1

شهر الله المحرم إن لله تعالى أشهرا وأياما يتفضل بها على عباده بالطاعات والقربات، ويتكرم على عباده بما يعده لهم من أثر تلك العبادات.. ومن تلك األشهر )شهر الله الحرام(.. وهو من األشهر الحرم كما قال تعالى:

ماوات واألرض منها أربعة هور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق الس }إن عدة الش[.36 ]التوبة: من اآلية حرم{

"محرم ورجب وذوالقعدة وذو الحجة". قال:}منها أربعة حرم{ قال ابن عباس في قوله

"أن المحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما، وعندي أنه سمي بذلك تأكيداوقال علم الدين السخاوي: لتحريمه، ألن العرب كانت تتقلب به فتحله عاما وتحرمه عاما ويجمع على محرمات ومحارم

.(398- 2/397)بن كثير ومحاريم".

عن ابن عمر رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى »أيها الناس: إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات واألرض، وإن عدة الشهورفقال:

عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات واألرض منها أربعة حــرم ثـالث متواليات ـ]رواه البزار[.ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ـ ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان«

فضل عاشوراء

»أفضل الصيام بعدعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ]رواه مسلم[.رمضان شهر الله المحرم وافضل الصالة بعد الفريضة صالة الليل«

عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عاشوراء؟]رواه مسلم[. »يكفر السنة الماضية« فقال:

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال: ما هذا ؟ قالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل مـن عـدوهم فصـامه

]متفق عليه[.»أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه« موسى .. فقال صلى الله عليه وسلم:

كذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفة اليهود بصيام يوم قبله فعن ابن عباس رضي الله عنه ]رواه مسلم[.»لئن بقيت إلى قابل ألصومن التاسع«قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود". وقال ابن عباس رضي الله عنه: ولقد كان يوم عاشوراء في أول األمر للوجوب ثم نسخ بصوم شهر رمضان كما قالت أم المؤمنين

عائشة رضي الله عنه: كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله

2

»من شاءعليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فرض رمضان قال: ]متفق عليه[. صامه ومن شاء تركه«

"ما علمت أن رسول الله صلى اللهفقال:وسئل ابن عباس رضي الله عنه عن صيام يوم عاشوراء؟ عليه وسلم صام يوما يطلب فضله على األيام إال هذا اليوم، وال شهرا إال هذا الشهر )يعني رمضان(".

]رواه مسلم[.

ويتبين لنا من هذه األدلة أن صيام يوم عاشوراء سنه مؤكدة.. وليس لصيام عاشوراء عالقة باستشهاد الحسين رضي الله عنه وإنما سببه يوم صالح نجى الله به موسى من فرعون .. فصامه موسى ثم

صامه النبي صلى الله عليه وسلم .

حكم صيام عاشوراء

سئل سماحة الوالد عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى بما يلي: ما حكم صيام يوم عاشوراء؟ وهل األفضل صيام اليوم الذي قبله أو اليوم الذي بعده؟ أم يصومها

جميعا؟ أم يصوم يوم عاشوراء فقط؟ نرجو توضيح ذلك جزاكم الله خيرا؟؟

صيام عاشوراء سنة.. لما ثبت في األحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلمفأجاب: من الداللة على ذلك .. وأنه كان يوما تصومه اليهود ألن الله نجى فيه موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه فصامه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شكرا لله وأمر بصيامه وشرع لنا أن نصوم يوما قبله أو يوما بعده.. وصوم التاسع مع العاشر أفضل.. وإن صام العاشر والحادي عشر كفى ذلك لمخالفة

»صوموا يوما قبله ويومااليهود، وإن صامهما جميعا مع العاشـر فـال بأس لما جاء في بعض الروايات أما صومه وحده فيكره.. والله ولي التوفيقبعده«

. )جمع محمد المسند([2/170]فتاوى اسالمية

النهي عن سب الصحابة

من أصول أهل السنة والجماعة سالمة قلوبهم وألسنتهم ألصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمذينكما وصفهم الله بذلك في قولـه تعالى: نا اغفر لنا وإلخواننا ال ذين جاؤوا من بعدهم يقولون رب }وال

حيم{ ك رؤوف ر نا إن ذين آمنوا رب ل [.10 ] الحشر:سبقونا باإليمان وال تجعل في قلوبنا غال ل

»ال تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفقوطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قولـه: ]متفق عليه[. أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم وال نصيفه«

ويتبرءون من طريقة المنحرفين من أهل البدع الذين يسبون الصحابة رضي الله عنهم ويبغضونهمويجحدون فضائلهم ويكفرون أكثرهم.

وأهل السنة يقبلون ما جاء في الكتاب والسنة من فضائلهم ويعتقدون أنهم خير القرون كما قال النبي الحديث في الصحيحين. »خيركم قرني«صلى الله عليه وسلم:

3

ولما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة افتراق األمة إلى ثالث وسبعين فرقة وأنها في النار ]رواه»هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي«إال واحدة، سألوه عن تلك الواحدة فقال:

اإلمام أحمد وغيره[. "إذا رأيت الرجل ينتقص امرءا من الصحابة فاعلم أنهقال أبو زرعة وهو من أجل شيوخ اإلمام مسلم:

زنديق، وذلك أن القرآن حق، والرسول حق وما جاء به حق، وما أدى إلينا ذلك كله إال الصحابة. فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة، فيكون الجرح به أليق والحكم عليه بالزندقة والضالل أقوم

وأحق". "من سب أحدا من الصحابة مستحال كفر ، وإن لمقال العالمة ابن حمدان في نهاية المبتدئين:

]شرح عقيدةيستحل فسق وعنه يكفر مطلقا ومن فسقهم أو طعن في دينهم أو كـفـرهم كفر"..([389-2/388السفاريني )

(76بتصرف من كتاب/ )التوحيد للشيخ الفوزان ص سلسلة العالمتين

فضل يوم عاشوراء.. العام الجديد ومحاسبةالنفس

وصحبه آله وعلى محمد نبينا والمرسلين األنبياء أشرف على والسالم والصالة العالمين رب لله الحمد:أجمعين وبعد

ليوفيهم والشهور األيام مدار على عليهم الخيرات مواسم يوالي أن عباده على الله نعم من فإنالله شهر هو كريم، شهر وتبعه إال المبارك الحج موسم انقضى أن فما فضله، من ويزيدهم أجورهم

: قال أنه النبي عن عنه، الله رضي هريرة أبي حديث من صحيحه في مسلم روى فقد أفضل» المحرم،الليل « قيام الفريضة بعد الصالة وأفضل المحرم، تدعونه الذي الله شهر رمضان شهر بعد وقد الصيام

بخصائص مخلوقاته بعض يخص تعالى الله فإن وفضله، شرفه على داللة الله شهر المحرم النبي سمى . بعض على بعضها ويفضل

: تعالى الله رحمه البصري الحسن فليس " وقال حرام، بشهر واختتمها حرام بشهر السنة افتتح الله إنتحريمه ". شده من الله عند أعظم رمضان شهر بعد السنة في شهر

الله أنجى حيث الباطل، على الحق فيه ظهر مبين، ونصر عظيم، حدث فيه حصل يوم الشهر هذا وفيوحرمة عظيمة فضيلة له يوم فهو وقومه، فرعون وأغرق وقومه والسالم الصالة عليه موسى فيه

. عاشوراء بيوم يسمى ما وهو المحرم الله شهر من العاشر اليوم هذا قديمة،

وصيامه عاشوراء يوم فضل

على منها نذكر الله رسول عن ثابتة وهي فيه والصوم عاشوراء يوم فضل عن كثيرة أحاديث وردت

4

المثال :سبيل يلي ما

عاشوراء يوم عن سئل أنه عباس ابن عن الصحيحين فضله " فقال:في يتحرى يوما الله رسول رأيت ما ." رمضان - - يعني الشهر وهذا عاشوراء يوم يعني اليوم هذا إال األيام على

الصالة عليه موسى وكان قديمة، وحرمة عظيمة فضيلة له عاشوراء يوم أن قبل من أسلفنا وكماالجاهلية في قريش وكذلك يصومونه، الكتاب أهل كان بل فحسب هذا وليس لفضله، يصومه والسالم

. تصومه كانت

له الكتاب أهل صيام ورأى المدينة قدم فلما بالصوم، الناس يأمر وال بمكة عاشوراء يوم يصوم كانبصيامه األمر وأكد بصيامه، الناس وأمر صامه به، يؤمر لم فيما موافقتهم يحب وكان له، وتعظيمهم

: . الله رسول قدم قال عباس ابن عن الصحيحين وفي أطفالهم يصومونه كانوا حتى عليه، والحث : الله رسول لهم فقال عاشوراء، يوم صياما اليهود فوجد « المدينة تصومونه» الذي اليوم هذا قالوا:ما

فنحن لله شكرا موسى فصامه وقومه، فرعون وأغرق وقومه، موسى فيه الله أنجى عظيم يوم هذا: فقال «نصومه، منكم » بموسى وأولى أحق . فنحن بصيامه وأمر الله رسول فصامه

: األنصار قرى إلى عاشوراء غداة الله رسول أرسل قالت معوذ بنت الربيع عن أيضا الصحيحين وفي : المدينة حول بقية» التي فليتم مفطرا منكم أصبح كان ومن صومه، فليتم صائما منكم أصبح كان من

من. يومه« اللعبة لهم فنجعل المسجد إلى ونذهب منهم، الصغار صبياننا ونصوم نصوم ذلك بعد فكنا ( : . سألونا فإذا رواية وفي اإلفطار عند يكون حتى إياها أعطيناه الطعام على أحدهم بكى فإذا العهن،

.) صومهم يتموا حتي نلهيهم اللعبة أعطيناهم الطعام

في لما فيه، وتأكيده عاشوراء يوم بصيام الصحابة أمر النبي ترك رمضان شهر صيام فرض فلما- " : ذلك ترك رمضان فرض فلما بصيامه وأمر عاشوراء النبي صام قال عمر ابن حديث من الصحيحين

: ." الله رسول سمعت قال معاوية عن أيضا الصحيحين وفي االستحباب على وبقي بذلك أمرهم ترك أي«يقول: فليفطر» شاء ومن فليصم شاء فمن صائم، وأنا صيامه عليكم الله يكتب ولم عاشوراء يوم .هذا

. االستحباب وبقاء الوجوب نسخ على دليل وهذا

فضائل مسلم من روى فقد قبله، التي السنة ذنوب يكفر فيه عاشوراء يوم صيام أن المحرم الله شهر : فقال عاشوراء يوم صيام عن النبي سأل رجال أن قتادة أبي عن صحيحه أن» في الله على أحتسب

.» قبله التي السنة يكفر

: .. المسلمة أختي المسلم أخي

مخالفة آخر يوما إليه يضم بل مفردا يصومه ال أن على عمره آخر في وسلم عليه الله صلى النبي عزمعنهما الله رضي عباس ابن عن مسلم صحيح ففي صومه، في الكتاب الله " قال:ألهل رسول صام حين

: " : فقال ، والنصارى اليهود تعظمه يوم إنه الله رسول يا قالوا بصيامه، وأمر العام» عاشوراء كان فإذا » التاسع صمنا الله شاء إن ( المقبل (، الكتاب ألهل مخالفة العاشر مع المقبل " قال:أي العام يأت فلم

5

." الله رسول توفى حتى

المعاد ) زاد في تعالى الله رحمه القيم ابن (:2/76قال : وعليه" والعاشر، التاسع يصام أن ذلك ويلي يوم، وبعده يوم قبله يصام أن أكملها ثالثة الصوم مراتب

." بالصوم وحده العاشر إفراد ذلك ويلي األحاديث، أكثر

. واألحوط عاشوراء يوم صيام يدرك حتى عشر والحادي والعاشر التاسع يصام أن

اليوم هذا في تقع التي والمخالفات البدع بعض

من تقع التي المخالفات ومن ، الله رسول عن يثبت لم عمل أي لك يشرع ال أنه المسلم أخي اعلم : صنع وكذلك والعيال األهل على والتوسعة واالغتسال، واالختضاب، االكتحال، اليوم هذا في الناس بعض

. . وضعيفة موضوعة أحاديث فيها وردت األعمال هذه كل اليوم بهذا خاص طعام : ما وكذلك معين، بدعاء اليوم هذا تخصيص منها اليوم هذا في الناس بعض من تقع بدع أيضا وهناك

. كما الشرع في له أصل ال اليوم هذا في الرافضة تفعله ما وأيضا عاشوراء، برقية البدع أهل عند يعرف . سنويا عيدا واتخاذه والورود الهدايا وتوزيع الهجري العام ببداية االحتفال المنكرة األمور من وأن

النفس ومحاسبة الجديد العام

. دقيقة ومراجعة سريعة محاسبة وقفة نفسه مع يقف أن الجديد الهجري العام بداية مع بالمسلم حريمن والفطن الموت، بعد لما وعمل نفسه دان من فالكيس هداية، وسبيل نجاة طريق الوقفة تلك وفي

. الشرع بخطام وخطمها الخير طريق نفسه ألزم : تعالى الله قال وتاب ندم مقصرا كان وإن إحسانا ازداد محسنا كان فإن حالين، من يخلو ال يا}واإلنسان

} لغد مت قد ما نفس ولتنظر ه الل قوا ات آمنوا ذين ال ها :أي [. 18الحشر ]: اآلية هذه تفسير في كثير ابن ادخرتم " قال ماذا وانظروا تحاسبوا، أن قبل أنفسكم حاسبوا أي

." ربكم على وعرضكم معادكم ليوم الصالحة األعمال من ألنفسكم

وكيفيتها النفس محاسبة طريقة الجوزية قيم ابن أجمل " فقال:وقد أوال نفسه يحاسب أن ذلك جماعفإن المناهي على نفسه يحاسب ثم إصالح، أو بقضاء إما تداركه، نقصا فيها تذكر فإن الفرائض، على

الغفلة، على نفسه يحاسب ثم الماحية، والحسنات واالستغفار بالتوبة تداركه شيئا منها ارتكب أنه عرف ." الله على واإلقبال بالذكر تداركه له خلق عما غفل قد كان فإن

لم فبادر بيضاء أمامك صحائفك فإن الله على واإلقبال بالتوبة الجديد العام هذا فجر مع المسلم أخي . . وأكثر تحاسب أن قبل نفسك وحاسب والمعاصي بالذنوب تسودها أن الله فالله شيء فيها بعد يكتب

. عام العام هذا الله جعل الخير على تدلك صالحة رفقة علي واحرص واالستغفار وجل عز الله ذكر منوجعلنا معصيته عن والبعد طاعته حسن في آجالنا ومد أعمارنا وأطال والمسلمين اإلسالم على خير

. . وسلم وصحبه آله وعلى محمد نبينا على الله وصلى األنهار تحتها من تجرى غرفا الجنة من يتبوأ ممن _ ب ص السعودية العربية المملكة القاسم : 11442الرياض 6373دار : 4092000هاتف 4033150فاكس/

6

: االلكتروني : sales@dar-alqassem.comالبريد االنترنت على www.dar-alqassem.comالموقع

كلمات موقع

عام مضى وعام قادم

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فال مضل له، ومن يضلل فال هادي له، وأشهد أن ال إله إال الله وحده ال شريك له، وأشهد أن

محمدا عبده ورسوله أما بعد:

فنحن اآلن على طرف قنطرة نوشك أن نعبرها لتستقر أقدامنا على طرف قنطرة أخرى، فخطوة نودع بها، وأخرى نستقبل بها، نقف بين قنطرتين مودعين ومستقبلين، مودعين موسما كامال أودعنا

فيه ما شاء الله أن نودع، فخزائن بعضنا مألى بما هو عليه، ومن الناس من جمع ما له وما عليهومستقبلين عاما جديدا.

عام مضى

ولي األبصار{ هار إن في ذلك لعبرة أل يل والن ه الل ب الل [44 ]النور: }يقل

اس{ ام نداولها بين الن [140 ]آل عمران: }وتلك األيهار يطلبه حثيثا{ يل الن [54 ]األعراف: }يغشي الل

وصدق الله ومن أصدق من الله قيال ومن أصدق من الله حديثا.هذا السير الحثيث يباعد عن الدنيا ويقرب إلى اآلخرة، يباعد من دار العمل ويقرب من دار الجزاء.

"ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت اآلخرة مقبلة، ولكل واحدةقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: منهما بنون، فكونوا من أبناء اآلخرة وال تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل وال حساب وغدا حساب

وال عمل".

نسير إلى اآلجال في كل لحظة *** وأعمارنا تطوي وهن مراحلترحل من الدنيا بزاد من التقى *** فعمــــــرك أيام وهن قالئــل

وما هذه األيام إال مــــــراحـــــل *** يحث بها حاد إلى الموت قاصدوأعجب شيء لو تأملت أنهـــا *** منــازل تطوى والمسافر قاعد

:بقولهجادت قريحة أحد األدباء في وصف مناسبة وداع العام، فجرى قلمه

7

"رأيت على الطريق شبحا يسير منهوكا، على الطريق الذي ال يمتد في سهل وال وعر، وال يسير على سفح جبل وال شاطئ بحر، وال يسلك الصحراء، وال يخترق البساتين، ولكنه يلف السهل والوعر والجبل والبحر والصحراء والبساتين، وكل ما تحتويه ومن يكون فيها على الطريق الطويل، الذي يلوح كخط

أبيض ويغيب أوله في ظالم األزل، ويختفي آخره في ضباب األبد.

رأيت شبحا يسير على طريق الزمان، وسمعت صائحا يصيح بالدنيا النائمة، تيقظي إن العام يرحلاآلن، أمن الممكن هذا؟

أيحدث هذا كله في هدوء؟يموت في هذه الليلة عام، ويموت عام، ويمضي الراحل بذكرياتنا وآالمنا وآمالنا إلى حيث ال يعود أبدا.

ويقبل القادم فاتحا ذراعيه، ليأخذ قطعة من نفوسنا وجزءا من حياتنا وال يعطينا بدال منها شيئا.

هل الحياة إال أعوام أعوام؟ وهل النفوس إال الذكريات واآلالم" إلى آخر ما قال أثابه الله.

أزف الرحيل أزف رحيل هذا العام فها هو يطوي بساطه، ويقوض خيامه، ويشد رحاله، وكل الناس يغدو فبائع نفسه

فمعتقها أو موبقها، عام كامل، تصرمت أيامه وتفرقت أوصاله، وقد حوى بين جنبيه حكما وعبرا،وأحداثا وعظات، فال إله إال الله، كم شقى فيه من أناس وكم سعد فيه من آخرين؟

كم طفل قد تيتم، وكم من امرأة قد ترملت، وكم من متأهل قد تأيم؟ مريض قوم قد تعافى، وسليم قوم في التراب قد توارى، أهل بيت يشيعون ميتهم، وآخرون يزفون

عروسهم.

دار تفرح بمولود، وأخرى تعزي بمفقود، عناق وعبرات من شوق اللقاء، وعبرات تهل من لوعة الفراق، وآالم تنقلب أفراحا، وأفراح تنقلب أتراحا، أحد يتمنى زوال يومه ليزول معه غمه وهمه وقلقه،

وآخر يتمنى دوام يومه ليتلذذ بفرحه وغبطته وسروره.

أيام تمر على أصحابها كاألعوام*** وأعوام تمر على أصحابها كاألياممرت سنون بالوثــــام وبالهنـــــا*** فـــــــكــأنهــــــــــا أيـــــــــــــــــــامثم أعقبت أيام ســــوء بعدهـــا *** فكأننـــــا وكأنهـــــا أعــــــــــــــوام

أحدهم يلقي عصا التسيار حيث استقر به المئوى، وآخر يضرب في األرض طلبا للرزق والمأوى.

حضر فالن وغاب فالن، ومرض فالن، ودفن فالن، وهكذا دواليك، تغير أحوال، وتبدل أشخاص فسبحان الله ما أحكم تدبيره، وما أجل صنعه، يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعطي من يشاء بفضله، ويمنع من يشاء بعدله، وربك يخلق ما يشاء ويختار، أمور تترى تزيد العاقل عظة وعبرة، وتنبه الجاهل من

سبات الغفلة، ومن لم يعتبر بما يجري حوله، فقد غبن نفسه.

8

خليلي كم من ميت قد حضرتـــه*** ولكنني لم أنتفع بحضوريوكم من ليال قد أرتني عجائــــبا *** لهـن وأيام خلــت وشهور

وكم من سنين قد طوتني كثيـرة*** وكم من أمور قد جرت وأمورومن لم يزده السن ما عاش عبرة*** فذاك الذي ال يستنير بنور

الرغبات المتفاوتة

تختلف رغبات الناس ويتغاير شعورهم عند انسالخ العام، فمنهم من يفرح ومنهم من يحزن ومنهم منيكون بين ذلك سبيال.

فالسجين يفرح بانسالخ عامه، ألن ذلك مما يقرب موعد خروجه وفرجه، فهو يعد الليالي واأليام علىآحر من الجمر، وقبلها تمر عليه الشهور واألعوام دون أن يشعر بها، فكأنه يحاكي قول القائل:

أعد الليالي ليلة بعد ليلة *** وقد عشت دهرا ال أعد اللياليا

وآخر يفرح بانقضاء العام، ليقبض أجرة مساكن وممتلكات أجرها حتى يستثمر ريعها وأرباحها.

وآخر يفرح بانقضاء عامه من أجل ترقية وظيفة، إلى غير ذلك من المقاصد التي تفتقر إلى المقاصد األسمى وهو المقصد األخروي، فالفرح يقطع األيام واألعوام دون اعتبار وحساب لما كان فيها ويكون

بعدها هو من المتبع المغبون.

إنا لنفرح باأليــــــــــام نقطعهـــــــــا *** وكل يوم مضى يدني من األجلفاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا*** فإنما الربح والخسران في العمل

فالعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعد لغده، ومن أعظم الحكم في تعاقب السنين وتغيراألحوال واألشخاص أن ذلك دليل على كمال عظمة الله تعالى وقيوميته.

[3 ]الحديد: }هو األول واآلخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم{

فهو األول فليس قبله شيء، واآلخر فليس بعده شيء، والظاهر فليس فوقه شيء، والباطن فليسدونه شيء، فال إله إال الله ما أجل شأنه وأعظم قدره.

[88 ]القصص: }كل شيء هالك إال وجهه{ك ذو الجالل واإلكرام{ [27-26 ]الرحمن: }كل من عليها فان ويبقى وجه رب

تدارك أوقاتك

على العاقل أن يتدارك أوقاته، وأن يعد أنفاسه، وأن يكون حافظا لوقته شحيحا به، فال يفرط فيشيء من لحظات عمره إال بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والبرزخ واآلخرة.

9

فالعمر قليل واألجل قريب، ومهما طال األمد فلكل أجل كتاب.قيل لنوح عليه السالم، وقد لبث مع قومه ألف سنة إال خمسين عاما، كيف رأيت هذه الدنيا؟

فقال: كداخل من باب وخارج من آخر.

فيا من متعك الله بالصحة والعافية، فأنت تتقلب في رغد العيش واللذات، تفطن لسني عمرك، فربمايفاجئك األجل وأنت في غفلة عن نفسك فتعض أصابع الندم، حين مندم والت حين مناص.

ثم تذكر أن ذلك التنعيم والترفه الذي كنت فيه صباح مساء قد يعقبه ما ينسي لذاته كلها، كما أن من عمر أوقاته بطاعة الله وهو يعيش في ضيق من األمر وقد قدر عليه رزقه قد يعقب ضيق عيشه ما

ينسيه ألمه وفقره.

»يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في جهنم صبغةقال صلى الله عليه وسلم: ثم يقال له: يا ابن آدم، هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: ال والله يارب!

ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا ابن آدم، هلرأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟

فيقول: ال والله يارب ما مر بي بؤس قط، وال رأيت شدة قط«.

عن أنس رضي الله عنه.أليس من الخسران أن لياليا *** تمر بال نفع وتحسب من عمري

اللهم اختم عامنا بخير، واجعل عواقبنا إلى خير، إنك سميع مجيب الدعاء.

طول العمر نعمة أم نقمة

إن تعاقب الشهر واألعوام على العبد، قد يكون نعمة له أو نقمة عليه، فطول العمر ليس نعمة بحد ذاته فإذا طال عمر العبد ولم يعمره بالخير فإنما هو يستكثر من حجج الله تعالى عليه، أخرج اإلمام أحمد والترمذي والحاكم عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه

»خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله«.وسلم:

طول الحياة حميـدة *** إن راقب الرحمن عبدهويضدها فالموت خير*** والسعيد أتاه رشـــــده

ويقول اآلخر في وصف من لم ينتفع بعمره:

شيخ كبير لــــــه ذنــــوب *** تعجز عن حملها المطاياقد بيضت شعره الليالي *** وسودت قلبه الخطايـــــا

10

ماذا قدمت

إن هذا العام الذي ولى مدبرا قد ذهب ظرفه ويقي مظروفه بما أودع فيه العباد من األعمال، وسيرى لو أن بينهاكل عامل عمله }يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود

[30 ]آل عمران: وبينه أمدا بعيدا{

نة{سيرى كل عامل عمله يهلك من هلك عن بي [42 ]األنفال: }ل

لعبيد{ م ل ك بظال [46 ]فصلت: }وما رب

سيسال العبد عن جميع شؤونه في الدنيا، وربه أعلم، لكن ليكون اإلنسان على نفسه بصيرة، أخرج اإلمام الترمذي عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه

»ال تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند الله حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه؟وسلم: وعن شبابه فيما أباله؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟«.

وفي رواية للترمذي أيضا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه »ال تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن عمله ما فعل فيه؟ وعنوسلم:

ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ ومن جسمه فيم أباله«.

فاحذر الحذر من التفريط والتسويف

ندمت على ما كان مني ندامة *** ومن يبتغ ما تشتهي النفس يندمألم تعلموا أن الحساب أمامكن *** وإن وراكم طالــــبا ليس يسلــــــمفخافوا لكيما تأمنوا موتكــــــــم *** ستلقون ربا عــــادال ليـــس بظلمفليس لمغرور بدنياه راحـــــــــة *** سيندم إن زلت به النعــل فاعلموا

فيا من ضيع عمره فيما ال ينفع، ألم تعلم أنك تستكثر األثقال على نفسك وتزيد حجة الله عليك، فكم مر عليك من األعوام وأنت تتمتع بثوب الصحة والعافية ومع ذاك وذاك لم تؤد زكاة صحتك وعافيتك بل

أصبحت مغبونا فيهما لما ضاع عليك من األعمال دون استثمار وتحصيل لآلخرة.

»نعمتانعن عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ«

والعجب أن بعض الناس يتفقد صحته صباح مساء وال يدخر جهدا وال ماال وال وسعا في الذهاب إلىاالستطباب كلما أحس بعارض، وهذا من فعل األسباب المشروعة.

لكن التناقض أن تراه غافال عن صالح قلبه وجوارحه، وربما يشب ويشيب ويموت على ذلك.

11

عام قادم

تستقبل األمة اإلسالمية عامها الهجري الجديد وجسدها اإلسالمي مصاب بجراحات كثيرة، بل ال يكاد يبرأ حتى تنتكث جراحات أخرى، جهل وحرب وفقر وجوع وتشريد وتهديد، وذلك واضح ومعلوم فيما

يقرأ ويسمع ويشاهد، بل فقد يقال: لم يعد مستغربا حصول قارعة تنزل بجامعة من المسلمين أو تحلقريبا من دارهم، حتى أضحت كثير من بالد المسلمين يصدق عليها قول الشاعر:

أني اتجهت إلى اإلسالم في بلد *** تجده كالطير مقصوما جناحاه

معاشر المسلمين:

إن الناظر اإلنصاف والبصيرة يعلم أن ما أصاب المسلمين إنما هو من جراء أنفسهم وذنوبهم، كما قال[30 ]الشورى: }وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير{تعالى:

ى هـذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء }أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أن[165 ]آل عمران: قدير{

تعدد مصائب األمة وجراحها

ليس من تعداد مصائب األمة وجراحاتها من باب إدخال اليأس والقنوط على النفوس، معاذ الله من ذلك، فعلى رغم ما حصل ويحصل في أمة اإلسالم من المصائب إال أن الخير باق فيها إلى قيام

الساعة.

ولكن يذكر ذلك من باب شحذ الهمم وإيقاظ العزائم وبث الحمية اإلسالمية الصحيحة في نفوس المسلمين، ألن حال كثير من المسلمين على اختالف بالد العالم اإلسالمي حال يرثى لها بسبب التبعية

ألعداء اإلسالم واإلعجاب بهم إعجابا مطلقا، إضافة إال انحالل كثير من المسلمين من قيم اإلسالم وآدابة أدى ذلك وغيره إلى غياب معالم اإلسالم ال على مستوى أفراد فحسب بل على مستوى

مجتمعات بل إن بعض المسلمين لم يكتف باالنحالل من قيم اإلسالم فحسب وإنما أصبح عونا ألعداء اإلسالم، وكثرا لسوادهم، وذلك بتسخير نفسه وقلمه وفكره لحرب اإلسالم والمسلمين، فأضحى

خطرا كبيرا على اإلسالم وأهله، ذلك ألن العدو قد عرف بعدائه وحقده، أما من كان محسوبا معدودا من جملة المسلمين لهذا الذي يخفى كيده ويشتد أذاه لغفلة الكثير عن مراده وسوء قصده، بل ويزيد

خطره إذا صنف من المدافعين عن اإلسالم وأهله.

توثيق الروابط بين المسلمين

لقد حرص اإلسالم على توثيق الروابط والتقارب بين المسلمين، وأكد أهميتها، بل بلغ حرص اإلسالم على أهله أن جعلهم كالجسد الواحد يألمون سويا ويأملون سويا، عن النعمان بن بشير رضي الله

»المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسهتعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

12

تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر«.وفي لفظ آخر: »المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله، وإن اشتكى عينه اشتكى كله«.

»إنوعن أبي موسى األشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك أصابعه«.

ولقد تضمن هذا النص صفات بليغة في وحدة المسلم مع إخوانه، فالمؤمنون كالبنيان الواحد المجتمع، ولما كان البنيان قد يكون متداعيا أو متساقطا جاء الوصف اآلخر بأن ذلك البنيان يشد بعضه بعضا،

فيكون كل مسلم يمثل لبنة في البيت اإلسالمي.

حال المسلم مع إخوانه

ولم يكتف اإلسالم بأن تكون وحدة المسلم مع أخيه في حال المشاهدة، بل تعدى ذلك إلى حال الغيب »إنوالبعد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم خارج المدينة ومعه جماعة من أصحابه فقال لهم:

بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا وال أنفقتم من نفقة وال قطعتم واديا إال كانوا معكم وفيه وهم بالمدينةحبسهم العذر«.

وهكذا ينبغي أن تكون حال المسلم مع إخوانه في السراء والضراء وفي الغيب والشهادة، يألم أللمهمويؤمل ألملهم، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم.

فسفينة اإلسالم واحدة تتأثر سلبا وإيجابا بحسب تصرفات أهلها.

إصالح النفس

إذا كان كذلك فليحذر كل مسلم أن يكون سببا في إحداث فجوة على اإلسالم من جهة نفسه، سواء كان تقصيرا في ذاته أو متعديا إلى غيره، بل وليعلم كل واحد من المسلمين أنه مسؤول عن نفسه

خاصة وعلى من يعول عامة.

فاإلصالح يبدأ من الذات ثم تتسع دائرة اإلصالح حتى تشمل البيت والجوار والمجتمع كل بحسبجهده.

الشعور بالمسؤولية

متى ما شعر الفرد بمسؤولية وقام بأدائها قدر المستطاع كان ذلك مما يقوي شوكة المجتمع خاصةوشوكة اإلسالم عامة.

فإذا تكاثف المسلمون مع إخوانهم المستضعفين ودعموهم بالمال والدعاء وكانوا معهم بأحاسيسهم فإنه يحصل بذلك األثر الكبير في استجالب النصر بإذن الله، ومتى قام المصلحون بنشر الوعي

13

العقدي السليم وبصروا الناس في عباداتهم ومعامالتهم وسلوكياتهم، عاد ذلك بالنفع العظيم علىالمجتمع بأسره.

أنه إذا استشعر كل فرد بمسؤوليته وقام بها حق القيام، كان ذلك بإذن الله من أعظمشاهد المقال:األسباب في نصر اإلسالم والمسلمين فأمر المسؤولية عظيم.

»كلكم راععن عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكلكم مسؤول عن رعيته فاإلمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن

رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولية عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن

رعيته«.

فالله نسأل أن يعننا على ما حملنا وأن يصلح لنا جميع أمورنا.

األعمال الصالحة وتهذيب النفس

استكثروا من األعمال الصالحة وال يحقرن أحدكم من المعروف شيئا، فرب عمل بسير أورث صحابه أجرا عظيما، فليكن بعضنا عضدا لبعض في التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ليتفقد كل منا نفسه

خاصة وغيره عامة، فمن كان مقصرا تعاهدناه.

إن اإلسالم مجتمعات والمجتمعات أفراد، ومتى ما أصلح الفرد نفسه صلح جزء من مجتمع المسلمين،وعلى هذا فكل منا على ثغر من ثغور اإلسالم، فالله الله أن يؤتى اإلسالم من قبله.

صوم يوم عاشوراء

وإن مما يعين على تهذيب النفس تعويدها عمل الخيرات، وإن من الخيرات صيام يوم عاشوراء.»صيام عاشوراء يكفر سنة ماضية«فصيامه يكفر سنة ماضية كما قال صلى الله عليه وسلم:

أخرجه الترمذي بمعناه عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه، وقد صامه صلى الله عليه وسلم وهم»لئن بقيت إلى قابل ألصومن التاسع«.بصيام يوم قبله فقال:

اللهم اجعل هذا العام عام خير وبركة لإلسالم والمسلمين.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

فضيلة الشيخ: عبدالعزيز السدحان

11442 الرياض 6373دار القاسم: المملكة العربية السعودية_ص ب 4033150/ فاكس: 4092000هاتف:

البريد االلكتروني:sales@dar-alqassem.com

14

الموقع على االنترنت:www.dar-alqassem.com

موقع وذكر اإلسال

وقفات مع نهاية العام

الحمد لله أوال وآخرا، والصالة والسالم على من جاء بالصدق وصدق به ظاهرا وباطنا، وعلى آلهوصحبه إلى يوم الدين، أما بعد:

ما أسرع مرور األيام، وما أشد تعاقب الملوان )الملوان: الليل والنهار(، وما أجرأ الليالي على هدمأعمارنا وانتقاص آجالنا.

باألمس القريب ودعنا شهر رمضان الذي مضى وكأنه حلم جميل ما أتى إال وقد آذن بانصرام.. ثممضى بعده موسم الحج وكأنه طيف خيال أو عابر سبيل مر مرور الكرام وانصرف.

واليوم نحن في وداع عام كامل من أعمارنا وفي استقبال عام جديد.. سنة كاملة من عمر اإلنسان قدتهيأت للرحيل.. ماذا أدينا فيها من أعمال؟!

وماذا قدمنا من طاعات؟ وماذا اكتسبنا فيها من أجور وحسنا؟

كم آية من القرآن قرأنا؟

وكم صالة ركعنا فيها وسجدنا؟

وكم درهم أو دينار أنفقنا وتصدقنا؟

وكم من األيام صمنا؟

وكم من المعروف بذلنا؟

كم يتيم مسحنا دمعته؟

جنا عنه كربته؟ وكم مسكين فر

وكم بائيس فقير سددنا خلته وقضينا حاجته؟

15

وكم مجاهد دعونا له ونصرناه؟

وكم آمر بالمعروف ناه عن المنكر شددنا أزره وباركنا خطاه؟

كم معصية ركبنا؟

وكم نظرة خائنة نظرنا؟

وكم رجل أو امرأة اغتبنا؟

وكم من حدود الله انتهكنا؟

وكم من ضعيف ظلمنا؟

وكم من فقير أو مسكين أو يتيم أهملنا؟

وكم من الساعات واأليام غفلنا؟

سنة كاملة أودع فيها في صحائف الحسنات ما شاء الله أن يودع.. وسود فيها في صحائف السيئات مايه.. ومن منا المطرود فنعزيه.. ا المقبول فنهن شاء الله أن يسود.. فيا ليت شعري من من

ووجدوا ما عملوا حاضرا

ولئن كنا قد نسينا ما فعلنا من الحسنات والسيئات.. فإن ذلك محفوظ في كتاب قد أحصاه الملكان.. [ أي ما يتكلم18 ]ق: }ما يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد{وسطره الكرام الكاتبون.. قال تعالى:

}وإنابن آدم بكلمة إال ولها من يرقبها، معد لذلك، يكتبها، وال يترك كلمة وال حركة، كما قال تعالى: [.12-10 ]االنفطار : ( يعلمون ما تفعلون{11( كراما كاتبين )10عليكم لحافظين )

وفي يوم القيامة يرى كل إنسان عمله ماثال أمام عينيه فيعتريه الخوف والهلع، وينجي الله تعالى أهل اإليمان برحمته بعد أن أطاعوه واتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم وعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته،

}وترى كل أمة جاثية كلويهلك الكافرين بسبب أعمالهم الخبيثة وأفعالهم الفضيعة كما قال تعالى : ا نستنسخ28أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون ) ا كن ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إن

هم في رحمته ذلك هو الفوز29ما كنتم تعملون ) ذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم رب ( فأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين )30المبين ) ( وإذا31( وأما ال

ا وما نحن اعة إن نظن إال ظن اعة ال ريب فيها قلتم ما ندري ما الس ه حق والس قيل إن وعد اللئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون )32بمستيقنين ) ( وقيل اليوم ننساكم33( وبدا لهم سي

ار وما لكم من ناصرين{ [.34-28 ]الجاثية: كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم الن

16

}يا ويلتنا مال هذا الكتاب ال يغادر صغيرة والوفي هذا اليوم يقف العصاة مذهولين مبهورين ويقولن: ك أحدا{ [.49 ]الكهف: كبيرة إال أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا وال يظلم رب

بادر قبل أن يبادر بك

فيا أخي الحبيب! هل أعددت لهذا اليوم عدته؟ وهل سعيت فيما ينجيك من هوله وكربته؟

وهل حاسبت نفسك على ما بدر منك من أقوال وأعمال؟

وهل اجتهدت في طاعة موالك ذي الجالل واإلكرام؟

أم أنك في غفلتك سادر.. وفي طريق الغي سائر؟

ي أعمل صالحا فيما تركت{99}رب ارجعون )أفق أخي قبل أن يحين موعدك فتقول: فيقال لك( لعلها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) [.100-99 ]المؤمنون: ({100}كال إن

وانظر أخي إلى الصالحين.. كيف كانوا يعملون؟ كيف كانوا يقولون؟ كيف كانوا يفعلون؟ واحكم على نفسك من خاللهم.. وقل لي: هل عملك ينجيك غدا من عذاب السعير؟ أم أنك من الذين أساءوا

العمل وأخطأوا المسير؟ أم من الذين خلطوا عمال صالحا وآخر سيئا؟ واجه نفسك بهذه الحقيقة والتعتمد على رجاء كاذب أو أماني باطلة..

واعلم بأن الصالحين قبلك مع ما كانوا عليه من عبادة وطاعة وإحسان عمل، كانوا ال يثقون بأعمالهم،ويخافون من الرد وعدم القبول..

فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد األولين واآلخرين، الذين رفع الله ذكره.. وغفر له ما تقدمره بالمنزلة العظيمة والمقام الرفيع الذي ال أعظم منه وال أرفع يوم القيامة. من ذنبه وما تأخر.. وبش كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فلما قيل له: تفعل ذلك وقد غفر لك ربك ما تقدم من ذنبك

. وكان صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في»أفال أكون عبدا شكورا؟«وما تأخر قال: اليوم الواحد أكثر من مائة مرة..

وهل كان صلى الله عليه وسلم يعصي ربه حتى يستغفره ويتوب إليه في اليوم مائة مرة؟

كال والله ما كان إال طائعا، ولكنها المحاسبة الدائمة للنفس، والمراقبة التامة لخطراتها، والتواضع الجم »لن يدخلباستغفاره والتوبة إليه وعدم الركون إلى مقام النبوة الرفيع.. قال صلى الله عليه وسلم:

»وال أنا إال أن يتغمدني الله برحمة منه. قالوا: وال أنت يا رسول الله ؟! قال:أحد الجنة بعمله«.وفضل«

فيا أخي الحبيب! إذا كان هذا حال سيد المرسلين فكيف يكون حالي وحالك؟ كيف نفرح وال ندري ما

17

مصيرنا؟ وكيف نلعب وال ندري ما مآلنا؟ وكيف نمزح وال ندري أمن أهل الجنة نحن أم من أهل النار؟ة من خردلقال تعالى: }ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فال تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حب

[.47 ]األنبياء: أتينا بها وكفى بنا حاسبين{

لو أن بينها وبينهوقال تعالى: }يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء توده رؤوف بالعباد{ ه نفسه والل [.30 ]آل عمران: أمدا بعيدا ويحذركم الل

ه على كل شيءوقال تعالى: ه ونسوه والل ئهم بما عملوا أحصاه الل ه جميعا فينب }يوم يبعثهم الل[.6 ]المجادلة: شهيد{

فيحكم الله بين عباده ويحاسبهم على أعمالهم جميعا، وال يترك من ذلك شيئا ولو كان صغيرا، وال يظلم أحدا من خلقه، بل يعفو ويصفح، ويغفر ويرحم، ويعذب من يشاء بقدرته وحمته وعدله، ويمأل

النار من الكفار وأصحاب المعاصي، ثم ينجي أصحاب المعاصي من المؤمنين فيخرجهم من النار بعدأن يعذبوا فيها ما شاء الله، ويخلد فيها الكافرين، وهو الحاكم الذي ال يجور وال يظلم..

ثم لتسألن يومئذ عن النعيم

ولعظيم يوم الجزاء أمر الله عباده بمحاسبة أنفسهم واالستعداد لما أمامهم حتى ال يفجأهم الموته ولتنظر نفس ماوهم على حالهم من الغفلة واإلهمال، فقال تعالى: قوا الل ذين آمنوا ات ها ال }يا أي

ه خبير بما تعملون{ ه إن الل قوا الل [.18]الحشر: قدمت لغد وات

"أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم ألنفسكمقال اإلمام ابن كثير رحمه الله:من األعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم".

"حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنهوقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض األكبر، يومئذ تعرضون ال

تخفى منكم خافية".

فالمؤمن يحاسب نفسه ألنه يعلم أنه سوف يحاسب غدا بين يدي الله عز وجل، والعاصي يمضي قدماال يحاسب نفسه؛ ألنه غافل عن يوم الحساب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: »ما منكم من أحد إال

سيكلمه ربه عز وجل، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فال يرى إال ما قدم، وينظر أشأم منه ]متفقفال يرى إال ما قدم، وينظر بين يديه فال يرى إال النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة«

عليه[.

}ثم لتسألن يومئذ عنوقد أخبر الله تعالى في كتابه أننا سوف نسأل عن نعيم الدنيا فقال تعالى: عيم{ [.8 ]التكاثر: الن

سوف يسألنا الله عز وجل عن نعيم الدنيا؛ عن الماء البارد، والطعام الشهي، والمسكن والمركب

18

والملبس؛ ماذا عملنا فيه؟ وكيف وصلنا إليه؟

»ال تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعنقال النبي صلى الله عليه وسلم: ]رواه الترمذيعلمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أباله«

وصححه األلباني[.

"إن الله سائل كل عبد عما استودعه من نعمه وحقه".قال قتادة:

"والنعيم المسئول عن نوعان: نوع أخذ من حله وصرف في حقه، فيسالوقال ابن القيم رحمه الله:عن شكره، ونوع أخذ بغير حله وصرف في غير حقه، فيسأل عن مستخرجه ومصرفه".

أعد للسؤال جوابا، وللجواب صدقا وصوابا، فإن األمر جد خطير، ألنه متعلق بالمآلفيا أخي الحبيب:والمصير، إما نعيم مقيم، وإما عذاب أليم.

"لو أن الله توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في الحمام لكان أجدر بي أن ال أفترقال أحد السلف:من عبادة الله عز وجل، فكيف وقد توعدني إن أنا عصيته أن يعذبني في نار جهنم؟!".

طريقة المحاسبة

"وجماع ذلك أن يحاسب نفسه أوال عنقال اإلمام ابن القيم رحمه الله في طريقة محاسبة النفس:ر فيها نقصا تداركه، إما بقضاء أو إصالح. الفرائض، فإن تذك

ثم يحاسبها عن المناهي، فإذا عرف أنه ارتكب منها شيئا تداركه بالتوبة واالستغفار والحسناتالماحية.

ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن كان قد غفل عما خلق له، تداركه بالذكر واإلقبال على الله تعالى. ثم يحاسبها بما تكلم به، أو مشت إليه رجاله، أو بطشت يداه، أو سمعته أذناه: ماذا أردت بهذا؟ ولمن

فعلته؟ وعلى أي وجه فعلته؟ ويعلم أنه البد أن ينشر لكل حركة وكلمة ديوانان: ديوان لمن فعلته؟ وكيف لعته؟؛ فاألول سؤال عن

اإلخالص، والثاني سؤال عن المتابعة".

من أخبار أهل المحاسبة

ليست محاسبة النفس مقتصرة على نهاية العام، أو نهاية الشهر أو نهاية اليوم، فإنأخي الحبيب: قال الحسن رحمهالصالحين كانوا يحاسبون أنفسهم عند كل عمل من األعمال أو قول من االقوال،

"رحم الله عبدا وقف عن همه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره تأخر..".الله:

وامة{ أيضا في قوله تعالى: وقال الحسن فس الل 2 ]القيامة: }وال أقسم بالن [: "ال تلقى المؤمن إال يعاتب نفسه: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟، والعاجز يمضي قدما ال

يعاتب نفسه".

19

" ال يكون الرجل تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه".وقال ميمون بن مهران:

مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها. ثموقال إبراهيم التيمي:لت نفسي في النار؛ آكل من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سالسلها وأغاللها، فقلت مث

لنفسي: أي نفسي!! أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أرد إلى الدنيا فأعمل صالحا. قلت: فأنت فياألمنية فاعملي".

وكذلك أنت ـ أخي الحبيب ـ الزالت الفرصة أمامك فاغتنمها وال تضيعها، فإن كثيرا غيرك قد حرموادوا القبور، وجندلوا في صفائحها، فاشكر الله على تلك المهلة، وتب إليه مما مضى، تلك الفرصة، ووس وأحسن العمل فيما بقي، فإن األعمال بالخواتيم، والتوبة تمحو ما كان قبلها من الذنوب، فخذ نفسك

بالجد، ودع عنك الكسل والفتور، فقد ذكر محمد بن المنكر أن تميما الداري رضي الله عنه نام ليلة لميقم يتهجد فيها حتى أصبح، فعاقب نفسه بقيام سنة كاملة للذي صنع.

كم تعذب هذافقال له علقمة:وكان األسود بن يزيد مجتهدا في العبادة، يصوم النهار، ويقوم الليل، كرامة هذا الجسد أريد.فقال األسود:الجسد،

وانظر ـ أخي ـ كيف كانوا يحادثون أنفسهم، ويكلمونها، ويسمعون منها، وكأنها أشخاص غيرهم، أو أشباح يحسون بها وال يرونها، فقد سمع محمد بن المنكدر زياد بن أبي زياد وهو يخاصم نفسه في

المسجد يقول: اجلسي هنا.. أين تريدين؟ أين تذهبين؟ أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد؟ انظري مالك من وكان يقول لنفسه:إلى ما فيه.. تريدين أن تبصري دار فالن، ودار فالن، ودار فالن؟..

الطعام يا نفس إال هذا الخبز والزيت، ومالك من الثياب إال هذان الثوبان ومالك من النساء إال هذهالعجوز، أفتحبين أن تموتي؟ فقالت: أصبر على هذا العيش..

وأعظم من هذا أنهم كانوا يعاتبون أنفسهم في ساحات القتال وميادين الوغى لئال تتراجع وتتخاذل أمام بريق السيوف وطعنات األسنة وضربات الرماح، ففي غزوة مؤتة حينما أصيب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه دعا الناس: "يا عبدالله بن رواحة! يا عبدالله بن رواحة!" وكان في جانب

العسكر ومعه ضلع جمل ينهشه، ولم يكن ذاق طعاما قبل ذلك بثالث، فحينما سمع النداء رمى بالضلعيقول: "وأنت مع الدنيا!! ثم تقدم فقاتل"، فأصيب أصبعه، فارتكز فجعل قال:ثم

هل أنت إال إصبع دميــت وفي سبيل الله ألقيــــت

يا نفس إال تقتلي تمـوتي هذا حياض الموت قد صليت

وما تمنيت فقد لقيـــت إن تفعلي فعلهما هديـــت

وإن تأخرت فقد شقيت

"يا نفس! إلى أي شيء تتوقين؟ إلى فالنة؟ هي طالق ثالثا. وإلى فالن وفالن؟ غلمان له ـقال:ثم

20

وإلى معجف ـ حائط له ـ فهو لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم".

يقول:ثم

يا نفس مالك تكرهين الجنة أقسم بالله لتنــــــزلنه

ه فطالما قد كنت مطمئـــنة طائعة أو لتكــــرهن

هل أنت إال نطفة في شنة قد أجلب الناس وشدوا الرنه

ثم قاتل حتى قتل رضي الله عنه.

دع عنك التسويف والغفلة، وإياك إياك وطول األمل، وال يغرنك الذين عمروا طويال،فيا أخي الحبيب! ولكن انظر كم يموت من الشباب.

يجب على من ال يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعدا، وال يغترقال ابن الجوزي رحمه الله: بالشباب والصحة، فإن أقل من يموت األشياخ، وأكثر من يموت من الشباب، ولهذا يندر من يكبر، وقد

أنشدوا:

يعمر واحد فيغر قوما وينسى من يموت من الشباب!!

كم من الشباب يموتون باألمراض الفتاكة؟

وكم من الشباب يموتون بسبب الحوادث القاتلة؟

وكم من الشباب يموتون بسبب اإلدمان؟

وكم من الشباب يموتون بسبب الحروب والخصومات؟

فعلى الحازم أن يتجهز للقاء الله، وأن يبادر إلى التوبة واألعمال الصالحة، وال يفتر من محاسبة نفسه ومعاتبتها في ساعته، في يومه، في شهره، في سنته، حتى يدركه الموت على حال من اليقظة

واالستعداد والتأهب.

أخي الحبيب!

تؤمل في الدنيا قليال

21

وال تــدري إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر

فكم من صحيح مات من غير علة

وكم من سقيم عاش حينا من الدهر

نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.خالد أبو صالح

دار الوطن

العام الهجري الجديد وقفات ودروس الحمد لله تعالى المنزه عن النقصان، سبحانه وتعالى عظيم الشان والصالة والسالم على نبيه محمد

الطاهر وآله وصحبه أهل التقى والمآثر وبعد:

في سنة ست عشرة من الهجرة كان ذلك القرار الميمون بمرسوم عمري طاهر يحكي طهارة ذلك الجيل الذي رباه النبي صلى الله عليه وسلم فها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي االه عنه يصدر أمرا أن يتعامل المسلمون بالتاريخ الهجري ويتركوا ما سواه من التاريخ، فغدا التاريخ الهجري

هو التاريخ المقدم عند المسلمين، يردون إليه ويصدرون عنه.

وها نحن نقدم الخطى لنعبر عتبات عام منصرم لندخل عاما جديدا. أخي المسلم:

وما أعظم أن يدرك المسلم عظمة هذا التاريخ، ولكن هل يكفي هذا، وقد انفرط عقد النظام؟!!

أخي: كم هو مؤلم أن ال يتجاوز نظر المسلم موضع قدميه، فهذه هي جماعات المسلمين أفرادا وزرافات يحتفلون بميالد عام هجري جديد، وهم إذ يحتفلون بذلك نسوا بأمر من أخذوا في احتفالهم

هذا؟ هل كان ذلك بأمر من الله تعالى في كتابه العزيز؟ أم بأمر رسوله؟ أم هم مقتدون بصحابة النبيصلى الله عليه وسلم؟!

إنه لمن الخطأ الواضح أن يقدم المسلمون على فعل ليس له أصل من كتاب وال سنة وهذا النبي هوصلى الله عليه وسلم يأمره الله تعالى أن ال يتجاوز وحيه ك ال إلـه إال ب بع ما أوحي إليك من ر }ات

[. 106 ]األنعام:وأعرض عن المشركين{

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته باالتباع ونهاها عن اإلحداث وأن من أحدث حدثا في الدين

22

]رواه البخاري[. »من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد«فهو مردود عليه

أال أدلك على خير من ذلك كله، وهو خير لك في معاشك ومعادك، فسأنضح عليك منأخي في الله:طيب النصح، فهل من طالب ألريج المسك ونفحات العطر؟!

هل تذكرت نعمة اإلسالم؟ والتي فاقت كل نعمة وما أعظمه من ميالد يوم أن بعث الله نبيهأخي: قالصلى الله عليه وسلم بدين اإلسالم فأخرج العباد من الظالم إلى النور ومن الضالل إلى الهدى،

" رحم الله عباده بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فأنقذهم من الضالل كما قالاإلمام ابن رجب:لعالمين{تعالى: ه يؤتيه[ ولهذا قال الله تعالى: 107 ]األنبياء:}وما أرسلناك إال رحمة ل }ذلك فضل الل

ه ذو الفضل العظيم{ [ فمن حصل له نصيب من دين اإلسالم فقد حصل له4]الجمعة:من يشاء والل الفضل العظيم وقد عظمت عليه نعمة الله فما أحوجه إلى القيام بشكر هذه النعمة وسؤاله دوامها

والثبات عليها إلى الممات والموت عليها فبذلك تتم النعمة ".

كم يمر العام الهجري على المسلمين وأكثرهم ال يتذكر هذه النعمة الجليلة، وال يلتفت إليها إال إذا مرعليه رأس العام الهجري الجديد، فال يتذكر ذلك إال تذكر الغافلين، فما أعظمها من مصيبة.

وأنت تتذكر العام الهجري الجديد هل خطر ببالك ذلك المصاب العظيم والذي زلزلثم أخي المسلم: المدينة الطاهرة يوم حدوثه؟

وهو موت النبي صلى الله عليه وسلم كم وكم من المسلمين ال ينتبهون لذلك، وهو الحدث الذي آذن بأول شرط من أشراط الساعة، نعم لقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم لنا كتاب الله تعالى وسنته

"كان الرجل من أهلأبو الجوزاء يقول:الطاهرة ولكن فقده له وقعه الخاص على النفوس، هذا المدينة إذا أصابته مصيبة جاء أخوه فصافحه ويقول: يا عبدالله ثق بالله فإن رسول الله صلى الله

عليه وسلم أسوة حسنة".

إصبر لكل مصيبة وتجلد *** وأعلم بأن المرء غير مخلد

واصبر كما صبر الكرام فإنها *** نوب تنوب اليوم تكشف في غد

وإذا أتتك مصيبة تشجى بها *** فاذكر مصابك بالنبي محمد

كم تمر على المسلم األعوام والحال هي هي!! ال يتغير وال يتبدل عما هو فيه من غفلة وقسوةأخي: في القلب ومعاص بلغت عنان السماء، أوامر الرحمن معطلة وأوامر الشيطان تنفذ انشغل الناس

بالمعاصي، فإذا كان العام الهجري الجديد، قالوا: هذا هو العام الجديد.

ولكن..

أين الجديد من أفعالك؟ أين الجديد من أقوالك؟ أال يوجد قلب تاه يفكر فيما مضى منأخي المسلم: "العجب ممن عرف ربه ثم عصاه وعرفقال اإلمام ابن رجب:العمر وانصرم من الساعات؟!!

ته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين{الشيطان ثم أطاعه: ي خذونه وذر [.50 ]الكهف:}أفتت }يا بني آدم إمالما أهبط آدم إلى األرض وعد العود إلى الجنة هو ومن آمن من ذريته واتبع الرسل

قى وأصلح فال خوف عليهم وال هم يحزنون{ كم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن ات يأتين [ المؤمنون في دار الدنيا في سفر جهاد يجاهدون فيه النفوس والهوى، فإذا انقضى سفر35]األعراف:

الجهاد عادوا إلى وطنهم األول الذي كانوا فيه في صلب أبيهم تكفل الله للمجاهد في سبيله أن يرده

23

إلى وطنه بما نال من أجر أو غنية".

ها هي األرض تعج بالمعاصي والذنوب وتجأر إلى الله من ذلك، وقد غاب عن القلوبأخي في الله: الرقيب والمذكر، فكانت المصائب والويالت التي تجرع المسلم مرارتها، زالزل فيضانات ومجاعات

}ظهر الفساد في البر والبحروحروب وكسوف بين الحين واآلخر، فال أحد يرعوي وال مقلع عن الهوى هم يرجعون{ ذي عملوا لعل اس ليذيقهم بعض ال "أما واللهقال مجاهد:[. 41 ]الروم:بما كسبت أيدي الن

ما هو بحركم هذا ولكن كل قرية على ماء جار فهو بحر".

"إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذاقال مجاهد: بالء في بالء وتمر السنين والشرور في ازدياد، أخي: "دواب األرضوقال عكرمة:اشتدت السنة وأمسك المطر وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم"،

وقال بعض الصالحين وقدوهوامها حتى الخنافس والعقارب يقولون منعنا القطر بذنوب بني آدم"، "ومن آثاروقال اإلمام ابن القيم: "ما أرى ما أنتم فيه غال بشؤم الذنوب". شكى إليه الناس بالء وقع:

الذنوب والمعاصي أنها تحدث في األرض أنواعا من الفساد في المياه والهواء والزروع والثماروالمساكن".

أما آن لك أن تدرك وأنت تدخل عاما هجريا جديدا، أن المعاصي والذنوب سبب منأخي المسلم:أسباب الذل والمهانة، وكم تأتي المعاصي بتسلط العداء والذل والصغار.

ومن دعاء))اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة(( فقد كان من عامة دعاء إبراهيم بن أدهم: . ))اللهم أعزني بطاعتك وال تذلني بمعصيتك(( اإلمام أحمد بن حنبل:

هذه فرصة جديدة لك إن قدر لك أن تحيا هذا العام الجديد، فليكن لك من نفسك رقيبا، فإن اللهأخي: »إن الله ال ينام والتعالى محص عليك أعمالك إن كانت خيرا أو شرا، قال صلى الله عليه وسلم:

ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل حجابه]رواه مسلم[. النور لو كشفه ألحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه«

هل فكرت في أن ال يرفع لك إال عمل صالح؟ فإن ساعات العمر محسوبة وكل يومأخي المسلم: }ما يلفظيمضي من حياتك ينقص به يوم من عمرك يكتب لك فيه ما قلته من قول أو فعلته من فعل

"يكتب كل ما تكلم به منقال ابن عباس رضي الله عنهما:[، 18]ق:من قول إال لديه رقيب عتيد{ خير وشر حتى إنه ليكتب قوله: أكلت وشربت وذهبت وجئت ورأيت حتى إذا كان يوم الخميس عرض

}يمحو الله ما يشاءقوله وعمله فأقر منه ما كان فيه من خير وشر وألقي سائره فذلك قوله تعالى: [ ". 39]الرعد:ويثبت وعنده أم الكتاب{

كم كان الصالحون يحرصون على إحصاء ساعات الليل والنهار وكم كانوا يشفقون أنأخي في الله: ترفع لهم أعمال سيئة، فوا حسرة أهل الدنيا عندما فاتتهم هذه اللذة، لقد كان إبراهيم النخعي يبكي

"اليوم تعرض أعمالنا على الله عز وجل" وكان الضحاكويقول:إلى إمرأته يوم الخميس وتبكي إليه " ال أدري ما رفع من عملي، يا من عمله معروض على من يعلم السر وأخفىويقول:يبكي آخر النهار

ال تبهرج فإن الناقد بصير".

"إضاعة الوقت أشد من الموت ألن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدارقال اإلمام ابن القيم: "أعظم الربح في الدنيا أن تشغلوقال أيضا رحمه الله:اآلخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها".

نفسك كل وقت بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها".

24

هل فكرت يوما وأنت تحاسب نفسك كم صعد لك من األعمال الصالحة؟ من صالةأخي المسلم: وصيام وصدقة وقراءه للقرآن وذكر لله تعالى، إنها األيام تمر وإنه العمر ينقضي قال صلى الله عليه

»ال تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن عمله فيم فعل؟ وعنوسلم: ]رواه الترمذي[. ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أباله«

قال الحسن البصري رحمه الله: هو عمرك فال تقضه إال في الطاعات حتى يأتيك الموت أخي المسلم:ى يأتيك اليقين{"إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجال دون الموت ثم قرأ: ك حت ]الحجر:}واعبد رب

99."]

كم مضى عليك من السنين؟ كم عمرت من العمر؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيأخي: ]رواه البخاري[.»أعذر الله إلى امرىء أخر أجله حتى بلغ ستين سنة« صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله ملكا ينادي في السماء كل يوم وليلة أبناء الخمسين زرع دناوعن وهيب بن الورد قال:

حصاده أبناء الستين هلموا إلى الحساب أبناء السبعين ماذا قدمتم؟ وماذا أخرتم؟ أبناء الثمانين العذر".

كم من العمر يمضي في غير طاعة الله؟! كم من الساعات تنقضي في اللهو والعبث؟! فعنعزيزي: »نعمتان مغبون فيهما كثيرابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

]رواه البخاري[. من الناس الصحة والفراغ«

قد يكون اإلنسان صحيحا وال يكون متفرغا لشغله بالمعاش، وقد يكونقال اإلمام ابن الجوزي: مستغنيا وال يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن

الدنيا مزرعة اآلخرة وفيها التجارة التي يظهر ربحها في اآلخرة فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط ومن استعملها في معصية الله فهو المغبون ألن الفراغ يعقبه الشغل والصحة يعقبها

السقم ولو لم يكن إال الهرم كما قيل:

يسر الفتى طول السالمة والبقا *** فكيف ترى طول السالمة يفعل

يرد الفتى بعد اعتدال وصحة *** ينوء إذا رام القبام ويحمل

"ضرب النبي صلى الله عليه وسلم للمكلف مثال بالتاجر الذي له رأس مال فهو يبتغيوقال الطيبي: الربح مع سالمة رأس المال فطريقه في ذلك أن يتحرى فيمن يعامله ويلزم الصدق والخدق لئال يغبن

فالصحة والمال رأس المال وينبغي له أن يعامل الله باإليمان ومجاهدة النفس وعدو الدين ليربحكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم{خيري الدنيا واآلخرة، وقريب منه قول الله تعالى: }هل أدل

[، وعليه أن يجتنب مطاوعة النفس ومعاملة الشيطان لئال يضيع رأس ماله مع الربح". 10]الصف:

لقد استخلفك الله في األرض لينظر جهاد المجاهدين في عبادته وطاعته، فيميز بينأخي المسلم: "كم لله من لطف وحكمة في إهباط آدم إلى األرض لوال نزولهقال اإلمام ابن رجب:أوليائه وأعدائه،

لما ظهر جهاد المجاهدين واجتهاد العابدين المجتهدين وال صدعت زفرات أنفاس التائبين وال نزلتقطرات دموع المذنبين".

لقد أفنينا أعمارننا في حب الدنيا والتنافس في االستزاده منها والتكاثر في إقتناء حطامهاأخي:كاثر ) ى زرتم المقابر{ 1}ألهاكم الت "وأعرض عن ذكرقال اإلمام ابن القيم:[، 2-1]التكاثر:( حت

المكاثر به إرادة ال طالقة وعمومه وإن كل ما يكاثر به العبد غيره سوى طاعة الله ورسوله وما يعود

25

عليه بنفع معاده فهو داخل في هذا التكاثر. فالتكاثر في كل شيء من مال أو جاه أو رئاسة أو نسوة أو حديث أو علم وال سيما إذا لم يحتج إليه والتكاثر في الكتب والتصانيف وكثرة المسائل وتفريعهاوتوليدها.. والتكاثر أن يطلب الرجل أن يكون أكثر من غيره وهذا مذموم إال فيما يقرب إلى الله".

تمر عليك األشهر سريعة وكل يوم فيها يطلبك بحظه من الطاعة، فإن المسلم الأخي المسلم: تمضي عليه ساعة من ساعات عمره إال وهي مشغولة بطاعة مواله تعالى، حتى أنه ليمر عليه الصيف فيذكر حال من ال ظل له أو مسكن يؤويه من حر الشمس ولفحها أو من زمهرير الشتاء وقبل هذا كله

"من فضائل الشتاء أنهقال اإلمام ابن رجب:يذكره الصيف بشدة نار جهنم ويذكره الشتاء بزمهريرها، يذكر بزمهرير جهنم ويوجب اإلستعاذة منها".

تلك هي حال المؤمنين الصادقين ال تمر عليهم أيام السنة، إال وهم قد استزادوا منأخي المسلم: الصالحات وعمروا أوقاتهم بالطاعات وإذا أردت أن تعرف أخي أحوال الصالحين فتعال معي: قدم

"ذكرني هذا بقدومهوقالت: مسافر فيما مضى على أهله فسروا به وهناك امرأة من الصالحات فبكت القدوم على الله عز وجل فمن مسرور ومثبور!!".

أرأيت أخي المسلم؟ ما أسعد الصالحين بمعرفة موالهم، وما أرفع مقامهم بنهلهم من مورد الطاعاتومعين القربات، فوا حسرتاه على قوم فاتتهم هذه اللذات حتى خرجوا من دار الفناء والممات.

قم أال إنما التقوى هي العز والكرم *** وحبك للدنيا هو الذل والس

وليس على عبد تقى تقيصة *** إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم

اغتنم مواسم الطاعات وأيام القربات فال تفوتنك وأنت اله غافل يمر عليك شهر شعبانأخي المسلم: فماذا أديت من الطاعات؟ ويمر عليك شهر رمضان شهر الصبر والقرآن والقيام في أيامه الحسان

فماذا أديت فيه من الطاعات؟ وتمر عليك أشهر الحج أيام زيارة المشاعر المعظمة، فما الذي قدمته "هذهقال األمام ابن رجب:من القربات؟ وهل سكبت الدموع هنالك ونثرت بين يدي موالك الحاجات؟

الشهور واألعوام والليالي واأليام كلها مقادير لآلجال ومواقيت لألعمال ثم تنقضي سريعا وتمضي جميعا والذي أوجدها وابتدعها وخصها بالفضائل وأودعها باق ال يزول ودائم ال يحول هو في جميع األوقات إله واحد وألعمال عباده رقيب مشاهد، فسبحان من قلب عباده في اختالف األوقات بين وظائف الخدم ليسبغ عليهم فيها فواضل النعم ويعاملهم بنهاية الجود والكرم، لما انقضت األشهر

الثالثة الكرام التي أولها الشهر الحرام وآخرها شهر الصيام أقبلت بعدها األشهر الثالثة أشهر الحج إلى البيت الحرام فكما أن من صام رمضان وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه فمن حج البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه فما يمضي من عمر المؤمن ساعة من الساعات إال ولله فيها

عليه وظيفة من وظائف الطاعات، فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف ويتقرب بها إلى مواله وهو راج خائف. المحب ال يمل من التقرب بالنوافل إلى مواله وال يأمل إال قربه ورضاه، كل وقت يخليه العبد

من طاعة مواله فقد خسره وكل ساعة يغفل فيها عن ذكر الله تكون عليه يوم القيامة ترة، فواأسفاه على زمان ضاع في غير طاعته وواحسرتاه على وقت فات في غير خدمته".

لقد انصرمت السنين وذهبت الشهور واأليام والكثيرون في غيهم وضاللهم، أخي، عجلأخي المسلم:ه وما نزل من الحقبالرجوع إلى الله فهو نعم المرجع ذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الل }ألم يأن لل

ذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم األمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون{ وال يكونوا كال[. 16]الحديد:

26

اإلنابة اإلنابة.. التوبة التوبة قبل حلول األجل وقطع األمل قال صلى الله عليه وسلم:أخي في الله: ]رواه أحمد والترمذي وابن حبان[، وعن طائفة من»إن الله عزوجل يقبل توبة العبد مالم يغرغر«

}وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهمالسلف منهم عمر بن عبد العزيز في قوله تعالى: هم كانوا في شك مريب{ "طلبوا التوبة حين حيل بينهم وبينها". قالوا:[، 54]سبأ:من قبل إن

ألسنا نرى شهوات النفوس *** تفنى وتبقى علينا الذنوب

يخاف على نفسه من يتوب *** فكيف يكن حال من ال يتوب

أنت منذ ستينقال له: ستون سنة، قال:كم أتى عليك؟ قال الفضيل بن عياض رحمه الله لرجل: من علم فقال الفضيل: إنا لله وإنا إليه راجعون. فقال الرجل:سنة تسير إلى ربك؟! يوشك أن تبلغ.

فما فقال له الرجل:أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف وإنه مسؤول فليعد للمسألة جوابا. تحسن فيما بقي فيغفر لك ما مضى فإنك إن أسأت فيماقال: وماهي؟ قال: يسيرة. قال:الحيلة؟

بقي أخذت بما مضى وما بقي. " اتق الله يا ابن آدم ال يجتمع عليك خصلتان سكرة الموت وحسرة الفوت". وقال الحسن البصري:

احذر موت الفجأة وصرعة الغفلة، فقد جاء أن بعض المتقدمين سكر ليلة فعاتبته زوجتهأخي المسلم: على ترك الصالة، فحلف بطالقها ثالثا ال يصلي ثالثة أيام فاشتد عليه فراق زوجته فاستمر على ترك

الصالة مدة األيام الثالثة فمات فيها على حاله وهو مصر على الخمر تارك للصالة.

أعاذني الله وإياك من الخواتم الردية، فابك أخي على نفسك كم نأمل في هذه الدنياأخي في الله: "ال تزال التوبة للعبد مبسوطة مالم تأته الرسل فإذاقال بكر المزني:حتى انقطعت بنا اآلمال؟!

عاينهم انقطعت المعرفة". فردد معي أخي:

أال للموت كأس أي كأس *** وأنت لكأسه البد حاسي

ر بالممات وأنت ناسي إلى كم والممات إلى قريب *** تذك

تذكر بانقضاء السنين انقضاء األعمار وبزوال الليل والنهار الدنو من دار القرار وبالحرأخي المسلم:والبرد جنان ربك والنار.

قد هيأوك ألمر لو فطنت له *** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

وأخذ الله بقلبي وقلبك إلى سبل المراضي وآمنني وإياك يوم ينادي المنادي.

دار ابن خزيمةموقع كلمات

27

العـام آخـر أخطاء و بـدع

فيها يقع التي البدع و األخطاء بعض فهذه بعد و األمين رسوله على السالم و الصالة و العالمين رب لله الحمد

: الهجري العام نهاية في المسلمين بعض

1 : معينة- بعبادة العام أخر تخصيص

. .... بهذا يأذن لم الشرع الن ذلك و الخ استغفار أو صيام أو كصالة

نحوه أو استغفار أو بصيام العام في يوم أخر ختم أو العام، ختم بنية العام في اثنين أخر أو خميس أخر صام فمن

. عليه شيء فال له عادة ألنها ذلك صام من أما و الله، دين في ابتدع فقد

. البدع في دخولها من صاحبها على فيخشى العام نهاية أجل من العمل في زيادة أي فإن بالجملة و

2 : العفو- و المسامحة بطلب العام ختم

. بذلك العام أخر يخصص ال و المسامحة، بطلب يبادر فإنه أخيه؛ حق في أخطأ إذا المسلم

3 : المحاسبة- عن بالحديث العام أخر تخصيص

( : ما نفس لتنظر و الله اتقوا آمنوا الذين أيه يا تعالى الله قال حين؛ كل و وقت كل في مطلوبة المحاسبة أن ذلك

.) لغد قدمت

28

. بعده و أثنائه و عمل كل قبل المحاسبة جعل القيم ابن اإلمام و

4 : المدينة- إلى مكة من وسلم عليه الله صلى الرسول هجرة عن الحديث

. األول ربيع شهر في كانت الهجرة أن المعلوم من

. عنها بالحديث الوقت هذا تخصيص يجز لم محرم في هجرته كانت لو ثم

5 .) ( : بكذا- عامك اختم الناس بعض قول

6 : االحتفاالت- إقامة

( : أو للبدعة محرم فهو الهجري العام بدء بمناسبة االحتفاالت إقامة أما و الله رحمه عثيمين ابن الشيخ قال

التشبه (.

. : الله رحمه عثيمين ابن الشيخ قاله أحدا، تبتدئ ال و عليه، فرد أحد هنأك فإن مباحة فهي التهنئة أما

7 : الصحائف- تطوى العام أخر في أن اعتقاد

) ( : األحاديث في ثبت الذي و تطوى أن يوشك العام صحائف هاهي يقولون حيث الوعاظ بعض من نسمعه هذا و

. شعبان شهر في هو السنوي العرض أن

 

29

المحرم الله شهر  فضل

المرسلين وسيد األنبياء خاتم محمد نبينا على والسالم والصالة العالمين رب لله الحمدوبعد أجمعين وصحبه آله وعلى

األشهر وأحد الهجرية السنة شهور أول وهو مبارك عظيم شهر المحرم الله شهر فإنفيها : الله قال التي الحرم

منها واألرض موات الس خلق يوم الله كتاب في شهرا عشر اثنا الله عند هور الش عدة إناآلية .. ) أنفسكم فيهن تظلموا فال القيم الدين ذلك حرم التوبة ( 36أربعة سورة

شهرا : .. عشر اثنا نة الس وسلم عليه الله صلى النبي عن عنه الله رضي بكرة أبي وعنبين الذي مضر ورجب ، م والمحر ة الحج وذو القعدة ذو متواليات ثالثة حرم أربعة منها

وشعبان ." البخاري جمادى 2958رواه

لتحريمه وتأكيدا محرما شهرا لكونه بذلك سمي والمحرم

آكد : ) ( " ألنها المحرمة األشهر هذه في أي أنفسكم فيهن تظلموا فال تعالى وقولهغيرها . من اإلثم في وأبلغ

من : ) ( اختص ثم كلهن في أنفسكم فيهن تظلموا فال تعالى قوله في عباس ابن وعنوالعمل أعظم فيهن الذنب وجعل حرماتهن وعظم حراما فجعلهن أشهر أربعة ذلك

الظلم " " إن أنفسكم فيهن تظلمـوا فال قوله في قتادة وقال ، أعظم واألجر الصالح . كل على الظلم كان وإن سواها فيما الظلم من ووزرا خطيئة أعظم الحرم األشهر في

من : صفايا اصطفى الله إن وقال ، يشاء ما أمره من يعظم الله ولكن عظيما حالذكره : الكالم من واصطفى رسال الناس ومن رسال المالئكة من اصطفى خلقه

واصطفى الحرم واألشهر رمضان الشهور من واصطفى المساجد األرض من واصطفىفإنما . الله عظم ما فعظموا القدر ليلة الليالي من واصطفى الجمعة يوم األيام من

العقل . " وأهل الفهم أهل عند به الله عظمها بما األمور ابن تعظم تفسير من ملخصا انتهىآية : التوبة سورة تفسير الله رحمه 36كثير

 

محرم شهر في النافلة صيام من اإلكثار فضل

يام الص أفضل وسلم عليه الله صلى الله رسول قال قال عنه الله رضي هريرة أبي عنم . " المحر الله شهر رمضان مسلم بعد 1982رواه

المراد : ) ( : أن الظاهر القاري قال ، تعظيم إضافة الله إلى الشهر إضافة الله شهر قولهالمحرم . شهر جميع

رمضان غير قط كامال شهرا يصم لم وسلم عليه الله صلى النبي أن ثبت قد ولكنكله . صومه ال محرم شهر في الصيام من اإلكثار في الترغيب على الحديث هذا فيحمل

30

إليه , يوح لم ولعله شعبان في الصوم من وسلم عليه الله صلى النبي إكثار ثبت وقدعلى .. الله رحمه النووي شرح صومه من التمكن قبل الحياة آخر في إال المحرم بفضل

مسلم . صحيح

والمكان الزمان من يشاء ما يصطفي الله

أحدهما : : : ضربان واألزمان األماكن وتفضيل الله رحمه الم الس عبد بن العز قالبتفضيل .. : فيها عباده على يجود الله أن إلى راجع ديني تفضيل الثاني رب والض دنيوي

عاشوراء , , .. يوم وكذلك هور الش سائر صوم على رمضان صوم كتفضيل العاملين أجرفيها .. عباده إلى وإحسانه الله جود إلى راجع األحكام ففضلها قواعد

ومسائل أحكام عاشوراء

 

المرسلين وسيد األنبياء خاتم محمد نبينا على والسالم والصالة العالمين رب لله الحمدأجمعين . وصحبه آله وعلى

التاريخ في عاشوراء

فرأى المدينة وسلم عليه الله صلى النبي قدم قال عنهما الله رضي عباس ابن عنبني الله نجى يوم هذا صالح يوم هذا قالوا هذا ما فقال عاشوراء يوم تصوم اليهود

بصيامه . وأمر فصامه منكم بموسى أحق فأنا قال ، موسى فصامه هم عدو من إسرائيلالبخاري " 1865رواه

وقومه : ) ( " موسى فيه الله أنجى عظيم يوم هذا مسلم رواية في صالح يوم هذا قولهتعالى " . : ) ( " لله شكرا روايته في مسلم زاد موسى فصامه قوله وقومه فرعون وغرق

أحمد " " " اإلمام ورواه له تعظيما نصومه ونحن للبخاري رواية وفي نصومه فنحنشكرا : " " . نوح فصامه الجودي على السفينة فيه استوت الذي اليوم وهو بزيادة

بموسى : ) ( : " أحق أنتم ألصحابه فقال أيضا للبخاري رواية وفي بصيامه وأمر قولهفصوموا " . منهم

عن ثبت فقد النبوية البعثة قبل الجاهلية أيام على حتى معروفا كان عاشوراء وصياملعل " " .. : القرطبي قال يصومونه كانوا الجاهلية أهل إن قالت عنها الله رضي عائشةثبت . وقد السالم عليه كإبراهيم مضى من شرع إلى صومه في يستندون كانوا قريشا

فلما المدينة إلى يهاجر أن قبل بمكة يصومه كان وسلم عليه الله صلى النبي أن أيضافي تقدم كما فأجابوه السبب عن فسألهم به يحتفلون اليهود وجد المدينة إلى هاجر

عنه الله رضي موسى أبي حديث في جاء كما عيدا اتخاذه في بمخالفتهم وأمر الحديثتعظمه ] " عاشوراء يوم كان مسلم رواية وفي عيدا اليهود تعده عاشوراء يوم كان قال

عيدا " : " ) ( .. يتخذونه اليهود خيبر أهل كان أيضا له رواية وفي عيدا تتخذه اليهودفصوموه " [ وسلم عليه الله صلى النبي قال وشارتهم حليهم فيه نساءهم ويلبسون

البخاري أنتم ." حتى. رواه اليهود مخالفة محبة بصومه األمر على الباعث أن هذا وظاهر

31

يصام . ال العيد يوم ألن فيه يفطرون ما الله يصام رحمه حجر ابن الحافظ كالم من ملخصا انتهىالبخاري . صحيح شرح الباري فتح في

يام الص أحيل فقد وفرضه الصيام تشريع في الحكيم التدرج من عاشوراء صيام وكانثالثة , شهر كل وم الص فجعل المدينة وسلم عليه الله صلى الله رسول فقدم أحوال ثالثةيام { , : } { الص عليكم كتب بقوله يام الص فرض تعالى الله إن ثم عاشوراء ويوم أحكامأيام

ج للجصاص األدلة 1القرآن من وهذا رمضان صيام إلى عاشوراء صيام من الفرض فانتقل ، األثقل . إلى األخف من النسخ جواز على الفقه أصول في

األمر " تأكد ثم بصومه األمر لثبوت واجبا صيامه كان عاشوراء صوم وجوب نسخ وقبلاألطفال فيه يرضعن ال أن األمهات بأمر زيادته ثم العام بالنداء التأكيد زيادة ثم بذلك

عاشوراء : " " ترك رمضان فرض لما مسلم في الثابت مسعود ابن أي 247/ 4فتح وبقولفباق . استحبابه أما وجوبه ترك

 

عاشوراء صيام فضل

صيام : ى يتحر وسلم عليه الله صلى النبي رأيت ما قال عنهما الله رضي عباس ابن عنرمضان . " شهر يعني هر الش وهذا عاشوراء يوم اليوم هذا إال غيره على له فض رواهيوم

1867البخاري

فيه " " . والرغبة ثوابه لتحصيل صومه يقصد أي يتحرى ومعنى

يكفر : " أن الله على أحتسب إني ، عاشوراء يوم صيام وسلم عليه الله صلى النبي وقالقبله . " التي مسلم السنة واحد 1976رواه يوم بصيام أعطانا أن علينا الله فضل من وهذا ،

العظيم . الفضل ذو والله كاملة سنة ذنوب تكفير

عاشوراء هو يوم أي

كتب : , في المشهور هو هذا ممدودان اسمان وتاسوعاء عاشوراء الله رحمه النووي قالهذا : , منه التاسع هو وتاسوعاء م المحر من العاشر اليوم هو عاشوراء أصحابنا قال اللغة

وهو , .. , اللفظ إطالق ومقتضى األحاديث ظاهر وهو ، العلماء جمهور قال وبه مذهبنااللغة . أهل عند المجموع المعروف

الجاهلية : في يعرف ال إسالمي اسم ج وهو القناع المحرم 2كشاف صوم

الله : رحمه قدامة ابن وقال

روى . , ; لما والحسن المسيب بن سعيد قول وهذا م المحر من العاشر اليوم هو عاشوراءمن , : } العاشر عاشوراء يوم بصوم وسلم عليه الله صلى الله رسول أمر قال عباس ابن

م { . رمذي المحر الت صحيح : ,رواه حسن حديث التاسع. , : وقال قال أنه عباس ابن عن ورويالتاسع } { يصوم كان وسلم عليه الله صلى النبي أن بمعناه. . وروي مسلم وروىأخرجه

باليهود , : } تشبهوا وال والعاشر التاسع صوموا قال أنه عطاء فإنه{  عنه هذا ثبت إذاإسحاق . . . قول وهو أحمد عليه نص لذلك والعاشر التاسع صوم يستحب

32

 

عاشوراء مع تاسوعاء صيام استحباب

عليه : الله صلى الله رسول صام حين قال عنهما الله رضي عباس بن الله عبد روىوالنصارى اليهود تعظمه يوم إنه الله رسول يا قالوا بصيامه وأمر عاشوراء يوم وسلم

اليوم صمنا الله شاء إن المقبل العام كان فإذا وسلم عليه الله صلى الله رسول فقالوسلم . عليه الله صلى الله رسول ي توف حتى المقبل العام يأت فلم قال رواهالتاسع

1916مسلم

جميعا : ; والعاشر التاسع صوم يستحب وآخرون وإسحاق وأحمد وأصحابه الشافعي قالالتاسع , . صيام ونوى العاشر صام وسلم عليه الله صلى النبي ألن

التاسع يصام أن وفوقه وحده يصام أن أدناها مراتب على عاشوراء فصيام هذا وعلىوأطيب . أفضل كان محرم في الصيام كثر وكلما معه

 

تاسوعاء صيام استحباب من الحكمة

صوم : استحباب حكمة في وغيرهم أصحابنا من العلماء ذكر الله رحمه النووي قالوهو : ) ( , العاشر على اقتصارهم في اليهود مخالفة منه المراد أن أحدها أوجها تاسوعاء

أن .. ) ( , نهى كما بصوم عاشوراء يوم وصل به المراد أن الثاني عباس ابن عن مرويالعاشر , . ) ( صوم في االحتياط الثالث وآخرون الخطابي ذكرهما وحده الجمعة يوم يصام

األمر , . نفس في العاشر هو العدد في التاسع فيكون غلط ووقوع الهالل نقص خشية انتهى

نهى : الله رحمه تيمية ابن اإلسالم شيخ قال ، الكتاب أهل مخالفة هو األوجه هذه وأقوىفي .. قوله مثل كثيرة أحاديث في الكتاب بأهل التشبه عن وسلم عليه الله صلى

التاسع : } { . ألصومن قابل إلى عشت لئن ج عاشوراء الكبرى المفضية : 6الفتاوى الذرائع سدالمحارم إلى

التاسع : ) ( ألصومن قابل إلى بقيت لئن حديث على تعليقه في الله رحمه حجر ابن وقالالعاشر: اليوم إلى يضيفه بل عليه يقتصر ال أن معناه يحتمل التاسع صوم من به هم ما

مسلم . روايات بعض يشعر وبه األرجح وهو والنصارى لليهود مخالفة وإما له احتياطا إما 4/245فتح

بالصيام عاشوراء إفراد حكم

وم : .. بالص إفراده يكره وال سنة ارة كف عاشوراء يوم صيام اإلسالم شيخ الفتاوى قالج بإفراده : 5الكبرى بأس ال وعاشوراء الهيتمي حجر البن المحتاج تحفة وفي صوم 3ج، باب

التطوع

جمعة أو سبت يوم كان ولو عاشوراء يصام

33

عاشوراء : } صوم في وسلم عليه الله صلى الله رسول أذن وقد الله رحمه الطحاوي قالكل { , . دخول على دليل ذلك ففي تصوموه فال بت الس يوم كان إن يقل ولم عليه وحض

فيه . األيام

إنما , , ) ( , يكون أن السبت صيام عن النهي أي ثابتا كان إن أعلم والله عندنا يجوز وقديفعل , , , كما فيه والجماع راب والش الطعام عن فيمسك بذلك يعظم لئال صومه عن نهي

فإن . , ، فيه عي الس بتركها اليهود تريد لما وال تعظيمه إلرادة ال صامه من ا فأم اليهودمكروه .. غير ج ذلك اآلثار السبت 2مشكل يوم صوم باب

في))) إال السبت يوم صوم عن والنهي بالصوم الجمعة إفراد عن النهي ورد وقديوم كصوم مشروعة عادة وافق إذا أو يوم بضم صامهما إذا الكراهية وتزول ، فريضة

وعاشوراء كعرفة الشارع طلبه صوما أو قضاء أو نذرا أو يوم ج وإفطار المحتاج باب 3تحفةج القناع كشاف التطوع، التطوع : ( 2صوم صوم باب

 

صح ) ( .. كما إليه غيره بضم الكراهة زالت وإنما الجمعة إفراد ويكره المنهاج صاحب وقالالخبر به صح كما قضاء أو نذرا أو عادة وافق إذا وبصومه الخبر به

ويفطر : ) ( : يوما يصوم كان كأن أي عادة وافق إذا قوله المحتاج تحفة في الشارح قالأي ) ( ) طلب يوما وافق إذا وكذا إلخ نذرا أو قوله الجمعة يوم صومه يوم فوافق يوما

عرفة ( . أو كعاشوراء نفسه في صومه ج الشارع المحتاج التطوع 3تحفة صوم باب

بن : ) ( ) ( الله عبد لحديث بصوم بت الس يوم إفراد د تعم يكره و الله رحمه البهوتي قالعليكم } : { افترض فيما إال بت الس يوم تصوموا ال أخته عن د بشر جي بإسناد أحمد رواه

البخاري شرط على وقال أن; .. ) والحاكم إال بهم تشبه إفراده ففي اليهود تعظمه يوم وألنهعادته ( ) ( وكان عاشوراء يوم أو عرفة يوم وافق كأن عادة بت الس أو الجمعة يوم يوافق

ذلك ; . في تأثير لها العادة ألن كراهة فال ج صومهما القناع التطوع : 2كشاف صوم باب

 

؟ الشهر أول اشتبه إذا العمل ما

صوم : . ن ليتيق ذلك يفعل وإنما أيام ثالثة صام هر الش أول عليه اشتبه فإن أحمد قالوالعاشر . ج التاسع قدامة البن عاشوراء - - 3المغني صيام الصيام

الحجة ذي إكمال على بنى للعاشر االحتياط وأراد محرم هالل دخول يعرف لم فمنصام - - أيضا للتاسع االحتياط أراد ومن ، والعاشر التاسع صام ثم القاعدة هي كما ثالثين

وعاشوراء ) تاسوعاء أصاب قد يكون ناقصا الحجة ذو كان فلو والعاشر والتاسع الثامنشهر ( . هالل بتحري الناس يؤمر فال بواجب ليس مستحب عاشوراء صيام أن وحيث يقينا

وشوال . رمضان هالل بتحري يؤمرون كما محرم

 

؟ يكفر ماذا عاشوراء صيام

34

الله : رحمه النووي اإلمام قال

الكبائر , . إال كلها ذنوبه يغفر وتقديره غائر الص الذنوب كل ر يكف

وافق : , , وإذا سنة ارة كف عاشوراء ويوم سنتين ارة كف عرفة يوم صوم الله رحمه قال ثمصالح . .. المذكورات هذه من واحد كل ذنبه من تقدم ما له غفر المالئكة تأمين تأمينه

به , كتبت كبيرة وال صغيرة يصادف لم وإن ره كف غائر الص من ره يكف ما وجد فإن للتكفيرأن , .. , رجونا صغائر يصادف ولم كبائر أو كبيرة صادف وإن درجات به له ورفعت حسنات

الكبائر . من ف ج تخف المهذب شرح عرفة 6المجموع يوم صوم

رمضان : , , , وصيام الة والص الطهارة وتكفير الله رحمه تيمية ابن اإلسالم شيخ وقالفقط , . غائر للص وعاشوراء ج وعرفة الكبرى 5الفتاوى

الصيام بثواب االغترار عدم

يقول , حتى عرفة يوم أو عاشوراء يوم صوم مثل على باالعتماد المغرورين بعض يغتراألجر : . في زيادة عرفة صوم ويبقى كلها العام ذنوب ر يكف عاشوراء يوم صوم بعضهم

من : وأجل أعظم الخمس لوات والص رمضان صوم أن المغتر هذا يدر لم القيم ابن قالفرمضان , , الكبائر اجتنبت إذا بينهما ما ر تكف إنما وهي عاشوراء ويوم عرفة يوم صيام

ترك , انضمام مع إال غائر الص تكفير على يقويان ال الجمعة إلى والجمعة رمضان إلىأن , . يظن من المغرورين ومن غائر الص تكفير على األمرين مجموع فيقوى إليها الكبائر

عمل , , وإذا ذنوبه د يتفق وال سيئاته على نفسه يحاسب ال ألنه معاصيه من أكثر طاعاتهثم , , ة مر مائة اليوم في الله يسبح أو بلسانه الله يستغفر كالذي بها واعتد حفظها طاعة

أبدا , , فهذا نهاره طول الله يرضاه ال بما ويتكلم أعراضهم ق ويمز المسلمين يغتابالمغتابين عقوبة من ورد ما إلى يلتفت وال والتهليالت التسبيحات فضائل في يتأملغرور , , . محض وذلك اللسان آفات من ذلك غير إلى امين والنم الموسوعةوالكذابين

ج غرور : 31الفقهية

رمضان من قضاء عليه لمن عاشوراء صيام

جواز . إلى الحنفية فذهب رمضان قضاء قبل وم بالص ع التطو حكم في الفقهاء اختلف. الفور , على يجب ال القضاء لكون كراهة غير من رمضان قضاء قبل وم بالص ع التطو

قال , , الواجب تأخير من يلزم لما الكراهة مع الجواز إلى افعية والش المالكية وذهبارة : , . والكف والقضاء كالمنذور واجب صوم عليه لمن وم بالص ع التطو يكره الدسوقي

مؤكدا , , كان أو مؤكد غير الواجب وم الص على قدمه الذي ع التطو صوم كان سواءقبل . وم بالص ع التطو حرمة إلى الحنابلة وذهب اجح الر على ة الحج ذي وتاسع كعاشوراء

, , يبدأ أن من بد وال للقضاء الوقت اتسع ولو حينئذ ع التطو ة صح وعدم رمضان قضاءج . الفقهية الموسوعة يقضيه حتى التطوع : 28بالفرض صوم

دون وعاشوراء عرفة صيام من ليتمكن رمضان بعد القضاء إلى يبادر أن المسلم فعلىحرج .

قضاء في ذلك أجزأه الليل من النية وبيت القضاء بنية وعاشوراء عرفة صام ولوعظيم . الله وفضل ، الفريضة

35

عاشوراء بدع

الكحل , من عاشوراء يوم في الناس يفعله ا عم الله رحمه تيمية ابن اإلسالم شيخ سئلورد , , , .. فهل ذلك وغير رور الس وإظهار الحبوب وطبخ والمصافحة والحناء واالغتسال

صحيح حديث يرد لم وإذا ؟ ال أم ؟ صحيح حديث وسلم عليه الله صلى النبي عن ذلك فيمن األخرى الطائفة تفعله وما ؟ ال أم بدعة ذلك فعل يكون فهل ذلك من شيء في

وشق , , , المصروع وقراءة والنياحة الندب من ذلك وغير والعطش والحزن المأتم؟ . ال أم ؟ أصل لذلك هل الجيوب

الجواب :

العالمين رب لله الحمد

صحيح حديث ذلك من شيء في يرد أصحابه , لم عن وال وسلم عليه الله صلى النبي عنأهل , . روى وال غيرهم وال األربعة ة األئم ال المسلمين ة أئم من أحد ذلك استحب وال

وال , , حابة الص وال وسلم عليه الله صلى النبي عن ال شيئا ذلك في المعتمدة الكتبوال , , , , , المسانيد وال نن الس في وال حيح الص كتب في ال ضعيفا وال صحيحا ال التابعين

رين . المتأخ بعض روى ولكن الفاضلة القرون عهد على األحاديث هذه من شيء يعرفومن , العام ذلك من يرمد لم عاشوراء يوم اكتحل من أن رووا ما مثل أحاديث ذلك في

موضوع , .. حديث في ورووا ذلك وأمثال العام ذلك يمرض لم عاشوراء يوم اغتسلع : } وس عاشوراء يوم أهله على ع وس من أنه وسلم عليه الله صلى النبي على مكذوب

كذب { . . وسلم عليه الله صلى النبي عن كله هذا ورواية نة الس سائر عليه الله

الحسين ومقتل واألحداث الفتن من األمة هذه بأول مر لما ملخصا الله رحمه ذكر ثمفقال : ذلك بسبب الطوائف فعلت وماذا عنه الله رضي

مواالته : , , , تظهر غاوية ضالة ا وإم منافقة ملحدة ا إم ظالمة جاهلة طائفة فصارتالجاهلية , شعار فيه وتظهر ونياحة وحزن مأتم يوم عاشوراء يوم تتخذ بيته أهل ومواالة

ألهل , , .. يطان الش زينه ما فكان الجاهلية بعزاء ي والتعز الجيوب وشق الخدود لطم منوالنياحة , , الندب من فيه يصنعون وما مأتما عاشوراء يوم اتخاذ من والغي الل الضإال , فيه ليس فيها دق والص كثير كذب فيها التي األخبار ورواية الحزن قصائد وإنشاداإلسالم , , , , أهل بين الفتن وإلقاء والحرب حناء الش وإثارة ب والتعص الحزن تجديد

ال .. , اإلسالم أهل على وضررهم هؤالء وشر لين األو ابقين الس سب إلى بذلك ل والتوسعلى . بين المتعص النواصب من ا إم قوم هؤالء فعارض الكالم في الفصيح جل الر يحصيه

بالكذب , , , والكذب بالفاسد الفاسد قابلوا الذين ال الجه من ا وإم بيته وأهل الحسينعاشوراء , , يوم رور والس الفرح شعائر في اآلثار فوضعوا بالبدعة والبدعة ر بالش ر والش

العادة , , عن الخارجة األطعمة وطبخ العيال على النفقات وتوسيع واالختضاب كاالكتحالموسما, , عاشوراء يوم يتخذون هؤالء فصار والمواسم األعياد في يفعل ا مم ذلك ونحووكال . واألتراح األحزان فيه يقيمون مأتما يتخذونه وأولئك واألفراح األعياد كمواسموأظهر , , جهال وأعظم قصدا أسوأ أولئك كان وإن نة الس عن خارجة مخطئة الطائفتين

يوم .. في اشدون الر خلفاؤه وال وسلم عليه الله صلى الله رسول يسن ولم ظلماوالفرح , , .. رور الس شعائر وال والترح الحزن شعائر ال األمور هذه من شيئا عاشوراء

تجديد : , , أو حبوب غير ا وإم حبوب ا إم العادة عن خارج طعام اتخاذ مثل األمور سائر ا وأمكصالة , , . ة مختص عبادة فعل أو اليوم ذلك العام حوائج اشتراء أو نفقة وتوسيع لباس

36

االكتحال , , , أو الحبوب بها ليطبخ األضاحي لحوم ادخار أو الذبح قصد أو به ة مختصذلك , , , ونحو والمشاهد المساجد زيارة أو التزاور أو التصافح أو االغتسال أو واالختضاب

خلفاؤه, , وال وسلم عليه الله صلى الله رسول يسنها لم التي المنكرة البدع من فهذاسعد , , , بن الليث وال الثوري وال مالك ال المسلمين ة أئم من أحد استحبها وال اشدون الرراهويه , , , , , بن إسحاق وال حنبل بن أحمد وال افعي الش وال األوزاعي وال حنيفة أبو وال

تيمية , .. البن الكبرى الفتاوى المسلمين وعلماء المسلمين ة أئم من هؤالء أمثال وال

تقديما أو تأخيرا فيه الزكاة إخراج تعمد عاشوراء بدع من الله رحمه الحاج ابن وذكرللنساء : الحناء واستعمال الدجاج بذبح ج وتخصيصه عاشوراء 1المدخل يوم

على ويميتنا اإلسالم على يحيينا وأن الكريم نبيه سنة أهل من يجعلنا أن الله نسألعبادته وحسن وشكره ذكره على يعيننا أن ونسأله ويرضى يحب لما يوفقنا وأن اإليمان

وصحبه آله وعلى محمد نبينا على الله وصلى ، المتقين من ويجعلنا منا يتقبل وأن أجمعين .