نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

48
سلمة ف الليام ا نظاسلمة ف الليام ا نظالشيخ لدوديى الوعل أب اللهادحيد وا منب التو) 1 (

Upload: abdurhman-abouzekry

Post on 27-Jul-2015

110 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

نظام الياة ف السلم

للشيخ أب العلى الودودي

)1(منب التوحيد والهاد

Page 2: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

)2(منب التوحيد والهاد

Page 3: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

القدمة النسان مدن بالطبع ، أي أنه ل بد أن يعيش ف جاعة ، لنه ل يستطيع أن يفي باحتياجاته كاملة بفرده ، كما أن اليل الغريزي بي جنسيه يدفع إل الجتماع ، وهذا

من حكمة ال تعال حت يتحقق العمران ف الرض وتستمر الياة يانعة مورقة ف الجيالالتعاقبة حت يرث ال الرض ومن عليها .

ينشأ عن التجمع البشري علقات متشابكة متداخلة متنوعة لو تركت على سجيتها لتصادمت وتسارعت ، ولعمت الفوضى والرج ولكل القوي الضعيف ، ولسادت

شريعة الغاب ولفاتت القاصد والكم من وراء اجتماع الناس ولعاد وبال ونكبة عليهموعلى العمران وعلى الياة والجيال .

من أجل ذلك كان ل بد من تنظيم لياة الناس يضمن توجيه طاقاتم وعلقاتم ف سبيل البناء والتعمي ، والترابط والتعاون والتكافل ، وتوفي المن والعدل وتصيل أكب قدر من الصال والنافع لكل فرد من أفراد هذا التمع ، واليلولة دون وقوع التعارض

والصnراع أو على القل التقليل منه إل أقصى حد مستطاع .

وهذا يقتضي بالضرورة تقييد حرية الفراد بضوابط وقيود تقعدهم عن العدوان بعضهم على بعض ، لن الرية الطلقة والجتماع النسان عدوnان لدودان ل يكن أن يتهادنا وما أروع الثل الذي ضربه الرسول صلى ال عليه وسلم لذلك ف حديثه حيث

قال :

" مثل القائم ف حدود ال والواقع فيها كمثل قوم أسهموا على سفينة فصار بعضهم أعلها ، وبعضهم أسفلها وكان الذين ف أسفلها إذا استقوا من الاء مرnوا على من فوقهم

فقالوا : لو أنا خرقنا ف نصيبنا خرقا ول نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا " z1(جيعا وإن أخذوا على أيديهم نوا ونوا جيعا(.

هذه الضوابط إنا تتمثل ف النظم والشرائع الت تكم حركة الياة ، ونشاط الناس ، وتدد القوق والواجبات والصلحيات والسئوليات . لقد عرف الناس منذ فجر التاريخ

1)

)

) رواه البخاري .

)3(منب التوحيد والهاد

Page 4: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

أسسا ثلثة للجتماع : اجتماع على أساس النس ، واجتماع على أساس الرض ( الوطن ) . واجتماع على أساس العقيدة . ول ريب أن الساس الثالث هو الذي

يتناسب مع خصائص النسان ومركزه ، ذلك لن العقيدة ثرة من ثار الفكر وهو أسى ميزات النسان ، بالضافة إل أنه الساس الوحيد الذي يعد من كسب النسان واختياره

، والرية أيضاz من أثن الواهب الت يتمتع با النسان ، وكلها ( الفكر والختيار ) مناط تكليف النسان وتكريه ، وهذا مفرق الطريق بي التمع السلمي وغيه من

التمعات فقد أسس رسول ال صلى ال عليه وسلم التمع السلمي ف الدينة النورة على أساس اليان ، وآخى فيه بي بلل البشي وصهيب الرومي وأب بكر القرشي

وسعد بن معاذ الدن .

إذا كان ل بد للناس من اجتماع ، ول بد للجتماع من نظام ، فمن القيقة بوضع هذا النظام ؟ وهنا الفارق الثان بي التمع السلمي وغيه من التمعات ، أن السلم

يعل التشريع ابتداء حقا خالصا ل تعال وحده لنه من خصائص ربوبيته وألوهيته " ش�ر�ع� ل�ك�م� م�ن� الد�ين� م�ا و�ص�ى ب�ه� ن�وحاz و�ال�ذ�ي أ�و�ح�ي�ن�ا إ�ل�ي�ك� و�م�ا و�ص�ي�ن�ا ب�ه� إ�ب�ر�اه�يم� و�م�وس�ى

)2(و�ع�يس�ى أ�ن� أ�ق�يم�وا الد�ين� و�ل ت�ت�ف�ر�ق�وا ف�يه� "

" ث�م� ج�ع�ل�ن�اك� ع�ل�ى ش�ر�يع�ة� م�ن� ال�أ�م�ر� ف�ات�ب�ع�ه�ا و�ل ت�ت�ب�ع� أ�ه�و�اء� ال�ذ�ين� ل ي�ع�ل�م�ون� ... ")3(.

" ف�اح�ك�م� ب�ي�ن�ه�م� ب�م�ا أ�ن�ز�ل� الل�ه� و�ل ت�ت�ب�ع� أ�ه�و�اء�ه�م� ع�م�ا ج�اء�ك� م�ن� ال�ح�ق� ل�ك�ل¡ ج�ع�ل�ن�ا " .. zو�م�ن�ه�اجا z4(م�ن�ك�م� ش�ر�ع�ة(.

.)5(" أ�م� ل�ه�م� ش�ر�ك�اء¢ ش�ر�ع�وا ل�ه�م� م�ن� الد�ين� م�ا ل�م� ي�أ�ذ�ن� ب�ه� الل�ه� "

" إ�ن� ال�ح�ك�م� إ�ل�ا ل�ل�ه� أ�م�ر� أ�ل�ا ت�ع�ب�د�وا إ�ل�ا إ�ي�اه� ذ�ل�ك� الد�ين� ال�ق�ي�م� و�ل�ك�ن� أ�ك�ث�ر� الن�اس� ل .)6(ي�ع�ل�م�ون� "

2)

)

.13) سورة الشورى 3)

)

.18) الاثية : 4)

)

.48) الائدة : 5)

)

.21) سورة الشورى : 6)

)

.40) يوسف :

)4(منب التوحيد والهاد

Page 5: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

ول ريب أن ال الذي خلق هو أعلم بن خلق ، وأعلم با يصلحهم وينفعهم ، وأنه أحكم الاكمي ف ذاته وفعله وأمره ونيه ، وأن رحته بعباده وسعت كل شيء وأنه

سبحانه منه عن مظنة النياز لطائفة أو طبقة أو جنس من عباده على آخر ، وأنه غن عن منافع ما يشرع من شرائع كل هذه الصفات تعل التشريع اللي بالغا غاية الكمال

ومنتهى السمو .

كما أن تارب البشر على مدار الزمن ف مال التشريع تقطع بانعدام أهليتهم لتنظيم حياتم ، فهاهم يبنون النظم ث يهدمونا وينتقلون من النقيض إل النقيض ف جيل واحد ويبيحون ما أجعت الفطرة والعقل والعلم والتجربة على فساده وضرره ، كإباحة المر

والزنا والربا والشذوذ إل غي ذلك من الفاسد الستشرية ف أرجاء الرض بكم القانونالوضعي .

وما دام ال سبحانه هو الالك ، والنسان عبدا ملوكا والياة هبة من ال للنسان كي يلفه ف الرض ، والسلم هو الدين الذي ارتضاه ال للبشر " إ�ن� الد�ين� ع�ن�د� الل�ه

، " ال�ي�و�م� أ�ك�م�ل�ت� ل�ك�م� د�ين�ك�م� و�أ�ت�م�م�ت� ع�ل�ي�ك�م� ن�ع�م�ت�ي و�ر�ض�يت� ل�ك�م� ال�أ�س�لم)7(ال�أ�س�لم� " " zفيتحتم على الؤمني بذا الدين أن ينظموا حياتم بنظام الياة ف السلم ،)8(د�ينا

ولكن ما هو هذا النظام وما هي أهم ميزاته وخصائصه ؟ وما أثر هذه الميزات فالياة ؟

إن الجابة على هذا السؤال هي موضوع هذا الكتاب الذي نتشرف بتقديه إل إخواننا وما هذا الكتاب إل نواة أو بلورة صغية تقبل البناء حولا والتوسع فيها نظرا

ليازه الشديد ، بيد أن هذا الياز جع معه الوضوح الشديد والتحديد الدقيق ، وماذلك إل أنه كان ف الصل أحاديث إذاعية ، وهذه بطبيعتها تقتضي هذه الصفات .

يبدأ الؤلف بشرح النظام اللقي السلمي وكيف أنه يرتكز إل العقيدة ف إرهاف الشاعر وإيقاظ الضمائر ، وأنه يعتمد على الفطرة ف إقرار العروف وإنكار النكر ، وإنه

ثابت ل يتغي ول يتطور لنه يتعلق بنفس النسان وفطرته ولذلك كان له مرجع ثابت خالد هو كتاب ال وسنة رسوله عليه الصلة والسلم ، وأنه يعل مرضاة ال سبحانه هي

الدف السى الذي يطمح إليه كل مسلم .

7)

)

.19) سورة آل عمران : 8)

)

.3) الائدة :

)5(منب التوحيد والهاد

Page 6: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

* * *

ث يوضح النظام السياسي وقيامه على توحيد ال عز وجل ف العبادة والطاعة والكم والمر والنهي أي العتراف بقه وحده ف وضع النظم والشرائع والناهج دون سائر

البشر ، وذلك عن طريق رسوله صلى ال عليه وسلم وف كتابه العزيز وسنة نبيه الطهرة ، وإن دور البشر هو اللفة عنه والمتثال لا يريد تطبيقه من شرائع وإن الاكم السلم ل بد أن يتاره السلمون عن رضا ول بد أن تتوافر فيه شروط منها التقوى والعرفة التامة

بالسلم والكفاءة الكاملة لتسيي أمور الدولة ف السلم والرب ، وهو يستمد شرعيته من أمرين : تطبيقه لشريعة ال ، وثقة المة فيه واختيارها له ، كما أن الشورى قاعدة أساسية

من أسس النظام السلمي .

وهذا النظام نظام أخلقي ل يبيح الغش ول الكذب ول الداع ول الغدر ول النفاق على عكس الفهوم السائد حاليا للسياسة الت تتخذ من اليكيافيلية منهجا لا ، فتبر

الوسيلة بالغاية ، وترتكب أفحش الرائم ث تسوق مئات العذار والتبيرات الكاذبة حتقال فيها الشاعر أحد مرم :

)9(ول أر� كالسياسة ف أذاها وف أعذارها ترجى مئينا

تغي على السود فتحتويها وتزعم أنا تمي العرينا

وتبتدع الطرائق والفنونا)10(تريد فتخلق الصباغ شت

وتتخذ الدم السفوك وردا تظن زعافه الاء العينا

ث يعرض نظام السلم الجتماعي الذي يضع البشر جيعا على قدم سواء من حيث إنسانيتهم وبالتال فهو يرفض التمييز بينهم على أساس أمور ل دخل لم با ول اختيار كالنس واللون والوطن واللغة " ي�ا أ�ي¹ه�ا الن�اس� إ�ن�ا خ�ل�ق�ن�اك�م� م�ن� ذ�ك�ر� و�أ�ن�ث�ى و�ج�ع�ل�ن�اك�م

" ºخ�ب�ي ºو�ق�ب�ائ�ل� ل�ت�ع�ار�ف�وا إ�ن� أ�ك�ر�م�ك�م� ع�ن�د� الل�ه� أ�ت�ق�اك�م� إ�ن� الل�ه� ع�ل�يم z11(ش�ع�وبا(.

9)

)

) تسوق مئات .10)

)

) تتلون وتنافق .11)

)

.13) سورة الجرات :

)6(منب التوحيد والهاد

Page 7: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

ومن ث يفتح التمع السلمي ذراعيه للبشر كافة ليكونوا أعضاء فيه بل أدن تفريقف القوق والواجبات ، أي أنه متمع عالي إنسان عقائدي .

وف داخل هذا التمع فإنه ينظم أفراده ف أسر ويضع نظاما مفصل للزواج والعشرةوالقوامة والقوق التبادلة بي الزوجي ، وحقوق البناء قبل الباء .

ويتعقب الرائم الجتماعية الت تدد السرة بالوقاية منها أول عن طريق أحكام الجاب وتري الختلط والغناء والرقص والصور وما بعدها ، ث بالعقاب ثانيا عن طريق

الدود مثل حد الزنا والقذف والشذوذ وشرب المر .

ث تتسع الدائرة الجتماعية فتشمل القارب وذوي الرحام فينظم الشرع السلميهذه العلقات با يكفل تقويتها وترطيبها بالشاعر الكرية النبيلة .

ث يتد التنظيم إل آصرة الوار وبعدها إل الؤمني كافة " إنا الؤمنون إخوة " .

ول يفوت هذا النظام تقرير حقوق أهل الذمة من غي السلمي الذين يعيشون ف دار السلم وواجباتم الت توجزها العبارة الت أجع عليها الفقهاء " لم ما لنا وعليهم ما

علينا " ث يذكر نظام القتصاد السلمي ويبي مدى اختلفه عن النظم الرأسالية والشتراكية ، وكيف أنه نظام وسط ينبثق عن العقيدة السلمية والتصور السلمي

للحياة وغايتها وللمال وقيمته ودوره فيها ولوظيفة النسان ف هذه الرض .

فهو يعل الال كله ملكا ل سبحانه ، والنسان مستخلفا فيه ومن ث فعليه أن يلتزم ف وسائل كسبه بضوابط الشريعة ، وكذلك ف أوجه إنفاقه ث يرتب للفقراء والعوزين نصيبا فيه ، فهو بذلك يقر اللكية الفردية ويترمها وبذلك يشجع الافز الفردي على

العمل والبتكار والنتاج وف نفس الوقت يفظ حق الماعة ف هذا الال .

والسلم ل يغلق وسيلة من وسائل الكسب والرتزاق أمام أحد قط من أبنائه ما دامت مشروعة وبذلك يضمن الساواة ف فرص السعي والد أمام الميع ، ولكنه ل

يقول بالساواة ف الرزق نفسه ، لن ذلك مصادم للفطرة ومناقض للعدل فضل عن أثره ف إهدار الطاقات وتعطيل الواهب وإيقاف حركة النشاط القتصادي ، أو على القل

إبطاء سرعتها لنعدام الافز الشخصي .

)7(منب التوحيد والهاد

Page 8: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

والنظام القتصادي السلمي ليس بعزل عن غيه من النظم السلمية فارتباطه باليان وبالنظام اللقي والتشريعي والجتماعي بل والروحان ارتباط متي من شأنه أن

يعل التنافس مزوجا بالتراحم والتكافل وأن تتآخى التطلعات الفردية والصلحةالجتماعية وأن ترتبط الادة بالروح ف الزكاة والصدقات .

ول يعتمد هذا النظام على الوزاع الشخصي فقط ، بل يفرض على الكومة أن تتدخل إذا ما حدث خلل ف نفوس الناس أو ف ميزان العدالة ، وما حروب مانعي الزكاة

ف الصدر الول من السلم بافية على أحد .

وأخياz يستعرض النظام الروحان الذي ينظم العلقة بي العبد وربه ، والدارج الت يكن للعبد أن يترقى فيها حت يبلغ ذروة الكمال النسان ببلوغه درجة الحسان وفيها

يعبد ال كأنه يراه ويوضح كيف استطاع هذا النظام أن يقضي على تصور سائد وغريب ، يرى أن الروح والسد نقيضان وأن الدنيا والخرة خصمان ل يكن للمرء أن

يمع بينهما ف مسيه إل ال ، وأن صلح إحداها على حساب ضياع الخرى ودمارها، المر الذي أدى إل فصل الدنيا عن الدين ، وانفلت البشر من ضوابط الخلق .

واستطاع السلم ذلك بوضع تصور صحيح للعبادة وهي أنا تشمل نشاط النسان ف كل مال ، ف القول وف الشاعر وف العمال الفردية والجتماعية ، وبذلك نقل

مكانا من ساحة السجد إل ميدان الياة ، وأمر السلمي أن يعنوا بياتم الدنيا ليكونوا فيها سادة أعزة فهذا هو الطريق إل الخرة " و�اب�ت�غ� ف�يم�ا آت�اك� الل�ه� الد�ار� ال�آخ�ر�ة� و�ل ت�ن�س

ن�ص�يب�ك� م�ن� الد¹ن�ي�ا و�أ�ح�س�ن� ك�م�ا أ�ح�س�ن� الل�ه� إ�ل�ي�ك� و�ل ت�ب�غ� ال�ف�س�اد� ف�ي ال�أ�ر�ض� إ�ن� الل�ه� ل ، ث عرض إل أركان السلم الربعة وعباداته الكبى الصلة)12(ي�ح�ب¹ ال�م�ف�س�د�ين� "

والزكاة والصيام والج فألح إل بعض حكمها .

وهذا النظام العام للحياة يتلف اختلفاz جوهرياz عن كل النظم الوضعية ، عرضنابعضها فيما سبق ونعرض بعضها فيما يلي :

* إن هذا النظام يضمن أسباب تطبيقه ف ذاته ، ذلك لنه نظام ربان وهذا يكفل له الجلل والتعظيم ومن ث يتثل الؤمنون به – له إذعانا وتطبيقا ، وبالضافة إل أنه يكفل

12)

)

.77) القصص :

)8(منب التوحيد والهاد

Page 9: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

له الرهبة لن ال الذي أنزله هو الرقيب عليه وهو سبحانه ل يفى عليه شيء ف الرضول ف السماء ، وبذلك يستمر الضوع له ف اللوة واللوة ، ف السر والعلن .

* إن هذا النظام يشمل كل احتياجات البشر فل يترك صغية ول كبية ف أي فرعمن فروع الياة إل وينظمها لم .

* إن هذا النظام عام للناس كافة بغض النظر إل أجناسهم أو ألوانم أو أوطانم .

* يترتب على شول هذا النظام أنه يقي الفرد والتمع شرور التمزق النفسي والجتماعي الناشئ عن تعدnد مصادر التشريع الوضعي ف نظم الياة الختلفة المر الذي

ينتج أمشاجا متناكرة أو متصادمة كما أن تناقضها مع مبادئ الخلق وتعاليم الدين يورث النفوس عذابا داخليا ، وألا مضا ، بينما النظام السلمي يلم شعث النفس ويقيم فيها سلما داخليا بصدور جيع النظم عن مشرع واحد هو أحكم الاكمي ، وكذلك يقيم سلما اجتماعيا بتوحيد نظام الياة ف مصدره وف حكمته وف غايته الذي هو ثرة

لتوحيد ال عز وجل . ولقد ضرب ال عز وجل لذلك ف قوله : " ض�ر�ب� الل�ه� م�ث�لz ر�ج�ل ف�يه� ش�ر�ك�اء¢ م�ت�ش�اك�س�ون� و�ر�ج�لz س�ل�ماz ل�ر�ج�ل� ه�ل� ي�س�ت�و�ي�ان� م�ث�لz ال�ح�م�د� ل�ل�ه� ب�ل� أ�ك�ث�ر�ه�م� ل

.)13(ي�ع�ل�م�ون� "

وإننا إذ نقدم هذا الكتاب نسأل ال سبحانه وتعال أن ينفع به السلمون ويبصرهم بعظمة دينهم ، وثراء تراثهم : وسو مبادئهم ، فيعمدوا إل تطبيقه ف حياتم كلها ،

ويتخلصوا من النظم الوضعية الت تكمهم ، حت يتبوnءوا مكانتهم الت ندبم ال لا " )14(ك�ن�ت�م� خ�ي�ر� أ�م�ة� أ�خ�ر�ج�ت� ل�لن�اس� ت�أ�م�ر�ون� ب�ال�م�ع�ر�وف� و�ت�ن�ه�و�ن� ع�ن� ال�م�ن�ك�ر� و�ت�ؤ�م�ن�ون� ب�الل�ه� "

.

.)15(" ي�ا أ�ي¹ه�ا ال�ذ�ين� آم�ن�وا اد�خ�ل�وا ف�ي الس�ل�م� ك�اف�ةz و�ل ت�ت�ب�ع�وا خ�ط�و�ات� الش�ي�ط�ان� .. "

ول يفوتنا ف هذا القام أن ندعو ال عز وجل أن يزي الؤلف الاهد عن السلمخي الزاء وأن يبارك ف عمره وف جهده وأن يعل أعمالنا جيعا خالصة لوجهه الكري .

13)

)

.29) الزمر : 14)

)

.110) آل عمران : 15)

)

.208) البقرة :

)9(منب التوحيد والهاد

Page 10: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي .

الناشر

)10(منب التوحيد والهاد

Page 11: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

الفصل الول

النظام اللق&ي الشعور اللقي ف النسان شعور فطري فطره عليه الالق تعال ، فيحمله على حب

بعض صفات النسان وكراهة أخرى . هو ، وإن كان متفاوتا وعلى أقدار متنوعة ف متلف أفراد البشر ، إل أن الشعور العام ، بقطع النظر عن الفراد ، ل يزال يكم على

بعض السجايا اللقية بالسن وعلى بعضها بالقبح ف كل زمان . فالصدق والمانة والعدالة والوفاء بالعهد مثل . كل ذلك ما عدته النسانية من الصفات اللقية الديرة

بالثناء والدح ف كل دور من الدوار ، ول يأت على النسانية حي من الدهر استحسنت فيه الكذب والظلم والغدر واليانة . وهكذا أمر الواساة والتراحم والسخاء

وسعة الصدر والتسامح ، فإن كل ذلك ما ل تنظر إليه النسانية إل بنظر التقدير والجلل ف كل زمن من الزمان ، بلف الثرة وقساوة القلب والبخل وضيق النظر

فإن النسانية ما عدتا قط ف شيء ما يستحق التوقي والكرام . ث إن النسانية ما زالت تكرم الصب والناة والثبات واللم وعلو المة والبسالة وتنظر إليها بعي الجلل ، كما ل تزل تتقر وتزدري الزع وقلة الناة والتلون وخور العزية والب . وكذلك ل تبح

النسانية تعد ضبط النفس والنفة وحسن اللق والؤانسة من مكارم الخلق وماسنها . أما اتباع الوى والنذالة وقلة الدب وسوء اللق . فلم يكن لا مكان فيما تعده النسانية

من مكارم الخلق . وكذلك ل تزل النسانية تل قدر أداء الواجب وحفظ العهد والنشاط ف العمل والشعور بالتبعة . كما أنا ل تنظر قط بعي الستحسان إل الذين ل يقومون بواجباتم ول يوفون بعهودهم ومواعيدهم ول ينشطون للعمل والد ول يأبون

لا يترتب عليه من التبعات .

هذه الصفات كلها شخصية فردية ، أما الشؤون الجتماعية وحسناتا وسيئاتا تنظر إليها النسانية بعي واحدة وتزنا بيزان)16(وصفاتا الميدة والذميمة ، فما فتئت

واحد ، فما عرفت من بي التمعات البشرية مستحقا للجلل والتوقي إل التمع الذي يتمتع بسن الدارة والناصحة والعدالة الجتماعية والساوة بي الناس ، ول تنظر قط

بعي العجاب والتوقي إل متمع خيمت عليه عناكب التشتت والتفرق والفوضى

16)

)

) فما زالت .

)11(منب التوحيد والهاد

Page 12: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

)17(واضطراب الحوال وأحاط به من كل جانب التباغض والتنافر والتحاسد والور

والتفاضل بي أفراد البشر .

والطباع ، خيها وشرها ، ل يزال على ما كان عليه ف)18(وكذلك أمر السجايا كل الزمان السالفة . فما نظرت النسانية إل أعمال السرقة والزنا والقتل والتلصص

والتزوير والرتشاء والبذاءة وإيذاء الناس والغيبة والنميمة والسد والقذف والفساد ف الرض بنظر التقديس والتمجيد ، كما نظرت إل بر الوالدين والحسان إل ذوي القرب وإكرام اليان ومناصرة الصدقاء على الق والشراف على حاجات اليتامى والساكي

)20( ومساعدة البؤساء وإعانة النكوبي . وكذلك ما أنزلت التال )19(وعيادة الرضى

منلة الجلل والحترام ، كما)23( والشره )22( والرائي والنافق واللجوج )21(والشر الناصح المي .)26( لي العريكة )25( فكه القول )24(أنزلت عفيف الئزر

وجلة القول إن النسانية ما اعتبت قوامها وما عدت خي أهل الرض وأكرمهم إل الصادقي ف أقوالم ، الذين يوثق بم ويعتمد عليهم ف كل شأن ، والذين ظاهرهم

وباطنهم سواء وأعمالم تطابق أقوالم ، الذين يقنعون بظوظهم وحقوقهم ويتسابقون إل أداء ما عليهم من القوق والواجبات لغيهم ، والذين يعيشون عيشة المن والدعة ويأمن

غيهم شرهم ل يرجى منهم إل الرشد والي .

فتبي من ذلك أن القواعد اللقية هي حقائق ثابتة عالية ما زال جيع أبناء البشر على معرفة با . فليس الي والشر ما يفى على أحد حت يكون باجة إل البحث عنه إذا

17)

)

) الظلم .18)

)

) الخلق .19)

)

) زيارتم .20)

)

) الخادع .21)

)

) البطر الذي يضع نعمة ال ف غي موضعها .22)

)

) الادل شديد الصومة .23)

)

) الطماع النهم .24)

)

) كناية عن عدم الزنا .25)

)

) حسن السلوب ف الكلم .26)

)

) سهل الطبيعة .

)12(منب التوحيد والهاد

Page 13: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

أراد معرفته والوقوف عليه ، بل إنما ما عهده ابن آدم منذ أول أمره وقد وهب ال له الت فطره والشر " بالنكر " ومراده بذلك أن العروف ما)27(الشعور بما وأودعه جبلته

عرفه الناس ورغبوا فيه واستأنسوا به ، وإن النكر ما أنكره الناس واشأزوا منه واستنكفوا أي النفس)28(عنه وف هذا العن نفسه ورد ف التنيل : " أ�ل�ه�م�ه�ا ف�ج�ور�ه�ا و�ت�ق�و�اه�ا "

النسانية .

وربا يسائل القارئ ف هذا القام فيقول : " إذا ل تزل ماسن الخلق ومساوئها معروفة معهودة ف العال ول يزل أهل هذه العمورة منذ عمروها على رأي واحد ف

حسن بعض الصفات وقبح بعضها ، فلم هذه النظم اللقية الختلفة النبثة ف العال ؟ وأي شيء سبب الفرق بينها وميز بعضها من بعض ؟ ما الذي نستند إليه ف قولنا إن السلم له نظام خلقي خاص ؟ ث ما هي الزايا والصائص الت يتاز با نظام السلم اللقي من

بي النظم الخرى والت كانت ، ول تزال ، غرnة ف تاريخ الناهج اللقية ودرnة فتاجها ؟ " .

فإذا تعرضنا للنظم اللقية الختلفة ف العال لدراك هذه السألة ، يتراءى لنا ف أول وهله أنا تفترق فيما بينها ف إدماج متلف الصفات اللقية ف نظامها الشامل وتعيي حدودها ومكانتها ومواضع استعمالا والتوفيق بينها . ث إذا دققنا النظر فيها وسبنا

تبي لنا سبب هذا الفرق ، وهو أن هذه النظم تتلف ف تديد معيار للحسن)29(غورها والقبح ف الخلق ووسيلة للعلم يعرف با الي من الشر ، كما ل تتفق ف تقرير القوة

النفذة الت تعمل عملها وراء القانون وتعله نافذاz ف الناس وتعيي الوازع الذي يمل الرء على اتباع القانون والواظبة عليه . ث إذا بثنا عن أسباب هذا الختلف وأعلمنا فيها

الفكر والروية ، ظهرت لنا القيقة واضحة ، وهي أن الذي بدد طرق هذه النظم اللقية جعاء وأبعد بعضها عن بعض ، فإنا تتلف ف التصور لذا الكون ومنلتها ف نظامه الواسع وغاية الياة النسانية فيه . وهذا الختلف هو الذي أثر فيها أثره وتولد عنه

الختلف الساسي حت ف حقيقتها وطباعها وأوضاعها .

إن السائل الت يقوم عليها أساس الياة البشرية وتعيي اتاهاتا ف هذه الياة الدنيا ، هي أنه : هل هناك آلة لذا الكون أم ل ؟ فإذا كان ، فهل هو إله واحد أم معه آلة

27)

)

) فطرته .28)

)

.8) سورة الشمس : 29)

)

) تعمقنا ف دراسته .

)13(منب التوحيد والهاد

Page 14: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

أخرى ؟ ومن هو الله الذي نؤمن به من بينها ؟ وما هي صفاته الت يتصف با ؟ وما هي العلقة بيننا وبينه ؟ وهل تفضل بإرشادنا ودبر أمر هدايتنا أم ل ؟ وهل نن مسؤولون بي يديه ؟ فإن كنا كذلك ، فما الذي ناسب عليه ؟ ث ما هي غاية حياتنا ومآل أمرها الذي

نعله نصب أعيننا ونعمل وفق مقتضياته ف هذه الياة الدنيا ؟

فهذه مسائل أساسية خطية يتوقف على جوابا نشأة نظام الياة النسانية . ل ينشأ إذن نظام الخلق إل وفق ما يناسب حقيقة هذا الواب ويتعذÐر عليn ف هذه الاضرة الضيقة النطاق أن أ�فصل القول ف نظم الياة الختلفة ف العال فأخبكم با اختاره كل

واحد منها جواباz عن هذه السائل الساسية ، ث ماذا أحدث هذا الواب من الثر أقتصر على السلم من بينها)30(والسمة ف أشكالا وتعيي الطرق لسيها . بيد أن

واتصدى لا أختاره جوابا عن هذه السائل وإيضاح ما جاء به من نظام مصوص للخلقعلى أساس هذا الواب وطبق مقتضياته .

فهو يقول جوابا عن هذه السائل : إن لذا الكون إلا وإنه ما من إله إل ال . فهو الذي خلق الكون وأوجد كل ما فيه ، وهو التصرف ف أمره ل شريك له ف ذلك . وله

المر والنهي وهو رب السموات والرض ومن فيهن . وهذا النظام الكون الذي نراه سائراz بانتظام وثبات ل يسي إل مذعنا لمره ومشيئته وهو الكيم القدير عال الغيب

عنه مثقال ذرة ف السموات ول ف الرض اللك القدوس)31(والشهادة الذي ل يعزب الذي يري أمره ف هذا الكون بقدر معلوم ل يتطرق إليه وهن ول خلل . فالنسان عبد ال بليقته وجبلته ول وظيفة له ف الدنيا إل أن يعبده وينقاد لمره . ول معن لياته إل أن تكون بأجعها عبودية ل خالصة . وليس من وظيفة النسان أن يعي من تلقاء نفسه

منهاجا لعبوديته . بل إنا ذلك على ال الذي خلقه وجعله عبداz من عباده . فقد أرسل ال تبارك وتعال إليه الرسل وأنزل معهم الكتاب لدايته وإرشاده إل طريق الي والسعادة .

الضيئة النية ث إن النسان)32(فواجب عليه أل يقتبس نظام حياته إل من تلك الشكاة مسؤول أمام ربه عما كسب واكتسب ف حياته الدنيا ، وماسب بي يديه ف الدار

الخرة ، ل ف هذا الدنيا وما هذه الياة الدنيا إل بلء له من ربه ليختبه . فالنسان ينبغي له أل يضع لياته غاية يطمح إليها ببصره ويسعى وراء تقيقها إل أن يكون من

الفائزين ف الدار الخرة عند ربه . والنسان أخل ف هذا المتحان بميع قواه . فإن فيه

30)

)

) غي أن ..31)

)

) ل يبعد ول يغيب .32)

)

) الصباح .

)14(منب التوحيد والهاد

Page 15: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

ابتلء لميع قواه ومواهبه وامتحاناz لياته من جيع نواحيها . فهو يتب ف جيع ما ياولهويزاوله من الشياء ف هذه الدنيا اختباراz خالصاz ل يشوبه شيء من أدران هذا العال .

أضف إل ذلك أن هذا الختبار يقوم به الذي عنده علم الكتاب والذي ل يقف علمه ومعرفته عندما سجله عن أعمال النسان وحركاته على جيع أجزاء هذا الكون من

الرض والواء والاء وأجواء الفضاء وف قلب النسان وذهنه ويده ورجله ، بل ييطعلمه بكل ما يطر ف نفس النسان من الواجس والدراك ول يغرب عنه منها شيء .

هذا هو جواب السلم عن مسائل الياة الساسية ، وهذا هو تصوره للكون ومنلة النسان فيه . وهو يعي الغاية القيقية السامية للكون ومنلة النسان فيه . وهو يعي

الغاية القيقية السامية الت ينبغي أن تكون الغاية القصوى من مهودات النسان ومساعيه ف هذه الدنيا – أل وهي " ابتغاء وجه الرب تعال ونيل رضاه " فهذا هو القياس الذي

يقاس به ف نظام السلم اللقي كل عمل من أعمال النسان ويكم عليه بالي أو الشر . ث إن هذا التعيي يزوnد الخلق النسانية بحور تدور حوله حياة البشر

. zبذافيها . فل تبقى بعد كسفينة ف البحر تتقاذفها الرياح وتقلبها المواج يينا وشال وكذلك يضع هذا التعيي بي يدي النسان غاية حقيقة يكنه بعدها أن يعي لميع

الصفات اللقية ف الياة حدودا ومنازل وصورا علمية ملئمة لكل واحدة منها ، كما يظفر من أجلها بالقيم اللقية الستقلة الت ل تزال قائمة متأصلة ف مكانا على تقلبات الحوال والشؤون وفوق كل ذلك إذا تعي ابتغاء وجه الرب ونيل رضاه غاية منشودة

للنسان ومرمى لساعيه وجهوده ، فقد ظفرت الخلق البشرية بغاية سامية تكنها من الرتقاء اللقي إل ما ناية له من معارج النمو والرقي ول يشوبا أبداz أدناس عبودية

الغراض والآرب النفسية ف مرحلة من مراحل سيها الثيث .

فكما أن السلم ينعم علينا بفضل تصوره للكون والنسان بذا القياس ، يزودنا ف الوقت نفسه بوسيلة دائمة لعرفة السن أو القبح اللقي . والسلم ل يصر علمنا

بالخلق على العقل أو الشيئة أو التجارب أو العلوم النسانية فقط ، حت تتغي أحكامنا اللقية بتغي هذه الوسائل الربع ول يقر لا قرار أبداz . بل السلم ينحنا مرجعا ثابت الركان يزودنا بالتعاليم اللقية ف كل حال وزمان ، أل وذلك الرجع هو كتاب ال

وسنة رسوله الكري صلى ال عليه وسلم ، وهذه التعاليم ترشدنا إل الطريق القوم وتضيء لنا الطة الستقيمة ف كل شأن من شؤون الياة من أتفه السائل البيتية إل

مسائل السياسة الدولية العظيمة ومشاكلها الطية . وند فيها انطباقا متسعا لصول

)15(منب التوحيد والهاد

Page 16: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

الخلق على شؤون الياة الختلفة بيث ل نتاج بعده ف مرحلة من مراحل الياة إلوسيلة أخرى للعلم .

ث ند ف تصور السلم هذا – للكون والنسان – تلك القوة الوازعة الت ل بد لقانون الخلق أن يكون مستنداz إليها ، وهذه القوة قوة خشية الرب تعال والشفاق من السؤولية الخروية والوف من سوء العاقبة ف الستقبل السرمدي . ول ريب أن السلم

يريد أن يوجد ويهيء من اليئة الجتماعية والرأي العام ما يمل الفراد والطبقات ويبهم على القيام بالقواعد اللقية والدأب عليها ، كما يريد أن يقيم نظاماz سياسيا

يتمكن بسلطانه من تنفيذ القانون اللقي ف الناس بالقسر ، إل أن القيقة ، مع ذلك ، على هذا الوازع الارجي مثل ما يعول على الوازع النفسي الذي تنطوي)33(أنه ل يعول

عليه عقيدة اليان بال واليوم الخر ، ومن ث يريد السلم – قبل أن يأمر النسانبالتقيد بالحكام اللقية – أن يلقي ف روعه ويلقنه :

إنا أمرك إل ال البصي البي الذي ل يعزب عنه مثقال ذرة ف الرض ول ف السماء وهو يراك أين ما كنت وكيف ما كنت . يكنك أن تتوارى من غيه ول يكنك أن تتوارى منه . وتقدر أن تدع جيع أفراد البشر ول تقدر أن تدعه هو . وتستطيع أن

تعجز كل من ف الرض ول تستطيع أن تعجز من خلق السموات والرض . إنا ينظر العال إل ما يظهر لم من أعمالك وأخلقك ولكنه عال الغيب والشهادة يعرف أسرار

)34(النفس ونوى القلب . فمهما أتيت من العمال ف حياتك الفانية هذه فل مندوحة

لك عن ارتشاف كأس الوت والرجوع إل الكمة الت ل تنفعك فيها ماماة ول ارتشاء ول شفاعة ول شهادة زور ول خديعة ول غش ، يوم يضع ربك الوازين بالقسط ويزي

عباده على أعمالم جزاء وفاقا .

فالسلم يثبت هذه العقيدة – عقيدة اليان بال واليوم الخر – ف قلب النسان فكأنه بذلك يلقي ف روعه حارساz من الشرطة اللقية يدفعه إل العمل ويثه على الئتمار

بأوامر ال – جل وعل – سواء عليه أكان ف الارج من الشرطة والكمة والسجن ما يمله على القيام با أم ل . وهذا الارس الداخلي وهذا الوازع النفسي هو الذي يشد

عضد قانون السلم اللقي ويعله نافذا بي الناس ف حقيقة المر ، وإن كان مع ذلك من تأييد الكم والرأي العام ما يسهل تنفيذه فذلك أجدى وأزكى ، وإل فالقيقة إن

33)

)

) ل يعتمد .34)

)

) ل مفر .

)16(منب التوحيد والهاد

Page 17: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

هذا اليان وحده يضمن هداية الفرد السلم والمة السلمة إل سواء الطريق إذا كانت. zخالطت بشاشته قلوبم وتغلغلت هذه العقيدة ف نفوسهم تغلغل

زد على ذلك أن تصور السلم هذا ، للكون والنسان يهيء عوامل تستحث الرء وتضه على العمل وفق ما يقتضيه القانون اللقي ، وكفى الرء دافعاz إل الذعان لرضاة ال وامتثال أوامره أن يرضى بال ربا وبعبادته منهجا ف الياة ويرضاه غاية لا . والعامل الخر الذي يزيد هذا العامل قوة إل قوته هو اليان باليوم الخر واعتقاده أن من أطاع ال وائتمر بأوامره فطوب له ف الدار الخرة السرمدية ، فإن يفوز بياة طيبة ومستقبل زاهر ونعيم مقيم ، وإن تمل ف هذه الدار الفانية من صنوف الذى واللم والصائب

فل جرم أن)35(والشدائد وإن قضى حياته ف هذه الدنيا عاصيا ل عاتيا عن أوامره مصيه ف الخرة إل العقاب الصارم والعذاب الدائم ، وإن تقلب ف الدنيا ف صنوف

النعم وأنواع الرغد من متاع الياة الدنيا . فذانكما الرجاء والوف إذا اجتمعا ف رجل واحد وتكنا من سويداء قلبه فكأنه نشأ ف أعماق فؤاده عامل قوي يقدر أن يثه على

على الستمساك بعروة الق ف أوقات وأحوال ربا يظهر له فيها ضرر .)36(الي ويبعثه منازع السوء ويبعده عن مواضع)37(وكذلك يقدر هذا العامل النفسي على أن يقيه

الفساد والشر ف أحوال يتراءى له فيها أن الشر فيه متعة للنفس ومنفعة ف هذه الياةالدنيا .

فالذي يتضح بذا التفصيل أن السلم له تصور خاص للكون ومقياس للشر والي ومرجع لعلم الخلق وقوة منفذة خاصة به وعامل يدفع إل العمل ، وهو يتار ف هذا الباب طرقاz غي طرق سائر النظم اللقية ف العال . فيتب بساعدة هذه العوامل نفسها

مواد الخلق العروفة وفق مقاديره الاصة وينفذها ف جيع شعب الياة ونواحيها .فلهذا يسوغ لنا القول بأن السلم له نظام خلقي جامع ملئم لطبيعته وتعاليمه .

ولذا النظام اللقي خصائص ميnزات ل يكن استيفاؤها ف هذا القام . إل أنن أريد ، بل الق أنا من أوليات السلم)38(أن أذكر ثلث خصائص بارزة هي زبدتا ولبابا

ف باب النظام اللقي .35)

)

) متكبا عن تنفيذها .36)

)

) يدفعه .37)

)

) يفظه .38)

)

) خلصتها .

)17(منب التوحيد والهاد

Page 18: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

أنه يعل ابتغاء وجه الرب ونيل رضاه غاية منشودة ف الياةفاليزة الول : النسانية ويعل بذلك مقياساz سامياz للخلق ل يقوم معه ف وجه الرتقاء اللقي شيء يعوقه عن الرتقاء والتقدم . وكذلك يقر مرجعاz للعلم . فهو ينعم بذلك على الخلق

النسانية من الثبات والرصانة با يكن معه الرقي والزدهار ول يكن التلون والتقلب حينا بعد حي . وكذلك يهيئ للخلق من خشية ال تعال قوة منفذة تث النسان على القيام والضطلع بقتضياتا من غي أن تكون فيها يد لعامل من العوامل الارجية .

وكذلك يلقي ف روع النسان ويكون فيه بفضل عقيدة اليان بال واليوم الخر قوةحثيثة ترغب الرء وتشوقه إل العمل بقانون الخلق من تلقاء نفسه .

منها أنه ل يشكل ول يوجد بذا التحريض والترغيب الض أخلقاz وآداباوالثانية : مبتكرة غي معهودة ، ول ياول حط بعض الخلق النسانية العروفة ورفع بعضها .

فهو ل يتناول من الخلق إل ما كان معروفاz عند جيع الناس ، حت ل يغادر من الخلق العروفة صغية ول كبية إل اقتناها وأخذها كلها . ث يضع كل واحدة منها

موضعها من الياة النسانية ويلها ملها اللئق با من مسالك الياة البشرية ويوسع ف تطبيقها على الياة النسانية توسيعاz عظيماz ، إل أن ل تبقى ناحية من نواحي الياة ول

والشؤون السياسية)39(شعبة من شعبها كالعمال الفردية والشؤون البيتية والعشرة الدنية والقتصادية والسوق والدرسة والكمة والشرطة والعسكر وساحة الرب ومؤترات

الصلح وما إل ذلك من نواحي الياة النسانية – فل تبقى ناحية من نواحي الياة ول شعبة من شعابا إل وترى فيها للخلق أثراz جامعا متغلغل ف أعماقها . فالسلم يعل الخلق مسيطرة ف جيع نواحي الياة ومهيمنة عليها . وهو يريد بذلك أن ينتزع زمام

شؤون الياة من أيدي الشهوات والغراض والصال ويضعه بيد الخلق الزكية والدابالسنة .

أنه يطالب الناس ويلتمس منهم إقامة نظامواليزة الثالثة لنظام السلم اللقي : للحياة ينهض بنيانه على العروف ول يشوبه شيء من النكر ، فيدعوهم قاطبة إل أن

يقيموا اليات ويعمموا السنات الت نظرت إليها النسانية ف كل زمان ومكان بنظر الكبار والجلل وأن يرفضوا ويقضوا على النكرات الت طالا نظرت إليها النسانية بعي

الزدراء والحتقار . فهذه الدعوة هي الت دعا إليها السلم جيع أبناء البشر ، فالذين استجابوا له ولبوا دعوته جعهم على كلمته الامعة واتذ منهم أمة مسلمة ، وما كان

غرضه بعلهم أمة واحدة إل أن يمعوا ما ف مستطاعهم من الهود ويسعوا سعيا

39)

)

) الجتماعية .

)18(منب التوحيد والهاد

Page 19: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

اجتماعياz ف إقامة العروف وتدعيمه وتعميمه وكبح جاح النكر والقضاء عليه واجتثاث شجرته من جذورها فإن كانت هذه المة قد عادت إل اقتراف النكر واجتراح السيئات

وبدأت تسي سية من يقاومون العروف ويسعون وراء إطفاء نوره ، فعلى الدنيا وعلىهذه المة السلم ، ول حول ول قوة إل بال .

)19(منب التوحيد والهاد

Page 20: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

الفصل الثان

النظام السياسي التوحيد للرسالة واللفة هي دعائم ثلث يقوم عليها بناء نظام السلم السياسي . وليس من اليسور أن نيط بنظم السياسة السلمية بميع فروعها وشعبها ، إل إذا فهمنا هذه البادئ – التوحيد والرسالة واللفة – حق الفهم . فيجمل ب ، قبل كل شيء ، أن

أتعرض لشرحها ، واحدة بعد أخرى متحرياz ف ذلك الياز .

أما التوحيد فمعناه أن ال تعال هو الالق لذا العال ومن فيه من بنالتوحيد : آدم . فهو ربم ومالكهم ، وليس الكم والسلطان والمر والنهي إل له وحده . وهو مستأثر بالطاعة والعبودية ول يشاركه فيهما أحد سواه . ث إن نفوسنا الت با حياتنا

وقوانا ومواهبنا الت نستخدمها فيما نشاء وحقوقنا الت نتصرف فيها ف هذا الكون وإن هذا الكون الذي نتصرف فيه ، ليس شيء من ذلك خلقناه وأوجدناه من تلقاء أنفسنا أو أوتيناه على علم من عندنا . بل ال تعال هو الذي أكرمنا بكل ذلك من غي أن يشاركه ف ذلك أحد . فل يل لنا ف قليل ول كثي أن نعي غاية هدايتنا أو نقيم حدوداz ومنازل لقوانا وحقوقنا حسب ما نشاء ونرضى ، وكذلك ل يوز لحد ، كائنا من كان ، أن يتصدى لذلك ويتدخل فيه بل إنا يرجع كل ذلك خاصة إل ال تبارك وتعال ، فإنه –

وحده – هو الذي فطرنا وأودعنا هذه القوق والدوات ومكننا من التصرف ف كثي ماخلق ف هذه الدنيا .

هذا هو التوحيد وهو ينفي ، كما ترى من شأنه ، فكرة حاكمية البشر ويريد القضاء عليها مبماz ، وسواء أكانت هذه الاكمية لفرد من الفراد أم لطبقة من الطبقات

أم لبيت من البيوتات أم لمة من المم أم لميع من على ظهر هذه الرض من أبناء البشر . الاكمية ل يستحقها إل ال وحده عز وجل فل حاكم إل ال ول حكم إل حكمه ول

قانون إل قانونه .

أما الرسالة فهي الوسيلة الت يصل با إلينا القانون اللي . فالذي تلقيناهالرسالة : بواسطتها شرح لذا الكتاب كتاب ال الذي بي ال فيه قانونه . والثان شرح لذا

الكتاب وتفسي له مستند قدnمه الرسول بقوله وفعله من حيث أنه نائب عن ال وخليفتهف هذه الدنيا .

)20(منب التوحيد والهاد

Page 21: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

أما الكتاب فقد بي ال فيه من الصول والبادئ جيع ما ينبغي أن يقوم عليه نظام الياة النسانية . وأما ما نتاج إليه بعد ذلك من الشرح والبيان لتلك الصول والبادئ

فقد بينه الرسول صلى ال عليه وسلم ومثله ف حياته تثيلz بتأسيس نظام للحياة النسانية وتدسيه وفق ما اقتضاه الكتاب ، حت يكون ذلك أسوة حسنة لن بعده . فمجموع هذين الصلي يسمى ف الصطلح السلمي " بالشريعة " فهذا هو الدستور الساسي

الذي ينهض عليه صرح الدولة السلمية .

أما اللفة فهي ف لغة العرب تطلق على النيابة فمنلة النسان ف هذااللفة : الكون من الوجهة السلمية أنه خليفة ال ، أي نائب عنه ف ملكته ل يتصرف فيها إل

طبقاz لق الستخلف والتصرف الذي وهبه ال إياه . أول ترى إنك إذا وكلت إل أحد وجعلته نائباz عنك فيها ، تكون واثقاz بنفسك من أربعة أمور : أول إنك)40(أمر ضيعتك

أنت صاحب الضيعة ومالكها القيقي ، ل هذا الذي وكلت إليه أمرها . ثانيا إنه يب على هذا الرجل أن يتصرف ف ملكك حسب ما أمرته به أنت وأرشدته إليه . ثالثاz أنه ل

ينبغي له أن يشق عصا طاعتك ويتعدى الدود الت أقمت له ولعلمه ، ورابعاz إن منواجبه ف هذه الضيعة أن يقضي منها ما تريد قضاءه أنت ل ما يريد هو نفسه .

فهذه المور الربعة قد اندمت ف تصور النيابة اندماجاz تاماz ، حت أنا تتخيل للمرء بجرد ما نطق بكلمة ( النيابة ) وتفوه با . فإذا رأيت نائباz ل يفي بذه الشروط الربعة

ول يؤدي واجبه وفق مقتضاها ، قلت إنه تاوز حدود النيابة ونقض اليثاق الذي تتضمنه النيابة . فهكذا نرى هذه المور الربعة نفسها مضمرة ف تصور كلمة ( اللفة )

والسلم ل يريد باللفة إذا قال إن النسان خليفة ال ف الرض إل هذا العن بعينه . فل تكون الدولة الت تقوم بوجب هذه النظرية السياسية إل اللفة النسانية تت

السلطان الربان اللي ، وإنا تكون غايتها النشودة تقيق مشيئة الرب تعال وإرادتهمقتدية بدايته من غي أن تتجاوز الدود الت أقامها لا ولعملها .

وما يناسب ذكره ف هذا القام أن السلم ل ينوط أمر ( اللفة ) بفرد من الفراد أو بيت من البيوتات أو طبقة من الطبقات ، بل يفوض أمرها إل جيع أفراد التمع الذي

يؤمن بالبادئ الساسية من التوحيد والرسالة ويظهر كفاءته واستعداده للقيام بكل ما تنطوي عليه كلمة ( اللفة ) وتقتضيه فإذا وجد ف الدنيا متمع متصف بذه الصفات ، فل ريب أنه جدير باللفة وأن هذا هو القام الذي تنشأ فيه وتبتدئ منه فكرة المهورية

40)

)

) عقارك .

)21(منب التوحيد والهاد

Page 22: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

ف السلم . فكل واحد من أفراد التمع السلمي له نصيب من اللفة وحق ف التمتع با . وهذه القوق جيع أفراد التمع فيها سواء كأسنان الشط . وكذلك ل يل لحد

أن يرم هذه القوق من شاء من أفراد التمع . فالظاهر أن كل حكومة تتهيأ لتسيي دفة هذه الدولة وإرادة أمرها ل تتألف ول تتشكل إل بآراء المهور وتأييدهم ، وهم الذين يولونا جانباz من حقوقهم – حقوق اللفة . فل تتشكل إل بآرائهم ول تعمل عملها

إل بتأييدهم ومشورتم . فمن نال رضاهم وحاز ثقتهم ، ينوب عنهم ف القيام بواجبات )41(اللفة . ومن فقد ثقة أفراد التمع به ، ل مندوحة له عن اعتزال هذا النصب اللل

فالمهورية السلمية إذن جهورية كاملة بالغة ف الكمال ملبغاz ليس وراءه من غاية ، غي أن الذي ييز المهورية السلمية من المهورية الغربية السائدة العروفة اليوم ف

العال ، أن نظرية الغرب السياسية تقول باكمية المهور ، والسلم يقول بلفة المهور . وبيان ذلك أن حقوق الكم والمر ف المهورية الغربية يستبد با المهور

وهم الذي يتلكون ناصيتها ، فيسنون وينفذون ف الرض ما يشاؤون من القواني والشرائع ، وإن قصارى ما تدف إليه حكومتهم إنا هو إرضاء عامة سكان الملكة

وجلب تأييدهم وقضاء مشيئتهم . والسلم بلف ذلك ليس الكم والمر فيه إل ال وحده ، فهو الذي يستأثر بق وضع القانون والشريعة لعباده من غي مشارك ول منازع . أما المهور فليست منلتهم ف السلم إل كمنلة اللفاء الذين يضطرون بطبيعة منلتهم أن يقتفوا آثار الشريعة اللية الت جاء با الرسول من عند ربم ول ييدوا عنها قيد شعره . ول تكون غاية من شكلوها وألفوها من المهور إل ابتغاء وجه ال تعال ولتنفيذ أمره ف أرضه . وخلصة القول إن المهورية الغربية تتبوأ منصب اللوهية عتوا واستكبارا ف

أرض ال بغي ما حق وتستخدم قواها ونفوذها حسب ما شاءت وشاء أعضاؤها وأن المهورية السلمية عبودية اجتماعية ل تبارك وتعال مقيدة ببائل شريعته ل تستعمل

قواها ونفوذها إل ف ضمن الدود الت أقامها لعملها مقتدية بالداية الربانية .

فالن أريد أن أعرض عليكم – على وجه الياز – صورة واضحة للدولة الت يقومبناؤها على دعائم التوحيد والرسالة واللفة هذه .

إن غاية هذه الدولة – كما بي ال تعال ف عدة مواضع من كتابه العزيز – أن تقيم الآثر والكارم الت يب ال أن تتحلى با الياة البشرية وتبث خياتا وتبذل الهد

الستطاع ف رقيها وتعميم مباتا ، وأن تستأصل وتنفي عن الرض كل ما يبغضه ال من الفواحش والنكرات وتطهرها من شوائبها وأدناسها فالسلم ما جاء ليقيم ف هذه الدنيا

41)

)

) الطي .

)22(منب التوحيد والهاد

Page 23: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

دولة من حيث أنا دولة ويعن بتدبي شئونا وإدارة أمرها فقط ، ول لن يهتم بصال أمة من المم دون سائرها ويستنفد جهوده وحيله ف تقيق مطالبها الجتماعية كل ، ليس المر كذلك ، بل الق أن السلم يضع بي يدي دولته الت يقيمها وفق مبادئه وأصوله غاية أسى وأرفع من ذلك بكثي ويتم عليها أن تستخدم ف سبيل تقيقها كل ما يتسن لا من الوسائل وما أوتيت من القوى ، وذلك ليظهر ما يب ال أن تتزين به حياة عباده ف أرضه وتصطبغ بصبغته من الناهة والمال والي والرشد والفلح والسعادة ويقضي على كل ما يتوق منه أن يكون مبعث فساد ف الرض ويأت على مصال عباد ال من صنف الشر والفوضى والباحية . وكذلك يعرض علينا السلم صورة واضحة للشر

والي ، حت يكننا أن نرى ف مرآتا هذه الصال الرضية وهذه الفواحش النكرة البغضة فالدولة السلمية إذن تستطيع ف كل عصر وف كل بيئة أن تضع برنامها الصلحي إذا

وضعت أمام عينها هذه الصورة الواضحة للشر والي .

والذي يقتضيه السلم اقتضاء ويطالب أبناءه بالستمساك به أل ييدوا عن البادئ اللقية ف شأن من الشؤون . فهكذا يعي لدولته خطتها الوثيقة الدائمة أل تكون

سياستها مبنية إل على الصدق الض والعدالة الناصعة والمانة النقية الطاهرة . وهو ل يرضى ف حي من الحيان أن تركن دولته إل شيء من الغدر والغش والعتداء تقيقا لصالها الوطنية أو الدارية أو القومية . وهو يؤثر الق والمانة والعدل على الآرب والهواء والغراض ف كل ما يعرض له من الواصر والصلت بي الراعي والرعية ف

داخل البلد وبي أمة وأخرى ف خارجها . فيعهد إل الدولة السلمية والذين يقومون بآمرها – كما يعهد إل الفرد السلم – أن أوفوا بعهودكم إذا عاهدت وأفوا الكيل

الناس أشياءهم . ل تفعلوا إل ما تقولون ول تقولوا إل ما)42(واليزان ول تبخسوا تفعلون . ول تنسوا ما لغيكم من القوق عليكم ، كما أنكم ل تنسون ما عليهم من

وسيلة للظلم والشطط والعتداء واجعلوها)43(الواجبات لكم . ول تعلوا الصولة والنعة وسيلة لقامة الق والعدل . واعلموا أن الق حق ف كل حال ، فسارعوا إل أدائه ، وأن

السلطان وديعة من ال ، فل تستعملوه إل وأنتم مستيقنون إنكم ماسبون عليه بي يدي. zكامل zربكم حسابا

ث إن الدولة السلمية ، وإن قامت ف ناحية خاصة من نواحي الرض وف قطر من أقطارها ، ل تدد القوق البشرية ول القوق الدنية بالدود الغرافية . أما البشرية

42)

)

) ول تنقصوا الناس حقوقهم .43)

)

) القوة الادية .

)23(منب التوحيد والهاد

Page 24: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

مثل ، فيضع لا السلم عدة من القوق السياسية ويأمر براعاتا والافظة عليها ف كل حال ويوجبها لكل إنسان على وجه الرض ، سواء أكان هذا النسان من يسكن داخل

الدولة السلمية أم خارجها ، عدوا كان أم صديقا ، متوددا كان لا أم معاندا لا بالرب . والذي يهمه ف هذا القام إنا هي حرمة الدم البشري ، فإنه مرم ف كل حي

ول يوز سفكه إل بالق ول يل ف شريعته العتداء على النساء والطفال والعجزة والرضى والرحى ف أي حال . وحرمات النساء وأعراضهن ما يب الذب عنه

والحتفاظ به ، ل يوز انتهاكها والعتداء عليها أبداz . وكذلك من حق الائع أن يطعم ومن حق العاري أن يكسى ومن حق الريح أن يداوى ومن حق الريض أن يواسى ،

وإن كان هذا الائع والعاري والريح والريض من قوم عدو للدولة متربصي با الدوائر . فهذه وأمثالا من القوق الخرى إنا قد أنعم با السلم على النسان من حيث أنه

إنسان ، ولا منلة القوق الساسية ف دستور الدولة السلمية .

أما القوق الدنية فل يص با السلم من ولدوا ف داخل الدولة السلمية فحسب ، بل القيقة أن كل مسلم أيا كان مولده ومنبته يوله السلم التمتع بالقوق الدنية

بجرد دخوله ف حدود الدولة السلمية ، ول يكون حظه منها دون حظوظ الذين ولدوا . مهما تعددت الدول السلمية ف)44(ف تلك الدولة وكانوا أهلها كابرا عن كابر

متلف أرجاء الرض وكثر عددها ، فل بد لا جعاء أن يكون أهلها مشتركي ف القوق الدنية . والسلم ل يتاج أبداz إل جواز السفر حيثما أراد الدخول ف دولة من

هذه الدول بل يكنه أن يترقى إل ما استطاع ويتأهل لناصب السؤولية العليا من غي أنيكترث لشيء من نسبه وعشيته وطبقته الت ينتمي إليها .

الدولة السلمية من غي السلمي قد عي السلم لم حقوقا)45(والذين يقطنون . zعديدة ، وهي بطبيعة الال جزء لزم من أجزاء الدستور السلمي ول تنفك عنه أبدا فيقال لمثال هؤلء من غي السلمي ف الصطلح السلمي ( أهل الذمة ) ، وهم الذين

ضمن لم السلم الافظة على أنفسهم . فل ريب أن نفوس أهل الذمة وأموالم وأعراضهم مرمة ، كما ترم نفوس السلمي وأموالم وأعراضهم ول فرق بي السلمي وأهل الذمة ف شيء من القواني النائية والدنية ول يل للدولة السلمية أن تتدخل ف

شيء من القواني الشخصية لهل الذمة ولم حرية ف عقائدهم وأفكارهم وعباداتموشعائرهم الدينية .

44)

)

) أبا عن جد .45)

)

) يسكنون .

)24(منب التوحيد والهاد

Page 25: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

من القوق الت أعطاها الدستور السلمي رعيته من غي)46(فهذا غيض من فيض السلمي ، وهي من القوق الستقلة الثابتة الت ل يوز انتزاعها منهم وسلبهم إياها ، ما داموا ف نطاق ذمتنا وتت حايتنا . ومهما اضطهدت دولة غي مسلمة رعيتها السلمة وأذاقتهم صنوفا من القهر والعذاب ، فل يوز لدولة إسلمية بإزاء ذلك كله أن تعتدي

على رعيتها من غي السلمي وترمهم حقوقهم خلفا للشريعة السلمية ونقضا للمواثيق ف حدود دولتنا)47(. ولعمر الق لو قتل كل مسلم خارج دولتنا ل يل لنا أبداz أن نرق

.)48(ولو دم فرد من أهل الذمة إل بالق

ويفوض أمر إدارة الدولة السلمية وتسيي دفتها إل أمي يضارع ف منصبه والقيام بأمر الدولة رئيس المهوريات ف هذا العصر . فكل من آمن ببادئ الدستور وسلم

تسليما فمن حقه إذا كان بالغا أشده أن يبدي رأيه ف انتخاب المي . والذي يلحظ بصفة خاصة ف انتخاب المي هو التقوى والعرفة التامة بالسلم والهلية الكاملة لتدبي

أمور المة ف السلم والرب . فل يناط منصب المارة إل لن كان متخلقا بذه الصفات مستوفيا لا ، وكان حائزا لثقة المة أكثر من غيه . ث ينتخب لساعدته ملس الشورى

الذي ينتخب أعضاءه عامة أفراد التمع . والمي حتم عليه أن يسوس البلد بشاورة أهل الل والعقد – أعضاء ملس الشورى – وهو أمي ما دام مزودا بثقة المة واعتمادها عليه

. أما إذا فقدها وأضاعها ، فل بد له أن يتخلى عن منصبه . غي أنه ل يزال على ذروة المر مسموع الكلمة مطاع المر نافذ القول ما دام مزودا بثقة المة ، بل يوز له ف

تلك الال أن يستأثر بق الرفض والرد ويرفض آراء سائر أعضاء اللس ف أمر يرى فيهأن الق على خلف ما يرون .

ومن حق عامة أهل البلد أن ينقدوا حكومة المي إذا رأوا فيها ما ينتقد .

أما التشريع ووضع القانون ف الدولة السلمية ، فل يكون إل ف ضمن الدود الت أقامتها الشريعة ول يتجاوزها أبدا . والذي أنزله ال وما جاء به الرسول صلى ال عليه

وسلم من الواجب أن تنقاد لما المة انقيادا كامل . فل يل للس من الالس التشريعية أن يدث فيهما أدن تغيي . أما الحكام الت تتمل وجهي فصاعدا ، فمن وظيفة الذين يتفقهون ف الدين أن يستجلوا فيها وجه الق والصواب ويدركوا ما أرادت من ورائها

46)

)

) قليل من كثي .47)

)

) نريق .48)

)

) أي إذا اقترف جناية عقوبتها القتل .

)25(منب التوحيد والهاد

Page 26: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

الشريعة الغراء . فهذه المور – وما كان على نطها – ترد إل لنة من العلماء والفقهاء تت ملس الشورى . ث ند بعد ذلك مموعة عظيمة للمور الت ل تنص عليها الشريعة

نصا خاصا ، فلمجلس الشورى أن يضع لا القواني ف ضمن الدود الشرعية .

والقضاء ف السلم ل سلطان عليه ليئة الكومة التنفيذية ول للمي ، فإن من يتوله ينوب عن ال عز وجل وهو مسئول بي يديه رأسا . والقاضي – وإن قامت بتوليته

الكومة – إذا تبوأ منصبه ف ملس القضاء ، ل يكم بي الناس إل با أنزله ال وأرشد إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم ول يكون ف مأمن من صدعه بالق وعدله حت

رجال الكومة أنفسهم ، ول بد لرئيس الكومة نفسه أن يضر بي يديه كشأن عامةأهل البلد إذا كان مدعيا أو مدعى عليه . وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي .

)26(منب التوحيد والهاد

Page 27: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

الفصل الثالث

النظام الجتماعي النظرية الت يقوم وينهض عليها نظام السلم الجتماعي إنا هي : أن أفراد البشر كافة على ظهر الرض كلهم من سللة واحدة بعينها . فال تعال ل يلق ف بدء المر

إل نفسا واحدة خلق منها زوجها وبث منهما جيع أفراد البشر الذين نراهم اليوم ف الرض قاطني ف متلف أرجائها . فظلت ذرية هذين الزوجي ف أول)49(مستعمرين

أمرها أمة واحدة بدين واحد ولغة واحدة ول يكن بينها شيء من التفاوت والتباعد ، ولكنهم كلما تكاثروا وازدادوا عددا ، ازداداوا انتشارا ف متلف بقاع الرض وانقسموا انقساما فطريا بسبب هذا النتشار إل شت الشعوب والمم والقبائل وتطرق الختلف

إل لغاتم وملبسهم وطرق معيشتهم وأثر جو متلف مناطق الرض ف ألوانم وسحنات وجوههم تأثيا بالغا . فهذه الفوارق كلها فطرية موجودة ف عال الشاهدة وواقع المر

والقيقة . فالسلم يعترف با حقيقة ثابتة ويقرها ول يريد القضاء عليها ، بل فوق ذلك يقول بأنا تنفعنا ف حالتنا الجتماعية ، إذا ل يكن بيننا التعارف والتعاون إل بواسطتها ولكنه مع ذلك يرفض كل ما ولدته هذه الفوارق بي الناس من عصبيات السللة واللون

واللغة والنعات القومية والوطنية وبعدها خطأ وضلل . فكل فرق بي الرجل على ما سببه اختلف النسب)51( والرحم والغربة )50(أساس الغن والفقر والشرف والضعة

والسرة والبيئة يعده السلم من باب خرافات الاهلية وضللتا . وإن رسالته إل كل من يشي على هذه العمورة الرضية من أفراد البشر أن ال خلقكم من ذكر وأنثى وإنكم

إخوان فيما بينكم وكلكم سواسية ف القوق البشرية ، ل فضل ف ذلك لحد علىآخر.

فهذا هو تصور السلم للنسانية ، ومن هنا قوله إنه ل يكن أن يكون فرق جوهري بي إنسان وإنسان لجل اختلفهم ف النسب واللون والوطن واللغة ، بل إنا

يتأتى ويظهر هذا الفرق الوهري بي متلف أفراد البشر لجل أفكارهم وأخلقهم وغاياتم ف الياة . فالشقيقان مثل ، وإن كانا بوجهة النسب من أب واحد وأم واحدة ،

يسيان ف مضمار الياة ف طريقي متلفي إذا اختلفا ف الفكرة واللق . وبعكس ذلك49)

)

) من الستعمار بالعن اللغوي . وليس الصطلح السياسي .50)

)

) الدناءة .51)

)

) قرابة النسب وتباعده .

)27(منب التوحيد والهاد

Page 28: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

فأحدها ف الشرق الدن والخر ف)52(نرى رجلي آخرين ، قد بعدت بينهما الشقة الغرب القصى ، يسيان ف طريق إذا كان بينهما التفاق ف الفكرة والتشابه ف اللق .

فيكون السلم على أساس هذه النظرية بإزاء جيع متمعات العال النسلية والوطنية والشعبية ، متمعا فكريا خلقيا مستندا إل مبدأ وغاية ل يتحد فيه أفراد البشر على أساس النسل السللة بل على عقيدة معينة وضابط خلقي بعينه . فكل من آمن بال ربا ومالكا

ر�ض�ي� با جاءت به الرسل من الدى ودين الق منهجا عمليا لياته ، فقد أصبح جزء من أجزاء هذا التمع وفردا من أفراده ، سواء عليه أكان من بلد أفريقية أم أوربا ، أم كان

ينتسب إل السللة السامية أم الرية ، أم كان أسود اللون أو أبيضه ، أم كان ينطق بالسينسكريتية أو العربية . فكل من اشترك ف هذا التمع هم سواسية كأسنان الشط ف

حقوقهم ومكانتهم الجتماعية فل يعتب بينهم شيء من الفوارق النسلية أو القومية أو الطائفية بل كلهم سواء ل شريف بينهم ول وضيع ، ول تزدري أعينهم أحدا من أبناء

جلدتم ول يستنكف أحدهم من الختلط بأخيه حذرا من أن يصيبه دنس أو رجس من جراء هذا الختلط ، وكذلك ل توجد بينهم العقبات والواجز ف شئون زواجهم

وأرحامهم ومالستهم ومالطتهم ومؤاكلتهم ، ول يكون الرجل فيهم شريفا أو ضعيفا الرجل فيه بقوق له)53(بسبب سللته الت ينتمي إليها أو الهنة الت يتعاطاها ول يستبد

مصوصة دون غيه معتزا بنسب أو مستندا إل أسرة وطبقة ف التمع مصوصة . وكذلك ل يكون الرجل فيهم كريا أو وجيها لجل أسرته أو ما يلكه من الثروة والال ،

بل إنا يكرم الرجل ف هذا التمع ويشرف إذا تلى بكارم الخلق وكان أوفر الناسحظا من تقوى ال وخشيته تعال .

فهذا متمع ل يد بالدود النسلية واللونية ول بالدود الغرافية ، بل من المكن أن يتجاوزها بذافيها ويعم وينتشر ف أقطار الرض وأرجائها جيعا ، حت تقوم على

والوطنية فل يكن الشتراك فيها)54(أساسه مؤاخاة بشرية عالية . أما التمعات النسلية إل للذين ينتمون إل سللة مصوصة أو وطن مصوص ، ويوصد بابا على من دونم من أبناء البشر إل أن هذا التمع الفكري واللقي مفتوح بابه لكل من يؤمن بعقيدة واحدة وضابط خلقي معي أن يشارك فيه ويتمتع من القوق با يتمتع به غيه سواء بسواء . ث

إن الذين ل يؤمنون بعقيدته وضابطه ، فإنه وإن كان ل ينظر إليهم كأبنائه والنضوين

52)

)

) السافة والبعد .53)

)

) ل يتفرد .54)

)

) القومية .

)28(منب التوحيد والهاد

Page 29: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

تت لوائه ، إل أنه يشملهم بعواطف النسانية العامة ول يقطع عنهم حقوقهم الفطرية البشرية . ومن الظاهر البي الذي ل خفاء فيه أن الشقيقي إذا اختلفا ف الفكرة والعقيدة وسارا ف طريقي متلفي ف طريق مصمار الياة ، ل يكون من معناه أنه قد انفصمت عروة النسب بينهما . وكذلك إذا انقسمت السللة النسانية أو انقسم سكان قطر من القطار إل طائفتي : طائفة تؤمن بذه العقيدة والبادئ وطائفة ل تؤمن با ، فل ريب

أنم يتفرقون هكذا إل متمعي متلفي إل أن الخوة النسانية ل تزال الشتركة بينهما ، فعلى أساس هذه النسانية الشتركة قد سلم التمع السلمي بقصارى ما يكن تصوره

من القوق البشرية وأعطاها سائر التمعات غي السلمية .

فإذا أدركت دعائم نظام السلم الجتماعي ، فتعال نبحث ونتبصر ف الصولومناهج العمل الت رسها السلم لختلف صور التعاون والتكافل البشري .

إن أول مؤسسة وأهها وأخطرها شأنا ف التمع البشري هو البيت . وهذا ينهض بنيانه ويوجد أفراده بتزاوج الزوجي وبذا التزاوج ترج إل الوجود سللة جديدة تتفرع

منها أواصر القرابة والرحم وغيها من صلت العشية . ول تزال تتد هذه الواصر وتتسع إل أن تبسط جناحها على متمع فسيحة جوانبه . ث إن البيت هو الؤسسة الت

وتعدهم لتحمل تبعات التمدن النسان العظيمة بغاية)55(تدرب فيها كل سللة أخلفها من الب والواساة والتودد والنصح . فهذه الؤسسة ل تيء الفراد لبقاء التمدن البشري

ونوه فحسب ، بل هي مؤسسة يود أهلها من صميم قلوبم وأعماق صدورهم أن يلفهم من هو خي منهم وأصلح شأنا وأقوم سبيل فالقيقة الت ل تنكر على هذا الوجه أن

البيت هو جذر التمدن البشري وأصله وأنه يتوقف على صحة هذا الذر وقوته صحة التمدن البشري نفسه وقوته ، ومن ث ترى أن أول ما يهتم به السلم ويعن به من مسائل

الجتماع إنا هو أن يقيم مؤسسة البيت ويقرها على أصح السس وأقومها .

إن الصورة الصحيحة الوحيدة لا بي الرجل والرأة من صلة العاشرة والتزاوج ، ف نظر السلم ، أن يرضى كل منهما للضطلع با يناط به من تبعات الياة البيئية حت

يترتب عليها ويقوم على أساسه بيت وعشرة منلية .

55)

)

) أبناءها .

)29(منب التوحيد والهاد

Page 30: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

العلقات الليعة الت تنشأ بي الرجل والرأة ول)56(وإن السلم ل يرى النات يعدها من قبيل الداعبات الطبيعية ول يعاملها معاملة الرذائل القبيحة القرة بل هي ف

نظره ما يأت على قواعد التمدن البشري ويهدده بالفناء والنقراض . فهو يرم مثل هذه العلقة تريا باتا ويعدها من الرائم القانونية ويعي لكل من يأتيها من أفراد التمع

عقوبات شديدة . وذلك حت ل يشيع ف التمع مثل هذه العلقة الت تستأصل التمدن البشري وتنسفه نسفا ، وأن يتطهر التمع عن العوامل والدواعي الت تمل الرء أو الرأة على إتيان هذه العلقة الليعة الت ل تبعة تتها أو يهيء لا الفرص والسباب . فليست

أحكام الجاب السلمي وتري اختلط الرجال والنساء والجر على شيوع الغناء والرقص والصور والفواحش وانتشارها إل لذا الغرض نفسه فإن غرضها السى

ومقصدها الوهري هو تقوية البيت وصيانته من عوامل الضعف والنلل . هذا ف –)57(جانب ، وبانب آخر ل يكتفي السلم بأن يوز العلقة الشروعة – النكاح

فحسب ، بل يعدها من السنة والعمل الصال وعبادة الالق . ومن أجل ذلك يكره أشد الرء أو الرأة وينقطعا عن الزواج . فهو يث كل شاب أن يمل)58(الكراهة أن يتبتل

على عاتقيه ما حله أبواه قبله من أعباء التبعات الدنية إذا بلغت إليه النوبة . وكذلك ل يعد الرهبانية من السنات ، بل يعدها بدعة شنيعة تناقض فطرة ال كل الناقضة . وأيضا

ل ينظر بعي الستحسان إل الرسوم والعادات الت تعل الزواج أصعب عمل وأعسره على الرء ، بل يريد أن يعل الزواج أسهل عمل وأيسره ف التمع والزنا والعهر أصعب

)59(عمل وأشقه . ولجل هذا الغرض ل يرم السلم إل الرحام والقرابات الخصوصة

وأحل للمرء أن يتزوج بعدها حيث شاء وف من شاء من ذوي الرحام والنساب القريبة أو البعيدة وقد قضى على الفوارق الطائفية وقوض دعائمها تقويضا ، وأذن للمسلمي

والعتدال ف)60(كافة إذنا مشاعا أن يتزوجوا ف ما بينهم ، وأمرهم بتحري السذاجة صداق الرأة وجهازها إل حد يسع تمله كل من الفريقي . ول حاجة لبرام عقدة

النكاح ف نظر السلم إل قاض أو فقيه أو سجل ، بل الق أن ليست عقدة النكاح ف التمع السلمي إل وظيفة سهلة يكن إبرامها بتراضي الزوجي البالغي بشهادة الثني

56)

)

) من الخطاء بل يعدها من أكب الكبائر .57)

)

) الزواج .58)

)

) النقطاع عن الدنيا ( الرهبنة ) .59)

)

) كالم والبنت والخت والعمة والالة وبنت الخ وبنت الخت والم من الرضاعة والخت منالرضاعة .. إل .

60)

)

) البساطة والتيسي .

)30(منب التوحيد والهاد

Page 31: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

، إل أنه ل ينبغي أن يتم هذا العقد سرا وخفية بل يب أن يكون جهرا)61(من العدول وعلنية ف القرية أو الي أو اللة .

والسلم قد جعل الرجل قواما على زوجه مشرفا على شؤون البيت ليقرها على وخدمته كما أمر الذرية بطاعة)62(أساس متي ونظام حسن وقد أمر الرأة بطاعة بعلها

الوالدين وخدمتهما . وهو ل يستحسن نظاما للبيت متزعزع الركان ل مدير له ول مقوم وليس فيه من يكون مسؤول عن أخلق أهل البيت ومعاملتم وشؤونم الختلفة .

فإذا كان من العلوم أنه ل يكن أن يستقيم نظام لبيت من البيوت إل بالقوام والشرف على أموره ، كان رب البيت أجدر وأليق من غيه لذا النصب الليل ف نظر السلم ،

إل أنه ليس من معن ذلك أن الرجل قد جعله السلم راعيا قاهرا على أفراد البيت له ملوكة ل مال لا ف تدبي البيت)63(لسوسهم كيف يشاء ، وإن الرأة فوضت إليه أم�ة

ول نفوذ . فالودة والرحم ها الساس القيقي للعشرة البيتية ف السلم ، فإذا كان على الرأة أن تطيع بعلها ، فكذلك يب على البعل – على حد سواء – أن يستعمل نفوذه ف

ما يعود على السرة بالفلح والسعادة والناء ول يستعمله ف الور والعدوان ول يريد السلم أن ي�ب�ق�ي� على الصلة الزوجية إل ما دامت فيها حلوة الودة والرحة أو إمكان

العاشرة بالعروف على القل وإذا ل تبق هذه العاشرة مكنة ، فهناك يي السلم الرء أن بعلها ، وكذلك يي الكمة السلمية أن تفسخ النكاح)64(يطلق زوجه والرأة أن تالع

إذا انقلب وبال مكان الرحة .

وأقرب دائرة ندها بعد دائرة البيت الضيقة هي دائرة القرباء وذوي الرحام . والسلم يريد أن يرى الذين يت بعضهم إل بعض بأواصر البوة أو الخوة أو الصاهرة

متعاوني متواسي متضامني ف ما بينهم . وقد أمر ال تعال ف غي موضع من كتابه العزيز بالب والحسان إل ذوي القرب والعشية والتعطف عليهم . وكذلك قد تكرر ف

الديث ذكر صلة الرحم وكونا من أعظم السنات مثوبة عند ال . فشر الناس وأبغضهم ف نظر السلم رجل يعامل أقرباءه وعشيته بالنكران واللؤم وسوء اللق . ولكن حذار أن يذهب بك سوء الفهم إل أن ميل الرجل إل أقرباءه وتعصبه لم ف

61)

)

) رجلي أميني .62)

)

) زوجها .63)

)

) عبدة ملوكة .64)

)

) اللع هو نظام شرعة السلم يول الرأة أن تطلب النفصال عن زوجها إذا ساءت بينهماالعشرة على أن ترد إليه مهره الذي دفعه لا أو أي شيء آخر يتراضيان به .

)31(منب التوحيد والهاد

Page 32: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

العروف وغي العروف عمل صال يقره السلم ، كل ، بل القيقية أن انتصار الرء لقبيلته وتعصبه لباطلها بإزاء الق يعده السلم من باب المية الاهلية . وكذلك إذا

أخذ رجل من موظفي الكومة يقوم بقضاء حاجات أقاربه بنفقات المة أو أصبح ينح إليهم ويقضي لم على غيهم من غي حق ول برهان ، فذلك أيضاz ليس ف شيء من العدل السلمي ، بل إنا هو ما أوحاه الشيطات إليه ووسوس به ف نفسه . أما صلة الرحم الت يأمر با السلم فمن شروطها الولية أن يكون مصدرها الرجل البار نفسه

وأن يكون ف ضمن دائرة الق والعدل .

ث أقرب آصرة بعد آصرة القرابة هي آصرة الوار . فاليان كما يقول السلم ثلثة : الار ذو القرب والار النب أي الجنب والصاحب بالنب ، وهو الذي صحبك إما رفيقا ف سفر أو شريكا ف حرفة أو قاعداz إل جنبك ف ملس أو مسجد فكل أولئك يستحقون من الحسان والب والعطف أكثر من غيهم . عن عائشة رضي ال عنها عن

النب صلى ال عليه وسلم قال : " ما زال جبيل يوصين بالار ، حت ظننت أنه سيورثه ")65(.

وعن أب شريح رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال : " وال ل يؤمن ، وال ل يؤمن ، وال ل يؤمن " قيل " من يا رسول ال ؟ " قال " الذي ل يأمن جاره

.)66(بوائقه "

.)67(وروي عن النب صلى ال عليه وسلم " ليس الؤمن الذي يشبع وجاره جائع "

قيل للنب صلى ال عليه وسلم " يا رسول ال ! إن فلنة تقوم الليل وتصوم النهار وتقعل وتصدق وتؤذي جيانا بلسانا " فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " ل خي

" zفيها هي من أهل النار " فقالوا " وفلنة تصلي الكتوبة وتصدق بأثواب ول تؤذي أحدا .)68(فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " هي من أهل النة "

65)

)

) .15 ص 5) رواه الربعة ( كتاب التاج الامع للصول ، كتاب الب والخلق ج 66)

)

) رواه البخاري ومسلم ، ولفظ مسلم " ل يدخل النة من ل يأمن جواره بوائقه " ( كتاب ) وبوائقه : ظلمه .15 ص 5التاج ، الامع للصول ، كتاب الب والخلق ، ج

67)

)

) رواه البخاري ف كتاب الداب عن ابن الزبي .68)

)

) رواه البخاري ف كتاب الداب عن أب هريرة .

)32(منب التوحيد والهاد

Page 33: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

قال النب صلى ال عليه وسلم " يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماء الرقة وتعاهد .)69(جيانك أو أقسم ف جيانك "

فجملة القول إن السلم يريد أن يؤلف بي الذين يتون ف ما بينهم بصلت الوار ويعلهم متضامني ف كل ما يل بم من الفراح والتراح ، ويقيم بينهم أواصر الثقة

والعتماد حت يأمن كل واحد منهم أخاه على نفسه وماله وعرضه . فهذه هي العشرة السلمية وآدابا . أما العشرة الت ند فيها جارين متلصقي ل يول بينهما إل جدار واحد غي متعارفي على كر الزمان ومر اليام ، والت ل ند فيها بي أهل ملة واحدة

شيئا من التواد والواساة والثقة ، فل يكن أن تعد من باب العشرة السلمية ف شيء .

ث توجهنا بعد هذه الروابط التقاربة دائرة العلقات الوسيعة الت تيم على الماعة السلمة كافة ، فإليك قبساz من الصول والقواعد الت يقيم عليها السلم حياتنا

الجتماعية ف هذه الدائرة الواسعة .

.)70(- و�ت�ع�او�ن�وا ع�ل�ى ال�ب�ر� و�الت�ق�و�ى و�ل ت�ع�او�ن�وا ع�ل�ى ال�أ�ث�م� و�ال�ع�د�و�ان� . 1

.)71(- ك�ن�ت�م� خ�ي�ر� أ�م�ة� أ�خ�ر�ج�ت� ل�لن�اس� ت�أ�م�ر�ون� ب�ال�م�ع�ر�وف� و�ت�ن�ه�و�ن� ع�ن� ال�م�ن�ك�ر� . 2

- إياكم والظن فإن الظن أكذب الديث ول تسسوا ول تنافسوا ول تاسدوا3 .)72(ول تباغضوا ول تدابروا وكونوا عباد ال إخوانا

.)73(- من أحب ل وأبغض ل وأعطى ل ومنع ل فقد استكمل اليان 4

.)74(- من مشى مع ظال ليقويه وهو يعلم أنه ظال ، فقد خرج من السلم 5

69)

)

) رواه البخاري ف كتاب الداب .70)

)

.2) سورة الائدة : الية 71)

)

.110) سورة آل عمران : الية 72)

)

) صحيح مسلم ، باب تري الظن والتجسس . والتدابر يعن التخاصم والتقاطع .73)

)

) مشكاة الصابيح : باب اليان .74)

)

) البيهقي ، مشكاة الصابيح : باب الظلم .

)33(منب التوحيد والهاد

Page 34: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

.)75(- من نصر قومه على غي الق فهو كالبعي الذي روي فهو ينع بذنبه 6

.)76(- ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه ما يب لنفسه 7

75)

)

) رواه أبو داود .76)

)

) رواه المسة عن أنس بن مالك . ( كتاب التاج الامع للصول باب أوصاف اليان الكامل ، ) .16ص

)34(منب التوحيد والهاد

Page 35: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

الفصل الرابع

النظام القتصادي إن السلم أقام حدودا ووضع أصولz ليقر شؤون النسان القتصادية على قواعد الق والصدق والعدالة والمانة وقضى أن ل يسي نظامها ول يعمل عمله من دوران

الثروة واكتسابا وإنفاقها إل ف ضمن هذه الدود الرسومة ول ييد عنها أبداz . أما طرق استثمار الثروة وصور دورانا وتداولا ، فل يهتم با السلم أدن اهتمام ، بل يدعها

تدث وتتجدد بكر الزمان ومرور اليام ، فإنا ما يساير الدنية الناشئة التحولة يوما فيوما ويتشكل ويتعي حسب أحوال الناس وبيئاتم وما يسهم من الاجات ف متلف مراحل الياة وإنا يريد السلم أن ل ترفض هذه الصول ول تنتهك هذه الدود وإن انقلبت

شؤون النسان القتصادية وصيغت ف قوالب شت ، بل يب أن تراعى وتترم ف كل ما تتاره شؤون النسان القتصادية من الوضاع والشكال الختلفة ف متلف الزمان

والدوار .

ول يلق ال الرض وما فيها من شيء إل للنوع البشري كما يراه السلم . فمن حق كل إنسان من حيث أنه إنسان منذ وجوده أن ياول اكتساب رزقه والتماس معاشه

من مائدة النعم اللية البسوطة بي يديه ف الرض . فهذا الق يشترك فيه جيع أبناء البشر اشتراكاz سويا كأسنان الشط ، ل يرم أحد التمتع بذلك الق الفطري ول يفضل

فيه بعضهم على بعض . إن الشريعة السلمية ل يل فيها أن يقيد بعض الفراد أو البيوتات أو الطبقات حت ل يكون من حقهم النتفاع ببعض وسائل الرزق ويوصد دونم باب بعض الرف والهن . وكذلك ل يوز فيها بكم القانون أن يقرر من

الفوارق والمتيازات ما يعل بعض الطبقات أو السللت أو البيوتات مستبدة ببعض وسائل الرزق وطرق العاش دون عامة الناس . فجميع أبناء البشر يستوون ف حق الاولة

لنيل نصيبهم من بسط ال على أرضه من وسائل الرزق وطرق العاش . فينبغي أن تتاحلكل واحد منهم فرص هذه الاولة أيا كان من بن آدم .

وكل نعمة ل بد ف إيادها وإصلح شأنا لهد إنسان وكفاءته يباح لم جيعا أن يتمتعوا با وينتفعوا منها بقدر حاجتهم . فماء النار والعيون وحطب الغابة وأثار الشجار النابتة ف أرض غي ملوكة والعشاب وسائر نبات الرض والاء والواء

ووحوش الصحراء والعادن العامة على ظهر الرض وغيها من هذا القبيل ل يوز

)35(منب التوحيد والهاد

Page 36: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

الستبداد با ول احتكارها ول أن يغلق بابا على خلق ال حت ل يتمكنوا من النتفاع با إل إذا دفعوا عليها الجرة غي أن الذين يريدون أن يستغلوا قدراz عظيماz من هذه

الشياء لغراض تارية يوز للحكومة أن تضع عليهم الضرائب .

وأما ما خلق ال ف الرض من التاع لصلحة عامة الناس وانتفاعهم فل يوز أن يهمل ويعطل ، ول بد لصاحبه من أمرين : إما أن ينتفع به نفسه وإما أن يذره ليتمتع به

غيه فيحتم القانون السلمي ، بناء على ذلك ، أنه ل يوز لشخص أن يعطل أرضه فوق ثلث سنوات ، وأنه إذا ل يعمرها بالبناء أو الزراعة أو غيها . فقد صار حكمها بعد

الت إذا انتفع با غي صاحبها وأحياها ل يل)77(ثلث سنوات حكم الرض الوات لصاحبها أن ياكمه إل الكمة ، بل الكومة السلمية تكون باليار التام ف مثل تلك

الال أن تقطع هذه الرض لن شاءت دون صاحبها القيقي .

ومن كان حائزاz لقوق اللك بالطرق الشرعية الباحة ف الدنيا ، فل ريب أن حقوقه هذه جديرة بالرمة والافظة عليها ف كل حال . أما كون هذا اللك مستوفياz لشروط

الصحة ف نظر الشرع ، فيمكن البحث ف ذلك والتحقق ف شأنه ، فالذي ل يكون منه مستوفياz لشروط الصحة ف نظر الشرع ، ينبغي أن ينتزع من أصحابه ، وأما الذي يقره الشرع والقانون من حقوق اللك فل مال للس من الالس التشريعية ول لكومة من

الكومات أن تسلبها وتغصبها أصحابا أو تزيد وتنقص ف شيء من حقوقهم الشرعية ، ول يوز أبداz أن يقوم ف أرض ال باسم الصال العام نظام يريد القضاء على حقوق أقرتا

الشريعة السلمية ، فكما أن التفريط ف جنب القيود الت قيدت با الشريعة السلمية zعلى الق ، كذلك)78(حقوق الفرد ف اللك مراعاة لصلحة الميع يعد ظلما وافتئاتا

لفراط بالزيادة ف تلك القيود أيضاz ل يقل عن ذلك ظلماz وعدواناz . ومن واجبات الكومة السلمية أن ترم حقوق الفراد الشرعية وتافظ عليها وتأخذ منهم ما أوجبت

عليهم الشريعة من القوق الماعية .

إن ال تبارك وتعال خلق اللق ول يعلهم سواسية ف تقسيم النعم واليادي بينهم بل فضل بعضهم على بعض بكمته ومشيئته . فهذا التباين بي العباد ظاهر بي ف

حسنهم وجالم وجودة أصواتم وقواهم السمية وكفاءتم العقلية والباءة الت ولدوا فيها إل غي ذلك من هذا القبيل . فهكذا أمر الرزق بعينه ، فالفطرة الت فطر ال عليها الناس

77)

)

) البور .78)

)

) تعديا .

)36(منب التوحيد والهاد

Page 37: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

تقتضي بطبيعتها أن يكون التفاوت والتباين ف رزق العباد كشأنه ف مواهبهم الخرى . فكل مشروع يتار ويدبر أمره لياد الساواة القتصادية الدعاة بي العباد باطل من

أساسه حسب ما يراه السلم ، لن السلم ل يقول بالساواة ف الرزق نفسه ، إنا يقول با ف فرص الد والسعي ف اكتساب العاش والتماس الرزق . والغاية الت يقصدها

السلم أل يبقى ف التمع البشري حواجز وعقبات قانونية أو تقليدية تعوق النسان وتقعده عن بذل جهده واستطاعته ف سبيل اكتساب الرزق حسب ما أوله ال من القوى والواهب ، كما يريد أن تنعدم عنه المتيازات والفوارق الت تضمن لبعض الطبقات أو السللت أو البيوتات سعادتا التوارثة وتوطها بسياج من التحفظ

القانون . فهذان الطريقان يولن التباين الفطري والفوارق الطبقية قهرا إل تباين مدعى وفروق غي فطرية فيأباها السلم ويريد أن يقضي عليهما ويقرر نظام التمع القتصادي

على منهج فطري مفتحة فيه أبواب السعي والد لكل واحد من أفراد التمع . والذين يريدون أن يسووا بي العباد حت ف وسائل السعي ونتائجه إكراهاz وقهراz . ل يعاضدهم

السلم بل يالفهم كل الخالفة ، فإنم يريدون أن يولوا التباين الفطري إل الساواة غي الفطرية وأقرب نظام إل الفطرة هو الذي يتسن فيه لكل فرد من أفراد البشر أن يبدأ سيه

ف حلبة العاش من القام والل الذي أعده ال له والالة الن فطره عليها الالق تعال . فمن ساعدته القدار مثل بأن يلك السيارة ، فله أن يسي على سيارته ، ومن ل يكن

عنده إل رجله . يسي مشياz على رجليه . ومن كان برجليه أذى من العرج ونوه ، يسي بعرجه ، فل يكون قانون إل انتهاء السي ومانعا للعرج أن يصل على السيارة ف مرحلة

من مراحل سيه . وكذلك ل ينبغي لقانون التمع أن يقضي بأن يبتدئ سي الميع – صاحب السيارة والراجل والعرج – من مقام واحد وحالة واحدة وأن يشد بعضهم إل بعض إل انتهاء السي من غي انفكاك ول انفصال ل يوز هذا أبداz ، وإنا القانون الوسط العادل ما يبقى فيه مكنا لكل من بدأ سيه بالعرج أن يصل خلل سيه على السيارة إن

قدر على ذلك بهوده وكفاءته الذاتية ، من غي أن يكترث ف هذا القام لن بدأ سيه بالسيارة وأوضاعها خلل السي بغباوته وعدم كفاءته ، فأصبح عاجزاz ل يسي إل سي

العرج .

هذا ، ول يكتفي السلم بأن تكون السابقة القتصادية ف اليئة الجتماعية عادلة مفتحا بابا لكل واحد من أفراد البشر بل يقتضي مع ذلك أن يكون التسابقون ف هذه اللبة متراحي متواسي متعاوني ول يكونوا أغلظاz شدادا ل يواسي أحد منهم صاحبه بالنب . فالسلم يريد بانب أن يرسخ ف أذهان الناس بتعاليمه اللقية فكرة التعاون والتكافل حت يكون كل مبز متقدم منهم سندا وظهرا لخيه التخلف ، وبانب آخر

)37(منب التوحيد والهاد

Page 38: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

يقتضي بأن ل يلو التمع أبدا من مؤسسة ثابتة تضمن إعانة العجزة والستضعفي الذين ل يهتدون لكتساب العاش سبيل حت ينال كل من ل يستطع أن يضرب بسهه ف هذه

السابقة القتصادية نصيبه من هذه الؤسسة والذين جار عليهم الزمن وأقعدهم عن استمرار سيهم ، فمن واجبات هذه الؤسسة أن تؤهلهم للمضي ف سيهم . ومن كان

به حاجة إل عون ومساعدة للنول ف ميدان الد والكفاح ، يد سؤاله من هذه الؤسسة ويبلغ ما يتمناه من الساعدة والعونة . ولجل ذلك كتبت الشريعة السلمية وقررت

بكم القانون أن يؤخذ ف كل سنة اثنان ونصف % من ثروة البلد الدخرة كافة بالائة من كل5 % و10وكذلك من مموع مال التجارة زكاة مفروضة ، وأن يؤخذ

% من20ما أغلته الراضي العشرية من حبوب وتار وكذلك أوجبت الشريعة حاصلت بعض العادن وأن تؤخذ أنصبة مفروضة من النعام والاشية على حسب

اختلف عددها . وأيضاz فرضت الشريعة أن ينفق كل ما يصل بذه الطرق من الال ف إسعاف الفقراء والساكي واليتامى والعوزين وذوي الاجة . فهذا تأمي اجتماعي

يستحيل معه أن يوجد ف التمع السلمي شخص يعوزه شيء من حاجات الياة اللزمة . وكذلك من الستحيل عندئذ أن يضطر رجل عامل يكسب رزقه بعرق جبينه خشية

إل أن يسلم بكل ما عرض عليه اللك وأصحاب الصانع من شروط)79(الملق الستجارة الفادحة . وعلى غرار ذلك ل يكن أن تنحط قوة فرد من أفراد التمع عن

ذلك الستوى الدن الذي ل بد منه للمساهة ف الكفاح القتصادي .

ومن نال شيئاz من خزانة ربه رأساz وأصلحه وجعله قابلz للنتفاع والستعمال بده ل يقوم لحد حق اللك)80(واجتهاده ، فهو مالكه وصاحبه ومثال ذلك أرض موات

فيها ، فإذا أخذها الرء ف حوزته وأصلح شأنا واستعملها ف وجه نافع مثمر ، ل يوز عزله منها واستردادها من يده . فهكذا ابتدأت جيع حقوق اللك ف الرض ، على

حسب ما يراه السلم . فلما استعمر النسان هذه الرض ف بدء المر ، كان كل شيء على وجهها مباحاz عاماz لميع بن آدم ، فمن حاز شيئاz وأصلح شأنه وجعله قابل

للنتفاع والستعمال ، أصبح صاحبه ومالكه ، أي صار من حقه أن يص استعماله لنفسه دون غيه ويطلب الجرة من أراد استعماله والنتفاع به . فهذا هو الساس

الفطري الذي يقوم عليه بناء جيع شؤون النسان القتصادية فمن العقول ، إذن ، أن. zمترما zمأمونا zيبقى هذا الساس ثابتا

79)

)

) الفقر .80)

)

) بور .

)38(منب التوحيد والهاد

Page 39: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

ويريد السلم أن يقيم الفرد والماعة على قسطاس مستقيم ويمع بينهما على أساس التعادل الكامل بيث ي�ب�ق�ي حقوق الفرد – من حيث هو فرد – وحريته مصونة ل

تضر بالتمع ، بل تكون نافعة لصاله قطعاz . فل يروق ف نظره نظام سياسي أو اقتصادي يهضم حقوق الفرد لصلحة التمع ول يذر له من الرية الشخصية ما ل بد منه

لتكميل مواهبه الفطرية ومقوماته الفردية . والنتيجة اللزمة من اتاذ جيع مرافق الياة ووسائل النتاج ملكاz مشاعاz أن يقيد جيع أفراد البلد ببائل الضابطة الماعية من غي

انفكاك ول ترك فالظاهر أنه من الصعب بل من الستحيل ف مثل تلك الال بقاء فرديتهم ونوها وارتقاؤها . ومن العلوم أن الافظة على الفردية تتاج إل الرية

القتصادية إل حد عظيم كما تتاج إل الرية السياسية والجتماعية . وما دمنا ل نريد القضاء على الروءة البشرية ، فل بد أن يبقى ف متمعنا مال لكل عبد من عباد ال أن

يلتمس معاشه حراz طليقاz ويرقى قواه الذهنية واللقية حسب اتاهاته ورغباته . والق أن الرزق الرسي الدود الذي يتلك مفاتيحه الجانب ل تطيب به النفس أبداz ، وإن توفر واتسع قدره ونطاقه ، فإن شبع البطن وسن البدن ل يكن أن يتلفيا ما يسببه الرزق من التلكؤ والحجام عن القدام والغامرة ، فكما أن السلم يكره مثل هذا النظام ، كذلك ل ينظر بعي الستحسان إل ذلك النظام الجتماعي الذي يطلق العنان لفراد التمع ف الدوائر الجتماعية والقتصادية ويترك حبلهم على غاربم يفعلون ويقترفون ما يشاؤون

وتشاء أهواؤهم ، حت يعودوا شراz على الماعة وضرراz فادحاz بصالها . والطريق الوسط الذي اختاره السلم بي هذين الانبي التناقضي – جانب الفراط والتفريط –

أن يقيد الفرد أولz بملة من الدود والتكاليف حفظاz لصلحة الماعة ، ث يلي بينه وبي شؤونه الفردية يعالها كيفما شاء ف ضمن هذه الدود . وليس القام مقام تفصيل لذهالدود والتكاليف ، إل أنن ذاكر لكم بعض نواحيها الهمة . قاصداz الياز والجال .

فنبدأ باكتساب العاش والتماس موارد الرزق أولz ، فقد اهتم السلم بوسائل اكتساب العايش وأمعن ف التفريق بي اللل والرام إمعاناz ل يسبق إليه قانون من قواني

العال فهو يرم كل عمل يضر به الرء غيه أو يلب بسببه ضرراz خلقياz أو مادياz على التمع بأسره . فقد حرمت الشريعة السلمية ترياz باتاz المر وتعاطي السكرات وبيعها وشراءها والبغاء ومهنة الرقص والغناء واليسر والقمار وأوراق النصيب والربا والغش وبيع

والطرق التجارية الت ل تضمن النفع اليقين إل لحد الفريقي دون الثان ،)81(الغرر وكذلك الحتكار وما إل ذلك من الصفقات الت تعود على التمع بنوع من أنواع

الضرر . وإنك إذا نظرت ف قانون السلم القتصادي من هذه الوجهة وتبصرت فيه ،

81)

)

) كبيع السمك ف الاء قبل صيده أو الطي ف الواء ، أو ما شابه ذلك .

)39(منب التوحيد والهاد

Page 40: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

عثرت على فهرس مسهب طويل الذيل لطرق العاش الرمة ، وإنك لتجد من بينها عي الطرق الذميمة الت يستخدمها الناس اليوم ف نظام الرأسالية ويصيون من التمولي الذين

يشار إليهم بالبنان . فالسلم يوصد أبواب جيع هذه الطرق بكم القانون ويتم على الرء أن ل يكسب الال والثروة إل بالطرق الت يسدي با خدمة حقيقية نافعة لن سواه

من بن آدم ، فيحصل بذلك على أجرته بالعدل والنصفة والقسط .

والموال الكتسبة بالطرق الباحة يسلم فيها السلم للمرء بقوق اللكية ، غي أن هذه القوق أيضاz منحصرة ف دائرة من الدود والقيود وبيان ذلك أنه يلزم الرجل أن ل

ينفق ما اكتسبه من الموال بالطرق الشروعة إل ف الطرق الشروعة فقد وضع لذا الغرض حدوداz للنفاق بيث يستطيع الرء أن يعيش عيشة طيبة طاهرة ، إل أنه ل يسعه

أن يبذل أمواله ف طرق أبواب الون واللعة ول أن يصرف ف إظهار بذخه وترفه حت وينظر إليه الناس من حوله نظرهم إل البابرة)82(يعلو بنفسه فوق بن جلدته

الستكبين . فهاك صور للسراف ف بذل الال حرمها القانون السلمي جهراz وتصريا وصور أخرى ، وإن ل يرمها تصرياz إل أنه جعل اليار فيها للحكومة السلمية أن

تأخذ بأيدي الناس بكم القانون وتنعهم من التصرف الشطط ف أموالم .

والذي فضل عند الرجل من الال بعد ما أنفق ف الصارف الباحة الوزونة ، فهو باليار إما أن يمعه ويدخره ، وإما أن يقلبه ف وجوه الكسب والتجارة بقصد الستزادة والستكثار . إل أن السلم وضع له حدوداz وقيوداz ف كلتا الالتي . فإن أراد المع ،

فعليه أن يؤدي ف كل سنة زكاة ما زاد من ماله عن النصاب . وإن أراد التقليب فل يوز له إل أن يقلبه ف الكسب اللل والتجارة الباحة . ث هذه التجارة إما أن يقوم با الرء

بنفسه ، وإما أن يشارك فيها وف نفعها وخسرانا أحداz غيه إذا سلم إليه الموال والبضاعة على سبيل الشركة سواء أكانت نقوداz أم أرضاz أم أدوات . فإن أصبح الرء ف ضمن هذه الدود والقيود بعد مدة من الزمن ذا ثروة متراكمة ، فل جناح عليه ف نظر

السلم ، بل إنا ذلك أنعام من ال أنعم على عبده وأكرمه به . ولكن مع كل ذلك يشترط عليه السلم شرطي : الول أن يؤدي كل عام زكاة أمواله وما أوجبه ال من

العشر على الاصلت الزراعية والثان أن الذين يعاقدهم على الشاركة أو الستئجار ف التجارة أو الصناعة أو الزراعة ، ل بد له أن يعاملهم بالسن وينصفهم ف معاملته لم .

. zوإن ل يعاملهم بالعدل والنصفة أجبته الكومة السلمية وقهرته على ذلك قهرا

82)

)

) بن جنسه .

)40(منب التوحيد والهاد

Page 41: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

ث إن الثروة الت قد تمعت ف ضمن هذه الدود الباحة ل يرضى با السلم أن تبقى مكنوزة إل أمد بعيد ، بل يقضي بكم القانون – قانون الرث – بتوزيها وبثها ف

كل جيل بعد جيل فاتاه القانون السلمي ف هذه السألة متلف كل الختلف عن اتاهات القواني الخرى ف الدنيا . فما ترمي إليه قواني العال الخرى أن الثروة الت

اجتمعت مرة من حقها أن تبقى متمعة على تعاقب الجيال . وبعكس ذلك جاء السلم بقانون جامع يقضي بأن الال الذي قد جعه رجل ف حياته يوزع بي عشيته القربي

بعد وفاته على الفور . فإن ل يكن له أحد من عشيته القربي ورثه ذوو الرحام والذي يتون إليه بشيء من صلة النسب على حسب فروضهم وأنصبتهم . وإن ل يكن له أحد

من ذوي الرحام أو من يت إليه بشيء من صلة النسب ، يستحق تركته بيت مال السلمي أو التمع السلمي بأجعه . فهذا القانون – قانون الرث – ل يسمح لشيء من الموال التجمعة أو نظام من النظم القطاعية أن يبقى ثابتاz دائماz بل الق إنه يقضي على كل فساد قد يتولد من كن الثروة مع تلك القيود والدود الت تقدم ذكرها ف ما

سلف .

وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي .

)41(منب التوحيد والهاد

Page 42: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

الفصل الامس

النظام الروحان ما هو نظام السلم ف ما بي العبد وربه ؟ وما هي العلقة بينه وبي سائر النظم ف

هذه الياة الدنيا ؟ .. هذه مسألة ل بد لنا لفهمها وإدراك معناها أن نكون على خبة تامة بالفرق بي تصور العلقة بي العبد وربه ف السلم وبي تصورها ف سائر الديان والنظم الفلسفية الخرى . وذلك أن الرء إذا ل يكن على بصية من هذا الفرق وأخذ

يبحث ف هذا الباب ، فكثياz ما ير باطره ويتطرق إل فكرته – بقصد وبغي قصد كثي من التصورات والخيلة الت لصقت ف معظم الحوال با يسمى اليوم من المور

الروحانية . فهناك يلتبس عليه المر ويتعذر عليه أن يعلم من أي نوع هذا النظام الروحان الغريب الذي يعدو نفوذه دائرة الروح الألوفة إل دائرة الادة والسد ويتدخل ف

شؤونا ، بل يريد الستيلء عليها والتصرف ف شؤونا .

والفكرة الت ما زالت مسيطرة ف حقول الفلسفة والديانات أن الروح والسد نقيضان ل يتمعان معاz ، فهذا ف واد وذاك ف واد والذي يقتضيه هذا ويستدعيه غي ما

يستدعيه ذاك ويتطلبه . فمن الستحيل إذن رقيهما وازدهارها جنباz بنب . فالسد والعال الادي سجن للروح ، والعلئق الدنيوية والنغماس ف لذائذها ورغباتا هي

الت تقيد با الروح البشرية ، وكذلك المور الدنيوية وطريق)83(الصفاد والغلل الكسب والعاش ف الدنيا هي الواجز والعقبات الت تقوم ف وجه الروح وتعوقها عن

التحليق ف جو الرقي والتقدم .

فكان من النيجة اللزمة لذه الفكرة أن تبددت طرق الروحانية والادية وتفرقت بما السبل والناهج . فالذين آثروا الادة وضربوا بسهمهم ف الشؤون الدنيوية يئسوا ف أول

خطوتم من مسايرة الروحانية وماراتا إياهم ف هذا الضمار ، فانغمسوا ف عبودية الادة كل النغماس وانسلخت متمعاتم ومدنيتهم وسياستهم ومعيشتهم وسائر أركان حياتم

z84(الدنيوية من الروحانية وتردت من معانيها حت امتلت الرض جورا(. zوعدوانا

83)

)

) القيود .84)

)

) ظلما .

)42(منب التوحيد والهاد

Page 43: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

والذين آثروا الروحانية وتطلبوها نشدوا لرقي أرواحهم طرقاz ومناهج تعلهم على الياد عن الشؤون الدنيوية ، وذلك أنه كان من الستحيل ف نظرهم أن يوجد لرتقاء

الروح طريق ير من بي الياة الدنيا وشؤونا اللبة التشعبة ، وأنم ل يروا بدا ف سبيل ترقية الروح والنهوض بشأنا أن يهملوا أمر السد ويتهاونوا ف العناية به . ومن أجل

ذلك تراهم قد اخترعوا رياضات بدنية شاقة قضت على النفس النسانية ورغباتا وتركت السد كأنه ليس إل جثة هامدة ل شعور با ول حراك . ومن ث رأوا أن شعاب البال وزوايا الصحارى والكهوف والغارات هي أوفق الماكن وأدناها للتربية الروحية فلذوا بالكهوف والبال وانزووا إليها نافرين من ضوضاء العيشة الدنية وأشفقوا على أنفسهم أن تقطع عليهم تبتلهم وانقطاعهم إل ال . فكلما ازدادوا تفكرا وتأملz ، ل يروا سبيل

إل نو الروح وازدهارها إل أن يتنكبوا عن الدنيا ويتجردوا عن علئقها وأن يقطعوا عنأنفسهم جيع الصلت والواصر الت تربطهم بشيء من العال الادي .

فالنبوغ من الوجهة الدنيوية والبلوغ إل أقصى حدود الكمال ف مضمارها أصبح معناه أن يكون الرجل متمتعا باللذائذ الادية والنعم الظاهرة اللموسة الزخرفة ، وأصبحت

غايته أن يتحول النسان طائرا جيل أو سكا بديعا أو حصانا نبيل أو ذبا مفترسا بارعا ف الفتك والضراوة . هذا ف جانب وبانب آخر أصبح معن الكمال والنبوغ من الوجهة

الروحية أن يتلك النسان جلة من القوى الغريبة الت ترج عن دائرة الفطرة البشرية وتسمو عليها وأصبحت غايته أن يتحول النسان آلة من الذياع أو مهرا لطيفا أو تصبح

نظراته وكلماته مستشفى كامل الدوات .

والذي يراه السلم ف هذا الباب متلف عما تراه النظم الدينية والفلسفية الخرى ف العال . فهو يقول بأن الروح البشرية قد جعلها ال خليفة له ف الرض وفوض إليها

جلة صالة من حقوق التصرف والواجبات والتبعات ، وأنعم عليها لداء كل ذلك جسدا من أحسن الجساد هيئة وتقويا فالق أن الروح ل تؤت هذا السد إل لن

تستخدمه ف ما وهب لا ال من التصرف ولن تؤدي به ما عليها من الواجبات فالسد ليس بسجن للروح ، بل هو معمل لا . فإن كانت هذه الروح قدر لا شيء من النمو

والرقي فإنا يكن تققه بإظهار مواهبها واستعدادها الفطري باستخدام آلت هذا العمل وقواه . ث ليست هذه الدنيا بدار للل أو تعذيب للنفس قد ارتطمت ف أوحالا الروح

بسبب من السباب . بل المر أنا ميدان للعمل ومضمار للسعي والكفاح والد قد بعث ال الروح البشرية إليه لتقوم بواجبها فيه . ولذا قد خولا أن تتصرف ف كثي من الشياء

الولودة ف هذه الدنيا وكذلك خلق معها جاz غفياz من البشر ليقوموا جيعا بواجبات

)43(منب التوحيد والهاد

Page 44: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

اللفة هذه ويضطلعوا بأعبائها وكذلك برزت لا إل عال الوجود شعب متلفة من الضارة والجتماع والقتصاد والسياسة وما إليها . وذلك با اقتضته الفطرة البشرية من

افتقارها إليها . فما دام الرقي الروحي والنمو العنوي ميسورا ف هذه الدنيا ، فليست سبيله أن يعرض الرء عن هذا الضمار ويقبع ف ناحية من النواحي ، بل إنا سبيله أن

يظهر كفاءته ومواهبه الفطرية بالعمل فيها والد والكدح ف نطاقها . فكأن هذه الدنيا موضع لمتحان الرء واختياره ، وإن كل ركن من أركان الياة وكل شعبة من شعبها

)85(سؤال من أسئلة هذا المتحان . فالبيت واللة والسوق والدارة والعمل والانوت

والعسكر وملس النواب ومؤتر الصلح وساحة)86(والدرسة والكمة ومل الشرط الرب وهلم جرا ، كل ذلك أسئلة متلفة لمتحان العبد ف فنون شت وعلوم متنوعة .

فماذا يكون من مصيه وعاقبة أمره إذا ل يهتم بشيء من هذه السئلة أو ترك معظمها من غي أن ييب عنها بشيء ما ؟ أفل يكون حظه من الدرجات صفرا ؟ إن احتمال النجاح والرتقاء ل يكن إل إذا اعتن الرء بالمتحان واهتم به أيا اهتمام وأكب على الستعداد

للمتحان والواب عن جيع السئلة الت تعرض عليه .

وكذلك ل يرضى السلم الرهبانية ويرفضها رفضا ، فإنه ل يرى السبيل لرقي النسان الروحان ف خارج العيشة الدنية بل إنا يراها ف داخلها ، وليس موضع رقي

الروح وازدهارها ونشوئها وارتقائها وهناءتا وسعادتا وفلحها ف سواحل اليئة وقعرها . فعلينا أن ننظر)87(الجتماعية ، بل إنا هو ف نظره ف لج اليئة الجتماعية

الن ونتبصر ف ما يعرض علينا السلم من مقياس لرتقاء الروح وانطاطها هذا سؤال قد أضمر جوابه ف تصور اللفة الذي سلف ذكره آنفا فالنسان من حيث أنه خليفة ال

عز وجل ف الدنيا ، مسؤول أمام ربه عما كسب واكتسب ف مضمار حياته ، وليس وظيفته ف الدنيا إل أن يستعمل ما منحه ال وفوض إليه من القوق والسلطان والوسائل

وفق مرضاة الرب تعال وحسب هدايته ومشيئته ، وأن يصرف جيع الواهب والقوى ف ابتغاء وجهه تعال وجلب)88(والكفاءات الت أنعم با عليه حسب استطاعته ومكنته

رضاه ، وأن يتوخى ف متلف الصلت والعلقات الت تربطه بغيه من أفراد البشر حطة واتاها يرضى به خالقه ومالكه . وجلة القول أن يصرف ويقصر جيع مهوداته ومساعيه

ف إصلح الرض وإصلح نظام عيشة أهلها إل حد يريد ال عز وجل أن يرى أرضه85)

)

) الدكان .86)

)

) الشرطة .87)

)

) قلب التمع .88)

)

) إمكانه .

)44(منب التوحيد والهاد

Page 45: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

مزينة به متحلية بباته وحسناته . فكلما ازداد النسان ف القيام بذه الدمة وشعورا بالتبعة ومعرفة بالواجب وطاعة للرب وانقيادا لوامره وابتغاء لرضاته ، ازداد تقربا إل ال

ودنوا إل رحته الشاملة . فهذا التقرب إل ال عز وجل هو الرقي الروحان ف نظر السلم وبعكس ذلك كلما ازداد النسان كسل وتقاعسا عن العمل والد وجهل بالتبعة – أو كلما ازداد تعنتا وبغيا وعتوا ، ازداد ابتعادا عن ال عز وجل ، فهذا البتعاد عن ال

تبارك وتعال هو النطاط الروحان ، حسب ما يراه السلم .

فالذي يتبي من هذا التفصيل أن مضمار العمل والد للرجل التدين والرجل الدنيوي من الوجهة السلمية ل يتلف أصل بل ها يشتركان ف العمل بيدان واحد

وحلبة مشتركة بل إنا يراها ف داخلها ، وليس موضع رقي الروح وازدهارها واهتمامه ل يبلغهما الرجل الدنيوي أبدا ، فإنه يضطلع بكل ما يعرض له من تبعات لختلف الشؤون

ف الياة الدنيا ومراحلها – من عشرته البيتية إل اللجنة الدولية العالية – كما يضطلع با الرجل الدنيوي ، سواء بسواء ، بل يفوقه ويبزه ف ذلك والذي يفرق بينهما هو

الختلف ف علقتهما بالرب تعال ونوعيتها . فل يعمل هذا إل وهو يشعر أنه مسؤول أمام ربه فل يبتغي ول يقصد من عمله إل وجه ربه تعال ورضاه فقط ، أما ذاك فدائما

يرى نفسه ، بلف ذلك ، حرا طليقا غي مسئول عن أعماله أمام أحد ، فل يعمل عمل إل وفق ما توحي إليه شهواته وميوله النفسية غي مبال با أ�مر به ون�ه�ي� عنه فهذا

الختلف ف علقتهما بالقهما تعال هو الذي حول حياة الرجل التدين الادية بأسرها إل حياة روحانية طيبة ، وإن هذا الذي ذهب بنور حياة الرجل الدنيوي الروحانية وتركه

ف ظلمات ليس بارج منها .

والن أريد أن أعرض عليكم وأبي لكم كيف يرسم السلم طريقا لرتقاء النسانالروحان ف لج الياة الدنيوية الادية ويفتح ف وجهه أبوب النمو والكمال .

فأول خطوة من خطوات هذا الطريق هي اليان . وذلك أن يرسخ ف قلب الرء ويتمكن من ذهنه أنه ما من إله ول مالك ول حاكم إل ال عز وجل ، وأن ل غاية له ف الياة يقصدها من مهوداته ومساعيه إل وجه ال ورضاه ، وأن ل قانون له ف حياته إل ما أمره به ال وما نى عنه . فهذ الفكرة كلما ازدادت رسوخا وتأصل ف ذهن الرء ،

ازداد اصطباغا بصبغة العقلية السلمية وتكنا من الرقي الروحان متصاعدا إل أعلىدرجاته .

)45(منب التوحيد والهاد

Page 46: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

والرحلة الثانية من مراحل هذا الطريق هي " الطاعة " ومعناها أن يتخلى الرء ويتجرد عن استقلله وحريته الشخصية ف كل ما يقوم به من الفعال والعمال ،

ويتحرى ف جيع أعماله طاعة ال الذي يؤمن به ويعتقد أن ل إله إل هو وحده فهذهالطاعة هي " السلم " ف الصطلح القرآن .

والرحلة الثالثة من مراحل هذا الطريق ( التقوى ) الت يكن أن نعب عنها بالعرفة بالواجب والشعور بالتبعة فالتقوى معناها أن ل يأت العبد من عمل ف ناحية من نواحي حياته إل وهو على يقي من نفسه أنه ماسب أمام ربه عن عقائده وأقواله وأفعاله ، وأن

ينتهي عن كل ما يد أن ال قد نى عنه ويشمر عن ساقه للقيام بكل ما أمر ال به ، فيقضي أيام حياته ميزا بي اللل والرام والصواب والطأ والي والشر ، وذلك بشعور

تام واختيار كامل من نفسه .

ورابعة الربع وأعلها من بي مراحل هذا الطريق " الحسان " ومعناه أن تندمج وتنضم مشيئة العبد إل مشيئة الرب تعال ، حت ل يب إل ما يبه ال ول يبغض إل ما

يبغضه ال ، ول يكتفي بأن ينب نفسه ويبعدها عن الفواحش والنكرات الت يريد ال أن يرى أرضه متنهة عنها ، بل ل يألو جهدا ول يدخر وسعا ف استئصال شأفتها واجتثاث شجرتا من وجه الرض ، وأن ل يقتصر على تزيي حياته بالكارم والآثر الت يريد ال

أن تتحلى با أرضه . فحسب بل يبذل كل ما يلكه من القوى ول يضن بنفسه ونفائسه ف بث خياتا وتعميم مباتا ف أرض ال الواسعة . فإذا قدر له أن يتمكن من البلوغ إل هذه الدرجة الرفيعة ، فقد فاز بالتقرب اللي . فالحسان هو أقصى ما يطمح إليه الرء

ببصره ف ارتقائه الروحان .

فهذا هو طريق الرتقاء والزدهار الروحان ف السلم ، وهو ل يقف عند الفراد والشخاص بل يعدوهم إل الماعات والمم ، فمن اليسور لكل أمة أن تقطع مراحل

اليان والطاعة والتقوى وتبلغ ذروة الحسان كشأن الفرد بعينه . وكذلك يسع كل ملكة من المالك أن تكون بنظامها الشامل مؤمنة مسلمة ملة بالتقوى بالغة درجة الحسان ، بل الق أن السلم ل يتحقق أمله وغايته النشودة إل إذا سارت المةبأجعها على هذا الطريق وتشكلت ف أرض ال ملكة ملة بالتقوى والحسان .

فيجدر بنا الن أن نتب ونتبصر ف نظام التربية الروحانية الذي اختاره السلم ورسم خطته وأقام دعائمه لتنشئة أفراد التمع وتدريبهم على هذا الطراز الخصوص من

الرتقاء الروحان . فهذا النظام له أربعة أركان .

)46(منب التوحيد والهاد

Page 47: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

أولا الصلة : فهي تدد ف ذهن الرء ذكرى ال الواحد الحد خس مرات ف كل يوم وليلة وترهبه من عذابه وبطشه الشديد وترغبه ف رحته وتقربه إليه وتعرض عليه أحكامه مرة بعد أخرى وتدربه على طاعته والنقياد لوامره . ث إن هذه الصلة ل

تفرض على العباد بصفتهم الفردية فحسب ، بل أوجب ال عليهم أن يؤدوا صلواتمجاعة .

وثانيها : الصوم ، وهو يدرب السلمي أفرادا والتمع السلمي جاعة على تقوىال وخشيته تعال شهرا كامل ف كل عام .

وثالثها : الزكاة وهي تنشئ ف قلوب السلمي عواطف الخاء والواساة وتروضهم على بذل الال والتعاون ف ما بينهم وما يدعو إل السف أن كثيا من الناس ف هذا

العصر يعبون عن الزكاة بكلمة الضريبة والال أن العن السى الذي يوجد ف الزكاة وإرادة الشارع ل صلة له أصل بالعن الادي الذي تشتمل عليه الضريبة . فالزكاة لغة النشوء والنماء والزدهار والطهارة والنظافة . والذي يريده السلم باستعمال كلمة

الزكاة أن يرسخ ف ذهن الرء أنك ما تنفق نفقة مادية صغية أو كبية ف سبيل إعانة إخوانك ابتغاء لرضاة الرب ، إل وهي تعود عليك بالثبات والقوة وناء صفاتك العنوية

وزكاء أخلقك العامة .

ورابعة الربعة : " الج " وهو يعل من الؤمني ف متلف أقطار الرض كتلة متراصة وجاعة عالية أساسها التوحيد وعبادة ال الواحد الحد وبذلك يؤلف بينهم ف

مؤاخاة شاملة عالية ويوطد دعائم حركة عالية ما زالت تلب منذ أقدم العصور دعوة القف هذه الرض وستظل تلبيها إن شاء ال إل أبد الباد .

وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي .

( تعريب : ممد عاصم الداد )

)47(منب التوحيد والهاد

منب التوحيد والهاد* * *

http://www.tawhed.wshttp://www.almaqdese.nethttp://www.alsunnah.infohttp://www.abu-qatada.comhttp://www.mtj.tw

Page 48: نظام الحياة في الإسلام - أبوالأعلى المودودي

نظام الياة ف السلم

التوياتمقدمة

: النظام اللقيالفصل الول

: النظام السياسي الفصل الثان

: النظام الجتماعي الفصل الثالث

: النظام القتصاديالفصل الرابع

: النظام الروحانالفصل الامس

التويات

)48(منب التوحيد والهادموقعنا على الشبكة

http://www.tawhed.ws

http://www.almaqdese.com

http://www.alsunnah.info

http://www.abu-qatada.com

���

منب التوحيد والهادwww.tawhed.ws

www.almaqdese.comwww.alsunnah.infowww.abu-qatada.com