dspace.iua.edu.sddspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/435/1/التسامح الإسلامي...

اإلسالمي حأمير فاضل سعد. عبد الواسع محمد غالب الغشيمي، ود. د التسام

13 م2013هـ فرباير 1434 األولربيع ) 21( جملة الشريعة والدراسات اإلسالمية العدد

)(

)(

:ملخص البحثیھدف البحث إلى بیان جوانب من التسامح اإلسالمي، وأنھ مسلك خلقي ال یعارض المقاصد الكلیة لإلسالم، ولكن ربما توسع البعض في مفھومھ،

لتي ترتبط بھ معتبرة، دون أن فأفسد حقیقتھ، إذ من الواجب أن تبقى الثوابت ایبقى اإلسالم بعیدا عن متغیرات الحیاة، ومد سبل التعاون الفعال مع اآلخرین والتواصل معھم، مما یؤكد صدق مبادئ اإلسالم وواقعیتھ، وشمول نظامھ

.وفاعلیتھ لكل زمان ومكانومنطلقاتھ الفكریة ، وقد عرض ھذا البحث ضوابط التسامح الشرعیة

وتحقق الوجود الفاعل لإلنسان وسبل التفاعل بین ، سد معاني اإلنسانیةالتي تجومن ثم اكتشاف القیم ، وتباین اتجاھاتھم ورغباتھم، الناس مع اختالف أفكارھم

. ثم تعمیقھا وتفعیلھا، المشتركة العابرة للحدود رغم اختالفات الدین والثقافات

)( أستاذ الحديث وعلومه المشارك،جامعة الح دياليمن،ةد . )( أستاذ األدب والنقد المساعد،جامعة الح دياليمن،ةد .



وآثاره الواقعیة، كما عرض البحث مظاھر التسامح مع اآلخر وصوره إلقامة مجتمعات إنسانیة ، ومن ثم تحقیق الكثیر من المصالح التي تفید اإلنسانیة

.وتسود قیم الخیر بین الناس، متعاونة ومتفاعلة :وقد ختم البحث مادتھ بمجموعة من النتائج منھا

. التسامح مع غیر المسلمین لھ ضوابط یجب األخذ بھاـ الفردیة :احتھ تشمل جمیع مجاالت الحیاة وسم،اإلسالم ملة سمحةـ

أو في معاملة غیر ، والجماعیة وفي معاملة المجتمع المسلم بعضھم بعضا .المسلمین

التحاور مع اآلخر ال یعني التدخل في معتقداتھ بقدر ما ھو توثیق أواصر ـ .األخوة اإلنسانیة بھدف تحقیق االستمرار واألمن لشعوب العالم

بشریة، وال دیان واللغات والقومیات سنة كونیة وظاھرة الخالف في األـ وإنما ینبغي أن تستثمر لصالح . والتخاصم اوةعدیصح أن تكون سببا لل

.تكامل المعرفة وإثراء الساحة اإلنسانیة بكل مفیدAbstract

This research aims to reflect some aspects of Islamic

tolerance, showing that it is an ethical attitude that

conforms with the Islamic fundamental targets. Some

people would transgress the boundaries of this concept in

a way as to deform its essence.

The research reviews the criteria of this tolerance,

and its intellectual principles that reflect its humanitarian

aspects, which will eventually lead to realizing the common



values among all humanity in spite of the religjous and

cultural differences, and will lead to consolidating and

activating these common values.

The research reviews the manifestations of

tolerance towards the others and its practical impacts,

which realize a lot of interests for human beings, and help

maintaining human communities where cooperation,

interaction and good values prevail

The research is concluded with a group of results;

namely that Islam is a religion of tolerance; that this

tolerance covers all aspects of life within the Muslim

community itself and with other communities; that dialogue

with others aims at the consolidation of the bonds of

human brotherhood to realize survival and security for all

nations, without intervention with the beliefs of others, and

that difference of religion, nationality, language, etc, is a

universal phenomenon that should not be a reason for

enmity, but should be utilized in the interest of knowledge

complementarity and the enrichment of human life.

:مةمقدالحمد هللا فاتحة كل عمل وتمام كل نعمة، وأصلي وأسلم على رسول

إن اإلسالم دین شامل للحیاة كلھا، وصالح لكل : وبعد.. المبعوث لخیر أمة، اهللا



زمان ومكان، ینظم عالقات اإلنسان مع اإلنسان، واإلنسان مع الموجودات، ؤكد أن اهللا قد ھیأ لشریعة والموجودات مع بارئھا، في بیان یجلي الحقائق، وی

.اإلسالم أن تكون خاتمة الشرائع، بما حباھا من شمول ویسر وقیم سامیةومن مبادئ اإلسالم السامیة التسامح، الذي تدعو إلیھ نصوص القرآن والسنة، وھذه السماحة تتسع لمجاالت الحیاة المختلفة؛ لذلك فإن اإلسالم وإن

آلخر؛ فالدین عند اهللا ھو اإلسالم، في مقابلھ ال یعترف كان ال یقر بحقیة الدین اM Ó Ò Ñ :بالحقد الدیني، وإنما یقرر قواعد في ھذا الباب، منھا قولھ تعالى

ÔL )1( ،قولھ تعالىو: M? > = <L)2(، ومن ثم قامت العالقة بینأقل من بل قد تكون ھذه التسمیة ، جماعة المسلمین وبین مخالفیھم على التسامح

وإنما تخضع ، الحقیقة الواقعیة، إذ نلحظ أن الشعوب التي ال تعتنق اإلسالمبل إن اإلسالم یأخذ على ، سلمیا لتشریعھ ودولتھ ال تتمتع بمبدأ التسامح فحسب

.) 3 (عاتقھ توفیر لھم ما للمسلمین من متطلبات الحیاةلذي یدعو ، إذ یعبر عن تمیز ھذا الدین اأھمیة البحثمن ھنا تكمن

للتواصل مع اآلخر، ویدحض المفاھیم الخاطئة التي تروج ضد اإلسالم، مؤكدا . ویجلي ما یتصل بكثیر من المفاھیم اإلسالمیة التي تتصل بھذا المبدأ

قدرة المنھج اإلسالمي في ضوء قواعد ثابتة، یعمقھا روح الجد في تنفیذھا، .ونبل المقصد

.256: ية اآلالبقرة سورة )1( .7: ية اآلسورة الكافرون) 2(، 9 بيروت ط–مؤسسة الرسالة ، للشيخ عمر بن عودة الخطيب: لمحات في الثقافة اإلسالمية )3(

).227( ص، م1984 -هـ1404



ھ بمنھجیة االستقراء للنصوص، وقد أفاد البحث في دراسة مادتواستنطاق دالالتھا، مستفیدا من مشاھدات التاریخ والواقع، التي تعمق

:ستة مباحثموضوع البحث، وتحقق غایاتھ، مقسما مادتھ إلى . التأصیل اللغوي واالصطالحي للتسامح:المبحث األول . التأصیل الشرعي للتسامح:المبحث الثاني .وابط الشرعیة للتسامح الض:المبحث الثالث .التسامح بین النظر اإلسالمي وفھم اآلخر :المبحث الرابع

.مظاھر التسامح وصوره :المبحث الخامس .اآلثار الواقعیة للتسامح: المبحث السادس

المبحث األول غوي واالصطالحي للتسامحالتأصیل الل

. )1(سھولة على السالسة وال- في عمومھ -أصل یدل ) سمح: (غةفي الل نختزلھا في وخالصة ما أوردتھ معاجم اللغة لھذه المادة اللغویة من معان

: والسماح والسماحة" :قال ابن منظور. معنى الجود والكرم : ألولمدلولین، ا، التساھل:اآلخرو، )2(وسمح وأسمح إذا جاد وأعطى عن كرم وسخاء...الجود

فعل شیئا فسھل : وسمح وتسمح،ساھلوا ت:وتسامحوا، المساھلة: فالمسامحة .)3(فیھ

وقف العلماء على تعریفھ كالمودودي، والنبھان وابن : االصطالح وفيأن نتحمل عقائد غیرنا " :وغیرھم، فیرى فیھ المودودي...عاشور

.3/99معجم مقاييس اللغة ) 1( .2/489لسان العرب ) 2( .2/489المصدر نفسه ) 3(



رعایة ، وال نظن فیھم بما یؤلمھم، وأعمالھم على كونھا باطلة في نظرنالجأ إلى وسائل الجبر واإلكراه لتصریفھم وال ن، لعواطفھم وأحاسیسھم

".أو منعھم مما یقومون بھ من األعمال، عن عقائدھم

ھو التعامل مع غیر المسلم وفق : "وعند الدكتور عبد اهللا الطریقيأو في مطلق ، سواء في ذلك التعامل في الخطاب، الحكمة واللین والمعروف

فقد جعل نقطة اھتمامھ في ، أما الدكتور محمد فاروق النبھان،)1("التصرفالتساكن والتعایش في إطار " :تعریفھ للتسامح التعایش والتواصل، إذ یقول

.)2("رؤیة إسالمیة تحترم حق اآلخر في الرأي والعقیدة والفكرسماحة دال : "كما یرى الطاھر بن عاشور أن ال ي اعت ة ف ، سھولة المعامل

ساھل ین التضییق والت ة إل ، فھي وسط ب ي راجع دل وھ دال والع ى االعت ى معنط ن –والتوس ارة ع ي عب شدید – أو ھ اس الت ن الن ا یظ ودة فیم سھولة المحم ال

ساد ، فیھ ى ضرر وإف ا ال تفضي إل ودة أنھ ي . )3 (ومع كونھا محم والمالحظ فسماحة "أنھا أخذت بالفھم اللغوي للفظة : ھذه التعریفات سلك "ال ، وخصصتھ للم

س ة الم د عالق املي، وتحدی سع التع ي تت ر، الت ع اآلخ رأي، لم م ر، وال للفكة ات إیجابی ن عالق ور م ذه األم ى ھ ب عل ا یترت ایش، وم شاعر، والتع والم

ة ة ، وفاعل ا التعاملی ت بمناحیھ ل اكتف سماحة، ب د ال دد مقاص م تح ا ل ا ، وأنھ وماط الجدیرة ، یترتب علیھ ى بعض النق ع اإلشارة إل ات، م ن عالق ھ م أو ما تحقق

ي " االعتدال والوسطیة:" ابن عاشور باالھتمام ، كذكر سلك الخلق التي تبرز الم

-هـ1515، 1ياض ط الر–دار الوطن ، عبد اهللا بن إبراهيم الطريقي. د: الثقافة والعالم اآلخر )1(

).58( ص،م1995 ).22(ص) 518( العدد ، مجلة المنهل،مفهوم التسامح في إطار الرؤية اإلسالمية )2( ).61-60(، الشركة التونسية للتوزيع، للطاهر محمد بن عاشور: مقاصد الشريعة اإلسالمية )3(



ا اآلخر، وفیھ ضا -الھام للمسلم وعالقتھ ب ة ، - أی ذه العالق ة ھ توصیف لطبیع ".أنھا ال تفضي إلى ضرر وفساد "ثم یضبطھا بذكره

التحمل "ف في تحدید السماحة عند حظ كذلك أنھ لیس من الدقة التوقونال دون التأكید على مقاصد اإلسالم من ھذا - كما ذكر المودودي-"ا لعقائد غیرن

المسلك الخلقي، وما یحققھ من تواصل مفید مع اآلخر كما لیس من اإلنصاف التوقف عند عموم الداللة للفظة التسامح دون التأكید على التمیز في الفھم

یتعبد وربطھ بمناحي التشریع اإلسالمي الذي، والممارسة لھ في اإلسالمومن ثم لعل ھذا اإلسراف في الفھم الظاھر ھو الذي ، المسلم ربھ في تنفیذه

إنھ من الخطأ بمكان أن :" حمل الدكتور محمد سعید رمضان البوطي إلى قولھتوصف األحكام التي تنظم عالقة المسلمین بالكتابیین في أي حال من األحوال

والتسامح ...بالتسامح ال ینصف اإلسالمبالتسامح، وإن نعت أحكام أھل الذمة إنما ھي كلمة درجت على ألسنة طائفة من الكتاب والباحثین في ھذا

.)1("العصر، ومن المسلم بھ أن التسامح ال یعني التساھل والتمییع للھویة اإلسالمیة

في ، والتنازل عن قیمھ وتصوراتھ إذ من الواجب أن تبقى الثوابت لھا اعتبارھاأن اإلسالم یمد سبل التعاون الفعال مع اآلخرین والتواصل معھم معبرا حین

ما - أیضا–ولعل ھذا ، وشمول نظامھ وفاعلیتھ، عن صدق مبادئھ وواقعیتھا قد یكون مفھوما ومقبوال أن یذكر تسامح:" حمل األستاذ فھمي ھویدي إلى قولھ

ولكن ،نة بتعصب اآلخرینالمسلمین إذا كنا نتحدث عن التاریخ في مقام المقارفإنھ ال ، عندما نكون بصدد عرض علمي وجاد لموقف اإلسالم من اآلخرین

،1995- هـ 1415 ، دمشق–دار الفكر ، محمد سعيد رمضان البوطي. د: الجهاد في اإلسالم )1(

).144(ص



بل یصبح استخدامھ بمثابة إقالل من قیمة ، یبقى ثمة مكان لمثل ھذا الوصفونیل من المكانة التي أعلى اهللا سبحانھ بھا ، الموقف اإلسالمي الصحیح

د مقبوال استخدامھا في القاموس كما أن الفتة التسامح لم یع، اإلنسان .)1("المعاصر الفھم اإلسالمي للتسامح أكثر عمقا وإدراكا لحقیقتھ، في مقابل الفھم إن

الظاھر لداللتھ وحقیقتھ الفاعلة في الحیاة، الذي ورد في كتابات غیر المسلمین، ا سعة صدر تفسح لآلخرین أن یعبرو":)لصلیبا(فھو في كتاب المعجم الفلسفي

وال یحاول صاحبھ فرض ، ولو لم تكن موضوع تسلیم أو قبول، عن آرائھمالصادر عام ، )لتسدلر(، وفي القاموس العام )2("آرائھ الخاصة على اآلخرین

شیئا آخر غیر أن یحاول المرء التعامل مع ...لیس التسامح" :م، ورد1745 وأن یتولى المرء ، یمنع أحد غیره حقوقھ الطبیعیةاآلخر بروح سلمیة، وأال

التي یكتبھا ، بكل لطف دحض اآلراء الخاطئة التي تقال على منابر الوعظوأن یجتھد المرء بكل تواضع وتعقل لتعلیم غیره ما ، القائمون على ھذه المنابر

.)3("ھو أفضل المبحث الثاني

التأصیل الشرعي للتسامحلكثیر من ورد في نصوص القرآن الكریم والسنة النبویة المطھرة ا

التوجیھات الداعیة إلى الرفق، ومقابلة السیئة بالحسنة، واإلعراض عن

، السعودية، دار ابن الجوزي، عبد اللطيف بن إبراهيم: تسامح الغرب مع المسلمين في العصر الحاضر )1( ).27-26( ص،)م1999 -هـ1419(1ط ).44(ص، )م11982 -هـ 01402 بيروت–دار الكتاب ، جميل صليبا: المعجم الفلسفي )2( -هـ 1427) 4(عمان العدد، مجلة التسامح، )لسنغ(سليفيا هورش : اإلسالم والعقالنية والتسامح )3(

).290( ص،م2006



اإلسالم ال یقر المواقف الوقتیة التي تصنعھا انفعاالت النفس، نإالجاھلین، إذ غلب علیھا العاطفة، وال یقر ـ أیضا ـ حب االستغالب والقھر واالنتقام؛ لھذا تو

« ¼ ½ Mµ ´ ³ ²¹ ¸ ¶ º :تمثل اآلیة القرآنیة¿ ¾L(1) ـ، قاعدة مسلكیة في تعامل المسلم مع غیره، وھو تعامل

. یغلب العفو والمسامحة على مقابلة العقاب بالمثل ـكما یالحظ في مدلول اآلیةوھو عفو یتصل بغایات وجودیة كبرى، ومقاصد إنسانیة نبیلة، حددتھا

.نصوص الكتاب والسنة النبویة الصحیحةولكن وردت ، ومشتقاتھ فیھ) سمح(لباحث في القرآن لن یجد الفعل إن ا

ل فصو، ونحوھا، في آیات كثیرة...كالصفح والعفو، والسالم، كلمات في معناهM H G F E :العلماء مراد ھذه اآلیات، كقول القرطبي في قولھ تعالى

K J IL)2(،نت قواعد الشریعة ھذه اآلیة من ثالث كلمات، تضمدخل فیھ صلة القاطعین، MF EL: المأمورات والمنھیات، فقولھفي

والعفو عن المذنبین، والرفق بالمؤمنین، وغیر ذلك من أخالق المطیعین، صلة األرحام، وتقوى اهللا في الحالل MH GL :ودخل في قولھ

M J I :والحرام، وغض األبصار، واالستعداد لدار القرار، وفي قولھKL 3("لق بالعلم، واإلعراض عن أھل الظلمالحض على التع(.

الى قول السعدي و ھ تع ` M^ ] \ [ Z_ b a: في قولk j i h g f e d cL)4(،" ة ن اآلی راد م إذا : الم

.126 :ية اآلسورة النحل )1( .199: ية اآلسورة األعراف) 2(دار ، عبد الرزاق المهدي: تحقيق، ألبي عبد اهللا محمد بن أحمد األنصاري: الجامع ألحكام القرآن )3(

.7/344 ،)م2000 -هـ1421(3 بيروت ط–الكتاب العربي .34 :ية اآلسورة فصلت) 4(



القول والفعل ك أعداؤك ب ة ،أساء إلی ھ یجوز معاقب ع أن ابلھم باإلساءة، م ال تق فإن المسيء بمثل إساءتھ، ولكن ادفع إساء یھم، ف ك إل ك باإلحسان من ك تھم إلی ذل

ي الحال، ك ف فضل منك على المسيء، ومن مصالح ذلك أنك تخف اإلساءة عنھ وأسفھ، ى ندم رب إل ى الحق، وأق وفي المستقبل، وأنھ أدعى لجلب المسيء إل

ضا . )1("ورجوعھ بالتوبة عما فعل، ولیتصف العافي بصفة اإلحسان ھ أی و قولالى ھ تع ي قول © M£ ¢ ¡ � ~¤§ ¦ ¥ ¨ ª: ف

«L " ومكم یكم وال أل رب عل ¤~ � ¡ ¢ £M أي ال أث§ ¦ ¥¨« ª © L ر افسمح لھم سماحا تام ، من غیر تعیی

لھم على ذكر الذنب السابق، ودعا لھم بالمغفرة والرحمة، وھذا نھایة اإلحسان، .)2("الذي ال یتأتى إال من خواص الخلق وخیار المصطفین

` Mc b a : قولھ تعالىیر في قول ابن كثو _d g f e hL)3( " أي من أساء إلیك فادفعھ عنك باإلحسان إلیھ، كما قال عمر

.)4 ("فیھ ما عاقبت من عصى اهللا فیك بمثل أن تطیع اهللا

، الكثیر من اآلیات التي تدعو إلى ھذه المبادئ العظیمةـ أیضا ـوھناك M O :والتحلي بسماتھا، من ذلك قولھ تعالى N M L K J I H

_ ^ ] \ [ ZY X WV U T S R Q Pd c b a`L)5(،وقولھ :M t s r q p o n m

، 1مؤسسة الرسالة ط، عبد الرحمن بن ناصر السعدي: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان )1( . 1/558: )م2000-هـ 1420( .1/404 مرجع سابق،: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان )2( .96 :ية اآلسورة المؤمنون) 3( .7/181 ،)م1980-هـ 1400(دار الفكر للنشر والتوزيع ، البن كثير: ير القرآن العظيمتفس )4( .22 :ية اآلسورة النور) 5(



v uL)1( ،حتى قولھ تعالى على لسان الرجل :M ÊÉ È ÇÎ Í Ì Ë* Ö Õ Ô Ó Ò Ñ ÐL)2( ، فتمنیھ ھذا إشفاقا

.بھم رغم قتلھم إیاه رجماتي ووردت في السنة النبویة الكثیر من األحادیث الـ أیضا ـوھناك

:، منھاالمطھرة، التي تدعو للتسامح، وتؤكد علیھال - ھ ق ن مسعود رضي اهللا عن د اهللا ب ال : عن عب أال " ألصحابھ )( ق

.)3(كل قریب ھین لین، أخبركم بمن یحرم على النار، أو من تحرم النار علیھ؟ ین فعیل من ا ، ھین: وقولھ ى : لھون وھو السكون والوقار والسھولة، وأما الل فعل

در تھم بق ة، ومالطف ل الطاع ي محاف ستھم ف اس بمجال ن الن ب، أي م ل قری كھل ة، س مح : الطاع ضاء، س مح الق ھ س اه أن وائجھم، أو معن ضاء ح ي ق أي ف

شراء ع، سمح ال ى كل ، االقتضاء، سمح البی ار تحرم عل أن الن اد ب والحدیث أف .)4( لین الجانبسھل طلق حلیم

ھل أتى ): ( وعن عائشة رضي اهللا عنھا، أنھا قالت لرسول اهللا -لقد لقیت من قومك ما لقیت منھم یوم :" فقال. علیك یوم أشد من یوم أحد؟

ني إلى ما فلم یجب، إذ عرضت نفسي على ابن عبد یالیل بن عبد كالل،العقبة، )5(فلم أستفق إال وأنا بقرن الثعالب، فانطلقت وأنا مھموم على وجھي، أردت

.20 :ية اآلسورة يس) 1( .27: ية اآلسورة يس) 2( وصححه األلباني في السلسلة الصحيحة ،)2488(حديث رقم4/654خرجه الترمذي في سننه أ)3( ).938( حديث رقم 2/611 بيروت–دار الكتب العلمية ، محمد عبد الرحيم المباركفوري، تحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي )4(7/160- 161. .4/332 معجم البلدان،بسكون الراء ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة: بقرن الثعالب) 5(



فناداني ، فنظرت فإذا فیھا جبریل، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني وقد بعث اهللا، قد سمع قول قومك لك وما ردوا علیك) عز وجل( اهللا إن: فقال

، اداني ملك الجبال وسلم عليفن: قال. جبال لتأمره بما شئت فیھمإلیك ملك ال وقد بعثني، وأنا ملك الجبال، اللھ قد سمع قول قومك لكیا محمد إن : ثم قال

. أطبق علیھم األخشبین؟إن شئت أن، فما شئت، ك إلیك لتأمرني بأمركرببل أرجو أن یخرج اهللا من أصالبھم من یعبد اهللا ): "(فقال لھ رسول اهللا

.)1("شیئا وحده ال یشرك بھ وعلیھ رداء نجراني ) (كنت أمشي مع رسول اهللا: قال وعن أنس-

غلیظ الحاشیة، فأدركھ أعرابي، فجبذه بردائھ جبذة شدیدة، فنظرت إلى صفحة یا :من شدة جبذتھ، ثم قال، وقد أثرت بھا حاشیة الرداء) (عنق رسول اهللا

فالتفت إلیھ فضحك، ثم أمر لھ . مر لي من مال اهللا الذي عندك، محمد .)2("بعطاء

یحكي ) (كأني أنظر إلى النبي: وعن ابن مسعود رضي اهللا عنھ قال-اللھم :" دم عن وجھھ ویقولنبیا من األنبیاء ضربھ قومھ فأدموه وھو یمسح ال

. )3("اغفر لقومي فإنھم ال یعلمون :ومن كل ھذه النصوص نستدل على اآلتي

، ومقابلة السیئة بالحسنة مبدأ إسالمي أصیل، یقره والرفق إن السماحة :أوال .دیننا، ویدعو إلیھ، ویحارب التعصب وانفعاالت النفس التي ال تفید

، 411-6/410 ومسلم في صحيحه،) 3059( حديث رقم ،3/1180أخرجه البخاري في صحيحه )1(

.واللفظ له) 1795(حديث رقم حديث ، 4/379 ومسلم في صحيحه ،)5472(حديث رقم ، 5/2188أخرجه البخاري في صحيحه ) 2(

.واللفظ له، )1057(رقم .)3290( حديث رقم ،3/1282أخرجه البخاري في صحيحه ) 3(



إن ھذا المسلك الخلقي متصل بمقاصد وغایات نبیلة؛ ولھذا ال یعد :ثانیاالتسامح مسلكا غائیا، ولكنھ مادة خلقیة لغایات عظیمة، كما تؤكد ھذا

بل أرجو أن یخرج اهللا من أصالبھم "النصوص النبویة السابقة، كحدیث .)1( "شیئا من یعبد اهللا وحده ال یشرك بھ

یعني التساھل، أو التنازل عن المبادئ والقیم، ولكن التواصل التسامح ال:ثالثا ME F: واالستفادة من اآلخر، وبیان محاسن اإلسالم، كما في اآلیة

G H I J KL)2(، فالعفو قرین األمر بالمعروف ،وقرین ھذین األمرین اإلعراض عن الجاھلین، والتعقیب باإلعراض عن

روف، كون األمر بالمعروف یستلزم الجاھلین، بعد العفو واألمر بالمعاألذى، ومن ثم لم یأمر القرآن ھنا بردود مماثلة لما قد یتعرض لھ الفرد

بل أمر باإلعراض، وغض الطرف عن ذلك، ، في مثل ھذه المواقفاتصلت مبادؤه التسامحیة، بإشفاقھ على ) سی(من سورة وفي قصة مؤ

MÎ Í Ì * Ð :قومھ، وحرصھ على ھدایتھم بعد موتھ، إذ قالÖ Õ Ô Ó Ò ÑL(3) ، رغم إساءتھم لھ ورجمھم إیاه حتى

. الموتق التسامح قاعدة مسلكیة إسالمیة، تلزم المسلم األخذ بھا، والتخل إن:رابعا

: بأخالقھا، ولھ بھذا ثواب اهللا ورضاه في دنیاه وآخرتھ، كـقـولھ تعـالىM X YZ [ \ ] _ a b c dL)4(، كثیرقال ابن :

).22( سبق تخريجه في هامش) 1( .99: ية اآلسورة األعراف) 2( .27-26: ية اآل،رة يسسو) 3( .22: ية اآلسورة النور) 4(



م منھم من اإلساءة واألذى، وھذا من حلمھ تعالى وكرمھ ي عما تقدأ"اآلیة الكریمة واضحة الداللة و. )1("...ولطفھ بخلقھ مع ظلمھم ألنفسھم

على أنھ ینبغي للمؤمن أن یكون سمحا لینا رفیقا بإخوانھ، وإذا حصلت إذا كان یرجو من أخیھ، فإنھ ینبغي لھ المسامحة واإلحسان ذىأ وأزلة

). عز وجل(رحمة اهللا ویطمع فیما عنده وفي النصوص داللة على النظرة االستشرافیة البعیدة والعمیقة التي :خامسا

وإدراكھ للحقائق الوجودیة، والمصائر المستقبلیة ، یتسم بھا المسلم .للموجودات بما فیھا اإلنسان

المبحث الثالث الشرعیة للتسامحالضوابط

وما یتصل ، زه في الفھم وعمق النظرتسامح اإلسالمي معالم تمی للإن ـویعمق، ومن ضبط تشریعي یوجھھ، بكل ھذا من مقاصد وجودیة كبرى

من ضوابط لھذا التسامح، منھا د كان ال بومن ثم، میز لھم رسمھ الـأیضا ، ضمان عدم الترویج لمعتقدات تدمر المجتمع، وتشیع اإللحاد والفوضى

ین، وإبداء الوالء روتعرض مصالح الوطن للخطر، والتعدي على أموال اآلخ .ونحو ھذا...لغیر المسلمین

تمسكھ وإقرار اإلسالم أیضا لثقافة التسامح یعني أن المرء حر فيبمعتقداتھ، وأن یقبل أن یتمسك اآلخرون بمعتقداتھم، ومن ثم اإلقرار بأن البشر

وسلوكھم، وقیمھم، لھم ، في مظھرھم، وأوضاعھم، ولغاتھمالمختلفین بطبعھم ومن ثم ، أال تفرض على اآلخر في العیش بسالم، وأن آراء الفرد ینبغي الحق

.6/31 ، مرجع سابق، تفسير ابن كثير)1(



نستطیع أن نفرق بین التسامح والتساھل، الذي یعني التنازل عن الثوابت، وھذا :ما أكده ھذا البحث، ویبین ضوابطھ في ثالثة مطالب، على النحو اآلتي

:مراعاة عقیدة الوالء و البراء :المطلب األولواآلخر غیر مسلمین، فأما ، نمیاألول مسل: الناس ینقسمون إلى قسمین

المسلمون الذین آمنوا باهللا ورسولھ فتجب مواالتھم وإظھار الود لھم باألقوال، ¾ ½ ¼ « M ¶ ¸ ¹ º: واألفعال، والنوایا الصادقة، قال تعالى

¿ À Á Â ÃL)1( ،ـ على اختالف أصنافھم ـأما غیر المسلمینو فقد نھى المولى سبحانھ المؤمنین عن اتخاذ الكافرین أولیاء وأصدقاء من دون

أي بریئ من اهللا ، فعل ذلك فلیس من اهللا في شيء وأخبر أن من، المؤمنین M Ñ Ò: قال تعالى. )2(بارتداده عن دینھ ودخولھ في الكفر، وبرئ اهللا منھ

Ó Ô Õ Ö × Ø Ù Ú Û Ü Ý Þ ß à á âã ä å æ ç èL)3(، قال تعالىو :M " # $ % & ' ( )* + ,

-. / 0 1 2 34 5 6 7 8 9 :L)4(وقال تعالى ، :M ¬ ®

¯ ° ± ² ³ ´µ ¶ ¹ º » ¼ ½ ¾ ¿ À Á

Â ÃÄ Å Æ ÇÈ É Ê ËL (5)یجب أن ندرك الفارق ومن ثم الذین إن" ):رحمھ اهللا(ما یقول سید قطب ك، بین عقیدة الوالء والتسامح

باسم التسامح والتقریب بین أھل األدیان ، یحاولون تمییع عقیدة الوالء والبراء

.55: ية اآلسورة المائدة) 1(، أحمد محمد شاكر: تحقيق، ألي جعفر محمد بن جرير الطبري: جامع البيان في تأويل آي القرآن )2(

.6/313، )م2000 - هـ 1420( ، 1ط،مؤسسة الرسالة .57: ية اآللمائدسورة ا) 3( .51:يةاآلسورة المائدة ) 4( .28: ية اآلسورة آل عمران) 5(



فالدین ، یخطئون فھم معنى األدیان، كما یخطئون فھم معنى التسامح، السماویةال ، والتسامح یكون في المعامالت الشخصیة،ھو الدین األخیر وحده عند اهللا

وفي ": إلى أن یقول ... وال في النظام االجتماعي، ر االعتقاديفي التصوفلیحذر المسلم من تمیع المتمیعین وتمییعھم لھذا ، القرآن كلمة الفصل

.)1("الیقین اإلسالم الذرائع التي ربما تفضي إلى مواالة الیھود فقد سدومن ثم

ال تبدؤوا الیھود :" قال) (أن رسول اهللا فعن أبي ھریرة ، والنصارى ألن السالم ،)2("والنصارى بالسالم، فإذا لقیتم أحدھم فاضطروھم إلى أضیقھ

بل الالئق بھم اإلعراض ، إعزاز وإكرام، وال یجدر إعزازھم وال إكرامھمعلى فیحرم ابتداؤھم ، عنھم وترك االلتفات إلیھم تصغیرا لھم وتحقیرا لشأنھم

. )3 (األصح عند الشافعیة، وأوجبوا الرد علیھم بعلیكم فقط : مراعاة العدل والمعروف:المطلب الثاني

ومن أجلھ ، العدل من الغایات الكبرى التي اتفقت علیھا الشرائع السماویة " ! M: قال تعالى،وأنزل كتبھ لیقوم الناس بالقسط، أرسل اهللا رسلھ

# $ % & ' ( ) * +,L(4) ومن ثم ،

–ودار الشروق للطباعة والنشر ، جدة–شركة دار العلم للطباعة والنشر ، لسيد قطب: في ظالل القرآن )1(

.2/910 ،)م1986 -هـ1406(12القاهرة طحديث ، 4/154ذي في سننه والترم،)2167(حديث رقم، 7/268أخرجه مسلم في صحيحه ) 2(

).1602(رقم مصر –المكتبة التجارية الكبرى ، عبد الرؤوف المناوي: فيض القدير شرح الجامع الصغير )3( .6/386، )هـ1356(1ط .25: ية اآلسورة الحديد) 4(



: میز اهللا سبحانھ الفئة المؤمنة بالعدل وااللتزام بھ منھاجا للحیاة، قال تعالىMT U V W X Y ZL1)(.

سلمین ین الم ت ب ونظر اإلسالم إلى العدل نظرة عامة شاملة، سواء أكانبعض ضھم ال ع بع الى ، م ال تع رھم ، ق ع غی ت م « M ¹ º :أم كان

¼ ½ ¾ ¿ À Á ÂÃ Ä Å Æ Ç L)2(ھ M © ª: ، وقول« ¬ ® ° ±² ³ µ ¶ L)3(.

یجب ضبط التسامح بالعدل، وأال یضیع حق أو ینتقص، أو یجار ومن ثم ـ ابتداء ـ بإقامة المعروف وإنكار المنكر، فالسماحةـ أیضا ـفیھ، وأن یضبط

وعة مقاصدھا إنسانیة وفكریة نبیلة، یجب معھا أال تؤدي ھذه المصالح المشرإلى مفاسد، وتتجاوز السماحة مسلكھا النبیل إلى صور من المداھنات، والتمییع

.غیر الالئق باإلسالم والمسلمینزام إن ى االلت ف عل ة، یتوق ھ المختلف ي جوانب ر ف ع اآلخ ل م التواص

ع و بجمی ین الغل ا، متجنب ة وتطبیق لوكا، وممارس را، وس الم فك طیة اإلس بوسذي یعمي كان ھذا الغلو فيأ أشكالھ وصوره، سواء ي التجریح ال التقدیس، أو ف

ابي ل إیج ول دون أي تفاع صیرة، ویح ى الب ضي عل صر، ویق ر، الب ع اآلخ مالى ? < = > ; :M: والتعاون والتكامل معھم، یقول تع

@ A B C D EF L)4(.

.181: ية اآلسورة األعراف) 1( .105: ية اآلسورة النساء) 2( .8 :ية اآلسورة المائدة) 3( .145: ية اآل البقرةسورة) 4(



د موقفإن طیة تع دیا الوس ص ا، متوازنا عق ة، والتب ى اإلیجابی وم عل ر یقة ة الحصیف بالسنن التي أودعھا اهللا في ھذا الكون، ورؤیة منھجی ع عمیق لموق

اة ود والحی ى الوج ون، وإل الم والك ي الع ؤمن ف سان الم ى ، اإلن ذا المعن بھ . الحضاري الشمولي كانت األمة اإلسالمیة ذات یوم خیر أمة أخرجت للناس

حكام والمقاصدمراعاة األ: المطلب الثالث، إذ ن الضروري التمییز بین الثوابت والمتغیرات من األحكام مإن

ھذه األحكام ثباتھا من كونھا صیغت في نصوص قطعیة في ثبوتھا تستمدالمراجعة والتعددیة، وتعد ھذه األحكام محل إجماع واتفاق وداللتھا، تسمو على

ھذه إلى یوم القیامة، وبمقابل) (المصطفى بین عامة المسلمین من لدناألحكام الثابتة القاطعة أحكام متغیرة بتغیر األزمنة واألمكنة واألحوال

أحكاما مصوغة في نصوص ظنیة في الداللة واألوضاع، وذلك لكونھافي الثبوت دون الداللة؛ وألن والثبوت معا، أو في الداللة دون الثبوت، أو

لذلك فإنھا كانت وستظل ھا؛ في ثبوتھا أو في داللتإماالظن یخالط ھذه األحكام والمكان والوضع، یعني میدانا فسیحا للتعددیة واالختالف، إذ كل تغیر للزمان

. صیب ھذه األحكام التغیر والتبدل والتحولتأن إدراك الفروق بین ھذین النوعین من األحكام الشرعیة في تسامحنا إن

وأال یساوي بینھما، فالثوابت ینبغيمع اآلخر، یقتضي أال یخلط المرء بینھما، أن تبقى ثوابت ال تخضع للمساومة، أو التنازل، أو التحول، وأما المتغیرات

ومكانھ ، أن یعید النظر فیھا في ضوء ما یستجد في واقعھ، وزمانھ فإن للمرءمن أوضاع فكریة، أو اجتماعیة، أو سیاسیة، أو ثقافیة، وذلك بغیة ترجیح ما

.مع زمانھ، ومكانھ، وواقعھیتناسب



في تواصلنا مع اآلخر، فللشرع في وكذلك استحضار المقاصد والمآالت وخاصة، كما أن لتلك جمیع تشریعاتھ وأحكامھ المتعلقة باآلخر مقاصد عامة

من تلك األحكام المقاصد وسائل وطرائق موصلة إلیھا، وتمثـل المقاصد العامةالعامة الملحوظة للشرع الكریم في سائر أحكامھ مجموع المعاني الجلیلة

قال ، وتشریعاتھ المتصلة باآلخر، فمن المعاني العامة اإلحسان إلى اآلخر، )M3 4 5 6 78 9 : ;L)1: تعالى

) ' & % $ # "M: قال تعالى،ومجادلتھ بالتي ھي أحسن

) L)2(وإكرام إنسانیتھ، قال تعالى ، :M_ ` a bL(3) ،ومن ثم وفھم ، یجب أن نستحضر مقاصد اهللا الكبرى، ومراده من خلقھ في ھذه األرض

.التسامح ضوء ذلك المبحث الرابع

التسامح بین النظر اإلسالمي وفھم اآلخر نإ إذ ،اإلنسانیة: األولىتین، ید التسامح اإلسالمي فكرتین جوھریجس

M_ ` a b: لھ مالئكتھوأسجد، مھ اهللاكر، مكرماإلنسان ابتداء مخلوق

c d e f g h i j k l m n

oL)4(فاآلیة تؤصل لقیم اإلنسان عموما ومكانتھ في الوجود، ومن ثم ،إذ بھا ، وتشیر إلى الكینونة البشریة ذاتھا ال إلى ما تحملھ من تصورات وأفكار

ل اهللا التمایز واالختالف في مراتب التكریم كما یبن ھذا قوویبرز التباین

. 134: ية اآلسورة آل عمران) 1( .46: ية اآلسورة العنكبوت) 2( .70 :يةاآلسورة اإلسراء ) 3( .70: ية اآلسورة اإلسراء) 4(



ME F G H I J K L M N OP Q R S: تعالى

T UV W X Y Z L)1( ، إذ نلحظ مطلق الخطاب وعمومھ للناس دون .ثم تمییزه بعدھا للمخاطبین ومراتبھم، تخصیص

ھذه الفكرة اإلنسانیة اإلسالمیة ملتقى األفكار والمفھومات بین ولقد كانتمخطط (عن ) رایتر فورست(وف فمثال في الغرب یدافع الفیلس، أھل النظروھو یستند ، ]فضیلة العدالة ومطلب العقل:[الذي یؤسسھ على قاعدة) االحترام

وھذا ما ، )2(إلى احترام متبادل لألفراد، أو المجموعات المتسامحة مع بعضھا ،معرفة اهللا( : ھما،في إشارتھ إلى نقطتین) لسنغ:(قرره كاتب غربي آخر وھو

كما ذكر ـ نقطتان مركزیتان في الدین ـ وھما ،)قیاوالسلوك الصحیح أخال .)3(باإلسالمیتین) لسنغ(وھما أیضا اللتان یدعوھما ، الطبیعي

إذ یحقق التسامح ، تحقیق الوجود الفاعل لإلنسان: والفكرة األخرى، وتباین اتجاھاتھم ورغباتھم، ال للتواصل بین الناس مع اختالف أفكارھمبس

لقیم المشتركة العابرة للحدود التي ترسمھا اختالفات الدین ویحقق اكتشاف ا ولكن كبشر، یقول ،التي یلتقي فیھا البشر ال كمنتمین ألدیان مختلفة، والثقافات ،ML M N OP Q R S T UV W X Y ZL(4) :اهللا تعالى

اإلسالم، ال یكتفي بالتسامح كمسلك خلقي مقصود لذاتھ، فھو غائي مع تأكید أنثین، تغلب فیھ المصالح المادیة، والذوقیات الشكلیة، أما عھم ھذین البافي ف

وأثر ، ر اإلسالم الكلي للوجود واإلنسانالتسامح اإلسالمي ال ینفصل عن تصو

.13 :ية اآلسورة الحجرات) 1( ).229( ص،مرجع سابق، اإلسالم والعقالنية والتسامح )2( .290المصدر نفسه، ص) 3( .13: يةاآل سورة الحجرات) 4(



كانت ھذه الدعوة لعامة الناس ومن ثم، أخالقیاتھ في حیاتھ وحیاة اآلخرین M : ; < = > ? @ A B C: والبیان لھم في قولھ تعالى

D E F G H I J K L M N O P Q RS T U V

W X YL)1( ،وقولھ تعالى :ML M N OP Q

R S T UV W X Y ZL)2( ، ن تؤسسان لمبدأ التواصل ی اآلیتنإإذقیق سعادة اإلنسان وذلك إلقامة مراد اهللا في األرض، وتح، مع اآلخرین

.المستعمر فیھافي كل األحوال ، إلى أحد غیره اهللا سبحانھ وتعالى یدعو إلیھ الإنین قناعات عالمھا الد؛ ألنMÑ Ò Ó ÔÕ L(3): دون إكراه، واألفعالوحقائقھا ال یصل إلیھا حد السالح، بل نفاذ الكلمات واألفكار وصدق ، الضمیر، وفتح باب الحوار بالحسنى، أوصد اإلسالم باب القھر والغلبةومن ثم، الحوار

/ .- , + * ( ) ' & % $ # "M: قال تعالى0 1 2 3 4 5 6 7 8 9 : ;L(4) ،قال و M : ; < = > ? @ A B C D E F G H I: أیضا

J K L M N O P Q RS T U V W X

YL)5(. سان إن زاع اإلن ى انت دف إل ع اآلخر تھ ھذه الدعوة للحوار والتواصل م

ن ادةإرم اق الم دین ا ، ھ ائق ال ى حق صور إل بش الت قوغ رز دور ، لح ا یب وھن

.64 :ية اآلسورة آل عمران) 1( . 13: ية اآلسورة الحجرات) 2( .256: ية اآلسورة البقرة) 3( .46: ية اآلسورة العنكبوت) 4( .64: ية اآلسورة آل عمران) 5(



دك ا عن شاف م ھ الستك ر وحث ع اآلخ ات م ل العالق ي تفعی ھ ف سامح وفاعلیت التشیر ، وتعریف الناس باهللا وبدینھ الحق ، كحرصك في معرفة ما عنده ا ت ذا م وھ

ة ھ اآلی M E F G H I J K L M N OP Q R :إلیS T UV W X Y ZL)1( ، حظ عموم النداء إذا نال :M E FL ، دد م ح ث

م ، MOP L الغایة من الخلق د یفھ ا ق ارف كم ن أجل التع ا ال م ارف ھن والتعة اھر اآلی ن ظ ة ، م د وجودی ن لمقاص ي ، ولك ة ف ھ اآلی ارت إلی صیریة أش وم

ا اور M Q R S T UVL، نھایتھ ق إال بالتح صد ال یتحق ذا المق وھ .والتواصل مع اآلخر

ومقاصده ، لعمیقةا التسامح اإلسالمي بأبعاده الكونیة، والوجودیة إن على كثیر من الباحثین والكتاب غیر المسلمین، ومن ھؤالء الكاتب رأث، النبیلة

فدافع عنھ، ومن ثم ، الذي أعجب بعقالنیة اإلسالم وتسامحھ، )لسنغ(الغربي التسامح ) لسنغ(نزع في فھمھ للتسامح منزعا یقترب من اإلسالم، فلقد وصف

، وأنھ لیس مجرد تحمل لقناعات اآلخرین": بأنھ موقف احترام واعترافوقصور البشر في الوصول إلى الحقیقة ، )2("ولكنھ تفاعل جاد وبناء معھم

وبھذا یصبح التسامح مؤسسا على ، )لسنغ(أمر حاسم األھمیة عند ، المطلقةنظریة المعرفة من خالل الفرق بین المعرفة المحدودة للبشر، والحقیقة المطلقة

مكن الوصول إلیھا، وعلى اإلنسان بصورة مطردة أن یجتھد للوصول التي ال یأنھ امتلك الحقیقة، ) لسنغ(والذي یتوھم في نفسھ في نظر ، إلى معرفة أعمق

ومن ثم فھو حینما یقر بھذا ، )3(...یفوت على نفسھ إمكانیة اقتراب إضافي منھا

.13: ية اآلسورة الحجرات) 1( ).299( ص مرجع سابق،،اإلسالم العقالنية والتسامح )2( .)291( ص،المصدر نفسه) 3(



، دراكھ المحدودویؤكد إ، فھو یقلل في إمكانات المطلق في تصورات اإلنسانوما یتصل بھ من معرفة ال ترقى بھ إلى الحقیقة المطلقة؛ ولھذا تقل الثقة بھ

ویصبح الحدیث حول المنھج الفاعل الذي یقترب بنا إلى المسلك ، وبإمكاناتھومن ثم كانت ، الحق ضرورة حتمیة للسیر بنا إلى مدارج الكمال الخلقي

وضبط ، المطلقة في تحقیق ھذاھلیتھا ألنصوص الكتاب والسنة الصحیحة .محددات األخالق عموما والتسامح خصوصا

والقبول باآلخر، ال یبتعد عن فھم اإلسالم ، فھمھ الواسع للتسامحكما أنللتواصل، واالعتراف باآلخر، مؤكدین معالم التمیز العمیق في مقاصد النظر

رض، وتحقیق النافع اإلسالمي التي تھدف إلى تحقیق مراد اهللا في تعمیر األ، المفید للناس جمیعا، وھذه فضاءاتھ متسعة لكل مجتھد، ولكل جدید، تواصال

واإلسالم یقر بحریة االعتقاد لآلخر، وھذا ھو التسامح ، وتفاعال، وإبداعابعینھ، لكنھ لیس بالضرورة اإلقرار بصحة الغیر في تصوراتھ المخالفة

ومن ثم یبرز فارق الفھم التسامحي بین ، لإلسالم، وال نسبیة للصحة فیھا، فعنده لیس المؤمن بما ال نؤمن بھ ھو بالضرورة على )لسنغ(اإلسالم وفھم

خطأ، ومن الواجب التسامح معھ بسبب اإلمكانیة الكامنة للحقیقة، أو المیل إلى بل یرى ، الرأي المخالف فقط) لسنغ(الحقیقة التي تمتلكھ، ومن ھنا ال یتحمل

وال ، جدل معھ ضرورة لدعم جھود الذات الھادفة إلى الوصول للمعرفةفي ال .)1(یكون ھذا الموقف ممكنا بدون احترام اآلخر واالعتراف بھ

في مقابل منطلقات ، وأخیرا أكرر تأكید نفي النفعیة التسامحیة لإلسالمھم الفكر العلماني الحدیث، إذ یتأكد ھذا الحكم في مقوالتھم الفكریة، ومسلك

ومن ثم تؤسس ، الذي یجعل من المنفعة مادة تأسیسیة للمجتمعالعملي الواقعي؛

.)291( ص مرجع سابق،:اإلسالم والعقالنية والتسامح) 1(



شدد في أحد )یورغین ھابر ماز(فمثال ، العالقات واألخالق في ضوئھاإذا نظرنا " :الخطابات كثیرا على المنافع العملیة لوصیة التسامح، إذ یقول

یھ أن یستوعب التأثیر التسامح الدیني عل فإن،لألمر من وجھة وظیفیة الرابطة االجتماعیة التي تربط المؤمنین مع مؤمنین من إن. اماالجتماعي الھد

ومع غیر المؤمنین كأعضاء في مجتمع علماني واحد یجب أال ، عقیدة أخرى .)1("تتمزق

المبحث الخامس مظاھر التسامح وصوره

ھا في عدة ، سوف یقف البحث على بعضا للتسامح مظاھر وصورإن :مطالب، وذلك على النحو اآلتي

:الرحمة: المطلب األولة صف اهللا بالرحم ¶ M ° ± ² ³ µ :ات

¹ º » ¼ ½L)2(، ھ رحیم، إذ برحمت رحمن وال ماء اهللا ال ن أس ومق ، یھدي عباده إلى سبیل سعادتھم ة بتحقی شریعة الكفیل یھم ال زل عل ھ ن وبرحمت

ر دنی ، الخی ي ال م ف سعادة لھ ھ ، ا واآلخرةوال ي جنت ؤمنین ف دخل الم ھ ی ، وبرحمت .)3(وبرحمتھ یغفر للمسیئین

)299: (المصدر نفسه، ص) 1( .7: ية اآلسورة غافر) 2( :)م1987-1407(2 دمشق ط–دار القلم ، لعبد الرحمن حسن حبنكة الميداني: األخالق اإلسالمية )3(2/16.



فعن جریر بن وقد وردت أحادیث تؤكد على تخلق المسلمین بھذا الخلق،قال . )1("ال یرحم اهللا من ال یرحم الناس ":) ( اهللا قال رسول، قالعبد اهللا

ال الرحمة لجمیع الخلق، فیدخل وفي الحدیث الحض على استعم :"ابن حجرفھي مشروعة لجمیع ، )2("والبھائم المملوك منھ وغیر المملوك، الكافر والمؤمنحتى لو كانت بیننا وبینھم عداوة ما لم یقاتلوننا، وال تعارض بین الرحمة ، الخلق

العامة التي یستحقھا جمیع الخلق وبین الشدة على الكفار؛ ألن الغایة من ھذه وھذا المنع ھو من األمور العظیمة التي تستدعیھا ، نع شرورھمالشدة م .)3(الرحمة

ق ()ولقد كان النبي ا ، رحیما مع كل الخل ال تع M a b: لىقc dL)4( ، ال روجھم لقت د خ حابھ عن یة ألص ي وص ھ ف ت رحمت وتجل

ال سھم للقت المرأة ، الكفار، بأال یتعرضوا باألذى لمن لم ینصبوا أنف ص ، ك ، بيوال .)5(والزمن، والشیخ الفاني

إذا أمر ()كان رسول اهللا : قالعن أبیھ ، فعن سلیمان بن بریدةـأوصاه في خاصتھ بتقوى اهللا، ومن معھ من ، أمیرا على جیش أو سریة

قاتلوا من كفر ، اغزوا باسم اهللا، وفي سبیل اللھ: "المسلمین خیرا، ثم قال، )6(."..وال تقتلوا ولیدا، وال تمثلوا، وال تغدروا، واغزوا وال تغلوا، اللھب

حديث ،1/48األدب المفرد وفي ،)6941( حديث رقم ،6/2688أخرجه البخاري في صحيحه ) 1(

).96(رقم بيروت –دار المعرفة ، أحمد بن علي بن حجر العسقالني: فتح الباري شرح صحيح البخاري )2( .10/440 )هـ1379( .2/19 األخالق اإلسالمية، مرجع سابق،) 3( .107: ية اآلسورة األنبياء) 4( .13/199لسان العرب : وزمانةزمن يزمن زمنا وزمنة ،ذو العاهة: الزمن) 5( ).4497(حديث رقم ، 6/314أخرجه مسلم في صحيحه ) 6(



وجدت امرأة مقتولة في بعض " :وعن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنھما قال. )1 (" عن قتل النساء والصبیان()فنھى رسول اهللا ) (مغازي رسول اهللا

أجمع العلماء على تحریم قتل النساء والصبیان إذا ":یثقال النووي في ھذا الحد .)2 (" یقتلون:فإن قاتلوا قال جماھیر العلماء، لم یقاتلوافرأى ، زوةغفي () كنا مع رسول اهللا: وعن رباح بن الربیع قالـ

،؟انظر عالم اجتمع ھؤالء: "فبعث رجال فقال، الناس مجتمعین على شيءوعلى المقدمة : قال، "ما كانت ھذه لتقاتل؟: "فقال، على امرأة قتیل: لفجاء فقا

.)3"(ال تقتلن امرأة وال عسیفا:قل لخالد: "فبعث رجال فقال، خالد بن الولید، أشد الغضب لما علم أن جنده قتلوا بعض األطفال) (وغضب النبي، وقتلنا من المشركین زاة فأصبنا ظفراكنا في غ: ع قالفعن األسود بن سری

ما بال أقوام ": فقال) (حتى بلغ بھم القتل إلى أن قتلوا الذریة، فبلغ ذلك النبي، "أال ال تقتلن ذریة، بلغ بھم القتل إلى أن قتلوا الذریة، أال ال تقتلن ذریة

أولیس خیاركم أوالد : "قال، ین؟لم یا رسول اهللا، ألیس ھم أوالد المشرك: قیل .)4("المشركین

).1744( حديث رقم،6/324 ومسلم في صحيحه ،)2852(3/1098أخرجه البخاري في صحيحه ) 1( بيروت –دار إحياء التراث العربي ، ألبي زكريا يحي بن شرف: النووي لصحيح مسلمشرح )2( .12/48)هـ1392(2ط حديث ،2/60 وأبو داود في سننه ،)16035( حديث رقم ،3/488أخرجه أحمد في مسنده ) 3(

وقال األلباني في تعليقه على سنن ،)4791(حديث رقم، 11/112 وابن حبان في صحيحه ،)2669(رقم ).2669( حديث رقم،2/60حسن صحيح : أبي داود

عن ، ثنا يونس، من طريق هشيم،)8616( حديث رقم،5/148أخرجه النسائي في السنن الكبرى) 4( .وإسناده صحيح. حدثنا األسود بن سريع قال،الحسن



:اإلحسان إلى غیر المسلمین: ثانيالمطلب ال ممن لم یقاتلوھم في الدین، ـیقیم اإلسالم العالقة بین المسلمین وغیرھم

MI: قال تعالى، على البر واإلقساط واإلحسانـأو یخرجوھم من دیارھم

J K L M N O P Q R S T U V W X YZ [ \ ]

^ L)1(.ھي رخصة من اهللا تعالى في : " یقول القرطبي في ھذه اآلیةأي ، أن یبروھم ویقسطوا إلیھم، صلة الذین لم یعادوا المؤمنین، ولم یقاتلوھمال ینھاكم : "، ویقول ابن كثیر)2("یعطوھم قسطا من أموالھم على وجھ الصلة

قاتلونكم في الدین كالنساء والضعفة عن اإلحسان إلى الكفرة الذین ال یأما مبرتھم فأن " ):علیھ رحمة اهللا(، ویقول الشیخ محمد بن عثیمین )3("منھم

ومعاملة اإلنسان لغیره ال ، وأما اإلقساط إلیھم فأن نعاملھم بالعدل، نحسن إلیھما أن وإم، عامل بالعدلا أن یوإم، عامل باإلحسانا أن یإم: تخلو من ثالث حاالت

وجوھا للبر واإلحسان إلى المخالفین ) 5( وأوضح القرافي.)4("عامل بالجوری، وإكساء عاریھم، وإطعام جائعھم، وسد خلة فقیرھم، الرفق بضعیفھم" :فقال

، ولین القول لھم على سبیل اللطف لھم والرحمة، ال على سبیل الخوف والذلةال خوفا ، لطفا منا لھم، لتھواحتمال إذایتھم في الجور مع القدرة على إزا

.8: يةاآل سورة الممتحنة) 1( .18/53 ، مرجع سابق،الجامع ألحكام القرآن) 2( .4/350 ، مرجع سابق،تفسير ابن كثير )3(، عبد اهللا الطيار. د: إعداد، ثيمينوابن ع، ابن باز: أسئلة وأجوبة لسماحة الشيخين: األقليات اإلسالمية )4(

).72( ص،)م1992 -1415( 1 الرياض ط–دار الوطن المحلة ، نسبته إلى القرافة، أبو العباس شهاب الدين القرافي،أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن: القرافي) 5(

وفى بهاوت، ولد بمصر، مفسر، أصولي، فقيه،من علماء المالكية،المجاورة لقبر اإلمام الشافعي واألحكام في تمييز الفتاوى عن ،منها أنوار البروق في أنواء الفروق: له مصنفات جليلة، هـ648(سنة

.1/100معجم المؤلفين ، 1/95األعالم ) وغيرهما،األحكام



أیضا ـ إلى المخالفین ـومن صور اإلحسان . )1("وتعظیما والدعاء لھم بالھدایة :في الدین

ثم األقربین على حسب ،األمر باإلحسان إلى الوالدین غیر المسلمین} أ{ MX Y Z [ \ ] ^ _ ` a b: قال تعالى، درجـات قربھم

c de f g h ijL)2(، حادیث تدل على وقد وردت أ : ذلك منھا

)3 (أتتني أمي راغبة: " عن أسماء بنت أبي بكر رضي اهللا عنھا قالتـ: قال ابن عیینة، "نعم: "قال، أأصلھا؟) (فسألت النبي ، ) (في عھد النبي MI J K L M N O P Q R S T U V W: الىفأنزل اهللا تع

X YZ [ \ ] L)4(،)5(. یت تلي أمي وھي مشركة في عھد قریش فاستفقدمت ع: "لفظوفي یا رسول اهللا قدمت علي أمي وھي راغبة أفأصل أمي؟ : فقلت)(رسول اهللا

والبر والصلة واإلحسان ال یستلزم " :، قال ابن حجر)6 ("أمك صلي نعم: "قال & % $ # " ! M :في قولھمنھا التحابب والتوادد المنھي عنھ

، والقواعد السنية، تهذيب الفروق: وبهامشه الكتابين، ألبي العباس أحمد بن إدريس القرافي: الفروق )1(

.3/15، بيروت–لكتب عالم ا .15: ية اآلسورة لقمان) 2( .2/583النهاية في غريب الحديث:أي طامعة تسألني شيئا: راغبة) 3( .8: ية اآلسورة الممتحنة) 4( حديث ،5/2230و البخاري في صحيحه ، )26958(حديث رقم ، 6/344أخرجه أحمد في مسنده ) 5(

) 5633( رقم، 328-4/327 ومسلم في صحيحه ،)2477( حديث رقم،2/924أخرجه البخاري في صحيحه ) 6(

.)1003(حديث رقم



' ( ) * + , - . /L)1( ، فإنھا في حق من قاتل .)2("ومن لم یقاتل

)( فقد أوصى النبي تخلیص األسرى من األسر وإطعامھم وكسوتھم،} ب{، وكسوتھم، وحث على إطعامھم، أصحابھ الكرام بحسن معاملة األسرى

فعن أبي موسى ، والعنایة بشأنھم حتى یحكم فیھم، واإلحسان إلیھم، وأطعموا الجائع، فكوا العاني" ):(قال رسول اهللا : قال األشعري

وعن أبي عزیز ابن عمیر أخي مصعب بن ، )3("وعودوا المریض): ( اهللا فقال رسول، كنت في األسارى یوم بدر: قال، عمیر

وكانوا إذا ، وكنت في نفر من األنصار ،"استوصوا باألسارى خیرا " وأطعموني الخبز لوصیة رسول اهللا أكلوا التمر، قدموا غداءھم وعشاءھم

.)4( إیاھمأبو لؤلؤة المجوسي، فلم : وأصیب عمر بضربة رجل من أھل الذمة، ھو

أوصي :" یمنعھ ذلك أن یوصي الخلیفة من بعده، وھو على فراش الموت قائالوأن ، لھم بعھدھميأن یوف) (الخلیفة من بعدي بذمة اهللا، وذمة رسول اهللا

.)5("م وال یكلفوا فوق طاقتھمیقاتل من ورائھ

.22 :اآلية سورة المجادلة) 1( .5/233 ، مرجع سابق،فتح الباري) 2(حديث رقم ، 2/1109 والبخاري في صحيحه ،)19535( حديث رقم،4/394أخرجه أحمد في مسنده ) 3()2881(. حديث ،1/250 وفي المعجم الصغير،)977( حديث رقم ،22/393أخرجه الطبراني في المعجم الكبير) 4(

عن أبي عزير بن ، حدثني نبيه بن وهب، عن محمد بن إسحاق، من طرق عن بكر بن سليمان،)409(رقم ).1843( حديث رقم،1/185وضعفه األلباني في ضعيف الجامع . عمير أخي مصعب بن عمير

وذكره ابن حجر في فتح الباري ،)2887(م حديث رق، 3/1111أخرجه البخاري في صحيحه ) 5(6/267.



فمن سماحة اإلسالم في : اإلحسان إلى المسنین والضعفاء منھم} ج{أنھا تسقط عمن أسلم وال یطالب ، المسؤولیة والجزاء في تحصیل الجزیة

وال تؤخذ من الشیخ الكبیر الذي ال یستطیع العمل ، بما علیھ قبل إسالمھوھذا ما . )1( یؤخذ منھ شيءوكذلك المغلوب على عقلھ ال، وال شيء لھ

، في صلحھ مع أھل الحیرة في عھد أبي بكرفعلھ خالد بن الولید وجعلت لھم أیما شیخ ضعیف عن العمل، أو أصابتھ آفة من " :قال

طرحت ، أو كان غنیا فافتقر وصار أھل دینھ یتصدقون علیھ، اآلفاتدار الھجرة ودار ما أقام ب، جزیتھ وعیل من بیت مال المسلمین وعیالھ

.)2 ("اإلسالمشیخ : بباب قوم وعلیھ سائل یسأل عمر بن الخطابروذات یوم م

ھل الكتاب أمن أي : "وقال، فضرب عضده من خلفھ، كبیر ضریر البصرأسأل الجزیة والحاجة : قال، فما ألجأك إلى ما أرى؟: قال،یھودي: فقال، أنت؟

لھ بشيء من المنزل، ثم ) 3( منزلھ فرضخفأخذ عمر بیده وذھب بھ إلى. والسنن إفواهللا ما أنصفناه ، انظر ھذا وضرباءه: أرسل إلى خازن بیت المال فقال

.)Mq r s tL)4 أكلنا شبیبتھ ثم نخذلھ عند الھرموھذا من المساكین منھم أھل الكتاب، إذ وضع عنھ ، والفقراء ھم المسلمون

ن الدولة اإلسالمیة ملزمة بإعالة ؛ ومن ثم یتأكد أ)5(ضربائھالجزیة، وعن

.)123( ص،المطبعة السلفية ومكتبتها، ألبي يوسف يعقوب بن إبراهيم: الخراج )1( ).144(صالمرجع السابق، : الخراج) 2( .3/19لسان العرب : ارضخ العطية القليلة: فرضخ) 3( .60 :اآلية سورة التوبة) 4( بيروت –دار العلم للماليين ، صبحي الصالح. د: تحقيق، يم الجوزيةالبن ق: أحكام أهل الذمة )5( .)126(الخراج ص، 1/38 )م1982- هـ 1414(3ط



وھذا اإللزام یعتبر صورة من صور الضمان ، المحتاجین من أھل الذمةاالجتماعي، الذي طبقتھ الدولة اإلسالمیة عمال بتعالیم اإلسالم دون االلتفات

.)1 (إلى دین الذمي وعقیدتھ) ( بینا رسول اهللا: قال فعن عبد اهللا بن مسعود : دفن جثث قتالھم} د{

بن أبي معیط اساجد وحولھ ناس من قریش من المشركین، إذ جاءه عقبة فلم یرفع رأسھ حتى جاءت ) (وقذفھ على ظھر النبي ، بسلي جزور

فقال ، فاطمة علیھا السالم فأخذتھ من ظھره ودعت على من صنع ذلكھل ابن اللھم علیك أبا ج، اللھم علیك المأل من قریش" :)( النبيوأمیة ، وعقبة بن أبي معیط، وشیبة بن ربیعة، وعتبة بن ربیعة، ھشام

فلقد رأیتھم قتلوا یوم بدر فألقوا في بئر غیر ، " أو أبي بن خلف،بن خلففإنھ كان رجال ضخما فلما جروه تقطعت أوصالھ قبل أن ، أمیة أو أبي

.)2(لبئریلقى في ا، وإن كانوا أعداء، فدفن القتلى وعدم تركھم لوحوش األرض والطیور

احتراما إلنسانیتھم وانسجاما مع مبادئ الرحمة والرأفة التي أوالھا اإلسالم ، وحث المسلمین االلتزام بھا في حروبھم مع أعدائھم، عنایتھ في تشریعاتھ كلھا

المشركین یوم بدر في القلیب بوضع جثث القتلى من) (فقد أمر الرسول فلما ، وھي بئر جافة فطرحوا فیھا إال أمیة بن خلف فإنھ كان رجال سمینا

بيروت –مؤسسة الرسالة ، عبد الكريم زيدان. د، أحكام الذميين والمستأمنين في دار اإلسالم )1( .بتصرف) 105( ص)هـ1402( ومسلم ،)3641( حديث رقم،3/1399 ،)3014( حديث رقم،3/1163أخرجه البخاري في صحيحه ) 2(

).1794( حديث رقم،408 -6/407في صحيحه



وألقوا علیھ ما غیبھ ، فتركوه، أرادوا أن یلقوه تزایل لحمھ، وتقطعت أوصالھ .)1 (في التراب والحجارة

:العفو عن المسیئین: المطلب الثالثرآن و صوص الق ن ن ر م ي كثی اظر ف سنةالن ول ، ال یرة الرس )( وسا ھ تع سامح، كقول ى الت دعو إل M E F G H I: لىوصحابتھ یجدھا ت

J KL)2( وقولھ ، :M£ ¤ ¥ L3)( ذا اء ھ د وصف العلم ، وقشر سالم لل ر است ن غی و م ي عل فح ف ھ ص ل بأن صفح الجمی ضوع ، ال أو خ

ن فإذا كان ما یوجب العقاب فینبغي أن یكون في دائرة األخذ بالح ، لألشرار ق مرار، رد األش ى تم دعاة إل سامح ذال وم ك الت ر ذل ى ال یظھ داء حت ر اعت غی

ن دون رادع ي ، والتمادي في الباطل م سامح غرضھ ف ؤدي الت ك ال ی د ذل وعندمھا م وتق اون األم سانیة وتع ق الرسول )4(بناء الكرامة اإلن د طب دأ ) (، وق مب

ھ، التسامح والصفح الجمیل في عالقاتھ مع غیر المسلمین ھ وحروب ي معاھدات ف :ومن صوره

إذ اجتمع أھل مكة أمام ،مكة عفوه وصفحھ عن أشد خصومھ یوم فتح} أ{ یوم الفتح وكلھم في وجل ینتظرون ماذا یصنع بھم )(رسول اهللا

جزاء ما ارتكبوه من جرائر ضد اإلسالم والمسلمین، لكنھ) (الرسول )( فا عنھمع.

بيروت–دار الكتب العلمية ، ألبي الحسن علي بن محمد الماوردي: األحكام السلطانية والواليات العامة )1(

.2/292 سيرة ابن هشام ،)91(ص .199 :ية اآلسورة األعراف )2( . 85: ية اآلسورة الحجر) 3( ، )م1997-هـ 1417(4 بيروت ط–مؤسسة الرسالة ، وهبة الزحيلي. د: العالقات الدولية في اإلسالم )4(

.)62(ص



مكة استعمل الزبیر بن () ا فتح رسول اهللالم: قال فعن أبي ھریرة : وذكر الحدیث وفیھ، وخالد بن الولید على األخرى، )1(العوام على إحدى المجنبتین

)2 ( حتى طاف بالبیت فجعل یمر بتلك األصنام فیطعنھا بسیة)(فجاء رسول اهللا حتى إذا فرغ ، "قاجاء الحق وزھق الباطل إن الباطل كان زھو" :القوس ویقول

: ، قالوا"یا معشر قریش ما تقولون؟" :وصلى جاء فأخذ بعضادتي الباب، ثم قال :قال، مثل ذلك: قالوا، ثم عاد علیھم القول، نقول ابن أخ وابن عم رحیم كریم

الیوم یغفر اهللا لكم وھو أرحم ، ال تثریب علیكم: كما قال أخي یوسففإني أقول" .)3 (فخرجوا فبایعوه، "مینالراح

حد قتل من األنصار أربعة ا كان یوم ألم" : قالبي بن كعب وعن ألئن كان ): ( فقال أصحاب رسول اهللا ،وستون رجال، ومن المھاجرین ستة

ا كان یوم الفتح قال رجل فلم، علیھم)4(لنا یوما مثل ھذا من المشركین لنربین ن األسودأم )(فنادى منادي رسول اهللا ، الیومال قریش بعد : عرفال ی

M ² ³ :فأنزل اهللا تبارك وتعالى، ناسا سماھم واألبیض إال فالنا وفالنا

µ ¶ ¹º » ¼ ½ ¾ ¿L5)(، اهللافقال رسول اهللا

.12/126 شرح النووي ،الميمنة والميسرة: وكسر النون، وفتح الجيم،بضم الميم: المجنبتين) 1( .2/1062ب الحديث النهاية في غري، 14/417 لسان العرب ،ما عطف من طرفيها: بسية القوس) 2( حديث ،390-6/388 ومسلم في صحيحه ،)10961( حديث رقم ،2/583أخرجه أحمد في مسنده )3(

).11298( حديث رقم،6/382والنسائي في سننه الكبرى ، )1780(رقم)4 (2/467 النهاية في غريب الحديث ،أي في التمثيل: لنربين. .126: ية اآلسورة النحل) 5(



)(: "نصبر وال نعاقب")كان التسامح والصفح سمة بارزة ومن ثم، )1 . ونبي اإلسالم، لإلسالم

فعن عائشة رضي اهللا عنھا أنھا ، بھاستھزؤاعفوه عن الیھود الذین } ب{السام علیك : فقالوا)( دخل رھط من الیھود على رسول اهللا: قالت

مھال یا : ")( فقال رسول اهللا، علیكم السام واللعنة :ففھمتھا فقلتأو لم : رسول اهللاا، فقلت ی"فإن اللھ یحب الرفق في األمر كلھ، عائشة

قال ، )2("فقد قلت وعلیكم" :)( قال رسول اهللا، ؟تسمع ما قالواوكمال حلمھ وحثھ على الرفق، )(وھذا من عظیم خلقھ :" النووي

.)3("والصبر، والحلم، ومالطفتھ الناس ما لم تدع حاجة إلى المخاشنة :إقامة العدل: المطلب الرابعدل اء :الع و إعط ستحقین ھ ین الم ة ب ر تفرق ن غی ھ م ق حق ل ذي ح ، ك

وة، أو ال، أو الق سب، أو الم ور العارضة كالحسب، أو الن وبدون نظر إلى األمواالة داوة، أو الم ضعف، أو الع ھ )4(ال ا قول ري وأم ال الطب ¢M: ، ق

£ ¤ ¥ ¦ § ¨© L)5( ، وم " :فإنھ یقول وال یحملنكم عداوة قیھم و م ف ي حكمك دلوا ف ا على أال تع ن أجل م یھم م نھم، فتجوروا عل سیرتكم بی

ثنا ،من طريق هدبة بن عبد الوهاب المروزي) 21267( حديث رقم،5/135في مسنده أخرجه أحمد ) 1( وقال شعيب . عن أبي بن كعب، عن أبي العالية، عن الربيع بن أنس، ثنا عسى بن عبيد،الفضل بن موسى

.إسناده حسن: األرنؤوطحديث ، 7/267 ومسلم في صحيحه ،)5683(حديث رقم ، 5/2243أخرجه البخاري في صحيحه ) 2(

).2165(رقم .14/145 ، مرجع سابق،شرح النووي لصحيح مسلم) 3(، السعودية، دار ابن الجوزي، عبد اللطيف بن إبراهيم: تسامح الغرب مع المسلمين في العصر الحاضر )4( ).44(ص: )م1999 -هـ1419(1ط .8: ية اآلسورة المائدة) 5(



داوة ن الع نھم م ة .)1 ("بینكم وبی سیر اآلی ي تف ي ف ال القرطب رك " :وق ى ت أي على دو عل م الع وذ حك ى نف ل عل ذا دلی ي ھ العدوان وإیثار العدوان على الحق، وف

دل وإن أبغضھ ، عدوه في اهللا تعالى، ونفوذ شھادتھ علیھ ھ أمر بالع ت .. ألن ودل .)2("كفر الكافر ال یمنع العدل علیھ على أناآلیة

عن ، )(عن عدة من أبناء أصحاب رسول اهللا ، فعن صفوان بن سلیم أو ،أال من ظلم معاھدا أو انتقصھ" :قال )( عن رسول اهللا) 3(آبائھم دنیة

نفس فأنا حجیجھ یوم أو أخذ منھ شیئا بغیر طیب ،كلفھ فوق طاقتھوأكثر ما ، من كان بینك وبینھ عھد: "، والمعاھد كما قال ابن األثیر)4("القیامة

إذا صولحوا على ، وقد یطلق على غیرھم من الكفار، یطلق على أھل الذمةألن المسلمین حین ، إذ یعتبر أھل الذمة من أھل دار اإلسالم، )5("ترك الحرب

وعلى ذلك ...والمحافظة علیھم، لذمة فقد التزموا بدفع الظلم عنھمأعطوھم اوعلى ، وأعراضھم، وأموالھم، فلھم حق اإلقامة آمنین مطمئنین على دمائھم

أو أھل، اإلمام حمایتھم من كل من أراد بھم سوءا من المسلمین أو أھل الحرب .)6(الذمة

.10/95 ، مرجع سابق،جامع البيان في تأويل القرآن) 1( .6/108 ، مرجع سابقالجامع ألحكام القرآن) 2( .8/211 عون المعبود ،والمعنى الصقي النسب: وسكون النون،بكسر الدال المهملة: دنية) 3( وفي ،.)2626(حديث رقم، 9/590 والبيهقي في سننه ،)3052(2/187أخرجه أبو داود في سننه )4(

).2626( حديث رقم ،2/590 في تعليقه على سنن أبي داود وصححه األلباني،إسناده رجال مجهولون المكتبة العلمية ، طاهر الزاوي، محمود الطناحي: تحقيق، البن األثير: النهاية في غريب الحديث واألثر )5( .3/613 )م1979-هـ 1399( بيروت –-هـ 1404(2، 1ط، الكويت–وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ، الموسوعة الفقهية الكويتية )6(

.7/127 )م1427



)( ر على رسول اهللاأفاء اهللا خیب" : أنھ قالوعن جابر بن عبد اهللا فبعث عبد اهللا بن ، وجعلھا بینھ وبینھم، كما كانوا)( فأقرھم رسول اهللا

یا معشر الیھود أنتم أبغض الخلق إلي " :علیھم ثم قال )1( فخرصھاةرواحلني بغضي إیاكم على ولیس یحم، وكذبتم على اهللا عز وجل، قتلتم أنبیاء اهللا

، فإن شئتم فلكم، قد خرصت عشرین ألف وسق من تمر، علیكم)2(أن أحیف .)3("بھذا قامت السماوات واألرض: فقالوا، وإن أبیتم فلي

رعایة من یعیش في كنفھا من أھل ،إن من مسؤولیات الدولة المسلمةعلى رعایة ) ( وقد حض النبي ، وحفظ حقوقھم،وحمایتھم، لذمة والمعاھدینا

.وشدد في المنع من اإلیذاء أو االعتداء علیھم، العھد وحفظ الذمةمن قتل ": قال) (فعن عبد اهللا بن عمرو رضي اهللا عنھما عن النبي

، )4("د من مسیرة أربعین عامامعاھدا لم یرح رائحة الجنة وإن ریحھا توجق حكام المسلمین مبدأ العدالة مع الجمیع تطبیقا واقعیا حتى ضرب طبومن ثم

حریصا على أن یحكم عمالھ بخلفائھم المثل األعلى في العدل، فقد كان عمر، وكان یعد المعاملة الطیبة من الوالة للذمیین دلیال على عدلھم، ووالتھ بالعدل

فإذا تبین ، فكان یسأل الوافدین علیھ من األقالیم اإلسالمیة عن معاملتھم الذمیین

النهاية في غريب ،إذ أحرز ما عليها من الرطب تمرا، خرص النخلة يخرصها خرصا: يقال: فخرصها) 1(

.2/62الحديث 9/60 لسان العرب ،الحيف معناه الجور والظلم: أحيف) 2( وقال ،)23(حديث رقم، 2/133 والدار قطني في سننه ،)14996(3/367أخرجه أحمد في مسنده )3(

ومعنى بهذا قامت السماوات ، إسناده قوي على شرط مسلم:شعيب األرنؤوط في تعليقه على مسند أحمدقامت السماوات فوق الرؤوس بغير عمد واألرض استوت على الماء تحت أي بهذا العدل والحق: واألرض

.9/179األقدام عون المعبود ). 2686(2/896 وابن ماجة في سننه ،)2995(قم حديث ر، 3/1155أخرجه البخاري في صحيحه ) 4(



لھ أنھم یعدلون معھم عرف أنھم عدول في ذوات أنفسھم ومع رعیتھم على .)1(اختالف نحلھا

:الحكمة في الدعوة وحسن المعاملة: المطلب الخامسآمرا ، اهللا تعالىفي كتابھ طرق الدعوة إلى) عز وجل(ن المولى لقد بی

فقال ، بالدعوة إلى اهللا تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة)(محمدا نبیھ ،)(Mv w x y z { |} ~ � ¡ ¢£L2: ىتعال

فكان في ھذا التأكید على معنى المسامحة في الدعوة وعدم اتخاذ العنف وسیلة .)3(لھا

: قال تعالى،ولقد أمر اإلسالم بمناقشة المخالفین ومجادلتھم بالحسنىM" # $ % & ' ( ) * + , - L)4( قال اإلمام ،

وھم ، وال تجادلوا أیھا المؤمنون باهللا وبرسولھ الیھود والنصارى: "الطبريوھو الدعاء إلى اهللا ، أھل الكتاب إال بالتي ھي أحسن إال بالجمیل من القول

ھل اختلف أ ،M* + , - L :وقولھ، والتنبیھ على حججھ، بآیاتھإال الذین أبوا أن یقروا لكم بإعطاء : فقال بعضھم معناه، التأویل في تأویلھ

فأولئك جادلوھم بالسیف حتى ، ونصبوا دون ذلك لكم حربا فإنھم ظلمة، الجزیة .)5("یسلموا أو یعطوا الجزیة

إذا أمر أمیرا على جیش أو () كان رسول اهللا: قالوعن بریدة : ثم قال، بتقوى اهللا ومن معھ من المسلمین خیراأوصاه في خاصتھ، سریة

).10(محمد أبو زهرة ص : 1دار الفكر العربي ط، محمد أبو زهرة: الدعوة إلى اإلسالم )1( .125: ية اآلسورة النحل) 2( ).44(عبد الرحمن بن معال اللويحق ص: الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة )3( .46: ية اآلسورة العنكبوت) 4( .20/46 ، مرجع سابق،جامع البيان من تأويل آي القرآن) 5(



اغزوا وال تغلوا وال ، قاتلوا من كفر باهللا، اغزوا باسم اهللا في سبیل اهللا"وإذا لقیت عدوك من المشركین فادعھم إلى ثالث ، وال تقتلوا ولیدا، )1(تمثلوا

ثم ادعھم إلى، فأیتھن ما أجابوك فاقبل منھم وكف عنھم، )أو خالل(خصال وفي ھذه ":قال النووي، )2("فإن أجابوك فاقبل منھم وكف عنھم، اإلسالم

وتحریم ، وھي تحریم الغدر والغلول، الكلمات من الحدیث فوائد مجمع علیھا .)3(" وكراھة المثلة ،لم یقاتلواقتل الصبیان إذا

وطابع الحكمة والمعاملة الحسنة في الدعوة إلى اإلسالم قبل القتال كانت وترغیبھم ، حرصا منھم على ھدایة األعداء لإلسالم، تالزم الفاتحین حین الفتح

أن یسیر إلى خالد بن الولید في قبولھ، ففي فتح العراق، بعث أبو بكر خذ أفإن أجابوا وإال ، إلى العراق، وأن یتألف الناس ویدعوھم إلى اهللا عز وجل

أدعوكم إلى اهللا : فقال لھم خالد، ...فإن امتنعوا عن ذلك قاتلھم، منھم الجزیة، فإن أجبتم إلیھ فأنتم من المسلمین لكم ما لھم وعلیكم ما علیھم، وإلى اإلسالم

یتم فقد أتیتكم بأقوام ھم أحرص على الموت منكم على فإن أب، فإن أبیتم فالجزیة .)4(الحیاة

:الحریة في االعتقاد والعبادة: المطلب السادس اإلسالم بحریة العقیدة للناس، ولم یكره أحدا في دخول اإلسالم ، قال أقر

MÑ Ò Ó ÔÕ Ö × Ø Ù ÚÛ Ü Ý Þ ß à: تعالى

.4/616النهاية في غريب الحديث ، أو مذاكيره،ل مثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه أو أذنهاقي: تمثلوا) 1( حديث ،2/44 وأبو داود في سننه ،)1731(حديث رقم ، 315 -6/314أخرجه مسلم في صحيحه ) 2(

) 2613(رقم .12/37 ، مرجع سابق، النووي لصحيح مسلمشرح) 3( .343-6/342البداية والنهاية ) 4(



á â ã ä å æ çè é ê ëL1)(،لى أن وفي ھذا دلیل ع ، ال فرق بین مسلم وغیر مسلم، اإلسالم قد كفل الحریات العامة لجمیع البشر

، أو السیاسیة، أو الفكریة، وعدھا من أقدس الحقوق سواء كانت الحریة الدینیةفقد منح بتعالیمھ السمحة ، وقدم صورة ال تزال الحضارة الحدیثة متخلفة عنھا

وسواء ، أو المجوس، نوا من أھل الكتابسواء كا، حریة العقیدة لغیر المسلمین، ومن ثم كان اإلكراه على )2(أو لم یعترفوا بذلك) (اعترفوا برسالة محمد

أو ، ألن اإلیمان لیس مجرد كلمة تلفظ باللسان، اإلسالم بعیدا عن منھج اإلسالموھذا یكون ، وتسلیمھ، وإذعانھ، بل أساسھ إقرار القلب، طقوس تؤدى باألبدان

.)3(ة والبرھان ال باإلكراه واإللزامبالحجوقد وصلت اآلیات في شأن احترام األدیان األخرى واحترام

، خصوصیتھا واتباعھا إلى أكثر من مائة آیة موزعة في ست وثالثین سورةتقریرا ، في أكثر من ستین موضعا" الدین"الكریم لفظ وقد تكرر في القرآن

خر، ولعلھ من أوضح النصوص القرآنیة التي باآل وتأكیدا على اعتراف اإلسالم < = >M :في سورة الكافرون تؤصل لھذا المبدأ قولھ تبارك وتعالى

?L4)( . الكتاب إلى عدم الغلو في دینھم أھل جل شأنھ ـ داعیاـوقولھ :M! " # $ % & ' ( ) * + ,- L)5(.

.256: ية اآلسورة البقرة) 1( ).30( محاضرات في الفقه ص، العالقات الدولية،)99(الرسالة الخالدة ص) 2( ).19(غير المسلمين في المجتمع اإلسالمي ص) 3( .6: ية اآلسورة الكافرون) 4( .171: يةآل اسورة النساء) 5(



لة من ولم یكتف القرآن بتشریع حریة التدین، بل نجده قد وضع جم M I J K L M N O P: قال تعالى،اآلداب، دعا المسلمین إلى األخذ بھا

Q R S T U V W X YZ [ \ ] ^L)1(. كما یجب أن نعلم أن القرآن الكریم قد سمى الشرك دینا على الرغم من وضوح بطالنھ، ال لشيء إال ألنھ في وجدان معتنقیھ دین، ومن ھنا فإن جریمة

ین لم تكن في إعراضھم عن اإلسالم، وإنما في كونھم رفضوا أن المشركومن القواعد . یعیش دین جدید بجوار دینھم، فقرروا استئصالھ من الوجود

، )نتركھم وما یدینون(المقررة في الشریعة اإلسالمیة بالنسبة للذمیین قاعدة علیھا من ، وبھذه القاعدة المجمع )2(وعبادتھم، فال نتعرض لھم في عقائدھم

فال یضار غیر المسلم ، فقھاء المسلمین حمیت حریة العقیدة في ظل اإلسالم )( وقد أثبت النبي، )3 (فیما یعتقد ویقیم شعائره الدینیة حرا غیر مضطرب

في ) (حریة العقیدة لغیر المسلمین في أول وثیقة دستوریة أعلنھا النبي ، ودھا على حریة العقیدة الدینیةوقد نصت إحدى بن، المدینة عقب ھجرتھ إلیھا

للیھود دینھم وللمسلمین ، وأن یھود بني عوف أمة مع المؤمنین": من ذلكوبني ، وبني األوس، لیھود بني النجار وبني ساعدة وبني جشموأن ،…دینھم ألھل نجران في ()، وجاء في كتاب النبي )4("مثل ما لیھود بني عوف، ثعلبة

وحاشیتھا جوار اهللا وذمة محمد النبي رسول اهللا ، نجرانول: "عقد الصلح معھموكل ، وعشیرتھم وبیعھم، وغائبھم وشاھدھم، وأرضھم وملتھم، على أموالھم

.8: ية اآلسورة الممتحنة) 1( .)81( ص، المرجع السابق،أحكام الذميين والمستأمنين) 2( ). 30( ص، مرجع سابق،العالقات الدولية في اإلسالم) 3( .2/149سيرة ابن هشام ، 3/225البداية والنهاية ) 4(



وال راھب من ، من أسقفیتھ)1(ال یغیر أسقف، ما تحت أیدیھم من قلیل أو كثیرصارى كل الرعایا النفھذا االتفاق یشمل. )2 ("وال كاھن من كھانتھ، رھبانیتھ

، حسب مشیئتھم...وھو یضمن لھم الحریة واألمن، وراھباتكھنة ورھبان، )3(وكذلك یحمي من یزورھا، ....وبالمثل یحمي كنائسھم ومساكنھم وأماكنھم

قاموا یصلون في مسجد النبي، ا حان وقت صالة وفد نصارى نجرانولم)( ،فقال رسول اهللا ، فأراد الناس منعھم(): "فصلوا إلى ،"دعوھم

جواز دخول أھل : " ـرحمھ اهللا تعالىـ ، وفي ھذا یقول ابن القیم )4(المشرق، وتمكین أھل الكتاب من صالتھم بحضرة المسلمین، الكتاب مساجد المسلمین

.)5("وال یمكنون من اعتیاد ذلك، وفي مساجدھم أیضا إذا كان ذلك عارضادة ما سلكھ عمر بن الخطاب ومن الصور الجمیلة المتمثلة في حریة العقی

ھذا ما : "رضي اهللا عنھ في معاھدتھ ألھل القدس، فقد كتب إلى أھل إیلیاءأعطاھم أمانا ، أھل إیلیاء من األمان- أمیر المؤمنین - أعطى عبد اهللا بن عمر

أنھ ال ، وسقیمھا وبریئھا وسائر ملتھا، ولكنائسھم وصلبانھم، ألنفسھم وأموالھموال ، وال من صلیبھم، وال ینتقص منھا وال من حیزھا، تھدمتسكن كنائسھم وال

، ولما فتح خالد بن الولید )6(" وال یكرھون على دینھم،من شيء من أموالھم

ويحتمل أن يكون ،م سرياني وهو اس،المراد به عالم رئيس من علماء النصارى ورؤسائهم: أسقف) 1( .2/959النهاية في غريب الحديث : سمي به لخضوعه وانحنائه في عبادته

.5/55البداية والنهاية ) 2( ).160(توفيق الواعي ص. د: اإلسالم في العقل العالمي )3(لو هذا منقطع ضعيف، ال يحتاج بمثله، و: قيل: (حيث قال. 439/ 2فتح الباري البن رجب : ينظر) 4(

تألفهم بذلك في ذلك الوقت استجالبا لقلوبهم، وخشية لنفورهم عن اإلسالم، ( صح فإنه يحمل على أن النبي ).ولما زالت الحاجة إلى مثل ذلك لم يجز اإلقرار على مثله

.3/638زاد المعاد ) 5( .3/609تاريخ األمم والملوك للطبري) 6(



على أال یھدم لھم بیعة وال " :وجاء في ھذا الصلح، صالح الروم، الشامنھار إال في وا من لیل أو ؤ یضربوا نواقیسھم في أي ساعة شاوعلى أال، كنیسة

وبھذا فقد ، ...وعلى أن یخرجوا الصلبان في أیام عیدھم، أوقات الصلواتلما جرى من الصلح بین المسلمین ، ھدملم تو والكنائس في الشام عیتركت الب

، وال رده عمر، ولم یرد ذلك الصلح على خالد بن الولید أبو بكر، وأھل الذمةومن ثم نجد تأكید اإلسالم . )1("جمعینوال عثمان، وال علي رضي اهللا عنھم أ

وحافظ ، إذ كفل لھم عقیدتھم، للحریات األساسیة لمخالفیھ الذین یستظلون بظلھكما كفل لھم ، وعلى أماكن عبادتھم من العبث والھدم، على مكانة رھبانھم

وذلك في حدود النظام ، كما كفلھ ألتباعھ، حقھم في ممارسة شعائرھم الدینیة .)2(رعایة اآلدابالعام وحسن

وقد وجدت ھذه المعاني العالیة من التسامح اإلسالمي تأثیرھا في نفوس غیر المسلمین، فأقروا بعظمتھ وتمیزه عن الدیانات األخرى في ھذا المسلك

وفي نظرة المسلمین إلى المسیحیة " ):برنارد لویس(الخلقي العظیم، كقول وبا المسیحیة المعاصرة، التي تسامح وتساھل أكثر بكثیر مما في نظرة أور

ھ كلھ باطل وشر، وھذه النظرة المتسامحة في تنظر إلى اإلسالم على أنالمسلمین تنعكس في المعاملة الحسنة والتسامح الكبیر؛ الذي یلقاه أتباع الدیانة المسیحیة، في المجتمعات اإلسالمیة، بالرغم من موقف المسیحیین كدیانة

د الوزراء في الدول العثمانیة في جدال مع بعض رجال وكان أح، )3 ("منافسةفقال لھم مبینا عظم شأن سماحة اإلسالم والمسلمین، تجاه مسؤولیتھم ، اأوروب

).147 -0146(الخراج ألبي يوسف ص )1( .)27( ص، مرجع سابق،القات الدولية في القرآنالع) 2( ).76( عبد اللطيف بن إبراهيم ص.تسامح الغرب مع المسلمين في العصر الحاضر) 3(



ب إننا نحن المسلمین مھما بلغ بنا التعص: "عن أھل الذمة في الدولة اإلسالمیة قادرین على في الدین، فال یصل بنا إلى درجة استئصال شأفة أعدائنا، ولو كنا

فما ھجس في ضمائرنا خاطر وكان إذا خطر ھذا ببال أحد من ...استئصالھمملوكنا كما وقع للسلطان سلیم األول العثماني، تقوم في وجھھ الملة ویحاجھ

، ویقول لھ ـ بال محاباة ـ لیس لك على النصارى )1(مثل زنبیلي علي أفنديفیرجع السلطان عن . أوطانھم والیھود إال الجزیة، ولیس لك أن تزعجھم عن

فلم تطیقوا أن یبقى ،بیینوأما أنتم معاشر األور...عزمھ امتثاال للشرع الشریفبین أظھركم مسلم واحد، واشترطتم علیھ أن یتنصر، ولقد كان في أسبانیا مالیین ومالیین من المسلمین، وكان في جنوبي فرنسا، وفي شمال إیطالیا وفي

.)2("ومازلتم تستأصلونھم... منھمفالجنوبھا مئات اآلن وقد یومن األمثلة الرائعة في التسامح، ما فعلھ صالح الدین مع الصلیبی

ھـ، 7/8/492 (عاثوا في المسلمین بالقتل والتذبیح واإلفساد في بیت المقدس فيوكانت مذبحة كبرى، ولطخة عار في تاریخ "، )م1099/یولیو الموافق

الحملة الصلیبیة األولى خصوصا حیث قتلوا أكثر الحمالت الصلیبیة عامة، و، من المسلمین، وجاسوا خالل الدیار، وتبروا ما علو تتبیراامن ستین ألف

وذلك یوم ،واستطاع صالح الدین األیوبي تحریر القدس في معركة حطین في السابع والعشرین من رجب سنة ثالث ،الجمعة قبل وقت الصالة بقلیل

، وانطالقا من )م1187سنة /أكتوبر/12 الموافق ،ھـ583(ئة وثمانین وخمسماسماحة اإلسالم، فقد أطلق خلقا كثیرا ممن قبض علیھم من اإلفرنج من الرجال

.كان يلقب بشيخ اإلسالم في الدولة العثمانية) 1( )76( عبد اللطيف بن إبراهيم ص،في العصر الحاضر تسامح الغرب مع المسلمين) 2(



والنساء؛ منھن بنات الملوك، ووقعت المسامحة في كثیر منھم، وشفع في أناس .)1("ةكثیر فعفا عنھم، وتسامح تجاه الفقراء الذین عجزوا عن دفع الجزی

التواصل مع اآلخر: المطلب السابع اإلسالم ال یقر العزلة بل یدعو للتواصل والتفاعل مع اآلخر، وإنإن

:من أسمى الصور التي قررھا اإلسالم في تعامل المسلمین مع غیرھم ھيإذ أباح اإلسالم األكل من طعام أھل :إباحة نكاحھم وأكل طعامھم: أوال

¶ Mª « ¬ ®¯ ° ± ² ³ ´ µ :قال تعالى، الكتاب

¸ ¹º » ¼ ½ ¾ ¿ À Á Â Ã ÄL2)(. المثل األعلى والقدوة الحسنة في سماحة ) (وقد ضرب لنا النبي

، ویحسن إلیھم، فقد كان یزورھم، المعاملة والدعوة إلى اإلسالم مع أھل الكتاب . ویعود مرضاھم ویشیع جنائزھم

م یھودي یخدم النبي كان غال: فعن أنس بن مالك رضي اهللا عنھ قال) (فأتاه النبي،فمرض )(فنظر ، "أسلم" : فقعد عند رأسھ فقال لھ، یعوده

وھو ()فخرج النبي ، فأسلم، () أطع أبا القاسم ،إلى أبیھ وھو عنده فقالوفي الحدیث جواز : "قال ابن حجر. )3("الحمد هللا الذي أنقذه من النار: "یقول

جواز " :، ویرى بعض العلماء)4(...."استخدام المشرك وعیادتھ إذا مرض فیھ إظھار محاسن اإلسالم ألن، عیادة أھل الذمة وال سیما إذا كان جارا لھ

.)5("وزیادة التألیف بھم لیرغبوا في اإلسالم

).76-75( صالمصدر السابق ) 1( .5: ية اآلسورة المائدة) 2( .)1290( حديث رقم ،1/455أخرجه البخاري في صحيحه )3( .3/221، مرجع سابق، فتح الباري) 4( .17/349عمدة القاري ) 5(



بد اهللا بن فعن ع: التعاون مع غیر المسلمین في المصالح العامة: ثانیا خیبر للیھود أن یعملوھا ()أعطى رسول اهللا : "عمر رضي اهللا عنھما قال

ال فرق في جواز : " قال ابن حجر، )1("ویزرعوھا، ولھم شطر ما یخرج منھا .)2("ھذه المعاملة بین المسلمین وأھل الذمة

اإلسالم یحرص على تأمین حاجات أبنائھ من الغذاء فیھ أنومما ال شكوإذا كان تأمین ھذه الحاجات ال یتم ، والمسكن والعالج وكل ما تتطلبھ حیاتھم

یھود )( فقد عامل النبي، فھو ال یمنع ذلك، إال بالتعاون مع غیر المسلمینولھم شطر ما یخرج منھا، وھكذا ، خیبر على خیبر بأن یعملوھا ویزرعوھا

على أن یعطوا نصف أقام الیھود بأرض خیبر كأجراء یقومون بزرع األرض .)3(وما ظھر منھم من غدر، ثمارھا للمسلمین مع ما كان منھم من إساءات

ة آیات عدیدة تقرر ذلك وتدعو إلیھ، منھا ثم: التعامل االقتصاديوفي على التعامل امة واألمان من أھل الكتاب، وحاثواصفا أھل الذ قولھ تعالى

Ml m n o p q r s: معھم، ومحذرا ممن ال أمانة لھم منھم

t u v w x y z { | } ~ � ¡ ¢£ ¤ ¥ ¦ § ©

ª « ¬ ® ¯ ° ± ²L4)(. اشترى النبي وقد )( فعن ، وتوفي ودرعھ مرھونة عند یھودي، واقترض من الیھود في المدینة

).2165(حديث رقم ، 2/798أخرجه البخاري في صحيحه ) 1( .5/15 ، مرجع سابق،فتح الباري) 2( ).350(للشيخ حسن خالد ص: دية والنصرانيةموقف اإلسالم من اليهو) 3( .75: ية اآلسورة آل عمران) 4(



ند ودرعھ مرھونة ع)( توفي رسول اهللا: " أنھا قالت،عائشة رضي اهللا عنھا . )1("شعیر یھودي بثالثین صاعا من

بتعلیم أصحابھ سماحة المعاملة مع اآلخرین حتى في ) (وقد قام النبي ، )( جاء إلى رسول اهللا )2(ةبن سعناحال خطئھم وجھلھم علیھم، فھذا زید

ونظر ، فأخذ بمجامع قمیصھ وردائھ وجذبھ وأغلظ لھ القول، یطلبھ دینا لھ علیھإنكم یا بني عبد ، یا محمد أال تقضیني حقي": غلیظ وقالبوجھ )( نبيإلى ال

فنظر إلیھ عمر بن الخطاب وعیناه تدوران ، وشدد لھ القول، المطلب قوم مطل، ما أسمع ()أتقول لرسول اهللا، یاعدو اهللا: ثم قال، في رأسھ كالفلك المستدیر

، لومھ لضربت بسیفي رأسكفوالذي بعثھ بالحق لوال ما أحاذر ، وتفعل ما أرىأنا وھو كنا : "ثم قال، ینظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم()ورسول اهللا

وتأمره بحسن ، أن تأمرني بحسن األداء، أحوج إلى غیر ھذا منك یا عمرفأسلم ،" من تمرھ وزده عشرین صاعااذھب بھ یا عمر فاقضھ حق، اتباعھ

.))3 ةزید بن سعنفالھدیة لغیر المسلمین من األمور : اإلھداء إلى غیر المسلمین: ثالثا

فعن ابن عمر رضي ، و غیرھماأ، أو كساء، المستحبة سواء كانت في طعامیا رسول اهللا ابتع ھذه : تباع فقال) 4(رأى عمر حلة سیراء: اهللا عنھما قال

،)4197( حديث رقم،4/126 ،)2759( حديث رقم ،3/1608أخرجه البخاري في صحيحه )1(

).1214( حديث رقم،3/519والترمذي في سننه وشهد مع النبي ،ه أسلم فحسن إسالم، ومن أكثرهم ماال، أحد أحبار يهود،الحبر: زيد بن سعنة) 2(

.1/399 أسد الغابة ، وتوفي في غزوة تبوك مقبال إلى المدينة،مشاهد كثيرة .2/310البداية والنهاية ) 3( النهاية في غريب الحديث ، نوع من البرود يخالطه حرير، والمد، وفتح الياء،بكسر السين: سيراء) 4(2/1055.



، "إنما یلبس ھذه من ال خالق لھ" :فقال، عة وإذا جاءك الوفدوالبسھا یوم الجمكیف ألبسھا وقد قلت : فقال، منھا بحلل فأرسل إلى عمر بحلة()فأتي النبي

، "ولكن تبیعھا أو تكسوھا، إني لم أعطكھا لتلبسھا: "قال، فیھا ما قلت؟: قال ابن حجر. )1( أن یسلمفأرسل بھا عمر إلى أخ لھ من أھل مكة قبل

فأرسل بھا عمر إلى : وقولھ...والھدیة للمشرك إثباتا ونفیا لیست على اإلطالق" اوكان أخ، ھذا األخ عثمان بن حكیمواسم ، أخ لھ من أھل مكة قبل أن یسلم

أمھما خیثمة بنت ھشام بن المغیرة بنت عم أبي جھل بن ھشام ، عمر من أمھ .)2 ("بن المغیرةا فلم،بحت لھ شاة في أھلھذھ ن عبداهللا بن عمرو رضي اهللا عنھما أنوعسمعت رسول اهللا ، أھدیتم لجارنا الیھودي؟ ،أھدیتم لجارنا الیھودي؟" :جاء قال

) (مازال جبریل یوصیني بالجار حتى ظننت أنھ سیورثھ" :یقول") قال ، )3 والصدیق ، والعابد والفاسق،الجار یشمل المسلم والكافرواسم " :ابن حجر

.)4("والعدو

،173 -7/171 ومسلم في صحيحه ،)5636( رقم حديث،5/2230أخرجه البخاري في صحيحه ) 1(

.واللفظ للبخاري).2068(حديث رقم .5/233 ، مرجع سابق،فتح الباري) 2(حديث ، 4/233الترمذي في سننه ،) 105( حديث رقم ،1/50أخرجه البخاري في األدب المفرد ) 3(

عن عائشة،يث عن مجاهدوقد روي هذا الحد، حسن غريب من هذا الوجه: وقال. واللفظ له،)1943(رقم ).1943(4/233 والحديث صححه األلباني في تعليقه على سنن الترمذي .أيضا عن النبي ،وأبي هريرة

.10/441 ، مرجع سابق،فتح الباري) 4(



السادسالمبحث اآلثار الواقعیة للتسامح

:ھ بخطئھتسامح اآلخر واعتراف: المطلب األولمن صور التسامح القرآنیة قصة یوسف مع إخوتھ، وھذا القصة تؤصل

سامح في واقع الحیاة، إذ التسامح في اإلسالم، ونستفید منھا دروسا في أثر التنجد النفوس التي یعتمل في أعماقھا الحقد، والنیة السیئة ألخیھم، تتحول إلى أنفس أخرى تقر لیوسف بالفضل، وتعتذر لھ عن الخطأ، وترفع من منزلھ،

Mt u v :وتطلب منھ العفو واالستغفار، كما یبین ھذا قولھ تعالى

w x y z { |L)1(.وقولھ تعالى : M^ _

`aL)2( ، النفس ظوظمخاطر حومن ثم كان للتسامح أثره في تجاوز سب المشركین، ودعى إلى عن ونصرتھا للباطل، ومن ھنا نھى اإلسالم

مجادلة أھل الكتاب بالتي ھي أحسن؛ تجنبا لما جبلت علیھ النفوس من نصرة ) ' & % $ # "M: لما تعتقده ، ودفعا لمفاسده، قال اهللا تعالى

)L)3( ،وقال تعالى :M| } ~ � ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ §

¨© ª « ¬ ® ° ± ² ³ ´ µ ¶ L4)(، وقال .)(M) * + , - ./ 0 1 2 3 4 5 6 78 L5: تعالى

.91 :ية اآلسورة يوسف) 1( .100: ية اآلسورة يوسف) 2( .46: ية اآلسورة العنكبوت) 3( .108: ية اآلسورة األنعام) 4( .159: ية اآلسورة آل عمران) 5(



: تحقیق التواصل المفید مع اآلخر:المطلب الثانيیحقق التسامح مساحة كبیرة للتواصل مع اآلخر، في مجاالت عدة،

واالجتماعي، واالقتصادي، والثقافي، والمعرفي، وبھذا كالتواصل السیاسي، M E F G :یتحقق الكثیر من المصالح، التي تفید اإلنسانیة، قال تعالى

H I J K L M N OP Q R S T UV W X Y ZL1)(وحث النبي ، )( الصحابي الجلیل حذیفة بن الیمان على تعلم

عن ثقافتھم، في المسجد، ولعبھم التعبیرفي العبرانیة وسواھا، وأجاز األحباش .النظر إلى ھذاببالحراب في یوم العید، وسمح ألم المؤمنین عائشة

ھذه الطبیعة التواصلیة النافعة، في مناحي الحیاة المختلفة لفتت الكاتب عبر تحدیده : ، فبنى صورة مجتمعھ الخاص بشكل مزدوج) لسنغ(الغربي

وعبر اإلشارة إلى العناصر ، مح من جھةلطبیعة اإلسالم كدین للعقل والتساأي في الثقافة المسیحیة ، متسامحة في مجتمعھ ھوالغیر عقالنیة، والغیر

:لإلسالم تتمثل في نقطتین) لسنغ( ومعالجة ...الغربیة من جھة أخرى، لیس فقط في الثقافة الخاصة، في االستعداد الكتشاف القیم األساسیة] 1[

. أیضا وبالتالي فھمھا بصورة كونیةبل في الثقافات األخرى .)2(وفي االستعداد للنقد الثقافي] 2[

: بتعمیر األرض والدعوة إلى دینھتحقیق مراد اهللا: المطلب الثالثإن التسامح یفید في اكتشاف ما عندك من مبادئ وتصورات إسالمیة،

بعث :قال، فضال عن قبول اآلخر بما عندك، وھنا نمثل بحدیث أبي ھریرة ، خیال قبل نجد فجاءت برجل من بني حنیفة یقال لھ ثمامة بن أثال) (النبي

.13 :ية اآلسورة الحجرات) 1( ).301(، ص مرجع سابق:اإلسالم العقالنية والتسامح )2(



ما عندك یا : " فقال()فخرج إلیھ النبي، فربطوه بساریة من سواري المسجدوإن تنعم تنعم ، )1 (عندي خیر یا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم: قال، "ثمامة ؟

ما قلت لك : فقال، "ماعندك یا ثمامة ؟:" فتركھ حتى كان الغد فقال، اكرعلى ش ما عندك یا ثمامة؟: "فتركھ حتى كان بعد الغد فقال، إن تنعم تنعم على شاكر

فانطلق إلى نخل قریب من ، "أطلقوا ثمامة" :فقال، عندي ما قلت لك: فقال، "ھد أن ال إلھ إال اهللا وأشھد أن محمدا أش: المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال

فلما قدم مكة قال لھ ، وأمره أن یعتمر) (فبشره رسول اهللا ،....رسول اهللا وال واهللا ال ، )(ال ولكن أسلمت مع محمد رسول اهللا : قال، )2(صبوت : قائل

وأیم :" وفي لفظ. )()3 (یأتیكم من الیمامة حبة حنطة حتى یأذن فیھا النبيفس ثمامة بیده ال یأتیكم حبة من الیمامة وكانت ریف مكة ما بقیت حتى الذي ن

إلى مكة حتى جھدت الحملوانصرف إلى بلده ومنع ، )(یأذن فیھا محمد یسألونھ بأرحامھم أن یكتب إلى ثمامة یخلي ) (فكتبوا إلى رسول اهللا ، قریش

.))"()4إلیھم حمل الطعام ففعل رسول اهللا :إقامة المجتمع المدني المتعاون :المطلب الرابع

وقد أشار القرآن إلى ضرورة االختالف سنة اهللا في خلقھ والكون،إنھذا االختالف، وإلى حتمیة وجوده حتى یتمكن كل فرد وكل مجتمع من العیش

قال ،وبالطریقة التي یرتضیھا، واختیار، وحریة، حسب ما لدیھ من إرادة

.8/88فتح الباري : موقع يشتفي قاتله بقتله، لدمه،أي صاحب دم: تقتل ذا دم) 1( . 3/6 النهاية في غريب الحديث: صبأ فالن إذا خرج من دين إلى غيره: يقال: صبوت) 2(، 357 -6/356 ومسلم في صحيحه ،)4114(حديث رقم، 4/1589أحرجه البخاري في صحيحه ) 3(

).4564(حديث رقم ثنا ابن إسحاق، عن ابن إسحاق، من طريق يونس بن بكير،)17810(9/66أخرجه البيهقي في سننه) 4(

. وإسناده صحيح،عن أبي هريرة، عن سعيد المقبري



وھذا االختالف ،M ! " # $ % & '( ) * + L(1): تعالىوالتنوع والتعدد، یسھم في اإلعمار والبناء للوصول إلي التكامل اإلنساني،

وضرورة اجتماعیة في كل الجماعات اإلنسانیة ا عامالتعاون مبدأ كان ومن ثموھو ما حث علیھ اإلسالم ، وتبادل المنافع والمصالح، لتحقیق الخیر العام

لیعم ، مسلمین وغیرھم عالقة تعاون وتعارف وبر وعدلوجعل العالقة بین ال . )2(الخیر وتبادل المصالح والمنافع وتقوى الصالت اإلنسانیة

التسامح الدیني ذو بعد وجودي، وضروري ضرورة الوجود نفسھ، إن M E F G H I J K L: وقد صرح القرآن بھذه الحقیقة فقال

M N OL)3(ل إلیھ الحكماء والفالسفة، وأثبتھ ، فأكدت اآلیة ما توصالواقع التاریخي المشاھد من أن اإلنسان مدني بطبعھ، بمعنى أنھ ال تتحقق

وال یكتسب ما تصبو إلیھ قدراتھ إال ، وال تكتمل ذاتھ، وال ینبني كیانھ، حیاتھداخل وسط اجتماعي؛ ومن ثم كان التسامح الدیني أرضیة أساسیة لبناء

ني وإرساء قواعده، على أسس من الحریة في المعتقد، وقبول المجتمع المدوعدم المساس بخصوصیات ، االختالف في الرأي، وتقدیر المواثیق الوطنیة

.كل أمة أو فئة، وانتھاك لحماھا :أھم نتائج البحث

:ا، منھد في نھایة ھذا البحث على بعض النتائجنؤك، كال التفاعل اإلیجابي الرشیدالتسامح المنشود مع اآلخر یؤسس ألش] 1[

- أفرادا ومجتمعات - بغیة تمكین المسلم والتعاون الحضاري اإلنساني الواعي

.118: ية اآلسورة هود) 1( .3/8، )م2001 -هـ1421( 1ط، بيروت–دار الفكر ، السيد سابق: فقه السنة )2( .13: ية اآلسورة الحجرات) 3(



هللا اوفق منھج ، من القیام بمھمة االستخالف، وعمارة الكون، وإسعاد البشریة . جل جاللھ

فال ، لتسامح مع اآلخر لھ ضوابط ال یجوز للمسلمین تجاوزھاا] 2[كما یجب التفریق ، ثال في المواقف التي تصطدم مع العقیدة اإلسالمیةتسامح م

األحكام الدقیق بین الثوابت والمتغیرات عند التواصل مع اآلخر، فالثوابت منكما أن التحاور ، علیھا قواعد اإلسالم یقوماال یصح التھاون فیھا، كونھا أسس

أو معتقداتھ الشخصیة، بل یعمد ، مع اآلخر ال یعني التدخل في قضایاه اإلیمانیةواألمن لشعوب ، بھدف تحقیق الحیاة، إلى توثیق أواصر األخوة اإلنسانیة

.العالمینبغي تحكیم مقاصد الشرع في مسلكنا التسامحي، وتواصلنا مع ] 3[

والفقھیة التي تقوم على مراعاة اآلخر، واالعتداد بتلك االجتھادات الفكریةمقصد الوسطیة في التعامل والمتمثلة في، ة في التواصلجملة المقاصد الشرعی

كما ینبغي ، اإلنسانیة، واالنفتاح اإلیجابي المتوازن مع اآلخر، واحترام الكرامةاالجتھادات الفكریة والفقھیة التي تعمق الجفوة والفجوة مع اآلخر، تجاوز

.والصراع األصل في العالقة مع اآلخر وترى الحربوسماحتھ تشمل جمیع مجاالت الحیاة، بل إن ، الم ملة سمحةاإلس] 4[

وفي الدعوة ، وفي الحرب، اإلسالم یدعو إلى التسامح حتى مع العدو والمخالف .إلیة بالحكمة والموعظة الحسنة

الخالف في األدیان واللغات والقومیات سنة كونیة وظاھرة طبیعیة ] 5[ما ینبغي أن تستثمر وإن،لتخاصم واعداوةة، وال یصح أن تكون سببا للبشری

مد جسور ولصالح تكامل المعرفة وإثراء الساحة اإلنسانیة وتبادل المنافع،



التعاون مع اآلخر، علي أساس من االحترام المتبادل، والكرامة اإلنسانیة .المصونةفي ھذا العصر یشكل اإلسالم بوضوح التحدي األكبر أمام التسامح ] 6[

مانیا ثمة خالفات دائمة منتظمة في المسائل المتعلقة بممارسة األوربي، ففي أل )الحجاب(المسلمین لدینھم، كمسألة اللحوم المذبوحة، وبناء المساجد، وارتداء

الت كل المخاوف وامحغطاء الرأس، ولیس نادرا أن تجتمع في ھذه الالمرتبطة بوجود أقلیة ینظر إلیھا بنظرات تتراوح ما بین النظرة إلى

وفي فرنسا كما في ألمانیا یتبدى لنا في ، "الخطر"، والنظرة إلى "الغریب" الممارسة االجتماعیة ، والراھن أن"الجدال حول غطاء الرأس" سیاق

.)1(والسیاسیة ال یوجھھا مفھوم التسامح، والقبول باآلخرن في أوروبا یشكلون رقما فاعال، ففي فرنسا یبلغ عدد والمسلم] 7[ن حوالي ستة مالیین، وفي التسعینیات بلغ عدد مساجدھم حوالي المسلمی

، وبدال من تواصلھم )2(خمسمائة مسجد، ومراكزھم الثقافیة حوالي ألفي مركزمع المسلمین، وإعطائھم حقوقھم، نجدھم ـ كما یقول رضوان السید ـ یطلبون

دماج في من أبناء الجالیات اإلسالمیة في األقطار األوربیة الرئیسیة االنوما اتفق األوربیون في البدایة حول معاني ! المجتمعات الجدیدة أو مغادرتھا

االندماج أو درجاتھ؛ إذ بدأ الفرنسیون واأللمان متشددین في حین بدا یسود "، كما )3(البریطانیون مائلین لالعتراف بالتعددیة بحسب التقالید عندھم

خوف من جانب المواطن العادي، وال، والغرابة، الیوم أوروبا شعور بالغربة

38: نبيل صبحي، ص. الغرب والشرق، تعريب، د) 1( ).321 (:أوروبا المعاصرة واإلسالم مجلة التسامح رضوان السيد، ص: ينظر، مراجعات كتب) 2( .)317(المصدر نفسه، ص )3(



، وذلك بسبب جور حمالت التشویھ لإلسالم وأھلھ )1("من اإلسالم والمسلمین .في بالد الغرب

فھرس المراجع والمصادردار ، وھبة الزحیلي. د،دراسة مقارنة، آثار الحرب في الفقھ اإلسالمي] 1[

).م1962(، 1/، ط دمشق،الفكر دار العلم ،صبحي الصالح. د: تحقیق،یم الجوزیة البن ق:أحكام أھل الذمة] 2[

).م1982- ھـ 1414(3 بیروت ط–للمالیین مؤسسة ،عبد الكریم زیدان. د،أحكام الذمیین والمستأمنین في دار اإلسالم] 3[

.)ھـ1402(بیروت –الرسالة ألبي الحسن علي بن محمد :األحكام السلطانیة والوالیات العامة] 4[

. بیروت–الكتب العلمیة دار ،الماوردي دمشق – دار القلم ، لعبد الرحمن حسن حبنكة المیداني:األخالق اإلسالمیة] 5[

).م1987-1407(2ط محمد : تحقیق، ألبي عبد اهللا محمد بن إسماعیل البخاري:األدب المفرد] 6[

دار البشائر ،فؤاد عبد الباقي واألحادیث مذیلة بأحكام األلباني علیھا ).م1989 -ھـ1409(3 بیروت ط– اإلسالمیة

تصحیح عادل أحمد ، لعز الدین بن األثیر:أسد الغابة في معرفة الصحابة] 7[ ).م1996 -ھـ1417(1 بیروت ط–دار إحیاء التراث العربي ،الرفاعي

عمان ، مجلة التسامح،)لسنغ( سلیفیا ھورش :اإلسالم والعقالنیة والتسامح] 8[ .م2006 - ھـ 1427) 4(العدد

).316(نفس المصدر، ص )1(



مصر – دار الوفاء ،توفیق الواعي. د:اإلسالم في العقل العالمي] 9[ ).م1990-ھـ 1410(1ط

ھـ 1409(2بیروت ط– دار العلم للمالیین ، لخیر الدین الزركلي:األعالم] 10[ ).م1989-

، وابن عثیمین، ابن باز: أسئلة وأجوبة لسماحة الشیخین:األقلیات اإلسالمیة] 11[ ).م1992 -1415( 1 الریاض ط–دار الوطن ، الطیارعبد اهللا . د: إعداد

بیروت – مكتبة المعرف ، للحافظ ابن كثیر:البدایة والنھایة] 12[ ).م1980-ھـ 1400(3ط

. بیروت– دار سویدان ، البن جریر الطبري:تاریخ األمم والملوك] 13[ ، محمد عبد الرحیم المباركفوري،تحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي] 14[

. بیروت–ار الكتب العلمیة د عبد اللطیف بن :تسامح الغرب مع المسلمین في العصر الحاضر] 15[

).م1999 - ھـ1419(1ط، السعودیة، دار ابن الجوزي،إبراھیمھـ 1400( دار الفكر للنشر والتوزیع ، البن كثیر:تفسیر القرآن العظیم] 16[

).م1980- عبد الرحمن بن ناصر :م المنانتیسیر الكریم الرحمن في تفسیر كال] 17[

).م2000-ھـ 1420(1 مؤسسة الرسالة ط ، السعدي – دار الوطن ،عبد اهللا بن إبراھیم الطریقي. د:الثقافة والعالم اآلخر] 18[

).م1995- ھـ1515(1الریاض ط، ألي جعفر محمد بن جریر الطبري:جامع البیان في تأویل آي القرآن] 19[

).م2000 - ھـ 1420( ، 1ط ،مؤسسة الرسالة، كرأحمد محمد شا: تحقیق



عبد : تحقیق، ألبي عبد اهللا محمد بن أحمد األنصاري:الجامع ألحكام القرآن] 20[ ).م2000 - ھـ1421(3 بیروت ط– دار الكتاب العربي ،الرزاق المھدي

دمشق – دار الفكر ،محمد سعید رمضان البوطي. د:الجھاد في اإلسالم] 21[ ).1995-ھـ 1415(

. المطبعة السلفیة ومكتبتھا، ألبي یوسف یعقوب بن إبراھیم:الخراج] 22[ .1 دار الفكر العربي ط، محمد أبو زھرة:الدعوة إلى اإلسالم] 23[ ). م1969(1 بیروت ط– دار الفكر ، عبد الرحمن عزام:الرسالة الخالدة] 24[حقق نصوصھ وعلق البن قیم الجوزیة :زاد المعاد في ھدي خیر العباد] 25[

–مؤسسة الرسالة ، ألرنؤوطوعبد القادر ا، شعیب األرنؤوط:علیھ ).م1986-ھـ 1406(13 الكویت ط–ومكتبة المنار اإلسالمیة ، بیروت

محمد ناصر الدین ،سلسلة األحادیث الصحیحة وشيء من فقھھا وفوائدھا] 26[ . الریاض– مكتبة المعارف ،األلباني

، محمد فؤاد عبد الباقي: تحقیق،حمد بن یزید القزویني م:سنن ابن ماجة] 27[ . بیروت –واألحادیث مذیلة بأحكام األلباني علیھا دار الفكر

محمد محي الدین : تحقیق، سلیمان بن األشعث السجستاني:سنن أبي داود] 28[ . دار الفكر ،عبد الحمید واألحادیث مذیلة بأحكام األلباني علیھا

، أحمد محمد شاكر: تحقیق، أبو عیسى محمد بن عیسى بن سورة:ذيسنن الترم] 29[ . بیروت –واألحادیث مذیلة بأحكام األلباني علیھا دار إحیاء التراث العربي

دار ، السید عبد اهللا ھاشم یماني: تحقیق، على بن عمر:سنن الدار قطني] 30[ ).م1966 -ھـ 1386( بیروت –المعرفة

محمد عبد : تحقیق،حمد بن الحسین بن علي البیھقي أ:السنن الكبرى] 31[ ).م1994-ھـ 1414( مكتبة دار الباز مكة،القادر عطا



عبد ، د: تحقیق، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعیب النسائي:السنن الكبرى] 32[ – دار الكتب العلمیة ، سید كسروي حسن،الغفار سلیمان البنداري

).م1991-ھـ 1411(1بیروت ط ،نو مصطفى السقا وآخر: تحقیق، محمد عبد الملك بن ھشام:یرة النبویةالس] 33[

).م1963 -ھـ1355( مصر –مطبعة مصطفى البابي الحلبي دار إحیاء ، ألبي زكریا یحي بن شرف:شرح النووي لصحیح مسلم] 34[

).ھـ1392(2 بیروت ط–التراث العربي : تحقیق،ن البستي محمد بن حبا:صحیح ابن حبان بترتیب ابن بلبان] 35[

).م1993 -ھـ1414(2 بیروت ط–شعیب األرنؤوط مؤسسة الرسالة مصطفى . د: تحقیق، ألبي عبد اهللا محمد بن إسماعیل البخاري:صحیح البخاري] 36[

).م1993 - ھـ1407(3 بیروت ط– والیمامة ، دار ابن كثیر،دیب البغاالشیخ عرفان :وي تحقیق بشرح اإلمام النو، مسلم بن الحجاج:صحیح مسلم] 37[

).م1999- ھـ 1420(1 بیروت ط–دار إحیاء التراث العربي ،حسونة المكتب ، محمد ناصر الدین األلباني،ضعیف الجامع الصغیر وزیادتھ] 38[

. بیروت –اإلسالمي – مؤسسة الرسالة ،وھبة الزحیلي. د:العالقات الدولیة في اإلسالم] 39[

).م1997-ھـ 1417(4بیروت ط دار مصر للطباعة ، علي قرعة:العالقات الدولیة في الحروب اإلسالمیة] 40[

).م1995 - ھـ1374( مصر – –محمد علي الحسن . د:العالقات الدولیة في القرآن الكریم والسنة] 41[

) .م1980 - 1400(1عمان األردن ط–مكتبة النھضة اإلسالمیة



مصطفى شحاتة ، د:سالمي محاضرات في الفقھ اإل:العالقات الدولیة] 42[ ).م1976 -ھـ 1369(1 القاھرة ط– مطبعة السعادة ،الحسیني

بدر الدین أبي محمد محمود : شرح صحیح البخاريءعمدة القاري] 43[ . مصر–شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده ، العیني

دار ،دي محمد شمس الحق العظیم أبا:عون المعبود شرح سنن أبي داود] 44[ ).ھـ1415(2 بیروت ط–الكتب العلمیة

عبد الرحمن بن معال :الغلو في الدین في حیاة المسلمین المعاصرة] 45[ ).م1992 - ھـ 1412(1 بیروت ط–مؤسسة الرسالة ، اللویحق

مؤسسة ، یوسف القرضاوي:غیر المسلمین في المجتمع اإلسالمي] 46[ ).م1985-ھـ 1404(4 بیروت ط–الرسالة

علي : تحقیق، محمود بن عمر الزمخشري:الفائق في غریب الحدیث] 47[ .1 لبنان ط– دار المعرفة ،محمد البجاوي محمد أبو الفضل إبراھیم

، أحمد بن علي بن حجر العسقالني:فتح الباري شرح صحیح البخاري] 48[ ).ھـ1379( بیروت –دار المعرفة

فرج عبد الرحمن بن شھاب ألبي ال:فتح الباري شرح صحیح البخاري] 49[ أبو معاذ طارق بن عوض اهللا بن :الدین الشھیر بابن رجب تحقیق

.ھـ142/ السعودیة - دار ابن الجوزي ،محمد تھذیب : وبھامشھ الكتابین،ألبي العباس أحمد بن إدریس القرافي: الفروق] 50[

. بیروت–عالم الكتب ، اعد السنیة والقو،الفروق ).م2001 - ھـ1421( 1 ط، بیروت– دار الفكر ، السید سابق:فقھ السنة] 51[ ،جدة– شركة دار العلم للطباعة والنشر ، لسید قطب:في ظالل القرآن] 52[

) .م1986 -ھـ1406(12 القاھرة ط–ودار الشروق للطباعة والنشر



المكتبة ، عبد الرؤوف المناوي:فیض القدیر شرح الجامع الصغیر] 53[ ).ھـ1356(1 مصر ط–التجاریة الكبرى

. بیروت – دار صادر ، محمد بن مكرم بن منظور:لسان العرب] 54[ مؤسسة ، للشیخ عمر بن عودة الخطیب:لمحات في الثقافة اإلسالمیة] 55[

).م1984 -ھـ1404(9 بیروت ط–الرسالة شعیب : تحقیق، أحمد بن محمد بن حنبل الشیباني:مسند اإلمام أحمد] 56[

. القاھرة –سة قرطبة مؤس،األرنؤوط - ھـ 01402 بیروت–دار الكتاب ، جمیل صلیبا:المعجم الفلسفي] 57[

).م11982 : تحقیق، سلیمان بن أحمد الطبراني:)الروض الداني(المعجم الصغیر ] 58[

-ھـ 1405(1 عمان ط، بیروت– المكتب اإلسالمي ،محمد شكور ).م1985

مكتبة ، حمدي عبد المجید السلفي: تحقیق، للطبراني:المعجم الكبیر] 59[ ).م1983ھـ 1404(2 ط، الموصل–العلوم والحكم

تحقیق ، ألبي الحسن أحمد بن فارس بن زكریا:معجم مقاییس اللغة] 60[ . إیران– دار إحیاء الكتب العلمیة ، عبد السالم محمد ھارون:وضبط

بیروت – مؤسسة الرسالة ، عمر رضا كحالة:معجم المؤلفین] 61[ ).م1993 -ھـ1414(1ط

دار الكتب ، فخر الدین محمد بن عمر التمیمي الرازي:مفاتیح الغیب] 62[ .م2000- ھـ 1421 بیروت –العلمیة

مجلة ،محمد فارق النبھان.د: مفھوم التسامح في إطار الرؤیة اإلسالمیة] 63[ ).ھـ1415ربیع أول (56 المجلد 518العدد ، المنھل



الشركة التونسیة ، للطاھر محمد بن عاشور:سالمیةمقاصد الشریعة اإل] 64[ .للتوزیع

جامعة ،محمد صالح عطیة الحمداني. منھج القرآن في تطویر المجتمع د] 65[ ).م1991-ھـ 1411( كلیة العلوم اإلسالمیة –بغداد

–وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمیة ، الفقھیة الكویتیةالموسوعة ]66[ ).م1427- ھـ1404(2، 1ط، الكویت

معھد اإلنماء ، الشیخ حسن خالد:موقف اإلسالم من الیھودیة والنصرانیة] 67[ ).م1986(1بیروت ط–العربي

، محمود الطناحي: تحقیق، البن األثیر:النھایة في غریب الحدیث واألثر] 68[ ).م1979- ھـ 1399( بیروت – المكتبة العلمیة ،طاھر الزاوي

، مجلة العربي،فھمي ھویدي. أ:لحاب فضھم أصحاب حق ولسنا أص] 69[ .م1981- ھـ 1401جماد األولى ) 269(العدد، الكویت

dspace.iua.edu.sddspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/435/1/التسامح الإسلامي...

Documents