الانقلاب العسكري

12
العربيد الربيع بع الدولة والمجتمعت تحوبنق ا العسكرينتكاسة ا أم نهاية؟يب د. رفيق حبوليو ي3102

Upload: -

Post on 03-Jan-2016

36.502 views

Category:

Documents


2 download

DESCRIPTION

انتكاسة أم نهاية؟

TRANSCRIPT

Page 1: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

0

تحوالت الدولة والمجتمع بعد الربيع العربي

العسكرياالنقالب

أم نهاية؟انتكاسة

د. رفيق حبيب

3102 يوليو

Page 2: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

3

وقع االنقالب العسكري، لتحقق الثورة المضادة أول انتصار لها على الثورة المصرية، وتصبح

الثورة المصرية، بل والربيع العربي كله في خطر. فاالنقالب العسكري، أعاد النظام السابق للحكم، بعد

يناير. فهل يعد هذا االنقالب انتكاسة في مسيرة الثورة المصرية، أم نهاية لها؟أن أسقطته ثورة

وهل هو انقالب عسكري، أم ثورة جديدة؟ هو فعليا انقالب عسكري بدعم من قطاع من المجتمع،

أي أنه انقالب حظي بدعم شعبي من قطاع من المجتمع. لذلك يصبح من المهم، تشريح مكونات الكتل

نقالب العسكري، وأسبابها.الداعمة لال

المؤيدون لالنقالب

الشرائح التي خرجت في مظاهرات تطالب بانتخابات رئاسية قبل موعدها الدستوري، ثم أيدت

االنقالب العسكري، ال تتفق في الهدف، وبعضها ال يعرف أهداف الكتل األخرى، التي شارك معها في

دعم االنقالب العسكري.

لتي مثلت الواجهة السياسية لالنقالب، هي الكتل العلمانية، أو الكتل المؤيدة األولى، وا ةوالكتل

للحل العلماني، والرافضة للمشروع اإلسالمي، والرافضة أيضا للهوية اإلسالمية. وتلك الكتل لديها مشكلة

تج عنها نظام مع أي ديمقراطية، تأتي بهوية إسالمية للدولة، وبالتالي لديها مشكلة أيضا مع الثورة، إذا ن

سياسي يقوم على المرجعية اإلسالمية. لهذا، فإن هذه الكتل اندفعت لتأييد كل دعاوى الخروج عن المسار

الديمقراطي، وفي النهاية أصبحت من أشد المؤيدين لالنقالب العسكري. ولكن هذه الكتل، هي األصغر

على الديمقراطية. الكتل التي خرجت داعمة لالنقالب بينمن حيث وزنها الجماهيري،

الثانية، هي المؤيدة للنظام السابق، والمعادية للتحول الديمقراطي، والمعادية أيضا للثورة. ةالكتل

وهي تمثل أنصار النظام السابق، بمختلف شبكاتهم، بدأ من شبكات الدولة العميقة، حتى شبكات رجال

هي الكتلة األكبر، وأيضا الكتلة الحاسمة، أي األعمال، وحتى شبكات تنظيم البلطجية. وهذه الكتلة، كانت

كثر تنظيما، وربما يأتي الكتلة التي استطاعت الحفاظ على حجم واضح من الحشد الجماهيري، وكانت األ

المسيحية، والتي تمثل جزءا من الكتل الداعمة للحل العلماني. ويالحظ أن ةبعدها من حيث التنظيم الكتل

للنظام السابق، تتركز معركتها أساسا على خصومتها مع الثورة والتحول الكتل أو الشبكات المؤيدة

الديمقراطي، والعداء للقوى اإلسالمية، ولكن أغلبية هذه الكتل، لها توجه إسالمي.

الثالثة، وهي الكتل الغاضبة من تردي األحوال المعيشية، والتي تم حشدها على أساس ةالكتل

النظام السابق، حتى تخرج من أجل التغيير. وهذه الكتل تسبب فيهاالتي استغالل المشكالت الموجودة، و

ليس لديها مشكلة مع الثورة، وال مع التحول الديمقراطي، وال مع الهوية اإلسالمية، ومشكلتها األساسية

تنحصر في المشكالت الحياتية التي تعاني منها، وقد خرجت من أجل التغيير، ظنا منها أن تغيير الرئيس

يحل تلك المشكالت سريعا بمجرد حدوث التغيير. ولهذا فهذه الكتل، هي التي خرجت من أجل أسباب

، وأن خروجها سوف يساهم في أخرى رك أن خرجت مع أخرين، لهم أسباب، وسرعان ما ستدمختلفة

نتائج ال توافق عليها.

االنقالب المخطط

أو قطاعات في المجتمع؟ الواضح أنه هل كان االنقالب عفويا، ويمثل غضبة شعبية، من قطاع

كان انقالبا مخططا، استغرق تنفيذه واالعداد له فترة ليست بقليلة، كما أنه يمثل استمرارا لمخططات

Page 3: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

2

فهل كان االنقالب سابقة فشلت ولم تنجح. والمخطط الداخلي في كل الحاالت، كان النظام السابق.

العسكري نتيجة الحشد في المظاهرات؟ من الواضح أيضا، أن قرار االنقالب العسكري، كان قد أتخذ

بالفعل، قبل المظاهرات، وبعد رفض الرئيس محمد مرسي االستقالة من منصبه، أو البقاء والتنازل عن

كل سلطاته لحكومة من المعارضة العلمانية.

الذي يملك القدرات واالمكانيات التي تمكنه من التخطيط والتنفيذ، كما أن النظام السابق، هوو

الدولة العميقة، أي شبكات النظام السابق المسيطرة على الدولة، خاصة أجهزتها المركزية في الشرطة

والجيش والقضاء، وأجهزة األمن والتحريات والرقابة، هي التي تستطيع توظيف كل أجهزة الدولة من

النقالب. وبدون دور النظام السابق، والدولة العميقة، ما حدث االنقالب العسكري، وبدون دور أجل ا

النظام السابق أيضا، ما حدثت مظاهرات حاشدة.

وإذا كان النظام السابق، هو الذي خطط ونفذ، وبدون دوره ما كان االنقالب يحدث، إذن فإن من

ق نفسه، وهي المرة األولى منذ الثورة، الذي يصبح فيها النظام يدير المشهد بعد االنقالب هو النظام الساب

السابق، هو السلطة الحاكمة بقوة االنقالب العسكري، بعد أن ظل القوة المسيطرة على الدولة والتي تقاوم

أي أن النظام السابق خرج من مربع القوى المعارضة للثورة، إلى ؛التغيير، وتعرقل مسيرة الديمقراطية

الحاكمة، بعد أن أجهض الثورة مرحليا، وأنجح الثورة المضادة، بدعم من قطاعات شعبية، بعضها القوى

يريد الحكم العسكري، إذا كان البديل الوحيد لحكم اإلسالميين، وبعضها ال يريد هذا الحكم، ولكنه لم

يعرف أنه شارك في إعادة النظام السابق للحكم.

حاور، منها:وقد قامت خطة االنقالب على عدة م

عرقلة أي جهود من الرئيس والحكومة لحل المشكالت، لدرجة أن مخططات العرقلة لم تركز .0

على الجهود قصيرة أو متوسطة األجل، وركزت فقط على الجهود العاجلة، حتى تعمق األزمات

ر قاعدة من الغضب الشعبي، يتوفن اليأس واإلحباط، وكان هدفها الموجودة، وتشيع حالة م

زمة لتحقيق مخطط االنقالب.الالالتركيز الواضح على أزمات السوالر والبنزين والكهرباء، باعتبارها أزمات يمكن أن تشل العديد .3

من جوانب الحياة، وتؤدي إلى نتائج سلبية متراكمة، خاصة وأن أزمات البنزين والسوالر، تغلق

المشكلة تدريجيا، وألن تعظيم الطرق. واستهدف من ذلك، عرقلة أي حل للمشكلة، ثم تعظيم هذه

21المشكلة يمثل خطرا، لذا تم تعظيم مشكلة السوالر والبنزين في األيام السابقة لمظاهرات

يونيو، لتصل لذروتها قبل المظاهرات. ونظرا لخطورة هذه المشكلة، ألنها تقطع عمليا كل

ميع، حجم المشكلة الطرق، لذلك تم حلها سريعا بعد خروج الناس للمظاهرات. ليظهر للج

الطبيعي، والحجم المفتعل. ويالحظ أيضا، أن أنصار النظام السابق استخدموا هذه األزمات مرارا

بعد الثورة، وأثناء االنتخابات الرئاسية، أي أن أزمات الوقود أصبحت أداة النظام السابق، للتأثير

على الرأي العام.

تأثير على الرأي العام، بصورة واضحة منذ لبث االشاعات والتوجيه المعنوي، لعملت آلة .2

الثورة. ثم أصبحت آلة بث االشاعات تعمل بكثافة في االنتخابات الرئاسية، وبعد فوز الرئيس

محمد مرسي، بدأت آلة بث االشاعات والتوجيه المعنوي، تعمل بكثافة غير مسبوقة، وأصبح لها

ت، أن هذه اآللة وصلت لمرحلة السيطرة شبه دور مهم في توجيه الرأي العام، بل ال أبالغ إذا قل

الكاملة على الرأي العام، أو على األقل أصبحت قادرة على بث حالة من التوتر في المجتمع،

.خالل حالة التوتر التي تبثها فيهوالسيطرة على الرأي العام، من

Page 4: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

4

ل تزييف كان من أهم أدوات مخطط االنقالب، هو شيطنة جماعة اإلخوان المسلمين، من خال .4

صورتها بالكامل، ووضع صورة مختلقة لها، ال عالقة لها بالحقيقة، وإلصاق التهم لها، وبث

ة جعلت الجماعة متهمة بالقتل، رغم أن القتيل منها. وأصبحت األكاذيب واالشاعات عليها. لدرج

ذه الكيفية، له متهمة بكل اعتداء يقع عليها. والحقيقة أن التركيز على جماعة اإلخوان المسلمين، به

عدة أسباب، أهمها أنها الجماعة األكثر تنظيما، لذا أصبحت محاولة تحجيم جماعة اإلخوان

المسلمين ضرورية، حتى يمكن التحول بعد ذلك إلى القوى اإلسالمية األخرى. فالهدف النهائي،

، وأنها المنافس ثر شعبيةكللنظام السابق، هو تقليص دور الحركات اإلسالمية، ألنه يعرف أنها األ

الوحيد له.

قام اإلعالم التابع للنظام السابق، والذي يعمل أساسا لخدمة الثورة المضادة، ومعه اإلعالم .5

العلماني، بحمالت إعالمية لتزييف الوعي، بصورة غير مسبوقة. وأيضا قام بحمالت إعالمية

واجتماعية، بصورة أظن لبث الكراهية، وتحويل الخصومة السياسية إلى عداء وكراهية سياسية

حالة نزاع أهلي، تكون أن مصر لم تعرفها بهذا الشكل من قبل. وهي محاولة تهدف أساسا لتعميق

ة النظام السابق، وهو ما تحقق بالفعل، من خالل انقالب عسكري، يبرر نفسه بحالة مبررا لعود

من خالل بث ذلك، وتم نزاع أهلي، يفترض أن االنقالب العسكري، جاء كحل لهذه الحالة.

الكراهية ضد الرموز والمالمح اإلسالمية، وإشعال معارك ومشاجرات، ونشر الستخدام العنف

بغطاء إعالمي يبرره، ويخفي من يقوم به، ونشر حالة من السباب والقذف، تخرج المجتمع عن

هلي.تقاليده، وتدخله في حالة مشاحنات اجتماعية واسعة، حتى تتشكل حالة من النزاع األ

قامت وسائل إعالم بالسيطرة على الصورة، بشكل جعلها قادرة على تزييف الصورة بالقدر .6

الضروري، وأيضا إخفاء أي جانب من الصورة ال تريده، مما جعلنا أمام واقع على األرض،

وواقع آخر على شاشات الفضائيات، واستطاعت وسائل اإلعالم السيطرة على قطاعات من

ر الصورة بالنسبة لها، وتوجهها كيفما شاءت. والحقيقة أن وسائل المجتمع، لتكون هي مصد

يوافق على موقفها، وإن كانت تزيده حدة وتطرفا، ولكنها جديدا بالنسبة لمناإلعالم، ال تضيف

تحاول أن تجذب قطاعات أخرى، حتى تتمكن من توسيع دائرة الحشد ضد الرئيس، وهو ما

استخدم كمبرر لالنقالب العسكري.

الدولي واإلقليميالدور

، ألني تصورت من االحتماالت الضعيفةهو حدوث انقالب عسكري عتقدون أنمن الذين ي كنت

توافق عليه، ألني توقعت أن اإلدارة األمريكية ال يمكن أن تكرر أخطائها يصعب أنأن اإلدارة األمريكية

ناكفي أزمات، تهدد مصالحها أكثر. و بنفس األسلوب، لتجني نفس النتائج التي تعاني منها، وتدخل نفسها

إن االنقالب العسكري، هو أضعف االحتماالت، وال يمكن تبريره، إال إذا حدثت حرب أهلية، تقديري في

ولكن تقديري لم يكن دقيقا، حيث تم تبرير .احتمال ضعيف، نظرا لخطورة تدبير حرب أهليةوهو

، وهو أمر ال يبرر االنقالب العسكري، ألن وجود االنقالب العسكري، بوجود مظاهرات رافضة للرئيس

قطاع من المجتمع يعارض الرئيس، وقطاع يؤيده، ال يمثل حالة تسمح باالنقالب العسكري.

المؤسسة األمريكية، ليس لديها استراتيجية أخرى، لذلك اإلدارة األمريكية، وللدقة نقول ولكن

التدخل العنيف، إذا كانت السلطة السياسية في أي بلد، وهي استراتيجيةفهي تستخدم نفس استراتيجيتها،

ال تمثل حليفا لها، وذلك من خالل الحروب االستباقية، أو االنقالبات العسكرية، وقد كان، وقام انقالب

عسكري، بموافقة أمريكية، ودعم عربي خليجي.

Page 5: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

5

مي العربي، ومن يظن أن ما حدث في مصر، كان من الممكن أن يحدث، بدون الدور اإلقلي

والدور الخارجي األمريكي، فهو مخطئ. فاالنقالب العسكري، كان قرارا أمريكيا خليجيا بامتياز، وبدون

هذا القرار، ما حدث انقالب عسكري.

ولهذا أسبابه، فدول عربية وخليجية، تقف موقفا سلبيا من الثورة والربيع العربي. وأكثر من هذا،

ميا ديمقراطيا ناجحا، يسقط سندها الديني غير الديمقراطي، مثل السعودية. هناك دول ال تريد نموذجا إسال

عربية تخشى من المنافسة االقتصادية مع مصر، خاصة مع تميز موقعها الجغرافي، هناك دوالأن كما

مثل االمارات. وهناك دول تخشى من تمدد النموذج السياسي اإلسالمي، والذي إن حقق نجاحا في مصر،

بقية الدول العربية واإلسالمية. خاصة مع جاذب في إسالمي ديمقراطي، سوف يكون له بريق كنموذج

انتشار مدرسة اإلخوان المسلمين، في أغلب الدول العربية واإلسالمية.

أما اإلدارة األمريكية، فهي ال تريد نظاما غير علماني، وال تريد نظاما ال يقوم على الدولة

تندة على القومية والعرق، وليس الدولة التي تستند على مرجعية حضارية دينية. القومية، أي الدولة المس

كما أن اإلدارة األمريكية، ال تريد نظاما يريد أن ينتج غذاءه ودواءه وسالحه، وال تريد نظاما يريد أن

رية بين يساوي قوته العسكرية بالقوة العسكرية لالحتالل اإلسرائيلي، ويرى أن أي خلل في القوة العسك

مصر واالحتالل اإلسرائيلي، لن يحقق السالم في المنطقة، وأن السالم يتحقق بعد تحقق الردع بين القوة

العسكرية لمصر والقوة العسكرية لالحتالل اإلسرائيلي.

وألن مصر بعد الثورة، لم تعد حليفا للواليات المتحدة األمريكية، كما قال الرئيس األمريكي، لذا

روري القيام بانقالب عسكري، حتى يأتي حكم يكون حليفا ألمريكا. وليس صحيحا ما قاله أصبح من الض

البعض، أن اإلدارة األمريكية تدعم حكم اإلخوان، فالحقيقة أن اإلدارة األمريكية، ال تملك إال أن تدعم

ة أشكال نتائج االنتخابات، ومن يختاره الناس للحكم، ولكنها في الوقت نفسه، تحاول ممارسة كاف

الضغوط، حتى يكون من يصل للحكم حليفا لها؛ وألن الرئيس محمد مرسي ال يقبل الضغوط أيا كانت،

وكان واضحا وصريحا مع اإلدارة األمريكية، وأكد أن مصر بعد الثورة، دولة مستقلة ذات سيادة، ولن

، وأيدت االنقالب العسكري.تخضع لإلمالءات الخارجية، لذا انقلبت اإلدارة األمريكية على الديمقراطية

لذا فاإلدارة األمريكية تحاول من خالل االنقالب العسكري، بناء نظام سياسي علماني،

تلك الخيارات تريد نظاما ت الحرة لإلرادة الشعبية، إذا كانتوديمقراطية مقيدة، ال تسمح باالختيارا

، والتي تريد مصر أن تكون أيضا خليجيةسياسيا يقوم على المرجعية اإلسالمية. وهو ما يناسب الدول ال

ضمن الحلف الغربي في المنطقة، وال تريد نموذجا ديمقراطيا ناجحا في مصر، كما ال تريد نظاما

، مما يجعل له أثر على العديد من الدول ةوسياسي اذبية اجتماعيةجله نافسا مديمقراطيا إسالميا، يمثل

ية.العربية واإلسالمية، ومنها الدول الخليج

االنقالبمشهد

جاء االنقالب العسكري، بصورة تكشف الكثير من تفاصيله. فقد جاء في مشهد يجمع القيادات

الدينية، والرمز العلماني األبرز في مصر، الدكتور محمد البرادعي، ودخل حزب النور السلفي في تلك

ة، وأيضا مدفوعا باستراتيجية ال التركيبة، مدفوعا بأوضاع أو ضغوط إقليمية، مباشرة أو غير مباشر

تناسب الموقف الذي شارك فيه. فقد تصور حزب النور السلفي، أنه قادر على الحفاظ على الحد األدنى

من مكتسبات القوى اإلسالمية، حتى ال يضيعها االنقالب العسكري، مادام وقف االنقالب لم يعد ممكنا.

Page 6: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

6

وى اإلسالمية أساسا، ويستهدفه أيضا. وما هي إال ساعات ولكنه واقعيا أكسب دعما النقالب يستهدف الق

حل مجلس وبدأت حملة تستهدف القوى اإلسالمية، والتي ظن أن مشاركته في االنقالب تحميها، ثم قليلة،

كان من مطالب حزب النور عدم حله. الشورى، وقد

قريبة من خيارات النظام خياراتها وبهذا جاء االنقالب مؤيدا من الرموز الدينية، التي كانت

، أو كانت جزءا منه، وجاء من القوى العلمانية المتحالفة مع النظام السابق، والتي شاركت في السابق

المخططات االنقالبية. ليصبح االنقالب العسكري، هو واقعيا انقالب النظام السابق على الثورة، والذي

بحت الثورة المضادة في الحكم، والثورة األصلية في مكنه من السلطة كاملة، ألول مرة بعد الثورة. فأص

الشارع مرة أخرى.

ولم يأتي االنقالب بأي غطاء يخفي حقيقته، فقد بدأ بغلق القنوات الفضائية، والسيطرة على

وكأنه يدشن علنا، عودة راهية،، وبث االشاعات والكاإلعالم، وسلسلة من االعتقاالت والتهديد باالعتقال

وليسية، برعاية القوى العلمانية ورموز دينية، ودعم خليجي وأمريكي.الدولة الب

وتلك البداية البوليسية، توضح أن االنقالب العسكري، استهدف عودة سريعة وفاعلة للنظام

السابق، حتى يعود مسيطرا على مجرى األمور، وعلى كل السلطة. كما دشن االنقالب العسكري، حملة

بث حالة من التخويف، تردع أنصار الرئيس والقوى يعة وفجة، تهدف أساسا، واضحة وسر تخويف أمنية

اإلسالمية، حتى يخرجها من الشارع سريعا، ثم يحكم القبضة األمنية، ليس فقط على القوى اإلسالمية، بل

على الشارع كله، ويعيد البالد إلى حالة ما قبل الثورة.

ميقة األمنية، قد سيطرت بالفعل على كل السلطة في وفي لحظة إعالن االنقالب، كانت الدولة الع

مصر، فبعد االنقالب على الرئيس، تم حل مجلس الشورى، وأصبحت مصر تحكم بسلطة عسكرية غير

مباشرة، من خالل رئيس معين غير شرعي، وضعت في يده كل السلطات، ولكن يظل القرار في النهاية

لعام لها.لدى قيادة القوات المسلحة، خاصة القائد ا

القوات المسلحة

القوات المسلحة المصرية، من أكثر المؤسسات تماسكا في مصر، ولكن بداخلها مشكلة مركبة.

على العداء للحركة اإلسالمية، وهي أيضا تمثل اسستفهي أوال، تمثل جزءا من نظام يوليو، وهي ثانيا

جزءا من المجتمع، وال يوجد عداء داخل بنيتها للهوية اإلسالمية، وال يمكن أن تسمح بضرب الهوية

على أساس أن قاماإلسالمية للمجتمع. ولكن في نفس الوقت، فإن مفهوم األمن القومي للقوات المسلحة،

مية الدولة، تهدد األمن القومي، وتهدد األمن القومي المصري، وأن إسال علمانية الدولة، جزء من مقومات

جعل مصر دولة مارقة حسب التعريفات األمريكية. مما يجعل موقف القوات االستقرار اإلقليمي، وت

مت في علمنة الدولة، تصبح في المسلحة من مسألة الهوية معقد، ويجعلها في موقف مربك، ألنها إذا ساه

اجتماعيا، وأيضا موقف حرج داخل القوات المسلحة نفسها. كما أنها ال تستطيع السماح حرج موقف

تصورها أسستباالختيارات الحرة لإلرادة الشعبية، إذا كانت هذه االختيارات مع الهوية اإلسالمية، ألنها

ى أساس مفاهيم عالقتها االستراتيجية مع أمريكا، عل أقامتلألمن القومي على علمنة الدولة، كما أنها

.لى الطابع القومي العرقي للدولة، كهوية لهامحاربة اإلرهاب، وعلمنة الدولة، والحفاظ ع

Page 7: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

7

وعندما تدخل القوات المسلحة في هذا النزاع، تصبح واقعيا في أصعب مرحلة من تاريخ القوات

صراع من زء المسلحة المصرية، حيث أصبحت جزءا من صراعات ونزاعات أهلية وسياسية، وج

الربيع العربي، وهو ما يمثل لحظة فارقة وحرجة.وي ودولي مع الثورة إقليم

وال يوجد مخرج للقوات المسلحة المصرية، إال بإعادة تعريفها لألمن القومي المصري، ولطبيعة

الدولة المصرية، بصورة تخرج عن إطار ما هو مفروض غربيا وأمريكيا، وبتصور يتناسب مع المجتمع

وهي مسألة صعبة ومعقدة، ويعبر عنه، ويتوافق مع تحرر اإلرادة الشعبية لمصر بعد الثورة. المصري،

بل وحرجة للغاية، خاصة مع الدعم األمريكي العسكري للقوات المسلحة المصرية.

االنقالب سياسيا

مبرر االنقالب أن القوات المسلحة انحازت للشعب، ولكن الواقع أن القوات المسلحة انحازت

يناير، فقد انحازت القوات المسلحة مع الشعب، 35لجزء من الشعب، ضد جزء آخر منه. أما في ثورة

يوليو، انحازت القوات المسلحة مع قطاع 2لم تأتي بإرادة شعبية. وفي انقالب طة غير منتخبة، ضد سل

ر بإرادة شعبية ، وضد دستور أقضد رئيس منتخب، جاء بإرادة شعبيةومن المجتمع، ضد قطاع آخر منه،

يوليو، قامت القوات المسلحة 2يناير، انحازت القوات المسلحة للثورة الشعبية، وفي 35. لذلك ففي حرة

بانقالب عسكري.

وال يوجد أخطر من أن تكون القوات المسلحة بجانب فصيل ضد آخر، وتنفذ إرادة قطاع من

لحة في قلب صراع سياسي، تحول فعليا إلى المجتمع، ضد إرادة قطاع آخر، فبذلك أصبحت القوات المس

نزاع أهلي.

والمتابع لوقائع الثورة المصرية، يجد أنه بعد الثورة ظهرت حالة االحتقان المجتمعي، ومعها

حالة من الصراع السياسي الشديد، ولكن تلك الحالة كان يتم تصريفها سياسيا في االنتخابات، رغم أن

لمنتصر، وال تعجب من لم يحقق نصرا، وهذا أمر طبيعي. ولكن تصريف نتائج االنتخابات كانت تعجب ا

حالة االحتقان في عملية سياسية منظمة ولها قواعد، كان أنسب حل لتلك الحالة، حتى ينمو التوافق

المجتمعي تدريجيا. ولكن ما حدث، أن مخططات االنقالب اعتمدت أساسا على تعميق حالة االحتقان،

نزاع. وظلت حالة النزاع األهلي، مخططة ومدبرة ومفترضة، حتى قام االنقالب حتى تصل إلى حالة

العسكري، ودخلت مصر عمليا وواقعيا وفعليا، في مرحلة النزاع األهلي. فتدخل القوات المسلحة لصالح

فريق ضد فريق آخر، هو سبب كافي اجتماعيا وتاريخيا، لبداية مرحلة نزاع أهلي، بعضه يكون عنيف،

مرحلة يمثل خطرا على المجتمع المصري، ويدخله فييكون غير عنيف، ولكن كله في الواقع، وبعضه

جديدة من تاريخ الثورة المصرية، ومن تاريخ المجتمع المصري.

فقد أراد تحالف االنقالبين، أن يحتكم للشارع ويفرض إرادته ومخططاته من خالل الشارع. وبهذا

تماعي والسياسي، وحالة االختالف واالنقسام السياسي في الشارع، بدال لجأ لتصريف حالة االحتقان االج

من تصريفها داخل العملية السياسية المنظمة، وهو ما يعرض العملية السياسية للخطر، وهو واقعيا

الشرعية والديمقراطية والعملية السياسية برمتها. ولهذا وقبل االنقالب بيوم، حذر الرئيس محمد قوضي

االنقالب على الشرعية، وكرر كلمة شرعية عدة مرات، ألنه يدرك أنه إذا تم تقويض الشرعية مرسي من

الدستورية، فلن تكون هناك أي شرعية أخرى، وسوف تصبح السلطة بالغلبة في الشارع، وهو ما يعني

الدخول العملي في مرحلة النزاع األهلي.

Page 8: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

8

إلى مرحلة النزاع األهلي، ألنه بنى مخططه ولكن تحالف االنقالبين، لم يدرك خطورة االنزالق

أساسا على إذكاء حالة النزاع األهلي، وتصور أن النزاع األهلي، يمثل سببا كافيا إلعادة بناء مرحلة ما

بعد الثورة كلها، بطريقة مختلفة. وقامت فكرة االنقالب، على أساس أن قطاع من المجتمع يعتبر نفسه

، لذا فيجب بناء النظام السياسي، وبناء نموذج ديمقراطي، يشعر هذا مهمش في مرحلة ما بعد الثورة

القطاع أنه غير مهمش، حتى وإذا كانت النتيجة هي إقصاء القوى اإلسالمية، فإذا لم يكن هناك توافق

يرضي الجميع، فيجب إقصاء اإلسالميين.

، ألن االنقالب لم يكن فاالنقالب، ليس له أي عالقة بالمشكالت التي خرج بعض الناس من أجلها

لحل مشكلة السوالر والبنزين، ولكن كان من أجل تصميم نظام سياسي، مدعوم من النظام السابق والقوى

العلمانية، ومدعوم عربيا ودوليا. وبعد ذلك، يمكن للقوى اإلسالمية، أن تشارك في نظام سياسي علماني،

إذا قبلت بالشروط العلمانية السياسية.

قالبأهداف االن

تتعدد أهداف االنقالب، ولكنها تصب في النهاية، في محاولة إعادة النظام السابق، مع غطاء

ديمقراطي شكلي، فالمطلوب تحقيق عدة أهداف منها:

وضع قواعد لنظام سياسي، تجعل الهوية اإلسالمية في الدستور مقيدة بمواثيق حقوق اإلنسان .0

. ويمكن تحقيق ذلك، فعليون للمرجعية اإلسالمية دور الغربية، والتي تسمى دولية، حتى ال يك

بوضع نصوص، كتلك التي كانت في وثيقة المبادئ فوق الدستورية، والتي عرفت بوثيقة السلمي.

السياسية، ورقيبة عليها، وحامية إعطاء دور سياسي للقوات المسلحة، بأن تكون حامية الشرعية .3

نت في وثيقة السلمي، أو نصوص أخرى. المهم أن لشرعية الدستورية، بنصوص كتلك التي كال

تكون القوات المسلحة، هي اليد العليا في السلطة السياسية.

تعميق استقالل القوات المسلحة، كمؤسسة مستقلة، ال رقابة عليها، وال سلطة مدنية عليها، حتى ال .2

يكون ألي سلطة منتخبة، تنفيذية أو تشريعية، سلطة على القوات المسلحة.

تعميق فصل عدة مؤسسات في الدولة، عن أي رقابة شعبية، وعن أي دور للسلطة المنتخبة، .4

خاصة القضاء والشرطة، بحيث تعمل تلك المؤسسات ذاتيا، وتكون منفصلة عن النظام السياسي

القائم، ولها سلطة تتجاوز أي سلطات منتخبة، مما يجعلها عمليا تحت القيادة العسكرية غير

المباشرة.

رسيخ سيطرة الدولة العميقة على أجهزة الدولة، مما يمكن شبكات النظام السابق، من وضع ت .5

آليات للسيطرة على أجهزة الدولة، بحيث تكون تلك األجهزة خارجة عن سيطرة الرئيس

المنتخب، وقادرة على إدارة نفسها ذاتيا، وهو ما يمكنها عمليا من عرقلة أي حكومة لها سياسات

اسات النظام السابق، المقبولة إقليميا ودوليا، والتي تعد جزءا من منظومة التحالف تختلف عن سي

مع أمريكا.

تأمين شبكات الفساد، وملفات النظام السابق، من أي مالحقة أو محاسبة، وهو ما سيؤدي إلى .6

توسع شبكات الفساد بصورة غير مسبوقة، حتى تكون هي المسيطرة فعليا على مقدرات الدولة

مجتمع، مما ال يسمح ألي سلطة منتخبة بأن تمارس دورها.وال

اعتماد سياسات أمنية وبوليسية، كافية للسيطرة على العملية السياسية، وجعل الحرية السياسية، .7

تحت الرقابة األمنية المباشرة، مما يمكن الدولة العميقة من السيطرة على حركة الشارع.

Page 9: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

9

السياسي للقوى اإلسالمية، وتحد من قدرتهم على اعتماد سياسات، تحول دون حرية العمل .8

الحركة واالنتشار، بالصورة التي تسمح بتقييد الدور السياسي للقوى اإلسالمية، وهو ما قد يصل

إلى محاولة اإلقصاء الكامل، إذا لم تنجح خطط التقييد والتحجيم.

اضعة لهيمنة فرض سيطرة مباشرة وغير مباشرة على وسائل اإلعالم، حتى تظل كلها خ .9

عسكرية ومخابراتية وأمنية مباشرة، والتضييق على أي وسيلة إعالمية مستقلة، والتضييق

بالكامل على أي وسيلة إعالمية إسالمية.

والخالصة، أن االنقالب العسكري، يهدف إلى إعادة بناء دولة االستبداد، ولكن تحت غطاء من ديمقراطية

ولت االنقالب، وهي التي أدارت مرك شبكات الفساد، ألنها هي التي مقيدة؛ ولذلك فإنه سوف يضطر إلى ت

من حشود المظاهرات؛ لذلك أصبح من الصعب مواجهتها، امشهد االنقالب، وهي أيضا التي حشدت جزء

خاصة وأن شبكات الفساد، سوف تعمل على استرداد ما صرفته على مخطط االنقالب، كما ستعمل على

استرداد ما استطاعت الحكومة استرداده منها من المال العام، قبل االنقالب.

ا في االستبداد، وتماديا في االنقالب على وتبدو أهداف االنقالب غريبة، من حيث أنها تعد تمادي

الثورة، وتماديا أيضا في السياسة األمنية الهادفة إلى إقصاء فصيل سياسي كامل، حاز على األغلبية في

كل مناسبة انتخابية بعد الثورة. وهي أيضا محاولة لوضع نظام سياسي، يفترض أنه ديمقراطي، يكرس

هذا بعد ثورة، قام انقالب عسكري في وجهها، تحت شعار حماية حكم األقلية، ويقصي األغلبية. وكل

ثار الثورة، وإهدار كل مكتسباتها.آالتخلص من كل مسار الثورة، فإذ به يهدف أساسا، إلى

مسار االنقالب

قام االنقالب أساسا على قاعدة جماهيرية تؤيد االنقالب، بل وتؤيد الحكم العسكري، وهي القاعدة

وهي ،شروع اإلسالمي، ولكنه لم ينجح إال بضم قاعدة جماهيرية أخرى، تم تضليل وعيهاالمعادية للم

من المجتمع، الذي يعاني من المشكالت المزمنة. ووصل األمر بهذه القاعدة، أنها أيدت القوى التي جزء

حاق إل صبحت تلك الكتل تختار فعليا، موقف من تسبب فيالحياة، فأ عرقلت حل المشكالت، بل وأزمت

الضرر بها متعمدا، وهي تعتقد أن الرئيس والحكومة لم ينجحا في حل المشكالت، فأرادت تغيير الرئيس

حتى تحل المشكالت.

ومن أراد أن يغير الرئيس حتى يحل المشكالت، فانحاز لموقف من تسبب أصال في هذه

، ال بد أن يفيق في النهاية، المشكالت، ومن فجر األزمات أكثر، ومن تسبب في تعميق شعوره بالمشكالت

ويعرف ما حدث، ويدرك أنه ساهم في إعادة النظام السابق، وإعادة االستبداد، ومنح الحماية للفساد. وهذه

الكتلة الحرجة، هي التي مكنت مخطط االنقالب من النجاح، وهي أيضا يمكن أن تكون جزءا من إفشال

صد قصة االنقالب ومساره.االنقالب. ولكن هذا الجانب ليس كل القصة، أق

فاالنقالب حدث على ثورة، فإما أن ينجح االنقالب وتنتهي الثورة، أو أن يفشل االنقالب وتنجح

الثورة. وال يوجد احتمال ثالث. فالمعركة اآلن بين طرفين، الثورة والثورة المضادة. وال يوجد أحد يقف

ت ضغط الظروف الحياتية.في موضع آخر، إال بعض الكتل القلقة، والتي تعيش تح

واالنقالب العسكري، على دستور وضع بإرادة شعبية حرة، وعلى رئيس منتخب بإرادة شعبية

حرة، ال يبني دولة ديمقراطية، بل يبني نظاما مستبدا، أيا كانت عمليات التجميل التي يمكن أن تتم، إلخفاء

لي أيضا، بين حلين، األول يعيد الرئيس صورته. ومعنى هذا، أننا في معركة اآلن، بل وفي نزاع أه

Page 10: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

01

دستورا جاء بإرادة شعبية، والثاني، يقيم نظاما استبداديا من والمنتخب، ومعه نظاما ديمقراطيا صحيحا،

جديد. وكأننا بين أن نتقدم إلى األمام، أو نرجع للخلف، وتلك المعركة ليست غريبة على التاريخ، فلم تنجح

الثورة المصرية نجحت بأسرع من المتوقع، وهذه هي المشكلة، ألن نجاحها ثورة من الضربة األولى، و

لم يكن كامال.

فالمتابع لكل ما حدث، يجد أن حسم الثورة سريعا بتنحي رأس النظام السابق، لم يكن لحسم

نظام األمور لمصلحة الثورة، بل كان حتى ال تنجح الثورة بالكامل. فقد حسم األمر سريعا، حتى ال ينهار ال

السابق بالكامل. وعندما فشلت كل محاوالت إعادته أو تقويته، وآخرها محاولة إنجاح مرشح النظام

السابق في االنتخابات الرئاسية، لم يكن هناك من حل آخر، إال االنقالب على الثورة، حتى يعاد النظام

ري.السابق بالكامل، بعدما فشلت محاوالت إعادته تدريجيا، وبدون انقالب عسك

من كن بعد تقسيم المجتمع، حول موقفهإذن، نحن أمام معركة الثورة األولى واألساسية، ول

ن الثورة المصرية نجحت سريعا، لذلك بدأت مرحلة تقسيم المجتمع بعد الثورة، كما حدث في سوريا. فأل

المجتمع حول الثورة، حتى يتم إضعاف المجتمع، وال يكون له موقف موحد من الثورة، وحتى يختلف

الموقف من الثورة، ومن النظام السابق، ويضعف االجماع على الثورة. وهنا تواجه الثورة نزاعا أهليا،

يعرقل مسيرتها.

ينقلب عليه مبرر االنقالب

إذا كان مبرر االنقالب، هو وجود رفض شعبي في الشارع، وهذه أقوى نقطة يعتمد عليها مخطط

النقالب، تسببت في ااالنقالب، فإنها واقعيا أضعف نقطة في هذا المخطط، ألنه إذا كانت الحشود هي التي

طر سريعا على ين يسفالحشود أيضا هي التي يمكن أن تنهي االنقالب. لذلك فإن تحالف االنقالبين، يريد أ

وإعالم االنقالبين يتجاهل الحشود المؤيدة للشرعية والرئيس، كما إن الشارع، حتى ال توجد حشود ضده.

تنظيم بلطجية االنقالبين، يحاول تخويف المتظاهرين المؤيدين للشرعية، من خالل ارتكاب أعمال عنف

ضدهم.

ا في وجود نزاع أهلي، لذلك فإن بقاءه وألن االنقالب تحجج بوجود نزاع أهلي، وتسبب عملي

ولكن مرتبط بوجود حالة نزاع أهلي في مصر، تعرقل المسار الديمقراطي أصال، وتبقي حكم العسكر.

النزاع األهلي أيضا، يمثل خطرا على القوات المسلحة والدولة والمجتمع، وإذا أصبح هذا الخطر في

زاع األهلي، وهو ما يدفع قادة االنقالب للتراجع، ولكن مرحلة متقدمة، يصبح من الضروري نزع فتيل الن

تراجعهم أيضا سوف يزيد حدة النزاع األهلي، فال يوجد طريق لنزع فتيل النزاع األهلي، إال بإعادة قواعد

شروط العملية الديمقراطية، حتى يتم تصريف النزاع األهلي اللعبة السياسية الديمقراطية، وتقبل الجميع ل

ل تصريفه في الشارع.دياسية، بفي عملية س

وألن االنقالب العسكري، ال يبني ديمقراطية، وال يسمح بحرية، بل يعيد الدولة البوليسية، فإن

الحرية التي أعقبت الثورة، تظل أمال يراد استعادته.

ؤيدة وألن االنقالب العسكري، ال يحمل حلما ألحد، غير النظام السابق والقوى العلمانية والكتل الم

لها، أي أنه ال يحمل حلما إال ألقلية، أعتمد عليها النظام السابق قبل الثورة مرات عدة، لذا فإن االنقالب

Page 11: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

00

العسكري ال يجد ما يروجه للناس، حتى يحمي حكم العسكر بشريعة شعبية مفترضة، بل أن الشعبية التي

استند عليها سوف تتقلص تدريجيا.

انتكاسة أم نهاية

د من السناريوهات التي يمكن تحليلها ودراستها، ولكن المهم اآلن، هو المسار هناك العدي

للمصري حريته، واالنقالب العسكري سوف يجهض حلم خي العام. فالثورة المصرية، أعادتالتاري

الحرية. والثورة المصرية، لم تكن ثورة جياع، بل كانت ثورة أحرار، يطالبون بحريتهم. لذا فإن معركة

تستمر، حتى تستكمل، ولكنها تواجه بعد االنقالب العسكري بتحديات أكبر، تحديات قبل أن التحرر

تنتصر على االنقالب، وتحديات أكبر بعد أن تنتصر على االنقالب.

ن نهاية حداث، فاالنقالب العسكري، لن يكوهي انتكاسة، تستمر لفترة زمنية، حسب تطور األ

ام أو سنوات. وهي انتكاسة، ألنها سلبت الحرية، في اليوم األول للثورة، بل انتكاسة، قد تستمر أي

لالنقالب، وهي انتكاسة ألنها أعادة الدولة البوليسية في اليوم األول لالنقالب.

فقد قامت الثورة المصرية من أجل الحرية والخبز، بمعنى آخر، قامت الثورة المصرية من أجل

محمد مرسي على تحقيق االستقالل، وهو يعني التحرر الكامل، التحرر والتقدم. وقامت سياسة الرئيس

والنهوض، وهو يعني تحقيق الرفاه لكل شعب مصر. وقام االنقالب العسكري، حتى ال يتحقق االستقالل

والنهوض لمصر.

وال يمكن أن ينجح االنقالب العسكري، إال إذا نجح في مساومة شعب مصر، حتى يضحوا

من أجل تحقيق الرفاهية، وليس التقدم والنهوض الحقيقي. مما يعني أن االنقالب بالحرية واالستقالل،

العسكري لن ينجح، إال بضخ أموال هائلة سريعا، تحقق لشعب مصر الرفاهية، وإن لم تحقق له بناء

نهضة حقيقية مستقلة. مما يعني أن نجاح االنقالب، يرتبط بوجود ممول قادر على دفع منح ومعونات

ومستمرة، حتى يعيش شعب مصر في حالة اقتصادية جيدة، اعتمادا على دعم مالي خارجي كبيرة

ومستمر. وهذا لن يحدث، ألن القوى الخارجية، تخشى أساسا من تمويل مصر ماليا، حتى ال تخرجها من

أزماتها المالية الحالية، والمتمثلة في عجز الموازنة وتضخم الديون. وال يمكن تمويل مصر ماليا

بالقروض فقط، ألن هذا سيحول مصر إلى دولة مفلسة، ولن تتمكن من تحقيق الرفاهية للشعب. وألن في

مصر نسبة فقر مرتفعة، لذا فالمطلوب هو دعم مالي هائل.

والغرب ال يمول دول ليست ضمن حظيرته السياسية والحضارية، ولن يسمح بتمويل واسع

القتصادي ضمنا. والغرب في زمن النظام السابق، كان يدعم لمصر، خوفا من تقوية مركزها المالي وا

مصر، حتى تبقى مستمرة، دون أن تتقدم. وال يمكن للغرب أن يدعم مصر، حتى تخرج من الحالة التي

وضعها فيها النظام السابق، بإرادة غربية، وهي أن تبقى بين الحياة والموت.

أيا كان لحرية، هذا إن قبل المصريون بذلك. ولذا ال يوجد من يدفع ثمن تنازل المصريين عن ا

الدعم المالي الممكن بعد االنقالب العسكري، فإنه لن يغير من األوضاع المعيشية بشكل مؤثر. مما يعني

أن االنقالب العسكري، لن يأتي بالحرية أو الرفاهية، وهو ما يجهض كل أهداف الثورة. وإعادة حالة

ة، كافية بأن تحقق إفاقة تدريجية لعامة الناس، حتى يدركوا ماذا حدث لهم، مصر، إلى مرحلة ما قبل الثور

ويدركوا حقيقة االنقالب العسكري. وألن الثورة تنجح بإرادة عامة الناس، وإرادة السواد األعظم، فإنها

Page 12: الانقلاب العسكري

3102 يوليو ؟العسكري.. انتكاسة أم نهايةنقالب الا

03

ال تستمر بإرادة السواد األعظم أيضا. وألن االنقالب نجح بسبب حالة غفلة أصابت الرأي العام، فإنه

يستمر دون استمرار الغفلة التي أصابت الوعي العام. وألن سقوط وعي السواد األعظم في غفلة كل

الوقت، غير ممكن، وألنه يحدث أحيانا، ولبعض الوقت، لذا فإن االنقالب العسكري، لن يمثل إال انتكاسة

للثورة، قد تكون قصيرة، وقد تمتد.

مرات، بل وخرجوا ومنحوا غطاء النقالب ففي مصر ثورة قامت، وخرج الماليين عدة

ة الشعب كله، إلى حالة من السلبية، كما كان قبل الثورة، دوهم ال يعرف أهدافه. لذا فإن ععسكري، وأغلب

غير محتمل. وبعد حالة الفوضى الشعبية، التي جعلت مصر تحتل المركز األول في التظاهر واالحتجاج،

الشعبي.ال يمكن أن تعود حالة السكون

لذا فمقومات استمرار االنقالب العسكري، ونجاحه في تحقيق أهدافه، غير متاحة، ولكن االنقالب

العسكري، يملك قوة السالح، لذا فهزيمته ليست أمرا هينا، وإن كانت متاحة.

الخالصة

أتي يقول البعض، أن دروس التاريخ تؤكد، أنه عندما تقوم ثورة إلسقاط نظام حكم مستبد، ثم ت

حكومة منتخبة، وبعدها يحدث انقالب عسكري، فإن هذا االنقالب العسكري يفشل في النهاية، والحكومة

المنتخبة تعود للحكم، وكل من أيد االنقالب العسكري، يخسر في النهاية. فهل تنطبق تلك القاعدة التاريخية

ربما. على مصر؟