architectural heritagebiography

Upload: hnykotb

Post on 15-Nov-2014

1.247 views

Category:

Documents


6 download

DESCRIPTION

 

TRANSCRIPT

Page 1: Architectural heritagebiography
Page 2: Architectural heritagebiography

3 سيرة في التراث العمراني2 3

41

89

173

131

211

291

251

29

7

مقدمة الطبعة الثانية 2011

الهيئة العامة لل�سياحة والآثار، 1431هـ

فهر�سة مكتبة امللك فهد الوطنية اأثناء

الن�رش

�ساحب ال�سمو امللكي الأمري

�سلطان بن �سلمان اآل

�سعود

الريا�ض، 1431هـ

ردمك: 978-603-8022-44-3

�سرية يف الرتاث العمراين

ديوي 720.9531 - 1431/401هـ

رقم الإيداع: 1431/4401هـ

ردمك: 978-603-8022-44-3

ح

الفصل األول .. التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

المقدمة

مقدمة الطبعة الثانية

الفصل الثاني .. التراث العمراني.. مواقف ورؤى فكرية

الفصل الثالث .. بين التراث والتعليم

الفصل الرابع .. فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

الفصل الخامس .. الهوية والطابع المعماري معادلة التراث الصعبة

الفصل السادس .. إدارة التراث .. من الفكرة إلى العمل المؤسساتي

الخاتمة .. قراءة مستقبلية

Page 3: Architectural heritagebiography

5 سيرة في التراث العمراني4 5

يف الريا�ض القدمية،

2009م

Page 4: Architectural heritagebiography

7 سيرة في التراث العمراني6 7

مقدمة الطبعة الثانية

من الفكرة إلى »ثقافة« المؤسسة

جدار عليه نقو�ض زخرفية يف

اأحد البيوت القدمية يف �شقراء

)2010م(

لقد �شدرت الطبعة الأوىل من هذا الكتاب قبل نحو �شنة ون�شف

العامل يف العمراين للرتاث الأول املوؤمتر مبنا�شبة 0102م( )مايو

الإ�شالمي، وقد كانت منا�شبة مهمة هدفت اإىل »اإ�شاعة« ثقافة الرتاث

العمراين على امل�شتوى املحلي، وباقي دول العامل الإ�شالمي. لقد كان

الثقافة مت�ض »نا�شجة« فكرة اأي اأن على التاأكيد هو الكتاب هدف

ومتابعة، �شرب اإىل حتتاج الوطنية بال�شخ�شية وترتبط املجتمعية

»�شبورة«، جتربة اأنه على الكتاب هذا يرى اأن للقارئ ميكن لذلك

اأنه لي�ض من ال�شهولة مبكان حاول من خاللها �شاحبها التاأكيد على

اأن تتحول الفكرة اإىل واقع حتى لو امتلكت القوة واملوارد واملقدرة على

الو�شول للنا�ض، فكل فكرة كبرية حتتاج اإىل �شرب ومتابعة ومبادرات

م�شتمرة حتى تكتمل.

ي�شور هذا الكتاب تكامل التجربة منذ اأن كانت جمرد فكرة حتى

اأن �شدرت طبعته ومنذ ثقافتها اخلا�شة، لها »موؤ�ش�شة« اإىل حتولت

الأوىل وحتى كتابة هذه املقدمة حتققت اإجنازات كثرية كلها ت�شب يف

تكامل جتربة الرتاث العمراين يف اململكة وتعمل على »ماأ�ش�شته«. املدة

ق�شرية جدا ورمبا ي�شتغرب القارئ من اأنه خالل عام ون�شف حتققت

كل هذه الإجنازات، اإل اأنني اأرى اأنه اأمر طبيعي، فكل جتربة متر بفرتة

هدوء ثم بفرتة ت�شارع لأن اأركانها قد اكتملت، وكثري من املعوقات التي

�شريع ا�شتعرا�ض عبارة عن املقدمة تال�شى. هذه قد توؤخرها كانت

اأنها تعبري عن »ثقافة ملا مت حتقيقه خالل تلك املدة الق�شرية، كما

التفاوؤل« التي اأوؤمن بها، فمنذ اأن بداأت التجربة قبل نحو ربع قرن، واأنا

ا�شعر باإميان عميق اأنه �شياأتي يوم تتحقق فيه الأفكار التي كنت موؤمنا

بها وما زلت متحم�شا لها.

Page 5: Architectural heritagebiography

9 سيرة في التراث العمراني8 9

مل يكن من ال�شهل الو�شول اإىل ت�شور نا�شج حول التعامل مع الرتاث العمراين دون مثابرة واإ�شرار،

فبناء »ثقافة جمتمعية« �شاملة تعتني بالرتاث وت�شعى اإىل املحافظة عليه يتطلب يف الوقت نف�شه بناء »ثقافة

موؤ�ش�شية« تدافع عن هذه الثقافة وحتقيقها، وهذا يعني اأنه كان يجب علينا ال�شري يف عدة اجتاهات لنوؤكد

اأجل ت�شيكل »ثقافة« جمتمعية �شاملة، جتعل اإىل عمل منظم ويف اجتاهات متعددة من اأننا بحاجة على

هو: البداية منذ ال�شوؤال كان اليومية. احلياة ممار�شة من جزءا العمراين الرتاث على املحافظة من

كيف ميكن اأن جنعل من الرتاث جزءا من حياتنا املعا�شة، فنحن نفكر با�شتمرار يف »تراث معا�ض«، ولي�ض

»العي�ض يف الرتاث«، وكان الهدف هنا هو اأن يتحول الرتاث اإىل مكون من مكونات مدننا وقرانا املعا�شرة.

ياأت الربط مل الوطنية«، وهذا »الهوية تراثنا معا�شا وبني يكون اأن اإمكانية نحن كنا ومازلنا نربط بني

جزافا ومل نفكر فيه دون اأن يكون له ما يربره، فاإذا كنا نعد الرتاث العمراين هو املجال الأو�شع لـ«ذاكرة

هذه متثل فاإن العمراين، تراثنا يحتويها التي الأمكنة يف ت�شكلت الوطنية« الوحدة »�شرية واأن املكان«،

ال�شرية هو ما يربط »�شرية الوطن« فعال باملكان الذي حتققت فيه هذه ال�شرية.

من الناحية الوطنية كنت اأفكر دائما كيف ميكن اأن نحكي لأبنائنا هذا احلدث العظيم، الذي جعل

من اململكة العربية ال�شعودية دولة واحدة، اإذا فقدنا كل الأمكنة التي ت�شكل فيها التالحم الوطني؟ هذا

الت�شور كان دائم احل�شور يف ذهني، وكان يوؤرقني دائما، فنحن دولة ت�شكلت عرب تالحم اأبنائها مع امللك

املوؤ�ش�ض وكان التعاقد بني امللك وبني النا�ض يتم يف ف�شاءات عمرانية مازالت حتمل عبق ذلك التعاقد الذي

�شنع وحدتنا. كنت اأرى اأننا الأوىل باملحافظة على تلك الأمكنة وكل الأمكنة التي حتمل �شككها وجدرانها

واأبوابها حكايات النا�ض وذكرياتهم.

كما اأننا وطن يتميز بتنوع جغرايف وبيئي خالق، وهذه الوحدة التي جتمع كل هذا التنوع الغني والرثي

هو ما مييزنا ويجعل منا وطنا »عظيما« بنا�شه وبجغرافيته وبرتاثه العمراين املتنوع، ويجب علينا اأن نحافظ

على هذا التنوع الذي يجعل من »بعدنا احل�شاري« »موزاييك« متعدد الألوان والأطياف، ولي�ض بلون واحد

رغم اأنه داخل اإطار واحد. هذا التنوع الذي يلهب امل�شاعر، ل نريد اأن نخ�شره بل يجب علينا اأن نحافظ

عليه، فلدينا »جواهر« ل ميكن اأن يكون لها مثيل، ودورنا هو اأن نحافظ على هذه اجلواهر بكل ما اأوتينا

من قوة.

الرقف على اأحد اجلدران: عن�شر وظيفي و�شكل جمايل

العمراين، الرتاث الرتاث مبا�شرة، فمو�شوع تعاملت مع الأوىل عندما الأيام فيه منذ اأفكر ما هذا

لي�ض مو�شوعا عابرا بل هو »ق�شية« ثقافية واقت�شادية، وعندما نعمل من اأجل املحافظة عليه يعني اأننا

نعمل من اأجل املحافظة على »ق�شية وطنية«، لأنه ي�شهم بب�شاطة يف تعريف �شخ�شية املواطن. لقد قلت

اإن�شان هذا الوطن مل يت�شكل هكذا دون مقدمات، فاأر�ض اجلزيرة العربية كانت دائما املكان مرارا: اإن

اإنها متثل تراكما اأر�ض اجلزيرة مل تكن خالية يف يوم ما، بل الذي تتقاطع فيه وحوله احل�شارات، واإن

غري حمدود من احل�شارات هي التي �شكلت �شخ�شية اإن�شان هذه البالد العظيمة.)1( واحلقيقة اأن هذه

)1( كلمة �شوق

عكاظ، الثالثاء،

1432/10/22هـ

املوافق 2011/9/20م.

Page 6: Architectural heritagebiography

11 سيرة في التراث العمراني10 11

يف حي البجريي يف الدرعية 1417 هـ

الأر�ض مازالت متثل تقاطعا مهما يف اأحداث العامل املعا�شر، واأن �شخ�شية اأبناء هذا الوطن املمتدة اإىل

زمن بعيد واملختلطة باأماكن �شكلتها ال�شحراء ونحتها اجلبل ور�شم خطوطها البحر، هي التي تعودت على

التعامل مع كل الأحداث ال�شعبة التي مرت بهذه املنطقة ومازالت.

نتحدث هنا عن التحولت املوؤ�ش�شاتية التي متار�شها هيئة ال�شياحة والآثار يف الوقت احلايل يف جمال

الرتاث العمراين، فما يحدث الآن هو نوع من »قطف الثمار«، لأننا ل ميكن اأن نزرع اإىل ما ل نهاية دون

اأن يكون هناك ثمار. فالهيئة يف املدة الأخرية ت�شري يف اجتاهات متعددة من اأجل التاأكيد على اأننا نعي�ض

اإقناع ال�شركاء باأن حتول ثقافيا فيما يجب علينا فعله، فاإذا كنا عملنا خالل ال�شنوات املا�شية من اأجل

يعملوا معنا لإنقاذ بلداتنا وقرانا القدمية، فاإننا اليوم منر بتحول عملي عرب »ماأ�ش�شة« التعامل مع الرتاث

من خالل تاأ�شي�ض »مركز الرتاث العمراين الوطني«)2(، الذي يعد نقلة نوعية يف جمال تعامل الهيئة مع

الرتاث العمراين، فقد كنت اأفكر يف اإن�شاء هذا املركز منذ فرتة بعيدة حتى قبل تاأ�شي�ض الهيئة، واأذكر

اأنني علقت يف العديد من املنا�شبات، خ�شو�شا بعد اإن�شاء موؤ�ش�شة الرتاث اخلريية اأنه من ال�شروري وجود

كيان يعمل على تطوير وتاأهيل الرتاث العمراين واملحافظة عليه قبل ذلك.

الآن وقد مت تاأ�شي�ض املركز، �شرنا نعول عليه كي يقوم باأهدافه املهمة والأ�شا�شية، والتي تركز ب�شكل

الوقت احلايل، فنحن ال�شجل هو ما ينق�شنا يف العمراين، فهذا بناء �شجل وطني للرتاث اأ�شا�شي على

والدرا�شات الوثائق كل يجمع الوطني، امل�شتوى على معلومات« »مركز بناء اإىل الأوىل بالدرجة نحتاج

الناق�ض منها، ثم يبداأ يف عملية ت�شنيف الرتاث وت�شجيله، نحتاج بكل حول تراثنا العمراين وي�شتكمل

تاأكيد اإىل قائمة وا�شحة تزداد با�شتمرار باملباين »امل�شجلة« �شمن قائمة الرتاث العمراين الوطني، وهذا

امل�شروع بحد ذاته �شي�شكل نقلة مهمة بالن�شبة لتطوير وتاأهيل الرتاث العمراين، وا�شتكمال كل اجلوانب

اأر�ض على تنفيذه العمراين ميكن الرتاث وطنيا حلماية نظاما ن�شع اأجل حمايته، فحتى القانونية من

اأن يكون هناك و�شوح يف عملية الواقع- يجب ي�شانده اأحتدث عن نظام »نظري« ل الواقع -واأنا هنا ل

التوثيق والت�شنيف والت�شجيل. مركز الرتاث العمراين الوطني منوط به هذه املهمة التي اعتقد اأنها �شتكون

مهمة اأ�شا�شية �شوف ت�شع القرى واأوا�شط املدن ال�شعودية يف امل�شهد الوطني ب�شكل دائم.

مع الرئي�ض كارتر يف نخيل العذيبات )2009م(

)2( وافق جمل�ض

اإدارة الهيئة اخلام�ض

والع�شرين على تاأ�شي�ض

املركز.

Page 7: Architectural heritagebiography

13 سيرة في التراث العمراني12 13

تدعم التي »املتعا�شدة« املوؤ�ش�شات من »�شبكة« اإن�شاء على كذلك نعمل

»مركز اإن�شاء بداأنا من كنا فاإذا اململكة، مناطق العمراين يف جميع الرتاث

وطني« فاإننا �شوف نعمل على اإن�شاء مراكز مع �شركائنا يف وزارة التعليم العايل

ويف وزارة ال�شوؤون البلدية والقروية على وجه اخل�شو�ض. لقد كانت البداية

من جامعة امللك �شعود التي بداأنا معها باإن�شاء مركز للبناء بالطني وبالتعاون

مع الهيئة العليا لتطوير مدينة الريا�ض وموؤ�ش�شة تراث اخلريية، وهذا املركز

�شيكون اأحد مراكز التميز البحثي الذي تتبناه وزارة التعليم العايل من خالل

اجلامعة، و�شوف يعمل مع مركز الرتاث العمراين الوطني من اأجل بناء »خربة

وطنية« يف جمال البناء بالطني، والهدف هنا هو التاأكيد على »اخلربة املحلية«

اأن مركز البناء اأي التقنية وتوثيقها والتعلم منها، لكن دون التوقف عندها،

بالطني يهدف ب�شكل وا�شح اإىل تطوير تقنية الطني وجعلها قابلة لال�شتثمار،

وهذا لي�ض غريبا، فهناك معماريون معروفون، مثل املعماري النم�شاوي )مارتن

رو( الذي يعمل منذ فرتة طويلة يف البناء بالطني امل�شغوط، وا�شتطاع اأن ي�شوق

هذه التقنية يف كل مكان يف العامل حتى يف اململكة، فمركز امللك عبدالعزيز

الثقايف العاملي الذي تن�شئه �شركة اأرامكو ال�شعودية يف مدينة الظهران ب�شرق

اململكة، يوظف تقنية الطني التي طورها )مارتن رو( يف املبنى، رغم اأن الر�شالة

التي يقدمها املبنى ترتكز ب�شكل كبري على »التقنية املتطورة«، والر�شالة التي

يقدمها مركز البناء بالطني هي اأن عمارة الطني ميكن اأن تكون مالئمة لعمارة

اليوم، وميكن اأن ت�شبح تقنية ذات عوائد اقت�شادية كبرية.

جمموعة من الأهايل يف ور�شة عمل برنامج ل يطيح )2011م(

�شورة جماعية مع الطالب الذين اأنهوا الدورة التدريبية ال�شيفية )2011م(

Page 8: Architectural heritagebiography

15 سيرة في التراث العمراني14 15

يف العلمي البحث تعزيز ال�شروري من اأنه نعلم فنحن بالطني، البناء مركز على الأمر يقت�شر ل

جمالت الرتاث العمراين املختلفة، وقد اأكدنا ذلك عندما اأن�شاأنا كر�شيا للرتاث العمراين يف جامعة امللك

�شعود. نعتقد اأن هذا الكر�شي �شوف يفتح الباب وا�شعا اأمام البحث العلمي، وي�شتقطب اخلربات املحلية

الرتاث معا�شا وجزءا يكون اأن اإىل �شابقا نحن بحاجة املجال، فكما ذكرنا تعمل يف هذا التي والدولية

من حياتنا اليومية، وهذا لن يتاأتي دون بحث يف »املكون« الجتماعي والقت�شادي لقرى وبلدات اململكة

املختلفة، من اأجل جعل الرتاث جزءا من البنية الجتماعية والقت�شادية.

العلمي للبحث مراكز تبني على ال�شعودية اجلامعات يف �شركائنا خالل ومن الآن نعمل اأننا كما

متخ�ش�شة يف جمال الرتاث العمراين، مثل املركز الذي ننوي اإطالقه قريبا مع جامعة امللك عبدالعزيز

للرتاث العمراين على �شاحل البحر الأحمر. ول يقت�شر طموحنا عند هذا احلد، بل نفكر اأن نكرر التجربة

نف�شها مع جامعة الدمام لتاأ�شي�ض مركز للرتاث العمراين على �شاحل اخلليج العربي، و�شوف ميتد تركيزنا

بعد ذلك اإىل عمارة اجلبال يف غرب اململكة، و�شيتبع ذلك اإن�شاء �شبكة وا�شعة من املراكز والهيئات التي

تعمل على درا�شة وتطوير الرتاث العمراين يف كل مناطق اململكة باإذن اهلل، وهذا ما ن�شميه »�شبكة من

املوؤ�ش�شات املتعا�شدة« حتقق فكرة »ثقافة املوؤ�ش�شة« التي تنمو وتتطور وت�شكل ذاتها بذاتها، هو ما ن�شعى

له، لأننا نعلم يقينا اأننا ل ن�شتطيع اأن ننجح لوحدنا، بل من خالل اإميان �شركائنا بقدرتنا على قيادة العمل

لأن توقف تدور دون الرتاث وجتعل عجلته بفكرة كله مهتما املجتمع ال�شبكة جتعل من واإجناحه، وهذه

امل�شاألة هي اأنه ل ميكن فر�ض الرتاث العمراين على النا�ض بالقوة، بل من خالل اإقناعهم اأن هذا الرتاث

ميثل ذاكرتهم التاريخية، ويعرب عن جذورهم التي تربطهم بالأر�ض، كما اأنه م�شدر رزق متجدد �شوف

ي�شكل اقت�شادا »بديال« للعديد من البلدات القدمية التي كان يعتقد اأنها فقدت قيمتها القت�شادية.

تفا�شيل معمارية من الداخل لأحد البيوت القدمية يف �شقراء )2010م(

Page 9: Architectural heritagebiography

17 سيرة في التراث العمراني16 17

العايل، رمبا نكون قد حققنا حتول مهما خالل التعليم العمراين يف مناهج يف جمال تفعيل الرتاث

ال�شنة الفائتة، فنحن الآن نعمل على تطوير برامج ماج�شتري متخ�ش�شة يف الرتاث العمراين يف كل من

جامعة امللك �شعود يف الريا�ض وجامعة امللك عبدالعزيز يف جدة، واحلقيقة اأنه مل يكن لهذه القناعة اأن

تت�شكل لول املحاولت املبكرة التي قمنا بها منذ بداية جتربتنا مع الرتاث العمراين، لأننا على قناعة اأنه

ل ميكن اأن ت�شنع عمارة حملية اأو نحافظ على اإرث ثقايف عمراين دون اأن يكون هناك جيل يعي قيمة هذا

الإرث وي�شتطيع اأن »يو�شل« ما »انقطع« من هذا الإرث. تفعيل الرتاث العمراين يف مناهج التعليم العايل

كان ميثل هدفا �شعبا يف ظل مقاومة موؤ�ش�شات التعليم لدينا لهذه الفكرة، فرغم اأنني كنت اأتلم�ض لهم

الأعذار لكونهم قد تعلموا وتدربوا يف مدار�ض غربية، اأو ذات منهج تعليمي غربي، تعطي قيمة اأكرب للعمارة

التي اأن�شاأها الغرب على ح�شاب العمارة يف باقي مناطق العامل، اإل اأنني كنت م�شرا على اإقناع الإخوة يف

اجلامعات اأن هناك ما ي�شميه الفيل�شوف الفرن�شي »بول ريكور« النواة الإبداعية املوجودة يف كل ثقافة، واأن

اأن نكت�شف نواتنا الثقافية ونعمل على تطويرها، لأنها هي التي �شوف تعطينا �شخ�شيتنا املتميزة، علينا

وجتعلنا ن�شهم يف احل�شارة الإن�شانية بنف�ض القدر الذي ي�شاهم به الغرب الآن.

التي �شارت ال�شعودية التحول يف روؤية اجلامعة اأ�شاهد هذا واأنا اأ�شعر بالفخر الآن يف حقيقة الأمر

تتبنى »الرتاث العمراين« دون اأي �شغوط.

لقد اأقمنا يف �شيف 1102م دورة تدريبية لطالب كلية العمارة والتخطيط يف جامعة امللك �شعود على البناء

بالطني ودرا�شة املواقع الرتاثية خ�شو�شا يف الدرعية، وقد كنا نهدف اإىل تاأ�شي�ض جيل قريب من الأر�ض التي

يعي�ض عليها، ي�شمها ويبني برتابها.)3( نريد اأن يكون هذا التالحم مع الرتاث العمراين �شمن ثقافة

اأن نريده بلده، وتراث تاريخ �شيئا عن يعلم ل وهو ين�شاأ اأن اجليل لهذا نريد ل فنحن اجليل اجلديد،

بداأت التجربة اأن هذه هنا اأوؤكد اأن يجب ومع ذلك �شون. املوؤ�ش الآباء فعل كما البلد يحافظ على هذا

لأول مرة عام 7991م يف حي البجريي يف الدرعية، ومببادرة �شخ�شية مني، لأنني كنت على اقتناع باأنه

يجب اأن يكون هناك جتربة يعي�شها الطالب يتعرفون فيها اإىل تراثهم العمراين »ميدانيا« قبل اأن يعملوا

فعال بعد تخرجهم من اجلامعة، واأتذكر هنا اأن الدكتور يو�شف فادن الأ�شتاذ يف كلية العمارة والتخطيط

بجامعة امللك �شعود كان اأحد الذين اأ�شرفوا على الدورة التدريبية، تلك املحاولة املبكرة مل تفقد بريقها

وقد كانت حا�شرة يف ذهني دائما وكنت اأرغب يف تكرارها وحتويلها اإىل عمل موؤ�ش�شي يحقق الفرق يف

الوعي بالرتاث، وقد حتقق هذا الأمر مع اإن�شاء مركز الرتاث العمراين الوطني الذي �شيقود هذا العمل

ويتعامل معه بثقافة موؤ�ش�شية متكاملة.

تكرمي طالب العمارة الذين انهوا الدورة التدريبية ال�شيفية )2011م(

الزوار مركز يف التدريبية الدورة طالب تكرمي كلمة )3 (

�شبتمرب 28 املوافق 1432هـ، �شوال 29 الثالثاء بالدرعية،

موقع يف فقط تعملوا مل اأنتم “ لهم: اأكدت وقد 2011م.

املواقع يف بيدي اأعمل اأنا كما بالعمل وت�شعدوا تراثي،

يف اإ�شافية ميزة تك�شبون �شوف اأي�شا ولكنكم الرتاثية،

ومهند�شني، اهلل �شاء اإن كمعماريني املعماري م�شتقبلكم

اأر�ض مل�شتم اأنكم وهي كبري، بفارق زمالئكم عن متيزكم

وعلى مغلقة اأماكن يف يعمل غريكم فيما وترابكم، بالدكم

الأر�ض هذه تراب رائحة �شممتم واأنكم حا�شوبية، برامج

يف خا�شا متيزا لكم �شيجعل ذلك اأن اأعدكم واأنا وعبقها،

اأعمالكم، ولذلك هذه الدورة هي عملكم وفيما تقدمونه من

جزء من بناء ال�شخ�شية، بناء �شخ�شيتكم والعمل مع البنائني

واحلرفيني واإك�شابكم ميزة مهمة يف املعمار املميز اإن �شاء اهلل

وميزة امليداين، العمل وميزة التوا�شع ميزة وهي م�شتقبال،

تقدير ظروف الذين يعملون يف املواقع، وميزة مل�ض مواد البناء

بيدكم”.

Page 10: Architectural heritagebiography

19 سيرة في التراث العمراني18 19

»الوعي يف التحولت هذه تتحقق اأن املمكن من يكن مل اأنه واحلقيقة

التعليم لول دعم معايل وزير ال�شعودية الأكادميي« على م�شتوى اجلامعات

العايل الدكتور خالد العنقري الذي فتح لنا كل اأبواب الوزارة من اأجل عقد

نعتقد املتخ�ش�شة. نحن الكليات امل�شرتكة مع الربامج وتفعيل ال�شراكات

الآن اأن موقفنا اأقوى ونتوقع اأن وجود نائب وزير التعليم العايل الدكتور اأحمد

ال�شيف قريبا منا وهو املوؤمن بثقافة »الرتاث العمراين« التي نريد اأن ن�شيعها

يف بالدنا الغالية، �شوف جتعل من العالقة بني املوؤ�ش�شة الأكادميية واأهدافنا

يف ت�شهم كي التحقيق اإىل اأقرب العمراين بالرتاث املرتبطة احل�شارية

ت�شكيل البنية املعرفية لأبناء وبنات هذا الوطن.

زيارة للبلدة القدمية يف �شقرا )2010م( يف احد البيوت القدمية يف �شقرا من اليمني المري حممد بن �شلمان ، المري �شلطان بن �شلمان، معايل ال�شيخ

عبداهلل بن منيع، ال�شيخ حممد اجلميح )2010م(

Page 11: Architectural heritagebiography

21 سيرة في التراث العمراني20 21

نحن نعلم اأن للرتاث العمراين »عاطفة جيا�شة« عند كثري من النا�ض ونعلم اأن هناك من يرغب فعال

اأن يحافظ على هذا الرتاث ويحميه، لأنه يرى فيه ذاكرته و�شخ�شيته ويتذكر من خالله اأباءه واأجداده

العاطفة نف�ض يحمل اأن للجيل اجلديد نريد �شك دون لكننا عليها، تربى التي وكل احلكايات اجلميلة

لهذا الرتاث، وهذا لن يحدث بدون عمل، لذلك فاإننا نتطلع اإىل اأن نطور هذه الدورة التدريبية كي ت�شمل

كل كليات العمارة يف اململكة، لكننا �شوف نكتفي هذا العام باأن ت�شمل جامعة امللك عبدالعزيز وجامعة

»نظريات« لي�شت العمارة لأن العمراين، الرتاث جمال يف »امليداين« الوعي اإ�شاعة هو هدفنا الدمام.

واأن القدمية، العمارة ن�شاأت عليه الذي الأ�شا�ض »التجربة واخلطاأ« هي اأن واملعروف بل عمل وجتربة،

ا�شتعادة هذه الآلية التعليمية يف مناهج التعليم املعا�شر كان ومازال اأحد اأهدافنا الأ�شا�شية لأننا نعي اأنه

ل ميكن تعليم الرتاث العمراين يف قاعات املحا�شرات، بل يف امليدان ويف املناطق الرتاثية احلقيقية التي

تختزن كل الدرو�ض التي ميكن اأن يتعلمها معماريونا الآن ويف امل�شتقبل.

اأعتقد اأنه من ال�شروري اأن ن�شري يف هذا ال�شدد اإىل مبادرة »ل يطيح«، فهي مبادرة تهتم بالدرجة

الأوىل بتدريب املجتمع املحلي على كيفية التعامل مع املباين الرتاثية، ول اأعتقد اأن هذه التجربة كان

ميكن لها اأن تن�شج وتخرج بال�شورة التي هي عليه الآن لول املحاولت املبكرة التي جعلت من التعامل

مع املباين الرتاثية، التي �شرنا نفقدها كل يوم هما جمتمعيا. هذه املبادرة خرجت من »املجمعة«، وقد

تبناها �شبابها املهتمون بعمارة الطني التي متثل ذاكرتهم املعمارية التاريخية، وكان هدفهم هو املحافظة

على ما تبقى من مباين مدينتهم التاريخية، ف�شاروا يعيدون بناء جدار تهدم ويرممون �شقفا يو�شك اأن

يقع، وكان دافعهم وراء ذلك هو ال�شعور بالنتماء والرغبة يف احلفاظ على ذاكرة املكان. لقد راأت هيئة

ال�شياحة والآثار اأن هذه التجربة ت�شتحق اأن تكون جتربة عامة لكل الوطن، اإنها اإحدى ق�ش�ض النجاح

التي تنم على تطور الوعي املجتمعي بقيمة الرتاث العمراين، وهذا ما كنا ن�شعى له منذ البداية، فنحن

اليوم نقوم بعقد دورات تدريبية يف كل مناطق اململكة على البناء باملواد الرتاثية، حت�شرها جمموعات

مهتمة من املجتمعات املحلية، ونعتقد اأن هذا الربنامج التوعوي ميكن اأن يتطور كي يكون برناجما وطنيا

مبوا�شفات معرفية ومهارية عالية ي�شهم باإذن اهلل يف املحافظة على تراثنا العمراين.

بلدة قدمية يف جند

تفا�شيل معمارية يف اأحد البيوت يف �شقراء

Page 12: Architectural heritagebiography

23 سيرة في التراث العمراني22 23

ولذلك فهو ميثل النا�ض، القريب« من »التاريخ العمراين ميثل الرتاث اأن نوؤكد هنا اأن يجب

حالة خا�شة لكثري منهم، وهذه اخل�شو�شية تنبع من �شعور النا�ض باأن هذا الرتاث ميثل تاريخهم

ويجب عليهم اأن يحافظوا عليه. لقد اأن�شاأنا برنامج )ثمني( لهذا الغر�ض، فهو �شندوق للم�شاريع

امل�شتعجلة التي ي�شهم يف متويلها النا�ض اأنف�شهم، وقد جنحنا يف اإن�شاء �شندوق لتمويل تاأهيل مدينة

�شقراء القدمية بدعم من اأهلها. وبرنامج )ثمني( الآن جزء من مركز الرتاث العمراين الوطني،

لكنه �شيكون م�شدرا مهما للمبادرات الأهلية لتمويل الرتاث العمراين. ولأننا نعلم اأن تاأهيل وتطوير

م�شادر لتنويع وا�شح تخطيط هناك يكن مل وما كبرية، مالية موارد يتطلب العمراين الرتاث

للرتاث اإن�شاء �شندوق وطني ناأمل يف لذلك فنحن دائمة، اإ�شكالية تكون هناك التمويل، ف�شوف

العمراين يكون مثل ال�شندوق اخلريي الذي يدعم م�شاريع التاأهيل والتطوير للقرى والبلدات التي

تتوافر فيها عنا�شر ال�شتثمار. يف هذا ال�شدد لبد اأن اأ�شري اإىل اأننا ننظر اإىل متويل املحافظة

على املباين الرتاثية وتاأهيلها على اأنه »عمل خريي«، وهو كذلك لأن اإعادة احلياة ملبنى تقليدي فيه

دعم لأ�شرة باأكملها، بل وملجتمع حملي متكامل فنحن بذلك نوفر امل�شكن والعمل ون�شجع احلرفة

ون�شيع احلياة يف مكان كان ينظر له قبل وقت قريب على اأنه مكان غري اآمن ويجب اأن يزال. هذا

التحول يف التفكري هو ما ن�شعى له ون�شر على حتقيقه )4(.

اأن اأهم موقف يعرب عن هذا التحول يف التفكري هو قول معايل ال�شيخ عبداهلل بن منيع )ع�شو

هيئة كبار العلماء( اأنه يكاد يفتي بعدم هدم املباين التاريخية، وقد كان هذا اأثناء زيارتي ملدينة

�شقراء القدمية، لقد كنا على �شطح اأحد امل�شاكن فقال ال�شيخ اأنني كنت اأرى يف ال�شابق اأن هذه

»ق�شة ثناياها بني حتمل لأنها تبقى، اأن يجب اإنه اأقول: واليوم تزال، اأن يجب اخلربة املباين

املكان«)5(. نرى اأن هذا املوقف هو انت�شار لفكرة املحافظة على الرتاث العمراين وهو انت�شار

لتاريخ املكان، ويفتح اآفاقا جديدة للبحث يف ق�ش�ض املكان الذي ت�شكلت فيه �شرية الوحدة الوطنية

وت�شكلت يف ربوعه �شخ�شية الإن�شان يف هذا البالد. كما اأنه انت�شار لقت�شاديات املكان التاريخي،

وهذا �شي�شجع الكثري على العودة لهذه الأماكن التي بداأنا منها ويجب اأن تبقى لالأجيال القادمة.

تهتم جمتمعية ثقافة لإيجاد والقت�شادية والثقافية الدينية النخب دعم تزايد اإىل نتطلع اإننا

باملحافظة على الرتاث العمراين، لأننا نوؤمن باأن اأي اأمة دون تاريخ ودون تراث ل ت�شتحق احلياة،

اأحد يف يفرط التاأثري وهذا احلجم بهذا بلدا اأن نت�شور ول العروبة وقلب الإ�شالم مهد ونحن

م�شادر وحدته وتاريخه املجيد.

حوار حول ق�شة املكان يف �شقراء )2010م(

)4 ( لقاء الداعمني لتطوير املركز التاريخي بينبع وربطه

بالواجهة البحرية، املتحف الوطني بالريا�ض، 5 رجب

1432هـ.

) 5( زيارة �شقراء، اخلمي�ض، 26 ذي احلجة 1431هـ، املوافق

اإعادة اإن منيع:” ابن ال�شيخ قال لقد 2010م. دي�شمرب 2

العامة الهيئة به تقوم الذي الرتاثية والبلدات القرى تاأهيل

والقروية البلدية ال�شوؤون وزارة بالتعاون مع والآثار لل�شياحة

هو م�شروع وطني رائد، لي�ض الق�شد منه العناية مبواد الآثار

من عليه كانت وما الآثار هذه مب�شمون العناية بل فح�شب

قيم رفيعة واأخالق عالية، متيز بها الأجداد، وجتلت بني هذه

والب�شالة والكرم والرجولة والوفاء ال�شدق معاين البيوت

والت�شحية، عالوة على ما حتت�شنه من قيم تراثية وح�شارية

وتاريخية بارزة”.

Page 13: Architectural heritagebiography

25 سيرة في التراث العمراني24 25

لذلك نحن نعي�ض الآن التاأكيد على البعد احل�شاري لبالدنا، فاإذا كانت اململكة تتميز ببعدها الإ�شالمي

وبعدها القت�شادي وتاأثريها ال�شيا�شي الكبري، فاإن بعدها احل�شاري مل يعط الهتمام الكايف الذي ي�شتحق،

ال�شيا�شي »الفي�شان« هذا نعي�ض ونحن خ�شو�شا عليه والتاأكيد البعد هذا متثل اإىل بحاجة اأننا ويبدو

الذي يحدث حولنا، والتحولت ال�شيا�شية الهائلة يف منطقتنا، فنحن نريد اأن ي�شتح�شر املواطن قيمة بلده

احل�شارية، وهذا لن يتاأتى دون هذا »التوافق« يف جمتمعنا على املحافظة على �شواهدنا التاريخية التي هي

م�شدر اإلهام يعزز وحدتنا والتمام �شملنا.

اهتمام خادم احلرمني ال�شريفني - حفظة اهلل- بالبعد احل�شاري 1423/9/23هـ

ال�شريفني، حفظه اهلل اأمام م�شوؤولية وطنية كبرية بعد موافقة �شيدي خادم احلرمني نحن الآن

للمملكة«. احل�شاري بالرتاث للعناية عبداهلل امللك »م�شروع لدرا�شة عليا جلنة ت�شكيل على ورعاه،

الهدف هنا هو و�شع اململكة يف مكانها ال�شحيح من الناحية احل�شارية لأن امل�شروع �شيعمل على تكثيف

ح�شارة ذات بالدهم اأن اإىل جديد من يتعرفون و�شيجعلهم اململكة، اأبناء لدى احل�شاري »املعنى«

تراكمت حتت رمال �شحرائها اأزمنة ومدنيات وثقافات خمتلفة، وهذا امل�شروع الذي يحمل ا�شم امللك،

�شيعزز من »امل�شوؤولية الجتماعية« نحو الرتاث العمراين يف اململكة، و�شيجعل من ترابط املواطن مع

ذاكرته القريبة وذاكرته البعيدة جزءا من �شعوره باملواطنة. ما نود اأن نحققه على امل�شتوى »الوطني«

هو اأن يكون املواطن حار�شا لبالده، يدافع عنها وهو موؤمن باأنها البلد الذي حتت�شنه وحتت�شن اأبناءه

كما احت�شنت اآباءه واأجداده.

باأننا بالإميان اإل يتحقق ل وهذا الجتماعي«، »الأمن حتقيق اإىل احل�شاري« »البعد من ننطلق

بلد ي�شتحق احلياة واأننا بلد حباها اهلل بالإ�شالم اأول، ومبوروث ثقايف غائر يف التاريخ، واأن انتماءنا

لهذا البلد العظيم يعني بالدرجة الأوىل اأن نحافظ عليه ونحميه، فمنه ت�شكلت �شخ�شياتنا ونبعت بني

ربوعه هوياتنا. الأمن الجتماعي ليتحقق اإل بتغذية »امل�شوؤولية الجتماعية«، وتنمية الوعي الجتماعي

مبوروثنا احل�شاري، وهذا يتطلب اأن نعمل بجد واجتهاد على املحافظة على الرتاث العمراين واإحيائه،

ليكون �شمن ذاكرة النا�ض اليوم، ل جمرد ما�ض ت�شكل وانتهى، ولكي ي�شهم يف بناء »الوعي احل�شاري«

لدى كل مواطن.

»حتنيط« اإىل الأحوال من حال باأي يهدف ل بيننا حيا الرتاث يكون اأن على اإ�شرارنا فاإن لذا

الرتاث والعي�ض يف املا�شي. اإن ق�شة املكان التي حتدث عنها معايل ال�شيخ عبداهلل ابن منيع يجب اأن

تكون ق�شة م�شتمرة تبداأ يف املا�شي ومتر عرب تاأ�شي�ض وحدتنا الوطنية وت�شتمر حتى يومنا هذا، ويجب

اأن متتد يف امل�شتقبل. نتحدث عن ق�شة املكان احلي، الذي يتجدد ب�شكانه وباقت�شاده لكنه يبقي على

ذاكرته حية ومتوقدة ل ين�شى اأحد ول حدث.

Page 14: Architectural heritagebiography

27 سيرة في التراث العمراني26 27

وحتى يحدث هذا يجب تبني م�شاريع عمالقة ت�شنع الفرق على اأر�ض الواقع، ولعلي هنا اأحتدث عن

م�شروعني مهمني تدخلت فيهما �شخ�شيا، لأين كنت اأرى اأن املحافظة على الرتاث العمراين يجب اأن يتم

عرب امل�شاريع العمالقة ذات التاأثري القت�شادي، فم�شروع الظهرية يف و�شط مدينة الريا�ض كان يتجه اإىل

تبني مركز مايل ذي مبان عالية ل تتنا�شب اأبدا مع الف�شاء التاريخي الذي يتميز به املوقع. الظهرية يوجد

بها عدد كبري من املباين التاريخية وت�شكل منطقة مهمة تتج�شد فيها ذاكرة الريا�ض، وتتمظهر داخلها فرتة

الروؤية اخلا�شة تغيري اأن ال�شروري للمدينة، فكان من التاريخ احل�شري والجتماعي تاريخية مهمة من

الذي ال�شريع« »املك�شب مبفهوم يتعلق الأمر لأن التغيري، هذا مثل اإحداث �شعوبة اأعلم واأنا باملطورين،

عادة ما مييز التطوير العقاري، وبالتايل فعلينا اإما اأن ننظر اإىل م�شروع الظهرية على اأنه م�شروع عقاري/

جتاري، اأو اأننا ننظر اإليه على اأنه م�شروع »تطويري« ملدينة الريا�ض، يبقي على تاريخها ويحقق التطوير

العقاري الذي يتفق مع روح املدينة وتاريخها الإن�شاين والثقايف العريق.

هذا التحدي يجب اأن نخو�شه ونحن واثقون من النجاح باإذن اهلل تعاىل، فاأكرث ال�شغوط التي تواجه

الرتاث العمراين يف و�شط املدينة ال�شعودية املعا�شرة هي هذه الثقافة العقارية املبنية على املكا�شب ال�شريعة.

الآن ناأمل اأن ي�شبح حي الظهرية اأحد امل�شاريع املهمة التي حتافظ على الرتاث وتتفاعل مع التطوير العقاري

نقنع اأن ا�شتطعنا لأننا والتحديث، البناء الزمن يف ت�شابق الريا�ض التوازن ملدينة مثل املعا�شر، وحتقق

ال�شركاء بتحقيق هذا الهدف املهم.

يف الطائف اأكدت على اأننا »نريد اأن تعود عقارب ال�شاعة ليعود الطائف اإىل ما كان عليه حني �شعدنا

تراثنا واأن جنعل من املكان اأن نحافظ على �شخ�شية نريده هو به �شغارنا«)6(. فما لي�شعد به �شغارا

العمراين ف�شاء يجمع كل ال�شركاء، ليكون هو املرجع لثقافة املكان. اإن ق�شة تطوير و�شط مدينة الطائف

توؤكد كيف اأن اأبناء هذا البلد الكرماء لديهم ال�شتعداد للعمل يدا واحدة من اأجل بناء بلدهم واملحافظة

على تاريخهم. لقد جتمع مالك و�شط الطائف ووقعوا على اأن يتحول و�شط مدينتهم اإىل ف�شاء حي مي�شك

باملا�شي بيد ويفتح اليد الأخرى للم�شتقبل. نحن نريد لكل مدننا اأن حتيا �شخ�شياتها من جديد عرب ال�شماح

لقلبها التاريخي اأن يعود للحياة. ومع ذلك فاإنني اأوؤكد هنا اأن الهدف لي�ض جتميد هذه الثقافة وا�شتعادتها

كما كانت، بل املحافظة على خ�شائ�شها لتعود الآن بال�شكل وامل�شمون الذي يتنا�شب مع احتياجنا املعا�شر،

ويبدو اأننا ن�شري يف الطريق ال�شحيح وبداية الألف ميل خطوة، واأعتقد اأننا خطونا اأكرث من خطوة يف هذا

املجال.

لقد كان من نتائج موؤمتر الرتاث العمراين الأول للدول الإ�شالمية، الذي كتب هذا الكتاب مبنا�شبة

بني �شنة كل وينتقل ال�شعودية العربية اململكة يف �شنويا م ينظ وطني ملتقى عن الإعالن تنظيمه،

مناطقها، من اأجل اإ�شاعة ثقافة الرتاث العمراين وت�شجيع ال�شركاء على العمل ب�شكل دوؤوب للمحافظة

عليه وتفعل �شعار »املواطن هو احلار�ض الأول للرتاث«، فهذا ال�شعار يتطلب كثريا من العمل وتفعيل

ما ن�شميه »التنمية الجتماعية«. نحن الآن على اأعتاب اإطالق امللتقى الأول للرتاث العمراين الوطني

هذا مبنا�شبة تطبع العمراين« الرتاث يف »�شرية كتاب من اجلديدة الطبعة وهذه جدة، مبحافظة

احلدث املهم الذي �شي�شهم يف ت�شاعد التنمية الجتماعية املرتبطة باملحافظة على الرتاث العمراين

وتطويره يف بالدنا الغالية، وحتويله اإىل م�شدر اعتزاز وطني واإىل مورد ثقايف واقت�شادي نافع ياأذن

اهلل تعاىل.

�شلطان بن �شلمان بن عبدالعزيز

الريا�ض،

2341/11/22هـ املوافق 1102/01/02م.

)6( اجتماع جلنة

تطوير الطائف،

الأربعاء 21 ذي القعدة

1432هـ املوافق 19

اأكتوبر 2011م.

Page 15: Architectural heritagebiography

29 سيرة في التراث العمراني28 29

المقدمة

عندما ا الذاتية، خ�شو�ش �شريته من اأثري يتحدث عن جزء اأن الإن�شان على ال�شعب من

يكون هذا اجلزء يتقاطع مع اأفكار كانت يف يوم جمرد اأحالم، وحتولت مع الوقت اإىل حقائق

نعي�شها اليوم، هذا التحول مل يحدث فجاأة لكنه كان مرتبطا، وما زال، باأهداف وا�شحة ازدادت

ن�شعى برامج عمل التي عا�شتها بالدنا والتطورات الأحداث واأ�شبحت مع الوقت و�شوحا، مع

لتحقيقها اليوم لبناء وعي ثقايف حول الرتاث العمراين. لذلك فاإنني اأرى هذا الكتاب على اأنه

اأكرث من �شريتي ال�شخ�شية، فالرتاث العمراين ميثل حالة وطنية، �شواء �شرية الأفكار نف�شها

ال�شخ�شية اأ�شجل عالقتي اأن اأحاول وعندما الثقايف. امل�شتوى اأو على املجتمعي امل�شتوى على

بهذه ال�شرية املجتمعية/ الثقافية تتداخل هذه العالقة مع اأ�شخا�ض واأحداث ت�شكلت هذه الأفكار

جتربة اأنها من اأكرث جمتمع جتربة اأنه على العمل هذا القارئ يرى اأن ميكن لذلك معهم.

�شخ�شية. لقد فكرت يف كتابة هذا ال�شفر لت�شجيل هذه التجربة كوين كنت اأحد الذين عاي�شوها

من كثري ن�شجها �شارك يف �شك جتربة دون لكنها معي، وتفاعلت معها فتفاعلت بيوم، يوما

املوؤ�ش�شات والأ�شخا�ض.

وهو الأفكار«، تطور »تاريخ عن للحديث حماولة الكتاب هذا �شيكون للقارئ، بالن�شبة

ثم الفكرة �شغرية تبداأ والواقع. فكما هو معروف والعام، احللم ال�شخ�شي حديث يجمع بني

تكرب، وتظهر ب�شيطة ثم تنمو وتتطور وتتعقد. لذلك فاإنني اأت�شور من القارئ الكرمي اأن يتتبع

الأفكار التي يتناولها الكتاب، لأن الرتكيز هنا لي�ض على »ماهية« الرتاث العمراين ونظرياته،

وتاأثريها يف الأفكار« »ب�شرية هنا اهتمامنا بل اأخرى، اأعمال �شنتناوله يف اآخر مو�شوع فهذا

م�شتوى املجتمع والأفراد، وما تبع هذه ال�شرية من عمل و�شرب، وحماولة لتفكيك البنى الفكرية

نابعة من املجتمع التي ت�شكلت حول الرتاث لدى املجتمع، وبناء ت�شورات جديدة والت�شورات

نف�شه. ما يقدمه هذا الكتاب هو »نقطة التحول« يف نظرة املجتمع ال�شعودي اإىل الرتاث العمراين

وكيف حدث هذا التحول.

اأحد الأبواب يف العذيبات، عام 2004

Page 16: Architectural heritagebiography

31 سيرة في التراث العمراني30 31

اإبراهيم ال�شيخ معايل مع املن�شرم امليالدي القرن من الثمانينيات منت�شف يف حتدثت اأنني اأذكر

العنقري )رحمة اهلل(، وزير ال�شوؤون البلدية والقروية اآنذاك، حول اأهمية املحافظة على الرتاث العمراين،

وكانت ا�شتجابته م�شجعة. وقد تبنى املو�شوع يف موؤمتر روؤ�شاء البلديات يف اأبها »51 �شوال 8041هـ« الذي

حتدثت فيه عن »املحافظة على الرتاث العمراين والطابع املعماري الإقليمي باململكة العربية ال�شعودية«. وقد

طرحت يف ذلك اللقاء برناجما وطنيا للمحافظة على الرتاث العمراين من خالل تاأ�شي�ض جلنة وطنية من

اأجل حتقيق هذا الهدف ي�شاندها مكتب يف وزارة ال�شوؤون البلدية والقروية ملتابعة اأعمالها.

الفكرة كانت تهدف اإىل حتريك املياه الراكدة حول الرتاث العمراين، فهناك من يتحدث عن »اأفكار«

حول الرتاث، وهناك جدل اأكادميي حول معنى الرتاث، لكننا كنا نخ�شر كل يوم موقعا ومبنى تاريخيا. كنت

اأ�شعر يف ذلك الزمن اأن الوقت مير �شريعا، وما مل نتحرك ف�شوف نخ�شر الكثري من موروثنا املعماري الذي

ل ميكن تعوي�شه. كما اأنني كنت مهتما مبو�شوع الهوية »املعمارية«، ومل يكن من املمكن التفكري يف »هوية

معمارية« دون العودة للرتاث وفهمه بعمق، على اأنني، ومنذ البداية، مل اأكن اأفكر يف الهوية كمجال لن�شخ

الرتاث، فاأنا موؤمن باأن الهوية تنمو وتتطور، لكنها لبد اأن تنطلق من جذور اأ�شيلة تتمدد من خاللها. الرتاث

العمراين كان بالن�شبة يل يف ذلك الوقت هو تلك اجلذور التي يجب علي اأن اأكت�شفها واأمتدد من خاللها. لقد

طرحت ذلك الربنامج، وهو برنامج طموح جدا، لدق ناقو�ض اخلطر، رغم اأنني كنت اأعلم اأن حتقيق مثل

هذه الربامج على اأر�ض الواقع يحتاج اإىل الكثري من الإعداد والتح�شري، لكنها البداية التي لبد اأن تتبعها

خطوات كثرية ت�شنع منها واقعا ملمو�شا.. وهو ما حدث بعد ذلك ب�شنوات عدة.

لقد ت�شمن الربنامج تاأ�شي�ض جلنة وطنية يراأ�شها وزير ال�شوؤون البلدية والقروية، ويكون يف ع�شويتها

بالرتاث والعارفني املهتمني املهند�شني من ونخبة العمارة، كليات من وممثلون الوزارة، من م�شوؤولون

العمراين، ومن املواطنني، ورجال الأعمال الذين لهم عالقة بعملية البناء ب�شكل عام، بحيث تقوم اللجنة

الوطني بالربنامج اخلا�شة والأ�ش�ض العمراين، الرتاث على للمحافظة الوطني للربنامج الأ�ش�ض بو�شع

للمحافظة على الطابع املعماري الإقليمي، وكان ذلك ي�شمل خطوات وبرامج مهنية وتدريبية كثرية. لقد اأثار

عندي هذا الربنامج العديد من الأفكار املهمة التي بداأت ت�شكل روؤيتي حول الرتاث. فلقد وجدت يف اأثناء

اإعداد الأفكار حول الربنامج اأن هناك اإ�شكالية تعليمية عميقة، فربامج كليات العمارة يف اململكة ل تدعم

فكرة املحافظة على الرتاث العمراين، وكان من ال�شروري اأن نثري هذا املو�شوع على امل�شتوى الأكادميي،

والنظر اإليه كقاعدة ينطلق منها البناء املعماري الوطني اجلديد من خالل حث كليات العمارة على امل�شاركة

ب�شكل مبا�شر يف تبني مثل هذه الأفكار من خالل تطوير مناهج التعليم، كي تتبنى املحافظة على الرتاث

الرتاثية البيئة اإيجاد يتطلب الأمر اإن بل وحده، يكفي ل العمراين الرتاث اأن يل ات�شح كما العمراين.

املتكاملة التي جتعل املناطق التاريخية متميزة باقت�شادها ومبجتمعها ل جمرد حفظ مبان ل يعي�ض فيها

ول ي�شتخدمها اأحد. كما اأنني وجدت اأن اإحياء احلرف التقليدية وتاأكيد مفهوم املحلية م�شاألتان ل ميكن

ال�شتغناء عنهما يف م�شاألة املحافظة على الرتاث العمراين والطابع املحلي الإقليمي.

الف�شاء الإن�شاين اجلمايل الذي ت�شنعه

العمارة العربية الإ�شالمية )قرطبة (2004

*

ملزيد من التفا�شيل ميكن الرجوع اإىل الف�شل اخلام�ض.*

Page 17: Architectural heritagebiography

33 سيرة في التراث العمراني32 33

اإن »�شرية« تطور تلك الت�شورات التي اأقول اأن ميكن احت�شاب تلك الفرتة بداية ت�شكل الأفكار، واأ�شتطيع

�شارت تت�شكل يف داخلي قد بداأت فعال، فبالرغم من اأن هناك �شيئا يجعلني قريبا دائما من العمارة الرتاثية،

ا بعد عودتي من رحلة الف�شاء يف �شيف عام 5041هـ/5891م، كانت هي مرحلة اإل اأن تلك الفرتة، خ�شو�ش

»التفكري النقدي« يف الرتاث. فقد تطورت املفاهيم لدي، لي�ض من اأجل تقبل الرتاث واأخذه بح�شناته و�شيئاته، بل

التعامل مع الرتاث العمراين كمجال للتفكري والنقد. وقد كانت هذه هي نقطة التحول الأ�شا�شية التي ع�شتها وما

زلت اأعي�شها حتى يومنا هذا. يبداأ ر�شد الأفكار يف هذا الكتاب منذ تلك الفرتة املبكرة التي �شاهم يف ت�شكيلها

الكثريون، وحتى اليوم فاأنا ما زلت اأجوب اأرجاء بالدي، واأتعلم مما تركه لنا الآباء والأجداد الذين �شنعوا جمد

هذه البالد.

ل اأنكر اأبدا اأن مفهوم الرتاث العمراين تو�شع يف خميلتي بعد موؤمتر اأبها »8041هـ«، وراأيت اأن تبني برامج

للمحافظة عليه، يحتاج اإىل بناء وعي �شامل، وهذا لي�ض بالأمر ال�شهل، لذلك فقد و�شعت ن�شب عيني اأن الأمر

يحتاج اإىل م�شاركة مبا�شرة مني �شخ�شيا، واأن اأي برنامج عملي م�شتقبلي لبد اأن اأقوم بالإ�شراف عليه، والتاأكد

من اإمكانية تطبيقه، رغم اأنني يف تلك الفرتة كنت مهتما بالطابع املعماري وبالهوية العمرانية ملدننا اأكرث

من »املحافظة على الرتاث العمراين« ب�شفته املادية، وكانت براجمي من�شبة على الهوية ل على املحافظة

ا بعد اأفكر بطريقة خمتلفة جدا، خ�شو�ش اأن ال�شنوات التي تلت تلك املحا�شرة جعلتني اإل على الرتاث،

متلكي لنخيل العذيبات، وجتربتي يف اإعادة بناء بيت الطني فيه.

اإن م�شاألة الوعي بالرتاث العمراين مل تتطور يف بالدنا على امل�شتوى املجتمعي، وقد كانت يف تلك الفرتة

حبي�شة الأروقة الأكادميية تنعك�ض على �شكل جدل حول امل�شطلح، وهو جدل مهم على اأي حال، لكننا نحتاج

الأوىل املبادرة اأن حتظى اأتوقع اأكن �شابقا، مل بالن�شبة يل �شخ�شيا، وكما ذكرت الوقت. ن�شابق اأن اإىل

»برنامج املحافظة على الرتاث« بالنجاح الكامل، فاأنا اأعلم باملعوقات، واأعرف بالإمكانات املتوافرة، وكل

فكرة حتى تنجح بحاجة اإىل وقت طويل. وكنت موؤمنا باأننا نعمل من اأجل بناء جيل واع بالرتاث وبتاريخ هذا

الوطن العزيز علينا جميعا.

ا على لقد اأ�شبح الهدف يف خميلتي اأبعد من حتقيق مكا�شب مبا�شرة للرتاث العمراين، واإن كنت حري�ش

اإنه منذ ذلك الوقت بداأت اأفكر يف املحافظة على ما هو موجود من الهدم والتخريب. واأ�شتطيع اأن اأقول

تكري�ض »الرتاث العمراين« واملادي ب�شكل عام كق�شية وطنية يجب اأن تكون �شمن اهتمام املجتمع باأكمله،

وهذه مهمة �شناعة »وعي« بالدرجة الأوىل، لذلك اأعطيت م�شاألة التعليم املعماري اأهمية كبرية يف ال�شنوات

اأن التالية، وعملت مع كثري من الإخوة يف كليات العمارة يف اجلامعات ال�شعودية لبناء اجليل الذي ناأمل

يتحمل م�شوؤولية املحافظة على ذاكرتنا وهويتنا.

لذلك فقد حاولت اأن اأكون قريبا من املهتمني بالعمران، وكنت على اطالع على الأفكار اجلديدة التي

بناء مناخ فكري لكنني و�شعت ن�شب عيني العامل، العمراين على م�شتوى بالرتاث املهتمون بها يتحدث

وتعليمي وعملي يجعل الرتاث العمراين همه الأكرب، لذلك فعندما تلقيت دعوة الإخوة يف اجلمعية ال�شعودية

الدعوة »عام 4141هـ/ 4991م«، اأبدا يف قبول اأتردد الفخرية للجمعية مل الرئا�شة لتويل العمران لعلوم

الرتاث باأهمية الوعي تثري اأن ميكن التي واملعرفية العلمية املنافذ اأهم اإحدى اجلمعية باأن مني اإميانا

القطاعات يف العاملني حتى العمران جمال يف واملمار�شني الأكادمييني جتمع فهي بالدنا، يف العمراين

احلكومية. لقد وجدتها فر�شة �شانحة لالقرتاب اأكرث من كل العاملني يف جمال العمران، وفهم ت�شوراتهم

من كثريا القرتاب دون العمراين الرتاث باأهمية واع جيل �شناعة فكرة تبني ميكن ل اإذ وتوجهاتهم،

الذين يعملون يف خدمة هذه الق�شية، �شواء داخل اململكة اأو خارجها. يت�شح هذا من م�شاركتي اجلمعية يف

لقاءاتها ال�شنوية املتعاقبة »اللقاء اخلام�ض يف الريا�ض، 7-01 �شوال 4141هـ، واللقاء ال�شاد�ض، يف جدة،

ذو 72 الأح�شاء، يف الثامن واللقاء 7141هـ، رجب 51 املدينة، يف ال�شابع واللقاء 6141هـ، املحرم غرة

القعدة 8141هـ، واللقاء ال�شنوي العا�شر يف اأبها، 92 ربيع الأول 1241هـ«. والتي كنا نطرح يف كل منها ق�شية

من ق�شايا العمران ال�شائكة التي تهم بالدنا.

وقد جتاذبت مع الزمالء يف اجلمعية العديد من الأفكار حول الرتاث ودور اجلمعية، وكان لتلك احلوارات

الغنية دور كبري يف تبلور روؤيتي حول الرتاث العمراين. فقد تقاطعت مع مفكرين واأكادمييني يحملون روؤى

زيارة للمباين الرتاثيه منزل ال�شيخ ح�شن بن ح�شو�شه

Page 18: Architectural heritagebiography

35 سيرة في التراث العمراني34 35

اإىل الرتاث العمراين من زوايا وا�شعة ومتعددة �شوف يثريها هذا الكتاب الذي اأنظر واأفكارا خا�شة جعلتني

يعد مقدمة لكتاب اأكرب يتناول بالتف�شيل موقفي من الرتاث العمراين خالل اخلم�ض والع�شرين �شنة املا�شية،

وروؤيتي امل�شتقبلية حوله.

الأفكار على »اإن�شاج« العمران، فرتة لعلوم ال�شعودية للجمعية رئي�شا فخريا فيها التي كنت املرحلة متثل

امل�شتوى النظري البحت، فقد كان مفهوم الرتاث بالن�شبة لبع�شنا م�شاألة »عاطفية« حم�شة مت�ض تاريخ الآباء

والأجداد، وتثري م�شاعر احلزن بالفقد. فقد خ�شرنا الكثري من �شور املا�شي، وكان بع�شهم يريد اأن نعيد تلك

ال�شور كما هي، لكن ما كنت اأت�شوره عن الرتاث غري ذلك، كنت اأرى، وما زلت، اأن الرتاث جزء من حياتنا

اأنه الف�شاء املفتوح لعالقتنا باملا�شي، فما ت�شكل يف املا�شي نتج اليومية، وم�شدر مهم لتطورنا يف الغد، كما

عن تفاعالت لها �شياقاتها الزمنية واملكانية، لذلك فهو قابل للتاأويل واإعادة التف�شري ح�شب الظروف املعا�شرة،

املا�شي هو الذي حتقق يف املنجز الرتاثي باأن اأنا موؤمن وامل�شتقبل. للحا�شر اأفكار بناء اأ�شا�شها وميكن على

باأمل اأ�شعر واإن كنت اأنا باأيدينا وباجتهادنا. التاأويل والتطوير مبنزلة »الن�ض« الذي ل ن�شتطيع حتريفه، لكن

الفقد ل�شور املا�شي، لكنني موؤمن بامل�شتقبل اأكرث، وروؤيتي حول الرتاث تنبع من هذا املنطلق الذي يحاول اأن

يحافظ على الن�شو�ض من التحريف، لكنه منفتح ب�شكل كامل على الأفكار اجلديدة التي توؤول هذه الن�شو�ض

وتف�شرها ل�شالح اليوم وامل�شتقبل.

عالقتي باجلمعية ال�شعودية لعلوم العمران كانت تدور يف فلك بناء هذه الروؤية العملية البعيدة عن العواطف،

واملبنية على اأ�ش�ض علمية ومعرفية ت�شاعدنا على ا�شتخال�ض الدرو�ض والأفكار التي ميكن اأن نتعلمها من الرتاث،

لكنها كذلك فرتة الرتكيز على تبني فكرة ربط الرتاث بالتعليم العمراين، فهذه الفكرة قد اختمرت يف ذهني

قبل موؤمتر اأبها »8041هـ«، وتطورت ب�شكل اأعمق عندما اقرتبت من اجلمعية و�شاهدت باأم عيني احلاجة امللحة

اإىل مثل هذه اخلطوة، لأنها فعال �شتكون مبنزلة اجل�شر الذي ميكن اأن يعرب فوقه الوعي املجتمعي، والأكادميي،

واملهني لي�شل اإىل مرحلة الوعي الكامل باأهمية املحافظة على الرتاث.

يف اأثناء عملي مع اجلمعية مت عقد ندوة تاأ�شيل العمارة املحلية يف التعليم املعماري يف جامعة امللك �شعود

»62 رجب 8141هـ«، وبدعم من وزير التعليم العايل، فقد كانت تلك الندوة حم�شلة عدة مبادرات �شابقة قمت

عدة الندوة تلك اأعقبت لقد العمراين. بالرتاث يهتم تعليمي وعي ل�شناعة الإخوة من عدد ومب�شاركة بها،

لقاءات يف جامعات �شعودية تطورت فيها الفكرة وت�شكلت حولها برامج عمل على م�شتوى عمداء كليات العمارة،

وما زالت الفكرة تتطور حتى اليوم، واأنا على يقني اأنها �شت�شبح املظلة الفكرية التي يتحول بها تعليمنا املعماري

�شمو الأمري �شلطان بن �شلمان بن عبدالعزيز يف الو�شط، و عبدالعزيز اخل�شريي

على الي�شار، وعبداللطيف احلجامي يف اأق�شى اليمني، قرية ذي عني )الباحة(

تبدو يف اخللف، وتظهر يف ال�شورة )عام 2003م(

Page 19: Architectural heritagebiography

37 سيرة في التراث العمراني36 37

اإىل تعليم متميز ي�شهم يف اإن�شاج العمارة لدينا وتاأ�شيلها حمليا. لقد كنت م�شرا، وما زلت، على ربط الرتاث بالتعليم

العمراين، فهو ال�شبيل الوحيد الذي اأراه جمديا، وميكننا من اإحداث تغيري على م�شتوى الوعي املجتمعي، هذا اإذا اأردنا

بناء جيل يعي قيمة هذا الرتاث، وي�شاهم يف املحافظة عليه، والإ�شهام يف ا�شتخال�ض الدرو�ض منه.

الرتاث جمال يف املوؤ�ش�شاتي العمل اأهمية على عيني فتح العمران جمعية مع العمل اإن القول كذلك وميكنني

العمراين، فقد وجدت اأن التعامل مع الرتاث من مهام »املوؤ�ش�شات الكبرية« التي ت�شتطيع اأن تنقل اأفكارها وبراجمها

للمجتمع، ومهما كان تاأثري الأ�شخا�ض فاإنهم لن ي�شتطيعوا حتقيق تغيري لفت للنظر اإل من خالل هذه املوؤ�ش�شات، لذلك

ميكن احت�شاب منت�شف الت�شعينيات امليالدية الفرتة الأهم التي ت�شكلت فيها روؤيتي العملية حول الرتاث العمراين. فقد

فكرت يف تاأ�شي�ض موؤ�ش�شة تعنى باملحافظة على الرتاث العمراين، وتبحث فيه من الناحية الفكرية والتوثيقية. الفكرة

اأراها لتحويل الأفكار اإىل خطوات عملية يف ظل غياب �شبه كامل ملثل هذه كانت مرتبطة باحلاجة املا�شة التي كنت

املوؤ�ش�شات يف بالدنا. لقد اأ�شبحت موؤ�ش�شة »الرتاث« الآن وبعد مرور ما يقرب من اأربع ع�شرة �شنة من تاأ�شي�شها »عام

6991«، مركزا مهما لتوثيق الرتاث ودرا�شته واملحافظة عليه عرب برامج مهنية وعلمية. لقد وجدت »الرتاث« لت�شنع

تغيريا يف ثقافة املحافظة على الرتاث العمراين وخالل عمرها »الق�شري ن�شبيا« اأجنزت كثريا من امل�شاريع املهمة على

م�شتوى املحافظة على الرتاث الوطني، واأ�شهمت يف اإ�شاعة »ثقافة موؤ�ش�شاتية« يف هذا اخل�شو�ض.

لقد اأ�شعرتني تلك اخلطوة باأهمية العمل املوؤ�ش�شي للمحافظة على الرتاث العمراين، ورمبا اأن هذه الأهمية ت�شكلت

لدي يف وقت اأبكر من ذلك بكثري، وهو الأمر الذي دفعني اإىل تبني فكرة هذه املوؤ�ش�شة. ولعل هذا نابع يف الأ�شل من

فهمي ال�شخ�شي للرتاث العمراين، فقد كنت موؤمنا باأن التغيري يحتاج اإىل مبادرات عملية، ل جمرد اأفكار. ويبدو اأن

ت�شاعد التفاعل املجتمعي، والدعم الكبري الذي وجدته من قبل امل�شوؤولني واملهتمني يف بالدنا لفكرة املحافظة على

العمراين« الرتاث »اأعي�ض جعلي يف كثريا �شاهمت اأنها اأعتقد التي اخلطوة تلك خطو على كثريا �شجعاين الرتاث

مب�شاكله، وباملعوقات التي تواجهنا للمحافظة عليه، وحتمل كثريا من امل�شاق من اأجل بلوغ هذا الهدف الذي ما زلت

اأوؤمن باأنه اأ�شا�شي من اأجل بناء م�شتقبلنا.

الهيئة تاأ�ش�شت بعدما ا خ�شو�ش الوطني، امل�شتوى على الرتاث مفهوم تاأكيد على التجارب هذه �شاعدتني لقد

العليا لل�شياحة التي اأ�شبحت اأمينا عاما لها »1002«، والتي اأ�شبحت بعد ذلك هيئة عامة برئا�شتي. فقد �شاهمت تلك

التجارب املبكرة يف لتحديد مفهوم الرتاث عمليا، وحتويله اإىل برامج عمل متعددة. لقد �شرت اأ�شعر بت�شكل ذلك اجليل

من املواطنني املهتمني بالرتاث قريبا، فرغم كل ال�شعوبات اإل اأن املبادرات »اخلالقة« التي تتعامل مع الإمكانات املتاحة

اإىل جلد وتفكري ممنهج ووا�شح باأن الق�شايا املهمة حتتاج اأ�شعر الزاد الذي جعلني وتو�شع من جمالها كانت دائما

ا مع وجود �شركاء معي كانوا يوؤمنون باأهمية هذه الق�شية على وقيا�ض لكل الإمكانات والتعامل معها بحذر، خ�شو�ش

امل�شتوى الوطني والأمة ككل، فقد كان لهم دور كبري يف ن�شج كثري من الأفكار والتوجهات التي يحتويها هذا الكتاب.

هذا الكتاب جزء من �شريتي الذاتية و�شرية الأفكار التي �شنعت التغيري يف موقف املجتمع ال�شعودي من الرتاث

م�شجد طبب يف ع�شري

Page 20: Architectural heritagebiography

39 سيرة في التراث العمراني38 39

العمراين، فهو ير�شد بع�ض التحولت التي مررت بها مع »حتولت الرتاث« خالل اخلم�ض

والع�شرين �شنة الأخرية، فتلك التحولت كانت مبنزلة العمل »الوطني« الذي كان يحاول اأن

الثقايف« على م�شتوى الوعي بقيمة الرتاث العمراين واأهميته، يحقق نوعا من »الخرتاق

فقد كان �شعاري، »علينا اأن نتذكر املا�شي من اأجل بناء امل�شتقبل«، وكنت اأرى يف الرتاث

العمراين املا�شي الذي ميكن اأن ي�شنع �شخ�شيتنا العمرانية امل�شتقبلية. يقدم هذا ال�شفر،

بع�ض الأفكار حول الرتاث، من وجهة نظري ال�شخ�شية، فهو مقدمة لكتاب اأكرب واأ�شمل

�شي�شدر هذا العام باإذن اهلل. كما اأنه يتحدث عن املجالت التي �شغلتني خالل عملي يف

جمال الرتاث، وكيف �شاهمت تلك املجالت يف بناء روؤية فل�شفية وتعليمية وعملية من اأجل

بناء جمتمع واع بقيمة الرتاث يف حياتنا املعا�شرة وامل�شتقبلية.

ال�شخ�شية حكايتي حتكي فهي ا، بع�ش بع�شها يكمل ف�شول �شتة عل الكتاب يحتوي

اأو »الوم�شة« من تبداأ احلكاية فاأحداث معهم. تقاطعت الذين والأ�شخا�ض الرتاث مع

»اللتفاتة« الأوىل التي �شكلت منعطفا مهما يف عالقتي بالرتاث، حيث يثري الف�شل الأول

جمموعة من الأ�شئلة التي كانت تراودين يف منت�شف الثمانينيات من القرن املا�شي وما

الأ�شباب التي جعلتني اأ�شعر بقيمة الرتاث. بينما يروي الف�شل الثاين تطور بع�ض الأفكار

ب�شكل يركز الثالث الف�شل الأفكار. تلك �شنعت التي العملية والتجارب منها، وموقفي

ا التعليم املعماري. كما يبني خا�ض على اأهمية دمج الرتاث العمراين يف التعليم، خ�شو�ش

امل�شتقبل، مدننا يف تخطيط وتاأثريه يف العمراين للرتاث الإن�شاين البعد الرابع الف�شل

اأو الإن�شاين يف الرتاث يف عمارتنا املعا�شرة، �شواء كان ذلك من خالل توظيف اجلانب

بناء روؤية اإن�شانية حول الرتاث نف�شه، فهذه الثنائية طاملا �شكلت هاج�شا مهما بالن�شبة يل.

ويتناول الف�شل اخلام�ض مو�شوع الهوية والطابع املعماري، وهو مو�شوع يبني ما ميكن اأن

اأ�شميه »طبقات الهوية«. فالطابع املعماري مهم، لكنه يدخل �شمن طبقات الهوية ويعك�ض

وجوها متعددة لهوية املدينة. اأما الف�شل الأخري فيعرب عن البعد املهني »املوؤ�ش�شاتي« يف

وبناء وا�شحة، دون منهجية التغيري ن�شنع اأن فكما هو معروف ل ميكن الرتاث، جمال

موؤ�ش�شات تهتم مبو�شوع الرتاث م�شاألة جوهرية يف اإحداث الوعي بقيمته. واحلقيقة اأن هذا

الف�شل ميكن اأن يكون »خامتة الكتاب« رغم وجود خامتة، �شميتها هنا »قراءة م�شتقبلية«..

فكتاب مثل هذا هو جزء من ق�شة، ولبد اأن تكون هناك ف�شول اأخرى لهذه الق�شة �شيتم

روايتها باإذن اهلل يف كتب اأخرى.

�شلطان بن �شلمان بن عبدالعزيز

جمادى الأوىل 1341هـ - مايو 0102م

ق�شر العناقر برثمدا

Page 21: Architectural heritagebiography

41

التراث العمراني:

كيف؟ ولماذا؟ 1 سيرة في التراث العمراني

Page 22: Architectural heritagebiography

43 سيرة في التراث العمراني42 43

البدايات دائما غام�شة، تفتح كل الأ�شئلة، وجتعلك تعيد كل

ح�شاباتك، ت�شاأل نف�شك: ملاذا قمت بهذا العمل؟ وملاذا توجهت

اأحالمك اإىل تعيدك حاجة هناك تبقى لكن التوجه؟ هــذا

الأوىل واأنت ت�شاهد �شريط احلياة مير اأمام عينيك يف حلظات.

الذي العمراين الــرتاث بعبق حياتي �شريط يكتظ يل بالن�شبة

مفاجاآت لكنها وبالدرو�ض، املفاجاآت من بكثري احلا�شر ميالأ

مل يكن لها اأن حتدث لول »الع�شق« و»ال�شغف« بالرتاث العمراين

كل هذه بعد تاريخية من حياتي. ت�شكل عندي يف حلظة الذي

الأعوام اأقف الآن بعد اأن بداأنا جني الثمار، اأت�شاءل: كم مر على

تلك البدايات؟ وما الدرو�ض التي ميكن اأن يتعلمها الآخرون من

نف�شه، عن املــرء يتحدث اأن هي هنا ال�شعوبة التجربة؟ هذه

وعا�شته، فحدث عا�شها التي الأحداث على اأحكامه ي�شدر اأن

»الرتاث العمراين« الذي ع�شته يتقاطع مع الوطن، ويخو�ض يف

�شخ�شيته وهويته، ويرتبط بكثري من الذين عا�شوا املرحلة التي

التراث العمراني: كيف؟ وملاذا؟

مع النا�ض يف الباحة

رحلة اإىل الباحة 2003م

Page 23: Architectural heritagebiography

45 سيرة في التراث العمراني44 45

ع�شتها، و�شاركوين النجاحات والإخفاقات. اأ�شتطيع اأن اأقول اإن

ما يحتويه هذا الكتيب هو جزء من �شريتي الذاتية مع الرتاث

العمراين، لكنه يعرب يف الوقت نف�شه عن اأحالم بحجم بالدنا

ماثال يوجد اأن ي�شعب وتاريخا وتراثا ثقافة اهلل حباها التي

اآخــر. ذاكــرة املكان يف بالدنا حتمل ذاكــرة كل هكذا يف مكان

الأزمنة.. عرب متعاقبة ح�شارات وذاكــرة وامل�شلمني، العرب

فكيف ميكن اأن اأعرب عن ذاكرة بهذا احلجم وهذا التاأثري؟

عالقتي بالرتاث كانت اإحدى اأهم نقاط التحول يف حياتي،

وتاريخه. ونا�شه باأر�شه وبـــ»الــوطــن« بالثقافة عالقة لأنــهــا

واحلقيقة هي اأنني كلما تعلمت اأكرث عن هذه الأر�ض الطاهرة،

زادت قناعتي باأنني اأحتاج اإىل اأن اأعرف اأكرث. املكان يف بالدي

له خ�شو�شية، وله عبق، وعندما نظرت اإىل الأر�ض عن بعد »يف

اأثناء رحلتي للف�شاء عام 5891« حاولت اأن اأتبني »مكان« بالدي

الذي يحتويني ويحتوي من اأحب، املكان الذي ي�شم كل الأ�شياء

زخارف ج�شية من بيت النجدي يف فر�شان

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

رجال اأملع، ع�شري، 2001م، التكوين العمراين احلجري متالحم مع

الف�شاء املحيط وبتعقيد ب�شري/جمايل لفت للنظر

Page 24: Architectural heritagebiography

47 سيرة في التراث العمراني46 47

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

تداخل العمراين مع الطبيعي يف

العال، 2009م

رجال اأملع يف ع�شري، عام 2001م

التي عرفتها وتعلقت بها طول حياتي، كان مكانا حتتويه اأمكنة

اأن هناك تعلمت لقد من�شجم. تكوين كوين وتدجمه يف اأكرب

مبا عالقة له لي�ض ال�شيء هذا خمتلفة، بــالدي يجعل �شيئا

كنت اأ�شاهده من الأعلى، اإنه على الأر�ض نف�شها، �شنعه النا�ض

الذين وطئوا باأقدامهم اأر�ض هذا البلد، ويعرق جبينهم وهم

يعملون على بنائه، فقلت يف نف�شي اأن كل حجر يف جدار بناه

رمال م�شتقبلنا. اأجل من وو�شع تاريخ وله معنى له الأجــداد

بالدي متلوؤها الأ�شرار، تتغطى بها، وتتحدى من ميلك ال�شرب

كنت الدنيا، بالد اأجمل الف�شاء، من بالدي اكت�شافها. على

تبداأ فمنها اأجمل، تبدو قــرب وعــن الأر�ـــض، تتو�شط اأراهــا

Page 25: Architectural heritagebiography

49 سيرة في التراث العمراني48 49

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

احلكاية واإليها تنتهي.

»مب�شتقبل اأت�شبث جعلتني التي ال�شور كل هــذه لي�شت

ما كل واأع�شق الطبيعية البيئة اأع�شق بطبيعتي فاأنا الرتاث«،

هو طبيعي، والرتاث العمراين رغم اأنه من �شنع الإن�شان، اإل

تربط التي الو�شل« اإنه »همزة بالطبيعة، يوحي يل دائما اأنه

الإن�شان بالطبيعة من حوله، لذلك فقد كنت اأجد نف�شي قريبا

النا�ض ر بع�ض البلدات والنا�ض الذين ي�شكنونها. يف�ش من كل

قربي من تلك البلدات ومعاي�شتي ل�شكانها »بالتوا�شع« واأنا اأراه

»حبا« و»ع�شقا« للمكان بكل ما فيه. فما �شاهدته وعاي�شته خالل

ال�شنوات املا�شية، من خالل زياراتي ملناطق اململكة املختلفة،

اأكد ذلك ال�شعور باحلب الذي �شعرت به واأنا اأرى بالدي عبارة

عن م�شاحة �شغرية مندجمة يف كون وا�شع. البلدات التاريخية

الكون هذا اإىل ت�شري و�شهولها بالدي جبال على تتناثر التي

وتنفتح عليه رغم �شغرها وب�شاطتها.

بالرتاث، العالقة لهذه بداية اأحدد اأن ي�شعب ذلك ومع

ولن اأدعى اأن م�شاهدتي لبالدي من الف�شاء هي التي �شنعت

هذه العالقة، كما اأنني مل اأع�ض يف بيت تقليدي، حتى تت�شكل

هذه العاطفة التي اأ�شعر بها نحو الرتاث العمراين، فقد ولدت

يف بيت حديث يف املربع »يف منطقة تقع على طريق امللك فهد

تناغم الطبيعي واملبنى يف العال،

عام 2001

حاليا ت�شمى املن�شورية«، لكني، بكل تاأكيد، كنت اأ�شعر بحميمية تلك احلارات الطينية التي

مل اأع�شها، لكني كنت اأزور كثريا من اأ�شدقائي الذين كانوا ي�شكنونها. لقد �شاعدين هذا على

اأن تكون عالقتي بالرتاث بعيدة عن العاطفة، فما اأ�شعر به نحو موروثنا الثقايف والعمراين

لي�ض حنينا ولي�ض »بكاء« على الأطالل، بل هو قناعة بجدوى هذا الرتاث يف حياتنا املعا�شرة،

ا بعد التجارب التي مررت بها خالل ال�شنوات املا�شية، اإذ اإنني كلما عرفت اأكرث عن خ�شو�ش

تراثنا العمراين وما ميلكه من مقومات ومن اإمكانات، عرفت اأن ذلك امليل ال�شديد الذي

�شعرت به نحو الرتاث العمراين يف الثمانينيات من القرن املا�شي مل يكن ميال عابرا، بل

Page 26: Architectural heritagebiography

51 سيرة في التراث العمراني50 51

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

كان جزءا من اإمياين العميق بقيمة »الأر�ض« ومعناها بالن�شبة

ا بعد رحلتي للف�شاء، وروؤيتي لالأر�ض وكيف اأنها يل، خ�شو�ش

جزء ب�شيط من كون وا�شع.

مهما حافزا يل مثلت الكون هــذا يف الأمكنة »تراتبية«

اأحتويه، الذي واملكان يحتويني الذي املكان معنى للتفكري يف

لقد ذاكرته، اأ�شنع الذي واملكان ذاكرتي ي�شنع الذي املكان

هذا يف يكمنان ومعناها الأر�ـــض قيمة اأن نف�شي يف ا�شتقر

الرتاث والتاريخ الذي اأودعه الإن�شان فيها، فدون هذا التاريخ

هي جمرد حجر اأ�شم مثلها مثل اأي حجارة ت�شبح يف ال�شماء.

ما يجعل الأر�ض خمتلفة هو الإن�شان بتاريخه وتراثه، وما يجب

هذه اأفهم اأن اأ�شتطيع حتى الــرتاث هــذا فهم هو فعله علي

الأر�ض اأكرث.

الرتاث باأن اأ�شعر كنت اأنني هو هنا املهم الآخــر ال�شيء

امل�شتوى وعلى النا�ض، عند التذوق خا�شية ي�شنع الــذي هو

التي التفا�شيل من اقــرتبــت كلما اأنــه اأرى كنت ال�شخ�شي

، فقلما يحتويها الرتاث العمراين، ازدادت »حدة الب�شر« لدي

جند تكوينا تراثيا يكتفي بالوظيفة، وهذه م�شاألة كانت تثريين

كثريا، فقد كنت اأقف ل�شاعات اأمام جدران واأبواب عليها نقو�ض

التفا�شيل وهذه النقو�ض، هذه وراء ال�شبب يف اأفكر ب�شيطة،

اأن اأ�شتطيع ول �شديدة، برباعة العني تخاطب التي اخلالبة

اأجد تف�شريا لها، اإل م�شاألة »التذوق« التي كانت جتعل التفا�شيل

الب�شيطة يف العمارة الرتاثية تتحول اإىل قطع فنية رائعة، دون

مبالغة ودون تعنت وفر�ض، كما ن�شاهد يف عمارة اليوم.)1(

مع عبدالواحد الوكيل يف ق�شر

احلمرا، حوار حول معنى

ال�شكل املعماري عام 1994

Page 27: Architectural heritagebiography

53 سيرة في التراث العمراني52 53

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

ميكنني اأن اأقول كذلك اإنني ل�شت غريبا على بيوت الطني،

فما زلت اأذكر بيت العم الأمري في�شل بن �شعد وزوجته العمة

الأمرية �شارة بنت عبدالعزيز، رحمهما اهلل، »وقد اأزيل جزء

منه« والذي يقع على �شارع امللك في�شل )الوزير �شابقا(، فقد

كنت اأدخل للبيت واأنا �شغري عرب »املجبب« »ال�شباط« وما زلت

اأتذكر كثريا من التفا�شيل يف تلك امل�شاكن. لقد كنت اأميل اإىل

تلك البيوت، وكنت اأ�شعر بقربي منها، لكنني مل اأجد تف�شريا

ال�شور الكثري من الأيام. ذاكرتي تختزن تلك امليل يف لذلك

حنيفة وادي اأزور كنت فقد داخلي، الــرتاث قيمة تعزز التي

وبيوت الطني التي كانت يف املزارع، وكلها تركت اأثرا يف نف�شي،

.)2( لكن �شرت اأ�شرتجعه بعد اأن ت�شكلت مفاهيم الرتاث لدي

ظل معنى املكان وتراتبيته بعد عودتي من رحلة الف�شاء ميثل

يل نقطة حتول على م�شتوى عالقتي بالعمارة »كمكان من �شنع

الإن�شان« واملكان الطبيعي الذي تتك�شف فيه كل مكامن اجلمال

الب�شيط.

ل مفهوم »الف�شاء الكلي« ال�شامل، وتذوق التفا�شيل لقد �شك

الب�شيطة موقفي من الرتاث العمراين، الأمر الذي دفعني وبتوق

اأن يحتج مل الذي الغام�ض العامل هذا اكت�شاف حماولة اإىل

نهتم به اأكرث. لقد �شعرت باأننا منلك ثروة ثقافية �شخمة لكنها

متثل لغزا، واأحتاج �شخ�شيا اإىل اأن اأتعلم كيف اأفك رموزها،

وهذا ل ميكن اأن يحدث دون اأن اأغو�ض اأكرث يف عمق الرتاث.

و»املكان«، »اجلغرافيا« بني الفرق يف اأفكر جعلتني اأنها كما

مع عبدالواحد الوكيل يف ق�شر

احلمراء باإ�شبانيا 1994

بر�شلونة، اإ�شبانياـ 1998

Page 28: Architectural heritagebiography

55 سيرة في التراث العمراني54 55

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

الف�شاء، هو مكان علمي فاملكان اجلغرايف، كما �شاهدته من

م يل التفا�شيل الطبيعية ب�شكل �شامل، بينما املكان حم�ض، يقد

الذي كان يف خميلتي وع�شته على م�شتوى التفا�شيل الإن�شانية

الفرق عن بحثي فاإن ثم ومن و»فنه«، الإن�شان »روح« يحمل

ت�شكلت التي الت�شورات من جزء هو واملكان، اجلغرافيا بني

لدي حول الفرق بني ال�شورة العامة للمكان وال�شورة املحلية

تلك جمرد كانت لقد العمراين. الرتاث يقدمها التي للمكان

ت�شاوؤلت واأفكار واأحالم، فلم اأخط خطوة عملية من اأجل فهم

الرتاث العمراين والتعامل اإل بعد ذلك.

تت�شكل يف اأبــدا، ومل البدايات وا�شحة تلك لذلك مل تكن

اأفكر يف بناء ذهني يف ذلك الوقت كربنامج عمل حتى بداأت

م�شكني اخلا�ض »بعد رحلة الف�شاء« وكنت قد التقيت املعماري

احلكم ق�شر منطقة ت�شميم على يعمل وكان بــدران، را�شم

يف ذلك الوقت، وقد بداأت معه يف و�شع بع�ض الت�شورات التي

كنت اأفكر فيها حول م�شكني اخلا�ض. لقد كنت متاأثرا بامل�شكن

الأمريكي »الكاليفورين« املفتوح، ومل يدر بخلدي اأبدا اأن اأبني

م�شكنا تقليديا، فاأنا اإن�شان معا�شر، وموؤمن بالتقنية احلديثة،

غري اأنني اكت�شفت، بعد ذلك، اأن بنائي مل�شكن مرتبط بالرتاث

اإن الرتاث ل يلغي كوين معا�شرا وموؤيدا للتقنية احلديثة، بل

العمراين يوؤيد التقنية ويوؤكدها. النتقال من النبهار بامل�شكن

الأمريكي اإىل التعلق بامل�شكن العربي املحلي ميثل حدثا مهما

ا له تاأثريه العميق، لي�ض يف حياتي، لأنني اكت�شفت عاملا خا�ش

فقط على بناء هويتي و�شخ�شيتي، بل هوية الأمة و�شخ�شيتها

باأ�شرها. اإنه عامل ي�شتحق منا العناء وال�شرب، وهو ما و�شعته

اأن الأمري »�شارلز« اأذكر اإنني الدوام، حتى ن�شب عيني على

»9041هـ«/مار�ض �شعبان �شهر يف �شخ�شية بر�شالة يل بعث

الت�شاري�ض الطبيعية، جماليات غري حمدود ت�شاهم يف عبقرية املكان

وت�شكل الف�شاء العمراين اخلالق، العال 2001

الغاط 1996، تاأمل لف�شاء العمراين

الرتاث، وحماولة ل�شنع روؤية

م�شتقبلية للمحافظة عليه

1- Crane, I »1977« Art and the Formation of Taste, New York, Garland Publishing.

اإحدى تلك املزارع كانت لبن خمي�ض -2

اإىل طويلة فرتة منذ باعوها وقد

اهلل، رحمه احلجيالن، م�شطفى

وهي مزرعة تطل على الوادي وتقابل

اأزور كنت لقد العذيبات. مزرعة

وكانت خمي�ض بن اأبناء مع املزرعة

الدرعية جري�ض لنا تعد الأ�شرة

تلك اأتذكر زلت ما لكنني امل�شهور،

عليها كانت التي املهمة التفا�شيل

بيوت الطني الب�شيطة يف تلك الأيام.

Page 29: Architectural heritagebiography

57 سيرة في التراث العمراني56 57

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

»9891م« قال فيها: »اإين اأعرب عن اهتمامي الكبري باأفكارك

بالنجاح م�شاعيك تكلل اأن اآمــال املعماري، بالفن املتعلقة

فاإن نظري، وجهة ومن فيها. ترغب التي التغيريات لإحداث

على املرء اأن يتحلى بال�شرب الطويل يف مثل هذه الأمور«.)3(

يناير 3 »بتاريخ: ويلز لأمــري �شابقة بر�شالة بعثت كنت وقد

9891« ذكرت له فيها اأن �شديقي املعماري عبدالواحد الوكيل

اأكد يل اأنه قد زار �شموه وعرف اأنه مهتم بالعمارة، وقد اأكدت

وقد اململكة، العمارة يف اأنني مهتم مبو�شوع »�شارلز« لالأمري

باأبها البلديات موؤمتر يف قدمتها التي ورقتي برتجمة قمت

»8041هـ/8891م« وبعثتها مع هذه الر�شالة.

اأ�شتطيع اأن اأحتدث هنا عن اأمرين مهمني: الأول: هو ورقتي

يف موؤمتر البلديات يف اأبها التي واكبت بدايات ت�شكل اهتمامي

باملدينة اأهتم بــداأت قد كنت املحا�شرة هذه ففي بالرتاث.

ال�شيخ اآل اأن دعاين د.حممد وبالطابع العمراين املحلي، بعد

»رئي�ض مركز امل�شاريع بالهيئة العليا لتطوير مدينة الريا�ض يف

ذلك الوقت« عام 6891 لرتوؤ�ض الهيئة ال�شت�شارية مل�شروع واحة

�شورة جوية لإحدى القرى يف ع�شري، تداخل عميق بني الت�شكيل

املكاين )الت�شاري�ض( وبني الت�شكيل العمراين الإن�شاين، 2009

Page 30: Architectural heritagebiography

59 سيرة في التراث العمراني58 59

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

املعماري على تعرفت اللجنة تلك ففي للعلوم. �شلمان الأمري

را�شم بدران وغريه من املعماريني، وتعلمت كثريا من احلوارات

بعدها �شرت والتي واملدينة، العمارة حول تــدور كانت التي

اأقراأ كثريا يف الت�شميم احل�شري ويف العمارة. كما اأنني كنت

�شغوفا مبدينة الريا�ض التي ت�شكلت يف ال�شبعينيات امليالدية،

را�شخة زالــت ما وهي بها، وتعلقت املرحلة تلك ع�شت فقد

اأتيحت يل فر�شة مهمة لالطالع على خطة وقد يف خميلتي،

تطوير الريا�ض يف ذلك الوقت، والتي لفتت انتباهي لكثري من

الق�شايا العمرانية املت�شابكة واملعقدة، الأمر الذي دفعني اأكرث

لالهتمام بعالقة العمارة بالتنمية وبالق�شايا الإن�شانية ب�شكل

عام.

لقد اأ�شهمت تلك التجربة وهذا الع�شق لريا�ض ال�شتينيات

الرغم من فعلى ب�شكل عام، بالعمارة تعلقي وال�شبعينيات يف

العمارة، يف »باحثا« نف�شي اأعد اأنني اإل معماريا، ل�شت اأنني

لقد منهم. واحد واأنا النا�ض، جميع يهم اإن�شاين جمال فهي

انعك�ض هذا الهتمام على روؤيتي حول الطابع املعماري الوطني

املحلي يف حما�شرة اأبها »8041هـ/8891م«، اإذ مل تكن معرفتي

مهتما وكنت الآن، هي كما ت�شكلت، قد العمراين بالرتاث

ولي�ض اخل�شو�ض، وجه على العمرانية وهويتها ككل باملدينة

الطابع العمراين. ومع ذلك كانت فكرتي حول بالرتاث فقط

املعماري م�شتمدة ب�شكل كامل من روؤيتي للرتاث يف ذلك الوقت،

فقد كنت منبهرا بالتنوع اجلغرايف والعمراين الذي تتميز به

مئذنة يف جمموعة قلوون يف �شارع املعز مبدينة

القاهرة، تفا�شيل عبقرية لل�شكل املعماري، 2001

بالدي كما تبدو من الأعلى، ، ف�شاء جمايل مفتوح

على التاأمل والتف�شري والإبداع

Page 31: Architectural heritagebiography

61 سيرة في التراث العمراني60 61

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

على املحافظة ال�شروري من اأنه اأرى وكنت اململكة، مناطق

بعد ذلك، هياأتني، بدايات مهمة تلك كانت لقد التنوع. هذا

لالنفتاح الكامل على ق�شايا الرتاث.

الأمر الثاين هو تعريف على املعماري د.عبدالواحد الوكيل،

»التي �شوف العذيبات اأن متلكت نخيل بعد وذلك عام 8891

هو الثمانينيات عقد كان فقد بالتف�شيل«. ذكرها على اآتي

املدر�شة هــذه وكانت منازع، دون الإقليمية« »العمارة عقد

م�شاحبة لعمارة ما بعد احلداثة التي ورثت احلداثة، لكنها مل

ت�شتمر طويال. عالقتي بعبدالواحد الوكيل يف تلك الفرتة كانت

مرتبطة ببناء م�شكني اخلا�ض، لكنه حاول اأن يقنعني بالعمارة

الإ�شالمية واأهميتها، وكنت ما زلت متاأثرا بامل�شكن الأمريكي

رغم اأقتنع، اأن ال�شهل من يكن مل ذلــك ومــع املــفــتــوح.)4(

ميويل ال�شديدة اإىل الطابع العمراين املحلي، ورغم اهتمامي

احلمرا، غرناطة، عام 1994م، جمال وا�شع

للف�شاء العمراين الإن�شاين

نقو�ض زخرفية ج�شية يف اأحد مع الأمري �شالرز عام 2000

امل�شاكن القدمية، 1990

3- ر�شالة �شخ�شية من الأمري »�شارلز«،

»يف الطريق من الريا�ض اإىل منطقة

1409هـ �شعبان 12 بتاريخ ع�شري«،

كان وقد 1989م. مار�ض 19 املوافق

دعوته وقد الريا�ض ملدينة زيارة يف

اإىل طريقه اأثناء ويف الع�شاء. على

الر�شالة، بهذه بعث ع�شري منطقة

16 بتاريخ اأخرى بر�شالة اأجبته وقد

1989م، مار�ض 1409هـ/23 �شعبان

اأكدت له اأهمية »ال�شرب: الذي ذكره

يف ر�شالته، فتحقيقي اأي تغيري يتطلب

روؤية هادئة و�شبورة.

Page 32: Architectural heritagebiography

63 سيرة في التراث العمراني62 63

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

اأنا والوكيل باملدينة وتاريخها ون�شيجها العمراين. لقد تنقلت

وغرناطة الأندل�ض ا خ�شو�ش العامل، من خمتلفة اأماكن اإىل

وق�شورها وبالريمو اإيطاليا، يف ذلك بعد و�شقلية، وقرطبة

لقد كانت وتركيا، املغرب املثرية، ومراك�ض وفا�ض وطنجة يف

تلك الفرتة اأ�شبه ما تكون »بتعبئة اخلزان«، واأق�شد هنا اأنني

كنت بحاجة اإىل اأن اأعرف اأكرث حول الرتاث العمراين، وكان

وحتليله ن�شاهده كنا ملا واملهني ال�شاعري و�شفه عرب الوكيل

ح« الأ�شكال ويك�شف عن اأعماقها املعماري النقدي العميق »ي�شر

وتفتح ماتعة عبدالواحد مع احلــوارات كانت لقد ومعانيها.

يف بها اأعــبــاأ ــن اأك مل التي التفا�شيل مــن كثري على الــذهــن

ال�شابق. تلك التجربة مل جتعلني اأنتهي مع الوكيل اإىل ت�شميم

الوكيل قام خاللهما الآن نحو عقدين حتى مر فقد مل�شكني،

بو�شع ع�شرات الت�شورات للم�شكن اخلا�ض بي، ومل ننته بعد،

لكن الفائدة التي خرجت بها من احلوارات معه كانت عميقة

واأ�شهمت يف ت�شكيل روؤيتي للرتاث العمراين، وقد يكون هذا من

جمرد بناء �شكن واحد.

اأ�شكل اأن الظروف كانت مهياأة يف ذلك الوقت لكي ويبدو

اأكرث ن�شجا من ال�شابق حول الرتاث، فمن جهة، كنت اأفكارا

ومن العذيبات، بيت يف الرتاث« على »املحافظة بتجربة اأمر

جهة اأخرى، تطورت اأفكاري حول الهوية والطابع العمراين من

ا كتاب خالل قراءاتي الكثرية واملتعددة حول العمارة، خ�شو�ش

املباين«.)5( تعلم nraeL sgnidliuB woH »كيف فمن هذا الكتاب تعلمت اأن املباين لها روح، وهي تتفاعل معنا

ومع احتياجنا وم�شاعرنا وتتكيف كي تر�شينا. كما تعلمت من

بالدرجة مفكر هو الوكيل، عبدالواحد املعماري مع حواراتي

خالل من نتعلم كنا فقد و»ميدانية«، عميقة اأفكاره الأوىل،

ن�شاهده، ما حول عميقا حوارا نثري كنا وامل�شاهدة، التجربة

باأنها و�شفها ميكن املرحلة تلك منه. درو�شا ونطور وننتقده

امل�شجد يف العذيبات قبل

الرتميم

اجلمال يف الب�شاطة، اأبواب

النوافذ يف بيت الطني يف

العذيبات، ت�شكيل جمايل

متجدد

بيت الطني يف العذيبات يف

امل�شاء

Page 33: Architectural heritagebiography

65 سيرة في التراث العمراني64 65

تطور يف كبري ب�شكل اأ�شهمت حياتي، يف اأخــرى حتول نقطة

الربامج العملية التي قمت بها للمحافظة على الرتاث العمراين

بعد ذلك.

اإذا، مل تكن تلك املرحلة فرتة �شائعة، بل كانت مهمة، لأنها

اأ�شهمت فيما اأقوم به اليوم من اأعمال مع اآخرين من اأجل اإنقاذ

تراثنا الوطني. لقد عززت تلك التجارب القناعات التي جعلتني

نتعلم اأن ميكن التي وبالدرو�ض بالأفكار غني تراثنا اأن اأرى

الإمكانات تلك روؤية على مقدرتي ت�شكلت فقد الكثري، منها

الكامنة يف موروثنا املعماري عرب تلك ال�شتك�شافات امليدانية

التي قمت بها، وتلك احلوارات التي جعلت فهم الرتاث والغو�ض

فيه والبحث عما وراء ال�شورة املبا�شرة التي يقدمها لنا اأمرا

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

اأحد املقرتحات التي قدمها

املعماري عبدالواحد الوكيل

لت�شميم م�شكني اخلا�ض:

حماولة عميقة ل�شتعادة

كثري من العنا�شر العمرانية

الرتاثية التي ت�شكلت يف

احل�شارة الإ�شالمية وباأ�شلوب

معا�شر خالق

الفرتة لتلك ممــن ــي ــن اإن ممــكــنــا.

اأ�شميها فرتة »الت�شكل اأن التي ميكن

بعد املعني، كانت هي فقد والتكوين«

مررت التي العوائق على حتمل اهلل،

بها خالل الفرتة التي تلتها.

لقد تعلمت �شيئا مهما، وهو اأنه ل

ميكن اأن تغري ما مل تكن م�شتعدا لهذا

التغيري، فقد تعلمت من تلك املرحلة

اأنه ل ميكن اأن نقنع الآخرين بجدوى

ما نقوم به، ما مل نكن نحن اأول على

الــتــي متكننا من املــعــرفــة مــن قـــدر

تو�شيل اأفكارنا لالآخرين، لذلك فقد

كنت هادئا يف اأحالمي، ومل اأ�شع اأبدا

اإىل فر�شها على النا�ض، وكنت �شبورا

فكرة بــاأول اأمت�شك فلم نف�شي، مع

تبادرت اإىل ذهني اأو حاولت اأن اأ�شر

غرناطة، 2001، ف�شاء مفتوح

للمعرفة العمرانية

Page 34: Architectural heritagebiography

67 سيرة في التراث العمراني66 67

عليها، بل اأحتت لنف�شي كل الفر�ض كي اأتعلم وكي اأبني اأفكاري

واأطورها حول الرتاث العمراين قبل اأن اأبداأ يف دعوة الآخرين

»جاهزا« اأكون اأن اأرغب يف كنت الرتاث. على املحافظة اإىل

اأكرث اأتعلم اأن اأريد كنت لها، واملقاومني للفكرة للمناه�شني

اأدوات اأتوا�شل معهم، وكلها كانت اأن اأ�شتطيع النا�ض كي عن

الأفكار«، »تو�شيل ال�شتغناء عنها يف جمال اأ�شا�شية ل ميكن

فقد كانت املهمة الكبرية التي �شرت اأرى اأنني م�شوؤول عنها هي

اإقناع النا�ض بجدوى الرتاث يف حياتهم املعا�شرة وامل�شتقبلية،

وكانت »مهمة م�شتحيلة« بالن�شبة لبع�ض النا�ض يف تلك الأيام.

اأن حتدث كل هذه التحولت ومع ذلك مل يكن من ال�شهل

الرتاث اإىل ب�شدة يدعوين �شيء يوجد كان اأنــه لول داخلي،

اأخو�ض اأكن بعد تعرفت عليه بعمق، وكنت العمراين الذي مل

جتربتي الأوىل معه يف اإعادة بناء بيت الطني يف نخيل العذيبات.

اإنه يف الفرتة من 5041هـ/ 5891م حتى عام اأقول اأن ميكن

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

تكوين جمايل عمراين،

عمان 2001

ق�شر احلمراء، غرناطة اإ�شبانيا،

2001م، مكان ب�شيط ملهم

الوكيل عبدالواحد اأعمال �شكلت لقد -4

الأكرث الأمثلة الثمانينيات فرتة يف

العمارة ملنظري بالن�شبة اأهمية

الناقد راأ�شهم وعلى الإقليمية،

كتب الذي فرامبتون«، »كينيث

طور لقد اأعماله. وعن الوكيل عن

بالعمارة يعرف بات ما »فرامبتون«

وو�شع النقدية، العمارة اأو املقاومة

من ميكننا مهمة نقدية ثنائيات

خاللها فتح حوار نقدي حول العمارة

املحلية. هذه الثنائيات هي: الف�شاء/

والت�شاري�ض/ Space/Place املكان

Topography/Prototype النموذج

التف�شيلي/امل�شهدي واملعماري

Architectonic/ الت�شويري

اأن واحلقيقة .Scenographic»فرامبتون« طرحها التي الأفكار

والرتاث املحلية، العمارة جعلت

العمراين ب�شكل عام، جمال للتف�شري،

كل على مفتوحة عمارة ولتطوير

التاأويالت.

Frampton, Kenneth »1980«

Modern Architecture A Critical History, London,

Thames and Hudson.

Page 35: Architectural heritagebiography

69 سيرة في التراث العمراني68 69

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

وتراثها للعمارة اكت�شاف مبرحلة اأمر كنت ـــ/2991م 2141ه

فمو�شوع بعد، اأمــري اأح�شم مل لكنني الفكرية، وت�شعباتها

اأر�ض على وتفعيله كــرث، ومقاوموه �شائك العمراين الــرتاث

اأن اإىل عزمية واإ�شرار وجتارب �شخ�شية ميكن الواقع يحتاج

لهذا يدفعني ما كان هناك لكن منها، ويتعلموا النا�ض يراها

ي�شبه �شيء اإنه �شغف، اأكرث من جمرد كان هذا وقد التوجه،

»التحدي« حتدي الذات اأول، وبعد ذلك حتدي الظروف املحيطة

التي كانت ت�شجع على البتعاد عن الرتاث وخما�شه املتع�شر.

على اأنه قد حتدث لالإن�شان بع�ض »امل�شادفات« التي جتعل

»وهي العذيبات نخيل اأن ويبدو »باحللم« يتم�شك منا الواحد

مزرعة كان ميلكها امللك في�شل، رحمه اهلل، وتقع يف الدرعية

على وادي حنيفة« كانت هي احلدث الذي جعلني اأت�شبث بحلم

كلما يل بالن�شبة املرجع هو النخيل ظل فقد الــــرتاث.)6(

حاولت اأن اأبتعد قليال اأو حاولت اأن اأفكر يف �شيء جديد، وهذا

اأ�شبحت قيدا يجمد الأفكار اجلديدة، اأن »العذيبات« ل يعني

والتي ميكن اأن اأرى بها تراثنا العمراين »فاأنا موؤمن باأن الرتاث

يتطور ويتجدد«، لكنها »الب�شاطة« التي تفرز »اجلمال العبقري«،

اإنها متثل فعال »عبقرية املكان«، الذي ي�شنع �شخ�شية عمرانية

خالل كثريا حاولت لقد يجاورها.)7( ما تقبل اأن ميكن ل

امل�شكن من بالقرب م�شكنا اأبني اأن املا�شية �شنة الع�شرين

الطيني »الذي كان موجودا يف النخيل واأعدت بناءه بعد ذلك«

فلم اأ�شتطع اأبدا، لأن املكان بب�شاطته ل يقبل ما يناف�شه، فقد

ل �شخ�شيته العفوية والعميقة يف الوقت نف�شه اإىل درجة اأنه �شك

�شار ي�شعب اأن تقف اأمامها �شخ�شية اأخرى وتكون مقنعة. هذه

التجربة وحدها جعلتني اأوؤمن اأكرث باأن جمال العمارة ل يتحقق

يف الفتعال وتعقيد ال�شور الب�شرية، بل يف الب�شاطة التي تقوم

غرناطة، اجلمال الب�شيط الذي تعرب عنه

عنا�شر العمارة العربية/الإ�شالمية

العمارة القدمية يف عمان، 2001

5- Brand, Stewart »1994« How Buildings Learn: What Hap pens After they’re Built, USA,

VIKING Penguin.

Page 36: Architectural heritagebiography

71 سيرة في التراث العمراني70 71

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

العمارة التقليدية يف

جنران، 2001

امانة املدينة املنورة، حماولة

لتوظيف الرتاث العمراين بروح

متجددة

على »التاأثر بالتقنية« املحلية واحرتام البيئة الطبيعية، على حد تعبري املعماري »لوي�ض خان«.

وهو ما يذكرين دائما باملثل الياباين من ثقافة زن »اإن احلديقة اليابانية ل ت�شري مكتملة حتى

ل يبقى �شيء ت�شتطيع اأن تخرجه منها«.

لقد تعلمت من العذيبات اأن »التكرار ل ي�شنع فنا«، لذلك مل اأحاول اأن اأكرر البيت الريفي،

ومل اأفكر يف بناء م�شكن م�شابه له، ورمبا كان هذا �شببا رئي�شا يف اأن حماولت عبدالواحد

واإبداعها، فقد الت�شاميم تلك اأبدا، رغم جمال تفلح لت�شميم م�شكني اخلا�ض مل الوكيل

كنت دائما اأفكر يف احلالة املتفردة التي كانت عليها العذيبات، فقد كانت تعرب عن �شخ�شيتي

ب�شدق، ومل اأجد ما هو اأ�شدق منها حتى هذه اللحظة.)8(

بعد كل هذه ال�شنوات ما زلت اأرى اأ�شياء جديدة يف بيت العذيبات كلما نظرت اإليه من

زاوية خمتلفة، لقد و�شلت اإىل قناعة باأن هذه البيوت تتكيف معنا، اإنها ت�شعر بنا وت�شتجيب

ل وقد كان الفال�شفة، وعلى لتحولتنا، وكاأن اهلل اأودعها بقدرته هذا الإح�شا�ض الإن�شاين، ملم

راأ�شهم، »اإفالطون« يرون اأن امل�شكن يعك�ض الإن�شان ج�شديا وعاطفيا، واأنا اأرى بيت العذيبات

ت ال�شنون، فهو يفاجئني دائما ب�شيء جديد مل اأره طيلة ال�شنوات وهو يتماهى معي كلما مر

باأنه مقتنع �شبه �شرت لكني ال�شيء، هذا اأكت�شف مل اأين كيف ب�شدة واأ�شتغرب املا�شية،

ميلك اأ�شرارا عدة تتك�شف يل كلما زادت خربتي ومعرفتي به، فهو يخاطبني ح�شب مقدرتي

وخربتي، وهذا ال�شيء الذي يثريين دائما ويجعلني اأكرث اإميانا بقيمة الرتاث اليوم من قبل

Page 37: Architectural heritagebiography

73 سيرة في التراث العمراني72 73

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

منزل حديث مبني بالطوب

يف اأحدى قرى جند

عقدين من الزمن، عندما كنت اأخطو خطواتي املبكرة ملعرفة هذا العامل الوا�شع الذي يحتاج

للمكان بطبيعته و�شحره اأن ترى ما ل يراه الآخــرون، وقلب عا�شق اإىل عني مدربة ت�شتطيع

القيم بكل هذه تذكرين العذيبات اهلل. كما خلقها وتراتبيته الطبيعية وت�شاري�شه وعفويته

وهذه الدرو�ض التي كان من ال�شعوبة اأن اأتعلمها دون وجودها حا�شرة اأمامي ب�شكل يومي.

رمبا تكون هذه العالقة العميقة مع بيت النخيل نتيجة لكوين �شاركت يف بنائه، فعندما

ي�شارك الإن�شان يف بناء ما ي�شكن، يتعلم كيف يعي�ض املكان، ل جمرد اأن ي�شكنه، والفرق كبري

اأن »ت�شكن« مكانا ما واأن »تعي�شه« ، لأنك تكرب وتكرب عالقتك به، وكاأنه �شديق جمعت بني

بينكما ذكريات كثرية. ومع ذلك فلم اأتعلم مبفردي من العذيبات، فقد �شاركتني اأ�شرتي يف

هذه التجربة الفريدة، واأذكر اأن ابني وابنتي قد �شاركا يف بنائه، حتى زوجتي دائما تقول يل

اإنه يوجد كل ما نحتاج اإليه يف هذا البيت الب�شيط.

والعفوية ال�شكينة ا�شتعادة ميكننا اأنه توؤكد كاملة اجتماعية جتربة العذيبات جتربة

اأنظر مل فاأنا الأ�ــشــرة. ــراد اأف كل وتفردها جودتها على يجمع التي والتوا�شع والب�شاطة

تاأطري للم�شهد الطبيعي،

العذيبات

Page 38: Architectural heritagebiography

75 سيرة في التراث العمراني74 75

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

لها نخيل اأنها رغم الأيــام، من يوم يف اأبــدا بعاطفة للعذيبات

لكنني في�شل، امللك وهو العظماء امللوك باأحد ومرتبطة تاريخ

تعاملت معها بواقعية، لأن العاطفة هنا لن جتدي اأبدا، ولن تكون

اأ�شركت لذلك مفعولها، �شيتال�شى ما و�شرعان لأحــد، مقنعة

احلكم على مني اأقــدر فهم التجربة، يف معي اأ�شرتي اأفـــراد

عليها، فاإما اأن تكون منا�شبة ومقنعة، اأو ل تكون، ولعل هذا اأ�شهم

كذلك يف عدم قناعتي ببناء م�شكن اآخر حتى اليوم. فتعلق اأفراد

اأ�شرتي بالعذيبات جعلني اأكرث هدوءا يف اتخاذ قرار بناء م�شكني

احلجم. م�شتوى على بل التوقيت، م�شتوى على لي�ض اخلا�ض،

يراها الأكــرث«، ل كما كان »الأقل هو اأن العذيبات فقد علمتني

»مي�ض فان دوره« بل كما راأيتها اأنا، عندما �شعرت »بالأقل املركب«

املده�ض يف بيت العذيبات.

ما تعلمته من العذيبات كذلك، هو اأن املعماريني ال�شعوديني

اجلدد يجب اأن يخو�شوا جتربة البناء باأيديهم، لي�ض من اأجل اأن

يتعلموا �شنعة، بل من اأجل اأن يتعلموا »التوا�شع«. فقد اكت�شفت

يعملون الذين العمال مع يتكلمون ل املعماريني من كثريا اأن

»روح على حتث املا�شي يف البناء »طقو�ض« كانت بينما معهم،

البناء. بعملية ارتبطت »الأهازيج« من كثريا اإن حتى الفريق«،

الإن�شان يقوم اأن اأهمية حول األك�شندر« »كري�شتوفر ذكــره ما

ي�شنع الذي هو النا�ض، من ومب�شاركة جمموعة بنف�شه بالبناء

اجلودة التي ل ميكن اأن ن�شميها. اإنه نوع من »الحتفال بالبناء«

اأن التي ل ميكن ت�شكل هذه اجلودة العذيبات هو وما حدث يف

نف�شه اكت�شاف يعيد متجددا املكان هذا جعلت والتي ن�شميها،

التحول. كل اأ�شابها باأ�شاليب متعددة، ويتكيف مع نظرتنا كلما

هذا حدث ب�شبب روح الفريق التي دجمت بني من لديهم خربة

ل بها �شعرت التي الــروح تلك ومعرفة، علم لديهم عملية مبن

اأنكر ل يوم. كل بها منر التي البناء مواقع يف تتكرر اأن ميكن

ا املعلم عبداهلل بن اأبدا اأن احلوارات بني فريق العمل، خ�شو�ش

الوكيل، واملهند�ض حامد، ود.�شالح ملعي، ومعهما د.عبدالواحد

توظيف خالق للرتاث العمراين،

غرناطة 2001

بيت الدكتور حممد اآل �شيخ يف

الطائف 2006م

ولدة العمارة من الف�شاء الطبيعي

املحيط، الطائف، 2006م

اأ�شبه العذيبات نخيل مع وحكايتي -6

الإن�شان حياة تغري التي بامل�شادفة

�شكن يف اأرغب كنت فقد متاما،

اململكة تاريخ حتمل كونها الدرعية

1987. وقد والأ�شرة، وكان ذلك عام

فعر�ض بذلك �شديق اإىل حتدثت

يف اأرغب اإين له قلت م�شكنا علي

من خرجت وعندما ا�شتئجاره،

ال�شديق برفقتي وكان امل�شكن،

مررنا الدغيرث، عبداهلل املهند�ض

بالعذيبات وكانت يف حالة �شيئة وكان

متهدم ال�شيافة وبيت مفتوحا الباب

يف دكة على جال�شا الوقاف ووجدت

اخلارج، فتعرف علينا ودعانا للدخول

وجار به يوجد وكان ال�شيافة، لبيت

من الرغم وعلى موقدة. ونار �شغري

البيت عليها كان التي ال�شيئة احلالة

لفتة اأول كانت احلادثة تلك اأن اإل

حتملها التي الكبرية للقيمة نبهتني

البيوت التاريخية.

»اأن �شولز« نوربرج »كري�شتيان يرى -7

يف العمارة م�شاهمة ميثل املكان

احلقيقة. املكان هو الظهور املتما�شك

على تعتمد وهويته الإن�شان، ملاأوى

انتمائه للمكان«.

Norberg-Schulz, Christian »1984« Genius Loci: Towards A Phenomenology of Architecture, New York,

Rizzoli International Publications, Inc, p. 6.

Page 39: Architectural heritagebiography

77 سيرة في التراث العمراني76 77

كل وانحياز التقنية الق�شايا واآخرون، حول كثري من الدغيرث عبداهلل

واحد منهم لراأيه، ذكرين باأهمية »التجربة واخلطاأ« التي قامت عليها

اأ�ش�ض العمارة التقليدية، وفعال هذا ما حدث يف العذيبات، فقد مررنا

اأثارت التجربة هذه مهمة.)9( تقنية خربة �شكلت متعددة مبحاولت

من اأنــه وجــدت فقد املعماري، بالتعليم الــرتاث بربط الهتمام لــدي

يتعامل العمارة، كليات م�شتوى على تعليمي وعي يت�شكل اأن ال�شروري

رب وجتارب عميقة، واأنا مع املوروث بكل ما يحمله من قيم واإيجابيات وعم

م للتعليم املعماري اأكرث بكثري من اأي على يقني اأن الرتاث ميكن اأن يقد

م�شدر معريف اآخر.

اأكرث يف مو�شوع احلرف اأفكر جتربة العذيبات »التعليمية« جعلتني

التقليدية والفنون العربية الإ�شالمية التي لها ارتباط بالعمارة العربية/

اأهتم الذي جعلني الأمر الوقت احلايل، اإنتاجها يف واآليات الإ�شالمية

من كثري عن »�شارلز« الأمــري �شاألت وقــد للعمارة. ويلز اأمــري مبعهد

،»3991 اإبريل 71« بتاريخ له بعثتها ر�شالة يف املعهد حول التفا�شيل

كما الإ�شالمية. للعمارة كر�شي تاأ�شي�ض اإمكانية عن كذلك وت�شاءلت

اأنني قمت بتلبية دعوة غداء خا�شة لأمري ويلز يف �شهر مايو عام 4991

evorghgiH »يف منزله ومزرعته اجلميلة يف منطقة »هاي جروف

له بعثت وقد ال�شغار. واأبنائه دايانا الأمــرية الراحلة زوجته بح�شور

ر�شالة بعدها بتاريخ »1 يونيو 4991« اأ�شكره على كرم ال�شيافة، واأذكره

باهتماماتنا امل�شرتكة حول الرتاث. وقد كنت قابلت يف زيارتي جمموعة

من ال�شباب املهتمني باملحافظة على الرتاث الذي يعزز من الإح�شا�ض

مفهوم اتخذ اخل�شو�ض، وجه على الفرتة، تلك يف والزمن. باملكان

ا الرتاث عندي بعدا اآخر، ارتبط فيها باأبعاد تعليمية ومهنية، خ�شو�ش

اأنني قبلت اأن اأكون رئي�شا فخريا للجمعية ال�شعودية لعلوم العمران، بعد

يف طيار »رائد الأوىل اخلليج بحرب الت�شعينيات مطلع يف ان�شغالتي

قواتنا اجلوية« وتفرغي بعد احلرب ملا اأريد اأن اأجنزه يف حياتي.

اأن فرتة الت�شعينيات كانت مهمة بالن�شبة يل، لي�ض فقط واحلقيقة

على م�شتوى حتديد ماذا اأريد اأن اأقوم به يف م�شاألة الرتاث العمراين،

الرتاث قيمة حول نهائية قناعة اإىل وو�شلت الأمــر ح�شمت كنت فقد

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

الفناء والرواق يف اأحد املباين

يف حماة، �شوريا 2001

اإعادة جتربة عن كتاب ن�شر مت لقد -8

العذيبات، نخيل يف الطني بيت بناء

وميكن الرجوع اإىل:

Facey, William »1997« Back to Earth: Adobe Buildings in Saudi Arabia, Riyadh, Al-

Turath in Association with the London Centre of Arab Studies.

Page 40: Architectural heritagebiography

79 سيرة في التراث العمراني78 79

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

بجمعية عالقتي اأن على ككل، للوطن بالن�شبة ولكن واأهميته،

الإ�شكالت من الكثري يل بينت ال�شعودية واجلامعات العمران

ال�شنوات لنف�شي يف التي و�شعتها الأهداف تعيق اأن التي ميكن

املقبلة، والتي كانت تركز على »اإحداث نقلة ثقافية على م�شتوى

الوعي بالرتاث العمراين«. فقد كنت اأرغب يف اإي�شال ما اأوؤمن به

للنا�ض، ويبدو اأن الأمر مل يكن �شهال، فاأنا ما زلت اأتذكر ر�شالة

وقد اأهــدايف، لتحقيق ال�شرب على حتثني التي »�شارلز« الأمري

اململكة العمراين يف الــرتاث م�شوار اأن الفرتة تلك تاأكد يل يف

حقيقية عملية برامج تبني مع واإ�شرار نف�ض طول اإىل يحتاج

موؤثرة على املدى الطويل.

ل مفهوم الرتاث العمراين عندي بو�شوح، كما ذكرته لقد ت�شك

يف اأحد اللقاءات بعد ذلك، فقد اأكدت اأنه »تراكم كبري خلربات

�شابقة وانعكا�ض لتجارب املجتمع وثقافته وقيمه. فالنا�ض تنظر

الرتاث عن منف�شل كاأنه العمراين، ا وخ�شو�ش الــرتاث، اإىل

ظني يف العمراين فالرتاث �شحيح، غري وهذا للمجتمع، العام

انعكا�ض لرتاث املجتمعات وقيمها واأخالقها وقواعدها الأ�شا�شية

ا، كقاعدة اأ�شا�شية للتطور وثوابتها، كما يجب اأن ينظر اإليه، اأي�ش

وبناء الأمم«. واأكدت اأن التعامل مع الرتاث يجب اأن يكون »لبناء

امل�شتقبل«، وهو »عملية �شعبة جدا ول يقدر عليها اإن�شان«، كما اأن

»تراث الأمم فيه جوانب ثابتة وجوانب متحركة، والعملية املعقدة

وتنميتها معها والتفاعل املتحركة العملية متييز هي وال�شعبة

وال�شعب«. ال�شحيح التج�شيد هو راأيــي، يف وهذا، وتطويرها،

حوله ت�شكلت الــذي الأ�شا�ض هي الروؤية هذه كانت لقد )01(

الرتاث يف اأرى دائما كنت فقد ــرتاث، ال اإىل الدائمة نظرتي

»كيانا يتطور« فيه »الثابت واملتغري«، وقد اأثرت هذه الروؤية يف كل

املبادرات التي قمت بها من اأجل املحافظة على الرتاث العمراين

واقت�شادية ثقافية برامج وتوظيفه يف ا�شتثماره وتطويره، حتى

ارتبطت بال�شياحة الوطنية.

الــرتاث م�شتوى على الــيــوم نعي�شها الــتــي الــكــربى النقلة

على ال�شعودي املجتمع يعي�شه الذي الثقايف والتحول العمراين،

والإميان الإ�ــشــرار لول ليحدثا يكن مل بالرتاث، الوعي م�شتوى

باأننا جمتمع قادر على التغيري اإذا ما �شنحت الفر�شة لذلك، وكل

ما حاولت اأن اأقوم به خالل العقدين الأخريين، هو اأن اأهيئ هذه

الفر�شة وال�شركاء املخل�شني الذين عملوا ويعملون من اأجل حتقيق

هذا الهدف. ل اأقول اإننا جنحنا متاما، فما زال الطريق طويال،

م�شتوى على »التحول« بداية ميثل حتقق ما اأن يقني على لكنني

»ثقافة الرتاث« ب�شكل عام. الأفكار التي يحتويها هذا الكتيب كلها

تو�شح البدايات لتاأ�شي�ض روؤية تراثية معا�شرة يف اململكة العربية

ال�شياحة هيئة تاأ�ش�شت وعندما العمران، جمــال يف ال�شعودية

لتحقيق الطريق اأول م�شكنا لقد نف�شي قلت يف �شنوات ت�شع قبل

اأن فم�شاألة بخطوة، يبداأ ميل الألف فم�شوار الكبرية، الأهــداف

اأعمال الرتميم يف م�شجد

العذيبات، 1990م

ر�شومات تو�شيحية ا�شتخدمت

يف املوقع لإعادة ترميم بئر

املاء يف العذيبات، 1990م

Page 41: Architectural heritagebiography

81 سيرة في التراث العمراني80 81

يتحول الرتاث اإىل ق�شية وطنية، واأن يتحدث النا�ض فيما كانوا

ن�شرا يعد فهذا ال�شابق، يف اهتمام اأي يعريونه ل اأو يجهلونه

كبريا.

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

ت�شكيالت عمرانية تقليدية

من عمان، 2001

حوار هناك كان املنا�شبات اإحدى يف -9

حامد بن عبداهلل املعلم بني مثري

ا�شتخدام حول ملعي د.�شالح وبني

الطني، حتت فر�شة »البال�شتيك«

البال�شتيك اأن حامة بن راأي وكان

لأنه »يخمج«، الطني يجعل �شوف

وكان البال�شتيك. ب�شبب يتنف�ض لن

التجربة يف بهذه مر قد كونه م�شرا

ود.عبدالواحد �شاركت وقد ال�شابق.

املعلم بني التحكيم يف الوكيل

لقد كانت حتدث مثل هذه والدكتور.

حتى تقريبا يوميا التقنية احلوارات

»من احلجامي د.عبداللطيف اإن

املنا�شبات، بع�ض يف موجود املغرب«

ناأتي اأن علينا اقرتح اأنه واأذكر

بطوب فخاري من فا�ض، وفعال نفذنا

تو�شيته، وما زال الطوب موجودا حتى

واأن يتنف�ض، اأن لل�شقف ويتيح اليوم،

ب�شكل والرطوبة املطر مع يتفاعل

اأ�شبه كانت احلوارات تلك عام.

فيها يتعلم التي »اليومية« باملدر�شة

خرباتهم داخلها ويتبادلون اجلميع

ومعارفهم.

Page 42: Architectural heritagebiography

83 سيرة في التراث العمراني82 83

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

ت�شكيالت زخرفية تقليدية

2001م

الأمري �شارلز وهو يت�شلم

اجلائزة، 1427هـ/2006

�شورة متكاملة لبيت العذيبات

قبل اإعادة البناء

الأمري �شارلز، يف حفل توزيع

جائزة الرتاث العمراين

عندما مت تكرميه لفوزه

بجائزة الإجناز مدى

احلياة، 1427هـ/2006م

Page 43: Architectural heritagebiography

85 سيرة في التراث العمراني84 85

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

اأحد الر�شائل من الأمري �شارلز

يف املحلية العمارة تاأ�شيل ندور -10

التعليم العمراين، جامعة امللك في�شل

املوافق »1422/1/16هـ، بالدمام

2002/4/9م«.

Page 44: Architectural heritagebiography

87 سيرة في التراث العمراني86 87

التراث العمراني: كيف؟ ولماذا؟

Page 45: Architectural heritagebiography

89

التراث العمرانيمواقف ورؤى

فكرية 2 سيرة في التراث العمراني

Page 46: Architectural heritagebiography

91 سيرة في التراث العمراني90 91

زيارة للنما�ص بع�سري، 2009

من اأراه، كما الرتاث، مفهوم يبداأ

فهم اأن دائما اأرى كنت فقد »املواطنة«،

الرتاث هو »فهم للوطن« بكل اأطيافه واأعماقه

على عا�سوا الذين النا�ص وبكل التاريخية،

فقط تكتفي ال املواطنة اأن على اأر�سه.)1(

لذلك اأجله، من بالعمل بل الوطن، مبعرفة

فاإنني اأرى اأن الرتاث واالهتمام به واملحافظة

فردي، وعمل مثابرة اإىل حتتاج عليه

وجماعي، وموؤ�س�ساتي، ومبادرات ت�سنع هذا

الوعي اخلالق، من اأجل الوطن وتر�سيخ معنى

االإ�سكالية اأبنائه. لدى احلقيقية املواطنة

هي بالدنا، يف الرتاث عاناها التي الكبرية

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

العذيبات، مكان تعليمي، زيارة لوفد

جامعة )ران�ص(، 2003

موؤمتر ورقة اإىل الرجوع هنا ميكن -1

القروية واملجمعات البلديات روؤ�ساء

الرتاث على بـ»املحافظة واملو�سومة

والطابع املعماري االإقليمي يف اململكة

18-15« اأبها يف ال�سعودية«، العربية

هذه يف اأكدت فقد 1408هـ«. �سوال

يقع بالرتاث اهتمامي اأن املحا�سرة

مثلكم«، كمواطن اهتمامي »�سمن

»الرتاث على املحافظة اأن واأكدت

الطابع ومراعاة التاريخي املعماري

لذلك وملا ملناطقنا، املميز الهند�سي

من هو عميقة، اجتماعية اآثار من

اهتمامنا ت�ستوجب التي االأمور اأكرث

بالذات. الوقت هذا يف ورعايتنا

املو�سوع هذا ن�سع عندما ونحن

اأولوياتنا اإمنا ن�سعى على راأ�ص قائمة

الهوية تر�سيخ يف اأملنا حتقيق اإىل

الوطنية ال�سعودية«.

Page 47: Architectural heritagebiography

93 سيرة في التراث العمراني92 93

الفناء الداخلي يف اأحد امل�ساكن

احللبية، �سوريا، 2009م

الذي اجلديد وراء املحموم االندفاع

التي الفرتة يف مغريا كان اأنه يبدو

التغيري طفرات اململكة فيها عا�ست

من االأفكار با�سترياد متيزت التي

التحديد، وجه على والغرب اخلارج

عليها اأطلق اأن ميكن ال الفرتة تلك

ال�سعودي، للمجتمع »تغريب« فرتة

فمجتمعنا دائما لديه »مقاومة ثقافية«

نابعة من قيم اأ�سيلة قادرة على اإيجاد

القيم، م�ساألة يف ا خ�سو�س موازين،

على واملحافظة االجتماعي، وال�سلوك

املنتج اأن اإال الدينية.)2( الثوابت

ز مدننا قلعة الدو�سرية يف جيزانالعمراين املادي الذي كان ميي

البالد هذه اأهل لتم�سك كان »لقد -2

وتقاليدهم الرا�سخة، بعقيدتهم

متر اأن يف الرئي�ص الدور العريقة

باأقل قدر حمتمل من التنمية مرحلة

االأ�سري الرتابط ولعل اخل�سائر.

والتما�سك التقليدي ال�سعودي

يعي�سه الذي الوثيق االجتماعي

جمتمعنا اليوم هو اأهم دليل على اأننا

فعال قد اجتزنا مرحلة التنمية االأوىل

ب�سالم« »اأبها، 1408هـ«.

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

Page 48: Architectural heritagebiography

95 سيرة في التراث العمراني94 95

تكوين ب�سري جلانب من مبنى بئر املاء يف العذيبات

)من ت�سوير الدكتور ريت�سارد بوديكر، 2007(

اإىل والتحديثية ية التغرير النقالت بتلك تاأثر العتيقة

الدرجة التي اأ�سبح فيها الرتاث يعاين فعال »االندثار«،

الن�سف خالل املهمة املباين من العديد خ�سرنا فكما

القرن االأخري، كذلك خ�سرنا بناء جيل يعي اأهمية هذا

يف املواطنة مفهوم عليه. للمحافظة وي�سعى الرتاث

الرتاث العمراين يبداأ من بناء هذا الوعي وت�سكيل هذا

اجليل، الأن الذاكرة الوطنية ال تبقى اإال يف عقول اأبناء

الوطن.

الر�سم على اخل�سب كف�ساء

زخرف العمارة النجدية

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

Page 49: Architectural heritagebiography

97 سيرة في التراث العمراني96 97

خالل من الوطنية« »الهوية تكري�ص اأن واحلقيقة

الرتاث العمراين، هو يف حد ذاته »دافع« مهم الأي منا

يف الهوية هذه غر�ص اأجل من ومثابرة، بجد للعمل

التنوع هذا على تعتمد هوية اأنها ا خ�سو�س النفو�ص،

التي املن�سجمة الواحدة واملبادئ الذي منلكه، ال�سخم

البالد. هذه اأر�ص على يعي�ص واحد ك�سعب جتمعنا

الرتاث العمراين ي�سنع هذا التنوع وهذا االن�سجام يف

م مهم من مقومات »املواطنة«، اإطار واحد، لذلك فهو مقو

غري اأنني اأنظر اإىل االأمر من زاويته االأخرى، وهي: كيف

ينظر االآخر اإىل هويتنا الوطنية؟

التنوع هذا اإي�سال ر�سالتنا هي يف اأن اعتقادي يف

عرب لالآخر، القيمي االن�سجام وهذا املادي الثقايف

عليه املحافظة خالل من �سواء العمراين، الرتاث

وتطويره، اأو من خالل تبني مبادئه والتعلم من درو�سه.

الرتاث مفهوم مع تتقاطع اأخرى ق�سية هناك

يفهم اأن اأريد ال التنمية، وهي واملواطنة، العمراين

على املحافظة مع تتعار�ص التنمية اأن النا�ص بع�ص

الرتاث وتر�سيخه يف نفو�ص اأبناء الوطن، كما اأن الرتاث

اجلديد، باأ�سباب واالأخذ التطور مع يتعار�ص ال نف�سه

زيارة الأحد املباين يف العال،

2001م.

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

Page 50: Architectural heritagebiography

99 سيرة في التراث العمراني98 99

و�سع االأمر حقيقة يف يحاول التعار�ص هذا يرى ومن

ميكن ال اأنه يقرر من هناك احل�سان. اأمام العربة

وتراثها، تقاليدها خيوط من تتخل�ص اأن ثقافة الأي

وتتوارثها والعقول، النفو�ص يف را�سخة اخليوط فهذه

التوارث اأثناء هذا االأجيال، جيال بعد جيل، وتاأخذ يف

م�ستوى على خمتلفة ب�سور وتظهر متعددة، اأ�سكاال

الثقافة املادية الب�سرية والثقافة غري املادية، ومن ثم

فاإن تعميق الرتاث يف نفو�ص اأبناء هذا الوطن وعقولهم

يعني، ب�سكل اأو باآخر، اإتاحة الفر�سة كي تت�سكل القيم

وثيقا ارتباطا مرتبطة وهي وامل�ستقبلية، املعا�سرة

وعميقة.)3( اأ�سيلة م�ستقبلية ثقافة لتنتج برتاثها،

اأن املحافظة على الرتاث هي اأوؤكده هنا هو اأن اأود ما

الذاكرة وتفعيل الت�سوه، من امل�ستقبل حماية اأجل من

التحديات مواجهة يف لينه�ص الوطن، لهذا التاريخية

فوق اأر�سية �سلبة وبتوازن واثق.

االإيوان يف امل�سكن احللبي

التقليدي، �سوريا، 2009م

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

3- Wilson, C.B. »1988«

‘Architect and Community:

Traditional Process and Modern Products’, A paper read in the third Asian Congress of Architects,

»Seoul«.

يف ع�سري من اأجل بناء �سركات لتنمية

الرتاث العمراين، 2010م

Page 51: Architectural heritagebiography

101 سيرة في التراث العمراني100 101

»احلبو�ص« الدكك التقليدية

مفتوحة على الفناء

الداخلي يف العذيبات،

حماولة للتطوير

لي�ست الرتاث على املحافظة اأن اأرى فاإنني لذلك

خيارا عاطفيا، بل مرتبطة باإمياين العميق باأن االإن�سان

له تكون اأن جمتمع من نتوقع اأن ميكن فال بيئته، ابن

�سخ�سيته وهو يعي�ص بيئة م�سوهة ومهجنة، فكلنا نعرف

اأن اأي بيئة »هجينة« هي »بيئة �سعيفة« الأنها مل تقرر بعد

ماذا تريد، وما هويتها التي يجب اأن توؤكدها وتبنيها .)4(

ميكن النظر اإىل الرتاث هنا على اأنه »خط الدفاع االأول«

االأمة �سخ�سية على يحافظ الذي فهو املحلية، للثقافة

التي ال الهجينة« »الثقافة الذوبان يف »الت�سوه« ومن من

لكنه امل�ستقبل. بناء يف بها يعتد وا�سحة مالمح متلك

الذات التقوقع على اإىل بنا يوؤدي اأن خط دفاع ال يجب

ودفع اأنف�سنا وراء »متاري�ص« عالية حتجبنا عن االآخرين،

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

4- »اأن للبيئة التي يعي�ص بها االإن�سان دورا

كبريا فيما يكون عليه م�ستقبال، ولذا

احل�سبان، يف ذلك اأخذ يجب فاإنه

االأهمية من نف�سه القدر وعلى

االقت�سادية للعوامل ن�سعها التي

االأخرى«. واحل�سابات واالجتماعية،

»اأبها، 1408هـ«.

االحتفال بالنجاح يف العال،

2009م.

Page 52: Architectural heritagebiography

103 سيرة في التراث العمراني102 103

تفاعل �سخ�سي ومبا�سر مع الرتاث

العمراين، العال 2001

اأن يكون دفاعا يعتمد على املواجهة والتحدي بل يجب

تاأكد لقد التاريخ. عرب اأمتنا ميزا اللذين احل�ساري،

يل، بعد مرور ربع قرن تقريبا من املنافحة عن الرتاث،

اأننا اليوم اأحوج اإىل االرتكاز على مكت�سباتنا احل�سارية

التي �ست�سون، دون �سك، وجودنا، وحتمينا من التفكك

وطم�ص الثقافة«، »عوملة نحو يتجه عامل يف الثقايف

هذا اأن غري واملهيمن. االأقوى هوية وفر�ص املحليات،

يحتاج اإىل »اخرتاق ثقايف« على امل�ستوى املحلي، فبناء

حتقق مبادرات يتطلب احليوية، الرتاث بقيمة الوعي

هذا االخرتاق.

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

اأحد املباين يف مدائن

�سالح، العال..

Page 53: Architectural heritagebiography

105 سيرة في التراث العمراني104 105

قدم يف موطئ لنا يكون اأن على ن�سر يجعلنا هذا

احل�سارة املعا�سرة، فنحن ال نريد اأن نكون م�ستهلكني

لهذه احل�سارة، بل م�ساهمني يف بنائها، وهذا ال ميكن

ل لدينا اأن يحدث دون االعتماد على ما منلكه، وما ت�سك

الرتاث يف البحث والعريق. الطويل تاريخنا خالل

امل�ستقبلي، وهذا ي�ساعدنا على حتديد دورنا العمراين

ا، الأنني، كما قلت مرارا، »الرتاث« ال يعني لي�ص تناق�س

املا�سي، بل يحدد »خارطة الطريق« التي يجب اأن من�سي

على منهجها يف احلا�سر وامل�ستقبل، وهذا ال يعني فر�ص

قيود على امل�ستقبل، بقدر ما يعني حتديد »من نحن؟«

و»ماذا نريد الأنف�سنا؟« و»كيف �سينظر اإلينا االآخرون؟«.

اإنه االآلية التي ت�ساعدنا على فهم ت�سورنا عن اأنف�سنا،

االأمة وعي بناء يف اأ�سا�سية حاجة ذاته حد يف وهذا

مب�ستقبلها وبدورها احل�ساري.

جمتمعاتنا تكون باأن اأنادي اأنني يعني ال هذا

م�ستحيل، فهذا نف�سه، الوقت يف و»حديثة« »تقليدية«

لكن كما ذكرنا، ال ميكن ملجتمع اأن يتخل�ص من خيوط

الأن العميق، الثقايف مبكونه تربطه التي التقاليد

املجتمعات تورث هذه التقاليد، بوعي ودون وعي، وهي

بذلك متلك جزءا من »جيناتها الثقافية« االأ�سلية والتي

االأخرى. الثقافات عن وا�سح ب�سكل متيزها ما عادة

العمارة الع�سرية، �سخ�سية

ب�سرية منفردة، 2010م

تكوينات عمرانية حديثة ت�سرف

على وادي حنيفة

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

Page 54: Architectural heritagebiography

107 سيرة في التراث العمراني106 107

واجهة م�سمتة اإال من بع�ص الفتحات،

اأحد ق�سور الفوطة، الريا�ص

الرتاث العمراين ي�سهم يف املحافظة على تلك اجلينات،

وي�ساعد على ت�سكيل هذه القاعدة الثقافية املهمة التي

ميكن اأن تنطلق منها االأمة اإىل م�ستقبل جديد. يرى اأحد

ز »التقاليد« هو »غمو�سها« املهتمني بالتقاليد اأن ما ميي

هو العمراين الرتاث اأن ح�سبنا ما واإذا و»مرونتها«،

هذه كانت اأيا املحلية، املعمارية للتقاليد« »حامل

ي�ساعدان ومرونته الرتاث هذا غمو�ص فاإن املحليات،

يف كثري من االأحيان على »اإتاحة االإبداع دون اأن يربك

اأو اأن يكون »متقبال للتحديث« اإما الو�سع ال�سائد« الأنه

اأقل »مقاومة لالإبداع«، لذلك هو تراث يبحث دائما عن

»البدائل«، ويتفاعل معها، ويتقبلها، ويندمج معها ل�سنع

اجلديد.)5(

تكوينات عمرانية تنامت على

جانبي وادي حنيفة

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

5- Shils, E.

» 1 9 6 6 «

P o l i t i c a l Development in the New States, Paris,

Mouton & Co.

Page 55: Architectural heritagebiography

109 سيرة في التراث العمراني108 109

»احلاجة مو�سوع بوبر« »كارل الفيل�سوف يثري

مهمة م�ساألة »التقاليد« من يجعل كمجال التنبوؤ« اإىل

بالن�سبة للمجتمعات املعا�سرة، لذلك يوؤكد اأن »التقاليد

االجتماعية«، حياتنا يف واالنتظام النظام لنا تقدم

والتي التقنية، حتى واالقت�سادية، املهنية وبالتاأكيد

ل يف جمموعها »ف�ساء العمارة«. لذلك فاإن »بوبر« ت�سك

يرى اأنها »و�سيلة لالت�سال واأنه دونها ال ميكن اأن نعتمد

على وجود معايري« يف حياتنا.)6( لذلك جند اأن كثريا

من املتخ�س�سني يرون اأن التقاليد هي »مو�سوع حياتنا

الريا�ص قدميا-الواجهة الرئي�سية

الغربية لقلعة امل�سمك

املوقد يف العذيبات

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

6 - Popper, K. »1968«

‘Towards a Rational Theory of Tradition’, in his The Growth of Scientific Knowledge, New York, Harper and Row, pp. 120-35.

Page 56: Architectural heritagebiography

111 سيرة في التراث العمراني110 111

املعا�سرة« ولي�ست جزءا من املا�سي. ولعل هذا هو الذي

العمارة »هوية مو�سوع هو الرتاث باأن موؤمنا يجعلني

مع يتعار�ص ال فالرتاث تاأكيدها. وجمال املعا�سرة«

التقنيات مع يندمج بل االإبداع، يقاوم وال التحديث،

بالذات الفكرة هذه بو�سوح. عنها ويعرب اجلديدة،

يجب اأن نعمل عليها كثريا، الأنها مدخل مهم ملجتمعاتنا

اأفرادها وجود »الرتاث« يف العربية التي يعار�ص بع�ص

ومع التقنية مع يتعار�ص اأنه بدعوى املعا�سرة، حياتنا

التحديث والتطور.

الوطني، الرتاث يف اأرى زلت، وما كنت، لقد

والعمراين منه على وجه التحديد، اأنه ي�سهم يف ت�سكيل

بيئة حملية »منفتحة« قادرة على االختيار، الأن الهدف

هنا لي�ص االنغالق على الذات وعدم التفاعل مع اجلديد،

بل عدم ترك اجلديد يهيمن على هويتنا فنذوب يف هذا

اجلديد الذي �سيكون، يف الغالب، م�ستوردا من اخلارج،

فاإن ذلك ومع التاريخية. ومكت�سباتنا متيزنا ونخ�سر

الداخلي«، »اجلديد �سنع على حتث الرتاث درو�ص

االبتكار من مكنهم الذي جديدهم اآباوؤنا �سنع فكما

ومن تطوير تقنيات عمرانية تنا�سب حياتهم وطبيعتهم

من ونتعلم حذوهم، نحذو اأن بنا يفرت�ص املكانية،

مثابرتهم، ون�سنع جديدنا الذي ينا�سب حياتنا وطبيعة

م اإ�سافة للحراك العمراين على م�ستوى ع�سرنا، ويقد

العامل.

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

اأحد الق�سور يف الطائف، ت�سكيل يجمع بني

القدمي واجلديد ب�سورة عفوية

Page 57: Architectural heritagebiography

113 سيرة في التراث العمراني112 113

ولي�ص امل�ستقبل هو »الرتاث« اإن اأقوله اأن اأود ما

من على غريبة الروؤية هذه تكون رمبا فقط. املا�سي

الأنه املا�سي فقط، اأنه على الرتاث اإىل ينظر اأن د تعو

بينما واالأجداد، االآباء عن ورثناه ما الرتاث يف يرى

اأرى يف الرتاث ما �ساأورثه الأبنائي واأحفادي، واأ�سعى الأن

الرتاث ما اأن واأحفادي اأبنائي ثقافة يرى فيها نحدث

�سيورثونه لالأجيال التي �ستاأتي بعدهم. الرتاث هو جزء

من ثقافة امل�ستقبل التي يجب اأن نوؤ�س�ص لها اليوم.)7(

الرتاث من االأ�سا�سي موقفي هو هذا يكون رمبا

كنت واإن والعملي، الفكري امل�ستويني على العمراين،

اأطول اإىل وقت اأنه على م�ستوى التطبيق نحتاج اأعتقد

من اأجل فهم تراثنا املوجود واملتناثر، فاإذا ما كنت اأوؤمن

باأن الرتاث و�سيلة توا�سل معا�سرة، فاإن فهم اأدوات هذه

بقدرتنا ومرتبطة اأ�سا�سية م�ساألة وعنا�سرها الو�سيلة

مع تعاملنا يف »التطبيقي« امل�ستوى على النجاح على

الرتاث عزل من تبداأ هنا الكربى االإ�سكالية الرتاث.

مبان جديدة تطل على وادي

حنيفة يف مدينة الريا�ص

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

بوابة دخنة الدروازة اجلنوبية

عام 1356هـ

وهي الوراثة، Heredity »تعني -7

البيولوجية اخل�سائ�ص انتقال

تتوارث حيث اآخر، اإىل جيل من

خ�سائ�ص اأو �سمات االأجيال

من �ساللة متيز معينة ج�سمية

االأجنا�ص، اأو جن�سا من ال�سالالت،

وتعني البيولوجية. الوراثة وت�سمى

انتقال وهو تراثا، Heritageالثقافية اأو احل�سارية ال�سمات

جيل اإىل جيل من معني ملجتمع

والتعليم، وت�سمى التعلم عن طريق

اأو الثقايف، اأو احل�ساري، بالرتاث

Heritage تعني كما االجتماعي.

املادي، االإرث انتقال وهو املرياث،

اأي تركة االأ�سول للفروع ح�سب نظم

زيادة، جمتمع«. بكل خا�سة معينة

الفل�سفية املو�سوعة »1986« معن

العربية، معهد االإمناء العربي.

Page 58: Architectural heritagebiography

115 سيرة في التراث العمراني114 115

قرية ذي عني، تفاعل عميق مع

الت�ساري�ص اجلبلية، 2001م

كمكون منف�سل نريد اأن نوظفه ب�سكله املنف�سل املنعزل

اأغلب الغالبة عند املمار�سة وهي املعا�سرة، يف حياتنا

»نقل �سكل على املحاولة هذه فتاأتي اليوم، املعماريني

بحت« اأو »نقل مطور« ال كمحاولة نابعة من فهم الرتاث

من خالل التعرف على اأجزائه وتفا�سيله. عزل الرتاث

حلقات �سمن كحلقة ال بذاته« قائما »كيانا وجعله

تطورنا االإن�ساين على امل�ستوى املحلي، لن يجدي نفعا،

ولن يو�سلنا اإىل �سيء، لذلك فقد كنت اأقول دائما اإننا

نحتاج اإىل فهم الرتاث اأوال ثم نبداأ باإعادة ربطه بحياتنا

املعا�سرة وامل�ستقبلية، وفهم الرتاث يف حد ذاته م�ساألة

عملية تطبيقية ال جمرد قراءات واأفكار.

مع يتوافق الرتاث اأن نرى نحن املنظور هذا من

تكوين االإن�سان االجتماعي والبيئي واالأخالقي، واالإن�سان

يتجاوب الأنه الرتاث، اإىل هذا بطبيعته وبفطرته يحن

مع احتياجاته احلقيقية لي�ص جتاوبا مفتعال، بل جتاوب

ا يف االأجيال اجلديدة التي مل تع�ص يف حقيقي، خ�سو�س

البيوت القدمية، ومل تنظر اإىل هذه البيوت يف يوم من

االأيام على اأنها م�سدر تخلف وفقر وجهل، كما كان ينظر

اأنني غري ال�سابق)8(. يف القدمية والبيوت املدن اإىل

اأريد اأن يكون التحول يف موقف النا�ص فقط، جمرد ال

حتول اإىل بحاجة نحن �سابقا ذكرت فكما »عاطفة«،

»رابط«، وما اأق�سده هنا هو التحول الذي ي�سمح بربط

الرتاث باحلياة املعا�سرة، ويكون م�سدرا لالإبداع.

املدينة بها ت مر التي التحوالت اأن نعرف كلنا

لت موقفا �سلبيا ال�سعودية، ومر بها املجتمع ال�سعودي، �سك

من الرتاث، اأدى مع الوقت اإىل اإهمال هذا الرتاث. ما

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

ق�سر امللك عبدالعزيز باخلرج

العدد عكاظ، جريدة مع مقابلة -8

1418/12/3هـ. الثالثاء ،11544

حفل يف موؤخرا هذا اأكدت وقد

منطقة يف اأملع رجال قرية تد�سني

ع�سري، حيث اأ�سرت اإىل اأنه »قد كان

من نوع اأنه على الرتاث اإىل ينظر

االأوقات اإنه يف وقت من بل التقوقع،

واأنتم الرجعية. با�سم الرتاث �سمي

كان الكرماء عندما البلدة اأهل هذه

االأ�سماء، بهذه ويندب الرتاث ي�سمى

اإىل نظر من �سد تتحدون كنتم

هدم ومن الدونية النظرة الرتاث

قريته ترك ومن بيته وهدم بلده

عينيه«. اأمام يندثر وتراثه واأ�سله

,4908 العدد االقت�سادية، جريدة

1428هـ االأول ربيع غرة الثالثاء،

املوافق 2007/3/20م.

Page 59: Architectural heritagebiography

117 سيرة في التراث العمراني116 117

ي�سعدين االآن هو اأن هذه النظرة ال�سلبية بداأت تتال�سى

م�سدر اأ�سبح عام ب�سكل الرتاث واأن مت�سارع، ب�سكل

الرتاث تكري�ص االآن ب�سدد النا�ص. ونحن الأغلب فخر

بحيث اأفراد جمتمعنا، لدى معرفيا يكون م�سدرا كي

ي�سعر اجلميع باأنهم ينتمون لهذا الرتاث، �سورة ال تعزل

هذا الرتاث عن احلياة املعا�سرة، كما ت�سري اإىل ذلك،

اأنه على الرتاث ترى التي العربية الفل�سفية املو�سوعة

»تركة« االأجيال املا�سية من ح�سارة مادية ومعنوية التي

يتلقاها االأفراد من املجتمع، الذي هم اأع�ساء فيه. وهذه

بالن�سبة لالأ�سخا�ص، ال�سمات احل�سارية هي كل �سيء

ولوالها ملا ا�ستطاع املجتمع اأن يتطور ويتقدم. فالرتاث

عن�سر مهم من عنا�سر التطور، واالإن�سان مدين الأجياله

ولها احل�سارية النماذج هذه كل اأورثته التي ال�سابقة

وتكاملها«)9(. احل�سارية �سخ�سيته بلورة يف الف�سل

هذا االإقرار الوا�سح باأن الرتاث مكون اأ�سا�سي يف تطور

اأي اأمة يفر�ص علينا م�سوؤولية كبرية جتاه اإي�سال هذه

الر�سالة للمجتمع، الأن ت�سكل وعي ثقايف يرى يف الرتاث

اأحد مكونات امل�ستقبل هو بداية التغيري االإيجابي الذي

ن�سعى اإليه.

اأ�سئلة من نبع لدي ل ت�سك الذي الرتاث �سوؤال

عتيقة، مدينة زرت كلما تراودين كانت ومالحظات

وتلك املدن تلك مالءمة حول حديثا �سمعت وكلما

وت�ساري�سه وبيئته، االإن�سان، العمرانية حلاجة البيئات

الطبيعية)10(. لقد �سنعت عندي تلك االأ�سئلة هاج�ص

فالعاطفة وامل�ستقبل، احلا�سر يالئم الذي »الرتاث«

لنتعلم الرتاث اإىل بل نحن نحتاج لها حمل، لي�ص هنا

ي�سكل هنا الرتاث وامل�ستقبل. احلا�سر درو�ص منه

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

�سبق مرجع ،»1986« معن زيادة، -9

من اأمة اأي »تراث اأن ويوؤكد ذكره،

مهما عامال يكون اأن ميكن االأمم

واأ�سا�سيا يف تطور تلك االأمة وتقدمها،

الأن االإن�سان يف كل زمان ومكان وارث

وخرب، معارف من اأ�سالفه قدمه ملا

وي�سيف حا�سره يف منها ي�ستفيد

ويطورها وجتاربه خربته من اإليها

بعلمه ومعرفته، من اأجل بناء حا�سره

م�ستقبله. بناء اأجل ومن وتقدمه،

ولهذا فالرتاث عملية تراكم ح�سارية

املا�سي، عرب وم�ستمرة، دائمة

للم�ستقبل. وجتاوزا باحلا�سر مرورا

قطع هناك يكون اأن ميكن وال

احل�سارية، العملية هذه يف زمني

ت�سبح املا�سي يف االإن�سان فتجربة

وت�ستمر احلا�سر يف جديدة جتربة

اأن علينا يكون ولهذا للم�ستقبل.

القدمي االإرث احل�ساري ن�ستفيد من

والعمل وجتديده احلا�سر لتطوير

نطغي اأن دون امل�ستقبل، اأجل من

يلغي وال احلا�سر، على املا�سي اإرث

احلا�سر املا�سي، وال يقف املا�سي يف

�سبيل امل�ستقبل«، 245.

بالد ال�سعودية العربية »اململكة -10

جزء لكل االأطراف، مرتامية

يتالءم مميز معماري طابع منها

ومواردها ومناخها بيئتها مع

الطبيعية، ومتطلبات اأهلها االإن�سانية

اأجدادنا وعى ولقد واالجتماعية.

لذلك الواقع منذ قدمي الوقت، وقاموا

مع لتتالءم هند�سيا مدنهم بتكييف

واالقت�سادية، االجتماعية بيئتهم

»اأبها، الوعي؟«. ذلك ذهب فاأين

1408هـ«.

11- اأبها »1408 هـ«.

دائما العمراين الرتاث كان فقد »اال�ستدامة«، مفهوم

اال�ستدامة درو�ص من ين�سب ال معني وهو »م�ستداما«

التي ميكن اأن نتعلمها اليوم لبناء مدننا. بالتاأكيد لي�ص

املق�سود هنا العي�ص كما كان يعي�ص اآباوؤنا، فاالإن�سان ابن

ع�سره، واالأبناء اأ�سبه بع�سرهم منهم الآبائهم، لكن ما

ميكن اأن نتعلمه من تراثنا ومن ح�سا�سية عمارة االآباء

جدوى يف مرة األف نفكر يجعلنا واالجتماعية البيئية

الرتاث يف �سنع امل�ستقبل. وكما ذكرت كثريا فاإنه لي�ص

اأو اإحيائه وحماولة املا�سي اإىل »العودة« اليوم مطلوبا

البناء يف احلديثة واملواد التقنية فر�ص كيفية تدار�ص

هو مطلوب هو ما اإمنا تاريخي، معماري اأ�سلوب على

ا الب�سرية منها نحو فهم اأعمق توجيه مواردنا، وخ�سو�س

جلغرافيتنا االإن�سانية وتقارب اأكرث فيما بني معماريينا

وبني تراثهم وثقافتهم االإ�سالمية والوطنية. ومن ذلك

اأن ما ميكن نحو �سليم وتوجيه وا�سحة بفل�سفة نخرج

تكون عليه بيوتنا وقرانا ومدننا، اآخذين يف احل�سبان كل

توؤثر اأن ميكن التي والعوامل واالحتماالت االقرتاحات

يف ذلك املفهوم والتوجه«)11(.

وتفكيكه، الرتاث فهم نحو يتجه هنا طموحي

حتث التي و»الغمو�ص« »املرونة« فكرة اأن من انطالقا

من نابع اأ�سال وهذا و»التجربة«، »االكت�ساف« على

فلماذا اجلديد، عن غالبا تبحث التي االإن�سان طبيعة

ذلك ويكون الرتاث، داخل اجلديد عن بحثنا يكون

الت�ساوؤل هذا والتجربة؟ االكت�ساف متعة طريق عن

اأطرحه على نف�سي اأوال، الأنني، كما ذكرت، ال اأنظر اإىل

الرتاث على اأنه مكون »ما�سوي« ت�سكل نهائيا، الأن هذا

قد الذي االأمر املا�سي«، »االغرتاب يف اإىل يقودنا قد ممر يف جالجل

Page 60: Architectural heritagebiography

119 سيرة في التراث العمراني118 119

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

ن�ساهده كما والل�سق، والق�ص النقل اإىل بنا يف�سي

تنبع الرتاث اإىل نظرتي وا�سع. نطاق على االأيام هذه

يف »امتداد له »معا�سر« مكون اأنه على اأ�سا�سي ب�سكل

املا�سي«، اأي اأنه بداأ يف الت�سكل يف املا�سي، كما ميكن اأن

تبداأ اأ�سياء جديدة اليوم ومتتد يف امل�ستقبل. اإنه مكون

ويتفاعل والتطوير النقد ويتقبل يكت�سب اجلديد »حي«

مع احلياة.

اأفكر يف يوم فر�ص الرتاث العمراين على لذلك مل

تكون اأن وفكريا ذوقيا اأتقبل ومل املعا�سرة، املدينة

هناك لكن املا�سي، عن من�سوخة املعا�سرة عمارتنا

م�سار اإىل فتحولت عمارتنا، يف انقطع للتطور، ف�ساء

وعميقة اأ�سيلة عمارة عنه تنتج مل �سعيف »هجني«

الطينية العمارة اأمام منده�سا اأقف اإنني اليوم. حتى

التي اأنتجت يف عهد امللك عبدالعزيز »طيب اهلل ثراه«

يف اندها�سي ويكمن ،1953-1902 بني ما الفرتة يف

�سكان بها وقام امللك، بها قام التي الرائدة التجارب

يقف من التقليدية. الريا�ص عمارة لتطوير الريا�ص

القدمية«، املدينة »�سمال الفوطة يف الق�سور اأمام

والتي ما زال بع�سها قائما حتى اليوم، ال بد اأن يكت�سف

اإىل اأي مدى كانت تلك العمارة قابلة للتطور، فقد كان

باإمكانها اأن تلبي الكثري من رغباتنا اليوم. ق�سر املربع

ما زال يقف �ساهدا على اأن عمارة الطني كانت ت�ستطيع

ل الق�سر حتو الوظائف اجلديدة، فهذا تتفاعل مع اأن

والوظيفة احلجم حيث من واأ�سبح للحكم قاعدة اإىل

مبنيا كان لكنه القدمية، الريا�ص عمارة على جديدا

بالطني. ما اأود اأن اأوؤكده هنا هو اأن العمارة القدمية يف

مدننا كان ميكن اأن تنتج عمارة اأ�سيلة لو تركناها تنمو

فعندما بالتجربة، العمارة فاإن معروف هو فكما طبيعيا،

االأول من الن�سف رائدة يف معمارية كانت هناك جتارب

القرن الع�سرين ا�ستجابت عمارة الطني لها واأنتجت مناذج

اأن نتعلم منها اليوم، لكنها انقطعت عمرانية مهمة ميكن

ال�ستينيات، يف كامل ب�سكل وتراجعت اخلم�سينيات يف

مرتبطني غري اليوم معماريو واأ�سبح احلرفيون فاختفى

بتلك التجربة املهمة التي مرت بها بالدنا.

وجه على الريا�ص، يف الطني عمارة قدمته ما

اخل�سو�ص، وبع�ص مدن اململكة خالل القرن الع�سرين حتى

مطلع ال�سبعينيات كان جتربة حية تعرب عن فكرة »توا�سل

الرتاث«، وكان بودي اأن نتعلم من تلك التجربة الرثية، الأنها

كانت جتربة »عفوية«، ونحن نحتاج اإىل اأن يكون توا�سلنا مع

الرتاث يف امل�ستقبل »عفويا« دون اأن تكون هناك ت�سورات

اأنا الرتاث. هذا من نوظفه اأو ننتقيه اأن نريد ملا م�سبقة

ال اأطلب امل�ستحيل هنا، بل االأمر يرتبط بت�سكيل »الذاكرة«

الرتاث ثقافة املجتمع من خالل لدى العمرانية والتجربة

وجه على بالتعليم مرتبطة امل�ساألة ثم ومن منلكها، التي

اخل�سو�ص، فال عفوية دون تعليم، الأنه عندما يكون الرتاث

اإعادة تتم ف�سوف املجتمع لدى املعريف املركب من جزءا

اإنتاج الرتاث ب�سكل عفوي يف حياتنا املعا�سرة وامل�ستقبلية،

ال باأ�سلوب الق�ص والل�سق.)12(

اإنني اأت�ساءل مع القارئ، لو اأن تلك التجارب التي بداأت

تاأ�سيل اأهمية عن املزيد ملعرفة -12

اإىل الرجوع التعليم ميكن الرتاث يف

الف�سل الثالث.

الفناء يف اأحد ق�سور

الفوطة، الريا�ص

Page 61: Architectural heritagebiography

121 سيرة في التراث العمراني120 121

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

ا�ستمرت املوؤ�س�ص الذي �سنع دولتنا احلديثة، مع امللك

وكيف املعا�سرة.. عمارتنا �ستكون كيف اليوم، حتى

�سيكون �سكل مدينة الريا�ص اليوم؟ يف اعتقادي اأن هذا

ال�سوؤال يثري املخيلة ويفتح املجال لبناء م�سارات متعددة

لهذه العمارة. فلم يتوان امللك املوؤ�س�ص عن فتح الريا�ص

على املحافظة على م�سرا كان لكنه جديد، كل على

ن�سيجها بناء يف رجاالتها على واالعتماد املدينة هوية

يف م�ساهدتها ميكن التي التجربة اجلديد. العمراين

القدمية واملدينة املربع ق�سر بني الريا�ص امتدادات

اأن توؤكد عميقة معمارية جتربة لبناء خ�سب جمال

اأن باإمكاننا كان واأنه فر�سة، اإىل بحاجة كان الرتاث

نتعلم الكثري من مدننا العتيقة، لكننا مل نفعل. ما اأفكر

�سالت وبناء الرتاث مع القطيعة اإنهاء هو اليوم فيه

قوية معه يف حا�سرنا وم�ستقبلنا.

عمارة الرتاث، من وجهة نظري، هي ما نقوم باإنتاجه

باأنف�سنا من خالل تفاعلنا مع احتياجاتنا وخ�سو�سيتنا

فما االجتماعية. طبيعتنا علينا تفر�سه وما املحلية،

وال لهم، بالن�سبة مهما تراثا �سي�سبح الأبنائنا �سنورثه

نريد اأبدا اأن نورثهم »ثقافة هجينة« مم�سوخة ال معنى

اآباوؤنا فقط. اإنها ثه لنا لها، كما اأننا ال نريد لهم ما ور

بهذه قمت وقد الواقع، مع با�ستمرار تتكيف عمارة

هـ/ 1409« العذيبات م�سروع يف بنف�سي التجربة

1989م« حتى اليوم، كما بينت ذلك يف الف�سل ال�سابق.

هذا امل�سروع بالن�سبة يل ميثل فل�سفة خا�سة يف الرتاث

باأقل ما ميكن من املعماري »احلي«، لذلك فاإنني قمت

التدخل والتغيري يف »نخيل العذيبات«، و»كلما جل�ست يف

اإنني اأقول احلمد هلل، العذيبات. الريفي بنخيل املنزل

مل اأقع يف اخلطاأ نف�سه الذي وقع فيه كثري من النا�ص، ومل

اأحاول اأن اأحتدى الطبيعة واأفر�ص الغرور االإن�ساين على ما

خلقه اهلل«.)13(

العذيبات بيت عن يقول كان من اأنتقد زلت وما كنت

اإنه قدمي، الأنني اأراه حديثا بكل معنى الكلمة، وهذا مرتبط

بروؤيتي اإىل الرتاث العمراين ب�سورة عامة، لقد بني البيت

العمراين، للرتاث احرتام م�سمونه ويف طبيعية، مبواد

حديث هو ما كل من الق�سوى اال�ستفادة راعينا ولقد

ومفيد، وال اأجد اأي تعار�ص بني امل�سمون الرتاثي وبني املواد

احلديثة واجلديدة، فلو اأن املواد احلديثة موجودة قبل مئة

ن�ستخدمها كيف املهم قبلنا، من الذين ال�ستخدمها عام

ونوظفها يف العمارة املعا�سرة. فاأنا مل اأفكر اأبدا يف اإح�سار

النا�ص يزور عندما اأنه هو هديف الأن اخلارج، من مواد

املكان يتعلمون منه، وتكون لديهم قناعة باأنهم ي�ستطيعون

13- مقابلة مع جملة البناء »ثقافة العمارة

ال�سنة 149 العدد الثقافة«، وعمارة

1423هـ/ »�سوال والع�سرين الثانية

يناير 2003«، اأجرى املقابلة د.م�ساري

النعيم.

بيت يف منطقة جنران

Page 62: Architectural heritagebiography

123 سيرة في التراث العمراني122 123

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

»يناير البناء، جملة مع مقابلة -14

.»2003

يف حا�سر التعليمي اجلانب اأن كما مثله. مبنى بناء

وعي يت�سكل اأن ميكن ال باأنه قناعة على الأين ذهني،

باأهمية الرتاث العمراين دون جتربة عمرانية حقيقية،

وقد كانت العذيبات هذه التجربة.

لل�سيافة بيتا القدمي البيت من بالقرب »بنيت لقد

باملواد نف�سها، ولكنه متطور عن القدمي بع�سر �سنوات،

اأدخلنا فيه الكثري من الفكر اجلديد واالإ�سافات، الأننا

العذيبات لبيت �سغرية غرفة باإ�سافة قمت اأنني كما

طورنا فيها كل ما تعلمناه من العذيبات. فمن اخلطاأ اأال

تاريخية حالة يف يبقى اأن اخلطاأ ومن االإن�سان، يطور

العربية عمارتنا اأن يفهم اأن اخلطاأ ومن جامدة،

واالإ�سالمي العربي العامل اأنحاء �ستى يف االإ�سالمية

على اأنها عمارة جامدة، والعمارة التقليدية كانت دائما

عمارة حية ت�ستوعب اجلديد وت�ستفيد من املفيد«.)14(

بها مرت التي التجربة يف اأفكر كنت اأنني واحلقيقة

العمارة التقليدية يف اململكة يف الن�سف االأول من القرن

مواد من التقليدية العمارة ا�ستفادت لقد الع�سرين،

البناء اجلديدة، وتكيفت لتلبي وظائف جديدة، »مطار

امليالدية، االأربعينيات منت�سف يف بني الذي الهفوف

على �سبيل املثال«، لذلك ميكن روؤية العذيبات على اأنها

التقليدية العمارة تطور الإمكانية ا�ستك�سافية جتربة

للتكيف مع حياتنا املعا�سرة.

فكريا موقفا جعلها ميكن واخلطاأ« »التجربة ثقافة

اآخر يف نظرتي اإىل الرتاث العمراين، فدون التعلم من

االأخطاء من خالل التجارب، لن ن�سنع عمارة عفوية، مثل

تلك التي ت�سكلت يف الريا�ص يف الن�سف االأول من القرن

املا�سي، فقد مار�ص النا�ص حياتهم ب�سكل طبيعي، وحاولوا

اأن يلبوا احتياجاتهم العمرانية من خالل التقنية واملعارف

املحلية، وجنحوا يف ذلك كثريا، وكان باإمكانهم اأن يطوروا

اأفكارا ومعارف وتقنيات جديدة، وقد فعلوا ذلك، من خالل

تفاعلهم املبا�سر مع احتياجاتهم الوظيفية اجلديدة، فاأنا

ل�ست مع من يقول اإن الرتاث العمراين ال ميكن اأن يتعامل

اأن اأق�سد ال هنا واأنا اجلديدة، العمرانية الوظائف مع

الرتاث العمراين هو فقط عمارة الطني، بل االأمر اأو�سع من

ذلك، ومثال تطور عمارة الطني يف الريا�ص هو فقط اأحد

االأمثلة التي ميكن اأن نتعلم منها، كما تعلمت منها �سخ�سيا

يف العذيبات.

فمثال يرتبط الرتاث باحلرفة ب�سكل »بنيوي«، فال توجد

عمارة اأ�سال دون حرفة ودون معرفة بتقنيات البناء، وهي

اأ�سا�ص التجربة يف العمارة، فاإذا كنا نهتم بثقافة التجربة

جمال هي العمراين بالرتاث املرتبطة فاحلرف واخلطاأ،

اإحدى البدايات املهمة لتكري�ص وا�سع للتجربة. لذلك فاإن

والتعلم القدمية البناء حرف تطوير هي بالرتاث، الوعي

من معلميها وحرفييها، فعلى امل�ستوى ال�سخ�سي ا�ستفدت

بن عبداهلل الوطني احلريف املعلم مع جتربتي من كثريا

العذيبات. بناء اإعادة يف فعال ب�سكل اأ�سهم الذي حامد،

لقد تعلمت كثريا من احلوار الذي كان يدور يف اأثناء بناء

متعلم غري »رجل حامد بن عبداهلل بني العذيبات بيت

تعليما نظاميا« والدكتور �سالح ملعي »الذي تعلم يف اأملانيا«،

اأن يل بد ال وكان جوهرية، ق�سايا حول حوارا كان فقد

اأكون احلكم بينهما، لقد �سبهت هذا احلوار وكاأنه يدور بني

اأ�ستاذين يف اجلامعة، لكن لكل واحد منهما لغته اخلا�سة،

التجربة اأنا الذي يرتجم لالثنني. لقد زادتني هذه وكنت

كان فقد احلريف، يف متاأ�سلة املعمارية »الثقافة باأن ثقة

ق�سر خزام بجدة، بدايات مهمة

لتطوير العمارة التقليدية يف عهد

امللك عبدالعزيز

Page 63: Architectural heritagebiography

125 سيرة في التراث العمراني124 125

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

كيف يعرف وكان جدا، وا�سحا اجتاها متجها احلريف

والرموز ال�سكليات مع يتعامل وال احللول، مع يتعامل

فقط«.)15(

يجعلني هذا اأقول اإن املحافظة على الرتاث ال ميكن اأن

تكون عاطفيا واإال �ستف�سل، الأن االأمر يحتاج اإىل جتربة،

اأي اأن الرتاث يجب اأن يعا�ص كما هو »اليوم« ال كما كان يف

املا�سي، ومن ثم، فاإن اإحياء احلرفة التقليدية املعمارية

اإحياء مبوا�سفات معا�سرة، وهو ما قمنا يكون اأن يجب

به يف العذيبات عندما جمعنا احلريف التقليدي مع اأ�ستاذ

اجلامعة املتخ�س�ص يف البناء التاريخي واملعماري املهني

بكل املحلية اخلربة جتمع معرفية خلطة تت�سكل كي

بالطني. ومع البناء واملهنية يف جمال العلمية التطورات

بالطني بقدر ما هو البناء اأبدا هو الهدف ذلك مل يكن

دعوة اإىل تطوير املواد املتعلقة بالرتاث املعماري القدمي

حتى نتالفى امل�سكالت التي ا�ستطاع النا�ص قدميا التعامل

معها.)16(

امل�سببات وعن االأ�سياء اأ�سول عن الرتاث يف اأبحث

فاأنا عليها، التي هي �سورها تاأخذ االأ�سكال التي جعلت

»ل�ست خبريا يف العمارة، ول�ست معماريا، ولكنني متذوق

لها. والوا�سح اأن اجلانب العلمي يف حياتي لكوين طيارا

مهتما كنت فلقد االأمور، اإىل نظرتي طريقة يف اأثر قد

جدا بالفكر التاأ�سي�سي للجوانب الكثرية التي اأراها، وكنت

اأ�ساأل نف�سي: ملاذا كان يعمل هذا ال�سيء بهذه ال�سفة؟«.

الرتاث اإىل اأنظر يجعلني بالذات اجلانب هذا )17(

بعني ناقدة دائما، فاأنا ال اأكتفي مبا اأ�ساهده، بل اأبحث يف

واجلغرايف، والبيئي، االجتماعي/الثقايف ومغزاه معناه

هذه بها مرت التي التاريخية املراحل حتى والتقني،

»يناير البناء، جملة مع مقابلة -15

اأهمية اإىل اأ�سرت كنت وقد .»2003

املعمارية احلرف اإحياء »اإعادة

منها الكثري ياأت مل والتي القدمية،

عن فراغ، واإمنا اأتى ا�ستجابة لظروف

الطبيعية املوارد بيئية تطلبت ت�سخري

مع تتوافق مثلى بطرق املتوافرة

وكفاءة وبب�ساطة ال�سكان حاجات

الربنامج م�سروع وذلك عالية«،

الذي الرتاث على للمحافظة الوطني

قدمته ملوؤمتر روؤ�ساء البلديات يف اأبها

»1408هـ«.

العدد عكاظ، جريدة مع مقابلة -16

11544، الثالثاء 1418/12/3هـ.

»يناير البناء، جملة مع مقابلة -17

.»2003

عمارة اليمن، 2005، ت�سكيالت

ملباين متعددة الطوابق يف �سيبام

Page 64: Architectural heritagebiography

127 سيرة في التراث العمراني126 127

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

18- لقد اأكدت يف اللقاء ال�سنوي اخلام�ص

يف العمران لعلوم ال�سعودية للجمعية

الريا�ص »7-10 �سوال 1414هـ«، وكان

اأول لقاء بعد اأن اأ�سبحت رئي�سا فخريا

للجمعية وبعد جتربة العذيبات الرثية،

»اأننا اأحوج ما نكون اإىل توجيه االنتباه

واحلوار الفكرية والطاقات العلمي

امل�سمون يف البحث نحو امل�ستنري

احلقيقي لرتاثنا العمراين، والتخل�ص

األ�سقت التي اخلاطئة املفاهيم من

بهذه الكلمة وجعلتها متالزمة لكل ما

هو قدمي فقط، واأن نعمل نحو التجديد

يف التجديد ذلك يكون اأن يجب كما

لتغري واعية ا�ستجابة االأحوال كل

اإر�ساء ملجرد ولي�ص الظروف،

النزعات ال�سخ�سية، فالتجديد قد ال

يعني دائما االأف�سل واالأح�سن«.

ال�سابق اجلمعية لقاء يف اأكدت لقد -19

1417هـ« يف املدينة املنورة »15 رجب

يرتبط العمراين »الرتاث فهم اأن

املحلية، بالثقافة وثيقا ارتباطا

ويثق ال�سطحي، التقليد عن ويبتعد

وقدرته الرتاث ذلك �سرورة يف

املتطلبات مع والتعامل التطور، على

من الهدف وكان احلديثة«. الواقعية

اإمكانية يف البحث هو احلديث هذا

ملناطق عمرانية خ�سو�سية تطوير

منهجية عن بعيدا املختلفة اململكة

كثري ينتهجها التي والل�سق« »الق�ص

من املعماريني يف تعاملهم مع الرتاث

العمراين.

الرتاث باأن موؤمنا فاإذا كنت اأثناء تطورها. االأ�سكال يف

التي مرت التجارب اأتعلم من اأن ويتكيف، فالبد يتطور

بها االأ�سكال الرتاثية يف اأثناء تطورها. وكما هو معروف

فاإن اأي �سكل من االأ�سكال ينمو ويتطور ثم ي�ستقر، وفهمنا

جتعل وا�سعة اآفاقا يفتح املعنى بهذا الرتاثية لالأ�سكال

روؤيتنا اإىل الرتاث غري جامدة.

اإىل روؤيتي يف الثالث الفكري املوقف ميثل هذا ولعل

تكورن كيفية من املتعلم، الدار�ص موقف وهو الرتاث،

االأ�سكال املعمارية وتطورها، فاإذا كنت اأوؤمن باأن الرتاث

يتطور ويتجدد فال بد اأن اأكون مقتنعا باأن االأ�سكال الرتاثية

ميكن اأن تتطور، ومن ثم فيجب علي اأن اأبحث يف »دورة

اإىل بحث بالطبع يحتاج املعمارية، وهذا االأ�سكال حياة«

ميداين دائم. فالتعلم من ال�سواهد املعمارية، وزيارتها،

التي االأ�سكال م�سادر وحتديد بعمق، وفهمها وحتليلها،

تكونت منها، كلها اأدوات اأ�سا�سية لبحث الرتاث، وحتديد

هذه كل بعد اأقول، اأن وميكن فيه. التجديد اإمكانية

الرتاثية االأ�سكال باأن قناعة اإىل و�سلت اإنني ال�سنوات،

واالأفكار اجلديدة التقنيات تنمو بهدوء �سديد، وتكت�سب

ت�سل عندما لكنها واخلطاأ، التجربة خالل ومن بعمق

اإىل مرحلة اال�ستقرار فاإنها جتدد نف�سها من خالل »تنوع«

هو فعال، العمراين الرتاث ز ميي ما الب�سرية. �سورها

هذا النمو الهادئ الأ�سكاله، حتى ت�سبح جزءا من الذاكرة

اجلماعية، ثم ت�ستقر بعد ذلك لتظهر ب�سكل مبدع يف �سور

متعددة. هذا الدر�ص احلي واملفتوح ميكن اأن ن�ساهده يف

اأماكن عدة من العامل، ودرجات تطور االأ�سكال ميكن اأن

تكوينا ن�ساهد ما فكثريا الأخرى، منطقة من بها ن�سعر

مل ي�ستقر بعد وهو يف طور الت�سكل، وجند �سكال م�سابها

و�سار واجلمايل، التقني اال�ستقرار درجة اإىل و�سل له

يتعدد يف �سوره الب�سرية. امل�سهد هنا يعك�ص دورة احلياة

املعمارية، االأ�سكال تاأخذها اأن يفرت�ص التي احلقيقية

تفر�ص اأن ال االإن�سان، حياة بدورة مرتبطة اأ�سكاال كونها

اأ�سكال تعرب اأنها دفعة واحدة ودون مقدمات وت�سور على

عفوية مع يتعار�ص توجه فهذا اجلماعية«، »الذاكرة عن

»الرتاث العمراين« ومنوه الطبيعي داخل الوعي املجتمعي.

اإن ال�سيغة التي اأتناول بها الرتاث هي �سيغة جتديدية،

تكمن امل�سكلة اأن على الرتاث، علينا جتديد يجب اأنه اأي

من م�ستمدة هنا ونظرتي التجديد.)18( هذا كيفية يف

دينا »ثابت« هو ما لدينا اأنه اأي واملتغري«، »الثابت مبداأ

وعقيدة وبيئة، و»متغري« على امل�ستوى املادي. ويف اعتقادي

اأن العمارة �سمن »املتغري« واإن كانت ترتبط، معنى وقيمة،

بالثوابت التي نوؤمن بها. يف الرتاث العمراين ميكن اأن نفكر

يف ثبات »املبداأ« و»القيمة« وتغري ال�سكل، وقد الحظت ذلك

ا خ�سو�س اململكة، ملناطق وزياراتي جوالتي من كثري يف

للم�سكن متعددة اأ�سكاال �ساهدت اإنني حيث امل�ساكن، يف

التقليدي. ففي ع�سري امل�سكن يختلف عن جند وعن احلجاز،

وعن االأح�ساء، ويف املنطقة الواحدة الحظت تنوعا لل�سكل

الب�سري العمراين نتيجة الختالف مواد البناء، لكن يجتمع

امل�سكن التقليدي على مبادئ اجتماعية واحدة ترفع من �ساأن

والن�ساء، وتظهر الرجال الف�سل بني وتوؤكد اخل�سو�سية،

وا عن قيمة اإكرام ال�سيف. املبادئ مت�سابهة لكن اآباءنا عرب

هذه املبادئ ح�سب طبيعتهم اجلغرافية واملناخية، وح�سب

املواد والتقنية التي تعلموها وعرفوها وتوافرت لهم. جتديد

اإمكانية تف�سري »الثابت« عرب الرتاث بالن�سبة يل يبداأ من

اأ�سكال و�سور »متغرية« ومتعددة.)19(

لقد علمني هذا اأن ال�سكل املعماري كان يكت�سب معانيه

جانب من ق�سر املربع، الريا�ص

Page 65: Architectural heritagebiography

129 سيرة في التراث العمراني128 129

التراث العمرانيمواقف ورؤى فكرية

�سار حياتهم، بدورة مرتبطا كان والأنه النا�ص، قيم من

فقد لذلك تراكمي، ب�سكل عنها ويعرب ذاكرتهم يحمل

تراكم خالل من اآخر، اإىل جيل من تنمو االأ�سكال كانت

املعاين االجتماعية والثقافية حولها، وتكت�سب تكوينا جديدا

و�سورة جديدة كلما تعلم جيل اأفكارا وتقنيات جديدة. لقد

وجدت يف هذا متعة كبرية. فقد ت�سورت كيف يتم تطوير

تقوم نفعية اأ�سكاال كونها جمرد من املعمارية االأ�سكال

بوظائف حمددة اإىل اأ�سكال »ثقافية« حتمل معاين كبرية.

ر كثريا من الزخارف التي اأراها يف امل�ساكن وقد �سرت اأف�س

ذاكرة حتمل اأ�سكال اأنها على اململكة مناطق يف القدمية

للزخرفة يف اأرى تطورا ا عندما املكان و�ساكنيه، خ�سو�س

املكان نف�سه اأو االأماكن املجاورة له، فهذا التطور يعرب عن

منو هادئ لل�سكل العمراين الثقايف.

الروؤية الفكرية العامة جتاه الرتاث العمراين مت�سابكة،

الأن الرتاث نف�سه مت�سابك ومتداخل، لكن م�سائل اأ�سا�سية

ال ميكن اال�ستغناء عنها يف هذه الروؤية، تبداأ من اأن الرتاث

اإىل يحتاج مكون وهو الواقع، عن منف�سل غري مكون

طريق عن بعفوية اإنتاجه ونعيد منه، ونتعلم نفهمه، اأن

التعليم، كما اأنه مكون يتجدد عن طريق التجربة واخلطاأ،

ولديه اإمكانية كبرية للتداخل واالن�سجام مع كل جديد، وهو

مكون يبداأ نفعيا وينتهي ثقافيا، اأي اأنه عادة ما ينتج اأ�سكاال

عمرانية ب�سرية ذات م�سمون ثقايف، ومن ثم فاإن جتديده

االأ�سكال اإنتاج با�ستمرارية ي�سمحا اأن يجب وتطويره

الثقافية. يف اعتقادي اأن هذه الروؤية ال تتعار�ص مع الواقع

املعا�ص ولن تتعار�ص مع امل�ستقبل.

اأحد ق�سور الفوطة، الريا�ص

Page 66: Architectural heritagebiography

131

بين التراث سيرة في التراث العمراني3والتعليم

Page 67: Architectural heritagebiography

133 سيرة في التراث العمراني132 133

على �أق��در يكون بالرت�ث يت�سلح من �أن �لبد�ية منذ �أرى كنت

البد �جلديدة �الأفكار جمار�ة على فاملقدرة �ملعا�سر، �لعامل فهم

�أن تنطلق من قاعدة حملية تاريخية و�إال �أ�سبحنا منجرفني لكل ما

هو جديد دون �أن يكون هناك ما ميكننا من �لتوقف و�ل�سوؤ�ل عمن

نحن وماذ� نريد؟.)1( رمبا يندرج هذ� �لتفكري �سمن �سعار »فكر

�أعقد من ذلك، الأنني كونيا و�عمل حمليا«، لكن �الأمر بالن�سبة يل

و�حد�، تف�سري� تف�سريه �أو �لرت�ث �حتكار ن�ستطيع ال باأننا موؤمن

�الإب��د�ع. فنحن �أهم م�سادر �أحد �أنه �إليه على ما نظرنا �إذ� هذ�

مفتوحا �لتف�سري نرتك �أن يجب لكننا �ملقد�س«، »�لن�س منلك قد

�أبعد هنا �لهدف �لتعليم. دون يحدث �أن ميكن ال وهذ� ومتعدد�،

هو عنه نبحث فما ب��ه، و�الحتفاء �ل���رت�ث« »��ستعادة جم��رد من

تاأكيد تو�رث �لثو�بت �لتي ت�سنع �سخ�سية �الأمة، وتف�سر �ملتغري�ت

باأ�سلوب �إبد�عي يحقق فكرة »�لتجديد« �لتي ننادي بها، وهذ� ميكن

طرحه بين التراث والتعليم ما �إىل �لعودة هنا ميكن -1

�جلابري عابد حممد �ملغربي �ملفكر

»�لذ�ت �أن يرى فهو �لرت�ث، حول

�مل�سلحة بعنا�سر من مكونات تاريخها

�خلا�س تكون موؤهلة �أكرث من غريها

�لفكر مكا�سب من لال�ستفادة

�لقر�ءة ينتقد هنا وهو �ملعا�سر«.

�لرت�ثية للرت�ث، ويرى �أنها حمدودة،

ويطالب بقر�ءة نقدية متفتحة جتعل

فاإن لذلك للم�ستقبل. ج�سر� �لرت�ث

تندرج ال �لرت�ث حول �أطروحاته

�سمن �سياق �لبحث �لرت�ثي �لتقليدي

�لرت�ثية �جلبهة يف ي�ستغل »�إنه بل

ذ�كرة �لرت�ثي �ملجال �أن �أوال ليعلن

الأحد يحق ال ذ�كرة وهو جماعية،

ر�أ�سمالها �لتفرد باحتكارها و�حتكار

ذ�كرة �إنها و�لتاريخي، �لرمزي

يرتبو� �أن �جلميع حق ومن �جلميع

وباآليات مبنتوجها عالقاتهم نوعية

ينا�سب �لذي بال�سكل �ملتو�رثة عمله

�لفكرية و�ختيار�تهم �هتماماتهم

نف�سه �لوقت يف وينا�سب �لعامة،

عبد�للطيف، �لتاريخي«. طموحهم

و�لنه�سة: �لرت�ث »2004« كمال

عابد حممد �أعمال يف قر�ء�ت

در��سات مركز بريوت، �جلابري،

�لوحدة �لعربية، �س 24.

تفقد �أعمال �لطالب يف كلية �لعمارة

و�لتخطيط بجامعة �لدمام، يناير 2010م

مع �لنا�س يف ع�سري، بناء �ملجتمع �ملحلي

�لو�عي بقيمة �لرت�ث، 2009م

Page 68: Architectural heritagebiography

135 سيرة في التراث العمراني134 135

ت من �لعمارة �ملحلية ومن

�لرت�ث �لعمر�ين ب�سكل

�آلية �لتعليم �لتي ميكن �أن نو�سل من خاللها �أن يتحقق عن طريق

هذ� �لهدف للمجتمع.

يف جمال �لعمارة و�لعمر�ن ي�سبح �الأمر �أكرث �إحلاحا، الأن �لعمارة

بطبيعتها »علم تو�رثي«، ومري�ث �خلرب�ت و�ملهار�ت غالبا ما ينتقل

من جيل �إىل �جليل �لذي يليه عرب �مل�ساركة و�لتعلم �ملبا�سر، وهذ�

�لعمر�ين، بالرت�ث الهتمامي �الأوىل �لبد�يات ومنذ ذ�ته، حد يف

ا �أن بع�سنا يرى �أن جعلني �أفكر يف »تعليم �لرت�ث« معماريا، خ�سو�س

�ملحافظة على �لرت�ث �لعمر�ين و�سيلة تعليمية ثالثية �الأبعاد«.)2(

على �أن �مل�سكلة هي كيف ميكن �أن »تقتحم« نظاما تعليميا بني منذ

�لبد�ية على �لنظم �لغربية؟ فكما هو معروف �أن �أول ق�سم للعمارة

يف �ململكة مت تاأ�سي�سه عام 1967 يف جامعة �مللك �سعود ومب�ساعدة

�أن يو�سع برنامج للعمارة م�سابه من �ليون�سكو، فكان من �لطبيعي

الأي برنامج �آخر يف �لدول �الأوروبية، و�إن �أ�سيفت �إليه بع�س �ملقرر�ت

عن تاريخ �لعمارة �الإ�سالمية، لكن مل يكن هذ� يكفي �أبد� لتخريج

�أجيال تعي قيمة تر�ثها، وتعمل وفق �سروطه وحمدد�ته. فكرة »تعليم

�لرت�ث« هذه كانت ركنا �أ�سا�سيا يف �لوعي �لعام �لذي ت�سكل د�خلي

خاللها ومن �لوطني، �ل��رت�ث �ساأن من يرفع جمتمعي وعي لبناء

نف�سي وج��دت �لتي �الأه��د�ف لتحقيق عملية بطريقة �أفكر ب��د�أت

موؤمنا بها �إميانا كامال.

لقد كان هذ� �ملو�سوع ميثل هاج�سا مهما د�خلي، الأنه دون هذ�

�جليل �لو�عي فال معنى الأي عمل نقوم به �ليوم، فقد كنت �أفكر يف

�ل�سري يف طريقني متو�زيني، �أحدهما يتبنى �ملحافظة على �لرت�ث،

ويعزز دور �ملجتمع �ملحلي �لو�عي بقيمة هذ� �لرت�ث. و�لطريق �الآخر

�كت�ساف �لقدرة على لديهم �لذين �ملتخ�س�سني بناء جيل من هو

�لتي وظ��روف��ه��م وف��ق حياتهم م��رة ك��ل تف�سريه و�إع����ادة �ل���رت�ث،

يعي�سونها.

»1417ه�« بين التراث والتعليم حممد �أحمد �ل�سيف، -2

�لعمر�ين: �لرت�ث على »�ملحافظة

جملة عليه«، �ملحافظة و�سبل �أهميته

�ملهند�س، 10 »3«، �س 57. ويوؤكد �أنه

و�ملهتمني �لباحثني من كثري »يعتقد

�أن �لرت�ث على �ملحافظة بعلوم

عو�مل تف�سري على ي�ساعد �ملا�سي

معينة ويلخ�س جتارب، وي�ساعد على

تطور وتتابع تعامل �الإن�سان مع �لبيئة

�لعمر�نية، وتنقل �لتكوينات �لعمر�نية

معنى ذ�ت ذهنية ر�سالة �لقدمية

ا خ�سو�س �مل�سطور. �لتاريخ من �أكرث

للم�ساهدة مييل �لنا�س من كثري� �أن

كثري �عترب لذلك �لقر�ءة. من �أكرث

على �حلفاظ �أن �ملتخ�س�سني من

تعليمية و�سيلة �لعمر�ين �لرت�ث

ثالثية �الأبعاد«.

�لعمارة و�سط �ملكان �لطبيعي،

ظاهرة و��سحة يف �لقري

�ل�سحر�وية �لقدمية

تكوينات زخرفية من �لريا�س

�لقدمية، 2006

يجب �أن نتعلم من �لعنا�سر

�لعمر�نية �لقدمية

من خالل فهم دورها

�الجتماعي و�لب�سري،

و�سط �لريا�س، 2006م

Page 69: Architectural heritagebiography

137 سيرة في التراث العمراني136 137

لقد كانت �لبد�ية من �لبحث يف �لو�سع �حلايل للتعليم �ملعماري

ميكن وكيف �لتعليم؟ مناهج ينق�س �لذي فما �لعربي، �لعامل يف

�لعربية �الأكادميية« »�لبيئة �سمن يدخلنا بابا الأنف�سنا نفتح �أن

و�ل�سعودية على وجه �خل�سو�س يف جمال �لتعليم �ملعماري؟ وكانت

نتيجة هذه �ملحاولة �أننا وجدنا �أن هذه �لبيئة تعاين ثالثة �إ�سكاالت

رئي�سة هي:)3(

توجهاتها باختالف �لعربي �لعامل يف �ملعمارية �ملد�ر�س • �أن �أي و�نتمائها ال متثل �متد�د� لتقاليد �لبناء و�أر�سياتها �ملعرفية يف

من �أقطار �لعامل �لعربي �أو �الإ�سالمي، و�أن �الهتمام بق�سايا �لرت�ث

وتاريخية �لبناء يف بع�س هذه �ملد�ر�س لهو يف �لغالب و�الأعم �هتمام

�أكادميي و�فد من حيث �ملنهج �أو �جلوهر.

معظم هذه �ملد�ر�س معزولة عن جمريات �الأمور �ملعرفية • �أن �مل�سابقات مثل �لعامل يف و�لعمر�ين �ملعماري �لتعليم حترك �لتي

�لكربى، و�لرب�مج �لعلمية �مل�سرتكة، ومن ناحية �أخرى، وعلى �لرغم

بين التراث والتعليم

زيارة جامعية للعذيبات، 2006م

�لبيت �لعربي، تفا�سيل متعددة

وقيم م�سرتكة، حلب �سوريا

2001

د.عبد�حلليم �ملعماري �ساهم لقد -3

و�سع يف �أ�سا�سية م�ساهمة �إبر�هيم

ت�سور �لو�سع �حلايل للتعليم �ملعماري

يف �لعامل �لعربي.

Page 70: Architectural heritagebiography

139 سيرة في التراث العمراني138 139

�لعربية مل تطور نهجا مييزها عن ذلك من عزلتها، فاإن �ملد�ر�س

وتابع، مقلد �ملد�ر�س هذه معظم مناهج فاإن �الأغلب ويف �لعامل.

ولي�س �أ�سيال �أو مناف�سا.

• �أن �ملد�ر�س �ملعمارية يف �لعامل �لعربي، وباختالف منابعها، غري قادرة على �إنتاج خربة مناف�سة، �أو تاأ�سي�س در��سة وجتربة لدى

خريجي منازلة �أو �مل�ساو�ة، قدم على �لوقوف من متكنه �خلريج

ويزد�د م�ستوياتها، جميع على �ملمار�سة عامل يف �الأخرى �ملد�ر�س

�الأمر �سوء� يف �سوء �ملتغري�ت �لتقنية �لتي تعم �لعامل �ليوم.)4(

�لتعليم م��ف��ه��وم ي��ت��ط��ور �أن �ل�����س��روري م��ن �أن���ه ل��ق��د وج���دت

على يكون �أن يجب �لذي �لعمر�ين« »�ل��رت�ث يحتوي كي �ملعماري

تنبع �أن يجب بل مقرر، �أو كمنهج ال عامة فل�سفة �أو مظلة، �سكل

على وحمليا خمتلفا ي�سبح كي �لرت�ث، من �ملعماري �لتعليم روح

�لرت�ث يل�سق �أن ال تدري�سها و�أ�سلوب �ملناهج حمتويات م�ستوى

عنوة باملناهج �لتعليمية �لقائمة. وقد �أكدت مر�ر� �أهمية »�الرتباط

�لوثيق بني �لتعليم �لعمر�ين �ملتطور و�الأمور �لتي يجب �أن تتو�فر يف

عليها يقوم �لتي و�لثو�بت فاالأ�س�س ومهند�سيه. �مل�ستقبل معماريي

�ملجتمع وتر�ثه �لثقايف و�حل�ساري يجب �أن تكون هي �الإطار �لعام

وبناء و�لهند�سي، �لعمر�ين ا وخ�سو�س �لتعليم، منه ينطلق �لذي

جذوره ي�ستمد متطور �أ�سيل لعمر�ن �الأ�سا�س هو �لو�عي �ملعماري

من ح�سارة �الأمة و�أ�سالة �لرت�ث وعمقه، ويتفاعل بجدية ووعي مع

حاجات �لنا�س و�ملجتمع، و�ملعماري �حلقيقي ينبغي �أن يكون مدركا

لرت�ثه، ومرتبطا به، ومطلعا على �لتطور�ت �حلديثة �لتي تعينه يف

مهنته«.)5(

ويف �عتقادي �أن �لو�سع �لذي يعي�سه �لتعليم �ملعماري يف �لعامل

على �لغرب فر�سها �لتي �لغربية« »�لعقلية من �أ�سال نابع �لعربي

�لتعليم �ملعماري منذ منت�سف �لقرن �لتا�سع ع�سر حتى �ليوم، فكما

هو معروف فاإن �الهتمام بالعمارة �لعربية/ �الإ�سالمية كان �سئيال

4- ندوة �لتعليم �لعمر�ين، �لتي مت عقدها بين التراث والتعليم

حمرم 26« �ل�سرقية �ملنطقة يف

1423ه�/9 �إبريل 2002م«.

�لهند�سي �لتعليم تطوير ندوة -5

جدة يف �نعقدت �لتي و�لعمر�ين

13 فرب�ير 1421ه�/ �لقعدة ذو 19«

2001م«.

تعتمد در��سة �لرت�ث على بناء روح �لفريق و�لدر��سة

�مليد�نية �ملبا�سرة، و�سط �لريا�س، 2006

�لف�ساء �لد�خلي يف �لعمارة �لعربية..جمال

مفتوح على �حلياة، قرطبة، 2004

حياة متجددة للعمارة �لقدمية،

لبنان، 2003م

Page 71: Architectural heritagebiography

141 سيرة في التراث العمراني140 141

يف �لدول �لغربية، حتى �إنها غالبا ما حتذف من �ل�سياق �لتاريخي

�لعاملي للعمارة، فكيف ميكن �أن نتوقع من �لرب�مج �ملعمارية �لغربية

�أن ت�سجع على تعليم �لرت�ث �ملعماري �لعربي.)6( كما �أن �خلريجني

�الأو�ئل من �ملعماريني �لعرب مل يبذلو� �جلهد �لكايف لتقدمي �لرت�ث

�لعمر�ين �لعربي و�الإ�سالمي كما ينبغي، وظلو� ل�سنو�ت ينقلون �لفكر

�لغربي �ملعماري ويبجلونه على ح�ساب تر�ثنا و�أ�سالتنا، فتخرج على

�لتعليمية »�لبيئة �لذين �سنعو� و�الأ�ساتذة �ملعماريني مئات �أيديهم

�ملعمارية« �حلالية، و�لتي حتتاج دون �سك �إىل مر�جعة �ساملة، وتغيري

جذري يرتكز على دمج تر�ثنا �لعمر�ين يف هذه �لبيئة، وحتويلها من

�لتقليد و�لتبعية �إىل بيئة مبدعة.

لقد كان من �ل�سروري �أن نقوم نحن بتبني فكرة بر�مج تعليمية

حان قد �أن��ه �أ�سعر كنت ثانيا. وللعامل �أوال لنا �ل��رت�ث هذ� تقدم

�لوقت خلطو هذه �خلطوة، وكان يحركني كثري مما �أ�ساهده و�أ�سمعه

من �لنا�س خالل زيار�تي �ملتعددة، �سو�ء د�خل �ململكة �أو خارجها،

�أ�سمع �لكثري عن تر�ثنا �لعمر�ين و�لثقايف، لكني ال �أ�ستطيع �أن �أرى

تاأثريه!

م�ساألة »�النف�سال« و»�الت�سال« عن �لرت�ث �حتلت م�ساحة كبرية

من تفكريي كونها م�ساألة م�سريية يف وعينا بالرت�ث نف�سه، فتعليم

خمتلفا �ت�ساال نريده لكننا به، �الت�سال الإعادة توجه هو �لرت�ث

ومتجدد�. وقد تاأكد يل �أن �لدعوة لتاأ�سيل �لرت�ث �ملحلي يف �لتعليم

در��سة عميقة، �إىل يحتاج �الأمر الأن تتحقق، �أن �ملعماري ال ميكن

وو�سع برنامج عمل بعيد �ملدى يعتمد بدرجة كبرية على توثيق �لرت�ث

�لعمر�ين �ملحلي ودر��سته، و�لعمل يد� بيد مع �ملوؤ�س�سات �الأكادميية

وبهدوء من �أجل حتقيق هذ� �لهدف.

لعل �أول �سيء �أ�سعرين بال�سدمة هو �لفجوة �لكبرية بني ما يتعلمه

يبتعدو� مل �لذي جد� �لقريب تر�ثهم وبني �جلامعة يف معماريونا

�إعادة �إىل وحتتاج و��سعة �لهوة �أن ووجدت �سنو�ت، ب�سع �إال عنه

6- يوؤكد كثري من �لباحثني �لعرب �أن �لعمارة بين التراث والتعليم

حقها، تعط مل �الإ�سالمية �لعربية

�لتعليم تاأ�سي�س بد�يات يف ا خ�سو�س

�لرباط د.نا�سر يوؤكده ما وهو �ملعماري،

»�أ�ستاذ �الأغاخان يف معهد ما�سا�س�ستو�س

�لعمارة »و�أما قال �لذي »MIT للتقنية

�ملختلفة، �الإ�سالمية مبد�ر�سها �لبالد يف

عا�سرت ومبدعة خالقة فعالة ك�سل�سلة

منذ معها وتر�فقت �الأوروبية �لعمارة

�حلا�سر، �ليوم حتى �لبيزنطي �لعهد

فقد حذفت بكل ب�ساطة من تاريخ �لعمارة

ثقافة »2002« نا�سر �لرباط، �لعام«.

يف ومقاالت بحوث �لثقافة: وبناء �لبناء

نقد وتاريخ �لعمارة 1985-2000، بريوت،

ريا�س �لري�س للكتب و�لن�سر، �س 28.�الإيو�ن، ف�ساء �جتماعي وجمايل يف �مل�سكن

�لعربي، حلب �سوريا 2001

�لقدمي و�جلديد يف و�سط

�لريا�س، 2006

Page 72: Architectural heritagebiography

143 سيرة في التراث العمراني142 143

جت�سري وربط، لكن �الأمر مل يكن ي�سري�. وحتى هذ� �ليوم مل نحقق ما

نتمناه، لكن �الأهد�ف �لكبرية حتتاج �إىل عزم و�إ�سر�ر.

�أوال �لبدء يف �سريع، وب�سكل �أف��ك��ر، �ل�سدمة ه��ذه جعلتني لقد

باملحافظة على ما تبقى من تر�ثنا �ملعماري. فدون هذه �ل�سو�هد �ملرئية

�سنفقد �إحدى �الأدو�ت �لتعليمية �الأهم يف عمارتنا �ملحلية، فنحن نريد

�أن ي�سبح �لرت�ث مادة تعليمية ثالثية �الأبعاد، من خالل وجوده �الأ�سيل،

وتفاعل معماريي �مل�ستقبل معه.

رمبا ال تكون م�ساألة ربط �لعمارة �ملحلية و�لرت�ث �لعمر�ين �ملحلي

�الإن�سانية، �لتجربة م�ستوى على جديد� �أم��ر� �لعمارة تعليم مبناهج

فقد ن�سطت حركات �لتاأ�سيل يف �لقرن �لتا�سع ع�سر ال�ستيعاب �لعمارة

�لكال�سيكية �الأوروبية، �الأمر �لذي �أدى �إىل ت�سكيل �ملدر�سة �لكال�سيكية

�ملعماري �لتاريخ كتابة و�إعادة �الأثرية للمكت�سفات كان �لتي �جلديدة

تتحول عندنا �لفكرة مل �أن هذه ون�سجها. على دور كبري يف ظهورها

�إىل برنامج عمل حملي حتى عربي يحمل يف طياته بعد� ثقافيا عميقا،

وروؤية عملية نا�سجة. وكان هذ� هدفا �أ�سا�سيا بالن�سبة يل، الأنني كنت

�أرى �أن جعل �لرت�ث جزء� من �لوعي �لثقايف �ملحلي يحتاج �إىل �لتعامل

وال �ل�سعودي، �ملجتمع يف و�ملقبلة �ل�سابة لالأجيال �لفكري �ملكون مع

�ملنهج �سمن وجعله بالتعليم �ل��رت�ث ربط دون هذ� يحدث �أن ميكن

�لتعليمي يف كليات �لعمارة حتى على م�ستوى �لتعليم �لعام، كي ي�ساهم،

مع مرور �لوقت، يف حتول ظاهرة �ملحافظة على �لرت�ث �لعمر�ين �إىل

موقف �ل��رت�ث من موقفي يكن فلم �لعاطفة. عن بعيد� وطني عمل

و�لتعلم �لرت�ث روح با�ستلهام �ل��دو�م على �رتبط فقد �ملقلد، �لناقل

جزء� �ل��رت�ث جعل �أجل من و�ل�سرب �ملجاهدة ي�ستحق فاالأمر منه.

من �لثقافة �لتعليمية �لتي يجب �أن تتبناها موؤ�س�سات �لتعليم �ملعماري.

ومع ذلك يجب �أن �أوؤكد هنا �أن هناك طريقا طويال نحتاج �إىل �أن منر

فيه حتى تتحول �لثقافة �لتعليمة �ل�سائدة يف �جلامعات �ل�سعودية حتى

�أكادمييا جماال وتقدمها �ملحلية، �لثقافة من تعلي بيئة �إىل �لعربية

يحظى باحرت�م �لعامل، وي�سنع خ�سو�سيتنا و�سخ�سيتنا.

بين التراث والتعليم

معر�س طالب �لعمارة بجامعة �لدمام 2010م

Page 73: Architectural heritagebiography

145 سيرة في التراث العمراني144 145

لقد تبني يل، يف �أثناء حماوالتي لتاأ�سيل �لعمارة �ملحلية يف �لتعليم

�ملعماري، �أن بع�سنا يقلل من �أهمية �أن يكون �ملعماري على م�ستوى

رفيع من �لثقافة، و�لوعي �الجتماعي و�حل�ساري، وذلك بحجة �أنه

بالن�سبة ملهن يكون ذلك مقبوال جزء من فريق عمل متكامل. وقد

موؤمتن. م�ست�سار بل فح�سب، مهنيا لي�س �ملعماري ولكن �أخ��رى..

�الأ�سا�سية، و�الإبد�عية �لفنية �لقدر�ت له تتو�فر �أن يجب ولهذ�

خدمة تقدمي من ليتمكن �لثقايف و�حل�سور �الجتماعي، و�حل�س

خمل�سة وو�عية، فهو موؤمتن على م�سالح �ملجتمع وتر�ثه«.)7(

يف �ملعماري به يقوم �ل��ذي �ملهم �ل��دور بهذ� موؤمن فعال و�أن��ا

ببيع يهتم »تاجر« مهني جمرد �إىل يتحول �أن �أمتنى وال �ملجتمع،

�الهتمام هذ� جعلني لقد �لوطن. م�سلحة ح�ساب على ت�ساميمه

و�لرت�ث �لعمارة �لطالب ومتابعة ت�سور�تهم حول �أعمال �أفكر يف

�لعمر�ين.)8( وقد كان هذ� جزء� من »�لتعليم �لذ�تي« �لذي حاولت

لدينا، وكيف �ملعماري �لتعليم بيئة �أجل فهم لنف�سي من �أعلمه �أن

�أنه يقني على كنت لقد بالدنا. يف �ملعماريني عقلية »تكوين« يتم

دون »تفكيك« بنية �لتعليم �ملعماري من �لد�خل وفهمها وفهم �آليات

�إحد�ث ميكن ال �لعمارة، طالب فيه مير �ل��ذي �لذهني �لت�سكيل

تغيري جذري يف هذه �لبيئة.

لقد كانت �الإ�سكالية �الأ�سا�سية �لتي و�جهتها يف �أثناء عملي على

تفعيل »تعليم �لرت�ث« على م�ستوى كليات �لعمارة هو ر�سوخ »تقاليد«

�لرب�مج �ملعمارية �لعاملية يف تلك �ملوؤ�س�سات �لتعليمية و�سعوبة تغيري

7- جدة، 1421ه�/2001م.بين التراث والتعليم

قدمتها �لتي كلمتي يف تناولت لقد -8

�لعمارة تاأ�سيل ندوة مبنا�سبة

في�سل �مللك بجامعة �ملحلية

مل�ساريع ت�سوري »1422ه�/2002م«

�أعمالهم �ساهدت �أن بعد �لطالب

و�لتخطيط �لعمارة كلية معر�س يف

مب�ستوى »�أعجبت فقد باجلامعة.

وح�سهم �لعالية وروحهم �لطلبة

��ستغربت ولكني و�حلما�س، �لربيء

فالطالب يتكلمون عن �سيء و�مل�سروع

�ملقدم �سيء �آخر، فر�أيت مثال م�سروعا

منطقة وهي �جلوف، يف مقدما

تاريخية، و�سع مبنى يف �سحر�ء لي�س

وال 100كم، بعد على �سيء �أي حوله

فاجلامعة �مل�ستجد �لطالب �ألوم

ولكن و�الإبد�ع، �البتكار على حتفزه

�بتكار �أنه �لطالب يفهم �الإبد�ع على

و�لنزعة �خرت�ع، �أنه على و�البتكار

�لفنية غري موجودة، فاملبنى ميكن �أن

ي�سممه �أي �سخ�س خارج بيئتنا حتى

فاأين وجهة ر�ساما معماريا، كان ولو

�لنظر �ل�سعودية؟ و�أين تر�بط م�سروع

�لطالب بالرت�ث؟«. وبالطبع فاإن هذ�

�جلامعات جميع على ينطبق �الأمر

�ل�سعودية، وقد كنت �أدعو �إىل �لتفكري

»منتج« �أجل »�لو�سيلة« من يف تطوير

�أف�سل.

تعاقب �لظل و�لظالل يف �لعمارة

�لقدمية، تفاعل عميق مع

�لبيئة �لطبيعية، �لعال،

2001

�لف�ساء �لب�سيط �جلميل،

قرطبة 2004

تاأطري �ل�سكل �لب�سري يف

�لعمارة �لعربية، �ملغرب

Page 74: Architectural heritagebiography

147 سيرة في التراث العمراني146 147

كمباريا، �إيطاليا، تفاعل

عميق مع �لبيئة

�ملحيطة، 2009

كمباريا، �يطاليا، 2009

ا �أن بع�سنا كان يعتقد �أنني �أفكر يف �لرت�ث هذه �لتقاليد، خ�سو�س

�ملعماري �لتعليم و�أن �ل��رت�ث، كل �أنه على �ملا�سي يف ت�سكل �لذي

نف�سه �سوف يتحول �إىل جمرد »�جرت�ر للما�سي«. و�حلقيقة �أنني ال

�أن مبكر� �أكدت �أنني رغم �العتقاد، هذ� على �ألومهم �أن �أ�ستطيع

�ملطلوب لي�س »�لعودة �إىل �ملا�سي وحماولة �إحيائه �أو تد�ر�س كيفية

فر�س �لتقنية و�ملو�د �حلديثة يف �لبناء على �أ�سلوب معماري تاريخي،

و�إمنا ما هو مطلوب هو توجيه مو�ردنا، وبخا�سة �لب�سرية منها، نحو

�أكرث فيما بني معماريينا وتقارب �الإن�سانية، �أعمق جلغر�فيتنا فهم

هو هنا �لهدف و�لوطنية«.)9( �الإ�سالمية وثقافتهم تر�ثهم وبني

��ستعادة �لروح �ملحلية ال �ل�سورة �ملادية �لتاريخية للعمارة �لتقليدية

كما كان ينادي بها بع�سهم يف ذلك �لوقت.

مفهوم �حلو�ر حول كان وقت �ملبكرة يف �لروؤية تلك كانت لقد

بعد �حلد�ثة يف ما بعد �سعود مدر�سة ا �أوج��ه، خ�سو�س �لرت�ث يف

�ل�سبعينيات و�لثمانينيات من �لقرن �مليالدي �ملا�سي، وت�ساعد تاأثري

جائزة �الأغاخان للعمارة �الإ�سالمية �لتي تاأ�س�ست عام 1977، وكنت

عمارة �مل�ساجد، ف�ساء تعليمي ال بين التراث والتعليم

حدود له، �الأزهر، �لقاهرة،

2001

9- �أبها، 1408ه�.

Page 75: Architectural heritagebiography

149 سيرة في التراث العمراني148 149

�أحتدث عن �ملحافظة على �لرت�ث �لعمر�ين كروح، وفل�سفة، وتوجه

فكري ولي�س فقط كمنتج مادي قائم يجب �أن نحافظ عليه و�إن كان

مل يقلل من �أهمية هذه �ملحافظة، لكن �لروؤية هنا كانت �أو�سع و�أعمق.

ومع ذلك ال �أنكر �أبد� �أنه توجد مقاومة �سديدة لتقبل تعليم �لرت�ث يف

كليات �لعمارة يف �ململكة حتى �ليوم، لكنني على يقني �أن �الأمر �سوف

يتغري يف �مل�ستقبل �لقريب.

تهدف روؤيتي حول تعليم �لرت�ث، �إىل تطوير بر�مج �أكادميية تعيد

�كت�ساف �لرت�ث، وجتهز �جليل �لذي ميكن �أن ي�سنع »نو�ة �إبد�عية

�أن يرى كان �لذي ريكور«، »بول �لفيل�سوف قول حد على جديدة«،

�كت�سافها وحتريرها من �جلمود، كي �إبد�عية يجب نو�ة لكل ثقافة

و�أنا على �الإن�سانية من جديد. بناء �حل�سارة �مل�ساهمة يف ت�ستطيع

يقني �أن �لنو�ة �الإبد�عية يف ثقافتنا وتر�ثنا حتتاج �إىل تعليم ومتعلمني

�لر�سالة �مل�ستقبلية. ثقافتنا لبناء و��ستثمارها �كت�سافها ي�ستطيعون

هنا و��سحة بالن�سبة يل وكنت قد قررت �أن �أبعث بهذه �لر�سالة �إىل

خالل به قمت ما وهو �لو�سائل، بجميع �ملعماري بالتعليم �ملهتمني

�لربع قرن �الأخري. فرت�سيخ هذه �لر�سالة يف نظام تعليم قائم لي�س

لكن تق�سر �أو تطول قد �نتقالية فرتة �إىل ويحتاج �ل�سهل، باالأمر

�ملهم �أن ن�سل يف �الأخري.

هذه �لر�سالة كانت تنبع، د�ئما، من �إمياين باأن »�ملهند�س �ملعماري

�ل�سعودي.. قادر على حتمل م�سوؤوليته �لتي مل يكن موجود� لتحملها

�لثقايف« و»�لوعي »�لتعليم« على هنا �أعول وكنت �ملا�سي«.)10( يف

�لعمر�ين. وهو تعويل يف حمله، �مل�سوؤولية جتاه �لرت�ث �لذي ي�سنع

فكيف ميكن �أن ن�سنع وعيا بالرت�ث �ملعماري دون تعليم، فكما ن�سكل

معماريينا تعليميا ف�سوف ي�سكلون بدورهم عمارتنا ومدننا. فرت�سيخ

�الإبد�عية �لثقافية نو�تنا من ت�ستمد �لتي �ملبدعة �ملحلية مفهوم

يف �أوال يبد�أ عميق علمي حت�سيل �إىل يحتاج ومكوناتها وجودها

�ليوم، تكت�سف حتى �أنها مل �أنا على يقني �لتي �لنو�ة �كت�ساف هذه

10- �أبها 1408ه�.بين التراث والتعليم

�لفناء يف بيت �لعذيبات، ف�ساء

مفتوح للتاأمل

تفا�سيل هادئة للجمال �لب�سيط

Page 76: Architectural heritagebiography

151 سيرة في التراث العمراني150 151

ت من �لعمارة �ملحلية ومن

�لرت�ث �لعمر�ين ب�سكل

�أنها جزء من �سماته �ل�سخ�سية بين التراث والتعليم ومن ثم يبد�أ يف �لتعامل معها على

يكون مق�سود وغري �سعوريا ال وعيا لديه ت�سنع �أن يفرت�س �لتي

��ستمر�ر� لهذه �لنو�ة ال ن�سخا لها، وبالتايل ي�سبح �لرت�ث جزء� من

�لوعي »غري �ملق�سود« ينتج نف�سه كل مرة ب�سكل »تطوري« تر�كمي،

وهو ما فعله �آباوؤنا و�أجد�دنا يف �ل�سابق.)11( يف �عتقادي �أن �لتعليم

يجب �أن يقوم بهذ� �لدور و�إال فقد قيمته وتاأثريه يف �سناعة م�ستقبل

�الأمة.

وطنية جلنة ت�سكيل �ق��رتح��ت �ل��ه��دف ه��ذ� حتقيق �أج��ل وم��ن

�ملناهج »مر�جعة مهامها من �لعمر�ين �ل��رت�ث على للمحافظة

»منهجة« �إىل هنا �أه��دف وكنت �لعمارة«.)12( بكليات �لدر��سية

تعليم �لرت�ث �سمن �إطار �لتعليم �ملعماري �لعام، ومل يكن �لق�سد هو

حتويل �لتعليم �ملعماري �إىل تعليم تر�ثي، رغم �أن كثري� من �ملد�ر�س

تاريخ على �ملعماري تعليمها يف ترتكز كانت �الأوروب��ي��ة �ملعمارية

على يرتكز كي �ملعماري تعليمنا نطور ال فلماذ� �الأوروبية، �لعمارة

تاريخ عمارتنا �ملحلية و�لعربية و�الإ�سالمية، لكن باأ�سلوب يندمج مع

روح �لع�سر ومتطلبات �لتقنية.

�لفكرة هنا كانت تركز ب�سكل عميق على بناء »�سخ�سية تعليمية«

تقلد ال كذلك لكنها للغرب، �الأع��م��ى �لتقليد عن تبتعد معمارية

نتبنى �أن بو�سوح هديف كان وع��ي. دون ركابه يف وت�سري »�ل��رت�ث«

تعليما له خ�سو�سية حملية يناف�س �لتعليم �ملعماري يف �أي مكان يف

كنت فقد �ملعمارية. �سخ�سيتنا نف�سه �لوقت يف يبني لكنه �لعامل،

وت�سعب �ل�سعودية، و�لعمارة �ل�سعودي �ملعماري عن د�ئما، �أ�ساأل،

�لعمارة، �ملعماري وهذه لهذ� �الإجابة، وحتديد �سفات حمددة علي

حتديد على قادر غري �حلايل �لوقت يف عمارة من ن�سنعه ما الأن

مالمح معمارية و��سحة ميكن �أن نحدد بها �سخ�سية عمارتنا.

هذ� �الهتمام �ملعريف �لذي يربط �لتعليم بالثقافة �لرت�ثية ب�سكل

�ل�سعودية للجمعية �لفخرية �لرئا�سة لقبول �سجعني �لذي هو عام

لعلوم �لعمر�ن. ففي �للقاء �ل�سنوي �خلام�س للجمعية �لذي عقد يف

11- لقد ركز �لكثري من �ملهتمني بدر��سة

�لعقل �لعربي على �خللل �لكبري �لذي

غاب عندما �لعربي �لفكر �أ�ساب

�الجتهاد. فالتكر�ر و�لن�سخ ال ميكن �أن

ي�سكال تيار� �إبد�عيا، فكما يرى عابد

�لعربي »�لعقل �أ�سبح لقد �جلابري،

تاأ�س�س لقد تكر�ريا. معرفيا منطا

�لكتاب �لنموذج، للكتاب معني زمن

متعددة، معرفية حقول ويف �لنظام

وتنا�سلت بعده �لن�سخ و�الأ�سباه، فتبلور

ا م�سخ�س �ملذكور �لعقلي �لنمط

�لثالثة �لفكر �أنظمة يف ومتمظهر�

و�لربهان«، فظلت و�لك�سف »�لقيا�س

قو�لب نظام �لنظم �سائدة ومهيمنة«.

مرجع ،»2004« كمال عبد�للطيف،

�سبق ذكره، �س 28. وهو �الأمر �لذي

يف نرى ال فنحن عنه. باأنف�سنا ننوء

ي�ستعيد تكر�ر بنمط �لرت�ث تعليم

بل وين�سخها، �لتاريخية �لنظم

وتطويريها �كت�سافها هو هنا �لهدف

وقيا�س �حلا�سر عليها.

12- �أبها 1408ه�.

�لعمارة �لتقليدية، جمال ال

نهائي للت�سكيل �لب�سري

عالقات ب�سرية هادئة يف �لعمارة �لعربية

�لتاريخية، �لقاهرة، 2001م

Page 77: Architectural heritagebiography

153 سيرة في التراث العمراني152 153

بين التراث والتعليم

�أحجام �ملباين �لتي بنيت يف

�لريا�س يف �لن�سف �الأول

من �لقرن �لع�سرين ميكن

�أن تعلمنا �لكثري، 2006

تاج حمل، �غر�، �لهند 1997

�لعملي �النتباه توجيه �إىل نكون ما �أحوج »�إننا قلت �لريا�س مدينة

�لبحث �مل�سمون �حلقيقي �مل�ستنري نحو �لفكرية و�حلو�ر و�لطاقات

لرت�ثنا �لعمر�ين، و�لتخل�س من �ملفاهيم �خلاطئة �لتي �أل�سقت بهذه

�لكلمة وجعلتها متالزمة لكل ما هو قدمي فقط، و�أن نعمل نحو �لتجديد

كما يجب �أن يكون ذلك �لتجديد يف كل �الأحو�ل ��ستجابة و�عية لتغري

�لظروف ولي�س ملجرد �إر�ساء �لنزعات �ل�سخ�سية«.)13(

�ل�سخ�سية �الأه��و�ء عن و�البتعاد �لتجديد م�ساألة �أن و�حلقيقة

�أفكر كانت مرتبطة يف ذهني مبو�سوع �لتعليم �ملعماري �لذي بد�أت

باأن حتول �ملجتمعات وتطورها ال الأنني على يقني ب�سكل عملي، فيه

�أجيال �أو جيل �إىل يحتاج ولكنه �سنو�ت، ب�سع يف يحدث �أن ميكن

�أ�سالة على يعتمد حملي عمر�ن لتطوير »�الأج��دى فالو�سيلة عدة.

�لرت�ث هي يف خلق جيل جديد من �ملعماريني يوؤمن »بق�سية �لرت�ث«،

ويبد�أ يف �تخاذ خطو�ت عملية للعناية بالعمر�ن �ملحلي، و�ال�ستفادة

من معطياته يف �سبيل عمارة م�ستقبلية �أ�سيلة و�ثقة، ت�ستمد جذورها

�حلديثة للتقنيات ��ستيعابها يف وتنطلق �ملحلية، �لعمارة �أ�سل من

من قاعدة �سحيحة، على �أن يكون ذلك �لتوجه مبنيا على فهم و�ع

للرت�ث �لعمر�ين يرتبط �رتباطا وثيقا بالثقافة �ملحلية، ويبتعد عن

�لتقليد �ل�سطحي ويثق يف �سرورة ذلك �لرت�ث وقدرته على �لتطور

1414ه�« �سو�ل 10-7« �لريا�س، -13

»وهو �أول لقاء �أح�سره ب�سفتي رئي�سا

فخريا للجمعية«.

Page 78: Architectural heritagebiography

155 سيرة في التراث العمراني154 155

و�لتعامل مع �ملتطلبات �لو�قعية �حلديثة«.)14(بين التراث والتعليم

�إحدى �خلطو�ت �ملهمة �لتي تبنيتها يف فرتة مبكرة يف جمعية

�لعمر�ن هي �إ�سد�ر جملة متخ�س�سة يف �لعمارة با�سم »عمر�ن«

�لتو��سل ميكن مهمة تعليمية و�أد�ة ونقدية، معرفية قناة تكون

لقد كانت هذه �لعمارة. �أع�ساء �جلمعية وطالب من خاللها مع

�خلطوة �أ�سا�سية يف تر�سيخ فكرة تاأ�سيل �لعمارة �ملحلية، الأن وجود

بالدنا يف بالعمارة �ملهتمون خالله من يتو��سل معريف« »وع��اء

�أ�سبح �سروريا، هذ� �إذ� ما �أردنا فعال �أن نغري بيئة �لتعليم.

�لتجارب لتبادل وجم��اال نقديا، ف�ساء �ملجال �أت�سور كنت

وتقارنه �ملعا�سرة، وتطبيقاته �ل��رت�ث تر�سد و�لتعليمة �ملهنية

بالتجارب �لتي حتدث حول �لعامل، وتتغلغل يف �سلب �لبيئة �لتعليمية

وتنقل مفاهيم »تكوين �لعقل �ملعماري �ملحلي« باأ�سلوب علمي، فاأنا

موؤمن باأن تكوين �لعقل يحتاج �إىل �أدو�ت معرفية متعددة، وكانت

»عمر�ن« بالن�سبة يل �إحد�ها.)15(

يف �ملعرفة وق��ن��و�ت �الت�سال و�سائل تعدد �أهمية �أرى كنت

جمال �لتعليم �ملعماري، الأن م�ساألة ربط �لرت�ث �لعمر�ين بالتعليم

�ملعماري مل تكن م�ساألة جامدة، وكنت �أت�سور �أن مد�ر�س �لعمارة

باأ�ساليب وتطبقها بطرق خمتلفة �لفكرة هذه تف�سر �سوف لدينا

متعددة، ولعل هذ� يحدث يف �مل�ستقبل، الأنه مل يكن يف ذهني قالب

و�حد للرت�ث �أو ت�سور و�حد عن ماهيته، بل كنت �أرى �أن �لتف�سري

�ملعا�سر للرت�ث �لعمر�ين يجب �أن ينبثق من حاجتنا �الجتماعية

و�القت�سادية �ملعا�سرة.

�لعمارة لكليات وط��ن��ي ب��رن��ام��ج »و���س��ع �أه��م��ي��ة �أك���دت فقد

وتوثيقها، �ملحلية �لعمارة لتاأ�سيل �ململكة بجامعات و�لتخطيط

�ملختلفة، ملناطقنا و�لعمر�نية �لبيئية �خل�سو�سية �أبعاد ودر��سة

لذلك«، �الجتماعية و�الأبعاد �لبناء القت�ساديات �أكرب و��ستيعاب

والقت هذه �لفكرة دعم وزير �لتعليم �لعايل وت�سجيعه.)16(

�سو�ل �لبناء، جملة مع مقابلة -14

1423ه�/يناير 2003م.

�الإعالم وزير �إىل خطاب رفع مت -15

د.علي �ل�ساعر ت�سمن طلب ترخي�س

�ملجلة »1416/2/23ه�«. وقد �سدرت

�إ�سد�ر على �ل�سامي �ملقام مو�فقة

جملة عمر�ن بتاريخ 1418/9/26ه�،

�الإعالم وزير مع دقيقة متابعة بعد

خلف »�لذي فار�سي د.عبد�ل�سالم

د.�ل�ساعر عام 1416ه�«.

�لرت�ث تبني فكرة طرحت لقد -16

�لعمر�ين �ملحلي �سمن مناهج كليات

�لتي �لكلمة يف �ململكة يف �لعمارة

�ل�سابع �ل�سنوي �للقاء يف �ألقيتها

�لعمر�ن يف لعلوم �ل�سعودية للجمعية

1417ه�«، رجب 15« �ملنورة �ملدينة

»م�ستقبل مو�سوعه كان و�لذي

بد�ية �لكلمة هذه وكانت �ملدينة«.

�لرت�ث لربط عملية النطالقة

�أعقبتها حيث بالتعليم، �لعمر�ين

عدة خطو�ت لتحقيق هذ� �لهدف.

�لوجار..تعبري د�ئم عن ثقافة

�لكرم، تختلط معه ر�سائل

ب�سرية ورمزية ذ�ت دالالت

�جتماعية عميقة

Page 79: Architectural heritagebiography

157 سيرة في التراث العمراني156 157

�ملكان بكل ما يحمل من �أ�سياء

ب�سيطة، �لعذيبات

حماولة �سخ�سية للتعرف على

�حلار�ت و�ملباين �لقدمية،

و�سط �لريا�س، 2006

ورغم �أن هذه �لفكرة طرحت �سمن �خلطو�ت �لعملية �لتي كنت بين التراث والتعليم

�أر�ها �سرورية للمحافظة على �لرت�ث �لعمر�ين يف �ململكة، �إال �أنها

برناجما ت�سبح كي متكامل، عمل برنامج �إىل �لوقت مع حتولت

فاإن ذلك ومع عابر. لقاء يف عابرة فكرة جمرد ال حقيقيا عمليا

ا يف دهاليز �جلامعة. فقد تطلب �الأمر �الأمر مل يكن هينا، خ�سو�س

�لفكرة، مر�ت عن طريق لتفعيل هذه �الأحيان تدخلي يف كثري من

�الت�سال طريق عن �أخ��رى وم��ر�ت �ل��ن��دو�ت، وعقد �ملحا�سر�ت

�لت�ساور وحم��اول��ة �جلامعي، �لتعليم عن �مل�سوؤولني مع �ملبا�سر

ا �أن فهم و�لتحاور معهم حول �لفكرة و�أهميتها �مل�ستقبلية، خ�سو�س

�لرت�ث �لعمر�ين بالن�سبة يل »يرتبط �رتباطا وثيقا بالثقافة �ملحلية،

ويبتعد عن �لتقليد �ل�سطحي، ويثق يف �سرورة ذلك �لرت�ث وقدرته

على �لتطور و�لتعامل مع �ملتطلبات �لو�قعية �حلديثة«.)17(

وهذ� ال ميكن �أن يتحقق �إال عن طريق �لتعليم وبث ثقافة تعليمية

وتكت�سفها، �ساأنها، من وتعلي �ملحلية، �لثقافة حت��رتم معمارية

من يحدث �أن بد وال �مل�ستقبل، لت�سكيل مهمة م��ادة منها وت�سنع

�ن�سجام �لعالقات �لب�سرية يف 17- �ملدينة �ملنورة »15 رجب 1417ه�«.

�لعمارة �لتقليدية، �أحد �لدرو�س

�جلمالية �لتي يجب �أن ن�ستفيد

منها كثري�، و�سط �لريا�س

2006م

Page 80: Architectural heritagebiography

159 سيرة في التراث العمراني158 159

ت�سكيل خارجي ع�سوي تعرب عنه �لعمارة

�لقدمية، قرطبة 2004م

حو�ر حول �أعمال �لطالب يف كلية �لعمارة

بجامعة �لدمام، 2010

بين التراث والتعليم

خالل معماريني حمليني على قدر من �لوعي باأطر �لثقافة �ملحلية

ومكوناتها و�ملعوقات �لتي تو�جهها.

د�خل مقاومة وج��ود �أحيانا، �أ�ستغرب، كنت �إنني �أق��ول لن

�الأ�سا�س يف مرتبطا ��ستغر�بي كان فقد للفكرة، �لتعليمية �لبيئة

بكون �جلامعة هي �ملكان �لذي يتلقف �الأفكار �جلديدة ويختربها،

ويحاول �أن ي�سنع منها فكر� خمالفا ملا هو �سائد. لقد جعلتني هذه

�ملقاومة �أفكر بجد يف �لرتكيز �أكرث على �لتعليم، الأن �أي تعليم ال

وقادة، مفكرين ي�سنع �أن ميكن ال و�لتجريب لالكت�ساف ي�سعى

وكنت �أبحث على �مل�ستوى �ل�سخ�سي عن قادة ومفكرين يف جمال

�لعمر�ن، فهم �الأقدر على �إحد�ث �لنقلة �ملعرفية �ملطلوبة.

تلك �ملقاومة جعلتني �أرى �أن �لتعليم �ملعماري يف بالدنا بحاجة

�إىل م�ساحات فكرية ونقدية �أو�سع، الأنه يبدو �أن تاأثري �ل�سوق جعل

من �أك��رث و»حرفيني« »مهنيني« تخريج يف تفكر �لعمارة كليات

مفكرين ومثقفني يف جمال �لعمر�ن، بينما �لتو�زن بني �الثنني �أمر

مطلوب و�أ�سا�سي.)18(

لقد مرت فكرة تاأ�سيل �لعمارة �ملحلية يف �لتعليم �ملعماري بعدة

جتارب ومر�حل، �إذ مل �أكتف بطرح �الأفكار، بل حاولت �أن �أخطو

خطوة مهمة نحو �لتطبيق، فكانت �أول ندوة دعيت لها حول »تاأ�سيل

�لعمارة �ملحلية يف �لتعليم �لعمر�ين« يف رحاب جامعة �مللك �سعود

مبدينة �لريا�س »26 رجب 1418ه�«، فقد جعلت هذ �لندوة �لفكرة

قابلة للتطبيق، و�إن كانت حتتاج �إىل بع�س �لوقت. فالتخل�س من

ظل يف ا خ�سو�س �لهني،، باالأمر لي�س �ل�سائدة �لتعليمية �لثقافة

وم�سادر �الأ�ساتذة، م�سارب وتعدد �الأكادميية، �لبريوقر�طية

�أفكارهم. فاإقناع �أ�ساتذة �لعمارة بالفكرة ممكن مع �لوقت، وكنت

�أح�سب نف�سي �سريكا معهم يف �مل�سوؤولية، ويف بناء �لوعي �لتعليمي

�لوعي م�ستوى على ثقايف« »�خ���رت�ق حتقيق �أج��ل من �ملطلوب

�ملجتمعي بالرت�ث.

18- ملعرفة �ملزيد عن تاأثري ثقافة �ل�سوق

يف بيئة �لتعليم يف �لعامل �لعربي ميكن

»2005« حميا زيتون، �إىل: �لرجوع

ظل يف �لعربي �لوطن يف �لتعليم

�ل�سوق، بريوت، مركز وثقافة �لعوملة

در��سات �لوحدة �لعربية.

Page 81: Architectural heritagebiography

161 سيرة في التراث العمراني160 161

لقد �أكدت يف هذه �لندوة �أنه »حان �لوقت �أن يخرج من جامعاتنا بين التراث والتعليم

ومد�ر�سنا �ملعمارية معماريون �سعوديون يحملون لو�ء �لعمارة �ملحلية،

�ملد�ر�س تبني �سئمنا قد هنا �أننا يقني من ر�سالتهم يف منطلقني

�ملعمارية �الأخرى متظاهرين �أنها �إبد�عات حملية«. هذ� �لنقد �لعميق

�جلامعات يف �لعمارة كليات تنتجه وم��ا �ململكة يف �لعمارة لو�قع

�ل�سعودية يوؤكد حقيقة �أنه دون �أن يتحول �لرت�ث �لعمر�ين �ملحلي �إىل

�سوف �خل�سارة فاإن �ملحلية �لتعليم موؤ�س�سات تتبناه تعليمية ثقافة

تكون فادحة، �سو�ء على م�ستوى �ملحافظة على �لرت�ث �لعمر�ين �لقائم

م�ستوى على �أو و�لعامة، �لنخب م�ستوى على وعي �إىل يحتاج �لذي

��ستمر�ر �لثقافة �ملحلية يف عمارة �حلا�سر و�مل�ستقبل.. وهو ��ستمر�ر

ال يقل �أهمية عن �ملحافظة على �لعمارة �لتاريخية. لقد »حان �لوقت

�الأ�سيلة �ملعمارية مد�ر�سنا �ل�سعودية �لعربية �ململكة يف لنا ليكون

�لتي ترتبط برت�ثنا �ملعماري وتطور عمارتنا �ملحلية، لتتو�فق فعال مع

حاجاتنا وتلبي متطلباتنا �القت�سادية و�لبيئية«.)19(

وقد كنت هنا �أدق على وتر �لهوية �حل�سا�س.)20( وكنت �أرى �أن

فالبحث �ملعماري. �لتعليم �ملعمارية كان طاغيا يف جمال �لهوية مد

جماالت �الأم��ر حقيقة يف هو �ملعمارية �ل�سخ�سية وعن �لهوية عن

�ملعماريني. لدى »�الأن��ا« مفهوم وت�سكل �لذ�تي« »�لزخم مع تتنا�سب

وكنت �أرغب يف �لتعامل مع هذه »�الأنا« عن طريق �إطار ثقايف جماعي

تكون �لهوية و�لطابع �ملعماري �ملحلي هما �الأ�سا�س فيه، لكنه يهدف يف

�لنهاية �إىل �ملحافظة على �لرت�ث و��ستنباط �لدرو�س منه وتفعيله يف

�لتعليم �ملعماري. وقد كنت د�ئما �أفرق بني كلمتي »�بتكار« و»�إبد�ع«،

�لعمارة ويف بالكامل ب�سيء جديد �الإتيان هو �البتكار �أن �أرى وكنت

غالبا ما يقال »ال ميكن �أن تخرتع �لعجلة من جديد«، بينما �الإبد�ع هو

باأنه جديد. �لتعامل مع �ملوجود و�ملمكن، و�إعادة ت�سكيله ي�سعرنا فن

�أن تتعامل مع »�الإبد�ع« وتتجاوز �أفكر فيها يجب فل�سفة �لتعليم �لتي

عن »�البتكار« �لتي ترهق طالب �لعمارة، وتبعده عن جذوره و�أ�سوله

وتفقده �سخ�سيته مع �لوقت.

19- �لريا�س »26 رجب 1418ه�«.

20- ميكن �لرجوع �إىل �لف�سل �خلام�س.

�ال�ستك�ساف �لذ�تي و�لتفاعل مع

�ملجتمع �ملحلي يقربان �لعمارة

�لتقليدية �إىل �لذهن، ويفتحان

م�ساحات و��سعة لتف�سريها،

�لعال 2001م

Page 82: Architectural heritagebiography

163 سيرة في التراث العمراني162 163

عرف تاأ�سي�س �إىل حتتاج �لفكرة �إط��الق مرحلة كانت ف��اإذ�

جمال يف �ل�سعوديني �الأكادمييني ويحمل �جلر�س، يعلق �أكادميي

بتحويل �لكفيلة �ل�سبل يف و�لبحث �لتطبيق م�سوؤولية �لعمارة

�إال وموؤثرة، و��سحة له خمرجات تكون عمل برنامج �إىل �لفكرة

�أنني مل �أتوقف عند هذ� �حلد، فقد كان �الأمر بحاجة �إىل �ملزيد

من �ملثابرة و�ل�سرب، فاالأفكار �لكبرية حتتاج �إىل �سرب كبري.

لقد كانت �لطموحات كبرية، لذلك فقد قدمت يف �لندوة نف�سها

»جامعة �مللك �سعود« برنامج عمل لتعزيز فكرة �لعمارة �ملحلية يف

�لتعليم �ملعماري، وكلها كانت بد�يات مهمة ملا �سيتحقق بعد ذلك

من حتوالت يف �لوعي �لثقايف �ملرتبط بالرت�ث �لعمر�ين يف �ململكة.

ففي ورقة »�لرت�ث �لعمر�ين حمور �لتخطيط مل�ستقبل �ملدن« �لتي

قدمتها يف ندوة ��سرت�تيجيات �لتنمية �حل�سرية يف �ملدن �لعربية

�ملنعقدة مبدينة �لريا�س »4-7 من �ملحرم 1421ه�« �أكدت �أهمية

�لتعليم �ملعماري مرة �أخرى من خالل »تاأ�سيل مفهوم �لرت�ث يف

�لفكر �لعمر�ين �لوطني، و�لبدء فعليا يف غربلة �لعملية �لتعليمية

�لثقايف �إرثه يعي جيل الإيجاد و�ملخططني، للمعماريني �الأ�سا�سية

و�حل�ساري، بقدر ما يكون موؤهال علميا وتقنيا«.

هذه �لنظرة �ل�ساملة كانت �سرورية بالن�سبة ل�ساحب �لفكرة،

بل عابرة«، »ن��زوة جمرد لدي �ل��رت�ث تاأ�سيل م�ساألة تكن مل �إذ

كانت فل�سفة حياة، ومبد�أ كافحت من �أجله �سنو�ت طويلة، لذلك،

فقد كان من �ل�سروري �أن تتطور �آليات ت�سمن حتول �لفكرة �إىل

جزء من بنية �ملجتمع، و�لتعليم هو �أهم �آلية ميكن �أن ت�سنع ثقافة

جديدة.)21(

�الأمر هنا نابع من �إمياين �لعميق باأن حماية هوية �الأمة تبد�أ

من �لتعليم، فاأنا ل�ست مع فكرة »�ملنع« من �أجل حماية �لذ�ت، الأن

هذ� يوؤدي �إىل �لتقوقع و�النكفاء على �لذ�ت، بينما يفتح �لتعليم كل

�ملجاالت كي تت�سكل �حلماية �لذ�تية، وربط �لرت�ث بالتعليم يعني

�لتعلم من �لنا�س، و�سط

�لريا�س، 2006

�لعمر�ين بين التراث والتعليم »�لرت�ث بعنو�ن: ورقة -21

يف �مل�ستقبل«، ملدن �لتخطيط حمور

�حل�سرية �لتنمية ��سرت�تيجية ندوة

7-4« �لريا�س �لعربية، �ملدينة يف

12-9 �ملو�فق 1421ه� �ملحرم من

�إبريل 2000م«.

Page 83: Architectural heritagebiography

165 سيرة في التراث العمراني164 165

�لتي نابعة من �جلذور �أ�سيلة تت�سكل وفق مبادئ �أن هذه �حلماية

ت�سكلت على �سوئها هوية �الأمة عرب �لتاريخ. �مل�ساألة توؤكد ما ذكره

�ملوؤرخ »تونبي« باأن �حل�سارة �الإ�سالمية ح�سارة »حتد و��ستجابة«.

تلك ت�ستوعب ج��دي��دة جم���االت ت��ول��دت �لتحديات ز�دت فكلما

�لتحديات وتتعامل معها، لكن هذه �ال�ستجابة ال تت�سكل هكذ� دون

عمل ودون تخطيط. ويف �عتقادي �أن دمج �لرت�ث �لعمر�ين �سمن

مناهج �لتعليم هو جزء من هذه �ال�ستجابة �لتي �ستقاوم �لذوبان يف

�حل�سار�ت �الأخرى، وتقدمنا على قدم �مل�ساو�ة مع �الآخرين.)22(

لقد عقدت �أكرث من ندوة بعد ذلك لتاأ�سيل �لفكرة ودفعها �إىل

جماالت �أكرث رحابة، ولتقريبها من �لتقاليد �الأكادميية �ل�سائدة يف

�لعمر�ين »�لرت�ث بعنو�ن: �لتي قدمتها �لورقة �لعمارة مثل كليات

�لوطني وم�ستقبل �لتعليم �جلامعي« يف ندوة تطوير �لتعليم �لهند�سي

تقريبا، وكانت مو�كبة، 1421ه�«، �لقعدة »19 ذو و�ملعماري بجدة

الإن�ساء �لهيئة �لعليا لل�سياحة.

»تدرك لل�سياحة �لعليا �لهيئة �أن �ملحا�سرة �أكدت يف هذه لقد

�أهمية دور �لتعليم �لعمر�ين يف بناء جيل معني باحلفاظ على �لرت�ث

�أبد� �أن يكون هناك وعي بالرت�ث �لعمر�ين وتطويره«. فلم �أت�سور

باإبد�ع، �ل��رت�ث هذ� مع يتعامل تعليمي ن�سج هناك يكن �أن دون

�ل�سطح يف �لعذيبات، �إطاللة

على �لف�ساء �لالمتناهي

تفا�سيل للعمارة و�حلياة، قرطبة

2004م

�لتحدي بين التراث والتعليم مفهوم �إىل �أنظر كنت لقد -22

�الآخر، على منفتحة تعليمية نظرة

لندوة قدمتها ورقة يف قلت فقد

�لتعليم يف �ملحلية �لعمارة تاأ�سيل

�ملعماري �لتي �نعقدت يف جامعة �مللك

9 1422ه�/ �ملحرم من 26« في�سل

ا �أي�س »متحم�س �إنني 2002م« �إبريل

ولي�ست �أ�سال فر�س هي لق�سية

خيار� وهي ق�سية �لعوملة.. ومن هذ�

دور لنا يكون �أن �أردنا �إذ� �ملنطلق

�الآخرين يف و�لتاأثري �لبناء يف فاعل

وممار�سة �لعوملة، فالعوملة ال يجب �أن

عنها يتحدثون كما قلق عوملة تكون

عوملة هناك و�إمنا منها.. ويتخوفون

�إفادة. وعوملة وم�ساركة، ممار�سة

كاأننا �لعوملة نتكلم عن ونحن عندما

ثو�بت، منلك وال ح�سارة، منلك ال

�أن ي�ستطيع تر�ثا ثقافة وال وال منلك

عالية، بقيم �لعوملة ويغذي يتفاعل

ويحدد وينظم م�سارها، لذلك �أنا من

�لنا�س �ملتحم�سني للتحدي �لقادم«.

Page 84: Architectural heritagebiography

167 سيرة في التراث العمراني166 167

�أبد� يف حتريك م�ساألة ربط فهم �لرت�ث و�كت�سافه �أتو�ن لذلك مل

بالتعليم �ملعماري. لقد حاولت �أن �أقدم �إطار� معرفيا متكامال يعنى

و�مل�سح، �لتوثيق، م�ستوى على �لعمر�ين �ل��رت�ث على باملحافظة

حلقة هناك �ستظل �لربط هذ� فدون �لعلمي. و�لبحث و�لتحليل،

�حلا�سر بنية يف فعال غري �لعمر�ين �لرت�ث جتعل مفقودة مهمة

و�مل�ستقبل، �الأمر �لذي �أدى �إىل عقد ندوة تاأ�سيل �لعمارة �ملحلية يف

�لتعليم �ملعماري يف رحاب جامعة �مللك في�سل »�لدمام حاليا« »26

من �ملحرم 1422ه�« و�لتي �نتقدت فيها �ال�ستجابة �لبطيئة لكليات

�لعمارة لهذه �لفكرة �ملهمة.)23(

بالتعليم �ملهتمني ��ستجابة �أن �أت�سور كنت �أنني �أب��د� �أنكر ال

�سعوبة الحظت لكنني �إيجابية، �أك��رث �ستكون بالدنا يف �ملعماري

�سرب�، يتطلب �حلجم بهذ� »تعليمي« �خ��رت�ق فتحقيق »�لتغيري«.

ويتطلب �أن ينبع هذ� �لتحول من �لد�خل، ال �أن يفر�س �لرت�ث على

يف متثلت �ملا�سية �ل�سنو�ت خالل �تبعتها �لتي �ل�سيا�سة �لتعليم.

�لتي �أكادميي بالرت�ث، فهناك جائزة �لرت�ث �لعمر�ين �سنع وعي

تاأ�سيل ن��دوة يف كفكرة طرحتها و�لتي �ل��رت�ث، موؤ�س�سة تقدمها

�مللك جامعة يف �نعقدت �لتي �ملعماري �لتعليم يف �ملحلية �لعمارة

�سعود عام 1418ه�/1997م.)24( وهناك كر�سي �لرت�ث �لعمر�ين

يف جامعة �مللك �سعود �لذي �أعلن عنه هذ� �لعام، و�أنا على يقني �أن

هذه �خلطو�ت �لعملية �ست�سكل بيئة تعليمية معمارية حتتفي بالرت�ث،

وحتاول �كت�سافه معرفيا، وتتبناه على م�ستوى �ملمار�سة �ملهنية.

�أطفال ي�ساركون يف �لبناء يف

�لعذيبات

حماور بين التراث والتعليم عدة طرحت قد كنت وقد -23

�لتعليم يف �ملحلية �لعمارة لتاأ�سيل

�ملعماري يف �لورقة �لتي قدمتها لندوة

و�لعمر�ين �لهند�سي �لتعليم تطوير

�لتي �نعقدت يف جدة »19 ذو �لقعدة

وقد 2001م«، فرب�ير 13 1421ه�/

هذ� لتحقيق حماور ثالثة طرحت

»2« �لعلمي، �لبحث »1« �لهدف هي:

�لتطبيق »3« و�ملعلومات، �لتوثيق

هو هنا �لهدف يكن ومل �لعملي.

يف �ملحلية للعمارة برنامج »�إيجاد

و�لتخطيط �لعمارة و�أق�سام كليات

�لعناية و�إمنا جعل بجامعات �ململكة،

�الأ�سا�سي �الإطار �ملحلي بالعمر�ن

�لكليات تلك يف �لتعليم لرب�مج

و�الأق�سام«.

جائزة »�إن�ساء فكرة طرحت لقد -24

�ملحلية �لعمارة لتطوير خا�سة

�ملعماري، �لرت�ث على و�ملحافظة

و�ملعماريني،، للطلبة، حافز� لتكون

يف و�الأفر�د و�ملطورين، و�حلرفيني،

�ملعماري تر�ثنا على �حلفاظ �سبيل

�ملحلية عمارتنا وتطوير �لعريق،

»جامعة �ل�سحيح«، �لعلمي �لتطوير

1418ه�/26 رجب 26 �سعود �مللك

تعلن مل �أنه على 1997م«. نوفمرب

�لتا�سع �للقاء يف �إال ر�سميا �جلائزة

�لعمر�ن لعلوم �ل�سعودية للجمعية

23 يف �لريا�س مبدينة عقد �لذي

من �ملحرم 1420ه�. وت�سمل �جلائزة

�مل�سروع جائزة »1« هي: �أفرع ثالثة

على �حلفاظ جائزة »2« �لعمر�ين،

بحوث جائزة »3« �لعمر�ين، �لرت�ث

تو�سعت وقد �لعمر�ين. �لرت�ث

لت�سمل موؤخر� �جلائزة ن�ساطات

�الإن�ساين، �لعمر�ين للبعد جائزة

كما �حلياة. مدى لالإجناز وجائزة

�أن هناك جو�ئز للطالب، �سو�ء على

م�ستوى �مل�ساريع �أو �لبحوث.

Page 85: Architectural heritagebiography

169 سيرة في التراث العمراني168 169

مرحلة �إىل �الآن و�سلت �لفكرة هذه �أن هو فعال، يهمنا، ما

ا مع �أطر �لعمل �لتي مت تقدميها خالل �ل�سنو�ت �لن�سج، خ�سو�س

�لتعليم ثقافة يف و��سح تغري عن تثمر مل كانت و�إذ� �ملا�سية،

�ملعماري �إال �أنها �أحدثت تاأثري� على م�ستوى �لتفكري �لعام يف جمال

�لتعليم �ملعماري يف �ململكة، و�لذي ميكن �أن يتطور لي�سبح تعليما

ذ� خ�سو�سية حملية عميقة.

�إن حتول ق�سم �الآثار يف جامعة �مللك �سعود �إىل كلية لل�سياحة

و�الآثار موؤ�سر على �لتحوالت �الإيجابية �لتي ميكن �أن حتدثها فكرة

بهذ� �حلجم، كما �أن برنامج »�بت�سم« �لذي يعد �سر�كة »تعليمية«

ميتد تاريخ �لعمر�ن يف بالدنا

�إىل حقب تاريخية بعيدة،

حتتاج �إىل تعليم م�ستنري

يفهمها ويحللها وي�ستفيد

من درو�سها، �لعال، 2001

بين التراث والتعليم

در��سة ذ�تية للعمارة �لتقليدية

يف ع�سري، 2009م

Page 86: Architectural heritagebiography

171 سيرة في التراث العمراني170 171

مع وز�رة �لرتبية و�لتعليم �سيكون جماال لتح�سري �الأجيال �لنا�سئة

»�ملو�طنة« بناء من كجزء وتعليمه، �ل��رت�ث تعلم يف لالنخر�ط

وت�سكيل �لهوية �لوطنية.

لقد تاأكد لدي �أن تغيري �لتعليم يحتاج �إىل عمل موؤ�س�سي منظم،

الأنه ال تكفي �لدعو�ت و�الأفكار، و�إذ� ما �أردنا �أن ن�سكل �جليل �لذي

نتمناه من �ملعماريني فيجب علينا �أن نبد�أ يف �لتعامل مع موؤ�س�سة

لهذه �مل�ساندة �لبيئة ون�سكل معها، رو�بط ونبني نف�سها، �لتعليم

�لفكرة من �لد�خل. فم�ساألة �لفر�س �لق�سري لالأفكار ال ميكن �أن

يحقق �أي جناح.

�لنتائج كانت لو حتى �لعو�ئق كل ي�سبق بالتغيري �إمي��اين �إن

غري مر�سية حتى �الآن. ويف �عتقادي �ل�سخ�سي �أن تاأ�سيل �ملحلية

�أن �أردن��ا ما فاإذ� فعال، »�مل�ستقبل« وهو �سروري �أمر �لتعليم يف

نكتب »تاريخ �مل�ستقبل« من �الآن فعلينا �أوال �أن نبد�أ بتغيري �حلا�سر

نت�سور فال �خل�سو�س. وجه على �لتعليم بتغيري ونبد�أ »�ملوؤثر«،

�أبد� �أن يت�سكل وعي بالرت�ث، ويظهر جيل جمدد يف جمال �لعمارة

�ملحلية و�لرت�ث �لوطني ب�سكل عام دون �أن يكون �لرت�ث قد تر�سب

كثقافة يف عقله وقلبه.

�ليمن 2005

بين التراث والتعليم

Page 87: Architectural heritagebiography

173

فضاءات للتخطيط 4العمراني اإلنساني سيرة في التراث العمراني

Page 88: Architectural heritagebiography

175 سيرة في التراث العمراني174 175

مل يكن م�صتغربا �أن تكون نظرتي ملدن �مل�صتقبل نابعة �أ�صال

من روؤيتي للرت�ث �لعمر�ين، وما يقت�صيه هذ� �لرت�ث من تر�صيخ

للهوية �لوطنية، ولثقتي باأنه �صيكون ملهما للتطوير �مل�صتقبلي،

فقد �أكدت �أن »�لتحول �ل�صيا�صي يف �لعديد من �لدول و�نتقالها

�ملدن �إمناء م�صوؤولية تويل وبالتايل ذ�تيا، �صوؤونها �إد�رة �إىل

�أو�صاع من �أخرى دول و�نتقال �مل�صتقبل، لأجيال و�لتخطيط

كيانات �صمن تكوينها و�إع��ادة بد�ئية، و�قت�صادية �صيا�صية

متحدة ت�صعى �إىل �لتطور و�لنمو �ل�صريع، قد �أدى �إىل قيام جيل

من �ملدن ي�صعى ملو�كبة هذ� �لتطور و�لنمو. مت ذلك يف �لغالب

باإ�صكاليات وبد�ئي حم��دود ووع��ي ن�صبي، علمي ف��ر�غ ظل يف

تطوير �ملدن وحتديثها، �صمن �إطار ي�صمن لها �ملحافظة على

�صخ�صيتها وهويتها �ملميزة، وينميها با�صتيعاب لرت�ثها �لثقايف

�ل��رت�ث«.)1( ولو �أنقا�ض ذلك و�حل�صاري و�ملعماري، ل على

حاولنا �أن نتتبع م�صرية تطور �ملدينة �ل�صعودية �ملعا�صرة ف�صوف

�أو تلك �أننا كنا بحاجة �إىل �لكثري من »�لأفكار �ملحلية«، جند

�لتجارب �لتي �صنعت �ملدينة �ل�صعودية �لتقليدية، �أو حتى تلك

�لتي تطورت يف بد�يات �لتحديث »مثل جتربة �لريا�ض يف عهد

�مللك �ملوؤ�ص�ض«.

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

حمور �لعمر�ين »�لرت�ث ورقة -1

�ملدن«، مل�صتقبل �لتخطيط

من 5 �لإثنني �لريا�ض،

�أبريل 10 �ملو�فق �ملحرم1421ه�

2000م.

يف �لباحة 2003

يف �لريا�ض �لقدمية، عام 2006

Page 89: Architectural heritagebiography

177 سيرة في التراث العمراني176 177

ويف حقيقة �لأمر �أن تلك �لتجارب كانت متاأثرة برت�ثنا

فكما عميقة. �إن�صانية مبادئ من يحمله وما �لعمر�ين،

نعلم جميعا �أن �ملدن وجدت �أ�صال من �أجل �لإن�صان، وما

مل يكن تخطيط �ملدينة من �أجل خدمة �لإن�صان و�إ�صعاده

فاإن هذ� �لتخطيط لي�ض له قيمة حقيقية. ما �أ�صعى له هو

�مل�صتقبل �أفكار »م�صدر« هو �لعمر�ين �ل��رت�ث يكون �أن

وخططه، وما مل يكن هناك حتليل متعمق لهذ� �لرت�ث فال

ميكن �أن يت�صكل هذ� �مل�صدر بو�صوح لالآخرين.

�ل�صوؤ�ل �لذي قد يتبادر �إىل �لذهن هو: »ما دخل �لرت�ث

�لعمر�ين يف تخطيط �ملدينة �ملعا�صرة؟«. وهو �صوؤ�ل مربر

من �لوجهة �لنقدية، فاأنا ل �أريد �أن �أقحم �لرت�ث يف كل

�إذ� كان له دور حقيقي. ما تعلمته �صخ�صيا من �إل �صيء

�لرت�ث، هو �أن مبادئ �لتخطيط �لعمر�ين، مرتبطة ب�صكل

جتاوزنا فرمبا �ل�صكل، م�صتوى على لي�ض بالرت�ث، وثيق

�ملبادئ م�صتوى على ولكن �ملعا�صرة، مدننا يف ذل��ك

و�لأفكار، وهي �لأهم يف نظرتنا �إىل �لرت�ث، و�لتي عادة

حياة جديدة لق�صر

�إبر�هيم مبدينة �لهفوف

�لتفاعل مع �لنا�ض يف �لباحة

2003

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

Page 90: Architectural heritagebiography

179 سيرة في التراث العمراني178 179

لقد ذكرت با�صتمر�ر. �أ�صكال جديدة تنتج ما

يف تكمن �لعمر�ين �ل��رت�ث قيمة �أن �صابقا،

»و�إن كنا �أ�صكال �أنتجه من ولي�ض فيما مبادئه

ونريد تقليدية عمارة من �إنتاجه مت مبا نهتم

�أ�صكال تنتج د�ئما فاملبادئ عليه«، �ملحافظة

�لعمر�ين �لرت�ث دور باأهمية و�إمياننا جديدة

قيمة من نابع �ملعا�صرة �ملدينة تخطيط يف

هذه �ملبادئ �لتي ميكن تف�صريها ب�صكل جديد،

�أ�صكال عمر�نية جديدة من خالل هذه و�إنتاج

�لتف�صري�ت.

نف�صي على طرحتها �ل��ت��ي �لأ���ص��ئ��ل��ة �أح���د

�أكرث �أن جنعل مدننا مبكر�، هو: »كيف ميكن

�لورقة �ل�صوؤ�ل قبل �إن�صانية؟«، ورمبا كان هذ�

»1418ه�/ �لريا�ض مدينة حول قدمتها �لتي

»تاأكيد �أه��م��ي��ة فيها ذك���رت �ل��ت��ي 1998م«،

لي�صبح �مل��دي��ن��ة بنية يف �لإن�����ص��اين �جل��ان��ب

ت�صارب فال لهويتها، �لرئي�صة �ملالمح �أح��د

�قت�صاديا �لو�ثبة �لريا�ض مدينة تكون �أن يف

�إىل �أ�صرت لقد �إن�صانية«.)2( كمدينة ناجحة

�لإن�صاين »�جلانب فقدت �لريا�ض مدينة �أن

ح�صاب دون خططت �لتي �أحيائها معظم يف

قدمتها و�لتطلعات« �لآمال »�لريا�ض بعنو�ن: ورقة -2

�صفر 6-2 �لريا�ض �مل�صتقبلية، �لروؤية ور�صة يف

تفقد �أن �حتمال عن �أحتدث وكنت 1418ه�،

�أهم ميثل �لذي �لإن�صاين �جلانب هذ� �لريا�ض

موؤهالتها ومقوماتها. وب�صورة عامة، �نعك�صت هذه

لتطوير ��صتيعابها مت تو�صيات �صكل على �لورقة

مدينة �لريا�ض يف �ل�صنو�ت �لتي تلتها، حيث حتولت

�لإن�صانية«، �ملدينة »�لريا�ض: بعنو�ن تو�صية �إىل

و�لتي تبنتها هيئة �أمانة منطقة �لريا�ض لتتحول بعد

ذلك �إىل م�صروع متكامل تقوم �لأمانة �لآن بتنفيذه

�إن�صاء �للحظة نتج عنه حتى هذه و��صع على نطاق

�ملدينة، �أجز�ء �مل�صاة تربط �صبكة ح�صرية حلركة

وتطوير �ل�صاحات �لبلدية يف �لأحياء، و�إز�لة �أ�صو�ر

من منظومة و�إن�صاء للجمهور، وفتحها �حلد�ئق

�حلد�ئق تزيد م�صاحتها على ع�صرون �ألف مرت من

من �لعديد وتنظيم عبد�هلل.. �مللك حد�ئق �أهمها

�إىل �ملدينة حتويل �أجل من �لحتفالية �ملنا�صبات

ف�صاء �حتفايل خالق.

زيارة ميد�نية من �أجل فهم �ملجتمع

�ملحلي، �لباحة 2003

عنا�صر عمر�نية ب�صيطة، �ليمن 2005

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

Page 91: Architectural heritagebiography

181 سيرة في التراث العمراني180 181

للمقا�ض �لإن�صاين، وو�صعت تنظيماتها بناء على �أ�ص�ض ل تتفق

من كثري �صبب هذ� �أن �أرى وكنت ومثلنا«.)3( عاد�تنا مع

�لوقت �حلايل.)4( �ملدينة يف �صكان يعي�صه �لذي �لتناق�ض

لقد ت�صكل هذ� �ل�صوؤ�ل �لنقدي لدي نتيجة ملعطيات عدة �أهمها

هو �أين كنت قريبا من عامل �لرت�ث، وكانت مبادئه قد �صكلت

وكونت لدي روؤية نقدية و��صحة حول مفهوم �ملدينة، فقد كنت

مقتنعا �أنه ل يعني بال�صرورة �أن تفقد �ملدينة �إن�صانيتها �إذ� ما

�أر�دت �أن تكون مدينة كبرية، �أو حتى ناجحة.

�طلعت باأنني �لقارئ تذكري هنا و�أود -3

�لعمر�نية �خلطة يف و�صاركت

عام �لريا�ض ملدينة �ل�صرت�تيجية

�هتمامات لدي تولدت وقد 1986م،

خا�صة حول تخطيط �ملدينة منذ ذلك

�لف�صل �إىل �لرجوع ميكن �لوقت.

�لأول من هذ� �لكتاب.

تاريخيا ا عر�ص �لورقة ت�صمنت لقد -4

�لعقود خالل �لريا�ض مدينة لتطور

�لدر��صة، تاريخ �صبقت �لتي �لثالثة

�لذي »دوك�صياد�ض« خمطط و�أكدت

بد�أ »وقد 1393ه�/1973 عام �عتمد

عام �لريا�ض در��صة يف دوك�صياد�ض

من �أن و�أكدت 1388ه�/1968م«،

�أهم حما�صن هذ� �ملخطط هو تاأ�صي�ض

�لريا�ض مدينة لتطوير �لعليا �لهيئة

عام 1394ه�/1974م.

م�صجد �ل�صيخ حممد بن �إبر�هيم،

1428ه�، �إ�صافة جميلة لعملر �ملدينة

�ل�صتماع �إىل �لنا�ض وبناء �أو��صر حملية من �أجل �إقناعهم

بتبني �ملحافظة على تر�ثهم �ملحلي، �لباحة 2003م

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

Page 92: Architectural heritagebiography

183 سيرة في التراث العمراني182 183

ل �أنكر �أبد� �أنني غري موؤمن بفكرة »�ملدينة

وتو�زناتها تو�فقاتها، من �ملتجردة �لكبرية«

�لإن�صانية و�لبيئية، و�أعتقد �أنه بالإمكان �أن تكون

�لطبيعي حميطها مع �لتو�فق غاية يف مدننا

�لرت�ث. درو���ض من تعلمت ما �إذ� و�لإن�صاين

فالرت�ث �لعمر�ين ينطلق »عند در��صة معطياته

�لإن�صان �أن �حت�صاب تاأكيد م��ن �لأ�صا�صية،

وير�عي و�حل�صرية، �ملدنية �حلياة حمور هو

ح�صابه ب��ق��درة �لبيئة على �ملحافظة ل��ذل��ك

للعو�مل �لروحية و�لثقافية �خلا�صة بتلك �ملدن

و�حلو��صر«.)5(

نف�صه، �لإن�صان هو »�ل��رت�ث« مو�صوع �إذ�،

تاريخه وم�صتقبله، ولعل هذ� ي�صكل مفارقة عند

بع�صهم كونهم يرون يف �لرت�ث جمرد »تاريخ«،

�أن تعود، حكايات و�صور بالية �نتهت ول ميكن

وتاريخه من خالل نف�صه يجدد �لإن�صان بينما

ومازلت، كنت، فاإنني لذلك »�ملا�صي«، درو�ض

ي�صنع �أن ميكن �ل��ع��م��ر�ين �ل���رت�ث �أن �أرى

»�جلديد« د�ئما، �إنه مركب ين�صجم يف �حلا�صر

بكل تقنياته لي�صنع منه ف�صاء �إن�صانيا »معتدل«.

»مارتن ير�ها كما �لإن�صاين، �لوجود فو�قعية

هيدغر«، »�صاربة يف �ملا�صي و�لو�قعية �إمنا تدل

على ق�صدية �ملا�صي و�جتاهه، و�ملا�صي ينبعث

من �مل�صتقبل كي يولد �حلا�صر«، لذلك فهو يرى

عن ينف�صل... ل للما�صي �مل�صتمر »�لعود �أن

نزوعنا �لد�ئم نحو �مل�صتقبل«.)6(

حمور �لعمر�ين »�لرت�ث ورقة -5

�لريا�ض، �ملدن«، مل�صتقبل �لتخطيط

�ملو�فق 1421ه� �ملحرم 5 من �لإثنني

10 �إبريل 2000م.

6- �ملو�صوعة �لفل�صفية �لعربية، �ض 722.

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

�مل�صاجد �أحد �أهم عنا�صر

�ملدينة �لإن�صانية،

�إ�صطنبول 2006

Page 93: Architectural heritagebiography

185 سيرة في التراث العمراني184 185

تعاملنا مع �أر�ه����ا ح��ا���ص��رة يف زل���ت م��ا �ل��ت��ي �لإ���ص��ك��ال��ي��ة

يف �أنتجها �لتي جمالياته ور�ء نن�صاق �أننا �لعمر�ين �ل��رت�ث

يت�صم كف�صاء �إليها ونحن عندها، ونتوقف �لتاريخية، �مل��دن

ا �أننا نعي�ض يف مدن م�صو�صة، ومليئة بال�صكينة و�لهدوء، خ�صو�ص

بال�صو�صاء، و�لتلوث �لب�صري. هذه �لإ�صكالية جتعلنا نن�صى قيمة

�لرت�ث �حلقيقية �لتي تكمن فيما ميكن �أن يعيد لنا تلك �ل�صكينة

و�لهدوء، ويعمق رو�بطنا �لإن�صانية يف بيئتنا �لعمر�نية.

�لتي و�لفر�غية �لب�صرية �لتف�صري�ت بع�ض �أن هنا، �أذك��ر

�ل�صكنية �لأح��ي��اء يف �لجتماعية �ل��رو�ب��ط ��صتعادة ح��اول��ت

�عتمدت على تال�صق �مل�صاكن، وبناء م�صاكن ذ�ت �أفنية د�خلية

�عتقاد� من �أولئك �ملعماريني �أن هذ� هو جوهر �لرت�ث، ول �أدري

كيف �عتقدو� هذ� �لعتقاد، رغم �أنهم يرون �أن �مل�صاكن يف كثري

من �ملدن �لتقليدية �لعربية مل تكن متال�صقة »يف جنوب �ململكة

ويف �ليمن ويف مناطق جبلية كثرية يف �ملنطقة �لعربية«، وكانت

مل رمبا ومرت�بطة. قوية �ملناطق تلك يف �لجتماعية �لعالقات

يتخيلو� �أن �لعربة مل تكن يف �ملنتج �ملادي للرت�ث، بل يف �لنظام

�لجتماعي �لذي �صاحب ذلك �لرت�ث �لعمر�ين. لقد تعلمت من

هذ� �لدر�ض �أننا بحاجة �إىل �أن ننظر �إىل �لرت�ث نظرة تتجاوز ما

يقدمه لنا من �أ�صكال.

�ملدينة عمارة بني مهما تر�بطا هناك باأن موؤمن �أنني كما

وبيئتها �لطبيعية »وهو عن�صر مهم يف ت�صكيل �لعمارة �ملحلية كما

�أن عبقرية �إنني كنت مقتنعا يرى ذلك »كينيث فر�مبتون««، بل

تعامل من و�أ�صلوب تنبع من جغر�فيته وطبيعته، �أ�صال، �ملكان،

�ملنا�صبات، من �لعديد يف �أث��رت، وقد معه.)7( فيه يعي�صون

خماويف �لكبرية يف �أن »ي�صاهم �لتاأثري �لكبري يف �لبيئة �لطبيعية

بينت لقد �لإن�صاين«.)8( جلانبها فقد�نها �حتمال يف للمدينة

�أن »�لعناية باملو�رد �لبيئية للمدينة مثل و�دي حنيفة، و�لثمامة،

و�لكثبان �لرملية �ملحيطة باملدينة، و�لتي متثل منفذ� رئي�صا لربط

�صخ�صية »1980« جمال حمد�ن، -7

م�صر، �لقاهرة، عامل �لكتب.

8- �لريا�ض: �لآمال و�لتطلعات »1418ه�«،

�ل�صريع �ملدينة تطور �أن �أكدت وقد

�لبيئية، باجلو�نب �لعناية »على �أثر

�لبيئية للمو�رد تهديد� خلق ما

�ملو�رد »�أن بينت وقد �لأ�صا�صية«.

�لبيئية م�صتحيلة �ل�صتعادة �إن فقدت،

و�إن �أمكن فبثمن باهظ جد� ل يتنا�صب

حمدودة«، مكا�صب من يعتقد ما مع

�ل�صروري »من �أنه �أكدت �أنني كما

�لعناية باملو�رد �لبيئية للمدينة، ووقف

تدهورها و�لعمل على تنميتها، وتوجيه

ب�صكل و�لتطوير �مل�صتقبلي �لتخطيط

قبل رئي�صة، كمقومات عليها يحافظ

و�حلقيقة �لتمدد«. عجلة تلتهمها �أن

�لطويل تاريخه عرب �لإن�صان �أن هي

بثالثة �لطبيعية بالبيئة مرت عالقته

Florence ذلك يو�صح كما توجهات

�أن �لأول: :»1953« Kluckohonللطبيعة، م�صت�صلما كان �لإن�صان

�حلو�دث برحمة مرتبطا وم�صريه

فهو: �لثاين �لجتاه بينما �لطبيعية.

م�صيطر �أنه ي�صعر �صار �لن�صان �أن

ي�صاء كيفما يوظفها �لطبيعة على

ويخربها ح�صب م�صاحله. �أما �لجتاه

�لبيئة �لثالث فهو: تناغم �لإن�صان مع

ويتعامل معها وفقها يعي�ض �لطبيعية،

بان�صجام.

Altman، I & Chemers،

M. )1980) Culture and Environment، New York،

Cambridge University Press.

�ليمن 2005، �ل�صتعد�د للقيام

بالت�صوير �جلوي للمناطق �لرت�ثية

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

Page 94: Architectural heritagebiography

187 سيرة في التراث العمراني186 187

�لعذيبات مثال حي على �إمكانية

تطوير �لعمارة �لتقليدية

للحياة. قابلة �ملدينة جتعل �لتي هي ببيئته«)9(، �لإن�صان

نعي�صها، و�لفرق هنا كبري جد�. �أو �إما ن�صكن �ملدينة فنحن

رمبا يالحظ كثري من �لنا�ض هذه �لأيام كيف �صارت �لريا�ض

تعتني ببعدها �لإن�صاين، وكيف حتول و�دي حنيفة �إىل مكان

يحمل قيمة بيئية �إن�صانية كبرية.

من كثري� يثري �أن ميكن �لريا�ض مدينة يف يحدث ما

�لأفكار حول �مل�صاحات �لإن�صانية »�ملفتوحة« �لتي يقدمها لنا

تر�ثنا �لعمر�ين. فقد ر�أيت �أن �ملناطق �لرت�ثية متثل »�لرمز

�لأو�صح لهوية �ملدينة ولبعدها �لإن�صاين«، ورغم �أن �لريا�ض

خالل منوها �ل�صريع فقدت �لكثري من �أحيائها �لقدمية، �إل �أنه

ما ز�لت هناك فر�صة كبرية ل�صتعادة وهج �ملدينة �لتاريخي،

و�إعادة �حلياة لو�صطها �لتاريخي.)10( �أحتدث عن �لريا�ض

وو�صط �لقدمية �ململكة، فجدة كل مدن �أحت��دث عن وك��اأين

قيمتها لها مناطق كلها �ل��ط��ائ��ف، وقلب �لهفوف مدينة

�لإن�صانية �لكبرية �لتي جتعلنا نوظف �لرت�ث »�إن�صانيا« جلعل

مدننا �أكرث �إح�صا�صا باحلياة.

كما �أننا نوؤمن باأن »�ملدينة �لإن�صانية« هي مدينة �قت�صادية

وعلى درجة عالية من �لوعي �ملرتبط بحياة �لأفر�د �لفعلية، ل

جمرد �صاحات وممر�ت م�صاة فقط، لأن �لنا�ض ي�صكنون �ملدن

من �أجل »معا�صهم« ومن �أجل �ل�صتمتاع باحلياة يف �ملدينة،

وبالتايل فاإن �لعمل على تطوير �قت�صاديات �ملدينة هو جزء

من »�لعمل �لإن�صاين �حل�صري«. فنحن ل ننظر للمدينة كاآلة

�صرف �لنقود ATM، لأن �لنا�ض ل حتيا باخلبز، بل �إننا نرى

�أن �ملدينة باإن�صانياتها هي �لتي جتذب �لقت�صاد وتنع�صه.

لفهم حم��اولت��ي �أث��ن��اء يف �إليها تو�صلت �لتي و�لقناعة

�لعمر�نية �لبيئة �أن وج���دت �أن��ن��ي ه��ي �ل��ع��م��ر�ين �ل���رت�ث

�صبكة �ملجتمع يف �أفر�د �لعمل، وتوظف كل كانت حتث على

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

9- لقد مت و�صع خمطط ��صرت�تيجي لو�دي

لتطوير �لعليا �لهيئة قبل من حنيفة

مدينة �لريا�ض عام 2003م، ومت تنفيذ

جزء من هذه �خلطة مت �فتتاحها هذ�

�مللكي �ل�صمو �صاحب قبل من �لعام

�أمري عبد�لعزيز، بن �صلمان �لأمري

منطقة �لريا�ض. كما �أن �أمانة منطقة

متكامال برناجما و�صعت �لريا�ض

جتمع بر�مج وهي �لريا�ض، لأن�صنة

تكوين يف و�لجتماعي �لعمر�ين بني

متناغم ومن�صجم. كما �أنني �أكدت يف

جلان و�صع �أهمية متعددة منا�صبات

�لأمانة يف �لكربى �مل�صاريع ملر�جعة

جمالت يف متخ�ص�صني من تتكون

وجود باأن قناعة على لأنني عدة،

مثل هذه �للجان ي�صمن �إىل حد كبري

�لتي و�لعمر�نية« �حل�صرية »�جلودة

�لوقت يف مدننا يف تتال�صى بد�أت

موؤخر� مبادرة قدمت وقد �حلايل.

�لت�صوه لأمانة مدينة �لطائف ملعاجلة

�لب�صري وحت�صني �ألو�ن �ملباين. ميكن

�لقت�صادية �صحيفة �إىل �لرجوع

جمادى 28 �لأربعاء 6087 �لعدد

�لأوىل 1431ه� 12 مايو 2010م.

هوية تاأ�صيل »�إعادة �أن �أكدت لقد -10

�حلفاظ يف تكمن �لريا�ض مدينة

بيئتها وحماية �لرت�ثية رموزها على

ومو�ردها �لطبيعية وتنميتها، و�لعناية

تخطيطها يف �لإن�صاين بالبعد

مدينة �إيجاد �أجل من وتنظيمها،

�ملقومات جميع فيها تتكامل �إن�صانية

�لريا�ض: و�لتنموية. �حل�صرية

وذكرت 1418ه�. و�لتطلعات، �لآمال

�لعمر�ين »�لرت�ث �أخرى، ورقة يف

يف �مل�صتقبل«، ملدن �لتخطيط حمور

�حل�صرية �لتنمية ��صرت�تيجية ندوة

7-4« �لريا�ض �لعربية، �ملدينة يف

12-9 �ملو�فق 1421ه� �ملحرم من

�لكربى �ملدن �أن 2000م«، �إبريل

تت�صابق �ليوم »لأن تكون مدنا »�صديقة

با�صتثمار�ت وتقوم لالإن�صان«.

�قت�صادية �صخمة يف جمالت حت�صني

ومنها و�لعمر�نية، �لطبيعية �لبيئة

�إعادة �إحياء �ملناطق �لرت�ثية، و�إعادة

�أ�ص�ض على �ملدنية �ملر�كز تخطيط

�لرت�ث متاأ�صلة يف �إن�صانية ومقايي�ض

�لعمر�ين و�لثقايف لتلك �ملدن«.

Page 95: Architectural heritagebiography

189 سيرة في التراث العمراني188 189

�قت�صادية متكاملة تعتمد بالدرجة �لأوىل على �لعتماد على

�لذ�ت. �أي �أنها كانت ت�صتثمر �أفر�د �ملجتمع يف جميع �أعمالها

وحرفها �لتي تنتج �لعمر�ن. نظرتي لأن�صنة �ملدينة نابعة من

�لعمر�ين، �لرت�ث لنا يقدمه �لذي �ملتكامل »�لف�صاء« هذ�

�ملادية �لعمر�نية �حلاجة بني ي��و�زن مبالغة، دون كان فقد

وبني �حلاجة �لنف�صية وبني »�ملعا�ض �لإن�صاين«، بحيث ي�صمن

��صتقر�ر �ملجتمع وتطوره. فنحن ل نريد مدينة مثقلة بالفقر

من جزء يعي�ض �أن دون لكن متكافلة مدينة بل و�لفقر�ء،

�صكانها عالة عليها.

�لعمر�ين، ب��ال��رت�ث �هتمامي م��ن ج���زء� �أن و�حلقيقة

ثقافة من بالتعلم ينادي �قت�صادي �هتمام جوهره، يف هو

بع�صهم مع �ملدينة �صكان يدمج �ل��ذي �لجتماعي �لتكافل

ا، ويحقق م�صاألة �لتو�زن �لجتماعي د�خل ف�صاء �ملدينة بع�ص

�حل�صري، ول يفرق بني �لنا�ض، وي�صنع فر�ض عمل متجددة

�لو��صعة �لفر�ض �لنا�ض على وم�صتمرة من خالل فتح عيون

�لبيئة ب�صنع �ملرتبطة �صو�ء �لعمر�نية، �لبيئة يف �ملوجودة

�لبيئة جتاريا ��صتثمار هذه �أو من خالل وبنائها، �لعمر�نية

و�صياحيا.)11(

�لفل�صفة �حل�صرية/ �لجتماعية �لتي يقدمها لنا �لرت�ث

تكامل على يحث �أن��ه �أي »تكاملية«، فل�صفة هي �لعمر�ين

�لوقت نف�صه يحث �لبيئة �ملبنية، ويف �لعنا�صر �لعمر�نية يف

على تكامل من يعي�صون يف هذه �لبيئة مع تلك �لعنا�صر، �إ�صافة

�لتو�زنات ا. هذه بع�ص بع�صهم مع �لنا�ض تكامل تاأكيده �إىل

مع �لعمر�نية �لعنا�صر »ت��و�زن عمر�ين عمر�ين/ �لثالثة:

ا«، وعمر�ين/ �إن�صاين »تو�زن �لعنا�صر �لعمر�نية بع�صها بع�ص

بع�صهم مع �لنا�ض »ت��و�زن �إن�صاين و�إن�صاين/ �ل�صكان«، مع

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

��صتثمار حول �لتفا�صيل من ملزيد -11

�إىل �لرجوع ميكن �لعمر�ين �لرت�ث

�لف�صل �ل�صاد�ض.

�لريا�ض �لقدمية، حماولة لفهم

و�صط �ملدينة �ل�صعودية، 2006

Page 96: Architectural heritagebiography

191 سيرة في التراث العمراني190 191

ا يف �لبيئة �ملبنية« هي �لدر�ض �ملهم �لذي يجب �أن نتعلمه من بع�ص

�أجل تخطيط مدننا يف �مل�صتقبل.

على �لعملية �لبد�يات يل، بالن�صبة ت�صكل، كانت �ملبادئ تلك

م�صتوى �ململكة، و�لتي جعلتني �أفكر بجد يف �أن ننقل روؤيتنا للرت�ث

�لعمر�ين، من جمرد �أفكار وجتارب »�صخ�صية«، �إىل جتربة وطنية

ميكن �أن تغري �أ�صلوبنا يف تخطيط �ملدينة �ل�صعودية �ملعا�صرة. هذ�

�لتحول كان ينبع من حال �ملدينة �ملنهك �قت�صاديا، فهي مكلفة يف

ت�صيريها و�إد�رتها، بينما �ملدينة �لقدمية كانت »م�صتد�مة« تعتمد

على نف�صها يف كل �صيء، ومع ذلك فقد كنت متفهما للفرق �لكبري

�لتي و�لتعقيد�ت �ملعا�صرة، و�ملدينة �لقدمية �ملدينة وظائف بني

من �أنطلق كنت لكني �حل��ايل، �لوقت يف �لكبرية �مل��دن حتتويها

مبد�أ »�لقيا�ض«.

فنحن نتعلم من �لرت�ث مفهوم »ت�صيري �ملدينة و�إد�رتها«، فلم

مدن �إنها عنها ونقول قدمية مدنا ن�صنع �أن �أب��د� �لهدف يكن

�أر�ه »�لذي �لعذيبات �لريفي يف �لبيت تعلمته من م�صتد�مة. فما

خمترب� للرت�ث« هو �أن هناك فرقا كبري� بني »�لتجربة �ل�صخ�صية«

�لتي تعلمني وتقويني، وتثري لدي �لأ�صئلة، وبني »�لتجربة �لوطنية«

و�لعامة، مع قر�ءة �ل�صخ�صية �أوظف كل جتاربي �أن تتطلب �لتي

�لظروف و�لإمكانات �ملتاحة من �أجل و�صع ��صرت�تيجية وطنية على

م�صتوى »مبادرة �لرت�ث �لعمر�ين«.

�صوؤ�يل د�ئما حول �إما �أن »ن�صكن« �ملدينة و�إما �أن »نعي�صها«، نبع

يف �لأ�صل من جتربتي �ل�صخ�صية مع �لرت�ث �لعمر�ين. فقد ولدت

لدي هذه �لتجربة روؤية مبقا�ض �أكرب ت�صمل �ملدينة ككل، وباأ�صلوب

عملي بعيد� عن �لعو�طف و�لأحالم �مل�صتحيلة. كنت �أرى د�ئما �أن

هناك �صيئا ما يف �لرت�ث �لعمر�ين ميكن �أن يجيب عن �أ�صئلتي هذه

�لتي مل �أجد �إجابة عنها، فمدننا �ملعا�صرة تعاين ب�صدة و�لبحث عما

يجعلها �أكرث �إن�صانية، و�أكرث تفاعال مع حاجات �لإن�صان وتطلعاته

عمل مهم يجب �أن ن�صعى له جميعا لكن كيف؟.)12(

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

12- و�حلقيقة هي �أنني كنت �أنتقد �أ�صلوب

�ملعا�صرة �ل�صعودية �حلياة يف �ملدينة

يف كلمة قدمتها مبنا�صبة �نعقاد موؤمتر

�لعربية �ملدن يف �لعمر�ين »�لرت�ث

حم�ض، و�ملعا�صرة«، �ملحافظة بني

10-7« �ل�صورية �لعربية �جلمهورية

رجب 1422ه� �ملو�فق 24-27 �صبتمرب

خمططو »يدرك فيها قلت 2001م«،

تطويرها على و�لقائمون �ملدينة

و�أمناط �لعمر�ين �لنمو �جتاهات

لالأحياء، �لتف�صيلية �ملخططات

من �لنمط ذلك خطورة ويعلمون

�لتخطيط، من �لنمط وذلك �لتو�صع

�ملدينة مركز عن �حلياة �أبعد �لذي

مناطق وخلق و�لعمر�ين �لثقايف

�أن من بدل كبري حد �إىل معزولة

يجعلها مناطق ح�صرية متكاملة. لقد

�لنمط ذلك عن للتوقف �لوقت حان

�لتخطيطي �لنمط وعن �لنمو، من

�لو�قع �أثبت و�لذي لالأحياء، �لقائم

عدم مالءمته متاما ملتطلباتنا �لعملية

�أن �لو�قع ويف وتر�ثنا. ولثقافتنا

�لذي يدرك �صعوبة �لتغيري يف �لنمط

�أن يدرك للمدينة، �لعام �لتخطيطي

تخطيطها وتطوير �لأحياء حت�صني

له �صتكون فيها، �لبناء وتنظيمات

�ل�صكل �إيجابية كبرية على �نعكا�صات

�لإن�صاين �لبعد وعلى للمدينة، �لعام

�لجتماعي �لرت�بط وعلى �ملطلوب،

�لذي هو �أحد �صمات �أهل هذه �لبالد«.

�لتجارب �أن �أخرى ورقة يف و�أكدت

جامدة خطط و�صع »�أن �أثبتت

تتقبل ول �ملتغري�ت مع تتفاعل ل

ويزيد �ملدن منو يربك �مل�صتجد�ت،

�أن �لتخطيط �أثبتت �أعبائها، كما من

يف غياب فهم عميق للرت�ث و��صتيعاب

حقيقي لأبعاده هو عامل يوؤثر �صلبا يف

و�آثارها ونتائجها �لتخطيطية �لعملية

�لإن�صانية و�لقت�صادية بالذ�ت«.

�لريا�ض �لقدمية، �أهمية �إعادة

�حلياة �لجتماعية لالأحياء

�لتقليدية، �لريا�ض 2006

Page 97: Architectural heritagebiography

193 سيرة في التراث العمراني192 193

�ل�صوق �مل�صقوف يف �إ�صطنبول،

تركيا، 2006

�مل�صاركة �لجتماعية يف �إحياء

�لرت�ث �لعمر�ين

روؤيتي للجانب �لإن�صاين تنبع يف �لأ�صل من توجهني مهمني:

�أن �إن�صانية متعددة ميكن توجد هناك جو�نب �أنه �لأول: هو

نتعلمها من �لرت�ث �لعمر�ين، ميكن �أن جتعل مدننا متما�صكة.

فقد ذكرت �أن »�لتكامل« كان �أ�صا�ض �لبيئة �لعمر�نية �لتقليدية،

�لريا�ض مثل فمدينة �لإن�صانية. غاية يف �لتكامل هذ� وكان

�جلانب تاأثري فيها يظهر تر�تبية �لعمر�نية �أمكنتها كانت

�ملدينة« »و�صط �لعام �ملكان من �لنتقال بعمق. �لجتماعي

من تتدرج وممر�ت طرق عرب »�مل�صكن« �خلا�ض �ملكان �إىل

تكون تكاد خا�صة ممر�ت �إىل �ملركز من قريبة عامة طرق

جزء� من �مل�صكن نف�صه، ويف �لوقت نف�صه هي »�أماكن بيئية«

و�لب�صر و�ل�صوء، �ل�صم�ض وحركة �حل��ار، �جلو مع تعاملت

�صنع باأ�صلوب �ليومية �حلياة مع وتناغمت بالغة، بح�صا�صية

�صكلها �لنهائي.)13(

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

�ملهم كتابه يف ربابورت �آمو�ض يثري -13

�أن كيف و�لثقافة« �مل�صكن »�صكل

حياتهم و�أ�صلوب و�لنا�ض �لثقافة

�ل�صكل تكوين يف �أكرب ب�صكل ت�صاهم

�لطبيعية للبيئة �أن كما �لعمر�ين،

من �أقل لكنها مهمة، �أدو�ر� و�لتقنية

تاأثري �لثقافة �لتي تعد �ملحفز �لرئي�ض

يتخذها �لتي �لأ�صكال معنى لتحديد

�مل�صكن.

Rapoport، A »1969« house form and culture، Englewood Cliffs،

N.J، Prentice-Hall، INC.

14- كلمة قدمتها يف �للقاء �ل�صنوي �لثامن

�لعمر�ن، لعلوم �ل�صعودية للجمعية

�لقعدة ذو 27 �لأربعاء �لأح�صاء،

1418ه�-�ملو�فق 25 مار�ض 1998م.

هذ� �لتكامل يف حد ذ�ته يجعلني، د�ئما، �أرى �أنه ميكننا

�أن نتعلم �لكثري من �لرت�ث �لعمر�ين، لي�ض ب�صيغته �ملادية

�ليوم«، �ملعماريني بع�ض ينقلها �أن يحاول »كما �ملبا�صرة

�لبيئة �صوئها يف ت�صكلت �لتي �مل��ب��ادئ نعي �أن يجب بل

�لتقليدية.

�لأف��ك��ار �ل��ت��ي ت��ط��رح �ل��ي��وم ح��ول م��ب��ادئ »�حل�صرية

ل�صتعادة حم��اول��ة ه��ي New Urbanism �جل��دي��دة«

و�ملبنية �لعمر�ين، �لرت�ث يف موجودة كانت �لتي �لأفكار

على فكرة »تكامل �لبيئة �لعمر�نية« وتعدد ��صتخد�ماتها، ولو

تذكرنا �لتو�زنات �لثالثة �لتي يقوم عليها تر�ثنا �لعمر�ين

ف�صوف جند �أن كل �لأفكار �لتي يقدمها �ملهتمون باحل�صرية

�لأ�صل تفتح �لتو�زنات يف �أبد�، فتلك تتعد�ها �جلديدة ل

�إىل �لتي تهدف �ل�صتخد�مات تعدد �لعمر�نية على �لبيئة

�إيجاد فر�ض عمل قريبة من �ل�صكن، لكنها ل ت�صعف �لبيئة

و�صمعيا، ب�صريا، وتلوثها �ملهم، بغري وت�صغلها �لعمر�نية

�هتمامها مثل ب��الأج��ز�ء تهتم م��ب��ادئ �أن��ه��ا كما وبيئيا.

»مركب« ه��و �لعمر�نية �لبيئة م��ن ج��زء فكل بالكليات،

متكامل يعك�ض �لبيئة �لعمر�نية �لكلية ب�صمولها وتعقيد�تها.

�لتي �حلياتية بالتفا�صيل �لهتمام على حتث مبادئ �إنها

وجدت �لعمر�نية �لبيئة �أن �عتقادي ويف يوم، كل نعي�صها

من �أجل �لتعامل مع هذه �لتفا�صيل.

�إحدى �لأفكار �لتي تعلمتها من �ملدينة �لعربية �لقدمية

هي مفهوم »�لف�صاء �لعام« �لذي يتفاعل مع �لنا�ض ويقدم

لهم خيار�ت متعددة لكت�صاف �لبيئة �لعمر�نية. لقد ذكرت

�أنه لي�ض �ملطلوب وجود �لأماكن �لعامة فقط بل ذ�ت مرة

»وجودها بال�صكل �لذي يخدم م�صتخدميها على �أف�صل وجه

يحقق تناغما وظيفيا مع �لبيئة �لعمر�نية ينطلق من �لأ�ص�ض

�لإ�صالمية �لتي ��صتطاع �لعرب و�مل�صلمون �لأو�ئل ��صتيعابها

وحتقيقها ب�صكل مثايل«.)14(

ما �أر�ه هو �أن تركيبة �ملدينة �لعربية وت�صكيلها �لعمر�ين

Page 98: Architectural heritagebiography

195 سيرة في التراث العمراني194 195

�ل�صكينة �لتي تعك�صها

�لعمارة �لقدمية

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

�لطبيعية و�لبيئة �ملجتمع حاجة مع يتفاعل �ل��ذي �لرت�تبي

و�لتقنيات �ملتو�فرة هما �لدر�ض »�لإن�صاين« �لذي يجب �أن نتعلمه

�جلديدة، �حل�صرية فمبادئ �حلالية. ملدننا تخطيطنا عند

تهتم يف حقيقة �لأمر، بهذ� �جلانب �حل�صري �ملهم يف �ملدينة،

�إذ �إنه ل ميكن �ل�صعور مبجتمع �ملدينة دون �لف�صاء �لعام، لذلك

فقد ر�أينا منذ �لبد�ية كيف �أن �ملدينة �لعربية تن�صاأ �أ�صال حول

�جلامع و�مليد�ن �لرئي�ض �لذي ينفتح عليه �جلامع ثم �لأ�صو�ق

وبعد ذلك باقي ن�صيج �ملدينة �ل�صكني/ �لجتماعي و�حلريف.

�لفر�غية »�لرت�تبية« هذه ور�ء �لأ�صا�صي �لهدف كان وقد

على وحثها �ملدينة، يف �لإن�صاين �لبعد جت�صيد هو و�لوظيفية

حياتهم ونظام خ�صو�صياتهم و�ح��رت�م �صكانها مع �لتفاعل

�أفكارهم، ع��ن للتعبري لهم �ل�صبل ك��ل فتحها م��ع �ل��ي��وم��ي،

ومنا�صباتهم، و�حتفالتهم.

يعتقد بع�صنا �أن �ملدينة �لعربية �لقدمية منغلقة على ذ�تها،

»م�صتعجل« فهم وهذ� و�خل��ارج، �لد�خل من فهمها وي�صعب

لي�ض له �أ�صا�ض، لأن من عا�ض تلك �ملدن ومن فهم نظام �حلياة

ف�صاء كان �لعام« »�لف�صاء �أن يعرف �صوف فيها �لجتماعي

ونظام �ملدينة حل�صرية منظما ف�صاء كان �أنه كما �حتفاليا،

�حلياة �ليومي فيها. ولعل �صوء �لفهم هذ� نابع يف �لأ�صل من

عدم متكن هوؤلء من �ل�صعور مبعنى �لتو�زن �لعمر�ين/ �لإن�صاين

�لذي ترتكز عليه باقي �لتو�زنات يف �ملدينة. من مير بطرقات

�ملدينة �لقدمية ي�صعر بها م�صمتة، لكنه ل ي�صعر باحلياة �ملثرية

�لطرقات، تلك يف �لن�صاء من كثري� يرى ل �جل��در�ن، خلف

�لتي �لأ�صطح ب��ني و�لفتحات �لعلوية �مل��م��ر�ت ي��رى ل لكنه

تتز�ور من خاللها �لن�صاء، يرى طرقا مغلقة لكنه ل ي�صعر �أن

تف�صي �إىل خلية �صكنية »قر�بية« ي�صكنها جمموعة من �لإخوة.

�ملدينة �لعربية �لقدمية ت�صع بالإن�صانية وتتحول فيها �لعنا�صر

�لعمر�نية �إىل �أدو�ت لتحقيق هذ� �لبعد �لإن�صاين �خلالق.

Page 99: Architectural heritagebiography

197 سيرة في التراث العمراني196 197

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

مفهوم �ملدينة ب�صكل عام يت�صمن ثالثة جمالت مهمة هي:

�أن ميكن وما �لرتفيه. وجمال �لعمل، وجمال �ل�صكن، جمال

»�حلياتية �ملجالت ه��ذه بني �ل��ت��و�زن هو �ل��رت�ث من نتعلمه

�ملجالت ه��ذه م��ع يتد�خل �ل��ذي �ل��ع��ام، �لف�صاء للمدينة«.

كل عن بعمق يعرب �أن يجب بينها، �لعالقة ويحدد �لثالثة

�لنا�ض يف �ملدينة. و�أنا على يقني �أن �هتمامنا بالرت�ث �لعمر�ين

و��صتيعابنا له �صوف »يجعالن مدننا �أكرث مالءمة لفئات �ملجتمع

�ملختلفة �إناثا وذكور�. فال يجب على �صبيل �ملثال تهمي�ض �ملر�أة،

�أو �لطفل، �أو �ملعوق، وهم مو�طنون عليهم ولهم ذ�ت �لو�جبات

ما بكل و�لتمتع مدينتهم، مر�فق ��صتخد�م ومنها و�حلقوق،

توفره ل�صكانها من مميز�ت«.)15(

�إن �إمياين هذ� م�صتمد من كون مدننا �لقدمية كانت مدنا

�جتماعية بكل �ملقايي�ض، حتى �أولئك �لذين يتهمونها باأنها

�لجتماعية تركيبتها يف يغو�صو� مل فهم ذكورية« »مدينة

وف�صاوؤها دوره��ا �ملجتمع يف فئة لكل كان حيث �لعميقة،

�لهفوف ي�صاهد من �ليومية. ن�صاطاتها فيه �لذي متار�ض

�لن�صاء �أن يجد ف�صوف �لنجدية �لقرى حتى �أو �لقدمية

يتجمعن يف بيوت �جلار�ت عرب �لأ�صطح �لتي كان يوجد بها

»فرج« ت�صمح بحركتهن، و�لأطفال يحتفلون يف »�لربحات«

بني �مل�صاكن بحياتهم �ليومية.

�لأطفال ميار�صها كان �لتي �لألعاب ح�صر حاولنا ولو

يف �ملدينة �لقدمية ف�صوف ن�صعر باأنهم كانو� يعي�صون حياة

هانئة مرت�بطة، بينما جند �ل�صوق مكتظة بالرجال وبع�ض

�لن�صاء. جمالت �ملدينة كانت متو�زنة، وهو ما نريده ملدننا

�ملعا�صرة. وميكنني �أن �أنوه هنا �أنه كان هناك نظام تعليمي

�صارم، رمبا مل يكن ر�صميا كما ن�صاهده �ليوم، لكنه تعليم

يتعلم حيث �ل��رج��ال، وجمال�ض �مل�صاجد يف يحدث ك��ان

�لأطفال ممن يكربونهم كيف يكونون رجال يف �مل�صتقبل.

رمبا يكون �لركن �لأهم يف نظرتي �إىل �لرت�ث هو بعد

�مل�صاركة �لجتماعية يف �تخاذ �لقر�ر�ت �لعمر�نية، فعمارتنا

�ملبني �لجتماعي« »�لتو�فق خالل من ت�صكلت �لتقليدية

على �تفاق �أفر�د �ملجتمع على �لر�أي يف م�صائل �لعمر�ن. يف

بالر�أي �مل�صاركة �إحياء جانب »�إعادة �أنه ميكننا �عتقادي

حمور �لعمر�ين »�لرت�ث ورقة -15

�لريا�ض، �ملدن«، مل�صتقبل �لتخطيط

�ملو�فق 1421ه� �ملحرم 5 من �لإثنني

10 �إبريل 2000م.

�لعمارة �لتاريخية..تكوين

ع�صوي من�صجم مع �ملحيط

�لبيئي

Page 100: Architectural heritagebiography

199 سيرة في التراث العمراني198 199

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

حمور �لعمر�ين »�لرت�ث ورقة -16

�لريا�ض، �ملدن«، مل�صتقبل �لتخطيط

�ملو�فق 1421ه� �ملحرم 5 من �لإثنني

10 �إبريل 2000م. وقد �أكدت �أنه يجب

�لأجيال تطلعات »��صتيعاب علينا

�مل�صتقبل مدن �صكان من �جلديدة

كان فلقد �لتخطيطية، �لعملية يف

�أبنائي �ل�صغار بع�ض من عدت �إليهم

خالل قيامي بالبحث و�لتفكري لإعد�د

من كثري� ��صتفدت لقد �لورقة. هذه

�ل�صتماع �إىل تطلعاتهم ملدينتهم، وقد

كانت تلك �لتطلعات و�قعية ذ�ت طابع

�إن�صاين وثقايف علمي حتى يف ظاهرها

�لرتويحي«.

�لهادف �لذي يزخر به تر�ثنا �لعريق، ومن ذلك �إتاحة �لفر�صة

�لفكري �لن�صاط يف للم�صاركة منهم �ملهتمني �أو �ملدن ل�صكان

�حل�صري«.)16( �ل�صرت�تيجي �لتخطيط لعملية �مل�صاحب

مدننا يف �لقر�ر �تخاذ �آليات �إليه تفتقر �ل��ذي �جل��زء فهذ�

�ملعا�صرة �أحد منابع »�أن�صنة �ملدينة«، فكيف ميكننا �أن نت�صور �أن

تكون �ملدينة �إن�صانية وهي ل حترتم ر�أي �صكانها ول تبحث عن

ر�صاهم. فاإذ� كانت غاية �لعمر�ن هي �لإن�صان فمن �ل�صروري

»�إن�صانية« م�صتمدة �لعمر�نية �لقر�ر�ت �آليات �تخاذ �أن ت�صبح

من تو�فق �ل�صاكنني حول ما يبنى يف مدينتهم.

�لريا�ض مدينة لتطوير �لعليا �لهيئة بدعو�ت رحبت لقد

�ملخطط �إع��د�د �أثناء يف �لعمل ور�ض من �لعديد يف للم�صاركة

�ل�صرت�تيجي ملدينة �لريا�ض، فقد كانت تلك �لور�ض عبارة عن

�أطيافهم، بكل �ملدينة �صكان تخطيطية« جتمع فكرية »مدر�صة

وطبقاتهم، وتوجهاتهم، و�هتماماتهم. وكنت �أرى �أن تلك �لور�ض

هي ��صتعادة ملبد�أ »�لت�صاور« �لذي كان يحث عليه تر�ثنا �لعمر�ين،

�إذ مل تكن توؤخذ �لقر�ر�ت �لعمر�نية يف �ملدينة �لقدمية دون �تفاق

�ل�صكان عليها، فهم �أعلم مب�صاحلهم، وهم �أقدر من �لآخرين

�ملعا�صرة �ملدينة تكون رمبا وي�صرهم. ينفعهم ما تقدير على

�أكرث تعقيد�، و�مل�صالح فيها مت�صابكة، لكن كذلك �آليات �لت�صاور

�أ�صبحت �أكرث تطور�، و�لقدرة على �لتو��صل �أ�صبحت �أكرث ي�صر�

و�صهولة.

ما قامت به �لهيئة ميكن �لتعلم منه يف �إعد�د باقي �ملخططات

�لهيكلية و�ل�صرت�تيجية ملدننا، هذ� �إذ� ما �أردنا �أن نفعل �جلانب

�لإن�صاين يف �ملدينة. و�أنا على �مل�صتوى �ل�صخ�صي يف هيئة �ل�صياحة

�لعمر�ين، �ل��رت�ث على �ملحافظة ح��ول »�لت�صاور« �أن وج��دت

وبناء »�ملجتمعات �ملحلية« �لتي تقوم بنف�صها وبطو�عية وحما�ض

باملحافظة على �لرت�ث هو �لو�صيلة �لأجنع.

ل �أريد �أن �أ�صرت�صل يف �لأبعاد �لإن�صانية �لتي كانت حتتويها

�ملدينة �لقدمية، فهذه كانت مبادئ �صكلت �لقيم �خلا�صة

�أنني �لقارئ �أن يرى �أريد �أنني ل �لعمر�ين، كما بالرت�ث

باأن م��وؤم��ن �أن��ن��ي رغ��م وج��ه ح��ق، ل��ل��رت�ث دون متحم�ض

�لرت�ث لنا يقدمها �أن ميكن �لتي �لتخطيطية �ل��درو���ض

�لعمر�ين، و�لتي قد ت�صاعدنا على تخطيط مدننا �ليوم ويف

يقني على فاأنا هنا. ن�صتطيع ح�صرها ول كثرية �مل�صتقبل

�أن ��صتثمارنا للرت�ث لن يتوقف عند �ملادي/ �لقت�صادي،

ملدن متفردة تخطيطية روؤي��ة تطوير على �صي�صاعدنا بل

لنا يقدمها �لتي �لإن�صانية �مل�صاحات �إح��دى �مل�صتقبل.

�لرت�ث، �إذ�، مرتبطة بالدرو�ض �لتي ميكن �أن نتعلمها من

وهي جتارب عميقة �لرت�ث، �لكامنة يف �لتجارب جمموع

حتتاج �إىل من يك�صف عنها �لغطاء.

لقد تعلمت من �لثقافة »�لت�صاورية« �لأ�صلوب �لأمثل �لذي

يجب �أن �أتبعه يف �ملحافظة على تر�ثنا �لعمر�ين، فكما �أن

وقد ونبقيه. عليه نحافظ �أن علينا فيجب يعلمنا �لرت�ث

فكرت يف هذ� �ملو�صوع كثري� خالل �لأعو�م �لأخرية، فاأنا

لكني و»متحفية«، مغلقة �لرت�ثية �ملباين تبقى �أن �أريد ل

�لتقنيات وت�صتوعب و�لتطور، للتجدد وقابلة حية �أريدها

�جلديدة، وتكون م�صدر دخل ملن ميلكها ومن يعمل فيها.

�لجتماعية �حلياة �إع���ادة دون �أن��ه مبد�أ من �أنطلق

تلك م�صري فاإن �لقدمية �لعمر�نية للبيئات و�لقت�صادية

تنبع �ل��رت�ث �إىل �لإن�صانية نظرتي �لندثار. هو �لبيئات

ف�صاء�ت متعددة لتطوير �لعمارة

�لتقليدية

Page 101: Architectural heritagebiography

201 سيرة في التراث العمراني200 201

جمال هادئ تعرب عنه �لعمارة

�لتقليدية يف بالدنا

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

بالدرجة �لأوىل من هذ� �ملبد�أ �ملهم �لذي يجعلني �أفكر، د�ئما،

ونها يف كيف ميكن �أن يعود �لنا�ض ملدنهم وقر�هم �لقدمية ويعد

عندما عرفت عن جد� �صعدت لقد نفو�صهم. على �أثري� جزء�

قريتهم، على للمحافظة »�أ�صيقر« �أهايل �أ�ص�صها �لتي �جلمعية

�ملغرية �ل�صيخ عبد�ملح�صن �أبنائها »وهو �أحد �أن وتذكرت كيف

رحمه �هلل« قد �أقنع �أهايل �لقرية �أن يحولو� تثمني بيوت �لقرية

يف ذل��ك ك��ان �ل���و�دي، تطوير �إىل �حلكومة لهم �أقرتها �لتي

1397ه���/1977م، وها نحن نرى �لقرية �ليوم وقت مبكر عام

لها يعود بد�أ �أن بعد جديد، من وحياتها وهجها ت�صتعيد وهي

�أبناوؤها.

�لنظرة ل��ول ليحدث يكن مل �لتحول ه��ذ� �أن �عتقادي يف

�لعمر�ين.. �لرت�ث �إىل جمتمعنا بها ينظر بد�أ �لتي �جلديدة

�ملحافظة فكرة �صتجعل �لتي هي �لر�ئدة �ملبادر�ت هذه فمثل

على �لرت�ث جزء� من �لوعي �ملجتمعي �لعام.

�لتي �ملبادر�ت �أول �لو�قع، كان �أر�ض �إىل �لنا�ض �لنزول مع

�إليه يحتاج فما للرت�ث، �لوطنية روؤيتي يف بها �أق��وم �أن قررت

�لنا�ض هو �أن يقوم و�حد مثلي مب�صاركتهم حبهم لقر�هم ومدنهم.

فبناء جمتمع حملي يعي قيمة ما ميلكه من تر�ث عمر�ين ل ميكن

هذ� يف �أرى وكنت و»بالتفاعل«، »بامل�صاركة« بل بالقوة، فر�صه

بعد� �إن�صانيا من نوع �آخر، لأن �لنا�ض �لب�صطاء يحتاجون فعال �إىل

�أن تلك �أ�صكاله، ويحتاجون �إىل »�لقدوة« �لتي توؤكد �لدعم بكل

�مل�صتقبلية، وحياتنا تاريخنا �أثري من �لقدمية هي جزء �ملباين

و�أنه يجب عليهم �أل ي�صتنكفو� �أبد� منها، فهي معني ل ين�صب من

�لأفكار، كما �أنها ميكن �أن تكون م�صدر� �قت�صاديا مهما بالن�صبة

جتربة و�أحالمهم همومهم وم�صاركتهم �لنا�ض معاي�صة لهم.

�إن�صانية مهمة، مل يكن لروؤيتي حول �لرت�ث �أن تكتمل دونها. لذلك

فقد كنت �أركز يف كل زيار�تي للمناطق �لقدمية يف بالدنا على

ت�صكيل هذ� �لفريق �لذي ميكن �أن نعتمد عليه يف �مل�صتقبل لن�صر

Page 102: Architectural heritagebiography

203 سيرة في التراث العمراني202 203

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

»ثقافة« �ملحافظة على تر�ثنا �لعمر�ين، وكنت �أعمل مع هذ� �لفريق

بنف�صي، و�أتو��صل معهم على �مل�صتوى �ل�صخ�صي، و�أزور معهم كل

�ملناطق حتى �خلربة. كنت �أتعلم منهم كثري�، فهم يعرفون �أكرث

عن قر�هم، وكنت �أ�صاركهم هذ� �حلما�ض. �لنا�ض يحتاجون �إىل

مثل هذ� �لدعم �لنف�صي، فتغيري نظرتهم حول �لرت�ث »�لذي كانو�

�لتخلف« م�صادر �أحد �أنه ويعتقدون �صلبية نظرة �إليه ينظرون

كانت تتطلب مثل هذه �مل�صاركة �لتي وجدتها ماتعة، وتعلمت منها

�لكثري.)17(

�أعتقد �أن تلك �مل�صاركات �أحدثت حتول كبري� يف نظرة �لنا�ض

�إىل �لرت�ث �لذي ميلكونه ول يعلمون ماذ� يفعلون به، ومع ذلك

برناجما لنا �صك فقد �لنف�صي، و�ل��دع��م بامل�صاركة نكتف فلم

�لأوىل لل�صياحة« كانت مهمته �لعامة �لهيئة للقرى �لرت�ثية »يف

�ل�صكان �ملحليني للمحافظة �إىل جنب مع و�لرئي�صة �لعمل جنبا

�لنا�ض »��صتثمارية« جتعل هوؤلء �لقرى و�لبحث عن بد�ئل على

يرون يف مبانيهم �لقدمية م�صدر� للرزق، �إذ مل يكن يكفي فقط

��صتعادة �حلياة �لجتماعية لتلك �لقرى، فدون م�صدر للرزق ل

ميكن �أن تعي�ض هذه �ملناطق فرتة طويلة. تركيزنا على �لإن�صان

كان �أ�صا�صيا يف برناجمنا للمحافظة على �لقرى �لقدمية، فنحن

نريد ملن ي�صكن �لقرية �أن يعي�ض حياة كرمية، و�أن ي�صعر بالفخر

�ل��رت�ث يف مفهوم ير�صخ مهم بعد ذ�ت��ه وه��ذ� يف حد بقريته،

�حلياة �ليومية و�لثقافة �ملجتمعية ب�صكل عام.

قلت �لباحة، منطقة يف عني« »ذي لقرية زيار�تي �أوىل يف

»نفط هو �لعمر�ين تر�ثهم �إن هناك، بحفاوة ��صتقبلوين ملن

يوجد �لذي �لعظيم �لرت�ث �أن هذ� هنا �أق�صد وكنت �لباحة«،

لديهم ميكن �أن يكون م�صدر دخل ل ين�صب، فهو �أهم من �لنفط

نف�صه، لأن �لنفط ميكن �أن ينتهي يف يوم من �لأيام. لقد ذكرتهم

من كثري يعرفها ل قد »تو�صكاين« �إيطاليا يف �صغرية بقرية

�لنا�ض، لكنها ت�صتقطب ماليني �ل�صياح كل عام مل�صاهدة تر�ثها

كلمة يف �لأمثلة �أحد ذكرت لقد -17

�حلفاظ وفر�ض »م�صوؤوليات بعنو�ن:

يف قدمتها �لعمر�ين«، �لرت�ث على

�ملعمارية و�لهند�صة �لفنون كلية

بجامعة �لبرت�ء بالأردن، 3-4 نوفمرب

ملوؤمتر �لفتتاحية �جلل�صة يف ،2008

�مل�صوؤوليات و�لفر�ض يف �حلفاظ على

�لتعليم �لنظرية، �لعمر�ين: �لرت�ث

�لنا�ض همومهم مل�صاركتي و�ملمار�صة«

ت�صكل يف ذلك وتاأثري وتطلعاتهم

بقيمة يوؤمن �لذي �ملحلي �ملجتمع

�لرت�ث. لقد قلت �إنني كنت يف �لأ�صبوع

ملنطقة �جلنوبية �ملناطق يف �ملا�صي

جنوب يف �جلبلية �ملنطقة ع�صري،

�ململكة، يف �إحدى �لقرى حيث عرفت

قبل عامني �أن �صكان �لقرية ل يريدون

ترميم قريتهم �لقدمية، لعدة �أ�صباب،

مل �أ�صتطع �إدر�كها، لذلك قمت بنف�صي

ملدة �ملنطقة وبالتجو�ل يف بال�صتماع

10 مل�صافة جتولت لقد كامل، يوم

�أميال، على ما �أعتقد، ورجعت للقرية

�ملحليني، �ل�صكان و�لتقيت ذلك بعد

�أنا�ض يحبون ويعتزون ببالدهم. كانت

�ملجتمع �أفر�د مع ر�ئعة جل�صة لنا

هوؤلء �أن �كت�صفت حيث �ملحلي،

به. نقوم ملا فهم �صوء لديهم �لنا�ض

به نقوم ما �أن يرون ما عادة �لنا�ض

�لقدمية وقر�هم بيوتهم �صر�ء هو:

يف �أو �صياحية، مو�قع �إىل وحتويلها

بينما �إليهم، �ل�صياح جلب �لأ�صا�ض

�لقيام به حقيقة يختلف ما نود نحن

توحيد نريد فنحن ذلك، عن متاما

�لنا�ض ودفعهم للتقارب، وهو ما نقوم

�ل�صغرية �جلمعيات هذه يف �لآن به

�لتعاونية، �جلمعيات �ملجتمع: و�صط

�ملحافظات باملال، ندعمهم نحن

�مل�صاريع بتنفيذ تقوم و�لوز�ر�ت

و��صتعادتها، �لقرى برتميم �خلا�صة

�لأعمال، بهذه �لقيام على وتدربهم

هذه جتاه بالفخر يح�صون وجعلهم

�لقرى مرة �أخرى. �إنه و�صع ل يحتمل

حقيقية. ب�صر�كة و�لقيام �لفوز، �إل

�لذين �لنا�ض، هوؤلء غادرت وعندما

كانو� يعار�صون م�صروع ترميم �لقرى

هوؤلء فاإن و��صتعادتها، �لرت�ثية

�لأ�صخا�ض �أنف�صهم �أخذو� يلحون على

�صرورة قيام �مل�صروع.

�لفناء �لد�خلي..جمال �حلياة

يف �لعمارة �لنجدية �ملحلية

Page 103: Architectural heritagebiography

205 سيرة في التراث العمراني204 205

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

يعتمد �لرت�ثية �لقرى على �ملحافظة برنامج �لعمر�ين.)18(

قيمة يفهم �ل��ذي �ملحلي« »�ملجتمع بناء على �لأوىل بالدرجة

تعلمت �لتي �لإن�صانية �جلو�نب �أهم من ويعيها. منطقته تر�ث

منها �لكثري هي كيف ميكن �أن ت�صنع وعيا حمليا يحرتم �لرت�ث

ويعتني به. و�حلقيقة هي �أنني ل �أذكر عدد �لزيار�ت �لتي قمت

�لزيار�ت فهذه وم�صتمر، د�ئم وب�صكل �ململكة، مناطق لكل بها

كانت جزء� من تعلقي بهذ� �لبلد �لطاهر، وجزء� من ع�صقي لكل

�أمكنته، وحبي لكل �لنا�ض �لذين يعي�صون على �أر�صه، لكنها كذلك

كل و�أن بثمن، تقدر ل ثروة عظيمة �أننا منلك علمتني زي��ار�ت

�أجل �ملحافظة على هذ� �ل�صابق من �أم�صيتها يف �لتي �ل�صنو�ت

�لكنز كانت يف حملها.

�حلرف على للمحافظة ا خا�ص توجها �لربنامج يت�صمن

�أن نربع فيه ونناف�ض فيه �لتقليدية يف مكان ن�صوئها، فما ميكن

ا.)19( �لتوجه هنا �لدول �لأخرى، يجب �أن يكون حمليا خال�ص

مرتبط باإيجاد ف�صاء �قت�صادي/�إن�صاين ي�صاعد على �ملحافظة

على �لرت�ث �لعمر�ين. ل نريد �أن نكون حاملني وعاطفيني، بقدر

ي�صمن و�قعي، مهني باأ�صلوب تر�ثنا على نحافظ �أن نريد ما

لنا �ل�صتمر�ر. فتوفري فر�ض عمل و�مل�صاهمة يف بناء �لقت�صاد

�ملحلي للقرى من خالل �ملحافظة على �لرت�ث �لعمر�ين و�حلرف

�لتقليدية، هما جزء من �لروؤية �لإن�صانية �ل�صاملة �لتي ميكن �أن

يقدمها لنا �لرت�ث. �إنها منظومة متكاملة ل�صنع و�قع جديد يكون

�مل�صتقبل، يف و�قت�صادنا حياتنا يف كبري دور �لعمر�ين للرت�ث

وهذ� يتطلب روؤية ��صرت�تيجية بعيدة �ملدى و�صبورة، لأن �لتغيري

يجب �أن ينبع من �لنا�ض ل �أن يفر�ض عليهم.

�لتي تو�صكاين يف جيمينيانو �صان -18

50000 وبها ن�صمة، 7000 يقطنها

ويزورها ماليني �لعاملة، �لأيدي من

�ل�صياح يف �لعام، وي�صل دخلها ما بني

400 �إىل 500 مليون يورو.

جل�صته يف �ل�صورى جمل�ض �أيد لقد -19

يوم �لأحد 2010/4/18 ��صرت�تيجية

و�أبان �لتنفيذية، وخطتها �حلرف

�أن �ل�صورى ملجل�ض �لعام �لأمني

جلنة نظر وجهة �إىل ��صتمع �ملجل�ض

ب�صاأن و�لطاقة �لقت�صادية �ل�صوؤون

جتاه و�آر�ئهم �لأع�صاء ملحوظات

�لوطنية �ل�صرت�تيجية م�صروع

لتنمية �حلرف و�ل�صناعات �ليدوية،

وخطتها �لتنفيذية �لتي �صبق للمجل�ض

�ملو�فقة �ملجل�ض وقرر مناق�صتها.

كما �ل�صرت�تيجية، على بالأغلبية

و�فق على دعم ميز�نية �لهيئة �لعامة

�إ�صافية مبو�رد و�لآثار لل�صياحة

وخطتها �ل�صرت�تيجية لتنفيذ

�ل�صرت�تيجية وت�صع �لتنفيذية.

تنظيما موؤ�ص�صاتيا باأهد�ف و�صيا�صات

حمددة وم�صروعات و��صحة،

لتنفيذها، ف�صال عن �أنها خطوة مهمة

و�ل�صناعات �حلرف لتنظيم ور�ئدة

عليها و�حلفاظ وحتفيزها، �ليدوية

لها، �لأجيال بتو�رث �لندثار من

يف �ل�صعودي �ملجتمع �أ�صالة لتج�صد

كما و�لأجد�د، �لآباء باإرث �لتم�صك

�أن �ل�صرت�تيجية، هذه �صاأن من �أن

للمو�طنني وم�صدر توفر فر�ض عمل

من ر�فد� ت�صكل وبالتايل لهم، دخل

رو�فد �لقت�صاد �لوطني«.

�لرت�ث �لوطني..�أ�صكال فنية ومعان

�جتماعية وثقافية عميقة

Page 104: Architectural heritagebiography

207 سيرة في التراث العمراني206 207

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

يف �عتقادي �أنه ل ميكن �ل�صعور »�إن�صانيا« بالرت�ث ما مل نع�ض

�لتي �ملبادئ نعي �أن ي�صتحيل �أن��ه هنا و�أق�صد نف�صه، �ل��رت�ث

يعلمنا لها موروثنا �ملعماري ما مل نتعاي�ض معه، ونكت�صف �لعو�ئق

لالأفكار، �لتي جتعله م�صدر� ونبحث يف �حللول يو�جهها، �لتي

�لتي �لزيار�ت كل كانت لذلك نف�صه. �لوقت يف دخل وم�صدر

قمت بها ملناطقنا �لرت�ثية من �أجل فهم هذ� �لرت�ث على �مل�صتوى

�ل�صخ�صي، فما مل �أكن مقتنعا وموؤمنا بهذ� �لرت�ث فلن ي�صدقني

�أحد، لأنها �صتكون يف �أحد، ولن ي�صاركني »�أحالمي« و»�أهد�يف«

هذه �حلالة �أهد�فا نابعة من »خارج �لذ�ت« ولن ت�صل لالآخرين.

للمكان، حمبا �لإن�صان يكون كيف �ملعماري تر�ثنا علمني لقد

�لتي �حلياة تفا�صيل لكل فهمنا على �حلب هذ� ينعك�ض وكيف

لي�صت بتفا�صيلها �حلياة و�أن �لو�قع، يعلمنا �ملكان يحت�صنها.

»تكوينات« حاملة، بل هي جمتمع و�قت�صاد ومنو وتطوير، وما مل

تكن نظرتنا �إىل �لرت�ث �صاملة لكل هذه �لتفا�صيل �لإن�صانية، فلن

تت�صكل روؤيتنا �لو�قعية �إىل �لرت�ث �لعمر�ين. هناك فرق كبري بني

�لنظرة �حلاملة وبني �لنظرة �لعملية �لو�قعية، و�أنا كنت �أحاول �أن

ا و�قعيا يف كل ما �أقوم به نحو �لرت�ث �لذي �أريده لكل �أكون �صخ�ص

�لنا�ض ولي�ض فقط ملن ي�صتطيع �أن يقوم ببناء مبان تر�ثية، ففي

هذه �حلالة �صيكون �لرت�ث �لعمر�ين للنخبة ولي�ض لكل �لنا�ض،

�أن تت�صكل ثقافة وهذ� لي�ض هدفا ي�صتحق �لعناء، فما نريده هو

وطنية م�صتمدة من موروثنا �لثقايف ت�صمل كل �لنا�ض وتتحول �إىل

برنامج عمل.

»قد يتبادر �إىل بع�ض �لنا�ض لأول وهلة �أن ما ندعو �إليه �ليوم

هو �لعودة �إىل �إرث ثقايف �أو عمر�ين بقي جامد� على مر �ل�صنني،

ولكن �مل�صتقبلية، �لتطويرية �لعملية لدور موؤهل غري فهو ولذ�

�لعك�ض هو �ل�صحيح، فالرت�ث �لعمر�ين حقيقة هو تر�كم لتجارب

جدر�ن �لبيوت..�صجل تاريخي

متجدد �لنما�ض 2009

Page 105: Architectural heritagebiography

209 سيرة في التراث العمراني208 209

فضاءات للتخطيط العمراني اإلنساني

�لثقايف �ملو�صم يف قدمتها ورقة -20

بن �إبر�هيم �ل�صيخ ملركز �ل�صابع

�لبحرين باملنامة، �خلليفة، حممد

يف �لعمر�ين �لرت�ث »�آفاق بعنو�ن:

منوذجا �ل�صعودية �خلليج: منطقة

»15 �صو�ل 1428ه�««.

وخرب�ت �جتماعية وعلمية وتقنية وبيئية، ل ميكن لأمة ما

�أن تنجز تطور� �صحيحا يف معزل عن فهمها و��صتيعابها.

فيما مثالها �قتفينا �لتي �لعاملية �لتخطيطية و�ملد�ر�ض

م�صى، قد ولدت �أجيال من �ملخططني �لذين يقودون �ليوم

حتول فكريا وعلميا حقيقيا يف �لعملية �لتخطيطية للمدن،

�أ�صا�صه ��صتيعابهم للرت�ث. فبعد �أن بقي �لرت�ث ل�صنو�ت

طويلة م�صتبعد� �أو رمزيا يف تلك �لعملية، �أ�صبح �ليوم هو

مر�كز �إحياء �إع��ادة م�صاريع منه تنطلق �ل��ذي �لأ�صا�ض

�لع�صو�ئي �لتخطيط جر�ء من �صلبا تاأثرت و�لتي �ملدن،

�لذي مل يكن ير�عي �ملقايي�ض و�حلاجات �لإن�صانية �لتي هي

حمور �لرت�ث �لعمر�ين �لأ�صيل«.)20( ما ميكن �أن نتعلمه

من تر�ثنا �لعريق ومن جتاربه �لعميقة هو بناء مد�ر�ض يف

�لتخطيط �لعمر�ين تقدم لالإن�صانية روؤية عمر�نية خمتلفة

عما ن�صاهده من ماآزق تعي�صها �ملدن �ملعا�صرة.

تفا�صيل تقنية للعمارة

�لتقليدية �لنما�ض 2009

Page 106: Architectural heritagebiography

211

الهوية والطابع المعماري

5معادلة التراث الصعبة سيرة في التراث العمراني

Page 107: Architectural heritagebiography

213 سيرة في التراث العمراني212 213

�أبها يف رحلة �أذكر تلك �لعفوية �لعمر�نية عندما زرت ما زلت

من نابعة كانت �لعفوية تلك 1973م، 1393هــــ/ ع��ام مدر�سية

�حل�سور �لكثيف للطابع �ملحلي �لذي كان يخلط �لتكوين �ل�سخري

بامل�ساكن. كانت �لقرى عبارة عن تكوينات ت�سع »�إن�سانية«، فقد كان

�ل�سكل »طبيعيا« يرتك �أثر� عميقا يف �لنف�س، حتى �إنه من �ل�سعوبة

بناه وم��ا �لطبيعية �ملكان ت�ساري�س بني بالفرق ن�سعر �أن مبكان

�إىل و�ملبني �لطبيعي بني عميقة وحدة هناك كانت فقد �لإن�سان،

دون ير�ه من �إىل يتحدث خ�سائ�سه بكل �ملكان �لمتز�ج. درجة

�أن ينطق، يقدم �لعمارة �لع�سوية �مل�ستد�مة و�لب�سيطة �لتي هي يف

غاية �جلمال. وعندما زرت �أبها بعد ذلك �سعرت �أن ذلك �لحتاد قد

تفكك، و�ختفى ذلك �لمتز�ج بني �لطبيعي و�ملبني، �سعرت بتحدي

لقوته وجربوته عليها، تال�سى ذلك و��ستعر��سه للطبيعة، �لإن�سان

تعانق وهي �جلنوبية �لقرى مب�ساهدة يغريني كان �لذي �ل�سكون

�جلبال، وتر�جع تاأثري »�لت�ساري�س« فاختفت �خل�سو�سية، وتر�جعت

عبقرية �ملكان ب�سكل حاد.)1(

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

يف �ل�سورة هذه �إىل �أ�سرت لقد -1

�لتعليم لندوة قدمتها �لتي �لورقة

�أكدت فقد .»2001 »جدة �لعمر�ين

�ملعماري تر�ثنا �سمات متيز �أبز »�أن

للبيئة �ل�سديد �حرت�مه يف تتمثل

معها. وتكيفه لظروفها ومر�عاته

وقد �أثر �لتو�سع �لعمر�ين ملدن �ململكة

يف تاأثريه �إىل بالإ�سافة وقر�ها،

�لرت�ث �لعمر�ين، ويف �ملناطق �لبيئية

فقد�ن يف لتبد�أ �خلا�سة، �لطبيعية

�ملدن قبل من فقدتها كما هويتها

و�لقرى �ملدن �متدت كما �لقرى. ثم

وتو�سعت دون ح�ساب للرت�ث �لعمر�ين

و�ل�سعاب �لأودية فردمت �لبيئة، �أو

للمدن و�أ�سبحت �ملرتفعات، و�أزيلت

ومالمح مت�سابهة �سمات و�لقرى

للرت�ث و��سح �أثر �أي ل حتمل مملة

رغم منطقة بكل �خلا�س �لعمر�ين

تباين بيئاتها«.

�سورة جتمعنا مع �لأمري خالد �لفي�سل

)�أمري منطقة ع�سري �سابقا( عام 1973م، �أبها

�أبها يف مطلع �ل�سبعينيات،

بد�ية �لتحول �لعمر�ين،

عندما بد�أت �ملباين

�جلديدة تتد�خل مع

�لتكوين �لطوبغر�يف �جلبلي

للمنطقة

Page 108: Architectural heritagebiography

215 سيرة في التراث العمراني214 215

ت من �لعمارة �ملحلية ومن

�لرت�ث �لعمر�ين ب�سكل

�لعمارة تلك هي �لإن�سانية �لعمارة ب��اأن د�ئ��م��ا، �أ�سعر، كنت

�لعفوية �لتي �ساهدتها يف �أبها يف ذلك �لوقت، ورمبا مل �أكن �أ�ستطيع

يف �أثرها ترتك عمارة لكنها �حلني، ذلك يف و�سفها �أو ت�سميتها

و�سكينة. بهدوء حولها ما مع وتلتحم تن�سجم كانت لأنها �لنف�س،

�لرت�ث، فهي من�سجم بها يهتم �لتي �لثالثة �لتو�زنات �إنها ت�سنع

�ملبكرة �لتجربة تلك �إن �أق��ول �أن �أ�ستطيع و�إن�ساين.)2( عمر�ين

�ملنفرد �ملبنى جمرد من �أبعد �لعمارة باأن �إح�سا�سا لدي �أوج��دت

�أنها �أي �أو نعمل فيه، لأنها عبارة عن »حميط حياة«، �لذي ن�سكنه

توؤثر وتتاأثر باملحيط �لبيئي و�لب�سري �لذي تقع فيه، كان ذلك جمرد

�سعور و�أ�سئلة، ومل تتحول �إىل »�إ�سكالت نقدية« �إل بعد ذلك.

�أفكر �أثار د�خلي، كذلك، �سوؤ�ل »�لهوية«، وجعلني ذلك �مل�سهد

�لعمر�نية �لعبقرية تلك يف �ملحلي« �ملعماري »�لطابع يف بعمق

�أبها و�سعرت بفقد�نها بعد �لتي �ساهدتها يف مطلع �ل�سبعينيات يف

ذلك. هذ� �ل�سوؤ�ل كان �سمن �أ�سئلة متعددة بد�أت تت�سكل د�خلي يف

�أ�سئلة ثقافية وفكرية بحتة. فكما منت�سف �لثمانينيات، وقد كانت

�مل�سكن ذهني ويف �لف�ساء رحلة من �أتيت قد كنت �سابقا ذكرت

بتلك مرتبطة كانت يل حدثت �لتي �لتحولت لكن »�لكاليفورين«،

�لنزعة »�ملحلية« �لتي تر�سبت يف د�خلي منذ �ل�سغر، فقد كنت �أرى

�لرت�ث �لعمر�ين »�سر�« جماليا وبيئيا، ومل �أكن �أفكر يف حماولة فك

»�سفرة« هذ� �ل�سر، لول �سورة �ملدينة �ل�سعودية يف �لثمانينيات �لتي

�أحدثت د�خلي ت�ساوؤل عميقا كانت �إجاباته كلها يف �لرت�ث.)3(

»�لعمارة بكتاب تذكرين »عبقرية« �ململكة يف �ملحلية �لعمارة

�لتفا�سيل �لعفوي يف �ل�سكل تكمن عبقرية بدون معماريني«، حيث

�لب�سيطة و�لن�سجام مع �ملكان ب�سكل عميق.)4( �لبلد�ت �ل�سغرية

�لتي حتيط مبدينة �لريا�س ت�ستعر�س �لعمارة �ل�سحر�وية بب�ساطة

تعرب عن »�ل�ستد�مة«، و�لتو��سع مع �لطبيعة، وفهم �أ�سر�ر �ل�سحر�ء،

�لتي �مل�سمتة �لطينية وب��اجل��در�ن بالنخيل نف�سها حتمي عمارة

متتلئ باحلياة.

2- ملعرفة �ملزيد عن �لبعد �لإن�ساين يف �لرت�ث

�لعمر�ين و�لتو�زنات �لثالثة �لتي يقدمها

ميكن �ملبنية �لبيئة يف �لعمر�ين �لرت�ث

�لرجوع �إىل �لف�سل �ل�سابق.

متو�زنا �ملعماري للطابع فهمي كان لقد -3

قدمتها �لتي �لورقة ففي �لبد�ية، منذ

»�أنه �أكدت 1408هـ/1988م �أبها يف

�ملحلية لعمارتنا وتفهمنا باهتمامنا

�لطبيعية للظروف در��ستنا طريق عن

و�لعو�مل �لأخرى لكل منطقة من بالدنا،

�سوف ن�سل �إىل �حللول �لتي توؤدي �إىل �أن

و�جتماعيا بيئيا �ملختلفة �ملناطق تاأخذ

ويالئم مييزها �لذي �خلا�س طابعها

�ملنطلق �أهلها. ومن هذ� وتر�ث طبيعتها

�ل�ستهالك برت�سيد كذلك نقوم �سوف

غري �لقت�سادي للمو�رد �لطبيعية و�ملالية

�لتي تهدر حاليا دون ح�ساب«.

4- Rudofsky، Bernard )1964)

Architecture Without Archi tects، London، Academy Edition.

�لعمارة �لتقليدية يف

جنر�ن، 2001م

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 109: Architectural heritagebiography

217 سيرة في التراث العمراني216 217

»�خللوة« يف �مل�سجد �لنجدي، فكرة عبقرية تو�جه برودة �ل�ستاء،

بع�سها يبد�أ للخيال، مثرية �مل�ساجد ومئذنة �لأر���س، حتت فهي

بقاعدة مربعة وينتهي بت�سكيل �أ�سطو�ين. ويف ع�سري تظهر ت�سكيالت

»�لرغف« على �جلدر�ن وتتحول �لعمارة من �حلجرية �إىل �لطينية

يف �ن�سجام جغر�يف خالق. �أما يف جنر�ن فتبدو �لبيوت مثل �لقالع

وتظهر �لنخيل كفو��سل ب�سرية مو�سيقية بني �ملبني و�لطبيعي. ويف

�أن لتوؤكد للجدل �ملثرية �لهندية« »�لتاأثري�ت تظهر فر�سان جزيرة

بالدنا مفتوحة على �لعامل.

�ملكان فعر�قة »�لرو�سان«، عمارة من �أكرث هناك �حلجاز ويف

تتاأكد �لباحة يف ع��ني ذي قرية ويف �لنا�س، وج��وه على ترت�سم

�لت�ساري�س �ل�سعبة يف �سكل �لعمارة �ملبدعة، ويف �لأح�ساء و�لقطيف

تظهر عمارة »�ل�سرق« �لتي جتمع ح�سارة �جلزيرة �لعربية بح�سارة

�ل�سند و�لهند مطعمة بالتاأثري �لعثماين يف بع�س �لفرت�ت. �لعمارة

�لتفكري �إنها جمال مفتوح على لها حدود.. لي�س �ملحلية يف بالدي

و�لإبد�ع.

كنت فقد خمتلف، ب�سكل �لتاأثر م�سادر يف �أفكر هذ� يجعلني

�أ�ساأل نف�سي: كيف حدث هذ� �لختالف؟ وكيف ت�سكلت تلك �لذ�ئقة؟

رمبا يكون �لدر�س �مللهم �لأول بقيمة �لرت�ث �لعمر�ين يف بالدنا هذ�

�لزخم من �ل�سور �لتي �ساهدتها يف �أثناء جتو�يل يف بالدنا خالل

ب�سدة، �ملعا�سرة مدننا �أنتقد هذ� جعلني فقد �ملا�سية، �ل�سنو�ت

من للنقل �أدعو �أنني يعني ل وهذ� مت�سابهة ومملة، �أ�سبحت فقد

�أنظر �أنتجه. عندما �أدعو للتعلم من �لتنوع �لذي ذلك �لرت�ث ولن

�ل�سهول عمارة مثل �أ�سبحت و�أر�ه��ا �جلبلية �ملناطق عمارة �إىل

و�ل�سحر�ء، �أ�سعر ببع�س �حلزن، لأن من �أ�س�س �لعمارة، هو �لتعبري

�لبيئي«.. وعندما نفقد هذه عن »جغر�فية �ملكان و�إحرت�م �ملحيط

�لأ�س�س فنحن نفقد �لعمارة نف�سها ون�سر على جمرد �لبناء.

تفا�سيل ب�سيطة يف عمارة ع�سري

�لقدمية، �لنما�س 2009م

جتاور �حلديث مع �لقدميالهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 110: Architectural heritagebiography

219 سيرة في التراث العمراني218 219

عندما �أحتدث عن �لهوية �لعمر�نية فاإنني �أحتدث عن ذلك �لتنوع

�لذي �سنعه �لأ�سالف، فقد كانو� مبدعني بقدر ما تتيحه بيئتهم من

�إبد�ع، وكانو� خمل�سني لتلك �لبيئات ومتو��سعني معها. �لبحث عن

ول �لطبيعي �ملحيط مع �لن�سجام �لإطار من يدور يف هذ� �لهوية

يرغب يف �خلروج عنه، لكنه يف �لوقت نف�سه يريد �أن يتعلم �جلديد

تلهمني �لتطوير. �إىل ويدفع �ملحيط مع �لتعامل على يعني �ل��ذي

عمارتنا �ملحلية بكل ب�ساطتها وعفويتها، لأنها عمارة �سادقة تدخل

�لطبيعية، �لظروف تعاملها مع �أنها عمارة متطورة يف للقلب، كما

لذلك فهي تعلمني كل مرة �أقرتب منها �أكرث.

للمدن �حل�سارية �لهوية تاأكيد �أن نوؤكد �أن »يجب ذلك، ومع

عن تعزلها �أط��ر �سمن دفاعي و�سع يف �لتقوقع تعني �أن يجب ل

�لأخرى �حل�سار�ت مع �مل�ستمر �لفكري �لتبادل من �ل�ستفادة

و�لتطور�ت �لعاملية �ملتو��سلة يف جمالت �لتمدن و�لتنمية �حل�سارية.

فما زلنا مع كل �لعتبار�ت نعي�س على كوكب و�حد، وهو باملنا�سبة،

وكما بد� يل بالعني �ملجردة من �لف�ساء �خلارجي، �سغري ومتقارب

يف تتناغم متعددة ح�سار�ت ل�ستيعاب موؤهال بد� كما �مل�سافات.

�إطار �رتباط م�سريها ووجودها على هذ� �لكوكب �لوطن«.)5(

نعي�سه، �لذي �لو�قع« عن »�لتعبري تعني هنا �لعمر�نية �لهوية

وبالتايل فاإن بحثنا عن »حت�سني« �لهوية هو بحث عن حت�سني للو�قع،

وربط ذلك بالرت�ث، هو ربط منطقي، كون �لأمم ل تنه�س �إل من

�ل�سابقة. جتاربها من و�لتعلم �لتاريخي خمزونها »تطوير« خالل

بالرت�ث �ملرتبط �ملعماري �لطابع يفهم من كالمي عن �أن �أريد ل

�أن تكون بحثا عن م�ستقبل �أنها رغبة يف �لعودة للما�سي، بل يجب

�أف�سل.

�إنني �أحكي عن �لهوية �لعمر�نية �لتي تغو�س عميقا يف �لرت�ث،

مثل ذلك �ملبنى »�ملركز �لثقايف« �لذي �سممه �ملعماري »رينزو بيانو«

عن�سر �ملحلية �خليمة �سكلت فقد ،1998 عام »نيوكاليدونيا« يف

حمور �لعمر�ين »�لرت�ث ورقة -5

�لريا�س، �ملدن«، مل�ستقبل �لتخطيط

�لإثنني 5 من �ملحرم 1421 ه� �ملو�فق

10 �إبريل 2000م

رجال �أملع يف ع�سري، تكوين عمر�ين

ي�سنع �لهوية �لب�سرية بعمق، 2010

�لرغف، تقنية بيئية وب�سرية،

منطقة ع�سري، 2010

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 111: Architectural heritagebiography

221 سيرة في التراث العمراني220 221

�لإلهام �لأ�سا�سي �لذي ��ستقى منه �مل�سمم �أفكاره. لقد قال »بيانو«:

فهمي تطبيق �إىل �سيقودين ك��ان �لعاملية لفكرة �خلاطئ »فهمي

�خلا�س للتاريخ و�لتطور خارج �لبيئة �لتي تطورت فيها، خطاأ قاتل«.

ت�سميم عند �ملحلية �لبيئة فهم �أهمية عن يتحدث كان لقد )6)

حملية/ بعمارة �لثقايف �ملركز خ��رج لذلك �جل��دي��دة، �مل�ساريع

معا�سرة خالقة.

�أن نتعلم من هذه �لتجارب لأنها �أننا يجب �أقوله هو �أن �أود ما

تكون �عتقادي يف »�لتجديد«. عن وتبحث و�لن�سخ �لنقل تتجاوز

�أهمية �لرت�ث �لعمر�ين يف كونه »مفرد�ت متاأ�سلة يف وجد�ن �لأمة

فاإن لذ�، و�لفنون، و�لأدب �للغة مفرد�ت حال هو كما وح�سارتها

�ملحافظة على �لرت�ث �لعمر�ين لالأمة ي�سبح جزء� مهما من عملية

متكاملة ل تقبل �لتجزئة للمحافظة على �ل�سخ�سية �حلقيقية لهذه

�لأمة، وتعزيز هويتها وموقعها من �ل�سعوب«.)7( لذلك فاإن مقدرتنا

�لنجاح �لذي �لتي حتدد درجة �لتعامل مع هذه �ملفرد�ت هي على

ميكن �أن نحققه يف جتديد �لرت�ث نف�سه.

بيوت منحوتة يف �جلبال، مد�ئن

�سالح، �لعال، 2001

6- Oliver، Paul )2003)

Dwellings، London،

Phaidon، p. 9.

حمور �لعمر�ين »�لرت�ث ورقة -7

�لريا�س، �ملدن«، مل�ستقبل �لتخطيط

�لإثنني 5 من �ملحرم 1421 ه� �ملو�فق

10 �إبريل 2000م

تكوينات نحتية يف

�لعال، 2001

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 112: Architectural heritagebiography

223 سيرة في التراث العمراني222 223

لقد ذكرت عند حديثي عن مو�قفي �لفكرية من �لرت�ث �لعمر�ين

فكرة �أن و�حلقيقة تاأثرها.)8( وم�سادر �لأ�سكال باأ�سول �أهتم �أنني

�لهوية تنبع من �أ�سول �لأ�سكال، فقد �أكد »هري�س« �أن �لأ�سكال �لتي تعرب

عن �لهوية عادة ما حتدث لها »�إز�حات« ب�سيطة ل ميكن �أن ن�سعر بها،

لكنها تنقل �ل�سكل من �سورة �إىل �أخرى.)9( وهي منوها وتطورها

�لثقافية �ملعاين فيها تنمو »زمكاين« مكانيا زمنيا/ م�سار� تاأخذ

�لأ�سكال، هذه باأ�سول مهتم �أنني و�حلقيقة �لأ�سكال. تلك حول

خيوط عن �أبحث �لرت�ثية �ملناطق فيها �أزور �أن �أح��اول مرة وكل

فل�سفة هناك. �أ�ساهدها �لتي �لر�ئعة �لأ�سكال �أ�سول �إىل تقودين

�لهوية �ملعمارية �ملرتبطة بالرت�ث �لعمر�ين يجب �أن تنبع من مبد�أ

»�أ�سول �لأ�سكال« ولي�س من مبد�أ فر�س �لأ�سكال �جلاهزة على �لبيئة

»�لتلقيطيني« �ملعماريني �أولئك وب�سدة �أنتقد فاأنا لذلك �لعمر�نية.

ت�ساميم ويجمعونها يف متعددة م�سادر من �أ�سكال ينقلون �لذين

معمارية مثرية للحزن.

وكيف عنها، نبحث �لتي �لهوية« »ماهية من تبد�أ �لإ�سكالية

مع تعاملنا �أ�سلوب حتدد �إ�سكالية وهي بالرت�ث، ترتبط �أن ميكن

نعمل«، هذ� �أن يجب »ماذ� يحدد نريد« »فماذ� �ل��رت�ث، مفرد�ت

طبعا �إذ� ما جتاوزنا فكرة »�لنقل« �لتي تعامل بها بع�سهم مع هذه

�ملفرد�ت بعدم م�سوؤولية. يتحدث بع�سهم عن »هوية معيارية«، وهي

جاهز معطى �أن��ه على �ل��رت�ث �إىل ينظر ما وغالبا معطاة، هوية

ي�سكل �لهوية �ملطلوبة، بينما هناك هوية »ديناميكية« متجددة وقابلة

روح وعن �ل��رت�ث عن تعرب �لتي �لن�سبية« »�لهوية وهي للتطوير،

�ملعيارية �لهوية و�حد. تكوين يف وتدجمهما معطياته بكل �لع�سر

�جلماعية، �لذ�كرة يف �سلفا �ملت�سكلة بالرموز مرتبطة »عاطفية«

وترف�س �جلديد لأنها »هوية تاريخية« حتددت منذ زمن بعيد، بينما

ت�سكل حالة يف �سريورة �إنها با�ستمر�ر.. تت�سكل �لن�سبية �لهوية

م�ستمر ود�ئم، تتجدد ح�سب �ل�سياقات �لزمنية و�ملكانية، وتتفاعل

ت من �لعمارة �ملحلية ومن مع �لظروف ولي�س لها �سكل حمدد �سلفا، لكنها ت�ستمد جذورها من

�لرت�ث �لعمر�ين ب�سكل

8- �لف�سل �لثاين.

9- Hirsch، E. )1982) The Concept of Identity،

Oxford، Oxford University Press.84-

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

م�ساكن قدمية يف �لريا�س،

2006م

�لتكوين �لإن�ساين �لعفوي للعمارة

�لتقليدية، �لغاط 2009

Page 113: Architectural heritagebiography

225 سيرة في التراث العمراني224 225

على يحث جمال فهي لذلك لالأمة، �لتاريخي �لوعي ومن �لرت�ث

�لإبد�ع، وعلى �لنظرة �لنقدية للرت�ث ل �ل�ست�سالم له.

ه بع�سهم هوية �لأ�سكال �ملعمارية يف بد�ية ولدتها ون�سوئها ي�سب

يحمل لكنه �مل��الم��ح، حم��دد غ��ري ي��ب��دو �ل���ذي �لر�سيع، بالطفل

مالمح وياأخذ �إل ويكرب ينمو �أن وما �أبويه، من �لور�ثية �جلينات

حمددة ي�ستمدها من تلك �جلينات، لكنها تكون جديدة وخمتلفة..

وعندما ي�سل �إىل مرحلة �لبلوغ ي�ستقر �سكله �لنهائي ول يتغري بعد

ذلك �إل ببطء. يف هذه �حلالة غالبا ما يتعرف من كان قريبا من

ذلك �لطفل على �سخ�سيته يف �أثناء منوه، ويتعرف عليه عندما يكرب

وي�ستقر �سكله، بينما �أولئك �لذين �سهدو� ولدة ذلك �لطفل وغابو�

عليه �لتعرف ي�ستطيعو� فلن �ملثال، �سبيل على �سنة، ع�سرين عنه

بعد �أن يكون بلغ هذ� �لعمر و��ستقر �سكله، �إل �إذ� كان �ل�سبه �سديد�

لأبويه. ما �أود �أن �أقوله هنا هو �أن لالأ�سكال �ملعمارية �أ�سول تتو�لد

من خاللها، و�أن تلك �لأ�سكال تنمو وتتطور من خالل تفاعلها مع من

لكنها تظل خمل�سة با�ستمر�ر، وتكت�سب معاين جديدة ي�ستخدمها

من معينة مرحلة ت�سل عندما ت�ستقر و�أنها �لور�ثية، جليناتها

�لن�سج، على �أن من مل يعاي�س كل هذه �لتحولت قد ل يتعرف على

تلك �لأ�سكال، ويجب عليه يف هذه �حلالة �لبحث عن �أ�سولها و�لتاأكد

من جيناتها �لور�ثية. �لهوية �لعمر�نية هي بحث ممتع يف كل هذه

�لت�ساوؤلت »�لعقلية« �مليد�نية.

ت�سكيالت عمر�نية

يف جيز�ن

تفا�سيل هادئة للعمارة

�جليز�نية �لتقليدية

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 114: Architectural heritagebiography

227 سيرة في التراث العمراني226 227

ت من �لعمارة �ملحلية ومن

�لرت�ث �لعمر�ين ب�سكل

تكوين طبيعي يف �لعال ي�سنع

�لهوية �لعمر�نية، 2001

تكوينات زخرفية يف �لريا�س

�لقدمية 2009

يفهم بع�سنا عبارة »جتاوز �لرت�ث« فهما خاطئا، فهم يعتقدون

�أن جتاوز �لرت�ث يتم برتكه، بينما يرى كل �ملهتمني بالثقافة و�لتاريخ

و�لعمارة �أن »جتاوز« �لرت�ث يتم فقط بفهمه و�لتعلم منه، و�لنطالق

�ملفكر طرحه �ل��ذي »�لنه�سة« مفهوم ولعل للجديد. خالله من

برهان غليون يوؤكد هذه �لفكرة، فقد �أكد �أن تطوير �لثقافة و»تطوير

�لرت�ث �ملرتبط بها وجتاوزه، هو ... من �ملهمات �لرئي�سة �لتي يجب

لي�س هناك لأن �لنه�سة. ذلك �أنف�سنا يف مو�سوع �أن نطرحها على

بديل عن هذه �لعملية �أبد�. ولي�ست هناك �أمة ت�ستطيع �أن ت�ستوعب

�حل�سارة و�إبد�عاتها �جلديدة يف �إطار غري �إطار ثقافتها. و�لعتقاد

ل عنها و�ل�ستغناء لغريها �لثقافة �لتخلي عن هذه �ملمكن من �أنه

يعني يف �لو�قع �إل �لتخلي عن �لنه�سة ذ�تها«.)10(

فامل�ساألة �ملهمة بالن�سبة لنا هنا هي �أنه ل نه�سة بال تر�ث، لكنه

�لتجديد على و�ملنفتح »�لتطور« �سياق �سمن تر�ثا يكون �أن يجب

�أر�ها �لتي �لعمر�ن. �مل�سكلة �إنتاج و�آليات �ملرتبط باحتياج �ملجتمع

�لتجديد �لعمر�ن يف �ملخت�سني يف بع�س »لدى �لرغبة �أن هي هنا

�لعمر�ن �أ�سابت �لتي �لكربى �لكارثة هي وتلك �لتجديد، ملجرد

ل �سد�ن و�لتجديد �لرت�ث �أن هو �مل�سيطر �لت�سور لأن مدننا، يف

يلتقيان، مع �أن �مليزة �لكربى للرت�ث يف �لفهم �ل�سحيح، هي قدرته

على �لتجديد«.)11( �لنه�سة من وجهة نظري تنبع من هذه �لروؤية

�لتي جتمع بني �لرت�ث و�لتجديد، وهي نه�سة ت�سنع �لهوية �لعمر�نية

�ل��رت�ث« »جت���اوز مفهوم تقدم �سك دون نه�سة وه��ي �سك، دون

با�ستيعابه ودجمه يف �حلياة �ملعا�سرة و�مل�ستقبلية.

فناء لأحد �لبيوت �لنجدية

ت من �لعمارة �ملحلية ومن

�لرت�ث �لعمر�ين ب�سكل

10- غليون، برهان »1990« �غتيال �لعقل:

�ل�سلفية بني �لعربية �لثقافة حمنة

مدبويل، مكتبة �لقاهرة، و�لتبعية،

�س 312.

11- مقالة �سخ�سية يف جريدة �لريا�س،

�خلمي�س 14 رم�سان 1417ه�.

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 115: Architectural heritagebiography

229 سيرة في التراث العمراني228 229

و»جت��اوز �لأ���س��ك��ال« »�أ���س��ول بني �لربط يف �أفكر �أنني �أنكر ل

�لرت�ث«، لأن �لفكرة تبد�أ هنا من �لعودة لالأ�سول و�ملنابع، وبالتايل

فاإننا �إذ� ما �أردنا جتاوز �لرت�ث من خالل »�إيجاد م�سار�ت جديدة«

نابعة من �أ�سوله، فعلينا �لعودة �إىل �لأ�سول �لتي ت�سكلت من خاللها

�سورة �لرت�ث �لعمر�ين �ملوجود حاليا وفهمها و�لتعلم منها، وتطبيقها

فقط فهذ� �حلا�سر، وقتنا يف و�إمكانات تقنيات من منلكه ح�سبما

بجيناتنا مرتبطة حقيقية معمارية هوية ي�سنع �أن ميكن �لذي هو

ثقافية نه�سة ي�سنع �أن ميكن �لذي �لوحيد �ملجال وهو �لثقافية.

حقيقية.. ومن ثم فنحن مطالبون بتجاوز �ملفهوم �ل�سطحي �لب�سري

وربطها نف�سها، �لعمارة �إنتاج و�آليات »منهج« �إىل �لعمر�نية للهوية

باأ�سول �لرت�ث �لعمر�ين ل مبنتجه �لذي نر�ه �لآن يف مدننا �لقدمية،

فهذ� �ملنتج مر يف �لطريق نف�سه، لكن بظروف و�إمكانات مغايرة، و�أنا

على يقني �أننا �سوف ننتج عمارة ر�ئعة تنا�سب ظروفنا و�إمكاناتنا.

�ل�سلم، تكوين ب�سيط وهادئ، �لعال، 2001 ت�سكيالت معمارية ب�سرية،

�ملجمعة 2003

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 116: Architectural heritagebiography

231 سيرة في التراث العمراني230 231

ت من �لعمارة �ملحلية ومن

�لرت�ث �لعمر�ين ب�سكل

تكمن �لهوية �لتي نريدها يف هذه �لنه�سة �لتي »تتجاوز �لرت�ث«،

وتقدم �لثقافية، نو�تنا من وتنبع وجد�ننا يف ت�ستقر نه�سة فهي

هذ� من وما�سينا. حلا�سرنا �لثالث« »�لبعد �أن��ه على �مل�ستقبل

ملدننا �لعمر�نية �لهوية تاأ�سيل هو �ليوم له ندعو »ما فاإن �ملنطلق

يف �لعملية �لتخطيطية و�لتطويرية، كاأ�سا�س لتعزيز �لنتماء �لثقايف

و�لديني �خلا�س بنا. لي�س ملو�جهة �لآخرين و�لبقاء يف و�سع �لدفاع،

بل لن�سارك يف عملية �لتبادل �حل�ساري من موقع م�ساو وو�ثق. �إننا

ننظر �إىل �ملو�سوع بطموح �أن يكون لنا دور يف �إثر�ء م�ستقبل �لب�سرية

من خالل عملية �لتبادل �حل�ساري، مبا لنا من �إرث ح�ساري عظيم

يف عاملنا �لعربي و�لإ�سالمي، وما لنا من قدرة �أثبتها �لتاريخ لالإبد�ع

و�لتجديد، ولي�س �لنكفاء خلف متاري�س دفاعية يتعاظم �رتفاعها مع

تعاظم توج�سنا من »�لعوملة« و»�لغزو �لثقايف و�حل�ساري«. وهنا يجب

�أن نتوقف لنوؤكد �أن توثيق �سلة �لتطوير �حل�سري و�لعمر�ين للمدن

بهوية �سكانها وتر�ثهم، هو �أول ما ي�سهم يف تخفيف �آثار ما يت�سلل من

موؤثر�ت ثقافية وح�سارية �سلبية«.)12(

�إياه يعلمنا ما وهو �إن�سانيا، فهما للهوية فهمنا يكون �أن يجب

�لإن�سان �لأ�سكال، كان تفاعل �لعمر�ين، فعندما كانت تنتج �لرت�ث

مع �ملحيط �لبيئي و�جلغر�يف، و�لظروف �لتقنية و�لثقافية هي �لتي

حتدد مالمح هذ� �ملنتج، ومن ثم فقد كانت �لعمارة �إن�سانية وعميقة،

وكانت تعرب عن هذ� �لإن�سان وهويته وجمالته �لجتماعية و�لثقافية،

وتفا�سيل حياته �ليومية. لذلك فاإنه من �خلطاأ حب�س �لهوية �لعمر�نية

يف �ل�سكل فقط، وهذ� �خلطاأ وقع فيه كثري من �ملعماريني �ملعا�سرين،

»�سمويل« �إطار �أنها على �لهوية �إىل ننظر �أن يجب ذلك من وبدل

�لعامة، وبثقافتهم حياتهم وباأ�سلوب مب�ستخدميها �لعمارة يجمع

وهذ� ما كانت تقدمه �لبيئات �لعمر�نية �لقدمية.

رمبا يعتقد بع�س �لنا�س من دعوتي �إىل �أ�سول �لأ�سكال ومنابعها

�لثقافية �أن فيها نبذ� للتعلم من �لآخر ومن �حل�سار�ت �لأخرى. و�أود

�أن �أذكر هنا �أن تعلقي بالرت�ث �لعمر�ين يف بالنا نابع من تنوعه حتى

حمور �لعمر�ين »�لرت�ث ورقة -12

�لريا�س، �ملدن«، مل�ستقبل �لتخطيط

�لإثنني 5 من �ملحرم 1421 ه� �ملو�فق

10 �إبريل 2000م

ق�سر �سرب� يف �لطائف

تفا�سيل معمارية يف

�لطائف، 2005

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 117: Architectural heritagebiography

233 سيرة في التراث العمراني232 233

ومناطقنا. حدودنا عن بعيد� متتد �لتي و�أ�سوله تاأثره م�سادر يف

ب�سكل كامل، بل يجب �أن هناك هوية معمارية »نقية« �أعتقد فاأنا ل

�أن تكون هوية متاأثرة مبا يحدث حولها، لكنها تت�سكل د�خل حدودها

وظروفها �ملحلية، وتتفاعل ب�سكل عميق وثقايف مع من ي�سنعها ومن

ي�ستخدمها.

»�ل���ت���ث���اق���ف« م�������س���األ���ة ع����ن �إىل �حل����دي����ث ي����ق����ودين وه������ذ�

ميكن ل وعفوية، فطرية م�ساألة هي و�لتي ،Acculturationكما هم ونتعلم منهم، بالآخرين نتاأثر �أو مننعها، فنحن نوقفها �أن

يتاأثرون بنا ويتعلمون منا، وهذ� هو جور »�لتثاقف«.. لذلك فاإننا ل

نفكر يف »�لهوية �لنقية« كما يجب �أن �أقول �إنني موؤمن بتعدد �لهوية.

وي�سعب �لعمر�نية �لهويات متعددة مدينة مثال، �لريا�س، فمدينة

ا عام 2009 حب�س �ملدينة يف �سورة و�حدة، لذلك فقد كنت معرت�س

�أيدين و�ل��ذي �لريا�س و�سط يف �لظهرية حي تطوير خمطط على

فيه �مل�سوؤولني عن تطوير �ملدينة، و�لذي مت فيه �إقحام �أبر�ج مكتبية

زجاجية متعددة �لطو�بق يف و�سط ن�سيج ح�سري تقليدي.

ب�سريا �ملدينة« »تو�زن تظهر يف بالن�سبة يل هنا �لهوية م�ساألة

ووظيفيا، ففي �سمال مدينة �لريا�س يظهر مركز �مللك عبد�هلل �ملايل،

فهد �مللك طريق بني �لتجارية �ملنطقة يف �ملكتبية �لأب��ر�ج وتظهر

و�سارع �لعليا �لعام، ول نحتاج �إىل تكر�ر مثل هذ� �لن�سيج يف و�سط

�لأوىل، بالدرجة »ثقافيا« �لنقد هذ� يكون رمبا �لتاريخي. �ملدينة

ومبا�سر� ومرتبطا باآليات �إنتاج �لعمارة يف �ملدينة، لكنه يحتاج �إىل

خطو�ت عملية لتقدمي بد�ئل حتفز �لهوية �لعمر�نية، وحتقق �لتو�زن

�لذي �ملدينة �ساكن �إليه يحتاج تو�زن وهو و�لتحديث، �لرت�ث بني

يتطلع �أن ت�سبح �لريا�س »مدينة �إن�سانية«.

»تو�زن �ملدينة« يجب �أن يذكرنا بتو�زنات �لبيئة �لعمر�نية �لقدمية،

فاعرت��سي على خمطط �لظهرية نابع من �لرغبة يف ��ستعادة تلك

�لتو�زنات ل جمرد �عرت��س »�سكلي«. �ملطالبة هنا بتحقيق �لتو�زن

�لعمر�ين/ �لعمر�ين م�ساألة �أ�سا�سية، حتى على م�ستوى �ل�سكل �لعام

حمافظة �سر�ة عبيدة يف ع�سري، 2010 �ملدر�سة �لأمريية مبدينة �لهفوف

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 118: Architectural heritagebiography

235 سيرة في التراث العمراني234 235

�لتفا�سيل �لد�خلية يف �لعذيبات

ومفا�سلها �ملدينة عنا�سر عن بعد �أحتدث مل هنا فاأنا للمدينة،

�لتي يجب �أن ت�ستعيد تو�زنها، فاإذ� ما �أردنا ملدينة �لريا�س �أن تكون

�إن�سانية، و�أن ت�سنع هويتها �خلا�سة بها نحتاج يف �لبد�ية مدينة

�إىل �أن نهتم بتو�زن �لكتل �لعمر�نية �لرئي�سة يف �ملدينة ووظائفها

�لعامة، وبعد ذلك ننتقل لالأجز�ء و�لتفا�سيل �لتي عادة ما ت�سنع

للتو�زن كبري ب�سكل �ملجال وتتيح �لعمر�ين/�لإن�ساين، �لتو�زن

خمطط على �لع��رت����س �أن �عتقادي يف �لإن�ساين. �لإن�ساين/

�لظهرية يجب �أن يتحول �إىل موقف فكري/ نقدي ي�ساهم يف تبني

ثقافة عمر�نية متو�زنة على م�ستوى مدن �ململكة ب�سكل عام.

�لهوية �أنه غالبا ما تربط لنا هنا هي بالن�سبة �ملهمة �مل�ساألة

لكن �سك، دون كثرية مربر�ت �لربط ولهذ� بالرت�ث، �لعمر�نية

غالبا ما ي�ساء فهمها �إىل درجة كبرية، ففي عرف كثري من �لنا�س،

وبع�س �ملعماريني على وجه �خل�سو�س، �أن كل ما هو مرتبط بالرت�ث

�أو ي�ستعيده على �مل�ستوى �لب�سري فهو ميثل �لهوية �ملعمارية، بينما

كل ما هو جديد م�ستبعد ويعد خارجا عن هذه �لهوية. ويف حقيقة

�لأمر �أن �لإ�سكالية هنا و��سحة، فنحن نح�سر �لهوية يف »�ل�سكل

�لرت�ثي« ل يف �لرت�ث نف�سه �لذي هو �أكرب بكثري من �ل�سكل)13(

و�إذ� ما جعلنا عملية �لبناء هي جمموعة �آليات ينتج عنها �ملبنى،

يفر�س �أن ل �لآليات هذه خالل من ينتج �أن يجب �ل�سكل ف��اإن

�لعمارة تعانيها �لتي �لإ�سكالت �أحد �أن يل يظهر و�لذي عليها.

و�لطابع �لهوية لفكرة �خلاطئ �لفهم هذ� هو �حلايل �لوقت يف

�ملعماري.)14(

فقد معروف هو فكما نف�سه، �لإنتاج عملية من �مل�سكلة تبد�أ

تغريت طرق �إنتاج �لعمارة خالل �لقرن �لتا�سع ع�سر، وحتولت تلك

�لطرق من �حلرفة �ليدوية و�لعالقة �ملبا�سرة بني �لإن�سان و�لبناء

�إىل �لآلة، �لأمر �لذي �أوجد، ولأول مرة، »�أزمة هوية« يف �لعمارة،

ا يف بريطانيا، حتى �إن حركات ��ستعادة �حلرف �ليدوية، خ�سو�س

يف حقيقيا توجها منها �أك��رث عاطفية فعل ردة عن عبارة كانت

13- يرى رفعة �جلادرجي �أن �ل�سكل »ما

هو �إل ح�سيلة للحركة يف �لإنتاج، ما

�لإنتاج �أي تغري يف مقومات �أن يعني

يف تغري� ي�سبب �حلركة، وطر�ئقية

»2006« رفعة �جلادرجي، �ل�سكل«.

بريوت، �لعمارة، وجدلية �سببية يف

�س �لعربية، �لوحدة در��سات مركز

لهذه تعطيل �أي �أن هنا ويرى .65

عزل خالل من �لطبيعية �لظاهرة

و�حت�سابه �لإنتاج عملية عن �ل�سكل

خارج ��ستح�ساره ميكن حر� معطى

�إىل �لغالب يف يوؤدي �لإنتاج عملية

ما نر�ه من �إل�ساق �لأ�سكال �لرت�ثية

على �ملباين لإر�ساء �لهوية.

قدمتها �لتي �لكلمة يف قلت لقد -14

�خلام�س �ل�سنوي �للقاء مبنا�سبة

»1994 »�لريا�س، �لعمر�ن جلمعية

ت�سكيل �إعادة »عن �أحتدث ل �إنني

حديثة بطريقة �مل�سربية �أو �لقو�س

�لطبيعية �لبناء مو�د ��ستخد�م �أو

�ملحلية ملجرد �لإيحاء بطابع معماري

يف ذلك �إىل بحاجة فل�سنا معني،

�جلاحمة فالرغبة �مل�سمون. هذ�

يف و�ملتمثلة �لنا�س من كثريين لدى

�أدت قد �لرت�ث �إىل �لعودة �لتما�س

وبطريقة �لنتيجة تلك �إىل بالفعل

لالأ�س�س و��سح غياب يف ع�سو�ئية

�لتي ميكن �أن يقوم عليها ذلك �لتوجه

�أن ميكن �لتي و�لعالمات �خلري.

�ملجتمع يف طريق عودته، بها يهتدي

هو فعال �إليه نحتاج ما �أن ظني يف

لرت�ثنا �لفكرية �ملقومات ��ستلهام

يت�سع غني تر�ث وهو �لعمر�ين،

هذ� يف �لطارئة حاجاتنا ل�ستيعاب

حق �لوقت ذ�ت يف ويلبي �لع�سر،

�لإن�سان �مل�سلم يف �أن يعي�س يف منزله

ومدينته بطماأنينة ووقار«.

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 119: Architectural heritagebiography

237 سيرة في التراث العمراني236 237

�لعمارة �لطينية يف جند،

حماولة لإعادة �حلياة من جديد

م�ساحات م�سمتة يف عمارة

�لغاط �لتقليدية، 1996

�أمام �حلركات تلك كل تر�جعت وبالتايل �لعمارة، �إنتاج جمال

�لتقنية �لآلية �لتي �سيطرت يف وقتنا �حلايل على كل �آليات �لإنتاج

ومع تنتج عنها.)15( �أن �لتي ميكن �لأ�سكال وبالتايل �ملعماري،

�أنني مهتم باإحياء �حلرف �ليدوية وربطها بالعمارة �أنكر ذلك ل

�لفكرة كانت �لعذيبات، جتربة يف �سابقا ذكرت وكما و�إنتاجها،

وهو معا�سر، باأ�سلوب لكن �لقدمية �حلرفة ��ستعادة على ترتكز

ما �سنقوم به يف مركز �لبناء بالطني �لذي قمنا بتاأ�سي�سه موؤخر�.

فهذ� �ملركز ل يهدف �إىل �لبناء بالطني كما كنا نفعل قبل مئة عام.

بل �سريكز على تطوير هذه �ملادة وتقدميها كخيار معا�سر ومتطور

للبناء.)16(

�هتمامي بالطابع �ملعماري �ملحلي نابع يف �لأ�سل من �هتمامي

بالرت�ث ب�سكل عام، لكن �أنا د�ئما �أفرق بني �أمرين، �لأول هو �ملدينة

�لذ�تية. وقيمته نف�سه �ل��رت�ث بني و�لآخ��ر، �ملعماري. وطابعها

فالطابع �ملعماري ميكن �أن ي�ستمد من �لرت�ث جوهر وجوده، مثل

و�ملنتج �لهوية مو�سوع �آبل« »كر�س يناق�س -15

تاأثري �أهمها متعددة وجوه من �ملعماري

كثري �إىل وي�سري �ملعمارية. �لهوية يف �لعلم

من �حلركات �ملعمارية �لتي حاولت ��ستعادة

مبفاهيم و�رتباطها �سناعتها �أو �لهوية

�ل�سناعة وع�سر �لآلة.

Architecture & )1997) Abel، Chris Identity، Oxford، Architectural .Press

16- �سيكون مركز �لبناء بالطني يف حي �سمحان

�سعود �مللك جامعة ومب�ساركة بالدرعية،

�لرت�ث وموؤ�س�سة �لريا�س تطوير وهيئة

وجامعة غرنوبل يف فرن�سا.

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 120: Architectural heritagebiography

239 سيرة في التراث العمراني238 239

تفا�سيل ب�سرية هادئة،

�لغاط، 2009

تفا�سيل �ل�سقف يف �لبيت

�لريفي يف �لعذيبات

�سناعة طائرة »�لبوينغ«، و�أنا مغرم بالطري�ن و�أجده جمال لتحرير

�لنف�س، و�لنظر من كثب لكل �لتفا�سيل.. فلول تر�ث �سركة »بوينغ«

�لإبد�ع يف �سناعة طائر�تها. �ل�سركة ��ستطاعت ملا �ل�سناعة يف

وبحوث �ل�سابقة، �لأخطاء من تعلم وفيها تر�كمية، هنا �لعملية

ودر��سات وتطوير. وكما ذكرت، �خللط بني �لأمرين غالبا ما يقود

�إىل �سوء فهم ويحول �لنظرة �لنقدية �إىل �لطابع �ملعماري �ملعا�سر

وكاأنها حماولة للعودة للما�سي وهنا يبد�أ �سوء �لفهم.)17( ل �أنكر

ملدننا روؤيتي من نابع �ملحلي �ملعماري بالطابع �هتمامي �أن �أب��د�

�أ�سبحت مدننا �أن �أ�سعر كنت لقد -17

منت�سف يف ذلك كان جميلة، غري

يف �أنه �أذكر �إنني حتى �لثمانينيات

رحلة مع و�لدي ومعلمي �لأمري �سلمان

وكان ر�سمية، زيارة يف �ل�سني �إىل

و�لقرية �لبلدية �ل�سوؤون وزير معنا

�هلل، رحمه �لعنقري �إبر�هيم �ل�سيخ

عائدين كنا وقد �لعودة، طريق ويف

يوجد باحلكومة خا�سة طائرة على

�لوزير مع جل�ست جمل�س، بها

�ل�سعودية، �ملدينة حول وحتدثنا

له لي�س خليطا �أ�سبحت �أنها وكيف

يجب باأنه �إقناعه وحاولت هوية، �أي

و�أنظمة و�سع مقايي�س �لبلديات على

نتيجة وكان �ملحلي. �لطابع لتاأكيد

لهذ� �حلديث �أنه دعاين لتقدمي ورقة

�أبها يف �لبلديات روؤ�ساء موؤمتر يف

�إىل �إ�سافة 1408هـ/1988م. عام

�أنه مت تطوير م�سروع �لطابع �ملعماري

للم�ساجد، رغم �أن هذ� �مل�سروع فهم

يتحدثون فهم �لكثري، قبل من خطاأ

عن �لطابع �جلمايل/�لب�سري بينما

كان هديف من �مل�سروع هو روؤية �ساملة

�لوظيفية، �لناحية من للم�سجد

و�لبيئية، و�لتقنية.

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 121: Architectural heritagebiography

241 سيرة في التراث العمراني240 241

�لأكرب �ملحر�س لكن ب�سريا غري جميل، »خليطا« �أ�سبحت باأنها

من �لعمر�ين �ل��رت�ث ملفهوم �ل�ساملة روؤي��ت��ي هو »�لهوية« على

�لناحية �لثقافية، و�لوظيفية، و�جلمالية، و�لتقنية.)18(

ل درو�س �سكل على �لعمر�ين �لرت�ث لنا يقدمه �ملفهوم هذ�

�لفكرة هذه ��ستخد�مه. ونعيد ن�ستن�سخه جاهز منتج �سكل على

�أنه �أرى للم�ساجد، فقد كنت �ملعماري �لطابع قدمتها يف م�سروع

�أ�سبح من �ل�سرورة �أن ننظر �إىل �لكفاءة �لوظيفية و�لبيئية ومن

�ملنطلق هذ� من �لعمر�نية �لهوية مفهوم للم�سجد. �جلمالية ثم

و�ملكاين، �لزمني �ل�سياق تت�سكل ح�سب كاأنه »حالة متغرية« يبدو

وهذ� �ل�سياق يتاأثر باملعطى �لثقايف و�لبيئي و�لتقني.)19(

تتطلب �لهوية �لعمر�نية �لبحث بجد يف فكرة »حتقيق �لرت�ث«

حتى ن�ستطيع �أن نحمي �أنف�سنا من »�لذوبان فيه«، وما �أق�سده هنا

»�لرت�سبات من تتخل�س �سفافة نقدية روؤي��ة �إىل بحاجة �أننا هو

�لعاطفية« �لتي نرى بها تر�ثنا، ونتخل�س من روؤيتنا »�ملبجلة« له،

لأن تبجيل �لرت�ث يعني ب�سكل �أو باآخر �لتجاوز عن �أخطائه، وهذ�

يف حد ذ�ته نقطة �سعف كبرية يجب علينا جتاوزها. تنبع �لفكرة،

كما ير�ها �ملفكر �ملغربي حممد عابد �جلابري، من كون »حتقيق

تطويره بل عنده، و�ل��وق��وف فيه �لتقوقع »ع��دم يتطلب �ل��رت�ث«

وتطويعه بال�سكل �لذي ي�سمح بتحقيقه يف �سوء متطلبات �لع�سر

�لعقل« »ميد�ن من به »�لنزول يعني ذلك �أن ويوؤكد وظ��روف��ه«.

�لتطور �إىل �ملثايل �لنموذجي �لت�سور من �لو�قع«، »ميد�ن �إىل

�لتاريخي«.)20(

خالل حياتي يف �أخطوها �أن حاولت �لتي �لعملية و�خلطو�ت

من �ل��رت�ث لنقل حم��اولت هي �ملا�سية �سنة و�لع�سرين �خلم�س

مرجوة فائدة ل �إنه �إذ »�لتطبيق«، ميد�ن �إىل »�لأفكار« ميد�ن

من كل �لأفكار �إذ� مل نقم باختبارها على �أر�س �لو�قع. �أنا موؤمن،

على �مل�ستوى �ل�سخ�سي، باأن بع�س �لأمثلة �ملهمة ميكن �أن حترك

ل هنا »�لأف�سل« وتعريف �لأف�سل. عن للبحث وتدفعهم �لنا�س

18- لقد كانت �سورة �ملدينة �ل�سعودية �لتي

ت�سكلت ب�سرعة كبرية يف �لفرتة ما بني

�لرئي�س �ملحر�س هي 1985 -1975

�لطابع باأهمية �أ�سعر جعلني �لذي

�لعمر�ين �ملحلي و�لهوية �ملعمارية، فقد

ذكرت يف حما�سرة �أبها 1408ه� »غالبا

طغت قد و�ملدن �لقرى �أن جند ما

عليها �ملباين �لإ�سمنتية �ملت�سابهة �لتي

ل�ستيعاب �لتنمية فرتة خالل �أن�سئت

�لطلب على �مل�سكن«.

�لأوقاف لوزير خطاب باإر�سال قمت -19

د.عبد�هلل �آنذ�ك �لإ�سالمية و�ل�سوؤون

بتاريخ �لرتكي عبد�ملح�سن بن

»�أن فيه �قرتحت »1417/12/22ه�«

تقوم �جلمعية �ل�سعودية لعلوم �لعمر�ن،

�لتي ت�سعى �سمن �أهد�فها �لعديدة �إىل

وحت�سني �لعمر�نية، �لتطبيقات تطوير

�لهوية وتاأ�سيل �ملهنة، ممار�سة

�لعمر�نية ملدن �ململكة وقر�ها، بالعمل

�لإ�سالمية و�ل�سوؤون �لأوقاف مع وز�رة

�لأ�س�س يحدد �إطار تطوير على

لت�سميم �أمثل مل�سجد ينطلق من �أ�س�س

تر�ثنا �لعمر�ين �لعريق، ويحقق كفاءة

يف تكاليف �لتنفيذ و�لت�سغيل و�ل�سيانة،

و�سع �لإطار ي�سمل �أن ميكن كما

�مل�ساجد لرتميم �لأ�سا�سية �خلطوط

�لرت�ثية و�لأثرية و�سيانتها«. وقد و�سل

�مل�سروع �إىل مقرتحات لرب�مج لتطوير

�لأ�سعدة، جميع على �مل�سجد عمارة

�لب�سرية �ل�سكلية �لناحية من ولي�س

فقط.

20- �جلابري، حممد عابد »1991« �لرت�ث

ومناق�سات، در��سات.. و�حلد�ثة:

بريوت، مركز در��سات �لوحدة �لعربية،

�س 105.

�لدرعية

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 122: Architectural heritagebiography

243 سيرة في التراث العمراني242 243

يعني �أبد� »ن�سخ �لرت�ث« �أو �لرتباط به، لكنها حالة فكرية مهمة

يعي�سها �ملجتمع �إذ� ما تو�فرت له �لظروف �ملنا�سبة لتحقيق قفزة

نوعية يف جمال »�لهوية �لثقافية« ب�سكل عام.

ميكن �أن �أقول �إن عمارة »فر�نك لويد ر�يت« �لع�سوية هي �إحدى

�لأمثلة �ملهمة �لتي يجب �أن ندر�سها ونتعلم منها، لي�س لكونها عمارة

تقدم �لرت�ث ب�سورة و��سحة »كما فعل بيانو يف �ملركز �لثقايف«، بل

لكونها تتعامل مع �ملكان �لطبيعي مبهارة وحرفية عالية، فمثال بيت

�ل�ساللت يف ولية بن�سلفانيا �لأمريكية �لذي زرته قبل �سنو�ت يبني

�لتد�خل �لعميق بني �لعمارة و�لبيئة �ملحيطة، فال �أحد ينكر تاأثر

�أتو� هذ� �لعمل �ملعماري �خلالق بفكر كثري من �ملعماريني �لذين

بعد »ر�يت«، وتاأثريه ب�سكل عام يف مفهوم �لعمارة �ملحلية �لتي ل

نتعلم �أن �أننا ميكن كما وتقنياتها. �لعمارة �حلديثة مع تتعار�س

من ت�سميم قاعة »تي دبلو �إيه« TWA يف مطار جون كنيدي يف

نيويورك »�لذي �سممه �ملعماري ليل �سري�نني« وتظهر فيه �لقاعة

على �سكل طائر. وهذ� جزء من �لتفكري �ملبا�سر �ملبدع يف جمال

�لعمارة رغم �أن كثري� من نقاد �لعمارة ينتقدون �ل�ستعارة �ملبا�سرة

و�لت�سبيه، لأنهما ميثالن قيد� على �لت�سميم.

وميكن �أن �أ�سيف حماولت �ملعماري �ل�سرييلنكي »جيفري باو�«

�لتي ت�سكل مدخال »ع�سويا« مهما يف �لتعامل مع �لبيئة �لطبيعية.

فما قدمه هذ� �ملعماري »�لذي فاز بجائزة �لأغاخان لالإجناز مدى

�حلياة« هو حماولة جادة و�سادقة لإعادة �رتباط �لعمارة بالطبيعة.

هذه �لأمثلة �لتي �أ�سوقها هنا لي�ست مرتبطة بعمارة �لرت�ث، لكنها

�إنتاج يف �لدرو�س تلك وتوظف �ل��رت�ث، عمارة من كثري� تتعلم

عمارة خمتلفة لكنها دون �سك عمارة قريبة من �لإن�سان.

ومع ذلك �أ�ستطيع �أن �أ�سرب مثال هنا، ورمبا يكون مثال يعك�س

بع�س �لبد�يات، ففي �ململكة �لعربية �ل�سعودية بد�أ كثري من �لنا�س

�لتي �مل�ساكن �أن يوظف عنا�سره يف ويحاول �لرت�ث، لفهم يتجه

�أنها جمرد بع�سنا ير�ها قد �أن هذه �خلطوة ورغم حاليا، تفا�سيل معمارية لأحد �لبيوت تبنى

يف �لغاط، 2009

تفا�سيل زخرفية طينية يف

و�سط �ململكة

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 123: Architectural heritagebiography

245 سيرة في التراث العمراني244

فما يقول غري ذلك. �لو�قع �أن �إل للما�سي، و»�ج��رت�ر« »عاطفة«

�سوف تعلم وجت��ارب وم��ن تقنية �مل��ح��اولت من ه��ذه �سينتج عن

يحرك �لتجربة �إىل م�ساحات متعددة. وقد �ساهدت ذلك بنف�سي

فخالل �ل��رت�ث.. جلائزة تقدم �سارت �لتي �مل�ساريع نوعية يف

�لدور�ت �لثالث �ل�سابقة �سارت تاأتي م�ساريع عميقة �سوف حتدث

تدعمه تقنيات �إىل يحتاج معماري طابع فكل �ملطلوب، �لتغيري

وتربر وجوده وجتعله ممكنا من �لناحية �لقت�سادية، وما �أر�ه هو

�أن �لتجارب �لتي تتعامل مع �لرت�ث هذه �لأيام ميكن �أن حتقق كل

هذه �ملربر�ت يف �مل�ستقبل.

هذ� لي�س تفاوؤل �أكرث من �لالزم، بل هو حث على �ل�سري قدما

و�لعاطفية، بال�سطحية بع�سهم �تهمها لو حتى �لتجارب هذه يف

فهي ما ز�لت جتارب جميلة، وحتتاج �إىل �أن تنتقل من »�لنخبة« �إىل

عامة �لنا�س، �إذ �إن �مل�سكلة �لكربى �لتي تو�جه هذه �لتجارب هي

�لنخبة لن �أن ح�سرها يف كونها »جتارب نخبوية«. ويف �عتقادي

يوفر لها �لنت�سار، ولن يجعلها تطور تقنيات و�قت�ساديات مالئمة

متكنها من �أن تتحول �إىل طابع عمر�ين عام. �أذكر هنا زيارتي يف

مطلع �لت�سعينيات لولية »نيومك�سيكو«، حيث تنت�سر عمارة �لطني،

فما �ساهدته هناك يوؤكد �أهمية »�لطابع �ل�سعبي للعمارة«، �إذ �إنه

ل ميكن ح�سر �لعمارة يف نخب معينة، و�إن كان معروفا �أن هوؤلء

»�لطالئعيني« هم �لذين ي�سنعون �لتغيري يف �ملجتمع، �أي �أنني ل�ست

�سد ظاهرة �لنخبوية ب�سورتها �لتي هي عليها �لآن، لكن يجب �أن

تنتقل �لظاهرة لعامة �لنا�س حتى تنجح.

�لأغنياء«، »ع��م��ارة هي �ل��رت�ث عمارة �إن �أق��ول د�ئ��م��ا كنت

فتحي، ح�سن �لعرب، �ملعماريني �سيخ كتاب على رد فيه وه��ذ�

رحمه �هلل، »عمارة �لفقر�ء«، فنحن ل نعود للرت�ث فقط من �أجل

�لفقر�ء بل من �أجل كل �لنا�س، لأن عمارة �لرت�ث نف�سها »غنية«

بيئية و�قت�سادية وجمالية خالقة. وعندما و»ثرية«، وتقدم حلول

تفا�سيل ب�سرية وفر�غية من �أقول �إنها عمارة »�لأغنياء« ل �أق�سد �أبد� هنا »�لرث�ء �ملادي« فقط،

�لريا�س �لقدمية، 2009

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 124: Architectural heritagebiography

247 سيرة في التراث العمراني246 247

بل »�لرث�ء �لنف�سي« و�لثقايف و�لروحي، �لذي حتققه هذه �لعمارة

�لتي ت�سنع �ل�سكينة و�لهدوء، وتعلمنا كيف نعي�س �لعمارة ل جمرد

من »�لنخبة« عمارة �أنها هنا �أق�سد ل �أنني كما ن�ستخدمها. �أن

»�جلميع«، عمارة هي بل بع�سنا، لذهن يتبدى قد كما �لأثرياء،

ب�سكل »�لطبيعة« مع و�لتفاعل »�لتو��سع« على حتث عمارة لأنها

»�إن�سانية«. �لعمارة هذه يجعل ما قمة �عتقادي يف وهو مبا�سر،

�لت�سور �لذي ميكن �أن تقدمه »عمارة �لأغنياء« للنا�س هو »�لعفوية«

�لتي فقدناها يف حياتنا ويف كل ما يحيط بنا.)21(

ومعقد�، مت�سابكا �لعمر�نية �لهوية مفهوم يظل ذل��ك وم��ع

�أو يف منتج و�حد، فكما تب�سيطه هكذ� يف فكرة و�حدة ول ميكن

�لهوية م�ساألة �ختز�ل �مل�ستحيل »من �أنه �ملخت�سني بع�س يوؤكد

كما و�ح���د، تف�سريي معطى يف و�لآخ����ر.. �ل���ذ�ت و�لخ��ت��الف،

على �أو حية، ثقافة على و�إمن��ا ثقايف خ��ز�ن على حتيل ل �أنها

�لق�سايا ينتج �لذي �لن�ساط و�إمنا على للثقافة/ �ملا�سية �لنتائج

وي�ستوعبها من خالل جتاوزها. فالهوية �لثقافية جلماعة ما تلتقي

مع �لقدرة على دمج �لختالفات �لتي ت�سكل غنى �لإن�سان و�سموه«.

(22( وبالتايل فاإن حديثنا عن »جتديد« �لهوية �ملعمارية يقت�سي

وقابل وديناميكي تر�ث عمر�ين »حي« نتحدث عن �أن بال�سرورة

للتجديد، وبالتايل يوؤدي هذ� �لنوع من �لتفكري �إىل تغيري كثري من

�لأفكار �ملرتبطة بالرت�ث �لتي ما ز�لت تنظر �إليه على �أنه »خمزن«

من �لأفكار �جلامدة.

عمارتنا �إن �أقول ومازلت كنت -21

مغلفة موقوتة« »قنابل هي �حلالية

يف علبة هدية فاخرة، فنحن عندما

تبد�أ م�ساكننا بناء من ننتهي

�ل�سيانة »م�ساكل �لتقنية م�ساكلها

�سناديق فهي و�لت�سغيل«، و�لتكييف

مغلقة تعتمد ب�سكل كامل على �أنظمة

كامل ب�سكل تف�سلنا وتقنيات بناء

عن عفوية �حلياة �لطبيعية و�لتفاعل

وبالتايل معها، للمبنى �لإيجابي

ول علينا متليه ملا نر�سخ فنحن

عفوي ب�سكل معها �لتعامل ن�ستطيع

وطبيعي.

»2000« �لدين نور حممد �أفاية، -22

يف �لآخر �سورة �ملتخيل: �لغرب

�لو�سيط، �لإ�سالمي �لعربي �لفكر

�لثقايف �ملركز �لبي�ساء، �لد�ر

�لعربي، �س 8.

تفا�سيل �لرو�ق �لد�خلي يف

�ملدر�سة �لأمريية، �لهفوف

الهوية والطابع المعماريمعادلة التراث الصعبة

Page 125: Architectural heritagebiography

249 سيرة في التراث العمراني248 249

ومع ذلك ل �أ�ستطيع �أن �أدعي �أن �ملو�سوع ب�سيط، �أو �أنه ي�سهل

حتويله �إىل و�قع، فهو ما ز�ل ميثل جزء� من »�لعقل«، ومن جمرد

»�لهوية« فمفهوم معا�سة. �أمثلة �إىل حتتاج �لتي �لنظرية �لأفكار

يف حد ذ�ته »�نطباعي« ويختلف من �سخ�س �إىل �آخر، لذلك فاإن

و�لبحث �لعمر�نية �لهوية تعرف حمددة عنا�سر حتديد حماولة

�لعمر�ين هو جزء من بحث طويل، �لعنا�سر يف �لرت�ث عن هذه

ومن حماولت متعددة قمت بها خالل �لربع قرن �لأخري، وما زلت

�أحاول �أبحث و�أجرب، لأن �لأمر لي�س م�ساألة �سخ�سية تعتمد على

ما �أر�ه وحدي، بل يقت�سي �لأمر �لتو�فق مع �لذ�كرة �جلماعية وهو

تو�فق يحتاج �إىل معرفة وثيقة بهذه �لذ�كرة. �لهوية �ملعمارية هي

»جتربة« و�قعية ولي�ست جمرد �أفكار لكنها ترتبط باملكون �لثقايف/

تعرب �لتي �ملادية �ملكونات تظهر يف وبالتايل هي لالأمة، �لفكري

ت�سكل �ل��ذي �لثقايف �مل��خ��زون من معانيها تكت�سب لكنها عنها

وتر�كم عرب �لزمن. هذ� يجعلني �أرى �لطريق طويال لكن �لهدف

تطوير على و�لعمل للتجريب لنا بالن�سبة مفتوح �ملجال و��سح..

�لرت�ث لي�ساهم يف ت�سكيل �لهوية �لعمر�نية �لتي ميكن �أن تعرب عن

وجد�ن �لأمة.

الفصل الخامس

�سيبام يف �ليمن، �إعجاز معماري يفتح

ف�ساء �مل�ستقبل، �ليمن 2005

Page 126: Architectural heritagebiography

251

إدارة التراثمن الفكرة إلى

6العمل المؤسساتي سيرة في التراث العمراني

Page 127: Architectural heritagebiography

253 سيرة في التراث العمراني252 253

الرتاث مع املتعرثة البدايات تلك اإىل بعيد من اأنظر �صرت

العمراين، فقد خطونا خطوات كبرية نحو تاأ�صيل الرتاث، وا�صتثماره،

والتعامل معه بفكر منظم. فقد اأ�صبح الرتاث العمراين الآن �صمن

الهموم الثقافية والعمرانية والقت�صادية يف جمتمعنا، وهذا مل يكن

اإىل الرتاث فكرة لإي�صال املخل�صني كثري من تكاتف لول ليحدث

ا املجتمعات املحلية البعيدة التي عانت خالل فئات املجتمع، خ�صو�ص

العقود املا�صية هجرات وا�صعة لأبنائها اإىل املدن الكربى.

�صيظل كفكرة، العمراين، التترتاث اأن البداية من �صعرت لقد

جمرد �صورة عاطفية ما مل يتحول اإىل م�صدر اقت�صادي حقيقي،

وهذا يف حد ذاته كان ميثل حتديا حقيقيا. �صعرت بذلك ب�صدة يف

من تاأكدت فقد العذيبات، نخيل يف الريفي البيت يف عملي اأثناء

البناء وحرف »البناء« م�صتوى على التترتاث »اقت�صاديات« اأهمية

التقليدية ومواد البناء، وقبل ذلك، جدوى كل هذه الأعمال، اأي ملاذا

يجب اأن نحافظ على الرتاث العمراين؟ وما الدواعي التي �صتجعل

النا�س يحافظون على مبانيهم وقراهم طواعية بل وبحما�س كبري؟

كل هذه الأ�صئلة كانت تنمو يوما بعد يوم داخلي، فلم تكن حا�صرة

ا ينمو ويكرب، وكان يجب اأن يف الذهن دفعة واحدة، لكنها كانت هم

اأبحث فيه وحوله حتى اأجد حلول عملية جتعلني اأكمل اأركان الرتاث

العمراين يف خميلتي، فاإذا كنت مهتما بفكرة الرتاث كمكون ثقايف،

واإذا كنت اأعلم يقينا اأن هذا الرتاث ل ميكن اأن ينه�س اإل بالتعليم،

يبقى اأن يتحول الرتاث نف�صه اإىل عمل موؤ�ص�صي، واأن يكون م�صدرا

النا�س اهتمام ا�صتمرار ن�صمن اقت�صاديا حتى ورافدا ا�صتثماريا،

به.

اإليها كل تو�صل اأنه يقني واأنا على اإليها، تو�صلت التي النتيجة

من عمل يف جمال الرتاث من قبلي، اأنه ل يحمي الرتاث العمراين

وي�صمن ا�صتمراره اإل �صكانه، لذلك فاإن ا�صتعادة احلياة القت�صادية

الوحيد العملي الإطتتار هي الرتاثية للمناطق الجتماعية ثم ومن

الذي ميكن اأن ي�صمن لنا بقاء تلك املناطق وجتددها من الداخل.

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

قرية اخللف بع�صري

Page 128: Architectural heritagebiography

255 سيرة في التراث العمراني254 255

الداخل من تتجدد التقليدية العمرانية البيئات اأن املعروف فمن

ب�صكل اجلديدة والتقنيات الأفتتكتتار وتكت�صب »ديناميكي«، ب�صكل

الأفكار هتتذه ينقلون الذين �صكانها عرب حم�صو�س غري تدريجي

اأن يوؤثر هذا والتقنيات على م�صتوى الأجزاء، وح�صب احلاجة دون

جتديد فكرة فاإن لذلك املناطق. لتلك العامة العمرانية البنية يف

»عرب بل عمراين«، م�صروع »عرب تتم اأن ميكن ل القائم التترتاث

م�صروع اإحيائي« على م�صتوى احلياة القت�صادية/ الجتماعية. على

اأن فكرة »الإحياء« هذه تتطلب عمال منظما وم�صتمرا يتطلب وجود

موؤ�ص�صات واعية بقيمة »ت�صكيل الوعي املجتمعي«، وتعمل وفق اأ�ص�س

اأ�صبح اأن اأوجتتده منذ اأن وا�صحة، وهو ما حاولت اإداريتتة ثقافية/

»اإحياء الرتاث العمراين« اأحد اأهدايف يف احلياة.

يهتم التتذي املجتمعي« الوعي »�صناعة م�صاألة احت�صاب ميكن

ففي بالتعليم. العام اهتمامي من جتتزءا التترتاث على باملحافظة

اأن �صناعة الوعي تتم عرب التعليم املبا�صر وغري املبا�صر، اعتقادي

امليدانية التجارب على املبني التعليم هنا، املبا�صر بغري واأق�صد

اأننا �صعينا منذ والعالقات املبا�صرة باأفراد املجتمع. واحلقيقة هي

ال�صهولة، بهذه يكن مل الأمتتر لكن الوعي، هذا ن�صنع اأن البداية

بنى قد كان نف�صه املجتمع اأن اأهمها، كثرية عقبات واجهتنا فقد

ال�صلبية يف عقول الثقافة وت�صكلت هذه الرتاث، �صلبيا عن ت�صورا

الثقافة هذه تغيري معها اأ�صبح التي الدرجة اإىل ونفو�صهم النا�س

�صعبا جدا. ولعل هذا يف حد ذاته هو الذي �صجعني منذ البداية على

التفكري يف التحول من »الرغبة ال�صخ�صية« كوين حمبا للرتاث، اإىل

التفكري يف العمل اجلماعي »املوؤ�ص�صاتي« الذي ميكن اأن يحدث فرقا

وي�صنع التغيري. ومع ذلك يجب اأن اأقول اإن هذا التحول مل يحدث يف

يوم وليلة بل اأخذ فرتة طويلة ومر مبراحل متعددة.

الرتاث على املحافظة اأن نتتوؤكتتد اأن كتتذلتتك، التت�تتصتترورة، ومتتن

العمراين مكلفة ماليا، وتتطلب وجود فرق عمل مكلفة، وبالتايل فاإن

و�صيظل كرب، مهما حمتتدودا �صيظل املجال هذا يف الفردي العمل

زيارة ق�صر ال�صقاف

يف مكة املكرمة

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

Page 129: Architectural heritagebiography

257 سيرة في التراث العمراني256 257

موؤ�ص�صة وجود فاإن لذلك مهمة، كانت مهما �صخ�صية جتربة جمرد

عليه املحافظة عمليات ومتول بالرتاث، تعنى ر�صمية �صبه اأو ر�صمية

وتديره ا�صتثماريا، اأ�صبح �صرورة ملحة ل ميكن ال�صتغناء عنها. ولأنني

كنت اأرى اأن املدن ل يجب اأن ت�صتمر م�صدر هدر لالأموال العامة، وهي

ل ميكن اأن تتطور حقا وعلى املدى البعيد بهذا الأ�صلوب.

اإن تنمية م�صادر الدخل للمدن، وحت�صني اأ�صاليب انتقاء اأولويات

اأعلى �صرف تلك املوارد �صوف ي�صهمان يف ازدهار املدن لتحقيق قدر

اإىل وحاجته ال�صكاين النمو مواكبة من التمكني مع اخلدمات، من

التو�صع يف تلك اخلدمات والبنية التحتية الأ�صا�صية«.)1( لقد جعلني

هذا الأمر اأفكر ب�صكل اأعمق يف »اقت�صاديات العمران«، اإذ اإنه ي�صتحيل

اأن يكون العمران »م�صتداما« دون فهم عميق لالآليات القت�صادية التي

وظيفته يف ومتجددا للحياة، قابال وجتعله العمراين، التترتاث ت�صكل

جمرد ل ثاقبة اإداريتتة روؤية اأ�صال يتطلب وهذا الجتماعية. واأدواره

من تنطلق الفكرة يواجهها. حتد اأول اأمتتام ت�صقط عاطفية« »اأفكار

واقت�صاد ويعني �صناعة للحياة، الذي ميثل جمال العمران »�صمولية«

ذاتها بحد التعددية وهذه وذوقتتا. وجمال فنا يعني اأنه كما وجتتتارة،

جعلتني اأرى اأنه من ال�صروري التفكري ب�صمولية بدل من التعلق باأفكار

�صمولية عن معزولة �صتكون احلالة هذه يف لأنها وحدها، تنجح لن

العمران واآليات اقت�صاده التي حتقق له احلياة »امل�صتدامة«.

الكثرية تبعاته له بالرتاث فالهتمام رئي�س، اأمام حمك هنا اإننا

والكبرية، ويجب اأن نكون م�صتعدين فعال لها، اإذ اإن اهتمامنا بالرتاث

وال�صتفادة تطويعه، ناحية ومن التنظريية، الناحية من العمراين،

من درو�صه يف حياتنا املعا�صرة ينظر اإليه بع�س النا�س نظرة �صطحية

»اإدامة الرتاث« العامة، بينما عابرة، رمبا تعتمد فقط على امل�صاهدة

مكتبة الرحمانية، الغاط

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

حمور العمراين »الرتاث ورقة -1

الريا�س، املدن«، مل�صتقبل التخطيط

الإثنني 5 من املحرم 1421 هت املوافق

10 اإبريل 2000م.

Page 130: Architectural heritagebiography

259 سيرة في التراث العمراني258 259

زخما تتطلب اأخرى، م�صاألة فهذه معنا، ومتعاي�صا �صاهدا واإبقاوؤه

من اإل يحدث اأن وماليا ل ميكن وتعليميا، وموؤ�ص�صاتيا، جمتمعيا،

التي ميكن وبراجمه الوا�صحة اأهدافه له وواع، خالل عمل منظم

قيا�صها وتقييم منجزاتها.

لقد قادتني جتاربي الكثرية اإىل هذا التفكري العملي، فكما اأكدت

اأن ويبدو فقط، بالكالم تتحقق لن الرتاث على املحافظة �صابقا،

واأن العملية، الطريقة بهذه اأفكر جعلني العملي العلمي/ تكويني

اأ�صعى لتحقيقها ب�صكل وا�صح.

�صرت اأفكر يف »ال�صتدامة« من منطلق اإداري بحت، ولي�س من

منطلق بيئي كما هي عادة من ينظرون اإىل ال�صتدامة، وكنت اأرى اأن

ا�صتدامة اإدارة العمران �صت�صمن ال�صتدامة البيئية، والقت�صادية،

وجدت لقد املعروفة. امل�صتدامة التنمية اأركان وهي والجتماعية،

�صت�صمن لأنها الكثري، ال�صيء تعني العمران يف الإدارة م�صاألة اأن

تفعيل الأنظمة والقوانني ومراجعتها ب�صكل ي�صمن جدواها وتاأثريها

الأولية جتربتي خالل به �صعرت ما العمرانية. البيئة يف الإيجابي

»1985-1994« هو اأن هناك حاجة ملحة اإىل اإدارة الرتاث العمراين

اإدارة ت�صمح له باحلياة والتطور، وت�صجع املجتمع على الهتمام به،

وكنت اأبحث عن الأ�صلوب الأمثل لإيجاد هذه الإدارة وتفعيلها.

ويف اعتقادي، اأن اإدارة العمران ميكن اأن حتمل �صقني: النظري،

والذي تنبع منه »ثقافة الرتاث العمراين«، وتت�صكل حوله الأفكار التي

ميكن اأن تقودنا اإىل ا�صتعادة هويتنا وطابعنا املعماري. وال�صق العملي،

الذي يهتم باإدارة الرتاث العمراين القائم، واإدامته بتوجهات ثقافية

واقت�صادية، اأي توظيفه من اأجل تطوير مفهوم »ال�صياحة الثقافية«،

وجعله يف الوقت نف�صه قادرا على متويل نف�صه اقت�صاديا.

جانب من قرية اخللف يف ع�صري

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

Page 131: Architectural heritagebiography

261 سيرة في التراث العمراني260 261

هذه الأفكار جزء من ت�صوري العام لكيفية املحافظة على الرتاث

العمراين، لأنني ل اأت�صور اأن يظل هذا الرتاث عالة على الدولة، اأو

حتى على من ميلكونه »واأغلب الرتاث العمراين هو ملكيات خا�صة«،

ال�صرف عليه دون عائد يذكر، لذلك النا�س من اأن ميل ول نريد

فقد كانت نظرتنا متوازنة على الدوام، وعملية كي ي�صبح الرتاث

العمراين ذا قيمة اقت�صادية عالية.

من اأجل كل هذا، كنت متيقنا من اأهمية وجود موؤ�ص�صات كبرية

فكما للمجتمع، ومبادئها اأفكارها تنقل اأن ت�صتطيع بالرتاث تعنى

هو معروف فاإن وجود مثل هذه املوؤ�ص�صات هو الذي ي�صنع التغيري،

لأنها غالبا ما تكون موؤ�ص�صات عارفة، ولديها قدرة على �صنع ف�صاء

هذه مثل بوجود اأحلم كنت اأنني اأبتتدا اأنكر ل حولها.)2( للهوية

املوؤ�ص�صة يف بالدنا. فنحن نحتاج اإىل تاأ�صيل العمل اجلماعي، ومثل

هذا التفكري املوؤ�ص�صي كان �صروريا لتحقيق خطوات عملية تتجاوز

للجمعية رئي�صا فخريا اأكون اأن وافقت على والأقوال. فقد الأفكار

التنظيمية« املهنية »الر�صالة منطلق من العمران، لعلوم ال�صعودية

التي يحتاج اإليها العمران والرتاث العمراين يف بالدنا. فالعمل من

خالل موؤ�ص�صة عملية، واإن كنت غري متخ�ص�س يف جمالتها، اأف�صل

وافقت اأنني اإل الكثرية ان�صغالتي ورغم منفردا.)3( العمل من

على النت�صاب للجمعية وامل�صاركة بكثافة يف ن�صاطاتها، اإميانا مني

بالدور الكبري الذي ميكن اأن تلعبه اجلمعية يف امل�صتقبل.)4(

بناء ال�صراكات املحلية

يف الق�صيم

املوؤ�ص�صات اأهمية عن املزيد ملعرفة -2

ميكن للهوية ف�صاء �صنع يف »العارفة«

الرجوع اإىل:

»1995« .Morley, D. & Robins, K Spaces of Identity, London,

Routledge

باأع�صاء لقاء جمعني اأول اأكدت يف لقد -3

مبدينة اخلام�س الجتماع يف اجلمعية،

1414هت/18- �صوال 10-7« الريا�س

�صدين ما »اأكرث اأن »1994 اإبريل 21

ع�صوا اجلمعية هذه اإىل لالن�صمام

من ملن�صوبيها ما هو متخ�ص�س، غري

ارتباط ذات متعددة اخت�صا�صات

يف اأرى كنت فقد بحياتنا«. حقيقي

اجلمعية جمال للعمل »املوؤ�ص�صاتي« الذي

ميكن اأن يغري من عمارتنا يف امل�صتقبل،

لذلك فقد اأكدت اأنه يجب اأن ن�صع اأمام

اأن يف امللحة الوطنية »احلاجة اأعيننا

اللقاء ويف وتزدهر«. كهذه جمعية تنمو

ال�صاد�س الذي انعقد يف مدينة جدة وكان

ال�صياحية« والتنمية »العمران مو�صوعه

1995م« مايو 1416هت/30 حمرم 1«

يف »لت�صاهم اأن�صئت اجلمعية اأن اأكدت

ال�صعودية العمرانية التجربة تطوير

العمراين بالفكر والرقي وتر�صيدها،

املميز«. تراثها لبالدنا، واملحافظة على

وقد كنت هنا اأحدد نطاقا وا�صحا لعمل

موؤ�ص�صاتي يف جمال العمران حتتاج اإليه

بالدنا ب�صكل ملح.

اإدارة جمل�س رئي�س على بالرد قمت -4

العمران لعلوم ال�صعودية اجلمعية

د.جميل اأكرب بخطاب يف تاريخ »1 رجب

عمل نطاق »اأن فيه له اأكدت 1414هت«

اأحد مع يتوافق بالذات اجلمعية هذه

ويحاكي ال�صخ�صي، اهتمامي جمالت

كل حياة مي�س الأهمية بالغ مو�صوعا

بع�س متاأخرا ردي ي�صلكم ولذا منا،

على حر�صي من نابع وذلك ال�صيء،

اأقدمها اأن ميكن التي امل�صاهمة تقييم

اأ�صاهم قد الذي والدور كهذه، جلمعية

من خالله يف تطوير اجلمعية، وبالتايل

قامت التي الرئي�صة الأهداف حتقيق

على اأ�صا�صها«.

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

Page 132: Architectural heritagebiography

263 سيرة في التراث العمراني262 263

قناعاتي ال�صخ�صية مرتبطة بالعمل اجلماعي املنظم، والبحث

ثقافية اأهتتداف لتحقيق معه اأعمل اأن اأ�صتطيع مالئم فريق عن

جمعية اأع�صاء من كثري يف اأرى كنت وقتتد حمتتددة. واقت�صادية

العمران ذلك الفريق املالئم يف ذلك الوقت من اأجل حتقيق اأهداف

الذي الت�صور العمران يف بالدنا. واقع اأن تغري من مرحلية ميكن

بنيته مع اجلمعية هو اأن تكون هذه املوؤ�ص�صة ذراع التغيري يف جمال

واملهنية، والتعليمية، الت�صريعية، الأ�صعدة: جميع على العمران،

اجلمعية اأهتتداف اأحد اأن ا خ�صو�ص التغيري، هذا اأجل من وعملنا

هو املحافظة على الرتاث العمراين ودرا�صته علميا ومنهجيا.. وكان

هذا يتوافق مع توجهاتي العمرانية العامة.

زيارة �صاحب ال�صمو امللكي، اأمري

منطقة الريا�س لبلدة الغاط الرتاثية

الحتفال بالنجاح يف رجال اأملع

بع�صري، 2010

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

Page 133: Architectural heritagebiography

265 سيرة في التراث العمراني264 265

ومع ذلك فقد اأتى العمل مع جمعية العمران بعد جتربة عميقة

امليالدية، الثمانينيات منت�صف منذ بتتداأت العمراين، التترتاث مع

اأو القراءة م�صتوى على �صواء الأفكار، من بكثري اأتتتزود فيها كنت

الحتكاك مبعماريني كبار، والتي �صنعت منها »توجهاتي« املعمارية

على منفتحة روؤية على مبنية التوجهات تلك كانت لقد اخلا�صة.

خا�س، بوجه منه الإ�صالمي والعربي/ املعماري الإن�صاين الرتاث

وبالتايل مل األتحق بجمعية العمران اإل واأنا جاهز للدخول يف حوارات

جتربة اأن كما املجال. هذا يف املتخ�ص�صني مع وتف�صيلية عميقة

قد املهني« الرتاثي و»املخرب الرتاثية« »التقنية وخما�س العذيبات

عام، ب�صكل والعمارة العمراين الرتاث مع اأتاحت يل خربة عملية

لذلك فقد كنت م�صتعدا لالن�صمام اإىل جمعية العمران على اأ�صا�س

اأنها بداية العمل اجلماعي يف جمال العمران، والبوابة الرئي�صة التي

ميكن اأن اأدخل منها للبيئة الأكادميية على م�صتوى التنظيم املهني،

وعلى م�صتوى اإعادة النظر يف التعليم املعماري.

تعقيدات على عيني فتح اجلمعية مع العمل اإن اأقول اأن ميكن

تداخل اأن يل ات�صح فقد العمران، جمال يف »املوؤ�ص�صاتي« العمل

تن�صيق وجتتود وعتتدم بع�صها عن املوؤ�ص�صات وانعزال ال�صالحيات

وا�صح فيما يخ�س الرتاث العمراين، يجعل املحافظة على الرتاث،

حتى على امل�صتوى التوثيقي الأكادميي، �صعبا للغاية. فهناك فرق بني

لي�س من �صالحية اجلمعية، الت�صريع الذي الدرا�صة والتوثيق وبني

اإننا عندما و�صعنا برنامج »املراجعة والتطوير العمراين«، مل حتى

ينجح كثريا، فعلى الرغم من اأننا كنا على علم بحاجة مدن اململكة

اأننا اإل العمرانية والتنظيمات الإجتتتراءات يف النظر اإعتتادة اإىل

ا�صطدمنا بكثري من العوائق الإدارية التي جعلتني اأكرث اإميانا باأننا

والتنفيذ يف جمال الت�صريع على املقدرة موؤ�ص�صة متلك اإىل نحتاج

العمران.)5(

زيارة ل�صراة عبيدة يف ع�صري،

2010

5- لقد بداأ الربنامج عام 1417هت/1996م

وعقد موافقات واأخذ مبرا�صالت

للجنة الأول التاأ�صي�صي الجتماع

يوم العمراين والتطوير املراجعة

الإثنني »7 رجب 1417هت« املوافق »18

نوفمرب 1996م« يف مقر الهيئة العليا

وبرئا�صتي الريا�س مدينة لتطوير

اجلمعية اأع�صاء بع�س وح�صور

والهيئة العليا.

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

Page 134: Architectural heritagebiography

267 سيرة في التراث العمراني266 267

املبادرات التنظيمية التي �صرت اأهتم بها كثريا يف اأثناء عملي مع جمعية

لتطوير العليا الهيئة مع بعملي املرتبطة البعيدة جذورها لها العمران،

مدينة الريا�س يف نهاية الثمانينيات، �صواء يف واحة الأمري �صلمان للعلوم،

تلك جعلتني فقد الريا�س.)6( مدينة لتطوير ال�صرتاتيجية اخلطة اأو

التجربة املبكرة اأفكر كثريا يف الإ�صكالت التي تعانيها املدينة ال�صعودية،

واأهمية توظيف الرتاث العمراين يف تخطيط املدينة ب�صكل عام، لكنني مل

الأفكار. على لتفعيل تلك اأتبعها اأن التي يجب الآلية اأكن قد حددت بعد

اأن العمل مع جمعية العمران اأتاح يل التعرف عن قرب على اأهمية »جلب

والعمل معهم كفريق. فهناك عدة فرق متار�س ال�صركاء« يف مكان واحد

اأدوارا خمتلفة يف البيئة العمرانية، ولكل فريق جماله و�صالحياته، وما مل

ن�صتطع جتميع كل هذه الفرق يف مكان واحد، وحتويلهم اإىل فريق واحد فلن

العمرانية. هذا البيئة اأبدا من �صناعة عمل متناغم ومن�صجم يف نتمكن

الت�صور لروح »الفريق العمراين« بدا وا�صحا وجليا بالن�صبة يل، لأنه دون

هذا الفريق �صتحدث ت�صادمات كبرية يف العمل العمراين. كنت متفائال،

البداية احلقيقية معا كفريق، فهذه هي نعمل اأن ن�صتطيع اأننا زلت، وما

العمراين«، وقد عملت على هذا »اإدارة الرتاث ن�صتطيع من خاللها التي

الأ�صا�س منذ تلك اللحظة حتى يومنا هذا.

جمعية مع عملي من الأوىل ال�صنوات جعلتني فقد عامة، وب�صورة

اإن�صاء موؤ�ص�صة غري ربحية تعنى بالرتاث العمراين على اأفكر يف العمران

1417هت/ عام التترتاث« »موؤ�ص�صة اإن�صاء مت فقد لذلك اخل�صو�س، وجه

1996م رغبة »يف امل�صاهمة يف احلفاظ على الرتاث يف اإطار روؤية �صاملة

تتجاوز العاطفة التي تعده جزءا من املا�صي اإىل تاأكيده اأداة مهمة مل�صتقبل

اأفكر يف بتتداأت »التتترتاث« تاأ�صي�س مع اأنتته واحلقيقة هي اإ�تتصتتراقتتا«. اأكتترث

ال�صعودية فاجلمعية ومنظم. منهجي ب�صكل العمراين التترتاث ا�صتثمار

لعلوم العمران، واإن كانت جمعية علمية مهمة، اإل اأنها مل تكن جاهزة »حتى

من الناحية القانونية« لتقوم مبثل هذه الأعمال، لذلك فقد تبنت »الرتاث«

وب�صكل مبا�صر برناجما وطنيا للعناية بامل�صاجد، بدعم من �صمو ويل العهد

لقاءات متعددة وتبادل �صاحب ال�صمو امللكي الأمري �صلطان بن عبدالعزيز، وبرامج اأخرى لتوثيق

للخربات، العذيبات

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

الف�صل اإىل الرجوع ميكن -6

الأول.

Page 135: Architectural heritagebiography

269 سيرة في التراث العمراني268 269

اجلامع يف رغبة، بالقرب من

مدينة الريا�س، 2010م مع النا�س يف ع�صري، 2010

الرتاث، واإ�صدار الكتب املتخ�ص�صة يف جمال الرتاث العمراين.

ال�صحوة مبو�صوع »التتترتاث« موؤ�ص�صة اإن�صاء فكرة اأربتتط اأن ميكن

املتعلقة بالرتاث العمراين، رغم اأنها �صحوة متاأخرة بع�س ال�صيء، اإل اأنها

اإحدى العالمات التي ميزت العقدين الأخريين يف بالدنا. لقد اعتمدت

اأن اأنها ميكن اإل تلك ال�صحوة يف البداية على »�صكليات« ذلك الرتاث،

تعد عالمة اإيجابية على ظهور اإدراك طبيعي لأهمية ذلك الرتاث، والعمل

على تدارك ما تبقى منه. ثم تطورت تلك ال�صحوة يف جانبني: �صخ�صي،

ينطلق من اهتمامات متفاوتة الإدراك ل�صبل التعامل مع الرتاث العمراين

اإل اأنها تتفق يف نبل الهدف وظهرت جتارب كان بع�صها واثق النجاح يف

والذي الر�صمي، فهو: الآختتر اجلانب اأما حديث. تراثي عمران تطوير

بداأ ي�صع اخلطوات للحفاظ على الرتاث العمراين، وو�صع اأ�ص�صا لعمران

م�صتقبلي ينطلق من جذور ذلك الرتاث«. )7( وميكن احت�صاب »الرتاث«

ربحية غري موؤ�ص�صة فهي و»الر�صمي«، »ال�صخ�صي« بني و�صيطة منطقة

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

7- ورقة بعنوان: »اآفاق الرتاث العمراين

ال�صعودية اخلليج: منطقة يف

الثقايف املو�صم يف قدمتها منوذجا«،

بن اإبراهيم ال�صيخ ملركز ال�صابع

البحرين املنامة، خليفة، اآل حممد

»15 �صوال 1428هت«.

Page 136: Architectural heritagebiography

271 سيرة في التراث العمراني270 271

ت�صعى اإىل ما ت�صعى اإليه املوؤ�ص�صات الر�صمية الكبرية من اأهداف من

اأجل املحافظة على الرتاث وتفعيله يف حياتنا املعا�صرة.

تاأ�صي�س »الرتاث«، كان حمركا مهما، فهذه الهدف الثقايف وراء

ومهنية وعملية وفكرية، ثقافية مبادئ نقل اإىل تهدف املوؤ�ص�صات

اإىل اأفراد املجتمع، فقد عملت مع الأفراد يف م�صاريعهم ال�صخ�صية

بالقدر نف�صه الذي عملت فيه مع املوؤ�ص�صات الر�صمية، وبالتايل فاإن

فكرة نقل الأفكار واملبادئ اخلا�صة بالرتاث العمراين لأفراد املجتمع

كانت جزءا مهما يف عمل »الرتاث« طيلة ال�صنوات املا�صية. لكن يظل

ا »اإدارة الرتاث«، هو ال�صبب الرئي�س وراء اجلانب الإداري، وخ�صو�ص

تاأ�صي�س »الرتاث«. فقد كنا نبحث عن مظلة جنمع حتتها �صركاءنا يف

املحافظة على الرتاث العمراين، وكنا نريد اأن نحدث »ثغرة« يف جدار

»البريوقراطية« ال�صلب لدفع ال�صركاء يف البيئة العمرانية، كي يعملوا

معنا لتحقيق حتول يف الوعي بقيمة الرتاث العمراين واملحافظة عليه

من التاآكل والتال�صي، ومع ذلك ل اأدعي اأننا ا�صتطعنا حتقيق كل �صيء

مع »الرتاث«، لكن موؤ�ص�صة بحجمها وبالدور الذي كان مطلوبا منها

قد �صنعت حتول مهما يف »الوعي الرتاثي«، لأن املجتمع ال�صعودي مل

تظهر اأن يتوقع يكن ومل املوؤ�ص�صات، هذه مثل لوجود م�صتعدا يكن

موؤ�ص�صة بهذا احلجم تعمل من اأجل املحافظة على الرتاث، وقد اأدت

وما زالت توؤدي هذا الدور باقتدار.

تاأ�صي�س حتى »تتتراث« تاأ�صي�س اأعقبت التي الفرتة اأن واحلقيقة

الهيئة العليا لل�صياحة »الهيئة العامة لل�صياحة والآثار لحقا« »1996-

للمجتمع التترتاث فكرة اإي�صال اأجتتل من مهمة فتترتة كانت »2001

امل�صتوى على التترتاث ل�صتثمار وا�صح توجه وتطوير وللم�صوؤولني،

الرتاث لتطوير ومهمة كبرية فر�س هناك كانت فقد التتوطتتنتتي.

�صياحيا، حتى اإن جمعية العمران خ�ص�صت لقاءها ال�صنوي ال�صاد�س

الذي انعقد يف جدة عام 1416هت/1995م ملو�صوع »العمران والتنمية

تخ�صي�س مت كما »التتترتاث«، تاأ�صي�س قبل ذلك وكتتان ال�صياحية«،

اللقاء العا�صر الذي عقد يف اأبها ملو�صوع »البعد الإن�صاين يف العمران

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

احتفال بالنجاح مع ال�صركاء يف ع�صري

Page 137: Architectural heritagebiography

273 سيرة في التراث العمراني272 273

مع معلمي ووالدي الأمري

�صلمان يف الغاط

ال�صياحي« عام 1421هت/2000م. ويبدو هنا اأنه كان هناك ن�صج وا�صح

يف م�صاألة »ا�صتثمار الرتاث« من الناحية ال�صياحية، لأن هيئة ال�صياحة

تاأ�ص�صت قبل هذا اللقاء بعدة اأ�صهر، وبداأت مرحلة جديدة من العمل

احت�صاب �صاملة. وميكن نقلة الرتاث نقل الذي »املوؤ�ص�صاتي« الإداري

مرحلة جمعية العمران وت�صكل موؤ�ص�صة »الرتاث« مرحلة انتقالية مهمة

نحو دورهتتا وحتديد ال�صياحة، هيئة اهتمام لظهور الطريق مهدت

الرتاث بو�صوح يف ذهني وذهن امل�صوؤولني يف بالدنا.

لقد اأكدت مرارا، حتى قبل تاأ�صي�س هيئة ال�صياحة، اأهمية »اإعادة

واإدخال ومفاهيمها، الكربى واحلوا�صر املدن اإدارة طرق يف النظر

اإدارة على القائمة املوؤ�ص�صات وعلومها احلديثة جلعل الإدارة و�صائل

تطلعاتهم مع ومتجاوبة ل�صكانها، »�صديقة« واحلوا�صر املتتدن تلك

الواقعية يف العي�س يف مدن تهتم باملقايي�س الإن�صانية وتراعي التنمية

الثقافية والبيئية، بجانب التنمية احل�صرية والزدهار القت�صادي. ويف

ذلك فقد يكون الجتاه الأمثل هو تخ�صي�س اأو�صع ملرافق املدن، وخروج

م�صتوى اإىل اليومية، الفعلية الإدارة من تدريجيا الر�صمي القطاع

وا�صح توجه من نابعا التاأكيد هذا وكان والتخطيط«.)8( الإ�صراف

مهمة م�صاألة هي العمرانية املدائن »تخ�صي�س« اأنه هو يل بالن�صبة

على ينطبق وهذا املدينة« »جمهور اإىل املدينة ت�صغيل م�صوؤولية لنقل

اإدارة الرتاث العمراين فاإذا ما اأردنا بقاء الرتاث وا�صتمراره فيجب اأن

يتحول اإىل م�صدر دخل ل اأن يكون عالة على املال العام. واحلقيقة اأن

هيئة ال�صياحة كانت الفر�صة الذهبية التي �صنحت لتحقيق هذا الهدف

املهم.

داخلية ثقافة لها موؤ�ص�صة بناء على من�صبة توجهاتي كانت لقد

اأننا اإىل اأهتتدف وكنت العمل«، »ت�صيري الإجنتتاز ل جمرد على تعتمد

ونربر الواقع مع نتعامل اأن ل اإجنازها يتم م�صاريع نتبنى اأن يجب

وجوده. واحلقيقة اأن هذه الفل�صفة هي ال�صبب الرئي�س وراء حتول هيئة

ال�صياحة اإىل موؤ�ص�صة برامج وم�صاريع. فكل براجمنا املرتبطة بالرتاث

نعد كنا فنحن املركزة«.. »العناية منطلق من تنبع كانت العمراين

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

حمور العمراين »الرتاث ورقة -8

الريا�س، املدن«، مل�صتقبل التخطيط

هت 1421 املحرم من 5 الإثنني

اأنني كما 2000م. اإبريل 10 املوافق

اأكدت يف الورقة نف�صها اأهمية »و�صع

الهيئات غرار على عملية، اآليات

لتكون املتخ�ص�صة، التخطيطية

الع�صر تطورات مواكبة على قادرة

فيما يخت�س بالتخطيط ال�صرتاتيجي

املدين واحل�صري«.

Page 138: Architectural heritagebiography

275 سيرة في التراث العمراني274 275

العمارة اليمنية

القدمية، 2005

الرتاث يف مرحلة العناية املركزة، واأنه يفرت�س منا اأن نعمل بكل

جهد من اأجل اإنقاذه.)9( وقد بداأنا فعال بت�صكيل ثقافة موؤ�ص�صة

وحتديد قيا�صها ميكن التي »الربامج« على تعتمد الرتاث لإدارة

منجزاتها بو�صوح، فنحن ل نريد اأن ترتهل هذه الإدارة.

القيادات عن البحث هي ال�صياحة هيئة مع البداية كانت

واخلربات يف جمال الرتاث العمراين، وكانت هذه بداية مهمة جدا

بالن�صبة يل، فم�صاألة بناء »ثقافة جمتمعية« تتبنى الرتاث العمراين

املو�صوع، بهذا تعنى ال�صياحة هيئة داخل ثقافة بناء اإىل حتتاج

من بالتعلم فعال بداأنا وقد الأ�صعدة. جميع على بجدواه وتوؤمن

التي ال�صركات اأو التتدول، م�صتوى على �صواء الآختتريتتن، جتتتارب

�صاهمت معنا يف و�صع اإطار فل�صفي واإداري للهيئة. على اأن جتربتي

بالن�صبة مر�صدة كانت معماريا الذاتي« »التعليم يف ال�صخ�صية

مبجال واملهتمني البلديات لروؤ�صاء »توعوي« برنامج لتطوير يل

العمران يف اململكة، فقد وجدت اأنه من ال�صروري اأن يتعلم هوؤلء

معنى الرتاث العمراين، وكيف يحافظون عليه، لأنه لي�س جمديا اأن

ن�صع نظما وقوانني وامل�صوؤولون عن تطبيق هذه الأنظمة يفتقرون

على التعلم ولأين ع�صت جتربة الرتاث، بقيمة الكايف الوعي اإىل

الت�صعينيات ومطلع الثمانينيات نهاية يف ال�صخ�صي امل�صتوى

الإن�صان لتتدى داخلي وعتتي يت�صكل اأن بقيمة و�صعرت امليالدية،

دوريا برناجما و�صعنا فقد املنا�صبة، القرارات اتخاذ اإىل يقوده

للم�صوؤولني يف البلديات وغريها من الدوائر لزيارة دول لها جتربة

عميقة يف »اإدارة الرتاث العمراين وا�صتثماره« والتعلم من جتاربها

اأثبتت التجربة اأن هذه واحلقيقة واملعاي�صة. امل�صاهدة من خالل

جناحا مل اأتوقعه اأبدا، فقد ت�صكل لدى هوؤلء امل�صوؤولني وعي عميق

بقيمة الرتاث �صاعدنا بعد ذلك على بناء �صراكاتنا معهم عندما

واملباين القرى على املحافظة يف براجمنا تطبيق يف فعال بداأنا

الرتاثية يف جميع مناطق اململكة.

تفا�صيل زخرفية طينية، رغبة،

2010م

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

البناء، جملة مع مقابلة -9

1423هت/يناير �صوال

2003م.

Page 139: Architectural heritagebiography

277 سيرة في التراث العمراني276 277

لأننا كنا تتحقق هكذا، الإجناز ل ثقافة اإن اأقول هنا اأن وميكن

على قتتادريتتن الإجنتتتاز يف �صركائنا جلعل املنا�صبة الأر�صية نهيئ

التعامل والتعاي�س مع فل�صفتنا الإدارية، فقد كنا على قناعة اأن النجاح

يجب اأن يكون من قبل كل الأطراف ولي�س من طرف واحد، فلم ن�صع

لنا عالقة ولي�س علينا«، الذي »�صنوؤدي ونقول وحدنا نعمل لأن اأبدا

بالآخرين، لأن املحافظة على الرتاث العمراين ل ميكن اأن تنجح دون

البيئة طبيعة هي فهكذا وامل�صارب، الأطتتراف املتعدد الفريق« »روح

العمرانية، وهكذا يجب اأن تدار هذه البيئة. لذلك فقد �صعينا لتهيئة

ال�صركاء حتى ن�صتطيع اأن نتحدث بلغة م�صرتكة، واأن نعمل وفق مبادئ

واحدة.

الرتاث تطوير يف منهجنا عليها اأ�ص�صنا التي الإداريتتة الفل�صفة

,Proactive Partnership الفعالة« »امل�صاركة هي وا�صتثماره

وهي فل�صفة قائمة على جلب جميع ال�صركاء يف مكان واحد، والعمل

يدا بيد من اأجل املحافظة على الرتاث وا�صتثماره، فلي�س من املمكن

اأن تعمل هيئة ال�صياحة منفردة، دون م�صاركة فعالة من قبل املناطق

واملحافظات. فالدعم ال�صيا�صي ملثل هذه الأعمال م�صاألة اأ�صا�صية، لأن

هناك ن�صيجا ثقافيا واجتماعيا مييز املحليات التي تعمل فيها الهيئة،

وبالتايل فاإن الدعم ال�صيا�صي من قبل اأمراء املناطق واملحافظني ميثل

م�صاألة اأ�صا�صية »فاأهل ع�صري اأدرى ب�صعابها«.. ونحن نعمل من خالل

هذا الن�صيج املحلي، ونريد اأن نحافظ على البنية املحلية.

كما اأننا قمنا بعقد �صراكات مع كل وزارات اخلدمات مثل وزارة

البنية اأجل حت�صني والكهرباء من واملياه، والقروية، البلدية ال�صوؤون

التحتية للم�صاريع التي مت تبنيها، كما حدث يف قرية رجال اأملع بع�صري.

مبادرة فيها تت�صح �صوف التي القادمة امل�صاريع من الكثري وهناك

»ال�صراكة الفعالة« التي �صتمكننا يف وقت ق�صري، باإذن اهلل، من حتقيق

حتول حقيقي يف الو�صع القائم للرتاث العمراين، وجعله م�صدر دخل

دائما يعيد لكثري من القرى الرائعة يف بالدنا وهج احلياة الذي كانت

تتمتع به.

قلعةالدو�صرية يف جيزان 2010

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

Page 140: Architectural heritagebiography

279 سيرة في التراث العمراني278 279

ر�صومات على ال�صخر يف حائل

عام ال�صياحة اإىل الآثتتار ان�صمام بعد حدثت الكربى النقلة

2003، وبعد تنفيذ هذا القرار يف عام 2007 ت�صكلت ثقافة جديدة

يف الهيئة كانت فاإذا كافة. امل�صتويات على ال�صياحة هيئة داخل

التعليم، يف العمراين الرتاث لتاأ�صيل الداعمني اأ�صد من الأ�صل

واإذا كانت ت�صعى منذ البداية وقبل اأن تن�صم اإليها الآثار يف تطوير

التاريخية املعامل وجود على املبنية الثقافية« »ال�صياحة مفاهيم

والعمرانية، اإل اأنها بعد اأن اأ�صبح قطاع الآثار جزءا منها كان لزاما

اأن تتحول ثقافة العمل يف جمال الرتاث العمراين اإىل برامج عمل

ودفعهم ال�صركاء تهيئة اإىل البداية يف ن�صعى كنا فاإذا مبا�صرة،

لل�صراكة الفعالة معنا، فقد اأ�صبح متاحا بالن�صبة لنا تطوير برامج

جتعل واإقت�صاديا جمدية متويلية برامج تطوير مع املدى بعيدة

م�صجد العنربية يف

املدينة املنورة

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

Page 141: Architectural heritagebiography

281 سيرة في التراث العمراني280 281

التنمية يف و�صركائنا املحلي املجتمع وبني بيننا امل�صرتك العمل

الرتاثية ممكنا.

تنظيم العمراين مع �صدور الرتاث اأن اإىل اأ�صري هنا اأن لبد

�صامل عمل من جتتزءا اأ�صبح 1424/2/28هتتتتت، تاريخ يف الهيئة

ومنظم �صمن موؤ�ص�صة حكومية تهتم به وتراعيه. هذه النقلة بحد

ذاتها اأحدثت حتول كبريا يف مواقف كثري من النا�س نحو الرتاث،

و�صنعت ف�صاء اإيجابيا �صار يت�صكل باطراد يدعو للمحافظة على

الرتاث العمراين على م�صتوى الأفراد واجلماعات.. وهذا يف حد

ذاته ميثل نقلة نوعية يف »ثقافة الرتاث« ب�صكل عام يف بالدنا. فقد

اأن ويبدو التحول، اإحداث هذا نبحث عن �صنوات طويلة اأم�صينا

العمل املوؤ�ص�صاتي الر�صمي توج تلك اجلهود ونظمها واأو�صلها ب�صكل

الرتاث اأ�صبح اأن بعد اإنه هنا اأقتتول اأن واأ�صتطيع للنا�س. اأ�صرع

العمراين حتت مظلة الهيئة العامة لل�صياحة والآثار، اأ�صبح ممكنا

الآن اأن ننقل قيم »الهيئة« اخلا�صة بالرتاث العمراين جلميع اأفراد

اأو من خالل برامج امل�صاريع امل�صرتكة، املجتمع، �صواء من خالل

التعليم التي �صارت جزءا اأ�صيال يف برنامج »املحافظة على الرتاث

العمراين«.

لقد ت�صكلت ثالثة اأ�صكال للعمل املوؤ�ص�صاتي يف جمال املحافظة

لل�صياحة العامة الهيئة اإىل فبالإ�صافة العمراين، التترتاث على

تعمل تعاونية عرفية كموؤ�ص�صات املحلية، املجتمعات اأ�صبح هناك

و�صركاوؤنا وتنميته، املحلي التترتاث تطوير على جماعي ب�صكل

ومع معنا بحما�س يعملون �صاروا الذين الر�صمية املوؤ�ص�صات من

املجتمعات املحلية يف تطوير القرى واملناطق الرتاثية. اأعتقد اأننا،

من هذه الناحية، حققنا اإجنازا على م�صتوى الوعي املجتمعي يف

اإدارة الرتاث.

مبا�صر، وب�صكل قمنا، فقد وامليداين العملي امل�صتوى وعلى

ح�صر ومت العمراين، التترتاث ا خ�صو�ص التترتاث، متتوارد بح�صر

لال�صتثمار قابلة منها 800 العمراين، للرتاث موقعا 1985 نحو

ت�صكيل متداخل مع الف�صاء

الطبيعي

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

Page 142: Architectural heritagebiography

283 سيرة في التراث العمراني282 283

ال�صياحي و170 موقعا قابال لال�صتثمار ب�صكل مبا�صر. لقد مت تطوير

اآلية لت�صنيف الرتاث العمراين ومنهجته »موؤ�ص�صاتيا« حتى نتمكن

من ال�صيطرة عليه واإدارته ب�صكل �صليم. فقد كانت روؤيتنا هي »اأن

املباين برتميم تكون ل وتنميته العمراين الرتاث على املحافظة

وحتويلها اإىل متاحف تفتح للزوار يف املنا�صبات، بل باإعادة تاأهيلها

وتوظيفها وا�صتثمارها اقت�صاديا يف اأن�صطة وفعاليات ثقافية تعود

بالفائدة على امل�صتخدم، وعلى �صكان املوقع وزواره، مع الأخذ يف

القيمة املحافظة على وا�صتثمارها، املباين تاأهيل احل�صبان، عند

الرتاثية للمباين واملعامل التاريخية، واأن تن�صجم مع ال�صتعمالت

القريبة يف خمطط املدينة/القرية«.)10(

نحن نوؤمن باأن »توظيف الرتاث العمراين وا�صتثماره �صي�صاهم

يف تنمية املجتمع املحلي، حيث �صتتاح فر�س لل�صكان يف امل�صاركة

من عتتددا ويوفر العمراين، التترتاث بتنمية املتعلقة الأن�صطة يف

ت�صكيالت عمرانية يف جيزان

�صكة احلديد احلجازية

يف املدينة املنورة

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

10- دبي 1425هت/2004م.

Page 143: Architectural heritagebiography

285 سيرة في التراث العمراني284 285

الوظائف، وينمي روح النتماء والهوية لدى ال�صكان.. فعندما يتم ال�صتثمار

وجلب املوقع، اإىل احلياة اإعتتادة يعني فهذا العمراين التترتاث موقع يف

روؤو�س اأموال اإليه، واإيجاد وظائف ل�صريحة من املجتمع املحلي يف اأعمال

البناء والرتميم والت�صغيل والإدارة«.)11( ولي�س هذا فقط، بل اإن ت�صكيل

املجتمع املحلي الواعي نف�صه، هو بداية العمل املوؤ�ص�صاتي احلقيقي. فاإذا

كنا نعمل الآن �صمن موؤ�ص�صة عمالقة هي هيئة ال�صياحة فقد كان اهتمامنا

الأ�صا�صي هو اإيجاد موؤ�ص�صات جمتمعية حملية تكون هي املمثل احلقيقي

لل�صياحة »ولي�س فقط مكاتب الهيئة يف املناطق«، فهذه املجتمعات املحلية

�صارت تعمل بثقافة جمعية، تقدر قيمة الرتاث وتنظر اإليه نظرة تقدير،

وهو، من وجهة نظري، التحول الأهم الذي حقق الخرتاق الثقايف على

امل�صتوى الوطني يف م�صاألة املحافظة على الرتاث العمراين.

ال�صياحية التنمية مفهوم تعار�س وهي مهمة، اإ�صكالية واجهتنا وقد

مع فكرة �صيا�صة املحافظة على الرتاث العمراين. فقد كنا مهتمني، ب�صكل

على الرتاثية للمباين ال�صياحي ال�صتثمار فكرة تطغى األ جاد، مب�صاألة

متوازنة منذ �صيا�صة لدينا ت�صكلت وبالتايل فقد التاريخية، املبنى قيمة

اأ�صبحت اإنها جنحت يف كل احلالت، لكنها بكل تاأكيد اأقول البداية، ل

�صيا�صة مهمة يف عملنا املهني يف املواقع الرتاثية، وبالتايل اأ�صبحت جزءا

من فل�صفتنا ال�صتثمارية التي تتعامل مع الرتاث على اأنه منتج له قيمته

اخلا�صة التي يجب اأن يتم التعامل معها ب�صكل خا�س. ومع ذلك فما زلنا

ي�صتطيعون الذين ال�صعوديني املتخ�ص�صني من جيل اإيجاد على نعمل

من تراثنا على حتافظ ومهنية بحرفية »الرتاثية« التنمية هذه اإدارة

العبث. فنحن »ناأمل اأن تكون بالدنا رائدة على امل�صتوى العاملي يف حتقيق

هذه املعادلة احل�صارية، التي اأ�صا�صها تنمية ال�صياحة ك�صناعة اأ�صا�صية

والرتاثية الطبيعية املقومات املحافظة على مع منتج، اقت�صادي وقطاع

التي حبا اهلل بها هذه البالد، والتي تعد اأحد الأبعاد املهمة ملفهوم البعد

لذلك والعمراين«.)12( احل�صري التطوير عملية يف ال�صامل الإن�صاين

فاإنني اأمتنى اأن ينظر اإىل فكرة »اإدارة الرتاث« و»ا�صتثمار الرتاث« �صمن

النظرة ال�صاملة التي ننظر بها اإىل الرتاث العمراين، لأنه من ال�صعوبة

درا�صة الرتاث العمراين ذاتيا، من اأجل تطوير اأفكار

اإدارية للتعامل معه، النما�س، ع�صري، 2009

قيم جمالية ب�صيطة للعمارة

التقليدية اليمنية، 2005

تفا�صيل زخرفية طينية يف رغبة، بالقرب من

الريا�س، 2010

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

ملوؤمتر قدمتها ورقة -11

بني املعماري احلفاظ

الذي والتطبيق النظرية

انعقد يف مدينة دبي »23-

1425هت/ املحرم من 25

14-16 مار�س 2004م«.

باللقاء اخلا�صة الكلمة -12

العا�صر للجمعية ال�صعودية

لعلوم العمران الذي انعقد

»البعد بعنوان: اأبها يف

العمران يف الإن�صاين

الأول ربيع 29« ال�صياحي«

يوليو 1 1421هت/املوافق

2000م«.

Page 144: Architectural heritagebiography

287 سيرة في التراث العمراني286 287

مبكان ف�صل توجهنا نحو تاأ�صل العمارة املحلية يف التعليم املعماري

عن ا�صتثمار الرتاث واإدارته. فالهدف هنا يف كل الأحوال هو �صناعة

وعي، �صواء على م�صتوى التفكري، اأو على م�صتوى الهتمام القت�صادي

بالرتاث العمراين.

نحن نتعامل مع الرتاث كمورد رئي�س من موارد ال�صياحة الثقافية

والقت�صادية، ول نريد اأن تكون نظرتنا اإىل ا�صتثمار الرتاث �صياحيا

ذات اأثر �صلبي.. لذلك، فقد كنا بحاجة اإىل برامج وا�صحة ت�صتثمر

الرتاث وفق خطة ا�صرتاتيجية وا�صحة، وهو ما جعلنا نقوم يف هيئة

ال�صياحة بتكوين »نظام موؤ�ص�صي يعنى بالرتاث العمراين على امل�صتوى

برامج كاأحد العمراين للرتاث برنامج اإن�صاء مت حيث الوطني،

�صياحة الثقافة والرتاث �صمن جهاز الهيئة العامة لل�صياحة والآثار«.

)13( ولقد ركزنا، يف هذا ال�صدد، على جمموعة مبادرات وم�صاريع

�صكلت نقاط حتول �صاهمت، وب�صكل اأ�صا�صي، يف تغيري م�صري الرتاث

العمراين يف بالدنا.

ال�صتفادة من جتارب الآخرين،

اليمن، 2005

تعامل ميداين مع الرتاث

العمراين، جيزان، 2010

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

13- دبي 1425هت/2004

Page 145: Architectural heritagebiography

289 سيرة في التراث العمراني288 289

فقد قامت هيئة ال�صياحة باإ�صدار نظام يوقف الإزالة الع�صوائية، ويعالج ملكيات

املواقع الرتاثية. كما مت اإعداد نظام حماية الرتاث العمراين واملحافظة عليه وتنميته،

ي�صاف اإىل ذلك برنامج القرى الرتاثية الذي حتدثنا عنه �صابقا، وبرنامج حت�صني

مراكز املدن التاريخية، وتاأهيل الأ�صواق ال�صعبية وتطويرها، وبرنامج تاأهيل املباين

التاريخية للدولة يف عهد امللك عبدالعزيز، وبرنامج تاأهيل مباين الرتاث العمراين

املميزة اململوكة للمواطنني وا�صتثمارها.. وكلها برامج �صنعت ثقافة جديدة �صارت

تنمو وتتطور لتعطي الرتاث العمراين دوره احلقيقي يف مدننا وجمتمعنا.

اإىل بها ننظر التي ال�صمولية ال�صورة تعرب عن الربامج اأن هذه اعتقادي ويف

الرتاث، وتعرب عن الدور املوؤ�ص�صاتي الذي كنا نتطلع اإليه ونوؤمن باأهميته منذ وقت

تربط التي »العملية« املجتمعية الثقافة ببناء بداأنا الفر�صة حانت فعندما مبكر.

الأفكار بربامج العمل، فالنا�س حتتاج اإىل مبادرات وا�صحة وموؤثرة حتدث تغيريا،

اإيجابا على حياتها، وهذا بدوره �صينعك�س به �صتقوم باأن ما تقتنع اأن اإىل وحتتاج

�صي�صاهم يف بناء جيل من املهتمني والواعني بقيمة الرتاث على »امل�صتوى املعي�صي«

الذي امل�صتحيل« »�صنع هو حدث ما اأ�صمي فقط.فاأنا الثقايف امل�صتوى على ولي�س

واأقول هنا امل�صتحيل لأن ثقافتنا املحلية ل النا�س والأ�صياء يف مكان واحد، يجمع

ت�صجع على مثل هذا اجلمع.

كل هذه الأفكار �صكلت ال�صورة التي نعي�صها اليوم على امل�صتوى املجتمعي، فقد

هذا اأن للجميع تاأكد اأن بعد تراثها على املحافظة يف تتناف�س القرى نرى �صرنا

العمل �صيفتح لهم قنوات اقت�صادية متعددة.. لقد وىل ذلك العهد الذي ي�صتنكف فيه

املجتمع ال�صعودي من تراثه، فقد ت�صكلت لديه مفاهيم جديدة اأ�صبح فيها الرتاث

جزءا من منظومة احلياة املعا�صة.

الف�صل ال�صاد�س تفا�صيل معمارية

يف الريا�س القدمية

إدارة التراثمن الفكرة إلى العمل المؤسساتي

Page 146: Architectural heritagebiography

291

الخاتمةقراءة مستقبلية

سيرة في التراث العمراني

البوابة الرئي�سة يف بيت

العذيبات

Page 147: Architectural heritagebiography

293 سيرة في التراث العمراني292 293

حتى نكتب تاريخ امل�ستقبل يجب اأن نفكر فيما منلكه اليوم،

بالن�سبة امل�ستقبل الوقت احلايل �سيحدد �سمات فما نعمله يف

لي�س امل�ستقبل، با�ست�سراف هذا اإنني مولع واأحفادنا. لأبنائنا

عن ويبتعد اخليال يف يبالغ الذي العلمي، اخليال �سبيل على

ميكن ما وعلى الواقع، على يرتكز ا�ست�سراف هو بل الواقع،

يف يتحقق اأن اأج��ل من فعله علينا يجب ما على اأو حتقيقه،

امل�ستقبل. اأنني مولع بامل�ساهمة يف حتديد مالمح هذا امل�ستقبل،

واأريد اأن يكون يل ولكل من يعي قيمة امل�ستقبل دور يف ت�سكيله.

بالن�سبة يل املحاولة وحدها ل تكفي، لأن املحاولة دون مثابرة

ودون �سرب، وقبل ذلك، دون روؤية وا�سحة، فاإنها ل تعني �سيئا.

واأعتقد اأنه اإذا مل تتبع الأفكار برامج عمل، �سوف تذهب اأدراج

نف�سي على اآليت فقد لذلك اأح��د. اإليها يلتفت ولن الرياح،

خالل اخلم�س والع�سرين �سنة املا�سية اأن اأحاول اأن اأقرن القول

بالعمل، واأمتنى اأن اأكون قد حققت بع�س ما نوؤمله جميعا، لأين

موؤمن باأن الطريق ما زال طويال.

لقد اأثارت ف�سول هذا الكتاب العديد من الأفكار، كما اأنها

اأثارت العديد من املحاولت لتطبيق هذه الأفكار، اأو على الأقل

تطويرها وتو�سيعها والبحث يف اإمكانية تطبيقها. ولأن الكتاب

عبارة عن �سرية ذاتية يف الرتاث العمراين، وحماولة ت�سجيل

هذا ال�سرية على �سكل حوار ذاتي، فاإن كثريا من التفا�سيل مل

تذكر هنا، فما ذكر هنا هو فقط »وم�سات« متباعدة من هذه

ال�سرية، ركزت على اأهم الأفكار واأهم املحاولت، لكنني، وكما

ذكرت يف مقدمة الكتاب، ب�سدد اإعداد كتاب مو�سع يف�سل هذه

املحاولت ويربط كل الأفكار ببع�سها يف اإطار منهجي وا�سح.

التي ال�سجون من الكثري العمراين ال��رتاث مو�سوع يثري

التي يفرت�س املقبلة اأ�سا�سي يف اخلطوات ب�سكل نفكر جتعلنا

قراءة مستقبلية

جدة التاريخية

Page 148: Architectural heritagebiography

295 سيرة في التراث العمراني294 295

اأن نتبعها من اأجل »اإحياء الرتاث«، واحلقيقة اأننا ناق�سنا

ي�سكالن اأنهما نعتقد مهمني، مو�سوعني الكتاب هذا يف

من ال���رتاث فيه يتحول اأن ميكن ال��ذي العملي الإط���ار

مو�سوعي تناولنا فقد عمل، برنامج اإىل »اأفكار« جمرد

»جتاوز الرتاث« و»حتقيق الرتاث« واحلقيقة اأنه ل يتحقق

املق�سود ف��اإن �سابقا، ذكرنا وكما بتجاوزه، اإل ال��رتاث

بعده، ما اإىل والنتقال وفهمه ال��رتاث ا�ستيعاب هو هنا

يتوقف الكثري لأن الأ�سا�سية، امل�سكالت اإحدى وهذه هي

بعده. ما اإىل منه ينتقل كيف يعرف ول ال���رتاث، عند

خالل به اأق��وم اأن حاولت ما اأن ال�سخ�سي اعتقادي يف

اإىل اأنتقل »كيف ه��و: املا�سية �سنة والع�سرين اخلم�س

ب�سكل كامل، الرتاث ال��رتاث؟« من خالل حتقيق بعد ما

ولعل القارئ �سعر باأنني مل اأحتدث عن م�ساهداتي للرتاث

ب�سكل عاطفي، بل كانت حماولت »ا�ستك�سافية« مو�سوعية

اأن نتعلمه من ا ميكن تبحث عن الدرو�س امل�ستفادة، وعم

الرتاثية العمرانية التقنية اأطرح اأنني كنت املا�سي. كما

على اأنها تقنية متقدمة، هذا اإذا ما فهمنا معنى التقنية

ب�سكل �سحيح، لأين اأفهم اأن التقنية املتطورة هي تلك التي

ب�سكل البيئي املحيط مع وتتفاعل الإن�سان، رغبات تلبي

توؤكد كانت الرتاثية التقنية مع وجتربتي و�سليم، �سل�س

البيت اأريده يف التي حققت يل كل ما التقنية تقدم هذه

املبني من الطني يف العذيبات.

نقو�س زخرفية من �سمال اململكة

العمارة املحلية ومن الرتاث العمراينالروا�سني يف ينبع

قراءة مستقبلية

Page 149: Architectural heritagebiography

297 سيرة في التراث العمراني296 297

هو بل املعا�سرة، للتقنية ا رف�س لي�س هذا

ف�سوؤالنا اإن�ساين. باأ�سلوب ولكن لها، ا�ستيعاب

التقنية؟« من نريد »م��اذا على يركز اأن يجب

ال�سوؤال، ه��ذا ع��ن جنيب اأن ا�ستطعنا واإذا

اأن التقنية ف�سوف نفهم: ملاذا اأعتقد �سخ�سيا

املعا�سرة ال��رتاث م�سكلة متطورة؟ الرتاثية

هي م�سكلة تقنية بالدرجة الأوىل، وهي م�سكلة

عنده يعد مل الإن�سان اأن من الأ�سل يف نابعة

يعد ومل حوله، التي الطبيعة مع يق�سيه وقت

الطبيعة، ه��ذه م��ع التعامل يف ال�سرب ل��دي��ه

لذلك �سار يتعامل معها بق�سوة وبقوة ويفر�س

عليها قدراته التي اأعطاه اهلل اإياها. لنتذكر اأن

الإن�سان انتقل من التفاعل املتناغم مع الطبيعة

الطبيعة قوته على اإىل فر�س الرتاث« »عمارة

»العمارة احلديثة واملعا�سرة«، وكيف اأننا نتطلع

التناغم بني ت�ستعيد اإيجاد حلول معمارية اإىل

الإن�سان والطبيعة »عمارة امل�ستقبل«، وكيف اأن

فهم الرتاث وحتقيقه هو ال�سبيل الوحيد لإيجاد

ونبينه نوؤكده اأن نحاول ما وهو التناغم، هذا

للمهتمني واملخت�سني يف جمال العمارة.

وكما ذكرت يف مواقع كثرية يف هذا الكتاب،

�سمولية، ن��ظ��رة ال���رتاث اإىل ننظر اأن يجب

فلي�ست التقنية وحدها هي التي ميكن اأن تعيد

الرتاث اإىل حياتنا املعا�سرة، لذلك فاإنني موؤمن

العذيبات كانت باأن جتربة بيت الطني يف هنا

اأن اإثبات اأج��ل من ل التعليم اأج��ل من جتربة

الطني هو التقنية املنا�سبة لعمارتنا املعا�سرة،

بل الطني، تقنية ترف�س ل نف�سه الوقت ويف

تناغم بني الزخارف اجل�سية

واخل�سبية، بيت العذيباتبيت ال�سبيعي ب�سقرا

حمايل متناهي

الب�ساطة، العذيبات

قراءة مستقبلية

Page 150: Architectural heritagebiography

299 سيرة في التراث العمراني298 299

�ساهدناه ما وهذا ال�سحراء، تنا�سب عمارة فهي ت�سجعها،

مثال يف نيومك�سيكو يف الوليات املتحدة ومدن اأوروبية عريقة

اأملانيا يف الطينية امل�ساكن م��ن الآلف ع�سرات )فهناك

اآلية التعامل مع على �سبيل املثال(. اخليارات مفتوحة، لكن

الرتاث هي التي يجب اأن تكون »عقالنية« و»مو�سوعية« ومن

ثم يجب اأن تعك�س ت�سورنا الذي يرى اأن الرتاث هو م�سدر

للتعلم، واأننا يجب اأن نغو�س يف »م�سادر« التعلم من الرتاث

كمجال اأ�سا�سي ل�ستعادة مناهج الرتاث يف حياتنا املعا�سرة.

اإذا هذا الكتاب هو يف واقعه دعوة اإىل التعلم من الرتاث، ل

نقل الرتاث ون�سخه.

كما اأنه من املوؤكد هنا اأننا ل نحاول اأن نتعامل مع الرتاث

اإىل التقوقع داخل ذواتنا، كدرع يقينا من الآخرين ويدفعنا

فنحن معني، زمن عند نتوقف يجعلنا اأن نريده ل اأننا كما

املعا�سر وج��ودن��ا ونن�سى التاريخ داخ��ل نعي�س اأن نريد ل

وامل�سوؤوليات احل�سارية امللقاة على عاتقنا الآن ويف امل�ستقبل،

لذلك فقد ت�سكلت نظرتنا اإىل الرتاث العمراين ب�سكل متفتح

ل الرتاث اإىل ا يحو على ما ينقدها ويقومها. فنحن نبحث عم

برامج عملية خا�سعة للمحا�سبة والقيا�س، لأننا نوؤمن باأن كل

ما ميكن قيا�سه، ميكن تقوميه، على اأنني ل اأنكر اأن الطريق

طويل، وتكتنفه �سعوبات عدة، وتواجهه م�ساكل كثرية اأهمها

هو �سناعة الوعي املجتمعي باأهمية تدوير الرتاث وتفعيله يف

اأهم من امل�سكلة هي اأن هذه وجدت فقد املعا�سرة. حياتنا

مهما يذكر جن��اح اأي نحقق ل جتعلنا قد التي امل�سكالت

يف اأفكر ب��داأت لقد ال���رتاث«. »حما�سن يف التفكري حاولنا

م�ساألة الوعي املجتمعي ب�سناعة جيل من املعماريني الوطنيني

اإىل وحتويله وحتليله الرتاث فهم م�سوؤولية يتحملون الذين

واقع معا�س، فقد كنت مهتما مبو�سوع التعليم املعماري ودمج

قراءة مستقبلية

املكان الب�سيط يقدم كل ما اأحتاج

اإليه...الأقل هو الأكرث

Page 151: Architectural heritagebiography

301 سيرة في التراث العمراني300 301

الرتاث داخل برامج كليات العمارة، وقد بداأت

حماولتي يف هذا ال�سدد منذ وقت مبكر، وما

زلت مهتما بهذا املو�سوع، لأنه ميثل »مف�سال«

يف ودجم��ه ال���رتاث تفعيل جوهر يف اأ�سا�سيا

الواقع املعا�س.

نظري، وجهة م��ن التعليم، اأهمية تكمن

الثقايف/ املجال »تكوين« على يعمل كونه يف

الرتاث من يجعل اأن ميكن ال��ذي الجتماعي

اأف����راد املجتمع ج����زءا م��ن »ال���الوع���ي« ع��ن��د

بها ميرون قد التي املواقف كل يف ي�ستعيدونه

ي�سنع التعليم اأن هي هنا الفكرة م�ستقبال.

اإعادة يف ت�سهم التي املعرفية« »اخلربة مكون

اإنتاج الرتاث باأ�سكال معا�سرة. ولعل هذا الأمر

هو الذي يجعلني م�سرا على اأن ي�سبح الرتاث

ولكن بالقوة، التعليم، ل جزءا من كل مراحل

بتطوير اآليات معرفية جتعل تعليمنا »حمليا« من

نواتنا نقوي اأن نريد فنحن الثقافية، الناحية

املعرفية/الثقافية، ل اأن ن�سعفها، ول ميكن اأن

نحقق هذا الهدف دون اأن نتبنى خيارات تعليمية

تعتمد ب�سكل كامل على مو�سوع »التعليم«. ويف

جمال التعليم املعماري، على وجه اخل�سو�س،

الوطنيني امل��ع��م��اري��ني ثقافة ت��ك��ون اأن يجب

الوطني املعماري تراثهم مب��ج��الت مرتبطة

عالقة وثيقة بني التكوين

العمراين والت�ساري�س

الطبيعية يف العذيبات

قراءة مستقبلية

Page 152: Architectural heritagebiography

303 سيرة في التراث العمراني302 303

الوا�سعة، وهي جمالت، من وجهة نظري، غنية وثرية وت�ستطيع

اأن تقدم للعامل اأجمع اأفكارا ومفاهيم يف التعليم املعماري جديدة

ومهمة لالإن�سانية. مو�سوع الرتاث والتعليم املعماري �سيظل على

ومهما حققنا يف هذا املهمة، امل�ستقبلية الأه��داف اأحد ال��دوام

املجال من اإجنازات �سنظل نبحث عن اجلديد، فما اأعتقده هو

لن معريف جتريبي ف�ساء اإىل وحتويله ال��رتاث تاأويل جمال اأن

يتحقق يف البيئة التعليمية التي يجب اأن تتوا�سل مع البيئة املهنية

حتى تتحول الأفكار اإىل واقع.

اأثناء يف عليه اأرك��ز مل رمب��ا اآخ��ر، بعدا اأ�سيف هنا ولعلي

املعماري، التعليم يف العمراين ال��رتاث تاأ�سيل لأهمية طرحي

وهو قناعتي باأهمية اأ�سول الأ�سكال العمرانية، فالبحث يف هذه

على قدرة لديها وموؤ�س�سات بحوث مراكز اإىل يحتاج الأ�سول

م�ساهدات جم��رد ل النقدي، العلمي/ البحث مناهج تطبيق

تتبنى كليات اأنه عندما فردية رمبا تكون خاطئة، وقناعتي هي

تنتج فاإنها �سوف العمراين، اململكة منهجية الرتاث العمارة يف

الرتاث يف البحث على القدرة لديهم »دار�سني« الوقت مع لنا

تاأكيد بكل لنا �ستنجب اأنها كما اأ�سوله، والتنقيب يف العمراين

وتوظيفها الأ�سول تلك من البدء على القدرة لديهم معماريني

لإنتاج عمارة معا�سرة خالقة.

اأنا اأرى يف الرتاث العمراين جمال للتجريب بالدرجة الأوىل،

الرتاث نربط اأن اإىل نحتاج اأننا كما اأن��ه هو هنا اأق�سده وما

»جتريبية« خيارات يف نفكر اأن يجب كذلك املعماري، بالتعليم

املعرفة« بداية هي »التجربة ب��اأن موؤمن اإنني اأخ��رى، وعملية

تقدم �سوف العمراين ال��رتاث جم��ال يف عملية جت��ارب وتبني

مبنزلة اأمثلة اإذا فهي ومعا�سة، م�ساهدة عملية اأفكارا للنا�س

»القدوة«، التي ميكن اأن يقلدها ويتبعها النا�س. رمبا يقوم بهذه

التغيري ي�سنعون ما عادة الذين »الطالئعيني« بع�س التجارب

ويغريون جمتمعاتهم من خالل التجارب التي يقومون بها، كونهم

العمارة الرتاثية ذات ت�سكيالت

جمالية اإن�سانية

تفا�سيل وظيفية

وجمالية، العذيبات

قراءة مستقبلية

Page 153: Architectural heritagebiography

305 سيرة في التراث العمراني304 305

مبنى ميناء العقري التاريخي،

املنطقة ال�سرقية

رجال اأملع، حياة جديدة

للرتاث العمراين

واإىل هوؤلء اإىل ما�سة بحاجة نحن وا�سحة. روؤية اأ�سحاب

جتاربهم، فهي التي �ست�سنع التغيري الذي نبحث عنه، حتى

عن نتحدث اأننا ا خ�سو�س الأفكار، حبي�س ال��رتاث يبقى ل

واحلياة، للعي�س جمال نعرف كما والعمارة عمراين، تراث

اأن ال�سروري من فاإنه لذلك بالأفكار، تكتفي اأن ميكن ول

ندفعه واأن العمراين، ال��رتاث جمال يف »التجريب« ن�سجع

اإىل عامة النا�س، فهم الأقدر على حتويل التجربة اإىل معرفة

»جماعية«.

التي دفعتني الرئي�سة الأ�سباب اأحد اإن اأقول اأن اأ�ستطيع

م�ساألة هي العمراين، ال��رتاث جائزة تاأ�سي�س يف للتفكري

التجريب، وطبعا اأنا على يقني اأنه »ل جتريب دون تعليم« ومن

واجلماعية الفردية التجارب ت�سجع �سوف اجلائزة فاإن ثم

و�ستفتح �ست�سجع اأنها كما العمراين، ال��رتاث جم��الت يف

امل�ستوى على والتجريب التعليم جمالت يف وا�سعة جمالت

الأكادميي. ما اأفكر فيه يف امل�ستقبل هو اأن تتحول »التجارب«

املعمارية اإىل اأفكار تقنية حملية، جتعل العمران املعا�سر يف

بالدنا مرتبطا بتقنياته املحلية، وهذا الهدف، يف حد ذاته،

يحتاج اإىل اأن تتو�سع اجلائزة، رمبا لكي ت�سمل اأفكارا مرتبطة

ففي فقط، »الطني« هنا اأق�سد ول املحلية، التقنية بتطوير

التقنيات لتطوير ومفتوحة وا�سعة جمالت هناك اعتقادي

واملواد املحلية وهذا ل يتاأتى دون جتارب جادة ومدعومة.

اأن يجب الزاوية هذه من العمراين ال��رتاث مع التعامل

ي�ستمر يف امل�ستقبل، واأق�سد هنا، اأن نتعامل مع الرتاث على

اأنه جزء من فكرنا وحياتنا املعا�سرة وامل�ستقبلية، ل على اأنه

عند يتوقف اأن ويجب دوره وانتهى املا�سي يف ت�سكل جزء

تقنية يحتوي على اأنه نعي اأن ا�ستطعنا ما فاإذا هذا احلد.

متطورة، واإذا ما عرفنا اأنه يحمل جتارب عميقة على م�ستوى

قراءة مستقبلية

زخرفة ج�سية من الهفوف

م�سجد عمر، دومة

اجلندل، اجلوف

Page 154: Architectural heritagebiography

307 سيرة في التراث العمراني306 307

»الوظيفية« الإن�سانية، ل كما يعتقد بع�س النا�س اأن الوظائف

املعا�سرة ل ميكن اأن يحتويها الرتاث، ويحتوي على م�ستوى

مهمة حلقة ال��رتاث هذا فيها ميثل التي الإن�سانية املعرفة

ومكونا اأ�سا�سيا تاأثر مبا �سبقه من معارف، ويوؤثر يف املعارف

�سوف الق�سايا هذه كل وعينا اإذا اأق��ول بعده. ت�سكلت التي

نوؤمن باأن »ن�سالنا« من اأجل املحافظة على الرتاث »يف �سكله

املادي« هو جزء متحرر من نواق�س العاطفة، لأن املحافظة

امل�ستوى على �سواء امل�ستقبل يف ال�ستثمار من نوع هي هنا

املعريف والتعليمي اأو حتى على امل�ستوى املادي املبا�سر.

واأنا ال��رتاث«، »ا�ستثمار فكرة اإىل احلديث هذا يقودين

بال�سياحة تعنى موؤ�س�سة عن م�سوؤول ب�سفتي اأحت��دث هنا

اأفكر يف اأن الوطني، ويف هذه احلالة يجب والرتاث والآث��ار

»اقت�ساديات الرتاث« من ناحية التعامل املبا�سر مع الرتاث

العمراين كمجال اقت�سادي �سرف. الفكرة هنا تتناول م�سطلح

Architourism »العمارة وال�سياحة« اأو »�سياحة العمارة«

وهو م�سطلح اأ�سبح مهما يف الوقت احلايل، يربط بني العمارة

و ال�سياحة على امل�ستويات كافة.* قد يح�سر هذا تعاملنا مع

الرتاث العمراين يف القائم منه واملوجود الذي ميكن ا�ستثماره

وللعامل. للنا�س ب�سكل مقبول، يحافظ عليه ويحميه ويقدمه

املا�سية، القليلة الأعوام املثال خالل �سبيل على قمنا، فقد

بت�سجيل مدائن �سالح يف اليون�سكو، ونحن ب�سدد تقدمي ملف

الدرعية وجدة القدمية خالل الفرتة املقبلة، تبنينا برناجما

للقرى الرتاثية وو�سط املدن. ما نقوم به، واإن كان ي�سب يف

جمال »ا�ستثمار الرتاث«، اإل اأنه ي�سهم ب�سكل وا�سح يف ن�سر

هو هذا ولعل والثقافية. القت�سادية ال��رتاث بقيمة الوعي

نن�سرها يف اأن حاولنا التي اجلديدة الثقافة �سي�سنع الذي

ل الرتاث بالدنا خالل ال�سنوات املا�سية، فكيف ميكن اأن نحو

قراءة مستقبلية

جزء من ق�سر ال�سقاف من

اخلارج يف مكة املكرمة

قلعة تاروت، املنطقة ال�سرقية

اإىل »قيمة« اقت�سادية حتظى باهتمام املجتمع؟ كانت هذه هي النقلة الكربى التي نعتقد

اأننا خطونا اخلطوات الأوىل يف �سبيل حتقيقها.

بداأت الفكرة بالرغبة يف حتقيق »اخرتاق« ثقايف على م�ستوى املجتمع، يجعل الرتاث

اإليه على اأنه �سورة للتخلف والفقر واجلهل، فقد حمط اهتمام النا�س بدل من النظر

مر جمتمعنا مبرحلة كان ينظر فيها اإىل الرتاث نظرة �سلبية، ومل تتغري هذه النظرة اإل

موؤخرا، عندما بداأنا بربنامج »�سبور« لتغيري ت�سور النا�س عن تراثهم املحلي. واأنا هنا

ل اأنكر اأبدا اأن للنظرة القت�سادية املتاأنية والبعيدة املدى دورا يف التغيري الذي حدث،

لهم، بالن�سبة دخل م�سدر يكون اأن ميكن املعماري تراثهم باأن النا�س يوؤمن فعندما

Ockman, Joan & Frausto,

Salomon )edts( )2005(

Architourism, New York,

Prestel.

وكذلك

Lasanky, D. Medine and Mclaren, Brian )edts(

)2004( Architecture and Tourism: Perception,

Performance and Place Oxford, Berg.

ميكن الرجوع اإىل بع�س الكتب يف هذا

املجال مثل:*

Page 155: Architectural heritagebiography

309 سيرة في التراث العمراني308 309

وبدل من اأن يرتك اأبناوؤهم قراهم ميكن اأن ي�ستثمروا ما تركه قراءة مستقبلية

له اآباوؤهم، فاإن حتول يف موقفهم من الرتاث لبد اأن يحدث.

لقد واكب هذا التحول القت�سادي يف مفهوم الرتاث، برنامج

مكثف لتقريب الفكرة اإىل النا�س من خالل الزيارات التي قمت

والآثار، لل�سياحة العامة الهيئة بها �سخ�سيا، وكذلك من�سوبو

النا�س لإقناع املحلية، والبلديات املحافظات يف و�سركاوؤنا

املوقف تغيري هو الهدف كان لقد ال��رتاث، ا�ستثمار بجدوى

التغيري، �سنعت التي املهمة من ال�سعب اجلزء وهو الثقايف،

ويف اعتقادي اأن ما حتقق يفر�س علينا املوا�سلة واملثابرة، فقد

�ستجعل وكبرية جديدة نقالت اإح��داث بالإمكان اأن��ه تاأكدت

الثقايف امل�ستويني على امل�ستقبل ل�سنع وا�سعا جمال ال��رتاث

والقت�سادي.

اأنه غالبا ما املع�سلة الأكرث و�سوحا يف م�ساألة الرتاث هي

يتوقف عند م�ساألة الهوية، حتى اإنه اأ�سبح هناك تداخل كبري

الهوية ومفهوم الرتاث، ف�سار بع�سهم يخلط بني بني مفهوم

الثنني اإىل درجة كبرية، ف�سرنا نتحدث عن الهوية املعمارية

ميثل ذاته حد يف وهذا املعماري، الرتاث عن نتحدث وكاأننا

ولعل وتو�سيح، »حلحلة« اإىل يحتاج ثقافيا/تعليميا اإ�سكال

الرتاث اأن من املا�سية ال�سنوات خالل اأبينه اأن حاولت ما

احلياة م��ن مينعنا »���س��ت��ار« اإىل يتحول األ يجب ال��ع��م��راين

تتكون وتت�سكل واأن هويتنا املعمارية هي »�سريورة« املعا�سرة،

ارتباط هو العمراين بالرتاث وارتباطها با�ستمرار، وتتحول

امل�سكلة يبقيها يف مكانها. يوقفها ول »مرجعي« ل يقيدها ول

ما زالت يف طرح الأمثلة التي ت�سنع املحلية دون اأن تذوب يف

التاريخ. هذا اخللط يجعلنا نفكر ب�سكل اأكرث جدية يف امل�ستقبل

عن عنا�سر الهوية، واأدواتها، وكيف ي�سهم الرتاث العمراين يف

اأحد الأفنية يف ق�سر ال�سقاف،

مكة املكرمة

Page 156: Architectural heritagebiography

311 سيرة في التراث العمراني310 311

هذه العنا�سر والأدوات؟ رمبا يكون ال�سوؤال الذي نحتاج اإىل قراءة مستقبلية

اأن نفكر فيه يف امل�ستقبل هو: ما دور الرتاث العمراين يف

ت�سكيل هوية مدننا؟ والإجابة عن هذا الت�ساوؤل تعيدنا اإىل

ارتباط الرتاث بالتعليم، ومبا يحدث من حتولت وتطورات

العمارة هوية من جزء هي فهويتنا العامل، م�ستوى على

على امل�ستوى الإن�ساين، وكيف ينظر العامل اإلينا؟ اأو كيف

ننظر نحن اإىل اأنف�سنا؟ لبد اأن يكون لرتاثنا العمراين دور

اأ�سا�سي يف حتديد ماهية هذه النظرة.

ما خل�ست اإليه، ويف وقت مبكر، هو اأن الرتاث العمراين

فعال يكون اأن ميكن ول »موؤ�س�ساتي«، عمل اإىل يحتاج

كانت نظرتي فقد لذلك الفردي، العمل اأنه حبي�س طاملا

الأ�سا�سية حول ربط الرتاث بالتعليم هي يف كيفية تطوير

برامج اإىل ويحوله العمراين بالرتاث يهتم منظم عمل

وعندما العملي/احلياتي، امل�ستوى على نتائج لها عمل

اأفكر كنت العمران، لعلوم ال�سعودية اجلمعية مع ب��داأت

الرتاث تطوير على العمل جعل اأو ال��رتاث« »ماأ�س�سة يف

وا�سح. تنظيمي عمل خ��الل م��ن ينبع علية واملحافظة

ففي التفكري، لهذا نتيجة »ت��راث«، موؤ�س�سة تاأ�س�ست لقد

وجود باأهمية اأ�سعر بداأت امليالدية الت�سعينيات منت�سف

موؤ�س�سة تعمل من اأجل الرتاث، اإذ اإنه ل يكفي اأبدا اأن اأكون

باملحافظة اأنادي اأن يكفي ول العمراين، مبوروثنا مهتما

عليه، بل يجب العمل وب�سكل منظم وفعال من اأجل حتقيق

الأهداف التي كانت قد تر�سخت يف ذهني يف تلك الفرتة،

للمحافظة على الرتاث امل�ستقبل وا�سعة يف وفتح جمالت

وتفعيله يف حياتنا املعا�سرة. تلك اخلطوة كانت مهمة لأن

»الرتاث« مل تكن موؤ�س�سة لدرا�سة الرتاث العمراين فقط،

متكاملة عمل منظومة تكون لكي نف�سها تهيئ كانت بل

م�سجد علي با�سا يف ق�سر اإبراهيم

مبدينة الهفوف قبل الرتميم

Page 157: Architectural heritagebiography

313 سيرة في التراث العمراني312 313

الوجار والتفا�سيل الزخرفية

اجل�سية يف ق�سر الأمارة يف الغاط

تعمل من اأجل الرتاث واملحافظة عليه. ما تقدمه »الرتاث« الآن قراءة مستقبلية

وما �ستقدمه يف امل�ستقبل ي�سب يف الأفكار الكبرية التي نريد اأن

اأنني ل جنعل بها تراثنا املحلي جزءا من تاريخ م�ستقبلنا. كما

اأنكر اأبدا اأن تاأ�سي�س هيئة ال�سياحة يف مطلع الألفية الثالثة، كان

هو العمل التنظيمي ال�سخم، الذي انتقل فيها العمل يف الرتاث

الع�سر ال�سنوات فخالل الوا�سع، التطبيق جمال اإىل العمراين

الأخرية خطونا خطوات كبرية على م�ستوى التنظيم والتطبيق،

ا بعد اأن مل يكن لها اأن حتدث لول وجود هيئة ال�سياحة، خ�سو�س

ان�سمت الآثار اإىل الهيئة.

ما يقدمه هذا الكتاب ب�سكل عام هو حكايات وحماولت تقدم

الرتاث العمراين كمخزون ثقايف واقت�سادي له ثقله وتاأثريه يف

اأتعامل مع اأنني البداية اإمياين منذ امل�ستقبل، فقد كان ت�سكيل

عامل مكثف وعميق من التجارب، واأن فهم هذه التجارب وتفكيكها

وحماولة التعلم منها وتطبيقها على اأر�س الواقع، يحتاج اإىل عمل

متكامل، فكري وعملي، وقبل ذلك يحتاج اإىل �سرب واإ�سرار. اأنا

موؤمن باأن م�ستقبل الرتاث العمراين، بعد كل ما حتقق، �سيكون

م�ستوى على املبادرات من كبرية و�سعنا جمموعة فقد اأف�سل،

دافعا �ستكون ا�ستثماره، وتي�سري ودرا�سته الرتاث حماية توثيق

مهما، بعون اهلل، لكثري من املهتمني لإعادة التفكري يف مواقفهم

من الرتاث ودرا�سته بتفتح ودراية.