مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

88
ر ص ت خ م) ة وي ب لن ا رة سي ل ا ي ف ث خ ب( وم ب خ م ل ا ق ب ح ر ل ا اب ت ك: ي هل ا ج ل ع ا م ت خ م ل ا ي ف ة ي ق لا خ8 لا وا ة صادي ت قلا وا ة ي ع ما ت حلا ا جالة ل ا: ة ي ع ما ت حلا ا جالة ل ا@ ن م رة يC ب ك ة ي درج عل راف ش8 لا ا ي فة ل ه8 ع ا م ل خ ر ل ا ة لاق ع ت نا ك ، ف ض ع ب@ ن ع ها عض بوال ح8 ا ف ل ت خ ب ة وع ب مناط وس8 ا رب لع ا ي ف ت ن كا ل خ ر ل راد ا8 ا ا دf ، وا وف ب س ل اا ه نل دو س ت ة وي مص ة رم حي م ت نا ر، وك ف و8 لاط ا س ق ل ول ا ق ل ا اد ف ب و رادةf لا ا ة ري ح@ ن ما ه ل@ ان دم، وك ف ت ل وا ي فر ل ا اءب ا س دf ا ة8 را م ل ا ت نا ، وك ة8 را م ل ا لاf ة ا اي وق8 م ا ظ ع م ي ف ث ط ا ج ب@ ن ك ي م ل اعة ج ش ل رم وا لك ن@ ا م ي م سا لم ا ا ف م ل ا رب لع ر ا ظ ن ي ف ما لة ب دح ت م ب@ ن8 ا ة8 را م ل ا ل ي خ ر لط ا ا ت ت ، وار ة م ل ك ل ا ث حا وص رة ش8 لا س ا ي8 ئ ر ر ي ب ع ب ل خ ر لن@ ا م، وكا ه ن نC ئ رب ح ل ا ت عل ش8 ا اءب ن@ سf م وا لا سل ل ل8 ئ ا ت ق ل ا ث ع م ج ها.8 ن ا ت ل و8 ا راف شf ا ث خ ب@ واح ر ل د ا ف ع ب@ ون ج م ل وا دعارة ال لا يf ة ا ي ع ر ي ع ب ، لا ة8 را م ل ل وا خ ر ل ن@ ا ي ئ لاط ت حلا ن@ ا م واع ن8 ا« اك ت ه ف اس ت لط ا واس8 اا م8 ، ا راف ش8 لال اا خ ي ف ا د ه. ة س ح ا ف لح وا ا ف س ل وا جاء: ب8 ا عة رب8 ي ا عل ة ي هل ا ج ل ا ي ف كاح ن ل ن@ ا8 : ا ت ل ا ق ة س8 ت ن@ عا ع اري ج ب ل وروي ا ول:8 لا ا وم، ب لس ا ا ت لح ا كا ن ك: ي ن ا ت ل ا ولاا ه ج و ا ر ه ل ر عي ب ة، و ي م ي ع ص ت سن ا لان@ ق ق ي سل ر8 : ا رب طه ا دf ة ا ي8 را م لا ل خ ر ل ول ا ق ب اع، ص ت سنلا اد، ول ل ا ة اي ج ب ي ف ة ي ع ر«ك ل ل د ع ق با م بf ، وا ث ح8 ا ا دf اا ه ج و ها ر نا ص8 ا ها مل ج@ ن ي ت ت ا دf ا ل، ق خ ر ل ا« لك ن@ د م ها مل ج@ ن ي ت ن ئ ي حت ها س م ب: ت ل ا ت ل اع م ت خ ب ع ط ت س ت م ل ق م، ه لنf ا ت ل س ر8 اا ه مل ج ع ص ن@ ن8 ا د ع ب ال ت لر م و ث ع ض ، وو ت مل ج ا دf ا ها ق ن ن ص ن م ه كل ة8 را م ل ي ا عل@ ون ل خ د ت ق، رة ش ع لط دون@ ا ره ل ادها، ة ول ي ق ج ل ت قمة س ا م ي ه من ث ب ح8 ن@ ا م ي م س ت ق دها ت ع وا مع ت خ ب ي حت ع ت من ب@ ن8 م ا ه من ل خ ر ع: ب را ل ا لا ة8 را م ل ي ا عل@ ون ل خ د ت ق ر ي ب ك لس ا ا ت لع ا م ت خ ب ا. اي ع ت ل ن@ ا ه اءها، و ن@ خ م م ع ت م بور ه ق م لء اا س ت ي ت س ت ل8 ئ ا ت ق ل ا روب ح ي ف ت ل ع ت م لن@ اا ك ، ف وف ب س لر ا ا ف ش دها ف ع ب ة8 را م ل ل وا خ ر ل ن@ ا ي ئ اب ماع ت ح م ا ه د ت ع ت نا وك م. ه ن ا ت ح عار مدة ل م ا ه ق ج ل ي م ه م8 ة ا ون@ هد ك ي@ ن ي الد ولاد8 لا ن@ ا لك ها، و جل ب س ت ق1

Upload: -

Post on 14-Jun-2015

6.085 views

Category:

Education


65 download

TRANSCRIPT

Page 1: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

كتاب الرحيق المختوم )بحث في السيرة النبوية(مختصر

الحالة االجتماعية واالقتصادية واألخالقية في المجتمع الجاهلي:

الحالة االجتماعية:

كانت في العرب أوساط متنوعة تختلف أحوال بعضها عن بعض، فكانت عالق..ة الرج..ل مع أهله في األشراف على درجة كبيرة من ال..رقي والتق..دم، وك..ان له..ا من حري..ة اإلرادة ونفاذ القول القسط األوفر، وكانت محترمة مصونة تسل دونها السيوف، وإذا أراد الرج..ل أن يمتدح بما له في نظر العرب المقام السامي من الكرم والشجاعة لم يكن يخ..اطب في معظم أوقات..ه إال الم..رأة، وك..انت الم..رأة إذا ش..اءت جمعت القبائ..ل للس..الم وإن ش..اءت أشعلت الحرب بينهم، وكان الرجل يعتبر رئيس األسرة وص..احب الكلم..ة، وارتب..اط الرج..ل

بالمرأة بعقد الزواج تحت إشراف أوليائها.

ه..ذا في ح..ال األش..راف، أم..ا أواس..ط الن..اس فهن..اك أن..واع من االختالط بين الرج..لوالمرأة، ال يعبر عنه إال بالدعارة والمجون والسفاح والفاحشة.

وروى البخاري عن عائشة قالت: أن النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء:

االستبض..اع، يق..ول الرج..ل المرأت..ه إذا طه..رت:الث..اني: كنك..اح الن..اس الي..وم، األول: أرسلي فالن فاستبضعي من..ه، ويعتزله..ا زوجه..ا وال يمس..ها ح..تى يت..بين حمله..ا من ذل..ك الرجل، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفع..ل ذل..ك رغب..ة في نجاب..ة الول..د،

يجتم..ع الره..ط دون العش..رة، في..دخلون على الم..رأة كلهم يص..يبها ف..إذا حملت،الث..الث: ووضعت ومر ليال بعد أن تض..ع حمله..ا أرس..لت إليهم، فلم يس..تطع رج..ل منهم أن يمتن..ع

يجتمع الناسالرابع:حتى يجتمعوا عندها فتسمي من أحبت منهم باسمه فيلحق به ولدها، الكثير فيدخلون على المرأة ال تمنع ممن جاءها، وهن البغايا.

وكانت عندهم اجتماعات بين الرجل والم.رأة تعق.دها ش.فار الس.يوف، فك.ان المتغلب في حروب القبائل يسبي نساء المقهور فيس.تحلها، ولكن األوالد ال.ذين تك.ون ه.ذه أمهم

يلحقهم العار مدة حياتهم.

والمعروف في الجاهلية تعدد الزوجات من غير حد، ويجمعون بين األختين، وي..تزوجونبزوجات آبائهم، وكان الطالق والرجعة بيد الرجل.

وكانت فاحشة الزنا سائدة في جمي..ع األوس..اط، إال أف..راداj من الرج..ال والنس..اء ممنكان تعاظم نفوسهم يأبى الوقوع في الرذيلة.

وكانت عالقة الرجل مع أوالده على أن..واع ش..تى، فمنهم من يئ..د البن..ات خش..ية الع..ارويقتل األوالد خشية الفقر واإلمالق، وال يعد هذا من األخالق المنتشرة.

أما معاملة الرجل مع أخيه وأبناء عمه وعشيرته فقد كانت موطدة قوية، وكان أس..اسjالنظام االجتماعي هو العصبية الجنسية والرحم ويسيرون على المثل )أنصر أخ..اك ظالم..ا

أو مظلوماj( على المعنى الحقيقي دون تعديل اإلسالم له.

العالقة بين القبائل كانت مفككة، وقواهم متفانية في الحروب، إال أن الرهبة والوجل من بعض التقاليد والعادات المش..تركة بين ال..دين والخراف..ة ربم..ا ك..ان يخف..ف من ح..دتها وصرامتها، وكانت األشهر الحرم رحمة وعوناj لهم على حياتهم، فق..د ك..انوا ي..أمنون فيه..ا

تمام األمن، لشدة التزامهم بحرمتها.

1

Page 2: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وقص..ارى الكالم أن الحال..ة االجتماعي..ة ك..انت في الحض..يض من الض..عف والعماي..ة، فالجهل ضارب أطنابه والن..اس يعيش..ون كاألنع..ام، والم..رأة تب..اع وتش..ترى، والعالق..ة بين

األمة واهية، والحكومات همها ملء الخزائن من رعيتها أو جر الحروب على مناوئيها.

الحالة االقتصادية:

التجارة كانت أكبر وسيلة للحصول على الحوائج، والجولة التجارية ال تتيسر إال إذا ساد األمن، وكان مفقوداj في جزيرة العرب، إال في األشهر الحرم، وفيها تعقد أس..واق الع..رب

كعكاظ وذي المجاز ومجنة.

أما الصناعات فكانوا أبعد األمم عنها، ومعظم الصناعات مثل الحياكة والدباغة وغيره..ا كانت في أهل اليمن والحيرة ومشارف الشام، وهناك داخ..ل الجزي..رة ش..يء من الزراع..ة

والحرث واقتناء األنعام، وكانت نساء العرب يشتغلن بالغزل.

األخالق:

وقد استنفدوا فيه نصف أشعارهم، كان الرجل يأتيه الضيف في شدة البردالكرم: – 1والجوع وليس عنده من المال إال ناقته فيذبحها لضيفه.

وقد كان ديناj يتمسكون به، ويستهينون في سبيله قتل أوالدهم.الوفاء بالعهد: – 2

3 – ومن نتائج ذل..ك الش..جاعة وش..دةعزة النفس واإلباء عن قبول الخسف والضيم: الغيرة، وسرعة االنفعال، وكانوا ال يبالون بتضحية أنفسهم في هذا السبيل.

فإذا عزموا على شيء يرون فيه المجد واالفتخار ال يصرفهمالمضي في العزائم: – 4عنه صارف.

كانوا يتمدحون بها إال أنها كانت فيهم عزيزة الوجود لفرطالحلم، واألناة والتؤدة: – 5شجاعتهم وسرعة إقدامهم على القتال.

6 – ومن نتائجه..ا الص..دقالسذاجة البدوية، وعدم التلوث بلوثات الحضارة ومكائ..دها: واألمانة والنفور عن الخداع والغدر.

األسرة النبوية – النبي صلى الله عليه وسلم في كنف جده ثم عمه أبي طالب

تعرف أسرته صلى الل..ه علي..ه وس..لم، باألس.رة الهاش..مية، نس..بة إلى ج..ده هاش..م بنعبدمناف.

إلى جده العطوف:

عاد به عبدالمطلب إلى مكة، وكانت مشاعر الحنو في فؤاده ترب..و نح..و حفي..ده الي..تيم الذي أصيب بمصاب جديد نك..أ الج..روح القديم..ة، ف..رق علي..ه رق..ة لم يرقه..ا على أح..د من أوالده، فكان ال يدعه لوحدته المفروضة، بل يؤثره على أوالده، قال ابن هشام: كان يوضع لعبد المطلب فراض في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلس..ون ح..ول فراش..ه ذل..ك ح..تى يخ..رج إليه، ال يجلس عليه أحد من بنيه إجالالj له، فكان رسول الله ص.لى الل.ه علي.ه وس.لم ي.أتي وهو غالم جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه فيقول عبدالمطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني هذا، فوالله إن له لشأناj، ثم يجلس معه على فراشه، ويمسج ظه..ره

بيده، ويسره ما يراه يصنع.

ولثمان سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره صلى الله عليه وسلم توفي ج.ده عب.دالمطلب بمكة، ورأى قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق أبيه.

2

Page 3: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

إلى عمه الشفيق:

ونهض أب..و ط..الب بح..ق ابن أخي..ه على أكم..ل وج..ه، وض..مه إلى ول..ده وقدم..ه عليهم واختصه بفضل احترام وتقدير، وظل فوق أربعين سنة يعز جانب..ه، ويبس..ط علي..ه حمايت..ه،

ويصادق ويخاصم من أجله.

حياة الكدح:

لم يكن لرسول الله عمل معين في أول شبابه، إال أن الروايات توالت أنه ك..ان ي..رعى غنماj، رعاها في بني سعد، وفي مك..ة ألهله..ا على قراري..ط، ويب..دو أن..ه انتق..ل إلى عم..ل التجارة حين شب، فقد ورد أنه كان يتجر م..ع الس..ائب بن أبي الس..ائب المخ..زومي فك..ان خير شريك ل..ه، ال ي..داري وال يم..اري، وج..اءه ي..وم الفتح ف..رحب ب..ه، وق..ال: مرحب..اj ب..أخي

وشريكي.

وفي الخامسة والعشرين من سنه خرج ت..اجراj إلى الش..ام في م..ال خديج..ة، ق..ال ابن إسحاق: كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في ماله..ا، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم، وكانت قريش قوماj تج..اراj، فلم.ا بلغه.ا عن رس.ول الل.ه صلى الله عليه وسلم ما بلغها من ص..دق حديث..ه، وعظم أمانت..ه وك..رم أخالق..ه بعثت إلي..ه، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجراj، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غالم لها يقال له: ميسرة، فقبله رسول الله صلى الل..ه علي..ه وس..لم منه..ا

وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غالمها ميسرة حتى قدم الشام.

زواجه بخديجة:

ولما رجع إلى مكة ورأت خديج..ة في ماله..ا من األمان..ة والبرك..ة م..ا لم ت..ر قب..ل ه..ذا، واخبرها غالمه.ا ميس.رة بم.ا رأى في.ه ص.لى الل.ه علي.ه وس.لم من خالل عذب.ة، وش.مائل كريمة، وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين، وجدت ضالتها المنش..ودة، وك..ان الس..ادات والرؤساء يحرصون على زواجها فتأبى عليهم ذلك فتحدثت بما في نفس..ها إلى ص..ديقتها نفيسة بنت منبه، وهذه ذهبت إليه صلى الله عليه وسلم تفاتحه أن يتزوج خديجة، فرض..ي بذلك، وكلم أعمام.ه، ف.ذهبوا إلى عم خديج.ة وخطبوه.ا إلي.ه، وعلى إث.ر ذل.ك تم ال.زواج، وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر، وذل..ك بع..د رجوع..ه من الش..ام بش..هرين، وأص..دقهاjعشرين بكرة، وكانت سنها إذ ذاك أربعين سنة، وك..انت يومئ..ذ أفض..ل نس..اء قومه..ا نس..با وثروة وعقالj، وهي أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليه.ا

غيرها حتى ماتت.

وكل أوالده منها سوى إبراهيم، ولدت له: أوالj: القاسم، ثم زينب، ورقي..ة، وأم كلث..وم، وفاطمة، وعبدالله، وكان عبدالله يلقب بالطيب والطاهر، وم..ات بن..وه كلهم في ص..غرهم أما البنات فكلهن أدركن اإلسالم فأس..لمن وه..اجرن، إال أنهن أدركتهن الوف..اة في حيات..ه

صلى الله عليه وسلم سوى فاطمة، فقد تأخرت بعد ستة أشهر ثم لحقت به.

في غار حراء ونزول الوحي:

لما تقاربت سنه صلى الله عليه وسلم األربعين، وكانت تأمالته الماضيةفي غار حراء: قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه، حبب إليه الخالء، فك..ان يأخ..ذ الس..ويق والم..اء، ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة وهو غار لطيف طوله أربع..ة أذرع، وعرض..ه ذراع وثالث..ة أرب..اع ذراع من ذراع الحدي..د، فيقيم في ش..هر رمض..ان ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وفيم..ا وراءه..ا من ق..درة

مبدعة، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك.

3

Page 4: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وكان اختياره لهذه العزلة طرفاj من تدبير الله له وق..د تمت ه..ذه العزل..ة قب..ل تكليف..هبالرسالة بثالث سنوات.

جبريل ينزل بالوحي:

ولما تكامل له أربعون سنة بدأت طالئع النبوة تلوح وتلم..ع، فمن ذل..ك أن حج..راj بمك..ة كان يسلم عليه، ومنها أنه كان يرى الرؤيا الصادقة، فكان ال يرى رؤيا إال جاءت مث..ل فل..ق الصبح، حتى مضت على ذلك ستة أشهر، ومدة النبوة ثالث..ة وعش..رون س.نة، فه..ذه الرؤي..ا جزء من ستة وأربعين جزءاj من النبوة، فما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته بح..راء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل األرض فأكرمه بالنبوة، وأنزل إلي..ه جبري..ل بآي..ات

من القرآن.

وبعد النظ..ر والتأم..ل في الق..رائن وال..دالئل يمكن تحدي..د ذل..ك الي..وم االث..نين الح..ادي م، وك..ان عم..ره أربعين س..نة610 أغسطس س..نة 10والعشرين من رمضان ليالj، الموافق

س..نة شمس..ية وثالث..ة أش..هر وعش..رين39قمرية وستة أشهر واثنا عشر يوماj، وذلك نح..و .jيوما

األمر بالقيام بالدعوة:

قام رسول الله بعد نزول آيات س.ورة الم.دثر، بال.دعوة إلىالدعوة سراj ثالث سنوات: الله سبحانه وتعالى، وحيث أن قومه جفاة ال دين لهم إال عبادة األصنام واألوثان، وال حجة لهم إال أنه ألفوا آباءهم على ذلك، وال أخالق لهم إال األخذ بالعزة واألنف..ة، وال س..بيل لهم في حل المشاكل إال السيف، وكانوا مع ذلك متصدرين للزعامة الدينية في جزيرة الع..رب، ومحتلين مركزها الرئيس، ضامنين حفظ كيانها، فقد كان من الحكمة تلقاء ذل..ك أن تك.ون

الدعوة في بدء أمرها سرية، لئال يفاجئ أهل مكة بما يهيجهم.

: خديجة بنت خويلد، ومواله زيد بن حارث..ة، وعلي بن أبيأول من أسلمالرعيل األول: طالب، وأبو بكر الصديق، أسلم هؤالء في أول يوم.

ثم نشط أبو بكر في الدعوة فأسلم على ي..ده: عثم..ان بن عف..ان، والزب..ير بن الع..وام،وعبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله.

الدعوة جهاراj: أول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى )وأنذر عشيرتك األقربين(.

االضطهادات:

أعمال المشركون األساليب إلحباط الدعوة بعد ظهورها في بداي..ة الس..نة الرابع..ة من النبوة، ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه األساليب ال يتجاوزونها إلى طريق االضطهاد والتع..ذيب، ولكنهم م..ا رأوا أنه..ا ال تج..دي نفع..اj في إحب..اط ال..دعوى استشاروا فيما بينهم، وقرروا القيام بتعذيب المسلمين، فأخ..ذ ك..ل رئيس يع..ذب من دان

من قبيلته باإلسالم، وانقض كل سيد على من اختار من عبيده عن طريق اإليمان.

والحاص..ل أن المش..ركين لم يعلم..وا بأح..د دخ..ل في اإلس..الم إال وتص..دوا ل..ه ب..األذى والنكال، وكان ذلك سهالj بالنسبة لضعفاء المسلمين، السيما العبي..د واإلم..اء، فلم يكن من يغضب لهم ويحميهم، بل كانت السادة والرؤساء هم أنفسهم يقومون بالتع..ذيب ويغ..رون األوباش، ولكن لمن أسلم من الكبار واألشراف كان ذلك صعباj جداj، إذ كانوا في عز ومنعة من قومهم، ولذلك قلما كان يجترئ عليهم إال أشراف قومهم، مع شيء كبير من الحيط..ة

والحذر.

الهجرة األولى إلى الحبشة

4

Page 5: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

كانت بداية االعتداءات في أواسط أو أواخر السنة الرابعة من النبوة، بدأت ضعيفة، ثم لم تزل تشتد يوماj فيوماj وشهراj فشهراj، حتى تفاقمت في أواسط السنة الخامس..ة، وفي هذه الظروف نزلت سورة الزمر تشير إلى اتخاذ سبيل الهج..رة )لل..ذين أحس..نوا في ه..ذه

الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب(.

وكان رسول الله )صلى الله عليه وسلم( ق..د علم أن أص..حمة النجاش..ي مل..ك الحبش..ةملك عادل، ال يظلم عنده أحد، فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة.

jوفي رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة، كان مكون..ا من اثني عش..ر رجالj وأربع..ة نس..وة، رئيس..هم عثم..ان بن عف..ان، ومع..ه زوجت..ه رقي..ة بنت رسول الله وقد قال النبي فيهما )إنهما أول بيت هاجر في سبيل الله بعد إبراهيم ول..وط

عليهما السالم(.

سجود المشركين مع المسلمين وعودة المهاجرين:

في رمضان من نفس السنة خرج الن..بي )ص..لى الل..ه علي..ه وس..لم( إلى الح..رم، وفي..ه جميع كبير من قريش، فق..ام فيهم وفاج..أهم بتالوة س..ورة النجم، ولم..ا وص..ل إلى قول..ه تعالى )فاسجدوا لله واعبدوا( ثم سجد لم يتمالك أحد نفسه حتى خر س..اجداj، وق..د ت..والى عليهم اللوم والعت.اب ممن لم يحض.ر ه.ذا المش.هد من المش.ركين، وبل.غ ه.ذا الخ..بر إلىjعن ص..ورته الحقيقي..ة، بلغهم أن قريش..ا jمهاجري الحبشة ولكن في صورة تختل..ف تمام..ا أسلمت، فرجعوا إلى مكة في شوال من نفس السنة، فلما دنوا من مكة وعرفوا الحقيق..ة

رجع منهم من رجع إلى الحبشة.

الهجرة الثانية إلى الحبشة:

واستعد المسلمون للهجرة مرة أخرى، وعلى نط..اق أوس..ع، ولكن ك..انت ه..ذه الهج..رة الثانية أشق من سابقتها، فقد تيقظت له..ا ق..ريش وق..ررت إحباطه..ا، بي..د أن المس..لمين

كانوا أسرع، ويسر الله لهم السفر، فانحازوا إلى نجاشي الحبشة قبل أن يدركوا.

وفي هذه المرة هاجر من الرجال ثالثة وثمانون رجالj إن ك.ان فيهم عم.ار، ف.إن يش.كفيه، وثماني عشرة أو تسع عشرة امرأة.

إسالم حمزة رضي الله عنه:

أسلم في أواخر السنة السادسة من النب..وة واألغلب أن..ه أس..لم في ش..هر ذي الحج..ة، وسبب إسالمه أنا أبا جهل آذى الرسول عند الصفا والرسول ساكت ال يكلمه ثم ضربه أب..و جهل في رأسه فشجه حتى نزف منه الدم، وعلم حمزة باألمر وغضب وذهب إلى أبو جهل

وضربه بالقوس فشجه شجة منكرة.

إسالم عمر رضي الله عنه:

أسلم في ذي الحجة سنة ست من النبوة، بعد ثالثة أيام من إسالم حمزة.

المقاطعة العامة

ميثاق الظلم والعدوان:

اجتمع المشركون في خيف بني كنانة من وادي المحص..ب فتح..الفوا على ب..ني هاش..م وبني المطلب إال يناكحوهم، وال يبايعوهم، وال يجالسوهم، حتى يسلموا إليهم رسول الل..ه للقتل، وكتبوا بذلك صحيفة فيها عه..ود ومواثي..ق، وق..د كتبه..ا بغيض بن ع..امر بن هاش..م،

فدعا عليه الرسول فشلت يده.5

Page 6: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

تم هذا الميثاق وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة، وكان ذلك في محرم سنة سبع منالبعثة.

ثالثة أعوام في شعب أبي طالب.

نقض صحيفة الميثاق:

مر عامان أو ثالثة أعوام واألمر على ذلك، وفي المحرم سنة عش..ر من النب..وة نقض..ت الصحيفة وفك الحصار، وذلك أن قريشاj كانوا بين راض بهذا الميثاق وكاره له، فسعى في

نقض الصحيفة من كان كارهاj لها.

وكان القائم بذلك هشام بن عمرو، وكان معه زهير بن أبي أمية المخزومي، والمطعمبن عدي، وأبي البختري بن هشام، و زمعة بن األسود بن المطلب بن أسد.

عام الحزن

وفاة أبي طالب:

توفي في رجب سنة عشر من النبوة، بعد الخروج من الشعب بستة أشهر.

خديجة إلى رحمة الله:

توفيت في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة، وعمرها خمس وستون سنة.

تراكم األحزان:

وقعت هاتان الحادثتان المؤلمتان خالل أي.ام مع.دودة، ف.اهتزت مش.اعر الح.زن واأللم في قلب رسول الله ثم لم ت..زل تت..والى علي..ه المص..ائب من قوم..ه، ف..إنهم تجرئ..وا علي..ه وكاشفوه بالنك.ال واألذى بع.د م..وت أبي ط..الب، ف.ازداد غم..اj على غم، ح..تى يئس منهم، وخرج إلى الطائف رجاء أن يستجيبوا لدعوته، أو يؤووه وينصروه على قوم..ه، فلم ي..ر من

يؤوي ولم ير ناصراj، بل آذوه أشد األذى، ونالوا منه ما لم ينله قومه.

دعوة اإلسالم خارج مكة

الرسول صلى الله عليه وسلم في الطائف:

في شوال سنة عشر من النبوة خ.رج الن.بي إلى الط.ائف، وهي تبع.د عن مك.ة س.تين ميالj، سارها ماشياj على قدميه جيئة وذهاباj، ومعه مواله زيد بن حارثة، وكان كلما مر على

قبيلة في الطريق دعاهم إلى اإلسالم فلم تجب إليه واحدة منها.

وأقام رسول الله بين أهل الطائف عش..رة أي..ام، ال ي..دع أح..داj من أش..رافهم إال ج..اءه وكلمه، فقالوا أخرج من بالدنا، وأغروا به س..فهاءهم، فلم..ا أراد الخ..روج تبع..ه س..فهاؤهم وعبي..دهم يس..بونه ويص..يحون ب..ه، ح..تى اجتم..ع علي..ه الن..اس، وجعل..وا يرمون..ه بالحج..ارة، وبكلمات من السفه، ورجموا عراقيبه، وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه ش..جاج

في رأسه.

عرض اإلسالم على القبائل:

في ذي القعدة سنة عشر من النبوة عاد رسول الله إلى مكة ليستأنف ع..رض اإلس..الم على القبائل واألفراد، والقتراب الموسم كان الناس يأتون إلى مكة فانتهز الرس..ول ه..ذه الفرصة ليعرض عليهم اإلسالم، وقد بدأ يطلب منهم في هذه الس..نة أن ي..ؤووه وينص..روه

ويمنعوه حتى يبلغ ما بعثه الله به.

6

Page 7: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

القبائل التي عرض عليها اإلسالم:

ومن بين هذه القبائل: بنو عامر بن صعصعة، ومح..ارب بن خص..فة، وف..زارة، وغس..ان، ومرة وحنيفة، وسليم، وعبس، وبنو نصر، وبنو البك..اء، وكن..دة، وكلب، والح..ارث ابن كعب،

وعذرة، والحضارمة، فلم يستجب منهم أحد.

أما كيفية عرض اإلسالم على هذه القبائل وردودهم فهي:

– بن.و كالب: أتى الن.بي إلى بطن منهم يق.ال لهم: بن.و عبدالل.ه، ف.دعاهم إلى الل.ه1 وعرض عليهم نفسه، حتى أنه ليقول لهم "يا بني عبدالله، إن الله قد أحسن اس..م أبيكم"

فلم يقبلوا منه.

– بنو حنيفة: أتاهم في منازلهم ف..دعاهم إلى الل..ه وع..رض عليهم نفس..ه، فلم يكن2أحد من العرب أقبح عليه رداj منهم.

– بني عامر بن صعص..عة: دع..اهم إلى الل..ه وع..رض عليهم نفس..ه، فق..ال بح..يرة بن3 فراس: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش ألكلت به العرب، ثم ق.ال: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظه..رك الل..ه على من خالف..ك أيك..ون لن..ا األم..ر من بع..دك؟ ق..ال: "األمر إلى الله، يضعه حيث يشاء"، فقال له: أفتهدف نحورنا للعرب دون..ك، ف..إذا أظه..رك

الله كان األمر لغيرنا، ال حاجة لنا بأمر، فأبوا عليه.

بيعة العقبة األولى

من النبوة جاء اثن..ا عش..ر رجالj فيهم خمس..ة من الس..تة ال..ذين12في موسم حج سنة كانوا قد التقوا برسول الل..ه في الع.ام الس..ابق، والس..ادس ال..ذي لم يحض..ر ه..و ج..ابر بن

عبدالله وسبعة سواهم وهم:

معاذ بن الحارث، ذكوان بن عبد القيس، عبادة بن الصامت، يزيد بن ثعلبة، العب..اس بنعبادة، )من الخزرج(، أبو الهيثم بن تيهان، عويم بن ساعدة، )من األوس(.

التقى هؤالء الرجال برسول الله عند العقبة بمنى فبايعوه.

سفير اإلسالم في المدينة:

مصعب بن عمير العبدري رضي الله عنه.

بيعة العقبة الثانية:

( من النب..وة حض..ر ألداء مناس..ك الحج بض..ع وس..بعون13في موسم الحج في الس..نة ) نفساj من المسلمين من أهل يثرب، جاءوا ضمن حجاج قومهم من المشركين، فلما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي اتصاالت سرية أدت إلى اتفاق الفريقين على أن يجتمعوا في أوسط أيام التشريق في الشعب الذي عند العقبة حيث الجم..رة األولى من م..نى، وأن يتم

االجتماع في سرية تامة في ظالم الليل.

بنود البيعة:

قال جابر: قلنا يا رسول الله، عالم نبايعك؟ قال:

"على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العس..ر واليس..ر، وعلى األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقوموا في الل..ه، التأخ..ذكم في الل..ه لوم..ة

7

Page 8: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

الئمة، وعلى أن تنصروني إذا ق..دمت إليكم، وتمنع..ون من..ه أنفس..كم وأزواجكم وأبن..اءكم،ولكم الجنة".

عقد البيعة:

وبعد إقرار بنود البيعة، وبعد هذا التأكيد والتأكد بدأ عقد البيعة بالمصافحة.

:jاثنا عشر نقيبا

بعد أن تمت البيعة طلب رسول الله أن يختاروا اثني عش..ر زعيم..اj يكون..ون نقب..اء علىقومهم، وكانوا تسعة من الخزرج وثالثة من األوس وهم:

– عبدالله3 – سعد بن الربيع بن عمرو، 2 – أعسد بن زرارة بن عدس، 1 نقباء الخزرج:–6 – ال..براء بن مع..رور بن ص..خر، 5 – راف..ع بن مال..ك بن العجالن، 4بن رواحة بن ثعلبة،

9 – سعد بن عبادة بن دليم، 8 – عبادة بن الصامت بن قيس، 7عبدالله بن عمرو بن حرام، – المنذر بن عمرو بن خنيس.

– رفاعة بن3 – سعد بن خيثمة بن الحارث، 2 أسيد بن حضير بن سماك، نقباء األوس:عبدالمنذر بن زبير.

ولما تم اختيار هؤالء النقباء أخذ عليهم النبي ميثاقاj بص..فتهم رؤس..اء مس..ئولين ق..ال لهم: "أنتم على قومكم بما فيهم كفالء، ككفالة الحواريين لعيسى ابن م..ريم، وأن..ا كفي..ل

على قومي" يعني المسلمين، قالوا نعم.

طالئع الهجرة:

بدأ المسلمون يهاجرون، وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم، لم..ا يحس..ونبه من الخطر، وهذه نماذج من ذلك:

– أو المهاجرين أبو سلمة – هاجر قبل العقبة الك..برى بس..نة – وزوجت..ه وابن..ه، فلم..ا1 أراد الخروج قال له أصهاره، هذه نفسك غلبتنا عليه..ا، أرأيت ص..احبتنا ه..ذه؟ عالم نترك..ك تسير بها في البالد؟ فأخذوا منه زوجت..ه، وغض..ب آل أبي س..لمة ل..رجلهم فق..الوا ال ن..ترك ابننا معها إذ نزعتموها من صاحبنا، وتجاذبوا الغالم بينهم فخلعوا يده، وذهبوا به، وانطل..ق

أبو سلمة وحده إلى المدينة.

– وهاجر صهيب بن سنان الرومي بعد رسول الله صلى الله علي..ه وس..لم، فلم..ا أراد2 الهجرة قال له كفار قريش أتيتنا صعلوكاj حقيراj، فكثر مالك عندنا، وبلغت ال..ذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟ والله ال يكون ذلك، فقال لهم ص..هيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي؟ قالوا نعم قال: فإني قد جعلت لكم م..الي، فبل..غ ذل..ك رس..ول الل..ه

فقال: "ربح صهيب، ربح صهيب".

– وتواع..د عم..ر بن الخط..اب، وعي..اش بن أبي ربيع..ة، وهش..ام بن الع..اص بن وائ..ل3 موضعاj اسمه التناضب فوق سرف يصبحون عنده، ثم يهاجرون إلى المدني..ة ف..اجتمع عم..ر

وعياش، وحبس عنهما هشام.

ولما قدما المدينة ونزال بقباء قدم أبو جه..ل وأخ..وه الح..ارث إلى عي..اش – وأم الثالث..ة واحدة وهي أسماء بنت مخربة – فقاال له: إن أم..ك ق..د ن..ذرت أال يمس رأس..ها مش..ط، وال تستظل بشمس حتى تراك، فرق لها فقال لهم عمر: يا عياش، إنه والله إن يريدك الق..وم إال ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لو آذى أمك القمل المتشطت، ولو قد اشتد عليه..ا حر مكة الستظلت، فأبى عي..اش إال الخ..روج معهم..ا لي..بر قس..م أم..ه، وبع..د رجوع..ه معهم

8

Page 9: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

أوثقاه وربطاه، ثم دخال به مكة نهاراj موثقاj وقاال: يا أهل مكة، هكذا ف..افعلوا بس..فهائكم،كما فعلنا بسفيهنا هذا.

هذه ثالثة نماذج لما كان المشركون يفعلونه بمن يريد الهجرة إذا علموا ذلك.

ومع هذا كله وبع.د ش.هرين وبض.عة أي.ام من بيع.ة العقوب.ة الك.برى لم يب.ق بمك.ة من المسلمين إال رسول الله وأبو بكر وعلي، أقاما ب..أمره لهم..ا، وإال من احتبس..ه المش..ركون

كرهاj، وقد أعد رسول الله جهازه ينتظر متى يؤمر بالخروج، وأعد أبو بكر جهازه.

هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

بين تدبير قريش وتدبير الله سبحانه وتعالى:

من طبيعة مثل هذا االجتماع السرية، وكان هذا مكراj من قريش، ولكنهم ماكروا ب..ذلك الله سبحانه وتعالى، فخيبهم من حيث ال يشعرون، فقد نزل جبريل إلى الن..بي ب..وحي من ربه تبارك وتعالى فأخبره بمؤامرة قريش، وبين له خطة ال..رد على ق..ريش فق..ال: ال تبت

هذه الليلة على فراشك.

وذهب النبي في الهاجرة )حين يستريح الن..اس في بي..وتهم( إلى أبي بك..ر لي..برم مع..ه مراحل الهجرة، ثم أبرم معه خطة الهجرة ورجع إلى بيته، وقد استمر في أعماله اليومي..ة

حسب المعتاد حتى لم يشعر أحد بأنه يستعد للهجرة، اتقاء مما قررته قريش.

تطويق منزل الرسول صلى الله عليه وسلم:

اختير لتنفيذ الخطة أحد عشر رئيساj من أكابر قريش وهم:

– النظ..ر4 – عقبة بن أبي معيط، 3 – الحكم بن أبي العاص، 2 – أبو جهل بن هشام، 1 9 – أب..و لهب، 8 – طعيمة بن عدي، 7 – زمعة بن األسود، 6 – أمية بن خلف، 5بن الحارث،

– أخوه منبه بن الحجاج.11 – نبيه بن الحجاج، 10– أبي بن خلف،

كان من عادة رسول الله أن ينام في أوائل الليل بعد صالة العشاء، ويخرج بع..د نص..ف الليل إلى المسجد الحرام، يصلي فيه قيام الليل، فأمر علياj تل..ك الليل..ة أن يض..طجع على

فراشه، ويتسجى ببرده الحضرمي األخضر، وأخبره أنه ال يصيبه مكروه.

فلما كانت عتمة الليل ونام الناس جاء المذكورون إلى بيت النبي سراj، واجتمعوا علىبابه يرصدونه، وهم يظنونه نائماj حتى إذا قام وخرج وثبوا عليه ونفذوا ما قرروا فيه.

وقد كان ميعاد تنفيذ الم.ؤامرة بع.د منتص.ف اللي.ل في وقت خ..روج الن.بي من ال.بيتفباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر.

الرسول يغادر بيته:

وق.د فش..لت ق.ريش في خطتهم فش..الj ذريع.اj، إذ خ..رج الرس..ول من ال..بيت، واخ..ترق صفوفهم وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رؤوسهم وقد أخذ الل..ه أبص..ارهم عن..ه فال يرونه، وهو يتل.و )وجعلن.ا من بين أي.ديهم س.داj ومن خلفهم س.داj فأغش.يناهم فهم ال يبصرون(، ومضى إلى بيت أبي بكر، فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليالj حتى لحقا بغار

ثور في اتجاه اليمين.

وبقى المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر، بينما هم ك..ذلك ج..اءهم رج..ل ورآهم ببابه فق..ال: م..ا تنتظ..رون؟ ق..الوا: محم..داj، ق..ال:ق..د م..ر بكم وذر على رؤوس..كم ال..تراب

وانطلق !

9

Page 10: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ولكنهم تطلعوا من صير الباب ف..رأوا علي..اj، فق..الوا: والل..ه إن ه..ذا محم..داj نائم..اj، فلميبرحوا كذلك حتى أصبحوا، وقام علي عن الفراش، وسألوه عن النبي فقال ال أعلم.

من الدار إلى الغار:

-12 من النب..وة المواف..ق 14 من ش..هر ص..فر س..نة 27غ..ادر الرس..ول بيت..ه في ليل..ة م وأتى إلى دار أبي بكر ، ثم غادرا وخرجا من مكة على عجل قب..ل أن622سبتمر سنة 13

يطلع الفجر.

وسلك الرسول الطريق المتجه إلى اليمن الذي يقع جنوب مكة، سلك هذا الطريق نحوخمسة أميال حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور.

إذ هما في الغار:

دخل أبو بكر قبل الرسول لكي يطمأن على المكان، وعند اطمئنانه أدخل رسول الل..ه،وقد لدغ أبا بكر في رجله من جحر داخل الغار، فتفل عليه رسول الله فذهب ما يجده.

وبقيا في الغار ثالثة ليال، ليل..ة الجمع..ة والس..بت واألح..د، وك..ان عبدالل..ه بن أبي بك..ر يبيت عندهما، وكان يرعى عليهما عامرة بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم، فيريحها

عليهما حيث تذهب ساعة من العشاء.

أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها إفالت الرسول صباح ليلة تنفيذ المؤامرة، فأول ما فعلوا بهذا الصدد أنهم ضربوا علياj، وسحبوه إلى الكعب..ة، وحبس..وه س..اعة، علهم

يظفرون بخبرهما.

وضعت قريش جميع الطرق تحت المراقب..ة الش..ديدة، وق..ررت إعط..اء مكاف..أة ض..خمةقدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما حيين أو ميتين.

وقد وصل المطاردون إلى باب الغار، روى البخاري أن أبي بك..ر ق..ال: كنت م..ع الن..بي في الغار، فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله، ل..و أن بعض..هم طأط..أ بصره رآنا، قال "أسكت يا أبا بكر، اثنان، الله ثالثهم.ا"، وفي لف.ظ: "م.ا ظن.ك ي.ا أب.ا بك.ر

باثنين الله ثالثهما".

في الطريق إلى المدينة:

وقد استمر البحث عنهما ثالثة أيام، وقد تهيأ رسول الله وصاحبه للخروج إلى المدينة.

وكانا قد استأجرا عبدالله بن أريقط الليثي، وكان على الشرك، وقد واع..داه غ..ار ث..ور س..بتمبر16( ه./ 1بعد ثالث ليال براحلتيهما، فلما كانت ليلة االثنين غرة ربيع األول سنة )

م جاءهما عبدالل.ه بن أريق.ط ب.الراحلتين، ثم ارتح.ل رس.ول الل.ه وأب.و بك.ر وارتح.ل622معهما عامر بن فهيرة، وأخذ بهم الدليل – عبدالله بن أريقط- على طريق السواحل.

وأول ما سلك بهم عبد الخروج من الغ..ار أن..ه أمعن في اتج..اه الجن..وب نح..و اليمن، ثم اتجه غرباj نح.و الس.احل، ح.تى إذا وص.ل إلى طري.ق لم يألف.ه الن.اس، اتج.اه ش.ماالj على

.jإال نادرا jلم يكن يسلكه أحدا jمقربة من شاطئ البحر األحمر، وسلك طريقا

بعض ما وقع في الطريق:

في الطريق لقي النبي بريدة بن الحصيب األس..لمي، ومع..ه نح..و ثم..انين بيت..اj فأس..لم وأسلموا، وصلى رسول الله العشاء اآلخرة فصلوا خلفه، وأقام بري..دة ب..أرض قوم..ه ح..تى

قدم على الرسول بعد أحد.

10

Page 11: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

النزول بقباء:

من النب..وة، وهي الس..نة األولى من الهج..رة14 ربي..ع األول س..نة 8في ي..وم االث..نين م نزل رسول الله بقباء.622/سبتمر23الموافق

قال ابن القيم: وسمعت الوجبة والتكبير في ب..ني عم..رو بن ع..وف، وك..بر المس..لمون فرحاj بقدومه، وخرجوا للقائه، فتلقوه وحي..وه بتحي..ة النب..وة، فأح..دقوا ب..ه مطيفين حول..ه والسكينة تغشاه، وال.وحي ي.نزل علي.ه: )ف.إن الل.ه ه.و م.واله وجبري.ل وص.الح المؤم.نين

والمالئكة بعد ذلك ظهير(.

ونزل رسول الله بقباء على كلثوم بن الهدم.

ومكث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة ثالث..اj ح..تى أدى عن رس..ول الل..ه ص..لى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، ثم هاجر ماشياj على قدميه حتى لحقهم..ا

بقباء، ونزل على كلثوم بن الهدم.

وأقام رسول الله بقباء أربعة أيام: االثنين والثالثاء واألربعاء والخميس، وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة، ولما كان الي..وم الخ..امس )يوم الجمعة( ركب بأمر الله له، وأبو بكر ردف.ه، وأرس..ل إلى ب..ني النج..ار أخوال..ه فج..اءوا متقلدين سيوفهم، فس..ار نح..و المدين..ة وهم حول..ه، وأدركت..ه الجمع..ة في ب..ني س..الم بن

عوف، فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي، وكانوا مائة رجل.

الدخول في المدينة:

ثم سار النبي بعد الجمعة حتى دخل المدينة، ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدين..ة.jالرسول، ويعبر عنها بالمدينة مختصرا

ونزل رسول الله عند أبي أيوب األنصاري، وفي رواية أنس عند البخاري، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: )أي بيوت أهلنا أقرب؟( فقال أبو أي..وب: أن..ا ي..ا رس..ول الل..ه، ه..ذه

داري، وهذا بابي، قال )فانطلق فهيئ لنا مقيالj(، قال قوما على بركة الله.

وبعد أيام وصلت إليه زوجته س..ودة، وبنت..اه فاطم..ة وأم كلث..وم، وأس..امة بن زي..د، وأم ايمن، وخرج معهم عبدالله بن أبي بكر بعي..ال أبي بك..ر، ومنهم عائش..ة، وبقيت زينب عن..د

أبي العاص، لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر.

المرحلة األولى

بناء مجتمع جديد

/ربي..ع12قد أسلفنا أن نزول رسول الله بالمدينة في ب..ني النج..ار ك..ان ي..وم الجمع..ة )م( وأنه نزل في أرض أمام دار أبي أيوب.622/سبتمبر/27ه. الموافق 1األول/

بناء المسجد النبوي:

وأول خطوة خطاها رسول الله بعد ذلك هو بن..اء المس..جد النب..وي، واخت..ار ل..ه المك..ان الذي بركت فيه ناقته، فاشتراه من غالمين يتيمين كانا يملكانه، وأسهم في بنائه بنفس..ه،

فكان ينقل اللبن والحجار، ويقول:

فاغفر لألنصار والمهاجرةاللهم ال عيش إلى عيش اآلخرة

11

Page 12: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وفي أوائل الهجرة شرع األذان، وقد تشرف برؤيته في المن..ام أح..د الص..حابة األخي..ار عبدالله بن زيد بن عبد ربه، فأقره النبي وقد وافقت رؤياه رؤيا عم..ر بن الخط..اب ف..أقره

النبي.

المؤاخاة بين المسلمين:

آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين واألنصار في دار أنس بن مالك، وك..انوا تس..عين رجالj نص..فهم من المه..اجرين، ونص..فهم من األنص..ار، آخى بينهم على المواساة، ويتوارثون بعد الموت دون ذوي األرحام إلى حيث وقعة بدر، فلما أنزل الله ع..ز

وجل )وأولوا األرحام بعضهم أولى ببعض( رد التوارث إلى الرحم دون عقد األخوة.

ومع..نى ه..ذا اإلخ..اء أن ت..ذوب عص..بيات الجاهلي..ة، وتس..قط ف..وارق النس..ب والل..ونوالوطن، فال يكون أساس الوالء والبراء إال اإلسالم.

بنود المعاهدة مع اليهود:

– إن يهود بني عوف أمة م..ع المؤم..نين، لليه..ود دينهم وللمس..لمين دينهم م..واليهم1وأنفسهم، وكذلك لغير بني عوف من اليهود.

– وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم.2

– وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة.3

– وإن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون اإلثم.4

– وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه.5

– وإن النصر للمظلوم.6

– وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.7

– وإن يثرب حرام جوفها ألهل هذه الصحيفة.8

– وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اش..تجار يخ..اف فس..اده م..رده إلى9الله عز وجل، وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

– وإنه ال تجار قريش وال من نصرها.10

– وإن بينهم النصر على من دهم يثرب، على كل أناس حص..تهم من ج..انبهم ال..ذي11قبلهم.

– وإنه ال يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم.12

وبإبرام ه..ذه المعاه..دة ص..ارت المدين..ة وض..واحيها دول..ة وفاقي..ة، عاص..متها المدين..ة، ورئيس..ها )إن ص..ح ه..ذا التعب..ير( رس..ول الل..ه ص..لى الل..ه علي..ه وس..لم، والكلم..ة الناف..ذة

والسلطان الغالب فيها للمسلمين.

الكفاح الدامي

سرية سيف البحر:

م، أم�ر رسول الله على ه..ذه الس..رية623 ه.، الموافق مارس سنة 1في رمضان سنة حمزة بن عبدالمطلب، وبعثه في ثالثين رجالj من المهاجرين يعترضون عيراj لقريش جاءت

12

Page 13: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

من الشام، وفيها أبو جهل بن هش..ام في ثالثمائ..ة رج..ل، فبلغ..وا س..يف البح..ر من ناحي..ة العيص، فالتقوا واصطفوا للقتال، فمشى مجدي بن عمرو الجهني، وكان حليفاj للفريقين

جميعاj، بين هؤالء وهؤالء حتى حجز بينهم فلم يقتتلوا.

وكان لواء حمزة أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبيض، وحملهأبو مرثد كناز بن حصين الغنوي.

سرية نخلة:

م، بعث رسول الله فيها عبدالله بن جحش624ه.، الموافق يناير سنة 2في رجب سنة األسدي إلى نخلة في اثني عشر رجالj من المهاجرين، كل اثنين يعتقبان على بعير.

وكان رسول الله كتب له كتاباj، وأمره أال ينظر فيه حتى يسير ي..ومين، ثم ينظ..ر في..ه، فسار عبدالله ثم قرأ الكتاب بعد يومين، فإذا فيه: "إذا نظرت في كتابي هذا ف..امض ح..تىjتنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها عير قريش وتعلم لنا من أخبارها"، فقال: سمعا وطاعة، وأخبر أصحابه بذلك، وأنه ال يس..تكرههم، فمن أحب الش..هادة فلينهض، ومن ك..ره الموت فليرجع، وأما أنا فناهض، فنهضوا كلهم، غير أنه لما ك..ان في أثن..اء الطري..ق أض..ل

سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراj لهما كانا يتعقبانه، فتخلفا في طلبه.

وسار عبدالله بن جحش حتى نزل بنخلة، فمرت عير لقريش تحمل زبيباj وأدماj وتجارة، وفيها عمرو بن الحضرمي، وعثمان ونوفل ابن..ا عبدالل..ه بن المغ..يرة، والحكم ابن كيس..ان م..ولى ب..ني المغ..يرة، فتش..اور المس..لمون وق..الوا: نحن في آخ..ر ي..وم من رجب، الش..هر الحرام، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم، ثم اجتمع.وا على اللقاء، ف..رمى أح..دهم عم..رو بن الحض..رمي فقتل..ه، وأس..روا عثم..ان والحكم وأفلت نوفل، ثم قدموا بالعير واألس..يرين إلى المدين..ة، وق..د عزل..وا من ذل..ك الخمس، وه..و أول

خمس كان في اإلسالم، وأول قتيل في اإلسالم، وأول أسيرين في اإلسالم.

وأنرك رسول الله ما فعلوه، وقال: "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام"، وتوقف عنالتصرف في العير واألسيرين.

ووجد المشركون فيما حدث فرصة التهام المسلمين بأنهم قد أحلوا ما حرم الله، حتى نزلت اآلية الكريمة: )يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل قتال في..ه كب..ير وص..د عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخ..راج أهل..ه من..ه أك.بر عن..د الل..ه والفتن..ة أك.بر من

القتل(.

غزوة بدر الكبرى

أول معركة من معارك اإلسالم الفاصلة:

سبب الغزوة:

عند عودة عير قريش من الشام إلى مكة بعث رسول الله طلحة بن عبي.د الل.ه وس.عيد بن زيد إلى الشمال ليقوما باكتشاف خبرها، فوصال إلى الحوراء ومكثا حتى م..ر بهم..ا أب..و

سفيان بالعير، فأسرعا إلى المدينة وأخبرا رسول الله بالخبر.

وكانت العير تحمل ثروات طائلة لكبار أهل مكة ورؤسائها: ألف بعير موقرة ب..أموال ال.jتقل عن خمسين ألف دينار ذهبي، ولم يكن معها من الحرس إال نحو أربعين رجال

لذلك أعلن رسول الله في المسلمين قائالj: "هذه عير قريش فيها أم..والهم، ف.اخرجواإليها لعل الله ينفلكموها".

13

Page 14: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ولم يعزم على أحد بالخروج، بل ترك األمر للرغبة المطلقة، لما أنه لم يكن يتوقع عند هذا االنتداب أنه سيصطدم بجيش مكة -بدل العير- هذا االصطدام العنيف في ب..در، ول..ذلك تخلف كثير من الصحابة في المدينة، وهم يحسبون أن مضي رس..ول الل..ه في ه..ذا الوج..ه لن يعدو ما ألفوه في السرايا والغزوات الماضية، ولذلك لم ينكر على أحد تخلفه في ه..ذه

الغزوة.

مبلغ قوة الجيش اإلسالمي وتوزيع القيادات:

( j317، أو314، أو 313واستعد رسول الله للخ..روج ومع..ه ثالثمائ..ة وبض..عة عش..ر رجال )jمن الخ..زرج، ولم يحتفل..وا170 من األوس و 61 من المه..اجرين و 86 أو 83 أو 82رجال

لهذا الخروج احتفاالj بليغاj، وال اتخذوا أهبتهم كاملة، فلم يكن معهم إلى فرس أو فرسان:jفرس للزبير بن العوام، وف.رس للمق.داد بن األس.ود الكن.دي، وك.ان معهم س.بعون بع.يرا يعتقب الرجالن والثالث..ة على بع..ير واح..د، وك..ان رس..ول الل..ه وعلي ومرث..د بن أبي مرث..د

.jواحدا jالغنوي يعتقبون بعيرا

واستخلف على المدينة وعلى الصالة ابن أم مكتوم، فلما كان بالروحاء رد أبا لباب..ة بنعبدالمنذر، واستعمله على المدينة.

ودفع لواء القيادة العامة إلى مص..عب بن عم..ير القرش..ي العب..دري، وك..ان ه..ذا الل..واءأبيض.

وقسم جيشه إلى كتيبتين:

: وأعطى رايتها علي بن أبي طالب، ويقال لها العقاب.كتيبة المهاجرين – 1

: وأعطى رايتها سعد بن معاذ، )وكانت الرايتان سوداوين(.كتيبة األنصار – 2

وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة،وظلت القيادة العامة في يده كقائد أعلى للجيش.

الجيش اإلسالمي يتحرك نحو بدر

النذير في مكة:

كان أبو سفيان على غاية من الحيطة والحذر، وكان يتحسس األخبار ويس..أل من لقي من الركبان، ولم يلبث أن نقلت إليه اس.تخباراته ب.أن محم.داj ق.د اس.تنفر أص.حابه ليوق.ع بالعير، عندها استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة مستص..رخاj لق..ريش ب..النفير إلى

عيرهم.

أهل مكة يتجهزون للغزو:

فتحفز الناس سراعاj وقالوا: أيظن محمد وأصحابه أن تكون كع..ير ابن الحض..رمي؟ كال والله ليعلمن غير ذلك، فكانوا بين رجلين: إما خارج، وإما ب..اعث مكان..ه رجالj، وجمع..وا في الخروج فلم يتخلف من أشرافهم أحد س..وى أبي لهب، ولم يتخل..ف عنهم أح..د من بط..ون

قريش إال بني عدي فلم يخرج منهم أحد.

قوام الجيش المكي:

قوامه ألف وثالثمائة مقاتل في بداي..ة س..يره، وك..ان مع..ه مائ..ة ف..رس وس..تمائة درع،وجمال كثيرة، وكان قائده العام أبا جهل.

14

Page 15: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

مشكلة قبائل بني بكر:

ولما أجمع هذا الجيش على المس..ير ذك..رت ق..ريش م..ا ك..ان بينه..ا وبين ب..ني بك..ر من العداوة والحرب، فخافوا أن تضربهم هذه القبائل من الخل..ف، فيكون..وا بين ن..ارين، فك..ان ذلك يثنيهم، ولكن تبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، فقال

لهم: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم.

جيش مكة يتحرك:

تحركوا بسرعة فائقة نحو الشمال في اتجاه بدر، وهناك تلق..وا رس..الة جدي..دة من أبي سفيان يقول فيها: إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم، وق..د نجاه..ا الل..ه

فارجعوا.

العير نفلت:

jوكان من قصة أبي سفيان أنه كان يسير على الطريق الرئيسي، ولكنه لم ي..زل ح..ذرا متيقظاj، وضاعف حركات.ه االستكش.افية، وغ.ير وجهت.ه إلى الس.احل غرب.اj تارك.اj الطري.ق

الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار، وبهذا نجا بالقافلة.

هم الجيش المكي بالرجوع، ووقوع االنشقاق فيه:

ولما تلقى جيش مكة رسالة أبي سفيان هم ب..الرجوع، ولكن ق..ام طاغي..ة ق..ريش أب..و جهل في كبرياء وغطرسة ق..ائالj: والل..ه ال نرج..ع ح..تى ن..رد ب..دراj فنقيم به..ا ثالث..اj، فننح..ر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف لنا القيان، وتسمع بن..ا الع..رب وبمس..يرنا

.jوجمعنا، فال يزالون يهابوننا أبدا

وعاد األخنس بن شريق هو وبنو زهرة، وكان رئيساj عليهم فم يشهد بدراj زهري واحد،وكانوا حوالي ثالثمائة رجل.

المجلس االستشاري:

عقد رسول الله مجلساj عسكرياj استشارياj، وتبادل فيه الرأي مع عامة جيش..ه وقادت..ه، وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس، وخافوا اللقاء الدامي، وهم الذين ق..ال الل..ه فيهم: "كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاj من المؤمنين لكارهون، يجادلون..ك في الح..ق

بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون(.

أما قادة الجيش فقام أبو بك..ر وعم..ر وق..اال وأحس..نا أم..ا المق..داد بن عم..ر فق..ال: ي..ا رسول الله أمض لما أراك الله، فنحن مع.ك، والل.ه ال نق.ول ل.ك كم.ا ق.الت بن.و إس.رائيل لموسى )اذهب أنت ورب..ك فق..اتال إن..ا هاهن..ا قاع..دون( ولكن اذهب أنت ورب..ك فق..اتال إن..ا

معكما مقاتلون.

أما مقاتلي األنصار فق..د ق..ال قائ..دهم وحام..ل ل..وائهم س..عد بن مع..اذ: ق..د آمن..ا ب..ك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطين..اك على ذل..ك عهودن..ا ومواثيقن..ا على

السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فسر بنا على بركة الله.

الجيش اإلسالمي يواصل سيره:

ثم ارتحل رسول الله من ذف..ران، فس..لك على ثناي..ا األص..افر ثم انح..ط منه..ا إلى بل..دالدبة، وترك الحنان بيمين، ثم نزل قريباj من بدر.

الرسول يقوم بعملية االستكشاف:

15

Page 16: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

قام الرسول بنفسه بعملية االستكشاف مع أبي بكر، وبينما هما يتجوالن حول معسكر مكة إذا هما بشيخ من العرب فسأله الرسول عن ق..ريش وعن محم..د وأص..حابه، س..أل عن الجيشين زيادة في التكتم، ولكن الشيخ قال ال أخبركما حتى تخ..براني ممن أنتم..ا؟ فق..ال

رسول الله إذا أخبرتنا أخبرناك، قال أو ذاك بذاك، قال نعم.

قال الشيخ: فإنه بلغني أن محمداj وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق ال..ذيjأخبرني فهم اليوم بمكان كذا وك..ذا، للمك..ان ال..ذي ب..ه جيش المدين..ة، وبلغ..ني أن قريش..ا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخ..برني فهم الي..وم بمك..ان ك..ذا وك..ذا، للمك..ان

الذي به جيش مكة.

ولما فرغ من خبره قال: مما أنتما؟ فقال له رسول الله نحن من ماء، ثم انصرف عن..هوبقي الشيخ يتفوه: ما من ماء؟ أمن ماء العراق؟

الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي:

قام لهذه العملية ثالثة من قادة المه..اجرين، علي بن أبي ط..الب، والزب..ير بن الع.وام، وسعد بن أبي وقاص، ذهبوا إلى م..اء ب..در فوج..دوا غالمين يس..تقيان لجيش مك..ة، ف..ألقوا عليهما القبض، وجاءوا بهم إلى الرسول، فخاطبهما قائالj: أخ..براني عن ق..ريش، فأبلغ..اه

عنها.

نزول المطر:

أنزل الل..ه المط..ر، فك..ان وابالj ش..ديداj على المش..ركين منهم من التق..دم، وك..ان على المسلمين طالj طهرهم ب..ه ووط..أ ب..ه األرض، وص..لب ب..ه الرم..ل وثبت األق..دام، ومه..د ب..ه

المنزل، وربط به على قلوبهم.

الجيش اإلسالمي يسبق إلى أهم المراكز العسكرية:

تحرك الرسول بالجيش ليسبق المشركين إلى ماء بدر، ونهض الرسول ب..الجيش ح..تى أتى أقرب ماء من العدو، )وكان هذا الرأي للحباب بن من..ذر( ف..نزل علي..ه ش..طر اللي..ل ثم

صنعوا الحياض وغوروا ما عداها من القلب.

مقر القيادة:

وبعد أن تم نزول المسلمين على الماء اقترح سعد بن معاذ على رسول الل..ه أن يب..ني المس..لمون مق..راj لقيادت..ه، اس..تعداداj للط..وارئ، وتق..ديراj للهزيم..ة قب..ل النص..ر، فب..نى المسلمون عريشاj على تل مرتفع يقع في الشمال الشرقي لميدان القتال، ويشرف على

ساحة المعركة.

تعبئة الجيش وقضاء الليل:

ثم عبأ رسول الله جيشه، ومشى في موضع المعركة، ثم بات رس..ول الل..ه يص..لي إلى جذع شجرة هنالك، وبات المسلمون ليلهم هادئ النف..وس )إذ يغش..يكم النع..اس أمن..ة من..ه وي..نزل عليكم من الس..ماء م..اء ليطه..ركم ب..ه وي..ذهب عنكم رج..ز الش..يطان وليرب..ط على

قلوبكم ويثبت به األقدام(.

كانت هذه الليلة ليلة الجمعة، السابعة عشرة من رمضان في السنة الثانية من الهجرة من نفس الشهر.12 أو 8وكان خروجه صلى الله عليه وسلم في

الجيش المكي في عرصة القتال، ووقوع االنشقاق فيه:

16

Page 17: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

قامت معارضة ضد أبي جهل، تدعو إلى العودة بالجيش إلى مكة دونما قتال، يتزعمه..ا عتبة ابن ربيعة وحكيم ابن حزام، وتعجل أبو جهل، مخافة أن تقوى هذه المعارض..ة، فبعث إلى عامر بن الحضرمي، أخي عمرو بن الحضرمي، المقتول في سرية عبدالل..ه بن جحش، فقال: هذا حليفك )أي عتبة( يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ث..أرك بعيني..ك، فقم فانش..د عهدك، ومقتل أخيك، فقام عامر وصرخ واعمراه واعمراه فحمي القوم، واس..توثقوا على

ما عليه من الشر، وافسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة.

الجيشان يتراآن:

لما طلع المشركون وتراءى الجمعان، وع..دل رس..ول الل..ه ص.فوف المس..لمين وأص.درأوامره إلى جيشه بأال يبدءوا القتال حتى يتلقوا منه األوامر األخيرة.

ساعة الصفر وأول وقود المعركة:

أول وقود المعركة األسود بن عبد األسد المخزومي، خرج ق..ائالj: أعاه..د الل..ه ألش..ربنمن حوضهم أو ألهدمنه أو ألموتن دونه، فقتله حمزة بن عبدالمطلب.

المبارزة:

خرج ثالثة من خيرة فرسان قريش وكانوا من عائلة واحدة، وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، وخرج لمبارزتهم عبيدة بن الحارث و حمزة بن عبدالمطلب و علي

بن أبي طالب، فبارز عبيدة، عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة، وبارز علي الوليد.

الهجوم العام:

وكانت نهاية هذه المبارزة بداية سيئة للمشركين، إذ فقدوا ثالث..ة من خ..يرة فرس..انهموقادتهم دفعة واحدة.

الرسول يناشد ربه:

وك..ان يق..ول: اللهم أنج..ز لي م..ا وع..دتني، اللهم إني أنش..دك عه..دك ووع..دك( وق..ال.)jاللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم ال تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا(

نزول المالئكة:

وأغفى رسول الله إغفاءة واحدة ثم رفع رأسه فقال: أبش..ر ي..ا أب..ا بك..ر، ه..ذا جبري..لعلى ثناياه النقع( أي الغبار.

الهجوم المضاد:

وحينئذ أصدر إلى جيشه أوامره األخيرة بالهجم.ة المض.ادة فق.ال: )ش.دوا(، وحرض.همjمحتس..با jوالذي نفس محمد بيده، ال يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا" :jعلى القتال، قائال مقبالj غير مدبر، إال أدخله الله الجنة"، وقال: "قوموا إلى جنة عرضها الس..موات واألرض"، وحينئذ قال عمير بن الحمام: بخ بخ، فقال له الرسول ما يحملك على ق.ول ذل.ك، ق.ال: ال والله إال رجاء أن أك.ون من أهله.ا، ق.ال رس.ول الل.ه: أنت من أهله.ا، ف.أخرج تم.رات من جعبته فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن حييت ح..تى آك..ل تم..راتي ه..ذه إنه..ا لحي..اة طويل..ة،

فرمى التمر ثم قاتلهم حتى قتل.

وحين أصدر رسول الله األمر بالهجوم المضاد كانت حدة هجمات العدو قد ذهبت وف..ترحماسه، فكان لهذه الخطة الحكيمة أثر كبير في تعزيز موقف المسلمين.

17

Page 18: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

إبليس ينسحب من ميدان القتال:

ولما رأى إبليس )وقد جاء بصورة سراقة بن مالك( ما يفعله المالئك..ة بالمش..ركين ف..ر وكان يقول )إني أرى ما ال ترون إني أخاف الله والله ش..ديد العق..اب(، ح..تى ألقى نفس..ه

في البحر.

الهزيمة الساحقة:

وبدأت أمارات الفشل واالضطراب في صفوف المشركين، وجعلت تتهدم أمام حمالت المسلمين العنيفة واقتربت المعرك..ة من نهايته..ا، وأخ..ذت جم..وع المش..ركين في الف..رار

واالنسحاب.

صمود أبي جهل:

ولم..ا رأى أب..و جه..ل أم..ارات االض.طراب في ص.فوفه ح..اول أن يص..مد في وج..ه ه..ذاالسيل، فجعل يشجع جيشه.

مصرع أبي جهل:

قتله شابان هما معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ ابن عفراء، ولما انتهت المعركة قال رسول الله من ينظر ما صنع أبو جهل، فتفرق الناس في طلبه فوجده عبدالله بن مسعود وبه آخر رمق فحز رأسه وجاء به إلى رسول الله فقال )الله الذي ال إل..ه إال ه..و؟( فردده..ا ثالثاj، ثم قال: )الله أكبر، الحمد لله الذي صدق وعده ونص..ر عب..ده وه..زم األح..زاب وح..دة،

انطلق أرنيه، فانطلقنا فأريته إياه فقال )هذا فرعون هذه األمة(.

من روائع اإليمان في هذه المعركة:

في هذه المعركة تجلت مناظر رائعة تبرز فيها قوة العقيدة وثب..ات المب..دأ، ففي ه..ذه المعركة التقى اآلباء باألبناء، واألخ..وة ب..اإلخوة، خ..الفت بينهم..ا المب..ادئ ففص..لت بينهم..ا

السيوف، والتقى المقهور بقاهره فشفى منه غيظه.

– عن ابن عباس أن النبي قال "إني قد عرفت أن رجاالj من بني هاشم وغيرهم ق..د1 أخرجوا كرهاj، ال حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي أحداj من بين هاشم فال يقتله، ومن لقي أب..ا البختري بن هشام فال يقتله، ومن لقي العباس بن عبدالمطلب فال يقتله، فإنه إنما أخ..رج

."jمستكرها

– كان النهي عن قتل أبي البختري، ألنه كان أكف القوم عن رسول الله وه..و بمك..ة2 وكان ال يؤذيه، وال يبلغ عنه شيء يكرهه، وكان ممن قام في نقض صحيفة مقاطع..ة ب..ني

هاشم وبني المطلب.

ولكنه قتل وقد قتله المجذر بن زياد البلوي ألنه دافع عن زميله.

– ك..ان عب..دالرحمن بن ع..وف وأمي..ة بن خل..ف ص..ديقين في الجاهلي..ة بمك..ة، ق..ال3 عبدالرحمن بن عوف: كاتبت أمية بن خلف كتاباj ب..أن يحفظ..ني في خاص..تي وم..الي بمك..ة وأحفظه في المدينة، فلما كان يوم بدر خرجت إلى جبل ألحرزه حين ن..ام الن..اس، فأبص..ر بالل، فخرج حتى وقف على مجلس األنصار فقال: أمية بن خل..ف، ال نج..وت إن نج..ا أمي..ة، فخرج معه فريق من األنصار في آثارنا، فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه لش..غلهم، فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعونا، وكان رجالj ثقيالj، فلما أدركونا قلت له: أبرك، فبرك، فألقيت

نفسي ألمنعه فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه.

18

Page 19: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

– وقتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغ..يرة، ولم يلتفت إلى قرابت..ه4 منه، ولكن حين رجع إلى المدينة قال للعباس عم رسول الله، وهو في األس..ر: ي..ا عب..اس أسلم، فو الله أن تسلم أحب إلى من أن يسلم الخطاب، وما ذاك إال لما رأيت رسول الل..ه

يعجبه إسالمك.

قتلى الفريقين:

انتهت المعركة بهزيمة ساحقة بالنسبة للمشركين، وبفتح م..بين بالنس..بة للمس..لمين، وقد استش..هد من المس..لمين في ه..ذه المعرك..ة أربع..ة عش..ر رجالj، س..تة من المه..اجرين

وثمانية من األنصار.

أم..ا المش..ركون فق..د لحقتهم خس..ائر فادح..ة، قت..ل منهم س..بعون، وأس..ر س..بعون،وعامتهم القادة والزعماء والصناديد.

ولما انقضت الحرب أقبل رسول الله حتى وق..ف على القتلى فق..ال: "بئس العش..يرة كنتم لن..بيكم، ك..ذبتموني وص..دقني الن..اس، وخ..ذلتموني ونص..رني الن..اس، وأخرجتم..وني

لب بدر. وآواني الناس"، ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليب من ق�

مكة تتلقى نبأ الهزيمة:

فر المشركون من ساحة بدر في صورة غير منظم..ة، تبع..ثروا في الودي..ان والش..عاب،.jواتجهوا صوب مكة مذعورين، ال يدرون كيف يدخلونها خجال

المدينة تتلقى أنباء النصر:

ولما تم الفتح للمسلمين أرس.ل رس.ول الل.ه بش.يرين إلى أه.ل المدين.ة، ليعج..ل لهم البشرى، أرسل عبدالله بن رواحة بشيراj إلى أهل العالية، وأرسل زيد بن حارثة بشيراj إلى

أهل السافلة.

وكان اليهود والمنافقون قد أرجفوا في المدينة بإشاعة الدعايات الكاذب..ة، ح..تى أنهم أشاعوا خبر مقتل النبي، ولما رأى أحد المنافقين زيد بن حارث..ة راكب..اj ناق..ة رس..ول الل..ه.jقال: قتل محمد، وهذه ناقته نعرفها، وهذا زيد ال يدري ما يقول من الرعب وجاء منهزما

فلما بلغ الرسوالن أحاط بهما المسلمون، وأخذوا يس..معون منهم..ا الخ..بر، ح..تى تأك..د لديهم فتح المسلمين فعمت البهجة والسرور واهتزت أرجاء المدينة تهليالj وتكبيراj، وتقدم

رؤوس المسلمين إلى طريق بدر ليهنئوا رسول الله بهذا الفتح المبين.

الجيش النبوي يتحرك نحو المدينة:

أقام رسول الله ببدر بعد انتهاء المعركة ثالثة أيام، وقبل رحيله من كان المعرجة وقع خالف بين الجيش حول الغنائم، وما اشتد هذا الخالف أمر رسول الله بأن ي..رد الجمي..ع م..ا

بأيديهم، ففعلوا، ثم نزل الوحي بحل هذه المشكلة.

وبعد أن أقام رسول الله ببدر ثالثة أيام تحرك بجيشه نحو المدين.ة ومع.ه األس.ارى من المشركين، واحتمل معه النفل الذي أصيب من المشركين، وجعل علي..ه عبدالل..ه بن كعب،

وتم تقسيم الغنائم بين المسلمين بالتساوي بعد إخراج الخمس.

وعندما وصل إلى الصفراء أمر بقتل النضر بن الح..ارث وك..ان حام..ل ل..واء المش..ركينوقتله علي بن أبي طالب.

ولما وصل إلى عرق الظبية أمر بقتل عقوبة بن أبي معيط.

19

Page 20: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وكان قتل هذين الطاغيتين واجباj نظراj إلى سوابقهما، فلم يكونا من األسارى فحسببل كانا من مجرمي الحرب باالصطالح الحديث.

وفود التهنئة:

دخل رسول الله المدينة مظفراj منصوراj قد خافه كل عدو له بالمدينة وحوله..ا فأس..لم.jبشر كثير من أهل المدينة، وحينئذ دخل عبدالله بن أبي وأصحابه في اإلسالم ظاهرا

قضية األسارى:

استشار الرسول أصحابه في األسارى، فق..ال أب..و بك..ر: ي..ا رس..ول الل..ه أرى أن تأخ..ذ.jمنهم الفدية، وعسى أن يهديهم الله، فيكونوا لنا عضدا

وقال عمر بن الخطاب: أرى أن تمكنني من فالن -قريب لعمر- فأضرب عنق..ه، وتمكن علياj من عقيل بن أبي طالب فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فالن أخي..ه فيض..رب عنق..ه، ح..تى يعلم الل..ه أن..ه ليس..ت في قلوبن..ا ه..وادة للمش..ركين، وه..ؤالء ص..ناديدهم وأئمتهم

وقادتهم.

فهوى الرسول رأي أبا بكر، وأخذ منهم الفداء، فنزلت اآلية "ما كان لنبي أن يكون ل..ه أسرى حتى يثخن في األرض تريدون عرض الدنيا والله يريد اآلخرة والله عزيز حكيم، ل..وال

كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم".

والكتاب الذي سبق من الله قيل: هو قوله تعالى "فإما منا بعد وإما فداء(.

القرآن يتحدث حول موضوع المعركة:

حول هذه المعركة نزلت سورة األنفال، وفي الس..نة الثاني..ة من الهج..رة ف..رض ص..يام رمضان، وفرضت زكاة الفطر، ومن أحسن المواقع وأروع الصدقات أن أول عي..د تعي..د ب..ه

ه..2المسلمون في حياتهم هو العيد الذي وقع في شوال سنة

غزوة بني قينقاع:

كان الرسول صلى الل..ه علي..ه وس..لم حريص..اj على تنفي..ذ م..ا ج..اء في المعاه..دة ال..تي عقدها مع اليهود، ولم يخالف المسلمون ه..ذه المعاه..دة، ولكن اليه..ود أخ..ذوا في طري..ق

الدس والمؤامرة والتحريش وإثارة القلق واالضطراب في صفوف المسلمين.

نموذج من مكيدة اليهود:

مر شاس بن قيس )وهو شديد الحقد على المسلمين( على نفر من أص..حاب الرس..ول من األوس والخزرج في مجلس، يتحدثون في..ه، فغاظ..ه م..ا رأى من ألفتهم، بع..د م..ا ك..ان بينهم من العداوة في الجاهلية، فغاضه اجتماعهم، فأمر ش..اباj ممن ك..ان مع..ه ب..أن يجلس معهم ثم أذكر يوم بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا في..ه من األش..عار، ففعل، فتكلم القوم عند ذلك، وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجالن، فقال أحدهما لآلخر: إن شئتم أن نستعد إلحياء الحرب األهلية التي كانت بيننا، وغضب الفريقان، وكادت تنشب

الحرب !

فبلغ ذلك رسول الله فخ..رج إليهم وق..ال :"ي..ا معش..ر المس..لمين، الل..ه الل..ه، أب..دعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله لإلسالم، وأكرمكم ب..ه، وقط..ع ب..ه عنكم أم..ر

الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم؟".

20

Page 21: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم، فبكوا، وع.انق الرج.ال األوسوالخزرج بعضهم.

بنو قينقاع ينقضون العهد:

لما رأوا أن الله قد نصر المؤمنين نصراj مؤزراj في مي..دان ب..در، وأنهم ق..د ص..ارت لهم عزة وشوكة وهيبة في قلوب القاصي والداني، كاشفوا بالش..ر والع..داوة، وك..ان أعظمهم حق..داj وش.راj كعب بن األش.رف، كم..ا أن ش..ر طائف..ة من ط..وائفهم الثالث هم يه..ود ب..ني قينقاع، كانوا يسكنون داخل المدينة، وك..انوا ص..اغة وح..دادين وص..ناع الظ..روف واألواني، وألجل هذه الحرف كانت قد توفرت لك..ل رج..ل منهم آالت الح..رب، وك..ان ع..دد المق..اتلين فيهم س..بعمائة، وك..انوا أش..جع يه..ود المدين..ة، وك..انوا أول من نكث العه..د والميث..اق من

اليهود.

وعندما تفاقم أمرهم واشتد بغيهم، جمعهم رسول الله فوعظهم ودعاهم إلى الرش..دوالهدى، وحذرهم من البغي والعدوان، ولكنهم ازدادوا في شرهم وغطرستهم.

روى ابن هشام عن أبي عون: أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها، فباعته في س..وق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فعمد الص..ائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها – وهي غافلة – فلما قامت انكشفت سوأتها فض..حكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله – وكان يهودياj – فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المس..لمين على اليه..ود فوق..ع الش..ر بينهم

وبين بني قينقاع.

الحصار ثم التسليم ثم الجالء:

وحينئذ عيل صبر رسول الله، فاستخلف على المدينة أبا لباب..ة بن عبدالمن..ذر، وأعطى ل..واء المس..لمين حم..زة بن عب..دالمطلب، وس..ار بجن..ود الل..ه إلى ب..ني قينق..اع، ولم..ا رأوه تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم أشد الحصار، وكان ذلك يوم الس..بت للنص..ف من ش..وال

ه.، ودام الحصار خمسة عشر ليل..ة إلى هالل ذي القع..دة، وق..ذف الل..ه في قل..وبهم2سنة الرعب فنزلوا على حكم رسول الله في رقابهم وأم..والهم ونس..ائهم وذريتهم، ف..أمر بهم

فكتفوا.

وحينئذ قام عبدالله بن أبي بن سلول ب..دور نفاق..ه، ف..ألح على رس..ول الل..ه أن يص..در عنهم العفو، فقال: يا محمد، أحسن في موالي – وكان بنو قينقاع حلفاء الخزرج – فأبط..أ عليه رسول الله فكرر ابن أبي مقالته فأعرض عنه، فأدخل يده في جيب درع..ه فق..ال ل..ه رسول الله "أرسلني" وغض..ب ح..تى رأوا لوجه..ه ظلالj، ثم ق..ال: "ويح..ك أرس..لني"، ولكن المنافق مضى على إصراره وقال: ال والل..ه ال أرس..لك ح..تى تحس..ن في م..والي أربعمائ..ة حاسر وثالثمائة دارع ق..د منع..وني من األحم..ر واألس..ود، تحص..دهم في غ..داة واح..دة؟ إني

والله أمرؤ أخشى الدوائر.

وعامل رسول الله هذا المنافق بالحسنى فوهبهم له وأمرهم أن يخرج..وا من المدين..ةوال يجاوروه بها فخرجوا إلى أذرعات الشام، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم.

وقبض رسول الله منهم أموالهم فأخذ منها ثالث قسى ودرعين وثالثة أس..ياف وثالث..ةرماح، وخمس غنائمهم وكان الذي تولى جمع الغنائم محمد بن مسلمة.

غزوة أحد:

استعداد قريش لمعركة ناقمة:

21

Page 22: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

كانت مكة تحترق غيظاj على المسلمين مما أصابها في معركة بدر من مأساة الهزيم..ة وقتل الصناديد واألشراف، وكانت تجيش فيها نزعات االنتقام، حتى أنهم ك.انوا ق.د منع.وا البك..اء على قتالهم في ب..در، ومنع..وا في االس..تعجال في ف..داء األس..ارى ح..تى ال يتفطن

المسلمون مدى مأساتهم وحزنهم.

وعلى إثر غزوة بدر اتفقت قريش على أن تقوم بحرب شاملة ضد المسلمين، وأخ..ذتفي االستعداد للخوض في مثل هذه المعركة.

وكان عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وأبو سفيان بن حرب، وعبدالل..ه بن أبيربيعة أكثر زعماء قريش نشاطاj وتحمساj لخوض المعركة.

jوأول ما فعلوه احتجزوا العير التي كان ق..د نج..ا به..ا أب..و س..فيان، وال..تي ك..انت س..ببا لمعركة بدر، وقد استخدموا هذه األموال في هذه الحرب.

ثم فتح..وا ب..اب التط..وع لك..ل من أحب المس..اهمة في غ..زو المس..لمين من األح..ابيش وكنانة وأهل تهامة، ومن طرق التحريض إغراء الشعراء ومنهم أبا عزة و مس..افع بن عب..د

مناف الجمحي لتحريض القبائل ضد المسلمين.

قوام جيش قريش وقيادته:

اجتمع من المشركين ثالثة آالف مقاتل من قريش والحفاء واألحابيش، وع..دد النس..وةخمسة عشر امرأة.

وكان سالح النقليات ثالثة آالف بعير، ومن سالح الفرسان مائتا فرس، وكان من سالح الوقاية سبعمائة درع، والقيادة العامة ألبي سفيان بن ح.رب، وقي.ادة الفرس.ان لخال.د بن

الوليد يعاونه عكرمة بن أبي جهل، أما اللواء فكان إلى بني عبدالدار.

االستخبارات النبوية تكشف حركة العدو:

كان العباس بن عبدالمطلب يرقب حركات قريش، ولما تحرك الجيش بعث برسالة إلى كيلوم.تر في ثالث.ة500النبي، وأسرع رسول العب.اس إلبالغ الرس.الة حيث قط.ع مس.افة

أيام وهي الطريق من مكة إلى المدينة، وسلم الرسالة إلى النبي وهو بمس..جد قب..اء، ق..رأالرسالة أبي بن كعب وأمره الرسول بالكتمان.

استعداد المسلمين للطوارئ:

ظلت المدينة في حالة استنفار عام ال يفارق رجالها السالح حتى وهم في الصالة.

الجيش المكي إلى أسوار المدينة:

تابع جيش مكة سيره حتى نزل قريباj بجبل أحد، في مكان يقال له: عينين، ال..ذي يق..ع شمالي المدينة بجانب أحد، فعسكر هناك يوم الجمع..ة الس..ادس من ش..وال س..نة ثالث من

الهجرة.

المجلس االستشاري ألخذ خطة الدفاع:

عقد الرسول مجلساj استشارياj تبادل فيه الرأي، وأخبرهم عن رؤي..اj رآه..ا، ق..ال: "إني قد رأيت والله خيراj، رأيت بقراj يذبح، ورأيت في ذباب سيفي ثلماj، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة"، وتأول البقر بنفر من الصحابة يقتلون، وتأول الثلم..ة في س..يفه برج..ل

يصاب من أهل بيته، وتأول الدرع بالمدينة.

22

Page 23: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ثم قدم رأيه إلى صحابته أال يخرجوا من المدين..ة وأن يتحص..نوا به..ا ووافق..ه على ه..ذا الرأي عبدالله بن أبي ابن سلول )رأس المنافقين( وذل..ك ليتمكن من التباع..د عن القت..ال دون أن يعلم بذلك أحد ! ، وكان حمزة بن عبدالمطلب )عم الرسول( يرى مبارزتهم خ..ارج

المدينة.

وتن..ازل الرس..ول عن رأي..ه واس..تقر على الخ..روج من المدين..ة، واللق..اء في المي..دانالسافر.

تكتيب الجيش اإلسالمي وخروجه إلى ساحة القتال:

ثم صلى النبي بالناس يوم الجمعة، فوعظهم وأمرهم بالجد واالجته..اد، وأخ..بر أن لهم النصر بما صبروا، والتهي..ؤ للع..دو، ثم ص..لى العص..ر، ثم دخ..ل بيت..ه ومع..ه أب..ا بك..ر وعم..ر،

فعمماه وألبساه، فتدجج بسالحه ولبس درعين وتقلد السيف، ثم خرج على الناس.

وقسم النبي جيشه إلى ثالث كتائب:

– كتيب..ة األوس من األنص..ار،2 – كتيبة المهاجرين، وأعطى لواءها مصعب بن عمير، 1 – كتيبة الخزرج من األنص.ار، وأعطى لواءه.ا الحب.اب بن3وأعطى لواءها أسيد بن حضير،

المنذر.

وكان الجيش مؤلفا من ألف مقاتل فيهم مائة دارع، ولم يكن فيهم من الفرسان أحد،واستعمل على المدينة أبن أم مكتوم على الصالة.

المبيت بين أحد والمدينة:

وفي هذا المكان أدركهم المساء، فصلى المغرب، ثم صلى العشاء وبات هنالك، واختارخمسين رجالj لحراسة المعسكر.

تمرد عبدالله بن أبي وأصحابه:

وعند اقترابه من العدو، تم..رد عبدالل..ه بن أبي المن..افق، فانس..حب بنح..و ثلث العس..كر )ثالثمائة مقاتل( قائالj: ما ندري عالم نقتل أنفسنا؟ ومتظاهراj باالحتجاج بأن الرسول ترك

رأيه وأطاع غيره.

وكاد المنافق ينجح في تمرده، فقد همت طائفتان بنو حارث..ة من األوس، وبن..و س..لمة من الخزرج، أن تفشال، ولكن الل.ه توالهم.ا، فثبتت.ا بع.دما س.رى فيهم.ا االض.طراب، ق.ال

تعالى: "إذ همت طائفتان منكم أن تفشال والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون".

وحاول عبدالله بن حرام، تذكير المن.افقين ب.واجبهم، فتبعهم وه.و ي.وبخهم ويحض.هم على الرجوع، وفي هؤالء المنافقين يقول الله تع..الى: "وليعلم ال..ذين ن..افقوا وقي..ل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا، قالوا لو نعلم قتاالj التبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب

منهم لإليمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون".

بقية الجيش اإلسالمي إلى أحد:

ونفذ رسول الله حتى نزل الشعب من جب..ل أح..د في ع..دوة ال..وادي، فعس..كر بجيش..هjظهره إلى هضاب جبل أحد، وعلى ه..ذا ص..ار جيش الع..دو فاص..ال jالمدينة، وجاعال jمستقبال

بين المسلمين وبين المدينة.

خطة الدفاع:

23

Page 24: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

اختار فصيلة من الرماة الماهرين قوامها خمسون مقاتالj، وأعطى قيادتها لعبدالله بن جبير، وأمرهم بالتمركز على جبل يقع على الضفة الشمالية من وادي قناة )جب..ل الرم..اة(

جنوب شرق معسكر المسلمين على بعد حوالي مائة وخمسين متراj من مقر الجيش.

واله.دف من ذل.ك ه.و م.ا أب.داه الرس.ول في كلمات.ه ال.تي ألقاه.ا للرم.اة فق.د ق.ال لقائدهم: "انضح الخيل عنا بالنبل، ال يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك، ال نؤتين من قبلك"، وقال للرماة :"احم..وا ظهورن..ا، ف..إن رأيتمون..ا نقت..ل فال تنص..رونا، وإن

رأيتمونا قد غنمنا فال تشركونا".

أما بقية الجيش فجعل على الميمنة المنذر بن عمرو، وجعل على الميس..رة الزب..ير بنالعوام، يسانده المقداد بن األسود.

ه..3وهكذا تمت تعبئة الجيش النبوي صباح يوم السبت السابع من شوال سنة

الرسول ينفث روح البسالة في الجيش:

نهى الرسول الناس عن األخذ في القتال حتى يأمرهم، ولبس درعين وحرض أص..حابه على القت..ال، وحض..هم على المص..ابرة والجالد عن..د اللق..اء، وأخ..ذ ينفث روح الحماس..ة

والبسالة في أصحابه.

تعبئة الجيش المكي:

عبأ المشركون جيشهم حس..ب نظ..ام الص..فوف، فك..انت القي..ادة العام..ة ألبي س..فيان صخر بن حرب، الذي تمركز في قلب الجيش، وجعلوا على الميمنة خال..د بن الولي..د، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وعلى المشاة ص..فوان بن أمي..ة، وعلى الرم..اة عبدالل..ه بن

أبي ربيعة.

أما اللواء فكان إلى مفرزة من بني عبد الدار، وقد أبيدوا عن بكرة أبيهم عن..د احت..دامالمعركة.

مناورات سياسية من قبل قريش:

قبيل نشوب المعركة حاولت قريش إيقاع الفرقة وال..نزاع داخ..ل ص..فوف المس..لمين، فقد أرسل أبو سفيان إلى األنصار يقول لهم: خلوا بينن.ا وبين ابن عمن.ا فننص.رف عنكم،

فال حاجة لنا إلى قتالكم، ورد عليه األنصار رداj عنيفاj وأسمعوه ما يكره.

وقامت قريش بمحاولة أخ..رى فق.د خ..رج إلى األنص.ار عمي.ل خ..ائن يس.مى أب.ا ع.امر الفاسق واسمه عبد عمرو بن ص..يفي، وك..ان يس..مى ال..راهب فس..ماه الرس..ول الفاس..ق، وكان رأس األوس في الجاهلية، فنادى قومه وتعرف عليهم، وقال: ي..ا معش..ر األوس، أن..ا

أبو عامر فقالوا: ال أنعم الله بك عيناj يا فاسق !

وهكذا فشلت قريش في محاولتها الثانية للتفريق بين صفوف أهل اإليمان.

جهود نسوة قريش في التحميس:

وتقودهن هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان.

أول وقود المعركة:

كان حامل لواء المش..ركين طلح..ة بن أبي طلح..ة العب..دري، وك..ان من أش..جع فرس..انقريش، وقد قتله الزبير بن العوام.

24

Page 25: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ثقل المعركة حول اللواء وإبادة حملته:

وكان ثقل المعركة يدور حول لواء المشركين، فقد تعاقب بنو عبدال..دار لحم..ل الل..واء بعد قتل قائدهم طلحة بن أبي طلحة، وكانوا عشرة من بني عبد ال..دار أبي..دوا عن آخ..رهم ولم يبق منهم أحد يحمل اللواء، وحمل اللواء غالم لهم حبشي اسمه ص..ؤاب وقات..ل ح..تى

قتل وسقط اللواء على األرض ولم يبق أحد يحمله.

مصرع أسد الله حمزة بن عبدالمطلب:

قتله وحشي بن حرب، قال: هززت حربتي، ودفعتها إلي..ه، ف..وقعت في أحش..ائه ح..تىخرجت من بين رجليه.

السيطرة على الموقف:

وبرغم هذه الخسارة الفادحة التي لحقت المسلمين بقتل حمزة بن عبدالمطلب، ظ..ل المسلمون مس..يطرين على الموق..ف كل..ه، فق..د قات..ل الص..حابة الكب..ار قت..االj ف..ل ع..زائم

المشركين، وفت في أعضادهم.

من أحضان المرأة إلى مقارعة السيوف والدرقة:

وكان من األبطال المغامرين يومئذ حنظل..ة الغس..يل وه..و حنظل..ة بن أبي ع..امر، ك..ان حديث عهد بالعرس، فلما سمع هواتف الحرب وهو على امرأته انخل..ع من أحض..انها وق..ام

إلى الجهاد، واستشهد.

نصيب فصيلة الرماة في المعركة:

وك..ان له..ا الي..د البيض..اء في إدارة دف..ة القت..ال لص..الح الجيش اإلس..المي، فق..د هجم فرسان مكة بقيادة خالد بن الوليد يسانده أبو عامر الفاسق، ثالث مرات وب..اءت هجم..اتهم

بالفشل.

الهزيمة تنزل بالمشركين:

ظل الجيش اإلسالمي الصغير مسيطراj على الموق..ف كل..ه ح..تى خ..ارت ع..زام أبط..ال المشركين، وأخذت صفوفهم تتبدد، كأن ثالثة آالف مشرك يواجهون ثالثين أل..ف مس..لم ال

بضع مئات قالئل، وظهر المسلمون في أعلى صور الشجاعة واليقين.

غلطة الرماة الفظيعة:

وبينما كان الجيش اإل�سالمي الصغير يسجل مرة أخرى نصراj ساحقاj على أهل مك..ة لم يكن أقل روعة من النصر الذي اكتسبه يوم ب..در، وقعت من أغلبي..ة فص..يلة الرم..اة غلط..ة فظيعة قلبت الوضع تماماj، وأدت إلى إلحاق الخسائر الفادح..ة بالمس..لمين، وك..ادت تك..ون س..بباj في مقت..ل الن..بي، وق.د ت..ركت أس..وأ أث..ر على س..معتهم، وعلى الهيب..ة ال..تي ك.انوا

يتمتعون بها بعد بدر.

وقد ذهب أغلب الرماة لجلب الغنائم، ولم يبق منهم إال عشرة رج..ال أو أق..ل يق..ودهم عبدالله بن جبير فقد ذكرهم أوام..ر الرس..ول بالبق..اء ح..تى ي..ؤذن لهم أو يب..ادوا لكنهم لم

يسمعوا كالمه.

خالد بن الوليد يقوم بخطة تطويق الجيش اإلسالمي:

25

Page 26: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

انتهز هذه الفرصة الذهبية، فكر بسرعة خاطفة إلى جبل الرم.اة لي.دور من خلف.ه إلى م..ؤخرة الجيش اإلس..المي، فم يلبث أن أب..اد عبدالل..ه بن جب..ير وأص..حابه إال البعض ال..ذين لحقوا بالمسلمين، ثم انقض على المسلمين من خلفهم، وصاح فرسانه ص.يحة ع.رف به.ا المشركون المنهزمون بالتطور الجدي..د ف..انقلبوا على المس..لمين، وأس..رعت ام..رأة منهم وهي عمرة بن علقمة الحارثية، فرفعت لواء المشركين فالتف حوله المشركون والثوا به، واجتمعوا على المسلمين، وثبتوا للقتال، وأحيط المس..لمون من األم..ام والخل..ف ووقع..وا

بين شقى الرحى.

موقف الرسول الباسل إزاء عمل التطويق:

كان الرسول مع تسعة نفر من الصحابة، في مؤخرة المس..لمين وك..ان ي..رقب مجال..دة المس..لمين ومط..اردتهم المش..ركين، إذ ب..وغت بفرس..ان خال..د مباغت..ة كامل..ة، وق..د تجلت عبقريته وشجاعته المنقطعة النظير، فقد رفع صوته ينادي أصحابه: "إلي عباد الله"، وهو يعرف أن المشركين س..وف يس..معون ص..وته قب..ل أن يس..معه المس..لمون، ولكن..ه ن..اداهم

ودعاهم مخاطراj بنفسه في هذا الظرف الدقيق.

تبدد المسلمين في الموقف:

أما المسلمون فلما وقعوا في التطويق طار ص..واب طائف..ة منهم، فلم تكن تهمه..ا إال أنفسها، فقد أخذت طريق الفرار، وتركت ساحة القت..ال، وف..ر من ه..ذه الطائف..ة بعض..هم إلى المدين..ة ح..تى دخله..ا، وانطل..ق بعض..هم إلى م..ا ف..وق الجب..ل، ورجعت طائف..ة أخ..رى فاختلطت بالمشركين، والتبس العسكران فلم يتميزا، فوقع القتل في المسلمين بعضهم

من بعض.

وكانت هناك طائفة ثالثة لم يكن يهمهم إال رسول الل.ه فق.د ك.رت ه.ذه الطائف.ة إلى رسول الله وعمل التطوي..ق في بدايت..ه، وفي مقدم..ة ه..ؤالء أب..و بك.ر الص..ديق، وعم..ر بن

الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم كانوا في مقدمة المقاتلين.

احتدام القتال حول رسول الله:

لم يكن مع الرسول إال تسعة نفر ، فلما نادى المسلمين "هلموا إلي، أنا رس..ول الل..ه" سمع صوته المشركون وعرفوه، فكروا إليه وهاجموه، فجرى بين المش..ركين وبين ه..ؤالء النف..ر التس..عة من الص..حابة ع..راك ع..نيف ظه..رت في..ه ن..وادر الحب والتف..اني والبس..الة

والبطولة، وقتل هؤالء النفر إال اثنين.

أحرج ساعة في حياة الرسول:

لم يبق مع النبي غير طلحة بين عبيد الله وس.عد بن أبي وق.اص، وك.انت أح.رج س.اعة للنبي وفرصة ذهبية للمشركين، ولم يتوان المشركون في انته..از تل..ك الفرص..ة، فرك..زوا حملتهم على النبي، وطمعوا في القضاء عليه، رماه عتبة ابن أبي وقاص بالحج..ارة فوق..ع لشقه، وأصيبت رباعيته اليمنى السفلى، وكلمت شفته السفلى، وتق..دم إلي..ه عبدالل..ه بن شهاب الزهري فشجه في جبهته، وجاء ف..ارس عني..د ه..و عبدالل..ه بن قمئ..ة، فض..رب على عاتقه بالسيف ضربة عنيفة شكا ألجلها أكثر من شهر إال أنه لم يتمكن من هتك ال..درعين، ثم ضرب على وجنته ضربة أخرى عنيفة كاألولى حتى دخلت حلقتان من حلق المغف..ر في

وجنته.

وفي ذلك الظرف الدقيق والساعة الحرجة أنزل الله نص..ره ب..الغيب، ففي الص..حيحين عن سعد، قال: رأيت رسول الله يوم أح..د ومع..ه رجالن يق..اتالن عن..ه، عليهم..ا ثي..اب بيض

كأشد القتال، ما رأيتهما قبل وال بعد وفي رواية: يعني جبريل وميكائيل.

26

Page 27: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

بداية تجمع الصحابة حول الرسول:

وقعت هذه كلها بسرعة هائلة، وإال فالمصطفون األخيار من صحابته ال..ذين ك..انوا في مقدمة صفوف المسلمين عند القتال لم يكادوا يرون تغير الموقف أو يسمعوا صوته حتى أسرعوا إليه لئال يصل إليه شيء يكرهونه، إال أنهم وصلوا وق..د لقي رس..ول الل..ه م..ا لقي من الجراحات، وستة من األنصار قد قتلوا والس..ابع ق..د أثبتت..ه الجراح..ات، وس..عد وطلح..ة يكافحان أشد الكفاح، فلما وصلوا أقاموا حوله سياجاj من أجسادهم وسالحهم وبالغوا في

وقايته من ضربات العدو، ورد هجماته، وكان أول من رجع إليه هو أبو بكر الصديق.

تضاعف ضغط المشركين:

كما كان عدد المشركين يتضاعف كل آن، وبالطبع فقد اشتدت حمالتهم وزاد ضغطهم على المسلمين، حتى سقط رسول الله في حفرة من الحفر التي كان أبو ع..امر الفاس..ق يكيد بها، فجحشت ركبته، وأخذه علي بي..ده، واحتض..نه طلح..ة بن عبي..د الل..ه ح..تى اس..توى

.jقائما

البطوالت النادرة:

قام المسلمون ببطوالت نادرة وتضحيات رائعة، كان أبو طلحة يس..ور نفس..ه بين ي..دي رسول الله ويرفع صدره ليقيه سهام العدو، وقام أبو دجانة أمام رسول الله ف.ترس علي..ه

بظهره، والنبل يقع عليه وهو ال يتحرك.

أصيبت عين قتادة بن النعمان ووقعت على وجنت..ه، فرده..ا رس..ول الل..ه بي..ده، فك..انت أحسن عينيه، وقاتل عبدالرحمن بن عوف حتى أصيب فوه، وجرح عشرين جراحة أو أك..ثر،

أصابه بعضها في رجله فعرج.

وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من وجنته صلى الل..ه علي..ه وس..لم حتى أنقاه، فقال: "مجه" فقال: والله ال أمجه، ثم أدبر يقاتل، فق..ال الن..بي: "من أراد أن

.jينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا"، فقتل شهيدا

jوقات..ل مص..عب بن عم..ير وك.ان ح..امال ،jوقاتلت أم عمارة حتى أصابها اثنا عشر جرح..ا للواء فضربوا يده اليمنى فحمله اللواء باليسرى ح..تى قطعت ي..ده اليس..رى ثم ب..رك علي..ه

بصدره وعنقه حتى قتله ابن قمئة، ضناj منه أنه النبي فصاح إن محمدj قد قتل.

إشاعة مقتل النبي وأثره على المعركة:

لم يمض على ه..ذا الص..ياح دق..ائق، ح..تى ش..اع خ..بر مقت..ل الن..بي في المش..ركين والمسلمين، وهذا هو الظرف الدقيق الذي خارت فيه عزائم كثير من الصحابة المطوقين، ال..ذين لم يكون..وا م..ع الرس..ول، إال أن ه..ذه الص..يحة خففت بعض التخفي..ف من مض..اعفة

هجمات المشركين، لظنهم أنهم نجحوا في غاية مرامهم.

الرسول يواصل المعركة وينقذ الموقف:

،jش..ديدا jولما قتل مصعب أعطى رسول الله الل..واء علي بن أبي ط..الب، فقات..ل قت..اال وقامت بقية الصحابة الموجودين هناك ببطوالتهم النادرة، يقاتلون ويدافعون.

وحينئذ استطاع رسول الله أن يشق الطريق إلى جيشه المطوق، فأقبل إليهم فعرف..ه كعب بن مالك، فنادى بأعلى صوته يا معش.ر المس.لمين أبش.روا ح.تى تجم.ع حول.ه ثالثين

رجالj من الصحابة.

27

Page 28: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وبعد هذا التجمع أخذ رسول الله في االنسحاب المنظم إلى شعب الجب..ل، وه..و يش..ق الطريق بين المشركين المهاجمين، واشتد المشركون في هجومهم لعرقلة االنس..حاب إال

أنهم فشلوا أمام بسالة ليوث اإل�سالم.

وأثناء هذا القتال المرير كان المسلمون يأخذهم النعاس أمنة من الله، كما تحدث عن..هالقرآن.

مقتل أبي بن خلف:

لما دنا من رسول الله تناول رسول الله الحربة من الحارث بن الصمة، فلما أخذها منه انتفض، ثم استقبله وأبص.ر ترقوت.ه من فرج.ة بين س.ابغة ال.درع والبيض.ة، فطعن.ه فيه.ا طعنة تدحرج منها عن فرسه مراراj، فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشاj غير كبير، فاحتقن الدم، قال قتلني والله محمد، فمات عدو الله بس..رف وهم ق.افلون ب..ه إلى

مكة.

طلحة ينهض بالنبي:

وفي أثناء انس..حاب الرس..ول إلى الجب..ل عرض..ت ل..ه ص..خرة من الجب..ل، فنهض إليه..ا ليعلوها فلم يس..تطع، فجلس تحت..ه طلح..ة بن عبي..د الل..ه، فنهض ب..ه ح..تى اس..توى عليه..ا

وقال:"أوجب طلحة" أي: الجنة.

آخر هجوم قام به المشركون:

ولما تمكن الرسول من مقر قيادته في الشعب قام المشركون بآخر هجوم حاولوا ب..ه الني..ل من المس..لمين، وك..ان يق..ودهم أب..و س..فيان وخال..د بن الولي..د، فق..اتلهم عم..ر بن

الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل.

تشويه الشهداء:

اشتغل من المشركين وكذا اشتغلت نساؤهم بقتلى المسلمين يمثلون بهم ويقطعون اآلذان واألنوف والفروج ويبقرون البطون وبقرت هند بنت عتبة كبد حم..زة فالكته..ا، فلم

تستطع أن تسيغها فلفظتها، واتخذت من اآلذان واألنوف خالخيل وقالئد.

جمع الشهداء ودفنهم:

وأشرف الرسول على الشهداء فقال: "أن شهيد على هؤالء، إن..ه م..ا من ج..ريح يج..رحفي الله إال والله يبعثه يوم القيامة، يدمى جرحه، اللون لون الدم، والريح ريح المسك".

وكان أناس من الصحابة قد نقل..وا قتالهم إلى المدين..ة ف..أمر أن ي..ردوهم، في..دفنوهم في مضاجعهم وأال يغسلوا، وأن يدفنوا كما هم بثيابهم، وكان ي..دفن االث..نين والثالث..ة في القبر الواحد، ويجمع بين الرجلين في ثوب واحد، ودفن عبدالله بن عمرو بن حرام وعمرو

بن الجموح في قبر واحد لما كان بينهما من المحبة.

وفقدوا نعش حنظلة، فتفقدوه فوجدوه في ناحية فوق األرض يقطر منه الماء، فأخبررسول الله أصحابه أن المالئكة تغسله، ومن هنا سمي حنظلة: غسيل المالئكة.

الرجوع إلى المدينة، ونوادر الحب والتفاني:

jولما فرغ رسول الله من دفن الشهداء والثناء على الله والتضرع إليه، انص..رف راجع..ا إلى المدينة، وقد ظهرت له نوادر الحب والتف..اني من المؤمن..ات الص..ادقات، كم..ا ظه..رت

من المؤمنين في أثناء المعركة.

28

Page 29: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

الرسول في المدينة:

ه. إلى3وانتهى رسول الله مساء ذلك اليوم، يوم السبت السابع من شهر شوال سنة المدينة، فلما انتهى إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة، فق..ال: "اغس..لي عن ه..ذا دم..ه ي..ا

بنية، فوالله لقد صدقني اليوم".

قتلى الفريقين:

كان قتلى المسلمين س.بعين، وأغلبهم من األنص.ار، فق.د قت.ل منهم خمس.ة وس.تون ،jمن المهاجرين.4 من األوس، ورجل من اليهود، و 24 من الخزرج، 41رجال

وقتلى المشركين، اثنان وعشرون قتيالj، وقيل سبعة وثالثون.

حالة الطوارئ في المدينة:

ه. بعد الرجوع من3بات المسلمون في المدينة ليلة األحد الثامن من شهر شوال سنة معركة أحد، وهم في حالة الط.وارئ، ب.اتوا وق.د أنهكهم التعب، يحرس.ون أنق.اب المدين.ة ومداخلها ويحرسون قائدهم األعلى رسول الل..ه خاص..ة، إذ ك..انت تتالحقهم الش..بهات من

كل جانب.

غزوة حمراء األسد:

وبات الرسول وهو يفكر في الموقف، فقد ك..ان يخ..اف أن المش..ركين إن فك..روا في أنهم لم يستفيدوا شيئاj من النصر والغلبة التي كسبوها في س..احة القت..ال فال ب..د من أن يندموا على ذلك، ويرجع..وا من الطري..ق لغ..زو المدين..ة م..رة ثاني..ة، فص..مم على أن يق..وم

بعملية مطاردة الجيش المكي.

فنادى النبي في الن..اس، ون..دبهم إلى المس..ير إال لق..اء الع..دو، وذل..ك ص..باح الغ..د من ه.، وس..ار والمس..لمون مع..ه ح..تى3معركة أحد، أي يوم األحد الثامن من شهر شوال سنة

بلغوا حمراء األسد، على بعد ثمانية أميال من المدينة، فعسكروا هناك.

وهناك أقبل معبد بن أبي معبد الخزاعي إلى رسول الله فقال: يا محمد، أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله عافاك، ف..أمره رس..ول الل..ه أن يلح..ق أب..ا

سفيان فيخذله.

،jولم يكن ما خافه رسول الله من تفك..ير المش..ركين في الع..ودة إلى المدين..ة إال حق..ا ف.إنهم لم.ا ن.زوال بالروح..اء على بع.د س.تة وثالثين ميالj من المدين.ة تالوم.وا فيم.ا بينهم، وأجمع جيش مكة على المسير نحو المدينة، ولكن قبل أن يتحرك أبو سفيان بجيشه لحق..ه معبد بن أبي معبد الخزاعي، ولم يكن يعرف أبو سفيان بإسالمه، فق..ال معب..د: محم..د ق..د خرج في أصحابه، يطلبكم في جمع لم أر مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقاj، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على ما ضيعوا، فيهم من الحنق عليكم ش..يء لم أر

مثله قط.، وحينئذ انهارت عزائم الجيش المكي وأخذه الفزع والرعب.

و9أقام رسول الله بحمراء األسد )بعد مقدمه يوم األحد( االث..نين والثالث..اء واألربع..اء )ه.( ثم رجع إلى المدينة.3 شوال سنة 11و10

ومما ال شك فيه أن غزوة حم..راء األس..د ليس..ت بغ..زوة مس..تقلة، وإنم..ا هي ج..زء منغزوة أحد، وتتمة لها.

القرآن يتحدث حول موضوع المعركة:

29

Page 30: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

نزلت حول موضوع المعركة ستون آية من س.ورة آل عم.ران تبت.دئ ب.ذكر أول مرحل.ة من مراحل المعركة: "وإذ غدوت من أهل..ك تب..وئ المؤم..نين مقاع..د للقت..ال"، وت..ترك في نهايتها تعليقاj جامعاj على نتائج ه..ذه المعرك.ة وحكمته..ا ق.ال تع.الى: "م..ا ك.ان الل..ه لي..ذر المؤمنين على ما أنتم علي..ه ح..تى يم..يز الخ..بيث من الطيب وم..ا ك..ان الل..ه ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورس..له وإن تؤمن..وا وتتق..وا فلكم

أجر عظيم".

الحكم والغايات المحمودة في هذه الغزوة:

تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية، وشؤم ارتكاب النهي، لما وقع من ترك الرماةموقفهم الذي أمرهم الرسول أال يبرحوا منه.

jعادة الرسل أن تبتلى وتكون لها العاقب..ة، والحكم..ة في ذل..ك أنهم ل..و انتص..روا دائم..ا دخل في المؤمنين من ليس منهم، ولم يتم.يز الص.ادق من غ.يره، ولن انكس.روا دائم.اj لم يحص..ل المقص..ود من البعث..ة، فاقتض..ت الحكم..ة الجم..ع بين األم..رين لتمي..يز الص..ادق من الكاذب، وذلك أن نفاق المنافقين ك..ان مخفي..اj عن المس..لمين، فلم..ا ج..رت ه..ذه القص..ة،

.jوأظهر أهل النفاق من الفعل والقول عاد التلويح تصريحا

وأن في تأخير النصر في بعض المواطن هضماj للنفس، وكسراj لشماختها، فلم..ا ابتلىالمؤمنون صبروا وجزع المنافقون.

أن الله هي..أ لعب..اده المؤم..نين من..ازل في دار كرامت..ه ال تبلغه..ا أعم..الهم، فقيض لهمأسباب االبتالء والمحن ليصلوا إليها.

أن الش..هادة من أعلى م..راتب األولي..اء فس..اقها إليهم، ومنه..ا أن..ه أراد إهالك أعدائ..ه، فقيض لهم األس..باب ال..تي يس..توجبون به..ا ذل..ك من كف..رهم وبغيهم وطغي..انهم في أذى

أوليائه، فمحص بذلك ذنوب المؤمنين ومحق بذلك الكافرين.

غزوة بني النضير:

بع..د واقع..ة أح..د ب..دأ اليه..ود يتج..رؤون، فكاش..فوا بالع..داوة والغ..در، وأخ..ذوا يتص..لونبالمنافقين وبالمشركين من أهل مكة سراj، ويعملون لصالحهم ضد المسلمين.

وصبر النبي حتى ازدادوا جرأة وجسارة بع..د وقع..ة الرجي..ع وب..ئر معون..ة، ح..تى ق..اموابمؤامرة تهدف القضاء على النبي.

حيث أن النبي خرج إليهم في نفر من أص.حابه، وكلمهم أن يعين..وه في دي..ة الكالب..يين اللذين قتلهم..ا عم..رو بن أمي..ة الض..مري، وك..ان ذل..ك يجب عليهم حس..ب بن..ود المعاه..دة، فقالوا: نفعل يا أبا القاسم، أجلس ها هنا حتى نقضي حاجتك، فجلس إلى جنب ج..دار من

بيوتهم ينتظر وفاءهم بما وعدوا وجلس معه أبو بكر وعمر وعلي وطائفة من أصحابه.

وخال اليهود بعضهم إلى بعض، وس..ول لهم الش..يطان، فت..آمروا بقتل..ه، ون..زل جبري..ل يعلمه بما هموا به فنهض مسرعاj وتوجه إلى المدينة، وم..ا لبث أن بعث محم..د بن مس..لمة،jإلى بني النضير يقول لهم: "أخرجوا من المدينة وال تس..اكنوني به..ا، وق..د أجلتكم عش..را jمن الخ..روج، فأق..اموا أيام..ا jفمن وجدت بعد ذلك بها ضربت عنقه"، ولم يجد يه..ود مناص..ا يتجهزون للرحيل، لكن رئيس المنافقين عبدالله بن أبي، بعث إليهم أن اثبتوا وتمنعوا، وال تخرجوا من دياركم، فإن معي ألفين ي..دخلون معكم حص..نكم، فيموت..ون دونكم، وتنص..ركم

قريظة وحلفاؤكم من غطفان.

30

Page 31: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وهن..اك ع..ادة لليه..ود ثقتهم واس..تقر رأيهم على المن..اوأة وطم..ع رئيس..هم ح..يي بن أخطب فيما قاله رأس المنافقين، فبعض إلى رسول الل..ه يق..ول: إن..ا ال نخ..رج من ديارن..ا

فاصنع ما بدا لك.

فما بلغ رسول الله جوابه كبر وكبر أصحابه ثم نهض لمن..اجزة الق..وم، فاس..تعمل على المدينة ابن أم مكتوم وسار إليهم، وعلي بن أبي ط..الب يحم..ل الل..واء، فلم..ا انتهى إليهم

فرض عليهم الحصار.

والتجأ بنو النضير إلى حصونهم، فأقاموا عليها يرمون بالنبل والحجارة، وكانت نخيلهم وبس..اتينهم عون..اj لهم في ذل..ك، ف..أمر بقطعه..ا وتحريقه..ا، واع..تزلتهم قريظ..ة، وخ..انهم عبدالله بن أبي وحلفاؤهم من غطفان، فلم يح..اول أح..د أن ي..دفع عنهم ش..راj، ولم يط..ل الحص..ار فق..د دام س..ت لي..ال ح..تى ق..ذف الل..ه في قل..وبهم ال..رعب، فان..دحروا وته..يئوا لالستسالم إللقاء السالح، فأرسلوا إلى رسول الله: نحن نخرج عن المدينة، ف..أنزلهم على

أن يخرجوا عنها بنفوسهم وذراريهم، وأن لهم ما حملت اإلبل إال السالح.

فنزلوا على ذلك وخربوا بيتهم بأيديهم، ليحمل..وا األب..واب والش..بابيك، ب..ل ح..تى حم..ل بعضهم األوتاد وجذوع السقف، ثم حملوا النس.اء والص.بيان، وتحمل.وا على س.تمائة بع.ير، فترح..ل أك..ثرهم وأك..ابرهم كح..يي بن أخطب وس..الم بن أبي الحقي..ق إلى خي..بر، وذهبت

طائفة منهم إلى الشام، وأسلم منهم رجالن فقط: يامين بن عمرو وأبو سعد بن وهب.

وقبض رسول الله سالح بني النضير، واستولى على أرضهم وديارهم وأموالهم فوج..د.jوخمسين بيضة، وثالثمائة وأربعين سيفا jمن السالح خمسين درعا

ولم يخمسها ألن الله أفاءها عليه.

ه. وأنزل الل.ه في ه.ذه الغ.زوة س.ورة4وكانت غزوة بني النضير في ربيع األول سنة الحشر بأكملها.

غزوة األحزاب:

خرج عشرون رجالj من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة، يحرضونهم على غزو الرسول ويوالونهم عليه، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم، فأجابتهم ق..ريش، وكانت قريش قد أخلفت موعدها في الخ..روج إلى ب..در، ف..رأت في ذل..ك إنق..اذاj لس..معتها

والبر بكلمتها.

ثم خرج هذا الوفد إلى غطفان، فدعاهم إلى ما دعا إليه ق..ريش فاس..تجابوا ل..ذلك، ثم طاف الوفد في قبائل الع.رب ي.دعوهم إلى ذل.ك فاس.تجاب ل.ه من اس.تجاب، وهك.ذا نجح

ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر على النبي والمسلمين.

وعلى إثر ذلك خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلف.اؤهم من أه.ل تهام.ة وقائ.دهم أبو سفيان، في أربعة آالف ووافاهم بنو سليم بمر الظهران، وخرجت من الش..رق قبائ..ل غطفان: بنو فزارة، يقودهم عيينة بن حصن، وبن..و م..رة يق..ودهم الح..ارث بن ع..وف وبن..و

أشجع يقودهم مسعر بن رحيلة كما خرجت بنو أسد وغيرها.

واتجهت هذه األحزاب وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه.

وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش عرمرم يبلغ عدده عش..رة آالف مقات..ل، جيش ربم..ايزيد عدده على جميع من في المدينة من النساء والصبيان والشباب والشيوخ.

31

Page 32: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

سارع الرسول لعقد مجلس استشاري فق..ال س..لمان: ي..ا رس..ول الل..ه إن..ا كن..ا ب..أرضفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، وكانت خطة حكيمة لم تكن تعرفها العرب قبل ذلك.

وأسرع رسول الله إلى تنفيذ هذه الخطة، فوكل إلى كل عشرة رج..ال أن يحف..روا من الخندق أربعين ذراعاj، وقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق، ورس..ول الل..ه يحثهم

ويساهم في عملهم.

ولما كانت المدينة تحيط بها الحرات والجب..ال وبس..اتين النخي..ل من ك..ل ج..انب س..وى الشمال، وكان النبي يعلم أن زحف مثل هذا الجيش الكبير، ومهاجمته المدين..ة ال يمكن إال

من جهة الشمال، اتخذ الخندق في هذا الجانب.

وواصل المسلمون عملهم في حف..ره، فك..انوا يحفرون..ه ط..ول النه..ار، ويرجع..ون إلى أهليهم في المساء، حتى تكامل الخندق حس..ب الخط..ة المنش..ودة، قب..ل أن يص..ل الجيش

الوثني.

وأقبلت قريش في أربع..ة آالف، وأقبلت غطف..ان ومن تبعهم من أه..ل نج..د في س..تةآالف.

وخ..رج الرس..ول في ثالث..ة آالف من المس..لمين، فجعل..وا ظه..ورهم إلى جب..ل س..لع فتحصنوا به، والخندق بينهم وبين الكف..ار، وك..ان ش..عارهم: "حم ال ينص..رون"، واس..تحلف

على المدينة ابن أم مكتوم.

ولم يس..تطع المش..ركون المهاجم..ة لوج..ود الخن..دق فلجئ..وا إلى الحص..ار، وهم غ..ير مستعدين له، وأخذ المشركون ي..دورون ح..ول الخن..دق غض..اباj، يتحسس..ون نقط..ة ض..عيفة لينحدروا منها، والمسلمون يرشقونهم بالنبل، حتى ال يقتربوا أو يقتحم..وا أو يهيل..وا على

الخندق بالتراب.

وكره فوارس من قريش أن يقفوا حول الخندق من غير جدوى، فخرجت منه..ا جماع..ة فيه..ا عم..رو بن عب..د ود، ف..تيمموا مكان..اj ض..يقاj من الخن..دق ف..اقتحموه، ودع..ا عم..رو إلى

المبارزة فانتدب له علي بن أبي طالب، فقتله علي، وانهزم الباقون هاربين.

ويؤخذ أن محاولة العبور من المش..ركين والمكافح..ة المتواص..لة من المس..لمين، دامت أياماj، إال أن الخندق لما كان حائالj بين الجيشين لم يجر بينهما قتال مباشر أو حرب دامية،

بل اقتصروا على المراماة والمناضلة.

وفي هذه المراماة قتل رجال من الجيشين، يعدون على األصابع: ستة من المس..لمينوعشرة من المشركين، بينما كان قتل واحد أو اثنين منهم بالسيف.

وبينما المسلمون يواجهوه هذه الشدائد على جبهة المعركة انطلق كبير مج..رمي ب..ني النضير حيي بن أخطب إلى ديار بني قريظة فأتى كعب بن أس..د القرض.ي )س..يد قريظ.ة( وكان قد عاقد رسول الل..ه على أن ينص..ره إذا أص..ابته ح..رب، واس..تطاع أن يقنع..ه فنقض كعب بن أسد عهده وبرئ مما كان بينه وبين المسلمين ودخل مع المشركين في المحاربة

ضد المسلمين.

وقد قامت صفية بنت عبدالمطلب بقتل رجل من يه.ود ك.ان يطي.ف بحص.ن ك.ان في.ه حسان بن ثابت ومعه النساء والصبيان، وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة الرس..ول أث..ر عميق في حفظ ذراري المسلمين ونسائهم، ويبدو أن اليهود ظن..وا أن ه..ذه الحص..ون في منعة من الجيش اإلسالمي، فلم يجترئوا مرة ثانية للقيام بمثل هذا العمل، إال أنهم أخ..ذوا يم..دون الغ..زاة ب..المؤن، ك..دليل عملي على انض..مامهم إليهم ض..د المس..لمين ح..تى أخ..ذ

.jالمسلمون من مؤنهم عشرين جمال32

Page 33: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وعلم الرسول والمسلمين بالخبر، فبعث سعد بن معاذ وس..عد بن عب..ادة، وعبدالل..ه بن رواحة وخوات بن جبير لكي يستطلعوا الخبر ، وقال لهم: "انطلقوا حتى تنظروا أح..ق م..ا بلغنا عن هؤالء القوم أم ال؟ فإن كان حقاj فالحنوا لي لحن..اj أعرف..ه، وال تفت..وا في أعض..اد

الناس، وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس".

فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون فقد ج..اهروهم بالس..ب والع..داوة ون..الوامن رسول الله.

وعلى رغم محاولتهم إخفاء الحقيقة تفطن الناس لجلية األمر، فتجسد أم..امهم خط..ررهيب.

ثم هيأ الله رجالj من غطفان يقال له: نعيم بن مسعود بن عامر األشجعي ج..اء رس..ول الله فقال: يا رسول الله، إني ق.د أس.لمت، وإن ق.ومي لم يعلم.وا بإس.المي، فم.رني م.ا شئت، فقال رسول الله: "إنما أنت رجل واحد فخذ عنا ما استطعت، فإن الح..رب خدع..ة"، فذهب من فوره إلى بني قريظة فدخل عليهم وقال لهم: إن قريش..اj ليس..وا مثلكم، البل..دjبلدكم، فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، ال تقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره، وإن قريش..ا وغطفان قد ج..اءوا لح..رب محم..د وأص..حابه، وق..د ظ..اهرتموهم علي..ه، وبل..دهم وأم..والهمjونس..اؤهم بغ..يره، ف..إن أص..ابوا فرص..ة انتهزوه..ا، وإال لحق..وا ببالدهم وترك..وكم ومحم..دا فانتقم منكم، قالوا: وما العمل؟ قال: ال تقاتلوا معهم حتى يعط.وكم ره.ائن، ق.الوا: لق.د

أشرت بالرأي.

ثم مضى نعيم على وجهه إلى قريش وقال لهم: إن يهود قد ندموا على ما ك..ان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وأنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يوالونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فال تعطوهم، ثم ذهب إلى غطفان، فقال لهم مثل

ذلك.

ه. بعثوا إلى يهود: أنا لسنا بأرض مق..ام، وق.د5فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة هلك الخيل واإلبل، فانهضوا بنا حتى نن..اجز محم..داj، فأرس..ل إليهم اليه..ود أن الي..وم ي..وم السبت، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه، ومع هذا فإنا ال نقاتل معكم ح..تى تبعثوا إلينا رهائن، فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان: صدقكم والل..ه نعيم، فبعثوا إلى يهود إنا والله ال نرسل إليكم أحداj، فأخرجوا معنا ح..تى نن..اجز محم..داj، فق..الت قريظ..ة: ص..دقكم والل..ه نعيم، فتخ..اذل الفريق..ان، ودبت الفرق..ة بين ص..فوفهم وخ..ارت

عزائمهم.

وكان المسلمون يدعون الله تعالى فأرسل الل..ه ريح..اj قوض.ت خي..امهم، ولم يق..ر لهمقرار، وأرسل جنداj من المالئكة يزلزلونهم، ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف.

وأرسل رسول الله في تلك الليلة الب..اردة القارس..ة حذيف..ة بن اليم..ان يأتي..ه بخ..برهم فوجدهم على هذه الحالة، وقد تهيئوا للرحيل، فعاد للرسول وأبلغه، فأصبح الرسول وق..د

رد الله عدوه بغيظهم لم ينالوا خيراj وكفاه الله قتالهم، فرجع إلى المدينة.

وكانت غزة الخن..دق في س..نة خمس من الهج..رة في ش..وال، وق..د حاص..ر المش..ركون الرسول شهراj، وكان بداية فرض الحصار في شوال ونهايته في ذي القعدة، وأن انصراف

الرسول من الخندق كان يوم األربعاء لسبع بقين من ذي القعدة.

إن معركة األحزاب لم تكن معركة خسائر، بل كانت معركة أعصاب، لم يجر فيها قتال، إال أنها من أحسم المعارك في تاريخ اإلسالم، وحينها قال رسول الله: "اآلن نغ..زوهم، وال

يغزونا، نحن نسير إليهم".

33

Page 34: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ه.(6 أو 5غزوة بني المصطلق أو غزوة المريسيع )في شعبان سنة

كانت هذه الغزوة في شعبان سنة خمس عن..د عام..ة أه..ل المغ..ازي، وس..نة س..ت علىقول ابن إسحاق.

وسببها أنه بلغ الرسول أن رئيس بني المصطلق الحارث بن أبي ضرار سار في قوم..ه ومن قدر عليه من العرف يريدون ح..رب رس..ول الل..ه فبعث بري..دة بن الحص..يب األس..لمي لتحقيق الخبر فأتهم ولقي الحارث بن أبي ضرار وكلم.ه، ورج.ع إلى رس.ول الل.ه ف.أخبره

الخبر.

فندب الرسول الصحابة وأسرع في الخروج، وك..ان خروج..ه لليل..تين خلت..ا من ش..عبان، وخرج معه جماعة من المنافقين، وكان الحارث بن أبي ض..رار ق..د وج..ه عين..اj ليأتي..ه بخ..بر

الجيش اإلسالم، فألقى المسلمون عليه القبض وقتلوه.

ولما علم الحارث ومن معه مسير رسول الله وقتله عينه، خافوا خوف..اj ش..ديداj وتف..رق عنهم من كان معهم من العرب، وانتهى رسول الله إلى المريسيع فتهيئوا للقتال، وكانت راية المهاجرين مع أبي بكر وراية األنصار مع س..عد بن عب..ادة، ف..تراموا بالنب..ل س..اعة، ثم أمر رسول الله فحملوا حملة رجل واحد، فكانت النصرة وانهزم المشركين، ولم يقتل من

المسلمين إال رجل واحد، قتله رجل من األنصار بالخطأ.

قال ابن القيم: فإنه لم يكن بينهم قتال، وإنما أغار عليهم على الماء فس..بى ذراريهموأموالهم.

وكان من السبي: جويرية بنت الح..ارث س..يد الق..وم، وقعت في س..هم ث..ابت بن قيس فكاتبها، فأدى عنها رسول الله وتزوجها، فاعتق المسلمون بسبب ه..ذا ال..تزويج مائ..ة من

أهل بيت من بني المصطلق قد أسلموا، وقالوا أصهار رسول الله.

دور المنافقين في غزوة بني المصطلق:

– قول المنافقين: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن األعز منها األذل":1

كان رسول الله بعد الفراغ من الغ..زوة مقيم..اj على المريس..يع، ووردت واردة الن..اس، ومع عمر بن الخطاب أجير يقال له: جهجاه الغفاري، فازدحم هو وسنان بن وب..ر الجه..ني على الماء فاقتتال، فصرخ الجهني: يا معشر األنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المه..اجرين، فقال رسول الله: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ دعوه..ا فإنه..ا منتن..ة"، وبل..غ ذل..ك عبدالله بن أبي بن سلول فغضب – وعنده رهط من قومه، فيهم زيد بن أرقم غالم حدث – وقال: أو قد فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بالدنا، والله ما نحن وهم إال كما قال األول: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعن.ا إلى المدين.ة ليخ.رجن األع.ز منه.ا األذل، ثم أقب.ل على من حضره فق..ال لهم: ه..ذا م..ا فعلتم بأنفس..كم، أحللتم..وهم بالدكم، وقاس..متموهم

أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيدكم لتحولوا إلى غير داركم.

– حديث اإلفك: 2

وفي هذه الغزوة كانت قصة اإلفك، وهي أن عائشة كانت قد خرج بها رسول الله معه في هذه الغزوة بقرعة أصابتها، وكانت تلك عادته مع نسائه، فلما رجعوا من الغزوة نزل..وا في بعض المنازل، فخرجت عائش..ة لحاجته..ا، ففق..دت عق..داj ألخته..ا ك..انت أعارته..ا إي..اه، فرجعت تلتمسه في الموضع الذي فقدته فيه في وقتها، فجاء النفر الذين ك..انوا يرحل..ون هودجها فظنوها فيه فحملوا الهودج، ولم ينكروا خفته، فرجعت عائشة إلى منازلهم، وقد أصابت العقد، فإذا ليس به داع وال مجيب، فقع..دت في الم..نزل، وظنت أنهم س..يفقدونها فيرجعون في طلبها، فنامت، فلم تستيقظ إال بقول صفوان بن المعطل: إنا لله وإنا إلي..ه

34

Page 35: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

راجعون، زوجة رسول الله؟ فاسترجع وأناخ راحلته، فقربه..ا إليه..ا، فركبته..ا، وم..ا كلمه..ا كلمة واحدة، ولم تسمع منه إال استرجاعه، ثم سار بها يقودها، وقد ن..زل الجيش في نح..ر الظهيرة فلما رأى ذلك الناس تكلم كل منهم بش..اكلته، ووج..د الخ..بيث ع..دو الل..ه أبن أبي

متنفساj، فجعل يستحكي اإلفك.

أما عائشة فلما رجعت مرضت شهراj، وهي ال تعلم عن حديث اإلفك ش..يئاj، س..وى أنه..ا كانت ال تعرف من رسول الله اللطف الذي كانت تعرفه حين تشتكي، فلم..ا نقعت خ..رجت مع أم مسطح وأخبرتها الخبر فرجعت عائشة واستأذنت الرس..ول لت..أتي أبويه..ا وتس..تيقن الخبر ثم أتتهما حتى عرفت األمر، فجعلت تبكي، فبكت ليلتين ويوماj، لم تكن تكتحل بنوم،

وبعد ذلك نزل الوحي قال تعالى: "إن الذين جاءوا باإلفك عصبة منكم ..".

وجلد من أهل اإلف.ك مس..طح بن أثاث..ة، وحس..ان بن ث..ابت، وحمن..ة بنت جحش، جل..دواثمانين، ولم يحد الخبيث عبدالله بن أبي مع أنه رأس أهل اإلفك.

وهكذا وبعد شهر أقشعت سحابة الشك واالرتياب والقلق واالضطراب عن جو المدينة،وافتضح رأس المنافقين.

ه.:6عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة

سبب عمرة الحديبية:

رأى رسول الله في المنام، وهو بالمدينة، أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام، وأخذ مفتاح الكعب..ة، وط..افوا واعتم..روا، وحل..ق بعض..هم وقص..ر بعض..هم، ف.أخبر ب..ذلك أص.حابهففرحوا، وحسبوا أنهم داخلوا مكة عامهم ذلك، وأخبر أصحابه أنه معتمر فتجهزوا للسفر.

استنفار المسلمين:

استنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، أم..ا ه..و فغس..ل ثياب..ه وركب ه. ومع.ه زوجت.ه أم س.لمة في6ناقته، وخرج من المدينة يوم االثنين غرة ذي القعدة سنة

ألف وأربعمائة، ويقال ألف وخمسمائة، ولم يخرج معه بسالح، إال سالح المسافر: السيوفب. ر� في الق�

المسلمون يتحركون إلى مكة:

وتحرك في اتجاه مكة، فلما كان بذي الحليفة قل..د اله..دي وأش..عره، وأح..رم ب..العمرة، ليأمن الناس من حربهن وبعث بين يديه عيناj له من خزاعة يخبره عن قريش، حتى إذا كان قريباj من عسفان أتاه عينه، فقال: إني تركت كعب بن لؤي قد جمعوا لك األح..ابيش، وهم

مقاتلوك وصادوك عن البيت، واستشار النبي أصحابه.

محاولة قريش صد المسلمين عن البيت:

بعد أن أعرض الرسول عن األحابيش، نقل إلي..ه رج..ل من ب..ني كعب أن قريش..اj نازل..ة بذي طوى، وأن مائتي فارس بقي.ادة خال.د بن الولي.د مرابط.ة بك.راع الغميم في الطري.ق الرئيسي الذي يوصل إلى مكة، وقد ح..اول خال..د ص..د المس..لمين، فق..ام بفرس..انه إزاءهم يتراءى الجيشان، ورأى خالد المسلمين في صالة الظهر يركعون ويس..جدون، فق..ال: لق..د كانوا على غرة، لو كنا حملنا عليهم ألصبنا منهم، ثم ق..رر أن يمي..ل على المس..لمين ميل..ة

.jواحدة، ولكن الله أنزل حكم صالة الخوف ففاتت الفرصة خالدا

تبديل الطريق ومحاولة اجتناب اللقاء الدامي:

35

Page 36: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وأخ..ذ الرس..ول طريق..اj آخ..ر وت..رك الطري..ق الرئيس..ي، فلم..ا رآى خال..د غب..ار الجيشاإلسالمي قد خالفوا عن طريقه انطلق يركض نذيراj لقريش.

بديل يتوسط بين رسول الله وقريش:

جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة إلى رسول الله فق..ال الرس..ول :"إن..ا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، ..."، قال بديل سأبلغهم ما تقول، ف..انطلق ح..تى أتى قريشاj، وأبلغهم ما قاله الرسول، فقال سفهاؤهم ال حاجة لنا أن تحدثنا عن..ه بش..يء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته، فبعثت قريش مكرز بن حفص، فلم..ا رآه الرس..ول قال: هذا رجل غ..ادر، فلم..ا ج..اء وتكلم ق..ال ل..ه مث..ل م..ا ق..ال لب..ديل، فرج..ع إلى ق..ريش

وأخبرهم.

رسل قريش:

وكان من رسل قريش الحليس بن علقمة )وهو من قوم يعظمون البدن(، و ع..روة بنمسعود الثقفي.

هو الذي كف أيديهم عنكم:

خرج سبعون أو ثمانون من شباب قريش الطائش ليح..دثوا أح..داثاj تش..عل ن..ار الح..رب، وهبط..وا من جب..ل التنعيم، وح..اولوا التس..لل إلى معس..كر المس..لمين، غ..ير أن محم..د بنمسلمة قائد الحرس اعتقلهم جميعاj، ورغبة في الصلح أطلق النبي سراحهم وعفا عنهم.

عثمان بن عفان سفيراj إلى قريش:

أرسله رسول الله وقال له: أخبرهم أنا لم نأت لقتال، وإنما جئن..ا عم..اراj، وادعهم إلى اإلسالم، فانطلق عثمان بن عفان وبلغ الرسالة إلى زعماء قريش، فلما فرغ عرضوا عليه

أن يطوف بالبيت، فرفض وأبى أن يطوف حتى يطوف رسول الله.

إشاعة مقتل عثمان وبيعة الرضوان:

احتبسته قريش، فشاع بين المسلمين أن عثمان قت..ل، فق..ال رس..ول الل..ه لم..ا بلغت..ه اإلشاعة: "النبرح حتى نناجز القوم"، ثم دعا أصحابه إلى البيعة، فثاروا إليه يبايعون..ه على أال يفروا، وبايعته جماعة على الموت، وأول من بايعه أبو سنان األسدي، وبايعه س..لمة بن األكوع على الموت ثالث مرات، وأخذ رسول الله بيد نفسه وقال "هذه عن عثم..ان"، ولم..ا

تمت البيعة جاء عثمان فبايعه، ولم يتخلف عن البيعة إال منافق يقال له: جد بن قيس.

أخذ الرسول هذه البيعة تحت شجرة، وهذه هي بيعة الرضوان ال..تي أن..زل الل..ه فيه..ا :"لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة".

إبرام الصلح وبنوده:

عرفت قريش ضيق الموقف، فأسرعت إلى بعث سهيل بن عمرو لعقد الصلح، وأك..دت له أال يكون في الصلح إال أن يرجع عنا عامه هذا، ال تتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة

.jأبدا

قواعد الصلح:

– يرجع الرسول من عامه فال يدخل مكة، وإذا ك.ان الع.ام القاب.ل دخله.ا المس.لمون1ب، وال يتعرض لهم. ر� فأقاموا بها ثالثاj، معهم سالح الراكب، السيوف في الق�

36

Page 37: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

– وضع الحرب بين الط..رفين عش..ر س..نين، ي..أمن فيه..ا الن..اس، ويك..ف بعض..هم عن2بعض.

– من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن ي..دخل في عق..د3قريش وعهدهم دخل فيه.

– من أتى محمداj من قريش من غير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريشاj ممن م..ع4محمد لم يرد عليه.

ثم دعا علياj ليكتب الكتاب، فأملى عليه: "بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال سهيل أم..ا الرحمن فوالله ال ندري م..ا ه..و؟ ولكن اكتب: باس..مك اللهم، ف..أمر الن..بي ب..ذلك، ولم..ا تم

الصلح دخلت خزاعة في عهد رسول الله، ودخلت بنو بكر في عهد قريش.

رد أبي جندل:

بينما الكتاب يكتب إذ جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قي.وده، ق.د خ..رج من أس.فل مكة حتى رمى بنفسه بين ظهور المسلمين، فقال سهيل: هذا أول ما أقاضيك علي..ه على

أن ترده فقال النبي: "إنا لم نقض الكتاب بعد".

فقال: فو الله إذاj ال أقاضيك على شيء أبداj، وضرب سهيل أبا جندل في وجهه وج..رهليرده إلى المشركين.

النحر والحلق للحل عن العمرة:

لما فرغ الرسول من قضية الكتاب قال: "قوموا فانحروا"، فلم يقم منهم أح..د، فق..ام.jالرسول فنحر وحلق، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا

اإلباء عن رد المهاجرات:

ثم جاء نسوة مؤمنات فسأل أولياؤهن أن يردهن عليهم بالعهد الذي تم في الحديبي..ة، فرفض طلبهم هذا، بدليل أن الكلمة التي كتبت في المعاهدة بصدد هذا البن..د هي: "وعلى أن ال يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إال رددت..ه علين..ا"، فلم ت..دخل النس..اء في العق..د

.jرأسا

وطلق المسلمون زوجاتهم الكافرات بهذا الحكم، فطلق عمر يومئذ امرأتين كانت..ا ل..ه،تزوج بأحدهما معاوية، وباألخرى صفوان بن أمية.

ماذا يتمخض عن بنود المعاهدة:

هذا الصلح هو فتح عظيم للمسلمين، فق.ريش لم تكن تع.ترف بالمس.لمين، ب.ل ك.انت تهدف الستئصالهم، وكانت تحاول الحيلول..ة بين ال..دعوى اإلس..المية وبين الن..اس، ومج..رد

الجنوح إلى الصلح اعتراف بقوة المسلمين.

حزن المسلمين ومناقشة عمر النبي:

هناك ظاهرتان عمت ألجلها المسلمين كآبة وحزن شديد:

أنه كان قد أخبرهم أنا سنأتي البيت فنطوف به، فما له يرجع ولم يطف به؟األولى:

أنه رسول الله وعلى الحق، والله وعد إظهار دينه، فما له قبل ض..غط ق..ريش،الثانية:وأعطى الدنية في الصلح؟

37

Page 38: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وكان أعظمهم حزناj عمر بن الخطاب، فقد جاء النبي وقال: يا رسول الله، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: "بلى"، قال: أليس قتالنا في الجن..ة وقتالهم في الن..ار؟ ق.ال: "بلى"، قال ففيم نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الل..ه بينن..ا وبينهم؟ ق..ال: "ي..ا ابن الخطاب، إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري ولن يضيعني أبداj"، ق..ال: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى، فأخبرتك أنا نأتيه الع..ام؟"، ق..ال: ال،

قال: "فإنك آتيه ومطوف به".

ثم انطلق عمر متغيظاj فأتى أبو بكر، فقال له كما قال للرسول، ورد عليه أبا بكر كم..ارد الرسول، وزاد: فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق.

انحلت أزمة المستضعفين:

ولما عاد النبي إلى المدينة، انفلت رجل من المسلمين، ممن كان يعذب في مكة، وهو أبو بصير، رجل من ثقيف حليف لقريش، فأرسلوا في طلبه رجلين، وقالوا للن..بي: العه..د الذي جعلت لنا، فدفعه النبي إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، ف..نزلوا ي..أكلون من تمر لهم، فاحتال عليهم..ا وقت..ل أح..دهما، وذهب إلى س..يف البح..ر، وينفلت منهم أب..و جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل ال يخرج من قريش رجل قد أسلم إال لحق ب..أبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فو الله ما يسمعون بعير خرجت لق..ريش إلى الش..ام إال اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى الن..بي تناش..ده الل..ه وال..رحم

لما أرسل، فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي إليهم، فقدموا عليه المدينة.

إسالم أبطال من قريش:

ه. بعد ه.ذا الص.لح أس.لم عم.رو بن الع.اص وخال.د بن الولي.د، وعثم.ان بن7في سنة طلحة، ولما حضروا عند النبي قال: "إن مكة قد ألقت إلينا أفالذ كبدها".

ه.7غزوة خيبر ووادي القرى في المحرم سنة

سبب الغزوة:

كانت خيبر هي وكرة الدس والتآمر ومركز االستفزازات العسكرية، والتحرشات وإثارة الحروب، حيث أن أهل خيبر هو الذي حزبوا األحزاب ضد المس..لمين، وأث..اروا ب..ني قريظ..ة على الغ..در والخيان..ة، ثم أخ..ذوا في االتص..االت بالمن..افقين، وبغطف..ان وأع..راب البادي..ة،

وكانوا هم أنفسهم يتهيئون للقتال.

الخروج إلى خيبر:

أقام الرسول بالمدينة حين رجع من الحديبية ذات الحجة وبعض المح..رم، ثم خ..رج فيبقية المحرم إلى خيبر.

عدد الجيش اإل�سالمي:

فلما أراد رسول الله الخروج إلى خيبر أعلن أال يخ..رج مع..ه إال راغب في الجه..اد، فلميخرج إال أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة.

وبعد خروجه قدم أبو هريرة المدينة مسلماj، فوافى سباع بن عرفطة في صالة الصبح، فلما فرغ من صالته زوده حتى قدم على رسول الله، وكلم المسلمين فأشركوه وأص..حابه

في سهمانهم.

اتصال المنافقين باليهود:

38

Page 39: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وقد قام المنافقون يعملون لليهود، فقد أرسل رأس المن..افقين عبدالل..ه بن أبي إلى يهود خيبر: إن محمداj قد قصدكم، وتوجه إليكم، فخذوا حذركم، وال تخافوا منه فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمد شرذمة قليلون، عزل، ال سالح معهم إال قليل، فلم.ا علم ذل.ك أه..ل خي..بر، أرس..لوا كنان..ة بن أبي الحقي..ق وه..وذة بن قيس إلى غطف..ان يس..تمدونهم،

واشترطوا لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين.

الطريق إلى خيبر:

سلك الرسول طريق اسمه مرحب.

الجيش اإلسالمي إلى أسوار خيبر:

بات المسلمون الليلة األخيرة التي بدأ في صباحها القتال قريب..اj من خي..بر، وال تش..عر بهم اليهود، فخرج أهل خيبر بمساحيهم ومكاتلهم، وال يشعرون، بل خرجوا ألرضهم، ولما

رأوا الجيش ولو هاربين.

حصون خيبر:

وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين، طر فيها خمسة حصون:

–5 – حسن أبي، 4 – حصن قلعة الزبير، 3 – حصن الصعب بن معاذ، 2 – حصن ناعم، 1حصن النزار.

والحصون الثالثة األولى منها كانت تقع في منطقة يقال لها: "النطاة" وأما الحص..ناناآلخران فيقعان في منطقة تسمى بالشق.

أما الشطر الثاني، ويعرف بالكتيبة، ففيه ثالثة حصون فقط:

– حصن الوطيح،2 – حصن القموص )وكان حصن بني أبي الحقيق من بني النضير(، 1 – حصن الساللم.3

ودار القتال المرير في الشط األول منها، أما الشطر الثاني فحصونها الثالثة مع كثرةالمحاربين فيها سلمت دونما قتال.

معسكر الجيش اإلسالمي:

واختار الرسول لمعسكره منزالj، فأتاه حباب بن المنذر وأشار على الرسول بتغييره.

التهيؤ للقتال وبشارة الفتح:

أعطى الرسول الراية لعلي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله أق..اتلهم ح..تى يكون..وا مثلنا، قال: "أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى اإلسالم، وأخ..برهم بم..ا

يجب عليهم من حق الله فيه ..".

بدء المعركة وفتح حصن ناعم:

أما اليهود فإنهم لما رأوا الجيش وفروا إلى مدينتهم تحصنوا في حصونهم، وك..ان منالطبيعي أن يستعدوا للقتال.

وأول حصن هاجمه المسلمون من حصونهم الثمانية هو حصن ناعم.

وكان خط الدفاع األول لليهود لمكانه االستراتيجي، وكان هذا الحصن هو حصن مرحبالبطل اليهودي الذي كان يعد باأللف.

39

Page 40: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

خ..رج علي بن أبي ط..الب بالمس..لمين إلى ه..ذا الحص..ن، ودع..ا اليه..ود إلى اإلس..الم، فرفضوا هذه الدعوة، وبرزوا إلى المسلمين ومعهم ملكهم مرحب، فلما خ..رج إلى مي..دان

القتال دعا إلى المبارزة فبارزه علي بن أبي طالب وقتله.

ثم خرج ياسر أخو مرحب، فبارزه الزبير وقتله، ودار القتال المرير حول حص..ن ن..اعم، قتل فيه عدة سراة من اليهود، انهارت ألجله مقاوم..ة اليه..ود، واقتحم المس..لمون حص..ن

ناعم.

فتح حصن الصعب بن معاذ:

وكان الثاني من حيث القوة والمناعة قام المسلمون بالهجوم عليه بقيادة الحب..اب بن المنذر األنصاري، ففرضوا عليه الحصار ثالث..ة أي..ام، وفي الي..وم الث..الث، دع..ا رس..ول الل..ه

لفتح هذا الحصن دعوة خاصة.

ثم فتح الحصن في ذلك الي..وم قب..ل أن تغ..رب الش..مس، ووج..د في..ه المس..لمون بعضالمنجنيقات والدبابات.

فتح قلعة الزبير:

وبعد فتح الحصنين السابقين تحول اليهود إلى قلعة الزبير، وهو حصن م..نيع في رأس جبل، ال تقدر عليه الخيل والرجال، ففرض علي..ه الرس..ول الحص..ار، وأق..ام محاص..راj ثالث..ة أيام، وقطع عنهم الماء، فخرجوا فقاتلوا أشد القتال، قتل فيه نفر من المسلمين وأصيب

نحو العشرة من اليهود، وافتتحه رسول الله.

فتح قلعة أبي:

وبعد فتح قلعة الزبير انتقل اليهود إلى قلعة أبي وتحصنوا فيه، وقد اقتحم أب..و دجان..ة القلعة واقتحم الجيش اإلسالمي معه وجرى قت..ال مري..ر س..اعة داخ..ل الحص..ن، ثم تس..لل

اليهود من القلعة وتحولوا إلى حصن النزار آخر حصن في الشطر األول.

فتح حصن النزار:

ك..ان ه..ذا الحص..ن أمن..ع حص..ون ه..ذا الش..طر، وك..ان اليه..ود على ش..به اليقين ب..أن المسلمين ال يستطيعون اقتحام هذه القلعة، وإن بذلوا قصارى جهدهم في ه..ذا الس..بيل، ولذلك أقاموا في هذه القلع..ة م..ع ال..ذراري والنس..اء، بينم..ا ك..انوا ق..د أخل..وا منه..ا القالع

األربعة السابقة.

وفرض المسلمون على ه..ذا الحص..ن أش..د الحص..ار، وص..اروا يض..غطون عليهم بعن..ف، ولك..ون الحص..ن يق..ع على جب..ل مرتف..ع، أم..ر الرس..ول بنص..ب آالت المنج..نيق ويب..دو أن المسلمين قذفوا به القذائف، فأوقعوا الخلل في ج..دران الحص..ن واقتحم..وه، ودار قت..ال مرير في داخل الحصن انهزم أمامه اليهود هزيمة منكرة، وفروا من ه..ذا الحص..ن ت..اركين

للمسلمين نساءهم وذراريهم.

وبعد فتح هذا الحصن المنيع تم فتح الشطر األول من خيبر، وهي ناحية النطاة والشق وكانت في هذه الناحية حصون صغيرة أخرى إال أن اليهود بمجرد فتح ه..ذا الحص..ن الم..نيع

أخلوا هذه الحصون، وهربوا إلى الشطر الثاني من بلدة خيبر.

فتح الشطر الثاني من خيبر:

40

Page 41: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

لما أتى رسول الله إلى هذه الناحية فرض على أهلها أشد الحصار، ودام الحصار أربعة عش..ر يوم..اj، واليه..ود ال يخرج..ون من حص..ونهم، ح..تى هم رس..ول الل..ه أن ينص..ب عليهم

المنجنيق، فلما أيقنوا بالهلكة سألوا رسول الله الصلح.

المفاوضة:

أرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله وتم الص..لح على حقن دم..اء من في حص..ونهم من المقاتلة، وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم ويخلون بين رس..ولjالله وبين ما كان لهم من م..ال وارض، وعلى ال..ذهب والفض..ة، والك..راع والحلق..ة إال ثوب..ا على ظه..ر إنس..ان، فص..الحوه على ذل..ك، وبع..د ه..ذه المص..الحة تم تس..ليم الحص..ون إلى

المسلمين.

قتل ابني أبي الحقيق لنقض العهد:

وعلى رغم هذه المعاهدة غيب أبنا أبي الحقيق ماالj كثيراj، غيب..ا جل..داj في..ه م..ال وحليلحيي بن أخطب، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير.

وذكر ابن القيم أن رسول الله أمر بقتل ابني أبي الحقيق وكان الذي اع..ترف عليهم..ابإخفاء المال هو ابن عم كنانة.

وسبى الرسول صفية بن حيي بن أخطب، وك..انت تحت كنان..ة بن أبي الحقي..ق وك..انت.jعروسا

قسمة الغنائم:

وأراد الرسول أن يجلي اليهود من خيبر، فقالوا: يا محمد، دعنا نك..ون في ه..ذه األرض نصلحها ونقوم عليها فنحن أعلم بها منكم، فأعطاهم خي..بر على أن لهم الش..طر من ك..ل

زرع، ومن كل ثمر، ما بدا لرسول الله أن يقرهم وكان عبدالله بن رواحه يخرصه عليهم.

وقسم أرض خيبر على ستة وثالثين سهماj، جمع ك..ل س..هم مائ..ة س..هم، فك..انت ثالث..ة آالف وستمائة سهم، فكان لرسول الله والمسلمين النصف من ذلك وه..و أل..ف وثمانمائ..ة سهم، لرسول الله سهم كسهم أحد المسلمين وعزل النصف اآلخر، لنوائبه وما يت..نزل ب..ه من أمور المسلمين، وإنما قسمت على ألف وثمانمائة س..هم ألنه..ا ك..انت طعم..ة من الل..ه ألهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب، وكانوا ألفاj وأربعمائة، وك..ان معهم مائت..ا ف..رس، لكل ف.رس س.همان، فقس.مت على أل.ف وثمانمائ.ة س.هم، فص.ار للف.ارس ثالث.ة أس.هم

وللراجل سهم واحد.

قدوم جعفر بن أبي طالب واألشعريين:

وفي هذه الغزوة قدم عليه ابن عمه جعفر بن أبي طالب وأصحابه، ومعهم األشعريون أبو موسى وأصحابه، ولما قدم جعفر على النبي تلقاه وقبل ما بين عينيه وقال: "والله ما

أدري بأيهما أفرح؟ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر".

الزواج بصفية:

عرض عليها الرسول اإلسالم فأسلمت، فاعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها.

أمر الشاة المسمومة:

أهدت زينب بنت الحارث امرأة سالم ابن مش..كم، ش..اة مص..لية، وق..د س..ألت أي عض..و أحب إلى الرسول فقيل لها: الذراع، فأكثرت في..ه من الس..م، ثم س..مت س..ائر الش..اة، ثم

41

Page 42: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله تناول الذراع، فلك منه..ا مض..غة فلم يس..غها، ولفظها، ثم قال: "إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم"، ثم دعا بها فاعترفت فق..ال: "م..ا حملك على ذل..ك؟" ق..الت: قلت: إن ك..ان ملك..ان اس..ترحت من..ه، وإن ك..ان نبي..اj فيس..خبر،

فتجاوز عنها.

قتلى الفريقين في معارك خيبر:

جملة من استشهد من المسلمين في معارك خيبر ستة عش..ر رجالj، أربع..ة من ق..ريشوواحد من أشجع، وواحد من أسلم، وواحد من أهل خيبر والباقون من األنصار.

.jأما قتلى اليهود فعددهم ثالثة وتسعون قتيال

غزوة ذات الرقاع:

ه.، وهي أن الن..بي س..مع باجتم..اع ب..ني إنم..ار أو ب..ني ثعلب..ة7وقعت هذه الغزوة سنة وبني محارب من غطفان، فأسرع ب..الخروج إليهم في أربعمائ..ة أو س..بعمائة من أص..حابه، وس..ار فتوغ..ل في بالدهم ح..تى وص..ل إلى موض..ع يق..ال ل..ه: نخ..ل، على بع..د ي..ومين من المدينة، ولقي جمعاj من غطفان، فتقاربوا وأخاف بعضهم بعضاj ولم يكن بينهم قت..ال، إال

أنه صلى بهم يومئذ صالة الخوف.

ويروي أبو موسى األشعري، قال: خرجنا مع رس..ول الل..ه ونحن س..تة نف..ر بينن..ا بع..ير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقطت أظافري، فكنا نلف على أرجلن..ا الخ..رق،

فسميت ذات الرقاع، لما كنا نعصب الخرق على أرجلنا.

كان لهذه الغزوة أثر في ق..ذف ال..رعب في قل..وب األع..راب القس..اة، وإذا نظرن..ا إلى تفاصيل السرايا بعد الغزوة نرى أن هذه القبائل من غطف..ان لم تج..ترئ أن ترف..ع رأس..ها

بعد هذه الغزوة، بل استكانت حتى استسلمت، بل وأسلمت.

وبهذا تم كسر األجنحة الثالثة التي ك..انت ممثل..ة في األح..زاب، وس..اد المنطق..ة األمنوالسالم.

عمرة القضاء:

أن الرسول لما هل ذو القع..دة أم..ر أص..حابه أن يعتم..روا قض..اء عم..رتهم، وأال يتخل..ف منهم أحد شهد الحديبية، فخرجوا إال من استشهد، وخ..رج مع..ه آخ..رون معتم..رين، فك..انت

عدتهم ألفين سوى النساء والصبيان.

jوساق ستين بدنة، وأحرم من ذي الحليفة، ولبى، ولبى المسلمون معه، وخرج مستعدا بالسالح والمقاتلة، خشية أن يقع من قريش غدر، فلما بلغ يأجج وضع األداة كلها: الحجف والمجان والنبل والرماح، وخلف عليها أوس بن خولي األنصاري في م..ائتي رج..ل، ودخ..ل

ب. ر� بسالح الراكب: السيوف في الق�

وأقام الرسول بمكة ثالثاj، فلما أصبح من اليوم الرابع أتوا علياj فق..الوا: ق..ل لص..احبك:أخرج عنا فقد مضى األجل، فخرج النبي ونزل بسرف فأقام بها.

ولم..ا أراد الخ..روج من مك..ة تبعتهم ابن..ة حم..زة، تن..ادي ي..ا عم ي..ا عم، فتناوله..ا عليواختصم فيها علي وجعفر وزيد، فقضى النبي لجعفر ألن خالتها كانت تحته.

وفي هذه العمرة تزوج النبي بميمونة بنت الحارث العامرية.

42

Page 43: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وسميت هذه العمرة بعمرة القضاء، إما ألنها كانت قضاء عن عمرية الحديبية، أو ألنه..ا وقعت حسب المقاضاة )أي المص..الحة( ال..تي وقعت في الحديبي..ة، وه..ذه العم..رة تس..مى

بأربعة أسماء: القضاء والقضية والقصاص والصلح.

معركة مؤتة:

ه.، وهي قري..ة ب..أدنى بلق..اء الش..ام، بينه..ا وبين بيت8وقعت في جمادى األولى سنة المقدس مرحلتان.

سبب المعركة:

أن الرسول بعث الحارث بن عمير األزدي بكتابه إلى عظيم بصرى، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني، فأوثقه رباطاj ثم قدمه فضرب عنقه، فاشتد ذلك على الرسول فجه..ز

جيشاj قوامه ثالثة آالف مقاتل.

أمراء الجيش ووصية رسول الله إليهم:

أمر الرسول على هذا البعث زي..د بن حارث..ة، وق..ال: "إن قت..ل زي..د فجعف..ر، وإن قت..لجعفر فعبدالله بن رواحة"، وعقد لهم لواء أبيض، ودفعه إلى زيد بن حارثة.

وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عم..ير، وأن ي..دعوا من هن..اك إلى اإلس..الم، وق..الjلهم: "أغزوا بسم الله، في سبيل الله من كفر بالله، ال تغدروا، وال تغلوا، وال تقتلوا ولي..دا

وال امرأة، وال كبيراj فانياj وال منعزال ...".

توديع الجيش اإلسالمي وبكاء عبدالله بن رواحة:

لما تهيأ الجيش اإلسالمي للخروج حضر الناس، وودعوا أمراء رسول الله، وحينئ..ذ بكى أحد أمراء الجيش )عبدالله بن رواحه( فقالوا ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما بي حب ال..دنيا، وال صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله يقرأ آية من كت..اب الل..ه ي..ذكر فيه..ا الن..ار: "وإن منكم إال واردها كان على ربك حتماj مقضياj"، فلست أدري بالصدور بع..د ال..ورود؟ ثم خ..رج

القوم وخرج رسول الله مشيعاj لهم حتى بلغ ثنية الوداع فوقف وودعهم.

تحرك الجيش اإلسالمي، ومباغتته حالة رهيبة:

تحرك الجيش حتى نزل معان، من أرض الشام، ونقلت االستخبارات ب..أن هرق..ل ن..ازلبمآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم.

المجلس االستشاري بمعان:

أقاموا في معان ليلتين يفكرون في أمرهم، ثم قالوا نكتب لرسول الله فنخ..بره بع..دد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له، وعارض عبدالله بن رواح..ه

الرأي وشجع الناس على المضي.

الجيش اإلسالمي يتحرك نحو العدو:

تحرك الجيش إلى أرض العدو حتى لقيتهم جموع هرقل بقرية من قرى البلق..اء يق..ال لها مشارف ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى مؤتة، فعس..كروا هن..اك، وتع..بئوا للقت..ال،

فجعلوا على ميمنتهم قطبة بن قتادة العذري، وعلى الميسرة عبادة بن مالك األنصاري.

بداية القتال، وتناوب القواد:

43

Page 44: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وفي مؤتة التقى الفريقان، وبدأ القت..ال المري..ر، ثالث.ة آالف رج..ل يواجه..ون هجم..اتمائتي ألف مقاتل، معركة عجيبة تشاهدها الدنيا بالدهشة والحيرة !

أخذ الراية زيد بن حارثة، وجعل يقاتل بضراوة بالغة، وبس..الة ال يوج..د له..ا نظ..ير، فلم.jيزل يقاتل ويقاتل حتى شاط في رماح القوم، وخر صريعا

وحينئذ أخذ الراي.ة جعف.ر بن أبي ط.الب، وطف.ق يقات.ل قت.االj منقط.ع النظ.ير، ح..تى أرهقه القت..ال اقتحم عن فرس..ه الش..قراء فعقره..ا، ثم قات..ل ح..تى قطعت يمين..ه، فأخ..ذ الراية بشماله، ولم يزل بها حتى قطعت شماله فاحتضنها بعضدية، فلم ي..زل رافع..اj إياه..ا

حتى قتل.

ولما قتل جعفر، أخذ الراية عبدالله بن رواحة، وتق..دم به..ا، وه..و على فرس..ه، فجع..ليستنزل نفسه، ويتردد بعض التردد، ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل.

الراية إلى سيف من سيوف الله:

تقدم رجل من بني عجالن فأخ..ذ الراي..ة وق.ال: ي..ا معش..ر المس..لمين، اص.طلحوا على.jمريرا jرجل منكم، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية قاتل قتاال

نهاية المعركة:

ومع الشجاعة البالغة والبسالة والضراوة المريرتين، ك..ان مس..تغرباj ج..داj أن ينجح ه..ذا الجيش الصغير في الصمود أمام تيارات جيوش الروم، ففي ذل..ك ال..وقت أظه..ر خال..د بن

الوليد مهارته ونبوغه في تخليص المسلمين مما ورطوا أنفسهم فيه.

فشعر خالد بالحاجة إلى مكيدة حربية تلقي الرعب في قلوب الروم..ان ح..تى ينجح فياالنحياز بالمسلمين من غير أن يقوم الرومان بحركات المطاردة.

فلما أصبح اليوم الثاني غير أوض.اع الجيش، وعب.أه من جدي.د، فجع.ل مقدمت.ه س.اقه، وميمنت..ه ميس..رة وعلى العكس فلم..ا رآهم األع..داء أنك..روا ح..الهم، وق..الوا ج..اءهم م..دد فرعب..وا، وص..ار خال..د يت..أخر بالمس..لمين قليالj قليالj م..ع حف..ظ نظ..ام جيش..ه، ولم يتبعهم الرومان ظن..اj منهم أن المس..لمين يخ..دعونهم، ويح..اولون القي..ام بمكي..دة ت..رمي بهم في

الصحراء.

وهكذا انحاز العدو إلى بالده، ولم يفكر في القيام بمطاردة المسلمين.

قتلى الفريقين:

استشهد من المسلمين اثنا عشر رجالj، أما الروم..ان فلم يع..رف ع..دد قتالهم، غ..ير أنتفصيل المعركة يدل على كثرتهم.

أثر المعركة:

وهذه المعركة وإن لم يحصل المسلمون بها على الثأر، لكنها كانت كبيرة األثر لس..معة المسلمين، إنها ألقت العرب كلها في الدهشة والحيرة، ولذلك نرى القبائل الل..دودة ال..تي كانت ال تزال تثور على المس.لمين جنحت بع.د ه.ذه المعرك.ة إلى اإلس.الم، فأس.لمت بن.و

سليم وأشجع وغطفان وذبيان وفزارة وغيرها.

وكانت هذه المعركة بداية اللقاء الدامي مع الروم..ان، فك..انت توطئ..ة وتمهي..داj لفت..وحالبلدان الرومانية، واحتالل المسلمين األراضي البعيدة النائية.

44

Page 45: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

غزوة فتح مكة:

سبب الغزوة:

كانت هناك عداوة وتوتر بين قبيلتي بنو بكر وخزاعة في الجاهلية وفي صلح الحديبي..ة دخلت خزاعة في عهد رسول الله ودخلت بنو بكر في عه..د ق..ريش، ووقعت ه..ذه الهدن..ة، وأمن كل فريق من اآلخر، اغتنمها بنو بك..ر، وأرادوا أن يص..يبوا من خزاع..ة الث..أر الق..ديم،

ه.، فأغاروا8فخرج نوفل بن معاوية الديلي في جماعة من بني بكر في شهر شعبان سنة على خزاعة ليالj، وهم على ماء يقال له: "الوتير" فأصابوا منهم رجاالj، وتناوشوا واقتتلوا، وأعانت قريش بني بكر بالسالح، وقاتل معهم رج..ال من ق..ريش مس..تغلين ظلم..ة اللي..ل، حتى حازوا خزاعة إلى الحرم، فلما انتهوا إليه قالت بنو بنكر: يا نوفل، إنا قد خلنا الحرم، إلهك إلهك، فقال كلمة عظيمة: ال إل..ه الي..وم ي..ا ب..ني بك.ر، أص.يبوا ث..أركم، فلعم..ري إنكم

لتسرقون في الحرم أفال تصيبون ثأركم فيه؟

ولما دخلت خزاعة مكة لجئ.وا إلى دار ب.ديل بن ورق.اء الخ..زاعي، وإلى دار م.ولى لهميقال له رافع.

وأسرع عمرو بن سالم الخزاعي، فخرج حتى ق..دم على رس..ول الل..ه المدين..ة، فوق..فعليه وهو جالس في المسجد فأبلغه الخبر، فقال الرسول: "نصرت يا عمرو بن سالم".

أبو سفيان يخرج إلى المدينة ليجدد الصلح:

ال شك أن ما فعلت قريش وحلفاؤها كان غدراj محضاj ونقض..اj ص..ريحاj للميث..اق، ول..ذلكjسرعان ما أحس.ت ق.ريش بغ.درها، وخ..افت وش.عرت بعواقب.ه الوخيم.ة، فعق.دت مجلس.ا

استشارياj وقررت أن تبعث قائدها أبا سفيان ممثالj لها ليقوم بتجديد الصلح.

وخرج أبو سفيان إلى المدينة حتى أترى الرسول فكلمه، فلم يرد عليه شيئاj، ثم ذهب إلى أبي بكر فكلمه أن يكلم الرسول فقال ل..ه: م..ا أن..ا بفاع..ل، ثم أتى عم..ر بن الخط..اب فكلمه فقال: أأنا أشفع لكم إلى رسول الله؟ فوالله لو لم أجد إال ال..ذر لجاه..دتكم ب..ه، ثم جاء لعلي وقال له اشفع لي إلى محمد فقال: ويحك يا أبا سفيان، لقد ع..زم رس..ول الل..ه

على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه.

التهيؤ للغزوة ومحاولة اإلخفاء:

زيادة في اإلخفاء والتعمية بعث رسول الله س..رية قوامه..ا ثماني..ة رج..ال، تحت قي..ادة ه.، ليظن الظ..ان أن..ه8أبي قتادة بن ربعي، إلى بطن إض..م، في أول ش..هر رمض..ان س..نة

يتوجه إلى تلك الناحية ولتذهب بذلك األخبار.

وكتب حاطب بن بلتعه إلى قريش كتاباj يخبرهم بمس..ير رس..ول الل..ه إليهم ثم أعط..اه امرأة وجعل لها جعالj على أن تبلغه قريشاj، فجعلته في ق..رون رأس..ها، وأتى رس..ول الل..ه

الخبر من السماء بما صنع حاطب.

وهك..ذا أخ..ذ الل..ه العي..ون، فلم يبل..غ إلى ق..ريش أي خ..بر من أخب..ار تجه..ز المس..لمينوتهيئتهم للقتال.

الجيش اإلسالمي يتحرك نحو مكة:

ه. غادر رسول الله المدينة متجه..اj إلى مك..ة في عش..رة8في العاشر من رمضان سنة آالف من الصحابة واستخلف على المدينة أبا رهم الغفاري.

45

Page 46: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

j وهو في الطريق لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلما مهاجراj، ثم لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث وابن عمته عبدالله بن أبي أمية، فأعرض عنها، فقالت له أم سلمة: ال يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك، وقال علي ألبي سفيان بن الحارث: قل لرسول الله ما قال إخوة يوسف ليوسف: )قالوا تالل..ه لق..د آث..رك الله علينا وإن كنا لخاطئين( فرد عليه رسول الله )ال ت..ثريب عليكم الي..وم يغف..ر الل..ه لكم

وهو أرحم الراحمين(.

الجيش اإلسالمي ينزل بمر الظهران:

وواصل رسول الله سيره وهو صائم والناس صيام، حتى بل..غ الكدي..د ف..أفطر، وأفط..ر الناس معه، ثم واصل سيره حتى ن..زل بم..ر الظه..ران نزل..ه عش..اء ف..أمر الجيش فأوق..دوا

النيران، فأوقدت عشرة آالف نار، وجعل رسول الله على الحرس عمر بن الخطاب.

أبو سفيان بين يدي رسول الله:

لما أتى العباس بأبو سفيان لرسول الله قال: "ويحك ي..ا أب..ا س..فيان، ألم ي..أن ل..ك أن تعلم أن ال إله إال الله؟" قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك؟ لق..د ظننت أن

لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئاj بعد.

قال: "ويحك يا أبا س..فيان، ألم ي..أن ل..ك أن تعلم أني رس..ول الل..ه؟"، ق..ال: ب..أبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك: أما هذه فإن في النفس حتى اآلن منها ش..يء، فق..ال له العباس: ويحك أسلم، واشهد أن ال إله إال الله، وأن محمداj رسول الله، قب..ل أن تض..رب

عنقك، فأسلم وشهد شهادة الحق.

قال العباس: يا رسول الله، إن أبا سفيان رج..ل يحب الفخ..ر فاجع..ل ل..ه ش..يئاj، ق..ال: "نعم، من دخ..ل دار أبي س..فيان فه..و آمن، ومن أغل..ق علي..ه باب..ه فه..و آمن، ومن دخ..ل

المسجد الحرام فهو آمن".

الجيش اإلسالمي يغادر مر الظهران إلى مكة:

ه. غادر الرسول م..ر الظه..ران إلى8وفي صباح الثالثاء للسابع عشر من شهر رمضان مكة وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل، حتى تمر به جن..ود

الله فيراها، ففعل فمرت القبائل على راياتها.

قريش تباغت زحف الجيش اإلسالمي:

ولما مر رسول الله بأبي سفيان ومضى قال له العباس: النجاء إلى قومك، فأسرع أبو سفيان حتى دخل مكة، وصرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيم..ا ال قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل

المسجد فهو آمن.

فتجمع سفهاء قريش وأخفاؤها مع عكرمة بن أبي جهل، وص..فوان بن أمي..ة، وس..هيلبن عمرو بالخندمة ليقاتلوا المسلمين.

الجيش اإلسالمي بذي طوى:

وهنا وزع الرسول جيشه وكان خالد بن الوليد على المجنبة اليم..نى، ف..أمره أن ي..دخل مكة من أسفلها، وقال: "إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصداj، ح..تى تواف..وني

على الصفا".

46

Page 47: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وكان الزبير بن العوام على المجنبة اليسرى، وكان معه راي..ة رس..ول الل..ه، ف..أمره أنيدخل مكة من أعالها، وأن يغرز رايته بالحجون وال يبرح حتى يأتيه.

وكان أبو عبيدة على الرجالة والحسر وهم الذين ال س..الح معهم ف..أمره أن يأخ..ذ بطنالوادي حتى ينصب لمكة بين يدي رسول الله.

الجيش اإلسالمي يدخل مكة:

وتحركت كل كتيبة فأما خالد وأصحابه فلم يلقهم أحد من المشركين إال أناموه، وقت..ل من أصحابه من المسلمين اثنين كان..ا ق..د ش..ذا عن الجيش، وأم..ا س..فهاء ق..ريش فلقيهمjمن قتال، فأصابوا من المشركين اثني عشر رجال jخالد وأصحابه بالخندمة فناوشوهم شيئا فانهزم المشركون، وأما الزبير فتقدم حتى نصب راية رس.ول الل.ه ب.الحجون عن.د مس.جد

الفتح وضرب له هناك قبة، فلم يبرح حتى جاءه الرسول.

الرسول يدخل المسجد الحرام ويطهره من األصنام:

دخل الرسول إلى المسجد، فأقبل على الحجر األس..ود فاس..تلمه وط..اف ب..البيت وفي يده قوس وحول البيت ثالثمائة وستون صنماj، فجعل يطعنها بالقوس، ويقول: "جاء الح..ق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاj"، "جاء الحق وما يبدئ الباطل وم..ا يعي..د"، واألص..نام

تتساقط على وجوهها.

فلما أكمل طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخ..ذ من..ه مف..اتيح الكعب..ة، ف..أمر به..ا ففتحتفدخلها.

الرسول يصلي في الكعبة ثم يخطب أمام قريش.

ال تثريب عليكم اليوم:

ثم قال: يا معش..ر ق..ريش، م..ا ت..رون أني فاع..ل بكم؟ ق..الوا: خ..يراj، أخ ك..ريم وابن أخ كريم، قال: "فإني أقول لكم كم..ا ق..ال يوس..ف إلخوت..ه: "ال ت..ثريب عليكم الي..وم" اذهب..وا

فأنتم الطلقاء".

مفتاح البيت إلى أهله:

وأعاد الرسول المفتاح إلى عثمان بن طلحة، وقال له: "خذوها خالدة تالدة، ال ينزعه..ا منكم إال ظالم، يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته، فكلوا مما يصل إليكم من هذا ال..بيت

بالمعروف".

بالل يؤذن على الكعبة:

وحانت الصالة فأمر رسول الله بالالj أن يص..عد في..ؤذن على الكعب..ة، وأب..و س..فيان ابن حرب، وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعب..ة، فق..ال عت..اب: لق..د أك..رم الله أسيداj أال يكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه، فقال الحارث: أما والله لو أعلم أن..ه حق التبعته، فق..ال أب..و س..فيان: أم..ا والل..ه ال أق..ول ش..يئاj، ل..و تكلمت ألخ..برت ع..ني ه..ذا الحصباء، فخرج عليهم النبي فقال لهم: "قد علمت الذي قلتم"، ثم ذك.ر ذل.ك لهم، فق.ال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله، والله م..ا أطل..ع على ه..ذا أح..د ك..ان معن..ا فنق..ول:

أخبرك.

صالة الفتح أو صالة الشكر:

47

Page 48: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

دخل رسول الله يومئذ دار أم هانئ بنت أبي طالب، فاغتسل وصلى ثم.ان ركع.ات فيبيتها، وهي صالة الفتح.

إهدار دماء رجال من أكابر المجرمين:

أهدر رسول الله يومئذ دماء تسعة نفر من أكابر المج..رمين، وأم..ر بقتلهم وإن وج..ودا تحت أس.تار الكعب.ة، وهم: عب.دالعزى بن خط.ل وعبدالل.ه بن س.عد بن أبي س.رح )أس.لم( وعكرمة بن أبي جهل )أسلم( والحارث بن نفيل بن وهب )قتل..ه علي( ومقيس بن ص..بابة )قتله نميلة بن عبدالله( وهبار بن األسود )أسلم( وقينتان كانتا البن خط..ل، كانت..ا تغني..ان بهجو النبي )قتلت إح..داهما وأس..لمت األخ..رى(، و س..ارة م..والة لبعض ب..ني عب..دالمطلب،

وهي التي وجد معها كتاب حاطب )أسلمت(.

إسالم صفوان بن أمية، وفضالة بن عمير.

خطبة الرسول في اليوم الثاني من الفتح:

ولما كان الغد من يوم الفتح قام رسول الله في الناس خطيباj فقال: "أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السموات واألرض، فهي ح.رام بحرم.ة الل.ه إلى ي.وم القيام.ة، فال يحل المرئ يؤمن بالله واليوم اآلخر أن يسفك فيها دم..اj، أو يعض..د به..ا ش..جرة، ف..إن أح..د ترخص لقتال رسول الله فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما حلت لي ساعة

من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها باألمس، فليبلغ الشاهد الغائب".

تخوف األنصار من بقاء الرسول في مكة:

ولما تم فتح مكة على الرسول قال األنصار فيما بينهم: أترون رسول الله إذ فتح الل..ه عليه أرضه وبلده أن يقيم بها، فلما فرغ من دعائه قال: "م..اذا قلتم؟" ق..الوا: ال ش..يء ي..ا رسول الله، فلم ي..زل بهم ح..تى أخ..بروه، فق..ال: "مع..اذ الل..ه، المحي..ا محي..اكم، والمم..ات

مماتكم".

أخذ البيعة:

جلس الرس..ول على الص..فا يب..ايع الن..اس، وعم..ر بن الخط..اب أس..فل من..ه، أخ..ذ علىالناس، فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا.

إقامته صلى الله عليه وسلم وعمله فيها:

أقام بها تسعة عش.ر يوم.اj يج.دد مع.الم اإلس.الم، ويرش.د الن.اس إلى اله.دى والتقى، وخالل هذه األيام أمر أبا أسيد الخ.زاعي فج.دد أنص.اب الح.رم، وبث س.راياه لل.دعوى إلى اإلسالم ولكسر األوثان التي كانت حول مكة، فكسرت كلها ون.ادى منادي.ه بمك.ة: من ك.ان

يؤمن بالله واليوم اآلخر فال يدع في بيته صنماj إال كسره.

السرايا والبعوث:

ه.8 – بعث خال..د بن الولي..د إلى الع..زى لخمس لي..ال بقين من ش..هر رمض..ان س..نة 1ليهدمها.

– بعث عمرو بن العاص في نفس الشهر إلى سواع ليهدمه.2

– وفي الشهر نفسه بعث سعد بن زيد األشهلي إلى مناة ليهدمها.3

48

Page 49: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

– بعث خال..د بن الولي..د إلى ب..ني جذيم..ة داعي..اj إلى اإلس..الم ال مق..اتالj، فخ..رج في4 ثالثمائة وخمسين رجالj من المهاجرين واألنصار وبني س..ليم، ف..انتهى إليهم ف..دعاهم إلى اإلسالم فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خال..د يقتلهم

ويأسرهم، فذكر ذلك للرسول فقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد".

غزوة حنين

مسير العدو ونزوله بأوطاس:

أجمع القائ..د الع..ام مال..ك بن ع..وف المس..ير إلى ح..رب المس..لمين، س..اق م..ع الن..اسأموالهم ونسائهم وأبنائهم، فسار حتى نزل بأوطاس.

سالح استكشاف العدو:

وج..اءت إلى مال..ك عي..ون ك..ان ق..د بعثهم لالستكش..اف عن المس..لمين، وق..د تف..رقت أوصالهم، قال ما شأنكم، قالوا: رأينا رجاالت بيض..اj على خي..ل بل..ق والل..ه م..ا تماس..كنا أن

أصابنا ما ترى.

سالح استكشاف رسول الله:

ونقلت األخبار إلى رسول الله بمسير العدو، فبعث أبا حدرد األسلمي، وأمره أن يدخلفي الناس، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم، ثم يأتيه بخبرهم، ففعل.

الرسول يغادر مكة إلى حنين:

ه. غادر رسول الله مكة خرج في اث.ني عش.ر ألف.اj من8 شوال سنة 6في يوم السبت المسلمين، عشرة آالف ممن كانوا خرجوا معه لفتح مكة، وألفان من أهل مك..ة، وأك..ثرهم حديثو عهد باإلسالم واستعار من صفوان بن أمية مائ..ة درع بأداته..ا، واس..تعمل على مك..ة

عتاب بن أسيد.

وفي طريقهم إلى حنين رأوا سدرة عظيمة خضراء يقال لها: ذات أنواط، كانت العرب تعلق عليها أسلحتهم، ويذبحون عندها ويعكفون، فقال بعض الجيش إجعل لنا ذات أن..واط، كما لهم ذات أنواط فقال: "الله أكبر، قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى:

اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ... ".

وقد كان بعضهم قال نظراj إلى كثرة الجيش: لن نغلب اليوم، وكان قد شق ذل..ك علىرسول الله.

الجيش اإلسالمي يباغت بالرماة والمهاجمين:

وصل الجيش إلى حنين الليلة التي بين الثالثاء واألربعاء لعشر خلون من شوال، وك.ان مالك بن عوف ق..د س..بقهم، فأدخ..ل جيش..ه باللي..ل في ذل..ك ال..وادي، وف..رق كمن..اءه في الط..رق و الم..داخل والش..عاب واألخب..اء والمض..ايق، وأص..در إليهم أم..ره ب..أن يرش..قوا المسلمين أول ما طلعوا، ثم يشدوا شدة رجل واح..د، وعن..د دخ..ول المس..لمين ال..وادي إذا تمطر عليهم النبال، وإذا كت..ائب الع..دو ق..د ش..دت عليهم، فانش..مر المس..لمون راجعين ال

يلوي أحد على أحد، وكانت هزيمة منكرة.

وانحاز رسول الله جهة اليمين وهو يقول "هلموا إلي أيها الناس، أن..ا رس..ول الل..ه أن..امحمد بن عبدالله"، ولم يبق معه إال عدد قليل من المهاجرين واألنصار.

رجوع المسلمين واحتدام المعركة:

49

Page 50: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وأمر رسول الل.ه عم.ه العب.اس أن ين.ادي الص.حابة وق.ال ب.أعلى ص.وته: أين أص.احبالسمرة؟ حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس واقتتلوا.

وصرفت الدعوة إلى األنصار: يا معشر األنصار، ثم قصرت الدعوة في بني الح..ارث بن الخزرج، وتالحقت كتائب المسلمين واحدة تلو األخرى كم.ا ك.انوا ترك.وا الموقع.ة، وتجال.د الفريقان مجالدة شديدة، ونظر رسول الله إلى ساحة القتال، وقد استحر واحتدم، فقال: "اآلن حمي الوطيس"، ثم أخذ قبضة من تراب األرض، فرمى بها في وجوه الق..وم وق..ال:

"شاهت الوجوه"، فما خلق الله إنساناj إال مأل عينيه تراباj من تلك القبضة.

انكسار حدة العدو، وهزيمته الساحقة:

وما هي إال ساعات قالئل – بعد رمي القبضة – حتى انهزم العدو هزيمة منك..رة، وقت..لمن ثقيف وحدهم نحو السبعين، وحاز المسلمون ما كان مع العدو من مال وسالح وظعن.

حركة المطاردة:

ولما انهزم العدو صارت ط..ائف منهم إلى الط..ائف، وطائف..ة إلى نخل..ة، وطائف..ة إلى أوطاس، فأرسل النبي إلى أوطاس طائفة من المطاردين يق..ودهم أب..و ع..امر األش..عري، فتناوش الفريقان القتال قليالj، ثم انهزم جيش المشركين وقتل في المناوشة أب..و ع..امر

األشعري.

وطاردت طائفة أخرى من فرسان المس..لمين فل..ول المش..ركين ال..ذين س..لكوا نخل..ة،فأدرت دريد بن الصمة فقتله ربيعة بن رفيع.

وأما معظم فلول المشركين الذين لجئوا إلى الطائف، فتوج..ه إليهم الرس..ول بنفس..هبعد أن جمع الغنائم.

الغنائم:

وكانت الغنائم: السبي ستة آالف رأس، واإلبل أربعة وعش..رون ألف..اj، والغنم أك..ثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آالف أوقية فضة، أمر رسول الله بجمعها، ثم حبس..ها بالجعران..ة،

ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف.

وكانت في السبي الشيماء بنت الحارث السعدية، أخت رسول الل..ه من الرض..اعة، فم..ا جيء به..ا إلى الرس..ول ع..رفت ل..ه نفس..ها، فعرفه..ا بعالم..ة فأكرمه..ا، وبس..ط له..ا رداءه

وأجلسها عليه، ثم من عليها، وردها إلى قومها.

غزوة الطائف:

وهي امتداد لغ..زوة ح..نين، حيث أن معظم فل..ول ه..وازن وثقي..ف دخل..وا الط..ائف م..ع القائد العام مالك بن عوف النصري، وتحصنوا به..ا، فس..ار إليهم الرس..ول بع..د فراغ..ه من

ه..8حنين وجمع الغنائم في الشهر نفسه شوال سنة

وقدم خالد بن الوليد على مقدمت..ه طليع..ة في أل..ف رج..ل، ثم س..لك رس..ول الل..ه إلى الطائف، وكان هناك حصن لمالك بن عوف فأمر بهدم..ه، ف..نزل قريب..اj من حص..نه وعس..كر

هناك وفرض الحصار على أهل الحصن.

ودام الحصار مدة غير قليلة، ووقعت في هذه المدة مراماة، ومقاذف..ات، فالمس..لمون أول ما فرضوا الحصار رماهم أهل الحصن رمياj شديداj، ح..تى أص..يب ن..اس من المس..لمين بجراحة، وقتل منهم اثن.ا عش.ر رجالj، واض.طروا إلى االرتف.اع عن معس.كرهم إلى مس.جد

الطائف اليوم، فعسكروا هناك.50

Page 51: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ونصب النبي المنجنيق على أهل الطائف، وقذف به القذائف، ح..تى وقعت ش..دخة فيجدار الحصن، فدخل نفر من المسلمين تحت دبابة.

ودخلوا بها إلى الج..دار ليحرق..وه، فأرس..ل عليهم الع..دو س..كك الحدي..د محم..اة بالن..ار،.jفخرجوا من تحتها، فرموهم بالنبل وقتلوا منهم رجاال

وأمر رسول الله بقطع األعناب وتحريقها، فقطعها المس.لمون قطع.اj ذريع.اj، فس.ألتهثقيف أن يدعها لله والرحم، فتركها.

ونادى منادي..ه: أيم..ا عب..د ن..زل من الحص..ن وخ..رج إلين..ا فه..و ح..ر، فخ..رج إليهم ثالث.ةوعشرون رجالj، فيهم أبو بكرة، فأعتقهم رسول الله.

ولما طال الحصار واستعصى الحصن، استشار الرسول نوفل بن معاوية الديلي فأشار عليه برفع الحصار والرحيل، فأمر عمر بن الخطاب فأذن في الناس إنا قافلون غداj فثقل عليهم، وقالوا: نذهب وال نفتحه؟ فقال الرسول: "اغ..دوا على القت..ال"، فغ..ذوا فأص..ابهم جراح فقال: "إنا قافلون غداj إن شاء الله"، فسروا بذلك وأذعنوا، وقيل ادعوا على ثقي..ف

فقال: "اللهم اهد ثقيفاj ائت بهم".

قسمة الغنائم بالجعرانة:

لما عاد رسول الله بعد رفع الحصار عن الط..ائف مكث بالجعران..ة بض..ع عش..رة ليل..ة ال يقسم الغنائم، ويتأنى بها، يبتغي أني يقدم عليه وفد هوازن ت..ائبين فيح..رزوا م..ا فق..دوا، ولكنه لم يجئه أحد فبدأ بقسمة الم..ال، ليس..كت المتطلعين من رؤس..اء القبائ..ل وأش..راف

مكة، فكان المؤلفة قلوبهم أول من أعطى وحظي باألنصبة الجزلة.

األنصار تجد على رسول الله:

كانت هذه القس..مة مبني..ة على سياس.ة حكيم..ة، لكنه..ا لم تفهم أول األم..ر، ف.أطلقتألسنة شتى باالعتراض.

.jوحظا jفما علم األنصار بحقيقة األمر قالوا: رضينا برسول الله قسما

قدوم وفد هوازن:

وبعد توزيع الغنائم أقبل وفد هوازن مسلماj، وهم أربعة عشر رجالj ورأس..هم زه..ير بن صرد، وفيهم أبو برقان عم الرسول من الرضاعة، فأس..لموا وب..ايعوا ثم ق..الوا: ي..ا رس..ول الله إن فيمن أصبتم األمهات واألخوات، والعم..ات والخ..االت، وهن مخ..ازي الق..وم، ف..ردواjعليهم نساءهم وأبنائهم، لم يتخلف منهم أحد غير عيينة بن حصن، فإنه أبى أن يرد عجوزا

صارت في يديه منهم، ثم ردها بعد ذلك، وكسا رسول الله السبي.

العمرة واالنصراف إلى المدينة:

ولما فرغ الرسول من قسمة الغنائم في الجعرانة، أه..ل معتم..راj منه..ا، ف..أدى العم..رة وانصرف بعد ذلك راجعاj إلى المدينة بعد أن ولى على مكة عت..اب بن أس..يد، وك..ان رجوع..ه

ه..8إلى المدينة ودخوله فيها لست ليال بقيت من ذي القعدة سنة

ه.9غزوة تبوك في رجب سنة

سبب الغزوة:

51

Page 52: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

لم يكن قيصر ليصرف نظره عما كان لمعركة مؤتة من األثر الكب..ير لص..الح المس..لمين وعم..ا ك..ان يطمح إلي..ه بع..د ذل..ك كث..ير من قبائ..ل الع..رب من اس..تقاللهم عن قيص..ر، ومواطأتهم للمبسملين، إن هذا كان خطراj يتقدم ويخطو إلى ح..دوده خط..وة بع..د خط..وة، ويهدد الثغور الشامية التي تجاور العرب، فكان يرى أن القضاء يجب على ق.وة المس.لمين قبل أن تتجس..د في ص..ورة خط..ر عظيم ال يمكن القض..اء عليه..ا، وقب..ل أن تث..ير القالق..ل

والثورات في المناطق العربية المجاورة للرومان.

ونظراj إلى هذه المصالح، لم يقض قيصر بعد معركة مؤتة سنة كاملة ح..تى أخ..ذ يه..يئ الجيش من الرومان والعرب التابعة لهم من آل غسان وغيرهم، وبدأ يجهز لمعرك..ة دامي..ة

فاصلة.

األخبار العامة عن استعداد الرومان وغسان:

وك..انت األنب..اء ت..ترامى إلى المدين..ة بإع..داد الروم..ان، للقي..ام بغ..زوة حاس..مة ض..د المسلمين، حتى كان الخوف يتسورهم كل حين، ال يسمعون صوتاj غير معت..اد إال ويظنون..ه

ه.( آلى النبي من نسائه شهراj، وكان هج..رهن واع..تزل9زحف الرومان، وفي تلك السنة )عنهن، ولم يفطن الصحابة إلى حقيقة األمر في بدايته.

ويزيد األمر خطوة ما فعله المنافقون من إنشاء وكر للدس والتآمر، في صورة مسجد وهو مسجد الضرار، وعرضوا على النبي أن يصلي فيه، ولكن الرسول أخ..رى الص..الة في..ه

حتى عاد من الغزوة وقام الرسول بهدمه.

األخبار الخاصة عن استعداد الرومان وغسان:

بلغ األنباط -الذين قدموا بالزيت من الشام إلى المدينة- المسلمين أن هرق.ل ق.د هي.أ جيشاj قوامه أربعين ألف مقاتل، وأنه أجلب معهم قبائل لخم وجذام وغيرهما من متنصرة

العرب، وبذلك تمثل أمام المسلمين خطر كبير.

زيادة خطورة الموقف:

حيث أن الزمان كان فصل القيظ الشديد، وكان الناس في عس..رة وج..دب، والمس..افةبعيدة والطريق وعرة وصعبة.

الرسول يقرر القيام بإقدام حاسم:

وكان الرسول يرى أن..ه ل..و ت..وانى وتكاس..ل عن غ..زو الروم..ان، وتركه..ا تج..وس خالل المناطق التي كانت تحت سيطرة اإلسالم، وتزحف للمدينة كان له أسوأ أث..ر على ال..دعوى اإلسالمية وعلى سمعة المسلمين العسكرية، وهكذا تخفق الجهود التي بذلها هو وأص..حابه في نشر اإلسالم، ولذلك قرر القيام بغزوة فاصلة يخوض..ها المس..لمون ض..د الروم..ان في

حدودهم، وال يمهلونهم حتى يزحفوا إلى دار اإلسالم.

اإلعالن بالتهيؤ لقتال الرومان:

أعلن الرسول في الصحابة أن يتجهزوا للقتال، وبعث إلى القائل من العرب وإلى أهل مكة يستنفرهم، وحضهم على الجهاد، ونزلت قطعة من سورة ب..راءة تث..يرهم على الجالد،

ورغب في الصدقات وإنفاق األموال.

المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو:

ولم يتخل..ف عن ه..ذه الغ..زوة إال المن..افقين والنف..ر الثالث..ة، وتس..ابق المس..لمون في إنفاق األموال وبذل الصدقات، كان عثم.ان بن عف.ان ق.د جه.ز ع.يراj للش.ام، مائت.ا بع.ير،

52

Page 53: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ومائتا أوقية، فتص..دق به..ا، ثم تص..دق بمائ..ة بع.ير، ثم ج..اء ب..ألف دين..ار فنثره..ا في حج..ر الرسول، وقال الرسول :"ما ضر عثمان ما عمل بعد الي..وم"، وتص..دق ح..تى بلغت ص..دقته تسعمائة بعير ومائة فرس سوى النقود، وجاء عبدالرحمن بن ع..وف بم..ائتي أوقي..ة فض..ة، وجاء أبو بكر بماله كله، وهو أول من جاء بصدقته، وجاء عمر بنص..ف مال..ه، وج..اء العب..اس

بمال كثير.

الجيش اإلسالمي إلى تبوك:

استعمل رسول الله على المدينة محمد بن مسلمة األنص..اري، وخل..ف على أهل..ه علي بن أبي طالب، وأمره باإلقامة فيهم وغمص عليه المنافقون، فخرج الحقاj بالرسول ف..رده

إلى المدينة وقال: أال ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ..".

،jوتحرك رسول الله ي..وم الخميس نح..و الش..مال يري..د تب..وك، ولكن الجيش ك..ان كب..يرا ثالثون ألف مقاتل، فلم يستطع المسلمون أن يجهزوه تجهيزاj ك..امالj، فك..ان ثماني..ة عش..ر رجالj يعتقبون بعيراj واحداj، وبما أكلوا أوراق األش..جار ح..تى ت..ورمت ش..فاههم، واض..طروا

إلى ذبح البعير ليشربوا ما في كرشه من الماء، ولذلك سمي هذا الجيش جيش العسرة.

الجيش اإلسالمي بتبوك:

نزل الجيش بتب..وك، فعس..كر هن..اك، وه..و مس..تعد للق..اء الع..دو، وق..ام الرس..ول فيهم خطيباj، فخطب خطبة بليغة، وأم.ا الروم.ان وحلف.اؤهم فلم.ا س.معوا بزح..ف رس.ول الل.ه أخذهم الرعب، فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البالد في داخل حدودهم، فك..ان ل..ذلك أحس..ن أث..ر بالنس..بة إلى س..معة المس..لمين العس..كرية، في داخ..ل الجزي..رة وأرجائها النائية، وحصل بذلك المسلمون على مكاسب سياس..ية كب..يرة خط..يرة، لعلهم لم

يكونوا يحصلون عليها لو وقع هناك اصطدام بين الجيشين.

جاء يحنة بن رؤبة صاحب أيلة، فصالح الرسول وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأه..لأذرح، فأعطوه الجزية، وصالحه أهل ميناء على ربع ثمارها.

وبعث الرسول خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة الجندل فجاء به إلى الرسول فح..ق دم..هوصالحه، وأقر بإعطاء الجزية.

الرجوع إلى المدينة:

ورجع الجيش من تب.وك منتص.راj، وفي الطري.ق عن.د عقب.ة ح.اول اثن.ا عش.ر رجالj من المنافقين الفتك بالنبي، وك..ان مع..ه عم..ار وحذيف..ة بن اليم..ان، لكن الل..ه رد كي..دهم إلى نحورهم، وأخبر الرسول بأسمائهم، وبما هموا به، فلذلك كان حذيفة يسمى بص..احب س..ر

رسول الله.

ه.، واس.تغرقت ه.ذه الغ.زوة خمس.ين9وكانت عودة الرسول من تبوك في رجب سنة يوماj، أقام منها عشرين يوماj في تبوك، والب..اقي في الطري..ق ذهاب..اj وع..ودة، وك..ان ه..ذه

الغزوة آخر غزواته.

المخلفون:

في هذه الغزوة خرج كل المؤمنين الصادقين، وصار التخلف أمارة على النفاق، وك..ان هناك ثالثة نفر من المؤمنين الصادقين تخلفوا من غ..ير م..برر، وهم ال..ذين أبالهم الل..ه ثم

تاب عليهم.

53

Page 54: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

والنفر الثالثة هم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهالل بن أمية، وتمت مقاطعتهم وبعد مرور أربعين ليلة أم..روا أن يع..تزلوا نس..اءهم، ح..تى تمت على مق..اطعتهم خمس..ون

ليلة، ثم أنزل الله توبتهم.

أثر الغزوة:

كان لهذه الغزوة أعظم أثر في بس.ط نف.وذ المس.لمين وتقويت.ه على جزي.رة الع.رب، فقد تبين للناس أنه ليس ألي قوة من القوات أن تعيش في الع..رب س..وى ق..وة اإلس..الم، ولذلك لم يبق للمنافقين أن يعاملهم المسلمون ب.الرفق واللين، وق.د أم.ر الل.ه بالتش.ديد عليهم، حتى نهى عن قبول صدقاتهم، وعن الصالة عليهم، واالستغفار لهم والقي..ام على

قبرهم.

ويع..رف م..دى أث..ر ه..ذه الغ..زوة من أن الع..رب وإن ك..انت ق..د أخ..ذت في التواف..د إلى الرسول بعد غزوة فتح مكة، بل وما قبلها، إال أن تتابع الوفود وتكاثرها بلغ إلى القمة بعد

هذه الغزوة.

نزول القرآن حول موضوع الغزوة:

نزلت آيات كثيرة من س..ورة ب..راءة ح..ول موض..وع الغ..زوة، ن..زل بعض..ها قب..ل الخ..روجوبعضها بعده، وبعض آخر منها بعد الرجوع إلى المدينة.

الوفود:

– وفد عبد القيس:1

ه.( وكان كبيرهم األشج العصري الذي قال5كانت لهذه القبيلة وفادتان: األولى في ) فيه الرسول: "إن فيك خصلتين يحبهما الل..ه: الحلم واألن..اة"، والوف..ادة الثاني..ة ك..انت في

سنة الوفود.

– وفد دوس:2

كانت وفادة هذه القبيلة في أوائل سنة سبع، ورسول الله بخيبر.

– رسول فروة بن عمرو الجذامي:3

ك..ان ف..روة قائ..داj عربي..اj من ق..واد الروم..ان، أس..لم بع..د م..ا رأى من جالد المس..لمين ه.، ولم..ا أس..لم بعث إلى الرس..ول8وشجاعتهم، وصدقهم اللق..اء في معرك..ة مؤت..ة س..نة

بإسالمه، وحبسه الروم وقتلوه وصلبوه بفلسطين.

– وفد صداء:4

ه.، ووافى الرسول منهم مائة8جاء هذا الوفد بعد انصراف الرسول من الجعرانة سنة رجل في حجة الوداع.

– قدوم كعب بن زهير بن أبي سلمى:5

كان من بيت الشعراء، وكان يهجو النبي، وتاب وأسلم.

– وفد غذرة:6

ه.، وأسلموا وأقاموا أياماj ثم رجعوا.9قدم هذا الوفد في صفر سنة

– وفد بلي:754

Page 55: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ه.، وأسلم وأقام بالمدينة ثالثاj.9قدم في ربيع األول سنة

– وفد ثقيف:8

ه..9كانت وفادتهم في رمضان سنة

– رسالة ملوك اليمن:9

بعد مرجع النبي من تبوك، قدم كتاب ملوك حمير، وهم الحارث بن عب..د كالل، ونعيم، والنعم..ان، وهم..دان ومع..افر، ورس..ولهم إلي..ه مال..ك بن م..رة الره..اوي، بعث..وه بإس..المهم

ومفارقتهم الشرك وأهله.

– وفد همدان:10

ه. بعد مرجعه من تب..وك، فكتب لهم رس..ول الل..ه كتاب..اj اقطعهم في..ه م..ا9قدموا سنة سألوه، وبعث لهم خالد بن الوليد ولم يسلموا وبعث لهم علياj وأسلموا.

– وفقد بني فزارة:11

ه. بعد مرجعه من تبوك، واستسقى لهم الرسول.9قدم هذا الوفد سنة

– وفد نجران:12

ه.، وك..انوا على النص..رانية ولم يس..لموا وع..ادوا إلى دي..ارهم9ك..انت وف..ادتهم س..نة وطفق اإلسالم يفشوا فيهم.

– وفد بني حنيفة:13

ه.، وكانوا سبعة عشر رجالj فيهم مسيلمة الكذاب، وك..ان ادع..اءه9كانت وفادتهم سنة ه.،12للنبوة سنة عشر، وقتل في حرب اليمام..ة في عه..د أبي بك..ر في ربي..ع األول س..نة

قتله وحشي، وأما المتنبي الثاني، وهو األسود العنسي الذي ك..ان ب..اليمن، فقتل..ه ف..يروزقبل وفاة النبي بيوم وليلة.

– وفد بني عامر بن صعصعة:14

كان فيهم عامر بن الطفيل عدو الله واربد بن قيس، وخالد بن جعفر وجبار بن أسلم، وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم، وكان عامر هو الذي غدر بأصحاب بئر معون..ة، فلم..ا أراد هذا الوفد أن يقدم المدينة تآمر عامر وأربد، واتفق..ا على الفت..ك ب..النبي، لكن الل..ه عص..م

نبيه، ودعا عليها النبي.

– وفد تجيب:15

قدم هذا الوفد بصدقات قومه مما فضل عن فقرائهم، والتقى أهل الوفد بالنبي م..رةه..10أخرى في حجة الوداع سنة

– وفد طيء:16

قدم هذا الوفد وفيهم زيد الخيل، فلم..ا كلم..وا الن..بي وع..رض عليهم اإلس..الم أس..لمواوحسن إسالمهم.

وهكذا تتابعت الوفود إلى المدين..ة في س..نتي تس..ع وعش..ر، وت..أخر بعض..ها إلى إح..دىعشر للهجرة.

55

Page 56: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

حجة الوداع:

أعلن النبي بقصده لهذه الحجة، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برس..ول الله، وفي يوم الس..بت لخمس بقين من ذي القع..دة تهي..أ الن..بي للرحي..ل، فترج..ل وادهن ولبس إزاره ورداءه وقلد بدنه، وانطلق بعد الظه..ر، ح..تى بل..غ ذا الحليف..ة قب..ل أن يص..لي العصر، فصالها ركعتين، وبات هناك حتى أصبح، فلما أصبح قال ألصحابه: "أتاني الليلة آت

من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة".

وقبل أن يصلي الظهر اغتسل إلحرامه، ثم طيبت..ه عائش..ة بي..دها ب..ذريرة، وطيب في..ه مسك، في بدنه ورأسه، حتى كان بريق الطيب يرى في مفارقه ولحيت..ه، ثم اس..تدامه ولم يغسله، ثم لبس إزاره ورداءه، ثم صلى الظهر ركعتين، ثم أهل بالحج والعمرة في مصاله،

وقرن بينهما، ثم خرج، فركب القصواء، فأهل أيضاj ثم أهل لما استقلت به على البيداء.

ثم واصل سيره حتى قرب من مكة، فبات بذي طوى، ثم دخل مكة بعد أن صلى الفجر ه. وق..د قض..ى في10واغتسل من صباح يوم األحد ألربع ليال خل..ون من ذي الحج..ة س..نة

الطريق ثماني ليال، فلما دخل بالبيت ط.اف وس.عى ولم يح.ل ألن.ه ك.ان قارن.اj ق.د س.اق الهدي ، فنزل بأعلى مكة عند الحجون، وأق..ام هن..اك، ولم يع..د إلى الط..واف غ..ير ط..واف

الحج.

وأمر من لم يكن معه هدي من أص..حابه أن يجعل..وا إح..رامهم عم..رة فيطوف..وا ب..البيت.jتاما jوبين الصفى والمروة ثم يحلوا حالال

وأكمل الرسول حجه وفي يوم النفر الثاني )الثالث عش..ر من ذي الحج..ة( نف..ر الن..بي من منى، فنزل بخيف بني كنانة من األبطح، وأقام هناك بقية يومه ذل..ك، وليلت..ه، وص..لى هناك الظهر والعص..ر والمغ..رب والعش..اء ثم رق..د رق..دة، ثم ركب إلى ال..بيت، فط..اف ب..ه

طواف الوداع وأمر به الناس.

آخر البعوث:

كانت كبرياء دول..ة ال..روم ق..د جعلته..ا ت..أبى ح..ق الحي..اة على من آمن بالل..ه ورس..وله، وحمله..ا على أن تقت..ل من أتباعه..ا من ي..دخل في اإلس..الم، كم..ا فعلت بف..روة بن عم..رو

الجذامي، الذي كان والياj على معان من قبل الروم.

ونظراj إلى هذه الجراءة والغطرسة أخذ رسول الله يجهز جيش..اj كب..يراj في ص.فر س..نة ه.، وأمر عليه أسامة بن زيد بن حارثة، وأمره أن يوطئ الخيل تخ..وم البلق..اء وال..داروم11

من أرض فلسطين، يبغي بذلك إرهاب ال..روم وإع..ادة الثق..ة إلى قل..وب الع..رب الض..اربين على الحدود، حتى ال يحسبن أحد أن بطش الكنيسة ال معقب له، وأن الدخول في اإلس..الم

يجر على أصاحبه الحتوف.

وقد قضى الله أن يكون هذا أول بعث ينفذ في خالفة أبي بكر.

وفاة الرسول:

طالئع التوديع:

أنه اعتكف في رمضان من السنة العاش..رة عش..رين يوم..اj، بينم..ا ال يعتك..ف إال عش..رة أيام، وتدارس معه جبري..ل الق..رآن م..رتين، وأن..زلت علي..ه س..ورة النص..ر في أوس..ط أي..ام

التشريق.

56

Page 57: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ه. خ..رج الن..بي إلى أح..د، فص..لى على الش..هداء ك..المودع11وفي أوائ..ل ص..فر س..نة لألحياء واألموات.

بداية المرض:

ه. )وك..ان ي..وم االث..نين(11في اليوم الثامن أو التاسع والعشرين من شهر صفر سنة شهد رسول الله جنازة في البقيع فلم..ا رج..ع وه..و في الطري..ق أخ..ذه ص..داع في رأس..ه،

واتقدت الحرارة.

.14 أو 13 يوماj وجميع أيام المرض كانت 11وقد صلى النبي بالناس وهو مريض

األسبوع األخير:

قضى عند عائشة آخر أسبوع من حياته، وكانت تقرأ عليه وتنفث على نفسه، وتمسحهبيده رجاء البركة.

قبل الوفاة بخمسة أيام:

ويوم األربعاء قبل خمسة أيام من الوف..اة، اتق..دت ح..رارة العل..ة في بدن..ه، فاش..تد ب..ه الوجع وغمى، فقال "هريقوا علي سبع قرب من آبار شتى، حتى أخرج إلى الناس، فأعهد

إليهم"، فأقعدوه في مخضب وصبوا عليه الماء حتى طفق يقول: "حسبكم حسبكم".

وعند ذلك أحس بخفة، فدخل المسجد متعطفاj ملحف..ة على منكبي..ه، ق..د عص..ب رأس..ه بعصابة دسمة حتى جلس على المنبر، وكان آخر مجلس جلس..ه، فحم..د الل..ه وأث..نى علي..ه، ونادى بالناس وقال: "لعنة الل..ه على اليه..ود والنص..ارى اتخ..ذوا قب..ور أنبي..ائهم مس..اجد"،

وقال "ال تتخذوا قبري وثناj يعبد".

قبل أربعة أيام:

ويوم الخميس قبل الوفادة بأربعة أيام وق..د اش..تد ب..ه الوج..ع ق..ال: "هلم..وا أكتب لكم كتاباj لن تضلوا بعده"، وفي ال..بيت رج..ال فيهم عم..ر فق..ال عم..ر: ق..د غلب علي..ه الوج..ع، وعندكم القرآن، حسبكم كتاب الله، فاختلفوا أهل البيت واختص..موا، فلم..ا أك..ثروا اللغ..ط

واالختالف قال رسول الله : "قوموا عني".

وأوصى بذلك اليوم بثالث: أوص..ى ب..إخراج اليه..ود والنص..ارى والمش..ركين من جزي..رةالعرب، وأوصى بإجازة الوفود بنحو ما كان يجيزهم، أما الثالثة فنسيه الراوي.

وكان النبي مع ما كان به من شدة المرض كان يصلي بالناس جميع صلواته حتى اليوم)يوم الخميس( وقد صلى بالناس ذلك اليوم صالة المغرب، فقرأ فيها بالمرسالت عرفا.

وعند العشاء زاد ثقل المرض فصلى أبو بكر بالناس صالة العشاء وص..لى تل..ك األي..ام )( صالة في حياة النبي.17

قبل ثالثة أيام:

قال جابر: سمعت رسول الله قبل موته بثالث وهو يق..ول: "أال ال يم..وت أح..د منكم إالوهو يحسن الظن بالله".

قبل يوم أو يومين:

57

Page 58: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

ويوم السبت أو األحد وجد النبي في نفسه خفة، فخرج بين رجلين لصالة الظهر، وأبو بكر يصلي بالناس فأجلساه إلى يسار أبي بكر، فكان أبي بك..ر يقت..دي بص..الة رس..ول الل..ه

ويسمع الناس التكبير.

قبل يوم:

وقبل يوم من وفاته )يوم األحد( أعتق الن..بي غلمان..ه، وتص..دق بس..تة أو س..بعة دن..انير كانت عنده، ووهب للمسلمين أس..لحته، وفي اللي..ل أرس..لت عائش..ة بمص..باحها ام..رأة من النساء وقالت: أقط.ري لن.ا في مص.باحنا من عكت.ك الس.من، وك.انت درع.ه مرهون.ة عن.د

يهودي بثالثين صاعاj من الشعير.

آخر يوم من الحياة:

روى أنس بن مالك: أن المسلمين بينما هم في صالة الفجر من يوم االثنين وأب..و بك..ر يصلي بهم لم يفاجئهم إال رسول الله كش..ف س..تر حج..رة عائش..ة فنظ..ر إليهم، وهم في صفوف الص..الة، ثم تبس..م يض..حك، فنكص أب..و بك..ر على عقبي..ه، ليص..ل الص..ف، وظن أن رس..ول الل..ه يري..د أن يخ..رج إلى الص..الة، فق..ال أنس: وهم المس..لمون أن يفتتن..وا في صالتهم، فرح.اj برس.ول الل.ه، فأش.ار إليهم بي.ده رس.ول الل.ه أن أتم.وا ص.التكم ثم دخ.ل

الحجرة وأرخى الستر.

االحتضار:

وبدأ االحتضار فأسندته عائشة إليه..ا، وك..انت تق..ول: إن من نعم الل..ه علي أن رس..ول الله توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عن..د

موته.

ه.، وق.د تم11 ربيع األول سنة 12توفي الرسول حين اشتدت الضحى من يوم االثنين له ثالث وستون سنة وزادت أربعة أيام.

موقف عمر:

ووقف عمر بن الخطاب يقول: إن رجاال من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي،وإن رسول الله ما مات لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران.

موقف أبي بكر:

أقبل أبو بكر ودخل المسجد ولم يكلم الناس، ودخل على عائش..ة ف..تيمم رس..ول الل..هفكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى.

ثم خرج أبو بكر وعمر يكلم الناس فقال: اجلس يا عمر فأبى فتش..هد أب..و بك..ر فأقب..لعليه الناس وتركوا عمر فقال:

من كان منكم يعبد محمداj فإن محمداj قد مات ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي اليموت، قال تعالى: "وما محمد إال رسول قد خلت من قبله الرسل ..".

التجهيز وتوديع الجسد الشريف إلى األرض:

ووقع الخالف في أمر الخالفة قبل أن يقوموا بتجه..يزه، فج..رت مناقش..ات ومج..ادالت وحوار وردود بين المهاجرين واألنصار في سقيفة بني ساعدة، وأخيراj اتفقوا على خالف.ة أبي بكر، ومضى في ذلك بقية يوم االثنين ويوم الثالث..اء غس..لوا رس..ول الل..ه من غ..ير أن يجردوه من ثيابه، وكان القائمون بالغسل: العباس وعلي..اj، والفض..ل وقثم اب..ني العب..اس،

58

Page 59: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

وشقران مولى رسول الل.ه، وأس.امة بن زي.د، وأوس بن خ.ولي، فك.ان العب.اس والفض.ل وقثم يقلبون..ه، وأس..امة وش..قران يص..بان الم..اء علي..ه، وعلي يغس..له، وأوس أس..نده إلى

صدره.

واختلفوا في موضع دفنه، فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله يقول: "ما قبض نبي إال دفن حيث يقبض"، فرفع أبو طلحة فراشه الذي توفي عليه، فحفر تحته، وجع..ل الق..بر

.jلحدا

الصفات واألخالق:

ل�ق: جمال الخ�

:jقالت أم معبد الخزاعية عن رسول الله، وهي تصفه لزوجها، حين مر بخيمتها مهاجرا ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزر به ص..علة، وس..يم قس..يم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صهل، وفي عنق..ه س..طع، أح..ور، أكح..ل، أزج، أقرن، شديد سواد الشعر، إذا صمت عاله الوقار، وإن تكلم عاله البهاء، أجمل الن..اس وأبهاهم من بعيد، وأحسنه وأحاله من قريب، حل..و المنط..ق، فض..ل، ال ن..زر وال ه..ذر، ك..أن منطقه خرزات نظمن يتحدرن، ربعة، ال تقحمه عين من قصر، وال تشنؤه من طول، غص..ن بين غصنين، فهو أنظر الثالث..ة منظ..راj، وأحس..نهم ق..دراj، ل..ه رفق..اء يحف..ون ب..ه، إذا ق..ال

استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود، محشود، ال عابس وال مفند.

كمال النفس ومكارم األخالق:

كان النبي يمتاز بفص..احة اللس..ان، وبالغ..ة الق..ول، وك..ان من ذل..ك بالمح..ل األفض..ل، والموضع الذي ال يجهل، سالمة طب..ع، ونص..اعة لف..ظ وجزال..ة ق..ول، وص..حة مع..ان، وقل..ة تكلف، أوتي جوام..ع الكلم، وخص بب..دائع الحكم، وعلم ألس..نة الع..رب، يخ..اطب ك..ل قبيل..ة بلس..انها، ويحاوره..ا بلغته..ا، اجتمعت ل..ه ق..وة عارض..ة البادي..ة وجزالته..ا، ونص..اعة ألف..اظ

الحاضرة ورونق كالمها، إلى التأييد اإللهي الذي مدده الوحي.

وكان الحلم واالحتمال، والعفو عند المقدرة، والصبر على المك..اره، ص..فات أدب..ه الل..ه بها، وكل حليم قد عرفت منه زلة، وحفظت عنه هف.وة، ولكن.ه لم ي.زد م.ع ك.ثرة األذى إال صبراj، وعلى إسراف الجاهل إال حلماj، وقالت عائشة: م..ا خ..ير رس..ول الل..ه بين أم..رين إال اختار أيسرهما ما لم يكن إثماj، فإن كان إثماj كان أبعد الناس عنه، وما انتقم لنفسه إال أن

تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها، وكان أبعد الناس غضباj، وأسرعهم رضا.

وعلى الجملة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم محلى بصفات الكم..ال المنقطع..ة النظير، أدبه ربه فأحسن تأديبه، حتى خاطبه مثنياj عليه فقال: "وإن..ك لعلى خل..ق عظيم"، وكانت هذه الخالل مما قرب إليه النفوس، وحببه إلى القل..وب، وص..يره قائ..داj ته..وى إلي..ه

.jاألفئدة، وأالن من شكيمة قومه بعد اإلباء، حتى دخلوا في دين الله أفواجا

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إب..راهيم إن..كحميد مجيد.

59

Page 60: مختصر كتاب الرحيق المختوم (بحث في السيرة النبوية)

60