2ان ر وهـجامعة كلية الحقوق و العلوم السيـاسية

أطروحـة في العلوملنيل شهـادة دكتوراه

في القــانون العـــام

الجديد العالمي التجاري النظام ظل في االنسان حقوق

مقدمة ومناقشة علنا من طرفصالح السيد)ة(: يحياوي

أمام لجنـــــــــة المناقشـــــــــــةرئيسا جامعة وهران

2أستاذة بوخاتمي

فطيمةمشرفا مقررا جامعة وهران

2أستاذ تراري تاني

مصطفىعضوا مناقشا جامعة وهران

2 أستاذ

- محاضر-أ بوسماحةنصرالدين

عضوا مناقشا جامعةتلمسان

أستاذ كحلولةمحمد

عضوا مناقشا جامعة سيديبلعباس

أستاذ-محاضر-أ

يوبي عبدالقادر

عضوا مناقشا جامعةمستغانم

أستاذ-محاضر-أ

بن زحاففيصل

2017-2016 الســنة:

المختصرات قائمة

O M C : organisation Mondiale du commerce

G.A.T.T : General Agreement on tariffs and Trade, (l'accord général sur les tariffs

Douaniers et le commerce).

A.S.A : Accord sur l'agriculture.

A.S.P.S : Accord sur l'application des Mesures sanitaires et phytosanitaires.

G.A.T.S : General Agreement Trade and services (Accord Ggénéral sur le commerce des

services).

C.I.R.D.I : le centre International de règlement des différents relatifs à

l'investissement

N° : Numéro

P : page

PP : de la page ……..à la page

Ed : édition

Op.cit : opere citata courage cité)

V.o.l : volume

ILO : International Labour organisation .

N.A.F.T.A : North American Free Trade Agreement

T.R.I.P.S ; Trade Related Aspects of intellectuel property rhigts

W.H.O :World Health organisation

W.T.O : World trade organisation

الرحيم الرحمن الله بسم

منون وستردون إلى عالم﴿ QمؤQورسوله وال Qملوا فسيرى الله عملكمQوقل اع

هادة فينبئكمQ بما كنQتمQ تعQملون ﴾الQغيQب والش

اآلية ) التوبة (105سورة

إهـــــــــداء

إلى والدتي الكريمة أطال الله في عمرها، إلى أفراد

عائلتي جميعا، و إلى زمالئي و أصدقائي.

شـــكـر

اشكر الله و احمده على نعمه علينا و توفيقه لنا النجاز هذا

العمل

الدكتور أتوجه بالشكر والعرفان لمشرفي وأستاذي األستاذ

مصطفى ثاني على نصائحه و إرشاداته وصبرهتراري

الكبير

كما اشكر كل من ساعدني من قريب أو بعيد في انجاز هذا

العمل و اخص بالذكر زمالئي األساتذة و طاقم المكتبة

.02بكلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة وهران

مقدمة

إن موضوع حقوق اإلنسان يطرح العديد من التساؤالت، التي يمكن أن نقتصر على مناقشة البعض منها بالقدر الذي يفيدنا أكثر في فهم اإلشكاالت المطروحة، حيث تجدر

اإلشارة إلى أنه على الصعيد الفقهي، ال يوجد تعريف متفق عليه لحقوق اإلنسان لحد اآلن، .و في(1)و يقصد بها تلك الحقوق التي تؤول إلى الفرد ببساطة ألنه بشر أي حقوقه كإنسان

الحقوق المتأصلة في معناها هي مجموعة القواعد العرفية و المكتوبة الهادفة إلى حماية طبيعة األفراد و الجماعات و األقليات و الشعوب، و التي ال يتسنى بغيرها العيش عيشة البشر، كما يمكن تعريفها بأنها تلك الحقوق المتأصلة في طبيعتها، و التي ال يمكن للناس من دونها أن يعيشوا بكرامة كبشر،و يمكن تعريفها أيضا بمجموعة قواعد ومبادئ دونت

حديثا في صكوك دولية تحفظ لألفراد و الشعوب و الجماعات كرامتهم في العيش.(2)الكريم

و بعبارة وجيزة هي تلك الحقوق التي يتمتع بها اإلنسان لمجرد كونه بشرا و يعترف بها له بصرف النظر لجنسه، أو ديانته أو أصله العرقي أو القومي أو وضعه االجتماعي أو

االقتصادي، و هي حقوق طبيعية يملكها اإلنسان حتى قبل أن يكون عضوا في مجتمع معين فهي تسبق الدولة و تسموا عليها، و من خصائصها العامة أنه ال يمكن العدول عنها أو

انتزاعها من الفرد، كما أنها غير محددة على سبيل الحصر ألنه ال يمكن إضافة حقوق جديدة. (3)تشتق من الحقوق األساسية

إن مسالة احترام حقوق اإلنسان من قبل الدول، السيما الحقوق االقتصادية و االجتماعية عرفت تفاوتا في تطبيقها و احترامها في فترات زمنية مختلفة، و يرجع ذلك أوال

إلى أن الحياة االقتصادية في المجتمع، أفرزت صراعا بين فئة مالكة لوسائل اإلنتاج من جهة وفئة أخرى ال تملك شيئا من جهة ثانية، كما يرجع ذلك إلى الوضعية االقتصادية و

االجتماعية لكل دولة، فالدول الضعيفة اقتصاديا و التي تعاني أزمات اجتماعية حادة ال يمكنها الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بحقوق اإلنسان كما هو الحال في الدول الغنية، و قد

اشتد هذا األمر ببروز إرهاصات العولمة والسيما االقتصادية منها، و التي أدت إلى بروز منظمات مالية و نقدية عالمية جديدة في محاولة إليجاد نظام تجاري عالمي جديد يعالج

األزمات االقتصادية العالمية.

إن نشأة النظام التجاري العالمي الجديد لم تأت بين عشية و ضحاها، فالبداية كانت ببروز المؤسسات المالية العالمية في الفترة التي تلت الحربين العالميتين األولى، و الثانية

و اللتين خلفتا دمارا رهيبا لالقتصاد العالمي و خاصة اقتصاد بلدان أوروبا الغربية، إذ أسفرت 25الجهود المتضافرة للدول عن إنشاء مؤسستين دوليتين، هما صندوق النقد الدولي في

25، و البنك الدولي الذي بدأ مزاولة نشاطه الرسمي في واشنطن في 1945ديسمبر ، و قد تفرعت عن البنك الدولي مؤسسات اقتصادية هي مؤسسة التمويل1946جويلي

( بهدف تدعيم جهود المؤسستين الدوليتينIDA( ، و هيئة التنمية الدولية )SFIالدولية ) السابقتين في المجال التنموي، حيث كان دورهما يقتصر فقط على عولمة االقتصاد

.(4)الدولي1 – – - ط( ) – القاهرة األكاديمية المكتبة عثمان على مبارك ترجمة التطبيق، و النظرية بين العالمية اإلنسان حقوق دونلي –1جاك

.21ص-1998ط( ) - – – – 2 الجزائر الجامعية المطبوعات ديوان الشعوب و اإلنسان حقوق الله سعد ص 2005 – 02عمر ،19.3/ - أ( ) – رقم للمتحدة لألمم العامة الجمعية .1998م، 53/02قرارجامعة( ) – – – 4 المؤسسات قانون ماجستير االقتصادية العولمة ظل في الدولية المالية المؤسسات دور السالم عبد عفوفو

.2000الجزائر – 1

إن هذه المرحلة تميزت، بتنامي و تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات و التكتالت االقتصادية العابرة لألقاليم و سيادة آلية السوق و ميالد نظام تجاري عالمي جديد

تقوده المنظمة العالمية للتجارة، كل هذه العوامل و ما صاحبها من تطور تكنولوجي و معلوماتي، ساهمت في بروز ظاهرة العولمة، التي أصبحت السمة األساسية للنظام

االقتصادي العالمي الجديد.

كآخر مرحلة من جوالت التفاوض الثمانية التي1986لقد جاءت جولة أورغواي سنة ،1947المبرمة سنة (GAAT)اعقبت االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية و التجارة

فأوجدت مجموعة من االتفاقات تشمل جميع القطاعات و هي بمثابة اإلطار القانوني للمنظمة العالمية للتجارة، بعدما فتحت الباب أمام الدول الراغبة في االنضمام إليها و هذه

االتفاقات عديدة و متنوعة و أهمها :اتفاق مراكش المنشأ للمنظمة العالمية للتجارة.أ-االتفاقات المتعددة األطراف و هي :ب-

مجال تجارة السلع بشأن اتفاق تدابير الصحة و الصحة النباتية و االتفاق بشأن الزراعة و االتفاق بشأن المنتوجات و المالبس، و اتفاق السلع الصناعية

)بروتوكول النفاذ إلى االسواق( و االتفاق بشأن تطبيق المادة السادسة من االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية و التجارة، أما مذكرات التفاهم و القرارات التي

تمخضت عن هذه الجولة فهي مذكرة بشأن ميزان المدفوعات، القرار بشأن التجارة و البيئة، و مذكرة تفاهم بشان شركات االتجار الحكومية، و آلية مراجعة السياسات

التجارة، و مذكرة التفاهم بشأن آلية فض المنازعات، كما تم إبرام اتفاق عام في مجال تجارة الخدمات، و إبرام اتفاق متعلق بالجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق

الملكية الفكرية، و اتفاق بشأن إجراءات االستثمار المتصلة بالتجارة، إلى جانب العديد من االتفاقات التي تشمل مجاالت عديدة من التجارة العالمية و تسمى

باالتفاقات الجماعية.

(، وحلت محلهGATT لقد انتهى عهد االتفاقية العامة للتجارة و التعريفة الجمركية ) (، كحكم جديد يشرف على المبادالت التجارية العالمية،OMCالمنظمة العالمية للتجارة )

فعملية إعادة التنظيم الجذرية للنظام التجاري المتعدد األطراف و الذي تم إقراره في ( نفسها وGATT، ينهض منطقيا من نقاط ضعف اتفاقية )(5)1994مراكش في أفريل عام

في هذا السياق تبرز المنظمة العالمية للتجارة كوسيلة لتنظيم العولمة االقتصادية وتأطيرها، ووسيلة أحسن من قانون السوق.

إن ماسبق التطرق إليه هو حوصلة لمسار تطور النظام التجاري العالمي الجديد و االتفاقات التجارية المرتبطة به، فقد كان تأثير هذه االتفاقات على الدول و ال يزال مثارا

للجدل بين الباحثين، خاصة فيما يتعلق بسيادتها الداخلية، فعندما يصبح التبادل الحر و السوق هما المهيمنين بموجب هذه االتفاقات تكون العولمة قد وطدت أقدامها في إقليم

الوطنية، و اخترقت حدودها، و هذه الوضعية تعد مناهضة تماما لما تفترضه الدولةالدول صاحبة السيادة، نتيجة التعديالت االضطرارية و المستمرة التي تجريها على منظومتها

القانونية.

إن الحديث عن التصادم بين مقتضيات النظام التجاري العالمي الجديد و سيادة الدول يقودنا الى التطرق لموضوع آخر أضحى مثار جدل الباحثين كذلك و هو موضوع

5 Careau (p) Juiliard (p) droit international économiques lgpj – 1998, p50.) (2

حقوق اإلنسان و مدى تأثير النظام التجاري العالمي الجديد عليها، و رغم أن كل من النظام التجاري الدولي و النظام الدولي لحقوق اإلنسان نشآ في ظل الظروف و المعطيات

التاريخية ذاتها، باعتبارهما نشآ بعد الحرب العالمية الثانية، لكن المنظمات التي وضعت�سست في إطار مؤسسي مستقل عن غيره، وثمة اعتراف واسع لمعالجة هذه القضايا، أ

النطاق أن حقوق اإلنسان العالمية طورت بمعزل عن القانون التجاري الدولي وضمن أنظمة مختلفة للقانون الدولي، و هذا التباعد بين النظامين برز فى العديد من المعالجات لهذا النظام أو ذاك من قبل الباحثين، و باستقراء الدراسات القانونية خالل العقد الماضي نجد أن بعضها يكتفي بالبحث في حقوق اإلنسان فقط و البعض األخر يبحث فى النظام

التجاري الدولي ، والقليل هو من حاول البحث فى الترابط بين النظامين.

و الحقيقة أن الربط بين القانون التجاري الدولي و بقية قواعد القانون الدولي كان في البداية بطيئا و محتشما، فمن وجهة نظر غير المتخصصين في النظام التجاري الدولي،

لطالما اعتبر قانون التجارة الدولية موضوعا تقنيا مرتبط بشكل أكبر باالقتصاديين و التحليل االقتصادي، و نظرا لتعقيدات هذا النظام ظل خارج نطاق تحليل فقه القانون الدولي، و

الدراسات القانونية بشأنه كانت حكرا على القليل من المتخصصين في القانون االقتصادي الدولي، كما أن القانون التجاري الدولي ظل ولفترة طويلة يعتبر جزءا من القانون الخاص أكثر منه من القانون العام ألنه ينطوي على معامالت تنشأ بين أشخاص القانون الخاص، و

بما أنه يربط بين أشخاص القانون الخاص فإنه كان خارج اهتمام الدولة و ابتعاده بالتالي عن مفهوم السيادة الذي يطغى على مجريات القانون الدولي العام، و في الواقع إن

التحليل الدقيق لقانون المنظمة العالمية للتجارة كنواة للنظام التجاري العالمي الجديد يبين أنه يتبع أنماط القانون الدولي العام عموما، فالتنظيم القانوني للتجارة مرتبط بشكل واضح بضرورة سن قواعد ذات منشأ حكومي، و على المستوى الدولي فإن الدول هي األشخاص

التي تنشأ قواعد القانون التجاري الدولي و هي الملتزمة بتطبيق و تنفيذ قواعد القانونالتجاري الدولي.

إن االعتراف بالترابط بين التجارة الدولية و حقوق اإلنسان لم يكن إال حديثا من جانب الشراح و رجال القانون و أنعكس هذا بطريقة مفاجئة في الدراسات القانونية

األكاديمية الحديثة حول العالقة بين التجارة الدولية و حقوق اإلنسان.

و إذا كان الكثير من المدافعين عن حقوق اإلنسان أدركوا أهمية النظام التجاري الدولي في حماية و ترقية حقوق اإلنسان، فإن هذه النظرة ال تنطبق بالضرورة على االتجاه

�نظرون للنظام التجاري العالمي يرون بأن اعتبارات حقوق المعاكس، فالزال العديد ممن ي اإلنسان ال تنسجم بالمرة مع قواعد التجارة الدولية، و كان سبب هذا التوجه هو عدم جدوى

إدراج مضمون حقوق اإلنسان في النظام التجاري الدولي و على أساس أن كال النظامين منفصلين عن بعضها البعض، و ليس هناك ثمة حاجة إلى مثل هذا الترابط ما دام أن

القانون التجاري الدولي ال يجب أن يأخذ بعين االعتبار إال القواعد و التنظيمات الخاصة به، بينما يرى العديد من الذين ساهموا في التفاوض حول وضع قواعد القانون التجاري الدولي أن من شأن إدراج حقوق اإلنسان وقيمه داخل المفاوضات التجارية أن ال يؤدي إلى حصول

إجماع بين األطراف المتفاوضة و من ثمة التقليل من حظوظ التوصل إلى الرفاهيةاالقتصادية المنشودة عبر تحرير التجارة و اقتصاد السوق.

إنه و مع تزايد االنتقادات الموجهة للمنظمة العالمية للتجارة و انطالقا من االعتراف الواسع النطاق بأن نظام القانون التجاري الدولي، و هو يشترك في ذلك مع كل األنظمة

القانونية الوطنية أو الدولية، لن يكون شرعيا إال بالمقدار الذي يجسد فيه العدالة باعتبارها3

المحور الرئيسي ألي نظام أصبحت هناك حاجة ماسة لتبرير وجود مثل هذه المنظمة وبالذات من منظور العدالة االجتماعية وفقا لقواعد حقوق اإلنسان.

انه من الواجب التذكير بأنه أيا كانت هذه المنظمة الدولية اقتصادية أو غير ذلك ، فال يمكن أن يكون هدفها إال حماية الصالح العام ، حتى لو كانت تنظم التجارة الدولية و

حتى لو كان الناشطون االقتصاديون هم األفراد أو أشخاص القانون الخاص بصفة عامة ، وأن السبيل الوحيد لحماية الصالح العام لمثل هذه المنظمة هو العمل على تعزيز و حماية

حقوق اإلنسان ،ووحده القانون الدولي لحقوق اإلنسان فهو من يمنح اإلطار المناسب والمتكامل الذي ينبغي أن تعمل المنظمة في ظله.

إننا إذ ننظر هنا في المبادئ و القواعد التي تقوم عليها اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة و التي تسمح بالحكم حول ما إذا كانت الدول األعضاء ملزمة بقواعد القانون

التجاري الدولي أم ال ، و لكن ما يثير التساؤل هو ما إذا كانت هذه المبادئ كافية لتحقيق التوازن و الفصل في جميع المسائل التي تنشأ في السياق الذي له صلة بالتجارة ،و ما إذا كانت تلك المبادئ قادرة على دعم قواعد و معايير حقوق اإلنسان أم أنها على عكس ذلكتؤسس الحالة من النزاعات بين حقلي القانون التجاري الدولي و قانون حقوق اإلنسان ؟

ال شك انه خلف الحديث عن ضرورة مراعاة المنظمة العالمية للتجارة و أعضائها لمواثيق حقوق اإلنسان ،حاجة إلى التدقيق أكثر في إبراز األلية التي من خاللها يتفاعل كل

من القانون التجاري الدولي و قواعد حقوق اإلنسان ،فعندما تبرز مسألة من مسائل حقوق اإلنسان في سياق القانون التجاري الدولي ،فأننا نحتاج إلى اآللية لتحديد كيف يتم

التفاعل و التعامل مع قواعد حقوق اإلنسان ،و تبرز الحاجة إلى هذه اآللية خصوصا في ظل عدم وجود نظام مركزي للتشريع و القضاء علي المستوي الدولي ،إذ ليس هناك تدرج

للقواعد القانونية الدولية يمكن االستناد إليها التخاذ القرار بشأن التفاعل أو التداخل بينهذين القانونيين.

إن التقرير الذي أعدته اللجنة االستشارية العليا المكونة من كبار رجال القانون الدولي التجاري، باإلضافة إلى اقتصاديين و خبراء المال و األعمال و التي تم إنشاؤها

لتقديم المشورة إلى المدير العام للمنظمة العالمية للتجارة حول مستقبل هذه المنظمة يعد ذا داللة في هذا الصدد، خـصوصا و هو يبدأ في سرد االنتقادات العديدة الموجهة إلى المنظمة العالمية للتجارة، أين كان مطلع تلك االنتقادات سؤال حول ما إذا كانت التجارة

الحرة تمثل تهديدا لحقوق اإلنسان، و أيا كانت اإلجابة على هذا السؤال من جانب هيئة الخبراء في تقريرها، فإن هذا يمثل في حد ذاته إشارة إلى مدى خطورة هذا االتهام و

إمكانية تأثيره على مستقبل المنظمة العالمية للتجارة.

لقد ظهرت في السنوات األخيرة دعوات ملحة من الجمعية العامة و المفوضية الفرعية لحقوق اإلنسان من أجل استكشاف أبعاد العولمة فيما يتعلق بحقوق اإلنسان، و

أقرت مفوضية حقوق اإلنسان بأن العولمة ليست عملية اقتصادية و حسب1999في عام بل تشمال أيضا األبعاد االجتماعية و السياسية و البيئية و الثقافية و القانونية التي تؤثر في

حقوق اإلنسان و التي قد تختلف من دولة ألخرى، و استنادا إلى ذلك قامت المفوضية الفرعية بتعيين مقررين خاصين للقيام بدارسة حول مسألة العولمة و أثرها في التمتع

الكامل بحقوق اإلنسان و قد تم تقديم تقرير برلماني يطالب بضرورة إعادة تأطير مفهوم سياسات ووثائق التجارة الدولية و االستثمار و التمويل، و قد أقامت المفوضية الفرعية

لحقوق اإلنسان قبل انعقاد جلستها منتدى حول الحقوق االقتصادية و االجتماعية في جويلية4

و المعروف باسم" المنتدى االجتماعي" و كان هدف المنتدى مناقشة معظم القضايا2002 الهامة التي تؤثر في تنمية العالم المعاصر، و خصوصا تلك المتعلقة بالعولمة و أثرها على

األوضاع االجتماعية لألفراد.

لقد تمخض عن قمة األلفية لألمم المتحدة، تقديم تقرير حول العولمة من طرف االمين العام لألمم المتحدة ،عن أثر العولمة على حقوق اإلنسان و يعد هذا التقرير بمثابة

دراسة شاملة ألثر العولمة، و خلص إلى أنه بينما تقدم العولمة إمكانية لتعزيز حقوق اإلنسان من خالل التنمية االقتصادية، و الثروة المتزايدة و التفاعل الكبير بين الشعوب و

الثقافات، و الفرص الجديدة للتنمية، فإن التمتع بهذه الحقوق ال يتم بشكل متساوي.

إن الحديث عن تأثير النظام التجاري العالمي الجديد على حقوق اإلنسان ال يقتصر على تأثير العولمة و منظمة التجارة العالمية فحسب بل يمتد ليشمل باقي المؤسسات

المالية لهذا النظام ممثلة في البنك الدولي و صندوق النقد الدولي فلقد اتهمت هاتين المؤسستين الماليتين المكونتين لهذا النظام بعدم تطوير سياسة متماسكة لحقوق اإلنسان

و أجندة مترابطة بعملها، وهو ما جعل البنك الدولي أكثر وضوحا في السنوات األخيرة في تحديد سياسة اإلقراض حول مجاالت حقوق اإلنسان و األمور ذات الصلة كالحد من

مستويات الفقر.

ال يزال الجدل قائما عن دور البنك الدولي كمصلح سياسي و أخالقي و كيفية أدائه لتكيفه القانوني بمعالجة اعتبارات حقوق اإلنسان بدال من تناول المسائل االقتصادية

الصرفة و مدى ارتباط البنك الدولي في قضايا حقوق اإلنسان، و هناك جدل مماثل فيما يتعلق بصندوق النقد

و التي تتطلب االقتصاد في(6)الدولي، ففي حالة هذا األخير فإن السياسات االشتراطيةاإلنفاق الحكومي

و القطاع العام تثير جدال متواصال و قد اعتبرت العديد من قطاعات المجتمع المدني أن هذه السياسات أدت إلى خفض اإلنفاق على المسائل االجتماعية الحساسة كالتعليم و

الصحة و جعلت موقف فقراء الريف على وجه الخصوص أكثر خطورة.

إن منظمة التجارة العالمية كانت موضع العديد من النقاشات الحادة حول حقوق االنسان والتنمية البشرية و قد ركز أحد هذه النقاشات على إدراج مادة لها عالقة بالناحية

االجتماعية، و التي تجمع حقوق اإلنسان و معايير العمل ضمن االتفاقية العامة حول ، و في مؤتمر الدوحة الوزاري و كذا مؤتمر سنغافورة1994التعريفة و التجارة في عام

الوزاري ، حيث أكد الوزراء أن منظمة العمل الدولية هي الهيئة المخولة و القادرة على التعامل مع معايير العمل األساسية و المعترف بها دوليا و تمركز هذا الجدل على

قضية القيود التجارية و فيما إذا كان يجب فرضها على البضائع المخالفة للمعايير األساسية للعمل و حقوق اإلنسان، و قد اختلفت اآلراء حول هذه القضية بشكل كبير،و مازال الجدل

قائما بتحول التركيز من إدراج مادة واضحة إلى إعادة تفسير االتفاقية من اجل إدراجاعتبارات معايير العمل و حقوق اإلنسان تحت نظام فض نزاعات منظمة التجارة العالمية.

الدولي ( )6 البنك و الدولي النقد صندوق بين المتبادلة اإلشتراطية يسمى من ،ما مالية موارد على الحصول ان معناها االخرى , المنظمة إشتراطية تنفيذ على يتوقف اصبح المنظمتين الحصول ، إحدى الممكن غير من اصبح ثمة من و

و الدولي النقد صندوق مع مساندة اتفاق الى الوصول بشرط إال الدولي البنك من الهيكلية للتصحيحات قرض علىالحاالت بعض في صحيح . العكس

5

إن المشاكل التي تواجه الدول النامية في تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، خصوصا فيما يتعلق بالزراعة و الملكية الفكرية ال سيما في مجاالت

الحصول على الدواء و التنوع البيولوجي الزالت من مواضيع الجدل التي لم يحسم أمرهابعد.

لقد دفعنا للكتابة في موضوع هذه الدراسة عدة أسباب نختار من بينها ، كونه من مواضيع الساعة، باإلضافة إلى رغبتنا في الكشف عن المزيد حول حقيقة النظام التجـاري

العالمي الجديد وتأثيره على حقوق اإلنسان ودمجها في موضوع واحد، و بالتالي إبراز نقاط التضاد من خالل ما هو سلبي في العالقة بين الموضوعين و كذا معرفة نقاط التالقي من

خالل التأثير اإليجابي فيما بينهما، حيث ال طالما كانت هذه العالقة بينهما غامضة لقلة الكتابةفي شأنها.

هذا و بصدد إعدادنا لهذه الدراسة تلقينا عدة صعوبات، منها المرتبطة بطبيعة الموضوع لكونه يدرس مفهومين خاصين لكل من حقوق اإلنسان و النظام التجاري العالمي

الجديد، فموضوع حقوق اإلنسان واسع يصعب حصره و الثاني موضوع جديد تنعدم الدراسات الفكرية المتعلقة به، و قد يرجع أيضا لكون موضوع حقوق اإلنسان موضوع يمتاز بطبيعة سياسية قانونية، في حين أن موضوع النظام التجاري العالمي الجديد تغلب

عليه الصبغة االقتصادية، و االجتماعية أكثر، و هو ما خلق لنا صعوبة في تصنيف حقوق اإلنسان و التي تكثر في شأنها التصنيفات بما يتناسب و الموضوع المرتبطة به من

جهة أخرى و هو النظام التجاري العالمي الجديد، يضاف إلى ذلك ارتباط هذا األخير بموضوع العولمة خاصة االقتصادية منها، و كون هذا الموضوع يجرنا إلى الحديث عن

مجموعة من المؤسسات المالية و التجارية الدولية و بالتالي ربط كل مؤسسة من هذهالمؤسسات بما تفرضه من تأثير على حقوق اإلنسان.

بعد هذه اللمحة الموجزة عن مفهوم كل من النظام التجاري العالمي الجديد و حقوق اإلنسان و التي قد نستخلص منها و لو صورة مبسطة مدى أهمية الموضوع و مدى صعوبته

في الوقت نفسه ، يتبادر إلى أذهاننا التساؤل حول مكانة حقوق اإلنسان في ظل المعطيات االقتصادية و االجتماعية المستجدة التي جاء بها النظام التجاري العالمي الجديد

و هل يضمن هذا النظام التجاري الجديد من خالل المنظمات و المؤسسات التجارية و المالية و النقدية المكونة له ،اإلطار القانوني الذي يكفل حماية حقوق اإلنسان بشقيها

؟. الجماعي و الفردي

في محاولة لإلجابة عن هذه التساؤالت قمنا أوال بالتعريف بماهية النظام التجاري ، ثم التطرق إلى تأثير النظام التجاري العالمي الجديدالعالمي الجديد )الفصل التمهيدي(

على الحقوق الجماعية لإلنسان )الباب األول( و تأثير النظام التجاري العالمي الجديد علىالحقوق الفردية لإلنسان )الباب الثاني(.

6

7

الفصلالتمهيدي

يعتبر ميدان العالقات االقتصادية الدولية من الميادين األكثر إثارة للدراســة و التحليــل االقتصادي في األلفية الثالثة نتيجة التطورات و التغيرات المستمرة و المتالحقة التي يعرفها النظام االقتصادي العالمي من عشــرية ألخــرى، ولتقــوم التجــارة الدوليــة بــدورها التــاريخي كمحرك للتنمية البد من توافر البيئة االقتصــادية العالميــة المواتيــة، و نظــام تجــاري عــالمي مساند لعملية التنمية و تحسين شروط التبادل الدولي و المتتبع لتطورات االقتصاد الــدولي يالحظ أن هذه الشروط قد توافرت بدرجة معينة في الفترة الممتــدة مــا بين نهايــة الحــرب العالمية الثانية و بداية السبعينات بفضل الدور الهام الذي لعبته المنظمات الدولية النقدية و

. 19947التجارية المنبثقة عن مؤتمر بروتن وودز سنة و لعل المتأمل في التغيرات و التحوالت التي تبلورت منذ بداية التسعينات على وجــه الخصــوص تشــير كلهــا إلى أن هنــاك مجموعــة من العوامــل و القــوى الدافعــة تعمــل على تشكيل و تكوين نظام اقتصادي عالمي جديد في خصائصه و سماته و في ترتيبات عن األوضاع االقتصادية السائدة من قبل قد تميزت هذه المرحلة بتنامي وتعاظم دور الشــركاتــة المتعددة الجنسيات و التكتالت االقتصادية العابرة لألقاليم و القطبية الواحدة و ســيادة آليــذه السوق و ميالد نظام تجاري عالمي جديد تقوده منظمة التجارة العالمية، و يأتي إنشاء ه

األخيرة في ضوء إشكال العولمة االقتصادية. و يعتبر النظام التجاري من أهم دعائم النظــام االقتصــادي بحيث لعبت التجــارة على

، فبعد الحرب العالمية الثانيــة تم إنشــاء8مر العصور دورا كبيرا في مجال التنمية االقتصادية"GATT 1947" أو ما يسمى االتفــاق العــام للتعريفــة الجمركيــة و التجــارة وبالضــبط ســنة

فكان ذلك بمثابة تطور هام في النظام التجاري الـدولي و على مــدى أكـثر من نصــف قـرن حدثت تطورات جذرية، حيث تمت العديد من الجوالت التفاوضــية حــول تحريــر التجــارة في

و أصبح هناك ترقب لما19949السلع، و وصوال إلى إنشاء منظمة التجارة العالمية في عام تســفر عنــه المــؤتمرات الوزاريــة لمنظمــة التجــارة العالميــة و الــتي بــدأت بــالمؤتمر األول

, وهذا ما سنعرضه من خالل المبحثين التاليين .10 1996بسنغافورة عام ماهية النظام التجاري العالمي الجديد.المبحث األول:

المبحث الثاني : سمات النظام التجاري العالمي الجديد.

.326 – اإلسكندرية، ص 2007- محمود يونس، اقتصاديات دولية – الدار الجامعية، ط 7 - حشماوي محمد، االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظل العولمة االقتصادية – أطروحــة دكتــوراه – 8

– الجزائر.2006.407- أنظر المرجع السابق، د/ محمود يونس، ص 9

. 2004 – 36- أحمد الكواز – النظام الجدي للتجارة العالمية – جسر التنمية – الكويت – ع 109

المبحث األولماهية النـظام التجاري العالمـي الجــديد

قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بــدأ الحلفــاء التفكــير في وضــع أســس لنظــام دولي جديد، يتفق مع تصوراتهم لعــالم مــا بعــد الحــرب، بعــد اســتخالص دروس الماضــي، خاصــة بعدما ترتب عن هذه الحرب من اضطراب و عدم استقرار، و قد تضمن اإلعداد لهذا النظام

الدولي الجديد العمل على الجانبين السياسي و االقتصادي. أما في الجانب السياسي، فيما يتعلــق بقضــايا الســلم و األمن،فقــد تبلــور في ميثــاق األمم المتحدة و إنشاء منظمة عالمية جديدة تحــل محــل عصــبة األمم، و هي منظمــة األمم المتحدة، و قد بدأ التمهيد لألفكار األولى لهــذا النظــام العــالمي الجديــد منــذ إعالن الــرئيس

ــنة ــاق األطلنطي س ــوق194111روزفلت عن ميث ــا إعالن حق ــاق بشــكل م ــل الميث ، و يكم.194812اإلنسان الصادر في

أما الجانب االقتصادي فقد وضــعت األســس المؤسســية لـه في مــؤتمر بريتــون وودزــندوق194413المنعقد في يوليو ، حيث تمخض األمر عن مؤسستين، هما البنك الدولي و ص

، و أمــا14النقد الدولي، و هما يتعامالن مع قضــايا التمويــل و النقــد على المســتوى العــالمي ، فإنها لم تتبلـور في شــكل نتـائج194715قضايا التجارة، و التي تعرض لها ميثاق هافانا في

عملية حتى نهاية الحــرب البــاردة حين أنشــئت منظمــة التجــارة العالميــة بعــد انتهــاء جولــة ، و هكــذا فقــد أصــبحنا أمــام نظــام اقتصــادي دولي يرتكــز على ثالث199416أورجواي في

أركان تشكل النظام التجاري العالمي الجديد وسنتطرق إلى ما سبق في مطلبين كاالتي:

مفهوم النظام التجاري العالمي الجديد.المطلب األول:- أدوات النظام التجاري العالمي الجديد.المطلب الثاني:-

- صدر إعالن "األمم المتحدة" ضــمن ميثــاق األطلنطي في أغســطس، عن الــرئيس األمــريكي روزفلت و11 رئيس الوزراء البريطاني تشرشل لوضع برنامج مشترك للقواعد و المبادئ و قــد حــددا فيــه أهــدافهما لمــا

بعد الحرب..2000- حازم الببالوي- النظام االقتصادي الدولي المعاصر – عالم المعرفة – الكويت ط 12 .365 أنظر، محمود يونس – المرجع السابق – ص -13 و ما بعدها.360- محمود يونس، نفس المرجع، ص 14.356- محمد دياب – المرجع السابق – ص 15 و ما بعدها.119- جابر فهمي عمران – المرجع االسابق – ص 16

10

المطلب األولمفهوم النظام التجاري العالمي الجديد

إن التجارة الدولية خضعت لقـوانين التطـور كـأي مجـال من مجـاالت الحيـاة الدوليـة فبعد أن كانت تنظم باتفاقيات دولية غير متكافئة أو مجحفة أصــبح من الضــروري إخضــاعها

، و17لقواعد دولية متعددة األطراف مســتهدفة التوصــل إلى نظــام تجــاري دولي أكــثر اتزانا يأتي إنشاء منظمة التجارة العالمية في ضوء استكمال العولمة االقتصادية آللياتها الرئيســية الثالثة إلى جانب صندوق النقد و البنــك الــدوليين، و يعتــبر النظــام التجــاري من أهم دعــائمــيرا في مجــال التنميــة النظــام االقتصــادي، بحيث لعبت التجــارة على مــر العصــور دورا كب

، و على ضوء ما سبق سنقسم هذا المطلب إلى فرعين كما يلي : 18االقتصادية

: تعريف النظام التجاري العالمي الجديد.الفرع األول: مبادئ النظام التجاري العالمي الجديد.الفرع الثاني

الفرع األول تعريف النظام التجاري العالمي الجديد

يعرف البعض النظام التجاري العالمي الجديد على أنه مجموعة القواعد و المبادئ الدولية التي يكون على الدول أن تلتزم بها، و الهدف األساسي لهذه القواعد هو تشجيع الدول على إتباع سياسات انفتاحية و ليبرالية، و هذه القواعد متطورة بصفة مستمرة، و

تخضع للفحص و التوضيح حتى تستجيب للظروف المتغيرة في التجارة العالمية كما تضاف في نفس الوقت قواعد تغطي الموضوعات الجديدة للتتناول القضايا التي تظهر من حين

ألخر. و المالحظ أن هذه القواعد ارتبطت دائما بتطور األوضاع االقتصادية و الدولية و اإلقليمية

و المحلية السائدة لتعكس مصالح الدول المتقدمة، و في نفس الوقت لم تتجاهل هذه القواعد التطورات التي شهدتها و تشهدها االقتصاديات في الدول النامية، و يسبب ذلك

كانت القوى الفاعلة في النظام التجاري الدولي حريصة على أن تظل هذه القواعد مرنةبحيث تقبل التعديل أو التأويل .

و مــا07، ص 2001- مصطفى سالمة، قواعـد الجــات، االتفـاق العـام التعريفـات الجمركيــة و التجــارة 17بعدها.

ــوراه – 18 - حشماوي محمد، االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظل العولمة االقتصادية – أطروحة دكت – الجزائر.2006

11

و يسهل االلتفــاف حولهــا من جــانب هــذه القــوى االقتصــادية الكــبرى، و يعـد النظــام التجاري من أهم مكونات النظام االقتصادي الدولي إلى جانب النظــام المــالي و النقــدي، و

ــذلك فقــد19يعتبر التفاعل بين هذه المكونات من أهم سمات النظام االقتصادي الدولي . و ل تأثر النظام التجاري الدولي بالتطورات التي مــر بهــا النظــام االقتصــادي الــدولي عمومــا، و خاصة التطورات المتعلقة باإلطــار التشــريعي و التنظيمي لهـذا النظــام االقتصـادي، و الـتي بدأت الدول المتقدمـة في وضــعها بعـد انتهـاء الحـرب العالميــة الثانيــة عنــدما عقـد مــؤتمر

حيث تم1944"بريتون وودز" في والية نيوهامبشــر في الواليــات المتحــدة األمريكيــة عــام ــذي يشــرف على االتفاق على إنشاء ثالث منظمات دولية لتكون بمثابة اإلطار المؤسسي ال إدارة هذا النظام االقتصادي بجوانبه المختلفة، و قد تم إنشاء صندوق النقد الدولي، و البنـك الدولي لإلنشاء و التعمير لإلشــراف على الجــوانب الماليــة و النقديــة، كمــا تم االتفــاق على إنشاء منظمة التجارة العالمية النور في ذلك الوقت، و تم االكتفاء بما أطلق عليــه االتفاقيــة الــــعامة للتعريفــات و التجــارة "الجــات" و بــذلك أصــبحت هــذه االتفاقيــة اللبنــة األولى في

، و الــتي أصــبحت بمثابــة منتــدى دولي لعقــد االتفاقــات و إجــراء20النظام التجــاري الــدولي . و فيمــا يلي21المشــاورات بين الــدول و التكتالت االقتصــادية في مجــال التجــارة الخارجية

سنعرض ألهم مبادئ النظام التجاري العالمي الجديد.

الفرع الثاني مبادئ النظام التجاري العالمي الجديد

وضعت منظمة التجارة العالمية، و من قبلها اتفاقيـة "الجــات" عـددا من المبـادئ لتحكمالنظام التجاري الجديد المتعدد األطراف، و هذه المبادئ هي:

مــــــبدأ تعـــــدد األطــــــراف:-1 تهدف اتفاقية الجات أساسا إلى قيام نظام تجاري يستند إلى قواعد متعددة األطراف تشارك في وضعها و تطبيقها مجموعة من الدول و ال تنفرد كل دولة بوضع القواعد الخاصة بها يهدف إقامة نظام تجاري عالمي حر، كما وضعت االتفاقية قواعد لتحقيق الشــفافية عنــة ــازالت الــدول األعضــاء و القواعــد التجاري طريــق نشــر التعريفــة الجمركيــة و جــداول تنالمطبقة، مع اإلعالن عن كافة التعديالت في هذه القواعد و إخطار المنظمة بها على الفور.

اقتصار الحماية على استخدام التعريفة الجمركية :-2 مع التأكيد على حرية التجارة، فإن بعض الدول، و خاصة النامية قد تحتـاج إلى حمايـة منتجاتها من السلع المنافسة لفترات معينة، و قد أقرت االتفاقية إمكانية استخدام التعريفــة الجمركية دون سواها، كأداة لتحقيق الحماية المطلوبة و بالتالي استبعدت االتفاقيــة وســائل الحضر و التقييد عن طريق الحصص الكميــة و الــتراخيص و القيــود اإلداريــة األخــرى إال في حــاالت محــددة و في إطــار قواعــد مشــددة، كمــا أتفــق على قيــام الــدول األعضــاء بخفض

التعريفة الجمركية المطبقة على وارداتها تدريجيا.

ــه في أضــيق الحــدود و بقواعــد ــدعم و جعل ــة تنظيم اســتخدام ال و تضــمنت االتفاقي تنظيميــة مشــددة و خاصــة بالنســبة للمنتجــات الزراعيــة، و االمتنــاع عن اســتخدام أســلوب اإلغراق و غيره من الممارسات التجارية الضارة، و حددت االتفاقيــة أســاليب مواجهــة هــذه

.22الممارسات

- المرجع السابق، حازم البالوي. 19.71- أنظر – جابر فهمي عمران – المرجع السابق، ص 20 2006- مغاوري شلبي علي – النظام التجاري الدولي من هافانا إلى الدوحة – دار النهضة العربيــة – ط 21

و ما بعدها.11ص . 2005 – الكويت 37- عادل خليل – مبادئ النظام التجاري العالمي الجديد – جسر التنمية – ع 22

12

فبحســب مأشــار إليــه أحــد الخــبراء االقتصــاديين فأنــه بســبب الــتراجع في فــرض الرســوم الجمركية على السلع الزراعية بموجب اتفاق الزراعة في دولة كالبرازيل و التي تعتــبر قــوة

/1998اقتصادية صاعدة بأمريكــا الجنوبيــة خصوصــا للفــترة مــابين , تراجــع اإلنتــاج2004 مليــون42 مليــون هكتــار إلى 52الزراعي و تقلصت على أثرهــا المســاحات الزراعيــة من

هكتار و يرى بعض المختصين أن تفكيك الحمايــة الجمركيــة من شــأنه أن يــؤدي إلى إغــراق األسواق المحلية و من ثمة تدمير القــدرة اإلنتاجيــة الزراعيــة , ففي ســريالنكا مثال شــكلت تخفيضــات التعريفــة الجمركيــة و الزيــادة المصــاحبة لهــا فى واردات األغذيــة ضــغوطا على

القطاع الزراعي في الريف و على العمالة .

و من بين القضايا الــتي ثــار فيهــا الــنزاع تجــاري فى هــذا الشــأن قضــية الواليــات المتحــدة األمريكية التي تقدمت بشــكوى ضــد الهنــد مفادهـا القيــود الكميــة الــتي تطبقهـا الهنــد على

بنــدا من بنــود2700اســتيراد عــدد كبــير من المنتجــات الزراعيــة و الــتي تشــمل أكــثر من التعريفة الجمركية على المنتجات الزراعية التي تم اإلبالغ عنها لدى منظمة التجارة العالمية

من االتفاق بشأن الزراعة.02 فقرة 04,و التي ال تتفق مع التزامات الهند بموجب المادة

13

مـبدأ المعاملة الوطنية : -3

يأتي هذا المبدأ من أجل تحقيق المساواة في المعاملة بين المنتجات المســتوردة من الدول األخرى األعضاء في منظمة التجارة العالميــة و تلــك الوطنيـة المماثلـة لهـا و التميـيز مرفوض في المعامالت الدولية التجاريــة، فال يتم فــرض رســوم أو ضــرائب على المنتجــات المستوردة أعلى من تلــك الــتي تفــرض على المنتجــات الوطنيــة، هــذا و تطبــق القــوانين و

، و23اللوائح المؤثرة في المعامالت التجارية على المنتجات الوطنية و األجنبية سواء بســواء ال يسرى شرط المعاملة الوطنية على السلع المستوردة إال بعد دخولهــا الســوق المحلي، و من ثم فإن فرض رســوم جمركيــة على المنتجــات المســتوردة دون المحليــة، ال يعــد خرقــا

لقاعدة المعاملة الوطنية.

و الهدف من هذا المبدأ تحقيق المنافسة الكاملـة بين السـلع في السـوق المحليـة، وــة من ناحية أخرى الحيلولة دون االلتفاف حول ما تم االتفاق عليه من تخفيضات في التعريف الجمركيــة بــأن يخفض العضــو تعريفتــه الجمركيــة ثم يطبــق على الســلعة المســتوردة في

. 24الداخل رسوم أو ضرائب تعويضية ال تخضع لها السلع الوطنية المشابهة انه و بحسب الممارسة تصبح صياغة البند الشائع حول المعاملــة الوطنيــة كالتــالي ال يجوز ألي طرف من األطراف المتعاقدة إخضــاع االســتثمار أو عوائــد الوطنــيين أو شــركات الطرف األخر في اقليمة لمعاملة تقل تفضيال عن تلك الــتي يمنحهــا االســتثمارات أو عوائــد

مواطنيه أو شركات أي دولة ثالثة. و على سبيل المثال نجد أن اتفاقية "التريبس" بخصوص حقوق الملكيــة الفكريــة فى

من االتفاقيــة03منظمة التجارة العالمية , تضمنت مبدأ المعاملة الوطنية من خالل المــادة بحيث تلتزم الدول األعضاء في منظمة التجارة العالمية بأن تعامل مواطني البلدان االخــري و من فى حكمهم فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية معاملة ال تقل عن المعاملــة المقــررة لمواطنيها , فتمنحهم على األقــل نفس المزايــا الـتي يتمتــع بهــا رعاياهــا و تخضــعهم لنفس

االلتزامات .

اإلسكندرية.2000- أنظر – مصطفى حسين سالمة – المنظمات الدولية، منشأة المعارف ط 23 2006- أنظر – إبراهيم أحمد خليفة، النظام القانوني لمنظمة التجــارة العالميــة، دار الجامعــة الجديــدة – 24

. 10ص 14

: 25مبدأ الدولة األكثر رعاية-4

مبدأ الدولة األكثر رعاية أساسي، و مشترك تم النص عليه في كل اتفاقيات التجارة، و بمقتضى هذا الشرط تتفق الدول األطراف26السلع، الخدمات، و حقوق الملكية الفكرية

في المعاهدة على أن تتمتع بشرط أو أكثر أفضل يمكن أن تمنحه إحدى الدول األطراف إن هذا المبدأ يسري على كل الدول فينتقل27إلى دولة أخرى بمقتضى معاهدة تبرم بينهما

من الثنائية إلى التعددية، ما يتقرر من تخفيض أو إلغاء للرسوم الجمركية و أيضا يطبق هذا ، أي أن ميزة تجارية يقوم أي عضو في المنظمة28المبدأ على الضرائب و المزايا األخرى

بمنحها ألي منتج يكون منشأة في أو وجهته إلى دولة أخرى يتعين أن تسري على الفور، و دون أي شرط على المنتج المماثل الذي يكون منشأة في أوجهته إلى كافة األعضاء في

المنظمة، و هذا هو المفهوم المستقر عليه لشرط الدولة األولى بالرعاية في القانون إنما نصت1994 و يالحظ أن هذا الشرط ليس من مبادئ المنظمة في 29الدولي العام

.194730عليه من قبل اتفاقية و لدى العودة إلى األحكام الصادرة عن المركز الدولي لفض المنازعات المتعلقة

", يتضح أن بند الدولة األولى بالرعاية بات يشمل كل بنود االتفاقية ,ICSIDباالستثمارات " بما في ذلك البنود المتعلقة بالمسائل اإلجرامية و بخاصة التحكيم , و يسمح هذا التوسع

للمستثمر االجنبى باالستفادة و بالقيام بإجراء أكثر أفضلية لفض نزاعاته مع الدولة المضيفة التي نصت عليه االتفاقية بين هذه األخيرة و دولة أخري و ذلك على أساس بند الدولةاألولى بالرعاية الذي نصت عليه االتفاقية الثنائية المبرمة بين دولة و الدولة المضيفة.

و قد استقر فقه قضاء المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار ابتداء من قضية على اعتبار إلى التحكيم هو جزء ال يتجزأ من معاملة2000" ضد اسبانيا سنة مافيزني"

المستثمرين األجانـــب وأن منح هذه الميزة للمستثمرين دون آخرين قد يمثل معاملة تميزية ال يستوجب فيها تطبيق بند الدولة بالرعاية , و تشير القضية التي أشرنا إليها سابقا إلى أن اسبانيا أبرمت مع دولة الشيلي اتفاقية ثنائية لتشجيع االستثمارات و قد نصت هذه االتفاقية على اللجوء للتحكيم بشرط اللجوء المسبق ضمن مدة معينة للمحاكم الوطنية ,

إال آن اسبانيا أبرمت مع تشيلي اتفاقية تخول اللجوء مباشرة للتحكيم الدولي من دون اللجوء المسبق للمحاكم الوطنية و عندما نشب النزاع بين المستثمر الشيلي)السيد ما

فيزني( و دولة اسبانيا لجأ هذا األخير إلى تحكيم مباشرة , أي دون المرور مسبقا بالمحاكمالوطنية و هذا على أساس بند الدولة األولى بالرعاية الذي أبرمته دولته مع اسبانيا .

مبدأ الشفافية -5

25- Schwazenberger : The most favored (Nation standard in british state practice" (B.Y.I.L) vol 22, 1945 PP 97-98. دولي العــام و يعــود إلى بــدأيعتبر بند الدولة األولى بالرعايــة أحــد أهم المســائل األساســية في القــانون الــ

تكوينه، و يرجع مضمون نص الدولة األولى بالرعاية إألى القرنين السابع عشــر و الثــامن عشــر، و قــد جــاء مضمون النص بشكل واضح و صريح في العصر الحديث ألول مرة بالوثيقة المقدمة من الواليــات المتحــدة

.1947( ضمن بنود ميثاق هافانا عام I.T.Oإلنشاء منظمة التجارة العالمية ) ، و المــادة الثانيــة من اتفاقيــة "لجــات"، و1947المادة األولى من اتفاقية التجــارة في الســلع اتفاقيــة -26

المادة الرابعة من اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة في حقوق الملكية الفكرية )التربس(. 1989- محمد سعيد الدقاق، القانون الدولي العام، الجزء األول دار المطبوعات الجامعية – اإلسكندرية – 27

.139ص - أنظر، مصطفى سالمة، منظمة التجارة العالمية، النظام الدولي للتجارة الدولية – دار الجامعة الجديــدة،28

.10، ص 2006.248، ص 2003- أنظر محمد سامي عبد الحميد، القاعدة الدولية،اإلسكندرية، 29 .Mitsuo Matsuchita. J. Schoenbaum and Petros C.Manoidis : The world and organization Low pratice and policy -6أنظر : 30

Oxfor 2003, PP 143 - 14415

هذا المبدأ يعبر عن مصداقية العضو في منظمة التجارة العالمية في االلتزام باالتفــاق.31المنشئ بين المنظمة و اتفاقيات التجارة الدولية الملحقة بها

فطبقــا لهــذا المبــدأ على الســلطات المحليــة اتخــاذ القــرارات الحكوميــة في األمــور المتعلقة بالسياسات التجارية سواء بالنسبة القتصاديات الدول األعضــاء أو للنظـام التجــاري المتعدد األطراف، و تكون هذه القــرارات مقترنــة بمبــدأ الشــفافية و هــو يتمثــل في عملين أحدهما إيجابي أي يجب على كل عضو اتخاذ ما يلـزم من إجـراءات لوضـع قواعـد االتفاقيــة

موضع التنفيذ. و عمل آخر سلبي أن يمتنع عن اتخاذ سلوك أو إجراء يكــون من شــأنه تعطيــل عمــلــة هذه القواعد، و يجب على األعضاء االلتزام بمبدأ الشفافية و إال تعرض للمســؤولية الدولي

.32قبل األعضاء هدف منظمة التجارة العالمية حرية التجارة الدولية، و المبادئ المــذكورة الــتي تقــوم عليها المنظمة لتحقيق هدفها المتقدم تمثــل معـا أسـس الشـرعية في المجـال التجــاري، و اإلجراءات أو التدابير ذات الطبيعة التجارية التي تقــوم بهــا الــدول األعضــاء و يتم فحصــها و

.33مراقبتها في ضوء مدى االلتزام بتوخي هدف و مبادئ المنظمة

مبدأ حسن النية -6 من المبادئ الجوهريــة في القــانون الــدولي مبــدأ حســن النيــة في تنفيــذ االلتزامــات

حيث أن ذلك يتوقف على حسن سير العالقات الدولية، و يعتــبر مبــدأ حســن النيــة34الدولية من المبادئ األساسية في كل نظام قانوني بلى أنه يعتــبر قاعـدة أساســية لكــل القـوانين و

االتفاقات الدولية.

لقد أخذت أحكام القضــاء الــدولي بهـذا المبــدأ، فأخــذت بــه محكمــة التحكيم الدائمــة في الخالف الــذي قــام بين الواليــات1910بصراحة في حكم لهــا صــادر في ســبتمبر عــام

ــط ــمال المحي ــماك في ش ــيد األس ــاطق ص ــول من ــا ح ــة و بريطاني ــدة األمريكي المتح األطلسي، إذ جاء في الحكم "أن على كل دولة أن تقوم بتنفيــذ االلتزامــات المقــررة عليهــا بمقتضى معاهـدة حسـن النيــة" و أقرتــه كـذلك محكمـة العـدل الدوليــة الدائمـة في قضــية )اللوتس( فأوضحت أن األطراف المتعاقدة مدعوة دائما للعمل بأمانة و حسن نية، و أكــدت

و هي تقــرر: "كــل1969هذا المبدأ أيضــا اتفاقيــة فيينــا لقــانون المعاهــدات المبرمــة عــام .35معاهدة نافذة تكون ملزمة ألطرافها، و عليهم تنفيذها بحسن نية"

المطلب الثانيأدوات النظام التجاري الجديد

إن زوال "الجــات" و الــذي من خالل عجزهــا على تســيير التجــارة الخارجيــة، أدىــة في ــد من الحري بالضرورة إلى إيجاد نظام جديد للتجارة الخارجية، و الذي ركز على المزي التبادل، و تبادل الســلع مــا بين الــدول األعضــاء كمــا أدى إلى اتســاع رقعــة و حجم الســوق

ــة على3- "تنص الفقرة )باء( بالملحق رقم )31 ( التفاقية مراكش المنشأ اآللية الستعراض السياســة التجاريأن تلتزم الدولة بمبدأ الشفافية لمبدأ في معامالتها التجارية.

.24 – 23- أنظر – إبراهيم أحمد خليفة، المرجع السابق، ص 32.14 – 13- أنظر، مصطفى سالمة، المرجع السابق، ص 33.14 – 13- أنظر، مصطفى سالمة، المرجع السابق، ص 34يؤكد الفقه بأن الصفة اإللزامية لالتفاقيات الدولية مؤسس في العادة على ثالث مبادئ أساسية هي : - 35

- مبدأ حسن النية – مبدأ العقد شريعة المتعاقدين – مبدأ أولوية االلتزامات الدولية على اإللتزامات الناتجــةعن القانون الوطني.

16

الدولي بشكل كبـير و تمثـل هـذا التنظيم الجديـد للتجـارة الخارجيـة في المنظمـة العالميــة للتجارة وكل من صندوق النقد والبنك العالمي و ســنتطرق في هــذا المطلب لهــذه األدوات

من خالل الفروع اآلتية :

الفرع األول : صندوق النقد الدولي الفرع الثاني : البنك الدولي

الفرع الثالث : منظمة التجارة العالمية

17

الفرع األول صندوق النقد الدولي

(، المؤسســة المركزيـة في النظـام النقـدي الـدوليFMIيعتبر صندوق النقد الدولي ) أي، نظام المدفوعات الدولية و أسعار صرف العمالت الذي يسمح بقيام المعامالت التجارية بين البلدان المختلفة بسالسة، فهو يشرف على النظام النقــدي و يــوفر اإلطــار المؤسســي العالمي الــذي تتعــاون من خاللــه البلــدان في الشــؤون النقديــة الدوليــة، و تتضــمن أهــداف صندوق النقد الدولي تسيير التوسع المتوازن في التجارة العالمية و تحقيق استقرار أســعارــوازين الصرف و تجنب التخفيض التنافسي لقيم العمالت و إجراء تصحيح منظم الختالالت م المدفوعات، و بالتالي فالصندوق يساهم بشكل مباشر في النظام التجاري العـالمي الجديـد إلى جانب كل من البنك العالمي و منظمة التجارة العالمية و فيمــايلي تعريــف بالصــندوق و

أهدافه و كذا مساهمته في النظام التجاري العالمي الجديد.

أوال : تعريف صندوق النقد الدولي

بنهايــة الحــرب العالميــة الثانيــة دعت الواليــات المتحــدة األمريكيــة إلى العديــدة منــد و انتهت المناقشــات إلى ــك لوضــع نظــام نقــدي دولي جدي المناقشــات االقتصــادية و ذل

، و يعتبر36الموافقة على اتفاق إلنشاء صندوق النقد الدولي لتنظيم العالقات المالية الدولية صندوق النقد الدولي مؤسســة نقديــة دوليــة، و هــو من المؤسســات الفاعلــة في االقتصــادــإدارة ــدولي عمومــا، يســعى إلى اســتقرار النظــام النقــدي و المــالي العــالمي، يختص ب ال السياسة النقدية وضبطها و مراقبتها، و يسعى إلى إزالة القيود و العقبات التي من شأنها عرقلة النشاط االقتصادي، بين مختلف دول العــالم، لقــد كــان أحــد أهــداف المــوقعين على اتفاق بريتون وودز، الذي كــان أحــد نتائجــه ظهــور صــندوق النقــد الــدولي هــو إقامــة نظــام مستقر للصرف مماثل لذلك الذي كان يعمل في ظــل قاعــدة الــذهب خالل القــرن التاســع عشــر و لكنــه ال يقــوم على االلتجــاء الــدائم لالنكمــاش لــدى الــدول المدينــة، و لتجنب هــذا االنكماش، فقد طمح هؤالء لتأســيس تنظيم دولي يوكــل إليــه مهمــة التصــريح بالتخفيضــات

. و من خالل مــا تقــدم يمكن القــول أن صــندوق37النقدية عندما يكون لها مبررات اقتصادية النقد الدولي هو المؤسسة العالمية النقدية التي تقوم على إدارة النظــام النقــدي الــدولي و تطبيق السياسات النقديــة الكفيلــة بتحقيــق االســتقرار النقديــة و عالج العجــز المــؤقت في

.38موازنة مدفوعات الدول األعضاء فيهثانيا : أهداف صندوق النقد الدولي

يعتبر صندوق النقد الدولي مؤسسة متخصصة من مؤسسات األمم المتحدة. إال أنه ال يشترط لعضويته أن تكون الدولة عضوا في هذه المنظمة الدولية، و يبلــغ عــدد أعضــائه في

، و يتزايــدون من عــام آلخــر و يضــم39الــوقت الحاضــر أكــثر من مائــة و ثالثــة و ثالثين دولة الصندوق أعضاء أوليين هم الدول التي حضرت مؤتمر بروتون وودز و الــتي أودعت الوثــائق

، أما الدول التي انضــمت إلى1946الدبلوماسية بانضمامها إلى الصندوق حتى آخر ديسمبر الصندوق بعد هذا التاريخ فال تعتــبر من األعضــاء األصــليين، و جــدير بالــذكر أنــه ال فــرق في

الحقوق و االلتزامات بين األعضاء األصليين و غير األصليين. و لقد نصت المادة األولى من اتفاق الصندوق على ضرورة التزامه في كافة سياســته

: 40و نشاطاته بأهداف محددة يمكن تلخيصها فيما يلي.365- محمود يونس، اقتصاديات دولية – المرجع السابق – ص 36.364- نفس المرجع، ص 37. 1993 1- حسين عمر – المنظمات الدولية – دار الفكر – القاهرة ط38 حيث يزيد عدد الدول كل عام. 2007- حسب إحصاء سنة 39- تجدر اإلشارة إلى أن تعديالت قد أدخلت على األهداف الواردة بالمادة األولى.40

18

ــة الدوليــة من خاللا( العمل على دعم التعاون الدولي في مجال العالقات النقدي تنظيم دائم يقــدم للــدول إطـــارا للتشــاور و التعــاون من أجــل التغلب على

المشكالت النقدية الدولية. تسهيل النمو المتوازن للتجارة الدولية، و بنـاءا عليـه يتم اإلسـهام في النهـوضب(

بمستويات التشغيل و تطوير المــوارد اإلنتاجيــة لكــل الــدول األعضــاء كأهــدافأولية للسياسة االقتصادية.

ــدول إلىج( ــوء ال ــادي لج ــرف و تف ــتقرار أســعار الص ــل على تحقيــق اس العم التخفيضــات التنافســية في قيم عمالتهـا، و لتحقيــق هــذا الهـدف تلــتزم الــدول األعضاء بعــدة واجبــات تتعلــق بتجــريم إجــراء تخفيضــات تنافســية على أســعار العمالت، و االلتزام يجعل العملة قابلــة للتحويــل، و االلــتزام بــالرفع التــدريجي

للقيود المفروضة على حرية صرف العمالت.ــدفد( ــة و اله العمل على إقامة نظام متعدد األطراف لتسوية المدفوعات الدولي

ــة من ذلك قابلية العمالت للتحويل و ذلك فيما يتعلق بالمبادالت التجارية الجاري بين الــدول األعضــاء و إلغــاء القيــود على الصــرف و الــتي تعــوق نمــو التجــارة

الدولية. وضع موارد الصندوق في متناول الدول األعضاء في ظل الضــمانات الضــروريةه(

و ذلك إلصالح االختالل الذي قد تتعرض له موازين المــدفوعات و حــتى ال تلجــأ الدول و هي في ســبيل عالج االختالل إلى اتخــاذ إجــراءات من شــأنها اإلضــرار

بالرفاهية الوطنية و الدولية و باألحرى االلتجاء إلى الرقابة على الصرف.ــدول األعضــاء و منو( العمل على تقصير أمد االختالل في موازين المدفوعات لل

المالحظ أن صندوق النقد الدولي كان يسعى إلى تحقيق االستقرار الدولي عن طريق استقرار أسعار الصرف و تسهيل عمليات التمويل و تقديم المســاعدات للدول األعضاء في حالة العجز في مــوازين مــدفوعات الـدول األعضــاء و ذلـك

. 41عن طريق مؤسسة دائمة و تحت رقابة دولية و ليس بمطلق حرية الدولثالثا : مساهمة صندوق النقد الدولي في النظام التجاري العالمي الجديد

يعمل صــندوق النقــد الــدولي على توفــير التمويــل و المعونــة الفنيــة و المشــورة في مجال السياسات، و األبحاث، و غيرها من أشكال الدعم غير المــالي للحكومــات في الــدول النامية و االنتقالية، كما يقوم الصندوق في إطار مساهمته في نظام التجارة العالميةــوض ــهام في النه ــك يتم اإلس ــاء على ذل ــة، و بن ــارة الدولي ــوازن للتج ــو المت ــهيل النم بتس بمستويات التشغيل و تطوير الموارد اإلنتاجية لكل الــدول األعضــاء، كمــا يعمــل على إقامــة نظام متعدد األطراف لتسوية المدفوعات الدولية و الهدف من ذلك قابلية العمالت للتحويلــرف و هي و ذلك فيما يتعلق بالمبادالت التجارية بين الدول األعضاء و إلغاء القيود على الص

. 42األمور التي تعيق نمو التجارة الدولية يقدم صندوق النقد المساعدة القتصادات البلدان األعضاء في إدارة التقلبــات الناتجــة عن الروابط العالميــة المتبادلــة و تخفيــف حــدتها، من خالل المشــورة بشــأن السياســات و إقراض البلدان التي تمر بعسر مــالي، و يتمثــل دور الصــندوق في إيجــاد حلــول للمشــكالت االقتصادية و المالية بما يحقــق صــالح الجميــع، ثم إقنــاع الــدول و الحكومــات ذات الســيادة

.43بتنفيذ تلك الحلولــكالت في ــه مش ــا واج ــندوق إذا م ــتراض من الص ــو االق ــد عض ــع أي بل ــذا و بوس ه المـدفوعات مـع بقيــة العـالم أي إذا بـدأت أموالـه و أرصـدته تنفـذ نتيجــة لشـرائه سـلعا أو

. 183، ص 1985- محمد زكي الميسر – العالقات الدولية – دار النهضة العربية، القاهرة، 41.51- محمد دياب – مرجع سابق – ص 42.70- مصطفى سالمة – مرجع سابق – ص 43

19

خدمات أكثر من السلع و الخدمات التي يمكنه تصديرها أو نتيجــة لنقــل المســتثمرين رؤوس أموالهم إلى الخارج و يقدم الصندوق تمويال مؤقتا لتسيير عملية التصحيح الضــرورية

للبلد المعني. ال يفرض صندوق النقد الدولي القروض على البلدان بل يقــدم الــدعم المــالي عنــدما تكون البالد في حاجة حقيقــة للمســاعدة , قــدمت طلبــا لهــذه المســاعدة و تختلــف أســعارــير من الفائدة مع كل نوع من القروض لكنها أفضل من أسعار السوق بشكل ملمــوس و كثــة فيمــا هذه البلدان لديها قدرة محدودة للحصول على تمويل من أسواق رأس المال الدولي

يرجع بصفة جزئية إلى المصاعب االقتصادية. تجــدر اإلشــارة إلى أنــه في إطــار عالج الصــندوق للمشــكالت االقتصــادية في الــدول النامية يقدم وصفات لعالجها، فأي دولة تطلب مساعدة صندوق النقــد الــدولي تجــد وصــفة

كل تلك المشكالت لدى الصندوق، تعتمد هذه الوصفة على شقين رئيسيين هما : سياسات تقليص فجوة الموارد بالقطاع الخاص، و معنى ذلك تشجيع القطاع الخاص،(1

بكل الوسائل لينطلق دوره االقتصادي.ــة للقطــاع(2 ــة، كإلغــاء دعم الدول ــة العامــة للدول سياســات تقليص العجــز في الموازن

االقتصادي، و بيع القطاع العام بوحداته، إلى القطاع الخاص. تسمى السياسات التي يقــوم بهــا صــندوق النقــد الــدولي إزاء الــدول الناميــة بــبرامج "التثبيت" حيث تقوم بها تلك الدول وفق برنامج زمــني معين و في حــال عــدم تحقيقهــا يتم وقف حق الدولة في الحصول على الموارد المالية المقررة في البرنــامج و يرســل صــندوق النقد الدولي بعثة كل ستة أشهر للتأكـد من مطابقـة األداء، مــع مـا ورد في البرنـامج الــذي يصاغ في شكل ما يسمى بخطاب النوايا – و عموما دفعت برامج للتثبيت التي اتبعتها الدول النامية إلى تبني سياسة اإلنتــاج الموجهــة للتصــدير بــدال من إحالل الــواردات مرفقــة بتبــني سياسات تجارية و مالية مساندة و ذلك رغبة منها في االستفادة من رفع نصيبها في التجارة

الدولية و جلب االستثمارات األجنبية و ما يترتب عنها من نمو و تنمية اقتصادية.

إن برامج التثبيت دفعت بالبلدان الناميــة على طريــق تحريــر التجــارة إلى مــدى أبعــد ، و هو ما يبرز44بكثير مما هي مطالبة و ملتزمة به في إطار النظام التجاري العالمي الجديد

ــاقي ــانب ب ــالمي إلى ج ــاري الع ــام التج ــيخ النظ ــد في ترس ــندوق النق ــاهمة ص ــدى مس مالمؤسسات المالية.

تجدر اإلشارة إلى أنه و منذ إنشاء الصندوق لم تتعــرض االتفاقيــة ألكــثر من تعــديلين، ، على منح الصــندوق صــالحية تطــوير إدارة1969ركز األول منهما، الذي بــدأ مفعولــه عــام

جديدة لالحتياطي أطلـق عليهـا "حقـوق السـحب الخاصـة"، لتسـتخدم إلى جـانب الوسـائل التقليديــة األخـرى للســيولة الدوليــة كالــذهب و الــدوالر و العمالت األجنبيــة األخــرى القابلــة للتبادل الحر. أما التعديل الثــاني، فقــد اهتم بــالتخفيض التــدريجي لــدور الــذهب كاحتيــاطي دولي و تعزيز دور حقوق السحب الخاصة لتصــبح االحتيــاطي الرئيســي في النظــام النقــدي الدولي، هذا باإلضافة إلى حرية الدول األعضاء في اختيار ترتيبــاتهم النقديــة المتبادلــة وفــق

إطار جديد للمراقبة و اإلشراف.

الفرع الثاني مجموعة البنك الدولي

يعد البنك الدولي لإلنشاء و التعمير الذي انبثق عن مؤتمر بروتون وودز غــداة الحــرب العالمية الثانية مؤسسة من مؤسسات األمم المتحــدة المتخصصــة و لقــد أظهــرت التجربــة

- حشماوي محمد – مرجع سابق. 4420

ألكثر من أربعين عاما أن التصور الكالسيكي الذي كان غالبا عند إنشائه لم يسمح له يشــغلمهمته المزدوجة.

ــدولي في1948، منذ عام 45و لقد قيدت خطة مارشال إلعادة تعمير أوروبا، نشاط البنك ال مجال التنمية، و لكن هنا أيضا فإن حجم الموارد و شــروط تــدخل البنــك قــد أظهــرت عــدم

(IDA)قدرته الجزئية علـى تحمل المهمة التي أوكلت إليه و لذلك فان الهيئة الدولية للتنميــة كانتا محاولة لتوسيع إمكانيات البنــك، و هــذه المؤسســات(SFI)و مؤسـسة التمويل الدولية

" تمنح القــروض. المســماة46الثالث تكــون مــا تكــون مــا يســمى "مجموعــة البنــك الــدولي إئتمانات في حالة الهيئــة الدوليــة للتنميــة أو ضــمانات تتخــذ شـــكل مســاهمات عن طريــق

مؤسسة التمويل الدولية. و تتدخل أيضا في نواحي التعليم و الصناعة و الزراعة. و تعد مجموعة البنك الدولي المصدر الرئيسي لمعونــات التنميـة متعـددة األطــراف و فيمــا يلي ســنتناول أوال البنــك الــدولي ثم مؤسســة التمويــل الدوليــة كــأهم مؤسســتين في

مجموعة البنك الدولي.

أوال : البنك الدولي لإلنشاء و التعمير لقد أدى مؤتمر بروتون وودز إلى الموافقة على اتفاق صندوق النقد الدولينشأته : أ(

لتنظيم العالقات النقديــة الدوليــة، و اتفــاق البنــك الــدولي لإلنشــاء و التعمــير لتنظيم حصــلت اتفاقيــة البنــك على تصــديق1945العالقات المالية الدوليــة، و في ديســمبر

. و حســب نص1946 يونيــو 25أغلبية الدول الموقعة عليها، و بدأ البنك نشــاطه في المادة الثانية من اتفاقية، فإن أعضائه هم الدول األعضاء في صــندوق النقــد الــدولي التي تقبل االنضمام إليه، أي العضوية في صندوق النقد الــدولي تعــد شــرطا ضــروريا لعضوية البنك، و للدولة العضو أن تنسحب من البنك في أي وقت تشــاء، كمــا أن منــه في سلطة البنك إيقاف العضو الذي يخل بالتزاماته في مواجهته عن مباشرة حقوق البنك، و تفقد الدولة عضويتها في البنك بطريقة آلية إذا ما فقد عضويتها في صــندوق

النقد الدولي.

أهدافه :ب( يعمل البنك الدولي في ميدان القروض و االستثمارات طويلــة األجــل و الــتي يكــون

: 47الغرض منها

المســاعدة على تعمـير الـدول األعضــاء و تنميتهـا بتوفــير رأس المــال لالسـتثمار في(1ــل األغراض اإلنتاجية، بما في ذلك االقتصاديات التي دمرتها أو عطلتها الحرب، و تموي

اإلنتاج لألغراض السلمية و تشجيع تنمية اإلمكانيات و الموارد المختلفة.

تشجيع االستثمارات األجنبية الخاصة عن طريق الضمانات و المساهمة في القــروض(2 و االستثمارات األخرى التي يقوم بها األفراد، و أيضا سد النقص في االستثمار الخاص إذا تعذر الحصول عليه بشروط مناســبة و يتم تقــديم األمــوال الالزمــة لــذلك إمــا من

موارده الخاصة أو مما يحصل عليه من أموال.

- وGeorges Lenon- أعد خطاب مارشال استنادا إلى تقارير مدير إدارة التخطيط في وزارة الخارجية آنذاك 45 الدول المستفيدة من خطة مارشال هي : بريطانيا – فرنسا – إيطاليا – ألمانيا الغربية – هولنــدا – بلجيكــا –

لوكسمبورغ – النمسا – اليونان – الدانمارك – النرويج – إيرلندا – تركيا – البرتغال – و إيسلندا. - محمد عبد العزيز األحرش – صـندوق النقـد و البنـك الـدوليان و صـناعة الفقـر في الـدول الناميـة – دار46

.2006النعضة العربية – القاهرة – و ما بعدها.469 – ص 1966- راجع – أحمد زكريا – العالقات االقتصادية الدولية – 47

21

العمل على تحقيق النمو المتوازن طويــل األجـل للتجــارة الدوليــة، و المحافظـة على(3 توازن مــوازين المــدفوعات و ذلــك عن طريــق تشــجيع االســتثمارات الدوليــة لتنميــة الموارد اإلنتاجيــة للــدول األعضــاء، و كـذلك المســاعدة في رفـع اإلنتاجيــة و مسـتوى

المعيشة و ظروف العمل في هذه الدول.

تنظيم القــروض الــتي يقــدمها، أو يضــمنها البنــك بالنســبة للقــروض الدوليــة الحاصــة(4بجهات أخرى بحيث تكون األولوية للمشروعات األكثر نفعا.

المساعدة في سنوات ما بعد الحرب مباشــرة على االنتقــال تــدريجيا من اقتصــاديات(5الحرب إلى اقتصاديات السلم

ــة عن و من المالحظ أن البنك الدولي سعى إلى تعمير و إعادة بناء اقتصاديات مختلف طريق تشجيع جميع أوجه االستثمار بتقديم القــروض و ضــمانها و تســهيل عمليــات التمويــل

.48طويل األجل و تشجيع النمو طويل المدى للتجارة الدولية

(SFI)ثانيا : مؤسسة التمويل الدولية : هي إحدى فروع البنك الدولي، مناط بها تنشيط التوسع االقتصادي مع تشــجيع ظهــور المؤسســات الخاصــة ذات الطــابع اإلنتــاجي في الــدول الناميــة، فــالنمو في الــدول الناميــةيحكمه البنية األساسية التي ال يمكن أن يقوم بها إال الدولــة، و لكن، بعــد البنيــة األساســية - على األقل في الدول ذات االقتصاد الحر – فــإن االســتثمارات الخاصــة يجب أن يفســح لهــا المجال متى توجد المشروعات التي يتكون منها الجهاز اإلنتــاجي، لقــد أظهــرت التجربــة أنــا هذه االستثمارات ال تحقق دائما المستوى المطلوب و الكافي لتكوين هذا الجهاز، و من هن

أيضا بزغت فكرة المطالبة بمؤسسة دولية لتنشيط هذه االستثمارات. و لم يستطع البنك الدولي التدخل بنفســه في هــذا المجــال لســببين رئيســيين : فمن ناحية، تشترط قوانينه كما ذكرنا أن يحصل على ضمان الدولة بالنسبة للقروض التي يمنحها ألي مشروع خاص و بعض الدول ال تستطيع أو ال تريد أن تستخدم مثل هــذا الضــمان، و من

، و ال49ناحيــة أخــرى فــإن البنــك الــدولي ليس من ســلطته إال منح القــروض طويلــة األجل يستطيع شراء األسهم و ال المساهمة بــأي طريقــة في تكــوين رأس مــال أي مؤسســة لمــا

1956يحيط بذلك من مخاطر، و من هنا فقــد أنشــئت مؤسســة التمويــل الدوليــة في عــام بواســطة الـدول الرئيســية األعضــاء في البنــك من أجـل تنشــيط النمــو في الــدول الناميــة،

بتمويل القطاع الخاص اإلنتاجي في هذه الدول. مليــون110 مليــون دوالر ارتفــع إلى 78و كان رأس مال هذه المؤسسة في البداية

مليار دوالر في أواخر السبعينات.0.75 ثم إلى حوالي 1963دوالر في عام دولة لكــل منهــا ممثــل و نائبــه في106و تضم هذه المؤسسة في أواخر السبعينات

ــالي هــو رئيس ــك بالت ــك و رئيس البن مجلس المحــافظين و مجلس اإلدارة هــو مجلس البنالمجلس.

و أساســا فــإن مؤسســة التمويــل الدوليــة خاضــعة للبنــك الــدولي في الحصــول على الموارد و منح القــروض، فهي مثــل البنــك ذاتــه، ال تســتطيع التــدخل إال في حالــة القــروض طويلة األجل، و لكن بقصد تمويل المشروعات الخاصــة اإلنتاجيــة فقــط، و فضــال عن ذلــك،

غير مسموح لها بطلب أو بقبول ضمانات من الدول المتلقية للقروض.

.1997- زين العابدين ناصر و آخرون، االقتصاد الدولي، دار الثقافة الجامعية، ط 48 - السيد محمــد أحمــد الســريتي – اقتصـاديات التجــارة الدوليـة بين النظريــة و التطـبيق – مؤسســة رؤيــة49

– اإلسكندرية.2011 – 1للطباعة – ط22

أدخلت بعض التعديالت على التشريعات األساسية بموجبهــا تحــولت1961و في عام و منذ هذاBanque de plein exercice 50مؤسسة التمويل الدولية إلى "بنك كامل الممارسة

التــاريخ أصــبح من حــق المؤسســة أن تســاهم في رأس المــال فتســتطيع أن تســتثمر في المشروعات الخاصة اإلنتاجية، و أن تتخلى فيما بعد عن حصتها إلى مستثمرين آخرين حــتى

يمكنها أن تستثمر من جديد في مشروعات أخرى. ، حدثت تعديالت أخرى في التشــريعات األساســية بموجبهــا أصــبح في1965في عام

إمكان مؤسسة التمويل الدولية أن تقترض إلى الحد الذي يصــل فيــه حجم القــروض أربعــةــترة أضعاف رأس مالها، باإلضافة إلى ذلك، فقد خصص لها نوع من "حقوق السحب في الف الطويلة على البنك الدولي و الذي كان حتى هــذا الــوقت المقــترض الوحيــد في المجموعــة من السوق المالية و المصدر الوحيد للتمويل طويل األجل الـذي اسـتخدمته المؤسسـة بعـد

ذلك. و في الواقع، فـإن مؤسسـة التمويـل الدوليـة تلعب دور الوســيط إلى حـد كبــير فهي تجتهد في اجتذاب مستثمرين آخرين للعمليات التي تقوم بها و منذ نشأتها فقد قدمت حــتى

مشــروع في الـدول المتخلفــة، و في300 مليـار دوالر لحـوالي 2أواخر السبعينات حـوالي ذات الوقت فإن مساهمين آخرين، سواء من القطــاع العــام أو الخــاص قــد اســتثمروا أيضــا

مليار دوالر في نفس المشروعات.2حوالي

( IDAثالثا : الهيئة الدولية للتنمية) لتســهيل عمليــات1960هي األخرى فرع من فروع البنك الــدولي، أنشــأت في عــام

التمويل في الدولة المختلفة التي لديها القــدرة على اســتخدام رؤوس األمــوال الخارجيــة و لكنها تواجه صعوبات في سداد هذه األموال، عندما تمنح القروض بالشروط الكالسيكية كما

.51هو الحال بالنسبة لقروض البنك الدولي و كل دولة من الدول األعضاء بالبنــك الــدولي تســتطيع االنضــمام إلى الهيئــة الدوليــة

عضــوا، و إدارة البنــك الــدولي هي117للتنمية، و في نهاية السبعينات كان عــدد أعضــائها ذاتها إدارة الهيئة الدولية للتنمية على اعتبار أن هذه األخيرة تعد منفذا لتوزيع قروض البنك،

إلى جانب قيامها بموائمة شروط القروض. و تتكون موارد الهيئة من االكتتاب المبــدئي للــدول األعضــاء، و المســاهمات الخاصــة لبعض الدول، و القروض و المساهمات التي تمنحها الدول غير األعضاء و الهبات من البنــك الدولي التي يستقطعها من صــافي أرباحــه، و األربــاح المتراكمــة للهيئــة ذاتهــا، أمــا قــروض الهيئة، التي تسمى إئتمانات لتمييزها عن قــروض البنــك الــدولي الـتي تمنح وفــق الشــروط الكالسيكية، فإنها تفرض على المقترض عبئا خفيفا نسبيا، و ال يستفيد من نشاط هذه الهيئة سوى الدول النامية األكثر فقرا، و هي الدول التي ال يتجــاوز نصــيب الفــرد فيهــا من الــدخل

دوالر سنويا.375اإلجمالي و يعترض التوسع في هذه اإلئتمانات عقبتين هما قــدرة المقترضــين على اســتخدامها

بكفاءة، و الموارد المحددة التي تضعها الدول األكثر ثراءا تحت تصرف الهيئة.

ــل ــة ك ــوارد الهيئ ــوين م ــاد تك ــيرة يع ــنوات األخ ــر3و في الس ــنوات، و في أواخ س السبعينات أثناء زيادة رأسمال الهيئة للمرة الخامســة دخلــه للمــرة األولى كــل من العربيــة

مليار دوالر. 7.6السعودية و كوريا الجنوبية و اإلمارات العربية بمبلغ و خالصـة القـول ممـا تقـدم أن مجموعـة البنـك الـدولي يتزايـد اهتمامهـا منـذ أوائـلــادة حجم ــك على زي ــوا و ال يقتصــر ذل ــل نم ــدول األق ــات إلى ال ــديم المعون ــات بتق الثمانين

المعونات فقط بل يمتد إلى مشروعات البنية األساسية و الطاقة.50- J. J. Deveaud, "La société financière" revue Economique, Novembre 1978.51- E. H. Ratberg, Finance et developement, Décembre 1976.

23

و على العموم و رغم كل ما قدمته المجموعة فإن هناك من يرى أنهــا لم تحقــق كــل أهدافها التي أنيطت بها للمساهمة في تمويل التنمية الدولية، ألن البنك الدولي غير مستقل في سياسته عن الــدول الرأســمالية المتقدمــة الــتي تريــد أن تجعــل من القــروض األجنبيــة وسيلة للتحكم في الــدول المختلفــة، و لــذلك، فال منــاص أمــام الــدول المتخلفــة إذا أراحت استقالال سياسيا و تنمية اقتصادية متكاملة من أن تعتمد أساســا على مــدخراتها المحليــة، و

لو أن مدة ذلك ستطول.

الفرع الثالثمنظمة التجارة العالمية

أوال : تعريف منظمة التجارة العالمية عنـدما اتخـذ1946مر إنشـاء المنظمـة العالميـة للتجـارة بمراحـل تعـود إلى فـبراير

المجلس االقتصادي و االجتمــاعي التــابع لمنظمــة األمم المتحــدة قــرارا بعقــد مــؤتمر دولي م، و الثانيــة1946لبحث مشكالت التجارة الدولية، و قد عقدت دورتــان إحــداها في أكتــوبر

م و انتهت إلى إعداد مشــروع ميثــاق للتجــارة الدوليــة، يتضــمن1947في أبريل إلى أكتوبر ــرف إنشاء منظمة دولية للتجارة، و قد أسفرت المفاوضات الجانبية عن مولود أصــبح يع

ــة العامــة للتعريفــات و التجــارة )الجــات( ــد من52فيمــا بعــد باالتفاقي بعــد جــوالت عديالمفاوضات .

و القــانوني و التشــريعي تم إنشاء منظمة التجارة العالمية التي تعتبر اإلطــار األساسي للنظــام التجــاري المتعــدد األطــراف و يتم في هــذا اإلطــار تجســيد االلتزامــات األساســية المحددة لصياغة و تطبيق القوانين و التنظيمـات الداخليـة في مجـال التجـارة، و تعتـبر كذلك اإلطار الذي يتم من خاللــه تطــوير العالقــات التجاريــة بين الــدول عــبر المشــاورات و

1986 بعد جوالت أوروجولي الــتي بــدأت في 1995 يناير 01المحادثات، و لقد أنشئت في م، و قد تلتهــا دورة مــراكش، حيث أعطى وزراء الــدول المعينــة1993 12 15لتنتهي في

م و إثر1994 04 15موافقتهم بعد توقيع العقد النهائي و المسمى بإعالن مراكش بتاريخ دولــة50 دولة عضو في المنظمة عند إنشــائها ثم تلتهــا 76التوقيع على هذا العقد أصبحت

م، و مقــر1997 دولــة في مــارس 131أخرى بعــد ذلــك ليصــل عــدد الــدول األعضــاء على المنظمة جنيف بسويسرا و هي تشمل تجارة السلع الخدمات، و حقوق الملكيــة الفرديــة، و

.53تمتد إلى كل المجاالت األخرى عكس "الجات" المطبقة على تجارة السلع فقط

أهداف و مهام المنظمة ثانيا :ــتزم لكل منظمة دولية هدف أو مجموعة من األهداف تسعى إلى تحقيقها، و مبادئ تل بالعمل من خاللها، و الهدف الرئيسي لمنظمة التجارة العالمية هو تحرير التجارة العالمية، و من أجل ذلك أوجبت على أعضائها تحقيق أهداف هامة تتمثل في رفع مستويات المعيشة و تحقيــق العمالــة الكاملــة و اســتمرار كبــير في نمــو حجم الــدخل الحقيقي، و زيــادة اإلنتــاج المتواصل، و االتجار في السلع و الخدمات بما يتيح االستخدام األمثل لموارد العالم وفقا

. 54للتنمية مع المحافظة على البيئة و حمايتها

- زينب حسين عوض الله – االقتصــاد الــدولي- نظــرة عامــة على بعض القضــايا - دار الجامعــة الجديــدة 52. 168، ص 1999للنشر -اإلسكندرية،

. 1988 1- عادل أحمد حشيش – العالقات االقتصادية الدولية – الدار الجامعية – بيروت ط 53.16- إبراهيم أحمد خليفة، المرجع السابق، النظام القانوني، ص 54

24

و في إطار تحقيق أهداف المنظمة يجب على األعضاء أن يبذلوا جهودا إيجابية لتأمين حصول الدول النامية – خاصة األقل نموا – على نصيب في نمــو التجــارة العالميــة يتماشــى

و احتياجات تنميتها االقتصادية.ــام إن ما يسترعي االهتمام هو أن أهداف منظمة التجارة العالمية قد وردت بشكل ع في نصوص القواعد التجارية لالتفاقيات المشــمولة في جولــة أوروغــواي و في نص ديباجــة اتفاقية تأسيس المنظمة و في الفقرة األولى من المادة الثانية و المادة الثالثة منهــا و فيمــا

يلي بعض أهداف المنظمة تفصيال.

- األهداف1أ- تحرير التجارة العالمية :

جميع أهداف منظمة التجارة العالمية تدور حول فكرة واحدة أال و هي تحرير التجــارة الدولية، مع ضرورة األخذ في االعتبار األوضاع الفعلية لبعض الدول خاصــة الــدول الناميــة و

، و قضية تحرير التجارة العالمية، يقودنا إلى قضايا فرعية مختلفة، فبعد أن كان55األقل نمواــوم1947مفهوم التجارة الدولية مقصورا على السلع المصنعة في "جات" أصبح هذا المفه

في دائــرة منظمــة التجــارة العالميــة أوســع مجــاال قــد ضــمت الســلع الزراعيــة فضــال عن هــذا و قــد ضــمت56المنســوجات و المالبس الــتي كــانت تنظم تجارتهــا بروتوكــوالت خاصة

،57المنظمة تجارة الخدمات مثل خدمات التــأمين و النقــل و الخــدمات المصــرفية و غيرها لما ضمت العطاءات و المناقصات الحكوميــة ذات الطــابع التجــاري إلى مظلــة المنظمــة، و

، و بــذلك أصــبح58أخيرا دخلت حقــوق الملكيــة الفكريــة في إطــار منظمــة التجــارة العالمية.1947نطاق منظمة التجارة العالمية أعم و أشمل مما كانت عليه جات

رفع مستوى التنمية و الحفاظ على البيئة :ب- إن الــدول أطــراف االتفاقيــة تهــدف إلى رفــع مســتوى المعيشــة، و تحقيــق العمالــة الكاملــة، و اســتمرار كبــير في نمــو الــدخل الحقيقي و الطلب الفعلي، و زيــادة اإلنتــاج المتواصل، و االتجار في السلع و الخدمات بما يتيح االســتخدام األمثــل لمـوارد العـالم وفقــا لهدف التنمية مع توخي حماية البيئة و الحفاظ عليها، و دعم الوسائل الكفيلــة بتحقيــق ذلــك بصورة تتالئم و احتياجات و اهتمامات كل منها في مختلف مستويات التنمية االقتصــادية في

. 59آن واحدــدول ــة بين ال ــات التجاري ــة للعالق ــات المنظم ــذ االتفاق ــذلك اإلشــراف على تنفي و ك األعضاء، و إقرار معايير دولية لضبط مقاييس جودة اإلنتــاج، و تحديــد الســلع المعروضــة في األسـواق العالميــة، و التصـدي لظـاهرة الســلع المقلــدة و وضــع الترتيبــات الالزمــة مــع المنظمات الدولية التي تضطلع بمسؤوليات متداخلــة مــع مســؤوليات المنظمــة , و بالــذات

فيما يتعلق بموضوع حقوق الملكية الفكرية .60و براءات االختراع

ثالثا : مهام المنظمة - ديباجة اتفاقية مراكش إلنشـاء منظمـة التجــارة العالميـة، لـدى، د/ عبـد الفتـاح مـراد، شـرح النصـوص55

. 18العربية التفاقيات الجات و منظمة التجارة العالمية، ص Amrita Narlikar : The World Trade organization OXFORD : 2005. PP 28 – 29

56- Arrangement reading international trade in textiles urguay round protocol GATT 1994./ب( من االتفاقية العامة لتجارة الخدمات، الوثائق الختامية لجولة أورجواي.1راجع الملحق )- 57- للدول النامية معاملة خاصة بالنسبة لحقوق الملكية الفكرية.58 - خــير فتحي أحمــد البهيلي – تســوية المنازعــات في إطــار اتفاقيــات منظمــة التجــارة العالميــة، رســالة59

. 162، ص 2005دكتوراة، جامعة عين شمس، 25

تحدد أحكام المادة الثالثة من اتفاقية تأسيس منظمة التجــارة العالميــة االختصاصــاتفيما يلي :

منظمة التجارة العالمية تسهل، و تشــرف و تــوفر، و تتعــاون، فهي من ناحيــة تســهل تنفيذ و إدارة و عمل اتفاقيات التجارة العالمية، و تعمل على تحقيق أهــدافها، كمــا تــوفر

, من ناحيـة أخـرى تشـرف المنظمـة على61اإلطار القانوني الالزم لتحقيــق هــذه األهـدافــات بين إدارة وثيقة التفاهم الخاصة بالقواعد و اإلجراءات التي تنظم مسائل تسوية المنازعــات و األعضاء بأسلوب المشاورات و التوفيق و التحكيم في ظل قواعد تسوية المنازع

.62 (D.S.P)اإلجراءات المتعلقة بها، و يتم هذا عن طريق آلية تسوية المنازعات

كمــا تــوفر المنظمــة محفال للتفــاوض على النحــو الــذي يقــرره المــؤتمر الــوزاري و المنظمة تكون مقـرا لجميــع االتفاقـات الـتي يمكن أن تعقـد في المسـتقبل و للمنظمـة أن

. 63تعمل ضابطا إليقاع حركة التجارة العالمية و السيما االتفاقات الجماعية أخــيرا فــإن المنظمــة تتعــاون مــع ضــلعي المثلث صــندوق النقــد و البنــك الــدوليين و

كمــا تتعــاون مــع مــؤتمر األمم64المكونان مع المنظمة مثلث قيادة النظام التجاري الــدولي.65المتحدة للتجارة و التنمية

- جمعة سعيد الزوي، رسالة دكتوراة، النظام القــانوني لمنظمــة التجــارة العالميــة، جامعــة عين شــمس،60.17، ص 1998

- مصطفى سالمة، قواعد الجات و منظمة التجــارة العالميــة، المؤسســة الجامعيــة للدراســات و النشــر،61.152 – 151، ص 1998

من اتفاقية تأسيس منظمة التجارة العالمية.1 فقرة 3- المادة - يعتبر جهاز تسوية المنازعات أحد األجهزة الرئيسية لمنظمة التجارة العالمية و تشمل واليته كافة الســلع62

و الخدمات و حقوق الملكية الفكرية و أفردنا فصال عن دور المنظمة في تسوية المنازعات.ــة و حول مهام منظمة التجارة العالمية أنظر أيضا بالل أيوب، االتفاقية العالمية للتعريفات و التجارة، المجل

.11، ص 1995، السنة الثالثة عشر، يونيو 25العربية للعلوم، العدد مصطفى شاعر الخطيب، منظمة التجارة العالمية، األســس و القواعــد و نظــرة مســتقبلية مجلــة األهــرام

. 53، ص 1997 نوفمبر 10 – 10االقتصادي، العدد الجماعية هي اتفاقات ذات طابع خاص في إطار الجات، و منظمة التجارة العالميــة، من حيث- االتفاقات63

أنها ال تطبق مبدأ تعميم معاملة الـدول األولى بالرعايــة على جميــع الــدول األعضــاء أو إنمــا تجعـل تطبيقــه–ـ 1973مقصورا على الدول األعضاء فقط في هـذه االتفاقـات فقـط، و كـانت جولـة طوكيـو قـد1979

توصلت إلى تسعة اتفافات جمعية ملزمة لمن قبلها من الدول األطــراف، و هــذه االتفاقــات هي : اتفاقــات المشتريات الحكومية – اتفاق التثمين الجمركي – اتفاق مكافحة األغراق – اتفاق اللحوم – االتفاق الــدولي

لأللبان – اتفاق تجارة الطائرات المدنية. - خالد سعد زغلول حلمي، الجات و الطريق إلى منظمة التجارة العالمية و أثارهما على اقتصاديات الدول

و ما بعدها.153، ص 1996العربية، مجلة حقوق الكويت، السنة العشرون، العدد الثاني، يونيو - رعد حسين الصادق، أساسيات التجــارة الدوليــة المعاصــرة، الجــزء الثــاني، سلســلة الرضــا للمعلومــات

. 44 – 43، ص 200164- Thibault Flory : Commerce international l'acte final de l'uruguay round (A.F.D.I) 1993, (NRS, edition, PP. 755 – 756.

( من اتفاقية تأسيس المنظمة إلى إمكانية التعــاون مــع مؤسســات بروتــون5( فقرة )3- أشارت المادة )65 ( على أن : "يقـوم المجلس العـام1 فقـرة )5وودز في وضـع السياسـة االقتصـادية العامـة و تنص المـادة

للمنظمة بعمل الترتيبات الالزمــة للتعــاون الفعــال مــع المنظمــات الدوليــة األخــرى الــتي لهــا مــام متصــلةبالمنظمة.

( من االتفاقية العامة لتجارة الخدمات على أن "تضع المجلس العام الترتيبات المناســبة26و تنص المادة )ــة ــة المعني ــة الدولي للتشــاور مــع األمم المتحــدة و وكاالتهــا المتخصصــة و كــذلك مــع المنظمــات الحكومي

بالخدمات. ( في إدارة مركــز التجــارة الــدولي وCNUCEDتشترك المنظمة و مؤتمر األمم المتحدة للتجارة و التنميــة )

هو يقدم المعلومات و التوصيات بالنسبة ألسواق التصدير و يساعد في إنشــاء خــدمات تصــديرية و تــدريباألفراد في هذا المجال.

26

ــة تأســيس منظمــة التجــارة ــة( من اتفاقي تنص الفقــرة )الرابعــة( من المــادة )الثالث العالمية، على أن تقوم المنظمة بإدارة آلية مراجعة السياسات التجاريــة، بحيث تقــوم هــذه اآللية بمتابعة و مراقبة السياسات التجارية للدول األعضــاء في المنظمـة بمـا يضـمن اتفـاق

.66هذه السياسات مع القواعد و الضوابط و االلتزامات المتفق عليها في إطار المنظمة من المؤكد أن دور منظمة التجارة العالمية في كبح جماح الدول في ســاحة الســيادة

ــة الصــارم ــة العالمي ــال، فمن خالل نظــام المنظم ــد المن ــاألمر البعي و67االقتصــادية ليس ب العقوبات التجارية ضد الدول التي تنتهك أحكام و قواعد المنظمــة يكــون لهــا دور في صــنع

القرار االقتصادي الوطني للدول. يتبين من استقراء مهام منظمة التجارة العالمية أن مفاوضي جولة أورجــواي قصــدوا من وراء إنشائها الوصول إلى تحقيق عدة أغراض تندرج في إطــار تحريــر التجــارة العالميــة

من خالل عدة محاور : اضطالع المنظمة بوظائف اإلدارة و التنفيذ ألحكــام وثــائق و بروتوكــوالتالمحور األول :

اتفاقات جولة أورجواي. اختصاص المنظمة بالدعوة إلى عقد جوالت تفاوضية مستقبلية لتدارسالمحور الثاني :

أوضاع التجارة العالمية، خاصة القطاعات المستحدثة، كالعالقة بين التجارة و البيئة، و العالقة بين التجارة و القوانين االجتماعية، و التجارة عبر اإلنترنت و تكنولوجيا المعلومات، و

غيرها من الموضوعات المدرجة، أو التي ستدرج في قائمة األجندة المستقبلية لمنظمة . 68التجارة العالمية

سرعة حســم المنازعــات التجاريــة العالميــة بين أعضــاء المنظمــة بإتبــاعالمحور الثالث: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد القواـع و اإلجــراءات الــتي تحكم تســوية المنازعــات و الخاضــعة إلشــراف مباشــر من قبــل أجهــزة

المنظمة. إحداث تكاملية في منظومة االقتصاد العالمي، و تنصيب منظمة التجــارةالمحور الرابع :

العالمية كشريك إلدارة النظام التجاري العالمي إلى جــانب صــندوق النقــد الــدولي و البنــكالدولي.

إخضاع السياسات التجارية الداخلية، و الخارجيــة للــدول األعضــاء فيالمحور الخامس : المنظمة إلى رقابة حادة من آلية مراجعة السياسات التجارية، فعلى الصعيد الــداخلي يجب أن تتوافق السياسة التجارية للــدول مــع مــا الــتزمت بــه من اتفاقــات تجاريــة دوليــة، وفقــا لنظامها القانوني، و على المستوى الخارجي يجب أال تستند السياسة التجاريــة للــدول عمــا

.69هو سائد على الساحة االقتصادية العالمية

- من المعــروف أن الســيادة القوميــة للــدول قــد تقلصــت بشــكل ملحــوظ في مجــال صــناعة القــرارات66 االقتصادية المحلية خالل السنوات الماضية نتيجة لسياسات المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الـدولي و البنــك الــدولي لإلنشــاء و التنميــة، حيث يســمح لهــاتين المنظمــتين الــدوليتين بالتــدخل بشــكل مباشــر في

التخطيط وضع القرار االقتصادي لكثير من الدول التي تعاني من مشكلة الديون.. 463- أنظر : جمعة سعيد الزوي، المرجع السابق، ص

- إذا خالف أحد أعضاء منظمة التجارة العالمية القواعد التجارة للمنظمة فإنه سيتعرض لعقوبات متعددة،67 حيث سيوضع في القائمة السوداء، و يحرم من التمتع بالمزايا التي تتيحهــا االتفاقيــات، كمــا يحــق للطــرف المتضرر من تصرفات أحد األعضاء بالمنظمة الحق في اتخاذ إجراء مضاد في نفس مجال المخالفة، أو فيــة و قطاع آخر، و هذه العقوبات المتدرجة في شدتها تتم عن طريق دوائر التحكيم التي تصدر قرارات نهائي

ملزمة، سيتم الحديث عنها في الباب الثاني. ــدة –68 - أنظر : محمد عبيد محمد محمود، منظمة التجارة العالمية – النظام القــانوني – دار الجامعــة الجدي

ص ....16- أنظر : مصطفى سالمة، المرجع السابق، ص 69

27

70إن المهام التي تتمتع بها منظمة التجارة العالمية، هي مهام وظيفية ترتبط بأهــدافها

إن وظائف و اختصاصات منظمة التجارة العالميــة، لم تــرد في المــادة الثالثــة من االتفاقيــة المنشئة لها وحدها، بل إن مهام عدة احتوتها بنــود االتفاقــات الملحقــة باتفاقيــة مــراكش، و ينبغي النظر إليها ككل متكامل مع تلك المنصوص عليها في المادة الثالثــة، حــتى ال يتنــاقض القول بغير ذلك، مع نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من اتفاقية مــراكش، و الــذي ينص

3ـ، 2ـ، 1على أن : تعد االتفاقية و األدوات القانونية المقترنة باالتفاقية الواردة في المالحق جزءا ال يتجزأ من هذه االتفاقية و هي ملزمة لجميع األعضاء.

– دار النهضــة العربيـة، ص1967- أنظر : عبد العزيز محمد سرحان، المنظمات الدوليـة الطبعـة األولى، 7025.

- "يرى أنه في حالة وجود رقابة قضائية على أعمــال المنظمــة الدوليــة، كمــا هــو الحــال بالنســبة لمحكمــةــا أساســيا لصــحة مشــروعية هــذه ــة، فــإن احــترام الهــدف يعــد ركن العــدل الخاصــة بالمجموعــة األوروبي

التصرفات".28

المبحث الثانيسمات النظام التجاري العالمي الجديد

عند التأمل في المرحلة الحاليــة، نجــد أن النظــام التجــاري العــالمي الحــالي لــه من المعالم و الخصائص ما يميزه عن المراحل السابقة و أن كانت بعضها استمدت جذورها

, فالنظام التجاري العالمي الجديد في مرحلة العولمــة يتســم بأنمــاط جديــدة71من الماضي و بالمزيد من االعتماد المتبادل، و تزايد التكتالت االقتصادية و72لتقسيم العمل الدولي

ــق تعاظم ادوار الشركات المتعددة الجنسيات و ظهور دور االتصاالت و التكنولوجيا في تعميعولمة االقتصاد.

إن هــذه الممــيزات أضــحت تشــكل قلقــا حقيقيــا للــدول الســاعية للتقــدم و من بين المظاهر المثيرة لقلق هذه الدول االختالل الصارخ الحاصــل بين الــدول المتقدمــة و الــدول النامية،و عدم التوازن بينهما في اغلب مجاالت الحياة كالمجال الصحي و الغذائي و التربوي و السكني و الطاقوي و الصناعي، و كذا مجال استخراج المواد األولية و استغاللها و ما إلى ذلك، و هذا إن دل على شـيء فإنـه يـدل على وجـود اختالل صـارخ و احتكـار في العالقـات االقتصادية الدولية و للوقوف على أهم السمات التي تطبع النظام التجاري العــالمي الجديــد

سنستعرضها فيما يلي:

المطلب األول : العولمة االقتصادية و معالمها.

المطلب الثاني: مبدأ المساواة القانونية بين الدول في ظل النظام التجــاريالعالمي

الجديد.

ــالمي ــاري الع ــة االقتصــادية في ظــل النظــام التج ــالث : الهيمن المطلب الثالجديد.

استقاللية النظام التجاري العالمي الجديد عن القوانين:المطلب الرابع الوطنية.

71 -Jaques Adda. Mondialisation de l’économie : T1- Casbah. Alger 1998.P5. . 2006- حشماوي محمد – االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية – أطروحة دكتوراه – جامعة الجزائر – 72

29

المطلب األولالعولمة االقتصادية

إن العولمة االقتصادية هي أكثر جوانب العولمة بروزا و إدراكا نظرا لســهولة تصــورها و فهمها خاصة من خالل آلياتها و مؤسساتها، فالبعد االقتصادي للعولمــة يمثــل البعــد األكــثر تحققا و اكتماال على أرض الواقع مقارنــة ببعــدها الثقــافي و السياســي، حيث أدى تكامــل هذه األبعاد التي تتداخل مع بعضها لتحقيق الغاية العليا المتمثلة في تجســيد عــالم موحــد بال حــدود، فتــتراجع قــدرة الحكومــات الوطنيــة على تســيير األنشــطة االقتصــادية أو الســيطرة عليها,فينتقل مركــز الثقــل االقتصــادى من المجــال الوطــني إلى المجــال العــالمي، أي من الدولة إلي القوي عبر الوطنية كالشركات المتعددة الجنسيات أو المؤسسات العالمية و هو

.73أسلوب جديد في تاريخ االقتصاد العالمي من ناحية أخرى فإن البعد االقتصادي للعولمة يشمل حركة انــدماج و تكتــل اقتصــادي بتقديم منتجات جديدة واسعة االستخدام، و استخدام نظم تسويق على جميع المستويات، و نظم استثمار للموارد البشرية تكون أكثر فعالية، كذلك نمو و تعمــق االعتمــاد المتبــادل بين الدول و االقتصاديات القومية، وحدة األسواق المالية، و تكثيف المبادالت التجارية، بحكم مــا نتج عن قرارات اتفاقية "الجات" و إنشــاء منظمـة التجـارة العالميــة، و نشــاط الشــركات و المؤسسات االقتصــادية الدوليــة كالبنــك الــدولي، و يضــيف المعارضــون للعولمــة أن بعــدها االقتصادي يعني في أحد جوانبه فتح أسواق العالم لمنتجات الدول الكبري و توحيــدها يعــنىــة و ــيل الزراعي ــة كالمحاص ــدول النامي ــات ال ــالم لمنتج ــواق الع ــه فتح أس ــد جوانب في اح المنتوجات، و في وجه العمالة التي كانت تستقطبها فيما مضى و هو مــا يظهــر هيمنــة دول

و مما الشك فيه أن العولمة االقتصادية هي إحدى تجليات النظام التجاري74بعينها على آخرالعالمي الجديد و هذا ما سنوضحه من خالل ما يلي :

الفرع األول : تعريف العولمة االقتصادية و صورها.-

الفرع الثاني : معالم العولمة االقتصادية.-

- ممدوح محمود منصور – العولمة دراســة في المفهــوم و الظــاهرة و األبعــاد، دار الجامعــة الجديــدة – 73اإلسكندرية

2003 . .2003- 1- محمد حصن الفرجانى - إفريقيا و تحديات العولمة – الدار المصرية اللبنانية – القاهرة ط 74

30

الفرع األولتعريف العولمة االقتصادية و صورها.

أوال : تعريف العولمة االقتصادية يقصد بالعولمة االقتصــادية عمليــة يســود فيمــا نظــام اقتصــادي واحــد، تنضــوي تحتــه مختلف دول العالم فى منظومة متشابكة من العالقات تقوم على أساس تبادل الخدمات و

السلع و المنتجات و رؤوس األموال على نطاق عالمي. و لقــد كــانت الشــركات متعــددة الجنســية أحــد أهم عوامــل ظهــور مفهــوم العولمــة االقتصادية حيث تضخمت شركات دولية كبرى الســتفادتها من فــروق األســعار، و مسـتويات األجور، و معدالت الضرائب و التوجه نحو تركــيز ا|إلنتــاج في تلــك الــدول أو المنــاطق الــتيــاج إلى تلــك األســواق و المنــاطق ذات ــاج، و نقــل ذلــك اإلنت تحقــق أوال تكلفــة لــذلك اإلنت االستهالك الوفير أو األسواق الصــاعدة، في أســواق مفتوحــة دون عوائــق أو قيــود، و هكــذا ففي ظل عولمة االقتصاد تكاد تتالش االقتصاديات المحلية أو تذوب في بوتقة االقتصــاديات

.75اإلقليمية الكبرى أو االقتصاد الكوني كما يمكن تعريف العولمة االقتصادية بأنها إلغاء العوائق الوطنيــة االقتصــادية، و نشــرالتكنولوجيا و التجارة و أنشطة اإلنتاج، مع زيــادة قــوة الشــركات العــابرة للحــدود الوطنيــة ــادة و المؤسسات المالية الدولية، و تحرير األسواق و إلغاء القيود و خوصصــة األصــول و زي التعامالت في النقد األجنبي و تكامل أســواق رأس المـال، و كـذلك اســتحداث أدوات ماليــةجديـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدة ــالم ــة و االقتصــاديات على بعضــها البعض في الع ــاد األســواق المالي ــادة اعتم ــالي زي و بالت

76بأســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــره و ترتكز على عدة أسس منها هيمنة قطب معين أو عــدد من مراكــز الســيطرة االقتصــادية،ــة و سيادة القطاع الخاص في النشاط االقتصادي و تهميش دور الدولة في األنشطة اإلنتاجيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتثمارية االـس و التســويقية، ضــمان حقــوق الملكيــة الماديــة و الفكريــة، ووجــود تكتالت إقليميــة و دوليــة متخصصة تعمــل على تســريع االنــدماج في تيــارات العولمــة، و إنشــاء منظومــة متطــورة وــدوليين و متكاملة من المؤسسات المالية و النقدية و التجارية مثل البنك و صندوق النقــد الــــــــــــــــــــــــــــــة ــــــــــــــــــــــــــــــارة العالمـي ــــــــــــــــــــــــــــــة التـج منظـم

و يستفاد من ذلك كله أن العولمة االقتصادية تهــدف إلى77و الشركات المتعددة الجنسياتإعادة االعتبار للحرية االقتصادية القائمة على المنافسة.

ــرزت إلى ــة ب كما يمكن أن تعرف العولمة االقتصادية على أنها جانب من ظاهرة كوني السطح منذ أواخر ثمانينات القرن العشرين، مع أن جذورها تمتد إلى فــترات ســابقة ضــمن مجموعة من المتغيرات الدولية و اإلقليمية و السياسية و االقتصادية و تعاظم تأثيرها بإتحــاد التمهيد لقيام نظام دولي جديد وفق ما بشريه رعاته، و رغم عدم استقرار المفهوم الفكري للعولمة بشكل قاطع، إال أن هناك اتفاق على أن العولمة االقتصــادية تعــني انــدماج أســواق السلع و الخدمات و رؤوس األموال توافقا مع االندفاع السريع نحو تحرير الدوليــة و أســواق

، و يراد بها أيضا إخراج األنشطة االقتصادية من المجال المحلي78رأس المال و زيادة اإلنتاج إلى المجال العالمي فينتقل رأس المال إلى الدول التي يكــون فيهــا أجــر و بــاقي التكــاليف العمل منخفضة، حيث تتوافر متطلبات البنية األساسية و الخدمات المختلفة، و االســتقرار

.07 ص2009. أيمن النحراوي – لوجستيات التجارة الدولية – دار الفكر – اإلسكندرية، -75م.2005عثمان هندي، نادية جبر – العولمة و سيادة الدولة الوطنية – دار الهدى – الجزائر - 76 - نزار دياب عساف. مشكالت الواقع و تحديات المســتقبل، مجلــة دراســات اقتصــادية – بيت الحكمــة – 77

. 2003-4بغداد – عدد.61- المرجع السابق ص 78

31

ــاعي و79السياسي وقوة عمل متعلمة و غيرها من التسهيالت فهي ال تهتم ال بالجانب االجتماالقتصادي لألفراد و ال بحقوقهم.

فالعولمة االقتصادية تشمل عولمة التجارة ممــا يتســبب في انعــدام المســاواة داخــل الدول و في ما بينهما على حد سواء، فحــتى في الــدول الرائــدة في التجــارة الحــرة و على رأسها الواليات المتحدة األمريكية، ال أحد يجادل حول الهوة التي تــزداد اتســاعا بين األفــراد

و تشــمل أيضــا80من حيث الدخل و الفقــر، غــير أن بعض القــادة يعتــبرون ذلــك دافعــا للنمو عولمة المال إذ تشهد التسعينات ميالد العولمة الماليــة، حيث زادت رؤوس المــوال الدوليــة بمعدالت تفوق بكثير معدالت نمــو التجــارة و الــدخل العــاليين بعــد أن كــان مجــال التمويــل األساسي في العولمة خالل السنوات األخــيرة على األقــل تقــدير، حيث اكتســبت التــدفقات

%15المالية أهمية كبرى و شكل االستثمار األجنبي المباشر في مجال المال ما يتراوح بين % من إجمالي االستثمارات األجنبية من بلد آلخر، و قد ساعد على ذلك رفــع القيــود و30و

تحرير العمليات النقدية و المالية، و قد شهد العالم أحداثا هامــة بهــذا الشــأن حيث انــدلعت–ــ 1994أزمــات ماليــة في المكســيك ســنة ثم1997، ثم دول جنــوب آســيا عــام 1995

و يمكن القــول أن انــدماج الــدول الناميــة في1999 و روســيا ســنة 1998البرازيــل ســنة أسواق رأس المال العالمية يحقق منافع و مزايا و لعنة يتطلب أيضا تنظيما كبرا في اإلدارة

و فيما يلي سنستعرض أهم صور العولمة االقتصادية.81االقتصادية

- ضياء عبد المجيد الموسوي – العولمة و اقتصاد السوق الحرة – ديــوان المطبوعــات الجامعــة الجزائــر 79.51 ص2007

- بيرناركانست– إنقاذ المجتمع – العولمة الطوفان أو االنقاد ترجمة مركز دراسات الوحدة العربيــة – ط. 802004

- إبراهيم توهامي – اسماعيل قيرة – عبــد الحميــد الـدليمي – العولمــة و االقتصــاد غـير الرسـمي مخــبر 81. 28-27 ص2004اإلنسان و المدينة – جامعة مذمورة – قسنطينة الجزائر

32

ثانيا : صور العولمة االقتصادية العولمة المالية -1

بدأت المؤسسات االقتصادية الدولية الرئيسية التي تم تأسيسها وفقا التفاقية بريتــون و الممثلة أساسا في صندوق النقد الــدولي و البنــك الــدولي في ممارســة1944وودز عام

دورها االقتصادي العالمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية إال أن دور هذه المؤسسات قــد أخذ في التزايد حتى يومنــا هــذا حيث أصــبحت هــذه المؤسســات الماليــة تســاهم في وضــعــــــــــــــــــة، ــــــــــــــــــة الدولـي ــــــــــــــــــة و النقدـي السياســـــــــــــــــــات المالـيــدول و تعتبر سلطة دولية تمتلك حق إنشاء القواعد و الضوابط و الرقابة على اقتصاديات الــات األعضاء، كما تم توسيع مجاالت التعاون بين الصندوق و البنك ابتدءا من منصف الثمانيني و ذلك في مجال الرقابة على السياسات االقتصاديات و المالية و تطــبيق إجــراءات البنــك و الصندوق على الدول األعضاء في إطار برامج التثبيت و التطوير االقتصادي الهيكلي، كما تم الربط بين عملية إعادة جدولة الديون و منح قروض جديدة للدول األعضــاء و خاصــة الــدول النامية، و بين تطبيق برامج التطوير الهيكلي التي يقرها البنك و الصندوق، بحيث يتم فــرض عقوبات على الدول التي تمتنع عن تطبيق السياسات و التوجهــات و القواعــد و اإلجــراءات التي يحددها من الصندوق و البنك و من هنا قد تزايــد دور هــذه المنظمــات في االقتصــاد العالمي و أصبحت تطلب من الدول النامية القيــام بتنفيــذ إجــراءات اقتصــادية معينــة قــد ال

يضــاف إلى هــذا النظــام المــالي و النقــدي82تكون في صالح اقتصادياتها في جميع األحــوالالجديـــــد نـــــوع آخـــــر من العولمـــــة الماليـــــة و هي عولمـــــة أســـــواق النقـــــد و رأس المــال حيث أصــبح من الممكن بفضــل تــوفر أســواق الرســاميل العالميــة و أنظمــة التجارة االلكترونية نقل مقادير هائلة من األموال إلى أنحــاء العــالم األخــرى بســرعة كبــيرة

تريليــون دوالر في1.3جدا، ففي األيام االعتيادية ينتقل عــبر أســواق رأس المــال العالميــة اليوم الواحد، في حين أن مجموعة قيمة الصادرات العالميــة في الســنة الواحــدة تبلــغ ثالث

و بعبارة أخرى إن مقدار ما ينتقل عــبر أســواق رأس المــال في مــا83تريليونات دوالر فقط يزيد قليال من يـومين يعـادل قيمـة مـا ينتقـل في اقتصـاد العـالم بمجملـه في غضــون ســنة

واحدة. فخالل ساعات قالئــل اســتطاع تــاجر بريطــاني يعمــل في بنــك االســتثمار البريطــاني

مليــارات أن07 مليار دوالر، حيث توقــع لـ 29"بارنج" فرع سنغافورة، أن يراهن على مبلغ مليــار1.4 و خســر مبلــغ 84 مليارا أن تهبط في سوق األســهم اليابانية22ترتفع قيمتها و لـ

دوالر، و أرغم شركته على إعالن إفالسها. إن األســواق العالميــة الواســعة جــدا و المرتبطــة إلكترونيــا لم تغــير من احتمــاالت تطــاير الفقاعات المالية، و انتقال آثار الهبوط و االرتفاع في أســعار األوراق الماليــة، و إنمــا جعلت من الممكن أن يتضاعف حجم هذه الفقاعات و قدر ربطت هذه األســواق الوطنيــة ببعضــها بحيث غدت هــذه األســواق عرضــه لالنهيــار معـا، و تجــدر اإلشــارة إلى حـدوث تحــوالت في

النظام المالي و النقدي العالمي سنلخص أهمها فيما يلي .التحول في النظام النقدي الدولي أ(

تتلخص أهم التحوالت في النظام النقدي الدولي في : و تقــنين1971- منذ انهيار نظام النقد الدولي، الذي اتفق عليــه في بريتــون وودز، ســنة 1

و تحــول العــالم إلى نظــام أســعار1973 مــارس 16نظــام تعــويم العمالت الرئيســية في الصرف المرنة، أصبح النظام النقدي منــذ هـذا التــاريخ بال قاعـدة، و هي مســألة تحتــاج إلى عالج و إصالح قد تجيب عليها اإلصالحات النقديــة المتوقعــة الســنوات القادمــة و خاصــة في

ظل نمو تكتالت اقتصادية عمالقة.. 12- أيمن النحراوي – المرجع السابق، ص 82

83- Morris Goldstin Etol, international capital morkets, international manetary fund, kas. 84- Saul Hansell « The collapse of barings : for paugue traders y et anoternictim » New york times, febeuory 28, 1995 PP1.

33

حيث يالحظ انه قد حدث تحول في نظام تحديد سعر الصرف في معظم دول العالم، فأخذت بنظام أسعار الصرف العائمة بدال من أسعار الصرف الثابتة. و هـذا التحــول الواسـع النطاق ترجع جذوره إلى إيقاف الواليات المتحدة األمريكيــة تحويــل الــدوالر إلى ذهب عــام

معلنة انهيار األساس الذي قامت عليه االتفاقية المعروفة بنظام بريتون وودز، وذلــك1971 بعد الهبوط السريع الحتياطات الذهب األمريكية بسبب حرب فيتنام و تزايد العجز الفيدرالى

األمريكي. هــو نظــام1973و بالتالي أصبح النظام السائد بعد أزمــة الطاقــة األولى في أكتــوبر

أسعار الصرف العائمة، أي تعويم سعر الصرف. و من ناحية أخرى يؤخذ على نظام أســعار الصــرف العائمــة، أنــه كثــير مــا يــؤدي إلى االنحــراف في أســعار الصــرف و يقصــد بــاالنحراف وجــود اختالف بين الســعر الســائد في السوق و بين سعر التوازن، و األخير يعني لبلد العجز بأنه ذلك الســعر يحقــق التســاوي بين العجز في ميزان المدفوعات الجارية و الفائض في صافي التحــويالت الرأســمالية العاديـة و العكس في حالة بلــد الفــائض، و يشــترط في كــل األحــوال أن يتحقــق ذلــك التســاوي دونــوافز مستويات عالية للبطالة و دون االلتجاء إلى فرض قيود على التجارة الدولية أو وضع ح

.85خاصة النتقاالت رؤوس األموال االعتماد على عملة واحد و في تسوية المعامالت و هي الدوالر أصبح مصدرا للتقلبات-2

الشــديدة في أســعار الصــرف للعمالت الرئيســية المؤشــرة على االقتصــاد العــالمي، استدعى الدعوة إلصــالح هــذا النظــام و العمــل بنظــام الرقابــة الجماعيــة على اآلثــار الدولية للسياسات النقدية و المالية و التجارية، و لهذا فإن النظام النقدي الدولي في حاجة إلة تغيير هذه األوضاع النقدية لتحقيق االستقرار النقــدي المطلــوب. ســيما في

ظل تعاظم الوضع النسبي للين الياباني و اليورو األوروبي. "conditionnalité" تزايد استخدام صندوق النقد لما اصطلح على تسميته بالمشروطية-3

و منها انه يشترط إتباع سياسات معينة لإلصــالح االقتصــادي في مجــال عجــز مــيزان المدفوعات و عجز الموازنة، و تخفيض معدالت التضــخم و إصــالح الصــرف و تحريــر األسعار و تحرير التجــارة الدوليــة في شــكل بــرامج لإلصــالح االقتصــادي يغلب عليهــاــل سياســات ــالي نمي إدارة الطلب و خاصــة في األجــل القصــير و المتوســط. و بالتــات ــون سياس ــه إلى أن تك ــندوق في برامج ــعها الص ــتي يض ــادي ال ــالح االقتص اإلص انكماشية تحتــاج إلى إعــادة نظــر و إجــراء التحســينات عليهــا على مــا أســفرت عنــه التجــارب في المجــال، و خاصــة أن من الجــوانب الخاصــة بالمشــروطية أن الــدول

– ال تستطيع الحصول على المساعدات و1982النامية صارت – بعد أزمة المكسيك ــه القروض من جهات أخرى إال بعد الرجوع للصندوق و إبرام االتفاقيات المناسبة مع

و الحصول على شهادة الصالحية االقتصادية الجدارة االئتمانية. لقد عانت الجزائر هي االخرى مع نهاية الثمانينات من أزمــة المديونيــة الــتي كــان لهــاــعدة ــ ــع األص ــ ــار على جمي ــ ــا أث ــ ــان له ــ ــا ك ــ ــة , كم ــ ــة و الخارجي ــ ــبابها الداخلي ــ أس السياسية ,االقتصادية و االجتماعية فى الجزائر , اذ تفاقم أعباء خـدمات المديونيــة قــد دفــع بالجزائر إلى استخدام احتياطات الذهب و العمالت الصعبة لتســديد جــانب من ديونهــا ,تلــك االحتياطات التي تعتبر بمثابة جهاز أمان يمكن للدولــة اللجــوء اليــه لســد العجــز فى مــيزان

, حــتى تضــطر إلى تخفيض ســعر الصــرف عملتهــا في كــل مــرة ,أو لتعــديل86مــدفوعاتها سياستها المالية , أو االقتراض بشروط ككون صعبة للغاية, واإلذعان لتوصيات صندوق النقد الدولي ,و قد اضطرت الجزائر إلى اإلذعان لبعض مطالب فقــامت بإلغــاء و تخفيض الــدعم على الكثير من السلع الغذائية , و ذلك من خالل زيــادة أســعارها هــذا دون أن ننســي اآلثــار

.1996، رسائل النداء الجديد – القاهرة، 21- سعيد النجار- النظام االقتصادي العالمي على عقبة القرن 85.25-ص1999 – 12-الهاشمى بوجعدار – أزمة المديونية بالجزائر –مجلة العلوم االنسانية –قسنطينة ع 86

34

ــاة , مــا نجم الذي أحدثها تخفيض قيمة العملة الوطنية على المستوي أسعار ضروريات الحي عنه تدهور فى مستوي المعيشة للسكان لكنها قــامت بالمقابــل باصــالحات أخــري شــملت إعادة الهيكلة للمؤسســات االقتصــادية , و كــذا سياســة التطهــير المــالي عن طريــق مســح الديون المؤسسات العمومية من أجل االنتقــال إلى مرحلــة اســتقاللية التســيير , باإلضــافة إلى ذلك قامت الجزائر بما يسـمى اســتقاللية المؤسسـات و كـذا سياســة الخوصصــة الـتي

بسياسـة2مست المؤسسات الغير قـادرة على االســتمرار كمؤسسـة عموميـة , ثم قـامت إعــادة الجدولــة للــديون الخارجيــة تحت إشــراف صــندوق النقــد لقــد أدى خضــوع الجزائــر لسياسات صندوق النقد إلى بعض النتائج االيجابية فى المجال االقتصادي لكنها كانت ســلبية على المستوي االجتماعي كانخفاض نفقات التربية و الصــحة ,كــان األثــر البــالغ على مجــال التشغيل حيث تدهورت أوضاع العمال و ارتضعت على مجــال نســب البطالــة نتيجــة انعــدام

االستثمارات و كذا تسريح العمال نتيجة حل المؤسسات .ب- التحول في النظام المالي الدولي

لعل التغير الهام في النظام المالي الدولي و الذي بـدأ يـؤثر بوضـوح على آليـة عمـل النظام االقتصادي العالمي الجديد، هو ذلك التغير الــذي حــدث في نمــط التمويــل الــدولي و خاصة بعد تفجر أزمــة المديونيــة الخارجيــة بــإعالن المكسـيك توقفهـا عن الـدفع في صــيف

، فبعد هذا التاريخ بــدأت تــزداد األهميــة النســبة لإلســتثمار األجنــبي المباشــر )و غــير1982 المباشر( في مصادر التمويل الدولي و خاصة بالنسبة للدول النامية، و ذلــك ليتقــدم و يحــل محل المساعدات اإلنمائية و القروض التجارية، و بالتالي يكون في ذلــك اإلســتثمار األجنــبي المباشر، البديل عن الديون الخارجية بآثارها في مجال التمويل الخارجي لعملية التنميــة في تلك الدول، و لعل الدليل على ذلك ان االستثمارات األجنبية المباشرة في إطار التحول إلى اقتصاديات المشاركة الدولية قد أصبحت تمثل المصدر الرئيســي لــرؤوس المــوال األجنبيــة للغالبية العظمي من الدول النامية مع نهايــة الثمانينــات، و مثلث تلــك االســتثمارات حــوالي

% من إجمالي التدفقات الرأسمالية من المصــادر الخاصــة و الــتي تشــمل االســتثمارات75–1986 دولة نامية خالل الفــترة 93األجنبية و القروض المضمونة، و ذلك بالنسبة لحوالي

–ــ 1980 خالل الفترة 30، بينما تتجاوز تلك النسبة 1990 و قد أكد البنك الــدولي198587 –1991االتجاه على تحبيــذ االســتثمار األجنــبي المباشــر في تقــاريره و خاصــة في عــامي

من منظــور أن االســتثمارات الدوليــة أفضــل للــدول المســتقبلية لــرأس المــال من1992المديونية الدولية.

و يرجع التحول إلى تحبيــذ االســتثمارات األجنبيــة المباشـرة في التمويـل الـدولي إلى النمو الضخم في حركة رؤوس األموال، بحيث فــاقت بمعــدالتها معــدل نمــو حركــة التجــارة الدولية، و من ناحية أخرى فإن تفاقم أزمة المديونية الخارجية قد ترك بصماته على النظــام المالي الدولي و كان أول أثر مباشر لتلــك األزمــة هــو االنكمــاش الفجــائي الكبــير في حجم القروض التجارية، نظــرا للــتراجع الكبــير الــذي حــدث فى البنــوك التجاريــة المقرضــة ، ألن األزمة المتفجرة جعلتها تترنح، و توشك أن تصل إلى حافة االنهيــار، و لــوال التــدخل الســريع لصندوق النقد الدولي و البنــك العــالمى و االتفــاق على مــا يســمى رابطــة اإلنقــاذ بالتعــاونــوك الوثيق بين جميع األطراف المعنية، النهارت بعض البنوك الدائنة، و جرت معها مئات البن األخرى في أنحاء العالم و لذلك لم يكن غريبــا أن تنســحب من هــذا الميــدان، ممــا أدى إلى انكماش حجم القروض التجارية الصافية االختيارية إلى نسبة ضئيلة من أحجامها السابقة، و

ليس من المنتظر أن تعود إلقراض البالد النامية على نطاق كبير بعد هذه التجربة المريرة.

- عبد الحميد عبد المطلب : النظـام االقتصـادي الـدولي الجديـد – مجموعـة النيـل العربيـة – القـاهرة – 87.33-ص2003

-الهادي خالدي – المراة الكاشفة لصندوق النقد الدولى و عالقتــه بــالجزائر –الجزائــر دار هومــة للنشــر –2.1996افريل

35

ــلم من و من ناحية أخرى يالحظ أن المساعدات و القروض اإلنمائية الرسمية، لم تس تأثير أزمة المديونية الخارجيــة، حيث أصــبحت تخضــع لإلســتراتيجية الدوليــة أو المشــروطية

الجديدة السابق اإلشارة إليها من كل الصندوق و البنك الدوليين.

, و الكبـيــــر الكساد منذ اقتصادية أزمــــة أسوء في العالمي االقتصاد لذلك نتيجة دخل لقد

لتــــتوالى - " , جان األوروبي المركزي للبنك العام المحافظ صرح حيث الحالي عصرنا في األزمات

في" الحرب 15/05/2010كلودترس منذ تاريخيها فى اقتصادية أزمة أسوأ تواجه أوروبا آن

, خانقة مديونية أزمة تعيش اليونان الزالت حيث اسبانيا و اليونان فى خاصة الثانية العالمية

. هذا يومنا إلىسنة نهاية فى أوروبا فى المالية أالزمة بدأت عام 2009لقد بداية الدين, 2010و تراكم حينما

, من الفترة خالل انه حيث اليورو منطقة من بلدان ثالث فى زاد 2007الى 2000الحكومي

بمقدار المحلى بنسبة 4.2%الطلب , 1.8بالمقارنة يعود و اليورو منطقة كامل فى بالمائة

مشاريعها تمويل أجل من اليونان عقدتها التي الخارجية القروض إلى الزيارة هذه السبب

, بقروضها للوفاء النقدية التدفقات كفاية لضمان المالئمة اإلجراءات تتخذ آن دون التنموية

, األمريكي الدين الزمة كان قد و العجز إلى التجاري بحسابها أدي الذي األمر الخارجية

, أدي , مما السياحي و الخدمي القطاع على العتماده اليوناني االقتصاد على السلبية تداعياتها

االجنبى النقد من حصيلتها في محسوس النظام 88النخفاض هشاشة على يدل ما هذا و

. العالمي المالي و هــذا التحــول أدى إلى تعــاظم أهميــة االســتثمارات األجنبيــة المباشــرة كمصــدر من مصادر التمويل الدولي و خاصة للبالد الناميــة، فــالقروض التجاريــة نضــبت أو أوشــكت على النضوب و لم تعد متاحة باليسر أو النطاق الذي كـانت عليــه قبــل ذلـك. أمــا المســاعدات وــديدة القروض اإلنمائية الرسمية، فقد أصبحت هي األخرى تخضع )المشروطية( الدولية الشــاديا و هي الشروط التى تفرضها المؤسسات المالية الدولية لمساعدة الدول المنهارة اقتصــيل ــتراض، و تفضـ ــة عن االقـ ــل من البالد الناميـ ــدد ليس بالقليـ حيث أدت إلى عـــزوف عـ

االستثمارات األجنبية المباشرة، كمصدر من مصادر التمويل الدولي. و قد يرجع هذا التحول أيضا إلى االستثمارات األجنبيــة المباشــرة كمصــدر من مصــدر التمويل الدولي نظــرا لبعض المزايــا الــتي تتــوافر في هــذا المصــدر من مصــادر التمويــل الــة تتوافر في مصادر التمويل األخرى، حيث إن تلك االستثمارات األجنبية غير منشئة للمديوني

و ال تتولد التزامات تعاقدية مثل التي تنشأ عن القروض.- العولمة التجارية 2

إن أهم ميزات النظام التجاري العالمي الجديد هو التوجه نحو تحرير التجارة العالمية، و يعزي ذلك إلى االتفاقية العامة التعريفات و التجارة "الجــات" الــتي تعتــبر بمثابــة معاهــدة

، و تم البــدء1947 أكتــوبر 30تجارية دولية متعددة األطــراف، ثم إبــرام أولى مراحلهــا في , و تهدف هذه االتفاقية إلى تحرير التجارة الدوليــة من1948الفعلي لها منذ األول من يناير

- بوالكور نور الدين – ازمة الدين السيادي فى اليونان – االسباب و الحلول مجلة الباحث – كليــة العلــوم 88.31-ص2013-3االقتصادية جامعة برج بو عريريج ع

36

القيود الجمركية، و غير الجمركية التي تحد من حرية إنسيا بها بين الدول و قــد أجــريت على االتفاقية العديد من التعــديالت من خالل عقــد ثمــان جــوالت من المفاوضــات التجاريــة

:89الدولية متعددة األطراف تتمثل فيما يلي دولة.13 و شاركت فيها 1947مفاوضات جنيف عام - دولة.13 -1949( بفرنسا عام ANNECYمفاوضات أنسي )- دولة.38 -1951 – 1950( بإنجلترا عام TORQUAYمفاوضات توركواي )- دولة.26- 1956-1952مفاوضات جنيف عام - دولة.26 و قد عرفت بجولة ديلون 1952-1959مفاوضات جنيف عام - دولة.50 و قد عرفت بجولة كينيدي 1967-1963مفاوضات جنيف عام - دولة..78 و قد عرفت بجولة طوكيو 1979-1973مفاوضات جنيف عام - 117 و قد عرفت بجولة أوروجـواي و شـارك فيهـا )1993-1986مفاوضات جنيف عام -

دولة(. و هدفت هذه الجوالت الثمانية من المفاوضات إلى تحقيق المزيد من تحريــر التجــارة الدولية و تبادل التخفيضات الجمركية بين الدول األعضاء في اتفاقية )الجــات(، و الحــد من العوائق و القيود التي تحول دون تنمية و تطوير التجارة الدولية فيما بينهــا، و تعتــبر الجولــة الثامنــة من المفاوضــات الــتي عقــدت في نطــاق اتفاقيــة الجــات، و هي جولــة مفاوضــات أوروجواي من أهم جوالت المفاوضــات على اإلطالق الــتي تمت في نطــاق هــذه االتفاقيــة،

، و انتهت بـالتوقيع على الوثيقـة النهائيـة لهـذه1986حيث بدأت هـذه الجولـة في سـبتمبر ، و بلــغ عــدد الــدول199490 أبريــل 15الجولة في مدينة مــراكش بالمملكــة المغربيــة في

دولة حتى اآلن.130المنظمة إليها حولي و تعمل منظمة التجارة العالمية على اإلشراف على تنفيذ االتفاقيــة الــتي تم التوصــل

اتفاقيـة، تهـدف إلى تنظيم و28اليها في جولة مفاوضـات أوروجـواي، و الـتي بلــغ عـددها تسهيل حرية انسياب التجارة العالمية في السلع و الخدمات و الحــد من اإلغــراق، و تنظيم التجارة و الدعم، في قطاع المنسوجات، و الزراعــة و حقــوق الملكيــة الفكريــة، و اتفاقيــة

% من95الخدمات و االستثمارات األجنبية و غيرها، و تغطي هذه االتفاقيات ما يقــرب من 91حجم التجارة الدولية في قطاعات السلع والخدمات المختلفة

الفرع الثاني: معالم العولمة االقتصادية يتميز النظام االقتصادي العالمي حاليا، بمعالم و خصائص تميزه عن المراحل السابقة

.92و إن كان بعضها مستمدا من الماضي فانتظام االقتصادي العالمي في مرحلة العولمة يتسم بأنماط جديــدة لتقســيم العمــل الدولي، و بالمزيــد من االعتمــاد المتبــادل، و تزايــد التكتالت االقتصــادية، و تعــاظم أدوار الشركات المتعددة الجنسيات، و ظهور دور االتصاالت و التكنولوجيا في تعميق هذه العولمة

االقتصادية و يمكن تلخيص هذه المعالم فيما يلي : األحادية القطبية االقتصادية -1

يختلف النظام االقتصادي الجديد مع بدايــة التســعينات عن تلــك الترتيبــات و األوضــاع االقتصادية الدولية السابقة لهذا التاريخ حيث انهارت القوى الشــيوعية، و أصــبح هنــاك نــوع من االنفراد بالقمة االقتصادية القطبية الواحدة، أي سيادة نمــوذج اقتصــاد و آليــات الســوق بانتصار المعسكر الرأسمالي، و بالتالي فإن تلـك المرحلــة تغلب عليهـا إيديولوجيــة اقتصـاد

السوق و الحرية االقتصادية و التخلي تدريجيا عن االقتصاد المسير.

.86- حشماوي محمد، المرجع السابق، ص 89. 29- أيمن النحراوي، المرجع السابق، ص 90.29- جابر فهمي عمران، المرجع السابق، ص 91

923-Jaques Adda. Mondialisation de l’économie T.1. casbah-Alger 1998.P5.37

ــك القمــة من إال أن االنفراد بالقمة القطبية الواحدة ال تعني عدم وجود صراع على تل الدول الرأسمالية المتقدمة ذاتها، بل تدور السيناريوهات حول أن العــالم ســبيله ألن يشــهد

Multiتعددية األقطاب – Polar Systemsو األقطاب الثالث المرشحة هي الواليــات المتحــدة ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة أوروـب األمريكـي

و اليابان. ووفقا لهذا السيناريو فإن النظام االقتصــادي العــالمي الجديــد يأخــذ الشــكل الهــرمي فيما يتعلق بترتيب مراكز القوى االقتصادية الثالث، و يسمح هذا السيناريو بأن تتوحــد فيمــا بينها بحيث تغلب على عالقاتها عوامل التجانس، و االعتماد المتبادل على عوامــل التنــافر و االنفراط مع قبول مبــدأ الصــراع فيمــا بينهــا و خاصــة من الناحيــة التجاريــة و االقتصــادية و اقتسام أسواق العالم الثالث، و لكنها تترتب بحيث تقــف الواليــات المتحــدة األمريكيــة,ــرين و متفردة على قمة الهرم تتلوها كل من أوروبا و اليابان و خاصة مع نهاية القرن العش

.93بداية القرن الحادي و العشرين

و يتوقــف اســتمرار ذلــك الوضــع على العديــد من العوامــل المســتقبلية الــتي تعكس طموحات كل من االتحـاد األوروبي و اليابـان في الـتربع على قمـة الهـرم، و إدارة و قيـادة

النظام االقتصادي العالمي الجديد.- االعتماد االقتصادي المتبادل 2

لعل وجود الثــورة التكنولوجيــة و المعلوماتيــة مــع تزايــد حريــة انتقــال الســلع رؤوس األموال الدولية، قد يساعد بشكل واضح على الترابط و التشابك بين أجــزاء العــالم و تأكيــد

عالمية األسواق.ــاجز المســافات بين و يتجه النظام االقتصادي العالمي الجديد في ذلك إلى إسقاط حـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدول اـل و القارات مع ما يعنيه من تزايد احتماالت و إمكانيات التأثير المتبــادلين، و إيجــاد نــوع جديــد من تقسيم العمل الدولي الذي يتم بمقتضاه توزيع العملية اإلنتاجيــة الصــناعية بين أكــثر من دولــة بحيث يتم تصــنيع مكونــات أي منتج نهــائي في أكــثر من مكــان واحــد، و تشــير هــذه االتجاهات إلى تغير موازين القــوة االقتصــادية و هنــاك معــايير جديــدة تطرحهــا هــذه القــوة تتلخص في السعي إلى اكتســاب المــيزة التنافســية لألمم في التســعينات، في إطــار اتجــاه ألطراف االقتصاد العالمي إلى التنافسية، بالتالي لم تعد الركيزة األساسية للقــوة و القــدرة االقتصادية هي الموارد الطبيعية، بل اصبحت الركيزة األساسية في ذلــك في امتالك المــيزة أو القدرة التنافسية في المجال الدولي، و التي تــدور حــول التكلفــة و الســعر و اإلنتاجيــة و

الجودة و هو ما عمق االتجاه نحو االعتماد المتبادل. و بالتـــالي كـــان من شـــأن كـــل هـــذه التغـــيرات زيـــادة درجــة االعتمـــاد المتبـــادل

interdependenceبين دول العالم المختلفة. و ينطوي هذا المفهوم على معنى تعاظم التشابك بين البالد المتاجرة.

- تقسيم جديد للعمل الدولي 3ــد بظهــور أنمــاط لتقســيم العمــل لم تكن اتســم النظــام االقتصــادي العــالمي الجدي معروفة، حيث كانت الصورة التقليدية لتقسيم العمل الدولي تتمثل في تخصــص بعض البالدفي الـمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواد األولـيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة و التعدينية و السلع الغذائية و تخصص بالد أخرى في المنتجات الصــناعية، و كــان االفــتراض أن البالد النامية تتمتع بميزة نسبية في النوع األول بينما تتمتع البالد المتقدمة بمــيزة نســبية

في السلع الصناعية. - محمد السيد سعيد، أحمد إبراهيم محمود، الفوضي و االســتقرار في النظــام الــدولي، اتجاهــات تطــور 93

،1996، القــاهرة، 1995المنظومة الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، التقرير االستراتيجي العربي، .51ص

38

و قد أثبتت التجربة أن هذا التقسيم يتفق مع الواقع و المسألة هنا ليست مجرد تحولــورة ــه الث ــة، غنمــا مــا أحدثت المــيزات النســبية في الســلع الصــناعية إلى بعض البالد النامي التكنولوجية من إتاحة إمكانيات جديدة للتخصص، و يرجع ذلك إلى تعدد األنــواع من الســلعة الواحدة، حيث لم يعــد هنــاك نــوع من الســيارات أجهــزة الراديــو أو التلفزيــون أو الحاســبــف اآللي، و إنما هناك أنواع متعددة و ما يحتاجه نوع منها من حيث ظروف اإلنتاج قد يختل عما يحتاجه آلخر، و من هنــا ظهــر تقســيم العمــل بين البالد المختلفــة في نفس الســلعة، و أصبح من المألوف، بل الغالب بالنسبة لعدد كبير من السلع االستهالكية المعمــرة و اآلالت و المعدات، أن تظهر نفس السلعة في قائمة الصادرات و الواردات لنفس البلــد، و هــذا

، بــل أصــبح من المـألوف أنintra-industriesما يعرف بتقسيم العمل داخل الصــناعة الواحــدة يتجزأ إنتاج السلعة الواحدة بين عدد من البالد بحيث يتخصص كل بلد في جزء أو أكثر منهــا،

intraو هذا ما يعرف بتقسيم العمل داخــل الســلعة الواحــد firmو قــد أصــبح هــذا النــوع من التخصص من أهم مظاهر تقسيم العمــل بين البالد الصــناعية و بعضــها البعض، و كــذلك في

.94حاالت متزايدة بين البالد الصناعية و الناميةــا ــالمي، ووفق ــاج و االســتثمار تتخــذ من منظــور ع ــرارات اإلنت ــالي أصــبحت ق و بالت العتبارات الرشادة االقتصادية فيما بالتكلفة و العائد، بل و أصبحت هناك فرصة أمام الكثير من الدول النامية الخــتراق الســوق العالميــة في الكثــير من المنتجــات، حيث تــتيح األنمــاط الجديدة لتقسيم العمل الدولي لتلك الـدول اكتســاب مزايــا تنافســية في دائــرة واســعة من

السلع، و لعل تجربة النمور األسيوية في جنوب شرق آسيا خير شاهد على ذلك.( الثورة التكنولوجية و تعميق العولمة االقتصادية 4

يشهد العـالم حاليـا ثـورة عالميـة جديــدة في المعلومـات و المعلوماتيـة و االتصــاالت و الموصالت و التكنولوجية كثيفة المعرفة، هذه الثورة عمقت عولمـة جميـع جـوانب الحيـاة االقتصادية من حركة السلع و رؤوس األموال و الخدمات و اليد العاملة المؤهلــة )األدمغــة(. و أصبحت لهــذه الثــورة التكنولوجيــة و بالخصــوص في جانبهــا لمعلومــاتي دورا محوريــا في تشكيل النظام االقتصــادي العــالمي الجديــد، حيث تــرتب عنهــا العديــد من النتــائج لعــل من

.95أهمهاــة النســبية األولى فيأ ــاج تمثلت في احتالل المعرفــة و المعلومــات األهمي ــورة في اإلنت - ث

عملية اإلنتاج، كما انعكســت في ظهــور أنمــاط جديــدة لتقســيم العمــل الــدولي حيث ظهــرintraتقسيم العمل داخل السلعة الواحدة – firmبحيث يتم توزيع إنتـاج األجـزاء المختلفـة

من السلعة الواحدة على دول العالم المختلفة وفقا العتبارات الكفاءة االقتصادية. - نتيجة للثورة في عالم االتصال و المواصالت، و مــا تــرتب عنهــا من ثــورة في التســويقب

فقد أصبح أمرا حتميا لضمان االستمرار، و قد يفسر ذلك جزئيــا االتجــاه إلى تكــون التكتالت االقتصادية و اإلقليمي، بل و قيام التحالفات اإلستراتيجية بين الشركات المتعددة الجنسيات التي تلعب دورا متزايد في هذا المجال، و في دائرة هذه التكتالت االقتصادية العمالقــة حيث

تحالف استراتيجي بين الشركات العالمية النشاط تمت منذ4200% من أصل 92اتضح ان بداية عقد التسعينات بين الثالثة الكبار في قمة الهرم القطبي الممثل في التحــاد األوربي و

. 96الواليات المتحدة األمريكية ج- النمــو الكبــير و المتعــاظم في التجــارة الدوليــة و التــدفقات الماليــة الناتجــة عن الثــورة

التكنولوجية من ناحية، و تحرير التجارة الدولية من ناحية أخرى.

، ص1991- سعيد النجار، االقتصاد العالمي و البالد العربية في عقد التسعينات، دار الشروق، القــاهرة، 9415-19.

- سميحة فوزي، النظام العالمي الجديد و انعكاساته االقتصـادية على الـوطن العـربي، مجلـة البحـوث و 95.44-43، ص 1994 معهد البحوث و الدراسات العربية، القاهرة، 22الدراسات العربية، العدد

- ناصيف يوسف حتى، أي هيكل للنظام الدولي الجديد، مجلة عالم الفكر، المجلــد الثــالث و العشــرين، 96. 118، ص1995العدد الثالث و الرابع، الكويت،

39

( تزايد دور الشركات متعددة الجنسيات 5 أصبحت هذه الشركات عالميــة النشــاط، و عــابرة للقــارات أو القوميــات. من إحــدى السمات األساسية للنظــام القتصـادية العـالمي الجديــد، من خالل مـا يصــاحب نشــاطها في شكل استثمارات مباشرة، من نقل التكنولوجيــا، و الخــبرات التســويقية و اإلداريــة. و تأكيــد

العولمة في كافة المستويات االقتصادية. و من ناحية أخرى يالحظ أن هناك العديد من المؤشرات األخــرى الدالــة على تعــاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات و العلميــة النشــاط أيضــا، و في تشــكيل و تكــوين و أداء

االقتصاد العالمي الجديد، لعل من أهمها :

ألكبر خمسمائة شركة متعــددة الجنســيات في العــالم وصــل1995أن إيرادات سنة -1ــة44إلى حوالي % من الناتج المحلي اإلجمالي العالمي و تستحوذ الشركات المتعدي

و معظم97% من حجم التجــارة الدولية40الجنســيات في مجموعهــا على حــوالي االستثمار األجنبي المباشــر في أنحــاء العـالم، و لـذلك تلعب دورا مــؤثرا ف التمويـل

الدولي.

% من مبيعات تتم من خالل الشركات متعدية الجنســيات و هــو يوضــح80أن حوالي -2ــدها600 و أن إنتاج أكبر 98مركزها في التسويق الدولي شركة متعدية الجنسيات وح

% من القيمة المضافة المولدة من إنتاج السلع عالميا.20% - 25ينراوح ما بين

كذلك تجاوزت األصول السائلة من الذهب و االحتياطــات النقديــة الدوليــة المتــوافرة-3 لدى الشركات المتعدية الجنسيات حوالي ضعفي االحتياطي الدولي منها، و يدل هــذا المؤشر على مقدار تحكم هذه الشركات في السياسة النقديــة الدوليــة و االســتقرار

النقدي العالمي. يضاف إلى ذلك الــدور القائــد الــذي تلعبــه الشــركات متعديــة الجنســيات في الثــورة-4

التكنولوجية، فهي مسئولة عن نسبة كبيرة من االكتشــافات التكنولوجيــة الــتي ترجــع التي قامت بها هذه الشركات.RSDمعظمها لجهود البحث

الترتيبات اإلقليمية الجديدة (6 لعل وجود ترتيبــات جديــدة في اتجــاه تكــوين التكتالت االقتصــادية و تعميـق المصــالح االقتصــادية المشــتركة المكونــة لهــذه الترتيبــات اإلقليميــة، و ربطهــا بالترتيبــات االقتصــادية

العالمية التي تشكل أو تشكلت هي من أهم الخصائص للنظام االقتصادي العالمي الجديد.

و للداللة على تأكيــد خاصــية تزايــد التكتالت االقتصــادية و الترتيبــات اإلقليميــة الجديــدة، أن ( تشــير إلى أنــه يوجــد1995إحدى الدراسات التي أجرها صندوق النقد الدولي خالل )عــام

من أنظمـــة التكامـــل االقتصـــادي )و من تم التكتـــل45على مســـتوى العـــالم – حـــوالي من80 من دول العــالم، و حــوالي 75االقتصادي( في مختلــف صــورها و مراحلهــا، تشــمل

.99 من التجارة العالمية85سكان العالم و تسيطر من أهم التكتالت االقتصادية العمالقة الــتي اكتملت تقريبــا، نجــد أن االتحــاد األوروبي

ليكــون احـد الكيانـات االقتصــادية العمالقـة ذات1994الذي يكاد يكون قد اكتمل مع بدايــة .53- النظام االقتصادي العالمي الجديد، مرجع سابق، ص 97- نفس المرجع، نفس الصفحة. 98 - محمد السيد السعيد، الكتل التجارية الدولية و انعكاساتها على الــوطن العــربي و المتغــيرات العالميــة، 99

. 325، ص1992معهد العلوم و الدراسات العربية

40

التأثير القوي على التجارة العالمية و التكتــل االقتصــادي لمجموعــة الــدول األمريكيــة الــذيـــــــــــــــــــــــاير ـــــــــــــــــــــــذ يـن ـــــــــــــــــــــــر مـن 1989ظـه

ليضم الواليــات المتحــدة األمريكيــة و كنــدا و المكســيك و يعــرف1991و تطور في فبراير ( و هناك محاوالت لمد جسر التعاون االقتصادي لدول أمريكا الالتينية.NAFTAباسم النافتا )

و ومنطقــة التجــارة الحــرةMERCOSURو باإلضافة إلى سوق المشتركة ألمريكــا الجنوبيــة (AFTAلدول لجنوب شرق أسيا )

و مؤخرا منظمة أسيوية تقودها الصين تظم ست دول أخــري لرابطــة جنــوب شــرق أســيا )ASEAN)

وهي أالن سارية المفعــول , و هــذه الــدول الســت هي ســنغافورة و برونــواي , الفيليــبين , اندنوسيا ,ماليزيا, تايالند وتعتزم دول هذا التكتل إلغاء الرسوم الجمركية فيمــا بينهــا بنســبة

بالمائة لتكون هذه المنطقة أكبر منطقة تجارة حرة في العــالم بتعــداد ســكاني بحــوالي90 مليار نسمة.9.1

باإلضافة الى التكتل االقتصادي في منطقة شرق آسيا و غرب الباســفيك، حيث توجــد ثالثة محاور رئيسية للتجمع االقتصادي في تلك المنطقة، و الذي يبرز دور النمــو اآلســيوية و

معهم اليابان في النظام االقتصادي العالمي الجديد.

المطلب الثانيالمساواة بين الدول في ظل النظام التجاري العالمي الجديد

قبل ظهور المنظمات الدولية و اإلقرار بشخصيتها القانونيــة كــان المقصــود بالقــانون الدولي العام مجموعة القواعد التي تنظم العالقــات بين الــدول و تحــدد حقــوق كــل منهــا وواجباتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا، و المقصود بتلك العالقات التقليديــة الــتي تقــوم على أســاس دول متكافئــة و متســاوية في السيادة و ال تخضع لسلطة أو هيمنة تأتي من خارجها فوجود الدولــة في حــد ذاتــه كشــخص قانوني من أشخاص القانون الدولي في فترة غياب المنظمات الدوليــة و خاصــة السياســية منها يؤهلها للمركز المتساوي مع الدول األخرى دون مراعاة لكبر أو صــغر الدولــة أو تقــدير أهمية بعض الدول عن البعض اآلخر، و قد ترتب على اعتراف بعض فقهــاء القــانون الــدولي التقليدين بسيادة الدولة المطلقة ظهــور مبــدأ المســاواة المطلقــة بين الــدول - مهمــا كــان حجمها و مكانتها – كمبدأ أساسي من مبادئ القانون الــدولي التقليــدي، أمــا من أنكــر منهم هذا الحق فقد استند في موقفه على سيطرة الدول الكــبرى على العالقــات الدوليــة ســواء داخل المــؤتمرات الدوليــة أو خارجهـا دون أن يــبين األســس القانونيــة أو الموضــوعية الــتي بموجبها يحق لهذه الــدول أن تتمتــع بهــذه االمتيــازات دون غيرهــا من الــدول، إال أنــه يمكنــتي ــة ال تحديد مضمون المساواة القانونية من خالل الحقوق و االلتزامات و المراكز القانوني

. (100)يمنحها القانون الدولي للدول باعتبارها أشخاصه الرئيسية من الواضح أن النظام الدولي المعاصر يقوم على مبدأ السيادة الذي من نتائجه أن أصبحت المساواة بين الدول هي المبدأ السائد في العالقات الدولية بهدف تحقيق التكافؤ

في الحقوق و الواجبات و االلتزامات بين الدول، إال أن هذا النظام الدولي يواجه ظاهرة الفوارق

الحقيقية بين الدول بحيث يستحيل معها تطبيق المفهوم المطلق لحق المساواة بين الدول، فالدول في واقع هذا النظام غير متساوية في القوة بجوانبها المادية و المعنوية فمنها دول

كبيرة و أخرى صغيرة، أي هناك القوي منها و الضعيف، كما أن الدول أعضاء الجماعة- مصطفى سالمة –قواعد الجات , االتفاق العام للتعريفات الجمركية- مرجع سابق.100

41

الدولية ليست متساوية من ناحية القوة االقتصادية فمنها الدول المتقدمة أو الغنية و منها الدول النامية أو الفقيرة، لذلك فإن االنقسام في حقيقة الجماعة الدولية المعاصرة يجعل

من غير الممكن التسليم بقيام مساواة حقيقية أو فعلية بين أعضائها.

فالواقع يؤكد أن المساواة أمام القانون المعترف بها ألعضاء الجماعة الدولية بمعنى أن جميع الدول تتمتع بحقوق متساوية و تتحمل التزامات متساوية بغض النظر عن الفوارق

بينها من الناحية الفعلية، يقابلها عدم مساواة في الواقع، لذلك سوف نعالج موضوعالمساواة بين الدول في ظل النظام التجاري العالمي الجديد من خالل الفرعين التاليين:

الفرع األول :المساواة بين الدول في ظل المؤسسات المالية الدولية.الفرع الثاني : المساواة بين الدول في ظل منظمة التجارة العالمية

الفرع األول المساواة بين الدول في ظل المؤسسات المالية الدولية

إن فكرة االستعانة بالمنظمات الدولية في العالقات الدولية هي فكرة أوروبية ترجع إلى القرن التاسع عشر، و قد جاءت كنتيجة متوقعة للتنافس االستعماري الذي كان محتدما

بين دول القارة األوروبية في ذلك الوقت، فكل توسع تحققه دولة يكون على حساب مصلحة الدولة األخرى، و تجنبا للمنازعات و الحروب التي كانت تقوم بينها بسبب تعارض

المصالح الوطنية الذاتية فقد سعت تلك الدول للتقارب فيما بينها، و عملت على إنشاء هيئات أو اتحادات دولية لتسير سبل التعاون فيما بينها و حل المشاكل و التوفيق بين

مصالحها الذاتية المتعارضة و من ثم كانت أنشطة تلك الهيئات التي أنشأتها الدول األوروبية. (101)– محدودة في نطاق االختصاص المقرر لها، و بالقدر الذي يتفق و مصلحة كل دولة

و لعل هذه النظرة الضيقة هي التي كانت سائدة عند صياغة عهد عصبة األمم، فقد ( على تخويل العصبة اإلشراف على االتحادات الدولية القائمة24اكتفى بالنص في المادة )

فعليا، أو التي يتم إنشاؤها في المستقبل، و هكذا جاءت العصبة و هي أول منظمة عالمية خالية من نصوص قانونية واضحة تضع المنهج التنظيمي المتكامل للتعاون في مجال

وجدت إال العالقات االقتصادية الدولية، و إذا كانت االتحادات و الهيئات الدولية العامة قد الدولية بصفة جدية إال في ظل منظمة يستعان بها في مجال العالقات االقتصادية أنه لم

فقد تبنى ميثاق األمم المتحدة في ديباجة هذه(102)األمم المتحدة و الوكاالت المتخصصة الفكرة الموضوعية و كذلك في الفقرة الثالثة من المادة األولى التي تنص على أن

"مقاصد األمم المتحدة تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغةاالقتصادية و االجتماعية و الثقافية و اإلنسانية".

كما أن الجهود الدولية(103)( من الميثاق أهداف هذا المنحى55كما حددت المادة ) التي بذلت أثناء و بعد الحرب العالمية الثانية قد توصلت إلى مجموعة من المعاهدات

الجماعية "على المستوى الدولي، و التي تعتبر اآلن بمثابة الدعامة األساسية التي يقوم عليها ما يعرف بالنظام التجاري الدولي" و خاصة المعاهدات المنشئة للمنظمات المالية

الدولية و أهمها البنك الدولي لإلنشاء و التعمير و صندوق النقد الدولي، و يأتي على

، و إتحــاد البريــد العــالمي1856- من هذه االتحــادات الدوليــة نشــير إلى إتحــاد التلغــراف العــالمي عــام 101م.1874

–1985- عبد الواحد محمد الفار – طبيعة القاعدة الدولية االقتصادية في ظل النظــام الــدولي القــائم، 102 .29دار النهضة العربية – القاهرة – ص

( من ميثاق األمم المتحدة.55- راجع المادة )10342

رأس تلك المعاهدات ميثاق األمم المتحدة ذاته و ما يتضمنه من مبادئ عامة في مجالالتعاون االقتصادي الدولي.

و الواقع أن الميثاق، و هو يحدد المنهج الذي يجب أن تكون عليه العالقات االقتصادية الدولية، لم يضع لذلك قواعد محددة واضحة يمكن أن تدخل في دائرة االلتزامات القانونية،

و إنما نص على مبادئ عامة كانت مثار نقد من بعض فقهاء القانون الدولي، حيث أنكروا عليها صفتها اإللزامية من جهة، و أدخلوها في دائرة االلتزامات السياسية من جهة أخرى،

(104)ذلك ألنها لم تأت بالتزامات تحدد سلوك األعضاء و إنما حدد إطار التعاون فيما بينهم

فإذا كانت العالقات االقتصادية بين الدول تقوم من الناحية النظرية و القانونية على أساس المساواة بين األعضاء، فإنه عند ممارسة الدول حقوقها في إطار المنظمات الدولية، خاصة عندما يتعلق األمر باتخاذ القرارات ذات األهمية االقتصادية الخاصة بالتنمية أو االستفادة من

خدمات المنظمات الدولية ذات النشاط االقتصادي الفعال فإن األوزان النسبة لقوة و من هنا سنتطرق إلى(105)األعضاء السياسية و االقتصادية تفرض نفسها بإقرار القانون

مبدأ المساواة بين الدول في كل من صندوق النقد الدولي و البنك الدولي كمؤسستينماليتين دوليتين.

أوال : مبدأ المساواة بين الدول في صندوق النقد الدولي ،1944لقد كانت الغاية الرئيسية من إنشاء المؤسسات االقتصادية الدولية في يوليو

هي إعادة بناء االقتصاد الدولي المتدهور، و تنظيم عالقات الدول ذات الوزن األكبر في الذي(107) و يأتي على رأس هذه المؤسسات صندوق النقد الدولي(106)المجال االقتصادي

كان من بين أهدافه حسب ما جاء في المادة األولى من االتفاقية المنشئة له تشجيع التعاون النقدي، و تسوية مشاكل النقد العالمية، و تسيير التوسع و النمو المتوازن في

التجارة العالمية، و المساهمة في تحقيق مستويات مرتفعة من الدخل الحقيقي، و التشغيل، و تنمية الموارد اإلنتاجية، و العمل على تحقيق ثبات أسعار الصرف، و التقليل من

تنافس الدول على تخفيضها، و المساهمة في إقامة نظام متعدد األطراف لتغطية المعامالت التجارية بين األعضاء و تخفيض قيود الصرف التي تعوق إنعاش التجارة الدولية،

باإلضافة إلى توفير الموارد المالية الالزمة لمواجهة ما قد يطرأ من اختالل على موازين. (108)المدفوعات لدى الدول األعضاء

هكذا و من خالل هذه األهداف يبدوا أن صندوق النقد الدولي كان القصد من إنشائه تحقيق اإلطار األمثل للتعاون الدولي في المجال النقدي و بالفعل تم إرساء نظام نقدي

، إلى أوائل السبعينات، عندما أعلنت الواليات المتحدة1944دولي استمر منذ عام األمريكية إيقاف التزامها بتحويل الدوالر إلى ذهب، و تخلي الدول المتقدمة بعد ذلك عن

ــائم ط 104 1995- عبد الواحد محمد الفار – طبيعة القاعدة الدولية االقتصادية، افى ظل النظام الدولي الق.30المرجع سابق، ص 29دار النهضة العربية – الفاهرة ص

- بوبــترة علي – المســاواة في الســيادة بين الــدول و عــدم التكــافؤ االقتصــادي – رســالة ماجســتير في105الـقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــانون اـلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدولي

.193، ص 1983و العالقات الدولية – جامعة الجزائر – أفريل - إيليا حريق – العرب و النظام االقتصادي الدولي الجديد – بيروت – دار الشــروق و المغــرب للطباعــة –106.15، ص 1983، سنة 1ط ، عنــدما قــام1945 ســبتمبر 27- يعتبر صندوق النقد الدولي منظمة مســتقلة تابعــة لألمم المتحــدة منــذ 107

في رأسمال الصندوق بإيداع وثائق التصديق على االتفاقية،%80ممثلوا الدول التي بلغ مجموع مساهمتها ، و في ديســمبر من نفس الســنة أعلن الصــندوق عن تثــبيت1974و قد بدأ الصندوق بنشاطه في مــارس

عملة من عمالت الدول األعضاء بالقياس إلى الذهب و الدوالر األمريكي، و قد تزايد عــدد أعضــاء32قيمة . 1985 دولة عام 148 دولة إلى أن وصل 28الصندوق منذ ذلك الحين من

- أنظر د/ عبد الواحد محمد الفار – أحكام التعاون الدولي في مجال التنميــة االقتصــادية، مرجــع ســابق،108.420 - 419ص

43

أسعار الصرف الثابتة و دخول المجتمع الدولي مرحلة التعويم الجماعي، الشيء الذي أدىفي النهاية إلى انهيار النظام، و بدء األزمة النقدية العالمية.

طوال هذه المدة قد مكن الدول المتقدمة من(109)إن استمرار النظام النقدي الدولي الهيمنة ماليا على أغلب دول العالم. فمنذ المؤتمر الذي انعقد قي "بريتون وودز" بالواليات

و العالم يخضع لنظام نقدي أرسته الدول الغنية يتماشى و1945المتحدة األمريكية سنة مصالحها دون أن تعير أي اهتمام لمصالح الدول الفقيرة، و قد تميز هذا النظام بإحداث

آليات جديدة إلدارة النظام النقدي الدولي، و من بين تلك اآلليات البنك الدولي لإلنشاء و التعمير، و صندوق النقد الدولي، و بواسطة

هذه اآلليات تمكنت الدول المؤسسة لهذا النظام من تحقيق أهدافها حيث أصبحت العالقاتالنقدية بين جميع الدول تحكمها اتفاقية "بروتون وودز".

و قد نجحت الدول المؤسسة لهذا النظام كالواليات المتحدة األمريكية على سبيل المثال في الوصول إلى تسهيل التوسع و النمو المتوازن للتجارة الدولية، و تحرير العديد

من العمالت بالنسبة للعديد من الدول، إال أن هذا النجاح قد أثر سلبا على بقية دول العالم المتخلف في جميع المجاالت. و قد كان أثر النظام النقدي الدولي هذا عظيما على تلك

الدول مما عمق في عدم المساواة بين الدول في المجال النقدي. فالدول المتقدمة هي التي أسست النظام، و هي التي أنشأة المؤسسات النقدية

الدولية، و هي التي تسيطر على المصارف و البنوك االحتكارية العمالقة، كما تسيطر على أكبر قسط من سوق العمالت و األوراق النقدية و األوراق المالية التي يتم توظيفها في

. (110)مجمل المبادالت التجارية و العالقات المالية الدولية و بفضل هذه السيطرة التي منحتها الدول المتقدمة لنفسها ف المجال النقدي،

استطاعت أن تهيمن بصفة مطلقة على أغلب دول العالم. و أوحت للمجتمع الدولي بأن اتفاقيات "بروتون وودز" تعد جزءا من نصوص و أحكام القانون الدولي، مما يؤهلها لتكون

ملزمة لكل الدول، سواء كانت أعضاء في صندوق النقد الدولي باعتباره وليد تلك. (111)االتفاقيات، أو ليست أعضاء في الصندوق السالف الذكر

و ما تجدر مالحظته في هذا المجال هو أن نظام النقد الدولي المنبثق عن مؤتمر "بروتونوودز"

السالف الذكر قد أعد من طرف الدول المتقدمة و بحضور الدول المتخلفة، و ال تراع في أعداد هذا النظام مصالح الدول النامية، بل أن الدول المتقدمة، اعتبرت مصالح الدول المتخلفة مصالح موازية لمصالحها و تجسد هذا االتجاه في نصوص تلك االتفاقات التي أكدت على أن صندوق النقد الدولي هو وسيلة لتحقيق االستقرار، و ليس وكالة الدعم

. (112)للتنمية االقتصادية هذا و نتيجة لظهور الدوالر كعملة عالمية، و ما طرأ عليه من تذبذبات نتيجة ربطه

باحتياطي الذهب في الواليات المتحدة األمريكية، وقع العالم في أزمة نقدية أحدثت فوضى بين الدول المتقدمة نفسها، و امتدت إلى الدول المتخلفة و انعكست عليها سلبا، فهذه

ــتي تحكم و تنظم109 ــة ال - يقصد بالنظام النقدي الدولي، العديد من الترتيبات و االتفاقات و األعــراف الدولي التعامل بين جميـع العمالت الدوليـة قصـد تسـوية مـدفوعاتها، أو تبـادل الحقـوق و االلتزامـات النقديـة بين األفراد و الحكومات على المستوى الدولي، و يعتبر هذا النظام حديث النشأة لم يبرز على الصــعيد الــدولي

إال بعد الحرب العالمية الثانية. 1989، ط 133- د/ عبد الخالق عبد الله – العالم المعاصر و الصراعات الدولية – عالم المعرفــة – عــدد 110

.41– الكويت – ص ــوراه –111 - د/ أحمد أبو العال – مبدأ التمييز التعويضي للدول النامية في القانون الدولي للتنمية – رسالة دكت

.65 – القاهرة- ص 1992سنة - عبد المنعم السيد علي – د/عبد الرحمن الحبيب – نظام النقد الدولي و التجــارة الخارجيــة – المؤسســة112

.77 – بيروت- ص 1، ط1986الجامعية للنشر و التوزيع – عام 44

الدول كان معظمها مرتبطا باالستعمار و أستمر ذلك حتى بعد االستقالل، مما يعني أنهاكانت مرتبطة بنظام النقد الدولي الذي كانت تعمل به الدول الغنية و الزالت حتى اآلن.

إن هذا إن دل على شيء إنما يدل على حقيقة أن هذا النظام النقدي كان و ال يزال أداة هدم القتصاديات الدول في العالم الثالث، و وسيلة لنهب ثرواتها، و قد تفطنت البلدان

النامية لذلك و عبرت عن رفضها له في العديد من المناسبات عندما تبين لها وجود نظام نقدي عالمي ال

يحقق المساواة بين الدول لن يثير إال المزيد من القلق، لكن جل المحاوالت التي بذلتسابقا إلصالح هذا النظام النقدي باءت بالفشل.

إن عدم المساواة التي تحدثنا عنها سابقا في ظل النظام النقدي الدولي تخص على األغلب جانب خدمات هيئات التمويل الدولية كصندوق النقد و البنك الدولي، غير أن هناك

جانبا آخر من عدم المساواة يظهر في آلية عمل صندوق النقد الدولي، فرغم تبعية هذا األخير لنظام األمم المتحدة من الناحية الشكلية فهو وكالة متخصصة مستقلة تماما عن

األمم المتحدة كمنظمة دولية و بالتالي فإن أسلوب اتخاذ القرارات فيه مختلف ألنه يعتمد بالدرجة األولى على حجم حصة البلد العضو في الصندوق، فلكل دولة عدد من األصوات بنسبة حصتها في رأس مال الصندوق، مما يجعل آلية اتخاذ القرارات في الصندوق تقوم

على أساس عدم المساواة لكون هذه اآللية أداة فعالة في يد البلدان التي تملك قوة اقتصادية كبيرة و حصصا عالية و بالتالي قوة تصويتية موازية، و ال يوجد حتى اآلن معايير

. (113)موضوعية معترف بها لتحديد الحصص و نسبها بشكل آلي كما أن آلية اتخاذ القرارات ال تزال خاضعة لرغبات الواليات المتحدة فهي تستطيع تعطيل أي قرار يمكن أن يتخذه الصندوق إذا ما رأت أنه ال يخدم مصالحها، في المجلس

التنفيذي للصندوق، و قد أمكن استخدام هذا الوضع ألغراض سياسية و أصبحت مواردالصندوق تذهب بسهولة للدول التي ترضي الواليات المتحدة األمريكية.

إن إصرار البلدان التي تمتلك حصصا كبيرة في رأس مال الصندوق على الحفاظ على البنية الحالية للصندوق و نظام الحصص المتبع فيه، و نظام التصويت و أسلوب اتخاذ القرارات الحالي ليس إال مؤشرا على رغبة هذه البلدان و في مقدمتها الواليات المتحدة

األمريكية في الحفاظ على هيمنتها على هذه المنظمة الدولية المتخصصة ذات الطابع المالي و حرمان البلدان النامية ن حق المساواة في التصويت و اتخاذ القرارات بحجة أن

"الغنم بالغرم" و هي حجة ظاهرها حق و باطنها باطل.

ثانيا : مبدأ المساواة بين الدول في البنك الدولي إذا كان هدف صندوق النقد الدولي هو إعادة تثبيت أسعار الصرف األجنبي لكونه

األساس الذي تعتمد عليه التجارة الدولية و االستثمار الدولي بشكل عام، فإن أهداف البنك الدولي تتمثل بصفة أساسية في تعمير الدول التي خربتها الحرب، و تشجيع التنمية

االقتصادية في البالد المتخلفة بصفة خاصة، و طبقا لالتفاقية المنشئة للبنك الدولي فإن األهداف التي يجب أن يحققها البنك، هي المساعدة في تعمير و تنمية أقاليم الدول األعضاء في البنك و تشجيع االستثمارات األجنبية خاصة، و تشجيع النمو المتوازن في األجل الطويل

للتجارة الدولية، و كذلك التنسيق بين القروض التي يقدمها البنك أو التي يضمنها مع القروض الدولية، كما يهدف البنك إلى التسيير القروض التي يقدمها البنك او التي يضمنها

مع القروض الدولية. كما يهدف البنك إلى التسيير في عملياته مراعيا ذلك فاعلية االستثمارات الدولية وفقا للشروط التجارية في أقاليم الدول األعضاء في الفترة الالحقة

.114على الحرب

،1983، معهد اإلنماء العــربي، 1ز الدين الصالحاني – صندوق النقد الدولي و المساهمة السعودية، ط- ع113.25، 18بيروت، ص

45

غير أن ما يمكن مالحظة على هذه األهداف هو قصورها على خدمة الدول األعضاء في البنك دون غيرها إذ أن موارد البنك و خدماته ال يحمل عليها إال الدول األعضاء طبق

لنص المادة الثالثة من االتفاقية المنشئة للبنك. كما ان البنك الدولي ال يمنح القروض و ال يضمنها إال في حدود رأسماليه و أمواله

االحتياطية بل أن البنك ال يمنح أي قرض للبلدان األعضاء إال في حالة التأكيد من عدم إمكانية حصول البلد الذي يطلب القرض على موارد مالية في األسواق المالية بالشروط

التي يراها البنك معقولة أي أن البنك يمنح القروض فقط للدول التي هي من وضع.115اقتصادي يسمح لها بالوفاء بتعهداتها

إن البنك الدولي عادة ما يقدم القروض وفق قواعد إقتراض معينــة فتعطي القــروضــبي الزمــة أوال لحساب مشروعات معينة، كما تعطي ثانيا قصد تغطية مصروفات النقد األجن

للمشروعات و أخيرا تعطي تلك القروض بأسعار الفائدة القريبة من األسعار التجارية السائدة في

بل حتى عندما تتوافر هذه القواعد فإن البنك ال يقــدم القــروض إال116أسواق المال الدوليةبعد االسترشاد بثالثة مبادئ هي :

- أن يكون البلد المحتاج للقروض في حالة تسمح له بتسديد قروضه.1- أن يكون المشروع المواد تمويله محددا وواضح المعالم و له إدارة تتمتع بالكفاءة.2 و من خالل هــذه القواعــد و117- أن يكون المشروع ذا فائدة اقتصادية تبرر االســتثمار فيه3

المبادئ التي تعد بمثابة شروط بشرطها البنك الدولي على البلــدان الراغبــة في االقــتراض.يتضح مدى عدم مالءمة خدمات هذا البنك مع الكثير من الدول و خاصة الدول النامية.

فهذه الدول تجد نفسها عندما تكون في حاجة إلى خدمات البنك، تلك الشروط الــتي تعني في حقيقتها التدخل في شؤونها الداخلية، فالبنك الدولي ال يقدم أي قــرض إال بعــد أن يتأكد من توافر شروط معنية في الدولة التي تطلب القرض و حتى يتأكد من تلك الشــروط فإنه يقوم بعملية مســح اقتصــادي عــام يمكنــه من معرفــة الوضــع االقتصــادي للدولــة الــتيــــــــــــــــــــــــــة مواردهـــــــــــــــــــــــــــا طلبت القـــــــــــــــــــــــــــرض و معرـف و إمكانياتها و مقدرتها على خدمة ديونها الخارجية و عند االنتهاء من هذا المســح االقتصــادي يشرع الخبراء في بحث المشروع المراد تمويله بدءا بتعريف المشروع و تحديــده و إعــداده وصوال إلى مرحلة تمويله و تقسيمه، و إذا كانت نتيجـة البحث ايجابيـة تبـدأ المفاوضـات بينالبنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدولي و الدولة المعنية و غالبا ما تنتهي بإبرام اتفاق، و بعد اإلتفاق يتم اإلشــراف على تنفيــذ ذلــك

.118المشروع إن هذا العمل أو األسلوب المتبع من قبل البنك الدولي، يعد في حقيقة األمر مساســا بسيادة الدولة المحتاجة للقــروض، و تــدخال في شــؤونها الداخليــة غــير أن الــدول المتخلفــة المحتاجة للقروض تجد نفسها أما األمر الواقع و ليس أمامها إال احد الخيارين، إما الرضــوخ

لشروط البنك أو اإلفالس االقتصادي و قتل المشاريع التنموية فيها.

إن فرض هذا الواقع على البلدان النامية تعود أسبابه إلى سيطرة الــدول الغنيــة على النصيب األكبر من المساهمة في رأسمال البنك، فالواليات المتحدة األمريكية تستحوذ على

-.صفوت عبد السالم عوض الله، البنك الدولي و مشـكالت التنميــة االقتصـادية في دول العــالم الثـالث، 114. 1993، دار النهضة العربية القاهرة، سنة 1رسالة دكتوراه دولة، ط

- اســماعيل العــربي، التعــاون االقتصــادي للتنميــة في نطــاق المنضــمات الدوليــة ديــوان المطبوعــات 115 الجزائر.1979الجالمعية، عام

، القاهرة. 1986، عام 3- جودة عبد الخالق، مدخل إلى علم االقتصاد الدولي، دار النهضة العربية، ط 116.266- إسماعيل العربي، المرجع السابق، ص 117.267- إسماعيل العربي، المرجع السابق، ص 118

46

%5.27% ثم ألمانيــا بـ 5.5% من عدد األصوات في البنك و تليهــا اليابــان بـــ19.43نسبة % من األصــوات في41لكل واحدة منها أي أن لهذه الــدول الخمس بصــفة إجماليــة نســبة

.119% من رأسمال البنك43البنك باإلضافة إلى استحواذها على إن هذه النسبة من األصوات تخول الــدول الغنيــة من الســيطرة الكاملــة على توجيــه السياسة داخل البنك و التأثيرعلى أغلب القرارات الهامة الـتي يتخـذها ألن نظـام التصــويت

، و مرتبطــة أساســا بمســاهمات الــدول120في البنك إلتخاذ إجراء معين يتم بأغلبية األصوات صــوت زائـدا صــوت إضــافي250األعضاء في رأسماله و بما أن لكل دولة عضو في البنــك

على كل سهم في رأسمال البنك يعادل مائــة ألــف دوالر، فــإن الــدول الغنيــة تملــك أغلبيــةاألصوات، و من ثم فهي صاحبة الكلمة األخيرة.

من الواضح ان اتفاقية بروتون وودز التي أنشأ بموجبها و في آن واحد كــل من البنــك قد كرست في بنودها عدم المساواة بين الدول األعضــاء121الدولي و صندوق النقد الدولي

بأن حددت اصوات األعضاء بحجم رؤوس أموالهــا أو مــا يســمى الصــوت المــوزون – األمــر الذي يتعارض مع ميثاق األمم المتحدة الذي ينص على المســاواة بين كافــة الــدول األعضــاء كما أن قيام منظمات دولية متخصصــة كالبنــك الــدولي و صــندوق النقــد الــدولي في نظــام األمم المتحــدة على أســاس عــدم المســاواة أتــاح للبالد األقــوى اقتصــاديا خاصــة الواليــاتــــــــــات غـــــــــــير محـــــــــــدودة لفـــــــــــرض إرادتهـــــــــــا المتحـــــــــــدة إمكانـي

و قراراتها على البالد األضعف و هذا إخالل سافر بمبدأ المساواة.

كما أن حرمان األمم المتحــدة من إصــدار توصــيات من جانبهــا لوكــاالت مرتبطــة بهــا باتفاقات تعاون و تنسيق كالبنك الدولي لإلنشاء و التعمير و صندوق النقد الدولي بخصــوصالقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروض و شروطها مثال يشــكل تعارضــا مــع اإلدارة الدوليــة للشـعوب و خروجــا واضــحا عن القيم و المبادئ الـتي تقـوم عليهــا األمم المتحــدة و خاصــة مبــدأ المســاواة الــذي نص عليــه ميثــاق

المنظمة و الذي يعتبر دستورا للعالقات الدولية المعاصرة.

الفرع الثانيمبدأ المساواة بين الدول في ظل منظمة التجارة العالمية

و مالحقها إحداث نوع من1994حاول واضعوا اتفاقية مراكش للتجارة العالمية سنة التوازن بين الدول في إطار تحديد مركزها في منظمة التجــارة العالميــة، لقــد جــائت نتــائجــا دورة أور جواي بمثابة توافق بين مصالح التجارة للدول المتقدمة، حيث ال تخــرج عن كونه صــفقة بين هــذه الــدول، راعت في المقــام األول الحفــاظ على مصــالحها، دون أن تســقط بصفة كاملة الدول المتخلفة بأوضاعها المعروفة، و لكن يظل أمرا ال يمكن التشكيك فيه هو

.1987 نقل عن تقرير لبنك الدولي سنة 34-33- د. صفوت عبد السالم عوص، مرجع سابق، ص 119.32- نفس المرجع صفوت عبد السالم، ص 120 - الجدير بالذكر ان االتحاد السوقياتي سابقا، و رغم انه كان من الدول التي ساهمت في مؤتمر يريتــون 121

وودز إال أنه لم يشأ االنضــمام إلى صــندوق النقــد و البنــك الــدوليين حيث أنــه رفض المصــادقة على مــواداالتفاقية.

47

بما تسعى إليه من تحرير التجارة من آية قيود، فإنها ترســخ1994أن اتفاقات التجارة لعام عــدم المســاواة فيمــا بين الــدول في ظــل حقيقــة اختالف المقــدرة التنافســية بين الــدول المتقدمة و المتخلفة، مما ال شك فيه أن جوهر االتفاقات الدولية التجارية متعددة األطــراف يتمثل في سريان مبدأ التبادل في اقتضاء المعامالت التجارية فيمــا بين الــدول، و لكن مثــل هــذا يعــد متناقضــا مــع احتياجــات التنميــة و التمويــل و التجــارة، فالمســاواة بين دول غــير

.122متساوية من الناحية الفعلية يؤدي إلى عدم العدالة استنادا إلى هذا الوضع، و رغبة من واضعي اتفاقية مــراكش لتأســيس منظمــة دوليــة يراعي فيها إلى حد مــا العالميــة بــانطواء كــل الــدول إليهــا من خالل الحفــاظ النســبي على المصــالح المختلفــة لمختلــف فئــات الــدول تم من ناحيــة إقــرار مظــاهر متعــددة للمســاواة القانونية فيما بينهـا، و لكن من ناحيـة أخـرى و إدراكـا لعـدم المسـاواة الفعليـة بين الـدول،ــاع قررت اتفاقية مراكش، و مالحقها تبني مجموعة من النصوص بهدف محاولة تحقيق أوض تمثل نوعا من المساواة الفعلية فيما بين الدول أعضاء المنظمــة لــدى حــدوث بعض األمــور

من شأنها أن تؤثر على األوضاع الفعلية للدول.

أوال : مظاهر المساواة القانونية

أ- المساواة في التصويت : صوت واحد لكل دولة يعد منح كل دولة صوتا واحـدا في المنظمـة الدوليـة مظهـرا للمسـاواة القانونيـة بينــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدول، اـل

. فإنــه يالحــظ أن منظمــة123و إذا كانت أجهزة التمثيــل ذات الصــفة العامــة تمنح هــذا الحق و إظهــار124التجارة العالميــة خروجــا على مــا تجــري عليهــا المنظمــات الدوليــة االقتصــادية

التعلق واضعي اتفاقية مراكش بأهداف المساواة القانونية بين الدول ثم منح كل دولة صوتاواحدا.

إن أهمية منح كل دولة صوتا واحدا تكمن في أنها نقطة البدء العتماد القــرارات الــتي ( أو9/1تتخذ في المنظمة سواء منها التي يتم إصدارها بمقتضى األغلبية البســيطة )المــادة

/أ( أو لــدى عــدم تحقــق التوافــق عنــد إجــراء تعــديل9أغلبية الثالثة أرباع )التفســير المــادة ( و كــذلك األمــر بالنســبة لمنح10/1االتفاقية حيث يشــترط إلتمــام أغلبيــة الثلــثين )المــادة

اإلعفاء من التزامات مقررة بمقتضى االتفاقيـة و أيـا كـانت األغلبيـة المطلوبـة. فـإذ إصـدار القرارات استنادا إلى األغلبيــة يعــد أحــد أشــكال تحقيــق الديمقراطيــة في منظمــة التجــارة

العالمية.

ب- اتخاذ القرارات بالتوفيق حبذت اتفاقية مراكش االلتجاء إلى اعتمــاد القــرارات بــالتوافق1947مسايرة لجات

إن التوافق يعد بمثابة صيغة جديدة لإلجمــاع الــذي يتحقــق بصــورة ضــمنية، فهــذا األســلوب يظهر على أثر تواجد اتفاق عام بين أعضاء المنظمة الدولية المعنية فالتوافق يتم لدى اتخاذ القرار بدون االلتجاء إلى التصويت و غياب االعتراض على النص، فالتصــويت ال يتم االلتجــاء إليه على هذا النحو يراعي ضرورة أن يجئ القرار مراعيا مصالح الدول المختلفة. فهو يتفق122-Mostafa Salama Hassein – Le contrôle des organisations internationales au matière de développement thèse pour le doctorat d’état paris, 1198, P27 A et sui.

- كالجمعية العامة لألمم المتحدة و مجلس جامعة الدولة العربية. 123 -حيث يتم منح بعض الدول بــالنظر لوضــعها الفعلي اصــواتا اضــافية وفقــا لنظــام التصــويت المرجــع فى3

مجموعة البنك الغالمى و صندوق النقد الدولي. - حيث يتم منح بعض الدول بالنظر لوضعها الفعلي أصــوابا إضــافية وفقـا لنظــام التصــويت المرجــع في 124

مجموعة البنك العالمي و صندوق النقد الدولي.48

مع مبدأ المســاواة في الســيادة فيمــا بين الــدول. و هــو إجمــاع يتــواءم مــع الوضــع الحــاليــــــــــــــــــــار تضـــــــــــــــــــــارب ــــــــــــــــــــدول في إـط ــــــــــــــــــــع اـل لمجتـم

.125أو تشابك المصالح

ــة إدراكا ألهمية التوافق، و استجابة و تعبيره عن المساواة فيما بين الدول تبين اتفاقي ( على أن تســتمر المنظمــة9/1مراكش هذا األسلوب في إصدار القــرارات فتنص )المــادة

.1947في اتخاذ القرارات بتوافق اآلراء حسب الممارســة المتبعــة بمــوجب اتفاقيــة جــات فهذه من القاعدة العامة و األتم اإللجاء إلى التصويت وفقا لما ورد بشأنه، و من أهم حاالت

( أن مــؤدي ذلــك األخــذ بمبــدأ10/1التوافق اعتماد القرارات التي تتعلق بالتعديالت )المادة اإلجماع. و غني عن البيان أن اإلجماع إقرار و اعتراف و تكــريس للمســاواة القانونيــة فيمــا

بين الدول.

ج- الحق في طلب تعديل اتفاقية مراكش و االتفاقيات األخرى و هو حق ممنوح لكل دولة حيث لها أن تطلب تعديل اتفاقية مراكش و االتفاقــات التجاريــة

( أن هذا الحق مظهــر إضــافي للمســارة القانونيــة فيمــا بين10/1متعددة األطراف )المادة .126أعضاء المنظمة

د- حق االنسحاب ــوز لكل دولة الحق في االنسحاب من منظمة التجارة العالمية فالعضوية ليست إجبارية فيج

ــة مــراكش15/1االنسحاب بوجه عام : حيث يحق ألي عضو وفقا النص )المادة ( من اتفاقيأن ينسحب من هذه االتفاقية.

ه- مراقبة السياسة التجارية للدول في إطار مباشرة جهاز استعراض السياسات التجارية لوظائفه المنصوص عليها في الملحق

مــراكش فــإن كــل دولــة وفــق للبنــد و الــتي تتعهــد بتقــديم تقريــر مفصــل عن ( التفاقية3) سياستها التجارية.

إن كل ما تقدم يثبت بما ال يدع أي مجال للشك المظاهر المختلفــة إلقــرار المســاواةالقانونية فيما بين الدول أعضاء منظمة التجارة العالمية.

ثانيا : محاولة تحقيق قدر من المساواة الفعلية يلزم لضمان استقرار و فاعلية أي نظــام قــانوني أن يهــدف إلى تحقيــق المســاواة و عدم التميز بين أشخاص. و ال يختلف النظام الــدولي في ســعيه إلى قــرار هــذا الهــدف عن

غيره من النظم القانونية األخرى. لقد اتسمت قواعــد القــانون الــدولي التقليــدي بالحيــاد األيــديولوجي أي بعـدم إقحــام األوضــاع السياســية أو االقتصــادية أو االجتماعيــة في نطــاق القواعــد القانونيــة، لــذلك فــإنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدول المـســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاواة بين اـل و عـدم إقــرار قواعــد بمجموعــة دون أخـرى ســواء في إقــرار هيمنــة أو أفضــلية كـانت هي السائدة في إطار القانون الدولي التقليدي. و هكذا فإن القــانون التقليــدي كــان يســتند إلى التجريد بتطبيقه عن كل الدول اســتقالال عن األوضــاع الخاصــة لبعض الــدول. و الــتي يمكن أثارتها. أن هذا الطابع المجرد و المحايد للقانون الدولي التقليدي. لم يكن ليستقر و يثبت.

،1991- د.مصطفى سالمة، تسييس المنظمات الدولية المتخصصة، دار المطبوعات الجامعيــة بــيروت، 125.19-18ص

- هناك تعديالت تتطلب قبولها من جميع الدول )المادة التاسعة من اتفاقية مراكش –اتخاذ القــرارات( و 126 المادة األولى و الثانية من اتفاقيــة ألجــأت بشــأن شــرط الدولــة األكــثر رعايــة، المــادة األولى من اتفاقيــة

التجارة في الخدمات، و المادة الرابعة من اتفاقية حقوق الملكية الفكرية بشأن ذات الشرط. 49

بل كان البد أن تمتد إليه رياح التغير و التطور فالدول يجب أن ينظر إليهــا ليس كوحــداتــا منعزلة في إطار تاريخي. بل من خالل واقعها الفعلي و نطاق المجموعات التي تنتمي إليه من الناحية الفعليــة. لــذا فــإن القــانون الــدولي المعاصــر أصــبح بنظــر إليــه ليس في إطــار انتظامه و استقراره بل كترجمة و كانعكاس لعوامل مختلفة عسكرية و اقتصادية و سياسيةــرار ــدا يقتصــر فقــط على تســجيل و إق ــا محاي ــانون يجب أال يكــون نظام ...الخ أن الق لممارسات القائمة كما هي، فأوضاع الدول المختلفة و احتياجاتها البد أن تكون محل اهتمام و تنظيم القانون الدولي. فتعدد الدول بحيث يتم إقرار قواعــد معينــة خاصــة بكــل مجموعــة من الدول بالنظر إلى وجود أسباب فعلية لــذلك إن وجــود ظــروف فعليــة تمنــع من تطــبيق

كان مائال أمام واضعيها. لذا تم إقــرار مجموعـة من اإلعفــاءات1994اتفاقات التجارة لعام تجئ في مجملها كاعتراف بضرورة العمل على عدم إقرار المساواة الفعليــة بين الــدول إن هذه اإلعفاءات ال تهدف إلى إحــداث المســاواة الفعليــة بين الــدول : فهــذا أمــر مســتحيل و

لكنها تهدف إلى أحداث قدر من تماثل ظروف و شروط سريان النصوص. وتبعا فإنه يجب على منظمة التجــارة و أعضــائها أن يحــترموا مبــدأ المســاواة بشــقيهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة القانونـي

و الفعلي و إال تقوم مسؤوليتهم دوليا. و على ذلك يصــبح أمــام طــائفتين من الــدول : الــدول المتقدمــة من جــانب و الــدول النامية من جانب آخر و لكل طائفة من هذه الــدول حقــوق و عليهــا التزامــات تتناســب مــع ظروفها االقتصادية، تختلف عما للطائفة األخرى، و ينتج عن ذلك أن تكون أمام صــنفين من القواعــد نظــرا لالختالف بين أوضــاع الــدول الفعليــة بعبــارة أخــرى، االختالف في المراكــزــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــة أدى إلى اختالف في األنظـم الواقعـي

.127و القواعد القانونيةثالثا : جهاز تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية و مبدأ المساواة آللية فض المنازعات في منظمة التجارة العالمية مزايا و عيوب، و مزاياهــا عديــدة، و من أهمها أنها أسست نظاما قضائيا ملزما تترافع أمامه الدول األعضاء للفصل في نزاعاتها التجارية فيما بينها وفق مواعيـد إجرائيــة محــددة و شــبيهة بــإجراءات تقاضـي األفــراد أمـام المحاكم الوطنية و جعـل التقاضي ها على درجــتين، و من لم يرتضــي من الــدول قــرار

هيئة فض المنازعات له الحق في استئنافها. إال انه مازال هناك العديد من أوجه القصور في آلية جهاز تسوية المنازعات سواء فيــه جهــاز لتســوية ــاجم بشــكل مباشــرة من كون ــك ن ــة، و ذل اإلجــراءات أو القواعــد القانوني المنازعات بين الدول، و هذه الدول لها سيادتها، فلم يكن بالمستطاع إعطاء الجهــاز ســلطة وقف التــدبير محــل الشــكوى إلى حين الفصــل في الــنزاع، بــل المالحــظ أيضــا، أن ســيادة الدولة طغت على طرق تنفيذ القرارات، و منحت الدولة حق إختيــار ســبل التنفيــذ المالئمــةــل لها، و إن لم تقم بالتنفيذ فإنه ال يمكن إجبارها على التنفيذ عينا، بل كل الممكن هــو تحوي الدولة المضارة و الصادر القــرار لصــالحها باتخــاذ تــدابير مماثلــة لتعــويض خســارتها الدولــة

.128الصادر ضدها أنفرارــة من الــدول ــة الصــادر ضــدها قــرار الهيئ ــة كــون الدول ــة عن حال و لم تنص االتفاقي الصناعية الكبرى لصالح دولة أقل نمــوا ســوى أن يتم منح الدولــة األول نمــوا رعايــة خاصــة

- أنظر في هذا الموضوع : 127 Feuer,guy Hervé Cassan droit international du développement 1985, O34.

« ils (les pays en développement) ont.. contribue à faire maitre ce qui constitue aujourd’hui la summa Divisio du droit international du développement, à sanies l’existence de deux catégories d’états, les pays développés d’une port les pays en développement d’autre port, chacune de ces catégories se voit attribues des droits et des ablégations de mormes.

.86أنظر كذلك : د.إبراهيم أحمد خليفة، النظام القانوني لمنظمة التجارة العالمية ، دارسة نقدية، ص - د.خالـد جمعــة، آليــة تسـوية المنازعـات في منظمـة التجــارة العالميــة، مركـز اإلمــارات للدراسـات و 128

. 2001البحوث، أبوظبي 50

دون تقرير أي جزاء أو تعويض للدولة األقل نمــوا، األمــر الـذي ال يكــون معــه الــتزام الــدول الكبرى تجاه الدول األقل نموا التزاما قانونيا، حيث اقتصرت مـذكرة التفـاهم على أن يقـوم المدير العام للمنظمة أو رئيس جاهز تسوية المنازعات بناءا على طلب الدولة العضو األقلنمـــــــــــــــــــــوا بعـــــــــــــــــــــرض مســـــــــــــــــــــاعيها الحميـــــــــــــــــــــدة

.129أو التوفيق أو الوساطة بين الدولتين قبل اللجوء إلى تشكيل هيئة للنظر في النزاعــات، حيث تتمكن و لذا فإن سيادة الدولة وقوتها محل اعتبار في نظام تسوية المنازع الدولة األقوى التي يصدرها عنها قرار من الهيئة أن تقوم باتخاذ إجراءات مضادة "انتقامية" ضد الدولة الصادر ضدها القرار، بينما ال تملك الدولة الناميــة و األقــل نمــوا، ألن تتخــذ هــذه

اإلجراءات أو أنها إن قامت بها قد تكون غير ذات أثر على الدولة المتقدمة. و بالتالي فـإن لسـيادة الدولـة و قوتهـا االقتصــادية دورا مهمــا في التـأثير على نظـامــة تسوية المنازعات أمام منظمة التجارة العالمية و تنفيذ قراراته، فإن كانت الدولة المتقدم ال تستطيع منع صدور قرار من هيئة فض المنازعات، إال أنها تستطيع أن تــرفض تنفيــذ هــذه القرارات، و لــذا فقــد يعــد هــذا النظــام مجحفــا بالــدول الناميــة الــتي تحتــاج ســوق الدولــة المتقدمة لتصريف منتج أو اثنين على األكثر تشتهر بها هذه الدول، و ال تستطيع أن تســتغنيــدبير ســواءا كــان عن سوق الدولة المتقدمة، مما يحد من سيادتها و قدرتها على اتخاذ أي ت مرخصا به من هيئة فض المنازعات أم ال، في حين تستطيع الدولة المتقدمة أن تلغي سوقالدولة النامية من خريطة توزيع منتجاتها، ألن ذلك ال يؤثر في تجارتها الخارجية تأثيرا كبيرا.

و تتخــذ الواليــات المتحــدة إجـراءات حمائيــة عديــدة، فهي لكي تحافــظ على مكانتهــا كأكبر دولة المصــدرة للمنتجــات الزراعيــة في العــالم تقــوم بــدعم مزارعيهــا بمبــالغ نقديــة ضخمة، و تفوض قيودا على الدول المصــدرة للمنتجــات الزراعيــة لهــا، و تقــوم دول أوروبــا الغربية بالجميع بين أساليب دعم األسعار و أسلوب فــرض ال قيــود على االســتيراد، و تتعـدد أســاليب الحمايــة، بين مجموعــة القيــود الجمركيــة و اإلجــراءات الحمائيــة، ممــا يجعــل من الصعب تقدير مدى و أبعد الحمائية، األمر الذي يمثل ثنائية تحد من قواعد التجارة الدولية و

تنشئ معاملة غير متساوية بالنسبة للدول األطراف. و ممــا ســبق يتــبين أن جهــاز تســوية المنازعــات في منظمــة التجــارة العالميــة ليس استثناء من اتفاقيـات منظمـة التجـارة العالميـة، و الـتي تتطلب إلى تلـتزم الـدول بموائمـة قوانينها و إجراءاتها اإلدارية و تنظيماتها لكي تتوافق مع هذه االتفاقات و أصبح من حق كــل دولة، أو شركة أو حتى فرد عن طريق دولة المطالبة بتعديل قوانين أية دولة أخرى إن رأت أنها تحرمها من منافع أو مزايـا قررتهـا اتفاقيـات منظمــة التجــارة العالميـة، و إن لم تتمثــل الدولة كان للدولة المضارة حـق اللجــوء إلى جهـاز تسـوية المنازعـات على النحــو السـالف

الذكر. غير أن هذا الحديث يعد نظريا في جزء كبير منــه حــتى اآلن فمــازالت الــدول األقــوى تفرض تشريعاتها الداخلية على الدول األضعف، و لذا فإن مقولة المساواة في الســيادة بين

، و الــتي تقضــها ذات الميثــاق بالســماح1945الدول تحدث عنها ميثاق األمم المتحدة عــام بمركز متفوق لعدد قليل من الــدول بمنحهــا حــق الفيتــو في مجلس األمن، تعــد ذات طــابع نضــري، و مســاواة قانونيــة بين الــدول كأشــخاص في القــانون الــدولي العــام، و لــذا فــإن االقتراحات التي تبديها الدول األقــل قــوة و الــتي تعــدم أن يكــون اإلجــراء المتخــذ من آليــة تسوية المنازعات بدال من اتخاذ اإلجراءات المضادة و التي تتخذ شــكال ثنائيــا، إذ أن التــدخل

.130الجماعي يكون لصالح جميع الدول األعضاء، و السيما الضعفاء منهم مما يجعل اآلمال بنقل مهمة التدخل من األعضاء إلى المنظمة عصية على التحقق، و لذا فإن على الدول األقل قوة و في مقدمتها دول العالم الثالث التكثل لترســيخ قيم العــدل

.104- نفس المرجع، ص 129. 2005- السيد عبد المنعم المراكبي، التجارة الدولية و سيادة الدولة، دار النهضة العربية، القاهرة، 130

51

ــة، و في ــة الدولي ــات التجاري ــوة في العالق ــدال من الظلم و ســيادة الق ــانون ب و ســيادة القالعالقات الدولية عموما.

المطلب الثالثالهيمنة االقتصادية

من الواضح انه حينما تتفـاوت القـوى بين أعضــاء الجماعـة الدوليـة فإنـه توجـد حتمـا عالقات متسـاوية بينهـا، بــل يحــدث كثــيرا أن يتوســع اختصــاص أحـد األعضــاء على حسـاب

اختصاص عضو آخر و هو ما يطلق عليه ظاهرة التسيد أو الهيمنة.ــاالت ــة في المج ــات الهائل ــة االســتعمارية و اإلمكان ــدول ذات النزع ــأت ال ــد لج و لقاالقتصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادية و العســكرية و السياســية إلى اســتخدام هــذه اإلمكانيــات الضــخمة لربــط الــدول الحديثــة االستقالل إلى عجلتها، فأبرمت معها العديــد من المعاهــدات إلقامــة القواعــد أو التســهيالت العسكرية و لتقديم المعونات و المساعدات الفنية و االقتصادية و قد ضمنتها شروطا قاسيةــــــــــــــــــــــيادة هــــــــــــــــــــــذه الــــــــــــــــــــــدول ــــــــــــــــــــــد من ـس تـح

و تكبل استقاللها بقيود ثقيلة للغاية و تؤدي إلى وقوعها في محيط ودائرة هيمنتها. لذلك ستناول في هذا المبحث مفهوم الهيمنة االقتصادية و مظاهرها باعتبارهــا إحــدى

أهم سمات النظام التجاري العالمي الجديد و هذا من خالل الفرعين التاليين :الفرع األول : مفهوم الهيمنة االقتصادية

الفرع الثاني : مظاهر الهيمنة االقتصادية الفرع األول

مفهوم الهيمنة االقتصادية تقوم الهيمنــة االقتصــادية على عــدة أســس أو لهــا األساســي التــاريخي و يتمثــل فيــذه ــف ه االستعمار من كافة جوانبه السياسة العسكرية و االقتصادية فهو الذي أدى إلى تخل البلدان، كما أن لها أساسا اقتصــاديا يتمثـل في آليــة اسـتغالل التخلـف االقتصـادي للبلـدانــة ــانوني للهيمن ــا األساســي الق ــد االســتقالل السياســي، أم ــا حــتى بع ــة لنهب ثرواته النامي االقتصادية، فيتمثل في قواعد القانون الدولي التقليدي و التي تدعم تخلف البلدان النامية و تدعم و تحمي الدول االستعمارية سابقا، و ال تحارب النظام الغير عادل للعالقات االقتصادية

.131الدولية فهناك دول ترتبط من الناحية االقتصادية ارتباطا كامال بدول أخرى، و مــع ذلــك يخــرج هذا االرتباط من مجال بحث الجوانب القانونية للسيادة بــرغم تــأثير ذلــك على ســيادتها من الناحية الفعلي، فعلى سبيل المثال : إذا ما عقدت اتفاقية بين دولتين اعتمدت إحداهما علىــة ليس األخرى اعتمادا كليا في شؤونها االقتصادية و السياسية فإنه من وجهة النظر القانوني هناك ما يمنع الدولة من أن ترتبط بمثل هذه االتفاقية، و هذا الربــط االختيــاري ال يــؤثر على السيادة كمفهوم قانوني إال انه يؤثر عليها من الناحية الفعلية، إن يؤدي مثل هذا الوضع على

.132أن تكون الدولة في حالة تبعية لدولة أخرى و تحت هيمنتها و في ذلك تأثير على كيانها - عمر إسماعيل سعد الله، تقرير المصير االقتصادي للشعوب في القانون الـدولي المعاصـر المؤسســة 131

و ما بعدها. 23، الجزائر، ص1986الوطنية للكتاب، ، مطبعة الجامعة، القاهرة. 1، ط1985- ممدوح شوقي كامل، األمن القومي الجماعي الدولي، 132

52

و تبعا لذلك فــإن الــدول المســتقلة اقتصــاديا هي فقـط الـتي تتمتــع بحقــوق السـيادةكاملـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة، و لذلك يتم الربط بين االستقالل السياسي و االســتقالل االقتصــادي، و من هنــا فــإن إكمــالالســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيادة أو نقصها يتطلب تكامــل العنصــرين معــا بمعــنى أن الســيادة من الناحيــة القانونيــة يجب أن

.133تكملها السيادة الفعلية و لم تعد التبعية تفرض من أعلى بالقوة ذلك ألن نظام الغــزو االســتعماري و االحتالل العسكري المباشر على نطاق واسع قد ولى زمانة فالنظام الذي حل محله متخــذا إشــكالية مختلفة ال تقل ضــراوة عنــه و إن كــانت اقــل بــروزا حيث ان البلــدان الضــعيفة خاصــة تلــكــا الغارقة في فخ القروض الخارجية المتراكمة مما فرض شروطه االستغاللية عليها و ربطه

.134ربطا وثيقا و نهائيا بعجلته و تمكن من إخضاعها لهيمنة المباشرة اقتصاديا و سياسيا و من ذلك سياسة إغراق بلدان العالم الثالث بالديون الخارجية إلى درجة تصبح معها عاجزة

و تلــك عي مثال حالــة معظم135عن الدفع، و مضطرة للدفع من رصيد سيادتهما و استقاللها بلدان أمريكا الالتينية التابعة اقتصاديا للواليات المتحدة األمريكية نتيجــة لضــعفها االقتصــادية وقت حصولها على استقاللها و هذا الضعف الذي كان سببه المستعمر هو الــذي أوقعهــا في

و ممــا يؤكــد أن الــدول الغربيــة136الهيمنة و التبعة االقتصــادية للواليــات المتحــدة األمريكيةــالث بهــدف تستخدم كل اإلمكانيات و األشكال من أجل تغلغلها في اقتصاد بلدان العــالم الث توطيـد تأثيرهـا و هيمنتهـا، و أن هـذه السياســة تشـكل من حيث الجــوهر امتـدادا السياســة

137االستعمارية القديمة و لكن بطرق ووسائل جديدة و من هنا تأتي مقولة االستعمار الجديد

أما المعونات الخارجية فهي معبر للتدخل في شؤون الدولةNew Colonialismو هو ما يعرف المقــررة لهــا و ذلــك لمصــلحة الدولــة الــتي تقــدم المعونــة فالتحليــل الــدقيق للمعونــات االقتصادية التي تقــدمها الواليــات المتحــدة األمريكيــة مثال يكشــف عن أن هــذه المعونــة لم تقدم في معظمها إلى تلك الدول التي يدل التحليل الموضــوعي القتصــادياتها على أن أكــثر احتياجالها أو أنها من وجهة النظــر االقتصــادية أكــثر اســتحقاقا لهــا فــالجزء األكــبر من هــذهــتراتيجية المعونة يذهب في الوقت الحاضر على قلة من الدول تشغل مركزا حيويا في اإلس الشاملة للسياسة الخارجية األمريكية فالدول الــتي توافــق بدرجــة أو بــأخرى على الســماح لوزارة الخارجية األمريكية بفرض بعض الســيطرة على سياســتها الخارجيــة، تتســلم معونــة اقتصادية أكبر و أي تغير في السياسة الخارجية للبلد المستلم، أو تعارض تلك السياسة مــع السياسة الخارجية األمريكية يسبب بدون شك نقصا حادا في كميــة المعونــة المســتلمة من أمريكا و قد يؤدي إلى قطعهــا، و لــذلك تعتــبر المعونــة االقتصــادية األمريكيــة أداة للتبعيــة و

.138مجرد مدفوعات عن خدمات تؤدى للواليات المتحدة األمريكيةــه الخارجيــة و يــذعن و هكذا يمكن للبلد المدين الذي يفشل في مواجهة مشكلة ديونــه عن في النهاية للضغوط الخارجية سوف يجد نفسه يعاني من آثار سيئة خطيرة، هي تنازلــة في ــات الدولي توجهاته االقتصادية و االجتماعية المستقلة و السماح بتدخل الدائنين و الهيئـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ـشـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــؤونه الداخلـي

.139و إطالق العنان لرؤوس األموال الخارجية للهيمنة على مقدرات البالد

133 -Karawicz (S.M) Same praspects of sovereinty in international bo w, (R.P.C) vol I, 1961, P15. - رزق الله هيالن، المديرية حصان طروادة لالستعمار الجديــد في البلــدان المتخلفــة، مؤسســة الوحــدة 134

.36 دمشق ص1987، 1للطباعة و النشر، ط.5 دمشق، ص1986، 1- محمد المصري، معركة الديون الخارجية، عروب للدراسات و النشر، ط 135 1966، دار المعــارف 2- شــارل يتلهيم ، التخطيــط و التنميــة ترجمــة إســماعيل صــبري عبــد اللــه، ط 136

. 43القاهرة، ص، دار الطليعة بيروت.1983، 2- طالل الباب، قضايا التخلف و التنمية في العالم الثالث، ط 137 و بعدها. 124، بيروت، ص1988-.كامل بدري، التنمية االقتصادية، دار الجامعية، 138

53

كما انتهى االعتقاد بأن المعونات أو المساعدات شكل من الكرم الــدولي المــنزه عن الغرض و أن تلقى المساعدات و عقد القــروض و استضــافة االســتمارات الخارجيــة تشــكل

كما أن النفوذ االقتصادي الذي تمارســه الــدول140مصدرا للتبعية يمكن أن تصل حد العبودية الرأسمالية في الدول الضعيفة كان يمهد الطريــق دائمــا مســيطرة التامــة أو حــتى الغــزو وـــــــــــــــــــل للســــــــــــــــــــيادة ـــــــــــــــــــدان الكاـم ـــــــــــــــــــؤدي إلى الفـق ـي و هذا النفوذ هو أحد األساليب التي تستخدمها دولــة قويــة لكســب هيمنــة طويلــة األمــد في المجالين االقتصادي و السياســي على دولــة أضــعف تحافــظ على ســيادتها الرســمية و لكن بصورة شكلية فحسب، كما أن الحاجة االقتصادية قـد أركعت في وقتنـا الحاضـر دوال كثـيرة للغرب و خاصة الواليات المتحدة األمريكية و أصــبحت من الناحيــة الواقعيــة تــدور في فلــكــــــــــــــــــــــــــــــة السياســـــــــــــــــــــــــــــــية نفـــــــــــــــــــــــــــــــوذه و هيمـن

و خاصة على الصعيد الدولي.

الفرع الثاني مظاهر الهيمنة االقتصادية

الهيمنة على القرار داخل المنظمات االقتصادية الدولية -1

من بين المسائل التي خيبت اآلمال في كل من صندوق النقد الدولي و البنك العالميــة هي مســألة ــع المؤسســات االقتصــادية الدولي ــة أي جمي و حــتى منظمــة التجــارة العالمي القيادات المتحكمة في هذه المؤسسات، فاألكيد أن هــذه المؤسســات ليســت واقعــة تحت هيمنة البلدان الصناعية األغنى فحسب، لكنها أيضا خاضعة للمصــالح التجــارة و الماليــة لمن هم بداخلها، فمن الطبيعي أن تعكس توجهاتهــا هــذا الوضــع، كمــا أن طريقــة اختيــار قائــدها األعلى تبين تماما يمثل مشكلة في هذه المؤسسات مما أضل بأدائهـا، فبينمـا تجـري كامـل نشاطات صندوق النقد و البنك الدوليين و بالتأكيد كل القروض التي يمنحانهــا اليــوم للعــالم النامي، نجد على رأسهما في اإلدارة ممثلين للعالم الصناعي حســب التقاليــد، أو بنــاءا على اتفاقا ضمني يكون دائما أوروبي على رأس صندوق النقد الــدولي و آخــر أمــريكي على

.141رأس البنك الدولي و القادة يتم اختيارهم بصورة سريةــؤون و لم يقترح أحد قط أنه من الضروري أن تكون لديهم الخبرة الدنيا المسبقة بش العالم النامي، فالمؤسسات الدوليــة أصـبحت ال تمثــل األمم الــتي تريــد أن تخــدمها، و لهــذا المشاكل مصدرا أخر يتعلق بمن يمثل الدول في هذه المنضمات ففي صندوق النقد الدولي نجد وزراء المال و حكام المصارف المركزية، و في منظمة التجارة العالمية وزراء التجــارة، و لكــل واحــد من هــؤالء ارتبــاط وثيــق بجماعــة معينــة في بلــده، فــوزراء التجــارة يمثلــون انشغاالت عالم األعمال أي المصــدرين الـذين يريــدون الحصــول على السـواق جديـدة تفتح أمام منتجاتهم و منتجي السلع الــذين تــزاحمهم المســتوردات، هــذه الجماعــة تريــد بالتأكيــدالمحافظـــــــــة على أكـــــــــبر قـــــــــدر ممكن العوائـــــــــق أمـــــــــام التجـــــــــارة،

، مطبوعــات1886،ــ 1- رمزي زكي، حوار حول الديون و االستقالل مع دراسة حــول وضــعية مصــر، ط 139. 51مكتبة مدبولي، القاهرة، ص

،1986- جورج قدم، التبعية االقتصادية مأزق االستدانة في العالم الثالث في المنضار التاريخي، الثالثة، 140. 79دار الطبعة، بيروت، ص

.2003، 1- جوزيف إستيغليتز، خيبات العولمة، ترجمة ميشال كرم، دار الفرابي، بيروت ط 14154

و على جميــع وســائل الـدعم الــتي يمكنهـا أن تقنـع الكــونجرس أو برلمانـات بلــدها بمنحهـاــاهزة،142إياها لذلك يقال الكثير عن سياسة هذه المؤسسات إذ يضفها البعض بأنها وصفة ج

يجب على من يتعامل معها أن ينفذ مجموعة من السياســات االقتصــادية في بلــده كتخفيض العملة المحلية و إلغاء الدعم الحكومي للسلع األساســية، إتبــاع سياســات اإلقــراض و الحــد من االستيراد، بناء احتياطي نقدي من العمالت األجنبية، و تمنع هذه الوصفة لكل دولة بغض النظر عن مشاكلها االقتصادية لهذا فشلت سياسات هاتين المؤسستين الماليتين في تقديم

.143وصفة فعالة للعولمة تكفل النمو االقتصادي للدول الناميةالتبعية التجارية -2

أ- على مستوى السوق اتســاع نطــاق1973لقد ترتب عن أزمة التضخم الركودي في البالد الرأسمالية منــذ

البطالة و ارتفاع تكاليف اإلنتـاج ارتفــاع أســعار المنتجــات الصــناعية. في ظــل ذلـك تولـدتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الحماـي النزـع و هي النزعة الرامية إلى الحــد من دخــول المنتجــات الصــناعية للعــالم الثــالث إلى أســواقــبية البالد الصناعية الرأسمالية، استنادا إلى أن هذه المنتجات تستطيع بانخفاض أثمانها النس أن تهدد المركز التنافسي للصناعات المحليــة للبالد المتقدمــة، و هــو مــا يعــني نقص معــدل

األرباح و ما يترتب عنه من بطالة و إفالس صناعي.ــددة و تحتوي السياسة الحمائية ضد صادرات الدول النامية عدة أشكال و أدوات متعــات ــل في نظــام التعريف ــير المباشــرة. و المباشــرة تتمث ــا المباشــرة و غ و متشــابكة منه

( و الترتيبــات التســويقية التقليديــة وquotasالجمركية و نظم تحديد االستيراد مثــل القيــود )قيود التصدير االختيارية.

أمــا غــير المباشــرة فعــادة مــا تكــون في صــورة المواصــفات أو المعــايير الصــناعية و االشتراطات الصحية و التسهيالت المالية و التجارية للصناعات المحلية.

% تتجــه للبالد الرأســمالية، فــإذا تــأثرت70و بما أن أغلب صادرات البالد الناميــة أي كثيرا باإلجراءات و التدابير الحمائية لهذه الدول الــتي جعلت نمــو صــادرات البلــدان الناميــة

.1985/1980% 6 إلى 1980/1970% سنويا خالل فترة 23ينخفض من و لقد اتجهت الحمائية و غيرها من أشكال التدخل من قبل البالد المتقدمة نحو التزايد منذ بداية عقد الثمانيات. و رغم نداءات المحافل الدولة للحد من النزعة الحمائية، فال تــزال البلدان المتقدمة تتخذ الكثير من اإلجراءات تشكل حواجز أمام صــادرات البلــدان الناميــة و

خاصة في الصناعات التي حققت فيها مزايا نسبية. و في هذا الصدد يشير اإلعالن االقتصادي لحركة دول عدم االنحياز الصادر في هراري

ــام ــابوي – ع ــدان1986– زمب ــة إلى البل ــدان النامي ــادرات البل ــزال ثلث ص ــه ال ي إلفى أن الرأسمالية يواجه إجــراءات تقييديــة و تــدابير تجاريــة ال مــبرر لهـا بحجــة مكافحــة اإلغــراق)

dumping.) لذا فإن استمرار الدول المتقدمة في انتهاكها لقواعد و مبــادئ معـايير نظــام التجــارة الدولية سيؤثر سلبا على تجــارة الــدول الناميــة و تنميتهــا و يقــوض و يــؤخر عمليــة التكيــف

الهيكلي لهذا النظام. و فيما يلي أبرز الشواهد على انتهاك مبادئ و معــايير نظــام التجــارة الدوليــة ســيؤثر ســلبا على تجــارة الــدول الناميــة و تنميتهــا و يقــوض و يــؤخر عمليــة التكيــف الهيكلي لهــذا

النظام. و فيما يلي ابــرز الشــواهد على انتهــاك مبــادئ و معــايير التجــارة الدوليــة من الــدول

الرأسمالية.

.44-43- نفس المرجع، ص 142.96، ص1999، لندن 1- عبد الله عثمان عبد الله، العولمة دراسة تحليلية نقدية، دار الوراق، ط 143

55

تصاعد اإلجراءات الحمائية و خاصة في مجاالت الصناعية الــتي عــرفت مزايــا نســبية)المالبس، الصلب، األحذية، و الجلود(.

تصاعد النزعة اإلقليمية في التجارة الدولية و اللجوء إلى الحلــول اإلقليميــة و الثنائيــةخارج اإلطار القانوني للتجارة الدولية.

اللجوء إلى حمائية المواد الزراعية عن طريق الــدعم الــزراعي حيث اتفقت أوروبــا وــد عن ــا يزي ــة م ــات المتحــدة األمريكي ــان و الوالي ــدعم71الياب ــرامج ال ــار دوالر على ب ملي

.144الزراعي %50التخلي عن المعاملة المتمايزة للبدان الناميــة، حيث تقــارير األمم المتحــدة أن

من صادرات أمريكا الالتينية تعاني نوعا من القيود من البلدان الرأسمالية الصناعية. تزايد سيطرة الشركات االحتكارية على القنوات التجارية، تشير اإلحصــائيات في هــذا

% من التجــارة العالميــة تتم بين الشــركات العالميــة الكــبرى و الفــروع40الصــدد إلى أن التابعــة لهــا و الموجــود خــارج البلــد األم. لقــد زادت القــوة التســويقية لهــذا الشــركات من سيطرتها و هيمنتها على التجــارة الدوليــة، و ذلــك على حســاب تجــارة الــدول الناميــة الـتي تعاني من الممارسات العنصرية و التقييدية التي تضعها هــذه الشــركات في وجــه صــادرات

البالد النامية. استخدام التجارة الدوليــة كــأداة للضــغط السياســي. و حيث يجب التنبيــه إلى اخطــرالتغيرات التي طرأت على السياسة التجارية الدولية في النصف الثاني من عقــد الثمانينــاتو هي ربط تجارة السلع ووسائل أخرى للبلدان النامية بسياسة االستثمار األجنبي المباشر.

و هكــذا تتحــول التجــارة من وســيلة لتحقيــق التنميــة إلى أداء قســرية في يــد الــدول المتقدمة لفــرض شــروطها على البالد الناميــة الــتي تعتمــد على التجــارة، و هــذا يعــني فتح أسواق الدول الرأسمالية لصــادرات البلــدان الناميـة مقابـل فتح أسـواق هـذه األخـيرة على

مصراعيها لالستثمار األجنبي. و يعد هذا أخطر تهديد النظام التجاري الدولي القائم.- على مستوى األسعار 2-1

إن عدم تحكم الدول النامية في تحديــد أســعار صــادراتها و في التقلبــات الــتي تطــرأ عليها من حيث آلخر، كان في صــالح الــدول المتقدمــة الــتي تمكنت من فــرض ســيطرتها و التحكم في تحديد كميات و أسعار التدفقات التجارية الدولية، و أدت التبعية السعرية للــدولــر النامية إلى انخفاض معدالت التجارية مع انخفاض حجم صادراتها في الثمانينات. األمر الم الذي كلفها خسارة كبيرة من العمالت األجنبية كانت في حاجة إليها إلنعاش اقتصادياتها التيـــــــــــــــــــــــــــــود ـــــــــــــــــــــــــــــاد و الرـك ـــــــــــــــــــــــــــــاني من لكـس تـع

و التخلص من خدمة ديونها. و قد أدى التدهور في معــدل التبــادل للــدول الناميــة و الــذي تعمــق بســبب انخفــاض

ثم1986% ســنة 19.5 إلى 1976/1980% خالل فترة 5.8أسعار النفط، حيث انتقل من ، إلى انخفاض فائض الميزان التجاري لهذه البلدان كمــا هــو1988145% سنة 1.7ارتفع إلى

.1مبين في الجدول رقم

1الجدول رقم الميزان التجاري البضائع للبالد النامية

الوحدة : مليار دوالر1980198519861987

111555.737جميع البلدان النامية.11، ص1989- مجلة التنمية الصناعية العربية، المنظمة العربية للتنمية الصناعية، بغداد 144. 124، مرجع سابق، ص1988- األمم المتحدة: االقتصاد العالمي عام 145

56

الدول المصدرة173.368.716.345.3للطاقة

الدول المستوردة8.3- 10.6- 13.2-16.3-للطاقة

.1988المصدر : األمم المتحدة حالة االقتصاد العالمي سنة يظهر من خالل الجدول أن الميزان التجاري للبلدان الناميــة وصــل إلى أدنى مســتوى

.1980 مليار دوالر سنة 111 مليار دوالر. بينما كان قد سجل 5.7، حيث سجل 1986سنة .1970و يعتبر هذا الفائض أدنى مستوى وصل إليه منذ

و يظهر كــذلك تــأثير انخفــاض أســعار النفــط على المــيزان التجــاري للــدول المصــدر مليار دوالر16.3 1980 مليار دوالر سنة 173.3للنفط، حيث انخفض فائضها التجاري من

52.4، و هــذا يعــني أن هــذه الــدول خســرت 1985 مليار سنة 86.7. مرورا بـ 1986سنة مليار دوالر في سنة واحدة.

ــه بقي ــا، لكن أما الدول المستوردة للطاقة، فرغم التحسن الطفيف في ميزان تجارته تحت الصفر طول هــذه المــدة. و ترجمــة معــدالت التبــادل هــذه إلى قيمــة دوالريــة نالحــظ

المكاسب و الخسائر الناتجة عن التغير في هذه المعدالت التجارية. مليـار15إن القوة الشرائية للصادرات بســبب تــدهور معـدل التبــادل التجــاري بلغت

. هذا التدهور في القــوة الشــرائية أدى إلى1985 مليار عام 24 و حوالي 1983دوالر سنة تقليص مساهمة القطاع الخارجي في عملية التنمية بالبالد النامية.

خــرت دول العــالم الثــالث1986و تشير تقديرات صندوق النقد الدولي انه في عــام مليار بسبب معدالت التبادل التجاري غير العادلــة. فــإذا كــان باإلمكــان شــراء1010حوالي

طن من الســكر ســنة133 و 1982 طن الســكر ســنة 24 حصــانا بــإيرادات 60جرار قوته 1987146.

فــإذا ســمح التحكم في األســواق و التقلبــات الســعرية للــدول الرأســمالية المتقدمــة باالستفادة لوحدها بمزايــا التبــادل الــدولي الالمتكــافئ مــع دول العـالم الثلث، و جعــل هــذه األخيرة تابعة لها لها في هذا المجال، فــإن الثــورة التكنولوجيــة و احتكــار إنتاجهــا و توزيعهــا شكلت أدوات جديدة استعملتها دول الشمال لتعميق تبعية دول الجنوب لها و نهب جزء من

الفائض االقتصادي المنتج بها.

التبعية التكنولوجية2-2 لقد اختلفت وسائل و ادوات السيطرة على الفــائض االقتصــادى بــاختالف التطــورات التي عرفتها الرأسمالية .فمن التجارة في عهد الرأســمالية التجاريــة و اســتعمالها كأســواق الى الرأسمالية الصناعية و التوسع في التصــنيع للســيطرة على الســوق . إلى الرأســمالية المالية و تصدير رأس المال كهدف لتوسيع األسواق إلى عصر الثورة التكنولوجية الذي عزز

موقع البالد المتقدمة بسبب تفوقها التكنولوجي.ــا .بحيث أن تعظيم الفــائض و بذلك أصبح الهدف الجديد يجمع األهداف السابقة جميع االقتصادي و توسيع األسواق و ضمان مصــادر المــواد الخــام و مصــادر الــتراكم الرأســمالي

.147أصبح بتحقيق احتكار التكنولوجي أو عبر السيطرة التبعية التكنولوجية

هافانا.1987- مجموعة السبعة و السبيعن : االجتماع الوزاري لسنة 146 -محمد عبد الشفيع- العالم الثالث و التحدى التكنولوجى الغربى –دار الطليعة للطباعو و النشر – بيروت 147

1984.57

لهذا ,فإذا كانت الدول المتقدمة حددت اتجاهات الطلب على صادرات الــدول الناميــة عن طريق القيود و التدابير الحمائية.فإنها أحكمت قبضتها على الجانب األخر و هــو العــرض

للناتج الصناعي من خالل التحكم بإمدادها بالمقومات المالية و التكنولوجية.ــة فزيادة علي أعباء التكلفة التكنولوجية على الدول النامية فان المقومات التكنولوجي سواء منها المعارف و المهارات التكنولوجيــة أو المنتجــات التكنولوجيــة كلهــا اســتجلبت من

licensesالخارج األولى عن طريق التراخيص و العقــود ) et contractsو الثانيــة عن تجــارة ) السلع الرأسمالية و انتقال الخبراء .

ــة في مجــالي العــرض و الطلب .فــان الســيطرة و من بين عناصــر الســيطرة التبعي التبعية التكنولوجية تحتل مركزا حاسما في شبكة العالقــات اإلنتاجيــة غــير المتكافئــة ضــمن

النظام الرأسمالي العالمي. فالصناعات المقامة بمقتضي هذه العالقات هي الجوهر صناعات تابعة تكنولوجية أنهــاــا ــذه الصــناعات و معه ــل ه ــا تنتق ــة و إنم ــة محلي صــناعات ال تســتند إلى قاعــدة تكنولوجيــة التكنولوجية منتجات التكنولوجية و بذلك تنشا صناعة محلية بدون قاعدة و قدرة تكنولوجي

محلة مستقلة. رغم أن الصناعات المقامــة في البالد الناميــة هي الصــناعات ذات تكنولوجيــة فقــدت مزاياها النسبية إال أن الطبيعة االحتكارية للسوق الدوليــة التكنولوجيــة كلــف الــدول الناميــة

مبالغ باهظة عند استيرادها. ( أنONUDIو في هذا الصدد تقدر مصادر منظمة االمم المتحــدة للتنميــة الصــناعية)

6 و ســترتفع إلى 1975تكلفة استيراد التكنولوجيــة بــالبالد الناميــة بلغت بليــون دوالر عــام . علما أن هذا التقدير ال يضم التكاليف الملحقــة و غــير المباشــرة و1985باليين دوالر سنة

ــدخل2 بليون سنويا و هو ما يعادل مــا بين 12 و 6المستترة و التي تتراوح ما بين % من ال.148القومي للبالد النامية

هذا و يمكن حصر السمة االحتكارية للتكنولوجية في العالقات التجارية في :ــدمات ــلع و الخ ــارة الس ــمالية في تج ــوق الرأس ــة للس ــدول النامي ــة ال ــة أغلبي تبعي

التكنولوجية. السيطرة الكاملة للشركات المتعددة الجنســيات في الســوق الــدولي للتكنولوجيــة و

من تم التحكم في أسعارها.

إن كل هذه األوضاع االقتصادية العالمية و مؤشرات تطــورات و خاصــة التغــيرات في أسعار السلع األساسية و زيادة معدل البطالة و هبوط معــدالت النمــو و التقلبــات الحــادة في أسعار الصرف و هبوط معــدالت نمــو الصــادرات و معــدالت التبــادل التجــاري و ارتفــاعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواردات، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتورة اـل ـف و بالخصــوص الغذائيــة و التكنولوجيــة منهــا، أدت إلى تــدهور أو عجــز مــوازين المــدفوعات

مليار ســنة36.7الجارية للبالد النامية و التي رأت الفائض في موازين مدفوعاتها المقدر بـ مليــار دوالر ســنة45.6 و 1982 مليــار دوالر. ســنة 77.5 يتحول إلى عجز قــدر بـــ 1980 ,و يرجع الجزء األكــبر في هــذا العجــز1988 دوالر سنة 13.0، رغم انه انخفض إلى 1986

ألعباء المديونية و مشاكل تسيرها التي تعانى منها الدول النامية .

المطلب الرابعاستقاللية النظام التجاري العالمي الجديد عن القوانين الوطنية

.266- نفس المرجع، ص 14858

ــدولي ميالد1995مع نفاذ اتفاقيات تحرير التجارة العالمية في بداية شهد المجتمع ال الــتي ضــمت في(149)شخص جديــد أضــيف إلى أعضــائه، أال و هــو منظمــة التجــارة العالمية

ترتيب عليها التزامات دوليــة كثــيرة ناجمــة عن تلــك(150)عضويتها عددا غير قليل من الدول االتفاقيات التي لم تؤثر في الدول كأشخاص دولية من حيث أمــد من اختصاصــاتها الداخليــة

فحسب، و إنما تعدت ذلك إلى التأثير في تفاصيل حياة الشعوب في مختلف المستويات. و إذا كانت انعكاسات اتفاقيات تحرير التجارة العالميــة على أعضــاء منظمــة التجــارة

فإن اآلثــار الواقعيــة لهــذه االتفاقيــات امتــدت إلى(151)العالمية تحمل طابع اإللزام القانوني أعضاء المجتمع الدولي عموما بحسبانها من نتائج العولمة، و هكذا أصبحت الكثير من الدول أمام حالة تفرض عليها حركة دائبة باتجاه تعديل تشريعاتها الوطنية بمــا يتناســب و األحكــام القانونية الواردة في اتفاقيات التجارة العالمية خاصة و أن القانون الدولي حسم األمر فيمــا يتعلق بوجوب مطابقة التشريعات الداخلية للمعاهدات التي تبرمها الــدول و منهــا اتفاقيــات تحرير التجارة العالميــة و بنــاءا على هــذا النص الــوارد في اتفاقيــة إنشــاء منظمــة التجــارة العالمية، فإن تعديل التشريعات الوطنية بالنسبة ألعضاء المنظمة يعد التزاما قانونيــا دوليــا، و إذا ما أخل أي عضو في المنظمــة بهــذا الجــانب يتم مســائلته دوليــا ليس فقــط بأســلوب التحكيم الدولي و لكن من خالل آلية فعالة أوجدتها المنظمة و هي آلية تسوية المنازعــات و هو ما يعكس مدى اســتقاللية النظـام القــانوني التفاقيــة تحريــر التجــارة العالميــة و بالتــالي النظام التجــاري العــالمي ككــل عن التشــريعات الداخليــة و الستيضــاح ذلــك بصــورة أوســع

سنرى مدى استقاللية النظام التجاري العالمي الجديد قانونيا و قضائيا من خالل : أوال : استقاللية النظام التجاري العــالمي الجديــد من خالل تمتعــه بآليــة

تسوية للمنازعات.ــد من خالل التحكيم ــا : اســتقاللية النظــام التجــاري العــالمي الجدي ثاني

التجاري الدولي.

الفرع األول استقاللية النظام التجاري العالمي الجديد من خالل آلية تسوية المنازعات

في اتفاقيات التجارة العالمية تتبع المنظمات الدولية وسائل تقليدية لتسوية المنازعات الناشئة بين الدول األعضاء، و من هذه الوسائل ما يطلق عليهــا الوســائل الدبلوماســية أو السياســية و هي المفاوضــات المباشــرة و الوســاطة و المســاعي الحميــدة و التوفيــق، و من الوســائل مــا يطلــق عليــه

.(152)الوسائل القانونية أو القضائية و هي التحكيم و المحاكم الدولية

- المادة الثامنة من اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية.149 - ال تقتصر العضوية في منظمة التجارة العالمية على الدول بل أيضا مقررة بالنسبة لالتحاد األوروبي150

(12( من اتفاقية إنشاء المنظمة كما أنها مقررة حسب المادة )1بموجب المادة الحادية عشرة فقرة )لكل إقليم جمركي مستقل في إدارة عالقات التجارة الخارجية.

- من الجدير بالذكر أن جانبا من الفقه األوروبي يرى أن محكمة العدل األوروبية قد أرست مبدأ عدم151 ضمن نظام المجموعة األوروبية، من خالل ثالثة أحكام في قضايا رفعتGAAT 47النفاذ المباشر التفاقية

أمامها يبدو أنه لم يتح لتلك المحكمة فرصة نظر قضايا أخرى في ظل اتفاقيات تحرير التجارة العالمية. ، ص2009 – دار الثقافة للنشر – عمان – 1- سهيل حسين الفتالوي – منظمة التجارة العالمية – ط152

219 .59

لكن الوضع االقتصادي الجديد الذي يشهده العالم في ظــل منظمــة التجــارة العالميــة فرض نوعا من المنازعات يتطلب حلها إتباع أساليب خاصة لتسويتها لم تعهــدها المنظمــات

الدولية األخرى القائمة من قبل. فقد أدركت الدول األعضــاء و هي بصــدد إنشــاء منظمــة التجــارة العالميــة أن قواعــد

1947و إجراءات تسوية المنازعات يجب أن تحظى باهتمام أكبر مما كــان عليــه في جــات لذلك تم إحداث ما يسمى بـ : مذكرة التفاهم بشأن القواعد و اإلجراءات التي تحكم تسوية المنازعات و أمام هذا التزمت الدول األعضــاء في المنظمـة بعـدم اتخــاذ إجـراءات منفـردة للــرد على االنتهاكــات المحتملــة و بالتقيــد بقواعــد و إجــراءات تســوية المنازعــات الــتي تم االتفاق عليها، باعتبار أنهـا عنصـر مركـزي في توفـير األمن و القـدرة على التنبـؤ في نظـام التجارة المتعددة األطــراف و هــذا اســتنادا لنص المــادة الثالثــة في فقرتهــا الثانيــة )مــذكرة

التفاهم(. (153)هذا و يمتاز نظام تسوية المنازعات داخل منظمة التجارة العالمية ببعض السمات

ــات ــوجب االتفاق ــة بم ــا المترتب ــاء و التزاماته ــوق األعض ــاظ على حق ــمحت بالحف ــتي س ال المشمولة و يوضح األحكام القائمة في هذه االتفاقــات وفــق القواعــد المعتــادة في تفســير

في23القانون الدولي العام فيمتاز بكونه نظام قاصر على المنظمة و هذا ما أكدته المـادة فقرتها األولى من مذكرة التفاهم، و يفهم من هذا أن الدول المدعية ال تستطيع اللجوء لغيرــة منظمة التجارة العالمية لتسوية نزاعاتها و على األخص تسويتها أمام محكمة العدل الدولي فكل دولة عضو في المنظمة ملزمة بتسوية نزاعاتهــا وفقــا لمــا تمليــه مــذكرة التفــاهم من قواعد و إجراءات و هو ما يظهر استقاللية آلية تسوية المنازعات في اتفاق التجارة العالمية

عن أي آلية أو جهاز دولي أو وطني آخر.ــائية :-1 أسلوب تسوية المنازعات التجارية الدولية كمظهر لالستقاللية القض

(ORD) إن تسوية المنازعات بين الدول األطراف في ظل منظمة التجــارة العالميــة يتم تحت إشراف جهاز تسوية المنازعات الذي يعتبر واحدا من األجهزة العامــة للمنظمــة، و من خالل دراســة الهيكــل التنظيمي لمنظمــة التجــارة العالميــة فــإن جهــاز تســوية المنازعــات يقــوم

(4بمباشرة مهامه من خالل المجلس العام للمنظمة و هذا وفقــا لمــا نصــت عليــه المــادة ) ( من اتفاقية مراكش التي جاء فيها أنه : "ينعقــد المجلس العــام حســب مــا يكــون3فقرة )

ذلك مناسبا لإلطالع بمسؤوليات جهاز تســوية المنازعــات المشــار إليهــا في وثيقــة التفــاهمالخاصة بتسوية المنازعات".

و وفقا لما تقدم أصبح نظــام تســوية المنازعــات في إطــار منظمــة التجــارة العالميــة تغلب عليه الصفة اإللزامية بما يجوز معه وصفه بأنه أصبح نظــام شــبه قضــائي، خاصــة مــعــة تبني مؤتمر األورغواي وجهة نظر الواليات المتحدة بإقرار تسوية منازعات التجارة العالمي

و مـرورا بمراحـل عـدة تم التوصـل إلى إرسـاء قواعـد و(154)عن طريق القضـاء و القـانونميكانيزمات قانونية مضبوطة ذات طابع إلزامي.

هــذا و ينشــأ مجلس عــام يتــألف من ممثلي جميــع الــدول األعضــاء و يضــطلع بمهــام مجلس المؤتمر الوزاري في المدد التي تفصل بين اجتماعاته و يضطلع المجلس العام أيضا بالمهام الخاصة بمسؤوليات جهاز تسوية المنازعات المشار إليه في وثيقة التفــاهم الخاصــة بتســوية المنازعـات و لجهــاز تســوية المنازعـات أن يعين رئيســا لــه و أن يضــع قواعــد

.(155)إجراءاته حسبما تقتضي الضرورة للنهوض بالمسؤولية

- أحمد مخلوف – اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية، دار النهضة – القاهرة، 153.426ص

. 527، ص 1996 – مركز اإلسكندرية للكتاب – ط 94- سمير عبد العزيز – التجارة العالمية و جات 15460

هــذا و نظمت االتفاقيــة أســلوب تســوية المنازعــات في مراحــل عــدة تصــاعدية تبــدأــد بالتشاور، إذ تنص الفقرتان الثانية و الثالثة من المادة الرابعة من مذكرة التفاهم على تعه كال الطرفين بالنظر في أية طلبات يقدمها الطرف اآلخر تتعلق بتدابير يتخذها الطرف األول في أراضيه و تضر بمصالح الطرف الثاني، و أن يوفر الفرصة الكافية للتشاور على أســاس

يوما من تاريخ تلقي الطلب و يؤدي عــدم30حسن النية على أال يتجاوز البدء بالتشاور مدة احترام الحدود الزمنية المنصوص عليها إلى إعطاء الحــق لمقــدم الطلب في أن ينتقــل إلى

و إذا مــا أخفقت( 156)المرحلة التالية من اإلجــراءات و يطلب تشــكيل فريــق من المحكمين ( يوما في التوصل إلى تسوية النزاع يجــوز للدولــة المدعيــة أن60المشاورات في غضون )

ــتزام بالضــوابط ــاق بالتغاضــي عن االل ــق من المحكمين و يســمح االتف تطلب تشــكيل فري الزمنية في الحاالت التي تعد عاجلة، إذ يجب في مثل هذه الحاالت الدخول في المشاورات في غضون فترة ال تتجاوز عشرة أيــام من تــاريخ تســلم الطلب و االلتجــاء إلى التحكيم في

يومــا بــدال من ســتين يومــا في20حالــة إخفــاق المشــاورات في غضــون مــدة ال تزيــد عن . (157)الحاالت العادية

و قد نظمت مذكرة التفاهم آلية عمل فريق التحكيم الذي يتألف من خمسة أشخاص بصفتهم الشخصية و ليس كممثلين لحكوماتهم أو أية منظمة من المنظمات الدولية، ســواءا كانوا حكوميين أم غير حكومــيين ممن عملــوا كممثلين لطــرف متعاقــد في اتفاقيــة الجــات

أو من المدرســين لمــادة قــانون التجــارة الدوليــة أو نشــرت لهم مؤلفــات في هــذا1947الميدان أو عملوا كمسؤولين كبار في السياسات التجارية لدى أحد األطراف.

و يشــترط في اختيــارهم أن يتــوافر فيهم الحيــاد و االســتقاللية و لــديهم المــؤهالت والخبرات و أن يكونوا من غير الدول المتنازعة.

و تقوم لجنة التحكيم بدراسة الموضــوع طبقــا لالتفاقيــة الخاصــة بموضــوع الــنزاع، و تتوصل إلى قرار أو توصية أو اقتراح لألحكام و الترتيبات المنصوص عليها في ذلك االتفاق و يرفع الفريق توصياته إلى الجهــاز على شــكل تقريــر مكتــوب يشــمل بيانــا بالوقــائع و مــدى انطباق األحكام ذات الصلة و المبررات األساسية على النتائج و التوصيات و ذلك في مدة ال تتجاوز ستة أشهر من تاريخ تشكيل الفريق في الحاالت العاديــة و ثالثــة أشــهر في الحــاالت

االستعجالية.ــا على و يعتمد جهاز تسوية المنازعات تقرير فريق المحكمين بعد مرور عشــرين يوم تعميمه على األعضاء بهدف إتاحة الوقت لدراســة التقريــر ليتســنى لهم تقــديم اعتراضــاتهم

على التقرير و بيان أسباب االعتراض خالل عشرة أيام. كما يحق لألطراف المتنازعة استئناف القرار أمام جهاز دائم لالستئناف يشكله جهــاز تسوية المنازعات بشكل دائم و يتكون من ســبعة أشــخاص يتم اختيــار ثالثــة من بينهم لكــل قضية و يعملون بالتناوب من خالل نظام تحدده إجراءات عمل جهـاز االســتئناف لمـدة أربـع

. (158)سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة هذا و يشترط في جهاز االستئناف أن يتكــون من أشــخاص تتمتعــون بكفايــة و مكانــة

رفيعة و خبرة في مجال القانون التجاري، و يتم تعيينهم بصفته الشخصية. و ينظر جهاز االستئناف في قرارات هيئــة التحكيم و الجــوانب القانونيــة و التفســيرية الواردة في تقرير المحكمين و كذلك التأكد من قانونيــة قــرار التحكيم، و لجهــاز االســتئناف حق إقرار نتــائج و اســتنتاجات فريــق التحكيم أو تعــديلها أو نقضــها، و يعتمــد قــرار جهــاز

- أسامة المجذوب – الجات، و مصر و البلدان العربية من هافانا إلى مراكش – الدار المصرية اللبنانية –155. 1996- 2ط- الفقرتان الثانية و الثالثة من المادة الرابعة من اتفاقية منظمة التجارة العالمية.156- أسامة المجذوب – المرجع السابق.157.92- أسامة المجذوب – المرجع السابق – ص 158

61

التســوية و تلــتزم بــه الــدول األعضــاء الصــادر بحقهــا، و يعــد قــرار الجهــاز نهائيــا و واجب ، و هذا ما يبرز استقاللية منظمة التجارة العالمية في حل النزاعات الناشئة بين(159)التطبيق

الدول المنضوية تحتها دون اللجوء إلى آليات من خارج المنظمة. حق التقاضي في منظمة التجارة العالمية و مبدأ االستقاللية-2

يحق للمنظمة الدولية تسوية منازعاتها الدولية مع الدول األعضاء و غير األعضاء و المنظمات الدولية األخرى بالطرق السليمة، و ذلك باللجوء للوسائل السياســية أو الوســائلــة أو التحكيم الــدولي بصــفة مــدعي أو مــدعى القضــائية كالتقاضــي أمــام المحــاكم الدولي

،و تحدد معاهدة إنشاء المنظمة الدوليــة اإلجــراءات الــتي تســتخدمها المنظمــة في(160)عليه التقاضي أمام محاكم دولية خاصــة ملحقــة بهــا، من ذلــك محكمــة العــدل الدوليــة الملحقــة

باألمم المتحدة. و على الــرغم من أن اتفاقيــة منظمــة التجــارة العالميــة لم تنص على حــق المنظمــة بالتقاضــي أمــام المحــاكم الدوليــة، و أوكلت مهمــة تســوية المنازعــات الناشــئة بين الــدولــك ال األعضاء إلى المنظمة نفسها، إذ أنها المرجع األساسي في تسوية المنازعات، إال أن ذل يمنع من أن يكون للمنظمة حق التقاضي أمام المحاكم الدولية بصفة مدعي أو مدعي عليه إذ يجوز للمنظمة إنشاء محكمة تحكيم أو محكمة خاصة بها لتسوية المنازعات الناشئة بينهــا و بين الدول أو المنظمات الدولية األخرى عبر إحالة نزاعها إلى محكمة العدل الدوليــة قبــل

نشوء النزاع أو بعده. و من الناحية العملية فإن منظمة التجــارة العالميـة ال تلجـأ للقضــاء الـدولي ذلـك ألن طبيعــة تســوية المنازعــات داخــل المنظمــة تحــل بطــرق غــير قانونيــة تقــوم على تســويةــة المنازعات فيها تعتمد على قواعد اقتصادية و سياسية لهذا فإنها لم تعتمد األسس القانوني و القضائية لتسوية المنازعات سواءا أكانت تلــك المنازعــات ناشــئة بين الــدول األعضــاء أم بينها و بين منظمة التجارة أم بين المنظمة و الدول غير األعضاء، و هذا ال يعني أن المنظمة ال تتمتع بحق التقاضي و لكنها ال تلجأ إليه و كان المفروض أن تميز اتفاقية إنشــاء المنظمــة بين المنازعــات القانونيــة و المنازعــات المهنيــة، فتعمــل على تســوية المنازعــات القانونيــة بوسائل قانونية كالتحكيم و القضاء، و تسوية المنازعـات المهنيــة عن طريــق القواعـد الــتي

. (161)اعتمدتها اتفاقية إنشائهاالفرع الثاني

استقاللية النظام التجاري العالمي الجديد من خالل مبدأ استقاللية التحكيمالتجاري الدولي

التحكيم هو اتفاق بين أطراف عالقة قانونية عقدية أو غــير عقديــة – درج الفقــه على ، و هـو الـذي يحــدد(162)أن يطلق عليها العالقة األصلية أو العقـد األصـلي أو العقـد األساسي

حقوق و التزامات أطراف هذه العالقة باللجوء لحل كل أو بعض المنازعات القائمة أو (163)التي ستنشأ إلى شخص أو أشخاص يسمون بالمحكمين، و ينتهي بصدور قــرار تحكيمي

. 225- سهيل حسين الفتالوي – مرجع سابق – ص 159 على حق المنظمة في إجراء1947( من دستور منظمة العمل الدولية لسنة 39- نصت المادة )160

( من اتفاقية البريد العالمية المصادق عليها في العراق12التعقيبات القانونية، كذلك ما نصت عليه م ) و المادة األولى من اتفاقية مزايا و حصانات – جامعة الدول العربية عام1950( لسنة 13بالقانون رقم )

1953.. 116- سهيل حسين الفتالوي – المرجع السابق – ص 161 ،1981- أبو زيد رضوان – "األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي" – دار الفكر العربي – مصر – 162

. 19ص - يجب أن نميز بين اتفاق التحكيم الذي يبرم بين أطراف العقد األصلي و بين عقد التحكيم الذي يبرم163

بين أطراف العالقة األصلية من جهة و المحكمين من جهة أخرى. 62

و اتفاق التحكيم قدير و بشأن عالقــة قانونيــة داخليــة فتكــون بصــدد تحكيم داخلي، كمـايكون بصدد اتفاق تحكيم تجاري دولي، و هو ما يدخل في إطار دراستنا.

و في مفهومه المبسط، يقوم للتحكيم على اتفــاق طــرفي عالقــة قانونيــة معينــة في إطار القانون الخاص، على تسوية نـزاعهم التجـاري و المـالي عن طريـق شـخص خـاص أو أكثر يتم تعيينهم من الطرفين مباشرة أو بطريقة غير مباشرة أو من جهة أخرى، و في حال عدم االتفاق على مثل هذا التعيين، عادة ما تكون وسيلة التعيين هي القضاء، و ذلك إلصدار حكم نهائي ملزم بشأن هذا النزاع بدال من القضــاء الرســمي، و ينفــذ هــذا الحكم كاألحكــام القضائية إذا ما توافرت فيه الشروط القانونية، و كمثال يجسد لنا مفهــوم التحكيم أن يتفــق )أ( و )ب( في عقد البيع بينهما أو يتفق )أ( و )ب( و )ج( في عقد الشــركة بينهم على إحالــة أي نزاع ناجم عن العقــد إلى التحكيم في هــذه الحالــة، إذا نشــأ الــنزاع فعال، فيتــوجب على الطرف المعني )أ( مثال أن يلجأ للتحكيم لتسوية هذا النزاع و ليس إلى المحاكم النظاميــة وــراف إلى ــل األط ــة أن تحي ــة فعلى المحكم ــدعوى إلى المحكم ــدم ب ــرض أن )أ( تق على ف

التحكيم إذا توفرت شروط ذلك. فالتحكيم إذن ينزع من حيث المبدأ االختصاص من القضاء الرسمي و يعطيه لشــخص أو هيئــة أخــرى لتصــبح هي صــاحب االختصــاص بالفصــل في الــنزاع، و بالتــالي فهــو بتمتــع باالســتقاللية عن القضــاء الرســمي، و يســتند التحكيم في التجــارة الدوليــة على االتفاقيــات

التالية :.1958معاهدة نيويورك بشأن االحتراف و تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية عام -1.1961المعاهدة األوروبية للتحكيم التجاري الدولي المبرمة في جنيف عام -2ــا1961اتفاقية دول أمريكا الالتينية )اتفاقية مونتفيديو( المبرمة عام -3 و تم العمــل به

.1965عام .1965 مارس عام 18( في C.I.R.Dاتفاقية البنك الدولي لالستثمار و التعمير )-4 اتفاقية تســوية منازعــات االســتثمار بين الــدول المضــيفة و الــدول االخــري )اتفاقيــة-5

(.1965واشنطن عام ــة األمم المتحــدة في -6 21القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر من لجن

)قواعد اليونسترال(.1985يونيه نظام التحكيم التجــاري األمــريكي بواســطة اتحــاد التحكيم األمــريكي و لعــل أهم مــا-7

يستخلص من مفهوم التحكيم هو الممــيزات و الخصــائص اإليجابيـة الـتي تجعـل منــه . و(164)وسيلة متجددة و صالحة لكــل زمــان و مجتمــع لحــل نزاعــات التجــارة الدولية

فيما يلي سنتطرق لمبدأ استقاللية التحكيم التجاري الدولي من خالل استقالل اتفاقــتقالل التحكيم ــة أولى ثم اس ــلي كمرحل ــد األص ــدولي عن العق ــاري ال التحكيم التج

التجاري الدولي عن أي قانون وطني كمرحلة ثانية. استقالل اتفاق التحكيم التجاري الدولي عن العقد األصلي -1

يرجــع ســبب تبــني مبــدأ اســتقاللية اتفــاق التحكيم التجــارب الــدولي إلنقــاذ العمليــة التحكيمية من المناورات الكيدية التي قــد يعمــد إليهــا أحــد أطــراف العقــد األصــلي إلفســاد

و قــد(165)العملية التحكيمية و ذلك على النحو الذي يساعد اتفــاق التحكيم على إنتــاج آثــارهــدأ استعمل مصطلح االستقاللية ألول مرة بهذا المعنى من طرف القضاء الفرنسي، و هو مب

و حتىPrincipe of Separabilityأخذ الفقه اإلنجليزي وقتا طويال لالعتراف به حيث يطلقون عليه الفقه الفرنسي يرى أنه لتفادي الخلط بينــه و بين مفــاهيم أخــرى يجب اســتعمال مصــطلح

، دار هومة للنشر، ص2009 – 2- عمر سعد الله – قانون التجارة الدولية – النظرية المعاصرة – ط 164276.

- تراري ثاني مصطفى "استقاللية اتفاق التحكيم كمبدأ من مبادئ التحكيم التجاري الدولي المعاصر"165 .10 ص 9، عدد 2003دار القبة للنشر و التوزيع مقال منشور في مجلة الدراسات القانونية.

63

(166)detachments au independence au (167) séparabilityغير أنه غالبا ما يستعمل لهذا المعنى مصــطلح و كان هذا المبدأ أول ما ظهر في ،Principe d’autonomie(168)االستقاللية عن العقد األصلي عبارة

، في1963االجتهاد القضــائي الفرنســي، حيث كرســته محكمـة النقض الفرنســية في مـاي ــي" » ــة "غوس ــية المعروف ــوصGosset »169 القض �ــرس في النص ــدأ ك ــذا المب ، و رغم أن ه

القانونيــة، إال أننــا ال نجــد تعريفــا لــه من خاللهــا و هي مســألة تــركت للفقــه، فنجــد الفقــه عرف استقاللية اتفاق التحكيم بأن ننظر إلى اتفاق التحكيم الوارد في عقد على(170)العربي

أنه عقد قائم بذاته، رغم أنه ليس إال جزء من هذا العقد أو أحد بنوده غير انه يمكننا أن نالحظ بــروز مفهــوم اســتقاللية اتفاقيــة التحكيم بــالنظر إلى العقــد-

االصلى أو بالنسبة أيضا إلى القانون عن أي قوانين وطنية أخري و هو ما لم تظهر له-exالمذاهب الفرنســية أي أهميــة ســوي أنهــا اعتبرتــه متفقـا مــع مايســمي بشــريعة )

Mercatoria171( التى تعتبر اساسا لنظرية االستقاللية). و في تعريف آخر، المقصود باالستقاللية إذا كان العقد األصلي باطال أو فســخ فهــذا ال يؤثر في اتفاق التحكيم نفسه، فاتفاق التحكيم و إن كــان يــرد في العقــد األصــلي إال أن لــه

. (172)ذاتية متميزة و مستقلة و هناك من عرفه على أن شرط التحكيم مســتقل قانونــا عن العقــد األصــلي، مصــدرــد األصــلي، و الرابطة القانونية، فهو تصرف قانوني مستقل، و قائم بذاته، و إن تضمنه العق من ثمة فقد يتصور صحة شـرط التحكيم، رغم بطالن العقـد األصـلي، و الـذي يتضــمن هـذا

. (173)الشرط، إال إذا كان سبب البطالن يشمل أيضا شرط التحكيم كما جاء في تعريف آخر أن المقصود باســتقاللية اتفــاق التحكيم هــو أن ال يتــأثر ذلــك االتفـاق سـواء كـان في صــورة شــرط التحكيم أو مشـارطة التحكيم ال يــرتب بطالن العقـد

. (174)األصلي أمــا الفقــه العــربي فجــاء تعريفــه لالســتقاللية في نفس اإلطــار حيث اعتــبر أن مبــدأ االستقاللية يعني أن اتفاق التحكيم يكون من الممكن فصله عن العقــد األصــلي المــبرم بين

و قــال آخــرون أن االســتقاللية تعــني أن (175)األطراف و من ثمة يكــون متمتعــا باالســتقاللية اتفاق التحكيم يعتبر منفصال عن العقد األصــلي الـذي يتضــمنه، بحيث أن وجـوده و صـحته ال

.(176)يتأثر في حالة ما إذا شاب العقد األصلي عيب يجعله باطال

166 -Robert (J), « Arbitrage civil et commercial – droit interne et droit international privé éd 06, 1994.167 -Mayer (P) Gaillard (E), « Arbitrage commercial international, op, cit, P. 86.

168- J. Cla. P. C, Fase 1054, P 4 N° : 05.169 -Cass. Civ, 07 mail 1963K Rev grit DIP, P 615, note Motulsky (H) - لم يلق مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن العقد األصلي العناية الكافية من جانب الفقه المصري، كما170

أن اآلراء اختلفت بشأنه على سبيل المثال نجد أبو الوفا أحمد، و عند معاجلته للموضوع، لم يتعرض إال بطريق ضمني غير مباشر و ذلك عندما تناول جانبا واحدا فقط في صدد مناقشة أثر اتفاق لتحكمي في

شأن تنفيذ عقد على الطلبات الخاصة بفسخه أو إبطاله، راجع مؤلفه "التحكيم االختياري و اإلجباري".22 و 21، ص 1987الطبعة الثالثة منشأة المعارف اإلسكندرية

171-Larbitrage commercial internatinal –Trari Tani (M) Bryllant -2011 P.331 1.442 – ص 2003- عبد الفتاح ترك – "التحكيم البحري" – دار الجامعة الجديدة للنشر – 172. 63 – ص 2003- عمر التحيوى – العنصر الشطحي لمحل التحكيم – دار الفكر الجامعي – 173 –2004- قادري عبد العزيز – االستثمارات الدولية – التحكيم الدولي ضمان االستثمارات – دار هومة – 174

.268ص Robert (J), Op. Cit, P 363 - - أنظر :175176 -Red Feru (A), et Hunter (M) – « La nation d’autonomie de la clause d’orbitroge est à la fois qu’une clause d’arbitrage est

considérée comme détachée du contrat dont elle fait partie, de sorte que son existence n’est pas affectée lorsque le contrat pour une raison ou une l’autre caduc », doirt et pratique de l’arbitrage commercial l’international – traduit de l’anglais par Eric

Robine 2 éd. L.G.P.J .64

« حيث يرى أن Mayer  ونود أن نشير إلى تعريف المبدأ من زاوية أخرى، و هو لألستاذ » : "االســتقالل الموضــوعي يتطــرق إلى العالقــة بين اتفــاق التحكيم و العقــد األصــلي الــذي يحتويه، بمعنى أنه ال يتأثر باحتمال عــدم صــحة هــذا األخــير، فاالســتقاللية بهــذا المعــنى هي

تحصين التفاق التحكيم في مواجهة أسباب احتمال عدم صحة العقد األصلي. فالفقيه عرف االســتقاللية من حيث الهــدف الــذي تهــدف إليــه، و هــو تحصــين اتفــاق التحكيم من أسباب بطالن العقـد األصـلي أو فسـخه و من ثمـة نـزع اختصـاص المحكم في الفصل في النزاع، فجاء هذا المبدأ ليصدى أمام أي تذرع ببطالن العقد األصلي التهــرب من

، بالتــالي و من خالل هــذه التحريضــات(177)الخضوع للتحكيم و اللجــوء إلى القضــاء العــادي لمبدأ استقاللية التحكيم التجاري الدولي عن العقــد األصــلي تــرى مــدى اســتقاللية التحكيم التجاري الدولي الذي هو أحد رعائر النظام التجاري العالمي الجديــد في تســوية المنازعــاتــائية بحيث يبقى عن أي قواعد قانونية داخلية أو رسمية تتحكم به أو حتى سلطة داخلية قض مستقال بذاته و هو ما يساهم في استقاللية النظــام التجــاري العــالمي الجديــد عن القــوانين الوطنية و هو سنضطلع عليه الحقا من خالل معرفة مدى استقاللية التحكيم التجاري الدولي

عن القوانين الوطنية.- مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدولي عن كل قانون وطني 2

بعد أن كرس مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن العقد األصلي في معظم النصوص القانونية و االجتهاد القضائي و التحكيمي، و تصديا لمناورات و تحايل األطراف للعدول عن

اتفاق التحكيم مما يؤثر على فعالية اتفاق التحكيم، ظهر مفهوم جديد إلستقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدولي بفك االرتباط ليس فقط و بين العقد األصلي المتعلق به، و إنما

ذهب إلى أبعد من ذلك بتقرير مبدأ االستقاللية عن كل قانون وطني داخلي يمكن أن يخضعله اتفاق التحكيم بأن أصبح اتفاق التحكيم صحيحا و قائما بمجرد اتفاق األطراف عليه. إن مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن كل قانون وطني هو مفهوم ثان أو التصور

، فاالستقاللية بهذا المعنى لم تعدFOUCHARD(178)الحديث الستقاللية اتفاق التحكيم. فحسب تعني فقط االستقاللية العقد األصلي، و إنما االستقاللية بالنسبة لمختلف القوانين الوطنية

التي يخضع اتفاق التحكيم لها بتطبيق منهج التنازع المعروف في إطار عالقات القانونالدولي الخاص.

لكنه يرى أن االستقاللية بهذا المعنى، يمكن أن عليه أنه يضعنا أمام حالة العقد بدون . إال أن الواقع يبين أن األخذ بمبدأ االستقاللية عن كل قانون وطني ليس بهذا، و(179)قانون

.(180)إنما المقصود هو إيجاد طريقة لتحديد المعايير الواجب تطبيقها لتقدير صحة التحكيم و يضيف أن هذه المعايير تتجلى في ثالث " الطريقة التنازعية، طريقة القواعد

.infavorem(181)المادية، و الطريقة التي تجمع بين المنهجين السابقين فهو يرى أنه إذا كانت االستقاللية الموضوعية تتعلقMayerأما بالنسبة لبيار ماير

بعالقة اتفاق التحكيم بالعقد األصلي الذي يتضمنه، فإن االستقاللية القانونية تتعلق بالنظام

177 - Mayer (P) : "l'autonomie substantielle au matérielle envisage la commentions d'arbitrage par rapport au contrat qui la contient elle consiste à tenir pour autonome la commentions d'arbitrage par rapport au contrat dans laquelle elle est stipulée de

sorte qu'elle est affectée par l'invalidité de ce dernier en d'outres terme, l'autonomie substantielle consiste à immunises la cimentions d'arbitrage à l'égard des causes d'immobilité susceptible d'affecter le contrat contenant la dite commentions"

opcit.P79.N125

178-Fouchard(Ph), Gaillard(E), Goldman(B), Op.Cit. ,p234, n°420. - راجع مؤلف عبد الكريم سالمة )أحمد(، "نظرية العقد الدولي الطليق بين القانون الدولي الخاص و179

قانون. - أنظر أبو زيد رضوان، "القانون أو القواعد التي تحكم موضوع النزاع" المقال السابق، القسم الرابع،180

".15، تراري تان )مصطفى(" استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدولي "المقال السابق، ص 9ص

181-Fouchard(Ph), Gaillard(E), Goldman(B), Op.Cit. ,p.234, n°420. .65

القانوني الذي يجب أن يخضع له اتفاق التحكيم، و باعتبار أن اتفاق التحكيم هو اتفاق دولي فمن المفروض أن يخضع لقواعد القانون الدولي الخاص المتعلقة بتحديد القانون الواجب

التطبيق و إلى منهج التنازع. إال أن في الممارسات الحديثة لنظام التحكيم بدأت تبتعد شيئا فشيئا عن هذا المنهج لتحديد القانون الواجب التطبيق. و عليه إقصاء منهج التنازع و طريقة

. و(182) هذه االستقاللية في مبدأ صحة اتفاق التحكيمAbsorptionاإلسناد و محاولة استغراق عليه فاستقالل اتفاق التحكيم الدولي يجب تقديره ليس فقط بالنسبة الشتراطات العقد

األخرى و لكن أيضا بالنسبة لكل قانون وطني لدولة معينة. نالحظ من خالل التعاريف المذكورة أن الفقه و في غياب تعريف قانوني أو قضائي

للمبدأ، يفضل أن يكون تعريفه أوال باإلشارة إلى المنهج التقليدي المطبق على العقود ،(183)الدولية و هو منهج التنازع، و أنه منهج ال يتناسب مع اتفاق التحكيم التجاري الدولي

لكون هذا األخير هو عبارة عن اتفاق ذو طابع مختلط، و بالتالي فإن عملية التكييف و اإلسناد عملية طويلة و صعبة، و أن الهدف من اللجوء لنظام التحكيم هو السرعة. و تفاديا لهذه الصعوبة، ظهر حل يتمثل في األخذ بقاعدة استقاللية اتفاق التحكيم التجاري الدولي

)أو مبدأ الصحة( كقاعدة مادية دولية. و قد تجسد هذا المبدأ ألول مرة في حكم محكمة استئناف باريس في قضية هيشت

HECHET و قد سبق ذكره(، فبعد أن أكدت محكمة(184)1972 يونيه 19 الصادر في( ، االستئناف استقالل اتفاق التحكيم اتجاه العقد األصلي بعبارات مرادفة لتلك التي استخدمها

القضاء في قضية غوسي، ذهبت إلى مدى أبعد من مجرد ترتيب النتائج التي تترتب على مبدأ استقالل اتفاق التحكيم عن العقد الذي يتضمنه. فهذا الحكم لم يسند اتفاق التحكيم

إلى قانون وطني لدولة معينة، و استخلص صحة هذا االتفاق من مجرد اتفاق إرادةاألطراف على اللجوء إلى التحكيم.

1972 يوليو 04و قد أيدت محكمة النقض هذا الحكم بموجب حكمها الصادر في بموجب هذا الحكم فقد قررت محكمة النقض قاعدة موضوعية مفادها صحة اتفاق التحكيم

في المعامالت الدولية الخاصة أيا كان القانون الداخلي واجب التطبيق، سواء كان هذا القانون هو القانون الفرنسي، أم هو قانون أجنبي، و بصرف النظر عن القانون الذي يحكم

.(185)العقد األصلي و ذلك الذي يحكم شرط التحكيم 25و قد قررت محكمة استئناف باريس في حكم تلى الحكم السابق حكم صدر في

، أنه ليس فقط أن اتفاق التحكيم ال يخضع للقانون الذي يخضع له العقد1972يناير األصلي، بل قررت صحة اتفاق التحكيم استنادا إلى إرادة األطراف و الئحة مركز التحكيم

الذي ارتضى األطراف الخضوع له، و ذلك دون أن تستند إلى قانون وطني معين يقرر صحةهذا االتفاق.

182- Mayer (P) ; « Alors que l’autonomie substantielle envisage la convention d’arbitrage dans ses rapport avec le contrat qui la contient l’autonomie juridique vise le régime juridique de la convention d’arbitrage c'est-à-dire les règles qui la gouvernent. = Le régime juridique de la convention d’arbitrage lorsqu’il s’agit d’une convention d’arbitrage international ou sens de droit international privé peut être déterminé sur la base d’un raisonnement de type conflictuel. Dans cette hypothèse, l’autonomie juridique de la convention d’arbitrage se manifeste par l’autonomie de rattachement de la convention par rapport au contrat qui la contient.

La pratique contemporaine du droit de l’arbitrage écarte cependant de plus en plus fréquemment, la technique conflictuelle dans la détermination du régime juridique de la convention. L’autonomie juridique se manifeste, alors par l’exclusion de la méthode du rattachement et l’absorption du principe d’autonomie dans un principe de validité de la clause d’arbitrage » op. Cit., P .86, n° 136.

ــأة183 - عبد المجيد )منير(، التنظيم القانوني للتحكيم الداخلي و الدولي في ضوء فقه و قضاء التحكيم، منش.117، ص 1997المعارف،

184- C.A.P 13 / 1975, Rev. A.rb. 1972, P. 67 ; note FOUCHARD (PH).185 -En matière d’arbitrage international, l’accord compromissoire présente une « complète autonomie .»

66

أين كانت الصياغة أكثرBEHAR(187) و كذلك في قرار MENCUCCI(186)و كذلك في قرار حزما، حيث قضت محكمة االستئنافية تولوز بأن استقاللية اتفاق التحكيم الذي يتضمنه

العقد الدولي يجب أن تكون مقدرة، ليس فقط بالنسبة لباقي أحكام العقد، و إنما أيضابالنسبة لكل قانون داخلي.

فمن خالل هذه القرارات، نجد أن هناك منحى جديد، يأخذ باستقاللية اتفاق التحكيم ليس فقط عن العقد األصلي، و إنما عن كل قانون وطني، حتى و لو كان واجب التطبيق

على اتفاق التحكيم، سواء كان مصدر هذا الوجوب هو إرادة األطراف الصريحة أو الضمنية، و في حالة غياب هذه اإلرادة في تعيين القانون الواجب التطبيق يتعين القاعدة المادية

الدولية في مسألة وجود و صحة اتفاق التحكيم. نشير إلى أن معنى استقاللية اتفاق التحكيم عن كل قانون وطني ال تعني بالضرورة

خروج اتفاق التحكيم من ربقة و سطوة قانون الدولة، و إن كان البد من ذلك، فهو بالضرورة داخل تحت سلطان قانون آخر يتالءم مع معطياته، هو قانون من صنع القضاء في

في أوساط التجارة الدولية، وCreation spontanéeمجال العقود الدولية أو نتيجة للخلق التلقائي . (188)لكنه يدخل في مفهوم القانون بالمعنى الواسع

دور التحكيم كبديل عن القضاء الوطني :-3 لقد عرف التحكيم التجاري الدولي انتشارا واسعا و نال خطأ كبيرا في ميدان التجارة الدولية و عالقات التعاون الدولي فى المجال الصناعي و التقني و العملي كطريق

لفض المنازعات فى المجاالت األخيرة و ذلك الن هذه المنازعات ال يتم حلها فى المحاكم القضائية , و إنما من طرف المحكمين , و الذين يتم اختيارهم بمعرفة األطراف

من طرف القاضي . التى يتمتع بها التحكيم هي خبرته التطبيقية فى معالجة( 1)و لعل من بين المزايا الكثيرة

منازعات التجارة الدولية و السرعة فى الفصل فيها ,حيث قال أرسطو ""العدالة" بينما ال يعتد القاضي إال بالتشريع , و عليه فالتحكيم نظام لتسوية المنازعات عن طريق

وسيلة أخري يرتضونها. و بما آن التحكيم أصبح في الوقت الحالي الطريقة الشائعة لفض المنازعات في

مجال عقود التجارة الدولية و نتيجة لهذا اإلقبال اختصت العديد من الغرف التجارية فى هذا المجال, و انشات فيها هيئات للتحكيم , كما أنشئت مراكز عديدة ,للتحكيم

على الصعيد الدولي, أهمها محكمة لندن , جمعية التحكيم األمريكية في نيويورك , لجنةالتحكيم للتجارة الخارجية في الصيف و غيرها.

لقد تجلت استقاللية التحكيم التجاري الدولي عن القضاء الرسمي الوطني فى ظهور مؤسسات تحكيمية مستقلة بذاتها ,حيث ظهر نجاح هذه المؤسسات التحكيمية

في مقابل المحاكم الوطنية. و هذا ليس فقط بسبب كفاءة المحكمين و خبرتهم ,بل فى قدرتهم على اتخاذ إجراءات

( .1)تحفظ حقوق األطراف مماال شك فيه , إن التحكيم في الوقت الحاضر أصبح أهم وسيلة يرغب المتعاملون فى

التجارة الدولية اللجوء أليها لحسم خالفاتهم الناتجة عن تعاملهم ’فال يكاد يخلو عقد من عقود التجارة الدولية من شرط يتفق بموجبه على إتباع التحكيم عند حدوث نزاع أو خالف

يتعلق بتفسير أو تنفيذ العقد المذكور للضمان و مهما يكن فانه تبقى الرقابة القضائية لحسن سير التحكيم بعد التأكد من سالمة العملية التحكيمية و احترامها للمقتضيات

186- C.A.P 13/12/1975, Rev, Arb. 1977 ; note FOUCHARD (PH). « En matière d’arbitrage international, l’accord compromissoire est valable, présente une « complète autonomie, indépendamment de la référence à toute loi étatique».187- « L’autonomie de la cause compromissoire qu’il contient doit être appréciée non seulement par rapport au stipulations du contrat, mais encore par rapport à toute loi étatique » ; note Bruno Oppetit.

- أنظر حول مزايا التحكيم على رحيم عامر –التحكيم بين الشريعة و القانون –منشورات الدار الجماهرية188 44 -43 , ص 1987للنشر و التوزيع ليبيا

67

القانونية , الن عملية منح الصيغة التنفيذية إلحكام التحكيم الدولية تكتسب طابعا خاصا بالنظر الى كونها تمس بمبدأ السيدة الوطنية و تتأثر بنظرة القاضي الوطني في حين ان

منطق الحواجز و الحدود االقتصادية بين الدول , كما يسعى الى ان تتمتع مؤسسات التحكيم الدولية باستقالليه تامة , و رغم النزوع الى إقبال الشديد على هذه المؤسسات

التحكيمية الدولية إال ان هذا اليعنى انها ال تخضع تماما لرقابة القضاء العادي الوطنى فالمشرع الجزائري مثال نالحظ انه توجه الى توسيع الرقابة القضائية على عملية التحكيم

كما هو الحال المشرع2008 فبراير 25 المؤرخ فى 09-08من خالل القانون رقم و ان كان فى الغالب ان لرقابة ال تثار اال في1994 لسنة 27المصري فى القانون رقم

نهاية اإلجراءات عندا يطلب احد اطراف الخصومة على امر بتنفيذ حكم الحكمين أو عند طلب ابطال هذا الحكم , مع العلم ان هذه الرقابة قد لتتأثر مطلقا اذا لم يطلب ذلك احد

الخصوم او هيئة التحكيم عندما تطلب مساعدة القضاء اثناء سير الخصومة او لم يطعن .(1)احد لخصوم فى حكم المحكمين

من خالل هذا نستنتج أن اتفاق التحكيم التجاري الدولي يتمتع باستقاللية قانونية عن . و بما أن اتفاق(189)العقد األصلي كما يتمتع باستقاللية قضائية عن كل قانون وطني

التحكيم التجاري الدولي هو وسيلة لحل المنازعات التجارية الدولية في إطار النظام التجاري العالمي الجديد فإن االستقاللية التي يتمتع بها تعتبر سمة من سمات هذا األخير، و

التي تميزه عن أي نظام اقتصادي أو تجاري إقليمي أو عالمي، هذا و بعد أن انتهينا من دراسة تشكل النظام التجاري العالمي الجديد سنتطرق في البابين القادمين من هذه

الدراسة، إلى تأثير هذا النظام التجاري الدولي الجديد على حقوق اإلنسان الجماعية والفردية.

- كبيبي حسان – دور القضاء فى قضايا التحكيم التجاري الدولى –رسالة ماجستار – جامعة بومرداس -1892013

68

الباب األول

69

الباب األول انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على

حقوق اإلنسان الجماعية الحقوق الجماعية لالنسان هي احدى أكثر طوائف حقوق االنسان حداثة, فهذه الطائفــة الــتي دأبت ادبيــات القــانون الــدولي لحقــوق االنســان على اعتبارهــا حقوقــا مخصصــة في األساس لصالح الجماعة بصــفتها هــذه ، اي انهــا حقــوق تضــامنية تثبت لمجمــوع االشــخاص المنتمين لجماعة معينة و ليس لألفراد ذاتهم ، لم تعــد تقتصــر اليــوم على حقــوق التضــامن فحسب ، اذ يمكن ادراج نوع اخر من الحقوق التي تستهدف حمايــة جماعــة من الجماعــات بصفتها هذه و بمعزل عن االشخاص المنتمين لها ، و انما تســتهدف حمايــة االفــراد التــابعين إلحــدى الفئــات الضــعيفة أو المحرومــة في المجتمــع مثــل االقليــات و الالجــئين و النســاء و

.190االطفال و السكان االصليين كما تعرف الحقوق الجماعية ايضا في القانون الدولي لحقوق االنسان بحقوق الجيل الثــالث و لو أنها تسمية ينتقدها البعض ، و احدى اهم سماتها انها تتوجه الى الجماعة بصرف النظــر عن االشخاص التابعين لها ، فأشخاص هــذه الحقــوق هم الجماعــات ال االفــراد ، ومن أبــرز االمثلــة على هــذه الحقــوق حــق الشــعوب في تقريــر مصــيرها و الحــق في الســيادة على الثروات الطبيعية و االنشطة االقتصــادية و الحــق في التنميــة و الحــق في البيئــة و هي اهم الحقوق التى سنتعرض لها بالدراسة من خالل الحديث عن تــأثير النظــام التجــاري العــالمي

الجديد عليها من خالل الفصول التالية :

النظام التجاري العالمي الجديد و الحق في السيادة علىالفصل األول:الثروات الطبيعية و األنشطة االقتصادية.

: النظام التجاري العالمي الجديد و الحـق في التنمية.الفصل الثاني : النظام التجاري العالمي الجديد و الحق في البيئة.الفصل الثالث

- ص2009- محمد يوسف علوان – محمود خليل موســي – القــانون الــدولي لحقــوق اإلنســان- القــاهرة 19040.

70

الفصل األول إنعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق

في السيادة على الثروات الطبيعية و األنشطةاالقتصادية

ــاحثين , خاصــة ال يزال تأثير النظام التجاري العالمي الجديد على الدول مثار لجدل بين الب فيما يتعلق بسيادتها الــداخلي ، فعنــدما يصــبح التبــادل الحــر و الســوق المهيمـنين بمــوجب اتفاقات التجارة العالمية ، تكون العولمة قـد وطــدت أقــدامها في أقـاليم الـدول الوطنيـة و اخترقت حدودها ، و هذه الوضعية تعد مناهضة تماما لما تفرضه الدول صاحبة السيادة ، من

خالل نظامها القانوني و تعديالته االضطرارية و المستمرة. إن نجاح هذه االتفاقيات رهن بعدم مراعاة مقتضــيات الســيادة الوطنيــة للــدول ، وقواعـدها المحافظــة ، و اســتبدالها بقواعــد تعمــل من أجــل التــدويل المســتمر و المتزايــد للمبــادالت التجارية و بالتالي ظهورها فاعلين آخرين بــدال من الــدول كالشــركات المتعــددة الجنســيات مثال ، و هذا ما يؤدي إلى تقزيم دور الدولة بشكل جذري أي تجريــدها من ســالحها القــانوني الهام و المتمثل في السيادة ، و هذا ما يقودنا إلى التساؤل عن تــأثير هــذا النظــام التجــاري الدولي الجديد على احد أهم الحقوق الجماعيـة أال و هـو الحـق في السـيادة على الـثروات الطبيعية للدول و أنشطتها االقتصادية كونه الحــق األكــثر تــأثيرا بمعطيــات النظــام التجــاري

الجديد و سنتطرق من خالل هذا الفصل لهذا الحق من خالل المبحثين التاليين : مكانة الحق في السيادة على الثروات الطبيعيــة و األنشــطة االقتصــاديةالمبحث األول : في المواثيق

الدوليةــد على الحــق في الســيادة علىالمبحث الثــاني : ــر النظــام التجــاري العــالمي الجدي اث

الثروات الطبيعية و األنشطة االقتصادية .

71

المبحث األول مكانة الحق في السيادة على الثروات الطبيعية و األنشطة

االقتصادية في المواثيق الدولية لقد جاء التأكيد على الحق في سيادة الدولـة على ثرواتهـا الطبيعيــة و أنشـطتها االقتصــادية في العديد من المواثيق الدولية و الــتي لعــل أهمهــا ميثــاق األمم المتحــدة، الــذي ربــط بين تقرير المصير السياسي لدول و تقرير مصيرها االقتصــادي، حيث تعـد حريــة التصــرفات في الموارد الطبيعية عنصرا جوهريا في االستقالل االقتصــادي و السياسـي، و من ثم تمثـل أهم أركان سيادتها، و يوجد إجماع فقهي على ربط مبدأ عـدم التـدخل في شـؤون الدولـة بمبـدأ

، و قد أقرت الجمعية العادية لألمم المتحدة191السيادة على اعتبار السيادة درع يمنع التدخل للدول النامية بالحق في حرية استخدام مواردها الطبيعية على النحو الذي يحقق لها أفضــل عائد، و أوصت الدول األعضاء بتسهيل تنمية المصادر الطبيعية من خالل االتفاقيات التجارية في إطــار سياســة اقتصــادية عامــة، و بشــرط أال تتضــمن االتفاقيــات شــروطا اقتصــادية أو سياسية تعتبر خرقا لحقوق سيادة الدول النامية بما في ذلك حــق تقريــر خططهــا من أجــل

و في قــرار آخــر للجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة تن االعــتراف بحــق192التنمية االقتصــادية الشعوب في أن تستخدم و تستعمل مواردها و ثرواتها الطبيعية بحرية بمقتضــى ســيادتها، و

مؤكدا حــق1966 ديسمبر 25 في 2158قد صدر قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم ــة، و أن األمم ــة لصــالح التنميــة الوطني الــدول في الســيادة الدائمــة على مواردهــا الطبيعي المتحدة ستبذل قصــار جهــدها لتمكين كــل الــدول من ممارســة هــذا الحــق بالكامــل ســواء ممارسة حق االختيــار الحــر في االســتغالل و التســويق للمــوارد الطبيعيــة، و أن يكــون هــذاــة لألمم االستغالل وفقا للقوانين الوطنية، و لم يقتصر اإلقرار بهذا الحق على الجمعية العام المتحدة بل شمل اإلعالن العالمي لحقــوق اإلنســان أيضــا إقــرار هــذا الحــق كحــق إنســاني

في قــرار رقمUNCTDجماعي كما أقرته منظمة دولية أخرى كمنظمــة التجــارة و التنميــة و من خالل دراستنا هذه سنتطرق إلى مكانة هذا الحــق في1972 أكتوبر 19 صادر في 88

كل من لجنة حقوق اإلنسان التابعــة لألمم المتحــدة و كــذا ميثــاق حقــوق الــدول و واجباتهــااالقتصادية و هذا في المطلبين التاليين :

في نطاق لجنة حقوق اإلنسانالمطلب األول : في ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية.المطلب الثاني :

المطلب األول حق السيادة على الثروات الطبيعية و األنشطة االقتصادية في

نطاق لجنة حقوق اإلنسان

ــدأ كانت لجنة حقوق اإلنسان التابعة لألمم المتحدة مجاال مالئما لمناقشــة و إقــرار مب أقــرت هــذه اللجنــة في1952سيادة الدولة على مواردها و ثرواتهــا الطبيعيــة، إذ في عــام

دورتها الثامنة اقتراحا تقدم به مندوب الشيلي، دعا فيه إلى تضمين ميثــاق حقــوق اإلنســان الـذي كــان في طــور اإلعــداد من قبــل اللجنــة المــذكورة – الفقــرة التاليــة : "يتضــمن حـق الشعوب في تقرير المصير سيادتها الدائمة على مواردها و ثرواتهــا الطبيعيــة، و ال يجــوز أن يحــرم الشــعب، بــأي شــكل من األشــكال من وســائله الخاصــة في الحيــاة اســتنادا إلى أن

.193حقوقها تدعيها دول أخرى

- أنظر – ياسر حويش – مبدأ عدم التدخل و اتفاقيات تحرير التجــارة العالميــة – رســالة دكتــوراه – كليــة191. 251 ص 2001الحقوق – جامعة عين شمس، سنة

.1953، دور االقتصاد السادسة، فبراير 522- قرار الجمعية العامة رقم 19272

و في الدورة التاسعة للجمعيــة العامــة درســت اللجنــة الثالثــة توصــيات لجنــة حقــوق اإلنسان، بعــد أن أجــرت تعــديال طفيفــا على النص الســابق و أحكمت صــياغته، ثم أصــدرت

قرارا يطلب إلى لجنة حقوق اإلنسان1954 ديسمبر 14الجمعية العامة لألمم المتحدة في :

"...أن تكمل توصياتها الخاصة باالحترام الدولي لحق الشعوب و الـدول في تقريــر المصــير، بما في ذلك التوصيات الخاصة بسيادتها على مواردها و ثرواتها الطبيعية مع مراعــاة حقــوق و واجبات الدول التي يشملها القانون الدولي بأحكامــه، و مراعــاة ضــرورة تشــجيع التعــاون

الدولي في مجال التنمية االقتصادية لدول العالم الثالث". و لقد جاءت المادة األولى من مسودة ميثاق حقوق اإلنسان التي قدمت إلى اللجنــة الثالثــة متضمنة مــا يلي : "يتضــمن حــق الشــعوب في تقريــر المصــير أيضــا الســيادة الدائمــة على الموارد و الثروات الطبيعية، و ال يجوز بأي حال من األحــوال حرمــان الشــعوب من وســائل

. 194البقاء على أساس أية حقوق يمكن أن تدعيها دول أخرى و نظــرا للمعارضــة الشــديدة الــتي أبــدتها الــدول الرأســمالية المتقدمــة و خاصــة الواليــات المتحــدة األمريكيــة حــول هــذا النص، و رغبــة دول العــالم الثــالث في تأكيــد ســيادتها على مواردها و ثرواتها الطبيعية و إضفاء الشرعية الدولية عليها من جهة و الحفاظ على التعــاون االقتصادي الدولي من جهة أخرى، عينت اللجنة فرقــة عمــل إلعــادة النظــر في نص المــادة

األولى السالف الذكر.و بعد األخذ بوجهات النظر المختلفة قدمت اللجنة صيغة جديدة لها تضمنت ما يلي :

"يحق للشعوب في سبيل أغراضـها أن تتصــرف بمواردهـا و ثرواتهـا الطبيعيــة بحريـة دون المساس بأي الــتزام ناشــئ عن التعــاون االقتصــادي الــدولي و ال يجــوز بــأي حــال من

. 195األحوال حرمان شعب ما من وسائل البقاء الخاصة به" و مما الشك فيه أن فضل التوصل إلى تبــني هــذا النص يعــود إلى حكمــة دول العــالم الثالث في مراعاة كافة االعتبارات و رغبتها األكيدة في الحفاظ على االلتزامات الناشئة عن

.196التعاون الدولي و تأكيد سيادتها على مواردها و ثرواتها الطبيعية في آن واحد و رغم تبني هذا النص ضمن أحكام ميثــاق حقــوق اإلنســان و تأكيــد المجتمــع الــدولي مرة أخرى لمبدأ سيادة الدول على مواردها و ثرواتهــا الطبيعيــة إال أن ممارســته ظلت دون

أن تنال رضاء الدول الرأسمالية المتقدمة. فقد صرح مندوب الواليات المتحدة االمريكية على أثر ذلك في بيــان صــحفي بأنــه كــان من الواجب أن يحتوي النص على أحكام واضحة تمنع نــزع الملكيــة دون تعـويض كـاف و ســريع

.197وفعال و لعل مرجع هذه المعارضة الشديدة و عدم الرضاء يمكنان في أن الدول للرأسمالية المتقدمة خاصة منها ذات السوابق االستعمارية لم تستسغ بعد قبــول فكــرة ســيادة الــدول على مواردها و ثرواتها الطبيعية و تهضمه كمبدأ و ألنها متيقنة من أن السيادة بهذا المفهوم تعني من الناحية العملية حـق كافـة الـدول في التحــرر االقتصـادي الـذي ال يتم إال من خالل القيــام بالتــأميم الــذي يعتــبر كابوســا مخيفــا للــدول الرأســمالية المتقدمــة ذات المصــالح و لشركاتها االحتكارية المتعددة الجنسية التي اعتــادت على نهب و اســتغالل مــوارد و ثــروات

العالم الثالث و أساليب متنوعة و مجحفة.ــار193 - راجع : العربي منور : رسالة ماجستير – تطور مبدأ السيادة على الموارد و الثروات الطبيعية في إط

.39 – ص 1982األمم المتحدة – كلية الحقوق – بن عكنون – الجزائر- - راجع : د/السيد عبد المنعم المراكبي – التجارة الدولية و سيادة الدولة – دار النهضة العربيــة – القــاهرة194.98، ص 2005– .99- راجع : نفس المرجع، ص 195ــرون )1954- تم تبني الفقرة الثانية من المادة األولى من ميثاق حقوق اإلنسان عام 196 بغالبية ستة و عش

( 13( صوتا مقابل ثالثة عشر )26.41- أنظر : العربي منور – المرجع السابق – ص 197

73

و الجدير باإلشارة إلى أن الحق السيادي للدول على مواردهــا ظــل إلى هــذا الحين ال يناقش في إطار األمم المتحــدة إال باعتبــاره فرعــا تابعــا لموضــوع أكــثر عموميــة، هــو حــق

الشعوب في تقرير مصيره بل أنه ظل مقيدا بالتزام الدول الممارسة له بتعهداتها الدولية بغرض الحفاظ على التعــاون

االقتصادي الدولي.

74

كما أن جل المناقشات التي تعرضت لهذا الحق سواء أمــام الجمعيــة العامــة أو أمــام لجنــة. 198حقوق اإلنسان كانت حول الجانب السياسي دون القانوني

بضــرورة تشــكيل لجنــة خاصــة أطلــق عليهــا1954حيث أوصت لجنة حقوق اإلنســان عــام تسمية "مفوضية السيادة الدائمة على الموارد و الثروات الطبيعية، باعتبار أن هذه الســيادة الفعلية ما هي إال تطبيق لحق الشعوب في تقرير مصــيرها االقتصــادي. تلــك التوصــية الــتي

ــاريخ1314تمت الموافقة عليها خالل الدورة الثالثة عشر بمقتضى القرار رقم : الصــادر بت.199 م1958 ديسمبر 12

عن هذه الوثيقة بقيت حبرا على ورق مع تواصـل زحـف العولمـة بكافـة أبعادهـاــتزام ــدا االل ــا ع ــة و فيم ــدول النامي ــة على ال ــا خاص ــالم و تأثيره على دول الع بسياسات التأميم خالل سنوات السبعينات فان هذا الحق المرتبط أساســا بحــق تقريــر المصــير االقتصــادي للشــعوب لم يصــمد أمــام النظــام التجــاري العــالميــرامج الجديد بمختلف مؤسساته المالية و التجارية ان سياسات صندوق النقد و ب اعادة الهيكلــة الى يشــرف عليهــا الصــندوق , أداة فعالــة في تشــكيل السياســةــة لماليين البشــر ألن اعــادة الهيكلــة قــد ادت في أغلب االقتصــادية و االجتماعيــد الحاالت الى تقليص المداخيل الحقيقية و تدعيم نظام التصدير القــائم على الي العاملــة الرخيصــة وتطــبيق سياســات الصــندوق القائمــة على خطــط التقشــف

دولــة في العــالم70المــالي و فتح الحــدود و عمليــات الخوصصــة في أكــثر من ــة على ــدول للســيادة االقتصــادية و ســلطة الرقاب ســاهمت في فقــدان هــذه الــة ــوك المركزي ــادة تنظيم البن ــا على اع ــة و أجبرته ــة و المالي ــة الجبائي السياس والوزارات المالية و التخلي عن المؤسسـات العموميــة العامـة أي أنهــا أصـبحت تحت وصـــاية اقتصــادية و سياســـية في شـــكل حكومـــة موازيــة , مكونـــة من المؤسســات الدوليــة الماليــة و التجاريــة و موظفيهــا و هي غــير مســؤولة أمــام

وهذا يعني أن الدولة في ظل هــذه ˡالمجتمع المدني أو المواطنين بصفة عامة السياســات قــد فقــدت حقهــا في الســيادة على الــثروات الطبيعيــة لشــعوبها و أنشطتها االقتصادية و هذا ما سنتطرق اليه بعد التعــرض لمكانــة هــذا الحــق في

ميثاق حقوق الدول وواجباتها االقتصادية .

المطلب الثاني الحق في السيادة على الثروات الطبيعية و األنشطة االقتصادية

في ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية

لقد تم إعداد "ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصــادية" و أقرتــه الجمعيــة العامــة العاديــة 12 في 3281( بمــوجب القــرار رقم 29لألمم المتحــدة في دورتهــا التاســعة و العشــرون )

بعد فترة أعداد طويلة استغرقت ثالث سنوات و بضعة أشهر. و تعود1974200ديسمبر عام .101- أنظر : السيد عبد المنعم المركبي – المرجع السابق – ص 198 - تمت الموافقة خالل التصويب على إنشاء مفوضية السيادة على المــوارد و الــثروات الطبيعيــة "بأغلبيــة199

( أعضاء عن التصويب.4( صوتا و امتناع أربعة )15( صوتا و معارضة خمسة عشر )52اثنين و خمسين ).212 ص 1958راجع : الكتاب السنوي لألمم المتحدة، نيويورك

-جفال عمار – العولمة و أشــكال االســتجابة في االقطــار العربيــة ملتقى دولي حــول العولمــة و االمن –1 . 116 , ص 2002 ,02مجلس األمة و لجنة الدفاع الوطني , الجزائر ط

200 - -Jeorge castaneda : La charte des droits et devoirs économique des états, a.f.d.i, 1974, P 42.75

المبادرة في إعداد هذا الميثاق إلى اقتراح رئيس جمهوريــة الميكســيك "لــويس اشــيفيريا "« Louis Ichiveri »بمناسبة الخطاب الذي ألقاه أمــام الــدورة الثالثــة لمــؤتمر األمم المتحــدة

المنعقدة في مدينــة ســانتيا جــودي شــيلي في أبريــل من«ــ C .N.U.C.E D »للتجارة و التنمية حيث استعرض الرئيس اشيفيريا في هذا الخطاب مختلف جوانب التعــاون201 م1972عام

اقتصادي الدولي في منظور العالقـات بين أعضـاء المجتمـع الـدولي و الحـظ بشـكل خـاص الطابع غير العادل في العالقات بين دول العــالم الثــالث و الــدول المتقدمــة و مــدى النتــائج الهزيلة التي تحققت لتغيير هذه الوضعية بإعداد ميثاق لذلك تحت إشــراف األمم المتحــدة و الــذي يجب أن يكــون أداة فعالــة في ســبيل وضــع نظــام دولي جديــد للعالقــات االقتصــادية القائمة على العدالة و المساواة في السيادة و ترابط مصالح بلدان العالم الثالث مع مصالح

« C.N.U.C.E.D » و لقد استجاب مؤتمر األمم المتحدة للتجارة و التنميــة 202البلدان المتقدمة لهذا االقتراح و اتخذ قرارا بتشكيل لجنة يعهد إليها إعداد الميثاق كما يكلف الجمعيــة العامــة لألمم المتحدة تعيين أعضاء اللجنة بعد استشارة فئــات اإلقليميــة و بالفعــل تم تشــكيلها من

( غــير أن الــدول األســيوية و اإلفريقيــة و الالتينيــة عارضــت هــذا31واحــد و ثالثين عضــوا ) التقسيم مما جمل الجمعية العامة على تعديل اللجنة و الزيادة في عــدد أعضــائها فأصــبحت تسمى بلجنة األربعين الخاصة بإعداد ميثــاق حقــوق الــدول و واجباتهــا االقتصــادية في أربــع

–ــ 1973دورات خالل عامي ، حيث توصلت في نهاية الدورة الرابعة المنعقــدة في1974 ( مادة من مجموع األربعة16مكسيكو كافة األطراف إلى االتفاق. على نصوص ستة عشر )

( مقطعــا تمثــل12( مقاطع من أصل اثني عشــر )10( مادة، و على عشرة )34و الثالثين ) ( الــتي15( مبــدأ عامــا من أصــل خمســة عشــرة )11مقدمة الميثاق و على إحــدى عشــر )

تشكل الفصل األول من ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية أمــا المــواد األخـرى الــتي لم يتم االتفاق عليها بسبب معارضة الدول الرأسمالية المتقدمة لمــا تضــمنته، فقــد حضــيت بتأييد أكثرية واسعة و خاصة من قبل دول العالم الثالث بينما كثيرا ما كونت دول المنظومة االشتراكية بديال ثالثــا، تمــيزت بــه عن فئــتي دول الرأســمالية الغربيــة و مجموعــة الســبع و

أهمهــا تلــك الــتي تربــط أســعار203(، في هــذه المــواد الــتي بقيت دون اتفــاق77السبعين ) المنتجــات المســتوردة بالمنتجــات المصــدرة من قبــل دول العــالم الثــالث. و بطلب الــدول الرأسمالية المتقدمة بضرورة النص على تزويد دائم لهــا بــالمواد األوليــة نتيجــة ألزمــة ســنة

التي تركت بصماتها عليها و بعد أن هددت في التزود بالطاقــة كمــا طــرأ الخالف بين1973 المجموعتين حول بعض المبادئ كالتــأمين و الســيادة على المــوارد و الــثروات الطبيعيــة، و حول مسألة مراقبة الشركات االحتكارية المتعــددة الجنســية، و كــذلك حــول بعض المبــادئ األخرى ذات الطابع السياسي التي تتعلــق باالســتعمار و التميــيز العنصــري و التعــويض بعــد احتالل أراضي الغير، و التعـايش الســلمي الـتي أدعت الـدول الرأســمالية المتقدمــة بأنــه ال عالقة لهذه المبادئ بالعالقات االقتصادية الدولية التي ينظمها ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية. و نظرا للخالف الحاد حول بقية المواد التي لم يتم التوصل إلى االتفاق حولها، و للخروج من المأزق لجأ إلى االتفاق على تشــكيل فــريقي عمــل كــل منهمــا تكفــل بجــوانب

. 204معينة و مع ذلك فإن الدول الرأسمالية المتقدمة اقترحت تأجيل إصدار الميثاق بسبب الخالف في المواقف، بينمــا دول العــالم الثــالث رأت عــدم جــدوى ذلــك التأجيــل، األمــر الــذي أدى إلى

201 - -Michel Virally 0P, Cit, P 60.- راجع : د- فائز انجق – مطبوعة جامعية لطلبة السداسي الثامن – ليسانس حقوق.202

. 14، ص 1978 – 1977معهد الحقوق و العلوم اإلدارية ابن عكنون – 203 --George Castaneda :”La charte”…op, cit, P 43.

- وافقت على المشــروعين كــل من : أســتراليا، و زيلنــدا الجديــدة، و البرتغــال، و اليونــان، و الســويد، و204اسالندا.

بينما عارضت الدول الرأسمالية المتقدمة األخرى و خاصة الواليات المتحدة األمريكية.. 16راجع : د. فائز أنجق المرجع السابق، ص

76

تشكيل لجنة اتصال لعبت الجزائر فيها دورا سياسيا هامــا، و قــامت بوضــع مشــروع تضــمن تضــمن النقــاط الــتي هي205النقاط التي تم االتفاق عليها باإلجماع من جهــة و مشــروع آخر

محل خالف من جهة أخرى فعرضا على دول العالم الثالث التي وافقت عليهما باإلجماع من و كذلك المنظومـة االشــتراكية بعـد تعـديل طفيـف، أمـا الـدول الرأسـمالية المتقدمـة فقـد

اختلفت حولهما.ــه على التصــويت و أمام هذا المأزق اضطرت دول العالم الثالث إلى عرض المشروع بأكمل أمام الجمعية العامة لألمم المتحدة للحصــول على قــرار باألكثريــة، و يتكــون ميثــاق حقــوق الدول و واجباتها االقتصادية من ديباجة و أربعة فصول، فالديباجة تتضمن حيثيات الميثاق أي مبررات صدوره. بينما يحمل الفصل األول العنــوان التــالي : "العناصــر األساســية للعالقــات

( مبــدأ يجب أن ترتكــز عليهــا العالقــات15االقتصــادية الدوليــة". و يتضــمن خمســة عشــر )االقتصادية و السياسية و غيرها بين الدول.

أن هذا الفصل يــورد أوال المبــادئ األساســية الســبعة الــواردة في الفصــل األول من ميثــاق. 206األمم المتحدة

مع عدد من المبادئ األخرى من بينها مبدأ التعاون الدولي من أجـل التنميـة، و مبـدأ تحقيـق العدالة االجتماعية الدوليين، و مبدأ التعويض أو التكفير عن المظالم الــتي فرضــتها القــوة و

لحقت آثارها دول العالم الثالث. كما و تحدد أن الهدف األساسي من ميثاق حقــوق الــدول و واجباتهــا االقتصــادية هــو إقامــة

نظام اقتصادي دولي جديد. و بشــيء من اإليجــاز فــإن العناصــر األساســية للعالقــات االقتصــادية الدوليــة الــتي تضــمنها

الميثاق كانت كما يلي : عدم االعتداءعدم التدخلمنفعة متبادلة و عادلة.تعايش سلميتساوي حقوق الشعوب، و حق الشعوب في إدارة أمورها بنفسهاتسوية الخالفات بالطرق السلميةالتكفير عن المظالم التي فرضــتها القــوة و الــتي تحــرم أمــة مــا من الوســائل الطبيعيــة

الضرورية لتطورها السوي..تنفيذ االلتزامات الدولية بنية حسنةاحترام حقوق اإلنسان و الحريات الطبيعية.واجب الدول في عدم السعي إلى أن تضمن لنفسها سيطرة و مناطق نفوذ.تشجيع العدالة االجتماعية الدولية.تعاون دولي في سبيل التنميةحرية وصول البلدان التي ال سواحل لها إلى البحر و من البحر في إطار المبادئ المبينــة

آنفا. أما الفصــل الثــاني فيشــكل محــور ميثــاق حقــوق الــدول و واجباتهــا االقتصــادية و عنوانــه : "حقوق الدول و واجباتها االقتصادية" و يتضمن ثماني و عشرين مــادة، و من أبــرز نصوصــه

ما يلي :

أعضاء معارضين هم : 06 صوتا مقابل 120- نال المشروع أغلبية 205 الواليات المتحدة األمريكية، و بريطانيا، و ألمانيا الفدرالية، و بلجيكا، و الدانمارك، و لوكســمبورج، و امتنــاع

عشرة أعضاء على التصويب. . 17راجع : د. فائز أنجق نفس المرجع، ص

- أنظر : ميثاق األمم المتحدة و النظام األساسي لمحكمة العدل الدوليــة مكتبــة األعالم العــام، نيويــورك،206.55 - ص 1980طبعة

77

حـق كـل دولـة في تنظيم االســتثمارات األجنبيــة في بالدهـا و تشــرف عليهـا وفقــا ألحكام قوانينها و تطبيقا لألولويات التي تحــددها األهــداف الوطنيــة. و يرتبــط بهــذا الحق كل دولة في مراقبة نشاط الشركات متعددة الجنسية بما يتماشى و سياسةالبالد االقتصادية و االجتماعية، مع الدعوة لتعاون الدول في مواجهة تلك الشركات.

حق كل دولة في تأميم أو نقل ملكية أو مصادرة الممتلكات األجنبية مقابل تعويض مناسب يقدر وفقــا لقــوانين الدولــة الــتي اتخــذت اإلجــراء، و على حســب ظــروفاتخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذه،

و كل نزاع يثور حول التعويض يخضع لقوانين الدولة ذاتها و تختص فيه محاكمها. ألن كل دولة تملك و تتصرف بكل حرية في سيادتها على مواردهــا و ثرواتهــا الطبيعيــة، بــل

.207في كل أنشطتها االقتصادية و كذلك حق كل دولة في اإلسهام في التجارة الدولية وفقا لألوضــاع التنظيميــة الــتي تراهــا مالئمة لعالقاتها الدولية، دون مراعــاة نمــط النظــام السياســي أو االقتصــادي أو االجتمــاعيــة أو ــات الثنائي ــيز معين، و أن تعقــد مــا تشــاء من االتفاقي ــة مــا، و دون تمي القــائم في دول

.208الجماعية مادامت ال تضر بالتعاون الدوليكل دولة مسؤولة عن تحقيق التقدم االقتصادي و االجتماعي و الحضاري لشعبها، و

لهـا الحــق في اختيــار أهـداف و وسـائل التنميـة و تعبئــة المـوارد الالزمــة و إجـراء التغييرات التقدمية في بنيانها االقتصادي و االجتماعي بما يضمن مشــاركة الشــعب

.209في عملية التنمية و في جني ثمارها كما تضمن ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية النص على ضرورة تحقيق التكــافؤ في التبادل التجاري بشــأن التجــارة الدوليــة، عن طريــق تطــبيق نظــام األفضــليات لصــالح دول العالم الثالث و زيادة حجم التبادل التجاري معها و إيجاد نوع من الصلة بين أســعار وارداتهــا و صادراتها، و عن طريق تأكيد حق دول العالم الثالث في تشكيل منظمات دولية بين الدول

. 210المنتجة لمواد أولية معينة و كذلك فيما يتعلق بالتعاون الدولي في سبيل التنمية نص الميثــاق في هــذا الصــدد على أن التعــاون الــدولي يمثــل واجبــا مشــتركا بالنســبة لكافــة الــدول على أســاس االحــترام التــام للمساواة في السيادة و هذا الواجب ال يقع على عاتق الدول الرأسمالية المتقدمة فحســب،

كمــا211و إنما كذلك يقع على عاتق دول المنظومة االشــتراكية و دول العــالم الثــالث كــذلك نص ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية على حق كل دولة في االســتفادة من التقــدمــا العلمي و التكنولوجي و ضرورة نقل مكتسباتها إلى دول العالم الثالث بهدف تسريع تنميته

. 212االقتصادية مع تطوير التكنولوجيا المحلية كمــا أكــد الميثــاق على ضــرورة إزالــة االســتعمار التقليــدي و الجديــد و التفرقــة العنصــرية باعتبارها تشكل العائق في طريق تحقيـق التنميـة االقتصـادية و إعـادة الـثروات المنهوبـة و

التعويض عنها. و حق كل الدول بحكم المساواة القانونية بينها في المشــاركة الكاملــة و الفعليــة في اتخــاذ

القرارات الدولية المتعلقة بالمشكالت االقتصادية و النقدية. و التزام الدول جميعـا بتحقيـق نـزع السـالح تحت رقابـة دوليـة فعالـة و تخصـيص جـزء من

.213اعتمادات التسليح لتمويل التنمية في بلدان العالم الثالث- أنظر : المادة الثانية من ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية.207- أنظر : المواد الرابعة و السادسة منه.208- المادة السابعة منه.209- أنظر : المواد الرابعة عشر و الثامنة عشر و السابعة و العشرين و الثامنة و العشرين من الميثاق.210 - أنظر : المواد الثامنة و التاســعة و الحاديــة عشــر و الثانيــة عشــر و العشــرين و الواحــدة و العشــرين و211

الثالثة و العشرين و الخامسة و العشرين منه.- أنظر : المادة الثالثة عشر من الميثاق.212

- أنظر : الخامسة عشر من الميثاق.21378

ــة ــع دول المنظوم ــا م ــادة حجم تجارته ــان زي ــار إمك ــدان بعين االعتب ــذه البل ــذ ه و أن تأخاالشتراكية، و أن تمنح هذه الدول نفس الشروط التي تتعامل بها مع الدول الرأسمالية.

كما يجب على دول العالم الثالث أن تتعامل فيما بينها. و أخيرا تضمن ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصــادية في الفصــل الثــالث "المســؤوليات المشتركة إزاء الجماعة الدولية" فــاعتبر البحــار و المحيطــات و قاعهــا و الفضــاء الخــارجي ملكية مشتركة للبشرية كلها و ضرورة تنظيم استغاللها دوليــا مــع االلــتزام بحمايــة البيئــة و مقاومة التلــوث، و توزيــع المنــافع توزيعــا عــادال على كافــة الــدول مــع األخــذ بعين االعتبــار

. 214الحاجات الخاصة لدول العالم الثالث لقد عكس ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصــادية تصــور أعضــاء المجتمــع الــدولي، و أنــادئ هــذه الحقــوق و الواجبــات تجــاوزت اإلطــار السياســي و القــانوني و اهتــدت إلى المب

االقتصادية استنادا إلى مبدأ سيادة الدول على مواردها و ثرواتها الطبيعية. ذلك المبدأ الذي دافعت عليه دول العالم الثالث كثــيرا بغــرض حمايــة ســيادتها السياســية و االقتصادية، و توصلت بعـد جهـود مضــنية إلى اتفـاق عـام مفـاده أن هـذه السـيادة يجب أن تمارس لمصلحة التطور الوطني و رفاهية الشعوب صاحبة العالقــة، و أن يرتكــز هــذا الحــق

على المنفعة العامة. كما أن التعاون الدولي لتحقيق التنمية االقتصادية لدول العــالم الثــالث يجب أن يرتكــز على احترام سيادتها على مواردها الطبيعية و أن خرق هذا الحق يعد مخالفا لروح و مبادئ ميثاق األمم المتحدة. إن جهود دول العالم الثالث لم تتوقف عند االكتفاء باعتراف القانون الــدولي بمبدأ السيادة على الموارد و الثروات الطبيعية، و إنما تجاوزتــه إلى تطــور المبــدأ و توضــيح القواعد المطبقة له بشكل يضمن لتلك البلدان التصرف فعليــا بمواردهـا الطبيعيــة، بمــا في ذلك استثمار هـذه المـوارد و المسـاهمة في إدارتهـا و التحكم بأسـعارها و عالقتهـا بتنميتهـا

االقتصادية و استراتيجية األمم المتحدة للتنمية. األمر الــذي أدى إلى تقــنين المجتمــع الــدولي لمبــدأ ســيادة الــدول على مواردهــا و ثرواتهــا الطبيعية في ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية باعتباره "حق مطلق ال يمكن التنازل

عنه". و لقد جاء ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية و الذي يعد تطبيقا مباشرا للمادة الثالثة عشر من ميثاق األمم المتحدة بغرض تطوير و تقنين مبــادئ القــانون الــدولي، و خاصــة مــا

. 215تعلق منها بالتنميةــع لذلك كرس الميثاق شرعية مبدأ سيادة الدول على مواردها و ثرواتها الطبيعية و حق جمي الدول كبيرها و صغيرها في ممارسة هذا الحق، بل و كامل األنشطة االقتصــادية الــتي تعــود إليها. كما حدد أن لهــا أن تختــار أنظمتهــا االقتصــادية و السياســية و االجتماعيــة و الثقافيــة،

حسب مشيئة إرادة شعوبها دون تدخل أو ضغط أو أي تهديد خارجي. و من الطبيعي أن ال يكون مثل هذا التقنين الذي حققه الميثاق غير ممكن لوال إدراك الدولــاع بتوفــير أســس ــأن الــوقت الحــالي يفــرض االقتن الرأســمالية المتقدمــة بعض الشــيء ب االستقرار النقدي و التجاري في المجتمع الدولي، و في أساليب االستثمار الدولي و التوزيع العادل للموارد الطبيعية، و االعتراف بحق دول العالم الثالث في ممارسة سيادتها عليهــا، و أن هذه المعطيات تمثل أهداف أساسية و متبادلــة لكافـة أعضــاء المجتمــع الـدولي، و حيث اتضح أنه من الصعب تحقيق نوع من االستقرار السياسي في نطاق العالقات الدولية مــا لم يتمكن هذا المجتمع الدولي من تغيير نمط العالقات الدولية السائدة حاليــا بنظــام اقتصــادي

دولي جديد.

- أنظر : التاسعة و العشرين و الثالثين من الميثاق214215 -Anjak Faez : La signification juridique de la charte des droits et devoirs économique des états , colloque international Alger

– 1976, P. 67.79

ذلك النظام الذي يتيح لكل دولة فرصة اإلسهام في التجارة الدولية وفقا لألوضاع التنظيمية الــتي تراهــا مالئمــة لهــا، و أن تعقــد مــا تشــاء من االتفاقيــات الجماعيــة الطويلــة المــدى و المتعلقــة بــالمواد األوليــة و ألن كــل دولــة تعــد مســؤولة عن تحقيــق التقــدم االقتصــادي و االجتماعي و الثقافي لشعبها، مما يحتم بالضرورة مسـؤوليتها في اختيـار أهـدافها و وســائل تنميتهــا، و حريتهــا في القيــام بجميــع اإلصــالحات االقتصــادية و االجتماعيــة الضــرورية الــتي

.216تخصها إن مبدأ الرقابـة الكاملــة للمـوارد و الـثروات الطبيعيـة حسـب مــا قنن في الميثــاق يشــكل

شرطا أساسيا لتنمية دول العالم الثالث مع مراعاة مقتضيات التعاون الدولي. مما صار له بعدا سياسيا و إيديولوجيا بالنسبة لكافة الدول. ألن ممارسة مبــدأ الســيادة يعــد بمثابة أداة أساسية تمنح الشعوب التجانس السياسي و االقتصادي و االجتمــاعي و الثقــافي

. 217الالزم لها في تشكيل و توحيداتهالقد قنن ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية المعنى التالي :

ــة في بالدهــا و أن تخضــع ــدول الحــق في تنظيم االســتثمارات األجنبي إن لكافــة ال ألحكام قوانينها و طبقا ألهدافها الوطنية المحددة من قبلها. و يرتبط بهذا الحــق أن لكل دولة مراقبة نشاط الشركات المتعددة الجنسية ليطــابق نشــاطها مــع قــوانين الدولة المضيفة و يتماشى مع سيادتها االقتصادية و االجتماعية و التعــاون مــع هــذه

. 218الشركات ألن مفهوم الميثاق لمبدأ ســيادة الــدول على مواردهــا و ثرواتهــا الطبيعيــة يمتــد إلى كامــل

.219أنشطتها االقتصادية و لتدعيم سيادة دول العالم الثالث أكد ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية، بأنه يتحتم على جميع الدول أن تسهل عملية تحويل التقنية و خلق التكنولوجيا تحت أشــكال تتالءم مــع

احتياجات دول العالم الثالث مع مساعدتها على تقوية هيكلها العلمي و التكنولوجي.ــدول و أقر ما لدول العالم الثالث من حق في الحصول على معاملة تفضيلية في أســواق ال المتقدمة بدون تميــيز و دون اشــتراط المعاملــة بالمثــل. و كــذلك ضــرورة منحهــا نوعــا من األمن االقتصادي الجمـاعي من قبـل أعضــاء المجتمـع الـدولي، خاصـة و قـد حـدد "أن على الدول واجب مراعاة مصالح المنتجين و المستهلكين، بل و مراعاة مصــالح الــدول األخــرى، كما حث ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية كافة دول العالم الثالث تحقيقا الستقاللها االقتصــادي التعــاون و التبــادل في جميــع المجــاالت بينهــا، و تجــاوز الصــعوبات الناتجــة عن اختالف أنظمتها السياسية و االقتصادية و االجتماعية، و هو ما يشـكل جــوهر فكــرة التعـاون

.220جنوب – جنوب و كذلك أقر حقهــا في االســتفادة من مزايــا التجــارة العالميــة لتقويــة رصــيدها من العمالت األجنبية )الصعبة( مما سيسرع في تحقيق تنميتها. و تسهيال لمهمتها أوصى الميثاق بضــرورة القيام بعمل من أجل إصالح الهياكل االقتصادية الدولية و خاصة مؤسســات التمويــل التابعــة لمنظمــة األمم المتحــدة و ذلــك إلقامــة اقتصــاد عــالمي متــوازن، ممــا ســيتطابق و النظــام

االقتصادي الدولي الجديد. إن أحكام ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية رغم عدم االتفاق العــام حــول إلزاميتهــا ستظل بمثابة قواعد سلوك عام، قننت مبدأ سيادة الدول على مواردها و ثرواتها الطبيعية و

- أنظر : المواد الثانية و الثالثة و السادسة و السابعة من الميثاق.216217 - -Jeorge castaneda : La charte, OP, cit, P. 53.

.99- راجع : السيد عبد المنعم المراكبي – المرجع السابق – ص 218219 -Guy Fueur : La charte . R.G.D.P, OP, cit, P. 290.

( من الميثاق.27، 26، 25، 24، 23، 19، 6- أنظر : المواد )22080

منحته الحمايــة القانونيــة الضــرورية. باإلضــافة إلى أنهــا كــانت أداة تطــوير تقــدمي لقواعــد.221القانون الدولي لتحقيق اإلنصاف و العدل في العالقات الدولية

221 - George Castaneda :”La charte”…op, cit, P.36.81

المبحث الثاني إنعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق فيالسيادة على الثروات الطبيعية و األنشطة االقتصادية

إن سيادة الدولة على ثرواتها الطبيعية يعد مظهــرا مهمــا من مظــاهر ســيادة الدولــة، حيث له روابط و صالت بالمظاهر الداخلية و الخارجية للسيادة على حد سواء، غير أن هــذه السيادة لم تعد سيادة مطلقة، ألنه إذا كــان للدولــة بمقتضــى مــا لهــا من ســيادة الحــق في السيطرة على مواردها الطبيعية إال أنه يجب عليها أيضا احــترام تعهــداتها الدوليــة، فاألفكــار القديمة حول السيادة فقدت بعض معانيها في ظل تزايد فرص النفاذ عــبر الحــدود الوطنيــة للــدول، حيث أصــبح من اليســير على الــدول األقــوى التــأثير في الشــؤون الداخليــة للــدول األخرى، فمثال قد يكــون للتغــيرات الــتي تطــرأ على ســعر الفائــدة في الواليــات المتحــدة و اليابان و ألمانيا أثار مباشرة على الديون و العمالة في بلدان أخرى من العالم و قــد تحــدث االضطرابات في دولة ما آثارا على اقتصاد دولة أخرى األمر الذي أصبح من المتعين معه أن تقبل الدول و بشكل متزايد بضرورة ممارسة السيادة بصــورة جماعيــة في بعض المجــاالت إذ أن التغيرات التي أحدثتها العولمة قد اقتطعت جزءا من سيادة الدولة، و هو مــا ســنحاول

معرفته من خالل هذه الدراسة في المطلبين اآلتيين :

المطلب األول : تــأثير اتفاقــات منظمــة التجــارة العالميــة في مجــال الســلع الزراعية والصــناعية على الحــق في الســيادة على

الثروات الطبيعية.

المطلب الثاني : تأثير اتفاقـات منظمـة التجـارة العالميـة في مجـال الــسلع الصناعـــــية على الحــــق في الســــيادة على االنشــــطة

االقتصادية للدولة.

82

المطلب األول تأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية في مجال السلع الزراعية

والصناعية على الحق في السيادة على الثروات الطبيعية

ال يمكن ألحد أن ينكر ما قد ينجر عن تطــبيق اتفاقــات منظمــة التجــارة العالميــة في مجاالت عدة على سيادة الدول على ثرواتها الطبيعية خاصة في مجــالي الســلع الزراعيــة و الصناعية الرتباطهما بالســيادة االقتصــادية ألي دولــة، و عليــه فــإن موضــوع تحريــر التجــارة الدولية في هذه السلع كان بمثابة واحد من أهم المــدخالت الجديــدة في مفاوضــات تحريــر التجارة الدولية التي لم يسبق تناولها قبل مفاوضات جولة أوروجــواي و عليــه ســنحاول في هــذا المطلب التطــرق إلى تــأثير ذلــك على ســيادة الــدول على ثرواتهــا الطبيعيــة من خالل

انعكاسات اتفاقيتي الزراعة و الصناعة في منظمة التجارة العالمية.

الفرع األول : تأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية على الحــق في الســيادةمن خالل اتفاق السلع الزراعية

إن عدم تطبيق قواعــد الجــات من الناحيــة العمليــة على التجــارة الدوليــة في الســلعــل أن تتحــول الزراعية كان يرجع بصفة أساسية إلى رغبة الجماعة االقتصادية األوروبية - قب

، و الحقيقة أن اتفاق الزراعة الذي222إلى اتحاد أوروبي- في حماية إنتاجها الزراعي الوطني أسفرت عنه جولة أوروجواي، يعد خطــوة كبــيرة على طريــق تحريــر القطــاع الــزراعي من الدعم و الحماية التجارية، و يعتبر أساسا للشروع في عملية إصــالح التجــارة في المنتجــات

. 223الزراعية على األمد الطويل أوضحت ديباجة اتفاق الزراعة "أن الهدف منــه على األمــد الطويــل هــو إنشــاء نظــام للتجــارة في المنتجــات الزراعيــة يكــون منصــف و مســتند إلى قــوى الســوق، يشــتمل على تخفيضات جوهرية و متصاعدة في الدعم و الحماية الزراعية، يتم تنفيذها خالل فــترة زمنيــة

متفق عليها، مما يؤدي إلى تصليح األوضاع في األسواق الزراعية العالمية".ــة في ــاق الزراع ــع اتف ــة30يق ــائج جول ــة المتضــمنة نت ــة الختامي صــفحة من الوثيق

. و تطبيق أحكــام هــذا األخــير224 مادة و خمسة مالحق21أوروجواي، و يتكون من ديباجة و منه، و التي سنتناول البعض منها في هذا الفرع.1 منه في الملحق رقم 2وفقا للمادة

سنحاول تبيان التأثير الســلبي لبعض أحكــام هــذا االتفــاق على ســيادة الــدول حســبتسلسل األحكام الواردة فيه، دون التوسع في التعاريف.

بالنسبة للحكم القاضي في االتفاق بتحســين النفــاذ إلى األســواق، فهــذا يــترتب عنــه ، خصوصا بالنسبة للبلدان النامية التي تشكل225انخفاضا كبيرا في حصيلة الرسوم الجمركية

نسبة كبيرة من مجمــوع إيراداتهــا، حيث أن أغلب الســلع الزراعيــة المتداولــة في األســواقــا ال تنظــر222 - تعتبر فرنسا الدولة األولى في الجماعة األوروبية التي تتشدد في حماية قطاع الزراعة، إذ أنه

إلى هذا القطاع على أنه مجرد نشاط اقتصادي مثل غير من األنشطة و لكنــه نشــاط ذو أبعــاد اجتماعيــة و سياسية هامة، و ترجع هذه النظرة إلى المكانة الهامة للزراعة في الفكر االقتصادي الفرنسي إلى مدرســة الطبيعيين في القرن الثامن عشر التي نادت بأن الزراعة هي النشاط االقتصادي المنتج الوحيد على عكس

الصناعة و التجارة التي تعتبر في نظرهم أنشطة عقيمة. - يرتبط باتفاق الزراعة ثالثة أشياء هي : جــداول التنــازالت الــتي تقــدمت بهــا الــدول بالنســبة للمنتجــات223

و القرار الوزاري الخاص بتعويض الدول النامية1994الزراعية و ألحقت ببروتوكول مراكش التفاقية جات المستوردة للغذاء عن أية آثار سلبية قد تنجم عن إصالح و تقرير قطاع الزراعــة، و اتفـاق تــدابير الصــحة و

الصحة النباتية. - للمزيد من التوضيح حول هذا االتفـاق راجـع : د/ السـن عـادل عبـد العزيـز، مســتقبل تحريـر التجـارة في السـلع224

ــع، منشــورات الزراعية في إطار اتفاق الزراعة و مفاوضات جولة الدوحة )الفرص و التحديات( المؤتمر العربي الراب. 46، ص 2009المنظمة العربية للتنمية اإلدارية، الجمهورية اليمنية، فبراير

- راجع المادة ¼ الجزء الثالث من اتفاق الزراعة.22583

العالمية بالمقارنـة مـع إجمـالي إنتاجهـا تنتج فيهـا، و هي تمثـل لكثـير من هـذه البلــدان هي المصدر الرئيسي للعمالت األجنبية، ما يجعلها في وضع شــديد التــأثر بالتقلبــات في أســواق هذه السلع، فالدول العربية مثال : ستزيد نسبة خسارتها نتيجة لــتراجع أو انخفــاض في حجم الصادرات الزراعية، إلى األســواق الــتي تعتــبر أســواقا لهــا، لضــعف القــدرة التنافســية مــع

، و ال تستطيع حكومات هذه الدول فعل أي226المنتجات الزراعية القادمة من الدول األخرىشيء.

فحكم النفاذ إلى األسواق يترجم نفسه بحصول عمالقــة صــناعة األغذيــة، على كامــل الحرية في دخول أسواق حبوب البلدان النامية، و امتالكها حقوق الملكيــة الفكريــة و تــدمير

. هذا المفهوم المدمر الذي ينتج المجاعـة على نســق واحــد، تجــد البلــدان227التنوع اإلحيائيــد الســيادة النامية نفسها عاجزة على أخذ أي إجراء وقائي أو تنافسي حياله مما يجعلها تفق

الغذائية لمواطنيها شيئا فشيئا. فأوغندا مثال : قد ازدادت فيها الواردات الغذائية بمــا يتجــاوز ثالثــة أضــعاف مــا كــانت عليــه قبــل إبــرام اتفــاق الزراعــة، فبمــوجب حكم تحســين النفــاذ إلى األســواق كــان لهــذه الواردات تــأثيرات ســلبية عليهــا حيث زاحمت اإلنتــاج المحلي، و بقي العمــال الــذين فقــدوا

ــدون عمل ــزراعي ب ــرص عملهم في القطــاع ال ــزارعين228ف ، بحيث ال يســتطيع صــغار الم المشاركة في زراعة المحاصــيل الـتي تتوجـه نحــو التصــدير، و قــد يواجهـون منافسـة أكـثرــادة تهميش وضــعهم في ضــراوة فيمــا يتعلــق بالحصــول على المــوارد، ممــا يــؤدي إلى زي

بلدانهم..Jو هو ما أشار إليــه الخبـير االقتصــادي جـون بـارتولو BERTHELOTأنــه بســبب" :

ــة التراجع في فرض الرسوم الجمركية على السلع الزراعية بموجب اتفاق الزراعــة في دول 1998كالبرازيل و التي تعتبر قوة اقتصادية صاعدة بأمريكا الجنوبية خصوصا للفترة ما بين

مليــون52، تراجع اإلنتاج الزراعي و تقلصت على إثرها المســاحات الزراعيــة من 2004–ــ . 229 مليون هكتار"42هكتار إلى

يجعل هذا االتفاق المزارعين يبحثون عن نشاطات أخرى يستثمرون فيهــا أمــوالهم، و إن كان هذا األمر قد بدأ يحــدث في أوروبــا، فســيكون لــه في البلــدان الناميــة وقــع كبــير و أخطر، لذلك البد من إعادة النظر في بنوده و جعلها أكــثر مالئمــة، ألن هــذا مــا يجعلــه يــؤثر

.230سلبا على السيادة االقتصادية لهذه البلدان يرى بعض المختصين في التجارة الدولية أن تفكيــك الحمايــة الجمركيــة من شــأنه أن يؤدي إلى إغراق األسواق المحلية و منه تدمير القدرة اإلنتاجية الزراعية، ما ينجر عنه تدمير

- د/ محمد إبراهيم عبد الرحيم، منظمات اقتصادية دولية في زمن العولمة، مؤسسة شــباب الجامعــة اإلســكندرية،226.173، ص 2008

- بضغط من تكتالت التكنولوجيا اإلحيائية جرى فرض بذور معدلة جينيا على المزارعين – غالبا في إطار المســاعدة227 الغذائية – فمثال : سلمت في إثيوبيا حقائب بذور معدلة جينيا للمزارعين لتجديد اإلنتاج الزراعي بعد جفاف كبير، لكن

,DAMIALMIDLANZUL)تبين بعد ذلــك للمــزارعين أنــه ال يمكن إعــادة زرع هــذه البــذور دون دفــع حقــوق لشــركات MONSANTWOOARS)و فيما بعد اكتشف المزارعين أن البذور لن تنبت إال باســتعمال المـواد الزراعيــة أي األســمدة

الخاصة....إلخ، التي تنتجها الشركات العالمية العمالقة. و بهذا أصبح االقتصاد الزراعي كله بين أيدي تكتالت الصــناعة الغذائية و تم تحطيم الدورة الزراعية التي تتيح للمزارعين تخزين البذور و زرعها الستخالص المحصول المقبل منهــا.

للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع راجع : -CHOSSUDOVSKY Michel, « La mondialisation de la pauvreté », Revue de nouvelles pratiques sociales, Vol 12, N° 2, les

de l’université du Québec, décembre 1999, P 07 .228 -F.A.O, « l’accord sur l’agriculture bilan de sa mise en œuvre », études de cas sur des pays en développement, vol 3, Rome,

Italy, www.fao.org/biotech/doc.asp?, consultation : Décembre 2005, PPP 30 – 38 – 54. - بن تركي عز الدين، تطور المسألة الزراعية في ضــوء المنظومــة الدوليــة لتجــارة الســلع الزراعيــة، أي229

سياسة زراعية للجزائر؟ أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه الدولة في العلــوم االقتصــادية، كليــة العلــوم.36، ص 2007 – 2006االقتصادية و علوم التسيير، قسم العلوم االقتصادية، جامعة الحاج لخضر، باتنة،

230 -CHVAGNEUX Christian, « OMC, changer pour exister », in : L’économie politique, N° 35 Editions Editorial, France, Juillet 2007 ? P 17 .

84

. أمــا حســب231االكتفاء الذاتي بالنسبة للبلدان الفقيرة، و زيــادة كبــيرة في التبعيــة الغذائية وجهــة نظرنــا، يســمح حكم النفــاذ إلى األســواق بغــزو االقتصــاديات المحليــة و يعتــبر حقــاــيادة مشروعا بموجب هذا االتفاق، و هذه حقيقة ينبغي عدم إنكارها و بالتالي تآكل مبدأ الس

بكل معانيها. ففي سريالنكا مثال : شكلت تخفيضات التعريفة و الزيــادة المصــاحبة لهــا في واردات األغذية ضغوطا على القطاع الريفي و العمالة. و في غينيــا تزايــدت واردات عصــير الفواكــه من كبار المنتجين، مما أدى إلى إزاحة الكثير من اإلنتاج المحلي و كشف عن تزايد اعتمادها المستمر على األغذية المستوردة، أما بالنسبة لميزان المدفوعات فإن مشــاكله كــان أجلهــا

. هذا ما ينعكس232طويال و عبؤها ثقيال، مما يضر بقدرة الدولة على تعزيز قدرتها في التنميةسلبا على سياسة الدولة في اتخاذ القرارات السيادية للنهوض بالقطاع الفالحي في البالد.

، تتلخص أحكامه في أربعــة233أما بخصوص تخفيض الدعم المحلي للمنتجات الزراعية نقاط هي : تصنيف تدابير الدعم المحلي، نسب تخفيض الدعم المحلي، آلية تنفيذ التعهدات بتخفيض تدابير الدعم المحلي، تدابير الدعم المحلي المعفــاة من الخضــوع للتخفيض. و قــد

صنفت تدابيره إلى قسمين : وأولهما : تــدابير الــدعم الــتي تســبب إعوجاجــا في التجــارة الزراعيــة :

Green)يطلق عليها سياسات الصندوق األخضر Box Policiers)هي ال تسري عليهــا التعهــدات تدابير دعم أخرى وردت على سبيل الحصــر معفــاة من التخفيض من03بالتخفيض و توجد

Blueبينها تدبير دعم يطلق عليه سياسات الصندوق األزرق ) Box Policiersمن هنــا نجــد .) أربعة أنواع من الدعم التي ال تخفض.

و هيثانيهما : تدابير دعم تسبب إعوجاجا في التجارة الدولية الزراعية : ، مع خضوعها للتعهدات بالتخفيض. (Amber Box Policies)تعرف بسياسات الصندوق األصفر

للتذكير فإن تخفيض الدعم سيؤدي إلى الزيادة في األســعار، ممـا يــؤثر بطريقـة غــير ، هذا من شأنه أن يخلق مشــاكل اقتصــادية234مباشرة على الميزان التجاري للبلدان النامية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبق ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ـس و اجتماعـي و أن عانت منها بعض الدول، عند تطبيقها لــبرامج التكــييف و التثــبيت، الــتي طبقتهــا ســابقا باالتفاق مع صندوق النقد الدولي. لذلك فإن البلدان المتقدمة تملك اقتصادا قويا مــا يجعلهــافي اكتفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء ذاتي

، لهذا ينظــر235و بالتالي تحفظ سيادتها، أما الدول الضعيفة اقتصاديا فهي تبقى تحت رحمتهابعض

االقتصاديين إلى موضوع الدعم بأنه ال يخدم إطالقا هذه األخيرة مما يستدعي التعامــل معــه. 236بحذر شديد

231 -CHRISTOPHE Jean et TROUVE Aurélie, « La politique agricole commune vidée de son contenu », in : Le monde diplomatique, Janvier 2009, PP 6 et 7.

- كاين سمولر، رئيسة مكتب جنيف لمعهد السياسة الزراعية و التجارة، مطلـوب عولمـة جديـدة، جريــدة232.9 – 8، ص 08/11/2008، السبت 43العرب األسبوعي، العدد

- للمزيــد من المعلومــات راجــع في هــذا الصــدد : أحكــام تخفيض الــدعم المحلي للمنتجــات الزراعيــة و233ضوابط برامج الدعم المسموح بها كما يلي :

. 4، 3، 2 منه، باإلضافة إلى مالحق االتفاق 03 من اتفاق الزراعة و كذلك المادة 7/2، 6/1- المواد ــة، القــاهرة، 234 ، ص1995- د/ حشاد نبيل، الجات و مستقبل االقتصاد العالمي و العربي، دار النهضة العربي

89 . - النائب : جوهري شكيب و النائب : دحدوح عبد الرزاق، سيادة الدول في ضــل العولمــة، مجلــة النــائب،235

.92، ص 2003العدد األول، منشورات المجلس الشعبي الوطني، - هذا ما أبداه حاليقية محمد الوزير األردني السابق و مما قاله "أوصي معالي الــوزير و الوفــد المفــاوض236

أن يشددوا في التنازل على موضوع الدعم لهذا القطاع قــدر المســتطاع مــادام التنــازل أمـر محكم علينــا" للمزيد من المعلومات اطلع : حاليقية محمد، "النظام التجاري المتعدد األطــراف و ملــف إنظمــام الجزائــر

. 149 – 148، ص ص 2003إلى المنظمة العالمية للتجارة"، مجلة الفكر البرلماني، العدد الرابع، أكتوبر 85

و السؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا هو لماذا نطــالب البلــدان الناميــة بتخفيض الــدعم و هي ال تزال بأمس الحاجة إليه لتطوير قطاع الزراعة؟. ذلك أن البلدان النامية المتقدمة قــد طورت هذا القطاع خالل سنوات عديدة بفضــل الــدعم الــذي كــانت تقدمــه لمزارعيهــا، في

المقابل يطالب االتفاق الدول الضعيفة بتخفيضة و هي بأمس الحاجة إليه. من خالل مــا تقــدم يتجلى لنــا المســاس الكبــير بالســيادة االقتصــادية بجعــل القطــاع الزراعي في البلدان النامية أكثر هشاشة و جعلها تابعة دائما من الناحيــة الزراعيــة للبلــدان المتقدمة، فعلى البلدان الضعيفة أن تدرك األمر جيدا، خصوصا مع ارتفاع أســعار المنتجــات الزراعية من جهة و التنافس األوروبي األمريكي على كســب األســواق و تقســيمها من جهــة أخرى، و تدهور شــروط التبــادل الــذي تتحمــل عبــأه هــذه األخــيرة الــتي تعــاني من التبعيــة

، مما يهدد ميزان مدفوعاتها و زيادة اختاللها و بالتــالي جعــل البــاب مفتوحــا على237الغذائيةمصراعيه أمام تدخل صندوق النقد الدولي.

، فســتتعرض صــادرات البلــدان238كذلك األمر بالنســبة إللغــاء الــدعم على الصــادراتــك الصغيرة للتآكل و ستواجه منافسة شرسة، مما يضعف قدرتها على االستيراد بمــا في ذلــد أن األغذية، فمثال : المتتبع لمسار مفاوضات انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة يج النقاش قد أثير حول المؤسسات التجارية التابعة للدولة، و أجابت عليها بأنه من المســتحيل

، الــذي يســتورد الحبــوبOAICتخلي الدولة الجزائرية عن الديوان الجزائري لتسيير الحبوب . 239لحساب الدولة و كذلك معهد باستور الذي يستورد المحاليل و اللقاحات

فمن خالل هذا االتفاق حاول المفاوضين القضاء على كل ما هو أساســي في الدولــة، و الذي يمس بسيادة الدولة في تسيير المراكز الحساسة، هذا ما اضطر بالعديد من البلدان النامية المطالبة بالحماية و هي الحجة نفسها الــتي اســتخدمتها البلــدان المتقدمــة لنفســها،ــة بحماية قطاعها الزراعي إلى غاية يومنا هذا، من هنا طالبت الدول الفقيرة بضــرورة حماي أمنها الغذائي باعتباره جزءا ال يتجزأ من أمنها الوطني و ســيادتها السياســية، و على أســاس أن االعتماد الكلي على واردات الغذاء يعد في حد ذاته أمرا خطيرا و مهددا لألمن القــومي،

بالنســبة لحمايــة مســائل1994 من جــات 21مستندة في ذلك إلى ما نصــت عليــه المــادة و هـو مـا يـبين تـأثر سـيادة، 240األمن الوطني و استثنائها من قواعد النظام التجاري الدولي

الدولة بهذا االتفاق. إضافة إلى ذلك فإن أنواع الدعم المتضمنة في الصندوقين )األخضر و األزرق( يصعب على البلــدان الناميــة التعــرف عليهــا بســهولة، و يحتــاج األمــر إلى تكــاليف ضــخمة لتجميــع المعلومات بغية إثبات عدم مشروعية الدعم الممنوح من طرف نظيرتها المتقدمة، خاصة و أن عبء اإلثبات يقع على عاتق الدولة المتضررة، ألن البلدان المتقدمة تســتفيد من هــاذين الصندوقين أكثر من غيرها، بحجة أنه دعم مشروع و غــير مشــوه للتجــارة، و بالتــالي تؤخــذ

مصالحها تامة عكس البلدان النامية. أما الصندوق األزرق، فإن أهميته تتزايــد بالنســبة للبلــدان المتقدمــة خاصــة في ظلي اعتماد الكونجرس األمريكي لقانون جديد بعد مؤتمر الدوحــة يســمح بزيــادة الــدعم المحلي للمزارعين نسبة إلى األسعار الدولية – أي عند انخفــاض األســعار، و ضــعف قــدرة المــزارع األمريكي على التصدير، يرتفع مستوى الدعم الممنوح له لتعويضــه عن االنخفــاض الطــارئ في األسعار -، و هو مــا من شــأنه أن يعــزل المــزارع األمــريكي و يحميــه من قــوى الســوق

- بن موسى كمال، من الجات إلى المنظمــة العالميــة للتجــارة، مــذكرة ماجســتير في االقتصــاد الــدولي،237. 156، ص 1996معهد العلوم االقتصادية، جامعة الجزائر، أفريل

(VI منــه و الجــزء )11،ــ 10،ــ 9،ــ 8( من اتفــاق الزراعــة، المــواد : V- في هذا الموضوع راجع : الجزء )238 منه.12المادة

- جعبوب الهاشمي )وزير التجارة الجزائري(، "ليس هناك إال خطوة لالنظمام لمنظمــة التجــارة العالميــة،239. أنظر : 08، ص 07/02/2007، بتاريخ « Liberté économie »جريدة لبرتي إكونومي

www.mincommerce.gov.dz/fichiers/elahras.pdf   .274- السن عادل عبد العزيز، مستقبل تحرير التجارة...، مرجع سابق، ص 240

86

الــدولي و تــداعياتها بالنســبة لإلصــالح الــزراعي. و بالتــالي إدخــال مفهــوم آخــر للــدعم في الصندوق األزرق بما يخدم القانون األمريكي المشار إليه و يقننه في إطار منظمــة العالميــة

، و عليه ضرب مصالح البلدان النامية في الصميم و ازدياد تهميش أمنهــا الغــذائي241للتجارةو ثمة تقلص سيادتها الغذائية.

في هذا تستعمل الواليات المتحدة األمريكية المســاعدات الغذائيــة الموجهــة للبلــدان النامية، لصــرف الكســاد عنهــا و من ثمــة تعتــبر دعمــا مســتترا لصــادراتها – فعنــد انخفــاض األسعار في السوق الدولي ترتفع مستويات المساعدات الغذائية و العكس صــحيح -، فهــذه

المساعدات تستعمل لتصريف الصادرات ال أكثر. فاالندماج في اتفاق الزراعة ليس هو الحل المناسب للبلدان النامية، إضافة إلى ذلــك فإن إلغاء الدعم الحكومي للمزارعين يؤدي بالبلدان المتقدمـة إلى تقليص كميـات اإلنتـاج و هذا بدوره يؤدي إلى تقليص المعونات الغذائية التي كانت تقدمها إلى البلدان الفقــيرة، ممــا

.242يؤدي بدوره إلى ظهور المجاعة و أمراض سوء التغذية في هذه األخيرة كما يجب على البلدان المتقدمة أن ال تبــالغ في تقــديم الحمايــة لمزارعيهــا مــا دامت متفوقة في هذا القطاع الهام، فعليها أن تفسح المجال للبلدان النامية لتطبيقها – الحماية – حتى تتمكن من تطوير هذا القطاع الحساس في التجــارة الدوليــة، و الحفـاظ على ســيادتها

، كمــا يضــعف243االقتصادية، ألن أثار هذا االتفاق جد كبيرة على السياســة الزراعيــة الوطنية كل أشكال األنظمة الزراعية و الغذائية المبرمجة في الدول الضعيفة لتحديث هــذا القطــاع، و بالتالي عدم وجــود دولــة فيهــا ذات ســيادة غذائيــة مســتقلة و ذلــك كلــه لصــالح شــركات

. 244األعمال التجارية الزراعية التي ترتكز لدى البلدان الغنية بصورة متزايدة يهدف اتفاق الزراعة إلى منع الدولة من حماية زراعتها المحلية، و ضبط الممارســات الزراعية في العالم الثالث، فأثاره السلبية باتت محسوسة في جميع أنحــاء العــالم و خاصــة

، لــذلك على البلــدان الناميــة245في البلدان األكثر فقرا، و التي تعكس تزايد التبعيــة الغذائيةأن تدرك درجة خطورة هذا االتفاق على أمنها الغذائي و بالتالي سيادتها في هذا المجال.

بالســيطرة على األســواق وكار جيل يسعى هذا االتفاق، للسماح للشركات الكبرى ، و هــذا ال يالحــظ في فحــواه إذ ال246تقليص فرص البلدان النامية في تحقيق أمنها الغــذائي

نجد كلمة الشــركات في النص، و لكن إذا حللنــا بنــوده و درســناها جيــدا فســوف نصــل إلى نتيجة و هي بجعل البلدان النامية سوقا مربحا لتسـويق منتجاتهـا الزراعيـة، حـتى و إن كـانــا ذلك على حساب السيادة الغذائية الداخلية لهذه الدول، فمن يبحث في اللغة التي صيغ به

.278- السن عادل عبد العزيز، مرجع سابق، ص 241242 -DAUDIN Guillaume, « Tous unis contre le protectionnisme des pays du nord ? », Revue de L’OFCE, N° 84, Janvier 2003,

PP 96- 97.243 -TANGERMAN Stefan, « L’accord sur l’agriculture de l’Uruguay round fonctionne-t-il ? », in : Economie internationale,

La documentation Française, N° 87, 2001, PP 32 – 33.244 -BERTHETOT Jacques et BUISSON Michel, « Refonder la régulation des échanges agricoles sur la souveraineté

alimentaire », in : Proposition introductive à l’élaboration du manifeste d’ATTAC, France, 05/03/2006, P¨13 .245 -GELINAS Jacques, « Le piège du libre échange de l’OMC », in : Le journal alternatives, Vol 14, N° 10, Québec, Canada,

27/06/2008 . و الذين انتدبوا للوفــد الرســمي األمــريكي. لقــد كــانواكار جيل، - فاالتفاق صاغه التنفيذيون في شركة 246

عامـا20يعرفون ماهية ما يكتبون، حيث أنهم سبق أن أعدوه في الواليـات المتحـدة األمريكيـة على مــدى بالمائــة من التجــارة70حتى يصبحوا أكبر شركة عالمية تتاجر في محاصيل الحبوب. و اليوم تســيطر على

ــل عــامين أي ــة قب ــاني أكــبر شــركة زراعي ــة، و لقــد اشــترت ث و المعروفــة باســم شــركة2002الزراعي و ليست اتفاقية متعــددة األطــراف توصــلت إليهــاكار جيلفاتفاق الزراعة ليست إال اتفاقية .كونتننتال

دولة، فصاغتها هذه الشركة ثم فرضتها أمريكا و االتحــاد األوروبي على رؤوس الجميــع. و للمزيــد من140المعلومات حول هذا الموضوع راجع :

، أنظـــر :2001 مـــارس 10- د/ فانـــدانا شـــيفا، "تـــأثير العولمـــة على األمن الغـــذائي"، تـــاريخ النشـــر www.ahedegypt.org

87

أن هدفــه هــو247اتفاق الزراعة بالتأكيد سيدرك أبعاده كما يرى الــدكتور إســماعيل شــعباني "بقــاء البلــدان المتقدمــة تســيطر على األســواق العالميــة للمنتجــات الزراعيــة و اســتمرار الضغط على المنتجات الزراعية للدول المختلفة، تارة بفرض الحصــص كمــا وقــع لتــونس و

المغرب و تارة بفرض المعايير النوعية ...إلخ". فمعظم القضايا الــتي طــرحت على جهــاز تســوية المنازعــات في المنظمــة العالميــة للتجارة بخصوص هذا االتفاق، قد أثيرت في الغالب من طــرف البلــدان المتقدمــة ضــد بلــد نامي عضو في المنظمة، ما يدل على سيطرة هذه البلدان عليه و من هذه القضايا نذكر ما

يلي :قضية الواليات المتحدة األمريكية ضد كوريا الجنوبية (1

، ضــد جمهوريــة كوريــا1999تقدمت الواليات المتحدة األمريكية بشكوى في شــهر فيفــري بخصوص التدابير التي تؤثر على واردات لحوم البقـر الطازجـة المـبردة و المجمـدة، و ممـا جاء في الشكوى، أن جمهورية كوريا تطبق خطة لتنظيم االستيراد تتضمن تمييزا ضد لحــوم البقر المستوردة، عن طريق تــدابير من بينهــا جعــل بيــع اللحــوم المســتوردة مقصــورا على

محالت مخصصة، و تقييد طريقة عرضها، مما يقيد من فرص بيع لحوم البقر المستوردة. كذلك ترى الواليات المتحدة األمريكية بأن جمهورية كوريــا الجنوبيــة ترفــع ســعر بيــع لحــومــة تســمى ــل ســلطة االســتيراد مقصــورة على مجموعــات معين ــر المســتوردة، و تجع البق

و على هيئة تسويق المنتجات الحيوانية، و تقدم دعما محليا لتربيةالمجموعات الكبرى""ــة. و ــات القطري األبقار بمبالغ تتجاوز إجمالي مقياس الدعم الكلي الوارد في جدول االلتزام اشــتكت الواليــات المتحــدة األمريكيــة من أن هــذه القيــود تطبــق فقــط على لحــوم البقــر المســتوردة، األمــر الــذي حــرم الــواردات من نفس المعاملــة الــتي تطبــق على المنتجــات المحلية، و أن الدعم المقدم لصناعة تربية األبقار يمثل دعما يتنــاقض مــع مضــمون االتفــاق

،3بشأن الزراعة. و تزعم الواليات المتحدة األمريكية أن ذلك ينطوي على انتهاكات للمواد ) . و1999( من االتفاق بشأن الزراعة، و قــد تشــكل فــوج خــبراء خــاص في مــاي 7،ــ 6،ــ 4

احتفظت كل من أستراليا، و كندا، و نيوزيلندا بحقوق الطرف الثالث. قضية الواليات المتحدة األمريكية ضد الهند (2

تقدمت الواليات المتحدة األمريكية بشكوى مفادها أن القيود الكمية التي تطبقها الهند على بنــدا من بنــود2700استيراد عــدد كبــير من المنتجــات الزراعيــة، و الــتي تشــمل أكــثر من

التعريفة الجمركيــة على المنتجــات الزراعيــة الــتي تم اإلبالغ عنهــا لــدى المنظمــة العالميــةللتجارة، ال تتفق مع

. 248 من االتفاق بشأن الزراعة2 الفقرة 4التزامات الهند بموجب المادة ، أن التــدابير المتنــازع1997 ســبتمبر 18تبين لفريق الخبراء الخاص الذي شكل في

من االتفاق بشــأن الزراعــة. غــير2 فقرة 4عليها ال تتفق مع التزامات الهند بموجب المادة . 249أن الهند قررت استئناف هذا الحكم

على الرغم من األولوية التي أفردتها مفاوضات الدوحة للمعاملة الخاصة و التفضــيلية للبلدان النامية و األقل نمـوا بمـوجب الفقـرة الثالثـة عشـر من البيـان الـوزاري. فـإن هـذه المعاملة لم تلقى االهتمام الواجب في إطار المفاوضــات الزراعيــة، و ال يجب هنــا أن نقلــل بالجهود المضنية الــتي قــام بهــا مفاوضــو هــذه البلــدان و المقترحــات العديــدة الــتي قــاموا

- راجع في هذا الشأن : إسماعيل شعباني، "إمكانيات الجزائر الزراعية في مواجهة األسواق العالمية في247.242، ص 1999، 12("، حوليات جامعة الجزائر، العدد OMCإطار المنظمة العالمية للتجارة )

248 -L’article 4/2 de (A.s.A)  :» - Les Membres ne maintiendront pas de mesures du type de celles qui ont dû être converties en droits de douane proprement

dits1, ni ne recourront ni ne reviendront à de telles mesures, exception faite de ce qui est prévu à l’article 5 et à l’Annexe 5  .« جهاز تسوية الخالفات داخل المنظمة العالمية للتجارة، مذكرة، - للمزيد من القضايا راجع : قادري طارق249

لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع قانون األعمال، جامعة مولود معمري، كليــة الحقــوق، تــيزي وزو،.84 – 83، ص ص 2010 – 2009

88

بتقديمها لحماية سيادة دولهم و مصالح شــعوبهم، غــير أنــه يتعين عليهم اســتمرار تمســكهمبمطالبهم المشروعة.

الفرع الثاني تأثير اتفاقيات منظمة التجارة العالمية على الحق في السيادة من خالل

اتفاق السلع الصناعيةاتفاقية جات الدولية في السلع المصنعة باستثناء1947ركزت التجارة على تحرير

المنسوجات و المالبس، و لم يختلــف األمــر في جميــع الجــوالت عن هــذا الوضــع، و قــد تم التوصل في إطــار جولــة أوروجــواي إلى اتفــاق لتحريــر المنســوجات و المالبس تــدريجيا، و كذلك إلى بروتوكول لفتح األسواق أمام السلع المصنعة، و قد تضمن هــذا األخــير مجموعــة القواعد لتحرير التجارة في السلع المصنعة و عليه ســنحاول من خالل هــذا الفــرع التطــرقــثروات ــر الســلع المصــنعة و تأثيرهــا على الحــق في الســيادة على ال إلى بروتوكــول تحري

الطبيعية للدول.يرتكز هذا البروتوكول على ثالث ركائز رئيسية و هي :

تخفيف التعريفات الجمركية.-1تخفيف عبئ القيود غير التعريفية من خالل تحويلها إلى تعريفات جمركية.-2 الــذي يخضــع فيــه نتــاج المراحــل الالحقــة ألي250الحد من تصعيد الرســوم الجمركية-3

. 251عملية إنتاجية إلى زيادة الجمارك و ينص البروتوكول على أن االلتزامــات المقدمــة من الــدول األعضــاء و المتضــمنة تنــازالت جمركية متبادلة تعتبر جزءا ال يتجزأ من االتفاقية العامة، كمــا تلــتزم الــدول األعضــاء بتنفيــذ

.1995التنازالت المتفق عليها بنسب متساوية على مدار خمس سنوات بدءا من يناير و عليه فبالنسبة للمعادن فتقــرر لهــا أكــبر نســبة تخفيضــات جمركيــة حيث ألــزمت البلــدان المتقدمة بتخفيض تعريفاتها على الواردات من المعادن من كــل المصــادر بنســبة تصــل إلى

بالمائــة، أمــا المنتجــات67 بالمائــة، و على وارداتهــا من البلــدان الناميــة بنســبة تصــل 62 الكيميائية فتقرر على البلدان المتقدمة تخفيض تعريفاتها على البتر و كيماويات، و األســمدة

بالمائــة، و40 بالمائة، أمــا األســماك و منتجاتهــا فقــد حـددت بـ 4من البلدان النامية بنسبة بالمائة و الثانية بـ18بخصوص آليات و معدات النقل فقد بلغت نسبة التخفيضات لألولى بـ

.252 بالمائة48 بالمائة. أما اآلالت الكهربائية فقد بلغت نسبة التخفيضات فيها 66ــة من خالل ــدان النامي ــاق جــاء ليخــدم البل ــذا االتف ــة األولى أن ه ــاحث من الوهل ــد الب يعتق التخفيضات المتعددة التي سبق و أن أشرنا إليها، لكن الواقع شيء آخــر فبــالرغم من هــذه التخفيضات الكبيرة التي تصدرها هذه الدول، فإن هناك العديد من القيــود الــتي تحــول دون دخول صادراتها إلى أسواق الدول الصناعية المتقدمة، فهذا ال يتوقــف على نســبة التخفيض فحسب، و إنما يتحدد أيضــا بالقيمــة األصــلية، كمــا أن التعريفــة الجمركيــة المفروضــة على

بالمائة، خصوصا السلع التي تتمتع فيهــا10الصادرات الصناعية من البلدان النامية تزيد عن هذه الدول بميزة تنافسية في إنتاجها – الجلود و األســماك و الصــلب و المنتجــات الزراعيــة

، زيادة عن ذلك ما نتج من جراء253المصنعة – و تتزايد هذه التعريفة مع زيادة درجة التصنيع

بين أعضاء منظمة التجارة العالمية، و يحدد وفقــا للمفاوضــات بين األعضــاء في- التثبيت الجمــركي هــو الــتزام أساسي250ــوز أن جدول خاص لكل دولة يرفق ببروتوكول العضوية عند االنضمام، أو وفقا لنتائج مفاوضات الحقة ال يج

تطبق الدول رسوما تعريفية أعلى مما هو وارد في تلك االلتزامات. - أنظر : محمد عبيد محمد محمود – منظمة التجارة العالمية و دورها في اقتصاديات البلدان اإلســالمية –251

.951، ص 2007دار الكتب القانونية – القاهرة – .931 – 926 – 922- د/ محمد عبيد محمد محمود، منظمة التجارة العالمية، المرجع السابق، ص 252.560، ص 2002/2003- د/ محمد محمد علي إبراهيم، اآلثار االقتصادية التفاقية الجات، الدار الجامعية، 253

89

الــذي يفــوق بكثــير التنــازالت الــتي قــدمتها الــدولبرامج التثبيت و التكييف الهيكلي الصناعية.

كمــا أن هنــاك ســلع مصــنعة مــازالت خــارج نطــاق الجــات و هي البــترول، حيث اســتبعدت اتفاقات األوروجواي الصناعات النفطية من مجاالت التحرير بما يعنيه ذلك من اســتمرار في

، ذلك أن254إخضاعها للقيود الحمائية و ألعباء ضريبية ثقيلة العبء من قبل البلدان المتقدمة تحرير تجارة هذه السلع معناه تطوير و تدعيم اقتصاديات الدول المنتجــة لهــا، و هــذا يســير في عكس اتجاه مصالح الدول الصناعية المتقدمــة، لــذا فقـد حــالت تلــك الــدول دون إدراج

و منالمصدر يربح دائما"هذه السلع ضمن االتفاق فال تنطبق عليها القاعدة القائلة أن " المؤكد أن هذا االستبعاد سيعظم خسائر البلدان النامية المصدرة للنفط الخــام و لمشــتقاته خاصة و أن كثرة من هذه البلدان تعتمد اعتمادا كليا على صادراته، من هنا يظهر جليا كيــف أن هذا االتفاق جاء ليضرب ســيادة البلــدان المتخلفــة بطريقــة ممنهجــة و ذكيــة و يســتنزف

ثرواتها الطبيعية مما يعد خرقا لحق هذه الدول في السيادة على ثرواتها الطبيعية.ــة و ــدان المتقدم يكرس هذا االتفاق الهيمنة الرأسمالية التي أدت إلى التباين الكبير بين البل البلدان الناميــة هــذه األخــيرة الــتي تعــاني من تــدني في أســعار مواردهــا األوليــة و بالتــالي

، فالجزائر مثال تعرضت إلى ضغط كبير خالل مفاوضات255السيطرة على مقدراتها الصناعية االنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة خاصة بالنسبة للمنتجات الكيميائية التي طلب منهــا

بالمائــة5 بالمائة بالنســبة إلى بعضــها و 6.5تخفيض التعريفة الجمركية المطبقة عليها إلى ، فوجدت نفسها مجبرة على التنازل.256بالنسبة إلى بعضها اآلخر

ففي الحقيقة استمرت البلدان المتقدمة بوضع العقبات أمام دخول السلع الصناعية للبلدان النامية إلى أسواقها مما جعلها تتكبد خســائر كبــيرة، كمــا اتســعت الفجــوة التكنولوجيــة بينالشـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمال

. 257و الجنوب، بل و ازدادت القيود على تداول التكنولوجية الحديثة و ال يخفى على أحد أن تحرير تجارة السلع أدى إلى تعرض الصــناعات الوليــدة في البلــدان النامية إلى منافسة شرسة قد ال تستطيع مواجهتها حتى باللجوء إلى اإلجــراءات الحمائيــة وــوع التي تفرض رسوم جمركية تعويضية، و ذلك ألن األفراد سيطلبون هذه السلع األجنبية كن

، ممــا يقلــل من اســتهالك اإلنتــاج الوطــني و258من التفاخر باســتهالكها رغم ارتفــاع ســعرهابالتالي تعتبر هي الخاسرة في هذه الحالة.

فالزيادة الضخمة في مســتوى االلتزامــات و الضــوابط الــتي تضــمنتها االتفاقــات ســتحد من حرية الحركة أمام حكومات البلــدان الناميــة في اختيــار األدوات المختلفــة الالزمــة لتطــبيق

سياساتها و بالتالي انكماش سيادتها الداخلية. و عليه فهذا االتفاق )بروتوكول النفاذ إلى األسواق( رغم أنه يهدف إلى زيـادة حجم التجــارة الدولية، إال أنه بالنسبة للدول الفقيرة فإنها ستواجه بارتفاع التعريفات الجمركية عند دخــول

ــة ســتكون هي12سلعها في ذلك إلى التعريفات الجمركية المرتفعة و التي تزيد عن بالمائ 3 فرضت الدول األوروبية ضــريبة الكربــون على وارداتهــا من البــترول و مقــدارها 1993- مع نهاية عام 254

، و اآلن في تزايــد مسـتمر، و تصـل2000 دوالرات من بدايـة عـام 10دوالرات للبرميـل الواحـد تزيـد إلى د/ محمــد عبيــد مليــار دوالر. 75خسائر الدول الخليجية مثال للخمس سنوات األولى من التطبيق حــوالي

.915مرجع سابق، ص محمد محمود، - د/ كميل حبيب و الدكتور البني حــازم، من النمــو و التنميــة إلى العولمــة و الغــات، رؤيــة جديــدة لنظـام255

.273 – 275، ص 2000اقتصادي عالمي جديد، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 256 -TEMMAM ALI GHOUL, « L’adhésion de la Jordanie à l’organisation mondiale du commerce (OMC) », in : Transition et

perspectives, actes des conférences du 18 mars et 25 Septembre 2001. Alger, institut national d’études de stratégie globale, N2, 2004, PP 273 – 275.

- الموسوي ضياء مجيــد، العولمــة و اقتصــاد الســوق الحــرة، ديــوان المطبوعــات الجامعيــة، )ط( الثالثــة،257.165، ص 2007الجزائر،

ــة، )ط( األولى،258 - د/ قدور نجاح، مستقبل االقتصاد العربي في ظل العولمة، منشــورات دار الكتب الوطني.65، ص 2006ليبيا،

90

ــة10السارية بالنسبة للسلع التي تهم البلدان النامية، و تبلغ حوالي بالمائة من بنود التعريف بالمائـة في الواليـات المتحــدة20 بندا في البلدان المتقدمة السبع الكبار : 4000التي تبلغ

بالمائــة في كنــدا. و15 بالمائة في اليابــان، 30 بالمائة في االتحاد األوروبي، 25األمريكية، من أمثلة السلع التي تتعــرض الرتفــاع التعريفــة عليهــا المنتجــات الجلديــة حيث تــتراوح في

بالمائة حسب نوعها، و من ذلــك فالحمايــة58 بالمائة و 38الواليات المتحدة األمريكية بين 2002التقليدية ال تزال قائمة، كما يتضح من فرض الواليات المتحدة األمريكيــة في مــارس

. 259 بالمائة على واردات الفوالذ30 و 8رسوما تتراوح بين ــعى إلى فهذا االتفاق يسعى إلى خدمة مصالح البلدان المتقدمة مهما كانت النتائج، التي تس

جعل البلدان النامية أسواقا مربحة أمام منتجاتها و بالتالي تكريس التبعية بأي ثمن. إن تخفيض التعريفة الجمركية على السلع الصناعية في البلدان المتقدمــة ســيجعل الجزائــر مثال كغيرها من البلدان النامية و العربية تتجه لالســتيراد أكــثر من الســابق، حـتى و إن كــانــيطرة االتفاق صريحا بتحديد سقف التخفيضات الجمركية فتبقى البلدان المتقدمة هي المســة بصــفة ــة و العربي ــه، و على العمــوم هــذا ســيؤدي إلى انخفــاض الصــادرات الجزائري علي

.260عامة زيادة على ذلــك ضــعف الصــادرات الجزائريــة خــارج المحروقــات الــتي ال تزيــد في أحســن

بالمائة من إجمــالي صــادرات الســلع الصــناعية، و اســتثناء النفــط من هــذا02األحوال عن االتفاق يشكل إضعافا لكمية الفوائد التي يمكن أن تجنيها، إضافة إلى ذلك فإنها غــير قــادرةــتعمال ــة االس ــاليف، و قل ــاع التك ــة الرتف ــة نتيج ــة الدولي ــه المنافس ــوف في وج على الوق

التكنولوجي في هذا المجال، مما يجعل سيادتها االقتصادية عرضة لالنكماش و التقلص. كما من شأن اإللغاء المتزايد للجمارك أن يــؤثر على الصــناعة المحليــة في البلــدان الناميــة

Deardoffفطبقــا لدراســة أعــدها دردوف انــد ســترن- and Stern" إن تنفيذ حيث جــاء فيهــا النامية اللتزاماتها بإزالة أو تخفيف القيــود الحمائيــة و الجمركيــة على مســتورداتهاالبلدان

الصناعية، و السماح بالنفاذ المطلــق إلى أســواقها، ســيترتب عليــه إضــرار فــادح بصــناعاتها الوطنية حديثة النشأة، و قمع للتخطيط الساعي إلى إقامــة الصــروح اإلنتاجيــة الجديــدة، أو الراغب في توسيع الخطوط اإلنتاجية القائمة. و الشك في أن حدوث ذلك من شأنه أن يزيد من حدة أزماتها االقتصادية و يؤخر برامجها التنموية و بالتالي تصبح سيادتها االقتصادية أكثر

. 261هشاشة بموجب هذا االتفاق" فغالبا مــا ينظــر إلى اتفــاق الســلع الصــناعية )بروتوكــول النفــاذ إلى األســواق( من منظــور البلدان النامية على أنه خاطف للسيادة و ذلك نتيجة هيمنــة البلــدان الرائــدة اقتصــاديا على المنظمة العالمية للتجارة، هذا ما يترجم نتائجــه الســلبية على الــدول الــتي ال تملــك قاعــدة

، ذلك أن تخفيض الرسوم الجمركيــة يــؤدي كالعــادة إلى انخفــاض المــوارد262صناعية كبيرة المالية العامة للدول، و النتيجة هي أن الدول الضــعيفة قــد تعـاني عجــزا كبــيرا في مــوازين مدفوعاتها، بسبب تلك اإلجراءات الــتي تجــد نفســها مرغمــة على القيــام بهــا وفــق جــداولــتي تفــرض االلتزامات المتضمنة في هذا االتفاق )البروتوكول( و حتى اإلجراءات الحمائية ال

رسوم جمركية تعويضية، فليس لها أي فائدة في هذا الحالة. حيث أن هذا االتفاق يزيـد من حـد المنافسـة نتيجــة االلـتزام بقواعـد فتح السـوق، و من ثم اختفاء بعض الصناعات خاصة الناشئة، لعدم قدرتها على مواجهة المنافســة، هــذا مــا يــؤدي

ــؤتمر259 - د/ قابل محمد صفوت، "أثار تطبيق اتفاقيات منظمة التجارة العالمية في مجال تجارة الســلع"، م. 1258 – 1257الجوانب القانونية و االقتصادية التفاقيات منظمة التجارة العالمية. ص ص

- مو لحسان آيات الله، اآلثار المحتملة للمنظمة العالمية للتجارة الخارجية للجزائر، مذكرة مقدمة ضمن260 متطلبات نيل شهادة الماجستير في العلوم االقتصادية، تخصص نقود و تمويل، كلية الحقوق و العلوم

.121 – 120، ص ص 2003/2004االقتصادية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، .909 – 908- محمد عبيد محمد محمود، مرجع سابق، ص ص 261- مو لحسان آيات الله، اآلثار المحتملة للمنظمة 262

91

إلى تزايد معدالت البطالة في األجــل القصــير و بالتــالي ضــرب ســيادة البلــدان الناميــة في الصــميم. فــأي زيــادة في تكامــل النظــام التجــاري الــدولي فإنــه ال يجلب ســوى البــؤس، و

. 263التلوث، و النظم للدول الفقيرة فهذا الهرم المتناسق لهيكل الرسوم الجمركية على المستوى العالمي التي جاء بها االتفــاق ال يقابله هيكل متناسق لإلنتاج، بل على العكس سيؤدي الهرم الجمــركي الجديــد إلى قيــادة عملية إلعادة التقسيم للعمل على المســتوى الــدولي، تضــع الــدول ذات المزايــا النســبية –ــدان ــة أعلى قياســا إلى البل ــة – في مرتب ــة و السياســية و االقتصــادية و التكنولوجي الطبيعي

األخرى التي ال تتمتع بنفس المزايا. و كخالصة نستنتج أن البلدان المتقدمة تسعى من خالل هذا االتفاق الستفاد مــا بيــد البلــدان النامية من ثروات، حتى تدعم ثرائها و تحافظ على مستويات معيشة مواطنيها المرتفعــة، و تــأمين مصــادر الطاقــة الالزمــة لمصــانعها و للتدفئــة بأســعار رخيصــة، هــذا نتيجــة للعولمــة االقتصادية، التي تسعى إلى اندماج أسواق العــالم في حقــول التجــارة في إطــار رأســمالية حرية األسواق، و اختراق الحدود القومية و إلى االنحســار الكبــير في ســيادة الدولــة خاصــة

النامية منها و إصدارا لحقها في السيادة على الثروات الطبيعية لشعوبها.

المطلب الثاني تأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية في مجال السلع الصناعية

على الحق في السيادة على االنشطة االقتصادية.

لم يقتصر تــأثير اتفاقــات منظمــة التجــارة العالميــة بصــفة خاصــة و النظــام التجــاري العالمي بصفة عامة على حق الدول و الشعوب في السيادة على ثرواتها الطبيعية بل تعداه إلى الحق في السيادة على األنشطة االقتصادية للدول و هو ما ســنحاول التعـرف عليــه من خالل دراستنا لمدى تأثير اتفاق إجراءات االستثمار المتصلة بالتجارة على سيادة الدول على نشاطها االقتصادي و هذا في فرع أول ثم نتطرق إلى اتفاق اإلغــراق و مــا يسـببه من تــأثير

على حق الدولة في السيادة على نشاطها االقتصادي في فرع ثاني.

الفرع األول اتفاق إجراءات االستثمار المتصلة بالتجارة و تأثيره على سيادة الدولة على

أنشطتها االقتصادية

ضغطت الشركات المتعددة الجنسيات على الدول الصناعية التي تمتلكهــا لبحث اإلجــراءات المرتبطة باالستثمار التجاري في مفاوضات األورغــواي بهــدف وضــع اتفــاق يســهل شــروط االستثمار األجنبي في البلدان النامية يكون بمثابة ورقة رابحة تضمن مصــالح و أمــوال هــذه

. 264الشركات بهذه الكيفية توصل المتفاوضــون إلى اتفــاق بشــأن إجــراءات االســتثمار المتعلقــة بالتجــارة

الذي يتألف من تسعة مواد و بعض المالحق. و قد تم االتفاق في هذا المجال، على أنه من حق المستثمر األجنبي أن يقوم باستيراد كافة احتياجاتــه من مســتلزمات العمليــة اإلنتاجيــة، وفقــا لتقديراتــه و دون قيــود، و كــذلك يتمتــع

263 -DAUDIN Guillaume, « Tous unis contre le protectionnisme des pays du nord », Revue de L’OFCE, N° 84, Janvier 2003, P 105.

- بوطهين سامية، انضمام الجزائر إلى المنظمــة العالميــة للتجــارة، مــذكرة لنيــل شـهادة الماجســتير في264 العلوم االقتصادية، فرع نظرية التحليل االقتصادي، كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير، جامعة الجزائــر،

.141، ص 2001جوان، 92

بالحرية التامة في تصدير منتجاته، دون االلتزام بتخصيص حصــة محــددة للســوق المحلي أوللتصدير.

كما يلتزم األعضاء باحترام مبدأ الشفافية، باإلعالن عن كافـة إجـراءات االســتثمار الـتي لهـا عالقة بالتجــارة، و يتم ذلـك عن طريــق إخطــار المنظمــة العالميــة للتجــارة بكــل التــدابير و اإلجراءات التي تطبقها الحكومات و السلطات داخل أراضـيها، و ذلـك حـتى تكـون معروفـة لكافة الدول األعضــاء. من جهـة أخـرى يلـتزم األعضـاء بإلغـاء كافـة اإلجـراءات المحظـورة المتفق عليها خالل سنتين بالنسبة للبلــدان المتقدمــة، بينمــا تصــل المــدة المحــددة للبلــدان

. 265النامية إلى خمس سنوات و سبع سنوات للدول األقل نموا و الحقيقــة كمــا أشــرنا ســابقا، فــإن هــذا االتفــاق كــان محــل خالف أثنــاء مفاوضــات جولــة األوروجواي بين البلدان المتقدمة و البلدان النامية، فاألولى تــرى بــأن الشــروط المفروضــة على االستثمار شكال من أشكال الحماية و بالتالي وجب إدراجهــا في إطــار اتفاقيــة الجــات،ــام بينما تذهب البلدان النامية إلى أن هذه التدابير من ضرورات التنمية، بحيث ينصب االهتم

.266على التدابير الموقعة للتجارة دون غيره و بالتالي يجب دراستها حالة بحالة لهذا السبب و من الوهلة األولى، نالحظ أن هذا االتفاق جاء ليضرب سيادة البلدان الضــعيفةــارة على الشــروط ــدابير االســتثمار المتصــلة بالتج ــه لت في الصــميم، بحيث اقتصــر تعريف المفروضة على االستثمارات األجنبية التي تــرغب في إقامــة المشــروعات في دولــة معينــة مثل : اشتراط المكون المحلي، نقل التكنولوجيــا...إلخ و هــذا لتعارضــها مــع مبــدأ المعاملــة الوطنية، و شروط أخرى مثل شــروط التــوازن التجــاري، شــروط تــوازن العمالت األجنبيــة، شروط حدود التصدير...إلخ، هكذا نكــون كمــا أشــرت ســابقا أمــام اتفاقيــة منحــازة بصــورة كبيرة للبلدان المتقدمة من الوهلة األولى، أضـف إلى ذلـك تطـبيق مبـدأ المعاملــة الوطنيــة سيسوي بين االستثمارات الوطنية و األجنبيــة ممــا قــد يــؤدي إلى زيــادة هــذه األخــيرة على

.267حساب نقيضها و بالتالي تقزيم السيادة االقتصادية للدولة المضيفة لها فمن المفروض كنتيجة لحق الشعوب و الــدول، في اختيــار تنميتهــا و حريــة تســيير نفســها، حقها في ممارسة رقابة دائمة لالستثمارات األجنبيــة وفــق مــا ينص عليــه ميثــاق الحقــوق و

لكن ما رأينا و ما سنراه يعكس بتاتا ما جاء في هــذا الميثــاق، لهــذا .268االقتصادية الواجبات فإن البلدان النامية محقة في ما تــراه من ضــرورة اإلطاحــة بالمخــاطر الناجمــة عن تحريــر

، ألن هــذا االتفــاق يــؤثر بطريقــة269االستثمارات و عدم التوقف فقط عنــد المزايــا المتوقعة مباشرة على موضوع جد حساس، و هو سيادة البلدان المضيفة لالستثمارات األجنبية، فالبد على الحكومات أن تتنازل عن سيادتها و السيما في البلدان الناميــة كمــا ســبق و أن أشــرنا

265- L’article 5/2 de (A.M.I.C) : « Chaque membre éliminera toutes les MIC qui sont notifiées conformément au paragraphe 1, dans un délai de deux ans à compter de la date d’entrée en vigueur de l’Accord sur l’OMC dans les cas d’un pays développé Membre, de cinq ans dans le cas d’un pays en développement membre et de sept ans dans le cas d’un pays moins avancé

membre .«-2002- د/ محمد محمد علي إبراهيم، اآلثـار االقتصـادية التفاقيـة الجــات، الـدار الجامعيـة، اإلسـكندرية، 266

.85، ص 2003267 -Les articles (1) et (2) de (A.M.I.C)  : -L’article (1) : « Le présent accord s’applique uniquement aux mesures concernant les investissements qui sont liées au

commerce des marchandises (dénommées dans le présent accord les « MIC »). -L’article (2) : « 1) Sans préjudice des autres droits et obligations résultant du GATT de 1994, aucun Membre n’appliquera de

MIC qui soit incompatible avec les dispositions de l’article III ou de l’article XI du GATT de 1994.2 (Une liste exemplative de MIC qui sont incompatibles avec l’obligation d’accorder le traitement national prévue au

paragraphe 4 de l’article III du GATT de 1994 et l’obligation d’élimination générale des restrictions quantitatives prévue au paragraphe 1 de l’article XI du GATT de 1994 figure dans l’Annexe du présent accord  .«

: "لكل دولة الحق في : أ- تنظيم االستثمارات األجنبية في نطاق واليتها القومية. و ممارسة2/2- المادة 268 السلطة عليها، حسـب قوانينهـا و أنظمتهـا و طبقـا ألهــدافها و أولوياتهـا القوميـة. و ال تكـره أي دولـة على

إعطاء معاملة تفضيلية لالستثمارات األجنبية. 269 -A/RES 3281 (XXIX) du 12/12/1974. sur site Internet.

93

ــزام270إلى ذلك ــة دون إل ــتثمارات األجنبي ــود على االس ــع قي ــيرة من وض ــذه األخ ــع ه . فمن الشركات المتعددة الجنسيات عن االمتناع من فرض أسعار احتكارية و التالعب باألسعار هو

جور في حد ذاته، و هذا يدل بطبيعة الحال أن مطلب إلغاء القيود موجه إليها دون سواها. إذن فالوضع أسوء بكثير مما كنا نتوقع على البلدان النامية، مما يؤدي بهـذه األخـيرة إلجـراء تعديالت كبيرة على تشريعاتها التي قد تؤدي إلى حــدوث مشــاكل داخليــة خطــيرة في هــذه البلدان أو حتى تفككه، فبعضها يجد نفسه مضطرا إلحداث تعديالت دستورية، فهــذا االتفــاق

.271غير متوازن و تنفيذه يسبب مشاكل داخلية خطيرة لها فمثال وجدت الجزائر نفسها مضطرة إلى إجراء العديد من التعـديالت التشـريعية، ففي عـام

20 المــؤرخ في 01/03 تم إعادة النظر في قانون االستثمارات بمــوجب األمــر رقم 2001ــع2001272أوت ، من أجل منح المزيد من الضمانات للمستثمرين األجانب و بذلك التأقلم م

اتفاق إجـراءات االسـتثمارات المتصـلة بالتجـارة، و تسـهيل عمليــة االنضـمام إلى المنظمـةــال ــح المج ــادي و فس ــال االقتص ــة من المج ــحاب الدول ــالي انس ــارة و بالت ــة للتج العالمي

للمستثمرين األجانب في إطار قواعد المنافسة. من هذا األمر نصت على أنه : "ال تطبق المراجعات أو اإللغاءات التي قــد تطــرأ15فالمادة

في المستقبل على االستثمارات المنجزة في إطــار هـذا األمـر إال إذا طلب المســتثمر ذلـكصراحة".

و ما نستشفه من فحوى هذه المــادة، أن المشــرع الجزائــري لم يكتــف بضــمان االســتقرار التشريعي للمستثمر بل أضاف امتياز آخر له يتمثل في منحه إمكانية االستفادة من التشريعــا الجديد في حالة شموله على ضمانات أوسع، حيث تمادت الدولة الجزائرية في منح المزاي لالستثمار األجنبي، و هذا األمر يتناقض مع السلطة السيادية للدولــة في تعــديل أو إلغــاء أيــات اقتصــادها، و ذلــك ألنــه ال ينطبــق على قــانون مســايرة للتطــورات االقتصــادية و حاجي

المستثمر األجنبي و بالتالي تقزيم السيادة التشريعية للدولة في هذا المجال. 19 المــؤرخ في 03/04و كذلك بالنســبة لتحريــر التجــارة الخارجيــة فقــد صــدر األمــر رقم

المتعلق بالقواعد العامة المطبقة على عمليات اســتيراد البضــائع و تصــديرها2003جويلية المتعلــق بممارســة احتكــار1982 جويليــة 19 المــؤرخ في 88/29الذي ألغى القانون رقم . 273الدولة للتجارة الخارجية

ــات و لالندماج في هذا االتفاق كان البد على الدولة أن تلجأ إلى التحكيم الدولي لحل النزاعــل التي قد تنجم بينها و بين المستثمر األجنبي تاركة في ذلك صالحية قضائها الداخلي في ح هذه النزاعات التي تقام على ترابها، فعدم خضوعها للمحاكم الوطنية يضرب سيادة الدولــة في العمق، و هذا ما أبدته الجزائر بعد استرجاع سيادتها لكن سـرعان مـا تـراجعت الجزائـر

عن مبدئها السيادي. المتعلـق بتطـوير االســتثمار قـد أقــر مبـدأ01/03و على غرار القوانين السابقة، فإن األمر

التحكيم الدولي كأسلوب لتسوية الخالفات بين المستثمر األجنبي و الدولة الجزائريــة و هــذا منه التي نصت على أنه : "يخضع كل خالف بين المســتثمر األجنــبي و17ما جاء في المادة

اتخذتــه الدولــة الجزائريــة ضــده، الدولة الجزائرية يكون بسبب المســتثمر أو بســبب إجــراء للجهات القضائية المختصة، إال في حالة وجود اتفاقيات ثنائيــة أو متعــددة األطــراف أبرمتهــا

.165- د/ محمد إبراهيم عبد الرحيم، مرجع سابق، ص 270 -DANTAS Daniel, Commerce et investissements étrangers directs (IED) ? L’intérêt des pays en développement dans un cadre

multilatéral des investissements étrangers négocié à l’OMC, DEA droit international, université Paris / Sorbonne, 2006 – 2007, P 55.

- أنظر : 271 -HORMAN Denis, Mondialisation Excluant, nouvelles Solidarités, Soumettre au de mettre l’OMC, l’Harmattant, France,

2001, P 134 ..2001 أوت 22 صادرة في 47- ج ر، عدد 272.2003 جويلية 20 صادرة في 43- راجع : ج ر، عدد 273

94

ــد الدولة الجزائرية، تتعلق بالمصالحة و التحكيم، أو في حالة وجود اتفاق خاص ينص على بن تسوية أو بند يسمح للطرفين بالتوصل إلى اتفاق بناءا على تحكيم خاص". كمــا انظمت إلى

(CIRDI)274 .ــادى19 المؤرخ في 08-06و لم تقف الجزائر عند هذا الحد فقط، بحيث اصدرت األمر جم

الســابق،03-01، يعدل و يتمم األمــر رقم 2006 يوليو سنة 15 الموافق 1427الثانية عام لتعديل قـانون االســتثمار و إتمامـه و جعلــه يتوافـق أكـثر مـع اتفـاق08-06و قد جاء األمر

االستثمار بتدارك النقائص المسجلة مع إدراج تسهيالت و امتيازات بغرض االستجابة لرغبات المستثمرين، و إلضفاء أكثر فعاليــة و نجاعــة للجهــاز االســتثماري الســاري المفعــول بوضــع

.275جملة من التدابير المتعلقة بنظام الجباية و منح المزايا و كذا هياكل الرقابة و المتابعة و ما يثبت لنا أكثر أن هــذا االتفــاق يمس بالســيادة االقتصــادية للــدول في الصــميم، هــو مــا قامت به الجزائر، فبعد كل هذه اإلصالحات في مجال االستثمار عادت مرة أخــرى لتقيــده وــا تقلص االمتيازات الممنوحة للمستثمرين األجانب بعد ما كانت قوانينها على وشك مطابقته لهذا االتفاق و ذلك حفاظا على سيادتها االقتصــادية في ظــل األزمــة الماليــة العالميــة، حين تيقنت بأن االستثمار األجنبي لم يأتي بالنتائج االقتصادية التي كانت مرجوة منه، حيث قامت

،2009 يوليــو ســنة 22 الموافـق 1430 رجب عـام 29 مـؤرخ في 01-09بإصدار أمر رقم .2009يتضمن قانون المالية التكميلي لسنة

المــؤرخ03-01 من األمر السابق على أنه : "يتمم األمــر 58و في هذا اإلطار نصت المادة و المتعلــق بتطــوير2001 غشــت ســنة 20 الموافــق 1427في أول جمــادى الثانيــة عــام

منهــا "ال يمكن2 و تحرر كمــا يلي : الفقــرة 1 مكرر 4االستثمار، المعدل و المتمم بالمادة إنجاز االستثمارات األجنبية إال في إطار شراكة تمثل فيها المساهمة الوطنية المقيمة نســبة

بالمائة على األقل من رأس المال االجتماعي، و يقصد بالمســاهمة الوطنيــة جمــع عــدة51 "يتعين على االستثمارات األجنبية المباشــرة أو بالشــراكة تقــديم مــيزان5شركاء". الفقرة

فــائض بالعملــة الصــعبة لفائــدة الجزائــر خالل كــل مــدة قيــام المشــروع، و يحــدد نص من. 276السلطة النقدية كيفية تطبيق هذه الفقرة

هذه بعض القوانين التي استدلينا بهــا كنمــاذج على ســبيل المثــال فقــط و ليس على ســبيل الحصــر، مؤكــدين من خاللهــا على الــدور الــذي يلعبــه اتفــاق إجــراءات االســتثمار المتصــلة

بالتجارة في تقليص سيادة الدولة في المجال التشريعي. كما أن االتفاق لم يشر لمعظم إجــراءات االســتثمار المقيــدة للتجــارة الشــائعة في البلــدان

، و277المتقدمة، كاإلعانات و المنح، بينما شمل معظم اإلجراءات الشائعة في البلدان النامية ما نستشفه كذلك أنه جاء ليسهل دور الشركات المتعددة الجنسيات في التسلل إلى الدول و فرض موقعها كطرف واجب االحترام و المراعاة أيضا، و ذلك بفضل التعديالت التشريعية

، و هذه االستراتيجية تهدف إلى278السابقة الذكر و غيرها من االمتيازات الواردة في االتفاقتحرير التجارة من قبضة الدولة الوطنية، و فتح أسواقها لمنتجات هذه الشركات العمالقة.

هذا ما يتضح جليا من خالل التعليق الذي أدلى بــه األمين العـام لنقابــة فرنســية عن أهــداف ( يبرهن على ذلــك؛ "أصــبحت الســلطات العموميــة، داخــل دولهــاDAVOSمنتدى دافوس )

Desعن مقاول من الباطن ) عبارة Sous-traitantsفالسوق هو الحاكم أما الحكومــة، فهي ،) .279تسير الوضع فقط"

ــر رقم 274 ــؤرخ في 95/04- أم ــانفي 21 الم ــوية1995 ج ــدولي لتس ــز ال ــمام إلى المرك ــمن االنض المتض.1995 فيفري 15 مؤرخ في 07المنازعات الخاصة باالستثمارات األجنبية، ج ر، عدد

.2006 جويلية 19 صادرة في 47- راجع : ج ر، عدد 275.2009 جويلية. 26 صادرة في 44- ج ر : عدد 276.229- د/ السيد عبد المنعم المراكبي، مرجع سابق، ص 277

278 -BENFARE Noureddine, Les multi nationales et la mondialisation, Editions Dahleb, 1999, PP 12 – 43. -أرزقي نسيب محمد، مدى تأثر السيادة الوطنية في مظهرها االقتصادي بظاهرة العولمــة، مجلـة العلـوم279

. 406، ص 2009، 02القانونية / االقتصادية و السياسية، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، العدد 95

فتوسيع التجارة و االستثمار األجنبي يؤدي غالبا إلى اتساع الفجــوة بين البلــدان المتخلفــة و البلدان المتقدمة، لسبب أن تاج الدول المتخلفـة ضـعيف، و عـاجز عن مواجهـة نضــيره في البلدان الرأسمالية الصناعية، مما يؤدي في نهاية األمر إلى تدهور اإلنتــاج، و ضــعف القــدرة الشــرائية للمواطــنين، و في المقابــل يســتفيد االقتصــاد األجنــبي من هــذه المنافســة غــير

المتكافئة. فحسب رأينا فإن مـا جـاء بـه اتفـاق إجـراءات االسـتثمار المتصــلة بالتجــارة، جعـل البلــدانــات المتحــدة ــدرك انعكاســاته على ســيادتها الداخليــة مثــل الوالي المتقدمــة الواضــعة لــه ت األمريكية، و بدا لهــا بشــكل واضــح أن من األفضــل قبــول بعض االنتقــاص من الســيادة في سبيل الحصول على مكاسب أكـثر أهميــة بواســطة هـذا االتفـاق هـذا من جهـة، و من جهـةــة أخرى نجد دوال و إن لم اهتمامها بهذه المسألة كالكثير من البلدان النامية خاصــة اإلفريقي منها، فمن المؤكد و حسب الدراسة التي قمنا بها، أن سيادتها كانت أكــثر تــأثرا من البلــدان المتقدمة، و ذلك ألن اتفاق إجراءات االستثمار المتصلة بالتجارة، تطبيقاته من طرف الدول الضعيفة يكون بحاجة إلى رأس المال األجنبي، الذي رسمت له حماية كبيرة بموجبه، بشكل يلغي مفعول قرارات عوملت على أنها مكاسب تدعم السـيادة السياســية و القانونيــة لهـذهــثروات و المصــادر الدول من خالل إمدادها ببعد اقتصادي، تمثل في السيادة الدائمة على ال

و لكن هذا البعد االقتصادي للسيادة واجه الكثير،الطبيعية و الحق في تأميم األموال األجنبيةمن الضربات، و هذا االتفاق يعد من ضمن الضربات الموجعة له.

إن التأثير على حق الدول في سيادتها على ثرواتها الطبيعية و أنشطتها االقتصادية ال يقتصر على اتفاق إجراءات االسـتثمار المتصـلة بالتجـارة ، بـل إن قـوانين الخوصصــة الناجمـة عن التحرير التجاري و إصالحات صــندوق النقــد و البنــك الــدولي لهــا التــأثير البــالغ على ســيادة الدول ، حيث تعمل هاتان المؤسسات بالتنسيق مع المصــالح القويـة لنـادى بـاريس و لنــدن ومجموعة السبع الكــــــبار فى الــعالم ، فى إحداث شكل جديد الهيمنة على الســوق حيث

يقوم بإخضاع الشعوب و الحكومات لتفاعالت السوق .ــاع إن اإلصالح االقتصادي أو برامج التصحيح أو إعادة الهيكلة تعنى سياسة التحول نحو القط الخاص ، و قد ظهرت من بين المتغيرات االقتصادية مع نهاية ثمانينات القــرن العشــرين ، و ما يجدر اإلشارة إليه انها تتم في معظم الدول النامية ، و يهدف هذا التحول إلى تهيئة البيئة المناسبة لتحريــر التجــارة و ســرعة االنــدماج بين اقتصــاديات الــدول ، و بــذلك فــان تقليص القطاع العام و تراجع دور الدولة يسير فى االتجاه الذي يرمى إلى تفكيــك الــدول و تســليم وظائفها لتتوالها الشركات المتعددة الجنسيات و المؤسسات الدولية و هذا مــا ســيؤدي إلى

280انحسار دور الدولة

لقد أدي ظهور قوانين الخوصصة و ماتحمله من تأثير على سيادة الدول إلى ظهور معارضة شديدة لها فى العديــد من الــدول و الســيما دول أمريكــا )الالتينيــة( لقــد بــرز إلى حكم دول أمريكا الالتينية عدد من القادة الرافضين لهيمنة الدول ألكــبري و النظــام التجــاري العــالمي الجديد بمؤسساته التجارية و المالية كصــندوق النقـد و البنـك الـدولي ، فبعـد هوغـو شـافيز رئيس فنزويال الراحل برز إلى حكم رؤساء من نفس التوجــه في كــل من بوليفيــا و تشــيلي

، لقـد2005 و كــذا األرجنــتين و أوروغــواي عــام 2002 و كذا البرازيل عام 2000في عام اتحاد دول أمريكا الجنوبية لمواجهة هيمنة القوي الكبرى و2008شكل هؤالء الرؤساء سنة

النظام التجاري الجديد و برزت إلى الوجود سياســة مناهضــة للخوصصــة تمثلت في تــأميم العديد من الشــركات لعــل أبرزهــا قيــام الــرئيس البــوليفي ايفوامــور اليســر تــأميم قطــاع

، كما قام الرئيس الفنزويلي يوقف خوصصة قطاع المحروقات2006المحروقات في ماي

- نزار ذياب عساف مشكالت الواقع و تحديات المســتقبل – مجلــة دراســات اقتصــادية قســم الدراســات280. 67 -55 ص 2003-04االقتصادية –بيت الحكمة بغداد ع

96

من90على اعتباره الشريان االقتصــادي للدولــة ، حيث يشــكل القطــاع النفطي حــوالي %.281إيرادات الميزانية ، كما قام بتأميم قطاعات االسمنت و االتصاالت

لقد قامت السلطات البوليفية بتخصيص ميزانية كبيرة من أجل التأميم لم يكن هــذا التــأميم بالمعنى المتعارف عليه تاريخيا فيما عرف بأنه استيالء الدولة على القطاع الخــاص ، بــل انــا ، كمــا هــو الحــال أيضــا فى فــنزويال ، لم يتم إال من خالل شــراء بعض ــأميم في بوليفي الت الشركات التي يملكها القطاع الخاص مقابل دفع مبلغ مــالي متفــق عليــه إلى المســتثمرينــرامج من أجل تحويل المواد و الخدمات التي تقدمها الشركات إلى الصالح العام من خالل ب

.282حكومية أن حركة مناهضة العولمة و النظام التجاري العالمي الجديــد فى دول أمريكــا الالتينيــة و لم تقتصر على مكافحة سياسة الخوصصــة بــل ان محاولــة الحفــاظ على الســيادة امتــدت إلى المؤسسات و القــوانين الــتي كرســها النظــام الجديــد للتجــارة العالميــة ، كــالمركز الــدولي لتسوية منازعــات االســتثمار الــتي تحــدثنا عنــه ســابقا ، و هــو مؤسســة تســعى الى تســوية

2831الخالفات المتعلقة باالستثمار بين المستثمرين األجانب و الدول المضيفة . أنشأت سنة ان القبول باختصاص المركز ينتج عنــه امتنــاع القضــاء الوطــني عن النظــر فى الــنزاع966

ــع ــنزاع ، إذ يمتن ــة التحكيم بتســوية ال ــالي تســتقل هيئ ــاق على التحكيم ، و بالت محــل االتف األطراف عن اتخاذ أي إجراء قصــد التســوية خــارج إطــار هيئــة التحكيم بتســوية الــنزاع ، إذ يمتنع األطراف عن اتخاذ أي إجراء فصد التسوية خارج إطار هيئة التحكيم ، كما انه ال يجــوز للدولة أو األشخاص المعنوية التابعة لهــا أن تــدفع بعــدم أهليتهــا إلبــرام اتفــاق التحكيم كمــا يحضر على الدولة التمسك القضائية من أجل التنصــل من التحكيم ذلــك أن قبولهــا للتحكيم

يحمل في طياته تنازالت حصانتها القضائية . تتسم منازعات االستثمار بالتعقيد ، خاصة تلك التى تكون الدولة طرفا فيهــا اذ تضــفي على المنازعة مسألة السيادة الوطنية و يغلب فيها عدم رغبــة المســتثمر االجنــبى اللجــوء الى القضاء الوطني لجهلــه بــإجراءات التقاضــي او عــدم اطمئنانــه لحياديــة و اســتقاللية قضــاء

284الدول المضيفة لالستثمار

يعتبر مبدأ استثمار هيئة التحكيم بتسوية النزاع من المبادئ الــتى نــالت اهتمامــا من طــرف االتفاقيات الدولية المتخصصة بالتحكيم ، و ذلك راجع إلى السبب الــذي وجــدت ألجلــه هــذه االتفاقيات و هو جعل نظام التحكيم الدولي أكثر فعالية ، ذلك أن تقريــر مبــدأ مثــل هــذا من شانه أن يساهم في تحقيق الفعالية المطلوبة ، فامتناع القضاء الداخلية ، كما منعت المــادة

من االتفاقية على الدولة استعمال حقها في الحماية الدبلوماســية أو رفــع قضــية دوليــة27285لفائدة رعاياها فى شأن نزاع سابق

ــالنزاع دون القضــاء الوطــني رأت فيــه دول عــدة انتفاضــا من أن اســتثمار هيئــة التحكيم ب سيادتها ، حيث أن دول دول أمريكا الجنوبية ، قد أبدت تحفظا على االتفاقية بــل و تجاهلتهــا

، ليزول هذا التحفظ مع انضمام اغلب دول أمريكــا الجنوبيــة لالتفاقيــة1980الى غاية سنة لكن و مع ظهور موجة التأميم الجديدة فى أمريكا الجنوبية286باستثناء البرازيل و المكسيك

-. 2999- مجلة الحوار المتمدن – بوليفيا تقدم نموذجا للعالم – عدد 281. 2010-ماي -09- بن حميدة وليد ملتقى التدريب حول االتفاقات الثنائية لالستثمار 282 - د/ أرزقي نسيب محمد، مدى تأثر الســيادة الوطنيــة في مظهرهــا االقتصــادي بظــاهرة العولمــة، مجلــة283

. 406، ص 2009، 02العلوم القانونية / االقتصادية و السياسية، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، العدد -منصف الكشو –دور القضاء فى تطبيق و انقاذ االتفاقيات الدولية في منازعات االستثمار – رئيس دائــرة284

.2013 – أوت 10بمحكمة التعقيب التونسية – تونس - حسين يمينة – تراضى األطراف على التحكيم أمام المركز الدولي لتسوية المنازعات االستثمار –رسالة285

2011ماجستار – جامعة مولو معمري – تيزي وزو - عبد الرحمن المصباحى رئيس غرفــة بمحكمــة النقض المغربيــة – دور القضـاء فى التطــبيق االتفاقيــات286

الدولية في منازعات االستثمار – أشغال المؤتمر الرابع لرؤساء المحاكم العليا في الدول العربية – الدوحة2013– قطر -

97

، حيث رأت االخــيرة2012 من ينــاير 24انسحبت دول كبوليفيا و اإلكـوادور ،و فــنزويال فى ــار توجهــات االقتصــادية و ــة حــق الشــعب الفــنزويلي فى اختي ــا تصــرفت بغــرض حماي انه

. 1999االجتماعية ووفقا لدستور البالد لعام ــة، ــدان النامي و ما يستخلص أن هذا االتفاق، يجب اعتباره عامال يعوق التنمية على جميع البل فالبد أن تتوفر فيه معايير لتمييز هذه األخيرة عن غيرها فاالستثناءات المقدمة غير كافية، و البد من إيجاد حلول للنمو العادل و المتوازن، فإن هذه التدابير تسمح و تقدم ســلطات غــير محدودة للشــركات المتعــددة الجنســيات لالســتثمار في أي مكــان، و بالتــالي تقليص الحــق السيادي للحكومات في اتخاذ أو وضع لوائح فيما يتعلق بتنظيم االســتثمار الــدولي، و كــذلكــة ــة قــدرتها في اســتخدام و تســخير دخــول هــذه االســتثمارات األجنبيــة في التنمي محدودي الداخلية للدولة، فيجب علينا أن نقر بأن على هذا االتفــاق أن يأخــذ أحالم و مصــالح البلــدان النامية بعين االعتبار، و ال يجب أن يكون كمــا هــو حاليــا منفعــة من جــانب واحــد فقــط و إال

ازدادت انتهاكات هذا األخير لسيادة البلدان النامية أكثر فأكثر.

الفرع الثاني اتفاق مكافحة اإلغراق و تأثيره على حق الدول في السيادة على أنشطتها

االقتصادية

يعني اإلغراق على نحو شائع، بأنه عملية تصــدير المنتج بأســعار منخفضــة جـدا. و من الناحيــة الفنيــة، يقــال بأنــه تم إغــراق المنتج من قبــل المصــدر، و ذلــك إذا مــا كــان الســعر التصديري لذلك المنتج أدنى من السعر الذي تباع به سلعة مشابهة في الدولـة المصــدرة. و يعتبر اإلغراق بأنه ممارسة تجارية غير عادلة، حيث أنهــا تــؤثر بالســلب على الوضــع العــادي

. 287للمنافسة. و أحيانا ما يستخدم اإلغراق كممارسة سلبية للقضاء على المنافسة و لتطبيق رسوم مكافحة اإلغراق من قبــل الدولــة المســتوردة يجب أن يكــون هنــاك

ذلــك بتــوفر و 2881994إغراق وفق ألحكام االتفاق بشأن تطبيق المادة السادسة من جات الشروط الثالثة اآلتية :

يتحقق اإلغراق طبقا لالتفاق إذا كانت السلعة تباع بأقل من قيمتها الطبيعية. و يكونأوال : ذلك عند اختالف سعر السلعة في الدولــة المســتوردة عن ســعر ســلعة مماثلــة في الدولــة المصدرة. فإن لم توجد سلعة مماثلة في الدولة المصــدرة أو تعــذر إجــراء مقارنــة ســليمة، فيقاس سعر السلعة محل التحقيق بسعر سلعة مماثلة في دولــة ثالثــة مناســبة. و ال عــبرة

. 289بنية المصدر من تخفيض السعر في تحقيق اإلغراق من عدمهــاديثانيا : كذلك فإنه يجب لتطبيق رسوم مكافحة اإلغراق أن يترتب على اإلغراق ضرر م

للصناعة المحلية للدولة أو تهديد بحدوث ضرر مادي أو تأخير في إقامــة صــناعة محليــة في بالمائة من إجمــالي واردات3الدولة المستوردة، و اإلغراق الضار إذا تجاوز حجم الواردات

بالمائة من سعر تصدير المنتج.2الدولة من نفس السلعة، و أيضا إذا تجاوز و الشرط األخير هو إقامة عالقة سببية بين الــواردات المغرقــة و الضــرر الــذي حــلثالثا :

ــة من خالل المعــايير بالصناعة المحلية. و بمعنى آخر أن الضرر الذي لحق بالصــناعة المحلي السابقة، نشأ نتيجة زيادة الواردات المغرقة و ما سببته من تأثير في األســعار و ليس نتيجــة

عوامل أخرى.

- بهاجيراث الل داس، اتفاقات منظمة التجارة العالمية )المثالب و االختالالت و التغيرات الالزمة(، تعريب287 د/ رضا عبد السالم، مراجعة د/ السـيد أحمــد عبـد الخــالق، دار المــريخ للنشــر، الريــاض، المملكــة العربيــة

.98، ص 2005السعودية، - إن اتفاق جولة أوروجواي بشأن مكافحة اإلغراق، هو اتفاق شديد التفصيل، كما أنه شديد التعقيد، حيث288

يحاول تبني إجراءات مكافحة اإلغراق التي اتبعتها أغلب الدول المتقدمة..444- أنظر : جابر فهمي عمران – مرجع سابق- ص 289

98

ــة في ــات المعني و قد بين االتفاق شروط البدء في التحقيق في وجود إغراق، و سلطة الجه الدولة المستوردة أثناء التحقيق، و كيفية جمع األدلة، و ما النتائج المترتبة في حالة اكتشاف اإلغراق، و أعطى االتفاق للدولــة المســتوردة حــق فــرض تــدابير لوقــف اإلغــراق في حالــة تحققه، و هــو أمــر مــتروك للدولــة المســتوردة إن شــاءت طبقتــه و إن شــاءت امتنعت عن تطبيقه. كما أن الدولــة المســتوردة الحريــة في أن تحــدد مقــدار هــذه الرســوم شــريطة أال يتعدى هامش اإلغراق، كما منح االتفاق المصدر وســيلة لوقــف تطــبيق تلــك التــدابير. و في حالة رفض التاجر المصدر، فلــه إحالــة األمــر إلى دولتــه الــتي لهـا أن تبــدأ المشــاورات مــعــاز تســوية ــة الموضــوع إلى جه ــاق يمكن إحال ــة عــدم االتف ــة المســتوردة. و في حال الدول المنازعــات لتشــكيل هيئــة لنظــر الــنزاع. ناهيــك عن ضــرورة إجــراء تغيــيرات في التشــريع

. 290الداخلي للدول و كذلك سلطتها القضائية لكي تتفق و تواكب األحكام التي تضمنها هذا االتفاق لقد زاد من مخاوف العديد من البلدان النامية، بسبب ازديــاد اللجــوء إلى تــدابير مكافحة إغراق األسواق، فعدم دقة الضوابط جعلت البلــدان المســتوردة تســمح للمشــتكين المحليين باستخدام المرونة الكاملة، التي االتفاق عليها في مجال مكافحة اإلغراق، و هو ما

.291يؤدي إلى حالة عدم استقرار أسواق البلدان النامية التي تستهدفها تدابير ذلك فمن الناحية التشريعية نالحظ تأكل السيادة التشريعية للدول، خاصة النامية منها مــا دام أن هذا االتفاق قد أقيم وفق المعايير الـتي كـانت معتمـدة لـدى البلــدان المتقدمـة، فالبـد على الدولة العضو أن تجري تغييرات في التنظيم القانوني الداخلي و ينصب في جهتين، التشريع الداخلي و السلطة القضائية، فقد نص االتفاق على أن تتخذ كل دولة عضو الخطوات العامة أو الخاصة الالزمة لضــمان توافــق قوانينهــا و لوائحهــا و إجراءاتهــا اإلداريــة مــع أحكــام هــذا

.292االتفاق في انطباقه على الدولة المعنية و األخطر من ذلك تجد الدولة نفسها مضــطرة إلجــراء تغيــير في الســلطة القضــائية، بحيثــة أو تحكيم أو إجــراءات أوجب االتفاق على الدول األعضاء أن تقييم محاكم قضائية أو إداري بكون من اختصاصاتها المراجعة السريعة للتدابير اإلدارية المتعلقة بالتحديد النهائي لرســوم

.293مقاومة اإلغراق و مراجعات التحديدات و البلدان المتقدمة تعي جيدا أنه من الصعب جدا على البلــدان الناميــة أن تحقــق كــل هــذه الشروط المطلوبة منها، فنقص الخبرة و نقص اإلمكانيات لديها يحوالن دون التحقق الفعال لهذه الشروط و بالتـالي هي المتضـرر األكـبر من هـذا االتفـاق و ذلـك لعـدم إمكانيـة إيجـاد الحجج الالزمة لالحتجاج بها جراء إغــراق أســواقها، حيث قــرر أن األمــور المســلم بهــا، على الدول األعضاء المتقدمة أن تولي اهتماما خاصا لوضع البلدان النامية األعضــاء، و ذلــك عنــد بحثها تطبيق تـدابير مكافحــة اإلغـراق بمقتضــى هـذا االتفـاق، و يجــري استكشـاف التــدابير البناءة المنصوص عليها في االتفاق قبل تطبيق رسوم مكافحة اإلغراق إذا كــان من الممكن

. 294أن تؤثر في المصالح األساسية للبلدان النامية األعضاء في االتفاق290 -Aussilloux Vincent et MOURRE Gilles, « Une révision souhaitable de la procédure antidumping à l’OMC », Revue

Française d’économie, Vol 15, N° 04, 2001, PPP 21 – 22 – 23. - دادي عدون ناصر، متناوي محمد، الجزائر و المنظمة العالمية للتجارة، دار المحمدية العامة – ط291

.78 – 77- الجزائر – ص 2007، من اتفاق بشأن تطبيق المادة السادسة من االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية و 18/4- راجع المادة 292

التجارة.293 -L’article 13 de (A.M.A) : « Chaque membre dont la législation nationale contient des dispositions relatives aux mesures

antidumping maintiendra des tribunaux ou des procédures judiciaires, arbitraux ou administratifs afin, entre autres choses, de réviser dans les moindres délais les measures administratives se rapportant aux déterminations finales et aux réexamens des déterminations au sens de l’article 11. Ces tribunaux ou procédures seront indépendants des autorités chargées de la

détermination ou du réexamen en question .«294 -L’article 15, de (A.M.A) : « Il est reconnu que les pays développés membres devront prendre spécialement en

considération la situation particulière des pays en développement membres quand ils envisageront d’appliquer des mesures antidumping conformément au présent accord. Les possibilités de solutions constructives prévues par le présent accord seront explorées préalablement à l’application de droits antidumping lorsque ceux-ci porteraient atteinte aux intérêts essentiels de

pays en développement membres .«99

ــدان غير أنه يالحظ أن هذا النص ال يفرض على البلدان المتقدمة أي التزام قانوني تجاه البل من االتفــاق بال15النامية األعضاء في االتفاق، األمر الذي دعا البعض إلى القول أن المادة

معــنى، بينمــا طــالب البعض األخــر مراجعتهــا من أجــل أن تتضــمن التزامــات واضــحة علىالبلدان المتقدمة لصالح البلدان النامية.

و عليه فإن تطبيق رسوم مقاومة اإلغــراق من قبــل الــدول الصــناعية على ســلع واردة من الدول الفقيرة سيؤدي إلى عدم رواج هذه السلع في األسواق المحلية لهذه األخيرة، و ذلك للتفاوت في الجودة بين منتجاتها و نظيرتها المتقدمة، و بالتــالي خســارتها ألســواق البلــدانــا ــؤثر على تنميتهـ ــا يـ ــة ممـ ــارة الدوليـ ــيبها من التجـ ــارتها لنصـ ــة، و من ثم خسـ المتقدمـ

ــالي المســاس بالســيادة االقتصــادية للبلــدان الناميــة و تقزيمهــا قــدر295االقتصــادية ، و بالت المستطاع من خالل هيمنــة البلــدان المتقدمــة على هــذا االتفــاق، من أجــل إفقــاد منتجــات

نظيرتها المتخلفة ألي مزايا تنافسية. و هكذا فإن دعوى اإلغراق على سبيل المثال يمكن أن تكون سيفا مسلطا على رقاب هــذه األخــيرة، ممــا يعمــق من تهميشــها و إضــعاف دورهــا المتواضــع أصــال في النظــام التجــاري

.296العالمي و ما يبين لنا مرة أخرى أن هذا االتفاق جاء ليخدم البلدان المتقدمــة اقتصــاديا، هــو أنــه في

من هــذه143 حالــة إغــراق، كــانت 239 تم إبالغ المنظمة العالمية للتجارة عن 1997عام الحاالت ضد البلــدان الناميــة و دول الصــاعدة اقتصــاديا، و كــانت معظم إجــراءات مكافحــة اإلغراق في قطاعات مثل )المعادن و منتجاتها، الكيماويات، البالســتيك و منتجاتــه، المالبســة(، فهــذه اإلجــراءات تطبــق خاصــة في البلــدان و المنســوجات، مشــروبات و ســلع غذائي

.297الصناعية الكبرى تم تقــديم2004 و 1995، فــبين عــامين 2001فوفقــا للتقريــر الســنوي الصــادر في عــام

38 بلدا مصدرا، و هذا يمثل زيادة بنســبة 97 بلدا مستوردا ضمن 41 قضية من قبل 2416 تحقيــق من1746بالمائة في عدد القضايا قياسا بفترة التســع ســنوات الســابقة حيث كـان

بلدا مصدرا. و يزداد النمو حدة إذا أدخلنــا إجــراءات مكافحــة90 بلدا مستوردا ضد 25قبل 1511 بلدا عن فــرض 38اإلغراق التي تتخذها الدول ضمن اإلجراءات المفروضة، فقد أبلغ

و معظم هذه2002 و 1995 بلدا مصدرا بين عامي 85إجراءا جديدا لمكافحة اإلغراق ضد ، مما يثبت لنــا رغبتهــا في إضــعاف البلــدان298اإلجراءات جاءت من طرف البلدان المتقدمة

النامية اقتصاديا مادام أن هذه األخيرة تتمتــع بالعديــد من المزايــا التنافســية في الكثــير من المنتجات خاصة الفالحية و المعدنية و غيرها...إلخ، و بالتالي منعها من الولــوج إلى أســواقها

كما سبق و أن أشرنا، و من هنا إضعاف لسيادتها االقتصادية. و من بين القضايا الهامــة في هــذا الصــدد، و الــتي جــاءت كالعــادة خدمــة لمصــالح البلــدان

المتقدمة، المهيمنة على هذا االتفاق نذكر :ــذاقضية الروبيان : من بين القضايا كذلك التي تبين لنا سيطرة البلدان المتقدمة على ه

ــان االتفاق سواء بصفتها مصدرة أو مستوردة، نذكر هذه القضية التي قدم فيها إتحــاد الروبيــة – في الجنوبي – مجموعة من مزارعي الروبيان و مصنعيه في الواليات المتحــدة األمريكي

شكوى ضد اإلغراق إلى هيئــة المعــامالت التجاريــة الدوليــة األمريكيــة مــدعيا2003مارس أن : البرازيل و الصين و اإلكوادور و الهند و تايالندا و فيتنام تقوم بإغراق الســوق األمريكيــة

- الجمعة خالد محمد، "مكافحة اإلغراق وفقا التفاقيات منظمة التجــارة العالميــة، مجلــة الحقــوق، العــدد295 هـــ- يونيــو1421الثـاني، مجلس النشــر العلمي جامعــة الكــويت، الســنة الرابعــة و العشــرون، ربيــع األول

.126 – 125، ص ص 2000.162- الموسوي ضياء مجيد، العولمة و اقتصاد السوق الحرة، مرجع سابق، ص 296

- ببيلي محمود، "مكافحة اإلغراق، المواقف – المفاوضات، أهميته بالنسـبة لسـوريا"، منشـورات المركـز297.7 – 6، ص 2006 دمشق، Project GCP/SYR/006/ITAالوطني لسياسات الزراعية بالتعاون مع

- قابل محمد صفوت، "أثار تطبيق اتفاقيات منظمة التجــارة العالميــة في مجــال تجــارة الســلع"، مــؤتمر298.620الجوانب القانونية و االقتصادية التفاقيات منظمة التجارة العالمية، كلية التجارة جامعة المنوفية، ص

100

بليــون دوالر، و يقــول االتحــاد بــأن اســتثمار2.4بالروبيان غير المصنع، بقيمة تقريبية تعادل منظمات مثل : البنك الدولي و غيره في المســاعدة لبنــاء صــناعة تصــديرية في بعض هــذه

البلدان قد أعتبر على أنه أنتج مساعدات غير عادلة لهذه الشعوب المصدرة للروبيان. رفعت الواليات المتحدة األمريكية دعوى تفيد أن البرازيــل و2004و في مارس عام

اإلكوادور و الهند و تايالند كانت تقوم بإغراق السوق بأسعار غير عادلة، مثيرة نزاعا محتدما ، من جهــاز فض النزاعــات2006حول األطعمة البحرية، و لكن اإلكــوادور طلبت في جــوان

في المنظمــة إنشــاء هيئــة للتحقيــق في شــرعية اإلجــراءات األمريكيــة المتعلقــة بالروبيــان المستوردة من اإلكوادور إلى أســواق الواليــات المتحــدة األمريكيــة، و قــالت بــأن إجــراءات

10التصفير األمريكية تؤثر بشكل سلبي جدا على صناعة الروبيان في اإلكوادور التي مثلت ، و قد استجاب جهاز فض النزاعات للطلب اإلكــوادوري2005بالمائة من صادراتها في عام

ــوادور و و أثبت أن اإلجراءات التي تمارسها الواليات المتحدة األمريكية مجحفة في حق اإلك ، و أثبتت ذلــك لكن الواليــات2006 سبتمبر 19مبالغ فيها و قد أنشأت هيئة إلثبات ذلك في

ــا المتصــلب ــة بقيت مصــرة على موقفه ــة، و299المتحــدة األمريكي ــدان النامي في حــق البلإضعافها اقتصاديا قدر المستطاع و بالتالي التقليص من سيادتها في هذا المجال.

ــات، و فقد تم استبعاد قضايا مكافحة اإلغراق من نطاق النظام المعتاد لتسوية النزاع تضمينه في االتفاق، و بالتالي وضع قيود صارمة على دور اللجان في المنازعات ذات الصلةــدة، ــة جدي بمكافحة اإلغراق، مما جعل البلدان المتقدمة مؤخرا في استخدامه كتدابير حمائي ففي الغالب هنا ستكون البلدان النامية ضحايا تلك التدابير، فــالقيود على اللجــان المختصــة بالنظر في هذا الموضوع تضــع هــذه األخــير في وضــع خطــير أدنى من حيث المزايــا، فــدور

محدد في إطار ما إذا كانت الوقائع القائمة من قبل الســلطات المحليــة للحكومــة300اللجنة صاحبة هذا التدبير هادفة و غير منحازة، هنا فقط يمكن للجنــة القيــام بــالتحقيق من عمليــة تحديد الحقائق و تقييمها من قبل السلطات المحلية، و ليس بإمكــانهم رســم أو وضــع نتــائجتحدد ما إذا كان قد وقع عدوان على الحقوق أم ال، أو ما إذا كان هناك تحلل من االلتزامات. فالبلدان النامية في وضع غير متميز و غير عادل بسـبب تلـك التعقيـدات، كمـا تواجـه في الغالب صعوبة تجميع المعلومات الواقعية بشأن القيم الحقيقية و ســعر التصــدير، إذ أن التجارة و الصناعة فيها و الجهاز الحكومي ليست مهيأة لترتيب مصادر تلــك المعلومــات في

، هــذه الثغـرة تسـتغلها البلــدان المتقدمـة لجعـل االتفـاق يخــدم301الـدول األخـرى لتجميعهامصالحها االقتصادية و بالتالي التقليص من سيادة البلدان النامية.

ــدان ــوارد المتاحــة لكــل من البل ــيرة في الم ــار االختالالت الكب ــذنا في االعتب و إذا أخــون في المتقدمة و البلدان النامية، فإن من الواضح أن عملية التأكد من مواجهة اإلغراق تك أغلب األحيان موجهة لهذه األخيرة، و التي تواجه عقبــات و مشــكالت ســواء ســواء بصــفتها شاكية أو مشكو ضدها، فعادة ما تجد نفسها مضــطرة للجــوء إلى الشــركات العمالقــة لـدى البلدان المتقدمة للقيام بإجراءات اإلغراق، و هذه مسألة مكلفة جدا لها و ليست كلها تقوى على ذلك، و هذا إن دل على شيء فإنه يدل على هيمنة البلدان الغنيــة على هــذا االتفــاق و جعله يخدم مصالحها و في نفس الوقت تشديد الخناق على البلدان النامية في العمــل بهــذا االتفاق من خالل تلك اإلجراءات المعقـدة، و بالتـالي تقـزيم ســيادة هـذه الـدول في حمايـة

اقتصادها الوطني. هذا و بعد أن رأينا تأثير النظام التجاري العالمي الجديد على الحــق في الســيادة على الثروات الطبيعية و األنشــطة االقتصــادية نســجه لمعرفــة انعكاســات هــذا النظــام التجــاريالجديد على حق جماعي آخر و هو الحق في التنمية و هذا في الفصل الثاني من هذا الباب.

.7 – 6- ببيلي محمود، مكافحة اإلغراق، مرجع سابق، ص ص 299 من اتفاق مكافحة اإلغراق.17- راجع في هذا الشأن، المادة 300.102 – 101- للمزيد من المعلومات راجع : د/ بهاجيراث الل داس، مرجع سابق، ص ص 301

101

الفصل الثاني العالقة بين النظام التجاري العالمي الجديد و الحق

يتضح مما سبق التطرق إليه في الفصل األول من هذه الدراسة أن ظاهرة العولمة في التنمية االقتصادية وما ينجر عنها من بروز مؤسسات جديدة تهيمن على التجارة العالمية , قد أدت

إلى تقلص سيادة الدول و تدهور الحق في التنمية في البلدان النامية نتيجة و ضعها غير المتكافئ في االقتصاد العالمي بسبب تأثير النظام التجاري العالمي و التحرر المتسارع

القتصاديات هذه البلدان و اندماجها في االقتصاد العالمي , فهذا االندماج و التحول المفاجئ و االلتزام المبكر بقواعد العولمة االقتصادية و التجارية له نتائج سلبية و أحيانا مدمرة على

اقتصادها , و ذلك بوضع العقبات في وجه تنميتها و فقدانها القدرة على حماية صناعتها الوطنية , األمر الذي أدي إلى ارتفاع القدرة على حماية صناعتها الوطنية ,و كذا ارتفاع

تكلفة المعرفة و التكنولوجيا وتعرضها إلى المنافسة غير المتكافئة مع الواردات األجنبية , مع احتمال احتكار الشركات المتعددة الجنسيات على المشروعات الوطنية و المجاالت

األساسية , مما يقلص قدرة البلدان النامية على صياغة وتصميم سياستها التنموية و التجارية ,بعد انتقال عملية صياغة الكثير من القرارات من المستوي الوطني إلى منظمة

و باقي المؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد و البنك الدولي ,302التجارة العالمية وفي هذا اإلطار ارتأيت التطرق في الفصل الثاني من هذه الدراسة إلى تأثير النظامالتجاري العالمي الجديد على حق اإلنسان في التنمية من خالل المبحثين التاليين :

المبحث األول : مفهوم الحق في التنمية و مكانتها في المواثيق الدولية . انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في المبحث الثاني :

التنمية .

- غازي الصوراني-العولمة وطبيعة األزمات في الوطن العربي و أفاق المستقبل-سلسلة كتب المســتقبل302.1العربي –مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت .ط

102

المبحث األول مفهوم الحق في التنمية و مكانته في المواثيق الدولية

قبل التطــرق إلى مفهــوم التنميــة كحــق كرســته اإلعالنــات و المواثيــق الدوليــة على اختالفها على انه حق من حقوق اإلنسان ,البد من معرفة مصطلح التنمية بشكل عام , فقــد برز هــذا المفهــوم بصــورة أساســية منــذ الحــرب العالميــة الثانيــة , حيث ظهــر إلى الوجــودــتقالل و مجموعتان دوليتان هما العالم الثالث و هي مجموعة الدول المختلفة الحديثة االس التي ارتبط اســمها بتــدني مســتويات المعيشــة و من جهــة أخــرى دول العــالم المتقــدم في أوروبا و أمريكا الشمالية التي كانت تعيش الرخاء و التقـدم , ومنــه أصـبح مســتوى الـدخل الفردي مؤشرا على مستوى التنمية , و بالتالي أصبح االعتقــاد الســائد أن النمــو االقتصــادي يساوي التنمية و أنه يزيل تلقائيا الفقر و الفرو قات بين األفراد و الجماعات , و قــد أعتــبر فيما بعد هذا المفهوم مفهوما تقليديا , ليحل محلــه المفهـوم الحــديث للتنميـة الـذي أصـبح واسعا ليشمل أهدافا أخــري باإلضــافة لألهــداف االقتصــادية و حظي الجــانب االجتمــاعي و السياسي و الثقافي بقدر كبير من االهتمام فبدأ االهتمام باإلنسان و نوعية الحياة , لينتقــل المفهوم مع ظهور النظام الدولي الجديد و متغيراته إلى مفاهيم جديدة كالتنمية المستديمة التي تشمل المحافظة على المنظومة البيئــة و ربطهــا بالتنميــة , بــل انــه تم ربــط مســائل

ببعضها و جعلها من الدعائم التي تقــوم عليهــا303السالم و األمن و التنمية و حقوق اإلنسان , و هو نفس ما2005منظومة األمم المتحدة , و هو ما جاء في مؤتمر القمة العالمي سنة

جاء التأكيد عليه في رسالة بابا الفاتيكان إلى مؤتمر القمة العالمي من أن الحق في التنمية .2هو لغة جديدة للسالم

من هذا المنطلق أصبحت الدول تصر على أن التنمية هي حــق ســابق و الزم لحقــوق اإلنسان األخرى , و قد أولت األمم المتحدة بدورها عنايتها بالتنمية بالقدر الذي أولته لتصفيةــق االستعمار و نزع السالم و حقوق اإلنسان و من خالل هذا المبحث سنتعرف على هذا الح

من خالل المطلبين التاليين:مضمون الحق في التنمية المطلب األول : األساس القانوني للحق في التنمية المطلب الثاني :

(A/60/L1 – 09- قرار اتخذته الجمعية العامة لألمم المتحدة دون اإلحالة إلى لجنة رئيسة )أوال /303 – عن2004-11-08 - رسالة بابا الفاتيكــان – جــون بــول الثــانى – الى مــؤتمر القمــة العــالمي – بتــاريخ 2

مكتبة الفاتيكان.103

المطلب األولمضمون الحق في التنمية

ــان ــاج الكلي، و ك كانت سياسة التنمية فيما مضى تقوم على الزيادة في مجموع اإلنت الرأي السائد هو إمكان قياس التنمية عن طريق زيادة العائد أو الناتج القومي الصافي غــير أنه اتضح أن النمو االقتصــادي في الـدول الناميــة ال يعــود في حــد ذاتــه بــالنفع على جمــوع الطبقــات الفقــيرة، و أنــه لم يقــترن دائمــا بتحســن مســتوى معيشــة الغالبيــة العظمى من السكان، أي أن النمو االقتصادي ال يؤدي تلقائيا إلى توزيع أكثر عدالة للــثروة أو إلى تشــجيع حقوق اإلنسان االجتماعية، و قد ترافق الكفاح من أجل االستقالل السياسي كشرط مســبق للنمو االقتصادي األكثر سرعة في بعض الدول النامية مع تقليص خطير في حقـوق اإلنسـان بالمعنى التقليدي لها، و الواقع أن النمو شيء و التنميــة شــيء آخــر، فــاألول ذو بعــد مــادي اقتصادي فقط، أما الثانية فهي عمليــة شــاملة ذات أبعــاد اقتصــادية و اجتماعيــة و ثقافيــة و سياسية تتوخى قبل كل شيء توفير الحد األدنى للمعيشة، أي إنهــا تعــني مكافحــة الفقــر و الظروف الإلنسانية السائدة في العديد من الدول النامية و سد الحاجات المادية األولية لكل كائن بشري من غذاء و كساء و مسكن، و قد كفل اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان، و العهد الدولي للحقوق االقتصادية، و االجتماعية و الثقافية لكل إنسان الحق في مســتوى معيشــي الئق، و إلى جانب الحاجات الماديـة األساسـية هنــاك حاجـات ماديـة أخـرى تتمثــل في حـق اإلنسان بالحصول على عمـل يـؤمن لــه كسـب رزقــه و حـدا أدنى من العيش الكــريم لـه و

. 304ألفراد أسرته إن التنمية ال تتضمن تحسين األوضاع االقتصــادية فحســب، و إنمــا تتطلب كــذلك تحقيــق المزيد من الكرامة لإلنسان و األمن و اإلنصاف و المزيد من العدل كما تقتضى توفير نوعية معينة من النمو، فهي تهدف إلى تحرير اإلنسان عن طريق توفـير ظــروف يمكن معهـا تفتحــذا شخصيته و االزدهار الحر لها في جوانبها كافة، و هي تعبير عن واقع مــادي و عملي، و به المعنى تتوفى هذه العمليــة الوصـول إلى تـأمين التمتـع بحقـوق اإلنسـان جميعهـا و الســيما األساسية منها، و تحقيق العدل االجتماعي و التمتع بثروات األوطان و المســاهمة في تنميــة هذه الثروات فالتنمية عنصر أساسي الحترام حقوق اإلنسان، و الكائن البشري هو الشخص المركزي في هذه العملية و إنجاز تقدم دائم في مجال وضع حقوق اإلنســان موضــع العمــل الفعلي، مرهون بسياسة وطنية و دوليــة ســليمة و فعالــة على صــعيد التنميــة االقتصــادية و

. 305االجتماعيةــدان االجتمــاعي على احــترام كرامــة ــد أن يرتكــز التقــدم و اإلنمــاء في المي كمــا الب

.306الشخص و قيمه، و يجب أن يكفال تعزيز حقوق اإلنسان و العدالة االجتماعية

لقد تأكد هذا البعد الجديــد للتنميــة في إســتراتيجية األمم المتحــدة للعشــرية االولى و و307 التي تؤكد على وجوب تعزيز عملية التنمية لكرامة اإلنســان2000 و 1980الثانية بين

مع أن اإلستراتيجية ال تــأتي على ذكــر حقــوق اإلنســان فإنهــا تــدعوا إلى الحــد من الفقــر و القضاء عليه، و التوزيع العـادل للمنــافع و الفوائــد المترتبــة على التنميــة، و تحقيــق العمالــة

، و توفــير التعليم العــام على أوســع نطــاق مســتطاع، و تحقيــق2000الكاملة بحلــول عــام مستوى صحي بحلول العام ذاته يتيح لجميــع الشــعوب أن تعيش حيــاة كريمــة و منتجــة من

.410- محمد يوسف علوان – محمد خليل موسى، مرجع سابق – ص 304 ( من إعالن طهران الذي أصدره المؤتمر الدولي لحقوق اإلنســان المنعقــد في طهــران في13- الفقرة )305

13/05/1968.ــدورة 2542( من اإلعالن حول التقدم و اإلنماء االجتماعي )توصية الجمعية العامــة 2- المادة )306 في25 ال

11/12/1980.).05/12/1980/ المؤرخ في 25/56- الفقرة الثانية من قرار الجمعية العامة 307

104

الناحية االجتماعية و االقتصــادية، و توفــير المــأوى األساســي و الهياكــل األساســية للســكان جميعا في المناطق الريفية و الحضــرية على حــد ســواء، و تعــد حريــة المشــاركة في إدارة الشؤون العامة شــرط مســبق للحــق في التنميــة لمجمــوع أفــراد الشــعب، و بهــذا المعــنى

308يتضمن الحق في التنمية، مشاركة الشعب مشاركة كاملــة في عمليــة التنميــة و ثمارهـا"

أي مشاركة جميع عناصر المجتمع على النحو الفعال و المناسب في إعداد و تنفيذ خطــط وــرامج اإلنمــاء االقتصــادي و االجتمــاعي القومية ــة309ب و في ديباجــة إعالن الحــق في التنمي

سلمت الجمعية العامة لألمم المتحــدة بــأن اإلنســان هــو الموضــوع الرئيســي في التنميــة و المستفيد الرئيس منهــا، كمــا أكــدت على أن التنميــة تمثــل عمليــة اقتصــادية و اجتماعيــة وــة الســكان على أســاس ــة و سياســية شــاملة تســتهدف التحســين المســتمر لرفاهي ثقافي مشاركتهم النشطة و الحرة و الهادفة في التنمية و في التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها،

( من1/1و قــد دفعت جميــع هــذه االعتبــارات الجمعيــة العامــة إلى االعــتراف في المــادة ) اإلعالن ذاته أن اإلنسان بوصفه الموضوع األساسي للتنمية يجب أن يكون المشارك النشط

و الفعال في الحق في التنمية.

هذا و بــالنظر إلى أن بعض الــدول اتخــذت من عــدم بلــوغ التنميــة المنشــودة ذريعــة للتهرب من حقوق اإلنســان األخــرى و لتــبرير انتهاكــات حقــوق اإلنســان فيهــا، فقــد تضــمن اإلعالن النص على عدم جواز تبرير احترام بعض حقوق اإلنسان و التمتع بها و إنكــار بعضــها اآلخر فيتعين إعمالها و احترامها كاملة دون تجزئة أو تفريق فيما بينهـا. فيمـا رأينــا مضــمون حق التنمية في هذا المطلب األول سنتعرف على أساسها القانوني من خالل إقرارها كحــق

إنساني في المواثيق الدولية و هذا في المطلب الثاني.

المطلب الثانياألساس القانوني للحق في التنمية

ــة1986عــرف إعالن األمم المتحــدة لعــام ــا عملي ــة، بأنه ــالحق في التنمي الخــاص ب اقتصــادية و اجتماعيــة و ثقافيــة و سياســية شــاملة تســتهدف التحســن المســتمر لرفاهيــةــة في السكان بأسرهم و األفراد جميعهم على أساس مشاركتهم النشطة و الحــرة و الهادف

.310التنمية و في التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها

ان الحق فى التنمية يعد من أهم أهداف االمم المتحدة منذ نشأتها و لعل مـا يكـرس فقــرة )أ( من الميثــاق حيث يتــبين من خاللهــا أن13هــذا االهتمــام هــو مــاجء فى المــادة

المسألة التنمية أصبحت أحد المعايير الدولية لتحقيق حقوق االنسان و الحريــات االساســية دورة3281- المادة األولى من ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصــادية )توصــية الجمعيــة العامــة رقم 308

ــؤرخ في 39 ــادتين )05/12/1974 الم ــه في الم ــنى ذات ــوق28( و )21 و المع ــالمي لحق ( من اإلعالن العاإلنسان.

( من إعالن التقدم و اإلنماء في الميدان االجتماعي.15- المادة )309 - أنظــر : إعالن األمم المتحــدة الخــاص بــالحق في التنميــة، منشــورات الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة،310

.1986(، نيويورك، 41الدورة )105

و تفعيلها , ذلــك أن االنمــاء االقتصــادي و االجتمــاعى لالنســان يعــد من دواعى االســتقرار و الرفاهية الضروريين القامة عالقات ودية بين مختلف الدول و هو ما ينتج عنه تحقيق الســلم

و ال يتــألى هــذا اال311و االمن الــدوليين كأحــد االهــداف الــتى قــامت عليهــا االمم المتحــدة بتحقيق مستوي معيشي الئق لكل الشعوب دون تمييز بين الدول المتخلفة و المتقدمة.

و يشكل تحقيق التنمية التزام لم تفرضه فقط النصوص الدولية، بــل هــو الــتزام عــام تفرضــه القواعــد العامــة للمســؤولية الدوليــة لمجتمــع دولي ســليم تســوده العدالــة و روح المسؤولية. فمن مراجعة الصــكوك الدوليــة لحقــوق اإلنســان، يبــدو بجالء ارتســام و تأصــل أحقية الشعوب كافة في التنمية من منظور ليس فقط تكــافؤ الفــرص بين األمم بــل كــذلك

بين األفراد. آما بخصوص وصف الحق في التنمية بأنــه من ضــمن حقــوق اإلنســان فيســتوحى منــة واقع التنمية نفسه, اذ بموجبه يحق لكل إنسان و لجميع الشعوب اإلسهام في تحقيق تنمي اقتصادية واجتماعية وسياسية و ثقافية و التمتع بهذه التنمية الــتي يمكن فيهــا إعمــال جميــع حقوق اإلنسان والحريــات األساســية بشـكل تــام ,كمـا يمكن تأكيــد تلــك الصــفة من كـون المساواة في فرص التنمية هي حق من حقوق الدول و حق من حقــوق األفــراد في الــوقت

ذاته.

الفرع األول : الحق في التنمية في المواثيق الدولية ورد التأكيــد على الحــق في التنميــة و التخلص من حالــة التخلــف, و تشــجيع التعــاون

الدولي على تنمية الدول النامية في مواثيق دولية من بينها:

اإلشارة إلى الحق في التنمية في ميثاق األمم المتحدة (1 كان الحديث عن الحق في التنمية مسبقا في ميثاق األمم المتحدة. إذ يبدو ذلك بجالء حينما تناول الميثاق المسائل المتصلة بتحقيق التعاون الــدولي في حــل المشــكالت الدوليــةــز و تشــجيع احــترام حقــوق ذات الطــابع االقتصــادي و االجتمــاعي أو اإلنســاني و في تعزي

اإلنسان األساسية. فمن الواضــح أن المشــرع الــدولي قــد قصــد ذلــك في المــادة األولى من الميثــاق و

( منه، التي تضمنت تعهد الدول األعضاء بأن تقوم منفــردة و مشــتركة56( و )55المادتين )ــل و بما يجب عليها من عمل بغية تشجيع تحقيق مستوى أعلى من المعيشة، و التمتع الكام النهوض بعوامل التطور و التقدم االقتصادي و االجتماعي، و تيسير الحلول للمشاكل الدولية و االقتصادية و االجتماعية و الصحية و ما يتصل بها و تعزيز التعليم و الثقافة. و أن يشيع في العالم احترام حقوق اإلنسان و الحريات األساسية بال تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين.

تكريس حــق الــدول الناميــة فى التنميــة من خالل ميثــاق حقــوق الــدول و(2واجباتها االقتصادية

ــة بين الــدول و تحقيــق اســتكماال لمقاصــد األمم المتحــدة في إنمــاء العالقــات الودي التعاون الدولي من أجل حل المشــكالت الدوليــة في الميــدانين االقتصــادي و االجتمــاعي. وــاق حقــوق رغبة منها بلوغ رخاء يعم جميع البلدان. أعلنت الجمعية العامة لألمم المتحدة ميث

في328و واجبات الدول االقتصادية، الذي أقر بقــرار الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة رقم .312دورتها التاسعة و العشرين

فقرة )أ( من ميثاق االمم المتحدة.13- انظر المادة :311.1974، منشورات األمم المتحدة، نيويورك، 29، الدورة 328- قرار الجمعية العامة رقم 312

106

أسست الجمعية العامة في ديباجة الميثاق قرارها على مضــامين تقــوم على الحاجــة إلنشاء نظـام اقتصــادي و اجتمــاعي عـادل و منصــف، يحقــق عالقــات دوليــة أكـثر رشــادا و

إنصافا, و يعزز االستقالل االقتصادي للبلدان النامية. تضمن الميثاق في أكثر من موقع في متنه تأكيــدات على التعـاون الـدولي في مجـال

ــراحة على17التنمية, و كونها مسؤولية الجميع. فقد تضمنت المادة ) ( من الميثاق النص ص أن التعاون الدولي من أجل اإلنماء هو الهدف المشترك و االلتزام الذي يقع على كل الــدول و ينبغي على كل دولة أن تمــد يــد العــون إلى البلــدان الناميــة في جهودهــا لتعجيــل إنمائهــا

االقتصادي و االجتماعي. بغية تحقيق التنمية و إيصالها كحق للدول المتخلفة، ورد في الميثاق نصوصا تفصــيلية تفيد ضــرورة االلــتزام بتحقيــق التنميــة و تعجيلهــا, و تضــييق الهــوة االقتصــادية بين البلــدان

المتخلفة و البلدان المتقدمة النمو.

فقد تضــمن الميثــاق الــتزام جميــع الــدول مســؤولية التعــاون في ميــادين االقتصــاد وــدان ــة في البل ــدم العلمي خاص ــوض بالتق ــا للنه ــة و العلم و التكنولوجي ــاع و الثقاف االجتم

. و أن للدول جميعا الحق، بوصفها متســاوية, في أن تشــارك في وضــع القــرارات313النامية. 314على الصعيد الدولي لحل المشاكل العالمية االقتصادية و المالية و النقدية

و يبدو أن االلتزام بتحقيق التنمية ترجم كذلك بــواجب كــل الــدول في مــد يــد العــون لتوسيع التجارة الدولية و تحريرهــا بصــورة دائمــة، بغيــة تحســين رفاهيــة جميــع الشــعوب و

.315مستويات معيشتها و خاصة شعوب البلدان النامية كما أفاد الميثاق صراحة بأنه لتحقيق هذه الغاية، ينبغي على البلــدان المتقدمــة النمــو معاملة البلدان النامية معاملة تفضيلية معممة، دون تمييز و دون معاملة بالمثل في مجاالت التعاون االقتصادي الدولي الذي يكون ذلك فيه مستطاعا. و ينسحب الحــال كــذلك بالنســبة لتطبيق نظام األفضليات التعريفية المعممة، على أن تعمل البلــدان المتقدمــة في تســييرها لعالقاتها االقتصادية الدولية على تتحاشى التدابير ذات األثر السلبي على إنماء االقتصــاديات

.316القومية للبلدان النامية و على نحو واضح، أورد الميثاق التزاما على جميع الدول بوصفه حقا في ذات الوقت، منفردة و مجتمعة، بإزالة االستعمار و التمييز العنصري و االستعمار الجديــد و كافــة أشــكال العدوان األجنبي و االحتالل و العواقب االقتصادية و االجتماعيــة الناجمــة عنهــا، باعتبــار ذلــك

.317شرطا الزما لإلنماءــاديا و نص الميثاق صراحة على أن الدول التي تمارس هذه السياسات مسؤولة اقتص أمــام البلــدان و األقــاليم و الشــعوب المتضــررة عن إعــادة األمــور إلى نصــابها و التعــويض الكامل عن استغالل و استنزاف و إعطاب الموارد الطبيعية و جميــع المــوارد األخــرى لتلــكــدان و البلدان و األقاليم و الشعوب و أن على جميع الدول واجب تقديم المساعدة لتلك البل

.318األقاليم و الشعوب

غــير أن الميثــاق مثلمــا ألقى المســؤولية على الــدول المتقدمــة النمــو للتعــاون في المساعدة على تنمية الدول النامية، إال أنه خاطب كذلك الدول النامية كــأي دولــة، بوصــفها

من الميثاق.13 و نص المادة 9- أنظر : نص المادة 313 من الميثاق.10- أنظر : نص المادة 314من الميثاق.14- أنظر : نص المادة 315 من الميثاق.19 و نص المادة 18- أنظر : نص المادة 316 من الميثاق.16- أنظر : نص المادة 317 من الميثاق.16- أنظر : نص المادة 318

107

ــه جعــل لكــل مسئولة عن النهوض باإلنماء االقتصادي و االجتماعي و الثقافي لشعبها. و علي.319دولة الحق و المسؤولية في اختيار وسائل و أهداف إنمائها

و في هذا اإلطــار رغم أن الميثـاق بـدا واضـحا في إقـرار حـق البلـدان المتخلفـة في التنمية غير أنه بقي أدراج الــزمن. و يبــدو أن مــرد ذلــك لرغبــة الــدول المتقدمــة امتصــاص ضــغوط الــدول الناميــة في تلــك المرحلــة الــتي تــرجمت في هــذا الميثــاق المــؤطر لنظــام

اقتصادي دولي جديد.

الفرع الثاني: الحق في التنمية تكفله اإلعالنات الدولية

من بين الصكوك الدولية األكثر صراحة في النص على حق الــدول و الشــعوب و على وجه الخصوص المتخلفة في التنمية، و ما ورد في اإلعالنات الدوليــة و اإلقليميــة. و هــذا مــا

سيتم تناوله فى ما يلى :

إعالن األمم المتحدة بإقامة نظــام اقتصــادي دولي جديــد يشــكل إطــارا-1لحق الدول النامية في التنمية و تعويضها عن تخلفها

أثر الزيادة الحادة في أسعار النفط الــتي هــزت العــالم بعــد حــرب تشــرين أول عــام ، و ما تال ذلك من تضخم كبير، رافقــه أزمــة غذائيــة حــادة. تكــاثفت جهــود دول عــدم1973

االنحياز للمطالبة بتغيير النظام االقتصادي القــائم. فقعــدت الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة خصصتها للمشاكل االقتصادية، و على وجــه1974دورة استثنائية في شهر نيسان من عام

الخصوص للمواد الخام و التنمية. و قد جاء عقد هذه الدورة بناء على طلب من الرئيس الجزائري الراحل "هــواري بومــدين"، رئيس مؤتمر دول عدم االنحياز آنذاك. و انتهت الدورة بـإقرار إعالن إقامـة نظـام اقتصـادي

على وجه االستعجال مبــني على قواعــد اإلنصــاف و على تســاوي الــدول في320دولي جديدــادية و السيادة و ترابطها و اشتراكها في المصالح و تعاونها بصرف النظر عن نظمها االقتص

االجتماعية.

و تبدو واضحة عبارات اإلعالن في التأكيد على أن النظام االقتصادي الــدولي الجديــد، الذي سن آنذاك، يجــدر أن يؤســس على مبــادئ تســاوي الــدول في الســيادة و حــق جميــع

الشعوب في تقرير المصير و عدم جواز تحقيق المكاسب اإلقليمية بالقوة.

كما يقوم النظام على تعاون جميع أعضاء المجتمع الدولي بتوسيع التعاون بمــا يكفــل إزالة الفروق السائدة في العالم. و إشــراك جميــع البلــدان، على قــدم المســاواة، اشــتراكا فعاال في حل جميع مشاكل العالم االقتصادية لما فيه المصلحة المشتركة لجميع البلدان مع

مراعاة ضرورة تعجيل إنماء جميع البلدان النامية.

من الميثاق.7- أنظر : نص المادة 319 - أنظر : نص اإلعالن ضمن البيان الختامي للدورة االستثنائية السادسة لألمم المتحدة، منشــورات الجمعيــة العامــة320

.1974لألمم المتحدة، نيويورك، 108

ــذ و يبدو أنه كان مقدرا لإلعالن أن يكون متقدما، حيث أشار إلى حق كل بلد في األخ بالنظام االقتصادي و االجتماعي الذي يراه أكثر مالئمة إلنمائه و عـدم التعـرض نتيجــة لـذلك إلى تمييز. فضال عن تمتع كل بلد في السيادة الدائمة على موارده الطبيعية و على أنشطته

االقتصادية.

و يسجل لالعالن انه نص على حق جميع الــدول و االقــاليم و الشــعوب الواقعــة تحت االحتالل االجنبى أو السيطرة االستعمارية أو الفصل العنصري فى رد مواردها االخــري اليهــا

و الحصول على تعويض كامل عن استقاللها و استترافها و الحاق الضرر بها.

حقيقة إن نظرة متفحصة لإلعالن تفيد أنه شكل نصرا للدول المتخلفــة و اعترافــا من الدول المتقدمـة بمسـؤوليتها تجـاه هـذه الـدول. رغم أن هـذا النصـر – كمـا يقـول الـدكتور "غسان بدر الــدين" – إال أنــه بقي حــبرا على ورق، حيث لم تفلح الــدول الناميــة ســوى في

. 321تطوير هذا اإلعالن إلى حوار بين الشمال و الجنوب

الخاص بالحق في التنمية 1986إعالن األمم المتحدة لعام -2 ، بمــوجب قــرار322 الخــاص بــالحق في التنمية1986اعتمد إعالن األمم المتحدة لعام

. جاء1986 كانون أول/ ديسمبر 4 المؤرخ في 41/128الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم هـذا اإلعالن حصــيلة جهـود مضـنية و مـداوالت دوليــة مطولــة عـنيت بحقـوق اإلنســان على

، و من1944العموم، التي بدأ الترويج لفكرتها بإعالن فيالدلفيا لمؤتمر العمل الدولي لعــام ، الذي أقر بوحدة حقوق اإلنســان بجملتهــا،1948ثم باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لعام

و الــذي شــدد على1969و كذا باإلعالن حول التقدم و النماء في الميدان االجتماعي لعــام ترابط مجموعتي حقوق اإلنسان المدنية و السياسية و االقتصادية و االجتماعية.

و في أوائل السبعينات برز مفهوم الحق في التنمية كحــق من حقــوق اإلنســان بذاتــه بين جملة هذه الحقوق، و طوال العقــد الســابع من القــرن الماضــي قــام المجتمــع الــدولي ممثال بالهيئات و الوكاالت الحكومية و غير الحكومية ببحث مختلف جوانب الحق في التنميــةــاره كال ليصار بالنتيجة إلى وضع الملف في يد لجنة حقوق اإلنسان التي عالجت الحــق باعتب ال يتجزأ عن حقوق اإلنسان األخرى، و بالمحصلة نجحت الجمعية العامة في إخراج مشــروع

.1986إعالن الحق في التنمية إلى النور في ديسمبر و يندرج هذا اإلعالن، الذي يتضمن عشر مواد تسبقها مقدمة طويلة تشكل األســس و البواعث التي اعتمدها اإلعالن، في إطار التوجهات المعاصرة لتشريعات حقــوق اإلنســان، و

خاصة فيما يتعلق بالشؤون االقتصادية و االجتماعية.

الفرع الثالث : التنمية حق من حقوق اإلنسان

ينــدرج الحــق في ،323 الخــاص بالتنمية1986من منظــور إعالن األمم المتحــدة لعــام التنمية، باعتباره حق لجميــع الشــعوب دون تميــيز و بوصــفه حــق من حقــوق اإلنســان غــيرــاق األمم القابلة للتصرف، في إطار التزام عام و أصولي يقع على عاتق الدول بمــوجب ميث المتحدة بتعزيز االحترام و المراعاة العالميين لحقوق اإلنسان و الحريات األساســية للجميــع

دون تمييز.

.105-غسان بدر الدين، المرجع السابق، ص 321( من البحث.2- أنظر : نص اإلعالن مرفقا في الملحق رقم )322 - تم االنطالق في الحديث من اإلعالن بوصفه أكثر تخصصية في الحديث عن مضمون الحق في التنمية و323

صلته بحقوق اإلنسان.109

ورد هذا المضــمون في مقدمــة اإلعالن و في متنــه. فقــد تنــاولت المــادة األولى منــه التأكيد على أن الحق في التنمية حق من حقوق اإلنسان غير قابل للتصرف، و بموجبه يحق كل إنسان بل لجميع الشعوب المشاركة و اإلسهام في تحقيق التنمية االقتصــادية، و التمتــع

بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق اإلنسان و الحريات األساسية إعماال تاما. لقد اتضح أن واضع اإلعالن نظر إلى الحــق في التنميــة بوصــفه حــق جمــاعي لجميــع األمم دون تمييز و ليس للفرد فقـط، الـذي البـد و أن يكــون محــوره و المشـارك فيـه، فلم يفرق النص بين المجتمــع الغــني و المجتمــع الفقــير، و لم يضــع في الحســبان أن يمــيز في التنمية بين دول الشمال و دول الجنوب، و كأنــه تحــدث بلغــة واحــدة تخــاطب جميــع األمم،

جميع الدول، ليصل إلى المثل السامية الواردة في مقدمة اإلعالن. و قد تعزز مركز الحــق في التنميــة كحــق أساســي من حقــوق اإلنســان الجماعيــة، و بكونه يتصل و يرتبط برباط وثيق بجملة و منظومة حقوق اإلنسان المتكاملــة، بفعــل حســم النقاش و الجدال الذي كان يدور حوله، إثــر توافــق اآلراء حــول إعالن و برنــامج فيينــا لعــام

الذين أعادا التأكيد على أن هذا الحق يعد حقا عالميا غــير قابــل للتصــرف و جــزءا ال1993 .324يتجزأ من حقوق اإلنسان األساسية

الجدير بالذكر أن العالقة بين قضايا حقوق اإلنسان و التنمية تجد جذورها في اإلشارة الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في عبــارة "التحــرر من العــوز" الــتي تضــمنتها الديباجة، كما توجد أصول العالقة في العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية و االجتماعية

, ويتضــح ذلــك من الربــط بين تقــدم حقــوق اإلنســان و سياســات الحكومــات325و الثقافية لتعزيز التنميــة االقتصـــادية و االجـــتماعية و الثقافيــة و تنفيــذ بــرامج التعــاون االقتصــادي و

. 326التكنولوجي الدولية وقــد اتضــح هــذا التصــميم كــذلك عــبر إشــارة اإلعالن إلى مــا تتضــمنه، بهــذا الشــأن الصــكوك الخاصــة بإنهــاء االســتعمار, و منــع التميــيز, و احــترام حقــوق اإلنســان و حرياتــه األساسية, و العالقات الودية و التعاون فيما بين الدول, و الحق في تقرير المصير للشــعوب

.327إلى تحقيق تنميتها االقتصادية و االجتماعية و الثقافية بحرية و حقها في السعي و في هذا الصدد، و في إطار ارتباط الحق في التنمية بــالحقوق اإلنســانية األساســية، اعتبر اإلعالن أن هذا الحق ينطوي على اإلعمال التام لحــق الشــعوب في تقريــر مصــيرها و

للحق في ممارسة الدولة للسيادة على ثرواتها و مواردها الطبيعية.ــة العامــة لألمم المتحــدة الخــاص بمنح ــإعالن الجمعي و هــذا يســتدرجنا لالستشــهاد ب

المــؤرخ في1154االستقالل للبلدان و الشعوب المستعمرة الصــادر بمــوجب قرارهــا رقم ــانون أول ــير1960ك ــة لشــعب تحت ن ــان لصــيقان, فال يتصــور تنمي , حيث أن هــذان الحق

االستعمار, حيث التنمية مهددة, فالبد لمباشرة إعمال الحق في تقرير المصير. و يذكر بهذا الشأن أن المجتمــع الــدولي كــان قــد دعم بكافــة مؤسســاته الرســمية و األهليــة قضــية الربــط بين التنميــة و حقــوق اإلنســان, و قــد بــدا هــذا الــدعم في عــدد من

تــاريخ إقــرار اإلعالن, و من أهم هــذه المــؤتمرات :1986المــؤتمرات العالميــة منــذ عــام ، مؤتمر السكان و التنمية في القاهرة1993المؤتمر العالمي لحقوق اإلنسان في فيينا عام

.1995, و مؤتمر التنمية االجتماعية في كوبنهاجن عام 1994عام

- أنظر : تقرير فريق العمل المفتوح العضوية المعني بــالحق في التنميــة، في دراســة أعــدها عن الحالــة324 ، األمم56الراهنة للتقدم المحرز في تنفيــذ الحــق في التنميــة، منشــورات لجنــة حقــوق اإلنســان، الــدورة

. 4، ص 1999المتحدة، جنيف أيلول منه.2 الفقرة 6- أنظر : فضال عن مقدمة اإلعالن، المادة 325 من اإلعالن.2 الفقرة 9، و المادة 2 الفقرة 6- يتضح هذا الربط بجالء في المادة 326

من اإلعالن.6- راجع المادة327110

و في هذا اإلطار، يتضح من التقرير الذي قدمه، إلى الجمعيــة العامـة لألمم المتحــدة، المعـني بـالحق في التنميـة، أن عمليـة328الخبير المستقل المعني السيد "آرجون سانغوبتا"

التنمية, بوصفها حق من حقوق اإلنسان, تشكل بحد ذاتهــا إعمــاال لجميــع حقــوق اإلنســان والحريات األساسية.

ــة ــة و السياســية, و حري ــأداء الحقــوق المدني ــا ب ــة تتصــل اتصــاال وثيق ــة التنمي فعملي المشاركة في عمليات اتخاذ القرارات, و التمتع بمزايــا التنميــة في كافــة المجــاالت الــتي ال

يمكن إعمالها دون أداء للحقوق المدنية و السياسية.ــة. ــة االجتماعي ــادئ المســاواة و العدال ــة متجــذر في مب عالوة على أن مفهــوم التنمي فحركة حقوق اإلنسان بمجملها قائمة على مبــادئ المســاواة في المعاملــة بين كافــة أفــراد البشر, و التكافؤ في الفرص, و المطالبة بإقامة العــدل. فضــال عن أن الحركــة الراميــة إلى

. 329صياغة الحق في التنمية كانت بداية بوازع إقامة نظام اقتصادي دولي يتسم بالمساواة تجدر اإلشارة هنــا إلى أنــه يبــدو بجالء مــدى االرتبــاط بين الحــق في التنميــة و جملــة مجاميع حقوق اإلنسان األخرى. من هنا يقتضي إقــرار الحــق في التنميــة و إعمالــه، بوصــفه حق غير قابل للتصرف من حقوق اإلنسـان، و توفـير نصـيبا من المـوارد الوطنيـة و الدوليـة

لدعم هذا الحق. و بالتالي إلزام الدول، بل المجتمع الدولي، بإعمال هذا الحق.

المبحث الثانى انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق

في التنمية لقد أصبحت العالقة بين التجارة و حقوق اإلنسان محل فحص متزايد في السنوات

األخيرة، و إذا كان بوسع التجارة أن تكون محركا للنمو االقتصادي من اجل مكافحة الفقر و.(330)تعزيز التنمية، فمن المحتمل أيضا أن تمثل تهديدا كحقوق اإلنسان في بعض الحاالت إن التغييرات التي لحقت بالنظام التجاري العالمي الجديد,بدا باالتفاقية العامة

للتعريفة الجمركية و التجارة "الجات" و التي انشأت بهدف حل مشكلة التبادل التجاري بين الدول و كذا رفع القيود الجمركية و تخفيض التعريفة الجمركية إلى غاية انتهاء جولة أورغواي التي كانت أخر جوالت هذه االتفاقية و إنشاء منظمة التجارة العالمية كأداة

التنظيم و تسيير و مراقبة حركة التجارة الدولية, و العمل على تحريرها أكثر فأكثر, جعلت الدولة النامية عموما تواجه تحديات كبيرة قد تؤدي إلى مكاسب إذا ما تم التغلب عليها و

. إذا عجزت هذه الدول على مواجهتها, فبتوقيع اتفاق مراكش(331)قد تؤدي إلى خسائر للتجارة العالمية فإن سالح الحماية قد تقلصت حدود استخدامـه و فعاليته, و التحرير

التدريجي للتجارة العالمية من القيود و الحواجز التي تعيق حركتها أدى على تداعيات على - أنظر : تقرير الخبير المستقل السيد آرجون سانغوبتا، المعــني بــالحق في التنميــة، المقــدم فى مــذكرة328

أعدها األمين العام لألمم المتحدة إلى الجمعية العامة، منشورات الجمعيــة العامــة لألمم المتحــدة، الــدورة.11، ص 2000الخامسة و الخمسون، نيويورك، آب

.13 - أنظر : تقرير الخبير آرجون سانغوبتا، المرجع نفسه، ص 329 - تقرير المفوهنية السامية كحقوق اإلنسان – حقوق اإلنسان و اتفاقات التجارة العالمية – نيويورك و جنيف – األمم المتحدة 330

.E/CN, 4/2004/40 الوثيقة – 2005. 261- حشماوي محمد – أطروحة دكتوراه – مرجع سابق ص 331

111

الدول خاصة النامية منها, فهي تعاني أصال من عدم تحقيق التنمية لمواطنيها بسبب وضعها غير المتكافئ في االقتصاد العالمي بسبب التأثير المتسارع للنظام التجاري العالمي الجديد،

فالتحول و االندماج المبكر لهذه الدول في قواعد التجارة العالمية إضافة إلى ما تفرضه األذرع األخرى للنظام التجاري العالمي الجديد ممثلة بالبنك الدولي و صندوق النقد الدولي

من سياسات على هذه الدول, يضع الكثير من العقبات في وجه تحقيقها التنمية، و يفقد القدرة على حماية منتجاتها الوطنية و يعرضها إلى المنافسة غير المتكافئة مع الواردات

األجنبية و من خالل هذا المبحث سنحاول معرفة مدى تأثير النظام التجاري العالمي الجديدعلى الحق في التنمية من خالل المطلبين اآلتيين :

المطلب األول : تأثير اتفاقات التجارة العالمية و سياسات صندوق النقد والبنك الدوليين على الحق فى التنمية .

المطلب الثاني : دمج حقوق الملكية الفكرية في اتفاقات التجارة العالمية و

أثرها على التنمية.

المطلب األول

تأثير اتفاقات التجارة العالمية و صندوق النقد و البنك الدوليين على الحقفي التنمية

أدى تحرير التجارة العالمية بعدا اتفاق مراكش, و كذا اتفاقات التجارة العالمية المتعددة إلى تداعيات كبيرة على الحق في التنمية, و لم تسلم الدول للنامية من سياسات

صندوق النقد و البنك الدولتين في إطار تدخل هاتين المؤسستين في توجيه السياسة االقتصادية للدول مما انعكس على دورها في تحقيق الحق في التنمية لمواطنيها و هو ما

سنفرض له في الفرعين التاليين.

الفرع األول : آثار اتفاقات منظمة التجارة العالمية على الحق في التنمية

هم2001 دولة عام 144 إن ثلثي أعضاء منظمة التجارة العالمية و البالغ عددهم حيث(332) دولة عربية و تسعى دول عربية أخرى لالنضمام11من الدول النامية بينهم

تتضمن اتفاقية منظمة التجارة العالمية شروطا خاصة بالدولة النامية و األقل نموا و هناكترتيبات في اتفاقية المنظمة تتعلق بهذه الدول و أهمها :

منح زمن إضافي للدول النامية كي تنفذ التزاماتها و زيادة فرص الدول النامية في- التجارة من خالل تعظيم قدرتها على الوصول إلى األسواق في قطاعات النسيج و

الخدمات و العوائق الفنية للتجارة. تقوم المنظمة بحماية أعضائها من الدول النامية من خالل حماية عوائد الدول النامية-

و خاصة في مراحل التكيف المحلي و الدولي ضد اإلغراق.تقدم المنظمة أيضا المعونة الفنية في مجاالت التجارة كاالستشارة القانونية.-

إن الدول األقل نموا تلقي اهتماما كبيرا من قبل المنظمة، و قد اقترح الوزراء أن تلتزم الدول األقل نموا بأقل قدر من1994المجتمعون في مؤتمر مراكش عام

- احمد منير نجار – أثر منظمة التجارة العالمية كإحدى آليات العولمة على األسواق المالية العربية – بحث مقدم إلى المؤتمر 332. 2003 أفريل 02 مارس إلى 31الدولي – تنمية القطاع المالي في الدول العربية –

112

االلتزامات خاصة في مجال خفض التعريفات الجمركية و غير الجمركية كدعم لهذه المجموعة من الدول كونها أقل نموا و هذا تلبية لمتطلبات مواطنيها بالحق في التنمية, و

تعمل المنظمة بناءا على و اتفاقية منظمة التجارة العالمية, و قد تضمنت دراسة أجريت بمعرفة خبراء صندوق النقد الدولي حول آثار قيام منظمة التجارة العالمية, أن االتفاقية ستحقق منافع للبلدان النامية, منها زيادة كفاءة استخدام

الموارد المحلية بعد هبوط التعريفات الجمركية و الحواجز غير الجمركية أو إلغائها و تحقيق فائض في حجم اإلنتاج و تحويل التكنولوجيا، و عالوة على ذلك فإن ارتفاع معدالت نمو االقتصاد العالمي وفتح أسواق البلدان الصناعية أمام منتجات البلدان النامية يحسن من البيئة الخارجية التي تواجه البلدان النامية يحسن من البيئة الخارجية التي تواجه البلدان

و من حيث المبدأ فإن هذه المنافع سوف تحسن أداء هذه الدول المنخفضة(333)النامية النمو، و هو ما يعوده بالنفع على التنمية في هذه الدول و يسهم في تكريس الحق في التنمية لدى مواطنيها، غير أن هناك رأيا معاكسا لذلك تماما يرى أن اتفاقيات منظمة

التجارة العالمية ال تخدم التنمية, أن الهدف األساسي التفاقيات التجارة العالمية منذ جات هو تلبية حاجات الدول الصناعية المتقدمة، و تأمين مصالحها،1994 و حتى مراكش 1947

و قد ظهر من تطبيق أحكام االتفاقية العامة" الجات "خالل العقود الماضية بأنه على الدولالنامية أن تصدر سلعا أكثر من أجل أن تستورد سلعا أقل فاقل.

إن تطبيق اتفاقية "الجات "قد يؤدي إلى نتائج مدمرة على اقتصاديات دول النامية، و تشير بعض التحليالت إلى أن استخدام أنظمة متطوره للري مثال إلنتاج كميات كبيرة من السلع الزراعية بأعداد أقل من األيدي العاملة هي نظرية يقود تطبيقها في البلدان النامية

إلى نتائج خاطئة، ألن الذين سيفقدون عملهم نتيجة ذلك سيهاجرون إلى المدن حيث سيعيشون في المناطق الفقيرة مما سيؤدي إلى خلل سكاني و عدم استقرار اجتماعي، و

يقدر عدد الذين يعيشون في المناطق الزراعية في الدول النامية بأكثر من ثالثة ماليين فرد، و أي نجاح التفاقيات التجارة العالمية بفرض طرائق زراعية و حديثة و تستخدم الثقافة

مليار من السكان عملهم، و سينتقل عدد كبير من02العالية سيؤدي إلى فقدان حوالي هؤالء العالمين المدن، و سيجبر عدد كبير منهم إلى الهجرة الجماعية و هو ما حدث فعال

مليون حين أراضيهم و بدؤا البحث عن عمل آخر في أنحاء10في الصين حيث هجرة . و بالنظر للدول الذي تلعبه الزراعة في األمن الغذائي و التنمية في كثير من(334)البالد

البلدان، فإن وضع و تنفيذ قواعد منظمة التجارة العالمية المتعلقة بالزراعة يمكن أن يؤثرا على التمتع بحقوق اإلنسان السيما الحق في التنمية و مجموع الحقوق األخرى المرتبطة به

.(335)ةكالحق في الغذاء و الصح إن الكثير من الدول تستورد المنتجات الزراعية و الغذائية بصفة عامة، و حيث أن االتفاقية قد تضمنت االتفاق على خفض الدعم تدريجيا و الذي تقدمه الدول إلنتاجها من

المحاصيل الزراعية، فإن تكلفة و إيرادات الدول النامية من تلك السلع سوف ترتفع، و من ثم سوف يتأثر الميزان التجاري لتلك البلدان سلبيا و سوف يؤدي ذلك إلى خلق مشاكل

اقتصادية و اجتماعية سبق أن عانت منها بعض الدول عند تطبيقها برامج التكييف و التثبيت التي طبقتها باالتفاق مع صندوق النقد الدولي، لقد سبق أن أعطت االتفاقية العامة

"الجات" و خصوصا في جولة طوكيو تفضيالت أو مزايا أكبر للدول النامية و خصوصا الدول المنخفضة الدخل باعتبارها دوال تسعى إلى تحقيق أهداف التنمية االقتصادية و مازالت في مرحلة النمو االقتصادي، و إن نتائج جولة أورغواي سوف تقلص تنافسي ضعيف في مجال

لقد تم االتفاق في جولة(336)التجارة الدولية و سوف يؤثر ذلك على اقتصادياتها تأثيرا سلبيا أورغواي على حماية حقوق الملكية الفكرية و هذا أمر سوف تستفيد منه الدول المتقدمة

.2006- عبد الفتاح مراد – منظمة التجارة العالمية و مؤتمراتها الوزارية – المكتب العربي الحديث – اإلسكندرية – 333.161- حشماوي محمد ة- االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية – مرجع سابق ص 334 - العولمة و أثرها على التمتع الكامل بحقوق اإلنسان – تقرير مقدم من المفوضة السامية كحقوق اإلنسان وفقا لقرار لجنة 335

.58 – لجنة حقوق اإلنسان دورة 2001/32حقوق اإلنسان 113

فقط، و على الرغم من أن هناك من يرى أن حماية حقوق الملكية الفكرية سوف تستفيد منه الدول النامية من حيث تحويل التكنولوجيا إليها إال أن هناك من يرى غير ذلك بل يرون أن االتفاقية لها أثر سلبي على اقتصاديات الدول النامية و يشككون في تحويل التكنولوجيا

إلى الدول النامية و بالتالي فاالستفادة في هذا المجال ستكون من نصيب الدول و هو ماله تأثير سلبي على الحق في التنمية. لقد أقرت الوثيقة الختامية(337)المتقدمة

لالتفاقية العامة "الجات" حق الدول النامية في التنمية, و حث كافة الدول األعضاء على مراعاة ظروف التنمية في الدول, و احتياجاتها المالية و التجارية, إلى أن ذلك يعبر عن

حقيقة أن كافة االمتيازات التي حصلت عليها الدول النامية في االتفاقات ككل، إنما تهدف في المقام األول تيسير التزام الدول النامية بأحكام االتفاقية في إطار تحرير التجارة

الدولية مع ضمان عدم إخاللها بحقوق البلدان األخرى األعضاء خاصة و الحديث عن تجارة دولية حرة أمر ال يتحقق دون مشاركة الدول النامية، التي تعد السوق الرئيسية لمنتجات

الدول الصناعية المتقدمة من السلع و الخدمات و مصدرا رئيسيا للمواد الخام هذا و تعاني الدول المتخلفة من تدهور في شروط تبادلها التجاري. فقد تعرضت هذه الدول إلى خسائر

.1999 – 1980 مليار دوالر خالل الفترة من 290تراكمية في شروط تبادلها بلغت حوالي و يعود هذا التدهور في شروط التبادل إلى التردي في أسعار السلع األساسية، و أسعار

السلع المصنعة. كما تعاني الدول المتخلفة من عدم استقرار في أسعار صادرتها ممايهددها بعدم االستقرار االقتصادي.

في هذا اإلطار، يجدر القول بأن اآلمال التي رسمت للدول المتخلفة بمستقبل أكثر ازدهارا و بتدفق المعونات و لالستثمارات األجنبية, و بتخفيف أزمة المديونية تبددها

مؤشرات الواقع. فرغم مجهودات الدول المختلفة الجبارة، طوال العقد الماضي, نحو % من حركة االستثمارات األجنبية90إصالحات هيكلية و إعفاءات جمركية و ضريبية, إال أن

توجهت نحو البلدان المتقدمة. أما الدول المتخلفة التي تشكل ثالثة أرباع سكان العالم فلم% من تلك الحركة.10تحصل على سوى

و فضال عن تفاقم أزمة المديونية و تضخمها على النحو الذي تم تنبيه في موضع سابق من الدراسة. و ال يختلف األمر كثيرا بالنسبة للمعونات المالية و الفنية التي نصت غالبية اتفاقات الجات على ضرورة توفيرها لتمكين الدول المتخلفة من تحمل التزاماتها

% من الناتج0.25تجاه المنظمة. حيث لم تتجاوز نسبة ما تخصصه الدول الصناعية عن %.0.7المحلي اإلجمالي لها و هو أقل من الطموح الذي تسعى له الدول المتخلفة و البالغ

في هذا اإلطار يجدر الذكر بأن منظمة التجارة العالمية تعمل على تعمل على هدر التنمية و التغييرات الهيكلية لالقتصاد مقابل المصالح التجارية، كما و تعمد إلى عدم التمييز بين أثر تحرير التجارة الدولية و االستثمارات األجنبية في رفع معدل النمو، و أثره في تغيير

هيكل الناتج القومي. فقد يكون أثر التحرير إ[جابيا فيما يخص معدل النمو و سلبيا في

– للمزيد أنظر نماذج أخرى من االتفاقيات – "موسوعة االستثمار" ص495- أنظر : عبد الفتاح مراد – المرجع السابق – ص 336 و ما بعدها.40

.496- نفي المرجع – لعبد الفتاح مراد – ص 337114

، و قد ترتب عن أعمال قواعد تحرير التجارة في إطار اتفاقات التجارة(338)جانب التنميةالعالمية مجموعة من النتائج على التنمية في الدول النامية و المختلفة نجملها فيما يلي :

أوال : التخفيضات الجمركية و المعاملة التفضيلية غير فعالة بالنسبة للدولالنامية

بالرغم من أن من المفروض بحسب قواعد منظمة التجارة العالمية أن تخفض حدود التعريفات إلى الحدود المقبولة من الدول األطراف, إال أن الدول المختلفة ال تزال تواجه

عقبات تحول دون إيصال صادراتها من السلع الزراعية و المنسوجات و الجلود و اللحوم وألبان و منتجاتها إلى أسواق البلدان الصناعية.

و يتحقق ذلك قيود التعريفات الجمركية التي تفرض معدال على السلع المصنعة مقارنة تعلق األمر بنظام الحصص , و قيود التصدير االختيارية, و القواعد الصحية

.(339)المتشددة, و تشريعات مكافحة اإلغراق المبالغ في تنفيذها و في هذا إفطار تجدر اإلشارة إلى انه رغم إحراز تقدم في إطار تحرير المبادالت العالمية من الرسوم الجمركية و القيود, إال أن هذا التحرير غير كامل و قد يضر بالدول

يذكر التقرير السنوي(340)المتخلفة ذاتها و خاصة فيما يتعلق بسياسات مكافحة اإلغراق في بلدان االتحاد األوروبي و1121الصادر عن منظمة التجارة العالمية بأنه قد تم إحصاء

في كندا. وحقيقة الخطورة تمكن في تضرر الدول المتخلفة من سياسات مكافحة88اإلغراق أكثر من استفادتها منها.

ثانيا : الدول المتخلفة و حالة التبعية الغذائية

في الوقت الذي عمدت فيه الدول المتقدمة، في إطار ما قبل دورة أروغواي، إلى دعم القطاع الزراعي و صادراتها الزراعية بشكل كبير، مما أدى إلى خفض أسعار المنتجات

الزراعية في السوق العالمية. أصيبت صادرات الدول المتخلفة ذات القدر المحدود من السلع الغذائية بضرر كبير من تلك التدعيمات لعدم قدرتها على المنافسة أمام تلكم

األسعار المخفضة. كما و تعرضت أسواقها لإلغراق بالواردات الغذائية منخفضة األسعار التي تقل عن سعر التكلفة بالنسبة للدول المتخلفة. و بالمحصلة تأثيرات حوافز إنتاج

.(341)األغذية الزراعية

، في حين تراجع حجمها بالنسبة للدول1999 إلى 1980- تضاعف حجم التجارة العالميبة مرتين خالل الفترة من عام 338 %. أنظر بهذا43إال أنها تراجعت إلى حدود % من ناتجها المحلي اإلجمالي 53العربية. فقد كانت في بداية هذه الفترة تشكل

الشأن :.3- د.صباح نعوش، العرب و منظمة التجارة العالمية، الجزيرة نت، مجلة الكترونية، العدد السنة الثالثة، ص

تقوم تخوفات الدول المختلفة، و خاصة العربية، على أن منظمة التجارة العالمية قد تحث في اتجاه حرية التبادل التجاري، و بالمحصلة رفع الحماية. غير أن النتيجة بالكاد خفيض معدل التصنيع و تعريض الصناعات الوليدة إلى المنافسة تقوم تخوفات

الدول المختلفة، و خاصة العربية، على أن منظمة التجارة العالمية قد تحث في اتجاه حرية التبادل التجاري، و بالمحصلة رفع الحماية. غير أن النتيجة بالكاد خفيض معدل التصنيع و تعريض الصناعات الوليدة إلى المنافسة الشرسة من قبل الشركات

متعددة الجنسيات. فضال عن أن هذه الزيادة في معدل نمو الناتج اليومي بفعل تحرير التجارة قد تكون مؤقتة و ال تحدث تغييرافي الهيكل اإلنتاجي.

أنظر : محمد ولد عبد الدائم، انتقادات ضد منظمة التجارة العالمية، الجزيرة نت، مجلة الكترونية، السنة الثالثة، أكتوبر 339 . 5، ص2001

بحسب المادة السادسة من االتفاق العام "للجات" المدرج في اتفاقات أوروغوي، يقصد باإلغراق السماح بإدخال سلعة 340 العادية. و لكي نكون في إطار مكافحة اإلغراق البد للدولةمعينة منتجة في دول ما إلى سوق دولة أخرى بسعر أقل من قيمتها

المستوردة أن تحدد حجم اإلغراق، و تثبيت تضررها جراء هذه العملية، و إال يكون مبلغ الرسوم الجمركية المفروضة علىالسبعة محل اإلغراق أكبر من الفرق بين سعر استهالك السلعة في الدولة المصدر و سعرها في الدولة المستوردة.

.7- أنظر : محمد ولد عبد الدائم، المرجع السابق، ص 341115

و مع تطبيق اتفاقات أوروغواي الهادفة إلى تحرير الزراعة و إلغاء الدعم تدريجيا عن أسعار السلع الغذائية الزراعية, ازداد األمر سوء, حيث ارتفعت فاتورة الغذاء على الدول

بلدا يتفق حوالي نصف حصيلة النقد األجنبي88المتخلفة الفقيرة. تشير معالجة إال حوالي على استيراد الغذاء. و ميسرة أو قروض للبلدان المتضررة, إال أن هذه المعونات في غالبها

. (342)ضئيلة و تفتقد آللية تنفيذها جدير بالتنويه هنا أن المسالة برمتها بالنسبة للدول المتخلفة ضرب من الثراء الفكري؛ ذلك

أن فرض دخول منتجاتها الغذائية إلى أسواق الدول الصناعية يتوقف على مرونة الطلب الداخلية لهذا النوع من السلع المنخفضة عمليا, فضال عن القيود غير التعريفية التي قد

تتمسك بها الدول الصناعية.

ثالثا : تحرير الخدمات يرتب آثارا غير محمودة

و (343)يعد قطاع الخدمات المولد الرئيس للدخل القومي للبلدان الصناعية المتقدمة يسيطر على هذا القطاع عدد محدود من الدول المتقدمة عبر الشركات متعددة الجنسيات.

من هنا شهد هذا القطاع عمليات دمج و تمركز بين كبرى الشركات المهتمة بهذا القطاعفاقت عداها من القطاعات األخرى.

و رغم أن االتفاق الخاص بتحرير يتضمن تعميم مبادئ الدولة األكثر بالرعاية و حرية النفاذ إلى األسواق و عدم التمييز و االلتزام بالشافية، عمليا الدول المختلفة جراء هذا

التحرير خسائر كبيرة جراء كونها المستورد الصافي تقريبا للخدمات. كما تبدو هذه األضرار واضحة في ابتالع الشركات األجنبية الشركات الوطنية العاملة في قطاع الخدمات لعدم

قدرتها على المنافسة. و بهذا الشأن يمكن القول بأن المنظمة لم تراع انعدام التوازن بين حجم قطاعات

الخدمات في الدول الغنية وحجمه في الدول الفقيرة، و ذلك لصالح الدول الصناعية. فضال عن عدم مراعاتها الرتباط بعض قطاعات الخدمات في الدول المتخلفة بمصالحها

اإلستراتيجية المر الذي يهدد هذه المصالح.

رابعا : عولمة األسواق المالية ذات آثار خطيرة على الدول المتخلفة

ترتب على إجراءات التحرير المالي آثار و مخاطر على البلدان المتخلفة. فقد الغي الحظر على المعامالت التي يشملها حساب رأس المال و الحسابات المالية لميزان

تعاني الموازين الزراعية العربية من عجز مزمن، فحصيلة الصادرات الزراعية ال تمول سوى جزء من الواردات الزراعية، - 342 % من مبلغ للواردات، و تهبط هذه النسبة بالنسبة للسعودية و مصر و لبنان إلىة77ففي تونس مثال تعطي حصيلة الصادرات

%.4% و بالنسبة للجزائر و ليبيا و الكويت أقل من 16أقل من . 21، ص1998- الكتاب السنوي للتجارة، منظمة األغذية و الزراعة لألمم المتحدة،

مليار دوالر، بواقع1415 حوالي 2000تحتل تجارة الخدمات موقعا مهما في التجارة العالمية. فقد أصبح حجمها في عام - 343 حمس التجارة العالمية الكلية. و على صعيد االتحاد األوروبي و الواليات المتحدة األمريكية و اليابان و كندا، بلغت صادرتها من

مليار30 مليار دوالر، بواقع ثلثي صادرات العالم. في حين لم تتجاوز صادرات البلدان اإلفريقية مقدار 939الخدمات حوالي دوالر. و على صعيد الدول العربية ترتكز تجارة الخدمات على تحويالت العمالة المقيمة بالخارج و عوائد السياحة فبالنسبة مثال

مليون دوالر و1708 مليون دوالر. و في تونس حققت هذه التجارة فائضا قدره 8446 حوالي 1999بلغ من هذه التجارة عام مليون دوالر.1621في لبنان حوالي

. 142، ص2000، يونيو 256- أنظر : ميهوب عالب أحمد، العرب و العولمة، مجلة المستقبل العربي، عدد

116

المدفوعات، التي تشمل القيود على معامالت النقد األجنبي و الضوابط المتعلقة بها تأملت الدول المتخلفة من هذا التحرير أن تزداد قدرتها على االتصال بأسواق النقد و المال

العالمية، بشكل يسمح لها بزيادة معدالت االستثمار في مواردها المالية، و خفض تكلفة التمويل في القطاعات المختلفة. فضال عن أملها في جذب االستثمارات األجنبية و استعادة

.(344)االستثمارات الوطنية المهاجرة تبصر ما جنته الدول المتخلفة جراء التحرير، يفيد أنه قد حدث نوع من التدفق في

رؤوس األموال الساخنة قصيرة األجل الهادفة لتحقيق الربح السريع. و من المعلوم المخاطر التي تؤديها حركة هذه األموال على االستقرار االقتصادي، خاصة و إنها نتيجة

التقلبات الفجائية الناجمة عن دخول هذه األموال و خروجها كارتفاع معدل التضخم و معدلالصرف و زيادة أسعار األصول المالية و العقارية.

يضاف لذلك ما رتبته عملية التحرير من أزمات تعرضت لها األجهزة المصرفية. فضال عن معاناة عمليات غسيل األموال، و سياسات المضاربة. و لعل أبرز مثال يقال في إطار

الحديث عن آثار و مخاطر تحرير التجارة، األزمة المالية النقدية التي عصفت بمنطقة بفعل التشابك و الترابط بين األسواق.1997جنوب شرق آسيا في صيف عام

و في هذا اإلطار، تجدر اإلشارة إلى أن الدول المتخلفة ترفع دائما يدها باالعتراض الحيف الذي يصيبها جراء مناداة المنظمة بتحرير االستثمار لصالح شركات الدول على

حساب مصالحها الوطنية. و بهذا الصدد ترى الدول المتخلفة أن حرمانها من وضع قيود على االستثمارات األجنبية دون الشركات عبر القومية باالمتناع عن فرض أسعار احتكارية

هو من قبيل الحيف و الجور. و من هنا تعتبر هذه الدول أن تحرير االستثمارات موجه لهافقط.

و يبدو أن هذه التخوفات حقيقة لها ما يبررها، ذلك أنه قد يترتب على العولمة المالية بما فيها تحرير االستثمارات حدوث تدفقات مالية مفاجئة و متقلبة، و بالتالي إحداث أضرار باالقتصاد الوطني، خاصة و أن مدخرات هذه الدول المالية مدولة و مهددة بالتصريف نحو الخارج. فضال عن أن عملية االستثمارات عادة ما تتم من خالل شركات متعددة الجنسية،

لذا البد من وضع قيود تضمن مصالح الدول المتخلفة.

خامسا : تخفيض القيود التعريفية و غير التعريفية و أثرها في التنمية

إن اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية قد نصت على أن هناك احتياجات للبلدان المتخلفة يجدر مراعاتها. و إن وعود طرحتها جولة أورغواي لتخفيض القيود التعريفية و غير

التعريفية, إال أن الواقع يفيد إن القيود ال زالت و يستذكرنا هنا مجاالت الغزل و النسيج و المالبس الجاهزة التي تتمتع فيها الدول المتخلفة بميزة تنافسية و تمثل صادراتها من

المنسوجات قيمة معتبرة و مصادرها الطاقة, و كان من الضروري إتاحة ذلك عن طريق منح الدول النامية بعض التسهيالت التي تمكنها من المشاركة, و تمثلت هذه التسهيالت

بصورة حوافز مؤقتة للدول النامية تساعدها على إعادة هيكلة اقتصادها و تعديل تشريعاتها و سياساتها التجارة الوطنية لتتالئم مع الفكر الجديد لتمرير التجارة الدولية بمفهومه

الشامل, و إذا كان ذلك على حساب حق شعوبها في التنمية.

الفرع الثاني : انعكاسات سياسات صندوق النقد و البنك الدوليين علىالحق في التنمية

. 324أنظر : د. محمد السعيد الدقاق، المرجع السابق، ص - 344

117

إلى جانب منظمة التجارة العالمية، نجد كل من صندوق النقد الدولي و البنك العالمية كذراعين ماليين للنظام التجاري العالمي الجديد إلى جانب الذراع التجاري الممثل

بمنظمة التجارة العالمية, و تلعب المؤسسات الماليتان دورا كبيرا في التأثير على الدول النامية, فيما يخص تمتعها بالحق التنمية, حيث تخضع الدول النامية إلى عملية إصالح اقتصادي من قبل هاتين المؤسستين في إطار ما يسمى, ببرامج التكييف و التثبيت

االقتصادي, و في هذا اإلطار يتم إعادة جدولة ديون الدول المدينة الخارجية إذا ما أستفعل العجز في ميزان مدفوعاتها أو ازدادت متأخرات مديونيتها, و بصورة أخرى إعسارها عن

يشترط إلبرام اتفاقات إعادة جدولة الديون, تطبيق الدولة المدينة(345)الوفاء بديونها لبرنامج اإلصالح االقتصادي الذي يقترحه صندوق النقد الدولي أو ما يعرف بسياسات

, التي يشرف الصندوق و البنك العالمي على تنفيذها بحيث(346)التثبيت و التكييف االقتصادي يطبق برنامج اإلصالح االقتصادي الهيكلي سواء لجأ العضو إلى الصندوق لتمويل العجز في ميزان المدفوعات أم للحصول على مساعدته في عملية إعادة الجدولة لديونه الخارجية, و

تستهدف سياسات التصحيح الهيكلي من وجهة نظر المؤسسات المالية. ضمان قدرة الدولة المدينة على سداد األعباء الناتجة عن القروض المتفاقمة, و تحقيق نمو اقتصادي,

من خالل عدد اآلليات المتمثلة بتشجيع االستثمار في المشاريع اإلنتاجية, و زيادة المدخرات الوطنية و اجتذاب رؤوس األموال األجنبية, و تمكين الدولة من تحقيق إصالح في

أدائها االقتصادي و بالتالي تحقيق تحسن فقي موقف مدفوعاتها الخارجية. غير أنه رغم تبدل هذه األهداف إال أن هناك من يشكك في صدق النوايا, فمن وجهه

نظر البعض فإن هذه السياسات ترمي إنقاذ البنوك الغربية الدائنة و التي كانت مهددة باإلفالس, كما أن هذه السياسات تسعى إلى فتح أسواق الدول المدينة أمام منتجات

البلدان الرأسمالية من خالل تحرير التجارة كأحد شروط سياسات التكييف الهيكلي, رغم فضال عن(347)إبقاء الدول المتقدمة على سياساتها الحمائية التي تزيد من عمق المديونية

أن من شأن إدماج البلدان المتخلفة في االقتصادات الرأسمالية لتحقيق غاية الدول الصناعية في استثمار رؤوس أهوالها و تحقيق األرباح المرجوة على حساب هذه

بمعنى آخر تربط المؤسسات المالية استمرار التدفقات المالية الخارجية, من منح(348)الدول و قروض, بإجراء تغييرات في السياسة االقتصادية للدولة المدينة, عبر اتفاق بين صندوق

النقد و البنك الدولي من جهة, و الدولة المدينة من جهة أخرى, و يعبر عن هذا الخطاب بما يعرف "بخطاب النوايا" الذي يعده الصندوق و توجيه الحكومة المعينة إليه, متضمنا حزمة من اإلجراءات و السياسات التفضيلية التي سيتم إتباعها, و التي تتركز حول إتباع الدولة

المدينة لسياسات انكماشية للحد من التضخم عن طريق تخفيض عجز الموازنة العامة عبر زيادة الضرائب و أسعار السلع األساسية و الخدمات التي تقدمها الحكومة و تخفيض

االتفاق العام. يضاف إلى ما سبق إتباع الدولة المدينة لسياسات نقدية و ائتمانية و انكماشية عن طريق الحد من زيادة االئتمان المصرفي, و رفع أسعار الفائدة المصرفية على الودائع و

القروض ووضع قيود مباشرة على االئتمان فضال عن التزامها بتحرير المعامالت الخارجية, بإلغاء اتفاقات الدفع الثنائية, و عدم زيادة الضرائب الجمركية على الواردات و الصادرات ,

.01صباح نعوش - إعادة جدولة الديون الخارجية، مجلة الديون العربي هموم و قيود – مجلة الكترونية – شبكة جزيرة، ص - 345 هناك مفهوم واسع للتكييف يعبر عنه بإعادة الهيكلة الرأسمالية، و فيه تتم إعادة الهيكلة من دون اللجوء إلىة الصندوق أو -346

البنك الدوليين، و دون حاجة لالقتراض فقد سبق للعراق في أوائل الثمنينات أن طبق برنامج نقل ملكية القطاع العام إلىاالفراج دون االتفاق مع الصندوق .

- أنظر : نادر الفرؤجاني – آثار إعادة الهيكلة الرأسمالية على البشر في البلدان العربية – مركز المشكلة للبحث – القاهرة –.02، ص1998أوت

أنظر: مصطفى مهدي حسين – مدخل صندوق النقد الدولي و البنك الدولي إلى التكييف االقتصادي للبلدان النامية – مجلة -347.11، ص 1997 أبوظبي 69 – العدد 18أفاق اقتصادية مجلد

أنظر : رمزي زكي – نحو فهم أفضل للسياسات التصحيحية لصندوق النقد الدولي في ضوء أزمة االقتصاد الرأسمالية -348.131الدولي ص

118

و تقرير سعر الصرف, مع تخفيض قيمة العملة الوطنية و غيرها من اإلجراءات التي تمسبالقدرة الشرائية للمواطن و بالتنمية على العموم.

إن تطبيق هذه السياسات من قبل المؤسسات المالية الدولية كان آثار غير محمودة على فمن حيث اآلثار االقتصادية,(349)اقتصاديات الدول النامية و على جوانب الحياة االجتماعية

فقد انخفض دخل(350)أسهمت هذه السياسات في خلف ركود اقتصادي كما غذت التضخم الفرد, و انخفضت االستثمارات , و بقيت البلدان المتخلفة في غالبا تعاني من عجز كبير

المترتبة على سياسات التكييف(352) أما اآلثار االجتماعية(351)على الرغم من جدولة ديونها الهيكلي، فتتمثل بالفقر, وسوء توزيع الدخل, و آثار أخرى على صعيد قطاعات الصحة و

التعليم, خاصة أن فرض ضرائب و رسوم جديدة أو رفع نسبة الضرائب و الرسوم القائمة من شأنه أن يؤدي إلى تدني مستوى األداء الصحي و التعليمي, حيث تبدو النتائج

إذ ارتفع(353)االجتماعية أكثر وضوحا في حالة زيادة نسبة الفقر في الدول المتخلفة المدينة معدل الفقر نتيجة للسياسات االنكماشية المتمثلة في تخفيض القيمة الحقيقية األجور, و

تخفيض أو إلغاء الدعم و اإلعانات في الموازنة العامة, إلغاء الدعم الضمني لبعض السلع و , و غني عن القول ما لزيادة نسبة الفقر من تأثير(354)فرض أو زيادة الرسوم على الخدمات

شديد الخطورة على المجتمع من إهدار الكفاءات و الموارد البشرية, و انتشار الجريمة و و على التنمية بصفة عامة, و من الواضح أن سياسات(355)عمالة األطفال و البطالة

المؤسسات المالية للتثبت و التكييف االقتصادي أدت إلى آثار سلبية على اقتصاديات الدول المتخلفة أكثر منها إيجابية فزادت نسبة الفقر و ارتفعت البطالة, وتفاوتت الدخول و

ازدادت الضرائب المباشرة و غير المباشرة و تعمقت التبعية بالنتيجة لهذه المؤسسات.

في هذا اإلطار لم تكن اآلثار المترتبة على السياسات التكييف الهيكلي الناشئة عن الديون الخارجية محل اهتمام الفقه في الدول المتخلفة بل أخذت حيزا هاما في اجتماعات

لجنة حقوق اإلنسان التي اضطلعت يبحث هذه المسالة.

فقد أصدرت اللجنة في دورتها الخامسة و الخمسون قرارا حول آثار سياسات التكييف االقتصادي الناشئة عن الديون الخارجية على التمتع الكامل بحقوق اإلنسان و

أكدت فيه على خطورة عبء أزمة الديون(356)بخاصة على تنفيذ إعالن الحق في التنمية أنظر : ماري فرانس ليرو، صندوق النقد الدولي و بلدان العالم الثالث – ترجمة هشام متولي – دار للدراسات و النشر و -349

.223 – 215 ص 1993الترجمة – دمشق، سوزان شارلر – إلى أي مدى نجحت البرامج التصحيح الهيكلي التي يساندها صندوق النقد الدولي، التمويل و التنمية، مجلد -350

.15ص 1996، واشنطن 02 – العدد 33 و البنك الدولتين على سالمة هذه السياسات، و أن الفشل في تحقيقيالحظ أن هذه النتائج ترتبت رغم إصرار الصندوق -351

النتائج يعود إلى التطبيق، حيث لم تلتزم الدول المدينة بهذه السياسات بصورة تضمن فعاليتها، أنظر : الدراسة التي أجريت حول "أداء االقتصاد الكلي في كل منطقة جنوب الصحراء و أمريكا الالتينية – مقال األستاذ منار محمد رشواني األبعاد

–02االقتصادية و االجتماعية و السياسية لبرامج التكييف االقتصادي الدولية مجلة اإلسالم اليوم – مجلة إلكترونية، العدد و ما بعدها. 06 ص 20/02/2003

و ما120 – 1994هبة نصار نصار – اآلثار االجتماعية لبرامج اإلصالح االقتصادي في مصر – دار المستقبل العربي القاهرة – -352بعدها.

.7أنظر : نادر الفردجاني – مرجع سابق – ص -353 يرى صندوق النقد الدولى بأن آثار السياسات االنكماشية قد ترتب زيادة في نسبة الفقر على صعيد المناطق الحضرية، بينما -354

تحقق هذه السياسات آثارا إيجابيا بالنسبة لسكان المناطق الريفية حيث يكون األثر إيجابيا على متوسط دخول فقراء الريف، غير أن هذه الرؤية محل نظر، ذلك أنخفض قيمة العملة يؤدي بالنتيجة كما أن المؤسسات المالية ذاتها سعت إلى رضع برامج

تسمى شبكات األمن االجتماعي كحماية الفئات األكثر تضررا..10- أنظر بالخصوص : منار محمد الرشواني – مرجع سابق ص

. 23 ص 1987 واشنطن 02 عدد 24- يوكول هوانج – التكاليف االجتماعية للتطيف التمويل و التنمية مجلد أنظر : قرار لجنة حقوق اإلنسان حول آثار سياسات التطييف االقتصادي الناشئة عن الديون الخارجية على التمتع الكامل -355

( 55بحقوق اإلنسان و بخاصة على تنفيذ إعالن الحق في التنمية، الدورة ) - أنظر : قرار لجنة حقوق اإلنسان حول آثار سياسات التكييف االقتصادي الناشئة عن الديون الخارجية على التمتع الكامل356

، منشورات المجلس1999 أبريل / نيسان 16(، 55بحقوق اإلنسان و بخاصة على تنفيذ إعالن الحق في التنمية، الدوري )(. E/CN/17/1999/4االقتصادي و االجتماعي، األمم المتحدة رقم الوثيقة )

119

الخارجية على الدول النامية و ذكرت أن سياسات التكييف الهيكلي لها آثار خطيرة على قدرة البلدان المتخلفة على التقييد بإعالن الحق في التنمية و صياغة سياسات إنمائية

.(357)وطنية تهدف إلى تعزيز الحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية لمواطنيها

المطلب الثاني دمج حقوق الملكية الفكرية في اتفاقات التجارة العالمية و أثرها على

الحق في التنمية

اختتمت مفاوضات جولة أورغواي للتجارة المتعدد األطراف و التي عقدت في إطار االتفاق , و اشتملت تلك المفاوضات1993 ديسمبر 15بشأن التعريفات الجمركية و التجارة في

للمرة األولى في إطار االتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية على مناقشات بشأن على التجارة العالمية و قد أسفرت تلك المفاوضات عن حقوق الملكية التي يؤثر جوانب

اتفاق جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة أو ما يعرف بـ )تريبس( و الذي دخل , و في هذا المطلب1995حيز التنفيذ مرفقا مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية في يناير

سنحاول اإلطالع على مدى تأثير هذا االتفاق في جوانب الملكية الفكرية في إطار التجارةالعالمية على الحق في التنمية.

الفرع األول : حقوق الملكية الفكرية في االتفاقية العامة"الجات"

, إلى أن أصدر1947 لم تدخل حقوق الملكية الفكرية في دائرة اهتمام الجات في المؤتمر الوزاري المنعقد بمدينة )بونتدليست( باألروغواي إعالنا وزاريا يبدأ أجولة جديدة من

المفاوضات التجارية المتعددة األطراف, و قد اشتمل المؤتمر الوزاري على قائمة بالموضوعات التي تدور حولها المفاوضات شملت ألول مرة في تاريخ المفاوضات التجارية

موضوع الملكية الفكرية, و قد صدر اإلعالن الوزاري متضمنا الملكية الفكرية كأحد الموضوعات التي تشملها جولة المفاوضات التجارية المتعددة األطراف, و قد استغرقت

سيولة المفاوضات مدة تزيد على سبع سنوات و اختتمت بالتواصل إلى صيغة الوثيقة الختامية للجولة و تضمنت كافة االتفاقيات و الوثائق و قد تم التوقيع على للوثيقة الختامية

خالل مؤتمر الوزراء المنعقد بمراكش بالمغرب في الفترة من إلى1994 أبريل 15في .1994 أفريل 16 إلى 12

( ج من الوثيقة الختامية اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من1و قد تضمن الملحق ) ( و نظامها و استخدامها, و اتخاذ حقوق الملكية الفكرية وTRIPSحقوق الملكية الفكرية )

و ذلك(358)إكسابها و هكذا أقصمت الدول المتقدمة حقوق الملكية في إطار جولة أورغواي لتحقيق األهداف التي لم تحقيقها عن طريق المنظمة الدولية للملكية الفكرية أو ما يطلق

( على التشاور بهدفTRIPS( التي أولت اهتماما للدول النامية و ينص اتفاق )WIPOعليها ) ( في مجالWIPOوضع ترتيبات إلقامة عالقة تعاون متبادلة بين منظمة التجارة العالمية و )

, و ينص االتفاق كذلك على أنه يجوز للمجلس أثناء تأديته لمهامه التشاور الملكية الفكرية مع أي مصدر يراه مالئما و كذلك أن يسعى المجلس, بالتشاور مع المنظمة العالمية

للملكية الفكرية, إلى وضع ترتيبات مناسبة للتعاون مع هيئات تلك المنظمة و ذلك في - في ذات اإلطار أكد قرار لجنة حقوق االنسان على أن ممارسة الحقوق األساسية لسكان البلدان النامية المدينة في357

الحصول على الغذاء و المأوى و الملبس و العمل و التعليم و الخدمات الصحية و التمتع بيئة صحية، ال يمكن أن يخضع لتطبيق( من قرار لجنة حقوق اإلنسان نفس المرجع.5سياسات الهيكلي و اإلصالحات الناشئة عن الدعوى – فقرة )

.1996- عدنان شوكت شومان – اتفاقية الجات الدولية – الرابحون دوما و الخاسرون دوما – دار المستقبل – دمشق 358120

غضون سنة واحدة من اجتماعه األول و ينص االتفاق على إجراء مشاورات حول مجاالت عديدة للتعاون بين المنظمة العالمية للملكية الفكرية و منظمة التجارة العالمية و تنص

على وجه الخصوص تبليغ األعضاء بالقوانين و اللوائح التنظيمية إلى02 فقرة 63المادة ( و يسعى األخير إلى التخفيف إلى أقصى حد من أعباء األعضاء من جراءTRIPSمجلس )

تطبيق ذلك االلتزام و له أن يقرر التنازل عن االلتزام بتبليغ القوانين و اللوائح التنظيمية ( بشأن إنشاء سجل مشترك يتضمن تلكWIPOإليه مباشرة إذا نجحت المشاورات مع )

اللوائح و التنظيمات, و ينظر المجلس أيضا في هذا الصدد، في أي عمل يكون ضروريا بشأن اإلخطارات إمتثاال لاللتزامات المنصوص عليها في هذا االتفاق و النابعة من أحكام

بشان الملكية الفكرية، و لهذا انغرقت تم توقيع اتفاق1967 من اتفاقية باريس 06المادة ديسمبر الكانون22بين المنظمة العالمية للملكية الفكرية و منظمة التجارة العالمية في

، لتقنين التعاون بين المنظمتين في مجاالت تبليغ القوانين و اللوائح و(359) 1995األول اإلجراءات التنظيمية للملكية الفكرية و قد دخل االتفاق حيز التنفيذ في األول من يناير

1996(360).

الفرع الثاني : حقوق الملكية الفكرية و التنمية في ظل اتفاقية التجارة( TRIPSالعالمية )اتفاقية

من بين اتفاقيات "الجات" التي تم التوقيع عليها في قمة مراكش اتفاقية حماية الملكية

الفكرية، حيث تهدف هذه االتفاقية إلى التوفيق بين عنصرين هامين و متضاربين في حياةأي مجتمع.

األول – حماية حقوق مبدعي الفكر و العلم و التكنولوجيا عن طريق تقييد شروط النشرألغراض تجارية.

الثاني – السماح بالوصول إلى التقدم العلمي و الثقافة و االستفادة من ثماره، و كانت منظمة التجارة العالمية قد ركزت على حماية حقوق الملكية الفكرية لقد تم التوقيع على

هذه االتفاقية التي أثارة أشد الخالفات في األوروغواي، و تشدد االتفاقية على حماية حقوق الملكية الفكرية للمبدع، ثم وضعت معيارا عالميا قابال لإلنفاذ يربط حقوق الملكية

الفكرية بالتجارة، تضمنت هذه االتفاقية اإلجراءات الالزمة لحماية الملكية و االختراعات و المحافظة عليها و تسوية المنازعات حولها و الترتيبات المرحلية للتطبيق كما تضع قواعد

مكافحة الغش الصناعي و عمليات سرقة التكنولوجيا و التقليد و تحديد مقاييس و مواصفات دقيقة لحماية الحقوق و آليات التطبيق و فترة و نطاق استعمال حقوق الملكية الفكرية، و تحدد مقاييس لحماية الملكية الفكرية و آليات لتطبيقها، و لمنع المنازعات و

تسويتها، و هذا يشمل حقوق النشر و العالمات التجارية و التأشيرات الجغرافية، و التصاميم ، لكن هل تحقق اتفاقية(361)الصناعية، بما في ذلك البراءات و تصاميم الدوائر المتكاملة

، مصالح الدول النامية و بالتالي تحقق التنمية.TRIPSحماية حقوق الملكية الفكرية إن اتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة يفيد البلدان المتقدمة

% من97تكنولوجيا، و يلحق الضرر بالبلدان النامية فمن المقدر أن البلدان المصنعة لديها % من جميع براءات االختراع، أما90جميع براءات االختراع، و أن الشركات العالمية لديها

البلدان النامية فإن ما يمكن أن تكسبه من الحماية األقوى براءات االختراع الناجمة عن االتفاق قليل ألن قدراتها في مجال البحث و التطوير ضئيلة. و من أمثلة القضايا التي تعد

مبعث قلق هو القواعد المشددة لحقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة، إذا أن التطبيق الصارم لهذه القواعد قد يعوق، بل و أكثر ما يعوق، حصول الجميع على األدوية األساسية، و

إذا كانت اتفاقيات التجارة تؤدي إلى سبل الحصول على األدوية األساسية، فإن الحكومات – طرابلس – ليبيا .2006- عبد الجليل البرعصي – نشأة حقوق الملكية الفكرية و تطورها – مجلس الثقافة العام ط 359.2009- عبد الرحيم عنتر عبد الرحمن – حقوق الملكية الفكرية و أثراها االقتصادي – دار الفكر الجامعي – اإلسكندرية – ط 360 و ما بعدها.105- أنظر : المرجع الستبق – حقوق الملكية الفكرية و أثرها االقتصادي ص 361

121

إذ يقدر أن(362)التي تطبق هذه االتفاقيات قد تنته الحق في التمتع بأعلى مستوى صحي مليون150عمليات البحث و التطوير الستنباط دواء جديد تقدر تكلفتها بما يتراوح بين

مليون و ال400دوالر تقريبا، و لكن ما من بلد من البلدان النامية لديه مبيعات صيدالنية يوجد دليل كبير حتى اآلن على أن حمل براءات االختراع عمليات البحث و التطوير في

البلدان الفقيرة أو لصالحها، كما أننا نالحظ بأن أحكام اتفاقية حماية الملكية الفكرية تقيد سياسات عامة كثيرة كانت في توسع نطاق الحصول على الرعاية الصحية، حيث تستبعد

القوانين الوطنية، إنتاج األدوية و المواد الصيدالنية في حماية براءات اختراع المنتجات، حيث تسمح ببراءات التجهيز فقط، و ذلك يهدف لتشجيع صناعة األدوية بتكاليف أقل و بيعها

أقل، أما االنتقال من براءات التجهيز إلى براءات المنتجات سيؤدي إلى توقف إنتاج الشركات المحلية ألنواع من األدوية كان المواطن في البلدان النامية يحصل عليها بأسعار

.(363)أقل إن تطبيق االتفاقية الخاصة بالملكية الفكرية يسهم في زيادة التكاليف المترتبة على

الدول النامية و خاصة فيما يتعلق بالنشاطات االقتصادية المختلفة, أو ما يتعلق بنقل التكنولوجيا في مجال الصناعة و الزراعة، كما أن تطبيق االتفاقية له تأثير أيضا على الجانب

المعرفي و الفكري للناس و هو ما يتطلب إدخال أحكام جديدة في االتفاقية, تشكل ضمانات أقوى لمعارف السكان في البلدان النامية و بخاصة المعرفة التقليدية الموجودة لدى المجتمعات المحلية منذ قرون, و هذا يتطلب سياسات وطنية أقوى لحماية مصالح

المجتمع في إطار حقائق النظام التجاري العالمي الجديد.وينجر عن قوانين الملكية الفكريةونقل التكنولوجيا اثار مختلفة على االقتصاد تتمثل في:

األثر االقتصادي لنقل التكنولوجيا -1 تعد الملكية الفكرية شكال من أشكال المعرفة قررت المجتمعات أن تخصص لها

حقوق ملكية معينة، فهي تشبه إلى حد ما حقوق الملكية على العقار كونها مجسدة بالناس و بالمؤسسات و بالتكنولوجيات الحديثة بطرق منذ زمن بعيد على أنها محرك رئيسي للنمو

و مع التقدم العلمي و الفني في اآلونة األخيرة و السيما في التكنولوجيا(364)االقتصادي اإلحيائية و المعلومات و تكنولوجيا االتصال, أصبحت المعرفة إلى مستوى أكبر من الماضي

المصدر الرئيس لألفضلية التنافسية بالنسبة للشركات و الدول على حد سواء, فالتجارة بالسلع التي تتميز بتكنولوجيا رفيعة و الخدمات المبنية على المعرفة المكثفة, و التي تكون

فيها حماية الملكية الفكرية شائعة, تزداد نموا و بسرعة على صعيد التجارة الدولية. و في الدول المتقدمة هناك أدلة دامغة تشير إلى أن الملكية الفكرية كانت و ال تزال

مهمة في تشجيع االختراع في بعض القطاعات الصناعية, مع أن األدلة حول أهميتها في مختلف القطاعات غير معروفة بالدقة المطلوبة, فمثال تشير األدلة من ثمانينات القرن

الماضي بأن صناعات األدوية و و المواد الكيماوية و البترول كانت من بين أوائل الصناعات التي اعترفت بضرورة نظام البراءات لتشجيع االختراع، و في هذه األيام يترتب على المرء

أن يضيق إليها التكنولوجيا اإلحيائية و بعض العناصر في تكنولوجيا اإلعالم, و أثبتت حقوقالنشر و التأليف ضرورتها في مجاالت الموسيقى و األفالم و النشر.

أما بالنسبة للدول النامية، مثلها مثل الدول المتقدمة التي سبقتها، فقد أثبت تطور القدرة التكنولوجية األهلية بأنه العامل المقرر الرئيسي للنمو االقتصادي و تقليل الفقر, إذا

تقرر تلك القدرة المدى الذي يمكن فيه لتلك أن تستوعب التكنولوجيا األجنبية و تطبيقها، فقد توصلت دراسات عديدة إلى النتيجة القائلة إن العامل الحادي المميز أكثر من غير

الذي يقرر نجاح نقل التكنولوجيا هو البروز المبكر للقدرة التكنولوجية األهلية. - تقرير منظمة العفو الدولية – منظمة العفو الدولية تحث "منظمة التجارة العالمية" على احترام التزامات حقوق اإلنسان في362

.2005 ديسمبر 9مفاوضات هونغ كونغ 363- Carea Charles, intellectual proprerty Rightd and use of compulsory, countries, licence : option for pebelopping south center, Geneva 1999.P 280.

.22-18 – "المعرفة أجل التنمية" البنك العالمي، واشنطن – دي – ص 1999 – 1998- تقرير التنمية العالمية – 364122

و لكن الدول النامية تتفاوتا كبيرا من حيث جدوى و قدرة بنيتها األساسية العلمية و الفنية، و ثمة دليل يستعمل عادة للقدرة التكنولوجية و هو عدد التسجيالت ببراءة االختراع

في الواليات المتحدة و كذا من خالل عدد الطلبات الدولية براءات االختراع عن طريق 1 منحت الواليات المتحدة أقل من 2001معاهدة التعاون في براءات االختراع، ففي العام

% منها60% براءات اختراع للمتقدمين من الدول النامية بطلبات البراءة و ما يقرب من جاء من سبع دول أو أكثر من الدول المتقدمة تكنولوجيا، و في معاهدة التعاون ببراءات

% من الطلبات95 % من الطلبات من الدول النامية، و أكثر من 02االختراع إلى أقل من ، و(365)جاءت من مجرد خمس دول و هي : الصين و جنوب إفريقيا و البرازيل و المكسيك

ازدادت طلبات التسجيل بموجب معاهدة التعاون ببراءات2001 و 1999بين عامي و مثل ما رأينا فإن اإلنفاق على األبحاث و التطوير2001% تقريبا 23االختراعات بنسبة

مركز تركيزا شديدا في الدول المتقدمة و في قليل من الدول النامية المتقدمة تكنولوجيا، و هناك عدد قليل من الدول النامية قد تمكنت من تطوير قدرة تكنولوجية أهلية قوية، هذا يعني أنه يصعب عليها تطوير قدرة تكنولوجيا الخاصة بها أو استيعاب تكنولوجيا من الدول

المتقدمة.- األثر المباشر لحقوق الملكية الفكرية على النمو االقتصادي 2

يجادل البعض بقوة على أن حقوق الملكية الفكرية ضرورية للحث على النمو االقتصادي الذي يدوره يساهم في تقليلي مستوى الفقر، إذ بالحث على االختراع و

التكنولوجيا الحديثة يرتفع اإلنتاج الزراعي و الصناعي و تتوفر األدوية الالزمة لمكافحة األمراض، فهناك رؤية على أنه ال يوجد ما يمنع قيام نظام جيد للملكية الفكرية في الدول

النامية إذا كان ذلك النظام جيدا في الدول المتقدمة، بينما يرى البعض األخر أن حقوق الملكية الفكرية ال تساهم بشكل يذكر في الحث على االختراع في الدول النامية بسبب

انعدام القدرات البشرية و الفنية الالزمة في تلك الدول فهي غير فعالة في األبحاث التي تفيد الفقراء ألنهم لن يتمكنوا من تحمل كلفتها حتى و إن جرى تطويرها، فهي تحد من خيار

التعلم التكنولوجي عن طريق الممارسة، فهم يرون بأن الملكية الفكرية تسمح للشركات األجنبية بأن المنافسة المحلية و ذلك بالحصول على حماية براءات االختراع و تلبية حاجاتالضرورية و اإلنتاج الزراعي األمر الذي يؤثر سلبا على الفقراء و المزارعين بصورة خاصة.

و في تقييمنا لتلك الحجج المتضاربة يجب أن نتذكر التباين التكنولوجي بين الدول النامية و الدول المتقدمة كمجموعة من الدول، فالدول النامية ذات الدخل المنخفض و

%10% من الناتج المحلي اإلجمالي العالمي و لكن أقل من 21المتوسط يعود إليها نحو من اإلنفاق على األبحاث و التطوير على الصعيد العالي و من األهمية أن نأخذ بعين االعتبار التفاوت و الدول النامية من حيث ظروفها االجتماعية و االقتصادية و قدرتها التكنولوجية، و

% من فقراء العالم يعيشون في بلدان لديها قدرات علمية و تكنولوجية60عموما أكثر من كبيرة و الغالبية العظمي من هؤالء الناس يعيشون في الصين و الهند، و للصين و الهند

باإلضافة إلى دول نامية صغيرة عديدة أخرى قدرات على درجة عالية في عدد من المجاالت العلمية التكنولوجية بما فيها مثال، الفضاء و الطاقة النووية و اإلعالم اآللي و

التكنولوجيا اإلحيائية و األدوية و تطوير برامج الحاسب اآللي و الطيران و بالمقابل يعيش % من الفقراء في دول إفريقيا جنوب الصحراء باستثناء جنوب إفريقيا و بصورة رئيسية25

في بلدان قدرتها العلمية الفنية ضعيفة نسبيا ضف إلى تلك أن الحق في الملكية، حق مرتبط بالحق في االستثمار و حقوق اإلنسان حيث أن هناك مجموعة من الوسائل و

القوانين الوطنية و الدولية الناطمة لحقوق الملكية و التي لها تأثير بشكل مباشر و غير و هو ماله اثر مباشر على العلمية االقتصادية في العديد( 366)مباشر على الحق في االستثمار

من الدول..22-18 – "المعرفة أجل التنمية" البنك العالمي، واشنطن – دي – ص 1999 – 1998- تقرير التنمية العالمية – 365

366- Ferhat Hochani – Droit économique et droit de l'Homme – larcier – Brucelles – 2009. 123

و هكذا فالدول النامية ليست دوال متجانسة حيث تختلف قدراتها العلمية و الفنية و كذا االجتماعية و االقتصادية و عدم المساواة في الدخل و الثروة، و هكذا فإن مسببات

الفقر و بالتالي السياسات المناسبة لمواجهته تختلف بناءا على ذلك بين دولة و أخرى و ، و فيما يلي(367)المسببات ذاتها تنطبق على السياسات المرتبة على حقوق الملكية الفكرية

سنتم هذه الدراسة باإلطالع على انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على ح جماعي آخر و هو الحق في البيئة من خالل الفصل الثالث من هذه الدراسة.

الفصل الثالث انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على

الحق في البيئة إن جوهر تأثير النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في البيئة يتمثل في تعاظم المنافسة بين الشركات المتعددة الجنسيات , و سعيها إلى تحقيق أكبر األرباح دون مراعاة

لالعتبارات اإلنسانية و البيئة , حيث تتجه الشركات المتعددة الجنسيات المنتجة للمواد السامة أو الكيماوية أو العاملة في الصناعات الملوثة للبيئة , إلى نقل نشاطها إلى دول العالم النامي التي تمتاز بتشريعات بيئية أكثر ليونة , تجنبا لتكاليف معالجة المخلفات أو هربا من الشروط البيئية المعمول بها في الدول المتقدمة,كما أدى قيام الدول المتقدمة

بغرض الحظر على بعض المنتجات و السلع الضارة بالبيئة , أو التي لم يتم اختبارها بالقدر الكافي لمعرفة أثارها على صحة اإلنسان ,كمنتجات التبغ مثال أو بعض العقاقير المستحدثة

.(368)إلى اتجاه الشركات المنتجة لها إلى تكثيف عملياتها التسويقية في دول العالم النامي

.21-20 – ص 1998- تقرير منظمة اليونسكو – التقرير العالمي للعلوم – جنيف 367.2006 - عبد المنصف حسين رشوان- العولمة و آثارها – المكتب الجامعي الحديث – القاهرة – 368

124

ما يمكن قوله عن االستغالل الذي تمارسه الشركات المتععدة الجنسيات للثغرات القانونية المتعلقة بالبيئة في البلدان النامية, و كذا بروز نظام تجاري عالمي جديد نتيجة

العولمة االقتصادية ممثلة بمنظمة التجارة العالمية و المؤسسات المالية العالمية و التي لها بالغ األثر على الصحة والبيئة في العالم و البلدان النامية على وجه الخصوص , و ما ينجز

عنها من رمي للنفايات الكيماوية و السامة فيها من طرف الدول المتقدمة ,إنها أعمال تستنكر حقوق اإلنسان الذي يعيش في الدول النامية ,بينما تحمي منها اإلنسان الذي يعيش في الدول المتقدمة ,فهي تتضافر مع جميع العوامل االخري المسببة للتلوث لالعتداء على

حق اإلنسان في جميع العوامل االخري المسببة للتلوث لالعتداء على حق اإلنسان فيالحياة و حق في بيئة نظيفة تضمن سالمته الجسدية و العقلية .

و سنتعرض في هذا الفصل من دراستنا إلى الحق في البيئة كحق جماعي من حقوقاإلنسان ومدي تأثير بالنظام التجاري العالمي الجديد و هذا من خالل المبحثين التاليين:

المبحث األول : الحق في البيئة و مكانته في المواثيق الدولية المبحث الثاني : انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في

بيئة صحية و نظيفة.

125

المبحث األول الحق في بيئة صحية و نظيفة و مكانتة في المواثيق

الدولية

أضحت حماية البيئة و مجمل الجوانب المتصلة بها أحد أهم الموضوعات التي يطرحها النظام القانوني الدولي، فلم تعد مسالة داخلية خاضعة للسلطان الداخلي للدول، و مع تطور الحماية الدولية لحقوق اإلنسان أصبحت البيئة من الموضوعات األساسية التي

تسعى الدول و الفاعلون غير الحكوميون إلى حمايتها بصفتها حقا من حقوق اإلنسان، و بخاصة أن القضايا التي تطرحها البيئة هي من المسائل الدولية بطبيعتها، فاألخطار و

التحديات البيئة تتصف في الغالب بكونها عابرة حدود الدول، و يصعب أن يخسر أثرها بإقليم دولة بعينة، و ال يمكن إنكار أن هذه اإلشكاالت البيئة تمس بحقوق اإلنسان و كرامته

ورفاهة. لكن المالحظ في هذا المجال أن االتفاقيات الدولية للبنية ال تتناول حماية البيئة كحق

من حقوق اإلنسان، فضال عن أغلب الصكوك الدولية لحقوق اإلنسان فهي ال تعترف بهذا الحق بصفة مستقلة، فالبيئة بصفتها الذاتية المستقلة عن حقوق اإلنسان المعترف بها،

ليست محال للحماية بموجب غالبية الصكوك الدولية، و لكن ألن البيئة ترمي بثقلها و آثارها على ممارسة اإلنسان لحقوقه المحمية دوليا و ألن ثمة تداخل و اعتماد متبادل بين هذه

الحقوق و البيئة قد يصل أحيانا حد التماهي، شرعت كان لرقابة و اإلشراف على اتفاقيات حقوق اإلنسان بتفسير عدد من حقوق اإلنسان المعترف بها تفسيرا واسعا بغية ضمان

التمتع الفعلي و الكامل بها، و لتبيان الحماية الغير المباشرة التي يحضى بها الحق في بيئة صحية و نظيفة، سنتطلع من خالل هذه الدراسة على مضمون حماية هذا لحق و أساسه

القانوني من خالل المطلبين التاليين :

المطلب األول مضمون حماية الحق في بيئة صحية و نظيفة

يتمثل الهدف األساسي لحماية البيئة بحماية أسس و مكونات و دعــــائم الحياة الطبيعية و ليس المقصود بها البيئة حماية البيئة بداللتها العلمية الضيقة, و بمعنى آخر,

تنصرف حماية البيئة في إطار حماية حقوق اإلنسان إلى ضمان الحد البيئة األدنى الضروري لوجود اإلنسانية, فالغرض ليس مجرد حماية مال أو ممتلكات ألفراد و حسب, و إنما أيضا حماية منشاءات و أموال مشتركة, انطالقا من الهدف السابق, تنصب حماية البيئة وفقا لمقاربة تستند على حقوق اإلنسان على حماية ممتلكات اإلنسانية بعمومها, و هي ممتلكات غير قابلة للتصرف أو التنازل, و يمتلك جميع البشر حقا أسمى باستعمالها و

االنتفاع بها, و إذا تمتع فرد ما بحق االستغالل حصرا بمال معين, كما هو في الملكيةالخاصة, يكون له حق التصرف فيه و االنتفاع به بشرط عدم اإلضرار بالبيئة.

إن لحماية البيئة مفهوم واسع, و ينصرف إلى حماية حق فردي و آخر جماعي و إن االنتفاع بالمال بصورة جماعية أو فردية محكوم بعدم اإلضرار بالبيئة فحماية البيئة تقوم

على فكرة الموازنة بين المصالح الخاصة و المصالح الكونية أو العالمية لإلنسانية جمعاء, و هي المتمثلة بصيانة أسس الحياة الطبيعية و ركائزها, و هذا ما أكدته المحكمة األوروبية

لحقوق اإلنسان بقولها أن هدف القانون الخاص بحماية الطبيعية هو تنظيم استخدام مال.(369)معين في إطار حماية البيئة بأبعادها و دالالتها الواسعة

369 -P.Birie &, A,Baule, International law and the environment, oxford University Press, 2002 P225. 126

خالصة القول هو أن الحق في بيئة صحية و نظيفة ينطبق لصالح الكائنات البشرية كلها يهدف إلى حماية و سالمة البدن و الصحة, و هو تضمن بالنتيجة مساحة واسعة تضم األفراد و الجماعات معا, كما يضمن الحقوق المدينة و السياسية و الحقوق االقتصادية و

االجتماعية و الثقافية غفي آن واحد, و هو ينطوي كذلك على حماية و موضوعية و إجرائية, و لكنه لم يستقل إلى اآلن كحق من حقوق اإلنسان قائم بذاته, فهذا ما حدا باللجان

المختصة باإلشراف و الرقابة على تنفيذ اتفاقيات حقوق االنسان أن تقوم و عدم قابليتهاللتجزئة و على إتساعه نطاق الحماية المشمول بالحقوق البيئية.

المطلب الثاني األساس القانوني للحق في بيئة صحية و نظيفة

في الواقع لم يكن االعتراف بالحق في بيئة وصحية باألمر اليسير، المسالة كانت موضعا لمناقشات و سجاالت قانونية و أخالقية منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، فثمة إتجاهات في القانون الدولي تؤدي االعتراف بحق مستقل في بيئة نظيفة أو مناسبة

أو متوازنة، و هناك إتجاهات أخرى ال ثرى ضروري لالعتراف بحق كهذا لعدد من األسباب و المبررات، و بالرغم من ان هناك صورة ما من صور القبول باالتجاهات األول المؤيدة لالعتراف بحق مستقل، إال أن حماية الحق في البيئة في إطار القانون الدولي كحقوق اإلنسان مازالت إلى اآلن حماية تتوالها لجان الرقابة و اإلشراف على االتفاقية المعينة

بحقوق اإلنسان، و يبدو أن هناك أسبابا و مبررات مختلفة تدفع إلى هذه الحماية غير المباشرة، فاإلعتراف بحق مستقل في بيئة صحية و نظيفة مازال منحصرا في إطار

", كما أنه يصعب تحديد هذا الحقSaft lowالقانون الدولي قيد التكوين أو القانون "الرخو" فضال عن عدم وجود آلية دولية مستقلة تعمل على حمايته باالستناد إلى االتفاقيات الدولية

للبيئة، و سنرى من خالل لفرعين التاليين لألساس القانوني لهذا الحق.

الفرع األول الحق في البيئة كحق قيد التكوين

من المالحظ على صعيد القانون الدولي أن اإلقرار بحق اإلنسان في بيئة صحية و نظيفة مازال و لحد اآلن جزءا من القانون المرن , فاالعتراف األساسي بهذا الحق جاء في

, و هو1972إعالنات صادرة عن إعالنات دولية من قبيل مؤتمر ستوكهولم المنعقد في عام اإلعالن الذي أشار صراحة في المبدأ األول منهم إلى العالقة بين حقوق اإلنسان و البيئة، و أعلن أن إنسان حقا أساسيا في الحرية, و في ظروف حياة مالئمة, و في بيئة ذات نوعية

, و إعالن1992تسمح بالحياة الكريمة و الرفاه, و هو ما كرره كل من إعالن ريو لعام .12/12/2002بيزكايا بشأن الحق في البيئة المنعقد في

فاالعتراف الجوهري بالحق في بيئة صحية, نظيفو كان من خالل مصادر إعالنية و بيانات ختامية لمؤتمرات، بينما االعتراف به في المصادر االتفاقية النافذة, أو في القانون

الدولي الوضعي أنحسر بعدد إتفاقيات حقوق اإلنسان اإلقليمية في الغالب, فقد أقرت بأن "لكل شعوب1981( من الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان و الشعوب لعام 24المادة )

( من البروتوكول اإلضافي18الحق في بيئة مرضية و شامة و مالئمة لتنميتها", أما المادة ) , فقد2003الثاني للميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان و الشعوب بشأن حقوق المرأة في

127

, و يالحظ في هذا الخصوص أن(370)أقر للمرأة الحق بالعيش في بيئة صحية و مستدامةاالعتراف لم يأت بحق مستقل في البيئة و إنما بحق في بيئة صحية و مستدامة.

( من البروتوكول اإلضافي التفاقية الدول11/1من جهة أخرى، أقرت المادة ) برتوكول سان سلفادور, بشأن الحقوق االقتصادية و1988األمريكية لحقوق اإلنسان لعام

االجتماعية و الثقافية بحق كل شخص في العيش في بيئة صحية و الحصول على الخدمات ( المتعلقة169، كما تضمنت اتفاقية منظمة العمال الدولية رقم )(371)العامة األساسية

( منها إلشارة صريحة لهذا الحق.04, في المادة )1989بالسكان األصليين و القبليين لعام إذا ألتزمت الدول األطراف باتخاذ التدابير الخاصة بالحفاظ على البيئة التي يسكنها

السكان األصليون و صيانتها بما يتفق مع رغباتهم المعبر عنها بحرية. من الجدير باإلشارة في هذا المجال أن هناك تطورا الفتا بالنسبة لحماية الحق في

البيئة, و لحماية حقوق اإلنسان بصورة أعم, يتمثل في نص "القواعد الخاصة بمسؤولية الشركات العابرة للقومية و غيرها من المؤسسات التجارية بالنسبة لحقوق اإلنسان", و هو

,(372)2003 أوت 26النص الذي اقرته اللجنة الفرعية لتعزيز و حماية حقوق اإلنسان بتاريخ و قد جاء في البند )واو( من نص القواعد المذكورة أحكاما تتعلق بااللتزامات الواقعة على

كاهل الشركات و المؤسسات المعنية في مجال حقوق البيئة و حمايتها, إذ جاء هذا البند أنه يتعين على الشركات و الهيئات التجارية األخرى أن تمارس أنشطتها وفقا اللقوانين و

اللوائح الوطنية و للممارسات اإلدارية و السياسات المتعلقة بالحفاظ على البيئة المعمول بها في الدول التي تمارس هذه األنشطة فوق إقليمها, و كذلك وفقا االتفاقيات و المعايير و

المبادئ و األعراض المطبقة بشأن البيئة و حقوق اإلنسان و السالمة العامة و الصحة. هكذا يتبين بوضوح أن االعتراف بالحق في بيئة صحية و نظيفة مازال تقتصر على

أعمال و جهود ذات طابع إعالني و انه لم ينتقل كأحد حقوق اإلنسان المعترف بها في اتفاقيات حقوق اإلنسان, إذ أنه ما أنفك يكون تابعا أو مستمدا من الحقوق المحمية األخرى، و هو إذا كان هذا كان قد أصبح جزءا من بعض االتفاقيات اإلقليمي لحقوق

اإلنسان, إال أنه لم يصبح مستقال على المستوى العالمي, و المالحظ كذلك أن النصوص القانونية التي تتناول هذا الحق المذكور أو سواها و كذلك أدبيا القانون الدولي، مازالت غير

متفقة على مصطلح موحد للتعبير عن هذا الحق, فالمصطلحات المستخدمة للتعبير عن الحق مختلفة و متباينة, فتارة تستخدم مصطلح "البيئة الصحية" و تارة و تشير إلى "البيئة

المالئمة" و تارة أخرى "البيئة المرضية" أو النظيفة. إن االختالف في المصطلحات األلفاظ المستخدمة في النصوص القانونية للتعبير عن

الحق في البيئة، تعكس في الواقع أمرا واقعيا قائما، إذا يرجع االختالف إلى تنوع و تباين األهداف السياسة و القانونية و السيوسيولوجية المتوخى تحقيقها من وراء االعتراف بهذا الحق و حمايته، فضال عن أنه يعكس كذلك ما اعترى هذا الحق الجديد أو المستحدث من

تطور عبر عقود من الزمن. خالصة القول أن حقا في البيئة نظيفة أو مناسبة ليس مكرسا فعال كحق مستقل عما

سواه من حقوق اإلنسان األخرى المعترف بها بموجب القانون الدولي, و ما زال جزءا من القانون "المرن" أو "القانون قيد التكوين" و لذلك فإن الحاجة كانت ماسة لدى هيئات

الرقابة و اإلشراف على تنفيذ اتفاقيات حقوق اإلنسان لحماية بشكل غير مباشر من خالل الحقوق المحمية و المعترف بها، ألنه شرط مسبق و الزم للتمتع بهذه الحقوق تمتعا كامال

و فعاال, و مما زاد أيضا من هذا االتجاه لدى هذه الهيئات حقيقة ؟أن الحق في البيئة ذوطبيعة معقدة و مركبة تجعل التعامل معه كحق أمرا صعبا.

.421 - محمد يوسف علوان – محمد خليل الموسي – المرجع السابق – ص 370 و العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية و1989 يشار في هذا الخصوص إلى أن كال من اتفاقية حقوق الطفل لعام -371

االجتماعية و الثقافية، تضمنا إشارة للحق في بيئة صحية ضمن الحق في الصحة، و ليس بشكل مستقل كهذه االتفاقيات. 372 - P.B.Birnie and A. Boyle.op.cit P .253.

128

الفرع الثاني الحق في البيئة كحق مركب

من المعلوم أنه درجت العادة في أدبيات القانون الدولي لحقوق اإلنسان على تقسيم حقوق اإلنسان إلى طوائف ثالث, مدنية و سياسة و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية, و أخرى حقوق جماعية, و تحليل الحقوق البيئية يؤدي إلى القول أن هذا التقسيم الثالثي ال

ينطبق علم الحق في البيئة، حيث يصعب إدراج هذا الحق ضمن طائفة منها دون.(373)األخرى

فمن جهة و يمكن إدراج الحق في البيئة ضمن الحقوق المدينة و السياسة ألنه يتضمن عددا من العناصر الوارد في هذه الحقوق، فهو يمنح األفراد الحق في الحصول على

تعويض قضائي عن األضرار البيئة، و الحق في المشاركة في الشؤون العامة و خاصة في القرارات ذات الصلة بالبيئة, و الحق في حرمة الحياة الخاصة و اختيار مكان السكن هي

كلها حقوق مدنيه و سياسية, ال يكون الحق في البيئة مكفوال دون احترامها و حمايتها لألفراد، فضال عن أن الحق في البيئة يلزم الدول بضمان و توفير معايير دنيا تكفل حق

األفراد في الحياة و العيش و عدم اإلضرار بممتلكاتهم, و هكذا فإن الحق في البيئة يلقي بضاللة على طائفة الحقوق المدنية و السياسية و يدخل معها في تفاعل عضوي متبادل

بحيث ال يكون مكفوال دون ضمان هذه الحقوق و احترامها. من جهة أخرى، قد يؤدي الحق في البيئة وظيفة مهمة الحترام و ضمان عددهن

الحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية كالحق في الصحة و العمل، فالحقوق البيئة قد تجعل من نوعية البيئة المتاحة محفزا الحترام الحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية, و

عامال من عوامل تعزيزها داخل المجتمع, فالحق في الصحة على سبيل المثال يرتبط بعالقة دافئة و حميمية مع البيئة المناسبة أو الالئقة, و يستحيل القول أن هذا الحق يكون

متيسر المنال في ظل أوضاع و ظروف بيئية متدهورة. هذا و يمكن النظر إلى الحق في البيئة على أنه من حقوق التضامن, فهو يثبت لعموم الشعب، أو لعموم جماعات اإلقليمية و السكان األصليين، باإلضافة إلى أنه قد

يتطلب تعاون الحكومات و المنظمات الدولية من أجل توفير المواد و المهارات و الوسائلالضرورية لحماية البيئة و للحفاظ على التنمية المستدامة لها.

يظهر أن الحقوق البيئة ليست ذات طبيعة مستقلة، فهي تنطوي على عناصر و متمثالت عديدة و مختلفة، و لعل هذا الطابع المعقد أو المركب لها هو السبب األساسي في عدم اإلقرار عالميا إلى اآلن بحق مستقل في البيئة، إلى جانب أنه قد يكون العامل

الجوهري المؤدي إلى حماية الحقوق البيئية بصورة غير مباشرة, و من خالل حقوق اإلنسانالمعترف بها في االتفاقيات الدولية المختلفة لحقوق اإلنسان.

. 423 - محمد يوسف علوان – محمد خليل موسى، المرجع السابق، ص373

129

المبحث الثاني انعكاسات النظام التجارى العالمي الجديد على الحق في

بيئة صحية و نظيفة لقد ظهر في السنوات األخيرة جلبا أن الحفاظ على البيئة و تحرير التجارة الدولية

أمر أن متعارضان، بمعنى أن الجهود التي تبذلها كل دولة للحفاظ على البيئة تلحق أضرارا بعالقات الدول التجارية مع دول العالم األخرى، و تجد هذه النتيجة تفسيرا لها في األعباء

اإلضافية التي تتحملها كل دولة في سبيل الحفاظ على البيئة, و تضيفها بالتالي إلى تكاليف اإلنتاج, و هو قد يفقدها وسام التنافسية في األسواق العالمية, و يضر بالتالي بمركز ميزانها

التجاري و هو وضع يخلق تناقضا صريحا بين تحرير التجارة العالمية من ناحية و سياساتالحفاظ على البيئة من ناحية أخرى.

فمن منظور العالقة بين سياسات تحرير التجارة الدولية و سياسات الحفاظ على البيئة تخطي الدول النامية باهتمام خاصة, حيث تضغط عليها الدول المتقدمة بالسير في

االتجاهين معا, أي اتجاه تحرير تجارتها الدولية في جانب و اتجاه حماية البيئة في جانب آخرو و يحمل هذا الوضع اقتصاديات الدول النامية بأعباء كبيرة، هذا في الوقت الذي تشعر

فيه بأنها غير مسؤولة عن تدهور البيئة العالمية و تلقي بالمسؤولية كاملة على الدول المتقدمة و سياساتها االقتصادية و التجارية, في المقابل تصدر الدول المتقدمة على التزام الدول النامية بانتهاج سياسات تحمي بموجبها البيئة العالمية في المستقبل, و تبني الدول

المتقدمة وجهة نظرها بأن العالمية في المستقبل و تبني الدول المتقدمة وجهة نظرها بأن االلتزام بحماية البيئة من جانبها يضر باألطراف الملتزمة و يهيئ السبيل لمكاسب غير

مشروعة, من وجهة نظر التجارة الحرة ألطراف التبادل التجارة غير الملتزمة بسياسات حماية البيئة، و تهدد الدول المتقدمة الدول النامية بفرض عقوبات على هذه األخيرة في

حال استمرارها في انتهاج سياسات غير مالئمة. أن تداعيات هذا الصراع االلتزام بمبادئ التجارة الدولية و حماية الحق في البيئة

ستناول في هذا المبحث من خالل اآلتي :

المطلب األول : إدراج البيئة كأحد عناصر التجارة الدولية

المطلب الثاني : تأثير النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في البيئة

130

المطلب األول إدراج البيئة كأحد عناصر التجارة الدولية

مما ال شك فيه أن التلوث البيئي يحمل آثار ضارة تقع عواقبها على المجتمع, و يرى االقتصاديون أنه فرق بين التلوث المحلي أو التلوث الدولي, و ذلك ألن التلوث ى يرف

حدودا دولية، كما انه ينتقل من دولة إلى أخرى أو بصورة مباشرة عبر البحار و األزهار و الهواء, أو بصورة غير مباشرة من خالل التجارة الدولية, األمر الذي جعل االقتصاديين

يهتمون ببحث العالقة بين البيئة و التجارة الدولية في أواخر عقد السبعينات من القرن العشرين, بعد أن كانوا يعتبرون كافة الظاهر البيئة بمثابة متغيرات أو آثار خارجية يمكن

لهم تجاهلها و من ثم فلقد استلزم هذا األمر من االقتصاديين االهتمام بالظواهر البيئية، و بحث العالقة بين السياسة البيئية و التجارة الدولية, مما أدى إلى دمج البيئة أو المتغيرات

، مما أدى إلى دمج البيئة أو المتغيرات البيئية في(374)البيئة في نظرية التجارة الدولية نظرية التجارة الدولية, و اعتبار البيئة أحد عناصر التجارة الدوليةو و يمكن إرجاع هذه

المعالجة إلى العوامل التالية : تعتبر البيئة عنصرا إنتاجيا الزما كالعناصر اإلنتاجية األخرى حيث أنها، مصدر خدماتأوال :

إنتاجية لكافة األنشطة االقتصادية, إلى جانب تعريف ما يتخلف عن هذه األنشطة من إنبعاثات و مختلفات, حيث أن قدرة الطبيعة على امتصاص هذه االنبعاثات و المختلفات

ذاتيا تكاد تكون محدودة لذا فإن البيئة تعتبر عنصرا إنتاجيا كأي عنصر إنتاجي آخر, غير قابل للتجزئة عن اإلمكانات المتاحة ألي دولة, كما أنها قيد على اإلنتاج و التجارة الدولية, و

تتسبب في اختالف تكاليف اإلنتاج النسبية بين الدول و بالتالي فهي مصدر أو سبب تمتعإحدى الدول بميزة تنافسية عن األخرى.

يستلزم الحفاظ على البيئة تسعير الموارد البيئية بما يتناسب مع التكاليفثانيا : االجتماعية، و ذلك من خالل تحميل كل سلعة بتكاليف تلوثها للبيئة عن طريق تحويل

الوفورات البيئية السالبة إلى تكاليف داخلية في األنشطة اإلنتاجية و االستهالكية المتسببةفي التلوث.

إذ اشتمال أسعار السلع و الخدمات على تكلفة استخدام الموارد البيئية يعتبر بمثابة تصحيح لهيكل األسعار المحلية و العالمية, و من ثم فإن هذا التصحيح يساعد على تحقيق التوازن بين األجيال الحالية و تلك المقبلة على الموارد الطبيعية و البيئية من ناحية, و بين قدرة البيئة على مواجهة هذا الطلب من ناحية أخرى بحيث ال يقال من القدرة االمتصاص

الذاتية للبيئة, أو يخفض من معدالت التنمية. تعد من أنها أدوات السياسةTox Pollutionهذا و يمكن القول بأن ضريبة التلوث

البيئية للمحافظة على البيئة من سوء االستخدام, حيث تتضمن هذه األداة إدراج التكاليف الخارجية في قائمة التكاليف الداخلية و تحميلها على المتسبب, و هو تأخذ به الدول

.(375)المتقدمة و في ضوء ما سبق فإن إدراج البيئة كأحد متغيرات التجارة الدولية سوف يؤدي إلى

النتائج التالية: إذا التزمت كافة الدول بنفس المعايير البيئة, بغرض تحقيق مستوى واحد من نظافةأوال :

البيئة و فإن هذا سوف يؤدي إلى أن الدول التي تتمتع بقدرة امتصاصية ذاتية للبيئة، سوف

سامي عفيفي حاتم – االتجاهات الحديثة في اقتصاد الدولي و التجارة الدولية – قضايا معاصرة للتجارة الدولية – الدار374.2005المصرية اللبنانية –

375 - Carolyn Fisher, Sondra Hoffman, and Yutaka Yashina,multilateral trade agreement and market – used environmental policies, riscuss paper 02-28 rusaurees for the future, Moy, nas hington.P.C.2002

131

تقوم بتخصيص قدر أقل من الموارد االقتصادية لمكافحة التلوث, و ذلك بالمقارنةبالدول األخرى األقل استعدادا في هذا الشأن.

تخطى الدول التي تتمتع بوفرة نسبية في الموارد البيئيــة بمــيزة تنافســية في إنتــاجثانيا : السلع و الخدمات األكثر تلوثا للبيئة, و بالتالي تغيير نمط التجارة الدولية, مما يحدث تغيــيرا

في الهياكل االقتصادية. إال أنه إذا انتهجت إحدى الدول سياسة بينية، فإن ذلك يتضمن زيــادة تكــاليف اإلنتــاج، مما يصب في بوثقة ارتفاع أسعار السلع و الخدمات الـتي يتم إنتاجهـا محليـا, و هـذا بـدوره

: 376يؤدي إلى النتائج التالية الفشل في تحقيق ميزة تنافســية عاليــة في إنتــاج هــذه الســلع و الخــدمات و من ثم(1

إسدال الستار على تناافسيتها في األسواق العالمية.عجز المنتجين المحليين عن منافسة الواردات األجنبية في األسواق المحلية.(2

.314- سامي حاتم عفيفي – المرجع السابق – ص 376132

المطلب الثاني انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في البيئة

بعد أن الحظنا كيف أدرج موضوع البيئة في التجــارة العالميــة و العالقــة بين موضــوع التجارة الدولية و البيئة و الصراع الدولي للحفاظ عليهما من قبل الدول المتقدمــة و الــدول النامية من جهـة أخـرى البـد من أن نتطـرق إلى دور النظـام التجــاري العـالمي الجديـد في الحفــاظ على الحــق في بيئــة نظيفــة و صــحية من عــدمها ســواءا كــان ذلــك على مســتوى المؤسسات المالية العامية كالبنك الدولي و هــو مــا تطرقنــا إليــه في الفــرع األول من هــذا المطلب, أو من خالل اتفاقيات تحريـر التجـارة الدوليــة و منظمــة التجــارة العالميــة بشـكل

عام.

الفرع األول تأثير سياسات البنك الدولي على الحق في بيئة نظيفة

لعل من الفاعلين الرئيسيين في العالم في قضايا البيئة مجموعة البنك الـدولي، حيث تمثل هذه المجموعة التنظيم االقتصادي الدولي لقضايا االســتثمار العــالمي و مــا يرتبــط بــه من محددات, و يمكن القول أن البنك الدولي يلعب دور الفاعل الرئيســي الثــاني بعــد األمم

, خاصة في ضوء اهتماماته بصياغة و تحديد إستراتيجية واضــحة المعــالم للتنميــة377المتحدة المستدامة مع االتجاه و التحـول نحـو آليـات و أولويـات جديـدة االسـتثمارات الدوليـة تمكن العالم من خلق بيئة استثمارية دولية أكثر تناغما مــع المنظومــة البيئيــة جــانب من القــروض التي يمنحها لرفع كفاءة مشــروعات و محطــات الطاقــة لتقليــل االنبعاثــات الضــارة بالبيئــة، يضاف إلى ذلك أن البنك الدولي يأخذ في اعتباراته موضوع تقييم األثر البيــئي للمشــروعات

المقترح تمويلها كأحد معايير و اشتراطات منح القروض للدول الطالبة لها. إستراتيجية شاملة للبيئــة و التنميــة المســتدامة2000لقد أعد البنك الدولي في عام

, و لقــد2002تم عرضها على قيمة جوهانسبورغ للتنميــة المســتدامة الــذي عقــد في عــام ثم تم تعــيين نائبــا لــرئيس البنــك للشــؤون1990أنشأ البنك قســما للبيئــة في أواخــر عــام

البيئية, و هذه مؤشرات دالة على التحــول الكبــير في سياســات البنــك الــدولي نحــو إدمــاج الشأن البيئي العالمي ضمن أولويات اهتمامه و أنشطة في مجاالت تقديم القروض و المنح التي ترفع من كفاءة تخصيص الموارد االقتصادية، و تخفيض اآلثار الضــارة لظــاهرة التلــوث البيئي, مما سبق يظهر أن سياسات البنــك الــدولي جـاءت لتــدعم الحــق في بيئــة نظيفــة و صحية من خالل السياسات و القرارات المتخذة في شــأن حمايــة البيئــة كتمويــل المشــاريع التي تقلل من االنبعاثات الضــارة بالبيئــة و الدراســات الــتي أعــدها البنــك من خالل إعــداده دراسات شاملة للبيئة و التنمية، لكن هل هـذا الـدعم من جـانب البنــك الـدولي كـاف كأحــد أذرع النظام التجـاري العـالمي الجديـد، و مـاذا عن اتفاقـات التجـارة العالميـة و دورهـا في حماية حق اإلنسان في بيئة نظيفة و هذا مــا ســنحاول أن نجيب عنــه في الفــرع الثــاني من

هذا المطلب.

الفرع الثاني أثار سياسات التكييف الهيكلي على الحق في البيئة

، الصــادر في145- راجع بهذا الخصوص الدراسات الثالثة التي تضمنها عدد مجلة السياســة الدوليــة رقم 377 – هذه الدراسات هي: 2001يوليو –

.208 – 205- نيرمين السعدني، بروتوكول كيوتو و أزمة المناخ ص .211 – 209- نهى الجبالي، األثار االقتصادية لبروتوكول كيوتو، ص ص

. 219 – 212- أحمد سوقي محمد إسماعيل، نمط لإلدارة و قضية تغير المناخ، ص ص 133

لئن كان التحديد الـدقيق للعالقــة بين أزمـة الـدين و التكـييف الهيكلي و تـردي البيئــة يعتبر مهمة صعبة إال أنه يبدو أن هناك عدة طرق يفرض بها التأكيد على أن تنويع الصادراتــة لخلق المزيد من الصرف األجنبي لخدمة الديون قيدا شديدا على قاعــدة المــوارد الطبيعي للعديد من البلدان الفقيرة, و يتمثل واحد من أكثر هذه الروابــط بداهــة في كــون تصــدير الموارد الطبيعية، بما في ذلك الخشب االستوائي، من عدة بلدان من أقل البلدان نمــوا قــد ارتفع ارتفاعا شديدا لالستجابة الحتياجات خدمة الديون المتزايدة و التي تفرضــها سياســات

و أكبر البلدان المدينــة هي نفس378صندوق النقد الدولي, مع ترك اعتبارات االستدامة جانبا. 379البلدان التي يسجل بها أعلى معدل لم يسبق له مثيل في إتالف الغابات

شركة عاملة مرخص لهـا في مجــال الخشــب, و من150ففي الكاميرون مثال، تقوم شركة محلية، بقطع األشجار ألغراض تجارية, و تقوم وزارة نامبيا لمصائد األسماك23بينها

ــب البحرية بصيد عجل البحر على نطاق واسع ألغراض التصدير إلى الشرق األقصى, و حس فريق العمل الناميبي المعني بالحيوانات، فإن معدل عجل البحر في السنة مرتفعـة و يصـل

, و في غانــا يجــري حاليــا إنعــاش صــناعة الخشــب بــدعم من البنــك380 في المائة95إلى الدولي للتعويض عن الهبوط في الصرف األجنبي المتأتي من الكاكاو, و ارتفع إنتاج الخشب

.3811987 و 1984 متر مكعب في الفترة ما بين 413000 متر مكعب إلى 147000من و قد عجل ذلك التدمير المطرد لغابات غانا الـتي انخفض حجمهـا بشـكل كـبي نتيجــة لعقود من تحويل أراضي الغابات إلى أغراض زراعية, و كما حصل ذلك في أنحاء أخرى من العالم فإن هذا يحتمل أن يؤدي إلى وضع يكون بمثابة الكارثــة ينخفض فيــه إنتــاج األغذيــة و

.382تتدنى فيه خصوبة التربة و تسود مشاكل المياه لقد أدى التكييف الهيكلي الذي يستحدثه الدين إلى التأثير بشــكل غــير متناســب على أشد السكان فقرا الـذين يضــطرون إلى اسـتغالل قاعـدة المــوارد بطــرق غــير مسـتدامة و تتمثل مثل هذه األنشطة إلى تــأمين البقــاء االســتيطان التلقــائي في الغابــات االســتوائية, و التعدين على نطاق صغير, و االســتخدام المكثــف لألراضــي الزراعيــة و النضــم اإليكولوجيــة البحرية, و التخفيض العشوائي في البرامج الحكومية الحيوية التي تمول حماية البيئــة, مثــلــد من ــور تزي حفظ التربة و إعادة التشجير للغابات و تخفيض حجم وكاالت االنفاذ، و كلها أم

سرعة تردي الموارد الطبيعية. و تعد المأساة التي حدثت في دولتي أمريكا الالتينية هنــدوراس و نيكــارغوا مثــاال بينــا لهذه المشكلة، و حتى قبل اإلعصار "ميتشي" كانت هندوراس و نيكاراغوا من أفقر البلــدان في نصف الكرة األرضية إذ يعيش قرابة نصف سكانهما دون حد الكفاف, و لنيكاراغوا ديون

مليار دوالر, و هي أعلى نسبة دين للفرد في العالم.6.1قدرها مليون254و استحوذت دفوعات خدمة الدين التي يتطلبها التكييف الهيكلي و قدرها

في المائــة من عائــدات الحكومــة و بلغت ضــعفي و نصــف52 على نسبة 1997دوالر عام ــدر بـ ضعف إنفاق البلد على الصحة و التعليم معا, و على نحو مماثل فإن لهندوراس دينا يق

من مليارات الدوالرات, و قد بلغ مقدار النقود التي دفعتها على تسديد ذلك الــدين ثلث4.1 عائدات الحكومة في األعوام الماضية, و التخفيضــات الــتي يســتلزمها التكــييف الهيكلي في الميزانيات الحكومية و تخفيض حجم وكاالت االنفاذ قد أعاقت بالفعل قدرة الحكومتين على حماية قاعدة الموارد الطبيعية نتيجة نقص التمويل برامج حماية البيئة و كذا الهدر المســتمر للموارد الطبيعية نتيجة خدمة الدين و هذا قبل أن يضرب اإلعصار "ميتشي" المــدمر بــوقت378- Panayotou and K. Hupe, « Environnemental and impacts of structural adjustment programmes : synthesis and recommendation “harward institute of international development Cambridge, MA, 1995.

379- P. Elabor – Idemudia, j Milvenc and K. Shettima”, World Bank takes control of Unced’s environment fund, “Economic justice update, vol 1, N° 4, September 1992.

380- Adotey Bing « Ghana : Devoluation brings little» Africa recovery, vol, 5 N° 1, June 1991, P 14.

381- R. P. Mann, « Time runing aut : the urgent need for three planting in africa « the ecologist, vol, 20, N° 2 Martch/April 1990, PP 48 – 53.

382-Unicef, crisis in mortality, health and nutrition, florenre, Unicef International Child Cevelopment Centre Italy 1994.134

طويل, فلو كان االستثمار قد وجه نحو إبقاء البرامج الهامة التي تســاعد صــغار المــزارعين, مثل اإلرشاد و حفظ التربة و إعـادة تشـجير الغابـات و اإلنتـاج الـزراعي المسـتدام، ألمكن

التقليل إلى أدنى حد من األضرار الناجمة عن اإلعصار.

الفرع الثالث تأثير مبادئ اتفاقات التجارة العالمية على الحق في بيئة نظيفة

بعد االهتمام الكبير الذي حظيت به قضــية البيئــة من طــرف العلمــاء و أنصــار حمايــة البيئة ألجل عالم ذو بيئة نظيفة قامت حكومات دول عديدة من العــالم بإصــدار تشــريعات و قوانين حماية البيئة لتنظيم و ضبط معدالت التلوث الناتجة عن األنشطة اإلنتاجية المختلفـة،

و لهذا فمن الطبيعي أن تزداد نفقات إنتاج السلع و الخدمات. فقد أدت زيادة نفقات اإلنتــاج في السـلع و الخــدمات المترتبـة على تنفيــذ تشـريعات البيئة، إلى نشوء خالف حول موضوع التجارة العالمية و المنادين بانسيابها, و من ثم التنميةــية و ــات السياس ــة المباحث ــها على طاول ــكلة نفس ــت المش ــة, ففرض ــاء و الرفاهي و الرخ

إلى تحريــر التجــارة على أنــه يــؤدي إلى زيــادة384 و ينظر أنصــار حمايــة البيئة383االقتصادية التلوث و إن التجارة العالمية و ما تتطلبه من وظائف و تحقيق أرباح هي ضــد البيئــة, و كمــا سبق القول أن أنصار البيئة ينظرون إلى أن التجارة العالميــة تزيــد من التلــوث البيــئي، في ذات الوقت أن أنصــار حريــة التجــارة ينظــرون إلى أنصــار حمايــة البيئــة كمعيقين للمنتجين

األجانب من النفاذ إلى األسواق. نخلص من ذلك أن العالقة بين التجارة العالمية و البيئة ذات طبيعة خالفية و أدت إلىــابقين, ــارين الس ــد االعتب ــة تغليب أح ــة نتيج ــدول المختلف ــة بين ال ــات دولي ــوب منازع نش فاستنزاف الموارد الطبيعية و األضرار الناجمة عن زيادة اإلنتاج دون ضوابط يؤثر في البيئــة سلبيا و إغفال هذا يلحق بالتجــارة العالميــة نتيجــة إيجابيــة لهــا و للنمــو و الرفاهيــة إن هــذه الطبيعة الخالفية بين التجــارة العالميــة و البيئــة تتطلب ضــرورة العمــل على إيجــاد وســائل تنسيق بين التجارة الدولية و مراكز اتخاذ السياسيات البيئية في ذلك الوقت الذي أصبح فيه

ــا يلي385العالم قرية صغيرة بفضل التقدم التكنولوجي و تطوراته السريعة المتالحقة . و فيم و منظمــة التجــارة1947ســنرى اآلثــار المباشــرة التفاقيــة تحريــر التجــارة العالميــة ســنة

العالمية على البيئة و كذا المبادئ العامة لالتفاقية و أثرها على البيئة.

- يحتل الموضوع مكانة رئيسية في الجهود الــتي تبــذل لتعزيــز – التنميــة المســتدامة – و عقــد في شــأنه383 في ربو دي جنيرو بالبرازيل.1992مؤتمر قمة األرض عام

- أنظر : 384 -Daniel. C. Esty. Grinning the GATT trade, Environment and the future institute for international economic. Washington D. C

1994, P 2.ــة و385 ــوم القانوني - صفوت عبد السالم عوض الله – تحرير التجارة و أثرها المحتمل على البيئة – مجلة العل

.23 – 5 – ص 1999االقتصادية – كلية الحقوق – جامعة عين شمس – يناير 135

و منظمة التجارة العالمية و أثرها على البيئة1947أوال : اتفاقية "الجات" لـ في بداية السبعينات وافق مجلس اتفاقية التعريفات و التجارة على تكــوين مجموعــة

أعيد طرح الموضوع1991 و في يناير عام 386عمل لبحث موضوع "التجارة الدولية و البيئة , و في مايو من ذات العام تقــرر أن تبــدأ مناقشــات داخــل مجلس387بواسطة دول "النافتا"

االتفاقية العامة "الجات" للمساعدة في اتخاذ قرار حول كيفية معالجة العالقة المتبادلة بين.1947البيئة و التجارة العالمية في إطار اتفاقية

و عقدت بعد ذلك عدة اجتماعات غير رسمية لبحث كيفيـة عمــل المجموعـة و نطـاقمن اختصاصاتها و برنامج عملها, و في هذه االجتماعات هناك عدة اتجاهات .

موقف الواليات المتحدة و مجموعة الدول األوروبية و اليابان تؤيد عمل المجموعة.(1الدول النامية علقت عمل مجموعة العمل على شرطين.(2تحديد اختصاصات مجموعة العمل.(3ترك المجموعة تؤدي عملها دون ضغط و ليس في فترة محددة.(4

قــرارا بتشــكيل مجموعــة العمــل1947 اتخذ مجلس اتفاقية 1991هذا و في أكتوبر لبحث موضوع التجارة و البيئة.

تشــكلت بعــدها لجنــة التجــارة و البيئــة، و تضــمنت الوثيقــة الختاميــة ألعمــال جولــةأورغواي قرار وزاريا حدد شروط للجنة التجارة و البيئة على الوجه التالي:

تحديد العالقـة بين األحكــام الـواردة بالنظـام التجــاري متعـدد األطـراف و اإلجـراءاتأ( التجارية التي يتم اتخاذها ألغراض بيئية، و ذلــك من أجــل تحقيــق التنميــة المســتدامة

Sustainable developmentو أنشــأت اللجنــة التحضــيرية لمنظمــة التجــارة العالميــة، لجنــة .1995388فرعية للتجارة و البيئة و ذلك حتى يبدأ فورا قبل أول يناير

تحديد العالقة بين أحكام النظام التجاري العالمي و كل من : ب(.الرسوم و الضرائب المفروضة ألغراض البيئةالمتطلبات الــتي يتم اتخاذهــا ألســباب بيئيــة و المتعلقــة بالجــات بمــا في ذلــك

المعايير و النظم الفنية للتعبئة و التغليف و إعادة االستخدام..مسألة الشفافية في النظام التجاري و تحقيق أهداف البيئةأثر اإلجراءات البيئية على النفاذ إلى األسواق و خاصة بالنسبة للدول الناميــة و

الفوائد البيئية الناجمة عن إزالة القيود و التشوهات التجارية..الصادرات للسلع محظورة االستهالك محليا

1947ما يالحظ من خالل هذه التنظيمات البيئيــة أننــا نجــد االتفاقيــة العامــة "جــات" حاولت نوعا مــا إرضــاء أنصــار البيئــة و الــدول الناميــة من خالل إقــرار تنظيمــات بيئيــة فيــذه مفاوضات جولة أورغواي و من خالل اللجنة المشكلة المعنية بالتجارة و البيئة، غير أن هــك اإلجراءات لم تمنع من اإلقرار بالحق في بيئة نظيفة خاصة لدى الدول النامية التي ال تمل

إمكانيات التمويل إلقامة مشروعات البيئة النظيفة.

ثانيا : المبادئ العامة التفاقية "الجات" و أثرها على البيئة

حيث تقــدمت1990 و لم تمارس هذه المجموعــة عملهــا الحقيقي إال في عــام 1972- أستوكهولم عام 386 مجموعة دول النافتا بمشــروع قــرار خالل أعمــال جولــة أورغــواي يقضــي بإعــادة نشــاط هــذه المجموعــة

الخاصة بالنسبة.- "النافتا" هي اتفاقية التجارة الحرة بشمال أمريكا.387ــاهرة،388 - أحمد جامع – اتفاقيات التجارة العالمية و شهرتها الجات – الجزء الثاني – دار النهضة العربية، الق

.1457، ص 2001136

نحــو تحريـر التجـارة1947من أهم المبـادئ الـتي أرسـتها االتفاقيـة العامـة "جـات" العالمية هي :

شرط الدولة األكثر رعاية.(1مبدأ عدم التمييز في المعاملة.(2

فالمبدأ األول يحظر المعاملــة التمييزيــة، و أي مـيزة تمنح لدولـة معينـة تنســحب إلىالدول األخرى، و المبدأ الثاني يقضي بعدم التمييز بين السلع المستوردة و السلع المحلية.

و بتطبيق الشروط البيئية و هذا على المبدأين نجد أن يمتنــع على الــدول المســتوردة استخدام المعايير و الشروط البيئية للتمييز ضد منتجــات دول أخــرى،1947أعضاء اتفاقية

مما أثار كثير من المنازعات من شروط تتعلق بالتعبئة و التغليف و غيرها، أو في مواصفات بيئية في طرق اإلنتاج و هو ما يتعـارض مــع القواعـد العامــة لتحريــر التجــارة الدوليــة طبقــا

. 389 و يثير بالتالي منازعات بين أنصار البيئة و أنصار تحرير التجارة العالمية1947التفاقية

و من أجل التوفيق بين االتجاهين المتشددين و موافقتهما و نزاعاتها فالسلع األجنبيــةــا التي يتم إنتاجها بطرق مناوئة للبيئة يجب أن تخضع بطريقة فردية لرسم بيئي يفرض عليه عندما يتم استيرادها و أن قواعد منظمة التجارة العالميــة تعــدل بحيث يشــمل هــذا الرســم القواعد و االتفاقات في منظمة التجارة العالمية شأنها شأن رسم الـدعم و الرســم المقـرر

على اإلغراق. هذا و يالحظ أن إقامة مشــروعات صــناعية قريبــة من المــدن الكثيفــة الســكان مثــل الحديد و الصــلب و األســمنت و البتروكيميــاء أدت كلهــا إلى مشــاكل بيئيــة، كمــا أن إعمــال معايير البيئة في الصناعات و النشاطات التجارية قد يؤدي إلى تقلص اإلنتاج و بالتالي عــدم إعمال معايير البيئة خاصة في الدول النامية الــتي ليســت لهــا اإلمكانــات الكافيــة و بالتــالي

إلحاق أضرار بالحق في بيئة نظيفة.

الفرع الرابعمسألة التوفيق بين تحرير التجارة العالمية و قضايا البيئة و حقوق اإلنسان

ــوة على ــة فرضــت نفســها بق ــد الماضــي أن القضــايا البيئي من المالحــظ خالل العق المستويات الدولية و اإلقليمية و الوطنية و في مختلف األنشطة خاصة بعدما بلغت األوضاع البيئيــة حــدودا حرجــة أوشــكت على االختالل, و لم تعــد تلــك القضــايا تشــكل هاجســا يهــدد المســتقبل و حســب, بــل أصــبحت واقعــا جســيما يهــدد حيــاة األجيــال الحاضــرة، فــالموارد الطبيعيــة غــير المتجــددة مهــددة بالنضــوب و التنــوع اإلحيــائي مهــدد بــاإلنقراض و ظــواهر التغيرات المناخية تتزايد في صورة موجات حادة, من الجفاف أو الفيضانات المهلكــة نتيجــة لما أسفرت عنه األنشطة البشرية انحسار للغابات و أتساع رقعــة التصــحر و ارتفــاع تركــيز ثاني أكسيد الكربون و تآكل طبقة األوزون و ظــاهرة الــدفء العــالمي و غيرهــا من مظــاهر االختالالت البيئية, و بالتالي كان من الضروري أن تقفز القضايا البيئيــة إلى مقدمــة أولويــات االهتمام على الصعيد العالمي, و أن تعمل جميــع الــدول المتقدمــة منهــا و الناميــة على حــد سواء من أجل مواجهة تلك القضايا و معالجتها, و في هذا اإلطار أيضا كان من الضروري أن

هو المتعلق بقضية التونــة و الــدولفين، و هــو نــزاع بين1947- النزاع األكثر ضراوة أثير بين أنصار البيئة و اتفاقية 389 الواليات المتحدة و المكسيك حيث فرضت الواليات المتحدة حظر استيراد التونة من المكسيك بحجة انقراضــه، لجــأ المكسيك إلى جهاز تسوية المنازعات التــابع لمنظمــة التجــارة العالميــة الــذي أيــد موقــف الحكومــة المكســيكية ألن تصرف الواليات المتحدة يتنافى مع مواد االتفاقية، في حين رأى أنصار البيئة أن قرار المنظمة بمثابة تهديــد للحمايــة

البيئية الواجبة.137

ــتي تفــرض نفســها على ــة من الموضــوعات الهامــة ال ــارات البيئي ــا واالعتب تكــون القضايــ.390سياسات و نظم التجارة الدولية

في هذا الصدد يسعى المجتمع الدولي إلى بلوغ صيغة مناســبة من التوفيــق بين أهــداف تحرير التجارة الدولية و إزالة العوائق المقيدة لها, و بين األهداف البيئية التي قد تضع قيودا على المبادالت التجارية و تشكل نوعـا جديـدا من التـدابير الحمائيــة أمامهـا, فبينمـا ال تـزال الدول النامية تحاول توفيق أوضــاعها بمــا يتماشــى و المقــررات الــتي أســفرت عنهــا جولــة ألوروغواي و تبعات و التزامات عضــوية منظمــة التجــارة العالميــة, تــأتي التوجهــات الحثيثــة للدول المتقدمة لتضمين االعتبارات البيئية في نظم و سياسات التجـارة الدوليـة حيث تتخـذ هذه التوجهات أنماطــا و صــورا تــدعوا إلى المزيــد من التخــوف و الريبــة من جــانب الــدول النامية, فالدول المتقدمة في توجهاتها تلك ال تكتفي بفرض تدابير تجارية بيئية عادلة تضــمن لكافة الدول درء أية مخاطر محتملــة على الســكان و النبــات و الحيــوان و إنمــا تعمــل على فرض معاييرها البيئية الوطنية على غيرها من الدول المتعاملة معها حيث تمتد هذه المعايير ليس فقط إلى المنتجات ذاتها من حيث الخصائص و المواصفات و إنما إلى ظــروف اإلنتــاج

واإلطار التنظيمي و التشريعي الذي يحكمه في الــدول المنتجــة بغض النظــر عمــاو طرقه .391ينطوي على ذلك من قيود حمائية تتعارض مع اعتبارات تحرير التجارة الدولية

إن القضايا المطروحة عالميا حول التجــارة و البيئــة تحمــل في واقــع األمــر أهــدافا و مقاصــد نبيلــة غـير أن تبـاين االهتمامـات بالبيئــة في المرحلـة الحاليــة بين الـدول الناميــة و المتقدمة, و كذلك اختالف مراحــل التطـور االقتصـادي لكــل منهـا يـدعو الـدول الناميــة إلى االرتياب, و التحفظ على التوجهات المثارة و يدعوها إلى االنتباه لما يمكن أن ينطــوي عليــه طرح تلك القضايا من تحيز ملحوظ لغير صالحها, و ما يتوقع له من آثار ال يســتهان بهــا على أوضاع التجارة و التنمية في تلك الدول إنه في إطار اتفاقيــة "الجــات" تطــورت السياســات الدولية تجاه تحرير التجارة العالمية في السلع و الخدمات, بحيث تقوم التجارة على أساس عدم التمييز بين الــدول, غــير أنــه في إطــار اتفاقيــة "الجــات" ال توجــد أحكــام أو اتفاقيــات محددة حول القضايا البيئية و لم تحدد مستويات أو معايير بيئية للتجارة، فعلى سبيل المثال ال توجــد قواعــد معينــة للتميــيز بين األخشــاب المصــدرة من دول تتبــع أو ال تتبــع سياســات مستدامة في إدارة مواردها الغابية, أو منتجات اللحوم من الماشية التي تــربى وفــق نظــام الرعي المفتوح أو في حظائر مغلقة, و بالتالي كانت هــذه المعــايير أحاديــة الجــانب من بين األسباب التي أدت إلى تعدد النزاعات و القضايا التجارية ذات العالقة باالعتبارات البيئية بين الدول, فالواليــات المتحــدة على ســبيل المثــال فرضــت حظــرا في أوائــل التســعينات على شحنات التونة المكســيكية الـواردة إليهــا ليس ألســباب تتعلــق بالســلعة نفســها, و إنمــا ألن الصيادين المكسيكيين يستخدمون شباكا تؤدي إلى قتــل الــدالفين األمــر الــذي يتنــاقض مــع

392المواصفات المحلية األمريكية للشباك المستخدمة في الصــيد من أجــل حمايــة الــدالفين

هذا و إذا كانت "الجات" في جولتها األخيرة في ألروغواي لم تتضمن اتفاقيــة بيئيــة محــددة, فإن االتفاقية الخاصة بمعايير الصحة و الصــحة النباتيــة، قــد حــددت التــدابير الــتي يمكن أن تتخذها الدول لحماية السكان و النبات و الحيوان من أية مخاطر النتقال األوبئــة و األمــراض

- تم طرح موضوع العالقة بين التجارة و البيئة في المراحل األخيرة لمفاوضات جولة أوروغواي بناءا على390 مقترح أمريكي للنظر في إنشاء لجنة دائمة للتجارة و البيئة في إطــار منظمــة التجــارة العالميــة و عارضــة الدول النامية و أستمر هذا الموضوع محل نزاع، و في مؤتمر مراكش تم التوصل إلى قــرار وزاري بإنشــاء

،2001هذه اللجنة و تحديد نطاق واليتها – أنظر للمزيد م.م.ش البيئة و التجارة، الواقع و التوجهات مارس .01الموقع )اتفاقية الجات( ص

2005 – عمــان – األردن – 1- سهيل حسين الفتالوي – منظمة التجارة العالمية – دار الثقافة للنشر – ط391.293– ص

.294- سهيل حسين الفتالوي – المرجع السابق – ص 392138

ــات أو الكائنات الناقلة لها عبر النباتات أو الحيوانات أو مشتقاتها أو المواد المضافة و الملوث و السموم في األغذية و المشــروبات, كمــا أن اتفاقيــة القيــود على التجــارة تقــدم القواعــد الفنية التي تثقف و األهداف البيئية بطريقة أكثر وضوحا حيث تشــير هــذه االتفاقيــة إلى أنــه ليس ألية دولة الحق من أن تمنع دولة أخرى من تطبيق المعايير التي تراها ضرورية لحماية صحة و حياة اإلنسان و النبات و الحيوان بشرط أال تشكل هذه المعــايير وســائل تميــيز غــير

مبررة.

خالل المراحـل النهائيــة لجولــة أورغــواي و خاصــة االجتمــاع الــوزاري الــذي عقــد في مراكش والذي أســفر عن اإلعالن عن إنشــاء منظمــة التجــارة العالميــة أخــذت االعتبــارات

البيئية اهتماما أكثرــدا، حيث وردت تلــك االهتمامــات في نص الديباجــة الخاصــة باتفاقيــة هــذه وضــوحا و تزاي المنظمة العالمية إذ ورد في تلك الديباجة أن الــدول األطــراف بحاجــة إلى حمايــة و صــيانة البيئة و زيادة الوسائل الكفيلة بتنفيذ ذلك على النحو الذي يتناسق مع متطلبات و اهتمامات

كل منها وفق المستويات المختلفة للنمو االقتصادي.

و في اجتماع مراكش أيضا طالبت الدول و بخاصة المتقدمة بتكوين لجنة فرعية تهتمــتي بتنسيق السياسات المتعلقة بالتجارة و البيئة حيث تم وضع العناصر المرجعية لمهامها ال

: 393تتمثل فيما يلي العالقة بين االتفاقيات البيئية المتعـددة األطــراف و قواعـد التجــارة بمنظمـة التجـارة(1

العالمية. العالقــة بين نظــام التجــارة العــالمي و فــرض الرســوم ألغــراض بيئيــة و المتطلبــات(2

الخاصة بالمنتج بما فيها المقاييس الفنية و العنونة و عالمات الغالف. العالقة بين آلية فض المنازعات بمنظمة التجارة العالمية و تلــك الخاصــة باالتفاقيــات(3

البيئية المتعددة األطراف.أثر استخدام المعايير البيئية على النفاذ إلى األسواق و باألخص على الدول النامية.(4 DPG’Sتصدير السلع الممنوع تداولها محليا (5حقوق الملكية الفكرية و عالقتها بالبيئة.(6البيئة و التجارة في الخدمات.(7 التوجهات البيئية التي تسعى الدول المتقدمة لتضمينها في التجارة و تخوفــات الــدول(8

النامية.

إن مواجهة المخاطر البيئية التي يواجهها العــالم اليــوم تســتحق الكثــير من الجهــود و االهتمام من قبل كافة دول العالم, كما تستحق قدرا كبيرا من التنسيق و العمــل المشــترك في عدد من المجاالت, و في هذا اإلطار فإنه من الطــبيعي أن يكــون لكــل دولــة الحــق في مراقبة التأثيرات المحتملة التي تتضمنها المبادالت التجارية على نحو آخــر مــع بــاقي الــدول األخرى لحماية بيئتها ضد األضرار المحتملة, غير أنــه في نفس الــوقت فــإن على كــل دولــةــة, إال أن ــة العالمي ــة مشــكالت البيئ ــة, في مواجه ــانت متفاوت مســؤولية مشــتركة, و إن ك التوجهات المتزايدة لالعتبارات البيئية في التجارة الدولية أصحبت مصدر إزعــاج متزايــد من دول العالم و بخاصة الدول النامية، فمثال تمثل المغاالة في تطبيق المعايير البيئيــة المتمثلــةــة, مواصــفات في المقاييس البيئة و الصحية اإللزامية, معايير األداء, ممارسات صديقة للبيئ بيئية و توفير معلومات عن المنتج أو مــا يعــرف بالعنونــة البيئيــة المعتمــد على تحليــل دورةــة الحياة للمنتج، معايير العمليات التي تحدد المسموح به من التكنولوجيا و العمليات اإلنتاجي

- هشام صادق بشير – حماية البيئة في اتفاقات منظمة التجارة العالمية – مجلة آفــاق البيئــة و التنميــة –393 – تصدر عن الجزيرة للنشر و التوزيع.2011 – سنة 32عدد

139

ذات المستويات العالية من قبــل الــدول المتقدمــة نوعــا من الحمايــة التجاريــة الــتي تراهــا الدول النامية غير عادلة و تقلل من قدرتها على بلوغ األسواق و تذهب أدراج الرياح بما قــد

تحوزه بعض تلك الدول من عناصر الميزة النسبية و القدرة التنافسية.

من جهة أخرى فإن ما تسعى الدول المتقدمة إلى فرصـة على غيرهـا من الـدول منــة للــدول معاييرها البيئية الخاصة يؤدي يؤدي حالة االستجابة له إلى توجيه السياســات البيئي النامية نحو الموائمة مع توجيهات و اهتمامات الدول المتقدمــة, و بالتــالي تصــبح األولويــات البيئة و الوطنية انعكاسا لما تــرغب بــه األســواق الخارجيــة و ليس وفــق المصــالح الخاصــة

للدول النامية.

كذلك تمثل قضية التسعير البيئي و إدخال التكاليف البيئية المباشرة و غــير المباشــرة مثل تكاليف المــوارد الطبيعيــة كالميــاه و اآلثــار غــير المباشــرة للتلــوث, أهميــة خاصــة في تخوفات الدول النامية و التي إذا ما أدخلت ضمن مبادئ التجارة الدولية سينتج عنهــا توقــف العديد من الدول النامية عن إنتاج كثير من المنتجات و خاصة الزراعية و الغذائية و االعتماد

.394شبه الكامل على االستيراد, األمر الذي ال يتفق مع اعتبارات األمن الوطني

إن الركوض وراء البحث عن الحلول الناجعة المستديمة و المتعددة الجــوانب بتوقــفأساسا على درجة توسع و طبيعة تسييس المشاكل.

إن للتعاون الدولي دورا حيويا يضطلع به في وقف ما ينجم عن األنشطة البشرية من آثار ضارة محتملة على البيئة و عكس اتجاهها, و تمثــل لجنتــا التنميــة المســتدامة و برنــامج

األمم المتحدة للبيئة، الذي عزز بعنصرين أساسيين في هذا المسعى. اهتمامــا خاصــا لــدور الصــناعة في إيجــاد اســتراتيجيات1998و قد أولت اللجنة عام

إنهائية مستدامة, و ألول مرة في إطار حكومي دولي داخــل األمم المتحــدة، أجــرت اللجنــة مناقشة بشأن السياسات العامة بين الحكومات , و القطاع الخاص, و النقابــات و منظمــات المجتمع المدني، على قدم المساواة, و أدى ذلك إلى اتفاق بشأن إجراء استعراض متعــددة األطـــراف صـــاحبة المصـــلحة للمبـــادرات الطوعيـــة الراميـــة إلى تعزيـــز الممارســـات و االستثمارات التجارية المسؤولة بيئيا و اجتماعيــا, و ستصــبح هــذه االجتماعــات من المعــالم

العادية لدورات اللجنة.

"5, نظرت الجمعية العامة في دورتهــا االســتثنائية "ريــو 1997و في حزيران / يونيه في دراسة تحذر من أنه إذا لم تتخذ تدابير وقائيــة، فقــد يواجــه ثلثــا ســكان العــالم مشــاكل

, ســعت1998 و في عــام 2005تتعلق بنــدرة الميــاه العذبــة و نوعيــة الميــاه بحلــول عــام سلســلة من االجتماعــات الدوليــة إلى تحديــد اســتجابات مالئمــة للسياســة العامــة في هــذا المجال, و من جهة أخرى، اعتمد المنتدى الحكومي الدولي المعــني بالغابــات التــابع للجنــة,

, برنـامج عمـل مدتـه ثالث ســنوات يشـمل1997في دورتـه األولى المعقـودة في سـبتمبر و بنــاء على395النظر في إمكانية وضع صــك ملــزم للتنميــة المســتدامة للغابــات و موردها

ذلك فقد فرضت حرية التجارة العالمية وضعا بيئيا خطيرا يهدد حق اإلنسان في بيئة نظافة, مما جعل البيئة تحديا لمنظمة التجارة العالمية و تحـديا لتحقيـق أهـدافها, و على الـرغم من عقد العديد من االتفاقيات الدولية فال تزال مشكلة البيئة تشكل تحديا كبــيرا لحريــة التجــارة العالميــة, و من أجــل الحفــاظ على البيئــة و مقاومــة سياســة حريــة التجــارة العالميــة فقــد

- هشام محمد بشير محمد الصادق بنداري – حماية البيئة في اتفاقيات منظمة التجــارة العالميــة، رســالة394.2005ماجستير، جامعة القاهرة – كلية االقتصاد و العلوم السياسية –

.157، البعد االقتصادي و البيئي – فقرة 1998- تقرير األمين العام لمنظمة التجارة العالمية لعام 395

140

تشــكلت في العديــد من الــدول منظمــات لحمايــة البيئــة وقــف تجــاوزات منظمــة التجــارةالعالمية.

141

الفرع الخامسجماعات الدفاع عن الحق في البيئة و تحدي منظمة التجارة العالمية

لقد حققت جماعات الدفاع عن الحق في البيئة نجاحـات سياســية و اجتماعيــة كبــيرة لدرجـة أن بعض تنظيماتهـا تحــولت إلى أحـزاب سياســية في مــا يعـرف بـأحزاب الخضــر وــات تحولها إلى قوة سياسية تشارك في العديد من الحكومات اإلتالفية بل قد تشــكل حكوم كما حدث في ألمانيا بمجيء حكومة المستشار "جيرلهارد تنرودر" و التي ساهمت من خاللــا ــا زاد من جاذبيته ــدان مم ــك البل ــة في تل ــة البيئ ــة بحماي ــريعات الخاص ــن التش ــك بس ذل لمجموعات الشباب بعد تراجع حركة التمرد الطالبية, و لم يقتصر نمو المنظمــات المدافعــة عن البيئة في مجال صعودها السياسي, بل اســتطاعت جمعيــات المحافظــة على البيئــة أن تنمو بشكل كبــير في الســنوات األخــيرة، فعلى ســبيل المثــال ارتفــع عــدد أعضــاء الرابطــة

و2000 ماليين عضو عام 05 إلى 1985 ألف في عام 570العالمية للدفاع عن البيئة من .2005396بالتأكيد زاد عن رقم الخمسة ماليين إلى غاية سنة

ــا من خالل ــة جلي ــة عن الحــق في البيئ ــات المدافع ــذه المنظم ــر نشــاط ه ــد ظه لق مناهضتها للعولمة االقتصادية و سياسة منظمة التجارة العالمية, و قــد بــدا للعيــان من خالل مظاهرات "سياتل" فقبل ستة أشهر من اجتمــاع منظمــة التجــارة العالميــة اقــترح كــل من "نادي سيرا" و الفيدرالية الوطنية للحياة البرية "بالواليات المتحدة األمريكية و عدد آخر من المنظمات البيئية, إعطاء البيت األبيض سلطة المفاوضــة بالنســبة للتجــارة على أن تــراعي في مفاوضاتها االعتبارات الخاصة بالبيئة و الصحة, تقديم اقتراح إنشاء لجنة خاصة للتجــارة العالميــة تضــم قيــادات المنظمــات البيئيــة و عــدد من أعضــاء الكــونغرس من كال الحــزبين الديمقراطي و الجمهوري, حيث لم يقابـل بـدعم سياســي ال من الكـونغرس و ال من الـبيت األبيض, و قد دفع ذلك الرفض بهذه المنظمات إلى طرح تحقيق مطالبها عــبر التظــاهر بعــد

.397فشل الطرق الرسمية، و هو ما شكل شرارة مظاهرات سياتل إن معظم جماعات الدفاع عن البيئة ترى أن العولمة االقتصادية و الشركات المتعددة الجنسيات التي ال تقيم إتارا لألمور البيئية في سبيل تحقيــق أربــاح أعلى هي مصــدر ارتفــاع

, كما ترى أن الشركات العالمية و البنــك الــدولي يرغبــان في تحطيم398درجة حرارة األرض الغابات و البيئة المحلية في العــالم و من هنــا ترفــع شــعارات من قبيــل "دفاعــا عن غاباتنــا تقتلع منظمة التجارة العالمية" و لكن في نفس الوقت فإنها ال تطرح معاداة العولمة بشكل كلي, حيث نجد أن هذه المنظمات تؤيــد منظمــة التجــارة العالميــة في بعض الجــوانب مثــل إلغاء الدعم على الصيد, و تؤكــد على أهميــة اســتخدام االتفاقــات الخاصــة بتحريــر التجــارة إلرغام الدول الناميــة على التقيــد بشــروط حمايــة البيئــة في الصــناعات الــتي تنشــئها هــذه

الدول.ــة على و قادت هذه المنظمات حملة ضخمة من أجل إجبار الواليات المتحدة األمريكي

2001التوقيع على اتفاقية "كيوتو" و كانت مظاهرات مدينة "يوتبورى" السويدية في يونيــو أهم محطات تلك الحركة و التي تربط بين قضية االحتبــاس الحــراري وا التفاقيــة الخاصـة و العولمة االقتصادية من منطلق أن األخيرة تزيــد من اآلثــار المــدمرة لهـذه الظــاهرة و الــتي

تعالجها اتفاقية "كيوتو". كما كانت منظمــات الــدفاع عن البيئــة هي القطب الرائــد بشــكل واضــح لمظــاهرات مناهضة العولمــة المحتجــة على انعقــاد القمــة األوروبيــة بهــا, و الــتي شــارك فيهــا الــرئيس

ألف فرد أكــثرهم من المــدافعين40األمريكي آنذاك "جورج بوش" حيث ضمت المسيرات عن البيئة.

.279- عبد المطلب عبد الحميد – مرجع سابق – ص 396- ضياء مجيد الموسوي – مرجع سابق – ص 397.98- مروان يوسف صباغ – مرجع سابق – ص 398

142

143

الثاني الباب

الباب الثاني

انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد علىحقوق اإلنسان الفردية

تتصف الحقوق الفردية بأن المنتفــع بهــا هم األفــراد أنفســهم، فهي حقــوق تثبت للفــرد و ال تحتاج ممارستها إلى وسط اجتماعي أو إلى مشاركة من اآلخرين، و هي تعــد أكــثر الحقــوق المحمية تحديدا و دقة، و قد تواترت النظم القانونية في الــدول كافــة على االعــتراف بهــا و على تعريفها بشكل دقيق و محدد سواءا لجهة موضوعها أو أشخاصها أو المدينين بها، و هي تشكل في الواقع متطلبات ال غنى عنها للكائن اإلنساني و ترتبــط ارتباطــا وثيقــا بكرامتــه و إنسانيته، و من أهم هذه الحقوق، الحق في الحياة الخاصة و العائلية و الحريــات الشخصــية و الفكرية و االجتماعية، و منها الحق في العمــل و الحــق في الصــحة و الحــق في مســتوىــاني من معيشي الئق و هذه الحقوق األخيرة الثالث ستكون محور دراستنا في هذا الباب الث خالل التطرق النعكاسات النظــام التجــاري العــالمي الجديــد على حقــوق اإلنســان الفرديــة، حيث سنخصص الفصل األول النعكاسات هذا النظــام التجــاري العــالمي الجديــد على الحــق في العمل و نتعرف في الفصل الثاني النعكاسات هذا النظام على الحــق في الصــحة و في الفصــل الثــالث و األخــير ســنتعرف على انعكاســات هــذا النظــام على الحــق في مســتوى

معيشي الئق.

145

الفصل األول انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق

في العمل لقد كان لظاهرة العولمة االقتصادية، التي تجلت في تشكل النظام التجـاري العـالمي الجديد بالغ األثر على الحقوق االقتصادية و االجتماعيـة لإلنسـان. فحريـة التجــارة المكرسـة بفعل هذه الظاهرة تتم بين طرفين غير متكافئين في القوة مما يكــرس التخلــف و التبعيــة. أمــا إزالــة الحــواجز الجمركيــة و إقــرار مبــدأ حريــة التجــارة فقــد يقضــيان على الصــناعات التحويليــة في كثــير من المجتمعــات الناميــة عن طريــق فتح المجــال أمــام اســتيراد الســلع المصنعة من الخارج، إضافة إلى أن هذه اإلستراتيجية تعطي أولوية كــبر للتصــدير من أجــل دفع عجلة النمو ،األمر الذي يتعارض مع مفهوم إشباع الحاجات األساسية مما يزيد من حدة

، و لعــل الحــق في العمــل هــو أكــثر الحقــوق(399)الفقــر و تفشــي البطالــة في المجتمعــات االجتماعية تضررا من سياسات النظام التجاري العالمي الجديد سواءا بذراعه المالية ممثلة بصـــندوق النقـــد و البنـــك الـــدولي و سياســـاتها في مجـــال التثـــبيت و التصـــحيح الهيكلي لالقتصاديات النامية، أو بسياسات منظمة التجارة العالمية في تحريــر التجــارة و األســواق و

و كلهــا(400)رفع الدعم عن السلع و الخوصصة و تسريح العمال و تخفيض اإلنفاق االجتماعي أساليب تزيد من حدة البطالة و بالتالي تأثر تأثيرا سلبيا على حق اإلنسان في العمــل و مــاــد يرتبط به من حقوق، لذلك سيكون الحق في العمل و تأثير النظام التجاري العالمي الجدي

محل دراستنا في هذا الفصل من خالل اآلتي :

المبحث األول : مكانة الحق في العمل في المواثيق الدولية و اإلقليمية.

المبحث الثاني : انعكاسات النظــام التجــاري العــالمي الجديــد على الحــق في.العمل

- حمدي عبد الرحمان حسين – العولمة و أثارهــا السياســية في النظــام اإلقليمي العــربي رؤيــة عربيــة –399.89 ص 2004 – 02(، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت – ط 64سلسلة كتب المستقبل العربي )

- إبراهيم توهامي – إسماعيل قــيرة – عبــد الحميــد الــديلمي – العولمــة و االقتصــاد غــير الرســمي مخــير400.145، ص 2004اإلنسان و المدينة – جامعة منتوري قسنطينة – الجزائر –

146

المبحث األولمكانة الحق في العمل في المواثيق الدولية و اإلقليمية

اتسم الحق في العمل بكونه مرتبط بكرامة اإلنسان و بتأثيره على الحقوق األخرى و على التمتع بها و ممارستها، و بأن برتب في بعض الموضوعات و الجوانب التزامــات فوريــة

، لقد كانت ألوان النضال الـتي خاضـها العمـال، من العوامـل األساســية401على عاتق الدول التي أدت إلى اإلقــرار بعــدد كبــير من الحقــوق االقتصــادية و االجتماعيــة و الثقافيــة، و علىــبرز األمم المتحــدة األخص، بطبيعة الحال، الحقوق المتعلقة بالعمل نفسه، و حتى قبل أن ت إلى الوجود، أي قبل وضع مسودة اإلعالن العالمي لحقــوق اإلنســان، كــانت منظمــة العمــل الدولية تعمل على وضع و إعمال طائفة واسعة من الصكوك المتعلقة بحقوق العمال و كان من نتيجة الجهود الدؤوبة التي بذلت على امتداد عقــود متواليــة على المســتويين الــدولي و الوطني، و في طليعتهــا المبــادرات العماليــة في عــدد كبــير من البلــدان، أن أصــبحت لــدينا صكوك لحقوق اإلنسان المتعلقة بالعمــل، تمتــاز بدرجــة عاليــة من اإلحكــام، على األقــل إذا

رى، و يعتــبرـــقورنت بنظيراتها المتعلقة بالحقوق االقتصادية و االجتماعيــة و الثقافيــة األخ الحق في العمل أول الحقوق الــتي يفردهــا "العهــد الــدولي الخــاص بــالحقوق االقتصــادية و االجتماعية و الثقافية، فبعد الجزء الثاني الذي يتناول تحديد اإلطــار العــام اللتزامــات الــدولــالحق في األطراف في العهد، يبدأ الجزء الثالث من العهد و الذي يتناول حقــوق محــددة، ب

ــإن06العمل في المادة ) ( و ينحصر الحق في العمل في إتاحة الفرصة للعمل، و من ثمة ف االهتمام هنا ينصب على الذين ال تتاح لهم فرصة العمل. و من الغريب أن الحــق في العمــل نفسه، على أهميته البالغة، ال يحظى إال بتفصيالت محدودة نسبيا. فلقـد بــذلت جهـود كبــيرة إللقاء الضوء على بعض المسائل المهمة مثل التمييز الذي يشــوب إتاحــة فرصــة العمــل إال على الحق في العمــل نفســه و لم يعــالج هــذا الحــق إال في صــكوك دوليــة قليلــة من بينهــا

بشــأن سياســة العمالــة و الــتي اعتمــدت عــام122اتفاقيــة منظمــة العمــل الدوليــة رقم . و فيمايلي سنعرض ألهم الصكوك الدولية الخاصة بهذا الحق من خالل : 1964402

المطلب األول : الحق في العمل في المواثيق الدولية.

المطلب الثاني : الحق في العمل في ميثاق منظمة العمل الدولية.

.324- محمد يوسف علوان – محمد خليل موسى – مرجع سابق ص 401ــذ في 1964 بشأن سياسة العمالة لسنة 122- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 402 ــيز التنفي 15 دخلت ح

.1966يوليو 147

المطلب األول الحق في العمل في المواثيق الدولية

واجه النص المتعلق بالحق في العمل صعوبات حادة أثناء األعمال التحضيرية الخاصة باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان و ثارت بصدده خالفــات و نقاشــات واســعة، إذ جــرى فهم العمل على أنه ينصرف إلى أداء خدمة لصــالح شــخص آخــر و تحت إشــرافه و رقابتــه لقــاءــالحق أجر. و فيما يلي ستنصب دراستنا على معرفة الصكوك الدولية و اإلقليمية المتعلقــة ب

في العمل في فرع أول و كذا إقراره كحق إنساني في فرع ثان.الفرع األول

الصكوك الدولية و اإلقليمية المتعلقة بالحق في العمل

من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لكل شخص "حق في العمل، و23تكفل المادة في حرية اختيار عمله، و في شروط عمل عادلة و مرضية، في الحماية من البطالة". هذا و

(01 )06ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية في المادة على الحق في العمل الذي يشمل ما لكل شخص من حــق في أن تتــاح لــه إمكانيــة كســب

)06رزقه بعمل"، كما تنص المــادة ( على أن تتضــمن "الممارســة الكاملــة لهــذا الحــق02 توفير برامج التوجيه و التدريب التقنيين و المهنيين".

)01و تنص المادة 1964 لســنة 122( من اتفاقية منظمــة العمــل الدوليــة رقم 02 بشأن سياسة العمل، على واجب الدول األطراف على العمل على توفير فرص عمل لجميع

المحتاجين للعمل و الباحثين عنه".كما تنص المادة األولى من الميثاق االجتماعي األوروبي على ما يلي : "تتعهد الدول األطراف بقصد ضمان ممارسة فعلية للحق في العمل :

بــاإلقرار بــأن أحــد أهــدافهم و مســؤولياتهم األساســية هــو تحقيــق و اســتمرار أعلى.1مستوى للعمل و أفضله استقرارا بهدف تأمين الشغل للجميع.

بتوفير حماية فعالة لحق العامل، في كسب معيشته من عمل يختاره بحرية..2بإنشاء خدمات عمل مجانية لكل العمال أو بدعم استمرارها..3. 403بتأمين أو بتشجيع التوجيه و التعليم و التأهيل المهني المناسب.4

هذا و يقضــي االعــتراف بــالحق في العمــل باعتبــاره من حقــوق اإلنســان أن لكــل فــرد منــة األفراد الحق في العمل، فالحق في العمل يعني أوال الحق في المشاركة في إنتاج و خدمــد العائــدة عن طريــق هــذه أنشــطة المجتمــع اإلنســاني و الحــق في المشــاركة في الفوائ األنشــطة المشــتركة إلى الحــد الــذي يكفــل مســتوى معيشــيا الئقــا لقــد كشــفت األعمــال التحضيرية الخاصة بالعهد الدولي الخاص بــالحقوق االقتصــادية و االجتماعيــة عن حقيقــة أن

( من العهــد، أدرجت في6/1عبارة "أن تتاح له إمكانية كســب رزقــه "الــواردة في المــادة ) المادة المذكورة للتأكيد على حقيقــة وجــوب أن يكــون اإلنســان قــادرا على كســب قوتــه و

و قد تعرضت هذه العبـارة إلى انتقـادات واسـعة ألنهـا تقصـر فكـرة العمـل404موارد عيشه على العمل الذي يدر دخال أو يجر رزقا لصاحبه دون غير، و على الــرغم من أن إدخــال هــذه

ــارة إلى نص المــادة ) ( من العهــد حصــل على تأييــد البــأس بــه، إال أن األلفــاظ06/01العبــالحق في ــه، ف المدرجة فيها ال تخلو من عدم االنسجام مع أحكام أخرى واردة في العهد ذات الحصول على مستوى مناسب من العيش المنصوص عليه في هذا العهـد، قـد يرفـع الدولـة

ليــدخل بصــيغته1996 و عــدل في 1965 فــبراير 26- الميثاق االجتماعي األوروبي دخل حيز النفــاذ في 403 – أنظــر للمزيــد – بسـيوني محمــد شـريف الوثــائق الدوليــة المعنيـة1999 ينــاير 7المعدلة حيز النفاذ في

.169 – 143 ص 2004بحقوق اإلنسان – المجلد الثاني، الوثائق اإلقليمية القاهرة – دار الشروق 404 -UN doc E/CN. 4/SR. 216 P 27 (1951).

148

إلى تشجيع العاطلين عن العمل إلى قبول أعمال ال يرضون بها في األوضاع الطبيعية، و هو( بها.06/01أمر قد يتعارض مع عبارة "بعمل يقبله أو يختاره بحرية" التي تنتهي المادة )

إن الحق في العمل يعد غاية في ذاته و هدفا يتعين على الــدول أن تبلغــه خالل مــدة زمنيــة معقولة، فالدول ملزمة باتخاذ الوسائل و التدابير الالزمة كي يتمتع الناس بهــذا الحــق، و إذا كان التزامها بتحقيق الحق في العمل التزاما تدريجيا، لكنها ملزمة في إطــار وضــعه موضــع التنفيذ بعدد من االلتزامات الفورية، و في مقدمتها المساواة في العمل و عــدم التميــيز في األجور و ضمان الحريات النقابية و الحق في اإلضراب، و ســن التشــريعات الكفيلــة بحمايــة حقوق العمال كما تلتزم الدول باتخاذ التدابير الخاصة بتدريب و تأهيل األشخاص بغية اإلبقاء

( من04/01على فرصهم في الحصول على عمل قائمة، فعلى سبيل المثال، تلزم المــادة ) الميثاق االجتماعي األوروبي الدول األطــراف بتعزيــز و تشــجيع القيــام بــالبرامج التدريبيــة و التوجيهيــة، و بــرامج إعــادة التأهيــل المهــني، من أجــل الحفــاظ على حظــوظ اإلنســان في

الحصول على عمل.

الفرع الثانيإقرار الحق في العمل كحق من حقوق اإلنسان

ينظر إلى معظم حقوق اإلنسان باعتبارها إيجابية كالحق في الغذاء أو في التعليم أو ظروف العمل المنصفة أو المحاكمة العادلة، أو حرية التعبــير، بينمــا يتضــمن العمــل بعض الجــوانبــاجم عن الجهــد العقلي أو البــدني، و بالشــقاء بــل و ببعض الســلبية المتعلقــة باإلرهــاق الن درجات المكابدة كما أن العمل اليومي للكثيرين بأداء واجب ثقيل على النفس، أي أننا ننظر إليه باعتباره شيئا علينا أن ننهض به ليكتب لنا البقــاء و هكــذا، فكثــيرا مــا يرجــع الخلــط في

مفهوم الحق في العمل إلى اعتبار العمل واجبا.

( من العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية06لقد نصت المادة ) على أن الحق في العمل يشمل "ما لكل شخص من حق أن تتاح لــه إمكانيــة كســب رزقــه بعمل يختاره أو يقبله بحرية" و هكــذا فهي تحــدد لنــا العنصــر األساســي في هــذا الحــق من

( من هذا العهد11حقوق اإلنسان، أال و هو إتاحة الفرصة لكسب الرزق، حيث تنص المادة ) على الحق في مسـتوى معيشـي كــاف دون قيــد أو شــرط، أي دون اعتمـاد على العمـل، وــتوى هكذا فإن العمل، بصفته من معايير حقوق اإلنسان ال ينبغي اعتباره وسيلة لتحقيق مس معيشي كافي ألن ذلك يكلفه حق آخــر من حقــوق اإلنســان، بــل وســيلة لكســب مثــل هــذا المســتوى المعيشــي، و مصــطلح الكســب لــه بعــد أخالقي و اجتمــاعي في المســاهمة في رفاهية و إسعاد باقي أفراد المجتمع و المساهمة في أنشطة المجتمع، و ينطبـق ذلـك حـتى على المجتمعات التي تكفل الرعاية االجتماعية، فتضمن الحــق في مســتوى معيشــي الئــق،

بما في ذلك الغذاء و السكن و ما إليهما، للذين ال يشاركون في األنشطة االقتصادية.

و يعتــبر ضــحايا البطالــة عــدم المشــاركة في األنشــطة االقتصــادية للمجتمــع لونــا منهذا الحرمان إذ قــد يــؤدي إلى العزلــة االجتماعيــة و إلى تفتت الشخصــية، و هكــذا فــإن العمــل باعتبــاره حقــا من حقــوق اإلنســان يزيــد كثــيرا عن كونــه أداة و حســب الكتســاب مســتوى معيشي كاف، و يتضح مما سبق أن العمل باعتبــاره من حقــوق اإلنســان يختلــف تمامــا عن العمــل المــأجور فحســب، فالســكان األصــليون يعملــون بالفالحــة و صــيد األســماك و جمــع

المحاصيل و التجارة بشتى أشكالها.

هذا و قد يكون ارتباط العمل وثيقا بسائر مناحي الحياة و أنشــطة اإلنســان كمــا هــو الحــال بالنسبة للسكان األصليين أو يكون ضئيال كما هو الحال بالنسبة للعمال المأجورين و مع ذلك

149

يبقى العمل يعني في كل حالة أداء بعض األنشطة التي تلبي االحتياجات و الخدمات الالزمةلما ينتمي إليه الفرد من فئة أو مجتمع و هو يحظى بالقبول أو المكافئة عليه.

150

المطلب الثانيالحق في العمل في ميثاق منظمة العمل الدولية

ــرن ــل الق ــل، في أوائ ــاء تنظيم دولي للعم ــاوالت األولى إلنش ــدأت المح ــكل19ب ، في ش محاوالت غير رسمية، يقوم بها األفراد . فكان أول ظهــور للجنــة التشــريع الــدولي للعمــل ،

، و قد شــارك في هــذا المــؤتمر ممثلــون1919 جانفي 25في مؤتمر السالم التمهيدي في عن العمال ، و تختص هذه اللجنة بدراسة وسائل حماية العمل و العمال.

لقد قدمت هـذه اللجنـة إلى مـؤتمر السـالم، مشـروع إنشـاء منظمـة دوليـة للعمـل، وافـقــاي1919 أفريل 19المؤتمر عليه في ، فأصبح يشكل القسم الثالث عشر من اتفاقية فرس

–ــ 387المــواد من تحت عنــوان العمــل، و تقــرر أن تكــون جــنيف المقــر الرئيســي427 .405للمنظمة

رغم أن نصــوص ميثــاق منظمــة العمــل الدوليــة، جــاءت في أحــد أقســام اتفاقيــة فرســاي للسالم، باعتبار أن هذه المنظمة ترتبــط بعصــبة األمم إال أن منظمــة العمــل الدوليــة بــدأت حياتها قبل أن تخرج عصــبة األمم إلى الوجــود، حيث لم يكن قــد تم التصــديق على ميثاقهــا بعد، و لم تكن منظمــة العمــل الدوليــة خاضــعة لســلطة عصــبة األمم، و قــد كــان الدســتور األصلي للمنظمة بوصفه الجزء الثالث عشر من معاهدة فرساي، يشكل جزءا من معاهدات

الصلح األخرى و الذي جاء في ديباجته أنه : " ال سبيل إلى إقامة سالم عالمي دائم إال إذا بني على أساس من العدالة االجتماعيــة، و أن ظروف العمل الصعبة تعرض السالم و الوئام العالميين للخطر، و أن تحسين هذه الظروف

. 406أصبح أمرا ملحا" هذا و اعتمدت الــدورة السادســة و العشــرون للمــؤتمر العــام لمنظمــة العمــل الدوليــة في

ــا في ــة، و أدرجت1944فيالديلفي ــل الدولي ــة العم ــراض منظم ــداف و أغ ــا بشــأن أه إعالناألهداف التي جاءت في هذا اإلعالن، ضمن األهداف التي ينبغي أن تعمل المنظمة بها.

و المالحظ أن اإلعالن قد أعاد التأكيد على المبـادئ األساسـية الـتي قـامت عليهـا المنظمـةالتي منها على األخص :

أن العمل ليس سلعة..1حرية التعبير و الحرية النقابية ال غنى عنهما..2أن الفقر أينما وجد يهدد الرخاء..3

تجــدر اإلشــارة إلى أن اإلعالن، يقضــي بــأن لجميــع البشــر، بصــرف النظــر عن العنصــر أوــو العقيدة، أو الجنس الحق في التمتع بكل من الرفاهية المادية، و التقدم و المعنوي، في جــذلك أن ــة، و يضــيف ك ــرض المتكافئ ــة، و الضــمان االقتصــادي و الف ــة و الكرام من الحري الظروف التي من شأنها أن تجعل تحقيق ذلك مسـتطاعا، يجب أن تكــون الهـدف الرئيسـي

للسياسات الوطنية و الدولية. كما يعترف اإلعالن بالتزام المنظمــة رســميا، بــأن تــدفع قــدما الــبرامج الــتي من شــأنها أن تحقق االستخدام الكامل، و رفع مستويات المعيشة، و االعتراف بحق المفاوضة الجماعية و مدى نطاق الضمان االجتماعي، و قد أصـبحت منظمـة العمـل الدوليـة، كوكالـة تابعـة لألمم

، تعتني وفقا لدستورها بالحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافيــة1946المتحدة في عام مثل الحق في العمل، الحق في التمتع بظروف عمل عادلة، و مالئمــة و الحــق في تشــكيلالنقابات، مع حرية انضمام الفرد إلى النقابة التي يختارها، و الحق في الضمان االجتماعي.

هذا و تسعى منظمة العمل الدولية، إلى تنفيذ مبــادئ دســتورها بإرســاء المعــايير و مراقبــةتنفيذها، و بمساعدة الحكومات لتحقيق مقاييسها.

.550، ص 1987 – دار النهضة العربية – 06- مفيد محمود شهاب، المنظمات الدولية – ط 405ــورك406 - األمم المتحدة – أعمال األمم المتحدة في ميدان حقوق اإلنسان – منشورات األمم المتحدة – نيوي.05 ص 1983–

151

من ضمن الصكوك الدولية في ميدان حقوق اإلنسان، الــتي أعــدتها منظمــة العمــل الدوليــة منذ إنشاء األمم المتحدة، يمكن أن نذكر اتفاقية الحرية النقابية، و اتفاقية مبدأ حق التنظيم و الحرية النقابية و المفاوضة الجماعية، اتفاقية تساوي األجور بين العمــال و العــامالت عنــد

ــل في ســنة ــل الســخري في ســنة 1951تســاوي العم ــريم العم ــة تح ، و1957، و اتفاقي ، و اتفاقيــة عالقــات العمــل، اتفاقيــة التفــاوض1971االتفاقية الخاصة بممثل العمــال ســنة

ــنة ــاعي في س ــنة1981الجم ــة في س ــتين المبرم ــحة المهني ــالمة و الص ــة الس ، و اتفاقي1981407 .

ــالمي هذا و يطرح التساؤل حول المعايير التي تبنتها المنظمة بشأن آثار النظام التجاري الع الجديد و كــذا المبــادرات المقدمــة من طرفهــا في هــذا اإلطــار و هــو مــا سنستعرضــها في

الفرعين التاليين :

الفرع األولالمعايير التي تبنتها منظمة العمل الدولية إزاء النظام التجاري العالمي

"إعالن المبادئ و الحقوق األساســية في1998تبنت منظمة العمل الدولية في يونيو ــر التجــارة العمل و متابعتها" و يقر اإلعالن بالتحديات الجديد التي أفرزتها العولمــة و تحري في الصراع من أجل حقـوق العمـال، و غالبـا مـا تــؤدي إزالـة حـواجز التجــارة إلى إضـعاف المعايير المحلية التي ترسيها الحكومات و ذلك كوسيلة لكفالــة منافســة أكــبر في العمــل و الصناعات المحلية، و كان من الضروري إعادة التأكيد على السياســات االجتماعيــة و يهــدف

اإلعالن إلى ضمان التقدم االجتماعي بالتوازي مع التنمية االقتصادية. و في سبيل تحقيق ذلك يعيد اإلعالن التأكيد على ضرورة الــتزام المجتمــع الــدولي، و جميع الدول األعضاء في منظمة العمل الدولية و بنية حسنة بالعمل على احترام و تعزيــز و إدراك أربعة من المبادئ التي تم إقرارها في االتفاقيات األساسية الثمــاني لمنظمــة العمــل الدولية و هي حق العمال و أرباب العمل في الحريات النقابية و االعــتراف بحــق المفاوضــة

( و حظــر كافــة أشــكال العمــل القصــري و اإلجبــاري98 و 87الجماعيــة )االتفاقيتــان (، و إلغاء182 و 138(، و اإللغاء الفاعل لعمالة األطفال )االتفاقيتان 105 و 29)االتفاقيتان

(. و يحظــر اإلعالن اســتخدام معــايير111 و 100التمييز في العمل والتوظيف )االتفاقيتــان ــة في العمل ألغراض الحماية التجارية و في الوقت ذاته يؤكد أن الفائدة التنافســية ألي دول

إنتاج البضائع و الخدمات يجب أن ال تتأثر باإلعالن و متابعته. كما تلتزم الدول بحماية هــذه المبــادئ في تشــريعاتها الوطنيــة في الممارســة و يقــر اإلعالن بالتزام منظمة العمل الدولية بمساعدة الدول األعضاء في تحقيق هذه األهداف منــز ــة لتعزي ــات المالي ــة و الميزاني ــتورية و العملي ــادر الدس ــل للمص ــتخدام الكام خالل االس

. 408االتفاقيات األساسية لتوفير مناخ مناسب للتنمية االقتصادية و االجتماعية كما ينص اإلعالن على إجراء متابعة األغراض التعزيــز باتجــاه تفعيــل هــذه األهــداف و التي تركز على أداتين من أدوات تعزيز التقارير لمنظمــة العمــل الدوليــة و همــا المراجعــة السنوية و التقرير العالمي، و هناك برنــامج كبــير للمســاعدة الفنيــة في ســبيل تفعيــل هــذه

الحقوق الستكمال البرنامج الدولي للقضاء على عمالة األطفال. أما المراجعة السنوية فتتمثل في تقارير تقدمها الحكومــات لوصــف الجهــود المتخــذة الحترام المبادئ و الحقوق المتعلقة باالتفاقيات األساسية لمنظمــة العمــل الدوليــة الــتي لم تكن موضع مصادقتها، و كذلك مراجعة مالحظة تنظيمات العمال و منظمات أربــاب العمــل، و تقدم هذه التقارير خط أساس للمواجهة يمكن للدول أن تقيس من خاللــه مــدى تقــدمها،

- يحياوي نورة – بن علي – حماية حقوق اإلنسان في القانون الدولي و القانون الداخلي – دار هومة – ط407.24 – الجزائر، ص 2006 – 02

– مطبعة لون – الرباط.2009 – 5- لياليفين – حقوق اإلنسان أسئلة و إجابات – عن إصدارات اليونسكو – ط 408152

بينما التقرير العالمي، و الذي يقدمه المدير العام لمنظمة العمل الدولية ســنويا إلى مــؤتمر العمل الدولي، فهو يدرس الوضع في ضوء أحد فئات المبــادئ و الحقــوق األربعــة و بالتــاليــد األولويــات يتم تغطية و مراجعة الفئات األربع كل أربع سنوات، و بما يوفر األســاس لتحدي المستقبلية حتى تتمكن المنظمة من خالل نشــاطات المســاعدة التقنيــة مســاعدة أعضــائها

في تفعيل المبادئ و الحقوق األساسية. ،2000كما التزمت الدول في الوثيقة النهائية للقمة الدوليــة للتنميــة االجتماعيــة في يوليــو

بتحسين جودة العمل في سياق النظام التجاري العــالمي الجديــد بمــا يشــمل تعزيــز ذلــك و غيره من مبادرات المنظمة الدولية للعمل، كمــا تشــارك المنظمــة في عــدد من المبــادرات التي ترتبط بشكل وثيق بمعاييرها و مبادئها و من ذلك الميثــاق العــالمي لألمم المتحــدة في المبادئ التسع الـتي تعكس حقــوق العمــال، و مقاربـات األوراق االســتراتيجية للقضــاء على

.409الفقر

الفرع الثانيمبادرات منظمة العمل الدولية في شأن البعد ا الجتماعي

لقد أسست منظمة العمل الدولية لجنة عالمية حول البعد االجتماعي للعولمة للنظــر في التداعيات االجتماعية للعولمــة، و تــرأس هــذه اللجنــة الــتي عقــدت أول اجتماعاتهــا في

، رئيســا دولـتين، و كـان أعضــاؤها من جميــع منــاطق العـالم، و كـان الهـدف2002مـارس األسمى لها يتمثل فى إيجاد طرق تساهم من خاللها العولمــة في خفض مســتويات الفقــر و البطالة، و تسريع النمو و التنمية المستدامة كمــا هــدفت هــذه اللجنــة إلى صــياغة خطــوات

راسخة إلرشاد و تشكيل مسار العولمة في سبيل تعزيز المشاركة العادلة في فوائدها. ، و دعت "لعولمـة عادلـة تـوفر2004لقد قدمت اللجنة تقريرهـا الختـامي في العـام

ــؤثر ــتي ت الفرض للجميع" و في تقريرها هذا، تقدمت اللجنة باقتراح إستراتيجية للتحديات الفي العولمة عبر سلسلة من التوصيات.

ــة لإلعالن و كان من الخطوات المهمة و الدافعة إلى األمام تبني منظمة العمل الدوليــو 10 في 97بشأن العدالة االجتماعية و العولمة العادلة، و ذلك في جلستها ،2008410 يوني

و يعبر اإلعالن عن الرؤيــة المعاصــرة لواليـة منظمـة العمـل في عصــر العولمـة و في هــذه الوثيقة، أبرز ممثلو الحكومات و أرباب األعمال و التنظيمات العمالية من الدول األعضاء الـ

، الدور المحــوري للمنظمــة في المســاعدة لتحقيــق التقــدم و العدالــة االجتماعيــة في182سياق العولمة.

لقد التزمت الدول األعضاء بالعمل على تقوية قدرات منظمة العمــل الدوليــة للتقــدم و يؤسس اإلعالن لمفهوم العمــل411في إحراز هذه األهداف، من خالل برنامج للعمل الالئق ، و تضــعه في قلب سياســات1999الالئق الذي تطــوره منظمــة العمــل الدوليــة منــذ عــام

المنظمة.

.104لياليفين – المرجع السابق – ص - 409410 -Marie – Ange Mareau – Droit économique et droits de l’homme larcier – Bruxelles – 2009 P 528.

ــنى على التشــغيل و411 - برنامج العمل الالئق هو مفهوم مطور ضمن إطار عمل منظمة العمل الدولية و مبالحماية االجتماعية و الحوار االجتماعي و الثالثية و المبادئ األساسية و حقوق العمال.

153

المبحث الثاني انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في

العمل

ــال يظهر مما سبق التعرف عليه من مواثيق دولية و إقليمية لحماية الحق في العمل و العم بصفة عامة، بأن هذه الترسانة التشريعية تعد ضمانة حقيقية لحمايــة حقــوق العمــال من أي تدعيات قد تنجر عن النظام التجاري العــالمي الجديــد، ســواءا كــان ذلــك من جهــة شــروط يضعها صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي باعتبارهما أدوات تمويلية نقدية في هذا النظام أو نتيجة االنضمام إلى منظمة التجارة العالمية التي هي األداة الرئيســية لــه. مــا يؤكــد ذلــك أيضا هو ما جاء في مؤتمر الدوحة الوزاري الرابع من البيــان الختــامي، أن المنظمــة تصــمم على ما سبق و أن تضمنه المؤتمر الوزاري في سنغافورة، حــول البعــد االجتمــاعي لمعــايير العمل و التأكيد مرة أخــرى أن منظمــة العمــل الدوليــة في الجهــة الوحيــدة المســؤولة عنــق لصــادراتها موضوعات العمل، ما يطمئن الدول النامية إلى أن تلك المعايير لن تتخذ عوائ

. غـير أن المالحـظ هـو412إلى الدول المتقدمة، فتضمن بذلك استقرارها اجتماعيا و سياســيا أن هناك تداعيات مختلفة للنظام التجاري العالمي الجديد على حقوق اإلنسان بصــفة عامــة و الحــق في العمــل بصــفة خاصــة ،تختلــف بــاختالف درجــة تقــدم الــدول اقتصــاديا و اجتماعيا .هــذه االنعكاســات ال تظهــر إال بشــكل مباشــر من خالل نصــوص قانونيــة تفرضــها المؤسسات المالية الدولية أو التجارية الدولية على الدول التي تنضم، إليها بل تظهر بشكلــه في غير مباشر من خالل تطبيق تلك الدول لسياسة هذه المنظمات و هو مــا ســنتعرض ل

دراستنا من خالل التطرق إلى المطلبين اآلتيين :

المطلب األول : انعكاس سياسة المؤسسات المالية العالميــة على الحــق فيالعمل

المطلب الثاني : انعكاس سياسات منظمــة التجــارة العالميــة على الحــق فيالعمل

- ضياء مجيد الموسوي – العولمة و اقتصاد السوق الحرة – ديوان المطبوعــات الجامعيــة – الجزائــر – ط41202 – 2005.

154

المطلب األولانعكاس سياسة المؤسسات المالية العالمية على الحق في العمل

لقد سارت الدول النامية في طريق االستدانة بغية اســتغالل أمــوال هــذه الــديون في برامج التنميــة، لكن بعــد ســنوات طويلــة من االســتدانة لم تحقــق هــذه الــدول مبتغاهــا في

.413التنمية النها لم تعد قادرة على تسديد ديونها لقد دفع التخوف الناتج من تأثيرات أزمة المديونية على النظام العــالمي بالمؤسســات الماليــة العالميــة إلى تعميم بــرامج تعــديل هيكيلي صــارمة جــدا ،خاصــة على الــدول األكــثر

. لقد ربط كــل من صــندوق النقــد و البنــك العــالمي، منــذ أزمــة المديونيــة لســنة414مديونيةــتين،1982 التمويل الخارجي بشروط تلتزم بها الدول للحصول على تمويل هاتين المؤسس

و من ناحية أخرى أصبح االتفاق مع صندوق النقد الدولي. سواء في صورة اتفاق مساندة أو صورة تسهيل ممتد ال يكون ميسورا إال بالتزام البلد المدين بتنفيذ برنــامج تصــحيحي يتنــاول

السياسات االقتصادية الكلية. لقد حدث نفس التطور على مستوى البنك الدولي بظهــور نــوع جديــد من القــروض و هي قروض التصحيحات الهيكلية، و هي قروض مشــروطة بــالتزام البلــد المــدين بــإجراءات تصحيح هيكلي مثل تطبيق سياسة الخوصصة و إعادة النظر في أولويات االستثمار و تحريــر

التجارة. ســواءا تعلــق األمــر بوصــفة التثــبيت االقتصــادي للصــندوق أو بوصــفة بــرامج التكــييف الهيكيلي للبنك الدولي، فإن تلــك الوصـفتين تنطلقــان من رؤيـة موحـدة فحواهــا، أن مــأزق المديونية الخارجية، و الركود االقتصادي الذي تواجهه البالد النامية المدينــة، إنمــا يعــود إلى أخطاء السياسات االقتصادية الكلية الداخلية التي ارتكبتها هــذه البالد، و عليــه فــإن الخــروج من هذا المأزق و ذلك الركود ال يتأتى إال بإتباع البلد المعــني تغيــيرات جذريــة في سياســاته

. 415االقتصادية، حتى و لو كان لذلك تكلفة مرتفعة على حساب األهداف االجتماعية لقد تمثلت أهم حلول صندوق النقد الدولي فيما يخص سياسة التثبيت االقتصــادي في

: إتباع سياســة تقشــفية لتخفيض العجــز الــداخلي و الخــارجي، و جعــل ســعر الصــرف(1

واقعيا، و كان على الدول المدينة تخفيضا قيمة عملتها.التخلي عن القطاع العام و بيعه إلى القطاع الخاص.(2 إيقاف حركة اإلقراض و إيجــاد البــديل المتمثــل في فتح أبــواب االقتصــادات الوطنيــة(3

ــواق أمام االستثمارات األجنبية المباشرة و غير المباشرة و ذلك من خالل إنشاء األسالناشئة.

إلغاء الرقابة على الصرف األجنبي أو تقليصها إلى الحد األدنى.(4تقليل العجز في الموازنة العامة للبالد عن طريق الضغط على اإلنفاق العام.(5 تقليص نمو القطاع العام و قصر نشاطه على المشروعات العامة و البنيــة األساســية(6

.416و بيع مشروعاته الناجحة للقطاع الخاص إن ما يالحظ على هذه اإلجراءات هو تحجيم القطاع العــام و تخفيض النفقــات ذات الطــابع االجتماعي و زيــادة العبء الضــريبي على الشــرائح االجتماعيــة الفقــيرة و تجميــد األجــور و تســريح العمــال نتيجــة سياســات الخوصصــة و دعم االســتثمار األجنــبي المباشــر الــذي من سلبياته أنه يعتمد في الغالب على تكنولوجيا مكثفة لرأس المال، و هو بذلك ال يــوفر فــرص

.1978- رمزي زكي – أزمة الديون الخارجية – رؤية من العالم الثالث – الهيئة المصرية – العاصمة للكتاب – 413 - ابن دعيدة عبد الله – اإلصالحات االقتصــادية و سياســة الخوصصــة في البلــدان العربيــة مركــز دراســات للوحــدة414

.358 – ص 1999العربية – بيروت .112- حشماوي محمد – مرجع سابق – ص 415.111- ضياء مجيد الموسوي – مرجع سابق – ص 416

155

عمل كافية لتشغيل فائض العمل في الدول النامية حيث يؤدي التركيز على التقنية العالميـة في اإلنتاج إلى إحالل اآللية محل اإلنسان، و ينتج عن هــذه الظــاهرة تســريح عــدد كبــير من العمال، كما أن دور البنك العالمي لم يكن ليختلف عن دور صندوق النقد الدولي فهو أنشئ أساسا لتكميل دور صندوق النقد و يمكن تلخيص رؤية البنك لمسـاعدة الـدول الناميـة فيمـا

: 417يليزيادة الدعم المالي للتكييف الهيكلي.(1االستمرار في تمويل االستثمار، و توسيع الطاقات اإلنتاجية في هذه الدول.(2مواصلة الجهود من أجل التخفيف من الفقر و أزمة الدين.(3

إن المديونية و الخوصصة و عملية تحرير التجارة الخارجية للدول و كذا ســعي المؤسســات لرفع اإلنتاجية أو تخفيض التكاليف، كلها عوامل تحالفت لتدفع الدول التي تعاني اقتصادياتها من مشاكل كهذه إلى إعادة هيكلة اقتصادها من خالل االستنجاد بمؤسسات التمويل الدولية التي تشترك في األهداف و تختلف في األساليب فقط و هو مــا يعــود بالســلب على الوضــع االجتماعي للــدول المعنيــة بسياســات هــاتين المؤسســتين المــاليتين، و خاصــة التــأثير علىــدوليتين العمال فعملية رفع اإلنتاجية و تخفيض التكاليف التي تعمل هاتين المؤسستين ال على القيام بهمــا أدت بالمؤسســات الكبــيرة إلى إســتراتيجية الترشــيد و تخفيض األجــور، و هكذا صارت عمليات تقليص و نقل اإلنتاج للخارج و إعادة الهيكلة هي الوسائل التي تواجه عمال العالم، فقد ظهرت ما يسمى بسياسة التنحيف و هي ظاهرة أدت إلى تــدمير التعاقــد االجتماعي القديم الذي فرض بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يحصــل كــل فــرد على أجــر سنوي يتزايد بمرور سنوات الخدمة، فهــذه الظــاهرة تعــني اســتغناء المؤسســات عن بعض

العالمين لديها بغية تخفيض التكاليف. و في مجرى عمليات تقليص العمالة تعمل الشركات على خلــق قــوة عمــل طارئــة قوامهــا العاملين لبعض الوقت دون أن يتوفر لهم االختيار، هــؤالء هم العمــال في العمــل الجــزئي و العمال المؤقـتين، أي عمــال متعاقــدين لفــترات محــددة، معظمهم عمــال كـانوا دائمين، ثم طردوا من أعمالهم فتحولوا إلى عمــال مؤقــتين يمارســون العمــل عنــدما تتــاح لهم فرصــة الحصول عليه، و بأجور تقل كثيرا عما كانوا يتلقونها في السابق، إن الشــركات باســتخدامهاــوع العمال المؤقتين تستطيع أن تخفض كثيرا من كلفة العمل، كما أن اعتمادها على هذا الن

من العمل يحقق لها مرونة أكبر من اختيار العمل المالئم. إن العمال المؤقتين يتلقون أجرا أدنى و أيام عطل مدفوعة األجر أقل و مخصصات إضــافيةــوا بتحمــل مخــاطر اقتصــادية أعظم، و يقنعــوا بعــدم االســتقرار، و أدنى، و عليهم أن يتقبل احتماالت حصولهم على معاشــات للتقاعــد أو تعويضــات صــحية تكــون قليلــة، و إن حصــلت فإنها تقل عن ثلث تلك التي يحصل عليها العمال الدائمون أي الذين يعملون بشكل مســتمر طوال ساعات العمــل اليــومي المقــررة، و إن أغلب فــرص العمــل المفتوحــة أمــامهم غــير

، و الواقع أن العمال المؤقتين الذكور يحصلون على نصــف مــا يمكن أن يحصــل418مستمرة . إن الخوصصة كإحدى وصفات المؤسسات الماليــة الدوليــة أدت419عليه العمال االعتياديون

إلى تسريح أعداد غفيرة من العمال في الدول العربيــة و فقــدانهم مناصــبهم و إلى ارتفــاع كبير في معدالت البطالـة، و تراجــع كبــير في األهـداف االجتماعيــة و تفــاوت في الـدخول و الثروات و قد أدى انخفاض متوسط دخل الفرد مع عــدم المســاواة إلى زيــادة فى معــدالت الفقر في الكثير من الدول العربية إن إجــراءات تســريح العمــال الــتي حــدثت جــراء إعــادة الهيكلة االقتصادية التي أحدثت نزيفا خطيرا في المهارات المهنيــة و اإلطــارات المتخصصــة

حيث قــدرت بـ1997التي غــادرت نشــاطاتها في ظــل تســهيل اإلحالــة على التقاعــد ســنة

.184 – ص 1989- زكي رمزي – االقتصاد العربي تحت الحصار – دار المستقبل العربي – القاهرة – 417418- Durivage , éd, new, policies P 56.

.68- ضياء مجيد الموسوي – مرجع سابق – ص 419156

% من الطاقــة28 كمــا أن نســبة البطالــة أضــحت ال تقــل عن 2002420 إطار سنة 65500 القادرة على العمل و ال يقتصر هذا الوضع على الجزائر أو الدول العربية بل يشمل دوال فيـــــــــــــــــــــــــــــاألرجنتين ـــــــــــــــــــــــــــــة ـك ـــــــــــــــــــــــــــــا الالتينـي أمريـك و بولندا في شرق أوروبا، إن هذه الوضعية تحرم الماليين من الحصــول على منصــب عمــلبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل ــال، و تقضي على فرصة العمل التي يتحصل عليها البعض من خالل التسريح الجماعي للعمــادية و هو ما يتنافى مع معايير حقوق اإلنسان سواءا ما جاء به العهد الدولي للحقوق االقتص و االجتماعية أو ما جاء في الصكوك الدولية للحق في العمل أو ميثاق منظمة العمل الدولية من حماية للحق في العمل و ســنرى فيمــا يلي تــأثير سياســات التكــييف و التثــبيت الهيكلي

على حقوق العمال بصفة عامة.

الفرع األولالتصحيح الهيكلي و سياسات الخوصصة و أثرها على الحق في العمل

بسبب المظاهر السلبية النخفاض الكفـاءة اإلنتاجيـة في وحـدات القطـاع العـام ســاد االعتقاد لدى حكومات العديد من الدول النامية بأن القطاع العام بات أكــبر ممــا ينبغي و أن تكلفة االحتفــاظ بــه أصــبحت مرتفعــة على اقتصــادها، و تطلعت حكومــات تلــك الــدول إلى التطبيق الجاد لبرامج اإلصالح االقتصادي في ظل معونات مالية و فنية من البنــك الــدولي و صندوق النقد الدولي، و اتخذ اإلصالح االقتصادي مســارات و اتجاهــات عديــدة بــرز منهــا مــا

عرف في االقتصاد بالخوصصة أو التخصيص. أصبحت الخوصصة منهجا و أسلوبا اعتمدت عليه العديد من الدول النامية و المتقدمة للتخلص من الحجم الزائــد للقطــاع و تحقيــق الكفــاءة االقتصــادية بصــفة عامــة و الكفــاءة اإلنتاجية في وحدات القطاع العام بصفة خاصــة، بحيث أصــبح مصــطلح الخوصصــة من أهم المصطلحات على السـاحة االقتصــادية العالميــة في منتصــف السـبعينات بعـد أن تصـاعدت الدعوة في مختلف أنحاء العالم لنقل ملكية المشـروعات الـتي تملكهـا الدولـة إلى القطـاع

الخاص نتيجة الركود االقتصادي الشديد المصحوب بنسب تضخم مرتفعة . لقــد نشــطت الخوصصــة في المملكــة المتحــدة مــع بدايــة حكم المحــافظين برئاســة "ماغريت تاتشر" أواخر السبعينات و أوائل الثمانينات من القرن العشرين، حيث تم تطبيقها على قطاعات مختلفة، و قد استهدفت تلك الخوصصة تحسين نوعية الخدمات و حاكتها في

. 421ذلك الواليات المتحدة األمريكية في عهد إدارة "ريغان" و طبقتها بشدة إلى أكثر1988( دولة في العالم عام 14لقد ارتفع عدد الدول التي طبقت الخوصصة من )

و مازال العالم يأخذ بهذه التجربة .2005( دولة عام 60من ) و حسب البرنامج اإلنمــائي لألمم المتحــدة الــذي يعتــبر أن الخوصصــة هي التحــول القتصــاد السوق، تشترط الخطوات التالية : وضع سياسات تدعم اقتصاد السوق و مؤسسات )غرف تجارة و صــناعة، اتحــادات، ...إلخ( و التحريــر االقتصــادي و تنميــة القطــاع الخــاص و تــأمين

. 422الخدمات المالية و التشريعية التي يحتاج إليها و خوصصة القطاع العام أمــا الــدول العربيــة الت عملت بنظــام الخوصصــة بفاعليــة فهي مصــر، المملكــة األردنيــة، اإلمارات باإلضافة إلى عدد آخر من الدول التي مــازالت في بدايــة تطــبيق هــذا البرنــامج، و

ــة420 - معين أمين السيد – إمدادات التجارة الدولية – محاضرات ألقيت على طلبة السنة الرابعة علوم تجاري.1999– جامعة الوادي – الجزائر

- دوناهيوجون – ترجمة مصطفى غنيم – قرار التحول إلى القطاع الخاص – غايات عامة و وسائل خاصــة421.1991– الجمعية المصرية لنشر المعرفة و الثقافة العالمية – القاهرة –

ــيروت –1999- الطيب محمد الطيب – عبد الله – تقييم تجربة السودان، مؤسسة األبحاث العربية – 422 – ب.424ص

157

حققت التجربــة في تلــك الــدول خاصــة اإلمــارات نجاحــا حيث نشــطت اســتثمارات الــدول العربية و األجنبية، و استفادت مصر من وجود جالية عراقية كبيرة يعمل غالبتهــا في مجــال االستثمار. لذلك نرى أن الكثير من الدول العربية لجأت إلى الخوصصة بغية إتاحــة الفرصــة

للقطاع الخاص كي يلعب دورا أكبر في عملية اإلنتاج. مــع بــدء تطــبيق برنــامج للتصــحيح1992و في األردن بــدأت مســيرة الخوصصــة في عــام

ــه ســنة و في إطــار2004الهيكلي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي و الذي انتهى العمل ب هذا البرنامج تم خوصصة عدد من الشركات العامة و المؤسسات المملوكــة للدولــة أو تلــك

التي تمتلك الدولة فيها نسبة كبيرة.ــإن الســؤال ــال االقتصــادي ف ــات سياســة الخوصصــة على المج ــالرغم من إيجابي ــذا و ب ه المطروح هو في تأثيرها على الحق في العمل و حقوق العمال بصــفة خاصــة، و هــل أغفــل القائمون على برامج الخوصصة البعد االجتمــاعي عنــد تطبيقــه، و لقــد انقســم المحللــون و الدارسون لهذه القضــية إلى مؤيــد و معــارض، فالمؤيــدون لسياســات الخوصصــة يــرون أن كثرة األعمال االستثمارية و الشــركات الــتي تمت خصخصــتها تســتوعب البطالــة و ســتكون هناك نهضــة عمرانيــة كبــيرة إضـافة إلى فتح وكــاالت لــترويج منتجــات تلــك الشــركات تبــدأ

تدريجيا بامتصاص تلك البطالة و هذه تخضع إلى فترة زمنية معينة قد تقدر ببضع سنوات. أما المعارضون لسياسات الخوصصة فيرون أن الحفاظ على حقوق العمال شعار يتم رفعــه في كل مرحلة تتم فيها خوصصة بعض الشركات المملوكة للدولـة، و إهــدار حقــوق العمــال هو الشكوى المستمرة بعد الخوصصة، فقبلها تعلن الوعود بعدم المساس بحقوق العمال، و بعد الخوصصة ال يوجد ما يلــزم الشــركات المالكــة بالحفــاظ على حقــوقهم و هنــا ازدحمت أروقة المحاكم بقضايا عمالية، كما رفع العديد من العمال دعاوى قضائية ضد هيئة التأمينات االجتماعية بسبب اســتحقاق المعــاش المبكــر و كيفيــة تســوية الحقــوق الماديــة و التأمينيــة

فالعمال يفاجئون بانخفاض ما يحصلون عليه عما يتوقعونه. إن التقاعد المبكر له آثار سلبية على عدة مستويات فبالنسبة لتــأثير على العامــل فقــد أدى نظام التقاعد المبكر إلى انتقاص الحقوق التأمينية ألصــحاب هــذه المعاشــات لعــدة أســباب منها تخفيض المعاش بنسب تختلف حسب السن، باإلضافة إلى ضعف قيمة المعاش نتيجــةــوق لقصر مدة االشتراك و ضآلة قيمة األجر الذي يتم عنده التسوية و هو ما يعتبر هدرا لحق

العمال. لقد أشارت اإلحصــاءات في جمهوريــة مصــر العربيــة على ســبيل المثــال ال الحصــر إلى أن

ألــف حالــة في384تطبيق سياسة الخصخصة أدى إلى ارتفاع حاالت المعــاش المبكــر من % من إجمــالي عــدد40 و بنســبة 2005 أالف حالة بنهاية يونيو 403 إلى 2004نهاية يونيو

حاالت معاش التقاعد خالل هذه الفترة. هذا و أصبحت خوصصة الشركات مرضا يصيب الطبقة العاملــة بحالــة من الفــزع و الخــوف من المجهول و أصبح شبح االستغناء عن العمال و االنضمام لصفوف العاطلين يؤرق العمال مما يجعل سبيل االنقاذ أمــامهم هــو المعــاش المبكــر بعــد التجــارب الســابقة الــتي مــر بهــا

ــدها03العمال، فأقصى مدة يحافظ فيها المستثمر على العمالة التي لديه هي سنوات و بعــات إما يغير نشاط المشروع أو يبدأ في االستغناء المرحلي عن العمال لديه بحجة أن إمكاني الشركة و ظروف االستثمار غير جيدة و يبــدأ صــاحب العمــل في المضــايقات و اســتخدام أساليب التعذب حتى يجبر العمالة على تقدمت استقالتها و اللجوء للمعاش المبكر و لكن و في هذه الحالة يخسـر العامـل قيمـة التعـويض ألن الشـركة تقـدم مـا يثبت أنهـا تعـاني من الخسارة، كما أن تجربــة عــرض أســهم الشــركات على العمــال أثبتت فشــلها أيضــا بعــد أن

. 423اضطر العمال لبيع أسهمهم بالخسارة نتيجة توقف الشركة أو تصفيتها

- أحمد عارف العسـاف – سياسـة الخصخصـة و أثرهــا على البطالـة و األمن الوظيـف للعــاملين – مجلـة423 – جامعة – الشلف – الجزائر.2007 – 07اقتصاديات شمال إفريقيا – ع

158

فعندما تشمل عمليات الخوصصة القطاع العام ســيكون لــدينا جيش كبــير من المــوظفين وــدخول العمال المسرحين من مناصبهم، و كما نعلم فالقطاع الخاص يهتم بتقليص التكلفــة لــادم المنافسة و ترويج السلع و كل هذا على حساب حقوق العمال – و سنرى في الفرع الق تأثير سياسات التصـحيح الهيكلي على المعـايير المرتبطـة بـالحق في العمـل وكـذا التجربـة

الجزائرية فى هذا المجال من خالل الفرع الثالث .

الفرع الثانيأثر سياسات التكييف الهيكلي على المعايير المرتبطة بالحق في العمل

هناك معايير معينة في مجال العمل مقبولة عالميا تقريبا على أنهــا حــق أساســي من حقوق اإلنسان كما هـو منصـوص عليــه في مختلـف معاهـدات األمم المتحــدة.من بين هـذه المعايير، القضاء على استغالل عمل األطفال، و حضر السخرة و حرية تكوين الجمعيــات و

ــيز في العمل و على الــرغم من424الحق في التنظيم و في التفاوض الجماعي، و عدم التمي االعتراف العالمي النطاق بأن حقوق العــاملين تعتــبر حقوقــا أساســية من حقــوق اإلنســان، هناك أدلة ال تحصى تشير إلى أن هذه الحقوق تكبت باستمرار في أنحاء عديد من العالم، و

و بمــا أن425استغالل عمل األطفــال مريــع بشــكل خــاص و ال يــزال يمثــل مشــكلة خطــيرة البلدان المدينة تتنافس فيما بينها لعرض يد عاملة أرخص لجلب االستثمار األجنــبي المباشــرــاء ــدة بإلغ فإن معاييرها في مجال العمل آخذة في التدني بشكل حاد، و تقوم حكومات عدي أو تعديل تشــريعاتها الوطنيــة في مجــال العمــل و في المجــال االجتمــاعي، إلقامــة منــاطق لتجهيز الصادرات، و الوثاق الذي يربط البلدان النامية بعملية التكامل العالمي و هي سياسة التكييف الهيكلي بما لها من تأكيد على التحريــر و التجــارة الحــرة، و تعتــبر منــاطق التجــارة الحرة، التي يتم فيها قدر كبير من عمل التركيب في الخارج، ملجــأ آمنــا الســتثمار الواليــاتــاطق المتحدة في مجال الكهرباء و هياكل أساسية أخرى تتمتع بإعانات حكومية، و هذه المنــال تعني أكثر حرية لألعمال و أقل حرية لألشخاص، و أصبح استخدام اليد العاملة من األطف و النساء في مناطق تجهيز الصادرات واســع النطــاق قريبــا إلى شــكل عصــري من أشــكال

. 426الرق

أما في الفلبين و ماليزيا تحقق التوسع السريع في االستثمار األجنــبي بتكلفــة بشــرية رهيبة، فالمناطق االقتصادية المحاطة بجدران كثيرا ما تعتليها أسالك شائكة تشبه معســكرا ضخما لألشغال الشاقة تقيد فيه بشدة النقابات و اإلضرابات و حريــة التنقــل، إن لم تحضــر تماما، و توجد بها شرطة خاصة لتفتيش كل من يــدخل المنــاطق و يغادرهــا من أشــخاص و

و بما أن الشركات المتعددة الجنسيات تتوجه إلى الخــارج لتخفيض تكاليفهــا من427سيارات حيث اليد العاملة فإن مستخدميها يتقاضون أجورا ضــئيلة جــدا تصــل إلى ثالثــة دوالرات في اليوم، و كثيرا ما يعيش العــاملون في بيانــات مكتظــة و يعملــون في ظــروف خطــرة و هم

باستمرار تحت تهديد الفصل من الخدمة.

ــة424 - معين أمين السيد – إمدادات التجارة الدولية – محاضرات ألقيت على طلبة السنة الرابعة علوم تجاري.1999– جامعة الوادي – الجزائر –

425 -International labour organization, child labour targeting in the intolerable, report submitted to the eighty – sixth session of the international labour conference, Geneva, 1998.

426 -Testimony of Harry Kamberis, director for program developement of the Asian – America free labor institute, AFL-CIO, before the house committee on international relations sub-committee on international relations and human rights on the use of

child labour in overseas production, 104th congress, second session, 11 June 1996 .427 -Keith Maskus, shauld core labour standards be impas d through international trade policy – the world bank development

research group, policy research tharking papier 1817 August 1997 .159

، فــإن منــاطق تجهــيز1999 و 1998هــذا و حســب تقريــر العمالــة العالميــة لســنة الصادرات التي أنشئت لجلب المستثمرين األجانب إلى البلــدان الناميــة قــد خلقت مــواطن شــغل للماليين من النســاء، و لكن غالبــا مــا تكــون ظــروف العمــل فيهـا رديئــة و ال تســتمد

مليــون27االقتصادات المحلية من هذه المناطق إال منافع ضئيلة، و ذكر التقريــر أن قرابــة منطقــة850 في المائة من بينهم من النســاء يســتخدمون في أكــثر من 90عامل، و نسبة

من مناطق تجهيز الصادرات في أنحاء العالم، و هذه النزعة تطــورت تطــورا ســريعا في العقود األخيرة، و لما كانت تكاليف اليــد العاملــة عنصــرا كبــيرا في إجمــالي التكــاليف فــإن

و428الشركات تعتبر اليــد العاملــة تكلفــة يجب احتواؤهــا و ليس مصــدر قــوة يحب تطــويرهلذلك يضعف تدريجيا الحق في التنظيم و في المشاركة في التفاوض الجماعي.

هذا و تؤثر سياسات التكييف على فئات معينة من العمال بأشكال مختلفة و هي :

الفالحون و العمال الزراعيون 1 )ــا ــا زادت أحيان إن برامج التكييف و إن كانت تحسن إنتاج المحاصيل الموجهة للتصدير إال أنه من حدة تفاقم الفقر و أوجه الالمسـاواة في الـدخل في المنــاطق الريفيـة، و التركـيز على الزراعة التصديرية يعـني إهمـاال لمـزارعي الكفـاف الــذين يشــكلون أغلبيـة المـزارعين في

و إزالــة إعانــات االعتمــادات و األســمدة أدت أحيانــا إلى429العديد من بلدان العــالم الثــالث نقص حاد في عوامل اإلنتاج الزراعية األساسية لصــغار المـزارعين المتحــررين من الـديون،ــرية مما زاد من إضعاف اإلنتاجية، و لو أن رفع الضوابط الحكومية التي أبقت األسعار الحض للعديد من المنتجات الزراعية على مستوى منخفض جدا قــد كــان مفيــدا للمــزارعين إال أن الزيادات الناتجة عن تلك األسعار نادرا ما أفــاد منهــا العــاملون الزراعيــون الــذين يتقاضــون

أجورا ثابتة.

العمال الحضريون (1 انــه وبالنســبة للعمــال الحضــريين أدى االنكمــاش االقتصــادي و مــا رافقــه من تغــيرات في السياسات العامة أحدثتها بــرامج التكــييف الهيكلي إلى تآكــل كبــير في قــدرتهم الشــرائية و مستوى عيشهم عموما، ارتفاع تكاليف الغذاء و اإليجــار و األدويــة و النقــل إذ رافقــه تجميــد في األجور، قد أرغم العددين على اللجوء إلى القطاع غير الرسمي لتكميل الــدخل المتــأتيــدان اآلالف من القطاع الرسمي، و في بلدان عديدة أدت تصفية المؤسسات العامة إلى فق من األشخاص لعملهم بشكل دائم دون أن يمنحوا مبالغ إجمالية في إطار إنهاء الخدمة لبــدء حياة جديدة في القطاع الخاص ففي زامبيا مثال هبطت العمالة في القطـاع شـبه الحكــومي

ــه 176000من ــران/يوني ــواطن شــغل في حزي مــوطن شــغل في149000 إلى 1992 م. 1994430حزيران/يونيه

إن اللولب النزولي في مستويات المعيشة بالنســبة للعـاملين الحضــريين المتعلمين مــازال يزيد من حــدة هجــرة الكفــاءات الخطــير بالفعـل و الـتي أصــبحت اســتنزافا في العديــد من البلــدان الفقــيرة، و بمــا أن أفضــل و ألمــع العناصــر تــترك الخدمــة العموميــة فــإن قــدرة الحكومــات على تنفيــذ تــدابير اإلصــالح تتقلص بشــكل حــاد، و ســنرى فيمــا يلي سياســات

التصحيح الهيكلي على حق العمل في الجزائر.428 - -ILO, Geneva, 1998.

429 -Peter Henriot, Zombia : A research study of economic reform and impact on the poar, Jesuit centre for theological reflection, economic and social development research profect, Lusaka, 2 January 1996, P 15.

430 -ILO, structural Adjustment and its soccio-economic effects in rural areas, report of the eleventh session of the ILO advisory committee on rural development, Geneva, 1990.

160

الفرع الثالثآثار سياسات التصحيح الهيكلي على حق العمل في الجزائر

ــامج التصــحيح الهيكلي في إن ظاهرة البطالة عرفت تزايدا مستمرا خالل سنوات برن الجزائر فعمليات التسريح الجماعي التي مست شريحة واسعة من العمال، نظرا إلجــراءات إعادة الهيكلــة الصــناعية،هــذا من جهــة ومن جهــة أخــرى تؤكــد إحــدى الدراســات المتعلقــة بانعكاسات البرنامج التصحيحي في الجزائر على سوق العمل إن عمليات التســريح الكبــيرة للعمال من المؤسسات الجزائرية نتيجــة للخوصصــة و إعــادة الهيكلــة تعتــبر العامــل الثــاني

المفسر لظاهرة البطالة في الجزائر.ــتي انتقلت من ــة ال إن البيانات اإلحصائية تبرز بوضوح االرتفاع المستمر لنسبة البطال

فى11.3 ثم 1999% ســنة 29.2 ثم 1997% ســنة 29 إلى أكــثر من 1993% ســنة 23 : 431 و يعود هذا االرتفاع إلى عاملين أساسيين هما2008

ارتفاع معدالت النمو الديمغرافي التي عرفتها الجزائر في فترة ما قبل التســعينات حيث(1 % ســنويا و هــذا مــا أدى إلى تزايــد و تســارع في حجم القــوة2.8تجــاوز في المتوســط

مليــون ســنة7.8 إلى مــا يزيــد عن 1990 مليــون ســنة 5.85العاملة الــتي ارتفعت من .2008 فى سنة 10.31و الى 1998432 مليون سنة 8.25 ثم ما يقارب 1996

التسريح الكبير للعمال نتيجة حل و خوصصة العديد من مؤسسات القطاع العام بحثا عن(2 النجاعــة االقتصــادية و تقليص دور الدولــة بمــا ينســجم و الــدخول فى مرحلــة اقتصــادية

500جديدة حيث تؤكد المعطيات الكمية المتاحة أن عدد العمال المســرحين قــد تجــاوز –ــ 94ألف خالل الفترة من مؤسسة محليــة و633 نتيجة تصفية و خوصصة حوالي 97

ــة و 268 ــأتي في986 مؤسســة خاصــة، أي بمجمــوع 85 مؤسســة عمومي مؤسســة ت مقدمة ذلك من ناحية القطاعات االقتصــادية كمؤسســات البنــاء و األشــغال العموميــة بـ

ــا مؤسســات القطــاع الخــدمي بـ 61.59 % ثم المؤسســات الصــناعية بـ21.07% تليه % و إن كانت هذه األخيرة تحتل المرتبة الثانية إذا استثنينا المؤسسات المحلية بـ15.81 % بعد المؤسسات العمومية لقطاع البناء و األشغال العمومية التي تحتل المرتبة21.15ــبر األكــثر تضــررا لتحتــل مؤسســات القطــاع الخــدمي في59.89األولى % و الــتي تعت

% أمــا القطــاع الــزراعي فهــو القطــاع األقــل تضــررا من ناحيــة17.55المرتبة الثالثة بـ % األمر الذي يزيد تعقيـد وضـعية البطالـة المعقـدة أصــال في الجزائـر،1.42التشغيل بـ

فالبيانــات اإلحصــائية للــديوان الوطــني الجزائــري لإلحصــاء تــبرز أن عــدد البطــالين في مليـون2.5 إلى 2001 مليـون عاطــل ليصـل ســنة 2.3 قــد تجــاوز 1997الجزائر سـنة و هــذا العــدد أضــحى في ارتفــاع بســبب العوامــل2000 مليون ســنة 2.4عاطل مقابل

اآلتية :استمرار عمليات التسريح الطوعي للعمال.-1اعتماد العقود المؤقتة بعد إلغاء الكثير من المجاالت في العمل المضمون.-2 حاالت التأمين على البطالة فهذا اإلجراء هو إجراء مؤقت ظهر كأحد األسـاليب-3

للحماية االجتماعية المؤقتة للتخفيف من آثار برنامج التصــحيح الهيكلي حيث ال تتجاوز فترة االستفادة من منحة الصندوق الوطني للتــأمين على البطالــة كحــد أقصى ثالث سنوات للعمال المسرحين للضرورة االقتصادية و قـد أكلت مهمـة تنفيذ نظام التأمين على البطالة فى الجزائــر إلى الصــندوق الوطــني للتــأمين

ــاحث عــدد431 -سميرة العابد – زهية عابد – ظاهرة البطالة فى الجزائر بين الواقع و الطموحات - مجلة. بالب .2011 جامعة الجزائر 11

-ماضى بلقاسم وأمال خدادمية – أسباب مشكلة البطالة فى الجزائــر و تقــييم سياســات عالجهــا –ملتقى432. 2011-09-20دولي –جامعة عنابة -

161

الذي جاء نتيجة للتعديل الهيكلي للمؤسسات و الــزى أدى إلى433على البطالةغلق اآلالف منها و بالتالي ظهور ما عرف بالتسريح الجماعي للعمال .

تراجع األهمية بالنسبة للقطاع العام في االقتصاد الجزائري بســبب اإلصــالحات-4 الهيكليــة الــتي يعرفهــا حيث تمــر تصــفية و خوصصــة العديــد من المؤسســات

العمومية. إن هذا الكم الهائل السالف الذكر يضاف إلى عدد الباحثين عن العمل و الــذي يقــدر ســنويا

ألف ليزيد األمور تعفنا، حيث تؤكــد بعض الدراســات المتخصصــة أنــه و300 و 250ما بين . 434 ألف منصب عمل سنوي750 ألف و 700للقضاء على البطالة يجب توفير ما بين

ــاعي و29إن بلوغ معدالت البطالة مستوى % سيزيد حتما من مخاطر تفكك النسيج االجتم التأثير على مستويات المعيشة مما سينعكس سلبا على فئات كبيرة من المجتمع، و ســنرى في المطلب الثــاني من هــذا المبحث وضــعية الحــق في العمــل في ظــل اتفاقــات منظمــة

التجارة العالمية و سياسات التحرير التجاري بصفة عامة.

المطلب الثانيتأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية على الحق في العمل

لقد لوحظ في الكثير من البلدان النامية أن هناك عالقة ارتباط قوية بين تزايد االتجاه إلى العولمة االقتصادية و تفاقم مشكلة البطالة و خاصة مع تطبيق برامج التثبيت و اإلصالح الهيكلي، و مع إطالق قوي و آليات السوق باإلضـافة إلى ضــعف النقابـات العماليـة، و عـدم تكــون المجتمــع المــدني في تلــك الــدول بالشــكل المطلــوب باإلضــافة إلى ســيادة الثــورة التكنولوجية التي أدت إلى إعادة هيكلة العمالة بل و اختفــاء بعض المهنــيين و الوظــائف ، و

:435قد اتخذت البطالة في الدول النامية عدة عوامل لعل من أهمهاــواع(1 البطالة بين المتعلمين و المهنيين و ذوي المهارات و يعتبر هذا النوع من أخطر أن

البطالة حيث يؤدي إلى هجرة هؤالء العاطلين خــارج البالد، ممــا يفقــد الــدول الناميــةأغلى مواردها البشرية، و خاصة مع تزايد االتجاه إلى هجرة العقول.

البطالة في قطاع األعمال العام و الوظائف الحكوميــة إمــا في شــكل تســريح أعــداد(2 كبــيرة من العمالــة في القطــاع العــام الحكــومي أو في شــكل بطالــة مقنعــة، و هي

تستنزف الكثير من الموارد في المجتمع.ــة(3 ــا الحديث ــد على التكنولوجي ــاد المتزاي ــة الشــباب، نتيجــة االعتم ــاع نســبة بطال ارتف

المتطــورة بالتــالي تجنيــد االتجــاه نحــو إقامــة المشــروعات كثيفــة رأس المــال الــتيتستخدم وحدات أكثر من رأس المال و وحدات أقل من العمال.

سنة حيث بلغت نسبتهم على سبيل المثال14 إلى 10انتشار عمالة األطفال ما بين (4 %45% و في نيبــال بآســيا 51 نسبة 1995في بوركينافاسو و مصر في إفريقيا عام

% .25.3و في هايتي بأمريكا الالتينية -عبد الله قادية – اإلطار القــانوني لــدعم التشــغيل فى الجزائــر – أطروحــة لنيــل شــهادة الــدكتوراه فى433

.2011-2010القانون االجتماعي – جامعة و هران - كريم النشاشي و آخرون – الجزائر تحقيق االستقرار و التحول إلى اقتصــاد الســوق – دراســة خاصــة –434

.1998ص. ن. ر، .236- عبد الحميد عبد المطلب – العولمة االقتصادية – منظماتها – شركاتها تداعياتها – ص 435

162

إن سياسة تحريــر التجــارة العالميــة من خالل المتــاجرة بالســلع عــبر الحــدود الدوليــة بكــل حـــرية و المنافسة الناجمة عن ذلك تعد من نتائج سياسة منظمة التجــارة العالميــة و قــد أدت هذه السياسة إلى تهديد الحق في العمل من خالل فقدان العمل البشري لقيمته، بل و القضاء على فرص العمل في حد ذاتها، فالطبقة العاملة التي ال تنتظم في أغلب األحيان إال في إطار وطني ال غير، تواجه شركات دولية تسخر االنتقال إلى خارج الحــدود للقضــاء على

ما يواجهها من مطالب. إن المدراء في الشركات الكبرى يرمون إلى تخفيض تكاليف العمل بكل السبل، و من أجل تحقيــق هـذا الهـدف اتخــذت الصــناعة ذات التقنيـة المتدنيــة الناشــطة في إنتــاج المالبس و األحذية و لعب األطفـال و األجهـزة الكهربائيــة طريقــا أكــثر بســاطة، فالنصــيب األعظم منــروعات اإلنتاج في هذه القطاعات تهاجر إلى دول أجنبية، و على سبيل المثال تستغل المش

. 436األمريكية في المكسيك ما يقارب من نصف مليون عامل بأجر قليل جدا إضافة إلى أن هؤالء العاملين ال يحصلون على أي مدفوعات اجتماعيـة كالتــأمين الصــحي أو

الضمان االجتماعي. كما أن التحالفات االقتصادية بين الدول قد ساهمت هي األخــرى في االرتفــاع الــذي روجت

" وهى اتفاقيــة التجــارة الحــرة لشــمال أمريكــا الـتي أصــبحتNAFTAله مجموعـة نافتــا " % من40.حيث أنه بحلول منتصف التسعينات كــان حــوالي 1994سارية المفعول في يناير

مشتريات الجمهور من مواد البقالة قد تركـزت في متـاجر بيــع المفـرد الكبــير أي "السـوبر ماركت" من الطراز األمريكي، و قد ترتب على وصول المتاجر األمريكية للبيع بالتجزئـة إلى توقف المتاجر المكســيكية الصــغيرة بــاآلالف عن العمــل، و كــان من أثــر سياســات التحــرر االقتصــادي و التجــاري كالخوصصــة في مجــال حيــازة األرض، إبطــال دعم األســعار في المنتجات الزراعية، مما جعل العمال المزارعين أكثر عرضة لتقلبات السوق كانهيــار أســعار

، و سنرى في الفرعين اآلتيين من هذه الدراسة كيف أثرت سياسة منظمــة التجــارة437البن العالمية على العمال جراء المنافسة الناجمة عن تحرير التجارة و كيــف تعــاملت المنظمــة

مع البند االجتماعي في اتفاقيات التجارة العالمية .

الفرع األولالمنافسة و تأثيرها على أوضاع العمال في ظل نظام التجارة العالمية

إن عامل المنافسة بالنسبة للسلع الصناعية، مرتبط بسوق العمل حيث تــؤثر العمالــة الكثيفة و عنصر المهارة على القدرة التنافسية لهذه الســلع و هــو مــا ينعكس على أوضــاع العمال في الدول النامية كونها تتسم بالعمالــة الكثيفــة القليلــة المهــارة و بالتــالي تصــطدم صادرات هذه الدول بحواجز فيما يخص النفاذ إلى الدول المتقدمة باإلضــافة إلى التعريفــات

"، و الحــواجزDumpingالتي تضــعها الــدول المتقدمــة في إطــار سياســة مكافحــة اإلغــراق" المرتبطة بالعمل و البيئة، و ال تتسم األجور بالمرونة في معظم الدول الصناعية الرئيسية و هو ما يعني أن هبوط األثمــان ال يمــر بيســر إلى العمــل لكي يحافــظ على هـامش الــربح، و يصدق هذا على الدول التي يعتبر لديها أسواق عمل مرنة، و يعــزى عــدم المرونــة هــذا إلى

ــدد من تشــريعات ســوق العمل ــة438ع ــود المتعلق ــد األدنى لألجــور، القي ــل تشــريع الح مث بالمســاومة الجماعيــة على تعــيين العمالــة و تشــريعاتها، كمــا تتضــمنها أيضــا الممارســات

الصناعية و التقاليد المنظمة لتوفير دخول آمنة و متوقعة للعمال..77- ضياء مجيد الموسوي – مرجع سابق – ص 436ــة437 - هانس بيترمارتين، هار الدشومان، ترجمة د. عدنان عباس علي، مراجعة أ. د رمزي زكي – فخ العولم

.167– االعتداء على الرفاهية و الديمقراطية، ص - يلماظ أكيوز – الدول النامية و التجارة العالمية – األداء و األفاق المســتقبلية – دار المــريخ – الريــاض –438

.142 – ص 2006163

ــة على األقــل إن غياب مثل هذه الشروط في أسواق العمل في معظم الــدول النامي بالنسبة للعمل منخفض المهارة، مـع الفـائض الكبـير من العمالـة غالبـا مــا ينطــوي على أن األجور فيها عادة ما تكون أكثر مرونة منها في أسواق الدول المتقدمـة، و هـذا مـا يزيـد من قدرة المشروعات على أن تخفض األجور حين تهبط األثمان بما ال يعــرض األربــاح للتآكــل و

.439هو ما يمكنها من أن تنافس على أساس الثمن في أسواق السلع الصناعية كثيفة العمال إن هناك من يشكك في أمر المنافسة القادمة من بلدان األجور الزهيدة، و ال يرى لها أثرا مهما على ضياع فرص العمل في البلدان المتقدمة، و الشك أن االستيراد المتنامي من الشرق و الشرق األقصى قد تسبب في خسائر في القطاعات التى تستوعب عمالة كثيفــة،ــا من مثل صناعات األحذية و المنسوجات، و كذلك صناعة الكمبيوتر و األجهزة الدقيقة، و م شابه ذلك من مثل هذه الصناعات، ففي مجال هذه الصــناعات ضــاعت في أوروبــا، أمريكــا الشمالية و اليابــان، فــرص عمــل لمصــلحة العــاملين الجــدد في االقتصــاد العــالمي، و لهــذاــا ســواها السبب انخفض على وجه الخصوص الطلب على األيدي العاملة غير المتعلمة، و م من األعمال التي ال تتطلب مهارة كبيرة، و كـان االقتصــاد البريطـاني "أدريـان وود" قـد بين

من حيث1980في سياق دراسة تطبيقية واسعة أن القطاع الصناعي قــد خفض منــذ عــام المتوسط في مجمل بلدان هذا المحور الثالثي و ذلك بسبب المتاجرة المتنامية مـع البلــدان

. و مع هذا فإن التدهور العظيم في أسواق العمـل يعـود في المقـام األول440الصاعدة حديثا إلى التشــابك الســريع بين بلــدان منظمــة التنميــة و التعــاون االقتصــادي إذ أن هــذه الــدول تستقطب ما يزيد عن ثلثي االستثمارات العــابرة للحــدود و على مــا يبــدوا أنــه حــتى الــدولــر التجــارة و من ثمــة ــة بتحري المتقدمــة انطبقت عليهــا مصــيدة العولمــة االقتصــادية ممثل

المنافسة التجارية.ــدود في إن االنفتاح االقتصادي و االزدهار اقترن في الدول اآلسيوية باستغالل غير محــوص، و على أغلب األحيان للعاملين المحرومين من الحقوق و النساء منهم على وجه الخص

" التي تقوم بإنتاج األحذيــة الرياضــية الباهضــة الثمن، يقــومNikeسبيل المثال شركة "نايك بإنتاجها في إندونيسيا حوالي مائة و عشرين ألف عامــل و عاملــة، يعملــون لــدى المــوردين

المحليين لهذه الشركة العمالقة بأجر يقل عن ثالثة دوالرات في اليوم . و رغم أن هذا األجر ال يسد الرمق إال بالكاد في إندونيسيا، إال أنه يساوي الحــد األدنى المقرر قانونا، و من أجـل المحافظــة على القــوة التنافســية الكامنــة في انخفــاض مســتوىــا ــاتهم ثمن األجور تقضي الحكومة هناك على أي شهر عمالي في مهده، فقد دفع نقابيون حي العتراضهم، و في هذا يبرر وزيــر الصــناعة األندونيســي موافقــة حكومتــه على هــذه األجــورــد على مســتوى األجــور ــام و بنغالديش ال تزي ــدة بحجــة أن األجــور في الصــين و فيتن الزهي

" الـتي تــدفع لمســتخدميهاsiemensالسائدة في بلده، و مثال آخر عن المؤسســة العالميــة "ــبيا، و إن الفنيين العاملين في مصنعها المنتج لرقائق الكمبيوتر في ماليزيا، أجورا زهيدة نس معاملتها للعامالت األندونيسيات الستمائة، كما لــو كن مســتعبدات، فيكــدحن ســتة أيــام في

ماركــا في الشــهر، كمــا يســكن350األسبوع، بل و سبعة أيام في الغالب، و يحصــلن على . 441بناية تابعة للمصنع تقفل أبوابها كما لو كانت سجنا

إن اقتصاد العولمة يمتاز بالمغاالة في استخدام أسلوب اإلنتاج الكثيف ممــا يــدفع إلى خلق مشاكل اجتماعية و اقتصادية في مقدمتها ندرة فــرص العمــل و اســتفحال البطالــة، و

- ال يعــني هــذا أن العمــل المســتخدم في قطــاع التصــدير في الــدول الناميــة أســوء بالضــرورة من ذلــك439 المستخدم في غير القطاعات التجارية، إال أن التنافس على الصــادرات من الســلع قليلــة المهــارة يمــارس

ضغوطا تنازلية على األثمان و األجور. ( حول الدليل على تأثير تحرير التجارة و التوجه نحو التصدير على األجور فيUNCTAD 2001 a- أنظر : )

الدول النامية.440 -Adrain Wood – North south trade, employment and lequality, axford, 1994 .

.81- ضياء مجيد الموسوي – مرجع سابق – ص 441164

،442من المتوقع حسب دراسات متخصصة تزايد معــدالت البطالــة حــتى في العــالم الغــربي فمن المعروف استقرار معدالت بطالة عالية في كــل الــدول الصــناعية، بينمــا في الواليــات المتحدة األمريكية و بريطانيا تبلغ نسبة البطالــة فيهــا نصــف مــا هــو ســائد في دول االتحــاد األوروبي، و ذلك يرجع إلى توجيـه السياســات العامــة إلى تحســين نتــائج االقتصــاد الكلي، و تخفيض عجز الميزانية و ميزان المدفوعات و التقليص من نفقــات الصــحة و التقاعــد، على حساب تدني أجور العمال إضافة إلى أن ضعف الحركة النقابية يجعل احتجاجــاتهم محــدودة أكثر، كما أن المواطن األمريكي الباحث عن عمل يقبل أي عمل ألنه غير متعود على حماية

، كمــا تشــير منظمــة العمــل الدوليــة443اجتماعية شاملة عكس ما هو عليه الحال في أوروبا مليــار شــخص يكونــون2.8 بطال، هم عمال يوميون سابقون من ضمن 120إلى أنه يوجد

ماليين شــخص يعيشــون في05 إلى 04الطبقة النشطة في العالم، إلى جــانب مــا يقــارب . 444الشارع

إن عنصر العمل الوفير في دول العالم الثالث دفع البعض من هـذه الـدول إلى طــرح مسألة إدراج معاملة العمل كسلعة يمكن المتاجرة بهــا في مفاوضــات التجــارة العالميــة، و ذلك من خالل بيــع خــدمات العمالــة بين الــدول و بعضــها من خالل معــامالت الخــدمات من الممكن أن يكون ذلــك من صــادرات العــالم الثــالث، اين يتم ربــط حريــة الهجــرة و انتقــال العمالة بحرية التجارة في الخدمات، و في نفس الــوقت فــإن قيــود الحصــول على تــأثيرات الدخول بالنسبة للمواطنين العاملين لدى مقدمي الخدمة تمثل معوقات مهمــة للتجــارة فيــل الخدمات حتى بالنسبة للدول المتقدمة، و إذا ما تم تقديم تنازالت في مجال العمالة مقاب تنازالت في مجال تجــارة الخــدمات. فــإن الــدول األقــل نمــوا يمكن أن تســتفيد من ميزتهــا النسبية في العمالــة الرخيصــة بتحويلهــا إلى صــادرات و على أيــة حــال فالواليــات المتحــدة عارضت علنيا إدخال هذه القضــية في االتفاقيــة أو المفاوضــات و على هــذا قــد يكــون غــير واقعيا أن نتوقع تقدما مهمـا في المناقشـات بشــأن اعتبــار عنصــر العمالـة ســلعة من ســلع

. 445التجارةــوق غير أن الواليات المتحدة مدعمة بفرنسا و بعض الدول الصناعية أرادت إدراج حق

" و رأت أن يكــون من مهــامGATTالعمــال ضــمن اتفاقيــات العامــة للضــريبة الجمركيــة " منظمة التجارة العالمية الجديدة اإلشراف على تنفيذ جميع الدول لحقوق العمال التي يتفق عليها، و تــرمي الــدول الكــبرى هنــا باألســاس إلى الكثــير من الــدول الــتي تســمح بتشــغيل األطفــال باإلضــافة إلى األجــور الزهيــدة الــتي تحصــل عليهــا العمالــة في تلــك الــدول دون االرتباط بنظام للتأمين الصحي و المعاش و ما إلى ذلك من تكاليف تتحملها الــدول الكــبرى و ترفع بها بالتالي أسعار العمالة بها مما يضعف مركزها التنافســي أمــام العمالــة الرخيصــة القادمة من الدول النامية، لذا فقد رأت الواليات المتحــدة أن تضــع شــروطا معينــة للعمالــة يجب أن تلتزم بها جميع الدول التي تريد أن تتمتع بمزايــا التجــارة الحــرة في العــالم و تنص هذه الشروط على منع تشغيل األطفال في الدول التي تسمح – مع وضع حدود دنيا لألجــور و كــذلك ضــمان حريــة تشــكيل النقابــات. أمــا الــدول الــتي ال تلــتزم بتلــك الشــروط فيجب إخضاعها لعقوبات مــا. الــدول الصــناعية الكــبرى تــرى أنهــا بتلــك الشــروط تضــمن للجميــع التنافس في ظل ظروف متشابهة إلى حد ما، أما الــدول الناميــة فــترى أن حقــوق العمالــة

- علي مجيد الحمادي – النتائج المرتقبة للعولمة على اتجاهات االستثمار في اقتصــاديات مجلس التعــاون442 الخليجي، سلســلة كتب المســتقبل العــربي المجتمــع و االقتصــاد أمــام العولمــة – مركــز دراســات الوحــدة

.72 – 51، ص 2004/ 01العربية، بيروت ط - اسماعيل صبري عبد الله – الكوكبة الرأسمالية العالمية في مرحلة مــا بعــد اإلمبرياليــة – سلســلة كتب443

–1المستقبل العربي – العرب و تحديات النظام العالمي – مركــز دراســات الوحــدة العربيــة – بــيروت ط .70 – 43، ص 1999

ــدد444 - صويلح بوجمعة – العولمة و األمن – مجلة الثابت – العولمة و تجلياتها – المجلس الشعبي الوطني ع.120، ص 2003، 01

.455- جابر فهمي عمران – مرجع سابق – ص 445165

هذه ما هي إال حيلة لسلب تلك الدول من المــيزة الوحيــدة الــتي تتمتــع بهــا و هي انخفــاض.446األجور

يالحظ أن هنــاك2000و طبقا للتقرير السنوي الصادر عن مكتب العمل الدولي سنة تدن في نسبة قــوة العمــل المســتغلة في نظــام منــدمج بالتجــارة الدوليــة، و هي ال تتجــاوز

% من قــوة العمــل العالميــة90% على المستوى العالمي، بمعــنى أن حــوالي 12% أو 10ــبة ــل نس ــة. و تعم ــواق داخلي ــل في أس ــركات32تعم ــروع الش ــادالت تتم بين ف % في مب

المتعددة الجنسيات على شكل تجارة داخلية. و هذا التناقض يمثل جوهر االختالل و التحــدي لما يفترض من ظاهرة العولمة و اإلسهام في حله، و وفقــا لمعطيــات تقريــر مكتب العمــل

ــار و 300الدولي إن هناك حاليا أكثر من مليار عامل في حالة بطالة كليا أو جزئيا، و أن ملي مليــار إنســان يعيشــون03مليون إنسان يعيشون بدخل ال يتجاوز دوالرا واحدا في اليــوم و

إن المالحظ هو أنه رغم رفع شــعار الحريـة االقتصــادية447على دخل ال يتجاوز دوالرين فقط في ظــل اقتصــاد العولمــة فــإن الــدول الناميــة تجــد الكثــير من المشــاكل بشــأن الحــواجز المفروضة على أهم عنصر إنتاجي لديها و هو عنصر العمــل، و ســنتطرق فيمــا يلي إلى دور

منظمة التجارة العالمية في اإلشراف على حقوق العمال .

الفرع الثانيدور منظمة التجارة العالمية في اإلشراف على حقوق العمال

ــعا، لقد أثار إدخال البند االجتماعي في ميكانيزمات منظمة التجارة العالمية جدال واس الخاص بحقوق العمال في إطــار منظمــة العمــل الدوليــة، و قــد1998و يقصد بذلك إعالن

ــا لســنة 2008جــاء إعالن ــذات الحقــوق ليكمــل إعالن فيالدلفي لمكافحــة1998 الخــاص ب مخلفات العولمة و جاء هذا اإلعالن بنفس جديد لحماية حقوق اإلنسان أثنــاء العمــل، و جــاء

: 448 بأربع أهداف إستراتيجية هي2008إعالن العمل على تقوية المؤسسات االقتصادية من أجل التنمية االقتصادية و االجتماعية.(1 تقوية اإلجراءات الخاصــة بالحمايــة االجتماعيــة و كــذا الصــحية للعمــال باإلضــافة إلى(2

حجم الدخل و ساعات العمل.تعزيز الحوار الوطني و الدولي في الجوانب االقتصادية و االجتماعية.(3تعزيز المبادئ و الحقوق األساسية لإلنسان إزاء العمل.(4

هذا و قد جاء المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمــة التجــارة العالميــة من خالل اإلعالن الختــامي لمؤتمر الدوحة، ليكرس دور منظمــة العمــل الدوليــة في موضــوعات العمــل حيث جــاء فيــوزاري ــؤتمر ال ــمنه الم ــبق و أن تض ــا س ــميم على م ــذا اإلعالن، التص ــع من ه ــد الراب البن بسنغافورة، حول البعد االجتماعي لمعايير العمــل و التأكيــد مــرة أخــرى أن منظمــة العمــل الدولية هي الجهة الوحيدة، المسؤولة عن موضوعات العمل، و هو ما يطمئن الدول الناميــة

ــديث –446 ــربي للح ــة – المكتب الع ــا الوزاري ــة و مؤتمراته ــارة العالمي ــة التج ــراد – منظم ــاح م ــد الفت - عب.2006اإلسكندرية –

- عبد األمير السعد – العولمة و مقاربة التفكير االقتصــادي، مجلـة العلــوم االقتصــادية و علــوم التســيير –447–ــ 2كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير – جامعة فرحات عباس – ســطيف – الجزائــر – ع ، ص2003

115 – 141.448 -Marie Ange Mareau – Les droits de l’homme au travail en 2008.Au-delà de la logique des droits de l’homme et droits

sociaux fondamentaux – Droits Economique et droits de l’homme larcier – 2009 PP 509 - 534.166

ــذلك ــة، فتضــمن ب ــدول المتقدم ــادراتها إلى ال ــق لص ــذ عوائ ــايير لن تتخ ــك المع إلى أن تلاستقرارها اجتماعيا و سياسيا.

و يقصد بالشروط االجتماعية ربــط المســائل التجاريــة مــع معــايير العمــل الدوليــة الــتي تم المصادقة عليها في إطار منظمة العمل الدولية و التي تضمن الحقــوق األساســية للعمــل و

هي :.حرية التنظيم و التعبير و المفاوضة الجماعية.حظر العمل الجبري و التمييز في المعاملة.كفالة الحد األدنى لألجور و ساعات العمل و اإلجازات و الصحة و السالمة المهنية.عمل األحداث و حماية المرأة العاملة

إن ربط المســائل التجاريــة مــع معــايير العمــل الدوليــة يعــد نوعــا من التــدخل الواضــح في الشؤون الداخلية و مس بسيادة الدولة و بخاصة في الدول النامية التي يعمل بهــا األحــداث و ظروف العمل فيها غير مناسبة و هو ما يوضــح خطــورة البنــد االجتمــاعي، و قــد تم إدراج هذا البند في اتفاقيات التجارة المتعددة األطراف تحت مظلــة منظمــة التجــارة العالميــة، و ترى فئات كبيرة في مختلف دول العالم أن هذا البند االجتماعي ربما يشكل إجــراءا حمائيــا، و لكنه لن يتمكن من حماية حقوق العمــال ال في الــدول المتقدمــة و ال في الــدول الناميــة،

: 449كما أن آثاره غير مؤكدة ألسباب عديدة منهاضعف العالقة بين التجارة و معايير الحقوق العمالية.(1 من الممكن أن تأتي العقوبات التجارية الواردة في البنــد االجتمــاعي بنتــائج عكســية،(2

بحيث تلحق الضرر بالعمال في البلدان النامية بدال من مساعدتهم. أن هذه العقوبــات قــد تزيــد من عوائــق إمكانيــة وصــول منتجــات الــدول الناميــة إلى(3

األسواق العالمية. ينطبــق البنــد االجتمــاعي على قطاعــات اإلنتــاج المخصصــة للتصــدير فقــط، و هــذه(4

القطاعات ال توفر إال جزءا يسيرا من فرص العمل و بخاصة عمل األطفال. لقد أثبت الواقع ان هناك تحول كبير فى دور منظمة العمل الدوليــة نتيجــة الضــغوطات الى تتعرض لها من طرف منظمة التجارة العالمية ومطالب الدول ألكبري للتراجع عمـا كرسـت من معايير دولية للعمل وفقا لمبادئها الدستورية . و هذا من حيث االعــتراف بحــق العمــل و تحسين ظروف العمل ووضع سياسات عادلة لألجور و تحسين بيئة العمل ومستوي السالمة و الصحة المهنية و توفير وسائل و فــرص التــدريب و غيرهــا و االستعاضــة عنهــا بمــا يعــرف

و الـذي حصــر كـل هـذه1998بإعالن المبادئ و الحقوق األساسية فى العمل الصادر ســنة منه فى ثمانيــة اتفاقيــات فقــط من أصــل مجمــوع االتفاقيــات02الحقوق من خالل المادة

.450الدولية كمــا أن العقوبــات الــتي نص عليهــا البنــد االجتمــاعي لن تســاعد على محاربــة الفقــر و من الممكن أن يكون هــذا البنــد أداة قويــة بالنســبة لدولــة قويــة و غنيــة لكنــه لن يكــون كــذلكــغير بالنسبة لدولة صغيرة و فقيرة، و ربما يكون للعقوبات التجارية تأثيرا مدمرا على بلد صــاليف و ال يصدر سوى بضع سلع أساسية. إن تسوية المنازعات الناجمة عن ذلك باهضة التك تتطلب خبرة فنية قانونيــة دوليــة عاليــة ال تمتلكهــا البلــدان الناميــة و لن تتمكن بالتــالي من

، و لهذا السبب تم اقــتراح بــدائل للعقوبــات التجاريــة من خالل تــدابير451مقاضاة دول غنيةتمكن من إنفاذ معايير العمل األساسية لمنظمة العمل الدولية و منها :

449- Belles Patrick – Globalization and international labor standards and Background paper, Multilateral institutions of UNDP, human Development, Repart development program 1999 united nation New York -

- أنظر : مامونى فاطمة – تأثير العولمة على قانون العمل الجزائري – أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في450.2013-2012القانون االجتماعي – جامعة وهران -

451- Khor Martin, A comment on Attempted linkages between trade and non-trade 1999 issues in the WTO, penong, Malaysia. 167

وضع برامج يشترك فيها أصحاب العمل و الحكومات لتحســين حقــوق العمــال. و من(1 أمثلة ذلك برامج منظمة العمل الدولية المناهضة لعمل األطفال الــتي تبنت مبــادرات

ناجحة في توفير التعليم في باكستان و بنغالديش.ــادرات لتشــديد مســائلة الشــركات، بمــا في ذلــك وضــع مــدونات لســلوك(2 اتخــاذ مب

الشركات تحترم معايير العمل األساسية، مــع تنفيــذ تلــك المــدونات و رصــدها رصــدامستقبال.

اتخاذ إجراءات من جانب المستهلكين مثل وضع البطاقات و حمالت المقاطعة إليجــاد(3. 452حوافز في السوق لرفع مستوى معايير العمل

ــد ــة ليس البن ــدان النامي ــوق العمــال و تحســين أحــوالهم في البل ــة حق ــزم لحماي ــا يل إن م االجتماعي بل زيــادة االســتثمارات و النمــو االقتصــادي، الــذي يخلــق فرصــا للعمــل أكــثر، و قوانين وطنية أقوى إلى جانب اعتماد معـايير محــددة من جــانب القطـاع الخــاص المحلي و

و1947من جانب الشركات األجنبية، و من الواضح أن اتفاقيات "الجات" و منذ نشأتها في كان هدفها تلبية حاجات الدول المتقدمة1994حتى اكتمال أبعادها في مؤتمر مراكش عام

الصناعية و تأمين مصالحها. فقد ظهر من تطبيق أحكــام اتفاقيــة " مــراكش " خالل العقــود الخمس الماضية بأنه على الدول النامية أن تصــدر ســلعا أكــثر فــأكثر من أجــل أن تســتورد

، و إذا كانت الدول الصناعية المتقدمة هي الرابحة دوما من خالل تطــبيق453سلعا أقل فأقل اتفاقات "الجات" فإن الدول النامية و األقل نموا هي الخاسرة دومــا، فقــد كــانت الخاســرة في عالقاتها التجارية مع الدول الصناعية في عهود االستعمار و بقيت خاســرة أثنــاء الحــرب

.454الباردة و ما بعدها و حتى مع ظهور و تطبيق اتفاقيات "الجات" إن تطبيق اتفاقية "الجات" قد يؤدي إلى نتائج مدمرة على اقتصاديات الــدول الناميــة، حيث أن استخدام أنظمة الري المتطورة مثال إلنتاج كميات كبيرة من السلع الزراعية بأعداد أقــل من اليد العاملة هي نظريــة يــؤدي تطبيقهــا في البلــدان الناميــة إلى نتــائج خطــيرة، لســبب بسيط هو أن من سيفقدون عملهم نتيجة ذلــك ســيهجرون إلى المــدن حيث سيعيشــون في مناطق فقيرة ، مما سيؤدي إلى خلل سكاني و عدم استقرار اجتماعي، و يقدر عــدد الــذين يعيشون في المناطق الزراعية في الدول النامية بأكثر من ثالثة مليارات فرد و إن أي نجاحــارين من التفاقيات "الجات" باستخدام الطرائق الحديثة في الزراعة سيؤدي إلى فقدان ملي السكان عملهم، و سينتقل عدد كبير منهم إلى المدن و هو ما يحدث في الصــين حيث هجــر

مليون مزارع صيني أراضيهم صوب المدن للبحث عن عمــل آخــر و لتجنب مثــل هــذه100 النتائج المأساوية البد من التفكير بجدية في إيجاد طرق بديلة عن فتح األسواق بحرية تامــة، و هذا ال يعني إغالق األسواق العالمية بل فتح المجال لعقد اتفاقيات ثنائية بين هذه األقاليم، فليس من السهل على أي بلد فتح أسواقه أمام كل أنواع البضائع من البلدان األخــرى بغض النظـر عن المنــافع الـتي يمكن أن يجنيهـا هـذا البلـد أو ذاك أو عن األضـرار الـتي يمكن أن يلحقها مثل هــذا االنفتــاح باقتصــاديات البلــدان الناميــة و تــدمير فــرص العمــل فيهــا و الــتي

. 455ستؤدي أحيانا إلى اضطرابات اجتماعية و إشاعة عدم االستقرار في البلد

الفرع الثالثاتفاقيات التجارة و االستثمار متعددة األطراف و أثرها على الحق في العمل

452- Panagatu theadare – globalization and environement paper fon – UNDP – Human developement report 1999 – New York. - دراسة لغرفة تجارة دمشق، ملخص عن االتفاقية العامة للتعريفات الجمركية و التجارية – دمشق -453

1999. - عدنان شومان شوكت – اتفاقية الجات الدولية – الرابحون و الخاسرون – دار المستقبل – دمشق –454

1996. - مصطفى عبد الله الكفري – منظمة التجارة العالمية و حماية الملكية الفكرية و البند االجتماعي –455

2003 - 09 – 10- 587مجلة الحوار المتمدن – ع 168

محاولة العتماد اتفاقية االستثمار المتعددة األطراف،1998 و 1997لقد شهد عامي و هي اتفاقية تهدف إلى توزيــع برنــامج تحريــر التجــارة ليشــمل قطاعــات اقتصــادية أخــري كالصناعة و الخــدمات و تــداول األســهم و رؤوس األمــوال و العقــود و األصــول العقاريــة وــاون و الموارد الطبيعية و هذا تشجيعا لالستثمار و قد كانت موضع التفاوض بين منظمة التع

". و النادي الدولي المكون من أغــنى ثالثين دولــة فيOCDEالتنمية في الميدان االقتصادي" العالم، و لو كانت هذه االتفاقيــة اعتمــدت لغــدت بمثابــة فصــل هــام فيمــا يعــرف "بدســتور االقتصاد العالمي الموحد" أو شركة الحقوق و الحريات للشركات عــبر الوطنيــة، أي بمثابــة

عنــد تســرب أخبــار مســودة1997إعالن لقواعد عمل تلك الشركات" و حتى شهر فــبراير هذه االتفاقية/ كانت المفاوضات قد تمت في أغلبها ســرا، و كــانت تــدفعها "الــدعوة القويــة التي تبنتهــا الغرفــة التجاريــة الدوليــة و المجلس األمــريكي لألعمــال الدوليــة و غيرهمــا من التنظيمات التي تساندها هذه الشركات. و كانت االتفاقية أساســا محاولــة الســتكمال خطــة تحرير االقتصاد العالمي لصالح المؤسسات و الشــركات غــير الوطنيــة على حســاب حقــوق

العمال. ، وتحت ضغوط شــديدة من منظمــات المجتمــع المــدني و1998غير أنه في ديسمبر

في أعقاب انسحاب فرنسا من المفاوضات، تخلت منظمــة التعــاون و التنميــة في الميــدانــدة االســتثمار الزالت ــادة ح ــدد األطــراف لكن زي ــة االســتثمار المتع االقتصــادي عن اتفاقي موضوعا هاما على جداول أعمــال العديــد من المحافــل العالميــة و اإلقليميــة، كمــا أن تلــك النصوص التي كانت وراء السمعة السيئة التي اتســمت بهــا االتفاقيــة لــدى المنظمــات غــير

تظهــر في نطــاق منظمــة التجــارة456الحكومية المهتمــة بحقــوق العمــال و البيئــة و التنمية العالمية، و صندوق النقد الدولي، و اتفاقية التجارة الحرة لألمر تكييف و في محافل أخــرى،

و لذلك ينبغي لمنظمات المجتمع االحتياط في هذا الشأن. " قد عبرت بوضوح عن األخطار الكامنة في اتفاقيات االســتثمارOXFAMإن منظمة "

بشأن مســودة اتفاقيــة االســتثمار المتعــددة1998الجديدة في الدراسة التي أصدرتها سنة حيث توضح تحفظات هذه المنظمة التهديد الخطير الذي يمثله األخذ بالمبادئ و457األطراف

األحكام الواردة في اتفاقيات االستثمار اإلقليمية و الدولية الجديدة على القواعــد األساســية لحقوق اإلنسان مثل اإلعمال التدريجي للحقوق االقتصــادية و االجتماعيـة و الثقافيــة و بينهـا الحق في العمل و يمكن تلخيص اعتراضــات المنظمــة في مجــال إعمــال الحــق في العمــل

فيما يلي :اقتصار التأكيد على حماية المستثمر بدون اهتمــام مماثــل إلرســاء التزامــات قانونيــة

على عاتقه و إقرار مبدأ مسائلته.عدم كفاية الفقرة المقترحة الخاصــة بعــدم األخــذ بمعــايير منخفضــة و الــتي وضــعت

لمواجهــة الضــغوط المتجهــة ألســفل – فيمــا يتعلــق بقواعـد البيئــة و العمالــة و الــتيتستهدف جلب االستثمار.

التعريف الفضفاض لــنزع الملكيــة الــتي قــد يســاء اســتغالله إلى جــانب المســتثمرين األجانب. و هو ما له سوابقه في إطار اتفاقية التجارة الحرة ألمريكا الشمالية، مما قد يهدد التشريعات الوطنية المشروعة بشــأن البيئــة و فــرض الضــرائب و الصــحة و

السالمة و حقوق المستهلكين و العمال. هذا و إضافة إلى تقرير لجنة أوكسفام و مقترحات اللجنة الدولية للمنظمات غير الحكوميــة المعنية بحقوق اإلنسان في التجارة و االستثمار، هناك رؤى و توجيهات قيمة أخرى تضــمنتها

456 -The human rights community was slow to respond to this threat emanating from OECD. See Miloan KAthari and Tara krouse, Human rights or corporate rights? The roi challenge, “in Human rights tribune, 5, nos, 1 – 2 .

457 -See oscfam GB update on the Multiltred agreement on ivestment, december 1998.169

و منهــا على ســبيل458القرارات الصادرة عن هيئات األمم المتحدة المعنية بحقوق اإلنســانــة حقــوق اإلنســان في ــز و حماي ــة لتعزي ــة الفرعي ــه اللجن ــذي اعتمدت ــال القــرار ال 20المث

بعنوان "حقوق اإلنسان باعتبارها الهدف األساســي للتجــارة و االســتثمار و1998أغسطس السياسة المالية"، حيث أكدت اللجنة الفرعية في هذا القرار على أن إعمال حقوق اإلنسان و الحريات األساسـية يمثـل أو أهم مسـؤوليات و أهـداف الـدول في كـل مجـاالت اإلدارة و

و تؤكد هذه العبارة مجددا على اللغة التي اعتمدتها حكومــات العــالم في إعالن و459التنمية ، كمــا أعــربت1993460برنامج عمل فينا الصادر عن المؤتمر الدولي لحقــوق اإلنســان عــام

اللجنة الفرعية أيضا عن قلقها مما قد تسبب االتفاقية الخاصة باالستثمار متعــددة األطــراف على حق العمل و حقوق اإلنسان بصفة عامــة، و الســيما احتمــال أن يحــد هــذا االتفــاق من قدرة الدول على اتخاذ خطوات احتياطية من أجل كفالــة تمتــع جميــع األفــراد الــداخلين في واليتها بالحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافيــة، كمــا دعت اللجنــة الفرعيــة في قرارهــا

. 461السابق اإلشارة إليه إلى إعداد ورقة عمل عن التجارة و االستثمار و حقوق اإلنسان كــان1999بناء على ذلك، أصدرت اللجنــة الفرعيــة قــرارا في دورتهــا الــتي انعقــدت عــام

و في هــذا القــرار دعت اللجنــة462عنوانــه "تحريــر التجــارة و أثرهــا على حقــوق اإلنســان" الفرعية إلى العمل مع منظمــة التجــارة العالميــة داعيــة هــذه األخــيرة على اتخــاذ خطــواتــة "لضمان اإلدماج التام للمبادئ و االلتزامات المتصلة بحقوق اإلنسان في مفاوضات منظم

التجارة العالمية . كما تناولت اللجنــة قضــية أخــري، و هي فــرض العقوبــات التجاريــة الــتي توقــع على الــدول لدفعها الحترام حقوق اإلنسان، حيث تخشى الكثير من الدول النامية أن يصبح ربط التجــارة بحقوق اإلنسان بما في ذلك حقوق العمال، مرتعا خصبا للتدابير شبه الحمائية ضد صادراتها و استخدام أوضاع حقوق اإلنسان في دولة كذريعة، و إقـرارا منهـا بهـذه الصـعوبات، أعلنت اللجنة الفرعية أن "العقوبات و الشروط السلبية التي تؤثر مباشرة أو بطريق غير مباشــرة على التجارة ال تمثل طرقا مناسبة لتشجيع إدماج حقوق اإلنسان و بينها حقــوق العمــال في

السياسات االقتصادية الدولية. تأســس فريــق عمــل معــني بأســاليب1999هذا و في دورة اللجنة الفرعية المنعقدة عــام

عمل أنشطة الشركات عبر الوطنية و حقوق اإلنسان، و من المبادرات األخرى التي اتخذت في هذا الصدد أن فريق العمل استأنف من جديــد الجهــود الــتي ســبق بــذلها لصــياغة إطــار

اعتمــدت2003 أغســطس 13قانوني خاص بحقوق اإلنسان للشركات عبر الوطنية، و في اللجنة الفرعية القواعد المتعلقة بمسؤوليات الشركات عبر الوطنية و غيرها من مؤسســات

األعمال في مجال حقوق اإلنسان.

458 -For a discussion on the relevance of the eneging agenda on globalization of the sub-commission on the promotion and protection of human rights, see rilson kothar and peter prove, “The sub – commission and globalization guest editorial, “in

Human rights tribune, 5, N° 04 September 1998 . – وثيقة1999 أغسطس 20 بتاريخ 1999/12- قرار اللجنة الفرعية لتعزيز و حماية حقوق اإلنسان رقم 459

RES/2، E/CN.4/SUB/12/1998األمم المتحدة - حقوق اإلنسان و الحريات األساسية هي حقوق يكتسبها جميع البشر بالوالدة، إن حمايتها و تعزيزها هما460

المسؤولية األولى الملقاة على عـاتق جميـع الحكومــات "إعالن و برنــامج عملي فينــا الصـادر عن المــؤتمر وثيقــة األمم المتحــدة1993 يونيــه 25 إلى 14العــالمي لحقــوق اإلنســان المنعقــد بفينــا خالل الفــترة من

24/157/CONF/A.الجزء األول - اللجنة الفرعية لتعزيز و حماية حقوق اإلنسان، حقوق اإلنسان باعتبارها الهدف الرئيســي للسياســات و461

الممارسات التجارية و االستثمارية و المالية على الصعيد الدولي، ورقة عمل مقدمة من السيد ج. أولوكا –ــة الفرعيــة رقم ــانغو و الســيدة ديبيكــا أوداغامــا عــامال بقــرار اللجن ، وثيقــة األمم المتحــدة1989/12أوني

11/1999/SUB2/ CN.4/E ، وثيقــة1999 أغسطس 26 بتاريخ 1999/30- قرار اللجنة الفرعية لتعزيز و حماية حقوق اإلنسان رقم 462

/RES/SUN2/9/1999األمم المتحدة CN.4/E170

ــة المتعلقــة بضــمان حقــوق في إطــار الحــق في العمــل تتوقــع معظم المعاهــدات الدوليــاب العمــل و ــة حقــوق العمــال من جــانب أرب ــدول ضــمان احــترام و حماي العمــال ،من ال المؤسسات العامـة و منهـا الشـركات العـبر وطنيــة، و على سـبيل المثــال، تتطلب اتفاقيــة

( الخاصة بالحرية النقابية و حماية حق التنظيم النقابي لعــام87منظمة العمل الدولية رقم ) من الـدول األطـراف فيهـا اتخـاذ جميــع التـدابير الالزمـة و المناســبة لضــمان تمكين1948

.463العمال من ممارسة حق التنظيم النقابي بحرية)16و بموجب المادة ( من االتفاقية الدوليــة لحمايـة حقـوق جميـع العمـال المهـاجرين و2

يحق للعمال المهاجرين و أفراد أسرهم الحصـول من الدولـة على الحمايـة464أفراد أسرهمــد الفعالــة من التعــرض للعنــف و اإلصــابة البدنيــة و التهديــدات و التخويــف، ســواءا على ي

الموظفين العموميين أو على يد األشخاص العاديين أو الجماعات و المؤسسات . وقبيل االجتماع الوزاري الثالث لمنظمــة التجــارة العالميــة وجهت اللجنــة المعنيــة بــالحقوق

، و هــذا465االقتصادية و االجتماعية و الثقافية تقريرا إلى منظمة التجارة العالمية و أعضــائها حيث تشرف اللجنة البالغة الذكر على مراقبة مدي تطبيق الدول اإلطــراف في1999سنة

العهد الدولي للحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية لبنود هذا العهد و الــذي يضــم أكــثرمن مئة من أعضاء منظمة التجارة العالمية.

الفرع الرابع تأثير اتفاقات التجارة العالمية على حق المرأة في العمل

لعل أكــثر مــا تعــرض لإلهمــال من األبعــاد االجتماعيــة لسياســات و بــرامج التجــارة و االستثمار و المال هو تأثيرها على المرأة، فمن اآلثار الرئيسية، و الدائمة لسياسات التحرير التجاري التراجع المتواصل للضوابط التي تحمي توفير فرص العمل للرجــال،و النســاء على حـد السـواء ،و خفض اإلنفـاق االجتمـاعي بصــورة روتينيـة ،و عـدم فـرض أي ضـوابط على أسعار المواد الغذائية بسبب التركيز على الصادرات الزراعية ،و عدم تــوافر الحمايــة للنظم

المحلية إلنتاج الغذاء و األمن الغذائي. ان غياب الضمانات التي تمنح األفراد الحمايــة من االضــطرار للقيــام بأعمــال عــابرة و الجمع بين عدة وظائف في نفس الوقت، و عدم القدرة على حماية حق االنتفــاع باألراضــي و نظم اإلئتمان، كل هذه التوجهات لها آثار ضارة على المرأة، فعلى سبيل المثــال، كشــفت دراســة حديثــة عن أوضــاع العــامالت في مجــال الصــناعات اإللكترونيــة يفقــدون بالتــدريجــة الوظائف المأمونة، فهناك عملية إعادة هيكلة تتم على مرحلتين، األولى هي تحويل العمالــودة، و من قوة أساسية إلى قوة عارضة، و الخطوة الثانية هي االستغناء عن العمالة الموج إعادة توزيع الوحدات الحالية على قطاعات ذات أجــور أقــل و عمالــة مؤقتــة. و في حقيقــة األمر أنه فضال عن تحول الوظائف من الفئــات الثابتــة إلى المؤقتــة، فقــد لجــأت الشــركات

. 466أيضا إلى تخفيض عدد العاملين بها بصورة مباشرة( من االتفاقية.11- المادة )463

و بـدأ نفـاذ1990 ديسـمبر 17 في 45/185- اعتمدتها الجمعيـة العامــة لألمم المتحــدة بمـوجب القـرار 464.2003 جويلية 01االتفاقية في

، وثيقــة1999 أغسطس 26 بتاريخ 1999/30- قرار اللجنة الفرعية لتعزيز و حماية حقوق اإلنسان رقم 465/RES/SUN2/9/1999األمم المتحدة CN.4/E

466 -Amrita Chachi, « The New labour Market » quated in Bharat Dogra, “Women are sgauldering the burden of liberalisation in india” inter press third world News Agency (IPS) 7 December 1998.

171

هذا و نظــرا لنقص الفــرص المتاحــة أمــام المــرأة للتعلم و التــدريب فإنهــا ال تصــبح مؤهلــةــظ أن كالرجال للتعامل مع التحديات و التعقيدات القائمة في مجال التجارة العالمية، و يالح المسؤولية التقليدية للمرأة عن اإلنجاب و تربية األطفــال تقلــل من الــوقت الــذي يمكن أن تخصصه الكتساب الدخل، و هو ما ينعكس على انخفاض مستوى انفاق األسرة على التعليم و الرعاية الصحية، كما أن التركيز على “المحاصيل النقدية" في االقتصــاديات القائمــة علىــدورة من التصدير يقصر فرصة المرأة من االنتفاع باألرض على مناطق هامشية، مما يقيد ب قــدرة المــرأة على ممارســة زراعــة الكفــاف بمعــنى إنتــاج مــا يكفي للمعيشــة دون فــائض للتجارة و كذا إنتاج المحاصيل لألسواق المحلية فقط، و يقترن ذلك بنزوع خــدمات االئتمــان و التسليف إلى تفضيل التعامل مع الرجال عن النساء ممــا يجعــل كــل هــذه العوامــل تقــف

حجر عثرة أمام إمكانية قيام المرأة بدورها المنتج.

كما خلصت دراسة أجريت في "غانا" و قدمت في منتدى المنظمــات غــير الحكوميــة الــذي إلى أنــه في ضــوء1998عقد بالموازاة مع االجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية عــام

ــة األوضاع المجحفة التي تعيشها المرأة و مسؤولياتها األسرية، فإن التجارة و قواعــد منظم التجارة العالمية ال توفر للمرأة فرص الحصول على الدخل بقدر ما توفرهــا للرجــل، بــل إن األسوء أنها تدمر األنشطة التجارية و عمليات إنتاج الغذاء التي تقوم بها المرأة، و يالحظ أن انخفاض دخل المرأة يعني انخفاض االنفاق على التعليم و الرعاية الصحية، و انخفاض القوة الشرائية و اإلنتاجية و زيادة العمل فيما يتعلق بالجوانب اإلنجابية في النطاق األسري، و هذا

. 467ما يبتعد بالدول عن رفع مستويات و تحسين قدراتها اإلنتاجية

و قد أدى التحرير التجاري بالتأكيد إلى خلق فـرص جديـدة في صـورة زيـادة قـدرة العمالـةــار بين العمــل الــزراعي و على التحــول من عمــل آلخــر، ممــا ســمح لبعض النســاء باالختي الوظائف بآجر، و توحي بعض الدراسات بأن النساء أحيانا يفضلن الوظيفــة المســتقلة بــأجر على الهياكل االجتماعية القمعية و العزلــة الــتي تعيش فيهــا باإلضــافة إلى العمــل الــزراعي الشاق كثيرا ما يكون متقلب األطوار، غير أن الظروف الموضوعية للعمل تتسم باالســتغاللــوقت ألن الوظائف عموما غير مضمونة و أجورها ضعيفة و تعتمد على نظام العمل نصف ال و تحرم العامالت من حقوقهن النقابية و ال حماية فعالة لهم من التعرض للتحـرش الجنسـي

و غير ذلك من األخطار.

و في ضوء السيناريو التجاري العالمي الجديد يمكن القول بأن اآلفــاق ســوف تبقى مظلمــة على المدى البعيد ما لم تحدث تغيرات تلبي احتياجات المرأة، ألن رأس المال دائما يســعى إلى خفض تكلفة العمالـة و تحاشـي المعـايير الصـارمة المتعلقـة بالعمـل و البيئــة و حقـوق اإلنسان ككل، و هو األمــر األكــثر وضــوحا على ســبيل المثــال، في انتشــار منــاطق معالجــة الصادرات التي تميز العولمة االقتصادية و التحرير التجاري في جميــع أنحــاء العــالم، و الــتي

تتألف القوى العاملة فيها أساسا من الشابات.

و من األسباب الرئيسية وراء فشل البنية المالية العالمية في تحقيـق تطـور اجتمـاعي و لـو بقدر متواضع للقطاعات االجتماعية المستضعفة عدم مراعاة الدور الــذي تنهض بــه المــرأة في أنشطة التنمية اليومية أو حتى االعتراف بهذا الدور، و لــذلك فمن الضــروري في جميــع المحاوالت التي تبذل للحد من آثار االتفاقات التجارية العالمية و لوضع األطــر االقتصــادية أو القانونية البديلة مراعاة و وضع المعـايير الالزمـة لتقـييم مـدى احتسـاب الـدور الـذي تلعبـه

المرأة في "تصميم التنمية" .467 -Informal working Group on gender and trade « the need for a gender analysis of the w to : Ghona case study” leaflet

distributed during the w to ministerial conference Geneva 1998 .172

كما قد طرحت المنظمات القليلة التي اضطلعت بتحليل آثار التحرير التجاري و ما يرتبــطــد من ــل و تنظيم المزي به من عمليات عددا من التوصيات التي تمثل منطلقات مفيدة لتفعي جهود الدعوة لضمان وضع سياســات تــراعي احتياجــات المـرأة في إطــار الهيئــات العالميــة المعنية بالتجارة و االستثمار و المال و على رأسها منظمة التجارة العالمية و صندوق النقـد

و البنك الدولي.

الفصل الثاني انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق

في الصحة173

أصـبح الحــق في الصـحة انشـغاال حيويـا في مجتمعاتنــا المعاصـرة ، بحيث أن اإلنتـاج الدوائي و توفير الرعاية الصحية أصبح من األمور التي ال غنى عنها بالنسبة للســكان، الــذين ال يستطيعون هضم فكرة أن هناك أناسا ال يزالون يهلكون نتيجة أمراض من المفـترض أنهـا

.468قد ولت، مما يدفعهم بالفطرة إلى محاربتها إن حقوق اإلنسان تعتبر موضوع الحق في الصحة من األمور التي يجب على أي دولة ذات مصداقية أن تحترمها، لكن اإلشكال هو أنه مع بروز العولمة االقتصادية و ما نجم عنهــا من تحرير للتجارة أصبح هناك ما يشبه التعارض بين أحكام النظام التجاري الدولي الجديد وــذي ما يصبوا إليه من أهداف و بين الحق في الصحة، فالنظام التجاري المتعدد األطــراف ال كان باألساس معنيا بتنظيم التجارة في البضائع بين الدول، امتدت قواعده لتشــمل مجــاالت جديدة بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية، كحقوق الملكية الفكرية و التجــارة في الخــدمات التي لها عالقة بالصحة العامة كخدمات المياه و الصرف الصــحي و تقــديم الرعايــة الصــحية

( أصــبحت مثــار جــدل منــذ إقرارهــا لكونهــا تســعى إلى التحريــرGTTSفاتفاقية الخــدمات ) التدريجي و المستمر لقطاع الخــدمات و ال تــرى مــا إذا كــان ذلــك التحريــر مفيــدا أم ضــاراــدد تكامــل لحقوق اإلنسان و الصحة بالتحديد، كما أن آليات المنافسة في اقتصاد السوق ته األنظمــة الصــحية، فالصــحة كحــق أساســي من حقــوق اإلنســان ال يمكن إخضــاعها آلليــات المنافسة، باإلضافة إلى ذلك فإن أنظمة التأمين الصحي الوطنيــة ســتتعرض للخطــر نتيجــة المنافســة و سياســة التحريــر التجــاري حيث تهــدد أنظمــة المنافســة القادمــة من الخــارج

.469استمرارية برامج التأمين الصحي الوطنية كذلك فإن سياسات التعديل الهيكلي لها آثار ســلبية على الحــق في الرعايــة الصــحية حيث أدى تخلي الدولة عن كفالــة الحقــوق االقتصــادية و االجتماعيــة لمواطنيهــا إلى تراجــع دورها في كفالة الحق في الرعاية الصحية، و سنتعرض في هذا الفصــل إلى هــذه الجــوانب

من خالل اآلتي :

مكانة الحق في الصحة في المواثيق الدوليةالمبحث األول : انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في الصحةالمبحث الثاني :

468 -Amelle Guesmi – Quelle place pour le droit à la santé sur la scène commerciale internationale ? larcier 2009 P 463. - ماجدة شهين – المنظمة العالمية للتجارة- تقييم االتفاقيات و تحديات التطبيق – كتاب االهرام469

.213 ص 2006 – مؤسسة األهرام القاهرة – جانفى 225االقتصادي عدد 174

المبحث األول مكـــانة الحق في الصحة في المواثيق الدولية

تقع فكرة وجوب تلبية االحتياجات الصحية لألفراد في لب الدفاع عن حقــوق اإلنســان و هي تشمل الحق في البقاء و الحياة دون التعرض لمعاناة يمكن تالقيها، حيث تقــر المــادة

من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بــالحق في الصــحة إذ تنص على أن "لكــل شــخص25 الحق في مستوى معيشــي يكفي لضــمان الصــحة و الرفاهيــة لــه و ألســرته، و خاصــة على

من العهــد12صعيد المأكل و الملبس و المـســـكن و العنايــة الطبيــة" كمــا تعـرف المــادة الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية الحق في الصحة باعتبــاره "حــق

.470كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية و العقلية يمكن بلوغه..."

لقد تجسدت حماية الحق في الصحة في عدد من الصكوك الدولية و اإلقليميــة و هي ملزمة للدول التي تصبح طرفا فيها و بعد انتهاء مرحلة التفاوض حول مسودة المعاهدة يتم اعتماد نصـها و كـذلك تقـوم بعض الـدول الـتي شـاركت في التفـاوض حـول نص المعاهـدة بالتوقيع عليها، و قد يأخذ قيام الدولة بقبول االلتزام بأحكام المعاهــدة صــور مختلفــة و بعــد التصديق أو االنظمــام أكــثر تلــك الصــور شــيوعا، حيث قــد تقــوم الــدول الــتي شــاركت في التفاوض حول نص المعاهدة بالتصديق عليهــا فيمــا يمكن للدولــة الــتي لم تشــارك في هــذا التفاوض إذا ما رغبت أن تصبح طرفا في المعاهدة أن تنضم إليها، و يقــع على الــدول الــتيتوقع على معاهدة ما التزام بعدم القيام بإجراء يناقض الهدف أو الغرض من هذه المعاهدة. و أيا كان وضع المعاهدة بالنسبة للنظام القانوني للدولة المصــادقة عليهــا فإنهــا تبقىــأي من ــاء ب ملتزمة و ال يحق لها االحتجاج بعد مطابقتها لنظامها القانوني كمبرر لعدم الوفــل التزاماتها التعاهدية، و يجدر بالذكر أن بعض الصكوك الدولية ليست ذات طبيعة ملزمة، ب إن بعضــها مجــرد إعالنــات ليســت ملزمــة قانونيــا، إال أن االلــتزام بهــا الــتزام أخالقي و فيــة و ــة الحــق في الصــحة من خالل الصــكوك الدولي ــيين ســنتعرف على مكان ــبين اآلت المطل

اإلقليمية المعنية به.

المطلب األول : مكانة الحق في الصحة في المواثيق الدولية و اإلقليميةالمطلب الثاني : الحق في الصحة في ميثاق منظمة الصحة العالمية

المطلب األول مكانة الحق في الصحة في المواثيق الدولية و اإلقليمية

إن الحق بالصحة هو من الحقوق األساســية المعــترف بهـا في العديــد من االتفاقيــات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان، و هو يرتبــط بشــكل وثيــق، بحقــوق أخــرى للفــرد كــالحق بالغذاء و المسكن، و العمــل، و التوعيــة و غيرهــا، إذ ال يمكن عـزل تطــور الــوعي الصــحي للفرد عن العوامل األساسية القائمة في مختلف هذه الميادين، حيث يبـدو من العسـير جـدا ضمان حد أدنى من السالمة الصحية لإلنسان إذا لم يقطن في المكان المالئم، أو لم يحصل

على الغذاء المناسب و غير ذلك. - حاتم قطران –دليل الحقوق االقتصادية و االجتماعية و التفافية – المعهد العربي لحقوق اإلنسان- تونس470

. 55 ص 2004175

إن من الطبيعي أن يكون ثمة فوارق كبرى بين الدول الغنية و بين الدول الفقيرة في هذا المجال، السيما و أن مقــدرة الــدول على تلبيــة االحتياجــات األساســية لشــعوبها تخضــع لعوامــل سياســية و اقتصــادية غالبــا مــا تخــرج عن نطــاق ســيطرتها و قــد جــاء في المــادة

الخامسة و العشرين من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بأن : ــحة و ــة على الص ــاف للمحافظ ــة ك ــتوى من المعيش ــق في مس ــخص الح ــل ش "لك

الرفـاهية له و ألسرته، و يتضمن ذلك التغذية، و الملبس و المسكن و العناية الطبية". من اتفاقية الحقــوق االقتصــادية و االجتماعيــة و الثقافيــة فقــد طــالبت12أما المادة

: 471الدول األطراف فيها بأنتقر بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية و العقلية.(1ــذا(2 ــق ه تشمل الخطوات التي تتخذها الدول األطراف في االتفاقية للوصول إلى تحقي

الحق هو ضروري من أجل:العمل على خفض نسبة الوفيات و من أجل التنمية الصحية للطفل.ا(تحسين شتى جوانب الحياة البيئية و الصناعية.ب(الوقاية من األمراض المعدية و المتفشية و المهنية و معالجتها و حصرها.ج(خلق ظروف من شأنها ضمان الخدمات و العناية الطبية في حالة المرض.د(

من شرعة الحقوق األساسية األوروبية على أن : "لكل إنسان35كذلك نصت المادة الحــق بالوصــول إلى الوقايــة الصــحية، و االســتفادة من العالجــات الطبيــة ضــمن الشــروط المقــررة في التشــريعات و الممارســات الوطنيــة".و تنقســم مســؤولية الدولــة، عــادة على

الصعيد الصحي، إلى قسمين: وقائية و عالجية.فعلى المستوى الوقائي، البد للدولة من إتباع سياسة صحية واضحة تهدف إلى :

توفير اللقاحات و تعميمها مجانا، و خاصة لقاحات األطفال.(1إنشاء نظام لمراقبة مياه الشرب و تعقيمها، و الصرف الصحي و غيره.(2 مراقبة األغذية بشتى أنواعها و السهر على إنتاجها ضمن شروط من النظافة الصحية(3

الكاملة.حماية البيئة من التلوث بشتى أشكاله.(4منع اإلعانات المروجة للمنتجات الضارة بالصحة كالتبغ و الكحول و غيره.(5 محاربة المخدرات و تجارتها و منع زراعتها، و فرض عقوبات قاســية على مروجيهــا و(6

موزعيها.أما على المستوى العالجي، يجب على الدولة توفير البيئات الصحية المالئمة لـ :

تأمين الخدمات الطبية.(1إنتاج األدوية و ضمان وصولها للمرضى بأسعار مناسبة.(2 تغطية النفقات الطبيــة العالجيــة لــذوي الــدخل المحــدود، أو للمعــوزين و غــيرهم من(3

.472الفئات االجتماعية الذين ال تتوفر لهم الضمانات الكافية هذا و ال ينفصل الحق بالصحة عن الحق بالغذاء، خاصة و أن هذا األخــير هــو القاعــدة

األساسية التي ترتكز عليها الصحة نفسها و أيضا سياسة الدول في هذا المجال.ــع واســعة أدى إلى ســيطرة في هــذا الصــدد فــإن تمركــز التجــارة في مســاحات بي الشركات المتعددة الجنسيات، التي تمتلــك هــذه المراكــز التجاريــة الكــبرى، على األســواق الزراعية في العالم لضمان إمداد أســواقها بالمنتجــات الزراعيــة الالزمــة األمــر الــذي وضــع صغار المزارعين في هذه الدول أمام منافســة غــير متكافئــة، الســيما و أن هــذه الشــركات

تستخدم أساليب صناعية متطورة في الزراعة ليست في متناول المزارعين اآلخرين.

- خضر – خضر – مدخل إلى الحريات العامة و حقوق اإلنسان – المؤسسة الحديثة للكتاب – طرابلس –4712008لبنان -

.430- خضر – خضر – المرجع السابق – ص 472176

و قد برزت مشاكل جديدة ناجمة عن هذا النمــط الــزراعي الجديــد كالبــذور المعدلــة وراثيا، االستخدام المكثف للمواد الكيماوية و المبيــدات الســامة و غيرهــا .انعكســت بشــكل مباشر على الصحة العامة، و أصــبحت أمــراض البدانــة المفرطــة و الســكري و غيرهــا، من الظواهر الشائعة جدا في الدول النامية، و وجــدت هــذه الــدول نفســها أمــام مشــكلة ســوء التغذية التي تضاف إلى نقص التغذية المزمن، األمر الذي يؤثر مباشرة على النمو الطــبيعي

للسكان.

المطلب الثاني

الحق في الصحة في ميثاق منظمة الصحة العالمية

ــاعي يعود الفضل في إنشاء منظمة الصحة العالمية إلى المجلس االقتصادي و االجتم 1946الذي دعا مؤتمر الصحة العالمية لالنعقاد، و الـذي اعتمـد دســتور المنظمــة في سـنة

ــل1948فظهرت بذلك هذه المنظمة إلى حيز الوجود في شهر أفريل من سنة ، بعد أن قب عضوا من أعضاء األمم المتحدة.26دستورها من قبل

يتبين من ديباجة ميثاق المنظمة، المبادئ األساسية الالزمة لمساعدة جميع الشعوب، إذ تنص : "أن الصحة هي حالة من اكتمال السالمة بدنيا و عقليا و اجتماعيا ال مجــرد انعــدام

و بالتالي فهدف منظمة الصحة العالمية هو بلوغ جميــع الشــعوب أعلى473المرض و العجز" مستوى ممكن من الصحة طبقا للمــادة األولى من الميثــاق التأسيســي للمنظمــة الــتي من

مبادئها : التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، هو أحد الحقوق األساسية لكل إنسان،(1

دون تميــيز بســبب العنصــر أو الــدين، أو العقيــدة السياســية أو الحالــة االقتصــادية واالجتماعية.

أن صحة جميع الشعوب أمر أساسي لبلوغ السلم و األمن و هي تعتمــد على التعــاون(2. 474األكمل لألفراد و الدول

و من أهداف منظمة الصحة العالمية أيضا : النهوض بتحسين التغذية و اإلسكان و ظروف العمل.(1االرتقاء بصحة األم و الطفل و تعزيز القدرة على العيش.(2تعزيز األنشطة في ميدان الصحة العقلية.(3.475مكافحة األمراض و السيما األمراض القابلة لالنتقال(4

كــذلك تهــدف المنظمــة إلى تنميــة الــرأي العــام لــدى الشــعوب بشــأن المســائل المتعلقــةبالصحة.

و المبادئ و تتمثل476هذا و تقوم المنظمة بعدة وظائف من أجل تحقيق هذه األهدافهذه الوظائف فيما يلي:

العمل كسلطة توجيه و تنسيق في ميدان العمل الصحي الدولي.(1مساعدة الحكومات بناءا على مطالبها في تعزيز الخدمات الصحية.(2

.28- يحياوي نورة بن علي – مرجع سابق – ص 473 – دار النهضة العربية – القاهرة02- أحمد أبو الوفاء محمد – الوسيط في قانون المنظمات الدولية – ط 474.574 – ص 1984– - راجع األمم المتحدة – أعمال األمم المتحدة في ميدان حقــوق اإلنســان – منشــورات األمم المتحــدة –475

.05 ص 1983نبويورك 476- - ONU, Chronique de l’ONU, Septembre 1992, P 48.

177

تقديم المساعدة الصحية بناءا على طلب األمم المتحــدة، لجمعيــات خاصــة كشــعوب(3األقاليم المشمولة بالوصاية.

تشجيع الجهود الرامية إلى استئصال األمراض الوبائية و غيرها من األمراض.(4تشجيع التعاون بين الجماعات العلمية، و الفنية التي تساهم في النهوض بالصحة.(5

إضـافة إلى ذلك تعمــل لتحســين مســتويات التعليم، و التــدريب في المهن الصــحية و الطبيعة و المهن المرتبطة بها، و كــذا تقــديم المعلومــات المشــورة و المســاعدة في مجال الصحة، كمــا تقــوم المنظمــة عمومــا بحمالت على النطــاق العــالمي لمكافحــة األمراض المعدية و تساعد الدول الناميــة خاصــة عن طريــق المســاعدة الفنيــة الــتي تغطي كل جوانب الصحة العامة و لقد توجت مجهودات منظمة الصحة العالمية بخلق

، و بالفعل فــإن إحصــائيات1947برنامج لتوسيع نطاق التلقيح ضد األمراض منذ سنة % من أطفال العالم قد تم تلقيحهم ضــد األمــراض80 أثبتت أن أكثر من 1990سنة

، و حاليا فإن المنظمة تكافح ضد مرض نقص المناعــة المكتســبة477المعدية الخطيرةــذا2001"السيدا" إذ سجل إلى غاية سنة حوالي عشرون مليون حالة وفاة بسبب ه

المرض خاصة في الدول اإلفريقية.

المبحث الثاني انـعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في

الصحة

إن رياح العولمة االقتصادية التي هبت على العالم كان لها بالغ التـأثير على الحــق في الصحة، فمن الناحية اإليجابية كان للتطور التكنولوجي أثر إيجابي على الحق في الصحة لما لذلك من أثر في مجال تكنولوجيا الخدمات الصــحية و تنقيــة الميــاه و تطــور علــوم الغــذاء، فالصحة العامة كانت عامال وقائيــا لكثــير من األمــراض ذات الطــابع الوبــائي، كمــا ســاعدتــة من خالل ــا الصــناعية المتطــورة على الحــد من انتشــار تلــك األمــراض الوبائي التكنولوجي عمليات اإلنتاج الضخم لألمصال و المضادات الحيوية التي تصدر عن المصانع و المختبراتــة ــيء من العولم ــانب المض ــذا الج ــير أن ه ــكان، غ ــه إلى الماليين من الس ــة و توج العلمي االقتصادية يقابل جانب سلبي ناجم عن اآلثار االقتصادية و السياسية لظاهرة العولمــة الــتي تجلت فيمــا بعــد في بــروز النظــام التجــاري العــالمي الجديــد الــذي انعكس على األوضــاع االجتماعية لألفراد السيما في الدول الناميــة حيث أن الماليين من البشــر يعــانون من ســوء التغذية، الجوع و األمراض المختلفة نتيجة تدني الخدمات الصــحية، كميــاه الشــرب النقيــة و شبكات الصرف الصحي. و يرجع معظم هذه األوضاع المزرية إلى انخفاض ميزانيات الــدول نتيجة اإلندماج االقتصادي المبكر، و كــذا بــرامج التثــبيت و التعــديل الهيكلي لصــندوق النقــد و البنك الدولي إفاقة إلى ما تطرحه منظمة التجارة من مسائل تتعلق بالمنافسة في مجال الخدمات و منها الصحية و ما يرتبط بها من آثار على مسألة إنتاج األدوية و تسويتها و التي تؤثر بشكل مباشر على مســائل الصــحة، و فيمــا يلي ســنتطرق إلى تــأثير النظــام التجــاريــبين العالمي الجديد و خاصة منظمة التجارة العالمية على الحق في الصحة من خالل المطل

التاليين :

المطلب األول : الحــق في الصــحة في ظــل اتفاقــات منظمــة التجــارةالعالمية

477- ONU-chronique de l’Onu septembre 1992 p. 48.178

ــارة ــة التج ــات منظم ــة باتفاقي ــأثر الصــناعة الدوائي ــاني : ت المطلب الثالعالمية

المطلب األول الحق في الصحة في ظل اتفاقات منظمة التجارة العالمية

1994لقد تم إبرام اتفاق الصــحة و الصــحة النباتيــة في إطــار جولــة أورجــواي ســنة حيث يعتبر هذا االتفاق مكمال التفاق الزراعة الرتباط المنتجــات الزراعيــة – خاصــة الغذائيــة منها – بصحة اإلنسان و الحيــوان و النبــات، كمــا أن هــذه األخــيرة مرتبطــة بقاعــدة القيــود

، بحيث يقر حق الدول األعضاء في اتخــاذ التــدابير الضــرورية لحمايــة478الفنية على التجارة صحة اإلنسان و الحيوان و النبات مع مراعاة أن تكون هذه التدابير واضحة و مبررة و تطبق بقدر ما يلزم لتحقيق الهــدف منهــا، و أن يكــون اســتخدام االشــتراطات الصــحية اســتخداما يحقــق ضــمان الصــحة العامــة دون أن يتحــول إلى وســيلة للحمايــة أو للحــد من الــواردات الزراعية، و هذا ما تم اإلعالن عنه صراحة في ديباجة االتفاق حيث جاء فيها : "إنه تأكيدا من جديد على عدم جواز منع أي بلد عضو من تبني أو تنفيذ أية ترتيبات ضرورية لحماية حياة أو صحة اإلنسان أو الحيوان أو النبات، بشرط أال تطبــق هــذه التــدابير بطريقــة تشــكل وســيلة للتميز التحكمي أو الــذي ليس لــه مــا يــبرره بين البلــدان األعضــاء، الــتي تســود فيهــا نفس

الظروف، أو بشرط أال يتم استخدامها بطريقة مقنعة للحد من التجارة الدولية". 3/1و ينظم االتفاق تقييم المخــاطر الصــحية وفقــا ألســس علميــة حيث تنص المــادة

على أنه "من أجل تحقيق التنســيق في تــدابير حمايــة صــحة اإلنســان و النبــات على أوســع نطاق ممكن، على البلدان األعضاء إقامة هذه التدابير وفق مقاييس و إرشادات أو توصيات

دولية إذا وجدت... ". كما يحدد األضرار الناجمة عنها من الوجهة االقتصادية كخسائر اإلنتاج و المبيعات في

حالة ثبوت ظهور آفة و تكاليف المقاومة في البلد المستورد. كما ألزم كل دولة بنشر القواعد المتعلقة باإلجراءات الصحية الــتي تحــددها و إخطــار الدول األخرى بها تحقيقا للشفافية، فضال عن تقديم المساعدات الفنيــة في مجــال الحمايــة الصحية للبلدان النامية، و بالموازاة مع ذلــك إنشــاء لجنــة لحمايــة صــحة اإلنســان و النبــات

تكون مهمتها تفعيل المشاورات بين الدول األعضاء. كما أن هناك مــدة عــامين لبــدء نفــاذ االتفــاق على البلــدان الناميــة و خمس ســنوات

حيث فيها "فما عــدا الحــاالت العاجلــة،1/2للدول األقل نموا هذا ما يتضح من خالل المادة على البلدان األعضاء إتاحة فتـرة معقولة بين نشر اللوائح التنظيمية الخاصة بحــماية صــحة اإلنسان و النبات و سريان مفعولها، من أجــل إتاحــة الــوقت للمنتجين في البلــدان األعضــاء

،2002/2003- محمد محمد علي إبراهيم، اآلثار االقتصادية التفاقية الجات، الدار الجامعية اإلسكندرية، 478.50ص

179

المصدرة، و على األخص في البلدان النامية األعضاء لتعــديل منتجاتهــا و طــرق إنتاجهــا بمــا. (479)يتمش مع متطلبات البلد العضو المستورد"

كما تشمل تدابير حماية صحة اإلنسان أو النبات كــل القــوانين و المراســيم و اللــوائح التنظيمية و المتطلبات و اإلجراءات المتعلقة بالموضوع، فيه من أمور أخــرى، من مقــاييس المنتج النهائي، و طرق التجهيز و االختبار و المعاينة و إجراءات الموافقة و المعالجة بالحجز الصحي بما في ذلك المتطلبات المناسبة بنقل الحيوانــات أو النباتــات أو المرتبطــة بــالموادــات، و طــرق تقــييم ــاة خالل النقــل، و إجــراءات أخــذ العين ــد الحي ــا على قي الالزمــة لبقائهالمخاطر، و متطلبات التعبئة، و المعلقات المنية للمحتويات مباشرة بسالمة المواد الغذائية. و من المالحظ أن هذه القواعــد تشــبه األحكــام الداخليــة لمكافحــة الغش التجــاري و حماية البيئة و اإلنسان الموجودة في مختلف المجتمعــات، و الــتي تــؤدي إلى الحفــاظ على سالمة التجارة و سالمة المواطنين و تحقيق المنافسة الشريفة، و تسعى إللغاء الممارسات

.(480)غير الشرعية في السوق الداخلية يعتبر هذا االتفاق من الناحية النظرية منصفا، و جاء ليخدم مصالح الطرفين – البلدان المتقدمة و البلدان النامية – إال أن الواقع غير ذلك، فغالبــا مــا يســتعمل من طــرف البلــدان المتقدمـة إليجــاد حجج تخــدم مصــالحهم التجاريـة متجاهلــة بــذلك األضـرار الـتي قــد تلحــق بالبلدان المتخلفة، فهيمنة القــوى الكــبرى عليــه أدى مقــدرة هــذه األخــيرة حمايــة أســواقها الداخلية و مؤسساتها من المنافسة األجنبية، ما يعني تهديد السيادة االقتصادية لهـذه الـدول كحق من حقوق اإلنسان، كما أن المنافسة تضعف قدرة الدول النامية مما يؤدي إلى ارتفاع

أسعار المنتجات الصحية. لقد أصبحت البلدان المتقدمــة تلجــأ إلى تطــبيق هــذا االتفــاق للحــد من نفــاذ الســلع الزراعية إلى أسواقها بحجة عدم مطابقتها للمواصفات البيئية و الصحية، و أصــبح يســتعمل

، حيث أكد هذا األخير على ضرورة أن(481)كحماية رمادية من قبلها متجاهلة مضمون االتفاق تتبنى الدول األعضاء قواعد الحماية الصحية و حماية النباتات على أال تتحــول فيمــا بعــد إلى

، لكن ما يحدث ال ينطبــق مــع هــذا المهــنى، فقــد تــذهب الحمائيــة ألقصــى(482)سالح حمائي صورها إلى حضر ممارسة أنشطة محلية معينــة أو في صــورة عــدم الســماح بــدخول ســلعــة، و معينة لم تراعي المعايير و القيود المفروضة نظرا لما قد يترتب عليها من مخــاطر بيئي

، من اتفاق الصحة النباتية.4، 3، 2، 1- للمزيد من المعلومات راجع : المواد 479 - مصطفى رشدي شيحة، اتفاقات التجارة العالمية في مصر العولمة، دار الجامعية الجديد، اإلســكندرية،480

.111، ص 2005 - جالل عبد الفتاح المالح، "اآلثــار االقتصــادية للعولمــة على الــدول الناميــة"، مجلــة دراســات اقتصــادية،481

.21، ص 2003السلسة العلمية لجمعية االقتصادية السعودية، المجلد الثاني، - قيام إنجلترا بفرض إجــراءات تعســفية على البطــاطس المصــرية بشــأن معاملــة مخلفــات البطــاطس482

السائلة أو الصلبة، حيث قام الدكتور صفوت الحداد باستعراض االجراء الذي فرضته إنجلـترا على و ارداتهـا جنيــه إســترليني، و بالتــالي70من البطاطس المصرية، مؤكدا على أن تكلفة تطبيق هذا اإلجراء قد تصــل

سيدفع البطاطس المصرية خارج المنافسة، كما قام بموافاة الفنية بصورة من اإلجراء الذي اتخذته اليونان (، بتخصيص ألربعــة مــوانئ فقــطEC/ــ 4/2004حيث قامت في إطار قراغري المفوضية األوروبية رقمي )

إلجراء الفحص الرسمي عليها، واحــد هــذه2004/2005الستقبال البطاطس المصرية للموسم التصديري الموانئ يقع في وسط البحر مما يضطر المصدر المصري إلى تحمل أعباء مالية إضــافية لنقــل البطــاطس إلى المخازن باليونان، األمر الذي يرفع من تكلفــة البطــاطس المصــرية، و بالتــالي خروجهــا من المنافســةادولية. و لما تم رفع الشكوى من طرف وزير التجارة الخارجية و الصناعة المصري بإمكانية إثارتهعــا بنــد )

sepecifictrade concerns مــارس10-9(، على جدول أعمــال لجنــة الصــحة و الصــحة النباتيــة بجــنيف خالل . و ما حدث من لعبة هو تأخر كبــير في وصــول اإلخطــارات من الســكرتارية إلى نقطــة االستفســار2005

المصرية. للمزيد من المعلومات راجع : محضــر اجتمــاع اللجنــة الفرعيــة للصــحة و ةالصــحة النباتيــة و العوائــق على التجارة، وزارة التجارة الخارجية و الصانعيو، قطارع االتفاقات التجارية، اإلدارة المركزيــة لمنطقــة التجــارة

. http;nabialrahma.com/piecces/globalisation.doc -2007العالمية، أنظر : 180

مــا يثــير في هــذه المســائل أن البلــدان المتقدمــة اعتــادت أن تصــدر من المــواد الضــارة و الخطوة إلى البلدان النامية و تحقق من وراء ذلك أرباحا طائلــة، ثم تســتخدمها هـذه الـدول إنتاجها، فــترفض البلــدان المتقدمــة اســتيراد المنتجــات الــتي أدخلت فيهــا هــذه المــواد إلى

أسواقها. أي أن البلدان النامية تخسر عدة مرات، نذكر منها : استيراد مواد خطرة أنفقت عليها الماليين من الدوالرات.األولى : األضرار البيئية المترتبة على استخدامها بالنسبة لإلنسان و الحيوان و النبات.الثانية : الخسارة المترتبة على رفض الدول الصناعية دخول هذه المنتجات أسواقها.الثالثة :

ــاالرابعــة وهي األخطــر: ــود ليتم اســتهالكها غالب تكمن في أن الصــفقات المــردودة تعبواسطة شعوبها المصدرة لها.

ــة من ــير من شــحنات صــادراتها الزراعي ــرفض الكث ــات ل ــد شــهدت مصــر تطبيق فق ، كمات أنه في المقابل من(483)البطاطس و بعض المنتجات الزراعية المصنعة ألسباب بيئية

الصعب فرض الرقابة الواجبة على كل الواردات من الخارج، إذ كثيرا ما تعبر ســلع ال تتــوفر فيها الشروط البيئية إلى داخل الدولة و تتعقد المشكلة و تصبح أكثر خطورة بالنسبة للسلع الغذائية، الزراعية و الحيوانية، و نــذكر هنــا أن البلــدان المتقدمــة قـد تصــدر مــواد خطــرة وــة ثم تحظــر ــات – الســتخدامها في أغــراض معين ــير من الكيماوي ــدات و الكث ســامة – المبي استيراد السلع التي استخدمت فيها و من ثم تتعــدد صــور الخســارة في هــذه الحــاالت كمــا

ــوارد و(484)أشرنا سابقا و باألخص التأثير على صحة اإلنسان في الدول التي تدخلها هذه المهو ما يتعارض مع االتفاقيات الخاصة بحماية الحق في الصحة و مع االتفاق في حد ذاته.

كان من المفروض أن يهدف هذا االتفاق إلى ضمان الحــق الســيادي أليــة حكومــة، و ، لكن مــا يحــدث العكس تمامــا فقــد تلجــأ(485)ذلك بتقديم عقبات غير الزمة للتجارة الدولية

البلدان المتقدمة إنتاجها المحلي من تلك السلع من خالل التشدد في تطبيق تــدابير الصــحة.(486)و الصحة النباتية

و الذي يجب أن ندركه أن هذا أن هذا االتفـاق يتوافـق في السـياق العـام مـع ارتفـاع الحواجظ غير الجمركية أمام التجارة الدولية، هذه األخيرة ســوف تكــون بــديال عن الحمائيــة التقليدية و بصورة جديدة، خاصة أن بعض األعضاء في المنظمة أدخلت تدابير أكــثر صــرامة

.(487)من المعايير المتبعة ففي الواقع يدخل هذا االتفاق في ترســانة من اإلجــراءات البيروقراطيــة تحت غطــاء الوقاية الصحية، مما يؤدي إلى التميــيز بيم المنتخــبين المحلــيين و األجــانب، هــذا الموقــف تتبناه مثال الواليات المتحدة األمريكية التي تدافع بإلحــاح على التشــديد بإعمالــه و ذلــك في

. (488)العديد من المناسبات

- أحمد عبد الخالق، أحمد بديع بليح، الجات تحرير العالمية و دول العالم النامي، الكتــاب األول : منظمــة483 التجارة العالمية – أثار المنافسة الدولية، المشكلة البيئية و التجارة العالمية، الــدار الجامعيــة، اإلســكندرية،

.239-174-133، ص ص. 2002/2003 من اتفاق الزراعة. و كذلك راجع : د/ عادل عبد العزبز الســن،14 - للمزيد من المعلومات راجع المادة 484

مستقبل تحرير التجارة في السلع الزراعية في إطار اتفاق الزراعة و مفوضــات جولــة الدوحــة )الفــرص و 2009التحديات(، المؤتمر العربي الرابع – منشورات المنظمة العربيــة للتنميــة اإلداريــة – اليمن – فــبراير

.137ص 485 -Woods ngaire et Marikar Amrita, "la gestion des institution et les limites de l'obligation

redditionnelle : l’OMC, le FMI et la banque mondiale", revue internationale de sciences sociales, n° 170, 1002/4,p.630 .

486 -Laurence boy, Christopher Charlie, rainelly michel, rainelly michel, reis patrice, "la mise en oeuvre du principe de précaution dans l'accord sps de l'omc, les enseignements des différends commerciaux", revue

ecounomique, vol 54, n°6, nouvembre 2003, pp. 296-297 .487 -Laurence boy, Christophe Charlie, Rainelly Michel, Rainelly Michel, reis patrice, "la mise en oeuvre

…..", op.cit 297 .181

ــتوى05كما جاءت المادة من هذا االتفاق تحت عنوان "تقييم المخاطر و إقرار المســا" يجب على ــرة األولى منه المناسب من حماية صحة اإلنسان أو النبات"، بحيث نصت الفق البلدان األعضاء أن استناد تدابير حماية صحة اإلنسان أو النبــات أو الحيــوان أو النيــات، مــع مراعاة أساليب تقييم المخاطر التي أعدتها المنظمات الدولية المختصــة بالموضــوع"، حيث تشكل هذه األخيرة خطرا على البلدان النامية بإتاحتها للــدول تحديــد معيــار التحــوط – أخــذ االحتياطــات – في حــاالت الخطــر، فهــذه المــادة تفتح البــاب على مصــراعيه أمــام البلــدان المتقدمة للتحكم في هذا االتفاق. فال بد أن تعيد المنظمة العالميــة للتجــارة التقــييم العلمي الصحيح لهذا االتفــاق و المطــابق لهــذا االتفــاق للواقــع العملي الــذي يأخــذ مصــالح البلــدان

النامية بعين االعتبار. التي تنص "عنــد تقــييم المخــاطر على البلــدان األعضــاء أن تأخــذ في5/2أما المادة

االعتبار األدلة العلمية المتاحة، و عمليات و طرق االنتاج المناسبة، و طــرق المعاينــة و أخــذــاطق العينات و االختبارات المناسبة، و مدى انتشار األمراض و اآلفات المحددة ووجــود المن الخالية من اآلفات أو األمراض، و األوضــاع اإليكولوجيــة و البيئــة المناســبة، و تــدابير الحجــرــاط، في حين ــام باالحتي الصحي أو عالج آخر"، فقد اشترطت هذه الفقرة األدلة العلمية للقي

و تســاهلت مــع الــدول بإعمــال هــذا اإلجــراء حــتى في5/7تــراجعت عن ذلــك في المــادة . (489)الحاالت التي ينعدم فيها الدليل العلمي الكافي للقيام به

في ضـل هـذه المفارقـات، يسـتغل خـبراء البلــدان المتقدمـة التنـاقض الموجـود في لصالح بلدانهم و بالتالي يتحملون مســؤولية تحديــد مســتوى المخــاطر5/7 و 5/2الفقرتين

المقبولـة، و هــذا نشــير إلى الســلطات المخولــة لهم ألن غالبــا مــا يــنزاحون لتمثيــل إحــدى الشركات العمالقة- مقرها الرئيسي في بلدانهم – المعنية بذلك في معظم الحاالت الصــعبة

، خصوصا فيما يتعلق بالمخاطر التي يصعب التعرف(490)المتشددة في تقييم درجة المخاطرــير عليها، و بفعل ضغط الشركات يتم إقرارها، السيما في حالة ما إن كانت األدلة العلمية غ كافية، و يعتبر تقييم المخاطر في هذه الحالــة ناقصــا، فيجب أن تــدرس الظــروف المالئمــة لممارسة هذا الحق، ألن العديد من البلدان المتقدمــة تتجــاوز و تبــالغ في اســتخدامه بوضــع

، فهي تضــرب الســيادة(491)تقييمات اقتصادية صــارمة من الحــواجز الــتي تعــترض التجــارةاالقتصادية للبلدان النامية في الصميم، كما يؤثر ذلك على صحة اإلنسان.

488 - Laurence Boy, Christopher Charlie, Rainelly Michel, Rrainelly Michel, Reis patrice, "La mise en oeuve en œuvre …..", op.cit, p.298.489- L'article 05/7 de l'accord sps :

" -Dans les cas ou les preuves scientifiques pertinentes seront insuffisantes, un membre pourra provisoirement adopter des mesures sanitaires ou phytosanitaires sur la base des renseignements pertinents disponibles; y compris ceux qui émanent des organisations les compétentes ainsi que ceux découlent des mesures sanitaires ou phytosanitaires appliquées par d'autres membres. Dans de telles circonstances, les membres s'efforceront d'obtenir les renseignements additionnels nécessaires pour procéder à évaluation plus objective du risque et examineront en conséquence la mesure sanitaire ou

phytosanitaire dans un délai raisonnable." - فقد فرضت أستراليا قيود على الواردات من الفواكه االستوائية الطازجة الــتي تنتجهــا كــل من الفلــبين و

، فــالفلبين أمــدت أن صــادراتها من المــانجو و2000دول اآلسيان )رابطــة دول جنــوب شــرق أســيا( ســنة أن2000األناناس و الموز، قد واجهت قيود الحجر الصحي في اسـتراليا، و قــد أكــدت الفلـبين في أفريــل

الصادرات الرئيسية لدول اآللسيان تواجهها استراليا بتدابير الصحة النباتيــة الــتي لم تكن تســتند إلى تقــييمالمخاطر، و هي أكثر تقييدا و ال بد إعادجة النظر فيها. للمزيد من المعلومات أطلع :

-Mafalhes Joao, Secrétariat de l'OMC, "Les problèmes sanitaires et phytosanitaires et l'accord symposium sur les agrumes chine"; FAO, 2001, pp.70 .

490- Bouet antoine et burequ chrisphem "agriculture et coerce international", in : economie internationale la doc françaisem N° 87m 2001/3m pp. 9-10.

.100 ص. 2003/2004 - د- محمد صفوت قابل، الدول النامية و العولمة، الدار الدامعية، االسكندرية، 491182

و ما يجب أن نشير إليه أن البلدان النامية تفتقر إلمكانية تحقيق المواصفات الصارمة التي تطبقها الدول الصناعية بشكل متزايــد، و على الــرغم من أن اتفاقــات تحريــر التجــارة نصت على تقديم بعض المساعدات لها لمساعدتها على تنفيذ هذه اتفاقات، و هــذا مــا جــاء

منــه مــا يلي "توافــق9/1صراحة في اتفاق الصــحة و الصــحة النباتيــة، فقــد نصــت المــادة البلدان األعضاء على تسهيل تقديم المساعدة الفنية للبلدان األعضاء األخرى و على األخص البلـدان الناميـة األعضــاء، ســواء في إطــار اتفاقـات ثنائيــة أو من خالل المنظمـات الدوليــة المناســبة. و يجــوز أن تكــون هــذه المســاعدة – بين أمــور أخــرى – في مجــاالت تكنولوجيــاــوائح التجهيز، و البحوث و البنية األساسية، بما في ذلك إنشاء هيئات قومية لوضع و إنفاذ الل التنظيميــة. و يجــوز أن تتخــذ هــذه المســاعدة شــكل المشــورة، و التســهيالت اإلئتمانيــة، وــدريب و التبرعات و المنح، بما في ذلك تلك التي تستهدف الحصول على الخبرة الفنية و الت المعدات التي تتيح لهذه البلدان التكيف مع تدابير حماية صحة اإلنســان أو النبــات الالزمــة وــات في أســواق ــة صــحة اإلنســان أو النب ــق المســتوى المناســب من حماي ــا لتحقي مراعاته

.(492)صادراتها"

492 -L'article 9/2 de l'accord sps : "Dans les cas où des investissements substantiels seront nécessaires pour qu'un pats en développement membre exportateur se dernier envisagera l'octroi d'une assistance technique qui permettra au pays en développement membre maintenir et d'accroître ses possibilités au marché pour

le produit en question ."183

فكان من المتفق عليه حسب هذه المــادة تقـديم المســاعدة للبلــدان الناميــة لتتمكن من موائمة إنتاجها للمعايير التي تفرضها البلدان المتقدمة، لكن ذلك لم ينفذ بصورة جدية و

ماليين5 دوالر و حــوالي 300إن و جــدت المســاعدات فهي ضــئيلة جــدا – بحيث لن تزيــد ، و هــذه(493) دولــة في المنظمة100دوالر مساهمات طوعية، و ذلــك لتقــديمها إلى حــوالي

النسب ضئيلة و ال تخدم هذه الدول بما فيه الكفاية، و هو ما يترجم رغبتها في أبقاء البلــدان الضعيفة تابعة اقتصاديا و عدم اللحاق بها و بالتالي تقزيم سيادتها الغذائية و إخضاعها لهــا و

هو ما يشكل تداعيات سلبية على صحة اإلنسان الرتباط مسالة الغذاء بالصحة. و في رأينا فإن كل هذه األمور التي أشرنا إليها، قد ظهــرت بوضــوح في العالقــة بينــتخدم البالد النامية و البالد المتقدمة و أن الحجج و المبررات الواردة في االتفاق، سوف تس دائما من قبل البلدان المتقدم كلما أرادت أن تعرقــل تجــارة البلــدان الناميــة أو ال تســتطيع منافستها السيما بالنسبة لبعض المنتجات الزراعية. فالبالد المتطورة بحكم التقــدم الثقــافي و الحضاري، و نمو الوعي تجاه البيئة و حماية و سالمة المســتهلك، تصــدر قواعــد و قــوانين تلزم المنتجات الزراعية الوطنية بتحمل كافة التكاليف االجتماعيــة لتحقيــق هــذه الحمايــة و هذه النفقات ترفع من أسعار منتجاتها، في حين أن الدول المتخلفة ال تتبــع هــذه القواعــد و

لذلك فإن أسعار منتجاتها الزراعية أقل، و هذا يخل بالمنافسة. كمــا اســتخدمت البلــدان المتقدمــة المــبررات الســابقة لمنــع الــواردات من البلــدان المختلفة حماية إلنتاجها أو تفرض رسوما إضافية كما سبق و ان أشرنا، و قد تكون الرسوم في حقيقتها قيود خفية أو مستترة لحماية إنتاجها الوطــني و الحــد من االســتيراد. و لـذلك و حســب رأينــا البــد من وضــع إجــراءات و قيــود لحمايــة البيئــة و اإلنســان كضــرورة تتجــاوز االعتبارات الخاصة، و البد تكييف المنتجات الزراعية الوطنية في البالد المتخلفة لكل تراعي هذه الظروف و الشروط و أن تقدم المنافسة على أســاس من الكفــاءة و احــترام الضــمير العالمي و حقوق اإلنســان، و إال ازدادت وضــعيتها تهميشــا و بالتــالي ازديــاد تقــزيم ســيادتها

الداخلية، بفرض المزيد من القيود و الشروط المجحفة من الطرف األقوى في المعادلة. أما عن األشكال الحديثة لإلجراءات الحمائية التي تتخذها البلدان المتقدمة حاليا لمنــع دخول العديد من البضائع القادمة من البلدان النامية فتتمثل في المقاييس المتعلقــة بطــرق تغليف السلعة و مــدى تطابقهـا و مـدى تطابقهـا مـع قواعـد الصــحة و البيئــة، و تعتــبر هـذه المقاييس في طبيعتها تقنية، و تتخذها هذه الــدول بحجــة حمايــة المســتهلك و البيئــة داخــل

البالد، و بالتالي تعرقل دخول سلع البلدان النامية إليها. إن لغة حقوق اإلنسان ال تتحدث عن منظمة التجارة العالمية و بالمقابل تــرفض هــذه األخيرة االستماع إليها سبب وجود تعارض في المصالح االقتصادية التي حددتها، و هذا يعــني

أن الحق في الصحة و معايير منظمة التجارة العالمية، ال يمكن أن يكونا إال في تعارض. إن المسار التطوري الــذي اتخذتــه منظمــة التجــارة العالميــة و الــتزمت بــه يمكن أن يعرض مجاال جديدا للحوار بخصوص التوفيق بين المعايير السوقية و غير السوقية، إن الحق في الصحة عليه بالتنازل في العمق و ذلك باالستماع إلى منظمة التجارة بطريقة العالمية و من الممكن إدخال معايير الصحة و االستفادة منها من طرف منظمة التجــارة بطريقــة تحــد من التبادل الحر بشكل منظم و مناسب يخلــف نوعــا من التكامــل بين الحــق في الصــحة و

.(494)قواعد التجارة العالمية هذا و بالنظر إلى ما تشكله األدوية من أهمية و ارتباطها المحكم بالنصــوص بالقطــاع الصحي أو تدهوره في أي بلد ارتأينا أن يكون المطلب الثاني من هذا المبحث للحــديث عن تأثير النظام التجاري العالمي الجديــد على قطــاع األدويــة في العــالم بصــفة عــام و بالــدول

العربية و الجزائر على األخص.

.40 - السن عادل عبد العزيز، مرجع سابق، ص"493494- Amelle Guesmi – Droit économique et droit de l'homme p. 465.

184

المطلب الثاني تأثر الصناعة الدوائية باتفاقات التجارة العالمية

عادة ما يتركز تقييم آثار تحرير التجارة على مدى تأثيرها على النمو االقتصادي للدول بصفة عامة و لم نبذل الحكومات جهدا يــذكر، أو لم تبــذل أي جهــد لتقــييم اآلثــار المحتملــة لتحرير التجارة في مجال حقوق اإلنسان بوجـه خـاص لتحديـد اإلجـراءات اإلضـافية الالزمـة التي تكفل أن تنتفع جميع فئات المجتمع، بما في ذلــك الفئــات المهمشــة و الفقــيرة و تلــك

التي تعاني من التمييز المنظم من اتفاقيات التجارة. و من أمثلــة القضــايا الــتي تعــد مبعث قلــق خــاص لمنظمــة العفــو الدوليــة القواعــدــد المشددة لحقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة إذ إن التطبيق الصارم لهذه القواعد ق يعوق، بل و كثيرا مل يعــوق حصــول الجميــع على األدويــة األساســية، و إذا كــانت اتفاقيــات التجارة تؤدي إلى تدهور سبل الحصول على األدوية األساسية، فإن الحكومــات الـتي تطبــق

هذه االتفاقيات قد تنتهك الحق في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن الحصول عليه. " و ظاهرة العولمة االقتصادية كان لهاأورغوايإن اتفاقات التجارة العالمية لدورة "

تأثيرات كبيرة على السوق الدولي للبضائع و الخدمات و من بينهــا مجــال األدويــة، فإنتــاج وتجارة األدوية و الخدمات الصحية تأثرت بدرجات متفاوتة نتيجة ذلك.

اإلطار التفاوضي إلتفاق عالمي يخص حقــوق الملكيــة"أورغواي"لقد وضعت جولة " هــذا االتفــاق هــو جــزء من الجولــة الختاميــةAPPICالفكرية التي تمس التجارة العالميــة "

الــتي كــان لهــا تــأثير كبــير فيهــا يخص سياســات إنتــاج األدويــة و"أورغــواي"لمحادثــات االستفادة منها على األخص بالدول النامية.

تكليــف1996ألجل ذلك قرر االجتماع العالمي التاســع و األربعــون للصــحة في مــاي حول السياسات الدوانية(495)المدير العام لوضع تقرير عال نشاطات منظمة التجارة العالمية

الوطنية و األدوية الرئيسية بالنتيجة وضع برنامج العمل المعنى باألدويــة األساســية األهــدافالتالية :

ــدول األعضــاء-1 إدخال قضية األدوية األساسية و السياسات الوطنية الدوانية و إعالم البها.

دراسة انعكاسات العولمة على إنتاج و تسويق و أسعار األدوية من أجل تحديــد اآلثــار-2المحتملة إلتفاق )تريبس( و غيره من االتفاقات التجارية على االستفادة من الدواء.

إعالم الدول األعضاء بضرورة وضع التعابير الكفيلة بحمايــة الصــحة العامــة بــالموازاة-3مع االتفاقات الجديدة للتجارة.

هذا و ال تــزال "إتفاقيــة الجــوانب المتصــلة بالتجــارة من حقــوق الملكيــة الفكريــة" ة الصادرة عن منظمة التجارة الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية و الصحة العامة" و الذي أكد مجددا قدرة الدول على استخدام جميع أوجه المرونة التي نصــت عليهــا اتفاقية الجوانب المتصــلة بالتجــارة من حقــوق الملكيــة الفكريــة" من أجبــل خفض تكــاليف

الدواء. غير أننا نرى كيف تتجلى آثار اتفاقية الملكيــة الفكريــة في مجــال الرعايــة الصــحية و باألخص مسألة إنتاج األدوية حيث تقيد من نطاق الحصول على الرعاية الصــحية بــأن جعلت القوانين تستبعد إنتاج األدوية و المواد الصيدالنية في حماية براءات االختراع لهذه المنتجات و تقوم هذه القوانين بحماية براءات التجهيزات فقــط و هــذا بقصــد تشــجيع صــناعة األدويــة محليا و بخاصة األدوية غير الخاضعة للعالمات التجاريــة و هــذا مــا يــؤدي إلى توفــير األدويــة بتكاليف أقل و بيعها بأسعار أقل أما االنتقال من براءات التجهيز إلى براءات المنتجات التي تنص عليه اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية في منظمــة التجــارة العالميــة ســيؤدي إلى495- Germon velosquez – Mondialisation et aves ou médicament série "économie de la santé et médicament n° 7 2005.

185

توقف إنتاج الشركات المحلية ألنواع من األدوية المهمة و التي قـد تنقــذ الحيــاة مثــل أدويــةــا بأســعار السرطان و نقص المناعة و غير ذلك كان المواطن في الدول النامية يحصل عليه

. (496)منخفضة تناسب دخلهــذه ــل ه إضافة إلى ما سبق تظهر مسالة أخرى تعد من قضايا الملكية الفكرية و تتمث المســالة في ظــاهرة الغش في تصــنيع األدويــة، و هي ظــاهرة لم تعــد مقتصــرة على دول العالم الثالث بل و حتى المتقدمة . قصد ذلك اتخذت إجراءات لمكافحة هذه الظــاهرة، من بين النصوص في هذا الشأن معاهدة مجلس أوروبا حــول الغش في األدويــة و إنتاجهــا فهي نصوص جاءت لشرح مسالة الغش في إنتاج األدوية حيث أنهــا تقليــديا من مســائل الملكيــة

. (497)الفكرية أي "براءات االختراع و العالمات التجارية" ، قــرارا2003 أغســطس 30لقد اتخذ المجلس العام لمنظمــة التجــارة العالميــة في

من "إعالن الدوحــة" و الــذي بهــدف إلى تمكين الــدول الــتي ال تملــك06بتطــبيق الفقــرة القدرة على تصنيع األدوية من الحصول على أدوية مصنفة بحســب نوعهــا بمــوجب تــرخيص إجباري، فقد أعتبر كثير من الخبراء أنه يمثل عائقا كبيرا أمام إيجاد حل مالئم لمشكلة توفر

األدوية بالنسبة للفقراء. هذا و إذا كانت الدول األقل نموا قد منحت مهلة أخرى مــدتها ســبع ســنوات لتطــبيق "اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية" فمن الضــروري أن تســتفيد تماما من هذه المهلة عن طريق إجراء تقييم فعال لمدى تــأثير القواعــد المقترحــة للملكيــة الفكرية على التمتــع بحقــوق اإلنســان، و اتخــاذ مــا يلــزم من اإلجــراءات القانونيــة و غيرهــا لالستفادة الكاملة من أوجه المرونة التي نصت عليها االتفاقية، و تحت المنظمات المدافعــة

148عن حقوق اإلنسان قادة جميع الدول المشاركة في منظمة التجارة العالميــة و عــددها دولة على ضمان أن تكون التزامات حقوق اإلنسان عنصــرا جوهريـا في النقاشـات القادمـة

، و في هذا الصدد تهيب منظمة العفو. الدولية بقــادة(498)الجتماعات منظمة التجارة العالميةجميع الدول المشاركة اتخاذ الخطوات التالية :

ضمان أن تستفيد الدول األقل نموا من مهلة الســنوات الســبع لتوفيــق أوضــاعها بمــا- يتماش مع االلتزامات المنصوص عليها في "اتفاقيــة الجــوانب المتصــلة بالتجــارة من حقوق الملكية الفكرية" و يجب على كل من الــدول المتقدمــة أن تتعــاون دولــة على األقـل من الـدول األقـل نمـوا بمسـاعدتها على إقامـة قاعـدتها التقنيـة، و أن تجـري، بالتعاون مــع الهيئــات األخــرى ذات الصــلة تقييمــا لآلثــار في مجــال حقــوق اإلنســان لضمان أال يــؤدي تطــبيق التزامــات "اتفاقيــة الجــوانب المتصــلة بالتجــارة من حقــوق

الملكية الفكرية" إلى التأثير سلبا على تمتع سكان هذه الدول بحقوق اإلنسان. التعهد بإجراء تقييم يتسم بالمشاركة المؤثرة في مجال حقــوق اإلنســان قبــل انعقــاد-

أية اتفاقات جديدة للتجارة العالمية أو إجراء تعديالت على االتفاقيات القائمة. ضــمان أن تكــون القــرارات المتخــذة مبنيــة على معلومــات وافيــة، من خالل تبــادل-

المستورد مع الهيئات الحكوميــة المسـؤولية عن ضـمان االلـتزام بحقـوق اإلنسـان، و يمكن للحكومـات، على ســبيل المثـال، أن تـدرس ضـم واحـد على األقـل من خـبراء

حقوق اإلنسان في وفودها.

496- Carrea Charles – Intellectual Property right and the use of compulsory countries, licences: option for revel ping – south center Geneva 1999.

. 27أنظر : مصطفى عبد الله الكفري – مرجع سابق – ص 497- Clotilde Jourdain – Fortier – la contrefaçon de médicament colloque international – le cridimi – dijon – le 15 juin 2013.

- تقرير لمنظمة العفو الدولية – منظمة العفو الدولية تحت أعضاء منظمة التجــارة العالميــة على احــترام498 IOR رقم الوثيقــة : 2005 ديســمبر 09التزامــات حقــوق اإلنســان في مفاوضــات التجــارة بهونــغ كونــغ –

30/016/2005. 186

ــتعين- تقديم دعم سياسي بما يكفل لوكاالت األمم المتحدة و منظماتها المعنية أن تس بالخبرات الموجودة و الممارسات المثلي في مختلف أنحاء العالم من اجــل التوصــل إلى نموذج فعال لتقييم الثر في مجال حقوق اإلنسان، يتضمن وضع منهجيــة دائمــة و

حقوق اإلنسان.لمؤشرات و عالمات مرجعية هذا و سنتطرق فيما يلي إلى وضعية الصناعة الدوائية و الحصول على الدواء فيالدول العربية و الجزائر في ظل اتفاقات التجارة الدولية من خالل الفرعين التاليين .

الفرع األول تأثير اتفاقيات التجارة على الصناعة الدوائية في الدول العربية

تعتبر الصــناعة الدوائيــة العربيــة من أكــثر الصــناعات العربيــة نمــوا في هيكــل النــاتج الصناعي العربي و أكثرها التصاقا بالتنمية البشرية في الدول العربية من حيث توفر الــدواء الضروري بالسعر المناصب للمواطن العربي، لكن الصناعات الدوائية تعتــبر أيضــا من أكــثر القطاعات الصناعية تأثرا باتفاقات منظمة التجارة العالمي، و خصوصا فيما يتعلق بالملكيــة الفكرية و هي اتفاقيــات تخلــق واقعــا جــديا في التجــارة الدوليــة ســيوفر للصــناعة الدوائيــة العربية فرصا كبيرة للتطور و في الوقت نفسه يشكل مخــاطر و عقبــات ال بــد من التعامــل

معها بدرجة عالية من المهنية و العلمية. إن الصناعات العربية عموما تواجه تحديات جدية في ظــل النظــام التجــاري العــالمي الجديد حيث يستند هذا النظام إلى قواعد و أنضمه تختلف و تتعارض مع األسس التي عليها معظم الصناعات العربية، أما الصناعات الدوائية، فتواجـه تحــديا إضــافيا، أال هـو مــا تفرضـه

" و الــتيTRIPSعليها اتفاقية حماية الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة المعروفــة بــتريبس "جاءت كواحدة من االتفاقيات المنبثقة عن االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية "الجات". إن الدول العربية األعضاء في منظمة التجارة العالمية هي مصر و الكويت و المغرب و تونس و مورتانيا و جيبوتي و قطر و البحرين و اإلمارات بينما ال تــزال الــدول األخــرى في مرحلة المفاوضات و هي األردن و السعودية و عمان و الجزائر و السودان و لبنان و سوريا، و رغم أن السعودية ليس لديها قانون لحماية بــراءات االخــتراع لكنهــا بــدأت تلــتزم بأحكــامــة "تــريبس" حــتى قبــل اتفاقيــة الجــوانب المتصــلة بالتجــارة فى حقــوق الملكيــة الفكري

.(499)انضمامها رسميا لمنظمة التجارة العالمية إن الحديث عن االنعكاسات الســلبية التفاقــات التجــارة العالميــة البــد من أن يســبقهــور التأكيد على أن هذه االتفاقات و االلتزام بها على المستوى الوطني تؤدي أساسا إلى تط االقتصاديات الوطنيــة و فتح فــرض انتقــال التكنولوجيــا الحديثــة إلى الــدول الناميــة بعــد أن توفرت لمنتجي هذه التكنولوجيا الحماية الكاملة كحقوق االختراع كما انهــا ســتؤدي إلى فتح األسواق العالمية للمنتجات العربية و توفير الهيكــل االقتصــادي المــوائم في الــدول العربيــة للتعامل بكفاءة مع االقتصاد العالمي. هذه التطورات الجذرية في النظام التجاري العالمي ال تلغي الجوانب السلبية الكبيرة التي تواجهها الصناعة الدوائية العربية عند تطــبيق االتفاقــات األخيرة، و إن كان ذلك ر يعني على اإلطالق محاولة االنعزال أو عدم االلتزام بما اتفق عليهــدة بمــا لمجتمع الدولي بل العمل بشكل جدي على العامل االيجابي مع هذه الظروف الجدي

يخدم مصلحة التنمية و االقتصادية و البشرية في الدول العربية. إن االنعكاسات السلبية التفاقية منظمــة التجــارة العالميــة و اتفاقيــة حقــوق الملكيــة الفكرية – تريبس – عديدة و هي تمس كافة مرافق الصناعة و التجارة و قطاع الخدمات إال

- عدنان الكيالني – تأثير اتفاقات التجارة الدولية على قطاع األدويــة في الــدول العربيــة و ســبل التعامــل499.1999معها – االتحاد العربي لمنتجي األدوية عمان – األردن – نوفمبر

- عن فعاليات ملتقى المصدرين و المستوردين العرب في قطاع الصناعات الدوائية و الصــناعات المتممــة نوفمبر.11 -2لها و الذي نظمه برنامج تمويل التجارة العربية – عمان –

187

أن اتساع قاعدة اآلثار السلبية على الصناعة الدوائيــة العربيــة ســيجعل تــأثير هـذه الصــناعة. (500)واضحا و ملموسا أكثر من القطاعات األخرى ألسباب عدة لعل أبرزها ما يلي

األهمية الخاصة للدواء في حياة اإلنسان : فهو سلعة أساســية ال غــني عنهــا و اليتبــط-1 استهالكها بقاعدة العرض و الطلب أو المرونات السعرية أو مصدر اإلنتاج فالمهم هو

توفر الدواء عند الحاجة. براءات االختراع : فكافة األدوية الحديثة تحوز ببراءات اختراع، بعضها أســتنفذ المــدة-2

ــق األمــر القانونية و البعض اآلخر لم يتنفذ مدته و بقى حكرا على المخترع سواءا تعل بالمنتج النهــائي أو بطريقــة التصــنيع، و حيث أن الــتراخيص الــتي في أيــدينا بمــوجبــدى ــتراخيص ل تشريعات محلية مخالفة التفاقية – تريبس – فمن المتوقع إلغاء تلك ال

.(501)انضمام الدول العربية إلى منظمة التجارة الدولية تزايد تعداد المنتجات الدوائية و تنوعها و تجددها : حيث تمتاز الصناعة الدوائية عموما-3

بالمقارنة مع الصناعات األخرى بالتجدد الدائم، و االختراع الجديد دومــا يمثــل الثمــرة األخيرة األكثر نضوجا ذات القيمــة العلميــة و التطبيقيــة و ذات الجــدوى االقتصــادية وــالم عليه فإن الصناعة الدوائية العربية ستكون مختلفة نوعيا عن مثيالتها في دول الع

عاما على األقل، أي مدة االمتياز الممنوح براءة االختراع.20المتقدم بمدة حداثة عهد التصنيع الدوائي العربي : إذ على الرغم من أن بــدايات الصــناعة الدوائيــة-4

العربيــة إلى ثالثينــات و أربعينــات القــرن الماضــي، إال أن الخطــوات الرئيســية الــتي خطتها هذه الصناعة الدوائية العربية تعود إلى ثالثينات و أربعينيات القــرن الماضــي، إال أن الخطوات الرئيسية التي خطتها هذه الصــناعة تــتركز في عقــدي الســبعينات و الثمانيات، و بشكل أكثر كثافة في بداية التسعينات، ممــا يجعلهــا صــناعة وليــدة غــير قادرة على منافسة الصناعات العالمية العريقــة الكــبرى و الــتي لهــا تــاريخ يمتــد إلى

القرن التاسع عشر. ضــرورة التقيــد التــام بالمواصــفات و الشــروط العالميــة : خصوصــا مــا يتعلــق منهــا-5

بشروط التصنيع الجيد و ما يستتبع ذلك من زيادة قيمة الرساميل المطلوبة و ارتفاعكلفة اإلنتاج بشكل كبير.

القيود اإلضافية التي تفرض على تداول الدواء : خصوصا تلك الــتي تحــد من انســيابه-6 كسلعة تجارية عن هنا يتضح أن اتفاقيــة تــريبس – قـد فرضــت حربـا غــير عادلــة بين اللذين يملكـون و الـذين ال يملكــون و قلصـت من قـدرة الـدول الناميــة عمومـا على مجاراة التكنولوجيا الدوائية الحديثة لتوفير دواء فعال و بسعر معقول، و بشــكل عــام فإن االلتزام باتفاقية – تريبس – له انعكاسات تكبيرة على الصناعة الدوائية العربية و

: (502)اإلنتاج و االستهالك الدوائي العربي و التي يمكن تلخيصها بما يلي تراجع اإلنتاج الدوائي العربي بحد أدنى مقداره قيمة األدوية التي مازالت تتمتع ببراءةأ(

اختراع و قد تكون نسبة هذا الــتراجع ضــئيلة في بــادئ األمــر إال أنــه قــد ال تتجــاوز الـ% خالل بضعة سنوات.40

ــة و كلفــة البحثب( ــة العالمي ــير للشــركات الدوائي نظــرا إلى التفــوق التكنولــوجي الكب مليـون دوالر في300العلمي الباهظـة الـتي تنفقهـا تلـك الشـركات حيث تصـل إلى

المتوسط إلنتــاج دواء واحــد فــإن شــركات األدويــة في الــدول العربيــة لم تتمكن من اللحاق بالركب و بذلك تتخلف الصناعة الدوائية العربية عن مثيالتها في العــالم لفــترة

زمنية مقدارها عشرون عاما.

– المرجع السابق. 1999 - فادي نصار - االستثمار المشترك في إنتاج المواد األولية – عمان نوفمبر 500 - عبد الله عبد المجيد – اتفاقية تريبس و أسعار األدويــة – مجلــة العــربي – الطبعــة االلكترونيــة – العــدد501

.2005-11-20 – القاهرة في 924 - المرجع السابق.1999 - عدلي منصور – التحالف االستراتيجي في االنتاج و التسويق – عمان 502

188

إن انضمام الدول العربية إلى اتفاقية – تريبس – ينتج عنه زيادة ملحوظة في أسعارت( المنتجات الدوائية عموما، و ذلك إطالق يد مالك البراءة و إعطائه قوة احتكار مطلقة تنصرف على كافة أوجه التصنيع و االستغالل التجــاري و ســيواجه المســتهلك العــربي هذه المشـكلة بغض النظـر عن اإلجـراءات الوقائيـة الـتي قـد تتبناهـا الـدول العربيـة لمواجهة قيود – تريبس – الجديدة فإذا ما اتجهنا نحو اإلســتيراد المباشــر من صــاحب البراءة فإن األمر لن يكون أحسن حاال، و مهمــا تعــددت أوجــه البــدائل المتاحــة فــإن

النتيجة الحتمية ستكون إرتفاع أسعار األدوية بالنسبة للمواطن العربي. من المتوقع أن يكون أيضا إلتفاقيـة – تـريبس – و انعكاسـاتها على الصـناعة الدوائيـةث(

العربيــة آثــارا اقتصــادية ســلبية متفاوتــة في حجمهــا و مســتواها بين الــدول العربيــة المختلفة، إذ يتوقع أن تعمل على زيـادة فـاتورة االسـتيراد و تراجـع حجم التصـدير، و بالتالي زيــادة الضــغط على األرصـدة العربيــة من النقــد األجنــبي، إلى جـانب تخفيض

مستويات العمالة و غيرها من اآلثار. في األخــير فإنــه المنــاص للــدول العربيــة من إتبــاع إســتراتيجية شــاملة للتعامــل مــع مستجدات النظام التجاري العالمي الجديد، قصد الحفاظ على قــدرة المــواطن العــربي في الحصول على األدوية و في الرعاية الصحية بشكل عام بما يتماشى مع الحق في الصــحة و

الذي كرسته المواثيق الدولية.

الفرع الثانيتأثيرا اتفاقات التجارة العالمية على صناعة الدواء في الجزائر

إتفاقيــة، من بينهــا ثالث اتفاقيــات تمس24تشــرف منظمــة التجــارة العالميــة على مباشــرة تنظيم ســوق األدويــة و تــؤثر فيــه ســواء من ناحيــة اإلنتــاج أو التســويق، من بينهــا اتفاقيتان تتعلقــان بالتــدابير الصــحية و الحــواجز الفنيــة في السياســة التجاريــة يعمالن على تنظيم التدابير الــتي تمكن البلــد العضــو من اســتخدامها لتحقيــق مصــالحة المشــروعة دون األضرار بباقي الدول األعضاء، و تشمل هذه التدابير كافة القوانين و اللــوائح التنظيميــة بمــاــار و الفحص، و في ذلك مقاييس المنتج النهائي، و طرق التجهيز و اإلنتاج، و إجراءات االختب التصديق و الموافقة و كذا معامالت الحجز الصحي و غيرها، و لم يكتفي االتفاق بطلب هذه التدابير فحسب بل يطلب أيضا تقديم شــهادة مطابقــة تفيــد مطابقــة تلــك المنتجــات لهــذه اللوائح و المقاييس، حتى ال تؤدي هذه اإلجراءات مطابقــة و موائمــة لمــا ينص عليــه هــاذين االتفاقين في مجــال تنظيم التجــارة الخارجيــة في المنتجــات الدوائيــة و خصوصــا الــواردات

% من سوقها عن طريق االستيراد، لكن االتفاق الثالث و هو )80باعتبار أن الجزائر تغطي APPIC)( 503)أي اتفاق حقوق الملكية الفكرية هو األكثر تأثيرا على صناعة األدوية و مختلف

مجاالت التنمية كنقل التكنولوجيا و االبتكار خاصة في الدول النامية و منها الجزائر. لقد قدمت اتفاقية حماية الملكية الفكرية حماية لكافة أنواع بــراءات االخــتراع ســواء تلــك المتعلقــة بعمليــة التصــنيع أو المتعلقــة بــالمنتج النهــائي و بكافــة حقــوق التكنولوجيــا و المعرفة الفنية طالما أن االختراع سجل كاختراع جديد و قابل للتطبيق و االســتغالل صــناعيا و تجاريا، و سواءا كانت السلعة المنتجة به وجب براءة اخــتراع مســتوردة أو مصــنعة محليــا فإنها تتمتع بالحماية و لمد عشرون عاما من تاريخ تسجيلها، و ترتيبا على ذلــك فــإن صــناعة األدوية في الجزائر لن تركت على حماية الدولة بعــدما تصــبح عضــو في المنظمــة العالميــةــق المنافســة من خالل للتجــارة لمــا أنهــا لن تســتطيع أن تبقى أو تكــون قــادرة على تحقي االرتفاع ال لجودة و تخفيض التكلفــة إال باالعتمـاد على البحث العلمي و التطــوير ممـا ســبق سنرى اآلثار الممكن حدوثها الصناعة األدوية في الجزائر من خالل تــأثير المنضــمة العالميــة

للتجارة و كذا اتفاقية حماية الملكية الملحقة بها على كل من اإلنتاج و األسعار.503- APPIC – Accord sur les droits de le propriété intellectuelle lies au commerce.

189

التأثير على اإلنتاج الدوائي -1 لنتمكن من تحليــل تــأثير االتفاقيــة على اإلنتــاج تستشــهد بحالــة االنفتــاح االقتصــادي

ــه يجب1994للجزائر منذ و تحريرها لتجارتها الخارجية و لنظم األسعار و المنافســة، و علي األخذ في الحسبان كــل من تطــور اإلنتــاج و المخزونــات و المبيعــات لنســتطيع تبيــان واقــع المنافسة األجنبية و تحرير السوق و آثارها على تطـور اإلنتـاج و ليكن مجمـع صـيدال كـأكبر مصنع عمومي لألدوية في الجزائر نموذجا، و قد أخذت معطيات هذا التحليل للفترة الممتدة

و هي فترة تتــوفر فيمــا كــل المعلومــات بدقــة من نشــاط2004 إلى سنة 2001من سنة المجمــع و يميزهــا نــوع من االســتقرار السياســي األمــني و كــذا االقتصــادي في الجزائــر و

المالحظ بالنسبة لإلنتاج خالل هذه الفترة ما يلي : أ- أن هناك تطور فعلي في الكمية المنتجة و لكنها ضــعيفة و ذلــك راجــع لعــدة عوامــل منها

(504) : ( قدم بعض المنتجات و عدم الطلب عليها في السوق.1( عدم مرونة في التجهيزات المستخدمة.2( ضعف استغالل الطاقات اإلنتاجية المتاحة.3 ( تذبذب بعض خطــوط اإلنتـاج بسـبب تعطال و انقطـاع المــواد األوليــة الضــرورية للعمليــة4

اإلنتاجية خاصة المستوردة من الخارج. % مقارنــة25 ب- أما فيما يتعلــق بالمخزونــات فالمالحــظ بأنهــا تمثال في المتوســط نســبة

بحجم اإلنتاج لكل سنة، و هــو مــا يــدل على أن هنــاك خلــل في نظــام التســويق المتبــع من طرف المجمع ال يسمح اكبر كمية من المنتوج النهائي، حيث أن هذه النسبة تعتبر كبيرة في السوق جزائــري كبــير، كمـا يعـرف ارتفـاع المخزونــات إلى احـترام المنافســة األجنبيــة في

السوق الوطني لألدوية و هو ما أدى إلى تقلص حصة مجمع صيدال فيه.

هذه النتيجــة تؤكــد من خالل مقارنــة المبيعــات، فنالحــظ فعال وجــود تراجــع في حجم مليون وحدة بيع إلى123 حيث انخفض حجم المبيعات من 2002المبيعات خاصة بعد سنة

% و ذلك راجع لألسباب التالية :04 مليون وحدة أي يتراجع قد – 1192

وظيفة التسويق لم تصل للمستوى المطلوب .أ-بعض المنتجات تقادمت من حيث الشكل.ب-بعض المنتجات أقرت وزارة الصحة بيعها بدون ارباح.ت-دخول منتجات اجنبية منافسة عطلت الطلب على المنتج المحلي.ث-السياسة اإلشهارية المحتشمة.ج-

إن هــذه النقــاط تعتــبر مكــامن الضــعف لــدى الصــناعة الدوائيــة في الجزائــر لم يتم اجتيازها بمجرد تحرير السوق الوطني لألدويــة لكن األمــر ســيكون اخطــر في حالــة تطــبيق اتفاقية حقوق الملكية الفكرية، لكون مجمــع صــيدال مثال يعتمــد على إنتــاج أصــناف دوائيــة

أو تريبس( تمــدد مــدة الحمايــةAPPICخاصة به قليلة و هي أدوية جنيسة سببه ان أتفاقية) إلى عشرين سنة بدال من عشر ســنوات فســيكون لهــا تــأثير على تراجــع اإلنتــاج و ســيتأخر إنتاجها من األدوية الجنيسة إلى ما بعد عشرين سنة، و بالتالي فســوف تتــأثر تكلفــة اإلنتــاج إلى اإلرتفاع نتيجــة حــق الــبراءة الــذي يفــرض ســعرا عاليــا الى كــون التكنولوجيــا الدوائيــة

الحديثة ذات تكلفة عالية .

و نتيجة لذلك فلن يكون بمقدور المواطن المحدود الدخل الحصول على جميــع أنــواع األدوية و هو ما ينعكس على مستوى الرعاية الصــحية في البالد و بالتــالي يمس بــالحق في504- Plan Stratégique du groupe SAIDAL, op,cit,p47..

190

الصحة كحق إنساني و هو مــا يقودنــا إلى التســاؤل عن أســعار هــذه األدويــة نتيجــة تأثيرهــاباتفاقيات التجارة العالمية و هو ما سنتطرق له.

- التأثير على أسعار األدوية 2 إن هنــاك نظــام رقابــة صــارمة من طــرف الــوزارة الوصــية على نظــام التســعير في الجزائر للمنتجات الصيدالنية سواءا كانت منتجة محليا أو مستوردة، و هــو مــا يــدل على أن السوق ليس سوق منافسة كاملــة كمــا أنــه ليس بســوق احتكــاري، و من الواضــح أنــه بعــد تحرير التجارة الخارجية و تحرير األسعار فقــد حــدث هنــاك ارتفــاع مفــاجئ ألســعار األدويــة كانت مستوردة أو منتجة محليا، و ذلك كون أن المنتجات النهائية المســتوردة تتحمــل نســبة

% من الرسوم و الحقوق لقــاء دخولهــا إلى الســوق الجزائريــة بينمــا مــدخالت القطــاع7.4 الصــناعي من مــواد الدوليــة و لــوازم اإلنتــاج و المســتوردة من الخــراج تتحمــل مــا مقــدار

و هو ما كان له أثر كبير على ارتفاع األسعار خاصة لألدوية المنتجه محليا هذا(505)% 68.40باإلضافة إلى خسائر الصرف األجنبي.

لقد أشرنا سابقا إلى أن تطبيق اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية في بعض الدول العربية األعضاء في منظمة التجارة العالمية كان له تداعيات ســلبية على األســعار و هـو مــا كان عليه الحال في مصــر مثال حيث ارتفعت األســعار بثالث مــرات، و هــو مــا أشــارت إليــه دراسة قامت بها لجنة حقوق الملكية الفكرية في اإلدارة البريطانيــة الدوليــة حيث بينت في

، بأنــه في حالــه تطــبيق اتفــاق تــريبس على الــدول الناميــة في2001تقريرها الصادر سنة % و هــذه200% إلى 12مجــال صــناعة األدويــة فــإن األســعار ســترتفع بنســبة تــتراوح من

ارتفاع أسعار األدوية سيكون له أثر كبير على مجمل الخــدمات الصــحية و الرعايــة الصــحية في الدول النامية و الجزائر على وجه الخصوص و هو ما يضر بالمستوى الصــحي للمــواطن

و بحقه في مستوى صحي مالئم و الذي نصت عليه اتفاقيات حقوق اإلنسان الدولية.

الفصل الثالث

انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحقفي مستوى معيشي الئــق

تتمتع الحقوق االقتصادية بصفتها جــزءا من طائفــة أوســع من حقــوق اإلنســان، و هي طائفة الحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية بوظيفة مزدوجــة ،فهي من جهــة، تضــمن لإلنسان مستوى مالئمــا أو الئقــا من العيش و تشــكل أساســا الســتقالله و تحــرره من جهــة

أخرى.

إن هذا الحق تعرض لتأثير سلبي كبير، بســبب نتــائج أفرزتهــا العولمــة بكــل جوانبهــا و ليس ( من االتفاقيــة11االقتصادية فحسب، و يشمل هــذا الحــق عــدة مســائل أوضــحتها المـادة )

الدولية للحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية حيث يرتبط بهــذا الحــق كــل من مســألةتوفير الغذاء و المسكن المالئم الكساء و تحسين مستوي معيشة اإلنسان بصفة عامة .

505- UNOP-mémorandum sur la problématique de la production nationale de inédicament, Alger, octobre 200P4.

191

إن النظام التجاري العالمي الجديد ممثال بأضلعه الثالثة الماليــة، النقديــة والتجاريــة لــه بــالغ األثر على هذا الحق و ما يرتبط به من الحقوق األخرى المرفقة بــه و مكانتهــا في المواثيــق الدولية كحقوق اإلنسان و كذا تأثير النظام التجاري العالمي الجديد على هــذا الحــق و بــاقي

مكوناته من خالل المبحثين التاليين :

المبحث األول : مفهوم الحق في مستوى الئق و مكانته دوليا

المبحث الثاني : تأثير النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في مستوىمعيشي الئق

المبحث األول

مفهوم الحق في مستوى معيشي الئــق و مكانته دوليا

( من العهد الدولي للحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية لكــل11أقرت المادة ) شخص الحق في مستوى معيشي الئق أو مناسبة له و ألســرته، يــوفر لهم حاجــاتهم من الغذاء و الكسـاء و المأوى، و التحسين المتواصل لظروف المعيشــة، و يرتبــط هــذا الحــق بالتحرر من الجـوع الـذي أشــارت لـه المـادة ذاتهـا في فقرتهـا الثانيـة، و قـد سـبق اإلعالن

( منه.25العالمي كحقوق اإلنسان العهد المذكور في االعتراف بهذا الحق في المادة )

يتطلب الحق في مستوى معيشي الئق، أن توفر الدول لإلنسان كحــد أدنى عــددا من الشروط لبقائه و لمعيشته، و هي الحق في الغذاء المناسب، و المأوى و الكساء المناسبين له و ألسرته، و هي حقوق مرتبطــة في الواقــع بعــدد من الحقــوق االقتصــادية و االجتماعيــة

األخرى المعترف بها كالحق في العمل و الحق في الضمان االجتماعي. إن هذا الحق ليس من الحقوق ذات المضمون المحــدد و الضــيق، فهــو يتمتــع بنطــاق واسع و يرتب على كامل الدول عددا من االلتزامات المختلفة و هي مســألة يســهل إدراكهــا في ضوء مكونات الحق ذاته و عناصره المختلفة، و فيما يلي سنتطرق إلى مكانة هذا الحق

الــدول الناشــئة عن الحــق في مســتوى(506)دوليا من خالل مكونات هــذا الحــق و التزامــاتمعشي الئق من خالل.

المطلب األول : مكونات الحق في مستوي معيشي الئق .

.. 334 - محمد يوسف علوان – محمد خليل موسي – مرجع سابق – ص 506192

المطلب الثاني : التزامات الدول الناشئة عن الحق في مستوىمعيشي الئق .

المطلب االولمكونات الحق في مستوى معيشي الئــق

ــة و تكشف األعمال التحضيرية للعهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصــادية و االجتماعي الثقافية عن أن فكرة المستوى المعيشي لها معنى واســع و عـام، و لعـل أهم عناصــره هي الحق فكرة المستوى المعيشي لها معنى واسع و عام، و لعــل أهم عناصــره هي الحــق في غذاء كاف و في المسكن االئق رغم أن معناه قد ينصرف أيضا إلى أكثر من هذه العناصر و

سنتطرق إلى أهم عنصرين فيما يلي :

الفرع األول الحق في غذاء كاف

( من العهــد الــدولي1/11يشكل الحق في الغذاء الكــافي المشــار إليــه في المــادة ) الخاص بالحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية جزءا من الحق العام في الحصــول على مستوى معيشي مالئم أو الئق و هذا الحق في الحقيقة يشترط مسألتين تحرير اإلنسان من

ــه02/11الجوع كما أوضحت المادة ) ( من العهد المذكور و الحصول على غذاء كافي كما أن يتطلب من الدول إجراءات إعماله و تحقيقه، حيث تقوم الدول األطــراف باتخــاذ الخطــوات المناسبة لضمان تحقيق هذا الحق، مع اإلقرار باألهمية الخاصة للتعاون الــدولي القــائم على

.(507)الرضي الحر في الشأن كما تقوم الدول األطراف في االتفاقية الحالية، إقرارا منها بــالحق األساســي لكــل فــرد في أن يكون متحررا من الجوع، منفردة أو من خالل التعــاون باتخــاذ اإلجــراءات الضــرورية من

اجل : تحسين وسائل اإلنتاج و حفــظ توزيــع األغذيــة و ذلــك عن طريــق االنتفــاع الكلي منأ(

ــة أو ــة النظم الزراعي ــة بتنمي المعرفة التقنية و العلمية و بنشر المعرفة بمبادئ التغذي إصالحها بحيث يحقق ذلك أكــبر قــدر من الكفــاءة في التنميــة و االنتفــاع من المــوارد

الطبيعية. تأمين توزيع عــادل للمــؤن الغذائيــة في العــالم تبعــا للحاجــة مــع األخــذ بعين االعتبــارب(

لمشاكل األقطار المستوردة لألغذية و المصدرة لها. و الواقع أن مشـكلة تـأمين الغـذاء، أو األمن الغـذائي، أصـبحت في قلب االهتمامــاتــدة و السياسية العالمية، و يقصد باألمن الغذائي تمكن سكان بلد ما من الوصول بصورة أكي

.338 - محمد يوسف علوان ، محمد خليل موسى ، مرجع سابيق، ص507

.193

دائمة إلى الغذاء الذي يحتاجونه ليتمتعوا بصحة جيدة تســمح بممارســة نشــاطاتهم بطريقــة سليمة، و قد طرحت هذه المسالة بإلحاح كبير، في العقدين األخيرين من القــرن الماضــي، مع اتساع رقعة الجفاف التي ضربت بعض الدول اإلفريقيــة و هــددت بــالموت جوعــا ماليين

من البشر. إال أن المجاعة التي تطال اليوم جو إلى ثالثين مليون إنسان، في مناطق مختلفة من العــالم، ال تشــكل ســنوي جــانب من جــوانب المشــكلة الغذائيــة، فــالتطور الصــناعي الــذي شاهدته الدول النامية دفع بكثير من سكان األريـاف للهجـرة إلى المـدن بحثـا عن مسـتقبل

أفضل.

الفرع الثاني الحق في المسكن المالئم

الغــذاء في انــه يكــون عــادة عرضــه في يتميز الحــق في المســكن المالئم عن الحق لتنظيم قانوني دقيق على الصعيد الداخلي، و يكون بالنتيجة موضعا لرقابة القضــاء الوطــني و محال لنزاعات متعددة نظر من جانب، و لكنه يشبه الحق في الغذاء في أنهما من مكوناتــوق اإلنســان الحق في مستوى معيشي الئق، و في أنه يتمتع بصالت وروابط حميمة مع حق

األخرى.

لقد جعلت لجنة الحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية عبء توفير المسكن علىــة الطــرف هي عاتق الدول األطراف في العهد، و لكن ال يعني هذا التفسير مطلقا أن الدول

( من العهــد02/01الــدولي المســؤولة الوحيــدة عن توفــير المســاكن لمحتاجيهــا فالمــادة ) الدولي الخاص بالحقوق االقتصــادية و االجتماعيــة و الثقافيــة تمنح الــدول األطــراف هامشــا تقديرا بالنسبة للطرق و السيل التي يمكن لها أن تنتهجها إلعمال الحق في المسكن، و هي وسائل تعتمد في المقام األول على الوضع االقتصادي و االجتمــاعي و الثقــافي و السياســيــير المســاكن ــا بتوف ــدول األطــراف جميعه ــوم ال ــع أن تق ــة ال تتوق ــة، فاللجن ــة المعني للدول

( إن "التــدابير الراميــة إلى6)4لمحتاجيها، و هذا واضـح من قولهـا في التعليــق العـام، رقم وفاء الدول بالتزاماتها قيما يتعلق بالحق في الســكن المالئم يمكن أن تعكس أي خليــط من التدابير التي تعد مناسبة و التي تتخذ في القطاعين العام و الخاص، و في حين أن التمويــل العام للمساكن الجديــدة، ففي معظم الحــاالت، دلت التجربــة على عــدم قــدرة الحكومــات على للتغطية الكاملة لحاالت العجز في مجال اإلسكان من خالل المســاكن المبنيــة بــأموال

. (508)عامة

و مع أن رؤساء الدول و الحكومات أكــدوا في مــؤتمر الســكان الثــاني المنعقــد عــام في إسطنبول التركية على "إرادتهم بضمان التحقيق الكامــل تــدريجيا للحــق بســكن1996

مناسب"، إال أنهم لم يتمكنوا من وضع هذه الرغبة موضع التطــبيق، فبعض الــدول رأت بــأن اعتبــار الحاجــة لمســكن مالئم كحــق لإلنســان معــترف بــه دوليــا يفــوق قــدراتها، ألن ذلــك سيحملها نفقات كبرى ال تستطيع تأمينها، و سيعرضها احتماال النتقادات قاسية من بقية

أطراف الجماعة الدولية، إذا ما اعتبرت أنها مقصرة في احترام هذا الحق.

ــاي ــانت دورة م ــذا و ك ــد شــهدت1995ه ــة األمم المتحــدة حــول اإلســكان ق للجن مناقشات مطولة حول هذه النقطة بالذات، فرئيس بعثة الواليات المتحدة، و دون أن يكــون لديه أي اعتراض على الهـدف الـرامي لضــمان الحــق لجميــع النـاس بالحصــول على ســكن

( من التعليق العام المشار إليه سابقا.14 - الفقرة )508194

ــتي يمكن أن يتركهــا مالئم كما قال ، أشار الى ان الواليات المتحدة تبدي القلق من اآلثار الاإلعالن عن الحق الضمني بالسكن على صعيد القانون الدولي.

و فى هذا السياق أعدت المققرة الخاصة بالســكن الالئــق كعنصــر من عناصــر الحــق تقريرا بعد الزيارة"راكيل رولينك" فى مستوي معيشي مناسب و بالحق فى عدم التميز

،و أولت المقــررة اهتمامــا خاصــا2011 جويليــة 19 إلى 09الــتي قادتهــا الى الجزائــر من لسياسات السكن المتبعة و لألسباب الكامنة وراء اســتمرار األزمــة ،رغم مــرور عقــد من

.(509)الزمن شهد تكثيف بناء المساكن االجتماعية أســئلة للحكومــة الجزائريــة تخص ،10وقد وجهت المفوضة األممية في هذا اإلطــار

ــفي من التدابير و التشريعات الخاصة بالحصول على السكن و قضايا الطرد و اإلخالء التعسالمسكن و كذا السكن الهش.

و بدورة أعلن المقرر الخاص للجنــة في تقريــره حــول هــذه المســالة بــأن االعــتراف : (510)بالحق في السكن، و الموجبات القانونية الالزمة له تفرض أساسا

أ( أن تكون الدولة مسؤولة عن بناء مساكن لكل الناس.ب( أن تقدم الدولة مسكنا مجانيا لمن يطلب ذلك.

ــام ج( أن تقوم الدولة، إجباريا، باحترام كل جوانب هذا الحق بمجرد أن تتحمل الواجب بالقيبه.

د( ان تكون الدولة مسؤلية كليا , أو أن تترك حصريا للســوق الحــر أمــر ضــمان هــذا الحــقللجميع.

ه( أن يبرز هذا الحق بالطريقة نفسها في كل مكان، و في كل الظروف. فضال عن ذلك، فإن مجــرد قبــول الدولــة هــذه الموجبــات يعــني بــأن عليهــا أيضــا بــذل كــل الوسائل الممكنة و المالئمة للسهر على أن يتمكن كل فرد من الوصول إلى السكن المالئم من زاوية الصحة، و الرفاه، و األمن، بالتطابق مــع الحقــوق األساســية األخــرى، و هــذا أمــر

صعب التحقيق بالنسبة لمعظم الدول نظرا لما يترتب عليها من واجبات و أعباء.

المطلب الثانيالتزامات الدول الناشئة عن الحق في مستوى معيشي الئق

( لإلعالن العالمي25أبدت الدول الغربية أثناء األعمال التحضيرية المتعلقة بالمادتين ) ( من العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصــادية و االجتماعيــة و11حقوق اإلنسان و المادة )

الثقافية رفضها لتحديد االلتزامات المترتبة على الدول بمقتضى هذا الحق، و لكن الممارسة العملية كشفت عن مضمون هذه االلتزامات و التي سنتطرق إليهــا في هــذه الدراســة حيث يمثل الفرد الشخص الطبيعي للحــق في مسـتوى معيشـي الئـق، وهـو أيضـا المسـؤول عن

توفير هذا المستوى له و أفراد أسرته.

- تقرير المقررة الخاصة المعنية بالسكن الالئق كعنصر من عناصر الحق في مستوي معيشي مناسب و509ــيز فى هــذا الســياق ــالحق في عــدم التمي ــر من "راكيل رولينك"ب ــة الجزائ ــة19 إلى 09- بعث جويلي

2011..431 - خضر خضر، مرجع سابق، ص510

195

هذا و باإلضافة لمسؤولية األفراد عن ضمان هذا المســتوى، تتمتــع الدولــة بــدور مهم كمــا يقــع على عــاتق(511)في تأمين هذا الحق لألفراد، حتى و إن كان دورا فرعيا و احتياطيا

المجتمع الدولي دور مشابه لمساعدة الدول على إعمــال هــذا الحــق و النهــوض بالتزاماتهــاالناشئة عنه.

تلتزم الدول في إطار الحق في مستوى معيشي الئق بعدد من اإللتزامــات المختلفــةهي :

احترام حرية األفراد في إتخاذ التــدابير الضــرورية، و في اســتخدام مــواردهم الالزمــة(1 لتوفير مستوى معيشــي الئــق يفي باحتياجــاتهم و باحتياجــات أســرهم ســواء بصــورة منفرد أو باالشتراك مع اآلخرين، و هكذا فإن الحقــوق الجماعيــة و حقــوق الجماعــات تصبح مهمة جدا في إطار إعمال هذا الحق، فــالموارد التابعــة للســكان األصــليين مثال يتعين على الدول إحترامها إذا كانت ضرورية فاإلفراد التابعين لهؤالء السكان لضــمان احتياجاتهم الحياتية األساسية، و األمــر ذاتــه ينطبــق على حــق الشــعوب في الســيادة الدائمة على الموارد الطبيعية، فهذا الحق يعد ضــروريا لضــمان قيــام األفــراد بتوفــير

احتياجاتهم الحياتية األساسية. ينبغي على الدول أيضا حماية أنشطة األفراد من إعتداءات اآلخرين الــتي قــد تعرقــل(2

جهــودهم الهادفــة لضــمان مســتوى معيشــي مالئم لهم و ألســرهم و من قبيــل ذلــك حمايتهم من االســتغالل االقتصــادي، و الغش و التــدليس، و من التصــرفات األخالقيــة في مجال التجارة و الروابط التعاقدية، و من الدعاية التجارية الكاذبة و أنمــاط الــرق

الجديد كاالتجار باألشخاص و استغاللهم في الدعارة. تلتزم الدول بإشباع حاجات األفراد المعيشية األساسية، عنــدما ال يكــون بمقــدورهم(3

إشباع حاجاتهم بأنفسهم، و يتخذ هذا االلتزام شكلين:- تقديم المعونة لألفراد بغية توفير الفرص لمن ال يقدر على توفيرها.

- تقديم الغذاء أو الموارد المالية مباشرة حتى يمتع األفراد مستوى معيشي الئق.

و مما تجدر اإلشارة إليها أن مبادئ اتفاقية "ماســتريخت" التوجيهيــة بشــأن انتهــاك أوضحت أن إخفاق دولة(512)1997حقوق اإلنسان االقتصادية و الثقافية "التي اعتمدت عام

طرف في اتفاقية دولية تتناول هذه الحقوق في احـترام الـتزام ناشــئ عن هـذه االتفاقيـة ، يعد خوفا لهذه اإلتفاقية بمقتضى القانون بمقتضى القانون الــدولي، فانتهــاك العهــد الــدولي الخاص بــالحقوق االقتصــادية و االجتماعيــة و الثقافيــة يكــون متحققــا من وجهــة نظــر لجنــة الحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافة عنــدما تفشــل دولــة طــرف بــاحترام المســتويات األساسية الدنيا لكل من الحقوق و من ثم و على سـبيل المثـال فـإن الدولـة الطـرف الـتي يحرم فيها التي عدد مهم من األفراد من المواد الغذائيــة األساســية أو من الرعايــة الصــحية الدولية األساسية أو من المأوى و المسكن األساسين، أو من أشكال التعليم األساســيين، أو من أشكال التعليم األساسية، تعتبر ألول وهلة متخلفــة عن الوفــاء بالتزاماتهــا، و هــذا الحــد

بشأن كل الحق، تلــزم الــدول باحترامــه بصــرف النظــر(513)األدنى األساسي من االلتزاماتعن مواردها المالية المتاحة.

ــا في الواقع، يصعب القول لوجود طريقة معينة تلزم الدول بإتباعها االحترام التزاماته الناشئة عن الحق في مستوى معيشي الئق، و هو ما يستتبع وجــوب التفرقــة بين التزامــات511 - Eide and wenchen Brath Eide, "Article"25" in G.Alffresson and A.Eide (eds), op. cit, p535.

. 435- أنظر : محمد يوسف علوان، المرجع السابق، ص 512 - Aide. a and wenchen Barth Eide, OP, cit,P.537.

بشأن طبيعة إلتزامات الــدول األطــراف الفقــرة )1990 لعام 3( من التعليق العام رقم 10 - الفقرة )513( من العهد.2( من المادة )1

196

بتحقيق غاية و أخرى ببــذل العنايــة، فالــدول ملزمــة ببــذل العنايــة للقضــاء على الجــوع بين ســكانها، و ملزمــة أيضــا باالمتنــاع عن التميــيز ألي ســبب كــان في الحصــول على الغــذاء و المسكن، و هو التزام بتحقيق غاية، و هي ملزمة أيضا بجمع المعلومــات و البيانــات بصــورةــد الفئــات ــة تحدي ــة و ممنهجــة عن أوضــاع األفــراد و الجماعــات داخــل المجتمــع، بغي دوري المحرومــة و المهمشــة، و من أجــل الوقــوف أوال بــأول على أيــة إمكانيــة لتــدهور األوضــاع

المعيشية لجماعة أو جماعات بعينها.

( من العهــد الــدولي11/1أما عن إعمال الحق في الغـذاء الكــافي فتتضــمن المــادة ) للحقــوق االقتصــادية و االجتماعيــة و الثقافيــة إشــارة إلى الــتزام الــدول باتخــاذ الخطــوات المناسبة التخاذ عدد من الحقوق، من بينها الحق في الغذاء، و قد أقرت هذه المادة صراحة

.(514)بأهمية التعاون الدولي المبنى على الرضا الحر في مجال إعمال هذا الحق

ــادية02/01يتقاطع النص المذكور مع نص المادة ) ( من العهد الدولي للحقوق االقتص ( و هــو11/01و االجتماعية و الثقافية، باســتثناء اســتخدام كلمــة "إلنفــاذ" في نص المــادة )

استثناء له داللته القانونية و العملية، كما يتضح من األعمــال التحضــيرية للعهــد، ليس هنــاك مل يدل على رغبــة واضــعيه بــالتزام الــدول مباشــرة أو حــاال بتطــبيق أو إعمــال الحــق في

و قد تبنت لجنة الحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية في تعليقها العام رقم(515)الغذاء ( هذا الموقــف إذا أعلنت أن طبيعـة االلتزامــات الــتي تــترتب على الــدول إزاء هــذا12/20(

( من العهد، و االلتزام الرئيسي في هذا المجــال يتمثــل2الحق في الغذاء مبينة في المادة ) في اتخاذ خطوات تسمح تدريجيا باإلعمال الكامل للحق في الغــذاء المناســب، ممــا يغــرض على الدول األطراف التزاما بالتقدم بأسرع ما يمكن نحو بلوغ هذا الهدف، فتلزم كــل دولــة طرف بان تضمن لكل فرد خاضع لواليتهــا القضــائية الحصــول على الحــد األدنى من الغــذاءــرد من ــرر الف ــمن تح ــة، و أن تض ــبة و مأمون ــورة مناس ــذي بص ــافي و المغ ــي الك األساس

.(516)الجوع

المبحث الثاني انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في

مستوى معيشي الئق

بينما قادت العولمة إلى تحقيق الثروة و الرفاه غير المسبوقين، فقــد صــاحبها كــذلك المزيد من الفقر و الالمساواة و اإلقصاء للعديد من الدول و الجماعــات و األفــراد على حــد

، و يمثل النظام التجاري العالمي الجديــد، المتمثــل بمؤسســاته الماليــة و النقديــة(517)سواء فصندوق النقد و البنــك الــدوليين و بمؤسســاته التجاريــة ممثلــة بمنطقــة التجــارة العالميــة صورة للعولمة بوجهها االقتصادية الذي أحدث تداعيات كبيرة و متعـددة على مجمـل حقـوق514 - `ide "stratégies for the réalisation of the right to Food" in K.Mohoney and ra .Mohoney (ods), op.اcit PP472. P.515 - David mac. Danolds "international responsibility to implement the right to food. The, "in K. Mohaneyledas( , op, cit, PP473.

(.20 )12( من التعليق العام رقم 14 - الفقرة )516. 138 - لياليغين، حقوق اإلنسان أسئلة و إجابات، ص517

197

اإلنسان، فبرامج التثبيت و التصحيح الهيكلي للبنك الـدولي و صــندوق النقـد و كــذا اتفاقـات منظمة التجارة العالمية كـان لهـا تـأثير بـالغ على مسـتوى المعيشـة في كثـير من الـدول و بالتالي التأثير على العديد من الحقوق االقتصــادية و االجتماعيــة المرتبطــة بــالفرد على وده الخصوص و المتمثلة بالحق في مستوى معيشي الئق الذي يضم جملة من الحقوق، كــالحق في الغذاء و الحق في السكن المالئم و الصحة و الكســاء و غــيره من متطلبــات المعيشــي

الكريم.

ــد و إن برامج التثبيت و التصحيح الهيكلي التي يقوم بها البنك العالمي و صندوق النقــا ــا م اللذان يشترطان وصفات عالجية القتصاديات الدول التي تعيش الركود االقتصادي غالب يؤديان إلى ضرب المستوى المعيشي للفرد في هذه الدول في الصميم و يعكس ذلك على العديد من الحقوق كالحق في العمل و الرعاية الصحية و مستوى الدخل و تدني الجور و ما ينجز عن ذلك من ســلبيات على الحــق في الغــذاء الكــافي و المســكن المالئم و غيرهــا من

الحقوق.

هذا و بالرغم من أن اتفاقات التجارة العالمية أتاحت فرصــا جديــدة لبعض الــدول و يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الحقوق اإلنسان، فقد رافقتهــا في بعض األحيــان أيضــا أنماط من تنامي عدم المساواة و تدهور األوضــاع االجتماعيــة بمــا في ذلــك إنكــار الحقــوق اإلنسانية لفئات السكان األكثر فقرا و تهميشا، و عادة ما يــتركز تقــييم آثــار تحريــر التجــارة

على مدى تأثيرها على النمو االقتصادي للدول بصفة عامة.

هذا و لم تبذل الحكومــات جهــدا يــذكر، أو لم تبــذل أي جهــد لتقــييم اآلثــار المحتملــة لتحرير التجارة في مجال حقوق اإلنسان، و بوجه خاص لتحديد اإلجراءات اإلضــافية الالزمــة التي تكفل ان تنتفع جميع فئات المجتمع، بما في ذلــك الفئــات المهمشــة و الفقــيرة و تلــك

، وفى هــذا المبحث(518)الــتي تعــاني من التميــيز المنظم من اتفاقيــات التجــارة العالمية سنتطرق لتأثير النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في مســتوى معيشــي الئــق و لم

يرتبط به من حقوق من خالل :

المطلب األول: تأثير سياسات صندوق النقد و البنك الدولي على الحق فيمستوى معيشي الئق

المطلب الثاني: تأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية على الحق فيمستوى معيشي الئق

المطلب األول تأثير سياسات صندوق النقد و البنك الدولي على الحق في مستوى

معيشي الئق

ــة إن المؤسسات المالية الدولية عبارة عن هيئات تعمل في مجال االســتثمار و التنمي و هي تحت سيطرت الدول األعضاء بها، و تعمل المؤسسات على توفير التمويل، و المعونةــالي الفنية، و المشورة في مجال السياسات، و األبحاث، و غيرها من أشكال الدعم غير الم للحكومــات في الــدول الناميــة و االنتقاليــة كمــا يعمــل عــدد ليس بالقليــل من المؤسســات الدولية على توفير التمويل للشركات العاملة في مجال االستثمار بالعــالم النــامي و من بين

.IOR 2005/016/30، رقم الوثيقة : 2005 ديسمبر، 09 - منظمة العفو الدولية، تقرير إخباري، 518198

أهم المؤسسات المالية الدولية المعروفة على نطاق واسع البنــك الــدولي و صــندوق النقــد الدولي إضافة إلى مؤسسات أخرى كالمؤسسة واسع المالية الدولية و هي تابعة لمجموعــة للبنك الـدولي كمــا ســبق لنــا عرضـه في الفصــل للتمهيــدي من هـذه الدراســة، بينمـا يبقى اإلشكال المطروح هو عن مدى تأثير هذه المؤسسات المالية خاصة البنــك و صــندوق النقــدــاتين ــاألخص على مســتوى معيشــة ســكانها، خاصــة ه ــة و ب ــدان النامي ــدوليين على البل ال المؤسستين غالبا ما تقدم وصفات لعالج اقتصاديات هذه فيما يســمى بسياســات التثــبيت وــاليتين على التكييف الهيكلي و من خالل هذه الدراسة سنتعرض تأثير هاتين المؤسستين الم مستوى معيشة األفراد في البلدان النامية و كذا تأثيرهمــا على الحــق في مســتوى معيشــي

الئق و الحقوق المرتبطة به.

الفرع األول برامج التثبيت و التكييف الهيكلي و تأثيرها على المستوى المعيشي لألفراد

في البلدان النامية

، بوصفه إحدى األدوات1979أدخل البنك الدولي اإلقراض من أجل التكييف في عام االقتراضية، ليساعد اإلفطار الدولي األعضاء للتعامل مع الصدمة البترولية الثانية و ذلــك من خالل تطبيق اإلجراءات الضرورية للتثبيت و اإلصالح الهيكلي، و اإلقـراض من اجـل التكــييف هو إقراض سريع الدفعات مشروط بإتباع سياسات معينة. إن قروض التكييف، قــد صــممت أصال لتقديم مساندة إلصالحات سياسات االقتصاد الكلي، بمــا في ذلـك إصـالحات السياســة التجارة و الزراعية، و هي حاليا، تركز بصورة أكبر االقتصــاد الكلي، بمــا في ذلــك إصــالحاتــالح السياسة التجارية و الزراعية، و هي حاليا، تركز بصورة أكبر على اإلصالح الهيكلي و إص القطاع المالي و السياسة االجتماعية، و على تحسين إدارة موارد القطاع العام، إن أهم مــا يؤدي و يسيئ للدول هو قيام البنك باعتماد مبدأ القروض المربوطة بإجراء تعديالت هيكليــة في السياسة االقتصادية لهذه الدول. ففي إطار سياســات التكــييف الهيكلي اشــترط البنــك الدولي لتقديم القروض اعتماد إجراءات اقتصادية ملزمة منها، خوصصة المؤسسات العامــة و العمل على االنتقــال إلى اقتصــاد الســوق، إلغــاء للــدعم الحكــومي للســلع األساســية، ثم تحرير األسعار، فضال عن تحريــر االســتثمار من القيــود، و تحريــر التجــارة الخارجيــة، بإلغــاءــة القيود غير السعرية على الواردات و تعديل لوائح التعرفة الجمركية، و تخفيض سعر العمل

. كمــا أن سياســات التثــبيت الــتي تعــد(519)الوطنية و التقشف في اإلنفاق الحكومي و غيرها أحد أهم أركان اإلصالح االقتصادي، هي حزمة من اإلجـراءات و التـدابير ذات الصــلة بجــانب الطلب و المعنى بهذه السياسات هو في العادة صندوق النقد الــدولي، فسياســة التثــبيت أو االستقرار هدفها آليات تحرير سعر الصرف و ســعر الفائــدة و تحديــد الســقوف االنتمائيــة و العمل على تخفيض العجز في ميزان المدفوعات، و إيقاف أو تخفيــف معــدالت التضــخم، و خفض العجز في الموازنة العامة للدولة، يمكن تحقيق االستقرار االقتصــادي عــبر سياســات التثبيت التي تستهدف الحد من الطلب الداخلي بخفض قيمة العملة المحلية الـتي تتـأثر بهـا التجاريات الداخلية و الخارجية، و إذا ما اقتصــرت سياســة التثــبيت على تغيــير حجم الطلب الــداخلي فــإن ذلــك ســيؤدي إلى خفض معــدالت التوظــف و التشــغيل فيحــل انكمــاش في القطاعات التي تنتج للسوق المحلي، بينمــا إذا اشــتملت سياســة التثــبيت على خفض ســعر العملة المحليــة و فــرض تعرفــه جمركيــة على الســلع المســتوردة، و تم في الــوقت نفســه تشجيع الصادرات، فإن األرباح سترتفع في قطاعي التصدير و صــناعة إحالل الــواردات على

ــع، ط519 ،1 - د.بسام الحجار، العالقات االقتصادية الدولية، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشــر و التوزي. 202-201، ص 2003بيروت،

199

المدى القصير، ثم سرعان ما تظهر بعد ذلك اتجاهات تضخمية و تقلبات في األســعار جــراءخفض قيمة العملة المحلية بالنسبة للسلع التي مجال التجارة.

ففي مصر و بعد تطبيق السياسات الليبرالية االقتصادية الجديدة تفاقمت أوجــه الضــعف الكامنــة في االقتصــاد قــرب نهايــة الثمانينيــات، و تحديــدا في الســنة الماليــة

% تقريبــا، و ســمحت57 عندما خفضت الحكومة قيمة الجنيه المصري بنسبة 1987/1988 برفع جزئي للقيود المفروضة على األسعار و كان الهدف من ذلك هو تقليل التشوهات التي لحقت بقطاع الزراعة وســائر القطاعــات. و على الــرغم من أن هــذه الخطــوات كــانت فيــاتج االتجاه الصحيح فقد تبين أن تأثيرها كان محدودا في تغير اتجاه االقتصاد، فقد استمر الن

مليار40 إلى 1989 مليار في العام 50المحلي اإلجمالي الحقيقي في االنخفاض من زهاء ، و في دراســة أخــرى عن مصــر تراجــع(520) 1992 مليــار دوالر في عــام 32دوالر وزهاء

ــاتج المحلي اإلجمــالي إلى النصــف بين و مــا بين1980-1975المعــدل الســنوي لنمــو النــبح4.5% إلى 9.4 من 1990-2001 ــتى أص ــدل ح ــذا المع ــوط في ه ــل الهب %، ثم تواص

، و إن كانت التقديرات غير الرسمية تهبط بــه إلى2004-2001، ما بين 3.6% (521)%2زهاء

وفى الجزائر أيضا أدت اإلصالحات االقتصادية التي اتبعتهــا الحكومــة نتيجــة سياســات التعديل الهيكلي التي فرضها صندوق النقد الدولي إلى اثأر عديدة على مستويات البطالــة و

الدخل و السكن و هي كلها عوامل مرتبطة بالحق في مستوي معيشي الئق .ــة ــة على سياس ــاد الحكوم ــالحات إلى اعتم ــد أدت اإلص ــة فق ــق بالبطال ــا يتعل ففيم التشغيل عن طريق الصيغة التعاقدية و تجميد آلية التوظيــف الــدائم ، إضــافة إلى التســريح

، و قد أدت سياسة تحرير1997% سنة 29الجماعي للعمال و قد قفزت البطالة إلى نسبة األسعار إلى فقدان المواطن الجزائري للتوازن المطلوب بين أسعار المواد الغذائية التي لم

أمــا في مجــال( 522)تتوقــف عن الصــعود و بين القــدرة الشــرائية المســتمرة في الــنزول، ــاتج عن إنهــاء الدولــة السكن فقد أصبحت ظروف اإلسكان جد صعبة بفعل األثر السلبي الن مرحلة النفقات العمومية الضــخمة الــتي كــانت تســتفيد منهـا القطاعــات االجتماعيــة ومنهــا

وحدة.344294 عجز سكنى ب 1998السكن و قد سجل في سنة مما ال شك فيه بأن سياسات التثبيت إذا اقــترنت بالحــد من الطلب فضــال عن خفض قيمة العملة، فإن ذلــك ســيخفف من الضــغط على األســعار المحليــة و يشــجع على تحويــل الطلب من السلع المستوردة إلى السلع المحليــة و هــذا بــدوره ينعش االقتصــاد الوطــني و

.(523)يسهم في امتصاص جزء من البطالة و الحد منها إن معظم الدراسات البحثية الحديثة أكــدت أن سياســات اإلصــالحات االقتصــادية المرتكــزة

التثبيت و التكييف الهيكلي يترتب عليها آثار و تكاليف اجتماعيــة باللغــة األهميــة، على برامج إذ لها انعكسات السلبية على أصحاب الدخل المحدود على المدى القصير، و يمكن حصــرها

بثالث نقاط رئيسية : يفترض اإلصالح االقتصادي استخدام آليات اقتصادية معينــة لتحقيــق التــوازنأولها :

بين العرض الكلي و الطلب الكلي، ممــا يــترتب على ذلــك اتجاهــات انكماشــية تتســبب في انخفاض معدالت التشغيل و تفشي البطالة، فضال عن حصول تراجــع في تراجــع االســتهالك

ــة مصــر، ادن، اليمن، األمم520 ــر سياســات االقتصــاد الكلي و السياســات االجتمــاعي في الفقــر، حال - أث.6المتحدة، مصدر سابق، ص

- د. ابراهيم العيسوي، نموذج التنمية الرأسمالية و مـدى مالئمـة لمصـر في ضـوء نتـائج تطبيقـه، بحث521.246، ص2005 آيار، 30-28مقدم إلى المؤتمر السابع لجمعية العربية االقتصادية، القاهرة،

- سعاد مهمانى -تأثير برنامج التعديل الهيكلي على األسرة الجزائرية -مذكرة ماجستار في الديموغرافيا522.2009جامعة باتنة

- د. ناصر عبيـد الناصـر، سياسـات اإلصـالح و بـرامج التثـبيت و التكيـف الهيكلي "حالـة مصــر العربيــة"523.72-71، ص2001منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق،

200

بـدرجات متفاوتـة فالفئــات الميسـورة أكـثر على امتصـاص تتأثر بها جميع فئات المجتمـع و صدمات االنكمــاش و الركــود، في حين أن ذوي الــدخل المحــدود يتــأثرون بدرجــة و أكــبر و يتردى مستواهم المعيشي، جراء ارتفاع معدالت البطالة و ارتفاع األسعار، و غالبا ما يتوافق

االنكماش بضغوط تضخمية يطلق عليها )الركود التضخمي(. يوجب اإلصالح االقتصادي تحرير أسعار السلع و الخــدمات، ممــا يســهم في و ثانيها :

إعادة تخصيص الموارد، وفقــا لنظريــة النفقــات النســبية بين قطاعـات االقتصــاد الوطــني و عندما يفقـد المسـتثمرون و المنتجـون بعض المنـافع النسـبية الـتي كـانوا يجنونهـا من وراء سياسة الدعم و الحماية التي كانت توفرها لهم الدولة قبل تطبيق برنامج اإلصــالح، و نتيجــة لذلك تتــأثر مســتويات الـدخل و الثـورة لبعض فئــات المسـتثمرين ورجـال األعمــال، و على التوازي يمكن أن يتحسن وضع بعض الفئــات و تـزداد منــافعهم جـراء تشــجيع الدولـة لبعض القطاعات التي ترغب بتنشيطها، خدمة ألهداف التنمية، يرى الباحث أن ذلــك سيحصــل ألن تحرير األسعار و المنافسة و رفع الدعم و الحمايــة الــتي تمــيز مرحلــة اإلصــالح االقتصــادي، ستؤدي بالفعل إلى تغيير في تخصيص الموارد تلقائيا، ألن الظروف التي كانت ســائدة قبــل اإلصالح تغيرت و هذا بدوره سيؤدي إلى أثار إيجابية أو سلبية جديــدة تطــال هــذا القطــاع أو

غيره.

تتأثر بعض القطاعــات االقتصــادية من عمليــة إعــادة تخصــيص المــوارد فتتحمــلو ثالثها : تكاليف إضافية تخفض من أرباحها، ففي مصر بعد تبني اقتصاد السوق حصــل انخفــاض في

، كمــا(524) 1993% في عــام 2.1 إلى 1989% في العــام 6.7نمو مجموع الصــناعات من ــة في ــناعات التحويلي ــيب الص ــزد نص ــنيع، إذ لم ي ــة التص ــوظ في عملي ــع ملح ــل تراج حص

ــذ 19 على 2003/2004 ســنة،36%، و هو تقريبا المستوى الذي كانت مصر قد حققته من ، إذ البــد و أن تقــترن عمليــة اإلصــالح االقتصــادي ببعض التكــاليف(525)1967/1968أي في

ــبيت و التكيــف الهيكلي، و االجتماعي المؤقتة، و التي يمكن خفضها عبر ترشيد سياســة التث من خالل تطبيق برنامج منظم و مــدروس، يحقــق التــوازن بين التــوازن الهــداف و المنــافع القصيرة األجل، و متوسط األجل و طويلة األجل، و يأخذ هذا البرنامج بالحسبان مــدى تــأثيرــك ذلك معدالت النمو و ميزان المدفوعات و مستوى السعار و مستوى التشغيل، بما في ذل

.(526)تحقيق العدالة االجتماعية إن بــرامج التثــبيت و التكيــف الهيكلي المفروضــة على بعض البلــدان الناميــة إلصــالح اقتصاداتها، أدت و بشكل واضــح إلى انخفــاض معــدالت النمــو و إلى مســتويات المعيشــة و الســيما ألصــحاب الــدخول الــتي هي أصــال ذات دخــل منخفض، فدراســة )بولــتروفيتش( و )بوبوف( التي قدماها إلى مؤتمر المعهد الدولي لبحــوث اقتصــاديات التنميــة التــابع لجامعــة

ــرامج التكيــف527األمم المتحــدة عن مســتقبل اقتصــاديات التنمية ، تشــير إلى أن تطــبيق بــا ــة أمريك ــرد في دول منطق ــدخل الحقيقي للف ــاض متوســط ال ــد أدى إلى انخف الهيكلي ق

% ســنويا في الثمانينــات، في حين لم يــزد معــدل نمــوه في0.8الالتينية و الكاريبي بنســبة ــد حــدث1.5التسعينات على % سنويا، أما في منطقة الشرق األوسط و شمال أفريقية فق

% ســنويا في الثمانينــات، و لم يــزد معــدل نمــوه1انخفاض في متوسط دخل الفرد بمعدل % سنويا في التسعينات، و قدر االنخفاض في النــاتج المحلي الحقيقي في دولــة في1على

% خالل التســعينات، أمـا في إفريقيـة30شرق أوروبا و االتحــاد السـوفيتي السـابق بنسـبة - جودة عبد الخالق، التثبيت و التكيف في مصر، إصالح أم للتصــنيع؟ المجلس األعلى الثقافــة، القــاهرة،524

.129، ص 2004 - إبراهيم العيسوي، التحرير االقتصادي و أثره في النمو و النمو و الفقــر و البطالــة، مصــدر ســابق، ص525

29..241، ص1992 - محمد ناظم حنفي، اإلصالح االقتصادي و تحديات التنمية، كلية التجارة، جامعة طنطا، 526

527- V. Polterovitch and V. Popov. Appropriate economic policies at different stage of development WIDER, The Future of development economics, Helsinki, 2005, P 42.

201

ــرد ملحوظــا ) % في1جنوب الصحراء، فقد كان االنخفاض في متوسط الدخل الحقيقي للف–ــ 1990% ما بين 0.3الثمانينات و زهاء (. كمــا ازدادت معــدالت البطالــة و تفــاقم2003

الفقر و معدالته أكثر فأكثر )إن تطبيقات سياسات التكيف الهيكلي في عدد من دول أمريكا الالتينية أيضا أدت إلى كوارث فظيعة، و تكفي اإلشارة إلى تجربة األرجنتين، فقــد شــهدت أكبر كارثة اجتماعية و اقتصادية خالل مئتي عــام من تاريخهــا، فقــد كــانت نســبة الفقــراء ال

1999% من السكان ينتمون إلى الطبقة المتوسطة، و بعــد كارثــة 52%، و كان 10تتجاوز % و انخفضـــت نســبة من ينتمــون إلى الطبقــة60 ارتفعت نســبة الفقــراء إلى 2000و

%، كما تعرض االقتصـاد األرجنتيـني لتقلبـات شـديدة، و انخفضــت قيمـة22المتوسطة إلى ــود االقتصــادي على ــة، و خيم الرك ــة الخارجي ــدت المديوني ــا، و تزاي ــيزو انخفاضــا مروع الب

. فضــال عمــا ســبق و فيمــا يتعلــق بسياســات بــرامج التثــبيت الــتي تم تطبيقهــا في528البالد اقتصادات دول نامية كثيرة بهدف تحويلهــا إلى اقتصــادات ســوق تســير على نهج الليبراليــة الجديدة و تنسجم و تتوافــق مــع متطلبــات العولمــة، يــرى البــاحث أنهــا ليســت في األصــل سياسات غايتها تحقيق التنمية في تلك البلدان، بل هي سياسات كان الغرض المباشر منهــا غرضا مزدوجا، أال و هو زيـادة قـدرة الـدول الناميـة على الوفـاء بـديونها المسـتحقة للــدول المتقدمة – و هــذا شــيء مختلــف عن التنميــة بــالطبع، حيث يكــون التركــيز على االنضــباط المالي و إعادة توجيه الموارد لخدمة الديون حتى و لو تعارض ذلك مع متطلبات التنمية من جهة، و فتح أسواق الدول النامية أمام منتجات و استثمارات الدول المتقدمة – و هو مــا قــد يخنق التنمية بدال من أن يعززها من جهة أخرى، و بعد ذلك يأتي غرض التنميـة كغـرض غـيرــود مباشر لبرامج التثبيت و التكيف، و لذا فليس من الغريب أن تؤدي هذه البرامج إلى الرك

. 529أكثر مما تؤدي إلى النمو، حتى بعد فوات سنوات متعددة على بدء تطبيقها و المقصود من هذا، أن العالقة بين برامج التثبيت و التكيف و التنميــة هي في حقيقــة األمر عالقة غير مباشرة إلى حد بعيد، قد تتحقق و قد ال تتحقق اعتمادا على تــوافر شــروط نجاح عمل آليات السوق أو عدم توافرها. بعبارة أخرى فــإن الرابطــة المنطقيــة بين بــرامج التثبيت و التكيف و التنمية هي في الواقع سلسلة طويلة كثــيرة الحلقــات، غالبــا مــا تنكســر حلقة منها أو عدة حلقات تحت وطأة نواحي القصور المتعددة في عمل األسواق في الدول النامية، و عندئـذ تنقطــع الصــلة بين التنميــة و بين مــا يتصــل بهمـا من أســباب يـزعم دعـاة العولمة الليبرالية أنها كامنة في برامج التثـبيت و التكيـف، و تتبــدد مـع هـذا االنقطـاع

فرص تحقيق التنمية المأمولة. على العكس من االعتقاد الرائج الذي كان للبنك الــدولي دور كبــير في إشــاعته، فــإن النجاح الذي حققته دول شرق آســيوية مثــل كوريــا الجنوبيــة و تــايوان و ســنغافورة لم يكن بفضل اعتمادها المفرط على آليات السوق بل أنها تحققت بفضل توجيه الدولــة لألســواق و

. و دون الدخول في تفاصيل تبعدنا عن غرض البحث، هناك شــبه530سيطرتها على تحركاتهاــة إجماع أن تطبيق سياسات برامج التكيف الهيكلي كان لها آثار سلبية في االقتصاد و التنمي االقتصادية، حيث ازداد العجــز في الموازنــات العامــة و تــدهورت مــوازين المــدفوعات و لم يكبح جماح التضخم و تراكمت الديون، و لم تحقق التنميات المنشــودة. إن التكيــف الهيكلي يزيد من مشكالت الفقر في المـدى القصـير، و ال يضـمن الحـد من معـدالت في الفقـر في المدى المتوسط، إذ أن عمليات التثبيت تؤدي إلى خفض الطلب الكلي و انخفاض االستثمار و النمو في األجل القصير، و التقليل من خفض الموازنات يحــد من خلـق فـرص العمــل في

،2005 نيســان 12- كتاب بعثة األهرام، أمريكا الالتينية، دروس في النهوض الوطــني، األهــرام، القــاهرة 528.57ص

- د. رمزي زكي، السياسات التصحيحية و التنمية في الوطن العربي، المعهد العربي للتخطيــط، الكــويت،529.171، ص 1989

. 13- د. إبراهيم العيسوي، التحرير االقتصادي و أثره في النمو و الفقر و البطالة، مصدر سابق، ص 530202

القطاع الحكومي، و هذا يترتب عليه ضغوط لخفض األجور، مما يزيــد و يفــاقم من مشــكلةالفقر.

هناك الكثير من األمثلة على الصعيد العالمي تؤيد ذلك، فنتائج الدراســة الــتي أجــريت 1978على الفقر في السودان أكدت أن برامج التكيف الهيكلي الــتي طبقت خالل األعــوام

أدت إلى زيادة ضخمة في الفقر أكبر بكثير مما يمكن التنبؤ به1992 ـ– 1989 و 1985ـ– . 531في غياب هذه البرامج

و في مصر إن حجر األساس لبرنامج اإلصالح الذي نفذ برعاية صندوق النقد الدولي و البنك الــدولي، اســتند إلى افــتراض أن تنشــيط نمــو االقتصــاد الكلي و العمــل على تحقيــق استقرار، فضال عن تحرير االقتصاد، سيؤدي إلى حدوث طفرة في نشاط القطـاع الخــاص وــا إلى زيادة كفاءة تخصيص الموارد و زيادة العمالة و اإلنتاجية، و هي من ثم ستؤدي جميعه إلى تحقيق التنمية المستديمة و تحسين مستويات المعيشة للسكان، و كان هــدف االنطالق

ــة من1995االقتصادي محددا بعام ، و هو العام الذي كان متوقعا أن تدخل فيه مصــر مرحل االستثمار النشط و النمو غير التضخمي الذي من شأنه أن يساعد على معالجــة المشــكلتين

. و لكن هــذا لم يتحقــق،532الهيكليتين المتأصــلتين و همــا مشــكلة البطالــة و مشــكلة الفقر فعلى الــرغم من تحقيــق إنجــازات ملحوظــة بالنســبة الســتقرار االقتصــاد الكلي، و الســيما احتواء معدل التضخم و عجز الميزانية، كــان معــدل النمــو الســنوي أقــل ممــا هــو مطلــوب الحتواء حالة البطالة المستفحلة. بشكل عام ترتب على تطبيق سياسة اإلصــالح االقتصــادي

منهــا ارتفــاع معــدالت البطالــة الظــاهرة و الســيما في أوســاط533في مصر آثار سلبية عدةــة بين ــدل البطال ــاعف مع ــدد، حيث تض ــريجين الج % إلى2.5 من 81/1982 و 1975الخ

ــرى بين 5.1 ــرة أخـ ــاعف مـ %، و10% إلى 5.1 من 03/2004 و 1981/1982% ثم تضـ %.25% و 15التقديرات غير الرســمية تصــل بمعــدل البطالــة الحــالي إلى مــا يــترواح بين

فضال عن تدهور األجور الحقيقية للعاملين في القطاع العام و على وجه الخصــوص القطــاع الحكومي نتيجة لضغط اإلنفاق العام، و إعادة توزيع الدخل في غــير صــالح الفئــات الـدنيا، و السيما العمال الزراعيين الذين ال يملكون أرضــا في الريــف و العمالــة األجــيرة في الحضــر نتيجة إللغـاء الـدعم الحكــومي للسـلع الغذائيــة األساســية، حيث انخفضــت معـدالت األجـور

%28 و بنسبة 02/2003 ـ– 81/1982% لموظفي الحكومة في المدة 20الحقيقية بنسبة –ــ 81/1982لمجموع العاملين خالل المدة ، كما ارتفعت تكلفة المعيشة نتيجــة99/2000

لتحرير أسعار السلع و الخدمات، و تراجــع مســتوى التعليم بالنســبة للفئــات الفقــيرة جــراء ارتفاع تكاليف المعيشة و نتيجة لتخفيض اإلنفاق العام على التربية و التعليم، و ازداد عدد

1974% في 39الفقراء و تدهور ظروف معيشتهم، حيث ارتفعت نســبة الفقــراء من نحــو ــو ــوس بين81/1982% في 43إلى نحـ ــو ملمـ ــير على نحـ ــا لم تتغـ ــرجح أنهـ ، و من المـ %، في الــوقت الحــالي، و50، و ربما تكون هذه النسبة قد قــاربت 99/2000 و 81/1982

–ــ 97/1998السيما مع تباطؤ النمــو و اشــتداد وطــأة الركــود في الســنوات 03/5342004 فضال عن كل ما سبق تزايد حدة التفاوت في نوعية الحياة. أي تـبين عجــز هـذه السياسـات عن إخراج مصر من التخلف و عدم قــدرتها على بنــاء قاعــدة االنطالق على طريــق التنميــة

الشاملة و المطردة. أما في األردن فعلى الرغم من النجــاح الكبــير لبرنــامج اإلصــالح االقتصــادي من حيث استقرار االقتصاد، فــإن تحريــر االقتصـاد لم يــؤد إلى حـدوث الطفـرة المتوقعـة في نشـاط

- معتز سالمة، اآلليات االجتماعية لنشوء الفقر و معدالته في الدول العربية، )نحو القضاء على الفقــر في531. 79، ص 2005السودان، فتح الله الكيالني(، مركز الدراسات السياسية و اإلسترايتجية باألهرام،

532- Middle East Economic Digest, 2 June 1995, P 25.ــدر533 - د. ناصر عبيد الناصر، سياسات اإلصالح و برامج التثبيت و التكيف الهيكلي "حالة مصر العربية"، مص

.133سابق، ص .28- د. إبراهيم العيسوي، التحرير االقتصادي و أثره، في النمو و الفقر و البطالة، مصدر سابق، ص 534

203

القطاع الخاص، و كانت استجابة القطاع الخاص أبطأ مما كان متوقعا، و مــا حصــل أن رفــع الدعم عن األغذية و ما صحبه في ارتفاع أسعار السلع الغذائية األساسية و الكهرباء و النقل و النفط، قد أضر فعال بذوي الــدخل المنخفض، ممــا دفــع بــالكثيرين منهم إلى مســتوى يقل عن مستوى خط الفقر، و بالفعل زادت معدالت الفقر الــتي تم إرجاعهــا إلى تطــبيق

. 535سياسات برامج التكييف الهيكلي و قد أكد البنك الدولي أنه نتيجة لسياسات اإلصالح االقتصادي و إعــادة الهيكلــة الــتي

% نظرا لتخفيض قيمــة الــدينار األردني78اتبعها األردن، فإن أسعار الطعام ارتفعت بمقدار و إلغاء الدعم عن العديــد من الســلع، و لــذلك شــهدت الفئــات الفقــيرة في المجتمــع أكــبر انخفاض في االنفـاق على الطعـام بين مجموعـات الـدخل المختلفـة، إن جميـع المؤشـرات بالنسبة لألردن دلت على أن الفقــر أصــبح أكـثر انتشــارا و غــدا أعمــق، فقــد ازدادت فجــوة

% من السكان، و10% عند أفقر 2.3% إلى 1.9 من 1992 و 1987الفقر في األردن بين . 536% من السكان30% عند أفقر 5.3% إلى 4.8من

النتيجة ذاتها توصلت إليها دراسة األمم المتحدة عن سياســات التكــييف االقتصــادي و آثارها االقتصادية و االجتماعية في األردن، فقــد ارتفــع حجم األســر الفقــيرة فقــرا مطلقــا و عدد األفراد الذين يعيشون في حالة فقر مدقع و كذلك عدد األفراد الذين يعيشون في حالة

% إلى28.9 ازداد الفقـــر النســـبي من 1992 و 1987، إذ بين العـــامين 537فقـــر مطلقــق من 32.7 ــ ــر المطل ــ ــدقع من 21.3% إلى 18.7% و الفق ــ ــر الم ــ % إلى1.5% و الفق

. و على المستوى الدولي أشارت منظمــة اليونيســيف إلى اآلثــار الســلبية لــبرامج6.6%538 التكييف، و الســيما آثارهــا الســلبية في األطفــال و الفقــراء. إذ إنــه عنــدما تم الحقــا صـياغة مشروعات دولية لبحث اآلثار االقتصادية و االجتماعية لبرامج التحرير و الخصخصة و بشــكل

. 539أدق لبرامج التكيف الهيكلي، كان أهم ما تم التوصل إليه من النتائج زيادة المديونية الخارجية و تعثر كثــير من المنشــآت الوطنيــة، و إلى تــدمير القــدرات اإلنتاجية و تخفيض القدرة الشرائية و الســيما لــدى أصــحاب الــدخول المحــدودة، و تركــزت المكاسب في أيدي شرائح محدودة من السكان و في عدد من األنشطة و القطاعــات. كمــا شهدت الدول محل البحث، على اختالف درجات تنفيذها إلصــالحات ســوق العمــل، تراجعــا واضحا في مســتويات التوظيــف و زيــادة ملموســة في معـدالت البطالــة، كمــا ارتفعت نســبة التشــغيل النــاقص، و ارتفعت أســعار الخــدمات بعــد تطــبيق الخوصصــة، و ذلــك دون تحسن ذي قيمة في نوعية الخدمات مما زاد من صعوبة حصــول الفقــراء على الخــدمات، و تدنى مستوى التعليم و الصحة، إذ من الواضح أن هناك انخفاضا منتظما و ملموســا في دور الدولة و في قدرتها على توفير الخــدمات العامــة لغالبيــة الســكان، و أصــبحت الفئــات ذاتــيرة الناجمــة عن إلغــاء الــدعم و ــاء الكث الــدخل المنخفض هي المضــحية و المتحملــة لألعب

. 540التقليل من اإلنفاق االجتماعيــرح من إذا من كل التحليل السابق، يمكن الوصول إلى تأكيد أن كل ما طرح و ما يط برامج لإلصالح االقتصــادي في إطــار اقتصــاد الســوق، لن يــؤدي إلى القضــاء على الفقــر أو

التخفيف من معدالته، أو الحد منه، و البد من البحث عن خيار آخر أكثر عقالنية و منطقية.

- أثر سياســات االقتصــاد الكلي و السياســات االجتماعيــة في الفقــر، حالــة األردن، مصــر، اليمن، مصــدر535. 29سابق، المقدمة و ص

536- World Bank, Hashemite Kingdom Of Jordan : poverty assessment (Washington, Dc : The Bank, 1994, PP 8 – 9. - سياسات التكييف و اإلصالح االقتصادي و آثارها االقتصادية في األردن، اللجنــة االقتصــادية و االجتماعيــة537

.45 – 44، ص 1993لغربي آسية )االسكوا(، شعبة التخطيط اإلنمائي، .29- المرجع السابق نفسه، ص 538

539- Saprin, structural adjustments : the SAPRI report : The policy roots of economic Crisis, poverty and Inequality, Zed Books (London and New York), TWN (Malaysia), Books For change (India) and IBON (Philippinas), 2004, P 442.

–26- إبراهيم العيسوي، التحرير االقتصادي و أثره في النمو و الفقـر و البطالـة مصـدر سـابق، ص ص 540 28.

204

الفرع الثاني تأثير برامج التكييف و التثبيت الهيكلي على الحق في مستوى معيشي الئق

و الحقوق المرتبطة به

من أنفك عدد متزايد من األصوات في أفريقيا، و كــذلك في العديــد من المجموعــات غير الحكومية و مؤسسات األمم المتحدة مثل منظمــة األمم المتحــدة للطفولــة )يونييتــا( و منظمة العمل الدولية، تتعالى محذرة من تردي األوضاع المعيشية للفقــراء و هبوطهــا إلى

اق و ذلك رغم – و أحيانا بسبب – بــرامج التكــييف الهيكلي هــذه، و تزايــدـمستويات ال تط سواء تغذية و انخفاض نسب االلتحاق بالمدارس، و ارتفاع البـطالة، كلها عوامــل تهــدد بنيــة

و كلما تــآكلت مســتويات المعيشــة ازدادت541المجتمع في البلدان المطبقة لبرامج التكييف ، هــذا و إن تمت الزيــادات في أســعار الغــذاء و التخفيضــات في542االضــطرابات االجتماعية

النفقات الحكومية و العمالة كما كان مخططا لها إال أن النمو االقتصادي عمومــا الــذي كــان يتوقع أن يقاوم هــذه التطــورات – لم يتوصــل إلى مقاومتهــا، و النتــائج الســلبية لسياســيات التكييف أضحت واضحة من الحق في المستوى المعيشي و مجمـوع الحقـوق المرتبطـة بـه

في المجاالت التالية :

543ارتفاع البطالة (1

بالمائــة من البلــدان72 بلــدا أو نسـبة 31 عـانى 1995 إلى 1978خالل األعوام من بلدا و الـتي نشــرت منظمــة العمــل الدوليــة إحصــاءات بشــأنها من ارتفــاع43البالغ عددها

البطالة خالل أعوام تمويل صندوق النقد الدولي لها، و على نحو مماثل أفاد مصرف البلدان بلــدا و الــتي يمتلــك20األمريكية للتنميــة بــأن نصــف بلــدان أمريكــا الالتينيــة البــالغ عــددها

المصرف بيانات رسمية بشأنها، شهد ارتفاعا في البطالة في الثمانينات و التسعينات عندما كانت هذه البلدان تتلقى إقراضا هاما و متوصــال من صــندوق النقــد الــدولي، و االرتفــاع في معدل البطالة ال يقتصر على البلدان ذات األداء المنخفض في مجــال التكيــف، و النمــو في البلدان التي يغالي صندوق النقد و البنك الدولي في القول بأن "بلدان يقتدى بها في مجــال التكيف" بما أن لها معدل نمو مرتفع في الناتج القــومي اإلجمــالي، مثــل شــيلي و أوغنــدا و

غانا، قد كان إلى حد بعيد نموا غير منشئ للعمالة".

أن البطالــة في1999 إلى 1998هــذا و جــاء في تقريــر العمالــة في العــالم للفــترة ــام7.4 لتصل إلى 1996 إلى 1991أمريكا الالتينية ارتفعت في الفترة ما بين في المائة ع

و قد تكون هذه األرقام تقدر ضــخامة المشــكلة بأقــل من حجمهــا الحقيقي، ففي1997544541- Giovanni Andred Comia, & AL, Adjustement with a human face : protecting vulnerable and premating, growth, New York, Oxford university press, 1987. Giovania Andrea comia, Ralf von der goven, Thandika Mkandwire, Africas, recovery in the 1990s : from stagnation and adjustement to human development, unicef 1993.

- تطرق جل التقرير المرحلي الثاني الذي أعده السيد دانيلو تورك، المقرر الخاص للجنة الفرعيــة التمــيز542 (Sub/CN.4/E،ــ 17/1991/2و حماية األقليــات عن إعمــال الحقــوق االقتصــادية و االجتماعيــة و الثقافيــة، )

للعالقة بين تدابير التكــييف الهيكلي و إعمــال الحقــوق االقتصــادية و االجتماعيــة و الثقافيــة، و قــد أشــارت االستنتاجات إلى أن برامج التكييف الهيكلي تعرض للخطر كل من الحــق في العمــل و الغــذاء و الســكن و

الصحة و التعليم و التنمية. من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على أن "لكل شخص حق في العمــل و في حريــة23- تنص المادة 543

اختيار عمله، و في شروط عمل عادية و مرضية، و في الحماية من البطالة" و تزيد اتفاقية منظمة العمــل من تعزيز العمالة الكاملة والمنتجة و المختارة بحريــة". بوصــف ذلــك هــدفا أساســيا من122الدولية رقم

أهداف السياسة العامة. 544- ILO, world employement report 1998 – 1999. ILO, Geneva, 1998.

205

ماليين من األشخاص في المنطقة لعملهم10آسيا كانت األزمة المالية مسؤولة عن فقدان ــا بين1998بين عشية و ضحاها، و في إندونيسيا وحدها يقدر أن البطالة في عام شملت م

، و الوضــع1996 في المائة في عــام 04 في المائة من القوة العاملة مقابل قرابة 12 و 9 في شرقي آسيا و أمريكا الالتينية و االتحاد الروسي يحتمل أن تزداد سواءا قبل أن تتحســنــاطق الثالث أســيرة انســحاب عــالمي منظم ــدة في هــذه المن بمــا أن أســواق ناشــئة عدي

للمستثمرين، األمر الذي يمكن أن يدفع بالبطالة و نقص العمالة إلى االرتفاع بحدة.

االرتفاع البالغ األثر في معدالت الفقر (2 لئن كان من الصــعب الحصــول على إحصــاءات دقيقــة إال أن تقريــر التنميــة البشـرية لبرنــامج األمم المتحــدة اإلنمــائي و التقــارير المقدمــة من كــان األمم المتحــدة االقتصــاديةــرغم من اإلقليمية توفر معلومات مريعة تفيد باستمرار الفقر في بلدان نامية عديدة على ال تقيد هذه البلدان برامج التكييف الهيكلي منذ ما يزيــد على العقــد، فمن بين الســكان الــذين

مليار نسـمة، ال يتمتـع ثالثـة أخماسـهم4.4يعيشون في البلدان النامية و الذين يبلغ عددهم بالمرافق الصحية األساسية، و ال يتمتع قرابة الثلث بالمياه الصالحة للشرب، و يفتقــر الربــع لمسكن الئق، و يعيش الخمس بعيدا عن الخــدمات الصــحية العصــرية، و خمس األطفــال ال

، بينمــا545يتجاوز الصــف الخــامس في المدرســة و يعــاني خمس األطفــال من نقص التغذية يؤثر الفقر في األرياف و هو سمة بارزة من سمات الحياة في جميــع منــاطق العــالم، يــؤثر على عيش قرابة مليار شخص، و إذا كان الفقر في األرياف يعد أيضـا ظـاهرة متناميـة فـإن

في المائة من إجمالي عدد الفقراء في أكثر من80الفقر في األرياف مازال يمثل أكثر من من البلدان النامية، و نسبة سكان األرياف الذين ينخفض دخلهم و اســتهالكهم إلى مــا110

% إذا اســتثنينا الهنــد و46 في المائــة في آســيا 31دون حدود الفقر المحدد وطنيا تقــدر بـ % في أمريكــا الالتينيــة و61% في البلدان اإلفريقية الواقعة جنوب الصحراء و 60الصين و

في المائة في الشرق األدنى و شمال إفريقيا، و في أقل البلدان نموا البالغ26الكاريبي، و ــاف في الفقر69 بلدا، يعيش ما ال يقل عن 24عددها ، و في546% من إجمالي ســكان األري

المنطقــتين اللــتين لهمــا أكــثر نســبة من الفقــر من حيث الــدخل – و همــا أفريقيــا جنــوب الصحراء و جنوب آسيا – يتزايد الفقر باألرقام المطلقة و األرقام الحقيقة معا، حسب تقرير

ــة صــندوق1997التنمية البشرية لعام ، و أغلبية البلدان في هاتين المنطقتين تخضع لمراقب النقد و البنك الدولي في حين أن عناصر المجتمع التي تتعاطى كليا أنشــطة التصــدير و هي التركيز الرئيسي لبرامج التكييف الهيكلي – قد استفادت بشكل هائــل فعــززت نتيجــة لــذلك قوتها االقتصادية، إال أن األغلبيــة العظمى من الســكان شــهدت هبوطــا حــادا في مســتويات

عيشها.

(الهبوط في األجور الحقيقية 1 مما يزيد الفقر حدة الضغط في االتجاه النزولي على األجور و فقــدان الفقــراء البــالغ األثر لقوتهم الشرائية، و في محاولة الحتواء التضــخم تحضــى بــرامج التكــييف الهيكلي على الحــد من األجــور، و تــزداد المشــكلة تفاقمــا بــالقرار المــدروس المتمثــل في إبقــاء األجــورــور منخفضة قصد جلب االستثمار األجنبي المباشر، و حسب منظمة العمل الدولية فإن األج

بالمائــة منــذ أوائــل60 و 50الحقيقيــة في معظم الــدول اإلفريقيــة مثال قــد هبطت بواقــع الثمانينات، و في االتحاد الروسي مثال رافق االضــطراب االقتصــادي المتصــاعد نمــوا ســلبي

% على األقل من المســتوى الــذي كــانت عليــه60في األجور الحقيقية التي تبلغ اآلن نسبة

. 1998- برنامج األمم المتحدة اإلنمائي – تقرير التنمية البشرية – 545546- IFAD, the state of rural poverty, London, 1992.

206

ــة1989في عام و في عدد متزايد من الحاالت، تعجز المؤسسات في كل مرة عن دفــع أيأجور لموظفيها لمدة أشهر.

1999 و 1998هذا و يذكر تقرير منظمة العمل الدوليــة عن العمالــة في العــالم بين إن أغلبيــة مــواطن الشــغل الجديــدة في البلــدان الناميــة إنمــا يتم خلقهــا في القطــاع غــير

مليون عامل، بيد أن برامج التكييف الهيكلي تتجاهل أهمية500الرسمي الذي يشغل قرابة ــدولي نشاط القطاع غير الرسمي، و على الرغم من كثرة الحديث لم يقدم صندوق النقد ال و البنك الدولي أي مقترحات ملموسة الستغالل حيوية القطاع غير الرسمي و إعــادة توجيــه أموال التكييف لمساعدة أصحاب المشاريع على رفع مستوى مهاراتهم التكنولوجية لديهم و

تمكينهم من الوصول إلى كميات ذات شأن من رؤوس األموال الالزمة للتوسع.

ــة و1 ــويالت االجتماعي ــات التح ــة لميزاني ــادات المخصص ــاض االعتم انخفتأثيرها على الحقوق المرتبطة بالمستوى المعيشي الالئق

لمــا كــان و البــد للبلــدان المدينــة من خدمــة ديونهــا قصــد الحصــول على المزيــد من المساعدات الدولية فإن العديد من هذه البلدان مجبر على تحويل جزء كبير من موارده عن االستثمار في القطاع المنتج و في القطاع االجتماعي، و التخفيضــات الــتي أوجبهــا التكــييف الهيكلي قد كـانت عشـوائية، األمـر الـذي أثـر على الخـدمات األساســية الـتي هي ضـرورية للتنمية الطويلة األجــل و إلعمــال حقــوق المواطــنين االقتصــادية و االجتماعيــة و الثقافيــة وــة في ضخامة األزمة االجتماعية و االقتصادية في البلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالي

و547أوروبــا الوســطى و الشــرقية يؤكــدها تــدهور هــام في المؤشــرات الصــحية و التعليميةتحديدا فإن التطبيق العشوائي لبرامج التكييف الهيكلي قد عرض للخطر الحقوق التالية:

أ - الحق في الغذاء لقد عرضت برامج التكييف الهيكلي الحــق في الغــذاء للخطــر و هنــاك أدلــة مقنعــة تشــير إلى أن مســتويات التغذيــة تنخفض في صــفوف الفقــراء من الســكان نتيجــة إللغاء اإلعانات الغذائية و لتنامي البطالة نتائج مماثلة و تحــول السياســات الزراعيــة أساسا من إنتاج األغذية لالستهالك المحلي نحو إنتاج البن أو التبــغ أو القطن لتوليــد الصرف األجنبي قد أدى أيضا لهبوط حاد في إنتاج األغذية و في انخفاض مســتويات

التغذية و سوء التغذية.

ب- الحق في السكن عندما تكون األجور منخفضــة أو عنــدما تنخفض بشــكل محســوس أو يكــون كاســبو األجور عاطلين عن العمل نتيجة لبرامج التكييف الهيكلي، كمــا هــو الحــال في أكــثر األحيــان ، ال يكــون العــاملون يملكــون مــا يكفي مــا يكفي من المــوارد للوفــاء باحتياجاتهم األساسية، و بشكل خاص احتياجاتهم في مجال السكن، و باإلضافة إلى ذلك تقضي أسعار الفائدة المرتفعة في نهاية األمر على العلم بملكية مســكن، كمــا أن تخفيض قيمة العملة يزيد أيضــا من تكلفــة مــواد البنــاء، و بانســحاب الدولــة من توفير السكن مباشرة أو توفير إعانــات ســكن للفقــراء، و رفــع الضــوابط المنظمــةــيرا مــا لسوق اإليجار، فإن مالكي المساكن من الخواص يستغلون الفقراء، الذي كث يدفعون أكثر من نصف دخلهم الضئيل على اإليجار، و حاالت الطرد القسري واسعة5471- M. Ellman, the increase in death and disease under “Katastrokia” cambridje – journal of economics Nol, 18, 1994, PP, 329, 55.

207

ــاء مســاكن االنتشار ذلك أن قيمة األرض ترتفع فجأة ارتفاعا حادا بسبب الضغط لبنــة غالية الثمن للمجموعات ذات الدخل المرتفع، و يمكن أيضا أن يزيد ازدهار الملكي تكلفة مدخالت البناء األساسية مثل الخشب و اآلجــور و اإلســمنت، الــتي يســتهلكها

أيضا المستهلكون من الطبقات االجتماعية األخرى.

ج- الحق في الصحة ــادة ــوق اإلنســان تشــجع الحــق في مســتوى25ان الم ــالمي لحق من اإلعالن الع

معيشي يكفي لضمان الصحة و الرفاهية، أمــا هــدف توفــير الصــحة للجميــع بحلــول الــذي كــان الهــدف المتفــق عليــه في "ألمــا أتــا" عاصــمة كازاخســتان2000العام

ــة الصــحية، قــد أضــعفته بشــكل خطــير بمناســبة المــؤتمر العــالمي بشــأن الرعاي التخفيضات في ميزانيات الصحة الحكومية، ذلك أن األهداف االجتماعيــة و اإلنمائيــة حلت محلها الضرورة المالية، و فشــل صــندوق النقــد الــدولي و البنــك الــدولي في حماية ميزانيات الصحة و التغذية و التعليم من الضــغط المــالي العــام لــدى تصــميم

و للتخفيضــات548برامج التكـييف الهيكلي خطـأ فـادح في مجــال السياســات العامة الشديدة حتما أثار معادية على الرفـاه االجتمــاعي، و هـذه اآلثـار بـدورها تـؤثر على اإلنتاج االقتصادي للموارد البشــرية، و تخلــق اســتياء من الحكومـة لـدى المواطـنين المهمشين، و حسب مصدر جدير بالثقة فإن تجارة المخدرات في بيرو و كولومبيا و بوليفيا تتصل اتصاال وثيقـا بالتآكـل االجتمـاعي الهـام في تلـك البلـدان نتيجـة ألزمـة

.549الديون و ما يرافقها من سياسة التكييف الهيكلي

د- الحق في التعليم من اإلعالن العــالمي لحقــوق اإلنســان على أن لكــل شــخص26لقد نصــت المــادة

الحق في التعليم، و أقرت اتفاقيــة حقــوق الطفــل أيضــا الحــق في النمــو المبكــر و التعليم، و بفضل الجهود الهائلة التي بذلت خالل الستينات و السبعينات بلغت نســبة

بالمئة أو أكثر50 سنوات من التعليم االبتدائي 04األطفال الذين أكملوا على األقل في جميع البلدان النامية تقريبا، و لكن منذ الثمانينات أدى ارتفــاع الــديون و مــا نتج عن ذلك من تنفيذ لــبرامج التكــييف الهيكيلي بالعديــد من الحكومــات إلى تجميــد أو خفض االنفــاق على التعليم، و كمــا الحظت ذلــك منظمــة األمم المتحــدة للتربيــة و العلوم و الثقافة )اليونسكو( تــأثير التعليم االبتــدائي أحيانــا بشــكل غــير متناســب، و سجل قصور ملحوظ في البلدان اإلفريقية جنوب الصحراء، فنسبة األطفــال مــا بين سن السادسة و الحادية عشرة المسجلين في المدارس انخفضت من نســبة كــانت

في المائــة في45 فــنزلت إلى 1979 في المائــة في عــام 55مرتفعة وصلت إلى ــا5501995عام ــتي أبلت فيه ، و هنا يمكن أن يكون في خطر مجال من المجاالت ال

البلدان اإلفريقية جنوب الصحراء بالءا حسنا، أال و هو الحد من أوجه الالمساواة بين الذكور و اإلناث في االلتحاق بالمدارس، و ارتفع تســجيل البنــات في المــدارس من

ــام 36 ــة ع ــغ 1960 في المائ ــام 63 ليبل ــة ع ــاع1980 في المائ و لكن إزاء ارتف - تفصل شهادات مؤلمة قدمت في محفلي المواطنين األوغندي و الهنغاري اللذين عقدا في إطار مبادرة548

استعراض التكييف الهيكلي القائم على المشاركة مدى التآكل االجتماعي الذي ســجل في البلــدان العاملــة بالتكييف الهيكلي / شبكة التكييف الهيكلي القائم على المشاركة في منظور المجتمع المدني في سياسات

، و يشمل1998 حزيران / يونيه 8-6 و بودابست 1998 حزيران – يونيو 19 – 18التكييف الهيكلي، كمباال ــابوي، مــالي، الســلفادور، إكــوادور، المكســيك، ــا، زيمب ــذا، غان ــة : أوغن اســتعراض التكــييف البلــدان التالي

هندوراس، هنغاريا، الفلبيين، بنغالديش، كندا.549- Susan George, The Debt Boomerang , How the third world Debt Homs US All – London, plute press, 1992, PP 34-62. 550- UNESCO, Trends and projections of enrelment by level of education, by age and by sex, 1960-2025. Paris- UNESCO, 1996

208

الرسوم قد تمتنع األسر عن تسجيل بناتها في المدارس عنــدما تكــون مرغمــة على االختيار بين أطفالها التي ترغب في تعليمهم، و نظــرا للعالقــة الحيويــة القائمــة بين رفاه الطفل و مستوى تعليم األم يمكن أن يكون لذلك مضاعفات هامــة على صــحة

الرضيع و الطفل في األجل الطويل.

المطلب الثاني اتفاقات منظمة التجارة العالمية و أثرها على الحق في مستوى

معيشي الئق

من شــأن تحريــر التجــارة في مجــال الزراعــة أن يخلــق فرصــا للتصــدير أمــام لعل ــد ال البلدان التي تصدر منتجات زراعية، و أن يعزز النمو و التنمية، بيد أن صــغار الفالحين ق يستطيعون إنتاج كم كاف من محاصيل التصدير الزراعية، بــل إنهم قــد يتعرضــون لمنافســة أشد على الموارد بما فيها األرض، و بالتالي يبعدون عن المنــافع المحتملــة للتجــارة، و علىــرى على غرار ذلك، فقد تؤدي زيادة فرص التصدير إلى إعادة توزيع األراضي و الموارد األخ حساب إنتاج الغــذاء المحلي، مــع احتمــال نشــوء آثــار وخيمــة تضــر بــاألمن الغــذائي لألســر

، و إذا لم توفر ضمانات مناسبة و تتخذ تدابير انتقالية، فستكون لقواعد التجارة551المعيشية و سياساتها آثار سيئة على الحق في الغذاء و على حقوق العمال و الحقوق األخــرى لصــغار

الفالحين و فقراء الريف.

ــتثمار و ينبغي أن تؤدي حماية الملكية، بخاصة حماية براءات االختراع، إلى زيادة االس في مجاالت االبتكـار، بمـا في ذلـك البحث الصـيدالني الـذي ال غــنى عنـه لتعزيـز الحــق في الصحة، و في الوقت نفسه، يمكن أن تفسر هــذه الحمايــة عن نهج معين إزاء االبتكــار جــل همه المكسب و الخسارة و تؤدي إلى حصر مراقبة توزيــع األدويــة و التكنولوجيــات األخــرى في يد عدد قليل نسبيا من الشركات، و بهذا قد تبتعد حمايــة الملكيــة الفكريــة عن أهــدافها اإلنمائية العامة، و بوجه خاص، قد تصبح األدوية المرتفعة األسعار في غير متناول الفقــراء و يكــون لهــذا االرتفــاع انعكاســات ســلبية على التمتــع بــالحق في الصــحة و حقــوق اإلنســان

. 552األخرى

و بإصالح المشتريات الحكوميــة تــزداد الشــفافية المنافسـة الدوليــة الفعالـة في هــذا المجال بيد أن بوسع هذا اإلصالح أيضا أن ينال من استخدام القدرة الشــرائية للحكومــة في سبيل تعزيز فرص األفراد الذين عانوا سابقا من التمييز، مثل النساء العــامالت أو الشــعوب

و بالتالي فمن المهم الحرص على أن يســير إصــالح المشــتريات الحكوميــة على553األصليةنحو ال يغفل وظائفه االجتماعية.

- أنظر منظمة األغذية و الزراعــة، قضــايا و خيــارات الزراعــة و التجــارة و األمن الغــذائي في مفاوضــات551.2000منظمة التجارة العالمية من منظور البلدان النامية، المجلد الثاني – دراسات قطرية – روما سنة

- أفادت منظمة الصحة العالمية بأن "براءات االختراع ليست بأي شــكل من األشــكال الحــواجز الوحيــدة552 التي تحول دون الحصول على األدوية المنقـذة للحيــاة، لكن يمكننـا أن تلعب دورا مهمــا أو مهيمنـا في منح

مالك البراءة حق احتكار دواء سنوات عديدة تكون فيها البراءة نافذة – أنظر : Who/Unaids/MSF, « Determining the patent status of essential medicines in developing countries “Health economics and drugs, EDM series, n° 17 – 2004 – (Who/EDM/PAR/200 , 6), P 7.

CN/E/40/2004 من الوثيقة 34 إلى 28- الفقرات من 553209

لقد استخدمت الدول نظام األفضليات المعمم لتعزيز حقوق اإلنسانـ في محاولة منها أو لجعــل االســتفادة من هــذا النظــاملمثال، للقضــاء على العمــل الجــبري و عمــل األطفا

مشروطة بالتصــديق على معــايير منظمــة العمــل الدوليــة، فمن جهــة، يؤكــد ربــط التجــارة بحقوق اإلنسان على هذا النحو األبعاد االجتماعية للتجارة و اهتمام المستهلكين بقيام تجارة أكثر عدال، و من جهة أخرى، فقد أثار هذا الموضوع مخــاوف من اســتخدام حقــوق اإلنســان لحجب أهداف حمائية أو سياسية ضيقة مؤديا في الــوقت نفســه إلى تقليــل فــرص التجــارة

554في البلدان األكثر فقرا و التسبب فعال في تأزم حالة حقوق اإلنسان للعمال بتلك البلدان

. بناءا عليه يبقى استخدام التجارة من أجل تحقيق حقوق اإلنسان مثار جدل مــا بين إيجــابي و سلبي و عليه سنتطرق في هذه الدراســة إلى تــأثير تحريــر التجــارة و اتفاقــات منظمــة التجارة الدوليــة بصــفة عامــة على الحــق في مسـتوى معيشـي الئــق، و سنقسـم ذلـك إلى فرعين يتعلق األول بتأثير اتفاقات التجارة العالمية على الدخل الفــردي و مســتوى الفقــر و

نخصص الفرع الثاني لتأثير هذه االتفاقيات و منها اتفاق الزراعة على الحق في الغذاء.

التقريرين- 554 في المعمم األفضليات نظام في األدوية بشأن بالترتيبات المتعلقة الشروط استخدام مؤخرا التجارة منظمة درستالتاليين :

European communities – conditions for the granting of tariff preferences to developing countries, report of the powel (WT/DS 246/R), 1 december 2003 and EC – tariff preferences, report of the appellate Bady. (WT/PS/246/AB/R), 7 Apeif 2004.

210

الفرع األول تحرير التجارة العالمية و أثره على مستوى الدخل و نسبة الفقر في العالم

ــة لقد أسهم التوسع التجاري بدور حيوي في نمو االقتصاد العالمي منذ الحرب العالمي الثانية و لكن اتفاقيات التجارة المتعددة األطراف غالبا ما اقتصــرت على البلــدان الصــناعية

، و رغم النفع الكبير الذي عاد1986إلى أن بدأت جولة أوروغواي للمفاوضات التجارية عام على البلدان النامية من نمو التجارة العالمية، فإن هذه البلدان قلما شاركت بدور نشط في

مــع اختتــام جولــة أوروغــواي، و هي1994عملية التفاوض، و قد تغير كل ذلك بحلول عــام أشمل مفاوضات تجارية متعددة األطراف في التاريخ، و إنشاء منظمة التجارة العالمية خلفا لالتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية و التجار "جات" و في هــذا الســياق، قبلت البلــدان النامية المتقدمة نسبيا االلتزامات التي يمليهـا االنفتــاح التجــاري في مقابــل حريــة أكـبر في دخول أسواق البلدان الصناعية بينما وافقت البلدان الناميــة األفقــر على إتبــاع منهج متــدرج في اعتماد نفس القواعد غي التمييزية التي تطبقها البلدان التجاريــة الكــبرى، غــير أن بعضــة القضايا المهمة ظل بغير تسوية حاسمة، إلى أن جاءت مفاوضات منظمة التجــارة العالمي

لمعالجــة القضــايا الــتي لم تحســم في إطــار جولــة أوروغــواي، و قــد2001في قطر عــام عالجت مفاوضات الدوحة قضايا تتعلق بالتنمية، كمسائل الزراعة و الخدمات، و هي مسائل

تؤثر على المستوى المعيشي في العالم بشكل عام و الدول النامية بشكل خاص. تزايدت الدراســات االقتصــادية الـتي تؤكـد1994منذ انتهت جولة أوروغواي في عام

أن ما يمكن للبلدان النامية تحقيقــه إذا تحســنت فــرص نفاذهــا ألســواق التصــدير و أجــريت إصالحات في سياساتها التجارة يفوق ما يمكن تحقيقه من زيادة حجم المعونة لهذه الــدول، و تفيد األدلة الواردة من عدة مصادر بأن التجارة قاطرة للنمو و أن النمو ضروري للحد من

الفقر. لقد اقترن تحرير التجارة الذي أصبح تيــارا جارفــا في للبلــدان الناميــة خالل العقــدين السابقين بتحقيق معدل نمو سريع في عدد من البلــدان الــتي كــانت تصــنف ضــمن البلــدان الفقيرة، السيما في آسيا، و بصفة عامة، كان النمــو في للبلــدان ذات السياســات الموجهــة نحو التصدير أكبر منه في البلدان المنغلقة التي تقف في سبيل اإلندماج و تعمل على تثبيط المنافسة، كذلك اقترن ارتفاع دخل الفرد في هذه البلدان بانخفاض كبير في معدل انتشــار

الفقر. لطالمــا الحــظ االقتصــاديون أن البلــدان و المنــاطق الــتي تربــط بينهــا مؤسســات أو عمالت أو سياسات مشتركة و تتمتع بحرية نسبية في دخول أسواق بعضها البعض غالبــا مــا

، على ســبيل1986555 و 1960تتقارب مستويات الدخل فيها مع مرور الــوقت، فــبين عــام % ســنويا بين مســتويات الـدخل في المنــاطق أو البلــدان02المثــال كـانت نسـبة التقـارب

األفقــر و المســتويات المقابلــة في المنــاطق و البلــدان األكــثر ثــراءا كالواليــات المتحــدة األمريكية و أنحاء مختلفة من أوروبا و في البلدان األعضــاء في "منظمــة التعــاون و التنميــة في الميدان االقتصادي". بل أن البلدان الفقيرة على وجــه العمــوم حققت نمــوا أســرع من جيرانها األغنى الذين تربطهم بها عالقات وثيقة، و يمكن النظــر إلى تــأثير التحريــر التجــاري

على المستوى المعيشي في العالم من وجهتين :تحرير التجارة يحد من الفقر و يرفع نسبة الدخل (1

لقد حدث انخفاض حاد في نسبة الفقر الشـديد على مسـتوى العـالم – أي نسـبة من – حــتى أصــبحت1985يعيشون على أقل من دوالرين يوميا حسب قيمــة الــدوالر في عــام

، و نظـرا للنمــو الســكاني كـان1978% في عــام 38 بعــد أن كــانت 1998% في عــام 19 مليــار1.4انخفاض نسبة الفقراء أقل من حيث العدد المطلق، و إن لم يكن أقــل حــدة من

- أسيمينا كامينيس – إشراك البلدان الفقيرة في النظام التجاري العالمي الجديد – مجلة قضايا اقتصــادية555 واشنطن.2006 – تصدر عن صندوق النقد الدولي سنة 37– ع

211

مليار نسمة، و من المعتقد أن هذا االنخفاض يرجع بالكامل تقريبا إلى النمو و ليس01إلى إلى تغيرات في توزيع الدخل.

ــامي ــبين ع هــذا و يستدل على صحة هذه النتيجة من تاريخ كل من الصين و الهند، ف % سنويا بينما حـدثت زيـادة كبـيرة3.6 ارتفع دخل الفرد في الصين بمعدل 1992 و 1980

في تفاوت الدخول، و مع ذلك فقد تراجع عدد السكان الذين يعيشون على أقل من دوالرين مليون نسمة، حيث طغت سرعة نمو الــدخول بســرعة تزيــد مــرتين250في اليوم بحوالي

على سرعته السابقة حتى ينجح في إزالة آثار النمو القوي، و بالمثل حدث انخفاض حاد فيــد من % في23 إلى 1988 إلى 1987% من الســكان بين 35معدل انتشار الفقر في الهن

% في التسعينات لو تناســب النمــو تناســبا21 و كان يمكن أن يصل إلى 1999/2000عام تاما مع الدخل، غير أن االنخفاض في الفق المطلق كان مصحوبا بزيادة في تفاوت الـدخول

. 556كما في حالة الصين أما بالنسبة لما إذا كان النمو المدفوع بالتجارة يفيـد الفقـراء أكـثر أم أقـل ممـا يفيـد الفئات االجتماعية األخرى، فال يوجد نمط واضح يستشف من دراســات الحالــة الــتي تتنــاول نماذج تحرير منفردة، و ليس في ذلــك مــا يثــير الدهشــة، فــالتحرير يمكن أن يغــير األســعار النسبية و الحوافز المتاحة في جميع قطاعات االقتصــادية، غــير أن هنــاك بضــع نتــائج عامــة

يمكن استخالصها من هذه الدراسات.

ــع أصــحاب فتحرير التجارة غالبا ما يقلص الريع االحتكاري و يحد من قيمة الصالت م النفوذ البيروقراطي و السياسي، و قـد يـؤدي تحريـر التجــارة في البلـدان الناميـة إلى رفـع األجور النسبية للعمالة ذات المهارة المحدودة، و يالحــظ أن انخفــاض األســعار الــذي يعقب تحرير التجارة في معظم األحوال يكون في صالح المســتهلكين الفقــراء ســواء باإليجــاب أو السلب حيث أن معظم الفقراء في البلدان النامية يمارسون أنشطة زراعية صغيرة الحجم،ــل على ــر تطغى بالمث و لكن المكاسب الكلية التي يحققها النمو من حيث تخفيف حدة الفق آثاره التوزيعية، و يجـدر التـذكير بـأن هـذه النتـائج تنطبـق على النمـو المـدفوع باالبتكـارات التقنية أيضا و بأن التقدم التقني لم يلق معارضة تذكر من منطلق أن مزاياه قــد تــوزع في

البداية على نحو غير متكافئ.تحرير التجارة و ارتفاع مستوى الفقر و تدني الدخل الفردي (2

على الرغم من األدلة التي ترجح أن يستفيد من تحرير التجارة حــتى أفقــر البلــدان و أقلها من ناحية التنمية، فإن الكثير من هذه البلدان لديها مخاوف، فإضافة إلى ما ينتابها من مخاوف بشأن فقدان المزارعين و العمال أعمــالهم، فهي تشــعر بــالقلق من تــأثير التحريــرــادل التجــاري، و من التجاري على ميزان مدفوعاتها و حسابات ماليتها العامة و معدالت التب

ــواردات الغذائية ــة لل ــدعم على557أهم هــذه المخــاوف ارتفــاع األســعار العالمي ، إذا ألغي ال القطاع الزراعي، حيث تتسم األسواق العالمية للسلع الزراعية بتشــوهات بالغــة بســبب مــا تفرضه البلدان الصناعية من تعريفات جمركية و دعم شامل يطبق على التصــدير لحمايــة منتجيها الزراعيين إن الدعم الزراعي يمكن أن يجرد أغلبيــة البلــدان المنخفضــة الــدخل من قدرتها التنافسية أمام الواردات عن طريق ما يحدثه من تخفيض مصطنع في تكلفــة اإلنتــاجــة في و قد دعا كل من صندوق النقد الدولي و البنك الدولي بلدان "منظمة التعاون و التنميــة، و خالل الميدان االقتصادي" إللغاء الدعم المشوه للتجارة الذي تمنحه لقطاعاتهــا الزراعي

، دعــا قــادة العــالم إلى تخفيض2002مؤتمر القمــة العــالمي للتنميــة المســتدامة في عــام الدعم الزراعي في البلدان الغنية، و خاصة على المنتجات التي تصدرها البلــدان الناميــة، و قد ظهر بالفعل توافق كبير في اآلراء على أن سياسات الدعم الزراعي في بلدان المنظمـة

.05- أسيمينا كامينيس – نفس المرجع، ص 556557- Stephen Tokarick ; « Measuring the impact of distortions in agricultural trade in portial and general equilibrium “IMF working paper 03/110 – 2003.

212

يضر بمصالح البلــدان الناميــة، و الشــك أن شــعوب الــدول الناميــة تســتفيد من دعم الــدول المتقدمة لمنتجاتها التصديرية، خاصة المواد الغذائية و األدوية، ألنها ستحصل عليهـا بـأرخس األثمان مقارنة بسعرها السوقي الدولي، و إزالة ذلك الدعم تعني تحمل البلدان المسـتوردة أي الدول النامية بالدرجة األولى تكاليف أعلى للحصول على نفس تلك المنتجات، مما يعني أرباحا أكبر للدول المتقدمة، غير أن إلزام الــدول الناميــة بإزالــة دعمهــا المحلي يعــني رفــع أسعار الخدمات و السلع محليا و تقليص القدرة الشرائية للمواطنين، لـذلك تسـعى منظمـة التجارة العالمية إلى إعفاء الــدول األكــثر فقــرا من تطــبيق حظــر الــدعم، و إعطــاء الــدول

سنوات إلزالة دعم الصادرات، و منحت الدول المتحولة إلى اقتصاد08النامية األخرى مهلة . 558 سنوات لهذا العرض08السوق مهلة

الفرع الثاني اتفاقات منظمة التجارة العالمية و أثرها على الحق في الغذاء

ــالنظر إلى ضــرورة تعزيــز الحــق في التنميــة و الحــق في الغــذاء من خالل اإلنتــاج ب الــزراعي المحلي و عــزل األســواق المحليــة عن تقلبــات األســعار الدوليــة، فقــد تم تنــاول موضوع تحرير التجارة الزراعية بصورة مختلفــة عن القطاعــات األخــرى في االتفــاق العــامــاء على مســتويات بشأن التعريفات الجمركية و التجارة األصلي )الجات(، حيث تسمح باإلبق عالية من الحماية، غير أنه قبــل جولــة أوروغــواي كــانت التجــارة الزراعيــة تشــهد حالــة من الفوضى و تتوافر لها مستويات عالية من الدعم المحلي، و كذلك االستخدام الواسع النطاق إلعانات التصدير من جانب بعض البلدان المتقدمة، فضال عن حالة عــدم اســتقرار األســعار

. و قد شجع هذا الوضع الدول علــى إدراج قواعد متعــددة559العالية التي سادت هذا القطاع األطراف شاملة لتحرير التجارة الزراعية على جدول أعمال جولة أوروغــواي و بعــد االنتهــاء من عملية تفــاوض عســيرة أبــرمت الــدول "اتفــاق الزراعــة" الــذي يشــكل أحــد االتفاقــات المرفقة بالوثيقــة الختاميــة الــتي تتضــمن نتــائج جــول أوروغــواي من المفاوضــات التجاريــة المتعددة األطراف، و عليه فهو يشكل جزءا ال يتجزأ من اتفاق منظمــة التجــارة العالميــة "و

، و تشــرف لجنــة الزراعــة على تنفيــذ هــذا1995قد دخل "اتفاق الزراعة" حيز النفاذ ســنة ــاق االتفاق و تجتمع أربع مرات سنويا على وجه العموم، و سنرى فيمايلي كيف أثر هذا االتف على حقوق اإلنسان و على المســتوى المعيشــي لإلنســان بالدرجــة األولى من خالل تــأثيره

على أحد أبرز الحقوق المعيشية أال و هو الحق في الغذاء.تحرير التجارة الزراعية و أثرها على الحق في الغذاء (1

يتم االعتمــاد في إرســاء نهج لحقــوق اإلنســان إزاء "اتفــاق الزراعــة" على تحديــد مــاللقواعد التجارية من آثار حقيقية و محتملة على التمتع بحقوق اإلنسان.

غير أنه من الصعب عزل آثار "اتفاق الزراعة" على حقوق اإلنســان عن آثــار التحريــر التجاري عموما، مثال ذلك ما يتحقق جراء اإلصــالح االقتصــادي الكلي، بــل و يصــعب عزلهــا عن آثار كثير من العوامل األخرى التي تؤثر في قطاع الزراعة، فاألنماط المناخية المتغيرة، و النمو السكاني، و األزمات المالية، و أنظمة األمن الغــذائي، و إصــالحات التكــييف الهيكلي الجارية، و أنماط العولمة الغذائيــة المتغــيرة و المســاعدة اإلنمائيــة الرســمية"، و سياســات

- ناجي التوني – قياس آثار النظام الجديد للتجارة العالمية على البلدان العربية – مجلــة آفــاق اقتصــادية،558 ،98، عــدد 25اتخاذ غرف التجارة و الصناعة و مركز البحوث و التوثيق، اإلمارات العربيــة المتحــدة، مجلــد

. 49 – 1، ص 2004 - منظمة األغذية و الزراعة "المفاوضات التجارية المتعــددة األطــراف بشــأن الزراعــة – دليــل مــرجعي –559

الزراعــة في االتفــاق العــام بشــأن التعريفــات الجمركيــة و التجــارة )الجــات( ســرد تــاريخي – المجموعــة. 04النموذجية

.2002 جانفي 15أنظر : تقرير المجلس االقتصادي و االجتماعي لألمم المتحدة 213

التنمية الوطنية، ناهيك عن العالقة المختلفــة بين كــل بلــد و الســوق، تــؤثر كلهــا في قطــاع الزراعة مثلما يؤثر فيه تنفيذ القواعد التجارية، و من شــأن التحريــر التجــاري أن يــؤثر أيضــاــة، أو في البلدان بصور متفاوتة حسب حالتها، كأن يكون البلد المعني مستوردا صرفا لألغذي بلد متقدما صغيرا، أو كبيرا، أو بلدا من أقــل البلــدان نمــوا، أو دولــة جزريــة صــغيرة أو غــير

ذلك. إضافة إلى هــذا، فمن شــأن "اتفــاق الزراعــة" أن يــؤثر بصــورة متفاوتــة في حقــوق اإلنسان لسكان البلد، مثال ذلك أن المزارع الصغير، و العامل الزراعي، و قاطن المدينة، و

شركة اإلنتاج الصناعي يتأثرون بدرجات شديدة التفاوت. إن إنشاء نظام تجاري يقوم على قواعد، و فتح األسواق، عامالن يمكنهما، بوجه عام،ــة و النمــو االقتصــادي، و أن يساعدا على التمتع بحقوق اإلنسان بفضل تحسين فرص التنمي إتاحة فرص العمـل، و تعميم التكنولوجيــا و رأس المــال و يمكن أن يســهم ارتفــاع معــدالت التجارة الزراعية في التمتع بالحق في الغذاء جراء زيادة اإلمدادات الغذائيــة المحليــة لتلبيــة احتياجات االستهالك و الوصول باستخدام الموارد العالميــة إلى الحــدود المثلى، و بالمثــل و بسبب "اتفاق الزراعة"، أصبحت اآلن التجــارة الدوليــة في الزراعــة خاضــعة لقواعــد تعزيــز

، و الحظت560الشفافية و المسائلة و هما شرطان أساسيان هامان للتمتــع بحقـوق اإلنســان دراسة وضعتها مؤخرا منظمة التجــارة العالميــة أن تحريــر التجــارة عنصــر مســاعد إيجــابي عموما في الحد من الفقر – فهــو يــتيح للنــاس اســتغالل طاقــاتهم اإلنتاجيــة، و يســاعد علىــة من ــاعد على الوقاي ــة و يس ــية االعتباطي ــدخالت السياس ــادي، و يقلص الت ــو االقتص النم

. 561الصدمات غير أن هذه الدراسة التي أجرتها منظمة التجارة العالمية تقــر أيضــا بوجـود خاســرين في عملية تحرير التجارة حتى في األجل الطويل و بأن اإلصــالحات التجاريــة يمكن أن تزيــد من حدة الفقر مؤقتا، و يهتم قانون حقوق اإلنسان بوجه خــاص بحالــة األفــراد و الجماعــات الذين قد يعانون جراء عملية اإلصالح، و بالفعل، فهذه إحدى المســائل الرئيســية في مجــال العولمة و حقوق اإلنسان، و حتى عندما تكون المحصلة النهائية لفوائد التحــرر التجــاري في صالح أغلبية السكان في بلــد مــا، فـإن مبــدأ عـدم التميـيز بمــوجب قـانون حقـوق اإلنســان يستلزم اتخاذ تدابير فورية لحماية حقوق اإلنسان لغير المســتفيدين من التحــرر التجــاري، و في حالة "اتفاق الزراعــة" يعــني هــذا أنــه ينبغي للــدول أن تســتفيد من أوجــه المرونــة في االتفاق حيثما توجد و أن ينظر أعضاء منظمة التجارة العالمية في إمكانية تحسين أو إضــافة أوجه مرونة أخرى، حسـب االقتضــاء، و قـد أجـرت منظمـة األغذيـة و الزراعـة هي األخـرى

بلــدا ناميــا جــاء فيهــا أن لتحريــر التجــارة آثــارا14دراسات بشأن أثر "اتفاق الزراعــة" في سلبية محتملة على أفراد و جماعات معينة، و كشفت الدراسات عن وجود اتجــاه عــام نحــو

ضم المزارع نظرا لتزايد الضغوط التنافسية جراء تحرير التجارة.

و قد ساهمت هذه العملية في تزايد اإلنتاجية و القدرة على المنافسة، غــير أنهــا أدت أيضا إلى تشريد و تهميس عمال المزارع، و عانى من أثر ذلك صغار المــزارعين و الســكان

562المفتقرون إلى األمن الغذائي، في أوضاع ال يوجد فيها إال عدد قليــل من شــبكات األمــان

ــا ففي "سري النكا" على سبيل المثال، شكلت التخفيضات التعريفية و الزيادة المصاحبة له – التجــارة و األمن10- منظمة األغذية و الزراعة – دليل مرجعي – الجزء الثاني – المجموعة النموذجيــة 560

. 15 – ص 2000الغذائي – خيارات البلدان النامية"- روما – - أنظر المرجع السابق

561- David .B. Nordstrom.H and L.A. Winters, « Trade income Disparty  and poverty .2000 لمنظمة التجارة العالمية – جنيف 05الدراسة الخاصة رقم

- تقرير عن منظمة األغذية و الزراعة – قضايا و خيارات الزراعة و األمن الغذائي في مفاوضــات منظمــة562 التجــارة العالميــة من منظــور البلــدان الناميــة" المجلــد الثــاني دراســات قطريــة إفراديــة – شــعبة الســلع

. 25 – ص 2000األساسية و التجارة في منظمة األغذية و الزراعة – روما – 214

في واردات األغذية ضغوطا على القطــاع الــريفي، بمــا في ذلــك العمالــة، و ذكــرت دراســة نســمة يعملــون بإنتــاج و تســويق البصــل و300000أعدتها منظمة األغذية و الزراعة حالة

البطــاطس و تــبين منهــا أنهم تضــرروا من التخفيضــات التعريفيــة، و تالحــظ الدراســات أنإمكانية تنويع اإلنتاج خارج هذه المحاصيل إمكانية محدودة.

يتضح من الدراسة أنه و إن كان من األرجح أن يضر تحرير التجارة الزراعيــة بفقــراء الريف و الخضــر، بتعــريض صــغار المــزارعين لمنافســة الســلع المســتوردة و برفــع أســعار األغذية، فثمة استجابة مناسبة لذلك هي شبكات اآلمــان مثــل بــرامج العمالــة، و اإلمــدادات

.563الغذائية الموجهة و برنامج استقرار أسعار األغذية، و كلها ينسجم مع "اتفاق الزراعة"

أ( إنتاج األغذية محليا و تأثير التحرير التجاري على الحق في الغذاء هذا و حيثما يؤثر تحرير التجارة على مدى إتاحــة المــؤن الغذائيــة و ســهولة الحصــول عليها و توافرها بصــفة دائمــة فــإن اآلثــار تنعكس على الحــق في الغــذاء، و مثــال ذلــك أن الدراسات التي تضعها منظمة األغذية و الزراعة تثير مســألة مصــير المنتجــات المحليــة في البلدان الصغيرة و قـدرتها على التنـافس مـع منتجــات كبــار المنتجين، و من أمثلــة ذلـك أن دراسة خصت دولة "غويانــا" بينت أن تزايــد واردات عصــير الفواكــه من كبــار المنتجين أدى إلى إزاحة الكثير من اإلنتاج المحلي و كشف تزايد اعتماد هذه الدولة المستمر على األغذيةــة ســيزاح و ــات المحلي ــيرا من المنتج ــاوف من أن كث ــك في مخ المســتوردة، و تســبب ذل ســيقوض اإلنتــاج المحلي إذا لم تتــوافر حمايــة مناســبة للســوق مصــحوبة بــبرامج إنمائيــة مناسبة، مما يؤدي إلى تحوالت في نظم الوجبات الغذائية المحليــة مــع تزايــد االعتمــاد على

األغذية المستوردة.

ب( ميزان المدفوعات و تأثير الحق في الغذاء إن مشاكل ميزان المدفوعات هي األخرى، يمكن أن تضـر بقـدرة الدولـة على تعزيـز الحق في مستوى معيشي الئق و الحق في التنمية بصفة أشمل، و قد شهدت بعض البلدان النامية اتجاها نحو تزايد الواردات بما يتجاوز زيــادة الصــادرات، و تــبين الدراســات القطريــةــد لمنظمة األغذية و الزراعة أن إجمالي قيمة الواردات الغذائية تزايد بوتيرة أســرع من تزاي

و1990 بالمقارنــة مــع الفــترة مــا بين 1998 و 1995قيمة الصادرات في الفــترة مــا بين بلــدا محــل الدراســة، و هي نتيجــة ســلبية من حالــة تلــك14 من بين 11 في حالــة 1994

البلدان، و تالحظ دراسة أخرى أشمل أجرتها منظمة التجارة العالمية تزايد االتجــاه الســلبي بلــدان من غــير أن أعضــاء107 بلــدا من بين 59للميزان التجاري للمنتجــات الزراعيــة في

و ترجع هذه النتيجة إلى أسباب معقــدة ربمــا ال تثــير564منظمة التعاون و التنمية االقتصادية القلق حينما تتوازن مثال الزيادات النسبية في الواردات الغذائية مــع زيــادات الصــادرات في

غير أن األرقام تــبرز التفــاوت لــدى بعض البلــدان565مجاالت أخرى مثل المنتجات الصناعيةــادة بين القدرة على اجتذاب الواردات بعد فتح األسواق و القدرة على زيادة الصــادرات فزي الصادرات تستلزم قدرا أكبر بكثير من التخطيط و التمويــل و البلــدان المســتوردة الصــافية

.167- نفس المرجع ص 563 - منظمة التجارة العالميــة، آثــار التزامــات التخفيض على التجــارة العالميــة في الزراعــة، ورقــة مرجعيــة564

.2000 جويلية 24(، لجنة الزراعة G/AG/NG/S/11/Add.1إحصائية من إعداد األمانة ).24 إلى 22- المرجع نفسه، ص من 565

215

للغذاء التي تصدر سلعة أساسـية وحيـدة تواجـه مشـاكل خاصـة في هـذا الصـدد، و السـيماعندما تواجه تآكل األفضليات التجارية الذي قد ينجم عن تحرير التجارة.

ج( تقلبات األسعار الناجمة عن تحرير التجارة و أثرها على الحق في الغذاء إن الحساسية إزاء تقلبات األســعار في بعض الحــاالت و الناتجــة عن تحريــر التجــارة، يمكن أن تعرض بعض الدول لتقلبــات خارجيــة في األســواق قــد تســفر عن أثــر ســلبي في

و لعــل أبــرز566قدرتها على تمويل التنمية، أو حتى ضــمان تــوافر الغــذاء في بعض الحــاالت و1997 و 1995حاالت تقلبات األسعار كانت الزيادة العالمية ألســعار الحبــوب بين عــامي

و استنادا إلى منظمة األغذية و الزراعــة، فقــد أدى ارتفــاع1998ما تالها من انخفاض عام في المائــة في فواتــير اســتيراد الحبــوب ألقــل البلــدان49أسعار الحبوب إلى زيادة نسبتها

غير أن ثمة دالئــل تشــير إلى أن كثــيرا567نموا و البلدان النامية المستوردة الصافية لألغذيةــطة تخفيض ــة بواس ــعار العالمي ــادات في األس ــويض الزي ــتطاع تع ــة اس ــدان النامي من البل التعريفات و االستعاضة عن واردات الحبوب بواردات حبوب أقل جــودة، و تــبين أن زيــادات األسعار و نتائجها كانت أقل خطــورة من زيــادات أســعار الحبــوب في الســبعينات، أي قبــل

و لعــل أهم مالحظــة هي أن الحساســية إزاء آثــار التغــيرات الدوليــة في568تحريــر التجــارة األسعار تختلف بــاختالف حجم البلــد و مــدى اعتمــاده على الــواردات، و من منظــور حقــوق اإلنسان، سيكون من الهام أن تضمن القواعد التجارية توافر المرونة التخاذ تــدابير إصــالحية

لضمان عدم تأثر توافر األغذية أو إمكانية الحصول عليها بتقلبات األسعار.

د( المعاملة التفضيلية للبلدان النامية و تأثيرها على التمتع بالحق في الغذاء مازالت صادرات كثير من البلدان األقل نموا و البلــدان المســتوردة الصــافية لألغذيــة تتمتــع بمعاملــة تفضــيلية بمــوجب نظم متعــددة األطــراف المختلفــة، مثــل اتفــاق "كوتونــو" للشراكة بين االتحاد األوروبي و مجموعة بلدان أفريقيا و البحري الكاريبي و المحيط الهادي أو مبادرة حوض البحر الكاريتي للواليات المتحدة، بوســع هـذه الخطـط توفــير فـرص هامـة لوصول هذه البلدان إلى األسواق، غير أن النقاش الــذي جــرى خالل مشــاورات لوضــع هــذاــة، حينمــا التقرير آثار مسألة اتفاقات التجارة التفضيلية المؤدية إلى تمييز بين البلدان النامي تكون مثال بلدان معينة من أقل البلدان نموا و البلدان المسـتوردة الصـافية لألغذيـة غــير أن

أطراف في هذه االتفاقات.

الفرع الثالث تطور نهج حقوق اإلنسان إزاء "اتفاق الزراعة و أثره على الحق في الغذاء

إن التفاوض بشأن قواعد منظمة التجارة العالمية المتعلقة بالزراعــة و تنفيــذها ليســا سوى إحدى المسائل ذات الصلة بالتنمية الزراعيــة و بتعزيــز الحــق في الغــذاء و الحــق في التنمية و حمايتهما، و تعتمد التنمية الزراعية على عوامل كثيرة بما في ذلك وجود نظم نقل

- الحظت منظمة األغذية و الزراعة أن أسعار األغذية ارتفعت في الهند بوتــيرة أســرع من ارتفــاع أســعار566 ، و تعرض هذه الحجة كتفسير ممكن لعــدم انخفــاض معــدالت1991المنتجات االستهالكية األخرى بعد عام

، رغم زيــادة سـرعة النمـو االقتصـادي و اعتـبر الدراسـة الـتي أجرتهـا المنظمـة أن1991الفقر منـذ عـام استقرار األسعار يشكل عنصرا هاما في حماية رفاه الفقراء.

- قضايا و خيارات الزراعة و األمن الغذائي في مفاوضات منظمة التجارة العالمية – تقرير سابق – رومــا567 –2000.

568- P. Pinstrup – Andersen, Rajul Pondya and Mark W. Rosegrant, the world food situation : Recent development, emerging issues and long term prospects the international food, policy research institute; 20/20 vision – Washington, DC, 1997, PP 14 FF.

216

متينة، و توافر تكنولوجيا زراعية مستحدثة، و الحفــاظ على تنــوع النباتــات، و تــوافر مرافـق اإلئتمان و مستوى التثقيف الريفي، و وجــود تخطيــط إنمــائي وطــني مناســب، و االســتقرار السياسي، و الحكم الوطني السديد و غير ذلك، كما أن القواعــد التجاريــة لمنظمــة التجــارة العالمية ليست سوى جزء واحد من المشكلة غير أن من شــأن قواعـد التجــارة الــتي تــترك للبلدان النامية، و السيما البلدان المفتقرة إلى األمن الغذائي، مرونة لتطوير قطاع الزراعــة بسبل مناسبة، و التي تعزز أشكال تعاون دولي فعالة و عملية بينما تحقق في نفس الــوقت تخفيضات حقيقيــة في أســوأ أشــكال التــدابير المشــوهة للتجــارة، أن تســاعد البلــدان على

و عمليــة اإلصــالح الجاريــة569الوفاء بالتزاماتها باحترام حقوق اإلنســان و حمايتهــا و إعمالهافي منظمة التجارة العالمية تتيح فرصة تحقيق ذلك.

هــذا و تــدخل في صــميم اعتمــاد نهج لحقــوق اإلنســان إزاء تحريــر التجــارة الزراعيــة مسألة ما إذا كان مناسبا األخذ بنظام واحد يناسب الجميــع، و ينهض قطــاع الزراعــة بــأدوار مختلفة تماما في التنمية لكل بلــد، ففي حالــة البلــدان ذات الــدخل المنخفض ينهض قطــاع الزراعة بدور أساسي في ضمان األمن الغذائي و الحد من الفقر، و في هذه البلدان، مازال قطاع الزراعة هو القطاع الرئيسي للتشغيل، و هو مساهم كبير في الناتج المحلي اإلجمالي فضال عن أنه مصدر هام من مصــادر النقــد األجنــبي و اإليــرادات، إضــافة إلى ذلــك، يســتأثر استهالك الغذاء بحصة كبـيرة في نفقـات األسـر المعيشـية في كثـير من البلـدان الناميـة، و مثلما شددت منظمة األغذية و الزراعة فمن منظور تاريخي، لم تتمكن سوى قلة قليلــة من

و570البلدان من تحويل اقتصاداتها بنجاح إلى اقتصادات متقدمة بــدون تطــوير زراعاتهــا أوال قطاع الزراعة في البلدان المتقدمة هو في كثير من الحاالت أقل أهمية كمصدر للتشـغيل و لإلسهام في الناتج المحلي اإلجمالي، و يستأثر استهالك الغذاء بحصة أصغر و متضائلة نسبيا من دخل األسر المعيشية و تطبيق نفس القواعد على مجموعات سكانية و ظروف مختلفــة بشدة فيما بينهــا بــدون تطــبيق تــدابير إيجابيــة فعالــة لصــالح الفقــراء قــد يفــاقم التفاوتــات

القائمة.

كما و يعزى جزء من الصعوبات إزاء "اتفاق الزراعة" إلى أن واضعي االتفــاق حــاولواــدان ــة من البل ــاج بالنســبة لعــدد من المنتجــات الغذائي ــد فــوائض اإلنت تصــحيح أوضــاع تزاي المتقدمة، بواسطة زيادة الدعم المحلي و استخدام إعانات التصدير، و هــذا أمــر لم يــواكب بالضرورة احتياجات بلدان أخرى، فالبلدان النامية التي يعوزها األمن الغذائي، بوجــه خــاص، تحتــاج إلى التعامــل مــع مشــكلة عــدم كفايــة اإلنتــاج و نقص المــوارد لكي تســتطيع زيــادة إنتاجيتها الزراعيــة و إنتاجيتهــا لألغذيــة بمــا يتناســب و احتياجاتهــا و قــدراتها و فتح األســواق بطريقة تــؤدي إلى حمايــة حقــوق اإلنســان يســتلزم، في الواقــع اختالف الشــكل و الوتــيرة باختالف البلدان و يستلزم، في الواقع اختالف الشكل و الوتيرة باختالف البلــدان و يســتلزم هذا إتباع نهج إزاء قواعد التجارة يضمن اتخاذ تـدابير إيجابيــة لصــالح الضــعفاء من األفــراد و الجماعات، و بدون ذلك، فإن قواعد التجارة بها فيها "اتفاق الزراعة"، قد تهيء جوا تنافسيا متكافئا لعناصر غير متكافئة و ينبغي لدى وضع نهج لحقــوق اإلنســان النظــر في أثــر تحريــر التجارة ال من زاوية الحاجة إلى تقليل تشوهات التجارة إلى أدنى حــد فحســب و إنمــا أيضــا من حيث أثره على الجماعات المختلفة، و السيما الضعفاء من األشــخاص و الجماعــات، ثم توضع القواعد وفقا لذلك و على الرغم من تضمين "اتفــاق الزراعــة" عــدة تــدابير خاصــة و متمايزة لصالح البلدان النامية، فاالتفاق ال يراعي بقــدر كــاف التفــاوت الشــديد بين البلــدان

- منظمة الزراعة و األغذية – قضايا و خيارات الزراعة و األمن الغذائي في مفاوضات التجـارة العالميـة –569.05المرجع السابق ص

- نفس المرجع.570217

من حيث مســتوى التنميــة في القطاعــات الزراعيــة و بين األشــخاص الــذين يعتمــدون على. 571الزراعة كمورد للرزق

إن تطبيق مبدأ عدم التمييز الذي هو أحد مبادئ حقوق اإلنسان على القانون التجاري يشجع على اتخاذ تدابير إيجابية لصالح الفقراء، و لئن كان مبدأ عدم التمييز يشكل أيضا أحد مبادئ القانون التجاري الدولي فإن هناك فرقــا في تطــبيق المبــدأ، فيتــوخى في "المعاملــة الوطنية" تحقيق التكافؤ في المعاملة للمواطنين و غير المواطــنين. ســواءا كــانوا مــزارعين فقراء أو مشاريع تجارية زراعية كبيرة أو شركات صناعية، و من شأن معاملة األطراف غيرــا و المتساوية على أنها متساوية إثارة للمشاكل فيما يتعلق بتعزيز حقوق اإلنســان و حمايته يمكن أن تسفر عن إدامة التمييز مؤسسا لغير صالح الفقراء و المهمشين، و بموجب قانون حقوق اإلنسان، ال يقصد بمبدأ عــدم التميــيز أن تكــون المعاملــة متســاوية لكــل النــاس في

، و من الضروري اتخاذ تــدابير إيجابيــة في بعض الحــاالت لحمايــة الضــعفاء572جميع الحاالت من األشــخاص و الجماعــات و لئن كــانت المعاملــة الخاصــة و التفضــيلية بمــوجب القــانون التجاري الدولي خطوة إيجابيــة، فـإن المفوضـة السـامية تشـجع على األخـذ بتـدابير تتجـاوز فترات االنتقال الطويلة و التزامات بذل أقصى الجهد و تدعو إلى أن تكون المعاملة محــددة الهدف ممكنة التنفيذ، و في هذا الصدد، رحبت المفوضة السامية لحقوق اإلنســان بــااللتزام الوارد في إعالن الدوحة الــوزاري بجعــل المعاملــة الخاصــة و التفضــيلية جــزءا ال يتجــزأ من قواعد و ضوابط اتفاق الزراعة لكي تكون فعالة عمليا و لكي تتيح للبلــدان الناميــة المرونــة

الالزمة لمراعاة أهداف األمن الغذائي و التنمية.

- يتيح "اتفاق الزراعـة" مرونــة يمكن أن تفسـح المجـال لمسـؤولية الـدول عن تعزيــز حقـوق اإلنسـان و571 ( و فيما يخص الوصول02 )12 و 11( و 4 )9(، )أ(، )ب(، 4)6(ـ، 2)6حمايتها على سبيل المثال، المواد

إلى األسواق، يشمل 'اتفاق الزراعة" ضمانات خاصة تتيح لبعض البلدان اتخاذ إجــراءات لمواجهــة طفــرات االستيراد، و بينما ال يمكن لبلدان نامية عديدة أن تستفيد من هذه الضمانات، فإن بلدانا كثيرة منها عادة ما تطبق تعريفات منخفضة و تتاح لها بالتالي فسحة كبيرة لزيادة التعريفات وفقا اللتزاماتهــا بمــوجب "اتفــاق

. 20الزراعة" – عن تقرير المجلس االقتصادي و االجتماعي – مرجع سابق ص - مبدأ عدم التميــيز مبــدأ من صــميم قــانون حقــوق اإلنســان و يمكن اعتبــاره نقطــة انطالق للمناقشــات572

المتعلقة بحقوق اإلنسان و يمكن اعتباره نقطة انطالق للمناقشات المتعلقــة بحقــوق اإلنســان و التجــارة و في القانون التجاري الدولي يرد مبدأ عدم التمييز ضمن مبادئ المعاملــة الوطنيــة و معاملــة الدولــة األكــثر

رعاية. للجنة المعنية بحقوق اإلنسان. 1989 لعام 18 من التعليق العام رقم 10 و 8أنظر : الفقرتين

218

الخاتمة

خاتمة يتضح من هذه الدراسة أن النظام التجاري العالمي الجديد الذي نعيشه اليوم ما هو

إال نتيجة للنظام االقتصادي الدولي الذي تشكل مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية، وتجسد في نتائج مؤتمر بروتن وودز الذي انشأ مكوناته األساسية و هي صندوق النقد الدولي و

البنك العالمي ثم االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية و التجارة، و هي مرحلة تميزت بسيطرة الدول المتقدمة على مفاصل االقتصاد العالمي و مع نهاية أزمة االقتصاد العالمي أواخر الثمانيات، ظهرت مع بداية التسعينات تحوالت و تطورات جذرية في طبيعة النظام

االقتصادي العالمي نتيجة ظهور عوامل و خصائص جديدة و لعل أهمها، المصادقة على نتائج جولة األوروغواي و ما تعنيه من بث الروح في نظام اقتصادي عالمي جديد باستكمال أحد

دعائمه الرئيسية بميالد نظام تجاري عالمي جديد تحت إشراف و قيادة منظمة التجارة :)573(العالمية، و يقوم هذا النظام على الدعائم و التحوالت التالية

التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية و تخفيض الحواجز و القيود التعريفية لتصبح هذه الرسوم و التعريفات أدوات فعالة لتشجيع التبادل التجاري الدولي و ليس عائقا أو

قيدا على التجارة الدولية. إزالة القيود الكمية المباشرة بإلغاء نظام الحصص و إلغاء و حظر إجراءات الحماية الجديدة كاإلجراءات الرمادية و التقنية التي كانت تطبقها الدول الصناعية الكبرى لحماية

أسواقها. توسيع نظام تحرير التجارة الدولية ليشمل موضوعات جديدة كالمنتجات الزراعية و

المنسوجات و المالبس، باإلضافة إلى تحرير تجارة الخدمات التي تعتبر نقطة تحول في العالقات االقتصادية الدولية، و فضال عن تحرير تجارة الخدمات يشمل النظام التجاري

الدولي الجديد تحرير و تنظيم الملكية الفكرية و االستثمارات ذات الصلة بالتجارة الدولية وعالقة هذه األخيرة بالبيئة.

إن استشراف آثار هذا النظام التجاري العالمي الجديد على حقوق اإلنسان يستدعي منا فهم العالقة بين حقوق اإلنسان و النظام التجاري العالمي الجديد و دور العولمة في كل

ذلك كونها السبب الرئيسي في خلق الثروة و الرفاهية غير المسبوقتين، فقد صاحب ذلك المزيد من الفقر و عدم المساواة في العديد من الدول، و قد تسببت العولمة في توسع

النهج التقليدي لحقوق اإلنسان بعدد من الطرق، حيث أصبح ينظر إلى التنمية و الفقر بشكل متزايد من وجهة نظر دولية لحقوق اإلنسان و لذلك أصبحت قضايا مثل المساعدة الخارجية و الدين و اثر النظام التجاري الدولي على السياسات االجتماعية المحلية موضع

.) 574(نقاش من زاوية حقوق اإلنسان لقد أصبح موضوع حقوق اإلنسان ال ينظر إليه من الناحية التقليدية للمسؤولية

ليشمل التزامات و مسؤوليات ممثلي غير الدول كالمؤسسات المالية العالمية و الشركاتالمتعددة الجنسية

و منظمة التجارة العالمية تجاه تعزيز و حماية حقوق اإلنسان. و كنتيجة لذلك، ال يمكننا االستغناء عن الفهم األساسي لدور المؤسسات الدولية

المختلفة ذات العالقة، و المؤسسات الرئيسية الثالث التي يجب النظر فيها في هذا الصدد هي البنك العالمي، و هو منظمة بين حكومية و أكبر مصدر للمساعدة التنموية في العالم، و صندوق النقد الدولي الذي يقوم بمراقبة سياسات أسعار الصرف ألعضائها من خالل تقييم السياسات االقتصادية و المالية لكل دولة، كما يقوم هذا الصندوق بربط متطلبات محددة

.277- حشماوي محمد – مرجع سابق – ص 573.77- لياليفين – حقوق اإلنسان أسئلة و إجابات – مرجع سابق – ص 574

220

لسياسة الدول المعنية كشروط لمنح القرض لدولة من الدول، وكذا منظمة التجارةالعالمية التي تتعامل مع قواعد التجارة بين الدول.

إن دراسة تداعيات هذا النظام التجاري العالمي الجديد على حقوق اإلنسان يتطلب منا الوقوف على معطيات و مقدمات الواقع الراهن، و حاضر العالقات التجارية الدولية غير

م�بشر بتطور إيجابي على الدول بشكل عام و حقوق اإلنسان بشكل خاص، و باألخص فيالدول النامية.

إن تطبيق هذا النظام التجاري الجديد كان له أثر سلبي على السيادة االقتصادية للدول وحقها في الحفاظ على ثرواتها الطبيعية و ممارسة أنشطتها االقتصادية و لم تحقق منه

مكاسب سياسية أو اقتصادية هامة، في جانب الدول النامية و العكس صحيح إذا تحدثنا عن البلدان

المتقدمة، على نحو ما تناولته هذه الدراسة، حيث تبين لنا أن الدول األقوى في النظام الدولي و على رأسها الواليات المتحدة األمريكية، بفعل شركاتها العمالقة، تزداد قوة و

نفوذا ليس على حساب اتفاقات منظمة التجارة العالمية فحسب بل على حساب كافة دول العالم، حيث يزداد مستقبل البلدان النامية األضعف و األفقر في ضوء هذه المعطيات قتامه و يبعث التفكير فيه على الكآبة مع ازدياد تأكل سيادتها الداخلية، في واقع تزداد فيه الفجوة

بين أمم العالم بإشراف المنظمة العالمية للتجارة، وكذا كل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي و الشركات المتعددة الجنسيات.

فالنظام التجاري العالمي الجديد و ما تضمنه من زيادة التحرير للتجارة الدولية، خصوصا مع دخول اتفاق الخدمات حيز التنفيذ بضغوط من الدول المتقدمة، و انتهاء المهل

التي منحت للبلدان النامية حتى تطبق عبئ اتفاقات المنظمة العالمية للتجارة دون أي استثناءات، و دون أن تثمر هذه المهلة التي منحت لها في تطوير اقتصادياتها و تجعلها

قادرة على المنافسة و متوائمة و مؤهلة للتفاعل مع االقتصاد العالمي، الذي يعمل أساسا في صالح الدول الكبرى وفقا للغرض من هذه االتفاقات و هو فتح أسواق البلدان النامية

أمام البلدان المتقدمة دون أية عوائق، هذا النظام ال يساعد أبدا على تعزيز أو حماية حقوق اإلنسان خاصة ما تعلق بحق الدول و الشعوب في السيادة على ثرواتها و حقها في التنمية

و كذا الحق في مستوى معيشي الئق ناهيك عن باقي الحقوق الفردية. فإذا كان البعض يرى بأن منظمة التجارة العالمية مثال قد نجحت في أهدافها، فإن

هذا النجاح قد اقتصر على مجموعة معينة من الدول دون غيرها، و ذلك نتيجة عبث البلدانالمتقدمة بهذه االتفاقات

و حرصها على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من تحرير التجارة العالمية و تجاهل مصالح البلدان النامية، و عدم التزامها بتقديم المساعدات الفنية و المالية التي تعهدت بها لتمكين هذه األخيرة من االندماج في النظام التجاري العالمي الجديد، و هذا ما يعد ضربة لحق هذه

الدول في التنمية فمفهوم المعاملة الخاصة و التمييزية التي تضمنتها اتفاقات منظمة التجارة العالمية يجب أن تقوم على مساعدة البلدان النامية، في رفع قدراتها التنافسية على األصعدة اإلقليمية و الدولية خاصة بعد أن تبين من خالل هذه الدراسة أنها لم تكن

كافية و لم تأتي بالنتائج المرجوة منها والمتمثلة في االرتقاء إلى المستوى الذي يمكنها من االلتزام بنفس مستوى التزامات البلدان المتقدمة، في هذا اإلطار جاءت خريطة الطريق

التي قدمها األمين العام السابق لمنظمة التجارة العالمية "باسكال المي" بشأن دعم التجارة و التي تمثل مراجعات دعم التجارة الوطنية و اإلقليمية في إفريقيا و أمريكا

25الالتينية و الكاريبي و الصين و النرويج و اليابان و جمهورية بنين و كندا و مصر في ، لكن مسألة التطبيق على أرض) 575( في االجتماع المتعلق بالتجارة و التنمية2008فبراير

الواقع كانت شحيحة جدا.

.280- ألسن عادل عبد العزيز – مرجع سابق – ص 575221

إن صندوق النقد و البنك الدوليين يعدان من ركائز النظام التجاري العالمي الجديد و هما يسهران على مراقبة التزام الدول بالتحول إلى اقتصاد السوق، وفتح أسواقها و

تحريرها من القيود الحكومية، و هي تستمد قوتها من القوة االقتصادية و السياسية للدول إذ أدى نفوذ هاتين المؤسستين إلى شل قدرة الحكومات على اتخاذ) 576(المتقدمة الكبرى

قراراتها بصفة مستقلة و التحكم بمصائر الدول، فتصبح الحقوق و العدالة في مراتب متدنية على سلم األولويات الحكومية، فيتم بذلك التغاضي عن حماية اإلنسان بسبب

االنعدام شبه الكامل لمبدأ المساواة في السلطة و الثروة فيسود نوع من الظلم في مجالالحصول على الغذاء و المسكن الالئق و ابسط ضروريات الحياة مع انتشار الفقر

) . 577(و سوء التغذية و البطالة

فعند الحديث عن الفقراء و توزيع الدخل أو الخدمات األساسية كالتعليم و الصحة، و مستوى التغذية و غيرها، نجد من التعبيرات المستخدمة في التقارير الداعية إلى التثبيت

و التعديل الهيكلي تعبير "البعد االجتماعي"، و هذه الطريقة و هي طريقة تعبيرية فقط تسمح للداعين إلى التعديل الهيكلي باعتبار الضرر الذي قد يلحق بالفقراء أو االنخفاض

الذي يلحق بالمستوى المعيشي كالصحة و الغذاء، مجرد تكلفة من تكاليف النمو االقتصادي مما يتعين طرحه من "المنافع" التي تعود على المجتمع نتيجة رفع معدل هذا النمو، و هذا

اإلغفال للبعد االجتماعي قد يؤدي إلى االنفجار االجتماعي في الدول التي تواكب إصالحاتكل من البنك و صندوق النقد الدوليين.

و على العموم، فإن حقوق اإلنسان تظل أساسا جوهريا في القانون الدولي، و لكنها لم تعطى األولوية في اهتمامات القانون الدولي التجاري، الذي يقدم مسألة الرفاه

االقتصادي للدول على مسألة سيادة الدول و حقوق اإلنسان. و لذا فإن ذلك يطرح على البلدان النامية عامة، العديد من التحديات، و ال يجب عليها أن تنتظر أمورا ملموسة من عمالقة هذا النظام ألن ذلك قد يسقط هيمنتها عليه، فالتعايش

مع النظام الجديد للتجارة العالمية أمر ال مناص منه، و في هذه الظروف ال مفر للبلدان النامية من سلوك سبيلين في آن واحد لمواجهة التحديات التي تفرضها التحوالت التي

عرفها هذا النظام هما : العمل على تقليل الخسائر المحتملة و اغتنام الفرص الجديدة التي يتيحها النظام وأوال :

تحويلها من فرص نظرية إلى فرص واقعية، و ذلك بالدراسة المعمقة لنصوص هاته االتفاقات و الفهم العميق لها و ما وراء نصوصها، و المطالبة من البلدان المتقدمة باحترام التزاماتها المنتظمة في االتفاقات و القرارات الوزارية و اإلعالنات الخاصة بتقديم معاملة

متميزة للبلدان النامية، كذلك الرفع من الكفاءة اإلنتاجية القتصادياتها و تطوير جودة المنتجات لمواجهة المنافسة في الدخل و التمكن من النفاذ لألسواق الخارجية، كي يكون

هناك نوع من الندية في التعامل فيما بين الدول المتقدمة و النامية بما يحفض حقوق الطرفين.

ال تكون لهذه اإلجراءات أي فعالية إن لم تدعم بتكامل اقتصادي إستراتيجي، و هوثانيا : ما لم تحققه البلدان النامية إلى يومنا هذا رغم كثرة المواثيق و القرارات و االتفاقيات التي

بقيت حبيسة األدراج بدون تفعيل و إن فعلت ال تكون في المستوى المطلوب، كنوع من هذه التكتالت الفاشلة، فإن لم تعزز العمل عن طريق الشراكة و التكتالت االقتصادية

الفعالة، فستبقى البلدان النامية راضخة لتحديات النظام التجاري العالمي الجديد و لن تتمكن من تحسين موقعها التفاوضي في منظمة التجارة العالمية بما يمكنها تحسين موقفها

- إبراهيم العيسوي – تنمية االقتصادية التنافسية العربية في زمن العولمة – ندوة التعاون االقتصادية 576.164ص 2000 – 1العربي بين القطرية و العولمة، منتدى الفكر العربي – عمان ط

- منظمة العفو الدولية – تقرير حقوق اإلنسان و حقوق العمال – ندوة العولمة و الطوفان أمر اإلنقاذ – 577.2004 – 1مركز دراسات الوحدة العربية ط

222

في مجال الدفاع عن سيادتها الداخلية و حماية حقوق اإلنسان و المطالبة بإدراج البنداالجتماعي في جميع هذه االتفاقيات.

و في ضوء ما تقدم نشير إلى أن النظام التجاري العالمي الجديد ال يزال يحتاج إلى إصالح في قواعده و نقصد بها – االتفاقات – حتى يحظى برضى دول و شعوب العالم

النامي، كما نشير إلى أن هذا النظام قد أثار جدال كبيرا حول مستقبله بعد فشل مؤتمر سياتل و ما رافقه من رفض آلليات العولمة، و البلدان النامية أمامها معركة طويلة تحتاج

فيما إلى المزيد من التنسيق و التقارب فيما بينها لتدخل المفاوضات و هي أكثر تناسق، و إتحاد لتعظيم المصالح و استغالل التناقضات في مواقف البلدان المتقدمة لتعزيز مكاسبها و

الحفاظ على سيادتها و حقوق شعوبها. حيث ال زال البحث قائما و مستمرا إلقامة نظام تجاري عالمي أكثر عدالة ووضوحا

، حيث) 578(في آلياته و قواعده بعدما عرته األزمة المالية العالمية التي عاشها العالم مؤخرا غاص االقتصاد الدولي في أسوأ أزمة مالية منذ الكساد الكبير، و تشهد عدد من دول أوروبا أسوء أزمة اقتصادية كاليونان و إسبانيا و هذه األزمات تثبت هشاشة هذا النظام، و بالتالي

أصبحت حتى تلك الدول الواضعة لهذا النظام تعاني انحصارا في سيادتها و تأثيرا سلبيا على حقوق اإلنسان بالنسبة لمواطنيها مما يفتح الباب على مصراعيه للمزيد من التساؤالت و

الدراسات المستفيضة حول مستقبل النظام التجاري العالمي الجديد و تداعياته.

.01 ، الملخص التنفيذي لعام ص 2009- األمم المتحدة – الوضع االقتصادي الراهن و التوقعات لعام 578223

المالحق

االتفاقية الدولية بشأن الحقوق االقتصادية، واالجتماعية، و الثقافية

تمت الموافقة عليها و فتحت للتوقيع و التصديق عليها و االنضمام ديسمبر16( بتاريخ 21 – ألف )200إليها بقرار الجمعية العامة

1966.(.28 )أنظر المادة 1976 يناير 3بدء السريان :

ديباجة : الدول األطراف في االتفاقية الحالية، مع األخذ بعين االعتبار أنه

وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق األمم المتحدة، و االعتراف بأن الكرامة الفطرية، و المساواة و الحقوق غير القابلة للتحويل لكل أعضاء

األسرة اإلنسانية، هي أساس الحرية و العدالة و السالم في العالم و اعترافا بأن هذه الحقوق مستمدة من الكرامة الفطرية لشخص

اإلنسان. و اعترافا بأنه وفقا لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان، فإن المثل

األعلى للكائنات البشرية الحرة التي تتمتع بالتحرر من الخوف و الحاجة ال يمكن بلوغه إال إذا خلقت الظروف التي يمكن وفقا لها أن

يتمتع كل شخص بحقوقه االقتصادية، و االجتماعية، و الثقافية، و كذلكحقوقه المدنية و السياسية.

و مع األخذ بعين االعتبار التزام الدول بمقتضى ميثاق األمم المتحدة بتعزيز احترام عالمي لحقوق اإلنسان و الحريات و التقيد بها، و إدراكا بأن الفرد الذي عليه واجبات تجاه األفراد اآلخرين و الجماعة

التي ينتمي إليها، عليه مسؤولية بأن تسعى لتعزيز الحقوق فياالتفاقية الحالية و التقيد بها، يوافق على المواد التالية :

الجزء األول : : 01المادة

لكل الشعوب الحق في تقرير المصير، و بمقتضى هذا الحق،(1 فإنها تقرير بحرية وضعها السياسي و تتابع بحرية تنميتها

االقتصادية، و االجتماعية و الثقافية. يمكن لكل الشعوب من أجل غاياتها الخاصة، أن تتصرف بحرية(2

في ثروتها الطبيعية و مواردها بدون اإلضرار بأية التزامات تنشأ من التعاون االقتصادي الدولي، القائم على أساس مبدأ الفائدة المتبادلة، و القانون الدولي. و ال يمكن في أية حالة حرمان أي

شعب من وسائل أرزاقه الخاصة.

على الدول األطراف في االتفاقية الحالية، بما فيها تلك التي(3 تتحمل مسؤولية إدارة المناطق التي ال تحكم نفسها و الموضوعة تحت الوصاية، أن تعزز تحقيق حق تقرير المصير، و أن تحترم هذا

الحق بما يطابق أحكام ميثاق األمم المتحدة.الجزء الثاني :

: 02المادة تتعهد كل دولة طرفا لالتفاقية الحالية بأن تتخذ الخطوات الفردية(1

و من خالل المساعدات و التعاون الدولي، و خاصة االقتصادية و التقنية بالحد األقصى لمواردها المتاحة، بقصد التحقيق التدريجي للتحقيق الكامل للحقوق المعترف بها في االتفاقية الحالية، بكل

الوسائل المناسبة، بما في ذلك بصفة خاصة إقرار التدابيرالقانونية.

تتعهد الدول األطراف لالتفاقية الحالية بأن تضمن أن الحقوق(2 المعلنة في االتفاقية الحالية سوف تمارس دون تفرقة من أي نوع

يتعلق بالعنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة أو الدين، أو الرأي السياسي و غيره، و األصل الوطني أو االجتماعي، أو حق الملكية،

أو بسبب المولد أو الوضع. يمكن للدول النامية، فيما يتعلق بحقوق اإلنسان و اقتصادها(3

القومي، أن تقرر إلى أي حد سوف تضمن الحقوق االقتصاديةالمعترف بها في االتفاقية الحالية لغير الوطنيين.

: 03المادة تتعهد الدول األطراف في االتفاقية الحالية بضمان الحقوق

المتساوية للرجال و النساء للتمتع بكل الحقوق االقتصادية، واالجتماعية و الثقافية الموضحة باالتفاقية الحالية.

: 04المادة تعترف الدول األطراف في االتفاقية الحالية بأنه في التمتع بتلك

الحقوق التي تقدمها الدولة بما يتطابق مع االتفاقية الحالية، فإن الدولة يمكن أن تخضع تلك الحقوق فقط للقيود التي يحددها القانون إلى الحد الذي قد يتفق فقط مع طبيعة تلك الحقوق، و من أجل غرض

تعزيز الرفاهية العامة في مجتمع ديمقراطي فحسب. : 05المادة

ال يمكن تفسير أي شيء في االتفاقية الحالية على أنه يتضمن(1 منح أية دولة أو مجموعة أو شخص أي حق لالشتغال بأي نشاط

أو أداء أي عمل يهدف إلى تدمير أيا من الحقوق أو الحريات

المعترف بها في هذه الوثيقة، أو إلى تقييدها إلى حد أكبر ممانصت عليه االتفاقية الحالية.

يجب عدم إدخال أي قيد على، أو اإلنقاص من أية حقوق إنسان(2 أساسية معترف بها أي أو موجودة في أية دولة بمقتضى القانون

أو االتفاقيات، أو التنظيمات أو العادة، بحجة أن االتفاقية الحالية التعترف بمثل الحقوق، أو أنها تعترف بها بحد أقل.

الجزء الثالث : :06المادة

تعترف الدول األطراف في االتفاقية الحالية بالحق في العمل،(1 الذي يشمل حق كل شخص في الفرصة لكسب معاشه بالعمل،

الذي يختاره و يقبله بحرية، و سوف تتخذ الخطوات المناسبةلحماية هذا الحق.

إن الخطوات التي تتخذها الدولة الطرف في االتفاقية الحالية(2 للوصول إلى التحقيق الكامل لهذا الحق سوف تشمل التوجيه الفني و المهني و برامج التدريب، و السياسات، و التقنيات و

العمالة الكاملة و المنتجة في ظروف حماية الحريات السياسية واالقتصادية الكاملة للفرد.

: 07المادة تعترف الدول الطرف في االتفاقية الحالية بحق كل شخص في

التمتع بظروف عادية و مواتية للعمل تكفل بوجه خاص :المكافأة التي تقدم لكل العمال، كحد أدنى:أ(

أجور عادلة و مكافأة متساوية عن العمل المتساوي في القيمة-1 بدون تفرقة من أي نوع، و بصفة خاصة مع ضمان للنساء

بظروف عمل ليست أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجال، مع أجرمتساو للعمل المتساوي.

معيشة الئقة لهم و لعائالتهم وفقا ألحكام االتفاقية الحالية.-2 ظروف عمل آمنة و صحية.ب( فرص متساوية لكل شخص للترقية في عمله إلى مستوى أعلىت(

مناسب. غير خاضعة ألية اعتبارات غير الخاصة باألقدمية و الكفاءة الراحة، و وقت الفراغ، و حد معقول لساعات العمل و العطالتث(

الدورية بأجر، و كذلك مكافأة للعطالت العامة.

W.T.O(579)منظمة التجارة العالمية

إن أطراف هذه االتفاقية : إذ تدرك أن عالقاتها في مجال التجارة و المساعي االقتصادية يجب أن تستهدف رفع مستويات المعيشة و تحقيق العمالة الكاملة و استمرار

كبير في حجم الدخل الحقيقي و الطلب الفعلي، و زيادة اإلنتاج المتواصلة و االتجار في السلع و الخدمات بما يتيح االستخدام األمثل لموارد العالم وفقا لهدف التنمية و ذلك مع توخي حماية البيئة و الحفاظ عليها و دعم الوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك بصورة تتالءم و احتياجات و اهتمامات كل

منها في مختلف مستويات التنمية االقتصادية في آن واحد. و إذ تدرك كذلك ما تدعو إليه الحاجة من بذل جهود إيجابية لتأمين حصول البلدان النامية، السيما أقلها نموا، على نصيب في نمو التجارة

الدولية يتمشى و احتياجات تنميتها االقتصادية. و رغبة منها في اإلسهام في بلوغ هذه األهداف بالدخول في اتفاقات للمعاملة بالمثل تنطوي على مزايا متبادلة لتحقيق خفض كبير للتعريفات و غيرها من الحواجز التجارية و القضاء على المعاملة التمييزية في العالقات

التجارية الدولية. إذ تعتزم لذلك إنشاء نظام تجاري متعدد األطراف متكامل و أكثر

قدرة على البقاء و الدوام تشتمل االتفاقية العامة للتعريفات و التجارة و نتائج الجهود السابقة لتحرير التجارة و جميع نتائج جولة أوروجواي

للمفاوضات التجارية متعددة األطراف. و تصميما منها على صون المبادئ األساسية و تعزيز األهداف التي

بني عليها هذا النظام التجاري متعدد األطراف تتفق على ما يأتي :

و السارية قانونا 15/06/1995 المنشورة في GATT-WTO- المستشار عبد الفتاح مراد. شرح اتفاقيات الجات 579 و ما بعدها.18. ص 01/01/1995من

المادة األولىإنشاء المنظمة

تنشأ بمقتضى هذا منظمة التجارة العالمية )المشار إليها فيما بعدباسم "المنظمة"(.

المادة الثانية نطاق المنظمة

تكون المنظمة اإلطار المؤسسي المشترك لسير العالقات التجارية-1 فيما بين أعضائها في المسائل المتعلقة باالتفاقات و األدوات القانونية

المقترنة بها الواردة في مالحق هذا االتفاق. تعد االتفاقات و األدوات القانونية المقترنة باالتفاقية الواردة في-2

)المشار إليها فيما بعد باسم "اتفاقات التجارة3 و 2 و 1المالحق متعددة األطراف"( جزء ال يتجزأ من هذه االتفاقية و هي ملزمة لجميع

األعضاء. كما تعد االتفاقات و األدوات القانونية المقترنة بهذه االتفاقية الواردة-3

)المشار إليها فيما بعد باسم "اتفاقات التجارة عديدة4في الملحق األطراف" جزء من هذه االتفاقية بالنسبة لألعضاء التي قبلتها، و هي

ملزمة لهذه األعضاء و ال تنشئ اتفاقات التجارة عديدة األطرافالتزامات و ال بترتب عليها حقوقا بالنسبة لألعضاء التي لم تقبلها.

، كما جاءت في1994تختلف االتفاقية العامة للتعريفات و التجارة -4 " من1994 ألف )المشار إليه فيما بعد باسم "اتفاقية جات 1الملحق

الناحية القانونية عن االتفاقية العامة للتعريفات و التجارة المؤرخة في ( و المرفقة بالوثيقة الختامية التي1947 تشرين األول – أكتوبر 30

اعتمدت في اختتام الدورة الثانية للجنة التحضيرية لمؤتمر األمم المتحدة للتجارة و العمالة، و التي أدخلت عليها فيما بعد التصحيحات و التصويبات و التعديالت )المشار إليها فيما بعد باسم "اتفاقية جات

1947.)"

المادة الثالثة مهام المنظمة

تسهل المنظمة تنفيذ و إدارة و أعمال هذه االتفاقية و االتفاقات-1 التجارية متعددة األطراف و تعمل على دفع أهدافها، كما توفر اإلطار

الالزم لتنفيذ و إدارة و أعمال االتفاقات التجارية عديدة األطراف. توفر المنظمة محفال للتفاوض فيما بين أعضائها بشأن عالقاتها-2

التجارية متعددة األطراف في المسائل التي تتناولها االتفاقات الواردة في ملحقات هذه االتفاقية و للمنظمة كذلك أن توفر محفال لمزيد من

المفاوضات فيما بين أعضائها بشأن عالقاتهم التجارية متعددة األطراف، و إطارا لتنفيذ نتائج مثل هذه المفاوضات على النحو الذي

يقرره المؤتمر الوزاري. تشرف المنظمة على سير وثيقة التفاهم المتعلقة بالقواعد و-3

اإلجراءات التي تنظم تسوية المنازعات )المشار إليها فيما بعد باسم من هذه االتفاقية.2"تفاهم تسوية المنازعات"( الوارد في الملحق

تدير المنظمة آلية مراجعة السياسة التجارية )المشار إليها فيما بعد-4 من هذه االتفاقية.3باسم "آلية المراجعة"( الواردة في الملحق

بغية تحقيق قدر أكبر من التناسق في وضع السياسة االقتصادية-5 العالمية تتعاون المنظمة على النحو المناسب مع صندوق النقدالدولي و البنك الدولي لإلنشاء و التعمير و الوكاالت التابعة له.

المادة الرابعة :هيكل المنظمة

ينشأ مؤتمر وزاري يتألف من ممثلي جميع األعضاء و يجتمع مرة على-1 األقل كل سنتين، و يضطلع المؤتمر الوزاري بمهام المنظمة و يتخذ

اإلجراءات الالزمة لهذا الغرض، و تكون للمؤتمر الوزاري سلطة اتخاذ القرارات في جميع المسائل التي ينص عليها أي من االتفاقات

التجارية متعددة األطراف إذا طلب ذلك أحد األعضاء، وفقا للمقتضيات الخاصة بصنع القرار المشار إليها في هذه االتفاقية و في

اتفاق التجارة متعددة األطراف ذي الصلة. ينشأ مجلس عام يتألف من ممثلي جميع األعضاء و يجتمع حسب ما-2

يكون ذلك مناسبا و يضطلع المجلس العام بمهام المؤتمر الوزاري في الفترات التي تفصل بين اجتماعاته و يضطلع المجلس العام كذلك

بالمهام الموكلة إليه بموجب هذه االتفاقية و يضع المجلس العام

قواعد إجراءاته و يقر قواعد اإلجراءات للجان المشار إليها في.7الفقرة

ينعقد المجلس العام حسب ما يكون ذلك مناسبا لالضطالع-3 بمسؤوليات جهاز تسوية المنازعات المشار إليها في وثيقة التفاهم

الخاصة بتسوية المنازعات و لجهاز تسوية المنازعات أن يعين لنفسه رئيسا و أن بضع قواعد إجراءاته حسبما تقتضى الضرورة للنهوض

بالمسؤوليات المذكورة. ينعقد المجلس العام حسب ما يكون ذلك مناسبا لالضطالع-4

بمسؤوليات جهاز مراجعة السياسة التجارية المشار إليها في آلية مراجعة السياسة التجارية و لجهاز مراجعة السياسة التجارية أن يعين

لنفسه رئيسا و أن يضع قواعد إجراءاته حسب ما تقتضي الضرورةللنهوض بالمسؤوليات المذكورة.

ينشأ مجلس لشؤون التجارة في السلع و مجلس لشؤون التجارة في-5 الخدمات و مجلس لشؤون الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق

الملكية الفكرية )المشار إليه فيما بعد باسم "مجلس الملكية الفكرية"( و تعمل تلك المجالس تحت اإلشراف العام للمجلس العام

و يشرف مجلس شؤون التجارة في السلع على سير اتفاقات التجارة ألف و يشرف مجلس شؤون1متعددة األطراف الواردة في الملحق

التجارة في الخدمات على سير االتفاقية العامة للتجارة في الخدمات )المشار إليها فيما بعد باسم "اتفاقية الخدمات"( و يشرف مجلس شؤون الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية على سير اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية )المشار إليها فيما بعد باسم "اتفاقية الملكية الفكرية"( و تضطلع

المجالس المذكورة بالمهام التي تعهد بها إليها االتفاقات الخاصة بكل منها و المجلس العام و تضع كل من هذه المجالس قواعد إجراءاتها و تخضع هذه القواعد لموافقة المجلس العام و تكون العضوية في هذه

المجالس مفتوحة لممثلي جميع األعضاء و تجتمع هذه المجالسحسب الضرورة للقيام بمهامها.

ينشئ مجلس شؤون التجارة في السلع و مجلس شؤون التجارة في-6 الخدمات و مجلس شؤون الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق

الملكية الفكرية أجهزة فرعية حسب الضرورة و يضع كل من هذه األجهزة الفرعية قواعد إجراءاته، و تخضع هذه القواعد لموافقة

المجلس المشرف عليها.

ينشئ المؤتمر الوزاري لجنة للتجارة و التنمية و لجنة لقيود ميزان-7 المدفوعات و لجنة للميزانية و المالية و اإلدارة، تقوم بالمهام الموكلة إليها بموجب هذه االتفاقية و اتفاقات التجارة متعددة األطراف، و بأي مهام إضافية يعهد بها المجلس العام و له أن ينشئ أي لجان إضافية

ألداء ما يراه مناسبا من مهام و تستعرض لجنة التجارة و التنمية دوريا كجزء من مهامها األحكام المؤقتة الواردة في اتفاقات التجارة متعددة األطراف لصالح البلدان األقل نموا و ترفع تقريرا للمدير العام التخاذ

اإلجراءات المناسبة و تكون العضوية في هذه اللجان مفتوحة لممثليجميع األعضاء.

تضطلع األجهزة المشار إليها في االتفاقات التجارية عديدة األطراف-8 بالمهام الموكلة إليها بمقتضى تلك االتفاقات و تعمل في داخل اإلطار المؤسس للمنظمة و تقوم هذه األجهزة بإحاطة المجلس العام بكافة

أنشطتها بصورة منتظمة.

المادة الخامسة : العالقات مع المنظمات األخرى

يتخذ المجلس العام الترتيبات المناسبة إلقامة تعاون فعال مع-1 المنظمات الدولية الحكومية األخرى التي لها مسؤوليات تتصل

بمسؤوليات المنظمة. للمجلس العام أن يتخذ الترتيبات المناسبة للتشاور و التعاون مع-2

المنظمات غير الحكومية المعنية بمسائل تتصل بتلك التي تعني بهاالمنظمة.

المادة السادسة : األمانة

تنشأ أمانة للمنظمة )يشار إليها فيما بعد باسم "األمانة"( يرأسها مدير-1عام.

يعين المؤتمر الوزاري المدير العام و يعتمد األنظمة التي تحدد-2 سلطات المدير العام و واجباته و شروط خدمته و فترة شغل

المنصب. يعين المدير العام أعضاء موظفي األمانة و يحدد واجباتهم، و شروط-3

خدمتهم وفقا للقواعد التي يعتمدها المؤتمر الوزاري. تكون مسؤوليات المدير العام و مسؤوليات موظفي األمانة من حيث-4

طبيعتها مسؤوليات دولية بحتة. و ال يجوز للمدير العام و ال لموظفي األمانة أن يسعوا أو أن يقبلوا في معرض قيامهم بواجباتهم تعليمات من أي حكومة أو جهة أخرى خارج المنظمة و عليهم أن يمتنعوا عن أي عمل قد ينعكس بصورة سلبية على مركزهم كموظفين دوليين و على أعضاء المنظمة أن يحترموا الطابع الدولي لمسؤوليات المديرالعام و موظفي األمانة و أال يحاولوا التأثير عليهم في أداء واجباتهم.

المادة السابعة : الميزانية و المساهمات

يقدم المدير العام إلى لجنة الميزانية و المالية و اإلدارة تقديرات-1 ميزانية المنظمة السنوية و بياناتها المالية السنوية و تراجع لجنة

الميزانية و المالية و اإلدارة التقديرات السنوية للميزانية و البيانات المالية السنوية المقدمة لها من المدير العام و تتقدم بتوصيات بشأنها

إلى المجلس العام و تخضع تقديرات الميزانية السنوية لموافقةالمجلس العام.

تقترح لجنة الميزانية و المالية و اإلدارة على المجلس العام أنظمة-2مالية تتضمن أحكاما تحدد :

جدول المساهمات المتضمن توزيع مصروفات المنظمة علىأ-أعضائها؛

اإلجراءات التي تتخذ بشأن األعضاء الذين يتأخرون عن سدادب-مساهماتهم.

و تبنى األنظمة المالية، حيثما كان ذلك عمليا على أنظمة و ممارسات.1947اتفاقية جات

يعتمد المجلس العام األنظمة المالية و تقديرات الميزانية السنوية-3 بأغلبية الثلثين على أن تتضمن هذه األغلبية األكثر من نصف أعضاء

المنظمة. على كل عضو أن يسدد للمنظمة في أسرع وقت مساهمته في-4

مصروفات المنظمة وفقا لألنظمة المالية التي يعتمدها المجلسالعام.

المادة الثامنة :المركز القانوني للمنظمة

يكون للمنظمة شخصية قانونية و على كل عضو من أعضائها أن-1يمنحها األهلية القانونية الالزمة لمباشرة مهامها.

تمنح كل دولة عضو ما يلزم المنظمة من امتيازات و حصانات-2لمباشرة مهامها.

تمنح كذلك كل دولة عضو لموظفي المنظمة و ممثلي األعضاء-3 االمتيازات و الحصانات التي تكفل استقاللية ممارستهم لوظائفهم

المتصلة بالمنظمة. تكون االمتيازات و الحصانات التي يمنحها العضو إلى المنظمة و إلى-4

موظفيها و إلى ممثلي أعضائها مثل االمتيازات و الحصانات المنصوص عليها في اتفاقية امتيازات و حصانات الوكاالت المتخصصة

تشرين الثاني –21التي اعتمدتها الجمعية العامة لألمم المتحدة في .1947نوفمبر

للمنظمة أن تعقد لمقرها الرئيسي.-5

المادة التاسعة :اتخاذ القرارات

تستمر المنظمة في اتخاذ القرارات بتوافق اآلراء حسب الممارسة-1 و متى تعذر التوصل إلى قرار(580)1947المتبعة بموجب اتفاقية جات

بتوافق اآلراء يتخذ القرار في المسألة المعروضة بالتصويت ما لم يرد خالف ذلك و لكل عضو في اجتماعات المؤتمر الوزاري و المجلس

العام صوت واحد و حين تمارس المجموعة األوروبية حقها في ،(581)التصويت يكون لها من األصوات عدد مماثل لعدد دولها األعضاء التي هي أعضاء في المنظمة و تتخذ قرارات المؤتمر الوزاري و

المجلس العام بأغلبية أصوات األعضاء الحاضرين ما لم يرد خالف ذلك في هذه االتفاقية أو في اتفاق التجارة متعدد األطراف

. (582)المعنى يكون للمؤتمر الوزاري و للمجلس العام دون غيرهما سلطة اعتماد-2

تفسيرات هذه االتفاقية و اتفاقات التجارة متعددة األطراف. و يمارسان سلطتهما في حالة تفسير اتفاق تجارة متعدد األطراف

، على أساس توصية من المجلس المشرف على1الوارد في الملحق سير االتفاق المذكور و يتخذ القرار باعتماد تفسير من التفسيرات بأغلبية ثالثة أرباع األعضاء و ال يجوز استخدام هذه الفقرة بصورة

- يعتبر أن الجهاز قد اتخذ قرار بتوافق الرأي في مسألة معروضة عليه للنظر فيها إذا لم يعترض أي عضو حاضر580في االجتماع )حين اتخذ القرار( اعتراضا رسميا على القرار المقترح.

- ال يجوز أن يجاوز عدد أصوات الجماعات األوروبية و دولها األعضاء بحال من األحوال عدد الدول األعضاء في581المجموعة األوروبية.

2 من المادة 4- ال تتخذ قرارات المجلس العام حين ينعقد بوصفه جهاز تسوية المنازعات إال وفقا ألحكام الفقرة 582من تفاهم تسوية المنازعات.

تقلل من شأن األحكام الخاصة بالتعديالت الواردة في المادةالعاشرة.

يجوز للمؤتمر الوزاري في ظروف استثنائية أن يقرر اإلعفاء من-3 التزام مفروض على أحد األعضاء بموجب هذا االتفاق أو أي من

اتفاقات التجارة متعددة األطراف شرط أن يكون مثل هذا القرار قد اتخذ بأغلبية ثالثة أرباع األعضاء، ما لم يرد خالف ذلك في هذه

الفقرة. يعرض طلب اإلعفاء المتعلق بهذه االتفاقية لنظر المؤتمر الوزاريأ-

وفقا لممارسة اتخاذ القرارات بتوافق اآلراء. و يحدد المؤتمر الوزاري فترة زمنية ال تجاوز تسعين يوما للنظر في الطلب و إذا لم يتم

التوصل إلى توافق اآلراء خالل الفترة الزمنية المحددة يتخذ قرار منحاإلعفاء بأغلبية ثالثة األرباع األعضاء.

يقدم طلب اإلعفاء بشأن االتفاقات التجارية متعددة األطراف فيب- جيم، و ملحقاتها في أول األمر إلى1 باء، أو 1 ألف، أو 1الملحقات

مجلس شؤون التجارة في السلع و مجلس شؤون التجارة في الخدمات أو مجلس شؤون الجوانب التجارية المتصلة بحقوق الملكية

يوما و90الفكرية، على التوالي، للنظر فيه خالل فترة زمنية ال تجاوز في نهاية الفترة الزمنية، يرفع المجلس المختص تقريرا باألمر إلى

المؤتمر الوزاري. يوضح القرار الصادر من المؤتمر الوزاري بمنح اإلعفاء تلك الظروف-4

االستثنائية التي تبرر هذا القرار، و الحدود و الشروط التي تحكم تطبيق اإلعفاء، و تاريخ انتهاء اإلعفاء و يعيد المؤتمر الوزاري النظر

في أي إعفاء ممنوح ألكثر من سنة بعد فترة ال تجاوز سنة من منحه، كما يعاد النظر فيه بعد ذلك سنويا إلى أن ينتهي اإلعفاء و في كل

إعادة نظر يبحث المؤتمر الوزاري ما إذا كانت الظروف االستثنائية التي بررت اإلعفاء مازالت قائمة و ما إذا كانت القواعد و الشروط

التي اقترن بها اإلعفاء قد استوفيت و يجوز للمؤتمر الوزاري استنادا إلى إعادة النظر السنوية أن يمد فترة اإلعفاء أو أن يعدله أو أن

ينهيه. تخضع القرارات المتخذة بموجب اتفاق تجاري عديد األطراف، بما في-5

ذلك أي قرارات بشأن التفسير و اإلعفاءات، ألحكام ذلك االتفاق.

المادة العاشرة : التعديالت

لكل عضو في المنظمة أن يعرض على المؤتمر الوزاري اقتراح-1 لتعديل أحكام هذه االتفاقية أو االتفاقات التجارية متعددة األطراف

من المادة الرابعة5 و للمجالس المذكورة في الفقرة 1في الملحق كذلك أن ترفع للمؤتمر الوزاري اقتراحات لتعديل أحكام االتفاقات

التي تشرف هذه1التجارية متعددة األطراف المماثلة في الملحق المجالس على تسييرها و ما لم يقرر المؤتمر الوزاري منح فترة

أطول من تسعين يوما بعد تقديم االقتراح رسميا في المؤتمر الوزاري فإن أي قرار يتخذه المؤتمر الوزاري بتقديم االقتراح بالتعديل لألعضاء

للمرافقة عليه سوف يتخذ بتوافق اآلراء و ما لم تنطبق أحكام يوضح القرار ما إذا كان سيتم تطبيق أحكام6 أو 5 أو 2الفقرات و إذا تحقق توافق اآلراء، يعرض المؤتمر الوزاري4 أو 3الفقرتين

التعديل المقترح على األعضاء لقبوله و إذا لم يتحقق توافق اآلراء في اجتماع للمؤتمر الوزاري خالل الفترة المحددة يقرر المؤتمر الوزاري

بأغلبية ثلثي األعضاء ما إذا كان التعديل المقترح سيعرض على ، تنطبق6 و 5 و 2األعضاء لقبوله و فيما عدا ما جاء في الفقرات

على التعديل المقترح ما لم يقرر المؤتمر الوزاري3أحكام الفقرة .4بأغلبية ثالثة أرباع األعضاء أن تطبق أحكام الفقرة

ال يعمل بالتعديالت على أحكام هذه المادة و أحكام المواد التالية إال-2لدى قبولها من جميع األعضاء :

المادة التاسعة من هذه االتفاقية؛؛1994المادة األولى و المادة الثانية من اتفاقية جات

من اتفاقية التجارة في الخدمات؛ 1المادة الثانية : المادة الرابعة من اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق

الملكية الفكرية. التعديالت على أحكام هذه االتفاقية أو على االتفاقات التجارية متعددة-3

جيم، غير تلك المنصوص عليها1 ألف، و 1األطراف في الملحقين ، التي من شأنها تغيير حقوق األعضاء و التزاماتهم6 و 2في الفقرتين

يعمل بها بالنسبة لألعضاء التي قبلتها لدى قبولها من ثلثي األعضاء و بعد ذلك، بالنسبة ألي عضو آخر لدى قبوله إياها و للمؤتمر الوزاري

أن يقرر بأغلبية ثالثة أرباع األعضاء أن أي تعديل يسري بموجب هذه الفقرة هو من طبيعة تكفل لكل عضو )لم يقبله خالل فترة يحددها

المؤتمر الوزاري في كل حالة( حق في االنسحاب من المنظمة أو فيالبقاء عضوا فيها بموافقة المؤتمر الوزاري.

التعديالت على أحكام هذه االتفاقية أو على االتفاقات التجارية متعددة-4 جيم، غير تلك المنصوص عليها في1 ألف و 1األطراف في الملحقين

التي ال تؤثر على حقوق األعضاء و واجباتهم، تسري6 و 2الفقرتين بالنسبة لجميع األعضاء لدى قبولها من ثلثي األعضاء.

أعاله، يعمل بالتعديالت على2فيما عدا ما نص عليه في الفقرة -5 األجزاء األول و الثاني و الثالث من اتفاقية التجارة في الخدمات و

ملحقاتها بالنسبة لألعضاء التي أقرتها بمجرد قبولها من ثلثي األعضاء، تصبح هذه التعديالت سارية المفعول بالنسبة لكل عضو بمجرد قبوله

إياها و للمؤتمر الوزاري أن يقرر بأغلبية ثالثة أرباع األعضاء أن أي تعديل يسري بموجب الحكم السابق هو من طبيعة تكفل لكل عضو

لم يقبله )خالل فترة يحددها المؤتمر الوزاري في كل حالة( حق االنسحاب من المنظمة، أال و البقاء عضوا فيها بموافقة المؤتمر

الوزاري و يعمل بالتعديالت على األجزاء الرابع و الخامس و السادس من اتفاقية التجارة في الخدمات و ملحقاتها بالنسبة لجميع األعضاء

لدى قبولها من ثلثي األعضاء. بغض النظر عن األحكام األخرى لهذه المادة، يجوز للمؤتمر الوزاري-6

أن يعتمد التعديالت على اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية دون إجراءات قبول رسمي متى كانت تستوفي

من االتفاق المذكور.71 من المادة 2الشروط الواردة في الفقرة أي عضو يقبل تعديال على هذه االتفاقية أو على اتفاق تجاري متعدد-7

يودع أداة القبول لدى المدير العام للمنظمة1األطراف في الملحق خالل فترة القبول التي يحددها المؤتمر الوزاري.

لكل عضو في المنظمة أن يتقدم إلى المؤتمر الوزاري باقتراح لتعديل-8 و3 و 2أحكام االتفاقات التجارية متعددة األطراف في الملحقين

يتخذ القرار بالموافقة على تعديالت االتفاق التجاري متعدد األطراف بتوافق اآلراء، و يعمل بهذه التعديالت بالنسبة لجميع2في الملحق

األعضاء لدى موافقة المؤتمر الوزاري عليها و يعمل بقرارات 3الموافقة على تعديالت االتفاق التجاري متعدد األطراف في الملحق

بالنسبة لجميع األعضاء لدى موافقة المؤتمر الوزاري عليها. للمؤتمر الوزاري بناء على طلب األعضاء األطراف في أي اتفاق-9

تجاري أن يقرر بتوافق اآلراء فقط إضافة هذه االتفاقات إلى الملحق و للمؤتمر الوزاري بناء على طلب األعضاء األطراف في اتفاق4

.4تجاري عديد األطراف أن يقرر حذف ذلك االتفاق من الملحق

تخضع التعديالت على االتفاق التجاري عديد األطراف ألحكام ذلك-10االتفاق.

المادة الحادية عشر:العضوية األصلية

تكون األعضاء األصلية في منظمة التجارية العالمية هي األطراف-1 . و ذلك اعتبارا من تاريخ نفاذ1947المتعاقدة في اتفاقية جات

االتفاقية الحالية، و المجموعة األوروبية، و ذلك لقبولها االتفاقية الحالية و االتفاقات التجارية متعددة األطراف و التي أرفقت جداول

. و التي أرفقت جداول1994تنازالتها و تعهداتها باتفاقية جات التعهدات المحددة الخاصة بها باتفاقية التجارة في الخدمات.

ال يطلب من البلدان األقل نموا المعترف بها من األمم المتحدة أن-2 تقدم تعهدات أو تنازالت إال في الحدود التي تتفق مع مرحلة تنمية كلمنها و احتياجاتها المالية و التجارية أو إمكاناتها اإلدارية و المؤسسية.

المادة الثانية عشر :االنظمام

ألي دولة أو إقليم جمركي منفصل يملك استقالال ذاتيا كامال في إدارة-1 عالقاته التجارية الخارجية و المسائل األخرى المنصوص عليها في هذا

االتفاق و في االتفاقات التجارية متعددة األطراف أن ينضم إلى هذا االتفاق بالشروط التي يتفق عليها بينه و بين المنظمة و يسري هذا

االنضمام على هذا االتفاق و على االتفاقات التجارية متعددة األطرافالملحقة به.

يتخذ المؤتمر الوزاري قرارات االنضمام و يوافق على شروط اتفاق-2االنضمام بأغلبية ثلثي أعضاء المنظمة.

يخضع االنضمام إلى اتفاق تجاري عديد األطراف ألحكام االتفاق-3المذكور.

المادة الثالثة عشر : عدم تطبيق االتفاقات التجارية متعددة األطراف بين أعضاء

معينين

ال تنطبق هذه االتفاقية و االتفاقات التجارية متعددة األطراف في-1 بين عضو و أي عضو آخر إذا لم يوافق أي من2 و 1الملحقين

العضوين، على هذا التطبيق عندما يصبح أي منهما عضوا. فيما بين األعضاء األصليين في المنظمة ممن1يجوز تطبيق الفقرة -2

. ماعدا إذا كان قد سبق1947كانوا أطرافا متعاقدة في اتفاقية جات لهم اللجوء إلى المادة الخامسة و الثالثين منها و كانت هذه المادة

منطبقة بين تلك األطراف المتعاقدة عند نفاذ االتفاقية الحالية بالنسبةلها.

بين عضو و عضو آخر انضم بموجب المادة الثانية1ال تنطبق الفقرة -3 عشرة إال إذا كان العضو الذي ال يقبل التطبيق قد أبلغ المؤتمر الوزاري بذلك قبل موافقة المؤتمر الوزاري على شروط اتفاق

االنضمام. للمؤتمر الوزاري مراجعة تنفيذ هذه المادة في حاالت خاصة بناء على-4

طلب أي عضو و تقديم ما يراه من توصيات بشأنها. يخضع عدم تطبيق أي اتفاق تجاري عديد األطراف بين أطراف هذا-5

االتفاق ألحكام االتفاق المذكور.

المادة الرابعة عشر : القبول و بدء النفاذ و اإليداع

تفتح هذه االتفاقية للقبول بالتوقيع أو بغيره من الوسائل، من جانب-1 . و المجموعة األوروبية،1947األطراف المتعاقدة في اتفاقية جات

متى توافرت فيها الشروط الالزمة لكي تصبح أعضاء أصلية في المنظمة، وفقا للمادة الحادية عشرة من هذه االتفاقية و تسري هذه

الشروط على هذه االتفاقية و على االتفاقات التجارة متعددة األطراف الملحقة به و تدخل هذه االتفاقية و اتفاقات التجارة متعددة األطراف الملحقة بها حيز النفاذ في التاريخ الذي يحدده الوزارء وفقا

من الوثيقة الختامية المتضمنة نتائج جولة أوروجواي من3للفقرة المفاوضات التجارية متعددة األطراف و تظل مفتوحة للقبول فترة

سنتين بعد ذلك التاريخ ما لم يقرر الوزراء خالف ذلك و القبول التالي لنفاذ هذه االتفاقية يصبح نافذا في اليوم الثالثين التالي لتاريخ هذا

القبول. على العضو الذي يقبل االتفاقية الحالية بعد دخولها حيز التنفيذ أن-2

ينفذ التنازالت و االلتزامات الواردة في االتفاقات التجارية متعددة األطراف و التي تنفذ على فترة زمنية تبدأ بدخول االتفاقية الحالية

حيز النفاذ كما لو كان قد قبل االتفاقية الحالية في تاريخ دخوله حيزالنفاذ.

إلى أن تدخل هذه االتفاقية حيز النفاذ، يودع نص هذه االتفاقية و-3 االتفاقات التجارية متعددة األطراف لدى المدير العام لمنظمة

. و يرسل المدير العام1947األطراف المتعاقدة في اتفاقية جات بأسرع وقت ممكن نسخة معتمدة من هذه االتفاقية و االتفاقات

التجارية متعددة األطراف و أخطارا بكل قبول لها إلى حكومة و إلى المجموعة األوروبية التي قبلت هذه االتفاقية و يودع لدى المدير العام

للمنظمة هذه االتفاقية و االتفاقات التجارية متعددة األطراف و أيتعديالت عليها بمجرد دخول هذا االتفاق حيز النفاذ.

يخضع قبول أي اتفاق للتجارة عديدة األطراف و دخوله حيز النفاذ-4 ألحكام االتفاقية المذكورة و تودع مثل هذه االتفاقية لدى المدير العام

. و لدى دخول1947لمنظمة األطراف المتعاقدة في اتفاقية جات هذه االتفاقية حيز النفاذ تودع مثل هذه االتفاقات لدى المدير العام

لمنظمة التجارة العالمية.

المادة الخامسة عشر :االنسحاب

ألي عضو أن ينسحب من هذه االتفاقية و يسري هذا االنسحاب على-1 هذه االتفاقية و على االتفاقات التجارية متعددة األطراف و يبدأ

مفعوله لدى انتهاء فترة ستة أشهر من التاريخ الذي يتلقى فيه المديرالعام للمنظمة أخطارا كتابيا باالنسحاب.

يخضع االنسحاب من اتفاق تجاري عديد األطراف ألحكام االتفاقية-2المذكورة.

المادة السادسة عشر :أحكام متنوعة

باستثناء ما ورد خالف ذلك بموجب هذه االتفاقية أو االتفاقات التجارية-1 متعددة األطراف، تسترشد المنظمة بالقرارات و اإلجراءات و

الممارسات المعتادة التي كانت تتبعها األطراف المتعاقدة في اتفاقية.1947. و األجهزة التي أنشئت في إطار اتفاقية جات 1947جات

، في الحدود الممكنة، أمانة للمنظمة1947تصبح أمانة اتفاقية جات -2 . هو1947و يصبح المدير العام لألطراف المتعاقدة في اتفاقية جات

المدير العام للمنظمة إلى أن يعين المؤتمر الوزاري مديرا عاما وفقا من المادة السادسة من هذه االتفاقية.2للفقرة

إذا حدث تعارض بين حكم وارد في هذه االتفاقية و حكم وارد في أي-3 من االتفاقية التجارية متعددة األطراف تكون الحجية بهذه االتفاقية

في حدود التعارض. يعمل كل عضو على مطابقة قوانينه و لوائحه و إجراءاته اإلدارية مع-4

التزاماته المنصوص عليها في االتفاقات الملحقة. ال يجوز إبداء تحفظات على أي حكم من أحكام هذه االتفاقية و ال-5

يجوز إبداء تحفظات على أي حكم يتعلق باالتفاقات التجارية متعددة األطراف إال في الحدود المنصوص عليها في تلك االتفاقات و تخضع التحفظات على أحد أحكام اتفاق تجاري عديد األطراف ألحكام هذه

االتفاقية.

من ميثاق األمم102نسجل هذه االتفاقية طبقا ألحكام المادة -6المتحدة.

حرر في مراكش في اليوم الخامس عشر من أبريل – نيسان عام ألف و تسعمائة و أربعة و تسعين من نسخة واحدة باللغات األسبانية و

اإلنجليزية و الفرنسية، و هي متساوية في الحجية.مالحظات توضيحية :

كلمة "البلد" أو "البلدان" المستخدمة في هذه االتفاقية و في االتفاقات التجارية متعددة األطراف تفهم على أنها تتضمن أي إقليم

جمركي مستقل عضو في المنظمة. في حالة وجود إقليم جمركي مستقل عضو في المنظمة يشار إليه

في هذه االتفاقية و في االتفاقات التجارية متعددة األطراف "باإلقليم الوطني" يفسر هذا التعبير على أنه يتعلق بذلك اإلقليم الجمركي ما لم

ينص صراحة على خالف ذلك.

ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية

إن الجمعية العامة؛ (3 )د-45إن تشير، إلى أن مؤتمر األمم المتحدة للتجارة و اإلنماء قد أكد، في قراره

، على أن من األمور الملحة إنشاء قواعد مقبولة(583) 972 آيار / مايو 18المؤرخ في عموما تحكم العالقات االقتصادية الدولية بصورة منتظمة، و اعترف بأنه ليس من الممكن

عمليا إقامة نظام عادل و عالم مستقر ما لم توضع صيغة ميثاق لحماية حقوق جميعالبلدان، و السيما الدول النامية؛

و إذ تشير أيضا إلى أنه تقرر، في نفس القرار، إنشاء فريق عامل من ممثلين حكوميين يكلف بوضع مشروع لميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية، و قد قررت

، أن1972 كانون األول/ديسمبر 19( المؤرخ في 27 )د-3037الجمعية العامة، في قرارها يشكل من أربعين دولة عضوا؛

كانون6( المؤرخ في 28 )د-3082و إذ تنوه بأنها أكدت من جديد، في قرارها ، اقتناعها بالحاجة العاجلة لوضع أو تحسين قواعد عالمية التطبيق1973األول/ديسمبر

إلنماء العالقات االقتصادية الدولية على أساس من العدل و اإلنصاف، و حثت الفريق العامل المعني بميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية أن ينجز وضع مشروع نهائي لميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية، كخطوة أولى في سبيل تدوين و إنماء هذا

الموضوع، و ذلك لكي تنظر فيه الجمعية العامة و تقره في دورتها التاسعة و العشرين. (6 )دإ-3202( و 6 )دإ-3201و إذ تضم نصب عينيها روح و أحكام و قراريها

، الذين يتضمن أحدهما اإلعالن المتعلق بإقامة نظام1974 آيار/مايو 1المؤرخين في اقتصادي دولي جديد و ثانيهما برنامج العمل المتعلق بإقامة نظام اقتصادي دولي جديد و هما اإلعالن و برنامج العمل اللذان أبرزا األهمية الحيوية للميثاق الذي ستعتمده الجمعية العامة في دورتها التاسعة و العشرين، و أكدا على أن الميثاق سيشكل أداة فعالة إلقامة نظام جديد للعالقات االقتصادية الدولية على أساس اإلنصاف، و التساوي في السيادة، و

الترابط في المصالح بين البلدان المتقدمة النمو و البلدان النامية. و قد درست تقرير الفريق العامل المعني بميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية

، الذي أحيل إلى الجمعية العامة من مجلس التجارة و اإلنماء في(584)عن دورته الرابعةدورته الرابعة عشرة.

و إذ تعرب عن تقديرها للفريق العامل المعني بميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية الذي جمع، نتيجة الضطالع بمهمته في دوراته األربع المعقودة بين شباط/فبراير

، العناصر الالزمة إلكمال ميثاق حقوق الدول و واجباتها1974 و حزيران/يونيه 1973 االقتصادية و اعتماده في الدورة التاسعة و العشرين للجمعية العامة، حسبما أوصت به في

السابق.تعتمد و تعلن رسميا الميثاق التالي :

ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية ديباجة

- انظر : أعمال مؤتمر األمم المتحدة للتجارة و اإلنماء، الدورة الثالثة، المجلد األول، التقرير و المرفقات583 ( المرفق األول )ألف(.E.73.II.D.4)منشورات األمم المتحدة، رقم البيع

584- TD/b/AC.12

إن الجمعية العامة : إذ تؤكد من جديد مقاصد األمم المتحدة األساسية، و السيما مقاصد صيانة السلم و

األمن الدوليين، و إنماء العالقات الودية بين األمم، و تحقيق التعاون الدولي في حلالمشاكل الدولية في الميدانين االقتصادي و االجتماعي.

و إذ تؤكد الحاجة إلى تعزيز التعاون الدولي في هذين الميدانين.و إذ تؤكد من جدد الحاجة إلى تقوية التعاون الدولي من أجل اإلنماء.

و إذ تعلن أن أحد المقاصد األساسية لهذا الميثاق هو تشجيع إقامة النظام االقتصادي الدولي الجديد، على أساس اإلنصاف، و التساوي في السيادة، و الترابط المتبادل، و

الصالح المشترك، و التعاون بين جميع الدول، بغض النظر عن نظمها االقتصادية واالجتماعية.

و رغبة منها في المساعدة على خلق األحوال الالزمة من أجل : بلوغ رخاء أوسع مدى يعم جميع البلدان و مستويات معيشة أعلى لجميعا()

الشعوب. تعزيز المجتمع الدولي كله للتقدم االقتصادي و االجتماعي لجميع البلدان، و خاصةب()

البلدان النامية. تشجيع التعاون، على أساس المصلحة المتبادلة و المنافع العادلة لجميع الدولج()

المحبة للسالم و الراغبة في تنفيذ أحكام هذا الميثاق، في الميادين االقتصادية و التجارية و العلمية و التكنولوجية، بغض النظر عن النظم السياسية أو االقتصادية

أو االجتماعية. التغلب على العقبات الرئيسية التي تعترض طريق اإلنماء االقتصادي للبلداند()

النامية. تعجيل النمو االقتصادي للبلدان النامية بغرض تضييق الهوة االقتصادية بين البلدانه()

النامية و البلدان المتقدمة النمو.حماية البيئة و الحفاظ عليها و االرتقاء بها.و()

و إدراكا منها للحاجة إلى إنشاء نظام اقتصادي و اجتماعي عادل و منصف، و الحفاظعليه، عن طريق :

تحقيق عالقات اقتصادية دولية أكثر رشادا و إنصافا، و تشجيع أحداث تغيرات فيا()بنية االقتصاد العالمي.

خلق أحوال تسمح بالمزيد من توسع التجارة و توثيق التعاون االقتصادي بين جميعب()األمم.

تعزيز االستقالل االقتصادي للبلدان النامية.ج() إنشاء عالقات اقتصادية دولية تأخذ في االعتبار الفروق المعترف بها في نماءد()

البلدان النامية و احتياجاتها الخاصة، و تعزيز هذه العالقات. و تصميما منها على تعزيز األمن االقتصادي و الجماعي من أجل اإلنماء، و السيما

إنماء البلدان النامية، مع االحترام التام للمساواة السيادية لكل دولة، و عن طريق تعاونالمجتمع الدولي بأسره.

و لما كانت ترى أن التعاون الصادق بين الدول، القائم على النظر المشترك في المشاكل االقتصادية الدولية و العمل المتضافر تجاهها، هو أمر ضروري للوفاء برغبة

المجتمع الدولي المشتركة في تحقيق إنماء عادل و رشيد لجميع أجزاء العالم. و إذ تشدد على أهمية ضمان توفر أحوال مالئمة لتسيير العالقات االقتصادية على

نحو طبيعي بين جميع الدول، بغض النظر عن االختالفات في النظم االجتماعية و االقتصادية، و لتوفير االحترام الكامل لحقوق جميع الشعوب، و كذلك لتقوية أدوات التعاون

االقتصادي الدولي كوسيلة لتدعيم السلم لمنفعة الجميع.

و اقتناعا منها بالحاجة إلى استحداث نظام للعالقات االقتصادية الدولية على أساس التساوي في السيادة و المنفعة المتبادلة العادلة و ترابط العالقات الوثيق بين مصالح جميع

الدول. و إذ تكرر القول بأن المسؤولية عن إنماء كل بلد تقع أوال على عاتقه ذاته، و لكن

اقتران جهوده بتعاون دولي فعال هو عامل البد منه لكمال تحقيق أهدافه اإلنمائية. و اقتناعا راسخا منها بالحاجة العاجلة إلى إيجاد نظام للعالقات االقتصادية يمثل

تحسنا ملموسا.تعتمد رسميا ميثاق حقوق الدول و واجباتها االقتصادية هذا :

الفصل األول أسس العالقات االقتصادية الدولية

تخضع العالقات االقتصادية بين الدول و كذلك العالقات السياسية و غيرها للمبادئالتالية بصورة خاصة :

سيادة الدول و سالمتها اإلقليمية و استقاللها السياسي؛ ا()تساوي جميع الدول في السيادة؛ب()عدم االعتداء؛ج()عدم التدخل؛د()المنفعة المتبادلة و العادلة؛ه()التعايش السلمي؛ و()تساوي الشعوب في الحقوق و حقها في تقرير مصيرها؛ز() تسوية المنازعات سلميا؛ح() عالج المظالم التي فرضت بالقوة و التي تحرم أية أمة من الوسائل الطبيعيةط()

الضرورة لنمائها الطبيعي؛ الوفاء بإخالص بااللتزامات الدولية؛ي() احترام حقوق اإلنسان و الحريات األساسية؛ك() عدم محاولة طلب الهيمنة و مناطق النفوذ؛ل()تعزيز العدالة االجتماعية الدولية؛م()التعاون الدولي من أجل اإلنماء؛ن() حرية المرور إلى البحار و منها للبلدان غير الساحلية في إطار المبادئ المذكورةس()

آنفا.

الفصل الثانيحقوق الدول و واجباتها االقتصادية

01المادة لكل دولة حق السيادة، غير القابل للتصرف، في اختيار نظامها االقتصادي فضال عن

نظمها في المجال السياسي و االجتماعي و الثقافي وفقا إلرادة شعبها، دونما تدخل أوإكراه أو تهديد خارجي بأي شكل من األشكال.

02المادة لكل دولة سيادة كاملة دائمة، تمارسها بحرية، على جميع ثرواتها و مواردها الطبيعية و(1

نشاطاتها االقتصادية، بما في ذلك امتالكها و استخدامها و التصرف فيها.و لكل دولة الحق في : (2

تنظيم االستثمارات األجنبية في نطاق واليتها القومية، و ممارسة السلطة عليها،ا() حسب قوانينها و أنظمتها و طبقا ألهدافها و أولوياتها القومية. و ال تكره أي دولة

على إعطاء معاملة تفضيلية لالستثمارات األجنبية؛ تنظيم نشاطات الشركات عبر الوطنية الداخلة في نطاق واليتها القومية وب()

اإلشراف عليها، و اتخاذ التدابير التي تكفل تقيد هذه النشاطات بقوانينها و قواعدها و أنظمتها، و تشبيها لدولة مضيفة. و على كل دولة، مع الرعاية التامة لحقوقها السيادية، أن تتعاون مع الدول األخرى في ممارسة الحق المنصوص

عليه في هذه الفقرة الفرعية؛ تأميم الممتلكات األجنبية أو نزع أو نقل ملكيتها، و في هذه الحالة ينبغي أن تدفعج()

الدولة التي تتخذ هذه التدابير التعويض المناسب، آخذة بعين االعتبار قوانينها و أنظمتها المنطبقة و جميع الظروف التي ترى الدولة أنها متصلة بالموضوع. و في

كل مرة تؤدي فيها مسألة التعويض إلى إثارة خالف، يجب أن يسوى الخالف بمقتضى التشريع المحلي للدولة المؤممة و من قبل محاكمها، إال إذا اتفقت جميع الدول المعنية، اتفاقا حرا و متبادال، على التماس وسائل سليمة أخرى تقوم على

تساوي الدول في السيادة و تتفق مع مبدأ حرية اختيار الوسائل. 03المادة

حين يكون استغالل الموارد الطبيعية مشتركا بين بلدين أو أكثر، يجب أن تمد كل دولة، يد التعاون على أساس نظام لإلعالم و التشاور المسبق، لتحقيق االنتفاع األمثل بهذه

الموارد دون إلحاق الضرر بالمصالح المشروعة للغير.

04المادة لكل دولة حق مزاولة التجارة الدولية و غيرها من وجود التعاون االقتصادي بغض النظر عن أية اختالفات في النظم السياسية و االقتصادية و االجتماعية. و ال يجوز إخضاع

أية دولة لتمييز من أي نوع على أساس من هذه االختالفات وحدها. و لكل دولة، في طلب التجارة الدولية و غيرها من وجوه التعاون االقتصادي، حرية اختيار األشكال التنظيمية

لعالقاتها االقتصادية الخارجية، و الدخول في ترتيبات ثنائية أو متعددة األطراف تتمشى معالتزاماتها الدولية و مع مقتضيات التعاون االقتصادي الدولي.

05المادة لجميع الدول حق االجتماع في هيئات لمنتجي السلع األولية من أجل تطوير

اقتصاداتها القومية و تحقيق تمويل مستقر إلنمائها، و المساعدة، في سعيها وراء أهدافها، على نمو االقتصاد العالمي نموا متصال، و خاصة على تعجيل إنماء البلدان النامية. و يناظر

هذا أن على جميع الدول واجب احترام ذلك الحق باالمتناع عن استخدام تدابير اقتصادية وسياسية تحد منه.

06المادة من واجب الدول اإلسهام في إنماء التجارة الدولية للسلع، و خاصة عن طريق اتخاذ

ترتيبات و عقد اتفاقات متعددة األطراف و طويلة األجل للسلع األساسية، حيثما كان ذلك مناسبا، و مع مراعاة مصالح المنتجين و المستهلكين. و تشترك جميع الدول في مسؤولية

تشجيع تدفق جميع السلع التجارية التي يجرى التعامل بها بأسعار مستقرة و مجزية و عادلة، و الحصول عليها، على نحو منتظم، لتسهم بذلك في إنماء االقتصاد العالمي إنماء

يتسم باإلنصاف، على أن تؤخذ في االعتبار بوجه خاص مصالح البلدان النامية. 07المادة

كل دولة هي المسؤولة األولى عن النهوض باإلنماء االقتصادي و االجتماعي و الثقافي لشعبها. و تحقيقا لهذا الغرض يكون لكل دولة الحق و المسؤولية في اختيار وسائل و أهداف إنمائها، و تهيئة مواردها و استخدامها بصورة كاملة، و تنفيذ اإلصالحات االقتصادية و االجتماعية التقدمية، و ضمان مشاركة شعبها مشاركة كاملة في عملية اإلنماء و منافعه.

و من واجب الدول جميعا أن تتعاون، بصورة فردية و جماعية، في إزالة العقبات التي تعوقهذه التعبئة و هذا االستخدام.

08المادة ينبغي أن تتعاون الدول في تسهيل قيام عالقات اقتصادية دولية أكثر رشادا و

إنصافا، و في تشجيع أحداث تغيرات هيكلية في سياق اقتصاد عالمي متوازن ينسجم مع احتياجات و مصالح جميع البلدان، و السيما البلدان النامية، و أن تتخذ التدابير المناسبة لهذه

الغاية. 09المادة

على جميع الدول مسؤولية التعاون في ميادين االقتصاد و االجتماع و الثقافة و العلم و التكنولوجيا للنهوض بالتقدم االجتماعي و االقتصادي في جميع أنحاء العالم، و خاصة

في البلدان النامية.

10المادة جميع الدول متساوية قانونا، و لها، بحكم تساويها في عضوية المجتمع الدولي، حق

االشتراك الكامل و الفعال في عملية وضع القرارات على الصعيد الدولي لحل المشاكل العالمية االقتصادية و المالية و النقدية. و ذلك بوجه خاص عن طريق المنظمات الدولية المناسبة وفقا ألنظمتها الراهنة و المتطورة، و حق تقاسم المنافع الناجمة عن ذلك على

أساس اإلنصاف. 11المادة

ينبغي على جميع الدول التعاون في سبيل تعزيز المنظمات الدولية و التحسين المستمر لكفاءتها في تنفيذ تدابير ترمي إلى حفظ التقدم االقتصادي العام لجميع البلدان، و

السيما البلدان النامية، و ينبغي عليها تبعا لذلك التعاون لتكييف تلك المنظمات، وفقالمقتضى الحال، كما تتواءم مع مقتضيات التعاون االقتصادي الدولي المتغيرة.

12المادة للدول الحق، باالتفاق مع األطراف المعنية، في المشاركة في التعاون دون اإلقليمي،(1

و اإلقليمي و األقاليمي طلبا إلنمائها االقتصادي و االجتماعي. و على جميع الدول المشتركة في مثل هذا التعاون واجب السهر على أن تكون سياسات التجمعات التي تنتمي إليها متمشية مع أحكام هذا الميثاق، غير أنانية النظرة، و متسقة مع التزاماتها

الدولية و مع مقتضيات التعاون االقتصادي الدولي، و مراعية كل المراعاة للمصالحالمشروعة للبلدان غير المشتركة فيها، و السيما البلدان النامية.

فيما يتعلق بالتجمعات التي تكون الدول المعنية قد نقلت إليها أو يمكن أن تنقل إليها(2 اختصاصات معينة بشأن أمور تدخل في نطاق هذا الميثاق، تنطبق أحكام هذا الميثاق

بشأن مثل هذه األمور على هذه التجمعات أيضا، طبقا لمسؤوليات هذه الدول بوصفها أعضاء في تلك التجمعات. و تتعاون هذه الدول في تأمين مراعاة التجمعات

المذكورة ألحكام هذا الميثاق. 13المادة

لكل دولة الحق في االنتفاع بخطوات تقدم العلم و التكنولوجيا و مستحدثاتهما(1لتعجيل إنمائها االقتصادي و االجتماعي.

على جميع الدول النهوض بالتعاون الدولي العلمي و التكنولوجي و بنقل التكنولوجيا،(2 مع إيالء المراعاة الواجبة لكافة المصالح المشروعة، و من ذلك خاصة حقوق و

واجبات حائزي التكنولوجيا و مورديها و متلقيها. و ينبغي على جميع الدول، على وجه الخصوص، تسهيل وصول البلدان النامية إلى منجزات العلم و التكنولوجيا الحديثين، و نقل التكنولوجيا و خلق تكنولوجيا محلية لمنفعة البلدان النامية، و ذلك في صور و

تبعا إلجراءات تالئم اقتصاداتها و احتياجاتها. و تبعا لذلك، ينبغي على البلدان المتقدمة النمو التعاون مع البلدان النامية في إنشاء(3

و تقوية و إنماء مقوماتها الهيكلية العلمية و التكنولوجيا و أبحاثها العملية و نشاطاتهاالتكنولوجية، للمساعدة على توسيع اقتصادات البلدان النامية و إعادة تشكيلها.

على جميع الدول التعاون في أعمال البحث بقصد وضع مزيد من المبادئ التوجيهية(4أو القواعد المقبولة دوليا لنقل التكنولوجيا مع إيالء اعتبار تام لمصالح البلدان النامية.

14المادة من واجب كل دولة أن تمد يد التعاون في العمل على توسيع التجارة العالمية و

تحريرها بصورة دائبة و متزايدة، و على تحسين رفاهية جميع الشعوب و مستويات معيشتها، و خاصة شعوب البلدان النامية، و ينبغي على جميع الدول، تبعا لذلك، أن تتعاون

بوجه خاص على اإلزالة التدريجية للعقبات التي تعترض التجارة، و على تحسين اإلطار الدولي لتسيير التجارة العالمية. و تحقيقا لذلك يجب بذل جهود منسقة لحل مشاكل التجارة التي تعاني منها جميع البلدان، بطريقة منصفة، تضع في اعتبارها ما تنفرد به

البلدان النامية من مشاكل تجارية. و في هذا الصدد، على الدول اتخاذ تدابير تهدف إلى ضمان مزايا إضافية للتجارة الدولية للبلدان النامية من أجل تحقيق زيادة ملموسة في

حصائلها من العمالت األجنبية، و تنويع صادراتها، و اإلسراع بمعدالت نمو تجارتها، مع مراعاة احتياجاتها اإلنمائية و وجوب تحسين إمكانيات اشتراك هذه البلدان في توسيع التجارة

العالمية و تحقيق توازن أنسب للبلدان النامية في تقاسم المزايا الناجمة عن هذا التوسيع، و ذلك بإحداث تحسينات ملموسة، إلى أوسع مدى ممكن، في شروط وصول المنتجات

التي تهم البلدان النامية إلى األسواق، و بالقيام، كلما كان ذلك مناسبا، باتخاذ التدابيرالهادفة إلى تحقيق أسعار مستقرة و منصفة و مجزية للمنتجات األولية.

15المادة من واجب جميع الدول العمل على تحقيق نزع السالح العام الكامل في ظل مراقبة دولية فعالة، و استخدام الموارد التي يفرج عنها نتيجة لتدابير نزع السالح الفعلي في اإلنماء

االقتصادي و االجتماعي للبلدان، مع تخصيص شطر كبير من تلك الموارد، كمصدر إضافيلتلبية االحتياجات اإلنمائية للبلدان النامية.

16المادة من حق جميع الدول و من واجبها، منفردة و مجتمعة، إزالة االستعمار و الفصل(1

العنصري و التمييز العنصري و االستعمار الجديد و كافة أشكال العدوان األجنبي و االحتالل و السيطرة و العواقب االقتصادية و االجتماعية الناجمة عنها، باعتبار ذلك شرطا الزما لإلنماء. و الدول التي تمارس مثل هذه السياسات القسرية مسؤولة

اقتصاديا أمام البلدان و األقاليم و الشعوب المتضررة عن إعادة األمور إلى نصابها و التعويض الكامل عن استغالل و استنزاف و اعطاب الموارد الطبيعية و جميع الموارد

األخرى لتلك البلدان و األقاليم و الشعوب. و على جميع الدول واجب تقديمالمساعدة لتلك البلدان و األقاليم و الشعوب.

ما من دولة تملك حق حفز أو تشجيع أي استثمار يمكن أن يشكل عقبة أمام تحرير(2إقليم محتل بالقوة.

17المادة التعاون الدولي من أجل اإلنماء هو الهدف المشترك و الواجب العام لكل الدول. و

ينبغي على كل دولة أن تمد يد التعاون إلى البلدان النامية في جهودها لتعجيل إنمائها االقتصادي و االجتماعي عن طريق تقديم شروط خارجية تناسبها و مدها بمساعدة إيجابية تتمشى مع احتياجاتها و أهدافها اإلنمائية، مع االحترام التام لتساوي الدول في السيادة، و

دون أية شروط تنتقص من سيادتها. 18المادة

ينبغي على البلدان المتقدمة النمو أن تطبق نظام األفضليات التعريفية المعمة، دون معاملة بالمثل و دون تمييز، لصالح البلدان النامية، و أن تحسن هذا النظام و تتوسع فيه، متمشية في ذلك مع النتائج المتفق عليها في هذا الصدد و مع القرارات التي اتخذت في هذا الموضوع في إطار المنظمات الدولية المختصة. كما ينبغي على البلدان المتقدمة

النمو النظر بجدية في اتخاذ تدابير تفاضلية أخرى، حيثما يكون ذلك ممكنا و مناسبا، و بالطرق التي توفر معاملة خاصة و أكثر مالئمة، بغية مواجهة احتياجات التجارة و اإلنماء

للبلدان النامية. و ينبغي أن تعمل البلدان المتقدمة النمو في تسييرها لعالقاتها االقتصادية الدولية، على تحاشي التدابير ذات األثر السلبي على إنماء االقتصادات القومية للبلدان

النامية، المعززة باألفضليات التعريفية المعممة و غيرها من التدابير التفضيلية المتفق عليهاعموما لصالح البلدان المذكورة.

19المادة سعيا لتعجيل النمو االقتصادي للبلدان النامية و تضييق الهوة االقتصادية بين البلدان المتقدمة النمو و البلدان النامية، ينبغي على البلدان المتقدمة النمو معاملة البلدان النامية

معاملة تفضيلية معمة، دون معاملة بالمثل و دون تمييز، في مجاالت التعاون االقتصاديالدولي التي يكون ذلك فيها مستطاعا.

20المادة على البلدان النامية، في جهودها لزيادة تجارتها اإلجمالية، أن تهتم االهتمام الواجب

بإمكانية التوسع في تجارتها مع البلدان االشتراكية عن طريق منح هذه البلدان شروطاللتجارة ال تقل عن تلك الممنوحة عادة للبلدان المتقدمة النمو ذات االقتصاد السوقي.

21المادة على البلدان النامية أن تعمل على حفز توسيع المبادالت التجارية فيما بينها، و يمكنها في سبيل ذلك أن تمنح، وفقا لألحكام و اإلجراءات الحالية، المطورة لالتفاقات

الدولية عند انطباقها، أفضليات تجارية لغيرها من البلدان النامية دون أن تكون ملزمة بجعل هذه األفضليات تشمل البلدان المتقدمة النمو، شريطة أن ال تشكل هذه الترتيبات حجر

عثرة أمام تحرير التجارة و توسيعها بوجه عام. 22المادة

ينبغي على جميع الدول االستجابة الحتياجات البلدان النامية و أهدافها اإلنمائية(1 المعترف بها بصفة عامة أو المتفق عليها بصورة متبادلة، بتشجيع زيادة صافي

المتدفق إليها من الموارد الحقيقية من كافة المصادر، مع مراعاة أية التزامات أو تعهدات ترتبط بها الدول المعنية، و ذلك لتدعيم الجهود التي تبذلها البلدان النامية

لتعجيل إنمائها االقتصادي و االجتماعي. و في هذا السياق، و تمشيا مع األهداف و الغايات المذكورة آنفا، و مع مراعاة أية(2

التزامات و تعهدات مرتبط بها في هذا الشأن، ينبغي عليها أن تعمل على زيادة صافي مجموع التدفقات المالية من المصادر الرسمية إلى البلدان النامية، و على

تحسين شروط و أحكام هذه التدفقات. و ينبغي أن تتضمن تدفق موارد المساعدة اإلنمائية مساعدات اقتصادية و مساعدات(3

تقنية. : 23المادة

ينبغي على البلدان النامية، من أجل تعزيز التعبئة الفعلية لمواردها الذاتية، تقوية تعاونها االقتصادية و توسيع المبادالت التجارية فيما بينها بحيث يؤدي ذلك إلى تعجيل إنمائها

االقتصادي و االجتماعي. و على جميع البلدان، و السيما البلدان المتقدمة النمو، تقديم الدعم و التعاون المناسبين و الفعالين، بصورة فردية و عن طريق المنظمات الدولية

المختصة التي تشترك هذه البلدان في عضويتها.

24المادة على جميع الدول واجب تسيير عالقاتها االقتصادية المتبادلة بطريقة تراعى فيها مصالح البلدان األخرى. و على وجه الخصوص، ينبغي على جميع الدول، تحاشي اإلخالل

بمصالح البلدان النامية. 25المادة

على المجتمع الدولي، و السيما على متقدمي النمو من أعضائه، توخيا لإلنماء االقتصادي العالمي، إيالء اهتمام خاص لالحتياجات و المشاكل الخاصة للبلدان األقل نموا بين البلدان النامية، وللبلدان النامية غير الساحلية، و كذلك البلدان النامية الجزرية، بغية مساعدتها على التغلب على مصاعبها الخاصة، و اإلسهام بالتالي في إنمائها االقتصادي و

االجتماعي. 26المادة

على جميع الدول واجب التعايش في تسامح و العيش معا في سالم، بغض النظر عن أية اختالفات في النظم السياسية و االقتصادية و االجتماعية و الثقافية، و تسهيل

التجارة بين الدول ذات النظم االقتصادية و االجتماعية و الثقافية، و تسهيل التجارة بين الدول ذات النظم االقتصادية و االجتماعية المختلفة. و ينبغي تسيير التجارة الدولية دون إخالل باألفضليات المعمة، دون تمييز أو معاملة بالمثل، التي يجب أن تحظى بها البلدان النامية، على أساس من المزايا المتبادلة و المنافع العادلة و تبادل التعامل بشرط الدولة

األكثر رعاية. 27المادة

لكل دولة الحق في التمتع الكامل بمنافع التجارة العالمية المنظورة و في االشتراك(1في توسيع هذه التجارة.

المراجع

قائمة المراجع

أوال : المراجع باللغة العربيةالمؤلفات الخاصة بالقانون التجاري الدولي :-1

إبراهيم أحمد حليفة- النظام القانوني لمنظمة التجارة العالمية – دار الجامعة الجديــدة –-.2006ط

أبو زيد رضوان – األسس العامة في التحكيم التجــاري الــدولي، دار الفكــر العــربي – ط- – القاهرة.1981

أحمد أبو الوفا محمد – الوسيط في قــانون المنظمــات الدوليــة – دار النهضــة العربيــة –-.1984القاهرة –

أحمد جامع – اتفاقيــات التجــارة العالميــة و شــهرتها الجــات – دار النهضــة العربيــة – ط- – القاهرة.2001

.1966أحمد زكريا – العالقات االقتصادية الدولية – ط - احمد مخلوف – اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعــات عقــود التجــارة الدوليــة – دار-

النهضة – القاهرة. اســامة المجــذوب – الجــات، و مصــر و البلــدان العربيــة من هافانــا إلى مــراكش الــدار-

– بيروت.1996 – 02المصرية اللبنانية – ط إسماعيل العربي – التعاون االقتصــادي للتنميــة في نطــاق المنظمــات الدوليــة – ديــوان-

– الجزائر.1979المطبوعات الجامعية – أكيوز يلماظ – الدول النامية و التجارة العالمية – األداء و األفاق المستقيلة – دار المريخ-

.2006– الرياض – إيليا حريق – العرب و النظام االقتصادي الدولي الجديد – دار الشرق و المغرب الطباعة-

– بيروت.1983 – سنة 1– ط بسام الحجار – العالقات االقتصادية الدولية – المؤسسة الجامعية للدراســات و النشــر و-

.2003التوزيع – بيروت ــالب و االختالالت و- ــة )المث ــارة العالمي ــة التج ــات منظم ــيراث الل داس – اتفاق ــا ج به

.2005التغيرات الالزمة( – دار المريخ للنشر – الرياض جاير فهمي عمران – منظمة التجــارة العالميــة – نظامهـا القــانوني و دورهـا في تطـبيق-

.2009اتفاقيات التجارة – دار الجامعة الجديدة – اإلسكندرية – ــاهرة –- جودي عبد الخالق – التثبيت و التكييف في مصر – المجلس األعلى للثقافة – الق

2004..1986جورج قدم – التبعية االقتصادية مأزق االستدانة في العالم الثالث – دار – بيروت - جوزيــف اســتينغلر – خيبــات العولمــة – ترجمــة مشــال كــرم – دار الفــرابي – بــيروت –-

2003. حــازم الــبيبالوي – النظــام االقتصــادي الــدولي المعاصــر – عــالم المعرفــة – الكــويت --

2000..1993حسين عمر – المنظمات الدولية – دار الفكر – القاهرة – -ــة- حونادوناهيو – قرار التحول إلى القطاع الخاص – غايات عامة ووسائل خاصة – الجمعي

.1991المصرية لنشر المعرفة – القاهرة – خالد جمعة – آلية تسوية المنازعات في منظمة التجــارة العالميــة – مركــــــز اإلمــارات-

.2001للدراسات و البحوث – أبوظبي – خليل السحمراني – منظمة التجارة العالميــة و الــدول الناميــة – دار النفــائس بــيروت --

2003.

دادي عدون ناصر – متناوي محمد – الجزائر و منظمة التجارة العالمية – دار المحمدية –-.2007الجزائر

رزق الله هيالن – حصان طــروادة لإلســتعمار الجديــد في البلــدان المختلفــة – مؤسســة-.1987الوحدة للطباعة و النشر – دمشق –

رمزي زكي – أزمة الديون الخارجية رؤية من العالم الثالث – الهيئــة المصــرية للكتابــة –-.1987القاهرة –

.1989رمزي زكي – اقتصاد العربي تحت الحصار – دار المستقبل العربي – القاهرة – - رمزي زكي – حــوار حــول الــديون و االســتقالل – دراســة حــول و وضــعية مصــر – كتبــة-

.1986مدبولي – اإلسكندرية – زين العابــدين ناصــر و آخــرون – االقتصــاد الــدولي – دار الثقافــة الجامعــة – القــاهرة –-

1997. زينب عوض الله – االقتصــاد الــدولي – نظريــة عامــة على بعض القضــايا – دار الجامعــة-

.1999الجديدة للنشر – اإلسكندرية – ــايا- سامي عفيفي حاتم – االتجاهات الحديثة في االقتصاد الدولي و التجارة الدولية – قض

.2005معاصرة للتجارة الدولية – الدار المصرية اللبنانية – سعيد النجار – االقتصاد العــالمي و البالد العربيــة في عقــد التســعينات – دار الشــروق –-

.1991القاهرة – رسائل النداء الجديد –21سعيد النجار – النظام االقتصادي العالمي على عقبة القرن -

.1996القاهرة .1996 – مركز اإلسكندرية للكتاب – 94سمير عبد العزيز – التجارة العالمية وجات - السن عادل عبد العزيز – مستقبل تحرير التجــارة في الســلع الزراعيــة في إطــار اتفــاق-

الزراعة و مفاوضات جولة الدوحة )الفرص و التحديات(..2009سهيل حسين الفتالوي – منظمة التجارة العالمية – دار الثقافة للنشر – عمان – - السيد أحمــد عبــد الخــالق – أحمــد بــديع بليح – الجــات، تحريــر التجــارة العالميــة و دول-

ــة – ــار المنافســة الدولي ــة آث ــاب األول : منظمــة التجــارة العالمي ــامي، الكت العــالمي الن.2003المشكلة البيئية و التجارة العالمية الدار الجامعة اإلسكندرية –

السيد عبد المنعم المراكبي – التجارة الدولية و سيادة الدولة – دار النهضة العربيــة – ط- – القاهرة.2005

السيد محمــد أحمــد الســريتي – اقتصــاديات التجــارة الدوليــة بين النظريــة و التطـبيق –- – اإلسكندرية.2001- 01مؤسسة رؤية للطباعة – ط

شارل بتلهيم – التخطيط و التنمية – ترجمة إسماعيل صبري – دار المعارف - القــاهرة --1986.

ضياء مجيد المسوي – العولمة و اقتصاد السوق الحرة – ديــوان المطبوعــات الجامعــة –-.2007الجزائر –

طالل البــاب – قضــايا التخلــف و التنميــة في العــالم الثــالث – دار الطليعــة – بــيروت –-1983.

الطيب محمــد الطــبيب عبــد اللــه – تقــييم تجربــة الســودان في الخوصصــة – مؤسســة-.1999األبحاث العربية – بيروت –

.1988عادل أحمد حشيش – العالقات االقتصادية الدولية – الدار الجامعة – بيروت - عبد الجليل البرعصي – نشأة حقوق الملكية الفكرية و تطورها – مجلس الثقافة العام –-

.2006طربلس – ليبيا – عبد الحميد عبد المطلب – النظام االقتصادي الدولي الجديــد – مجموعــة النيــل العربيــة-

.2003للنشر – القاهرة –

عبد الرحيم عنتر عبد الرحمن – حقوق الملكية الفكرية و أثرهــا االقتصــادية – دار الفكــر-.2009الجامعي – اإلسكندرية –

.1967عبد العزيز محمد سرعان – المنظمات الدولية دار النهضة العربية – القاهرة -.2003عبد الفتاح ترك + التحكيم البحري – دار الجامعة الجديد للنشر – - عبــد الفتــاح مــراد – منظمــة التجــارة العالميــة و مؤتمراتهــا الوزاريــة – المكتب العــربي-

.2006الحديث – اإلسكندرية – عبد الكريم سالمة – نظرية العقد الدولي الطليق بين القـانون الـدولي الخــاص و قــانون-

.1989التجارة الدولية – دار النهضة العربية – عبد المجيد منير – التنظيم القانون للتحكيم الــداخلي و الــدولي في ضــوء غفــه و قضــاء-

.1997التحكيم – منشأة المعارف – عبد المنعم السيد علي – عبد الرحمن الحبيب – نظام النقد الدولي و التجارة الخرجية –-

.1986المؤسسة الجامعية – للنشر و التوزيع بيروت – عبد الواحد محمد الخار – طبيعة القاعــدة الدوليــة االقتصــادية في ظــل النظــام الــدولي-

.1985القائم – دار النهضة العربية – القاهرة - .2005عثمان هندي، نادية جبر – العولمة و سيادة الدولة الوطنية – دار الهدى الجزائر -ــا – دار- ــا و الخاســرون دوم ــات الرابحــون دوم ــة الج ــدنان شــوكت شــومان – اتفاقي ع

.1996المستقبل – دمشق عمر إســماعيل ســعد اللــه – تقريــر المصــير االقتصــادي للشــعوب في القــانون الــدولي-

.1986المعاصر – المؤسسة الوطنية للكتاب – الجزائر – عمــر التحيــوي – العنصــر الشــكلي التفــاق التحكيم – دار الفكــر الجــامعي – القــاهرة –-

2003. عمــر ســعد اللــه – قــانون التجــارة الدوليــة – النظريــة المعاصــرة – دار هومــة للنشــر –-

2009. قادري عبد العزيز – االستثمارات الدوليــة – للتحكيم الــدولي ضــمان لالســتثمارات – دار-

.2004هومة – قدور نجاح – مستقبل االقتصاد العربي في ظل العولمة – منشورات دار الكتب – ليبيا –-

.2006طرابلس .1988كامل بدري التنمية االقتصادية – الدار الجامعية – بيروت – - كميل حبيب – حازم البــني – من النمــو و التنميــة إلى العولمــة و الغــات – رؤيــة جديــدة-

.2000لنظام القتصادي عالمي جديد – المؤسسة الحديثة – بيروت – محمد إبــراهيم عبــد الــرحيم – منظمــات اقتصــادية دوليــة في زمن العولمــة – مؤسســة-

.2008شباب الجامعة – اإلسكندرية – محمــد الســيد الســعيد – الكتــل التجاريــة الدوليــة و انعكاســاتها على الــوطن العــربي و-

.1992المتغيرات الدولية – معهد العلوم و الدراسات العربية – القاهرة – محمد المصــري – معركــة الــديون الخارجيــة – غــروب للدراســات و النشــر – دمشــق –-

1986..2003محمد حسن – إفريقيا و تخديات العولمة – الدار المصرية اللبنانية – القاهرة – -2010محمد دياب – التجارة في عصر العولمة – دار المنهل اللبناني – بيروت – -.2003محمد سامي عبد الحميد – التجارة الدولية – اإلسكندرية – - محمد سعيد الدقاق – القانون الدولي العام – دار المطبوعات الجامعية – اإلسكندرية –-

1989. محمد عبد العزيز األحرش – صندوق النقد و البنك الدوليات و صــناعة الفقــر في الدولــة-

.2006النامية – دار النهضة العربية – القاهرة –

محمد عبيد محمد محود – منظمة التجارة العالميــة – النظــام القــانوني – دار الجامعــة –-.2000اإلسكندرية –

محمد محمد على إبراهيم – اآلثــار االقتصــادية للجــات – الــدار الجامعــة – اإلســكندرية –-2003.

.2007محمود يونس – اقتصاديات دولية – الدار الجامعية اإلسكندرية – - مصطفى رشدي شيحة - اتفاقات التجارة العالميــة في مصــر – دار الجامعــة الجديــدة –-

.2005اإلسكندرية – . 2000مصطفى سالمة – المنظمات الدولية – منشاة للمعارف – اإلسكندرية – - مصطفى سالمة – تسييس المنظمات الدولية المتخصصة – دار المطبوعات الجامعية –-

.1991بيروت – مصــطفى ســالمة – قواعــد الجــات و منظمــة التجــارة العالميــة – المؤسســة الجامعيــة-

.1998للدراسات و النشر – مصطفى سالمة – قواعد الجات، االتفاق العام للتعريفات الجمركية و التجارة - منشــاة-

.2001الكعارف – اإلسكندرية – مصــطفى ســالمة – منظمــة التجــارة العالميــة – النظــام الــدولي للتجــارة الدوليــة – دار-

.2006الجامعة الجديدة – مغــاوري شــلبي علي – النظــام التجــاري الــدولي من هافانــا إلى الدوحــة – دار النهضــة-

.2006العربية – القاهرة – ممدوح شوقي كامل – األمن القومي الجماعي الدولي – مطبعة الجامعة – القاهرة.- ممــدوح محمــود منصــور – العولمــة دراســة في المفهــوم و الظــاهرة و األبعــاد – الــدار-

.2003الجامعية الجديدة – اإلسكندرية – .2009منشورات المنظمة العربية لتنمية اإلدارية – اليمن – فبرار - الموسوي ضياء مجيد – العولمة و اقتصاد السوق الحرة – ديوان المطبوعات الجامعية –-

– الجزائر.2007ط نادر الفرجاني – آثار إعادة الهيكلة الرأسمالية على البشــر في البلــدان العربيــة – نرمــز-

.1998المشملة للبحث – القاهرة – ناصر عبيد الناصر – سياسات اإلصالح و برامج التثبيت و التكييف الهيكلي – حالة مصر –-

.2001منشورات إتحاد الكتاب العرب – دمشق –

المؤلفات الخاصة بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان :-2

خضر خضر – مدخل إلى الحريات العامة و حقوق اإلنسان – المؤسسة الحديثــة للكتــاب-.2008– طرابلس – لبنان –

ــاط –- ــون – الرب لياليغين – حقوق اإلنسان أسئلة وإجابات – إدارات اليونسكو – مطبعة ل2009.

محمد بسيوني – الوثائق الدوليــة المعنيــة بحقــوق اإلنســان – دار الشــروق – القــاهرة –-2004.

.1985محمد زكي الميسر – العالقات الدولية – دار النهضة العربية – القاهرة – -

محمد يوسف علـوان – محمـد خليـل موســى – القـانون الـدولي لحقـوق االنسـان – دار-.2009- 1الشروق – عمان – ط

.1987مفيد محمد شهاب – المنضمات الدولة – دار النهضة العربية – القاهرة – - يحياوي نورة – بن علي – حماية حقوق اإلنسان في القانون الدولي و القانون الداخلي –-

.21006دار هومة – الجزائر –

المقاالت :-3

أحمد الكواز – النظام الجديد للتجارة العالمية – مجلة جسر التنمية – الكــويت – عــدد .07- ص 2004 – 36

أحمد عارف العساف – سياســة الخصخصــة و أثرهــا على البطالــة و األمن الــوظيفي – جامعـة شـلف – الجزائـر –07للعاملين – مجلة اقتصاديات شـمال إفريقيـا – عـدد

.10 – ص 2007أرزقي نسيب محمد – مدى تأثير السيادة الوطنية في مظهرها االقتصادي – بظــاهرة

العولمــة – مجلــة العلــوم القانونيــة، االقتصــادية و السياســية – جامعــة الجزائــر كليــة.61-60 – ص 2009 – 02الحقوق – عدد

إسماعيل شعباني – إمكانيــات الجزائــر الزراعيــة في مواجهــة األســواق العالميــة في .21- ص 1999 – 12إطار منظمة التجارة العالمية – حوليات جامعة الجزائر – عدد

إسماعيل صبري عبد الله – الكوكبة الرأسمالية العالمية في مرحلة ما بعد اإلمبريالية – سلسلة كتب المستقبل العربي – مركز الدراســات الوحــدة العربيــة – بــيروت – ط

.43-40- ص 1999 – 01إسماعيل قيرة إبراهيم التوهامي – عبــد الحميــد الـدليمي – العولمــة و االقتصــاد غـير

-2004الرسمي – مخبر اإلنسان و المدينة – جامعة منتوري – قسنطينة – الجزائر – .32ص

– أسيمينا كامينيس – إشراك البلــدان الفقــيرة في النظــام التجــاري العـالمي الجديــد –2006 – تصــدر عن صــندوق النقــد الــدولي – 37مجلــة قضــايا اقتصــادية – عــدد

.10واشنطن- ص بيبيلي محمود – مكافحة اإلغراق – المواقف و المفاوضات و أهميته بالنســبة لســوريا

.31-30- 2006– منشورات المركز الوطني لسياسات الزراعة دمشق – جالل عبد الفتاح المالح – اآلثار االقتصادية للعولمة على الدول النامية مجلة دراســات

-2003اقتصادية – السلسلة العلمية للجمعية االقتصادية السعودية – المجلد الثاني – .70ص

جمعة محمد خالد – مكافحة اإلغراق وفقا التفاقيات منظمة التجارة العالمية – مجلــة .11- ص 2000الحقوق – الكويت –

جوهري شكيب – دحدوح عبد الرزاق – سيادة الدول في ظل العولمة – مجلة النــائب .20- ص 2003-01عدد

حــازم الــبيبالوي – النظــام االقتصــادي الــدولي المعاصــر – عــالم المعرفــة – الكــويت .7-5- ص 2000

خالد سعد زغلول حلمي – الجات و الطريق إلى منظمــة التجــارة العالميــة و آثارهمــا - ص1996 الكــويت – 02على اقتصاديات الــدول العربيــة – مجلــة الحقــوق – العــدد

95-96.رمزي زكي – السياسات التصحيحية و التنمية في الــوطن العــربي – المعهــد العــربي

.12-11- ص 1989للتخطيط – الكويت –

– سميحة فوزي – النظام العالمي الجديد و انعكاساته االقتصادية على الوطن العربي معهـد البحـوث و الدراسـات العربيــة –22مجلة البحـوث و الدراسـات العربيـة عـدد

.96-95- ص 1994القاهرة – -سميرة العابد – زهية عبــاز- ظــاهرة البطالــة في الجزائــر بين الواقــع و الطموحــات

.21- ص 2011 –جامعة باتنة – الجزائر 11مجلة الباحث – عدد سوزان شارلر – إلى أي مدى نجحت برامج التصحيح الهيكلي الـتي يســاندها صـندوق

.40- ص 1996 واشنطن 02النقد الدولي، التمويل و التنمية – عدد ــة ــا االقتصــادية في األردن – اللجن سياســات التكــييف و اإلصــالح االقتصــادي و آثاره

.51- ص 1993االقتصادية و االجتماعية لغربي آسيا – شعبة التخطيط اإلنمائي – صفوت عبد السالم عوض الله – تحرير التجارة و أثرها المتحمـل على البيئـة – مجلـة

- ص1999العلوم القانونية و االقتصادية – كلية الحقوق جامعــة عين شــمس – ينــاير 120- 125.

صويلح بوجمعة – العولمة و األمن – مجلة الثابت – المجلس الشعبي الوطني – عــدد .31-30 ص 2003 – 01

عادل ألسن – مستقبل تحرير التجارة في السلع الزراعية في إطار اتفــاق الزراعــة و -2009مفاوضات الدوحة – منشـورات المنظمـة العربيـة للتنميـة اإلداريـة – اليمن –

.20ص 37عادل خليل – مبادئ النظام التجــاري العـالمي الجديــد – جســر التنميــة – عــدد–

.45-40- ص 2005الكويت – ــادية و عبد األمير السعد – العولمة و مقاربة التفكير االقتصادي – مجلة العلوم االقتص

–ــ 02علوم التسيير – جامعة فرحات عباس – سطيف – الجزائر – عــدد - ص2003 5.

عبد الخالق عبد الله – العالم المعاصر و الصراعات الدوليــة – عــالم المعرفــة – عــدد .16- ص 1989 – الكويت 133

عز الدين الصالحاني – صندوق النقد الدولي و المســاهمة الســعودية – معهــد اإلنمــاء .52- ص 1983العربي – بيروت –

علي مجيـــد الحمـــادي – النتـــائج المرتقبـــة للعولمـــة على اتجاهـــات االســـتثمار في ــز ــربي – مرك ــتقبل الع ــلة كتب المس ــاون الخليجي – سلس ــاديات مجلس التع اقتص

.34-33- ص 2004دراسات الوحدة العربية – بيروت – فائز أنجق – مطبوعات جامعية – ليسانس حقوق – معهد الحقــوق و العلــوم اإلداريــة

.23-20- ص 1978ابن عكنون – الجزائر – 43كــاين ســمولر – مطلــوب عولمــة جديــدة – جريــدة العــرب األســبوعي – عــدد–

.11- ص 2008ــر و تقــييم ــة في الجزائ ــة – أســباب مشــكلة البطال ماضــي بلقاســم – آمــال خدايمي

.30- ص 2011سياسات عالجها- ملتقى دولي – جامعة عنابة – محمد الســيد الســعيد – أحمــد إبــراهيم محمــود – الفوضــى و االســتقرار في النظــام

الدولي – اتجاهات تطور المنظومة الدولية بعد الحرب الباردة – التقرير االســتراتيجي.91- ص 1996العربي – القاهرة –

محمــد حاليقيــة – النظــام التجــاري المتعــدد األطــراف و ملــف انضــمام الجزائــر إلى .09- ص 2004 – 04منظمة التجارة العالمية – مجلة الفكر البرلماني – عدد

– محمد ناظم حنفي – اإلصـالح االقتصـادي و تحـديات التنميــة – مجلــة كليـة التجــارة .61- ص 1992جامعة طنطا –

– محمد ولد عبد الدائم – انتقادات ضــد منظمــة التجــارة العالميــة – مقــال إلكــتروني .2001الجزيرة نت – السنة الثالثة

ــاري ــادئ التحكيم التج مصطفى تراري ثاني – استقاللية اتفاقية التحكيم كمبدأ من مب الدولي المعاصر – مقال منشور في مجلة الدراســات القانونيــة – دار القبــة للنشــر و

.15- ص 2003 – 09التوزيع – عدد مصــطفى شــاعر الخطيب – منظمــة التجــارة العالميــة – األســس و القواعــد نظــرة

.16-15- ص 1997 – القاهرة – 10مستقبلية – مجلة األهرام االقتصادية – عدد مصطفى عبد الله الكفري – منظمة التجارة العالمية و حماية حقوق الملكية الفكريــة

.11- ص 2003 – 587و البند االجتماعي – مجلة الحوار المتمدن – عدد مصطفى مهدي حسين – مدخل صندوق النقد الــدولي و البنــك الــدولي إلى التكــييف

-31- ص 1997 أبو ظبي 69االقتصادي للبلدان النامية – مجلة آفاق اقتصادية – عدد 35.

معين أمين السيد – إمدادات التجارة الدوليــة – محاضــرات ألقيت على طلبــة الســنة .1999الرابعة علوم تجارية – جامعة الوادي – الجزائر –

منظمة األغذية و الزراعــة قضــايا و خيــارات الزراعــة و التجــارة و األمن الغــذائي في ــاني – مفاوضات منظمة التجارة العالمية من منظور بلدان العالم النامي – المجلد الث

.61- ص 2000روما – ناجي التوني – قياس آثار النظام الجديد للتجارة العالمية على البلدان العربية – مجلة

آفاق اقتصادية – اتحاد غرف التجارة و الصناعة و مركز البحوث و التوثيق – أبو ظــبي.40- ص 2004 – 98– عدد

ناصيف يوسف – أي هيكــل للنظــام الــدولي الجديــد – مجلــة عــالم الفكــر – المجلــد .25-24- ص 1995 – الكويت 43الثالث و العشرين – عدد

نزار دياب عساف – مشكالت الواقع و تحديات المستقبل – مجلة دراسات اقتصــادية .10- ص 2003 – 04– بيت الحكمة – بغداد – عدد

ــو و نيرمين السعدني – نهي الجبال – أحمد شوقي محمد إسماعيل – بروتوكــول كيوتــاخ – أزمة المناخ – اآلثار االقتصادية لبروتوكول كيوتو – نمط اإلدارة و قضية تغير المن

-13 – بالقاهرة- 2001 ـ– 145مقاالت منشورة – في مجلة السياسة الدولية – رقم 15.

هشام صادق بشير – حماية البيئة في اتفاقات منظمة التجارة العالمية – مجلــة آفــاق ، عن الجزيرة للنشر و التوزيع.2011 سنة 32البيئة و التنمية – عدد

02يوكول هوانج – التكاليف االجتماعية للتكــييف – مجلــة التمويــل و التنميــة عــدد– .47- ص 1987البنك العالمي - واشنطن

- الندوات و الملتقيات :4ــائج إبراهيم العيسوي – نموذج التنمية الرأسمالية و مدى مالئمتها لمصــر في ضــوء نت

28تطبيقه – بحث مقدم إلى المؤتمر السابع للجمعية العربية االقتصادية – القاهرة – .2005 ماي 30إلى

أحمد منير النجار – أثر المنظمة التجارة العالمية كإحدى آليات العولمة على األسواق 31المالية العربية – بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي تنمية القطاع المــالي العــربي –

.2003 أفريل 02مارس – – روابح عبد الباقي و علي همال – أثر إعادة الهيكلة على ســوق العمــل في الجزائــر

ــة ــة – جامع ــألة االجتماعي ــحيح الهيكلي و المس ــرامج التص ــول ب ــدولي ح الملتقى ال.2000 ماي 30 و 29قسنطينة

روابح عبد الباقي و علي همــال – التقــييم األولي لمضــمون و نتــائج برنــامج التصــحيح الهيكلي في الجزائــر – الملتقى الــدولي حــول العولمــة و بــرامج التصــحيح الهيكلي و

.1999 ماي 16 و 15التنمية – جامعة فرحات عباس – سطيف –

عدنان الكيالني – تأثير اتفاقات التجارة الدولية على قطاع األدوية في الــدول العربيــة و ســبل التعامــل معهــا – االتحــاد العــربي لمنتجي األدويــة – ملتقى عمــان – نوفمــبر

1999.– ــلع قابل محمد صفوت – آثار تطبيق اتفاقيات التجارة العالمية في مجال تجارة الس

مؤتمر الجوانب القانونية و االقتصادية التفاقيات منظمة التجارة العالمية كلية التجارة.2006جامعة المنوفية –

إلى14ملخص عن المؤتمر العالمي لحقوق اإلنســان المنعقــد بفيينــا في الفــترة من .1993 جوان 25

- الرسائل الجامعية : 5– أحمد أبو العال – مبدأ التمييز التعويضي للدول الناميــة في القــانون الــدولي للتنميــة

.1992رسالة دكتوراه – القاهرة – بن تركي عز الدين – تطــور المســألة الزراعيــة في ضــوء المنظومــة الدوليــة لتجــارة

ــوم ــة العل ــوراه – كلي ــة دكت ــر- أطروح ــة للجزائ ــة زراعي ــة أي سياس ــلع الزراعي الس.2007االقتصادية – جامعة باتنة – الجزائر –

بن موسى كمال – من الجات إلى منظمة التجارة العالمية – مذكرة ماجستير – معهد .1996العلوم االقتصادية – الجزائر –

– حشماوي محمد – االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظــل العولمــة االقتصــادية .2006أطروحة دكتوراه – الجزائر –

خــير فتحي أحمــد البهيلي – تســوية المنازعــات في إطــار اتفاقيــات منظمــة التجــارة .2005العالمية – أطروحة دكتوراه – جامعة عين شمس – القاهرة

– سامية بوطمين – انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة – مذكرة ماجستير .2001جامعة الجزائر –

صفوت عبد السالم عوض الله – البنك الدولي و مشكالت التنمية االقتصادية في دول .1993العالم الثالث – أطروحة دكتوراه – القاهرة –

عبدالله قادية – االطار القانوني لدعم التشغيل في الجزائــر – أطروحــة لنيــل شــهادة .2011الدكتوراه في القانون االجتماعي – جامعة وهران –

علي بوبترة – المساواة في السيادة بين الدول و عــدم التكــافؤ االقتصــادي – رســالة .1983ماجستير في القانون الدولي و العالقات الدولية – جامعة الجزائر –

قادري طارق – جهاز تسوية المنازعــات داخــل المنظمــة العالميــة للتجــارة – مــذكرة –2009لنيــل شــهادة الماجســتير – جامعــة مولــود معمــري – تــيزي وزو – الجزائــر

2010.ماموني فاطمة – تأثبر العولمة على قانون العمل الجزائري – أطروحــة لنيــل شــهادة

.2013دكتوراه في القانون االجتماعي – جامعة وهران منور العربي – تطور مبدأ السيادة على الموارد و الــثروات الطبيعيــة في إطــار األمم

.1982المتحدة – كلية الحقوق – بن عكنون – الجزائر – – مولحسـان آيـات اللـه – اآلثـار المحتملــة للمنظمـة العالميـة للتجــارة على الجزائـر

.2004مذكرة ماجستير – جامعة محمد خيضر – بسكرة – الجزائر – هشام محمد بشير محمد بنداري – حماية البيئة في اتفاقيات منظمة التجارة العالمية

.2005– رسالة ماجستير – جامعة القاهرة –

– ياسر حويش – مبدأ التدخل و اتفاقيات تحريــر التجــارة العالميــة – رســالة دكتــوراه .2001جامعة عين شمس – القاهرة

الوثائق و النصوص القانونية :-6الوثائق القانونية الدولية :أ( "جات".1947اتفاقيات التجارة العالمية لسنة -.1990االتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين و أسرهم لسنة -.1994اتفاقية مراكش إلنشاء منظمة التجارة العالمية لسنة -.1999إعالن الحق في التنمية لسنة -.1990 لعام 03التعليق العام رقم -.1990 لعام 12التعليق العام رقم -.1989 لعام 18التعليق العام رقم - تقربــر المفوضــية الســامية لحقــوق االنســان – في شــأن اســتخدام أحكــام االســتثناءات-

العامة إلتفاقيــات التجــارة العالميـة على حقـوق االنسـان – االمم المتحــدة – نيويـورك و.2005جنيف

.1998تقرير التنمية البشرية لسنة -.2002 جانفي 15تقرير المجلس االقتصادي و االجتماعي لألمم المتحدة في - تقرير المفوضة الخاصة المعنية بالسـكن الالئـق كعنصــر من عناصـر الحــق في مسـتوى-

معيشـي مناســب و بـالحق في عـدم التميــيز في هـذا السـياق – راكيـل رولينــك – بعثــة. 2011 جويلية 19 الى 09الجزائر من

تقرير المفوضية السامية لحقوق اإلنسان.-.2005 ديسمبر 09تقرير منظمة العفو الدولية -.1998تقرير منظمة اليونسكو لسنة -.1966العهد الدولي للحقوق االقتصادية و االجتماعية و الثقافية لسنة -.1999/30قرار اللجنة الفرعية لتعزيز و حماية حقوق اإلنسان -.1999قرار لجنة حقوق اإلنسان حول سياسات التكييف االقتصادي لسنة -قرار لجنة حقوق اإلنسان حول ممارسة الحقوق األساسية في البلدان المدينة.-.1999الميثاق االجتماعي األوروبي لسنة -ميثاق األمم المتحدة.-.1954ميثاق حقوق اإلنسان لعام - .12/12/1974ميثاق حقوق الدول وواجباتها االقتصادية -.1964ميثاق منظمة العمل الدولية لسنة -

الوثائق القانونية الوطنية :ب( يتضمن قــانون الماليــة التكميلي لســنة2009 جويلية 22 المؤرخ في 09/01االمر رقم -

.2009 جويلية 26 الصادرة في 44 ،الجريدة الرسمية – عدد 2009ــمية،2001 أوت 20 المؤرخ في 01/03االمر - المتعلق بتطوير االستثمار، الجريدة الرس

.2001 أوت 22 صادرة في 47عدد المتعلق بالقواعد العامة المطبقة على2003 جويلية 19 المؤرخ في 03/04 االمر رقم -

20 الصــادرة في 43عمليــات اســتيراد البضــائع و تصــديرها ،الجريــدة الرســمية – عــدد .2003جويلية

التعلــق01/03 يعدل و يتمم االمر رقم 2006 جويلية 15 المؤرخ في 06/08االمر رقم -.2006 جويلية 19 الصادرة في 47بتطوير االستثمار ،الجريدة الرسمية – عدد

المراجع باللغة االجنبية :-7

OUVRAGES :

Amelle Guesmi : Quelle place pour le droit à la santé sur la scène commerciale international ? Larcier – 2009.

Amrita Narlikar : The world trade organization Oxford – 2005. Benfare. N : Les multinationales et la mondialisation édition, Dahleb, Algérie, 1999. Fauchard. PH, Gaillarde E, Goldman B, Traité de l’arbitrage commercial

international », li, Tee Delta, 1996. Ferhat Horchani : Droit économique et droit de l’homme – Larcier – Brucelles –

2009. Guy Feuer, Hervé Casson : Droit international du développement , Paris – 1985. Harman. D : Mondialisation excluant nouvelles solidarités, soumettre au démettre

l’O.M.C.I l’Harmatton, Paris – 2001. Jaques Adda : Mondialisation de l’économie : Casbah – Alger – 1998. Jeorje Castaneda : La charte des droits et devoirs économique des Etats, A. F.D.I,

1974. Marie Ange Moreau : Droit économique et droit de l’homme , Larcier – Bruxcelles

– 2009. Morris Goldstin : International Capital markets, international monetary fund,

Washington D.C – 1993. Mayer. P : « Droit de l’arbitrage O.H.A.D.A », Bruylant, 2002. Mistuo Matsuchita. J. Schoenbaum and petroc Manoidisu the world and

organisation Law practice and Policy. Oxford 2003. Panayatou and K, Hupe : Environmental and impacts of structural a adjustment

programmes : synthesis and recommendation “Harvard institute of international development Cambridge, MA 1995.

Robert. J : Arbitrage Civil et commercial – droit interne et droit international privé éd 06, 1994.

Thiebaut Flory : Commerce international l’acte Final de l’Uruguay round (A.F.D.I) N.R.S edition.

ARTICLES : Adatey Bing : Ghana development brings little – Africa recovery vol 05 N° 01, June

1991.p.22. Ali Ghoul T : l’adhésion de la Jordanie a l’organisation mondiale du commerce » in

transition et perspectives, Actes des conférences du 18 Mars et 25 septembre 2001 institut national d’études stratégique n° 02 – 2004.p.96.

Anjak Faez : La signification juridique de la charte des droits et devoirs économiques des Etats , colloque international – Alger – 1976.

Bauet Antone et Bureau Christophe : Agriculture et commerce international in : Economie internationale la dac Française, n° 87, 2001/03.

Berthelot J et Buisson U : Refonder la régulation des échanges agricoles sur la sauveraient alimentaire proposition introductives à l’élaboration du manifeste d’ATTAC, France 2006.

Birie .Pand, Beugle. A: international low and the environment, Oxford university press, 2002.

Carrera Charles : intellectual, property Righted and use of compulsory, countries, licence option for developing south centre, Geneva, 1999.

Chavagneux, C : O.M.C changer pour exister » , l’économie politique, éditions éditorial, n° 35, France, 2007.

Chossudovsky Michel : La mondialisation de la pauvreté, Revue de nouvelles pratiques sociales, vol 12, N° 02, l’université du Québec, décembre 1999.

Christophe Troll (J) Trauve (A) ; La politique agricole commune vidée de son contenu » in le monde diplomatique, n° 01 ; Janvier 2009.

Daudin (G) ; Tous unis contre le protectionnisme des pays du nord « Revue de l’OFCE N° 84 Janvier 2003.

E.H Ratlerg finance et développement, décembre 1976. Elabor .p– Idemudia – J Milvenc and K Shettima – World Bank tales control of

unced’s environment fund – economic justice update, vol 1, N° 04 September 1992. Gaillard. E : Arbitrage commercial international” J. cl.Proc.civ. GELINAS. J.B : Le piège du libre échange de l’OMC in : le journal Alternatives,

vol 14, N° 10 Québec ; Canada. German Velasquez : Mondialisation et accès au médicament série de la santé et

médicament n° 07 ; 2005. J.J Deveaud, la société financière , Revue économique novembre 1978. Karowtz. S. M : Some prospects of sovereignty in international law (R.D.C) vol I,

1961. Laurence boy, Christophe Charlie, Rainelly Michel ; reis patrice « la sise en œuvre

du principe de précaution dans l’accord S.P.S de l’O.M.C l’enseignement des déférents commerciaux » revue économique, vol 54, n° 6 novembre 2003.

Mayer. P : « L’autonomie de l’arbitre dans l’appréciation de sa propre compétence R.C.A.D.I, 1989.

Monn . R.P: Time runingant : the urgent need for tree planting in Africa – the ecologist, vol 20 N° 02 April 1990.

Palterowitch. V and Papov. V: Appropriate economic policies et deferent stage of development wider, the future of development economic, Helsinki, 2005.

Schwazenberger : The most favours (nation standard in British state practice” (B.Y.I.L) vol 22 – 1945.

Tangerman. S : L’accord sur l’agriculture de l’Uruguay round fonctionne – t-il ? in Econome internationale la documentation française, n° 87, 2001.

Trari Tani. M : « Les règles d’arbitrage international en Algérie, Revue Algérienne des sciences juridiques , économiques et politique » université d’Alger, T35, N° 01, 1997.p40.

Woods Nagaire et Marikar Amrita : La gestion des institution et les limites, de l’obligation redditionnelle » l’O.M.C et le F.M.T et la Banke mondiale » revue internationale de sciences sociale, n° 170, 2002.

DOCUMENTS : Adrian wood : North South trade, employment and equality, Oxford 1994. Arrangement reading international trade in textiles Uruguay protocol G.A.T.T 1994. Bébés Patrick : Globalization and international labour standards and Back ground

paper, Multilateral institution of UNDP, human development, peport development program united nation – New York – 1999.

Caralyn Fisher, Sandra Haffrman, and Yutaka Yashiwa, multilateral trade Agreement and market – Based environmental policies, discussion paper 02-28 resources for the future, May, Washington D.C 2002.

Cassation, civil française, 07 Mail 1963 Erevgrit dip, p 615, note, Motulsky. H. Clotilde Jaurdin, Fortier : la contrefaçon de médicaments. Colloque international – le credimi – Dijon – le 15 Juin 2013. Daniel.C.ESty : Grining the G.A.T.T : Trade, environment, and future institute for

international economic, Washington D.C. 1994. ILO, structural adjustment and its social-economic effects in rural areas, report of

the eleventh session of the ILO advisory committee on rural development, Geneva, 1990.

Informal working Group on gender and trade “the need for a gender analysis of the W.T.O : Ghuma case study” leaflet distributed using the W.T.O ministerial conference Geneva, 1998.

International labour organization, child labour targeting in intolerable, report submitted to the eighty sixth session of the international labour conference, Geneva, 1998.

Keith Maskus : Should care labour standards be impas through international trade policy – the world Bank development research group, policy research working paper 18/17 August 1997.

O.N.U chronique de l’O.N.U, Septembre 1992. Organisation for economic cooperation and development, trade employment, and

labour standards: A study of cove workers rights and international trade, Paris OECD, 1996.

Peter Henriat Zamla : A research study of economic reform and impact on the poor, jusuit centre for technological refection, economic and social development research project, Lusaka, 2 January 1996.

Unicef Crisis in Mortality, health and nutrition, Florence, Unicef international child development centre 1994.

Rapports : A.P.P.T.C accord sur les droits de la propriété intellectuelle liés au commerce.

D. Ben – David, H Nordstrom and L.A. winters “trade income disparity and poverty Geneva – 2000.

F.A.O l’accord sur l’agriculture, bilan de mise en œuvre, études de cas sur des pays en développent vol 03, Rome, Italie.

I.L.O – World employment report 1998 – 1999 – Geneva. M.Ellamon : the increase in death and disease under “Kotostrakia” – Cambridge –

journal of economic vol 18, 1994. Middle east economic digest, 02 June 1995. P. Pinstrup – Andressen Rajul Pandya and Mark W. Resurgent the world food

situation: recent developments emerging issues and long term prospects the international food, policy research institute, Washington, DC, 1997.

Plan stratégique du groupe S.A.I.D.A.L. SAPRIN, structural adjustment: the SAPRI report : the policy roots of economic

crisis poverty and inequality, zed books, London and New York – 2004. Stephen Tokarick : Measuring the impact of distortions in agricultural trade in

portal and General equilibrium “I.M.F working paper – 2003”. U.N.E.S.C.O : Trends and projections of enrolment by level of education by age and

by sex – Paris – 1996. U.N.O.P mémorandum sur la problématique de la production de médicament, Alger,

Octobre 2004. World Bank, Hashemite Kingdom of Jordon, “Poverty Assessment – Washington –

DC – the bank 1994.THESE :

DANTAS Daniel : Commerce et investissements étrangère directs, l’intérêt des pays en développement dans un cadre multilatéral des investissement étrangers négocié à l’OMC, DEA, droit international, Paris Sorbonne, 2006, 2007.

Mostefa Salama Hussein : le contrôle des organisation internationales au matière de développement – thèse pour le doctorat d’Etat Paris – 1981.

الفهرس

الفـــهــرس ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــقدم مـــ

...............................................................................................................ة ............01

فصل تمهيدي : تشكل النظام التجاري العالمي09 ................................................................الجديد

: ماهية النـظام التجاري العالمـي الجــديدالمبحث األول .........................................................10

: مفهوم النظام التجاري العالميالمطلب األول11الجديد ........................................................

: تعريف النظام التجاري العالميالفرع األول11الجديد ...........................................................

: مبادئ النظام التجاري العالميالفرع الثاني12الجديد ...........................................................

: أدوات النظام التجاري العالميالمطلب الثاني17الجديد ........................................................

: صندوق النقدالفرع األول28الدولي .........................................................................

: البنكالفرع الثاني22العالمي ................................................................................

منظمة التجارةالفرع الثالث: 27 العالمية .........................................................................

سمات النظام التجاري العالميالمبحث الثاني: 33الجديد ........................................................

العولمة االقتصاديةالمطلب األول: 34ومعالمها .................................................................

تعريف العولمةالفرع األول: 35االقتصادية .....................................................................

معالم العولمةالفرع الثاني: 43االقتصادية ......................................................................

مبدأ المساواة بين الدول في النظام التجاري العالميالمطلب الثاني: 48الجديد ...................................

: مبدأ المساواة بين الدول في ظل المؤسسات الماليةالفرع األول49الدولية .....................................

: مبدأ المساواة بين الدول في ظل منظمة التجارةالفرع الثاني57العالمية .......................................

الهيمنة االقتصادية في ظل النظام التجاري العالميالمطلب الثالث: 63الجديد ...................................

مفهوم الهيمنةالفرع األول:63االقتصادية ......................................................................

: مظاهر الهيمنةالفرع الثاني66االقتصادية ..................................................................

: استقاللية النظام التجاري العالمي الجديد عن القوانينالمطلب الرابع72الوطنية ................................

: استقاللية النظام التجاري العالمي الجديد من خالل تمتعه بآلية تسويةالفرع األول73للمنازعات. ..............

: استقاللية النظام التجاري العالمي الجديد من خالل التحكيم التجاريالفرع الثاني 77الدولي. ....................

الباب األول : انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على85........... حقوق اإلنسان الجماعية

: انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في السيادة علىالفصل األول الثروات الطبيعية و األنشطة

االقتصادية ................................................................................................86

: مكانة الحق في السيادة على الثروات الطبيعية و األنشطة االقتصاديةالمبحث األول 87في المواثيق الدولية .....

: حق السيادة على الثروات الطبيعية و األنشطة االقتصادية في نطاقالمطلب األول88لجنة حقوق اإلنسان .......

: الحق في السيادة على الثروات الطبيعية و األنشطة االقتصادية فيالمطلب الثاني ميثاق حقوق الدول و واجباتها

االقتصادية .................................................................................................91

: انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في السيادة علىالمبحث الثاني الثروات الطبيعية و األنشطة

االقتصادية .................................................................................................99

: تأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية في مجال السلع الزراعية علىالمطلب األول الحق في السيادة على الثروات

الطبيعية ...................................................................................................100

: تأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية على الحق في السيادة من خاللالفرع األول100اتفاق السلع الزراعية ......

: تأثير اتفاقيات منظمة التجارة العالمية على الحق في السيادة من خاللالفرع الثاني 108اتفاق السلع الصناعية ...

: تأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية في مجال السلع الصناعية علىالمطلب الثاني الحق في السيادة على الثروات

الطبيعية ...................................................................................................113

تأثير اتفاق إجراءات االستثمار المتصلة بالتجارة على سيادة الدولة و علىالفرع األول : أنشطتها

االقتصادية .................................................................................................... ........113

: تأثير اتفاق مكافحة اإلغراق و تأثيره على حق الدول في السيادة و علىالفرع الثاني أنشطتها

االقتصادية .................................................................................................... ........121

: عالقة النظام التجاري العالمي الجديد على الحق فيالفصل الثاني 127التنمية ..................................

: مفهوم الحق في التنمية و مكانته في المواثيقالمبحث األول128الدولية ........................................

: مضمون الحق فيالمطلب األول129التنمية ..................................................................

: األساس القانوني للحق فيالمطلب الثاني131التنمية .........................................................

: الحق في التنمية في المواثيقالفرع األول132الدولية ..........................................................

: الحق في التنمية تكلفه اإلعالناتالفرع الثاني134الدولية ......................................................

: التنمية حق من حقوقالفرع الثالث136اإلنسان ...................................................................

انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق فيالمبحث الثاني: 139التنمية ...............................

تأثير اتفاقات التجارة وصندوق النقد والبنك الدوليين على الحق فيالمطلب األول:140التنمية .....................

آثار اتفاقات التجارة العالمية علىالفرع األول:140التنمية .......................................................

انعكاسات سياسات صندوق النقد والبنك العالمي عل الحق فيالفرع الثاني: 147التنمية ..........................

دمج حقوق الملكية الفكرية في اتفاقات التجارة وأثرها علىالمطلب الثاني:150التنمية .............................

حقوق الملكية الفكرية في االتفاقية العامةالفرع األول: 151للتجارة ...............................................

حقوق الملكية الفكرية والتنمية في ظل اتفاقية التجارةالفرع الثاني: 152العالمية ..................................

: انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق فيالفصل الثالث156البيئة ..............................

: الحق في البيئة صحية و نظيفة و مكانة في المواثيقالمبحث األول157الدولية ...............................

: مضمون حماية الحق في بيئة صحية والمطلب األول157نظيفة ............................................

: األساس القانوني للحق في بيئة صحية والمطلب الثاني158نظيفة .............................................

: الحق في البيئة كحق قيدالفرع األول159التكوين ..............................................................

: الحق في البيئة كحقالفرع الثاني161مركب ..................................................................

: انعكاسات النظام التجار العالمي الجديد على الحق في بيئة صحية والمبحث الثاني163نظيفة .................

: إدراج البيئة كأحد عناصر التجارةالمطلب األول164الدولية ...................................................

: انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق فيالمطلب الثاني166البيئة ..............................

: تأثير سياسات البنك الدولي على الحق في بيئةالفرع األول166نظيفة ..........................................

: أثار سياسات التصحيح الهيكلي على الحق فيالفرع الثاني167البيئة ..........................................

: تأثير مبادئ اتفاقات التجارة العالمية على الحق في بيئةالفرع الثالث169نظيفة .................................

: مسألة التوفيق بين تحرير التجارة العالمية و قضايا البيئة و حقوق اإلنسانالفرع الرابع ......................172 : جماعات الدفاع عن الحق في البيئة و تحدي منظمة التجارةالفرع الخامس

177العالمية ......................... الباب الثاني : انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على

179............. حقوق اإلنسان الفردية : انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق االنسان فيالفصل األول

180العمل ........................ : مكانة الحق في العمل في المواثيق الدولية والمبحث األول

181اإلقليمية ....................................... : الحق في العمل في المواثيق الدولية و إقراره كحقالمطلب األول

182إنسان .................................... : الصكوك الدولية و اإلقليمية المتعلقة بالحق فيالفرع األول

182العمل ......................................... : إقرار الحق في العمل كحقالفرع الثاني

183إنساني .......................................................... : الحق في العمل في ميثاق منظمة العملالمطلب الثاني

185الدولية ........................................... : المعايير التي تبنتها منظمة العمل الدولية إزاء النظامالفرع األول

186التجاري .................................. : مبادرات منظمة العمل الدولية في شأن البعد االفرع الثاني

188الجتماعي ...................................... : انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق فيالمبحث الثاني

189العمل .............................. : انعكاس سياسة المؤسسات المالية العالمية على الحق فيالمطلب األول

190العمل .............................. : التصحيح الهيكلي و سياسات الخوصصة و أثرها على الحق فيالفرع األول

193العمل ......................... : أثر سياسات التكييف الهيكلي على المعايير المرتبطة بالحق فيالفرع الثاني

195العمل ......................... : آثار سياسات التصحيح الهيكلي على حق العمل فيالفرع الثالث

198الجزائر ................................... : تأثير اتفاقات منظمة التجارة العالمية على الحق فيالمطلب الثاني

200العمل ................................... : المنافسة و تأثيرها على أوضاع العمال في ظل نظام التجارةالفرع األول

201العالمية ...........................

: دور منظمة التجارة العالمية في اإلشراف على حقوقالفرع الثاني205العمال ..................................

: اتفاقيات التجارة و االستثمار متعددة األطراف و أثرها على الحق فيالفرع الثالث209العمل ....................

: تأثير اتفاقات للتجارة العالمية على حق المرأة فيالفرع الرابع212العمل .......................................

: انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق فيالفصل الثاني215الصحة .............................

: مكانة الحق في الصحة في المواثيقالمبحث األول216الدولية ................................................

: مكانة الحق في الصحة في المواثيق الدولية والمطلب األول217اإلقليمية .....................................

: الحق في الصحة في ميثاق منظمة الصحةالمطلب الثاني219العالمية .........................................

: انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق فيالمبحث الثاني220الصحة .............................

: الحق في الصحة في ظل اتفاقات منظمة التجارةالمطلب األول221العالمية ...................................

: انعكاسات اتفاقيات العالمية على البضاعةالمطلب الثاني228الدوائية ..........................................

: تأثير اتفاقيات التجارة على الصناعة في الدولالفرع األول231العربية ..........................................

: تأثيرا اتفاقات التجارة العالمية على صناعة الدواء فيالفرع الثاني234الجزائر ...................................

: انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في مستوىالفصل الثالث238معيشي الئق ................

: مكانة الحق فى مستوي معيشى الئق فى المواثيقالمبحث األول239الدولية ....................................

: التزامات الدول الناشئة عن الحق في مستوى معيشيالمطلب األول240الئق ...................................

: مكونات الحق في مستوى معيشيالمطلب الثاني243الئق .....................................................

: انعكاسات النظام التجاري العالمي الجديد على الحق في مستوىالمبحث الثاني246معيشي الئق ................

: تأثير سياسات صندوق النقد و البنك الدولي على الحق في مستوىالمطلب األول247معيشي الئق ..............

: برامج التثبيت و التكييف الهيكلي و تأثيرها على المستوى المعيشي لألفرادالفرع األول248في البلدان النامية .....

: تأثير برامج التكيف و التثبيت الهيكلى على الحق فى مستوي معيشيالفرع الثاني 255الئق .....................

: اتفاقات منظمة التجارة العالمية و أثرها على الحق في مستوىالمطلب الثاني 261معيشي الئق .................

: تحرير التجارة العالمية و أثره على مستوى الدخل و نسبة الفقر في العالمالفرع األول ........................263

: اتفاقات منظمة التجارة العالمية و أثرها على الحق فيالفرع الثاني266الغذاء ...................................

: تطور نهج حقوق اإلنسان إزاء "اتفاق الزراعة و أثره على الحق فيالفرع الثالث271الغذاء ......................

الــخاتمة .................................................................................... ...............275