليومي ، بوجهيها : السلبي واإليجابي بين الموجودات

Z ، ، وهي تحدث بصماتها ، وتحفر في العقل وقد كانت هذه Z وكيفا Z ، كما البشري العالقات تتنامى دائما كانوا قادرين على االحتفاظ آثارها ، وكان البشر قد مـيزوا بالفـؤاد ، أي : بالعقل ، وهو ما يعني أنهم

.المتراكمة ، في الحركة ، وفي الصوت بالتجربة في ذاكرتهم ، ثم صاروا يفيدون من رصيد التجارب

ال تتغير في التعامل مع جنسه ، وغير جنسه ، ولكنه يأتيمن لقد كانت للطير أو للحيوان طريقته التيZ ذلك ما يوصف بالتلقائية األبدية ، والثبات الغريزي المتواصل عبر ماليين السنين ، وإن حدث تغير أحيانا

تحسين الشكل ، أما رصيد التجارب البشرية فقد كان في نمو دائم ، وتغير مستمر ، رغبة في في التوجه إلى استخدام األداء ، وتمكين الجنس البشري من السيطرة على سائر األجناس ، ومن هنا كان

.جانب الحركة األدوات الحجرية لمضاعفة القدرة ، وتأمين السيطرة .. هذا من

Z ، إذ كانت الضوضاء - وما زالت - هي غذاء فأما من جانب الصوت فقد كان أغزر مادةZ ، وأكثر حدوثا البشر ، أم صدرت عن المادة المتعلقة بالحركة ، الحياة وقوتها ، ودليلها ، سواء صدرت الضوضاء عن

مقترنة بصوت ، ينبعث من أثر إحتكاك المادة بعضها ببعض ، أو وليس بوسع مخلوق أن يأتي بحركة إال يتعامل معها ، ثم يتحول الصوت إلى مقطع ، ثم إلى كلمة ، ثم إلى درجات من يصدر عن اإلنسان ، وهو

Z عن المتنوع ، ثم تتطور هذه الحالة التي اقترن فيها الصوت بالحركة ، ليصدر الصوت التركيب مستقال تعبير عاطفي ، وهكذا الحركة ، وقد يكون في هذا الحال مجرد صوت ، وقد يرتبط بهدف حيوي ، أو

Z تتعلق بأوعية الزمان والمكان ، .. نشأت اللغة البشرية ، مع التجاوز البالغ عن تفاصيل كثيرة كثيرة جدا والسلب ، والعطاء والمنع ، والذكاء والغباء ، والتناقض واالستواء .. واحتماالت الفعل والترك ، واإليجاب

.إلخ

Page 44: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

ولهم من دون الخالئق وال شك أن البشر كانوا محوطين بأصوات أخرى تصدر عن الطيور والحيوانات ،Z قدرة على تقليد األصوات ، ونادر من الطيور ما عرف بتقليد األصوات ) الببغاء ( ، أما اإلنسان جميعا

Z التخاطب مع تلك الكائنات ، أو التجارب معها من باب التسلية أو الترويض ، وقد الحظ فقد لذ له دائماZ من الضوضاء يستخدمه في قيادة القطيع ، أو نداء األنثى ، أو تحذير أولئك البشر أن لكل كائن نوعا

التنويع ، وهم - كذلك الصغار ، أو مواجهة األخطار ، فلم ال يكونوا كذلك ، وهم يملكون قدرة هائلة على ولم ال يكون تعاملهم مع هذه - يعقلون المعنى الوظيفي للصوت حين ينطلق بوجه من الوجوه ،

.عند التعامل معها الكائنات من قناة اللغة ، بحيث يضعون لها أسماء تميزها

من أصوات متشخصة ، وكلمات متخصصة ، هكذا تخلقت اللغة خالل ماليين السنين ، حتى صارت مكونة تنوعت فبلغت عدة اللغات أكثر من ألفي لغة وحتى أصبحت تضم األلوف من الكلمات .. بل حتى

عدد محدد من األصوات هو غاية ما يصدره جهاز النطق ، ال يزيد ينطقها اإلنسان اآلن ، وكلها مبنية على .وال يتنوع

له على بعض عباده من لقد أولع كثيرون بالبحث عن أصل اللغة ، فمن قائل : إنها من وحي الله .. نز� مقولة : إن الله فتق لهاة إسماعيل بالعربية على غير مثال األنبياء ، كآدم ، وإسماعيل !! وللجاحظ هنا

( .مخطوط بدار الكتب / سبق ) مختارات فصول الجاحظ /1وهو قول ابن جنى في ) الخصائص - وقائل : إنها مواضعة حددت لكل شيء اسمه المتفق عليه

44. ) !!وقائل : إنها محاكاة ألصوات الطبيعة

!!وقائل : إنها نتيجة إنفعاالت تعرض لها اإلنسان

كثيرة الدكتور إبراهيم أنيس - رحمة الله عليه - ) أن الكلمات اإلنسانية الناشئة كانت وتصور أستاذنا ويستمتعون بالنطق ، دون المبنى ، قليلة المعنى ، فالمجتمع جماعة من الشباب يمرحون ، ويلعبون ،

بأيديهم وأرجلهم ، أي : إن اللغة نشأت هدف معين سوى المتعة واللعب بألسنتهم ، كما كانوا يلعبون إلى السامع .. بل كانت أشبه بمناغاة الطفل وأصواته في صورة لعب ممتع ، ال يهدف إلى إيصال معنى

Z باألفكار ، ولكن عنايته كانت مقصورة على الغرائز والعواطف ، المبهمة .. فلم يكن اإلنسان األول معنيا ويثبت والغريزة الجنسية أقوى هذه العواطف ، فهو ينطق أو يصوت ليستلفت انتباه األليف ، ولعل الحب

Zلعله بهذا ينال وجوده واستقالله ، كالطير حين ينتقل من فنن إلى فنن ، وهو يغني غناء ، Z متواصال .الحظوة لدى أليفة من الطيور

-األول يغني في أثناء صيده ، وفي حربه ، وفي كل ما يقوم به .. غناءZ ال كغنائنا كذلك كان اإلنسان .يهدف إلى الطرب - وإنما هو تصويت منسجم تتردد فيه األصوات والمقاطع

عن كل ما تطور هذا النطق من مجرد اللعب والمتعة ، وأصبح ذا هدف فيما بعد ، واستغل في التعبير ثم ( . وما بعدها23يدور بخلد اإلنسان من خير أو شر ) داللة األلفاظ صفحة

فكل اآلراء تجتمع والواقع أن كل افتراض لتفسير نشأة اللغة له نصيب ، ولو ضئيل ، من الصواب ،Z وقعت في خطأ مشترك هو خلطها بين البشر لتنسج ثوب اللغة في صورة مكتملة ، غير أنها جميعا

خالل الفترة الزمنية القريبة التي عاشها واإلنسان من ناحية ، وتصورها أن اهتداء اإلنسان للغة كان .المخلوقات .. من ناحية أخرى اإلنسان منذ آدم عليه السالم باعتباره أول

معقدة شديدة التعقيد ، ظهرت في حياة البشر على والحق الذي نؤمن به هو أن اللغة ظاهرة بشرية قبل ظهور آدم عليه السالم ، وقد بلغت درجة من الكمال مدى الماليين من السنين التي عاشوها

مشارف العهد اإلنساني اآلدمي ، حتى تحملت ما دار من حوار بين الله باعتبارها أداة تعامل على الله وإبليس ، وبين الله وآدم وجواء ، بكل ما حوته هذه الحوارات من معان دقيقة ومالئكته ، وبين

اللغات الحضارية وراقية .. أقرب شيء إلى التجريد ، والتجريد مستوى من الرقي اللغوي ال تعرفه سوى .الناضجة التي تجاوزت المحسوس من المجرد

، قصة ابني آدم ) هابيل وقابيل ( يبهرنا فيها غزارة التجريد في المعنى ، وثراء اللفظ بل إننا حين نقرأ القصة ، مما يدل على حتى إن اإلنسانية مازالت دون بلوغ األفق األخالقي والقيمي الذي عبرت عنه تلك

أن كافح ماليين السنين في مرحلة درجة من الحضارة الدينية ، بلغها اإلنسان في ذلك الزمان ، بعد .البشرية

�ي� آد�م� : }} تعالى ولنقرأ نص القصة . بقول الله �ن اب� �أ �ب �ه�م� ن �ي �ل� ع�ل �ل� م�ن و�ات �ق�ب Zا ف�ت �ان ب �ا ق�ر� ب �ذ� ق�ر� �ح�ق� إ �ال ب

�م� �ح�د�ه�م�ا و�ل �ه� أ �ل� الل �ق�ب �ت �م�ا ي �ن �ك� ق�ال� إ �ن �ل �ق�ت �ل� م�ن� اآلخ�ر� ق�ال� أل� �ق�ب �ت �ق�ين� ي �م�ت �د�ك�27م�ن� ال �ل�ي� ي �س�طت� إ �ن ب �ئ ل� �ا �ن �ي م�ا أ �ن �ل �ق�ت �ت �م�ين� ل �ع�ال ب� ال �ه� ر� �خ�اف� الل �ي أ �ن �ل�ك� إ �ق�ت �ك� أل� �ي �ل �د�ي� إ �اس�ط� ي �ب �م�ك� 28 ب �ث �م�ي و�إ �ث �إ �وء� ب �ب ن ت

� ر�يد� أ� �ي أ �ن إ

ص�ح�اب�� �ون� م�ن� أ �ك �م�ين� ف�ت اء الظ�ال �ار� و�ذ�ل�ك� ج�ز� �ل�29الن ه� ق�ت �ف�س� �ه� ن �ح� م�ن� ف�ط�و�ع�ت� ل ص�ب

� �ه� ف�أ �ل �خ�يه� ف�ق�ت أر�ين� �خ�اس� Zا30ال اب �ه� غ�ر� �ع�ث� الل �ا ف�ب �خ�يه� ق�ال� ي و�ءة� أ �و�ار�ي س� �ف� ي �ي �ه� ك �ر�ي �ي ر�ض� ل

� �ح�ث� ف�ي األ �ب �ن� ي ت� أ �ع�ج�ز� �ا أ �ت �ل و�يو�ءة� و�ار�ي� س�

� اب� ف�أ �غ�ر� ذ�ا ال �ل� هـ� �ون� م�ث �ك �اد�م�ين� أ �ح� م�ن� الن ص�ب� �خ�ي ف�أ .المائدة {{ - 31أ

Page 45: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

القربان أو عدم قبوله ، وداللة ذلك لقد ذكرت القصة : القربان ، وهو معنى ديني خاص ، وذكرت قبولZ من الله ، رب العالمين ، وذكرت : على التقوى ، والتهديد بالقتل والتسامح في مواجهة التهديد ، خوفا

وعاقبة الظلم ، وهي النار ، وسيطرة النفس األمارة بالشر على القاتل حتى مفهوم اإلثم ، ومضاعفته ،Z ذكرت الدرس الذي تلقاه القاتل من الغراب ، قتل أخاه ، Z دنياه وأخراه ، وأخيرا وصار بذلك خاسرا

.فتحول فعل الطير إلى معنى كبير من لوم النفس ، والندم العميق

اجتازت المعاني الدينية ذات داللة على الرقي النسبي الذي بلغه اإلنسان ، لعهد آدم .. لقد وكل هذه عبرت مستوى الحقيقة إلى اللغة مرحلة التعبير المادي فأصبحت معبرة عن المعاني الغيبية .. أي : إنها

السنين ، وقد توجت هذه المرحلة باصطفاء المجاز ، وهو تقدم خطير ، لم تبلغه البشرية إال عبر ماليينZ يحمل رسالة الله إلى بنيه ، وهم .الجيل األول من أجيال اإلنسانية آدم ، نبيا

العميقة على مذهبنا هذا - ما جرى على لسان إبليس وهو ومن المعاني الغيبية المجردة ذات الداللة�م�ا ع�ن� : }} الشجرة المحرمة - قال يغري آدم وزوجه باألكل من �ك ب �م�ا ر� �ه�اك �ا م�ا ن �ون �ك �ن ت � أ �ال ة� إ ج�ر� ذ�ه� الش� هـ�

�ا م�ن� �ون �ك و� ت� �ن� أ �ي �ك �د�ين� م�ل �خ�ال وزوجه معنى الخلود ؟ وكيف لهما فمتى عرف آدم . !! األعراف {{ - 20ال

على فرض أنهما أول المخلوقات البشرية ؟؟ أن يتخياله ، وهو معنى مرتبط بواقع لم يحدث من قبل ،؟ ونعني به واقع ) الموت ( وهو ضد الخلود

Z سابقة حصدها الموت ، وابتلعها الفناء ، Z إن ذلك يؤكد أنهما عاينا أجياال ولعل الخلود أو البقاء كان حلما�ي : }} حلمهما ، أو نقطة ضعفهما ، فقاسمهما يراودهما ، فجاءهما الشيطان من هذا الباب وقد عرف �ن إ

�م�ا �ك �اص�ح�ين� ل �م�ن� الن ور� ... 21ل �غ�ر� �ه�م�ا ب .األعراف {{ - 22 ف�د�ال

ظفر برعاية ربانية استثنائية جعلته في ذاته معجزة إننا ال نشك في أن آدم قد صنع على عين الله ، وأنهZ للمرحلة القادمة التي بدأت به مع زوجه حواء ، ومن خالل آدم بدأت إلهية ، وكان آدم بذلك مددا

بخطوات قاصدة راشدة ، على حين بادت الموجودات البشرية الطليقة الشاردة لتبدأ اإلنسانية مسيرتها

، بعد أن تم بعبادة اإلله الخالق الواحد .. مرحلة التكليف الديني.. المرحلة الجديدة أعانه الله لإلنسان التعرف على الكون من حوله ، من خالل األسماء التي تحدد وجود كل شيء والتي

.سبحانه على استيعابها

:ونعود إلى حديث اللغة فنقول البشري اقترنت نشأة اللغة بمجموعة هائلة من الصدف العشوائية ، يجل حصرها ، وكان المخلوق لقد

كمبيوتر ( ضخم ذي أشبه بطفل جلس إلى جهاز كمتور ) الكمتور : نحت عربي - للمؤلف - من كلمةZ على مفاتيح كثيرة ، فأخذ الطفل في البداية يلمس هذه المفاتيح ، ويرقب أثر لمساته ، وكلما وجد أثرا

�ف�ة أغرته بالمذيد ، شاشة الجهاز كرر اللمس ليستمتع به أو بغيره ، حتى �ل تكونت بينه وبين الجهاز أ التكرار ، ويبني تجارب أخرى مركبة من تجاربه البسيطة ، إلى أن فمضى يستخدم خبراته المثبتة نتيجة

Z .. فكذلك اإلنسان الذي ورث التراث البشري ، سيطر على الجهاز مع تقدمه في العمر ، وصار به خبيراZ ، فكان آدم عليه السالم وتألقت Z وتعليما العالمة في شخصه كل المواهب البشرية ، وزاده الله مددا

.األولى لبدء عهد جديد ، هو عهد اإلنسان المتدين : آدم وبنيه

تسمية سؤال لم يطرحه أحد ممن تناولوا هذه القصة في القديم والحديث ، وهو : من أين جاءت وبقىآدم ؟

تكون البشرية قد قطعت واالسم رمز المسمى ؛ فهل يمكن أن يطلق على آدم هذا االسم دون أنZ في الرقي اللغوي قبل مرحلة اإلنسانية اآلدمية ؟ Z هائال و�ع�ل�م� آد�م� : }} وإذا قرأنا قوله تعالى شوطا

م�اء �س� �ه�ا ... األ �ل اآلية على هذا النحو بأن الساحة كانت حافلة فهل ال يوحى منطوق . - البقرة {{ - 31ك لمعان مجردة ، وأن حصيلة ذلك كانت في عقل آدم ؟ أو بأسماء كثيرة لموجودات مادية ، أو أسماء

!!استطاع آدم أن يحصلها

!!األرض قد يقول قائل : إن اسم ) آدم ( هو اختيار الله ، أطلقه على أول خليقة في

آدم ( والمادة التي ينتمي إليها ) ولكن التناسب الذي نجده بين االسم والمسمى .. أي : بين معنى كلمة أو الفجاءة ، فالفجاءة حدوثه على سبيل الصدفة وهي ) أديم األرض ( - هذا التناسب ال يمكن أن يتصور

واإلبداع ، وهو آيات العظمة اإللهية ودالئلها . فلم يبق إال أن خروج على سنة الله في الخلق والتسوية النضج اللغوي بلغته البشرية في أواخر مرحلتها ، وفي بواكير العهد اإلنساني ، وهو نفترض مستوى من

.يعني أن العربية قديمة .. قدم التاريخ اإلنساني على هذه األرض .. على األقل ما

أحد من علماء اللغات النعدام لقد زعم العبرانيون أن لغتهم هي أقدم اللغات وأصلها وهو ما لم يسل�م بهZ من مالحظاتنا السابقة - أن العربية هي األصل الدليل على صحة مقولتهم ، أما نحن فنرى - انطالقا

.ما دار من حوار جرت به أحداث هذه القصة واألقدم ، ولذا كان اختيار الله لها في كل

Page 46: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

{{ الفصل الثاني من الباب الثاني}}

والمالئـــــكة اإلنســــان

الكون التي برأها الله ، خلقهم من مادة النور ، بهذا جاء الحديث الشريف المالئكة عالم من عوالم

نور ، وخلق الجان من خلقت المالئكة من ) :ومسلم رضي الله عنهما برواية أحمد ، وليس بالزم أن نبحث في ماهية هذا النور ، وهل هو (نار ، وخلق اإلنسان مما وصف لكم

مصدر كالقمر ، أو الضوء الذي عهدناه من مصدر الشمس ، أو هو نور آخر مختلف النور الذي نألفه من�قِـــف�نا عند حدود أقدارنا ، فقد العناصر Z ي خلقنا الله من واألطياف ال ندري كنهه ؟ ويكفي أن نذكر قياسا

عناصرهما عند التحليل ، تراب ، وشتان ما بين هذا التراب واللحم اآلدمي في الشكل ، وإن اتحدت هم من النور ، ومع ذلك نتصور أن هيئتهم .. فالمسافة هائلة ال يمكن للعقل أن يقطعها ، وكذلك المالئكة

Z عن مادة النور التي نألفها ، وكل مانملكه هو أن نؤمن بهم كما أخبر الله التي خلقوا عليها بعيدة جدا اإليمان بهم ، فهم مالئكة الله وجنده ، وهم جزء من عالم الغيب الذي حجبت عنا عنهم ، وكما طلب منا

العالم ، واستحالت علينا رؤيته ، ولعلنا نتذكر هنا أن البشر قد كانوا في أقدار الخلق هم حقيقته وما شاء الله من خلق ال الظاهر ، في مقابل العالمين المخلوقين الخفيين ، عالم المالئكة وعالم الجن ،

.نعلمه

المالئكة في عالمنا اإلنساني ، فمنهم ملهمون بالخير ، ونحن من خالل الدين ندرك الدور الذي تؤديه كاتبون ، ومنهم حملة العرش ، ومنهم مالئكة السماء والسحاب والمطر ومنهم حفظة .. سفرة .. كرام

، ومنهم الموكلون بحياة العباد وموتهم .. إلى ما ال يحصى من مهام خصهم الله بالقيام واألرزاق واألقدار�ه� م�ن : }} عليها في إدارة الكون ، في السموات واألرض ر�ض� و�م�ن� ع�ند�ه� ال� و�ل

� م�او�ات� و�األ� ف�ي الس�ون� ع�ن� �ر� �ب �ك ت �س� ون� ي ر� �ح�س� ت �س� �ه� و�ال� ي �اد�ت ب �ه�ار� ال�19ع� �ل� و�الن �ي �ح�ون� الل ب �س� ون� ي �ر� �ف�ت .األنبياء{{ - 20ي

بالمالئـــــكة عالقة اإلنســــان

بالمالئكة على مشارف المرحلة البشرية ، وذلك حين أعلم الله المالئكة أنه خلق أو بدأت عالقة اإلنسانZ لهم في مواجهة ما سوف يحدث من متغيرات على ساحة أنه يريد خلق ) بشر من طين ( ، وإعدادا

Z ، وكان Z األرض ، وقد إختارها الله إليجاد هذه الخليقة البشرية ، بعد أن جعلها مهدا البالغ اإللهي منطوياZ منه كان ) خلق البشر ( قد أنجز ، أو هو .. على جملة من العناصر المستقبلية إضافة إلى ما كان منجزا

ا : }} األولى بسبيله إلى اإلنجاز ، وهو داللة الجملة Zر �ش� �ي خ�ال�ق� ب �ن ، ثم جاءت األمور المستقبلية في {{ إ�ه� : }} شكل هذا األسلوب الشرطي وح�ي ف�ق�ع�وا ل �ف�خ�ت� ف�يه� م�ن ر� �ه� و�ن �ت و�ي �ذ�ا س� اج�د�ين� ف�إ ، وكأن الله {{ س�

يحدث من تغييرات في أحوال هذا المخلوق الظاهر وصفاته ومقوماته ، يريد من المالئكة أن تراقب ماZ لروعة إبداعه ، ومضت ماليين السنين ، وطحنت حتى يسجدوا له كما Z ألمره ، وإعظاما أمرهم ، إذعانا

والمالئكة تراقب األلوف من األجيال ، وربما مئاتها في عملية التسوية والتزويد بالملكات العليا عشرات .أحوال ذلكم المخلوق وتحركاته ، حتى آن أوان السجود

�ي ج�اع�ل� ف�ي : }} المدخل إلى معرفتهم بأن السجود قد آن أوانه خطاب الله سبحانه لهم بقوله كان �ن إ ... Zيف�ة� ل ر�ض� خ�

� تمت ، وقد صار البشر ، وهو خطاب يتضمن إخبارهم بأن التسوية قد . البقرة {{ - 30األZ بالنفخة من روح الله ، وكان لهذا القول وقع المفاجئة على أسماعهم ، فهم يتابعون منذ ماليين مزودا

ويعاينون من شئونه ما يحيرهم ، ولذلك بادروا إلى سؤال ، ( السنين أحوال هذا المخلوق ) البشرف�ك� الد�م�اء : }} المولى عز وجل �س� د� ف�يه�ا و�ي �ف�س� �ج�ع�ل� ف�يه�ا م�ن ي �ت �ق�د�س� ل�ك� ... أ �ح�م�د�ك� و�ن �ح� ب ب �س� �ح�ن� ن و�ن

أخبرتنا ، وكأنهم يقولون لربهم : أهذا هو المخلوق الذي أمرتنا بالسجود له ، حين . البقرة {{ - 30 رأينا منه غير اإلفساد في بخبره منذ ماليين السنين ؟ لقد راقبنا أحواله منذ ذلك العهد السحيق ، فما

الحيوانية التي كان عليها البشر في مختلف األرض ، وسفك الدماء ، وهم يشيرون بذلك إلى السلوكيات .بالنفخة اإللهية وثمراتها مراحل تسويتهم ، حتى إكتمال ملكاتهم

يفترضوا أن المالئكة كانوا يرون أنهم جديرون بهذه ويحلوا لبعض المفسرين - أو لجمهورهم - أن ال يقبله العقل ، فقد كانوا يتمتعون بميزات الشهود والقرب من الله الخالفة دون البشر ، وهو افتراض

وهي مرتبة عليا في سلم المخلوقات - لم يبلغها غيرهم من الكائنات األخرى !! إن سبحانه وتعالى ، من أمره كله صفحة مبسوطة بين أيديهم وأنوارهم ، يرتادون آفاقه ، ويجوبون أنحاءه ، ويعلمون الكون

Page 47: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

الحيواني ، الالزق باألرض ، ما أذن الله لهم بعلمه ، وأين هذا البهاء والسناء من أحوال ذلك المخلوق!السافك لدماء جنسه وغير جنسه ؟ النابت من التراب ، المعربد في ممالك الطير والحيوان ،

من اتصال بالمأل األعلى ؟ .. إن معنى سؤال المالئكة ال فما الذي تتمناه المالئكة أكثر مما هي فيه ، أو حسد البشر عليها .. بل هو تعبير عن إستغرابهم لما يتوقعونه من يتضمن رغبتهم في تلك الخالفة

، وتذايد التشويش في األرض على تسبيحهم وتحميدهم وتقديسهم لجالل الله استمرار الفساد�ح�م�د�ك� : }} فموقع الجملة المالئكية وعظمته ، �ح� ب ب �س� �ح�ن� ن �ق�د�س� ل�ك� و�ن موقع الحال ، أي : إننا {{ - و�ن

Z ، وال غارقون في Z أنوار التقديس ، في حين أن هؤالء والغون في بحار الدماء ، ال يعرفون دينا يعبدون إلها.

� : }} وقال الله �ع�ل�م� م�ا ال �ي أ �ن �ع�ل�م�ون� إ .، وسكتت المالئكة {{ ت

ف�ك� : }} إلى تسجيل مالحظة على عبارة المالئكة ونبادر هنا على �س� ، فهي إشارة إلى {{ الد�م�اء و�يZ لسفك الدماء في إنتشار جرائم القتل في تلك العهود بين البشر ، ولم يكن قتل قابيل لهابيل إال استئنافا

البشري الذي اإلنساني ، عهد التكليف بعبادة الله وحده ، بعد انقراض بقية البشر ، وانتهاء العهد العهدZ Z وال تلقى رسالة وال اتبع دينا .لم يعرف تكليفا

كانت أولى الجرائم في العهد اإلنساني ، وتميزت باإلهتداء إلى دفن الموتى من بني آدم فهذه الجريمة .الضراوي ، أو تتآكل ألول مرة ، بعد أن كانت الجثث تترك في العراء كسائر الحيوانات النافقة ، تأكلها

والنسائي عن مسروق عن عبد الله : ) ال تقتل وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيما رواه البخاريZ إال كان على ابن آدم األول Z ظلما Z إلى نفسا كـفْـل� من دمها ، وذلك أنه أول من سن القتل ( - يشير أيضا

المسئولية ، فقبل ارتكاب هذه الجريمة لم تكن هناك مسئولية عن قتل النفس ، موقع ذلك الجرم من آدم بدأ مسئولية إال بعد إرسال الرسل ، وقبل آدم لم يكن رسول وال دين ، فال مسئولية ، وبعد ألنه ال

أخيه ، وعليه كفل من دم كل العهد اإلنساني فكانت المسئولية الدينية ، فتحمل ابن آدم األول وزر قتلZ ، ألنه أول من سن القتل ، أي : هو أول من خرج على الدين ، واتخذ لنفسه سنة أخرى نفس تقتل ظلما

من سن سنة حسنة فله ) :، وفي الحديث ، هي سنة الظلم والقتل ، ال سنة الدين والعدل ، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه أجرها

( .إلى يوم القيامة وزرها ووزر من عمل بها

�ي : }} لقد قال الله سبحانه لمالئكته �ن �ع�ل�م�ون� إ � ت �ع�ل�م� م�ا ال بالسكوت ، ومضمون هذا الخبر أمر لهم {{ أ و�ع�ل�م� : }} في تاريخ اإلنسانية ودارت األقدار على نهج المشيئة ، وبدأ الدرس األول ، أو الرسالة األولى

م�اء �س� �ه�ا آد�م� األ �ل م�ن� ذلك الذي جعله الله من بين : وحتى هذه اللحظة لم تكن المالئكة تعلم {{ .. ك المسرح ، فاصطفاؤه كان في علم الله وحده .. البشر خليفة في األرض ؟!! ولم يكن آدم قد ظهر على

الخليقة إال الجانب السلبي ، أما الجانب اإليجابي فمحجوب عنهم ، وهم معذورون ألنهم ال يرون في تلكZ من أسراره ولم يكشف الله لهم .شيئا

�ه�ا }} وجاء وحي الله بالرسالة واالصطفاء إلى آدم ، �ل م�اء ك �س� وهذه أول مرة يذكر فيها {{ و�ع�ل�م� آد�م� األ إال في هذه اآلية ، وهي آية ال يمكن لفظ ) آدم ( ، وتعليم الله له هو فحوى رسالته التي لم تذكر

اه�يم� و�آل� : }} تفسيرها إال في ضوء قوله تعالى �ر� �ب �وحZا و�آل� إ �ه� اص�ط�ف�ى آد�م� و�ن �ن� الل ان� ع�ل�ى إ ع�م�ر��م�ين� �ع�ال .آل عمران {{ - 33ال

Z كنوح وإبراهيم ، ولقد كانت لنوح ملحمة كبيرة تحدث عنها إن آدم رسول مصطفى من الله ، تماما الكبرى التي بدأت بهذه اللمحة اإللهية ، القرآن في أكثر من موضع ، وكانت آلدم - قبل نوح - ملحمته

Z في فقد علمه ما ال تعلم المالئكة .. علمه الدين ، والرسالة التي سوف يبلغها لبنيه ، وهو ما بدا متألقاZ كل المفاهيم التوحيدية ، وأمهات األخالق الدينية ، وتلكم هي الحوار الذي دار األسماء بين أبنيه متضمنا

.التي تعلمها آدم عن ربه�ه�ا }} تعلم وألمر ما ح�ــر�ص� القرآن على أن يؤكد أنه �ل م�اء ك �س� فلعل آدم كان يعرف بعض ، {{ األ

بالمهمة التي سينهض بها ، خليفة في األسماء فتولى الله سبحانه تعليمه كل األسماء ، فيما يتصل المالئكة المشاركين في هذا الحوار ، وقد تضمن القرآن األرض ، ومن بين األسماء التي تعلمها أسماء

.المؤمنون من الوحي بعض هذه األسماء فتعلمها

Z Z عن المالئكة ، ال يعلمه إال رب العزة ، وكانت وكان اصطفاء آدم للرسالة اإلنسانية األولى غيبا محجوبا باألمانة التي ناطها الله بآدم وذريته ، وهو ما لم تعلمه المالئكة من قبل .. األسماء التي تعلمها متعلقة

سبحانه هذه بداية عهد جديد ، وإشراقة جيل اإلنسان على أنقاض الركام البشري ، وحين عرض الله إنها�ي : }} المضامين على المالئكة �ون �ئ نب

� �م� ص�اد�ق�ين� ف�ق�ال� أ �نت �ن ك ؤ�الء إ م�اء هـ� س�� �أ � ع�ل�م�31ب �ك� ال �ح�ان ب � س� �وا �ا ق�ال �ن ل

�ح�ك�يم� �يم� ال �ع�ل �نت� ال �ك� أ �ن �ا إ �ن �م�ت � م�ا ع�ل �ال .البقرة {{ - 32إ بإشارة العقالء ) هؤالء ( ، ألن األسماء تتعلق وال مانع من أن يشار إلى المعروضات الماثلة في الموقف

وأقرت المالئكة بأنها ال تعلم إال ما سمحت به من قبل مشيئة الله ، باشخاص وأشياء تفرد آدم بعلمها ،

Page 48: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

�ه�م�}} �أ �نب �م�ا أ �ه�م� ف�ل م�آئ س�� �أ �ه�م ب �ئ نب

� �ا آد�م� أ م�او�ات� ق�ال� ي �ب� الس� �ع�ل�م� غ�ي �ي أ �ن �م� إ �ك �ق�ل ل �م� أ �ل �ه�م� ق�ال� أ م�آئ س�� �أ ب

�م�ون� �ت �ك �م� ت �نت �د�ون� و�م�ا ك �ب �ع�ل�م� م�ا ت ر�ض� و�أ� .البقرة {{ - 33و�األ

Z ووضح من الموقف تفوق آدم ، واختصاصه بالرسالة واالصطفاء ، وهنا حانت لحظة السجود آلدم ، تنفيذا .السنين لألمر الصادر منذ بضعة ماليين من

Z آلدم النبي المصطفى .فسجود المالئكة كان في تقديرنا سجودا

{{ الفصل الثالث من الباب الثاني }}

السجــــود للنبـــي اإلنســـــان

:القــرآن ، وهي بترتيب النزول ورد موضـــوع السجود آلدم في ســبع صور من

�ج�م�ع�ون� ( : }} السورة السابعة والثالثون ) ص - 1 �ه�م� أ �ل �ة� ك �ك ئ �م�ال� ج�د� ال �ان� 73ف�س� �ر� و�ك �ب �ك ت �ل�يس� اس� �ب �ال� إ إ�اف�ر�ين� �ك .ص {{ - 74م�ن� ال

�م� ( : }} السورة الثامنة والثالثون ) األعراف - 2 �م� ث �اك ن �م� ص�و�ر� �م� ث �اك �ق�ن ل �ق�د� خ� � آلد�م� و�ل ج�د�وا �ة� اس� �ك �م�آلئ �ل �ا ل �ن ق�ل�ن �ك �م� ي �ل�يس� ل �ب � إ �ال � إ ج�د�وا اج�د�ين� ف�س� .األعراف {{ - 11م�ن� الس�

�ا ( : }} السورة الرابعة واألربعون ) طه - 3 �ن �ذ� ق�ل �ى و�إ �ب �ل�يس� أ �ب � إ �ال � إ ج�د�وا � آلد�م� ف�س� ج�د�وا �ة� اس� �ك �ئ �م�ال �ل ل .طه {{ - 116

� ( : }} اإلسراء ) السورة التاسعة واألربعون - 4 ج�د�وا �ة� اس� �ك �م�آلئ �ل �ا ل �ن �ذ� ق�ل �ل�يس� ق�ال� و�إ �ب � إ �ال � إ ج�د�وا آلد�م� ف�س�Zا �ق�ت� ط�ين �م�ن� خ�ل ج�د� ل س�

� �أ .اإلسراء {{ - 61أ

�ج�م�ع�ون� ( : }} الحجر ) السورة الثالثة والخمسون - 5 �ه�م� أ �ل �ة� ك �ك �م�آلئ ج�د� ال �ون� 30 ف�س� �ك �ن ي �ى أ �ب �ل�يس� أ �ب � إ �ال إاج�د�ين� .الحجر {{ - 31م�ع� الس�

�ال� ( : }} السورة الثامنة والستون ) الكهف - 6 ج�د�وا إ د�م� ف�س� ج�د�وا آل� �ة� اس� �ك ئ �م�ال� �ل �ا ل �ن �ذ� ق�ل �ان� م�ن� و�إ �ل�يس� ك �ب إ�ه� ... ب م�ر� ر�

� �ج�ن� ف�ف�س�ق� ع�ن� أ .الكهف {{ - 50ال

� آلد�م� ( : }} السورة السابعة والثمانون ) البقرة - 7 ج�د�وا �ة� اس� �ك �ئ �م�ال �ل �ا ل �ن �ذ� ق�ل �ى و�إ �ب �ل�يس� أ �ب � إ �ال � إ ج�د�وا ف�س��اف�ر�ين� �ك �ان� م�ن� ال �ر� و�ك �ب �ك ت .البقرة {{ - 34و�اس�

:القرآنية ما يأتي ويالحظ على ماسبق من النصوص

.أن النصوص الستة األولى مكية ، والنص السابع مدني - 1

وكأنه جزاء وجواب أن النص في سورة ) ص ( يجعل السجود عقب تمام النفخ من روح الله ، - 2�ه� }} للشرط �ت و�ي �ذ�ا س� Z السياق في نص سورة ) الحجر ( ، أما {{ ف�إ النص في سورة ، وكذلك أيضا

وبين األمر بالسجود ، كما ( ) االعراف ( فيوحي بوجود مسافة زمنية بين مرحلة التصوير ) أو التسوية .سياقها فورية مقرونة بالفاء سبقت مالحظته ، ولكن استجابة المالئكة لألمر كانت في

Z وتتشابه النصوص في بقية السور المكية في ) طه واإلسراء والحجر والكهف ( - إذ يأتي السجود جوابا ( .لألمر : ) اسجدوا ( ) فسجدوا

هو الحوار بين أما النص المدني في سورة البقرة فيجعل األمر بالسجود عقب فصل هام من القصة ، لم ترد في أي نص قرآني رب العزة والمالئكة في شأن ) الخالفة في األرض ( ، وهي إضافة بارزة

.سابق أو الحق

Z أن السجود المالئكي قد حدث عقب نفخة الله سبحانه وتعالى ، التي لقد كان أهل التفسير يرون دائماZ م�ســو�ي� ( ، وهو رأي سائد في كل التفاسير ، إذ إن المالئكة رأت في تحرك هذا أنهضت آدم ) بشرا

Z آلدم ، وطاعة لله عز وجل ، بحسب الرؤية المخلوق الطيني آية إلهية تستوجب السجود - تكريما

Page 49: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

له بأمر من الله عز وجل - ( : سجدوا - المالئكة59القديمة ، وهو ما يقوله األستاذ البهي الخولي ) ص ( .عندما نفخ فيه سبحانه من روحه

Z لتصورنا أن نص سورة البقرة ، وهو النص األخير الذي يحكم جميع النصوص أما نحن فنرى طبقاZ آخر لألحداث ، فجاء باألمر بالسجود بعد السابقة مشهد ، ويهيمن عليها - هذا النص ، قد طرح تريبا

Z آنذاك للمالئكة ، رغم أنه كان الحوار بين الله ومالئكته عن اتخاذ خليفة في األرض ، ولم يكن آدم معلوماZ على الساحة بين أغمار البشر ، وأنهم يفسدون ويسفكون الدماء ، ولو كانت المالئكة تعرف أن موجودا

�ع�ل�م� م�ا : }} التعميم ، ولذلك قال الله تعالى المقصود آدم ، فربما استثنته من هذا �ي أ �ن �ع�ل�م�ون� إ � ت {{ .ال

�م� }} الحوار وهنا دخل آدم إلى مسرح �ه�ا ث �ل م�اء ك �س� �ة� ... و�ع�ل�م� آد�م� األ �ك �ئ �م�ال ض�ه�م� ع�ل�ى ال {{ -31ع�ر�Z ، . البقرة وتزويده ، كان التعليم هو الوحي الذي علم آدم ما لم يكن يعلمه ، وهو اصطفاؤه نبيا

�ق�د� : }} في شخص آدم بالضرورة من التعاليم الدينية ، ليبدأ الموكب الجديد ، موكب اإلنسان المكرم و�ل�ي آد�م� ... �ن �ا ب م�ن �ر� محمد صلى الله ، وموقف آدم عليه السالم في هذا هو موقف . اإلسراء {{ - 70ك

�ع�ل�م� ... : }} عليه وسلم ، وقد قال الله له �ن� ت �ك �م� ت .النساء {{ - 113و�ع�ل�م�ك� م�ا ل

آدم ( ، وليس غير .. إنها ) وفي هذا الموقف ع�ل�مـَـت المالئكة ألول مرة أن المقصود بالخليفة هو الذي بدأت خطواته التنفيذية منذ ماليين النبوة ، طليعة الموكب اإلنساني ، وقاعدة إنطالق الخلق

المصطفى .. يا لها من قدرة هائلة ؛ تابعت عملية الخلق السنين ، فوجد كماله في شخص آدم ، النبي ويا له من إنجاز رائع تجلى أعظم تجل� في شخص آدم الرسول ، الذي !! خالل هذا الزمن المتطاول

!!الرحمن تفوق على مالئكة

Z في هذا المشهد الكوني العظيم أمر الله مالئكته بالسجود آلدم ، Z وتكليفا �ى : }} تكريما �ب �ل�يس� أ �ب � إ �ال إ�اف�ر�ين� �ك �ان� م�ن� ال �ر� و�ك �ب �ك ت موقف يثير من األعماق كوامن الطاعة واإلعجاب ، كما يحرك إنه {{ - و�اس� !! ..هذا المشهد ولد الشيطان !! الكافر المتآبى المستكبر دوافع الحقد ودفائنه ، وفي

هنا لمعنى السجود والمراد به في هذا الموقف ، وننقل من األستاذ البهي الخولي ما وال بد أن نتعرض عبادة ( : ) ومن البديهي أن هذا السجود لم يكن سجود59قاله في كتابه ) آدم عليه السالم ص

Z أن يكون ونسك ، فإن ذلك ال يكون لغير الله ، إنما هو سجود تحية وتكريم ومؤانسة ، وليس ضرورياZ وضعوا له الجباه على األرض ، كما نفعل في سجودنا لله عز وجل ، فللسجود هيئات كثيرة تتنوع سجودا

ج�د�ان� : }} بتنوع أصناف الخالئق ، والله سبحانه يقول في ذلك �س� ج�ر� ي �ج�م� و�الش� ، . الرحمن {{ - 6و�الن�ق�م�ر� : }} ويقول على لسان يوسف ألبيه م�س� و�ال Zا و�الش� �ب �و�ك ر� ك �ح�د� ع�ش� �ت� أ �ي أ �ي ر� �ن اج�د�ين� إ �ه�م� ل�ي س� �ت ي

� أ ر�م�او�ات� و�م�ا ف�ي : }} ، ويقول . يوسف {{ - 4 ج�د� م�ا ف�ي الس� �س� �ه� ي �ل � و�ل �ة� و�ه�م� ال �ك �م�آلئ �ة� و�ال ر�ض� م�ن د�آب

� األون� �ر� �ب �ك ت �س� وسجودهما ليس ، ومن البديهي أن سجود الدواب ليس كسجود المالئكة ، . النحل {{ - 49ي

Z ليس كسجود الشجر والزرع الصغير .. كسجود الكواكب والشمس والقمر ، وسجود هؤالء جميعا ويقول صاحب المصباح المنير : وهكذا .. ذلك إلى أن من معاني السجود في اللغة التطامن والتواضع ،

سجد ( ، فإذا كان في سجود المالئكة ) وسجد البعير : خفض رأسه عند ركوبه ، وكل شيء ذل فقد المضيع للكرامة ، إنما هو ذل التطامن والمودة الذي ترى معنى الذل فليس هو ذل العبودية ، وال الذل

Z منه في قوله تعالى ح�م�ة� : }} شيئا �اح� الذ�ل� م�ن� الر� �ه�م�ا ج�ن ، وتراه فيما . اإلسراء {{ - 24 ... و�اخ�ف�ض� ل :المؤمنين بينهم من انكسار األخ ألخيه المؤمن الذي عبر عنه الحق تبارك وتعالى بقوله يتبادله رحماء

ة� ع�ل�ى}} �ع�ز� �ين� أ �م�ؤ�م�ن �ة� ع�ل�ى ال �ذ�ل �اف�ر�ين� ... أ �ك .المائدة {{ - 54ال

: )فيه معنى التحية والمودة وخفض الجناح ، واإلقرار بالفضل ، قال القرطبي في الجامع فهو سجود ولكنه مبقي على وقال قوم : لم يكن هذا السجود المعتاد اليوم ، الذي هو وضع الجبهة على األرض ،

.293 / 1له بالفضل ( - القرطبي أصل اللغة ، فهو من التذلل واالنقياد .. أي : خضعوا آلدم ، وأقروا لتفسير السجود بالتذلل أو خفض الجناح ، أو اإلقرار والواقع أن الموقف لم يكن بحاجة إلى هذا العناء

Z في اللحظات بالفضل ، فذلك كله مبني على التي انبهرت التصور القديم الذي يرى الموقف محصورا�ن� قصوره� عن فهم الموضوع في ضوء فيها المالئكة بدبيب �بي نفخة الله في جسد آدم ، وهو تصور ت

.العلم ، واحتماالت النصوص القرآنية معطيات

كان يعني تكليفهم بحياطة الحياة اإلنسانية ، ابتداء من والذي نطمئن إليه هو أن سجود المالئكة يوم القيامة ، تتولى المالئكة فيه المحافظة على بني آدم ، وإلهامهم ) آدم ( ، وهو تكليف ماض إلى

Z لمشيئة الله سبحانه ، في مقابل ما توعد به إبليس آدم وذريته من الغواية واالحتناك الخير ، طبقا .والهيمنة والتضليل

الحياة اإلنسانية ، التي قامت على الصراع فالمالئكة هم بموجب أمر السجود - أحد طرفي المعادلة في .بين الخير والشر

الله سجد المالئكة ، وما زالوا ساجدين ، آلدم ، ولبني آدم ، وهذه هي الكرامة التي كفلها وعلى ذلك فقدZ لما قررته آية سورة اإلسراء �ي آد�م� : }} لهذه الذرية المصطفاة من خليقته البشرية طبقا �ن �ا ب م�ن �ر� �ق�د� ك و�ل

Page 50: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

�اه�م� ف�ي �ن �اه�م� ع�ل�ى و�ح�م�ل �ن �ات� و�ف�ض�ل �ب �اه�م م�ن� الط�ي ق�ن ز� �ح�ر� و�ر� �ب �ر� و�ال �ب Z ال �ف�ض�يال �ا ت �ق�ن �ير� م�م�ن� خ�ل �ث {{ -70كZ الكرامة التي أشار إليها إبليس في قصة الحوار في سورة . اإلسراء ق�ال� : }} اإلسراء ، وهي أيضا

م�ت� �ر� �ذ�ي ك ذ�ا ال �ك� هـ� �ت �ي أ ر�� به آدم من تكريم ، فقد احتقن حين رأى ما خص اإلسراء {{ - 62ع�ل�ي� ... أ

الكرامة وكرامة ، فتوعد بأن يضله وذريته ، ليظهر عدم استحقاقهم لهذه

{{ الفصل الرابع من الباب الثاني}}

السجــــود مـوقـــف إبليـــس مـن

موقفان : موقف مع رب العزة ، وموقف مع آدم وزوجه حواء ، الموقفان يتحوالن إلبليس في قصة آدم والشيطان ، النهاية إلى موقف واحد ، هو موقف الصراع بين الخير والشر ، أو التناقض بين المالئكة في

Z هو نفس اإلنسان ) آدم وذريته ( .ومجال الصراع دائما

، إبليس في مشهد التكليف بالسجود فجأة ، ودون مقدمات ، فلم يرد له ذكر قبل هذا المشهد ويظهر واقتراب من عالم وما كان سوى واحد من ) الجن المنتشرين ( في أرجاء األرض ، ولعله كان ذا حظوة

: }}على ذلك في قوله تعالى المالئكة حتى جاء أمر السجود ، وكأنه مقصود به معهم ، والقرآن ينص�ة� �ك ئ �م�ال� �ل �ا ل �ن �ذ� ق�ل �ج�ن� ف�ف�س�ق� ع�ن� و�إ �ان� م�ن� ال �ل�يس� ك �ب �ال� إ ج�د�وا إ د�م� ف�س� ج�د�وا آل� �ه� ... اس� ب م�ر� ر�

� {{ -50أ .الكهف

أن القرآن لذكره في خبر األمر بالسجود - إنه كان النه مجرد فرد من ) الجن ( ، على حين ولعل تجاهل .الخطاب كان لعالم المالئكة بإطالق

�ه� .. }} فلما شذ في موقفه ، وأعلن رفضه ألمر الله ب م�ر� ر�� Z على الشر في {{ ف�ف�س�ق� ع�ن� أ ؛ صار علما

Z على الخير مقابل استجابة المالئكة الذين صاروا .أعالما

المفسرين ، من مثول المالئكة ومعهم إبليس ونحسب أن األمر لم يكن بالصورة التي يتخيلها العامة من حدوث السجود ، فقد استقر رأينا على أن السجود كان آلدم بين يدي الله ، جل وعال ، وآدم واقف ينتظر

والذي استهل به عهد اإلنسان ، ال آلدم المخلوق ، فإن حدث الخلق كان قد النبي الذي أختير خليفة ،�نــة� ، وعليه ، فإن تكليف مضت عليه �نَـة� والســ الله سبحانه ماليين السنين ، وإن لم يكن فرق بين السـ

وذريته إلى يوم القيامة وقد للمالئكة بالسجود كان يعني تكليفهم باألشغال بحفظ ذلك الخليفة النبي ، اإلنسان كالمالئكة ، وبذلك انشق على األمر رفض إبليس أن يخضع لألمر اإللهي ، وأن يعمل في خدمة

Z آلدم وذريته ، كما Z لله خالقه ، وقد استعلن بهذه العداوة ، فلم يرجع عنها اإللهي ، وصار عدوا صار عدوا !!الله رغم زعمه أنه عبد

�و��ن� التشكيل الجديد للحياة كما أرادها الله �ك Z بين : وعلى هذا تكون ت Z بين الخير والشر ، وتناقضا صراعا ، وآدم وذريته موضوع الصراع ، وأدواته ، وهم أبطاله أو الشيطان والمالئكة في شأن الحياة اإلنسانية

Z للمرحلة التالية من الملحمة الوجودية ، مرحلة الحساب ، والجنة والنار ، والخلود ضحاياه ، تمهيدا .فيهما

Z ألمر الله من ناحية ، وكان أداة لتنفيذ إرادة الله إن إبليس الذي رفض السجود والتكليف - كان عاصياZ من ناحية أخرى ، ولوال أنه رفض السجود ، وركب رأسه ما كانت هذه الدنيا ، وهو أمر لم يكن مقصودا

.يكون له حين عصى ربه ، ولم يكن يدريه قبل أن

�ك� ( : }} ص ) ولنعد اآلن إلى النص األول من التنزيل ، الذي ذكر هذا المشهد في سورة ب �ذ� ق�ال� ر� إ�ي �ن �ة� إ �ك ئ �م�ال� �ل ا م�ن ط�ين� ل Zر �ش� وح�ي71خ�ال�ق� ب �ف�خ�ت� ف�يه� م�ن ر� �ه� و�ن �ت و�ي �ذ�ا س� اج�د�ين� ف�إ �ه� س� ج�د�72ف�ق�ع�وا ل ف�س�

�ج�م�ع�ون� �ه�م� أ �ل �ة� ك �ك ئ �م�ال� �اف�ر�ين� 73ال �ك �ان� م�ن� ال �ر� و�ك �ب �ك ت �ل�يس� اس� �ب �ال� إ �ل�يس�74إ �ب �ا إ ج�د� ق�ال� ي �س� �ن ت �ع�ك� أ م�ا م�ن�نت� �م� ك ت� أ �ر� �ب �ك ت س�

� �د�ي� أ �ي �ق�ت� ب �م�ا خ�ل �ين� ل �ع�ال �ار�75م�ن� ال �ي م�ن ن �ن �ق�ت �ه� خ�ل �ر� م�ن �ا خ�ي �ن �ه� م�ن ط�ين� ق�ال� أ �ق�ت 76و�خ�لج�يم� �ك� ر� �ن �ه�ا ف�إ ج� م�ن �ن�77ق�ال� ف�اخ�ر� � الد�ين� و�إ �و�م �ل�ى ي �ي إ �ت �ع�ن �ك� ل �ي �ل�ى78ع�ل �ي إ ن �نظ�ر� ب� ف�أ �ون� ق�ال� ر� �ع�ث �ب � ي �و�م ي

�م�نظ�ر�ين� 79 �ك� م�ن� ال �ن �و�م�80 ق�ال� ف�إ �ل�ى ي � إ �م�ع�ل�وم �و�ق�ت� ال �ج�م�ع�ين� 81ال �ه�م� أ �ن �غ�و�ي �ك� أل� ت �ع�ز� �ال� 82 ق�ال� ف�ب إ�م�خ�ل�ص�ين� �ه�م� ال �اد�ك� م�ن �ق�ول�83ع�ب �ح�ق� أ �ح�ق� و�ال �ج�م�ع�ين� 84 ق�ال� ف�ال �ه�م� أ �ع�ك� م�ن �ب �م� م�نك� و�م�م�ن ت ه�ن �ن� ج� �م�أل� 85أل�

. ص{{ -

للحوار ، أو باألحرى للقصة التي جاءت تفاصيل كثيرة منها في السورة ويبدو لنا هذا النص أشبه بتلخيص، Z سورة ) األعراف ( ، لكن حسبنا اآلن هذا الموجز الذي يقتصر على جانب الحوار بين الله التالية نزوال

Page 51: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

.وبين المتمرد إبليس

مراعاة المسافة بين ما ينبغي لله من جالل وفي بداية النظر في مكونات الحوار نؤكد هنا على ضرورة الباريء المصور ، وبين إبليس من حيث هو مخلوق يواجه وعظمة وعلو شأن ، وهو سبحانه الخالق

أي مخلوق متمرد على أوامر الخالق ، م�ص�ر� على معصيته ، سواء أكان خالقه ، وهو ال يذيد في قدره عن ..الجن .. هذا من ناحية من اإلنس أم من

يتخيلها بعض من تناولوا هذه القصة .. أعني : ومن ناحية أخرى يجب أن نستبعد الصورة الساذجة التي ، فال ريب أن الشيطان كان في موقعه من الكون ، ال يستطيع صورة المواجهة المباشرة في هذا الحوار

إلى المقام األسنى ، مقام رب العزة ، ليجابهه بتلك المقوالت ، فالله أعلى أن يتجاوز قدره ، فيتطاول جرى من أن تدركه األبصار ، أو تحده األوهام والظنون . وغاية ما نتصوره أن يكون الحوار قد وأجل من

أعلم - حوار جرى في خالل الوحي النفسي ، الذي أحاط بتفاصيله من يعلم السر وأخفى ، فهو - والله من آدم من حيث األصل ، فهو نفس إبليس ، حين رفض األمر بالسجود ، من منطلق اعتقاده بأنه خير

Z على ما ثار في نفسه من أن إباءه السجود ال تفسير له إال الكبر من نار ، وآدم من طين ، وذلك رداZ - من طريق الوحي النفسي - والغطرسة ، وحينئذ جاءه األمر اإللهي �ه�ا : }} أيضا ج� م�ن ج�يم� ف�اخ�ر� �ك� ر� �ن ف�إ

� الد�ين� �و�م �ل�ى ي �ي إ �ت �ع�ن �ك� ل �ي �ن� ع�ل حقائق وأقدار وهكذا سار الحوار إلى نهايته ، بكل ما تضمن من {{ .. * و�إZ .أفضل الصالة وأتم السالم عبرت عنها كل رساالت األنبياء ، من لدن آدم إلى محمد ، عليهم جميعا

تعبيرا� عن القوة قد يحلو لبعض المتفلسفة أن يروا في هذا الموقف اإلبليسي الموقف آية على والشجاعة األدبية .. بل وزاد بعضهم في المغالطة ، فرأى في هذا إبليس حين تمرد منتهى الـتوحيد ، فهو ال يسجد إال لله وحده !! .. وتخيل بعضهم أن

!! ..على الله صار رمز للحرية ، وزعيم األحرار الرافضين للقيود

غاية والواقع أن موقف إبليس في ذلك الحوار يعكس مالمح شخصية متناقضة غبية ، المقاييس في الغباء والتناقد ، والضعف ، والجبن ، والجهالة ، وذلك إذا ما احتكمنا إلى

تليق بمتكبر األخالقية المثالية ، وإنما أضفي عليه حلم الله الواسع هالة من التعاظم .حقود ، هو إبليس

ويتمرد عليه ، وهو يعرف يقينا� أنه هو فليس من القوة أن يتصدى المخلوق للخالق ، .ربه ذا القوة المطلقة ، والبأس الشديد الخاسر في النهاية .. بل وهو يعلم أنه يخاطب

، وهو يعلم أن ذلك يؤدي به إلى جهنم ، وبئس وليس من الشجاعة أن يتجرأ على الله !!الوقاحــة والتحدي العبيط المصير ، ثم يستمر في هذا التجرؤ إلى حد

المطلقة لله وحده ال شريك له ، واالنصياع وليس التوحيد إال اإلذعان بالعبودية والطاعة يكن إال رافضا� ألمر الله ، وقد أوقعه في ألوامره ، وإبليس حين رفض السجود آلدم لم

ركiبiهh في هذه اللحظة شيطان آخر أعتى منه - هذا الجرم سوء تأوله ، أو لنقل : إنه قد وأعماه عن تبين وجه الحق الذي أدركته المالئكة ، لو صح التصور - فأغراه بالتمرد ،

وأعمق توحيدا� ، على حين خرج هو عن دائرة فالمالئكة هم في الواقع أذكى منه ، !!التوحـيد

إبليس أنه وقد خفي عليه المعنى الصحيح للسجود ، وهو مواالة ويكفي دليال� على غباء القيامة ، كما أدركت ذلك المالئكة - انبرى بعقله الغبي يعقد آدم وذريته - إلى يوم

والطين ، ويزعم خيريته على آدم من هذا الجانب ، مع أن الطين عند مقارنة بين النار .النار ، فهو زكي معطاء ، وهي أداة إهالك وعذاب التأمل خير من

بالسجود آلدم لم يكن يعني أفضلية ، بقدر ما كان يعني وفضال� عن ذلك : فإن األمرلقية الثالثة : النور إرادة تنظيم الحياة الجديدة iعلى أساس من تعاون المستويات الخ .، والبشر والجن ، وخضوع الجميع ألمر الله وإرادته والطين والنار ، أو المالئكة

السجود كان يعني األفضلية ، فإن هذه األفضلية لم تكن تعني وهب - يا إبليس - أن تعلق اإلرادة اإللهية باألمر وتنفيذه من ناحية ، ثم إن معيار األصل المادي ، بل تعني

العلوي ليس مادة الخلق ، من طين أو من نار ، بل هو التنافس األفضلية في مستواها�م� ع�ند� }} :تعالى في محكم التنزيل في طاعة الله ، كما قال م�ك �ر� ك

� �ن� أ �م� ... إ �ق�اك �ت �ه� أ {{13اللنيr من نار ، وقد يرسب في قاع ، فقد .الحجرات- sفي سماوات الرضوان ج hقtحلhي

يr من طين sألن المعيار هو التقوى الجحيم إنس ،.

بين الطين والنار ، ولو لقد سجل إبليس على نفسه نقطة غباء ، حين حصر نفسه في مالحظة الفرقZ لفخرت المالئكة عليه بأنها من ) النور Z ، بمقياس إبليس .. ، ( كان ذلك صحيحا وهو خير من النار قطعا

�د�ته� قد تصوروا أن إلههم هو رمز الحرية ، وزعيم بل وبكل مقياس !! وإذا كان أتباع الشيطان وع�ب

Page 52: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

آثار تسلطه بغبائه على عقولهم ، إن كانت لهم عقول ، لقد تعلقوا بمفهوم األحرار فما ذلك إال أثر من مطلبه أبداه إبليس في مواجهة أمر خالقه ، ولم ينظروا إلى أنه لم ينكر ربوبية الله ، في التمرد الذي

مه� بعزة ربه ، وهو مسلك يصمه بالتناقض أو �ل� أن ينظره إلى يوم البعث ، وفي ق�س� �قب بالجنون ، إذ كيف يZ .. اللهم منه أن يتمرد على ) رب العزة ( باعترافه ، ويختار طريق Z متعمدا الغواية واإلغراء والذلة ، عامدا

Z غاية في Z لشيطان أعتى منه ، تسلط عليه حتى أضله هذا الضالل إال أن يكون غبيا الغباء ، أو منقادا وحتى فقد القدرة على التمييز فلم يلحظ تناقضه الفاضح !! فإذا لم يكن هناك شيطان !! المبين ؟

Z الحقد الذي ملكه Z وأخيرا .تجاه آدم وذريته قبله ، فهو إذا إنطماس البصيرة ، وعمى البصر ، وهو أوال

اإلنتصار للرذيلة ، والتحلل من كل قيمة تعمر بها أين الحرية إذن ؟ !! اللهم إال أن يكون معنى الحرية هو تخريب الدنيا ، وتدمير بنائها اإللهي ، ونشر الفساد واإللحاد ، وإشاعة الحياة .. أن يكون معنى الحرية

!!واإلنفالت ، وسيادة الحقد على وجوه الحياة كلها ؟ الفوضى

Z ، ألنه زعم لنفسه القدرة على إغواء الناس أجمعين ، إال ومع ذلك ، إن إبليس كان في موقفه مغرورا منهم من عباد الله ، وعجيب أن يدرك هذا الفرق بين الغواية واإلخالص ثم يستمر في المخلصين

الحوار - كما قدمته مزاعمه ، فكان نذير الله له بأن يمأل جهنم منه ومن أتباعه أجمعين ، وبهذا ختم .سورة ) ص ( - في أول سياق يتعرض لهذه القصة

Z من ما جاء في السورة التالية لها ، في سورة األعراف - الثامنة والثالثين - وجدنا فإذا قرأنا مذيدا ( :مضمون قوله ) ألغوينهم التفاصيل عن أساليب إبليس في إفساد الحياة اآلدمية ) اإلنسانية ( ، وهو

�ي}} �ن �ت �غ�و�ي �م�ا أ �ق�يم� ق�ال� ف�ب ت �م�س� اط�ك� ال �ه�م� ص�ر� �ق�ع�د�ن� ل �ن�16أل �ي �ه�م م�ن ب �ن �ي �م� آلت �ف�ه�م� و�ع�ن� ث ل �د�يه�م� و�م�ن� خ� ي� أ

� �ه�م� و�ال �ل م�آئ �ه�م� و�ع�ن ش� �م�ان ي� �ر�ين� أ اك ه�م� ش� �ر� �ث ك

� �ج�د� أ .األعراف {{ - 17ت

م�ت� ع�ل�ي� : }} وفي السورة التاسعة واألربعين - اإلسراء - يخاطب إبليس ربه �ر� �ذ�ي ك ذ�ا ال �ك� هـ� �ت �ي أ ر�� ق�ال� أ

�ن� �ئ � ل �ال �ه� إ �ت ي �ن� ذ�ر� �ك �ن ت �ح� �ام�ة� أل �ق�ي � ال �و�م �ل�ى ي �ن� إ ت �خ�ر� Z أ �يال .اإلسراء {{ - 62ق�ل

�ن� : }} ويجيبه الله سبحانه �ه�م� ف�إ �ع�ك� م�ن �ب ا ق�ال� اذ�ه�ب� ف�م�ن ت Zاء م�و�ف�ور �م� ج�ز� آؤ�ك �م� ج�ز� �ف�ز�ز� م�ن�63ج�ه�ن ت و�اس��ط�ع�ت� ت �ه�م� ف�ي اس� ار�ك ج�ل�ك� و�ش� �ل�ك� و�ر� ي �خ� �ه�م ب �ي �ج�ل�ب� ع�ل �ك� و�أ �ص�و�ت �ه�م� ب �ع�د�ه�م� م�ن و�الد� و�ع�د�ه�م� و�م�ا ي

� �م�و�ال� و�األ األ� �ال �ط�ان� إ ي ا الش� Zور .اإلسراء {{ - 64غ�ر�

�ي - }} والخمسين - الحجر وفي السورة الثالثة �ن �ت �غ�و�ي �م�آ أ ب� ب �ه�م� ق�ال� ر� �ن �غ�و�ي ر�ض� و�أل� �ه�م� ف�ي األ �ن� ل �ن ي �ز� أل

�ج�م�ع�ين� �39أ �ال �م�خ�ل�ص�ين� إ �ه�م� ال �اد�ك� م�ن .الحجر {{ - 40ع�ب

:والمقصود به إبليس - قال تعالى وفي السورة الثالثة والتسعين - النساء - يأتي حديث عن الشيطان ،�د�ع�ون� م�ن}} �ن ي Zا م�ر�يدZا إ �ط�ان ي � ش� �ال �د�ع�ون� إ �ن ي Zا و�إ �اث �ن � إ �ال �ه� إ �اد�ك� 117د�ون ب �خ�ذ�ن� م�ن� ع� �ت �ه� و�ق�ال� أل� �ه� الل �ع�ن ل

وضZا Zا م�ف�ر� �ص�يب �ن� آذ�ان� 118ن �ك �ت �ب �ي �ه�م� ف�ل ن �ه�م� و�آلم�ر� �ن �ي م�ن� �ه�م� و�أل �ن ض�ل

� �ه� و�م�ن و�أل ن� خ�ل�ق� الل �ر� �غ�ي �ي �ه�م� ف�ل ن � و�آلم�ر� �ع�ام �ن األ�خ�ذ� �ت Zا ي �ين Zا م�ب ان ر� ر� خ�س� �ه� ف�ق�د� خ�س� �ا م�ن د�ون� الل �ي �ط�ان� و�ل ي � 119الش� �ال �ط�ان� إ ي �ع�د�ه�م� الش� �يه�م� و�م�ا ي �م�ن �ع�د�ه�م� و�ي ي

ا Zور .النساء {{ - 120غ�ر�

�ه�م� : }} المقصود بالغواية في قوله تعالى وهكذا - عبر النصوص المتتابعة - يتضح �ن �غ�و�ي ، فهو يقعد {{ أل على طريق اإلسالم ، وهو يتسلل إلى حياتهم من كل لبني آدم على الصراط المستقيم ، بأن يعترضهم

إن الشيطان قعد البن آدم)) ورد في الحديث اتجاه بوسوسته بقدر ما يستطيع ، وقد بأطرقه ؛ قعد له بطريق اإلسالم فقال له : تدع دين آبائك ، فعصاه فأسلم ،

بطريق الهجرة فقال له : تدع ديارك فتتغرب ، فعصاه فهاجر ، ثم ثم قعد له فقال له : تقاتل فتقتل فيقسم مالك ، وتنكح إمرأتك ، قعد له بطريق الجهاد

جميع ، وإبليس يتوعد هنا بأن يحاصر بني آدم من ( 71 - 70 / 2الكشاف ) (( فعصاه فقاتل ، وهو ما جاء في الجهات ، كناية في محاولته الهيمنة عليهم ليذهلهم عما خصهم الله به من الكرامة

Z - في �ذ�ي : }} اآلية الكريمة النص التالي في سورة اإلسراء - التاسعة واألربعين نزوال ذ�ا ال �ك� هـ� �ت �ي أ ر�� ق�ال� أ

�ن� �ك �ن ت �ح� �ام�ة� أل �ق�ي � ال �و�م �ل�ى ي �ن� إ ت �خ�ر� �ن� أ �ئ م�ت� ع�ل�ي� ل �ر� Z ك �يال � ق�ل �ال �ه� إ �ت ي ، مأخوذ من ، واالحتناك اإلسراء {{ - 62ذ�ر�Z منهم ، ممن يعصم الله من غواية الشيطان ، الحنك ، فكأنه يتوعد بأن يلتهم بوسوسته بني آدم ، إال قليال

وهذه صورة أخرى من تفسير معنى اإلغواء

Z منهم ، ممن .يعصم الله من غواية الشيطان توعد إبليس بأن يلتهم بوسوسته بني آدم ، إال قليال

�ن� : }} ويرد الله سبحانه وتعالى عليه هذا الوعيد �ه�م� ف�إ �ع�ك� م�ن �ب اء ق�ال� اذ�ه�ب� ف�م�ن ت �م� ج�ز� آؤ�ك �م� ج�ز� ج�ه�نا Zط�ع�ت�63م�و�ف�ور� ت �ف�ز�ز� م�ن� اس� ت �ه�م� ف�ي و�اس� ار�ك ج�ل�ك� و�ش� �ل�ك� و�ر� ي �خ� �ه�م ب �ي �ج�ل�ب� ع�ل �ك� و�أ �ص�و�ت �ه�م� ب �م�و�ال� م�ن األ

� �ال �ط�ان� إ ي �ع�د�ه�م� الش� و�الد� و�ع�د�ه�م� و�م�ا ي� ا و�األ Zور �ك�64غ�ر� ب �ر� �ف�ى ب ل�ط�ان� و�ك �ه�م� س� �ي �س� ل�ك� ع�ل �ي �اد�ي ل �ن� ع�ب Z إ �يال و�ك اإلغواء ، ومدى ما يمكن أن يكون إلبليس من ، وفي هذا الرد توصيف لوسائل . اإلسراء {{ - 65

Page 53: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

يستفز الناس ويستخفهم بصوته ، وأن يجلب عليهم ويصيح بهم بكل أساليب تخريب الحياة اإليمانية ؛ أنج�ل ، وهو كناية عن الضجيج والصخب ، والتسلط ، وقد يدخل في مضمون الصوت ما يملك من خيل ور�

من العبث والمجون ، والفحش والبذاء ، ونداءات الجنس ، وأفالم اإلنحالل ، وكل هذه والجلبة كل كالم .أساليب شيطانية تحقق أهداف إبليس

، { إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم : } وسلم وحسبنا في قول رسول الله صلى الله عليه�م�و�ال� : }} السابقتين قوله تعالى فهو جار إلى المخ مباشرة ، ويبقى في اآليتين �ه�م� ف�ي األ ار�ك و�الد� و�ش�

� و�األ المشاركة في األموال واألوالد فكل معصية يحملهم عليها ، وقد فسره الزمخشري بقوله : واما{{

والبحيرة والسائبة ، واإلنفاق في الفسوق واإلسراف ، ومنع الزكاة ، كالربا ، والمكاسب المحرمة ، األوالد بالسبب الحرام ، ودعوى ولد بغير نسب ، والتسمية بعبد العزى ، وعبد الحارث ، والتوصل إلى

ف الذميمة ، واألعمال المحظورة ، ) وعدهم المواعيد الكاذبة ( والتهويد والتنصير ، والحمل على الح�ر� التوبة ، ومغفرة الذنوب بدونها ، من شفاعة اآللهة ، والكرامة على الله باألنساب الشريفة ، وتسويف

Z ، وإيثار واإلتكال على الرحمة وشفاعة الرسول في الكبائر ، والخروج من النار بعد أن يصيروا حمما ( .457 / 2الكشاف ) العاجل على اآلجل

فيها اآليتان من سورة الحجر ، وهي الثالثة والخمسون وهذه هي أساليب الغواية الشيطانية التي نزلتZ ر�ض� : }} نزوال

� �ه�م� ف�ي األ �ن� ل �ن ي �ز� �ي أل �ن �ت �غ�و�ي �م�آ أ ب� ب �ج�م�ع�ين� ق�ال� ر� �ه�م� أ �ن �غ�و�ي �م�خ�ل�ص�ين�39و�أل �ه�م� ال �اد�ك� م�ن ب � ع� �ال إ ورد من أساليب الغواية في سورة ) ص ، فعبارة ) ألزين لهم في األرض ( تلخيص لما . الحجر {{ - 40

Z - وهي واألعراف واإلسراء ( ، وقد جاءت اآليات من سورة النساء المدنية ، وهي الثالثة والتسعون نزوالZ آخر ما نزل في وصف �د�ع�ون� م�ن : }} أالعيب الشيطان .. قال تعالى أيضا �ن ي �د�ع�ون� إ �ن ي Zا و�إ �اث �ن � إ �ال �ه� إ د�ون

Zا م�ر�يدZا �ط�ان ي � ش� �ال وضZا 117إ Zا م�ف�ر� �ص�يب �اد�ك� ن �خ�ذ�ن� م�ن� ع�ب �ت �ه� و�ق�ال� أل� �ه� الل �ع�ن �ه�م� 118ل �ن �ي م�ن� �ه�م� و�أل �ن ض�ل

� و�أل�ن� آذ�ان� �ك �ت �ب �ي �ه�م� ف�ل ن �خ�ذ� و�آلم�ر� �ت �ه� و�م�ن ي ن� خ�ل�ق� الل �ر� �غ�ي �ي �ه�م� ف�ل ن � و�آلم�ر� �ع�ام �ن �ه� ف�ق�د� األ �ا م�ن د�ون� الل �ي �ط�ان� و�ل ي الش�

Zا �ين Zا م�ب ان ر� ر� خ�س� ا 119خ�س� Zور � غ�ر� �ال �ط�ان� إ ي �ع�د�ه�م� الش� �يه�م� و�م�ا ي �م�ن �ع�د�ه�م� و�ي .النساء {{ - 120ي

اإلضالل ( وهو لفظ عام يشمل كل ما مضى ، ويضيف النص ) والنص هنا يذكر من أساليب الشيطان�ية �من باألماني� الباطلة من طول األعمار ، أي : شق أذن الناقة إذا ولدت خمسة أبطن ، ( أسلوب ) الت

Z من وجاء Z ، وتحريم اإلنتفاع بها ، ثم يلي ذلك ما كانت تعرفه الجاهلية أيضا تغيير خلق ) الخامس ذكرا كما يتمثل في خصاء بني آدم الله ( ، وكان ذلك يتمثل في فقء عين الفحل الخامي ليعفى من الركوب ،

فطر الناس عليها ، وقيل : الوشم ، وقيل : ، وقيل : إن المقصود تشويه اإلسالم ، وهو فطرة الله التي ( .565 - 564 / 1الكشاف ) التخنث

:ونسجل هنا بعض المالحظات

الحياة اآلدمية المستقبلة ، ولكنه كان في أن إبليس فيما توعد به لم يكن يرسم خريطة : األولــىZ Z وغرورا Z ، وينطق كذبا هو صورة مما يتمنى أن يكون ، ولسوف نجد أن ما ذكره .. موقفه يطفح حقدا

Z ، ولعله من عوائد الجاهلية لم يكتب له البقاء ، ولم يعد له أثر .. بل تالشى من الحياة اإلنسانية تماما .أساليب أخرى تتناسب مع فنون العصر وجنونه استبدل به

يخدعنا عن حقيقته ، وهي أنه غبي ومغرور ، بل هو أن تلقينا لمقوالت إبليس ال ينبغي أن : والثانيةور� : }} سواه ) الغ�رور ( .. لم يتصف كائن بذلك �غ�ر� �ه� ال �الل �م ب �ك ن �غ�ر� ، أي : الغوى . {{ - فاطر5و�ال� ي

Z في حديثنا عن األكبر ، وكل مواقفه وأساليبه تدل على ذلك ، ولسوف نزيد هذه المالحظات عمقا .شخصية الشيطان كما تصورها آيات القرآن

اإلغواء الشيطاني ليس إال الشكل النظري ، والتوعد المغيظ - إن أن ما ذكرنا من أساليب : والثالثةZ ، والهدف صح التعبير - فأما التطبيق العملي فهو في كل عصر بحسبه ، ومع كل إنسان بحسبه أيضا

اإلنس أن يذيد من حصيلة جهنم من بني آدم ، حتى ال يصالها وحده ، أو مع أتباعه من شياطين الرئيسي .والجن وحدهم

ج�يم� ( : }} ويبقى من هذا الحوار ما جاء في قوله تعالى في سورة ) ص �ك� ر� �ن �ه�ا ف�إ ج� م�ن 77ق�ال� ف�اخ�ر��ن� � الد�ين� و�إ �و�م �ل�ى ي �ي إ �ت �ع�ن �ك� ل �ي ق�ال� : }} في سورة األعراف ، وقد جاء في مقابلها . {{ - ص78ع�ل

�ون� ل�ك� �ك �ه�ا ف�م�ا ي �ط� م�ن �ك� م�ن� الص�اغ�ر�ين� ف�اه�ب �ن ج� إ �ر� ف�يه�ا ف�اخ�ر� �ب �ك �ت ن ت� ، كما تكرر هذا . {{ - األعراف13أ

�ه�ا م�ذ�ؤ�ومZا : }} األمر بعدما أظهر إبليس من وقاحة في مخاطبة المولى عز وجل ج� م�ن ق�ال� اخ�ر�ا ... Zاألعراف {{ - 18م�د�ح�ور.

ج�يم� ( : }} وما جاء في سورة الحجر ال يختلف عما جاء في سورة ) ص �ك� ر� �ن �ه�ا ف�إ ج� م�ن 77ق�ال� ف�اخ�ر��ك� �ي �ن� ع�ل � الد�ين� و�إ �و�م �ل�ى ي �ي إ �ت �ع�ن ق�ال� : }} أحد لفظين وقد استـــخدم النص الكريم . .. {{ - ص78ل

�ه�ا ج� م�ن �ه�ا }} أو {{ ف�اخ�ر� �ط� م�ن Z عن المقصود {{ ق�ال� ف�اه�ب بالضمير في ) منها ( ، ، وكالهما يثير سؤاال وذلك مع مالحظة أن األمر موجه إلى إبليس .. عالم يعود هذا الضمير ولم يتقدم ذكر لما يعــود إليه ؟

Page 54: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

ق�ال� : }} الحوار مع آدم وزوجه ، بعد الوقوع في الخطيئة وحده ، على خالف األمر اآلخر الذي جاء في�ع�ض� ع�د�و® ... �ب �م� ل �ع�ض�ك � ب �ط�وا �ع�ض� : }} ، أو . {{ - األعراف24اه�ب �ب �م� ل �ع�ض�ك Z ب �ه�ا ج�م�يعا �ط�ا م�ن �ا اه�ب �ن ق�ل

�ه�ا : }} ، أو . طه {{ - 123 ... ع�د�و® � م�ن �ط�وا �ا اه�ب �ن Z ... ق�ل . {{ - البقرة38ج�م�يعا

وزوجه ال يعسر عليه أن يالحظ عود الضمير إلى ) الجنة ( إن المتأمل في األمـر الموجه إلى آدم من القصة ، أما األمر الموجه إلى إبليس وحده فهو الذي يثير التساؤل ، المذكورة في السياق المتقدم

الزمخشري إلى أن المراد هو الهبوط أو الخروج من السماء التي هي مكان المطيعين وقد ذهب�ون� ل�ك� .. }} المتواضـعين من المالئكة إلى األرض التي هي مقر العاصـين المتكبرين من الثقلين �ك ف�م�ا ي

�ر� ف�يه�ا �ب �ك �ت ن ت� �ك� م�ن� الص�اغ�ر�ين� }} وتعصى {{ أ �ن ج� إ الصغار والهوان على الله ، ، أي : من أهل {{ ف�اخ�ر�

�س� الصغار ( ) الكشاف ) وعلى أوليائه لتكبرك .. وذلك أنه لما أظهر االستكبار �ب ل� ( .69 / 2أ

األنحدار والسقوط من مكان إلى ما دونه ، أو من مكانة ومنزلة ويرى صاحب المنار : ) أن الهبوط هو والضمير عائد إلى الجنة التي خلق الله فيها آدم ، وكانت على نشز مرتفع من : إلى ما دونها ، ثم قال

الضمير ، ( ، ولعل بيان الزمخشري أقرب إلى العقل ، لعدم تقدم ما يعود عليه296المنار / ) األرضZ .. بل هو نوع من الزجر Z ماديا :، كما قال سبحانه وتعالى سوى ما يفهم من المقام ، واألمر ليس إهباطا

�ه�م�}} �ع�ك� م�ن �ب ، وألن الجنة التي وردت في الحوار مع آدم قد أسكنه الله إياها بعد .. {{ اذ�ه�ب� ف�م�ن ت يقول : ) هذا األمر إلى إبليس ، وقريب من ذلك ما ذكـره صاحب المنار عن الحافظ ابن كثير قال صدور

طاعتي ، فما يكون تعالى إلبليس بأمر قدر كوني : فاهبط منها بسبب عصيانك ألمري ، وخروجك عنZ إلى لك أن تتكبر فيها ؛ قال كثير من المفسرين : الضمير عائد إلى الجنة ، ويحتمل أن يكون عائدا

�ك� م�ن� الص�اغ�ر�ين� }} المنزلة التي هو فيها من الملكوت األعلى �ن ج� إ الحقيرين .. أي : الذليلين {{ .. ف�اخ�ر� ، وسأل النظرة إلى يوم معاملة له بنقيض قصده ، ومكافئة لمراده بضده ، فعند ذلك استدرك اللعين

تعبيرات مماثلة على ألسنة العوام ، ال ( ، وعلى نسق هذا األسلوب تجري297 / 8الدين ( . ) المنار �ع�م�ر ( ، فالمقصود هنا تراد حرفيتها .. بل المراد مضمونها الموقفي ، �ها وهي ت كقول العامة : ) اط�ل�ع م�ن

.الموضوع ، وعدم التدخل فيه مجرد االنصراف عن

إبليس ) اهبط منها ( - أنه اقترن في آية األعراف بما ولقد يعين على تبين المراد باألمر الموجه إلى�ك� م�ن� الص�اغ�ر�ين� : }} تعالى يفسر هذا المراد ، وهو قوله �ن ج� إ الهبوط ( حركة رأسية من ) ، و {{ ف�اخ�ر�

والجمع بين البعدين على المستوى أعلى إلى أدنى ، و ) الخروج ( حركة أفقية من مكان إلى آخر ، وهو الهبوط من قمة الطاعة إلى درك التمرد ، المادي متناقض ، فلم يبق إال المستوى األخالقي ،

.والعصيان ، وذلك يمكن تفسير الهبوط بالخروج والخروج من حرم الرضوان إلى حمأة الفسوق

من السماء فقول ال موضع له ، ألن الكون كله خلق الله وصنعته ، وهو فأما أن يقال : إن األرض أقل من سبحانه ، ولله الخلق واألمر ، واألماكن تشرف بأنها صنعة الخالق ، ال بمن تعلق بها مجال ألمره

Z ، فاستوى بذلك الظرف والمظروف ، وقد يخص الله بعض Z أو عاصيا خلقه ببعض المخلوقات طائعا ، تبارك الله رب األماكن ، كما يخص بعض األماكن ببعض خلقه ، وكل ذلك في إطار الخلق واألمر

.العالمين

منهم أفعالهم التي نهاهم عنها ، ويدعوهم إلى مزايلتها ، إن الله سبحانه ال يكره خلقه لذواتهم ، بل يكره أمره ، وتعرى من مالبسه ، وأغرقهم في وساوسه ، كما أن الله يدعوهم مزايلة إلبليس الذي افتضح

المأمورات حتى يحبهم ، ويزيد في اإلحسان إليهم ، فمن أطاع الله فقد ارتقى في درجات إلى فعلZ ، وبئس Z ، ومن عصا الله فقد ارتكس في دركات العذاب ح�د�را المصير ، وهذا هو المأل األعلى صعدا

.منذ كان التكليف األصل ، أو هي السنة التي عامل الله بها خلقه المكلفين بطاعته ،

{{ الفصل الخامس من الباب الثاني}}

بين إبليس وآدم في الجنة

إبليس ، وإعالنه السافر عن عداوته آلدم يبدأ الفصل الثاني من الحوار في قصة الخلق ، بعد افتضاح أمر يسكن هو وزوجه ) حواء ( الجنة ، وأول آية تحدثت عن هذا وذريته - يبدأ الفصل بتوجيه الله آلدم أن

� : }} التوجيه هي آية األعراف �ال �ة� ف�ك ن �ج� و�ج�ك� ال �نت� و�ز� �ن� أ ك �ا آد�م� اس� ذ�ه� و�ي �ا هـ� ب �ق�ر� � ت �م�ا و�ال �ت ئ �ث� ش� م�ن� ح�ي�ا م�ن� �ون �ك ة� ف�ت ج�ر� �م�ين� الش� . {{ - األعراف19الظ�ال

األرض ، وقد كانت حياته قبل االصطفاء وبعد االصطفاء على وال مناص من التسليم بأن آدم هو ابن للزوجين بقعة رائعة من البقاع المثمرة ، توفر فيها الغذاء ، والكساء ، والماء األرض ، وقد اختار الله

Page 55: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

�ال� : }} ، وسائر مقومات الحياة الرخية ، وقال له والظل �ن� ل�ك� أ ى إ �ع�ر� �ج�وع� ف�يه�ا و�ال� ت �118ت �ظ�م�أ �ك� ال� ت �ن و�أ�ض�ح�ى :، وكان لهذه الجنة ) أو الحديقة ( وظيفتان . طه {{ - 119ف�يه�ا و�ال� ت

لتبليغها إلى ذريته ، وال سيما أن يمارس فيها آدم أساسيات الرسالة التي اصطفاه الله :األولـىZ في قصة ابني آدم التكاليف األخالقية ، والتعاليم الدينية المتصلة بالدنيا واآلخرة ، وهو ما يبدو متألقا

المائدة ، وال ريب أن الولدين قد تلقيا عن أبيهما كل ما دار في حوارهما من ) هابيل وقابيل ( في سورة والنار ، وفي كالتقوى والفجور ، والتوحيد والشرك ، والحالل والحرام ، والعدل والظلم ، والجنة تعاليم

.هذه الجنة األرضية كانت الخطيئة التي سوف نتعرض لمناقشتها بعد قليل

الذي يعزل آدم وزوجه بعد االصطفاء - عن سائر أن هذه الجنة كانت بمثابة الملجأ اآلمن :الثـانيـة ريثما تخلي الساحة األرضية من وجودهم .. إذ إن األرض لم تكون . البشر - خارج نطاق التكليف الديني

.وذريته ، وهي بداية العهد اإلنساني بعد ذلك إال آلدم األرض ، وذلك قدر الله منذ شاء خلق البشر ، وهم أصول لقد خلق آدم من تراب األرض ، ليعمر هذه

.آدم

آنذاك ، حين عزل آدم وزوجه في الجنة ، بما حدث بعد ذلك إبان الطوفان ، فقد حمل وما أشبه ما حدث في فلكه من كل� زوجين اثنين ، وأهله معه ثم تولى الطوفان تطهير األرض من المشركين نوح

�ج�ود�ي� }} وآثارهم ، وقاد نوح الف�ل�ك� حتى �و�ت� ع�ل�ى ال ت �م�ين� و�اس� � الظ�ال �ق�و�م �ل Z ل �ع�دا ، . {{ - هود44و�ق�يل� ب العهد اإلنساني يتطلب إخالء األرض من المفسدين وسفاكي الدماء وهو ما تولت القدرة لقد كان بدأ

.اإللهية تنفيذه فترة سكني آدم وزوجه في الجنة

مالحظة ظهور زوج آلدم ، لم يرد ذكرها قبل ذلك ، وهو ما يعني أن آدم كان على أننا ينبغي أال تفوتناZ قبل واآلية : ) االستخالف واالصطفاء ، وذلك ما يدل عليه سياق القصة . يقول الشيخ رشيد رضا متزوجا

التوراة من أن الله تعالى تدل على أن آدم كان له زوج .. أي : امرأة ، وليس في القرآن مثل ما فيZ ، انتزع في أثنائه ضلع من أضالعه )فخلق له منه حواء امرأته ، وأنها سميت امرأة ألقى على آدم سباتا

هريرة ، وما روى في هذا المعنى فهو مأخوذ من اإلسرائيليات ، وحديث أبي ( أخذت ألنها من أمرىءان� م�ن� ع�ج�ل� ... }} حد ، على .. ( فإن المرأة خلقت من ضلع : ) في الصحيحين �نس� {{ -37خ�ل�ق� اإل�

أي ( .. يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم : ) ، بدليل قوله . األنبياء ( .308 / 8المنار ( ) : ) التحاولوا تقويم النساء بالشدة

على أعتاب الجنة ، ودخل الزوجان الجنة أو وعلى أية حال فإن اختيار القرآن إبراز وجود الزوج كان ال يدريان من مالمحها إال ما أذن الله لهما بمعرفته ، فليست السكن الذي اختاره الله لهما ليبدءا حياة

Z في قصة الحياة على هذه األرض هذه الجنة نهاية المطاف Z وفصوال .، ولكنها مرحلة سوف تشهد أحداثا

الداللة أن من الضروري أن نشير هنا إلى أن داللة لفظ : ) الجنة ( على ) البستان األرضي ( هي على وهي داللة مجازية ، جاء بها ، ( الحقيقية واألصلية ، وفي مقابلها داللة اللفظ على ) دار النعيم األخروي

Z - القرآن ، كما جاء بالداللة الحقيقية ، ومن ذلك ما جاء في سورة ) القـلم ( ، وهي السورة الثانية نزوالم�وا : }} من قوله تعالى �ق�س� �ذ� أ �ة� إ �ج�ن ص�ح�اب� ال

� �ا أ �و�ن �ل �م�ا ب �اه�م� ك �و�ن �ل �ا ب �ن �ح�ين� إ �ه�ا م�ص�ب �ص�ر�م�ن �ي �ون�17ل �ن �ث ت �س� و�ال� ي وهو أول استعمال للفظ ) الجنة ( في القرآن ، فجاء به على داللته األصلية ، . {{ - القـلم18

�ى بذكر جنة اآلخرة في نفس السورة ، في قوله تعالى ( ) البستان �ه�م� : }} ، ثم ثن ب �ق�ين� ع�ند� ر� �م�ت �ل �ن� ل إ � �ع�يم �ات� الن ن ، وكأن القرآن قصد إلى إثارة المقابلة بين ) جنة ( الدنيا ، وهي عرضة . {{ - القـلم34ج�

Z من نزول ) للنوازل ، و الوحي جنات النعيم ( في اآلخرة .. ينالها المتقون ، وذلك في فترة مبكرة جداZ .القرآني ، فسورة القلم هي ثاني سور القرآن نزوال

ـه�ا اللذين ذودهما ربهما بكل ما يلزمهما من تنبيهات وتحذيرات من حقد ونعود إلى الجنة ـ� �ي إبليس وساكن بأالعيب العدو وأخالقه عليهما ، ولكن هيهات آلدم وزوجه ، وهما حديثا عهد بالتكاليف ، قليال الخبرة

.أثار شهيتهما ، وحرك غرائزهما الوضيعة .. هيهات لهما أن يقاوما ما واجها معه من إغراء ؛

� م�ن� : }} لقد كان توجيه الله لهما �ال ة� ك ج�ر� ذ�ه� الش� �ا هـ� ب �ق�ر� � ت �م�ا و�ال �ت ئ �ث� ش� ، وما أعظم ما أباح لهما {{ ح�ي�ع�م ، وما منحهما من الحرية ، بالقياس إلى ما منعهما Z من ن منه ، وجاء الشيطان يوسوس لهما ، صارفا

Z على تلك الشجرة المحظورة ، وهي معيار الطاعة لهما عن نعم الله الوفيرة والمباحة ، �زا مركZ لهما والمعصية .. جاء الشيطان ذ�ه� : }} قائال �م�ا ع�ن� هـ� �ك ب �م�ا ر� �ه�اك �ا م�ا ن �ون �ك و� ت

� �ن� أ �ي �ك �ا م�ل �ون �ك �ن ت � أ �ال ة� إ ج�ر� الش��د�ين� �خ�ال سبحانه لهما أال يأكال من ، كانت القضية واضحة ، تتعلق بتوجيه الله . األعراف {{ - 20م�ن� ال

ذلك بأي ثمن من الكذب والخداع ، فهو الشجرة ، وكان هدف الشيطان أن يأكال من الشجرة وأن يفعالZ التصادم بين أمر الله وهدف الشيطان ، وقد }}بدأ يمارس مهمة اإلغواء ، وينفذ وعيده الذي أعلنه إذا

�ج�م�ع�ين� �ه�م� أ �ن �غ�و�ي ر�ض� و�أل� �ه�م� ف�ي األ �ن� ل �ن ي �ز� ، وال ريب أن تلك الشجرة كانت مغرية ، . الحجر {{ - 39أل

مذاقها ، وجاء إبليس بكالم كله كذب ، فربط بين الشجرة واالرتقاء إلى درجة المالئكية تدعو إلى تجربة ، مخلوقين من ، أو تحقيق الخلود ، وكال األمرين مطمح آلدم وزوجه ، لقد علما أن لله مالئكة مقربين

زائل بالموت ، كما فنيت اجيال النور ، لهم عند الله الدرجات العلى ، كما علما أن كل نعيم ال محالة

Page 56: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

Z ، وما أهونه وسيلة ، أن يأكال من قبلهما ، وال مهرب من الموت إال بتحقيق الخلود ، وما أعزه مطلباZ بالدخول في الشجرة .. مجرد مذاق .. ولن يكلفهما ذلك إال أن يمدا أيديهما إلى ثمرها ، وزادهما تعلقا

�م�ا }} اللعين أخذ يقسم لهما بالله إنه يريد صالحهما ، وإنه ناصح لهما هذه التجربة أن �ك �ي ل �ن م�ه�م�ا إ و�ق�اس��اص�ح�ين� �م�ن� الن يتصورا أن ، وهو كاذب في كالمه ، كاذب في قسمه ، ولكنهما لم . األعراف {{ - 21ل

Z في هذه يوجد من يجرؤ على الكذب بهذه الصورة الفاجرة ، حتى ولو كان إبليس ، وغاب عنهما تماما�ا : }} اللحظة تحذير الله لهما �ن �م�ا م�ن� ف�ق�ل �ك ن �خ�ر�ج� و�ج�ك� ف�ال� ي �ز� �ن� ه�ذ�ا ع�د�و® ل�ك� و�ل �ا آد�م� إ ق�ى ي �ش� �ة� ف�ت �ج�ن 117ال

� }} أذنيهما يدعوهما أن يأكال من الشجرة ، ، وعال صوت الشيطان في . طه{{ - ال ـ� �ك �ه�ا ف�أ ، في {{ م�ن ظهر البعير .. كانت الخطيئة التي جعلتهما من لحظة ذهول وضعف ، وكانت القشة التي قسمت

!!الظالمين .. يا لهول الموقفZ في تتابع تلك النتائج الهائلة في حياة أية !اإلنسان ؟ شجرة هذه التي كان االقتراب منها سببا

يهم ، إذا ماقيس بموقف معصية اإلله لسنا نميل إلى التعويل على معرفة نوعها ، أو أثرها ، فكل ذلك ال سيد قطب : ) ويسكت القرآن عن تحديد هذه الشجرة ، العظيم ، رغم التحذير والتذكير ، يقول األستاذ

Z في حكمة حظرها ، مما يرجح أن الحظر في ذاته هو المقصود ، لقد أذن ألن تحديد جنسها ال يذيد شيئا الحالل ، ووصاهما باالمتناع عن المحظور ، وال بد من محظور يتعلم منه هذا الجنس أن الله لهما بالمتاع

ويستعلي بها يقف عند حد ، وأن يدرب المكوز في طبعه من اإلرادة التي يضبط بها رغباته وشهواته ،Z بها Z لها .. ال محكوما كالحيوان ، فهذه هي خاصية على هذه الرغبات والشهوات ، فيظل حاكما

( .129 / 8) اإلنسان ( ) الظالل

ة� : }} التحذير اإللهي - سقط الزوجان في شرك الغواية وهكذا - رغم ج�ر� �م�ا ذ�اق�ا الش� ور� ف�ل �غ�ر� �ه�م�ا ب ف�د�ال�ه�م�ا �د�ت� ل �ة� ... ب �ج�ن ق� ال �ه�م�ا م�ن و�ر� �ي �خ�ص�ف�ان� ع�ل �ه�م�ا و�ط�ف�ق�ا ي و�ء�ات ، وعبارة القرآن . األعراف {{ - 22س�

أنه أوقعهما في الغرور واإلنخداع حين استدرجهما إلى الحضيض ، والتدلية : ) فدالهما بغرور ( تعني إلى األسفل وتلك هي النتيجة األخالقية التي قصد إليها الشيطان ؛ أن يكشف عن ضعف آدم اإلسقاط

الشيطان وحده هو وزوجه ، ألنهما - في رأيه - ال يستحقان التكريم الذي خصهما الله به ، وبذلك لم يعد الخطيئة سواء ، غير أن وصف القرآن المتورط في المعصية .. بل ) استوى الماء والخشبة ( ، فهما في

.عنده والتأمل في واقعة المعقول لآلثار المادية لألكل من الشجرة يستاهل الوقوف

Z عن السوأة Z واحدا ، وهي العورة ، وقالوا - دون اختالف - إن نتيجة األكل من لقد تناقل المفسرون رأيا منهما لنفسه ولصاحبه ، وكانا من قبل ال يريان ذلك لمواراة سوأتهما الشجرة كانت ظهور عورة كل

أن يقول صاحب المنار : ) واألقرب عندي أن معنى ظهورهما لهما أن شهوة التناسل عنهما ، والغريب ظهورها ، فيهما بتأثير األكل من الشجرة ، فنبهتهما إلى ما كان خفي عنهما من أمرها ، فخجال من دبت

على أبدانهما من ورق وشعرا بالحاجة إلى سترها ، وشرعا يخصفان ، أي : يلزقان ، أو يضعان ويربطان ( .311 / 8الجنة ( ) المنار

اآلية ووصفها لما حدث . وعلى إن كل مايقال في مسألة ) السوأة ( هو محض اجتهاد يسمح به أسلوبZ من المالحظات :اآلتية ذلك يجوز أن نجتهد في فهمها انطالقا

Z إلى مثنى ، وهو ما - 1 يعني أن ما بدا منهما ليس عورتيهما .. أن القرآن ذكر ) السوأة ( بالجمع مضافا هي المقصودة لقال النص الكريم ) بدت لهما سوأتاهما بل هي عورات كثيرة ، ولو كانت العورة الغليظة

.آخر ( ، لكن الجمع يوحي لنا بمعنى

Z لمعنى - 2 الزوجية ، وسنة الله فيها ، وآراء افتراض أنهما فوجـئا برؤية ما لم يكونا يريانه مخالفا تاريخ البشرية ، وهو أمر أثبتنا خالفه ، فقد كان المفسرين قائمة على افتراض أنهما أول زوجين في

منذ ماليين السنين - بال قيد أو شرط خالل العهد البشري ، حيث - االتصال الجنسي بين الذكور واإلناث .تكليف لم يكن دين وال

Z ، وهو ما قرره - 3 Z بدائيا � : }} القرآن في قوله تعالى أن آدم لم يكن يعيش في الجنة عاريا �ي آد�م� ال �ن �ا ب ي�نز�ع� �ة� ي �ج�ن �م م�ن� ال �ك �و�ي ب

� ج� أ �خ�ر� �م�ا أ �ط�ان� ك ي �م� الش� �ك �ن �ن �ف�ت �ه�م�ا ... ي و�ء�ات �ه�م�ا س� �ر�ي �ي ه�م�ا ل �اس� �ب �ه�م�ا ل {{ -27ع�ن .األعراف

�ة� ... و�ط�ف�ق�ا : }} قوله تعالى - 4 �ج�ن ق� ال �ه�م�ا م�ن و�ر� �ي �خ�ص�ف�ان� ع�ل ، يؤكد أن الضمير . األعراف {{ - 22ي عليها ( ، بل إن عائد الضمير هو ) آدم وحواء ( : ) في ) عليهما ( ال يعود على ) السوءات ( ، وإال لقال

:في موقف الزوجين صورة هائلة بشخصيهما ، والصورة كما تبدو لنا

Z ، ومعنى فقد شعرا حين ذاقا الشجرة أنهما خالفا أمر Z صارما ربهما ، وقد حزرهما من الشيطان تحذيرا .ما هيج مشاعرهما ، ووضعهما في مواجهة عاقبة ال يحتمالنها ذلك غضب الله عليهما ، وهو

Z ، وذلك وركبهما الندم من بأن هذا التعري أمام الله ، فأخذا يحاوالن التخبؤ واالستتار حياءZ منه وخجال .يتخذا من ورق الجنة غطاء يسترهما ، وكأنهما يهيالن عليهما هذا الورق

Page 57: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

�ما هما في هذه الحال الرعيبة �ن �ي �ق�ل }} وب ة� و�أ ج�ر� �م�ا الش� �ك �ل �م�ا ع�ن ت �ه�ك ن� �م� أ �ل �ه�م�ا أ ب �اد�اه�م�ا ر� �ن� ن �م�ا إ �ك ل

�ين� �م�ا ع�د�و® م�ب �ك �ط�آن� ل ي ، وكان هذا النداء بمثابة حبـل اإلنقاذ لهـما فتعلقا به . األعراف {{ - 22الش��غ�ف�ر� : }} وقاال �م� ت �ن ل �ا و�إ ن �نف�س� �ا أ �م�ن �ا ظ�ل �ن ب ر�ين� ر� �خ�اس� �ن� م�ن� ال �ون �ك �ن �ا ل ح�م�ن �ر� �ا و�ت �ن . األعراف {{ - 23ل

�اب� : }} وهذه الكلمات هي التي أشارت إليها اآلية الكريمة �م�ات� ف�ت �ل �ه� ك ب �ق�ى آد�م� م�ن ر� �ل �ه� ه�و� ف�ت �ن �ه� إ �ي ع�لح�يم� �و�اب� الر� . البقرة {{ - 37الت

�ه� ف�غ�و�ى : }} وقد عبر القرآن عن الموقف كله بقوله ب �اب�121و�ع�ص�ى آد�م� ر� �ه� ف�ت ب �اه� ر� �ب ت �م� اج� �ه� و�ه�د�ى ث �ي ع�ل . طه {{ - 122

Z وأرجع سبب الوقوع Z .. بل ناسيا �ل� : }} في الغواية إلى أنه لم يكن عامدا �ل�ى آد�م� م�ن ق�ب �ا إ �ق�د� ع�ه�د�ن و�لمZا �ه� ع�ز� �ج�د� ل �م� ن �س�ي� و�ل . طه {{ - 115 ف�ن

�ة� ع�ل�ى : }} مضمون الجهالة في قوله ويمكن تفسير نسيان آدم بأنه داخل في �و�ب �م�ا الت �ن �ذ�ين� إ �ل �ه� ل الل�ون� م�ن ق�ر�يب� �وب �ت �م� ي �ة� ث �ج�ه�ال و�ء� ب �ع�م�ل�ون� الس� . النساء {{ - 17 ... ي

إبليس الذي علم السوء ، وفعله ، وأصر عليه ، ولذا استحق آدم وزوجه وهو موقف يختلف عن موقف .عليهما أن يتوب الله

عناصرها : ) األمر - الوسوسة - وعند هذا المقطع من تسلسل األحداث اكتملت معادلة الحياة الدنيا بكل آدم إلى معترك الحياة الدنيا ، وقد ترسخت في عقله المخالفة - الندم - المغفرة ( ، فآن األوان لنزول

له الساحة ، وأخليت األرض من المفسدين وسفاكي الدماء ، ولم ونفسه تلك المعادلة ، بعد أن هيئت الجديد ، ) آدم : أبي اإلنسان ، وحواء : أمه ( في مواجهة إبليس عدوهما اللدود ، يعد فيها سوى اإلنسان

�ق�ر® ق�ال� : }} وقامت الحياة على هذا العداء المتبادل ت ر�ض� م�س�� �م� ف�ي األ �ك �ع�ض� ع�د�و® و�ل �ب �م� ل �ع�ض�ك � ب �ط�وا اه�ب

�ل�ى ح�ين� �اع� إ �ه�ا24و�م�ت �ون� و�م�ن �م�وت �و�ن� و�ف�يه�ا ت ي �ح� ج�ون� ق�ال� ف�يه�ا ت �خ�ر� . األعراف {{ - 25ت

.تكرار أن األمر بالهبوط مرادف لألمر بالخروج ولسنا بحاجة إلى

{{ الفصل السادس من الباب الثاني}}

القديمـــــة اللغة واألسمـــاء

الله

إبليــس - الشـيـطان - المالئكــــة - آدم

*****

-"-الله-"-

اللغوية التي نعتمد عليها في معرفة األسماء التي وردت في قصة الخلق كان القرآن - وال يزال - الوثيقة واآلخر بال ، وأقدم األسماء على اإلطالق هو لفظ الجاللة ) الله ( ، فهو األول بال بداية ، ، وما يتصل بها

Z سوى ما تهيئه لهم طبيعة نهاية ، والمفروض أنه قبل ظهور ) اإلنسان ( - لم يكن البشر يعرفون شيئاZ عن مرحلة النمو التي يعيشونها ، فقبل أن يكون العقل ، وقبل أن تتكون اللغة لم يكونوا يدركون شيئا

Z من معرفة حقيقة الحياة ، وطبيعة الوجود ، إلى أن كان اصطفاء ) آدم ( فعرفت الخليقة خالقها ، بدءا برزت أسماء بعض المخلوقات : المالئكة - البشر - آدم - إبليس ، وال آدم لربه ، وفي نفس الموقف

Page 58: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

أنها أسماء قديمة ، استخدمت قبل أن تظهر العربية إلى الوجود ، وقد وردت هذه األسماء ريب لدينا فيZ في كالم الله ضمن حديث القرآن عن قصة الخلق ، أولى قصص الوجود البشري واإلنساني .معا

شخصيات القصة ، فقد كانت ونحن ال نتصور أن هذه األسماء كلمات مأخوذة من العربية للتعبير عن، Z Z وعددا وقد عرفت تلك الشخصيات بهذه األسماء القصة قبل أن تكون اللغات بالشكل المعروف ، نوعا

شيوعها في كثير من اللغات اإلنسانية بصور نطقية التي جاءت في كالم الله ، وهذا هو السر في معروف هكذا في اللغات السامية القديمة ، ومنها العربية ، كما تعرفه ( متقاربة ، فلفظ الجاللة : ) الله

.األوروبية اللغات

اشتقاقي ، فقال كثير منهم بأنه مشتق ولقد حاول االشتقاقيون أن يردوا لفظ الجاللة ) الله ( إلى جذر�ه� ( بمعنى : ف�ز�ع� ، أو بمعنى ل

� تحير ، أو بمعنى : عبد ، أو بمعنى : أقام ، وقال بعضهم : إنه من ) : من ) أ�ه ( بمعنى .أحب ، وقال غيرهم : إنه من ) اله ( بمعنى احتجب أو ارتفع : و�ل

.االشتقاق وقال بأنه غير مشتق وأغلق بعضهم باب

.أو عبراني - وفريق ثالث قال : بأنه غير عربي ، فهو سرياني

.واألكثرون على أنه عربي

في ظلماء مدلهمة ألن الله سبحانه أخبر عباده بأنه ) الله ( ، وطلب منهم والذي نراه أن ذلك كله خبطZ لقوم عرب .. بل هو خطاب إلهي كوني أن يعبدوه صدر ويوحدوه ألنه ) الله ( ، والخطاب هنا ليس عربيا

Z صاغته ألسنة المخلوقات بل تلقته هذه .. عن خالق الكون ، واإلنسان ، واللغات ، فهو إذن ليس أسماZ على ذات المعبود بحق ، واستوعبته العربية ، كما استوعبته سائر اللغات األلسنة من المأل األعلى ع�ل�ما

قوانينها ، وتقاليدها ، وقدرتها النطقية . فال ينبغي أن التي تلقت رساالت السماء ، ونطقت به حسب أنه كلمة من كلماتها .. بل على أن اللسان العربي نطقه هكذا كما لقنه ، يدرج في معجم العربية على

يبقى غير العرب ، وقد اخترع العبرانيون إلوهيم ، أو يهوه ، كما ورد إيل ، وإل� ، ولكن وكما نطقه وأولها ، ومصدرها ، كما ) الله ( ، وتتالشى كل االختراعات أو الواردات فلفظ الجاللة هو أصل األسماء ،

ف� : }} أنه مصدر اللغات واأللسنة ، وصدق الله �ال� ر�ض� و�اخ�ت� م�او�ات� و�األ� �ه� خ�ل�ق� الس� �ات �م� و�م�ن� آي �ك �ت ن �ل�س� أ

�م� ... �ك �و�ان ل� ، وهو القديم ، وما سواه محدث ، وهو قديم بذاته ، وبإسمه قبل أن تكون . الروم {{ - 22و�أ

. قبل أن تكون الكائنات اللغات .. بل

-"-المالئكــــة-"-

Z .. لم تستخدم في العربية قبل أن يرد ذكرها في بداية وأما عن ) المالئكة ( فهي كلمة إسالمية أيضاZ ، وقد ردها اللغويون إلى الجذر ) ألك ( ، الذي الوحي ، في سورة المدثر ، وهي رابع سور القرآن نزوال

�لك ( ، ثم حدث قلب مكاني ، فصارت ) مZألك ( ، ثم جمعت فصارت مالئكة ( ، ) اشتقت منه كلمة ) م�ا .وال دليل على استخدامها في العربية قبل القرآن

المالئكة ( ، وفي مقدمتهم ) جبريل وعزرائيل ( ، جاءت تسمياتهم مركبة ، وهي شائعة في ) وأقطاب عزرائيل ( جزء�ها ) كثير من اللغات ، فكلمة ) جبرائيل ( جزء�ها األول ) جبر ( بمعنى ) رجل ( ، وكلمة

أي : الله ، وكأن األول يعني ) رجل ( .. األول ) عزر ( بمعنى ) قوة ( ، وهما مضافتان إلى لفظ ) إيل متخيلة بقدر ما تسعه اللغة اإلنسانية ، وإال فليس في الله ( ، والثاني هو ) قوة الله ( ، وهي ترجمة

يليق أن تحصر قوة الله في ملك مخلوق واحد .. بل إن التجريد هنا غير المالئكة رجال أو نساء ، والZ بعينه ، خاصة الئق ، إذ إن �كا أن القوة ) ومنها : القوي ( من أسماء الله وصفاته الحسنى ، وليس م�ل

و� في القرآن إلى الله سبحانه �و�في� األحياء م�ع�ز� �نف�س� ... : }} اختصاص ت �و�ف�ى األ� �ت �ه� ي ، . الزمر {{ - 42اللو� إلى رسل الله من المالئكة �ا ... : }} وم�ع�ز� �ن ل س� �ه� ر� �و�ف�ت �م�و�ت� ت �م� ال �ح�د�ك �ذ�ا ج�اء أ �ى� إ ، . األنعام {{ - 61ح�ت

و� إلى ملك الموت �م� ... }} وم�ع�ز� �ك �ل� ب �ذ�ي و�ك �م�و�ت� ال �م م�ل�ك� ال �و�ف�اك �ت أي : إن . .. السجدة {{ - 11ق�ل� ي ملك بعينه ، وعلى أية حال فإن القرآن لم يذكر من أسماء المالئكة قوة اإلماتة ليست محصورة في

، ولسنا مكلفين بترجمة معاني هذه األسماء ، أو التعمل معها على أساس ( سوى ) جبريل وميكال .فاألسماء ال تعلل ، إنما هي كتل صوتية ال يلتفت إلى مكوناتها معانيها ،

Z قبل اللغات البشرية ، وأن إن ذلك يعني ما أن هذه التسميات كانت قبل اللغة العربية .. بل هي فعال المفترض - حاول االشتقاقيون أن يستخرجوه من المعاني في ضوء الربط بيم االسم ، وجذره اللغوي

Z على عقب !! هو في الحقيقة افتعال يقلب القضية رأسا

-"-آدم-"-

Page 59: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

Z في ) أديم األرض ( الذي خلق منه ، والحق - في نظرنا - أن لقد حاول االشتقاقيون أن يجدوا آلدم أصالZ اشتق من ) آدم ( الذي يعني ) اإلنسان ( بالمعنى العام في كثير من اللغات ، وكان أديم األرض مرتبطا

Z بالتراب ، والطين ، فأطلق على مادته التي خلق منها : أديم ، على سبيل االشتقاق من الجوامد ، دائما .وهو مجاز مرسل عالقته األصلية والفرعية ، إن صح التصور

Z أن يقال : إن ) آدم ( بمعنى : الجلد .. مشتق كذلك من ) آدم ، ويطلق على الجلد : ( ويمكن أيضا الخلق ، كلمة ) بشر ( التي تفردت البشرة ، وللبشرة عالقة لفظية بالكلمة القديمة األولى في ملحمة

.بها العربية - كما سبق أن قلنا

-#-إبليــس-#-

في لغات قديمة كاليونانية ) ديابولوس ( ، وهي كلمة تبدو مركبة من أما كلمة ) إبليس ( فهي موجودة بولوس ( ، وقد أخذت اللغات األوروبية ، باعتبرارها أحدث من اليونانية - الجزء األول + جزئين : ) ديا

الثاني من التركيب ، وأخذت العربية وأخواتها الساميات الجزء ( Diable من التركيب - ) ديا ( ، ) ديابل .الزينة كما هو ) إبليس ( مع تنوع في طريقة النطق ، هذا ما قرره محقق

أقدم اللغات السامية . فلم نعثر وال يبعد في تقديرنا أن تكون الكلمة من عطاء القرآن للعربية .. وهي بل إن الكلمة ليس لها مقابل لفظي أو داللي .. على ما يشهد بوجودها قبل اإلسالم في لسان العرب

القرآن في سورة ) ص ( .. أي : في سياق قصة آدم ، وذكر في العبرية ، وقد وردت ألول مرة في .أبالس ، وأبالسة : المعجم الوسيط أن جمع الكلمة

!أما كيف عالج أهل اللغة لفظها ومعناها ؟

اللغويون العرب : إنه على وزن إفعيل ، مشتق من أبلس الرجل : إذا انقطع ولم تكت له فقد قال�س� ، قالوا في تفسير قوله تعالى �ئ ون� }} حجة ، ويقال : هو من ي �ل�س� �ذ�ا ه�م م�ـب ، قال : يائسون ، {{ ف�إ

العذاب ( ، ابن عباس : ) لما لعنه الله أبلس من رحمته ( ، وقال الفراء : ) مبلسون ، يعني : في قالZ المنقطع الحجة ( .وقال : ) المبلس : اليائس من النجاة والقانط ، وهو أيضا

�لس� Z .. ، ويقال : الم�ب �ج�ر� جوابا Z : أبلس ، إذا سكت ولم ي الحزين النادم ، وقد أبلس الرجل : ويقال أيضاZ ، أي : اكتأب وحزن ، وفي قوله تعالى م�ج�ر�م�ون� }} إبالسا ـ� �ل�س� ال �ب ، أي : يندمون ، ويكأبون {{ ي

م�ج�ر�م�ون� }} تعالى وييأسون ، وقال مجاهد في قوله ـ� �ل�س� ال �ب قال : اإلبالس : الفضيحة ، وقال {{ .. يون� .. }} غيره : اإلبالس : الخشوع �ل�س� �ذ�ا ه�م م�ـب ، قال : خاشعون ، وقال غيره : المبلس : {{ ف�إ

.المتروك المخذول

بعضها من بعض ، فكأن قال صاحب الزينة : ) وكل هذه المعاني قد جاءت في اإلبالس ، وهي قريبةZ إبليس هو مأخوذ من ذلك ، ألنه افتضح بعصيانة ، فيئس من رحمة الله ، وحزن وندم ، فصار مخذوال

Z ، فقيل له Z منقطع الحجة ، ساكتا Z ، ذليال ( .193 - 192 / 1الزينة ( ) إبليس : متروكا

الزينة أنه كما قلنا رؤية االشتقاقيين العرب ، ويكفي أن نالحظ خطأ استنباطها حين رأى صاحب - هذه قبل أن يحدث شيء من قيل له : ) إبليس ( بعد أن حدث له ما حدث ، على حين أن ) إبليس ( كان

!!ذلك ذلك !! وإن أطلق عليه بعضهم قبل افتضاحه ) عزازيل ( !! ولم يثبت

فه في العربية من اليونانية ديابولوس ( ، وجاء في المعجم : ) ويرى علماء الغرب أن الكلمة دخلت محر� ، وتوصلوا للنطق بالساكن بزيادة األلف في : أن العرب حذفت ) ديا ( في أول الكلمة161 / 1الكبير

.اآلرامية والسريانية أوله ، وأنه لم يرد ذكره في المعاجم

اليونانية مباشرة باتصالهم بنصارى العرب الموالين يقول محقق الزينة : ) قد يكون العرب أخذته من ( .إليه ) جفري ( ) الزينة : السابق - هامش للكنيسة البيزنطية ، كما أشار

Z على عقب ، والذي نراه هو ونقول بعد هذا كله ما سبق أن قلناه من أن ذلك افتعال يقلب القضية رأساZ من علم الله بالقضية ووقائعها ، وعناصرها ، وأن هذه األلفاظ دخلت اللفظ قديم ، مستمد أساسا

وقد يتفق هذا مع ما . اللغات اإلنسانية عن طريق األديان ، والكتب المقدسة ، بأية لغة كانت هذه الكتب في اصطالح العلماء : أن اللفظ قاله أبو عبيدة من أن اللفظ اسم أعجمي ، غير أن األعجمية تعني

أن ننفيه ، فاللفظ مستمد من علم الله ، وهو ) إبليس ( مستمد من لغة غير عربية ، وهو ما نحاول هنا نتعامل معه بهذا اإلعتبار ، دون حاجة إلى تأصيله في اسم لذلك ) المخلوق اللعين ( ، ويكفي أن

Page 60: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

اللغوية ، وإرجاعه إلى جذر اشتقاقي ، فذلك كله في نظرنا تلفيق ال يفيد اللغة العربية ، أو تحليل مادتهZ العربي ، مهما فسر ) اإلبالس ( بما ذكر من المعاني السابقة ، وقد حدث للكلمة في االستعمال شيئا

(بعض النضج ، فجمعت ، واشتق منها ) األبلسة

-#-الشـيـطان-#-

شياطين فهي عربية قديمة ، وقد تكون من األصل : شطن ، بمعنى : أما كلمة ) شيطان ( ، وجمعها فيعال ، والنون أصلية ، وقد تكون من األصل شيط ، شاط ، أي : احترق من البعد ، فالكلمة بوزن

( .180 - 179الزينة . ) بوزن فعالن ، نحو : حيران ، وهيمان ، فالنون زائدة الغضب ، فيكون

شيطان ، ويقول العرب لكل منفرد بقوته : ويطلق على كل عات متمرد من الجن واإلنس والدواب :شيطان ، قال جرير : وجلده ، قوي مستقل بنفسه ، منهمك في أمره

�ن� يهوينني إذ كنت Z أيام يدعونني الشيطان من غزلي *** وك شيطاناZ ( لتفرده بأفعال الشيان من الغزل وغيره .أي : إن النساء يدعونه ) شيطانا

التفسير في قوله ويطلق اسم ) شيطان ( على الحية خفيفة الجسم قبيحة المنظر ، وهو أحد وجهيؤ�وس� : }} تعالى �ه� ر� ن

� �أ �ع�ه�ا ك �اط�ين� ط�ل ي ( . 181الصافات . أنظر ) الزينة / {{ - 65الش�

�ط�ان� م�ار�د� : }} ومن صفات الشيطان : ) المارد ( ، وهو في قوله تعالى ي �ل� ش� {{ -7و�ح�ف�ظZا م�ن كZ قوله تعالى . الصافات Zا م�ر�يدZا : }} ، وهو خارج عن الطاعة ، ومنه أيضا �ط�ان ي � ش� �ال �د�ع�ون� إ �ن ي �ه�117و�إ �ع�ن ل

�ه� . النساء {{ - 118 ... الل

�ط�ان� : }} في قوله تعالى ( ومن صفاته ) الرجيم ي �ه� م�ن� الش� �الل �ع�ذ� ب ت � ف�اس� ج�يم ، . النحل {{ - 98الر�Z كذلك بمقتضى الخطاب األول إليه والرجيم هو المرجوم ، : }}كاللعين أي : ) الملعون ( ، وهو أيضا

� الد�ين� �و�م �ل�ى ي �ي إ �ت �ع�ن �ك� ل �ي �ن� ع�ل . ص {{ - 78و�إ

وكذلك ) السعالة ( وهي أخبث من الغول وأعظمها ومن صفات الشيطان ) الغول ( ، وهو ساحر الجن ،Z .سحرا

الخناس ( ، والوسواس هو الذي يلقي بوسوسته في القلوب ، حتى يختبل ومن صفاته : ) الوسواس .هو الذي يهرب عند ذكر الله سبحانه اإلنسان ، والخناس

الشيطان ، وهو وصف على فعول ، مثل ظلوم وحقود ومن صفاته ) الغرور ( لم يوصف بذلك غير الطيف ( أو ) الطائف ( بأن المقصود به الشيطان ، وكذلك ) وتؤوم - صفات مبالغة - وقد يفسر

�خ�ــبل�ون ) الخيال ( ، ويذكر صاحب �ل ( ، وهم الذين ي Z يقال له : ) الخ�ب الزينة أن من الشياطين جنسا�ل : إذا كان به مس من الجن ، والخبال الناس ويؤذونهم ، وقد يدفعونهم إلى الجنون .. يقال : رجل م�خ�ـب

.هو الجنون واختالط العقل

Z �ل�ى : }} الطاغوت ( ، وهو وارد في قوله تعالى ) ومن أسماء الشيطان أيضا �ر� إ �م� ت �ل Zا أ �ص�يب � ن �وا �وت �ذ�ين� أ ال�ت� �ج�ب �ال �ون� ب �ؤ�م�ن �اب� ي �ك�ت . النساء {{ - 51و�الط�اغ�وت� ... م�ن� ال

�آؤ�ه�م� الط�اغ�وت� : }} ، وقوله �ي و�ل� � أ وا �ف�ر� �ذ�ين� ك . البقرة {{ - 257 ... و�ال

�ج�ن� ق�ال� : }} العفريت ، وجمعه : عفاريت ، وهو وارد في القرآن : ومن أجناس الشياطين ع�ف�ريت� م�ن� ال�ق�وم� م�ن م�ق�ام�ك� �ن ت �ل� أ �ه� ق�ب �يك� ب �ا آت �ن ويقال : ، والعفريت من كل شيء : ) المبالغ ، . النمل {{ - 39 ... أ

�ف�ر�ية ، وع�فارية . وهو الموثق الخلق الشديد المصح�ح �ة� ن ري ( .191الزينة / ( ) فالن ع�فـ�

صفات الشيطان : القرين ، وجمعه : قرناء ، وقد وردت الكلمتان في آي ولم يذكر صاحب الزينة منح�م�ن� : }} في قوله تعالى القرآن ، األولى �ر� الر� �ع�ش� ع�ن ذ�ك �ه� ق�ر�ين� و�م�ن ي Zا ف�ه�و� ل �ط�ان ي �ه� ش� �ض� ل �ق�ي {{36ن

�د�يه�م� و�م�ا : }} ، والثانية في قوله تعالى . الزخرف- ي� �ن� أ �ي �ه�م م�ا ب �وا ل �ن ي �اء ف�ز� ن �ه�م� ق�ر� �ا ل �ض�ن �ف�ه�م� ... و�ق�ي ل خ�

�د�ي� و�ق�ال� : }} القرين ( في سورة ) ق ( ، في اآليتين ) ، كما ورد ذكر . فصلت {{ - 25 �ه� ه�ذ�ا م�ا ل ق�ر�ين�يد� �ا م�ا : }} ، وقوله . سورة ق {{ - 23ع�ت �ن ب �ه� ر� �ع�يد� ق�ال� ق�ر�ين ل� ب �ان� ف�ي ض�ال� �ك�ن ك �ه� و�ل �ت ط�غ�ي

� {{ -27أ . سورة ق

Z في سورة النساء ، في قوله اء : }} تعالى وورد ذكر القرين أيضا Zا ف�س� �ه� ق�ر�ين �ط�ان� ل ي �ن� الش� �ك Zا و�م�ن ي ق�ر�ين . النساء {{ - 38

Page 61: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

القرين بمقتضى اآليات شر كل الشر ، غير أن أثر وجود القرين انحصر في الغفلة عن وواضح أن وظيفة اختصاص الله ، أو محاولة اإلغفال ، والمشاغلة بالدنيا ، والعكوف عليها ، دون تجاوز ذلك إلى ذكر

، فهو يترك أسباب الشيطان األكبر ) إبليس ( الذي يحرص على أن يحقق من وراء إغوائه الشرك بالله واإلنس ، حتى إذا شارف الشرك من المعاصي ، ومقدماته من اآلثام لمساعديه من شياطين الجن

مهمته الكبرى ، ويشهد انتصار وعيده ، اإلنسان حدود الشرك تحرك الملعون بصوته وخيله ورجله ليتم .وتفوق الغواية على الهداية

اآلثار ذكر شيطان اسمه ) خنزب ( ، فذلك في حديث مرفوع عن ابن مسعود : أن للشيطان وجاء في متخصص في الحيلولة لمة لإليعاد بالشر ، والتكذيب بالحق ، والقنوط من الخير ، ويبدو أن هذا الشيطان

( .39 / 2زاد المعاد . ) بين المؤمن وصالته

-#-إبليس في القرآن-#-

مرات في مكة ، ومرة واحدة في المدينة وقد ورد ذكر إبليس في القرآن إحدى عشر مرة ، منها عشر .في سورة البقرة

تتجاوز قصة آدم في تسع مرات ، وجاء ذكره مرتين في غير القصة ، ويالحظ أن مواضع ذكره لم :الشعراء ، في سياق يتحدث عن المشركين ، ممن اتخذوا من دون الله آلهة ، قال إحداهما في سورة

�غ�او�ون� }} �وا ف�يه�ا ه�م� و�ال �ك�ب �ب �ل�يس�94ف�ك �ب �ود� إ ن �ج�م�ع�ون� و�ج� ، وموضوع اآلية جنود . {{ - الشعراء95أ وإن كان إمام أهل النار ، واألخرى في سورة سبأ في سياق يتحدث عن موقفهم إبليس ، ال إبليس ذاته ،

�ل�يس� : }} الله ، فأرسل الله عليهم سيل العرم ، وسجل ذلك عليهم فقال من دعوة �ب �ه�م� إ �ي �ق�د� ص�د�ق� ع�ل و�ل�ال� ف�ر�يقZا �ع�وه� إ �ب �ه� ف�ات �ين� ظ�ن �م�ؤ�م�ن بشخصه ، وواضح أن الواقعة تشهد بأن إبليس ماثل . {{ - سبأ20م�ن� ال

�ه�م�}} : في الموقف ، فقد حقق وعيده حين قعد لبني آدم على طريق اإلسالم د�ن� ل �ق�عـ� ألق�م� ـ� ت م�س� ـ� اط�ك� ال .فدفعهم إلى اتخاذ الشركاء ، وأضلهم فكانوا من الغاوين - {{ص�ر�

البقرة - وأن أكثر ما ذكر فإذا الحظنا أن إبليس لم يذكر في وحي المدينة سوى مرة واحدة ، في سورةZ على جنس من كان في الفترة المكية ، وفي قصة آدم وحدها - أدركنا أن اسم ) إبليس ( ليس علما

بقيادة الخلق إلى الشرك ، وهو الذي مثل الدور األكبر المخلوقات الخفية .. بل هو اسم ذات ، تفردت ولقد كان لذكره في مكة مناسبة ضرورية ، حيث كثر أولياؤه من كفار في قصة بداية العهد اإلنساني ،

.الجاهلية ، فكان التركيز عليه إلبراز دوره ، والتنفير منه مكة ، وعتاة

فقد برزت على الساحة أحداث أخرى ، حين كثر أنصار الحق ، وقامت دولته ، وصرحت فأما في المدينة الشياطين وصغارهم ، المواجهة بين جند الله ، وأعدائه ، فناسب أن يقوم بمهمته معه ذريته من كبار

.والمدني ، على سواء وهم الذين تم التعريف بهم وبشرورهم في كثير من آيات الوحي المكي

�ي و�ه�م� : }} وقد أشار القرآن إلى أن إلبليس ذرية ، فقال �اء م�ن د�ون �ي و�ل� �ه� أ �ت ي �ه� و�ذ�ر� �خ�ذ�ون �ت �ف�ت �م� ع�د�و® ... أ �ك ل

إبليس .. اللهم إال إذا أخذنا ما ذكره وال ندري كيف تكاثرت الشياطين من ذرية . . {{ - الكهف50 يلقح كالطير ويبيض ويفرخ ، قيل : إنه يخرج من كل صاحب المستطرف من أن إبليس ) ال يلد ، بل

، فإذا استبعدنا هذا من قياس التكاثر بين الشياطين ( 402 / بيضة ستون ألف شيطان ( ) المستطرف والحشرات ، فقد نتصور أن طبيعة إبليس النارية تقبل التكاثر بما يشبه على غرار تكاثر الطيور ،

أبيه فيحدث عند احتدام حقده تولد الشرر ، فيكون من كل شرارة شيطان وليد ، يكبر برعاية االنقسام ، .، ويبقى معه إلى أجله المسمى

إبليس ( زعيمهم األكبر ، وأبيهم اللعين ، ليتولوا إضالل ) وبذلك يبرز دور الشياطين إلى جانب دورZ أن المؤمنين عن طريق االستقامة ، ودفعهم إلى المعاصي ، من الكبائر والصغائر ، فمن الواضح إذا

م� علم أطلق على ذلك الشيطان األكبر دون ذريته من الشياطين والمردة ، ولهذا لم ( كلمة ) إبليس �س� �ت ي شياطين اإلنس ( ، وهم الذين ) باسمه أحد غيره ، فلم يرد في االستعمال ) إبليس اإلنس ( ، كما ورد

Z .نفخ إبليس في قلوبهم فصاروا له جندا

النصوص نستطيع أن نتصور واقع العمل بين إبليس وذريته وجنوده من الشياطين ، في ضوء داللة وربما الشرك ، وفي كل ما القرآنية بحيث يتولى إبليس محاربة بني آدم ليصدهم عن اإلسالم ، ويغرقهم في

والعقائد واألديان ، على أن يتولى بقية يؤدي إليه من قول أو عمل ، وتلك مهمة رهيبة تتصل بالمباديء والشر .. كل� حسب اقتداره على اإلغواء واإلضالل ، الشياطين مهمات دون ذلك ، في مجال الرزيلة

Z عند استعراض وإشاعة الفساد ، فمنهم الذكي والغبي ، والنابه والكسول ، ولسوف نزيد الصورة وضوحا ( .بشأن ) الشيطان النصوص الواردة

Page 62: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

Z .. قوله تعالى في سورة على أن ) إبليس ( وصف في القرآن بأنه ) شيطان ( ، وهو ما يشي به مثال�ه�م� و�ع�ادZا : }} العنكبوت �ن� ل ي �ه�م� و�ز� �ن اك �م م�ن م�س� �ك �ن� ل �ي �ب �م�ود� و�ق�د ت �ه�م� ف�ص�د�ه�م� ع�ن� و�ث �ع�م�ال �ط�ان� أ ي الش�

�ص�ر�ين� �ب ت �وا م�س� �ان �يل� و�ك ب ، فهذه المهمة الضخمة ، المتمثلة في صرف هؤالء . العنكبوت {{ - 38 الس� الذي اإليمان ، وصدهم عن التوحيد - هي مهمة هائلة ال يقدر عليها سوى ) إبليس ( ذاته ، الكفرة عن

Z بـ ) ال ( العهدية ، أي : الشيطان الذي تعرفون ، وتذكرون قصته وصف بأنه ) الشيطان ( - هكذا معرفا .مابين نوح وإبراهيم ووعيده ، والموقف هنا مع عاد وثمود - الذين عاشوا في الفترة

�م� : }} إبليس ( - قوله تعالى في سورة يس ) وأوضح من ذلك داللة على أن المراد ) بالشيطان ( هو �ل أ�م� �ك �ي �ل ع�ه�د� إ

� �ين� أ �م� ع�د�و® م�ب �ك �ه� ل �ن �ط�ان� إ ي �د�وا الش� �ع�ب �ن ال� ت �ي آد�م� أ �ن �ا ب �ق�يم� 60 ي ت اط� م�س� �ي ه�ذ�ا ص�ر� �د�ون �ن� اع�ب 61و�أ نستطيع أن نطردها قاعدة في كل شيطان معرف بــ ) ال ( ، فهو ) إبليس ( ، ويعتمد ، إننا . {{ - يس

Z فإننا نرجح أن يكون المراد في Z على داللة السياق ، فأما إذا جاء اللفظ منكرا Z من ذلك أيضا به واحداجنس الشياطين

-#-الشيطان في القرآن-#-

Z في سياقات Z ، وجمعا توحي باختالف المعنى المقصود منه . وقد ورد ذكر الشيطان في القرآن مفرداZ وثالثين Z في التنزيل المكي ثالثا Z وعشرين مرة جاء مفردا Z في التنزيل المدني ثمانيا .مرة ، وجاء مفردا

Z .فقد جاء في التنزيل المكي خمس عشة مرة ، وفي التنزيل المدني ثالث مرات - أما وروده جمعا

معرفة أو منكرة - كما وقد نستطيع أن نميز بعض وجوه المعنى المراد من خالل مالحظة ورود الكلمةZ : ) الشيطان ( فهو ) إبليس Z ) شيطان ( فهو أحد من ، ( سبق أن قلنا ، فإذا جاء معرفا وإذا جاء منكرا

Z في خمسة مواضع هي جنس الشياطين ) من ذرية إبليس ( ، وقد جاء Z ) شيطان ( فعال اللفظ منكرا :على التوالي بحسب النزول

�ط�ان� ( }} السورة السابعة ) التكوير* ي �ق�و�ل� ش� � و�م�ا ه�و� ب ج�يم ( . {{ - التكوير ) مكية25ر�

� ( }} الحجر ) السورة الرابعة والخمسون* ج�يم �ط�ان� ر� ي �ل� ش� �اه�ا م�ن ك .الحجر ) مكية {{ - 17و�ح�ف�ظ�ن

�ط�ان� م�ار�د� ( }} السورة السادسة والخمسون ) الصافات* ي �ل� ش� {{ - الصافات7و�ح�ف�ظZا م�ن ك ( .) مكية

�ه� ق�ر�ين� و�م�ن ( }} السورة الثانية والستون ) الزخرف* Zا ف�ه�و� ل �ط�ان ي �ه� ش� �ض� ل �ق�ي ح�م�ن� ن �ر� الر� �ع�ش� ع�ن ذ�ك ي ( .الزخرف ) مكية {{ - 36

� ( }} السورة الثالثة والتسعون ) النساء* �ال �د�ع�ون� إ �ن ي Zا و�إ �اث �ن � إ �ال �ه� إ �د�ع�ون� م�ن د�ون �ن ي Zا م�ر�يدZا إ �ط�ان ي 117ش� ( .{{ - النساء ) مدنية

Z أن اآلية في سورة التكوير هي أولى اآليات التي تعرضت لذكر الشيطان في القرآن ، ويالحظ أوالZ ، وقد كانت العرب تعرف ) الشيطان ( ، وتراه في أطياف الشعراء ، فجاء فجاءت القرآن به منكرا

� : }} لينفي أن تكون آياته كأبيات الشعر من طائف الشيطان الذي عرفوه ج�يم �ط�ان� ر� ي �ق�و�ل� ش� و�م�ا ه�و� ب ( . {{ - التكوير ) مكية25

، لتعريف المخاطبين بأن شأن ونحسب أن وصف الشيطان هنا بأنه ) رجيم ( هو الجديد في هذه البداية الجاهلية ، وكأنه يقول لهم : إن ما يمليه الشيطان الشيطان أن يرجم بالحجارة ، وهو ما لم يعرفه أهل

وال يدعو إلى خير ، فهو عكس ما يتلوه عليكم محمد صلى الله عليه على عقل الشاعر ال يحمل هداية ،�م�ين� : }} وسلم �ع�ال �ل �ر� ل �ال� ذ�ك �ن� ه�و� إ �ن27إ �م� أ اء م�نك �م�ن ش� �ق�يم� ل ت �س� ، وقد صمت الوحي {{ - التكوير28ي

Z - طيلة ثالثين سورة - حتى جاء ذكر ) إبليس ( في سورة - بعد ذلك عن ذكر الشيطان Z ومعرفا منكراZ عن قصة آدم ، أي : في إطار مستقل ، وهو ) ص ( ألول مرة Z بعيدا ، وعرض ذكر ) الشيطان ( مفردا

�ه� : }} قوله تعالى في ب �اد�ى ر� �ذ� ن �وب� إ �ي �ا أ �د�ن �ر� ع�ب �ص�ب� و�ع�ذ�اب� و�اذ�ك �ن �ط�ان� ب ي �ي� الش� ن �ي م�س� �ن ، {{ - ص41أZ في قوله تعالى وجاء ذكره �اء : }} جمعا �ن �ل� ب �اط�ين� ك ي ، واآليتان تتحدثان عن {{ - ص37و�غ�و�اص� و�الش�

أحدهما : أيوب ، الذي دعا ربه أن يخلصه من وساوس الشيطان .. أمور تتصل بقصتي نبيين كريمين والثاني : سليمان ، الذي سخر الله له الجن والشياطين في أمور تتصل بما وهبه أثناء مرضه وابتالئه ،

ملك لم يوهب ألحد بعده ، وحين تأتي قصة آدم في آخر سورة ) ص ( يذكر ) إبليس ( ألول الله من مباشرة بسورة مرة ، وكأنه ال عالقة له بالشيطان ، فلكل منهما مجاله ، ولكن الوحي ينزل بعد ذلك

، ويطابق بينهما ، ولو أننا األعراف ) التاسعة والثالثين ( ، فيجمع بين إبليس والشيطان في قصة آدم

Page 63: أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة

�ط�ان� }} :قرأنا اآليات حتى قوله تعالى ي م�ا الش� �هـ� و�س� ل نا أن {{ف�و�س� ر� عـ� ل�ش� وملحظ كلمة ) الشيطان ( في هذا السياق تأتي في موقع الوصف ، أي : ذلك الشرير المجرم ،

.الوصفية هنا أظهر من ملحظ االسمية

Z من ) وحين يتقمص Z ، وأعظم إفسادا اإلنسان ( وظيفة الشيطان ، فإنه يكون أخبث طينة ، وأبشع كيداZ من هؤالء الشياطين .. في شكل مفكرين ، وساسة وحكام ، الجن وشياطينهم ، وقد شهد عصرنا أجياال

ذواتهم صفات الشيطان الجني ، وأذناب ، وطواغيت و ) هالفيت ( - إن صح التعبير - وقد جمعوا فيZ من .الشرور المرئية وغير المرئية وأضافوا إليها أخبث صفات اإلنس ، فكانوا مزيجا

Z تزيف صورة الحق ، فإذا هو باطل يخدع العقول ، كما شهد عصرنا من فنون هؤالء الشياطين أهواال .والتعلق به ويفني األعمار في متابعته

بالموبقات ، ونشر الفجور بكل وسائل نعم : شهد عصرنا ذلك الصراع من أجل احتالل الفضاء ، وشحنه الرحمة ، وباطنها من قبله العذاب ، وهي شعارات اإلغراء واالستدراج ، تحت شعارات ظاهرها فيه

و ) عولمة الثقافة ( ، وغير ذلك من دعاوي الباطل ، ولغات ( ) مصالح الجماهير ( و ) خدمة الشعب والمضمون الوحيد هو الجنس ، والجنس وحده ، حتى يذهل اإلنسان عن غايته ، ، ( ) شياطين اإلنس

.اتصاله بهدفه ، ويبقى مجرد متفرج أبله على ألعاب الشياطين ويعقد

للمواجهة والحضارة ، والعدالة ، والكرامة ، والقوة ، والدين ، والنصر على العدو ، واإلعداد أما التقدم ، على أهازيج السالم ، وأن المحتومة - فكل ذلك كالم أجوف ، ال قيمة له ، وال مضمون .. يكفي أن ننام

Z عن الحركة الناشطة .، والعمل اإليجابي ، والبناء األخالقي نستسلم ألحالم اليقظة والمنام ، بعيدا

�ة ، وقنوات االتصال بين أعداء الله من الشياطين إنها مراقص الشيطان ، ونوادي األبالسة ، ومالعب الج�ن .المالعين

انتهى