ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ...

55
1 ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ د. ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻤﺮ ﺷﺎﺑﺮا ﻣﺴﺘﺸﺎر اﻟﺒﺤﻮث ﺑﺎﻟﻤﻌﮭﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺒﺤﻮث واﻟﺘﺪرﯾﺐ اﻟﺒﻨﻚ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺘﻨﻤﯿﺔ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺔ- ﺟﺪة) ﺗﺮﺟﻤﺔ: ﻣﺤﻤﻮد أﺣﻤﺪ ﻣﮭﺪي(

Upload: others

Post on 05-Jul-2020

4 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

1

الرؤية اإلسالمية للتنمية في ضوء مقاصد الشريعة

محمد عمر شابرا. د

مستشار البحوث بالمعھد اإلسالمي للبحوث والتدریب

جدة - بمجموعة البنك اإلسالمي للتنمیة

)محمود أحمد مھدي: ترجمة(

Page 2: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

1

قائمة المحتويات

الموضوع

المقدمة

مقاصد الشريعة

تقوية النفس البشرية

الدين والعقل والنسل والمالإثراء

تقوية الدين

إثراء العقل

إثراء النسل

تنمية وتوسيع المال

الخالصة

المراجع العربية

المراجع األجنبية

Page 3: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

1

مقدمة

ويشكل هذا . التعاليم اإلسالمية أن تكون رحمة للجنس البشريإن الهدف النهائي لجميع األنبياء(عث من أجله الرسول صلى اهللا عليه وسلم إلى هذا العالم الهدف الغرض األساسي الذي ب :

الفالح أي الرفاه الحقيقي تعزيز ،ومن السبل التي ال غنى عنها لتحقيق هذا الهدف. 1)107اآلية وقد .2والجنسية واللون والعمر والجنس العرق، بغض النظر عن لجميع البشر على األرض

وهنالك كلمة أخرى هي الفوز وهي . مرة 40استخدمت كلمة الفالح ومشتقاتها في القرآن الكريم والفالح هو أيضا الهدف الذي ينادي به . مرة 29مرادفة لكلمة الفالح استخدمت هي ومشتقاتها

.اليوم مما يبرز أهمية الفالح في المنظور اإلسالمي للعالمالمؤذن المؤمنين خمس مرات في

وقد يحتج البعض هنا بأن الفالح هو هدف لكل المجتمعات وليس لإلسالم فقط، وهذا بال جميع المجتمعات في العالم حول القول بأن الهدف فليس ثمة خالف يذكر بين . شك رأي صحيح

الفالح ما يشكل لفي الرؤية كبيرغير أن هنالك خالف .تعزيز الفالح اإلنسانيالرئيس للتنمية هو مثل هذا الخالف لوما كان . واستدامته الفالح واإلستراتيجية الواجب إتباعها لتحقيق ذلك الحقيقي

ظلت الرؤية النقية التي تتمتع بها كل األديان هي المسيطرة على منظور المجتمع للعالم لو قعيأن إضافة . ومهما يكن فإن هذا المنظور قد شوه كثيرا عبر العصور. 3من تلك األديان في كل دين

إلى ذلك فإن الحركات التنويرية في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميالديين أثرت، ومن ثم . بمنظورها العلماني المادي، على جميع المجتمعات حول العالم تقريبا، بدرجات مختلفة

إذا كان ويدفع هذا إلى التساؤل عما. هو ارتفاع الدخل والثروة أصبح المقياس الرئيس للتنمية

وقد دلت ھذه العبارة على معاني مختلفة لدى مفسري القرآن الذین تراوحت تفاسیرھم بین ). رحمة للعالمین(استخدمت في اآلیة عبارة 1الفھم األوسع لمعنى العبارة بحیث یشمل كل شيء خلقھ اهللا سبحانھ وتعالى في ھذا الكون، والمعنى األضیق الذي یشمل كل شيء على

، تفسیر 138، صفحة 1، ج1952القرطبي ، : أنظر(البشر والحیوانات والطیور والحشرات وكل البیئة المادیة أي كل: كوكب األرضعلى افتراض أن فالح الجنس البشري ال یمكن تحقیقھ ) الجنس البشري(وقد استخدمنا ھنا عبارة ). اآلیة األولى من أولى سور القرآن الكریم

. دون حمایة البیئةوكما ورد في القرآن الكریم فإن الرسول صلى اهللا علیھ وسلم بعث إلى . یشكل ھذا المفھوم عنصرا مھما في عالمیة الرسالة اإلسالمیة 2

).28اآلیة : ، وسبأ158اآلیة : األعراف(الناس كافة ولیس إلى مجموعة معینة ما یقال لك إال ما قد قیل للرسل من قبلك إن ربك "، كما ورد فیھ )7آلیة ا: الرعد" (لكل قوم ھاد"لقد نص القرآن الكریم صراحة على أن 3

وھذه اآلیة الكریمة األخیرة تشیر فقط إلى أساسیات المنظور الدیني للعالم، حیث وقعت ). 43اآلیة : فصلت" (لذو مغفرة وذو عقاب ألیم . تغییرات في بعض التفاصیل وفق تغیر الظروف من حیث المكان والزمان

Page 4: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

2

فقط بارتفاع في الدخل والثروة، وإشباع الحاجات الفالح اإلنساني الحقيقي يمكن تحقيقه واستدامتهوقد أعاد كثير من علماء الدين وفالسفة األخالق وعدد من العلماء المحدثين .لإلنسانالمادية

وقد بين هؤالء أهمية الجوانب الروحية .4بارتفاع الدخل والثروة اإلنساني حالفالالنظر في قياس . للفالح اإلنسانيوغير المادية

للفالح اإلنسانيالمكونات المادية ترجيحصحة يدحضكما أن البحث التجريبي أيضا فبالرغم من االرتفاع الكبير للدخل الحقيقي في عدة دول . على المكونات الروحية وغير المادية

الفالح اإلنسانيمنذ الحرب العالمية الثانية، فإن اإلفادات الشخصية لسكان تلك الدول تشير إلى أن ن السعادة ويعود ذلك إلى كو .5وإنما انخفض في واقع األمر في حال أشبه بالثبات،فقط يكنلم

ترتبط إيجابيا بارتفاع الدخل فقط إلى المستوى الذي يتم فيه إشباع كل الحاجات الحيوية وبعد ذلك تبقى السعادة إلى حد ما ثابتة ما لم يتم أيضا إشباع حاجات أخرى تعد ال .6األساسية

.الفالحغنى عنها لزيادة

فما هي تلك الحاجات األخرى؟ إن معظم تلك الحاجات روحي وغير مادي بطبيعته، وال واإلصرار على تغليب أهمية الثروة قد يضر بإشباع . يتم إشباعه بالضرورة نتيجة لزيادة الدخل

. المتناع عن أية مناقشة لتلك الحاجاتا عموما آثر االقتصاديون وعلى أية حال فقد. تلك الحاجاتالحاجات الروحية وغير المادية تنطوي على أحكام قيمية كونى امتناعهم بدرجة أساسية إلى ويعز

.هالوبالرغم من ذلك فإنها مهمة وال يمكن تجاه. وال يمكن تحديدها من حيث الكم

السالم الفالح اإلنسانيومن أهم هذه الحاجات الروحية أو غير المادية الالزمة لتحقيق إن السالم . بالضرورة عن طريق زيادة الدخل والثروة اللذان ال يمكن تحقيقهما والسعادة العقلية

واألخوة لوالسعادة العقلية يتطلبان بدورهما إشباع عدد من الحاجات األخرى، من أهمها العداإلنسانية اللذان يتطلبان معاملة جميع األفراد بتقدير واحترام بغض النظر عن االنتماء القبلي

..Hausman and McPherson, 1993, p. 693: أنظر 4 :وأیضا. Easterlin, 2001, p. 472: أنظر 5

Easterlin, 1974 and 1995; Oswald, 1997; Blanchflower and Oswald, 2000; Diener and Oishi, 2000; and Kerry, 1999.

اء النظیف، والكساء الكافي، والسكن المریح مع الصرف الصحي والمرافق تشمل تلك الحاجات، إلى جانب حاجات أخرى، الغذاء، والم 6 .الضروریة، والرعایة الصحیة، والنقل، والتعلیم، والبیئة النظیفة الصحیة

Page 5: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

3

وال يقل أهمية عن ذلك . عمر والجنس والجنسية، واقتسام ثمار التنمية بعدل بين الجميعالواللون و جميع إلشباعوبل لالسمو الروحي واألخالقي الذي يستخدم كأداة انطالق ليس فقط لتحقيق العد

، الفالح اإلنسانيومن المتطلبات األخرى التي ال تقل أهمية مما تقدم لتحقيق .الحاجات األخرىوالشرف، والحرية الفردية، والتعليم ،والتي تحظى باالعتبار عموما، الحياة اآلمنة، والملكية

والتضامن االجتماعي، والحد من ،والتنشئة السليمة لألطفال، واألسرة ،، والزواجوالمادي المعنويباالعتبار بعض هذه المتطلبات أصبح يحظى اآلن وبالرغم من أن . الجرائم والتوترات والعداءات

في النموذج الجديد للتنمية، إال أن األساس الروحي المطلوب لتحقيق هذه المتطلبات لم يجد ما وقد ال تتسنى استدامة التنمية طويلة المدى للمجتمع دون ضمان اإلشباع . يستحقه من اهتمام

.الكافي لجميع هذه الحاجات

عن طريق التنمية مسألة مهمة وبالرغم من أن اإلسالم يعتبر ارتفاع الدخل والثروة للفالح في التوزيع، إال أن الرؤية اإلسالمية الشاملة لإلشباع الحاجات األساسية وتحقيق العد

فمن الضروري أيضا إشباع الحاجات الروحية وغير المادية . ال يمكن تحقيقها بذلك فقط اإلنساني. االقتصادية على المدى األطول أيضا، وإنما الستدامة التنمية الفالح الحقيقيليس فقط لضمان

يؤدي في نهاية المطاف الفالحوإذا لم تحظ هذه الحاجات مجتمعة باالهتمام سيبقى هنالك خلل في ويشكل إشباع جميع هذه الحاجات أحد حقوق اإلنسان .إلى انهيار المجتمع نفسه وانهيار حضارته

، وسيشار إليه "مقاصد الشريعة"صطلح عام هو التي تناولتها األدبيات اإلسالمية تحت ماألساسية وكيف يرتبط بعضها بالبعض ،وستحاول هذه الورقة بيان ماهية هذه المقاصد. فيما يلي بالمقاصد

.تعزيز الفالح اإلنساني الحقيقياآلخر، وما هي مضامينها، وكيف يتسنى لها مجتمعة اإلسهام في

Page 6: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

4

) 1الشكل رقم (مقاصد الشريعة

إن مقاصد الشريعة إما أن تكون واردة في نص صريح في القرآن الكريم والسنة المطهرة عن الهدف العلماء وقد تحدث جميع هؤالء .7العلماء من هذين المصدرين بعض استنبطهاأو

"دفع المفاسد"و لكافة البشر "جلب المصالح"متمثال في همالرئيس للشريعة الذي اعتبره معظم . 8عنهم

أحد أبرز – 9)م1111/هـ505المتوفى في عام ( الغزاليأبو حامد اإلمام قاموقد بتصنيف المقاصد في خمس مجموعات أساسية -اإلجالء في القرن الخامس للهجرة المصلحين مقصود الشرع من الخلق خمسة، وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم "مبينا أن

الخمسة فهو مصلحة، وكل من يفوت هذه األصول فهو ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه األصول . 10مفسدة، ودفعها مصلحة

الدين : في النص المقتبس أعاله ركز الغزالي بدرجة كبيرة على حفظ خمسة مقاصد هي، )م1388/هـ790المتوفى في عام (أما اإلمام أبو إسحق الشاطبي . والنفس والعقل والنسل والمال

الذي كتب بعد أقل عن ثالثة قرون بقليل بعد اإلمام الغزالي، فقد أقر كل ما ذهب إليه اإلمام الفالح التي تستهدف ضمان وليست هذه على أية حال هي جميع المقاصد . في قائمته الغزاليفهنالك العديد من . من خالل رعاية حقوق اإلنسان وإشباع جميع الحاجات اإلنسانية ياإلنسان

المقاصد األخرى التي أشار إليها القرآن الكريم والسنة المطهرة أو استنبطها العلماء من هذين واعتبار المقاصد " األصلية"ولذلك يمكن اعتبار هذه المقاصد الخمسة هي المقاصد .المصدرين

، والباقالني )م975/ھـ365المتوفى في عام (، والشاشي )م945/ھـ333المتوفى في عام (الماوردي: من أبرز من تناولوا مقاصد الشریعة 7، وفخر الدین )1111/ھـ505المتوفى في عام (، والغزالي )م1085/ھـ478المتوفى في عام (، والجویني )م1012/ھـ403المتوفى في عام (

المتوفى في عام (، وعز الدین عبد السالم )م1234/ھـ631المتوفى في عام (، والعامدي )1209/ھـ606المتوفى في عام (الرازي المتوفى في (، وابن عاشور )م1388/ھـ790المتوفى في عام (، والشاطبي )م1327/ھـ728المتوفى في عام (، وابن تیمیة )م1252/ھـ660م، وابن 1992م، والریسوني 1977مسعود : ولإلطالع على ما أورده بعض العلماء المحدثین حول المقاصد أنظر). م1973/ھـ1393عام

. م2006م، وعودة 2005، والخادمي 268 – 189م ص 1994، ونیازي 278 – 79ص 2م، ج،2004الخوجة

، وابن 8 – 3، ص 1، ج)م1252/ھـ660المتوفى في عام (عز الدین عبد السالم : ھذا متفق علیھ بین الفقھاء دون استثناء، أنظر مثال 8 .480، ص 1م، ج2000، والندوي، 229و 274ص ) م1973/ھـ1393المتوفى في عام (عاشور

.لواردة في ھذه الورقة تشیر إلى العام الھجري أوال ثم إلى العام المیالديجمیع تواریخ الوفاة ا 9، 38، ص 1، ج)م1388/ھـ790المتوفى في عام (الشاطبي : وأنظر أیضا. 140 – 139، ص 1م، ج1937المستصفى، : الغزالي 10 .47- 46، ص 3وج

Page 7: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

5

وتحقيق المقاصد التابعة أمر ال غنى عنه ". التابعة"األخرى التي سترد اإلشارة إليها هي المقاصد وسائل لل"هو أن والمبدأ الفقهي المقبول عموما .هحيث إن تحقيق المقاصد األصلية قد يصعب بدون

. 11" ما ال يتم الواجب بدونه فهو واجب"لذلك فثمة قاعدة فقهية معلومة هي أن ،"حكام المقاصدأغير أنها . وقد يكون بعض هذه المقاصد التابعة أقل أهمية من البعض اآلخر في المدى القصير

مجتمعة مهمة في المدى الطويل وقد يؤدي عدم تحقيقها إلى مشكالت اجتماعية واقتصادية . إضافة إلى ذلك فإن المقاصد التابعة قد تستمر في التوسع والتغير عبر الزمن. ية خطيرةوسياس

توسيع ل مجاالوينبغي أن يتيح لنا ما ينطوي عليه القرآن الكريم والسنة المطهرة من ثراء وحيوية باالعتبار وتنقية المقاصد التابعة وفق مقتضى الحال للتأكد من أن جميع حقوق اإلنسان قد حظيت

.الكافي وأن الحاجات اإلنسانية المختلفة قد تم إشباعها

المجتمع فينبغي علينا أال نظن أن كلمة وفالحإذا كنا نسعى إلى ضمان استدامة التنمية والتي وردت في النص المقتبس عن اإلمام الغزالي تعني بالضرورة إبقاء ما تحقق من " حفظ"

وإذا كان ذلك غير . ظة على الوضع تأتي بعد بلوغنا الذروةفالمحاف. مقاصد على وضعه الراهنوالتجربة التاريخية تدل .ممكن في نطاق القدرة البشرية في هذه الدنيا، فهنالك دائما متسع للتحسين

على أن غياب التقدم المستمر في تحقيق هذه المقاصد عبر التحرك في المسار اإليجابي، قد يجعل مدى الطويل، وسيؤول الوضع إلى الركود الالمجتمع في فالحاستدامة من غير الممكن حفظها و

وقد أشار إلى هذا بجالء الدكتور محمد إقبال شاعر . الذي يفضي إلى االنهيار في نهاية المطاف موجود أنا"كتبه باللغة الفارسية وفيلسوف شبه القارة الهندية الباكستانية حين قال في مقطع شعري

إلثراء لذلك فإن من الضروري السعي بجد ."إذا لم أتحرك ال أكون موجوداو ،أتحركما دمت ومواكبته الفالحبطريقة تضمن تواصل التحسن في مستوى تابعتها باستمرار،مالمقاصد األصلية و

وإنما للمجتمع ككل والبشرية جمعاء، ومن دافرللحاجات المتغيرة ومتطلبات البيئة، ليس فقط لألومثل هذا اإلثراء قد يصبح . ثم تمكين كل فرد من مواصلة التقدم إلى األمام نحو مستقبل أفضل

عسيرا إذا آثرنا الركون إلى إطار الحاجات التي ناقشها الفقهاء القدماء فقط، إذ أن الزمن قد تغير

، 1088و 784م، ص 1967مصطفى الزرقا ‘ أیضا وأنظر . 394، ص 2والشاطبي، ج. 46، ص 1عز الدین عبد السالم، ج 11

.480، ص 1م، ج2000والندوي،

Page 8: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

6

لضروري مناقشة المقاصد في ظروف الحقبة الزمنية من اولذلك . كما تغيرت الحاجات وتضاعفت .التي نعيش فيها

لم يتقيدوفي حين حظيت المقاصد األساسية الخمسة بقبول عام لدى الفقهاء اآلخرين، وحتى الشاطبي لم يتقيد دائما بالترتيب الذي . 12أولئك الفقهاء جميعا بترتيبها لدى اإلمام الغزالي

إلى كون الترتيب يعتمد بالضرورة على بترتيب الغزاليدم تقيد الفقهاء ويعزى ع. 13اتبعه الغزالي) م1209/هـ606المتوفى في عام (وعلى سبيل المثال فإن فخر الدين الرازي .طبيعة النقاش

وهو فقيه بارز كتب بعد بضع مئات من السنين بعد الغزالي يعطي المقام األول للنفس البشرية وقد يبدو هذا أكثر منطقية في نقاش حول التنمية المستدامة لسبب بسيط هو أن البشر ). النفس(

إن البشر هم . 14اهللا سبحانه وتعالى على األرض هم غاية التنمية وأداتهاكمستخلفين من قبل إن اهللا ال يغير ما "تنميتهم أو انحدارهم كما أوضح القرآن الكريم بجالء في قوله تعالى صانعو

ويتمثل غرض الشريعة في مساعدة البشر على ).11اآلية : الرعد" (بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهمفي ) النفس(ولذلك فإننا إذا وضعنا النفس البشرية .عليهمالمؤثرة المؤسسات إصالح أنفسهم و

).1(المرتبة األولى فيمكننا بيان مقاصد الشريعة كما في الشكل رقم

)2الشكل رقم (النفس البشرية تقوية/ 1

من الالزم بيان كيفية فإنعد أحد أهداف الشريعة الخمسة، تالنفس البشرية تقويةنظرا ألن لرفع ليس فقط ،ولهذا الغرض ال بد من تحديد حاجات البشر األساسية التي ينبغي تحقيقها. تحقيقه

وإنما لتمكينهم أيضا من أداء دور استخالفهم على األرض ،واستدامتهما فالحهممستوى تنميتهم ووهذه الحاجات، التي يمكن االصطالح عليها بالحاجات التابعة للهدف األساسي المتمثل . بفاعلية

في تقوية النفس البشرية، وردت اإلشارة إليها على نحو صريح أو ضمني في القرآن الكريم وقد يتيح ضمان إشباع هذه الحاجات رفع المستوى . أعمالهم، وفصلها الفقهاء في والسنة المطهرة

.42م ص 1992أنظر الریسوني 12الدین، ( 3، ج 47و 46، فقد اتبع ترتیبا مختلفا إلى حد ما في الصفحتین 1، ج38بینما اتبع الشاطبي نفس ترتیب الغزالي في الصفحة 13

. فالترتیب قد یتغیر وفقا لتغیر غرض النقاش. وھذا یعني أن الشاطبي ال یرى ترتیب الغزالي أمرا حتمیا). والنفس، والنسل، والمال، والعقل . 48، وعلى وجھ الخصوص ص 55 – 41م، ص 1992الریسوني : ظر أیضاأن

وقد وضع النسب في مكان . النفس، والمال، والنسب، والدین، والعقل: والترتیب الذي اتبعھ ھو. 160، ص 5م، ج1997الرازي 14 . یحمل معنى أكثر شموال من النسب، لذا فھو األفضل والنسل كما استخدمھ الغزالي والشاطبي معا یعني كامل الجیل القادم ، ومن ثم. النسل

Page 9: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

7

األخالقي والبدني والعقلي، وتعزيز القدرات التقنية لألجيال الحاضرة والقادمة، ومن ثم يضمن . الفالحاستدامة

)1(الشكل رقم

المقاصد الشرعية

لتالية لكل فرديتم تحقيقهما بضمان إثراء الجوانب الخمسة ا والفالح اإلنسانيالتنمية

Page 10: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

8

واألخوة والمساواة االجتماعية الذاتالكرامة واحترام 1/1

واألخوة اإلنسانية والمساواة االجتماعية جانبا مهما من هذه الذاتتشكل الكرامة واحترام بأن التصريحوالمنظور اإلسالمي للعالم يتناول هذا الجانب من خالل ). 2الشكل (االحتياجات

: ، والتين30اآلية : الروم(سليمة وخالية من أي عيب روحي ) الفطرة(الطبيعة اإلنسانية األصيلة ومن واجب البشر الحفاظ على طبيعتهم الحقيقية أي سالمتهم .15ما لم تتعرض لإلفساد )4اآلية

والشرف، قد خص البشر بالكرامة إضافة إلى ذلك فإن الخالق رب هذا الكون ). الفطرة(األصيلة ولقد كرمنا بني "للون والجنس والعمر، إذ يقول القرآن الكريم صراحة ابغض النظر عن العرق و

ويتمثل هذا التشريف للبشر بجعلهم خلفاء اهللا سبحانه وتعالى على . )70اآلية : اإلسراء" (آدموبما . ؟سهوأي شرف للبشر أكبر من جعلهم خلفاء للخالق األعظم نف). 30اآلية : البقرة(األرض

. أن البشر كافة خلفاء هللا سبحانه وتعالى ينبغي أن يكونوا متساوين جميعا وإخوة لبعضهم البعضمع قدر كبير من قبول اآلخر واالهتمام ،ومن ثم ال بد أن يكون هنالك تعايش سلمي فيما بينهم

واألمثل لجميع الموارد من خالل االستخدام الكفء الفالح اإلنساني الشامللتعزيز ، وذلكالمتبادلكما أن البيئة، بما فيها الحيوانات ). 7اآلية : الواقعة( التي استأمنهم عليها الخالق سبحانه وتعالى

ألجيال لأي ضرر إحداث والطيور والحشرات، أمانة أيضا، وال بد من حمايتها لضمان عدم .الحالية أو القادمة

المذنب "، حيث إن مفهوم الفرد " دوا مذنبينول"ولذلك فإن اإلسالم ال يعتبر أن البشر فلماذا يخلق اهللا . مفهوم ينتقص من الكرامة البشرية وغريب عن المنظور اإلسالمي للعالم" بالميالد

الخطيئة "وفكرة . سبحانه وتعالى شخصا يولد مذنبا ويدينه بهذا الشكل األبدي دون ذنب اقترفه؟ل لالنتقال عبر األجيال وأن كل فرد يأتي إلى هذا العالم قاب الذنب توحي بأن اقتراف" األصيلة

من هذا الذنب اإلنسان سيأتي لتخليص" منقذ"وإذا كان هنالك . محمال بذنوب اآلخرين وخطاياهم. وليس منذ ظهور أول إنسان على األرض؟لماذا يأتي في زمن متأخر ف ،األصيل الذي لم يقترفه

.ل عن أعماله؟أفلماذا يس وإذا كان اإلنسان قد ولد مذنبا،

– 261م، ص 2001وأنظر أیضا ابن عاشور، . 31 – 24، ص 14، ج1952، )م1070/ھـ463المتوفى في عام (أنظر القرطبي 15266.

Page 11: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

9

يناقض تماما تأكيد القرآن الكريم صراحة مسؤولية "الخطيئة األصيلة"ولذلك فإن مفهوم : ، والزمر18اآلية : ، وفاطر15اآلية : ، واإلسراء164آلية ا: األنعام(الفرد عن جميع أعماله

، اللتين الرحمن الرحيم ،ه وتعالىاهللا سبحان تي، كما يناقض أيضا صف)38اآلية : ، والنجم7اآلية عقل أن يجعل اهللا سبحانه وتعالى الفرد يولد مذنبا وال ي. يرددهما المسلم في معظم أوقات حياته

اآلية : األعراف(وهو، سبحانه، الودود والغفور وله كل ما يمكن تصوره من الصفات الحسنى (The Rationalists) وليس من المستغرب أن يرفض الكل، حتى العقالنيين). 180

في القرن التاسع عشر، فكرة تأصل الذنب في الطبيعة (The Romantics)والرومانطيقيين .، تماما كما رفضها جميع الفالسفة المحدثين تقريبا)الخطيئة األصيلة(اإلنسانية

والوجودية (Determinism) حتميةوعلى نحو مماثل، فإن مفهومي ال(Existentialism) يناقضان أيضا الحركة التنويريةالذين ابتدعهما فالسفة الغرب تحت تأثير

كما المادة قوى رية تحكمهاــرة كون الحياة البشــالم ال يقبل فكـفاإلس. المفهوم اإلسالميما ـ، أو الفطــرة ك(Freud)رويد ـــي كما عند فــ، أو البعد النفس(Marx)عند ماركس

و وواتســون وإســكنر ـــــ، أو البيئة كما عند بافل (Lorenz)عند لـورينز (Pavlov, Watson and Skinner) 16 رية فكرتانشوالمسؤولية الب حتميةفال. وآخــرين

ال تنتقص فقط الكرامة اإلنسانية وإنما تنفي أيضا حتميةغير قابلتين للمواءمة، نظرا ألن ال .17مسؤولية اإلنسان عن الظروف الراهنة وعن االستخدام غير الكفء وغير العادل للموارد

غير مقبولة لدى حتميةلالنظرية المقابلةووجودية سارتر التي تشكل النهاية القصوى بالحرية، وال حدود لحريتهم سوى كونهم غير فالبشر عند سارتر محكوم عليهم . 18اإلسالم أيضا

وكل سمة من سمات الحياة العقلية لإلنسان ناتجة عن قصد واختيار. 19أحرار في التخلي عنها

Determinismبعـــــنوان Sydney Hookالمســــــائل المتعلقة بالحتمیة والمســـــؤولیة ناقشھا عــدد من الكتاب في كـــتاب حرره 16

and Freedom in the Age of Modern Science (1958) ویتألف من مجموعة من األوراق لفالسفة محدثین، كما نوقشت أیضا فيوھو یجمع بعنایة مناقشات مختارة لكتاب Free Will (1962)بعنوان Sydney Morgenbesser and James Walshكتاب حرره

الذي یشتمل على تحلیالت A. J. Alden, Free Action (1961)وأنظر أیضا . قدماء ومحدثین وقد أعد للطالب على وجھ الخصوصب لم یحاول إثبات وبالرغم من أن الكات. موسعة وعمیقة لمجموعة من المفاھیم التي تركز حولھا على الدوام الجدل حول اإلرادة الحرة

. اإلرادة البشریة الحرة مباشرة، إال أنھ ھاجم األسس الخاصة بنظریات حتمیة معینة تحظى بقبول واسع .Chapra, 1992, pp. 202 – 206: أنظر أیضا 17 . Hazel Barnes (1957)ترجمــــــــة Jean-pall Sartre, Being and Nothingness: أنظـــــر 18

Page 12: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

10

)2(الشكل رقم

Anthony Manser, Sartre: A Philosophic Study (1966): وأیضا Stevenson (1974), pp. 78 – 90 :ــر كـــذلكوانظـــــ

19 Sartre (1957), pp. 439 and 615.

Page 13: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

11

عتبر هذه يسارتر غير أن. حتميةوهذا بال شك يشكل تحسنا في منظور ال. مسؤولية اوتترتب عليهوليس ثمة معنى نهائي أو غرض للحياة البشرية، أو أية قيم ،وكل شيء مسموح بهالحرية مطلقة،

ونية ـيغ أفالطـوانين إلهية، أو صـ، أو ق تم وضعها للبشــروعية ـعلوية أو موض(Platonic Forms) أما البشر فهم يائسون ومتروكون في الدنيا ليضطلعوا . ، أو أي شيء آخر

أن األساس الوحيد للقيم هو الحرية اإلنسانية، وال يمكن أن يكون ويرى سارتر .بشؤونهم كاملةوبناء على ذلك ال يمكن .20هنالك مسوغ خارجي أو موضوعي للقيم التي يختار أي فرد تبنيها

وجود سبيل لالتفاق على قيم مشتركة أو فرض ضوابط على الحرية الفردية إليجاد التواؤم بين ، تماعية، أو للوصول إلى تخصيص للموارد أكثر كفاءة وعدالالمصلحة الفردية والمصلحة االج

طلقة ال ـرية المـهوم المبني على الحـومثل هذا المف. وق التلقائيةـبر آليات قوى السـإال ع والحـيادية القيمـية (Laissez-faire)الق الحــرية ــيفضي إال إلى أفكــار مثل إط

(Value Neutrality) . ،ال غنى عنه الجميع فالح فإنوبينما الحرية ال غنى عنها لكل فردبعض القيود المتفق عليها اجتماعيا على فالبد من فرضولذلك . أيضا وال يمكن التساهل بشأنه

وهنا يبرز السؤال عن الجهة . فالحهماألفراد لضمان عدم تعديهم على حقوق اآلخرين وإعاقة . وسنناقش هذا السؤال تحت البند الخامس من حاجات الشخصية اإلنسانية. التي تضع تلك الحدود

لالعد 1/2

ف الكرامة اإلنسانية اذلك ألن أهد. 21الحاجة الشخصية اإلنسانية الثانية لشكل العديالجميع تبقى مفاهيم جوفاء وال معنى لها إذا فالحواألخوة والمساواة االجتماعية و الذاتواحترام

األقرب للتقوى وه لالعد القرآن الكريملذا فقد جعل . لم تستند إلى العدالة االجتماعية واالقتصاديةوالتقوى بال شك هي األهم نظرا لكونها . من حيث أهميتها للعقيدة اإلسالمية) 8اآلية : المائدة(

ومن ثم أصبحت إقامة العدل تمثل المهمة . لتشكل المنطلق لكل أفعال الخير، بما فيها العد

.38المرجع السابق، ص 20حة العقلیة وقلة التوتر وزیادة نسبة أثبتت الدراسات التطبیقیة بصورة راسخة أن ارتفاع مستوى االلتزام والنشاط الدیني مرتبط بالص 21

. (Ellison, 1991 and 1993; and Iannaccone1998)الرضاء الحیاتي

Page 14: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

12

األمنم إمكانية وجود دوقد أكد القرآن الكريم بجالء ع). 25اآلية : الحديد(األساسية لكل الرسل الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم " :في قوله سبحانه وتعالىكما ،لفي غياب العد

ال يؤدي في آخر المطاف إال إلى البؤس لوغياب العد .22)82اآلية : األنعام( "األمن وهم مهتدونوقد أدان الرسول صلى اهللا عليه وسلم الظلم بصورة واضحة، وساوى .)111اآلية : طه(والدمار

من نحن وظلمات يوم القيامة ليست سوى انعكاس لما نقترفه. 23"الظلمات في يوم القيامة"وبينه وهذه الظلمات كفيلة بإحباط كل الجهود الرامية إلى تحقيق . ظلمات في هذه الدنيا عن طريق الظلم

في النهاية إلى عدم الرضاء ن تؤديبأجديرة امة والتضامن االجتماعي، ووالتنمية المستداألمن وبناء على ذلك فإن الظلم واإلسالم على طرفي نقيض وال . والتوترات والصراعات واالنهيار

والظلم مصطلح إسالمي . تأثيره ضعف، أو ييستقيم شأن أحدهما ما لم يستأصل اآلخر من جذورهلحق من خاللها المساواة والغبن واالستغالل والظلم والخطأ التي يشامل يعني جميع صيغ عدم

. 24نحوهمالفرد الضرر باآلخرين، أو يحرمهم حقوقهم وال يفي بالتزاماته

وهذا التركيز من جانب القرآن الكريم والسنة المطهرة معا على الظلم انعكس على جميع 450المتوفى في عام (ال يرى الماوردي فعلى سبيل المث. ماءكتابات العلماء المسلمين القد

يدعو إلى اإللفة، ويبعث على الطاعة، وتعمر به البالد، وتنمو به "أن العدل الشامل ) م1058/هـوليس شيء أسرع في خراب األرض، وال ..... ثر به النسل، ويأمن به السلطان األموال، ويك

: ")م1328/هـ728المتوفى في عام ( كما يقول ابن تيمية .25"أفسد لضمائر الخلق، من الجور، والظلم محرم في كل شيء ولكل أحد، فال كان العدل أمرا واجبا في كل شيء وعلى كل أحد

وقد أيد ابن تيمية المقولة .26"يحل ظلم أحد أصال، سواء كان مسلما أو كافرا أو كان ظالما

یشیر سیاق ھذه اآلیة إلى الظلم في حق اهللا سبحانھ وتعالى من خالل الكفر والشرك بھ، كما بین تلك الحقیقة المفسرون مثل القرطبي 22

ومھما یكن، فإن تأكید القرآن الكریم والسنة المطھرة ). م1375/ھـ744المتوفى في عام (كثیر وابن) م1272/ھـ671المتوفى في عام ( الشدید ألھمیة إتاحة العدالة لكل فرد وكل شيء توحي بإمكانیة توسیع مضمون ھذه اآلیة الكریمة لتشمل جمیع البشر ومخلوقات اهللا سبحانھ

في ) م1209/ھـ606المتوفى في عام (المعتزلة بناء على ما ذكره فخر الدین الرازي وقد ذھب إلى ھذا عدد من فقھاء . وتعالى األخرى .60، صفحة 7، ج"التفسیر الكبیر"تفسیره لھذه اآلیة في

وقد استخدم النبي صلى اهللا . كتاب البر والصلة واآلداب، باب تحریم الظلم، عن جابر بن عبد اهللا 1996:56، ص 4صحیح مسلم، ج 23والظلمات ھي جمع ظلمة وترمز إلى عدة طبقات من الظالم تؤدي في النھایة إلى درجة من . م كلمة الظلمات في ھذا الحدیثعلیھ وسل

.من سورة النور 40الظالم المطلق، كما أشار إلى ذلك القرآن الكریم في اآلیة Chapra (1985), pp. 27 -28: أنظر 24 ).125م، ص 1955(الماوردي، أدب الدنیا والدین 25 .127، ص 5م، ج 1986منھاج السنة، "وانظر أیضا كتابھ . 177، ص 8مجموع فتاوى ابن تیمیة، ج 26

Page 15: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

13

ة وإن كانت كافرة، وال يقيم الظالمة وإن كانت اهللا يقيم الدولة العادل"المأثورة السائدة في زمنه بأن الظلم مخرب "فقد ذكر صراحة أن ) م1406/هـ808المتوفى في عام (أما ابن خلدون .27"مؤمنة

.28"للعمران

دون المراعاة المخلصة لقواعد سلوكية معينة ل، على أية حال، ضمان العدوقد ال يتسنىيني وتسمى تلك القواعد القيم األخالقية في اصطالح المنظور الد .من قبل أفراد المجتمع كافة

. (Institutional Economics)، كما تسمى المؤسسات في اصطالح االقتصاد المؤسسي للعالماألمانة، واإلنصاف، واالنضباط، والوعي، واليقظة، واالعتماد على النفس، : ومن تلك القيم

ترام الوالدين والمعلمين وكبار السن، والعطف على الفقراء والتحمل، والتواضع، والتدبير، واحالتزاماتهم، ليس فقط في المجتمعات ووالمعاقين والمحرومين ورعايتهم، واالهتمام بحقوق اآلخرين

ؤدي إلى الثقة المتبادلة تومراعاة هذه القيم بإخالص .التي نعيش فيها، وإنما في جميع أنحاء العالمشجعهم على أداء التزاماتهم ومساعدة بعضهم البعض، وهكذا تقوى تين الناس ووالعالقات الودية ب

وتتالشي نزعات أواصر التضامن األسري واالجتماعي، وقبول اآلخر والتعايش السلمي، وسيؤدي كل هذا إلى زيادة في رأس المال االجتماعي تعد ضرورية لزيادة الكفاءة . 29العداوة

.الح اإلنسانيفوالوالعدل، ومن ثم دفع مسيرة التنمية

الروحي واألخالقي االرتقاء 1/3

في الضرورية الثالثة الشخصية هو الحاجةاألخالقي االرتقاءوبناء على ما تقدم فإن غير أن المراعاة المخلصة لكافة .للكل وتحقيق الرؤية اإلسالمية الفالحإذا أردنا جلب اإلسالم

يجاد نظام فاعل للتحفيز يقوم إ خالقية السامية قد ال يتسنى بدونقواعد السلوك المبنية على القيم األ . دينلالذي تحدثنا عنه تحت الهدف الرئيس الثاني لتقوية اللعالم على أساس المنظور السليم

.94، ص 1967اإلمام ابن تیمیة، الحسبة في اإلسالم، 27 .287ابن خلدون، المقدمة، ص 28السنة أو فیھما معا وتشكل جزءا ال ینفصل عن المنظور اإلسالمي للعالم، وكل من ال یراعیھا ال كل ھذه القیم ورد تأكیدھا في القرآن أو 29

.یعد مسلما ملتزما

Page 16: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

14

حفظ النفس والمال والعرض 1/4

الشخصية الرابعة في الحاجة والقيم المرتبطة به أيضا عالماإلسالمي للويغطي المنظور فالقرآن الكريم يساوي بين قتل فرد واحد على غير . وهي حفظ النفس والمال والعرض اإلسالم

بقتل الناس جميعا، وإنقاذ حياة فرد ،)مسلما أو غير مسلم عن كونهبصرف النظر (وجه حق وليس هذا سوى أمر طبيعي ألن دعوة اإلسالم ).32اآلية : المائدة(واحد بإنقاذ حياة الناس جميعا

إلى احترام الحياة واألخوة اإلنسانية تصبح غير ذات معنى إذا لم يعتبر إزهاق حياة غير المسلمين النبي صلى اهللا عليه وسلم قوله في خطبته في حجة وقد ورد عن. محرم كإزهاق حياة المسلمين

إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم "الوداع في اإلسالم، ينبغي أن تحظى نفس كل الحفظج يحظى بهذه الدرجة من اولما كان الح .30"هذا

.الحفظفرد وماله وعرضه بنفس القدر من

الحرية 1/5

والحاجة الخامسة من حاجات النفس البشرية هي الحرية التي ال غنى عنها لتنمية وبدون الحرية قد يفقد الفرد نزعة المبادرة والدافع الالزم لالبداع واالبتكار، . الشخصية اإلنسانية

عز وجل على ولما كان البشر مستخلفين من قبل اهللا. والفالح اإلنسانيأالتنمية ال تتحققوبالتالي تحرير البشـــر من القـــيود واألغـالل ومن ثم فقد كان. األرض ينبغي أال يتذللوا لغيره

وبناء على ). 157اآلية : األعراف(من أهم مهام الرسول صلى اهللا عليه وسلم التي كانت تكبلهميعد اقتصاديا ذلك فإن االستعباد من أي نوع، وبصرف النظر عن كونه اجتماعيا أو سياسيا أو

وبالتالي فليس ثمة حق ألحد، حتى الدولة، في إلغاء هذه الحرية . أمرا مناقضا للتعاليم اإلسالميةولعل هذا المبدأ هو الذي دفع الخليفة الثاني إلى التساؤل بقوله . وإخضاع الناس للعبودية والذل

.31"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"

.365، ص 3من سورة الحجرات، ج 13في تفسیره لآلیة ) م1981) (م1373/ھـ774المتوفى في عام (رواه ابن كثیر 30 .268م، ص 1959علي الطنطاوي وناجي الطنطاوي، أخبار عمر، 31

Page 17: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

15

ال يعني ن فإن كون البشر مستخلفين من قبل اهللا سبحانه وتعالى على األرض ومهما يك ،مقيدة بالقيم األخالقية ذلك ألن حرية البشر. أنهم أحرار على نحو مطلق كما في وجودية سارتر

. جميع مخلوقات اهللا سبحانه وتعالى أيضا فالحوإنما لضمان ،هم أنفسهم فالحهمليس فقط لضمان وحين أدرك المالئكة، عند خلق اهللا سبحانه وتعالى لإلنسان، أن اإلنسان سيكون خليفة هللا سبحانه

بالتصرف أبدوا تخوفا من أن تقوده تلك الحرية إلى بحرية المبادرةوتعالى على األرض ويحظى ولربما كان ذلك التخوف من جانب المالئكة ). 30آلية ا: البقرة(الفساد في األرض وإراقة الدماء

ناشئا عن عدم إدراكهم حينها أن اهللا سبحانه وتعالى سيزود البشر، إلى جانب الحرية، بثالث وأولى هذه . هبات أخرى ستعينهم على التمتع بحياة كريمة، على خالف ما تخوف منه المالئكة

). 30اآلية : الروم(التي خلقوا عليها ) الفطرة(حقيقية ضمائرهم التي تعكس طبيعتهم الالهبات هي ةولمساعد). 5اآلية : التين" (إلى أسفل سافلين"وإذا لم تتم المحافظة على الفطرة سينحدر البشر

الهبة الثمينة الثانية وهي الهدى الذي ب البشر اهللا سبحانه وتعالى زودالبشر لتجنب مثل هذا السقوط في عصور التاريخ المختلفة، وعن طريق سلسلة إلى البشر واألمم كافة لى،عات، سبحانه وبعث به

والغرض من هذا الهدى هو مساعدة البشر في إدارة شؤونهم في هذه الدنيا على نحو . من الرسلولذلك . 32مبدأ خالفتهم هللا سبحانه وتعالى على األرض يتواءمللكل بما الفالحيعين على ضمان

والهبة الثالثة هي العقل الذي . ة بالهدى الذي خصهم به اهللا سبحانه وتعالىفإن حرية البشر مقيدضوء ما تمليه عليهم ضمائرهم في ،وإذا استخدم البشر عقولهم. وهبه اهللا سبحانه وتعالى للبشر

سيمكنهم ذلك من استخدام حريتهم بحكمة ،وما خصهم به اهللا سبحانه وتعالى من هدى ،الفطريةوعدم نشر الفساد أو سفك الدماء، وهما من أبشع الجرائم في النظام لتحقيق الرؤية اإلسالمية

.القيمي اإلسالمي

ولقد أرسلنا رسال من قبلك منھم من "وورد أیضا ). 36اآلیة : النحل" (ولقد بعثنا في كل أمة رسوال"ورد في القرآن الكریم بوضوح 32رد في حدیث للرسول صلى اهللا علیھ وسلم رواه أبو كما و). 164اآلیة : والنساء 78اآلیة : غافر(قصصنا علیك ومنھم من لم نقصص علیك

أنظر تفسیر اآلیة (ذر أن اهللا سبحانھ وتعالى بعث مائة وأربعة وعشرین ألف رسول إلى ھذه الدنیا في عھود مختلفة وإلى أمم مختلفة . یمان بجمیع رسل اهللا سبحانھ وتعالىوال شك في أن اإلسالم ھو الدین الوحید الذي یقر اإل). من سورة النساء في تفسیر ابن كثیر 164

Page 18: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

16

التعليم 1/6

ننتقل إلى الحاجة اإلنسانية الشخصية السادسة وهي إثراء عقل سبق ذكرهضوء ما فيوفمن ناحية، ينبغي . وينبغي أن يضطلع التعليم بدور مزدوج. الفائق الجودة الفرد من خالل التعليم

والقيم األخالقية اإلسالمية للعالماإلسالمي أن يتيح التعليم تبصير أفراد المجتمع بالمنظور كخلفاء هللا سبحانه وتعالى على األرض، ومن ناحية أخرى ينبغي أن يمكنهم، ليس فقط البشرودور

هم بكفاءة من خالل العمل بجد ونزاهة، وإنما من توسيع القاعدة المعرفية والتقنية من أداء وظائفاألخالقي وتوسيع القاعدة المعرفية والتقنية قد ال يتسنى االرتقاءوفي غياب .لمجتمعاتهم أيضا

ومن هنا جاء . إثراء العقل وتمكينه من المشاركة بسخاء في أهداف تسريع التنمية واستدامتهافي موضع ذلك كيز الشديد من جانب القرآن الكريم والسنة المطهرة على التعليم كما سنبينالتر

. الحق عند مناقشة إثراء العقل، المقصد األساسي الثالث من مقاصد الشريعة

(Good Governance) الحوكمة الرشيدة 1/7

عند الحديث عن العقيدة، هي الحاجة اإلنسانية الشخصية سنرىالحوكمة الرشيدة، كما فبدون االستقرار السياسي والحوكمة الرشيدة قد ال يتسنى إنفاذ القواعد . السابعة التي ال غنى عنها

عبر تتقوىتنتشر نزعة تجاوز القوانين ووفي مثل هذه الحال قد . السلوكية الخاصة بالمجتمعوعندئذ يزداد الفساد وعدم الكفاءة وعدم االكتراث إلى إشباع حاجات .33آليات التعزيز الذاتية

على أهمية الحوكمة علماء المسلمين عبر عهود التاريخ المختلفة ركز معظمولذلك فقد . اآلخرينوساد االعتقاد عموما بأن . الرشيدة ومن أولئك أبو يوسف، والماوردي، وابن تيمية، وابن خلدون

نحدار األمة ال الرئيسة سباباألمن كان يدة عبر عدة قرون مضتغياب الحوكمة الرش .34اإلسالمية

.North, 1990, pp. 93 – 94: أنظر 33 Muslim Civilization: The Causes of Decline and Need for Reform (2008): أنظر الكتاب الجدید للمؤلف، بعنوان 34

Page 19: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

17

القضاء على الفقر وإشباع الحاجات 1/8

واألخوة إلى للعل مما هو منطقي أن يؤدي اهتمام اإلسالم الفائق بالكرامة اإلنسانية والعد. الحاجة الضرورية الثامنة وهي القضاء على الفقر وإشباع جميع الحاجات اإلنسانية األساسية

فالفقر يؤدي إلى عدم الكفاءة والعجز واالعتماد على اآلخرين، بل أنه يكاد يكون كفرا كما بين لنا كرامة اإلنسانية السائد ال صون ومن ثم فإن بقاء الفقر يناقض مرمى .35النبي صلى اله عليه وسلم

ومهما يكن فقد ال يكون القضاء على الفقر ممكنا في غياب االستخدام . في التعاليم اإلسالميةفكل هذه الموارد، كما بينا سابقا، أمانة من اهللا . األمثل والعادل للموارد المتاحة للجنس البشري

مسئولة تفضي إلى إشباع حاجات وأحد شروط تلك األمانة استخدامها بطريقة. سبحانه وتعالى .الجميع

ولذلك فقد حظي القضاء على الفقر وإشباع حاجات أفراد المجتمع جميعا بموقع مرموق على الفقهاءفقد أجمع .والفكر اإلسالمي عبر عهود التاريخ اإلسالمي المختلفة اإلسالمي في الفقه

وكما يرى . 36أن االهتمام بالحاجات األساسية للفقراء فرض كفاية على المجتمع اإلسالميالمحدثين ومنهم موالنا كما أن جميع الفقهاء. 37الشاطبي فإن ذلك ما يبرر وجود المجتمع نفسه

وسيد قطب، ومصطفى السباعي، وأبو زهرة، وباقر الصدر، ، واإلمام حسن البنا،المودودي .المبارك، ويوسف القرضاوي، قد أجمعوا على ذلكومحمد

إشباعها أولوية فردية اعتبرويقودنا ما سبق إلى التساؤل عما يشكل الحاجة التي الضروريات : هي وفي هذا الصدد، قسم الفقهاء الحاجات إلى مستويات ثالثة. واجتماعية؟

وهذه الحاجات كما عرفها الفقهاء تعني تلك السلع والخدمات التي تحدث .والحاجيات والتحسينياتمن خالل إشباع حاجة معينة للفرد أو تخفيف شدة عنه أو جلب فالح البشريةاختالفا حقيقيا في

(Luxuries)وهذه الحاجات ال تشمل الكماليات .38راحة له أو تمكينه من السالم العقلي والسعادة

تحت كلمة " الھدایة"وفق ما ذكر أبو نعیم في في جامعھ الصغیر عن أنس بن مالك) م1505/ھـ911المتوفى في عام (رواه السیوطي 35

. 89، ص "قاعدة" .725و 156، ص 6ابن حزم، ج: أنظر مثال 36 ).فجعل اهللا الخلق خالئف في إقامة الضروریات العامة( 177، ص 2الشاطبي، ج 37 :وأنظر. 12 – 8، ص 2الشاطبي، الموافقات، ج : لتعریف ھذه المصطلحات في المفھوم الفقھي أنظر 38

Page 20: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

18

ات التي تطـلب لدافع تفاخــري ــني الســلع والخدمـيفـها بأنها تعالتي يمكن تعر(Snob Appeal) وقد اعتبر الفقهاء هذا .الفالح اإلنساني الحقيقيوال يترتب عليها اختالف في

ا إسرافا وانغماسا في هوى الذات، وعارضوالنوع من السلع والخدمات التي تتخطى حدود الحاجة .39بشدة إشباعها

ومهما يكن، ينبغي أن نعي أنه طالما حرم اإلسالم الرهبانية وحياة نكران الذات والتنازل المجموعات الثالث تصنيف السلع والخدمات في أال يكون فيجب ،)27اآلية : الحديد(عن الدنيا

الضروريات والحاجيات (فاإلسالم يدع الفرصة للفرد إلشباع جميع حاجاته . أعاله فاقد المرونةولذلك ينبغي أن يعكس تصنيف السلع والخدمات في . فالحهوذلك من أجل زيادة كفاءته و) عام

ومن ثم يصبح منظور . هذه المجموعات الثروة ومستوى المعيشة العام للمجتمع المسلم المعني. عرضة للتغيير عبر الزمن مع التطور التقني وزيادة الثروة وارتفاع مستوى المعيشة الحاجاتأكثر غنى اليوم وقادرة على بلوغ مستوى أفضل أصبحت عدة دول إسالميةقع األمر فإن وفي وا

إضافة إلى . من حيث تحقيق الحاجات، مقارنة بما كان ممكنا في المجتمعات اإلسالمية الماضيةيشهد عهد النبي فثمة حاجات لم . مع مرور الزمن وتغير المكانذلك فإن الحاجات ال تبقى ثابتة

Anas Zarqa, “Islamic Economics: An Approach to Human Welfare”, in K. Ahmad, 1980, pp. 13 – 15.

: ، وكذلك410، ص )م1985(، وحدیث الثالثاء 268، ص )م1989(اإلمام حسن البنا، مجموع الرسائل : وأنظر أیضاSayyid Abul A’la Mawdudi, Islam awr Jadid Ma’ashi Nazariyyat (1959), pp. 136 – 140.

وقد نھى . 67اآلیة : ، والفرقان27و 26اآلیتین : ، واإلسراء31اآلیة : األعراف: للوقوف على آیات تحریم اإلسراف والتبذیر أنظر 39هللا وسالمھ، أن إھدار وأكد، علیھ صلوات ا. النبي صلى اهللا علیھ وسلم أیضا عن التبذیر وحض على البساطة والتواضع كأسلوب للحیاة

، )427:133، المجلد األول، ص 1966التبریزي، المشكاة، (الموارد محرم، لیس فقط في أوقات الندرة، وإنما في أوقات الوفرة أیضا " إن اهللا أوصى إلي إن تواضعوا حتى ال یبغي أحد على أحد وال یفخر أحد من أحد"وقال، صلى اهللا علیھ وسلم،

" ال ینظر اهللا إلى من جر ثوبھ خیالء: "، كما قال)، عن عیاض بن حمار572، ص 2م، ج1952سنن أبو داؤود، (من ترك اللباس تواضعا هللا وھو یقدر : "وقال أیضا). 1651:42، ص 3م، ج1955، وصحیح مسلم، 182، ص 7صحیح البخاري، ج(

علیھ دعاه اهللا یوم القیامة على رؤوس الخالئق حتى یخیره من أي حلل اإلیمان شاء یلبسھا كلوا "وقال ). ، عن معاذ بن أنس الجھني313 – 312، ص 3تحفة األحوذي، جرواه الترمذي في كتاب الزھد وقال حدیث حسن، (

، عن ابن عمر، ورواه أحمد في مسنده، 96، ص 2السیوطي، الجامع الصغیر، ج" (واشربوا وتصدقوا والبسوا من غیر إسراف وال مخیلةالمطھرة نمط العیش البسیط، ویستنبط الفقھاء من كل وھكذا یرجح القرآن الكریم والسنة). والنسائي، وابن ماجة، وورد في مستدرك حكیم

، 30أنظر كتاب الكسب للشیباني في السرخسي، كتاب المبسوط ، ج . (ذلك أن الصلف والتباھي على اآلخرین والزھو في الدنیا أمر محرم ).268 – 266ص

وابتغ : "والتفاخر والتكاثر، أما اإلفساد فحرام لقولھ تعالى الحاصل أنھ یحرم على المرء فیما اكتسبھ من الحالل، اإلفساد والسرف والخیالء

والذین إذا أنفقوا اآلیة، فذلك : اآلیة، وقال اهللا جل وعال" وال تسرفوا: "اآلیة، وأما السرف فحرام لقولھ تعالى" فیما آتاك اهللا الدار اآلخرة، والمخیلة حرام والتفاخر والتكاثر حرام یعني أنھ كما )266لمبسوط، ص ا" (وال تبذر تبذیرا: "دلیل على أن اإلسراف تبذیر وقال اهللا تعالى

نھي عن اإلسراف والتكثیر من الطعام فذلك نھي عن ذلك في اللبس، واألصل فیھ ما روي أن النبي صلى اهللا علیھ وسلم نھى عن الثوبین شار إلیھ باألصابع فإن أحدھما یرجع إلى اإلسراف واآلخر والمراد أن ال یلبس نھایة ما یكون من الحسن والجودة في الثیاب على وجھ ی

). 268، ص 30كتاب الكسب لمحمد بن الحسن الشیباني، المبسوط للسرخسي، ج (یرجع إلى التقتیر، وخیر األمور أوسطھا

Page 21: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

19

وجود و. صلى اهللا عليه وسلم مجرد وجودها، أصبحت تعد من الضروريات في العصر الراهنإلى ضخمة في مستوى المعيشةال فوارقالفضي إلى التفاخر وإحداث يمثل هذه الحاجات ينبغي أال

يكون أنروابط األخوة اإلسالمية والتضامن االجتماعي، كما ال ينبغي أيضا الحد الذي يضعفيمكن تحقيق إذ ،والكآبةالرتابة درجةفي المجتمعات اإلسالمية يصل إلى إيجاد تماثل الهدف

.البساطة في نمط الحياة دون إلحاق الضرر باإلبداع والتنوع

ف والتوظف الذاتييفرص التوظ 1/9

، فإن40من كرامة الفرد واإلسالم يحض على االمتناع عنه أيضا التسول يحطنظرا ألن الحاجة اإلنسانية التاسعة والضرورة البديهية للكرامة اإلنسانية هي أن يتم إشباع الحاجات عبر

نفسه إعاشةومن ثم يصبح فرض عين على كل مسلم كسب عيشه و. مجهود الفرد نفسه .41وأسرته

، عن عوف بن مالك، 382، ص 1 م، ج1952، أبو داؤود، " ال تسألوا الناس شیئا: "نھي النبي صلى اهللا علیھ وسلم عن السؤال بقولھ 40

.، عن عبد اهللا بن عمر133، ص 2، البخاري، ج"الید العلیا خیر من الید السفلى: "وقولھال تحل الصدقة لغني وال (كما نھى النبي صلى اهللا علیھ وسلم عن منح الصدقة لغیر ذوي الحاجة الحقیقیة أو لألصحاء ذوي األبدان السویة

.1839:589، ص 1م، ج 1952، وابن ماجة، 74، ص 5م، ج 1964، والنسائي، 379، ص 1م، ج 1952د، ، أبو داؤو)لذي مرة سويمن طلب الحالل استعفافا عن المسألة وسعیا : "وخص النبي صلى اهللا علیھ وسلم كسب المرء لعیشھ بمكانة رفیعة من االحترام حیث قال

، ص 2ھـ، ج 1381، التبریزي، المشكاة، "مة ووجھھ مثل القمر لیلة البدرعلى أھلھ وتعطفا على جاره لقي ربھ تعالى یوم القیا .، عن أبو ھریرة، رواه البیھقي في شعب اإلیمان5207:658

كما قال ). 10اآلیة : الجمعة(یأمر القرآن الكریم المسلمین بأن ینتشروا في األرض ویبتغوا من فضل اهللا إذا ما فرغوا من أداء صالتھم 41، ومضى في )54السیوطي، الجامع الصغیر، عن أنس بن مالك، ص " (طلب الحالل واجب على كل مسلم: "ى اهللا علیھ وسلمالرسول صل

). ، عن مقدام بن معدیكرب2138:723، ص 2م، ج 1952سنن ابن ماجة، " (ما كسب الرجل كسبا أطیب من عمل یده: "تفصیل ذلك قائالالتوكل على اهللا ال یعني امتناع المسلم عن بذل أي جھد، حیث ینبغي على المسلم بذل ما في وسعھ من ووفقا لھدیھ صلى اهللا علیھ وسلم فإن

وإلى ھذا یعود استیاؤه صلى اهللا علیھ وسلم من الرجل الذي ترك ناقتھ مرسلة ظنا . جھد والتوكل على اهللا بعد ذلك لتوفیقھ إلى أفضل النتائج . وتعالى سیحفظھا، فأمره النبي صلى اهللا علیھ وسلم بأن یعقل الناقة أوال ثم یتوكل على اهللامنھ بأنھا لن تضل ألن اهللا سبحانھ

. وبین الخلیفة عمر التعالیم اإلسالمیة المتعلقة بكسب الفرد لعیشھ بنفسھ

ذھبا وال فضة ولكن اهللا یرزق الناس اللھم ارزقني، فإن السماء ال تمطر : ال یقعد أحدكم عن طلب الرزق ویقول : "قال عمر رضي اهللا عنھ ).268علي الطنطاوي وناجي الطنطاوي، أخبار عمر، ص " (بعضھم من بعض

إن من یزعم أن حقیقة التوكل في تركھ الكسب فھو مخالف للشریعة ، وإلیھ أشار النبي صلى اهللا علیھ وسلم في قولھ للسائل الذي قال

كتاب الكسب لمحمد بن الحسن الشیباني، المبسوط للسرخسي، ج " (ال بل أعقلھا وتوكل: "علیھ وسلمأرسل ناقتي وأتوكل، فقال صلى اهللا ).249، ص 30

Page 22: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

20

النبي صلى اهللا عليه وسلم المسلمين باكتساب المهارات في بعض المهن ليتمكنوا أمركما الخاص أداء واجبهأن عجز الفرد عن الفقهاء أكدولذلك فقد . 42من كسب رزقهم على نحو محترم

بكسب رزقه بجهده يجعله عاجزا عن صيانة صحته وكفاءته البدنية والعقلية، وعندئذ ال يقوى التزاماته كخليفة هللا سبحانه وتعالى على واجباته التعبدية، ناهيك عن أداء حتى على أداء

.43األرض

ولذلك فإن من فروض الكفاية على المجتمع المسلم إدارة االقتصاد على نحو يتيح لكل فرد األصغروفي عالم اليوم أثبت التمويل . فرصة مناسبة لكسب العيش الشريف بقدراته وجهده

(Micro-finance) ،قدرته العظيمة الكامنة في مجال توسيع فرص التوظيف والتوظف الذاتيومهما يكن، سيبقى هنالك من ال . ومن ثم ينبغي أن يحظى بأولوية متقدمة في الدول اإلسالمية

، األمر الذي حدا يقدرون على كسب ما يكفي بجهدهم الخاص نتيجة إلعاقة أو ضعف في القدرةإلى وضع برنامج اجتماعي للدعم الذاتي لمساعدة مثل هؤالء عبر مؤسسات الزكاة باإلسالم

وإذا لم يتسن حشد . والصدقات واألوقاف إلشباع حاجاتهم دون وصمة عار اجتماعية أو تظلم .موارد كافية عن طريق هذه المؤسسات يصبح من واجب الدولة االضطالع بدور تكميلي

لثروة التوزيع العادل للدخل وا 1/10

ووفق هذه الرؤية ). 7اآلية : الحشر(بأال تكون الثروة دولة بين األغنياء فقط يأمرنا القرآنالتفاوت حيث إناإلسالمية فإن الحاجة اإلنسانية العاشرة هي التوزيع العادل للدخل والثروة،

يحط من كرامة من يعانون من الفقر الشديد وال يقدرون على االستغالل المفرط في الدخل والثروة للحد من التفاوت في الدخل والثروة كفيل بأن برنامج فاعلوعدم وجود . الكامل لطاقاتهم الكامنة

وعليه فإن اإلسالم .يسعى اإلسالم إلى تكريسهايضعف، بدال من أن يعزز، مشاعر األخوة التي بصفة ال يستهدف فقط استئصال الفقر وإشباع حاجات كل فرد عن طريق الكسب الشريف

رواه الطبراني في الكبیر " (إن اهللا یحب المؤمن المحترف: "عن ابن عمر رضي اهللا عنھما عن النبي صلى اهللا علیھ وسلم قال 42

) 524، ص 2والبیھقي، المنذري، ج" كتاب الكسب"ارة إلى قائمة كاملة لمراجع الفقھاء قد تفضي إلى إطالة غیر عادیة، غیر أن القارئ قد یرغب في الرجوع إلى اإلش 43

، وأبو حامد محمد الغزالي، إحیاء علوم 256و 250و 245، خاصة الصفحات 387 – 344، ص 30للشیباني في المبسوط للسرخسي، ج .25 – 22، ص 2، ج )م1975 – 1974(، والعبادي 177 – 176، ص 2الموافقات، ج ، والشاطبي،64 – 60، ص 2الدین، ج

Page 23: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

21

أساسية، وإنما يؤكد أيضا أهمية برنامج الدعم االجتماعي الذاتي المتمثل في الزكاة والصدقات يرية لتحقيق ومهما يكن فإن من الخطأ االعتماد بصفة أساسية على هذه المساهمات الخ .واألوقاف

تسريع عملية التنمية كما سنتناول في كما أن من الضروري . هدف التوزيع العادل للدخل والثروةالتي ثبتت جدواها حول العالم، موضع الحق تحت عنوان الثروة، واستخدام كافة السبل األخرى

.ألحكام الشريعة اإلسالمية الئمةإذا كانت م

المستقرةالزواج والحياة العائلية 1/11

والحاجة الطبيعية الحادية عشرة التي ال غنى عنها لكل عضو في المجتمع ذكرا كان أم إشباع الرغبة والغرض من الزواج ليس فقط . 44أنثى هي الرفقة والشراكة في الحياة عبر الزواج

الوئام والعناية المتبادلة اآلخر لحصول على شريك حياة مناسب يقاسم الطرفاالجنسية، وإنما كنوا ــكم أزواجا لتسـومن آياته أن خلق لكم من أنفس" ويقول القرآن الكريم. والمودة والرحمة

).30اآلية : الروم" (ة إن في ذلك آليات لقوم يتفكرونــإليها وجعل بينكم مودة ورحم

من تحقيق هذا الهدف فقط إذا كان كال المرء فإن الحياة الزوجية ستمكن ،وعلى أية حال اآلخر، ولديه الرغبة في تحمل ما ينطوي بفالح، ويهتم كالهما 45الزوجين يتمتع بالخلق الحسن

الزوجينبين واالهتمام ودومثل هذه العالقة المفعمة بال .46عليه ذلك من تضحية بالمصلحة الفرديةستؤدي إلى إنشاء أسر مستقرة األمر الذي يعد ضروريا ليس فقط لتوفير الحب والرعاية الالزمة

. لتنشئة األجيال القادمة، وإنما لتطور واستمرار المجتمع نفسه

وعلى ضوء ذلك . یستخدم القرآن كلمة زوج وصاحبة للزوجة لبیان أن الزوجة شریك وصدیق أو رفیق ولیس شخص مستخدم أو تابع 44

والمراد باالزدواج معنى المشاركة " المساواة في األصل عقد الزواج عقد ازدواج وھو ینبني على"تعرف األدبیات الفقھیة الزواج بأن ). 109، ص 5السرخسي، المبسوط، ج ( ).34، ص 13القرافي، الذخیرة، ج " (إن الزوج والزوجة كالشریكین المتعاونین على المصالح"

. سامي السویلم/ ھذه المراجع الفقھیة اقترحھا علي زمیلي الدكتور

، كتاب اآلداب، باب لم یكن النبي فاحشا وال 15، ص 8البخاري، ج " (إن من أخیركم أحسنكم خلقا: "علیھ وسلمقال النبي صلى اهللا 45 ).متفحشا

:بینت الدراسات التجریبیة أن االلتزام الدیني یؤدي إلى مستویات أدنى من الطالق ومستوى أعلى من استقرار الحیاة الزوجیة 46(Innaccon, 1998; Lehrer and Cheswick, 1993; and Gruber, 2005).

Page 24: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

22

األسرة والتضامن االجتماعي 1/12

القرآن الكريم حقوقا بينوالرحمة والهدوء بين الزوجين، فقد ولتهيئة المناخ المفعم بالحب برفق وإنصاف ة النساء، وأمر الرجال بمعامل)228اآلية : البقرة(للنساء تساوي حقوق الرجال

وقد أكد النبي صلى اهللا عليه وسلم . ، والوفاء بالتزاماتهم تجاههن بلطف)19اآلية : النساء( خطبتهوفي . 47"قائق الرجالش"وغيرها واصفا النساء بأنهن الكريمة مقتضى هذه اآليات القرآنية

ألنهم أخذوهن النساء معاملة اهللا سبحانه وتعالى في اتقاءعند حجة الوداع حث الرجال على على الرجال من غصب حقوق النساء ، صلى اهللا عليه وسلم،جوفي مقام آخر حر .48"بأمان اهللا"

.50أو تفضيل أوالدهم عليهن تهنإهان وأد بناتهم أو عن نهاهمكما . 49عن طريق استغالل ضعفهنوقد رويت هذه األحاديث الشريفة وغيرها على أنها صحيحة ولها دور تكميلي في توجيه الرجال

،)م644/هـ23المتوفى في عام (الخليفة الثاني ،هذا ما دفع عمرلعل و. الفالح اإلنسانيوتعزيز كنا في الجاهلية ال نعد النساء شيئا، فلما جاء اإلسالم وذكرهن اهللا، رأينا لهن علينا " :إلى القول

وليس ثمة سبب يدفعنا إلى االعتقاد بأن الخلق الحسن والصالت الطيبة بين الزوجين . 51"حقا كفيلة بأن تؤدي إلى إشباع الحاجة الثانية عشرة أمور غير األبناء بحب الوالدين معا، حظوةو

.، وهي األسرة والتضامن االجتماعيللشخصية اإلنسانية

الحد من وقوع الجريمة 1/13

ينتظر أن يؤدي إشباع كل هذه الحاجات اإلحدى عشرة التي سلف ذكرها إلى تهيئة بيئة .مالئمة إلشباع الحاجة اإلنسانية الثالثة عشرة وهي الحد من وقوع الجرائم والعداءات

إنما النساء : "عن عائشة رضي اهللا تعالى عنھا، عن البزار، عن أنس رضي اهللا تعالى عنھما، أن رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم قال 47

).، رواه أحمد وأبو داؤود والترمذي102، ص 1الجامع الصغیر للسیوطي، ج " (شقائق الرجالفاتقوا اهللا في النساء فإنكم : "عن جابر بن عبد اهللا رضي اهللا تعالى عنھ، قال، قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم في خطبة الوداع 48

رقم 889، ص 2صحیح مسلم، كتاب الحج، باب حج النبي صلى اهللا علیھ وسلم، ج " (أخذتموھن بأمان اهللا واستحللتم فروجھن بكلمة اهللا، ابن ماجة، كتاب المناسك، وأبو داؤود، كتاب المناسك، باب صفة حج النبي صلى اهللا علیھ وسلم، )أخذتموھن بأمان اهللا فإنكم(، )147

. ومسند أحمد، كتاب 1رواه الحاكم ، عن أبي ھریرة، في مستدركھ، ج " (الیتیم والمرأة: إني أحرج علیكم حق الضعیفین"النص الصحیح للحدیث 49

. ، وھذا الحدیث صحیح وفق معاییر مسلم)63اإلیمان، ص من كانت لھ أنثى ولم یئدھا ولم یھنھا ولم یؤثر ولده : "عن ابن عباس رضي اهللا تعالى عنھ قال، قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم 50

). 29رقم 86، ص 3المنذري، ج (، رواه أبو داؤود والحاكم "علیھا أدخلھ اهللا الجنة ).735، رقم 281، ص 4، كتاب اللباس، باب ما كان النبي صلى اهللا علیھ وسلم یتجوز من اللبس والبسط، ج صحیح البخاري 51

Page 25: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

23

السعادةالسالم العقلي و 1/14

إذا تم إشباع كل هذه الحاجات الثالثة عشرة األساسية، يحق لنا أن نتوقع إشباع الحاجة وينبغي أن يكون إلشباع كل هذه الحاجات . اإلنسانية الرابعة عشرة وهي السالم العقلي والسعادة

أيضا من خالل الدين، وإنما على المالمجتمعة أثر إيجابي ليس فقط على النفس والعقل والنسل والستدامة التنمية في كل قطاعات أرحبوسيتيح ذلك مجاال . وتطبيقه الدينتهيئة بيئة أفضل لفهم

.المجتمع واالقتصاد والسياسة

والمالوالعقل والنسل الدينإثراء 2

الفالحفي الوقت الذي ال يتسنى فيه تحقيق الهدف النهائي للشريعة المتمثل في ضمان المقاصد األساسية األربعة تقويةللكل إال من خالل إصالح النفس البشرية، فإن من الضروري

، حيث إن لكل من هذه المقاصد األربعة دور في )المالوالنسل والدين والعقل (األخرى أيضا في ظل ما ينشأ من هذه المقاصد األربعة قويةتم تتوإذا لم . إصالح النفس البشرية وإثرائهالألجيال الفالحيصبح من غير الممكن تحقيق الحد األمثل من تحديات في الظروف الراهنة،

.الحاضرة والقادمة، وقد يهدد ذلك بقاء الحضارة نفسها

)3الشكل رقم (تقوية الدين 2/1

للنفس إن أول سؤال قد يتبادر إلى ذهن القارئ هو لماذا وضع الدين في المرتبة التاليةوهل مباشرة، في عالم اليوم الذي أصبحت فيه نزعات العلمانية والتحررية والمادية هي السائدة؟

للدين حقا األهمية التي يبرزها ترتيب المقاصد على هذا النحو؟

لعالمالديني لالمنظور 2/1/1

التنمية إن الحقيقة التي ال جدال حولها، على أية حال، هي أن كون البشر هم غاية هو الذي يتمتع لعالمالديني لوالمنظور . األهمية القصوى فالحهمووسيلتها يقتضي منح إصالحهم و

بالقدر األكبر من اإلمكانات إلصالح النفس البشرية على نحو يضمن تحقيق كل الحاجات

Page 26: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

24

ويستطيع . الروحية والمادية للشخصية اإلنسانية التي وردت اإلشارة إلى مالمحها في ما تقدم، وتصويب الجهد القيام بذلك من خالل جعل الحياة ذات معنى وغرض عالمالديني للالمنظور

، وتحويل األفراد إلى صنف أفضل من البشر عبر تغيير سلوكهم، ةاإلنساني نحو الوجهة الصحيحأنفسهم وخالقهم وغيرهم من البشر، فيما يخصحياتهم، وأذواقهم، وخياراتهم، ومواقفهم طانمأو

، وذكر اسم قد أفلح من تزكى"وفي ذلك يقول القرآن الكريم صراحة . وما لديهم من موارد وبيئةولذلك فقد أكد ). 10و 9اآليتين : ، وأنظر أيضا الشمس 15و 14اآليتين : األعلى" (ربه فصلى

.علماء المسلمين أهمية إصالح البشر والدور الذي يؤديه الدين في مثل هذا اإلصالحكل

إلى رأي صائب، بعد دراسة (Toynbee and Durants)وقد توصل توينبي ودورانتس األخالقي والتضامن االجتماعي ال يمكن تحققهما في غياب الدور االرتقاءمكثفة للتاريخ، وهو أن

االجتماعي بين أشياعها حس االلتزام بتكريسإن األديان تقوم "ويقول توينبي .الذي تؤديه األدياناألمر الذي يعني في –األخوة البشرية تقوم على فرضية األبوة اإللهية "وإن " بتحطيمهوليس

األب المقدس لألسرة اإلنسانية من الحسبان يجعل من غير الممكن فكرة إسقاطالجهة المقابلة أن "ري على صعيد واحدـ، يجدي لجمع الجنس البشخالصةط بديل، ذي طبيعة إنسانية ـإيجاد راب

الحظا أيضا في كتابهما القيم (Will and Ariel Durants)كما أن ويل وأريل دورانتس . 52ال يوجد مثال يذكر في التاريخ السابق "أنه (The Lessons of History)" دروس التاريخ"

.53"جاح على الحياة األخالقية دون دعم دينيلعصرنا لمجتمع حافظ بن

Toynbee, Somervell’s abridgement, 1958, Vol. 2, p. 380 and Vol. 1, pp. 495 -96: أنظر 52 .Will and Ariel Durants, 1968, p. 51: أنظر 53

Page 27: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

25

)3(الشكل رقم

Page 28: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

26

القيم 2/1/2

األخالقي والتضامن االرتقاءإلى التساؤل لماذا يستحيل تحقيق من نقاش يقودنا ما تقدم لالرتقاءوجواب هذا التساؤل هو أن أهم متطلبين . االجتماعي دون دعم من جانب الدين؟

ها بكسوجود القيم أو قواعد السلوك التي تحظى بقبول واسع وغير مشروط ي، أوال :األخالقي هماحساسه بااللتزام األخالقي إواألولوية المطلقة، وثانيا، مراعاة كل فرد لتلك القيم أو قواعد السلوك

ويقودنا هذا إلى تساؤل آخر هو كيف يمكن الوصول إلى قيم . كل من يتجاوزها للوم تعرضو بها،وهل يمكن الوصول إلى مثل تلك القيم . بالقبول غير المشروط والمراعاة من قبل كل فرد؟تحظى

كما اقترح بعض الفالسفة العلمانيين المحدثين (Social Contract)" العقد االجتماعي"عبر مفهوم يكون باإليجاب فقط إذا كان جميع المشاركين في سهذا السؤال جوابإن . وعلماء السياسة؟

المتعلق بصياغة العقد االجتماعي متساوين اجتماعيا واقتصاديا وفكريا كي تصبح أوزانهم الحواروحيث إن مثل هذا التساوي ال يمكن وجوده، سيسيطر . متساوية عند وضع القواعد المطلوبة

المصالح الخفية ، وسينتهي األمر إلى وضع قواعد تخدم األغنياء واألقوياء على عملية اتخاذ القرارومن ثم يصبح من . وسيحبط هذا القبول العام لتلك القواعد ومراعاتها. لهؤالء األغنياء واألقوياء

، ويمتاز بالحياد، الضروري إسناد هذه المهمة إلى طرف خارجي يتمتع بمطلق العلم واإلحسانيعا دون جم بفالحهمويعدل بينهم في المعاملة، ويعنى ويعلم نقاط القوة والضعف لدى جميع البشر،

تمييز، وال تقف قدرته عند معرفة اآلثار الناتجة عن ما شرع من قواعد على المدى القصير فقط، على االضطالع بهذا الدور أقدرفمن ذا الذي هو . وإنما تمتد لمعرفتها على المدى الطويل أيضا سوى خالق هذا الكون، وخالق البشر أنفسهم؟

، وكما ذكرنا عالماإلسالمي للووفقا للمنظور . هذه المهمة سبحانه وتعالى ولقد أنجز الخالقإلى كافة الناس وفي مختلف األزمان بالهدى من عندهمن قبل، فقد بعث الخالق سبحانه وتعالى

،، بمن فيهم إبراهيم وموسى وعيسى، وخاتمهم محمد)وهم جميعا من البشر(عبر سلسلة من رسله ولذلك هنالك استمرارية وتشابه في المنظور الدنيوي . جميعاصلوات اهللا تعالى وسالمه عليهم

اإلساسي والنظام القيمي لألديان السماوية كلها إلى حد ضمن بقاء الرسالة السماوية ونقاءها عبر

Page 29: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

27

مطالبون بالمراعاة المخلصة لهذه القيم والبشر كخلفاء هللا سبحانه وتعالى على األرض . العصوروتلك هي المهمة المنوطة بهم خالل فترة إقامتهم المؤقتة .سبحانه وتعالى المسداة إليهم من خالقهم

هم وفق هذه نوإذا أحسن البشر استخدام الموارد النادرة المتاحة لهم، وتعاملوا فيما بي. في هذه الدنياما للكل، وإنما يمكنهم أيضا من حماية البيئة ب الفالحالقيم، فإن ذلك ال يتيح لهم فقط ضمان تحقيق

، كما (Social Morality)وااللتزام األخالقي االجتماعي .فيها الحيوانات والطيور والحشراتيقوم على معايير متفق عليها وإجماع يعد أمرا بديهيا غير "، (Schadwick)أشار بحق شادويك

الجنس تاريخ طوالااللتزام األخالقي لم ينفصل عن الدين "وكما يرى شادويك فإن ". قابل للمناقشةومن ثم فقد كان برنارد وليامز . 54"، باستثناء حاالت بعض المجتمعات البشرية الصغيرةالبشري

(Bernard Williams) 55"االلتزام األخالقي لم يكن من مبتكرات الفالسفة"محقا حين الحظ أن.

السليم التحفيز 2/1/3

، شروطمالقيم التي تحظى بالقبول الواسع وغير ال ، فإننا حتى إذا حصلنا علىومهما يكنذلك ألن مراعاة تلك القيم تتطلب . نواجه التساؤل عن كيفية ضمان مراعاة كل فرد لتلك القيم

فكيف إذا تساعد العقيدة في . درجة معينة من التضحية بالمصلحة الشخصية من جانب األفرادالجتماعية واالقتصادية والسياسية التي تتطلب اتزاماته تحفيز الفرد لمراعاة تلك القيم، والوفاء بال

طويلطرح منظور ذلك من خالل تعمل على إتاحةإن العقيدة . تضحية بالمصلحة الشخصية؟للمصلحة الشخصية يمتد إلى ما بعد هذه الحياة الدنيا الفانية إلى الحياة األبدية في الدار األمد

الشخصية في هذه الدنيا عبر األنانية وعدم الوفاء ويستطيع الفرد خدمة مصلحته . اآلخرةبااللتزامات تجاه اآلخرين، غير أن مصلحة الفرد في الدار اآلخرة ال تتحقق إال عبر الوفاء بكل

.هذه االلتزامات

، عز وجلللمصلحة الشخصية، ومسؤولية الفرد أمام اهللا األمد طويلوهذا المنظور الحافز لألفراد والمجتمعات تمتلك القدرة على تشكيلالتي والثواب والعقاب في اآلخرة، هي

.Schadwick, 1975, pp. 229 and 234: أنظر 54 .Williams, 1985, p. 174: أنظر 55

Page 30: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

28

وال شك . حتى إذا كان ذلك سيضر بمصالحهم الشخصية قصيرة المدى أداء التزاماتهمللصدق في من أجل مصلحة قصيرة المدى بفالحه األبديفي أن من اإلفراط في عدم الرشد أن يضحي الفرد

المصلحة الشخصية طويلة المدى جهله االقتصاد التقليدي وهذا البعد المتمثل في. في هذه الدنياولذا فإن االقتصاد التقليدي ال . بعد انغماسه في المنظور العلماني للعالم الذي طرحته حركة التنوير

.اآلخرين فالححية من أجل ضيملك آلية لتحفيز األفراد للت

التعليم 2/1/4

. اسنا المما لم يدركهال يشكل معينا قويا نفسه وجود القيم ونظام التحفيز مهما يكن، فإنو اإلسالمي للدنياولذلك يحتم اإلسالم على كل مسلم أن يسعى إلى الفهم السليم ليس فقط للمنظور

أنظر الفقرة السابقة حول (والقيم اإلسالمية، وإنما في المجاالت المعرفية والتقنية المعاصرة وفتح ،يصبحوا مسلمين أفضل من أن المسلمين تمكينجدوى ذلك ال تنحصر فقط في ف .)العقل

هم، وإنما توتمكينهم من االهتمام بشؤونهم وحفظ كرام أمامهم، توظف والعمل المستقلفرص الإلى تمكين مجتمعاتهم من تسريع التنمية، والحد من الفقر وعدم المساواة في توزيع يتعدى ذلك

بحيث يصبح قادرا سيزداد كل ما تقدم تعزيزا إذا تم إصالح النظام المالي أيضا و. الدخل والثروة . 56توفير التمويل لقطاع عريض من المجتمع، على أساس الصيغ التمويلية اإلسالمية على

البيئة الداعمة للبر والتكافل األسري واالجتماعي 2/1/5

البر وتعزيز التكافل األسري يستهدف اإلسالم أيضا تهيئة بيئة داعمة تفضي إلى يئة الداعمة بوفي غياب مثل هذه ال. فرادواالجتماعي، وتشجيع الرعاية المتبادلة والتعاون بين األ

فصالة الجماعة، وصوم رمضان، والزكاة والحج، إلى جانب . قد تضعف القيم ونظام التحفيزاألمر بالمعروف (ره لمن ال يراعونها احترام المجتمع وتقديره لمن يراعون القيم األخالقية، واحتقا

.البيئة الداعمةزءا من البرنامج اإلسالمي لتهيئة مثل هذه تشكل ج) والنهي عن المنكر

: ھناك قدر كبیر من األدبیات المتاحة حالیا حول الموضوع، والتي ال یمكن رصدھا ھنا، ویستطیع القارئ أن ینظر مثال 56

Chapra, 2007a and 2007b.

Page 31: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

29

ووجود مثل هذه البيئة الداعمة قد يعين على تعزيز الفضائل المطلوبة في األفراد، ويحد وعلى سبيل المثال فإن تشجيع . تحقيق األهداف االجتماعية اإلنسانية تحول دونمن الرذائل التي

. وإسراف قد يحد من زيادة الطلب على الموارد بتبذيرالعيش البسيط والحد من االستهالك الحاجت عموما، األمر الذي يعد وسيفضي هذا ليس فقط إلى إتاحة قدر أكبر من الموارد إلشباع

دعم يجتماعي، وإنما سيشجع أيضا على االدخار واالستثمار، ومن ثم ضروريا لتعزيز الوئام االوقد أدى غياب النقاش الجاد حول هذه القيم والبيئة الداعمة في أدبيات االقتصاد . التوظيف والنمو

ظل عدم وجود نقاش حول اتجاهات وفي . الجزئي إلى وجود فجوة بينه وبين االقتصاد الكلييالت المطلوبة لدى األفراد واألسر والشركات لتحقيق األهداف اإلنسانية السوك واألذواق والتفض

ولذلك فإن األهداف اإلنسانية .لالقتصاد الكلي، ستبقى تلك األهداف معلقة في الهواء من غير دعملالقتصاد الكلي تفتقر إلى االنسجام مع االقتصاد الجزئي نتيجة للتركيز المفرط من قبل االقتصاد

.ى النزعة الفردية وخدمة المصلحة الشخصية من خالل تعظيم الثروة وإشباع الرغباتالجزئي عل

في القرن السابع عشر حاولت التقليل من أهمية مثل هذا الدور للدين في إن حركة التنوير ومهما يكن، فإنها لم تحقق سوى نجاح جزئي فقط . الغرب من خالل طرح منظورها المادي للعالم

وقد أثارت النتائج . أخذت في الضعف شيئا فشيئايم المسيحية ظلت سائدة إلى أن نظرا ألن القفي مختلف عالمالديني للعودة المنظور بدء غير المقبولة لهذه التطورات إعتراضات أدت إلى

حين أوضح أن ، الحائز على جائزة نوبل، محقا (Schweitzer)وقد كان شويزر . 57أنحاء العالم قوى الطبيعة الفاعلة األقوىحين تكون فقدان األساس األخالقي يقود إلى انهيار الحضارة حتى "

البشر أهم تصرفالسيطرة األخالقية على "ومن ثم فهو يرى أن . 58"في جوانب أخرى عاملة Benjamin)كما ذكر منذ عهد قريب بنيامين فريدمان .59"بكثير من السيطرة على الطبيعة

Friedman) ،في كتابه الصادر مؤخرا، أن النمو األخالقي والنمو ، األستاذ في جامعة هارفردوقبل هؤالء الكتاب الغربيين بوقت طويل منح . 60االقتصادي يسيران يدا بيد يعزز كالهما اآلخر

أنھــما یریان بدایة النھــــایة لمائتي عام من العــــداء للدین Religion in Cotemporary Europeاعترف مؤخرا محـــررا 57

(Fulton and Gee, 1994) . .Schweitzer, 1949, p.xii: أنظر 58 Schweitzer, 1949, pp. 22 – 23, 38 – 39, 91: أنظر 59 .Friedman, 2005: أنظر 60

Page 32: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

30

الفالح الغزالي والشاطبي وعدد من العلماء المسلمين اآلخرين أهمية كبيرة للعقيدة في تحقيق .اإلنساني

ومن األسئلة التي يمكن طرحها في هذا المقام السؤال عما إذا كان إضفاء العقيدة على ، وليس األمر كذلك بالضرورة، حيث إن البشر سيظلون ؟الصورة سيحد من الحرية البشرية

يار هذه وحرية االخت. أحرارا وقادرين على االختيار من حيث التقيد بمتطلبات عقيدتهم أو رفضهاوقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن "ورد تأكيدها في عديد من اآليات القرآنية، وتقول إحداها

ال يمكن فإن البشرومهما يكن، فحتى حين يرفضون العقيدة ). 29اآلية : الكهف" (ومن شاء فليكفر. عد السلوكففي كل مجتمع هنالك قيود على الحرية تتمثل في قوا. أن تكون لهم الحرية المطلقة

يضا قيد على حرية الفرد، غير أن ال أحد يعترض عليها نظرا أفعالمة المرور الحمراء مثال هي لمعرفة الكل لكونها تحقق مقاصدها بالمساهمة في منع وقوع الحوادث، وحماية الناس من األذى،

.الفالحومن ثم تعزيز

دور الدولة 2/1/6

ما ولعل م. الفالح اإلنسانيال تؤدي إلى تحقيق قد إن العقيدة وحدها، على أية حال،الواقع افتراض أن أفراد المجتمع جميعا سيتمتعون بالوعي األخالقي في كافة المجتمعات ناقضي

باإلضافة إلى . هم أمامه في الدار اآلخرةتاإلنسانية نتيجة إليمانهم باهللا سبحانه وتعالى وبمسؤوليوعي األخالقي فإنه قد يجهل ببساطة األولويات االجتماعية الستخدام ذلك، فحتى إذا تمتع الفرد بال

وقد قال الرسول صلى اهللا عليه وسلم في نص . وهذا يحتم على الدولة القيام بدور تكميلي. المواردفالقرآن يعطي القيم فقط، وال يفرض . 61"نيزع بالقرآ أكثر مماإن اهللا ليزع بالسلطان "واضح

ضمان ولذا فإن من المسؤولية األخالقية والقانونية للدولة . أن ذلك دور الدولةإنفاذها بنفسه، إذ ما من عبد استرعاه اهللا "أفراد المجتمع ، حيث قال الرسول صلى اهللا عليه وسلم فالحو لالعد

.121م، ص 1955أورده الماوردي، 61 من مقاصد الشریعة من التشریع أن یكون نافذا في األمة وأن یكون محترما منا جمیعا، إذ ال تحصل المنفعة "كما ذكر ابن عاشور أن .376، این عاشور، ص "المقصودة منھ كاملة بدون نفوذه واحترامھ

Page 33: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

31

كما ورد هذا األمر أيضا في كتابات عدد من . 62"رعية فلم يحطها بنصيحة إال لم يجد رائحة الجنةالحكومة وال شك "فاإلمام حسن البنا على سبيل المثال، ركز على أن . القدماء والمعاصرينالكتاب

قلب اإلصالح االجتماعي كله فإذا فسدت أوضاعها فسد األمر كله، وإذا صلحت صلح األمر . 63"كله

وعلى أية حال، فإن على الدولة محاولة القيام بهذه المهمة على نحو يجنبها ممارسة ، نظرا ألن اإلفراط في كبح الحرية الفردية يضر بالمبادرة واالبتكار من قبل االستبدادالشمولية و

،الدولة توجهفاعلة وتوازناتوألجل هذا فإن من الضروري وجود ضوابط . األفراد والمجموعات، والقضاء النزيه، والصحافة الحرة، )البرلمان(عدد من المؤسسات بما في ذلك الشورى تتمثل في

بحوافز وموانع مادية مدعوما كل ذلك يكونوينبغي أن . الرؤية السليمة تذاوالقوانين واألنظمة وبالرغم من ذلك ليس ثمة مهرب .تهيئة البيئة الداعمةوسليمة إلرساء القاعدة األخالقية للمجتمع، د لتحفيزهم على القيام باألعمال الصالحة واالمتناع عن من التنشئة األخالقية السليمة وتعليم األفرا

.بمحض إرادتهم ،األفعال الخاطئة

وكلما حظي األفراد بحافز أكبر لتطبيق القيم اإلسالمية من تلقاء أنفسهم، وازدادت قدرة المؤسسات االجتماعية واالقتصادية والقضائية والمالية على تهيئة البيئة المالئمة لتحقيق نظام

تماعي واقتصادي عادل، قل دور الدولة في فرض قواعد السلوك وتحقيق األهداف االجتماعية اجأفراد المجتمع، وزادت حرية نحوإضافة إلى ذلك، كلما زادت مسؤولية القيادة السياسية . المنشودةوالمعاقبة ضح الظلم والفساد فووسائل اإلعالم في الجهاز التشريعي والقضائينجاح زاد التعبير و

وثمة عدد من التقنيات المستخدمة . زادت قدرة الدولة اإلسالمية على تحقيق التزاماتها ،عليهماماية المصلحة االجتماعية ربما لزم تطبيقها حتى في الدول اإلسالمية، حلدى المجتمعات األخرى ل

.بالفعل يةالتقنيات مجد تلكإذا ثبت أن

. كتاب األحكام، باب من استرعي رعیة فلم ینصح ،80، ص 9عن معقل بن یسار رضي اهللا تعالى عنھ، أخرجھ البخاري، ج 62 .255م، ص 1989مجموعة رسائل اإلمام الشھید حسن البنا، باب مشكالتنا الداخلیة في ضوء النظام االقتصادي، 63

Page 34: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

32

) 4الشكل رقم (إثراء العقل 2/2

يحتاج إلى إثراء مستمر لتحسين مستوى هو إن العقل هو السمة المميزة للجنس البشري وويرى اإلمام . والفالح اإلنسانيمعا، ودعم التنمية لدى الفرد والمجتمعوالقدرة التقنية معرفة ال

مجرى الثمر من الشجرة، منه العقل هو منبع العلم ومطلعه وأساسه، والعلم يجري"الغزالي أن النور من الشمس، والرؤية من العين، فكيف ال يشرف ما هو وسيلة السعادة في الدنيا و

فالتركيز على دور العقيدة في تحقيق الرؤية اإلسالمية للتنمية ال يعني بالضرورة .64"واآلخرة، إذ أن الوحي واإلدراك المنطقي مثل قلب المرء وعقله ولكل منهما دور التقليل من أهمية العقل

الدرجة القصوى الممكنة بلوغفي الحياة البشرية، وال ينبغي االستغناء عن أي منهما إذا أريد مهم .الفالح اإلنسانيمن

ف العقل إلى سبل الغش جروالعقيدة هي التي ترسم التوجه الصحيح للعقل، وبدونها قد ينوفي ذات الوقت الذي يحتاج فيه العقل إلى التوجيه . واستغالل الغير وابتداع أسلحة الدمار الشامل

من العقيدة ليكون في خدمة الجنس البشري، تحتاج العقيدة أيضا إلى الجهد العقلي للحفاظ على تصادية والفكرية المتغيرة، وتطوير حيويتها وحراكها، واالستجابة بنجاح للبيئة االجتماعية واالقوالقيام بدور مهم في مضمار تحقيق التقنيات التي تسهم في تسريع التنمية رغم ندرة الموارد،

ولذلك، وكما ذكرنا من قبل، فإن لكل من اإلدراك العقلي والوحي أهميته، وكالهما يعتمد . المقاصدالوحي يفضي إلى تطوير المعارف والتقنيات واالستخدام المتوائم لإلدراك العقلي و. على اآلخر

وتجاهل أي منهما سوف لن . تدميره إلى، وليس تعزيز الفالح اإلنساني الحقيقيالتي تعين على والقرآن الكريم نفسه يحث بقوة على استخدلم المنطق والتأمل . يفضي في النهاية إال إلى االنحدار

).53ية اآل: ، وفصلت191و 190اآليتان : آل عمران(

وقد ظهر هذا التركيز على استخدام العقل والتأمل في كتابات معظم العلماء المسلمين عبر بوضوح أن أخذ ) م1328/هـ728المتوفى في عام (فعلى سبيل المثال أكد ابن تيمية . التاريخ

ل ليس مخالفا للعق"من القرآن والسنة وإجماع األمة المسلمين اعتقاداتهم وعباداتهم وقيمهم

.83، ص 1الغزالي، إحیاء علوم الدین، ج 64

Page 35: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

33

ويضيف ابن تيمية أن الناس قد ال يفهمون . 65"الصريح، فإن ما خالف العقل الصريح فهو باطلنصوص القرآن والسنة لما فيهما من ألفاظ قد ال يفهمها بعض الناس، أو يفهمون منها معنى

علماء أما الشيخ مصطفى الزرقا، وهو أحد .66اآلفة إذا منهم ال من الكتاب والسنةف لذلكباطال، والدين البارزين الموقرين في القرن العشرين ومن الحائزين على جائزة الملك فيصل، فقد ذكر

من المقرر الثابت عند علماء اإلسالم أنه ال يوجد في عقيدته وأحكامه ما يصادم "صراحة أن 67"العقل

التركيز على المقاصد عند تفسير النصوص 2/2/1

يتضح مما تقدم أن العقيدة والعقل يعتمد كالهما على اآلخر وينبغي استخدامهما على نحو يجعل ط للعقل قد ال تتسنى يوفي غياب الدور النش. كال منهما يدعم اآلخر ويسهم في تحقيق المقاصد

ث أثرها القرآن والسنة، واألحكام الفقهية، من حي فاسيرممارسة االجتهاد والتقييم الرشيد لمختلف تبالفالح المقاصد وقد يؤدي إلى نتائج تضر يتالءم معوكل تفسير أو حكم ال . على تحقيق المقاصد

وقد أشار إلى هذا عدد من علماء. ، يحتاج إلى إعادة نظر متأنية لتعديله أو إلغائه تمامااإلنساني) م1085/هـ478في عام المتوفى(فقد قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني . الشريعة البارزين

. 68"هي ليس على بصيرة في وضع الشريعةاوأن من يتفطن لوقوع المقاصد في األوامر والنو"....معظم مسائل الفقه ال ترجع إلى خدمة "كما أشار الشيخ محمد الطاهر بن عاشور أيضا إلى أن

والنتيجة . 69..." رعالشريعة ومقصدها، ولكنها تدور حول محور استنباط األحكام من ألفاظ الشاكثيرا من العلوم الدينية، ومنها أصول الفقه، فقدت الروح العالية التي كانت "المؤسفة لهذا هي أن

اب اهللا وسنة رسولھ، وما اتفق علیھ سلف األمة وأئمتھا، ولیس فیأخذ المسلمون جمیع دینھم من االعتقادات والعبادات وغیر ذلك من كت" 65

).490، ص 11ابن تیمیة، مجموع الفتاوى، ج (ذلك مخالفا للعقل الصریح، فإن ما خالف العقل الصریح فھو باطل، ابن تیمیة، مجموع الفتاوى، (والسنة، ولكن فیھ ألفاظ قد ال یفھمھا بعض الناس، أو یفھمون منھا معنى باطال، فاآلفة منھم ال من الكتاب " 66 ).490، ص 11ج ).14م، ص 1996مصطفى الزرقا، العقل والفقھ، 67، ص 1ھـ، ج 1400تحقیق عبد العظیم الدیب، ) غیاث األمم في التیاث الظلم(إمام الحرمین أبو المعالي عبد الملك الجویني، الغیاثي 68

295. م، ص 2001، 2ط ،صد الشریعة اإلسالمیة، تحقیق محمد طاھر المیساوي، دار النفائس، األردنالشیخ محمد الطاھر بن عاشور، مقا 69

165 – 166.

Page 36: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

34

تتمتع بها في عهودها األولى، وأن استعادة تلك الروح هي اليوم من أعظم الضرورات لتحقيق . 70"نهضة علمية دينية

4الشكل رقم

یة إن ھذا الطرح لھذه القضیة الجسیمة لیوقظ في النفس شعورا قویا بان كثیرا من العلوم الدینیة، ومنھا أصول الفقھ، فقدت الروح العال" 70

"التي كانت تتمتع بھا في عھودھا األولى، وإن استعادة تلك الروح ھي الیوم من أعظم الضرورات لتحقیق نھضة علمیة دینیة . 577 – 576كتبة اإلسالمیة، ص مصول الفقھ، القاھرة، الألسالم بن محمد بن عبد الكریم، التجدید والمجددون في أبي الفضل عبد ا

Page 37: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

35

للنصوص سيساعد ليس فقط في الحفاظ المجرد بدال عن المعنى الحرفيوالتركيز على المقاصد على الرونق الحقيقي للتعاليم اإلسالمية، وإنما في الحد من االختالف في الرأي والتعصب وعدم

فإن مثل هذا الدور التكاملي التواؤمي بين وعلى أية حال، .التسامح والتركيز المخل على المظاهرالعقل والوحي قد ال يتسنى دون وجود نظام تعليمي في الدول اإلسالمية يجمع بين تدريس العلوم الحديثة إلى جانب العلوم الدينية، وتدريب الطالب على التفكير والتحليل وتفسير النصوص بتعقل

مواجهة تحديات علىى حراك اإلسالم وقدرته في ضوء المقاصد، مع االهتمام بالمحافظة عل .الحياة المعاصرة

الحاجة إلى تعليم ديني وعلمي رفيع المستوى 2/2/2

صالح الجنس البشري إلكثيرا من االهتمام وليما من شك في أن المنظور العالمي الذي ي وال غرابة في أن أول الوحي القرآني إلى . به اجتماعيا واقتصاديا، سيهتم كثيرا بالتعليم االرتقاءو

إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق اإلنسان من علق، : "النبي صلى اهللا عليه وسلم كان قوله تعالىكما أن ). 5 – 1اآليات : العلق" (إقرأ وربك األكرم، الذي علم بالقلم، علم اإلنسان ما لم يعلم

، حيث جعل اإلسالمي للدنياخص التعلم بمكانة رفيعة في المنظور النبي صلى اهللا عليه وسلميا ووجعل فضل العالم على الصوفي مسا) ذكرا كان أم انثى(طلب العلم فريضة على كل مسلم

فقط هو الدنيويولذلك فإن الجمع بين التعليم الديني والتعليم .71واكبكلفضل القمر على سائر العرفة قيم مجتمعاتهم، ورفع كفاءاتهم وقدراتهم للتمكن من مأرضية سليمة لألشخاص ل سيهيئاالذي

كسب عيشهم على نحو حالل، واكتساب القدرة على المشاركة الكاملة في تطوير العلوم المطهرة وقد اهتمت األدبيات الفقهية بتركيز القرآن الكريم والسنة .والتكنولوجيا وتحقيق المقاصد

إن من الضروري على العلم، حيث يقول أبو زهرة، أحد الفقهاء المميزين في القرن العشرين، .72"تدريب الشخص ليكون مصدر منفعة وليس مصدر ضرر لمجتمعه"

" طلب العلم فریضة على كل مسلم: "الحدیث األول عن أنس بن مالك رضي اهللا تعالى عنھما قال، قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم 71 ).، المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم244، رقم 81، ص 1ابن ماجة، مج (

إن فضل العالم على العابد كفضل القمر : "قال رسول اهللا صلى اهللا علیھ وسلم ،والحدیث الثاني عن أبي الدرداء، رضي اهللا تعالى عنھ قال ). 223نفس المرجع، حدیث رقم " (على سائر الكواكب

.350م، ص 1957أبو زھرة، أصول الفقھ، 72

Page 38: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

36

متطلبات أخرى 2/2/3

ومهما يكن، ينبغي أن يمتاز التعليم والبحث بمستوى رفيع إذا كنا ننتظر منهما خدمة . تسريع عملية التطور األخالقي والمادي والتكنولوجي للمجتمعات اإلسالميةب المتصلة غراضاأل

غابت حرية إذا وستبقى تلك األغراض مجرد حلم إذا لم تتم تهيئة مرافق البحث والمكتبات، و بني التوظيف والترقي علىوالفكر والتعبير، وانعدمت المكافأة المجزية على العمل المبدع،

وقد تشكل الحاجة إلى الموارد . العالقات والتملق عوضا عن الجدارة والمشاركة في المجتمعومهما يكن، فإذا اعتبرنا التعليم والبحث والتقدم . المالية حائال دون تشجيع التعليم الفائق الجودة

ارد من كل اد وتعبئة الموــالتكنولوجي متطلبات مهمة للتنمية، يصبح من الالزم الحد من الفس ).4الشكل رقم (ة ــوجهة متاح

)5الشكل رقم (إثراء النسل 2/3

التنمية األخالقية 2/3/1

ما من حضارة تستطيع البقاء إذا كانت أجيالها القادمة أقل مستوى من أجيالها الماضية، للتحديات التي من الناحية الروحية والمادية والعقلية، ومن ثم غير قادرة على االستجابة بنجاح

ولذلك ينبغي أن يكون هنالك تحسن مستمر في مستوى األجيال المتالحقة، األمر الذي . تواجههافمن أجل جعل . ومن بين تلك العوامل نوع التنشئة التي ينالها األطفال. يعتمد على عدة عوامل

ا اإلسالم في فيهم كل سمات الخلق الحسن التي ينشده نغرساألطفال مسلمين فاضلين ينبغي أن ،والصبر ،خالصواإل ،والصدق ،لذا ينبغي أن يتعلم األطفال منذ طفولتهم الباكرة األمانة. أتباعه

أداء واألدب، واحترام الوالدين والمعلمين، والحرص على ،والتدبير ،والجد في العمل ،واالنضباطة على التعامل السلمي مع اآلخرين خاصة التابعين والفقراء والمحرومين، والقدر االلتزامات نحو

.الغير

Page 39: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

37

األسرة سالمةو الصحيحةالتنشئة 2/3/2

تزويد ألطفال، وإذا عجزت األسرة عن لتشكل األسرة المدرسة األولى للتنشئة األخالقية عن ذلك أاألطفال بسمات حسن الخلق التي يريدها اإلسالم في أتباعه، يصعب التغلب على ما ينش

.من مصاعب في المستقبل

5الشكل رقم

Page 40: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

38

االضطالع بهذه المسؤولية الضخمة بصورة من فإن األسرة لن تتمكنية حال، أوعلى ففي هذه الحال . بالصفات التي تعكس روح التعاليم اإلسالمية يتمتعانال الوالدان نمرضية إذا كا

من حسن إليه أو شملهم بما يحتاجونسوف لن يستطيع الوالدان تقديم مثال يحتذى ألوالدهما إضافة إلى ذلك، ينبغي أن يكون هنالك مناخ من . رعاية وتنشئة ليصبحوا أناسا فاضلين ومنتجين

ومثل هذا ). 21اآلية : الروم(كما أمر بذلك القرآن الكريم سرةفي األ الهدوءو العاطفةالحب ووليس ثمة .بإخالص ووداآلخر نحو بأداء التزاماتهالمناخ سيتوفر فقط إذا التزم كل من الوالدين

من شأنه أن يؤدي الخالف بين الوالدينف. وضع أسوأ لألطفال من النزاع المستمر بين الوالدين .73ي يكون له أثر خطير على التطور األخالقي والعقلي والنفسي لألطفالأخيرا إلى الطالق الذ

إن : "أن اإلسالم قد أحل الطالق، قال الرسول صلى اهللا عليه وسلمغم من رفي هذا الصدد، وبالوتزوجوا وال تطلقوا فإن الطالق : "صلى اهللا عليه وسلم ، كما قال74"أبغض الحالل إلى اهللا الطالق

األطفال تجنب الخالف والطالق بقدر لفالحولذلك فإن من الضروري .75"يهتز منه العرش . الضارة آثارهمن ة األطفالينبغي بذل كل جهد ممكن لحمايف، وإذا كان البد من الطالقاإلمكان،

التنمية الفكرية 2/3/3

والتنشئة األخالقية السليمة لألطفال هناك عامل آخر يعد األسرة سالمةوإضافة إلى تمكينهم من التعليم السليم لتزويدهم بالكفاءات التي تكسبهم القدرة على هووضروريا إلثراء النسل

والفكرية قي التنمية األخالقية واالجتماعية واالقتصاديةاالهتمام بشؤونهم والمشاركة بفاعلية ولعل هذا . يدةجال غنى عن وجود المدارس والكليات والجامعات الفومن ثم .لمجتمعاتهمقنية والت

بدى فيه المسلمون أداء سيئا خالل القرون القليلة الماضية، عقب نجاحهم أهو المضمار الذي موقع األولوية الذي التعليم إذا لم ينلفولذلك، . خالل عدة قرون مضت ذلك المجال المشهود في

، فسوف لن تتمكن الدول اإلسالمية من تسريع عملية التنمية د التي يحتاج إليهايستحقه، والموار

كاستعمال (بینت الدراسات التطبیقیة أن الشباب الذین ینشؤون في أسر شدیدة االلتزام الدیني قلما یتورطون في أعمال إجرامیة، 73 :، أنظر)المخدرات أو الكحول أو ممارسة الجنس قبل الزواج

Iannaccon, 1998, p. 1476; Bachmann, et al, 2002 ; Wallace and Williams, 1997; Gruber, 2005; and Fukuyama, 1997.

.في سورة الطالق 1، تفسیر االیة رقم 149، ص 18عن ابن عمر رضي اهللا عنھما، تفسیر القرطبي، ج 74 .عن علي بن ابي طالب رضي اهللا عنھ، نفس المرجع السابق 75

Page 41: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

39

ن تكتب على أوالرسالة الواضحة التي ينبغي . والوقوف بنجاح أمام ما تواجهه من تحدياتأن التعليم قد ال ينتشر كما هو مطلوب ما لم يقدم كما ).التعليم، والتعليم، والتعليم(الجدران هي

وبدون ذلك يستطيع األغنياء فقط تحمل كلفة التعليم . ذا لم يتسن ذلك، فبكلفة مقدور عليهامجانا، وإفي توزيع الدخل لوضع الراهن المتسم بعدم العدالةا إلى تعميق ذلك ؤديوسي. الجيد ألبنائهم

واللجوء إلى حجة قلة الموارد . عدم االستقرار االجتماعييتفاقم التوترات و تزدادوالثروة، ومن ثم الدور التنموي المهم للتعليم يستوجب منحه األولوية القصوى حتى واهية، ألن يعتبر احتماء بحجة

.من قطاعات أخرى إليه إذا تطلب ذلك تحويل الموارد

إشباع الحاجات والبيئة الصحية 2/3/4

هو إشباع جميع حاجاتهم، بما أحدهما ،هما إلثراء النسلهنالك عامالن آخران ال غنى عن. صحاء بدنيا وعقليا وقادرين على أداء دورهم في المجتمع بفاعليةأفيها الرعاية الصحية ليكونوا

المؤمن القوي خير وأحب إلى اهللا من المؤمن : "وقد قال الرسول صلى اهللا عليه وسلموالبيئة النظيفة الصحية، والرعاية فإذا لم يحصل األطفال على التغذية السليمة، .76"الضعيف

الصحية الجيدة، فسوف لن يتمتعوا في شبابهم بالقوة والصحة، ومن ثم القدرة على المشاركة بثراء .في مجتمعاتهم، حتى إذا كانت أخالقهم مستقيمة وكانوا على قدر جيد من التعليم

الخوف والصراعات وعدم األمن وعبء خدمة الديونالحرية من 2/3/5

والصراعات وعدم األمن، التحررمن الخوف هوإلثراء النسل والعامل اآلخر الضروري ويمكن . وكذلك من عبء خدمة الديون الناشئة عن اقتراض األجيال الحالية ألغراض االستهالك

كما أن من . لتسامح والتعايش السلميالحد من الخوف والصراعات وعدم األمن بانتهاج سياسات ابين األشخاص واستئصال للتفاهم األفضل هيئة المجالتيضا تخصيص موارد كافية لأالضروري

:فيمكن تحقيقه عبر إجراءينأما الحد من عبء خدمة الديون . جميع المهيجات الباعثة على التوتراإلجراء األول هو تغيير النمط الحياتي لألجيال الحالية بهدف الحد من نزعة العيش خارج حدود

.31:79، ص 1ابن ماجة، ج 76

Page 42: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

40

، وإنما فقط خفض ديون القطاع الخاصعلى يقتصر األثر الناتج عن ذلكوسوف لن . اإلمكاناتواإلجراء الثاني هو . يساعد أيضا على زيادة االدخار وتوسيع فرص العمل المتاحة للشبابس

يق قدر أكبر من االنضباط في الموازنة الحكومية للحد من عجزها الذي يؤدي إلى زيادة عبء تحق .وسيساعد هذا أيضا على توفير الموارد المطلوبة لضمان التقدم في تحقيق المقاصد. خدمة الديون

)6الشكل رقم ( المالتنمية وتوسيع 2/4

المقاصد لدى الغزالي والشاطبي معا، غير أن هذا ال قائمةالمرتبة األخيرة في الماللقد احتل تمتع بنفس القدر من األهمية التي تحظى بها ي الماللعل ف .نه األقل أهميةأيعني بالضرورة

قد ال تتمكن المقاصد األربعة األخرى المال خرى، ألن في غيابالمقاصد األربعة األساسية األوما من شك . الفالح العاملضمان تحقق فيها نبغي توفرهمن اكتساب ذلك القدر من القوة الذي ي

وفي ذلك يقول القرآن . معاالقرآن والسنة فيفي أن الزهد في الحياة ونكران الذات أمر مرفوض ما جعل النبي ل هذاــولع). 27اآلية : الحديد" (وها ما كتبناها عليهمـورهبانية ابتدع: "الكريم

من قتل " :كما قال، صلى اهللا عليه وسلم. 77"بأس بالغنى لمن اتقى أنه ال: "صلى اهللا عليه يقولوربما كان هذا هو السبب الذي جعل فخر الدين الرازي، الفقيه البارز . 78"دون ماله فهو شهيد

مباشرة في ترتيبه ) النفس(بعد ) المال(، يضع )م1209/هـ606المتوفى في عام (ومفسر القرآن، .79للمقاصد الخمسة

.، باب طب النفس113:301البخاري، األدب المفرد، ص 77 . صحیح البخاري، كتاب المظالم، باب من قتل دون مالھ فھو شھید، وصحیح مسلم، كتاب اإلیمان 78 .160، ص 5م، ج 1997الرازي، المحصول، 79

Page 43: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

41

6الشكل رقم

Page 44: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

42

، على أية حال، أمانة من عند اهللا سبحانه وتعالى وينبغي تنميته واستخدامه بأمانة المالو ووازع من الضمير الستئصال الفقر، وإشباع حاجات الكل، وجعل الحياة مريحة لكل فرد بقدر

إلى تخدامهواس المالامتالك يهدفوينبغي أن . دل للدخل والثروةاالمستطاع، ودعم التوزيع العمن خالل بدور محوري الدينضطلع فيه يوهذا هو المجال الذي . بدرجة أساسية تحقيق المقاصد

في حد ذاته غاية، ومن ثم المالصبح ي الدينوفرها يوبدون القيم التي . قيمه ونظامه التحفيزيفضي إلى انعدام الضمير، وتفاقم عدم العدالة، وحدوث االختالالت والتجاوزات، مما يحد في ي

ومن أجل ذلك فقد قال النبي، . لمعظم األفراد في األجيال الحالية والمقبلة الفالحالنهاية من مستوى أعطي تعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم وتعس عبد القطيفة الذي إذا ": صلى اهللا عليه وسلم

الفالح حظيان بأهمية فائقة لتحقيق يمعا الدين والمالولذلك فإن .80"رضي وإن لم يعط لم يرض دفراالموارد الالزمة لتمكين األ المالوفر يففي حين .منهما أي، وال يمكن االستغناء عن اإلنساني

البيئة، نحولناس، وغيرهم من ا نحوأنفسهم، و التزاماتهم نحومن أداء التزاماتهم هللا عز وجل، وخدمة قدرته علىوإنفاقه، ومن ثم المالالمعنى الكتساب هو الذي يضبط ويعطي الدينفإن

. 81أغراضه بفاعلية

من الحدضرورية أيضا لتحقيق األهداف اإلسالمية المهمة المتمثلة في المالوتعد تنمية ساسية على سبل أولذلك فإن من الخطأ االعتماد بدرجة . عدم المساواة في توزيع الدخل والثروة

فبالرغم من أن كل هذه السبل ال يمكن . إعادة التوزيع المتمثلة في الزكاة والصدقات واألوقافذلك ألن . ةاالستغناء عنها، فإن من الضروري أيضا تكبير الكعكة الوطنية عبر التنمية االقتصادي

من خالل الفئات الضريبية الباهظة سيواجه بمعارضة األثرياء كواهلعلى الضخمةإلقاء األعباء كروسالند ولعل. 82)37اآلية : محمد(منهم، وقد بين القرآن الكريم ذلك على نحو واقعي

“Crosland” بر أي تحويل معت" إلى أن ضوء التجربة اإلشتراكية،كان محقا حين أشار، علىللثروة ال يشمل فقط انخفاضا نسبيا، بل انخفاضا مطلقا أيضا في الدخول الحقيقية للنصف الموسر

.صحیح البخاري، كتاب الجھاد والسیر 80عن علمھ ماذا عمل بھ، وعن عمره فیم : ال تزول قدما عبد یوم القیامة حتى یسأل عن أربع: "لھذا السبب قال النبي صلى اهللا علیھ وسلم 81

). 4رواه أبو یوسف، في كتاب الخراج، ص " (أفناه، وعن مالھ من أین اكتسبھ وفیم انفقھ، وعن جسده فیم أباله ).37اآلیة : محمد" (الكموھا فیحفكم تبخلوا ویخرج أضغانكمإن یس: "تقول اآلیة الكریمة 82

Page 45: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

43

إذا عن هذا الوضع وتجربة الدول اإلسالمية قد ال تختلف كثيرا .83"وهذا سيحبطونه...من السكانومن ثم . حتى إذا تم إحداث التحول األخالقي، أفرطت في االعتماد على سبل العدالة التوزيعية

وهذا . ليس في استطاعة المسلمين تجاهل دور التنمية االقتصادية في تخفيف الفقر وعدم المساواةيتطلب دعم الموارد البشرية عن طريق التحول الثقافي لصالح التعليم، والتقدم التقني، والعمل

ث، واالنضباط، وعمل الفريق، والتدبير، وعدد من الجاد المخلص، وااللتزام، والكفاءة، والبح يشوبها الضعفالشخصية الفردية واالجتماعية األخرى التي أشار إليها اإلسالم وما زال سمات

في المجتمعات اإلسالمية، ولم تحظ حتى باالهتمام المطلوب في المدارس ومناهجها وخطب روري أيضا إعادة توجيه السياسات النقدية الموارد البشرية من الض تنميةوإلى جانب . المساجد

وينبغي أال يكون . والمالية والتجارية في ضوء التعاليم اإلسالمية لضمان تسريع عملية التنميةهنالك توجس من االستفادة من تجارب الدول األخرى التي تمكنت من تحقيق معدالت تنمية عالية

.خالف الشريعةتال ساليبأب

من الضـروري أيضـا دعم ،العدالة على العملية التنموية وإلضـفاء مزيد من الذاتي فـالتوظرص العمالة وفرص ـلتوسيع ف (Micro-enterprises) الصغرىاألعمـال

ير ـ، وتوفاألصـغرهني والتمويل ـوقد ال يتسنى ذلك دون دعم التدريب الم .للفقراءية ـناطق الريفـويق في المـتية والتسـرافق البنية التحـلة في مجال مـتياجات العاجـاالح

المبني على األصــغرالتمـويل ارب على أن ــوتدل التج. دنميرة في الـياء الفقـواألحالت دذلك ألن مع. الفائدة المصرفية لم يؤد إلى تحسن في حياة الطبقات األشد فقرا كما هو مطلوب

للمقترضين، سبب هذا معاناة شديدة وقد %. 45أو % 30الفائدة الفعلية تصل في ظله إلى نحو ويعد امتالك رأس المال أحد المتطلبات المهمة .84وزج بهم في دائرة من الدين ال نهاية لها

لتكوين الثروة، ولذا قد ال يستطيع الفقراء الخروج من فقرهم، حتى إذا امتلكوا الكفاءات الالزمة، عانون يلمن األصغرومن ثم يصبح من الالزم إتاحة التمويل . س المالأما لم يحصلوا على ر

وهذا يتطلب التكامل بين التمويل . الفقر الشديد وفق أسس إنسانية خالية من الفائدة المصرفية

. Crosland, 1974: أنظر 83 . Ahmad, 2007, pp. xvii – xix and 32: أنظر 84

Page 46: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

44

أما فيما يخص القادرين، فيمكن ترويج صيغ التمويل .85ومؤسستي الزكاة والوقف األصغر .ائر، والصيغ المبنية على البيوع واإلجارةاإلسالمي كالمشاركة في األرباح والخس

الخالصة

، بما فيها النفس الفالح اإلنسانيوهكذا يتضح لنا أن اإلسالم قد بين جميع مكونات . فقط المال، باإلضافة المكونات التابعة، ولم يكتف بالمال، والعقل، والنسل، والدينالبشرية، و

وبإحراز التقدم في ضمان . دعم بعضها بعضاوجميع هذه المكونات يعتمد بعضها على بعض ويبعاد أن تسطع بألقها الكامل إثراء كل هذه المكونات، يصبح من الممكن لنجمة اإلسالم خماسية األ

فقط يغدو بإمكان العالم اإلسالمي أن وعندئذ). 7الشكل رقم ( الفالح البشريوتعين على تحقيق وما أرسلناك إال رحمة : "ن النبي صلى اهللا عليه وسلميصبح انعكاسا لما يقوله القرآن الكريم ع

).107اآلية : األنبياء" (للعالمين

7الشكل رقم

ضوء مقاصد الشريعةفي الفالح اإلنساني

).م2007(أنظر تقریر المعھد اإلسالمي للبحوث والتدریب 85

Page 47: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

45

والتركيز على التنمية االقتصادية فقط مع تجاهل المتطلبات األخرى لتحقيق الرؤية غير أن استدامة ،تحقيق معدل نمو أعلى في المدى القصيرمن اإلسالمي العالم اإلسالمية قد يمكن

اواة، والتفكك األسري،ـذلك النمو في المدى الطويل قد ال تصبح ممكنة بسبب زيادة عدم المسدار قد ينتقل ـوهذا االنح .اعيةـرابات االجتمـة، واالضطــ، والجريموجنوح األحداث

"عموم السببية"آلية تدريجـيا إلى كل قطـاعات السـياسة والمجـتمع واالقتصـاد عبر (Circular Causation) ويؤدي في آخر المطاف إلى 86التي تحث عنها ابن خلدون في مقدمته ،

مزيد من تدهور الحضارة اإلسالمية من المستوى المنخفض الذي بلغته حاليا نتيجة لقرون من . االنحدار

. Chapra, 2000, pp. 145 – 159:البن خلدون أنظر عموم السببیةلمزید من التحلیل لنموذج 86

Page 48: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

46

المراجع العربية

محمدعلي : بدون تاريخ نشر –القاهرة (، الجامع الصحيح، البخاري، محمد بن إسماعيل ).صبيح

،قصي محب : هـ1379 - 2القاهرة ط (األدب المفرد البخاري، محمد بن إسماعيل ).الدين الخطيب

تحرير أحمد موسى عاشور ، حديث الثالثاء، في اإلمام حسن البنا، البنا، اإلمام حسن ).المكتبة الكبرى: م1985ط -القاهرة (

دار : م1989ط –اإلسكندرية (، مجموعة رسائل اإلمام حسن البنا البنا، اإلمام حسن ).الدعوة

بيروت ط (، شعب اإليمان، تحقيق محمد السعيد بسيوني زغلول البيهقي، اإلمام أبو بكر ).دار الكتب العلمية: م1990

ط –دمشق (مشكاة المصابيح، تحقيق محمد ناصر الدين األلباني زي، والي الدين،التبري ).المكتبة اإلسالمية: م1966/هـ1381

،بدون –بيروت (جامع الترمذي مع تعليق تحفة األهوازي الترمذي، محمد بن عيسى ).دار الكتاب العربي: تاريخ نشر

،مية، تحقيق عبد الرحمن العصيمي مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد بن تيإبن تيمية ).مطابع الرياض: م1963/هـ1383ط –الرياض (

،مكتبة : م1967ط –دمشق (الحسبة في اإلسالم، تحقيق عبد العزيز رباح إبن تيمية ).دار البيان

،جامعة : م1986ط –الرياض (منهاج السنن النبوية، تحقيق محمد رشاد سالم إبن تيمية ).ميةاإلمام محمد اإلسال

بدون تاريخ نشر –بيروت (، المحلى )م1064/هـ456المتوفى في عام (إبن حزم : ).المكتبة التجارية

Page 49: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

47

،الرياض (حجيته وضوابطه ومجاالته : االجتهاد المقاصديالخادمي، نور الدين مختار– ).مكتبة الرشد: م2005ط

،أصول الفقه ومقاصد الإبن الخوجة، محمد الحبيب يلمتعليق على كتاب : شريعةبيان عوزارة األوقاف والشؤون : م2004قطر ط (، "مقاصد الشريعة اإلسالمية"ابن عاشور

).اإلسالمية

،بيروت (، التفسير الكبير )م1209/هـ606المتوفى في عام ( الرازي، فخر الدين– ).دار إحياء التراث العربي: بدون تاريخ نشر

،المحصول في علم أصول )م1209/هـ606م المتوفى في عا( الرازي، فخر الدين ، ).الرسالة: م1997ط –بيروت (الفقه، تحقيق جابر فياض العلوني

،م1992في 2ط –الرياض (نظرية المقاصد عند اإلمام الشاطبي الريسوني، أحمد : ).الدار العلمية للكتب اإلسالمية

،مطابع ألف : م1967ط –دمشق (الفقه اإلسالمي في ثوبه الجديد الزرقا، مصطفى أحمد ).باء األديب

،دار القلم: م1996ط –دمشق (العقل والفقه في الفهم الحديث الزرقا، مصطفى أحمد.(

عيسى البابي الحلبي: م 1952ط –القاهرة (، سنن أبي داؤود أبو داؤود ،السجستاني.(

صة ، كتاب المبسوط، خا)م1090/هـ483المتوفى في عام (السرخسي، شمس الدين ).دار المعرفة: بدون تاريخ نشر –بيروت ( 30كتاب الكسب للشيباني في الجزء

،عبد الحميد أحمد : بدون تاريخ نشر –القاهرة (الجامع الصغيرالسيوطي، جالل الدين ).حنفي

الموافقات في أصول الشريعة ، )م1388/هـ790المتوفى في عام (الشاطبي، أبو إسحق ).المكتبة التجارية الكبرى: ربدون تاريخ نش –القاهرة (

،دار الفكر: م1959ط –دمشق (أخبار عمر الطنطاوي، علي وناجي.(

،مقاصد الشريعة اإلسالمية، تحقيق محمد الطاهر الميساوي إبن عاشور، محمد الطاهروقد نشر المعهد العالمي للفكر اإلسالمي في ). دار النفائس: م2001ط –األردن (

Page 50: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

48

The International Institute of Islamic Thought)المتحدة األمريكبة هيرندون بالواليات

– Herndon - USA) م ترجمة إلى اللغة اإلنجليزية لهذا الكتاب قام بها 2006في عام .نفسه حققالم

قواعد األحكام في مصالح )م1252/هـ660المتوفى في عام (عز الدين عبد السالم ، ).دار المعرفة: بدون تاريخ نشر –بيروت (األنام

،الواليات –هيرندون (إناطة األحكام الشرعية بمقاصدها : فقه المقاصدعودة، جابر ).المعهد العالمي للفكر اإلسالمي: م2006ط –المتحدة األمريكية

بدون –القاهرة (، إحياء علوم الدين )1111/هـ505المتوفى في عام ( الغزالي، أبو حامد .أجزاء خمسة، )مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني: رتاريخ نش

المكتبة التجارية الكبرى: م1937ط –القاهرة (، المصطصفى الغزالي، أبو حامد.(

الذخيرة، تحقيق محمد )م1285/هـ684المتوفى في عام (القرافي، شهاب الدين أحمد ، ).دار الغرب اإلسالمي: م1994ط –بيروت (حجي

م1272/هـ671المتوفى في عام (القرطبي، أبو عبد اهللا محمد بن أحمد األنصاري( ، ).دار الكتاب العربي: بيروت(الجامع ألحكام القرآن

م1070/هـ463المتوفى في عام (القرطبي، أبو عمر حافظ بن عبد البر األنصاري( ، ).لميةالمكتبة الع: بدون تاريخ نشر –المدينة (جامع بيان العلم وفضله

تفسير القرآن العظيم )م1373/هـ744المتوفى في عام (إبن كثير، أبو الفداء إسماعيل ، ).عيسى البابي الحلبي: بدون تاريخ نشر –القاهرة (

،عيسى البابي الحلبي: م1952ط –القاهرة (سنن ابن ماجة إبن ماجة.(

،ط –القاهرة (سقا أدب الدنيا والدين، تحقيق مصطفى الالماوردي، أبو الحسن علي ).مصطفى البابي الحلبي: م1955

،عيسى البابي : م1955ط –القاهرة (صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي مسلم ).الحلبي

Page 51: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

49

الترغيب والترهيب، تحقيق )م1258/هـ656المتوفى في عام (المنذري، عبد العظيم ، ).دار الكتب العلمية: م1986ط –بيروت (مصطفى محمد عمارة

،الرياض (جمهرة القواعد الفقهية في المعامالت المالية اإلسالمية الندوي، علي أحمد– ).شركة الراجحي المصرفية لالستثمار: م2000ط

سنن )م915/هـ303المتوفى في عام (النسائي، اإلمام أبو عبد الرحمن بن شعيب ، ).مصطفى البابي الحلبي: م1964 ط –القاهرة (المجتبى –النسائي

القاهرة (، كتاب الخراج )م798/هـ182المتوفى في عام ( أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم ).المطبعة السلفية: هـ1352في 2ط –

Page 52: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

50

المراجع األجنبية

Ahmad, Khurshid (1980), Studies in Islamic Economics (Leicester, U K: The Islamic Foundation).

Ahmad, Qazi Kholiquzzaman (2007), Socio-Economic and Indebtedness-Related Impact of Micro-Credit in Bangladesh (Dhaka: The University Press).

Alden, A. J. (1961), Free Action, (London).

Bachman, Jerald et. al. (2002), The Decline in Substance Use in Young Adulthood: Changes in Social Activities, Roles and Beliefs (Mahway, NS: Lawrence Erlbaum Associates).

Blanchflower, David and Andrew Oswald (2000), Well-being over Time in Britain and USA, NBER Working Paper7487.

Chapra, M. Umar (1992), Islam and the Economic Challenge (Leicester, UK: The Islamic Foundation).

Chapra, M. Umar (2000), The Future of Economics: An Islamic Perspective (Leicester, UK: The Islamic Foundation).

Chapra, M. Umar (2007a), The Case against Interest: Is it Compelling ?, in Thunderbird International Business Review, 49/2, March/April, pp. 161 – 186.

Chapra, M. Umar (2007b), Challenges Facing The Islamic Financial Industry, in M Kabir Hassan and Merwyn Lewis (eds.) (2007), Handbook of Islamic Banking (Cheltenham, UK: Edward Elgar), pp. 325 – 357.

Chapra, M. Umar (2008), Muslim Civilization: The Causes of Decline and Need for Reform (Leicester, UK: The Islamic Foundation).

Crosland, C. A. R. (1974), Socialism Now (London: Jonathan Cape).

Page 53: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

51

Diener, E., and Shigehiro Oishi (2000), Money and Happiness: Income and Subjective Well-being, in E. Diener and E. Suh,eds., Culture and Subjective Well-being (Cambridge, MA: MIT Press).

Easterlin, Richard (1974), Does Growth Improve Human Lot? :Some Empirical Evidence, in Paul David and Melwin Reder, eds., Nations and Households in Economic Growth: Essays in Honor of Moses Abramowitz (New York : Academic Press).

Easterlin, Richard (1995), Will Raising the Income of All increase the Happiness of All? , in Journal of Economic Behavior and Organization, 27:1, pp. 35:48.

Easterlin, Richard (2001), Income and Happiness: Towards a Unified Theory, in Economic Journal, 111:473.

Ellison Christopher (1991), Religious Involvement and Subjective Well-being, in Journal of Health and Social Behavior, 31:1, pp. 80 – 99.

Ellison Christopher (1993), Religion, the Life Stress Paradigm, and the Study of Depression, in Jeffrey Levin, ed., Religion in Aging and Mental Health: Theoretical Foundation and Methodological Frontiers (Thousand Oaks, CA: Sage), pp. 78 – 121.

Friedman, Benjamin (2005), Moral Consequences of Economic Growth (New York: Konpf).

Fulton, John and Peter Gee, eds., (2004), Religion and Contemporary Europe (Lampeter, UK: The Edwin Press). See also the review of this book by Murad Hofman in the Muslim World Review, 4/1997, pp. 40 – 41.

Gruber, Jonathan (2005), Religious Market Structure, Religious Participation and Outcomes: Is Religion Good for You? , NBER Working Paper 11377, May (Cambridge, MA: National Bureau of Economic Research).

Page 54: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

52

Hausman, Daniel, and Michael McPherson (1993), Taking Ethics Seriously: Economics and Contemporary Moral Philosophy, in the Journal of Economic Literature, June.

Hook, Sidney, ed., (1958), Determinism and Freedom in the Age of Modern Science (New York).

Hout, Michael, and Andrew Greeley (2003), Religion and Happiness, paper prepared for the annual meeting of the American Sociological Association.

Iqbal, Muhammad (1954), Payam-e-Mashriq (lahore: Shaykh Mubarak Ali)

Islamic Rsearch and Training Institute (2007), Framework for the Development of Microfinance Services (Jeddah: IRTI).

Iannacconne, Laurence (1998), Introduction to the Economics of Religion, Journal of Economic Literature, September, pp. 1465 – 1496.

Kerry, Charles (1999), Does Growth Cause Happiness, or Does Happiness Cause Growth? , in Kyklos, 52:1, pp. 3 – 26.

Lehrer, Evelyn, and Carmel Chiswick (1993), Religion as a Determinant of Marital stability, Demography, 30, pp. 385 – 404.

Manser, Anthony (1966), Sartre: A Philosophic Study (London: Athlone Press).

Morgenbesser, Sidney, and James Walsh, eds., (1962), Free Will (Englewood Cliffs, N. J.)

Oswald, Andrew (1997), Happiness and Economic Performance, in the Economic Journal, Vol. 107:445, pp. 185 – 1831.

Sartre, Jean-Paul (1957), Being and Nothingness, tr. by Hazel Barnes (London: Methuen).

Stevenson, Leslie (1974), Seven Theories of Human Nature (Oxford: Clarendon Press).

Wallace, John, and David Williams (1997), Religion and Adolescent, Health-Compromising Behavior, in J.L. Schulenburg, J.L. Maggs, and K. Hurrelmar, eds., Health Risk and

Page 55: ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ ﺀﻮﺿ ﻲﻓ ﺔﻴﻤﻨﺘﻠﻟ …iei.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=136582&Lng=AR&fn=Hiwar Sorbon-7-2.pdf1 ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺪﺻﺎﻘﻣ

53

Developmental Transitions During Adolescence (Cambridge, UK: Cambridge University Press), pp. 444 – 468.

Williams, Bernard (1985), Ethics and the Limits of Philosophy (Cambridge, MA: Harvard University Press).

Zarqa, Anas (1980), Islamic Economics: An Approach to Human Welfare, in Khurshid Ahmad (1980), pp. 13 – 15.