مبادئ التفكير الصحيح والسليم

7
اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ واﻟﻨﻀﺞ اﻟﻤﺸﻮرة ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ واﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻄﺒﻊ ﺣﻘﻮق-١- اﻟﻤﺴﻴﺤﻲ واﻟﻨﻀﺞ اﻟﻤﺸﻮرة ﺧﺪﻣﺔ واﻟﺴﻠﻴﻢ اﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻣﺒﺎدئ-٦ ﺳﻤﻴﺮ ﻣﺸﻴﺮ واﻟﻤﺘﺰن اﻟﻨﺎﺿﺞ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻣﺒﺎدئ أهﻢ ﺑﻌﺾ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻋﻦ إﻟﻴﺲ أﻟﺒﺮت. د ﻓﺮوض ﻣﻦ ﻣﺄﺧﻮذة(١) " اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ اﻟﻌﻘﻠﻲاﻟﻌﻼج" ( ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎتﻣﻊ) : اﻟﺸﻌﻮر ﻳﺨﻠﻖ اﻟﻔﻜﺮ-١ واﻟﻤﻌﺘﻘــﺪات واﻟﻘﻴــﻢ اﻟﻔﻜﺮﻳــﺔ اﻻﺗﺠﺎهـﺎت ﻣـﻦ وﺗﻨﺘـﺞ ﺗﻨﺒـﻊ(اﻟﺘﺼﺮﻓـﺎت) اﻟﺴـﻠﻮك وﺑﺎﻟﺘـﺎﻟﻲ اﻟﻤﺸـﺎﻋﺮ أن أي وﻟﻴﺴـﺖ اﻟﺨﺎرﺟﻴــﺔ، وﺳﻠﻮآﻴﺎﺗﻪ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ أﻓﻌﺎﻟﻪ ردود ﺗﺴﺒﺐ اﻟﺘﻲ هﻲ ﻟﻸﺣﺪاث اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﺮؤﻳﺔ. اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻴـﺲ ﺗﻀﻄـﺮب اﻟﻨـﺎس ﻋﻘـﻮل ﻳﺠﻌـﻞ ﻣـﺎإن" : إﻳﺒﻜﺘﻴﺘـﺲ اﻟﺮوﻣـﺎﻧﻲ اﻟﻔﻴﻠﺴـﻮف ﻳﻘـﻮل آﻤﺎ. ذاﺗﻬﺎ ﺣﺪ ﻓﻲ اﻷﺣﺪاث م١٠٠ ﻋﺎم". اﻷﺣﺪاث ﻋﻠﻲ ﺣﻜﻤﻬﻢ وإﻧﻤﺎ اﻷﺣﺪاث ﻓﺘﺤﺪث ﺧﻼل ﺗﻤﺮ( ج) ( ب) ( أ) اﻷﺣﺪاث هﻲ( أ) ﺣﻴﺚ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ( ب) واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺎت اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ( ج) اﻟﺘﺤﻨــﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺪ ﻟﺪى اﻟﺴﺮﻳﻊ(ج) اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺗﻐﻴﺮ(٣٤ ، ٢٧ :١٨ ﻣﺖ) اﻟﻤﺪﻳﻮﻧﺎن ﻗﺼﺔ: آﺘﺎﺑﻲ ﻣﺜﻞ* . اﻟﻌﺒﺪ ﺟﻬﺔ ﻣﻦ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﺬي اﻟﺴﻴﺪ ﻟﺘﻔﻜﻴﺮ اﻟﻐﻀﺐ إﻟﻰ ﻳﻘـﻮل وﻟـﺬا، ﺷـﻌﻮرﻳﺎ وﻻ ﺷـﻌﻮرﻳﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻣﺎ وﻋﻠﻲ اﻟﻔﻜﺮ، ﻋﻠﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﻤﺰاﺟﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﺈن وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻧﻔﻜـﺮ ﻣﺎ ﻷن(٨ :٤ﻓﻲ) " اﻓﺘﻜﺮوا هﺬﻩ ﻓﻲ ﻋﺎدل هﻮ ﻣﺎ آﻞ ﺟﻠﻴﻞ هﻮ ﻣﺎ آﻞ ﺣﻖ هﻮ ﻣﺎآﻞ" : ﺑﻮﻟﺲ اﻟﺮﺳﻮل. ﻧﻔﻌﻠﻪ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺳﻮف وﻣﺎ ﺑﻪ ﻧﺸﻌﺮ ﺳﻮف ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻪ. أﻓﻜﺎرﻩ ﻋﻠﻰ ﻳﺘﻮﻗﻒ أﻳﻀﺎ اﻹﻧﺴﺎن وﺷﻘﺎء أﻓﻜﺎرﻩ ﻋﻠﻲ ﺗﺘﻮﻗﻒ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﺴﻌﺎدة إذن". ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻲ أﻳﻀﺎ اﻹﻧﺴﺎن وﺷﻘﺎء ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺠﺪإن" ﺑﺎﺳﻜﺎل ﺑﻠﻴﺰ ﺣﻘﺎ ﻗﺎل آﻤﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﺳـﺔ أﺷـﻌﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻧﻨﻲ أي. ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن ﻳﻤﺘﻠﻜﻬﺎ اﻟﺘﻲ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ آﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺘﺤﻜﻢ اﻟﻤﺰاﺟﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﺔ وهﺬﻩ. وﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻲ وﺳﻠﻮآﻲ اﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﻃﺎﻗﺘﻲ ﻋﻠﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﺆﺛﺮ ﻣﻤﺎ واﻹﻧﺠﺎز، واﻟﺘﺤﺮك ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻃﺎﻗﺔ أي أﺟﺪ واﻻآﺘﺌﺎب: واﻟﺴﻠﻮك اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻋﻠﻲ ﺗﺆﺛﺮ اﻟﺬاﺗﻴﺔ واﻟﻌﺒﺎرات( واﻟﻜﻠﻤﺎتاﻟﺠﻤﻞ) اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ-٢ ﻣـﻦ اﻟﻌﺪﻳـﺪ وﻧﺠـﺪ. ﻷﻧﻔﺴـﻨﺎ ﻧﻘﻮﻟـﻬﺎ أوﺗﻮﻣﺎﺗﻴﻜﻴـﺔ، ﻏﺎﻟﺒـﺎ ﻟﻔﻈﻴــﺔ، وﻋﺒﺎرات ﺟﻤﻞ ﻓﻲ ﺗﻔﻜﻴﺮﻧﺎ وﻧﻀﻊ ﻧﻔﻜﺮ ﻧﺤﻦ. اﻟﻤﺰاﻣﻴﺮ ﺳﻔﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ إﻟﻲ داود أﺣﺎدﻳﺚ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﺗﻌﺒﺮ اﻟﺘﻲ اﻟﺸﻮاهﺪ ﺳﻠﺒﻴﺎ وﺳﻠﻮآﻪ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ﻓﻲ وﻳﻐﻴﺮ ﻳﺆﺛﺮ واﻋﻴﺎ ﻏﻴﺮ أو ﺑﻪ واﻋﻴﺎ آﺎن ﺳﻮاء ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ اﻟﺬاﺗﻲ اﻹﻧﺴﺎن وﺣﺪﻳﺚ( ﻣﺜﻼ آﺎﻟﺴﺨﺮﻳﺔ، أﻳﻀﺎ اﻟﺸﻜﻞ ﺑﻞ ﻓﻘﻂ اﻟﻤﺤﺘﻮىﻟﻴﺲ) وأﺳﻠﻮﺑﻪ اﻟﺤﺪﻳﺚ هﺬا ﻧﻮع ﺣﺴﺐ إﻳﺠﺎﺑﻴﺎ أو(٧ : ٢٣ أم) " هﻮ هﻜﺬا ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻲ(ﻓﻜﺮ) ﺷﻌﺮ آﻤﺎﻷﻧﻪ" : ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻳﻘﻮل ﻗﺒﻞ، ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أﻣﺎم اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ أﺧﻔﻖ ﺷﺨﺺ: ﻣﺜﺎل

Upload: sami-samio

Post on 27-Jul-2015

180 views

Category:

Documents


8 download

TRANSCRIPT

Page 1: مبادئ التفكير الصحيح والسليم

حقوق الطبع واالستخدام محفوظة لخدمة المشورة والنضج المسيحي

-١-

خدمة المشورة والنضج المسيحي

٦- مبادئ التفكير الصحيح والسليم مشير سمير

بعض أهم مبادئ التفكير الناضج والمتزن مأخوذة من فروض د. ألبرت إليس عن نظريته في

"العالج العقلي االنفعالي" (١)

(مع تعليقات خاصة)

١- الفكر يخلق الشعور:

أي أن المشـاعر وبالتـالي السـلوك (التصرفـات) تنبـع وتنتـج مـن االتجاهـات الفكريـــة والقيــم والمعتقــدات ــة، وليسـت األساسية. فرؤية اإلنسان الخاصة لألحداث هي التي تسبب ردود أفعاله االنفعالية وسلوآياته الخارجياألحداث في حد ذاتها. آما يقـول الفيلسـوف الرومـاني إيبكتيتـس: "إن مـا يجعـل عقـول النـاس تضطـرب ليـس

األحداث وإنما حكمهم علي األحداث." عام ١٠٠ م

تمر خالل فتحدث ( أ ) ( ب ) ( ج )

حيث ( أ ) هي األحداث ( ب ) منظومة التفكير

( ج ) المشاعر واالستجابات

ــن * مثل آتابي: قصة المديونان (مت ١٨: ٢٧ ، ٣٤) تغير االستجابة العاطفية (ج) السريع لدى السيد من التحنإلى الغضب لتفكير السيد الذي اختلف من جهة العبد.

وبالتالي فإن الحالة المزاجية تعتمد علي الفكر، وعلي ما يقوله اإلنسان لنفسه شـعوريًا وال شـعوريًا، ولـذا يقـول الرسول بولس: "آل ما هو حق آل ما هو جليل آل ما هو عادل … في هذه افتكروا" (في٤: ٨) ألن ما نفكـر

فيه يؤثر على ما سوف نشعر به وما سوف بالتالي نفعله.

إذن فسعادة اإلنسان تتوقف علي أفكاره وشقاء اإلنسان أيضًا يتوقف على أفكاره. آما قال حقًا بليز باسكال "إن مجد اإلنسان في عقله وشقاء اإلنسان أيضًا في عقله."

وهذه الحالة المزاجية تتحكم في آمية الطاقة النفسية التي يمتلكها اإلنسان للحياة. أي أنني عندما أشـعر بالتعاسـة واالآتئاب ال أجد أي طاقة للحياة والتحرك واإلنجاز، مما يؤثر حتى علي طاقتي الجسمية وسلوآي وتصرفاتي.

٢- العملية اللفظية (الجمل والكلمات) والعبارات الذاتية تؤثر علي المشاعر والسلوك:

ــة، غالبـًا أوتوماتيكيـة، نقولـها ألنفسـنا. ونجـد العديـد مـن نحن نفكر ونضع تفكيرنا في جمل وعبارات لفظيالشواهد التي تعبر عن ذلك في أحاديث داود إلي نفسه في سفر المزامير.

وحديث اإلنسان الذاتي عن نفسه – سواء آان واعيًا به أو غير واعيًا – يؤثر ويغير في مشاعره وسلوآه سلبيًا

أو إيجابيًا حسب نوع هذا الحديث وأسلوبه (ليس المحتوى فقط بل الشكل أيضًا ، آالسخرية مثًال) "ألنه آما شعر (فكر) في قلبه هكذا هو" (أم ٢٣ : ٧)

مثال: شخص أخفق في الحديث أمام الناس من قبل، يقول لنفسه:

Page 2: مبادئ التفكير الصحيح والسليم

حقوق الطبع واالستخدام محفوظة لخدمة المشورة والنضج المسيحي

-٢-

"هه، مفيش فايدة، (١) عمري ما هأعرف أتكلم، لو إتكلمت قصاد الناس أآيد (٢) آلهم هيضحكوا علّي. وفعًال ــر بتـاع المؤتمـر أحسـن! أنـا عـارف هو ده اللي حصل لما القسيس (٥) قال أنه يفضل إني أمسك شغل الكمبيوت

(٦) هم مش عايزيني أآون معاهم بعد آده في االجتماع ده"

فاإلحساس بالفشل لدى هذا الشخص اليوم ال ينبع من فشله في الماضي بـل ممـا قالـه لنفسـه عـن فشـله فـي الماضي.

لكي نتغير البد وأن يتغير حديثنا الذاتي من عبارات هدامة هالمية خاطئة إلي عبارات دقيقة ومنطقية، خالصة من أخطاء التفكير الستة التي تكلم عنها آل من إليس و أرون بك (الرائد الثـاني للعـالج المعرفـي) والتـي نـرى

أمثلة لبعض منهم في الحديث الذاتي السابق، وهم: ١- المبالغة (التضخيم/ التقليل).

٢- التعميم والعنونة. ٣- حتمية اللوازم/ االستحاالت.

٤- جمود التفكير (التفكير ثنائي القطب "إما .. أو"، "أبيض أو أسود" – المطالبة اآلمرة – المطلقية – التفظيع - التفكير السلبي "استبقاء آل ما هو سلبي وحذف آل ما هو إيجابي").

٥- سوء التفسير، قراءة فكر اآلخر. ٦- القفز إلى األحكام والخالصة السريعة، والحكم السلبي على المستقبل.

مثال آخر:

ــدًا ولكنـه لـن يسـتطيع أن يرتبـط تقول (ص) بعد أن قال لها صديقها، الذي آانت على عالقة به، أنه يحترمها جبها وأنها فقط ليست الشخص المناسب له، تقول:

"مفيش فايدة، مش هأقدر أعيش من غيره (١) .. عمري ما هالقي حد ثاني يحبنــي (٦).. مـش ممكـن يسـيبني آده! هو الزم يرجع لي (٣). لو مرجعليش أنا هأموت (٤) .. هأنتحر. مش قادرة أتصور إني ممكن اعيش مــن

غيره .. استحالة (٣)، دي تبقى نهاية حياتي (١). أنا عارفة إنه بيحبني.. هو بس زعالن شوية من مكالمة إمبارح.

مفيش فايدة، أنا عارفة إني وحشة ومفيش حد ممكن يحبني(٢). أنا عارفة إن آل الناس(٢) بيكرهوني (٦)"

أشياء تساعد اإلنسان علي اآتشاف حديثه الذاتي: الخلو إلي النفس والتفكير الهادئ في الذات – آتابة المذآرات – التحدث مع صديق مخلص أو مشير آفء.

٣- الوعـي والفـهم (اإلسـتبصار Insight)، ومالحظـة اإلنسـان لتفكـيره، أمـور تؤثـر علـي التصـرف وتغيــير

السلوك: ــم يفكـر فـي تفكـيره فيمـا فكـر اإلنسان لديه القدرة علي التفكير بطريقة تراآمية تصعيدية (يفكر فيما يفكر فيه، ث

فيه، وهكذا). مثال: بعد موقف قاس متكرر لم تستطع أن تعبر فيه عن نفسها، تتأفف (س) قائلة لنفسها:

١- "مفيش فايدة، مش هأقدر أتكلم، والموضوع هيعدي زي آل مرة. أف" وهذه العبارة هي فكرة اآتئابية تقولها (س) لنفسها.

٢- ثم تنظر (س) إلى ما قالته لنفسها حاًال وتفكر فيه قائلة لنفسها: "ها أنا أفكر بسلبية (أستسلم للسلبية) مرة أخرى"

٣- فتكتئب أآثر وتقول لنفسها: "طبعًا دلوقت هأروح مكتئبة، وأقعد لي بقى يومين في االآتئاب والقرف ده."

وهنا نرى أن (س) تكتئب أآثر حين تفكر في تفكيرها السلبي هذا، وليس في فكرتها االآتئابية األولى. ٤- فتستأنف (س)، حين تنظر إلى اآتئابها التراآمي هذا، قائلة لنفسها:

ــن "ديه حاجة تزهق، آل مرة نفس القصة (تقصد – دون أن تعي- تصاعد اآتئابها وتملكه منها)، أنا قرفت منفسي"

Page 3: مبادئ التفكير الصحيح والسليم

حقوق الطبع واالستخدام محفوظة لخدمة المشورة والنضج المسيحي

-٣-

- وحين تنظر (س) إلى فكرتها الرابعة مرآبة االآتئاب هذه، تكتئب أآثر وهكذا. وهنا نرى أن ازدياد الوعي عند اإلنسان بما يدور داخله يصنع اعتراضـًا لتصعيـد عمليـة التفكـير السـلبية التـي

تحدث داخله مما يغير السلوك. ودون هذا االعتراض يستمر التفكير السلبي في عمليته التصاعدية. مثال: لو الحظت (س) "وقفشت" نفسها وهي تكرر العبارات السلبية عن نفسها بعد أن فهمت (وهذا هو الوعــي الجديد) خطأ تفكيرها هذا، فإن إمساآها لنفسها هنا يوقف الطريق أمام عملية تصعيد التفكير السلبي وازدياده.

وهنا يضيف إليس شيئًا جديدًا هامًا؛ وهو أن اإلنسان ال يستطيع أن يحتفظ بفكرتين متناقضتين بداخلـه فـي ذات الوقت، إذا وعي لهما بوضوح، فإذا وصل إلينا وعي بفكرة صحيحة مضادة لفكرة خاطئة بداخلنا يحدث صراع داخلي يجعلنا نضطر أن نختار االحتفاظ بواحدة ورفض األخرى لفض الصراع الداخلي والتخلـص مـن التوتـر الناشئ عنه. وربما هذا ما يشرح لنا صعوبة عملية التغيير ولماذا ال يسـتطيع أن يلـتزم بـها الكثـيرين، وهـو مـا

أيضًا ما يشرح سطحية أسلوب "قوة التفكير اإليجابي" وعجزه عن إجراء التغيير. وهذا نرى تطبيق آخر في صميم تجديد الذهن الذي يقــود إلـي النمـو والتغـير عـن طريـق رفـض "خلـع" القديـم واعتناق "لبس" الجديد، هذا إذا قبل اإلنسان تبني الجديد. ألنه من الممكن أن يرفض اإلنسان الجديد "الصحيــح" لعدم قدرته على تحمـل صعوبتـه، فيضحـي بـه (يسـقطه) لفـض الصـراع الداخلـي وإنـهاء حالـة التوتـر (يريـح

دماغه). وهنا نرى أهمية التنبير الشديد علي القراءة والدراسة "سواء في الكتاب المقدس أو في أي آتب أخـرى نافعـة"،

فالدراسة والمشورة يلعبان دورًا أساسيًا في الوعي واالستبصار. ــي حدوثـها مـرة واحـدة، بـل وبالطبع البد أن ندرك أن عملية الوعي والتغير "رفض القديم وتبني الجديد" ال يكفــي السـلوك" الـذي قـد تكـون لسـنوات، وتشـكيل البد من تكرارها لمواجهة االعتياد السلبي "سواء في الفكر أو فــهم واالسـتبصار، فإنـهاء حصار متكرر عليه من عدة جهات، وهذا يعني استمرار ممارسة التغير عن طريق الف

االعتياد أو آسر العادة ال يأتي إال ببناء عادة بديلة.

٤- التصور والتخيل، والتوقع يؤثروا في المشاعر والسلوك سواء لألفضل أو لألسوأ: ــر وليـس المشـاعر، ولـهم نفـس تـأثير الجمـل الذاتيـة فـي اضطـراب التصور والتخيل هما إحدى خصائص الفك

اإلنسان واتزانه. فالتخيل هو أسلوب تفكير ولكن غير لفظي.

ــه للعمـل فـي اليـوم التـالي سـوف يسـخر منـه مثال: عندما يتخيل أو يتوقع إنسان ما وهو في البيت أنه عند ذهابزمالؤه، بسبب موقف خاطئ ساذج يدعو للسخرية بدر منه باألمس، ومن ثم يتصورهم وهم يتبادلون الهمسـات

ويطلقون النكات عليه، فالبد وأن تكون مشاعره وتصرفاته بالتالي سلبية علي ضوء هذا التخيل أو التوقع. والعكس صحيح: فعندما يتخيل هذا الشخص نفسه ذاهبًا للعمل في اليــوم التـالي بابتسـامة وثقـة، ويتصـور نفسـه ــد وأن تكـون مشـاعره وبالتـالي تصرفاتـه يضحك مع زمالؤه علي غرابة ما حدث منه من خطأ في العمل، فالب

أآثر إيجابية علي ضوء هذا التخيل. أيضًا يضيف إليس قائًال إن الناس يغيروا مـن أفكـارهم ومشـاعرهم وتصرفاتـهم بحسـب تخيلـهم وتوقعـهم لمـا يريده منهم اآلخرون رغبة في إرضاء اآلخرين وتوفيه مــا قـد جعلـوا منـه مطـالب لـهؤالء اآلخريـن ولـو علـي ــف الحقـائق وذلـك مـن أجـل الحصـول علـي االنسـجام حساب رغباتهم الخاصة أو حتى إلي درجة تشويه وتزيي

والتوافق مع اآلخرين.

ــي العمليـات الفسـيولوجية ووظـائف ٥- الفكر يؤثر علي اإلرتداد/ العائد البيولوجي Bio-feed back ويتحكم فاألعضاء:

مثل: عمل عضلة القلب، سرعة التنفس، معدل النبض، اإلثارة الجنسية، التغيرات الكيميائيـة للجلـد، اإلحسـاس باأللم، والعديد من الوظائف الالإرادية للجهاز العصبي المرآزي والطرفي "غــير المرآـزي"، ممـا يولـد العديـد

من األمراض النفسجسمية نتيجة للتفكير اإلآتئابي والتفكير القلق "آأشهر أمثلة للتفكير السيئ". ٦-إن آمًا آبيرًا من االضطراب النفسي ينشأ لدى اإلنسان من العــزو "اإلنسـاب" الخـاطئ لمشـاعره وسـلوآه

لعوامل خارجية "الناس – األحداث":

Page 4: مبادئ التفكير الصحيح والسليم

حقوق الطبع واالستخدام محفوظة لخدمة المشورة والنضج المسيحي

-٤-

وذلك بناء علي االعتقادات الخاطئة لدى اإلنسان بأن سعادته سوف تتحقق بناء علي إمداد خارجي "حب شخص آخر له، إنجاز ما يفعله، شئ يحصل عليه، .."

ــه بـل فـي أيـدي األحـداث والظـروف ومن االعتقاد الخاطئ بأن زمام التحكم في قراراته وتصرفاته ليس في يديالخارجية وتصرفات اآلخرين. وعليه فإن سعادته ليست في يديه بل في يد عوامل خارجية.

وهنا يجدر بنا االستماع إلى القديس أغسطينوس حين يقول في اعترافاته الشهيرة: ــديتين، الذيـن يزعمـون "ليست خيراتي (سعادتي) خارجية عني ولست أبحث عنها تحت هذه الشمس بعينين جسأن باستطاعتهم أن يجدوا غبطتهم (سرورهم) خارجًا عنهم، يسيرون بسهولة نحو الفناء ويضيعون في المرئيات

التي ال تلمس منها أفكارهم المتضورة جوعًا سوى الصور." ــتمده وهو نفس ما يقوله القديس توما الكمبيسي وهو يحدث اإلنسان على لسان اهللا قائًال: "ولن يدوم لك سالم تسمما حولك، ما لم تؤسسه على استعدادات قلبك، أي ما لم تثبت فّي، فقـد تغـير مكـانك لكنـك لـن تحسـن حـالك."

(االقتداء بالمسيح ٣: ٢٧) ــل فـي اهللا وفـي أنفسـنا آمتحديـن أيضًا يقول لنا بسكال: "السعادة ال توجد في ذواتنا وال في األشياء الخارجية، ب

به." وفي التقديم لرسالة فيلبي (رسالة الفرح) التي آتبها بولس وهو معتقل فـي رومـا يقـول لنـا المعلـق فـي التفسـير التطبيقي: "تثير آلمة (سعادة) في نفسي ذآريات فتح الهدايا صبيحة عيـد الميـالد، أو السـير يـدًا بيـد حبيـب، أو ــة لمشـهد آوميـدي، أو قضـاء عطلـة فـي مكـان تلقي مفاجأة طيبة في عيد ميالدك، أو االستجابة بضحكة مجلجلجميل ساحر. وآل إنسان ينشد السعادة فكل حياتنــا هـي جـرى وراء هـذا الـهدف المـراوغ، فنصـرف األمـوال، ــف علـي ظروفنـا، فمـاذا يحـدث عندمـا ونقتني أشياء، ونسعى إلي اختبارات جديدة. ولكن إن آانت السعادة تتوقتصدأ لعباتنا، ويموت أحبائنا، وتضعف صحتنا، وتسرق أموالنا، وتتفرق جماعاتنا؟ تطير السعادة ويخيم اليأس. يمكننا أن نستمتع بـالفرح حتـى فـي وسـط الصعـاب، والفـرح ال يـأتي مـن الظـروف الخارجيـة، بـل مـن القـوة الداخلية، وعلينا آمسيحيين أن ال نعتمد علي مالنا، أو علي خبراتنا، للحصول علي الفرح بل علي المسيح فينا"

آما يقول جون ويسلي في تعليقه على (١آو٧: ٢٩-٣١):

"الذين يستعملون هذا العالم آأنهم ال يستعملونه (ال يسيئون استخدامه)، أي ال يجدون الســعادة فيـه، بـل فـي اهللا. يستخدمون آل شئ فيه، بهذه الطريقة والدرجة التي تتجه إلى معرفـة ومحبـة اهللا.. وألن هيئـة هـذا العـالم: هـذا الزواج .. هذا البكاء .. هذا الفرح وآل األشياء األخرى، ليســت "سـوف تـزول"، بـل تـزول. ففـي هـذه اللحظـة

(التي نسئ فيها استخدام العالم واألشياء الخارجية) تفر من أيدينا آالظل الزائل. (٢)

٧- الناس يملكون اختيار التغير: ــار/ اإلرادة خالصـة أو مطلقـة ١٠٠% لإلنسـان، إال أنـها آافيـة جـدًا لكـي يختـار حتى وإن لم تكن حرية االختياإلنسان أفعاله وتصرفاته ويصنع اختياراته ويوظف آل طاقاته تجاه ما يختار Locus of control. إذًا يسـتطيع اإلنسان أن يختار أفكاره وبالتالي مشاعره، أي أنه "بكلمات أخرى" يختار االضطراب النفسي أو التخلص منه. وهذا تمامًا ما رأيناه في فيكتور فرانكل حين اختــار أن ال ينـهي حياتـه بيـده بـل أن يتمسـك بـها حتـى وهـو فـي

المعتقل النازي، فهذا االختيار منه جعله داخليًا أآثر حرية ربما من سجانيه.

يقتبس إليس من بروفسور علم النفس بجامعة ستانفورد فيليب زيمباردو (١٩٧٣)، و الذي يقول: ــاس علـي لعـب دور السـجين لـدى شـخص آخـر، فـهم آثـيرًا مـا يحـدوا أنفسـهم بطريقـة غـير "حينما يوافق النصحيحة. ففي المواقف االختيارية، آالزواج، الكثيرون منا يختاروا أن يبقوا مساجين، إذ أن السلبية واإلعتمادية

تعفينا من االحتياج إلي التصرف بطريقة نكون فيها مسئولون عن أفعالنا".

ــا موقوفـة علـي شـخص أو شـئ آخـر (سـوى اهللا). إذًا نحن نفقد حريتنا بإرادتنا ونتنازل عنها حينما نجعل حياتنــالي وهذا في حد ذاته معتقد فكرى خاطئ (وهو ما تكلمنا عنه في الفرض السابق) يجعل أفكارنا ومشاعرنا وبالتــن خـارجي) قراراتنا أقل حرية (تفتقر لحرية االختيار) حين تكون مرهونة بشيء يفعله شخص آخر لي (يأتي مــا اسـتخدمه زيمبـاردو آمثـال هنـا – مؤسـس علـي العطـاء وليـس المطالبـة حتى وإن آان الحب. فالزواج – آمــا مـن الطـرف اآلخـر فإننـا نحبـس أنفسـنا ونقلـص حريتنـا واألخذ، وحين نوقف حياتنا علي شئ البد أن يأتي لن

Page 5: مبادئ التفكير الصحيح والسليم

حقوق الطبع واالستخدام محفوظة لخدمة المشورة والنضج المسيحي

-٥-

ــري الثـالث بإرادتنا، آأن تقول الزوجة عن زوجها: "هو الزم يحبني علشان أبقى سعيدة"، وهنا نرى الخطأ الفكالذي تحدث عنه ألبرت إليس سابقًا وهو "حتمية اللوازم"، فهنا نرى هـذه الزوجـة تقلـص حريتـها بيديـها حينمـا تربط سعادتها وسالمها الداخلي وتعلقهما على حب زوجها لها الذي لألسف قد يتغير، فتســجن حياتـها لـدى أمـر

خارجي ليس في يدها – حتى وإن آان من حقها، وتجعل منه حتمية للشعور بالسالم الداخلي. بالطبع من السيء جدًا أن يفقد الشخص حب شـريك حياتـه لـه، الـذي هـو أمـر مشـروع جـدًا. ولكـن، مـاذا إذا ــير موقفـه بـالقوة؟! أم هـل تصرف اآلخر بأنانية وسلبني هذا االحتياج المشروع، هل أستطيع أن أجبره على تغيمحكوم علّى بفقدان سالمي وسعادتي الداخليين لفقدي هذا االحتياج إذا آانت سعادتي وسالمي معلقين علـى هـذا ــير إذا آـان سـالمه وسـعادته مرهونيـن باختياراتـه االحتياج؟! بالطبع ال هذا وال ذاك، فاإلنسان يملك حرية التغيالداخلية هو فقط، مهما إن آانت الظروف الخارجية، آما قلنا سابقًا. إذن آيف يتغير؟ بأن يختار أفكاره آما قـال لنا إليس. آأن تقول هذه الزوجة لنفسها عند نهاية المطاف: "من السيئ جدًا والمؤلم أن يتغير حـب زوجـي لـي، ــي .. أنـا الزلـت إنسـانة قـادرة علـى الحيـاة وعلـى ولكن هذا ال يعني أن أفقد إحساسي بالقيمة وبالسالم في داخل

العطاء." "مالك روحه خير ممن يأخذ مدينة" (أم١٦: ٣٣)

٨- اإلنسان لديه ميل فطرى ومكتسب للتفكير بغير منطقية وغير عقالنية:

ــي)، ومـن ثـم فاإلنسان بطبيعته لديه الميل لوضع قيم ومعتقدات أساسية لنفسه (منها المنطقي و منها غير المنطقــة. فـإذا اسـتطعنا أن نغـير تفكيرنـا الالمنطقـي أنتجنـا تغـيرًا فـي يتصرف بحسبها تصرفات منطقية وغير منطقي

حياتنا وفي سلوآنا.

أمثلة شائعة لبعض أنماط التفكير الخاطئة (الالمنطقية)، والتي تعبر عن قيم ومعتقدات فكرية مغلوطة يحتفظ بها اإلنسان في داخله.

- "البد أن يحبني ويرضى عني الناس لكي أشعر بالراحة/السالم الداخلي." القيمة الورائية: "ال يوجد سالم ثابت في داخلي"

- "إن آنت مؤمنًا جيدًا فلن أشعر باأللم أو الحزن أبدًا." المعتقد الورائي: "المؤمنون ال يعانون/ اإليمان يعفي من األلم"

- "إذا توقفت عن األنشطة الخارجية (الخدمة/ اإلنجاز) فهذا يعني أنه ليس لحياتي قيمة." القيمة الورائية: "ال يوجد قيمة ثابتة في داخلي، القيمة هي في ما أقوم به من أشياء"

- "ال أستطيع أن أفعل شئ في مشكلتي، فظروفي لن تتغير." المعتقد الورائي: "حياتي أسيرة الظروف الخارجية، أنا غير مسئول"

- "يجب تجنب المشاآل لكي أعيش في سالم." القيمة الورائية: "أنا خائف وغير متيقن من هويتي"

- "الزواج سوف يسدد احتياجي العاطفي." القيمة الورائية: "أنا غير مشبع داخليًا"

- "ما قد تشكلت عليه شخصيتي ال يمكن تغييره." المعتقد الورائي: "أنا ضحية وال أملك القدرة على التغير"

- "البد أن أجد الحل الكامل/المشبع لمشكلتي." المعتقد الورائي: "هناك حل آامل، نموذجي ومشبع لكل مشكلة في الحياة"

- "البد أن أفهم آل شئ لكي أرتاح." المعتقد الورائي: "آل شئ في الحياة قابل للفهم والتفسير"

- "البد أن أحصل على ما أريده لكي أرتاح / الحياة مع المسيح البد أن تكون سهلة ومريحة." القيمة/ المعتقد الورائي: "أنا هو محور الحياة"

- "البد أن شيئًا يحدث لي لكي أتغير." القيمة الورائية: "أنا عاجز ومسير وال أملك زمام حياتي، مفعول به ولست فاعًال"

Page 6: مبادئ التفكير الصحيح والسليم

حقوق الطبع واالستخدام محفوظة لخدمة المشورة والنضج المسيحي

-٦-

"إن العلة األولي الكبرى ألخطائنا هي األحكام المبتِسرة (القاصرة) التي اتخذناها في مقتبل عمرنا. وبدًال من أن نسلم بأن هذه األحكام قد انعقدت فـي أذهاننـا حيـن آنـا عـاجزين عـن اإلصابة في الحكم، وأنها تبعـًا لذلـك يمكـن أن تكـون أقـرب إلـي الزيـف منـها إلـي الحـق، تلقيناها علي أنها يقينية." (٣) (رينيه ديكارت ١٦٤٤)

ــير من أوضح وأهم سمات الشخص الناضج هي القدرة على التفكير الصحيح أو السليم، والتفكير السليم هو التفك

الذي يستند على المنطق وعلى العقل، ويتسم بالخواص التالية: - القدرة على التحليل والتجريد واالستنتاج والفهم الصحيح لألمور.

- القدرة على التقدير والتقييم والحكم على األمور بطريقة سليمة. - القدرة على ضبط النفس واتخاذ االختيارات السليمة.

والتفكير الصحيح من شأنه أن يمكن اإلنسان من أن يرى األمور آما هي حقيقة دون تشويه أو تحريف لها، مما ــم والتغـير والنمـو واتخـاذ القـرارات الصائبـة المطلوبـة لذلـك. ولذلـك فـالتفكير الصحيـح يعتـبر مـن يؤهله للتعل

الدالالت القاطعة والقياسية في ذات الوقت لنضج اإلنسان.

٩- اإلنسان لديه ميل فطرى ومكتسب لتقييم الذات (وليـس األداء)، ومقارنـة الـذات بـاآلخرين، بطريقـة غـير منطقية:

وهذا التقييم بالطبع يؤثر في المشاعر والسلوك بطريقـة تحـدث اضطرابـًا نفسـيًا. وعندمـا يكتشـف اإلنسـان أنـه low self- تصرف بطريقة سيئة فإنه يقيم ذاته فورًا ويلعن ويلوم نفسه ويدينها مباشرة بطريقــة تحـط مـن شـأنه

esteem. وهذا يجعلنا نهرب من أنفسنا فيما يسمي بالدفاعات والحيل النفسية.

مثًال: إخفاق شخص في مهمة آان من المفترض أن يقوم بها، مما تسبب له في خسارة ما. في هذا اإلخفاق غالبًا ما نرى الشخص علي الفور يلعن نفسه ويدينها ويقيم ذاته علي أنه فاشل وأنه إنسان غبي وبال فائدة، أو أي مــن مثل هذه الصفات السلبية، بدًال من تقييم الموقف، مما يؤدي إلى اضطــراب المشـاعر والسـلوك بـدًال مـن التعلـم

والنمو.

١٠- اإلنسان لديه ميل فطرى ومكتسب ألن يكون لديه درجة تحمل منخفضة لإلحباط: ــدى القريـب بـالرغم أن يختار اإلنسان القيام باألشياء التي تبدو أيسر والتي تأتي بعائد خادع ولكن ُمسر علي المــابل يؤجـل بـل ويتجنـب المسـالك التـي تـأتي إليـه من أنها غالبًا ما تأتي بنتائج سيئة علي المدى البعيد، وفي المق

بعائد أعظم علي المدى البعيد. وهذا هو فساد اإلنسان وعدم عقالنيته. وهنا يتفق إليس تمامًا مع فكر بولس الرسول حين يقول: "ألن خفة ضيقتنـا الوقتيـة (العـابرة/ قصيـرة المـدى) تنشئ لنا أآثر فأآثر ثقل مجد أبديًا (بعيد المدى). ونحن غير ناظرين إلى األشـياء التـي تـرى. بـل إلـى التـي ال ــاتب العـبرانيين فـي ترى. ألن التي ترى وقتية، وأما التي ال ترى فأبدية" (٢آو٤: ١٨،١٧)، وأيضًا مع فكر آقوله عن موسى: "مفضًال باألحرى أن يذل مع شــعب اهللا علـى أن يكـون لـه تمتـع وقتـي بالخطيـة حاسـبًا عـار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر ألنه آان ينظر إلى المجازاة (عب١١: ٢٥، ٢٦). ولنستمع هنا إلى تعليــق

التفسير التطبيقي على تلك اآليات من العبرانيين حين يقول: ــاه والنجـاح واإلنجـازات، وأن "إنه من السهل أن ينخدع اإلنسان بالمنافع الوقتية للثروة والشهرة والمرآز والج

تـُعمى عيناه عن المزايا طويلة المدى والدائمة لملكوت اهللا." أيضًا اقرأ تعليق التفسير التطبيقي على (تك٢٥: ٣٢، ٣٣).

وهذا مثال آخر من نفس الرسالة إلى العبرانيين: "في اللحظة الحاضرة يبـدو آـل تـهذيب (تـأديب) مؤلـم وليـس (RSV عب١٢: ١١-١٣ من ترجمة) ".ُمسر، ولكنه فيما بعد يحقق ثمر البر للسالم للذين يتدربون به

وياله من تشابه آبير مع فكر إليس، إذ يقول أن:

- النـاس يستسـلمون سـريعًا ويذهبـون إلـي إرضـاء وإبـهاج وتـهنين الـذات الفـوري Self Gratification وال يستطيعوا تأجيل إشباع رغباتهم.

Page 7: مبادئ التفكير الصحيح والسليم

حقوق الطبع واالستخدام محفوظة لخدمة المشورة والنضج المسيحي

-٧-

- اإلنسان الطبيعي يريد نتائج طيبة دون بذل المجهود، وهو ال يريد أن يقبل بأنه ال يوجد عائد طيب وحقيقي دون بذل مجهود ودفع ثمن.

وهو ما أثبتته تجربة قطعة الحلوى ومبدأ تأجيل اللذة لميشيل و والتر.

يقول التفسير التطبيقي أيضًا في تعليقه على (٢آو٤: ١٨،١٧): ــى األلـم أآـثر ممـا علـى الـهدف النـهائي، ولكـن آمـا أن "وعندما نواجه متاعب من السهل أن نرآز أنظارنا علالرياضيين في ميدان الســباق يرآـزون علـى خـط النهايـة متجـاهلين آـل متاعبـهم، هكـذا علينـا نحـن أن نرآـز

أبصارنا على مكافأة إيماننا والفرح الذي يدوم إلى األبد." ــه؛ حيـث واإلنسان المسيحي أحيانًا آثيرة ما يفسر النعمة بحسب ميله الفطري غير العقالني هذا الذي تحدثنا عنيفسرها على أنه ال يحتاج أن يفعل شيئًا لينهل من النعمة (وسائط النعمة) ولكن النعمة هي التي سوف تحل عليه ــو بـأي وهو خامل ال يفعل شيئًا، وتغير من حياته وهيئته وتقوده للنضوج والنمو بطريقة سحرية دون أن يقوم ه

دور أو يدفع أي ثمن. وهو ما يسميه ديتريك بونهوفر بالنعمة الرخيصة "غير المكلفة" (٤)

ما هي أول وأهم وسائط النعمة؟ دراسة الكتاب والصالة، آم من وقت وجهد نعطيه لهاتان الواسطتان؟!

١١- طريقة استقبال اإلهانة واإلحساس باإلهانة يتسببا فى تغيير السلوك: اإلنسان يميل إلى استقبال اإلهانة/ اإلساءة من اآلخرين على أنها شئ يحط من شأنه ومن قــدره، أآـثر مـن أنـها ــى بـالضرورة إهانـة وإقـالل مـن قـدره. ولـذا فـأن اإلنسـان يصـاب تصرف خاطئ (سيئ) من اآلخرين وال يعن

باالضطراب نتيجة طريقة استقباله هذه لإلهانة أآثر من األذى الفعلي الذي أحدثه اآلخرين.

يقول إليس أن اإلهانة التي نتلقاها من اآلخرين ال تجرحنا فعليـًا إال إذا أخذناهـا بجديـة (شـدة) أآـثر مـن الـالزم ــة فحتى إذا قصد اآلخرون إيذاءنا عن عمد فإن تصرفهم الخاطئ هذا ُيعد أمرًا متناسبًا مع طبيعة اإلنسان الخاطئوالساقطة Fallible ونحن عندما نرفض وال نقبل إمكانية خطأ اآلخرين في حقنا (آيف يفعل هـذا بـي؟؟!!) فإننـا نجني اضطرابا نفسيًا أآثر مما تسببه إساءتهم الفعلية لنا. ولذا فإنه عن طريق التسـليم أو اإلقـالع عـن المطالبـة غير المنطقية بأن يكون اآلخرين عادلين في تعاملهم معنــا، أو أن يعطينـا العـالم مـا نريـده ، فعندئـذ نتمكـن مـن

التخلص من اضطرابات نفسية آثيرة. (ملحق: لالستزادة في هذا األمر يمكن الرجوع إلى مقالة "الغفران")

١٢- تحول االنتباه (االهتمام) أمر ذو قيمة عالجية لإلنسان:

الن اإلنسان يميل إلى أن يضع ترآيزه على شـئ وأحـد فـي الوقـت الواحـد، فـهنا يـأتي دور تحويـل االنتبـاه أو ــى الترآيز. فإذا حولنا ترآيزنا من أن ينصب حول مجموعة األفكار المضطربة (مثل بشاعة الفشل والرفض) إلأحداث أو أفكار أخرى غير مضطربة (مثل التأمل في قراءة ما، أو التفكير في عمل ما، أو مساعدة شخص ما) يمكننا عندئذ أن نحصد تغيرًا في مشـاعرنا وتصرفاتنـا ولـو حتـى بصفـة مؤقتـة. فقـد تقصـا "ميشـيل و والـتر" (١٩٧٣) قدرة األطفال على تأجيل اللذة في تجربة الحلوى، ووجدا أنها تتوقف على ما إذا آان الترآــيز منصبـًا حول فكرة المكافأة بطريقة مجـردة، أم حـول نـوع المكافـأة نفسـها (الحلـوى) ممـا يجعلـهم يحبطـون ويبخسـون

بقدرتهم على ضبط النفس. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع: Ellis, Albert. “Handbook of Rational Emotive Therapy”. Springer Publishing Company. 1977 -١٢- سلسلة تفسير جون ويسلي للعهد الجديد ص٨٢. ترجمة: د. عزت زآي. مكتبة النيل المسيحية (بدون تاريخ)

٣- ديكارت. "مبادئ الفلسفة". ترجمة: "د. عثمان أمين". دار الثقافة للنشر والتوزيع. القاهرة ١٩٧٤ ٤- بونهوفر، ديتريش. "اتباع المسيح". ترجمة: "طانيوس زخاري". دار النشر المعمدانية. بيروت ١٩٦٨