: ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ...

212
ﲝﺚ ﻣﻘﺪﻡ ﻟﻨﻴﻞ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﳌﺎﺟﺴﺘﲑ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. ﲣﺼﺺ: ﻓﻘﻪ ﻭﺃﺻﻮﻟﻪ. ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ: ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺇﺷﺮﺍﻑ: ﺑﻠﺨﲑ ﻋﺜﻤﺎﻥ. ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ/ ﺯﻗـــﻮﺭ ﺃﺣﺴﻦ. ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﳉﺎﻣﻌﻴﺔ: 2006/2005 .

Upload: others

Post on 21-Sep-2020

7 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

.حبث مقدم لنيل درجة املاجستري يف العلوم اإلسالمية .فقه وأصوله : ختصص

: إشراف األستاذ الفاضل :إعداد الطالب

.أحسن زقـــور / الدكتور . بلخري عثمان

م. 2006/2005: السنة اجلامعية

Page 2: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

إىل روح مساحة اجلد - . - رمحه ا - املاهر بالقرآن سيدي عبد القادر

إىل من ربياني صغريا - .وعلماني بني ذلك علما غزيرا ,عطفهما كبريا ونالين

يتعاىل والــــــــــــــــــــــد حفظهما ا. .ارب وأصدقاءــــــوأقإخوة ووقف جبواري من ,إىل من ساندني -

.دي هذا العمل املتواضع هأ

Page 3: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

,يليق جبالله أمحد ا تعاىل محدا- وفقين للدراسة أن ,وأشكره شكرا جزيال على نعمائه

.االختصاص ذاوالبحث يف ه املشرف على البحث بالشكر اجلزيل على األستاذ كما أثين -

. أحسن زقور : الدكتور اضل الـمـــؤدبالسيد الف, .ومجيل صربه وأناته ,وغـــــزيـــــر علمه ,على تأييده يل بثاقب حكمته

.مجعي ليلى : وأشكر األستاذة الفاضلة - .اليت لـم تبخل مبا طلبنا من النصح والتوجيه

وأشكر سلفا من سيتجشم معاناة قراءة البحث - .اء جلنة املناقشة املوقرين أعض: وتصويبه

.وأشكر كل من أفاد العون والدعاء بالتوفيق -

Page 4: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ
Page 5: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده , ملهم البشر القراءة والكتابة , احلمد هللا رب العاملني

ه باهلدى ودين احلق ليظهره علـى أرسله رب,وأشهد أن حممدا عبد اهللا ورسوله , ال شريك له , اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه أمجعني, الدين كله ولو كره املشركون

ومرشدا إىل اخلري , فإن التشريع اإلسالمي جاء هاديا حلياة الناس فكرا وعمال : أما بعد ذا فهو انطالقا من وهل. فقد شرع اهللا أحكامه لتنظيم حياة البشر ومعاجلة واقعهم , والصالح

: هذا اهلدف يقوم على خاصيتني أساسيتني مها فشريعة اإلسالم شريعة موجهة جلميع الناس دون قيد ظريف بالزمـان , العموم : أوال -

)28:سبأ ( ." وما أرسلناك إال كافة للناس بشريا ونذيرا : "ذا قوله تعاىل واملكان وقد أفاد هوـذا ) 158: األعـراف ( ." يا أيها الناس إين رسول اهللا إليكم مجيعا : " ضاوقواه تعاىل أي

)1(". معىن مقطوع به " فخاصية العموم وال خيفى أن , وسلوكهم البشر يف أفعاهلم وواقعهم وتصورهم أا جاءت لتحكم: ثانيـا -

. حياة البشر شديدة التعقيد يف أسباا وتفاعالا ومالبسااواصـطباغهم بصـبغة , وانطالقا من تلك اخلاصيتني فإن مراحل قيام تنظيم حياة الناس

: ومتثلهم هلديه الذي حتدثنا عنه أوال مير عرب املراحل التالية , الدين وحاكميته عليهم وهو فهـم , وفهم أحكام الشريعة ودركها , مرحلة فهم املراد اإلالهي :املرحلـة األوىل *

. انطالقا من ضوابط وقواعد متكن من هذا الفهم , رد تلك األحكام –عن طريق قواعد وضوابط ومسالك -وإعدادها , هذه األحكام صياغة :املرحلـة الثانيـة *

. حىت تكون قابلة للتنـزل على الواقع خبصائصه ومالبساته

Page 6: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

: الطبعة , القاهرة -املكتبة التوفيقية, 39ص , 3جـ , شريعة املوافقات يف أصول ال, أبو إسحاق الشاطيب ) 1( . عبد اهللا دراز : حتقيق وتعليق, م 2003سنة , بدون

. ذوهو ما يسمى مرحلة التنفي, الفعلي يف واقع حياة الناس مرحلة االجناز: املرحلة الثالثة * وال يستغىن منهم عن واحدة , لبعضها البعض أما العالقة بني املراحل الثالث فهي مكملة وبه فقط ال يتحقق مـراد , فدرك األحكام هو األصل و ال يتوقف األمر عند هذا احلد , حبال

وهذا التطبيق يلزمه صياغة أحكام , إال إذا تبعه تطبيق هذا احلكم على وقائع احلياة , الشارع .وفق هذا الواقع مبا حيقق مقاصد الشارع

ما مرحلة االجناز فنغفل احلديث عنها هنا ألا مهمة ليس لألصـويل والفقيـه منـها إال أ .أما دورمها يف احلقيقة هو الفهم والترتيل , مساعدة غريه

: وبالفعل اهتم السابقون ما اهتماما جتلى يف ما يلي جنـد , ملذاهب الفقهيـة ففي التراث الفقهي الذي وصل إلينا ممثال يف ا: اهتمام تفريع -

ولينظر أحـدنا إىل موطـأ , تكامال بني الفهم والترتيل بل هذا التراث هو نتيجة هلذا التزاواج ففهـم احلكـم , فتجده قد بىن فقهه على واقع أجاب على إشـكالياته , أو مدونته , مالك

.وهكذا باقي املذاهب األخرى ,واستنبطه وبناه وصاغه وفق حالة عنده والذي نلمسه هنا ونالحظه هو اإلهتمام مبنـهج الفهـم , أي بالتنظري : هتمام تأصيل ا -

رغم أم ملكوا قواعد وضوابط الترتيل ولكن غاب تقعيده واالنتباه له , واالحتفاء به وتقعيده يلمـس , فأصبحت مباحث األصول ترتع منـزعا نظريا , والتصدي له يف املباحث األصولية

. ومل وسائل تسديد الترتيل , وسائل تسديد الفهم واالستنباط فيه االبداع يفالـذين , إال انتباهات قليلة لبعض الفقهاء واألصـوليني , ويف احلقيقة كان هذا هو احلال

وضوابط مراعاة هـذا , أدركوا أمهية اجلانب الثاين دون أن يكشفوا عن مناهج هذه الصياغة .و العز ابن عبد السالم , ومنهم اإلمام ابن القيم , الواقع عند ترتل األحكام

وهو متثلـها , وحاول ربط علم أصول الفقه باهلدف من الشريعة, حىت جاء اإلمام الشاطيب . على مستوى الواقع البشري

Page 7: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

اطمأننت جازما إىل أن هـذا النظـار –رمحه اهللا -وإين كنت كلما قرأت لإلمام الشاطيب أحد أهدافه ومهومه يف مشروعه اإلصالحي التنبيه على املرحلـة الثانيـة مـن ادد قد جعل

. مراحل التمثل ألحكام الشرع

. موضوع الدراسة وهدفها : أوال إن ما وصلنا إليه آنفا طرح عدة تسـاؤالت وإشكاليات حول هذا التنـزيل لإلحكام

ودور اإلمام الشاطيب يف التنبه لـه , وتارخيه ,ألول ومغايرته له الشرعية واستقالليته عن املنهج امث ومع مزيد اإلطالع علـى فكـر الشـاطيب , والنتائج اليت وصل إليها , وجهده يف دراسته

والفرضيات هنا ليس فروضا بالصورة السائدة , تبلورت هذه التساؤالت على شكل فرضيات لـذلك , ىل حتديد عالقات ارتباطيه بني متغريات يف البحوث الكمية واليت تسعى للوصول إ

مث اإلثبات امللموس الحتالل فكرة الترتيـل مكانـة , فهذه الدراسة املتواضعة حتاول البحث مث عمله على تنظيم التنـزيل , انبثق عنها رؤيته لعلم األصول , متميزة يف فكر اإلمام الشاطيب

الـذي , حماولة ضبط قواعد وأسس هلذا الترتيـل مث, والسيطرة عليه بعد القدرة على حتديده . لتحقيق املقاصد الشرعية لـتلك األحكام, صياغة األحكام مع مراعاة حماهلا:أتضح بأنه

فإذا قلنا البعـد . وهذا اللفظ يشري إىل امتداد قائم باجلسم , وقد آثرت التعبري بكلمة البعد . امتداد فكرة الترتيل يف فكر الشاطيب األصويل دل على الفرضية يف عمومها وهي , الترتيلي

. هذا هو موضوع الدراسة الذي قمت ا . أهــــــــــــمية البـــحث : ثانيا

إن البحث يف هذا املوضوع يكتسي أمهية بالغة باعتبـار أن ترتيـل : األمهيـة العلميـة -1 : وحنن أمام حالتني , األحكام هو غاية التكليف ومثرته

إما أن تبقى األحكام على مستوى النـظر حبيسة الذهن ولو يف أعلى صورة هلـا مـن - .فإا ال تغين شيئا يف ميزان اخلري والسعادة , الصحة

فتؤدي إىل عدم حتقيـق , قها دون ضوابط منهجية وقواعد تسديد هلذا التطبيق و إما تطبي - أو يؤدي هذا األمر إىل عصيان األحكام يف وقـت , والغاية من تشريعها , مقاصدها الشرعية

. قصري

Page 8: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فتاليف احلالتني إىل أحسن منـهما يكون بـبيان صياغة سليمة تستخرج احلكم وفـق حمله .دراستها عند واحد من الذين برزوا يف التصدي هلا خصوصا إذا كانت

تكتسب هذه الدراسة أمهيتها العملية من كون قضية ترتيل الشريعة : األمهيـة العمليـة -2 فأصبحت جمـاال , خصوصا مع تنامي الدعوة إىل حاكمية الشرع , قضية حيوية , وتطبيقها

. ار جناح أو فشلوموقع نظر وحمك اختب, للصراع الفكري فهو يستند إىل األصول الشرعية ويعتمد علـى , فاملوضوع وإن كان يوظف املادة التارخيية

وبعـني , ناظرا بعني إىل التاريخ من خالل فكر الشاطيب األصويل وتراثـه , الدراسة املعرفية األحكام وتطبيق لعله يسهم يف إنضاج فكر أصويل تطبيقي يرشد ترتيل, أخرى إىل املستقبل

. الشريعة . أسباب اختيار املوضوع : ثالثا

: العامة باألسبا -1 . ظهرت آنفا وقد : أمهية املوضوع -حيث أن املوضوع غري مسبوق بشكل ملفت يف الدراسـات األصـولية : جدة املوضوع -

.األكادميية . زع التطبيقي ـزع املنـيث ينوجود اجتاه يف الفكر األصويل احلد -, توفر جمموعة من الدراسات النقدية يف املوضوع اليت غالبا ما تعطي نظرة حول املوضـوع -

األسـتاذان ومثـاله ما كتبه ( فقد ال تعطي النتائج ولكن تفتح آفـــاق البحث للطالب ).الدريين حممد فتحي النجار وعبد ايد

: األسباب اخلاصة -2 أمـا , إن ما يدفعين للبحث يف هذا املوضوع هو تزاوج شيئني فيما قرب من العهد

الشيء األول فهو مطالعايت السابقة اليت قادتين إىل قراءة يف فـكر اإلمام الشاطيب وذالك مـا وخصوصـا أننـا يف , ة وعن قرب على أفكار هذه الشخصية الفذ , مسح يل بالتعرف إمجاال

مرحلة الدراسة النظرية قد صاحبناه طيلة سنة كاملة من الدراسة يف أجزاء واسعة من كتابه يف

Page 9: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

زقور أحسن بطريقته يف التدريس الشاطيب أميا :وقد حبب إلينا أستاذنا الدكتور, مادة املقاصد .حتبيب

زيل الشريعة اإلسـالمية ـ تعىن بتنوأما الشيء الثاين فهو اهتمامي الدائم بالدراسات اليت .انقدح يف نفسي املوضوع العامالنفلما التقى . بنجاح على واقع الناس

.منهج الدراسة : رابعا واملقصود بالتحديد مالمسـة , إن الدراسة حتاول حتديد فكرة الترتيل عند اإلمام الشاطيب

كان اعتمادي على املنهج التحليلي الذي يتـيح يل لذلك, وتبني معامله , حدود هذا املوضوع مث اعتمادي على املنـهج االسـتقرائي . اإلمام الشاطيب يف هذا امليدان تحتليل أهم أطروحا

. وذلك بتتبع شوارد هذا املفهوم يف ثنايا الكتاب املختلفة بغية لـمها واحلكم على جمموعهـا .والتحصيل بعد االستقراء لآلحاد مث املنهج االستنـتاجي الذي يتيح التقعيد

:وجيدر يب أن أبني بعض ما رجحت التعامل به من خيارات كانت قائمة أمامي فاجتنبت تعريـف , وقد عرفت األعالم الذين حيتاج إىل معرفتهم : التعريف باألعالم -

التعريـف عـن كما أحجمت عن,أو احملدثني قرييب العهد بنا , الصحابة رضوان اهللا عليهم .الذين جاء ذكرهم عرضا حبيث ال يفيد تعريفهم شيئا يف البحث

وفهـرس , واحتوى على فهرس آيات القرآن الكرمي الـواردة يف املـذكرة : الفهارس - مث فهرس األعالم والشخصـيات املـذكورين , خاص باألحاديث واآلثار الواردة يف املذكرة

.وقد تتبعت يف ترتيب ما سبق ترتيب املنجد . جع مث فهرس املصادر واملرا, أيضا . وأيت كل ذلك بفهرس مفصل للبحث ودونت فيها الضروري حرصـا , أما اهلوامش فقصدت أن ال تثقل البحث : التهميش -

. ويف ميش املصادر واملراجع , على ما سبق أو آيـة , أو مكانا بينته , شرحته فإن كان لفظا غريبا, وكل ميش استعملت فيه األرقام

فإن كان احلـديث , ورقم احلديث , أو حديثا بينت رواته , نسبتها ملكاا من القرآن الكرمي ذكرت درجة احلـديث , فإن رواه غريهم , ما علقت , قد رواه البخاري أو مسلم أو مالك

. عند علماء التخريج . اليت أراها مناسبة أن ال تذكر يف املنت ,تعليقات وأحيانا كنت أحتاج اهلامش لذكر بعض ال

Page 10: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

.الصعوبات : خامسا :إن من األمور اليت أبطأت من سري البحث أو حىت بعض كتبه الـيت , عدم توفر املصادر بالنسبة لبحث حول حياة اإلمام الشاطيب -

وكتاب شرح ألفية بن , ت واإلنشادات ككتاب اإلفادا, وصعبة النول , وهي نادرة , طبعت .وطبيعة بالد األندلس ,إضافة إىل املصادر التارخيية اليت تؤرخ حلياة الشاطيب , مالك يف النحو

,والبحث , طبيعة املوضوع يف حد ذاته من وجه أن موضوع الترتيل مل يفرد بالتوضيح - الشاطيب جبمع ما تفرق هلذا املفهوم يف بالبحث يف هذا املوضوع عند اإلمام, مث من جهة ثانية

.مصنفاته .خطة البحث : سادسا

:ومقدمة كاآليت , تنقسم الدراسة إىل فصلني يسبقهما فصل متهيدي وذكـر , ذكرت فيها أسباب اختيار املوضوع مع توضيحه على سبيل اإلمجال : مقدمـة -

. ملتبع فيه أمهيته العلمية واملعرفية واملنهج ا . ضبط مصطلحات البحث والتعريف باإلمام الشاطيب :الفصل التمهيدي -

:مت تقسيمه إىل ثالثة مباحث وقد .وتناول ضبط بعض املصطلحات األساسية يف البحث :املبحث األول - .وخصص للتعريف حبياة اإلمام الشاطيب :املبحث الثاين - ويف مت التطرق ألهم العوامل احملددة لظاهرة التجديـد عنـد اإلمـام :حث الثالثاملب -

.الشاطيب .وحماوره عند اإلمام الشاطيب , دراسة ملفهوم الترتيل :ل األول ــــالفص -

: ومت تقسيمه إىل مخسة مباحث .الكشف عن رؤية الشاطيب للترتيل : املبحث األول - .شرعية الترتيل كما أبرزها اإلمام الشاطيب : ث الثانـياملبح - .حماذير الغفلة عن مفهوم الترتيل : املبحث الثالث - . مظاهر الرتعة الترتيلية عند اإلمام الشاطيب :املبحث الرابع -

Page 11: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

. عوامل غلبة الرتعة الترتيلية على اإلمام الشاطيب :املبحث اخلامس - .مسالك تسديد تـنـزيل الشريعة عند اإلمام الشاطيب : ي ــــــــفصل الثانـال -

.مسلك حتقيق املناط : املبحث األول - .مسلك النظر يف حتقق املقاصد الشرعية : املبحث الثانـي - . مسلك مراعاة املآل : املبحث الثالث -

فهو ويل , بفضل اهللا تعاىل , وأحاول جتاوزه , لتقصري ويف األخري أعتب على نفسي ا

. وآخر دعوانا أن احلمد هللا رب العاملني . ذلك والقادر عليه

Page 12: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

:الفصـــل التمــــهيدي ضبط مصطلحات البحث

و التعريف . باإلمام الشاطيب

Page 13: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

:توطــئة

تــميز عـن -رمحه اهللا -إن الـتنظـري األصويل لـدى اإلمـام الـشاطيب و كسـبا حقيقيا ملسـرية , العـلماء ما جاء به الشاطيب إضـافة نوعية وقـد عد, قيهابـس

وأول ما يـنبغي أن يوقف عليه قبل النـظر يف مقومات املنظومة األصـولية . الفكر األصويللــما يف , وتلمس جـوانب مـن حياتـه ,هو البدء بالتعريف به ,عند اإلمـام الشاطيببعها ومنبتـها ـناها إىل منـوإسناد كثري من اآلراء اليت تب,احلقائق نـذلك من جالء كثري م

.هم الفكرية والثقافية ـإذ أن تراجم العلماء جزء من هويت, يح ـالصحأن يقــبل وال , وملا كان هذا الفصل بالنسبة ملوضوع املذكرة كاخلادم للمخـدوم :تناول ما يلي يسل هذا الفص فإن, وازن البحث ـيه حتقيقا لتـفيطنب

. حث ـطلحات الواردة يف عنوان البـويشمل ضبط املص :املبحث األول - يتطرقمث ,تعريفا حبياة اإلمام الشاطيب من ناحية املولد والنشأة ويتضمن :نيثـا املبحـث ال -

بقدر اإلمكـان علـى مع التنبيه, على العصر الذي عاش فيه ويعرج . إىل أعماله ومنجزاتهومـتغريات عصـره , بناء على العالقة اجلدلية بني أي عـامل , املالحظات اليت ميكن أن ترد

.الظرفية كيف ما كانت دات الباعثـة علـى اإلبـداع رج أهم احملدـأحاو ل أن أستخ و فيه :املبحـث الثالـث - .ز عنده يـوالتم

Page 14: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

:ثالثة مطالبوفيه -

Page 15: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

ة يف البحث واملصطلحات املهم, يقتضي الدخول إىل البحث حتديدا ملضمون األمساء , وغالبا ما تقع املشاحة فيهـا , ذلك أن هاته األلفاظ هي اليت حتمل املعاين . واليت ينبين عليها

لذلك بدأت إمجـاال بطلـب , وخصوصا إذا كانت املصطلحات مما مل تشع كثريا بني الناس وكـان ,و مت شرحها وفق معانيها يف مظاا اللغويـة , معاين املصطلحات املهمة يف البحث

وأخذ البحث يف . ذلك موافقا للمعىن الذي استعملت من أجله تلك األلفاظ يف هذا البحث :تلك املصطلحات املطالب التالية

عند البعد عبارة عن امتداد قائم يف اجلسم أو نفسه " :بقوله عرفه صاحب التعريفات )1(" القائلني بوجود اخلالء وأبعاضه

القائلني باخلالء عند متداد قائم باجلسم أو بنفسه االبعد : " ا جاء يف كتاب التعاريفكم يقال ذلك يف احملسـوس وهـو , وليس هلما حد حمدود وإمنا ذلك حبسب االعتبار, وأبعاضه

)3)(2( .يداـالال بعـضلوا ض :ويف املعقول حنو , األكثر وقـذفت أقصـت و,نزحـت شطنت و وبعدت وشطت " :جاء يف تعريفه أيضا و

)4(" .وسحقت وشحطت وغربت وشسعت وناءت ونزحت

: الطبعة , / بريوت -دار الكتاب العـريب, 66ص , التعـريفات, لي بن حممد بن عـي ـعـ, اجلـرجاين ) 1( .إبراهيم األبياري : حتقيق . هـ 1405:سنة النشر , األوىل

سـنة , األوىل : الطبعة , بريوت - دار الفكر املعاصر, 136ص , التعاريف , حممد عبد الرؤوف , املناوي) 2( . حممد رضوان الداية. د :حتقيق . , هـ1410 :النشر

د ضلوا ـن سبيل اهللا قـدوا عـروا وصـإن الذين كف{:وهـي قوله تعاىل , املثال الذي ذكره جزء من آية ) 3( . - 167سورة النساء اآلية -}. يداـضالال بع

, 130ص , األلفاظ املختلفة يف املعاين املؤتلفة, أبو عبد اهللا حممد بن عبد امللك بن مالك , اين ـالطائي اجلي) 4( . حممد حسن عواد. د: حتقيق , هـ 1411 :سنة النشر ,األوىل : الطبعة , بريوت - دار اجليل

Page 16: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

أريـد بـه ,ما لشيءفإذا أضيف , االمتداد والشساعة , نفقد جاء من معانيه إذ

مسيطرا علـى كافـة , وامتداده يف مجيع مناحيه , ع زوايا الشيءـوجود هذا املعىن يف مجي "البعد الترتيلي " التعبري بعبارةوإسقاطا على هذا البحث فإن . األوجه املنظورة لذلك الشيء

ـ -فكرة الترتيل متدادعلى االتنبيه هالقصد من ـ ـيتم حتديـد اليت س يف فكـر -اـمعانيه . اطيب األصويل و تنظريه ـالش

كلفـظ ,أو وصف أجزاء منـه , ام إبراز صفات شيء ـيف مق ألفاظ تستعملوهناك غلبة الروح الترتيليـة علـى تـنظري نع أوفق تعبريا ,إال أن كلمة البعد , عاملرت وب ـاجلان

. الشاطيب يف ميدان علم أصول الفقه

: ل.ز.نادة ـم شرحي ـغة فـجم وقواميس اللاـاء يف معـج:ةــغـيف الل التنزيل/ أوال

ومل يذكر وجه , لت و أنزلت وكان أبو عمرو يفرق بني نز :قال سيبويه ,الرتول احللول " لت يف قـراءة لت وأنزلت إال صيغة التكثري يف نزال فرق عندي بني نز :قال أبو احلسن .رقالف

وقول ابن جين املضاف واملضـاف , ل زـأنزل كنو )1(.و أنزل املالئكة ترتيال :ابن مسعود زيال هنا ألنه أراد للمضـاف ـإمنا مجع تن, الواحد سمكاالإليه عندهم ويف كثري من ترتيالم

فكىن بالترتيالت عن الوجوه , زلة االسم الواحد ـزيالت يف وجوه كثرية منـملضاف إليه تنواـ , زيل أيضا الترتيبـنوالت, زيال ـله تناسترتله مبعىن و نزو , املختلفة زول يف ـو الترتل الن

هلم أي أقمـت مت هلم نزـومعىن أق,ل ما هىيء للضيف إذا نزل عليهزـل و النلة و الرتـمهومجعهـا , ة الشديدة ترتل بالقومـو النازل ,ه أن يرتلوا عليهـهم غذاءهم وما يصلح معـل

ضل ـو الرتل الريع والف, بالناس ازلة الشدة من شدائد الدهر ترتل ـحكم و النـالرتال امل

أو , الرسم العثمـاين وخالف ,فإذا صح السند , والشاذ عند القراء ما مل يصح سنده , قراءة ابن مسعود شاذة ) 1( ـ , جالل الدين السـيوطي الشـافعي , اإلتقان يف علوم القرآن .( قواعد لغة العرب فهي قراءة آحاد , 1جـ

راجعـه , م 1996/ هـ 1416: سنة النشر , األوىل : الطبعة , لبنان / بريوت –دار الفكر , 208ص .)سعيد املندوه: ودققه

Page 17: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

كثري الفضـل والعطـاء ,ل ورجل ذو نز ,ل بالتحريك ريع ما يزرع أي زكاؤه وبركته و الرتالم أي الم و نزوتركت القوم على نز ..واسع بعيد لمكان نز:وقال أبو عمرو ..والربكة

)1(." يده ال يكون إال يف حسن احلال زاد ابن س ..على استقامة أحواهلم و الرتل , واجلمع األنزال , ل بوزن القفل ما يهيأ للرتيل زالن: " وجاء يف خمتار الصحاح

و , و الترتل الـرتول يف مهلـة , و الترتيل أيضا الترتيب ..يقال طعام كثري الرتل يعأيضا الر )2( ".الناسالنازلة الشديدة من شدائد الدهر ترتل ب

وهــو يف األصل احنطاط مـن , ول ـالرتول بالضم احلل:" روس ـوجاء يف تاج الع : قال شـيخنا ...واسترتله مبعىن واحد , ومرتل كمجمل , وأنزله إنزاال, له ترتيال ونز... علو

, ل تـرت و.. .واإلنزال دفعي , فقالوا التـرتيل تدرجيي , مجـاعة من أرباب الـحقيق وفرق )3(." نزل يف مهلة

وتركتـهم ... وترتل نزل يف مهلة ... الرتول احللول : " وقال صاحب القاموس احمليط )4(." على استقامة أحواهلم –بكسر الزاي وفتحها –على نزالم

)5(." ووضعه مرتله , والترتيل ترتيب الشيء : " كما جاء يف معجم مقاييس اللغة دار , 659إىل ص 656ص , 11جــ , نـزل : مادة رب،ـسان العـل ،حمـمد بن مكرم ابن منظور) 1(

. بدون : سنة النشر , األوىل : الطبعة , بريوت - ادرـص, بـريوت -مكتبة لبـنان, 273ص , ار الصحاح ـخمت, ادرـالق ر بن عبدـحممد بن أيب بكرازي ـال) 2(

. حممود خاطر : حتقيق , م 1995 /هـ 1415: النشر سنة , بدون : الطبعة فصل النون مـن , تاج العروس من جواهر القاموس , حمب الدين أيب الفيض حممد مرتضى احلسيين , الزبيدي ) 3(

.بدون : نة النشرس ,بدون : الطبعة, بريوت -منشورات دار مكتبة احلياة , 133ص, 8جـ, باب الالم دار اجليل , 58ص و 57ص , 4جـ , باب الالم , فصل النون ,جمد الدين حممد بن يعقوب , يأباد الفريوز) 4( .بدون : نة النشر س, بدون : الطبعة . بريوت -: الطبعـة , بريوت -دار اجليل , 417ص , 5جـ , معجم مقاييس اللغة , أيب احلسني أمحد , ابن فارس ) 5(

. عبد السالم حممد هارون: حتقيق وضبط, بدون : نة النشر س, بدون

Page 18: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-وهي ضرورية حلصـر معـاين األلفـاظ –اللغوية كلها وبعد ذكر هذه التعاريف :يالحظ املعاين التالية

. احللول : املعىن األول - .واختالف مواطنه وطرقه التكثري وتعدد الوجوه يف ذلك الترتيل : املعىن الثاين - . و إصالح مكان الرتول , و التهيئة الترتيب : املعىن الثالث - .التمهل والتدرج : املعىن الرابع - ويقـدر , التعامـل معهـا اليت حيسن, الشديدة من شدائد الدهر : املعىن اخلامس -

. فيهــا ما ال يقدر يف غريها .وحسنه , واستقامة احلال , والربكة والعطاء , الريع والفضل : املعىن السادس - . ووسعه , بعد مكان الرتول : املعىن السابع -

غري أن هنـاك , د احملدثني شاع استخدام مصطلح الترتيل عن: التنزيـل يف االصـطالح /ثانيـا أما املعىن األول فهو املرادف , يستعملونه يف معنيني فهم , بعض االستخدامات عند املتقدمني

وهو استعمال قرآين قبل ,ويقصدون نزول القرآن . شهد الصحابة الترتيل : كقوهلم , للوحي ل الكتاب من اهللا العزيز ترتي{:كقوله سبحانه و تعاىل ,وقد جاء يف كثري من آياته و كل شيء

) 1(}.احلكيم :استخدام املتقدمني هلذا املصطلح - منـهم اإلمـام , املتقدمني بعضبنفس املعىن املقصود يف البحث لفظ الترتيل وقد استخدم

وبيان ذلك أن الدليل املـأخوذ :" قوله عدة مرات منها الشاطيب الذي استعمل هذا املصطلح )2(" . معناه الترتيل على املناط املعني, لوقوع بقيد اودليل مراعاة املناط , وجود حكم مراع ملناط الفعل احملكوم عليه , ومعىن العبارة السابقة

". بقيد الوقوع " أو احملل قوله ,

. 02اآلية : سورة األحقاف ) 1( . 64وص, 63ص , 3 جـ , املوافقات) 2(

Page 19: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فاحلاصل أن الشـارع حكـم :" الفعل يف قوله صيغة , اإلمام الشاطيب أيضا واستعمل ليرت وال, وذلك مقتضى إحدى املقدمتني وهي النقلية , ومقيدة على أفعال املكلفني مطـلقة

)1(." ما حتقق أنه مناط ذلك احلكم على اإلطالق أو على التقييد إال علىاحلكم ا , فبفرض وجود حكم ووجود مناط أو حمل هلـذا احلكـم , وهو معىن مرادف ملا سبق

. والذي ال يعين شيئا آخر غري اعتباره ومراعاته عند صياغة احلكم , فيعمل على هذا الترتيل مل تـترتل األحكـام ,ولو فرض ارتفاع هذا اإلجتـهاد : " واستعمله مرة أخر يف قوله

)2(." الشرعية على أفـعال املكلفني إال يف الذهن , فقد عرب بلفظ الترتل عن املعىن الذي استساغه , موضحة جليا للمراد , وهذه عبارة بينة

الف فالترتيل هـو ومبفهوم خم, وهو احلكم على أفعال املكلفني جمردة عن التوابع والتقييدات . حكم الشرع على فعل املكلف يف الواقع حماطا مبالبساته وظروف حدوثه

والواقع : " حني قال)3(ومن املتقدمني الذين استعملوا هذا املصطلح اإلمام ابن قيم اجلوزية )4(."قه ترتيل املشروع على الواقعـوالف ,شاهد ذا

ن اإلمام ابن القيم كان يتحدث عـن رعايـة البنـت حيث أ, وله نفس املعىن السابق مبا, فحكم يف الفقه , الدليل على حكم, وبان من خالل ما ذكره من وقائع احلال ,وحفظها

. 35ص , 3جـ, املصدر السابق )1( .76ص , 4جـ , املصدر نفسه )2(، املعروف بابن ) هـ751سنة ت( ينلقب بشمس الدـهو حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد الدمشقي، امل )3(

. أعالم املوقعني عن رب العاملني، وزاد املعاد يف هدي خري العباد: قيم اجلوزية، الفقيه، احلنبلي، احملدث، من مصنفاتهاملكتبة األزهرية , 168ص , 2جـ ,الفتح املبني يف طبقات األصوليني , عبد اهللا املراغي: ينظر يف ترمجته (

.)م 1999: سنة النشر , بدون : الطبعة ,القاهرة –للتراث , 14: الطبعة , بريوت -مؤسسة الرسالة , 472ص, 5 جـ, يف هدي خري العباد ادـزاد املع ,ابن القيم ) 4(

. عبد القادر األرناؤوط و شعيب األرناؤوط: حتقيق , م 1986 /هـ 1407: سنة النشر لكن عارضه كون القلوب جمبولة على حب البنني واختيارهم على البنات : "القيم والنص الكامل لتعبري اإلمام ابن

ضاعت الطفلة وصارت إىل فسـاد يعسـر , ونقص األنوثة وكراهة البنات يف الغالب , فإذا اجتمع نقص الرغبة . " تالفيه والواقع شاهد ذا والفقه ترتيل املشروع على الواقع

Page 20: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

.فصاغ احلكم وفق ذلك الواقع, متليه مصلحة حكم ا الواقع وهي املشروع ويقصد به األحكـام , ويلحظ يف استعماله هلذا اللفظ جليا أركان ثالثة

ترتيل الذي تدل صياغته علـى وفعل ال, حمال األحكام ومناطاا والواقع ويقصد به , الشرعية .وهي إرادة اتهد أو من يقوم بعملية الترتيل , إرادة وفعل وقعتا على معىن الرتول

)1(.ومل أجد يف حدود حبثي من استعمله بنفس املعىن من املتقدمني غريمها : هلذا املصطلح تأخرين استخدام امل - ولكن اسـتعماهلم , حيفلوا ذا اللفظ كثريا إال الرتر القليل منهم إن احملدثني من العلماء مل

ومنهم الدكتور عبد ايد النجار الـذي .أي يذكر لتعريفه, له كان الغالب فيه إرادة التعريف فنجـده . إليه نه يف كتبه ومقاالته وحاول التنبـيه ـحتدث عفقد , اهتم ذا املوضوع كثريا رتيل األحكام الشرعية ـت" : مفهوم تطبيق الشريعة اإلسالمية بقوله يستعمله عند احلديث عن )2( ".الشاملة على حياة اإلنسان

اليت وقـع , زيل صريورة احلقيقة الدينية ـونعين بالتن: " وقد ضبط مفهومه وعرفه بقولــه )3(." جتري عليه حياة اإلنسان يف الواقع, متثلها يف مرحلة الفهم إىل منط عملي

لـذلك , و يف إطار ضبط مفهوم الترتيل نشري إىل أن هذا املعىن قد عرب عنه بلفظ خمتلـف : نذكر من املصطلحات التايل

الشرعي أي تنفيذ احلكم, وقد استعمل اإلمام الشاطيب بكـثرة كلمة اإليقاع :لفظ اإليقاع -

, لذي تعارفنا عليه آنفا العز بن عبد السالم يف قواعد األحكام ومن بني من حبث عندهم على هذا اللفظ باملعىن ا) 1(, واآلمدي يف األحكـام , وابن تيمية يف الفتاوى , والشافعي يف الرسالة , اجلصاص الرازي يف الفصول يف األصول

. والسبكي يف اإلاج وغريها كثري واهللا أعلم , والغزايل يف املستصفى مطبعـة 005ص . يف املنهج التطبيقي للشريعة اإلسالمية ترتيال على الواقع الـراهن , النجار عبد ايد عمر) 2(

. م 1991 :سنة النشر , بدون : الطبعة , أبو ظيب -جامعة اإلمارات العربية املتحدة ضالة مطبعة ف, سلسلة كتاب األمة . 15ص , 2جـ , فـي فقه التدين فهما وترتيال , النجار عبد ايد عمر )3( .هـ 1410 : سنة النشر , األوىل: الطبعة , املغرب -

Page 21: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

األمر باملطلقات يستلزم قصد الشارع إىل إيقاعها كما أن النهي ": ـه ، مثل قول واقعا ليصبح )1(" يستلزم قصده لترك إيقاعها

رعية على الوقائع القولية الىت ليست ـولذلك يوقع اتهدون األحكام الش: " وقال أيضا )2( ."النوازل كثري من يفويعتربون األلفاظ ,بعربية

وأما التطبيق فهـو : " استعمل األستاذ النجار مصطلح التطبيق كقولهقد و : التطبيـق لفـظ - )3(."صيله بالفهم من األحكام الشرعية على واقع األفعالاإلجراء العملي ملا مت حت

إجـراء : "، يف مثل قوله"جراءاإل" )4(القرايففقد استعمل اإلمام : لفـظ إجـراء األحكـام - )5(." األحكام اليت مدركها العوائد مع تغري تلك العوائد خالف اإلمجاع وجهالة يف الدين

ن من أصول الشرع إجراء ألحكام أل: " ذا االصطالح يف قوله واإلمام الشاطيب قد عرب )6(. " فيها اة املصاحل ومقاصد املكلفنيـومن أصوله مراع, على العوائد

ولكنها املبىن يف هالحظ وجود مصطلحات أخرى قد تشاوبصدد هذا اللفظ األخـري ي

. 101ص , 3جـ , املوافقات ) 1( . 134ص , 4جـ , املوافقات )2(املعهـد . 247ص, جملة املوافقات, فقه التطبيق ألحكام الشريعة عند اإلمام الشاطيب , النجار عبد ايد عمر) 3(

.م 1992 :سنة النشر , األول : العدد , اجلزائر - الوطين العايل ألصول الدين, مـالكي , ) هـ 684ت (املعروف بالقرايف ,هو شهاب الدين أمحد بن إدريس بن عبد الرمحن الصنهاجي ) 4(

الديباج : ترمجته يف ينظر . ( الذخرية , أنوار الربوق يف أنواء الفروق : له مصنفات هامة منها , فقيه أصويل نظار -دار الكتـب العلميـة , 62ص , بن فرحون اليعمري املالكيال , املذهب يف معرفة أعيان علماء املذهب

.) بدون : سنة النشر , بدون :الطبعة , بريوت, 218ص , اإلحكـام يف متييز الفتاوى عن األحكام وتصرفات القاضـي واإلمـام , القرايف شهاب الدين ) 5(

عبد الفتاح أبو : حتقيق . م 1995: سنة النشر , الثانية :الطبعة , سوريا / حلب -مكتب املطبوعات اإلسالمية . غدة

. 140ص , 3جـ , املوافقات ) 6(

Page 22: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

قلنـا جريـان : " )1(قـال الغـزايل -جريان األحكام-من مثل يف املعىن ختالفه من وجه مهم )2(" ن السكر متشوف النفوسألكام عليه تغليظ ـاألحيغفل دور املـرتل وعمليـة , مال الغزايل جلريان األحكام فاالختالف ناشئ من أن استع

.خبالف ما لو استعمل عبارة إجراء األحكام , الترتيل يف هذا اجلريان حنصل على ثالث ,هذه االطالقات نقوم بتفكيكعندما :حتليل التعاريف االصطالحية -

: الترتيلأركان كربى تشكل معىنالذي وقع متثله واستنباطه جمردا عن أي مالبسـات خارجيـة أو احلكم الشرعي :أوال -

وهو ثابت مبناهج النظر الشرعي اليت تعتمد أصول الفقه وسيلة للبحث يف النصـوص ,إضافية .الشرعية

.حمفوفة مبالبساا , الواقع ونقصد به احلياة يف سريورا :ثانيا - جعل النظر الشرعي ممثال يف ,اين ـوجود املعطى الثف, القائم مبهمة النظر الترتيلي :ثالثا -

يقـوم ـا , ال يكتفي باستخراج أحكام جمردة بل أعطاه مهمة جديدة , االجتهاد واإلفتاء يسـتخرج لالذي عليه هذه املرة أن جيمع بني املعطيني السـابقني , اتهد أو املفيت أو الفقيه غري الـيت يسـتخرج ـا و اج هنا لوسائل نظر جديدةوهو حيت , حكما لواقعة حمددة املعامل

.فهو الركن الثالث من أركان معىن هذا اللفظ , اخلايل من التوابع واإلضافات ,احلكم ارد : املناسبة بني املعىن اللغوي واالصطالحي - يف اسـتعماله املالحظ من املعاين اللغوية السابقة الذكر أا معان تؤدي نفس غرض اللفظ

حيث أن تلك املعاين اللغوية السبع املتوصل إليها إذا جـمعت , وحتقق مغزاه , االصطالحي

شافعي من كبار أئمة الفقه ) هـ505:ت سنة(هو حممد بن حممد بن أمحد، أبو حامد، امللقب حبجة اإلسالم، ) 1(نصر بوأ: ينظر يف ترمجته (,املبسوط وم الدين ،املستصفى،وإحياء علو: واألصول، ألف العديد من النفائس منها

–هجر للطباعة والنشردار , وما بعدها 191ص, 6طبقات الشافعية الكربى، جـ , الوهاب بن السبكي عبد .)حممود حممد الطناحي.د/الفتاح حممد احللو عبد.د:حتقيق, م 1991: نة النشرس,الثانية : الطبعة , القاهرة

, الثانيـة : الطبعة , دمشق - دار الفكر, 29ص , 1جـ, املنخول يف تعليقات األصول, حامد الغزايل أبو) 2( . حممد حسن هيتو. د : حتقيق , هـ 1400 : سنة النشر

Page 23: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

واسـع ,أمر مـا يف مكـان بعيـد حلول :احد هو تدور يف فلك وللداللة على شيء فإا ألن وجـوه , ال على أي وجه , على الوجه الالئق به ,املسـاحة مع ما يعنيه هذا االتساع

ـ ،املهيأ له، يف ترتيب حمكم، ونظر ثاقب ، يف املوضعنزوله متعددة وكثــرية علـى دمعتموحييط األمر ,واستقامة احلال لاـمبا جيلب الكم , بتعامل حـذر ال عشوائي , متهل وتدرج

.ماء والعطاء والربكةـبالنإذ أن مراعاة حمـل األحكـام عنـد , وهي املعاين امللحوظة يف االستعمال االصطالحي

هو نوع من التقدير الذي حيقق مقاصد الشارع من وراء تشريع , االجتهاد أو النظر الشرعي دة احتماالت قد تناسب احملـل فيتحقـق املقصـد وهذا التقدير هو اختيار من ع, األحكام

وضرر , ودقة هذا االختيار ضابطها نفع ال بد أن حيصل , الشرعي من تشريع األحكام أو ال وللمقاربة بني املعنيني , ومفاسد تدرأ حتقيقا ملقصد احلكم , أو مصاحل حتصل , ال بد أن يزال

:قارنة عليهاللغوي واالصطالحي آيت مبثال نوقع أطراف املجاء رجل إىل ابن : قال "يزيد بن هارون عن أيب مالك األشجعي عن سعد بن عبيدة روى

: قال فلما ذهب قال له جلسـاؤه . النار ال، إال: أملن قتل مؤمنا متعمدا توبة؟ قال: عباس فقال مغضبا يريـد ه رجالبإين ألحس: قال .ملن قتل توبة مقبولة أهكذا كنت تفتينا؟ كنت تفتينا أن

)1(".فبعثوا يف أثره فوجـدوه كذلك: قال. أن يقتل رجال مؤمناأدرك ابن عباس بثاقب بصريته خصوصية عارض الغضب علـى :التعليق على هذا األثر -

لنشوء مناط خيتلف عن املناط العـام ,، وأن حاله يقتضي استدعاء حكم آخر ذلك الشخصضب تنم عن نية اإلقدام على جرمية القتل احملرم، والسـؤال مل ؛ لكون ظاهرة الغ للتوبة أصالة

معىن واقعـي يكن غري التماس للمربر الشرعي من املفيت، مما حـمل ابن عباس على مراعاة وبة ـاألصلي للتاحلكم بدال من , زائدا عن حكم التوبة املستنبط من الدليل , يف حمل احلكم

. 27753: رقـم حتت , من قال لقاتل العمد توبة: باب , الديات: كتاب , صنفه رواه ابن أيب شيبة يف م) 1(, تلخيص احلبري يف ختريج أحاديث الرافعي الكـبري .( رجاله ثقات : وقال احلافظ ابن حجر يف تلخيص احلبري

.)بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , مؤسسة قرطـبة , 344 ص , 4جـ

Page 24: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

: وهذا املثال مفصل يف اجلدول التايل , النصوح

املعاني االصطالحية مـمثلة يف تنزيل حكم التوبة على واقعة ابن عباس املعاني اللغوية إليه لقد حل حكم ابن عباس على واقعة هذا الرجل املستفيت ووصل احللول

تعدد وجوه الرتوللقد تعددت احتماالت الرتول عند ابن عباس بني اإلفـتاء بقبول

.أو عدم قبوهلا , التوبة .بنظر ثاقب بعيد عن العشوائية , اختياره جلواب عدم قبول التوبة الترتيب والتهيئة

أو سوء , أي عدم ضبط للجواب وتعجل , قتل املؤمن عمدا شديدة الشديدة .يؤدي إىل ما تؤدي إليه النازلة الشديدة بالناس , قدير وتعامل ت

وسع و بعد وورد هنا حادثة , وأحكام التوبة يف مواضعها , ورد حرمة دم املؤمن كان ميكن أن , يف فترة معينة ووضع معني , يف جملس ابن عباس

.فمكان الرتول واسع متشعب , يكون يف جملس آخر ويف بلد آخر

الربكة, قامة احلال استبعد أن أحاطوا جبوانب ,ودليلها ارتياح أصحاب بن عباس جلوابه

يقتضي ,ومفهوم املخالفة من قوله ,احلكم الذي نزله على تلك الواقعة .وقد وجدوه كذلك ملا استقام األمر ,أنه لو أفىت له بغريه

يـار الـدقيق اخلاضـع وقد أصبح استعمال املعىن اللغوي للفظ التنـزيل يدل على االخت :ولكن يلمس فيه معىن االختيار ,ومعايري وميكن أن أذكر هنا مثالني هلذا اللفظ لغة تالعتبارا

زيل ـيف حمرره من تن)1( هذا تقرير ما ذكره أبو الربكات ابن تيمية:"قال ابن القيم:األول - جد شـيخ االسـالم أيب –جمد الدين أبو الربكات , اين احلر, هو عبد السالم بن عبد اهللا بن اخلضر بن تيمية ) 1(

واحملـرر يف , األحكام الكربى : له) هـ 652ت (, أصويل فقيه , حمدث مفسر , مقرئ –العباس أمحد بن تيمية املعروف بابن العماد عبد احلي بن أمحد العكري الدمشقي :ينظر ( وغريها . واملنتقى من أحاديث األحكام , الفقه

: الطبعـة , بريوت – دار الكتب العلمية ,وما بعدها 257ص , 3جـ , ذهب يف أخبار من شذرات الذهب , .بدون : سنة النشر , بدون

Page 25: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

)2(." على هذه احملامل الثالث )1(نص أمحدقد يقال إن نظر هـذا قاصـر ألنهزيل ـترتلنا هذا التن وإمنا " )3(قال ابن تيمية :ينالثا -

)4( ."حقه يفلضعف آلة االجتهاد املسألةهذه يفوليس اجتهاده قائما ,ونستفيد منها أن معىن الترتيل يف اللغة محل من متعدد يتحكم يف هذا احلمـل الواقـع أو

. توابع إضافية و حتمـل , قارنة بني االستعمالني اللغوي واالصطالحي تبني املناسبة بينـهما إن هذه امل

باعتبار أن عملية التنـزيل عملية ثبت إمجاال أا دقيقة يراعى فيـها حمل , نوعا من املسؤولية . حيث يسفر الترتيل على الصالح,وينتبه فيها إىل حسن التقدير والصياغة , ومقصده , احلكم

وهو املراد عند كل اسـتعمال بعـد , ي هنا أن نستخلص تعريفا حيوي املعاين السابقة بق .اآلن يف هذا البحث للفظ الترتيل

النظر الشرعي : ن أعرف الترتيل بأنهمن خالل ما سبق ميكن أ :التعريف املقترح وأبعاده - يثيات تلـك الوقـائع مقترنا حب, الستخالص حكم شرعي حيكم أفعاال أو تصرفات أو قضايا

.والنـوازللكن الشـرع أصـل , أن ال يبحث وال ينصب عليه نظر كان ميكن ,إن مفهوم الترتيل

واحتل مكانا راق يف املنظومة التشريعية لوجود معطيني هامني –كما سوف نراه -مفهومه :زيل أحكام الشرع ومها ـاحتكم إليهما كل من أمهته فكرة تن ,, أحد احلفاظ يف علوم احلديث واألثر , صاحب املذهب املشهور , إلمام أمحد بن حممد بن حنبل الشيباين هو ا) 1(

وتـويف , هـ 164: ولد سنة ( , له قصة شهرية يف االبتالء مبسألة خلق القرآن , يلقب بإمام أهل السنة واجلماعة , طبقات احلنابلة,حممد بن أيب يعلى أبو احلسني: ينظر ( . والزهد , املسند : من أهم مؤلفاته, ) هـ 241سنة .) حممد حامد الفقي: حتقيق, بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , بريوت -ار املعرفةد, 4ص , 1جـ

. 443ص, 5جـ , زاد املعـاد يف هدي خري العباد , حممد بن أيب بكر, ابن القيم )2(كان عارفا بالعلوم ,حنبلي , بن تيمية احلراين , ن عبد احلليم بن عبد السالم أمحد ب, هو تقي الدين أبو العباس ) 3(

السياسـة , جمموع الفتاوى : ألف , ) هـ 728تويف سنة (, وكان صاحلا ورعا , حميطا بالعلوم العقلية , النقلية , اسن من بعد القرن السـابع مبحالبدر الطالع , حممد بن علي الشوكاين: ينظر يف ترمجته ( وغريمها كثري , الشرعية

.بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , بريوت – دار املعرفة, 63ص , 1جـ , بـدون : بعة طال,بريوت -دار الكتب العلمية , 126ص , 5جـ , الفتاوى الكربى , ابن تيمية تقي الدين ) 4(

.بدون : سنة النشر

Page 26: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

وضعت هذه الشريعة من خـالل أحكامهـا ,وغايات أن لشريعة اإلسالم مقاصد - .املختلفة ألجل حتقيقها ملصلحة العباد

ن االختالف إبل , ما ـأن األفعال والوقائع واألحداث ختتلف فيما بينها اختالفا عظي - .فال تكاد جتد واقعة تشبه أخرى , ن اهللا يف اخللق سنة من سن

كاحلد , إن اعتماد رؤية واحدة يف النظر الشرعي قائمة على وجود حكم ملسمى معني .. وأن القتل العمد ال يثبت باملثقـل , وعدم إحلاق ولد الزنا بنسب األب , الشرعي للسرقة

يؤدي أحيانا إىل خمالفة مقاصد , قصد واحد ووجود م, مع وجود وقائع كثرية ملسمى واحد لذلك احتجنا لنظر زائد عن نظر االستنباط وهـو نظـر . الشارع من وراء تشريع األحكام

. الترتيل ,ألنه نزول من مستوى النظر والتجريد إىل الواقع ومفردات النازلـة , زيال ـوإمنا مسي تن

, و ال يكون إال بالعقل مسـتندا إىل الشـرع وه ,ألن التعريف يذكر مستوى النظر الشرعيلينـتج . فكان ذلك النظر مقترنا بتلك الواقعة فكأنه نزول إليها , ومستوى آخر وهو الواقع

.عنه حكم لتلك الواقعة بقواعد ذلك النظر إضافة إىل , بقي أن نشري إىل أن لفظ الترتيل أوعب من غريه يف محل املعىن املشروح آنفا صطلحات أخرى كمصطلح التطبيق قد تفهم على غري ما تعنيه مثل مرحلة االجناز الفعلي أن م

.وليس هذا ما نعنيه , والعمل على التمكني هلا ي تطبيق الشريعة يف دولة أو بالدأ

أو موضوعا معرفيا , واليت إذا رادفت علما ,إن مصطلح التنظري مشتق من كلمة النظرية

والـذي ,وقد جعلها بعضهم مرادفة لكلمـة النسـق , تصور منهجي متناسق فإا تعرب عن )1( " .بأنه جمموعة من القضايا املرتبة يف نظام معني" يعرف

ـ , أحـمد نقال عن الريسوين , 447ص , املعجم الفلسفي , راد ـوهبة م) 1( ام ـنظرية املقاصـد عنـد اإلم

.م 1992 -هـ1412: سنة النشر , الثالثة :الطبعة , كتاب اإلسالمي الدار العاملية للـ, 16ص , يب ـالشاط

Page 27: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

الرؤية املنهجية املتناسقة اليت دف : إطالق مصطلح التنظري يدل على مفهوم ف, ومن مث فإذا متت نسبتها إىل أصول الفقه أريد ا عملية وضـع رؤيـة . الظواهر إىل تفسري عدد من

ينتج عنه اعتماد بعض الرؤى املنهجية اليت تعمل علـى تأسـيس , متكاملة لعلم أصول الفقه .)1(نهج متكامل يف قضايا علم أصول الفقه ـــم

ـ ره مسـتوى الرؤيـة وحبق فإن هذا املعىن ليصدق على اإلمام الشاطيب الذي برز يف فكلذلك فالترتيل عنده كما سـوف , واليت أمثرت تنبها دقيقا لفقه التنـزيل , املنهجية املتكاملة

. إمنا رؤية وتصور واضح للموضوع أنتج إضافات نوعية فـيه , نرى ليس شذرات مفرقة األستاذ عبد احلميد مدكور يف حبث , املرتبطة به من الذين عاجلوا موضوع التنظري األصويل والقضايا املنهجية) 1(

املنعقدة جبامعة األمـري عبـد , ضمن ندوة قضايا املنهجية يف الفكر اإلسالمي , املنهج يف علم أصول الفقه : بعنوان -منشورات املعهد العاملي للفكر اإلسالمي بواشنطن باالشتراك مع جامعة األمـري عبـد القـادر , القادر بقسنطينة

. اجلزائر /قسنطينة

Page 28: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

:مطـــــلــــبانوفيه -

Page 29: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

: ئة ــــــــــتوط

ا الفكر مرتبطـا ذوملا كان ه, إن التعريف بأي عامل واالحتفاء به إمنا هو احتفاء بفكره ص هذا املبحث للتعريف حبياة الشـاطيب صخ, وظروف نشأة صاحبه , ارتباطا وثيقا بالبيئات

: مطلبني إىل وقد قسم مث األعمـال ,وطلب العلم , املولد والنشأة ويبحث يف حياته من ناحية :املطلـب األول -

.واملؤلفات .يبحث يف الظروف اليت طبعت عصره :املطلب الثاني - والذي ميكن أن يالحظ أن العادة اقتضت أن يبدأ الباحثون احلديث عن عصر صـاحب

ـ , ولكن هذا البحث ينحوا منحا خمالفا لذلك , الترمجة ة بـني الباحـث ألن العالقة اجلدليوهذا ال يكون إال , إىل عالقة التأثري والتأثر بينهما , وعصره تفرض التطرق يف مطلب العصر

. ولو فرض التقدمي ما مت تصور املعىن املراد, بعد االطالع على حياة اإلمام الشاطيب

Page 30: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسـى بـن حممـد اللخمـي :نسـب اإلمـــام الشاطــيب - 1

)2( .الشــهري بالشاطيب )1(الغـرناطي وقـد , مل يـشر مـترمجوه إىل تاريـخ والدتـه وال مكاـا :والدتـــــه ونشـأتــه - 2

) هــ 730هــ و 720(ن يكون مولده بني سنيت رجـح الباحث جمدي حممد عاشور أالتتبع واالستقراء ملا أفاده وأنشده الشاطيب يف كتـاب اإلفـادات , ودليله يف ذلك كما صرح

)3(.هـ 750واإلنشادات بتواريخ معظمها بعد سنة ومل يـتطرق مـترمجوه إىل مكان والدتـه وال إىل شاطبة اليت ينســب إليهـا دون أن

هذا مستنتج من خالل مـا نقلـه , أما غرناطة فالظاهر أنه انـتقل إليها , أنه سكنها يشار إىل دث عن ـوهو يتح, )5(ب ـمن كالم ابن ل )4( حممد بن يوسف بن أيب القاسم الشهري باملواق

الطبعة , القاهرة , مكتبة الثقافة الدينية , 33ص , 1جـ , نيل االبتهاج بتطريز الديباج , التنبكيت أمحد بابا )1( .عـلي عمر . د:حتقيق , م 2004: سنة النشر , األوىل : هــ 645استوىل عليها اإلفرنج يف رمضـان , رج منها مجاعة من العلماء خت, و هي مدينة كبرية : شاطبة ) 2(

) هـ 590ت( وينسب إليها من العلماء أيضا أبو القاسم الضرير الشاطيب صاحب نظم الشاطبية يف علـم القراءات, دار الكتـب العلميـة , 324ص , البن فرحون املالكي, الديباج املذهب يف معرفة أعيان علماء املذهب (

)م 1996: سنة النشر , األوىل :الطبعة دار البحـوث , 28ص, الثابت واملتغري يف فكر اإلمام أيب إسـحاق الشـاطيب , جمدي حممد حممد عاشور )3(

إال أن األستاذ حممد أبو األجفـان . م 2002: سنة النشر , األوىل: بعةطال, مية وإحياء التراث والدراسات اإلسالحممـد ( . وذلك تقديرا ناظرا إىل تاريخ وفاة أقدم شيوخه أيب جعفر بن الزيات, هـ 720نة ـيشري إىل أنه ولد س

سـنة ,الثانيـة : الطبعة , نس تو-مطبعة الكواكب. 32ص , فتاوى الشاطيب : مقدمة كتاب, أبو األجفان .)م 1985: النشر

وكان ضابطا ,مالكي من علماء غرناطة , الشهري باملواق بفتح امليم وتشديد الواو,حممد بن يوسف العبدري:املواق)4(له كتاب التاج واإلكليل وهـو شـرح . هـ 897وتويف سنة ,حضر استيالء اإلسبان على غرناطة,لفروع املذهب ) 324ص: أنظر نيل االبتهاج . ( طلب فيه تأويال لكثري من احملدثات , وكتاب سنن املهتدين , ملختصر خليل

Page 31: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

. ستأيت ترمجته عند ذكر شيوخ اإلمام الشاطيب ) 5(

مل يزل الدعاء أدبار الصلوات املفروضـة :"قال,يف غرناطة ار الصلوات املفروضةـأدب الدعاءقدم غرناطة رجـل , معموال به يف مجيع أقطار األرض أو جلها من غري نكري إال ما قد سلف

)1( .. "وتابعه شـرذمة ممن كان يقرأ عليه, واشتد يف إنكار ذلك ) مساه ( : من خالل , طيب ويظهر أن هذا الرجل الذي حتدث عنه هو اإلمام الشا ومثال ذلك ما ورد يف إحدى فتاويه عندما سـئل ,ما عرف عنه من خرب هذا اإلنكار -

أن دعاء اإلمام للجماعة , واجلواب عن األوىل وباهللا التوفيق :"عن دعاء اإلمام أدبار الصلوات )2(.." بل فيها ما ينافيه ,ليس يف السنة ما يعضده , أدبار الصلوات

واليت ذكر أنـه اـم بسـببها , وأيضا رسائل الرد اليت وجهت كلها لإلمام الشاطيب - )3(.مبخالفة السنة

بل تلقى عــلومه , فـلم خيرج منـها فيما يذكر, نشأ الشاطيب وا تعلم ويف غرناطة . ستقرين اـعلى يـد شيوخها الوافـدين إلـيها وامل

وثــائق الـمؤرخني مــا يــشري إىل أن نا من إذن ال يـوجد فـي كل ما وصل أن الشاطيب مل يـزر فاسـا ومل "فهم يؤكدون علـى , اإلمام الشاطيب غـادر األنـدلس

)4(". يق على مـا يعرف ـيـعرب املض

2

" سنن املهتدين" نقال عن خمطوطة , 61فـتاوى اإلمام الشاطيب ص : مقدمة كتاب , نحممد أبو األجـفا) 1( .املوجودة بدار الكتب الوطنية تونس , للمواق

و ص , 272ص , ويف مواطن من كتاب االعتصـام , وأنكره يف عدة فتاوى . 127ص , املرجع السابق ) 2( .سيد إبراهيم : حتقيق, م 2003-هـ 1424: سنة النشر , بدون : بعةطال, القاهرة -دار احلديث, 538

وقال إن هـذا الـرد , ذكر ذلك أبو األجفان ,سن املالقي رام فيه الرد عن اإلمام الشاطيب ومنها ما كتبه أبو احل)3(املقري فد حتـدث , وأن صاحب أزهار الرياض يف أخبار عياض, 286ص , 1جـ ,موجود يف املعيار للونشريسي

)128ص , هامش كتاب فتاوى الشاطيب ( . عنه املعهد الوطين العايل ألصول الـدين , 99ص ,جملة املوافقات , لشاطيب عصر اإلمام ا, أبو القاسم سعد اهللا ) 4(

.م 1992جوان , األول :اجلزائر العدد

Page 32: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

ولــسان , ) 1(وهذا خبالف ما كان عليه حال معاصريه من أمثـال ابــن خلـدون وغريهم الـذين إن لـم يرتـحلوا لـطلب الـعلم والوزارة, )2(الــدين بن الـخطيب

بـاملثقف اخلامـل يف "وقد وصفه أحد املؤرخني . رحلوا للسياحة أو رحلوا للحج والعمرة, و لو بانت فيـه , واخلمول هنا حمـمول على عـدم االشتهار والظهور يف عصره )3(". عصره

.وهذا األمر يرجع إىل ترتيب سلم القيم يف اتمعات, مسـات النبوغ : مغادرة غرناطة مرده إىلعن اإلمام الشاطيب واحلقيقة أن إحجام االسـتقرار الذي عاشـته ممـلكة غرناطة نسبيا خالل اكـتمال نضـج الشـاطيب -

حىت خمتلف املمالـك أو , مـقارنة مبا كان عليه احلال يف ضفة املتوسـط اجلنوبية ,الـعلمي )4(.األخرى يف األنـدلس مـع بدء التوسع الصلييب

ولعـل , ما رآه الـشاطيب مـن مـحنة بعض معاصريه ممن أكثروا التنقل والســفر - ولعله قد زهده يف الترحال والتنقل بني العواصـم )5(.أبرزهم الوزير لسان الدين ابن اخلطيب

. واحلواضرتتلمذ على ,ولد بتونس ألجداد من األندلس , مالكي املـذهب) هـ808-هـ732:(لدون عبد الرمحن بن خ) 1(

كتـاب " , و له تآليف نفيسة منها , ويل قضاء املالكية يف القاهرة , اشتهر بكثرة الترحال , يد املقريزي وآخرين )و ما بعدها 76ص , 4جـ شذرات الذهب: ينظر يف ترمجته .( واجلزء األول منه هو املقدمة املشهورة " العرب

عـاش , مالكي , هـ 713ولد سنة , أبو عبد اهللا حممد بن عبد اهللا املعروف بابن اخلطيب لسان الدين هو ) 2(, مث ثاروا عليه ,توىل بعض دوواين بين األمحر , وتفوق يف فنون األدب وعلوم الطب والفلسفة والشريعة , باألندلس

أمحد بن حممد املقـري :ينظر يف ترمجته ( . اإلحاطة يف أخبار غرناطة : ر مؤلفاته من أشه, وقتل سنة هـ : الطبعـة , بريوت - دار صادر , 75ص , 5جـ,نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب , التلمساين

.) إحسان عباس.د, م 1968:: النشر سنة , بدون . 95ص , جملة املوافقات ,عصر اإلمام الشاطيب , أبو القاسم سعد اهللا ) 3( –مطبعـة مصـر , وما بعـدها 107ص , اية األندلس وتاريخ العرب املنتصرين , حممد عبد اهللا عنان ) 4(

. م 1985-هـ 1378: سنة النشر , الثانية: الطبعة ,القاهرةويف بالد الغربة , مرتني فرار انتقل إىل بالد املغرب, هـ 760حيث أنه بعد االنقالب على ملك غرناطة سنة ) 5(

يف تاريخ املـغرب واألندلـس , أمحد مـختار عـبادي . د(. وسـجن وقتـل يف مـحبسه , ماتت زوجته )بدون : سنة النشر . بدون : الطبعة. بريوت -دار النهضة العربية, 344إىل ص 338ص

Page 33: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

م مـن ـصورا يف طلب العلـالذي كان حمو رناطة ـوأيضا انتفاء داعي مغادرة غ - .شاطيبـديهم اإلمام الـتـتلمذ على أي,فقد وفـد عدد ال بأس به إليها,رينظـالشيوخ املن

ـ علق بالسـفر كمناصـب الواليـة و ـعاده النسيب عن مناصب تتـمث ابت - وزارة ـالإذ الثائر على العوائـد , إذ مل يعرف بأنه كان ممن قرم السلطان أو تقربوا إليه , والسـفارة

واملشرق فيه أضعاف ما يف بالد املغرب من , تضنه ـن حيـوم,به أحد فإىل من يسافر ال يقرملشـرق وال أدل على ذلك من الروايات اليت ذكرها اإلمام الشاطيب عن حمدثات ا.احملـدثات

يف كتـاب )1(وهي كثرية يف كتاب االعتصام منها ما أورده على لسان أيب بكر بن العـريب وبيـت , حىت إذا حل بالشـام , فقد ذكر خروجه من بالد األندلس على الفطرة , العواصم )2(.وجد البدع املنكرة من كل صنف فناظر أهلها , و مصر , مث الساحل , املقدس

اخليارات اليت كانـت عــندما روى ,لشاطيب بعواقب خمالفة العوائدوقد صرح اإلمام ا فتردد النظر بني أن أتبع السنة على شـرط خمالفة ما اعتـاد :" مطروحة أمامه فقال رمحه اهللا

)3(.." فال بد من حصول حنو ما حصل ملخالفي العوائد , الـناسغلبة الظن هو ما حتدث عنه املؤرخون و, وما ميكن ذكره هنا على سبيل االستنتاج دائما -

وهو ما يدفع إىل اإلحجام عن اخلـروج )4(.اجتاح العامل حيث فتك بالكثري , من وباء قاتل . إىل األرض اليت فيها وباء

اإلمام )هـ 543تويف سنة (,مالكي , املعروف بابن العريب , أبو بكر االشبيلي , هو حممد بن عبد اهللا بن حممد ) 1(وأحكـام , والقبس يف شرح موطأ ابن أنـس , عارضة األحوذي يف شرح الترمذي : له , احملدث , فظ الفقيه احلا

) 281ص , الديباج املذهب : ينظر ( .وغريها كثري .القرآن ويف , وفيه غنية ملن عرج على تعرف أصوهلم , وغريه , انتهى ما حكاه ابن العريب : " وقال الشاطيب يف آخرها ) 2(

, وذكر قصصا كثرية أخـرى , 112وص , 111وص , 110ص , االعتصام ." أثناء الكتاب منه أمثلة كثرية .121ص , 116ص , 115ص : أنظر مثال

. 18ص, االعتصام ) 3(وحـوض البحـر , ونعين بذلك الوباء الذي اجتاح سائر األمم اإلسالمية : " يقول املؤرخ حممد عبد اهللا عنان ) 4(

وقد وصف لنا الوزير ابن اخلطيب تلك احملنة اليت كان معاصرا هلا .. هـ 750هـ و 749املتوسط يف سنة األبيض اية األندلس وتاريخ العرب ".( مقنعة السائل عن املرض اهلائل " وشاهد عيان لروعها وفتكها يف رسالة عنواا

. )122ص , املنتصرين

Page 34: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

إىل أحـد األسـباب " غري أن هناك من نبه إىل أن عوائق خروجه من األندلس قد ترجع )1(".كالفقر أو املرض أو غريها من األمور القاهـرة, العادية اليت متنع أي إنسان من ذلك

ويذكره الناس خصوصا ممـن , ف العوائد يشتهرأما من ناحية اشتهاره فالشك أن من خال سنن " وميكن أن أذكر مثاال هنا لإلمام املواق الذي خصص له يف كتابه , متسك بتلك العوائد

وذكر له مسائل, وأكد تعارض بعضها , جزءا مهما ناقش فيه بعض آراء الشاطيب " املهتدين وتصبيح القرب , أدبار الصلوات املفروضة خالفهم فيها الشاطيب كالدعاء,اعتادها أهل األندلس

)3(.أغفلت ذكره كثري من كتب التراجم ولكن مع هذا )2(.سبعة أيام بعد دفن امليترغم أنه انتهج أسـلوب , دأب كل من وهـب نفسه لإلصالح و الذب عن السنة وهذا

فقامـت , فأخذت يف ذلك حكم التدريج يف بعض األمـور : "فنجد الشاطيب يقول, التدرج ونسـبت إىل البدعـة , وفوق إيل العتاب سـهامه , وتواتـرت علي املالمة , علي القيامة

)4(.." وأنزلت مرتلة أهل الغباوة واجلهالة , والضاللة :ونستطيع أن نقسم مراحل تعلمه للعلوم إىل قسمني :طـــلبه للـعـــــــــــــلم - 3

وال جند من حتدث لنا , أي يف سن الطفولة , األوىل من عمره وهو املرحلة :القسـم األول - غري أننا جنزم بأنه تعلم فيها مثل ما يتعلم األبناء يف ذلك الزمن باألنـدلس , عن تفاصيل ذلك

فالطفل يف هـذه املرحلة يخطط له,واملغرب إذ كان نظام التعليم واحدا باملغرب األوسـط . 28ص , الثابت واملتغري يف فكر اإلمام أيب إسحاق الشاطيب , جمدي حممد عاشور ) 1(ـ كتـاب مقدمة, نقال عن حممد أيب األجفان , خمطوطة بدار الكتب بتونس , سنن املهتدين للمواق ) 2( اوى ـفت

) بتصرف ( . 61 إىل ص 59ص , الشاطيب أعالم القرن الثامن اهلجري رغم منم هلم ومن ذلك أن احلافظ ابن حجر مل يذكر اإلمام الشاطيب ضمن من ترج) 3(

الـدرر , ابن حجر العسقالين (ينظر , ومن غرناطة ومن معاصريه , أنه ذكر أقران للشاطيب من املغرب واملشرق سـنة , الثانية:الطبعة, اهلند /حيدر أباد -مطبعة جملس دار املعارف العثمانية . الكامنة يف أعيان املائة الثامنة

.)م 1972: النشر .18ص , االعتصام ) 4(

Page 35: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

وعادة تعليم الصغار يف ذلك الوقت الذهاب للكتاب حلفظ القرآن قبـل , وال يربمج لنفسه )1(.ومسـائل النحو , صرات و مسائل الفقه من املخت, مث تعلم مسائل احلديث , العاشرة

, حيث يدرك الطالب املتفتـق الـذهن , وهو مرحلة نضج واكتمال منو :القسـم الثـاني - فنجد اإلمام الشاطيب يف هاته املرحلة املتقدمة , فيبدأ التخطيط لنفسه , أساليب التحصيل اجليد

خطـط علمـي للنجـاح يف مبعلم طلب القد بدأ يف التنظري لنفسه مستعينا على , من حياته مل أزل منذ فتـق للفهم –و هللا احلمد –وذلك أين ":عن نفسه -رمحه اهللا -يقول )2(.ذلك

مل أقتــصر , عقلي ووجه شطر العلم طـليب أنظر يف عقلـياته وشرعياته وأصوله وفروعه الزمـان حسبما اقتضـاه , وال أفردت عن أنواعه نوعا دون آخر , منه على علـم دون علم

بل خــضت يف جلجه خوض احملسن , أصـل فطريت واإلمكان وأعـطته املنة املخلوقة يف أو , حىت كـدت أتلف يف بعض أعماقـه , وأقدمــت يف ميادينه إقدام اجلريء , للسباحة

غائبا عن مقال القائل وعذل العاذل , أنقطع يف رفقيت اليت باألنس ا جتاسرت على ما قدر يل )3(.. ".عن صد الصاد ولوم الالئم إىل أن من علي الرب الكرمي الرءوف الرحيم ومعرضا,

أما تعليمه فقد اعتمـد فيه على األخذ عن الشيوخ حىت إذا أدرك قـدرة التعامـل مـع ال , وهـما عنده طريقني لتحصيل العلـم , املصنفات انـتقل إىل النظر يف الكتب واملدونات

كان العلـم يف صـدور " ومها متكامالن إذا استوفيا شروطهما فقد , آلخرغىن ألحدمها عن اوالكتب وحدها ال تفيـد الطلـب , ومفاحته بني أيدي الرجال , الرجال مث انتقل إىل الكتب )4( ". منها شيئا دون فتح العلماء

مقدمة عبد الرمحن بـن : غرب ينظر يف مسالة عادة أهل األندلس يف تعليم الصغار والفرق بينهم وبني أهل امل )1( . بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , مصر / القاهرة –املكتبة التجارية الكربى , وما بعدها 537ص , خلدون

فتناول التحصيل العـلمي يف أطراف من كــتابه , لقد اهـتم الشاطيب مبسألة العلم والتـعلم اهتمام تنظري ) 2(واعتىن جبميع أركان العملية التعليمية مـن املعلـم ,ري العلم الذي ينبغي احلرص على تعلمه ذكر فيه معاي, املوافقات

. )261إىل ص 259ص , 4و جـ , 82إىل ص 41ص , 1املوافقات جـ .( واملادة العلمية والطالب . 16ص , االعتصام ) 3( . 74ص , 1جـ, املوافقات) 4(

Page 36: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

:األخـذ عــن الشيـوخ –أ وهو بـهذا الصدد يعترب املشـافهة , فهم عنده الواسطة اليت تبلغ العـلم عقل مـريده

)1(.وعرف تبليغ ما علم , أنفع وســيلة ألخذ العلم عن املعلم احلق الذي أتبع علمه العملقبل أن يأخذ ذلـك عـن , ميكن للناظر أن يـستنتج وصفا لشيوخ الشاطـيب منه أوالو

أخذه عن أهلـه , من أنفع طـرق العلم املوصلة إىل غاية التحقق به "املؤرخني فـقد أكد أن و )2(" .فال يؤخـذ إال ممن حتقق به, وإذا تقـرر هذا...املتحققني به عـلى الكمال والتمام

وهو الظاهر عند النظر ,ق هذه القاعدة يف مسريته العلمية وبدأ بنفسه يف ذلكال بد أنه قد طب . يف شيوخه الذين تتـلمـذ على أيـديهم

فـقد حتـققت أليب إسحاق الشاطيب استفادة كبرية من أعالم كانوا من خرية املــراكز .هم املقيم فيهاـومن, هلام العابر لغرناطة ومنهم الزائر ـمنه,العلمية باملغرب العريب يف عصره

:وميكن ذكر شيوخ الشــاطيب حسب املواد اليت استفاد ا منهم كاآلتــي :علوم اللغة والنحو والقراءات :أوال

سـيبويه "أبا عبد اهللا حممد بن عـلي بن الفـخار اإللـبريي يخه ـالزم الشاطيب ش - 1مع على إمامته يف فن العربية املفتوح عليه من اهللا تعـاىل فيهـا اإلمام ا" وهو ,) 3(" زمانه

وقد وصفه الشاطيب باألستاذ الكبـري العلم , )4( "حفظا واطالعا واضطالعا ونقال و توجيها

ها ولعل نزعة الشاطيب يف التنظري لطرق األخذ والتصنيف والتربية والتعليم قد تأثر في, 63ص , 1ج, املوافقات ) 1(واملثال على ذلك أنه ذكر يف كتابه اإلفادات واإلنشادات أربع فوائد عن شيخه الزواوي , بشيخه أبو علي الزواوي

. اآلبلي التلمساين , شيخ املنظرين يف ميدان التعليم ,ولعل الزواوي تأثر يف ذاك بأستاذه . يف هذا الباب . 70ص , 1املوافقـات جـ ) 2( . 383ص , 5جـ , نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب , حممد املقري أمحد بن) 3(اإلحاطـة يف أخبـار : وقد نسبها لكتـاب لسان الدين ابـن اخلطيـب . 355ص, 5جـ , نفسهاملرجع )4(

.اطةـغرن

Page 37: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

اليت تقع شــمال )1("إلبرية " وهو من مديـنة , ه عدة إنشادات وإفاداتوذكر ل, اخلطريالعربية عن إمام فنها أخذ فالشاطيب . غرناطة وهو من شيوخ الشاطيب املقيمني ب,غرب غرناطة

)3( .والزمـه إىل أن مــات, )2(بال مدافع أيب عبد اهللا الفخار اإللبريي, شيخه ابن الفخار ويظهر ذلك يف األلفاظ اليت حيليه ـا ويبدوا أن الشاطيب كان متأثرا ب

ـ ملا تويف شيخنا األستاذ الكبري العلم اخلطري أبو عبد" :ويعتد بعلمه وحكمته قال مد ـاهللا حماليت أنـا الفخار، سألت اهللا عز وجل أن يرينيه يف النوم فيوصيين بوصية أنتفع ا يف احلالة بن

اليت كان يسـكن عليها من طلب العلم، فلما منت تلك الليلة رأيت كأين داخل عليه يف داره )4(.." دـلى أحـع ترضـها، فقلت له يا سيدي أوصين، فقال يل ال تعـب

اإلمام الشريف أيب القاسم حممد بن أمحد بن حممد احلسيين السبيت كما تتلمذ على يد - 2وعنه , وهو من شيوخ الشاطيب الوافدين عليها, وقاض اجلماعة بغرناطة ,نية رئيس العلوم اللسا

.)5(.هـ760تويف بغرناطة سنة,توىل بعض دواوين ملوك بين األمحر,أخذ علوم اللغة واألدبأيب جعفرأمحــد بــن آدم عــن النحــوي علــوم اللســان أيضــا كمــا أخــذ-3

)7( . ب اللغة والنحوالذي درس بغرناطة أشهر كت) هـ756ت()6(الشقوريفلما اارت اخلالفة , هـ 92افتتحها املسلمون سنة , إلبرية قاعدة من قواعد اإلسبان وحاضرة من حواضرهم ) 1(

, وغلب اسم غرناطة على الوالية نفسها ,قاعدة الوالية , أصبحت غرناطة البلدة الصغرية اليت تقرب منها , األموية ) . 17ص , اية األندلس وتاريخ العرب املنتصرين , حممد عبد اهللا عنان( ,واحد فهما تقريبا امسني ملكان

-مكتبة الثقافة الدينيـة , 92ص, 1جـ , رفة من ليس يف الديباج ـكفاية احملتاج ملع, امحد بابا , التنبكيت )2( , الدكتور علي عمر : قيقـحت. م 2004:النشر سنة , األوىل: بعة طال, القاهرة

. 34ص , 1جـ, نيل االبتهاج , التنبكيت )3( . 34ص , فتاوى الشاطيب : نقال عن أيب األجفان يف كتابه , 98ص , اإلفادات واإلنشـادات ) 4( . 291ص و 290ص, و الديباج املذهب. وما بعدها 189ص 5جـ , نفح الطيب : ينظر يف ترمجته )5(مشك أحد ملـوك ـدينة باألندلس وا كانت دار إمارة هـم, واو الساكنة راء بفتح أوله وبعد ال : شقورة) 6(

الطبعة, بريوت -دار الفكر, 355ص , 3معجم البلدان جـ , ياقوت بن عبد اهللا احلموي(. تلك النواحي . )بدون : سنة النشر , بدون : نقل ذلك عن أيب عبد اهللا ااري , 34ص , أليب األجفان, و مقدمة فتاوى الشاطيب , 34ص, نيل االبتهاج) 7(الدرر الكامنة يف أعيا ن املائة : وينظر يف ترجـمته أيضا . (برنامج ااري , يف كتابه املوسوم , تلميذ الشاطيب ,

.) 239ص 1جـ , الثامنة البن حجر

Page 38: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

: علوم أصول الفقه وفروعـه :ثانيا :الشاطيب على يد مجاعة من فطاحل العـلماء مذـوم الفقه واألصول تتلـويف جمال عل نزيـل ) هـ 771ت( أيب علي منصور بن علي بن عبد اهللا الزواويفقد أخذ عن - 1

)1(" ه أخذ اإلمام أبو إسحاق الشاطيبوعـن: " قال صاحب البستان, ولد ببجاية ,تلمسان فقرأ بـني يديـه ,هـ مقرئا باملدرسة النصرية 753تتلمذ على يديه بعد قدومه األندلس سنة

الذي اعتمده أبو علي الزواوي لتـدريس , )2(املختصر األصويل املعروف مبختصر ابن احلاجب )3( .أصـول الفقه بعد جميئه لألندلس

)هـ771ت(حممد بن أمحد بن علي الشريف التلمساين ,اهللا دأيب عب عند ما درسـك- 2اإلمام الفذ فارس املعقـول ,مفتاح الوصول إىل بناء الفروع على األصول :صاحب كتاب

: " نقل ذلك ابن مرمي وقال ,كما وصفه ابن خلدون ,صاحب الفروع واألصول , واملنقول )4(" .واإلمام الشاطيب ...مجاعة منهم وأخذ عنه العلم

)5( اهللا حممد بـن أمحـد املـــقري دبـأبو علوم ـذه العـومن شيوخه يف ه -3 ه عـنـيعرف باملقري اجلد متييزا ل" قواعد الفقـه" صاحب السـفر اجلـليل , التلمساين

, امعيـة ديوان املطبوعـات اجل . 293ص , البستان يف ذكر العلماء واألولياء بتلمسان , ابن مرمي التلمساين ) 1(

. م : 1986سنة النشر , بدون : بعةطال, اجلزائر كان , ) هـ 646تويف سنة ( , مالكي , املعروف بابن احلاجب , مجال الدين , هو عثمان بن عمر بن أيب بكر )2(

: مجتـه ينظر يف تر.( منتهى السول , املختصر , تاجلامع بني األمها: له تصانيف كثرية من أمهها , فقيها أصوليا ) 189 ص , الديباج املذهب

هذا الرجـل صـاحبنا " وذكر فيه حتلية للسان الدين ابن اخلطيب له , وما بعدها 292ص , املرجع السابق ) 3( . 292ص " مثابر على تعلم العلم وتعليمه ..وحسن العهد والصون والطهارة والعفة , طرف يف اخلري والسالمة

كلما ألف تأليفا بعثه إليه وعرضه عليه وطلب منه وذكر أن لسان الدين ابن اخلطيب.166ص , املرجع السابق ) 4( 175.ص.وطلب منه بيان ما أشكل,وأن الشيخ ابن لب كلما أشكلت عليه مسألة كاتبه ا ,أن يكتب عليه خبطه

سكنها سـلفه مث , مال إفريقية قرية من قرى بالد الزاب من أع,بفتح امليم وقاف بعدها مشددة , نسبة إىل مقرة ) 5( . وهي اآلن من مدن والية املسيلة اجلزائرية .) 155ص , البستان .( وا ولد الفقيه املذكور , حتولوا إىل تلمسان

Page 39: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

رناطة سـفريا سـنة ـديه الشاطيب عندما جاء إىل غلمذ على يـتت, صاحب النفح حفيده وأخذ عنه مجاعة كاإلمام الشـاطيب وابـن اخلــطيب " لبعض ملوك بين مرين هـ 757

)1(.." السلماين وابن خلدون الشاطيب قد ألـف املقـري اإلمام ويبدوا أن,وصفه الشاطيب باملتفنن وأحسن األدب معه

حيث تغلب رواياته عـن , اطيب يف اإلفادات واإلنشادات وذلك ظاهر من خالل ما كتبه الش )2(.شيخه هذا على أجزاء واسعة من الكتاب

أبو سعيد بن فرج بن القاسم بن أمحد بن لب الـتغليب وممن أفاده كثريا يف هذا الباب -4 واألستاذ باملدرسـة ,مفيت غرناطة واملدرس جبامعها العامر وخطيبها ) هـ782ت ( الغرناطي

شيخ الشيوخ أبـو " : املواقفيه تلميذه من أكابر علماء املالكية باملغرب حىت قال ,صرية النوقل من مل يأخذ عنـه ")3(."راماحلالل واحلاالعتقاد والذي حنن على فتاويه يف ,بن لب سعيد

)4( .."فممن أخذ عنه الشاطيب, يف األندلس يف وقته

أو , كره إال وقد قرن امسه باألستاذ الكبري الشـهري وقره الشاطيب وأحسن األدب معه فال يذ )5(. أو أبقاه اهللا , أو أجله اهللا , أكرمه اهللا : دعا له فقال

رت بينهما خـالفات ـو ج, )6(فادة بالغة يف الفروع والنوازل ـاستفاد منه الشاطيب است

. 164ص , البستان , ابن مرمي التلمساين ) 1(وسند تلقيم عنه أيضا ينتهي إىل رسـول اهللا , سند مصافحة ينتهي إىل النيب صلى اهللا عليه وسلم وقد أخذ عنه) 2(

) 42ص , نقال عن مقدمة فتاوى الشاطيب , اإلفادات واإلنشادات ( . صلى اهللا عليه وسلم . 62جفان ص حملمد أيب األ, نقال عن مقدمة كتاب فتاوى الشاطيب . خمطوطة سنن املهتدين للمواق ) 3( .513ص , 5جـ , من غصن األندلس الرطيب نفح الطيب ) 4( , نقال عن الثابت واملتغري يف فكر اإلمام أيب إسحاق الشـاطيب , أليب إسحاق الشاطيب , اإلفادات واإلنشادات ) 5(

. 54ص , 53صوعقـب " يف الواقع إذا جاء مستفتيا ما كانوا يشددون على السائل : " ومن ذلك قوله له يف إحدى االس ) 6(

فارتفعت ظلمات تلك اإلشكاالت ,فلما كان بعد ذلك الس شرح اهللا بنور ذلك الكالم صدري :" الشاطيب بقوله نقال عن املرجع السابق ( ."هللا احلمد على ذلك ونسأله تعاىل أن جيزيه عنا خريا ومجيع معلمينا بفضله , دفعة واحدة

. ) 54ص ,

Page 40: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

)1(.ظاهرة يف بعض الفتاوىويعـرف , يكىن أبا العبـاس : أمحد بن قاسم بن عبد الرمحن اجلذامي الفاسيومنهم - 5

جتمع مع واستفاد وا دارسه اإلمام الشاطيب , له شرح مسائل ابن مجاعة يف البيوع , بالقباب )2(.وتوىل القضاء يف جبل طارق , ملا حـل بغرناطة سفريا منه . ة ـــــــعلوم احلديث رواي :ثالثا

:ومنهم , فقد قيـد اهللا تـعاىل للـشاطيب أفـذاذا أخذ عنهم, أما علم الـحديث )هـ780ت(التلمساين )3(مشس الدين أيب عبد اهللا حممد بن أمحد ابن مرزوق اخلطيب - 1

أخذ عن مجع كـثري من العلماء يف بــالد شـىت , هـ 710بتلمسان سنة كان مولده )4( .والتدريس قلده اخلطبةوسلطاا هفاجتذب, إىل األندلس رحل و

وموطـأ مالـك , مسع منه الشاطيب كتاب اجلامع الصحيح أليب عـبد اهللا البخاري " ما ك )5(." ما حيمل إجازة عامة بشرطها وأجازه ما وجبميع

وكان خراج بناء السـور يف بعـض : "ومن ذلك ما أورده صاحب النيل , فقد خالفه يف بعض ما ذهب إليه ) 1(

فسئل عنه إمام الوقت يف الفتيا باألندلس األستاذ الشـهري أبـو , مواضع األندلس يف زمانه موظفا على أهل املوضع نيـل ( ." وأفىت صاحب الترمجة بسوغه مستندا فيه إىل املصلحة املرسلة , ال جيوز وال يسوغ سعيد بن لب فأفىت أنه

.) 38 االبتهاج ص . 215ص , الديباج املذهب: ينظر يف ترمجته ) 2(بن اشتهر باخلطيب وباجلد متييزا له عن باقي املرازقة علماء األسرة الذين اشتهروا أيضا بألقاب أخرى متييزا هلم كا) 3(

البستان يف ذكر األوليـاء : ينظر ( .وابن مرزوق الكفيف وغريهم , وابن مرزوق حفيد احلفيد , مرزوق احلفيد .) 201وص , 184و ص , 52و ص, 27ص . والعلماء بتلمسان

. 309إىل ص 305ص , والديبـاج املذهب .93 ص , 5الدرر الكامنة جـ ) 4( . 37ص , نقال عن مقدمة فتاوى الشاطيب , 119ص , برنامج ااري ) 5(

Page 41: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

كمـا أن , والذي ميكن تأكيده هنا أن استفادة الشاطيب من هؤالء الشيوخ كانت بالغة انه وأصحابه فيحكي عنهم فوائد ويقر هلم بل كان يستفيد من أقر, استفادته مل تقتصر عليهم

. بالفضل مع بعض علماء عصره من خالل ,ولعل اإلمام الشاطيب استفاد أيضا من مدارساته العلمية

بـن خلـدون حـني عبد الرمحن وميكن أن أذكر أنه استفاد مــن, اللقاء أو املراسالت . ـه 765قشتالة سنة رناطة زائرا مث سفريا إىل ملكـعندما جاء إىل غ,لقيهفقد تكلم مـع كـثري مـن األئمـة يف ." كما أنه استفاد من مراسالته مع علماء عصره

أجلت عـن , وجرى له معهم أحباث ومراجعات ..من شيوخه وغريهم , مشكالت املسائل )1(.."ظهوره فيها وقوة عارضته وإمامته

ني بعلمهم أما طريقه الثـاين يف التحصـيل هذا يف جمال أخذه عن الشيوخ والعلماء املتحقق :فكان

: الـكـتـب و الـمـــصـنفـات –ب مطالعة كـتب املصنفني " وذكر منها ,بني الشاطيب رمحه اهللا تعاىل طـرق تلقي الـعلم )2(." ومدوين الدواوين وهو أيضا نافع يف بابه,

ب املتأخرين قال عنـه ـلى كتـحامل عقدين غري متـوقد اختار منها لنفسه كتب املت ـ ـوال ي, ب األقـدمنيـوكان ال يأخذ الفقه إال من كت:" )3(التنبكيت نظر ـرى ألحد أن ي

ديـثه عن التحصيل اجلـيد منـيف ح وذكر ذلك الشاطيب, )4("تأخرةـهذه الكتب امل يف

. 35وص 34ص , نيل االبتهاج ) 1( . 74ص , 1جـ , املوافقات) 2(, الفقيه العالمـة , ) هـ 1032تويف سنة (, املعروف ببابا , التنبكيت السوداين , هو أمحد بن أمحد بن أمحد ) 3(

الفكر , حممد احلجوي الثعاليب : يف ترمجته ينظر( . منها نيل االبتهاج بتطريز الديباج , مؤلفاته عديدة , املؤرخ .) 257 ص, 2جـ, السامي يف تاريخ الفقه االسالمي

. 39ص , نيل االبتهاج ) 4(

Page 42: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فإم أقعد بـه ,الشرط الثاين أن يتحرى كتب املتقدمني من أهل العلم املراد و :"فقالاملدونات )1(." من غريهم من املتأخرين

أما التجربة فما يشاهد من أن املتأخر ال , على املعروض عليه بالتجربة واخلرب)2(وقد احتج خـري :"رسـول اهللا وأما اخلرب فيحتج حبديث. دم ـيبلغ من الرسوخ يف علم ما بلغه املتق

) 3(". وم مث الذين يل, وم مث الذين يل , القرون قـرينك ال جندها من القوة حبيث يسلمان عن كل عارض واحلق أننا إذا وقفنا نتأمل دليليه يف ذل وأمـا , فقد جتد من املتأخرين صناديد يف شىت العلـوم , فأما األول فيشاهد العكس أحيانا,

يناقض مـا جـاء يف بل فهمها كــذلك, فاخلريية هنا ال تعين ترك علم املتأخرين , الثاين , اع يف ااالت اليت حتسن احلياة البشـرية والتجديد واإلبد, الشريعة من فتح أبواب اإلجتهاد

فهم أعلم به ملشـاهدته رأي العـني أو , واألمر مقصور على التوقيفي من الدين كالعبادات . علمه بوسائط قليلة

: اتــه ــــــــــــــوفــ -3 ثامن مـن شـعبان تويف يوم الثالثاء ال -رمحه اهللا –أكثر املؤرخني على أن اإلمام الشاطيب

)4(.هـ 790سنة . 74 ص, 1املوافقات جـ ) 1( . 75و ص , 74ص, 1جـ , املصدر نفسه ) 2(قرين مث :"قال ؟سئل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أي الناس خري: "البخاري يف صحيحه بلفظ أخرجه ) 3(

.6282: رقمحتت , أشهد باهللا ، أو شهدت باهللا إذا قال :باب , اإلميان : كتاب" الذين يلوممثالذين يلوم فضل الصحابة مث الذين يلوم مث : باب ,فضائل الصحابة رضي اهللا عنهم :كتاب ,يف صحيحه مسلم أخرجه و

. 2533 : حتت رقم . الذين يلوم . 55ص : مقدمة فتاوى الشاطيب و . 37ص ,نيل االبتهاج ) 4(

Page 43: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

:ه ــــــالـــــــأعــــم - 5 ومن كبار أئمة العلـم , دي القرن الثامن اهلجري إن أبا إسحاق الشاطيب يعترب أحد جمد

وعلى حتصيل مسائله , يقتصر على االنتفاع بالعلم " ومل يكـن له أن ,والفقه يف هذه املرحلة ـ ملياة الشاطيب ـخ حلولعل من أر,)1("دون السعي لبثه وتعميم نفعه وىل مـن ـ يذكر أنه ت

اجلمهور سوى اخلطابة واإلفتاء واإلمامة )2( ططخ. ومل يثنياه عن اجلهر مبواقفه الصرحية يف حماربـة , أما اخلطابة واإلمامة فقد توالمها الشاطيب

غري أن ذلك سبب له كثـرة , رغم أنه اشتهر دائما مبراعاة مبدأ التدرج , فات البدع واالحنراإال أنه مع ذلك مل يتنازل عن شيء من أفكاره قال رمحـه , التحامل واالنتقاد مث العزل عنهما

طط اجلمهور من اخلطابة واإلمامـة وكنت يف أثناء ذلك قد دخلت يف بعض خ: " اهللا تعاىل , دت االستقامة على الطريق وجدت نفسي غريبا يف مجهور أهـل الوقـت فلما أر, وحنومها

لكوودخلت على سننها األصـلية شـوائب مـن , طهم قد غلبت عليها العـوائد ـطن خفتردد ... فكيف يف زماننا هذا ؟, ومل يكن ذلك بدعا يف األزمنة املتقدمة , احملدثات والزوائد

فال بـد من حــصول حنو مـا , الفة ما ابتدع الناس النظر بني أن أتبع السنة على شرط خم )3(.." حصل ملخالفي العوائد

اهلالك يف إتبـاع " الشاطيب عرف أن الناس لن يغنوا عنه من اهللا شيئا فرأى أن اإلمام مث أن )4(." السنة هو النجاة

-فـقد روى , كان بسبب اجلهل واحلـقد والوشاية ,ولعل عزله من اإلمامة واخلـطابة الدعاء وإلـى إنكار فضل,مث إىل الرفض وبغض الصحابة ,أنه نسب إىل التشيع -رمحه اهللا

قات ـلة املوافـجم, ايل اإلجتهاد والتقليد ـاطيب من االحنراف يف جمـموقف اإلمام الش, حممد أبو األجفان )1( . جلزائر ا, املعهد الوطين العايل ألصول الدين , 1العدد , 232ص

واحلسبة , والقضاء , املراتب التنظيمية يف الدولة كاإلمامة على هو أن اخلطط تطلق: الفرق بني اخلطط واخلطط ) 2(, ابن منظور : ينظر ( .خطط الكوفة : يقال, والعمران يف املدينة أو الدولة , وأما اخلطط و فإا عبارة عن املباين ,

.) 76ص , خمتار الصحاح , و الرازي حممد بن أيب بكر , وما بعدها 287ص , 7جـ , لسان العرب . 18 و ص, 17 ص , االعتصام )3( . 18ص ,املصدر نفسه )4(

Page 44: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

)1(. اخل ..مـعاداة أولياء اهللا تعاىل مث إىل , وإىل التنطع والتزام احلرج يف الدين من أصـول الفتـوى , أما اإلفتاء فقد تصدى له حبزم موافقا ما عقده يف كتاب املوافقات

)2(. وشروطها وآدااوأن يفيت الصديق , ن أسباب االحنراف يف االجتهاد تساهل الناس يف الفتوى م و قد بني أن

) 3(.وقد توزعت فتاويه بني كتب الفتاوى والنوازل , س لصديقه بغري ما يفيت به النامتفاوتـة يف -فقد صدرت عنه رسـائل " , إضافة لتويل اإلمام الشاطيب لتلك اخلطط و

, وتوجيها علميا يف جمـال اإلجتـهاد والتقليـد ,تضمنت تعريفا بأحكام فقهية –حجمها وكانت هـذه , لبعض األحاديث النبوية وشرحا, وإرشادا دينيا يف ميدان اإلصالح والتجديد

كمـا أنـه )4(" وطريقة ناجعة من طرق االتصال باجلمهور, من أدوات التبليغ الرسائل أداة, إضـافة للمدرسـة النصـرية , رمحه اهللا تعاىل أسهم يف التدريس باملسجد اجلامع بغرناطة

:وممن يذكر من تالمذته , ه ذ التوجيه والعلم منـأخ عض من أىب إالـوالنصح والتوجيه لب يف وكذبوا علي: "عاءات كلها مث قال رمحه اهللا تعاىل بعد ذكر تلك اإلد. 19و ص 18ص , السابق املصدر )1(

. 19ص ." واحلمد هللا على كل حال , أو ومهوا , ذلك مجيع .)230إىل ص 201ص 4جـ , املوافقات ( , حتدث عن ذلك يف أجزاء واسعة من كتاب اإلجتهاد ) 2(" املعيار املعرب واجلامع املغرب عن فتاوى علماء إفريقية واألندلس واملغـرب : ولعل أهم مصادر فتاويه كتاب )3(

وقد تتبع األستاذ حممـد أبـو , حيث ضمن هذا الكتاب العديد من فتاويه .أليب العباس أمحد بن حيىي الونشريسي وتكمن أمهية .الذي ضم ستني فتوى , فتاوى الشاطيب : ادر ومجعها يف كتابهمن عدة مص, األجفان فتاوى الشاطيب

أا تلقي بعض األضواء على شخصية صاحبها وتـدل علـى " هذه الفتاوى إضافة للتعريف باألحكام الشرعية يف النصرية يف النصف وتشري إىل أوضاع اجتماعية واقتصادية باململكة الغرناطية , اجتاهه وموقفه من البدع اليت عاصرها

سـجال " ولعل أمهيتها ترجع أيضا إىل كوا . )12فتاوى اإلمام الشاطيب ص مقدمة (." الثاين من القرن الثامن يربز فيه منهجه الفقهـي يف , أو استفيت فيه , ناطقا بآراء الشاطيب التطبيقية فيما واجهه يف عصره ومن أهل عصره

.) 7مقدمة فتاوى الشاطيب ص , مصطفى أمحد الزرقاء (" تطبيق املبادئ واملقاصد الشرعية . 11ص , فتاوى اإلمام الشاطيب مقدمة كتاب , حممد أبو األجفان )4(

Page 45: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

, قاضي اجلماعـة , الغرناطي أبو بكر حممد بن حممد بن حممد بن عاصم األندلسي - صاحب التآليف واألراجيز املعروفـة ) هـ 829ت (احملقق املطالع , الفقيه األصويل احملدث

–. يع الوصول يف علم األصـول مه -. ت العقود واألحكام حتفة األحكام يف نك -: ومنها . )1(وله مؤلفات أخرى . ونيل املىن يف اختصار املوافقات

, قاضي اجلماعـة حيىي حممد بن حممد بن حممد بن عاصم الـغرناطي األندلسيأبو - )2(.هـ 813قضى شـهيدا يف جـهاد النصارى سنة , الوزير الكـاتب , احلافظ النظار

, وهو من التالميذ املقربني لدى شـيخه : أبو جعفر أمحد القصار األندلسي الغرناطي - بـبعض املسـائل عنـد ,اطيب كان يطالع هذا التلميذ النبيهالشأن , بعض الشيوخ وقد أفاد

مث يدوا يف كتابه شأن الفضـالء مـن ذوي , ويباحثه فيها " املوافقات " تـصنيفه لكتاب )3(." الفضل واإلنصاف

ت ( يأبو عبد اهللا حمـمد بن حممد بن علـي بن عبد الواحد اــاري األنــدلس - : " وقد ذكر أنه أخذ النحـو عنـه فقـال , لطلب العلمارحتل إىل املشرق , ) هـ 862

قـال , وأجاز يل إجازة عامة ....وحدثين ا , عرضت عليه ألفية ابن مالك عن ظهر قلب وعلى شرطه املعروف عنـد , يع ما رويته أو قيدته ـت له روايتها عين ومجـوأحب: رمحه اهللا

ومل جيز أحدا غريي . والتحريف والوهم , حيفـوبرئت إليه من اخلطأ والتص, أهل احلديث )4(" رمحه اهللا وجزاه أفضل اجلزاء ,وكتبها خبطه –فيما أعلم –ممن قرأ عليه إجازة عامة

. 289 نيل االبتهاج ص ) 1(خبط , وقد انتسخ أبو حيىي بن عاصم املوافقات . 67ص ,الثابت واملتغري يف فكر اإلمام أيب إسحاق الشاطيب ) 2(

, نقال عن حممـد املنـوين , 2/199هرس خمطوطات خزانة القرويني ـف( .ع مرات ـيده وقرأها على مؤلفها أربسنة , العدد األول , 121ص , جملة املوافقات , واستمرارية تأثريها يف مؤلفات العصر احلديث, موافقات الشاطيب

.اجلزائر -املعهد الوطين العايل ألصول الدين , م 1992 . 76 ص, نيل االبتهاج ) 3( . وما بعدها 68ص . نقال عن الثابت واملتغري , 116ص , برنامج ااري ) 4(

Page 46: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

لماء ـباقي ع قد انكب اإلمام الشاطيب على التأليف والتصنيف مثلـف, وإضافة إىل ذلك .جيله

: الـشاطيب اإلمـــام اتــــمـؤلف -6 : وعة ــــــاته املطبـــــمؤلف: أوال -

وألنه كتاب الشاطيب الوحيد الذي يعـرب عـن وجهـة : الــموافــقــات - عنـه لـت احلـديث أج, وألن غالب الدراسة متحورت حول ما ورد فيه , نظـره األصولية

.اـقريبومل يصل إلينـا هـذا , وهو كتاب يف البدع واحملدثات , نـــيف جزأي :االعتصام -

يبدوا أن الشاطيب مل يكمله ومل يتسع لـه و , بل ما وصلنا منه عشرة أبواب , الكتاب كامالب صدر اإلمام الشاطيب كـتا. ومراجعته ملا فيه من مسائل مكررة ومعادة , الوقت لتنقيحه

ن سـوء ف البدع و وبيوعر) 1( .."با وسيعود غريبا ـاإلسالم غري دأب" :االعتصام حبـديثـ , سم كم كل قوح, وأقسام البدعة , منقلب أهلها رسلة ـوالفرق بني البدعة واملصـاحل امل . واالستحسان

وملـا " :-ه اهللا رمح –أما دواعي تأليفه فقد ألفه ملا وقع اإلنكار عليه وام باالبتداع قال مل أزل أتتبع البدع اليت نبـه , مع ما هدى اهللا إليه وله احلمد , وقع علي من اإلنكار ما وقع

وأشار العلماء , وبني أا ضاللة وخــروج عن اجلادة , وحذر منها عليها رسول اهللا السنن اليت كادت وأحبث عن , أجتنبها فيما استطعت لعلي, إىل متييزها والتعريف جبملة منها

)2( ".د يوم القيامة فيمن أحياهاـعوأ, أجلوا بالعمل سناها ليـلع,تطفئ نورها تلك احملدثات

ر منها وبدأ سبيله حريصا ذـوح, البدع )3(" املصلح الديين واالجتماعي " فقد تتبع هذا . وإنه يأرز بني املسجدين, الم بدأ غريبا بيان أن اإلس: باب , اإلميان: كتاب , أخرجه مسلم يف صحيحه ) 1(

. 145: رقم حتت . 21ص , االعتصام ) 2(: سنة النشر ,األوىل :الطبعة , القاهرة -مكتبة اآلداب, 233ص , اددون يف اإلسالم , عبد املتعال الصعيدي )3(

.م 1955

Page 47: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

خصوصا بعـد رسوخ , ن وهذا أمـر ليس بالـهي, على العمل بالسنن اليت طمستها البدع )1(.واندراس رسوم السنة حىت مدت البدع أعناقها, العوائد يف القلوب

م تارة بالتخلفوأدى حرصه ذلك إىل أن ا , اهللا سب تارة أخرى إىل معاداة أوليـاء ون )2(.كر السلفيـوتارة أخرى إىل ما يطلق عليه بالف ,الصاحلني

وأوصـى بــه , وقد نبه رائد املدرسة اإلصالحية الشـيخ حمـمد عبده على الكتـاب .بعضها بتقدميه, تالمـيذه وقد طبع كتاب االعتصام أكثر من مرة

و تضـمن ,األدبية واألشعارمجع فيه الشاطيب الطـرف وامللح :اإلفادات واإلنشادات - .وقد طبع حمققا على يد األستاذ حممد أبو األجفان, ستني إنشادة وستني إفادة

: ـــة ـــــــــــوطـــــــه املخطـــــمؤلفات:ثانيا - ـ " ,يوع من صحيح البخاري ـرح لكتاب البـوهو ش: كتاب االس - ن ـفيـه م

تشرة ــوطات املنـنه يف مراكز املخطـومل يسمع ع )3( "مه إال اهللا ـات ما ال يعلالتحقيق )4(.واملكتبات األهلية

. 21ص , االعتصام ) 1(, أو ومهوا , يف مجيع ذلك وكذبوا علي:" سب إليهوقال يف ختام وصف ما ن. 19, 18ص , املصدر نفسه ) 2(

ام الشاطيب وبني أنواع كثرية من ــول األستاذ عبد اجلليل بادو الربط بني اإلموقد حا." واحلمد هللا على كل حال أنظـر . يال لـه ـهامجة البدعة سبــلفي الذي يتخذ من مــى بالفكر الســع إىل ما يسمـدين ترجـالت

ابـد الـدكتور حمــمد ع موقع. ربـاألثر الشاطيب يف الفكر السلفي باملغ: مراجعة كتاب ,سين ـإمساعيل احل www.aljabri.com :اجلابري

. 35ص , نيل االبتهاج )3(دهم شيئا ـفلم أجد عن,وطاتـوسألت عنه عددا من اخلرباء يف املخط,وقد حبثت":الريسوين أمحد قال األستاذ)4(

.) 96ص,نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب.(كما أتلف غريه من مؤلفاته,وطرح احتمال إتالفه من طرفه"عنه

Page 48: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

. شرح ألفية ابن مالك يف النحو - .عنوان االتفاق يف علم االشتقاق - )1(.وقد ذكر الشاطيب الكتابني األخريين يف شرح رجز ابن مالك. أصول النحو -

: اب الـموافـقـاتالتعريف بكــتـ - وقد انتقل ذا الكتاب " التعريف بأسرار التكليف " يف أربعة أجزاء وعنوانه كتاب املوافقات

د الشيوخ الذين أحلـهم ــعلى رؤيا رآها أح وذلك بناء, إىل تسمية أخرى هي املوافقات : وهو كتاب ينقسم إىل مخسة أقسام )2(. اإلفادةمن نفسه حمل

.قد بلغت ثالثة عشرة مقدمة, املقدمات العلمية احملتاج إليها يف متهيد املقصود يف:األول - كانت من خطـاب , يف األحكام وما يتعلق ا من تصورها واحلكم ا أو عليها : الثاين -

.الوضع أو من خطاب التكليف .وما يتعلق ا من أحكام , يف املقاصد الشرعية :الثالث - وعلـى , يف حصر األدلة الشرعية وبيان ما ينضاف إىل ذلك فيها على اجلملة :بع الرا -

.التفصيل وذكر مآخذها وعلى أي وجه حيكم ا على أفعال املكلفني وما يتعلق بذلك , واملتصفني بكل واحد منهما , يف أحكام االجتهاد والتقليد :اخلامس -

. والسؤال واجلواب, من التعارض والترجيح هذا وقد أجـاد الشـاطيب يف , كل قسم الكثري من الفصول و املسائل واألطراف و ضمن

فهـو ,وأبان فيه قدرة عالية على حسن البيان واإلقناع واملنـاظرة واحلجـاج , مباحثه العلميةـ , يدل على إمامته وبعد شأوه يف العلوم , جليل القدر جدا ال نظري له "كتاب ا علـم ـسيم

)3(." األصول

. 35ص, نيل االبتهاج ) 1( . 19ص , 1 ـاملوافقات ج) 2( . 35ص , نيل االبتهاج ) 3(

Page 49: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

وميكن تصنيف هذا الكتاب ضمن إطار أمشل من علم أصول الفقه وهو ما يسمى مبباحث والغريـب يف األمـر أن اسـم , وهو ما أكده الشاطيب نفسه يف هذا الكتاب , ة الفقهفلسف

كان أبلغ يف التـعبري عن مقصود الكتاب وحمتواه " التعريف بأسرار التكليف " الكتاب األول بل مل , مث االهتمام النوعي ذا الكتاب الذي مل يتناوله الفقهاء والعلماء إال يف هذا اإلطار. )1(

فغالب الدراسات حوله تتنـاول . د إال الرتر القليل من تناوله ضمن دائرة االستنباط الفقهيجنوأثر األعـراف والعوائد فيـه وبيـان , ودور املصلحة يف التشريع, فلسفة التشريع ومقاصده

.مقعدين مبا كتبه الشاطيب ومنوهني بذلك, أسباب االخـتالف وغريهالو عمد إيل تصنيف كتـاب املوافقـات : " رمضان البوطي يقول الدكتور حممد سعيد

ولو أين فعلت ذلك لكان هذا , ملا صنفته حتت اسم أصول الفقه , حتت املوضوع املناسب له فكتاب املوافقات ليس كتابا يف أصول , من قبيل تسمية الكل باسم اجلزء أي, من قبيل ااز

أما سائر البحوث واملسائل اليت يفيض ـا , ولكن بعض موضوعاته هو أصول الفقه, الفقه هذا الكـتاب فهي تدخل حتت فـلسفة التـشريع أو تــحت أسـرار التكليف كما قال

)2(."الشـاطيب عن كتابه و كما وصفه )3(.عندما يذكره, وبعضهم ال زال يرغب يف إطالق التسمية األوىل للكتاب

يف التقدمي الناجح الصاحل للقضية األم اليت حياول إبرازها يف , كي هذا نوعا من الفشل رأى األستاذ عبد ايد تر) 1( فبدال من أن حيتفظ بالعنوان األصلي ":وعقلية قطعية فقال , وهي قضية إقامة الفقه على كليات تشريعية , الكتاب

و يفضل عنوانا آخر هو املوافقات حاصرا ها هـ... التعريف بأسرار التكليف : اجليد والفصـيح بالتعبري وهو عنوان الشـاطيب ( " ومـذهب أيب حنيفـة , عـمله يف التوفيق بني مذهب مالك برواية تلـميذه املـباشر ابن القاسم

-م 1990صــيف / الســنة الثانيــة , 255ص ,الثــامن :العــدد , جملــة اإلجتــهاد , واالجتـهاد .)بريوت, ة دار االجتهاد لألحباث والترمج, هـ 1411/هـ1410

جملـة , وضوابطه عند اإلمام الشـاطيب , مشروعية اإليثار يف الشريعة اإلسالمية, حممد سعيد رمضان البوطي )2( . 1992سنة , األول : العدد , 151ص , املوافقات

وص , 08ص : ينظر على سـبيل املثـال , يف كتابه مقاصد الشريعة , منهم الشيخ حممد الطاهر بن عاشور ) 3( -الدار التونسية للنشـر . لإلمام حممد الطاهر ابن عاشور , من كتاب مقاصد الشريعة اإلسالمية . 65وص , 41

.بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , تونس

Page 50: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

أن أعتين باحلالة العامـة , وأنا أتناول بالدرس حياة اإلمام الشاطيب ا عليلقد كان لزام وأتناول حميطه وبيئته وجوانب من عصره على املستويات السياسية , اليت نشأ فيها هذا الرجل

حبيث أقدم صورة متكاملة عن اإلطار الذي ميكن أن يكون صنع بعض , واالجتماعية والثقافية وغالبـا مـا تكـون , فاإلنسان غالبا ما يكون وليد بيئته , ام الشاطيب مالمح شخصية اإلم

. الظروف احمليطة عامال أساسيا يف حتديد التوجهات واألفكار إن الزمن الذي عاش فيه الشاطيب ميثل مرحلة انتقالية بني فكر املوحدين وفكر خلفائهم يف

و سوف أفصل بعض مسـات هـذه ) تونس اجلزائر و, املغرب , األندلس ( األقطار األربعة منبـها , املرحلة اليت عاش فيها إمامنا الشاطيب على األصعدة السياسية واالجتماعية والثقافيـة

.بقدر اإلمكان على ما ميكن استخالصه من ذلك : ي ــــــياســــب الســانــــــــــــــاجل:أوال -

أو دولة بين األمحـر الـيت حكمـت , لدولة النصرية لقد عاش الشاطيب يف عهد قوة ا ال سيما قشتالة و أرغون ,غرناطة قرابة القرنني والنصف تصارعها الدويالت اإلسبانية الناشئة

ودولة املماليـك يف , واحلفصيون يف تونس , جياورها املرينيون يف فاس والزيانيون يف تلمسان رغـم أـا ,يف منتصف حقبة مزدهرة يف غرناطـة إذن لقد عاش الشاطيب )1(. الشام ومصر

:عرفت بعض االضطرابات السياسية لبست املظاهر التالية وكان وراءهـا التنـافس , اليت متثلت يف االغتياالت وخلع األمراء :مؤامرات القصر -

.الشديد على احلكم الذي كان يصل أحيانا للتحالف مع األعداء كانت إذ, من املرينيني وخصوصا الـتهديدات من النـصارى :خلارجية التهديدات ا -

فالرياح اليت, والبابوية األوروبية , من القالع األخرية يف مواجهة الصليبية االسبانية , غرناطة

. 95ص , جملة املوافقات , عصر اإلمام الشاطيب , عد اهللا ـــأبو القاسم س )1(

Page 51: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

, كانت ب يف هذه احلقبة على العامل اإلسالمي هي رياح خريفية تسـقط أوراق الشـجر ـ ـأما الري, وتنذر بقر الشتاء الرمادي رب املسـيحي فقـد ـاح اليت كانت ب على الغ

اك حضـارة غــاربة وهنـا ـهن, ضرار والضوء كـانت رياحا لواقح تبشر بالربيع واالخ )1(.حضارة بازغة

منهم الضعيف غـري اـرب , لقد شهدت غرناطة أصنافا من احلكام :ضعف احلكم - فتشهد البالد يف عهده اضطرابا وانزعاجا وارجـا وفـوت , الذي كانت تقصر مدة حكمه

الذي حكم غرناطة وهو ابن أحد , رانية ونذكر منهم حممد بن إمساعيل من أم نص, استقرار إن هذا املثال مع تعدده ال ينفـي . وقد اغتيل بعد تسعة سنوات من توليه العرش , عشر سنة

وجود احلاكم القوي احلكيم الذي طال حكمه واستقرت األحوال فيه كمحمد الغـين بـاهللا )2(.سنة 28الذي استمر حكمه

شتغل الناس بالعمل واإلنتاج ؛ وقد أثر هذا االستقرار على ويالحظ أنه ملا استقر احلكم ا يف العشرين سنة األخرية من حياته قبـل , اإلمام الشاطيب حيث تقدم يف عمله وإنتاجه العلمي

وهذا عائد إىل أن الشاطيب قد عاش هذه الفترة وهي عمـره العلمـي يف عصـر أيب , غريها وهي فترة اتسـمت ) ـ ه793/ ـه 755( باهللا احلجاج حممد عبد الغين املعروف بالغين

)3(.باالستقرار يف احلكم : اجلــانــــــب االجتماعي : ثانيا -

ممثال يف العمران والزخارف وبناء ,اتسمت غرناطة يف هذه الفترة باالزدهار احلضاري فة إىل التحـوالت إضـا ,و يف مظاهر مجال احلياة ـب ذلك ترف وهلوصاح, املستشفيات

نكر يفرب املسكرات وظهور ما يحىت فشا االختالط وش,االجتماعية اليت كانت تتم تدرجييا ,

. 101ص, املرجع السابق )1(فقد خصص جزءا كـبريا , وما بعدها 111ص ,وتاريخ العرب املنتصرين اية األندلس, حممد عبد اهللا عنان )2(

. نتقال غري السلمي هلا بني احلكام واال, للحديث عن تردي السلطة . وما بعدها 128ص , املرجع السابق ) 3(

Page 52: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

و باملقابل سلك البعض طرقا صوفية جنـاة بدينـهم أو , )1(الدين وبدأ يظهر تصعلك اتمع : إن هذه الصورة االجتماعية ميكن ذكر أسباب ثالثة هلا , )2(رائهم حماباة ألمإذ كلما سـقطت , الذي نتج عن اهلجرة إليها , اخلليط االجتماعي املكون للمملكة - 1

ال لكوا من القوة ما يكفي للثقة ا , إال وانتقل أهلها إىل غرناطة , قلعة من قالع األندلس لوال العامل اجلغرايف الذي جعلـها تبـدوا ,هار يف عدة مناسبات بل حىت هي كادت أن تن,

وبانفتاحها على املغرب , وسط ـوبالبحر األبيض املت, حمصنة إىل حد كبري باجلبال احمليطة ا .فيصلها املدد عند النداء , وإفريقية ان ناجتا عن والذي ك, عسر املعيشة الذي نال نصيبا مهما من فئات اتمع الغرناطي - 2

وناجتا عن ضيق املوارد بسبب هجرة , االقتطاع من ثروات الشعب لتمويل اإلعداد العسكري )3(.أهل البالد األخرى إليها

وذلك عـن طريـق , ممثلة يف اإلمارات ااورة : االحتكاك املباشر باحلضارة االسبانية - 3 . يني الغزو أو التبادل التجاري معهم أيام ضيق عيش الغرناط

كان لـه دور يف توجيـه ,والذي ميكن ذكره يف هذا الصدد أن هذا التصعلك االجتماعي فقد ألف لـذلك , ممثلة يف عـدة اهتمامات منها حماربة البدع ,الشاطيب حنو نزعة إصالحية

كما دارس وكانت لـه , وتوىل بعض خطط اجلمهور من اخلطابة واإلمامة , كتابه االعتصام .هلذا الغرض لمية مراسالت ع

وهذا بسبب , القا من تونس وفــاس وتلمسان ــانط, هجرة العلماء إىل غرناطة - 4

الثابت واملتغري يف فكـر كتاب نقال عن, 40و ص 39البن اخلطيب ص ,اللمحة البدرية يف الدولة النصرية ) 1( . 45الشاطيب ص أيب إسحاق اإلمام

.183االعتصام )2(جبواز توظيف بناء السور على أهل املوضع اعتمادا على املصلحة وتقديرا , من مظاهر ذلك ما أفىت به الشاطيب و )3(

هذا على املستوى الرمسي أما علـى مسـتوى ).187فتاوى الشاطيب ص : كتاب (.للظروف اليت متر ا البالد لكوم حمتاجني إىل النصارى يف مـأكوهلم , سبانفقد سئل عن جواز التعامل ببيع السالح إىل أعدائهم اإل, األفراد

.) 144فتاوى الشاطيب ص : كتاب(. وملبوسهم

Page 53: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

.م ناهلم من أمرائها بعد الوشاية ما أو, تقرار الذي عاشته هذه احلواضر اإلسالمية سالال : اجلانب الثقايف والفكري : ثـــالثـــا - غري أنه ميكن القـول , تأثري الوضع السياسي على التقدم الفكري والثقايف على الرغم من

أنه خالل هذه الفترة عرفت مملكة غرناطة ازدهارا علميا وثقافيا ممثال يف ازدهـار , باطمئنان أما أسـباب , )1(لي العلمـقات الدروس وكثرة العلماء وحاموحل, التأليف والتواصل العلمي

: ذلك فيمكن حصرها يف مايلي , على خالف سلفهم املوحدين والفاطميني , ختلي بنو األمحر على معاداة مذهب مالك - 1

.فتركوا بذلك احلرية للفقهاء دون تدخل يف شؤوم العلميةوكذلك يف إطار تبادل , وا بني العلم والسفارة أصبحت غرناطة مزارا للعلماء الذين مجع - 2

)2(.الزيارات باعتبارها املعرب بـني الشـمال واجلنـوب , مرور الكثري من العلماء على مملكة غرناطة - 3

.والشرق والغرب . وانتشار أسلوب املراسالت العلمية , سهولة تنقل الكتب - 4

ين أصبحوا بعد املوحدين هم مجال الدولـة بروز ظاهرة التنافس على رضى العلماء الذ - 5 . حماكاة لبين مرين وبين عبد الواد , ورموز عزها

ومن اجلدير أن نشري إىل أن هذا اجلو العلمي من األسباب الـيت دفــعت الشـاطيب إىل ـ فها, االستغناء عن فكرة الـهجرة , أليف ـهنا متاح له التحصيل العلمي والتــعليم والت

.بل ولقاء رفـاق من أقرانه , ومراسلة العلماء , لـفه ونشر ما أ .47الثابت واملتغري يف فكر اإلمام الشاطيب ص , جمدي حممد عاشور ) 1(بدون : الطبعة , تونس –الشركة التونسية للتوزيع , 79ص , أليس الصبح بقريب, حممد الطاهر ابن عاشور ) 2( .بدون : سنة النشر ,

Page 54: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

أما الذي ميكن أن نفرضه يف هذه الدراسة أن الشاطيب مل حيض بفرصة الوالية والقضـاء اتفـق لشـيوخ حيث ,لما رآه من حال زمانه والوزارة واحلظوة عند األمراء والقرب منهم

أن شرفوا بالقرب من األمراء مث القوا منـهم مـا القـوا إثـر -رمحه اهللا –اإلمام الشاطيب فمصاحبة الشاطيب هلؤالء وتتلمذه على أيديهم جعله يتعظ , وتبدل احلال والزمان , الوشايات

فهذا أبو عبد اهللا الشريف التلمساين فبعد أن استخلصه السلطان أبو عنان واختـاره . ويعترب وهذا شيخه ابـن )1(.ذ ودائعه وسخط عليه ونكبه وأقام يف اعتقاله شهراأخ, لسه العلمي

وانتهبت أمواله واعتقلت , وأمجع املأل على قتله وضيق عليه , قبض عليهمرزوق الذي أوذي و )2(.ومتادى به االعتقال والشدة إىل أن مشلته عوائد اهللا تعاىل , اعهير

بعد أن أضاع ماء وجهه مبدحه زعماء املماليك , ورأى ابن خلدون وهو قافل من الشام من الغين باهللا إىل , بن اخلطيبلسان الدين وال شك أنه أيضا عاصر هروب , ) )3موالتنويه

د قتل بعد أن ام بالزندقة ـوق, مث أدخل السجن يف فاس , هـ مكرها 773بين مرين سنة )4( . هـ 775سنة

. 165ص , البستان يف ذكر األولياء والعلماء بتلمسان , لمساين ابن مرمي الت) 1( .308ص , الديباج املذهب ) 2( . 995ص , 2نفح الطيب جـ, املقري ) 3( . 111وص , 110ص , 5جـ , املرجع نفسه ) 4(

Page 55: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

:مطـــــلــــبانوفيه -

Page 56: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

وكـان هلـا ,سامهت يف إنضاج فكر اإلمام الشاطيب , ميكن احلديث عن عدة عوامل فقد أكـد ,هذا التجديد الذي مل خيتلف فيه اثنان , األثر البالغ يف حتديد ظاهرة التجديد عنده

وذلك من خالل ما كان يرده من مسائل يستفتيه فيهـا , اإلمام الشاطيب على نبوغهمعاصروا ـ عن م)1(فقد سأله الشيخ الشهري أبو عبد اهللا احلفار,بعض علماء العصر سألة الزيـادة يف ــ

ت من علماء إفريقية واملغرب ومنها ما قاله كم أثر عنه تلقيه مراسال )2(.املرتب من بيت املال كتب إيل بعض شيوخ املغرب يف فصل يتضمن ما جيب على طالب اآلخـرة :" يف املوافقات

قـال , ومن خالل اعتراف بعض املستفتني له باملكانـة السـامية )3(" النظر فيه والشغل به )4("إلفادة ا فلكم الفضل يف ا, فبلغين عنكم أنه سائغ :" أحدهم يف خطاب له

فقيهـا ,كان أصوليا مفسـرا : " كما نوه به من ترجم له كصاحب النيل عندما قال فيه حباثا مـدققا جـدليا بارعـا يف ,زاهدا سنيا إماما مطلقا,نظارا ورعا صاحلا,لغويا بياناحمدثا )5(.." العلوم

مـل ذاتيـة وأخـرى وقد تضافرت عوامل عدة يف بلورة هذه الشخصية الفذة منها عوا : موضوعية

مث , فقد متيز اإلمام الشاطيب بصفات نفسية أكسبته التفوق والـنبوغ : صفاته النفسية -1

مث املرونة يف التعامل مع الظروف والبيئات فمما يوصف بـه , الصالبة يف مواجهة التحديات ص على اتباع السنة وجمانبة البدع واحلر, الورع التحري و الصالح والعفة والقدم الراسخ من

,نشأ بغرناطـة , فقيه حمدث صاحل , مالكي, الغرناطي الشهري باحلفار , هو حممد بن علي بن حممد األنصاري )1(, نقال عـن , 104ص, برنامج ااري , أبو عبد اهللا ااري .( وله فتاوى معروفة , وأخذ كثريا عن ابن لب

)167ص, فتاوى الشاطيب .وينظر فيه أيضا إجابته عن هذا السؤال , 167ص , 36الفتوى رقم ,املصدر السابق ) 2( . 97ص , 1جـ, املوافقات ) 3( . 161ص , فتاوى الشاطيب ) 4(

Page 57: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

. 33ص , نيل االبتهاج , التنبكيت ) 5(

ومنها أسلوب التدرج الذي اعتمده يف التعامـل , وفقه سنن األنفس واتمعات, )1(والشبهة )2("..فأخذت بذلك على حكم التدريج يف بعض األمور:"تغيري بعض اآلفات قال رمحه اهللا يفا ن هذوال شك أ )3(.."ليس كـل ما يعلم مما هو حـق يطلب نشره :" وقال يف املوافقات

.ومحل القضايا الفكرية واالجتماعية ألمته , أهله للربوز كله ومن الصفات اليت أهلته لطرح مشاريعه اإلصالحية رغم املعارضة القاسية اليت وصـفها يف فقد رأى أن ينجوا بإتباع السنة ولـو , أي الثبات على املوقف , املبدئية العالية, ما كتب جل

)4(.فالناس لن يغنوا عنه شيئا , كان يف ذلك اهلالك , ومن الصفات النفسية اليت ميكن ذكرها هنا هو تأدبه مع أهل العلم من شيوخه وغريهم

أو أدام اهللا , أبقاه اهللا , ويدعوا هلم كقوله , ذلك أنه كان يذكرهم وينعتهم بصفات اإلجالل هللا :" فيف يف الفتـوى ومسـتندها بعد أن أفاده يف مسألة التخ لبقال عن شيخه ابن ,أيامه

)5(" .تعاىل أن جيزيه عنا خريا ومجيع معلمينا بفضله احلمد على ذلك ونسألهحـالف اللــيايل " قد ـف, غالبة لصنوف التعب ـمهة عالـية م, كما ميلك مع هذا

)6(." واستبدل التعب بالراحة والسهر باملنام , واأليام وال أدل , وال شك أن هذا كان له بالغ األثر يف تكوينـه اجليـد :م منهجه يف طلب العل -2

وصـفات املعلمـني يف كتابـه ,عليه من تنظريه كثريا لطرق العلم والتعلم وشروط األخـذ فقد امتاز , أما منهجه فيأخذ ميزاته من الصفات النفسية اليت حتدثــنا عنها آنفا , املوافقات

.34 ص , املرجع نفسه ) 1( . 18ص , االعتصام ) 2( .155ص , 4جـ , املوافقات ) 3( . 18ص , االعتصام ) 4( . 54ص , نقال عن الثابت واملتغري يف فكر اإلمام الشاطيب , 153ص , اإلفادات واإلنشادات ) 5( . 20ص , 1جـ, املوافقات ) 6(

Page 58: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فقد كان يأخذ عن مجيع العلماء والشيوخ ممن التقى م وقد حـدثنا يف , بالشمولية منهجه مث إنـه مل , عن الكم الكثري من العلماء الذين تباحث معهـم تكتابه اإلفادات و واإلنشادا

مث اللغة , واألصول , ه والفق, فقد طلب احلديث , يقتصر يف هذا املنهج على علم دون علم , بل يروي لنا يف كثري من إفاداته عن تباحثه يف علوم ينصرف عنها كثري من النـاس , والنحو

.والفلسفة, واحلساب, والفلك , مثل الطب وهللا –وذلـك أين : " ينبه إىل هذه اخلاصية يف قولـه , وجنده يف أو لكتاب املوافقات , وشرعياته , أنظر يف عقلياته , ووجه شطر العلم طليب , هم عقلي مل أزل منذ فتق للف -احلمد

)1(."وال أفردت عن أنواعه نوعا دون آخر,مل اقتصر منه على علم دون علم ,وأصوله وفروعه مث , وال شك أن هذا كله أكسبه معرفة موسوعية أعطته القدرة على اإلتيـان باجلديـد

ل أسلوبه يف طرح موضوعات كتبـه ومـن خـالل القدرة على عرض هذا اجلديد من خال . االحتجاج هلا و إبطال غريها

, ليست العوامل الذاتية وحدها الكافية لتفتيق املواهب ما مل تتفاعل مع عوامل خارجية

:ومنها وصناعة فكره ,اإلمام الشاطيب نبوغ على إبراز , تمعة ـوقد عملت بعض العوامل جموهنـاك بيئـات دافعـة , ال شك أن هناك بيئات خاذلة مثبطة :طة العلمية بيئة غرنا - 1

ويف ذلك أكد الشافعي أن الليـث , وملا كان اإلنسان وليد بيئته فإا تنعكس عليه , منشطة من هنا فإن الشاطيب قد وجد يف غرناطة مرتع علم ,)2(أفقه من مالك ولكن قومه مل ينهضوا به

وا يقيم كل خطيب ووزير , ويدرس فيها كبار الشيوخ , كل مكان يفد إليها العلماء من, )3(.ويف غرناطة قالع كثرية للتدريس والعلم, وذلك شأن عهدته حواضر العامل اإلسالمي , . 16ص , االعتصام ) 1(للفكر اإلسالمي املعهد العاملي , جملة إسالمية املعرفة , 170ص, مقتطفات من مذكرات الشيخ , حممد الغزايل ) 2( . م 1997/هـ1417.السنة الثانية , العدد السابع , واشنطن , , ودرس فيه شيوخ كثر , اجلامع األعظم الذي تنتظم فيه دروس العلم , من أهم املؤسسات العلمية يف غرناطة )3(

أنظـر يف ذلـك .( غريهم اليت توىل التدريس ا خنبة من علماء األندلس كابن اخلطيب و, وأيضا املدرسة النصرية .) 29ص , فتاوى اإلمام الشاطيب

Page 59: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

ذكر أا أكثر من مثانني ألف خمطوط كلها أحرقتها ,إضافة إىل توفرها على ذخائر من الكتب . )1(حماكم التفتيش بعد سقوط األندلس

والنقـد ,الكتساب قدرة على املناظرة واحلجاج , إن هذا اجلو وفر فرصة لإلمام الشاطيب ممن هـم يف ,وهي عوامل يكتسبها الشخص من االجتماع إىل غريه من العلماء ,واالحتجاج

.مرتبته أو أرفع منه , على أكثر من صعيد فواقع احلياة يف بيئة الشاطيب قد متيز بالفساد :عه ـحتديات واق -2

وتعطل مسرية اإلجتـهاد , وخصوصا الديين والفقــهي ممثال يف انتشار البدع والضالالت .د اإلمام الشاطيب ذلك كله يف مؤلفاتهوقد قي, والتساهل يف الفتوى

األثر البالغ يف االسهام يف خدمـة املقاصـد ",وقد كان لظهور البدع يف العصر املذكور وإحياء إرادة العلماء واملفكرين للعمـل علـى , وذلك من خالل حتفيز اهلمم , اا وبناء كي

تنشيط حركة االجتهاد الشرعي الصحيح القائم على االختراع واالبـداع وفـق الضـوابط )2(." الشرعية املعلومة

خصوصا مع تكالب, ومن ناحية أخرى فقد كان اإلمام الشاطيب ينظر إىل ما حيدث ألمته .فهاهي قالع األندلس تسقط الواحدة تلوى األخرى, قوى االستعمار املسيحي عليها

من حيث أن ذلك شـكل رد , هذه الضارة اإلمام الشاطيب صالبة وقوة ت إذن فقد أكسب أغلب من نزعـوا , مشاة وقد نشأ يف ظروف, دافع لإلصالح والتوجيه والتغيري فعل قوي

أيضا و الشاطيب ,وغريهم )3(الشوكاينو ,وابن تيمية , ح والتغيري كابن خلدون مرتع اإلصال,دعوة غيور على هي أعماله إمنا وقد أكد يف كثري من كالمه أن, لد من رحم هاته األزمة و . وما بعدها 480ص, اية األندلس , حممد عبد اهللا عنان )1( ص , -خالل القرنني اخلامس و السـادس اهلجـريني –صد يف املذهب املالكي املقا, اخلادمي نور الدين خمتار ) 2(

. م 2002: سنة النشر , األوىل : الطبعة , الرياض –مكتبة الرشد , 150 كان أصوليا فقيها ) هـ1250تويف سنة( هو حممد بن علي بن حممد بن عبد اهللا الشوكاين الصنعاين اليماين،) 3(

الشيخ : ينظر يف ترمجته (.شرح منتقى األخبار إرشاد الفحول يف األصول، ونيل األوطار:ف أل,ومصلحا , حمدثا .)وما بعدها 144ص 3الفتح املبني يف طبقة األصوليني، ج : املراغي

Page 60: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

)1(.فعل على واقع احلالوأن ذلك رد , اإلسالم صلته الوثيقة واملتميـزة , إن من أهم ما يتميز به املذهب املالكي :طبيعة املذهب املالكي - 3

ميكن احلديث عن و, خالل حلقات متوالية , مبقاصد الشريعة اإلسالمية امتداد من بيئة املدينة , تركا مع غريه يف كثري من األدلـة وهي كثرة األدلة إذ يعترب املذهب املالكي مش , ميزة ثانية

, وأدىن إىل مصاحل الناس , أكثر مرونة وأقرب حيوية ",وهو ما جيعله , وزائدا عنهم بأخرى اليت يشـترك فيهـا , و بعبارة جامعة أقرب إىل الفطرة اإلنسانية , وما حيسون وما يشعرون

اجلماعي لسالسل ذهبية مـن جتعل منه املدرسة األم واملذهب" وهذه اخلصائص )2(."الناس )3(" .النظار واحلذاق يف األثر و الرأي

)4( "ئات اليت ساد فيها املذهب املالكي سيادة مطلقةـيف إحدى البي"وأما الشاطيب فقد نشأ واحلسن من خـالل احل والبحث عن الص, إىل التجديد واإلبداع به يدفع وهذا من شأنه أن

تفرد من خالهلا مبسامهات قيمـة , حيمل بذور قوة ا ما جعله وهذ, االستصالح واالستحسان . يف الشريعة و مقاصد ها

.25ص, االعتصام )1( .بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , القاهرة –دار الفكر العريب , 359ص , مالك , حممد أبو زهرة )2(جملة البحوث , 379ص , ن اجلديد من خالل أصوله وخصائصه آفاق املذهب املالكي يف القر, عز الدين حيىي ) 3(

.هـ 1425/ م 2004, السنة األوىل ,العدد األول ,جامعة اجلزائر -خمرب حبث الشريعة, والدراسات اإلسالمية . 57ص , نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب , أمحد الريسوين ) 4(

Page 61: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

* :

:باحث مثالثة وفيه -

Page 62: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

: ةــــتـــــــــوطــئ -

أحد املسالك املهمـة يف الدراسـات , يشكل مسلك استثمار مناهج األئمة والعلماء ومناهج النظر الشـرعي يف , إذ غالبا ما يقوم بالكشف عن طرق االستدالل عندهم ,الشرعية .مدونام

اصطباغ فكره األصويل , و الذي يالحظ عند الوقوف على حبث التنـزيل عند الشاطيب أو يبين فيـه تعريفـه , غري أنه ما ترك عقدا منتظم احللقات , وتلون ما ألفه به , ذا املفهوم

وتتبع حماوره يقتضي نوعا , لذلك فالبحث عن مفهوم التنـزيل , رؤيته بوضوح هلذا املفهوم حيدد هذا املفهوم عند اإلمـام , حىت خيرج الدارس باستخالص أمني , من االستقراء واحلصر

. و هو املتبع يف هذا الفصل, الشاطيب رمحه اهللا فما من مفهوم إال وقد ضـبطه علـى , ى التقعيد واملالحظ أيضا هو اعتماد الشاطيب عل

لنظمها , لذلك فاالعتماد يف هذا الفصل سيكون على استخالص تلك القواعد , شكل قاعدة .تكشف عن مفهوم الترتيل وحماوره عند اإلمام الشاطيب , يف مطالب تشكل ثالثة مباحث

Page 63: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

:وفيه ثالثة مطالب -

Page 64: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

نبغي فعله هنا إن أول ما ي ,هو تتعن طريـق , الشاطيب ع فكرة الترتيل عند اإلمام ب

ومن خالل ذلك االسـتقراء ميكـن , واملعاين اليت ضبطها الشاطيب , االستقراء لكل القواعد مل يعطي تعريفا واضـحا -رمحه اهللا –فاإلمام الشاطيب , استخالص رؤية الشاطيب للتنـزيل

ذا املعىن, ولكن كتاب املوافقات , ى به لضبط معاين التنـزيل تصد كمـا ورد يف , زاخر . أطراف من كتاب االعتصام

خيالف املعهـود مـن , لذلك فالتطرق ملفهوم التنـزيل عند الشاطيب يف هذا املبحث , وبتجميع زوايا النظر تلـك . بل مير عرب التطرق لنظرة الشاطيب هلذا املفهوم , رسم احلدود

ـ ظـوذلك ال يكون إال بالن, هوم ـيتأسس لدينا هذا املف تفرقة ملعـان ـر إىل جوانب عدة محىت يظن الناظر أن ذلك املعىن مأخوذ من جمموع تلـك , ولكن يشملها معىن واحد, خمتلفة . الذي اختذه الشاطيب منهجا يف النظر يف أحوال الشريعة ءىن االستقراـوهو مع, األفراد فاهيم على أسلوب التقعيـد ما يالحظ اعتماد اإلمام الشاطيب يف إبراز كثري من املـوم ,

, دون أن يضع القواعد مع ما فيها من اختصار ودقـة ,وقلما جنده يسترسل يف شرح مفهوم وعلى منواله يأخذ هذا املبحث شكل قواعد أوردها اإلمام الشاطيب مفرقة يف كثري من املسائل

بـل مت , بحـث ملولكن تلك القواعد لن تكون مفرقة يف هذا ا, والفصول حتت عناوين شىت يشكل زاوية من زوايا هذا املفهـوم عنـد اإلمـام كل مطلب , جتميعها على شكل مطالب

رمحـه –وهذه الفروع حتوي قواعـد تأسست انطالقا من جتميع كالم الشاطيب , الشاطيب .وأساس هذا التجميع هو خدمتها وتضافرها إلبراز معىن واحد , -اهللا

Page 65: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

ق جليا بني مراحل النظر الشرعي يف ريف –رمحه اهللا –الناظر يف املوافقات جيد أن الشاطيب

بذل اجلهد العقلي يف النصوص استثمارا لطاقـات الـنص يف ": فيجعل أول مرحلة , القضايا وال سيما إذا كان النص خفيا , وحتديدا ملراد الشرع منه , ه على معانيه وأحكامه كافة دالالت

)1(. " مث الترجيح مبا يغلب على الظن أنه املراد من النص , باالعتماد على األدلة والقرائن ويتضح هذا األمر جليا من خـالل القواعـد . الترتيل على الوقائع , وجيعل ثاين املراحل

:ا املوافقات هوأمه, اليت مت استخالصها واستنتاجها من مؤلفات الشاطيب , التاليةنظر يف تنزيـل -ب. نظر يف فهم أحكام الشارع -أ : النظر الشرعي له مرتبتان : القاعدة األوىل

.الشريعة على الواقع قصود مـن إنـزال د على أن املـام الشاطيب يؤكـفاإلم :قاعدة ـشرح معىن ال -:أوال

ـ , هو أن يتمثل الناس هديها , الشريعة هم جمـرد ـوهذا التمثل ال يكون مبجرد وقـوع فمن نظر زائد ممثل يف ترتيل الشريعة علـى أفعـال دـبل ال ب, لألحكام الشرعية يف الذهن

يف فهـم مثله مثل النظر األول, وهذا النظر الزائد ال يقوم إال على قواعد منهجية , املكلفني ا بأوىل من اآلخـر يف وليس أحدمه, لذلك فهما قسمان متمايزان وخمتلفان , أحكام الشريعة . منظومة التشريع

: تأسيس هذه القاعدة : ثانيا إحدامها راجعـة إىل -: كل دليل شرعي مبين على مقدمتني :" قال اإلمام الشاطيب -1

)2(." إىل نفس احلكم الشرعي واألخرى راجعة -.حتقيق مناط احلكم رب اخلمر ـمثال شـثل بمث راح مي,ويؤكد أيضا متايزمها ,فهو يؤكد هنا وجود مرحلتني

الشركة املتحـدة , 16ص , املناهج األصولية يف االجتهاد بالرأي يف التشريع االسالمي , حممد فتحي الدريين ) 1(

.م 1985/ هـ1405: النشر سنة, الثانية :الطبعة , دمشق –للتوزيع . 34وص , 33ص , 3جـ, املوافقـات ) 2(

Page 66: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

على وجه دف, تقدم ستفاد منه ما يفـال : " للمثال مبقدمة معرفية قال فيها عن املسكرات مه

ألن الشرائع ,ستعمل أو ال يستعمل حىت يكون حبيث يشار إىل املقصود منه لي,هيتم القضاء عليإمنا جاءت لتموس, وذكر املثال ) 1(."كم على الفاعلني من جهة ما هم فاعلون حقـسمثاله ي

:على القسمني املذكورين يف القاعدة الرئيسية )2(." إن كل مسكر حرام " وقد قال الشاطيب, مرحلة الفهم : املرحلة األوىل -

فإذا شرع املكلف يف تنـاول مخـر : " قال فيها, زيل ـوهي مرحلة التن :املرحلة الثانية - وهو معـىن , أهذا مخر و أن ال ؟ فال بد من النظر يف كونه مخرا أو غري مخر , قيل له , مثال

, فيقال له , قال نعم هذا مخر , ترب حتقيق املناط فإذا وجد فيه أمارة اخلمر أو حقيقتها بنظر مع )3(."مخر حرام االستعمال فيجتنبه لـك

طـع حـىت قأحدمها ال ميكن أن ين -:االجتهاد على ضربني : " قال اإلمام الشاطيب -2 ميكـن أن ينقطـع فبـل فنـاء : والثاين -.وذلك عند قيام الساعة , ينقطع أصل التكليف

وهو الذي ال خالف بني األمـة , و االجتهاد املتعلق بتحقيق املناط فأما األول فه. الــدنيا )4(... "لكن يبقى النظر يف تعيني حمله , ه الشرعيكردبت احلكم مبومعناه أن يث,على قبوله

ليس فقط ما يسـمى , النظر عن وجود قواعد أخرى للترتيل عند اإلمام الشاطيب وبغضيف اسـتنباط األحكـام لالجتـهاد له اجتهادا قائما بذاته وقسيما عجإال أن , تحقيق املناط ب

ت أن اإلمام الشاطيب ينظر لعملية الترتيل كشق لعملية الفهـم بثي, الشرعية و هو النوع الثاين هذا التغاير بأن مرحلـة لوعل. ب فهو دائما عند تقسيمه للنظر الشرعي يذكرمها جنبا إىل جن

حتتـاج وأن مرحلة ترتيل احلكم, يقوم على إثبات احلكم باملدارك الشرعية الفهم تعتمد فهما . التعريف السابق خالل وذلك ظاهر من , نظرا آخر يتعلق بتعيني احملل

. 34ص , 3جـ, املصدر السابق ) 1( .34ص, 3 جـ, املصدر نفسه ) 2( . 34ص, 3 جـ, املصدر نفسه ) 3( . 74وص , 73ص , 4جـ , املصدر نفسـه) 4(

Page 67: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

أحـدمها -:..احلقوق الواجبة على املكلف على ضـربني : " قال اإلمام الشاطيب - 3 )1(." واآلخر حقوق غري حمدودة -, حقوق حمدودة شرعا

–فأكد على أن االنسـان , مبا يفيد ما قرر يف القاعدة الرئيسية, عنهما وشرع يتحدث فالـواقع, إال بنظر زائد,غري أا ال تترتب يف ذمته , مطالب ا –يف احلقوق غري املقدرة

فقال. هو الذي يضبط أحكام هذا النوع من احلدود , والظرف والنظر الشرعي املراعي هلما , حبسبها من غري تعيني مقـدار فمعىن ذلك طلب رفع احلاجة يف كل واقعة: " رمحه اهللا تعاىل

نت حاجةفإذا تعي ت2(." ن مقدار ما حيتاج إليه فيها بالنظر ال بالنص بي( وإغاثـة , ورفع حاجـات احملتـاجني , اخلالت الصدقات املطلقة و وسد" ومن ذلك

ويدخل حتته سائر , واألمر باملعروف والنهي عن املنكر , واجلهاد, وإنقاذ الغرقى , امللهوفني )3(." الكفايات فروضأيضا أن وظاهر, ر مراحل احلكم ايدال على تغ" بالنظر ال بالنص " وظاهر على أن قوله

وحصـول , قيتبع تقدير حصول املقصد من تشريع تلـك احلقـو , النظر يف تطبيق احلكم مبقتضـى ذلـك , وسد خلتـه , فإذا تعني جائع فهو مأمور بإطعامه " , هاملصلحة من عدم

ما مل يفعل من ذلك ما هـو , فالطلب باق عليه , فإن أطعمه ماال يرفع عنه اجلوع , اإلطالق )4(." ودافع للحاجة اليت من أجلها أمر ابتداء , كاف مبعىن أن كل واحد يف األخـذ ,إن الرخصة إضافية ال أصلية : " قال اإلمام الشاطيب -4

)5(." ما مل حيد فيها حد شرعي, ا فقيه نفسه حمـددة ولكن يقع ترتيله على مشخصـات , فالرخصة حكم ثابت يف الشريعة اإلسالمية

يتقحستقل زائد عن النظر يف تلك ــوهذا نظر م, من مطابقـتها ملعىن الرخصة شرعي ق . 121ص , 1ـج, املصدر السابق ) 1( . 122ص , 1جـ , املصدر نفسه) 2( .122ص , 1جـ , املصدر نفسـه ) 3( . 122ص , 1جـ , املصدر نفسه ) 4( . 257ص , 1جـ , املصدر نفسه ) 5(

Page 68: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

وال حد حمـدود , يف التخفيفات ضابط خمصوص " عتربة ليس هلا وذلك كاملشقة امل. الرخصة

وحصـول , جتهاد يف التحقق من حصول هذا املعىن فتركت لال, )1(" د يف مجيع الناس ريط ى يفوكاملرض وكثري من الناس يق"املقصد الشرعي من أخذ بعض الناس ذا املعىن الختالفهم

)2(." ى عليه اآلخرومرضه ما ال يق

: االستنتاج املترتب على هذه القاعدة : ثالثا اعتبـاره مرحلـة مـن , زيل ـد الزوايا املشكلة لرؤية الشاطيب للتنأح أن يظهر, مما سبق

وهي النظـر إىل األحكـام ,ه قسيما للمرحلة األوىل بل وعــد, مراحل النظر يف الشريعة ألن به يتحقق إخراج املكلف عن داعيـة ةالشريع وة من تكاليفواعتربه الثمرة املرج, جمردة .هواه

هو جترد , الذي يصنع الفرق بني مرحلة فهم األحكام وتنزيلها على حماهلا يف الواقع : القاعدة الثانية . ص الثانية ـــخوتش,األوىل ون عامـا ـدما يكاطيب ينظر إىل احلكم عنــفاإلمام الش :شرح معىن القاعدة -:أوال وينظر إليه وقد حف, دا جمررجته عن جترده ته مالبسات أخ ,فأصبح مشخوبالتايل فالنظر , ا ص

بل إن تشخص احلكـم , تلك املعاين الزائدة امللحوظة يف الفعل املشخصبسبب , قد اختلف .هو الذي اقتضى هذا النظر

نائها جمموعـة الرئيسية املذكورة يتعاون على بوهذه القاعدة : تأسيس هذه القاعدة: ثانيا :من القواعد الفرعية املتفرقة يف كتاب املوافقات

املقصود من وضع األدلة تنـزيل أفـعال املكلفـني علـى :" قال اإلمام الشـاطيب -1 اعتبـار مـن جهـة : ال املكلفني هلا اعتبـارن ــإال أن أفع, وهذا ال نزاع فيه , حسبها )3(."واعتبار من جهة وقوعها يف اخلارج , ها معقوليت

258و ص , 257ص , 1جـ , املصدر السابق ) 1( . 258ص , 1جـ , املصدر نفسه ) 2( . 25ص , 3 جـ , املصدر نفسـه ) 3(

Page 69: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

ل املكلف عفف, دة عن األوصاف الزائدة عليها والالحقة هلارر األول فهو األفعال جمفاالعتبا غـري أو يعترب من جهة ماهيته بقيد االتصاف باألوصاف الزائدة الالحقة يف اخلارج الزمـة "

)1(." الزمة و وهو االعتبار اخلارجي بـأن ,ل بشري يقوم به االنسـان السرقة فع أن ؛ فمثال األول, واألمثلة على ذلك كثرية

وقد ظهر منه أن الفعل ارد هو فعل إنساين , من حرز هو حافظ له عادة , يأخذ ماال خفية السرقة املذكور اليت يقع أن هذه هو ؛ ومثال الثاين. ألن الشارع حكم على األفعال البشرية

بـل , عامة معه ال تبقى بشكلو يف وضعو, و حبال تقع من إنسان يف سن, فيها اإلنسان ن واالفتراق عن باقي احلاالت يدخلها التشخص والتعي.

-:اقتضاء األدلة لألحكام بالنسبة إىل حماهلا علـى وجهـني :" قال اإلمام الشاطيب -2 دا وهو الواقـع عـلى احملـل جمـر, أحدمها االقتضـاء األصلي قبـل طـروء العـوارض

وهو الواقع على احملل مع اعتبار التوابـع , االقتضاء التبعي : الثاين -.. ضافاتالتوابع واإلعن )2(." تواإلضافا

وهذه , حمل احلكم حماطا بتوابع ومالبسات , واإلمام الشاطيب يقصد ذا االقتضاء التبعي .زيل بعينهـوهو مفهوم التن, األخرية تنشأ ضرورة اعتبارها

وسـن , واإلجارة , كاحلكم بإباحة الصيد والبيع : " للنوع األول بقوله وميثل الشاطيب )3(" .وندب الصدقات غري الزكاة وما أشبه ذلك, النكاح

ووجوبـه , له يف النساء بكاحلكم بإباحة النكاح ملن ال إر: " وميثل للنوع الثاين بقوله 4 (.."للهو كراهية الصيد ملن قصد فيه او, العنت على من خشي(

. 26ص , 3 جـ , املصدر السابق ) 1( . 63ص , 3جـ , نفسه املصدر ) 2( . 63ص , 3جـ , املصدر نفسـه ) 3( . 63ص , 3جـ , املصدر نفسـه ) 4(

Page 70: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

فاحلاصل أن الشارع حكم على أفعـال املكلفـني مطلقـة و :" مام الشاطيبقال اإل -3

)1(." مقيدةوقتـل , وهو فعل املكلف جمـردا , هلذا بقتل املرتد )2(وقد قد مثل الشيخ عبد اهللا دراز

)3(.القاتل الذي احتفت به مالبسات وتشخيصات أخر : االستنتاج املترتب على هذه القاعدة: ثالثا

تبني اهتمام الشاطيب بالتنبيـه إىل خطـورة عـدم , السابقةمن خالل القواعد الفرعية إىل ما اقترن يف الفعـل أثنـاء وجـوده يف احملـل حمتفـا باعتبار أنه نظر, للترتيل لتفاتاال

.و تلك االضافات هي اليت تشكل االختالف يف األحكام , بـمالبساته

. ذن باختالف األحكام ؤاختالف حمال األحكام م : ة األوىل القاعد على اختالف مناطات –رمحه اهللا -اإلمام الشاطيب ب رت :شرح معىن القاعـدة -:أوال

وحتقق تلك املقاصد لـيس , ألن األحكام تابعة ملقاصد شرعية , األحكام اختالفا يف األحكام فتختلـف صـورة , ف احلـكم الذي نتوخى به املصـلحة فيختل, حاصال فـي كل واقعة . التطبيق من حالة ألخرى

نـة ذع لذلك يف كتاب املوافقات عديد القواعـد املؤ وقد وز : ذه القاعدةتأسيس ه: ثانيا بتبيه هلذه القاعدة الرئيسية ن:

مـن غـري , واجلزئيـة ختـتلف أحكامها بالكلية ,هااألفعال كل:"قال اإلمام الشاطيب -1 )4(."اتفاق

. 34ص , 3جـ , السابق املصدر )1(علـى كتاب علق , مصري من علماء العصر احلديث, هـ 1351هو عبد اهللا بن حممد بن دراز، تويف سنة ) 2(

.)173ص 3ج, الفتح املبني يف طبقات األصوليني ، الشيخ املراغي : نظر ترمجته يف ( , املوافقات )هامش الكتاب . ( 34ص , 3جـ ,املوافقات ) 3( . 105ص , 1جـ, نفســـه املصدر ) 4(

Page 71: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

وهي تعبر عـن تغـري , تأخذ حجما كبريا ضمن مسائل كتاب األحكام , وهذه القاعدة ذلك أن الفعل إما أن يكـون يف حالـة الكليـة أو , ذا تغير حال الفعل احملكوم عليه احلكم إ :واحلكم عليه يتغري كاآليت .اجلزئية

اح يكـون مباحـا ـفاملب, إن اإلباحة حبسب الكلية واجلزئية يتـجاذا األحكام البواقي -على ,زء منهيا عنه بالكل ومباحا باجل, من جهة الندب أو الوجوب , مطلوبا بالكل , باجلزء

.جهة الكراهة أو املنع .الفعل املندوب باجلزء واجب بالكل - .الفعل املكروه باجلزء ممنوع بالكل - ) .يف التقسيم إىل واجب وفرض , على رأي األحناف( الواجب باجلزء فرض بالكل - .أشد إجيابا بالكل , الواجب باجلزء - )1(.شد منعا بالكل أ, املمنوعات باجلزء -

وإن عدت يف " فتلك األحكام , فهو االختالف يف احلال , أما الفرق بني الكلية واجلزئية بل خيتلف , فال تكون كذلك يف أحوال أخر , أو يف حالة ما , احلكم يف مرتبة واحدة وقتا ما

)2(."احلكم فيها بعد اسـتقراء , حيث الكلية واجلزئية وقد استخلص الشاطيب قاعدة اختالف األفعال من

ملن استقرأ الشريعة يف , بل هي يف اعتبار الشريعة بالغة مبلغ القطع : " فقال , أحكام الشريعة )3(."مواردها ومصادرها

: " –رمحـه اهللا –فقـال , تطبيقا للقاعدة السـابقة –وضرب الشاطيب بعض األمثلة واللعب املبـاح باحلمام أو غريها , والغناء املباح , اع تغريد احلمام ومس, كالترته يف البساتني

فإن فعـل دائمـا , فال حرج فيه , أو يف حالة ما , فإذا فعل يوما ما , فمثل هذا مباح باجلزء )4(."كان مكروها

, يف كتاب األحكام مستنبطة من خالل ما كتبه الشاطيب عن الكلية واجلزئية ةهذه القواعد يف األحكام اخلمس) 1( . 110إىل ص 100، ص 1 جـ ,املوافقات .املسألة الثانية

. 105ص , 1جـ, املصدر نفسه ) 2( . 107ص, 1جـ, املصدر نفسه ) 3( .102ص , 1 جـ, املصدر نفسه ) 4(

Page 72: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

دون التــطرق إىل –رمحـه اهللا –غـادر باب الـكلية واجلـزئية عند الشـاطيب ال نو .أحسن زقور للشاطيب يف هذه املسألة الدكتور)1(مناقشة

ل املباح واجبا أو مندوبا جعب, قد رفض األستاذ مقالة الشاطيب يف جعل األحكام متساوية ف ل املكروه حراما وجع ,وغريها مما ذكره الشاطيب , اجبا ل املندوب ووجع ,ل ما وقـع وجع

من قبيل زلة العامل اليت هلا من االنعكاسات اخلطرية علـى فهـم –رمحه اهللا –فيه الشاطيب )2( .وعلى إمكان الوصول إىل احلق فيها واستنباط أحكامها , الشريعة

.لى براهني وحماذير وقد تأسست مآخذ األستاذ أحسن زقور ملقالة اإلمام الشاطيب ع فقد حاول إثبات عدم صواب كالم الشاطيب باالرتكاز علـى الربهـان , أما الرباهني

ـ صلى اهللا عليه وسـلم فإثبات كالم الشاطيب يستلزم أن النيب, باخللف ل باألحكـام ـقـد أخوبالتـايل كـان , قريرية السنن التلكثري من صلى اهللا عليه وسلمألنه قد ثبت لنا تركه , الشرعية

من الوقـوع يف صلى اهللا عليه وسلمواهللا سبحانه تعاىل مل يعصم نبيه , تاركا لكثري من الواجبات إذا سلمنا بقول اإلمام الشاطيب استلزم أن الـنيب : " ذلك اإلخالل قال األستاذ أحسن زقور

صـلى اهللا عليـه إذ ثبت يقينا أن النيب , ة وهو السنن التقريريقد ترك واجبا بالكل صلى اهللا عليه وسلم

.وهذا حمـال ,وهو مصر على تركها صلى اهللا عليه وسلمومات , قد تركها مجيعا ومل يفعلها وسلممـن صلى اهللا عليه وسلمنبيه كذلك فاهللا تعاىل مل يعصم -رمحه اهللا –سلمنا بكالم الشاطيب وإذا

ألن اهللا تعاىل عاصم , فاستلزم البطالن , -ا باستحالتها نماليت حك - الوقوع يف هذه املعصية )3(" .وألنه ال ينطق عن اهلوى , نبيه دائما

هنا ذكره عند احلديث عن بـاقي تفاصـيل األحكـام –حفظه اهللا –وما ذكره األستاذ .األخرى اليت ختتلف من حيث الكلية واجلزئية

أستاذ الفقه واألصول بكلية احلضارة اإلسالمية , من حماضرات الدكتور أحسن زقور هذه املناقشة نقلتها بأمانة) 1(, ومن خالل احملاورات اجلانبيـة , من خالل املرحلة النظرية من حتضري املاجستري , والعلوم اإلنسانية جبامعة وهران

. د دور املقاصد يف ضبط عملية اإلجتها:ومن خالل مقال لألستاذ غري منشور بعنوان .من املقال املذكور 05ص )2( .من املقال املذكور 06ص )3(

Page 73: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

الربهان باخللف استعمله األستاذ أيضا وهو يؤكد على أن مقالة الشاطيب تستلزم خلـال يف املسـيء صلى اهللا عليه وسلمفلم يعلم النيب , ألدائه صلى اهللا عليه وسلمذي تصدى النيب البالغ املبني ال

وكذلك حديث األعرايب ثـائر الـرأس . وعلمه فقط الواجب فيها , صالته النوافل يف صالتهده بالفالح رغـم أنـه عوو,ن لـــه الواجبات دون النوافل والذي بيالقادم من نـجـد

. ه لن يتطوع أبدام أنسأقهي مخـس " : ومن ذلك أيضا أن اهللا تعاىل قال يف احلديث القدسي عن الصالة املفروضة

وهي مخسون ال يبدل القول لدفقد جزم اهللا تعاىل بأن ال تبديل لعدد الصالة الواجبـة )1( " ي ,م إبطال قول اهللا تعاىل وهو يستلز, فكيف يقول الشاطيب بأن املندوب واملباح قد يكون واجبا

.وهو حمال , السابق د ــوقد رد األستاذ على ما احتج به الشاطيب من قول الغزايل بـأن املداومة على املباح ق

كيف يبيح اهللا تعاىل املباح " :فقال ,واملداومة على الصغرية قد تصيرها كبرية , جتعله صغرية قل مـن حـرم {: وقد توعد اهللا تعاىل يف قوله عز وجل )2(" .لعباده مث يعدها هلم صغرية

ـل هي للذين آمنوا في الحـزينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ق ياة ـ ةاميالق موة يصالا خينق, الدل اتل اآليفصن كون كذللمعم يفكيـف يتوعـد اهللا )3(}و

.مث يعدها ملن متتع ا صغرية , م املباحات من حير تعاىلوغريها من الرباهني اليت حاول من خالهلا األستاذ التنبيه إىل عدم قدرة الشاطيب على ضبط

قهـا قـول ليط قد يب من احملاذير اليت ميكن أن –حفظه اهللا –ولعل األستاذ , هذه املسألة . يف مسألة الكلية واجلزئيةالشاطيب

الصحيحة ملن رؤيتهم غـري –رمحه اهللا –وتلك احملاذير تتلخص يف أن رؤية الشاطيبفتصـري , صحيحة تفتح الباب للتسوية يف عموم األمة وعوامها بني املنـدوبات والواجبـات

. على ترك الواجب املؤاخذة على املندوب مؤاخذة حتت رقم, ..كيف فرضت الصلوات يف اإلسراء: باب, الصالة : ابـكت, حيحه ـالبخاري يف صأخرجه )1(اإلسراء برسول اهللا صـلى اهللا عليـه وسـلم إىل : باب, اإلميان: كتاب, وأخرجه مسلم يف صحيحه . 342:

. 162: حتت رقم, وفرض الصلوات , السماوات .مقال غري منشور 08: ص , دور املقاصد يف ضبط عملية االجتهاد , الدكتور أحسن زقور) 2( . 32: اآلية رقم , األعراف سورة ) 3(

Page 74: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

ح باجلزء يصري منـدوبا وما تقدم من أمر املبا" فمبدأ الكلية واجلزئية يف األحكام الشرعية وأن املندوب باجلزء يصـري , كما يصري مكروها بالكل وحراما بالكل , بالكل وواجبا بالكل

كل هذه األمور واإلدعاءات من الشاطيب,وأن املكروه باجلزء يصري حمرما بالكل , واجبا بالكلوعند الصوفية من أن , رأة وجسارة عند من جاء بعدهقد جعل ج:

.فرتبوا العقاب على تارك املندوب , ندوب إليه واجب امل - .املكروه حمرم ورتبوا العقاب على فاعل املكروه -

وقـد , وإىل اهللا تبارك وتعاىل كما بينا فيما سبق يف حينـه صلى اهللا عليه وسـلم فأساءوا إىل النيب )1(" .أثبتنا خطأ هذا االدعاء وخطورة هذه اجلسارة

: على املسألة ليقتع - ر عـن فكـرة ليعب, الشاطيب قد تصدى ملسألة الكلية واجلزئية يف األحكام امـإن اإلم

عميقة أسـ ـوه, ت لفكر الترتيل عنده س تالف ـي تغير األحكام الشرعية انطالقا مـن اختـتغري عنـده ذي ثبت أنـه ـاية أكرب ذا الترتيل الـاألمر الذي يتطلب عن, وقائع ترتيلها

.األحكام الشرعية عقل أن يكون املنـدوب منـدوبا والرباهني اليت ذكرها األستاذ أحسن زقور صائبة فال ي

واحملاذير اليت ذكرها أيضـا . مثله مثل باقي األحكام التكليفية , صري واجبا ـتهض أن يـوينـت على التفكري السليم الذي يضع األممهمة إذ جنا ور يف نصا ,وهـو , ر املسميات ييبتغ

تركه بعض املنـدوبات أو ـكان ل يق أيـويزيد جرأة غريهم يف تفس, ر على العوام أمر يؤث . ات أو املداومة عليها ـاملباح :ند إرجاع املسألة إىل سياقها العلمي جندها تتضح بالنظر إىل ما يلي ـوع فية عند الشاطيبمعنى الكلية واجلزئية يف األحكام التكلي :

بل , راما يف نفس الوقت ــأو مكروها وح, ال يكـون احلكم الشرعي مباحا وواجبا

. مقال غري منشور , 11ص , دور املقاصد يف ضبط عملية االجتهاد , أحسن زقور . د) 1(

Page 75: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

وبالتايل ال إشـكال ما دام كان توقيعهمـا علـى منـاطني , باختالفهما يف الكلية واجلزئية وظـرف , إمنا هو اختالف صفة الفعل , ومقصود الشاطيب من قوله الكلية واجلزئية , خمتلفني

وهذا جدول مربز ألهم االختالفات بيـن,صدوره واختالف األشخاص واألحوال واملكلفني :الكلية واجلزئية يظهر فيه مقصود الشاطيب

الـكلية اجلـزئية .الترك مجلة .الترك يف بعض األوقات

.املداومة على الفعل .الفعل يوما ما أو يف حالة ما .ترك الناس كلهم للفعل .ترك أحد أو اثنني أو مجع صغري

سد الشاطيب– للمحاذير املذكورة –رمحه ا : , ع اجلسارة يف اخللط بني األحكـام الشـرعية إن اإلمام الشاطيب ميكن أن يكون قد توق

وذكـر أدلـة , على أن من مقاصد الشريعة عدم التسوية بني املندوب والواجب دأك لذلكمجموع هذه األدلة نقطع بأن التفريق بني الواجب واملنـدوب إذا اسـتوى فب: " كثرية وقال كما يقطع بالقصد , ومطلوب من كل من يقتدى به قطعا , لفعالن مقصود شرعا القوالن أو ا

)1( . "إىل الفرق بينهما اعتقادا جهة نظر الصـوفية يف التسـوية بـني املنـدوب ذلك حتدث اإلمام الشاطيب عن وـوك

لتسوية عنـد مث إن هذه ا, وانتقده ملا له من حماذير كثرية , وبني املكروه واحلرام, والواجب ومن, همأرباب األحوال من هارى عليـإمنا ج, ح للعوام تتمل الصوفية بني األحكام الشرعية

وأخذ باحلزم والعزم يف سلوك طريق اآلخـرة , طالب الدنيا مجلة ـح مرحذا حذوهم ممن اط,2(. ريهم من العوام احتياطا يف الدين ـعن غ اوقد كانوا مع ذلك يكتمو(

جيدر التنبيه على أن املسألة تستحق أكثر من هذا اإلهتمام باعتبارهـا , وبعد هذا التعليق مث هي من صلب ما يعبر عن نزعـة الشـاطيب , ذات شق مهم يف دراسة األحكام الشرعية

.اليت حاول من خالهلا التأسيس ملنهج ترتيل األحكام الشرعية , الترتيلية . 274ص , 3جـ ,املوفقات ) 1( . 199ص , 3جـ , املصدر نفسه ) 2(

Page 76: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

وإن كان من علم , ليس كل ما يعلم مما هو حق يطلب نشره : " قال اإلمام الشاطيب -2 فمنه مطلوب النشر وهو غالب علـم , ل ذلك ينقسم ب ,ومما يفيد علما باألحكام , الشريعة أو ال يطلب نشره بالنسبة إىل حال أو وقـت أو , ومنه ما ال يطلب نشره بإطالق , الشريعة )1(."شخص

االنتباه إىل معىن االختالف يف األحكام الذي يترتب مليت, وقد أصل الشاطيب هذه القاعدة :قـال " رضـي اهللا عنـه معاذ وأتى مبا يناسب هذه القاعدة من حديث , ل االختالف يف احملا عن

حق اهللا ما يا معاذ هل تدري : فقال ,على محار يقال له عفري صلى اهللا عليه وسلمكنت ردف النيب فإن حق اهللا على العباد : قال. اهللا ورسوله أعلم :قلت ؟ وما حق العباد على اهللا, على عباده

فقلت . وحق العباد على اهللا أن ال يعذب من ال يشرك به شيئا, يشركوا به شيئا أن يعبدوه وال )2(." ال تبشرهم فيتكلوا: قال , أفال أبشر به الناس يا رسول اهللا :

:االستنتاج املترتب على هذه القاعدة : ثالثا اآليل لألحكـام ال نبه إىل وجوب إدراك أن الترتيل –رمحه اهللا –يتينب مما سبق أن الشاطيب

لذلك فاألحكام الشـرعية , باعتبار الفرق الذي يصنعه حمل احلكم , يؤدي إىل ما يتوخى منه ت قواعدها فهما طبمهما ض ,ومسمإىل النظر الترتيلي مبراعـاة مناطـات ةمفتقر, ها نظرا يات

. األحكام وحمالها ال بد من فهمـه ,وهو متشعب ,ان تنزيل األحكام الشرعية الواقع ركن من أرك :القاعدة الثانية

.بدقة :شرح معىن القاعدة -:أوال

ترتيل األحكـام عليهـا وتوجيههـا يقصد األفعال اإلنسانية اليت إن املقصود بالواقع عادة يف جماالا جري عليه حياة الناس،ـما ت" فقـط بل األفعال اإلنسانيةوليس الواقع . قتضاهامب . 155ص , 4جـ , صدر السابق امل) 1(حتـت ,الدليل على أن من مات على التوحيد دخل اجلنة قطعـا :باب,إلميانا:كتاب,أخرجه مسلم يف صحيحه)2(

. 30:رقم

Page 77: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

اط يف املعيشة وما تستقر عليه من عادات وتقاليد وأعراف، وما يستجد فيهـا املختلفة، من أمن )1(." من نوازل وأحداث

كل ما يكون حياة الناس يف مجيع اـاالت، بكـل مظاهرهـا وظواهرهـا : فالواقع إذن توهذا الواقع غـالبا ما يكون متشعبا أي مـختلف التفاصيل واجلزئيا .وأعراضها وطوارئها

وإمنا تقع معينة , أن األفعال ال تقع يف الوجود مطلقة " ذلك , متداخل األحداث واملالبسات هو جزء من ترتيل األحكام الشرعية بشكل سـديد , لذلك ففهمه بدقة بالغة )2(."صةمشخ . عليه : تأسيس هذه القاعدة : ثانيا

وركن أساسي يف , لغة باعتبار أنه عنصر جوهري لقد أوىل اإلمام الشاطيب للواقع أمهية با وإال ظلـت , حيث ال يعقل هذا الترتيل إال بوجود وقـائع , عملية ترتيل األحكام الشرعية

.األحكام الشرعية حبيسة األذهان إن الشرائع إمنا جاءت لتحكم على الفاعلني من جهة ما هـم : " قال اإلمام الشاطيب - 1 )3(." فاعلون

بل هو عمل سلوكي أو قويل يف وسـط قـد يكـون , وفعل اإلنسان ليس عملية ذهنية وهذا ما جيعل الشريعة حاكمة عليه من خالل هذه املتغريات الـيت , اجتماعيا أو أوساط دونه

.حدث فيها الفعل ال بد فيهـا مـن , فهذه املواضع وأشباهها مما يقتضي تعيني املناط:" قال اإلمام الشاطيب - 2

فيصـح , فأما إن مل يكن ثـم تعيــني . أخذ الدليل على وفق الواقع بالنسبة إىل كل نازلة )4(."أخذه على وفق الواقع مفروض الوقوع

نبه إىل ضرورة مراعاة الواقع عند اجلواب على املسائل الشرعية -رمحه اهللا–فاإلمام الشاطيب . 111ص , 2جـ , ترتيال فقه التدين فهما و, عبد ايد النجار) 1( . 76ص, 4جـ , املوافقات ) 2( . 34ص , 3جـ , املصدر نفسه ) 3( . 67ص , 3جـ , املصدر نفسه ) 4(

Page 78: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

وأمـا , فت لصاحبها مبالبسـات اليت حة صوهي النوازل املشخ, اليت تعين هلا مناط خاص فيجيب مبقتضى تلك , اعتبار الواقع املتشخص هو األصل فعدم, املسائل اليت مل يتعني مناطها

تـدل على " الواقع املفروض الوقوع " وتعبريه بعبارة . الصورة وهي واقعة على أفعال البشر :أن الواقع عنده قسمان

مع العلم الدقيق مـن طـرف ,وضابطه وقوع متعني للنوازل :واقع معروف املالبسات - . العامل أو اتهد مبالبسات التعني

ولكن جهل العالم بـذلك , ضابطه وقوع احلوادث متعينة :واقع غري معروف املالبسات - .جعلته يرتل احلكم الشرعي على املستوى العام من مستويات الواقع , التعني وأحواله

بأمثلة من فتاوى الشاطيب اليت أجاب عـن ـا عـن يستعان . زيد اإليضاح والتمثيل ومل :تساؤالت أهل عصره

الذي ال بد مـن , الواقع املتعني :النوع األول من أنواع الواقع الذي حتدث عنه وضبطه -أ .بالنسبة إىل كل نازلة, أخذ الدليل فيه على وفق الواقع

عن مقدار الصاع الذي تؤدى –رمحه اهللا –سئل اإلمام الشاطيب ": مثاله مع التوضيح - ومـا , أو من وزننا إن كان املعترب الوزن , إن كان املعترب الكيل , به الزكاة من كيلنا اليوم

األرجح الطعام أم الدقيق ؟ وهل تعطى لضعيف معه قوت ذلك اليوم؟ألنه ال يوجد مـن ال )1(."ادراميلكها يف ذلك اليوم إال ن

والوزن والكيـل , واملكان , فذكر الزمان , دقة بالغة يف تعيني مناط السؤال , فيالحظ فيه إىل غريها من , والضعيف عندهم ميلك قوت يومه , وهل جتب للضعيف , والطعام والدقيق ,

ما حدث وهو , املذكورات اليت توجب على اإلمام الشاطيب أن يكون جوابه وفق املناط املعنيمد ممسوح من غـري , مقدار الصاع من كيلنا بغرناطة ونواحيها , احلمد هللا :" بقوله يف فتواه فليزنه بالقمح , وإذا أراد إرفاق املسكني بالدقيق .... أو أقل من ذلك بيسري , كيل وال رزم

يف زكاة الفطر الوالوزن , ألن الكيل يف الدقيق ال يصح , الذي طحن منه أو الذرة أو غريمها . 134ص , 133ص, فتاوى اإلمام الشاطيب , حممد أبو األجفان ) 1(

Page 79: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

وجيوز يف أزمنتنا أن تعطى للضعيف الذي له قوت يوم العيد جلريان عـادة , يصح واهللا أعلم )1(."لناس بأن ال يكسبوا وال خيدموا إال بعد بطالة ا

واقع غري مـتعني وهو : من أنواع الواقع الذي حتدث عنه وضبطه ثانـــيالنوع ال -بـ .يصح أخذ النوازل فيه على وفق الواقع مفروض الوقوع

ا يف بعض مرتب عن خلط األحباس والزيادة منه –رمحه اهللا -سئل " :مثاله مع التوضيح - )2(." املساجد

باعتبار أن هذا السـؤال ال , والتحديد صوواضح أن هذا سؤال عام خال من عوامل التشخ فقد , د ملكانه وال زمانه وال حاله حمديأو , ض حدوثه يف األندلس أو يف املغرب األوسـط فتر

باألحباس اليت تكلم عنـها أصـحا وأيضا فإن , وحىت يف أزمان خمتلفة , يف البادية أو املدن ن التحبيس عليهاباملسألة مل حتدد طبيعة املنافع اليت عي.

وهو مـا , اإلجابة على وفق االقتضاء األصلي -كما مر –لذلك فاإلمام الشاطيب يفرض لذلك طال جوابه على هذا النوع مـن , جيعله حيدد كل احتماالت السؤال املفروضة الوقوع

أما مسألة طلب الزيادة يف مرتـب بعـض : " فقد قال , و البارز يف جوابه عنها األسئلة وهوإن كانت من أحباس املساجد فالنظر , من بيت املال فال نظر , فإن كانت الزيادة , املساجد

, وكالمه قد طـال )3(.. "فال ختلوا من ثالثة أقسام , فيها مبين على النظر يف تلك األحباس .وفرع فيه

خلص فيه ما جاء يف هذا , بكالم حسن , وقد أكد اإلمام الشاطيب على تشعب هذا الواقع فأجابـه , ألن الواقع مل يقع إال على مناط مطلق : " -رمحه اهللا –الفرع تلخيصا مجيال قال

و هـو , وحيتمل فرض صور كـثرية , ولو فصل له األمر حبسب الواقع جلاز , مبقتضى األصل , وبسبب ذلك عظمـت أجـرام الـدواوين , نفني أهل التفريع والبسط للمسائل شأن املص

فإن سأل , غري أن احلكمة اقتضت أن جياب السائل على حد سؤاله , وكثرت أعداد املسائل

. 134ص , املصدر السابق ) 1( .165ص , املصدر نفسه ) 2( . 165ص , املصدر نفسه ) 3(

Page 80: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

وإن سأل عن معين فال بـد مـن , أجيب على وفق االقتضاء األصلي , عن مناط غري معني ومن اعترب األقضية والفتاوى املوجـودة يف , إىل أن يستويف له ما حيتاج إليه ,اعتباره يف الواقع

)1(."ى وفق هذا األصلوجدها عل, القرآن والسنةأحدمها حقيقي واآلخـر ,التشابه الواقع يف الشريعة على ضربني :" قال اإلمام الشاطيب - 3

ـ تومث ضرب آخر راجع إىل املناط الـذي ت , وهذا فيما خيتص ا نفسها , إضايف نل عليـه ز )2( ."األحكام

ه الذي يظنه الـبعض راجعـا إىل أدلـة وقد بني اإلمام الشاطيب أن من أهم أسباب االشتبا والسبب يف هذا العود هو ما يلـف , بل عائد على مناط األدلة , ليس عائدا عليها , الشرع

فالنهي " , من اختالف وتشعب وعدم وضوح إال بعد تدقيق وحتقيق , املناط أو واقع الدليل لطت امليتة بالذكيـة حصـل فإذا اخت, واإلذن يف أكل الذكية كذلك , عن أكل امليتة واضح

, وهكذا سائر ما دخل يف هذا النوع .. االشتباه يف املأكول ال يف الدليل على حتليله أو حترميه )3(."مما يكون حمل االشتباه فيه املناط ال نفس الدليل

وإمنـا أتـت , الشريعة مل تنص على حكم كل جزئية على حدا :"قال اإلمام الشاطيب - 4ومع ذلك فلكل معـين خصوصـية , تتناول أعدادا ال تنحصر , كلية وعبارات مطلقة بأمور

)4(."ولو يف نفس التعيني , ليست يف غريه

وهو النظـر يف , يفتقر إىل ترتيله على الفعل املعني , اشتراط ثبوت احلكم مبدركه الشرعي ف فليس الناس يف هذا الوصـف علـى , لة كما إذا نظرنا يف صفة العدا, هذا الواقعة بتشعبـها

وبينـهما ,ألن الناس يف العدالة أطراف عالية ودانيـة , بل ذلك ظاهر اختالفه , حد سواء . أعددا ال تنحصر

إىل غري ذلك من املتغريات الـيت , وحال الوقت , والوقائع ختتلف بالنظر إىل حال األشخاص )5(.نضبط حبصر وهي متغريات ال ت, تؤدي إىل هذا االختالف

. 69ص , 3جـ, قات ـاملواف) 1( . 75ص , 3جـ, سه ـاملصدر نف) 2( . 76ص , 3جـ , سه ـاملصدر نف) 3( . 75ص, 4جـ, سه ـاملصدر نف) 4( ) بتصرف .( 75وص , 74ص, 4جـ, سه ـاملصدر نف) 5(

Page 81: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

:وهذا التـشعب يستدعي حـىت تضـبط , نظرا سـهال أو صـعبا ,نظر اتهدين يف كل الصور الوجودية املعينة -

.بالدراسة والتحقيق وإن , مل يتقدم هلا نظري , ألن آحاد النوازل مستأنفة يف نفسها , عدم اإلخالد إىل التقليد -

وترك التقليـد , فال بد من النظر االجتهادي , ففي عصور أخرى سابقة , التقدم فرض هذا )1(.وهو غري سائغ لإلختالف بني النوازل,الذي يتصور قبوله بعد حتقيق مناط احلكم املقلد فيه

:االستنتاج املترتب على هذه القاعدة : ثالثا ال " وذلك .صر مهم يف فهم أحكام الشرع ومتثلها عن, فقد تبني مما سبق أن عنصر الواقع

لذلك عقد ابن القيم فصال )2(."ميكن أن يتم بصفة جتريدية مفصولة عن خضم الواقع احليايت ال يتمكن املفيت وال احلاكم مـن " حيث , عن لزوم معرفة الواقع ملن يتصدى ألحكام الشرع

واسـتنباط علـم ,مها فهم الواقع والفقه فيه إال بنوعني من الفهم أحد , الفتوى واحلكم باحلقوالنوع الثاين فهم الواجب , ما وقع بالقرائن واألمارات والعالمات حىت حييط به علما حقيقة

, وهو فهم حكم اهللا الذي حكم به يف كتابه أو على لسان رسوله يف هذا الواقـع , يف الواقع )3(. " ق أحدمها على اآلخربمث يط

. 75ص, 4جـ, السابق املصدر )1( . 113 ص , 1جـ , فقه التدين فهما وترتيال , عبد ايد النجار )2(: الطبعة , بريوت - دار اجليل, 88وص, 87ص, 1جـ , إعالم املوقعني عن رب العاملني , ابن قيم اجلوزية ) 3(

.طـه عبد الرؤوف سعد : حتقيق, م 1973: النشر ةسن, بدون

Page 82: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

زيل الشريعة حديث اعتباطي إذا مل يكن املقصود البحث عـن أفضـل ـتنفاحلديث عن

وهـو ,ومعيار هذا التـنـزيل حتقيق مقاصد الشارع من تشريع األحكام , السبل هلذا التزيل .ودرء املفاسد , ب املصاحل جلمل يكـن إال حمـاوال , لذلك فإن الشاطيب بتبنيه لقضية الترتيل مها أجاد البحث يف تفاصيله

:وهذا ظاهر من خالل هذه القواعد املستنبطة. البحث عن أفضل سبل تسديد هذا الترتيل .حقيقها إن للشارع مقاصد وضع الشريعة ألجل ت:القاعدة األوىل

ظهر أن الشارع احلكيم رتب على التكاليف مقاصد شرعية ال : شرح معىن القاعدة -:أوال , فيكون واضحا يف األذهان أن تلك الوسائل ال بد أن حتقق غاياا ومقاصدها , بد أن حتصل

, أي وجه فالترتيل إذن ال يكون على. أو يضبط ما يصلح , فيختار منها بني متعدد األصلح وهو عني النظر الذي يلتفـت , كيفما كانت , وهو حتقيق تلك املقاصد ,بل حتري وجها ما

باعتبار أنـه ,وهو املعىن الذي مت ذكره عند احلديث عن معاين مصطلح الترتيل , إليه الشاطيب . يحصل استقامة احلال

إىل إبراز معـىن ترتـب املقاصـد لقد سعى اإلمام الشاطيب :تأسيس هذه القاعدة : ثانيا له الناس وتدي به وهذا التشريع مل يكن إال ألجل أن يتمث, الشرعية من وراء تشريع األحكام

:ويربز هذا املعىن من خالل القواعد الفرعية التالية , حيام )1(." ـاوضع الشرائع إمنا هو ملصلحة العباد يف العاجل واآلجل مع:"قال اإلمام الشاطيب -1 وقد استفاد اإلمام الشاطيب ذلك من خالل استقراء الشريعة استقراء وصفه بأنه ال ينازع فيه :واالستقراء مشل نوعني من ااالت , وال غريه من العلماء )2(الرازي ال . 04ص , 2جـ , املوافقات ) 1(من , ومفسر متكلم , فقيه أصويل , شافعي ) هـ 606ت (, هو فخر الدين حممد بن عمر بن احلسني الرازي ) 2(

طبقات الشـافعية :ينظر يف ترمجته ( واحملصول يف أصول الفقه , ) التفسري الكبري( تفسري مفاتيح الغيب :مصنفاته ) 81ص , 8جـ, البن السبكي , الكربى

Page 83: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

ومقاصـد خلـق النـاس , ة على مقاصد البعثة احملمدية استقراء اآليات الدال: أوهلما - .ووضع احلياة واملوت ,

فأثبت ما نظر , بع تفاصيل علل األحكام الشرعية الواردة يف الكتاب والسنة تت: ثانيهما - )1(.يل مستمر يف مجيع تفاصيل الشريعة فهذا التعل, وحكم على ما مل يسعه تتبعه , إليه وهـذه , تكاليف الشريعة ترجع إىل حفظ مقاصدها يف اخللق : " قال اإلمام الشاطيب -2

والثالث , والثاين أن تكون حاجية , أحدمها أن تكون ضرورية : املقاصد ال تعدوا ثالثة أقسام )2(." أن تكون حتسينية

: صدالتعريف بأقسام املقا -أ ـا ال :" عرفها اإلمام الشاطيب بقوله: تعريف املقاصد الضروريةفأما الضرورية فمعناها أ

بل , مصاحل الدنيا على استقامة رحبيث إذا فقدت مل جت, بد منها يف قيام مصاحل الدين والدنيا )3(."ويف األخرى فوت النجاة والنعيم , على فساد وارج وفوت حياة

إذ رتبه أوال قبل احلاجيـات , ر أن تعريفه راعى فيه مرتبة هذا الـنوع من املقاصد فظـه بإقامـة احليـاة " ونظر إىل الضروريات من حيث أمهيتها القصوى وارتباطها , والتحسينيات

, والـنفس ,حفـظ الـدين : يف أعمدا األساسية اخلمس –الفردية واجلماعية –اإلنسانية )4(."ال والنسل والعقل وامل

فاملصاحل الضـرورية :" املقاصد الضرورية بقوله)5(وقد عرف اإلمام حممد الطاهر بن عاشور حبيث ال يستـقيم النظام , وآحادها يف ضرورة إىل حتصيلها , هي اليت تكون األمة مبجموعها

. 05وص , 04ص , 2جـ, املوافقات ) 1( . 06ص , 2جـ , املصـدر نفسه ) 2( . 06ص , 2جـ , املصـدر نفسه )3(: الطبعـة , األردن / عمـان –دار النفائس , 29ص , طرق الكشف عن مـقاصد الشارع , نعمان جغيم ) 4(

.م 2001/ هـ 1422: سنة النشر , األوىل أحـد العامل واللغوي واألديب ، خريج الزيتونـة و )هـ 1394ت (اإلمام حممد بن الطاهر بن عاشور،هو ) 5(

حمفـوظ : ينظر ترمجتـه يف ( .مقاصد الشريعة اإلسالمية ، وكتاب التحرير والتنوير : شيوخها ألف النفائس منها : لبنان، الطبعة/ بريوت -دار الغرب اإلسالمي, وما بعدها 303ص, 3تراجم املؤلفني التونسيني، جـ , حممد

. م1982:سنة النشر : األوىل

Page 84: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

)1(." تؤول حـالة األمة إىل فساد وتالش تحبيث إذا اخنرم, بإخالهلا ا مفتقر إليها من حيث التوسـعة " أما املقاصد احلاجية : تعريف املقاصد احلاجيةفمعناها أ

فإذا مل تراع دخل علـى , إىل احلرج واملشقة الالحقة بفوت املطلوب املؤدي يف الغالب , ورفع الضيق )2(."ولكنه ال يبلغ مبلغ الفساد العادي املتوقع يف املصاحل العامة, احلرج واملشقة -على اجلملة –املكلفني

وعدم تفويت, وأما ابن عاشور فقد رأى بأن املقصد احلاجي يفرضه حاجة األمة حلسن انتظام أمرها ورغم ذلك اعتنت به الشريعة مثل , فال يفسد النظام بعدم مراعاته , فهو ال يبلغ الضروري , مصاحلها

)3(.فرتب احلد على تفويت بعض أنواعه كحد القذف , عنايتها بالضروري وأما التحسينيات فضابطها أخذ أحسن األحوال مما يليـق :تعريف املقاصد التحسينية

وجتنب ما تستقبحه النفوس السـوية , مما يستسيغه أهل العقول الراجحة , والعادات باهليئات )4(. وهو جمموع يف قسم مكارم األخالق ,الراجحة

فتبلغ به مرتبة عالية مـن , وهي عند اإلمام ابن عاشور ما يكون ا كمال األمة يف نظامها )5(.الرقي والتحضر وحسن املعاملة واملظهر

فقـد , كل من ابتغى يف تكاليف الشريعة غري ما شرعت لـه : " قال اإلمام الشاطيب -3 فمن ابتغى يف التكـاليف مـا مل , وكل من ناقضها فعمله يف املناقضة باطل , ناقض الشريعة

)6(." تشرع له فعمله باطل وراء هـا ذلك أن الشريعة قد وضعت ليتمثلها الناس وفق ما حيقق مقاصد الشـرع مـن وهو عني البطالن , وظاهر أن ترتيل الشريعة على عواهنها دون نظر سديد ال حيق مقاصدها ,

–رمحـه اهللا –وقد خلص األستاذ أمحد الريسوين من كالم الشـاطيب , الذي تكلم عنه آنفا قصد الشارع من املكلف أن يكون قصده يف العمل موافقا لقصده : قاعدتني جليلتني مها

.وأال يقصد خالف ما قصد , التشريع يف . 79ص , مقاصد الشريعة اإلسالمية , حممد الطاهر بن عاشور ) 1( . 08ص , 2جـ, املوافقات ) 2( ) بتصرف .( 82ص , مقاصد الشريعة اإلسالمية , حممد الطاهر بن عاشور ) 3( ) بتصرف.( 09ص , 2جـ, املوافقات ) 4( )بتصرف .( 83ص , 82ص , مقاصد الشريعة اإلسالمية , شور حممد الطاهر بن عا) 5( . 283ص , 2جـ, املوافقات ) 6(

Page 85: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

من ابتغى يف التكاليف ما مل تش1(.فعمله باطل , ع له ر( ن من وجه مهم كيف أن القصد من الشريعة حصول املقاصـد يتب, السابقةو مقالة الشاطيب

:واملكلف يف ذلك أمام أمرين , واملصاحل أن يؤدي متثله حلكم إىل ما ال يتحقق معه مقصد الشارع من حصول مصلحة :أولـهما -

)2(" يكون فيه مصلحة للنفس ومضرة للغري " وذلك كالفعل املأذون فيه , املكلف رغم أن الشـرع أقره يف التشريع جلبـا ملصـاحل ودرء , فألنه ال حيقق مقصود الشارع

أو ملا أوقع الفعل على أوجـه مـن , ولكن ملا كان قصد املكلف غري قصد الشارع , ملفاسد وإما فاعل ملـأمور بـه : "قال اإلمام الشاطيب عنه .منعه الشارع ,الواقع منعت حصول املقصد

ولـيس للشـارع , مع إمكان فعله على وجه ال يلحق فيه مضرة , يقع فيه مضرة على وجه )3(."قصد يف وقوعه على الوجه الذي يلحق به الضرر دون اآلخر

وهذا , أن يتوخى متثال رد التكاليف عارية عن املقاصد اليت شرعت ألجلها : ثانيهما - فإذا , من جهة قصد الشارع ا يف األمر والنهي ألن املكلف إمنا كلف باألعمال" باطل أيضا

إذ مل يقصد ـا قصـد , قصد ا غري ذلك كانت بفرض القاصد وسائل ملا قصد ال مقاصد )4(." بل قصد قصدا آخر جعل الفعل أو الترك وسيلة له , الشارع فتكون مقصودة

أحـدمها فهـم : بوصفني إمنا حتصل درجة االجتهاد ملن اتصف: " قال اإلمام الشاطيب -3 )5(."التمكن من االستنباط على فهمه إياها : والثاين , مقاصد الشريعة على كماهلا

التحقق من إدراكها كمـا وضـعها , ومراده بوصف الكمال يف معرفة مقاصد الشريعة ألن هذا األخري قد يرى بان مقاصد الشرع ما الح له , الشارع ال من حيث أدركها املكلف

. واملطرد , وال يعرف الثابت منها والظاهر واملنضبط , عند أول اختبار وأما مراده بالوصف الثاين فهي املعرفة اليت توهي مـن ,يح له إدراك احلكم الشرعي وفهمه ت

.وسائل األول وخادمة له .322 ص , نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب , أمحد الريسوين ) 1( . 296ص , 2جـ, ت املوافقا) 2( . 304ص , 2جـ, املصدر نفسه ) 3( . 285ص , 284ص , 2جـ, املصدر نفسه ) 4( . 88ص , 4جـ, املصدر نفسه ) 5(

Page 86: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

قد نص علـى أن فهـم –رمحه اهللا –إليه أن الشاطيب ارة والتنبيه ـذي جيدر اإلشـوال مقاصد الشارع يتيح االجتهاد الصائب يف األحكام وحتقيق املصاحل عند الترتيل فهو يـرى أن هذا ما كان عليه أهل الفتيا واالجتهاد يف النوازل من علماء األمة بعد األئمة اتهدين األربعة

, ملوا علـى مقتضـاها وع, مالناس أنظارهم وفتاويهل فقد قب" ,من أصحام وتالميذهم , وا مقاصد الشـرع يف وضـع مهوإمنا كان كذلك ألم ف, خالفت مذهب إمامهم أو وافقته

)1(."ل هلم اإلقدام على االجتهاد والفتوى ولوال ذلك مل حي, األحكام :االستنتاج املترتب على هذه القاعدة : ثالثا مـن –وقد أبدع فيـه –القاعدة السابقة يتنب أن اإلمام الشاطيب حبث موضوع املقاصد من خالل

ـ , بل قد أغفل األصوليون قبله هذا الشق من هـذا العلـم , زاوية النظر الترتيلي لألحكام نبه إىل ـفتا ال وهذ, وجوب إعطـاء املباحث األصولية دورها الثاين وهو البحث عن قواعد تسديد لترتيل الشريعة

. يتم دون الرابط بني األحكام ومقاصدها يف هذا الترتيل

. الغفلة عن معنى التسديد يف التزيل له حماذير كثرية : القاعدة الثانية ـ , غفلة عن معاين التنـزيل أوال ـإن ال :شرح معىن القاعدة -:أوال بط ـمث الغفلة عن ض

كمـا أنـه , لها األحكام ـملقاصد اليت شرعت ألجقد يؤدي إىل عكس ا, قومي هلذا الترتيل .وعصيان األحكام يف وقت قصري , يؤدي إىل عدم متثل الناس هلذا اهلدي اإلالهي

مع ما آل إليه واقع املسلمني مـن " وأجيز التطبيق اآللـي , بل لو غفل عن هذا التسديد ا يتجاوز ما يلحق املسلمني فإن الضرر الذي سيحصل رمب, تعقيد شديد وتشابك يف األسباب

وحينئذ فسيؤول األمـر إىل عكـس , ومية الشريعة حرج إىل أصل الوضع العقدي لقـيمن )2(."الواجب املرغوب

. 135ص , 4جـ, املصدر السابق ) 1( . 08ص , -لراهن ترتيال على الواقع ا –يف املنهج التطبيقي لشريعة اإلسالمية , عبد ايد النجار ) 2(

Page 87: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ
Page 88: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ
Page 89: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

:وفيه ثالثة مطالب -

Page 90: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

وقـد أراد مـن , التأصيل لفكرة التنـزيل –رمحه اهللا –ام الشاطيب لقد حاول اإلم خالل ذلك البحث عن سند ملشروعه املتمثل يف إعطاء الترتيل املكانة احلقيقيـة لـه ضـمن

ويف حقيقة األمر يف جزء كبري من هذا التأصيل قـام الشـاطيب , مباحث الدراسات األصولية للخروج مبستندات يظن معهـا أن الشـــرع , داته باستقراء أحوال التشريع ومالحظة عا

, وكانت أدلته وأحكامه وفق ما اقتضاه الواقـع , واقـع احلال -منهج التشريعيف -راعى من خالل اعتباره أثنـاء , ولكن حكما يؤدي مقاصد هذا التشريع , على سبيل احلكم عليه

. التشريع ومـن :" .. ة ألحوال التشريع قوله يف هذ املقـام وما يدل على هذا االستقراء واإلحال

)1(." والسنة وجدها على وفق هذا األصل , والفتاوى املوجودة يف القرآن ةاعترب األقضيوكتبوا مناهجه فقـد , و هو بذلك قام مبا قام به األولون عندما قعدوا لعلم أصول الفقه

ممتدة إىل التاريخ التشريعي الطويل منذ عهد النبوة و أعينهم , أيديهم ممتدة إىل أقالمهم كانت بعون مفردات ذلك النسـق املتكامـل ألحـوال ويت, ون األصول والقواعد ئفكانوا يستقر,

وأمر الناس باتباعهـا إال , ذلك أن الشارع مـا وضع الشريعة " التـشريع الواضح املـعامل فـإذا , بىن أحكامه على قواعـد و, وقد سلك لذلك طرقا , إلصالح معاشهم ومـعادهم

ا عـرفت الطريق اليت يسلكها واملصاحل اليت اعتد ,هل عند االستنباط اقتفـاء آثـاره س , )2(. "والنـسج على منواله والعمل لتحقيق أغراضه

وعنوا بعيدا عن موضوع الترتيل غري , وقد بث اإلمام الشاطيب ما وصل إليه يف كتبه )3(ويفترض أـا دالئـل شـرعية ,واملستقرئ يكـتشف اخليط الرابط بينها,ناظر املتأملأن ال

. التنـزيل عند اإلمام الشاطيب مفهوم .69ص , 3جـ , املوافقات )1(سنة , السابعة : الطبعة , القاهرة –دار الفكر العريب , 03ص , أصول التشريع اإلسالمي ,علي حسب اهللا ) 2(

.م 1997/ هـ1417: النشر . املقصود به بيان أن الترتيل منهج أصيل من مناهج الشرع " شرعية "التعبري بلفظ ) 3(

Page 91: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

اهتم بالبعد الترتيلي يف التشريع ومما ذكـره يف ,حلكيم ثبت اإلمام الشاطيب أن الشارع اأ :هذا املقام مايلي

.مراعاة الطبع البشري يف التشريع : أوال فكان هـذا , طبع االنسان فقد راعت الشريعة اإلسالمية يف إثبات بعض األحكام الشرعية

. الطبع البشري عامال من عوامل حتديد قانون سن األحكام الشرعية, وقد استنتج الشاطيب أن من عادة الشريعة توخي ضبط أحكامها مع اعتبار الطبع البشري

أحدمها ما كان شاهد الطبـع : املطلوب الشرعي ضربان : " وأصل قاعدة مهمة يقول فيها . حبيث يكون الطـبع اإلنساين باعثا على مقتضى الــطلب , خادما له ومعينا على مقتضاه

)1(." ما مل يكن كذلك والثاين والعـادات , فالشريعة اإلسالمية تعتمد يف بعض املطلوبات على مقتضى اجلبلة الطبيعية

حوالة على الوازع الباعث علـى املوافقـة , ومن مث فإا ال تؤكد الطلب وال تلزمه , اجلارية يف طلب األكـل والشـرب ومثل هذا ظاهر يف عدم جزم النصوص الشرعية , دون املخالفة

.والنكاح الذي حيفظ النسل , واللباس الذي يقي من حر وقر يف حني أن الشرع جزم يف األمور والنواهي اليت ال تكون طبائع الناس خادمـة هلـا وال

وهذا ظاهر أيضا يف ما كلفنا به من عبادات كالطهارة والصالة والصيام واحلـج , معينة عليها )2(.تكاليف فهي جمرد,

به )3(اسمـاملشهور قول ابن الق "وله شواهد ومنها أن, وهذا نسق جنده يف مذهب مالك .109و 108ص , 3جـ , املوافقات ) 1( ) .بتصرف ( 110و ص 109ص , 3ج, املصدر نفســه ) 2(وتالميذه الذين , من أصحاب مالك ) هـ 191تويف سنة ( , أبو عبد اهللا , هو عبد الرمحن بن القاسم العتقي ) 3(

الـديباج , ينظر يف ترمجتـه . ( وله رواية للموطأ , أملى املدونة , كان زاهدا فقيها , انتشر فقه مالك على أيديهم ) 146ص , املذهب

Page 92: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

وإن صلى ,مضطر متعمدا أو جاهال أعاد أبدا جنس أن من صلى بثوب, )1(روايته عن مالكووقال ابن يونس اإلعـادة .. ناسيا أو جاهال بنجاسة أو مضطرا إىل الصالة فيه أعاد يف الوقت

)2(". ايف الوقت استحبابحـىت إذا خـالف , فاعتمد على الوازع الطبيعي واحملاسن العادية وأطلق لفظ االستحباب

)3(.الطبع بتعمد التلبس بالنجاسة رجع إىل األصل من الطلب اجلازم شـاهد , املراعي لطبائع البشـر , هذا املنحى يف تشريع األحكام وضبط األوامر والنواهي

. على أن الشرع راعى احملل عند التشريع وهو عني ما يقصد عند إطالق مفهوم الترتيل .لقواعد الشرعية جارية على العموم العادي ا :ثانيا قصد إجراء القواعد الشـرعية علـى العمـوم , نبه اإلمام الشاطيب إىل أن الشارع احلكيم

ذلـك أن الواقـع , مراعاة إىل أن العوائد اليت قد جرت ا سنة اهللا أكثرية ال عامة , العادي لذلك ال ميكن أن يشـرع , بينااده اختالفا وخمتلفة ظروف أفر, جزئياته متشعبة تشعبا كبريا

, فالنـاس يف املـرض والقـدرة , وال أحوال جنس , اهللا أحكامه العامة وفق ظروف صنف ال بد من إجراء العمومات الشـرعية " لذلك , ويف االستطاعات متباينون , واملشقة خمتلفون

, إال إذا ظهـر معـارض , من حيث هي منضبطة باملظنات , على مقتضى األحكام العادية )4(."فيعمل على ما يقتضيه احلكم فيه

أما القاعدة , يف قاعدة أقام هلا استقراء -كعادته –وقد ضبط اإلمام الشاطيب هذا املعىن أن العامة إمنا تنــزل على العموم , فليكن يف بال من النظر يف املسائل الشرعية :" فقـوله

وإليه ينسـب املـذهب , )هـ 179تويف سنة (, يبن أنس بن مالك بن أيب عامر األ صبح هو األمام مالك ) 1(له املوطأ الذي ينسب إىل , إمام يف الفقه واحلديث , ووارث علم أهل املدينة , املالكي أحد األئمة األربعة املشهورين

. )وما بعدها 13ص , الديباج املذهب : ينظر يف ترمجته ( امسه ص , 1جــ , التاج واإلكليل ملختصر خليل, حممد بن يوسف بن أيب القاسم العبدري أبو عبد اهللا, واق امل) 2(

.هـ 1398: سنة النشر , الثانية : الطبعة , لبنان / بريوت – ار الفكرد, 131 ) .بتصرف . ( 110ص , 3جـ , املوافقات ) 3( . 222ص , 3جـ, املصدر نفسه ) 4(

Page 93: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

, وأما كون الشريعة على ذلـك الوضـع : " وأما االستقراء واضح يف قوله . )1( . "العادي )2(." أال ترى أن وضع التكليف عــام , فظــاهر

فـال ختتلـف " ,اف وضبطها مبظنتها ناط الشرع األحكام الشرعية بأوص, وألجل هذا حبيث يكـون حمـدد , وال اختالف البيئات , وال باختالف األحوال , باختالف األشخاص

والقصر يف الصـالة , كما علق الشارع اإلفطار يف الصيام )3(." املعىن يف كل ما يتحقق فيه ومع ,ر وتفقد معه املشقة وقد يوجد سف, فقد توجد املشقة بدون السفر , بالسفر لعلة املشقة

)4(.بل أجرى القاعدة جمراها , ذلك مل يعترب الشارع تلك النوادر , وال ريب أن اختاذ الشريعة هلذا املسلك يف التشريع هو مراعاة هلـذا الواقـع املتشـعب

إذ لو كان حاهلم واحدا ما اقتضى إجراء األحكام على العادي , املختلف الظروف واألحوال وهو أيضا مسلك مؤذن باعتبار احملال أيضا عند ترتيل . األحوال واملتوسط يف االستطاعات يف

.الشريعة على الواقع .ألعذار خاصة مراعاةو من األصل تشريع الرخص استثناء: ثالثا , وخصص له مسائل كـثرية , فقد حبث اإلمام الشاطيب الرخصة ضمن مباحث األحكام .ن خالهلا أن الرخصة تطلق على ما يشترك فيه العامة مع اخلاصة بين م, ألا أحيانا تطلق على ما استثني من أصـل كلـي , فاسم الرخصة للعامة نصيب منه

. وضرب الدية علـى العاقلـة , كالقرض والقراض واملساقاة , ولكن ليس فيه معىن املشقة وهو ,ه األمة من التكاليف الغليظة واألعمال الشاقة وتطلق الرخصة أيضا على ما وضع عن هذ

ألن األصل فيهم, كما تطلق على ما كان فيه معىن التوسعة على العباد مطلقا .راجع إىل اللني

. 224ص , 3جـ , املصدر السابق ) 1( . 221ص , 3جـ , املصدر نفسه ) 2( .بدون :سنة النشر ,بدون : الطبعة ,مصر/ القاهرة –كر العريبدار الف,223ص ,أصول الفقه, حممد أبو زهرة) 3( ). بتصرف ( 222ص , 3جـ : املوافقات ) 4(

Page 94: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

.فقد ترخص هلم , فمىت أباح هلم الشرع نيل حظوظهم , العبودية وهو , أما املعىن الذي يهمنا هنا والذي ركز عليه اإلمام الشاطيب ؛ ما يفيد معىن التنـزيل

مع االقتصـار , استثناء من أصل كلي يقتضي املنع , ما شرع لعذر شاق : " قوله أن الرخصة )1(." على مواضع احلاجة

بارا ملن تعذر عليـه اإلتيـان والواضح أن الرخصة هي مراعاة من الشارع حملل احلكم واعت فاملسافر أجيز , وإمنا عرضا بعد استقرار احلكم , فتشريع الرخص ليس ابتداء , )2(بعزمية األمر

, وهي رخـص ال تتعـدى حملـها , بعد استقرار حكم الصالة والصوم , له القصر والفطر .فتقتصر على موضع احلاجة

مسالكه قد بين أنه ال بد من اعتبار الواقع الـذي وظهر لنا أن الشرع من خالل كثري من .خروج عن معهود الشارع يف التشريع هوإغفال, ستجري عليه األحكام

.من مقاصد الشارع رفع احلرج عن املكلفني : رابعا وهذا احلرج , والتوسعة يف حيام, على رفع احلرج والضيق عن الناس صل الشريعة مبينأف

واعتبارا ملا يدخل عليهم بسببه من العوارض اليت تـؤدي إىل , فع مراعاة حلال املكلفني إمنا ر :لذلك ألغى احلرج باجلملة وهذا لوجهني , غري مقصود الشارع

وكراهة التكليف وينـتظم , وبغض العبادة , اخلوف من االنقطاع من الطريق : أحدمها –" .عليه يف جسمه أو عقله أو ماله أو حاله حتت هذا املعىن اخلوف من إدخال الفساد

خوف التقصري عند مزامحة الوظائف املتعلقة بالعبد املختلفة األنواع مثل قيامه : والثانـي - ـي يف الطريق فرمبا كان التوغل يف بعـض األعمـال , على أهله وولده إىل تكاليف أخر تأت

احلمل للطرفني على املبالغة يف االستقصـاء ورمبا أراد, وقاطعا باملكلف دوا , شاغال عنها )3(." فانقطع عنها

. 237ص , 1جـ, املصدر السابق ) 1(مع , ورعاية حلاجتهم , األحكام اليت شرعها اهللا تعاىل بناءا على أعذار العباد : عرف األصوليون الرخصة بأا ) 2(

ـ , الفقه اإلسـالمي أصول, وهبة الزحيلي .( بقاء السبب املوجب للحكم األصلي دار , 110ص , 1جـ .)م 1986/ هـ1406: سنة النشر , األوىل : الطبعة . دمشق –دار الفكر , اجلزائر –الفكر

. 116ص , 2جـ , املوافقات ) 3(

Page 95: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

ويكره التكليف وضع اهللا عز , وينفر من العبادة , ن ال ينقطع اإلنسان يف الطريق وألجل أ ويظهر هذا من أحاديث النيب , حببها هلم بذلك , وجل الشريعة اإلسالمية حنيفية مسحة سهلة

وهم مع ذلـك , الكثرية اليت أمر املسلمني فيها بأخذ ما يطيقونه من األعمال صلى اهللا عليه وسلم : قسمان

فهذا يترخص مبا ترخص الشرع له يف مـا ال , قسم يدخله بسبب ذلك مشقة وحرج - على بعـض صلى اهللا عليه وسلموهو الذي أشار به النيب , ويترك ما جيوز له تركه , حيل له تركه

.و اإلجهاد من قيام الليل , الصحابة من ترك بعض األعمال كسرد الصوم لوازع هو أشد من املشـقة , سبب تلك األعمال ملل وال كسل قسم ال يدخل عليه ب -

فهذا الضرب يعمل مبقتضى ما أداه إليه حاله مـن عـدم , أو حملبة أو حاد يسهل به الصعب ,الليايل الطوال حـىت تورمـت صلى اهللا عليه وسلموعلى هذا يفهم قيام رسول اهللا , دخول امللل

)1(. ن واصل الصيام وقام الليل بركعة واحدة ومن الصحابة م, قدماه الشريفتان

على أنه مراعاة مـن , لقد ذكر اإلمام الشاطيب ما يتعلق بالقرآن مما حيسن االستشهاد به وأتى بكثري من اخلصائص القرآنية اليت تشري يف جمملها إىل أن الترتيل مفهـوم , الشارع للواقع

مي ويف ما يلي استقصاء ملا ذكره الشاطيب متفرقا يف أحناء أصيل يف مسالك وأحوال القرآن الكر : تراثه الذي خلفه

.القرآن الكرمي راعـى معهود الناس : أوال املسألة الثالثة يف الطرف األول مـن كتـاب األدلـة –رمحه اهللا -عنون اإلمام الشاطيب

: " شرحه هلذه القاعـدة اجلليلـة قـال ويف. األدلة الشرعية ال تنايف قضايا العقول : بقوله )2("واالستقراء دل على جرياا على مقتضى العقول

)بتصرف .( 122إىل ص 116ص , 2جـ , املصدر السابق ) 1(فنفى أن يكون املعىن املراد أن العقول حاكمـة ,وبعدها مل يأمن اللبس . 21ص , 3جـ , املصدر نفســه )2(

. ومقبحة , سنة فيها وحم, على األدلة

Page 96: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

, وتنقـاد هلـا طائعـة أو كارهـة , ودليل ذلك أن العقول الراجحة تصدق أدلة الشرع . واحلديث هنا ال يشمل عناد املعاندين

ولو جـاء على , ق مقتضى عقول الناس ومبا يعرفونه ويحسنون فهمه فقد أتى القرآن وف ومل يدخـلوا حتت أحكام التـكليف,غـري ما اقتضاه مستوى عـقوهلم مل تكن أدلة للعباد

ألن العاقل إذا ,وخلرج الناس من ربقة التكليف , مث لكان التكليف مبقتضاها شاقا , مبقتضاها كما سقط عمن ال عقل له ليصـدق أو ال ,لسقط عنه التكليف , به أتاه ما ال ميكن تصديقه

)1(.مثل املعتوه والصيب والنائم , يصدقوفيه ما ال يعقلونه , اإلمام الشاطيب على من يدعي أن القرآن الكرمي خاطب البشروقد رد

فخـرج عـن , فذكر أن فواتح السور ال يتعلق ا تكليف . وفواتح السور , من املتشاات والنادر ال حكم لـه وال , بل هو نادر يف القرآن الكرمي , كونه دليال يف األعمال والتكاليف

.تتخرم به القاعدة السابقةومن توهم ذلك , بل ذلك يتومهه البعض , أما املتشابه فال يعارض مقتضيات العقول

وأما , ه الواردة يف سورة آل عمران كما نصت على ذلك آية التشاب, فبناء على اتباع هواه )2(.ال ملخالفة الشرع ملقتضى العقل , ال يعلمها إال اهللا فألمر خارجي صدت عنـه العقول

مقتضى عقول الناس مراعاة لقدرم على الفهم وما ذكر يبني جريان األدلة الشرعية على )3(.ومستواهم يف اإلدراك

. دين واختالف املرحلة املكي وامل: ثانيا

ضـبطا حيـدد , وراحوا يضبطونه آية آية , العلماء قدميا وحديثا مبنازل القرآن لقد اعتىن يعرف به تغري اخلطاب والتدرج ما ,وهذا الضبط عماد قوي يف تاريخ التشريع ,الزمان واملكان

) . بتصرف . ( 21و ص 20ص , 3جـ , املصدر السابق ) 1( . 23ص , 3جـ , املصدر نفسه ) 2(, وابن احلاجـب ,والنووي , واختاره الضحاك , الراسخون يف العلم يعلمون تأويله :قال السيوطي يف اإلتقان ) 3(

اإلتقان يف ." (إال معرفته , مبا ال سبيل ألحد من خلقه , ألنه يبعد أن خياطب اهللا عباده ,إنه األصح :" وقال النووي .)07ص, 3جـ, جالل الدين السيوطي ,علوم القرآن

Page 97: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

وكانت عنايتهم من منطلق أن العلم باملكي واملدين يورث العلم بأساليب القرآن . يف األحكام فاخلطاب خمتلف باختالف أمناط الناس , ل يراعي مقتضى احلا, فلكل مقام مقال , ومسالكه

.وأحوال بيئتهم , ومعتقدام ـي ما , اعتبار زمن الرتول , وأهم ما قيل يف حتديد الفرق بني املكي واملدين فالقرآن املك

)1(.والقرآن املدين ما نـزل بعد اهلجرة ولو بغري املدينة , نزل قبل اهلجرة ولو بغري مكة احلديث عن املكي واملدنــي لصـاحل قضـية طلق استثمر اإلمام الشاطيب ـاملنومن هذا

مث يف املدينـة , فالحظ كيف أن القرآن املكي أجرى كليات الدين وقواعده الكربى ,الترتيل وأيضا الحظ هذا يف سائر السور إذا , شرع اهللا تعاىل يف بيان أقسام أفعال املكلفني وتفاصيلها

)2(.ها البعض يف الترتيب نظر إليها مع بعضوهـذا , واالختالف بني القرآن املكي والقرآن املدين يشمل اختالفا يف اخلطاب واملضمون

.االختالف راعى الواقع الزماين واملكاين الذي يوجد فيه املسلمون وقد حبث اإلمام الشاطيب يف االختالف يف صور التكاليف فوجد أن تكاليف مكة مطلقـة

من حيث قوة عزمية ,و أرجعه إىل االختالف بني املرحلتني , تكاليف املدينة مضبوطة مقدرة وومن , ونفوسهم اليت ال تلتفت للحدود واحلقوق يف مكة , وحتملهم ملشاق الدين , الصحابة

. حيث اختلف األمر يف املدينة فبدت من بعضهم فلتات يف خمالفة املشروعات كانـت يف غالـب األحـوال , فاملشروعات املكية وهي األولية : " اهللا تعاىلفقال رمحه

رمبـا , إال أن خطة اإلسالم ملا اتسعت ودخل الناس يف دين اهللا أفواجا ... مطلقة غرب مقيدة ومطالبات بأقصى ما حيق هلم يف مقطع احلق أو عرضت , وقعت بينهم مشاحات يف املعامالت

ضرورات ة هلم خصوصياتفاحتاجوا عند ذلك إىل حدود تقتضيها ... تقتضي أحكاما خاص )3(."تلك العوارض الطارئة

الطبعة , بريوت –مؤسسة الرسالة , ) بتصرف ( وما بعدها 51ص , مباحث يف علوم القرآن , مناع القطان ) 1( . م 1985/ هـ 1405: سنة النشر , اخلامسة عشر : ) بتصرف .( 345ص , 3جـ , املوافقات ) 2( . 192و ص , 191ص , 4جـ, املصدر نفسه ) 3(

Page 98: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

إن التأمل يف مكي يلتفـت إىل –ا من وحدة التشـريع ممع ما ينتظمه –ه القرآن ومدني

ر عن االهتمام بأمر تطبيق الشريعة وترتيلها مع مراعـاة كما يعب,زيلـع حملل التنمراعاة الشار فالتشـريع ".ليات لتسديد الترتيل كي حيقق احلكـم مقصـده آوضبط األحكام والتزام ,احلال

وإمنـا اإلنسـان , زيل أحكامه عليه ـللواقع االجتماعي لتن قااإلسالمي ال يفرض شكال مسبتمع هو حمت. واستطاعته وأحواله , خطابه وحكمه يف سائر ظروفه لوامعــويبدأ مع ا

وقد مر اتمع األمنـوذج .زل عليه األحكام املناسبة الستطاعتهـفين, واإلنسان من حيث هواتمع القدوة بعدة مراحل وعدة استطاعات، وكان لكل حالة أو مرحلة أحكامها،فهو يف أو

والذين قضوا .. وهو يف طريقه إىل املدينة مطبق ألحكام اإلسالم.. الممكة مطبق ألحكام اإلس.. من الصحابة يف مكة أو يف الطريق إىل املدينة فقد طبقوا اإلسالم املكلفني به يف تلك املرحلة

ولكـل .. ويف بدر وأحد وحـنني .. يف املدينة طبق أحكام اإلسالم صلى اهللا عليه وسلموالرسول )1(".حكمها وتكليفهامرحلة استطاعتها و

. القرآن الكرمي يعتمد نوعني من اخلطاب : ثالثا وما يليـق , وراعى فيهما املخاطب , فالقرآن الكرمي اعتمد على نوعني من طرق اخلطاب

وأقام اهللا تعـاىل فيـه احلجـة , فالطريق األول اعتمده يف خماطبة من خيالفنا العقيدة , حباله .و أوقع به االستدالل على املخالف , وما جيري جمراه, لي بالربهان العق

و خطابه مبين على بيـان األحكـام , أما الطريق الثاين فهو معتمد ملن يوافقنا يف العقيدة .فأدلته دالة على األحكام الشرعية العملية , الشرعية

الشـاطيب يف معـرض وقد قال. واختالف اخلطابني ناشئ عن اختالف من خياطب ما فيستدل به على املطلوب الذي جـعـل , طريقه الربهان العقلي :" التوضيح للخطاب األول

, بعـدها ومـا 11ص , عمر عبيد حسنة ) -أمحد بوعود – أصول وضوابط.. فقه الواقع(مقدمة كتاب ) 1(اخلامس العدد , دولة قطر -لشؤون اإلسالمية مركز البحوث والدراسات بوزارة األوقاف وا ,األمةسلسلة كتاب

. بدون : سنة النشر , األوىل : الطبعة .والسبعون

Page 99: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

و كان فيهمـا ل{:كقوله تعاىل..وكأنه تعليم لألمة كيف يستدلون على املخالف , دليال عليهــؤالف واملخالف..)1(} آلهة إال اهللا لفسدتا )2(." وهذا الضرب يستدل به على امل

ومعيار هذا , وقد ظهر منه اختيار الشارع ما يناسب احلال من بني أنواع عدة من األدلة التكليف إذ لو فرض خماطبة املخالف خبـطاب, االختيار تـحقيق املقصد من هـذا اخلطاب

كداللة األوامر والنواهي ملا حتقق الغرض من توجيه املخالف من التأمل بعقله إلدراك صـدق ومنه قوله عـز , وهو خطاب استعمله األنبياء كثريا يف مراحل الدعوة إىل اهللا تعاىل , التوجه

)3(} ربالمغ بها من فأت, قرشالم من مساهللا يأتي بالش فإن إبراهيم قـال{:وجل

. الشرع أخرج من اعتباره ما ال يليق باجلمهور : رابعا اختـارت , ومحل الناس على التكليف مبقتضاها , فالشريعة اإلسالمية وأثناء بيان معانيها

. وتركت الطريق الثاين الذي ال يليق باجلمهور , الطريق التقرييب الذي يليق باجلمهور املطلـوب املنبـه " اإلمام الشاطيب الطريق األول الذي اعتمدته الشريعة بأنه وقد وصف فهم تعودوا على تقريب املعـاين بألفـاظ قريبـة , وأن تلك عادة العرب يف التبليغ )4("عليه

. أو بيانات سهلة , مترادفة واعتبـار حـاهلم يف , غ والعلة يف هذا االختيار هو مراعاة حصول املقصد باإلفهام والتبلي

.مث االمتثال وفقه , فيحصل فهم اخلطاب به , فهم املعاين من الطرق القريبةفعدم مناسبته للجمهور أخرجه من اعتبـار " بعكس الطريق الثاين الذي ال يليق باجلمهور

)6) (5(." وما جعل عليكم يف الدين من حرج , ألن مسالكه صعبة املرام , الشرع . 22اآلية : سورة األنبياء ) 1( . 41ص , 3جـ , املوافقات ) 2( . 258اآلية : سورة البقرة ) 3( . 41ص , 1جـ , املوافقات ) 4( . 42ص , 1جـ, املصدر نفسه ) 5(} وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم {:آخر كالمه جزء من آية وهي قوله تعاىل ) 6(

. 78اآلية : سورة احلج

Page 100: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

. ألحكامالتشريع القرآين اعتمد على مبدأ التدرج يف سن ا :خامسا فعـل ي وهو إذ, على مبدأ التدرج يف سن األحكام الشرعة , التشريع القرآين فقد اعتمد والذي يتأمل نزول القـرآن , يراعي الواقع وأبعاده يف عملية التشريع س ملنهجفإنه يؤس , ذلك

وكونه ...حلسىن ومعاملته هلم بالرفق وا, خطاب اخللق به, عادة اهللا يف إنزاله " الكرمي يالحظ )1(."تنـزل هلم بالتقريب واملالطفة والتعليم يف نفس املعاملة به

-وهو يذكر هذا امللمح يف تعامل الشرع مع العباد من خالل نزول القرآن -إن الشاطيب واالقتـداء , وهو أصل التخلق بصـفات اهللا : "ينبه إىل وجوب أخذ هذا املسلك مـنه فقال

)2(." بأفعاله وذكر منهــا ما يستفاد مـن نـزول , وفوائد فرعية , وضبط األمثلة يف قواعد أصلية

والصـراط يسـتوي , ففي هذه املدة كان اإلنذار يتـرادف " القرآن منجما يف عشرين سنة بعـد , وحني أىب من أىب الدخول إىل اإلسالم , وإىل كل محتاج إليه , بالنسبة إىل كل وجهة

حكمـة , لكن على تدريج أيضا ,فشرع اجلهاد, بدئوا بالتغليظ بالدعاء , أو أكثر عشر سنني )3(." وترتيبا يقتضيه العدل واإلحسان, بالغة وقد تنبه السلف هلذا املعىن حىت , حترمي اخلمر والذي يذكر منها عادة ,ة وأمثلة ذلك كثري

ـ سورة من املفصل فيها ذ , نزل أول ما نزل منهإمنا : " رضي اهللا عنها قالت السيدة عائشة ر ك ولو نزل أول شـيء ال , نزل احلالل واحلرام, حىت إذا ثاب الناس إىل اإلسالم , اجلنة والنار )4(."ال ندع الزنا أبدا :ولو نزل ال تزنوا لقالوا, خلمر أبدا ا ال ندع : لقالوا , تشربوا اخلمر

. 320ص , 3جـ , املوافقات ) 1( . 320 ص , 3جـ , املصدر السابق ) 2( .321 ص , 3جـ , املصدر نفسه ) 3( . 4707 :رقم حتت , تأليف القرآن :باب , فضائل القرآن: كتاب, أخرجه البخاري يف صحيحه ) 4(

Page 101: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

كان صلى اهللا عليه وسـلم وذلك أن النيب , أصيل يف السنة النبوية مسلك فمسلك الترتيل

مراعاة للحاالت املعروضة عليه ويف سياق حيقق مقاصد الشريعة مـن , يصدر أحكاما شرعيةبطبيعة االختالف املوجود بـني شـخص كان واعيا صلى اهللا عليه وسلمفالنيب .تلك األحكام

. كان يدري أي أمر يصلح هلذا وأي كالم يناسب ذاك ,ومن حال إىل حال بفراسته , آخر وخياطب الناس حسـب صلى اهللا عليه وسلمومن يستعرض السرية النبوية الشريفة جيد النيب

. ه كرويعاملهم وخياطبهم حسب قدرام كما كان يراعي أحواهلم يف املنشط وامل, أفهامهم وقد ذكر اإلمام الشاطيب الكثري من األمثلة اليت تدل على اعتبار احلال واملآل يف تصرفات والناظر مـوع تلـك اآلثـار , وأبـرزه يف مناسبات شىت ,وأقواله صلى اهللا عليه وسلمالنيب

: ية ومواقع ورودها يف كتايب املوافقات واالعتصام يدرك أا تنتظم يف الضوابط التالـ .مآلـراعاة الـم: أوال قد اختذ من مراعـاة مـآل األفعـال واألقـوال صلى اهللا عليه وسلمرسول اهللا أن فنجد

وقد أشار اإلمام الشـاطيب إىل بـروز هـذا , ليغ األحكام للناس ـمسلكا يف تب,والتصرفات : ية قاعدتني أصلهما بعد مالحظة أحوال السنة النبواملسلك يف

وذلـك مراعـاة : ألعمال خمافة أن تفرض على الناس صلى اهللا عليه وسلمترك النيب -أ صلى اهللا عليـه وسـلم كان النيب " فقد , وعدم استطاعتهم حتمل مشاقه , حلاهلم باعتبار ضعفهم

وقـد احتمـل )1("يترك العمل وهو حيب أن يعمل به خمافة أن يعمل به الناس فيفرض عليهموهو أن الترك كما قد يكون , اإلمام الشاطيب احتماال آخر يدخل دائما يف إطار مراعاة املآل

–إذا داوم عليهـا –قد يكون أيضا خمافة أن يظن أحد من أمته بعـده , خوفا من االفتراض )2(."وهو تأويل متمكن" , الوجوب

.273ص , 3جـ , املوافـقات ) 1( . 273ص , 3جـ , املصدر نـفسه ) 2(

Page 102: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ألول الفصل ا

وسـند التـرجيح , وهذا االحتمال الثاين رجحه الشاطيب يف موضع آخر من املوافقـات بينـهما ال فال يسوى , أن من مقاصد الشارع عدم التسوية بني املندوب والواجب , وشاهده

أما الفعل فهـو , فلزم إذن التفرقة بينهما قوال وفعال , يف القول وال يف الفعل وال يف االعتقاد حتقيقـا , العمل وهو حيب أن يعمل به صلى اهللا عليه وسـلم فترك النيب , ترك االلتزام باملندوب

)1(. هلذا املقصدقيـام الليـل يف صلى اهللا عليه وسـلم نيبال تركعن :)2(مثالني وقد ضرب لذلك اإلمام الشاطيب

. وعن تركه التسبيح وقت الضحى ,رمضان صلى اهللا عليه وسلم أن رسول اهللا " رضي اهللا عنها عائشةفقد روت السيدة :احلديث األول -

مث اجتمعـوا ,ر الناسمث صلى من القابلة فكث,فصلى بصالته ناس, صلى يف املسجد ذات ليلة قد :قال فلما أصبح,صلى اهللا عليه وسلمم خيرج إليهم رسول اهللا ـفل ,ة الثالثة أو الرابعةمن الليل

وذلـك :قال.فرض عليكمي خشيت أن تفلم مينعين من اخلروج إليكم إال أن , رأيت الذي صنعتم )3(" .يف رمضان

, من االفتـراض صلى اهللا عليه وسلمهذا وقد أشكل على بعض العلماء هـذا التعليل خبوفه ـدل القـول لديه بملا أثـبت الصلوات اخلمـس وهـي عنـد اهللا , مع أن اهللا تعـاىل ال ي

ان ـك صلى اهللا عليه وسلموفه ـأن خب" ولكن قيـد, يف حـديث اإلسراء , تـعاىل مخسون

. وما بعدها 271ص, 3جـ , املصدر السابق )1(ـ : يف املوافقات , مث االمتناع عنه خشية االفتراض , علق بقيام رمضان مجاعة ذكر اإلمام الشاطيب ما ت)2( , 2جـ

- 139 - 138ص : ويف االعتصام . 51ص , 4جـ – 273ص, 48ص , 47ص , 3جـ – 117صألة وذكر اإلمام الشاطيب ما تعلق حبديث االمتناع عن فعل حيبه صلى اهللا عليه وسلم خشية االفتراض يف مس. 212

ومواضع أخرى . 212 – 139ص : واالعتصام – 272ص , 47ص 3جـ : يف املوافقات , سبحة الضحى . من الكتابني

الترغيب يف قيام رمضان وهو التراويح : باب, صالة املسافرين وقصرها:كتاب : يف صحيحه أخرجه مسلم )3(حتريض النيب صلى : اب ـب, التهجد بالليل أبواب: كتاب , يف صحيحه وأخرجه البخاري. 761:رقم حت ـت

. 1077: رقم حتت , ..اهللا عليه وسلم على صالة الليل والنوافل

Page 103: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

ـ ا يف صـحة التن شـرط , املسجد مجاعة يعين جعل التهجد يف , راض قيام الليلـمن افت ل ف

مـا روتـه السـيدة :احلديث الثاين - <ما روته السيدة عائشة : احلديث الثاين)1(."بالليل

صلى اهللا عليه وسـلم ما رأيت رسول اهللا:" قالت صلى اهللا عليه وسلمزوج النيب رضي اهللا عنهاعائشة

ـ عليه وسلمصلى اهللاوإن كان رسول اهللا ,ي ألسبحهاـوإن,يصلي سبحة الضحى قط ع دـلي )2(". خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم ,أن يعمله و حيبـوه العمل

ملطلوب خوفا من حدوث مفسدة أعظم من مصـلحة صلى اهللا عليه وسـلم ترك النيب -ـ ب : ذلك املطلوب

لترتـب حـدوث مصلى اهللا عليه وسـل وقد استعان اإلمام الشاطيب يف توضيح مراعاة النيب :)3(باحلديثني اآلتيني, املفاسد

:قالـت , رضي اهللا عنـها شةـعن عائ :احلديث األول - < عن عائشة :احلديث األول - فمـا بـاهلم مل : قلـت . نعم :قال؟ ن البيت هو أم, عن اجلدر صلى اهللا عليه وسلمالنيب سألت

؟ه مرتفعـا ـا شأن بابـفم: قلت . النفقة قومك قصرت م إن :قال؟ لوه يف البيت ـيدخـ , ومينعوا من شاؤواشاؤوا ومك ليدخلوا من ـذلك ق لـفع :قال ووال أن قومـك حـديث ـل

هم أن أدخل اجلدر يف البيت وأن ألصـق بابـه يف ـنكر قلوبـاف أن تـفأخ ,هد باجلاهلية ـع )4(."األرض

أنه يعرب عن ضابط هام يف الشريعة وهي إذ, وبان منه وجه استشهاد الشاطيب ذا احلديث ـ " ويستفاد منه ,ترك بعض االختيارات لعلة حدوث املفاسد الوقـوع يف نترك املصلحة ألم

ته مبا فيه ـيسوس رعي اإلماموأن , وع يف أنكر منهـوترك إنكار املنكر خشية الوق, املفسدة

ـ , شرح بلوغ املرام من أدلة األحكامسبل السالم , حممد بن إمساعيل الصنعاين األمري) 1( دار , 09ص , 2جـ . حممد عبد العزيز اخلويل: حتقيق , هـ 1379:سنة النشر , الرابعة : الطبعة , بريوت – إحياء التراث العريب

. 357:رقم حتت , صالة الضحى: باب , قصر الصالة يف السفر : كتاب ,أخرجه مالك يف املوطأ ) 2( . وغريها , 52ص , 4جـ, ني يف املوافقات ام الشاطيب احلديثذكر اإلم) 3( . 6817: رقم حتت ,فضل مكة وبنياا : باب , احلج:كتاب , يف صحيحه البخاريأخرجه ) 4(

Page 104: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

)1(."ما مل يكن حمرما , الإصالحهم ولو كان مفضو ومعيار تقدير املصـاحل واملفاسـد هـو توقـع الصـالح والفسـاد عنـد تنــزيل

.وما يؤدي إليه, وتفـاعلها مع الواقع ,األحكامقد فعلوها واهللا لـئن رجعنـا إىل : يعبد اهللا بن أبأنه ملا قال " روي : احلديث الثاين -

صلى اهللا عليـه فقال , دعين أضرب عنق هذا املنافق : قال عمر .ها األذلاملدينة ليخرجن األعز من

)2(". حمدا يقتل أصحابهـال يتحدث الناس أن م,دعه : وسلم .اختالف احلكم تبعا الختالف املناط: ثانيا

فـإذا , كان يغري احلكم تبعا لتغري املصلحة صلى اهللا عليه وسلمفقد بني اإلمام الشاطيب أن النيب يتغري حكمـه يف نفـس صلى اهللا عليه وسلملذلك جند النيب , مل تتحقق املصلحة حكم مبا يغايره

.تبعا لظروف ذلك املناط , القضية إذا تغري مناطها تفيد هذا صلى اهللا عليه وسلمجيده قد أتى على ذكر أحاديث للنيب , والناظر ملا كتبه الشاطيب

وميكن مجـع , وذلك يف مناسبات عدة , كم لتغري الواقع الذي يترتل عليه املسلك يف تغيري احل :مث نظم تلك املواقف النبوية يف ثالث حمطات كربى هي , ما ذكره اإلمام الشاطيب

حيث أن رسول اهللا : للصحابة عن سؤال واحد بإجابات خمتلفة صلى اهللا عليه وسلمإجابة النيب -أ فكانـت , ألا أسئلة هلا نفس املضمون , ل أسئلة ال حتتمل إال جوابا واحدا ئس صلى اهللا عليه وسـلم

تضى مع غريه التضـاد الق,أو عمومه مل على إطالقهكل واحد منها لو ح" ,, إجاباته خمتلفةوبظـروف , كشف أن السؤال ورد من أشخاص ختتلف أحواهلم ,لكن التدقيق )3(."يف التفصيل

إما بذكر أفضل األعمال على اإلطالق، أو حبسـب , صلى اهللا عليه وسـلم ه إجابتفكانت , خمتلفة . الشخص واحلال وواجب الوقت

, 523ص, 3جــ , حتفة األحوذي بشرح جامع الترمذي, حممد عبد الرمحن بن عبد الرحيم املباركفوري )1( .بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , بريوت -دار الكتب العلمية

, نصر األخ ظاملا أو مظلومـا :باب , واآلداب, األدب الرب والصلة : كتاب , يف صحيحه مسلم أخرجه )2(سواء عليهم أستغفرت هلم أم :قوله :باب, التفسري : كتاب , يف صحيحه البخاري أخرجه و. 2584: رقم حتت

. 4622 :رقم حتت , مل تستغفر هلم لن يغفر اهللا هلم إن اهللا ال يهدي القوم الفاسقني . 81ص , 4جـ , املوافقات ) 3(

Page 105: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

اإلمام الشـاطيب )1(ذكر: إجابات خمتلف تبعا ملناطات خمتلفة تتعلق بسؤال عن أفضل األعمال * :واب حول أي األعمال أفضل توضح اختالف اجل,أحاديث نبوية

سئل أي العمل صلى اهللا عليه وسلمأن رسول اهللا رضي اهللا عنه عن أيب هريرة :ول احلديث األ - : مث ماذا؟ قـال : قيل. اجلهاد يف سبيل اهللا: مث ماذا؟ قال: قيل. إميان باهللا ورسوله: أفضل؟ فقال

سـألت :قـال " رضي اهللا عنـه مسعود عبد اهللا بن نـع :نــياحلديث الثا -)2( ".حج مربور :مث أي ؟ قال :، قال قلت هاـالصالة لوقت: أي العمل أفضل؟ قال صلى اهللا عليه وسلمرسول اهللا

فما تركت أستزيده إال إرعـاء . هاد يف سبيل اهللاـاجل :قال؟ مث أي:، قال قلت دينـبر الوال )3( ."عليه صلى اهللا عليه وسـلم أن رسول اهللا" ضي اهللا عنهرعن أيب سعيد اخلدري الثــالثاحلديث - . الذاكرون اهللا كـثريا والـذاكرات : قال ؟اهللا يوم القيامة عندأي العباد أفضل درجة :سئل

لو ضرب بسيفه يف الكفار واملشركني حىت : قال؟ الغازي يف سبيل اهللا نيا رسول اهللا وم:قلت )4(" .أفضل منه درجةاهللا لكان الذاكرون ,ينكسر وخيتضب دما

من قال :قال صلى اهللا عليه وسلمأن رسول اهللا " رضي اهللا عنهعن أيب هريرة : ـرابعاحلديث ال - ,يف يوم مائـة مـرة ,وهو على كل شيء قدير ,امللك وله احلمد,ال إله إال اهللا وحده ال شريك له

وكانت له حرزا مـن ,سيئة وكتبت له مائة حسنة وحميت عنه مائة ,كانت له عدل عشر رقاب )5(".إال أحد عمل أكثر من ذلك, ومل يأت أحد بأفضل مما جاء به ,الشيطان يومه ذلك حىت ميسي

. وما بعدها 81ص, 4جـ : تلك األحاديث يف املوافقات ذكر )1(، وأخرجه 26 :رقم، حتت إن اإلميان هو العمل: من قال: ، باباإلميانكتاب , صحيحه أخرجه البخاري يف ) 2(

. 83: رقـم ، حتت بيان كون اإلميان باهللا تعاىل أفضل األعمال: ، باباإلميان: يف كتاب, يف صحيحهأيضا مسلم .ولفظ احلديث ملسلم

.85: رقم حتت ، بيان كون اإلميان باهللا تعاىل أفضل األعمال:،باب اإلميان كتاب ,صحيحه أخرجه مسلم يف )3(حديث : قال الترمذي , 3376:رقم حتت, باب منه : باب, الدعوات :كتاب , يف اجلامع أخرجه الترمذي ) 4(

- 898: حديث رقم , ينظر ضعيف الترغيب والترهيب –وضعفه الشيخ األلباين , غريب 3119.: رقم حتت , ..باب صفة إبليس وجنوده :باب , بدء اخلـلق:كتاب ,أخرجه البخاري يف صحيحه ) 5(

Page 106: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

لفصـل األولا

أي : صلى اهللا عليـه وسـلم النيب سئل:قالت" رضي اهللا عنهاعن عائشة :امساحلديث اخل - < )1(."دعاء املرء لنفسه :قال؟ أفضل العبادة

بل يشعر , أن هذا التفضيل ليس عاما مطلقا فهذه األحاديث وغريها تدل مبجموعها على )2(." األفضلية بالنسبة للوقت أو السائل" قصد صلى اهللا عليه وسلمبأن النيب

: املسلمني خري ملناطات خمتلفة تتعلق بسؤال عن أيإجابات خمتلف تبعا *

اليت جييب فيها عن صلى اهللا عليه وسـلم اإلمام الشاطيب جمموعة من أحاديث النيب )3(فقد ذكر : وكانت اإلجابات تقتضي مراعاة حال السائل , أي املسلمني خري

: عن عبد اهللا بن رضي اهللا عنهما :احلديث األول -

قال ؟ أي املسلمني خري صلى اهللا عليه وسلمإن رجال سأل رسول اهللا :قال " {بن العاص عن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما :ث الثاين احلدي -)4(".من سلم املسلمون من لسانه ويده :

صلى اهللا عليه أن رجال سأل رسول اهللا:" {عن عبد اهللا بن عمرو :ي ـاحلديث الثان - :

)5(." تطعم الطعام وتقرأ السالم على من عرفت ومن مل تعرف :قال ؟أي اإلسالم خري وسلم

خريكم : قال صلى اهللا عليه وسلمعن النيب " اهللا عنهرضي عن عثمان بن عفان :احلديث الثالـث - )6(."مهمن تعلم القرآن وعل

أن ناسـا مـن األنصـار سـألوا ": رضي اهللا عنه عن أيب سعيد اخلدري :احلديث الرابع - ما يكن :قال ,ما عنده ذحىت إذا نف,مث سألوه فأعطاهم ,فأعطاهم صلى اهللا عليه وسلم ول اهللاـرس

ومن يصرب , ومن يستغن يغنه اهللا , ن يستعفف يعفه اهللاــوم,ن خري فلن أدخره عنكم عندي م

ينظر األدب املفرد لإلمام -وضعفه الشيخ األلباين. 715: رقم حتت ,أخرجه البخاري يف األدب املفرد ) 1(: سنة النشر , الثالثة : لطبعة ا, بريوت –دار البشائر اإلسالمية , 249ص , 1جـ, حممد بن إمساعيل البخاري

. الشيخ حممد ناصر الدين األلباين : خرج أحاديثه , م 1989/هـ 1409 . 83ص , 4جـ, هامش كتاب املوافقات , عبد اهللا دارز ) 2( .وما بعدها 81ص, 4جـ : تلك األحاديث يف املوافقات يف مواضع خمتلفة منها ذكر ) 3( . 40:رقم ، حتت بيان تفاضل اإلسـالم وأي أموره أفضل:، باباإليـمان:كتاب ,أخرجه مسلم يف صحيحه ) 4( . 39:رقم حتت , أموره أفضلأي بيان تفاضل اإلسالم و :، باباإليـمان:كتاب ,أخرجه مسلم يف صحيحه ) 5( .5027:رقم حتت ، خريكم من تعلم القرآن وعلمه:، باب نفضائل القرآ:كتاب,يف صحيحه أخرجه البخاري ) 6(

Page 107: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

)1(".وما أعطي أحد من عطاء خري وأوسع من الصرب ,يصربه اهللا : وصايا خمتلفة باختالف احلال - بــ ما كان غالباو ,بالوصايا ل أصحابهيتخو صلى اهللا عليه وسلمفقد كان النيب هميأتيه الواحد من

سواء مببادرة منه أو بطلب منـهم - ,واملالحظ يف هاته الوصايا كلها , طالبا النصح يف األعمال ما ـب صلى اهللا عليه وسلمالنظر العميق للنيب وضابط هذا االختالف هو, يف املضمون أا ختتلف –

. يصلح الواحد منهم دون اآلخر إىل قاعدة جليلة قـال –وهو يذكر طرفا من هذه األحاديث –م الشاطيب وقد نبه اإلما إال أن جييب , ذلك نقول ال يصح للعامل إذا سئل عن أمر كيف حيصل يف الواقع وعند " :فيها

, فإن أجاب على غري ذلك أخطأ يف عدم اعتبار املناط املسؤول عن حكمـه , حبسب الواقع )2(."عن مناط غري معني فأجاب, ألنه سئل عن مناط معني

: )3(تنبه على اعتبار الواقع فهي, أما األحاديث اليت ذكر أطرافا منها : فقلت صلى اهللا عليه وسلم أتيت رسول اهللا : قال" رضي اهللا عنه عن أيب أمامة: احلديث األول -

كنع ذهر آخني بأمرم فإ: قال. موبالص كليعـنثل لهال م 4( ".ه(

صـلى اهللا عليـه وسـلم أن رجال قال للـنيب :" رضي اهللا عنـه عن أيب هريرة :يـاحلديث الثان - )5(." ال تغضب :فردد مرارا قال .ال تغضب :قال,أوصين ,يا رسول اهللا :قال قلت " رضي اهللا عنـه عن سفيان بن عبد اهللا الثقفي :احلديث الثالـث -

)6(". قل آمنت باهللا مث استقم: قال . ال أسأل عنه أحدا بعدك قل يل قوال

.1053 :رقم حتت , فضل التعفف والصرب : باب, الزكاة: كتاب , أخرجه مسلم يف صحيحه ) 1( . 68ص , 3جـ, املوافقات )2( . 81ص , 4وجـ . 65ص , 3جـ, يف املوافقات , ذكر تلك األحاديث ) 3( : بـاب , الصيام :كتاب ,يف املـجتىب النسائيوأخرجه . 3425:رقم حتت , يف صحيحه ن حباناب أخرجه)4(

هوصـحح . 2220:رقـم حتت , ذكر االختالف على حممد بن أيب يعقوب يف حديث أيب أمامة يف فضل الصائم -. 4044: حديث رقم , ينظر صحيح وضعيف اجلامع الصغري –. باين لالشيخ األ

.5765 :رقم حتت , ... احلذر من الغضب: باب , األدب:كتاب , البخاري يف صحيحه أخرجه) 5( قـال و 7874: رقم وأخرجه احلاكم يف املستدرك حتت . 942: رقم حتت , ابن حبان يف صحيحه أخرجه )6(

-. 4395: حديث رقم , ينظر صحيح وضعيف اجلامع الصغري –. صحيح : باين الشيخ األل

Page 108: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

ل األولالفصـ

, أبـا ذر صلى اهللا عليه وسلملقي رسول اهللا :قال" رضي اهللا عنهعن أنس : رابـعاحلديث ال - قـال ؟ ذر أال أدلك على خصلتني مها أخف على الظهر وأثقل يف امليزان من غريمها أبايا :فقال

مـا جتمـل ,ذي نفسي بيـده فوال ,عليك حبسن اخللق وطول الصمت :قال.بلى يا رسول اهللا : )1(."اخلالئق مبثلهما

.ورفـضها من آخـرين , قبول العطـايا -جـكل حبسب ,رضوان اهللا عليهميف قبول الصدقات بني الصحابة صلى اهللا عليه وسلم فقد فرق رضي اهللا ومن عمركل ماله، رضي اهللا عنهمن أيب بكر صلى اهللا عليه وسلم فقبل, ومبا فيه صالحه,حاله

ورد آخر ،كل ماله ملا عرض عليه رضي اهللا عنهواعترض على كعب بن مالك ,شطر ماله عنه : (2)و األحاديث املبينة هلذا التفريق هي ,جاءه مبثل البيضة ذهبا

صلى اهللا عليه وسلمأمرنا رسول اهللا :قال" عنهرضي اهللا عن عمر بن اخلطاب : احلديث األول - فجئت بنصف :أن نتصدق، فوافق ذلك ماال،فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما،قال

وأتى أبو بكر بكل ما . مثله:؟ قلت ما أبقيت ألهلك : صلى اهللا عليه وسلم مايل،فقال رسول اهللاواهللا ال أسبقه إىل : أبقيت هلم اهللا ورسوله،قلت:؟ قال ما أبقيت ألهلك: يا أبا بكر:عنده، فقال

)3(" . شيء أبدا

صلى اهللا كنا عند رسول اهللا :قال" عن جابر بن عبد اهللا األنصاري :احلديث الثانـي -

بت هذه من معدن ، ـإذ جاءه رجل مبثل بيضة من ذهب، فقال يا رسول اهللا، أص عليه وسلممث أتاه من قبل , صلى اهللا عليه وسلم، فأعرض عنه رسول اهللا فخذها فهي صدقة، ما أملك غريها

عرض عنه أاه من قبل ركنه األيسر فـ أتمث، رض عنهـل ذلك ، فأعـركنه األمين،فقال مث

:رقم حتت , يف فضل السكوت عن كل ما ال يعنيه وترك اخلوض فيه:فصل ,البيهقي يف شعب اإلميان أخرجه) 1(: ينظر –وحسنه الشيخ األلباين . 3298:حتت رقم , بقية مسند أنس, يعلى يف مسنده وأخرجه أبو. 4941

-. 4048: حديث رقم , و صحيح وضعيف اجلامع الصغري . 1938:حديث رقم , السلسلة الصحيحة

.85ص و ص84, 4جـ, ذكر اإلمام الشاطيب إشارات عن مضامني تلك األحاديث يف املوافقات )2(يف والترمذي , 1678:حتت رقم ، يف الرخصة يف ذلك: ، بابلزكاة كتاب ا, يف سننه أخرجه أبو داود ) 3(

حديث : وقال . 3675:رقم ، حتت يف مناقب أيب بكر وعمر رضي اهللا عنهما كليهما:، باب املناقب :كتاب سننه -. 6021رقم حديث, مشكاة املصابيح : ينظر –. وحسنه الشيخ األلباين .حسن صحيح

Page 109: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

فحذفه ا، لو صلى اهللا عليه وسلممث أتاه من خلفه، فأخذها رسول اهللا ,صلى اهللا عليه وسلماهللا رسول : يأيت أحدكم مبا ميلك فيقول: عليه وسلمصلى اهللا أصابته ألوجعته ،أو لعقرته ، فقال رسول اهللا

)1( ."هذه صدقة، مث يقعد يستكف الناس ، خري الصدقة ما كان عن ظهر غىن

يا :يقول رضي اهللا عنهمسعت كعب بن مالك :قال"بن كعب عن عبد اهللا :احلديث الثالث - قال ,ى اهللا عليه وسلمصل صدقة إىل اهللا وإىل رسوله ,رسول اهللا إن من توبيت أن أخنلع من مايل

:2(."فإين أمسك سهمي الذي خبيرب: قلت ,لك أمسك عليك بعض مالك فهو خري( فظهر من خالل ذكر هذه األحاديث أن النيب صلى اهللا عليه وسلم كان يعرف خصائص

قبل , فلما رأى العزمية عند أيب بكر وعمر , وحيدد هلم ما يناسبهم من األحكام , أصحابه وأمر كعبا أن ميسك , رد بيضة الذهب , وملا رأى اختالفا يف األحوال , ن تردد املال دو

. بعض ماله

ضـعفه الشـيخ .1673:رقم حتت ، الرجل خيرج من ماله:، بابالزكاة :كتاب,سننه أخرجه أبو داود يف -) 1(

-. 898: يث رقم حد, إرواء الغليل يف ختريج أحاديث منار السبيل : ينظر -.األلـباين إذا تصدق أو أوقف بعض ماله أو بعض رقيقه أو :باب, الوصايا كتاب : كتاب ,أخرجه البخاري يف صحيحه ) 2(

. 2606: رقم حتت , دوابه فهو جائز

Page 110: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

.والنهي عن ذلك للبعض , تويل مال اليتيم األمر ب -د باعتبارها نوعا مـن , إن األصل يف األحكام الشرعية أن والية األيتام من أحسن الطاعات

ارة املسـلمني كما أن إم,اجلنة يف صلى اهللا عليه وسلمالذي يستحق صاحبه مرافقة النيب ,التضامن )1(".من أفضل األعمال ملن قام فيه حبق " مهاوكال, أوكد الواجبات والقيام بشؤوم من

ومـن , ومعرفة من يصلح لإلمارة ممن ال يصـلح , فتقدير أحوال الناس , لكن مع هذا مينعهمـا عـن بعـض صلى اهللا عليه وسلمجعلت النيب , يستطيع والية اليتيم ممن ال يقدر عليها

:)2(الصحابة أنـا :قال صلى اهللا عليه وسـلم عن النيب " رضي اهللا عنهد سهل بن سع عن : احلديث األول -

)3(."وقال بإصبعيه السبابة والوسطى . وكافل اليتيم يف اجلنة هكذاصلى اهللا عليـه رسول اهللا :قال : قال " رضي اهللا عنه عن عبد اهللا بن عمرو :احلديث الثانـي -

, وكلتا يديه ميني, ن نور عن ميني الرمحن عز وجل على منابر م , اهللاعند إن املقسطني : وسـلم )4( ".وما ولوا, وأهليهم , الذين يعدلون يف حكمهم

يا أبـا ذر :قال صلى اهللا عليه وسلمأن رسول اهللا " رضي اهللا عنه عن أيب ذر :احلديث الثالث - )5( ". مال يتيم نيوال تول,على اثنني رنال تأم , إين أراك ضعيفا وإين أحب لك ما أحب لنفسي

اإلمارة ملـا تويل من رضي اهللا عنهر ذقد منع أبا صلى اهللا عليه وسلمفالذي يستنتج مما سبق أن النيب بتلك العلة وقد صرح , امى ال اليتومتويل ألك ذوك, وصرب وحكمة ,وقوة حتتاجه من جلد

وم القيامـة ـوإا ي, وإا أمانة , إنك ضعيف يا أبا ذر :آخرحديث صلى اهللا عليه وسلمقول النيب )6(".من أخذها حبقها وأدى الذي عليه فيها إال ,خزي وندامة

. 83ص , 4جـ , املوافقات ) 1( . 84ص, 4جـ , ذكر الشاطيب أطرافا منها يف املوافقات ) 2( .5659 :رقم حتت . يتيما فضل من يعول : باب, األدب : كتاب , أخرجه البخاري يف صحيحه ) 3(واحلث على الرفـق , وعقوبة اجلائر, فضيلة اإلمام العادل: باب , ة اإلماركتاب , أخرجه مسلم يف صحيحه ) 4(

.1827 :رقم حتت , والنهي عن إدخال املشقة عليهم,بالرعية .1826 :رقم تحت,كراهة اإلمارة بغري ضرورة :باب , اإلمارة: كتاب, أخرجه مسلم يف صحيحه ) 5( .1825 :رقم حتت , كراهة اإلمارة بغري ضرورة:باب ,إلمارة ا: كتاب, أخرجه مسلم يف صحيحه ) 6(

Page 111: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

كشرط من شـروط , لذلك وضع فقهاء السياسة الشرعية شرط القوة والصالبة يف احلق , يف إقامة احلـدود , أن يكون ممن ال تلحقه رقة وال هوادة " ومن ذلك ,تويل اإلمامة الكربى

)1(." وال جزع لضرب الرقاب :)2( للصحابة بأدعية خمتلفة صلى اهللا عليه وسلمدعاؤه --هـ

ملا رأى فيه متانة الدين , بكثرة املال رضي اهللا عنهدعا ألنس بن مالك صلى اهللا عليه وسلم فقد ثبت أنهيف يده ال يف قلبه، يتخذه وسيلة خلدمة اإلسالم واملسلمني ال درك فتنـة وقوة النفس وأنه سيجعل املال

حني سأله الدعاء بكثرة رضي اهللا عنـه الدعاء لثعلبة بن حاطب يسقط فيه فبورك له فيه، بينما أعرض عن .قليل تؤدي شكره خري من كثري ال تطيقه : ال لهاملال ملا خشي عليه من فتنة الدنيا ، وق

أدع اهللا , ادمكـيا رسول اهللا أنس خ:قال " رضي اهللا عنـها عن أم سليم :احلديث األول - )3(. "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته : قال,له

ع اهللا أن اد, يا رسـول اهللا : ما روي عن ثعلبة بن حاطب أنه قال :احلديث الثانــي - )4(."وحيك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خري من كثري ال تطيقه: قال . يرزقين ماال

182ص,والروافض واخلوارج واملعتزلة,التمهيد يف الرد على امللحدة املعطلة, أبو بكر حممد بن الطيب, الباقالين) 1(سنة , بدون : ط,مصر / القاهرة -الفكر العريب دار, وحممد عبد اهلادي أبو ريدة , حممود حممد اخلضري :حتقيق ,

.بدون : النشر . 83ص , 4جـ - 198ص , 3جـ - 225ص , 2جـ: ذكر ذلك الشاطيب يف كتاب املوافقات )2(حتـت . رضي اهللا عنهالك ـاقب ألنس بن مـمن: باب , املناقبكتاب , امع ــه الترمذي يف اجلـأخرج) 3(

السلسـة : ينظـر -.صـحيح : وقال الشيخ األلباين , ديث حسن صحيح ـح : يالترمذال ق. 3829: رقم -. 140: حديث رقم , الصحيحة

علي بن ايب بكر ( وفيه علي بن يزيد األهلاين وهو متروك, رواه الطرباين : وقال,أخرجه اهليثمي يف جممع الزوائد ) 4(: الطبعة , بريوت / القاهرة -دار الكتاب العريب / للتراث دار الريان, 31ص , 7جـ , جممع الزوائد , اهليثمي ينظر صحيح وضعيف اجلامع – .ضعيف : وقال الشيخ األلباين عن احلديث .)هـ 1407: سنة النشر , بدون

-. 4112: حديث رقم , الصغري

Page 112: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

. احلالمراعاة : ثالثا لـذلك كـان , كان يقدر حاالت االستطاعة عند عموم الصحابة صلى اهللا عليه وسلمإن النيب

ويعنف من يشـدد , وكان خيتار األيسر , يأخذهم باليسر والتدرج يف تنفيذ أحكام الشريعة .فإنه يأمرهم ا , حىت إذا رأى من يتحمل العزائم, على العامة

جند أن أحكامه كان , أو ظروف املرحلة اليت مير ا املسلمون , ومن اعتباره حلال الصحابة .الضابط فيها هو تقدير املصلحة فيما يتناسب مع الواقع

مراعـاة منـاط , وهذه بعض األمثلة اليت ذكرها اإلمام الشاطيب واستعان ا لبيان شرعية : )1(ويؤدي إىل االستقامة, وتقديرها وفقه مبا جيلب الكمال وحييط األمر بالنماء األحكام و

لوال أن أشق :قال صلى اهللا عليه وسلمأن رسول اهللا " رضي اهللا عنههريرة أيبعن :احلديث األول- )2(."على أميت ألمرم بالسواك

ليلـة وسـلم صلى اهللا عليه أعتم رسول اهللا :قال " رضي اهللا عنهماعن ابن عباس :احلديث الثاين - , فقام عمر بـن اخلطـاب ,تيقظوا ـورقدوا واس, يقظوا ـد الناس واستـحىت رق,بالعشاء

كـأين أنظـر إليـه صلى اهللا عليه وسلمفخرج نيب اهللا :بن عباس اعطاء قال :قال ,الصالة :فقال هم أن يصلوها ـ أن أشق على أميت ألمرتلوال :فقال ,يقطر رأسه ماء واضعا يده على رأسه,اآلن

)3(."هكذاصلى اهللا عليه كان معاذ يصلي مع النيب: قال " رضي اهللا عنهفعن جابر :احلديث الثالث -

مهالعشاء ،مث أتى قومه فأم صلى اهللا عليه وسلمقومه، فصلى ليلة مع النيب م يأيت فيؤمثـ,وسلمت يا قأناف: سلم، مث صلى وحده وانصرف، فقالوا لهحنرف رجل فا،ففتح بسورة البقرة ف

صلى اهللا عليه فأتى رسول اهللا . فألخربنه صلى اهللا عليه وسلموآلتني رسول اهللا !ال، واهللا: فالن؟ قال

اذا صلى معك ـنعمل بالنهار، وإن مع واضحـحاب نـول اهللا ، إنا أصـيا رس: فقال وسلم

. 51ص , 4وجـ , 123ص , 117ص , 2جـ , ات ذكر ذلك الشاطيب يف املوافق) 1( . 145 :رقم حتت , ما جاء يف السواك: باب , لطهارةا: كتاب , أخرجه مالك يف املوطـأ ) 2( . 545:رقم حتت , النوم قبل العشاء ملن غلب: باب , مواقيت الصالة: كتاب , يف صحيحه البخاري أخرجه ) 3(

Page 113: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

, يامعاذ :على معاذ فقال صلى اهللا عليه وسلمالعشاء، مث أتى فافتتح بسورة البقرة، فأقبل رسول اهللا 1(." ان أنت؟ اقرأ بكذا واقرأ بكذاأفت(

جاء رجل إىل رسـول اهللا :قال" رضي اهللا عنـه عن أيب مسعود األنصاري :احلديث الرابع -

إين ألتأخر عن صالة الصبح من أجل فالن ،مما يطيل بنا، فما رأيت النيب :فقال صلى اهللا عليه وسلميا أيها النـاس إن مـنكم :أشد مما غضب يومئذ، فقال ب يف موعظة قطغض صلى اهللا عليه وسلم

.) 2( ."ري والضعيف وذا احلاجةالناس فليوجز ،فإن من ورائه الكب ين، فأيكم أمرمنفأخـف , ما صليت وراء إمام قط: قال" رضي اهللا عنه أنس بن مالكعن : احلديث اخلامس -

ـ خفي , ع بكاء الصيبمسوإن كان لي, صلى اهللا عليه وسلمصالة وال أمت من النيب ف خمافـة أن ف )3(" .هن أمتتف .465: رقم حتت , القراءة يف العشاء: باب , ة الصال: كتاب , مسلم يف صحيحه أخرجه ) 1( .466:رقم حتت , أمر األئمة بتخفيف الصالة يف متام: ، باب الصالة: كتاب,أخرجه مسلم يف صحيحه ) 2(رقم حتت , يبمن أخف الصالة مث بكاء الص: باب , اجلماعة واإلمامة: كتاب , أخرجه البخاري يف صحيحه ) 3( :676 .

Page 114: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

:وفيه ثالثة مطالب -

Page 115: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

إذا كان املرء يطمئن إىل أن أطوار التأليف يف أصول الفقه عرفت ازدهارا أسـفر عـن فإنه يظمئن متام االطمئنان أيضـا إىل أن منـوذج اإلمـام , ظهور مؤلفات ذات جودة عالية

حىت أن الكثري من العلماء والباحثني يعتربونه جمددا يف , الشاطيب يعترب من أجود تلك احللقات , وال شــك أن النـاظر يف كـتاب املوافقـات , لم أصول الفقه من خالل ما أتى به ع

يتبني معامل مشروع , )1(ومن خـالل حمـاورة اإلمام الشـاطيب لـتلك الشخصية املفترضة . ومكابدة معاناة الطريـق , إصالح خرج من رحم سهر الليايل , إصالح لعلم أصول الفقه

ت روح التجديد يف معظم مـا رس" كتاب املوافقات بالدراسة أنه قد د كل من تناول وقد أك )2(" ذلك املؤلف من مسائل وفصول , تناوله

روح املنهجيـة " إال أن املالحظ أن هذا التجديد الذي برز يف كتاب املوافقات يلمس فيه اهر هـذه ملبحث يعرض ملظوهذا ا )3(" الترتيلية اليت انفرد ا الشاطيب من بني سائر األصوليني

:الرتعة الترتيلية يف الفكر األصويل للشاطيب فإنه قد آن لك ... الطالب ألسىن نتائج احللوم , أيها الباحث عن حقائق األعلى العلوم :" وذلك يف مثل قوله )1(

, ن أيها اخلل الصفي ليـكو: " مث يعـود ملنـاجاته بقوله , 17ص " أن تصغى إىل مـن وافـق هواك هواه . 1ج , املوافقات , 19ص .." والصديق الويف هذا الكتاب عونا لك يف سلوك الطريق

العدد , قسنطينة - ,كلية أصول الدين والشريعة واحلضارة اإلسالمية , 214ص, جملة املعيار , كمال راشد )2( .م 2002/ هـ 1423, سنة النشر , الثاين : . جملة املوافقات , 258ص , فقه التطبيق ألحكام الشريعة عند اإلمام الشاطيب, النجار عبد ايد )3(

Page 116: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

فقـات بنـاء جعل أحد أهم اهتماماته يف كتـاب املوا –رمحه اهللا –إن اإلمام الشاطيب

وقـد " , وترتيلها على الوقائع واحملال , املباحث األصولية متوازنة بني فهم النصوص الشرعية وجعل مضـموا , كل عنايته واهتمامه ,أوىل الشاطيب هذه اخلاصية ألحكام الشريعة اخلالدة

ا تركـه كانت إحدى ثوابت منهجه العلمي اليت تبدوا آثارها واضحة فيم, قاعدة كلية شاملة ويناسـب , فكتابه املوافقات رسم خطته وحدد مضمونه مبا يالئم هذه القاعدة , من مؤلفات بأنه عين , إن هذا املؤلف يتميز عن سائر مؤلفات األصوليني اآلخرين , حىت قيل , هذا االجتاه

)1(. " بوضع منهج لتطبيق األحكام وترتيلها على األفعال .لة ربط العلم بالعمل حماو: الفرع األول -

, وهي مثرة عملية , اإلمام الشاطيب أن ينبه األذهان إىل الثمرة املطلوبة من العلم لقد حاول ما ألفته النفوس والعقول من الرتوع النظري يف الكتابـات األصـولية , مبعدا قدر ما يستطيع

وعليـه يقـوم , علم بالعمـل لبه ربط ال, لذلك فمحاولته التجديد واالبتكار يف هذا العلم ,ومـن خـالل حماورتـه لتلـك , واملتأمل يف مقدمة كتاب املوافقات , مشروعه اإلصالحي

أراد أن جيد املسوغات لطريقته اجلديدة يف ترتيب علم أصول الفقه، تلك )2(الشخصية املتومهة بأن عنصر اجلـد ولعله كان أعرف الناس الطريقة اليت وصفها أول األمر بأا جديدة مبتكرة،

واالبتكار ليس يف طريقة ترتيب الكتاب فقط و وال مباحثه بل من خالل حماولة إعادة التوازن وهو ظاهر يف مؤلفه أميا ظهور ونستطيع إبرازه من , إىل علم أصول الفقه بتغليب روح العمل

:خالل ما يلي .جملة املعيار , 229ص , ح التجديد واإلصال أهم وسائل اإلمام الشاطيب يف,كمال راشد ) 1(فإنه قد آن لك ... الطالب ألسىن نتائج احللوم , أيها الباحث عن حقائق األعلى العلوم :" وذلك يف مثل قوله )2(

, ليـكون أيها اخلل الصفي : " مث يعـود ملنـاجاته بقوله , 17ص " أن تصغى إىل مـن وافـق هواك هواه . 1ج , املوافقات , 19ص .." ونا لك يف سلوك الطريق والصديق الويف هذا الكتاب ع

Page 117: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

فال جيد اإلمام الشاطيب مناسبة إال و يؤكد علـى : التنبيه على ارتباط العلم بالعمل/ أوال فقـال , وأن أي حماولة لذلك تؤدي باإلخالل بالعلم , علم والعمل ضرورة عدم الفصل بني ال

له إمنا يكون حيث هو وسيلة إىل التعبـد عفطلب الشار, كل علم شرعي : " -رمحه اهللا -وأوجه التوسل بالعلم إىل العبادة كثرية منها أن الشـرع )1(."ال من جهة أخرى . به هللا تعاىل

وقد أتى اهللا تعـاىل بأدلـة , القرآن الكرمي يف هذا املعىن كثرية وآيات, جاء ليتعبد الناس به ) 2(}.واستغفر لذنبك, فاعلم أنه ال إله إال اهللا { : " التوحيد ليتوجه الناس إليه وحده فقال

ملعترب العلم الذي هو العلم ا: " وقال اإلمام الشاطيب أيضا يف مقام إبراز ارتباط العلم بالعمل )3(. "هو العلم الباعث على العمل –أعين الذي مدح اهللا ورسوله أهله على اإلطالق –شرعا

.بل هو املقيد لصاحبه مبقتضاه , فربطه بالعمل ال يترك صاحبه جاريا مع هواه كيفما كان شـاطيب فقد قال اإلمام ال: عدم استحسان الشرع ملا ال ينبين عليه عمل من العلوم/ ثانيا كل مسألة ال ينبين عليها عمل فاخلوض فيها خوض فيما مل يدل على : " املقدمة اخلامسة يف

)4(." وأعين بالعمل عمل القلب واجلوارح من حيث هو مطلوب , استحسانه دليل شرعي :ومن األدلة اليت ساقها لبيان وجوه عدم االستحسان

وشواهد ذلك من , عما ال يفيد عمال مكلفا به استقراء الشريعة دل أن الشارع يعرض - قـل هـي مواقيـت للنـاس , يسألونك عن األهلـة {:القرآن الكرمي متعددة كقوله تعاىل

جوقصده يف ذلك اإلعراض عن , عز وجل مبا يتعلق به التكليف العملي فأجاب اهللا , )5(}والح .قصد السائل عن اهلالل

ضا فشواهد عدم استـحسان الشرع له وإعراضه عما ال يفيد عمال واضح من خالل وأي بينما أنا " :قال رضي اهللا عنهالك ـها ما روي عن أنس بن مـبوية ومنـول السنة النـأحتتبع

. 45ص , 1جـ, املوافقات )1( . 19: اآلية رقم , سورة حممد ) 2( . 51ص , 1جـ , املصدر نفسه ) 3( . 34ص , 1جـ, املصدر نفسه ) 4( . 189: اآلية رقم , سورة البقرة ) 5(

Page 118: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

يا رسـول : عند سدة املسجد، فقال نا رجليخارجان من املسجد، فلق صلى اهللا عليه وسلموالنيب ـ ـم: صلى اهللا عليه وسلم ، مىت الساعة؟ قال النيب اهللا ـا أعددـ ت ـ ؟ اهـل أن الرجـل ـفك

يا رسول اهللا، ما أعددت هلا كبري صيام وال صالة وال صدقة، ولكين أحـب : استكان، مث قال )1(" .أنت مع من أحببت: رسوله، قال اهللا و

ومنـه تأديب عمر بـن , فيد عمال وكذلك تشرب الصحابة ذلك فكرهوا العلم بـما ال ي )2(.لصبيغ ملا تكلف السؤال عن متشابه القرآن رضي اهللا عنهاخلطاب

أيضا أنه شغل عن أمور التكليف الشرعي الذي ألـزم نومما يدل على عدم االستحسا - . وذلك ال فائدة فيه ال يف الدنيا وال يف اآلخرة , به املسلم

بين ما يصلح به حال عباده يف الدنيا واآلخرة على أحسن الــوجوه كما أن الشرع - وهو احلـق عـن مشـاهدة أحـوال , فما خرج عنه دل على أن به فساد العباد , وأكملها

فدخلت عليهم بسببه الفتنة واخلروج عن , وال طائل عملي وراءه , املشتغلني مبا ال فائدة منه . جادة الطريق

والـذي عليه مدار , وهو األصل املعتمد, ما هو من صلبه , اتب العلم أعلى مر/ ثالثا هلذا النوع من العلم –رمحه اهللا–وقد وضع الشاطيب . وإليه تنتهي مقاصد الراسخني , الطلب

مبعىن كونه مفيدا لعلم يترتب عليه مما , كون العلم حاكما ال حمكوما عليه "شروطا ثالثة منها ) 3(".ال زائد على ذلك,ت علوم الشريعة فيما يفيد العمل أو يصوب حنوهفلذلك احنصر,يليق به

, حىت يكون قوله مطابقا لفعلـه , من عالمات العامل املتحقق من علمه العمل مبا علم/ رابعا . وال أن يقتدى به يف علم , يؤخذ عنه فإذا كان خمالفا له فليس بأهل ألن

. 6734: رقم حتت , القضاء و الفتيا يف الطريق: باب , األحكام : كتاب , أخرجه البخاري يف صحيحه ) 1(والقصـة . 974: رقم حتت , ما جاء يف السلب يف النفل: باب , اجلهاد: كتاب , أخرجه مالك يف املوطأ ) 2(

, متشابه القـرآن أن رجال يقال له صبيغ قدم املدينة فجعل يسأل عن "سليمان بن يساركاملة رواها الدارمي عن فأخذ عمر عرجونا من تلـك , نا عبد اهللا صبيغأمن أنت قال :فقال, له عراجني النخل فأرسل إليه عمر وقد أعد

فقال يا أمري املؤمنني حسبك قد ذهـب , ي رأسه مفجعل له ضربا حىت د, نا عبد اهللا عمر أوقال , العراجني فضربه التورع عن اجلواب فيما ليس فيه كتاب وال سـنة : باب, دارمي يف سننهأخرجه ال –. الذي كنت أجد يف رأسي

. 144: رقم حتت , . 59ص , 1جـ , الـموافقات ) 3(

Page 119: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

هو غــلبة هذه احملاولة على ثالثة وما يالحظ يف حماولة الشاطيب ربط العلم بالعمل أي , وقد وصف تلك املقدمات بأا محتاج إليها يف متهيد املقصود ,مقدمات الكتابأرباع

. أنـها بلغة التأليف احلديث تعرب عن فلسفة الكتاب ـوميكن أيضا أن نسح فيها بـذلك تفمـثال , بني هذا الطرح حىت يف املقدمات اليت مل يصر

ا راجعة إىل كليات ثحتدوحتدث فيهـا عـن , يف املقدمة األوىل عن قطعية أصول الفقه ألعلى أساس رجوعها إىل أصـول ونـوأن ذلك يكتنظيم العالقة بني علوم الشريعة املختلفة،

أصول الفقه إىل أصول الشريعة كنسبة أصول الـدين، ألن نسبة"ويقرر ذلك بقوله . الشريعة )1( ."ربة يف كل ملةـليات معتـت يف املرتبة، فقد استوت يف أنها كوإن تفاوت

وتفتع عن أصول الدين أعمال هي للقلب،كما تتفرع عن أصول الفقـه أعمـال هـي رضي ـفو ذلك العلم الذي يـللجوارح، ولعل املسوغ لذلك هو أن العلم الشرعي املطلوب ه

ن أصـل الشـريعة، مه ـع كل من أصول الدين وأصول الفقرفوعلى ذلك فإن ت ,إىل العملـ ـاطيب ينظر بـجعل الش, هاء كل منهما إىل عمل ـوانت علم ـجدية يف العالقـة بـني ال

ــ ـــوالعـ ــد أن يتبناهـــا ـمل يف املنـ ــيت يريـ .ظومة الشـــرعية الـ

. األصولية الدعوة إىل استقالل املباحث: ثانــيالفرع ال - ولعل هذا كان نابعا من عـدم , إن اإلمام الشاطيب قد اجته إىل إصالح املنظومة األصولية

)2(".ن لديه هاجس البحث عن البديلالذي انتهت إليه جهودهم فتكو باحلد" اقتناعه ص إىل موقف رأى فيه قصور أصول الفقه عن مواكبـة املسـتجدات لوالذي يظهر أنه خ

وأما كونه فرضا أو مندوبا أو مباحا أو مكروها أو " عباراته يف املوافقات من مثل قوله ويبينه ـ أدخلها فيها ف نفم, حراما فال مدخل له يف مسائل األصول من حيث هي أصول مبـاب ن

)3(." خلط بعض العلوم ببعض . 22ص , 1جـ , املصدر السابق )1(وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية , 104ص , منهج الدرس الداليل عند اإلمام الشاطيب , مي عبد احلميد العل) 2( .م 2001/هـ 1422: سنة النشر , بدون : الطبعة , املغرب – . 25ص , 1جـ , املوافقات ) 3(

Page 120: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

ذلك من املسـائل , فإنه ال يبىن عليه عمل وما أشبه , وهو ظاهر : " ومن مثل قوله أيضا )1(." اليت فرضوها مما ال مثرة له يف الفقه

وعلى هذا خيرج عـن أصـول :" ر عنها يف قولهكما أن اإلمام الشاطيب له مآخذ أخرى عب )2(.." ملتأخرون وأدخلوها فيهاالفقه كثري من املسائل اليت تكلم عليها ا

شف عدم رضـاه عـن يف هذه العبارات وغريها يك -رمحه اهللا –الشاطيب وال شك أن لذلك فقد دعى إىل اسـتقالل . الطروحات اليت آلت إليها كثري من مباحث علم أصول الفقه

فقال الشـاطيب وإخراج ما كان فيها عارية ال يؤدي غرضا تطبيقيا, مباحث علم أصول الفقه كل مسألة مرسومة يف أصول الفقه ال ينبين عليها فـروع فقهيـة أو آداب : " -رمحه اهللا –

والذي يوضح ذلك أن , فوضعها يف أصول الفقه عارية , أو ال تكون عونا يف ذلك , شرعية فإذا مل يفـد , فيه وحمققا لالجتهاد , هذا العلم مل خيتص بإضافته إىل الفقه إال لكونه مفيدا له

)3(. " ذلك فليس بأصل له إال أنه ال حيصل من اخلالف فيها خالف يف , و قد يوجد مسائل أصولية ينبين حتتها عمل

, فحشو أصول الفقه بوضع األدلة على صحة بعض املـذاهب أو إبطالـه , الفروع الفقهية )4(. ل الفقه منها كسابقه عارية يف املسائل األصولية ينبغي ختليص أصو

خيرج كـثري مـن " , ووفق التقعيد السابق يف بيان ما هو من أصول الفقه وما ليس منها ومما يذكر من تلك املسائل مـا )5("املسائل األصولية اليت تكلم عنها املتأخرون وأدخلوها فيها

: )6(يلي

. 33ص , 1جـ , السابقاملصدر ) 1( . 32و ص 31 ص , 1جـ , نفسهاملصدر ) 2( . 31ص , 1جـ , املصدر نفســه ) 3( . 33ص , 1جـ , املصدر نفســه ) 4( . 32ص , 31ص, 1جـ , املصدر نفســه ) 5( . 33ص , 32ص, 1جـ , يف املوافقات , ذكر اإلمام الشاطيب بعض املسائل على سبيل الذكر ) 6(

Page 121: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

.مسألة ابتداء الوضع : أوال - :وقد اختلفوا كاآليت,فقد مهد األصوليون املباحث اللغوية باحلديث عن مبدأ وضع اللغات , الناس عليها ال عن طريق اصطالح , وذلك عن طريق وحي اهللا تعاىل :القول بالتوقيف -

)1(وأعطوها حجما مثل غريها اإلمام اآلمدي ,ومن األصوليني الذين حبثوا مسألة ابتداء الوضع: وأهل الظاهر ومجاعة من الفقهاء حمتجني بقولـه تعـاىل ةوإىل هذا الرأي ذهب األشاعر }وعلم آدلء كام األسمها ثم عرضهم على المكالئقف, ةـ ئونبال أن ي بأسإن هـؤالء اءم علـى أن آدم فـدلت اآليـة )2( }ناتقالوا سبحانك ال علم لنا إال ما علم, صادقين متنك

3(. لمون إال بتعليم اهللا تعاىلواملالئكة ال يع( وهم الذين قالوا بأن مبدأ اللغات من وضع الناس واصـطالحهم :القائلون باالصطالح -

إىل وضع هذه األلفاظ بـإزاء , أن واحدا أو مجاعة انبعثت داعيته أو دواعيهم" وذلك , عليه وكما , كما يفعل الوالدان بالولد الرضيع ,مث حصل تعريف الباقني باإلشارة والتكرار ,معانيها

يع4(. " ف األخرس ما يف ضمريه باإلشارة والتكرار مرة بعد أخرىر( .تكلمني امل وإىل هذا الرأي مال مجاعة من الذين يرون أن كل واحد من هذه املذاهب ممكن حبيث لو فرض وقوعـه مل :املتوقفون -

وإليه مال مجاعة , وأما وقوع البعض دون البعض فليس عليه دليل قاطع , يلزم عنه حمال لذاته )5( .من املتأخرين

يالحظ جليـا أـم خصــوها ,وبإمعان النظر يف طريقة معاجلة األصوليني هلذه املسألة –رمحه اهللا –لذلك لفــت الشاطيب , ببحوث مستفيضة تكاد تربو عما جاء به اللغويون

من مؤلفاته يف أصول , شافعي املذهب ) هـ 631ت سنة ( ,بو احلسن علي بن أيب علي التغليب اآلمدي أهو ) 1( ) 74ص , 1جـ,طبقات الشافعية لإلسنوي : ينظر يف ترمجته.(اإلحكام يف أصول األحكام :الفقه

. 31 - 30: اآليتني رقم , سورة البقرة )2( دار الكتاب العريب, 110ص , 1جـ , اإلحكام يف أصول األحكام , اآلمدي أبو احلسن علي بن حممد )3( . سيد اجلميلي. د: حتقيق , هـ 1404:سنة النشر, األوىل : الطبعة , بريوت - . 110ص , 1جـ , املرجع نفسه )4( . 111ص , 1جـ , املرجع نفسه ) 5(

Page 122: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

واعترب . واخلالف فيها ال طائل من ورائه , االنتباه إىل أن اخلوض فيها ال ينبين عليه عمل .ا يف أصول الفقه عارية أيضا أن وضعه

وإن - رمحه اهللا –يؤكد كالم الشـاطيب , واملتأمل جيد نصا لإلمـام أبو حامد الغزايل إال , فال مطمع يف معرفته يقينا , أما الواقع من هذه األقسام :" قال, كان سابقا له بقرون

ومل ينقل , العقل يف هذا وال جمال لربهان , أو مسع قاطع , بربهان عـقلي أو بتواتر خرب وال , د عملي ط به تعبال يرتب م الظن يف أمرفال يبقى إال رج, وال فيه مسع قاطع , بتواتر

ت1(."فاخلوض فيه إذن فضول ال أصل له , ق إىل اعتقاده حاجة ره(

. مسألة تتعلق مبباحث هلا أصول كالمية : ثانيا - لتشـمل , ائل األصولية سإخراج ما ال ينبين عليه عمل من امللقد امتدت دعوة الشاطيب إىل

كمسائل شكر ال, كر املسائل اليت هلا أصول كالمية املناداة بالتخلي عن ذومسـائل , نعم ـممن قبله ؟ ومسألة البحـث يف هـل دا بشرععبتم صلى اهللا عليه وسلموهل كان النيب , املعدوم

إضـافة , على أا عارية عن مسائل األصول ن املباحث اليت نصاملباح تكليف ؟ إىل غريها م .للتخلي عن حبثها يف املوافقات

هدوا أنفسهم ودواوينـهم األصـولية يف وأج, ولقد حبث األصوليون القدامى هذه املسائل عهم ن أرجعوا أسباب تناوهلا إىل اتبـا يغري أن هؤالء املتأخر, وحبثها املتأخرون , البحث فيها

لنم سوالنفوس عن الغريـب , فالفطام عن املألوف شديد , ق املتقدمني يف الـتأليف وجمارا )2(. نافرة

فدعا صـراحة إىل التخلـي , إال أن اإلمام الشاطيب جنـح يف وضح احلد هلذه املـجاراة )3(. " يف التقليد أهون يف التمادي , ورأى أن مرارة الفطام واإلقبال على التجديد " , عنها

واملتتبع لطريقة معاجلة األصوليني هلذه , ومن ضمن تلك املسائل الكالمية مسألة أمر املعدوم وأن اخلالف حوهلا ال ينـبين , املسألة جيدهم يعترفون ابتداء بأا من أصعب املسائل األصولية

لشاطيب بضرورة حذفها من ومـن هنا نادى اإلمام ا,عليه عمل وال يرجى منه حتصيل الفائدة . 181ص , املستصفى , الغزايل أبو حـامد )1( ) بتصرف . ( 09ص , املرجع نفسه )2( . 62ص , منهج الدرس الداليل عند اإلمام الشاطيب , عبد احلميد العلمي ) 3(

Page 123: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

, والعودة إن أريد التفصيل فيها إىل مستنداا يف مظاا األصـلية , مباحث علم أصول الفقه وعدمه يوقع األصوليني يف مفارقات نفقدهم يف غالب األحيان طابع ,من مدونات علم الكالم

)1(. التوفيق بني االجتاه الكالمي و الدرس األصويل

قولعل مالعالية على االستقراء ودقة تتبع كشـف للشـاطيب أن كـثريا مـن رة الشاطيبد فنادى بإزاحة , يف اخللط بني علم أصول الفقه وعلم الكالم , األصوليني وقع يف هذه املفارقة

تعليق الشاطيب على ما وقـع عليه من وال أدل, املسائل الكالمية بالكلية من مباحث األصول كمـا أن أفعالـه , لرازي أن أحكام اهللا ليست معللة بعلة البتـة وزعم ا: " فيه الرازي فقال

أثبت ذلـك , وملا اضطر يف علم أصول الفقه إىل إثبات العلل لألحكام الشرعية ... كذلك وال حاجة إىل حتقيق األمـر يف هـذه , على أن العلل مبعىن العالمات املعرفة لألحكام خاصة

)2(." املسألة وجد يف نفسه عند التعريف بصدد الرد علـى املعتزلـة " ارد ومنشأه أنه و التناقض هنا و

ويف املناسبة مل جيـد هلـم كالمـا , فأنكر التعليل , يف هذه املسألة , املخالفني له يف العقيدة )3(. " وسها عن أصله الذي أصله , أو قلد غريه , فاعترف به

فإذا وجدنا الـرازي : " هذا الوجه فقال وقد حاول األستاذ الريسوين تأول األمر على غري ال لكون أحكام اهللا غري معللـة يف , فلعدم انضباطها , يقول مبنع التعليل باملصلحة واملفسدة )4(. "حقيقتها جبلب املصاحل ودرء املفاسد

. مسألة تتعلق باملباحث املنطقية : ثالثا جيسـد , هه لتأسيس منط تفكـري مميـز املالحظ على تطر مسرية الفكر األصويل هو توج

غري أن املالحظ هو , اخلصوصية الذاتية للثقافة اإلسالمية بعيدا عن االستعانة بالثقافة اليونانية ) بتصرف . ( 64ص , املرجع السابق )1( . 4ص, 2جـ , املوفقات )2(سنة النشر , الثانية : الطبعة , بريوت –لعربية دار النهضة ا, 106ص , تعليل األحكام , حممد مصطفى شليب ) 3(, وجيدر التعليق هنا على ما استهان به األستاذ شليب حني أطلق الكالم على عواهنـه . م 1981/ هـ 1401:

وكـان , وهذا يعين ما يعنيه من كفر أحدمها إذا كان اآلخر مسـلما , فصرح مبخالفة املعتزلة للرازي يف العقيدة . لتضييق بذكر االختالف يف بعض اجلزئيات األجدر ا

. 214ص , نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب , أمحد الريسوين ) 4(

Page 124: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

صوليني ميزج بـني األدوات وبدأ عمل األ, تغير هذا النسق ابتداء من القرن اخلامس اهلجري فبعدما كان املنظرون , املعرفية للثقافة اإلسالمية و واألدوات املعرفية واملنهجية للثقافة اليونانية

فجـاء , وكانوا يعيـبون مباحثها ويثبتون اعتالهلا , املسلمون ال يلتفـتون إىل طريق املناطقة مث بعده تكلـم يف هاتـه , وخلطه به ,حامد الغزيل ومزج كتب األصول بأصول املنطق أبو

)1(. املسائل علماء املسلمني باإلغراق يف التفصيل

صرح بأا ليست من مجلة علم األصول وال مـن , فقد أورد اإلمام الغزيل مقدمة منطقية ومن مل حيط ا علما ودركا فال يوثق بعلمـه , بل هي مقدمة العلوم كلها , مقدماته اخلاصة

.ومعرفته وقد دأب املصنفون يف علم األصول على جه فأصبحت املسائل املنطقية نسقا مطردا يف

لذلك أعرب اإلمام الشاطيب عن موقفه بضرورة ختليص علم األصول من أشـباه , مصنفام .تلك املسائل اليت فرضوها مما ال مثرة تندرج حتته

صـدرها ,ومل يصدر كتابه مبا اعتادوه بل , له لتلك املباحث وقد جسد ذلك يف عدم تناو وأيضـا مـن . مبا يستنكــر هذا االطراد يف التأليف بإدخال ما ليس يف مجلة األصول فيه

خالل التنبيه يف أكثر من مناسبة على انزعاجه من القضايا الفلسفية واملنطقية اليت تبعـد عـن , والطرائق املستعملة , فالتزام االصطالحات املنطقية " , ور الطريق التقرييب الذي يليق باجلمه

مل توضع إال علـى شـرط , ألن الشريعة , فيها مبعد عن الوصول إىل املطـلوب يف األكثر )2(." ومراعاة املنطق يف القضايا الشرعية منـاف لذلك , األمية

, باستقالل علم أصـول الفقـه –رمحه اهللا –ولعله من اجلدير التذكري بأن مطالبة الشاطيب ال يراد منها إبعاد املشتغل بالشريعة عن التضـلع يف بعـض , ودعوته إىل إخراج ما ليس منه

لذلك دعا إىل أن يكون الناظر يف أحكام الشريعة متضلعا ومستوعبا لتلـك , العلوم األخرى ومآخذ الشاطيب ترجـع إىل , د العلوم بالقدر الذي يستطيع به االنتصاب ملهمة النظر واالجتها

ومن أدخلها فيه فمن باب خلط بعـض , كون تلك العلوم والتبحر فيها من علم أصول الفقه . العلوم ببعض

–دار الكتب العلمية , 113ص , صون املنطق والكالم عن فن املنطق والكالم , السيوطي جالل الدين )1( . الدكتور سامي النشار : تعليق , ن بدو: سنة النشر , بدون : الطبعة , بريوت

. 281 ص , 280ص, 4جـ , املوفقات )2(

Page 125: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

فقـد , يف األوساط العلميـة , مل يكن تطرق اإلمام الشاطيب ملوضوع املقاصد أمرا جديدا واملتتبع لكيفية معاجلة الشاطيب مبحث املقاصد جيد لـه فيهـا , قه يف ذلك بعض املتقدمني سب

: نظرين أحدمها يهتم باجلانب العلمي لدى اتهد حيث جعل ضابط فهم النظـر يف األحكـام -

الشرعية و مرتبطا مبدى موافقته ملقصود الشارع بناء على قصد الشارع يف القيام مبصاحل الدين . والدنيا

والثاين اجلانب العملي لدى اتهد ألن نظر الشاطيب إىل املقاصد الشرعية على أا كليات - أدى به إىل توظيف هذا الفهم يف استنباط األحكام العملية من خالل رد اجلزئيات إىل , قطعية

)1(. الكليات , وذلك بثرائه من حيـث الكـم لذلك فبحثه يف املقاصد خيتلف اختالفا بينا عند غريه و

)2(. وتوظيفه توظيفا تطبيقيا من حيث التوجـيه , وتفصيله وحتليله من حيث احملتوى : " ضـبطها بقولـه , ففي مبحث املقاصد فصل القول فيها ببسط واسع يف أربعة أقسـام

ىل قصـد واآلخر يرجع إ, أحدمها يرجع إىل قصد الشارع : واملقاصد اليت ينظر فيها قسمان ومن جهة قصده يف وضـعها لإلفهـام , فاألول يعترب من جهة قصد الشارع ابتداء , املكلف

, ومن جهة قصده يف دخول املكلف حتت حكمهـا , ومن جهة وضعها للتكليف مبقتضاها , )3(" فهذه أربعة أنواع

زء الثاين من انربى لبسط هذه األنواع األربعة يف اجل –رمحه اهللا –وميكن أن يكون الشاطيب رمبا كان البعض منـها , واشتمل بسطه ذاك على قضايا كثرية , وشرحها , كتاب املوافقات

إال أن , ومقدمات و ومستلزمات ال م الغرض التطبيقي كثريا , عبارة عن تعليقات وشروح بتصـرف ( . 90ص , 89ص , 88ص , منهج الدرس الداليل عند اإلمام الشاطيب , عبد احلميد العلمي ) 1(

) وتلخيص . 259ص , جملة املوافقات , فقه التطبيق ألحكام الشريعة اإلسالمية عند اإلمام الشاطيب , عبد ايد النجار )2( . 4وص , 3ص , 2جـ , املوافقات ) 3(

Page 126: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

أكثرها موجه لبيان الكيفية اليت يتم ا صياغة احلكم الشرعي العملي يف عملية الترتيـل بنـاء والكيفية اليت يتم ا تطبيقه على األفعال والنوازل واحلوادث , على مقاصد الشريعة اإلسالمية

. لتحقيق تلك املقاصد الشرعية يف آحادها العينية املشخصة , العينية من تتبع ما عنون به فصول ومسائل القضايا املدرجة يف جزء املقاصد يتبني له ذلك بوضوح و

حبث املقاصد يف إطـار –رمحه اهللا –و ينصب هذا املطلب على إثبات أن الشاطيب . وجالءـزيليا برز من خالل مظاهر وحماور , غرض تطبيقي اهتم فيه بالرتوع بأصول الفقه منـزعا تن

. املقاصدي عنده منها الدرس . اهتمامه بقضايا اهلدي املقصدي : الفرع األول -ذلك أن الشريعة اإلسالمية جاءت لتخرج الناس من دواعي األهواء حىت يكونـوا عبـاد هللا

إال أن استعملت يف تكليف النـاس , وذلك بتمثل هديها , اختيارا كما هم عباد له اضطرار , مترددة يف اإلرشاد إىل احلقيقة بني التفصـيل , ساسية من اهلدي ذه الشريعة ثالثة أنواع أ

يندرج األصغر منها يف , وهذه األنواع الثالثة تنتظم يف دوائر متواسعة . وبني الكلية والتعميم والضبط املقيد , فهناك أحكام شرعية نزع الشرع فيها إىل التفصيل البيان , الذي هو اكرب منه

كم أننا جند أحكاما أخرى ذهب , يكون جاريا حبسب اهلدي التشريعي حىت, لكيفية الفعل , فتناولت أجناس األعمال أمرا وـيا دون تفصـيلها , فيها الشره إىل انتزاع مرتع التعميم

فهو بصفة عامة تشمل النوع األول وتنفسح لغريه مما , وهذا القسم الثاين قريب من الذي قبله حيث مل تتناول أفعاال بعينها , نوع ثالث وصل التعميم فيها حدا بالغا وهناك , مل يقع تفصيله

وإمنا هي حتدد املقاصد العامة ملا جيب أن تكون عليـه أعمـال , ولو يف مستوى أجناسها , )1(. فترسم النموذج املنشود ولكن حبرب املقاصد , اإلنسان عامة

:ثالثة وبعدها التفصيل وملزيد البيان والشرح هذه أمثلة عن األنواع ال فنجد أسلوب الضـبط والتحديد جاء ) : اهلدي التفصيلي ( مثال النوع األول من اهلدي - . 54ص , 53ص , 1 جـ , فقه التدين فهما وترتيال , عبد ايد النجار ) 1(

Page 127: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

فقد بني اهللا تعاىل فيـه )1(}للذكر مثل حظ األنثيين{ :يف حتديد أنصبة املرياث يف قوله تعاىل .بيانا مفصال كيفية مرياث األبناء

فنجد أن اهللا عز وجل أمر بالعـدل يف : )اهلدي الكـلي ( مثال النوع الثاين من اهلدي - ـر بالعدل واإلحسان وإيتـاء ذي { : بعض فقال تعاىل تعامل الناس بعضهم مع إن اهللا يأم

ـى فقد أمر اهللا عز وجل بالعدل على سبيل اإلمجال حبيث أن العـدل وصـف )2(} القربكمسائل املـرياث , فيشمل ما ثبت من القسم األول , ضابط جلنس واسع من أعمال الناس

. ن سائر األعمال اليت يكون فيها التعامل جاريا بني الناس ويشمل غريها م, فهو يشملها ال : " صلى اهللا عليه وسـلم فقد قال النيب : )اهلدي املقصدي ( مثال النوع الثالث من اهلدي -

ـرار وال ض ررن فيه أحد مقاصد الشريعة اليت تندرج كثري من األفعال العينيـة )3(." ضوبي ,, كما سبق التنبيه عليـه يف املثـال األول , فيشمل مرياث األبناء , حتته واألنواع واألجناس

وما مل يتناول سابقا ممـا , وتشمل األعمال اليت تكون طريقا للعدل كما ظهر من املثال الثاين . ميكن أن يستجد يف حياة اإلنسان

: تعريف اهلدي املقصدي - فقد ال يكـون اهلـدي , ا على مقاصد دف إىل حتقيقها إن ابتناء أوامر الشريعة ونواهيه

وما ينبغـي أن ال , يتناول املطلوب بيانا ملا ينبغي أن يفعل , التشريعي متمثال يف إرشاد مباشر بل يكون هنـا متمثال يف اهلدي املقاصدي الـذي ميكـن , يفعل من األفعال اجلزئية العينية

حبيث جيتنب , ي إىل املقاصد لتطلب بالنظر الذي حيققها بأنه إرشاد التشريع اإلسالم: تعريفه . وال إىل كيفيات جريان األفعال يف ذاا , اإلرشاد فيها على تقدير وال هيئات

. 11: اآليـة رقم , سورة النساء ) 1( . 90: اآلية رقم , سورة النحل )2(, 2341: رقـم حتت , ن بىن يف حقه ما يضر جبارهم: باب , األحكام : كتاب , أخرجه ابن ماجه يف سننه ) 3(

– 896 : حديث رقم, إرواء الغليل يف ختريج أحاديث منار السبيل: ينظر -وصححه الشيخ األلباين

Page 128: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

: رتيل عند الشاطيب عالقة اهلدي املقصدي بالت - ال بد من القول بان اإلمام الشاطيب قسم احلقـوق الواجبـة , قبل احلديث عن تلك العالقة

سواء كانت تلك احلقوق هللا تعاىل كتكاليف الصـالة والصـيام و , على املكلف إىل ضربني صـالح وتكاليف النصيحة وإ, أو كانت حقوقا لآلدميني كأحكام الديون والنفقات , احلج

. ذات البني وغريها ويقصد ا اإلمام الشاطيب ما قدر فيه التكليـف , فهو احلدود املقدرة :أما القسم األول -

, ومقادير الزكوات , فمثله يف العبادات فرائض الصلوات , وكيفية مبينة , وأنيط يئة مقدرة فهذه حقوق تلزم مبوجب ذلـك , ها وغري, وقيم املتلفات , ويف املعامالت أمثان املشتريات

فان هذا األخري إضافة أشعرت باقتضاء معىن زائد عن معـىن الطلـب إىل , التحديد والتقدير حيث أن ترتب اإلمث والعقاب عنـد , وأداء ذلك املعين , معىن القيام باملطلوب كما نص عليه

فإذا مل يؤده فاخلطاب , ددة واملقدرة مث إمهاله يف صيغته احمل, املخالفة مرتب على إمهاله بالكلية . وال يسقط عنه إال بدليل , باق عليه

ويقصد ـا اإلمـام , وهو الذي يهمنا هنا فهو احلدود غري احملدودة :وأما القسم الثاين - ولكنـه , غري أن الشرع عمد إىل إخفاء هيئته ومقـداره , ما خوطب به املكلفون , الشاطيب

وبـالرجوع إىل مقصـد , املقصد منه و فتعيني املقدار يتبني بالنظر ال بـالنص أناطه بتحقيق وعالقته بترتيل أحكام الشريعة واضح , وهو اهلدي املقاصدي الذي عرفناه آنفا , الشارع منه

. باعتبار أن تعين املقدار يرجع فيه إىل تتبع حصول املقصد يف الواقع , ودفـع حاجـات احملتـاجني , وسد اخلالت , املطلقة النوع الصدقات " ومن أمثلة هذا

ويـدخل , والنهي عن املنكر , واألمر باملعروف , واجلهاد , وإنقاذ الغرقى , وإغاثة امللهوفني ولتوضيح معىن الترتيل يف هذا النوع من اهلـدي نسـتعني )1(. " حتته سائر فروض الكفايات

ـر{: قال اهللا عز وجل: بتشريح املثال التايل تعوالـم وا القانعمفخطاب التكليف )2(} أطع . 122ص , 1جـ , املوافقات ) 1( . 36: اآلية رقم , سورة احلج ) 2(

Page 129: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

تعاىل أمر مبقتضاه بسد اخلالت ودفع حاجـة احملـتجني فاهللا , هنا متوجه إىل عموم املسلمني فهو الزم يف ذمة ,غري أنه تعاىل ما حد له حدا وال عني له مقدارا , وإطعام الفقراء واملساكني

غري أا ال تترتب يف ذمته إال بقدر ما يرتبها الواقع املـراد ترتيـل , وهو مطالب به , املكلف يتحقق املقصـد أو يتخلـف , متعني مشخص حفته عوامل وهو واقع , حكم اإلطعام عليه

.مبقتضاها فإذا " ومقصد احلكم,ويف خطاب الشرع,فالنظر إىل تلك املالبسات نظر يف أصل التكليف

فإذا تعني جائع فهـو مـأمور , تعينت حاجة تبني مقدار ما حيتاج إليه فيها بالنظر ال بالنص فإن أطعمه ما ال يرفع عنه اجلـوع فالطلـب , إلطالق وسد خلته و مبقتضى ذلك ا, بإطعامه

والذي , ما مل يفعل من ذلك ما هو كاف ورافع للحاجة اليت من أجلها أمر ابتداء , باق عليه فقد يكون غـري مفـرط , هو كاف خيتـلف باختالف الساعات واحلاالت يف ذلك املعني

وقـد , احتاج إىل أكثر منه , ط عليه فإذا تركه حىت أفر, فيحتاج إىل مقدار الطعام , اجلوع فيطلب هذا بأقـل ممـا , وقد يطعمه آخر ما ال يكفيه , يطعمه آخر فريتفع عنه الطلب رأسا

)1(." كان مطلوبا به, أن هذا النوع من اهلدي ال ترتب له يف ذمـة املكلـف –رمحه اهللا –وقد قرر الشاطيب

مث تـم , أما وأنه قد لزمه أوال , ة عند اجلهل باملقدار وهو احلق إذا قصد به عدم رتبه يف الذمفقد ترتب يف ذمته حسب ما أعطاه ذلك , ترتيله يف الواقع ملعرفة املقدار واهليئة بنظر مقاصدي

. النظر . اهتمامه بوسائل التحقق من املقاصد الشرعية : ثانــيالفرع ال - ية الترتيل هو التحقق من حصول املقاصد الشـرعية يف ال خيفى أن أحد األبعاد املهمة يف عمل

املقصود الشرعي من اخلطـاب الـوارد علـى " ذلك أنه ملا كان , آحاد الوقائع واجلزئيات فقد حق على )2("املكلفني هو تفهيم ما خلم وما عليهم مما هو مصلحة هلم يف دنياهم وأخراهم

. 122ص , 1جـ , املصـدر السابـق ) 1( . 291ص , 3جـ , املصدر نفسه ) 2(

Page 130: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

ألن حقيقـة االجتـهاد تكمـن يف , املسائل الشرعية استحضار هذا القصد كل ناظر يف "حبث يف اآلليات –رمحه اهللا –اطيب ومن مث فإن الش )1(" التحويـم على إصابة قصد الشارع

. ووقائع احلال , اليت ا يتحقق من حصول املقاصد الشرعية يف آحاد أفعال الناس فإن على اتهد أن ينظر يف ذلك املقصـد مـن , فإذا علم املقصد من احلكم بصفة نظرية

اردة مشخصة على حينما جتري األحكام , حيث ما يؤول إليه من حتقيق للمقاصد أو عدمه ذلك أن معرفة املقصد الشرعي ال ميكن دون اللجوء إىل تتبع احلكم يف الواقع , أفعال املكلفني

وإمنا ذالـك يكـون , ويدخل على غريه الفساد , فرب عمل يدخل على شخص صالحا , . وبالنظر حلال الوقت والشخص , الختالف املناطني

فهو يشرح املقاصـد الشـرعية , اهتماما زائدا ذه املسألة و قد كان اإلمام الشاطيب يويل وذلك عندما تترتل , ويلتفت يف هذا الشرح إىل األيلولة الواقعية للمقاصد الثابتة للحكم نظرا

وينبه يف هذا االلتفات إىل أنه ينبغي أن يتم إجـراء األحكـام عليهـا , على األفعال والوقائع )2(. قاصد بالكيفية اليت تتحقق ا امل

فتركت اإلشارة لـه , وقد مت بيان ذلك يف املبحث الثاين من الفصل الثاين من هذه املذكرة . هنا لتفصيله هناك

. 106ص , 4جـ , املصـدر السابـق ) 1( . 279ص , جملة املوافقات ,فقه التطبيق ألحكام الشريعة اإلسالمية عند اإلمام الشاطيب , عبد ايد النجار )2(

Page 131: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

هذا الوضـع وقد درس الشاطيب , إن مما كان عايشه الشاطيب يف األندلس االحنراف يف الدين باعتباره مـن الحنراف كان يرتكب السائد يف عصره دراسة معمقة أفضت عن تقرير بأن هذا ا

وأيضا من جانب سوء ترتيل أحكـام وأدلـة ,ال من باب االحنراف ,صلب الدين وجوهره :فتنـزل األدلة على غري مناطاا فاهتم بالبدعة حبثا وبيانا على مستويني , الشرع على الواقع

ريـر مفهومهـا وأدلـة وذلك من خالل حت . البحث يف مسائل البدع فهما : الفرع األول والقى من ذلك صـنوف التعـب , والرد على من ابتدع يف الدين , تصنيف البدع واعتبارها

:ملا ابتلي بالبدع "وقد قال يف شعر له , واإلنكار ـليت يا قوم والبلوى مـــنوعة بـرديـين بـمن أداريه حـىت كاد ي دفـع املـــضرة ال جلب ملصلحة

)1("ي ويف ديينفـحسيب اهللا يف عقــل

حيـث , لقد ج الشاطيب غري أسلوب اجلمهور يف تعريف البدع : تعريف الشاطيب للبدع -يف العبـادات أو , الذي جعل دينا قوميا ومنهجا مستقيما , حصرها يف احملدث املخالف للسنة

)2(. غريها من املعامالت طريقة : " أما األوىل فقد قال , طيب ميز بني تعريفني للبدع عند اإلمام الشاـونستطيع أن ن

يقصـد يف السلوك عليها املبالغة يف التعبد هللا عـز , تضاهي الشرعية , خمترعـة , يف الدين )3(. " وجل

طريقة يف الدين خمترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليهـا مـا " وقد عرفها أيضا بأا )4(. " يقصد بالطريقة الشرعية

. 38ص , ل االبتهاج ني) 1( . 323ص , الثابت واملتغري يف فكر اإلمام أيب إسحاق الشاطيب , جمدي حممد عاشور )2( . 28ص , االعتصام ) 3( . 28ص , املصدر نفـسـه ) 4(

Page 132: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

, يف حترير القول يف البدع واحملدثات مسلكا مقاصديا -رمحه اهللا –الشاطيب وقد سلك اعتـرب البـدع يف بعـض , وكثر شرحه هلا وتقعيده فيها , فيبدوا أنه ملا تأثر مبقاصد الشريعة

فاملبتدع يف دين اهللا عـز , تعريفاته للبدعة أا هي اليت ترجع على املقاصد الشرعية بالبطالن لبعد , بعضها أشد من بعض " فبدعه ومستحدثاته , تصرف يف الشرع وفق أغراضه وي, وجل

مطهرة , هذه األغراض عن مقاصد الشريعة اإلسالمية املوضوعة مربأة عن مقاصد املتخرصني )1(. "ملن متسك ا عن أوضار اتباع اهلوى

ة بإطالق عند اإلمـام دعة مذمومـالب :حكم البدعة عند الشاطيب وتشنيعه على أصحاا - , تراع يضاهي ما شرعه اهللا عز وجل ـووصفها بأا اخ, الل تعريفه هلا ـفمن خ, الشاطيب

وقـد ,مامه ونقصانه ـوتسلب الدين ت, ريعة بالنقصان ـحمل وصم اام الشـفصاحبها يورضـيت لكـم , م نعمتي وأتممت عليك, اليوم أكملت لكم دينكم { : قال اهللا تعاىل )2( }اإلسالم دينا

.ويستدل الشاطيب يف هذا اإلطالق السابق إىل نصوص نقلي وعقلية . ترتيال البحث يف مسائل البدع : لثـاينالفرع ا

ن أكثر م, اا االحنراف يف الترتيل بأسأهم فقد حبث اإلمام الشاطيب يف البدع وبني أن من فراح من خالل كتاب املوافقات حيقق العزم يف بناء مرتع منهجي , االحنراف يف االستنباط

ومن هذا الوجه كان حبث الشاطـيب يف مسائل البدع مظهرا من مظاهر ,حلسن التنـزيل على أن من أسبـاب اهلوى املـوقع للتبدع يف الدين –رمحه اهللا -فيؤكد , الرتعة الترتيلية

, فيصرف عن ذلك املناط , بان يرد الدليل على مناط " ألدلة عن مواضعها وذلك حتريف ا, :وصرف الدليل عن مناطه له وجهان )3(." إىل أمر آخر مومها أن املناطني واحد

فإذا نـدب " , وهو االشتباه الواقع يف ترتيل األدلة الشرعية على وقائع األفعال :أحدمها - . 361ص , االعتصام ) 1( . 3: اآلية رقم , سورة املـائدة )2( . 177ص , املصدر السابق ) 3(

Page 133: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

-

الفصـل األول

وبصوت واحـد أو , فالتزم قوم االجتماع عليه على لسان واحد , الشرع مثال إىل ذكر اهللا مل يكن يف ندب الشرع ما يـدل علـى هـذا , معلوم خمصوص عن سائر األوقات يف وقت

)1(." بل فيه ما يدل على خالفه , التخصيص امللتزم

إذ املكلف , التزام البعض تقييد املطلق باملقيدات مبا ليس له دليل على اخلصوص :ثانيهما - وقد حبث هذه املسـألة , دليل مفتقر يف أداء مقتضى املطلقات على وجه واحد دون غريه إىل

وقرر أن األمر باملطلق . ووضح أمر العمل املطلق وإيقاعه يف الوجود اخلارجي , يف املوافقات ) 2(. ال يستلزم األمر باملقيد

. 177ص , املصدر السابق ) 1( . 362ص , فكر اإلمام أيب إسحاق الشاطيب الثابت واملتغري يف, جمدي حممد عاشور )2(

Page 134: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

Page 135: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

Page 136: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

: ة ـتــــوطــــــــــئ ال تكفـي , لتهتدي ا يف مجيع نواحيها , ترتيل أحكام الشريعة يف واقع أحداث احلياة إن

وكثري من الدقة , بل هو عمل اجتهادي يلزمه الكثري من املناهج والقواعد , فيه اإلرادة املتوكلة مل يكتف بالتنبيه إىل ضرورة إعطاء الترتيل مكانتـه احلقيقيـة –ه اهللا رمح –لذلك فالشاطيب ,

بل دعى إىل أن يكون هذا الترتيل مسددا ومل يكتف بذلك بـل راح , ضمن املباحث األصولية د الترتيل وفقهـدسضابطا قواعده يف أحناء مفرقة من كتابه املوافقات , يكشف منهجا قوميا ي ,

كما أنه يف باقـي األبواب األخرى عمد إىل توجيهها توجيها , ـانب املقاصد مركزا على ج . خادما ملا له فائـدة ترتيلية

أو لنسمها القواعد اإلجرائية لترتيل أحكام الشريعة , ومن ثـم تناول هذا الفصل اآلليات , احلثيث ملا كتبه ءاجها باالستقراوقد مت استنت –رمحه اهللا –على الوقائع كما تصورها الشاطيب

وضع بني -جمتهدين كانوا أو ال -فقد وضع هذا الفذ ملن بعده من املرتلني لألحكام الشرعية وكأنه مل يكتف باإلشارة ملبدأ ترتيل األحكام وال أصله , أيديهم مسالك تسدد عملهم الترتيلي

.اإلجرائية املحققة له بل أوجد حىت اآلليات, وال ضبط معانيه فقط ويف مبحث أول من هذا الفصل مت التطرق للمسلك األول اخلاص مبراقبة الواقعة واملسـمى

لضمان معرفة الواقعة املشخصة معرفة جيدة مث تطبيق احلكم النظري عليهـا أو , بتحقيق املناط ق فيه للمسلك الثاين الذي وضـعه واملبحث الثاين مت التطر, أو البحث عن حكم يناسبها , ال

فوجـود مقصـد , اإلمام الشاطيب وهو التحقق من حصول مقصد تشريع احلكم عند ترتيلـه وكثري من األحكـام املنزلـة علـى , الشارع يف األحكام الشرعية ال يعين وجوده بعد الترتيل

رمحـه –لنا الشاطيب وثالث مبحث قدم, احلوادث غاب فيها املقصد املرجو من تشريع احلكم وما املصاحل واملفاسـد , فيه مسلك مراعاة مآل احلكم الشرعي لو طبق على تلك الواقعة -اهللا

.املتوقعة منه

Page 137: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

:لبان ـــــــــوفيه مط -

Page 138: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

هو فهـم عـام , من الواضح أن فهم احلكم الشرعي واستنباطه بطرق االستنباط املختلفة ذلك أن وقـائع , فهو كلي ال ميكن تطبيقه بصورة آلية , باعتبار أنه خال من عوامل التشخص

لذلك أول ما ينبغي فعله هو البحث يف تلك الصور اجلزئية ملعرفة نوعها , عال جزئية معينة األفإن , حىت يسهل عند تطبيق احلكم إحلاق اجلزئية مبـا يناسـبها ,وما تتوفر عليه من صفات ,

.أو البحث عن حكم شرعي جديد يناسبها , كانت هلا نظائر اهتماما منقطع النظري مبسألة حتقيق املناط وجعلها أصال من وجند أن اإلمام الشاطيب قد اهتم

عندما حبثوه ضـمن , خبالف ما كان عليه احلال عند األصوليون قبله , أصول النظر الترتيلي .مسلك ضيق يف معرفة العلل الشرعية

مث ,مفهوم حتقيق املناط عند اإلمام الشـاطيب , وهذا املبحث سوف يتناول يف مطلب أول كمـا , يتناول يف مطلب ثان منه الكشف عن أهم القواعد اإلجرائية اليت يتحقق ا من املناط

. -رمحه اهللا –وضحها

: التعريف اإلفرادي -: الفــــــــرع األول - :تعريف التحقيق لغة واصطالحا /أوال وجـاء يف خمتـار , ) 1("لها ـات املسألة بدليإثب" التحقيق يف اللغة : تعريف التحقيق لغـة -

وأحقه أي حتقق منه على يقـني ... وادعى كل واحد منهما احلق , حاقه خاصمه : "الصحاح .. وحق األمر حيق وحيق حقا وحقوقا صار حقا وثبـت : " وعرفه يف لسان العرب بقوله )2(."

)3(."وحققه صدقه وحقه, وأثبته وصار عنده حقا ال يشك فيه ال ميكن احلديث عن معىن اصطالحي للفظ التحقيق باعتبار أنه :تعريف التحقيق اصطالحا -

املعاين اللغويـة من نه انطالقاأإال , كل صاحب اختصاص هالقب يضاف إىل املعاين اليت يريدغية التصـديق والتأكيـد متنازع فيه بالنظر الدقيق يف إثبات أمر علىالتحقيق محل معىنميكن . بيقني

. 75ص , التعريفات ,علي بن حممد بن علي )1( . 62ص , خمتار الصحاح , الرازي حممد بن أيب بكر )2( . 49 ص , 10جـ, لسان العرب , ابن منظور ) 3(

Page 139: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

: تعريف املناط يف اللغة واالصطالح / ثانيا - :تعريف املناط لـغـة -

وانتـاط بـه ... ,والنوط ما علق , ناط الشيء ينوطه نوطا علقه : "جاء يف لسان العرب قال رقاع بـن قـيس . ويقال نيط عليه الشيء علق عليه ..... واألنواط املعاليق ..... تعلق

هاـجلدي تراب مس وأول أرض ائمي مـت ت علييطا ن الدـب :األسدي )1(." وانتاط أي بعد , ويقال انتاطت املغازي أي بعدت ... ونيط به الشيء وصل به

كما يالحظ أنه قد , فحاصل النظر أن املناط تستعمله العرب للداللة على تعليق شيء بآخر .ومن معانيه اليت أشري إليها آنفا معىن البعد , بالوصل والربط يرتبط معناه

:تعريف املناط اصطالحا - رتب الشارع األحكام الشرعية العلة اليت للتعبري عنمجهور األصوليني هذا املصطلح استعمل

. )2(."قالعلة اليت نيط احلكم ا أي عل : "وقد عرفه بعض األصوليون بأنه , عليها يف منـاط احلكـم أي يف واالجتهادقالوا النظر , األصوليني العلة عندملناط ا:" و قال غريه )3(." علته

)4("ه احلكم علة لهبن الوصف املناط وك أي :"أكد هذا صاحب التقرير والتحبري بقوله وقد يف الشرعيات مناط احلكم، أي ما أضـاف ةاعلم أننا نعين بالعل": وقال صاحب املستصفى

)5(" .به عالمة عليهونص , ناطه به الشرع احلكم إليه و . 418و ص , 417ص , 7جـ , لسان العرب , ابن منظور ) 1(صندوق إحيـاء التـراث , 171ص , 2جـ, نشر البنود على مراقي السعود , الشنقيطي عبد اهللا بن إبراهيم ) 2(

.بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , غرب امل –اإلسالمي , باكسـتان / كراتشي –دف ـالص دار, 509ص , قواعد الفقه, جددي الربكيتـحممد عميم اإلحسان امل) 3(

. م 1986/ هـ 1407: سنة النشر , األوىل :الطبعة احلنفية والشافعية اصطالحيمع بني جاـيف علم األصول ال التقرير والتحبري, حممد بن حسن بن علي بن سليمان ) 4( .م 1996 : سنة النشر , األوىل : الطبعة , بريوت -دار الفكر , 345ص , 3جـ, الطبعة , بريوت -دار الكتب العلمية, 281ص , املستصفى يف علم األصول, حممد بن حممد الغزايل أبو حامد) 5( . مد عبد السالم عبد الشايفحم: حتقيق , هـ 1413: سنة النشر , األوىل :

Page 140: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

:التعريف اإلضايف - : ثانيالفــــــــرع ال - واملالحـظ أن هـذا , وبعـده –رمحه اهللا –ستعمال قبل الشاطيب كان هذا املصطلح م

ذي كان قبل اإلمام الشاطيب كان ضيقا حيصر مفهوم حتقيق املناط فــي بـاب االستعمال اليف الفرع حىت يتم إحلـاق حكـم األصـل -اليت وجدت يف األصل -بإثبات العلة , القياس حىت جاء اإلمام الشاطيب ووسع مدلوله ليصبح ضابطا مهما ومسلكا يفـزع إليـه يف , بالفرع

مث عنـد اإلمـام , لذلك سيتم تعريفه عند األصـوليني , تنـزيلها تطبيق األحكام الشرعية و .ليظهر الفرق بني التعريفني واالستعمالني , -رغم أنه من األصوليني -الشاطيب

. حتقيق املناط عند األصوليني : أوال - قـد لكن هذا املفهوم, حتقيق املناط يف باب القياس متت اإلشارة قبل قليل إىل حصر مفهوم

:تطور تطورا تارخييا ونستطيع التمييز بني إطالقني حتقيق املناط يف التحقـق مـن استعمل غالب األصوليني مصطلحلقد :اإلطالق األول -أ

احلكـم التعرف عليهـا يف بعد واملفردات املشخصة , املعينة وجود علة احلكم يف اجلزئيات ها من األصل إىل الفرع، فهي ركن من أركان القيـاس تيتعد ألجل، األصلي الذي يقاس عليه

لنظر يف معرفة العلة يف آحاد الصور بعد معرفتـها ا" فنجدهم يعرفون حتقيق املناط بأنه األصويل، )1( ."يف نفسها، وسواء كانت معروفة بنص أو إمجاع أو استنباط

معرفة وجودها يف آحاد الصـور إثبات العلة يف آحاد صورها بالنظر واالجتهاد يف" وأحيانا )2(." بعد معرفتها يف ذاا

, وذلك بانتباه بعض األصوليني إىل معىن ترتيـل أحكـام الشـريعة :اإلطالق الثاين -ب فأصبح حتقيق املناط خيرج من دائرة القياس إىل دائرة االجتهاد يف الترتيل ومن ذلك التعريفـات

:التالية دار الكتاب العريب , 335ص , 3جـ , اإلحكام يف أصول األحكام , مدي ابو احلسن علي بن حممد اآل )1( . سيد اجلميلي. د: حتقيق , هـ 1404: سنة النشر , األوىل : الطبعة , بريوت -, بدون: الطبعة , الرياض –مكتبة العبيكان , 200ص , 4جـ ,شرح الكوكب املنري , الفتوحي ابن النجار ) 2(

.حممد الزحيلي و نزيه محاد : حتقيق , 1993: نشر سنة ال

Page 141: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

أما االجتهاد يف : "فقال –قاصدا توسيع معناه – فقد حتدث عنه صاحب املستصفى -1 مثاله االجتهاد يف تعـيني اإلمـام و, األمة يف جوازهرف خالفا بني فال نع, حتقيق مناط احلكم

وتقدير الكفايـات يف , وكذلك يف تقدير املقدرات , وكذا تعيني الوالة والقضاة ..باالجتهاد , روش اجلنايات وطلب املثل يف جزاء الصـيد أ و, م املتلفات يل يف قنفقة القرابات وإجياب املث

طـل كفايـة هلـذا أما أن الر, وذلك معلوم النص , لكفاية فإن مناط احلكم يف نفقة القريب اأحدمها أنه ال بد , وينتظم هذا االجتهاد بأصلني , درك باالجتهاد والتخمني في, الشخص أم ال

لة وليس ذلك من بومن هذا القبيل االجتهاد يف الق ...والثاين أن الرطل قدر الكفاية , من الكفايةأما أن هذه جهة القبلة , وهو معلوم بالنص , لة باجب استقبال جهة القبل الو, القياس يف شيء

فإنوهو نوع اجتهاد ,وهذا ال خالف فيه بني األمة...علم باالجتهاد واألمارات املوجبة للظن ه يرورة كل شريعة ـفكيف يكون هذا قياسا وكيف يكون خمتلفا فيه وهو ض , ف فيهوالقياس خمتل

".)1( األخـري جتـهاد القياسـي؛ إذ إن االتجاوز غزايل أن حتقيق املناط نوع من االجتهاد يفيعترب ال ضرورة شرعية وهو, ، بينما األول وقع االتفاق عليه األصوليني ختلف فيه بني م. 2- ر عليه بإطالق يفيد معىن النظر يف ترتيل األحكام على الوقـائع ابـن قدامـة وممن عب

,أما حتقيق املنـاط فنوعـان " :يقسم حتقيق املناط إىل قسمني قائال حيث جنده )2(املقدسي قا عليهـا أو منصوصـا فتالقاعدة الكلية م ومعناه أن تكون ,أوهلما ال نعرف يف جوازه خالفا

جتهد يف حتقيقها يف الفرععليها وي...ـفليعلكن , كان معلوما إذ , بتحقيق املناط ر عن هذاب . 281ص , املستصفى يف علم األصول, ن حممد الغزايل أبو حامدحممد ب) 1(, ) هـ 620تويف سنة ( ,موفق الدين , شقي ـمقدسي الدمـد بن قدامة الـحمد عبد اهللا بن أمحـهو أبو م) 2(

العمدة ,الكايف , املقنع , غين ـامل:انيف عديدة منها ـله تص, رحال يف طلب العلم ـأكثر الت, نابلة ـمن منظري احل, الشيـخ املراغي :ينظر يف ترمجته( , روضة الناضر وجنة املناظر : وله يف أصول الفقه , وهي تصانيف فقهية ,

) وما بعدها 54ص , 2جـ , الفتح املبني

Page 142: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

ة احلكـم فيـه ف علرالثاين ما عو, عليه بأمارات لدتيف آحاد الصور فاستعذر معرفة وجوده بنص أو إمجاع فيبتهد وجودها يف الفرع باجتهاده يـ وأما النوع األول ...ن ا ن حتقيـق مـ

)1( ."هذا متفق عليه والقياس خمتلف فيه املناط فليس ذلك قياسا فإنإىل , ليخرج من دائرة القياس املختلف فيه , ىن حتقيق املناط فابن قدامة قد وسع القول يف مع

. دائرة ترتيل أحكام الشريعة على الوقائع إىل هو ما ذكـره صـاحب املـدخل , التعاريف الدالة على هذا اإلطالق الثاين وثالث -3

ـ ان مقتضى ايبإما ب, إن االجتهاد يف العلة :" حيث قال مذهب اإلمام أمحد بن حنبل قاعدة ـل, حقيق املنـاط ـوكالمها يسمى ت , لة فيهـأو ببيان وجود الع, الكلية املتفق عليها يف الفرع

)2( "عم من القياس أفتحقيق املناط .حتقيق املناط عند اإلمام الشاطيب : ثانيا -

أ كليـا ووسع مـعناه ليجعل منه مبد, الشاطيب اهتماما كبريا بتحقيق املناطلقد اهتم اإلمام وقد ضاق هذا املفهوم كمـا تـبني , يف تطبيق األحكام الشرعية وميزانا لتسديد هذا التنـزيل

رمحه –فقال , حىت أنه جعله قسما من أقسام االجتهاد , عند من قبله من األصوليني ومن بعده ، وذلك أحدمها ال ميكن أن ينقطع حىت ينقطع أصل التكليف, االجتهاد على ضربني :" -اهللا

فأما األول فهـو االجتـهاد املتعلـق . عند قيام الساعة، والثاين ميكن أن ينقطع قبل فناء الدنيا )3(." بتحقيق املناط

.قصد احلكم عليها شرعا , وهذا يتطلب نظرا يف التثبت من تلك اجلزئيات املشخصة ثبـت احلــكم مبدركـه ومعناه أن ي: " وقد عرف اإلمام الشاطيب حتقيق الـمناط بقوله

)4(." لكن يبقى النظر يف تعيني حمله , الشرعي جامعة اإلمام حممد بـن , 277ص , ة املناظرنروضة الناظر وج, عبد اهللا بن أمحد بن قدامة املقدسي أبو حممد) 1(

. الرمحن السعيدعبد العزيز عبد . د: حتقيق , هـ 1399: سنة النشر , الثانية : الطبعة , الرياض -سعودمؤسسـة , 303وص 302ص , املدخل إىل مذهب اإلمام أمحد بن حنبل, عبد القادر بن بدران الدمشقي ) 2(

. عبد اهللا بن عبد احملسن التركي. د: حتقيق , هـ 1401: سنة النشر , الثانية : الطبعة , بريوت -الرسالة . 74وص , 73ص , 4جـ , املوافقات ) 3( . 74ص , 4جـ , صدر نفسه امل) 4(

Page 143: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

وترجع , ومن هنا فإن حتقيق املناط عند اإلمام الشاطيب عملية تقديرية حتتاجا نظرا ومتييزا فـال ", ختلفة واملتشاة جلميع النوازل هذه العملية إىل اتهد الذي عليه التحقق من الصور امل

إال وللعامل فيها نظر سهل أو صعب حىت حيقق حتت أي ,يبقى صورة من الصور الوجودية املعينة )1(." دليل تدخل

أن حتقيق املناط هو عملية الحقة لعملية التأكد من احلكـم –رمحه اهللا –وقد بني الشاطيب واملطلوب أن حيصل ترتيله علـى , يف الذهن ولكن كليا عاما فقد حصل هذا األخري, الشرعي

ذلك أن الشريعة مل تنص على حكم كل جزئية علـى " ,أفراد األفعال واألعيان اجلزئية اخلاصة ومع ذلك فلكـل , وعبارات مطلقة تتناول أعدادا ال تنحصر , وإمنا أتت بأمور كلية , حدا

)2(." و يف نفس التعيني ول, معين خصوصية ليست يف غريه معـىن :ومن األمثلة اليت توضح معىن حتقيق املناط وتربزه كضابط لترتيل األحكام الشـرعية

وثبـت )3( }. مـنكم دوا ذوي عـدل وأشـه {: فإن اهللا تعاىل قال , يف الشاهد العدالة والنـاس خمتلفون , ه الصفة فاحتاجوا إىل تعيني من توصف ذ, للمكلفني معىن العدالة شرعا

)4(.فال بد من التحقق من هذه الصفة باالجتهاد ,فيها بني مـقل ومكثر وواسطة بكثري مـن , اإلمام الشاطيب يبني شرعية هذا االجتهاد الترتيلي بقاعدة حتقيق املناط راحوقد

رقة بني االجتـهادين على دعوى التف –افتراضا -ورد على من اعترض , اآليات واألحاديث بـأن الوقـائع يف , وال يصح ارتفاعه , وأن االجتهاد يف حتقيق املناط ال ينقطع إىل يوم الدين

وهو ما حيتاج فتح باب هذا النوع من االجتهاد إلدخاهلـا , الوجود غري منحصرة وال متناهية الوقائع املفروضـة ال فألن ,فإذا متحضت ضرورة وجوده يف كل زمان , حتت األدلة املنحصرة

)5(. ختتص بزمان دون زمان . 75ص , 4جـ , املصدر السابق ) 1( . 75ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 2( . 02اآلية : سورة الطالق ) 3( ) بتصرف . ( 74ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 4( ) بتصرف .( 76ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 5(

Page 144: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

يظهر من خالل املطلب التايل أن اإلمام الشاطيب قد وضع قواعد تعني علـى حسـن ترتيـل

وأنواع احملققني , من حيث كيفية هذا التحقيق ومراتبه , وهي مرتبطة بتحقيق املناط , الشريعة :نهجية لتسديد الترتيل واملرتبطة بتحقيق املناط لذلك سيتم التعرض للقواعد امل, .االجتهاد يف حتقيق املناط حيتاج معرفة مبوضوع الواقعة معرفة جيدة : القاعدة األوىل -1

ال يفتقـر يف ذلـك إىل العلـم " إذ أنه عند حتقيقه للمناط , واجب للمجتهد وذلك أول ألن املقصود من هذا االجتـهاد , إىل معرفة علم العربية كما أنه ال يفتقر فيه , مبقاصد الشارع

)1(." هو العلم باملوضوع على ما هو عليه فال بد له من النظر يف املاء الذي يشترط فيه شـرعا , ومن ذلك أن االنسان إذا أراد أن يتوضأ

)2(.وشم الرائحة , وبذوق الطعم , وذلك برؤية اللون , أن يكون مطلقا : والربهان عليها فيظهر من خالل , وجه القول اته القاعدة وأما

ال يصح للـعامل إذا سئل عن أمر كيـف حيصل يف الواقع إال أن جييب حبسـب " أنه .وال يتسىن له اإلجابة حبسب الواقع إال بعد معرفته وإدراكه الدقيق له )3(. "الواقع ألن التشابه الواقع يف , لواقع ألدى ذلك إىل حدوث التشابه لو مل يعترب التدقيق مبعرفة ا

وإمنا هـو , فالتشابه فيه ليس بعائد على األدلة " الثالث منها , الشريعة مرده إىل ثالثة أضرب فـإذا , واإلذن يف أكل الذكية كذلك , فالنهي عن أكل امليتة واضح , عائد على مناط األدلة

ومل يبق آنـذاك إال بـذل الوسـع يف )4(." الشتباه يف املأكول اختلطت امليتة بالذكية حصل ا . وهو أحد أسباب دفع التشابه املوهوم عن الشريعة , التحقق من املناط مبعرفته جيدا

. 135ص , 4جـ , صدر السابق امل) 1( . 34ص , 3جـ , املصدر نفسه ) 2( . 68ص , 3جـ , املصدر نفسه ) 3( . 77ص , 3جـ , ه املصدر نفس) 4(

Page 145: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

يف العموم مىت جرت نوازل احلياة ووقائعها مبقتضـاه واحلكم الشرعي يتحقق مقصده ,فابتغـاء حتقيـق , وهذه الوقائع حمفوفة مبالبسات جتعل إجراء احلكم عليها ال يتحقق به مقصد وال يكون ذلك إال , املقاصد الشرعية يستلزم تقديرا حول حتقيق احلكم ملقصده الشرعي أو ال

. مع معرفة ظروفها ومالبساا الزمانية واملكانية, بالنظـر والتحقيق اجلـيد يف حال الوقائع ناشط اتمع االسالمي ويتأكد كلما توسعت م" لذلك فتحقيق املناط مبعرفة الوقائع يتحتم

فإنه حينئذ تتكاثر مفردات الوقائع واألحداث واألفعال الطارئة الـيت مل تشـملها , وتعقدت كما تتكاثر عناصر التشخص ومتتد وتتشابك سواء فيمـا , النصوص وال االجتهادات السابقة

)1(." هو سابق من أنواع األحداث والوقائع أو ما هو طارئ منها فيتعرف جيدا على املنـاط , ا أن اإلمام الشاطيب قد اختذ هذه القاعدة أصال يف فتاويه ويبدو

ـ معه يـوإال فإن, املراد اجلواب عن إشكاالته وه املنـع ـم اجلواب وال حيدد وجها مـن وجكل علم اقتضى إن: " فقال , ئل عن ما يقدم على غريه من العلوم ومن ذلك أنه س, واجلواز ." ر وما اقتضى تأخريه فهو املؤخ, م حال بالنسبة إىل طلب الشرع تقدميه فهو املقدـالوالوقت

)2( قد –قبل اإلمام الشاطيب -ومن متام اإلنصاف أن يذكر أن اإلمـام ابن قيم اجلوزية

–وارتباط ذلك حبكم سديد على النوازل فقد أكد , تصدى للتنبيه إىل وجوب العلم بالواقع فهم الواقع " من احلكم والفتوىأن من بني نوعني من الفهم يمكنان املفيت واحلاكم – رمحه اهللا

" .لمابالقرائن واألمارات والعالمات حىت حييط به ع , ما وقع حقيقة والفقه فيه، واستنباط علم)3( . 249ص , جملة املوافقات , يب فقه التطبيق ألحكام الشريعة عند اإلمام الشاط, عبد ايد النجار ) 1(أحال املوضوع إىل قاعـدة , فلما عدم الـخربة بالواقع . 123ص , فتاوى اإلمام الشاطيب , حممد أبو األجفان) 2(

رغم أن اإلمام الشاطيب كان قد قرر يف االعتصام أن علوم الشريعة أفضل العلوم , عامة حيقق مناطها صاحب السؤال ) 529ص , ينظر االعتصام ( . عز وجل يوم القيامة وأعظمها أجرا عند اهللا

لعامل من يتوصل مبعرفة الواقـع ا" وقد رأى أن , 87ص , 1جـ , إعالم املوقعني عن رب العاملني , ابن القيم ) 3( .) 88ص , 1جـ, ينظر املرجع نفسه ( ." والتفقه فيه إىل معرفة حكم اهللا ورسوله

Page 146: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

وتقريـره للقاعـدة –رمحـه اهللا –أن يستنتج من خالل كالم الشاطيب ويستطيع الناظر ويتوقف عليه , أنه شدد على وجوب التزام مرتل األحكام املعرفة بواقع تلك األحكام , السابقة :ن فاتهد أمام خياري, الترتيل

فيلزم اجلواب إذا كان عاملا مبا سئل " ,إما التصدي للترتيل عند معرفة الواقع معرفة دقيقة * )1(." عنه متعينا عليه يف نازلة واقعة

فقد ال يلـزم اجلـواب يف " , عنه عند اجلهل بالواقع املتشخص للواقعة موإما باإلحجا * )2(." كما إذا مل يتعني عليه , مواضع

ال يعلم أنه من أهل البلد الذي , إذا ورد عليه مستفت " ومن هنا قد أكد العلماء أن املفيت وهذا أمر متعني ... ال يفتيه مبا عادته يفيت به حىت يسأله عن بلده أن, منه املفيت وموضع الفتيا

)3(" واجب ال خيتلف فيه العلماء هو إشارة اإلمام الشـاطيب , املنهجية السابقة وارتباطا ا ومما يلزم ذكره انطالقا من القاعدة

واليت تضم خرباء شىت يف كـثري , إىل مفهوم التعاون يف االجتهاد أو ما يسمى باامع الفقهية يحتاج إليهم يف معرفة املوضوع على ما هو عليه ليتنـزل احلكم , من االختصاصات وامليادين والطبيب يف العلـم , كالصانع يف معرفة عيوب الصناعات " ضى الشرعي على وفق ذلك املقت

والعـاد يف , وعرفاء األسواق يف معرفة قيم السلع ومداخل العيوب فيهـا , باألدواء والعيوب كل هذا وما أشبهه مما يعرف بـه منـاط , واملاسح يف تقدير األرضني وحنوها , صحة القسمة )4(."احلكم الشرعي

أن حتقيـق , ول بـهذا الـتعاون بني الـمجتهد يف أحكام الشريعة وغـريه و وجه القـ من حيث قصدت, يفتقر فيه إىل العلم بـما ال يعرف ذلك الـموضوع إال به " الـمنـاط

. 260ص , 4جـ , املوافقات ) 1( . 260ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 2(وقـد . 232ص , ز الفتاوى عن األحكام وتصرفات القاضي واإلمـام اإلحكام يف متيي, القرايف شهاب الدين ) 3(

. 228ص , 4البن القيم جـ , جاءت معانيه أيضا يف كتاب إعالم املوقعني عن رب العالـمني . 136ص , 4جـ , املوافقات ) 4(

Page 147: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

د جملا و, ق ا يف الوقائع تحقولو كان الزما معرفة كل العلوم واملعارف اليت ي )1(." املعرفة به فاقتضى التعاون , وإن وجد ذلك فعلى سبيل خرق العوائد , بل هو حمال , جمتهد إال يف النادر

وإمنـا , لفقهـاء لذلك ال زلنا نرى العلماء يقلدون يف هذه األمور من ليس من ا, مع غريهم )2(. وهو التقليد يف حتقيق املناط , اعتمدوا أهل املعرفة مبا قلدوا فيه خاصة واعتربوهم

مرحلة حتقيق املناط : لعملية حتقيق املناط مرحلتان مرتبتان ترتيب توال ومها :القاعدة الثانية -2 . ومرحلة حتقيق املناط يف األعيان , يف األنواع

ألن ,حتقيقـا مناطـه يتوقف على دراسة ه بـمدركه ثبوتحلكم الشرعي بعد ترتيل ا إنداخلها أعدادا غري منحصرة مـن عبارات مطلقة متناولةالو, قواعد كلية نصت على الالشريعة

ودور اتهد بذل كل وسعه وجهده يف هـذا الترتيـل اجلزئيات والوقائع املتمايزة واملتشاة ، الشرعي الـذي يتسـم لحكم ه الواقعة املشخصة يف الواقع املتعلق ا لهذاة للتحقق من مساو

فإذا عرف املنـاط ومت التأكـد مـن , التجريد قبل مرحلة تطبيقه وحتقيق مناطه يف اجلزئياتبفوجود طريقة تعامل بنـك مـن البنـوك , وإال بآخـر , مساواته للحكم التجريدي أحلق به

مث البحث و التأكد من مساواا , تقتضي معرفة ذه الطريقة , شخصة بشكل من األشكال املفإذا تأكد اتهد من ذلك سهل له ترتيل احلكـم , للمعاملة الربوية املعروفة املنهي عنها شرعا

. عليها بالتحرمي أو احللية وهذا املنهج ميـر , وقد ضبط اإلمام الشاطيب منهجا هلذا التحقيق والتأكد من تلك املساواة

:فيه احملقق مبرحلتني )حتقيق املناط العــام ( . حتقيق املناط يف نطاق النوع : املرحلة األوىل / أوال - فتحقيق املناط ال بد أن يتجه يف مرحلة أوىل إىل البحث يف انتمائه لألنواع اليت يشملها احلكم

إال بعد املعرفة بأن هـذا " وال يلحق به احلكم . فما كان منتميا لنوع احلكم الشرعي أحلق به, )3(." وقد ال يكون , وقد يكون ذلك سهال , املعني يشمله ذلك املطلق أو ذلك العام

. 135ص , 4جـ , صدر السابق امل) 1( ) بتصرف . ( 137و ص 136ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 2( . 76ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 3(

Page 148: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـثانالفصل ال

فقـد , إشارات مفـرقة غري موفية له حقه –رمحه اهللا –وهذا النوع قد أشار إليه الشاطيب أحدمها مـا يرجـع إىل , ألنه ضربان , هو نوع من حتقيق املناط املتقدم الذكر : الثالث :" قالكتعني نوع املثل يف جزاء الصـيد ونـوع الرقبـة يف العتـق يف , واع ال إىل األشخـاص األن

)1(. " وما أشبه ذلك , الكفارت فال بـد مـن , ا النوع من التحقيق لكي يتضح هذ: أمثلة عن هـذه املرحلة من التحقيق -

:ذكر بعض األمثلة خمتلفة فإذا نظر اتهد يف العدالة :" قائال –رمحه اهللا –طيب الشا ذكره اإلماموقد :املثال األول *

أوقع عليه ما يقتضيه النص من , ووجد هذا الشخص متصفا ا على حسب ما ظهر له , مثال وهكذا إذا , من الشهادات واالنتصاب للواليات العامة أو اخلاصة , التكاليف املنوطة بالعدول

واألمور اإلباحية ووجد املكلفني واملخاطبني علـى اجلملـة , نظر يف األوامر والنواهي الندبيةأوقع عليهم نصوص الواجبات واحملرمات من غري التفات إىل شيء غـري املشـروط بالتهيئـة ,

)2(. " الظاهرة تقتضي أن حنقق فيه هل يتصـف , فتحقيق مناط واقعة شخص ما أراد أن ينتصب للقضاء

. الحق في, بنوع العدالة فرمبا اشتبه أن إقامـة : " وقد ذكره األستاذ عبد ايد النجار قال فيه :ثانــي املثال ال *

ولكن يتبني , املطـبات يف بعض أماكن الطريق من الطريق العام نوع من اإلضرار حبق الطريق السرعة املتسـببني أنه ليس من اإلضرار به ملا فيه من كبح املشطني يف, بالتحقيق يف هذا النوع

وال , فيصرف حينئذ ذا التحقيق عن دائرة حكم املنـع , يف احلوادث املتلفة لألنفس واألموال )3(." يكون مناطا له

الل النظر إىل مفهوم ـمن خ,ن مييز دور احملقق هنا أويستطيع املالحظ للمثالني السابقني .78ص , 4جـ , صدر السابق امل) 1( . 79ص , 4جـ , صدر نفسه امل) 2( . 272ص , جملة املوافقات , فقه التطبيق ألحكام الشريعة عند اإلمام الشاطيب , عبد ايد النجار ) 3(

Page 149: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

:دول يبني ذلك و هذا اجل, هذا النوع من التحقيق وتلك األمثلة

.األمثلة السابقة عن هذه املرتبة من التحقيق ) حتقيق املناط العام (حتقيق املناط يف نطاق األنواع

.وجود أنواع عدة قد يندرج حتتها احلكم

هذا الشخص الذي أراد توىل :مثال الشاطيبصفاته النفسية والسلوكية , الواليات العامة

وقد , ة قد تكون نوعا من صفات العدال .تكون نوعا آخر غري العدالة

, إقامة املطبات يف بعض الطرق : مثال النجاروقد يكون نوعا , قد يكون نوعا من اإلضرار

.وقد يكون نوعا آخر , من اإلصالح

.وجوب التدقيق قي معرفة املناط

يقتضي التحقيق تدقيقا يف ذلك : مثال الشاطيبيقتضي باعتبار أن العدالة وصف , الشخص

.ويف ظروف متباينة , نظرا يف أوقات خمتلفة ينظر يف تلك املطبات نظرا يظهر : مثال النجار

.والتحقق من تلك النتائج , نتائج وجودها

.إحلاق الفعل باحلكم أو صرفه عنه

فالتحقيق أدى بنا إىل إحلاق :مثال الشاطيب .مث بالواليات, الشخص بوصف العدالة

ات أن إقامة املطبات يف بعض إثب :مثال النجاراألماكن ال يلحق بالضرر فيصرف عن دائرة

.حكم املنع على هذا النوع أنه منحصر غالبا يف نطـاق مـا هـو –رمحه اهللا –وقد الحظ الشاطيب

وتقليدنا هلم يف نتـائج ,منصوص عليه من األحكام اليت سبق للمجتهدين أن حققوا يف مناطاا وذلك فيما , وقد يكون مـن هذا القـسم ما يصح فيه التقليد : " فقال , ح حتقيـقهم صحي

" اجتهد فيه األولون من حتقيق املـناط إذا كان متوجها على األنواع ال على األشخاص املعينة )1( . 77ص , 4جـ , املوافقات ) 1(

Page 150: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

كقولـه , من سبقنا من العلماء -يف نطاق النوع -قد حقق مناطها , وأمثلة ذلك كثرية وكونه مثال هلذا , فراحوا حيققون نوع هذا املثل )1(}ثل ما قتل من النعمــفجزاء م{:تعاىل

, والعناق مثال لألرنـب , لعنـز مثال للغزال وا, ككون الكبش مثال للضبع " , النوع املقتول )2(" والشاة مثال للشاة من الظباء , والبقرة مثال للبقرة الوحشية

مؤكدا أنه ضرب ال يقل عن حتقيـق , وقد انتقد عبد ايد النجار اإلمام الشاطيب يف ذلك والظـاهر أن هـذا : " ل فقا, املناط يف نطاق األشخاص واألعيان بل هو مدخل له وحمدد له

كما أن احلكم جبواز التقليد فيه ال مربر لـه , التطبيق يف حتقيق املناط يف نطاق النوع ال مربر له ذلك أن األحكام الشرعية يدخل حتتها من األنواع املستأنفة بتجدد احلياة وتطورها مـا , أيضا

)3(." ون حقيقيا وبعضها يكون دخوله ظاهريا مشتبها وبعضها يك, هو غري منحصر انطلق مـن كـون أن , يف انتقاده لإلمام الشاطيب -حفظه اهللا –ويبدوا أن األستاذ النجار

وال , وهو أن كل ما حقق مناطه العام يلزم التقليد فيه , هذا األخري قد قعـد أصال يرجع إليه –والناظر يف كـالم الشـاطيب . ص بل منر إىل التحقيق اخلا, نستأنف فيه حتقيقا عاما جديدا

فقد يكون من , بل جيده قد طرح االحتمال فقط , ال يالحظ اجلزم يف عباراته -رمحه اهللا فما حقق قد نستغين فيه عن حتقيق املناط العام , وقد ال يكون , الوقائع ما مت حتقيق مناطه العام

. إذا الحظ منـزل احلكم الشرعي أنه كاف ن التسديد بالتحقيق يف املنـاط يف نطـاق سنطالقا من ارتباط حتقيق مقاصد األحكام وحوا

ه اإلمام مالك االجتهاد االفتراضي، تبصرا منه رك,يف ظل ظروف الواقعة ومالبسالا , النوع ـ ة مبا قد يؤول إليه من خطأ يف إحلاق أنواع احملكوم عليه بأجناسها وما قد يؤدي إليه من خمالف

)4(. املقصود شرعا . 95اآلية رقم , سورة الـمائدة ) 1( .77ص , 4جـ , صدر السابق امل) 2( . 272ص , جملة املوافقات , فقه التطبيق ألحكام الشريعة عند اإلمام الشاطيب , عبد ايد النجار ) 3(ـ , 93العـدد ,سلسلة كتـاب األمـة , يف اإلجتهاد الترتيلي , بشري بن مولود جحيش ) 4( ركز البحـوث ـم

والنص على صفحة اإلنترنت , ينظر الكتاب كامال ( قطر -ؤون اإلسالمية، ـوالدراسات، يف وزارة األوقاف والش ) :www.islamweb.net/umma/93/1.htm //http : ةالتالي

Page 151: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

)اخلاصحتقيق املناط ( . العنيحتقيق املناط يف نطاق : الثانيةاملرحلة / ثانيا - حيتاج إىل التدقيق أيضا للتحقق من املناط , املناط يف نطاق النوع فإذا فرغ اتهد من حتقيق

صل أو الفـاعلني ذلك أن كل نوع حيتوي على أفراد عينية كثرية من األفعا, يف إطار آخر أخقد يؤدي إىل سوء ترتيـل األحكـام , فإغفال هذه املرتبة من التحقيق , أو األحداث والصور

وع الواحد وجزئياته من وقائع وتصرفات ـبعض أفراد الن يفتباه ـباعتبار ورود االش, الشرعية . غري أن هذه املرتبة حتقق افتراقها،فـيظن أا موحدة املناط ,

أوىل اإلمام الشاطيب هذا النوع اهتماما نوعيا حيث تناول احلديث عنـه بكـثري مـن وقد وتنويع األمثلة واعتباره أهم النوعني وأنه ال بـد , اإلسهاب حماوال الدفاع عن وجهة نظره فيه

:" -رمحه اهللا –فقال عنه )1(.إذ ال يمكن حصول التكليف إال به , منه يف كل زمان ومكان وهو يف احلقيقة ناشئ عن نتيجـة التقـوى , ثاين وهو النظر اخلاص فأعلى من هذا وأدق أما ال

ـل لكم فرقـاناـإن تت{:املذكورة يف قوله تعاىل وقـد يــعبر عنـه (2)} ـقوا اهللا يجع )3(." باحلكمة

:ثلة تبينه وليتضح هذا النوع نأيت بأم: أمثلة عن هـذه املرحلة من التحقيق - فهذا ال يكفي , من عدالة إنسان التحققفإذا مت, وهو مثال العدالة املتقدم :املثال األول -

تـها مالبسـات فتلك الصفات اليت حكم ا له بالعدالة حف, يه مناصب الواليات مثال يف تول, ولكنه حمتـاج إليـه وحتقيقها وإثباا نظر صعب, أخرجته عن دائرة أهلية الوالية أو القضاء

و هل تصلح له حبسب نفسه , فيتعرف على مداخل الشيطان ومداخل اهلوى واحلظوظ العاجلة فقد , واحد انزفالنفوس ليست يف قبول التكاليف واألعمال على و, ووقته وحـاله وشخصه

4(.آخر وال يكون كذلك بالنسبة إىل , دخال ضررا أو فترة على رجل يكون العمل الصاحل م ( .77ص , 4جـ , املوافقات) 1( . 29: اآلية رقم , سورة األنفال ) 2( . 80ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 3( ) بتصرف .( 80ص , 4جـ , املصدر نفسه )4(

Page 152: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

ثبت , إن إجراء املاء وصبه يف الطريق العام يف حتقيق مناطه يف إطار النوع : ثانـيالاملثال - ن تبـي , ولكن يف حتقيق آخر أدق و يف نطاق خاص , فيتوجه إليه حكم املنع , نه ضرر معترب أ

كان ألجل إزالة مواد زلقـة علقـت , ص يف ذلك الزمان واملكان واحلال أن هذا الفعل املشخفينظر يف صـرف , هلذا األذى فكان صب املاء إماطة, ضت املارة للخطر وعر, لعام بالطريق ا

)1(.هذه الواقعة عن دائرة حكم املنع وقد ثبت من خالل كالم الشاطيب وجه االرتباط واالفتراق بني كال التحقـيقني واجلـدول

: التايل يبني العالقة بينهما .املناط أوجه االختالف بني مرحليت حتقيق

حتقيق املناط اخلاص حتقيق املناط العام وهي املرحلة , هذه املرحلة سابقة -

.وال يصلح تأخريها , األوىل .هي مرحلة ثانية مترتبة عن املرتبة األوىل -

.متيل إىل اإلطالق , عملية عامة -

يرتع حنو تضييق وحصر املسائل , نظر خاص -

.بشكل دقيق حتقيق املناط العام نظر سهل أو النظر يف

عملية التحقيق يف نطاق العني أصعب - .قريب منه

ميكن العمل , عملية حتقيق املناط العام -وال حتتاج إال النظر يف , فيها على انفراد

.الواقعة

عملية حتقيق املناط اخلاص ترتبط بالنظر يف مقاصد وتعمل مع باقي , ومراعاة املآل , الشارع

.ضوابط املنهجية اليت وضعها لترتيل الشريعة الإىل أن هذه املرحلة -من خالل الشرح وضرب األمثلة –ويلفت النظر أن الشاطيب قد أومأ

: مرتبتان الثانية هلاوذلك ال يكون إال بالنظر يف ذات , تصنيف الفعل يف نطاق العني الذي يلحق به :أحـدمها -

ثبت هذه املرحلة انتماء الواقعة ألفراد وأعيان النوع الذي ثبت يف مرحلة حيث ت, وعني الواقعة دون النظر يف أوضاع الزمان ,أو ال تـثبت هذا االنتماء ,حتقيق املناط يف نطاق األنواع

)بتصرف ( . 273ص , جملة املوافقات , فقه التطبيق ألحكام الشريعة عند اإلمام الشاطيب , عبد ايد النجار ) 1(

Page 153: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

. واملكان واحلال واهليئة وباعتبـار , جيدر النظر فيه باعتبار الزمان واملكان , فبعد أن أصبح الفعل مصنفا : ثانيهما -

ومن مث يبحث لـه عـن احلكـم , بلية حتمل أو ايار وقا, حال املكلف فيه من قوة وضعف –وهو املقصود عنـد الشـاطيب . ليجري وفقه على وضع يليق به وحيقق املقصد من تشريعه

حني ضرب تلك األمثلة عن ثاقب نظر النيب صلى اهللا عليـه وسـلم يف توجيـه –رمحه اهللا )1(.هم دون بعض وبيان ما يصلح لبعض, الصحابة رضي اهللا عنهم وتربيتهم

.ولكنه غري مقتصر عليه , األصل يف حتقيق املناط أنه عمل اتهد :القاعدة الثالثة - 3 هو ضابط منهجي يلـزم ,بني من خالهلا الشاطيب أن عمل حتقيق املناط , وهي قاعدة جليلة

هر له أن حتقيق املنـاط و املتتبع ملا كتبه الشاطيب يظ, العمل به لترتيل أحكام الشريعة اإلسالمية ويـحتاج إليهـا أيضـا يف , فجعلها وسيلة تعليم , كما أنه مل يغفل باقي أبعادها , آلية ترتيل

, ومن ثـم نستطيع التمييز بني حتقيق املناط كآليـة للترتيـل . حسن الدعوة إىل اهللا عز وجل .وحتقيق املناط بأدوار أخرى

فالشاطيب , وهي األصل عند احلديث عن حتقيق املناط :الشرعية عملية ترتيل األحكام/ أوال مسلك من املسالك اليت تقوم عملية ترتيل األحكـام ك ما حبث هذا األخريـإن –رمحه اهللا -

:ونستطيع التمييز يف هذه العملية بني نوعني من مراتب احملققني , الشرعية ال ميكن ألي شخص أن يقـوم , عملية اجتهادية فتحقيق املناط :مرتبة احملقق اتهد -أ أو مـا , كون أن التحقيق يتوقف على حصول العلم والتقوى وهذا ال يتأتى إال للمجتهد ,ا

.يترتب على حتقيق املناط من آثار تتعلق باآلخرين أما كون حتقيق املناط من اختصاص اتهد إذا كان املوضوع يهم ترتيل أحكـام الشـريعة

فال يبقى :" وأيضا . " وهو نظر اجتهاد أيضا: " كقوله ,فظاهر من كالم اإلمام الشاطيب نفسه حىت حيـقق حتت أي, صورة من الصور الوجودية إال وللعامل فيها نظر سهل أو صعب

بعـد صص للحديث عن شرعية الترتيل من خالل إبراز الشـاطيب لل خ,مت ذكر تلك األحاديث يف مبحث سابق ) 1(

. من هذه املذكرة 86ص . الترتيلي يف السنة النبوية الشريفة

Page 154: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

وهو , ورد الدعاوى إىل األدلة , وال يتعني ذلك إال بنظر واجتهاد : "وقوله )1(." دليل تدخل )2(. " املناط بعينه حتقيقفاحملقق املـرتل للحكـم ,وقد حتدث اإلمام الشاطيب على شروط االجتهاد يف حتقيق املناط

)3(الشرعي ال بد من اتصافه بصفات اتهدين اليت ذكرها عند حديثه عن شروط االجتهاد وا حيصل لـه , كمة فإنه ينبغي له بلوغ درجة العلم والتقوى واحل, إضافة إىل تلك الشروط

قـال اإلمـام , ويقدر ما يليق بكل مكلف من األحكام حبسب أحواله وأوضاعه , نور مييز به ومراميها وتفاوت , فصاحب هذا التحقيق اخلاص الذي رزق نورا يعرف به النفوس " الشاطيب التفاـا إىل ويعـرف , وقوة حتملها للتكاليف وصربها على محل أعبائها أو ضعفها , إدراكها

بناء , احلظوظ العاجلة أو عدم التفاا فهو حيمل على كل نفس من أحكام النصوص ما يليق ا )4(." على أن ذلك هو املقصود الشرعي يف تلقي التكاليف

احلاصـل " بل , فعملية حتقيق املناط ليست خاصة باتهدين :مرتبة احملقق املكلف -بـ )5(." بل بالنسبة إىل كل مكلف يف نفسه , سبة إىل كل ناظر وحاكم ومفت أنه ال بد منه بالن

من اليت ال غـىن عنـها يف االلتـزام , يف التكاليف الثابتة يف حقه فاملكلف مطالب بالبحث أن العامي إذا مسع يف الفقـه أن " ومثاله . بالتكاليف واملطالب الوقتية اليت ال حتتاج زمنا واسعا

أو من جنسها إن كانت يسـرية , لفعلية يف الصالة سهوا من غري جنس أفعال الصالة الزيادة افال بد من النظر فيها حىت يردهـا , فوقعت له يف صالته زيادة , فمغتفرة وإن كانت كثرية فال

فإذا تعين له قسمها حتقق له مناط احلكم,وال يكون ذلك إال باجتهاد ونظر ,إىل أحد القسمني .75ص , 4جـ , املـوافـقـات ) 1(." فأما األول فهو االجتهاد املتعلق بتحقيق املنـاط : "وغريها كثري كقوله . 76ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 2(

فال بد من هذا , ولكن االجتهاد يف األنواع ال يغين عن االجتهاد يف األشخاص املعينة : " و وقوله 74ص , 4جـ . 77ص , 4جـ " . االجتهاد يف كل زمان

واآلخر التمكن من االستنباط من خالهلا بناء علـى , ذكر اإلمام الشاطيب شرطني أحدمها العلم مبقاصد الشريعة ) 3( . ) وما بعدها 87ص , 4جــ , ينظر املوافقات ( . فهمه هلا

.80ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 4( . 76ص , 4جـ , املصدر نفسه ) 5(

Page 155: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالثان الفصل

)1(. " وكذلك سائر تكليفاته , احلكم فأجراه عليه وجعلـها , ع دائرة حتقيق املناط لشاطيب وساف :نزيل ـتـ ـــملية الـــــ مناط يف غـري ع ـحتقيق ال/ ثانيا

اد واملقصود يف كثري من امليادين نقتصر منها على اثنني ستفاد منه لتحقيق السدضابطا ي: , ليس جمرد أصويل جمدد أو فقيه متميـز " –رمحه اهللا –فالشاطيب : عملية تلقني العلوم -أ

)2("موجه للمعلمني واملربني : وبعبارة أصح , معلم كبري ومرب عظيم –مع ذلك –ولكنه :دمة تلقني العلوم من حيث وقد جعل حتقيق املناط وسيلة خل

فذكر أن ذلك يرجع إىل , أنواع العلوم اليت حيتاج إليها الطالب ولـها األولوية يف تعليمه * إن كل علم اقتضى الوقت : " فقال , وتلك املعرفة يلزمها حتـقيق املناط , معرفة حال الوقت

)3(." ا اقتضى تأخريه فهو املؤخروم, واحلـال بالنسبة إىل طلب الشرع تقدميه فهو املـقدم

وصوله كمـا أراد , ألن غاية التعليم : حتقيق املقصود من العلوم بالتوصيل الصحيح هلا * وهذا أمـر , دون حدوث ما يفسده عند متعلمه , صاحبه للمتعلم وحتقيق املقصود منه بالتعلم

وقد ضبط , وقدرته على االستيعاب , له دقيق ال بد من اللجوء فيه إىل معرفة دقيقة باملتعلم وحاأحتبون أن يكذب اهللا ورسوله , حدثوا الناس مبا يعلمون :" ذلك يف قوله رضي اهللا عنهاإلمام علي

)5(." فرب مسألة تصلح لقوم دون قوم , فجعل إلقاء العلم مقيدا " )4(" ؟ التعليم على ما وصـلت إليـه يف دعلى وجوب االستنا –رمحه اهللا –وقد شدد الشاطيب

وأن إغفال هذه القاعدة خيرج العلم من كونه صلبا إىل ,ووجوب التحقق منه , مقدرة املتعلمني ويتصـور , ويعرض أيضا للقسم األول أن يصري من الثلث : " فقال , كونه ال صلبا وال ملحا

كبار املسائل ملن ال أو ذكر , فيمن يتبجح بذكر املسائل العلمية ملن ليس من أهلها . 76ص , 4جـ , الـمصدر السابق ) 1( . 129ص , جملة املوافقات , اجلوانب التربوية عند اإلمام الشاطيب , يوسف القرضاوي ) 2( . 123ص, فتاوى الشاطيب , حممد أبو األجفان ) 3( ون قوم كراهيـة أن ال يفهمـوا من خص بالعلم قوما د:باب , العلم :كتاب , أخرجه البخاري يف صحيحه ) 4(

. 127: رقم حتت . 85ص , 4جـ , الـموافقات ) 5(

Page 156: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

فال يصح ... فمثل هذا يوقع يف مصائب , على ضد التربية املشروعة , حيتمل عقله إال صغارها واحتاج هو على,امل يف التربية العلمية إال احملافظة على هذه املعاين وإال مل يكن مربيا للع

)1(." عامل يربيه

العمل على التوجيه التربوي وتوزيع الناشـئني من الطلبـة علـى حسـب املواهـب * فبني أن هذه األخرية واجبة علـى , وذكر ذلك عند حديثه عن فرض الكفاية , والتخصصات

مستدال بأن اخلطـط , ألن اخلطاب منصب على القادر عليها واحملسن هلا , ألمة باجلملة جتوزا اإمنا يطالب ا شرعا من كان أهال للقيام ا , الشرعية كالقضاء واإلمامة من فروض الكفايات

إمنا يتعني الــقيام به على من فيه جندة –حني يكون فرض كفاية –وكذلك اجلهاد , ولو فـرض لـزوم , وغريها كثري ال يصح أن يطالب ا من ال يبدئ فيها وال يعيد , اعة وشج

ومن باب العبث بالنسبة, الوجوب على اجلميع لكان تكليفا مبا ال يطاق بالنــسبة للمكلف

)2(. إىل املصلحة اتلبة أو املفسدة املستدفعة وكالمها باطل شرعا ـم مـا " يقوى فيه, يف التعليم والتربية على كل واحد من اخللق فإن العناية تنصبومن ث

ويربز فيه على أقرانـه , وما أهلم له من تفاصيل األحوال واألعمال فيظهر فيه وعليه , فطر عليه , فال يأيت زمان التعقل إال وقد جنم على ظاهره ما فطر عليه يف أوليته , ممن مل يهيأ تلك التهيئة

وآخر للتصنع ببعض املهـن احملتـاج , وآخر لطلب الرياسة , ا قد يأ لطلب العلم فترى واحد )3(. " إىل سائر األمور, وآخر للصراع والنطاح , إليها

ال بد له من نظر خاص يتحقق به منـه و , وظاهر أن معرفة ما مال إليه طبعه على اخلصوص . وهو حتقيق املناط يف التعليم

فيحتاج الداعية إذا أراد الوصول إىل تغـيري أحـوال :لدعوة إىل اهللا عز وجل عملية ا -بـ , أن ينظر يف هذا الواقع نظرة فاحصة حيقق من خالهلا مناطه , الناس وتبليغهم أحكام اإلسالم

فليس كل ما يعلم " على الدعاة أن يهتموا بتبين الواقع أوال –رمحه اهللا –وقد أكد الشاطيب . 66ص , 1جـ , املصدر السابق ) 1( ) بتصرف ( وما بعدها . 139ص , 1جـ , نفسه املصدر ) 2( . 142ص , 1جـ , نفســهالـمصدر ) 3(

Page 157: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

)1(. " ومما يفيد علما باألحكام , وإن كان من علم الشريعة, مما هو حق يطلب نشره

وضـابطك أنـك : " ويذهب اإلمام الشاطيب إىل حد تأصيل قاعدة دعوية مهمة يقول فيهـا فإن , فاعرضها يف ذهنك على العقول... فإن صحت يف ميزاا, تعرض مسألتك على الشريعة

وإما على , قول على العموم إما على العموم إن كانت مما تقبلها الع, قبلتها فلك أن تتكلم فيها وإن مل يكن ملسألتك هذا املساغ فالسكوت عنها هو , اخلصوص إن كانت غري الئقة بالعموم

)2(." اجلاري

. 155ص , 4جـ , املصدر السابق )1( . 158ص , 4جـ , املصــدر نفــســه ) 2(

Page 158: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

: وفيه مطلبان

Page 159: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

, د تنبهوا قبل اإلمام الشاطيب بقرون إىل معىن املقاص األصوليني والفقهاء قد ال شك أن

غري أن اإلمام الشاطيب ما سبق بإفراد البحث يف , والدور احملوري الذي تلعبه يف البناء التشريعي .وحتليلها وشرحها على الوجه الذي يعرفه الدارسون واملتخصصون , املقاصد

حىت , ويف هذا املطلب سيتم التطرق إىل حدود حبث الشاطيب مسائل مقاصد الشريعة استيعاب القواعد اليت متكن من التحقق من حصول مقاصد الشريعة يف أحاد ميكن ذلك من

. الوقائع والنوازل

. مفهوم املقاصد عند اإلمام الشاطيب : الفرع األول :تعريف املقاصد لغة -أ

يف استعمال العرب هلا تـدل ، ومواقعها )ق ص د(وأصل اشتقاقها مادة , املقاصد مجع مقصد غري أنه .ذلك االعتزام عن عدل أو ظلم سواءا كان , عتزام والتوجه والنهوض حنو الشيءاالعلى

.يذكر يف بعض األحيان مقترنا باالستقامة ال اجلور طلبته بعينـه ) ضرب(فقصدت الشيء له وإليه قصدا من باب " : وقد جاء يف لسان العرب

املكان بكسرها حنو مقصد معني، وبعض العلمـاء وإليه قصدي ومقصدي بفتح الصاد، واسم فيجمع على مقاصـد، ) املقصد(وأما . مجع القصد على قصود وهو مجع واقـع على السماع

وهو على قصد أي رشد، وطريـق . وقصد يف األمر قصدا توسط وطلب األسد ومل جياوز احلد (1) .قصد أي أسهل، وقصدت قصده أي حنوه

:تعريف املقاصد اصطالحا -بـ أما غري , ومنهم اإلمام الشاطيب , مل يعرف األصوليون القدامى مقاصد الشريعة اإلسالمية

اإلمام الشاطيب فلعل السبب يف ذلك هو أنه مل يكن قد تبلور لديهم مفهوم املقاصد بــعد

. ص , جـ , لسان العرب , ابن منظور ) 1(

Page 160: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

مبثوثا يف ثنايا مباحث املناسـبة واملصـلحة ظل حيث , كمفهوم ناضج يف فكرهم األصويل فإنه مل حيرص على إعطـاء حـد " -رمحه اهللا –وأما الشاطيب واالستحسان وسد الذرائع،

ويزداد وضوحا مبا ال مزيد عليه بقراءة , ولعله اعترب األمر واضحا , لمقاصد الشرعية وتعريف ل (1) ". كتابه املخصص للمقاصد من املوافقات

فتجاوزها إىل رسم معامل باحلدود والرسوم، أنه مل يكن مولعا , ولعل من أسباب ذلك أيضا أال ينظر" املوافقات واشترط إضافة إىل أنه كتب, مشروع جتديدي يف علم أصول الفقه

علوم الشريعـة، أصـوهلا وفروعهـا، منقوهلـا منفيه نظر مفيد أو مستفيد حىت يكون ريان فقـد اهتمـوا احملدثون من العلماء أما .)2(" ومعقوهلا، غري خملد إىل التقليد والتعصب للمذهب

الفقـه، واتضـحت من علم أصـول بإعطاء تعريف للمقاصد بعد أن أخذت حيزها املطلوب .معاملها وأبعادها

: مفهوم املقاصد عند اإلمام الشاطيب / أوال قصـد الشـارع؛ : أقسامها، فقسمها إىل قسـمني بدا الشاطيب يف حديثه عن املقاصد ببيان

.وقصد املكلف

وقسمه إىل أربعة أنواع هي :قصد الشارع/ القسم األول: كالتفصيل لـه، من القصود ويكون ما عداه , داء قصد الشارع إىل وضع الشريعة ابت - 1

تكاليف الشريعة ترجع إىل حفـظ «: -رمحه اهللا – قال فيه الشاطيب وقد ,وهذا القصد األول" ضرورية، وحاجية، وحتسينية: أن تكون ثالثة أقسام اتعدو مقاصدها يف اخللق، وهذه املقاصد ال

)3( .قصد الشارع يف وضع الشريعة لإلفهام - 2 .قصد الشارع يف وضع الشريعة للتكليف مبقتضاها - 3

. 05ص , نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب , أمحد الريسوين )1( . 66ص , 1جـ , املوافقات )2( . 06ص , 2جـ , املصدر نفسه )3(

Page 161: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

)1(.قصد الشارع يف دخول املكلف حتت أحكام الشريعة -4وبـني أن ، ملكلف يف التكليفقد حتدث فيه عن مقاصد او :قصد املكلف /القسم الثاين

وحيثما عريت عـن القصـد مل ,تعلق ا التكليف باألحكام , األعمال إذا تعلقت ا املقاصد )2( .يتعلق به شيء منها

: مفهوم املقاصد عند العلماء احملدثني / اثاني :تعريف املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور - 1

فـراح يعـرف , عرف نوعني من املقاصد يف تقسيمه هلا أما حممد الطاهر بن عاشور فقد .ومقاصد الشريعة اخلاصة , مقاصد الشريعة العامة

ين واحلكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال التشـريع وهي املعا :مقاصد التشريع العامة - أفيـدخل ,وع خاص من أحكام الشريعة ـ، حبيث ال ختتص مالحظتها بالكون يف ن أو معظمها

واملعاين اليت ال خيلو التشريع من مالحظتها، ويـدخل , يف هذا أوصاف الشريعة وغاياا العامة سائر أنواع األحكام ولكنها ملحوظة يف أنواع يف هذا أيضا معان من احلكم ليست ملحوظة يف

)3(" كثرية منهاحفظ النظام، وجلب املصاحل ودرء املفاسد، وإقامـة : وذكر من بني هذه املقاصد العامة

وجعل األمة قويـة مرهوبـة اجلانـب ,وجعل الشريعة مهابة كطاعة نافذة املساواة بني الناس، .مطمئنة البال

وهي الكيفيات املقصودة للشارع لتحقيق مقاصـد النـاس :اصةمقاصد الشريعة اخل -بـالنافعة، أو حلفظ مصاحلهم العامة يف تصرفام اخلاصة، ويدخل يف ذلك كل حكمة روعيت يف تشريع أحكام تصرفات الناس، مثل قصد التوثق يف عقد الرهن، وإقامة نظام املنـزل والعائلـة

)4(" يف عقدة النكاح

) بتصرف( .06و ص – 05ص , 2جـ , السابق املصدر )1( . وما بعدها 276ص , 2جـ , املصدر نفسه )2( . 51ص , مقاصد الشريعة اإلسالمية , حممد الطاهر بن عاشور ) 3( . 146ص , املرجع نفسه ) 4(

Page 162: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

حفظ نظام األمة، واسـتدامة صـالحه : وجيمع هذين القسمني املقصد العام للتشريع وهو )1(" بصالح املهيمن عليه وهو نوع اإلنسان

: عالل الفاسي تعريف - 2 , املراد مبقاصد الشريعة الغاية منـها " : عرفها عالل الفاسي تعريفا واضحا جاء فيه وقد

)2(" .اليت وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها واألسرار :أمحد الريسوين تعريف - 3 وبنـاء علـى خمتلـف , بناء على كثري من التعريفات والتوضيحات ملقاصد الشـريعة و

أمحـد ف عـر , االستعماالت والبيانات الواردة عند العلماء الذين حتدثوا يف موضوع املقاصد ) 3(."الغايات اليت وضعت الشريعة ألجل حتقيقها ملصلحة العباد": بأااملقاصد الريسوين

. عند اإلمام الشاطيب مراتب املقاصد : الفرع الثاين احلكم الشرعي وتنـزيله، فقـد بالغة يف دركملقاصد الشرعية من أمهية ملا حتظى به انظرا

األخـذ مبا يعـني علـى , مراتبها من حيث تقسـيمها وبيان اإلمام الشاطيب حظيت بعناية واملوازنة بني املصاحل واملفاسد من جهة، وبني مراتب املصاحل أو املفاسـد يف ,والطرح األولوي

:الشاطيب للمقاصد كاآليت تقسيم مت حصر ذاا من جهة أخرى، ومن مث فقد :املقاصد الضرورية - 1

البد منها يف قيام مصـاحل الدين والـدنيا، افمعناها أ " :وقد عرفها اإلمام الشاطيب بقوله حبيث إذا فقدت مل جتر مصاحل الدنيا على استقامة بل على فساد وارج وفـوت حيـاة، ويف

)4(." األخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع باخلسران املبني

. 63ص , املرجع السابق ) 1(/ الـدار البيضـاء –مكتبة الوحدة العربية , 03ص, ومكارمها مقاصد الشريعة اإلسـالمية , عالل الفاسي ) 2(

.بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , املغرب . 07ص , نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب , أمحد الريسوين ) 3( . 06ص , 2جـ, املوافقات ) 4(

Page 163: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

ل مجاهري علماء األصول هلذا القسم بالكليات اخلمس، حماولني يف ذلك حصرها فيها وقد مث .الـحفظ الدين والنفس والعقل والنسل وامل: وهي

إذ هي عائدة إىل ,موهلاـضروريات اخلمـس فسيتضح شـوإذا ما حقق يف طبيعة هذه ال

:مصاحل الناسومثلهم العليا، اليت ميتازون ا إنسانيا وحضاريا، ويستهدفها سـعيهم يف حبفظ دينهم -

.حيام الدنياوالوجـود . وحفظ أرواحهم وحقهم يف احلياة، وجودا ماديا ومعنويا، عزة وكرامة -

املعنوي هو الذي جهد اإلسالم يف حتقيقه لإلنسان يف اتمع البشري؛ إذ هو املقصـود مـن دي، أما الوجود املادي ارد فيشترك فيه سائر الكائنات اإلنسانية، والوجود املعنوي الوجود املا

.قوامه املثل العليا واملبادئ والقيم اخلالدةحفظ أمواهلم وتيسري سبل تنميتها، ووجوب استثمارها، واملال ميثل اجلهـد اسـد -

.لإلنسان، ومثرة سعيه املشروع، وهو قوام احلياةهلم، اليت هي أساس إنسانيتهم وقوام فطرم، ومناط التكليف واملسـؤولية، حفظ عقو -

وسبب التقدم اإلنساين واحلضاري، من كل ما يشل طاقتها الفكرية، ويقضـي بالتـايل علـى .الكرامة اإلنسانية

حفظ نسلهم، الذي ميثل صورة وجودهم وحافز نشاطهم، وبقـاء نـوعهم يف أجيالـه - )1(. اهللا األرض ومن عليها املتعاقبة إىل أن يرث

:املقاصد احلاجية - 2 وأما احلاجيات فمعناها أا مفتقر إليها من حيث التوسعة " :وقد عرفها الشاطيب بقوله

فإذا مل تراع دخل , ورفع الضيق املؤدي يف الغالب إىل احلرج واملشقة الالحقة بفوت املطلوب ولكنه ال يبلغ مبلغ الفساد العادي املتوقع يف , شقة على اجلملة احلرج وامل –على املكلفني )2( ". واجلنايات , والعادات واملعامالت , وهي جارية يف العبادات , املصاحل العامة

-بتصرف –. 617ص ,املناهج األصولية يف االجتهاد بالرأي يف التشريع اإلسالمي , حممد فتحي الدريين ) 1( . 08ص , 2جـ , املوافقات ) 2(

Page 164: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

:املقاصد التحسينية - 3 وأما التحسينيات فمعناها األخذ مبا يليق من حماسن ": وقد عرفها اإلمام الشاطيب بقوله

وجيمع ذلك قسم مكارم , تأنفها العقول الراجحات وجتنب األحوال املدنسات اليت, العادات )1(" . األخالق

راجعة إىل حماسن زائدة علـى أصـل " : الشاطيباإلمام وهذه األمور وأمثاهلا كما يقول املصاحل الضرورية واحلاجية؛ إذ ليس فقداا مبخل بأمر ضروري وال حاجي، وإمنا جرت جمرى

)2(. " التحسني والتزيني :ية هذا الترتيبأمه -

:تربز أمهية هذا الترتيب للمقاصد فيما يليإن معرفة مقصد الشارع من احلكم الشرعي يعني على فهم الـنص علـى وجهـه /أوال

الصحيح، ومن مث تساعد على حسن تنـزيله على الوقائع سواء من جهة االهتداء بفهم املقصد .الترجيح بني ما ظاهره التعارضالعام يف تنـزيل احلكم الكلي على اجلزئيات، أو

إن هذا التقسيم حيدد مراتب األحكام الشرعية حبسب املقصود منها، فالضروريات /ثانيـا مقدمة على احلاجيات، واحلاجيات مقدمة على التحسينيات ، والنازل مكمل للعايل، فال يراعى

ي باإلخــالل، أمـا احلكم النازل كالتحسيين مثال إذا عاد على احلاجـي أو الضــرور الضروري فال جيوز اإلخالل به إال إذ أخل بكلي أهم منه كالتضـحية بـالنفس يف اجلهـاد

.للحفاظ على الدين . 9ص , 2جـ , املصدر السابق ) 1( . 9ص , 2جـ , املصدر نفسه ) 2( -بتصرف –وما بعدها 10ص , 2جـ , املصدر نفسه ) 3(

Page 165: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـنلفصل الثاا

وهذه املقاصد اخلاصـة , إن لألحكام الشرعية مقاصد يرجتى حتقيقها من إجراء األحكام

وهو مصاحل العباد جبلب الصالح , واجلزئية تندرج يف أخرى أعم منها لتنتهي إىل مقصد أعلى . فاسد عنهم ودرء امل, هلم

وذلـك , وقد حبث األصولييون املسالك اليت يتوصل ا إىل معرفة مقاصد التشريع وأسراره ذلـك ألن ", ما مل يتتبع حتقق هذا املقصد أثناء عملية ترتيل األحكام الشـرعية , ليس بكاف

ث إنـه احلكم الشرعي ال يتحقق مقصده من املصلحة مبجرد إجرائه اآليل على األفعال من حيضبط مقصدا عاما كعموم حكمه يف أنواع تشتمل أفرادا غري حمصورة من األفعال كـل منـها

)1(" خيتلف عن اآلخر باعتبار التشخص

األصولييون احلديث عن املسالك اليت يتوصل ا إىل معرفة استمرار حتقق ومن مث فقد أغفلفهم وإن كانوا قد أجادوا يف غـري , ليه املقصد الشرعي يف الفعل بعد ترتيل األحكام الشرعية ع

خلـو األدب "غري أن, أو حىت معرفة مقاصده , هذا من املباحث املعرفة باحلكم والكاشفة عنه األصويل من بيان واف لقواعد تعرف باملصري الواقعي لعالقة احلكم مبقصـده يعتبــر أكـرب

االجتهادات الفقهية، قدميا وحديثا، إىل الثغرات يف هذا األدب، ورمبا عادت كثري من املزالق يف )2(. " هذه الثغرة يف أسباب وقوعها

أن ترتيل األحكام الشرعية يف واقع األفعـال ال بـد أن –رمحه اهللا –وقد أدرك الشاطيب وقـد راح , يكون قائما على منهج يتحقق من حصول املقاصد الشرعية عند الترتيل أو ختلفها

ومل يسـلكها يف , يعرض بالشرح والتنبيه هلذه القضية , وصا كتاب املوافقات يف مؤلفاته وخصوبعـد . غري الناظر يتنب أنه كان يضبط الكيفية اليت ميكن أن تسدد عمليـة الترتيـل , قواعد

:نتبني القواعد التالية , ودونه –رمحه اهللا –استقراء ما قاله الشاطيب

. 279ص , تطبيق األحكام الشرعية عند الشاطيب فقه , عبد ايد النجار )1( . 87ص , 2جـ , يف فقه التدين فهما وترتيال , عبد ايد النجار ) 2(

Page 166: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

:مرتبتان مها للتحقق من حصول املقاصد الشرعية: القاعدة األوىل -

.التحقق من حصول املقاصد ضمن إطار النوع - . التحقق من حصول املقاصد ضمن إطار العني -

: قق من حصول املقاصد ضمن إطار النوع التح/ أوال : ه املرتبة شرح هذ - تعمل على إجياد مقصد احلكم وذلك باعتبار عموم , فمسالك استخراج مقاصد الشريعة

وهذا احلـكم العام ينطوي على , كمقصد حفظ النفس بالنسبة لتحرمي القتل , ذلك احلكم ومثـاله يئة الطرقات , ملقصد الشرعي اليت تستشرف نفـس ا, كثري من األنواع

واليت وجبت على القائمني ا استشرافا إلصابة مقصد الشارع يف احملافظة على , وتسـويتها وهذه , على تلك الطرقات املهملة –مثال –النفوس اليت ميكن أن تضيع مبرور احلافالت

كرصف الطرق , لتسوية التسوية املذكورة حكم عام ينطوي على كثري من األنواع يف افاملقصد الشرعي الذي ثبت يف احلكم العام يثبت , وغسلها وبسطها ونصب اإلشارت عليها

)1( .يف مجيع أنواعه فإنه ينبغي , أما وقد وصلنا إىل مرحلة ترتيل احلكم الشرعي , هذا عند احلديث النظري

هل يتحقق مقصد الشارع فيها عند ,إجراء حتقيق يف تلك األنواع اليت يشملها احلكم العام . ترتيل احلكم الشرعي عليها أم ال ؟

بل إن بعض أنواع احلكم قد يؤدي , فقد ال يتحقق املقصد الشرعي يف بعض تلك األنواع . وحينئذ يصرف عن دائرة التطبيق , عند توقيعه إىل املفسدة

بتجميلها بكثري من اللوحات والزخارف ,ومثال هذا األخري تسوية الطريق بشكل مبالغ فيه فقد تكون سبا يف عدم تركيز املارة وأصحاب , الكثرية على جنبات الطــريق بقصد التزيني

)2(. رغم أن التزيني حكم يبتغى من ورائه املصاحل , فيؤدي هذا إىل مفاسد , السيارات . 280ص , عند الشاطيب فقه تطبيق األحكام الشرعية, عبد ايد النجار ) 1( . بتصرف . 280ص , املرجع السابق ) 2(

Page 167: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

: بيان الشاطيب هلذه املرتبة - ـ , إن اإلمام الشاطيب قد وضح هذه املرتبة دون التصريح بتقعيده زء الثالـث مـن ففي اجل

ويف املسألة األوىل من الطرف األول لكتاب األدلة الشرعية حيدد العالقة اليت , كتاب املوافقات فاحلاصل أنه ال بد من اعتبـار خصوصـيات " : -رمحه اهللا –فقال , تربط الكلي مع اجلزئي

يه ينتهي طلقهم يف وإل, اجلزئيات مع اعتبار كلياا وبالعكس وهو منتهى نظر اتهدين بإطالق )1( " .مرامي االجتهاد

ويقصد باجلزئي ما يندرج حتتـه , وظاهر من كالم الشاطيب أنه يقصد بالكلي جنس املقصد رمحه اهللا عـن حتقيق املقاصد الكلية عنـد ترتيـل –وكثريا ما تساءل الشاطيب , من األنواع

قق ذلك املقصـد تامـا يف مجيـع فهل يكون حت, احلكم الشرعي على مجيع أنواع جنـسه اجلزئيات ؟

فإنه إن علـم أن احلفـاظ " : وقد برهن اإلمام الشاطيب على هذا بنظر ترتيلي حمض فقال فإن للحفظ وجوها قد يـدركها , فلم حيصل العلم جبهة احلفظ املعينة , على الضروريات معترب أو زمـان دون , لنسبة إىل حال دون حال وإذا أدركها فقد يدركها با, العقل وقد ال يدركها

)2( " .فيكون اعتبارها على اإلطالق خرما للقاعدة نفسها, أو عادة دون عادة , زمان : عنيالتحقق من حصول املقاصد ضمن إطار ال/ ثانيا :شرح هذه املرتبة - كلي يتحقق فيه املقصد احلكم ال عندما يثبت يف ترتيل األحكام الشرعية أن نوعا من أنواع

وقد تكون غري سديدة ما مل يتحقـق يف , فقد قام املرتل جبزء فقط من عملية الترتيل , الشرعي وهو ما يعجـل , أفراد ذلك النوع من حيث حصول املقصد فيها عند الترتيل أو عدم حصوله

. بصرف احلكم عن التطبيق

. 10, 09ص , 3جـ, املوافقات ) 1( . 08ص , 3جـ, در نفسه املص) 2(

Page 168: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

: بيان الشاطيب هلذه املرتبة -وعند حديث اإلمام الشاطيب عن هذه املرتبة أثار إشكاال يتعلق مبعرفة حصـول املقصـد

ميكن معرفة ذلك قبل وقوع األعيان بالفعل حىت يصرف مـا فهل, الشرعي يف أعيان األفعال . يتنب أن املقصد ال يتحقق فيه عند ترتيل احلكم عليه

وبني وجهة نظره بقولـه إن اعتبـار وجـود , وقد اعترب اخلالف يف هذه املسألة مشروعا فـنحن , ألن تلك احلكمة ال توجد إال ثانيا عن وقوع السبب, احلكمة يف حمل عينا ال ينضبط

. قبل وقوع السبب جاهلون بوقوعها أو عدم وقوعها : ال بد من املوازنة بني الضرر والنفع يف األعيان : لثانيةالقاعدة ا -

,مقصد الشارع هي عني إن ما يعترب عند ترتيل احلكم الشرعي هو حصول املصلحة اليت . لذلك ضبط الشاطيب هذه القاعدة

:اعدة وجه القول اته الق -األفعال عند وقوعها تكون مطبوعة بشـوائب ف : عدم متحض املصاحل واملفاسد يف الدنيا/ أ

.حبيث ال يكون يف الوجود فعل خالص املصلحة واملفسدة , املفاسد فاملصاحل واملفاسد " :ويف ذلك يقول اإلمام الشاطيب . وإمنا املعترب هو ما متحض من الطرفني

فإذا كان الغالب جهة املصلحة فهي , إمنا تفهم على مقتضى ما غلب الراجعة إىل الدنيا ولذلك كان , وإذا غلبت اجلهة األخرى فهي املفسدة املفهومة عرفا , املصلحة املفهومة عرفا

ويقال فيه إنه , فإن رجحت املصلحة فمطلوب , الفعل ذو الوجهني منسوبا إىل اجلهة الراجحة )1(" .املفسدة فمهروب عنه ويقال إنه مفسدة وإذا غلبت فيه جهة, مصلحة

فاملصلحة إذا كانت " ,لذلك فاألحكام الشرعية تتعلق بالعباد مع أغلبية املصاحل واملفاسد ولتحصيلها وقع , هي الغالبة عند مناظرا مع املفسدة يف حكم االعتياد فهي املقصودة شرعا

ـت هي الغالبة بالنظر إىل املصلحة يف حكم وكذلك املفسدة إذا كانـ.. الطلب على العباد

. 21ص , 3جـ, املوافقات ) 1(

Page 169: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

)1(" .وألجله وقع النهي , فرفعها هو املقصود شرعا , االعتياد املصلحة واملفسدة يف الفعل ليست ف : اسد يف األفعالعدم ثبات واطراد املصاحل واملف -ب

وأن ذلك , حبيث يعلم أن هذا الفعل تغلب فيه املصلحة دوما , النسبة بينهما ثابتة ومطردة وذلك ألن املـصلحة واملفسدة إضـافية يف الفـعل وليست , تغلب فيه املفـسدة باطراد

وبالنسبة إىل شخص دون , ر يف حال دون حال ومعىن كوا إضافية أا منافع أو مضا" ذاتية )2(" .شخص أو وقت دون وقت

, ومن مث نادى الشاطيب بإجراء موازنة دقيقة ملعرفة غلبة املصلحة فيعلم أن املقصد يتحقـق . أو غلبة املفسدة فيعلم أنه ال يتحقق

: االعتبارات اليت تقوم عليها املوازنة عند اإلمام الشاطيب -انطالقا مما سبق فإن تلك املوازنة املطلوبة بني النفع أو الضرر احلاصل جيب أن يكون حبسب االعتبارات اإلضافية للفعل ال حبسب ذاته ومن هذه االعتبارات اليت ينبغـي أن تقـوم عليهـا

: املوازنة زمن ما أو فرب فعل من األفعال حتققت فيه املصلحة يف :إختالف معطيات الزمان واملكان -1

.فلما يتغري الزمان واملكان يؤول إىل املفسدة , يف مكان معني ما يكون متبدال يف العادة من حسن إىل قـبح ": وقد ضرب لذلك اإلمام الشاطيب مثاال قال فيه

فهو لذوي املـروءات قبـيح يف , مثل كشف الرأس فإنه خيتلف حبسب البقاع يف الواقع , وبالعكس فيكون عنـد , فاحلكم الشرعي خيتلف باختالف ذلك , وغري قبيح يف البالد املغربية , قية البالد املشر

)3( " .وعند أهل املغرب غري قادح , أهل املشرق قادحا يف العدالة فكما تتبدل العادة مـن مكـان إىل , وأيضا نفس هذا األمر ميكن أن ينطبق على املعطى الزماين

فيرتل احلكم الشرعي حسب حصول املنفعة اعتبارا لتبـدل ,مان إىل زمان مكان فإا قد تتبدل من ز . الزمان واملكان

. 22ص , 3جـ, املوافقات ) 1( . 33ص , 2جـ, صدر نفسهامل) 2( . 33ص , 2جـ, صدر نفسهامل) 3(

Page 170: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

ولكنه , فقد يكون حكم ما جيري على شخص معني فيتحقق مقصده فيه : اختالف النفوس -2

جيري على شخص آخر فال يتحـــقق فيه الختالف األمزجة والنفوس واألحوال الباطنية لإلنسان .

جود مظنة إذا كان التشريع ألجل احنراف املكلف أو و" : وقد نبه إىل هذا اإلمام الشاطيب بقوله فعلـى , لكن على وجه مييل فيه إىل اجلانب اآلخر ليحصل االعتدال فيه , احنرافه عن الوسط األعدل

)1( " .وقوة مرضه وضعفه , الطبيب الرفيق حبمل املريض على ما فيه صالحه حبسب حاله وعادته ما جيري عليـه فقد يكون فعل, ونقصد باألثر ما حيدثه الفعل خارج حمله : اختالف األثر -3

وال تترتب عليه آثار متتد إىل غريه ورب فعل آخر من نفس النوع حيصـل , حكمه فيحصل مقصده , قد تكون أكرب من املصلحة احلاصلة به يف حملـه , ولكن يكون له أثر مبفسدة خارج حمله , مقصده

ة يف األفعال اليت تكون فيها وأمثلة هذا االعتبار كثري. فيعرف إذن من دائرة تطبيق احلكم هلذا االعتبار مصلحة للنفس ولكن تلحق ا مضرة للغري يف بعض األحوال فهي نفسها جتري على حكم اإلباحة أو

ولكن يف األحوال اليت يكون فيها ضرر جيري عليها , الطلب يف األحوال اليت ال يكون فيها ضرر بالغري . املنع

موافقة أو خمالفة قصد املكلفني لقصد الشارع ال بد من النظر يف : القاعدة الثالثة - –املوازنة بني مقصد الفعل وبني مقصد الفاعل -

فإن أي حتريـف , ملا كان ترتيل األحكام الشرعية يعتمد على لزوم حتقق مقاصد الشارع ومن ذلك فعل األحكـام الشـرعية , س ما تصبوا إليه الشريعة هلاته املقاصد قد يؤدي إىل عك

وحينئذ يلزم صرف , وترتيلها على آحاد املكلفني مع تبين قصد آخر خمالف لقصد ذلك الفعل كل من ابتغـى ": –رمحه اهللا –قال الشاطيب . وتعترب باطلة , تلك األحكام عن ذلك املناط

وكل من ناقضها فعله يف املناقضـة , د ناقض الشريعة من تكاليف الشريعة غري ما شرعت له فق )2(" .فمن ابتغى يف التكاليف ما مل تشرع له فعمله باطل , باطل

. 163ص , 2جـ, املوافقات ) 1( . 233ص , 2جـ, صدر نفسهامل) 2(

Page 171: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

وقصده هذا كمـا , أن يتزوج الرجل امرأة وقصده أن حيللها لزوجها األول : ومثال ذلك

وحصول السكينة وبالتايل حيكـم , هو ظاهر خمالف لقصد الشارع يف دوام الزواج ومثرة الولد . على نكاحه بالبطالن ملناقضته مقاصد الشارع

Page 172: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

Page 173: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

أن ال يكفي يف اإلطمئنان إىل, سبق ذكره عند احلديث عن املسلك األول والثاين ما

. ي إىل املصلحة اخلالصة ضفل سيعكم على ذلك الفيق احلبطتد يكون فق, ود الشرعي منه ق املقصعل وإن حتقـوالسبب يف ما قرر آنفا هو أن الف

جرغري أن حصول , أو إىل حصول املصاحل واملفاسد , ضيا إىل حصول املفاسد فقط فيانه م . ليت حتققت فيه بذاته املفسدة أكرب من املصلحة ا

يرصد الفعل , ومن هنا فإننا حنتاج مسلكا ثالثا يف تسديد ترتيل أحكام الشريعة اإلسالمية لتبين ما ستكون عليه حالة الفعل )1(" .يف دوائر أخرى خارج دائرته "منذ توقيع احلكم عليه

عن الواقعة أو إجراؤه عليها على زل باإلذن بصرف احلكمـة يقوم املنومث, من صالح أو فساد . وجه جيلب املنفعة ويدفع املضرة

ووسع مفهومه , وقد أبدع اإلمام الشاطيب وهو يتحدث عن هذا األصل شكال ومضمونا .زيلي ـكما وسع عدة مفاهيم حتقيقا لغرضه التن

هذا املطلب وثين, وأدلة اعتباره , لذلك سيتناول هذا املبحث مبطلب أول تعريف املآل والقواعد املنهجية اليت وضعها , زيل ـمبطلب آخر مت فيه احلديث عن عالقة مراعاة املآل بالتن

. اإلمام الشاطيب ليسدد ترتيل األحكام الشرعية 287ص , فقه تطبيق األحكام الشرعية عند اإلمام الشاطيب , عبد ايد النجار ) 1(

Page 174: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

ويعترب الشـاطيب , ل مصطلح مراعاة املآ بحث يف ـكثريا بالوالفقهاء م حيفل األصوليونـل غري أنه يمكن التأكيد بأن معىن هذا املصطلح كان )1( .من بني أكثر من استعمله -رمحه اهللا –

لفكر األصويل ولكن حتت مسميات أخرى يف املباحث األصولية والقواعد الفقهيـة رائجا يف اوغريمها مما تندرج إمجاال حتت مفهـوم , وقاعدة منع احليل , وسد الذرائع , مثل االستحسان

.مراعاة مآالت األحكام ظاهرة أو ق احملققون من األصوليني على أن العمل إذا كان يفضي إىل مفسدةفـومن هنا ات

ومستندهم يف ذلك النصوص الشـرعية . فهو باطل مردود , يؤدي إىل مناقضة مقصد شرعي )2(.الدالة على منع سبل الوقوع يف احملظور

: مآلـاة الـراعـوم مـهـفـرح مــش -1

ـ ـد بألفاظ أخإن هذا املصطلح املركب قد ير : املفهوم العام العتبار املآل - آالت رى مثل مر املعىن باعتبار أن اللفظ احملوري هو املآل مل يـتغري يف يغوال يت, أو مآالت األعمال , األحكام

فيكون املآل هو املرجـع .بـمعىن رجع , صدر الفعل آلممآل هو ـوال, تلك املصطلحات ـ , شيء ـال إليهآخر ما يصري ـطلق على وي و , ذايقال طبخ الشراب فـآل إىل قدر كذا وك3(. تهاه من اإلسكارـثر وانتهى بلوغه ومنـقال آل الشراب إذا خي(

مآالت " و " مآالت األفعال " عند التفتيش على املواقع اليت استعمل فيها لفظ : " يقول األستاذ عبد ايد النجار ) 1(شتمل على املئات من املصادر األصـولية امل" مكتبة الفقه وأصوله " يف القرص املدمج املشتمل على برنامج " األحكام , عبد ايـد النجـار ( ." مل يظهر هذا املصطلح إال يف موقعني كل منهما يف كتاب املوافقات للشاطيب , والفقهية

تصدر عـن , جملة علمية نصف سنوية , 176: ش الصفحة ـهام, مآالت األفعال وأثرها يف فقه األقليات / هـ 1425ربيع الثاين , خامس ـالعدد الرابع وال, رلنداـإي/ دبـلن -اء والبحوث الس األورويب لإلفت

) 2004جوان املعهد الـوطين , جملة املوافقات , 309ص , قواعد التنظري املآلـي عند اإلمام الشاطيب , عبد احلميد العلمي )2(

.م 1993جوان / هـ 1413 ذو احلجة, الثاين : العدد , اجلزائر –العايل ألصول الدين . وما بعدها 33ص , 11جـ, لسان العرب , وابن منظور . 13ص , خمتار الصحاح , الرازي :ينظر )3(

Page 175: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

وقـد يكـون , إليه فعل اإلنسان وينتهي ومما سبق يتضح أن مآالت األفعال يعىن ا ما يرجع .أو ضرر لزوجته , كأن يكون النكاح حتصني لفالن , منتهاه يف نفسه أو تأثريا يف غريه

فيؤدي , واملقصود به عند إطالقه عاما هو ما يؤول إليه احلكم الشرعي من أهداف ومقاصد )1(. عىن التضامن فرض الكفاية إىل م ويؤدي, القصاص إىل حفظ املهج والنفوس

كن احلديث عن مفهوم مراعاة املآل كمفهوم توسع مع مي :العتبار املآل املفهوم اخلــاص -واملالحـظ أنـه مل , وجعله ضابطا من ضوابط ترتيل األحكام الشرعي , حديث الشاطيب عنه

ح معنـاه ولكن اعتىن بعض العلماء بشـر , يضبط له تعريف كما هو مقرر يف حتديد احلدود تبىن يف صيغتها النظرية اردة أمرا , وتقريرها يف اجلملة أن األحكام الشرعية " شروحا عريضة

ويا على اعتبار ما تؤدي إليه مناطاا من األفعال باعتبار أجناسها اـردة مـن مصـلحة أو ات ما جيعـل ولكن تلك األفعال يف حال تشخصها العيين قد يطرأ عليها من املالبس, مفسدة

بعض أعياا تؤول إىل عكس ما قدر نظريا أنه تؤول إليه أجناسها فإذا ما قدر باعتبار عينـه إىل وحينئذ فإن الفقيه اتهد يعدل بالنظر االجتهادي عن حكـم , حتقيق مفسدة والعكس صحيح

ل الذي غلـب األمر إىل حكم النهي أو يعدل عن حكم النهي إىل حكم األمر اعتبارا لذلك املآ )2(. " على ظنه أنـه يؤول إليه يف الواقع

: عن اعتبار مآالت األفعال مثال - الشرع على إباحة البيع يف قوله تعاىل قد نص : }ـوأحل اهللا البيـ ع وحمر 3(} بـا الر(

ريعه هي حتقيـق ـواملقاصد املتوخاة من تش, رى واإلطالقات ـومن خالل عموم األدلة األخمث اشـتراها لـسلعة بعشرة إىل أج خصـاع شـفإذا ب, عة عليهم ـوالتوس, مصاحل الناس

قق فيها الفساد وهـي التعامـل ـفقد آل البيع إىل صورة حمرمة حت, قدا ـقبل األجل خبمسة ن شرعفاملصاحل اليت ألجـلها " ,معانـي التعاون وفـعـل اخلري ويض ـبالربا وما فيه من تق

. 141ص , 1جـ , املوافقات : ينظر يف معىن التضامن والتكاثف االجتماعي الذي حتققه فروض الكفاية ) 1(

تصدر عن الس , جملة علمية نصف سنوية , , 59ص , حنو منهج أصويل لفقه األقليات , عبد ايد النجار )2( ) 2003جوان /هـ 1424ربيع الثاين , الثالـثالعدد , ارلندـإي/ دبـلن -األورويب لإلفتاء والبحوث

. 275: اآلية رقم , سورة البقرة )3(

Page 176: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

)2(. ومـن مث يلزم احلكم مبنع هذا البيع , )1(" البيع مل يوجـد منها شيء

: مآل عند اإلمام الشاطيب ـفهوم مراعاة الـم -2وتوسع فيه حـىت جعلـه أصـال , عن مراعاة املآل واعتباره –رمحه اهللا –حتدث الشاطيب

ويعتـرب . وخصص له املسألة العاشرة من كتاب االجتـهاد , منهجيا لترتيل األحكام الشرعية الذي خصص له اإلمام الشـاطيب -ا من مسالك تسديد الترتيل اليت نذكره -املسلك الوحيد .وشرحا وافيا , تقريرا مفصال

:ثالثة هي وأركان هذا املفهوم عند اإلمام الشاطيب والذي له مقصد شـرعي , ليتمثله املكلفون إقداما وإحجاما ؛ احلكم الذي شرعه اهللا تعاىل -

يه تسـتجلب أو ملفسـدة ملصلحة ف" وذلك احلكم ال خيرج عن كونه قد شرع , يبتغي حتقيقه )3(" تدرأ

فاألحكام اليت شرعت يف طلب ذلـك ؛ وجود احتمال بانقالب ذلك املقصد إىل ما يناقضه - وإن كانت يف الغالب األعم تؤول عنـد " , على خلفية عامة مطلقة عن الزمان واملكان املقصد

ويف بعـض , فإا يف بعض األحيان , تطبيقها على واقع األفعال إىل حتقيق املصلحة املبتغاة منها )4(." بل قد تؤدي إىل نقيضها من املفسدة , األعيان قد ال تؤدي إىل تلك املصلحة املبتغاة

واليت ختـرج , وتغري ظروفها ,وقد يؤدي إىل ذلك االنقالب يف املقاصد خصوصيات األعيان .إىل خلفية أخرى تغري مآله , كان باحلكم من تلك اخللفية العامة املطلقة عن الزمان وامل

واالمتناع عن احلكم على أفعـال املكلفـني باإلقـدام أو ال بد من اعتبار هذا االحتمال ؛ - فإن آل إىل مقصده الشرعي حكم به وإال , اإلحجام إال بعد النظر إىل ما يؤول إليه ذلك الفعل

)5( .عدل به إىل حكم آخر يتحرى املصلحة ويتفادى املفسدة

. 164ص , 4جـ , املوافقات ) 1(

, القاهرة –مكتبة املتنيب . 196و ص, 195ص , نظرية املصلحة يف الفقه اإلسالمي , حسني حامد حسان )2( . 1981: سنة النشر , بدون : الطبعة

. 160ص , 4جـ, املوافقات )3(جملة الـس األورويب لإلفتـاء , 177ص , فقه األقليات مآالت األفعال وأثرها يف, عبد ايد النجار )4(

. والبحوث )بتصـرف (. 160ص , 4جـ, املوافقات )5(

Page 177: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

: م الشاطيب عالقـة أصل مراعاة املآل بتنـزيل األحكام الشرعية عند اإلما -3 هـو , من خالل اهتمامه البالغ ذا األصـل –رمحه اهللا –لعل الطفرة اليت أحدثها الشاطيب

فال ميكن احلـديث , مسلك من صميم مسالك ترتيل أحكام الشريعة , كون النظر يف املآالت ـ لـى ع هعنه بصورة نظرية بل هو مسلك يتعامل مع احلكم وما يؤول إليه عند تطبيقه وجريان

لذلك مل يظفر باالهتمام نفسه عند األصوليني , فهذا األصل هو مسلك ترتيلي , أفعال املكلفني يف الرتعة النظرية اليت تم بفهم احلكم الشرعي عندهم ملا رأيناه من احنصار املباحث األصولية, . دركه من األدلة الشرعية و

باعتبار أن مهمة اتهد ال , عالقة وثيقة زيل األحكام الشرعيةـالقة هذا األصل مع تنـفع وال يكون ذلـك إال عنـد , تنحصر يف إعطاء احلكم الشرعي بل تتعداه إىل استحـضار مآله

)1(. ر فيها فهو إما قاصر عن درجة االجتهاد أو مقص, فإذا مل يفعل , الترتيل االجتهاد الترتيلي عند اإلمام وميكن التأكيد على أن النظر يف مآالت األفعـال أصل من أصول

كما يمـكن عـده مظهـرا مـن , وقد وجـهه توجيها خيدم فكرة الترتيل عنده , الشاطيب :كل ذلك يظهر من خالل املالمح التالية , مـظاهر النـزعة الترتيلية عنده

: مقاصد الشريعة اإلسالميةـل بـط هذا األصــرب -أ بعد شـرح , إىل العالقة بني اعتبار املآل ومقاصد الشريعة –ه اهللا رمح –لقد أشار الشاطيب

)2(. " على مقاصد الشريعة جــار بالغ حممود...للمجتهد وهو جمال : " مفهومه بقوله ذلك أن أحكام الشـريعة , ترتيلي مسلكوهذه العالقة هي اليت تؤكد على أن هذا األصل

تنفالنظر اجلاد لتتبع هذا , منتهاها حتقيق املصاحل , د راجعة إىل العباد مقاص حتقيقمن أجل سهلا إمنـا هـو واالنصياعفاالمتثال لألوامر والنواهي , التحقيق ال ينازع فيه أحد وهو مشروع

ألنه ينضاف , ويقويه االنصياعفتبني هذه املصلحة مما يعضد حال " , امتثال ملا حيقق املصلحة

)بتصـرف (. 353ص , يب ـرية املقاصد عند اإلمام الشاطـنظ, ي ـريسونـد الأمح) 1(

. 160ص , 4جـ, موافقات ـال )2(

Page 178: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

علم بوجه احلق فيهـا إمجـاال م بوجه احلق يف األحكام تفصيال بتبين آثارها الفعلية إىل اللبه العوالتحقيق يف ما يؤول إليه احلكم من حتقق املقاصـد )1(" باعتبار صدورها عن الرمحن الرحيم

مع ما يعتريه مـن ظـروف , الشرعية أو ختلفها إمنا هو نظر يف حصوهلا يف الواقع عند تطبيقها . عارضة وخارجية

: املسلك ذا ـة هـوبـصعـيب بـاطـراف الشـتــاع -بـ هذا األصل مسلكا ترتيليا هو وصفه مبا وصف بـه –رمحه اهللا –مما يدل على اعتبار الشاطيب

ــة يف االستعمال , كل املسالك الترتيلية السابقة من صعوبة فقـد , وحذر يف التعامل ودقيرشد وهو وصف حق باعتبار أنه أصل )2(" صعب الـمورد وهو جمال للمجتهد : " قال عنه

فهو وإن كان يسـريا , تتبع املآل فيه ميتاز ببعد النظر, تطبيق األحكام الفقهية يف واقع متشعب تتداخل مضاعفاا وتتـواىل قبـل أن , لكن عند امتداد الفعل يف دوائر بعيدة , يف دوائر قريبة

مع احتمال اخلطأ وقد يتبني, أو قد ال يتبني , فإن مآله يتبني بصعوبة , تؤول إىل حاهلا األخرية فربـما أدى استجالب املصلحة فيه إىل مفسـدة " مع ما فيه من خطورة شديدة , يف التقدير

ورمبا أدى اسـتدفاع املفسدة إىل مفسـدة تسـاوي أو ... تساوي املصـلحة أو تزيد عليها )3(. " تزيـد

رغـم أن , ذه الصعوبة وبنظر استلزامي فإن هذا األصل إذا كان أصال نظريا فلما يوصف .ليس فيه ما يستدعي هذا الوصف , التجريد والعموم واإلطالق عن الزمان واملكان

:توسيع مدلوله ليشمل كثريا من املباحث األصولية اليت هلا عالقة بالترتيل -جـ و ما خصه له ومما يدل على اعتبار مبحث مراعاة املآل ذا داللة على نزعة الشاطيب الترتيلية ه

فقد خصص له جزءا من كتاب االجتهاد تكلم فيـه , من مساحة مل حتفل ا غريه من املباحث مث راح , أتى باحلجج التنصيصية الدالة على اعتبار هذا األصل يف عادات التشريع , عن معناه

جملة الـس األورويب لإلفتـاء , 182ص , مآالت األفعال وأثرها يف فقه األقليات , عبد ايد النجار ) 1( .والبحوث

. 160ص , 4جـ, املوافقات )2( . 160ص , 4جـ, املصدر نفسه ) 3(

Page 179: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

كثري من املباحث اليت هلا وتكلم فيه على , يتكلم عن القواعد املسددة له أو ضوابط اعتبار املآل ومـن , اليت يكون الفعل فيها ذريعة باملآل إىل مــمنوع ,وجهة تطبيقية من مثل سد الذرائع

وقاعدة مراعاة , مثل قاعدة احليل اليت يؤول فيها ما ظاهره اجلواز إىل ممنوع على سبيل التحيل ل وقوع الفعل املمنوع بالدليل حا, اخلالف اليت يقبل فيها القول املخالف الثابت بدليل مرجوح

. الراجح وقاعدة االستحسان اليت تعرب عن استثناء من القياس إذا أدى إىل عدم حتقيق املصلحة ليوحي بالعالقة الوثيقة بني , إن توسيع معناه وجعله ضابطا يشمل الكثري من املباحث التطبيقية

.وفكرة التنـزيل عند اإلمام الشاطيب , هذا األصل :مآل ـبار الـتـالع ةـيـشرعـة الـاألدل -4

أو إىل , سبق وأن قلنا باتفاق األصوليني على إبطال العمل الذي يؤدي إىل مفسدة ظـاهرة واعتمدوا يف ذلك على النصوص القرآنية والنبوية الدالة على ضرورة , مناقضة مقصده الشرعي

.رات وحسم سبل الوقوع يف احملظو, النظر يف املآالت النظر يف مـآالت : " وقد أكد اإلمام الشاطيب على قطعية هذا األصل واعتبار الشرع له فقال

)1(."موافقة أو خمالفة كانت األفعال , األفعال معترب مقصود شرعا :وميكن ذكر احلجج الشرعية الدالة على اعتبار املآل كاآلتـي : ة للمآل األدلة العامة اليت تفيد اعتبار الشريع -1 –املتأمل يف نصوص القرآن العامة و قواعد الدين جيد بأن النظر يف املآل معترب مقصود شرعا

, وذلك من خالل ما ورد من نصوص قرآنية عامة تشري إىل اعتبار املآل –كما قرره الشاطيب ـكم { :ومنها النصوص اليت أشارت إىل حتقق املقصد بالنظر إىل مآل احلكم كقوله تعاىل ولـ

, والذي بين فيه تعليل القصاص مبا يؤول إليـه , )2(} في القصاص حياة يا أولي األلبابإنما يريـد الشـيطان أن يوقـع بيـنكم { :وكقوله تعاىل معقبا على حترمي اخلمر و امليسر

)3(} العداوة والبغضاء في الخمر والميسر

. 160ص , 4جـ , املصدر السابق )1(

. 179: اآلية رقم , سورة البقرة )2( . 91: اآلية رقم , سورة املائدة ) 3(

Page 180: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

فعلـل إجـراء , لحة أو مفسدة والذي ظهر منه أن اهللا تعاىل علل احلكم مبا يؤول إليه من مصوهذه اآليـات . وعلل إجراء حكم املنع بتحقق املفسدة مآال , الوجوب بتحقق املصلحة مآال

)1(" االستقراء التام أن املآالت معتربة يف أصل املشروعية " وغريها تفيد )2( " .مما فيه اعتبار املآل على اجلملة " هذا هو النوع األول من األدلة وهو : اليت تفيد اعتبار الشريعة للمآل اصــةاألدلة اخل -1

واملقصود ا ما يدل على اعتبار املآل من نصوص تفصيلية ختص حاالت عدل فيهـا رتـب وقد عدل من حكم اإلباحـة إىل املنـع يف , الشرع أحكاما اعتبارا ملا تؤول إليه عند إجرائها

قد ذكر اإلمام الشاطيب أطرافا من هذا النوع من األدلـة و, بعضها والعكس يف البعض اآلخر :ومن تلك األدلة )3(" وأما يف املسألة على اخلصوص فكثري : " وقال

)4(}فيسبوا اهللا عدوا بغير علم, وال تسبوا الـذين يدعون من دون اهللا{:قوله تعاىل -

أن سب األوثـان " ذلك , ن فعل مشروع ألنه يؤدي إىل مفسدة فقد ى الشارع احلكيم ع ولكن ملا وجد له مآل آخر مراعاتـه , سبب يف ختذيل املشركني وتوهني الشرك وإذالل أهله

) " .)56ى عن هذا العمل املؤدي إليه ... أرجح عصية راجحة ــإىل م أن الطاعة إذا أدت" من هذه اآلية )6(ام البيضاوي ـوقد استنتج اإلم

ـركها 7(. " وجب ت(

. 161ص , 4جـ , املصدر السابق )1(

. 162ص , 4جـ , املصدر نفــســه )2( . 162ص , 4جـ , املصدر نفــســه ) 3( . 108: اآليــة رقم , سورة األنعــام )4( . 162 ص , 4جـ , هامش كتاب املوافقات , عبد اهللا دراز ) 5(مـن , شافعي )هـ 685ت (, البيضاوي , ناصر الدين الشريازي , هو القاضي عبد اهللا بن عمر بن حممد )6(

: ينظر يف ترمجتـه (. وكتب أخرى يف أصول الفقه , أنوار الترتيل وأسرار التأويل تفسري : من تآليفه , أكابر العلماء )ص , جـ, طبقات الشافعية الكربى , ابن السبكي

, حممد أمحـد شـقرون : نقال عن , 178ص , أنوار الترتيل وأسرار التأويل , القاضي ناصر الدين البيضاوي ) 7(دار البحوث للدراسات اإلسالمية و إحياء التراث , 126ص , مراعاة اخلالف عند املالكية وأثره يف الفروع الفقهية

.م 2002/ هـ 1423: سنة النشر , األوىل : عة الطب, اإلمارات العربية املتحدة / ديب –

Page 181: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

مث لـوال صلى اهللا عليه وسـلم قال يل رسول اهللا : " قالت رضي اهللا عنهاما روته السيدة عائشة - قريشا حـني فإن, وجلعلتها على أساس إبراهيم , الكعبة تضقلن رفبالك كقوم عهد حداثة

بنت البيت اسقتول, رت صجلع1(. " افهلا خل ت( , وإعالء شأنه , عليه السالمفنقض الكعبة وجعلها على ما كانت عليه من قواعد سيدنا إبراهيم

عل يؤول إىل مفسدة وهي فتنـة حـديثي ولكن هذا الف, ه مصلحة سوبطه يف األذهان مبؤسإىل صـلى اهللا عليـه وسـلم فعدل الـنيب ,بانتزاع هيبة البيت احلرام من نفوسهم , العهد باإلسالم

. االمتناع اعتبار مبآل احلكم عند جريانه يف ذلك الظرف اخلاص ـ نا إىل املدينـة لي قد فعلوها واهللا لئن رجع : يعبد اهللا بن أبأنه ملا قال " ما روي - رخجن

األعز قال عمر .ها األذلمن :ال ,دعـه : صلى اهللا عليه وسـلم فقال , ق هذا املنافق دعين أضرب عن )2(". حمدا يقتل أصحابهـيتحدث الناس أن م

ملا يؤديها فعلها , عدل النيب صلى اهللا عليه وسلم على غريها , فقتل املنافقني مصلحة ظاهرة . الضرر الفادح الذي يلحقه املنافقون باملسلمني ال من مفسدة مآوتشمل مجيع أدلة حتقيـق املنـاط , وعموما فاألدلة اخلاصة العتبار مآالت األفعال كثرية

لكن ينهى عنه ملا يؤول إليه مـن , اخلاص مما هو يف معىن أن يكون العمل يف األصل مشروعا ومن تلك األدلة ما , ملا يف ذلك من املصلحة , ل عنه إىل اإلباحة أو ممنوعا لكن يعد, املفسدة

)3( .واألدلة الدالة على التوسعة ورفع احلرج كلها , يحتج به على اعتبار سد الذرائع

كما أخرجـه , 1333: رقم حتت , نقض الكعبة وبنائها: باب , احلج :كتاب , أخرجه مسلم يف صحيحه )1( . 1508: رقم حتت , فضل مكة وبنياا: باب , احلج :كتاب , بخاري يف صحيحه ال

, نصر األخ ظاملا أو مظلومـا :باب , واآلداب, األدب الرب والصلة : كتاب , يف صحيحه مسلم أخرجه )2(يهم أستغفرت هلم أم سواء عل :قوله :باب, التفسري : كتاب , يف صحيحه البخاري أخرجه و. 2584: رقم حتت

. 4622 :رقم حتت , مل تستغفر هلم لن يغفر اهللا هلم إن اهللا ال يهدي القوم الفاسقني . 163ص , 4جـ , املوافقات ) 3(

Page 182: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

يب خطورة هذاـاطاستشعر اإلمام الش زيلي ـاملسلك التن, " فهو جمال للمجتهد صعب

رمحه اهللا ببيان القواعد املنهجية الضابطة هلذا –لذلك قام , وعند تزل األقدام )1(" املوردوهي يف نفس الوقت قواعد تعني على , املسلك أثناء استعماله يف تنـزيل األحكام الشرعية

. تسديد حسن لذلك التنـزيل قواعد ال استنتاج, ا ذكره اإلمام الشاطيب يف كتاب املوافقات مبعد االستقراء لـوميكن : التالية نهجية امل :القاعدة األوىل -

:زيل ـريان احلكم الشرعي على أفعال املكلفني قبل التنـيف مآل ج ال بد من النظر قبل , ملا يسفر عنه تطبيق احلكم يف الواقع فاإلمام الشاطيب ينبه على ضرورة النظر التوقعي

وذلك بوجوب , ومن مث فهو جيعل هذا األصل خادما لتسديد عملية الترتيل , عملية التنـزيل وهو أمر يبدوا غري مقدور , عند عملية صياغة احلكم ,التقدير اجليد للحكم مبراعاة مآله

أي بعد , احلكم على فعل من أفعال املكلفني التحقيق باعتبار أن املآل ال يعرف إال بعد جريانوخصوصا وأن مآل احلكم الشرعي قد يتدرج يف دوائر بعيدة متداخلة , ترتيل احلكم الشرعي

هذا احملذور الذي جيعل معرفة األيلولة قبل الترتيل مشوبة بنوع من الظنية اليت قد . ومعقدة زم يف هذه اجل من إلمام الشاطيبمل يثن ا, تكون سببا يف إهدار مقاصد األحكام يف األفعال

ال حيكم على فعل من األفعال الصادرة عن املكلفني باإلقدام أو باإلحجام " فاتهد , املسألة )2(. " إال بعد نظره إىل ما يؤول إليه ذلك الفعل

نا نتوقف ال جيعل, فالعدول باأليلولة الظنية من مقاصد األحكام القطعية إىل أحكام أخرى ألن هذا الظن " ومن مث إلغاء هذا األصل الذي ثبت باألدلة التنصيصية سابقا , عن ترقب املآل

. 160ص , 4جـ , املصدر السابق )1(

. 160ص , 4جـ , املصدر نفـــســه )2(

Page 183: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

وإذا مل يبلغ تلك الدرجة فإن , ها من اليقني ـيف األيلولة قد يبلغ أحيانا من القوة ما يقترب بلتحصيل أحكام الشريعة هو يف أغلبه قائم على االجتهادفضال عن أن , الظن الغالب يلحق به

)1(." الظن هو لب أصل , ا يؤول إليه احلكم أن التوقع املسبق ملوالذي ميكن استنتاجه من هذه القاعدة

وهو املعول عليه يف العدول باحلكم األصلي إىل حكم آخر , مراعاة املآل عند اإلمام الشاطيب . يتحقق به املقصد املبتغى

:دة الثانية ـالقاع - .من وسائل معرفة املآل النظر يف أحوال الواقع و وما جيري عليه من أعراف

إن اعتبار : " فقال , د صرح اإلمام الشاطيب بعدم معرفة املآل قبل وقوع احلكم على الفعل لق , ألن تلك احلكمة ال توجد إال ثانيا عن وقوع السبب , وجود احلكمة يف حمل عينا ال ينضبط

لذلك راح اإلمام الشاطيب )2(." فنحن قبل وقوع السبب جاهلون بوقوعها أو عدم وقوعها وما عليه , سالك اليت ميكن معرفة مآل احلكم من خالهلا فأشار إىل العادة االجتماعية يبني امل

تكتسب ذلك أن اتمعات , وهذا ال يكون إال باستقراء دقيق حلال اتمع , عرف الناس وتصبح تلك العوائد مبثابة القوانني , أنساقا من العادات واألعراف والثقافات باملفهوم احلضاري

ومن مث فيمكن أن يكون استقراء تلك األعراف , حيتكم إليها الناس يف جزئيات معاشهم اليت :مبصرا مبآالت األحكام من وجهني

هو بالنظر إىل أجناس أخرى من األحكام القريبة من احلكم الذي نود :الوجه األول - احلكم الذي نود ترتيله هنا فنستنتج أن مآل, أو من جنسه والنظر مها بدراسة مآله , تنـزيله

.لوحدة واقعهما و اشتراكهما يف أعـراف واحدة , سيكون هو نفس مآل تلك األحكام أخاف أن يتحدث الناس أن " : أما دليل هذا الوجه هو قول رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

شى من ـرفته مبا تفوذلك بالنظر إىل مع, فقد تبصر مبآل قتله للمنافقني " حممدا يقتل أصحابه

جملة الـس األورويب لإلفتـاء , 180ص , مآالت األفعال وأثرها يف فقه األقليات , عبد ايد النجار )1( .والبحوث

)2(

Page 184: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

ر النيب صلى اهللا عليه وسلم أساليبهم يف احلرب الدعائية والنفسية فقد خب, مكر أعداء الدعوة وعرف من عاداا يف هذا ما جعله يتخذ من النظر يف أحوال الواقع , طيلة املرحلة املكية .مسلكا ملعرفة املآل

بغض النظر عن وجود جزئيات نقيس عليها , هو التبصر بالواقع والعرف : الوجه الثاين -, ميكن أن يبىن عليه نتائج , فاالستقراء الدقيق للواقع املبين على قواعد وقوانني , املآالت

فما رواه وأما دليله . يكون بناء على ما هو كائن نستنتج ماف, نستشرف من خالهلا املستقبل ائر بلكا نم :قال صلى اهللا عليه وسلم أن رسول اهللا " رضي اهللا عنهما عبد اهللا بن عمرو بن العاص

شتم الرنعم : قال .؟ يا رسول اهللا وهل يشتم الرجل والديه : قالوا . والديه لج, يسأبا ب . وذلك تبصرا بالعادات الفاشية يف اتمع )1( " .هأم أمه فيسب أباه ويسب بسفي الرجل

:ويشري إىل تبين الشاطيب هلذه القاعدة ملمحان مها حيزا كبريا للحديث عن –رمحه اهللا –فقد خصص الشاطيب : اعاته للعوائد املستقرة مر -

)2(" التكليف مبين على استقرار عوائد املكلفني " وأكد على أن , أحكام العوائد وقد أكد على وجوب , العوائد اجلـارية بني اخللق إىل عوائد ثابتة وقد قسم اإلمام الشاطيب كما ذكر القسم الثاين الذي تتبدل فيه )3(." اء عليها واحلكم على وفقها دائما اعتبارها والبن"

)4( .وبين أن لذلك التبدل ألوانا , العوائد فالحظها , وقد ظهر من كالم الشاطيب أن الشرع راعى يف أحكامه ما عليه عوائد الناس

ترب فيها من جهة الشرع أنفس الـمـع" وليس املقصود كل عادة إمنا , وبىن عليها أحكامه جـارية على , ألن الشـرع إمنا جاء بأمور معتادة , وعليها تترتل أحكامه , تلك العادات

)5(. " أمور معتادة كما تقدم بيانه

وأخرجـه . 90: رقم تـحت , بيان الكبائر وأكربها: باب , مانـاإلي:كتاب , أخرجه مسلم يف صحيحه )1( . 5628: رقم تـحت , ب الرجل والديهـال يس: باب ,األدب :كتاب , صحيحه البخاري يف

. 238ص , 2جـ , املصدر السابق )2( . 242ص , 2جـ , املصدر نفســه )3(

. وما بعدها . 242ص , 2جـ , املصدر نفســه )4( . 243ص , 2جـ , املصدر نفســه )5(

Page 185: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

ما علق به اإلمام الشاطيب على نوع من البيوع اليت يظهر أن حكمها اإلباحة غري أا راجعة -أن عاقد البيع أوال على سلعة بعشرة إىل أجل " وبيان ذلك , إىل صورة ختتلط بالربا احملرم

فإذا جعل مآل ذلك , يتسبب عن البيع من املصاحل على اجلملة من جهة ما , ظاهره اجلواز بأن يشتري البائع سلعته من مشتريها خبمسة , البيع مؤديا إىل بيع مخسة نقدا بعشرة إىل أجل

إىل أن باع صاحب السلعة من مشتريها منه مخسة نقدا بعشرة , نقدا فقد صار مآل هذا العمل ألن املصاحل اليت ألجلها شرع البيع مل يوجد , هلا يف هذا العمل والسلعة لغو ال معىن , إىل أجل

)1( ".لذلك قصد ويكثر يف الناس مبقتضى العادة , شرط أن يظهر ـذا بـكن هـول, منها شيء فمإمنا هو توقع منه للمفاسد الناجتة عن ما يؤول إليه ,ع اإلمام الشاطيب ملن يريد هذه املعاملة ن

وانتشار هذا , العادة وتوقعه مبين على مراقبة , ه مبين على هذا الــتوقع و منع, الفعل . بني الناس )نوع مـالتوسل مبا هو جائز على ما هو م( القصد

. وقوعه ع مآل الفعل حىت بعدبتـمن ت دـال ب: ثة ـدة الثالـقاعــال - بل ينبه إىل , ر عنه تطبيق احلكم يف الواقع إن اإلمام الشاطيب ال يكتفي بالنظر التوقعي ملا يسف

وهدف الشاطيب من هذا , وجوب النظر يف أيلولة الواقعة بعد وقوعها وجريان األحكام عليها وتقليل الضرر هو , أو حىت احلد منه قدر اإلمكان , التنبيه هو حسم الفساد من االستشراء

.مصلحة يف حد ذاته ال يسلم , اطيب يكون بعد وقوع األحكام على األفعال وحينها وهذا التنبيه من اإلمام الش

. لتلك األحكام باالستمرار أو البطالن إال بعد معرفة ما تؤول إليه من مصلحة أو مفسدة , ذلك أن كثريا من األفعال يأخذ طريقه إىل الواقع جاريا على غري ما شرع له من احلكم

ألن الفعل آنذاك يكتسب , يراعى املآل فيه بشكل مطلق ومن مث فإنه يتطلب تعامال خاصا تقتضي عدم احلكم عليه إال بعد النظر يف ما يؤول إليه من املصاحل أو املفاسد خصوصية واقعية

:هلذه القاعدة ملمحان مها –رمحه اهللا –والـدليل على تبين الشاطيب .

.161ص , 4جـ , املصدر السابق )1(

Page 186: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـصل الثانالف على –رمحه اهللا –لقد دلل الشاطيب : املثال الذي أعطاه عند احلديث عن مراعاة املآل -

اعتبار مآالت األفعال بكثري من األمثلة ولكن الذي يهنا هنا هو ما ذكره من حديث األعرايبم ـل يف املسجد بالذي تبورضي عن أنسفقد روي , صلى اهللا عليه وسلمضرة الصحابة والنيب حصلى اهللا عليه فقال رسول اهللا . أن أعرابيا بال يف املسجد ، فقام إليه بعض القوم : "اهللا عنه

)1( " .من ماء ، فصبه عليه ا بدلوـا فرغ دعمـفل: قال . دعوه وال تزرموه:وسلمإىل مآل اجته صلى اهللا عليه وسلمولكن نظر النيب , فرغم أن األصل يف تنجيس املسجد احلرمة

. زل عليه ـبناءا على الواقع الذي تن وعاجله, الفعل وعلى غري ما شرع اهللا تعاىل , ومن مث فإن هذا الفعل بعد أن وقع على غري وجه حق

عليه حكم املنع يف حال وقوعه آيال إىل عكس لو طـبق " اكتسب خصوصية صار ا إذ تطبيق املنع يف حال الوقوع يفضي إىل املزيد , مقصده الذي هو احلفاظ على نظافة املكان

)2(." إضافة إىل ما حيصل من األذى البدين بذلك املنع , من النجاسة باالنتشار : قاعدة مراعاة اخلالف - فإا يف حقيقتها , فرعا ينبين على أصل مراعاة املآل –اهللا همرح –اليت جعلها الشاطيب

وكان مستند اإلمام , معاجلة جلريان احلكم بعد الوقوع على وفق ما تقضي به املصلحة يقوم على مبدأ حتري قصد الشارع إىل حتقيق العدل ورفع " الشاطيب يف العمل مبراعاة اخلالف

)3(" احليف والضرر عن املكلف قاعدة مراعاة اخلالف على غري الوجه الذي تناوله واحلق يقال إن اإلمام الشاطيب قد تناول

زعه ـمن نازعا ) .)4ا كثري من األصوليني الذين حيصرون هذا األصل يف إعمال دليل املخالف

..ن النجاسـات ريه مـوجوب غسل البول وغ: باب , هارةـالط: اب ـكت, يحه ـأخرجه مسلم يف صح) 1(حتت رقم ,الرفق يف األمر كـلـه : باب , األدب:كتاب , وأخرجه البـخاري يف صحـيحه . 284:رقم حتت

:5679 . .جملة الس األورويب لإلفتاء والبحوث , 193ص , مآالت األفعال وأثرها يف فقه األقليات , عبد ايد النجار ) 2( . جملــة املوافقات , 315ص , د التنظري املآيل عند اإلمام الشاطيب قواع, عبد احلميد العلمي )3(مراعاة اخلالف عند املالكية وأثره يف الفروع , حممد أمحد شقرون , ينظر يف تعريفات األصوليني ملراعاة اخلالف )4(

. وما بعدها , 55ص . الفقهية

Page 187: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

يـالفصل الثان

االقتضاءوهو ما يسميه , الترتيلي يف التفريق بني ما طرأت عليه العوارض من األحكام الذي ينظر فيه إىل احلكم وقد التفت به , وبني االقتضاء التـبعي , األصلي ألدلة األحكام

أن ذلك الواقع واقع املكلف فيه نظر إىل" فمراعاة اخلالف إذن , وتوابع وإضافات قرائن , وإن كان مرجوحا فهو راجح بالنسبة إىل إبقاء احلالة على ما وقعت عليه , دليال على اجلملة

فريجع األمر , ألن ذلك أوىل من إزالتها مع دخول ضرر على الفاعل أشد من مقتضى النهي ملا اقترن , ز أقوى بعد الوقوع ودليل اجلوا, إىل أن النهي كان دليله أقوى قبل الوقوع

)1(. " بالقرائن املرجحة

. 167ص , 4جـ , املوافقات ) 1(

Page 188: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ
Page 189: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

خــاتـمة

: لعل املتابع ملا تناولته هذه املذكرة يالحظ أا قصدت إجناز بعض املطالب منها . تناوله للمباحث األصولية ان أن الشاطيب انتزع مرتعا تنـزيليا يفـبي *

.إثبات اإلحلاح على وجوب االعتناء بالشق الترتيلي يف الدراسات األصولية *

. حماولة الوصول إىل نظرية جتمع شتات فقه الترتيل عند اإلمام الشاطيب *وميكن هلذه املطالب أن تنتظم يف حماولة تفكيك مفهوم الترتيل الذي بـدأ يغـزو السـاحة

.وحاجة الشريعة لقواعد تضبطه , وبني أسسه ومراميه , ولية والفكرية احلديثة األصيتناول عند علم كبري مثل الشاطيب حيتـاج إىل , واحلق يقال أن مفهوما حبجم مفهوم الترتيل

, ولكن حسب املرء أنه استطاع مالمسة حدود هذا املوضـوع , دراسات مجاعية مستفيضة أن هذه املذكرة اهتدت إىل مجلة من النتائج واستشرفت بعض اآلفـاق ومن مث فيمكن القول

:كاآليت

فذلك قد مضى , ال ميكن العودة هنا إىل عرض وإمجال ما فصل يف البحث لتتميمـه وتصـويب –عندما يقـدر اهللا ذلـك –وميكن الرجوع إليه , مبا له وما عـليه

:ئج اليت رصدها البحث ولكين سأوجز القول يف أهم النتا, أخطائه توصل البحث إىل تعريف مصطلح الترتيل الذي شاع استعماله :ضبط مفهـوم التنزيـل / أوال

لذلك توجه البحث إىل بيان معنـاه , وكان مفهوما واضحا وضوحا فضفاضا , عند احملدثني , من العلماء لـه واستعمال كثري , واالستعماالت اللغوية واالصطالحية , انطالقا من املعاجم

حيكم أفعاال أو تصـرفات أو , النظر الشرعي الستخالص حكم شرعي : وقد مت تعريف على أنه . مقترنا حبيثيات تلك الوقائع والنوازل, قضايا

Page 190: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

خــاتـمة

يسيطر التفكري يف ترتيـل :امتداد البعد التنزيلي على القضايا األصولية عند الشاطيب / ثانيا

وظهر ذلك جليا مـن خـالل , األحكام الشرعية على املنهجية األصولية عند اإلمام الشاطيب .الطروحات اليت تبناها يف تناول قضايا علم أصول الفقه

يستطيع الناظر أن يكتشـف :سألة التنزيل بنظرية متكاملـة اإلمام الشاطيب أثرى م/ ثالثا

مث تأصيله من خالل إثبـات , خيوط تلك النظرية من خالل تقعيد اإلمام الشاطيب هلذا املفهوم وذلك بالبحث عن سند شـرعي لـه ممـثال يف , أنه منهج أصيل يف سلوك التشريع وعاداته ث الشاطيب أهم أسسه واستطاع أن يضـع كما حب, نصوص الكتاب والسنة وأحوال التشريع

كل ذلك يف إطار نسق منهجي , مث كشف عن مسالك تسديد ترتيل الشريعة , مبادئه وحماوره . متكامل وهو من شروط التنظري

استطاع البحث الكشف عن طفرة قام ا :غلبة روح الفهم على املباحث األصولية / رابعا

وقـد , املوازنة بني جانب النظر والترتيل يف املباحث األصولية يف باب –رمحه اهللا –الشاطيب وهو ما أدى , ظلت قبله وبعده تلك املباحث خالية من الشق املتعلق بترتيل األحكام الشرعية

.إىل ضمور البحث يف قواعد الترتيل ومسالك تسديده

تبني من خالل : دور الفكر املقاصدي يف النزوع حنو االهتمـام بقضـايا التنزيـل / خامسا

وتفصـيل مقاصـد , واهتمامه بتحصيل , البحث أن تشبع اإلمام الشاطيب بالروح املقاصدية وهو ما يلفـت إىل لـزوم , الشريعة ساهم يف غرس االهتمام لديه بتتبع احلكم نظرا وتطبيقا

. عىن بالبحث يف مقاصد الشريعة على مجيع املستويات تعميم الدراسات اليت ت

فقد قدم اهتمام :بعض املباحث األصولية مسالك لتسديد تنزيل أحكام الشريعة / سادسا

قدم حماولة ممتازة يف , بضبط وسائل تسديد ترتيل أحكام الشريعة –رمحه اهللا –الشاطيب

Page 191: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

خــاتـمة

تأسيس توجه يسعى لتوجيه بعض املباحث األصولية لتصبح أدوات مساعدة على تسديد ترتيل .أحكام الشريعة كمباحث االستحسان وسد الذرائع

فـإن , هـذا البحـث و اإلحساس مييل سطحيا إىل انتهاء , هذا ومع ذكر هاته النتائج

وأن كـل مـا , وهو أنين مل أنه شيئا , ويؤرق الفكر , إحساسا ثقيال آخر جيثم على الصدر :ومن مث ميكن ذكر بعض التنبيهات كاآليت , نبشته يدعو إىل مزيد البحث والدراسة والتحرير

ة لتناول مسائل ترتيل أحكـام البد من أن يتجه القائمون على الدراسات الشرعي /أوال وال منلك وسـائل متكاملـة , الشريعة اإلسالمية وذلك ألن مسألة تطبيق الشريعة على احملك

لذلك فاجلهد ال بد أن ينصب على تأسيس فقـه منـهجي , لتسديد ترتيل الشريعة اإلسالمية ني للنـهوض باألمـة خصوصا وأن الكثري من العامل ,الشريعة اإلسالمية أحكام ضابط لترتيل

متومهني , اإلسالمية وفق هدي الشريعة يغفلون عن هذا املتطلب األساسي للنهوض اإلسالمي أن إخالص العزم يف األخذ بأحكام الشريعة يف كل شعاب احلياة كاف وحـده ألن يهـدي

. احلياة بالتطبيق اآليل صويل والفقهي من مناهج لتسديد ال بد من االهتمام بعرض ما زخر به التراث األ / ثانيـا

, وغريه من العلماء األفذاذ من مثـل اإلمـام القـرايف –رمحه اهللا -عند الشاطيب ,الترتيل .واإلمام عز الدين بن عبد السالم واإلمام ابن القيم وغريهم

إلسالمي حيسن درك أمهية ما تركه الفقه املالكي من فقه إجرائي ساد يف املغرب ا /ثالثـا الـذي , أو ما يسميه األستاذ أمحد اخلمليشي الفقه الشـعيب , متثل يف فقه النوازل , الوسيط

ومن مث يتم التوجـه إىل , يستطيع فيه املرتل لألحكام الشرعية أن يثبت مسالك تعصم ترتيله . دراسته إثراء ملا حنن بصدده

Page 192: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

خــاتـمة

وأنـا ال , هذه باختصار أهم اخلالصات اليت يأت للحصول عليها من خالل هذه املـذكرة

وما توفيقي إال بـاهللا , ولكن يعنيين أين بذلت واسع جهدي يف إجنازها , أدعي الكمال فيها .عليه توكلت وهو حسيب

.واحلمد هللا رب العاملني . وصلى اهللا على سيدنا حممد وآله وسلم تسليما كثريا

Page 193: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

). مرتبة على حسب ترتيب املنجدهي و(

:وتشمل الفهارس التالية .فهرس اآليات القرآنية الواردة يف البحث : أوال * .فهرس األحاديث النبوية الواردة يف البحث : ثانيا* .فهرس اآلثار الواردة يف البحث :الثا ث* . فهرس األعالم املرتجم هلم يف هذا البحث :رابعا * .فهرس املصادر واملراجع اليت اعتمد عليها البحث :خامسا * .فهرس عام للمواضيع الواردة يف البحث : ســادسا *

Page 194: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

. رقم الصفحة .أمساء األعالم املرتجم هلم الرقم 07 ابن قيم اجلوزية 01 09 القرايف شهاب الدين 02 10 الغزايل أبو حامد 03 12 ابن تيمية جمد الدين 04 13 أمحد بن حنبل 05 13 ابن تيمية تقي الدين 06 18 املواق حممد بن يوسف 07 20 ابن خلدون عبد الرمحن 08 20 ابن اخلطيب لسان الدين 09 21 أبو بكر ابن العريب 10 26 ابن احلاجب عثمان بن عمرو 11 29 التنبكيت أمحد بابا 12 35 حممد عبده 13 44 احلفار حممد بن علي 14 47 الشوكاين حممد بن علي 15 57 حممد عبد اهللا دراز 16 66 الرازي فخر الدين 17 67 حممد الطاهر بن عاشور 18 76 ابن القاسم 19 77 بن أنس مالك 20 اآلمدي علي أبو احلسن 21 موفق الدين بن قدامة 22

Page 195: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

.رقم الصفحة .أمساء األعالم املرتجم هلم الرقم 07 ابن قيم اجلوزية 01 09 القرايف شهاب الدين 02 10 الغزايل أبو حامد 03 12 ابن تيمية جمد الدين 04 13 أمحد بن حنبل 05 13 ابن تيمية تقي الدين 06 18 املواق حممد بن يوسف 07 20 ابن خلدون عبد الرمحن 08 20 ابن اخلطيب لسان الدين 09 21 ابن العريب أبو بكر 10 26 ابن احلاجب عثمان بن عمرو 11 29 التنبكيت أمحد بابا 12 35 حممد عبده 13 44 احلفار حممد بن علي 14 47 الشوكاين حممد بن علي 15 57 حممد عبد اهللا دراز 16 66 الرازي فخر الدين 17 67 حممد الطاهر بن عاشور 18 76 ابن القاسم 19 77 مالك بن أنس 20 اآلمدي علي أبو احلسن 21 دين بن قدامة موفق ال 22

Page 196: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

رقم الصفحة يف البحث رقم اآليـــــــة الســــــــــورة اآليــــــــــــــــــــــة القـــــــــــــرآنية قد إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل اهللا

.ضلوا ضالال بعيدا 03 167 سورة النساء

06 02 األحقاف ترتيل الكتاب من اهللا العزيز احلكيمملة أبيكم , وما جعل عليكم من حرج

.إبراهيم 84 78 احلج

84 22 األنبياء لو كان فيهما آهلة إال اهللا لفسدتاقال إبراهيم فإن اهللا يأيت بالشمس من

.غرب املشرق فأت ا من امل 84 258 البقرة

101 19 حممد فاعلم أنه ال إله إال اهللا واستغفر لذنبكقل هي مواقيت , يسألونك عن األهلة

.للناس واحلج 101 189 البقرة

30 البقرة وعلم آدم األمساء كلهاإن اهللا يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي

القرىب 90 النحل

11 النساء للذكر مثل حظ األنثيني 36 سورة احلج أطعموا القانع واملعتر

02 الطالق وأشهدوا ذوي عدل منكم 95 املائدة فجزاء مثل ما قتل من النعم 29 األنفال إن تتقوا اهللا جيعل لكم فرقانا

اليوم أكملت لكم دينكم وأمتمت عليكم ورضيت لكم اإلسالم دينا, دينكم

3 املائدة

عد ما تبني له ومن يشاق الرسول من باهلدى ويتبع غري سبيل املؤمنني نوله ما

.توىل ونصله جهنم وساءت مصريا

115 النساء

Page 197: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

رقم الصفحة يف البحث رقم اآليـــــــة ــورةالســــــــ اآليــــــــــــــــــــــة القـــــــــــــرآنيةإن الذين كفروا وصدوا عن سبيل اهللا قد

.ضلوا ضالال بعيدا 03 167 سورة النساء

06 02 األحقاف ترتيل الكتاب من اهللا العزيز احلكيمملة أبيكم , وما جعل عليكم من حرج

.إبراهيم 84 78 احلج

84 22 األنبياء تالو كان فيهما آهلة إال اهللا لفسدقال إبراهيم فإن اهللا يأيت بالشمس من

.املشرق فأت ا من املغرب 84 258 البقرة

101 19 حممد فاعلم أنه ال إله إال اهللا واستغفر لذنبكقل هي مواقيت , يسألونك عن األهلة

.للناس واحلج 101 189 البقرة

30 البقرة وعلم آدم األمساء كلهاأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي إن اهللا ي

القرىب 90 النحل

11 النساء للذكر مثل حظ األنثيني 36 سورة احلج أطعموا القانع واملعتر

02 الطالق وأشهدوا ذوي عدل منكم 95 املائدة فجزاء مثل ما قتل من النعم 29 األنفال إن تتقوا اهللا جيعل لكم فرقانا

وأمتمت عليكم اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم اإلسالم دينا, دينكم

3 املائدة

ومن يشاق الرسول من بعد ما تبني له اهلدى ويتبع غري سبيل املؤمنني نوله ما

.توىل ونصله جهنم وساءت مصريا

115 النساء

Page 198: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

رقم الصفحة يف البحث .أطراف األحــــــــــــاديث الــــــنــــــبوية الواردة يف البحث 94 عليك بعض مالك

94 أنا وكافل اليتيم 95 إن املقسطني عند اهللا

95 يا أبا ذر إين أراك ضعيفا 95 يا أبا ذر إنك ضعيف

96 اللهم أكثر ماله 96 علبة وحيك يا ث

97 لوال أن اشق على أميت ألمرم بالسواك 97 لوال أن أشق على أميت ألمرم أن يصلوها

98 يا معاذ أفتان أنت ؟ 98 يا أيها الناس إن منكم منفرين

98 ما صليت وراء إمام قط ما أعددت هلا

ال ضرر وال ضرار

Page 199: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

رقم الصفحة يف البحث .أطراف اآلثـــــــــــــــار الواردة يف البحث 11 ) ابن عباس ( أملن قتل مؤمنا توبة ؟

تأديب عمر لصبيغ ) علي بن أيب طالب ( حدثوا الناس مبا يعلمون

Page 200: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

.القرآن الكرمي - :ــــراجعامل املصــــــادر و - .حممد : أبو األجفان - . م 1985: سنة النشر ,الثانية : الطبعة, تونس - طبعة الكواكبــم. فتاوى الشاطيب - 1 .سيف الدين أبو احلسن علي بن حممد : اآلمدي -

, األوىل : الطبعة , روتـبي – تاب العريبــدار الك, ول األحكام ـاإلحـكام يف أص - 2 . د اجلميليـسي. د: حتقيق , هـ 1404:ة النشرـسن .أمحد الريسوين - , ية للـكتاب اإلسالمي ـدار العاملــال, ند اإلمـام الشاطـيب ـظرية املقاصد عن - 3

.م 1992 -هـ1412: سنة النشر , الثالثة :الطبعة . أمحد بوعود - مركز البحوث والدراسات بوزارة ,األمةسلسلة كتاب , أصول وضوابط.. فقه الواقع - 4

: سنة النشر , األوىل : الطبعة . اخلامس والسبعونالعدد , دولة قطر -األوقاف والشؤون اإلسالمية .بدون

.إمساعيل احلسين - واشنطن –املعهد العاملي للفكر اإلسالمي , نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور -5 .م 1995: سنة النشر , بدون : الطبعة , . حممد بن حسن بن علي بن سليمان :ابن أمري احلاج -

-دار الفكر , جامع بني إصطالحي احلنفية والشافعيةـيف علم األصول ال التقرير والتحبري - 6 .م 1996 : سنة النشر , األوىل : الطبعة , بريوت

.الدمشقي عبد القادر : بن بدرانا - سنة , الثانية : الطبعة , بريوت - مؤسسة الرسالة , حنبلاملدخل إىل مذهب اإلمام أمحد بن - 7 . عبد اهللا بن عبد احملسن التركي. د: حتقيق , هـ 1401: النشر

Page 201: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

. أبو بكر حممد بن الطيب: الباقالين -

حممود حممد :حتقيق , والروافض واخلوارج واملعتزلة,التمهيد يف الرد على امللحدة املعطلة - 8 سنة , بدون : الطبعة ,مصر / القاهرة -دار الفكر العريب, وحممد عبد اهلادي أبو ريدة , اخلضري

.بدون : النشر .أمحد بابا السوداين : التنبكيت -

: الطبعة , القاهرة -مكتبة الثقافة الدينية , ملعـرفة من ليس يف الديباج كفاية احملتاج -9 .الدكتور علي عمر: حتـقيق . م 2004:سنة النشر , األوىل سنة , األوىل :الطبعة , القاهرة , مكتبة الثقافة الدينية , نيل االبتهاج بتطريز الديباج - 10 .عمر عـلي. د:حتقيق , م 2004: النشر

. تقي الدين : ابن تيمية - .بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة ,بريوت -دار الكتب العلمية , الفتاوى الكربى - 11

. حممد الثعاليب : احلجوي - بعة الط, لبنان / بريوت –دار الكتب العلمية , الفكر السامي يف تاريخ الفقه االسالمي - 12

.أمين صاحل شعبان : اعتىن به , م 1995/هـ 1416: سنة النشر , األوىل : .علي : حسب اهللا -

: سنة النشر , السابعة : الطبعة , القاهرة –دار الفكر العريب , أصول التشريع اإلسالمي - 13 .م 1997/ هـ1417

. ياقوت بن عبد اهللا : مويـاحل - .بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , بريوت -دار الفكر, معجم البلدان - 14 .ي للي بن حممد بن عــعـ: اجلـرجاين -

سنة النشر , األوىل: الطبعة , لبـنان/بريوت - دار الكتاب العـريب,التعـريفات -15 .إبراهيم األبياري : حتقيق . هـ 1405:

.العسقالين : ابن حجر - سنة , بدون : الطبعة , مؤسسة قرطـبة , تلخيص احلبري يف ختريج أحاديث الرافعي الكبري - 16 .) بدون : النشر

Page 202: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

/ حيدر أباد - مطبعة جملس دار املعارف العثمانية . امنة يف أعيان املائة الثامنةالدرر الك - 17 . م 1972: سنة النشر , الثانية:الطبعة, اهلند . نور الدين خمتار: اخلادمي -

مكتبة , -خالل القرنني اخلامس و السادس اهلجريني –املقاصد يف املذهب املالكي -18 . م 2002: سنة النشر , األوىل : الطبعة , الرياض –الرشد

.عبد الرمحن : ابن خلدون - : سنة النشر , بدون : الطبعة , مصر / القاهرة –املكتبة التجارية الكربى , املقدمة - 19

. بدون .حممد فتحي : الدريين -

–الشركة املتحدة للتوزيع , جتهاد بالرأي يف التشريع االسالمياملناهج األصولية يف اال - 20 .م 1985/ هـ1405: سنة النشر , الثانية :الطبعة , دمشق

. ادرـالق ر بن عبدـحممد بن أيب بك: الـرازي - 1415: سنة النشر , بدون : الطبعة , بـريوت -مكتبة لبـنان, خمتـار الصحاح -21

.حممود خاطر : حتقيق , م 1995 /هـ .حمب الدين أيب الفيض حممد مرتضى احلسيين : الزبيدي -

: الطبعة , بريوت -منشورات دار مكتبة احلياة , تاج العروس من جواهر القاموس -22 .بدون : سنة النشر , بدون

.وهبة : الزحيلي - , األوىل : الطبعة . دمشق –دار الفكر , اجلزائر –دار الفكر , مي أصول الفقه اإلسال -23

.م 1986/ هـ1406: سنة النشر .حممد : أبو زهرة -

سنة النشر ,بدون : الطبعة ,مصر/ القاهرة –دار الفكر العريب , 223ص , أصول الفقه -24 .بدون :

.بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , القاهرة –دار الفكر العريب , مالك -25

Page 203: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

.تاج الدين عبد الوهاب : ابن السبكي -

نة س,الثانية : الطبعة , القاهرة –هجر للطباعة والنشرطبقات الشافعية الكربى، دار - 26 .)حممود حممد الطناحي.د/الفتاح حممد احللو عبد.د:حتقيق, م 1991: النشر .جالل الدين : السيوطي -

, األوىل : الطبعة , لبنان / بريوت –دار الفكر , 1جـ, اإلتقان يف علوم القرآن - 27 .سعيد املندوه: راجعه ودققه , م 1996/ هـ 1416: سنة النشر

: الطبعة , بريوت –دار الكتب العلمية , صون املنطق والكالم عن فن املنطق والكالم -28 . الدكتور سامي النشار : تعليق , بدون : سنة النشر , بدون

. أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي : الشاطيب - سنة , بدون : الطبعة , القاهرة -املكتبة التوفيقية, املوافقات يف أصـول الشريعة - 29 .عبد اهللا دراز : حتقيق وتعليق , م 2003

-هـ 1424: سنة النشـر , بدون : الطبعة , القاهرة -دار احلديث, االعـتصام - 30 .سيد إبراهيم : حتقيق, م 2003

.طفى حممد مص: شليب - 1401: سنة النشر , الثانية : الطبعة , بريوت –دار النهضة العربية , تعليل األحكام - 31

.م 1981/ هـ . حممد بن علي: الشوكاين -

, بدون : الطبعة , بريوت – دار املعرفة, مبحاسن من بعد القرن السابعالبدر الطالع - 32 .بدون : سنة النشر

.الشنقيطي عبد اهللا بن إبراهيم - : الطبعة , املغرب –صندوق إحياء التراث اإلسالمي , نشر البنود على مراقي السعود -33

.بدون : سنة النشر , بدون .عبد املتعال : الصعيدي -

: سنة النشر ,األوىل :الطبعة , القاهرة- مـكتبة اآلداب, ددون يف اإلسالم ـجـامل -34 .م 1955

Page 204: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

. حممد بن إمساعيل األمري : الصنعاين - , بريوت – عريبدار إحياء التراث ال, سبل السالم شرح بلوغ املرام من أدلة األحكام -35

. حممد عبد العزيز اخلويل: حتقيق , هـ 1379:ة النشر ـسن, الرابعة : الطبعة . أبو عبد اهللا حممد بن عبد امللك بن مالك : اين ـلطائي اجليا -

:سنة النشر , األوىل : الطبعة , بريوت - دار اجليل, األلفاظ املختلفة يف املعاين املؤتلفة -36 . حممد حسن عواد. د: حتقيق , هـ 1411

.يعبد احلي بن أمحد العكري الدمشق: ابن العماد - : الطبعة , بريوت – دار الكتب العلمية, ب ـذهيف أخبار من شـذرات الذهب -37

.بدون : سنة النشر , بدون .أمحد مـختار : عـبادي -

سنة . بدون : الطبعة. بريوت - دار النهضة العربية, خ املـغرب واألندلـس يف تاري -38 .بدون : النشر

.عبد احلميد العلمي - املغرب –وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية , منهج الدرس الداليل عند اإلمام الشاطيب -39

.م 2001/هـ 1422: سنة النشر , بدون : الطبعة , .الطاهر : ابن عاشور -

نة ـس, بدون : الطبعة , تونس -الدار التونسية للنشر . ,مقاصد الشريعة اإلسالمية -40 . بدون : النشر

سنة , بدون : الطبعة , تونس –الشركة التونسية للتوزيع , س الصبح بقريب ـألي -41 .بدون : النشر

.اهللا حممد عبد: عنان - , الثانية : الطبعة , القاهرة –مطبعة مصر , اية األندلس وتاريخ العرب املنتصرين - 42

.م 1985-هـ 1378: سنة النشر . أبو حامد: الغزايل -

: سنة النشر , الثانية : الطبعة , دمشق - دار الفكر, املنخول يف تعليقات األصول -43 . حممد حسن هيتو. د : حتقيق , هـ 1400

Page 205: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

سنة , األوىل : الطبعة , بريوت - دار الكتب العلمية, صفى يف علم األصولـاملست – 44

. السالم عبد الشايف حممد عبد: حتقيق , هـ 1413: النشر .برهان الدين أبو الفداء إبراهيم بن حممد : ابن فرحون -

, بريوت - دار الكتب العلمية , , باج املذهب يف معرفة أعيان علماء املذهبـالدي – 45 . بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة

.أيب احلسني أمحد :ابن فارس - , بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة, بريوت -دار اجليل , معجم مقاييس اللغة - 46

.عبد السالم حممد هارون : حتقيق وضبط .عالل : الفاسي -

. الدار البيضاء –نشر مكتبة الوحدة العربية , مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها - 47 . جمد الدين حممد بن يعقوب: يالفريوز أباد -

.بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة . بريوت -دار اجليل , القاموس احمليط - 48 . عبد اهللا بن أمحد أبو حممد: بن قدامة املقدسي ا - 49 - روضة الناظر وجالثانية : بعة الط, الرياض -جامعة اإلمام حممد بن سعود, ة املناظرن ,

. عبد العزيز عبد الرمحن السعيد. د: حتقيق , هـ 1399: سنة النشر . شهاب الدين : القرايف -

مكتب املطبوعات , اإلحكـام يف متييز الفتاوى عن األحكام وتصرفات القاضي واإلمام -50 . عبد الفتاح أبو غدة : حتقيق . م 1995: سنة النشر, الثانية :الطبعة , سوريا / حلب -اإلسالمية

: سنة النشر , بدون : الطبعة , بريوت - م الكتبـعال, 32ص , 2جـ , الفروق - 51 .بدون

: ابن القيم - : سنة النشر , بدون : الطبعة , بريوت - دار اجليل, إعالم املوقعني عن رب العاملني - 52 .طـه عبد الرؤوف سعد : حتقيق, م 1973

سنة النشر , 14: الطبعة , بريوت -مؤسسة الرسالة , زاد املعـاد يف هدي خري العباد - 53 .عبد القادر األرناؤوط و شعيب األرناؤوط: حتقيق , م 1986 /هـ 1407:

Page 206: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

. حممد عبد الرمحن بن عبد الرحيم: املباركفوري -

, بدون : الطبعة , بريوت - دار الكتب العلمية, حتفة األحوذي بشرح جامع الترمذي -54 .بدون : سنة النشر

.أبو احلسني حممد بن أيب يعلى - : حتقيق, بدون : سنة النشر , بدون : الطبعة , بريوت -ار املعرفةد, قات احلنابلةطب - 55

. حممد حامد الفقي . حممد عميم اإلحسان الربكيت: جددي ـامل -

: سنة النشر , األوىل :الطبعة , باكستان / كراتشي –دف ـالص دار, قواعد الفقه - 56 .م 1986/ هـ 1407

.جمدي حممد عاشور - دار البحوث والدراسات , الثابت واملتغري يف فكر اإلمام أيب إسحاق الشاطيب - 57

.م 2002: سنة النشر , األوىل : الطبعة, اإلسالمية وإحياء التراث . مصطفى عبد اهللا: املراغي -

, بدون : الطبعة ,القاهرة –ملكتبة األزهرية للتراث ا, الفتح املبني يف طبقات األصوليني - 58 .)م 1999: سنة النشر

.ابن مرمي التلمساين - , اجلزائر , ديوان املطبوعات اجلامعية , البستان يف ذكر العلماء واألولياء بتلمسان -59

.م : 1986سنة النشر , بدون : الطبعة .حممد أمحد بن : املقري -

سنة , بدون : الطبعة , بريوت - دار صادر ,نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب - 60 . إحسان عباس.د, م 1968:: النشر

.حمـمد بن مـكرم : ابن منظور - .بدون : سنة النشر , األوىل : الطبعة , بريوت - ادرـدار ص ,ربـسان العـل - 61

Page 207: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

.القطان خليل مناع -

سنة , اخلامسة عشر : الطبعة , بريوت –مؤسسة الرسالة , مباحث يف علوم القرآن -62 .م 1985/ هـ 1405: النشر

.حممد عبد الرؤوف : ناويامل - :سنة النشر , األوىل : الطبعة , بريوت - اصرـدار الفكر املع, التعاريف - 63

. حممد رضوان الداية. د :حتقيق . , هـ 1410 .احلنبلي حممد الفتوحي : ابن النجار -

: سنة النشر , بدون: الطبعة , اض ريـال –مكتبة العبيكان , شرح الكوكب املنري -64 .حممد الزحيلي و نزيه محاد : حتقيق , 1993

.عبد ايد عمر : النجار - الطبعة , املغرب -مطبعة فضالة , سلسلة كتاب األمة , فـي فقه التدين فهما وترتيال - 65 . هـ 1410 : سنة النشر , األوىل : مطبعة جامعة . ملنهج التطبيقي للشريعة اإلسالمية ترتيال على الواقع الراهن يف ا - 66

. م 1991 :سنة النشر , بدون : الطبعة , أبو ظيب -اإلمارات العربية املتحدة .نعمان جغيم -

: الطبعة , األردن / عمان –دار النفائس , طرق الكشف عن مـقاصد الشارع - 67 .م 2001/ هـ 1422: سنة النشر , ىل األو

Page 208: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

فهارس البحث

- ........................................................الشكر والتقدير - .........................................................صفحة اإلهداء أ مقدمة

- ضبط مصطلحات البحث و التعريف باإلمام الشاطيب: الفصل التمهيدي 01 ......................................................... توطئة

02 ............................... ضبط مصطلحات البحث: املبحث األول 03 .......................ضبط مصطلح البعد : املطلب األول - 04 ........................ضبط مصطلح الترتيل:املطلب الثاين -

04 ............................الترتيل يف اللغة :أوال - 06 ...................التنـزيل يف اإلصطالح :ثانيا - 06 .................استخدام املتقدمني هلذا املصطلح - 08 .................استخدام املتأخرين هلذا املصطلح -

10 .....................حتليل التعاريف اإلصطالحية - 10 ..........املناسبة بني املعىن اللغوي و اإلصطالحي - 13 ........................التعريف املقترح و أبعاده -

14 .............ضبط مصطلح التنظري األصويل :لثاملطلب الثا - 16 ...............................التعريف حبياة اإلمام الشاطيب: املبحث الثاين

17 ..........................................................توطئة 18 ................إلمام الشاطيبالتعريف حبياة ا :املطلب األول -

18 ..............................نسب اإلمام الشاطيب - 1 ............................والدته ونشـــأته - 2 ..........................................طلبه للعلم - 3

18 22 22

Page 209: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

30 ...............................................وفاته -4 31 ..............................................أعماله -5 34 ..............................مؤلفات اإلمام الشاطيب -6 38 ................تعريف بعصر اإلمام الشاطيبال :املطلب الثاين 38 .....................................اجلانب السياسي-1 39 ...................................اجلانب االجتماعي-2 41 ..............................اجلانب الثقايف والفكري-3

43 .....عوامل وحمددات ظاهرة التجديد عند اإلمام الشاطيب: املبحث الثالث 44 ............................... عوامل ذاتية : املطلب األول 44 .......................................صفاته النفسية - 1 45 .................................منهجه يف طلب العلم - 2

46 .........................العوامل املوضوعية : املطلب الثاين 46 ....................................بيئة غرناطة العلمية- 1 47 ........................................حتديات واقعه - 2 48 .................................طبيعة املذهب املالكي- 3

49 ............دراسة ملفهوم الترتيل و حماوره عند اإلمام الشاطيب: الفصل األول 50 .........................................................توطئة

51 ....................الكشف عن رؤية الشاطيب ملفهوم الترتيل: املبحث األول 53 ...التنـزيل مرحلة من مراحل النظر الشرعي :املطلب األول - 53 :............................................القاعدة األوىل

56 : ............................................القاعدة الثانية تنـزيل أحكام الشريعة ختتلف نتائجه :املطلب الثاين -

58 .....................باختالف حمال األحكام

58 .......................: ...................القاعدة األوىل 64 : ..........................................القاعدة الثانية

Page 210: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

70 .......القصد سالمة الترتيل أو سداد التوقيع :املطلب الثالث - 70 .........: .................................القاعدة األوىل 74 : .........................................القاعدة الثانية

77 ...........................شرعية الترتيل عند اإلمام الشاطيب: املبحث الثاين 79 .......إبراز البعد الترتيلي يف أحوال التشريع :املطلب األول -

79 .......................مراعاة الطبع البشري يف التشريع / أوال- 80 ...............القواعد الشرعية جارية على العموم العادي/ ثانيا- 81 ..تشريع الرخص استثناءا من األصل ومراعاة ألعذار خاصة/ ثالثا- 82 ..............من مقاصد الشارع رفع احلرج عن املكلفني/ رابعا-

83 .........إبراز البعد الترتيلي يف القرآن الكرمي: املطلب الثاين - 83 .......................القرآن الكرمي راعى معهود الناس/ أوال - 84 .......................ختالف املرحلة املكي و املدين وا/ ثانيا - 86 ............ القرآن الكرمي يعتمد على نوعني من اخلطاب/ ثالثا - 87 ..........الشرع أخرج من اعتباره ما ال يليق باجلمهور/ رابعا - 88 سن األحكام التشريع القرآين اعتمد على مبدأ التدرج يف / خامسا -

89 .............إبراز البعد الترتيلي للسنة النبوية :املطلب الثالث - 89 .........................................مرعاة املآل / أوال - 92 ....................اختالف احلكم تبعا الختالف املناط/ ثانيا - 100 .........................................مراعاة احلال / ثالثا -

102 ...............مظاهر الرتعة الترتيلية عند اإلمام الشاطيب: املبحث الثالث ....على العملأساس مشروع الشاطيب التجديدي قيام العلم : املطلب األول

104

104 .......................حماولة ربط العلم بالعمل: الفرع األول 107 ...........الدعوة إىل استقالل املباحث األصولية: الفرع الثاين

Page 211: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

113 .......صد الشريعة اإلسالميةاالبحث يف مق: املطلب الثاين - 114 ...............اهتمامه بقضايا اهلدي املقصدي: الفرع األول

117 ....اهتمامه بوسائل التحقق من املقاصد الشرعية: الفرع الثاين 119 حترير البحث يف مسائل البدع و احملدثات :املطلب الثالث -

119 .................البحث يف مسائل البدع فهما :الفرع األول 120 .................البحث يف مسائل البدع ترتيال: الفرع الثاين

122 ....مسالك تسديد ترتيل أحكام الشريعة عند اإلمام الشاطيب: الفصل الثاين 123 ......................................................توطئة

124 ......................................مسلك حتقيق املناط: املبحث األول 125 ......................تعريف حتقيق املناط :املطلب األول -

125 .........................التعريف اإلفرادي: الفرع األول 127 ...........................التعريف اإلضايف: الفرع الثاين

127 ...................حتقيق املناط عند األصوليني/ أوال 129 ...............حتقيق املناط عند اإلمام الشاطيب/ ثانيا

131 ......القواعد الترتيلية املرتبطة بتحقيق املناط: املطلب الثاين - 131 ........................................القاعدة األوىل 134 .........................................القاعدة الثانية

140 .........................................القاعدة الثالثة 145 مسلك التحقق من املقاصد الشرعية: املبحث الثاين

146 حدود الدرس املقاصدي عند اإلمام الشاطيب :املطلب األول - 146 ..........املقاصد عند اإلمام الشاطيب مفهوم: الفرع األول 149 .........مراتب املقاصد عند اإلمام الشاطيب: الفرع الثاين

القواعد الترتيلية املرتبطة بالتحقق من : املطلب الثاين - 152 ...........................املقاصد الشرعية

153 ......................................القاعدة األوىل

Page 212: : ﺔﻴﻌﻣﺎﳉﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ · : ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ , ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ -ﺔﻴﻘﻴﻓﻮﺘﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﳌﺍ , 39 ﺹ , 3 ـﺟ , ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ

155 ...................................... القاعدة الثانية 157 ......................................القاعدة الثالثة

159 .........مسلك مراعاة مآالت ترتيل األحكام الشرعية: املبحث الثالث 161 ............تعريف املآل و أدلة اعتباره: املطلب األول -

161 .......................شرح مفهوم مراعاة املآل -1 163 ..........املآل عند اإلمام الشاطيب مفهوم مراعاة -2 عالقة أصل مراعاة املآل بترتيل األحكام الشرعية -3

164 ............................عند اإلمام الشاطيب

166 .....................ر املآل األدلة الشرعية العتبا -4 القواعد الترتيلية املرتبطة بالنظر املآيل : املطلب الثانـي -

169 ............................عند اإلمام الشاطيب

169 ......................................القاعدة األوىل 170 ...................................... القاعدة الثانية 172 ......................................القاعدة الثالثة 175 .....................ائج اخلالصة وذكر النت: اخلامتة - 180 : الفهارس - 181 .............................فهرس اآليات القرآنية - 183 ........................... فهرس األحاديث النبوية - 185 .....................................فهرس اآلثار -

186 ................................... فهرس األعالم - 188 .......................... فهرس املصادر واملراجع - 197 ............واضيع الواردة يف البحث فهرس عام للم -