أفهمه كما اإلسالم      Rate This

أفهمه كما اإلسالممقدمة

بسم الله الرحمان الرحيم

.الحمد لله رب العالمين والصالة والسالم على سبدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحابته الطيبين

:وبعد

تأتي هذه الموضوعات في وقت تشتد حاجة شباب االمة اليها بسبب شيوع الفكرالمنحل الذي عمق ثقافة التطؤف وحصر اإلهتمام بقراءة فكر المذهب – أي مذهب من مذاهب اإلسالم كان –

. بعيدا عن نقاط التالقي عند تلك المذاهب وهي كثيرة

فنأت هذه اإلهتمامات عن فكر القرآن الكريم وعن التعايش مع تجربة اإلسالم في قيادته للعقل.المسلم

وأضحى هذا المسلم المتطأف متأزما حتى على بعض أتباع مذهبه فضال عن غيرهم من أتباع.المذاهب االخرى

أما موقفه من غير المسلمين فهم بنظره كفار تجب محاربتهم وإستأصالهم إن لم يذعنوا لإلسالم.ويقبلوا دعوته

فهو من وهكذا يطغى اإلشتباه في الرؤية ليجد هذا المسلم أن الله خلق الجنة له دون سواه.الفرقة الناجية ! وباقي خلق الله في النار وبئس المصير

إنطالقا من أن الله ما خلق أرضا مدحية وال سماءا مبنية وال قمرا منيرا وال شمسا مضيئة إال ألجل.الخمسة أهل الكساء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين

.أو أنه من أهل التوحيد الخالص على مذهب أهل السنة والجماعة

وبقيمه اإلنسانية العادلة وكل من هؤالء يحمل هذا األمل الموهوم الذي أنتجه الجهل باإلسالم .

عرضت في هذا الكتاب بعض وجهات نظري وهي في البدء حتى الختام تصرخ بوجه صناع المذاهب والناقمين على البشر أن ال مقدس عندي غير القرآن الكريم الذي ال يأتيه الباطل من

.بين يديه وال من خلفه فهو الذي يقودني لإليمان بالرسالة والرسول وبالعقل واإلنسان

وأعتقد أنها بضاعة مزجاة اقدمها ألبنائي في هذا الوقت الذي عز عليهم أن يكون رجل دين مسلم.عاش نفس معاناتهم أن يكون صريحا واضحا ، وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين

طالب السنجري

من خصائص االسالم

إسم اإلسالم لمعنى اإلستسالم لله سبحانه، وإخالص العبودية له، وهو يوحي بالسالم اإلسالم هو اإلسم الجامع

.الذي هو مفتاح العالقة بين المسلم وغيره

وتحية المسلم لآلخر مهما كان هي “السالم عليكم” وهي تنطلق صادقة من قلب خلقه الله.سبحانه وعاء للحب والسالم

إن الدين عند الله اإلسالم ﴾ولقد جاءت اآلية الكريمة لتؤكد قيمة الخضوع لله تعالى دون [1]﴿ سواه في اطار منهجه الذي أنزله على رسله الكرام عليهم السالم والذي يعتبر االسالم آخر وجوه

.هذا المنهج

وقل للذين أوتوا الكتاب واالميين أأسلمتم؟  ﴿ولقد وقف اإلسالم بوجه الذين شوشوا هذااإلعتقاد [2]﴾فاءن أسلموا فقد اهتدوا  .

فاالسالم يرفض أن تشوش العقيدة الجامعة التي جاء بها أنبياء الله. وهم جميعا جاؤوا بنفس.الرسالة، وال يهمه اختيار الفرد ألي دين من االديان التي ارسلها

وما كان ابراهيم يهوديا وال نصرانيا ﴿فمن يتبنى دينا سماويا فهو مسلم بالمعنى العام لألسالم [3]﴾ولكن كان حنيفا مسلما .

.ليس معنى ذلك إنكارا لليهودية أو النصرانية بل هو رفض للتخندق العنصري في دائرة الدين

عالمية اإلسالموما أرسلناك اال كافة لم يكن اإلسالم دينا لجماعة بعينها، ﴿ أو امة بعينها، بل هو للناس كافة

[4]﴾للناس بشيرا ونذيرا . نعم كانت إنطالقة اإلسالم االولى في الجزيرة العربية، وقام بتنظيم الحياة فيها، وجعل من أهلها

امة قائمة ذات حضارة، وبه أصبحت خير امة اخرجت للناس، بيد أن مبادئه عالمية ال تقف عند.قوم، وال عند جيل، أو في حدود مرحلة زمنية معينة

االسالم صيحة خالص منظمة تجاوزت القوميات والجنسيات واأللوان واللغات، وأخذ اإلنسان وينهي إستعباده، ويربطه بربه، من خالل ما  ويفك أسره، موضوعا له لينتشله من غياهب الجهل،

قدم له من أبعاد عقدية خالصة، وما توافر لديه من قواعد في نظامه السياسي والفكري والثقافي.واألمني

شمولية اإلسالم يغطي اإلسالم ما يحتاجه الناس في حركة حياتهم، في حاضرهم ومستقبلهم، فلم يكن ليتحدث

.عن قضية واقعة إال وقفزت معان كلية تعالج قضايا في المستقبل

وهذه المعاني الكلية تصلح لحل المشكل الذي يواجه إبن البادية كما تصلح إلبن الحاضرة سواء.بسواء

فالعبادات في االسالم ال تخضع لتغير األحوال فهي توقيفية، وما عداها فيمكن التعامل مع تلك.القواعد العامة في االسالم العطاء الموقف الذي يتناسب وطبيعة الحالة التي يعيشها الناس

خلود اإلسالم تميز اإلسالم عن غيره من الديانات السماوية أن يد التحريف لم تمتد اليه ، فقد تكفل الله حفظه

إنا أزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾فقال تعالى: . وكانت وراء هذا المنهج الرباني امة حفظته في[5]﴿

وحكمته في كل  وتعاملت به في حياتها، وتعايشت معه في ضمائرها وعقولها، صدورها، قضاياها. فلقد أذهل النص القرآني امة اللغة العربية فقامت معه، فهوالينبوع الذي تنهل منه

.الحكمة، والنهرالذي تغرف منه األحكام وها قد مر على عمر هذا النص قرابة خمسة عشر قرنا من الزمن وهو حي ينبض بالحياة ، ونور

.يمشي به الناس في حالك الظالم

خاتمية اإلسالم اإلسالم هو خاتم الرساالت السماوية، وقد تضمن العقيدة الخالصة التي جاءت بها هذه الرساالت، وبعضا من أحكامها، وأن التدرج الذي نشهده في حركة الديانات على إمتدادها الزمني فيما يخص

األحكام المتعلقة بأفعال المكلفين إنما روعي فيه محدودية تلك الرسالة على امة معينة من الناس دون غيرها من االمم، فجاءت األحكام االسالمية أكثر مرانا وسعة وأقدر على العبور الى

.المستقبل بما تملك من قواعد عامة قابلة للحياة ومستجيبة لما يريده الناس

اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم ﴿ومن هنا جاء قوله تعالى: [6]﴾دينا .

إنسجام الفطرة االنسانية مع االسالم شاء الله سبحانه أن تبدأ الخليقة بريئة تقودها الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها ال

.تبديل لخلق الله

وبمصاف ما أودع الله في االنسان من فطر تقوده الى الخير فقد خلق معها المنهج وبعث النبيين.يوجهون هذه الفطر من أن ال تحيد عن مناهجه سبحانه

فالمنهج الديني السماوي والفطرة السليمة ذواتا طبيعة واحدة، فإذا استعمل المنهج إستعماال.سيئا تنكرت له الفطرة السليمة، وإذا تلوثت الفطرة بملوثات الجاهلية تنكر لها المنهج

وقوف االسالم مع العلموقل ربي زدني علما ﴾الشعار االسالمي المرفوع دوما وهو الوجه الحقيقي للمسلم [7]﴿ .

ودعاء المسلم المتواصل الى ربه ليزيده علما بالدين وبطرائق الدعوة اليه ويفتح عليه أبواب.المعرفة اإلنسانية يدفع به الى التعلم وتلقي العلم الذي يبني له الحياة

وال يتمكن المسلم أن يحقق نجاحا على كل صعيد إال اذا كان عالما فال تقوم الدعوة اال بعلم بحقائق االمور. فقد أطلق اإلسالم العنان للعقل، وفتح له آفاقا واسعة، ولم يضيق عليه بفكرة، أو

يحبسه في دائرة معلومات ضيقة، بل أمر الناس بالتأمل والتفكر والتعقل. فال يعتز اإلسالمقل هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون ﴾بالمنتمين اليه وهم عميان ال يفقهون شيئا ﴿[8] .

صفات النبي )ص(.تميزت شخصية نبي اإلسالم محمد )ص( بميزات فريدة جعلته محط أنظار قومه يومذاك

فعلى المستوى الخلقي فقد تمتع بجمال رائع، ولياقة بدنية فائقة، فوصفه واصفوه أنه أبيض اللون مشربا بحمرة، أدعج العينين )أي أنهما سوداوان وواسعتان( سبط الشعر )أي منبسط

كثيف اللحية ذا وفرة، دقيق المسربة )أي أن شعره ممتد بشكل خيط من لبته الى مسترسل(، كأنما عنقه إبريق فضة، شثن الكفين والقدمين إذا مشى كأنما يتقلع من صخر، وإذا أقبل سرته(،

كأنما ينحدر من صبب، ليس بالقصير، وال بالطويل، مدور الوجه، واسع الجبين، أزج الحواجب )أي أقنى العرنين )أي أن في أنفه إحديدابا(، ضليع الفم )أي أنهما ممتدان بوفور الشعر فيهما(،

كبير(، أشنب مفلج األسنان )أي أن فمه رقيق متحدر وله حدة في أطراف األسنان(، بادنا متماسكا، سواء البطن والصدر، بعيد ما بين المكبين، ضخم الكراديس )أي رؤوس العظام

[9]ضخمة(، ذريع المشية )أي أن خطواته واسعة من دون استعجال . وأما خصاله االخرى فهي كثيرة منها، أنه ومنذ والدته فقد احيط برعاية ربانية، اذ أوكل الله به

[10]أعظم ملك من مالئكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخالق العالم ليله ونهاره .وأنه لفي زبر األولين ﴾وبشر الله سبحانه به في كتبه التي أنزلها على أنبيائه)ع( ﴿الذين [11]﴿

[12]﴾يتبعون النبي االمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة واالنجيل ..ولقد كان الكهان والرهبان واألحبار والموحدون يبشرون به قبل والدته

. )حراء( وهو جبل بمكة يتفكر ويتأمل ويتحنث على اصول الحنيفية الغراء وكان يجاور

وكان معروفا في قومه بالصادق األمين ، مما دعا خديجة بنت خويلد أن تعتمده في تجارتها ، كما كان موضع إحترام قومه رغم صغر سنه فقد حكموه في خالف وقع بينهم هو أيهم يضع الحجر

.األسود مكانه فحكم لهم وقبلوا بحكمه

وحتى إذا بلغ األربعين من عمره و بلغ صفاء قلبه أن يحتمل رسالة ربه ، بعثه الله نبيا للناس كافة﴾قل يأيها الناس إني رسول الله اليكم جميعا ﴿[13] .

ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري ﴿وقرن الله تعالى طاعته بطاعته، ومعصيته بمعصيته من تحتها األنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله

[14]﴾نارا خالدا فبها وله عذاب مهين . وتكفل الله سبحانه الدفاع عن نبيه حين شعرت قريش أن اإلسالم سيديل وجودهم القائم على

قهر الناس وإستعبادهم فقالوا عن رسول الله أنه كذاب وأنه مجنون وأنه ضال لعل ذلك يبعد عنهما أنت بنعمة ربك بمجنون ﴾الذين وقفوا معه، فرد الله سبحانه ماقالوا ما ضل [15]﴿ ﴿وقال تعالى

[16]﴾صاحبكم وما غوى .

 وأخص الله سبحانه أهل بيته الذين وقفوا معه قل ال أسألكم عليه أجرا اال ﴿ فأنزل بهم قرآنا [17]﴾المودة في القربى .

فلسفة التنزيل منذ نزول القرآن الكريم على نبينا محمد)ص( وهو يقود العقل المسلم وآياته منهج لحركة الناس

في الحياة، وقد تماسكت االمة مع قرآنها فحفظته في صدورها،وتعايشت معه في إنتصاراتها.وانكساراتها ،وفاءا له إذ أخرجها من الظلمات الى النور وجعل منها خير امة اخرجت للناس

ولقد شعر العابثون والمعتاشون على ديانات السماء أن هذا المنهج سينهي وجودهم، فنهضوا.جميعا لحربه والوقوف ضد توهجه

وإبتدأ الصراع آخذا أشكاال متعددة وأساليب متنوعة، ووقفت االمة بكلها ترد العاديات، حتى ضرب االسالم بجرانه األرض، وأحكم المسلمون سيطرتهم ، وتنفس المحرومون الصعداء، وزاول أهل

الديانات ممارسة عباداتهم من دون عنت أو ضيق، ووجد الناس ضالتهم فيه، إذ كانت أهدافه تتلخص باخراج الناس من عبادة العباد الى عبادة الواحد األحد، ومن ضيق الدنيا الى سعة الحياة،

ومن أسر المناهج دينية كانت أم غير دينية الى رحابة المنهج الذي ساوى بين ديانات الله، كما ساوى بين الناس، فال فضل لعربي وال ألعجمي على آخر اال بالتقوى، وأن الناس سواسية كأسنان

،المشط، فضرب منطق الجاه والعشيرة والعرق واللون والجنسية عرض الحائط

معلنا “كلكم آلدم وأدم من تراب” وجعل التقوى مقياسا للتعامل مع اآلخر، وثبت الحوار ثقافةوإنا أو اياكم لعلى هدى أو في ضالل مبين ﴿وفتح له القنوات على طريقة ﴾

ولقد إنحاز بعض من أهل الكتاب اليه إيمانا بما جاء به وأنه ال يتقاطع مع ما يعتقدون، وكابر البعض منهم فزرعوا األشواك في طريقه، وفتحوا عليه حروبا ظالمة ومنها الحروب الصليبية، وقد خرجت

.االمة فيها مكللة بالنصر من عند الله

زرافات ووحدانا، فأدرك وانى للحاقدين عليه أن يتركوه وهم يرون تقدمه، ودخول الناس فيه.الغرب أن سر التقدم هذا يكمن في القرآن الكريم نفسه

.لنقرأ معا ما فاله الغربيون عن القرآن ونتعرف على حقدهم عليه

يقول المبشر ›تاكلي‹: يجب أن نستخدم القرآن وهو أمضى سالح في االسالم ضد االسالم نفسهيجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديدا وأن الجديد حتى نقضي عليه تماما،

[18]فيه ليس صحيحا . وقال رئيس وزراء بريطانيا ›غالدستون‹: ما دام هذا القرآن موجودا في أيدي المسلمين فلن

[19]تستطيع اوروبا السيطرة على الشرق .

وقال ›تشرشل‹ رئيس وزراء بريطانيا: إنزعوا هذا الكتاب من حياة المسلمين أضمن لكم.السيطرة عليهم

وقالت ›تاتشر‹ رئيسة وزراء بريطانيا: لقد قضينا على الشيوعية وبقي علينا أن نقضي على.اإلسالم

وقال ›لويس التاسع‹ ملك فرنسا عند هزيمته في الحماة الصليبية: إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فال تقاتلوهم بالسالح وحده فقد هزمتم أمامهم في معركة السالح ولكن حاربوهم في عقيدتهم

.فهي مكمن القوة فيهم

وقال المبشر ›وليم جيفورد‹: متى توارى القرآن ومدينة مكة من بالد العرب يمكننا حينئذ أن نرى.العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيدا عن محمد وكتابه

وقال البروفيسور ›ريتشارد كروسمان‹: هدف هذه الحرب تحطيم أخالق العدو وإرباك نظرته السياسية ودفن جميع معتقداته ومثله التي يؤمن بها والبدء باءعطائه الدروس الجديدة التي نود

[20]إعطائها له ليصار يعتقد بما نعتقد به نحن .مع حملة القرآن الكريم

أشراف االمةاألحاديث الشريفة

قال رسول الله )ص(: يقال لصاحب القرآن إقرأ وإرق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن *.منزلتك عند آخر آية تقرؤها

.وقال )ص): إقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا ألصحابه *

وقال )ص(: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل األترجة طعمها طيب وريحا طيب. ومثل * المؤمن الذي ال يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب وال ريح لها. ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن

كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر. ومثل الفاجر الذي ال يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها[21]مر وال ريح لها.

وقال )ص(: حملة القرآن هم المحفوفون برحمةالله، الملبوسون نور الله. يا حملة القرآن *[22]تحببوا الى الله بتوقير كتابه يزدكم حبا ويحببكم الى خلقه!

* [23]وقال)ص(: أشراف امتي حملة القرآن وأصحاب الليل. وقال )ص(: إن أحق الناس بالتخشع في السر والعالنية لحامل القرآن، وإن أحق الناس في *

[24]السر والعالنية بالصالة والصيام لحامل القرآن.

معنى القرآن الكريم القرآن الكريم ميثاق بين طرفين، بين الله سبحانه وبين المخاطبين به، المؤمنين به، الذين *

. فكان القرآن الكريم كتابهم دخلوا االسالم

القرآن الكريم منهج لحياة المسلم يتكفل بناء عقله، وروحه، ووجدانه، وما يتصل بشؤون حياته *.كلها

.وأن أية امة تعيش من دون منهج فهي امة متخلفة ال وزن لها بين امم األرض *

وأن أمة تتوافر على منهج ولم تعيه، ولم تؤمن به، ولم تحرص على تطبيقه، فمثلها كمثل *.الحمار يحمل أسفارا

وبقدر ما يكون القرآن الكريم منهج امة االسالم في عالقاتها السياسية والفكرية مع غيرها من *. فهو كذلك منهج الفرد المسلم في عالقته بربه ومجتمعه االمم،

فالقرآن مسؤولية االمة المسلمة ومسؤولية الفرد المسلم، فإذا انحسر دور القرآن في قيادة *.الحياة، فال ينحسر دوره في قيادة األفكار، وتهذيب الروح والعقل

لقد بات على المسلم أن يقرأ هذا المنهج بتدبر ووعي، فهو نوره الذي يمشي به في الناس، *.والنبع الذي من دون األرتواء منه يظمأ المسلم وتذبل أغصان روحه وثقافته

وإذا كان القرآن الكريم المنهج االلهي للمسلم، فهو لغيره مشروع للبالغة والفصاحة، والحكمة *.المتعالية، والمادة التأريخية التي تستعرض حياة األنبياء، وما مرت به البشرية من هبوط وصعود

والقرآن الكريم هو كتاب هداية وبركة، وهو عدة المتصوف، وأذكار المتأله، وحاجة الفقيه، ودليل *.المتحير، ولكنه ليس محصورا بهما

ونفهم من خالل هذه االطالالت ما جاء عن نبي االسالم محمد )ص( من أنه يقال لصاحب القرآن *.إقرأ وارق، فال يرقى من غير عمل، أو أن يأخذ معنى دون آخر

فالذي يقرأ القرآن الكريم بتدبر ووعي وينزله الى ممارسة يتحرك بها في الواقع، بما توحي ممارساته أنها مستقاة من القرآن، بما يمثل ذلك دعوة حية الى عظمة كتاب الله فمثله كاالترجة

. طعمها طيب وريحها طيب

بمعنى والمؤمن الذي يهتدي بهدي القرآن، وممارساته ممارسات قرآنية، غير أنه ال يقرأ القرآن بكتاب الله ومن العاكفين عليه، فمثله كمثل التمرة أنه ال يوحي سلوكه هذا أنه من أهل الدراية

.طعمها طيب وال ريح لها

وأما الذي يركن الى القرآن على أنه كتاب بالغة وفصاحة وما فيه من إشارات هامة الى علومفمثله كمثل الريحانة ريحها طيب، وطعمها شتى، ولكنه ال يهتدي بهداه، وال يحكمه في قضاياه،

.مر

وأما الفاجر الذي حاد عن القرآن كمنهج في الحياة وهو محسوب على المسلمين، فمثله كمثلالحنظلة طعمها مر ، وال ريح لها

فلسفة الدعاء ينطلق الدعاء من حاجة العبد وطمعه، حاجته الى المطلق وهو الله وطمعه به ألنه الكبير المتعال،

.المالك المتصرف

فالدعاء نبض الروح وهو مخ العبادة، نبض الروح االيماني، وهو الحاكي عن جوهر العبادة، وليس له لغة محددة بل هو إعالن عن حاجة بأي كيفية كان هذا االعالن، برعشة القلب المخلص، أو

.بتمتمة الشفاه، أو بمد أيدي الضراعة

أتظن أن الله ال يسمعك؟ بلى هو السميع البصير: إذن أنت تدعوا ربا يسمعك، فكن حاضرا بين.يديه راغبا في إجابته

ولذة المناجات تكفي إذا لم يتحقق المطلوب، ألنها النفح الذي يهب على القلب بعبق الرضا،قل ال يعبأ بكم ربي ﴿والبوح الذي يوحي بالوصال.ومن هنا نفهم كيف أن الله ال يعبأ بنا لوال دعاؤنا،

من أجل أن ال نقطع جسور التواصل بالمولى سبحانه [25]﴾لوال دعاؤكم . ومن المؤكد أنك اذا أردت الوصال فال تضع على الطريق ما يعرقل المسير، بل اجعلها مسيرة

رب ﴿واثقة على طريق الحب، فال إصرارعلى معصية، وال إعالن فسوق، وال عمل بما ال يرضي الله [26]﴾إجعلني مقيم الصالة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء .

والدعاء بحد ذاته ضرورة عبادية وحاجة بشرية يمارسه االنسان ال على أساس تحقيق المكاسب المنظورة، والمصالح المتوقعة، بل هو أداء، وربنا هو الكريم الوهاب، فإن أعطى فهو أهل للعطاء، وان منع فلمصلحة، وما على المؤمن إال أن يدعو ربه في سرائه وضرائه، في مواطن عزه وذله،

قل أرأيتم من ينجيكم في ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا ﴿في فقره وغناه، في صحته ومرضه وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم

[27]﴾تشركون .

من أدعية القرآن الكريم﴾ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين﴿

﴾ربنا عليك توكانا واليك أنبنا واليك المصير﴿

﴾ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين﴿

﴾ربما أتمم لنا نورنا واغفر لنا، انك على كل شيء قدير﴿

ربنا اغفر لنا والخواننا الذين سبقونا بااليمان، وال تجعل في قلوبنا غال للذين آمنوا، ربنا انك رؤوف﴿﴾رحيم

﴾ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم﴿

﴾ربنا ال تجعلنا فتنة للذين كفروا، واغفر لنا، ربنا انك أنت العزيز الحكيم﴿

﴾ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين﴿

﴾ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا﴿

﴾ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وإجعلنا للمتقين إماما﴿

﴾ربنا إصرف عنا عذاب جهنم، إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما﴿

﴾ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار﴿

ربنا ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا وال تحمل علينا إصرا كما حماته على الذين من قبلنا،﴿ ربناوال تحملنا ماال طاقة لنا به، واعف عنا، وإغفر لنا، وإرحمنا، أنت موالنا فانصرنا على القوم

﴾الكافرين

﴾ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب﴿

ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي لإليمان أن آمنوا بربكم فآمنا، رينا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا﴿﴾وتوفنا مع األبرار، وآتنا ما وعدتنا على رسلك، وال تخزنا يوم القيامة انك ال تخلف الميعاد

﴾ربنا إغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب﴿

رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، أن أعمل صالحا ترضاه، وأدخلني﴿﴾برحمتك في عبادك الصالحين

﴾رب اجعلني مقيم الصالة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء﴿

رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي﴿﴾في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين

﴾رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي﴿

﴾رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم، وإال تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين﴿

﴾رب إغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات وال تزد الظالمين إال تبارا﴿

﴾رب ال تذرني فردا وأنت خير الوارثين﴿

﴾رب أعوذ بك من همزات الشياطبن وأعوذ بك رب أن يحضرون﴿

﴾رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق وإجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا﴿

﴾رب أنزلني منزال مباركا وأنت خير المنزلين﴿

من أدعية الرسول األعظم ال اله اال الله العظيم الحليم، ال اله اال الله رب العرش العظيم، ال اله اال الله رب السماوات *

.ورب األرض ورب العرش العظيم

.اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك *

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن * اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا ما أحييتنا واجعلهما الوارثين منا، وإجعل ثارنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، وال تجعل مصيبتنا في ديننا، وال تجعل الدنيا

.أكبر همنا، وال مبلغ علمنا، وال تسلط علينا من ال يرحمنا

اللهم لك الحمد كله، اللهم ال قابض لما بسطت، وال باسط لما قبضت، وال هادي لما أضللت، وال * مضل لمن هديت، وال معطي لما منعت، وال مانع لما أعطيت، وال مقرب لما باعدت، وال مباعد لما

.قربت، اللهم أبسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك

اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، ال احصي ثناءا عليك، *.أنت كما أثنيت على نفسك

من أدعية االمام علي )ع( بذكرك  في الليل والنهار، أسألك بحقك وقدسك وأعظم صفاتك وأسمائك، أن تجعل أوقاتي، *

معمورة، وبخدمتك موصولة، وأعمالي عندك مقبولة، حتى تكون أعمالي وأورادي كلها وردا واحدا، وحالي في خدمتك سرمدا، ياسيدي! يامن عليه معولي! يامن اليه شكوت أحوالي! يارب ! يارب!

الجد في خشيتك، والدوام في قو على خدمتك جوارحي، واشدد على العزيمة جوانحي، وهب لي االتصال بخدمتك، حتى أسرح اليك في ميادين السابقين، واسرع اليك في المبادرين، وأشتاق الى قربك في المشتاقين، وأدنو منك دنو المخلصين، وأخافك مخافة الموقنين، وأجتمع في جوارك مع

.المؤمنين

من أدعية االمام الحسين )ع(في يوم عرفة

يامن أذاق أحباءه حالوة المؤانسة، فقاموا بين يديه متملقين! يامن ألبس أولياءه مالبس هيبته، * فقاموا بين يديه مستغفرين! أنت الذاكر في الذاكرين، وأنت البادي باالحسان قبل توجه العابدين،

وأنت الجواد بالعطاء قبل الطالبين، وأنت الوهاب، ثم لما وهبت لنا من المستقرضين، الهي اطلبني برحمتك حتى أصل اليك، وإجذبني بمنك حتى أقبل عليك، الهي إن رجائي ال ينقطع عنك

.وإن عصيتك، كما أن خوفي ال يزليلني وإن أطعتك

أود أن أنوه الى أن األدعية المهمة في التراث اإلسالمي هي الصحيفة السجادية لالمام زين *.العابدين علي بن الحسين )ع(

في أدعية أهل البيت التوحيد الخالص أدعية أهل البيت عليهم السالم هي نبض الروح التي صنعها توحيد الله سبحانه، وقام على تهذيبها

.وتنميتها رسول اإلسالم محمد بن عبد الله)ص(

.فأدعيتهم هي نتاج حاجتهم للمطلق الذي يوفر لهم مناخ التعايش معه، والذوبان فيه

وهي إشراقة روح تعلقت بالله فأعطاها النور الذي تمشي به في الناس، ومنحها الحضور الدائم في دائرته، ما منعهم من التعرض لغضبه سبحانه، فعصموا أنفسهم من اإلقتراب على معصية، أو

.إقتراف خطيئة

وتأتي أدعيتهم إمتدادا ألدعية أنبياء الله ورسله، ومن هنا فقد إحتلت عند أهل المعرفة منزلة.كبيرة، بما إختزنته من جذبات روحية عالية الصفاء

فحين حجب الظالمون أهل البيت من ممارسة دورهم في قيادة الواقع السياسي، فإنهم لم يتمكنوا أن يحجبوا نورهم من اإلختراق الى قلوب العارفين. وما الطرق الصوفية إال واحدة ممن

.بقي يطوف على تراث أهل البيت الروحي

فالدعاء بشكل عام حاجة النفس المفتاقة الى الله “والمؤمنون ال ينوون نكوال عن تكليف الله أيا كان، ولكنهم فقط يتوجهون اليه راجين متطلعين أن يرحم ضعفهم فال يكلفهم ماال يطيقون كي ال

يعجزوا عنه ويقصروا فيه… وإال فهي الطاعة المطلقة والتسليم… إنه طمع الصغير في رحمة الكبير… ورجاء العبد الضعيف في سماحة المالك المتصرف وطلب ما هو من شأن الله في

[28]معاملته لعباده من كرم وبر وود وتيسير” . ولقد إتسعت قلوب أهل البيت لمفردات دعاء لها فرادة في أدب المتأله الواصل، بل ومن هو في

.بداية الطريق

وأي دعاء يشم منه غير رائحة التوحيد الخالص لله عز وجل فإنه مدخول عليهم انتحله المغرضونهذه االدعية ما يسمى بدعاء الندبة، ودعاء التوسل ونسبوه اليهم. ومن أمثلة .

وباستعراض مفردات تلك االدعية التي نسبت الى اهل البيت يتضح سبب رفضنا لها، فهي تشرك بالله عبر التوسل الى شخص النبي )ص( او االمام علي )ع( وتجعل مناجاتهما مساوية لمناجاة

ومن يجعل مع الله اله آخر ﴿الله، في وقت ردد القرآن الكريم ﴾

:ومن هذه االدعية

“ وإكفياني فإنكما كافياي، ياموالنا يا  ياعلي يامحمد، إنصراني فإنكما ناصراي، يامحمد ياعلي،.”صاحب الزمان، الغوث الغوث، أدركنا أدركنا، الساعة الساعة

أليس الله ﴿وليس جزافا أن نعتبر هذه األدعية مخالفة للقرآن الكريم الذي علمنا التوحيد الخالص: إن تنصروا الله ينصركم ﴿بكاف عبده وقوله ﴾ ﴾.

أجل إن الدعاء مخ العبادة، ويحتاج الداعي الى حزمة أدعية تنتقل به الى ساحة توحيدوالى مفردة تشيع في روحه جوا من أدب العبودية خالص، .

:ما يلي بعضا من ادعية التوحيد الخالص

:علم األمين جبرائيل عليه السالم نبينا محمدا )ص( هذا الدعاء

يامن أظهر الجميل، وستر القبيح، يامن لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك الستر، ياعظيم العفو،“ ياحسن التجاوز، ياواسع المغفرة، ياباسط اليدين بالرحمة، ياصاحب كل شكوى، ياكريم الصفح،

ياعظيم المن، يامبتدئا بالنعم قبل إستحقاقها، ياربنا وياسيدنا وياموالنا وياغاية رغبتنا، أسألك يالله.”أن ال تشوه خلقي بالنار

:وعلم رسول الله )ص( عليا)ع( هذا الدعاء

يا عماد من ال عماد له، ويا ذخر من ال ذخر له، ويا سند من ال سند له، وياحرز من ال حرز له، ويا“ غياث من ال غياث له، يا كريم العفو، يا حسن البالء ، يا عظيم الرجاء ، يا عز الضعفاء، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى، يا محسن، يا مجمل ، يا منعم، يا مفضل، أنت الذي سجد لك سواد

الليل، ونور النهار، وضوء القمر، وشعاع الشمس، ودوي الماء، وحفيف الشجر، يالله يالله يالله،.أنت وحدك ال شريك لك

:وهذا مقطع من دعاء علي )ع( المعروف بدعاء كميل

أسألك بحقك وقدسك وأعظم صفاتك وأسمائك، أن تجعل أوقاتي في الليل والنهار بذكرك“ معمورة، وبخدمتك موصولة، وأعمالي عندك مقبولة، حتى تكون أعمالي وأورادي كلها وردا واحدا،

وحالي في خدمتك سرمدا، ياسيدي يامن عليه معولي، يامن اليه شكوت أحوالي، يارب يارب يارب، قو على خدمتك جوارحي، وأشدد على العزيمة جوانحي، وهب لي الجد في خشيتك،

والدوام في اإلتصال بخدمتك، حتى أسرع اليك في ميادين السابقين، وأسرع اليك في المبادرين، وأشتاق الى قربك في المشتاقين، وأدنو منك دنو المخلصين، وأخافك مخافة الموقنين، وأجتمع

.”في جوارك مع المؤمنين

هذه هي نماذج من أدعية ال تشم منها رائحة شرك وال تتقاطع مع أدب القرآن الكريم في هذا.اإلتجاه

هدف النبوات

لقد أرسل الله سبحانه أنبياء، وأنزل كتبا، وباشر األنبياء)ع( مهامهم، وكونوا امة من الناس قامت.معهم بمهمة الدعوة الى توحيد الله تعالى وتثبيت ركائزه في الحياة

وتناسقت حركة األنبياء جميعا بوحدة المنهج، ووحدة الهدف، مع اختالف طرائق العمل، إذ لكل نبي ظروفه الخاصة التي ال تشابه ظروف نبي آخر، وذلك تابع لتغير الزمان والمكان، ولما يحتاجه

.االنسان وما ال يحتاجه، تبعا لتجدد أحواله، وتبدالت حياته

ولو إجتمع األنبياء كلهم في مكان واحد وفي زمن واحد لما رأيت إختالفا بينهم يذكر، ذلك أنهم معصومون فال هوى يقودوهم الى الفرقة، وليس لديهم دنيا عريضة يرتكنون اليها، وال نظرتهم الى

.االمور قصيرة فتدفع بهم الى اإلختالف، وال هم ممن يجنح لشهوة عابرة فتقودهم الى التناحر

إن الذي يقودهم الى التوحد هو المنهج الواحد، والهدف الواحد. ولقد ذكر الله سبحانه أهدافهم،لفد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم ﴿عليهم السالم، في كتابه المجيد

. فلقد عبر سبحانه بالكتاب، بيد أنه تعالى أرسل بيد كل نبي كتاب، فهي اذن[29]﴾الناس بالقسط كتب كثيرة، وليس هو كتاب واحد، ليقول لنا أن جوهر هذه الكتب جوهر واحد، وهدفها هدف

.واحد ولنا هنا بعد هذه المقدمة الذي أوضحنا فيها أن هدف األنبياء الرئيس هو التوحيد الخالص لله سبحانه، والذي سينتج بالضرورة وحدة الكلمة بين الناس كل الناس، أن نذكر بعض أهداف

.النبوات عبر التأريخ

الهدف االجتماعي فلقد جهد أنبياء الله على تهيئة ظروف بناء المجتمع الذي يعيشون، من خالل الكلمة الهادية، أو

.من خالل ممارسة حكم، أو ماتهيأ لبعضهم من ثروة

ولقد مارسوا فريضة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أجل النهوض بمجتمعاتهم، وارساء العدالة والمحبة فيها، بالطريقة التي يرونها، ايمانا منهم أن المجتمع الصالح هو المجتمع المشبع

بالمحبة والتآخي. وهو المجتمع الذي يقوم على عمود الرقابة االجتماعية، والذي ال يرى فيه الفرد اال “نحن” المجتمع ، ال “أنا” الفرد. وبذلك يكون المجتمع هذا عصيا على الفتن، مواجها لألعاصير

.مهما كانت عاتية

كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون ﴿وما الخيرية ألمة االسالم التي ذكرها الله في كتابه اال شاهدا على حيوية المجتمع، وكبير دوره في ممارسة األمر [30]﴾بالمعروف وتنهون عن المنكر

بالمعروف والنهي عن المنكر بالطرق الحضارية واالنسانية، وكان ذلك بإشراف رسول الله )ص(.نفسه، فخلق امة واعية استجابت له، ونهضت معه للبناء

وعليه، اذا انتكست االمة، تفتقد تلك الخيرية. واالنتكاسة ليست اال حالة مرت بها االمة في وقت.من األوقات، وهي ليست مالزمة لها على طول الطريق

الهدف الثقافي والفكري لقد كان أنبياء الله أول من أرسى مباديء الثقافة في مجتمعاتهم، على اعتبار ان الثقافة هي

.مجموعة الرؤى والقراءات في الكون والحياة واالنسان

وإذا أردنا من الثقافة تزكية النفس االنسانية من الرذائل، وتنقيتها من الشوائب، بما يضاف اليها التعليم الذي يأخذ بيد المثقف الى التماسك مع أعراف مجتمعه وقيمه ومثله العليا، نجد الله

ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ﴾يقول: . فأنبياء الله جميعهم هم في صدارة من قاموا [31]﴿ .بعمليتي التربية والتعليم

وأما الثقافة بالمعنى المتعارف عليها اليوم فالدين لوحده وإن انطوى على هتافات الثقافة اإلنسانية الحرة فهو ال يمنح ثقافة معاصرة. )ليست موفقة وال واضحة: هل تقصد ان فهم الدين

المعاصر ال يوصل الى ما وصلت اليه الحضارة المعاصرة او ال يتواكب معها؟(

فاإلسالم يبارك كل نتاج إنساني نافع وبناء، فالجدير بالمتدين أن يفتح عينه على ما في الحياة من رؤى جديدة، حتى وإن تقاطعت مع )الفهم التقليدي للـ( الدين في بعض الخصوصيات، فيثري

.تجربته بما شهدته الساحات الثقافية من نتاج خير ومفيد

الهدف األخالقي هدف رساالت األنبياء هي بعث القيم األخالقية، فهي وجهها الوضاء الذي يذيب جليد مكابرة

النفس الشريرة )االمارة بالسوء ان لم تقوم وتربى على القيم السامية(. ولقد كان الخطابفبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب ﴿الرباني لمحمد )ص( شديد اللهجة

بمعنى أن الجهد الذي بذلته يا محمد وما ستبذله سيذهب إدراج الرياح إذا [32]﴾النفظوا من حولك .!!كنت قد قدمته بفظاظة الى الناس

ولمن يسبر أغوار التشريعات السماوية كلها يرى أن سقوفها التشريعية قائمة على أعمدة.أخالقية، وعمادها الناس

.ومن هنا اختصر نبينا )ص( بعثته بقوله: إنما بعثت التمم مكارم األخالق

الهدف العقيدي والسياسي أن “أن ال اله اال الله” هي المنهج الذي يقوم عليه نظام الحياة في اإلسالم فهو ليس مجرد إيمان

فاذا كانت “ال له حضور دائم في واقع الحياة، يعيشه المتدين في قلبه فحسب، بل البد أن يكون فالبد من العمل لتهيئة ظروف حاكمية هذا اله اال الله” منهج حياة وتصورا يحكم الوجود كله،

المنهج، عبر الدعوة الى قبوله من خالل الحوار البناء، والوسائل الحضارية التي تختصرها اآليةال اكراه في الدين ﴾المباركة . فإذا ذوت هذه الحاكمية من الواقع السياسي واالجتماعي،[33]﴿

.فليس بإستطاعة أحد أن يذويها من القلوب والضمائرالإكراه في الدين

.وقوفا عند روح القرآن الكريم لقراءة الحديث المروى عن رسول الله)ص(: من بدل دينه إقتلوه

االسالم خاتم االديان االسالم هو الديانة السماوية الخاتمة لديانات الله سبحانه وأن مافي االسالم من تشريعات يمثل

الطرح السماوي االخير المتناغم مع فطرة االنسان المنظم لحركته في ميادين حياته كلها، المتظمنة قواعد كلية يتسنى للعقل أن يلعب دوره في إستنباط الجزئيات منها والتي من شأنها

االستجابة لحاجاته في الحياة، هذا فيما عدا الجانب العبادي فإنه توقيفي فال اجتهاد فيه وال إمعان.نظر

ومن هنا فالدين هو الطرف الواصل بالعالقة بين االنسان وبين الله سبحانه في خطه العبادي.التوقيفي وليس ذلك مقصورا على دين بعينه بل أبواب االديان مشرعة للعابدين

إذن مالفرق بين االسالم وبين غيره من االديان؟ أجل ليس هناك فرق يذكر اذ كلها طرق موصلة.الى الله تعالى مع إختالف االداءات والممارسات والطقوس

ولكن اإلسالم يختلف عن غيره من الديانات في جانبه التشريعي إذ هو عقيدة وشريعة ودين.ودولة بيد أن الديانات االخرى لم تك كذلك

قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة ﴿واالسالم يريد للمسلم ولغير المسلم ماذكره الله في كتابه: [34]﴾سواء بيننا وبينكم أال نعبد اال الله وال نشرك به شيئا وال يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله . فالكلمة السواء هي التي تحكم عالقات المسلم باالخر وهي التي تنطلق بتوحيد الله سبحانه

.ليحكم الواقع كله

.وهذا المعنى يشكل العمود الفقري لثقافة المسلم حاكما كان المسلم أم محكوم

.وبذلك فاالسالم هو الحاضن لكل األديان وهو الدائرة التي تتسع لمن يبني الحياة تحت أي الفتة

يقول الله سبحانه في أهل الكتاب العادلين البانين صرح التوحيد من خالل ما انزل اليهم الذين يعملون على القواسم المشتركة فيما بينهم وبين غيرهم أن لهم أجرهم الذي يساوي أجر المسلموإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وانزل اليهم ﴿الذي يتحرك على هذا الطريق

]﴾خاشعين لله ال يشترون بآيات الله ثمنا قليال اولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب35] .

فالتعايش السلمي والوقوف على الكلمة السواء والتدين بأي دين من أديان السماء من دون.إثارات أوغوغاء هو مطلب االسالم كدين يقود الحياة

!فاذا قدر لمسلم أن يبدل دينه في ظل هذه الرحابة هل يستحق القتل ؟

اآلثار المترتبة على تبديل العقيدة لم يكن إختيار أي دين من األديان قائما على القوة ذلك إذا زالت القوة زال الدين إنما هو قائم

على قناعات وجدانية وتأمالت عقلية وهي ال تزول باالكراه. نعم، قد يحجم اإلكراه حركة الدين في الواقع االجتماعي والسياسي والتعليمي ولكنه يبقى حيا في النفوس ماثال في الوجدان مستقرا

.في العقول

وقد رأينا كيف إنحسر االسالم في فترات زمنية وفي مواقع عديدة ولكنه بقي عقيدة تتحرك في،الناس تبني لهم جسور التواصل مع الله سبحانه

ورأيناه وقد أسس دولة كيف فرش االرض زهورا ألديان السماء لتعيش في كنف دولته بحرية تامة.ألنه اليجد تقاطعا فيما بينه وبينها

إن الدين عند الله اإلسالم ﴾ومن هنا نفهم ذلك الدين الذي يمثل خالصة االديان وروحها [36]﴿ . ولو تغيرت القناعات في إطار العقيدة وإختار المسلم منهجا عقائديا آخر فال خوف عليه وهو حرإن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم ﴿في اختياره على طريقة

. فاذا كان هؤالء في أمن وأمان يوم [37]﴾االخر وعمل صالحا فال خوف عليهم والهم يحزنون القيامة فهل يعيشون الخوف في الحياة الدنيا؟! واالسالم كدين يتعامل مع البشرية من دون

استثناء في المدى االنساني الذي يتطامن الناس في ظله، ويعيشون أحرارا كراما كما أراد الله.ذلك لهم، وليس فيه ما يدعوا الى تهديد إنسانية االنسان

وفي المدى العقيدي، لالسالم، كغيره من الديانات االخرى، له أدبياته في هذا االتجاه وهي التتقاطع بحال مع غيره، فالمرء وما اختار من عقيدة، له الحرية المطلقة، وال يرتب االسالم أثرا

على تبدل القناعات، أما المدى الذي يرتب اإلسالم عليه اآلثار فهو المدى التشريعي ذلك إذا أصبحت له دولة فهو يصبح مسؤوال عن أمن المجتمع واقتصاده وسلمه وحربه فال يسمح ألحد

.تحت الفتة الدين أن يهدد أمن االمة وإقتصادها

حرية إختيار العقيدة

ان االسالم كنظام للحياة ال يسعه اال أن يترك باب اختيار العقيدة مفتوحا وبذلك تتجلى قوته في.التعامل مع غريزة الحرية التي فطر الله الناس عليها وال تبديل لخلق الله

وأديان السماء برمتها تأخذ االنسان موضوعا لها ولن تتحقق سيادة لهذا االنسان على االرض الذي . باعطائه الحرية في اختياراته جعله الله خليفته عليها اال

انا ﴿ومن هنا جاءت النصوص القرآنية تثبت هذه المعاني بكل جالء ووضوح كما في قوله تعالى: [38]﴾هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا .

من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾وقوله تعالى: ﴿[39] .ال إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد ﴿وقوله تعالى:

[40]﴾استمسك بالعروة الوثقى ال انفصام لها والله سميع عليم . ولقد جهد االسالم في إعطاء الصورة المثلى لإليمان من خالله في إطار كونه واحدا من روافد

ملة أبيكم ابراهيم ﴾االيمان ﴿[41] . وعاش الناس على مختلف عقائدهم وتعدد مشاربهم في ظل االسالم متطامنين آمنين على

.نفوسهم وأموالهم وأعراضهم

ولم يذكر أن الناس قد دخلوا في اإلسالم مجبرين ومكرهين بل سجل التأريخ أن اليهود والنصارى. وعموم أهل الكتاب وغيرهم عاشوا في فسحة من الحرية وفضاءا لم يحلموا فيه

ولقد كان القرآن الكريم يتابع التوجيه لقائد التجربة الفريدة محمد بن عبد الله )ص( لئال تبدر منهك آلمن من في االرض ولو شاء رب ﴿كلمة فيها رائحة إكراه لاليمان بما يؤمن كما في قوله تعالى:

[42]﴾كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنينلعلك باخع نفسك أال يكونوا مؤمنين ﴾وقال تعالى: . فالله سبحانه يروض نبيه ومن معه من[43]﴿

المؤمنين أال يهلكوا أنفسهم لمجرد أنهم قلة في دائرة التوحيد على الطريقة االسالمية ذلك أن حبال العقيدة تمتد وتمتد مع قدرة مايقدمه االسالم من قناعة في هذا االتجاه. وال زال االنسان

.مجبوال على االرتباط بالمطلق اذن هو دوما يتطلع الى النور وفي العقيدة االسالمية ما يدفع االنسان الى التعايش مع النور وليس على الذين يغشاهم النور إال

فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين اوتوا ﴿العمل والداللة على مواقعه: ]﴾الكتاب واالميين أأسلمتم فان أسلموا فقد اهتدوا وان تولوا فانما عليك البالغ والله بصير بالعباد

44] .

صيحة خالصقل هاتوا برهانكم ﴾يقوم االسالم على الوضوح فال غموض فيه ويقوم على الدليل وشعاره دوما ﴿[

45] .

ولقد بدأ مسيرته بإقرأ ولكن بإسم الله ال بإسم الشيطان وأدرك أنه سيكون واقعا يتحرك على.االرض بما يملك من فرادة في منهجه على مستوى العقيدة والشريعة سواء

ولقد بلغ نبي االسالم محمد)ص( هذا المنهج بأداء رائع فوجد المحرومون أن خالصهم من القيود. وآمنوا به دينية كانت أم دنيوية في هذا المنهج الجديد فهبوا اليه وإنتشروا في ساحته

ولقد أزعج دخول الناس في الدين أفواجا بعضا من رجاالت المؤسسة الدينية من أهل الكتاب فأعلنوا دخولهم في اإلسالم كيدا به في وجه النهار أي أوله ولكنهم يخرجون منه في آخره ليقولوا

أن هذا الدين اليساوي شيئا والبقاء معه خسارة في إطار لعبة نفسية وحرب خفية كانت قد.إستقطبت أمثالهم ولكن الثلة الماجدة حاصرت هذه الظاهرة المكشوفة لديهم

وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على ﴿وقد سجل القرآن هذه الظاهرة بقوله: [46]﴾الذين أمنوا وجه النهار وأكفروا آخره لعلهم يرجعون .

.بيد أن هؤالء تركوا على حالهم مع ماكانوا يثيرون في وجه الرسالة من تشكيك

وجهد النبي )ص( في خلق امة من الناس تجاوزت بإيمانها كل التشكيكات وتفوقت بإرادتها الحرة.كل الحروب المفتوحة عليها ألنها آمنت أن الدين لواقع

وكان البد لهذه االمة أن تنجح في التجربة وهي أول تجربة لحاكمية الدين الخاتم الذي لو نجح لبرز.الوجه التوحيدي لحركة النبوات عبر التأريخ ناصعا ويخسر اولئك الذين ألفوا العيش في الظالم

وانا أو اياكم لعلى هدى أوضالل مبين ﴾فأسس اإلسالم لعملية الحوار على قاعدة . ماجعل[47]﴿ ولحق به الممتلؤون علميا وانسانيا من أتباع الديانات االلهية المهلهلين علميا وإنسانيا أن ينكفؤوا

.وتهافتت أمام هذا المنطق الحواري كل مقوالت القائلين بأن االسالم قد انتشر بالسيف لقد استعمل االسالم السيف لحماية العفل من التخريف والعلم من التدليس والحرية من القيود

واالرادة من االنهيار ليحقق للمظلومين النصر والمحرومين االنجاز في ظل السقف االنساني الذي.حرموا منه

فتنة االرتداد يتوقع أن تحدث ظاهرة اإلرتداد عن الدين لمجرد شبهة أو تغير قناعة أو ماشابه وليس هناك من

وسيلة عند القائمين على األمر االسالمي اال إعطاء عالجات وبدائل وإعمال حوارات من شأنها أن.تضع قطار المرتدين على سكة الدين

وليس صحيحا أن يفرض الدين فرضا ، وأن عمل فال سلطة ألحد على أحد وال والية، الرسول)ص( ودعوته الناس لهذا الدين كان قائما على هدايتهم بالحكمة والموعظة الحسنة

لست عليهم بمسيطر ﴾والقرآن الكريم من وراءه يخاطبه ﴿[48] . فاالسالم كأي طرح من الطروحات يراد له أن يطبق مناهجه عبر االساليب التي تنفتح لها القلوب

وأن صدق الداعي ومالئمة المنهج وطبيعة الواقع الذي يعيشه الناس هما وتستريح لها النفوس،. الضمانة لنجاحه

فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضا غليظ القلب النفضوا ﴿ومن هنا قال الله سبحانه لنبيه: [49]﴾من حولك .

.بمعنى أن ال طائل من وراء المنهج وان كان ربانيا اذا كان القائم عليه قاسيا

.فالمسألة إذن تتعلق بالطريقة واالسلوب واألداء مع مراعاة الثوابت في المنهج

. فمن ثوابت المنهج االسالمي حرية االختيار وإحترام رأي ما أجمعت االمة على إختياره

فإذا اختارت االمة االسالم نظاما يقود حركتها في كل شؤونها فينبغي إحترام هذا اإلختيار وإن.اختيارت غيره نظاما فيبقى دينا يقود العقل والمشاعر

.واذا كان االمر كذلك فأين نضع الحديث الشريف : من إرتد عن دينه فاقتلوه؟

لقد كشف لنا التأريخ االسالمي في بداياته أن كثيرا من أهل الكتاب بقوا على دينهم وأن من المسلمين من إرتد عن دينه وسارت الحياة على نسق واحد من دون مضايقات وال مشادات وأن

الذي حدث أن االسالم لما أقام دولته في المدينة أراد تحصين الجماعة المسلمة الفتية من عوامل االختراق والتصدع فانه منع من بقاء الزوجة إذا إرتد زوجها أو الزوج اذا إرتدت زوجته من

.دون أن يقتل هذا أو تقتل تلك

وأفهم الحديث الوارد بشأن قتل المرتد هو اذا ما شكل المرتد فتنة في المجتمع فانه يقتل لفتنته.ال الرتداده، ذلك أن الفتنة تعني مصادرة الحريات وتقود الواقع الى بالءات

حروب الردة حدثت حروب الردة زمن الصديق أبي بكر إذ ارتدت بعض القبائل عن االسالم فأثاروا الفتنة

. وهددوا األمن العام

ولم يكتف المرتدون عن االسالم عن العقيدة فحسب بل هددوا الدولة بضرب عمودين مهمين هما.األمن واإلقتصاد

ففي المجال اإلقتصادي إمتنع بعض المسلمين عن دفع زكواتهم الى الخليفة ورأوا أن يدفعوها الى.غير جهاز الدولة وهذا من شأنه يقلل من هيبة الدولة ويضعف قدرتها في التعامل مع الواقع كله

وفي المجال األمني فقد أعلن عن إدعاء البعض النبوة مثل سجاح وطليحة ومسيلمة مما أحدث وبدأت منافذ الحرب تتسع ضد من بقي ذلك إرباكا وفتنة وأخذت بعض القبائل ترتد عن االسالم

.في الدائرة االسالمية وضد الدولة

فجهز الخليفة أبو بكر الصديق جيشا بقيادة خالد بن الوليد الى الذين إمتنعوا عن دفع الزكاة من أجل إرجاعهم الى ماكانوا عليه زمن النبي )ص( فأصروا على موقفهم ودارت بين الطرفين

مشادات راح ضحيتها الصحابي الجليل مالك بن نويرة ، ولم تكن الدولة في قتال هؤالء وهي في مرحلة حساسة راغبة في فتح حرب تضعف من قدرتها ولكنها كانت مجبرة على خوضها تثبيتا

.لعامودها االقتصادي

وكذلك خاضت حربا مع أصحاب الفتنة من المرتدين من أجل أن التقبر التجربة في مهدها ويتعرض أصحابها لإلبادة فقامت الدولة بتجهيز جيش للدفاع عن حريم الدولة وإستتباب األمن

.وقمع الفتنة

ولقد إحتفظ التأريخ بمجموعة أخطاء إرتكبها مقاتلوا الدولة اقدر أنها طبيعية ذلك أن الكيان العام هو أكبر من األفراد وان كانوا من عالية القوم، وفي ذلك أن مالك بن نويرة دفع ضريبة الكيان

.وأن الدولة أدت المهمة من موقع الدفاع عن الكيان

وتشير حروب الردة الى حرص االمة على دينها ووعيها بضرورة الحفاظ على كيانها في ظل.حكومة ترعى مصالحها في توفير األمن ولقمة العيش الكريم

المسلم الحق

البعد العبودي للشخصية االسالمية مالمح واضحة يكشف عنها انتماؤها للدين وحرصها في التعايش معه والتعامل

.مع الواقع بآليات مدروسة

فاالسالم دين الحياة وله نظراته وتفسيراته للكون والحياة واالنسان التي ينفرد بها من كونه نظاما.قابال للتطبيق في كل مكان وفي كل زمان وأنه رباني

والمسلم ازاء هذه المعلومة عن دينه يتوسل األسباب المشروعة واآلليات المتاحة لتقديم دينه.منهجا يقود الحياة

وليس سوى شخصيته الناجحة من يملك المفاتيح للدخول الى قلوب الناس، ونتلمس ذلك في قول الله تعالى لنبيه )ص(: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من

.حولك

بمعنى أن الجهد الذي تبذله من أجل االسالم يذهب ادراج الرياح اذا لم تتوافر على أخالق تتعامل.بها في الناس

فاالخالق هي الحاضن لكل مقومات الشخصية المسلمة

والبعد العبودي: وأعني به المقام الجاذب الذي ولده التوجه الصادق واالرتباط العميق والحضور الدائم في حضرة المولى جل جالله، وهذا المقام هو أعلى المقامات وبه تشرفت حركة النبوات،

تبارك الذي نزل القرآن على عبده ليكون ﴿وقد وصف الله سبحانه محمدا بأنه عبده بقوله قبل أن يصفه بوصف آخر [50]﴾للعالمين نذيرا .

ومنشأ التأكيد على هذه الصفة لتحصين المسلم من االنبهار بغير الله عز وجل، وتخليصه من.ازدواجبة الفكر، والقلق النفسي، والثبات على المبدأ

.ولقد جاهد المتألهون حتى حصلوا على جذوة من نور ورشحة من هذا المقام

وأول خطوة على طريق المجاهدة هي أن يصلح المرء فيما بينه وبين ربه، فاءن خطاها بوثوق أصلح الله بينه وبين الناس، وبذلك تترقق له القلوب، وتقبل اليه النفوس، وتتنزل عليه السكينة،

.وتفتح له أبواب السماء ان اغلقت أبواب األرض

ثم يتلوها الحلم وهو صفة بارزة للشخصية المسلمة وبه وصف الله سبحانه نبيه ابراهيم )ع(ان ابراهيم لحليم أواه منيب ﴾بقوله: وتلك [51]﴿ ﴿وكذلك العقل أو التعقل كما في قوله تعالى :

بأسرار الكتاب المنزل على محمد)ص( [52]﴾األمثال نضربها للناس وما يعقلها اال العالمون يا أيها الذين آمنوا من ﴿وكذلك الحب فبدونه تتغير المعادلة بين العبد وربه كما في قوله تعالى :

ويترشح من حب الله حب [53]﴾يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه مخلوقاته، وكذلك الذكرفاءن بذكر الله تطمئن القلوب ومنشأ اطمئنانها أنها مرتبطة شعوريا

الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله اال بذكر الله تطمئن القلوب ﴾بالمطلق يقول الله تعالى: ﴿[، وكذلك الصبروهو عملية تمرد يقودها المسلم ضد المغريات واألهواء والنزوات ، في السراء[54

والضراء ، في حال فقره وغناه، وصبر غلى االستقامة كما أمر الله سبحانه.هذه بعض المالمح المهمة في تكوين المعاني العبودية عند المسلم

المظهر الخارجي

، بما تشتمل عليه[55]لقد ورد عن النبي األكرم محمد )ص( أنه قال: “النظافة من االيمان” .النظافة ماديا ومعنويا، ظاهريا وباطنيا

فبقدر ما اعتنى االسالم بالعقل واالسرار والضمائر بوضع اسس لبنائها فاءنه اعتنى بالمظهر.الخارجي كملمح للنجاح

لقد كان لكم في رسول ﴿وركزاالسالم في حركة المسلم قدوة يقتديها واسوة يتأسى بها فقال ، فهو القدوة واالسوة لكل متذوق في الحياة[56]﴾الله اسوة حسنة .

فكان )ص( يعتني بمظهره اعتناءا بالغا فيلبس ما ينسجم مع بشرته وقامته، فكان له قباء سندسي فيلبسه فتحسن خضرته على بياض لونه، وكان له كساء أسود فوهبه فقالت له ام

سلمة: بأبي أنت وامي ما فعل ذلك الكساء األسود؟ فقال: ) كسوته( فقالت: “ما رأيت شيئا قط، كما كان يلبس المالبس البيضاء ويقول “ألبسوها[57]كان أحسن من بياضك على سواده”

[58]أحياكم وأمواتكم” . وكان له شملة يأتزر بها ويلبس النمرة يأتزر بها فيحسن عليه النمرة لسوادها على بياض ما يبدو

[59]من ساقيه وقدميه . وكان يخص ببعض مالبسه ما يتالئم وطبيعة المناسبة التي يحضرها، فلقد كان له ثوبان لجمعته

[60]خاصة سوى ثيابه في غير الجمعة .وكان يدهن رأسه ولحيته [61]وكان )ص( قبل أن يخرج من بيته يمشط شعر رأسه وشعر لحيته

[62]بالبنفسج ويقول أفضل األدهان .و كانت له ممسكة اذا هو توضأ أخذ بيده [63]وكان ينفق في الطيب أكثر مما ينفق في الطعام

، وكان اذا كان يوم الجمعة ولم يكن[64]وهي رطبة فكان اذا خرج عرفوا أنه رسول الله برائحته [65]عنده طيب دعا ببعض خمر نساءه فبلها في الماء ثم وضعها على وجهه .[66]وكان يستاك قبل نومه وبعد قيامه من نومه وعند خروجه الى كل صالة .

فهو ال يحرم أكلهما ولكنه يكره رائحتهما [67]وكان )ص( ال يأكل الثوم وال البصل وال الكراث .. وهكذا كان رسول الله قمة في الذوق االنساني يأتسر القلوب باختياراته كلها

فما يمنع المسلم اليوم من أن يساير العصر في اختياراته على مستوى الملبس وتصفيف الشعر.وتنوع العطور وما شابه

فليس من الصحيح أن يحرن المسلم على طريقة واحدة ال زال كل ذلك يقع في دائرة الحالل أوقل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في ﴿المباح

[68]﴾الحياة الدنيا .

االستقامة في السلوك

لكل دين سماوي بل لكل طرح ارضي برنامج ينطلق من وحي ما تنطوي عليه هذه األديان والطروحات، وجميعها تعنى بتنظيم سلوكيات االنسان، غير تلك التي تعتبر األخالق قيما برجوازية

.فتدعوا للتحلل واالنفالت

واالسالم هو أحد هذه المكونات الذي يضع المسلم على الجادة المستقيمة في كل ما يتصل بمخزونه العقيدي أو الفكري أو العاطفي أو االجتماعي أو السياسي أو غير ذلك مما يدخل في بناء

.شخصيته

بيد أنه يدع المجال مفتوحا للمسلم في تشكيل شخصيته وفقا لما يعيش من أعراف شريطة أن ال تتعارض مع مباديء دينه. ومن هنا ال ينظر للمسلم المستقيم في غير البعد العقدي ألنه في القلب

هو من التزم سلوكيات السلف في تقليد لباسهم او أي مظهر لهم ال يتماشى مع القيم المعاشة.واألعراف المعاصرة

واستقم كما امرت ﴾ولقد أمر الله سبحانه نبيه بقوله بعد أن عهد اليه أمر العقيدة والدعوة [69]﴿ .اليها من خالل الحوار الهاديء واألساليب البناءة والسلوك السوي

وهذه مسؤولية شاقة واالمة يومها امة شرك وتحتاج الى جهد مضاعف في تهيئتهم لقبول.العقيدة ، علما أنه )ص( كان بينهم يسمى الصادق األمين

فبما في العقيدة االسالمية من قوة، وما عند رسول الله من أداء ومصداقية شق االسالم طريقه.رغم كل المعوقات

فلم يكن الزي االسالمي يوما هو الفاتح بقدر ما تكون سلوكيات المسلم واداءاته الطيبة هي.الجاذبة

فالدين المعاملة كما ورد عن النبي األعظم )ص( والمعاملة المستقيمة هي التي جعلت شعوبا.تدخل االسالم

فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب ﴿ولقد قال الله سبحانه مخاطبا نبيه [70]﴾النفضوا من حولك .

.فسر نجاح محمد )ص( يكمن في استقامة سلوكه، وحسن أداءه ،وعظيم هديه، وجميل سمته

فسلوكه )ص( في بيته ال يختلف عن سلوكه خارجه والذين وقفوا بوجهه ألنه فاجأهم بعقيدة غير.عقيدتهم

.ولم يختلف معه أحد في ما يتصل بسلوك أو معاملة غير مستقيمة

فالشخصية االسالمية هي المنضبطة سلوكيا في الخالء أو في العلن، في البيت أو في المسجد، في الدائرة أو في الشارع، اذ تشعر أنها دوما في محضر الله وأنها المسؤولة عن القيم التي بعث

.بها المصطفى )ص( بجعلها تتحرك في أرض الواقع

الطبع االجتماعي النبيل في اطار المقولة “االنسان اجتماعي بالطبع” فهو تحيط به مجموعة عالقات اجتماعية واسرية

ومنظومة عالقات فردية حميمة وغير حميمة، كل هذه تجعل االنسان يجهد نفسه في وضع قانون يقوده الى تحمل أعباء المسؤولية االجتماعية، اذ ال يتسنى له أن يعيش وحيدا في هذه الدنيا أو

يصنع لنفسه نظاما خاصا به، بعيدا عن الحالة االجتماعية، فاالنسان اجتماعي بطبعه، ومن االنس.باآلخرين اشتقت كلمة االنسان كما يقولون

ويدخل االسالم كنظام اجتماعي فإنه يخضع المسلمين، كال حسب مقدوره وسعة تحمله، لنظام.متناسق يقود الحياة الى وئام فتنشأ في المجتمع المحبة ويسود الوئام

يا أيها الناس انا خلقناكم شعوبا وقبائل ﴿فال مناص للمسلم من التخلي عن هذه المسؤولية [71]﴾لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم .

فالمجتمع االنساني الواسع الطويل الممتد يخضع لنظريات أرضية بعضها عادل وبعضها اآلخر جائر، ومسؤولية المسلم- ازاء هذه الظواهر- تقديم حل عادل لخالص االنسان من ظل الجور

.والكتاتورية الى رحابة العدل والعيش الكريم

وال تقوم النظرية لمجرد أنها عادلة وصحيحة اذا لم تكن هناك خطوة عملية على أرض الواقع.وتأسيس لبنة صالحة ليقوم عليها البناء الكبير

فقد لحظنا أن أول عمل قام به رسول الله )ص( حين وصل الى المدينة المنورة وهو يروم اقامة حكومة العدل االلهي، لم تكن شعاراته ملصقة على الجدران فحسب، بل وجدناه يتحرك عمليا

في حيز التطبيق، فقد آخى بين المهاجرين واألنصار، وهاتان الطبقتان هما في لتتحرك النظرية طليعة البناء االجتماعي القامة حكومة العدل، وقد تناسى الناس في ظل هذا االخاء جراحهم

.القديمة ليبدأؤوا حياة جديدة في اخوة على أساس الله الواحد األحد

ولم تكن هذه االخوة يومئذ لقلقة على اللسان، بل هناك أفعال تشير الى صدق اللسان، اذ تقاسم المسلمون المال فيما بينهم، وبدأت تتشكل العائلة المسلمة من خالل الزواج والمصاهرة، وتعاهد

الجار جاره، وتفقد الغني الفقير، واحترم الصغير الكبير، وعلم العالم الجاهل، وتحرك المجتمع بكل أطيافه في تشييد البناء االجتماعي الذي أسس لالسالم فيه سمعته، وأبدى صالحية تطبيق

.مبادئه ومناهجه

وغدا مبدأ التكافل االجتماعي أهم المباديء التي يدعو االسالم اليها كفريضة “من لم يهتم بامور]المسلمين فليس منهم” و”ومن بات شبعان وبجنبه جار جائع فقد خلع ربقة االسالم من عنقه”

، وأمثال هذه االعالنات كثيرة فيما تضمنه القرآن الكريم وما جاء على لسان النبي األعظم[72 .)ص( ومن فعله وممارسته

وقل اعملو فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ﴾فال يجد المسلم ازاءها اال أن يعمل ﴿[73] . وقد منع االسالم العزلة لغير ضرورة اذ يروى أن النبي )ص( افتقد أحد أصحابه فسأله عن سبب

تخلفه عن مجلسه فقال يا رسول الله اني أردت أن آتي هذا الجبل فأخلو فيه فأتعبد فقال له النبي )ص( لصبر أحدكم ساعة على ما يكره في بعض مواطن االسالم خير من عبادته خاليا

[74]أربعين سنة . فوظيفة المسلم هي اقامة وحدة مترابطة النشاء مجتمع انساني نبيل في المدى األشمل، وفي

المدى الوسطي انشاء المجتمع المسلم الخالي من العقد واألزمات القائم على التراحم والمحبة يقول الرسول األعظم)ص(: ترى المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه

[75]عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى .

مطابقة القول مع العمل ركز القرآن الكريم على مطابقة األقوال مع األفعال حفاظا على شخصية المسلم من االنهيار،

يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما التفعلون؟ كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما ال ﴿فقال تعالى: لينطلق المسلم في الواقع محمال بثقل المسؤولية واهمية الكلمة وصدق الموقف ، [76]﴾تفعلون

ذلك أن الدعوة التي قادها محمد )ص( دعوة انقالب على واقع جاهلي بكل تفصيالته، وأن المسلم.موكول اليه متابعة الخطى مع القائد ليحقق النصر لها على كل المستويات

فإذا تردد المسلم في حاالت السلم أم في حاالت الحرب فسيخسر موقعه ويفتح ثغرة ضعف.وخوار في جسد الدعوة، يتحمل نتائجها في الدنيا واآلخرة

المنطلقة به في فاالسالم يريد للمسلم أن يرتب وعيه للعقيدة على أنها المخلص له من الخرافة،.رحاب واسعة، سعة الدنيا بما فيها

ولقد كان رسول الله )ص( هو القدوة في هذا االتجاه ، فقد استوعب بسبق المبادرة واتباع قوله بالعمل كل مفردات الحياة البشرية ، فحين يدعو للجهاد تجده أول من يلبس للحرب المتها، واذا

ولقد كان في رسول الله ما وعظ المسلمين ﴿ بعدم االرتكان الى الدنيا فهو أول الزاهدين فيها ]﴾يدلك على مساويء الدنيا وعيوبها، اذ جاع فيها مع خاصته، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته

77] .

االبتعاد عن االنفعال

لم يكن االنفعال والجزم منهجا سليما في الحوار مع اآلخر ولم نسمع يوما أن الحوار الموضوعي.العاقل لم يأت بثمار

فقد ركز االسالم على الحوار كمنهج، وبدأ النبي األكرم )ص( بالحوار مع اآلخرين وهو في مكة.وكانت مكة تعج بألوان الشرك وبالصدود لكل دعوة ال تالمس عقائدهم

وقد أدرك النبي )ص( أن الحوار يبدأ من كونه يحمل فكرا مغايرا وهو على استعداد للتنازل عنه اذا كانت حججهم أقوى من حجته، ووسيلته الى ذلك الصبر على مرادهم وقد سجل الله سبحانه

وانا أو اياكم لعلى هدى أو في ضالل مبين ﴾قيم هذا الحوار بقوله ﴿[78] . فلم ينطلق بشيء مع اآلخر على أنه نبي بل رأيناه )ص( في صلح الحديبية وقع على وثيقة الصلح

.كونه محمد بن عبد الله

فحين أدركت قريش أنها أمام أمر واقع، وأدرك محمد )ص( أن أبواب الحوار لم تكن مشرعة بالشكل الذي يتسع للنبي أن يطرح قضايا العقيدة على بساط الحوار ، فاءنه اكتفى كما أرادت

قريش بكتابة وثيقة للصلح، فقال لعلي )ع( اكتب يا علي بسم الله الرحمان الرحيم، فقال سهيل بن عمرو وهوموفد قريش: هذا الكتاب بيننا وبينك يامحمد، فافتتحه بما نعرفه، واكتب باسمك

اللهم، فقال النبي لعلي امح ما كتبت، واكتب باسمك اللهم، فقال علي لوال طاعتك يارسول الله.ما محوت بسم الله الرحمان الرحيم، ثم محاها، وكتب باسمك اللهم

فقال النبي اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو، فقال سهيل لو أجبتك في الكتاب الذي بيننا الى هذا ألقررت لك بالنبوة، فسواء شهدت على نفسي بالرضا أو أطلقته

من لساني، امح هذا االسم واكتب هذا ما قاضلى عليه محمد بن عبد الله، فقال له علي انه والله لرسول الله على رغم أنفك، فقال سهيل اكتب اسمه يمضي الشرط، فقال له علي ويلك ياسهيل

كف عن عنادك فقال له النبي امحها ياعلي، فقال يا رسول الله ال تنطلق يدي بمحو اسمك من[79]النبوة ، فقال له فضع يدي عليها فمحاها رسول الله بيده .

االنفعال والجزم والتمسك بالرأي هي التي تدمر عملية الحوار ، والتعالي على القضايا أعتقد أن. الصلح كما رأينا الشخصية أو االجرائية العرضية هي الي ساعدت على انجاح

الشخصية االنسانية الشخصية المسلمة شخصية اممية انسانية ألنها تستمد مقوماتها من دينها، واالسالم دين انساني

عالمي ليس مقصورا على شعب أو قبيل أو امة بعينها بل هو للناس كافة من دون تفريق بين. أسودهم وأبيضهم عربيهم وأعجميهم

وكلمة الرسول محمد )ص( “انما بعثت للناس كافة” هي تعبير دقيق عن هذه العالمية، وكذلك أخذه الجزية من أهل الكتاب مع قبوله بقاءهم على ديانتهم يشكل دليال عمليا على أن االسالم

يريد أن يقف كل الناس وراء كلمة التوحيد من أجل أن تتوحد كلمتهم على بناء الحياة وسعادة.االنسان واعمار األرض

وجاء الخطاب القرآني مخاطبا الناس ان يوحدوا الله سبحانه من دون ذكر شيء آخر كما في﴾يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم قوله تعالى: ﴿[80] .

يأيها الناس انما أنا لكم نذير مبين ﴾وكذلك حكى القرآن الكريم عن النبي )ص( . ذلك أن[81]﴿ في مداه التوحيدي واالنساني هو دين أنبياء الله جميعا. قال تعالى حكياية عن نوح النبي االسالم

فإن توليتم فما سألتكم من أجر ان أجري اال على الله وامرت أن أكون من ﴿حين تولى عنه قومه [82]﴾المسلمين

يابني ان الله اصطفى لكم الدين فال تموتن اال وأنتم ﴿ولقد وصى ابراهيم الخليل بنيه بهذا الدين [83]﴾مسلمون .

توفني مسلما وألحقني بالصالحين ﴾وكذلك يوسف النبي حكاية عنه ﴿[84] .وقال موسى ياقوم ان كنتم آمنتم بالله ﴿وانتهاء بما حكاه الله عن موسى وعيسى عليهما السالم

[85]﴾فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين .فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري الى الله قال الحواريون ﴿وقوله تعالى عن عيسى

. والنبي مسؤول عن تركيز هذا الفهم في[86]﴾نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون .األذهان

ومن هنا تهافت منطق القبيلة ، واخمدت نيران العصبية، وولى الفكر القومي المحدود، وغدا.االسالم مترجما لحركة األنبياء ليكون الدين القيم

التوازن والوسطية.ال يملك الفرد المسلم وال االمة المسلمة مفاتيح النجاح اال اذا امتلكا آليات عمل متوازنة ووسطية

فاالسالم أعطى للروح حقها وأوصى أن يعطى للمادة مثلها ، وجعله يتطلع الى جنة عرضهاوابتغ فيما آتاك الله الدار اآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا ﴾السماوات واألرض كما شده لدنياه ﴿[

87] .يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا ﴿وشدد على الذين اعتزلوا الحياة وجانبوا طيباها

واشربوا وال تسرفوا انه ال يحب المسرفين قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من[88]﴾الرزق .

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة ﴾وفي دعاء القرآن الكريم ما يدعوا الى التوازن [89]﴿ .في العبادات والمعامالت والسياسة واالقتصاد وفي كل شؤون الحياة األخرى

وهذا المنحى يشكل تهديدا لذوي النزعات الصوفية غير المتوازنة. فليس لهؤالء أن يشيدوا امة يحكمها منهج الله الذي وازن بين الدنيا واآلخرة، والذي وضع أحكاما تتماشى مع البشرية وهي في

وكذلك ﴿قمة رشدها ودعا االمة التي تشرف على تطبيق منهج الله أن تكون االمة الوسط . فوسطية امة[90]﴾جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا

االسالم يتمثل في عقيدتها التي تقوم على االيمان بكتب السماء كلها وبأنبياء الله كلهم فهي شاهدة على هذا النور الذي أخذ بيد االنسان الى االيمان بالله وحده وأخرجه من ظلمات الكفر

.والضالل ووسطيتها كذلك تتمثل في شخصيتها التي صاغها االسالم لها تلك الشخصية التي ال تسمح

بالذوبان واالنحالل في بوتقة الحضارات المادية أو تساير النظم األرضية التي ترفع رايات العداوة.لألديان السماوية

وهي وسط فيما يدعوها العقل أن تأخذ من كل ما يجد بما له مصلحة بنفع االنسان، وضالتها.الحقيقة وهدفها الحكمة تأخذهما أنى وجدتهما

مسؤولية شباب االسالم ان على شباب االسالم في أيامنا الراهنة مسؤوليات خطيرة، اذ هم المحرك األساس لعجلة

.االسالم، في صراعه الدائر مع خصومه

ولقد أنشأ نبي االسالم )ص( الحلقة االولى من الشبان، والتي أخذت على عاتقها بناء االسس االولى للدعوة، ذلك ألنهم أسرع الى كل خير، وأقدر على انجاز المهام مهما كانت عسيرة،

.واألجدر باءستيعاب ما يلقى اليهم، ألن قلب الشاب كاألرض الخالية تتقبل مايلقى فيها

مجموعة كهول وشيوخ، يتهادون خلف نبيهم بروح ولقد وقف وراء هذه الثلة الشبابية المباركة، .شابة، وهمم متصاعدة، وعقالنية رائدة

بهمة شبانه، وهدي نبيه، ورزانة شيوخه .واليوم وقد وتقدم االسالم فاتحا وضرب بقوته األرض، تيسر لشباب االسالم من وسائل للدعوة غير تلك التي كانت بأيدي اخوتهم في صدر االسالم،.فبات الزما أن يستخدم المسلم تلك الوسائل، بآليات عمل منسجمة مع الواقع الذي يعيش

فأبواب العلم مشرعة في كل أنحاء الدنيا، ومن الحيف بمكان أن تفتقد شباننا، والتخصص بأي حقل من حقول المعرفة، يهييء األرض المناسبة للداعية أن ينطلق واثقا، من احرازه النتيجة

المرجوة، ألنه كلما كبرت مساحة علمه، كبرت دائرة عالقاته، وتكبر معهما مسؤولياته ن فيشرف.من الموقع المتميز على عمل الدعوة الى الله

واذا لم يتهيأ لبعض شبابنا ذلك، فال يظنن أن قطار المعرفة قد فاته، ففي العلم الديني مايغنيه ويثريه، وان كان ال يقرأ وال يكتب، فحكمة الحياة بين يديه، وأبوابها مفتوحة له، والمعاني االنسانية

ليست حكرا على من يقرأ ويكتب في االسالم، وقيمه المتعالية، .

فاالسالم يحتاج الحميع من دون استثناء، ولكن أسلحة العلم الحديث، واألساليب الحديثة في.الدعوة، هي أمضى سالح

وفهم مقاصده وغاياته، وأحكم عدته للدخول في الحلبة، ومن درس االسالم في حالله وحرامه، .أحرز قصب السبق فيها

فالشاب المسلم أيا كان موقعه، وأيا كانت ثقافته، فهو ابن المجتمع الذي يعيش فيه، وابن البيئة التي تربى فيها، وال يحتاج اال الى المنهج الذي يأخذ بيده للبناء، وتخليصه من كوابيس المادة

.وهذيانها المخيف، واخراجه من التيه والضياع الذي ألم بأكثر الناس

فالواقع اليوم بحاجة ماسة الى االسالم كدين هداية وعلم، كما هو بحاجة الى كل دين سماوي،.ينأى به عن الحروب واالنهيارات األخالقية

لقد انتشر االسالم في الدنيا بمعاملة أبناءه لغير المسلمين معاملة انسانية صرفة، وانفرجت له. الطرقات لما يحمل من صيحات خالص لالنسانية المعذبة

فألنهم ثأروا لكراماتهم التي داسها واذا كان شباب االسالم حملوا السيف في وقت من األوقات، .الطغاة، وحماية لحرياتهم التي صادرها مصاصوا الدماء

ال ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ﴿قال تعالى: وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم

[91]﴾من دياركم وظاهروا على اخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فاؤلئك هم الظالمونالمحرومون، بيد أن الواقع اليوم يذبح بسيف دعاة المعذبون،  فالسيف هذا حمله المقهورون،

الحرية والسالم، وتباد شعوب بأسرها، وتنتهك حرمات، وتسلب ثروات، وتحتل أوطان ويشرد.أهلها، وليس من مغيث، وال معترض، واذا كانت هناك صيحة اعتراض فخجولة

الموقف من ظاهرة الغلواقرأ باءسم ﴿لقد اهتم االسالم بالعلم، فكانت أول آية نزلت على رسول االسالم محمد )ص( هي

.﴾ربك

عقده، اقرأ يا محمد الكون وما فيه من أسرار وآيات، وافتتح كنوزه، وحل ألغازه ورموزه، وفك .ولكن باءسم ربك

فبالعلم ينطلق االنسان الكتشاف نفسه وما أودع الله فيها من أسرار، وهكذا كان لمحمد ومن.وقف معه قارئا

.والذين آثروا العيش مع الجهل أصبحوا األداة الضارة، والغدة السامة في المجتمع

.فقد انفتحوا على الكذب تعويضا لهزيمتهم أمام من أضحوا عيش العلم

.وقد أشار النبي )ص( الى ذلك بقوله : كثرت علي الكذابة فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار

ومن صور الكذب عليه )ص( المغاالة به، ويروى أنه دخل عليه رجل فقال السالم عليك يا ربين فقال له مالك لعنك الله ان ربي وربك الله ، اما والله لكنت ما علمتك لجبانا في الحرب لئيما في

[92]السلم .[93]وورد عنه )ص( أنه قال : ال ترفعوني فوق حقي فاءن الله اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا .

فالغلو اما ناشيء عن قصد في عماية اجهاض العقيدة من الداخل وتشويشها في الذهن، واخراجها من التوحيد الى منظومة شركيات وخرافة، واما ناشيء عن جهل باالسالم جملة

!!وتفصيال، فحينها تتحول األضغاث أحالم عقائد متبناة، وأقاصيص الخرافة هي التأريخ

وكال المنشئين يحتاجان الى شغل دائم وهم دائم، وعلى المثقف المسلم كما على المؤسسة الدينية أن يقوما بنشر العقيدة الخالية من شائبة غلو، وطبع الكتب المعنية بذلك، وحرق الكتب

.الغالية، وحجب الثقة عن رجال الدين الغالين، وتعطيل منابرهم الغالية

واذا لم تكن هناك حملة قوية في مقابل ظاهرة الغلو التي نشهدها هذه األيام، والتي قد ينشأ عنها.جيل أبله يصبح سكينا في خاصرة االسالم واألمن العام لمجتمعاتنا

ويعطينا االمام الصادق )ع( درسا في سلوك الجادة الوسطى التي ال غلو فيها ، كما تمثل تبرئةفيقول: اتقوا الله، وعظموا رسول الله، وال واضحة من الذين يدعون االنتساب الى مدرسته

تفضلوا على رسول الله أحدا، فاءن الله تبارك وتعالى قد فضله، وأحبوا بيت نبيكم حبا مقتصدا، وال تغلوا والتفرقوا، وال تقولوا ما ال نقول، فإنكم ان قلتم وقلنا، متم ومتنا، ثم بعثكم الله وبعثنا،

فوالله ما نحن اال عبيد الذي خلقنا واصطفانا، ما نقدر على ضر [94]فكنا حيث يشاء الله وكنتم وال نفع، وان رحمنا فبرحمته، وان عذبنا فبذنوبنا، والله ما لنا على الله من حجة، وال معنا من الله

[95]براءة، وانا لميتون ومقبورون، ومنشرون ومبعوثون، وموقوفون ومسؤولون . لقد نبهنا قرآن هذه االمة على مخاطر الغلو في الدين وكيف أنه أقض مضجع ديانات ، وجلب

يا أهل الكتاب ال تغلوا في دينكم وال تقولوا على الله اال الحق انما ﴿المتاعب ألصحاب رساالت [96]﴾المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته .

فالنصرانية تعرضت لحملة غلو قادها مغرضون فأدخلوا فبها شيئا من أساطير االغريق والرومان والهنود وبعضا من الديانات المصرية التي قامت على التثليث، وراح الموحدون النصارىيقاومون

.هذه االلتقاطية مما عرضهم أللوان العذاب من الحكومات الرومانية

وكما ابتليت النصرانية بالغلو فقد ابتلي االسالم كذلك، فوضعت تفاسير للقرآن في غاية التفاهة،.وعاشت أجيال على مرويات اسرائيلية ضمتها كتب المسلمين

ولكن من ألطاف الله على هذه االمة أن بقي قرآنها لم تناله يد التحريف، والمسلمون محكومون.به دون سواه