974

120

Upload: kotob-arabia

Post on 27-Jun-2015

392 views

Category:

Education


13 download

TRANSCRIPT

Page 1: 974
Page 2: 974

خاليةمقاعد

א

Page 3: 974

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

Page 4: 974

مقاعد خالية ١

فاتحة روح ٢

٣ موافقة أخيرة لكائن

رافض

نقط فوق حروف مائلة ٤

فاتحة للعين ٥

شعر البنت ٦

٧ إصبع وحيد فى كف

الشمس

ورق أبيض ٨

ليدجيــا ٩

توقيعـات ١٠

Page 5: 974

صاحت مـديرة المدرسـة الملتصـقة

فصـاح نـاظر .بالكرسى منذ خمسـة أعـوام

المدرسة الذى لن يشم رائحة الجنة كما تقول أم

فكم مسح مئات المـرات ،أحمد فراشة المديرة

فخذيها و ردفيها بعينيـه الخبيثتـين مـن وراء

.نظارته السميكة

البد من تواجـد المدرسـين داخـل -

الفصول

قالت أم أحمد و هى تعطيه ظهرها بعد

.أن تفرس صدرها النافر

هيشرحوا للدكك -

لم يستطع أن ينظر لها و صـرخ فـى

الـواقفين فتطـايرت المدرسـات مـن أمامـه

كالفراشات مدعيه أنهن سوف يذهبن للفصول إن

Page 6: 974

فالشباشـب جـاهزة أو مسـحة ،حاول تتبعهن

وعلى خفيفة من يد أو ردف تجعله هادئاً مطمئناً

تسمر األستاذ .استعداد تام لتحمل كل الجزاءات

أحمد مدرس اللغة اإلنجليزية فى مكانـه ولـم

قال هادئاً . .يتحرك

لو كان فيها بنات . .نعم -

اجلسوا فيها. . حتى و لو لم يكن -

!؟ كيف -

… وإال -

تعنـى ، هذه يعرفونها جميعـاً "وإال"

وشاية بأنهم يحرضون البنات علـى الغيـاب و

الـدروس الخصوصـية و النتيجـة " مافيا "أنهم

شهران جزاء أو نقل إلى مدن الصعيد رغم أنهم

ال يعرفون غير المساجد و الكنـائس و بعـض

المراكز االجتماعية و المعاهد الخاصة وهؤالء

Page 7: 974

تكفـى ،ال يعطون فى الحصة إال جنيهات قليلة

بالكاد لمالحقة أيام الشهر التى تمر بطيئة بعـد

لمرتب على الدائنين فى األيام األولـى توزيع ا

قالها و يعرف أنه لديـه مـن الشـهود .للشهر

بداية من المدرسين األوائـل و . .الزور الكثير

حتى البنات الجاهزات فى معهده للشهادة دائمـاً

ضد أى مدرس يحاول أن يرفع رأسه و الـذى

من خاللهن يعرف كل ما يدور فى الفصل بداية

و مـاذا ، كيف قيـل ،الختاممن السالم و حتى

ما هى النقاط الصعبة التـى ؟،عرض المدرس

فيحضر لـه ،طرحها محاوالً جذب انتباه البنات

المدرس األول اجتماعاً و يوقـع عليـه بعـدم

الخروج عن نقاط المنهج و يسـأل فـى نقـاط

الضعف حتى ينهار تماماً أمام الطالبات و يصير

بلـة التـى هـى القن " إال "مسخاً مهزوزاً كانت

Page 8: 974

فقـرروا الـذهاب ،انفجرت فى وجه الجميـع

فقد خلع نظارته و ،للفصول دون أدنى اعتراض

احمرت أوداجه و بص الغضـب مـن عينيـه

و الجميع يعرف ساعة يخلع نظارته أنه ،مهدداً

فقد تطايرت مـن أمامـه ،ال رأى له و ال أمان

و تحولت إلى أشـباح تفزعـه و ،صور الناس

خطف أحمد شنطته المآلنة ،يةتهيجه حتى النها

قابلته هالة فى الطرقـة ،بالكتب وسار فى تثاقل

رائحتها كانت تأخذه من ،الموصلة للمبنى البعيد

فلم يعد يشم رائحتها الذكية و لم يعد يتوتر ،بعيد

، فقد باعته قبالً بسفريه لقطـر ،قلبه ساعة يراها

كانت تعتقد أنه يطمع فيها رغم أنه لم يدعها مره

وعادت تحاول تقريـب ،تدفع شيئاً وهو موجود

راح شئ فيها يعشـقه فـى ،ما بعد من مسافات

وجهها الطفولى و تساقطت منها رموش يعشـق

Page 9: 974

طولها واكتست يد بالذهب يحب بياضها ولم يعد

لبست ما كان يحب و تحدثت معـه بلغـة ،يراه

،كان يتمنى سماعها حاصرته لكنه لم يعد يراها

غة الجسد لكنه لم يحرك ساكناً خاطبت فيه حتى ل

وقفت ثانيـة ،فقد ذبحت بداخله ما كان لها عنده

مر من أمامها رغم تثاقله كالنسمة الطرية التـى

تابعته حتـى وصـل ،تداعب خديها فى هدوء

لملمت نفسها بعد ،لنهاية الطرقة فلم يلتفت إليها

أن رآها مدرس الفيزياء الخبيث الـذى يعـرف

لوعرة و التى يحيـر بهـا كيف يحل المسائل ا

الكبار و الصغار و يبتسم فـى سـخرية تقتـل

عدل نظارته و ابتسم فى خبـث و أدار ،الحليم

شفتيه بحركة تثير فهمتها فأسرعت باالختفاء من

كـاد .أمامه مما زال لديها أمل أن يفيق مما فيه

يقع فى البركة قبل أن يصل للمبنى الثانى القابع

Page 10: 974

و الذى " العزبة"لذى يسمى فى نهاية المدرسة و ا

يقبع فصـله ،ال يذهب إليه إال المغضوب عليهم

حاول عشرات المـرات أن ،فى الدور الخامس

ال شئ حدث إال أن قلبه يؤلمـه بشـدة ،يغيره

ساعة يصعد فتصعد روحه و يكاد يالحق النفس

حاول أيضـاً تغييـر ،اآلخر كى ال تهرب منه

مدرسـة فصل ثالثة أدبى فلم يستطع رغـم أن

فبنـات ،األول أخبره أنه أعطاه فصالً علميـاً

علمى مكبوبات دائماً على الكتـب و يسـألن و

وسـوف يتواجـد ،يودين المعلومة من أى أحد

بسهولة بينهن و لكنه يخشـى أن يجـذب إليـه

البنات و يكن إعالن حى و متنقل بـين بنـات

المدرسة فهن صاحبات حروف هجاء مضاعفة

.بحرية بين أرجاء المدرسـة و ألسنتهن يتجولن

تستقبله بنات أدبى دائماً بالزغاريد و الهتـاف و

Page 11: 974

التصفيق الذى يجرجر جيران المدرسـة إلـى

اعتدن الفعل و اعتاد السكون و اعتاد ،الشرفات

الجيران الخروج حتى توقف كٍل منهم عما يفعل

معروف ما يحدث و لم يعد شـئ يشـد ،تلقائياً

دور عشرات المـرات حوله مشرف ال .االنتباه

إلى التحقيق الداخلى فاعترف لهم بأنه ال يقـدر

على هذا الفصل و يريد تغيره فعاقبوه بفصـل

مجاور له بدالً مـن فصـل بالصـف األول و

بحصص بعيدة عن بعضها حتى يصعد للـدور

يعرف زمالؤه أنه لو قال ،الخامس مرتين يومياً

لذا ،لكشف ما يفعلون فى الدروس الخصوصية

يجب أن ينفق الوقت هباءاً . .جب أال يقول شيئاً ي

فى السيطرة على العقول الشـاردة و النفـوس

فال شـئ ،المشاغبة المريضة و األبدان النافرة

فهو يعرف أنـه ،معه يمكنه من السيطرة عليهن

Page 12: 974

ممنوع حتى من مجرد توبيخ أى من البنـات و

الطرد من الفصل للمشاغبات أيضاً ممنوع وهو

يشعر فى ،ال سند له عند إدارة المدرسة تحديداً

حتى للدافع عنه ،الفصل أنه يخنق وأنه بال حيله

وكم تراءت أمامه صورة البنت التى ضـربت

ففضل أن يظل واقفاً طـوال ،مدرسها بالكراسى

تفشـل ،الحصص دون أدنى قسط من الراحـة

دائماً

قابلتـه المشـرفة ، جهوده مع البنـات

الصارخة

…دائماً

يا أحمد. .خف -

ال أحد فى الفصل يا أستاذة -

المهم أن تكون فـى ،ال يهم . .خف -

.فصلك بالثانية

Page 13: 974

و البنات -

قال الوزير . . نحن هنا فى خدمتهم -

.ذلك

. المعنى يختلف عما فهمتم أنتم -

. تقصد أننا ال نفهم -

ال -

تأخرت اآلن خمس دقائق و . . إذن -

هذا التأخير يجعل البنات يهربن من

و أنت أحد األسباب فـى المدرسة

ذلك

فتفوهـت ،رماها بنظرة أشعلت غضبها

بكلمات اختلطت فى فمهـا و تكسـرت بعـض

ضحكت عليها بنـت و ،حروفها فخرجت مسخاً

جـاءت كـى تغـيظ ،حيدة كانت فى المبنـى

المدرسين و يحضرون لها رغماً عن أنفهم كما

Page 14: 974

واجهت المشرفة مـرات بأنهـا ،قال لها المدير

بها التى يسور يديها الطريتين ومن تغار من ذه

صدرها النافر الذى يجرجر عيـون المدرسـين

غير المتزوجين و المتزوجين فى الطرقـات و

ردفيها اللذين يعزفان لحنـاً تثورلـه النفـوس

الجائعة إال نفس أحمد لما رآها مرة صدفة فغيب

و لزم النظر موضع الحذاء طالما أنه فى هبصر

.مبنى األدبى

تغلى بجوار تلك البنت و قذفتـه جلست

بمنديل ورقى ساعة انفلت مـن الطرقـة إلـى

بدأ قلبـه مرحلـة .السلمة األولى للدور الثانى

تقـافز ،التحرك من مكانه تلوى تحت ضلوعه

صعد إلى الدور الخامس منهكاً .كلما صعد دوراً

يجرجر قدميه و تتطوح شـنطته رغمـاً ،تماماً

انحنـى ،فصـل سقطت منه أمام بـاب ال ،عنه

Page 15: 974

لم يصل إليها للمرة األولـى حينمـا ،بصعوبة

طرقعت بعض فقـرات كانـت ،حاول التقاطها

لحقه لما ، كاد قلبه أن يسقط منه ،تؤلمه من قبل

التقط نفساً يراوغه اتسعت فتحتـا ،اعتدل واقفاً

ارتمـى علـى أول مقعـد ،منخاره عن المعتاد

فمدير المدرسة قد سـحب كـل ،للتالميذ قابله

ألول مرة كـان يريـد ،لكراسى من الفصول ا

كرسياً مريحاً رغم الحلم الذى يطارده بأن بنتـاً

ورغـم زمجـرة المدرسـات و ،تضربه بـه

،المدرسين العجائز إال انه رفض و هدد و توعد

حتى مصابو أكتوبر و مرضى شلل األطفـال و

كـى ،الحوامل إننى بأهمية وقوفهن راحة لهن

.يلدن بسهولة و يسر

فع رأسه ببطء ناظراً للسبورة السوداء ر

الكئيبة رغم أنه أوصى فـى اجتمـاع بتلـوين

Page 16: 974

السبورات باللون األخضـر و وافقتـه مـديرة

عليها تـاريخ ،اإلدارة إال أن المدير سفه كالمه

التعليم فى عصر محمد –األول من يونيو تاريخ

حلم أن يفعل شـيئاً أيـام ، البعثات ابتسم –على

له سوف يغير كل شئ و أن مصر قالوا ،بعثته

و أنهم سوف ،تستعد الستقبال المبعوثين العائدين

تراءى أمامه ،يرقون و يعاملون معاملة خاصة

حاول أن يتكيـف ،رفاعة الطهطاوى و باريس

لم يسعده أى شئ فيها ،مع بلتمور قدر استطاعته

.رغم دهشته ألول مرة رآها لكنه لم يفتح فـاه

سامة المزيفة التى يقابلها فـى أشد ما كرهه االبت

التى ترمـى علـى morningالصباح و كلمة

طرقات الشوارع حتى صارت بال معنـى فـى

التى Good morrowنفسه و قتلت معها قصيدة

قضى يومـه ، ذاكر قدر استطاعته .كان يعشقها

Page 17: 974

بين المحاضرات و المكتبة التى قدم بها عشـر

لـم طلبات إلحضار كتب نجيب محفوظ لكـنهم

يفعلوا و الملتى ميديا الذى وضع بها األهرام و

األخبار و الجمهورية ضمن الجرائد العالمية فلم

التـى " استفنى" يبدو أن ،يجدها فى اليوم التالى

كانت كان تحلم بزيارة إسرائيل أخـذتها بعـدما

فلـم ،رفض أن يحضر لها خاتماً فضياً كذكرى

لتى يعشـق يكن يمتلك إال شراء خاتماً لخطيبته ا

سواد عينيها و لونها القمحى الذى بلون الشمس

رغم تواجـدها هنـا ،التى يحلم بدفئها كل يوم

لكنها ليست لديها المقدرة أن تمده بالدفء الذى

فكانت الخطابات الوردية الطائرة إليـه ،يحلم به

" كـان يعشـق ،هى الدفء الذى ينتظره دائمـاً

لغة لصغر حجمه و لروعة ،" الرسورس سنتر

و التى أعدت له رفاً وضع عليه ،المشرفة عليه

Page 18: 974

و رواية لمحفوظ و جبريل و " عقد الجمان "كتب

بهاء و الغيطانى و مجموعة قصصية للوردانى

كان رفـاً عربيـاً ،و معوض و مجالت أطفال

ينظر إليه كلما ذهب و يحلـم بوضـع ،خالصاً

رغم ذلك لم يحقق إال المركـز ،كتاب له عليه

فقد شاركه الثـانى ،كان يستحق الثانى الثالث و

أسماً فقط فى مشروع قدمه لمادة الصوتيات عن

الحروف المتحركة غير الثابتـة النطـق عنـد

األمريكان و اإلنجليز و التى تتفق مع مـواقفهم

تجاه العرب قالوا له أنه سوف يأخذونه يكمـل

دراساته العليا لكن يبـدو أن صـراحته كانـت

هـب واقفـاً يعـدل ،لمدير تراءى له ا ،موجعة

التاريخ يتبوأ ركناً قصياً من السبورة هب لتعديله

،و كتبه فى وسط السبورة بخط كبير و واضـح

علموه هنا أن يكتب التاريخ أوالً و العنوان ثـم

Page 19: 974

تراءى ، فليست تلك المشكلة ،يشرح أو ال يشرح

. هاملت صارفاً

تلــك هــى . .أكــون أو ال أكــون -

.المسألة

.هى المسألةتلك . . نعم -

يشعر أنه يكون ساعة يشرح للتالميـذ

حين يتحول الفصل إلى آذان صاغية يحلم بذلك

التى تأخذ " آية "قبل دخوله أى حصة لكن البنت

فهـى .درساً خصوصياً عنـد مدرسـة األول

و ،متخصصة فى األسئلة الغبية التـى ال تحـل

تبتسم له فى بالهة تجعله يراجـع " هدى "البنت

تُرى هل يوجـد بـه ، أمام الطالبات نفسه كثيراً

، لعل سوسـتة بنطالـه مفتوحـة ،شئ خاطئ

فيجد عيـون البنـات ،يتوارى و يتحسس نفسه

يتحسس قفاه لعل شيئاً يسير ، يعدل ياقته ،مبحلقة

Page 20: 974

لكنه يلم نفسه مسرعاً لكنها تسـتمر فـى ،عليه

و تستمر سـعاد فـى ،بالدتها غير المبررة له

اضعة الكراسة على كتابة كل شئ فى الحصة و

كان يعتقد أنها تكتب عنه ،قدميها حتى ال يراها

فقد سب مئات المرات إسـرائيل ،تقارير أمنية

حتى ضحكت الطالبات كثيراً على عصبيته غير

المعهودة لكنه فوجئ أنها تقارير لمدرسه األول

و لمدير المدرسة بعدما فوجئ بأسئلة و إجاباتها

سأله فيهـا مدرسـه قالها هو ولم يعرفها غيره

األول و المدير و ُأتهم بتعقيد البنات و التخلف و

كان فـى .عدم مقدرته على توصيل المعلومات

كم ،الفصل كالراعى للغنم الشاردة فى صحراء

كان يدهش مدرسيه األجانب حتى وصفوه بأنـه

" موهـوب " و حملت كل التقارير لفظة ،موهوب

قـاس لكن المدرسين يصرون على أن األمـر ي

Page 21: 974

األفضل من يعطى أكبر قدراً من ،بعدد التالميذ

و هو ال بنت عنده ،التالميذ دروساً خصوصية

ومن عنده مجاملة أو أقارب و ال يشـكرونه و

،يعتقدون أنهم يمنون عليه بوجود عيالهم عنـده

.فهم يحافظون على هيبته وسط المدرسين

ببطء كتب التاريخ الخامس من

بنه الذى أصر جده أن يغير تذكر ميالد أ .يونيو

تاريخه إلى يوم آخر فجعله السادس و كان يحلم

بتغير الشهر لكنه لم يستطيع فضروريات التقديم

يشعر أحمد أن الخامس لـه ،للمدرسة ترى ذلك

فأحياناً يقود الذنب .معنى حتى و لو كان مؤلماً

لكـن .إلى المغفرة و أحياناً يقود األلم إلى راحة

د ماشياً للضـفة الغربيـة دون أن جده الذى عا

يضرب رصاصة واحدة معتقداً أنه كان يعطيهم

.دبره لقتال رفض بشدة

Page 22: 974

،قسم أحمد سبورته إلى ثـالث أقسـام

كانت ،كتب فى المنتصف تحت التاريخ العنوان

قصه عن الملك األفريقى الحكيم الـذى يسـأل

أبناءه الثالثة عن اغلى و أثمن شئ كى يـورث

رف و عن أسوأ شئ كى يبعد عنه ملكه لمن يع

الفصل يقتله ، نظر للخلف ، عاد إلى مقعده ،أبناءه

شم رائحة طيبة نسمات صيفية تنفذ من .الصمت

خالل النافذة المكسـورة النـى طالمـا طالـب

هاجمتـه ،، و اتسع صدره ؟ فتح أنفه .بإصالحها

التـى طالمـا تعطـرت و " إيمان "رائحة البنت

قـام ،جذب انتباهه غيرت عطرها يومياً حتى ت

نظر نظرة واسعة شـملت . توسط الفصل ،فجأة

تقـدم . أخذ خطوة لألمام ،جميع المقاعد الخالية

تنحنح كى تعتدل المعوجـة فـى ،واحدة أخرى

يعرف أنهن يحتجن أحيانـاً لجلسـات .جلستها

Page 23: 974

يعشق أن ينظم ،معينة نظراً لظروفهن الشهرية

أدخل ،المقاعد و يرى كل شئ فى مكانه مستوياً

اسـتوت كـل ،مقعداً فى صفه يبص خارجـاً

عاد ثانيـة ،المقاعد الخارجة عن الصف تلقائياً

و ، سـم اهللا ، صفق بيديه اعتدل الجميع ،للوراء

بدأ بتسخين الفصل بأسئلة بسيطة كى يلم العقول

أطلق أول سؤال بقوة ودفء كما كان ،الشاردة

..يفعل فى قاعة ثالثة بتربية بلتمور

أصدقاء ما أغلى شـئ ومـا ترى يا -

؟أسوأ شئ فى الدنيا

، ثالث ، لحظتين ،صمتت المقاعد لحظة

بدأ المقعد األخير للبنت التـى تغـرق نفسـها

بأساور أمها حتى تنوء يدها تحتها و التى يبص

لـه تخرج ،من حافظتها الجلدية خمسات كثيرة

أراد مرة ان يشترى حافظة جلدية مثلهـا ،لسانه

Page 24: 974

فيها نقـوداً و لكـن لحفـظ ذات مرة ال ليضع

……الكارنيهات الكثيرة التى معه

المال أهم شئ …الثروة يا أستاذ -

؟ هل تعتقدون -

قالها و هو نفسه يعرف أهميـة األمـر

لحظة يوقع علـى ال شـئ و . .بداية كل شهر

يمضى حامالً الفراغ و مطأطأ للـرأس حتـى

يخرج من باب المدرسة و يذهب إلـى أقـرب

.لمخ الذى يحبهمسمط و يطلب ا

تهامس البعض و تحدث البعض

أخيـراً الضوضـاء التـى ،اآلخر بصوت عالٍ

، Scientific Noiseيحبها و التى يطلق عليهـا

رغم ،أمر الطالبات أن يتحدثن جماعة و أزواجاً

و Pair workأنه أكد مئـات المـرات فشـل

Groop work فالطلبة ال يتحكمـون ، فى مصر

Page 25: 974

هم اآلن يفعلونها فى انسـيابية و فى ألسنتهم ها

هدوء

.نعم يا أستاذ -

قال المقعد قبل األخير للبنت التى طالما

تنظر للخلف شاخصـة أبصـارها فـى اتجـاه

.السالسل الذهبية

يعض أنيابه . .و أسوأ شئ هو الفقر -

و ال يراهم

علق ،ابتسم المقعد األخير فى خبث -

.فى حزن

اء أنا معكما و لكن توجد أشي . . نعم -

أخرى أفضل و أسوأ

امتعض المقعد األخير و لـم يصـدق

رفع المقعد األمامى للبنـت ،المقعد الذى أمامه

،الجميلة جداً و التى طالما ألتف حولها البنـات

Page 26: 974

"يعدلن لها شعرها و تخرج إحداهن إصبعاً مـن

و ترسم لها شـفتيها خلسـة فـى دورة "الروج

بعـض فتشتاق إليهـا ، ويقبلونها بقسوة ،المياه

أشار لها ،نفوسهن الهائجة و المضطربة الفائرة

. مرحباً

الجمال أعلى شئ -

تذكر صاحبته حين تجلس متدللة فتحمر

وجه التى بجوارها و تتوارى خجالً من سـوء

.منظرها

.و القبح أسوأ شئ -

،سمعها دون أن يعرف من قالتهـا -

فلم يعقب لمعرفة من صاحبة الرأى

و كرر سؤاله السابق

؟عتقدون ذلكهل ت -

Page 27: 974

قال مقعد فى هدوء لبنـت لهـا عقـل

يطارحه كثيراً النقاش و الجـدل الـذى يضـئ

.أحياناً نقاطاً غائبة عنه لم يكن شرحها

ال أرى شيئاً آخر -

ما هو -

فهـى ،حين تقولها طيبة . . الكلمة -

أثمن و أغلى و أطيب

شئ و حين تقولها سيئة فهـى أسـوأ و

ت إجابتها عليـه وقع .أظلم و أحقر و أدنى شئ

غرق الفصل بعدها فـى . بلسماً ، شافيه ،قاطعة

نظر إليها فى ، طأطأ رأسه ،صمت و متفقاً معها

.إعجاب شديد

الكلمة . .نعم -

Page 28: 974

كانت أقدام خبيثة تتحرك خلف الفصـل

. . فتح عليه بقوة نظر إليه شـذراً ،المغلق عليه

طلب األستاذ من المقاعـد أن تصـفق للبنـت

أخرج عشرة قـروش ،خيرةصاحبة اإلجابة األ

،ورقية جديدة ووضعها على المقعد اهتز فرحـاً

خرج سعيداً منتشـياً .صفق الجميع و صفق لها

فرحاً يتقافز على الساللم يغنى أغنيـة ينشـدها

،ساعة يفرح بينما الناظر ينظر إليه فى غضب

ازداد غضباً لما وجـد السـبورة ،لم يشعر به

نـوان و بعـض مآلنة و عليها التـاريخ و الع

.التفاصيل نزل هادراً يقتله الغيظ

Page 29: 974

من شباك عربة أحمد البنا المتهالكة يلقى

. عند كوبرى الربـاط ،بنظرة على صفحة النهر

كان يعشق رؤية المراكب و الكبارى أثناء سفره

كان يصنع مراكب من ،إلى قريتهم فى الصغر

يتجه الماء بقوة ،ورق و يتابعها فى طشت الماء

و أم جار النبى ،ناحية البحر فيجرف معه القلب

للماء لون حـزين و ،ماتت باألمس فأحس باليتم

لسحب التراب الجاثمة على صدره شكل ولـون

……أطلق زفرة،خاص غير محدد

……آه ه ه -

خرجت ممطوطة بطول فمـه

منذ الصباح يشعر ،الواسع

Page 30: 974

باختناق رغم أنفه الكبير الـذى يتسـع

قالت له زميلتـه ،الستيعاب هواء الشقة الرطب

ابـن " أحس انـه ،مرة أن أنفه يشبه أنف والده

كما كانت تقول جدته اعتدل على "حالل مصفى

لم يشعر بالراحة ، تمدد،مقعد السيارة األمامى

صعد سائق السيارة وبدأ يـدير مفتـاح

سارت فى ، تقافزت العربة كأنها تنتفض ،القيادة

فقد انتظرنا طويالً .س طقوس خاصة لألم ،تثاقل

إنه صاحب : يقول عنه صديقى ،قبل الدخول له

الرساالت العلمية فى هذا المرض كان الوقـت

يمر بطيئاً على وجوه الجميع و التمرجى يدخل

لكنـه ، وكانت حالتى أسوأ الموجودين ،بال نظام

فجـأة ،لم يدخلنى رغم أنه وعدنى عند الحجـز

؟ إلـى أيـن ال أدرى ، توارى خجالً ،نظر إلى

نطق اسم أمى سريعاً ،مرت ثوان أخرى ثقيلة

…مريم -

Page 31: 974

هى راقـدة ،انتفضت و صديقى واقفين

تصر على عدم تناول ،على ظهرها منذ أسبوع

،الطعام كى ال تجد مشكلة فى قضـاء حاجتهـا

تأخذ لها أختى مبولة الصغار لكنها ،ازداد توتراً

نفـس المبولـة .تحتجز بداخلها اشمئزاز الغير

.التى كنا نضع فيها أوساخنا و تحملهـا فرحـة

قلت لها ال .البد أن تنهض حتى ترمى بها بعيداً

ال حاجة لنا به نأكل مثل كل الناس ،داعى للسفر

كانت ترفض و تصر على أكل ،طوب األرض

، كان طعمه سيئاً ألنها ال تأكله معنا ،خبز القمح

ابها للبرارى يوم ذه ، كنت أكره يوم األحد ،كنت

كى تحضر الزبد للذين ال يسـتطيعون رؤيتـه

كما تقول أنهم غالبة و هـم ،فيأخذونه بالتقسيط

فى حاجة ألن يبروا أنفسهم من الشحم النبـاتى

.. فأصرخ و نحن

Page 32: 974

أخذنى التمرجى من يدى إلـى حجـرة

قام صـديقى يسـندنى أشـعر بـأننى ،الكشف

كانـت ، فتح التمرجى بـاب الحجـرة ،متهالك

حكمة الغلق و الضوء األبيض ينتشر و اللـون م

حتى الطبيـب خلـف ،األبيض يغرق كل شئ

كرسيه تزحف الشعيرات البيضاء فـى رأسـه

انـدفعت ، أعتدل قليالً على أحد الجوانب ،ببطء

…مباشرة

…هى راقد منذ أسبوع -

كان يطـرق البـاب الخشـبى بقلمـه

المزخرف و صديقى يتابع كالمى و يسـاندنى

.ات أحياناًبإيماء

أنـا ال ،ال أستطيع أن اذهب معكما -

.أذهب إلى البيوت

تستطيع ، لن تذهب إلى البيت سدى -

.أن ترى األشعة

Page 33: 974

قال بعادية ، حدق فيها.أمسك األشعة

لكنى لن ،١٣كسر فى الفقرة رقم -

تأتى هىهنا،أستطيع

نحن ال نملك ثمن الترفيه لكننا -

.مضطرين لذلك

رسيه الـوثير و أسند ظهره بارتياح لك

كانت هـى كـل ، تنفست ، ادفع مائة جنيه :قال

خرجت مسـرعاً . حمدت اهللا .معى وما ادخرته

للتمرجى أعد له جنيهات كثيرة و أربع خمسات

، جلست على كرسى ،فرح الرجل كثيراً

. اشتد عودى و تنهدت

بجـوارى بنـت ،كانت الوجوه مكفهرة

جلة كانت م ،تتدلى ضفيرتها فى انسياب أدهشنى

، أعطيتها المجلة ،أطفال بيدى أضع فيها األشعة

…قالت فى سعادة

Page 34: 974

لم تحك لى أمـى .أشياء جميلة جداً -

حكايات قط

فتحتهـا ،أخذتها بيدها السليمة

كانت شهادة تقدير

شكر و تقدير مـن ، الحائط معلقة على

تراءت صـورة الصـيدالنى ،أحد أثرياء البلدة

م أن يـأتى و المه ، حاولت طرد الفكرة ،أمامى

ال ، البد أن يراها أحسن دكتور فى الدنيا ،يراها

سـوف ، عندما تراه سوف تنهض ،يهم العالج

تجـرى بـين أرجـاء الشـقة ،تقوم كالحصان

تعود ثانية تحمل طشت الجبن و تبيـع ،الرطبة

سوف تعرف أننـى أخـاف ،للصغير و الكبير

…… نعم ستجرى ستجرى،عليها

. فى العيادة كان الطبيب قد أنهى الكشف

تحركـت يـد .بدأ يطفئ أنوار حجرته البيضاء

كـان . وقفت بسرعة ،الباب ببطء وجدته أمامى

Page 35: 974

ما زال ،طويالً و شعره مشتعالً باللون األبيض

رأيت شـهادة التقـدير ،يمسك قلمه المزخرف

، قلت له أنها تحـرك بعـض أطرافهـا ،أمامى

و ، بدأ التمرجى يلملم اضطراب الشـقة ،ابتسم

خرج من ، يطفئ األنوار ،ن على مفرداتها يطمئ

خرجت مسرعاً وراءه ذكرنى بمـدرس ،الباب

كان صرصور يمر أمام باب .الجامعة المتعالى

. أحسسـت بالشـفقة عليـه ، داسه بقدمه ،الشقة

سألنى

؟هل البيت بعيد من هنا -

. ال على بعد مائتى متر -

. إذن العربة ال داعى لها -

ريـق نعم نستطيع أن نختصر الط -

.من بعض الحوارى إن أردت

يوجــد كثيــر مــن الحفــر و . ال -

.المجارى الطافحة

Page 36: 974

و يأخذ عربة ، شارعنا ثمانية أمتار -

سبعة أمتار إن أردت

. الوقت متأخر، ال داعى -

،كانت أنوار الشـوارع خافتـه

،يسمع واضحاً دبيب كل شئ

أخشى هذا ،كلب ضال ينبح فى حارة سد

إنه يرى عزرائيل و معنى : تقول جدتى ،النباح

هذا أن عزرائيل قريب مـن شـارعنا و أمـى

كانـت كلماتـه ،الوحيدة المريضة فى الشارع

يسأل عن بعد البيت و قربه وعمليـات و .قليلة

أشـعر ،أطراف عاجزة اسـتطاع أن يحركهـا

رغم أن الطبيب السابق و تمرجيـه ،باالطمئنان

ـ . اقتربنا من شارعنا ،أكدا نفس الموضوع ان ك

يبدو أنهم قـد ،مضيئاً لكثرة محالت البقالة فيه

شعرت .نسوا أنوارها مضاءة كأنهم يرحبون بنا

، بدأنا نهـرول وراءه ،بأنه يهرول ناحية البيت

Page 37: 974

،قلت له ها هو البيت رقم اثنـان و أنـا خلفـة

.توقف قليالً كى أفسح له الطريق

ال داعى فأمى سيدة عجوز و أختـى -

كانوا يمـألون الحجـرة لها من الذكور أربعة

. رآهم،المواجهة للباب الخارجى

.. تفضل،تفضل -

يا ستار . . يا ستار -

العيال . نفس الذى توقعته .أخذتنى الكلمة

الصغار مرصوصـون علـى األرض كـأنهم

للعرائس شئ بصدر أختى حتى بعـد .عرائس

كان الولد أحمد الذى لـم يتعـد ،إنجاب الذكور

دخـل وراءنـا ،دتـه هلل كعا ،الرابعة متيقظاً

. كرر الطبيب نفس الكالم،الحجرة

..يا ستار. .يا ستار -

،حاولت أمى أن تعتدل لكنها لم تستطيع

هرعـت أختـى ، نُِزعت روحى منى ،صرخت

Page 38: 974

دخل التمرجى وراءه . تغيرت مالمح أحمد ،إليها

يعرف ، كأنه يعرف الحجرة جيداً ،حامالً الحقيبة

،سـرير ال ، الكراسـى ، الكتـب .كل شئ فيهـا

حتى الـدهان المتسـاقط و ،الحصير البالستيك

،الذى يمثل رسوماً سريالية و أشباحا ورؤوسـاً

عدل مساند الكنبة و ساوى الفـراش و جلـس

فقالت …يسألها

ها أموت يا ابنى ال أريد أن أتعـب -

.أحداً معى

ــوجس ــها بت ــدأ يتحسس ــرك ، ب تتح

بدأت ،ببطءالألطراف تحرك ،أصابعها

ــا ــورة مغ ــى ص ــم عل يرة ترس

أحسست ألول مرة أنه ابتسم قبل ،وجهه

لم تتأوه ، ضغط على مكان الكسر ،ذلك

صرخت اضطربت ، ضغط أكثر ،بشدة

اقترب أحمد ، ربت على كتفى ،أوصالى

Page 39: 974

الصغير من رأسها مسح لهـا العـرق

.المتساقط منها لؤلؤاً

. الحالة جيدة، انس الكسر.ال تخف -

لماذا ترقـد علـى الخشـب منـذ -

؟عأسبو

و . غلط تنام على مرتبتها القطـن -

يحضر لها يحزام الوسـط لعمـود

.الفقرى

… حاضر -

جلـس . تذكرت الصـيدالنى

استراح،يتأمل تفاصيل الحجرة

أسند ، على الكنبة التى ساواها منذ قليل

جلسـت فـى .رأسه إلى المسند وراح بعيـداً

لكنى كنت أالحـظ عينيـه .مواجهته أنا اآلخر

نت شهادة تقدير ألبى الذى قضى كا .الشاردتين

قد بناها على ،أربعين عاماً يكد فى نسيج خمسة

Page 40: 974

يعشق .كتفه كما يقول عمى الصاوى رحمة اهللا

مصنع خمسه لم .صوت المكن لكنه اآلن حزين

أنهـم سـوف يبيعـون : منذ قلت له ،يعد ملكه

الشركة خاف أن يكون الكمـونى هـو الـذى

ـ ،سيشتريها العنبر و ال لم يعد يذكر زمـالءه ب

الشاى الساخن وليالى رمضان و صوت القرآن

حتـى أمـى . بدأ ينام مبكراً ،مع صوت المكن

، رغم أنه كان يعشـق ورديـة الليـل ،مريضة

وأنـا طفـل ،توقفت عينا الطبيب عند صورتى

:سألنى

…هذا أنت -

. نعم وعمرى خمس سنوات -

مسح شـعره و ،نط أحمد جلس بجواره

،أردف

Page 41: 974

ـ - رغـم ،ك الكبـر يبدو علي

العروسة البالستيك و الصندل البالستيكى الـذى

…تنتعله

كانت ثمة نظرات تعجـب تبـدو مـن

الجالس منتظراً أن يذهبا أحسست انه ،التمرجى

.استراح هنا

. هدأ كل شـئ حولنـا .استراحت الدنيا

.أحسست أننى أود أن أغلق الباب و يبقى معنـا

"زجاجـة دخلت أختى و معها ،استكان الوجود

التى يحبها أبى و التى اشترتها بعد العشاء "التيم

، تفضل ، و قفت أمامه لثوان ، لم يشربها ،مباشرة

، وقف أحمد علـى األرض ، فزع ،لم يشعر بها

… ابتسم ، رفع يده الصغيرة،وقع

. كنت أتمنى أن اجلس أكثـر . شكراً -

كانت لى صورة مشابهة لصـورتك لكنـى ال

Page 42: 974

فس الصـندل و نفـس ن !؟أدرى أين هى اآلن

. آسف لإلزعاج.العروسة البالستيك

هذه أول مرة تخرج من .أنا األسف -

.. عيادتك

. هى بخير. ال تخف -

مسح له رأسـة ،اقترب أحمد ثانية منا

نظر ناحيـة ، ابتسم له ، ابتسم أحمد ،مرة أخرى

كان األوالد فـى ،الغرفة األخرى و هو خارج

اً على صورة مرصوصين و كان أبى نائم النفس

.. سرير جدتى

و ، كان الشارع قد أطفأ أنـواره ،خرج

بدأ يسـير .نسمات صيفية بسيطة بدأت تتحرك

لم أستطع أن . لم يرض أن أذهب معه .فى تثاقل

أبعد الصيدالنى من مخيلتى و المائـة جنيـة و

بدأت أحملها ، دخلت مسرعاً إليها ،حزام الوسط

،لقطنببطء أنا و أختى وضعناها على المرتبة ا

Page 43: 974

كانت أمى فى عالم آخر و أختى هى األخـرى

لم يبق غير أحمد يشرب زجاجـة التـيم ،نامت

باستمتاع غريب و أنا جالس مكانه أعيد تفـرس

...رؤية صورتى مرة أخرى

. م١٩٩٧ ، كتاب األدباء-

Page 44: 974

. م١٩٩٦ فبراير ، الشاهد-

إلى مباشرة الثالثاء األخير جاء

لم يكـن ،قبل أن يكمل مضغ فطوره بعد صيام

سوى شربة ماء و بعض لقيمات كى يقمن وأده

يبقى عليها حتى الغد دون أن تروح نفسـه ألى

أراه حين أود أن أراه و أجده فى طريقـى ،شئ

فأنا أعرف األماكن التى تأخذه ،عندما أود لقاءه

ـ ى قدماه إليها و أجده دائماً فـى مواجهـة مقه

الخرس معطياً ظهره لقسم ثان الذى قضى بـه

عدة ساعات يسقطها دائماً من عمره ساعة اتهمه

فقط ،و سحب الشكوى أحد جيرانه زوراً ثم عاد

أذهب إلـى ،أسير فى شارع البحر أو العباسى

أجـده ،مسجد الجمهورية أو الغفران وقت آذان

Page 45: 974

، المكتبـة العامـة ،فى قصر محب أو الغـزل

منية سمنود و أحياناً مجـول أو ،لالجنينة سامو

أجـد . و أجده فأجد معه شيئاً جديداً .القيصرية

فكرة تدفعنى نحـو ، أمالً ، مسابقة جديدة ،خبراً

… نادى بصوت مهذب كعادته ،األمام

…أستاذ -

أخرج غاضباً قائالً ملء فمى

بل . . لست أستاذاً ، قلت لك ألف مرة -

سبقنى كتابـة أنت أستاذى و أكبر منى عمراً و أ

و يصر على ما يقول و يحدد لى لمدرسى اللغة

اإلنجليزية شكالً يراه فى معلمه ساعة كان فـى

فرض رؤيته علـى ألول مـرة .الثانوية العامة

حينما أردت أن أصنع نظارة كى أرى بعـض

الصور الضبابية و الخياالت و أشباح األصدقاء

قـال .بشكل واضح يساعدنى على التعامل معه

:بهدوء

Page 46: 974

،البد أن تكون النظـارة ذهبيـة اللـون -

مدرس اللغة اإلنجليزية له شكل خاص

الـدش و . .و مدرس اللغـة العربيـة -

مطاوع مثالً

له أننـى كنـت أود أن يضحك و أؤكد

ألتحق بسم اللغة العربيـة و اشـتريت شـذور

الذهب من طلعت قنديل لكن والـدى رفـض و

، خصوصية أراد أن آكل عيشاً و أعطى دروساً

يصر أن أرسل شهادتى التى حصلت عليهـا و

أكدت له ،التى تؤكد تفوقى بامتياز إلى كل مكان

أنها شهادة بال قيمة و أننى بعد مـرور خمـس

و ،سنوات من بعثتى لم أفعل شيئاً يستحق الذكر

أن أى إدارة فى بلدنا تعتمد فى تنفيذ أفكارها من

ئى كى خالل سلطة و أنا ال سلطة لى على زمال

يسمعوا منى ما تعلمته وكان على الـوزير أن

Page 47: 974

يرقى كل المبعوثين أوالً ثـم يطـالبهم بتعلـيم

.الزمالء

ابتسم فبانت أسنانه البيضـاء و شـفته

رغم أننى ،الحمراء و ابيض قليالً وجهه األسمر

حاولت إقناع واحدة بهذه المميزات إال أنها قالت

:ضاحكة

شفايفة حمراء جداً -

نانه بيضاء و أس -

و أسمر و أنا سمراء -

يود هو اآلخر واحدة بيضاء كى يتحسن

أشاع فراج أن أمه سودانية و أكدت ،لون العائلة

أم رحاب بائعة الجرائد المثقفة جـداً أنـه مـن

أكدت لها أنه من زفتـى فلـم تعطنـى ،النوبة

وجهها و باعت نسخة من جريدة لم نكن نحبهـا

من الدور الثانى بعد أن نزلت إليه مسرعاً ،معاً

.أمرت تالميذى أن يلملموا أشياءهم بسرعة

Page 48: 974

..قالوا فى نفس واحد

أستاذ جمال -

نعم -

و ضحكت البنت البيضاء التى قلت لها

سأزوجك جمال إذا حصلت على الدرجة النهائية

فى امتحان الرواية لكنها لم تسـتطع ان تحـل

الذى " بوندرباى " التى تزوجت " لويزا "سؤاالً عن

فى نزولى قابلـت قطـة ،يكبرها بثالثين عاماً

،سوداء لم اكن أحبها و كانت تمأل البيت قـذارة

طارت قبل ان أضربها رغم أننـى أعلـم أنـه

سوف يلومنى ألنه يعشق القطط و يربى علـى

، يتأبط كيسته البالسـتيكية ،سريره خمسة منهم

أخرج منها قصيدة نثرية عن الشاعرة التى كان

التى لم يستطع أن يحدثها رغـم أننـى يحبها و

تركته معها مرات كثيرة أمـام مسـجد اتحـاد

الكتاب و اضطررت أن أصلى ركعات كثيـرة

Page 49: 974

،بعد العشاء رغم أننى أصلى قصراً فى القاهرة

و اكتشفت أن صديقى محمد "قرأت بصوت عالٍ

ألنه لم يسـم ابنتـه علـى " )١ ("لم يعد يحبنى

"أسمها

أحيانـاً ،فى يده ابتسمت ووضعت يدى

أدفء من يد زوجتى أيام الخطوبة عندما كانت

و يعطنى هـو يـده و ،ترفض أن تعطنى يدها

،نسير معاً يحتوينا شارع البحر فى هدوئه لـيالً

مررت بسرعة إلى الرصـيف الـذى يفصـل

الطريقين كان أسرع منى فـى العبـور للمـرة

قلتهـا لـه ،األولى طول العشرين سنة الماضية

.ه قالها لى مئات المراترغم أن

سوف تصدمك عربة و تموت -

ضحك وأراد أن يفعل نفس الشىء للمرة

سقطت قـدمى ، أخذ يدى ، أمسكته بعنف ،الثانية

مرقـت ،اليمنى على الطريق تراجعنا بسـرعة

Page 50: 974

لكن عينيـه تريـدان العبـور ،سيارة متوحشة

أكد لـى ، هرولت وراءه ، كالريح عبر ،بسرعة

:كما كنت أؤكد له

العمر واحد و الرب واحد -

وجب ،نعم وال تقتلوا أنفسكم -

الحرص كما كنت تقول لى

بانت أسنانه البـيض و مضـينا نحـو

واحدة مـن ) مروة(العيادة لحشو ضرسة قابلتنا

كم قلت ،طالباتى فى الثانوية تحتضن مذكراتها

لها مئات المرات و هربت ضاحكة خجلة بـين

راهقـة نحـو البنات الالئى تحركهن أحـالم م

.الجنس اآلخر

هو أسمر وأنا سمراء و أكبر منـى -

.بعشرين عاماً

" لويزا"تزوج" بوندرباى" -

Page 51: 974

كانوا فى أوقات عصيبة و يمتلـك -

مصنعاً و بنكاً

، ابتسمت ليست ككل مـرة ،اقتربت منه

أحسست بدفئها رغم أنها لم ،مدت يدها بحماس

ضاحكاً قلت .تسلم على

؟رأيك -

: قالت، ضاحكة بحمرة البنات -

. موافقة لو وافق -

: بحدة قال -

. أريدها ألخى -

انسحبت هـى غيـر ،وخزته فى كتفه

مصدقة ما سمعت بعدما تالشى من على وجهها

دفء يـدها .بعض الخجل احتضنت كتبها أكثر

ما زال يمأل المكان رغم برودة شهر ديسـمبر

نظرت له .التى ترجف القلوب الخائفة و الخاوية

فجأة ، سار كل منا فى اتجاه مختلف ،و نظر لى

Page 52: 974

وجدته واقفاً أمام المزلقان ينتظر القطار الـذى

.جاء مسرعاً كى يلحق محطته األخيرة

تثاءب النهار فتثاءبت معـه و

،قمت مرتاحاً على غيـر العـادة منـذ رحـل

فصورته مازالت تمأل عينى و ابتسامته الصافية

التائهة و تهدئ القلوب المرتجفة تشرح النفوس

،الخائفة فدفء حضنه يمأل صـدرى الـواهن

كأننى قد حضنته و قبلته منذ لحظات قليلة مرت

،كأنها طيف ألوانه السبعة تمأل الصباح بهجـة

قبلته جسداً ،تتراقص لها األشياء و تغنى الطيور

Page 53: 974

أخرجت تنهيدة طويلة أزاحت عن قلبى ،وروحاً

كقراصـنة تأكـل فيـه منـذ حزناً التصق به

، فردت يدى و قـدمى تأهبـاً للقيـام ،أسبوعين

اسـتطاعت ،دخلت زوجتى على دون أن أحس

أن تلحق صورتى هذه قبـل أن يلبسـنى قنـاع

،الحزن ثانية فال أستطيع منه فكاكاً طوال يومى

:كانت تريد أن تثبت على حالتى قالت

خيراً أرى البرد قد زال عنك وقليالً -

. الحزنمن

الحمد هللا -

نظرت ،سعلت بشدة لكن األمر مختلف

سارت لها تلك الراحة و انفرجت ،لها فى راحة

فهمـت ،أساريرها و اتكأت على و لم تقل شيئاً

. فبعدت بوجهى تجاه النافذة،من صمتها ما تريد

Page 54: 974

قلت فرحاً مثل احمد لما يجد نظارته -

نية السميكة التى ضاعت فجأة و يكتشف العالم ثا

مضاءا و بألوانه

.رأيته. .رأيته -

:بوجه مفرع من الدهشة قالـت

! ؟حقاً

، نعم مع أبى و يحمل حقيبة جديدة -

.لم أرها معه أبداً

لم يكن يحمل غيـر كيسـة مـن -

.البالستيك طوال عمره

جلس فـى الصـف األول بهيئـة -

مختلفة جديدة

قلت لـى ؟ هل كان يعرف و الدك -

ثنـاء أنه كان يـرفض محادثتـك أ

الندوات و كنت تعاكسـه و كـان

Page 55: 974

يضربك أحياناً ضربات خفيفة لـم

.يكن يجرؤ على ضربها ألحد أبداً

يحبه ربما أكثر واحد فى ! ؟ يعرفه -

األصدقاء وربما

أكثر منى فى بعض األحيـان حينمـا

أعطى لكل واحد ما يريد و تركنـى دون شـئ

معتمداً على تسامحى الضعيف وعدم مقـدرتى

و ضعفى الشديد أمام ضـعفه و ،بةعلى المطال

.ابتسامته التى تمأل النفس قناعة

سوف تقرئين اآلن خطاباً أرسله لى فى

.أمريكا عن مدى العالقة بينه وبين والدى

كنت أحتفظ بكم الخطابات التى أرسلت

فوق الدوالب أحضرت الشـنطة التـى ال ،لى

ساعة ،أفتحها إال لقراءة خطاباتها أيام الخطوبة

و ،نت تتدفق كالنهر فى جسدى كلماتها الدافئة كا

التى لم أستفد منهـا Hand outsالتى توجد مع

Page 56: 974

ولم أستطع أن أعطيها حتـى للـزمالء الـذين

فلـم تعطنـى الـوزارة ،يسخرون منى و منها

الفرصة حتـى لطرحهـا و أنـا فـى وضـع

فأنا مجرد مدرس عـادى إعـدادى ،المسئولية

يأمن ظهـرى ال ،وسط كم من مدرسى الثانوى

فتحـت الشـنطة التـى ،إال الكفاءة اللغوية فقط

تعاكسنى كلما فتحتها و التـى اشـتريتها مـن

التى تشبه سوق الجمعة ألشياء Threftمحالت

القديمة أو باالت بور سعيد التـى كسـت كـل

الغالبة فى السبعينات و التـى احتفظـت منهـا

ببنطال صوفى لمدة سنوات و الـذى أمـرض

كان يحتفظ هو ،ه دون أن نعرف السبب البيت كل

يمـأل الزنـوج و . .اآلخر بشرز صوفى منهـا

قال لـى ،الملونون و حتى البيض هذه المحالت

أحد األصدقاء أن نصف المجتمـع األمريكـى

كانت فكرتى أن ،يعيش على بقايا النصف اآلخر

Page 57: 974

الجميع أغنياء رغم أنه قال لى شيئاً مثل هـذا و

فالجريمة ،وج وحيداً ليالً حذرنى كثيراً من الخر

ترتفع فى هذا التوقيت و يتساوى فيها البيض و

.الزنوج و الملونون

يعشق مارتن لوثر كينج محرر العبيـد

ربما ألنه قريب الشبه منه و إن كان أفتح منـه

بـدأت ، أعطيتها الخطاب فقد كان بمفرده ،قليالً

.تقرأ بصوت عاٍل

آلن ربما لك تدرك معنى األب حتى ا "

حتى بعد وفاته و حتى و أنت فى بالد بعيدة جداً

مع كل يوم يمـر فـى ،ستدرك ذلك مع األيام

ال أسـتطيع أن ، فى لحظـات بعينهـا ،حياتك

لكنها تأتى لكل واحـد و تسـكنه و ،أحددها لك

تقفز الدموع من عينيه فيخفيها عن أعين الناس

فقلوبنا ليست من الدماء فقـط و ،فتقبع فى قلبه

"مليئة بالدموعلكن

Page 58: 974

رغم أننى سمعت منه ذلك من قبـل و

لكن معناه أستقر فى قلبى باستقرار الحروف و

ثبات الحبر على الورق و صارت تلك اللحظات

أستحضرها حتى و إن لم ،شاخصة دائماً أمامى

تأت و صارت أكثر استقراراً باستقرار أبى فى

رغم أنه أول إنسان أرسلت له لكنه األخير ،قبره

الذى أرسل لى و لكنى كنت أشـتاق لخطابـه

اشتياقى للخطابات الوردية الذى يطلـق عليهـا

فلما وصل خطابه Hot lettersبعض األصدقاء

تغيرت مالمح الشقة الكئيبة فى جلـين بيرنـى

رغم فرحى الشديد ساعة رؤيتها فلـم أرى مـا

فيها إال التلفاز و التف حـولى مـن قـاطعونى

فأنا أريد أن آكـل جيـداً و ،ىالختالفنا فى الرأ

أصوم رمضان خوفاً من اإليدز و عصمة لى و

ربما ألننى أخاف أن اكسر وعد أبى أن أعـود

كما ذهبت قبل أن يلفظ أنفاسه األخيرة و ربمـا

Page 59: 974

ألننى ال أتخيل نفسى مفطراً والنـاس صـائمة

حتى ولو كنت فى أطراف الدنيا وهم فى مصر

صـية و صـوم و احتمال خوفى الزائد من المع

الدهر الذى ال يعوض فطر يوم رمضان متعمداً

و احتمال العادة و احتمال حبى الزائد للطعـام

بعد شوق كما يقول جحا أن أفضل الطعام بعـد

جوع و احتمال حبى هللا الذى زرعه أبى فـى و

أنا أرتاح لألخيرة حتى وإن لم يصدقها هـؤالء

الزمالء أحضروا أمامى كل شئ و اشتاقت إليه

كان يؤكد علـى ،نفسى رغم أننى أتظاهر بالقوة

و قد أحضر لى بعض الكعك كـى ،أن أتماسك

أفطر عليه ساعة الوصول لكن النهـار صـار

،موصوالً فصمت أكثر مـن عشـرين سـاعة

رفضت أن أشاركهم الوسـكى و البنـت التـى

أحضروها بثالث دوالرات للخمس دقائق مـن

ى و أعطتهم رغم أنها نظرت إل ،إعالنات التلفاز

Page 60: 974

بعدها أنهـا " حميدة " قال لى ،خمس دقائق زائدة

أعجبت بسواد عينى من وراء نظارتى سـاعة

لم أر هذا السواد أبداً و لكنى كنـت ،فتحت لها

أرى دائماً عينى مشبحة بخطوط حمراء طوليـة

قال صديق . .و عرضية- Hot letter - Very hot letter خطـاب عـادى ، لكنه ليس وردياً -

.اًجد

. انه خطاب عساكر -

كأننى كنت أود أن استعذب هذا الوجـع

فكم أخـذنى إلـى ،الذى طاله منذ عشرين عاماً

ذات األربع غرف و الشرفتين و ،شقتهم الكبيرة

فى حـى ،الصالة التى كانوا يلعبون فيها الكرة

لم يقل ألحد عن تلك الشقة و كأنـه ،الجمهورية

ى استأجرها فـى كان يريد أن يؤكد أن الشقة الت

كنت أؤكـد عليـه دائمـاً ،بيتنا ال تساوى شيئاً

Page 61: 974

ربما ألننى ال شقة لـى و أن أخـوتى ،أهميتها

الكبار أخذوا الشقق كلها و بنوا بيوتاً و أصروا

على غلقها أو إيجارها بالرغم من حياة أبى فال

شقق لى و ألخـى األصـغر و حجـتهم أنهـم

جديـداً و أصلحوا فيها باباً أو ركبـوا شـباكاً

يود أن يؤكـد أن .فكيف يتركوها لنا . .بلطوها

الحجرة الوحيدة التى يعيشون فيها أفضـل مـن

إيجار الدنيا كلها رغم الرطوبة الشـديدة التـى

آكلت من صدره و الرسوم السريالية التى تزين

عرفت لمـاذا ،سقفها و جدرانها بلون كابى قاتم

فال و يرفض استخدام الفحم فى تلوين كتبه لألط

يصر على الصور الملونة رغم أنها تأخذ دائمـاً

أسـمعه ،تحويشة عمره و تكسر أمانيه فى الولد

لذا كان أشد ) ربى ال تذرنى فرداً .( .يدعو دائماً

األصدقاء حرصاً لما عرضـت عليـه تكـوين

جماعة أدبية و أكثرهم حركة لتقريب وجهـات

Page 62: 974

قرأت جزءاً آخر مـن خطابـه ،نظر المختلفين

:ها فقاطعتنىأعجب

أحب – و أكون –أننى لم أدر لم كنت "

اباك وكم كان سبباً قوياً لى لإلبقاء على شـقتى

فكأننى أؤجر معها خمس قلب ،المؤجرة عندكم

والدك و حبك و تعبير أؤجر خطأ و الصـحيح

جمـال ابـن :قال أبى مرات كثيـرة . "أستحوذ

.حالل

ضحكت فبانت أسنانى الصفراء رغـم

أننى لم أكن أدخن و كانت أسنانه بيضاء ناصعة

.البياض

ولم تعش معـه ولـم ؟كيف عرفت -

تعرف أباه و أمه

ابن حالل من يحتـرم عيشـك و -

ملحك و تأمنه على كل

Page 63: 974

تهلل وجهك حين يجئ ،شئ و ال يخون

ألم تر مرة وجهـك فـى ،و حزنك حين يروح

لم أر هـذه التهلـل إال ،سمهالمرآة حين يذكر ا

فالً حينما كنت آخذك معى إلى البلد حين كنت ط

.تعشق األرض و الزرع و الماء

حتى المقربون يـا . . ظلموه كثيراً -

.أبى

. أشد الناس بالءاً األمثل ثم األمثل -

قد يكون أمثـل عصـرنا أو . . نعم -

.األقل مجموعتنا

أخذت أمأل ،مددت يدى اليمنى كى آخذه

كلماته التى لم تكن تهتم بجمال الكتابة و عينى ب

،لكنها تهتم جيداً بوضع النقط علـى الحـروف

قرأت سطره عن عالقته يا أبى ثانية بصـوت

خطـف ،دخل أحمد يجرى وراء كرتـه . .عاٍل

منى الخطاب و جرى فجريت وراءه كما نفعـل

Page 64: 974

دائماً و كما كان هو يفعل معه ساعة نخرج كى

.عة العصرنستقبل الهواء الطرى سا

.خطاب عمك جمال يا حمار -

ال تقل حماراً -

و انكفأ علـى وجهـه بعـد أن

،ضرب ضربة خفيفة لكنه لم يبك

فأخر لقاء علمه أال يبكى بعـد أن رآه

يبكى أطفال األرض المحتلـة و أوصـانى أن

لبندقية ضغط الهواء التى أكلهـا " الرش "أحضر

الصدأ دون رحمة و التى انكسرت فيها مسطرة

تحديد النشان و أن أعلمه كيف يصـطاد لـيس

العصافير التى كان يكره اصطيادها و الذى أخذ

موقفاً فى نفسه ضد الصين بسببها رغم إعجابه

بهذه العمالق القصير و الولـد المـدلل لـدى

و أوصانى أن أعرفه ألن عدوه دائمـاً ،أمريكا

.فى الشرق كما كنت أتعلم فى الجيش

Page 65: 974

مها منه و من قال أحمد بثقة تعل

حفظه لألناشيد و أغنية محمد

. .نبينا التى عرفت منها معنى المـوت

" أتولد فى مكة و مات فى المدينـة "،موت النبى

:قال

. .قلت لكم أنه سيحضر -

نعـم ، أطرقت و مسـحت رأسـه -

سيحضر كما قال لـى فـى آخـر

.مكالمة تليفونية

. لن أموت -

كلنـا سـوف … قل إن شـاء اهللا -

.نموت

بشدة فأحمرت أذناى على الطرف سعل

لملم صوته قـال آلخـر مـرة ،اآلخر للتليفون

.بصعوبة بالغة

.ال تخف. .سأجيء -

Page 66: 974

سمعت صوت ينـادى كـان

انطلقت إلى الشرفة ،صوته

يسبقنى أحمد و هى تهرول وراءنا بينما

صغيرتى التى تعلمت أن تحبو منـذ أسـابيع و

ـ ا التى حملها طويالً آلخـر مـرة تحبـو نحون

.مسرعة هى األخرى

) (

تكفى الفاتحة من هنا . .ال تذهب هناك -

قالت أمى بصوت مخنوق يماثل نفـس

،الصوت الذى كنت أسمعه حزنـاً علـى أبـى

أطرقت ومسحت على رأس رؤى ابنتى وذهبت

بدأ الشيخ تكبيـرة اإلحـرام فلـه ،إلى الغفران

Page 67: 974

ـ ،صوت قادر على دخول الشارد و الدانى ت قل

:لصديق يعيش للصالة

ال توجد ضـرورة إلطفـاء أنـوار -

قد يضـيف ذلـك ،المسجد ساعة صالة العشاء

مشاعر الخشوع لكنه يوحى بارتخاء كل شئ و

…البد من التيقظ فى حضرة اهللا

أوصانى أن أقول ذلك لعامل اإلضـاءة

الذى ذكرنى بعامل إضاءة مسرح الشركة فـى

ت و أسـلمت فتراجع ،عصبية و شذراً نظر إلى

فأنا أعرف عصـبيته مرتـادى ،نفسى لم يريده

دخلت صالتى و جاهدت أال ،المسجد بعد الستين

دائماً كنت أراه عن يمينـى أو ،أغفو أو أسرح

ساعة بحث عنه تقـع ، أمامى أو خلفى ،يسارى

إحساس مشترك يجمعنا ،عيناى عليه دون جهد

أجد نفسى تأخذنى إليـه و نفسـه ،فى أى مكان

، رفعت بصرى عن موضع السجود ، إلى تأخذه

Page 68: 974

لـم ، أماماً أو خلفاً ، يميناً أو يساراً –أبحث عنه

وجدته كان واقفاً عن يمينى أخـذتنى .ال. .أجدة

تتجمع صورته شـيئاً ،عيناى إلى مكانه تحديداً

تصـبح الصـورة ، أعصر عصب عينى ،فشيئاً

، الشعر المجعد قلـيالً ،أكثر وضوحاً من الخلف

الشرز البنـى و ،ضئيل الظهر المفرود الجسم ال

البنطال البنى الذى طالما طلبت منه أن يغيرهما

رغم أن أخاه أوصانى أن أنصحه بشراء مالبس

جديدة بدالً من هذه الكتب التافهة التى ال تفيد و

.التى لن يستطيع أن يقرأ نصفها

.لكن ألجلك أنت. .أعد بالشراء -

،لـون لكنه اشترى نفس ال ،تهللت فرحاً

فهـو ،كان حريصاً أن يكون معى فى أبهى حله

يعرف أن بنات المحلة الثانويـة يقابلوننـا فـى

و أحياناً يلقون علينـا التحيـة و ،شارع البحر

يبتسمون فى خبث والالئـى يعرفونـه يقبلونـه

Page 69: 974

إذا استبد بهم البعد و ضـل ،كعروس احتياطى

يهز رأسه بطريقة ظريفة تطبع ،العروس طريقه

، هزها الذى أمـامى فـى الصـف ،كفى ذهن

اطمأنت فكم تحـدث ،ارتاحت نفسى و هدأ قلبى

، لو أننى فى صـالة نافلـة لسـلمت ،معجزات

انتهت الركعات األربع سريعاً دون أن يعلـق

بذهنى دعاء أو أستمتع بآيـة أو أتـدبر معنـاً

مررت ،يأخذنى إلى ملكوت السموات و األرض

كدت ،هم بعد من أمام بعض ممن لم يكملوا صالت

وصلت إليه ربت على ،أقع فاستندت على راكع

، نظر لى ، قبل أن يلتفت ارتديت نظارتى ،ظهره

، لـم أعرفـه ،تعدلت الصورة بشـكل مفـزع

. ارتجف قلبى،اضطربت أوصالى

.أى خدمة. .أهالً و سهالً -

و ،خلعت نظارتى بتثاقل شديد

،أطرافى ترتجف و تراجعت إلى الوراء

Page 70: 974

ءة أنـوارة التـى أضاء عامل اإلضـا

أغرقت و أفرغت علـى إحساسـاً لـم

أغمضت عينـى كـى ،أستطيع تحديده

قررت أن ،احتفظ بصورته ملتصقة بها

علـى –أتخل عن نظارتى لعلـى أراه

. هنا–األقل

كل يوم يحترق شعر البنت و يتساقط و

كيف لبنت لها وجه الصـباح ،يحترق معه قلبه

ن بال تاج يزين تلك المملكة وعين البحر أن تكو

لف بها على كل أطباء الجلدية فـى المدينـة و

، لم يترك وصفة إال أحضـرها ،المدن المجاورة

ذهب للمقابر و أحضر صباراً من فوق شـاهد

كم دفع لغفير المقابر حتى ،قبر لشاب لم يتزوج

Page 71: 974

حتى عصير الجرجير مـع البصـل و ،يعرف

غسل رأسها احضر بول حمار و ،الثوم لم يؤثر

تحاصـره ،لكن األمر ازداد سوءاً عن ذى قبل

نظرات األم وتتهمه بمستقبل البنت األسود إن لم

ذهب إلى كل أشجار الجميز و غسـل ،يجد حالً

رأسها بلبنها لمدة أربعين يوماً لكن لم تشق رأس

ظل يحلم بتلك الشعرة لـيالً ،البنت شعرة واحدة

الطعام ، ذلك أصبح كل شئ يفعل ألجل ،و نهاراً

، الشراب المغذى للبشـرة ،المفيد للشعر و للجلد

حتى الجدة ذهبت تحـج هـذا ،الدعاء المستمر

رن جـرس ،العام من أجل شـعر الصـغيرة

ينتظر آخر وصفه من أختـه ،التليفون فدق قلبه

لهف السماعة مـن . .بعدما فشلت وصفة حماته

. أخذتها منه أمه بهدوء،زوجته

.دا الحل الوحيد -

Page 72: 974

و ،ضعت السماعة األم ببطء و

،أخذت زوجته من يدها و همست لهـا

بانت ابتسامه خفيفة على وجه الزوجـة

كضوء شارد أختفى فى ليـل تكسـوه

.سحب داكنة قالت خائفة

لن يرضى -

كل مرة يعترض ثم يوافـق أمـام -

.حبه لها

. أعرف أنه يحبها بعنف -

. ألنها تشبه والده و جدته -

.منها النجاسة عالجها أنجس -

اقتربت منه الزوجة بعدما غابت األم فى

"الرجلة مـع الزنزلخـت "المطبخ تجهز وصفة

التى وصفتها الحاجة اعتمـاد و أقسـمت أنهـا

اقتربـت .صحت مع ابنتها منذ عشرين سـنة

فأحمر وجهـه ،الزوجة منه أكثر و تمسحت به

Page 73: 974

خوفاً من األم القابعة فى المطبخ و التى تعطـى

. ابتعد عنهـا قلـيالً ، تقصد أذنيها حتى ولو لم

: قالت هامسه،اقتربت منه

.يوجد حل قالته أختك ألمك -

؟ ما هو -

خلق اإلنسان من ماٍء . . ال تغضب -

دافق

؟ كيف -

قالت أمك النحاسة عالجها أنجـس -

.منها

الماء الدافق ليس بنجاسـة ولكـن -

.مجرى البول هو الذى نجس

نظـر مـن ،أنزوى فى كرسيه

طل على الغروبالشرفة التى ت

و يعشق رؤية الشمس وهى تغادر للبالد

نظر لزوجته التى لم تقابله لقاء األزواج ،البعيدة

Page 74: 974

لمح ابتسامه أشرقت ثم ما لبثت أن .منذ شهرين

،غابت سريعاً لما رأت بعض شرود خيم عليـه

كان شارداً كمـا ،تذكر تماماً ما حدث آخر مرة

يتعـدى قالت له و كانت تعتقد أن األمـر لـن

فأقبلت عليه نهمة ككل ،أسبوعاً و ستعالج الرأس

مثل أول مرة تقابالن و أغلقوا عليهم بابـاً ،مرة

لم يشـعر ، لكن أفكاره كانت تتساقط منه ،واحداً

بدفئها و لم يتجـاوب مـع موسـيقى الجيتـار

الرومانسى الذى أحضره معه من باريس ولم ير

أغلقـت ،حتى ضوء الشمعدان الذى يذوب معه

األم بعنف كى يبدآن محاولتهما الحضار المـاء

. اقتربت منه زوجته ثانية فلم يبعدها،الدافق

.موافق -

ذهبت مسـرعة لتجهيـز ، لم يرد -

أشياء يشعر أنها أكثر

Page 75: 974

أطفـأت أنـوار ، قيمة من مجرد اللقاء

أضاءت الشمعدان فأشرق نوره الخافـت ،الشقة

ارتفعـت ،فى الظالم داخـل نفسـه المحبطـة

بـدأت ،ى الجيتـار الرومانسـية عاليـاً موسيق

فرد ،تراقصه بعدما أرتدت قميصاً أبيض يعشقه

اختلفـت ، تـداخال ، دخلت بين ذراعيـة ،يديه

عقله مشغول بالـذى ، صارا واحداً ،ضلوعهما

سوف يسرى فى ظهره حتى يصل إلـى كوبـه

هم لكن شيئاً يمنع ،الذى ال يشرب الشاى إال فيه

الً دون انسـياب مـا تقدمه وشيئاً ما يقف حـائ

ضوء الشموع يتجه نحو الكوب ينتظـر ،يبغى

،ساعة اإلفراج عما يكمـن فـى بئـر سـحيق

،يضمحل ماؤه شيئاً فشيئاً حتى صـار غـوراً

ربتت على ظهره بأيـد ،ازدادت تالحق أنفاسه

، مسحت شعره المنساب علـى عينيـه ،حنون

كانت وخزات تنفذ فـى ،تضاعفت نبضات قلبه

Page 76: 974

تذكر النصـيحة ، نشف ريقه ،هصدرها وترتد ل

التى لم يسمع غيرها ليلة زفافه ولم تسمع هـى

تردد صدها فى سمعه سخيفاً . .األخرى غيرها

.إياك و الماء البارد -

مد يده شرب ،لم يهتم أول مرة

كوباً من الماء البارد الذى

عاجله بتكوين حبات عرق بلورية على

أحضرت فوطة و مسحت عرقـة فـى ،جبهته

قالت بهدوء و ثقة فيه ، بالغحنان

.أنت تفكر لذا انسحب منك ما تريد -

. نعم -

. دع نفسك لى -

بقــوة أطفــأت أنفاســه نــور

فأضاء الكهرباء رغم أنها،الشمعدان

انسحب نحو الشـرفة ، أرادت إشعالها

وصل ، اختفت داخل حجرتها ،يشم هواءاً بارداً

Page 77: 974

،" روب" ارتــدت،شــريط الموســيقى آلخــره

ربتت على ظهره فغار ما تبقى من أسرعت إليه

.حماس كان ما ينوى فعله فى سموات بعيدة

.نحاول ثانية -

. ال -

. و البنت -

نتخيل أنها ، نجرب وصفات أخرى -

.فشلت

. لم نجربها بعد -

أحضرى لى كوبـاً . لدى حل آخر -

من اللبن البارد أشربه

علبـه اللـبن .خرجت تجرجر إحباطها

أحضرتها ،يكمل ما فيها لم ،قاربت على االنتهاء

فما فعله منذ قليل رغم خيبة النتيجـة ،فى تردد

أخـذ منهـا ،يحتاج معه لكيلو لبن يشربه وينام

و طلبت منها أن تغلـق عليـه ،الكوب وشرب

Page 78: 974

فكـرت فيمـا . ذهبت لكنها لم تنم ،الباب و تنام

لكنها تعرف مدى المعاناة التى يالقيها ،يفكر فيه

اللقاء الطبيعـى فكيـف إن فعل فقلبه ال يحتمل

تمنعـه ، فكرت أن تعود له .يتحمل إثارة مفتعلة

، سكنت مكانها ،تراءى لها شعر البنت المتساقط

،حاول إثارة نفسه تذكرها ساعة الليالى الصفاء

لكن الصورة تأتى دائماً مشوهة و يفسدها شـئ

قام يبحث عـن صـور ،ما يجعله يتراجع ثانية

ن حريصاً علـى أن مكشوفة لكنه لم يجد فقد كا

لو أنـه أحضـر ،يقطع تلك الصور أوالً بأول

من باريس مثل الكثيرين " البالى بوى "مجلة من

حـاول مـع .من زمالئه الذين تبهرهم الصور

أحـس أن تلـك ،نفسه لكنه تراجع أكثر و أكثر

الرغبة أختفت داخله توارت حتى صـار كائنـاً

.حيادياً ال يدفعه شئ نحو الطرف اآلخر

Page 79: 974

دادت ضربات قلبه كالطبـل المعلـق از

كان . أمسك كوب اللبن ، تقطعت أنفاسه ،للحرب

طرقـات ، تناول ما بـه .به بعض رشفات قليلة

على الباب رغم رقتها إال أنها كانت كـوخزات

، ماذا سيقولون لهـا ، توجعه ،الدبابيس فى قلبه

وشعر البنت الذى لن ينبـت ،سوف تعرف األم

نظـرت ، بتثاقل شـديد قام فتح الباب .إال بذلك

لكوب الشاى الفارغ و كوب اللـبن المشـروب

ارتمـى علـى ، تغير وجههـا ،آلخر نقطة فيه

ارتمت عليه تدلك يديه وتمسـح عرقـة ،الكنبة

اصفر فاصفرت ، انسحب دمه .المتساقط كالؤلؤ

حاولـت أن ، صـرخت ، ارتخت العينان ،معه

طرقات على ،تساعده السترداد أنفاسه المتقطعة

. أسرعت تفتح،الشقةباب

تفيض عين األم الواقفـة علـى البـاب

وضعت رأسـه علـى ، أسرعت إليه .باألسئلة

Page 80: 974

، بدأ يلتقط أنفاسـه الهاربـة ،رجليها الطريتين

قرأت الكثير من إجابات العجـز .مسحت رأسة

.تنط من عينيه دون سؤالها له

الرجـال كثيـر فـى . .وال يهمك -

.عائلتك

أس انكسر و زوجته مطأطئة الر

لو تنشق األرض،أيضاً

أخذت الصغيرة التى لها ، اآلن و تبتلعه

وجهه القمر فى يدها و خرجت دون أن تنظـر

حاول أن ينهض ،لها و دون أن تساعده أن يقف

.من مكانه فلم يستطع

.جلست زوجته و ارتخت هى األخرى

كيف لبنـت لهـا وجـه ،ارتفع صوته داخلها

تاج يزين تلك الصبح و عين البحر أن تكون بال

. المملكة

Page 81: 974

ــدر ــتنهض نفســى ق ــت أن أس حاول

استطاعتى من حالة التعب اليومى الذى يـأكلنى

و يطحن القلب معه حتى باتت الوخزات شـيئاً

تركـت سـريرى ،عادياً يثير توقفها المخاوف

كـان .رغم تعلق جسدى به و مطالبته بالمزيد

الشتاء يتشاجر مع ملك الصباح مضطرباً و ملك

الصيف و تشق فالشات ضوئية رحـم السـماء

ترتجف الدنيا فيرتجف ،الحزينة فى غياب القمر

القلب و ترتجف أصابعى لما أراها بيد صـغيرة

. .بيضاء من غير سوء لم تنبت لها أصابع بعـد

تمطر الدنيا و تريد عيناى أن ،أتساءل فاستغفر

علـى تمطر لكننى المدرس و سوف يضـحك

.الصغار فى حصة التقوية

Page 82: 974

يتسـع لهـا ، بنت كقطرة الندى "مى"

تطيل النظر إلى حتـى ،القلب كى تتمدد بداخله

تفيض روحى راحة تمأل حيز الغرفـة البـاردة

أبادلهـا النظـرات ،التى تُقبض لرؤيتها النفس

فتنبت براعم خضراء فى أرض الحجرة ،الطيبة

،توارى منـى ت ،المسفلتة بخرسانة شديدة البأس

أتوارى منها كى ال تالحظ أننى أتابعهـا وهـى

تمسك قلمها

األزرق بلون عينيها بيدها اليسرى بينما

، تصـر علـى ،اليمنى تسند بها قدر استطاعتها

أمسك طبشورى الملون و أرسم طيوراً بـدون

، تضحك فيضحك كل األوالد الصـغار ،أجنحة

، أكشـر ،تشرق الشمس خلف السحب السـوداء

، ال أستطيع المقاومـة ،تعود السحب ثانية أكثر ف

تطلـب اإلذن ، تشرق الشـمس ثانيـة ،أضحك

عيون األشقياء يتـابعون ،بالخروج إلى للسبورة

Page 83: 974

يدها التى بال أصابع إال واحد صـغير يحـاول

تمسـك ،جاهداً أن يشق طريقة لكنـه توقـف

تجحـظ عيـون ، تحتضن السـبورة ،طبشورها

رى غيـر ترسـم لـى أجنحـة طيـو ،البنات

يضحك الصغار فتضحك و أضحك ،المرسومة

يخرجـون إلـى ،و تطير الطيور فى الحجـرة

، يصفق لها الجميع دون أن أطلب منهم ،الفراغ

فقـد ،تضيق التى تجلس فى المقعـد األخيـر

أصفق معهم ،طالبتهم بالتصفيق لها و لم يصفقوا

رغم تغير وجه صاحبة المقعد األخير و األولى

، النظام الذى أحـاول أ، أفرضـه يختلف ،دائماً

تحاول أن تخفى يدها العـاجزة بكـم فسـتانها

يشتعل وجهها احمراراً لما تظهر كبشة ،الطويل

يدها و تبص األصابع القصيرة فيضحك بعـض

التى تساندها دائمـاً - تكشر هند .األشقياء عليها

لألشقياء عندما سمعت ضحكة خبيثة من ولد –

Page 84: 974

أسأل ،لف الكم ثانية توارى مى خجلها خ ،سمين

ترفـع ،بعض األسئلة التى تشعل الفصل حماساً

يصمت الفصل تدريجياً و عيون .مى يدها تلقائياً

، تستشعر سكون الفصـل ،الصغار معلقة بيدها

تجلس فجأة لما ،توخزها نظرات الجميع حتى أنا

تنفرط ،وجدت رؤوس الصغار معلقة فى السقف

عيناهـا تتلـون ،من عينيها عبـرات لؤلؤيـة

بألوان غريبة جميلـة و الخضراوين الزرقاوين

أحياناً مزعجة لما يشكل اللون األحمـر بعـض

ربتت على ظهرها و ، اقتربت منها ،خطوط بها

بـدأت ،مسحت على شعرها المنساب كـالنهر

كانـت قـدمى اليمنـى ،تجفف بعض دموعها

أشرت لها ،تؤلمنى من إصابة فى حرب الخليج

،طأت رأسها نظرت لقدمى طأ ،أن تنظر لقدمى

فـى طفولـة ،ابتسمت رغم دمعة انفرطت منها

، كانت بلسـماً ،انحنت و لمست قدمى المصابة

Page 85: 974

دبت فيها الحياة أحسسـت أننـى أود اختـراق

الضاحية التى كنت أحجـز مركزهـا األول و

كانت سبب بقائى فى البيت كل خميس و جمعة

مددت لهـا يـدى كـى ،رغم الحرب اعتدلت

مدت يـدها بـص ،ها التى بال أصابع تصافح يد

اإلصبع الوحيد من الكم الطويل مدت كف يدها

امتصت برودة يدى ، رائعة و دافئة كانت ،إلى ،

،توجد بعض عقالت أخرى عليها طالء أظـافر

يعكس الضـوء ،لونه فضى كلون بشرتها تماماً

:قلت لها. .على عينى

هذا طالء جميل يا مى -

. . هل أعجبك، نعم -

لها البد أن يتناسق لون البشرة قلت -

. .مع لون الطالء و إال صار نشازاً

؟أليس كذلك

. نعم -

Page 86: 974

؟ سألتها من رهين المحبسين -

:بسرعة قالت -

.أبو العالء المعرى -

ابتســمتْ ونظــرت لقــدمى و

رفعت،ابتسمتُ و نظرت ليدها

كم فستانها كى تكشف عن يـدها بـال

فجـدول . أحسست بالتعب يحـل علـى ،خجل

اسـتندت علـى ،الحصص من األولى للرابعة

ربتت على ظهرى بيـدها ، اقتربت منى ،المقعد

، بلسماً كانـت ،التى لم تعد تخشى أن يراها أحد

،سرى بداخلى دفء وجدتنى ابتسم أضـحك

أسأل مزيـداً مـن ، أواصل الشرح ،أقف بهمة

كانت يدها التى بال أصـابع تختـرق ،األسئلة

مت لها أجنحة تعاود السماء و طيورى التى رس

للفصل ثانية تحلق فوقنا و تغنى

Page 87: 974

)1( *

يقترب اليوم األخير فى هـدوء

تمنى أن يطول أكثر حتى ،ليكمل الشهر الكريم

ال يطالب بأشياء لن يستطيع أن يحضرها فتمتد

سـواد هالمشاكل ألكثر من شهر ال يشق قمـر

يعـرف الجميـع أنـه يعطـى دروسـاً .الليل

فالجلسات أمام باب بيته يرصـدن ،وصيةخص

خروجه اليومى من الساعة الخامسـة و حتـى

و تبدأ عمليات الجمع و الطرح و كثيراً ،الثانية

الضرب حتى يصل دخله إلى أرقام لـم يسـمع

١) (

عنوان ينتمى لجابر سركيس و ال تستطيع قصتى أن

تتخلى عنه

Page 88: 974

لم يكن يعرفن أنها مجموعة واحدة ،عنها أحياناً

وكـم حاولـت ،بالفرد فردية العدد ألنه يتفاءل

لكنـه رفـض تحضر العاشرة إحدى البنات أن

بقوة

،متحججاً أنه ال يوجد كرسـى عاشـر

أشـاعت ،فأحضرته البنت معها لكنه لم يقبـل

بعض البنات أنه يعانى من الرقم تسعة و أفشت

له علـى البنت الخبيثة أن عمالً سحرياً ما فٌعل

السـحرة الرقم عشرة بعدما عانى األمرين عند

ـ و ،ل إليـه كى يفكوا الربط لذا يكـره أن يص

سربت العاقلة أن درجاته فى الدراسة لم تكـن

صل أبداً للرقم عشرة و يحل شيئاً خطأ متعمداً ت

كـل ةي له طقسوس عند بدا . حتى ال يصل إليه

يأمرهم بشدة ،شهر عندما يحضرون المصاريف

أن يضعوا النقود فى أظرف بيضاء و ال يمد يده

Page 89: 974

اولة و أو فى وسط الط ، بل يضعوها أمامهم ،أبداً

أن يذهبوا و بنصـف سـاعة دال يأخذها إال بع

حاولـت .حتى يروض نفسه أال يكون متلهفـاً

البنت الخبيثة مرات كثيرة أن تحضر النقود بال

ظرف و تعطيها له لكنه رفـض أن يأخـذها و

وبخها وحذرها للمرة األخيرة أنه سوف يطردها

فتح باب .و زاد بأنه سيعاقبها فى المرة القادمة

لشقة بهدوء حتى يتحسس الجيران و بخاصـة ا

لم تكن ، أسرع ،جارته صاحبة العيون المركزة

لما نظر خلفة و هو يتـرك ، حمد اهللا ،موجودة

،البيت كانت تشيعه بنظرات مؤكدة متابعتها لـه

لم يستطع أن يمنع نفسه مـن تـذكر ،لم يتفاءل

، فالعيد غـداً ،المصاريف التى سوف تعدل حاله

اً أن يغلق الظرف جيـداً حتـى ال كم أمر كثير

كـان يـأمر ؟حداهن ما تدفعه األخـرى انرى

ن يضعن ورقة بيضاء ناصعة و كان أالفقيرات

Page 90: 974

يشعر أنها األمان ،يفرح بها فرحه بالنقود تماماً

الذى يبغيه و الرصيد الذى سوف ينتظره يومـاً

أسرع الخطى إلى حجرة الدرس الذى دفـع ،ما

،ن ما يجمعه يكفى شيئاً لم يك ،٢٧إيجارها يوم

سـوف يقولـون ،قرر مئات المرات أن يتوقف

عنه إشاعات كثيرة ولن يتركـوه يـنعم حتـى

معروف أنه من ال يعطى ،بالفراغ و قلة الحيلة

يتباهى المدرسون بأعـداد ،دروساً يكون فاشالً

،العيــال و يتبــاهى هــو بإعارتــه للســودان

فيضحكون عليه حتى المدرسون الصغار رغـم

، همـس أصـغر مرءوسـيه ،أنه رئيس القسم

.مدرس حديث التخرج

نحن شعب ……ارفع السعر يا ريس -

حتى ولو كان قليل . األغلى ال يحترم إال

كما أن األمهات تتباهى بما يدفعن ،القيمة

وكلما دفعت أكثر و عند مدرس مشهور

Page 91: 974

تفوقت على جيرانها و كانت قصـيدتها

.هى معلقة الشارع لعدة أيام

.مالاحت -

.لم يصدقه لكن التجربة ثبتـت كالمـه

أحـس ،زود الثمن خمس جنيهات مرة واحـدة

بأنها حمل ثقيل سوف ينوء به كتف اآلباء الذين

،يخرجون منذ الصباح و يعودون آخـر الليـل

حدثه زميل له فى القاهرة أن المدرس يقوم بدور

و رفض بشدة أن ضاألب و الزوج أحياناً امتع

حاول أن يعـوض ،ته لذلك يدخل أى مدرس بي

لهم الخمس جنيهات بزيادة عـدد الحصـص و

ر ي لم يقل للمدرس الصغ ،تصوير األوراق مجاناً

ما حدث لكنه عرف من إحدى البنات الجواسيس

له فى المجموعة و التى يدفع لها ثمن الـدرس

كى تسأل عن األسئلة الصعبة التـى تقابلـه و

Page 92: 974

مدرس أفضل ه فهو يعتبر ،يعرف كل جديد عنه

.فى مادته العلمية فى البلد و يستفيد منه كثيراً

إذا لم يدفعوا ،فاليوم األخير لدفع البنات

تسيطر رؤيـة المظـاريف ،ستكون كارثة فعالً

يريـد أن ، ويأخذ ما بداخلها قلبـه ،على رؤيته

فرؤية العيد تزداد روعة مـع ،يقضى ليلة هانئة

يـر التغير الشامل للشقة واهتمـام الزوجـة غ

. .العادى و أحياناً الزائد عن الحـد بأجسـادهن

.يدندن مع نفسه

يا ليلة العيد أنستينا وجددت األمل فينا -

تصر أن التى قالها بصوت سمعته البنت

تجلس بجواره دائماً و ال تجرؤ أى واحدة منهن

أن تجلس مكانها رغـم أن إحـداهن حاولـت

رشوتها ببعض اإلكسسوارات ولم تسـتطع أى

،دة منهن الجلوس مكانها حتى يوم أن غابت واح

قالها للمرة الثانية وارتسمت ابتسامه عريضـة

Page 93: 974

على وجهه فظهرت الغمزتان التى تسحر قلوب

تحركت أقدام البنات تحـت الطاولـة و ،البنات

فانتشت بعضهن وذابت ،ازداد احتكاك الكعوب

بعضهن نشوة ولذة مسحت من رؤوسـهن مـا

عين البنـت الشـقية لمح فى ،سمعن منذ قليل

تهـتم دائمـاً بحاجبيهـا ،كالماً يتقاطر رغبـة

المرسومان بعناية فائقة تثير غيظه من زوجتـه

التى أمرها مرات عديدة أن تزيل الشعر المنهدل

فى فوضوية فوق عينيها لكنهـا تتـذكر مربـة

كـل ، أمرهن بإحضار الواجب ،المشمش أكثر

ـ ،شئ معد باهتمام بالغ ا كراسـات تطيـر فيه

الفراشات الملونة و المعطرة بالعطور الفرنسية

التى تأخذه إلى عالم سحرى ال يكتمل إال بوجود

بدأ الشرح بهدوء يدخل البنـات فـى ،شهرزاد

تزداد رواية العناكب جمـاالً ،انسيابية يعشقنها

Page 94: 974

تها القاتلة و الرعب التى تسببه غبتحليله رغم لد

. قالت بنت بخبث.فى المدينة

العناكب مثل البشر كثيراً من -

يـزداد ،يومئ برأسه و يواصل الشرح

حماسه لما وجد طرف مظروف خارج يـبص

يتحول إلى شعلة ،فى خجل من كراسة إحداهن

، يسأل و يجيب و عاود الشرح ثانية و ثالثة ،نار

تمارس بنت أخرى ،يمسح السبورة مرات كثيرة

تتحرك أوتار قلبه الرهيـف علـى ،نفس الفعل

صغيرة التى تحتاج لفستان جديد رخيص البنت ال

و الولد الذى يحتاج لبنطال أى لون و أى نـوع

يلبسه فى العيد رغم أنه يحب اللون األبـيض و

ر الحصة بطيئة مثل ثور يدور م ت ،يعشق الجينز

. ارتمى على الكرسى قائالً،فى ساقية

تسـليه فـى …الواجب حل امتحانات -

العيد

Page 95: 974

ل إمـام و تسلية العيد الخـروج وعـاد -

أميتاب باتشان

. النسخة المهربة يا أستاذ… و تايتنيك -

أخرجت كل واحدة مظروفها و وضعته

دون أن .مكانها ثم انصرفن واحدة بعد األحرى

ينظرن إليـه و دون أن تتلكـأ إحـداهن ودون

مشاكسة كل شهر و إحسـاس بعضـهن أنهـن

فـالكثير مـن ،يتكرمن عليه بالحضـور إليـه

فجميعهن األوائـل و ،ن وراءهن المدرسين يلهث

وجود واحدة منهن عنـد أى مـدرس دعايـة

خرجت البنت التـى ال .يستوجب التمسك بهن

فقد أمرها أن ،تدفع خجلة وجلة مطأطأة الرأس

شئ تضع ورقة بيضاء دون أن تكتب عليها أى

و بخاصة كلمات الشكر التى تقطع قلبه بسـكين

و ،ى لم يكن تعرف إحداهن بسر األخـر ،بارد

يعطيهـا ،ضعت مظروفها فى مكانه المعهـود

Page 96: 974

دائماً الجوائز مالية دون أن يكتب عليها أى شئ

كى تصرفها لكنها تحتفظ بها وتكتب هى علـى

الورق الوقت و المناسبة و تضع الفضـة فـى

كيس جلدى صغير أخذته من أختها التـى لـم

لم .يحضر لها شبكة إال دبلة و خاتم وضعا فيه

، يتقـافز قلبـه ، و ضعها أمامه ،كل المظاريف

.دندن بصوت مأل الحجرة

يا ليلة العيد أنستينا و جددت األمـل -

فينا

سمع أطراف ضحكة للبنـت الخبيثـة

قـام .ترق الشباك الذى لم يكن مغلقاً تمامـاً خت

جلس اعتدل أمام المظاريف بدأ ،فأغلقه بسرعة

، بدأ بصاحبة الورقة البيضاء ،يفتح واحداً واحداً

من ،وضعه فى جيبه األمامى كى يقرأه لما يعود

و ضعه بسرعة فى الجيـب ،لهفته لفتح الباقى

المقطوع فسقط فأخذه و وضعه فى ثانيـة فـى

Page 97: 974

بدأ فى هدوء فى فتح المظـروف ،الجيب السليم

الثانى وجد ورقة بيضاء معطرة بعطـر البنـت

،اريف قبـل العيـد صالخبيثة تعتذر عن دفع الم

لكنـه ،البنات تقلد تلـك البنـت كل ،توتر قلبه

استبعد الفكرة فالبنـت التـى تجلـس بجـواره

حريصة على احضار النقود أول واحـدة كـى

،تتباهى وتنظر شذراً لألخريات اطمئن قلبه قليالً

بصـت ، بدأ يقطع المظـروف بهـدوء ،سم اهللا

بـدأ ،طرف ورقة كانت بيضاء لم تسره رؤيتها

هرعـت ،رقةبفتح الثالث بسرعة أكثر نفس الو

امـتألت ،يده تفتح بهستيرية كـل المظـاريف

وضـع ،أرضية الحجرة بالورق األبيض نهض

لو كان فى وقت آخر لكان األمر ،يده فى وسطه

مـد ، تالشت من رأسه أغنية العيد تماماً ،عادياً

– التاسـع – أخذ المظروف األخير ،يده لجيبه فما فيه معـروف ، كان ثقيالً ،لم يفتحه نظر إليه

Page 98: 974

ورقة بيضاء و كلمـة شـكر ،منذ شهور عديدة

رقيقة حزينة يكسوها اعتذار مهذب يذكره دائماً

لعلها اشترت له كـارت ،" موت موظف "بقصة

اشتاق لقراءة كلماتها التى تكـون ،بمناسبة العيد

فتح المظروف بهدوء من جانبـة ،أحياناً كالبلسم

ورقة بيضاء بهـا نفـس ،أخرج ما فيه بهدوء

الرقيقة كقطرات المـاء علـى األرض الكلمات

وجد نقوداً رائحتها تمأل أنفـه برائحـة ،الجدباء

كانـت عشـرة ،تلفة عدها بلهفة خ فئات م ،طيبة

خمس جنيهات ورقة واحـدة و أربـع ،جنيهات

جنيهات فئة الجنية وورقتان فئة النصف و ثالثة

لم .ورقات فئة ربع وورقتان فئة عشرة قروش

نتاً كندياً وجده و احتفظ به و س .يجد شيئاً واحداً

أعطاها إياه كى يجلب لها الحظ أحس أنه وجـد

أغلق باب الحجرة جيـداً و ،الدنيا كلها بين يديه

،مضى فى طريقه إلى سوق المالبـس القديمـة

Page 99: 974

بدأت ،غرق فى قراءة ورقتها البيضاء فى سيره

األغنية تعاوده ثانية فدندنها باسـتمتاع غريـب

. مرةكأنه يقولها ألول

في هدوء احتوتنا الحجرة المعدة لطلبـة

الفنون الجميلة بجامعة بلتمور كـي يمارسـوا

فنونهم شعرت بالضيق لما دخلت واعتصـرتني

تذكرت حجرتي البـاردة فـي ,جدرانها الباردة

تأففت روحي فقـد كنـا ثالثـة ,الدور الخامس

تراءت لـي القصـيدة , أنفاس مختلفة المصدر

,ة التي تتم بين جدران تلـك الحجـرات الجسدي

Page 100: 974

موعدا لمقابلتها " ليدجيا"تداعي المكان لما حددت

التمام حواراتي معها في مـادة المحادثـة فـي

كان الموضوع عن الطفل ,احدي هذه الحجرات

ينسج الزمالء حولها حكايـات عـن ,األمريكي

الحب والرغبة التي تشتغل لدخولها ثـم تهـدأ

,وتستقر سـاعة الخـروج وتموت أشياء كثيرة

شعر ليدجيا المنساب كسبائك الذهب يعلن دائما

عن تحدية لذات الشعر األسود التي تطـاردني

كلما ذهبت والتي تصر أنني سأعود لها رغـم

سخرية األصدقاء مني في المحلة لـو رجعـت

كانت دائما معـي رغـم ,وتركت أرض األحالم

أنف األخريات ورغم أنني أحب دائما األشـياء

الذي –يأخذني التفكير طوال الطريق , المختلفة

مـن –عرفته بعد معاناة نظرا لتشابه األماكن

, مركز التربية المستمرة إلي كلية الفنون الجميلة

يشغلني حال مقابلتها لي وهل ستتذكر موعـدها

Page 101: 974

وهل و أشياء كثيرة كانت تأخذني رغما عني لم

اء اكن أتخيل وجودها في الواقع فينساب مني م

دافق يؤدي إلي حمامات باردة في طوبة حتـي

كنت أشـجع , أنني أكاد أفقد الوعي من قسوتها

نفسي بأنني سوف أشفي من أي برد وأن إمامي

في ذلك العز بن عبد السالم الذي استخدم حمام

مسجد دمشق في منتصف احدي الليالي البـاردة

, ثالث مرات متتالية حتي فقـد الـوعي تمامـا

شباك الزجاجي الصـغير الـذي طرقت علي ال

… يكشف رأس من بالداخل هاي ليدجيا -

كيف حالك؟, هاي -

خمريـة , وخزتها فتاة غجرية الشـعر

حركت لسـانها حركـة , جريئة العينين , المالمح

دائرة وأخرجته فحول جسدي المستكين إلي كتلة

كان فستانها يقترب من أردافها في تـوحش , نار

Page 102: 974

وربها مقطـوع وصدرها نافر ورغم ذلك كان ج

فيظهر منه أجزاء شديدة البياض تتحـدي لـون

وتعوذت وأغرقت عيني , جوربها األسود الشبيكة

, ارتاحت نفسي قليال , في وجه ليدجيا البريء جدا

خرجت الفتاة ملوحة لنا ومتمتمة بلغة لم أفهمهـا

انسلت هادئة واثقة ثم قالـت , رغم أنها انجليزية

: وهي واقفة أمام الباب

. جديد ليدجيااحساس -

فوجود طفـل يسـاوي , الأفضل االجهاض -

ثماني مائة

.دوالراً شهريا

لها ثالثة أطفال وتأخذ لهم , البنت سارة

.ما يساعدها على الحياة وشرب المخدرات أيضا

لكني الأحب أن أكون أما لهذا الطفـل .. فعال -

ولكن الثمـاني .. الذى يعرقل انطالقي

..مائة دوالرا جيدة جدا

Page 103: 974

ليدجيا لكرسـيها وراء البيـانو ذهبت

تذكرت عبد , وبدأت أصابعها تعزف في رشاقة

الحليم فذهبت مباشرة للبنت التي يلـومني فـي

.. دندنت,عودتها األصحاب

.أهواك واتمني لو أنساك -

ماذا تقول؟ -

…أغنية لحليم -

مطرب مصري؟ ما هي؟ -

أهواك واتمني لو أنساك -

نعم -

جلست علي األرض وجلست هي علي

فردت قـدميها وخلعـت حـذاؤها , طويلة دكة

وايقظت خصالت شعرها الذي صـار يعكـس

بدأت أعيد ترتيب أوراقي وأحضر , أشعة أخافها

جهاز التسجيل الذي أخذته مـن زميلـي فـي

وفقت , الحجرة بصعوبة عندما علم أنني أحتاجه

Page 104: 974

تراجعت , ليدجيا واقتربت مني وجلست بجواري

ق قمـيص خلعت سترتها فأشـر , ابتسمت,قليال

فكم أحـب هـذا , بلون الكرنب خطف بصري

فـي " المحشـي "وكم قال األصدقاء عن , اللون

أدرت , ليالي الشتاء الباردة وما يفعله في الرجال

ابتسمت ثانية ابتسامة لـم , رأسي في إتجاه آخر

تـذكرت , تكن حيادية فأحسست بالخجل الشديد

صديقي الذي يمارس طقوس رجولته مع نسـاء

كان مغرماً بهجرة الرجـال , اور له البيت المج

, فقـد كانـت فرصـة . للعراق لسنوات طويلة

فالبيوت صارت بال رجال وصار يعبـث كمـا

يشاء مع زوجة جاره وسلفتها وضرتها وأخـت

زوجها ويحب ابنته بنت الثالثة عشر ربيعا التي

أمسكت به في أحضان أمها فكانت تدفعه دفعـا

ا بنتا بكـرا كي يمارس معها طقوسة لكنه يريده

طازجة تشبع عواطفة المحرومة والتي كسـرت

Page 105: 974

كان . من قدم بديناراته عليه " هناء"يوم أن فضلت

يود أن تبقي حصنا له لتجريب عواطفه سـاعه

حاول معها أن تبقـي , توخزة رومانسية مفاجئة

فقد وجدها ذات يوم فـي , نديه الوجة لكنها آبت

شقة أحد الزمالء الـذين يؤيـدون ويرفعـون

.عارهش

.الأمل في مجتمع اليرحم فقرهم -

:سألتها عن طفولتها فقالت باهمال شديد

.تركت البيت منذ الثالثه عشر -

لماذا؟ -

.أبي أرغمني أن أواجه العالم -

..وأمك -

- أكدت لـي أنهـا أدت . .لم تهتم بشي

مهمتها

Page 106: 974

واجهـت العـالم . علي أكمـل وجـه

ومارست طقوس المرأة الكاملة بعدما حاول أبي

……أن

توقفت بعدما رأت الذهول علي وجهـي

لما حاولت أن أكمل ما توقفت عنده

شي عادي أن يحاول بعض اآلبـاء -

.التحرش باألبناء ذكورا وأناثا

!؟ما دينه -

ضحكت كثيراً حتي وقعت مـن فـوق

فلمسـت يـدها ,الدكة الطويلـة علـي األرض

, تراجعت للوراء فـي حركـة فجائيـة , جسدي

…ضحكت أكثر وأكثر

ؤال اليصح أن تسأله هنا في هذا س -

. أمريكا

No( طائفة هنا تسمي ,ولكنه ال دين له

Religion ( أحـب أن أعـيش , أنا أيضا مثله

Page 107: 974

حياتي بال رقيب ولكني أطبـق مبـادي الحـق

والخير والجمال كان يأخذني خـوف أن تكـون

فأنا أخشي هـؤالء البنـات بعـدما ,صهيونية

ة اإليـدز كانت فكر " الحب في طابا "شاهدت فيلم

حتي أنني خشـيت آخـذ , تطاردني أينما ذهبت

التطعيمات المطلوبة مني فـي الجامعـة قبـل

الذهاب للتربية العملي بمدارس مقاطعة كولومبيا

وأكدت بعض األصدقاء أنني لوأصيبت باإليـدز

فمـديرة المركـز , سيكون من حقن المستشفي

أصرت أن نأخذ الحقن رغم أننا أكدنا لها أننا قد

:منا منذ الصغر فقالت ساخرةتطع

أستطيع أن أحضر لكم شهادة عليها -

خاتم

النسر أننى أخذت التطعيمات مـن أي

مستشفي حكومي عندكم وأنا من لندن وأمريكية

:رأت الدهشة تعلو الوجوه فقالت. الجنسية

Page 108: 974

عشت مع زوجي المصـري فـي -

القاهرة ست

أحسسـت أنهـا .. سنوات أيام النكسة

.. آخر في لحظة واحـدة ضغطت علي الجرح

فمددت ذراعي بعد ما تذكرت شـهادة التطعـيم

الدولية التي تثبت أنني قد تحصنت من كل شي

.بست جنيهات رغم أنني لم آخذ شيئا

ألم تمارس الجنس؟ -

. لم أمسك يد إمرأة قط -

ضحكت بسخرية ثم أمسكت نفسها -

:واقتربت مني وقالت في هدوء

ـ - ر أنا مارسته وعمري ثالثـه عش

. سنة

شعرت أنني ضعيف جـدا

أمامها وتذكرت البنت التي تسـكن

Page 109: 974

بجوار صديقي وتبحث عنه ويمنعها

..بقوة

..أنت هنا شاذ أو متدين كاليهود -

.أنا لست يهوديا -

قال لي صديقي اليهـودي . أعرف -

.االسالم..كثيرا عن دينكم

-:قلت مبتسما

االســالم آخــر األديــان

..السماوية

.لمسيحية واليهوديةمثل ا, نعم -

في بالدنا ماليين تمـنعهم أشـياء -

كثيرة عن ممارسة الجـنس بغيـر

…زواج

الخوف وقلة الحيلة وأحيانا الحياء وعدم -

وجود فرص حقيقية لهم ولكنهم يلهثـون وراءه

كل أصدقائك هنـا يطـاردوننى و لكنـى ،هنا

Page 110: 974

فأنـا احـب .. .أردت أن أجرب احساس كاتب

، كمنجز .اى.عر اى و ش ،أرنست همنجواى جداً

. هو يعيش هنا فى بلتمور

..حقيقى -

هل تصدق أننـى أحـب أى شـئ إال -

.السجائر

و . .لم أجرب أى شئ علـى االطـالق -

هـل تقصـد ؟أحب جداً القصة وبساطة جمال

ناصر

فلم أجد اختالفـاً شـديداً بـين ،صمت

كليهما يصر أن يبقـى بسـيطاً رغـم ،اإلثنين

.الفرص المتاحة لهما

فعمـره ، أكثر شـذوذاً منـى ولكنه -

يزحف نحو األربعين و لم يعد يهمـه إال زواج

.أخوه المهندس

.… ياه ه -

Page 111: 974

ابتسمت فى شفقة و بدأت تغنى

غناء أوبرالياً لم أعتد سماعه فى مصر ولم أكن

أفهمه حتى لو سمعته و كنت أدير مؤشر التلفاز

لقناة أخرى عندما أجده لكنى أعطيتهـا أذنـي

أحسست بشئ مختلف ،اع ألول مرة مجرباً السم

عما سمعته من قبل و خزتنى قشعريرة تخللـت

فشعرت بشعرى الذى وقف انتهت ،جسدى كله

: سألتنى عن رأيى قلت،فى هدوء و انسيابه

. أحسست بما قلتى لكنى لم أفهم- هى قصة إمرأة صينيه فقدت زوجها -

الذى تحبه بجنون و تبحث عنه فى كـل مكـان المهم أنك أحسست بما .عرف أنه قتل رغم أنها ت

انسل منا ،بدأت أكتب ما تقول فى هدوء . .قلتالوقت دون أن نشعر إال بطرقات الفتاة الجريئة

،تخبرها أن المحاضرة سوف تبدأ بعـد دقـائق ارتدت سترتها بسرعة و وعدتنى أن نكمل بقية

لم أشعر بالخوف و ، صافحت يدها ،الحوار غداً ألتقـت ،ها منذ وقت بعيـد أحسست أننى أعرف

Page 112: 974

عيناى بعين الفتاة الجريئة التى لـم تجـد مـا يسعدها فقد كانت صورة ليدجيا وهى تغنى تمأل عينى و البنت التى سأعود لها تدندن معى أغنية المرأة الصينية و يسقط منها حبات لؤلؤية دافئة تتدحرج حتى تصافح ظهر يدى فأفيق و ألملـم

الممارسـة الضـيقة أشيائى و أخرج من حجرة إلى الشارِع الرحِب الذى يحتوينى بدفئِه رغـم البرودة الشديدة فأحكم معطفى حـول جسـدى

. .النحيل و الكوفية حول رقبتى و أمضى

Page 113: 974

:

خونـه .١

استقرار .٢

اشـراق .٣

تحـرر .٤

ذر رماد .٥

Page 114: 974

) ١(توقيعة

)خونـــة( م خيل و أصوات صلصـلة سيوف و أقدا

فى المشهد .معـركة قديمـة بكل ما فيها

فى عمـق ) ٢(يقف السلطـان الصـالح

المسرح و بجواره قائد الصليبين المتحالف

ويوجد)٣(معه ضد السلطان الصالح رقم

بجوارهما مكان لسجن الشيخ عز

) بود وحب: (الســلطـان عيون األخوة األفرينج سجنا هذا , ألجل عيونك

المتعالي فوق السلطان, الشيخ الرافض للتسليم

الرافض بيع األسلحة لألخوة الصليبين, وفوقك

Page 115: 974

ماذا في أن نعطيهم بعض المدن العربية

والقدس؟

مقابل صلح ومعاهدة ضد األخ الطامع في

.دمشق

).بتعجب: (القائد الصليبي

كان هذا الشيخ لدينا قسيساً لغسلنا رجليه بماءلو

الورد وشربنا مرقتها وحقنا بالباقي أوردة الخونه

..والمرتدين

)يضع رأسه في األرض: (السـلطـان

إظالم •

Page 116: 974

) ٢(توقيعه

)استـــقرار( بقعة ضوء مسلطـة علي

شيخ كبير

متكور حول نفسه في منتصف

خشبة

..يقف, المسرح

) بصوت قوي (:الشيــخ

… األئمة البغاة

من يسقون الناس القهر كؤوساً

)يتكور ثانية حول نفسه. ( ال والية لهم

)بحزن: (١صوت

مات الشيخ, مات الشيخ

) تتباكي: (أصـوات

مات الشيخ , مات الشيخ

لشيخ اآلن بعد وفاة ا: ٢صوت

استقر ملكك يا بيبرس

Page 117: 974

إظالم •

) ٣(توقيعه

)إشــــراق( حول الشيخ حلقة من الطالب

في

… مسجد دمشق

موالنا الشيخ كيف تفسر لنا آية :بصاص

)اهللا نور السموات واألرض (

ا من أنت؟ أول مرة أراك هن:العـز

جاء في الحديث إن اهللا . . علي أي حال

خلقهم من ظلمة ثم رش عليهم النور فمن أصابه

ذلك النور اهتدي ومن أخطأه ضل

ثم ماذا يا موالنا أريد تفسيراً أكثر: بصاص

معرفة العبد لربِه هي نور اهللا الذي :العـز

يقذفه في قلبِه فيدرك

يب ملكوته ويالحظ صفات أسرار ملكه ويشاهد غ

جبروته

Page 118: 974

ثم تنزل قوة إدراكه علي مقدار ما أفيض عليه

من ذلك

النور

هذا قول السهروردي ياموالنا الشيخ :بصاص

اآلن عرفتك ياهذا :العـز

إظالم

)٤(توقيعة )تحـرر (

يجلس الشيخ العز ،بجــوار عمود

. مسألة فى يوم لقائه بالنساءتسأله إمرأة

) بوعى شديد ( :إمرأة

قرأت شيئاً عجباً .موالى

) بدهشة ( :الشيخ

القراءة سرداب سحرى للدهشة

يدخله القاصد باب المعرفة

) بوعى أكثر ( :إمرأة

Page 119: 974

هل ينفع أن أتزوج عبداً

) يعدل جلسته ( :الشيخ

؟أأنت حرة

ك السلطان نعم وزوجى أمير من ممالي:إمرأة

) بحده ( :الشيخ

إذن ال يقربك حتى يتحرر

إظـالم •

) ٥(توقيعة

)ذر رماد ( بقعة ضوء تسلط على إمرأة جالسة على كرسى "

"أعـلى من مستوى الرجل الجالس تحت قدميها

)موسيقى توحى بلحظة التآمر (

ولماذا ُأسلم أو حتى أتعرب :)١(أم ولده

أو ينوى يذكرها لم يطلبها منى

) بحبث شديد ( :جاسوس

كزيادة فى اطمئنان القلب و استقراره

حتى نضمن سيطرتك دوماً دون مخاوف

أو حتى لذر رماد فى عين رعيته

Page 120: 974

فاستقراره فوق النهدين يكفيه . . ال تخشى:أم ولده

وكالم رعه ال يلمس شفة من فيه

و الولد يبحث أيضاً عن ابنة خالته و لنغرقه ووليه فى بحر اللذه . .م قبضتناكىنحك

هى جارية السلطان أو الخليفة التى تلد له :أم الولد*

.ولداً اآلن ربحنا الجولة األولى :جاسوس

فليلزم كل منا نفسه بذلك حتى يخرج آخر نفس عربى من صدر األندلس المرضان بهواء الضاد

إظـالم •