بسم الله الرحمن الرحيم

الثالث التقرير

اإلسالم : ضوء في المعاصر المستشرقين منهج لمادة

(604)

: بعنوان

تسيهر المستشرق " جولد "GOLDZIHER

(1850 - 1921)

القاسم / خالد الدكتور األستاذ الشيخ فضيلة . إشراف

الزيد / زيد بنت إيناس الطالبة . إعداد

هـ1431

تسيهر المستشرق " " جولد1

: تمهيد يشاء الله أن يهب اإلسالم من األوروبيين من يؤرخون له كسياسة فيجدون التاريخ .. ومن يبحثون فيه كدين وحياة روحية فيتعمقون في

هذا البحث ويبلغون الذروة فيه أو يكادون , فيخرجون بنتائج على جانب من الخطر كبير , فكان سيد الباحثين فيه من الناحية الدينية خاصة

والروحية عامة؛ (اجنتس جولد تسيهر) والذي نحن بصدد الحديث عنهR وذلك بذكر نشأته، وحياته العلمية، ومنهجه، وأهم مؤلفاته، شخصيا

R بـ : والشبه التي أثارها حول اإلسالم والرد عليها وتفنيدها.. فأبدأ أوالميالده ونشأته :

بمدينة1850 كان ميالده في الثاني والعشرين من شهر يونيو سنة اشتولفيسنبرج في بالد المجر ، وأسرته أسرة يهودية ذات مكانه وقدر كبير ؛ فهي ليست تلك األسر اليهودية الشديدة اإلمالق المنتشرة فيR في الجهل , R ممعنا R يجعل البعض منها جاهال أوروبا الوسطى , إمالقاR أو شبه فطري ساذج ؛ ويفضي بالبعض اآلخر , وغالبية R ساذجا فطريا

هؤالء من المستوطنين ال المواطنين , إلى أن يكون تربة خصبة إلنباتاآلراء الهدامة في الحياة االقتصادية .

ولهذين العاملين : عامل انتمائه إلى بالد المجر التي كانت آنذاكR من اإلمبراطورية النمساوية , وعامل انتمائه إلى أسرة إسرائيلية جزءا

هذا حظها من المكانة في الحياة االجتماعية , أثر كبير في تحديد خصائص جولد تسيهر , فالعامل األول لم يكن من شأنه أن يجعل

جولدتسيهر يشارك في الحياة السياسة العامة كما هو شأن بكر , أو أن يقوم بدور في السياسة الخارجية لوطنه كما هي الحال بالنسبة

إلى الكثير من المستشرقين . وكان العامل الثاني هو الذي طبعه بطابع العالمية , وأشاع فيه الروح

الدولية التي تعلو أو تتخلص من الروح القومية . ثم كانت مكانة أسرته ووضعها االجتماعي العامل في تشكيل نظرته إلى الحياة العامة , فإن

R هو خليط من المحافظة , من شأن هذا النوع من األسر أن يقف موقفاR , ولهذا نراه ذا نزعه وطنية فيها من التحفظ والوطنية المحدودة طبعا الشيء الكثير , كما نراه ال يرضى عن الحركات الثائرة , حتى لو كانت هذه الحركات في صالح الطائفة التي ينتسب إليها ، ومن هنا نجده غير

2

راضv عن الثورة التي قام بها بيالكون , مع أنها أفضت إلى ازدياد نفوذ .(1)اليهود ورفع مكانتهم في الحياة العامة في المجر

دراسته وحياته العلمية : يقول نجيب العقيقي عن حياته العملية : تخرج باللغات السامية على كبار أساتذتها في بودابشت, وليبزيج و برلين, وليدن و عندما نبه ذكره

R في كلية العلوم بجامعة بودابشت R محاضرا xن أستاذا ثم1873عي) و انتدبته الحكومة للقيام برحلة لسوريا (1906أستاذ كرسي عام (

) فصحب فيها الشيخ طاهر الجزائري ثم تركها إلى فلسطين و1873 ),حيث تضلع من العربية على شيوخ األزهر و ال74- 1873مصر (

R بزيهم تضلعه من أصول اللغات سيما الشيخ محمد عبده متزييا السامية, و اشتهر بتحقيقه في تاريخ اإلسالم و علوم المسلمين و

R في بابه, فعد من أعالم R فريدا فرقهم و حركاتهم الفكرية تحقيقا المستشرقين و اعترف له عظماؤهم بطول الباع وصدق النظر و البعد

عن الهوى.R في مجمع العلوم المجري ( ) , وفي مجامع1893وقد انتخب عضوا

علمية عديدة, ونال لقب دكتور شرف من جامعتي أدنبرا , وكمبريدج, وحاضر في مؤتمر المستشرقين بليدن عن مذهب داود الظاهري (

R من األبطال1883 - و كان قد جمع كتبه وكتب ابن حزم و نشر جزءا البن حزم) . و حاضر في مؤتمر المستشرقين بهامبورج عن المراثي

) . وأنشأ عن اإلسالم مقاالت رصينة في المجالت1902عند العرب ( اآلسوية و الغربية باأللمانية و الفرنسية و األنجليزية و الروسية و

.(2)المجرية, و العربية مميزات منهجه:

كان يعتمد على نفوذ بصيرته و عمق وجدانه؛ و اعتماده على البصيرة والوجدان ميزته بميزتين :

R، فكاناألولى: R, ال استقرائيا R استدالليا أنه كان ينهج في أبحاثه منهجا يقبل على النصوص و في عقله جهاز من المقوالت والصور اإلجمالية

يحاول تطبيقها على هذه النصوص والتوفيق بينها وبين مايوحي به ظاهر النص حتى تتالئم هذه الصور اإلجمالية, وحتى تتدخل في نطاقR من كل شيء تلك المقوالت ، ولم يكن يتقدم إلى تلك النصوص خاليا

. 120-119() موسوعة المستشرقين ، عبد الرحمن بدوي ، ص 1.  40() المستشرقون ، لنجيب العقيقي ، ص 2

3

كي يدعها هي بنفسها تقول ما يريد ظاهرها أن يقول , فيجمعها و يضمالواحد إلى اآلخر و ينتظر منها هي أن تتكلم .

و لكن (جولد تسيهر) , والحق يقال , كان شديد االحتياط في استخدام هذا المنهج, فكان في كل خطوة يخطوها يتكئ على النصوص ويعتمد

R ألقواله عليها كل االعتماد, وكان يسوق الشواهد العديدة تأييدا وتأكيداته, و هو في اعتماده عليها وسوقه لها لم يكن يرهقها ويضغطR, بل تراها تسير وراء تأكيداته خفيفة نشيطة إلى R شديدا عليها ضغطا

حد كبير, ولو أنا نراها في بعض األحيان تسير بخطى متثاقله, ونجدها مرهقة تنوء بحمل مايريد أن يحملها من معان، إال أن هذه األحيان

ليست كثيرة على كل حال .R استطاع به أن يتجنب R وسطا وهكذا كان منهج (جولد تسيهر) منهجا

خطرين: خطر الضيق, و السطحية في المنهج العلمي بالمعنى الدقيق, وخطر اإلفراط في السعة والتأويالت البعيدة الخيالية في

المنهج الوجداني االستداللي. العتماد (جولدتسيهر) على الوجدان والبصيرةوالميزة الثانية :

R في كل ما يتصل بالمقارنات براعة عظيمة؛ فكان يمعنى أنه كان بارعا مرهف اإلحساس بما بين المذهب الواحد و المذهب اآلخر من فروق و دقائق, هذا في داخل دائرة معينة من دوائر الحضارة الروحية. كما كان

R في الحس بما بين هذا الدين أو ذلك, أو هذا R ولطفا أكثر إرهافا المذهب الموجود في هذا الدين و ذلك اآلخر الموجود في داخل دين

اآلخر من مشابهات وصالت, و بما عسى أن يكون للواحد من تأثير في اآلخر. لهذا نرى أن فضله األكبر هو في هذه المقارنات التي عقدها, والصالت التي كشف عنها, و الفروق الدقيقة التي استطاع أن يميزها. و هاتان الميزتان تطبعان نشاطه العلمي جميعه، هذا النشاط الذي بدأ

R في التبكير، فها هو ذا الطفل الصغير الذي لم يتجاوز R ممعنا مبكراR عن الصالة وتقسيمها وأوقاتها، الثانية عشرة من عمره يكتب بحثا يكتبها هذا التلميذ النابغة ألنه رأى الذين يدعون أنهم يسيرون على

قواعد الدين الصحيحة يجهلون حقيقة الصالة، وإتجاهه في صغره إلى هذا النوع من البحث هو االتجاه الذي سيتخذه طول حياته، فكأنه كانR إلى البحث في العقائد R بمسائل الدين، منصرفا R معنيا منذ الطفولة إذا

والعبادات.

4

ثم يتجه إلى الدراسات الشرقية وهو ال يزال في سن السادسة عشرة فيترجم قصتين من التركية إلى المجرية، تنشرها له إحدى المجالت و

يضعهما تحرير هذه المجلة تحت عنوان (( مستشرق في السادسةعشرة)).

R أو1866و منذ هذه السنة , سنة م , و هو في كل سنة يخرج بحثا طائفة من األبحاث بين كتب ضخمه قد يتجاوز حجم المجلد الواحد منها أربعمائة صفحة, و بين مقاالت متوسطة الحجم بين العشرين والستين

R بالكتب التي تظهر صفحة وتعليقات صغيرة وبحوث نقديه تعريفا 592باستمرار, حتى بلغت مجموعة أبحاثه, كما بينها فهرست مؤلفاته

R .(3)بحثانتاجه العلمي من مؤلفات وأبحاث :

من الطبيعي أنا لن نستطيع أن نتحدث عن هذه األبحاث كلها؛ ألف مجلد في العلوم والفقه40حيث كانت له مكتبه أربت على

والفلسفة والفنون واللغة واألدب، أسبغ على القسم الشرقي منها قيمة علمية بما علقه عليه من الحواشي و االستدراكات والتحقيقات,

R تبلغ اآلآلف عدا مقاالت المجالت العلمية التي وأضاف إليها نسخاR أهداها إليه المستشرقون من جميع أنحاء العالم لعلمه واعترافا بفضله، فآثاره وافرة منوعة نفيسة، عن اإلسالم وفقهه, واألدب

، وسنتناول بالتحليل والتلخيص أهمها وأخلقها بالعناية,(4)العربي وسنركز على التحدث عما هو خاص بالدراسات اإلسالمية وحدها .

) و آداب الجدل عند1870من أشهرها : اليهود باإلنجليزية (ليبزيج ). و األساطير عند اليهود (ليبزيج1874الشيعة باأللمانية(ليبزيج

و اإلسالم باأللمانية.و هو1877) ثم ترجمه إلى اإلنجليزية 1876 كتاب لم يضارع حتى اآلن على ما فيه من هفوات في مقارنة التوحيد

) ثم نقله أرن إلى الفرنسية1910 – هايدلبرج 1881(بودابشت بإشراف المؤلف بعنوان العقيدة و الشريعة في اإلسالم , باريس

, ثم نقله إلى العربية محمد يوسف موسى, و األستاذ عبد1920 العزيز عبد الحق) و درس في اإلسالم, في جزأين كبيرين ( هاله

) وبحث فلسفي في فقه اللغة العربية باأللمانية في1890 – 18851896Rمجلدين (ليدن ) ونشر ديوان الحطيئة بشرح السكري متنا

. 121() موسوعة المستشرقين ، عبد الرحمن بدوي ، ص 3.  41() المستشرقون ، لنجيب العقيقي ، ص 4

5

) ونقل إلى األلمانية كتاب توجيه1893وترجمة مع تعليق عليه (ليبزنج ) ونشر1898النظر إلى علم األثر لصديقه الشيخ طاهر الجزائري (

) والعقائد والشرائع عند1899كتاب العمرين للسجستاني (ليدن R من كتاب1896) والقدرية والمعتزلة (1899المرجئة ( R كبيرا ) وجزءا

المستظهرية في فضائح الباطنية, فضائل المستظهرية للغزالي1906R صفحة (ليدن 81بمقدمة في ) , ثم كتب عنه باأللمانية فصال

.(5) صفحة) 112في وأول أبحاثه القيمة الخطيرة في المسائل اإلسالمية كتابه عن

م.1884 الذي ظهر سنة )) الظاهرية: مذهبهم و تاريخهم(( ولو أن عنوان الكتاب يدل على أنه خاص بمذهب الظاهرية, فإن

الكتاب في الواقع مقدمة رائعة في الفقه، فهو ال يقتصر فيه على دراسة هذا المذهب الذي اندرس ولم يعد له اتباع ولم يعد له من

R أصول الفقه يعنى بالكتابة فيه منذ زمان طويل. بل هو يدرس خصوصا دراسة تفصيلية واسعة فيتكلم عن أصول المذاهب الفقهية , وعن

اإلجماع واالختالف بين أئمة المذاهب وعن الصلة بين المذاهب وبين المذهب الظاهري. ومابينها وبين بعض من فروق فيقدم لنا بذلك نظرة

شاملة عن جوهر الفقه عامة و هو في بحثه في هذا المذهب يسيرR, فيتحدث عن تطوره و نموه ثم عن على المنهج الذي أوضحناه آنفا امتداد أصول الظاهرية من البحوث الفقهية إلى البحوث الكالمية و تطبيق هذه األصول في العقائد الدينية على يد ابن حزم، ويتابع هذا التطور, ويحدد االتجاهات التي اتخذها, ويرسم المنحنيات التي سار

فيها حتى يصل به إلى ابن تيمية والمقريزي، ويزيد في أهمية هذا الكتاب كذلك أنه اعتمد فيه أكثر ما اعتمد على مصادر لم تكن قد

طبعت بعد .R كان ال يزال له أخطر R عظيما والبد أن نعبر خمس سنوات كي نجد كتابا

األثر في الدراسات اإلسالمية, وبخاصة فيما يتصل بالبحث في الذي ظهر الجزء)) دراسات إسالمية ((الحديث, ونعني به كتابه

م و الجزء الثاني في العام التالي، ففي الجزء1889األول منه سنة األول من هذا الكتاب يتحدث جولدتسيهر عن

(( الوثنية و اإلسالم )) و ينظر إلى هذه المسألة نظرة جديدة تختلف عن نظرة من عاصره من المستشرقين ممن عنوا بدراسة هذه

.  42() المستشرقون ، لنجيب العقيقي ، ص 56

المسألة نفسها، مثل (فلهوزن) فالكفاح الذي قامت به الروح الوثنية العربية الجاهلية ضد الروح اإلسالمية الجديدة التي لم تقتصر على

العرب وحدهم, بل عاشت في كل األمم التي دخلت اإلسالم, يصورهR؛ فيذكر كيف قام الصراع بين الروح الوثنية R رائعا (جولد تسيهر) تصويرا الجاهلية وهي الروح التي تلخص مثلها األعلى في فضيلة ( المروءة ) و تسودها نزعة ارستقراطية, تنحو نحو تمجيد الدم العربي و تفضيله على دماء األجناس األخرى , وبين الروح اإلسالمية التي جاءت تنادي بالمساواة بين األجناس, وتنكر عصبية الدم, وتنزع نزعة ديمقراطية

وتقول بأن ال فضل لعربي على عجمي إال بالتقوى, وكان هذا الصراعR انتهى بهزيمة الروح الوثنية الجاهلية االرستقراطية، R هائال R قويا صراعا

وانتصار الروح اإلسالمية الديمقراطية، وما لبث أن قام من جديد نزاع بين الروح العربية وبين الروح الفارسية، بين روح الغزاة غير

المتحضرين, وبين روح المهزومين ذوي الحضارة الممتازة و الثقافةR من حظ الروح العربية، ولم يكن لها الرفيعة. وهنا كانت الهزيمة أيضا

من انتصار في هذا النزاع الحضاري الثقافي إال في اللغة والشعروالفقه إلى حد ما.

وأهم من هذا و أخطر الجزء الثاني من هذا الكتاب؛ ففي النصف األول منه تجد أعظم بحث كتب في الحديث كان مقدمة لسلسلة خطيرة

من األبحاث التي تلته والتي ال تزال مستمرة حتى اليوم ففي هذا القسم من الكتاب قدم لنا (جولد تسيهر) صورة صادقة و نظرة نافذة

في تاريخ الحديث وتطوره، و كشف لنا عن قيمة الحديث ال باعتبارهR لمعرفة االتجاهات السياسية R عظيما حقائق , وإنما باعتباره مصدرا

والدينية والروحية عامة, والتي وجدت في اإلسالم في متلف العصور؛R تستخدمه الفرق اإلسالمية في نضالها ألن الحديث كان سالحا

المذهبي, والمذاهب السياسية في كفاحها السياسي والتيارات الروحية في محاوالتها للسيطرة والسيادة في ميدان الحياة الروحية اإلسالمية،R فيما يورده من أخبار , بل فيما يكشف عنه من ميول فقيمته ليست إذا

و تيارات استترت من روائه و اختفت تحت ستاره . وفي قسم آخر من هذا الجزء الثاني يتحدث (جولد تسيهر) عن تاريخ تقديس األولياء في اإلسالم و طبيعة هذا التقديس , فيبين كيف صور

هذا التقديس , وما الصلة بين هذه التصورات الشعبية وبين التصورات الوثنية أي الجاهلية. ويقسم هؤالء األولياء بحسب أماكن تقديسهم ,

7

ويبين ما هناك من فروق محيلة بين نماذج األولياء في األماكنالمختلفة .

R كتاباه R وتأثيرا ولكن أشهر أبحاث جولدتسيهر وأعظمها نضوجا المشهوران: (( محاضرات في اإلسالم )) المطبوع بمدينة هيدلبرج

م, و(( اتجاهات تفسير القرآن عند المسلمين )) المطبوع1910م.1920بمدينة ليدن سنة فعبارة عن نظرة)) محاضرات في اإلسالم ((أما الكتاب األول

عامة في اإلسالم من جميع نواحيه, نظرة تركيبية واضحة قد حوت جوهر الحياة الروحية اإلسالمية كلها كما يراها (جولد تسيهر) فهو في

الفصل األول منه يتحدث عن ( محمد و اإلسالم ) ويبين ما لفكرتي الضمير وطهارة القلب من دور كبير في اإلسالم. وفي الفصل الثاني

بحث واسع في (( تطور الشريعة )) فيه يعطينا صورة عامة عن تاريخ الحديث. وأهم من هذين الفصلين الفصل الثالث، الخاص بتطور علم

الكالم, ففيه يتحدث عن تطور نظرية الجبر و االختيار في القرآن وعن الفروق بين المعتزلة و أهل السنة من ناحية السلوك األخالقي و

العبادة. و ينكر صفة حرية الرأي التي توصف بها المعتزلة ثم يعنى عناية خالصة باألشعري و مذهبه, و ينصف الماتريدي فيتحدث عنه

R غير الئق. R , بعكس ما تفعله كتب تاريخ الكالم. التي تهمله إهماال طويال و يلي ذلك الفصل الرابع في(الزهد و التصوف) وفيه يعالج موضوع

R على صورة زهد ساذج أولي و كيف تطور التصوف فيبين كيف نشأ أوال بتأثره بالمؤثرات الهندية والهلينية.حتى وصل إلى مذهب وحدة الوجود

في القرن السابع الهجري. و الفصالن األخيران يبحث أولهما في الفرق القديمة (الخوارج و الشيعة) و يبحث ثانيهما في الفرق

المتأخرة ( الوهابية و البابية و البهائية و السيخ و األحمدية). و في المحاوالت التي بذلت من أجل توحيد الفرق و إيجاد وفاق بين السنة و

الشيعة. فالكتاب صورة كاملة متناسبة األجزاء للحياة الروحية فياإلسالم.

))أما الكتاب اآلخر الذي توج به تلك الحياة العلمية الخصبة القوية فهو يستهل جولدتسهير هذا الكتاب بالحديثتاريخ تفسير القرآن ((

عن الخطوة األولى من خطوات التفسير و هي الخطوة التي تكو�ن تاريخ النص نفسه و عما فيه من اختالف في القراءات. و بعد هذا يبدأ بالكالم في االتجاهات المختلفة في تفسير القرآن. فيتناول بالحديث

8

R االتجاه القديم الذي تمثله مدرسة ابن عباس , و يمتاز بنفور أوال أصحابه من ((التفسير )) واقتصارهم على ا لشرح الحرفي الذي ال

يكاد يتجاوز النحو و معاني األلفاظ. ألنهم كانوا يشعرون بأن من الخطأأن يريد أن يعرف اإلنسان أكثر مما أراد الله لنا أن نعرف.

و كان يؤخذ عن اليهودية و النصرانية ما يتفق مع ما أتى به القرآن. و�و بالتفسير لكن لم يكن هناك تفسير واحد متفق عليه من جميع من ع�ن

في ذلك الحين, بل قد روي عن الشخص الواحد تفسيرات متناقضة متضاربة. ثم يتلو ذلك الحديث عن االتجاه العقلي الكالمي الذي بدأته المعتزلة و اتخذته الفرق الكالمية األخرى حتى انتهى (( بالكشاف ))

R. فدخلت للزمخشري. و في هذا االتجاه أصبح تفسير القرآن أشد عمقاR فيه المسائل الكالمية و النزعات العقلية. و أصبح شديد التعقيد مليئا

بالمناظرات الدينية المتصلة بالعقائد . N يختم الكتاب بعرض رائع لإلتجاه العصري في تفسير القرآن.وأخيرا

و هو اتجاه المجددين الذين جعلوا شعارهم قولهم إن باب االجتهادR شتى و يرمون إلى أغراض مفتوح. و هم في هذا االتجاه يسلكون سبال

R الى تصوير الناحية مختلفة فمنهم من يرمي من ورائه خصوصا الحضارية لإلسالم, كما فعل أمير على, و منهم من وراء ذلك إما إلى تخليص اإلسالم من الشوائب التي دخلت عليه و إرجاعه إلى ما كان

عليه عند السلف, متأثرين أشد التأثر بابن تيمية كما هي الحال بالنسبة لمدرسة الشيخ محمد عبده, و إما إلى الدفاع عن اإلسالم بإزاء

النظريات الجديدة التي أتت من أوروبا فزعزعت إيمان المثقفينوحلت من أفئدتهم عقدة الدين.

R لتفسير القرآن , R حيا وهكذا يقدم (جولد تسيهر) في الظاهر تاريخا بينما في الواقع إنما يعرض لنا مرآه صافية انطبعت فيها صورة قويةR عند ماليين الماليين من واضحة للحياة الروحية طوال ثالثة عشر قرنا

.(6)المسلمين ومن بحوثه الممتعة : مقاله من كتاب إسرائيلي في أسماء الله

)، و تفسير بعض أسماء الله السريانية التي1893الحسنى (ليبزنج )،1906وردت في القصيدة الجلجوقية (الدراسات الشرقية لنولدكه

) وغير ذلك .1897ودواوين القبائل (المجلة اآلسيوية البريطانية

.   125-123() موسوعة المستشرقين ، لعبد الرحمن بدوي ، ص 69

وفي المجلة الشرقية األلمانية: ديوان الحطيئة, و الكتابة في الجاهلية, و أمثال العرب, و الصحيفة الكاملة المنسوبة إلى زين العابدين, و

الشيعة , كتاب الملل والنحل , وفتوى من الفتاوى، وابن أبي العقب (1897 - 1921 .(

وله بالفرنسية: رسالة في السامري, و عجل الذهب (المجلة األفريقية , ثم على حدة ) و منوعات يهودية عربية (مجلة الدراسات اليهودية

.(7)) وغيرها 1906وفاته :

1921 كانت وفاته في اليوم الثالث عشر من شهر نوفمبر عام بالمدينة التي قضى فيها الشطر األعظم من حياته, وهي مدينة

.(8)بودابست جولد تسيهر واإلسالم :

موقفه من االسالم : موقفالقرآن الكريم / وقف االستشراق من 1R على الوقوف في وجه الخصومة واالنكار، فلقد كان هناك إجماعا

القرآن وإنكار مصدره الرباني والقول بأنه من عمل محمد، والشك في إلهية القرآن، ويذهبون إلى القول بأن النبي استقى مادة القرآن

والسيما قصصه من األحبار والرهبان الذين كان يلقاهم أو يتصل بهمR فقد ردده في كل في مكة ، وما يردده المستشرقون ليس جديدا

عصر خصوم اإلسالم. ويردد هذا المعنى (جولد تسيهر) المستشرق اليهودي و (بالشير) في

كتابه معضلة محمد وغيرهم .. وجميعهم يشيرون إلى ماجاء في العهد القديم أو االنجيل ويشيرون إلى رحالت النبي إلى الشام

وغيرها :ويردون إليها ما ورد في القرآن من قصص .ف بعد وفاة xكما حاول (جولد تسيهر) وغيره االدعاءبأن القرآن ح�ر

النبي صلى الله عليه وسلم ، فيدعون أن اسم الرسول قثم أو قثامةR برسول يأتي من R لتيسير وضع اآلية ( ومبشرا ثم أبدل وصار محمدا

. ( 9)بعدي اسمه أحمد)

.  42() المستشرقون ، لنجيب العقيقي ، ص 7 . 120() موسوعة المستشرقين ، عبد الرحمن بدوي ، ص 8.  201-199() اإلسالم والمستشرقون ، لنخبة من العلماء المسلمين ، ص9

10

R ،السنة/ إن موقف من 2 هوموقفها من القرآن وسيرة الرسول تماما فإن السنة هي جزء من حياة الرسول وهي تفسير للقرآن فالبد أن

تنالها الشبهات وتصل إليها السموم وعوامل التزييف .. ونذكر هنا شكوك المستشرقين في السنة حول تأخر تدوين الحديث الذيبدأ في المائة الثانية للهجرة قد أعطى فرصة للمسلمين ليزيدوا

وينقصوا في الحديث ومتى وضع أحاديث لخدمة أغراضهم ، يردد هذا جولد تسيهر . كما أنه قد شكك في صحة وجود صحف كثيرة في عهد

الرسول ، ويرمي من وراء ذلك إلى إضعاف الثقة باستظهار السنةR إلى وصم السنة كلها باالختالق وحفظها في الصدور ،وهو يرمي أصال

والوضع على ألسنة المدونيين ، وهو يزعم أن هؤالء المدونيين لميجمعوا من األحاديث إال ما يوافق هواهم .

وقد ردx عليهم د/ صبحي الصالح في كتابه (علوم الحديث ومصطلحه)، كما ردx عليهم كثيرون وكشفوا زيفهم، وجملة الرأي في هذا ما أورده الدكتور مصطفى السباعي في رسالته الجامعة عن السنة حين قال: حرص الصحابة على حفظ حديث رسول الله ونقله وحرص التابعون وتابعوا التابعين من بعدهم على نقل هذا الحديث وجمعه وتنقيته من شوائب التحريف ، وما قام به علماء السنة من جهود جبارة في تتبع

الكذابين والوضاعين وفضح نواياهم ودواخلهم وبيان ما زادوه في السنة من أحاديث مكذوبة حتى جمعت السنة في كتب صحيحة

R ثم خرجوا من ذلك االعتراف بصحتها R وتمحيصا وأشبعها النقاد بحثا والتسليم بها ، وإذا أمغنت النظرفي ذلك كله أيقنت أن هؤالء

المستشرقون يتخبطون في أودية األوهام ومتأثرون بأوهامهم ونقصهم في الخكم على حقائق يعتبر العبث بها في نظر المحقق المنصفR لمكانة التاريخ إلى نظريات الهوى R بالعلم وإخضاعا R وتالعبا إسفافا

.(10)والبغض ؛ بدأ بموقفهم منالسيرة النيوية/ موقف المستشرقون من 3

رسول الله صلى عليه السالم حيث يتشكل في إطار ديني بحت مليء بالتعصب واالنفعال والحقد والغضب والكراهية، تحيطه جهالة عمياء

R جعلت بين القوم وبين شخصية R وغير متعمدة أحيانا متعمدة حينا� يصعب اختراقه ، حيث كان (جولد تسيهر)(11)رسولنا عليه السالم سدا

.  222-219() المستشرقون والسنة ، ألنور الجندي ، ص10 .   227() اإلسالم والمستشرقون ، لنخبة من العلماء المسلمين ، ص11

11

أحد المستشرقين األعالم الذين تقدموا بمثل هذه االفتراءات حول النبي صلى الله عليه وسلم، وهي المصدرية التي يصنفها إلى عنصرينR R منتخبا : خارجي وداخلي، ويقول :فتبشير النبي العربي ليس إال مزيجا

من معارف وآراء دينية عرفها بفضل اتصاله بالعناصر اليهوديةR والتي رآها جديرة بأن توقظ فيبني R عميقا والمسيحية التي تأثر بها تأثرا

وطنه عاطفة دينية صادقة، وهذه التعاليم التي أخذها عن تلك العناصراألجنبية كانت في وجدانه ضرورية إلقرار لون من الحياة في

. (12)اتجاه يريده الله الشبهات التي أثارها المستشرق)جولدتسيهر( من

خالل أهم كتابين له :

: األول : كتاب مذاهب التفسير اإلسالمي سوف أذكر ملخص الشبهة ومن ثم محل فهمها من كالم هذا

المستشرق ثم األدلة التي يستدل بها إن وجدت والجواب عليها .

وسوف أقتصر على أهم الشبه التي رأيت أنها من أبرز ما ذكره

المستشرق (جولد تسيهر)، منها :

ـ مع عدم التفريق بين المحمود والمذموم ـتحريم التفسير بالرأي

ونقل ذلك عن السلف - رحمهم الله - وأنهم حذروا منه وأن المرجع

.(13)الوحيد في التفسير عندهم هو المأثور والذي يسميه ( العلم )

توضيح الشبهة من كالمه :

- أما بالنسبة لتحذير السلف فإنه يقول:( إذا نظرنا إلى أدب التفسير

الذي بلغ نمو�ه ثروة عظيمة الخصب ، عسر علينا بادئ ذي بدء أن

نفهم أننا نقف تجاه نوع من األدب لم تلق أوائل�ه في الدوائر الدينية من

صدر اإلسالم عدم� التشجيع فحسب، بل وضع الممثلون األتقياء�

للمصالح الدينية، أمام هذه األوائل عالمات اإلنذار والتحذير، حتى عهد

متقدم من القرن الثاني للهجرة نجد شواهد على أن االشتغال

.  11-1/9() تاريخ العرب في اإلسالم ، لجواد علي ، 12 . 122-121 () مذاهب التفسير اإلسالمي ، لجولد تسيهر ، ص13

12

R إليه بعين االرتياب وأن الوعي الجاد كان يتراجع بالتفسير كان منظورا

.(14)دون مزاولة ذلك في مهابة ونفور )

- ثم إنه يبين عدم الحاجة إلى التفسير بالرأي مع وجود المأثور

�حصى عدد الصحابة الذين يرجع إلى روايتهم " فيقول : ( وال يكاد ي

R فال يكاد الباحث الورع في القرآن العلم " بتفسير مواضع القرآن وإذا

يحس مرة بالحاجة إلى تدريب فكره الخاص في سبيل المخاطرة

بالتفسير بالرأي ، فإنه إذا اجتهد في تحصيل المأثور سيجد عن طرقR الروايات التي قبلها النقد اإلسالمي على أنها جديرة بالتصديق تفسيرا

R ينتهي إلى زمن الصحابة) .(15)منقوال

�ظن أنه أراد بكالمه السابق الحث على االعتناء بالتفسير بالمأثور - وال ي

ـ الذي هو أعلى نوعي التفسير ـ بل مراده فيما يظهر نزع الثقة من

هذا النوع ـ التفسير بالرأي ـ وبيان عدم عناية السلف به ومن ثم هو

سيطعن في التفسير بالمأثور مما يفقدنا النوع الثاني من أنواع

التفسير حيث يقول : ( على أن المجموعة الكبيرة من المادة المأثورة

تسهل مهمة اتخاذ موقف ناقد منها ، وال نستطيع ـ على الرغم من

كثرة الزيف القليل الفائدة ـ أن نقدر حق القدر ذلك النشاط الذي

حفظ به الرواة المعلومات الهائلة الفياضة باألقوال المتعارضة دون

، ثم يخرج بنتيجة فيقول : ( من الظواهر التي(16)مباالة وال اكتراث )

الحظناها حتى اآلن : يمكن استخالص أنه ال يوجد تفسير مأثور موحد

.(17)للقرآن )

وبعد ذلك كله يلمح إلى أن هذا هو المأثور الذي يعول عليه السلف

حيث يقول:(وعلى هذا يمكن عد وجوه من التفسير مختلفة بعضها مع

. 73 () مذاهب التفسير اإلسالمي ، لجولد تسيهر ، ص14 . 80 () مذاهب التفسير اإلسالمي ، لجولد تسيهر ، ص15ومابعدها . 135 () مذاهب التفسير اإلسالمي ، لجولد تسيهر ، ص16 . 75 () مذاهب التفسير اإلسالمي ، لجولد تسيهر ، ص17

13

R بالعلم ، مع التسوية بينها بعض ومتعارضة بعضها مع بعض تفسيرا

R في ذلك الحق). جميعا

تحريم التفسير بالرأي...وذكرأوالN : الجواب على هذه الشبهة:

R من األدلة وملخصها : عددا

/ قوله تعالى:(وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى1

[.68يخوضوا في حديث غيره)]األنعام :

/ نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التفسير بالرأي : كقوله صلى2

الله عليه وسلم : ( من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)،

وكالحديث الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يخشى على أمته

من ثالث وذكر منهم:(رجال يتأولون القرآن على غير تأويله).

/ نهي الصحابة رضي الله عنهم وامتناعهم من تفسير القرآن بمجرد3

الرأي:كما ورد عن أبي بكر رضي الله عنه قوله :(أي أرض تقلني وأي

سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم) . وكوقوف عمر

R) حيث قال : " xا رضي الله عنه تفسير األب في قوله تعالى:(وفاكهة وأب

عرفنا الفاكهة فما األب ؟ فقال : لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا لهو

التكلف ".

/ تحذير السلف من التفسير بالرأي : كقول سعيد بن جبير ـ رحمه4

هـ) قال لرجل طلب إليه تفسير بعض آيات القرآن95الله ـ (ت:

فقال : " ألن تقع جوانبي خير لك من ذلك".

يمكن الجواب عن هذه األدلة التي ذكرهاالجواب عن هذه األدلة :

(جولد تسيهر) بجواب عام وهو : أن العلماء قد قسموا التفسير بالرأي

إلى قسمين :

R غير جارvأ ـ تفسير بالرأي المذموم : وهو تفسير القرآن تفسيرا

R لألدلة الشرعية، وهو التفسير بمجرد على قوانين العربية وال موافقا

الهوى وبال استكمال ألدوات التفسير وشروطه . وجميع ما ورد من

14

األحاديث واآلثار التي فيها النهي عن التفسير بالرأي إنما قصد بها هذا

النوع من التفسير. وإنما قلنا بحملها على هذا النوع من الرأي لوجود

أدلة أخرى تدل على جواز التفسير بالرأي المحمود وعلى وقوعه عند

السلف رحمهم الله تعالى وعلى رأسهم الصحابة الكرام كما سيأتي .

وهو تفسير القرآن بموافقة كالمب ـ تفسير بالرأي المحمود :

العرب مع موافقة الكتاب والسنة ومراعاة شروط التفسير. وهذا النوع

من التفسير ال يمكن إنكاره عن السلف بل إن السلف-رحمهم الله

تعالى- قد وضحوا معاني كالم الله تعالى بأقوال لم يسندوها إلى من

سبقهم وإنما فهموها من كالم الله تعالى ومما يدل على ذلك اختالفهم

-رحمهم الله تعالى- في تفسير كثير من اآليات .

ومما يدل على جواز هذا النوع من التفسير :

أ ـ األدلة الكثيرة الواردة في كتاب الله تعالى والتي تحث على االعتبار

واالتعاظ بالقرآن الكريم : من مثل قوله تعالى : ( أفال يتدبرون القرآن

[ وقوله:( ولو ردوه إلى الرسول24أم على قلوب أقفالها ) ] محمد :

[ .83وإلى أولي األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) ] النساء:

وقد دلت اآلية األخيرة على أن في القرآن ما يستنبطه أولوا األلباب

باجتهادهم.

ب ـ اختالف الصحابة -رضي الله عنهم- في تفسير القرآن على وجوه،

ومعلوم أنهم لم يسمعوا كل ما قالوه من النبي صلى الله عليه وسلم .

ج ـ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم البن عباس -رضي الله عنهما-

بقوله : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) فلو كان التفسير

R على السماع ، لما كان هناك فائدة من تخصيصه رضي الله مقصورا

عنه بهذا الدعاء).

�قل عنهم التحرج من التفسير فقد نقل عنهم تفسير آيات د ـ أن من ن

من كتاب الله تعالى برأيهم ـ المحمود ـ فقد جاء عن أبي بكر -رضي

15

الله عنه- أنه فسر " الكاللة " برأيه ووافقه عليها عمر -رضي الله عنه-

R فمن الله وإن كان غير حيث قال: " أقول فيها برأيي فإن كان صوابا

ذلك فمني ومن الشيطان".

فيحمل توقفهم في بعض اآليات على أنه من باب الورع أو لوجود من

يكفي في الجواب عنهم أو لعدم اتضاح المعنى لديهم .

: Nفقط عن النبي صلى اللهثانيا R تفسيره للعلم بأنه ما كان منقوال

عليه وسلم وأصحابه وأن الذي يعد في نطاق علوم الدين في اإلسالم

R هو ما يرجع إلى أقدم الثقات، ولم يذكر لهذا الكالم R حقيقيا علما

R غير ما ذكر من تحذير السلف من الخوض في التفسير كما مستندا

سبق بيانه .

هو أن السلف -رحمهم الله تعالى- كانواوالجواب على هذا الزعم:

يعدون من العلم المقبول في تفسير كالم الله تعالى ما كان عن

R عن النبي صلى طريق االجتهاد بآلته الصحيحة حتى ولو لم يكن منقوال

الله عليه وسلم وصحابته الكرام -رضي الله عنهم أجمعين- ودليل على

ذلك ما يلي :

/ عن أبي جحيفة -رضي الله عنه- أنه قال : " قلت لعلي بن أبي1

طالب : هل عندكم شيء من الوحي إال ما في كتاب الله ؟ قال : ال

R في R يعطيه الله رجال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إال فهما

القرآن ... " .

/ أن من المعلوم أن القرآن الكريم قد تضمن كليات الشريعة وقد2

استدل به السلف على مسائل لم تكن موجودة على عهد النبي صلى

الله عليه وسلم وصحابته -رضي الله عنهم- وال يمكن أن يكون هذا

االستدالل إال بطريق االجتهاد، واألمثلة في ذلك كثيرة مما يدل على

عدم توقفهم على المأثور فقط .

R من السلف -رحمهم الله- كان يرد تفسير معاني القرآن3 / أن عددا16

إلى اللغة العربية ويستشهد على ذلك منها وهذا ليس من التفسير

بالمأثور، قال ابن األنباري : "وجاء عن أصحاب النبي صلى الله عليه

وسلم وتابعيهم رضوان الله عليهم من االحتجاج على غريب القرآن

ومشكله باللغة والشعر ما بين صحة مذهب النحويين في ذلك وأوضح

فساد مذهب من أنكر ذلك عليهم، من ذلك ... أن ابن عباس قال : إذا

سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر فإن الشعر ديوان

العرب".... إلى غير ذلك من الشبه والتي قد يطول ذكرها في هذا

.(18)التقرير المختصر

الثاني : كتاب العقيدة والشريعة في اإلسالم :

تصدى الشيخ الغزالي لهذا الكتاب، والذي استطاع المستشرق

اليهودي أن يستفرغ بين دفتيه كل ما في أحشائه من ضغائن وأحقاد

ضد اإلسالم ولمسلمين، جيث قام الشيخ الغزالي بتقسيم كتابه إلى

xد خاللها المزاعم التي أوردها المستشرق اليهودي ثمانية أجزاء، فن

، وناقشه مناقشةالعقيدة والشريعة(جولد تسيهر) في كتابه

علمية.. يقول الغزالي عن منهجه الذي اتبعه في تأليف كتابه رد�ا على

(جولد تسيهر): عندما تناولت كتاب العقيدة والشريعة لجولد تسيهر

xيت النفس بمطالعة وبحث جيد؛ فإن المؤلف مستشرق المع االسم، من

واسع االطالع، كما بلغنا، والمترجمون نفر من األساتذة النابهين..ثم

Rا كثير الصواب، قليل R: أقصى ما رجوت أن أقرأ بحث يستطرد قائال

الخطأ، خفي الدس أو ماكره.. لكني ما كدت أنتهي من الصحائف

األولى، حتى ساورتني الشكوك، فلما مضيت في متابعة المؤلف

استولت عليx الدهشة، وأوغلت في القراءة وقد تكشف لي األمر.

(جولد تسيهر) منذ شرع بخط السطور األولى في كتابه لم يكن يملك

ذرة من روح العالم المنصف، كان يخطئ في النقد والفهم والحكم،

() موقع سبيل اإلسالم ، شيهات المستشرقين في التفسير بالرأي ، فهد الوهيبي . 1817

فقد جاء كتابه في ستة أقسام: خصxص القسم األول منها لمحمد صلى

الله عليه وسلم، والقسم الثاني لتطور الفقه اإلسالمي، والقسم

الثالث لنمو العقيدة اإلسالمية وتطورها، والقسم الرابع للزهد

والتصوف في اإلسالم، والقسم الخامس للفرق اإلسالمية، والقسم

السادس في الحركات الدينية األخيرة عند المسلمين.

بينما جاء رد الشيخ الغزالي في ثمانية أجزاء، فيها ردود علمية مقنعة

على جميع الشبهات التي أوردها (جولد تسيهر) في كتابه، وجاء الجزء

ه صلى الله عليه وسلم، والجزء الثاني: األول بعنوان: محمد رسول اللـ�

تطور الفقه اإلسالمي، والجزء الثالث والرابع: التطور في العقيدة،

والجزء الخامس: الزهد والتصوف، والجزء السادس: عن الف�رق،

والجزء السابع: حول الوحدة اإلسالمية، والجزء الثامن: المسلمون بين

االستعمار والصهيونية.

ه صلى الله عليه وقد حاول الغزالي في الجزء الخاص برسول اللـ�

وسلم، من دحض جميع محاوالت (جولد تسيهر) للمز شخصية رسول

ه صلى الله عليه وسلم، والوحي، ويورد الغزالي رأي المستشرق، اللـ�

R يقول : (جولد تسيهر) في كتابه عن ثم يقوم بتفنيده والرد عليه، مثال

النبي صلى الله عليه وسلم: " فتبشير النبي العربي ليس إال مزيجRا

Rا من معارف وآراء دينية عرفها، واستقاها بسبب اتصاله بالعناصر منتخب

ا عميقRا، التي رآها جديرة Rاليهودية والمسيحية وغيرها التي تأثر بها تأثر

بأن توقظ عاطفة دينية عند بني وطنه، وهذه التعاليم التي أخذها عن

تلك العناصر األجنبية كانت في رأيه كذلك ضرورية لتثبيت ضرب من

على أوسع نطاق(19)الحياة في االتجاه الذي تريده اإلرادة اإللهية "

في ميدان االعتقاد والتشريع. ويهوي هذا

االفتراء أمام قلم الغزالي فيقول، رد�ا على هذه األكذوبة: هذا كالم

. 12 () العقيدة والشريعة في اإلسالم ، لجولد تسيهر ، ص1918

باطل، فإن محمدRا، بلغة عصرنا، قبض على الفكر اليهودي والنصراني،

وقدxمه إلى الضمير العالمي، متهمRا بالتزوير على أوسع نطاق في

R بل ميدان االعتقاد والتشريع، ولم يكن هذا االتهام مبهمRا وال مجمال

ه وإصالح R، ذكر في أعقاب دعوة مسهبة حارة لتوحيد اللـ� واضحRا مفصال

العمل وترقية السلوك الفردي والجماعي دعوة ال نظير لها في الكتب

الموجودة بأيدي من ينتسبون لموسى أو لعيسى .. ويتساءل الشيخ:

R عن المخطئين الشاردين ..!؟ فكيف يعد المصوب المرشد ناقال

ويقول الغزالي: " والمستشرق الذكي لما لمس حرارة اإلخالص وقوة

الصدق ونيل الغاية في سيرة محمد، أراد أن يوفق بين وفرة هذه

الخالل، وبين ما نسبه إليه من اختالق الرسالة واستقاء أفكاره من

ا وصل إلى أعماق نفسه Rالناس، فقال: لقد تأثر بهذه األفكار تأثر

وأدركها بإيحاء قوته التأثيرات الخارجية، فصارت عقيدة انطوى عليها

Rا، فأصبح بإخالص، على يقين Rا إلهي قلبه، كما صار يعتبر هذه التعاليم وحي

بأنه أداة لهذا الوحي، أي أنه تخيل؛ فخال وتصور أن المعاني التي

تجيء فؤاده ال منبع لها إال الوحي، فاعتقد مخدوعRا أنه رسول، وأنه

مصطفى من السماء، والحقيقة أنه ال وحي وال رسالة، هكذا يحدثنا

المستشرق اليهودي المجري جولد تسيهر، ويتساءل الشيخ الغزالي:

هل هذا المستشرق ينكر الوحي جملة ..؟! "

ويقول: "إن كان األمر كذلك فال نبوات البتة، وسقطت ديانته قبل أن

تسقط الديانة التي يهاجمها، وارتفعت الثقة بكل إنسان زعم يومRا أن

Rا نزل عليه فكلهم كذبة، وإن كان يؤمن بالوحي Rا جاءه، وأن وحي ملك

ويصدق أنبياء اليهودية أو النصرانية وحدهم قلنا له: ما سر هذه التفرقة

؟ أأنت تعصب لما ورثت عن آبائك وقومك؟ لك ذلك.. ولكن، ال تسم

. R R محايدا R وال بحثا هذا المسلك علمRا نزيها

وإن كان اتهام نبي بالكذب ووصف آخر بالصدق نتيجة تقليب لدالئل

19

اإلثبات، وتمحيص لحقيقتها، فهذا مجالنا الذي ال يغلبنا فيه أحد، فهات

ما عندك ". ويقول

الشيخ الغزالي:" إن محمدRا ترك بين أيدينا ما يشهد بنبوته فما الذي

تركه غيره؟ أعني أن جمهور األنبياء مات من دهر بعيد وقد وصلت إلينا

أسماؤهم ومواريثهم الروحية والفكرية فقط وأنا والمستشرق (جولد

تسيهر) وغيرنا من الناس ال يعرف قيم هؤالء الرجال إال من خاللR النظر الفاحص لكتبهم وتعاليمهم، وإني ألقولها صريحة ال تتحمل لبسا

وال التواء: إنني آمنت بمحمد بعد ثقة مني أن تعاليمه طابقت ثمرات

العقل الحر، وإنني لم أومن بطهارة نسبه وعفاف أمه إال ألن محمدRا

. وهكذا أمضى(20)الذي استيقنت من صدقه هو الذي أكد لي ذلك"

الشيخ الغزالي يتتبع عثرات اليهودي الحاقد خطوة خطوة، ثم يحذرهم

R: ولرعاة الكنائس أن ينشدوا السالم، وأن يسعوا جاهدين إلقراره، قائال

بيد أن كل سالم على حساب قضايا المسلمين، لن يكون له وزن وال

R سيتفانون في الدفاع عن أنفسهم دوام ، فإن المسلمين أوال

. ( 21)ومقدساتهم

الخالصة :

البد لقارئ كتاب جولد تسيهر وغيره من المستشرقين الحاقدين؛ أن

ه بالحق على ـ� يتابع نقد العلماء لهم والرد عليهم في كتبهم؛ ليقذف الل

الباطل فيدمغه ويمحوه.

هذا والله تعالى أجل وأعلم وأحكم ..

() دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطــاعن المستشــرقين ، محمــد الغــزالي ، بتصــرف20يسير .

() موقع لواء الشريعة ، دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطــاعن المستشــرقين ، ناديــة21سعد .

20