المكان وأثره - alukah.net tmam (w…  · web viewوقد شايع المستشرقين...

76
وكة ل ع الأ ق و م ى عل ري حص ل د وا دي ج ل ع ا ب ا يwww.alukah.net www.alukah.net

Upload: duongtuyen

Post on 29-Aug-2019

214 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

 www.alukah.net

تابع الجديد والحصري علىموقع األلوكة

 www.alukah.net

ما يحسب المرء أن حملة التشكيك التي يتعرض لها المجتم��ع العربي اإلسالمي في قيم��ه ومبادئ��ه، وتراث��ه وأعالم��ه س��وف تنتهي بحال من األحوال، ما دامت الحضارة العربية اإلسالمية قائم��ة على عم��دها الراس��خة وأص��ولها الثابت��ة ثب��ات الجب��ال الرواسي ش��امخة ش��موخها ال��ذي يش��ير إلى تقاص��ر هام��ات اآلخرين عن قامتن��ا مهم��ا تط��اولت قام��ات ه��ؤالء األخ��ر؛ ألنة في قع��ر الت��اريخ، ب��ل هي قريب��ة عه��د ج��ذورها غ��ير غاص�� بالس��طح من الت��اريخ، ومن ثم��ة إذا عص��فت به��ا الري��اح، فال أحسب أن ستصمد أمامها، مثلم��ا ص��مدت الحض��ارة العربي��ة اإلسالمية، لكل تل��ك الحمالت التش��كيكية ال��تي لم يق��ف أم��رص بن��ا ال��دوائر، بثها وترويجها عند الخ��ارج حيث اآلخ��ر الم��ترب وإنما قد وجدت لها من الداخل من األلسنة الح��داد م��ا أش��اع فكرها ونشر سمومها، ولست أشك في أن القارئ الكريم لم يعرف قضية التشكيك في الشعر الع��ربي الج��اهلي من مث��ل

(2( ومن مث�ل المستش�رق نولدك�ه )1المستشرق مرجليوث ) ولم ينف ذلك وجود بعض المستش��رقين المنص��فين من مث��ل

(. 3بروينلش ) وقد شايع المستشرقين الش��اكين في الش��عر الج��اهلي بعض المؤلفين من العرب من مثل ال��دكتور ط��ه حس��ين ومواقف��ه مشهورة حول الشك في الشعر الجاهلي، وغيره ممن ك��انت لهم آراؤهم في التشكيك في شخص��يات ش��عرية ج��اءت بع��د اإلسالم من أمثال قيس بن الملوح الع��امري - مجن��ون ليلى - وغ���يره من ش���عراء ك���انت لهم في ت���اريخ الش��عر الع���ربي محطات بارزة، والتشكيك فيهم ليس لش��يء س��وى انتم��ائهم

- انظر موقفه من الشعر الجاهلي - على سبيل المثال - عند: د/ عبد1 الرحمن بدوي: دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي -

/1 وما بعدها - ط87مترجمة عن األلمانية واإلنجليزية والفرنسية ص م- دار العلم للماليين، وكذلك د/ يحيى الجبوري: المستشرقون1979

م - دار1/1997- ط/53-48والشعر الجاهلي بين الشك والتوثيق ص الغرب اإلسالمي.

- انظر موقفه من الشعر الجاهلي عند: د/ عبد الرحمن بدوي: دراسات2 . وما بعدها، وكذلك: د/13المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي ص

-13مصطفى الجوزو: قراءة جديدة لقضية الشك في أدب الجاهلية ص م - دار الطليعة - بيروت. 1..2/ 1ط

- د/ يحيى الجبوري: المستشرقون والشعر الجاهلي بين الشك والتوثيق3 وما بعدها. 54- السابق - ص

-2 - www.alukah.net

إلى هذا الفن الشعري ال��ذي ك��ان علم ق��وم لم يكن لهم منعلم غيره في المأثور القديم.

ص��حيح أن قض��ية الش��ك في الش��عر الج��اهلي ك��انت قديم��ة الجذور إذ نبتت في ال��تراث الثق��افي الع��ربي حيث األص��معي والمفضل الضبي وابن هشام، وأبو عبي��دة معم��ر بن المث��نى، بيد أن أقوالهم قد " اقتص��رت في أك��ثر األحي��ان على الق��ول بالتب��اس نس��بة بعض األش��عار إلى ه��ذا الش��اعر أو ذاك، أو ترجيح نسبته إلى بعض الشعراء، وعلى الكالم في االنتحال أو

( ويمكن أن نض�يف إلى ه�ؤالء محم�د4السرقة أو الس�طو " ) ه-[ ال��ذي ش��ك في الش��عر231ه- 139بن س��الم الجمحي ]

الموغ��ل في الق��دم، والش��عر المنس��وب إلى أقاص��ي اليمن، ( ومن قول الجمحي في ه�ذا5والرواة الذين عدهم وضاعين )

الس��ياق: " وق��د اختلفت العلم��اء بع��د في بعض الش��عر، كم��ا اختلفت في سائر األشياء، فأما ما اتفق��وا علي��ه، فليس ألح��د

( ومن كالم�ه عن ال�رواة قول�ه: " وك�ان ممن6أن يخرج منه " ) أفسد الشعر وهجنه وحمل كل غثاء منه محمد بن إسحاق بن

( أم��ا حم��اد الراوي��ة: فه��و " أول من جم��ع أش��عار7يس��ار " ) العرب، وساق أحاديثها حماد الراوية، وك��ان غ��ير موث��وق ب��ه، وكان ينحل شعر الرجل غيره، وينحله غ��ير ش��عره ويزي��د في

(. 8األشعار " ) وق��د تكلم في ه��ذه القض��ية أب��و الف��رج األص��فهاني، وي�اقوت الحموي، وغيرهم من القدامى، وعلى ذلك تكون قضية الشك في أدب الجاهلية عموما وشعرها خصوصا كانت قديمة بدأت من بعض العرب أنفسهم، وإن كان الغ��رض منه��ا ليس الغض من شأن العرب وثقافتهم وأدبهم، وإنم��ا ك��ان الش��ك وس��يلة لتخليص األدب العربي القديم من أية شائبة قد تنال منه ومن

أعالمه.

- د/ مصطفى الجوزو: قراءة جديدة لقضية الشك في أدب الجاهلية ص49 .

. 1 - السابق ص 5 - الجمحي: محمد بن سالم: طبقات فحول الشعراء - قرأه وشرحه6

- دار المدني - جدة 1/4محمود محمد شاكر . 8- 7/ 1 - السابق 7. 1/48 - السابق 8

-3 - www.alukah.net

أقول هذا ألن شاعرنا أبا تمام قد كان مثاال على ما تعرض له أعالم العربية من التشكيك الذي بدأ مع التشكيك في المك��ان الذي ينتمي إليه من حيث عروبته وعجمته، والمفارقة م��ا بين العربية والعجمية تحكي هذا الصراع الحض��اري بين الحض��ارة العربية، ونظيرتها األعجمية التي ن��ازعت العربي��ة في أعالمه��ا ونابغيها، وكأنها أرادت س��لب الحض��ارة العربي��ة من أي تم��يز، لقد تعرض أبو تمام لمثل هذا التشكيك في البلدة التي ينتمي إليه��ا، كم��ا تع��رض للتش��كيك في عربيت��ه من ع��دمها، وفي إسالمه من عدمه، ووقفتنا المكانية هنا في الترجمة له تص��ور جانبا من هذا التشكيك الذي قد يكون بحسن نية، وق��د يك��ون

بعدمه. ينتمي أبو تمام حبيب بن أوس الطائي إلى قرية جاسم، وهي

(9" موض�ع بالش�ام من عم�ل الج�والن يق�رب من بص�رى " ) وقد رجع بها ياقوت الحم��وي إلى األص��ل اللغ��وي حيث م��ادةم األم��ر أي ركب معظم��ه، وق��ال ي��اقوت جس��م، ومن��ه تجس��

ه�[: " هو اسم قرية بينها وبين دمشق ثمانية626الحموي ]ت فراسخ على يمين الطري��ق األعظم إلى طبري��ة، انتق��ل إليه��ا جاس��م بن إرم بن س��ام بن ن��وح علي��ه الس��الم أي��ام تبلبلت

( وإليه��ا ينس��ب أب��و تم��ام،10األلس��ن بباب��ل، فس��ميت ب��ه " )وكذلك عدي بن الرقاع العاملي الطائي.

وفي سياق ترجمته ألبي تمام يقول أبو الفرج األص��فهاني ]ت ه�[: إنه " من نفس طيء صليبة ومول��ده ومنش��ؤه منبج356

( وتش�ير كلم�ة ص�ليبة إلى11بقري�ة منه�ا يق�ال له�ا جاس�م " ) انتمائ��ه إلى قبيل��ة طيء العربي��ة وكون��ه من أهله��ا األص��ليين، ومن ثمة فهو عربي، رغم أن كثيرا ممن ترجموا له قد ذكرواا في ثناي��ا ت��راجمهم أص��له األعجمي، وأن أب��اه ك��ان نص��راني

ه���[ عن336واسمه تدوس، فق��د نق��ل أب��و بك��ر الص��ولي ]ت قوم قولهم: " إن أب��ا تم��ام ه��و ح��بيب بن ت��دوس النص��راني،

ه-[: معجم ما استعجم من أسماء البالد487- أبو عبيد البكري ] ت 9 م - دار الكتب العلمية.1/1998- ط2/6والمواضع - تحقيق د/ جمال طلبة

م. 1977 - دار صادر 94/ 2- ياقوت الحموي: معجم البلدان 10 - األصفهاني: كتاب األغاني - تحقيق د/ إحسان عباس، د/ إبراهيم 11

م - دار صادر 8..3/2- ط16/265السعافين، د/ بكر عباس -4 -

www.alukah.net

ا " ) ر أوس�� ي ر فص�� ( وق��د ذك��ر الخطيب البغ��دادي ]ت12فغي ه�[ في نسب أبي تمام ثمانية عشر اسما ينتهي بها عن��د463

طيء الذي ينتهي بنسبه إلى يع��رب بن قحط��ان، ك��ذلك فق��د نقل ق��ول الص��ولي الس��ابق دون أن يض��يف علي��ه أو يثبت��ه أو

ه��[ نس�به ال�ذي571( كذلك ذك�ر ابن عس�اكر ]ت 13ينقضه ) (14أورده الخطيب البغدادي، كما نقل كالم الصولي الس��ابق )

دون أن يعلق عليه. وإذا كنا قد أثبتنا تواريخ وفيات من ترجم��وا ألبي تم��ام، فإنم��ا كان ذلك لإلشارة إلى أن أقربهم من زمن أبي تمام إنم��ا ه��و األصفهاني، وقربه من زمنه يعطي كالمه شيئا من المصداقية التي قد ال نجدها عند من ابتعد بهم البون عن زمن أبي تم��ام إال أن يكون���وا ق���د رددوا كالم من س���بقوهم، وإذا ع���دنا إلى األسبقية الزمنية، واقتربنا شيئا ما من زمن أبي تم��ام ووقفن��ا

ه���[296عند الخليفة الشاعر عبد الله بن المعتز العباسي ]ت وجدناه ينسب أبا تمام إلى قبيل��ة طيء، وي��ذكره دائم��ا به��ذه النسبة الطائي وإذا ذكرنا قوله على سبيل المث��ال في س��ياق الحديث عن الكلف بالبديع وتعداده الشعراء الذين كلف��وا ب��ه:غف ب��ه ح��تى " ثم إن حبيب بن أوس الط��ائي من بع��دهم ش��

( أدركن��ا أن انتس��اب أبي تم��ام إلى قبيل��ة15غلب علي��ه..." ) طيء العربية وانتماءه إلى العرب حقيقة ال يغض منه��ا س��وى

الواجدين على أبي تمام وهم كثر. ه�15وفي سياق القرب الزمني من أبي تمام نج��د الجاح��ظ ]

ه�[ يذكره في البيان والتبيين في مواضع كثيرة ي��ذكره255- فيقول: أبو تمام الطائي، وفي مواضع أخرى يقول: حبيب بن

( وي�ذكره في كت�اب الحي�وان في موض�عين بالنس�ب16أوس ) -246- الصولي: أخبار أبي تمام - تحقيق خليل عساكر ورفيقيه ص 12

م. 8..2الهيئة العامة لقصور الثقافة - الخطيب البغدادي: تاريخ مدينة السالم تحقيق وتعليق د/ بشار معروف 13

م - دار الغرب اإلسالمي. 1/2.11 - ط159- 9/158 - ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق - دراسة وتحقيق محب الدين 14

م - بيروت 1995 - دار الفكر 12/19العمروي - عبد الله ابن المعتز: كتاب البديع - تعليق ونشر إغناطيوس 15

م - دار المسيرة - بيروت. 3/1982 - ط1كراتشقوفسكي ص ،1/263 - الجاحظ: البيان والتبيين - تحقيق وشرح عبد السالم هارون 16

م - الخانجي - القاهرة. 5/1985 - ط4/79 -5 -

www.alukah.net

إلى طيء، يق����ول في أولهم����ا: الط����ائي، وفي ثانيهم����ا: " ( وكونه أنشده فه�و م�ا يش�ير17وأنشدني أبو تمام الطائي " )

إلى التقائه بأبي تمام، إذ يشير تاريخهما مولدا ووف��اة إلى أن الجاحظ كان أكبر وأطول عمرا من أبي تمام، كذلك نج��د ابن

(،18ه�[ يذكره دائما بالطائي في عي�ون األخب�ار)276قتيبة ]ت ورغم أن���ه لم يف���رد ترجم���ة ألبي تم���ام في كت���اب الش���عر والشعراء إال إنه كان إذا ذكره، فإنما يذكره بنسبه إلى ط��يئ،

( 19فيقول: الطائي ) ه���[285 ه��� - 21ونجد الم��برد أب��ا العب��اس محم��د بن يزي��د ]

يذكر أبا تمام في كت��اب الكام��ل في ثالث��ة عش��ر موض��عا من بينها عشرة مواضح يأتي فيها بالنسبة إلى طيء، فيقول: أب��و تم��ام الط��ائي، أو ح��بيب بن أوس الط��ائي، أو يق��ول الط��ائي فقط دون اسمه واسم أبيه، بينما يذكر في الثالثة األخرى أب��ا

( ويتضح من تاريخ مولده ووفاته أنه عاصر أب��ا تم��ام،20تمام ) ( أو روى عمن21وربما لقي�ه وروى عن�ه من الش�عر والق�ول )

روى عن أبي تمام مثل روايته عن الحسن بن رجاء وهو أح��د(. 22من أخذ عنهم المبرد العلم )

أقول هذا عن المبرد رغم أنه - على م��ا يب��دو - لم يكن يمي��ل إلى أبي تم��ام، فق��د " ق��ال عب��د الل��ه بن المع��تز العباس��ي:

- الجاحظ: كتاب الحيوان - تحقيق وشرح عبد السالم هارون - الموضع17- ط6/246م - الخانجي، والموضع الثاني 2/1965- ط1/67األول

م - الخانجي - القاهرة. 2/1967 - ابن قتيبة: الشعر والشعراء - طبعة الهيئة المصرية العامة لقصور18

م- قدم لها د/ عبد الحكيم راضي3..2/ 1.1الثقافة - سلسلة الذخائر رقم .87- 78- 49 - 1/48- انظر على سبيل المثال ال الحصر

/2 - ابن قتيبة: الشعر والشعراء - تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر 19م- دار المعارف.2/1982 - ط851، 834، 832

- المبرد محمد بن يزيد: الكامل - تحقيق وتعليق د/ محمد أحمد الدالي201/263 -2 /524 ،536 ،555 ،699 -3 /1142 ،1358 ،1378 ،139-.

م - مؤسسة الرسالة. 3/1997ط163، 158 - انظر: الصولي: أخبار أبي تمام ص 21 ، وعن أخذ المبرد العلم عن الحسن171 - الصولي: أخبار أبي تمام ص22

، وانظر: ابن8بن رجاء - انظر الكامل - السابق - مقدمة التحقيق ص ، وانظر: الصفدي: الوافي بالوفيات -13/84عساكر: تاريخ مدينة دمشق

...م - دار إحياء1/2- ط8/ 12تحقيق أحمد األرناؤوط، و تركي مصطفى التراث العربي - بيروت، وفيه أنه توفي سنة أربع وأربعين ومائتين.

-6 - www.alukah.net

جاءني محمد بن يزيد النحوي، فجرى ذكر أبي تمام فلم يوفه��اب ك��ان في المجلس م��ا رأيت حقه، فقال له رج��ل من الكت أحدا أحفظ لشعر أبي تمام منه: يا أبا العباس ض��ع ي��دك على من شئت من الشعراء، ثم انظ��ر أيحس��ن أن يق��ول مث��ل م��ا

(:24( ]طويل[ )23قاله أبو تمام لموسى بن إبراهيم الرافقي ) لعم����ري لق����د أق����وت

مغانيكم بعد ومحت كما محت وشائع من

برد وأنج��دتم من بع��د إته��ام

داركم����ا دم����ع أنج����دني على في

ساكني نجدثم مر فيها حتى بلغ قوله في االعتذار:

- ولي إمارة دمشق في عهد المعتصم والواثق، وولي حمص للمتوكل.23 - وانظر:388./6انظر ترجمته في: ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق

الصفدي أمراء دمشق في اإلسالم - تحقيق د/ صالح الدين المنجد ص م - دار الكتاب الجديد - بيروت. وانظر كذلك:2/1983- ط189، 1.5

الصفدي: تحفة ذوي األلباب فيمن حكم بدمشق من الخلفاء والملوك -286- 1/284والنواب - تحقيق إحسان خلوصي، وزهير الصمصام

م. 1991منشورات وزارة الثقافة - دمشق ، ورواية صدر البيت األول2/21 - ابن خلكان: وفيات األعيان - سابق - 24

من هذه األبيات األربعة هنا مختلفة عنها في جميع نسخ الديوان وشروحهالتي رجعت إليها، فهي:

شهدت لقد أقوتمغانيكم بعدي

وكذلك في عجز البيت الرابع من هذه األبيات ) وإذا ( بدال من ) ومتى (: ، وفيه:63انظر ديوان أبي تمام جمع محمد سعيد - المطبعة الوهبية ص

ومتى كما في الرواية السابقة، وانظر كذلك: شرح الصولي لديوان أبي - وزارة1- ط488، 483/ 1تمام - دراسة وتحقيق د/ خلف رشيد نعمان

( - العراق، ديوان أبي تمام الطائي - شرح55اإلعالم - سلسلة التراث ) ألفاظه اللغوية ووقف على طبعه محيي الدين الخياط - طبع مرخصا من

..م - شرح ديوان أبي تمام لألعلم الشنتمري19نظارة المعارف العمومية م- وزارة األوقاف والشئون4..1/2- ط1/473- تحقيق إبراهيم نادن

اإلسالمية - ديوان أبي تمام بشرح الخطيب التبريزي - تحقيق محمد عبدهم - دار المعارف. 4/1983- ط2/1.9عزام

-7 - www.alukah.net

��ان كب ���اني م��ع الر أتظن ظننته

لففت له رأسي حياءمن المجد���ريم متى أمدح���ه ك

أمدحه والورى��ه معي ومتى م��ا لمت

لمته وحدي��ا أخ��رى على األبي��ات الم��ذكورة، وختم وزاد ابن عس��اكر أبيات بقوله: " قال أبو العباس محمد بن يزي��د: م��ا س��معت أحس��ن من هذا قط م��ا يهض��م ه��ذا الرج��ل حقه إال أح��د رجلين: إم��ا جاهل بعلم الشعر ومعرفة الكالم، أو عامل يتبحر ش��عره ولم

(. 25يسمعه " ) ه-[ إلى قبيل��ة طيء وإلى346ك��ذلك نس��به المس��عودي ]ت

قرية جاسم، حيث ق��ال: " أب��و تم��ام ح��بيب بن أوس الط��ائي الجاسمي نسبة إلى جاسم وهي قرية من أعمال دمش��ق بين بالد األردن ودمشق بموضع يعرف بالجوالن، ويع��رف بجاس��م

( ك�ل ذل�ك يجعلن�ا متح�رجين من26على أميال من الجابية " )ا كان أم قبول التشكيك في موطنه وفي نسبه العربي إسالميا، وهذا األخ��ير ك��ان ل��ه ص��داه في الدراس��ات الحديث��ة نصراني التي دارت ح��ول شخص��ية أبي تم��ام، وكله��ا دراس��ات تعتم��د تأويل ما أتت به المراجع القديم��ة، وإن ك��ان التأوي��ل ال يخل��و من لي ل��ذراع الحق��ائق، وتوجي��ه النص��وص قس��را إلى غ��ير

منطوقها. وإذا جئنا عند المحدثين وجدنا لويس شيخو يس��رد نس��ب أبي تم��ام وينتهي ب��ه عن��د أبي قبيل��ة طيء، ومن��ه إلى يع��رب بن

( وهو تكرار لنسب أبي تمام الذي أش�رنا إلي�ه من27قحطان ) قبل عن��د الخطيب البغ��دادي وابن عس��اكر وابن خلك��ان، أم��ا

. 389./6 - ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 25 - المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر - بعناية د/ يوسف البقاعي26

- الطبعة األولى - دار إحياء التراث العربي - بيروت. 3/345 - لويس شيخو: شعراء النصرانية بعد اإلسالم - القسم الثالث - الدولة27

م. 1926- مطبعة اآلباء اليسوعيين - بيروت 256العباسية ص -8 -

www.alukah.net

بطرس البستاني، فإنه يق��ول عن أبي تم��ام: " ه��و ح��بيب بن أوس الطائي، منسوب إلى طيء القبيلة العربي��ة المش��هورة،

( ومن ثم��ة ك��ان يكفي28وكنيت��ه أب��و تم��ام وبه��ا ع��رف " ) المتشككين في طائية أبي تمام أن يذكروه به��ذه الكني��ة دون أن يلحقوا بها النسب إلى طيء تأكي��دا لتش��ككهم أو رفض��هم األصل العربي ألبي تمام، بل إن بعض من ترجم��وا ألبي تم��ام

" ال��تي تث��ير الش��ك فيقيليستخدمون دائما الدالة اللغوية " القائل والمقول والداللة، من ذلك قول بروكلمان: " وقيل إن

ا يدعى تدوس ) ( كما قيل: إنه التحقThaddaeusأباه كان نصراني بطيء لما انبرى في شبيبته مناصرا لعبد الك��ريم الط��ائي في

هن�ا إلىقيل( وربم�ا تش�ير كلم�ة 29الهج�اء بمدين�ة حمص " )النقل عن السابقين، ولكن دون تعليق أو تعقيب من الناقل.

ويرجع الدكتور ط��ه حس��ين ب��أبي تم��ام إلى األص��ل األعجمي الذي يراه واضحا في تأثره باألدب اليون��اني بطري��ق مباش��رة أو غير مباشرة، ومن ثمة يرجح لدي��ه ص��حة األص��ل األعجميا لوالد أبي تمام، ويلتجئء إلى تأكيد ما يذهب إلي��ه التج��اء فني عندما يقول عن نوعية اختالف شعره عن ش��عر الس��ابقين: " ولكن ألن��ه يختل��ف عمن تقدم��ه وعاص��ره من الش��عراء في تصوره للشعر نفسه، وفي شدة أخذه نفسه بتحدي��د المع��اني ووح��دة القص��يدة، وفي كلف��ه بوص��ف الطبيع��ة وميل��ه إلىا ك��ان الموض��وع ال��ذي المع��اني الفلس��فية يض��منها ش��عره أي

( وبعيدا عن التعليل الف�ني ال�ذي س�وف نق�ف30ينظم فيه " ) عنده فيما بعد، فإننا نجد أن الدكتور طه حس��ين ق��د نق��ل م��ا ذكره القدامى عن نسب أبي تمام، ذلك الذي ذك��ره الص��ولي من قبل، ونقله عنه من جاءوا بعده، وقد أشرنا من قب��ل إلى أن الصولي نفسه لم يؤك��د نص��رانية وال��د أبي تم��ام، واكتفى بأن قال: " وقال ق��وم " وذكرن��ا م�دلول ه�ذا الق��ول والقائ��ل

المجهول له.

- دار مارون92 - بطرس البستاني: أدباء العرب في األعصر العباسية ص28م. 1979عبود

- كارل بروكلمان: تاريخ األدب العربي - ترجمة د/ عبد الحليم النجار29م - دار المعارف. 5/1983- ط2/71

9 - د/ طه حسين: تمهيد في البيان العربي - مقدمة كتاب نقد النثر - ص30م 1995- طبعة دار الكتب العلمية -

-9 - www.alukah.net

والدكتور طه حسين نفس��ه ذو رأي مختل��ف، أو ق��ل إن��ه رأي��ا، ذل��ك أن��ه يلج��أ إلى المنحى الف��ني ن مض��طرب اض��طرابا بي نفسه الذي أثبت من خالله األصل األعجمي ألبي تمام، ليقول عنه: " وهو يتحدث بأنه طائي ويفخر بهذا، فهو إذا مدح أحم��د بن أبي دواد وزي���ر المعتص���م وزعيم المعتزل���ة في عص���ره،د، فزعم في القصيدة التي د للن فاخره وتحدث كما يتحدث الن

(: 31أولها ]كامل[ )والف أرأيت أي س������وخ���������������������دود

���������ا بين اللوى ت لن عنف��������������������������زرود

أن مكانه من أحمد مك��ان الرج��ل الس��ري ال��ذي يس��تطيع أن يس��اميه وأن القبيل��تين طيء وإي��اد تتقارب��ان وتش��تركان في

( ثم يع��ود فيق��ول32المج��د، فلطيء حاتمه��ا وإلي��اد كعب " ) معتمدا على الرواة والمؤرخين الذين أشرنا إليهم من قبل: " ولكن قوما كثيرين من الذين عاصروا أبا تمام وكتبوا عنه بع��د موته يتحدثون أن أب��ا تم��ام لم يكن من طيء في ش��يء، ب��ل لم يكن من العرب في شيء، وأوس هذا اسم صنعه أبو تمام

( وهو كالم ابن خلكان الذي أثبتن��اه33وحرفه عن اسم أبيه " ) قب��ل، ك��ذلك ت��ابع ط��ه حس��ين م��ا ج��اء في دائ��رة المع��ارف

اإلسالمية من ترجمة ألبي تمام. وإذا كانت اآلراء متضاربة في صحة نسبه إلى طيء كما يقول ال���دكتور ش���وقي ض���يف فإن���ه يؤك���د في تعقيب���ه على كالم بروكلمان الس��ابق عن نص��رانية وال��د أبي تم��ام: " ونص��رانية

(34أبي��ه - إن ص��حت - ال تنفي��ه من الع��رب وال من طيء " ) ك��ذلك يعقب ال��دكتور ش��وقي ض��يف على م��ا م��ال إلي��ه ط��ه حسين متابعا رأي مرجليوث من أن أب��ا تم�ام يون��اني األص�ل؛ ألن���ه ح���رف اس���م أبي���ه من ثي���ودوس إلى أوس: " وظن مرجليوث أن هذا االسم اختصار لثيودوس، وتبعه طه حسين،

. 1/384 - شرح التبريزي لديوان أبي تمام - سابق - 31 م.1953- دار المعارف 95 - د/ طه حسين: من حديث الشعر والنثر ص 32 - السابق الصفحة نفسها. 33 العصر العباسي األول ص3 - د/ شوقي ضيف: تاريخ األدب العربي 34

م - دار المعارف، وانظر: دائرة المعارف اإلسالمية3/1966- ط269م.1934.- مطبعة مصر 32 ص 5- عدد1ترجمة محمد ثابت ورفاقه مج

-10 - www.alukah.net

ا فقال: إنه اس��م يون��اني، واس��تظهر أن يك��ون أب��و تم��ام طائي بالوالء. ومن يقرأ شعره وفخره العارم بطيء ال يشك في أنه ط��ائي ص��ليبة، وأن��ه من ص��ميم طيء ال دعي فيه��ا وال من

( ووصف م�ا ذهب إلي�ه مرجلي�وث ب�الظن يش�ير35مواليها " ) إلى نفي الدكتور شوقي ض��يف ل��ه، وتأكي��ده على طائي��ة أبي

تمام ومن ثمة عروبته التي ذكرها هنا. وإذا كان كل من ل��ويس ش��يخو وبط��رس البس��تاني ق��د أك��دا على انتم��اءة أبي تم��ام إلى قبيل��ة طيء العربي��ة المش��هورة،ا، فإن الدكتور عم��ر ف��روخ مما يعني اتفاقهما على كونه عربي كان كلفا بإثبات النسب غير العربي ألبي تمام، نافيا لك��ل م��ا يقال غير ذلك، فهو يشكك في انتم��اءة أبي تم��ام إلى جاس��م ال��تي تق��ع في منطق��ة منبج، من ذل��ك تعليق��ه على ق��ول أبي الفرج األصفهاني السابق بانتمائ��ه إلى منبج ال��تي منه��ا قري��ة جاسم، يقول عمر فروخ: " ألعل هناك غير منبج التي تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة حلب؟! أم أن هنالك غ��ير جاس��م التي تقع في حوران إلى الجن��وب الش��رقي من دمش��ق؟! أو��ا من لعل األصفهاني وهم فأراد أن يجعل مولد أبي تمام قريب

( ثم36مولد تلمي�ذه البح�تري، والبح�تري ك�ان مول�ده منبج " ) يع��ود ه��و فيثبت أن أه��ل أبي تم��ام ك��انوا يس��كنون بجاس��م

وبعيجاء، وعيجاء أيضا من قرى حوران. وفي سياق الحديث عن نسب أبي تم��ام يتح��دث عم��ر ف��روخ عن عروبة أبي تمام وطائيته، يتحدث عن موقف نجيب محمد البهبيتي بنبرة ال تخلو من استهجان وسخر، فالبهبيتي يرى أن

( ولعلن�ا37أبا تم�ام ع�ربي ص�ريح، فه�و طيء ال�دم وال�والدة ) نستدعي هنا في هذا السياق نسبة الطائي التي اقترنت ب��أبي تمام عند هؤالء الم��ؤرخين واألدب��اء ال��ذين ك��انوا قري��بي عه��د بأبي تمام، وبها رجحن��ا نس��به الع��ربي ال��ذي أثبت��ه المؤرخ��ون السابقون، بل إن األمر في شأن عروبة أبي تمام بين الرفض واإلثب��ات إنم��ا يرج��ع إلى مح��اوالت التش��كيك ال��تي واجهته��ا

./1 - ط219 - د/ شوقي ضيف: الفن ومذاهبه في الشعر العربي ص35م - دار المعارف. 1978

- د/عمر فروخ: أبو تمام شاعر الخليفة محمد المعتصم بالله - دارسة 36م. 1964- بيروت 23تحليلية ص

- السابق الصفحة نفسها. 37 -11 -

www.alukah.net

الثقاف��ة العربي��ة " إن دليال واح��دا - كم��ا يق��ول د/مص��طفى الش��كعة - على ع��دم طائي��ة أبي تم��ام لم يرتف��ع إلى درج��ة كافية من اإلقناع والمسألة في واقعها قد وج��دت ارتياح��ا في خاطر بعض المستشرقين الذين يحلو لهم أن يباعدوا بين كل

(. 38نابغة فذ وبين عروبته " ) ولعلنا في هذا المقام نستدعي الخبر المس��تفيض ال��ذي رواه

( عن البحتري وهو39أبو الحسن علي بن إسماعيل النوبختي ) ما يؤكد طائية أبي تمام، ومن ثم عروبته، فقد دخل البح��تري على أبي سعيد محمد بن يوسف وكان قي مجلسه أبو تم��ام، ولم يكن البحتري قد تعرف به بعد، وأخذ البح��تري في إنش��اد مدحيته في محمد بن يوسف، تل��ك المدحي��ة ال��تي أعجب به��ا الممدوح أيما إعجاب، ومطلع القصيدة قول البحتري ]كام��ل[

(40 :)ب من ه��وى أأف��اق ص��

فأفيقا أو خان عه��دا أو أط��اعفيقا ش����������������������

ف��ادعى أب��و تم��ام أن ه��ذا من ش��عره، ولكن أخ��ذه البح��تري وسبق به إلى محمد بن يوسف وحرج موقف البحتري، وق��ال عن ذل��ك: " فخ��رجت متح��يرا ال أدري م��ا أق��ول، ون��ويت أن أسأل عن الرجل من هو؟ فما أبعدت ح��تى ردني أب��و س��عيد، ثم قال: جنيت عليك فاحتمل، أتدري من هذا؟ قلت: ال، ق��ال: هذا ابن عم��ك ح��بيب بن أوس الط��ائي أب��و تم��ام، فقم إلي��ه،عري، وق��ال: ظني ويصف ش�� فقمت إليه فعانقته، ثم أقبل يقر��ر عج��بي من س��رعة إنما مزحت معك، فلزمته بعد ذل��ك، وكث

( وه��ذه رواي��ة أبي بك��ر الص��ولي في أخب��ار أبي41حفظ��ه " ) تمام، وقريب منها ما رواه األصفهاني في حديثه عن البحتري

-632- د/ مصطفى الشكعة: الشعر والشعراء في العصر العباسي ص 38م - دار العلم للماليين. 3/1979ط

- علي بن العباس النوبختي، وليس ابن إسماعيل، روى عن البحتري39 وابن الرومي، وتوفي في سنة سبع وعشرين وثالثمائة، أو أربع وعشرين

وثالثمائة عن عمر يقارب الثمانين عاما. انظر: الذهبي تاريخ اإلسالم -. 497- وانظر منه هامش ص 7/537سابق -

- ط3/1446 - البحتري: ديوانه - تحقيق حسن كامل الصيرفي 40م - دار المعارف. 3/1977

.1.6- 1.5 - الصولي: أخبار أبي تمام - سابق - ص 41 -12 -

www.alukah.net

من حك��ايتين قريب��تين في الدالل��ة واللف��ظ وق��د جم��ع بينهم��ا األصفهاني لهذا القرب، إحداهما عن أبي الغوث بن البح��تري،

(. 42واألخرى عن علي بن العباس النوبختي عن البحتري ) . ه�[ خبر تعارفهما من طريق آخ��ر ال37وقد روى اآلمدي ]ت

يخل��و من غم��وض واختالف ن��راه في ق��ول اآلم��دي: " وق��د أخبرني أنا رجل من أهل الجزي��رة يك��نى أب��ا الوض��اح - وك��ان عالما بشعر أبي تمام والبحتري ةأخبارهما - أن القصيدة التي سمعها أبو تمام من البحتري عن��د محم��د بن يوس��ف - وك��ان

(: 43اجتماعهما وتعارفهما - القصيدة التي أولها )��داركما المالم فيم ابت

ولوعا�����ة دمن أبكيت إال

وربوعا

وأنه لما بلغ إلى قوله: في منزل ضنك تخال��������������������ه القنا ب

لوع إذا انحنين بين الض��لوعا ض�����������������������

��ا بالطائي��ة، ل بين عينيه: س��رورا وتحفي نهض إليه أبو تمام فقبا " ) ( ورغم44ثم ق���ال: أبى الل���ه إال أن يك���ون الش���عر يمني

اختالف هذه الرواية عن رواي��ة األص��فهاني والص��ولي - وهم��ا متقدمان على اآلمدي من حيث الزمن - في تفاصيل الرواية، وفي القصيدة التي كانت سببا في تعارف البحتري بأبي تمام، إال أنه��ا تتف��ق وروايتيهم��ا من حيث احتف��اء أبي تم��ام بطائي��ة

البحتري، وتمنيه أن تلد كل طائية شاعرا مثل البحتري. ولم يكن احتف��اء أبي تم��ام بطائي��ة البح��تري إال عن عقي��دة راسخة تؤكد انتماءه هو إلى هذه القبيلة العربي��ة انتم��اء ليس انتماء والء وحلف، ولكن��ه انتم��اء ص��ليبة في ق��ول أبي الف��رج

األصفهاني سالف الذكر. لقد جمعت بين أبي تم��ام والش��اعر العباس��ي علي بن الجهم صداقة متينة وم��ودة أص��يلة، والبن الجهم عن أبي تم��ام خ��بر

. 35- 21/34 - األصفهاني: كتاب األغاني - سابق - 42.2/1253 - ديوان البحتري - السابق - 43 - اآلمدي: أبو القاسم الحسن بن بشر: الموازنة بين شعر أبي تمام44

م - دار المعارف. 4/1992- ط8/ 1والبحتري - تحقيق السيد أحمد صقر -13 -

www.alukah.net

يؤكد ذلك س��وف ن��دلل ب��ه على إس��المية أبي تم��ام من بع��د، لكننا هنا نستدعي مقولته التي ذكره��ا ابن عس��اكر في ت��اريخ دمشق، فقد قال ابن الجهم لمحدثه عن أبي تمام: " فإن��ه أخ

(: 45باألدب والدين والمروءة، أو ما سمعت قوله في طيء ) إن يكد مطرف اإلخ��اء

نا فإنال أو يختلف ماء الوص��

فماؤناف ب يؤل ��رق نس�� أو يفت

بيننا

ري في نغ��دو ونس��إخ��������اء تال��������د ع����ذب تح����در منغم������ام واح������د��اه مق��ام أدب أقمنالوال��������������������د

وهذه األبيات وإن دلت على ما كان يحمله أبو تمام من مودة صادقة لعلي بن الجهم، ف��إن كونه��ا في طيء على م��ا يق��ول ابن الجهم، إنما يدل على ما يحمله أبو تمام من محبة ووف��اء

لطيء يشبه ما يحمله من نظيرتها لصاحبه ابن الجهم. ثم إننا لنجد في القصيدة التي قالها مخلد بن بكار في هج��اء أبي تم��ام دليال ص��ريحا على عروبت��ه رغم مجيئه��ا في س��ياق

(: 46السخر من أبي تمام، يقول مخلد )���������دي أنت عنع������ربي ال�������ع���ربي ع���ربيعر فخ���ذيك ش���وساقي���������������لو لوع الش�� وض��د من ص����������������ك وق���ذى عينيمغ ص������������������ذا كت ك لو تح��رالن��������������������

ل م��ا في��ك أص��كالم

��رام أجإي م��ا ت ك خ��������زامىوثم��������������امام رك نبع وبش��ونواصيك ثغ��ام جفلت من������كنع����������������امويرابي��ع عظ��ام لفني في��������ك

، وقد نقلنا األبيات الثالثة كما25/ 12 - ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 45 وهي التختلف عن رواية4.2/ 1في رواية شرح التبريزي لديوان أبي تمام

ابن عساكر إال في كلمة يكد فقط، فهي عند ابن عساكر: يكن. . 236- 235 - الصولي: أخبار أبي تمام - سابق - ص 46

-14 - www.alukah.net

مخصبات وظباء ��ا م��ا ذنبي إن أن

خا���������ك وأتت منجايا س��������������� وقف��ا يحل��ف أن

ما ثم ق�����������الوا:مي جاس������������ كذبوا ما أنت إال����ه م����ا بين بيتلمى س����������������ه من إرث آبا ولقات ونخيل باس�����������دي أنت عنع���������������ربي

������������ام؟ األنلئام ات نبطيقت في���ك ع���ر������������رام الك من بني األنباطخ����������������امتضام ما عربي الم ��ه س�� وحواليء قسي وسهام���ا منه���ا ق���د دنرام ص�������������والسالم عربي

إن القص��يدة ق��د أثبتت األص��ل الع��ربي ألبي تم��ام من حيث تركيز مخل��د على أن��ه ع��ربي ه��ذه الص��فة ال��تي وردت س��ت مرات، فضال عن األوصاف التي ال تك��ون إال للع��رب من مث��ل اإلش��ارة إلى الخ��زامى والثم��ام وهم��ا من األش��جار العربي��ةعر س��اقي أبي تم��ام األص��يلة، واإلش��ارة هن��ا تش��بيهية لش�� وفخذيه، وهو ما يستدعي دالل��ة الخش��ونة المرتبط��ة ب��العرب األجالف، وهنا يكون الهج��اء الس��اخر، وليس ال��ذي يش��ير إلى عدم عروبة أبي تمام أو السخرية من عروبته، وك��ذلك ش��جرغام الذي يشبه ب��ه نواص��يه في ال��بيت الخ��امس، فه��و نبت الث على شكل الحلي وهو أغلظ منه وأجل عودا يكون في الجبل��ة س��وداء، ينبت أخض��ر ثم ي��بيض إذا يبس، وال ينبت إال في قن

(. 47وينبت في نجد وتهامة ) وكذلك شجر النبع الذي تؤخذ منه الس��هام، والع��رب مع��روف عنهم صناعة الس��هام والقس��ي من ه��ذه األش��جار، والس��هام والقسي إرث ورثه أبو تمام من آبائ��ه كم��ا يق��ول الرج��ل في البيت الرابع عشر، والبشام ذلك الشجر العطري الذي تؤخ��ذ

مادة ثغم - طبعة دار الفكر. 78- 12/77 - ابن منظور: لسان العرب 47 -15 -

www.alukah.net

منه المساويك وهي مما يختص به العرب، والمسلمون خاصة لحديث عبادة: " خير مال المسلم شاة تأك��ل من ورق القت��اد والبشام "، وحديث عمرو بن دين��ار: " ال ب��أس ب��نزع الس��واك من البشامة " وحديث عتبة بن غزوان: " ما لنا طعام إال ورق

الم وهي الحج�ارة المحيط�ة48البشام " ) ( وك�ذلك ذك�ره الس�ؤي أو ح��اجز ال��تراب ال��ذي يحي��ط ب��البيت فال بالبيت كأنه��ا الن يدخل��ه الم��اء، وعلى ذل��ك ف��إن أغلب الظن أن مث��ل ه��ذه القصيدة الهجائية إنما قد قالها مخلد هاجيا ساخرا وليس نافيا

لألصل العربي ألبي تمام الطائي. ه���[73.� 1ونج�د من المح�دثين الش�يخ يوس��ف الب�ديعي ]ت

ال��ذي ي��ذكر نس��ب أبي تم��ام كم��ا أورده ك��ل من الخطيب البغ��دادي في: ت��اريخ بغ��داد، وابن عس��اكر في: ت��اريخ مدين��ة دمش��ق، وك��ذلك ابن خلك��ان في: وفي��ات األعي��ان، ثم يق��ول البديعي: " الش��اعر المش��هور ب��أبي تم��ام الط��ائي نس��بة إلى

(49طيء القبيلة المشهورة، وه�ذه النس�بة على غ�ير قي��اس ) ( وتس�تدعي )قي�ل(50وقيل: في نسب أبي تمام غ�ير ذل�ك " )

هنا أحد أمرين: إما الشك في المقول بداللة البناء للمجه��ول،��ر على غ��ير وإما أن النسب الذي ذكره بهذا التسلسل ق��د ذك ما ذك��ره ه��و عن��د بعض الم��ؤرخين، حيث االختالف في اس��م واح��د من اآلب��اء ال��ذين تم س��ردهم في س��ياق نس��به، وه��و

اختالف ال ينفي صحة النسب بحال من األحوال. وإذا ك��ان لن��ا أن نختم الح��ديث عن طائي��ة أبي تم��ام، فإنن��ا نستدعي ما كان من الم��ؤرخين والم��ؤلفين من تعص��ب له��ذا الش��اعر أو ذاك، أو تعص��ب على ه��ذا أو ذاك من الش��عراء، ونؤكد هنا على أن التعصب بنوعيه مما يذهب باألمور في غير مواض��عها؛ ألن��ه ين��أى عن موض��وعية التن��اول ال��تي تكش��ف الحقائق، وتترك للتاريخ إرثا ال يقدح فيه القادحون، لق��د ك��ان اآلمدي صاحب كتاب الموازنة بين شعر أبي تم��ام والبح��تري،

. مادة بشم. 5/ 2 - ابن منظور: لسان العرب 48 : " والطائي منسوب إلى2/26 - قال ابن خلكان في: وفيات األعيان 49

طيء القبيلة المشهورة، وهذه النسبة على خالف القياس ؛ فإن قياسها: طيئي، لكن باب النسب يحتمل التغيير، كما قالوا في النسبة إلى الدهر:

دهري، وإلى سهل: سهلي بضم أولها ". - مطبعة9 - الشيخ يوسف البديعي: هبة األيام فيما يتعلق بأبي تمام ص50

م - السيدة زينب - القاهرة 1934العلوم - -16 -

www.alukah.net

( يق��ول51فيم��ا يب��دو من الكت��اب متعص��با على أبي تم��ام ) اآلمدي فيما ينقله عنه ابن خلكان: " والذي عن��د أك��ثر الن��اسا من أهل جاسم قري��ة في نسب أبي تمام أن أباه كان نصرانيا وق��د من قرى دمشق يقال له تدوس العطار، فجعل��وه أوس����ر فيه��ا من اآلب��اء لفقت ل��ه نس��بة إلى طيء، وليس فيمن ذك من اسمه مس��عود وه�ذا باط��ل ممن عمل��ه، ول��و ك�ان نس��به

( وق�د ذك�ر52صحيحا لم�ا ج�از أن يلح�ق طيئا بعش�رة آب�اء " ) اآلمدي قال ذلك في سياق حديثه عن قول أبي تمام ]كام��ل[

(53 :)عود ����ان مس���� إن كقى أطاللهم س���������

ئون بل الش����� س�����فلست من مسعود

ومن الح��ق الق��ول: إن ه��ذا الكالم المنس��وب لآلم��دي ليس موجودا في كتاب الموازنة، وإنما الذي فيه هو حديثه عن هذا البيت والبيتين اللذين يليان��ه، ولم ي��ذكر أن مس��عودا ه��ذا من

( وإنما قال: " قوله: إن ك�ان مس�عود، يع�ني54آباء أبي تمام ) مسعودا أخا ذي الرمة، وال يعرف له بيت واحد بكى في��ه على الديار، وهذا من معاني أبي تمام الغامض��ة ال��تي يس��أل عنه��ا وما زلت أرى الناس قديما يخبطون فيه، وإنما ذك��ر مس��عودا

( وإذا ك��ان55ألنه كان ينهى ذا الرمة عن البكاء على الديار " )��ا بكى في��ه على اآلمدي لم يعرف لمسعود أخي ذي الرمة بيت

- د/ محمد رشاد محمد صالح: نقد الموازنة بين أبي تمام والبحتري ص51م - القاهرة. 1982 - المركز العربي للصحافة 16- 14

. 2/11 - ابن خلكان: وفيات األعيان - سابق - 52. 1/386 - شرح التبريزي لديوان أبي تمام 53 - ورغم ذلك فقد ذكر محقق شرح التبريزي لديوان أبي تمام أن اآلمدي54

قد نقل عن شيوخ البغداديين أخذهم هذا البيت عيبا من معايب أبياته ؛ ألنهم ال يعرفون من المقصود بمسعود، وهو ليس أخا ذي الرمة ألنه ليس شاعرأ، ويرجح البغداديون فيما يرى اآلمدي أن يكون مسعود من آباء أبي تمام، ويعلقون: " فكان يقال: إن كان مسعود أبي بكى على الديار فلست

منه " ومع ذلك هم يتساءلون أين يكون مسعود هذا ؟ انظر: شرح - الهامش 387- 386/ 1التبريزي لديوان أبي تمام

. 563/ 1 - اآلمدي: الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري - سابق - 55 -17 -

www.alukah.net

الديار مما يع��ني ش��ك اآلم��دي في أن يك��ون م��راد أبي تم��ام مسعودا أخا ذي الرمة، ومن ثمة قد يتبادر إلى الذهن أنه أحد آبائه، وعليه تك��ون حج��ة دحض النس��ب الم��ذكور ألبي تم��ام؛ ألنه ليس في سلسلة نسبه من آبائه من يدعى مس�عودا، بي�د

ه���[ ي��ذهب بمس��عود ه��ذا م��ذهبا آخ��ر،421أن المرزوقي ]ت وي��رى أن��ه " مس��عود بن عم��رو األزدي وك��ان ين��دب األطالل ويبكيها فيقول - أبو تمام - إن كان ذاك قضى أيامه على بكاء

( وه��و ق��ريب من ق��ول56األطالل، فلس��ت أن��ا بمقت��د ب��ه " ) اآلمدي " فأراد أبو تمام إن كان مس��عود ال��ذي أنك��ر على ذي الرمة البكاء ونهاه عنه - قد رأى أن البكاء أحسن بعد أن كان عنده غير حسن - فلست منه، وذل��ك كق��ول القائ��ل: إن ك��ان حاتم قد شح، فلست منه، أي: إن كان بعد كرم��ه وج��وده ق��د

(. 57رأى أن البخل حسن فلست مقتديا به " ) وإذا كان أبو تمام قد تبرأ من االقتداء بمس��عود ه��ذا، فإن��ه لم يت��برأ من طائيت��ه وموطن��ه األول - جاس��م - ال��ذي خ��رج إلى الدنيا على أرض��ه، فك��ان مس��قط رأس��ه، ومن ثم��ة ه��و حب��ه األول، وحنينه األبدي الذي يفيء إليه كلما تغربت به األس��فار،

( ]كامل[: 58يقول )عني نقي�����ع البين ج�����رالحنظ�����������������������لرتي أن ك��دت م��ا حس��ما ي إن أقض�������������������ئت نقل فؤادك حيث ش��من اله��������������������وى كم من������زل في األرضيألف������������������ه الفتى

والبين أثكلني وإن لمأثك��������������������������لني ي أن رات نفس�� حس��لم أفع���������������������ل للحبيب م�����ا الحب إال

األول��زل وحنينه أبدا ألول من

- المرزوقي: أحمد بن محمد بن الحسن: شرح مشكالت ديوان أبي تمام56 م - مطبعة1986/ 1 - ط37- تحقيق د/ عبد الله سليمان الجربوع ص

المدني. - اآلمدي: الموازنة - السابق - الصفحة نفسها. 57.253/ 4 - ديوانه بشرح التبريزي 58

-18 - www.alukah.net

أت��رى مث��ل ه��ذا الش��اعر يتح��دث عن أول م��نزل عرف��ه ه��ذا الح��ديث الش��جي الح��زين الممتلئ بمش��اعر ص��ادقة نح��و مسقط رأسه، وأول منزل ضمته جدرانه، وإذا ك��انت الحكم��ة من القوانين الثابتة التي ال تخضع لمنطق العاطف��ة، أو ق��انون الذاتية، فإن أبا تمام يضعنا أمام حقيقة مشاعره وصدقها من خالل الحكم��ة ال��تي تثبت ج��ذورها أم��ام ع��وادي ال��زمن: م��ا

الحب إال للحبيب األول، وحنين المرء أبدا ألول منزل. وليس أدل على عربيته، وانتس�ابه إلى الع��رب من قول�ه يحن ويشتاق إلى أمه العدوية ال��تي تنتس��ب إلى قبيل��ة ب��ني ع��دي العربي��ة، وهي تش��تاق إلى رؤيت��ه، وق��د غ��ادر طيئا إلى مص��ر

( ]وافر[: 59فيقول )��ات بالد أفق��دتنيها هن ���أال ل���ة ب ���ار موك وآثر ة من س��� وكم عدويعم����������������������روئ أم له��������ا من طيان حص��������������������ى أن يع���ود له���ا تمن

حبيب ولو بصرت به ل��رأتا جريض��������������������ي يف ع��ر كنصل الساه من كس���������������� زعيما بالغنى أو ندبن������������������������وحبح حيث ال نق��ع فأص��اد لص��������������������������ة ر وأي مأرب بمص���ر بمص���������������������

ب ذكره��ا من ال ي يش��يب يش�����������������������ه ن ل يجاوز ما رقش��ع���������������������ريبب إذا له������ا حس������يب بت حس���� انتس����ر وأب ���ة معش��� نجيب

نجيب منى شططا وأين لها

حبيب��ه بم���اء ال��دهر حليتحوب الش�����������������اربه ت من مض���� وفلالخط�����������������وب تعطط من مآتم������هالجي�������������������وب���ه ��وذ ب ب يل وال نش��ح���������������������ريبعبت أكابره��ا وقد ش��عوب ش��������������������

. 557- 4/556 - شرح التبريزي لديوان أبي تمام - سابق - 59 -19 -

www.alukah.net

يبدو أبو تمام هنا مهموما قد نزلت به الهموم أي م��نزل، لق��د أفقدته المصائب والخطوب - هنات - بالده تل��ك الهن��ات ال��تي يشيب من هوله��ا من ال يش��يب، وه��و على ذل��ك ل��ه من ب��ني قومه العدويين من النساء الكريمات من يردن عودت��ه، وه��ذه أمه العدوية التي له��ا ط��يئ أم حص��ان عفيف��ة ش��ريفة، فأم��ه هذه تتمنى أن يعود لها ابنها حبيب - أبو تم��ام - ثم ي��رأف به��اا - ض��عيفا أن تراه على حالت��ه الرزي��ة ه��ذه مهموم��ا - جريض�� شاحبا قدا نالت من��ه الخط��وب كم��ا ن��الت ك�ثرة الض��رب من نصل السيف فثلمته وفلت�ه، ولعل�ه يعل�ل موقف�ه من الرحي��ل إلى مصر حيث البحث عن الغنى أو الموت دونه - ن��دب ن��وح لموته تقوم عليه المآتم، لقد حصر نفسه بمص��ر في ش��يئين:

إما نيل الغنى، وإما الموت دونه. وإن للرج��ل لح��ديثا عن طيء وأمجاده��ا ليس بح��ديث رج��ل ينتمي إليها انتماء بالوالء، وإنما انتم��اء األص��ل الص��ليبة يق��ول

(] طويل[: 60) أبى لي نج��ر الغ��وث أن

أرأم التي وه��ل خ��اب من ج��ذماهنء طيء في ض�������������ة ة أددي ����ا غ����رر زيدي لن���ا ج���وهر ل���و خال���ط لنبحت األرض أص�������������ذين جديل���ة والغ���وث الل

إليهما����ا وق����ف على مقاماتن

الحلم والحجى

بهه ج��ر يش�� أسب بها والنج���������������������������ر النين: القلمس ع��دي الع��ديأو عم�����������������������روت له���������ا إذا نجمت ذله�����������������ر األنجم الز��ه وظهرانه��ا وبطنانه��ا من������������������������������ر تبغت أذن للمج��د ليس ص��به������������ا وق������������ريبنا ��ا كه��ل وأش�� فأمردنحب�����������������������������ر

إن مثل هذا الفخ��ر الع��ارم باألص��ل الع��ربي ال��ذي يعم��د في��هزين في أصوله مثل أبناء طيء: الغوث الشاعر إلى ذكر المبر وابنه عمرو وال��د تع��ل بن عم��رو، والقلمس وه��و أح��د حك��ام

( ومن مع�اني61العرب المشهورين بالفصل بين الخص�ومات ). 573- 4/571 - السابق 60. 1/335 - األلوسي: بلوغ األرب في معرفة أحوال العرب 61

-20 - www.alukah.net

القلمس: البحر المستدعي لخل��ة الك��رم تل��ك الخل��ة العربي��ة األصيلة، كما يفخ��ر باألي��ام الغ��راء الخال��دة لقبائ��ل زي��د وأدد، ويعود بفخره العربي إلى جديلة هذه المرأة الحميرية العربي��ة التي ينسب أوالدها إلى خارج��ة بن س��عد بن فط��رة بن طيء

( وكل ذلك يدفعنا إلى تأصيل نسبه الع��ربي، ليس ب��الوالء،62) وإنما باألصل والمنش��أ، إن��ه من نفس طيء ص��ليبة كم��ا ق��ال األصفهاني، وه��و ع��ربي من طيء كم��ا ق��ال ج��ورجي زي��دان

(63 .) أما نصرانيته أو إسالميته، فأحسب أنه أمر ال يخلو من ح��ديث فيه من التش��كيك م��ا في��ه والمرج��ع في ذل��ك إلى اس��م أبي��ه الذي تراوح ما بين تدوس وث��دوس وت��درس وث��ادوس، وكله��ا أسماء ال تخلو من تحريف وتصحيف؛ ذل��ك أن اس��م أوس من األس��ماء العربي��ة القديم��ة، ولعلن��ا ال ننس��ى في ه��ذا المق��ام قبيلتي األوس والخزرج العربيتين، وما كان بينهم��ا من ص��راع وفق الله تعالى نبيه محم�دا ص�لى الل�ه علي��ه وس�لم للقض�اء عليه، وأوس في تاج الع��روس للزبي��دي: أب��و قبيل��ة، واس��مه: أوس بن قيل���ة أخ���و الخ���زرج، ومن مع���اني أوس في ت���اج

ا: اإلعط��اء والتع��ويض ) ( وق��ال الليث: أوس:64الع�روس أيض��ا واالس��م: قبيل��ة من اليمن، واش��تقاقه من آس يئ��وس أوس�� اإلياس وهو العوض، واألوس أيضا: زجر العرب للع��نز والبق��ر

( وال���ذئب: األوس،65تق���ول: أوس أوس واألوس: ال���ذئب )(. 66واألوس: العطاء )

في اللغة، فإننا من حيث اللغةأوسوإذا كنا قد عرضنا السم ه�ذا ال��ذي يق��ول ق��وم إن��ه وال��د أبيتدوسنفسها نجد السم

تمام وهو نصراني، نقول نحن إن تدوس في لغة العرب يرجع اش��تقاقها إلى: داس واالس��م: ال��دوس ومن دالالت��ه: ص��قل

. 573- 4/572 - شرح التبريزي لديوان أبي تمام 62 - دار الهالل. 68/ 2 - جورجي زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية -63 - الزبيدي:: تاج العروس من جواهر القاموس - تحقيق الترزي وحجازي64

م. 1975- مطبعة حكومة الكويت 425- 15/424والطحاوي والعزباوي .ه- [ تهذيب اللغة -37ه- /282 - األزهري: أبو منصور محمد بن أحمد ]65

- الدار المصرية للتأليف والترجمة. 137/ 13 ه- [:538 - أبو الطاهر محمد بن يوسف بن عبد الله التميمي ] ت66

-154المسلسل في غريب لغة العرب - تحقيق محمد عبد الجواد ص وزارة الثقافة.

-21 - www.alukah.net

ب إليه���ا الس���يف، ووطء الم���رأة ودوس اس���م قبيل���ة ينس��� الص��حابي الجلي��ل أب��و هري��رة، وال��دوس: تس��وية الحديق��ة وترتيبه��ا، وال��دوس: ال��ذل، ويق��ال: الخي��ل ت��دوس القتلى

( وأما إذا رجعنا إلى التاريخ، فإنن��ا67بحوافرها، إذا وطئتهم " ) الثنينتدوس يذكر اسم مروج الذهبنجد المسعودي صاحب

من مل��وك ال��روم ال��ذين تنص��روا هم��ا ت��دوس الكب��ير، وابن��ه تدوس الصغير، وكونهم تنصروا فيه إشارة إلى أن االس��م فيا، وله داللة في العربي��ة تق��ترب من دالل��ة األصل ليس نصراني

الذي عرض��نا ل��ه من قب��ل، يق��ول المس��عودي عنأوساسم المل��ك الث��امن من ع��دة مل��وك ال��روم ال��ذين تنص��روا: ه��و "

( والعطي�ة68ت�دوس الكب�ير، وتفس�ير ت�دوس: عطي�ة الل�ه " ) فيأوستذكرنا بداللة العط��اء ال��تي هي إح��دى دالالت م��ادة

اللغة العربية، ومن ثم�ة ك�ان يكفي من ح�رف االس�م - فيم�ا ؛ت��دوسزعم��وا - إلى أوس أن يقنع��وا بالمرجعي��ة العربي��ة ل-

حتى يتجنبوا مغبة التكلف في التحري��ف، بي��د أنهم لم يفعل��وا، ؛ ليكون ش��اهد ح��ق على بطالن م��اأوسوبقي االسم العربي

زعمه أولئك الزاعمون. وأغلب الظن أن الذين أش�اعوا االس��م النص��راني في ترجم�ة أبي تمام هم الذين حاولوا االبتع��اد ب��ه عن العربي��ة، أو لنق��ل: إن مح��اولتهم " ن��وع من الش��عوبية أو س��موم االستش��راق، يقصد أص��حابها الغض من قيم��ة الع��رب، وينك��رون عليهم أن يكون منهم عبقري كأبي تمام، أو نوع من الحسد ألبي تم��ام، نفثه بعض معاصريه، وقبل��ه المؤرخ��ون باس��ترخاء، وغفل��ة أو

(. 69تغافل " ) ثم إنه إذا صح خبر نصرانيته - وهو أمر مشكوك فيه - فإن��ه ال يغض بحال من األحوال من عربيت��ه ال��تي وقفن��ا عن��دها فيم��ا سبق؛ ألن المسيحية واإلسالم عاش��ا في األرض العربي��ة من��ذ ق��ديم الزم��ان، حيث دان كث��ير من البق��اع العربي��ة باليهودي��ة،

. - مادة دوس. 9/ 6 - ابن منظور: لسان العرب 67 - المسعودي: التنبيه واإلشراف - تصحيح عبد الله إسماعيل الصاوي ص68

م، وانظر له: مروج1938 - مكتبة الشرق اإلسالمية - مصر 127- 126 حول تدوسيس األكبر واألصغر.216/ 1الذهب - سابق -

- د/ أسعد أحمد علي: اإلنسان والتاريخ في شعر أبي تمام - القسم69م - دار الكتاب اللبناني - بيروت.1972/ 2- ط243األول ص

-22 - www.alukah.net

فلما انتشرت المسيحية فيها تنصر كثير من أهله��ا، ولم��ا ج��اء اإلسالم ورأيت الناس يدخلون في دين الل��ه أفواج��ا، لم يمن��ع ذلك من بقاء بعض العرب على دياناتهم القديمة من مسيحية أو يهودي��ة، وال يع��ني ه��ذا الرج��وع ب��أبي تم��ام إلى األص��ل

النصراني، وإنما هو تقرير حقيقة تاريخية. بيد أن أم��ر نص��رانية أبي تم��ام ل��ه م��ا ينقض��ه بم��ا س��بق من التش��كيك في ه��ذا االس��م النص��راني ال��ذي نس��ب إلى أبي��ه، وكذلك بالخبر المشهور عن��د ك��ل من ترجم��وا ألبي تم��ام في القديم والحديث من أنه انتقل إلى مص��ر ح��دثا يس��قي الم��اء بجامع عمرو بن العاص رضي الله عنه، ويسمع دروس األعلم

( وال ش��ك أن الوج��ود في الج��امع ال يك��ون إال من70واألدب ) رجل مس�لم، وليس األم��ر عن��د ه�ذا الح��د ب��ل إن من دواعي��ا للعلم، أداء الص��الة الوج��ود في الج��امع ح��تى وإن ك��ان طلب وممارس���ة الش���عائر الديني���ة ال���تي يمارس���ها المس���لمون الموجودون بالمسجد، وذاك ما ي��دل على حقيق��ة إس��الم أبيا وأس��لم، بي��د أن تمام، وربما يطعن طاعن بأن��ه ك��ان نص��راني ذلك ال حجة تؤيده مثلما رأينا حجة وجوده بل ومالزمته ج��امع عمرو بن العاص رضي الل��ه عن��ه، ب��ل ربم��ا ك��ان ه��ذا الطعن دليل إثبات لديانته وديان��ة أس��رته اإلس��المية إذا س��لمنا بق��ول القائ��ل: إن أب��اه ه��و ال��ذي ذهب ب��ه طفال إلى مص��ر على م��ا سنشير إليه من بعد، وإن ك��انت ه��ذه الرواي��ة غ��ير أكي��دة؛ إذ الشائع أنه هو الذي س��افر م��رتحال إلى مص��ر، وليس بص��حبة

أبيه أو أحد من أسرته. ا يذهب ل��ويس ش��يخو إلى أن أب��ا تم��ام الط��ائي ك��ان نص��راني خالصا، ودلل على ذلك بما ورد عن الص��ولي واآلم��دي من أنا، وعليه البد أن يكون ابن��ه ح��بيب - والد أبي تمام كان نصراني أبو تمام - قد ولد ونشأ على دين أبيه، كذلك ي��دلل ب��أن اس��م ح��بيب من األس��امي الش��ائعة عن��د النص��ارى الن��ادرة عن��د

- حول رحلة أبي تمام إلى مصر انظر: تاريخ مدينة السالم للبغدادي - 70 ،12/18، تاريخ مدينة دمشق البن عساكر - سابق - 9/157سابق -

- دار صادر -2/17وفيات األعيان البن خلكان - تحقيق د/ إحسان عباس بيروت، تاريخ اإلسالم ووفيات المشاهير واألعالم للذهبي - تحقيق د/ بشار

م - دار الغرب اإلسالمي. 3..1/2- ط5/8.5عواد معروف -23 -

www.alukah.net

المسلمين، وأن مزاولت��ه الحياك��ة والس��قاية في حداثت��ه ي��دل( ولنا أن نرد على أدلته بما يلي: 71على خموله بسبب دينه )

لقد نقل الصولي كالم من قالوا بنص��رانية أبي��ه دون أن:أوال يعزو القول إلى أناس معروفين يمكن الرجوع إلى ت��راجمهم، وإنما اكتفى بأن قال: " وقال قوم " أما اآلم��دي فق��د ناقش��نا ما ذكره من قبل، وأن ما جاء منسوبا إليه في وفيات األعيان على أنه في كت�اب الموازن��ة لم نع�ثر علي�ه في ه�ذا الكت�اب، وهو ما أكده من قبلنا ال��دكتور إحس��ان عب��اس محق��ق كت��اب

( وه��ذا يش��ير إلى أن ال��دليل72وفي��ات األعي��ان البن خلك��ان ) األول للويس ش��يخو ال ينهض حج��ة تثبت نص��رانية أبي تم��ام، وإذا كان لآلمدي من كالم ينال من س��يرة أبي تم��ام، فه��و م��ا الحظناه في كالمه عن البيت الذي يذكر فيه أبو تمام مسعودا أخا ذي الرمة، وقد تكلمنا حوله بما يؤكد عصبية اآلم��دي على أبي تمام، تلك العص��بية ال��تي ظه��رت في مواض��ع كث��يرة من موازنته، وقد أشرنا إلى قضية تعصب اآلم��دي على أبي تم��ام

من قبل. إن ن��درة اس��م ح��بيب عن��د المس��لمين وش��يوعه عن��د:ثانيا

النص��ارى ال تع��ني انتف��اء تس��مية المس��لمين أبن��اءهم باس��م حبيب، ثم إن كان هذا االس��م ن��ادرا عن��د المس��لمين الع��رب،مي ب�ه أخ�وه ن��درة عن��د الع�رب فهل في اسم سهم الذي س�� والمسلمين، إذ من المعل��وم أن ألبي تم��ام أخ��ا اس��مه س��هم ذكر له الصولي في " أخبار أبي تمام " ش��عرا كم��ا أش��ار إلى

( وإذا كان وال�د أبي تم�ام ه�و ال�ذي س�مى73لقائه بالبحتري ) ولده )أبا تمام( حبيبا النصراني الشيوع، فهل هو ال��ذي س��مى ابنه اآلخ��ر س��هما، وه��و اس��م ع��ربي أص��يل في عروبت��ه؟ إن األمر ال يخلو من تكلف في التعليل ال يقوم حج��ة على ص��دق م��ا ي��ذهب إلي��ه ل��ويس ش��يخو ال��ذي ع��د اس��م ح��بيب من " الض��رب األخ��ير من األس��ماء ال��تي تس��مى به��ا بعض نص��ارى العرب في الجاهلية، فمنها - كما يقول - ما هو ص��فة محض��ة كصفات شائعة في زماننا مثل نجيب وأنيس إال أنه��ا أدل على

. 258 - لويس شيخو: شعراء النصرانية بعد اإلسالم - القسم الثالث ص 71 ( من كالم5 حيث الهامش رقم )2/11 - ابن خلكان: وفيات األعيان 72

المحقق الدكتور إحسان عباس. .. 26، 259 - الصولي: أخبار أبي تمام - سابق - ص 73

-24 - www.alukah.net

( واس�م ح�بيب كم�ا يق�ول74أح�وال النص�ارى ومعتق�داتهم " ) لويس شيخو: " عند النصارى لقب للرسول يوحن��ا بن زب��دي؛ ألن السيد المس��يح خص��ه بمحبت��ه بين تالمي��ذه، وعلى ظنن��ا -موا ب��ه أش��اروا إلى ذاك والق�ول ل�ه - أن النص��ارى ال�ذين س�

���روا في جمل���ة الص���حابة ") ( أي75الرس���ول، ومنهم من ذك صحابة النبي محمد ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم س��واء ك��انوا من

المهاجرين، أو كانوا من األنصار أهل المدينة. وما يقوله لويس ش��يخو هن��ا ينتقض وم��ا يقول��ه من أن اس��م ح���بيب من األس���ماء الش���ائعة بين النص���ارى الن���ادرة بين المسلمين؛ ألنه يقول عن هذا الضرب من األسماء النص��رانية ال��تي منه��ا في نظ��ره ح��بيب: أنه��ا أس��ماء تس��مى به��ا بعض نصارى العرب، والبعض�ية ه�ذه ال تع�ني الش�يوع، ك�ذلك ف��إن الص��حابة المس��لمين ال��ذين أش��ار إليهم بالمرجعي��ة إلى ابن

" تؤكد على أن العرب ق��د ك��انواالغابة أسداألثير في كتابه " يس��تخدمون ه��ذا االس��م، ليس ألن��ه يش��ير إلى ص��فة خاص��ة بالنصارى، ولكن ألن اشتقاق االسم من الش��يوع عن��د الع��رب خاصة شعراء الغ��زل الع��ذري ال��ذين ك��انت ت��ربطهم ب��المرأة عالق��ة المحب��ة ال��تي تس��تدعي مث��ل ه��ذا االس��م، فض��ال عن شيوعه في معاجم اللغة العربية، ومن الجدير بال��ذكر هن��ا أن��ا من الص��حابة مي حبيب ابن األثير في أسد الغابة عد فيمن س��ا بعض��هم من رضوان الله تعالى عليهم واح��دا وأربعين ص��حابي

(، وإذا قلن�ا إن من76المه�اجرين والبعض اآلخ�ر من األنص�ار )���ا من األنص���ار ق���د ت���أثر ب���الجيرة اليهودي���ة أو مي حبيب س�����ا من الص��حابة المسيحية، فلسنا نقول بذلك عمن سمي حبيب

المهاجرين. أرجع ل��ويس ش��يخو خم��ول أبي تم��ام في حداثت��ه إلى:ثالثا

امتهانه الحياكة التي يراها من الحرف الخاصة بالنصارى وهي من مذاهب الحض��ارة ال��تي ك��ان يجهله��ا ع��رب البادي��ة بينم��ا

/2- ط246 - لويس شيخو: النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية ص 74م - دار المشرق - بيروت. 1989

. 249- 248 - السابق ص 75 .ه�[: أسد63- عز الدين بن األثير أبو الحسن علي بن محمد الجزري ]ت 76

الغابة في معرفة الصحابة - تحقيق الشيخين: علي معوض و عادل عبد- دار الكتب العلمية. 687- 1/671الموجود

-25 - www.alukah.net

كانت شائعة بين عرب الحضر وكان أكثر شيوعها بين نصارى ( وك�ذلك امتهان�ه السقاية، وخمول�ه معهم�ا كان س�ببه77العرب )

دينه، ولنا أن نسائل الرج�ل: ه�ل ك�ل إنس�ان مش�هور مش�ار إلي��ه بالبن��ان في حداثت��ه ح��تى نعل��ل خم��ول ذك��ر أبي تم��ام الح��دث به��ذا التعلي��ل؟! وإذا ك��انت الحياك��ة حرف��ة نص��رانية خالصة، فلماذا وجدنا أبا تمام س��رعان م��ا تركه��ا؟ ب��ل وت��رك الشام كلها، وولى وجه��ه ش��طر مص��ر ليمتهن فيه��ا الس��قاية، السقاية خاصة، وفي جامعه��ا الكب��ير ج�امع عم��رو بن الع�اص رضي الله عنه على وجه أخص، ومصر على ما يذهب ل��ويس شيخو كانت تعرف الحياكة، ويمتهنها أهلها من األقباط. أليس من المستغرب حقا أن يهجر أبو تمام مهنة يمتهنها النصارى - إن كانوا قومه وأبناء ديانته - ليلجأ إلى امتهان مهنة الس��قاية،

( وس��قايتهم78وهي مهنة تذكر بالعرب خاصة بني عبد مناف )الحجيج في موسم الحج؟!.

وق��د عل��ل ل��ويس ش��يخو وج��ود م��ا في دي��وان أبي تم��ام من أبيات مشعرة بديانته اإلسالمية: " أنه لما أص��اب حظ��وة عن��د الخلفاء، وعند وجوه األمراء وكبار الدول��ة ع��دل عن دين��ه إلى

( وه�ذا من أس�وأ79اإلسالم مجاملة أو طمعا بحطام ال�دنيا " ) ما يمكن أن يعلل به توج��ه ف��ني أو ش��عري، أو ح��تى عق��دي؛ لمجانبته الموضوعية، وانتحائه جانب العصبية الممجوجة التي ال يستقيم معها علم، ولنا أن نسائل الرجل: إذا كان أبو تم��ام فعل ما فعل مجاملة ونيل حظ��وة، فلم��اذا لم يفع��ل األخط��ل ذلك؟! وهو الشاعر النصراني الكب��ير ال��ذي وص��ل إلى مرتب��ة ش��اعر البالط أو ش��اعر ب��ني أمي��ة كم��ا دع�اه عب��د المل��ك بن

( ورغم المح�اوالت المتع�ددة من الخليف�ة إلثنائ�ه عن80مروان ) دينه النص��راني، وتحس��ينه اإلس��الم ل��ه، فإن��ه ظ��ل على دين��ه

النصراني ومات عليه.

.. 37 - لويس شيخو: النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية ص 77 ه�[: أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه - تحقيق3 - الفاكهي المكي: ]ق78

م - النهضة الحديثة - مكة2/1994 - ط182/ 5د/ عبد الملك بن دهيش المكرمة.

. 258 - لويس شيخو: شعراء النصرانية بعد اإلسالم - القسم الثالث ص 79. 26 - إيليا الحاوي: األخطل في سيرته ونفسيته وشعره ص 80

-26 - www.alukah.net

وال عجب من أن نجد غير هؤالء من يق��ول باألص��ل النص��راني ألبي تمام من مثل أنيس المقدس��ي ال��ذي يق��ول: " وك��ل م��ا يمكن استخالصه من شتى الروايات أن والده رج��ل مس��يحي اسمه تدوس العطار، فحرف بعد إس��الم الش��اعر إلى أوس "

( ولم تكن هناك روايات متعددة - شتى - وإنم��ا هي رواي��ة81) الصولي التي تكلمنا من قبل حول غموضها وإبهام نسبتها إلى قائل معين، وربم��ا ك��ان ه��ذا اإلبه��ام، أو تعم��ده من الص��ولي دليل إهمال وعدم اهتمام لما قيل، وذكرها في كتابه من باب " أخبار أبي تمام " وليس من باب سرد حقائق ح��ول الرج��لا على نس��بة وأصله ودينه، خاصة أن الصولي ق��د ك��ان حريص�� الق��ول إلى ص��احبه تحقيق��ا للموض��وعية واألمان��ة العلمي��ة

والتاريخية. وفي إطار البع��د عن الموض��وعية يق��ول أنيس المقدس��ي م��ا قاله عمر فروخ من قبل حول كيفية دخول أبي تمام اإلسالم، وإن كان المقدسي يسوق ذلك في سياق حديث��ه عن ارتحال�هن إلى مصر، يقول المقدسي: " فشاعرنا على ما يظه��ر حس�� إليه اإلسالم وهو في الشام، ففعل ذلك من��دفعا بم��ا في��ه من الطموح وطلب العال، وظن أنه ينال غايته في مص��ر، فأمه��ا "

( ولم يكن أب��و تم��ام وه��و بالش��ام بالرج��ل ذي الش��أن82) والخطر حتى يكون في إسالمه قيم��ة - على ف��رض أن قوم��ا حسنوا له اإلسالم - بل لم تظهر عليه عالمات النجابة والبلوغا ألدل��ة بعد، ومن ثمة نجد في قضية تحسين اإلس��الم ل��ه دس�� واهي��ة ال تنهض حج��ة على إثب��ات القض��ية المطروح��ة أم��ام

المتلقين. ولعلنا وجدنا عند بطرس البس�تاني ش�يئا من الدق��ة: " ومنهم من يدفع نسبته إلى طيء، ويزعم أن والده نصراني من أهل جاسم يقال له تدوس العطار، فلما أس��لم غ��ير اس��مه فص��ار

ا " ) ( حيث نلمح إش��ارته إلى م��ا قي��ل دون ع��زوه إلى83أوس�� أحد محاكاة لما فعله الصولي ونلمح في تعبيره هنا م��ا ي��رجح

-186 - أنيس المقدسي: أمراء الشعر العربي في العصر العباسي ص 81م - دار العلم للماليين. 17/1989ط

. 187 - أنيس المقدسي: أمراء الشعر العربي - السابق - ص 82. 92 - بطرس البستاني: أدباء العرب في األعصر العباسية - سابق - ص 83

-27 - www.alukah.net

رفض��ه نفي النس��ب إلى طيء العربي��ة، كم��ا أن في قول��ه: "ويزعم " ما يدل على تشككه في نصرانية أبي تمام.

على أننا نجد عند البس��تاني م��ا يتعل��ق برحي��ل أبي تم��ام إلى مصر إذ الشائع في تراث أبي تم��ام الت��اريخي والش��عري أن��ه هاجر مرتحال إلى مصر باحثا عن ثراء يجتنيه، وليس خوفا من أحد - خاصة إذا كان الكالم حول دخوله اإلسالم - وإنم��ا ذهبا مخت��ارا، وأك��بر الظن المس��تفاد من إلى مص��ر بعينه��ا ح��ر الترجمات التاريخية ألبي تمام ومن ش��عره ك��ذلك أن��ه عن��دماا يافعا، لكن البس��تاني يق��ول: " ول��د هاجر إلى مصر كان شاب أب��و تم��ام في القري��ة الم��ذكورة - جاس��م - فحمل��ه أب��وه إلى مصر وهو طفل، فنشأ فيها، حتى إذا ترعرع أخذ يسقي الماء

(. 84في الجامع، وقيل بل كان يخدم حائكا ويعمل عنده " ) ولع���ل في اختالف م���ا يقول���ه بط���رس البس���تاني عن كالم األقدمين والمعاصرين في أمر ارتحال أبي تمام إلى مصر م��ا يدفعنا إلى التشكيك في ديانة أبي��ه النص��رانية؛ إذ لم ي��رد في ش��أنها عن��د األق��دمين باعتب��ار الق��رب الزم��ني من أبي تم��اما، سوى ما ورد عند الصولي من قول ق��وم ك��ان أب��وه نص��راني وقد وقفنا عند هذا القول وأشرنا إلى أنه ال ينهض حج��ة تثبت الديان��ة النص��رانية لألب ومن ثم��ة االبن، وإذا ك��ان األب ق��د ارتحل بابنه حبيب إلى مصر - على قول البستاني - فهل أخ��ذ باقي أسرته معه أم لم يأخذهم؟ إن األمر ال يخلو من غموض يدعو إلى الشك في نصرانية األب كم��ا ي��دعو إلى الش��ك في إس��الميته، ب��ل إن��ه ل��يرجح كف��ة انتم��اء األس��رة جميعه��ا إلى

اإلسالم. وإذا ع���دنا إلى ال���تراث ب���احثين عم���ا روي من المروي���ات التاريخية التي تسهم في جالء قضية إسالمية أبي تم��ام، فإنن��ا نجد منها ما رواه أبو بكر الصولي عن محمد بن موسى ق��ال: " س��معت علي بن الجهم ذك��ر دعبال فكف��ره ولعن��ه، وطعن على أش��ياء من ش��عره، وق��ال: ك��ان يك��ذب على أبي تم��ام ويضع عليه األخبار، ووالله ما كان إليه وال مقاربا له، وأخذ في وصف أبي تمام، فقال له رجل: والله لو كان أبو تم��ام أخ��اك ما زاد على م��دحك ل��ه فق��ال: إال يكن أخ��ا بالنس��ب، فإن��ه أخ

. 92 - بطرس البستاني: أدباء العرب في األعصر العباسية - سابق - ص 84 -28 -

www.alukah.net

�ا85باألدب وال�دين والم�ودة " ) ن ( وق�د ك�ان علي بن الجهم دي حسن األخالق أديبا شاعرا مبرزا، ولعل ذلك كله هو م��ا رب��ط بينه وأبي تم��ام برب��اط ص��داقة م��تين لم يف��رق بينهم��ا س��وى الموت، قال ابن الجهم عن س��بب تعلق��ه ب��أبي تم��ام: " ك��ان الش��عراء يجتمع��ون في ك��ل جمع��ة في القب��ة المعروف��ة بهم بجامع بغداد، ينشدون الشعر، ويعرض كل منهم على أصحابه ما يكون قد نظمه بعد مفارقتهم في الجمعة التي قبلها، فبينا أنا في جمعة من تلك الجم��ع ودعب��ل وابن أبي الش��يص وابنا، أبي فنن، والناس مجتمع��ون يس��معون إنش��اد بعض��هم بعض��ا في زي األع��راب. ا في أخري��ات الن��اس جالس�� أبص��رت ش��اب فلما فرغ كل منهم وقطع إنشاده، التفت الشاب إلين��ا وق��ال: قد سمعت إنشادكم منذ اليوم فاسمعوا إنشادي، فقلنا: ه��ات

فأنشد ]بسيط[: فحواك عين على نجواك يا

(86 )مذلثم مر فيها منشدا حتى أتى إلى قوله:

عر في��ه إذ تغاير الش��هرت ل��������ه س��������

ى ظننت قوافي���ه حتتقتتل س������������������

فعقد ابن أبي الشيص عند ه��ذا ال��بيت خنص��ره، ثم م��ر فيه��ا الشاب إلى أن أتى على آخرها، ثم أنشد قصيدة أخرى، فقلنا ل��ه: أيه��ا الش��اب لمن ه��ذا الش��عر؟ فق��ال: لمن أنش��دكموه، فقلنا له ناشدناك الله من تكون؟ فضحك وقال: أنا أب��و تم��ام الطائي؛ فرفعنا مجلسه حينئذ، وعظمناه تعظيما كبيرا، واشتد إعجابنا به؛ لدماثة أخالقه وفص��احة منطق��ه، وج��ودة ش��عره "

(87 .). 62- 61- الصولي: أخبار أبي تمام ص 85- ط3/5- ديوان أبي تمام بشرح التبريزي - تحقيق د/ محمد عبده عزام 86

م - دار المعارف - القاهرة. 6..5/2 - ابن نباتة المصري: سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون بهامش 87

ه-1/13.5- ط89- 1/88الغيث المنسجم في شرح المية العجم للصفدي - المطبعة األزهرية - القاهرة. وقد ورد الخبر بتفصيل في: تاريخ مدينة

..2- 12/19دمشق البن عساكر - سابق - -29 -

www.alukah.net

وعلى ذلك نستطيع القول: إن الحديث عن نصرانية أبي تمام له ما ينقضه من المرويات التراثية، وإذا صح ما قي��ل من أن��ه��ون علي��ه، " في دمش��ق نش��أ ح��بيب وش��ب ورأى قوم��ا يحن حسنوا له اإلسالم فاعتنقه، وقد بلغ سن الرش��د في األغلب "

( فإن ذلك - رغم الشك فيه - ال يغض من عربيت��ه الطائي��ة88) (89التي جعلها ال�دكتور ف�روخ نس�با إلى قبيل�ة طيء ب�الوالء )

هذه الطريقة في النسب التي قال عنها في موض��ع آخ��ر: إن أبا تمام " أراد أن يبتعد عن أهله الذين ظلوا على النص��رانية، فغادر دمشق إلى حمص، واتصل بأسرة عتيبة بن عبد الكريم الطائي فمدحها، وانتسب إليها بالوالء، فعرف من ذل��ك الحين

ب ب��الوالء في90باسم أبي تمام الطائي " ) ( وإن كان من نس� هذا المق��ام، فإنم��ا يك��ون إلى رب األس��رة عتيب��ة، فك��ان من األجدر أن يق�ال: أب��و تم��ام العت��بي انتس�ابا إلى الرج�ل ال��ذي

ه��� /813امتن عليه وقربه، على أنن��ا نج��د ابن تغ��ري ب��ردي ]ا874 ه�[ على تأخره يقول عن أبي تمام: " كان أب��وه نص��راني

( وهو كالم يحتم�ل ظ�اهره أن يك�ون األب نفس�ه91فأسلم " )ا ثم أس��لم، وذاك م��ا ينقض كالم ال��دكتور عم��ر ف��روخ نصراني

السابق. أما إذا وقفن��ا عن��د دي��وان أبي تم��ام حيث التس��جيل الح��رفي لكلمات��ه وج��دناه يتح��دث عن اإلس��الم والقيم اإلس��المية فيا أغراض شعره كلها حديث رجل لم ي��دخل اإلس��الم؛ ألن ناس��نوه إلي��ه وزين��وه، وإنم��ا يش��عر المتلقي لش��عره أن ه��ذا حس�� الرجل مسلم صليبة، وأن تعاليم اإلسالم وقيم��ه ال��تي تح��دث عنها وذكرها في شعره كأنما ارتضعها مع لبن أمه، ويمكن لنا أن ن��دلل على ذل��ك من خالل احتفال��ه بالتن��اص م��ع الق��رآن

الكريم والحديث النبوي فيما يلي: : التناص مع القرآن الكريم

/4- ط252/ 2- د/ عمر فروخ: تاريخ األدب العربي - األعصر العباسية - 88م - دار العلم للماليين. 1981

. 25- د/ عمر فروخ: أبو تمام شاعر الخليفة محمد المعتصم بالله ص 89. 2/252- د/ عمر فروخ: تاريخ األدب العربي - السابق - 90 - ابن تغري بردي: جمال الدين أبو المحاسن يوسف: النجوم الزاهرة في91

..2- الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة 2/261ملوك مصر والقاهرة م. 8

-30 - www.alukah.net

استرعت البالغة القرآني��ة أنظ��ار البلغ��اء والش��عراء م��ذ ن��زل على النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ المسلمون في تالوته آناء الليل وأطراف النهار، ولم يزل الشعراء ينهلون من آيات��ه ومعاني��ه م��ا يزين��ون ب��ه ش��عرهم، أو يعطون��ه من جماليات��ه التعبيرية ما يض��من لهم خل��ود أش��عارهم، وديموم��ة قراءته��ا، يقول الثعالبي " لم يتعرض لمعارضة القرآن منطي��ق م��دره - سيد ش��ريف - وال ش��اعر مص��قع إال ختم على خ��اطره وفن��ه، وإنما قصارى المتحلين بالبالغة، والحاطبين في حب��ل البراع��ة أن يقتبس��وا من ألفاظ��ه ومعاني��ه في أن��واع مقاص��دهم، أو يستش��هدوا ويتمثل��وا ب��ه في فن��ون م��واردهم ومص��ادرهم،ا م��ا لحس��نه غاي��ة، فيكتس��ي كالمهم ب��ذلك االقتب��اس معرض�� ومأخذا ما لرونق��ه نهاي��ة، ويكس��ب حالوة وطالوة م��ا فيه��ا إال معسولة الجملة والتفص��يل، ويس��تفيد جالل��ة وفخام��ة ليس��ت

( وم���ا له���ؤالء ال92فيهم���ا إال مقبول���ة الغ���رة والتحجي���ل " ) يقتبسون من القرآن الكريم ما ي��زين كالمهم برونق��ه وبهائ��ه، ويعضد حجتهم بعظيم بيانه وصدق كالم��ه، وه��ذا الن��بي ص��لى الله عليه وسلم وهو أفصح الناطقين الضاد قاطبة يقتبس من ألفاظ القرآن الكريم ودالالت��ه، وه��ؤالء الص��حابة والمتكلم��ون جميعهم يف��يئون إلى ظالل الق��رآن الك��ريم آخ��ذين م��ا يقيم

لسانهم ويبين حجتهم على طول اآلماد واألزمان؟!. ولم يكن أبو تمام بدعا من الشعراء المسلمين الذين حفظ��وا الق��رآن الك��ريم، وفهم��وا بفطن��ة ثاقب��ة الكث��ير من مرامي��ه ودالالته ومواضع االستشهاد به وتوظيفه بما يش��ي عن إيم��ان منه بهذا الق��رآن الك��ريم واع��تراف بفض��له ومكانت��ه وبالغت��ه، وفي توظيفاته واستدعاءاته للنص القرآني الك��ريم م��ا يوض��ح تدينه وعظيم ارتباطه بالقرآن، هذا االرتباط الذي ال يغض منه م���ا ذهب إلي���ه بعض مؤرخي���ه من الق���دامى، وردده بعض المعاصرين من أنه كان خفيف الدين، غير عابئ بفروضه، ولو سلمنا بذلك جدال وكن�ا ق�د نفين�اه من قب�ل، فإن�ه ال يمن�ع من حفظ��ه للق��رآن الك��ريم وفهم��ه وفقه��ه، ومن ثم��ة لم تكن اس��تدعاءاته للنص��وص القرآني��ة الكريم��ة إال في مواض��عها، ومؤدية ما يريده هو منها من داللة في سياق نص��ه الش��عري.

- الثعالبي: االقتباس من القرآن الكريم تحقيق د/ابتسام الصفار163 92م - دار الوفاء - المنصورة - مصر.1/1992 - ط1/39

-31 - www.alukah.net

في مرثية منسوبة ألبي تمام في ابن له يتن��اص لفظ��ا ودالل��ةذين إذا أصابتهم مصيبة مع اآلية الكريمة من سورة البقرة }ال

ا إليه راجعون{ ]البقرة: ه وإن ا لل [ يقول أبو تم��ام156قالوا إن(: 93]مخلع البسيط[ )

��ان الذي خفت أن كيكونا

ا إلى الل��ه راجعونا إن

فالمصراع الثاني يستدعي ألفاظ خاتمة اآلية الكريمة ب��داللتها على التسليم بالعجز المطلق أمام اإلرادة اإللهية، وقد أرص��د لذلك بالمص��راع األول ال��دال على كينون��ة م��ا يخ��اف كينونت��ه ووقوعه وهو م��وت الول��د، وبعي��دا عن الله��اث وراء العاطف��ة وقوتها أو ضعفها، وهي أم��ر ال ينبغي أن يس��أل عن��ه في ه��ذا الس��ياق، ف��إن مث��ل ه��ذا االقتب��اس يش��ير إلى فهم الش��اعر

لمدلول النص الكريم فضال عن حفظه والتسليم بداللته. ��ديع ويتن��اص م��ع ق��ول الل��ه تع��الى من س��ورة البق��رة } بم��ا يق��ول ل��ه كن ى أم��را فإن ماوات واألرض وإذا قض�� الس��

[ في مدحه الخليف��ة العباس��ي الواث��ق117فيكون{ ]البقرة: (: 94بالله حيث يقول ]كامل[ )

جعل الخالفة فيه ربقول�����������������������ه

يء "كن سبحانه للش���������������������ون" فيك

" يستدعي أمرين أولهما أنكن فيكونواستدعاء نص اآلية " الشاعر مدرك تمام اإلدراك ارتباط عج��ز ال��بيت بص��دره؛ ل��ذاا، أرصد له ب��أن جع��ل وص��ول الخالف��ة إلى ممدوح��ه جعال إلهي ومن ثم جاء بالنص القرآني الصريح الدال على طالقة القدرة اإللهية، وأم��ا ث��اني األم��رين، فه��و ش��رعية المجع��ول بحيث ال يحق لغير المجعول له أن ينازعه فيه؛ ألنه قض��اء إلهي وال راد لقضاء الله، ومن ثمة ندرك قيمة التناص م��ع النص الق��رآني،

وأنه إنما جيء به في موضعه من سياق األبيات.

. 4/677- ديوانه بشرح التبريزي 164 93.3/326- ديوانه بشرح التبريزي 165 94

-32 - www.alukah.net

ومن المالح��ظ أن التن��اص في ه��ذا ال��بيت ج��اء في ص��ورة العقد؛ حيث نب��ه الش��اعر على أن خت��ام ال��بيت ه��و ق��ول رب العالمين، ومن مثل هذا التن��اص العق��دي قول��ه من م��دح ابن

(: 95يوسف الثغري ]بسيط[ )���ان وع���دك لي ق���د كرني ي بح�������را فص�������

ماع إلى الضحضاح يوم الزل والوش�������������������������

ن الل����ه ه����ذا من وبيت�������������������������ه بري

ان في قوله " خل��ق اإلنس�من عج���������������������ل"

فقد كان وعده إياه بالعطاء والكرم واسعا سعة البحر، بيد أنه استعجل هذا العطاء في يوم العزم، ومن ثم��ة لم يص��ل إلي��ه من هذا العطاء إال أقل القليل: الضحضاح: الم��اء القلي��ل على وجه األرض، الوشل: بقية الم��اء، وعلي��ه فق��د حرمت��ه العجل��ة عطايا ممدوحه، والعجلة ش��يمة اإلنس��ان، وأك��دها باس��تدعائه النص القرآني الكريم ونسبه إلى الله عز وجل؛ ليؤك��د أن م��ا نزل به من قلة عطاء الممدوح لم يكن بدعا وإنما ه��و طبيع��ة

بشرية. ومن الح��ق الق��ول في ه��ذا الس��ياق إن التناص��ات ال��تي تم التمثي��ل له��ا فيم��ا س��بق ق��د ك��انت على ق��در من المباش��رة والتقريرية ما ينأى بها عن المفهوم النصي للتناص، ومع ذل��ك فال يستطيع القارئ أن يطرد عن ذهنه ما يمكن أن يثار ح��ول وجود ش��واهد من النص الق��رآني في قص��ائد الش��عراء، وإنن��ا لنرى أن��ه من الغبن ال��بين للش��عراء، ب��ل وللنص الق��رآني أن نقص��ر أم�ر اس�تدعائه على الزين�ة وني�ل ش��يء من القدس�ية

.. 9/ 3- ديوانه بشرح التبريزي 95 -33 -

www.alukah.net

والخلود كما س��بق من ق��ول الثع��البي، وإنم��ا األم��ر أك��بر من ذل���ك، وأغلب الظن أن الش���عراء عن���دما ك���انوا يس���تدعون مقتبسين ومتناصين م��ع النص الق��رآني؛ إنم��ا ك��انوا يح��اولون إثراء النص الش��عري ب��الثراء ال��داللي وتنوع��ه للنص الق��رآني الذي يتفاعلون معه في نصوصهم الشعرية، وهو ما رأيناه مع أبي تمام في تناصاته المختلفة والمتعددة م��ع النص الق��رآني

الكريم. وربما بدا أمر األهمية الداللية التي ينتجها التناص الشعري مع آيات القرآن الكريم فيما نسميه التن��اص ال��داللي ال��ذي يق��ف عند الداللة وح��دها دون أن يقتبس الش��عراء اللف��ظ الق��رآني كامال، وفي هذه الص��ورة من ثم��ة يب��دو األث��ر الف��ني للتن��اص واضحا في ربط المتلقي بالنص وتفاعله معه، حيث يثير ذهن��ه ويحرك��ه للبحث عن مص��در التفاع��ل ودالالت��ه المتع��ددة مم��ا

يسهم في ثراء النص الشعري المقروء. روى الصولي أن الكندي لما سمع بيت أبي تمام مادحا األمير

( ]كامل[: 96العباسي أحمد بن المعتصم ) إق�����دام عم�����رو في ماحة ح�������اتم س�������

������ف في في حلم أحن���������اس ���������اء إي ذك

��ا الطعن علي��ه أم��ام األم��ير الش��اهد ق��ال ألبي تم��ام راغب ( فق�ال أب�و تم�ام من97للموق�ف: األم�ير ف�وق من ذك�رت " )

(: 98فوره بديهة ) ال تنكروا ضربي ل��همن دون���������������هرب فالل��ه ق��د ض��������وره األق������ل لن

رودا في مثال ش��������������اس دى والب النكاة مثال من المش������������������راس ب والن

وأثبت البيتين في القصيدة كما يقول ال��راوي، ون��رى الش��اعرماوات ه نور الس�� يتناص مع اآلية الكريمة من سورة النور }الل

. 2/249- ديوانه بشرح التبريزي 167 96. 231- الصولي: أخبار أبي تمام - سابق - ص 168 97.. 2/25- ديوانه بشرح التبريزي 169 98

-34 - www.alukah.net

باح في زجاج��ة واألرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المص����ة ال ��ة زيتون جرة مبارك ي يوقد من ش�� ها كوكب در جاجة كأن الز��ور ��ار ن ه ن ��و لم تمسس�� يء ول ة يكاد زيتها يض�� ة وال غربي شرقي��ال ه األمث رب الل اء ويض�� ��وره من يش�� ه لن ��ور يه��دي الل على ن

ه بكل شيء عليم{ ]النور: اس والل [ وه��ذا التن��اص ق��د35للن استدعاه الموقف الذي وضع فيه أبو تمام، فه��و تن��اص تمثي��ل جيء ب��ه إلفح��ام يعق��وب بن إس��حق الكن��دي، ومن هم على شاكلته ممن أرادوا النيل من الش��اعر عن��د األم��ير العباس��ي؛ ولذلك وج��دناه يب��دأ ه��ذين البي��تين بالخط��اب المنفي الموجه إليهم متعلال بالتعبير القرآني حيث إن الله تبارك وتعالى ش��به نوره بشيء أقل منه وهو المص��باح الموض��وع في المش��كاة، ولم يكن التش��بيه الق��رآني إال على س��بيل تق��ريب الص��ورة للمتلقي؛ فالله تب��ارك وتع��الى ال تدرك��ه األبص��ار وه�و ي��دركها سبحانه وتعالى، واالستدعاء للنص الكريم في البيت جاء على صورة من صور التلميح وهي اإلش��ارة ب��داللتها على اس��تدعاء معنى النص القرآني الكريم دون اللفظ، وإن استعانت ببعض اللف��ظ في س��ياقات تركيبي��ة مغ��ايرة عن س��ياقاتها في النص

الكريم. ومن استدعاءاته اإلشارية قول�ه في يم��دح محم��د بن يوس��ف

( ]خفيف[: 99وقد قدم مكة حاجا ومعه خيله )ة لم يحدث نفسا بمك

ى حت��ه ج��ازت الكه��ف خيل

قيما والر

إن هذا القائد المظفر ما هم بالحج وقضاء مناسكه إال بعد أن فتح الفت��وح في بالد ال��روم، ودل على ذل��ك ذك��ره موض��عي: الكه��ف وال��رقيم وهم��ا كم��ا يق��ول ش��ارح ال��ديوان موض��عان: }أم بالروم، على أن ذكرهما هنا يستدعي قول الله عز وجل��ا{ ��ا عجب ��انوا من آياتن قيم ك حاب الكه��ف وال��ر حسبت أن أص��

[ ولعل في هذا التن��اص م��ا ي��دل على ق��وة إيم��ان9]الكهف: الممدوح، وقيام��ه بواجب��ات ال��دين حيث الحماي��ة من األع��داء المش��هورين بالع��داوة، وقض��اء الش��عائر الديني��ة عينه��ا ومنه��ا الحج، مثلما حافظ أهل الكهف والرقيم على دينهم، وفروا ب��ه

من وجه الملك الظالم. . 3/226.- ديوانه بشرح التبريزي 17 99

-35 - www.alukah.net

ومن سبيل اإلشارة في استدعاء النص القرآني الك��ريم قول��ه في م��دح المعتص��م العباس��ي من بائيت��ه الش��هيرة في فتح عموري��ة، حيث يض��في علي��ه من ص��فات اإلمامي��ة الديني��ة، والسعي اإلسالمي عندما يجعل قتال��ه في عموري��ة استنص��ارا

(: 100لدين الله تعالى، يقول ]بسيط[ )����ك الل����ه رمى ببرجيه���ا فه���دمها

��ر ��ك غي ��و رمى ب ولب الل�����ه لم يص�����

وألنه لنصرة دين الله فقد نسب الرمي به في ه��ذه المعرك��ة إلى الله تعالى؛ ولذلك تحقق النصر، وأم��ا إذا ك��ان قتال��ه في غ��ير نص��رة دين الل��ه م��ا تحق��ق ل��ه نص��ر، وفي ال��بيت تلميح إش��اري إلى م��دلول قول��ه تع��الى من س��ورة األنف��ال: }فلمه ه قتلهم وم�����ا رميت إذ رميت ولكن الل �����وهم ولكن الل تقتل

[ حيث نلمح نسبة الرمي في ال��بيت وفي17رمى{ ]األنفال: النص الكريم إلى الله تع��الى، وه��و م��ا تحق��ق بفض��له النص��ر

على األعداء. ضا ببعض بني حميد دون أن يص��رح بهج��ائهم؛ ألنهم وقال معر

(: 101من طيء، ولسابق مدحه إياهم ]وافر[ ) دة إال وم���ا من ش���يأتي س�������������������

دتها لها من بع��د ش��رخ���������������������اء

(: 102وقال من يمدح الحسن بن رجاء ]سريع[ )ر ى انثنى العس������ حتره إلى يس����������������

���ه ذاك وانحت عن خديالعب����������������������وس

.59/ 1- ديوانه بشرح التبريزي 100. 296/ 4 - السابق 101. 281/ 2 - السابق 102

-36 - www.alukah.net

حيث ن��راه فيهم��ا يرك��ز على أن��ه الب��د أن يك��ون بع��د العس��ر والمش��قة دائم��ا يس��ر، وه��و تلميح إش��اري إلى قول��ه تع��الى:

،5( إن مع العسر يسرا{ ]الش��رح: 5}فإن مع العسر يسرا ) [ وفي ال��بيت األول رأين��اه يس��تخدم الدالل��ة دون اللف��ظ:6

الشدة، والرخاء، بينما وجدناه في البيت الث��اني يس��تخدم من اللفظ القرآني العسر واليسر دون أن يستدعي لهما التركيب النحوي الذي وظفه الق��رآن الك��ريم في ص��ورة بديع��ة ليؤك��د

على القانون اإللهي الذي ال يتغير وال يتبدل. ويقول في مطلع قصيدته التي يرد فيها على عتبة لهجائه بني

(: 103عبد الكريم الطائيين ]منسرح[ )ى ه���ربت عري أن ش���

في الطلبماء عدت الس�� ��و ص�� ولبب في س�����������������

إنه ليس لعتبة من مهرب يهرب إليه وق��د هج��ا ه��ؤالء الق��وم،��ا إلى الس��ماء بس��بب، فلن يفلت منهم، حتى ول��و ص��عد هارب

في البيت إنم��االسبب والسماءولعل أبا تمام بتوظيف دالتي ��ان يظن أن لن يلمح أ ويشير إلى ق��ول الل��ه تع��الى: } من كماء ثم بب إلى الس�� ه في الدنيا واآلخرة فليم��دد بس� ينصره الل

[.15ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ{ ]الحج: ويمتدح أبو تمام حبيش بن المعافى قاضي نص��يبين مس��تدعيا صفات العدل واألمانة وك��ل م��ا يس��تدعيه القض��اء من الخالل العامة أوالذاتية، وما يطلب إليه من إص��ابة الح��ق زالبع��د عن

(: 104الزلل في األحكام يقول ]طويل[ )

نى إذا ويجزي����ك بالحس����نا كنت محس�������������������

ويغتف������ر العظمى إذات ع������������������ل زل الن

. 3.5/ 4 - ديوانه بشرح التبريزي 103. 1/3.5- شرح ديوان أبي تمام 175 104

-37 - www.alukah.net

فالمصراع األول تناص صريح مع قول الل��ه تع��الى من س��ورةنى{ ]النجم: نوا بالحس�� ذين أحس�� [ وه��ذا31النجم }ويجزي ال

التناص وإن حمل في داللت��ه ش��يئا واض��حا من المبالغ��ة ال��تي ترتف��ع بالقاض��ي المم��دوح إلى المقام��ات العال حيث الع��دل المطل��ق المرتب��ط بك��ون الج��زاء من جنس العم��ل وس��ماحة النفس التي تعفو عن��د اقت��دارها غ��افرة ال��زالت وإن عظمت، فإن هذا التناص يعطينا صورة من ص��ور الحي��اة ال��تي عاش��ها

الشعراء، وعاشها ممدوحوهم. ويمدح أيضا إسحاق بن إبراهيم المص��عبي القائ��د ال��ذي نكس

ة ) مي 105راي��ة الخر ( فيس��تدعي بعض الكلم��ات القرآني��ة ق��ائال( ]كامل[: 106)

���وا من الم���اء نقلة م����ير وعيش���� الن

لين رغد إلى الغس�� قوم والز

والنقلة هن��ا تش��ير إلى التح��ول من ح��ال النعم��ة والرغ��د إلى حال كان شرابهم الغس��لين وهي كلم��ة لم تس��تعملها الع��رب وإنما استعملها القرآن الك��ريم في س��ورة الحاق��ة في حديث��هلين{ عن الكافر ي��ؤتى كتاب��ه بش�ماله }وال طع��ام إال من غس�

[ وهو في قول بعض المفسرين شجر يأكله أه��ل36]الحاقة: النار، وربما كان غير معروف عند البعض اآلخر مما يع��ني أن��ه استعمال ق��رآني خ��اص، ومثل��ه الزق��وم في ال��بيت، وه��و من

(107شجر النار تحيا بلهب النار كما تحيا الشجرة ب��برد الم��اء ) وقد وردت في مواض��ع ثالث��ة من الق��رآن الك��ريم ن��ذكر منه��ا

قوم ) جرت الز ( طع���ام األثيم{43قول���ه تع���الى: }إن ش��� [ والتناص مع الكلمتين القرآنيتين دال على44،� 43]الدخان:

تهكم الشاعر وسخريته بالخرمية الذين أذاقهم ممدوحه هوان الدنيا، وفي انتظارهم هوان اآلخرة حيث ال طع��ام وال ش��راب

إال من الغسلين والزقوم. وال يقف أمر التناص م��ع الق��رآن الك��ريم في ش��عر أبي تم��ام عن��د ح��د م��ا س��بق من نم��اذج قمن��ا بالت��دليل به��ا على عم��ق عالقته بالقرآن الكريم وإنما ثم��ة طرائ��ق أخ��رى للتن��اص م��ع

- تحدثنا عن بابك الخرمي وثورته في الفصل األول. 176 105 .3/266- شرح ديوان أبي تمام 177 106. 15/86- القرطبي: الجامع ألحكام القرآن 178 107

-38 - www.alukah.net

الق��رآن الك��ريم في ش��عره، منه��ا م��ا يرتب��ط باس��تدعاء بعض األعالم القرآنية، وهذه رأينا أن نشير إليها في سياق الح��ديث عن التناص م��ع األعالم، ومنه��ا م��ا يتعل��ق باإلش��ارة إلى بعض القص��ص الق��رآني المتعل��ق باألنبي�اء الس�ابقين عليهم الص��الة

والسالم أو باألمم السابقة. ولع��ل قص��ة موس��ى علي��ه الس��الم ك��انت من أب��رز القص��ص الق��رآني ال��ذي اس��تدعاه أب��و تم��ام في ش��عره خاص��ة في مدائحه، وإن شئنا مزيدا من التخصيص قلنا إنه بألمعية عرف به��ا ك��ان يوظ��ف القص��ة في س��ياقات مدح��ه للمم��دوحين يتسمون باسم نبي الله موسى عليه الس��الم، من ذل��ك قول��ه في م��دح موس��ى بن إب��راهيم بع��دما أحدث��ه في بالد الش��ام وعس�قالن من األمن والع�دل، وك�أنهم قب�ل مجيئ��ه ك�انوا في

(: 108ضالل، فأتى هو بالهداية، يقول أبو تمام ]كامل[ )وا هم بالعجل ضل فكأنحقب����������������������ة

ى إذ ����أن موس���� وكى ������اهم موس������ أت

في البيت ثالث دوال تستدعي واح��دا من مش��اهد قص��ة ن��بي الله موسى عليه الس��الم في الق��رآن الك��ريم، وه��ذه ال��دوال

، فهي تستدعي ق��ول الل��هموسى - ضلوا - العجلالثالثة هي: خذ قوم موسى من بع��ده من عز وجل عن قوم موسى: }واتمهم وال يه��ديهم ه ال يكل هم عجال جسدا له خوار ألم يروا أن حلي

��انوا ظ��المين ) خذوه وك ��ديهم148سبيال ات قط في أي ( ولما س��نا ويغفر لنا لنكونن وا قالوا لئن لم يرحمنا رب هم قد ضل ورأوا أن

يقول الت��بريزي في[�� 149،�� 148من الخاسرين{ ]األعراف: شرحه لبيت أبي تمام: " موس��ى األول ه�و المم��دوح، يق��ول: ك��أنهم ق��وم موس��ى حين ض��لوا م��دة بالعج��ل، فأنق��ذهم من ض�اللهم موس�ى لم�ا رج�ع إليهم بع�د الميق�ات، فك�أن ض�الل ه�ؤالء كض�الل أه�ل موس�ى بالعج�ل، فأرش�دتهم وأنق�ذتهم "

(109 .) وعلى هذا النحو ندرك أن أبا تمام كان مدركا ألهمي��ة الق��رآن الكريم العقدية والجمالي��ة والداللي��ة، وه��ذا اإلدراك ه��و ال��ذي

. 269/ 2 - ديوانه بشرح التبريزي 108. 269/ 2 - ديوانه بشرح التبريزي 109

-39 - www.alukah.net

دفعه إلى اإلف��ادة من��ه لفظ��ا ودالل��ة، أو لفظ��ا دون دالل��ة، أو داللة دون لفظ، يدفعه في ذلك حفظه للقرآن الكريم، وفقهه آلياته وأحكامه، وإحاطته بمواضع االقتباس أو التلميح أو العقد

أو غيرها من صور التناص مع القرآن الكريم. : التناص مع الحديث النبوي

ومثلم��ا ك��ان أب��و تم��ام م��دركا تم��ام اإلدراك دور الس��ياقات القرآني��ة في إب��راز تجارب��ه الش��عرية، ومن ثم��ة راح يتن��اص وآي��ات ال��ذكر الحكيم لفظ��ا ودالل��ة أو دالل��ة فحس��ب، فإن��ه بالمثل ق��د ك��ان على وعي كب��ير بالح��ديث النب��وي الش��ريف، ومدركا في اآلن عينه مكانته من حيات�ه ودين��ه ومن ثم�ة ك�ان قارئا واعيا حافظا للح�ديث النب��وي؛ ول�ذا ن��درك نحن م��رامي

تناصاته مع بعض من األحاديث النبوية الشريفة. وقد قدمنا فيما سبق أن الن��بي ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم ك��ان يقبس من ألفاظ القرآن ودالالته في سياق أحاديث الشريفة، من ذلك الحديث الذي يقول في��ه ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم: " نصرت بالرعب على العدو، وأوتيت جوام��ع الكلم، وبينم��ا أن��ا

عت في ي��دي (110" )ن��ائم أتيت بمف��اتيح خ��زائن األرض فوض����وب نلقي في قل نراه يستدعي فيه قول الل��ه ع��ز وج��ل: }س��لطانا ��ه س�� ل ب ه ما لم ينز عب بما أشركوا بالل ذين كفروا الر ال

��وى الظالمين { ]آل عم��ران: ار وبئس مث [151وم��أواهم الن ( والتعبير بالرعب هنا يستدعي ق��ول أبي تم��ام في م��دح111)

( ]بسيط[: 112جهاد الخليفة المعتصم بالله ) لم يغ��ز قوم��ا ولم������د ينه������د إلى بل

تقدمه جيش من إالعب ال������������������ر

ويستدعي هذا المدح قوة الممدوح وقوة جيشه الذي ال يكون قاصرا على الجنود وحدهم، وإنما يشير التناص هن��ا إلى ك��ون الرعب جندا من جنود الخليفة العباسي المعتص�م بالل�ه، وه�و قول النبي ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم: نص��رت ب��الرعب، واآلي��ة

م - دار الحديث -1/1994 ط3/7- صحيح مسلم بشرح النووي 182 110القاهرة

من26من األنفال، 12 وانظر اآليات: 151- سورة آل عمران اآلية 183 111 من سورة الحشر. 2األحزاب،

.1/59- ديوانه بشرح التبريزي 184 112 -40 -

www.alukah.net

الكريمة إنما هي تفسير وتوضيح لكيفية كون الرعب جيشا أو جندا من جند النبي صلى الله علي��ه وس��لم وفي كال النص��ين: اآلية القرآنية والحديث النبوي ما يشير إلى التأثر الديني الذي بدا على إب��داعات أبي تم��ام، وفهم��ه له��ذه النص��وص الديني��ة

وبصره بمواضع توظيفها. ولعل ال��بيت األك��ثر وض��وحا في التن��اص م��ع الح��ديث النب��وي السابق حول النص��رة ب��الرعب ه��و ق��ول أبي تم��ام في م��دح

(: 113خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني ]طويل[ )ير ريكي يس�� م ش�� أش��أمام����������������������ه

هر في يرة ش����� مس�����عب �������ه ال�������ر كتائب

بيد أننا نراه يتن��اص في ص��ورة من ص��ور االقتب��اس م��ع ق��ول أعطيت خمسا لم يعطهن أحدالنبي صلى الله عليه وسلم: "

حيث نج���ده (114)قبلي: نص���رت ب���الرعب مس���يرة ش���هر " مس��يرة ش��هر،يستدعي من ألف��اظ الح��ديث الش�ريف دوال:

دون أن يلتزم البني��ة الركيبي��ة ال��تي وردت عليه��ا فيالرعب، الحديث الشريف.

ويمكن لن��ا أن نفهم في ه��ذا الس��ياق ق��ول أبي تم��ام مادح��ا( ]كامل[: 115المعتصم وذاكرا فتح الخرمية )المؤمنين أمير أعطى يوفه س���������������������وف تيقنا أن س��� مس���يمح���������و قتل���������هالة إذا �����ل الص����� مثلحت أقيمت أص����������

ا وحكوم��ة ض�� فيه الر�������������������ال المقتهو ���ان من س��� م���ا كوإغف�������������������الائر م��ا قبله��ا من س��األعم�������������������ال

والمدح هنا يش��ير إلى موق��ف الخليف��ة المعتص��م الح��ازم من بابك الخرمي هذا المقتال المحتكم على أتباعه في غفلة من��ه وسهو عن بيت الخالفة والحكم، ولذلك أعم��ل المعتص��م في��ه

. 189/ 1- ديوانه بشرح التبريزي 113 - الحديث صحيح، انظر: سنن النسائي - تعليق ناصر الدين األلباني ص114

م - مكتبة المعارف - الرياض.1988/ 1- ط74. 3/134- شرح ديوان أبي تمام 187 115

-41 - www.alukah.net

وفي أتباعه سيوفه راضيا بم��ا أص��ابهم من التنكي��ل والتقتي��ل، ونلح��ظ هن��ا أن ذك��ر الس��هو واإلغف��ال م��ع الص��الة يس��تدعي اإلش��ارة إلى س��جود الس��هو وج��بره م��ا يح��دث من نقص في الصالة مما يعني وقوف الشاعر على األحكام الفقهية الديني��ة وعلمه بها، وفقهه لها، كما نلحظ في البيت األخير التناص م��ع

" أن أول ما ينظر في��ه من عم��لما جاء في الحديث النبوي: العبد الصالة، فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله، وإن لم

��ل من��ه لم ينظ��ر في ش��يء من عمل��ه ( وفي ه��ذا116" )تقب التناص ما يشير إلى إحاطة الشاعر بعلوم الحديث النبوي من ناحية وربطه أهمية الصالة في قبول األعمال من ناحية أخرى معرضا بذلك بالخرمية الذين لم يكونوا يقيمون للص��الة قيم��ة في سلوكيات حياتهم، وكأنهم لو أحسنوا الصالة، وما تبع ه��ذا اإلحس��ان من ال��والء للخالف��ة العباس��ية لتغاض��ى الخليف��ة

المجاهد عن التنكيل بهم. ضا ببعض بني حميد بعد مقت��ل محم��د بن ويقول أبو تمام معر

( ]وافر[: 117حميد الطوسي )��ة إذا لم تخش عاقبي�������������������الي الل

ولم تستحي فافع��لاء م���������ا تش���������

فقد لجأ إلى اإلرصاد عندما ب��دأ المص��راع األول به��ذه البداي��ة ال��تي به��ا يتوق��ع المتلقي م��ا يمكن أن يك��ون في المص��راع

إن مم��ا أدرك الن��اس منالثاني وهو داللة الح��ديث النب��وي " (118 " )كالم النب��وة األولى: إذا لم تس��تح فاص��نع م��ا ش��ئت

واألمر هنا وفي البيت دال على التهديد والسخر من هذا الذي ال يقيم للحياء وزنا مم��ا يش��ير إلى دنس النفس وقبحه��ا؛ ألن الحياء ما دخل شيئا إال زانه، وما نزع من شيء إال ش��انه كم��ا

ورد في الحديث الشريف. ونختم هذه التناصات الشعرية مع الح��ديث النب��وي بق��ول أبي

( ]كامل[: 119تمام من رثاء محمد بن حميد )- ط391.- 3/39- الكاندهلوي: أوجز المسالك إلى موطأ مالك 188 116

م دار الكتب العلمية - بيروت. 1/1999. 4/296- شرح ديوان أبي تمام 189 117. 7/196.- فتح الباري شرح صحيح البخاري - سابق - 19 118. 4/1.5- ديوانه بشرح التبريزي 191 119

-42 - www.alukah.net

إن كان ريب الدهرأثكلنيهم

ت ا مي فالدهر أيض�������������������ول مثك

وإذا ك��انت ح��وادث ال��دهر ق��د أفقدت��ه ه��ؤالء األحب��اب ال��ذين يرثيهم، فمما يخفف ما به من الجزع عليهم أن ال��دهر نفس��ه سوف يصيبه الموت وهن��ا نلمح التن��اص ال�داللي م�ع الح�ديث

إذا صار أهل الجن��ة إلى الجن��ة، وأه��ل الن��ارالنبوي الصحيح " ��ذبح، إلى النار جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والن��ار ثم ي "ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة ال موت، ي��ا أه��ل الن��ار ال م��وت

(120) . وال يقف أمر التناص مع الحديث النبوي الشريف عن��د الدالل��ة وحدها، وإنما نراه يس��تدعي األلف��اظ والمص��طلحات الخاص��ة بعلم الحديث من ذلك قول��ه في داليت��ه ال��تي يم��دح فيه��ا ابن

(: 121أبي دواد ]خفيف[ ) من أح�������اديث حينأ �������الر دوخته�������ا ب

عيفة �����انت ض����� ي كناد اإلس���������������������

حيث يصف الممدوح بالدقة والتثبت، والتريث ورد األمور إلى أصحابها، وقوله ممت��دحا مس�اعي الم��أمون الكريم�ة ]كام�ل[

(122 :) ام بقت خط��ا األي س��

اتها عمريارت ت فص���� ومض����ند ندا للمس����� مس�����

فالمسند واإلسناد من مصطلحات علم الحديث، والم��راد هن��ا أن الدهر يتكفل بإسناد هذه المساعي الحميدة إلى الم��أمون صاحبها، وفي االستدعاء ما يدل على تحري نسبة الفضل إلى أهله، فضال عن الداللة على خلود تل��ك المس��اعي؛ ألن ال��دهر

قد خلدها بنسبتها إلى صاحبها الخليفة العباسي المأمون.

.13/234- فتح الباري شرح صحيح البخاري 192 120.362/ 1 - ديوانه بشرح التبريزي 121..5/ 2 - السابق 122

-43 - www.alukah.net

كما يستدعي أبو تمام عددا من الدوال اللغوية المتداول��ة فينة كتب السنة النبوية، وعلى ألسنة المح��دثين منه��ا دال��ة الس� في قوله من م��دح أبي القاس��م بن عيس��ى العجلي ]بس��يط[

(123 :) في د الخالئق إال قص�������وغى ون��������������������دى

ة م��ا لم يكن ن كالهم��ا س��رفا س����������������������������

إنه وسط مقتصد في كل شيء إال في الحرب والك��رم وهم��ا من السنن التي ال يقتصد فيها، إال إن ك��ان ذل��ك من الس��رف فيعد عيبا يعاب به، هذا إذا اعتبرنا مع البعض أن رواية البيت: سبة، وليست سنة كما ورد عند الصولي في شرحه لل��ديوان،

(:124ومنها دالة البدعة في قوله يمدح ابن أبي دواد ]طويل[ ) إذا أنت لم تحفظ�����ه لمي������������ك بدع������������ة

عته ي ������ا أن ض������ وال عجباألع��������������������������اجم

عر وعنايت��ه؛ ألن��ه للمك��ارم حيث ينص��ح ممدوح��ه برعاي��ة الش�� كالخواتم لألص��ابع في تزيينه��ا، وإن��ه إذا ض��يع الش��عر لم يكن تضييعه بدعة، وليس عجيبا أن يضيعه األعاجم. إلى غ��ير ذل��ك من الدوال اللغوية التي تكش��ف عن علم أبي تم��ام وإحاطت��ه

بالحديث وعلومه.

سبة. 365/ 2 وفي شرح التبرزي 53/ 2 - ديوانه بشرح الصولي 123. 183/ 3 - ديوانه بشرح التبريزي 124

-44 - www.alukah.net