٥ ويةرسائل دع

مقدمـةاحلمد هللا الذي علم بالقلم، علم اإلنسان ما مل يعلم، وأشهد أن

خلق اإلنسان علمه البيان، وأشهد أن حممـدا : ال إله إال اهللا القائلعبده ورسوله النيب األمي املبعوث رمحة للعاملني صـلى اهللا عليـه

.وسلم :أما بعد

ة اهللا عز وجل؛ قال فإن هذه النفس البشرية ما خلقت إال لعباد وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبـدون : القضيةاهللا مؤكدا هذه

، والعبادة يف مفهومها العام أوسع مما يعتقده كثري مـن ]الذاريات[العبادة اسم جامع لكل مـا : "الناس؛ فهي كما قال شيخ اإلسالم

، ويف هذا "عمال الظاهرة والباطنةحيبه اهللا ويرضاه من األقوال واألاملعىن داللة واضحة وجلية على أن حركات اإلنسان، سكناته وقوله

عبادة مىت خلصت النية وصـفت مـن -وفعله، بل حىت تفكريه .شوائب النفس األمارة

ومن زمن بعيد كانت هذه النفس دائما حتدثين حديثا يؤلب يف ملشاركة يف البناء، وبالتـايل جتـيش نفس املسامهة يف اإلصالح وا

مشاعري يف أحيان كثرية بأشجان وأحزان، أشجان كلما رأيـت صورة اإلصالح تبدو واضحة جلية كما أعاين احلق أشبه ما يكون ببزوغ الفجر اجلديد، وكم كانت هذه الصورة يف أوقات كـثرية

فكـار ترفعين إىل ذر السحاب فأحلق بنفسي عاليا، حىت رمبـا األ تواردت هناك فسقت هذه الريشة من سفح ذلك الفرح فسـبكت

ويةرسائل دع

٦

جل آماهلا وطموحاا، وأحيانا جتيش هذه املشاعر بشيء من احلزن واآلهات فتفجر يف نفسي ينابيع اهلموم على واقـع أمـيت املريـر فتستقي هذه الريشة من نفس هذه األحزان، فتكتب جمربة راغمة،

لني أجري هذه املشاعر خلدمة هذا الدين وكنت حبمد اهللا يف كال احلاوإلصالح هذه األمة، ولن جتدين أميت يوما خمذال يف الطريـق وال معوال من معاول اهلموم؛ كيف ذلك وأنا أدرك أن احليـاة كلـها سحابة صيف عابرة، فلهذا الدين روحي ونفسي فداء هلذه العقيدة

أعز ما أملك، كل ما أملك من أفكار، هلا األوقات واألعمار؛ فهي .أحيا عليها وأموت من أجلها

وأمضي على سنيت يف يقني رب وديـن لسأثأر ولكن وإما إىل اهللا يف اخلالـدين فإما إىل النصر فوق األنام

:أخي الكرمية احتضنتها جريدة املدينة مـن بني يديك مجلة رسائل صحفي

ادفة واملعـاين سنوات فأخرجتها للقراء وهي تلبس ثوب الكلمة اهلالسامية؛ فهي إهداء مين لشخصك الكرمي غري أين آمل أن تعذرين؛ فقد كان إعدادها وليد الساعة وأطوهلا عمرا مل يلبث ضحى يـوم، إا ليست وليدة تفكري عميق إمنا كدر نفس وصفائها ربنا أخرجها

:ومل يكتمل منوها بعد، وحق هلا اليوم أن تتمثل أمامك قول القائل جل من ال عيب فيه وعال إن جتد عيبا فسد اخللـال

فالنفس طبعها الطيش والعجلة، وليت شـعري اليـوم مـن .األناة وواقع أميت حيترق عبثا من الالهني! من يعلمين؟! يصبرين؟

٧ ويةرسائل دع

رسالة -إن شاء اهللا –هذه رسائلي بني يديك ال أعدم منك ت تقوم ا املعاين، وإشارات توسد ـا تصلح ا األخطاء، وكلما

املثالب، لك مين وافر التحية؛ فأنت املرآة اليت أرى ـا صـوريت إىل رسائل أخرى قادمة، إىل ذلك احلـني وكـل ... واضحة جلية

.حني ألقاك فأنت نعم الناصح واملعني

* * *

ويةرسائل دع

٨

خفقة من قلب محبكتـذكر لقيـاي هي احلياة صدف وعجائب؛ أ.. أيها اإلنسان

نعم، نعم؛ ال أظنك ! أتذكر ذلك املسار الذي مجعين وإياك؟! بك؟تنسى مداد األيام وسراب النهار؛ بل أظنك تذكرت حىت شـعاع القمر يف أحلى لياليه، أيها اإلنسان هي حمض الصدفة اليت قـادت بيدي إىل التعرف عليك فكانت أمجل الليايل وأحلـى اللقـاءات،

نسان أن رابطة مثل هذه صعب أن حتل قيودها، كنت أظن أيها اإل .وأن توسد أيامها، ويغفل عن شيء من أعاجيبها

أترى أيها اإلنسان أن التزامي ! أي تغير تغيرته يا ترى أمامك؟يا ترى أن أم! عيب وأثره حيجب شعاع حبك يل؟مبنهج رسولك

ـا عـين، قصر ثويب وظهور شعرات وجهي قدح ومذمة تتهرب إنين يا أخي أحببـت هـذا ! وحتجب مشس ناظريك عن مقابليت؟

الطريق وتعلقت به ألنه خيدم منهجي ويعزز قويت، بل يزيدين مشوخا .ورفعة

أحببت يا أخي هذا الطريق ألنه أراحين من عنـاء األوهـام، وصدى اهلمسات، وجترع الغصص، جعلين أشعر بكراميت، أكسبين

.احلياة، بل أرشدين إىل مغزى طريقي الطويل معرفة هديف يف! مرة أخرى أعاتبك ملاذا أمسك بأجاديب ثوبك وتتملق مين؟

ملاذا أحاول شدك جهدا والزلت حتاول الفكاك والشـطوح عـن طريقي؟ أسألك يا أخي مرات ومرات، هل تشعر بسعادة فيما أنت

لرفعـة؟ فيه؟ هل حتس تاف احلب؟ هل تشعر بشيء من السمو وا

٩ ويةرسائل دع

أظنك تقول نعم؛ فلقد ناداين وإياك صوت إمامنا السلفي احلسـن وإن مهلجت م الرباذين وجلجت م اخليول : "البصري وهو يقول

؛ فهال استشعرت عقبـات الطريـق "فإن ذل املعصية ال يفارقهماملظلمة؛ إنين لعميق حيب لك أدعوك إىل التفكري بشرط أن يكـون

إىل اإلجابة على أسئلة هي املعىن احلقيقي بينك وبني نفسك، أدعوك للحياة، ملاذا خلقت؟ ما هدفك يف احلياة؟ أي رسالة حتملـها؟ أي منهج تسري عليه؟ من قدوتك؟ حينها نتحول أنا وإيـاك بصـدى

:صوت واحد نقول وأمضي على سنيت يف يقني رب وديـن لسأثأر ولكن

يف اخلالـدين وإما إىل اهللا فإما إىل النصر فوق األنام ".هذه مثرات استجابتك"وداعا وداعا إىل رسالة أخرى بعنوان

ويةرسائل دع

١٠

هذه مثرة استجابتك

أيها اإلنسان، حتدثت معك باألمس عن األمل املنتظر منـك، وأشكرك جزيلا على حسن استجابتك، وال زلت معك على ثنايـا

تزام بنهج الطريق، أخي اإلنسان، إن مثرة استجابتك لدين اهللا وااللإن الذين قالوا : رسولك الكرمي جيعلك يف عداد من قال اهللا فيهم

: األحقاف[ ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنونإن اهللا إذا أحـب «: جيعلك يف زمرة قول رسولك الكـرمي ]. ١٣

فيحبه جربيل، وينادي . فالنا فأحبه إين أحب: عبدا نادى جربيلفيحبـه أهـل السـماء، . إن اهللا حيب فالنا فأحبوه: يف السماء

إن حبه ليشـرب «: ، ويف رواية)١(»ويوضع له القبول يف األرض .»مع املاء البارد

! أي فضل وأي عظمة أنت تعيشها بني ظالل اآلية واحلديث؟ وكم هو الزمن ! يف مثل هذه السعادة؟كم هو العمر بأيامه ولياليه

أقل بكثري من حلظات اهلاتف املشرق اليت تعيشها ! بسنينه وشهوره؟يف ظل هذه احلياة اهلادفة، إين أبارك لك عمرك دقائق أيامك وثواين لياليك على ما أنت فيه من نظرة وإشراق ال زالت معـك علـى

أبو سـليمان (جنبات الطريق؛ فأذكرك بقول أحد سلفك الكرام واهللا : "فقال معبـرا . ذاق طعم اإلميان واستشرب تعاليمه): الداراين

إن كـان : إا لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها القلب فرحا، فأقول

.رواه مسلم من حديث أيب هريرة) ١(

١١ ويةرسائل دع

أسـعد اهللا ". أهل اجلنة فيما حنن فيه فواهللا إم لفي عيش رغيـد ..أيامك وأراحك من عناء اهلموم، ويف اخلتام وداعا وداعا

".هكذا فلتكن"قريب يف رسالة بعنوان إىل

ويةرسائل دع

١٢

هكذا فلتكن

إنين قبل أيام هاتفتك برسالة ذكرتك فيها بعرى ما نعيش فيـه من سعادة ورأفة، واليوم أذكرك بأن تلك السعادة هي حلم ينتظره الكثري؛ لكن رمبا حتقق ذلك للكثريين مث فقد منـهم بـني حلظـة

عزيز موقعك بني أهل االستقامة؛ فلئن وأخرى؛ إنين أدعوك اليوم لتظفرت بإخالص من الشيطان يف حلظة من اللحظات فأنني قسـمه

: ص[ فبعزتك لأغوينهم أجمعـني : يالحقك يف كل اللحظات٨٢.[

إن االستقامة تتطلب مين ومنك أكرب مما تتصور، وعناء أكـرب بك وموالك يثبتك ويعزز موقعك مما مضى؛ إنك حتتاج دائما إىل ر

وينصرك على أعدائك، ومثة مقومات إن كانت على بالك فأبشـر قوة صـلتك : بعز الدنيا واآلخرة، وأبشر بكل عز وثبات؛ إا أولا

بربك وموالك؛ وذلك عن طريق إقامة الفرائض على الوجه األكمل .واألحسن

.املواظبة على قليل النوافل وكثريها .االهتمام بقيام الليل ومناجاة السحر الطويل .إحناء ظهرك على مطالعة الكتب وتقليبها .اإلقبال على القرآن حفظا وتالوة واعتبارا

إن هذه مثة مقومات، أمثايل وأمثالك حباجـة ماسـة إليهـا، وباملواظبة عليها وسداد ثغراا تكتمل شخصيتك، وينمو جـذرك،

١٣ ويةرسائل دع

مصلحا، نور على نور يهـدي اهللا ويصلب عودك، فتعيش صاحلا .لنوره من يشاء

.وداعا. وداعا.. سددك اهللا وزادك نورا وبصرية دورك املنتظر: يف رسالة أخرى بعنوان

ويةرسائل دع

١٤

دورك املنتظر

هل نفذت نصيحيت؟ هل تشعر بنماء جـذرك، .. أيها احلبيبإن اإلسـالم .. وصالبة عودك؟ إذا هيا معي إىل دورك يف احليـاة

حباجة إىل مثلك، أمثالك اجلادين املخلصني؛ إننا نعيش على مضض اجلمر يف انتظار دورك، فما هو يا ترى دورك يف احليـاة وكيـف

فـالثغرات كثـر .. تؤديه؟ إنين أدعوك أن تساهم بكل ما تستطيع .والرجال القادمة هم القلة

، إنين أدعوك إىل اخلطابة؛ فهي باب واسع ينتظـر أمثالـك أدعوك إىل إلقاء املوعظة الصادقة بني حني وآخر؛ فهي منفـذ إىل أوقات املصلني املتعبدين، أدعوك إىل املقالـة الصـحفية؛ فقـراء الصحف هم اللوحة العريضة اليت تستقبل هتاف كلماتك، أدعوك إىل مناصحة الناكصني؛ فهم يف أمس احلاجة إىل نثر كلماتك ودقة

اتك، أدعوك إىل إمامة املسجد؛ فهي حقـل عظـيم للتربيـة عباروالتعليم، أدعوك إىل إحناء ظهرك وتقليب صفحات الكتب؛ فنحن إن صح التعبري يف أزمة إىل العلماء املصلحني الصادقني املربني، ويف اخلتام كل سبيل وكل منفذ خيدم دينك فنحن يف أمس احلاجة إليه،

اهللا روح بك، وجعلك من أهل هذا الشـرف طيتني نسوح ،ك .املشرق

.وداعا، وداعا، وداعا، إىل لقاء ليس بالبعيد

١٥ ويةرسائل دع

رسالة إىل املتخلفني عن الصالةأحييك بتحية اإلسالم حتية أهل اجلنة يوم يلقونه :أخي احلبيب

سالم، فسالم اهللا عليك ورمحته وبركاته، وبعد أحدثك عن حـيب اقي ووجلي عليك، أم أحدثك حديثا غري ذلـك لك، أو عن إشف

كله؟ أحدثك عن أمنيايت وآمايل وطموحايت، وعـن كـل ذلـك .سأحدثك

جيمعين بك رباط أخوة يلبسنا ا كتاب ربنـا :أخي احلبيب، جيمعنا بك نسب ]١: احلجرات[ إنما المؤمنون إخوة: الكرمي

فيد ملعاذ، وذو رباط بسلمان، عريق؛ فأنت يا أخي ابن خلالد، وح: اإلسـراء [ ولقد كرمنا بني آدم: أنت الذي يجلك ربك بقوله

فعشت ذا التكرمي أمسى خملوق على وجه هذه البسـيطة، ]. ٧٠أنت الذي تدخل يف زمام أمة عاشت كل معاين التكرمي يف قـول

]. ١١٠: آل عمـران [ لنـاس كنتم خير أمة أخرجـت ل : را، كل هذا »أنتم اآلخرون السابقون يوم القيامة«: وحديث رسوهلا

لك أنت ألنك فىت اإلسالم وشريانه احليوي، أو حيق لك اليـوم أن .تنسى كل هذه املعامل وال تعطيها قدرها املرموق

أين أنت يا أخي عن بيوت اهللا؟ كم صلت مجوع املسـلمني أين أنت يا أخي عـن ! أو مل ترهم راكعني ساجدين؟ من صالة،

بل أين أنت عـن ! أين أنت عن القارين والتالني؟! هذه اجلموع؟أوتصر يا أخي أن ! مساع األذان الذي يتردد يف أحناء قريتنا احلبيبة؟

ألم تـر : مصداقا لقول ربك! تكون نشازا ضد هذا الكون كله؟

ويةرسائل دع

١٦

دجسي أن الله سـمالشض وـي الـأرف نمو اتاومي السف نم له

والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثري مـن النـاس ! أين أنت يا أخي من سجود الشـجر والـدواب؟ ]. ١٨: احلج[

يوان أو مجـاد أوتحب يا أخي أن يغلبك وينتصر عليك يا أخي حفواعتيب ! فيخر ساجدا هللا طائعا له ملبيا لندائه وأنت تأىب ذلك كله؟

.عليك يا فىت اإلسالمتلفت عند تأخرك عن أداء الصالة، مـن هـم :أخي احلبيب

أقرانك؟ من هم الذين يعيشون مسات التخلف؟ إن مل يكن الشاذين شـهوام، من الناس، فهم فئة غلبهم الشيطان، وانتصرت عليهم

أن تكون جليس كرسخالقهم وموالهم، أفي هم أهواؤهم حقتسوأن !هؤالء وتترك ثلل العابدين الطائعني؟

قف مع نفسك حلظات وأنت تسـمع صـوت :أخي احلبيب، قدر معىن هذه الكلمة، أعطها حقها من الرعاية، "اهللا أكرب"املؤذن

الكلمة أهون شيء عندك؟ أفتنسى كل معامل أفيسرك أن تكون هذه وأنت تلوي عنقـك " اهللا أكرب"الربوبية؟ أفيعجبك أن يردد املؤذن

عن مساعه؟ أوما سألت نفسك ملاذا األمة كلها تستجيب هلذا النداء ! أجتابه من رباك؟! وأنت الوحيد الذي تكابر؟ أفتعاند من خلقك؟

ي رباك، من الذي خلقك فسواك، من عد لنفسك، ذكرها من الذالذي أمدك بالنعم، من الذي جعلك خملوقا كرميا يف أعلى معـاين

ال يا فىت اإلسالم؛ فليس ذلك مـن ! الكرامة، أفتنسى ذلك كله؟ .خلق الكرماء

١٧ ويةرسائل دع

أفأمن أهل القرى أن : أونسيت حديث القرآن :أخي احلبيبأوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسـنا * سنا بياتا وهم نائمون يأتيهم بأ

أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القـوم * ضحى وهم يلعبون ].٩٩-٩٨-٩٧: األعراف[ الخاسرون

فيها ما عـني رأت، وال أذن : "أوال تريد اجلنة :أخي احلبيبيوم نقول : أوال ختاف من النار" مسعت، وال خطر على قلب بشر

زيدم نل مقول هتو لأتتل امه منهجل ]أوال ختشـى ]٣٠: ق ، ].١٤: الفجر[ إن ربك لبالمرصاد: لقاء اهللا

التزام املنهج احلق والسري مع األمل يحدوك إىل :أخي احلبيبالرفقة الصاحلة، فهيا نأخذ بيد بعض إىل أبواب املسجد، فنغسل كل خطيئة، ونلج إىل أبواب الرمحة، وحينها تكتب يف عداد الطـائعني

.الصاحلنيكلي أمل بعد رساليت هذه أن تكتحـل عـيين :أخي احلبيب

وجل؛ فذلك كل ما برؤيتك بني صفوف املسلمني يف بيوت اهللا عز .أمتىن

ويةرسائل دع

١٨

رسالة إىل مدخن

أنت أخي أكرب فيك إسالمك، أعظم فيك صالتك، أمتـدح شبابك وريعانك، رأيتك تتكرر على املسـاجد، ومسعتـك تقـرأ القرآن، وعلمت أنك أشد حياء من أصحابك وذويك، أعجـبين

يا –أنت شخصك وشد نظري ملحظك، مثلك حيب ويهتم به؛ فشبل اإلسالم حبيب حمب؛ وهلذا كله أكتب إليه هذه -رعاك اهللا

الرسالة، أملي أن يكتب هلا قبول عند شخصك الكرمي؛ فذلك كل قل يل ! ملاذا تدخن؟ أولست عبدا هللا؟: ما أمتىن، أخي دعين أسألك

ملـن ! له لربك؟ملن تصلي؟ وملن تقرأ القرآن؟ أليس ذلك ك: بربكفلماذا وأنت ذا اهلدف السامي تشعل سيجارة ومتسك ! خلقك؟أوليس من تتعبد له حقيقا بأن ختاف منه؟ ملاذا ! ؟)نارجيلة(خبرطوم

يا أخي تعيش متناقضات يف حياتك بني يـدي ربـك وأمنيـات أوليس أنت أخي حري بالتفكري يف ذلك وحماسبة نفسك ! عدوك؟

حبياة؟ فليس ذلك! عنه؟نفسك اليت بني جنبيك أمانة عنـدك ووديعـة :أخي املدخن

أتكبلهـا بأسـاور ! ها على غري هـدى؟ بساستودعك ربك، أفتحملاذا غريك من النـاس ! أتحجم من سريها بعراقيل واهية؟! املعصية؟

يحلق ذه يف عامل الروحانيات، وأنت يم ا يف أودية الشـتات !واخلذالن؟

ال أظـن ! أوتطيب نفسك ونأ بأذية عباد اهللا؟ :أخي املدخنذلك يليق بشخصك؛ فكيف وأنت تفعل ذلك بعمد وسبق إصرار،

١٩ ويةرسائل دع

فتغدو إىل تلك السيجارة لتشعلها فتؤذي برحيها اآلخرين فتـرتبط صورتك بصورة اإليذاء القبيحة، وكيف لو زدت أنت بنفسك هذه

أويسـرك أن ! مالئكة اهللا يف بيوت اهللا؟ الصورة إيذاء أكثر فآذيتال؛ فأنت أكرب مـن ذلـك ! تكون متحليا بصفة اإليذاء لعباد اهللا؟

.كلهأوترضى منـها رحيـا غـري : زوجتك املسكينة :أخي املدخن

تتزين لك وتتجمل من أجلك، فتأيت إليك فتعاملها بغـري ! مجيلة؟ا برائحة الدخان املنتنة، وقد تصرب وال تتحـدث املثل، تتعمد إيذاءه

إليك مبأساا وهي املسكينة مأسورة يف سجن الروائح اخلبيثة، فهل تقدم إلطالقها من أسرها وستخربك حينها عن سـجنها املقيـت،

!أوليس احلق أن تكون على أحسن حال وأمجل هيئة؟هللا ملكك إياه لتنفق املال الذي يف يدك، أوليس ا :أخي املدخن

على نفسك من خري ما أعطاك، أفجزاء اجلميل أن تقدمه مثنا لشراء وهل يعترب هذا الفعل منك عذرا مسوغا أمام اهللا يـوم ! سيجارة؟

.القيامةالعقالء يسعون دائما للمعايل، يترقـون يف درج :أخي املدخن

احلضيض ووي املكارم، يأنفون من الدنايا، وأنت تنزل نفسك إىلا الدركات؛ فالتدخني يزري بك، ويثلم مروءتك، وينقص قدرك، ويدل على ضعف إرادتك، وسفول مهتك، وال أظنك أخي ترضى

.ذا السقوط املشنيالصحة مطلب كل إنسان، وأنت بالذات أمجل :أخي املدخن

ويةرسائل دع

٢٠

ما عندك صحة نفسك أن تشوا األمراض وتفتك ـا السـموم،

اك اليوم ذه السيجارة تتعمد دمارك، وتسعى حلتفـك، فلماذا أرفحديث السرطان على كل لسان، وأنت تقود نفسك ! أوسمعت؟

!إىل هذا اخلطر الداهم، فلماذا تفعل ذلك كله؟أدرك أنك حبيب حمب، واعلـم نقـاء :وأخريا أخي املدخن

اهللا فطرتك، وقوة شخصيتك، وأدرك أن نفسك األبية قادرة بإذن أن تتخلص من أدران املعصية؛ فهذه رساليت بني يديك، أملـي أن

.تطلب معاىل األمور، واهللا حيفظ ويرعاك أن تكون حاديك إىل

٢١ ويةرسائل دع

رسالة إىل العب البلوتأخصك برسالة حب وفيض أماين، أبوح لـك :أخي الفاضل

بنصح مشفق يوم ختاذل الناس عن النصيحة، أبوح لـك بسـري .سك حبديث الود عسى أن جيدك على خري ما يريداملكنون، أهام

لقد رأيتك تقضي أوقاتا غري قليلة علـى ورق :أخي الفاضلالبلوت، وزاد نظري سوءا أنك يف أماكن الـدناءة ومحـأ امليـاه فتراكمت مثالب ازام الشخصية على عاتقك، أفترضي يا أخـي

.دنيئةال؛ فلست أخالك ذه الصفات ال! لنفسك هذه املكانة؟وقتك مثني، وحياتك جادة، وأيامك حمسـوبة :أخي الفاضل

عليك، وساعات عمرك مسجلة يف كتاب ال يغـادر صـغرية وال كبرية إال أحصاها، فما هو نظرك عن وقت لعـب البلـوت؛ أيف

قارن بنفسك وسـتجد ! سجلات احلسنات أم يف سجل السيئات؟رسيا، أوـك يف هلذا السؤال جوابيا أخي الفاضل أن تذهب حيات ك

أويعجبك يا أخي أن ترى أولئك اجلادين يستثمرون ! توافه األمور؟أوقام يف النافع املفيد وأنت على ورق البلـوت دون فائـدة وال

.حتصيلمن الذي صنع الذي يف يديك؟ من أحاك لـك :أخي الفاضل

! ماذا يريـدون منـك؟ !مثل هذه اخلطط؟ أوليسوا أعداء دينك؟أيريدون جناحا وتفوقا، أم يريدون أن تبقى بال هدف ودون غاية؟ لقد تفنن األعداء يا أخي يف نزع اهتمامك بدينك ورفعـة أمتـك

.فوفروا لك من الوسائل ما يبقيك تعيش على انتصارات موهومة

ويةرسائل دع

٢٢

ما الفرق بينك وبني اجلادين من الناس؟ أولئك :أخي الفاضل

ا أوقام يف النافع املفيد، وأنت يف مكانك تراوح على هـذه شغلوالورقات، يتقدم م العمر فيزيدهم رفعة عند رم عز وجل ويتقدم بك أنت العمر فيزيدك بعدا عن اهللا عز وجل، أويسرك أن ينتصـر

!هؤالء على شهوام، وأنت ترديك شهوتك يف احلضيض؟ك املرأة املسكينة اليت رضيت بالوحدة عجبا لتل :أخي الفاضل

وعانت أوقات الفراغ دون صديق مؤانس وأنت ال تأبـه ـا وال تسأل عن حاهلا، لقد خرجت املسكينة من جنح أبوين حنونني إىل جنحك الدافئ فأبت وريقات البلوت إال أن حترمها لذة البقاء معك

ة مبنأى عنك؛ فعاشت أملني موجعني؛ أمل الفراق ألهلها وأمل الوحدأوترضى أن ! فإىل مىت ستبقى هذه املرأة وحيدة بني جدران أربعة؟

أويسرك أن تبقى وحيدة بـال ! تمتد هلا يد طائشة أو عني خائنة؟ !مسامر؟

من هم أصحابك؟ من هـم رفاقـك الـذين :أخي الفاضل املسـاجد؟ أم يسامرونك على ورقات البلوت؟ أهم املسارعون إىل

هم الطائعون املتعبدون؟ أم هم ثلل ال من أولئك وال من هـؤالء؟ أويسرك أن تكون جليس شارب الدخان، وحبيب املتـأخر عـن

أويعجبك يا أخـي الفاضـل أن ! الطاعة، وصديق اآلبق من ربه؟إن كنت كذلك فخذ قـول ! يكون هؤالء لك بأصحاب وخلان؟

املرء على دين خليله فلينظر أحدكم مـن :» رسولك الكرمي

٢٣ ويةرسائل دع

، فاجعله وساما على صدرك، حينها يعرفك كـل مـن )١(»يخاللرآك، أويسرك غدا موقف احلساب أن تتهرب منهم، تـود أن ال

الأخلـاء : تراهم، تسارع اخلطو بعيدا عنهم مصداقا لقول ربكل مهضعب ذئموينيقتإلا الم ودض ععب ]أخشـى ]. ٦٧: الزخرف

يا ويلتى ليتني لـم أتخـذ فلانـا خليلـا : عليك غدا أن تقول ].٢٨: الفرقان[

لن تزول قدم عبد «: يقول رسولك الكرمي :أخي الفاضلعن عمره فيما أفنـاه، وعـن : يوم القيامة حىت يسأل عن مخس

فهل ما تقدمه من ساعات علـى . )٢(»احلديث... بابه فيما أبالهش .ورق البلوت سينفعك عند مساءلة اهللا لك يوم القيامة

أسأل اهللا أن يتغمدين وإيـاك بواسـع :وأخريا أخي الفاضلرمحته، وأن يلهمنا رشدنا فيما يعود علينا بـالنفع والفائـدة، واهللا

.حيفظك ويرعاك

.رواه أبو داود والترمذي من حديث أيب هريرة) ١( .رواه الترمذي عن ابن مسعود) ٢(

ويةرسائل دع

٢٤

ألمنرسالة إىل رجل ا

ال أكتمك سرا؛ أنت سر أماين، أنـت اللوحـة الـيت بـك استمددت نفوذي وامتناين، أنت يف الطرقات وعلـى األزقـة ويف اخلالوي، أنت اطمئناين، نعم أنت يا رجل األمن أمني على سري، أمني على أميت، أمني على حرييت، أمني على نفوذي، كنت مسافرا

أة تعطلت ركايب فكنت فزعا علـى يوما بأهلي ويوما خبلاين وفجأهلي ونفسي وخالين، فإذا أنت يا أخي نعم الناصر واملعني، وقفت

.جلانيب، ساعدتين، منحتين ثقتك، فنعم الرجل أنتسارت ركايب واطمأنت نفسي، فشكرت لك مجيل صنيعك،

وعظيم مسؤوليتك، وأنا اليوم أخي أكثر امتنانا بك، ومن منطلـق احلفاوة أسديك يا أخي مجلة معـان تزامحـت يف هذا احلب وهذه

خاطري لكنين أرجو منك أن تكون أخا يتقبل وفاض كلميت يرعيها .مسعه، ويكنها قلبه، وتلتف عليها جوانح نفسه

يا أخي، كم مرة رأيتك عابس الوجه مقطـب اجلـبني :أوالس بني النا! ملاذا يا أخي هذا اخللق؟: حمملق العينني، فقلت يف نفسي

يا أخي حباجة إىل رمحة ومواساة وطيب خاطر، ملاذا ال جتعل مـن حينـها ! نفسك منوذجا خبلقك الكرمي للرعية على شىت مسـارا؟

...تكسب رضا ربك ويشار إليك بالبنانيا أخي كم هي من املسؤوليات اليت عظمت بك؟ وكم :ثانيا

جب هم الرعايا الذين حتت يدك ويف كنف رعايتك؟ هل قمت بالواالذين يف : جتاههم؟ أم أمهلتهم ومل ترع هللا حقا، وإين مسائلك أخي

٢٥ ويةرسائل دع

الشوارع وعلى األزقة يف ساعات متأخرة مسؤولية من؟ إن مل تكن ول، هؤالء يا أخي هم مصدر خطر على اتمع وعلـى ئأنت املس

األمة مجيعا، وإذا وقع اخلطر ممن نندب حينها، وأنت كنت املسؤول خشى عليك ذه اهلزمية النفسية وهذا التكاسـل أ! األول واألخري؟

الدينء أن تكون سامهت يف مرض جمتمعك، فاهللا اهللا أن يؤتى أمتك .من ثغرة أنت من حراسها

يا أخي، هذا اللباس عليك يعطي األمة مجيعا مصدر ثقة :ثالثاوأمان، وهذا النظر هو الالئق بك ألنك مؤمتن؛ فالكلمـة السـيئة

ثلم وثلم كبري؛ ليس لشخصك ولكـن للباسـك والنظرة اخلاطئة .وتمعك وألمتك، فاهللا اهللا أن تكون رصيد أخطاء جمتمعة

يا أخي، زرت حبكم احلاجة عملكم ألمـر يتعلـق يب :رابعافساءين يا أخي رائحة الدخان املؤذية، وساءين كـثريا مجـع مـن النارجيالت أمام مكانكم، وآملين أكثر منظرك أنت، وأنت متسـك بسيجارة وتناول خرطوم نارجيلة، فقمت متأسفا من عندك متأملـا

.على حالك؛ فأنت أكرب من كل ما رأيت؛ فإياك إياكالعدل مطلب عظيم، فليكن من مساتك، والظلم مرتع :خامسا

وخيم فال يكن من صفاتك، وانشد احلق أينما كنت، وإياك مـن ري، فلتكن جادا يف عملك متميزا يف الكسل والتهاون؛ فهو داء خط

.أدائه؛ فبلدك حيتاج منك مثل هذه اللسماتخصيتك من وقيت أمثنه، ومن جهدي أمجلـه، ومـن :وأخريا

.دقائق راحيت أغالها، وعسى أن أراك قريبا مثل ما أردت

ويةرسائل دع

٢٦

رسالة إىل خريج

هاجت مشاعري، وتاقت نفسي، ترقرت عيوين فقط عنـدما رجك، وقد تسألين ملاذا؟ وليس مـن حقـي عليـك مسعت بنبأ خت

السؤال، نعم يا أخي؛ تسألين عن هيجان مشاعري، أم تسأل عـن جـيهيان دموعي، أم تسأل عن فيض الفرح الذي غمر قليب ورجقواي؟ ال تسل فإين مل أكن طيلة زمن دراستك غافل عنك اله عن

كنت أرصد تلك األيام تقدمك وظهور شروق فجرك املرتقب؛ بل وأراها أشبه ما تكون ببطء سري السلحفاة اليت ذهبت أخبار بطئها

.عرب كتب األمثالأخي اخلريج، من عام إىل عام وأنا أنتقل بني أحياء تلك القرى

وهذه التجمعات وكنت أرى أشبه ما يكون بطيف العجز يتـراءى التفت فهذا يسأل، وهذا أمام عيين، نظرت فإذا فوة املساجد خالية،

.يصرخ، وهذا يستغيثحاولت أن أمضي قدما فإذا برجل جيتذب ثويب شدين إليـه،

فما أن استقبلته حىت أثر يف ظهري زمحة الناس، نظرت فإذا فئام من الناس تتدافع، حاولت أن أغمض عيين فإذا بأصوات تئن من داخل

تفعاألصوات املتداخلة فإذا أسوار البيوت، د ابة ألحجم عبريببالسمبشاهد مؤسفة؛ أدركين الوقت وسار الزمن؛ فال أنا بالذي أجبت

.الصارخ وال أنا بالذي لبى فوضى األصوات املتداخلةفما كان مني إال أن جلست وأمكنت نفسـي مـن األرض

ح وغـز ووضعت يدي على رأسي مرة ثانية كأن دافع اإلصـال

٢٧ ويةرسائل دع

خاطري، فقمت مسرعا إىل أكمة بييت، حاولت أن أنظر فإذا بـك .مقبل على وجهك أسارير الفرح

ساعة وساعة وأنت تقترب وودي أن أعانقك، وفعال أمكنت يدي من يدك ومل أرض إال بتقبيل رأسك عرفانا مين بفيض األخوة،

: ه اللهفـة وهنيئا بالنجاح، ولعلك تسأل مرة أخرى، لكن على وجأوما رأيت يا أخي : كل هذا الترحاب وهذه األعطيات ملاذا؟ فأقول

.تلك املساجد اليت أمست خاوية من النصح والتوجيهأين يا أخي تلك الصورة الزاخرة عن مساجد املسلمني األوائل اليت كانت دورا للعلم وكتاتيب حلفاظ القرآن الكرمي؛ بل وكانت

عداد اجليوش وجتهيز الغزاة، أمل يدر يف فكرك يا أخي إسطبالت إلأمل يتوجب اليوم عليك عن ذي قبل ! اليوم أن تكون بطلا لساحتها؟

أن تكون فارس الكلمة، وخطيب اجلماعة، وقائد زمر الشباب، ال أشك أن تلك الصورة العريضة وزحام الناس خلف ظهري مأسـاة

ة نت تبدو يف ثوب الكاسـي كا تدلك على أن الساحة خالية، وإن .العاريةعفوا يا أخي كأين بصورة اإلصالح تفسخ قناع اجلهل، تلك

األبواب املغلقة على املساجد بدت اليوم تنفرج لعناقيد وأزاهري من شباب األمة، انظر معي أخي صالة العصر حانت، ارتفعت أصوات

إم أخي ! ساجداألذان، من هم هؤالء الصبية الذين يتدافعون إىل املالصورة املشرقة طالب حلقات التحفيظ، أزاهري املستقبل، وعناقيد الضياء، فهل أنت عازم أخي بعد غياب طويل أن ختدم دينك وترد

ويةرسائل دع

٢٨

!عطاء جمتمعات بعطائك؟

ساعة من وقتك هلذه احللقات اليت لبست ثوب احلزن علـى يف فراقك، وشحب الوجه كدرا إىل لقائك، وعطشت القلوب ظمأ

.انتظار نصحك وإرشادك، وها حنن ننتظر لعل الفرج قربمرة أخرى أخي مضت األيام وسارت الركبان وأنا ألتفت مينة

ويسرة، أمشي خطوات وأتوقف خطوات أكثر، أسـارع األيـام، ت منظرت إىل الرفيق فلم أجد، رأيت الناس يلهثون ويلعبون، فهم

.أن أشاركهمول فلم أجد مـن يصـارحين، كم مرة خطت قدمي إىل فض

واليوم أخي أتوسم فيك ريعان األخوة وبسمة الصـدق وفـيض حبـا ني أسري بدافع من القوة، فمرالنصح اليوم؛ فقد أحسست كأ

.ومعينا وناصحا بك خليالبعد كل هذا ال تلمين إن صرخت بالتهليل والتكـبري؛ وأخريا

ج، وال تلمين إن طلبت االسـتجمام فلمثلك تعلو صيحات االبتهايوما أو شهرا أو فسحة ألجل املعاودة؛ فأنت ضيف كرمي وبطـل

ققتحوأمنية ت منتصر.

٢٩ ويةرسائل دع

رسالة إىل صاحب الطبق العايلرسالة إليك أنت بالذات، أنت عظيم اهلدف وكبري الغاية، أنت

تكن مـن املعلم، أنت العامل، أنت اجلندي، أنت الطالب، ولو مل كل أولئك فأنت رب األسرة ومعيلها، أنت الراعي هلم بعـد اهللا، الزوجة أسرية حتت يدك، واألبناء أمانة يف عنقك، واجلريان أنـت مسؤول عنهم وعن حسن جوارهم، من هـذا املنطلـق أحببـت ـربالضيافة؛ ولكـن ع احلديث معك واللقاء بك؛ ال على كرسي

حدثين زميلي قبل زمـن : قية النصيحة، فأقولهاتف الكلمة ومصداأنك من أنصار القنوات الفضائية مادحا ومبجلا ومعجبـا، هـالين خربك، وآملين حديثك، ومتنيت يومها أن زميلي مـا حـدثين وال

.ذكرين، ومرت األيام وأنا أشعر يف قليب بأسىكرمي، جالت بنا األيام اخلرب يطمس شيئا من مآثر شخصك ال

فحدثين آخر عن أمانيك، فإذا ا أن تكون يوما تدبر مشاهد العامل الصغري فزدت بذلك لوعـة ) الرميوت(برأس أصبعيك على جهاز

وخوفا على مستقبلك، وكل ما مينعين يومها عن التحـدث إليـك كربك يف خاطري وعظيم نفسك يف خميليت، وكانـت الكلمـات

؛ لكن سرعان ما ميسح ذلك كله يوم أن أراك راكعا ساجدا تؤملين .ملوالك، وأمس بالذات

ومع كل أسف ترمجت احلديث واألماين إىل حقائق واقعيـة، فوق سطح منزلـك، توقفـت، ) الدش(فهالين صحن االستقبال

أعدت النظر، كررت؛ نعم، هي مأساة البد منها، هو احلزن البـد

ويةرسائل دع

٣٠

هو التأنيب واملساءلة املرة، نعم، هو اجلراح الذي يسيل الدماء منه،

هـل : مبجرد نظرة إىل علو سطحك البائس، جلست أسأل نفسي! هذا هو الذي يتردد على املساجد، هل هذا هو القانت الـداعي؟

دعين أخي اليوم أناقشـك، دعـين ! هل هذا هو الراكع الساجد؟لوال الشفقة عليك مـا حـدثتك وال أهامسك حبديث الود فواهللا

سألتك وال حىت أضمرت يف نفسي حزنا وأسى على ما دنست به .نفسك وأضعت به أسرتك وكنت جار سوء على حيك وجمتمعك

أن جتمع بني -بارك اهللا فيك -هل بإمكانك :أخي الفاضلمتناقضني اثنني؛ طاعتك، صالتك سـجودك، دعائـك، وبـني

ا الطبق العايل فوق منزلك، أومل تقرأ حديث رسولك جماهرتك ذ .)١(»كل أميت معاىف إال ااهرون«: الكرميوما أدري كيف لو فاتتك معافاة ربك يف هذه احليـاة؛ قـد

يتحول الستر الذي عليك فضيحة يف نفسك، وكشـف عـورات ألهلك، وعاقبة سوء يف أسرتك، ومقالة سوء تتأجج علـى كـل

سان يف كل طريق، وال تأمن ذلك؛ فمن استخفيت به ومل ترع له ل .قد ميكر بك؛ فتكون ضحية نفسك األمارة بالسوء

العني املسكينة اليت حتدها للنظر يف حمـارم اهللا :أخي الفاضلالعني «: عرب هذا الطبق، ألست مسؤولا عنها وقد قال رسولك

ك عند ربك يف إسرافك علـى فما جواب! ؟)٢(»تزين وزناها النظر

.مسلم، والبخاري من حديث أيب هريرة) ١( .رواه مسلم) ٢(

٣١ ويةرسائل دع

هذه النعمة يف غري حقها، وستدرك يوما أا هي الـيت سـتكون !خصما لدودا لك؟ملاذا أنت بالذات غلبتـك شـهوتك؟ ملـاذا :أخي الفاضل

شطحت بك نفسك؟ ملاذا شعرت باالزامية حىت اندمست فطرتك غيرت معامل الفطـرة فتلقفت ذراعيك صنع أعدائك وشانئيك؛ بل ت

لديك فأدخلتهم قعر بيتك وجعلتهم قدوات لزوجك وابنك وسائر .أسرتك وأخويك

املسكينة تلك املـرأة، األسـرة الضـعيفة إذا :أخي الفاضلشاهدت سفها يف األخالق وسوءا يف املعاملة وازدادت بعدا عـن

، يوم يأخـذ اهللا، كيف جتيب املسكينة ربها يوم يسأهلا، يوم يعاقبهاظلمين يا رب، ظلمين يا رب، واهللا : بناصيتها، يوم تقول مبلء فمها

وما خرجت وال اجتهت، ولكن آذاين به يف قعـر بـييت فأسـأت .وأخطأت

أومل تفكر يف أوالدك الصبية يوم يتعلقون بـك :أخي الفاضلفيقبلونك وميازحونك، يسرحون وميرحون فرحا وسرورا بك وهم

ي يف أحوج ما يكونون إىل حنان وتربية يعيشون ـا يف واهللا يا أخظالل اجلنان، فكيف بك تنسى معامل األبوة هلم فتفتح هلم بابـا إىل النار يرونه وهم صغار أشبه ما يكون بالسراب الذي يعتقدون أنـه ماء، فيتضح هلم أنه هلب حيرق غريم ويـؤمل أعينـهم ويـنكس

ك املشينة؛ فال حياة خرية ألنفسهم فطرهم، فيكونوا ضحية تصرفات .وال دعوة صاحلة ألبيهم؛ بل شرا حمضا وداء مؤملا على جمتمعهم

ويةرسائل دع

٣٢

كل هذه املآسي اليت ذكرت تكفي كل مسـلم :أخي الفاضل

من أمثالك أن يتفكر يف عاقبة أمره، فكيف يا أخي إذا ضم لـذلك هو ما من عبد يسترعيه اهللا ميوت يوم ميوت و«: حديث رسولك

؛ بل فكـر مليـا أنـك )١(»غاش لرعيته إال حرم اهللا عليه اجلنةكنت قدوة سيئة تمعك، وحينها يكون كل ) الدش(بشرائك هلذا

من شرى هذا أو نظر فيه أو شارك يف وجوده عليك من سـيئام ليحملـوا : مثل ما عليهم حىت تقوم الساعة؛ مصداقا لقول ربك

هارزلـم أور عيبغ مهلونضي ينار الذزأو نمو ةاميالق مولة يكام م ؛ بل وأنت يف ظلمة القرب جيري عليك هذا بسـيئاته ]٢٥: النحل[

يوما تلو يوم؛ فتكون يف قربك رهني سيئات جمتمعة أثر تصـرفاتك سنة سيئة من سن يف اإلسالم «: املشينة؛ مصداقا حلديث رسولك

.)٢(»فعليه وزرها ووزر من عمل ا إىل يوم القيامةفما أدري، هل أنت على استعداد أن تضحي ذه النفس نتيجة شهوات عاجلة، وغدا ليس ببعيد تقف يف عرصات القيامة عريانـا

ملاذا يا : من الثياب صامتا غلقا خاشعا متفكرا وربك أمامك يسألك؟ ملاذا يا عبدي تستخف يب؟ ملاذا تؤثر عاجلا فأنت عبدي تسيء إيل

.زائل على أجل باق مستقروجهت إليك هذه الرسالة حبا فيك أوال، وثانيا :أخي الفاضل

أخشى غدا أن تراين يف عرصات القيامة فتشكوين إىل اهللا فأصـبح .رهني شكوتك املؤملة

.متفق عليه من حديث معقل بن يسار) ١( .رواه مسلم من حديث جرير) ٢(

٣٣ ويةرسائل دع

رسالة إىل املتلبسني باإلخاءكم أنتم الذين أصغيت لكم بسري املكنون، رسـالة رسالة إلي

لكم أنتم الذين أعطيتكم من أوقايت أمثنها وأغالها، رسالة إلـيكم أنتم الذين صافحتكم غري مصافحة الناس، هششت يف وجـوهكم حىت بانت مين النواجذ، ابتسامة أخرجها مكنون قليب وصفاء نفسي

م بآهايت وأحزاين، أغـادر وأرحية روحي ووجداين، كنت أبوح لكبييت إليكم طلبا يف مشورة أو نصح وإرشاد، هامستكم بأجاديـب حديثي فكانت أنفس الشجون يف روحي، وأغلـى األمنيـات يف ذاكريت، وكم من الئم يل يف هذا لكنين كنت أراكم يف الصـورة أنتم فقط، وغريكم من الناس يف سطح الطرقـات ال يعـين يل إال

طريق، باألمس فقط صحوت على صوت تنفيذ بـه عشرات يف الروح الفجر الباكر، أيقظين من نومي صوت منك أنت أخي يتردد مع ذبذبات اهلواء، قمت فرحا أباطش يف اهلواء، على أن أمسـك بأطراف صوتك الشدي، وإذا يب أحس بوخز يف يدي أثناء ذلـك

.البطشت أنشفها لكن الدماء نظرت يف أناملي، أثر دماء تتساقط، عد

أسرعت يف االمال، خرجت إىل الناس أصرخ فيمن يعاونين على إيقاف دمي فلم أجد، خرجت أختبط فال أجد إال اجلدران، وفجأة والناس طوابري صحو أضج مسامعهم صوت صديقي، كانت دمائي

أت تتساقط، أثرت يف الطريق بامحرار، آذت اجلدران بالسراب، بدأمتايل، أحسست بالسقوط، فؤادي يرجتف، أناملي ترتعش، مـن

ويةرسائل دع

٣٤

يعاونين على العودة إىل فراشي مرة أخرى، يعود الصوت فيقـرع جسدي، يعوقين عن القيام، تدثرت بلحايف؛ لكن هـذا الصـوت

.أقوى بكثري من اجلدرانحلايف خيترق كل شيء علي فيكدر نفسي ويؤنب روحـي،

تفهم الكلمات، صديقي يكشف عوريت، أخي ينبز سرييت، عدت أ أراجـع خلي يتهمين، يسيء إيل فقط ظلما وعدوانا يل، عـدتنفسي، أتأسف على حديثي، أضرب على لساين، أتنهد حسرة على ثـوب البـس أوقايت، هيهات يا زماين؛ هذا ليس خبل، هذا عدو

كن ببطء، أصافح الناس لكـن األصدقاء، عدت هذه املرة أسري ولأشك يف بسمام، عدت أحاصرهم يف ألفـاظهم، أنقـب عـن مكنوم وضمائرهم، وفجأة ارتطمت جبدار احلقيقـة، ملـاذا أنـا هكذا؟ ملاذا أعامل الناس ذه الصورة؟ ملاذا أشام أحـدهم وقلـيب

ال تعذريين أو: يتخوف منه؟ دائما تؤنبين هذه النفس، فقلت هلا يومايا نفس، صورة صديقي جرح أثار الصديد على قليب، طغت وأثرت يف خاطري، عذرا يا نفس، أتت خطوط متدلية فحاولت أن أمسك ا، فإذا هي شوك ورق السعدان، أرض لينة رغبت أن أطأ عليهـا فإذا هي رماد خيبو حتته مجر من نار، سقاء على الطريق أمسكت به

ح األمعاء، كوخ أردت أن أسكنه فإذا هو جيفـة فإذا فيه ماء جير .عليها السباع

عذرا يا نفس، انعكست كل هذه الصور؛ فمن حقي أن أتردد يف الصحبة كثريا، عذرا أتأكد من وفاء الصديق، دعـيين أعاتبـك

يل طريق العـابثني، أمارة، أمرتيين بصحبة السوء زيفتأنت نفس

٣٥ ويةرسائل دع

عين بواطن النفس وأخفيت يقة،أبديت يل الصورة الظاهرية مجيلة أنالشريرة؛ فمن حقي أن أتوقف، من حقي أن أتريث، من حقي أن أبقى صامتا دون حديث واقفا دون سري؛ فالناس تغيـروا جتملـوا

.بصورهم الظاهرية وبقي الباطن يعاين أمراضا مزمنة

ويةرسائل دع

٣٦

إىل املتناسني خللق الرمحة

الكون، وهي تعرب عن مجيل الرمحة كلمة قامت عليها نواميسمكنون أولئك الرمحاء، ولعل املتأمل هلذه الكلمة يدرك معىن قـول

، وقد كان رسول اهللا )١(»الرامحون يرمحهم الرمحن«: رسول اهللا هسـريت ـتا هلذه الصفة؛ فهو الرمحة املهداة، ولو قلبمثلا حي

تسمع خبرب احلمرة الـيت لرأيت عجبا من هذا اخللق الكرمي؛ أو ملتشتكي إليه فقد أبنائهـا جاءت تفرك جبسمها أمام رسول اهللا

من فجـع «: قائلا ودم عشها، فثار هذا اخللق يف رسول اهللا ، وقد كان من دأب رسول اهللا )٢(»هذه بولدها، ردوا عليها ولدها

هم حناضن، وها أن ميسح بيده على رؤوس اليتامى ليعويون األبيذكر يف حديثه تلك البغي اليت نالت رمحة اهللا عندما ختلقت هو

ذا اخللق فسقت ذلك الكلب الذي يلهث من العطش فغفـر اهللا .هلا

إن هذه املعاين تعلم اإلنسان خلق الرمحة ليكون سلوكا حيا له يدرك معه نسيان هذا اخللق يف حياته، ونظرة على واقع الناس اليوم

والتجايف عنه؛ فذلك اإلنسان الذي نسي عطف والديـه كـبريين مقعدين فال يهتم م وال يقدر عواطفهما وال يستجيب لنـدائهما،

هل اتصف خبلق الرمحة؟

.روه اإلمام أمحد يف مسنده وأبو داود، والترمذي من حديث عبد اهللا بن عمرو) ١( .رواه أبو داود) ٢(

٣٧ ويةرسائل دع

واإلنسان اآلخر الذي ال يعرف إال اجلفاء والغلظة فابتسـامته ، وأخرى يسـيء البنـه ينقب عنها باملالقيط، فتارة يضرب زوجه

وثالثة يعتدي على جاره، هل عرف خلق الرمحة؟وذلك الثالث الذي يعتدي على احليوان فيضربه بسياط حمرقة، وميد يده إىل ذلك الطائر فيكسر جناحيه، ويثبت تلـك احلمامـة فينتف ريشها، وينصب املصيدة لتلك الطيور فيدعها متوت خمنقـة،

رقاا فتموت جمربة، هل عرفوا خلق وذلك الذي ينشر السموم يف ط الرمحة؟

وذلك الذي استأجر األجري فحمله ما ال يطيق، وأثقل كاهلـه وعرضه حلرارة الشمس، ومع ذلك أجاعه فلم يطعمه، وعطش فلم يسقيه، ورأى الظل فمنعه من أن يسكن فيه، وبعد ذلك منعه مـن

!ذا خلق الرمحة؟حقه، طرده دون أن يستكمل عمله، هل عرف هإن هذه الفئات من الناس نسيت أو تناست هذا اخللق الكـرمي فلم تتمثل به، ومل يكن سلوكا يف حياا، فهل هلم اليوم بعد هـذا احلديث أن يعودوا فريبوا أنفسهم على األخالق الكرمية فيـدخلوا

الرامحـون «: بقوله ضمن السلسلة اليت حتدث عنها رسول اهللا .)١(»هم الرمحنيرمح

.رواه اإلمام أمحد يف مسنده وسبق) ١(

ويةرسائل دع

٣٨

فطر دنستها الشهوات

زخم احلب وفيح اإلطراء؛ لقـد -هذه األمة -مبارك عليك توجت هذه األمة حىت امشخر رأسها وحق هلا ذاك الزخم وآن هلـا كربياء التفوق؛ نعم؛ ألا تعيش رسالة هي أعظم رسالة وحدثا هو

ى رسائل سابقة وعلى أحداث أكرب حدث وأزاهري بنت وفرعت علكنتم خيـر أمـة أخرجـت : متقدمة؛ إا تعيش عبري قول ربها

أنـتم اآلخـرون «: ، وأثر رسوهلا]١١٠: آل عمران[ للنـاس مبارك هلذه الفطر علـو الرفعـة وسـمو . »السابقون يوم القيامة

وترتع يف ولقد كرمنا بني آدمج املكانة؛ نعم؛ إنها تنعم يف فجا؛ نعم، لقد ]١٥: سبأ[ كلوا من رزق ربكم واشكروا له: أرض

.حق هلذه األمة أن تلبس تاج الكرامة وأن تشمخر بفيض اإلطراء وكدت بأمخص أطأ الثريـا ومما زادين شـرفا وتيهـا وأن صيرت أمحد يل نبيـا دخويل حتت قولـك يـا

وما عسى أن أذكركم بعد هذا الزخم وخلف هذا اإلطـراء، عذرا لن أذكركم ولن أحتدث إليكم إال عن فطر تنكبت الطريـق فرفضت تاج العزة وتنزلت عن علو املكانة، فطر تمسكت بآثـار املمسوخني فساخت أقدامها يف األرض، وتعقـدت أسـرارها يف القلب، فكانت أسرية الشهوة وتغيرت فيها معامل الفطـرة؛ لقـد عاشت الشهوة قلوب أقوام من نسل هذه األمة فأردتهم صـرعى، وكتبت عليهم آثار الرذيلة وخطر املخالفة، لقد استشربت الشهوة

.قلوبهم حىت تنكست فطرهم ونسوا معامل طريقهم

٣٩ ويةرسائل دع

من هم أولئك الذين نخشى عليهم سوء : فكأين بسائل عفوا املغبة والوقوع يف محأ الرذيلة ودناءة الشهوة؟ فأقول بكل اسـتحياء

هو ذاك الشاب الذي رمبا رأيته يتزين : وعلى عنت من ريشة قلمي .لزميله، وذلك اإلنسان الذي حدثتنا الليايل بسمره وأشجانه

أن ه الرجل الذي عاش بصحبة املردان يتلقف أخبارهم وال شكويشدوا بأحاديث األنس عند لقياهم، ورمبا هو من رأيت يف يـده وحملت يف جيبه صورة يعرضها ويتسلى ا وحيدث عنها الصـحب

:حىت قال قائلهم. الكرام وقــف اهلــوى حيــث أنــت فلــيس يل

ــدم ــه وال متقــ ــأخر عنــ متــــي ــت نفس ــتين فأهن ــدا وأهن جاه

ــرم ــن يك ــك مم ــون علي ــن يه ممــهم ــرت أحب ــدائي فص ــبهت أع أش

ــهم إذ ــي من ــك حظ ــي من ــان حظ ك أجــد املالمــة يف هــواك لذيــذة

حبـــا لـــذكرك فلـــيلمين اللـــوم عذرا فذكر املثالب قد يكون منقصة للكاتـب لكـن فـيض احلرص أصابين بشرر متطاير؛ فربما تعجلت فتساقط أثر الشرار يف

رييت اليت أسقي ا ريشة قلمي، وعذرا فليس يل إال هذه احملـربة، حموإين ألرجو أن يستجم حربهـا حـىت ال يلـوث أوراق إخـويت

.الناصحني

ويةرسائل دع

٤٠

إن قضية احنالل الفطرة ج قدمي حىت إن درج مسماه علـى مسمى فاعليه فاستحقوا حينها اللعنة وقلبت بيوم رأسـا علـى

ة تتكرر واملشهد يعاد عرضه ممـن عقب، ولعلي اليوم أرى الصور :تنكبوا الطريق وترمسوا ج سابقيهم فكانوا أحق بقول الشاعر

ــهم ــوط بعين ــوم ل ــوا ق وإن مل يكونــد ــهم ببعي ــوط من ــوم ل ــا ق فم

ــروم ــف ينتظـ ــم يف اخلسـ وإـــد ــة ووعي ــن مهل ــورد م ــى م عل

ــم ــا بك ــال وال مرحب ــون ال أه يقولــد ــم بوعيــ ــدم ربكــ أمل يتقــ

فقالوا بلى لكنكم قـد سـننتم صـراطا ــد ــري محيـ ــق غـ ــا يف العشـ لنـ

أتينا بـه الـذكران مـن عشـقنا هلـم ــر ورود ــق شـ ــا ذا العشـ فأوردنـ

وأخريا لقد باتت الصورة واضحة جلية، وأولئك اآلباء وهؤالء املربون إن مل يكن م عمى فهم يتعامون، وإين اليوم لنذير لكم بني

يد، وأخشى اليوم بتكرر الصورة أن يتكرر مشهد يدي عذاب شدفلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة : اخلسف

ودضنيل مجس نم ]٨٢: هود.[

٤١ ويةرسائل دع

دعوة إىل النجاةمس رأيته يف ظل دار يتأوه، مسعت أفيف نفسه وتربم حاله، الش

تالحقه، لفت نظري حمياه، حاولت أن أتقرب إليه، جلست معـه، وفعال آثار احلزن بادية، أثر السهر مرهق، العينني غائرتان، الوجـه شاحب، أخذت بيده، شجعته، حادثته، سألته عن حاله فقـال يل

ليل؛ جـزء النهار بأكمله أمتلمل على فراش احلزن وال: بنربة احملزونمع األصحاب وآخر على األزقة آخذ وأعطي، معي يبتسم قلـيال،

لعلي يا أخي أرى فيك ريعان : فقلت له مستسمحا يف بضع دقائقالشباب وفتوة الرجال وأحالم املستقبل القريب؛ أنت أخي أكـرب بكثري من اجللوس على الطرقات، أنت يف نظر دينك غرة يف جبني

، أنت يا أخي كنز من كنوز األمة، أنت نور مشرق، وقـد التاريخ تسحق ظلمات التيه والضالل، فلماذا تبخس نفسك حقها؟

هلا رأيت أفواج الشباب الطائعني يف املساجد :أخي احلبيب ويف حلق الذكر تتألأل على وجههم أثر الطاعة ويبني على حميـاهم

سك حلظـات أمـام املـرآة، سواطع األنواع، هال توقفت مع نفونظرت يف وجهك الربيء دنسته جوانح املعصية، اغبر من تـرك الطاعة، افت النور حىت مل ينب عن حمياك، هل توقفت أخي مـع

، فقـرأت ]٢٢: القيامـة [ وجوه يومئذ ناضـرة : قول ربك الفرق بـني وجـه تفسريها وتوقفت مع معانيها حينما تعرف مثة

شاحب من أثر املعصية وآخر تربق أساريره بضياء الطاعـة ونـور .القربة

ويةرسائل دع

٤٢

ما الذي يوقفك عن اهلداية؟ ملاذا أبناء حيـك :أخي احلبيب

يوما بعد يوم يتقدم م السري وأنت ال زلت تراوح مكانك؟ صدقين ، أتدري ملـاذا؟ يا أخي، لوعة احلزن تنتابين، وأمل املعاناة يصطادين

لك أنت يوم أراك ضعيف اإلرادة متأخرا عن الطاعة حامجا عـن .اإلقداممصعب بن عمري وخالد وأسيد وسعد بن معاذ :أخي احلبيب

وغريهم كثري ما الذي يربطين وإياك م؟ لعل رباطنا صلة تـاريخ، ورباط دين، وعظمة أمة، أين هم اآلن يا أخي؟

عرش الرمحن، وآخر يطري جبناحني يف اجلنان، أحدهم اهتز ملوته ا صـفوفوثالث يغسل مباء املزن بني السماء واألرض، وكلهم غد

زتهال تك للقائهم؟ اجلنان؛ أوذ! مشاعرال يرف دمعك لفقدهم؟أو !فياليتين أجندل صـريعا يف ! أوال حتدث نفسك بسريهم وأجمادهم؟

ملاذا تعبث بشعرك ! أخي تتقلد سرية غريهم؟ حلظ مشتهاهم، ملاذا ياوتمزق أثوابك وينري لسانك بسري غريهم مدحا وتبجيلا هلم وهـم

.غسيل أقدام السل وظلمة يف زمان التاريخلعل كثريين ممن هم حولك يؤذونـك علـى :أخي احلبيب

هلـوى، الشطوح؛ على الشطوح والتخلف، يؤلبون فيك نزعـة ا وغمار الشهوة، فيا ليت شعري غدا من هول مخسني ألف سـنة، الشمس قريبة، اجلسد عار، الوقوف طويال، العـرق علـى قـدر األعمال، ويف الوقت نفسه أم يف ساحة العرض تتهرب؛ أب جبانب الطريق، أخ يرجتف فزعا، أصحاب يعلنون الرباءة من بعض، وأنت

٤٣ ويةرسائل دع

تنظر وتتأمل؛ القعر بعيد، واحلطمة تزدلف، تود أنت أمام فوة جهنم حينها أن تفتدي من العذاب بأبنائك وأخيك وصاحبتك وبنيـك،

.تلقيهم فيها وتنجو بنفسك، وهيهات هيهاتفواحزنا على سوء الصحبة، وياليت اعتربت أخي احلبيـب،

ة؛ نور يتألأل، ورحيانة تر اجلنبخب تمعا سمونور مشـرق، أو ،زتهلنصيفها على رأسها خري مـن : أوما قرأت يا أخي عن حور اجلنان

أنهار من ماء غير آسن وأنهـار : ، أوما تفكرت)١(الدنيا وما فيهاني وأنهـار مـن من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشارب

].١٥: حممد[ عسل مصفىوأخريا أخي؛ أنت مكسب لألمة، أنت لبنة صاحلة يف اتمع،

ال نعدم فيك بعد هذه الرسالة أن تكون جنديا يف املعركة أو معلما يـا : يف املدرسة، أو عابدا يف احملراب، وحينها بصوت عال فلتقل

.خللد أريد، فجلوس األزقة غري محيدأصحايب أنا ذاهب، جنة ا

.متفق عليه من حديث أنس) ١(

ويةرسائل دع

٤٤

بأي حال عدت يا رمضان

ــيام ــهال بالص ــال وس أه

يا حبيبا زارنا يف كـل عـام

معــقــد لقينــاك حبــب مف

كل حب يف سوى املوىل حرام أهال وسهال بك يا رمضان، حللت أهلا ونزلت سهلا، كـأين

ضان وأنا ال زلـت بك اليوم يا رمضان خفيف كرمي، عدت يا رمأنا، أنا يا رمضان املتأخر عن الطاعة ال زلت متأخرا، أنـا الـذي يتثاقل مسمعي عن األذان، عدت وحايل مثل ما عهدتين قبل أزمان، أنا الذي خطت قدمي إىل احلرام، أنا الذي تقلبـت عـيين علـى

نا الـذي الشطآن، أنا الذي جنح مسمعي فسمع مزامري وأوتارا، أ و خوفا من النريان، أنا يا رمضان ال زلـتعرى قليب شهوة ومل يغنأنا، أنا الذي يا رمضان وقفت عابدا فتاهت يف نييت شوب وألوان، أنا يا رمضان ال زلت أنا؛ فعساك يا رمضان أن تغيـر حـايل إىل

.اإلحسانلك يف العـام، أقبلت يا رمضان وكلي أسف على سوء استقبا

عشت أنت يا رمضان يف العامل ليايل ملؤها الغفران لكنين كنت ابنا لك عاقا، كنت يا رمضان أسامر البلوت، ومل أتذكر إال بعد فوات األوان؛ يف العام يا رمضان الناس تتلو القرآن وأنا يف مالعب الكرة

أخـتم على السمر واهلجران، أنا يا رمضان تناسيت قدرك فلـم القرآن، أنا يا رمضان يف العام الناس تتهجد يف السحر وأنا أسـامر الصحب واخللان، أوما تذكر يا رمضان إدبـاري عـن التـراويح

٤٥ ويةرسائل دع

والقيام، عدت يا رمضان وأنا مل يكتـب يل أوب وال رجعـان، .فعساك أن تلبسين حلال وغفرانا

طأة األعداء؛ أو عدت يا رمضان واملسجد األقصى يئن من و فر من أزمان وأحقاب، عـدتقد ح فقما تدري يا رمضان أن النيا رمضان واملسجد األقصى يلبس خلقان الثياب؛ فمىت تعـود يـا رمضان واملسجد األقصى يلبس حلل العيد يف انتظار مقدم الضيوف

عدت يا رمضان وعجائز الشيشان بال ناصر وال أعـوان، ! الكرام؟ا رمضان والطفلة البوسنية تقرح جسـمها بلفـح العـدو عدت ي

والنريان، عدت يا رمضان وليبرييا تلبس ثوب احلزن مـن أعـوام، عدت يا رمضان واهلند تعاين من اهلندوس جراح وأهـات وآالم، عدت يا رمضان وجاري فقري يلوذ باجلريان، عدت يـا رمضـان

ت يا رمضان وكهلي وأخي يف ديار الغربة أضناه سفر وترحال، عديئن من وطأة األمراض، عدت يا رمضان ويف وجه طفلي عبوس من الظلم والعدوان، عدت يا رمضان وأميت أشالء وأجزاء وأحـزاب،

.عدت يا رمضان وصديقي به غضب وهجرانفمرحبا بك يا رمضان ذكرتين جراحي وآالمـي وأحزانـا،

أملا يف الرمحـة مرحبا بك يا رمضان أغسل فيك حويب وأخطائيوالغفران، أنا الذي يا رمضان مل أقدر لك حرمة يف يوم من األيام؛ لكن حسيب أنها غفلة عفا عليها الزمان، غفلة عشـتها فيـك يـا

من غري ذنب وال حسبان، رمضان ذلك العام فأسأت يف وجه أمي آذيت أيب شيخا وكهلا وعجزان، هجرت أخي من غري خطـأ وال عدوان، أشعلت سيجارة يف ليلك احلاين دومنا خوف وال حسبان،

ويةرسائل دع

٤٦

عاقرت نارجيلة يف حضيض املكان لكن دومنـا وعـي وال إدراك يا رمضان، وها هي يـدي متتـد لشرف املكان، وها أنت عدت

افحتك، فهل متتد يدك ناسيا كل حوب وذنب وجرمان، هـذا ملصهو أملي وها أنا ذا أتيتك تائبا نادما متأملا على فرط الزمان يف غري

.صاحل وال غفران

٤٧ ويةرسائل دع

أما آن لك أن تتوب.. يعود رمضانإليك أيها األخ الفاضل شذى سالمي وعاطر حتـييت وأغلـى

صديقي ورفيق دريب، فأبـارك أمنيايت؛ فلك وإليك رساليت؛ فأنت لك أخي عود رمضان؛ مبارك عليك أيامه وأعاده عليـك أعوامـا متتالية وأزمنة متتابعة، وكل عام وأنت يف أطيب حال وعلى خري؛ إنين اليوم أشعر بشيء من الفرحة وأنا أراك تنعم برمضان بني أهلك

لك أيامك حبلول هذا وذويك، وتزداد فرحيت كلما قابلتك، مبارك .الشهر الكرمي

مثة كلمات باحت مرات ومرات على لسـاين لـك ... أخي أنت صديق العمر، فكنت دائما أحاول اختزاهلا والتكتم ا خوفـا أال تلقى عندك استجابة أو شيئا من الترحيب، واليوم ما أن رأيـت يبس شفاتك، واء وجهك، وأثر سجود جبهتك، إال زادين ذلك

ون؛ فهاك حـديثي وامسـع شـذى نة يف البوح لك بسري املكثق :كلميت

ها هو رمضان عاد إليك، وتلك نعمة ال تقدر بكنـوز : أوالالذهب، فهل وقفت مع نفسك وذكرتها أن أيامك تنقضي بتدابري

أومل تسمع قول إمامك ! السنون وشبابك يضمحل وعودك يذبل؟يا ابن آدم إمنـا أنـت : "وهو يقول -رمحه اهللا -احلسن البصري

فما بالك إذا بذهاب ". جمموعة أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك .السنني ومضي األعمار واألوقات

أيها األخ املبارك، هل كان لك يف رمضان املاضي أخوة :ثانيا

ويةرسائل دع

٤٨

صمت معهم وتبسمت إليهم وذهبت وعدت برفقتهم؟ فأين هـم

إم يف احلفر املظلمة، انقطع خربهم ومات ذكرهم وانـدفن اليوم؟ ماضيهم، أليس لك فيهم عربة ومن مودم عظة؛ فلرمبـا قـرب

.رحيلك وأخاف أال تكمل شهركهل أكملت رمضان الفائت صياما وقياما؟ : دعين أسألك :ثالثا

ها شـربات ال أظنك تقول نعم؛ فرمبا فاتتك أيام مباركة جترعت فياملاء، وأكلت لذيذ لقيمات اخلبز؛ أما القيام فعذرا؛ فقد رأيتك وال أكثر من وهلة مدبرا عند قيام الناس ألداء القيام، وأسفا لقـد آذاين وآذى املسلمني صوت سيارتك ذاهبة آيبة، والنـاس عـاكفون يف مساجدهم، فهل لديك يف هذا العود املبارك من توبة إلمتام الصيام

.ري سواد املسلمني يف القياموتكثلقد رأيتك يف رمضان تتلهى يف قضاء ليلك بغري املباح؛ :رابعا

رأيتك ساهرا مع ورق البلوت، وواقفا مع الكرة، ومنهمكا علـى مشاهدة ما ال يرضي ربك وموالك، فأعيذك يف هذا الشهر الكرمي

مثلك أن تكون نسخة كربونية من شخصك يف رمضان الفائت؛ ف .يعترب وأنت يف أعني الناس حمل أسوة

مررت بك يف رمضان الفائت وآذاين لألسف رائحة :خامساسيجارتك، وما كنت أظن بأنك تتمتع يف ضحى النـهار بطاعـة

.ويف الليل رطبة لكن بلون أسود قبيح شفتاك ربك وموالك يابسةن لقد ذكرين جليسك اليوم وحنن نتجاذب احلديث ع :سادسا

قدوم رمضان أنك يف رمضان املنصرم مل تتم القرآن، بل قـال يل

٤٩ ويةرسائل دع

أنك مل تتأمل لذلك ومل تتحسر، فلي عليك عتب، من أين لك غدا وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا : نصرة من شكوى رسولك

عسى أنك فهمت قصـدي ]. ٣٠: الفرقان[ هذا القرآن مهجوراوأدركت مناي؛ فلو مرة واحدة عسى أن تنال ثـواب اخلـامتني، وأخريا تقبل رساليت، ولوال حبك وحرصا على فالحك ما شافهتك

.حبديثي وال نمقت لك كلمايت

ويةرسائل دع

٥٠

يا بنت اجلزيرة قفي فأنت متهمة

أختاه يا إشراقة الصباح يا زهرة الغروب، بل يا ثريا السـماء أيتها املهرة الثمينة، أنت شريكة الرجل، أنت عونه ومدده، املضيئة،

أنت مشسه الساطعة اليت مبوا يضمحل، وأنت الظل الذي دوئـه ستكن، وبزواله رمبا حنترق، مث أمهس إليك وأقول ما أضاءت مشس وزها النور إال بشيء من مجال أنوثتك وبريق حياتك، مث بعد هـذا

صديقيت .. احلجاب فتاة الستر والعفاف كله أنت بنت اجلزيرة امرأةعفوا مع .. أكن لك العجب، وحرب قلمي قد خيونين عن االستطراد

متهمة يف قضية فتحت صـفحاا، ... كل هذا اهلزيج فأنت متهمةوقلبت ورقاا، فنبشت جراحي، وأعادت أساي، وبثت شيئا مـن

.مهومي وأحزاينصفحاا، عفـوا، أنت متهمة خبلع جلباب قلمك للرياضة و

متهمة بأكرب من ذلك، متهمة خبلع جلباب عينيك وستر وجهـك لشاشة التلفاز وخوض غمار التشجيع، أفصحيح يا بنت اجلزيـرة

وهل صحيح ما يقال .. أنك أصبحت تعشقني الرياضة وتطبلني هلا؟وهل ما يردد ! أنك أمسيت قرينة زوجك يف تقييم مبارة ومشاهدة؟

بنائك أدوى اجلريان وأنت تنمقني العبا وتسـبني من أن ضجيج أال أكاد أصدق غرية بنت اجلزيرة عفا عليها الزمن .. ال.. آخر؟ ال

واستحكمت على عراها أتربة احلاضر املشني، إنين ال أخفيك سرا أنك عندي أكرب من ذلك كله، أكرب من كل ما قد يـتألأل علـى

من تعـابري، أتـدرين شفايت من كلمات، وعلى رأس ريشة قلمي

٥١ ويةرسائل دع

ملاذا؟ ألن قلمك شفاف وذو بوتقة واسعة حنتاجه يف جماالت كثرية لكن حتما الرياضة ليست منها؛ فسلوك درب الرياضـة ترجـل ألنوثته، وإهانة وقدح لشفافيته، وقطع ومتزيق حلجابـه وسـتره، فمعذرة؛ أفيكون جزاء العلم واملعرفة هذا التدنيس، أفتكون رسالة

ذا السلوك، وعفوا مرة أخرى فال زلت عند ظـين األول التعليم .بك أخالك سبيال هلذه التهم

ويةرسائل دع

٥٢

لعل الواشني كذبوا: أختاهلقد أمليت على أذنيك قبل أيام رسـالة : أيتها األخت املباركة

يـا بنـت : (قصدت فيها النصح واإلرشاد، وكانت حتمل عنوانك أنك كنت خـري ، فجاءتين البشائر عن)اجلزيرة قفي فأنت متهمة

ك مرة أخرى وأنضح ا اليوم طمعا يف اإلصالح أخاطبمستجيبة، وأنبشيء من الكلمات املعبرة على سمعك، ويل فيك أمل كـبري أن يكتب لرساليت هذه ولو شيء من فيح سابقتها وقليل من عبريهـا؛ نعم لقد تصفحت جماالت وصحفا فرأيتها ختطب ودك وتنافح عن

ريتك، كل هذا بالداخل، أما من اخلارج فرأيت صورة منمقـة سملونة، ولقصد جيرونك إىل التشبه، ويغرونك بفيض املديح، رأيتها تكتب عن بنات جنسك ممن أسفرن عن وجوههن، وفسخن تـاج الغرية من على رؤوسهن مادحات هلن مباركات لسريهن، فعرفت

أملهم سرعة استجابتك، وعاجـل ..أن يودون منك نفس اخلطى .تلبيتك

لقد ابتلينا كما ابتليت األمة بأهل التطريز والتفصيل ممن :أختاهيسعى لدمارك وفضح أسرارك؛ لقد رأيت جبانب تلـك املكـائن جمالت تصفحتها وإذا بنساء غريبات إن مل أكن وامها فهـن شـبه

شقني التشبه، فارتديت عاريات، ولألسف مسعت بعد ذلك أنك تعما ارتدت أولئك السافرات، وما أدل على ذلك مـن أين رأيتـك البارحة يف نفس اللباس رعني وسط األسواق وتركضني خلـف املوديالت، حىت أين ولغري قصد رأيت أجزاء من أطراف سـاقيك؛

٥٣ ويةرسائل دع

.كل ذلك وهم يطبلون مبدحك وحسن الثناء عليكثين به قريبايت وزميالتك من أنـك هل صحيح ما حد :أختاه

تعشقني اللباس الضيق، وتنافحني عن املوضة، وجتتهدين يف تقليـد وهل ما يشاع اآلن صحيح من أنك تقلدين .. غريك من السافرات

ممثلة وترمسني خطاها، ورمبا تكتبني على يديك عنواا وشيئا مـن .كتبتسيرها، أما أين لو علمت ما حتدثت وال

لقد طاشت عيناين وبغري قصد على صـحيفة سـيارة :أختاهفرأيت أشبه ما يكون بأنامل يدك وأثر حمربتك، فهل صحيح أنـك تتفرجني ورمبا تعرفني العبني، بل وساءين كثريا تنميقك وتبجيلك

.فال أخالك ذا السلوك، ويا ويل الناقلنييف حقيبتك صورة : وا يللعل الواشني كذبوا عندما قال :أختاه

العب، ورسالة من مغن، وذكريات من عاشق، ولعلهم أيضـا مل على ظهر يدك حروف ذكريات : يصدقوين احلديث عندما قالوا يل

.وقلوب عاشقني؛ فال زالت ثقيت فيك كبريةك تشتكي تعلقك ا، وحبـك تجاءتين رسالة من زميل: أختاه

رك مع صورها ورسائلها؛ فهـل ملرافقتها، وجنونك لفقدها، وسهأخشى عليك فرط السلوك؛ فحوادث ! صحيح ما تدعيه زميلتك؟

أنس الفتيات ببعضهن أعاجيب مضحكة، أرجو أن يكون ذلك غري .صحيح

كثر الواشون حولك، والتف املادحون لك مـن كـل :أختاه .جانب، وصدقيين غرارون، وإن مدحوك غرارون

ويةرسائل دع

٥٤

لقائلني صدقواأختاه لعل ا

حدثين عنك الوشاة باألمس حديثا آذى :أيتها األخت املباركةمسمعي وآمل نفسي، وكدر خاطري وأيامي، واليوم قرع بايب زمرة من القائلني فحدثوين حديثا آخر غري حـديث الوشـاة، فـأوهن معصمي عن الكتابة، وأوقف لساين عن التحدث، فجـاء اليـوم

ليعيد قوة معصمي ويطلق حديث لساين، فإليـك حديث القائلنينعـم؛ .. حديثا أثلج صدري، وأخرج نفسي، وطيب ذكرك عندي

لقد مسعت أن يف بيتك مكتبة إسالمية مسموعة ومقروءة جل وقتك بني أركاا، فأصبحت أسوة وقدوة يعلق عليك اتمـع أمانيـه

مسعت اجلريان يذكرون حديثك وأمنياته، وال أدل على ذلك من أين ..ويتذكرون أقاويلك فياليت مثلك كثري

أختاه، لقد ابتلينا كما ابتليت األمة بتحلل األخالق، ورعونة التشبه، وفوضوية ما كان هاجس بنات املسلمني األول، أما أنـت بارك اهللا فيك فبلغين أن وقتك منظم، وحياتك إجيابية، والـدعوة

لية اليت تقومني عليها بتعليم األسرة وحتديث اجلريان خري شاهد املنزعلى حرصك وهداية اآلخرين؛ فأنت اليوم يا أختاه بذرة صـاحلة؛ تعلمني أما عجوزا الفاحتة، وتقرئني اجلريان سـورا مـن القـرآن، والدرس األسبوعي الذي تقومني به مع بنات احلي نـال إعجـايب

وفتاة اإلسـالم . فليمت املغرضون: لت يف نفسيواستحساين، فق .اليوم نرباس هدى، ومعلم حياة، ونور هداية

هل صحيح ما حدثتين به قريبايت وزميالتك من أنـك .. أختاه

٥٥ ويةرسائل دع

تصلني الضحى، وتصومني البيض، وتتهجدين يف السحر، وهل ما يقال اآلن صحيح من أنك حتملني يف حقيبتك مصحفا جمزءا مـن

..رآن، أما إني لو علمت ما حزنت وال تعبتالقطاشت عيين على رسائل دعوية وأشرطة إسـالمية يف .. أختاه

هذه إهداء من معلميت وتلك جائزة على : يد قريبيت، فسألتها، قالتمبارك عليك يا وطين؛ فتاة اإلسالم تـبين : توجهي وخلقي، فقلت

.والتوجه صروحا شاخمة من العز -إن شاء اهللا –لك يف مرتبك صدقات : لعل الناقلني صدقوا عندما قالوا يل.. أختاه

إنك تنفقني علـى : وإحسان، ولعلهم أيضا صدقوا عندما قالوا يلمساكني وتمني بالضعفاء من اجلـريان، وتـرعني الفقـريات يف

..مدرستك، فشكرا على هذا اإلحسان يا أخيةوما ! ما أعظم خلقك: لة من زميلتك تقولجاءتين رسا: أختاه

وما أروع اهتمامك ! وما أحسن حديثك وموعظتك! أمجل قدوتك !بدرسك وإعدادك

عال ذكرك، وارتفع صيتك، وزاد املتوجهون حبديثك، .. أختاه ..فلعل ذلك يا أختاه عاجل بشرى املؤمنة يف هذه احلياة

ربوا علقـم هل تذكرين حديث الوشاة سابقا، اليوم ش.. أختاهاحلديث، وطمعوا مرارة الوشاية، واملغرضـون يف تلـك الرسـالة خست جتارتهم وعادت نصائحهم، ما سكنت أفواههم، وحـق يل أمس األول أال أصدقهم، وحيق يل اليوم أن أعيش سرورا حبـديثهم

.وأقاويلهم

ويةرسائل دع

٥٦

صرخة مشجع ومساءلة ناصح

ارج مزعجة، ألول وهلة خرجت فزعا من بييت؛ أصوات يف اخلصيحات تعلو متأججة، توقفت قليال فإذا بصوت التلفـاز يعلـو، نظرت فإذا فئام حوله تلهو، برهة من الزمن فإذا أصوات اإلطارات تؤذيين، وقفت متعجبا، ولى نومي واضطربت نفسي؛ ابـين مـن خلفي جير ثويب ويبكي، أمي قامت عطفا وحنانا يل، أيب اسـتنكر

.فزعا يتوكأ فسقط ومل يدر األصوات فقاموقفت على بوابة منزيل فقلت يف نفسي هل سقطت جروزين

تقدمت خطوات ويف قليب حزن وأمل، ! أم تاه الشيشان على أرضي؟مل أحتقق يف زمحة الضجيج، لكن كأمنا صـورة تعلـو وتعـرض، حاولت أن أرى املعامل، فقط ليل احلزن يعمي، مهمت أن أسـاهم، تذكرت، التفت، إىل الوراء أمي وأيب، بلوعة احلزن، ينظـرون إىل النجم آفل، انتظرت قليال فإذا بأفق الفجر بارز، مضـت الـدقائق والثواين فإذا بقرص الشمس باد، حينها فقط رأيت الصورة واضحة جلية، األصوات املزعجة لفوز فريق، الصيحات املتأججة هلزمية فريق

الصورة املعروضة يف زمحة الضجيج، صورة العـب مـارد، آخر،الصراعات من أجل هلو عابر، بكاء ابين، وسقوط أيب، ولوعة أمي وتأريق نفسي، كله بسبب مشجع فارع، عدت فأغلقـت بـايب وأوسدت فراشي، فتحت دفتر أحزاين، أسقيت قلمي مـن حمـربة

فكـان هـذا آالمي فتاهت نقطة احلرب تسابقين إىل احلديث معك احلوار أسائلك، أال توقعك نفسك األمـارة إىل اإلعـراض عـن

٥٧ ويةرسائل دع

حديثي، فهو إليك أنت فقط، وغريك وليس هلم من اهتمامـايت إال أخي املشجع، : نزغ احلرب على أطراف اهلوامش، فامسع، فإليك أقول

كم من مرة رأيتك تصفق بكلتا يديك، وكم من مرة دوت علـى جيع املؤرقة، وكم من مرة مسعتـك جتـادل رأسي صيحات التش

زميلك على بوابة املسجد عن فوز فريق وخسارة آخر، أال ترى يا أخي أن هذا الواقع منك غري الئق بشخصك الكرمي، كنت أظن يا أخي عندما رأيتك تصفق وجتادل وتناقش البوسين، أم حصل مـا

ر، ومل أدر جيعلك تم وتناقش وجتادل من حاول تهـوين األمـو .بشأنك حىت مسعت جلاجك وكثرة خصامك ففهمت وحتسرت

هب أنك من ال يهتم بأخبـار املسـلمني وال :أخي املشجعيعنيك شأم، وأعيذك من هذا، لكن لنفترض، إذا فأيهما أكرب يف

فلقـد رأيتـك ! تكبريات املؤذن، أم صيحات التشـجيع؟ : نظركوقف املباراة لالنتقال إىل أطهر بقعـة ألداء وألكثر من مرة عندما تت

الصالة مباشرة تدير بالرميوت الشاشة من مساع صوت املـؤذن إىل .هدير املباراة

سأنزل معك أكثر، هب أنك حضرت الصالة :أخي املشجعواستجبت لنداء الفطرة، لكن بأي شيء تفسر تلك النظرات العابثة

تشجيع، أعيذك يـا أخـي مع آيات القرآن، فحرمك دقائق مع الالفاضل أن تكون وقائع املباراة تعيش يف قلبك أكرب مما تعيشه مـع

.كلمات القرآن ولذة املناجاةكم من مرة شاورتك يف زيارة صديق، وكـم :أخي املشجع

ويةرسائل دع

٥٨

من مرة دللتك على خري، وكم ناصحتك حبضور درس أو مسـاع

اراة وترتيـب موعظة، وكم وكم هي املرات اليت تعتذر حلضور مبألخرى، واستعداد لثالثة، تنكبت يا أخي طرق اخلري املشـروعة يف

.سبيل هلو عابر عابثكم هم الـذين شـاركوا بفضـل نصـحك :أخي املشجع

وتوجيهك، وكم هي املرات اليت شاركت بتصفيقك وتبجيلـك، وكم هي اخلريات اليت فاتت بلعبك وسوء صنيعك، لقد أصبحت يا

غري هدى، وقدوة ولكن على هـوامش احليـاة، أخي داعيا ولكن لومؤثرا ولكن يف نزغ محأ املياه، ال تأنف من حديثي فهـو لـك بالذات، وال تسخط على كلمايت فهي إليك ناصحتك ومل يكـن قصدي اجلهر واإلعالن وجادلتك ومل يكن يف نـييت خبـث وال إدغان، غريي يلهو بنفسه وأنا أجاذب ريشة قلمي ألكتب لك كل

.غال ونفيس

٥٩ ويةرسائل دع

صور من املعاناةأحتدث اليوم عن مشكلة تبدو ظاهرة، تلك اليت خترج إلينـا يف يوم عبارة عن ضجيج، وتبدو يف يوم آخر نزغات دمع معربة، ويف يوم ثالث خترج صامتة مفكرة، لكن شكواها لوحة عارضة علـى وجهها، ويف يوم رابع خترج صارخة بأصوات متداخلـة تتخطـى

وتات ليقف اتمع بشىت أصنافه يعاينون هذه الصورة املؤملـة، البيهذه احلاالت متمثلة يف حال أم عجوز على يد وليد هلـا يف سـن النضج والكمال، األم اليت محلته كرها ووضعته كرهـا، األم الـيت فرحت لفرحه، وبكت حزنا رد بكائه، األم اليت عاشـت يومـا

ازدادت فرحا بلقياه من ترحاله، األم الـيت آالما بأحزانه، األم اليتباتت تقامر ليلها مسرا ملرضه وأتعابه، كل هذه املعاناة مل تشفع هلذه املسكينة جتاه نزغ العواطف املريضة؛ فكم نـادت يومـا دون أن يسمع هلا، وكم ساءلت دون أن جييبها حىت انبح صوتها وآثـرت

ة الضائعة دون حسـباا، األم املسكينة الصمت احلزين على الكلماليت جاعت لتطعم وليدها، احتاجت اليوم وافتقرت فلم ميـد يـد العون هلا، حىت رمبا سألت جرياا عشاء ليلة وطعام يـوم، ورمبـا تدثرت بثياب مهتكة، وهو يرفل يف نعيم احلياة دومنا شعور بفقرها

لـى وحاجتها، كوخها الصغري الذي تسكن فيه عالمة واضـحة ع حاهلا ومأساا، وقد يظلم الليل وهي على ضوء سراجها الباهـت تنتقل بني جدراا، هذا إذا توفرت لديها عوامل إشعاله، أمـا إذا انعدمت فتراها قبيل الغروب تنطوي على فراشها دومنا عشـاء أو

ويةرسائل دع

٦٠

حىت شربة ماء، ووليدها ما يدري من تعاقب املناسبات أي فـرش

.يغريهيغسله وأي سجاد مجيل هذه املسكينة قد خترج على عكازها يف شوارع القرية تريـد

علبة حليب من بقالة، وتود شيئا من الغاز لتشعل، قد تتعرقـل يف مشيها، وقد تسقط يف منحدر هلا، وقد تتلفت فزعة مـن أبـواق

...السيارات، ووليدها يركب أمجل السيارات وأحدث املوديالتد وضعها أسى وحرقة، تراها يف النهار ذابلـا يف رمضان يزدا

عودها تقصر خطاها، اجلوع آملها، العطش عاا، ويف وقت اإلفطار لك أن تنظر؛ على طاولتها إناء مكسور به شربة ماء غري بـاردة، ومترة شوهها الغبار فقط، ال أحد معها إال عكازها، كل هذا وابنها

األرض، ويف العيد خيرج الناس سراعا يأكل ويشرب مجيل خريات عبارات الفرح ترتسم على حمياهم، أثواب العيد براقة، مسـاكنهم مزدانة جبميل الورود وأزكى الطيبات، وهي املسـكينة يف عشـها الصغري، أثواا ممزقة وكوخها مكشوف، أسرتها مهتكة باليـة، ال

أخبار املهنئني، فال يسعها هذا احلـال تعرف املسكينة عن العيد إال إال أن يتسرب الدمع على وجنتيها رثاء حاهلا وشكوى معربة حلاهلا

.مع ابنها وفلذة كبدهاكل هذه املآسي وابنها حي يعيش يف وظيفة راقية لكن أنسـته زخارف احلياة هذه املسكينة، وقد يرى من العيب أن يعودها ومن

ومجيل إن بقي على هذا احلـال، ختشـى العار أن ينتسب إليها،املسكينة أن يرمي ا يف دور الرعاية، فبقيت املسكينة تعاين صـورا

.من املعاناة

٦١ ويةرسائل دع

مواساة جمتمعسـريتك محيـدة .. سرين حالـك .. أعجبتين منك ابتسامتك

وطباعك مجيلة، وأنت أنت غرة يف جمتمعـك، ملعـت يف مسـاء ام جبانب بيتك فرأيت طول البنيـان مررت يوما من األي.. قريتك

تقدمت خطوات فإذا جبارك يأوي يف .. وروعة البناء ودهشة املنارةعلى وجهه يبـدو البـؤس وسـوء .. مالبسه ممزقة.. كوخ صغري

.. وبعده خبطوات طفل من اجلريان دمعة أمل علـى خـده .. احلاليدها طلبا لـرزق وجبانبه أم عجوز تمد .. ولوعة معاناة على ناظره

استوقفين هذا احلال كثريا ففاضت عـربيت، وتألمـت .. مولودهاأيا أخـي .. فقلت ومن جوانب البيت.. وتكدر خاطري.. نفسي

طيتتلك املبالغ الـيت يف يـديك؟ .. احلبيب، من أي مال اهللا أع !أليس من جود وكرم ترطب به شفاة يابسة؟ ! أوليس هللا حق فيها؟

توقف به دمعة جارية؟ وتبدو به مسرور وجـه شـاحب بـأمل و ..ملاذا يا أخي أراك تحجم عن اإلنفاق.. املعاناة

أولا تـذكر ! أولا تذكر حالك يف زمن مضى؟ :أخي احلبيبأولا تذكر فقرك وبؤسك يف يـوم ! شقاء املعيشة ونصب األبدان؟

!كان؟لصغار رأيتـهم يف يـوم جارك الفقري وصبيته ا :أخي احلبيب

الدمع يتصبب، واألمل يبـدو حمزنـا، .. مضى خارج أسوار املنزلواملعاناة ترتسم بوضوح، وقفت جبانبهم، سألتهم ما اخلرب؟ أتـدري

صبييت يتضاغون جوعا، أبنائي : قال يل بنربات احلزن.. ماذا قال يل

ويةرسائل دع

٦٢

أولا تدري يا سائلي .. أطفايل يشكون جفاء اجلريان.. يعانون بؤسا

أنين ال أعرف جاري إال بسوء املعاملة؟ أولا تعلم أن صبييت ينظرون ..إىل جاري بأمل املعاناة

! كم من أرملة تنتسب لـك؟ ! كم من قريب؟ :أخي احلبيبأجلأتهم ظـروف ! كم من عجوز تنتظر عطاءك وفيض إحسانك؟

هم؟ أوال تم م؟ أال الزمن إىل حنانك ومجيل عطائك؟ أوال تتفقد ..فوا أسفي على صلة األرحام.. تعيش مع أحزام وآالمهم

يف جمتمعك الذي تعيش فيه، أولا تدري أنـه يف :أخي احلبيبالتهليل التكبري وصـوت صـارخ .. أغلى ليايل العمر يف ليلة العيد

أنت وأبناؤك تضجون فرحة، وغـريك مـن .. فرحا بقدوم العيدينتظـرون شـروق .. يف جمتمعك تبيت تصارعهم األوهامالبؤساء

مشس العيد، وأبناؤهم ال جيدون أثواب الفرحة، حىت لعب األطفال علمتنا يا أخي األعياد املاضية ألوانا من هـذه .. يا أخي ال ميلكوا

املشاهد البائسة، وكان بإمكانك أن تكون عضوا فعالا يف جمتمعك ..رحة على مالمح أبناء جارك وصديقك وقريبكوأن ترسم الف

يؤملين كثريا منظر البؤساء يف جمتمعك ويؤنـب :أخي احلبيبنفسي حال الشيوخ واألرامل يف قريتك، وينتـابين احلـزن حبـال املستضعفني املساكني يف دائرتك، فعسى بعد هذه الرسالة أن متسح

جبت لدعوة اإلنفاق دمعة حزن ولوعة معاناة وأمل نفس، فتكون است .ومواساة اتمع

٦٣ ويةرسائل دع

الثعالب البشرية يف موقف مصاحلةمن أي جهة أنطلق؟ ومن أي طريق أبـدأ؟ ويف أي اجلهـات أسري؟ أنا حائر عند نقطة البداية، وللحرية سبب هو أين وغريي من الناس قد نصادق من نصادق بناء على الود واحلب ومعاين األخوة،

الزمن مع هذه املعاين، إال أن نلقي مومنا وأشجاننا على فال يسعناقلوب أولئك الناس ظانني أن قلوبهم تسع مهومنا وتتلقف أحزاننـا كما هو الدليل من أول نظرة املتأمل املنصف أنه ال تثريـب علـى أولئك املتحدثني؛ ألن مفهوم الثقة عندهم ينجلي ويظهر يف أقـل

ر تعبريا؛ فهم وجدوا صوتا لينا وحضنا شبه متسع، ولسـانا الصوأشبه بقطران الندى، فما كان منهم إال أن سارعوا يف اخلطو فارمتوا يف أحضان أولئك الناس، وفور ما استجموا جلوسا، وأفرغوا شدوا األحاديث، وأفاضوا تالل اهلموم، أحسوا وكأن احلضن بدأ يضيق،

بدأ خيشوشن ولسان تنفذ منه رائحة سم الثعابني، حاولوا والصوتاهلروب لكن هذه الصورة ما لبثت أن اختفـت خلـف الصـورة األوىل، فأصبحوا خيطون خطوات إىل األمام ويتراجعون مبثلـها إىل

.اخللفنعم، إن هذه الصورة صور شخصيات متعددة يف جمتمعـك

هم يف لقياهم بك أصـحاب أنت، ويف جمتمع غريك من الناس، تراأسنان بيض المعة وكلمات أبرد من ماء الثلج وعناق أكثـر مـا يكون شبها بلقاء األخوان بعد الفراق، ويف الوقت نفسه هم أولئك فور انصرافك عنهم خترج منهم كلمات تلمز شخصـك وتثلـب

ويةرسائل دع

٦٤

سريتك وتقدح يف حياتك، يشوهون صورتك بأحاديث األنس مع

معك معك ويف نفس الوقـت عليـك : "كما يقال أصحام؛ فهم ".عليكإن هذه الشخصيات لألسف تعاين مرضا خطريا، يف حيـام

انفصام الشخصية وتبلور األفكار ونفاق باطن يف السـريرة، إنـين م الظن ام وأحسن وغريي من الناس نعتب على هؤالء ألننا وثقنا

يت بادلناهم ا، نعتب عليهم ألن فعاملونا بصور عكسية للصورة اللقيانا م كل صباح؛ فهم منا وحنن منهم، وكم هي املرات الـيت قرعنا أبوابهم للزيارة وال ندري ما يكنون يف أنفسهم، ومن حقنـا

عفوا، ملاذا نعامـل : اليوم أن مس يف آذام بكلمة عتاب، فنقول وآخر شاحب مظلم؟ ملاذا تنبـز بوجهني اثنني؛ وجه أبيض مستنري

سرييت وتكشف عوريت وجتعلين فضيح أسراري وعلى من؟ علـى األعداء واحلاقدين، أولست يا أخي أنا بأحوج إىل نصيحة منـك حتاثين ا فتصلح أخطائي وتلم شعثي؟ ملاذا تأخـذين إىل نصـف

ة ماسة الطريق وأمام املارة تشري إىل عيويب ومثاليب؟ أومل أكن حباج .منك إىل إشارة خفية وصوت هامس ورسالة بغري عنوان

إنين اليوم أدعوك إىل املسامحة، ضع يديك يف يدي، ودعـين أمسك بأناملك كثريا؛ فقد كانت شرارا أمحر، فعساها اليـوم أن تالقي أناملك فتتحول إىل رايات خضراء فتكون رائعة يف مظهرها

بنا نسري إىل نفس الباب فتنادي بأعلى صوتك ناصعة يف خمربها، هيا . هذا خلي ورفيقي وابن جمتمعي: وتشري بنفس إامك وتقول للمأل

.ولك حينها أن أعانقك عناق أخوي كرمي، ال عناق خمذل حقود

٦٥ ويةرسائل دع

إقاميت نظامية وسلوكي منحرفمبارك عليك يا بلد استتباب األمن، وفيض النعم، وتوافر احلياة

فيك حبمد اهللا أماكن مقدسة، وبني جنبيك آثار الرسـالة، الطيبة؛ ف ـفجبك، ولن ت ات، هلذه األشياء فقط أنا متعلقبووأنت مهد النريشة قلمي عن دفع عجلتك إىل األمام إال جبفاف لساين عن جترع املاء البارد، وأفول نفسي من معني احلياة، واليوم أمام أعني القـراء

نكث شيئا من جروحك، وحتمل يا بلدي شـعاب الـدماء دعين أ .املتدفقة؛ فعسى ذا النكث أن تندمل جروح أخرى

لقد رأيت يا بلدي وأنا بساحاتك أفواجا من أولئك العمالـة الذين وردوا إليك يا بلدي لشيء أو آلخر، لقد رأيت فيهم البنـاء

التحـديث يف الطرقـات والسائق واخلياط وثللا ليس هلم هم إالوالسري يف األزقات؛ نعم، إن منهم أو جلهم إقامته نظامية، لكن مع كل أسف سلوكه منحرف؛ لقد رأيت أفواجا منهم يقدمون ألبناء هذا البلد إكسريا حراريا يدفع به مثن اإلقامة وهم الفراق، يقدم على

املوضة اخلليعة وشيء مـن حبـات هذا اإلكسري شريط الفيديو و .اإلنفلونزا تسهل له حبات كثر من أصناف املخدرات

لقد رأيته يا بلدي دخل كهوفا وأزقة حيمل ماكينـة اخليـاط النسائية، فتعرف على أهل احلي مث دعا أفواجـا مـن أصـحابه ليشاركوهم املهنة وتعب العمل، فكان اجلميع بوابة فساد عريضـة

.أهل احليوحتلل مرة ثانية يا بلدي لقد رأيت فيك عاملا يوصل املياه إىل أهلك

ويةرسائل دع

٦٦

وذويك فيقرع الباب ليقدم جرعة املاء ممزوجة بشيء من التفسـخ وسوء األدب، فال يرعوي عن فعله حىت تتحول مياهـه حنظلـة

.وطرقة معتمةوها أناذا البارحة يا بلدي رأيت صاحب أقمشة حيملها على

فيها دوام املوظفني وخروج األبناء فينثرها بني نسـاء ظهره يراقباحلي فريى وينظر حىت إين رأيته يا بلدي يتعرف علـى مـداخلك

.ويترقب مسالكك، وإين أخشى عليك منه ومن أمثالهلقد علمت أنك تستقدم هذه األيـام .. ومرة أخرى يا بلدي

أيتها تقدم ضيفة نسائية خادمة ألهل البيت، وصدقين يا بلدي لقد ردين النصرانية البنيك وتتعبد لدينها بني ناظريك، ولعلي ال أكـتم سرا أا أفسدت أهل احلي وأوبقت شباب اتمعات، وأخريا كل هذا يا بلدي وقد ال يالم كثريا صاحب األرض املعطاءة ولكن ليتنبه

.فأنامل التخريب رمبا تظهر يف قفاز أبيض مزدهر

٦٧ ويةرسائل دع

ربة املفقودةاحلياة الزائفة والعأعاجيب هذه احلياة ويكمن عجبها كثريا يف أنك وأنت تسري يف هذه احلياة سريا حثيثا غري آبه مبا حولك من املناظر ورمبا متناسيا رض الطريق يستوقفك صـياحكثريا من الواجبات، وفجأة ويف عالناس، يشدك أنني تلك العجوز، يلفت نظرك آهات ذلـك األب

سائلا مستوحيا خربهم، فتجيبك الدموع وهي تتدفق، فتهرع إليهموجتيبك وهي تنظر نظرة أمل وحسرة، جييبك القلب وهو يقلب أسى اجلراح، كل هذه تقول لك إن جارك وصديقك وقريبك ودعـوا هذه احلياة إىل غري رجعة، فتنتبه يف سريك وتلتفت مينة ويسرة وتنظر

لن تلقاه يف هذه احليـاة مـرة يف خطاك وتتعجب أن هذا اإلنسانأخرى، ستتالشى ذكراه من يوم إىل آخر حىت يصبح املسكني مبثابة الذكريات املنسية، العجب عندما ترى هذا اإلنسان الذي فاجـأه احلديث وهاله املوقف واستوقفته هذه الدنيا الزهيـدة يف موقـف

عن جتده يلملم شعث نفسه ويصلح سريه ويتوقف كثريا -الوداع خطوه السابق، لكن مع مرور الزمن سرعان ما تـراه يتراجـع إىل اخللف، سرعان ما يعود إىل شطحاته املؤذية؛ وذلك ألن الضـجيج

.الذي مسعه واملوقف الذي رآه بدأ يتالشى ورمبا انعدمفتجده نسي الدموع املتدفقة واملواقف احملزنة فتمطى الباطـل

راه يشري بالعني اخلاطئة وخيطو خطوات جريئة ونبز بغري احلق؛ بل تيبقى أثرها سيئا على نفسه، وفجأة يعود األنني مرة أخرى وتنساب الدموع مرة ثانية وتزداد صفحات الوجه لوعة وأسى؛ لكن هـذه

ويةرسائل دع

٦٨

الوهلة جتمعت هذه التعابري على فراق الشخص نفسه الذي أضجه

راقه وشكى الصديق أحزانه أنني الناس قبل ذلك، فبكى الناس على ف .وبعثر اجلار آالمه

ومع تسارع األيام يهدأ هؤالء كلهم عن شكواهم وتـذهب دوا ولوحة األسى من وجوههم وتتحجر الدموع يف أعينـهم ليعـا

.السري يف هذه احلياة من جديد، وكأمنا أولئك مل يكونوا، وأن هؤالء فتتضح صورة هذه الدنيا الباهتة أنها جمرد سراب

الناس مهما كانت خلتهم وشدة ربـاطهم إال أن األيـام تكسـر ذكراهم وتنسيهم أحبابهم، حىت هم أنفسهم يعاد عليهم شـريط

!هذه الذكريات؛ فهل هلذه اللحظة املتكررة من وقفة حماسبة؟

٦٩ ويةرسائل دع

اإلنسان الذي نريدنريد ذلك اإلنسان الذي يعرف ربه فيقدره، يعـرف شـأنه

عظمه، يسري ضمن عقد الكون املتسلسل دومنا استكبار عن احلق فيألم تر أن الله يسجد لـه : وال عنت يف الطريق، تمعن يف قول اهللا

ـومجالنو ـرالقمو سـمالشض وي الأرف نمو اتاومي السف نم]. ١٨: احلـج [ ...ب وكثري من الناسوالجبال والشجر والدوا

اجلمادات كلها تسري ضمن ذلك العقد احملكم، سنة ربانية، وحكمة إهلية، نريد من يسارع يف الدوران ويزيد يف حجم العقد، ال الـذي

.ميشي تارة ويتلفت يف الطريقنريد ذلك اإلنسان الذي يعيش لدينه فيفكر بعلقه ويتحـدث

نامله وختطو قدمه كل ذلك من أجل دينه، يزداد به لسانه وتكتب أالعمر فيزداد ثباتا تعصف به الفنت فيتشبث بعقيدته تشـبث عـود

.األراك باألرضنريد ذلك اإلنسان الذي يقدم ألمته وجمتمعه صنوف البـذل والعطاء حىت يصبح لبنة صاحلة من لبنات اتمع، اإلنسان الـذي

تمع؛ ال لشيء إال للحفـاظ حيافظ على مقدرات األمة، وكنوز اعلى البنية األساس، فيكون أحد هؤالء الذين سـامهوا يف البنـاء، فيحفظ يف تاريخ األمة أنه من البناة ومل يكن يوما معوال من معاول

.اهلدمنريد ذلك اإلنسان الذي يستفيد من مرور األيام فيأخذ منـها

ن أمسه، وغدا خريا من اليوم، نريده مـن العرب ويكون يومه خريا م

ويةرسائل دع

٧٠

أولئك الذين يتقدم م الزمن فتزيدهم األيام نضجا وجناحا، وحينما يقعدهم الزمن عن املسري ينفعون األمة بتفكريهم وحديثهم، حـىت

.ولو حبسهم الزمن على األسرةنريد ذلك اإلنسان الذي يعيش لآلخرين فيسـاعد حمتـاجهم

عجوزهم ويرشد ضالهم، ذلك الذي يشعر مبريضـهم، ويأخذ بيديفرح لفرحهم وحيزن حلزم، يقدم هلم وكأمنا يقدم لنفسه، ذلـك

.الذي يبتسم بال قيود، ويسلم بال تعارف، ويبذل هلم من أجل اهللانريد ذلك اإلنسان الذي ميسح رأس اليتيم، يبتسم يف وجهـه،

ريد اإلنسان الذي يعوض هـؤالء حيمله يف سيارته مكان ما يريد، نفقد أبيهم فيتفقدهم بني حلظة وأخرى يكسـو عـاريهم ويطعـم

.جائعهم ويرأف على فاقد احلنان لديهملعل احلقيقة اليت تبدو واضحة جلية هي أن املؤمن يعيش استعالء وعزة، دائما متيد به إىل العلو، ترفعه عاليا وإن كان

إىل السحاب وإن كـان على سطح األرض، تشمخ برأسهيسري بني الناس، هذه حقائق واضحة جلية ملن عـاش لـذة اإلميان وخيتلف هذا العلو بني املؤمنني حسب ما معهم مـن

.اإلميان والعمل الصاحلأرأيت باللا احلبشي تصرعه أنوف الباطـل وأكـابر

قريش ويوسد الرمال على ظهره وتنزل على بطنه أحجـار ذلك كله يأنف أن يرضخ للباطل وتـزأر جبال مكة، ومع

: فرياجع عله أن ينثين، وهو يقول" أحد أحد"نفسه بكلمة

٧١ ويةرسائل دع

.)١(واهللا ال أحسن غريهاهذه النفس إذا ذاقت هذه اللذة الروحيـة تـأىب أن

تستذل من بين البشر، وكما قال حممد أمحـد الراشـد يف علمها : ه النفس، قالوهو يتحدث عن هذ )٢(كتابه الرقائق

التحليق، تكره اإلسفاف، عرفها العز تنفر من الذل، أذقها اللذات الروحية العظيمة حتقر اللذات احلسية الصغرية، حىت قال اهللا تعاىل مؤكدا هذا األمر عقب غزوة أحـد حينمـا

: أصام من الوهن والضعف، ذكرهم وأثىن عليهم بقولـه لاوا وهنلا تو ننيمـؤم مـتن إن كنلوالـأع متأنوا ونزحت ] آل

، فعقب سيد قطب على هذا املعىن يف ظالله الوارفة ]عمرانأنتم األعلون، عقيدتكم أعلى، فأنتم األوصياء على : )٣(قائال

هذه البشرية كلها، وهم شاردون عن املنهج ضالون عـن .الطريقأقوام سابقون فقدموا أرواحهـم هذا االستعالء عاشه

على أكفهم فعلوا يف تاريخ األمة حىت وصلوا إىل بطحـاء اجلنة وهم أحياء ميشون على وجه األرض؛ فها هـو سـعد يدك معاقل الفرس يف القادسية فيثنيه اجلراح، فيعقبه أبـو حمجن الثقفي على البلقاء فيثلم جيش الفرس ثلمة القائـد

،مه من هتاف ريح اجلنـة األشوأنس بن النضر تسمو روح

.١/٣٥٢سري أعالم النبالء ) ١( .٥١حممد أمحد الراشد / الرقائق) ٢( .١/٤٧٤ظالل القرآن ) ٣(

ويةرسائل دع

٧٢

ما جيعله ميزق أشالء، وسعد بن معاذ ينطف جرحه من آثار احلروب، وخالد يغامر حبياته فيكون سيفا من سـيوف اهللا، ومحزة أسد أشم يثلم جيش قريش، وخبيب ميوت مشـنوقا

ال فداء لدين اهللا، وسعد بن ربيع يف اللحظات األخرية يردديصل إىل رسول اهللا وفيكم عني تطرف، وغريهم وغريهـم كثري، هذا االستعالء نفتقده اليوم كثريا يف حياتنا اليومية؛ فربما ننسى أو نتناسى معـامل هـذه العـزة وروح هـذا االستعالء، فنبقى أحيانا كثرية أرضيني فو إىل التراب وال

معامل هذا الـدين فنسـترد نرقى إىل املعايل، فهل نعود إىل .هذه العزة ونلبس ثوب االستعالء

٧٣ ويةرسائل دع

للمتأسني فقطاألخالق احلميدة صفات ومناهج وعلوم ينبغـي لإلنسـان أن ينهل من مواردها حىت خيرج إىل الناس يف ثوب اخللق الكرمي، حينها

كله يألفه الناس، ويتوجه إليه العامة، ويشار إليه بالبنان، وقبل ذلك .يكسب رضى ربه الرمحن

واليوم كم من الناس لألسف وجوههم مكفهـرة، أحـواهلم متقلبة، صدورهم ضيقة، فضج م أبناؤهم وأزواجهم وجرياـم، وتعدى الضجيج إىل اتمع، ولك أن تسمع كثرة الشاكني لتدرك عظم سوء اخللق يف أذهان الناس، واليوم أجـول بكـل مـن أراد

لتعرف األمة قدوا فتقتدي تأسي يف رحاب سرية رسول اهللا ال .وتتنبه ملسارها الصحيح فتسري فيه

فهذه الرسالة إليك أنت أخي املعلم، وإليك أنت أخي األب، أومـا : ولك أنت بالذات جاري العزيز، وللمتأسني عامة، فـأقول

فبما : له الكرميقرأت يا أخي كتاب اهللا وهو يوجه اخلطاب لرسو ـنـوا مفضيظ القلب لانا غلفظ تكن لوو مله تنل الله نم ةمحر

كلوح ]فهذا رسول اهللا ]. ١٥٩: آل عمران ه وخليلـهصفيوأمينه على وحيه يقال له هذا القول؛ فهلا أخي علمت عظم الفرق

.اجلانبوأدركت أمهية لني أوما مسعت يا أخي خرب نبيك عندما دخل عليه يف املسـجد

يف غمـرة الـذكر مـع أعرايب من البادية، وحينها رسول اهللا صحابته الكرام، فما كان من هذا األعرايب إال أن رفـع ثوبـه يف

ويةرسائل دع

٧٤

وسط املسجد دون رعاية حلرمة هذا البيت وجهال ذه العظمة، مث

فوثب الصحابة عليه غرية علـى بيـت اهللا وـروه جلس وبال،وزجروه، فياليت شعري من هو القائد ومن هو القدوة ومن هـو

أهريقـوا «: وملا انتهى قال رسول اهللا . »دعوه«: الرمحة، قالفتوقف الصحايب متعجبا وقال بـروح .»على بوله ذنوبا من ماء

فضحك ". وال ترحم معنا أحداللهم ارمحين وحممدا : "احلب واأللفة .)١(»لقد حجرت واسعا«: وقال رسول اهللا

أوما قبلت يا أخي سرية نبيك فقرأت عن ذلك الصحايب الذي ". احلمد هللا: "فعطس فقال بصوت عال صلى خلف رسول اهللا

: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم استنكارا هلذا الفعل، فقـال فلما انتهى رسول اهللا من أداء الصالة نظر . ماه واثكل أماهواثكل أ

إليه الصحابة خوفا من مكروه سيحل به؛ لكن نظرة الرحيم تـأىب علـى فما سأله وال ناقشه وال عاتبه وال زاد رسول اهللا .. الزلل

.»إمنا هذه الصالة ال يصلح فيها شيء من كالم البشر«: أن قالحايبـرين وال " :فقال الص بأيب هو وأمي رسـول اهللا؛ واهللا مـا

كـان ولقد حدثتنا كتب السرية أن رسول اهللا . )٢(..."كهرين، فكان إذا سجد "أمامة بنت أيب العاص"يصلي باملسلمني ويف يده

أن ينهض مـن سـجوده تسلقت على ظهره، فيأىب رسول اهللا ا، فلما انتهى جعل خشية أن يؤذيها، فطالت الصالة على غري عاد

يعتذر للمسلمني، وبعد هذا اخلرب بصفحات خرب آحاد مفـاده أن

.من حديث أنسمتفق عليه ) ١( .رواه مسلم) ٢(

٧٥ ويةرسائل دع

كان خيطب بالناس فرأى احلسن واحلسني مقـبالن رسول اهللا يتعثران، فما كان منه إال أن ترك اخلطبة مث نزل فحملهما وقبلـهما

.وعاد خلطبته أقعدمها. )١(»هذان رحيانيت من اجلنة«: وقالمر علـى وتحدثنا كتب السرية حديثا ثالثا؛ أن رسول اهللا

أخ ألنس مات له طري صغري كان يتسلى به ويداعبه، فحزن عليـه يا أبا عمري «: إال أن قال حزنا شديدا، فما كان من رسول اهللا

.)٢(»ما فعل النغري، يا أبا عمري ما فعل النغري ـا أن رسـول اهللا وحدرية حديثا رابعالس نا كتبثت رأى

يا أم خالـد «: كساء على صبية صغرية فجاء إليها يداعبها ويقولهذه األحاديـث .. مجيل بلغة احلبشة": سنا"و. »..سنا يا أم خالد

ليست سردا من اخليال وال حكايات قدمية على ألسـنة عجـائز كرمي رسول هدى ونيب رمحه، فمـاذا املدينة؛ إمنا هي حياة رجل

وملاذا جتانب القـدوة وأفعـال .. ينتظر املربون من مناذج غري هذهفقط حنن حباجـة .. كثرية من الناس هذه السرية العطرة بني أيديهم

.إىل التأسي

.رواه البخاري وأمحد من حديث ابن عمر) ١( .البخاري وأمحد من حديث أنس) ٢(

ويةرسائل دع

٧٦

وقفة حماسبة

لك أنت بالذات أعيش أطارد تقلبات الدهر، أعانـد هلفـات أكابد غصص األيـام أللبسـك حلـل العمر من أجل إسعادك،

السعادة، وبني يوم وآخر، وأن أالطفك وأودك نفسي بني جـنيب .عايشت هواها فذقت من أجلها كل هواء

وباألمس فقط أحسست بالتأنيب حينما رأيت انصـرام عـام أم ! هجري وإقبال عام آخر؛ وقفت متسائلا؛ ألول مرة ينصرم العام

قد عاشت هذه النفس أعواما مديـدة ألول مرة تتواىل الشهور؟ لحىت عتاب الصفاء مل يكن يطرق مسمعها، واليوم بالذات حاولت جاهدا أن أمسك ا، تتملق مني، أحاول شدها، تتهرب وتتوارى؛

.لكنين اليوم أكثر حاال من ذي قبلقفي أيتها النفس إنين مسائلك فمشدد عليك املسألة فال جتدي

يف أعوام مضت تؤلبني عينا مسكينة على الشطوح مينة علي؛ رأيتك .ويسرة، كم من نظرة خائنة طاشت فالمست عورة بادية

ناظرت حايل عرب أيام مضت وشهور تصرمت وسجالت رمبا كتبت وحفظت، كم من عني تقلبت يف احلرام، وكم مـن نظـرة

تشعر يوما خائنة عاثت يف مناظر الفاتنات واملردان كانت تتلذذ وملتتلذذ ]! ١٩: غافر[ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدوربأنني

ومل تدر إال بعد فوات األوان، أن القلب عاش بتلك النظرة قسـوة عاثت يف النفس باحلرمان، يد طائشة امتدت فغمست حىت املرفـق

بني دور وآخر، مل مياه الصنابري عجزت أن تدملها، مث نقلت جسدا

٧٧ ويةرسائل دع

تدر بأن اخلطو يكتب ويأنب، نفس غايرت املقصد فكتبت أيـام .احلسرة والشقوة

عفوا يا نفس ولغري مرة نربات األذان تتمطى من بيوت اهللا ال تتسلق سالمل أذنيك الكرميتني؛ لكن رمبا تثاقلت خطاك ومل تقوين

)١(ونبأ االقتراع على املبادرة، ملاذا أراك كل حني تقبعني يف املؤخرةقد طاف على مسمعك؛ ملاذا أنت بالذات تعيشني ألوانا من الكسل

! ؟)٢(واخلمول يف دور الرمحة وغريك عليهم صلوات املالئكة دائمة .فاألسوة األسوة

عفوا يا نفس، رأيت أنفسا يعلو شفاهها اليـبس ورأيـت يف فرق بينك يدك زجاجة املاء وعلى شفاتك أثر من نعمة قريب، أي

عفوا يا نفس، لقد طرق مسمعي وملئات املرات أنني ! وبني هؤالء؟القرآن، ينطلق يعانق أبواب السماء يف ليال مظلمة؛ بـل حالكـة

.الظالمروضتك وحاولت شدك، ذكرتك وأرخيت مسمعك فآثرت

لني الفراش وبقيت حاملة األردان، فأصبحت وفيك أثر من سـواد هم أنـوار السـحر، وضجر وغريك تألأل علي وعلى وجهك عبوس

هي املرات اليت وقف جبانبك احملتاج فمـد يـده عفوا يا نفس كم وفاضت عربته، ويدك مغلولة أبت أن متتد بفيض العطاء، وأنا أعلم

لو يعلمون ما يف النداء والصف األول مث مل «حديث أيب هريرة يف الصحيحني ) ١(

.»جيدوا إال أن يستهموا عليه الستهموامل تزل املالئكة تصلي عليه ما فإذا صلى «حديث أيب هريرة يف الصحيحني، وفيه ) ٢(

.»دام يف مصاله

ويةرسائل دع

٧٨

أنك ترفلني يف ثوب الغىن، ملاذا يا نفس هذا اخللق املشني، وغـريك

!يتفجرون بينابيع العطاء؟أن تقول : قبل أن أوادعك أذكرك بقول ربك وأخريا يا نفس

ب اللهني جف طتا فرلى ما عترسا حي فسن ]فتكون ]. ٥٦: الزمر .لك عربة ودافع إىل العلو والرفعة

٧٩ ويةرسائل دع

بني الشروق والغروب حلظة مساءلةها هي الدقائق تتواىل، واأليام والشهور تنقضـي، والسـنون

ليوم ننظر إىل أيام عامنا اهلجري وهي أشبه ما يكون تتدابر، نقف ابورق الشجر اليابس يتحات ورقة ورقة حىت رمبا تـرى الشـجرة عودا صامتا بعد أن كانت ترجف بالثمار، وعامنا اهلجـري ولـى فأصبح اليوم شبيها بتلك الشجرة، ولألسف صحوت متأخرا على

املنبثق من تلـك الشـمس غري العادة، ورمبا السبب برودة الشعاعاهلادئة، أحسست أن اليوم يوم غري تلك األيام فعـدت إىل ورقـة التقومي فإذا هي آخر ورقة مدالة، حاولت أن أراقب الشمس وهي ختطو سريعا، كنت أقف دومنا حاجب عنها ويف حلظـة الغـروب

أومل : بالذات خبافق يهمس يف نفسي يعاتب هذه الـنفس فيقـول ! تقضي األيام مراحل دومنا اسـتعداد للرحيـل؟ تشعري يا نفس ب

أشبهتك اليوم يا نفس بتلك الشجرة اليت تساقط ورقها فأصـبحت دوما أوراقا فكأنك اليوم أنت دومنا أعمال صاحلة تظلك وترفرف

.عليك وحتجب عنك شعاع الشمس احملرقةورقة التقومي ترفرف وحدها، حىت الغراء الالصق بدأ .. يا نفسا، فأخشى أن يكون غدا وبعد غد آخر أيامك، ويصبح يتخلى عنه

ذلك اليوم أشبه ما يكون بورقة التقومي لكن دومنا إبقاء شيء مـن ذلك الغراء، لتنظري إىل نفسك أنت تتالطم ا أمـواج الريـاح

.ووج ا أعاصري الشهواتغربت مشس آخر يوم عامك اهلجري وأنت تنظرين .. يا نفس

ويةرسائل دع

٨٠

اس غربت مشس أعوام مضت وهي تنظر إليهم، إليها وغريك من الن

فبقيت يف حياتك أثر للعربة وزمن للتوبة، وغريك مل جيدوا ذلك يف .هجعة الناس ودمعة اليأس هطالة يف وداع األيام

كم من دفني يف تراب ! أوما متعنت يف وداع العام؟.. يا نفسوكم من ضجيج من تلك احلفر كانوا حيلمون بـنفس مـا ! املقابر

كم من جنم أفل عليهم، وكم ! حتلمني وارتهم الدنيا ومشسها ساطعةفإىل مىت ! من ليل سدل ظالمه عليهم، وأنت ترفلني يف ثوب احلياة

.خطوك ثابت، وحديثك صامت، وليلك مل ينجلقلبك وجوارحك ليس خلقا هللا فلمـاذا يف وضـح .. يا نفس

وكأين ! رسالتها؟ وملاذا يف سدول الليل ختون! النهار تغاير هدفها؟أفال يكون انصرام هـذا العـام ! بك يا نفس أسرية هدف مقيت

.ذكرى لك تقومني جك، وتصلحني اعوجاج خطاكأعداء ! مباذا جاهدت لرسالتك؟! ماذا قدمت لدينك؟.. يا نفس

دينك كتبوا فسودوا الصحف، قالوا فلوثوا األوراق، خطوا سريعا ، وأنت لسانك خمبوء دون حديث، وكلماتك فعاثوا فسادا يف البالد

شدو دون رسالة وهدف، وسريك دومنا معىن وال غاية، فماذا أقول !لعامك اهلجري املنصرم؟

ملاذا تصمتني دوما عن التسبيح ويف نفـس الوقـت .. يا نفس! تتشدقني بسري أولئك البشر، فأراك تنبزين عاملا وتثلبني مصـلحا؟

وتقلبني اهلدف، ورمبا تتناسني معامل الطريق أراك تشوهني الصورة،الطويل؛ فها هو يا نفس عامنا اهلجري تغـرب مشسـه، وهـذه

٨١ ويةرسائل دع

الكلمات وتلك التصرفات يف سجالت، وقد ال تستطيعني الفكاك .منها غدا

ملـاذا ال ! ملاذا أمنياتك دنيئـة؟ ! ملاذا آمالك ضئيلة؟.. يا نفستالدا يف الدنيا، وحيـاة تنظرين إىل تلك األنفس الطموحة فتحققني

.جناة يف اآلخرةأن غدا املساءلة، غدا احملاورة، غدا يا نفس املالمة، .. يا نفس

ب اللهني جف طتا فرلى ما عترسا حي فسقول نت ـنلم تإن كنوريناخالس ا يا نفس تظهر لك أيامك املودعة سيئات دفينـةغد ،

، وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسـبون أنسيتها مع األيام، !أفال تبدلني ذلك حسنات بيض فتكون العاقبة بالنجاة

لست مبثبط لك عن إصالح النفس والسريرة .. وأخريا يا نفسوإعادة اخلطو إىل دروب النجاح، ولست كذلك حاجم لك عـن

ي مشس عامك اجلديد تشرق وكأين اليوم أحملها صافية التغيري فها هممتعة، فخذي جبسدك إىل معايل األمور، تسامي عن حب الظهور، رفريف قليال إىل أعلى عن مساع اخلذول، أشدي يا نفـس بنـربات القرآن؛ فليس يف احلياة أمسى من هذا الشدو وال أمجل مـن هـذه

.النرباتيامـك الدنيئـة ولـت عامك أقبل فأقبلي، أ.. يا نفس

فارحلي، ال أود أن أراك تعيشـني علـى نثـرات احلـب املتساقطة، تسامي كفعل الصقور، خذي كل ما تريدين لكن

.بارتفاع عن سطح هذه البسيطة

ويةرسائل دع

٨٢

الفهرس

٥ .................................................... مقدمـة ٨ ....................................... خفقة من قلب محبك

١٠ ........................................ هذه مثرة استجابتك ١٢ .............................................. هكذا فلتكن ١٤ .............................................. دورك املنتظر

١٨ .......................................... رسالة إىل مدخن ٢١ ....................................رسالة إىل العب البلوت

٢٤ ...................................... رسالة إىل رجل األمن ٢٦ ........................................... رسالة إىل خريج

٢٩ ............................. رسالة إىل صاحب الطبق العايل ٣٣ ................................. رسالة إىل املتلبسني باإلخاء

٣٦ ................................... إىل املتناسني خللق الرمحة ٣٨ ...................................... واتفطر دنستها الشه ٤١ ........................................... دعوة إىل النجاة

٤٤ ................................. بأي حال عدت يا رمضان

٨٣ ويةرسائل دع

٤٧ ......................... أما آن لك أن تتوب. .يعود رمضان ٥٠ ............................ يا بنت اجلزيرة قفي فأنت متهمة

٥٢ .................................. لعل الواشني كذبوا: أختاه ٥٤ .................................. أختاه لعل القائلني صدقوا

٥٦ .............................. صرخة مشجع ومساءلة ناصح ٥٩ ........................................... صور من املعاناة

٦١ ............................................. مواساة جمتمع ٦٣ ...........................الثعالب البشرية يف موقف مصاحلة

٦٥ ............................ إقاميت نظامية وسلوكي منحرف ٦٧ ................................ احلياة الزائفة والعربة املفقودة

٦٩ ........................................ اإلنسان الذي نريد ٧٣ ............................................. للمتأسني فقط

٧٦ ............................................... وقفة حماسبة ٧٩ ......................... بني الشروق والغروب حلظة مساءلة

٨٢ ................................................... الفهرس