تنزيها لرسول الله

تمهيد

ما إن يبدأ الوعي الديني لدى اإلنسان المسلم أو غيره من أتب��اع ال��ديانات، ب��التكون��ة جمل��ة من المق��والت والتش��كل وتتفتح مدارك��ه، ح��تى تنه��ال علي��ه بطريق��ة تلقيني��ة، فيتلقى ه��ذه المق��والت تلقي والمفاهيم المتص��لة بتاريخ��ه ال��ديني، أو رم��وزه الديني المسلمات، وتغدو جزءا من وجدانه الديني، وال يجرأ بع��د ذل��ك أح��د على التش��كيك أو النقاش فيها، فضال عن رفضها أو تك��ذيبها، ح��ذرا من أن يج��ره ذل��ك إلى التش��كيك في

المعتقدات أو المس بالمقدسات، أو أن يخدش ذلك في صفاء اإليمان لديه. ولكن االمتناع عن طرح األسئلة الجريئة وكبتها داخل النفوس، يفضي بطبيعة الح��ال إلى مأزق كبير وصراع داخلي مرير بين إيمان��ه من جه��ة، وعقل��ه من جه��ة أخ��رى، ألن الحس اإليمان�ي � فيما يهيأ له أو يتربى عليه � يفرض علي��ه اإلذع��ان أم��ام الموروث��ات��د وال واالنقياد لها، بينما عقله الفطري يرفض التسليم األعمى، فيما ال م��ورد في��ه للتعبة من ك��ل ��ة المتوجس�� مجال فيه للتسليم. ونتيجة له��ذا التج��اذب بين األحاس��يس الديني تشكيك قد يقود إلى الكفر والجحود، وبين القناعات العقلية المتطلعة إلى بناء العقي��دة

على أسس منطقية مبرهنة، ينقسم الناس في األغلب إلى صنفين:��ة ويض��حيالصنف األول: وينض��وي تحت��ه ك��ل من ينح��از إلى مش��اعره الديني

ألجلها بقناعاته العقلية، ويج��د أن أس��لم الحل��ول ال��تي ي�ركن إليه��ا ويل��وذ به��ا، هي محاولة طرد هذه األسئلة من مخيلته، والتعامل معها باعتبارها وساوس ش��يطانية، ال بد من التغلب عليها بأي ش��كل من األش��كال، وألن ه��ذا »الح��ل« ح��تى ل��و ك��ان مريحا للمشاعر الدينية، فإنه بالتأكيد ال يرضي القناعات العقلية، ال��تي ال ترض��خ إال للحجة الدامغة، وال تستسلم إال للبينة الساطعة، لذا ق��د ين��دفع بعض ه��ؤالء وأم��ام أسئلة العقل وحديث النفس الداخلي، وأم��ام ش��بهات اآلخ��رين وتش��كيكاتهم ال��تي تط��رح في مواجه��ة ه��ذه المق��والت الموروث��ة، إلى اعتم��اد أس��لوب ال��دفاع عن متبني��اتهم وف��ق منهج ت��بريري ذرائعي ال يخل��و في كث��ير من األحي��ان من التكل��ف

والتمحل بهدف إرضاء أحاسيسهم ومشاعرهم الدينية.

��ة لحس��ابالصنف الثاني: هم الذين ال يستطيعون التض��حية بقناع��اتهم العقلي مشاعرهم الدينية،وحيث إن هؤالء ال يستطيعون المواءمة بين تلك المقوالت ال��تيلف وبين مقتض��يات العق��ل والمنط��ق، ف��إن التش��كيك ينتص��ر ورثوه��ا عن الس�� لقناعاتهم، وربما يقودهم ذلك إلى منزلقات خط��يرة تالمس ح��د الكف��ر أو اإللح��اد،

بل قد يتحولون مع الوقت إلى ألد أعداء الدين ضراوة. والذي نراه أن ثمة طريقا ثالثا مغايرا لما سلكه هؤالء وهؤالء، حيث نزعم لو أننا سلكناه لما وصلنا إلى هذه النت��ائج ال��تي ذك��رت آنف��ا، فال ض��حينا بإيمانن��ا لحس��اب »قناعاتنا« العقلية، وال أهدرنا عقولنا لحساب »إيماننا«، وبعبارة أخرى: لم��ا ابتلين��ا

بالتشكيك والجحود، وال بالتسليم األعمى.. والطريق الثالث، هو عبارة عن وضع هذه المقوالت الموروثة تحت سؤال الدليل والش��رعية، فم��ا ه��و ال��دليل على أن ه��ذه المق��والت هي من ص��لب ال��دين، وأن التشكيك بها ينافي صفاء العقيدة؟ أوليس من الممكن أن تك�ون مق�والت م�زورة، أو قد تم تش��ويهها والعبث به��ا، أو أنه��ا مق��والت ومف��اهيم تش��كلت خ��ارج الفض��اء

الديني، ولكنها ألبست لبوسا دينيا؟ هذا الطريق أو المنهج في التعامل مع قضايا الفكر وال�دين مض�افا إلى عقالنيت�ه ومنطقيته وانسجامه مع الفطرة يعتبر »صناعة قرآنية«، فق��د نص الق��رآن الك��ريم على ضرورة اعتماده في مواجهة ال��دعاوى والم��زاعم، وذل��ك في تأكي��ده ��� نع��ني القرآن � على ضرورة اختب��ار ص��دق اإلنس��ان في مقوالت��ه وإخبارات��ه من خالل م��ا يقدم��ه من ب��راهين أو يس��وقه من حجج إلثباته��ا، ق��ال تع��الى ردا على بعض أه��ل

��ة ألنفس��هم: ﴿ق&&ل ه&&اتوا بره&&انكم إ"ن كنتمالكت��اب ال��ذين يحتك��رون الجنين [، وقال ذلك أيضا، ردا على مزاعم أخرى ال دلي��ل عليه��ا ال111]البقرة:﴾صاد"ق"

من عقل وال من وحي.��ة إن اعتماد هذا المنهج سيؤسس لبناء المعتق��دات والمف��اهيم والمق��والت الديني المختلفة على أسس متينة واضحة وسديدة، ألنه إن لم يتسن � واس��تنادا إلى ه��ذا المنهج ��� تأكي��د ص��دقية ه��ذا المفه��وم، أو تل��ك المقول��ة، بال��دليل المقن��ع والحج��ة الدامغة فال مانع � في منطق الدين نفس��ه، فض��ال عن منط��ق العق��ل ��� من رفض هذا المفهوم أو تلك المقولة، وأما لو نهض ال��دليل وق��امت الحج��ة على ش��يء من��ه � ذلك، فإن ذلك لن يخدم الحقيقة وحسب، بل إنه سوف يخدم اإلنسان أيض��ا ألن من جهة � سيبعث على ارتياح المؤمنين والمتدينين عندما يمكنهم من بناء إيم��انهم على قاعدة متينة، ويحررهم من الصراع الداخلي المذكور، فيتحرك��ون لل��دفاع عن دينهم وعقائدهم بكل حماس، ومن جهة أخرى سيقطع عذر المشككين والجاحدين

﴿ليهل"&&ك من هل&&ك عن بين&&ة ويحيى من حي عن بين&&ةويقيم الحج��ة عليهم يع عل"يم [.42]األنفال:﴾وإ"ن الله لسم"

إن المبرر المنطقي العتماد هذا المنهج حتى في القضايا المش��هورة والمق��والت السائدة والمتداولة، هو علمنا بأن كثيرا من هذه المشهورات، ال أصل لها، وهي إن��ة وليس��ت لم تكن من الموضوعات من أصلها، فإنها ربما تشكلت بطريق��ة عاطفي علمية، كما تتشكل الكثير من األساطير والخرافات التي تنطل��ق في ب��ادىء األم��ر من التباس معين، ومن ثم تغذيها حاجة دفينة لدى اإلنسان تش��ده إليه��ا، وتس��تعين بخي���ال خص���ب وأدوات ت���رويج مختلف���ة، وهك���ذا تتح���ول الخراف���ة إلى حقيق���ة،

واألسطورة إلى أمر واقع. وفيما يرجح، فإن المقوالت التاريخية ال��تي تلقيناه��ا بتس��ليم وخض��وع ت��امين دون أن نخضعها للفحص العلمي، والنقد الموضوعي ليست قليل��ة، ب��ل هي كث��يرة ج��دا، وبعض

عموما وحياته الزوجية خصوصا.Pهذه المقوالت تتصل بحياة النبي محمد من أم المؤمنين عائش��ة وهيPولعل واحدة من أبرز تلك المقوالت قضية زواجه

في السادسة من عمرها، ودخوله بها في بيت ذويها وهي في التاسعة من عمره��ا، في العقد السادس من عمره!Pبينما كان هو

إن هذه المقولة هي من المشهورات عند المسلمين، ت��داولها األوائ��ل في كتبهم وتلقاها األواخر بتسليم تام، وبحكم انتشارها واستحكامها في النفوس، فق��د غ��دت مستندا رئيسا يعتمد عليه فقهاء المسلمين في فتواهم باعتبار التاسعة، هي الس��ن الشرعي للدخول بالزوج��ة، ويحكى عن إق��دام بعض رج��ال المس��لمين في زمانن��ا

��ه Pعلى الزواج من فتيات في سن التاسعة، اقتداء برسول الله P وعمال بسنته؛ ألن

مص��در الش��رعية في ك��ل أفعال��ه وأقوال��ه، م��ا لم يقم دلي��ل على أن األم��ر منمختصاته.

ولكن ه��ذه المقول��ة ق��د أض��حت مث��ارا لإلش��كال من قب��ل البعض، وم��دعاة ، ولم يع��د الكث��يرون من أبن��اء ه��ذا الجي��ل من(1)لالس��تغراب من قب��ل بعض آخر

المسلمين � قبل غ��يرهم ��� يتقبل��ون ه��ذه الفك��رة أو يتفهمونه��ا بس��هولة، ول��ذا فال عجب إن استغلها أعداء اإلس�الم اس��تغالال س�يئا به�دف تحطيم ص��ورة اإلس�الم، أو

م( الشاعر والباحث العراقي،1945 � 1875 من جملة الذين أعلنوا استغرابهم من هذه المقولة: معروف الرصافي)1��ة« أو »اللغ��ز المق��دس«، منش��ورات دار وذلك فيما كتبه في كتابه المنشور بع��د وفات��ه باس��م »الشخص��ية المحمدي

والطعن في��هP، وهو كتاب يحمل الكث��ير من االزدراء برس��ول الل��ه 361 م، ص2002الجمل � ألمانيا، الطبعة األولى، واتصاله بالوحي.. ومنهم أيضا: مصطفى جحا في كتابه: محنة العقل في اإلسالم، الطبع��ة الثاني��ة،Pوالتشكيك بنبوته

م.1982 ه� � 1402

والطعن في شخص��يته واتهام��ه بالش��ذوذ واالنح��رافPتشويهها واإلساءة إلى النبي الجنسي، وقد أخذ هذا االتهام طابعا عدائيا بينا م��ع »اآلي��ات الش��يطانية« لس��لمان��ة مختلف��ة ال رشدي، واستمر كذلك في كتابات أخرى الحق��ة، أو رس��وم كاريكاتوري

تزال تنشر في وسائل اإلعالم إلى يومنا هذا. والذي أراه صوابا ونافعا في المقام، وفي تحديد موقفنا من ه��ذه المقول��ة، ح�تى ل��و

، ه��و أن نتعام��ل معه��ا بطريق��ةPطرحت في سياق تش��كيكي يه��دف إلى اإلس��اءة لنبينا علمية وموضوعية وليس بطريقة انفعالية غرائزية تستخدم لغة التكفير والوعيد، وذل��ك عمال بالمنهج المشار إليه آنفا، والقاضي بضرورة وضع هذه المقولة � كما غيرها � على طاولة البحث العلمي لنسأل أنفسنا عن دليلها ومستندها، وعن مدى قبولها في م��يزان األعراف العقالئية؟ وذلك بدل أن نس��ارع إلى رفض��ها وتك��ذيبها، أو نن��دفع إلى تبريره��ا والدفاع عنها، ويعلو صوتنا وص��راخنا في مواجه��ة الرافض��ين له��ا، أو أن نكتفي بالبك��اءراخ والعوي�ل ال يثبت�ان حق�ا، وال يدحض�ان والعويل على كرامة نبينا المهدورة، فإن الص�

ال يك��ون إال باعتم��اد لغ��ة المنط��ق ومقارع��ة الحج��ة بالحج���ة،Pباطال، واالنتص��ار لنبين��ا علىPواستخ��دام أسالي��ب العص��ر في نش�ر أفكارن�ا، واإلص�رار على تق�ديم ص�ورته

حقيقتها ناصعة نصوع الشمس. من الس��يدة عائش��ة فيPباإلضافة إلى المقولة اآلنفة � أعني مقولة زواج النبي

التاسعة من عمرها � فإنا سوف نتناول باختص��ار قض��يتين أخ��ريين تتص��الن بالحي��اة��ة لرس��ول الل��ه ك بهم��ا للني��ل من نزاهت��هPالزوجي ، وق��د ح��اول البعض التمس��

وهات��ان القض��يتان هم��ا: تع��ددPواعتبارهما دليال على ما أسموه »شهوانية« الن��بي ، وزواجه من السيدة زينب بنت جحش.Pزوجاته

إنن��ا وفي دراس��تنا له��ذه القض��ايا س��نعمد ��� وبع��د التمهي��د ببعض المق��دمات الضرورية التي تسبق البحث � إلى استعراض هذه المق��والت الثالث، ب��العودة إلى نصوصها األولى ومصادرها األصلية، ثم نعمل جاه��دين على دراس��ة ه��ذه النص��وص وتحليله��ا وف��ق منهج البحث العلمي ال��ذي ال يكتفي بوثاق��ة رج��ال الس��ند ورواة الحديث، بل يحلل المضمون بكل أمانة ويحاكم�ه بك��ل دق�ة، بعي��دا عن المس�بقات

والعواطف وسائر المؤثرات، والله ولي التوفيق.

حسين أحمد الخشن ه&1433 رجب 4م2012 أيار 25الموافق

✽ ✽ ✽

مقدمات تسبق البحث

من الضروري والمهم في آن، وقبل البدء بدراسة المقولة المشار إليها ووض��عها على طاولة البحث والنقد، أن نمهد لذلك ب�ذكر بعض المق�دمات ذات الص��لة ال�تي تسلط الضوء على نقاط وأمور، نقدر أنها ضرورية لبحثن��ا ه��ذا وغ�يره من البح�وث

المشابهة.

تاريخنا وحاجته إلى الغربلة إننا وإن كنا نرفض التعام��ل م��ع تاريخن��ا اإلس��المي باعتب��ارهالمقدمة األولى:

مجموعة من األضاليل واألكاذيب، كما قد يرى البعض ممن أنشأ يقول:وم&&&&&&ا كتب الت&&&&&&اريخ في ك&&&&&&ل ما

روت لقرائه&&&&&ا إال ح&&&&&ديث ملف&&&&&قنظرن&&&&&&ا ألم&&&&&&ر الحاض&&&&&&رين فرابنا

(2)فكي&&&&ف ب&&&&أمر الغ&&&&ابرين نص&&&&دق

ولكننا في الوقت عينه نرفض التساهل في قبول هذا التاريخ وروايت��ه فض��ال عن��ه ��� ولألس��ف ��� ت��اريخ ق��د تالعبت ب��ه األه��واء المختلف��ة، التسليم بكل مروياته، ألن وعصفت به المصالح الشخصية والعرقية والسلطوية والمذهبية، وامتدت إليه أيدي الكاذبين وذوي األحقاد، فعبثت به، وخلطت صحيحه بس��قيمه، وحق��ه بباطل��ه، ومندفه ��دره، وص�� هنا احتجنا إلى جهد كبير، بهدف تنقيته وغربلته وتحدي��د ص��فوه من ك من درره، وتلك مهمة المؤرخ الثقيل��ة والمض��نية، في أن يعم��ل جاه��دا في وس��ط

.15الشخصية المحمدية )مصدر سابق( ص2

ركام كبير من المرويات ليلتقط خيوط الحقيق��ة، ويوص�لها م�ع بعض��ها البعض، بم�ايكمل الصورة الضائعة والحقيقة المغيبة.

إن حاجتنا إلى غربلة هذا التاريخ والت�دقيق في��ه ت�زداد إلحاح�ا في بعض الحق�ول والجوانب، وال سيما المتصلة بالعالقات الجنسية للشخصيات االستثنائية وال��تي هي موضع اهتم��ام الكث��يرين ومث��ار فض��ولهم، وتك��ثر فيه��ا األوه��ام وربم�ا االف��تراءات، وحيث تكون النساء طرفا في الحادثة � أية حادثة � أو القصة � أية قصة ��� فس��وف تدخل عناصر إثارة جديدة، كالغيرة والحسد ونحو ذلك، وهو ما يجعل الوص��ول إلى الحقيق��ة، بحاج��ة إلى مزي��د بحث وت��دقيق، إذ إن دواف��ع إخف��اء الحقيق��ة وتش��ويه

الصورة تكون حاضرة وبقوة. وال ينبغي أن تمنعن��ا ش��هرة الحادث��ة أو الرواي��ة، من إخض��اعها للبحث وال��درس،��ة ق��د انطلقت في األس��اس من خالل لعلمنا ب��أن الكث��ير من المش��هورات التاريخي مخبر واحد، روى القضية وحدث بها، ولحسن الظن بهذا المخبر، تداول ال��ذين أت��وا من بعده تلك القضية، ونقلوها إلى األجيال الالحقة، وشيئا فشيئا انتش��رت القض��ية في اآلفاق وذاع صيتها حتى غدت في عداد القضايا الثابتة والمسلمة، م��ع أنه��ا في حقيقتها قد ال تكون سوى حدث مبالغ فيه، ولم ينقله الرواة األوائل بدق��ة، ه��ذا إن لم تكن القضية في األساس من نسج الخيال، وال سيما إذا كان المحدث بها محنكا

بارعا في الوصف والبيان. من الس��يدة عائش��ة وهي في التاس��عةPولعل من هذا القبيل، قضية زواج الن��بي

من عمره��ا ح��تى ل��و ك��انت روايته��ا مش��هورة ومتداول��ة، ف��إن ذل��ك ال يجعله��ا من المسلمات أو القطعيات، وال ينفي بحال، مش��روعية بحثه��ا، ب��ل ض��رورة ذل��ك، وال سيما بمالحظة أن هذه الشهرة لم تنطلق من تواتر روايات هذه القصة، وإنم��ا هي قضية تنتهي في نهاية المطاف إلى أشخاص معدودين ال يتجاوزون عدد أصابع الي��د

الواحدة، بل ربما انتهت إلى شخص واحد.

الزواج واختالف الطقوس والعادات التي يجدر بن��ا تس��جيلها في المق��ام هي: إنن��ا وفي دراس��تناوالمقدمة الثانية

لهذه القضية ال بد أن نضع في الحس��بان أن مس�ألة طق��وس ال��زواج والعالق��ة بين الجنسين ال يصح إخضاعها لرؤيتنا الثقافية المعاص��رة، وال��تي فرض��ت علين��ا جمل��ةعوب في العص��ور من الع��ادات والتقالي��د في ه��ذا المج��ال مم��ا لم تعرف��ه الش����ة وظروفه��ا المنص��رمة، ول��ذا ينبغي درس ه��ذه القض��ية طبق��ا لس��ياقاتها التاريخية، وم��ا عرفت��ه من أنم��اط س��لوكية وع��ادات في قض��ايا ��ة الخاص�� الزمانية والمكاني

ين، وهي في العم��وم ع��ادات ق��د تك��ون أق��ل تعقي��دا الزواج والعالقات بين الجنس�� وكلف��ة وأك��ثر بس��اطة وس��هولة مم��ا هي علي��ه عالقاتن��ا الي��وم، إن بالنس��بة ألص��ل الزواج، أو بالنسبة لتعدد الزوجات، أو بالنسبة لطقوس الزواج ومراسمه وتكاليف��ه ومقدماته، إلى غير ذلك من عادات قد تختلف من ش�عب آلخ�ر، ومن زم�ان آلخ�ر، ومن هذه الع�ادات المتحرك�ة مس�ألة اختالف س��ن ال�زوجين، حيث لم يكن ف�ارق السن بينهما ليثير مشكلة كبيرة فيم��ا مض��ى، ول��دى الكث��ير من الش��عوب، ب��ل إن زواج الكبير من الصغيرة كان منتشرا ومألوفا حتى ل��و وص��ل ف��ارق الس��ن بينهم��اعوب إلى إلى ثالثين عاما أو يزيد، كما إن هذا األمر ال يزال معروفا لدى بعض الش�� يومنا هذا، وقد يحصل العكس أحيانا، حيث يتزوج الرجل ممن تكبره سنا، كم��ا في

��روى به��ذاPزواج النبي من السيدة خديجة، فيما تروي كتب السيرة، وإن كان م��ا يالشأن بحاجة إلى دراسة وافية بهدف استجالء الصورة الواقعية.

من الس��يدةPوعلينا أيضا أن نضع في الحسبان ونحن ندرس مس��ألة زواج الن��بي عائشة حقيقة هام��ة، وهي أن للبيئ��ة المناخي��ة المتص��لة بالزم��ان والمك��ان الل��ذين��ة النض��وج الجنس��ي ل��دى يعيش اإلنسان فيهما تأثيرا بينا على بطء أوسرعة عملي كل من الذكر واألنثى، ويتحدث أه��ل الخ��برة واالختص��اص عن ف��وارق بين البل��دان��دون أن النض�وج الجنس��ي في الحارة واألخرى الباردة على هذا الص�عيد، حيث يؤك��دون على البلدان الحارة يكون أسرع منه في البلدان الباردة أو المعتدلة، كم��ا يؤك أن لنوعية الغذاء دورها في هذا المجال أيضا، فكلما توفرت نوعية جيدة من الغذاء فإن ذلك � بطبيعة الحال � سيسهم في تعجي��ل س��ن البل��وغ، قياس��ا على البيئ��ة أو

الحاالت التي ال يتوفر فيها الغذاء المالئم.

ومكارم أخالقهPرسالية النبي إن ما تقدم ال يمثل كافة العناصر التي ال بد من أخذها بنظر االعتبار في المقام، إذ إن علينا أن نأخذ في الحسبان أيضا عنصرا آخر رئيسا، وهو ما نتط��رق إلي��ه في

، والعنصر الجديد ه��و مواص��فات الشخص��يةالمقدمة الثالثةهذه المقدمة، وهي ومهم��ا قي��لP، فإن النبيPالتي هي محور الحديث، عنيت بذلك شخصية رسول الله

عن تماشيه مع الظ��روف التاريخي�ة ال�تي ك��ان يعيش�ها، وانس�جامه م�ع مقتض�يات ��ا ��ا أو ولي الفطرة في العالقة مع الجنس اآلخر، باعتبار حاجة اإلنس��ان ول��و ك��ان نبي ��ل تش��ريعا إلى المسألة الجنسية، فإنه يبقى صاحب رسالة س��ماوية، وس��لوكه يمث وقدوة، ومن هذا المنطلق بالذات فإنه قد ال يتماشى م��ع م��ا ه��و س��ائد في زمان��ه من عالقات أو عادات، بل هو معني بمواجهة كل ما هو مخالف للفطرة أو مس��يء

ين وتنظيمه��ا للكرامة اإلنسانية، كما هو مع��ني بته��ذيب ه��ذه العالق��ات بين الجنس����ة ش��هوانية ووضع الضوابط األخالقية لها بما يس��مو به��ا عن أن تك��ون مج��رد عملي يقضي بها اإلنسان وط��ره بعي��دا عن القيم واألخالق والكرام��ة اإلنس�انية، وانطالق��ا

هذه التي تحكم كل تصرفاته وأفعاله وتسمو بها عن العش��وائية، نج��دPمن رساليته��ر ��ة، وغي اذة المثلي أنه قد حرم � من خالل ما أوحاه الله إليه � الزنا والعالق��ات الش���ة ال��تي ك��انت س��ائدة في المجتم��ع الج��اهلي، فح��رم الكث��ير من العالق��ات الزوجي

.(4) وأباح بعضها اآلخر(3)بعضها وم��اP إال أن هذا العنصر إنما يلزم اتخاذه معيارا في دراسة شخصية النبي محمد

، فيتحتم على ه��ؤالء أن يح��اكموا م��ا وردPيعزى إليها عند من آمن برسالته ونبوت��ه في الروايات في ضوء هذا المعيار، وأن يقبلوا فيها خصوص ما يكون منس��جما م��ع

أخالقيات الشخصية النبوية ومواصفاتها، ويرفضوا ما سوى ذلك. ، وم��ا تقتض��يه من عناي��ة ودق��ة في عالقات��هPوأما أولئك الذين ال يؤمنون بنبوت��ه

واختياراته الزوجية، فإننا ال نستطيع إلزامهم باعتماد المعيار المتق��دم في محاكم��ة الروايات التي تتصل بهذه الشخص��ية، أج��ل بإمكانن��ا أن نل��زمهم بمعي��ار آخ��ر وه��و سيرته العملية، وكماالته الشخص��ية، ومك��ارم أخالق��ه، ال��تي ع��رف به��ا ح��تى قب��ل النبوة، وعلى رأس تلك المكارم ومحاسن األخالق، تأتي صفة الحي��اء ال��تي اش��تهر بها عند أتباعه كما عن��د أخص��امه ومناوئي��ه، وع��رفت عن��ه في عالقات��ه م��ع الن��اس بشكل عام، ومع الجنس اآلخر بشكل خاص، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري:

.(5) أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه«P»كان مما حرمه اإلسالم على هذا الصعيد: زواج الشغار، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته آلخر على أن يزوجه اآلخر ابنت��ه3

أو أخته دون صداق)مهر( لهما، ب��ل ص��داق إح��داهما زواج اآلخ��ر؛ راج��ع كت��اب األم للش��افعي، محم��د بن إدريس)ت: ، والمقنعة للمفيد، محمد بن محمد بن النعم��ان)ت:82 ص5م، ج1982ه�(، دار الفكر � بيروت، الطبعة الثامنة، 204 ، وراجع روايات النهي عن هذا ال�زواج في كت��اب508 ه�، ص 1410ه�(، مؤسسة النشر اإلسالمي، قم � إيران، 413

ص2ه���، ج1388ه�(، تحقيق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب اإلس��المية، 329الكافي، الكليني، محمد بن يعقوب)ت: ، وهكذا حرم اإلسالم وراثة الزواج، حيث كان عرب الجاهلية إذا م�ات الرج��ل، ول���ه ام���رأة ألق���ى قريب���ه ثوب���ه46

أن في وس��ائل الش��يعة، الح��رQعليه�ا، وورث بذلك زواجها كما يرث المال؛ أنظر ما روي عن اإلمام الباقر به��ذا الش�� ص20ه���، ج1414ه�(، مؤسسة آل البيت إلحياء التراث، قم، الطبعة الثانية، 1104العاملي، محمد بن الحسن )ت:

.1 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها الحديث45 الباب 514

تحدي�دا فيPكما في زواج الرجل ممن كانت زوجة البن�ه ب�التبني ال بالنس�ب أو الرض�اعة، وه�ذا م�ا حص�ل م�ع الن�بي4زواج��ه من زينب بنت جحش زوج��ة زي��د بن حارث��ة ابن��ه في التبني، ق��ال تع��الى: نه&&ا وط&&را ا قضى زيد م ﴿فلم

م يائ"ه" ن"ين حرج ف"ي أزواج" أدع" [.37]األحزاب: ﴾زوجناكها ل"كي ال يكون على المؤم"

،167 ص4م، ج1981،� 2 ه�(، دار الفكر، بيروت � لبن�ان، ط256صحيح البخاري، البخاري، محمد بن إسماعيل )ت: 5 ، ومسند أحمد، ابن حنبل،78 ص7ه�(، دار الفكر � بيروت، ج261وصحيح مسلم، النيسابوري، مسلم بن الحجاج )ت:

، ورواه في البح��ار، المجلس��ي، محم��د بن ب��اقر )ت:91 � 71 ص3ه�(، دار صادر � ب��يروت، ج241اإلمام أحمد )ت: .230 ص16م، ج1983، 2ه�(، بحار األنوار، مؤسسة الوفاء � بيروت، ط111

ومحاسن أخالقه التي اشتهر بها تشكل ضابطا رئيسا يتم بموجب��هPإن حياء النبي محاكمة بعض النصوص والروايات التي ال تنسجم بظاهرها م��ع ذل��ك وال تلتقي م��ع

هذا المبدأ.

والمسألة الجنسيةPالنبي إنه ليس في قاموس المندوبات )المستحبات( وال الفرائضالمقدمة الرابعة:

اإلسالمية )الواجبات( شيء اسمه الرهبنة والتبتل أو الع��زوف عن ال��دنيا ومل��ذاتها، ألن هذا يشكل خروجا عن مقتضى الجبلة اإلنسانية وجنوح��ا عن الطبيع��ة البش��رية المفطورة � في جملة ما فطرت عليه � على حب الجنس اآلخر والتعلق به والميل إليه، والله سبحانه لم يخلق في اإلنسان غريزة ثم أراد ل��ه قمعه��ا وال فط��ره على

"الطبيعة وأراد له كبتها، قال تعالى: م إ ﴿ورهبان"ية ابتدعوها م&&ا كتبناه&&ا عليه"[.27]الحديد: ﴾ابت"غاء ر"ضوان" الله" فما رعوها حق ر"عايت"ها

ويستوي في هذه الفطرة، األنبياء مع سائر الناس ذكورا وإناثا، فالكل بشر، وكل بشري يمتلك غريزة جنسية، ولديه تعلق فطري بالجنس اآلخ��ر وإعج��اب ب��ه، ق��ال

��ه تعالى ن:Pمخاطبا نبي ن م" اء م"ن بع&&د وال أن تب&&دل ب"ه" ل ل&&ك النس&& ال يح" ﴿ [.52]األحزاب: ﴾أزواج ولو أعجبك حسنهن

وال ممدوحا لهم أن يختاروا الرهبن��ةR وعلى ضوء ذلك، فليس مطلوبا من األنبياء ��ا سبيال في الحياة، وال أن يعزفوا عن العالقة بالجنس اآلخر، وهذا األمر يب��دو طبيعي

R هو كغ��يره من األنبي��اءPوجليا وليس بحاجة إلى مزيد بيان أو برهان، والنبي محمد

في هذا األمر، فليس من المنطق في ش��يء تجري��ده من عواطف��ه وأحاسيس��ه أو غرائزه، إال إذا أري��د تجري��ده من بش��ريته، ليك��ون ملك��ا من المالئك��ة، وه��ذا خالف الحكمة اإللهية التي قضت ب��أن يك��ون الرس��ول المبع��وث إلى البش��ر من جنس��هم وطينتهم، يأكل كما يأكلون، وينام كم��ا ين��امون، ويت��ألم كم��ا يت��ألمون، ويمتل��ك منير على خط��اه، واتخ��اذه الغرائز كما يمتلكون، ليتسنى لهم بذلك االقتداء به، والس��

مثال أعلى لهم في الحياة.

حرمة أمهات المؤمنين التي نريد اإللفات إليها في المقام، هي، أنه عن��دما يالح��ظوالمقدمة األخيرة

من الس��يدة عائش��ةPالقارىء بعض مناقشاتنا اآلتية للروايات الواردة بشأن زواجه في التاسعة من عمرها، وهي روايات ترويها السيدة عائشة نفسها، فقد يت��وهم أن فيها غمزا من قناتها، أو اتهاما لها بالكذب، ولهذا، فإننا نحب هنا أن نسج�ل موقف��ا

ت��رى ألمه��اتRصريحا وواضحا في هذا المجال، وخالصته: إن مدرس��ة أه��ل ال��بيتي��لPالمؤمنين جميعهن حرمة خاصة، ألنهن عرض رسول الله ، وال يجوز لمس��لم الن

منهن أو التعرض لهن بسوء أو بسب أو قذف أو رميهن بالفاحشة، ولو ص��در ذل��ك ونيله من عرض��ه من حيثPمن مسلم، فيلزم تأديبه إلساءته األدب مع رسول الله

يدري أو ال يدري. Rولهذا، فإننا ال نقول ف�ي السي�دة عائش�ة إال م�ا تعلمن�اه في مدرسة أهل البيت

وهم لم يقولوا فيها ما يشين، »وإن أكرم القول في أم المؤم��نين عائش��ة وأطيب��ه « � فيما روي عنه � بع��د معرك��ة الجم��ل الدامي��ة:Qما قاله فيها علي أمير المؤمنين

وله&&ا بع&&د حرمته&&ا... فأدركها رأي النس&&اء � يقص��د عائش��ة � »وأما فالنة. (6)«األولى والحساب على الله

:R ممن تأدب بأدب أهل البيت(7)ويقول بعض شعراء الشيعة س&&&&&&بك مح&&&&&&رم(8)في&&&&&&ا حم&&&&&&يرا

ألج&&&&&&&ل عين أل&&&&&&&ف عين تك&&&&&&&رم

لكن االحترام والتقدير لكل أمه��ات المؤم��نين ال يع��ني عص��متهن من الخط��أ، وال يمنع من تقييم أدوارهن ودراسة مواقفهن وكلماتهن بطريق��ة موض��وعية تس��تهدف استجالء الحقيقة بعيدا عن التجريح، تماما كما نق��رأ ك��ل األح��داث ال��تي ج��رت في

إلى الملي��ك األعلى، وم�ا ح��دث خاللPصدر اإلسالم، وال سيما بعد ارتحال الرسول ذلك من منازعات وخصومات بين الصحابة؛ وليعلم أن مح��اوالت المن��ع من ق��راءة تلك المرحلة بأحداثها ورموزها وتأثيراتها، هي محاوالت يائسة وغير مبررة وال دليل عليه�ا، ب�ل إنه�ا ال تفهم إال في س�ياق إس�باغ ج�و من التع�تيم على تل�ك المرحل�ة،

ألغراض سياسية أو عصبية مقيتة ال عالقة لها بالدين وقيمه. � بنظرن��ا ��� ال ت��رقى إليه��اP وليكن معلوما وواضحا أيضا أن حرم��ة رس��ول الله

حرمة أحد من الناس، وإن كرامت��ه هي ف��وق ك��ل اعتب��ار، وإنم��ا اكتس��بت زوجات��ه ه�(، تعليق وشرح: الشيخ محمد عب��ده، دار ال��ذخائر، قم �406نهج البالغة، الشريف الرضي، محمد بن الحسين )ت: 6

ه�(، تحقيق: محمد باقر الخرس��ان،560، واالحتجاج، الطبرسي، أحمد بن علي )ت:48 ص2ه�، ج1410،�� 1إيران، ط ،5، وانظر العسكري، الس��يد مرتض��ى، أح��اديث أم المؤم�نين عائش��ة، ط248 ص1م، ج1966دار النعمان � النجف،

.75 ص1م، ج1994

ه�(، وهو جزء من منظومة طويلة في اإلمامة،1331هذا البيت هو للسيد محمد باقر الحجة الطباطبائي الحائري )ت 7.279ه�، ص1416، السنة الحادية عشرة، 2أنظر: مجلة تراثنا، العدد

على الس�يدة عائش�ة كم�ا ج�اءت ب�ذلك األخب�ار، أنظ�ر المس�تدرك على الص�حيحينPالحميراء، وص�ف أطلق�ه الن�بي 8 ، وسبب هذا اللقب أنها كانت � على ما قيل � بيضاء، والعرب تسمي األبيض أحم��ر،119 ص3للحاكم النيسايوري، ج

وتصغير أحمر هو حميراء.

حرمتهن من اقترانهن به، ونلن الش��رف بق��ربهن من��ه، وهك��ذا الح��ال في ص��حابته وأهل بيته جميعا، فهو مصدر الشرف والعزة لكل الناس، وإذا كنا ال نقبل أن ينتهك

أو تنتهك كرامته،Pأحد حرمة زوجة من زوجاته، فاألولى أن ال نرضى أن يساء إليه بأن ينس��ب إلي��ه فع��ل أم��ر، أو ارتك��اب عم��ل ال ينس��جمان م��ع مك��ارم أخالق��ه، أو��ا ك��ان راويه��ا، محاسن صفاته، وإننا في هذا الس��بيل على اس��تعداد ل��رد األخب��ار أي

وتخدش في حيائه وكرامته.Pومهما عال شأنه، إذا كانت تنافي خلق النبي

✽ ✽ ✽

في دائرة اإلشكالPالعالقات الزوجية لرسول الله

��ة لرس�ول الله Pإن العالق��ات الزوجي بحاج��ة لل�درس المعم��ق، ألنه��ا وقعت محال لإلشكال من قبل الكث��يرين؛ ومص��در اإلش��كال والتش��كيك م��ع األس��ف، ه��و تراثن��ا اإلسالمي بالذات، وذلك ألنه يتضمن الكثير من النقوالت التي تتح��دث عن عالقات��ه

، األم��ر(9)الزوجية بطريقة غير متوازنة، بل مبالغ فيه�ا، ومس�يئة في بعض األحي�ان يطوف على زوجاته التسع في ليلة واح�دةPمن قبيل الحديث عن طاقته الجنسية االستثنائية التي بلغت حدا أنه كان 9

(، واألغ��رب من ذل��ك أن71 ص1ويعاشرهن! )كما جاء في حديث عائشة، أنظ��ر ص��حيح البخ��اري، مص��در س��ابق، ج تدخل طاقته الجنسية فيما يشبه المزاد ليتحدث بعض الناس انه أعطي قوة ثالثين رجال )صحيح ابن حبان، ابن حبان،

(، ويتحدث9 ص4م، ج1993،� 2ه�(، تحقيق: شعيب األرنؤوط، مؤسسة الرسالة، ط739علي بن بلبان الفارسي)ت آخرون أنه أعطي قوة أربعين أو خمسة وأربعين« )كنز العمال، المتقي الهن��دي، عالء ال��دين علي المتقي بن حس��ام

ه��� �1405،�� 5ه�(، تحقيق: بكري حياني وصفوة السقا، مؤسس��ة الرس��الة ��� ب��يروت، ط975 � 888الدين الهندي ) ( وال أدري كيف استطاع هؤالء قياس هذه الطاقة الجنس��ية ومعرف��ة مس��تواها؟! إنه�ا مأس��اة431 ص12م، ج1985

باعتب��ارهP من قب��ل بعض المس��لمين به��ذه الطريق��ة المهين��ة ال��تي تص��ور الن��بي Pوالله أن يتم تناول شخصية النبي الرجل الجنسي الذي ال نظير له في التاريخ! وال أدري ماذا كان سيفعل بهذه الطاقة عندما ع��اش م��ع زوج��ة واح��دة لمدة تزيد على عشرين عاما وأين كان يفجر هذه الطاقة؟! ولست أدري لم يحرم الله عليه الزي��ادة على التس��ع م��ا

دام يملك طاقة خمسة وأربعين رجال.. أليس هذا ظلما له؟!

Pال�ذي ش�كل م�ادة للدراسات االستشراقية التي لم تجد غضاضة في اتهام الن��بي

في اس��تقامته وعفت��ه، ولع��ل أك��ثر القض��ايا مث��ارا للج��دل على الص��عيد الجنس��ي ثالث: Pلرسول الله

تعدد زوجاته، فقد اجتمع لديه منهن تسع نس��اء في وقت واح��د، وف��ارقأحدها: في حين أن المسلم ال يج�وز ل�ه أن يجم�ع أك�ثر من أرب�ع(10)الدنيا وهن في حباله

زوجات! قضية زواجه من زينب بنت جحش، بعد أن رآها كم��ا يزعم��ون وهي فيثانيها:

لباس غير محتشم، األمر الذي تسبب بطالقها من زوجها زي��د بن حارث��ة، وتزوجه��ا بعد ذلك.Pرسول الله إقدامه على الزواج بصغيرة في الس��ن، حيث لم يتج��اوز عمره��ا عن��دماثالثها:

أدخلت عليه تسع سنوات، وهي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر. ، فاتهم���ه بعضPإن ه���ذه القض���ايا ش���كلت م���دخال للطعن في عف���ة الن���بي

المستشرقين بالشهوانية على الص�عيد الجنس�ي، وأغ�رق البعض في التحلي�ل غ��ير.(11)المنطقي وتجاوز حدود األدب، فتحدث عن المغامرات والعقد الجنسية

بالشهوانية لم يقبله المنصفون من علم��اء الغ��رب، فه��ذا الم��ؤرخPإال أن اتهامه م( ي��رفض ه��ذه1881 � 1795والفيلس��وف واألديب اإلنكل��يزي توم��اس كارلي��ل )

التهمة، إذ يقول في كتابه »محمد المث��ل األعلى« تحت عن��وان »ب��راءة محم��د من هم به ظلم��ا الشهوات وتواضعه وتقشفه«: »ما كان محمد أخا شهوات، برغم ما ات وعدوانا، وشد )ما أكثر( ما نج��ور ونخطىء إذا حس��بناه رجال ش��هويا، ال ه���م ل��ه إال قض�اء مآرب�ه من المالذ، كال، فما أبعد ما كان بينه وبين المالذ )الملذات( أيا كانت،فا في مس��كنه ومأكل��ه ومش��ربه وملبس��ه وس��ائر أم��وره لق��د ك��ان زاه��دا متقش�� وأحواله، وكان طعامه عادة، الخبز والماء، وربما تت��ابعت الش��هور ولم توق��د ب�داره

وهن: »عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب بنت جحش وميمون�ة بنت الح�ارث وأم حبيب�ة بنت أبي س�فيان وص�فية بنت10 ، راج��ع كت��ابQحيي بن أخطب وجويرية بنت الحارث وسودة بنت زمعة« كم��ا ج��اء في الح��ديث عن اإلم��ام الص��ادق

ه���(، تحقي��ق: علي أك��بر الغف��اري، جماع��ة381الخصال، الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي )ت: ، وراجع حول هذا الموضوع: السنن الكبرى، البيهقي، أحمد بن الحس��ين بن علي419ه�، ص 1403المدرسين � قم،

وم��ا تاله��ا، وكت��اب المبس��وط، الش��يخ69 ص7م، ج1981 ه���(، دار الفك��ر ��� ب��يروت، الطبع��ة الثامن��ة، 458)ت: 4ه���، ج1387ه�(، تحقيق: محمد تقي الكشفي، المكتبة المرتضوية � طه��ران، 460الطوسي، محمد بن الحسن )ت:

.270ص

.141 أنظر: محنة العقل في اإلسالم، مصدر سابق، ص11

نار، وإنهم يذكرون � ونعم ما يذكرون � أنه كان يصلح ويرفو )يرقع( ثوبه بيده، فهل.(12)بعد ذلك مكرمة ومفخرة؟«

النبي وتعدد الزوجات فق��د أج��اب عنه��ا الكث��يرون من علم��اء اإلس��الم بش��كلأما القض&&ية األولى

مستفيض، حيث أكدوا أن التع��دد في األزمن��ة الغ��ابرة ول��دى ش��عوب كث��يرة، ك��ان مسألة طبيعية وظاهرة مألوف��ة، س��واء أك��ان ه��ذا التع��دد على مس��توى الزوج��ات

لم يكنP، وبالتالي فإن م�ا فعل�ه الن�بي(13)الحرائر أو على مستوى الجواري واإلماء��ة في يشكل خروج��ا عن الم��ألوف، وليس من المنط��ق وال الموض��وعية أو العقالني شيء أن نهدر الفوارق الزمانية واالجتماعية، لنحاكم تلك المرحل��ة وف��ق مقاييس��نا

المعاصرة، هذا أوال. وثانيا: إن ثمة مالحظة هامة يجب على كل ب��احث منص��ف أن يأخ��ذها بعين االعتب��ار،

لم يكن للط�ابع الجنس��ي المش�روع أي دور مح��وري فيه�ا، ب��لPوهي أن غالب زيجاته .(14)كان لها دوافع رسالية واجتماعية وإنسانية وأخالقية أو أغراض تشريعية

وهذا التفسير لتعدد زوجاته لم يتفرد به المسلمون الذين آمنوا بنبوت�ه وعص��مته، بل تبناه بعض كبار الباحثين والمستشرقين، يقول ويل دي��ورانت: »لق��د ك��ان بعض��وفي عنهن أتباع��ه أو زيجاته من أعمال البر والرحمة باألرام��ل والفق��يرات الالتي ت أصدقاؤه... وكان بعضها زيجات سياسية، كزواجه بحفصة بنت عم��ر ال��ذي أراد ب��ه أن يوثق صلته بأبيها، وكزواجه من ابن��ة أبي س�فيان ليكس�ب ب�ذلك ص��داقة ع��دوه

.(15)القديم، وربما كان الدافع إلى بعضها أمله في أن يكون له ولد..« م. ص1993محمد المثل األعلى، تأليف: توماس كارليل، تعريب: محمد السباعي، طبعة مكتب�ة اآلداب في الق�اهرة 12

48.

بل يمكنك القول: إن التعدد لدى الرجال ال يزال سائدا إلى يومنا هذا بعناوين أخرى ومنتشرا ول�و بش�كل مقن�ع، وه�و13 يمثل طموحا ذكوريا لدى معظم الشعوب، بما فيها األكثر رفضا � في الظاهر � لمبدأ التعدد ، حيث تمارس في السر

ما تستحي منه في العلن.

ص4ه��(، منش�ورات جامع�ة المدرس�ين، ج1412 أنظر حول ذلك: تفسير الميزان، الطباطبائي، محم�د حس�ين )ت:14 ه�� �1414، وأح�اديث أم المؤم�نين عائش�ة، العس�كري، الس�يد مرتض��ى، التوحي�د للنش�ر، الطبع�ة الخامس��ة، 195

.312 ص13 وما بعدها، واألمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيرازي، الشيخ ناصر مكارم، ج28 ص1م، ج1994

، ويقول جفري بارندر: »إن اآلراء ال��تي2 ج4ديورانت، ويل دايرل، قصة الحضارة، دار الجيل، بيروت � لبنان، المجلد 15 غالبا ما تعتمد في العالم غير اإلسالمي تركز على زيجات محم��د المتع��ددة مدعي��ة ب��أن ذل��ك ال يتناس��ب م��ع مرتبت��ه كنبي.. وما من شك في أن أصدقاءه وخصومه يعترفون بأنه كان متعدد الزوجات، إال أن ذل��ك ك��ان عرف��ا س��ائدا في ذينك الزمان والمكان، كما كان ال يزال شائعا بين الوجهاء في كثير من بل��دان الش��رق، وك��انت الزيج��ات تس��هم في تعزيز التحالفات السياسية، وبالمقابل لم يحظر على اليهود تعدد الزوجات بشكل واضح حتى العصور الوسطى، كم��ا أن كثيرا من الحكام المسيحيين لم يلتزموا كفاي�ة ب�الزواج األح�ادي الص�ارم للمس�يحية، وعلى س��بيل المث�ال ه�نري

في هذا الشأن وفق��ا لمع��ايير عص��ره، فق��د ذك��ر ع��الم مس��يحيPالخامس، ال بد من النظر إلى تصرف النبي محمد

وإن دراسة سيرته المباركة سواء في مرحلة ما قبل البعثة، أو ما بع��دها، تبعث على كان إنسانا طبيعيا في عالقاته الجنسية، ولم يكن لديه أي ش��ذوذ أو عق��دةPاليقين بأنه

على هذا الصعيد، بل إن المسألة الجنسية بالنسبة إليه لم تكن تش��كل هاجس��ا يؤرق��ه، ��ه ك��ان مولع��ا أو هما يضغط على أعصابه ويؤثر على توازنه، وليس ثمة ما يشير إلى أن

بعشق النساء، أو ولها بحبهن وغرامهن، ومما يشير إلى ذلك ويؤكده: إن دراسة حياته على صعيد عالقاته بالجنس اآلخر، هي خير شاهد على ماأوال:

ندعيه، إذ إن حياته على هذا الصعيد يمكن تقسيمها إلى ثالث مراحل: هي مرحلة العزوبية، وقد استمرت إلى الخامسة والعش��رينالمرحلة األولى:

من عمره، ليقيم بعدها أولى عالقاته الزوجية باالقتران بالسيدة خديجة بنت خويلد،��ه ق��د ع��اش ه��ذهPوما يحدثنا به التاريخ عن مرحل��ة العزوبي��ة ه��ذه، ي��دلل على أن

المرحلة � وهي مرحلة فوران الغريزة والتهابها � عفيفا كأفضل م��ا يك��ون العف��اف�ة إم�رأة، ال من موق�ع(16)والطهر ، ولم يسجل عليه إقامة أية عالق�ة جنس�ية م�ع أي

عقدة جنسية أو فقر مادي يمنعه من ذلك، ألن إقامة العالقة الجنس��ية ك��انت أم��را ميس��ورا في المجتم��ع المكي للغ��ني والفق��ير على الس��واء، إن لم يكن من خالل الحرائر فعلى األقل من خالل اإلماء، وال سيما أن بعض أنواع الزواج الجاهلي ك��ان

.(17)خفيف المؤنة، كزواج المتعة مثال هي مرحلة الزواج األول من السيدة خديج��ة، واتس��مت ه��ذهالمرحلة الثانية:

المرحلة باالستقرار على الصعيد الزوجي، حيث بقيت خديجة زوجة وحيدة لرسول لمدة تزيد على العشرين عاما، وعاشا معا حياة هانئة مستقرة في عالقتهم�اPالله

في ك��لPالزوجية، وأنجب�ت له العديد من البنين والبنات، ولم ي��تزوج رس��ول الل��ه

مرموق بأن: »ليس من المبالغ به كثيرا القول إن كل زيجات محمد كان لها بعد سياسي..« ويض�يف: »ت�بين الوق�ائع عاما، وكان س��بق40أن النبي لم يتزوج حتى بلغ الخامسة والعشرين من العمر، حيث بنى بخديجة التي كان عمرها

لها أن تزوجت مرتين، وقد عاشا معا بإخالص وبمحبة على األرجح لحوالي أربعة وعشرين عاما وق��د أنجبت من��ه ك��ل أوالده ما عدا واحدا، ولم يتخذ محمد زوجة ثانية إال بعد وفاة خديجة، وكان عمره خمسين عاما حين تزوج أرملة أح��د القادة المسلمين، وكانت بحاجة إلى حصانة بعد مقتل زوجها في المعرك��ة، وبع��د أن غ��دا شخص��ية ب��ارزة ول��ه أتب��اع كثيرون اتخذ زوج��ات أخ��ر وم��ات في الثاني��ة والس��تين من العم��ر«.)الجنس في أدي��ان الع��الم، بارن��در، جف��ري، دار

(.201 � 199الكلمة، ص

قبل البعثة حسن الخلق والوف�اء بالعه�د.. والعف�ة والتواض�ع. )أنظ�ر: حس�ن، إب�راهيم حس�ن،Pعرف عن رسول الله 16 ص1، ال.ت، ج7تاريخ اإلسالم السياسي والديني والثقافي واالجتماعي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ��� مص��ر، ط

77.)

أنظر: الترمانيني، الدكتور عبد الس�الم، ال�زواج عن�د الع�رب في الجاهلي�ة واإلس�الم )دراس�ة مقارن�ة(، سلس�لة ع�الم17 ،35 � 34، ص80م، رقم الكت��اب 1990المعرف��ة، يص��درها المجلس الوط��ني للثقاف��ة والفن��ون واآلداب، الك��ويت،

ويشار إلى أن زواج المتعة قد وقع الكالم في تحريم اإلسالم أو تحليله له، فذهب اإلمامي��ة وبعض كب��ار الص��حابة إلىأن اإلسالم أباحه، بينما ذهبت المذاهب اإلسالمية األخرى إلى تحريمه.

تلك المرحلة بامرأة أخرى، وال اتخذ له جاري��ة، م��ع أن خديج��ة ك��انت تزي��ده عم��را ك�ان في منتهى العف�ة واالت�زان علىP، م�ا يؤك�د على أن�ه (18)على ما يروى ويقال

الصعيد الجنسي. وهي مرحلة تعدد الزوجات، وحدث ذل��ك بع��د وف��اة الس��يدةالمرحلة الثالثة:

إلى المدين��ة المن��ورة، ففي ه��ذه المرحل��ة من عم��رهPخديج��ة وهج��رة الن��بي الشريف، برزت ظاهرة تعدد زوجاته، وكان حينها قد تج��اوز الخمس��ين من عم��ره، وأعتقد أن القارىء المنصف يوافقنا الرأي على أنه لو كان الباعث على هذا التعدد

مولعا بالنساء ومغرما بوصالهن، لما تأخر ظهور ذلك إلى ه��ذه المرحل��ة،Pهو كونه بل لبان ذلك والحت عالماته عليه في مرحلة الشباب األولى، أو الثانية، وليس في

.(19)العقد السادس من عمره الذي هو نهاية سن الكهولة وبداية سن الشيخوخة إلى الجنس اآلخ��ر إلى المرحل��ة المت��أخرةPوأما تفسير تأخر ظهور الميل عنده

بحص��ول الق��درة والس��لطة والرخ��اء عن��ده في ه��ذه المرحل��ة، ول��ذلكPمن حياته تمكن من فعل ذلك دون أن يواجه اعتراض أح��د، فه��و تفس��ير ال يمكنن��ا الموافق��ة عليه، ألن المرحلة المتأخرة من حياته وهي المرحلة المدنية لم تقل في ص��عوباتها وتحدياتها عن المرحلة المكية، فقد عرفت مرحلة المدينة بأنها مرحل�ة المواجه�ات والمعارك الكبيرة، والتي كانت تجري في معظمه��ا على أعت��اب المدين��ة بم��ا يه��دد استقرار المجتمع المدني، كون�ه مجتم�ع ح��رب لم يع��رف الحي��اة الهانئ�ة، ليتس�نى

أو لغيره من أبناء هذا المجتمع االنصراف إلى ملذاتهم، واإلقبال على الدنياPللنبي وزخارفها، األمر الذي يحتم تفسير التعدد الحاصل في المرحل��ة المدني��ة بغ��ير ه��ذا التفس��ير، وليس ه��و إال الق��ول ب��أن دواف��ع التع��دد هي دواف��ع رس��الية وإنس��انية

. نق�ولPوأخالقية، دون أن يلغي ذلك دور العامل الجنسي، بمقتضى بش�رية الن��بي الكفيل�ة وح�دهاPه�ذا بص��رف النظ��ر عن موقفن��ا المب��دئي ح�ول عص�مة الن�بي

بتجنيبه كل أجواء الترف واالنغماس في الملذات والمالهي. على الصعيد الجنسي كانت معروفة للقاصي والداني، ولو ك��انP إن عفته ثانيا:

هن��اك ش��ائبة ص��غيرة في س��لوكه على ه��ذا الص��عيد، لتش��بث به��ا المش��ركون

عديدة، فقيل: كان عمرها أربعين سنة، وقي��ل خمس��ا وأربعين،Pاألقوال في عمر السيدة خديجة عندما تزوجها النبي 18 وقيل: ثالثين، وقيل: ثمانية وعشرين )أنظر: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، الشامي، محم��د ابن يوس��ف

ه�(، تحقيق: الشيخ ع��ادل أحم�د عب��د الموج��ود، والش��يخ علي محم�د ع��وض، دار الكتب العلمي��ة،942الصالحي )ت:(.166 ص2م، ج1993 ه� � 1414، 1بيروت � لبنان، ط

ق��ال الثع��البي في ت��رتيب مراح��ل عم��ر اإلنس��ان: »م��ا دام بين الثالثين واألربعين فه��و ش��اب، ثم ه��و كه��ل، إلى أن19 ه���، فق��ه اللغ��ة وأس��رار العربي��ة، تحقي��ق:430يستوفي الستين«. )الثعالبي، أبو منصور عب��د المل��ك بن محم��د، ت

(.134م، ص2000، 2الدكتور ياسين األيوبي، المكتبة العصرية، صيدا � لبنان، ط

والمنافقون من أعدائه، وأثاروه��ا وش��هروا ب��ه وبنزاهت��ه اس��تنادا إليه��ا، وهم ال��ذين حاولوا النيل منه وعملوا على تشويه صورته باللجوء إلى ش��تى األس��اليب بم��ا في ذلك أساليب الكذب واالفتراء والتضليل، كاتهامه بالسحر والكهان��ة والجن��ون! مم��ا

من الج��انبPنقله لنا القرآن الكريم، فل��و أنهم وج��دوا مج��اال للطعن أو الغم��ز فيه��ه »زي��ر الجنسي فإنهم بكل تأكيد ما كانوا ليتوان��وا عن اس��تغالل ذل��ك، واتهام��ه بأن

لمPنساء« أو ما إلى ذلك! مع أن القرآن الكريم الذي نقل لنا اتهاماتهم األخرى له يشر إلى اتهامهم له في العفة واالستقامة على الصعيد الجنسي، وك��ذلك ف��إن م��ا ينقله لنا التاريخ ال يشي بشيء من ذلك، بل األمر على العكس، فهذه كتب التاريخ تحدثنا أن المشركين حاولوا إغراءه جنسيا، وذلك عندما اقترحوا عليه ��� من خالل عمه أبي طالب � أن يزوجوه بأجمل نسائهم فضال عن إغ��راءات أخ��رى، ش��رط أن يترك أمر الرسالة ويتخلى عن الدين الجديد، لكنه أبى ورفض اق��تراحهم ه��ذا بك��ل

»يا عم&&اه ل&&و وض&&عواصالبة، وقال مقولته الش��هيرة مخاطب��ا عمه أب��ا ط��الب: الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أت&&رك ه&&ذا األم&&ر م&&ا

. (20)تركته حتى يظهره الله أو أهلك فيه« إن المولع بالنساء والمغرم بحبهن والصبوة إليهن، مجذوب بحسب طبع��هثالثا:

إلى الزين��ة وص��نوف الري��اش، ومفت��ون ب��الغنج وال��دالل، ومش��دود إلى الش��بابراب ، وه��ذه الخص��ال بعي��دة(21)ونضارته، ومقبل على اللهو واللعب والطرب والش��

، كما سجلها لنا القرآن الك��ريم، ونقله��ا لن��ا المؤرخ��ون، فق��دPكل البعد عن سيرته كان العابد والزاهد في الدنيا والمعرض عن زخارفها والمنقطع إلى الله، وكان كما

»يأك&&ل على األرض ويجلس: Qوص��فه أم��ير المؤم��نين علي بن أبي ط��الب جلسة العبد، ويخصف بي&&ده نعل&&ه، ويرق&ع بي&ده ثوب&&ه، وي&ركب الحم&&ار الع&&اري، وي&&ردف خلف&&ه، ويك&&ون الس&&تر على ب&&اب بيت&&ه فتك&&ون في&&ه

&&& غيبي&&ه ع&&ني، ف&&إني إذاإلح��دى زوجاتهالتص&&اوير فيق&&ول: ي&&ا فالن&&ة & نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها، فأعرض عن ال&&دنيا بقلب&&ه، وأم&&ات

��ه ك��ان(22)«ذكرها من نفسه، وأحب أن تغيب زينته&&ا عن عين&&ه.. ، كم��ا أنالكامل في التاريخ، ابن األثير، بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد المعروف بالش��يباني)ت:20

، وت��اريخ الط��بري، الط��بري، محم��د بن64 ص2م، ج1966ه��� � 1386ه�(، دار صادر للطباعة والنشر � بيروت، 630 ه�(، ت��اريخ األمم والمل��وك المع��روف بت��اريخ الط��بري، تحقي��ق: نخب��ة من العلم��اء، مؤسس��ة األعلمي310جرير )ت:

.67 ص2م، ج1983ه� � 1403للمطبوعات،

.195 ص4على حد تعبير السيد الطباطبائي في الميزان، مصدر سابق، ج21

، وهذه السيرة النبوية العطرة عكسها لنا التاريخ اإلس�المي بم�ا ه�و ق�ريب مم�ا59 ص2نهج البالغة، مصدر سابق، ج22.101 ص10، فانظر على سبيل المثال: سنن البيهقي، مصدر سابق، جQقاله اإلمام علي

المشغول بالدعوة إلى الله وهداية الناس إلى الدين الجدي��د، وق��د مأل ذل��ك معظم عمره وشغل أكثر أوقاته، وقد أتعب نفسه في هذا الس��بيل ح��تى خف��ف الل��ه عن��ه ودعاه إلى أن ال يرهق نفسه الشريفة في الدعوة إلى الل��ه، فق��ال ع��ز من قائ��ل:

ى قى*إ"ال ت&&ذك"رة لمن يخش&& ﴾طه*ما أنزلنا عليك القرآن ل"تش&& �1]ط��ه: ﴿ [، وأشار إليه أن ال يره��ق نفس��ه هم��ا وحزن��ا على ع��دم اهت��داء الن��اس إلى دين3

ن&&واالحق، وذلك قوله تعالى: م إ"ن لم يؤم" ع نفسك على آث&&ار"ه" فلعلك باخ" ﴿ [.6]الكهف: ﴾ب"هذا الحد"يث" أسفا

�ا للنس�اء، كي��ف وق��د وردPإن ما تقدم ال يلغي على اإلطالق أن يكون النبي محب »حبب إلي من دني&&اكم الطيب والنس&&اء، وجع&&ل ق&&رة عي&&ني: Pعن��ه

، فحب النساء ليس دنسا، بل هو أمر تقتضيه الجبلة البش��رية، وه��و ال(23)الصالة« ينحصر بالجانب الجنسي، وإنما يحمل معنى أعمق من ذلك وإن كان ال يلغيه، وإننا

على حب المرأة في ذاك المجتمع الذي ك��ان يحتق��ر الم��رأةPنقرأ في تأكيد النبي ��ة، تخطيط��ا رس��اليا يه��دف إلى رف��ع مكان��ة الم��رأة، واح��ترام وي��دفنها وهي حي إنس��انيتها. إال أن ه��ذا الحب النب��وي البش��ري للنس��اء ش��يء، والول��ع بهن والغ��رام

بعشقهن شيء آخر، كما هو واضح.��را واح��دة، وهي الس��يدة عائش��ة، م��عP من المعروف أنهرابعا: لم ي��تزوج إال بك

كون ذلك مقدورا له، وال سيما في المرحلة المدنية، وأما سائر نسائه فكن ثيب��ات، وقد تزوجن قبله، وأنجبت بعضهن من غيره، بل إن بعضهن كانت كثيرة األوالد قبل ال��زواج به��ا، كس��ودة بنت زمع��ة، فق��د ك��انت على ح��د تعب��ير الم��ؤرخين، »إم��رأة

عندما طلبها لل��زواجPمصبية« )كثيرة الصبيان( حتى إنها أشفقت على رسول الله ، وهك�ذا، ف�إن س�ودة(24)من كثرة صبيتها وما قد يسسببونه من إزعاج لجنابه الكريم

، فيم��ا(25)كانت متقدمة في السن، ولذا، فإنها سرعان م��ا وهبت ليلته��ا إلى عائشة يبدو أنه تعبير عن تقدمها في العمر وضعف رغبتها في الرج��ال، كم��ا أن أم س��لمة

، بل إن أم(26) عند خطبته لهاPكانت هي األخرى »إمرأة مصبية«، وقالت ذلك للنبي

(، الخص�ال، تحقي�ق: علي أك�بر الغف�اري، منش�ورات جامع�ة381أنظ�ر: الص�دوق، محم�د بن الحس�ين بن بابوي�ه)ت:23 7ه�(، السنن الكبرى، دار الفكر، ج 458، والبيهقي، أحمد بن الحسين )ت166ه�، ص1403المدرسين، قم � إيران،

.78ص

.318 ص1راجع مسند أحمد، مصدر سابق، ج24

.68 ص6المصدر نفسه ج25

.319 ص6 المصدر نفسه ج26

Pسلمة، كانت امرأة مسنة عند زواجه منها، وكذلك زينب بنت جحش، فقد تزوجها

ها يومئذ يربو على الخمسين عاما .(27)وسن�ر نس�اءه بين التس�ريح الجمي��ل، وه�و الطالق إذاPأضف إلى ذلك كله أنه قد خي

كن يردن الحياة الدنيا وزينتها، وبين الزهد فيه�ا، والرض�ا بم�ا قس�مه الل�ه لهن، إنزواج"&&ككن يردن الله ورسوله والدار اآلخرة، قال تعالى: ﴿يا أيها النب"ي ق&&ل أل

حكن سراحا إ"ن كنتن تر"دن الحياة الدنيا وز"ينتها فتعالين أمتعكن وأسروله وال&&دار اآلخ"&&رة ف&&إ"ن الله أع&&د جم"يال * وإ"ن كنتن ت&&ر"دن الله ورس&&

نكن أجرا عظ"يما نات" م" [، وق��د وهبت��ه ام��رأة ذات29 � 28]األح��زاب: ﴾ل"لمحس" ، فهل ترى أن ه�ذه الفعال هي(28)«»ما لي في النساء حاجةيوم نفسها فقال:

فعال شخص مولع بالنساء، مغرم بحبهن واله في عشقهن؟! أليس المولع بالنساءيميل إلى األبكار والشابات وليس إلى الثيبات والمسنات وذوات األوالد؟

لماذا تسع وليس أربعا؟ وأما زيادة عدد نسائه على األربع، م��ع أن الق��رآن الك��ريم وض��ع األرب��ع س��قفا ال

نيجوز لمسلم الزيادة عليه أو تخطيه، قال تع��الى: ﴿فانك"حوا م&&ا ط&&اب لكم مدة تعد"لوا فواح" فتم أال [ فقد3]النساء: ﴾النساء مثنى وثالث ورباع فإ"ن خ"

من بين س��ائر المس��لمين، وق��دPاعتبرها علماء المسلمين استثناء اختص به الن��بي��ة تح��دثوا في��ه عن خص��ائص الن��بي في أم��ورPعق��دوا باب��ا خاص��ا في الكتب الفقهي

.(29)الزواج والطالق وغير ذلك يخرج الزيادة على األربع عن كونها(30)إال أن ثمة تفسيرا آخر أقرب إلى الصواب

��هPامتيازا لرسول الله اختصه الله به وميزه عم��ا س��واه، وخالص��ة ه��ذا التفس��ير أن وبعد أن نزلت اآلية المباركة بتحديد الزواج بأربع من النساء، كان على ك��ل مس��لم

.195 ص4كما يذكر الطباطبائي، الميزان، مصدر سابق، ج27

من حديث س�هل بن س�عد، وأورده من علم�اء الش�يعة األحس�ائي108 ص 6أنظر: صحيح البخاري، مصدر سابق، ج 28 ه�(، تحقيق: السيد المرعشي والشيخ مجتبى880في كتابه: عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور األحسائي)ت حدود سنة

.264 ص2م، ج1983ه� � 1403العراقي، مكتبة آية الله المرعشي، قم � إيران،

ه���(، انتش��ارات676أنظ��ر: ش��رائع اإلس��الم في الحالل والح��رام، الحلي، جعف��ر بن الحس��ن المع��روف ب��المحقق )29 م(، تحقي��ق: الش��يخ1266، وجواهر الكالم، النجفي، محمد حس��ن )ت497 ص3ه�، ج1409،�� 2استقالل، طهران، ط

، وم��واهب الجلي��ل لش��رح مختص��ر119 ص29ه���.ش، ج1367،�� 3عباس القوجاني، دار الكتب اإلسالمية، إيران، ط (، تحقيق: زكري��ا عم��يرات، دار الكتب1954خليل، الحطاب الرعيني، محمد بن بن محمد بن عبد الرحمن المغربي )

.4 ص5م، ج1995، 1العلمية، بيروت � لبنان، ط

أنظر: الصدر، السيد إسماعيل، التعليقة على كتاب التشريع الجنائي في اإلسالم لألستاذ عبد الق�ادر ع�ودة، مؤسس�ة30.159 ص1ه�، ج1402البعثة، طهران � إيران،

عنده أكثر من أربع زوجات أن يطلق ويخلي سبيل من زاد على األرب��ع، ولكن الل��ه من ه��ذا التش��ريع )طالق من زاد على األرب��ع(، وذل��ك ألنPس��بحانه اس��تثنى نبيه

هن أمهات المؤمنين، وال يجوز لهن التزوج بسواه، سواء في حياته، أو بع��دPنساءه موت��ه، وال يج��وز لغ��يره من الرج��ال ال��تزوج بهن، كم��ا نص على ذل��ك الق��رآن

اختار أربع�ا منهن، وف�ارق البقي�ة لش�ق ذل�ك على المطلق�ات،P، فلو أنه(31)الكريم فإنهن ممنوعات من الزواج بغيره، كما أنهن قد ال يج��دن من يع��ولهن، فم��ا اختص

ليس هو جواز الزيادة على أربع، وإنما هو جواز اإلبق��اء على م��ا زاد علىPبه النبي بعد أن نزلت اآلية المذكورة.Pاألربع، للحكمة المشار إليها، ولذا لم يتزوج النبي

زواج النبي من زينب بنت جحش التي طرحت في س��ياق تش��كيكي، ه��دف إلى الني��ل منوأما القضية الثانية

في الج��انب الجنس��ي، واعتبره��ا الفك��ر االستش��راقي وغ��يرهPنزاه��ة رس��ول الله . فهي قضية زواج��ه من زينب بنت جحش، حيثP(32)مؤشرا على »شهوانية« النبي

ادعي أنه رآها في وضعية غير محتشمة، فوقع حبها في قلب��ه، األم��ر ال��ذي تس��بب بعد ذلك بطالقها من زوجها زيد بن حارث��ة، ومن الط��بيعي أن الفك��ر االستش��راقي

من ف�راغ ولم يبت�دع قص�ة(33) بالشهوانية، بل والخ�داعPلم ينطلق في اتهام النبي هذا االتهام أو يخترعها اختراعا، وإنما اعتمد على بعض المصادر اإلسالمية وانطل��ق

منها ليحلل ويحمل النص ما ال يحتمل. وفي المقابل فإن علماء المسلمين قاموا بتفنيد هذه الشبهة التي أثيرت بش��كل

، وإليك بداي�ة تقري�را مختص�را عن زواجP(34)غير منطقي وحاولت النيل من نزاهته ج بعد زينب بزيد بن حارثة، هذا الزواج الذي لم يدم طويال وانتهى بالطالق، ثم نعر

بها وأسباب ذلك ليتضح من خالل ذلك أنه ليس فيPذلك على ظروف زواج النبي

ن&&دقال تعالى: 31 ﴿وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله" وال أن تنك"حوا أزواجه م"ن بعد"ه" أبدا إ"ن ذل"كم كان ع"[.53]األحزاب: ﴾الله" عظ"يما

من زينب: »وهناك شيء أكي�د تقريب�ا أال وه�وPيقول مونتجمري وات في كتابه »محمد في المدينة« في شأن زواجه32 السبب الذي سبب انتقادات معاصري محمد، فهم لم يصدموا من الجانب الشهواني الذي ينم عليه هذا المسلك كم��ا يصدم أهل أوروبا اليوم، بل كانوا يعارضون الزواج، ألنه كان في نظرهم زنا، وكانت هذه النظرة تعتم��د على الق��رآن كما كانت تستوحي المبدأ القديم القائل: »بأن الولد الربيب )المتبنى( كاالبن الحقيقي«، )أنظر: محم��د في المدين��ة،

.503مونتجمري وات، تعريب: شعبان بركات، منشورات المكتبة العصرية، صيدا � بيروت، ال.ت، ص

.496كما ذكر مونتجمري وات من دون أن يتبنى ذلك، أنظر: المصدر نفسه، ص33

أنظر كتاب: السيرة النبوية وكيف حرفها المستش�رقون؟ ترجم�ة محم�د عب�د العظيم علي، اإلس�كندرية، دار ال�دعوة34، وما بعدها.134م، ص1994 1للطبع والنشر والتوزيع، ط،

Pهذه القضية ما يعيب رسول الله ، وليس من المنطقي في شيء اتخاذها مس��تندا أو نبوته.Pللتشكيك بنزاهته

زواج زينب من زيد بن حارثةبي في الجاهلي��ة وبي��ع في أس��واق كان زيد بن حارثة بن شرحبيل الكلبي ق��د س�� مك��ة، فاش��تراه حكيم بن ح��زام ألخت��ه خديج��ة بنت خويل��د، ثم إن خديج��ة وهبت��ه

P قبل البعثة، وكان زيد يومها ابن ثماني سنين، فعاش في كنف النبيPلرسول الله

حياة طيبة، ولما عرف أهله وذووه أن ابنهم في مك��ة، ق��دم عم��ه وأب��وه في طلب وق��اال: ي��ا ابن عب��د المطلب! ي��ا ابن هاش��م! ي��ا ابن س��يدPفدائه، ودخال على النبي

قومه! جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه، فق��ال: من ه��و؟ : ادعوه؟ قاال: ما هو؟ قالفهال غير ذلك: Pقاال: زيد بن حارثة، فقال رسول الله

وخيروه فإن اخت&&اركم فه&&و لكم، وإن اخت&&ارني فوالل&&ه م&&ا أن&&ا بال&&ذي ق��اال: ق���د زدتن���ا عل���ى النص���ف وأحسن���ت،أختار عل&ى م&ن اختارن&ي أحدا،

ق��ال: نعم ه��ذا أبي، وه��ذا عمي،هل تعرف ه&&ؤالء؟ فقال: Pفدع�اه رسول الله ق��ال: م��افأنا من عرفت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما؟قال:

أريدهما وما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان األب والعم، فقاال: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبي��ك وعلى أه��ل بيت��ك؟ ق��ال: نعم، ورأيت

ذل��كPمن هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا، فلم�ا رأى رس��ول الله يا من حضر اشهدوا أن زي&&دا اب&&نيأخرجه إلى الحجر � في بيت الله � فقال:

.(35)«فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفايرثني وأرثه، ومن ذاك الوقت أصبح زيد يع��رف بزي��د بن محم��د إلى أن ن��زل الق��رآن ب��رفض

ياءكمالتبني، انطالقا من قصة زيد نفسه، وذلك في قوله تعالى: ﴿وما جعل أدع"ب"يل* كم والله يقول الحق وهو يه&&د"ي الس&& أبناءكم ذل"كم قولكم ب"أفواه"ن&&د الله" ف&&&إ"ن ل&&&م تعلم&&وا آب&&اءهم &&&م ه&&&و أقس&&&ط ع" بائ"ه" ادع&&وهم آل"

[.5 � 4]األحزاب ﴾فإ"خوانكم ف"ي الدين" وموال"يكم ثم، وبعد هجرة المسلمين إلى المدينة.. كانت من جملة المه��اجرين زينب بنت جحش وأمها أميمة بنت عبد المطلب، وفي المدين��ة تق��دم لخطب��ة زينب ع��دد من

أين هي ممن: P في أمره��ا، فق��الPالص��حابة، فأرس��لت أخته��ا لتستش��ير الن��بي زيد، قالت: ومن هو يا رس��ول الل��ه؟ فق��ال: يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها؟

أسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن األثير، بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عب�د الك�ريم بن عب�د الواح�د المع�روف35.227 � 224 ص2ه�(، دار الكتاب العربي، بيروت � لبنان، ج630بالشيباني)ت:

فغضبت! وقالت: تزوج ابنة عمتك موالك! لست بناكحته! أنا خير منه حسبا ونسبا،ى، فأنزل الله تعالى: (36)أنا أيم قومي ن&&ة إ"ذا قض&& ن وال مؤم" ﴿وما كان ل"م&&ؤم"

م ومن يعص" الله ن أم&&ر"ه" ي&&رة م" وله أم&&را أن يك&&ون لهم الخ" الله ورس&&]األح&&زاب : ب"ين&&ا ، فم��ا ك���ان من زين���ب إال[36﴾ورسوله فقد ضل ضالال م

، لتك��ون الزوج��ة الثاني��ة(37) وه��و زي��د، فتزوجتهPالرض�ا بمن رضيه له��ا رس��ول الله Pلزيد، بعد أم أيمن الحبشية خادمة النبي وحاضنته، والتي زوجه منها رس��ول الل��ه

في مكة المكرمة، فأولدت له أسامة بن زيد.

قصة الطالق وزواج النبي بها ويبدو أن زينب رغم قبولها باألمر الواقع وزواجها من زي��د لم تس��تطع الس��يطرةبا، ول��ذا ك��انت تعل��و علي��ه وتس��تطيل، على إحساسها بالتفوق على زيد حسبا ونس�� األمر الذي كان سببا لحدوث المشاكل والخالفات بينهما، وهذا بطبيعة الح��ال ربم��ا

فيPكان سببا أساسيا دفع زيدا إلى التفكير بطالقه��ا، فك��ان يستش��ير رس��ول اللهذلك، والرسول � كما تنص اآلية الشريفة � ينهاه عن ذلك.

بالزواج منها بهدف إلغاء عرف ج��اهلي يعت��برP وبعد حصول الطالق أمر الله نبيه أن الزواج من زوجة المتبنى كالزواج من زوجة االبن أمر مرفوض و»محرم«، وقد

دا هذه الحادثة، قال تعالى: "ذ تق&&ول ل"لذ"ي أنعم الله علي&&ه"نزل القرآن مخل ﴿وإك ما الله ي ف"ي نفس" ك عليك زوجك واتق" الله وتخف" وأنعمت عليه" أمس"نها وطرا ا قضى زيد م مبد"يه" وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلم"ذا م إ ي&&ائ"ه" ن"ين ح&&رج ف"ي أزواج" أدع" جناكها ل"كي ال يك&&ون على الم&&ؤم" زو

نهن وطرا وكان أمر الله" مفعوال [.37]األحزاب : ﴾قضوا م" والقضية بهذه الحدود ال تثير أية إشكالية، وإنما الذي أث��ار الش��بهة ه��و اش��تمال

ك ما الله مبد"يه"اآلية المتقدمة على فقرة ي ف"ي نفس" ﴾وتخف" [36]األح��زاب: ﴿ ، وانض��م إلى ذل�ك بعضPوالتي اتخذ منه�ا البعض مس��تندا للتش��كيك بنزاه��ة الن��بي

الروايات التي عمقت الشبهة ورسختها في أذهان البعض، وتم تق��ديم تفس��ير آخ��رلطالق زينب غير التفسير المتقدم.

م: المرأة التي ال زوج لها والرجل ال زوجة له.36 األي

والس�نن484 ص2ه��(، دار المعرف�ة، ب�يروت. ج1044أنظر: الس�يرة الحلبي�ة، الحل�بي، علي بن بره�ان ال�دين )ت: 37.136 ص7الكبرى، مصدر سابق، ج

؟ Pما الذي أخفاه النبيك م&&ا الله مبد"ي&&ه"والسؤال: ما المراد بقوله س��بحانه: ي ف"ي نفس" ﴾وتخف" ؟﴿

هل إنه يخفي حبه لزينب أو إنه يخفي أمرا آخر؟ Pذهب بع�ض المستشرقين وتبعه�م بع�ض المسلمي�ن إلى تفسير اآلية بأن النبي

قد أحب زينب وتعلق قلبه بها، لكنه كان يخفي ذلك ويحاذر من البوح به، ألن زينب هي من جهة، امرأة محصنة، ومن جهة أخرى هي زوجة ابنه بالتبني، والعرف العام

يتعامل مع المتبنى تعامله مع االبن الحقيقي في قضايا الزواج والميراث ونحوها. وعزز أصحاب هذا االتجاه رأيهم هذا باالستناد إلى بعض الرواي��ات، من قبي��ل م��ا

ه: »كان النبي ق��د زوج زي��د بن حارث��ةPرواه الطبري في تفسيره عن وهب بن منب يوما يريده، وعلى الب��اب س��تر منPزينب بنت جحش ابنة عمته، فخرج رسول الله

شعر، فرفعت الريح الستر فانكشف، وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابه��ا في إني أري�د أن أف��ارق ص��احبتي،P ... فجاء � زيد �� فق�ال: ي�ا رس�ول اللهPقلب النبي

قال، ما لك؟ أرابك منها شيء؟ فقال: ال والله يا رسول الله ما راب��ني منه��ا ش��يء.(38) أمسك عليك زوجك واتق الله«Pوال رأيت إال خيرا، فقال له رسول الله

ر ه��ؤالء قول��ه تع��الى: »وتخفي فيواس��تنادا إلى ه��ذه الرواي��ة وأمثاله��ا فس�� كان يخفي حبه لها وتعلقه بها، ويضيف هؤالءPبأن النبي نفسك ما الله مبديه«

عن��د خروج��ه من بيته��اPبأن زينب قد أحست به��ذا األم��ر لم��ا س��معت ق��ول الن��بي ، فإن تقليب القل�وب ه�و تحويله�ا من ح�ال إلى ح�ال،(39)»سبحان مقلب القلوب«

��ه ومن��ذ أن رآه��ا على تل��ك الح��ال فهو وإن لم يكن له ميل نحوها في السابق، لكن تعلق بها وامتأل قلبه حبا لها كما أوحت به كلمته تلك، وقد استغلت زينب هذا الميل النبوي لها بهدف التخلص من زيد الذي قبلت به زوجا على مضض، ولذلك لما ج��اء

وهي تعلمPزيد إلى البيت لم تكتمه ما حص��ل، ب��ل أخبرت��ه بم��ا س��معت من الن��بي »أن زيدا إذا علم بأنها وقعت في نفس محم��د وأنه��ا أعجبت��ه ال يس��عه إال أن ي��نزل عنها له.. وقد أصابت زينب الهدف بإخبارها زيد، فإنه بعدما أخبرته لم يلبث أن جاء

فقال له: يا رسول الل��ه، لع��ل زينب أعجبت��ك فأفارقه��ا ل��ك، ولم تكت��فPإلى النبي زينب بإخبار زيد بالقضية، بل أخذت بعد ذلك تبدي النفور من زيد وتؤذيه وتستطيل��ه ه��و أيض��ا بع��دما علم أن س��يده أحبه��ا، ص��ار ال يس��تطيع علي��ه بلس��انها، على أن

ه�� �1415ه�(، دار الفكر، بيروت �� لبن�ان، 310جامع البيان المعروف بتفسير الطبري، الطبري، محمد بن جرير )ت:38.18، ص22م، ج1995

ه�(، تحقيق: محمد حميد الله، معهد الدراسات واألبح�اث �� المغ�رب،151سيرة ابن اسحاق، ابن إسحاق، محمد )ت:39.245، ص5ه�، ج1369، 1ط

غشيانها، فارتفعت من بيتهما المودة وانقط��ع حب��ل الزوجي��ة بحكم الض��رورة، فلم يبق لزي��د إال أن يفارقه��ا. وك��ذلك فع��ل.. فأس��باب الطالق كم��ا ت��رى هيأته��ا زينب، ووافقه��ا عليه��ا زي��د بحكم الض��رورة، وإذا تم الطالق فق��د انح��ل ج��انب عظيم من المشكلة، ولم يبق إال جانبها اآلخ��ر وه��و أن يتزوجه��ا محم��د، وليس حله��ا من ه��ذا

.(40)الجانب بصعب على جبريل!«هذه خالصة ما قاله بعض الذين كتبوا حول هذه القضية.

تفنيد الشبهة ولكننا وبصرف النظ��ر عن اعتقادن��ا الخ��اص بنزاه��ة الن��بي وعص��مته، ال نج��د أن الشواهد والقرائن تساعد على هذا التفسير المغ��رق في التحلي��ل وإعم��ال الخي��ال

ق��د أغ��رم ب��زينب، وأن ذل��ك ك��ان س��ببPالواسع بما أدى إلى االستنتاج، بأن النبيطالقها من زيد، وهذا ما نبينه من خالل الوقفات التالية:

ليس في القرآن الكريم الذي نقل لنا هذه الحادث��ة م��ا يش��ير إلىالوقفة األولى: بس��بب أم��ره لزي��دPوقوع النبي في حب زينب، وإنما غاية ما في��ه، أن الل��ه ع��اتب نبيه

بإبقاء زينب عنده وإمساكها، مخفيا � أي النبي � أمرا يريد الل��ه إظه��اره، ومتخوف��ا من الناس، مع أن الله أحق أن يخشاه، واآلية الكريمة وإن لم تحدد لنا بشكل واضح ماهية

ويخشى الناس من إظهاره، لكن سياقها يؤشر على أن ماPهذا األمر الذي أخفاه النبيأخفاه ليس هو حبه لزينب، وإنما هو شيء آخر، فما هو هذا الشيء؟

يرجح أن يكون هذا الشيء، هو أمر الله له ب��الزواج منه��ا، بع��د أن يطلقه��ا زي��د،ى، والقرين��ة وذلك بغرض محو سنة الجاهلي��ة ال��تي تح��رم ال��زواج من زوج��ة المتبن

على ترجيح هذا التفسير، هي أمران:رج ف"يأ ��� قول��ه س��بحانه: ن"ين ح& ا ل"كي ال يك&ون على الم&&ؤم" جناكه& ﴿زو

م يائ"ه" ليسP[، فهو يؤشر على أن ما كان يخشاه الن��بي37]األحزاب: ﴾أزواج" أدع" أن يقول الناس عنه، إنه أغرم بزينب بنت جحش، فهذا ما لم يحصل ليخشى من��ه،��ه كي��ف س��يواجه الن��اس باإلق��دام على ال��زواج من زوج��ة ابن��ه في وإنما خشيته أن التبني، ومن هنا جاء العتاب اإللهي له بأنك تخشى الناس، والله أحق بالخش��ية، وال

كان رافضا المتثال أمر الله أو متمردا عليه، ولكنه كان متخوفا منPنخال أن النبيتلي إقدام�ه على ال�زواج، وم�ا يمكن أن يترك�ه ذل�ك من ص�دى الع�واقب ال�تي س�

سلبي في أوساط الناس، ربما يؤثر ذلك على الدعوة اإلسالمية.

.407كتاب الشخصية المحمدية، مصدر سابق، ص40

ب � لو أننا توقفن�ا قلي�ال عن���د ه���ذا العت��اب اإللهي المس��تفاد من قول��ه تع��الى:﴾وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه [ الستطعنا أن نجد في��ه37]األحزاب: ﴿

ليس هو محبته وتعلقه بزينب، ألنه لو كان األمرPخير دليل على أن ما أخفاه النبي كذلك، لكان ينبغي أن يتوج��ه العت��اب إلي��ه على أص��ل تعلق��ه وغرام��ه ب��زينب وهي امرأة محصنة، ال على إخفائ�ه لذلك األم�ر، ف�إن إخف�اء مثل هذا الغرام � لو ك��ان � ومجاهدة نفسه في سبيل التخلص من��ه، هي م��دعاة للم��دح ال لل��وم أو العت���اب،

على أنP على كتمانه لميله إلى زينب، حرصا من��ه Pفه�ل يعقل أن يعاتب الله نبيهال يتسبب بفك رباط زوجي بين اثنين من صحابته؟!

إن الروايات التي اعتم��د عليه��ا أص��حاب ه��ذا االتج��اه ال يمكنالوقفة الثانية: التعويل عليها سندا وال االستناد إليها، وذلك بسبب منافاته��ا لكت��اب الل��ه، كم��ا أنه��ا

��د أن م��اRمعارضة بروايات أخرى، ورد بعضها عن طريق أئمة أهل ال��بيت وهي تؤك هو إعالم الله له، بأن زينب ستكون في عداد أزواجه، وذلك حذرا منPأخفاه النبي

. Q(41)ألسنة المنافقين، كما ورد في الحديث عن اإلمام الرضا ويذكرنا ما جاء في الرواية الم��ذكورة أعاله ح��ول رؤي��ة الن��بي ل��زينب، وهي في وضع غير محتشم والتي رواه��ا وهب بن منب��ه، وه��و ممن ع��رف بإكث��ار النق��ل من

بقص��ة مش��ابهة، رواه��ا وهب نفس��ه ح��ول غ��رام ن��بي الل��ه داوود،(42)اإلسرائيليات بزوجة أوريا وهو أحد قادة جيشه عندما رآها عارية وهي تغتسل، ولشدة هيامه به��ا��ل أوري��ا وت��زوج أرسل زوجها للغزو به��دف تعريض��ه للهالك، وك��ان ل��ه م��ا أراد فقت

.(43)داوود بأرملته! في غ��رام زينبP إن طبيعة األمور ال تساعد على وق��وع الن��بيالوقفة الثالثة:

، فهي ابن�ةPبنت جحش، وذلك ألن زينب ليس�ت ب�المرأة الغريب�ة على رس�ول الله عمته وهو يعرفها جيدا قبل الهجرة، بل وقب��ل النب��وة، حيث لم يكن هن��اك حج��اب،ها قبل ذلك عندما كانت عزباء أو عندما أرسلت إلي��ه في المدين��ة فلم لم يغرم بحب

يهواه��ا لم��اPتستشيره فيمن تختار من الرجال الذين تقدموا في خطبتها؟ فلو كانزوجها لزيد بن حارثة بل طلبها لنفسه.

ه��(، مؤسس�ة األعلمي، ب�يروت �381، الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي )ت:Qعيون أخبار الرضا41.172 ص2ه�، ج1404لبنان،

كما جاء في ترجمته، أنظر على سبيل المثال: ميزان االعتدال في نقد الرج�ال، ال�ذهبي، محم�د بن أحم�د بن عثم�ان42.352 ص4م، ج1963، 1ه�(، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت � لبنان، ط748)ت:

.178 ص 23تفسير الطبري، مصدر سابق، ج43

ها على قلب��ه ��� فض��ال عن أنه��ا ه لما رآها على تلك الوضعية سيطر حب ودعوى أن دعوى ال دليل عليه��ا ��� مرفوض��ة، ألن مث��ل ه��ذا الهي��ام بحب ام��رأة ك��ان متص��ورا

ال يزال في ريعان الشباب وذروة العاطفة، أما وأنه في ه��ذاPومفهوما لو أن النبي الوقت قد أصبح في منتصف العقد السادس من عمره ولديه العديد من الزوجات، وهو في الوقت عينه مش��غول بهم��وم األم��ة وال��دعوة.. ف��أنى ل��ه الوق��وع ب��الغرام

وعشق النساء حتى لو كن عازبات، فكيف بالمحصنات المتزوجات!رين من أن ال��ذي أخف��اه وفي ضوء ذلك يتضح أنه ال وجه لما ذكره بعض المفس��

هو ميله الطبعي الالشعوري إليها، وميل الطبع أمر إنساني خارج عن اإلرادة Pالنبي . فه��و تفس��ير ال ينس��جم م��ع ظ��اهر اآلي��ة، كم��ا(44)واالختيار، فال يالم عليه اإلنس��ان

عرفت.

الزواج من عائشة في سن التاسعة من بنت في التاس��عة من عمره��ا، فق��دP، وهي زواج��ه وأما القض&&ية الثالثة

حاول بعض العلماء اإلجابة عليها بنفس ما أجيب ب��ه على الش��بهة األولى، ب��القول: إن هذا الزواج كان مألوف��ا في األزمن��ة الغ��ابرة، وإن البنت في بعض المجتمع��ات، ومنها المجتمع الجاهلي، ك��انت تبل��غ في التاس��عة من عمره��ا مبل��غ النس��اء وتغ��دو مؤهلة من الناحية الجنسية لالق��تران بالرج��ل، وه��ذا م��ا حص�ل م��ع عائش�ة عن��دما

.Pتزوجها النبي والذي أعتقده أن ه��ذه اإلجاب��ة ليس��ت مقنع��ة بم��ا في��ه الكفاي�ة، ب��ل إنه��ا إجاب��ة تبريرية لما افترضه هؤالء األعالم حقيقة ثابتة، واألقرب إلى الصحة هو عدم حدوث هذا الزواج من عائشة، وهي في سن التاسعة أصال، وعدم صحة الرواية ب��ذلك، وال أنطلق في موقفي هذا من خلفية تحاول إسقاط ما نشعر ب��ه الي��وم من اس��تهجان مثل هذا الزواج على الواقع التاريخي، فإن مثل هذا اإلس��قاط عم��ل غ��ير منطقي،��ه ليس ثم�ة م�ا ي�برر إه��دار الف��وارق ��دنا في مق��دمات ه��ذا البحث على أن وق��د أك الزمانية، ومحاكمة الواقع التاريخي طبقا لمعايير أو مقاييس العص��ر الحاض��ر، فل��و أن الروايات التي نقلت لنا قصة هذا الزواج قد اقتصرت على أصل حدوث ال��زواج

ه��(،548نقله في مجمع البيان عن البلخي، مجم�ع البي�ان في تفس�ير الق�رآن، الطبرس�ي، الفض�ل بن الحس�ن )ت:44 ، وسجله المقداد السيوري دون أن ي��رده163 ص8ه�، ج1415،�� 1مؤسسة األعلمي للمطبوعات، بيروت � لبنان، ط

ه���(،826أو يعلق عليه في كتابه كنز العرف��ان في فق��ه الق��رآن، الس��يوري، جم��ال ال��دين المق��داد بن عبدالل��ه )ت: إشراف: الش��يخ واع��ظ زادة الخراس��اني، تحقي��ق: الس��يد محم��د القاض��ي، الناش��ر: المجم��ع الع��المي للتق�ريب بين

.325 ص2 ه�، ج1419ه�.ش، 1377، 1المذاهب اإلسالمية، ط

من السيدة عائشة وهي في سن التاسعة أو العاشرة، ألمكن ول��و بص��عوبة تج��اوز���ه ل���ه بعض ذل���ك وت���بريره بم���ا ذك���ر من توجي���ه، وه���و بالمناس���بة توجي���ه تنب

، إال أن المش��كلة تكمن في أم��ر آخ��ر، وه��و م��ا تض��منته تل��ك(45)المستش��رقين الرواي��ات من مالبس��ات ال يمكن التص��ديق به��ا أو قبوله��ا، وفيم��ا يلي بحث ودرس

لقصة هذا الزواج، وذلك عبر ثالثة محاور:المحور األول: في دراسة المضمون الداخلي للروايات )نقد المتن(.

ند ومالحظة الشواهد المعارضة. المحور الثاني: في نقد الس المحور الثالث: في محاولة التعرف على من نسج هذه القصة، ومن له مص��لحة

في نشرها.

✽ ✽ ✽

المحور األول:دراسة المضمون الداخلي للروايات

قصة الزواج كما روتها عائشة

في مستهل الحديث وقبل الدخول في الدراسة التفص��يلية له��ذه المس��ألة، نج��د من الضروري أن نعرض أم��ام الق��ارىء الك��ريم واح��دة من أش��هر الرواي��ات ال��تي

يقول بودلي في كتاب�ه: الرس�ول: حي�اة محم�د: ردا على منتق�دي ال�زواج من عائش�ة وهي ص�غيرة الس�ن: ».... فلم45��روا أن ه��ذه الع��ادة ال زالت قائم��ة في ش��رق ينظروا إلى هذا الزواج على أنه كان وال ي��زال ع�ادة آس��يوية، ولم يفك أوروبا، وكانت طبيعية في إسبانيا والبرتغال إلى سنين قليلة، وأنها ليست غير عادية اليوم في بعض المناطق الجبلية البعيدة في الواليات المتحدة األميركية«، أنظ��ر: الرس��ول: حي��اة محم��د، ر. ف. ب��ودلي، تع��ريب عب��د الحمي��د ج��ودة

.174السحار ومحمد محمد فرج، طبع دار الكتاب العربي بمصر ص

ة ه��ذا ال��زواج، ومن ثم ننتق��ل في مرحل��ة ثاني��ة، إلى التأم��ل في ه��ذه تحكي قص�� الرواية وغيرها من الروايات، ومحاكمتها على ضوء المع�ايير المعتم�دة في دراس�ة

النصوص.��ا ر، ح��دثنا والرواي��ة هي التالي��ة: أخبرن ��و ح��دثنا محمد بن عم��رو، محمد بن بش�� أب

حمن بن حاطب، قاال: سلمة، لما هلكت خديجة، جاءت خولة بنت ويحيى بن عبد الرم، قالت: عثمان بن مظعون، حكيم امرأة ه عليه وسل ه صلى الل قالت : يا رسول الل

با، فقال: “فمن البكر؟”، أال تزوج؟ قال: “من؟”، قالت: إن شئت بكرا وإن شئت ثيب؟”، قالت: ي ه إليك، عائشة بنت أبي بكر، قال: “ومن الث فقالت: ابنة أحب خلق اللبعت��ك على م��ا تق��ول، ق��ال: “ف��اذهبي فاذكريهم��ا ودة بنت زمع��ة، وق��د آمنت وات س��

ه عليكم من الخير أبي بكر، علي”، فدخلت بيت فقالت: يا أم رومان، ماذا أدخل اللم أخطب ل ه عليه وس�� ه صلى الل والبركة؟ قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الل

ى يأتي �ر، فق�الت: ي��ا أب��ا بك��ر عليه عائشة، قالت: انتظري أبا بكر حت ، فجاء أبو بكول لني رس�� ه عليكم من الخير والبركة؟ ق��ال: وم��ا ذاك؟ ق��الت: أرس�� ماذا أدخل الل��ة م��ا هي ابن ��ه؟ إن م أخطب عليه عائشة، قال: وهل تصلح ل ه عليه وسل ه صلى الل الل��ك، ق��ال: ��ه ذل م، ف��ذكرت ل ل ��ه وس�� ه علي لى الل ول الله ص�� أخي��ه، ف��رجعت إلى رس��لح لي”، ��ك تص�� الم، وابنت ��ا أخ��وك، وأنت أخي في اإلس�� ��ه: أن ��ه فق��ولي ل “ارجعي إلي

المطعم بن فرجعت فذكرت ذلك له ، قال: انتظري، وخرج. فق��الت أم روم��ان: إن��ر، ف��دخل فأخلف��ه كان ذكرها على ابنه، فوالله ما وعد وعدا قط  عدي ��و ألبي بك أبك وعنده امرأته أم الفتى، فقالت: يا المطعم بن عدي على بكر ابن أبي قحافة، لعل

��ه إن ت��زوج إلي��ك، ق��ال ذي أنت علي ��ك ال ��ه في دين بئ ص��احبنا ومدخل ��و مص�� أب��ك، فخ��رج بكر ها لتق��ول ذل من عن��ده للمطعم بن عدي: أقول هذه تقول ؟ قال: إن

��ة: ادعي تي وعده، فرج��ع، فق��ال لخول ه ما كان في نفسه من عدته ال وقد أخرج اللت م، فدعته فزوجها إياه، وعائشة يومئذ ابنة س�� ه عليه وسل ه صلى الل لي رسول الل��ك ه علي سنين، ثم خرجت فدخلت على سودة ابنة زمعة، فقالت لها: ماذا أدخ��ل الل��ه ه علي لى الل ه ص�� ول الل من الخير والبركة ؟ فقالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رس�� يخا م أخطبك عليه؟ فقالت: وددت، ادخلي على أبي، فاذكري ذلك له، وكان ش�� وسلة، فق�ال: من ة الجاهلي �ه بتحي ت �ه فحي ، ف�دخلت علي �ه الحج ن وق�د فات قد أدركته الس���د لني محمد بن عب أنك؟ فق��الت: أرس�� هذه؟ فقالت: خولة بنت حكيم، قال: فم��ا ش����ك، احبتك؟ ق��الت: تحب ذل ه أخطب عليه سودة، قال: كفء كريم، ماذا تقول ص�� الله بن عبد ة، إن هذه تزعم أن محمد بن عبد الل قال: ادعها إلي، فدعيتها، قال: أي بنيين أن أزوجك ب��ه؟ ق��الت: نعم، ق��ال: المطلب أرسل يخطبك، وهو كفء كريم، أتحب

، فجعل ادعيه لي، فجاء رسول الله فزوجها إياه، فجاء أخوها عبد بن زمعة من الحجفيه ي��وم أح��ثي في ي لس�� لم: لعم��رك إن يحثي في رأسه التراب، فق��ال بع��د أن أس��ة: فق��دمنا راب أن تزوج رسول الله من س��ودة بنت زمع��ة ، ق��الت عائش�� رأسي الته صلى نح، قالت فجاء رسول الل المدينة فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج في الس��ا لفي م بيتنا، واجتمع إليه رجال من األنصار ونساء، فجاءتني أمي وأن ه عليه وسل اللحت وجهي قته��ا، ومس�� ��رجح بي، ف��أنزلتني ولي جميم��ة ففر أرجوح��ة بين ع��ذقين تي ألنهج، حتى سكن ى وقفت بي عند الباب وإن بشيء من ماء، ثم أقبلت تقودني حت��ده رج��ال من نفسي، ثم دخلت بي، فإذا رس��ول الل��ه ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم وعن��ارك لهم ه ل��ك فيهم وب ��ارك الل ونساء من األنصار، فأجلستني، قالت: هؤالء أهلك فبم ل ��ه وس�� ه علي لى الل ول الله ص�� ساء فخرجوا، وبنى بي رس�� جال والن فيك، فوثب الر

��ا ل إلين ى أرس�� اة، حت ��ا م��ا نح��رت علي ج��زور وال ذبحت علي ش�� عد بن في بيتن س����ادة م إذا دار في عب ل ��ه وس�� ه علي لى الل ه ص�� ول الل ل به��ا إلى رس�� ��ان يرس�� ��ة ك بجفن

.(46)نسائه، وأنا يومئذ ابنة تسعواة، فقد آن األوان بعد أن تسنى لنا قراءة هذه الرواية التي نقلها المحدثون والر أن ننطلق إلى مرحلة التقييم والمحاكمة، فهل يمكننا تصديق هذه الرواي��ة وغيره��ا

من الروايات التي نقلت لنا قصة هذا الزواج؟إن الوقفات التالية كفيلة بتقديم الجواب الشافي عن هذا التساؤل.

الوقفة األولى: الزواج من »طفلة« تلعب األرجوحة! وه��و في العق��د الس��ادس من عم��رهPدعنا نتجاوز مؤقتا استبعادنا إلق��دام الن��بي

على الزواج من بنت في التاسعة من عمرها، والذي يتم تبريره وتوجيهه عادة ب��أن المرأة في المجتمع العربي آنذاك، ربم��ا بلغت مرحل��ة النض��وج الجنس��ي في مث��ل هذا السن، لكننا نتساءل باستغراب: هل يكفي النضج الجنسي وحده مبررا إلق��دام

، على اختيار شريكة حياته الزوجية، مع أنن��ا نعلمPشخصية في مستوى رسول الله أن ذلك ال يمكن أن يكون معيارا لالختيار بالنسبة لإلنسان العادي، فضال عن رسول

، فال ب��د إذن لك��ل من يح��ترم عقل��ه وعق��ول اآلخ��رين، أن يف��ترض أن النض��جPالله الجسدي كان مترافقا مع مستوى من النضج العقلي ل��دى الس��يدة عائش��ة يؤهله��ا لوعي مستلزمات الزواج ومتطلباته، إن لم نضف إلى ذلك ضرورة وعيها للرس��الة

، لتك��ون على بص�يرة من أمره��ا من جه�ة،Pالتي يحملها زوجها، وه�و خ�اتم الرسل��وحي ب��أن أم المؤم��نين وعونا لزوجها من جهة أخرى، وم��ا تنقل��ه لن��ا المص��ادر ال ي

.211 ص6مسند أحمد، مصدر سابق، ج46

عائشة، ك��انت في تل��ك المرحل��ة به��ذا المس��توى من النض��ج العقلي ال��ذي يس��محPللنبي ��ا باالقتران بها، واتخاذها شريكة حياته، األمر الذي يفرض علين��ا الت��دقيق ملي

ق��د بك��ل ج��رأة ودون تهيب، ألن عها على طاول��ة الن في رواي��ات ه��ذا ال��زواج ووض�� التسليم بها والخضوع لها فيه من االستخفاف بعقولن��ا م��ا ال نرض��اه له��ا، وفي��ه من

ما ال نظن أن مسلما يقبله ويرضى به، بل إن ك��ل عاق��لPاإلساءة إلى رسول الله منصف، ولو لم يكن مسلما وال مؤمنا بالنبوة يستطيع أن يقدر بأنه م��ا ك��ان لرج��ل كمحمد) ص( صاحب مشروع تغييري، أن يقدم على ال��زواج من طفل��ة في عقله��ا

وتجاربها، ولو كانت امرأة ناضجة في جسدها. والش��واهد ال��تي نس��تند إليه��ا في ترجيحن��ا أن عائش��ة لم تكن في التاس��عة من عمرها � وهو السن المفترض للزواج حسب ما تنص الروايات � سوى طفلة تعيش

هموم األطفال وشجونهم، هي: إن ذلك هو الحالة الطبيعية لدى البنات في هذا السن، وهذا ما نشهده بأمأوال:

العين، فإن بنت التاسعة أو العاشرة أو الحادية عشرة، حتى لو ك��انت بالغ��ة بلوغ��ا ش��رعيا، فإنه��ا تبقى طفل��ة في همومه��ا ورغباته��ا ومتطلباته��ا، ه��ذا م��ع العلم أن مس��توى ال��وعي ل��دى الم��رأة في زمانن��ا حيث فتحت أمامه��ا أب��واب المعرف��ة ق��د تحسن إيجابيا، وال يقاس بما ك��ان علي��ه الح��ال في األزمن��ة الغ��ابرة، وال س��يما في المجتم��ع الج��اهلي ال��ذي ك��ان يهمش الم��رأة أيم��ا تهميش، ويعتبره��ا مبعث ع��ار

ر أح&&دهم ب"&&األنثىومصدر ش��ؤم،كم��ا نص على ذل��ك ال��ذكر الحكيم: "ذا بش ﴿وإر ب"ه" ن القوم" م"ن سوء" ما بش ظل وجهه مسودا وهو كظ"يم * يتوارى م"

ه ف"ي التراب" أال ساء ما يحكمون كه على هون أم يدس 58]النحل: ﴾أيمس" �59.]

إن الروايات التي ت��ؤرخ له��ذا ال��زواج تجم��ع على أن عائش��ة ك��انت تلعبثانيا: األرجوحة مع أترابها عندما أخذت بطريق��ة مخيف��ة س��يأتي الح��ديث عنه��ا، وأدخلت

، ففي رواية ابن س��عد في طبقات��ه بس��نده إلى هش��ام بن ع��روةPعلى رسول الله وأن��ا بنت س��ت س��نين، وأدخلتPعن أبيه عن عائشة قالت: »تزوجني رس��ول الله

عليه وأن��ا بنت تس��ع س��نين، وكنت ألعب المرجوح��ة، ولي جمة، ف��أتيت وأن��ا ألعب.(47)فأخذت فهيئت ثم أدخلت عليه..«

، وح�ديث اللعب باألرجوح�ة59 ص8ه�(، دار صادر �� ب�يروت، ج230الطبقات الكبرى، ابن سعد، محمد بن سعد )ت:47، وس��نن ابن ماج��ة، ابن ماج��ة، محم��د بن يزي��د القزوي��ني)ت:215 ص4ورد في ص��حيح البخ��اري، مص��در س��ابق، ج

، وس��نن ال��دارمي، ال��دارمي، عب��د الل��ه بن603 ص1ه�(، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر � بيروت، ج275 وغيرها من المصادر.159 ص2ه�(، مطبعة االعتدال، ج255مهرام )ت:

وال أرى فيما ينقله الرواة عن السيدة عائشة من أنها ك��انت تلعب بالبن��ات، وهي��ه Pالدمى أو العرائس، حتى بع��د زواجه��ا وانتقاله��ا إلى بيت رس��ول الله ك��انP وأن

، ال أرى في ذل��ك م��ا(48)يأنس بذلك ويسر به، بل ويرس��ل إليه��ا ص��احباتها ليالعبنها يخفف وطأة االستغراب المتقدم أو يزيل وحشة االس��تبعاد، ب��ل إن ذل��ك يزي��د في

من بنت ذات هم�ومPالطين بلة، ويطرح العدي�د من األس�ئلة، ليس بش�أن زواج�ه طفولية فحسب، بل بش��أن م��ا تض��منته ه��ذه الرواي��ات من أنس��ه وس��روره بلعب

داعي��ةPزوجته مع أترابها بتلك اللعب، علما بأن وج��ود ه��ذه ال��دمى في بيت الن��بي التوحيد ومحطم األوثان، وفي مجتمع ال يزال قريب عهد بعب��ادة األص��نام، ه��و أم��ر

�ه ق�د ورد عن�ه ،(49) النهي عن اقتن�اء التماثي�ل في ال�بيوتPمستغرب، وال س�يما أن. (50)وأقل ما يحمل عليه النهي، هو الكراهة

كان يقدر عمر زوجته ويراعي ص��غر س��نها وميوله��اPثم لو سلمنا جدال أن النبي الطفولية فيتغاض��ى عن لعبه��ا بتل��ك ال��دمى، ولكن أن يرس��ل ه��و بش��كل مس��تمر ومكرر � كما يوحي به قولها »وكان يسربهن إلي« � خلف صاحباتها وي��دعوهن إلى بيته ليالعبنها ويسلينها، فهذا أمر مس��تبعد ج��دا، ألن تح��ول بيت الن��بي إلى مس��رح للعب األطفال البنات ولهوهن مع زوجته ليس أم��را مس��تغربا ومس��تنكرا فحس��ب،

م�ا جعل��ه فيPبل ربما يقال: إنه ال يتناسب وطبيع�ة الظ��روف ال��تي عاش��ها الن��بي شغل عن ذلك، فهم��وم ال��دعوة وم��ا يواجهه��ا من تح��ديات وص��عوبات، ك��انت تمأل تفكيره ووقته، وتشغل حياته، وال تترك له مجاال عند عودت�ه إلى بيته أن يرسل إلى

��ه: Pالبنات الصغيرات ليأتين زوجته ويالعبنه��ا.. إن الن��بي ﴿يا أيه&&ا وم��ذ خاطب��ه رب2 � 1]الم��دثر:﴾المدثر*قم فأنذ"ر [ ظ��ل م��ا يق��رب من عش��رين عام��ا شاخص��ا

للعمل واقفا نفسه للجهاد في سبيل الله، على مختلف الجبهات وش��تى المي��ادين،ولم يعرف خالل تلك المدة الراحة والدعة.

يوم�ا وأن�اPوإليك بعض هذه الروايات حول ذلك: ففي طبق�ات ابن س�عد باس�ناده إلى عائش�ة: »دخ�ل علي رس�ول الله48 (62 ص8ألعب البنات، فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت: خيل س��ليمان، فض��حك« )الطبق��ات الك��برى، مص��در س��ابق، ج

ب إلي صواحباتي يالعبنني« )سنن ابن ماجة،Pوفي سنن ابن ماجة: »كنت ألعب بالبنات وأنا عند رسول الله فكان يسر ... وكنت ألعب بالبن��ات، فكن ج��وار ي��أتينني،P(. وفي مسند الشافعي: »تزوج��ني رس��ول الله637 ص1مصدر سابق، ج

يس��ربهن إلي«)كت��اب المس��ند للش��افعي، الش��افعي، محم��د بن إدريسP تقمعن منه، وكان النبيPفإذا رأين رسول الله(.172ه�(، مسند الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت � لبنان، ص204)ت:

: »ال تدخل المالئكة بيتا في�ه كلب وال ص�ورة« )ص�حيح البخ�اري،Pمن هذه الروايات حديث أبي طلحة عن رسول الله49(.15 ص5( ويراد بالصورة: تماثيل ذوات األرواح )المصدر نفسه ج64 ص7مصدر سابق، ج

.211 ص1أنظر: المبسوط للسرخسي، مصدر سابق، ج50

الوقفة الثانية: إلى بيت الزوجية أم إلى بيت الجالد! ال يخفى أن أولى خطوات الزفاف، وال سيما في العهود السابقة، أن يتم إع��داد��ة، المرأة البكر الش��ابة وتهيئته��ا نفس��يا الس��تقبال الليل��ة األولى من حياته��ا الزوجي والتي ستدخل معها في عالقة جديدة لها حساسيتها ومتطلباتها، فإن تجاوزت ه��ذه��رت الليلة بعالقة ناجح��ة م�ع زوجه�ا، فس�تكون أس��عد ليل�ة في حياته�ا، وإال ل��و تعث

األمور فإنها قد تكون أتعس ليلة في حياتها. إال أن شيئا من هذا اإلعداد وتلك التهيئة لم يحص��ال ��� فيم��ا تنص الرواي��ات ��� م��عة إلى ذل��ك، كونه��ا ال تفق��ه ش��يئا من السيدة عائشة مع صغر سنها وحاجتها الماس�� متطلبات الزواج، وكيف تفقه ذلك وهي »طفلة« في التاسعة من عمره��ا، ال ت��زال تلعب األرجوحة مع صويحباتها كما عرفن��ا، ولم تق��ف المس��ألة عن��د ه��ذا الح��د من عدم تهيئتها ألمر الزواج ومتطلبات ليلة الزفاف، بل إنها سيقت إلى زوجها � ال��ذي يكبرها بما يزي�د عل�ى خمسين عاما، وهو في الوقت عين��ه شخص��ية اس��تثنائية له��ا��زف إلى عش مهابتها وجاللها � بطريق��ة مرعب��ة، ال ت��وحي إطالق��ا بص��ورة ام��رأة ت الزوجية، أو تدخل في »شهر العسل«، وإنما ت��وحي بص��ورة الض��حية ال��تي تس��اق إلى الجالد، أو صورة الشاة التي تساق إلى الجزار! وإليك هذه الصورة كما ينقله��ا��روون عن لنا أصحاب »الصحاح« من البخاري والدارمي وابن ماج��ة وغ��يرهم، إذ ي السيدة عائشة � والنص للبخاري � أنها قالت: »تزوجني رسول الله وأن��ا بنت س��ت سنين، فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحرث بن خ��زرج ف��وعكت فتم��رق ش��عري، ف��وفى جميم��ه، ف��أتتني أمي أم روم��ان وإني لعلى أرجوح��ة ومعي ص��واحب لي، فصرخت بي، فأتيتها ال أدري ما تري��د بي، فأخ��ذت بي��دي ح��تى أوقفت��ني على ب��اب الدار، وإني ألنهج حتى سكن بعض نفس��ي، ثم أخ��ذت ش��يئا من م��اء فمس��حت ب��ه وجهي ورأسي، ثم أدخلتني ال��دار ف��إذا نس��وة من األنص��ار في ال��بيت، فقلن: على الخير والبركة وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرع��ني

.(51) ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين«Pإال رسول الله »فوعكت« أصابتها الوعكة وهي الحمى، »فتم��رق« تم��رق الش��عر أي تمبيان:

نتف��ه، وفي رواي��ة فتم��زق أي تقط��ع، »ف��وفى« أي ك��ثر ونم��ا، وهن��ا حص��ل ح��ذففيت من الوعك�ة ال�تي أص�ابتها فنم�ا ش�عرها، »جميم�ه« الجميم�ة تقديره أنه�ا ش� والجم��ة من ش��عر ال��رأس م��ا س��قط على المنك��بين، وإذا بل��غ إلى ش��حمة األذنين يسمى وف��رة، »وأم روم��ان« عط��ف بي��ان لقوله��ا »أمي«، وهي كني��ة أم عائش��ة،

، وس�نن ابن ماج�ة، مص�در159 ص2، وس�نن ال�دارمي، مص�در س�ابق، ج251 ص4صحيح البخاري، مصدر سابق، ج51.603 ص1سابق، ج

واألرجوحة معروفة، »وإني ألنهج« أي أتنفس تنفسا عاليا، »وعلى خ��ير ط��ائر« أي.(52)قدمت على خير، أو على خير حظ ونصيب

والذي يس��توقفنا في ه��ذه الرواي��ة ليس أخ��ذها به��ذه الطريق��ة العنيف��ة من بين ص��ويحباتها وإدخاله��ا على نس��اء األنص��ار، وهي تتنفس تنفس��ا عالي��ا، ف��إن ذل��ك وبالرغم من غرابته قد يكون أمرا هينا ويمكن تجاوزه، وال سيما أن والدتها عم��دت بعد ذلك إلى مسح وجهها ورأسها بالماء، وهو ما قد يهدىء من روعها، وإنما ال��ذي يستوقفنا مليا، ويبعث على الدهشة واالستغراب، ه��و إدخاله��ا على زوجه��ا رس��ول

��وحي ب��ذلك قوله��ا:Pالله دون إخطارها بذلك حتى أصيبت بالدهشة والذهول، كما ي »فلم يرعني إال رس��ول الل��ه ض�حى فأس��لمتني إلي��ه..«، يق��ول العي��ني في عم�دة القاري: »فلم يرعني � بضم الراء وسكون العين المهملة � أي لم يف��اجئني، وإنم��ا يقال ذلك في الشيء ال تتوقعه فيهجم عليك في غير زمانه أو مكانه، ويقال معناه:ت ب��ذلك عن المفاج��أة بال��دخول على غ��ير علم لم يفزع��ني إال دخول��ه علي، وكن

.(53)بذلك، فإنه يفزع غالبا«��ة دون أن أيعق��ل أن تس��اق »طفل��ة« في التاس��عة من عمره��ا إلى بيت الزوجي

أحد بذلك، أو يرشدها إلى بعض م��ا يهم الم��رأة ليل��ة الزف��اف، وهي من(54)يخبرها أصعب الليالي على الفتاة البكر، إذ ينتابها القلق ويتملكه��ا الخ��وف وتش��عر ب��التوترئت لذلك وأعدت ل��ه، فكي��ف إذا واإلرباك في مواجهة الموقف حتى لو كانت قد هي

كانت غافلة عن األمر؟! وربما يقولن قائل: إن أمها قد أخطأت إذ لم تخبرها باألمر أو تهيئها لذلك، ومث��ل هذا الخطأ قد يرتكبه بعض الناس لسبب أو آلخر، وال يستوجب ذلك تكذيب الرواية

أو ردها. ولنا أن نجيب على ذلك: بأننا لو قبلنا مثل هذا »العذر« ألم رومان وتغاضينا عم��ا

ما ينتاب عائشة من الخ��وف وال��ذعرPتقدم، إال أننا نتساءل: ألم يلحظ رسول الله عندما أدخلت عليه فكيف واجه الموقف، وهو المعروف بحيائ��ه وأخالق��ه الرفيع��ة؟

ه��(، دار إحي�اء ال�تراث الع�ربي،855أنظر حول شرح ه�ذه الكلم�ات: عم�دة الق�اري، العي�ني، محم�ود بن أحم�د )ت:52.34 ص17بيروت � لبنان، ج

.35 ص17عمدة القاري، مصدر سابق، ج53

، على أنه لو تم إخباره�ا ب�األمر ل�ذكرتPكما يبدو من المفاجأة والدهشة التي أصابتها عندما أدخلت على رسول الله 54 ذلك وهي التي تحدثت عن كل هذه التفاصيل في هذه الرواية أو في غيرها، بما في ذلك أخذها وهي تلعب األرجوحة مع صاحباتها، أما قولها: »فأصلحن من شأني...« فال يشي بأنها قد أخبرت بأمر الزواج وما هي قادم��ة علي��ه، أو أنه��ا

هيئت نفسيا لذلك، وإنما هو ناظر بحسب الظاهر إلى إصالح أمرها من الناحية الجسدية والجمالية.

ما ينتابها من الرعب والخوف ويستعلم منها األم��ر أوPإن من الطبيعي أن يكتشف يهدىء روعها، وأن ينبه الحقا أمها، أم رومان إلى خطأها في عدم إخطار ابنتها بما تقدم عليه، مع أن شيئا من ذلك لم يحصل، وإال لسجلت ذلك الروايات ال��تي نقلت

لنا قصة هذا الزواج بتفاصيلها.

P الوقفة الثالثة: اإلساءة إلى رسول الله

ابقة، وحاولن��ا توجيه��ه بش��كل أو ثم لو أننا تجاوزنا عم��ا ج��اء في المالحظ��ة الس��ة ه��ذا ب��آخر، إال أن م��ا ال يمكن توجيه��ه وال قبول��ه بش��كل من األش��كال، في قص��

م��ع زوجت��ه عائش��ة في محض��ر ع��ام، مم��اPالزواج، هو طريقة تعام��ل رس��ول الله ذيPيخجل عامة الناس وأقلهم شأنا من ارتكابه أو اإلقدام عليه، فكي��ف بن��بي الله

الخلق الرفيع؟! تخيل معي � أيها المسلم � أن نبيك الك��ريم، وص��احب الخل��ق العظيم، ال�ذي ه��و أرق من النسيم تدفع إليه زوجته وتلقى في حجره في مشهد عام يحضره الرج��ال والنساء، دون أن يبدي اعتراضا على ذلك أو يخجل منه! فهل هناك رواي��ة تتض��من

، كمثل هذه الرواية التي تسجلها لنا المص��ادر اإلس��المية دونPتشويها لصورة النبيإنكار من أحد؟!

ف��دخلPففي مسند أحمد في رواية عن الس��يدة عائش��ة: ».. فج��اء رس��ول الله بيتنا، واجتمع إليه رجال من األنصار ونس��اء، فج��اءتني أمي وإني لفي أرجوح��ة بين عذقين ترجح بي، فأنزلتني من األرجوح��ة، ولي جميم��ة ففرقته�ا، ومس��حت وجهي بش��يء من م��اء، ثم أقبلت تق��ودني ح��تى وقفت بي عن��د الب��اب، وإني ألنهج ح��تى

ج��الس على س��رير في بيتن��ا،Pس��كن من نفس��ي، ثم دخلت بي ف��إذا رس��ول الله وعنده رجال من األنصار، فأجلستني في حجره، ثم قالت: هؤالء أهلك، فبارك الل��ه لك فيهم، وبارك لهم فيك، فوثب الرجال والنساء فخرجوا وبنى )دخل( بي رس��ول

!!(55) في بيتنا، ما نحرت علي جزور وال ذبحت علي شاة..«Pالله والمعروف من سيرته أنه كان يالعب األطفال وربماPإن من المعقول في حق النبي

P، ولكن ه�ل يعق�ل أن يرض�ى رس�ول الله(56)أجلسهم في حجره مالطفة لهم وحبا بهم

بوضع زوجته في حجره أمام الرجال والنساء، والذين خرجوا مسرعين من ال��دار، كم��ا وغ��يره من413 ص2، ونح��وه م��ا في ت��اريخ الط��بري، مص��در س��ابق، ج211 ص6مس��ند أحم��د، مص��در س��ابق، ج55

المصادر.

ه��(، المس�تدرك على405أنظر على سبيل المثال: المستدرك للحاكم النيسابوري، محم�د بن عب�د الل�ه الح�اكم )ت:56.259 ص3الصحيحين، تحقيق: يوسف عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت � لبنان، ال. ط، ج

توحي بذلك كلمة الوثوب؟! وكأنهم اس��تحييوا ن��بيهم، فوثب��وا وترك��وه ليختلي بعروس��ه،بينما هو لم يبد عليه من عالمات الحياء أثر وال عين!

إني ال أخفي القارئ الك��ريم حقيق��ة مش��اعري، وأن��ا أق��رأ مث��ل ه��ذه الرواي��ات، وأسطر هذه الكلمات، وهي مشاعر متفاوتة ومتباينة، يختلط فيها الشعور بالخجل، مع الشعور بالغضب لله ولرس��وله، ألن ه��ذا الرس��ول الك��ريم ال��ذي ه��و كتل��ة من الحياء واألخالق، لدرجة أنه لم يكن يسمح لزوجته أن تنظر إلى بعض المواض��ع في جسده مما تراه الزوجة في العادة، وذلك في كل حياتها الزوجية مع��ه، كم��ا ت��روي

، كي�ف يرض�ى لنفسه األبي�ة أن توضع زوجت�ه في حج�ره في(57)السيدة عائشة نفسها��ه إس��اءة بالغ��ة ��ني والل��ه ال أفهم ذل��ك إال على أن حش��د من الرج��ال والنس��اء؟! إن

وانتهاك لحرمته وكرامته..Pلقدسية النبي وتعال معي لنقرأ مقطع��ا آخ��ر من الرواي��ة المتقدم��ة، تق��ول عائش��ة ��� بحس��ب الرواية � : »فخرجوا، وبنى )أي دخل( بي رسول الله في بيتن�ا«، وال يس��عنا هن��ا إال أن نتساءل كيف يرضى الن��بي الحيي أن يب��ادر إلى ال��دخول بزوجت��ه وهي في بيت أهلها؟! وكأنه كان ينتظر خروج هؤالء األشخاص الذين كانوا مع��ه لي��دخل بزوجت��ه!

ولشدة ولعه بها، وشوقه إلى الوصال لم ينتظ��ر أنPوكأن الرواية تريد اإليحاء بأنه يأخذها إلى بيته، ويختلي بها كما يختلي الرجال بعرائسهم! أليس هذا الفع��ل معيب��ا Pوال يليق بإنسان عادي، فضال عن قمة األخالق والعف��اف، رس��ول اإلنس��انية محمد

الذي دعا في تعاليمه ووصاياه إلى وج��وب ال��تزام التس��تر أثن��اء المعاش��رة، فك��انفاديقول فيما روي عنه: »تعلموا من الغراب خصاال ثالث&&ا: اس&&تتاره بالس&&

.(58)وبكوره في طلب الرزق، وحذره«)عالقة الذكر باألنثى(، وفي ضوء ما تقدم، فإننا نرجح أن تكون هذه الروايات موضوعة به��دف اإلس��اءة

وال نستبعد أيضا أن تكون موض��وعة به��دف اإلس��اءة إلى الس��يدةPإلى رسول اللهعائشة نفسها.

عذرا سيدي يا رسول الله، أن يضطرني القلم لكتابة هذه السطور م��ع م��ا فيه��ا من التطرق إلى ما يمس خصوصياتك، لكنه��ا والل��ه الغ��يرة علي��ك، وعلى ص��ورتك النقية هي التي دفعت��ني إلى ذل��ك، حيث ال يمكن للمس��لم أن يرض��ى بتش��ويهها أو

خدشها بما هو أقل من ذلك. ق�ط«،P«، أو ق�الت: »م�ا رأيت ف�رج رس�ول اللهPففي الخبر عن السيدة عائشة: »ما نظ�رت إلى ف�رج رس�ول الله57

،1ه���(، الش��ركة الجزائري��ة اللبناني��ة، الجزائ��ر، ط279أنظ��ر:الش��مائل المحمدي��ة، الترم��ذي، محم��د بن عيس��ى)ت:، وهو حديث مروي في أمهات المصادر الحديثية.192م، ص 2008

.100الخصال للشيخ الصدوق، مصدر سابق، ص58

الوقفة الرابعة: الزواج من طفلة لتخفيف الحزن! ومن األسئلة التي تط��رح إزاء ه��ذا ال�زواج، هي اله�دف من اإلق��دام علي��ه، ف��إن المعهود أن اإلنسان إنما يقدم على الزواج استجابة لرغبة فطرية غرسها الله فيه، تش��ده نح��و الجنس اآلخ��ر، وفي ذل��ك حكم��ة بالغ��ة، وهي بق��اء النس��ل البش��ري واستمراره، مع م��ا في ال��زواج من تحص��ين المجتم��ع وتحقي��ق االس��تقرار الع��ائلي وإشباع الغريزة، هذه هي دوافع الزواج وغاياته، ومن الواض��ح أن ش��يئا من ذل��ك ال يوفره الزواج من الطفلة الصغيرة، فال هي في معرض االستمتاع الجنسي، وال هي مؤهل��ة لإلنج��اب، وال يحق��ق ال��زواج به��ا تحص��ينا لزوجه��ا، وال للمجتم��ع عام��ة من

االنحراف أو الشذوذ على الصعيد الجنسي. وأعتقد أن هذه الحكمة لم تكن لتغيب ع�ن ذهن خولة بنت حكيم، وهي المرأة ال��تي

،Pب�ادرت بع�د وف�اة خديج��ة بنت خويل���د إل���ى ع�رض فك��رة ال��زواج على رس��ول اللهها، م��ا يت��داعى إلى ذهن الكث��يرين من المحيطين فهي، إنم��ا ك��انت ت��رمي من عرض�� بالرجل � أي رجل � الذي فقد زوجته، وهو اختيار زوجة مناسبة ل��ه تعوض��ه عن فق��دان زوجته وتش�اركه حيات��ه وهموم��ه وت��رعى أوالده الص�غار، وتك�ون عون��ا ل�ه في قض��اء

خولة االقتران بطفلةPحاجاته، ولذا فإن من المستغرب والمستبعد جدا أن تقترح عليه صغي�رة في السادسة من عمرها، وإن مجيئها إلى رسول الله بعد وف�اة خديجة � كم��ا تنص الرواية � وقوله�ا ل�ه: »أال تزوج؟« هو خي�ر شاه�د عل�ى ما نق�ول، من أنه��ا إنم��ا

عمنPأرادت تأمين زوجة في الحال للرسول، تكون عوضا له عن خديجة، ولما س��ألها تقترح من النساء، قالت: »إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا، قال فمن البكر؟«، وعلين��ا أن نتنبه جيدا لقولها: »إن شئت بكرا« حيث استخدمت لفظ البكر، وهذا اللفظ ال يستخدم لوصف الطفلة الصغيرة، وإنما يطلق على المرأة البالغة ال��تي لم ت��تزوج بع��د ولم تقم

أية عالقة بالرجال. وربما يقال: إن العقد على الصغيرات كان متعارفا آنذاك، وق��د أق��ر ذل��ك فقه��اء المسلمين، حيث أفتوا بشرعية العقد على الصغيرة إذا كان المزوج لها ه��و وليه��ا، شريطة وجود مصلحة لها في هذا الزواج، أو عدم وجود مفسدة لها في��ه في الح��د

، وعلى أن يؤجل الدخول بها إلى حين بلوغه�ا، وعلي��ه فم�ا الم��انع في أن(59)األدنى بصغيرة جريا على عادة العرب هذه؟Pيتزوج النبي

ولكننا نالحظ على ذلك، بأن ما كان متعارفا آنذاك هو تزويج الصغار بالصغيرات، وأما تزويج الصغيرة بالكبير في العمر، فهو أمر نادر الحصول فيما نق��در، ولكن ل��و

على الخالف في ذلك بين الفقهاء، حيث يرى بعضهم كفاية عدم المفسدة في تزويج ال�ولي للص�غيرة، بينم�ا يش�ترط59آخرون وجود المصلحة في هذا الزواج للصغيرة أو الصغير.

بع��د وف��اةPسلمنا بذلك، فإنه ال يدفع التساؤل المطروح في المقام، وهو أن النبي خديجة كان بحاجة إلى االقتران بإمرأة مؤهلة لل��زواج في الح��ال، وليس بع��د ثالث سنوات، أو ما يزيد عليها، وهذا ما ك��انت تعي��ه جي��دا ص��احبة المب��ادرة، وهي خول��ة

ال�زواج من س�ودةP هي ال�تي اق�ترحت على الن�بي(60)بنت حكيم، ولذا، فإذا ك�انت بنت زمعة، فهذا أمر مفهوم ويمكن تصديقه، إال أن اقتراحها لعائشة يبدو مستغربا،

.Pوال نجد ما يبرره بحسب طبيعة األمور والحاجة الفعلية لرسول الله وليس أق��ل غراب��ة من ذل��ك، م��ا ج��اء في رواي��ة أخ��رى، رواه��ا الح��اكم في

بعد وفاة خديج��ة مبعوث��ا من قب��ل الل��هPالمستدرك، حول مجيء جبريل إلى النبي ، وهو يقول: »ه��ذهPعز وجل وهو يحمل معه عائشة في مهد، ويعرضها على النبي

!(61)تذهب ببعض حزنك، وإن في هذه لخلفا من خديجة« ول��ك أيه��ا الق��ارئ الك��ريم، إزاء ه��ذه الرواي��ة العجائبي��ة، أن تعجب م��ا ش��ئت وتستغرب ما بدا لك، إال إنني أريدك اآلن، وفي هذه الوقفة أن تتساءل معي: كيف

لPيمكن تصور أن هذه الطفلة التي أحضرها جبري��ل إلى رس��ول الله في مه��د تمث خلفا لخديجة وتذهب ببعض حزنه؟! فهل كانت عائش��ة في ه��ذه الس��ن الص��غيرة،

باعتبارها زوجة، وتسليه بما تسلي به الزوج��ة زوجه��ا؟ أم أنه��ا ك��انتPسلوة للنبي سلوة له باعتباره��ا طفل��ة، ومعل��وم أن رؤي��ة األطف��ال ومالعبتهن تس��لي اإلنس��ان

وتذهب الحزن عنه؟ ال بد أن نستبعد الف�رض األول، بل نرفض���ه رفض��ا قاطع���ا، ليقينن���ا أن رس���ول

ه��و أج��ل وأش��رف من أن يالط��ف أو يالعب أو ينظ��ر إلى طفل��ة هي فيPالله السادسة من عمرها، مالطفة الرجل لزوجته أو نظ��ره إليه�ا، ح�تى ل��و ك��انت ه��ذه الطفل��ة زوج��ة ل��ه، ف��إن الم��رأة إن لم تكن مؤهل��ة لالس��تمتاع من ناحي��ة تكوينه��ا الجسدي فيكون االستمتاع بها قبيحا ومستهجنا ومرفوض��ا عقال وش��رعا، ومن هن��ا،

. (62)فإننا نرفض بعض الفتاوى التي تسمح باالستمتاع بالزوجة الصغيرة

إنما أقول: »إذا كانت«، ألنه سيأتي أن بعض الروايات تنص على أن المبادر إلى عرض الزواج على سودة، هو الن��بي60نفسه وليست خولة.

.5 ص4المستدرك على الصحيحين، مصدر سابق، ج61

بناء على القول المعروف بشرعية تزويج الصغيرة قبل بلوغها من قبل وليها، إما لوج�ود مص�لحة له�ا في ال�زواج أو اكتف�اء62 بعدم المفسدة على الخالف في ذلك، فلو أن الصغيرة زوجت وكان زوجها بالغا فهل له أن يستمتع بها أم ال؟ ذهب بعضهم إلى أن لزوجها أن يستمتع بها بغير الدخول، تمسكا باإلطالقات الدالة على جواز االستمتاع بالزوجة ولو كانت صغيرة، وق��د قيدت تلك المطلقات بما دل على حرمة الدخول في الصغيرة، فتبقى سائر أنحاء االستمتاع جائزة، لكن التمسك ب��اإلطالق في المقام ال وجه له، لعدم قابلية الطفلة الصغيرة وال سيما الرضيعة لالستمتاع، والحقيق��ة أن ه��ذه الفت��وى هي من نت��ائج التطبيق الحرفي الدقيق للفكر األصولي والذي يتعامل مع النصوص بطريقة هندسية حرفية ويتمسك باالطالق��ات ح��تى في الموارد التي يكون فيها التمسك باإلطالق مستلزما للخروج بنتائج مثيرة لالستهجان العقالئي كما هو الحال في مقامنا، كما

وأما الف��رض الث��اني، فه��و وإن لم يكن مستبش��عا وال مس��تهجنا، ب��ل ه��و أم��ر مستحسن إال أن هذا النوع من التسلية أو التخفي��ف عن النفس برؤي��ة األطف��ال

كان بحاجة إليه، فقد كان ميسورا لهPومالطفتهم ومالعبتهم لو فرضنا أن النبي Pمن دون ضرورة إلى توفيره ل��ه من خالل ال��زواج بطفل��ة وإحض��ارها ل��ه به��ذه

الطريقة اإلعجازية، فقد أعطاه الله من األوالد )بنين وبنات( من زوجته السي���دة فيOخديجة، ما يكفي لتأمين تلك الرغبة، وعلى رأسهم السيدة فاطم��ة الزه��راء

طفولتها، والتي كانت في ذلك الوقت ال تزال في بيته، وهي كما نعلم أحب بناته إلى قلبه، حتى إنه��ا ق��امت ب��دور األم تج��اه أبيه��ا، ومن هن��ا ك��انت تلق���ب »ب��أم

فيم�ا بع�د، والO، وك�ان ذلك ميس�ورا أيض��ا م��ن خ��الل أبن�اء الزه�راء(63)أبيه�ا« أنه ك��ان يالعبهم��ا وي���الطفهما،P، وقد عرف عنهLسيما سبطيه الحسن والحسين

والحس��نPويركبهم�ا عل�ى ظه�ره، ففي الخبر عن جابر ق��ال: دخلت على الن��بي »ن"عم الجمل جملكم&&ا ونعم على ظهره وهو يحب��و لهم��ا ويق��ول: Lوالحسين

.(64)العدالن أنتما«

الوقفة الخامسة: ال تزوج الباكر حتى تستأذن ومن عالمات االستفهام الكبيرة التي تواجهن��ا في المق��ام، وال نج��د جواب��ا مقنع��ا عليها: ما يظهر من كالم السيدة عائشة � فيما نقلته الروايات عنه��ا ��� من أنه��ا ق��د أخذت على حين غرة، ودفعت الى زوجها )رسول الله( دون أن تستأذن، ب��ل دون أن تعرف ما يراد بها، فهي في مكة طفلة صغيرة )بنت ست سنين( يزوجه��ا أبوه��ا

دون أن تعي معنى الزواج بمقتضى عمره��ا، وفي المدين��ة المن��ورة تأخ�ذهاPللنبي أمها وهي بنت تسع، بالطريقة المشار إليها، لتسلمها لزوجه��ا دون معرف��ة مس��بقة منها باألمر الذي سيقت إليه، ول��ذا اعتراه��ا ال��ذهول والدهش��ة عن��دما أدخلت على

ت علي��ه تع��اليم اإلس��الم،Pالن��بي .. والس��ؤال هن��ا: كي��ف يتالءم ذل��ك م��ع م��ا نص�� وتوجيهات النبي حول ضرورة استئذان البنت البكر في أمر ال��زواج، ففي الح��ديث أفاد سيدنا العالمة المرجع فضل الله، أنظر: الشاخوري، الشيخ جعفر، كتاب النكاح، تقريرا لبح��وث المرج��ع الس��يد محم��د

، ولهذا فاألقرب إلى الص�واب في ه��ذه المس�ألة178 ص1م، ج1996،� 1حسين فضل الله، دار المالك، بيروت � لبنان، ط ه�( الروضة البهية في شرح اللمعة965هو حرمة االستمتاع بالصغيرة، وفاقا للشهيد الثاني، أنظر: الجبعي، زين الدين )ت:

، وتحقيق هذه المسألة موكول إلى محله.104 ص5م، ج1983، 2الدمشقية، دار إحياء التراث العربي، بيروت � لبنان، ط

ه��(، تحقي�ق: ال�دكتور عم�ر عب�د الس�الم748أنظر: تاريخ اإلسالم لل�ذهبي، ال�ذهبي، محم�د بن أحم�د بن عثم�ان)ت:63 ؛ وسبل الهدى والرش��اد للص��الحي243 ص3م، ج1987ه�، 1407،�� 1تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت � لبنان، ط

.37 ص11الشامي، مصدر سابق، ج

، وراج�ع م�ا كتبن�اه ح�ول ه�ذا الموض�وع في كت�اب »حق�وق الطف�ل في285 ص43بح�ار األن�وار، مص�در س�ابق، ج64.138 � 137م، ص2009ه�، 1430، 1اإلسالم« الخشن، الشيخ حسين، دار المالك، بيروت � لبنان، ط

ال تنكح األيم ح&&تى تس&&تأمر، وال تنكح البك&&ر:«Pالم��روي في الص��حاح عن��ه ؟.(65)أن تسكت«، قالوا يا رسول الله: وكيف إذنها؟ قال: حتى تستأذن

وربما يالحظ على هذا التساؤل بمالحظتين: إن ما أصابها من ذهول، إنما يكشف عن جهلها بم��ا هي ص��ائرة إلي��هاألولى:

، ولكن ذلك ال يعني أنها كانت ال تعرف إلى ذل��ك الحينPحين إدخالها على النبي بكونها زوجة للنبي، وأنه��ا س��تزف إلي��ه في وقت م��ا، قريب��ا ك��ان أو بعي��دا، ومن

المستبعد جدا أن ال يكون ذووها قد أطلعوها على هذا األمر وهيؤوها له. وتعليقنا على ذلك هو أن سياق الرواية المروية عن السيدة عائشة ال يوحي بأنها ق��د اس��تئذنت ب��المعنى الم��راد لالس��تئذان في المق��ام )كم��ا س��يأتي توض��يحه في المالحظة الثانية(، ألنها حدثتنا في تلك الرواية عن كل التفاصيل المرتبطة بزواجها برسول الله، منذ أن جاءت إلي��ه خول��ة بنت حكيم، وعرض��ت علي��ه فك��رة ال��زواج، وإلى أن »زفت« إليه بالصورة المشار إليها، فلو أنها ق��د أعلمت به��ذا األم��ر وأخ��ذ

رأيها فيه، أو هيأت له، لذكرت ذلك وأشارت إليه. إن وجوب استئذان الباكر إنما هو في البالغة، وأما الصغيرة فأمرها إلىالثانية:

وليها وهو األب أو الجد لألب، والسيدة عائشة إنما لم تستأذن، ألنها كانت ص��غيرة، فقد زوجت وهي في السادسة من عمرها، والذي زوجها ه��و وليه��ا الش��رعي وه��و

أبوها أبو بكر. وتعليقنا على ذلك: بأن استئذان الزوجة ال بد منه على كل حال، فإن كانت بالغة��ه فتستأذن قبيل العقد، وإن كانت صغيرة فتستأذن أو تستأمر بعد البلوغ، بمعنى أن لو زوجها الولي، فعليه أن يجعل لها الخيار في إمضاء العقد أو فسخه بع��د بلوغه��ا،

زوج أمامة بنت حمزة � وهي صغيرة ��� وجع��ل له��ا الخي��ار إذاP»لما روي أن النبي ، وليس في الروايات ما يشير إلى أن أبا بكر جعل البنته الخيار في عق��د(66)بلغت«

��رت لكنه��ا لم ت��ذكر ذل��ك ��رت حين الزف��اف، واحتم��ال أنه��ا خي ال��زواج، أو أنه��ا خي مستبعد جدا، بلحاظ ما نعرفه من سيرة السيدة عائشة، فق��د اعت��ادت أن تح���دث

بعي��د ه��وPبمث�ل ه�ذه األمور، كما أن احتمال أن في األمر خصوص��ية لرس��ول الله

وس�نن ابن ماج�ة، مص�در140 ص4 وص�حيح مس�لم، مص�در س�ابق، ج135 ص6صحيح البخ�اري، مص�در س�ابق، ج65 :Q أيض��ا، فعن االم��ام الص��ادقR وغيرها من المصادر.. وهذا المعنى نصت عليه روايات أهل البيت603 ص1سابق، ج

10 الح��ديث 271 ص20 أنظر: وسائل الشيعة، مصدر س��ابق، ج »تستأمر البكر وغيرها وال تنكح إال بأمرها« من أبواب عقد النكاح وأولياؤه.3الباب

.130 ص3م، ج1977، 3سابق، سيد، فقه السنة، دار الكتاب العربي، بيروت � لبنان، ط66

اآلخر، ألنه ل��و ك��ان ك��ذلك ألش��ير إلي��ه في النص��وص أيض��ا، كم��ا أش��ير إلى س��ائرخصائصه في أمر الزواج أو الطالق.

الوقفة السادسة: طالقها من زوجها أو فك خطبتها!قاط التي تستوقف الباحث مليا ما تض��منته الرواي��ات من أن الس��يدة عائش��ة من الن كانت على اسم رجل )أو فتى(، قبل أن يتزوجها رسول الله، وذلك الرجل أو الفتى هو

بخطبتها عمد أب��و بك��ر إلى ف��ك ارتباطه��ا ب��ذلكPجبير بن المطعم، وبعد أن تقدم النبي عائش��ةPالشخص، ففي الحديث عن عبد الله بن أبي مليكة ق��ال: »خطب رس��ول الله

بنت أبي بكر، فقال )يعني أبو بكر(: إني كنت قد أعطيتها مطعم��ا البن��ه جب��ير، ف��دعني. (67)حتى أستلها منهم، فاستسلها منهم فطلقها فتزوجها رسول الله«

��ه إذا ك��انت عائش��ة متزوج��ة قب��ل والسؤال ال��ذي يف��رض نفس��ه في المق��ام، أن ، كما توحي بذلك كلم��ة »فطلقه��ا« ال��واردة في النص الم��ذكور، فه��لPرسول الله

من الالئق أن يتقدم رسول الله في طلب خطبتها ويتسبب بطالقها من زوجها؟! أجل، إن ظاهر بعض الروايات أن ما جرى لم يكن زواجا، ب��ل ك��ان وع��دا وع��ده أبو بكر لمطعم بأن يزوجه عائشة من ابنه جبير، على طريقة العرب � فيم��ا يب��دو � والتي ال تزال معموال بها إلى يومن��ا ه��ذا في بعض األوس��اط، فق��د ج��اء في كت��اب

، وفي مس��ند أحم��د من(68)اإلص��ابة: »ك��انت ت��ذكر لجب��ير بن مطعم وتس��مى ل��ه« حديث خولة بنت حكيم المشار إليه سابقا أن أم رومان ق��الت لخول��ة: »إن مطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه، فوالله ما وعد أبو بكر وعدا قط فأخلفه، ف��دخل أبو بكر على مطعم بن عدي، وعنده امرأته أم الف��تى، فق��الت: ي��ا ابن أبي قحاف��ة

صاحبنا مدخله في دينك، الذي أنت عليه إن تزوج إلي��ك؟! ق��ال أب��و(69)لعلك مصب بكر للمطعم بن عدي: أقول هذه تقول؟! قال: إنها تق��ول ذل��ك. فخ��رج من عن��ده،

.(70)وقد أذهب الله ما كان في نفسه من عدته التي وعدها«

.59 ص8الطبقات، مصدر سابق، ج67

.232 ص8اإلصابة البن حجر، مصدر سابق، ج68

صبأ الرجل: خرج من دين إلى دين. أنظر: الص��حاح أو ت�اج اللغ��ة وص��حاح العربي�ة، الج�واهري، إس�ماعيل بن حم�اد،69 ، ولس��ان الع��رب، ابن59 ص1ه���،ج1407،�� 4تحقيق: أحمد بن عبد الغفور عط��ار، دار العلم للماليين ��� ب��يروت، ط

.191 ص1ه�، ج1405منظور، محمد بن مكرم، نشر أدب حوزة، قم � إيران،

، وأنظر أيض��ا البداي��ة والنهاي��ة، ابن كث��ير، إس��ماعيل بن كث��ير الدمش��قي)ت:210 ص6مسند أحمد، مصدر سابق، ج70.162 ص3م، ج1988، 1ه�(، تحقيق: علي شيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط774

أن ي��دخلPإال أن هذا ال يرفع التساؤل كليا، إذ يبقى لقائل أن يقول: هل يليق ب��النبي في طلب زواج من هذا القبيل، سواء أدى إلى طالق عائشة من زوجها، كما ق��د يظه��ر��ه ال��تي مما رواه ابن سعد في طبقاته، أو أدى إلى فك خطوبتها ورج��وع أبيه��ا عن عدت وعد بها مطعم، كما يظهر مما جاء في المص��ادر األخ��رى، إن ه��ذا أم��ر نس��تبعد إق��دام النبي عليه مع ما هو المعروف من أخالقيات��ه، والمعه��ود من س��يرته في ه��ذا المج��ال،

، ك��انPفهو الذي أمر زيد بن حارثة أن يمسك علي��ه زوج��ه »زينب بنت جحش« م��ع أنه قد أعلم في ذلك الوقت من قبل الل��ه، بأنه��ا س��تكون في ع��داد زوجات��ه، وعلي��ه كي��ف

على زواج يتسبب بإنهاء عالقة بين شخصي���ن، وال س��يما بمالحظ��ة أن مطعم بنPيقدمعبPعدي لم يكن معاديا لرسول الله فقد كان يرسله أبو طالب أيام الحص��ار في الش��

.(71)ليأتيهم بالقمح والدقيقوال راد لهذا االستغراب إال أحد افتراضين:

ميت لجب��ير بن مطعم،P أن يقال إنه لم يكناألول: على علم بأن عائشة قد س��فأقدم على طلب خطبتها.

بهذا األمر مستبعد ج��دا، على األق��ل بس�بب م�ا تفترض�ه الرواي�اتPإال أن جهله المتقدمة من وجود عالقة وطيدة كانت تربطه بأبي بكر، الذي ه��و من ق��دامى من

أسلم من الصحابة. لم يكن يعرف بأمر خطوبتها من جب��ير حين أق��دم ه��و علىPولو سلمنا أن النبي

جاهال بحقيقة الحال حتى بعد أن استسلها أب��و بك��رPخطبتها لنفسه، لكن هل بقي من جبير بن مطعم؟ إن جهله بذلك هو أكثر بعدا من سابقه، ولو أنه عرف ب��األمر، فماذا كانت ردة فعله؟ أرضي باألمر دون أي تعليق إيجابي أو س��لبي؟ من الغ��ريب

أن نجد صمتا مريبا في النصوص إزاء هذه األسئلة! على خطبة عائش��ة،P كان عالما باألمر إال أن إقدامهP افتراض أن النبي الثاني:

ليس في��ه م��ا يض��ير، أو يس��تقبح، ح��تى ل��و تس��بب ذل��ك بإنه��اء عالق��ة معين��ة بين شخصين، وال يقاس ذلك � مثال � بما جرى م��ع زينب بنت جحش، والوج��ه في ذل��ك أن زيدا زوج زينب كان رجال مسلما، ومن الطبيعي أنه ال يجوز ألح��د أن ي��دخل بين

م��ع كون��ه مأذون��ا به��ذاPالمسلم وزوجته، بما يؤدي إلى إيجاد فرقة بينهم��ا، والن��بي األمر، لكنه كان حرجا في الدخول في أم�ر يتس��بب بالفرق��ة بين زي�د وبين زوج��ه، وأما جبير بن مطعم فقد ك�ان ك�افرا مش�ركا آن�ذاك، إم�ا اعتق�ادا، أو بحكم تبعيت�ه

ه��(، تحقي�ق: محم�د أب�و الفض�ل إب�راهيم، المؤسس��ة الجامعي�ة656شرح نهج البالغة، ابن أبي الحديد المعتزلي)ت:71.254 ص13للدراسات اإلسالمية، ج

، والتس��بب بقط��ع(72)ألبويه المشركين، إذ يلوح من الرواية أن��ه ك��ان ال ي��زال ف��تىعالقة الكافر مع المسلمة ليس فيه ما يعيب.

وهذا التوجيه � لو تم � فإنه ال يدفع االستغراب، وذلك ألن الزواج مع المشرك إن كان جائزا أنذاك ��� كم��ا ه��و ال��راجح ��� أو على األق��ل لم ي��نزل تحريم��ه بع��د، ف��إن

على خط��وة كه��ذهPالتساؤل المتقدم يبقى واردا ولو بدرجة أقل، لجهة أن إقدامه قد تستغل من قبل المشركين للتنديد ب��النبي أو محاول��ة تش��ويه ص��ورته، وأم��ا إن كان الزواج من مشرك أمرا محظورا، فكيف يقدم أبو بكر على ارتكابه أو ارتك��اب

مقدماته بإعطاء الوعد لمطعم؟!

تساؤالت أخرى ثم إن ثمة تساؤالت أخرى في المقام تحت��اج إلى إجاب�ات، والتس��اؤالت، هي من

قبيل: فم��تى أق��دم أبوه��ا(73) إنه إذا كانت عائشة قد ولدت في الرابعة من البعثةأوال:

على تزويجها من جبير أو إعطائه هو أو والده وعدا ب��الزواج منه��ا؟ فل��و فرض��نا أن ذلك تم عند بلوغها الثالثة من عمرها، فهذا يعني حصول ذل��ك في الس��نة الس��ابعة من البعثة، وحينئذ لك أن تتساءل: إنه حتى لو ك��ان ه��ذا ال��زواج مباح��ا، ولم ي��نزل القرآن بتحريمه بعد، ولكن هل كانت ظروف التحدي والصراع مع قريش والضغط الذي يمارسه المش��ركون على الن��بي وأص��حابه تس��مح لمطعم بن ع��دي باإلق��دام على تزويج ابنه جب�ير من عائش�ة بنت أبي بك��ر، وه��و حس�ب الف��رض من ق��دامى

المسلمين وكبار رجاالتهم؟! إنه لم يتضح المبرر لما افترضته الروايات من تعجب أبي بك��ر واس��تغرابهثانيا:

من ابنته عائشة، فيما بدا من سؤاله لخولة بنت حكيمPمن طرح فكرة زواج النبي في وقت الحق: »أن��ا أخ��وهP، ليأتي جواب النبي(74)»أوتصلح له وهي ابنة أخيه؟!«

، والسؤال أنه ما الموجب لتوهم حرمة عائش��ة على(75)وهو أخي وابنته تصلح لي«

ه���(، تحقي��ق: علي ش��يري، دار الفك��ر للطباع�ة والنش��ر،571أنظر: تاريخ دمشق، ابن عساكر، علي بن الحس��ن)ت:72.196 ص3بيروت � لبنان، ج

.232 � 231 ص 8اإلصابة، مصدر سابق، ج73

.129 ص7السنن الكبرى، مصدر سابق، ج 74

المصدر السابق.75

وهي ليست من محارمه، ولم يكن ثمة ما ي��وجب الحرم��ة، ال من تش��ريع أوPالنبيغيره، وهل كان ليخفى على مثل أبي بكر أن أخوة اإلسالم ال توجب الحرمة؟

إنها تساؤالت ترد على الخاطر ونطرحها بغ��رض التأم��ل ومزي��د من التبص��ر ول��و أنها ك��انت أس��ئلة يتيم��ة ألمكن التغاض��ي عنه��ا وتجاوزه��ا، إال أنه��ا إذا انض��مت إلى عشرات األسئلة السابقة والالحقة فإنها ستشكل قرينة إضافية ترف��ع من مس��توى

التشكيك في الروايات الواردة في قصة هذا الزواج.

الوقفة السابعة: اضطراب وتهافت مريب صحيح أن اختالف الروايات التاريخية في بعض األحيان، وفي بعض الجوانب ق��د ال يكون بالضرورة مؤشرا على وض��عها واختالقه��ا، وال ي��برر رفض��ها، ألن االختالف قد يكون له م�ا ي�برره، كالنق�ل ب��المعنى، أو ترك�يز ال��راوي على ج�انب معين من الصورة، أو لغير ذلك من األسباب، إال أن االختالف إذا ما وصل إلى ح�د التض��ارب والتعارض، فإنه يكون مبعث توهين ومصدر تشكيك، وبالتالي فإن ك��ثرة الرواي��ات المتضاربة، ال تبعث على االطمئنان، أو الوثوق بالرواية، بق��در م��ا ترف��ع وتض��اعف من مستوى التشكيك فيها، وال سيما عندما تتصل القضية بأمر اعتقادي، أو بحق��ل من الحقول ال��تي ش��كلت أرض��ا خص��بة للوض��ع واالختالق )ال��تزوير في األح��اديث والروايات(، كما هو الحال في حقل الفضائل، والالفت أن الرواي��ات م��ورد النظ��ر جمعت إلى كل المضامين القلقة والمنافية للعق��ل والمنط��ق مم��ا تق��دم الح��ديث

عنه، اضطرابا جليا وتهافتا بينا، يتبدى لنا في أكثر من جانب:

& في تعيين المبادر إلى الخ"طبة1 اختلفت الروايات إلى حد التنافي في تعيين المبادر إلى خطبة كل من السيدتين عائشة وسودة، أما فيما يرتبط بخطبة السيدة سودة بنت زمعة، فإنه ي�برز أمامن��ا،

أرس��ل خول��ة بنت حكيم، لخطب��ةPوب��إزاء الرواي��ة المتقدم��ة ال��تي تتح��دث عن أنه��ة عن عب��د سودة وعائشة، أو عرض فكرة الزواج على ذويهما، رواي��ة أخ��رى مروي

نفسه هو المبادر إلى خطبة سودة، فقدPالله بن عباس، وهي ظاهرة في أن النبي خطب ام��رأة من قوم��ه، يق��ال له��ا س��ودة وك��انتPروى ابن عب��اس: »أن الن��بي

: م��اPمصبية، وكان لها خمسة صبية أو ستة من بعل لها مات، فقال لها رسول الله يمنعك مني؟ قالت: والله يا نبي الله ما يمنعني منك، أن ال تكون أحب البري��ة إلي، ولكني أكرمك أن يضغوا )يصيحوا( هؤالء الصبية عن��د رأس��ك بك��رة وعش��ية، ق��ال:

: يرحم��كPفهل منعك مني شيء غير ذل�ك؟ ق��الت: ال والل��ه، ق��ال له�ا رس��ول الله

الله، إن خير نساء ركبن أعجاز اإلبل صالح نساء قريش أحن�اه )أحن�اهن( على ول�د.(76)في صغر وأرعاه )أرعاهن( على بعل بذات يد«

والتض��ارب نفس��ه نالحظ��ه في ش��أن خطب��ة عائش��ة، فبينم��ا نج��د أن الرواي��ة المعروفة والمشار إليها سابقا، تنص على أنه وبعد موت خديج��ة ب��ادرت الص��حابية

، فإنن��ا فيPخول��ة بنت حكيم، إلى ع��رض فك��رة ال��زواج من عائش��ة على الن��بي المقابل نجد رواية أخرى يرويها الحاكم النيسابوري في مستدركه على الص��حيحين

Pوابن سعد في طبقاته، تنص على أن فك��رة أن تك��ون عائش��ة زوج��ة للن��بي خلف��ا لخديجة، جاءت من عن��د الل��ه س��بحانه وتع��الى ع��بر جبرائي��ل، حيث ج��اء في ه��ذه

بعائش��ة في مه��د،Q، فأت��اه جبرائيلPالرواية: »لما ماتت خديجة، حزن عليه��ا الن��بي فق���ال: ي���ا رس���ول الل���ه: ه���ذه ت���ذهب ببعض حزن���ك وإن في ه���ذه لخلف���ا من

، ونحوها ما رواه الطبراني في المعجم الكبير باسناده عن عائشة في(77)خديجة..« حديث الخصال الست التي فضلت بها عن سائر النساء قالت: »لقد ن��زل جبرائي��ل

.(78) أن يتزوجني..«Pبصورتي في راحته )راحة اليد( حين أمر رسول الله�ه ال تن��اف بين الرواي�ات، ألن من الممكن أن يك��ون جبرائي��ل أجل ربما يق��ال: إن

� بص��رف النظ��ر عن طريق�ة الع��رض ال�تيPعرض فك��رة ال��زواج به�ا على الن��بي اختلفت فيها الروايات كما سيأتي � وأن تكون خولة قد عرضت عليه فكرة ال��زواج

بها أيضا، فليس في التعدد أي محذور يوجب إسقاط الروايات.

& في كيفية التعرف على عائشة2��ة تعرفه على عائش��ة باعتباره��اP والتضارب اآلخر بين الرواي��ات، ه��و ح��ول كيفي

عليه��ا، إم��ا من خاللP، فب��إزاء الطري��ق الط��بيعي لتعرفهPالزوج��ة المس��تقبلية له عرض خولة بنت حكيم فكرة الزواج عليه، كما نصت الرواية المتقدمة، أو ربما من��روى خالل تعرفه شخصيا عليها كونها ابنة صاحبه أبي بك��ر، وال��ذي ك��ان على م��ا ي

، نج��د أن ثم��ة(79)عن عائشة، ال يترك يوما واحدا دون زيارته في بيته بكرة وعش��يا روايات أخرى، تنص على أن طريقة تعرفه عليها هي طريقة إعجازية، وهنا، تختلف

.164 ص3، والبداية والنهاية البن كثير، مصدر سابق، ج319 ص1مسند أحمد، مصدر سابق، ج76

.78 ص8، وطبقات ابن سعد، مصدر سابق، ج5 ص4المستدرك، مصدر سابق، ج77

ه�(، تحقيق: حمدي عبد المجيد، دار إحياء التراث العربي، مكتبة360المعجم الكبير، الطبراني، سليمان بن أحمد)ت:78 ه�(، تحقيق: عبد الغفار عبد الح��ق238 ومسند ابن راهويه، ابن راهويه، إسحاق)ت:31 ص23ابن تيمية � القاهرة، ج

.22 ص2ه�، ج1412، 1حسين برد البلوسي، مكتبة اإليمان � المدينة المنورة، ط

.254 ص 4صحيح البخاري، مصدر سابق، ج 79

الروايات أيضا في بي��ان ه��ذه الطريق��ة، فظ��اهر الرواي��ة الم��ذكورة أعاله ��� رواي��ة ، في مه��د من قب��ل جبرائي��ل،Pالحاكم وابن سعد � أن عائشة أحضرت بنفس��ها إليه

أري صورتها في حري�رة، تق��ول: وج��اءPولكن ثمة رواية أخرى رويت عنها تؤكد أنه . وفي(80)جبريل بصورتي من السماء في حريرة، فق��ال: »تزوجه��ا فإنه��ا امرأت��ك«

رواي��ة ثالث��ة، أن جبرائي��ل أراه ص��ورتها في راح��ة ي��ده، كم��ا في رواي��ة الخص��ائصالست التي تميزت بها عائشة.

قد أري صورة عائشة في حريرة،Pوالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل أن النبي ، أو أنها أحضرت بنفسها إليه في مهد، أو أن ذلك كل��ه ق��دQأو في راحة يد جبرائيل

حدث؟ إن تعدد الحادثة أمر مستبعد جدا، ألن الروايات بحسب الظاهر تنقل حدثا واحدا معينا، ما يثير عالمة استفهام ح��ول ص��حة القض��ية من رأس ، وس��يأتي مزي��د كالم

حول ذلك.

& بيت الزفاف3 Pوهكذا نجد تنافيا بين الرواي�ات في تع�يين ال�بيت ال�ذي ب�نى )دخ�ل( في��ه الن��بي

بزوجته عائشة، فرواي��ة أحم��د في مس��نده تنص على حص��ول ذل��ك في بيت أهله��ا ، ولكن في رواية أخرى نجد عائشة نفسها � إن(81)»وبنى بي رسول الله في بيتنا«

في بيت��ه ال��ذي بن��اه إلى ج��انبPصحت الرواية � تؤكد على أنه قد دخل به��ا الن��بي ا فيه وه��و ال��ذي ت��وفي المسجد، وهو بيتها، قالت: »وبنى بي في بيتي هذا الذي كن

!P»(82)فيه رسول الله

& عمرها حين العقد عليها 4 في مك��ة المكرم��ة،Pويمتد التضارب إلى تحديد عمرها، حين عق��د عليه��ا الن��بي

فبينما جاء في معظم الروايات أن عمره��ا حين��ذاك ك��ان س��ت س��نين، نج��د رواي��ة بعد متوفى خديجة قبل مخرج��ه إلىPأخرى عنها تقول فيها: »تزوجني رسول الله .(83)المدينة بسنتين أو ثالث وأنا بنت سبع سنين«

.64 ص8الطبقات الكبرى البن سعد، مصدر سابق، ج80

.211 ص6مسند أحمد، مصدر سابق، ج81

.4 ص4المستدرك، مصدر سابق، ج82

وراجع: س��نن أبي داوود، أب��و داوود، س��ليمان بن األش��عث السجس��تاني)ت:280 ص6مسند أحمد، مصدر سابق، ج 83 4 وصحيح مسلم، مصدر س��ابق، ج463 ص2م، ج1990ه� � 1410ه�(، تحقيق: سعيد محمد اللحام، دار الفكر، 275

وقد جمع بينهما النووي بقوله إنه كان لها ست وكسر، ففي رواية اقتصرت على.(84)الست، وفي رواية عدت الست التي دخلت فيها«

والتضارب الذي نجده في سنها حين العقد عليها، نجدها في س��نها حين ال��دخول ، لكن(85)به��ا، حيث تنص معظم الرواي�ات، على أن ذل�ك حص��ل في عم�ر التاس��عة

الذي يظهر من بعض��ها اآلخ��ر أن ذل��ك حص��ل، وهي في س��ن العاش��رة أو الحادي��ة.(86)عشرة

إن هذا التض��ارب والتن��افي بين الرواي��ات ليس أم��را طبيعي��ا ليتس��نى لن��ا غض��ه في الح��د األدنى يث��ير الريب��ة والش��كوك في أن تك��ون ه��ذه الطرف عنه، بل إن��ة وسياس��ية مختلف��ة، وق��د ورد في بعض الروايات مكذوبة ومختلقة لدواع مذهبي

»إن مما أعان الل&&ه ب&&ه على الك&&اذبين: Rرواي��ات األئم��ة من أه��ل ال��بيت .(87)النسيان«

✽ ✽ ✽

.142ص

.207 ص9م،، ج1978ه�(، دار الكتاب العربي، بيروت � لبنان، 676شرح مسلم، النووي، محي الدين بن شرف)ت:84

وما بعدها.21 ص 23أنظر: المعجم الكبير للطبراني، مصدر سابق، ج85

ابعة، وحيث إن العق�د حص�ل قب�ل86 وهذا واضح لو أخذنا بالرواية المتقدمة التي تنص على أن العقد عليها كان وهي في الس� البعثة بسنتين أو ثالث فيكون عمرها حين الدخول بها بعد الهجرة عشر سنوات أو إح��دى عش��رة س��نة، وق��د ورد ذل��ك في بعض الروايات من المصادر الشيعية، ففي رواية عن أبي أيوب الخ��زاز ق��ال: س��ألت إس��ماعيل بن جعف���ر: »مت���ى تج���وز

دخ��ل بعائش��ة وهي بنتPشهادة الغالم؟ فقال: إذا بلغ عشر سنين، قال: قلت: ويجوز أم��ره؟ ق��ال: فق��ال: إن رس��ول الله عشر سنين وليس يدخل بالجارية حتى تكون امرأة، فإذا كان لغالم عشر سنين جاز أمره وجازت شهادته« )الكافي، مصدر

( وقد ضعف الشهيد الثاني هذه الرواية، فقال: »وفي طريق هذه الرواية � م��ع وقوفه��ا على إس��ماعيل389 ص7سابق، ج � وهو الذي تنتسب إليه الفرقة اإلسماعيلية ��� محم��د بن عيس��ى عن ي��ونس، فاالس��تدالل به��ا على ه��ذاQبن جعفر الصادق

الحكم � يقصد قبول شهادة الص��بي ��� المخ��الف لإلجم��اع في غاي��ة البع��د«. )مس��الك اإلفه��ام، الش��هيد الث��اني، زين ال��دين (، أم��ا الس��يد الخ��وئي فق��د وص�فها158 ص14ه��، ج1413،�� 1ه�(، مؤسسة المعارف اإلس��المية، قم، ط965الجبعي)ت:

فال حج�ةQبالصحيحة، لكنه علق على االستدال ل بها فقال: »أما صحيحة أبي أيوب الخزاز فهي ليست رواي��ة عن المعص�وم على عائش��ة وهي بنت عش��ر س��نين ��� واض��حPفيها، على أن االستدالل بها على جواز شهادة الصبي � ب��دخول رس��ول الله

ص1ه���، ج1396، قم ��� إي��ران، 2البطالن« أنظر: مباني تكملة المنهاج، السيد الخوئي، أبو القاسم، المطبع��ة العلمي��ة، ط78.

.341 ص2الكافي، مصدر سابق، ج87

المحور الثانينقد السند والشواهد المعارضة

حاولنا في مناقشاتنا التي سجلناها في المرحلة األولى من هذا البحث أن نسلط من عائش��ة وهي في س��نPالضوء على الثغ��رات ال��تي أح��اطت بأح��اديث زواج��ه

التاس��عة، وم��ا تض��منته ه��ذه األح��اديث من إش��كاالت ونق��اط ض��عف ال يمكن ألي منص��ف أو ب��احث موض��وعي أن يتجاوزه��ا أو يغض الط��رف عنه��ا، ونتطل��ع في الصفحات اآلتي��ة إلى دراس��ة المقول��ة نفس��ها ل��نرى إن ك��انت الش��واهد التاريخي��ة تساعد على تأكيدها أو نفيه��ا، مض��افا إلى إطالل��ة على س��ند الرواي��ات ال��تي نقلت

هذه القصة.

استغراب ال راد له ولعل أول ما يواجهنا على هذا الصعيد ه��و ه��ذا االس��تهجان أو االس��تغراب ال��ذي

ادس منPيتملكنا عندما نقرأ أو نسمع أن خاتم األنبياء قد تزوج وهو في العقد الس�� عمره من فتاة لما تنه عقدها األول، فهل هناك ما يرف��ع ه��ذا االس��تغراب، ويقنعن��ا��ه ليس في األم��ر م��ا يبعث على التعجب أو ��ه ال غضاض��ة في ه��ذا ال��زواج، وأن بأن

االستغراب؟ صحيح أننا قلن��ا في مق��دمات ه��ذا البحث، إن قض��ايا ال��زواج ال يص��ح إخض��اعها لرؤيتنا الثقافية المعاص��رة، وم��ا فرض��ته من طق��وس وتقالي��د بش��أن العالق��ة بين الجنسين، ولكن السؤال: هل هناك ما يثبت أن األنثى في ذاك العص��ر ك��انت تبل��غ مبل��غ النس��اء، وتغ��دو مؤهل��ة لل��زواج وتحم��ل مس��ؤولياته في س��ن التاس��عة من

عمرها؟ يزعم المدافعون عن فكرة حصول الزواج من عائشة في عم��ر التاس��عة، ب��أن المرأة في ذلك الزمن وفي ذلك المجتمع، كانت تبلغ مرحل��ة النض��ج الجنس��ي في

التاسعة من عمرها. وال أخفي الق��ارىء ظني ب��أن دع��وى ذل��ك، ق��د س��يقت لل��دفاع عم��ا افترض��ه المدافعون أمرا واقعا وعرفا سائدا، فهو جواب تبريري، ولذا ال يسعنا الركون إلي��ه أو التسليم به إال إذا تم إظهار شواهد وقرائن تثبت ليس فقط إمكانية بلوغ المرأة

وهي في مستهل التاسعة من العم�ر، ف�إن ه��ذا أم�ر ق��د ال يمكن إنك��اره، ف��الواقع يؤكده، ولهذا فقد درج الفقه اإلسالمي على اعتبار التاسعة هي سن البلوغ بالنسبة

للمرأة، بل تثبت أمرين آخرين: إثب��ات أن نض��جها الجس��دي بل��غ ح��دا يجعله��ا مؤهل��ة للعالق��ة الجنس��يةاألول:

��ه ال بالرجل، وذلك قد ال يتحقق مع بداية بلوغها المتمثل بب��دء الع��ادة الش��هرية، ألن��ان، فتب��دأ البنت برؤي��ة دم مالزمة بين األمرين، بل إنهما في األعم األغلب قد ينفك��أة للعالق��ة الجنس�ية، ألن الدورة الشهرية، لكنها في الوقت عين��ه ق��د ال تك��ون مهي ص��غر س��نها ي��ترافق ع��ادة م��ع ض��عف االس��تعداد النفس��ي والجس��دي ل��ديها، ه��ذا االستعداد الذي يسمح بإقامة عالقة جنسية سليمة معها دون أن تتعرض للمخاطر،

في قول��ه تع��الى:»بلوغ النك&&اح«وربما يكون استخدام الق��رآن الك��ريم لعب��ارة نهم رشدا فادفعوا "ذا بلغوا النكاح فإ"ن آنستم م ﴿وابتلوا اليتامى حتى إ

م أموالهم "ليه" [ مؤشرا إلى ما قلناه من ضرورة بلوغه��ا مرحل��ة من6]النساء:﴾إ النضج الجسدي والنفسي بما يجعلها مستعدة إلقام��ة العالق��ة الجنس��ية معه��ا، وإال ك��انت العالق��ة معه��ا أق��رب إلى االغتص��اب. ويب��دو واض��حا أن البنت ال تبل��غ ه��ذه المرحلة � مرحلة النض�ج الجس�دي والنفس��ي �� في التاس��عة من عمره��ا ح��تى ل�و

كانت قد دخلت مرحلة البلوغ الشرعي وبدأت عادتها الشهرية. علىPوقد يقال: إن إثبات هذا األمر في المقام سهل المؤن��ة، ألن إق��دام الن��بي

��أة ل��ذلك. وق��د ين��اقش البعض في الزواج بامرأة ال يعقل حصوله إال بعد كونه��ا مهي أصل هذا الشرط )وهو بلوغها مرحلة النضج الجسدي والنفسي(، إذ يكفي للدخول بالمرأة مجرد بلوغها المعهود وذلك عن��د رؤي��ة دم الع��ادة الش��هرية، أو بل��وغ تس��ع

سنين هجرية، ولذا لم ينص أحد من الفقهاء على هذا الشرط.��ه في ح��ال ع��دم ��ه يكفي دليال على ذل��ك، أن ولكنن��ا نالح��ظ على ه��ذا الكالم، بأن مراعاة هذا المستوى من البلوغ، فإنه يستتبع جملة من األضرار الصحية والنفس��ية�ا تام�ا للمعاش�رة واالجتماعية في حق البنت، كونها غ�ير مس��تعدة اس��تعدادا تكوينيرط بعين االعتب��ار وإقامة العالقات الجنسية معها، ولذا ال بد لن��ا أن نأخ��ذ ه��ذا الش�� ونقول بحرمة معاشرتها إذا كان ذلك مضرا بها، وهذا ما تقتضيه القواعد الشرعية،

حتى لو لم ينص الفقهاء على ذلك. الثاني: إثبات أن الزواج من الفتاة وهي في هذه السن � سن التاسعة ��� ك��ان أم��را

معروفا ومعهودا بما يخرج القضية عن الشذوذ الذي نش��عر ب��ه الي��وم، والم��وجب له��ذا م��ا ك��ان ليق�دم على ارتك�اب عم��ل يع�د ش�ذوذا أو خروج��ا عنPالشرط ه�و أن الن�بي

ر ش��رعي ل��ذلك، ألن أخالق��ه ال تس��مح ب��ذلك، فض��ال عن أن ذل��ك الم��ألوف دون م��بر

ض��ه للنق��د الالذع والتش��هير من قب��ل خص��ومه وأعدائ��ه من المش��ركين واليه��ود سيعر والمنافقين الذين كانوا يستغلون كل صغيرة أو كبيرة أو تصرف غير م��ألوف، وال س��يما

ة اإلف��كPعلى صعيد ما يتصل بالعالقة مع الجنس اآلخ��ر، بغ��رض التش��هير به ، وإن قص�� التي حدثت م��ع الس�يدة عائش�ة نفس�ها، خ�ير ش��اهد على كي�د ه��ؤالء، ورص��دهم لك��ل

وما يتصل ببيته وأزواجه.Pحركات النبي وأن يجد الباحث شاهدا تاريخيا أو شاهدين أو ثالثة أو أكثر على وقوع زواج، بين بنت صغيرة في السن مع رجل، هو في سن جدها أو أبيه��ا )الخمس��ين وم��ا ف��وق( فهذا أمر ال ننكره، بل ربما حصل ذلك، ولو نادرا في زماننا، لكنه ال يخ��رج القض��ية

عن الشذوذ عن المتعارف. عن قض��ية زواج��ه،P وفي ضوء ذلك، فإن لك أن تسأل لم سكت أخصام الن��بي

وهو في العق�د الس��ادس من عم�ره، من بنت هي في عم�ر أحف��اده، وتحدي�دا في التاسعة من عمرها؟ )هذا إذا حسبنا عمرها ب��الهجري، وأم��ا إذا حس��بناه بالحس��اب الشمسي، فإنه س��ينقص عن التاس��عة بثالث��ة أش��هر تقريب��ا( ولم لم يس��تغلوا ذل��ك

والنيل من��ه، والغم��ز من قنات��ه، كم��ا اس��تغلوا حادث��ة اإلف��كPبهدف التشهير بالنبيالشهيرة والكتها ألسنتهم؟

إننا وفي اإلجابة على هذا التساؤل، نجد أنفسنا أمام خيارين: فإما أن هذا الزواج من السيدة عائشة في هذا العمر، لم يحصل أصال، ب��ل ك��انت أك��بر من ذل��ك، وهم قد عرفوا ذلك، ألنه أمر يمكن االطالع عليه من خالل المعرف��ة الشخص��ية ب��المرأة وعمرها، أو التأمل في مالمحها الشخصية، ما يسمح بتقدير سنها، وإم��ا أن ال��زواج�ر بها وهي في هذا العمر قد حصل فعال، ولكن ذلك كان شائعا ومتعارفا، ولذا لم يث

، ألنه لم يخرج عن المألوف؛ ولكن إثبات أن ه��ذا ال��زواج، ك��انPانتباه خصوم النبي متعارفا ومنتشرا بشكل اعتيادي، دونه صعوبات جمة، إذ أنى لنا إثب��ات ذل��ك؟ وأين

هي الشواهد المتعددة التي تؤكد معروفية هذا الزواج وانتشاره؟ ربما يحاول بعضهم العث��ور على ش��اهد هن��ا، أو ش��اهد هن��اك، لكنه��ا تبقى مج��رد

مفردات ال تنهض بإثبات أن ذلك كان ظاهرة عامة أو عرفا سائدا. أجل إن بإمكانن��ا التأكي��د، على أن ف��ارق الس��ن آن��ذاك لم يكن يش��كل مش��كلة عندهم، إال أن كالمن��ا هن��ا ليس في ف��ارق الس��ن بمج��رده، ب��ل ه��و مرتب��ط ب��زواج

الكهل، أو الشيخ من الصغيرة التي ال تزال في العقد األول من عمرها.

Oزواج السيدة فاطمة

وربما يتحدث بعض عن أن خير شاهد على تزويج الفتيات في سن التاس��عة، ه��و وهي من أه��ل ال��بيت النب��وي، فق��د تزوجه��ا أم��يرOما ج��رى م��ع الس��يدة الزه��راء

في مثل سن عائشة أو يزيد قليال، ألنه��ا ول��دت فيQالمؤمنين علي بن أبي طالب وتزوجت بعد الهجرة بقليل.Pالسنة الخامسة من مبعث النبي

لكن ه��ذا األم��ر ليس ثابت��ا، وإنم��ا ه��و ق��ول من األق��وال... ق��ال العالم��ة الس��يد��ف في ق��در عم��ر الزه��راء ي��وم محسن األمين في كتاب )أعيان الش��يعة(: »واختل

بن��اء على االختالف في ت��اريخ مول��دها.. فعلى ق��ول أك��ثرQتزوج بها أمير المؤمنين أصحابنا إنها ولدت بعد النبوة بخمس سنين، يكون عمرها حين تزويجها تسع س��نين

بعد الهجرة بس��نة، وقي��لQأو عشر سنين أو إحدى عشرة سنة، ألنها تزوجت بعلي��دت بع��د النب��وة بسنتين، وقيل بثالث سنين، قال ابن شهر آشوب في المن��اقب: ول��ة ثم��اني س��نين، ثم ه��اجرت إلى المدين��ة، بخمس س��نين، وأق��امت م��ع أبيه��ا بمك فزوجها من علي بعد مقدمها المدين��ة بس��نتين بع��د ب��در، وعلى ق��ول بعض��هم إنه��ا ولدت بعد النبوة بسنتين، يكون عمره��ا ي��وم تزويجه��ا اثن��تي عش��رة س��نة، أو ثالث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة، بناء على الخالف في أن تزويجها كان بعد الهجرة��د من بسنة أو سنتين أو ثالث، ولم يرو أصحابنا في مبل��غ عمره��ا ي��وم تزويجه��ا أزي ذلك، وفي االستيعاب: كان سنها يوم تزويجها خمس عش��رة س��نة وخمس��ة أش��هر ونصفا، وكان سن علي إحدى وعش��رين س��نة وخمس��ة أش��هر، وعلى الق��ول بأنه��ا ولدت قبل النبوة بخمس سنين، يكون عمرها يوم تزويجها عشرين سنة، وقال أب��و الفرج األصفهاني ورواه ابن حجر في »اإلصابة« وابن سعد في »الطبق��ات«: ك��ان لها يوم تزويجها ثماني عشرة سنة. وروى ابن سعد في الطبقات أن تزويجه��ا بع��د

بخمسة أشهر، وبنى )دخل( بها بع��د مرجع��ه من ب��در، ق��ال: وفاطم��ةPمقدم النبي يوم بنى بها علي، بنت ثماني عش��رة س��نة، ولعل��ه وق��ع اش��تباه بين ي��وم تزويجه��ا ووفاتها، لما ستعرف من أن ذلك سنها يوم وفاتها، كما احتملنا وق��وع االش��تباه في

. (88)والدتها بين كونها بعد النبوة بخمس سنين أو قبلها« ، وق��ال المحق��ق التس��تري:313 ص1م، ج1983األمين، السيد محسن، أعيان الشيعة، دار التعارف، بيروت � لبنان، 88

»واختلف في مولدها ووفاتها، أما مولدها فأكثر العامة على أنها ولدت قبل النبوة بخمس حين تب��ني ق��ريش الكعب��ة، ذهب إليه محمد بن إسحاق وأبو نعيم وأبو الفرج والطبري والواقدي، قال الطبري: ق��ال الواق��دي: ق��ال عبدالل��ه بن

كانت يوم بنى بها علي ابنة ثماني عشرة وقال به الم��دائني كم��ا في االس��تيعابOمحمد بن عمر بن علي: إن فاطمة بلغت من السن ثالثين س��نة ورواه أب��و الف��رج عنOوكذلك عبدالله بن الحسن فروي عنه أنه قال لهشام: إن فاطمة

أيضا، وخالفهم ابن حجر في تقريبهم فقال: فاطمة سيدة نساء العالمين تزوجها علي في السنة الثاني��ة منQالصادق الهجرة وماتت بعد النبي بستة أشهر وقد جاوزت العشرين بقليل وأكثر الخاصة على أنه بعد النبوة بخمس، كالكليني

... والظ��اهر أن األص��ل فيQوالطبري اإلمامي وإثبات المسعودي واستنادهم إلى رواية حبيب السجستاني عن الب��اقر اختالفهم تبديل الراوي كلمة »قبل النبوة« بكلمة »بعد النبوة« أو بالعكس« ، أنظ��ر: ت��واريخ الن��بي واآلل، التس��تري،

، وأيض��ا ق��اموس24ه���، ص 1416،�� 1الشيخ محمد تقي، تحقيق: محم��ود الش��ريف، دار الش��رافة، قم ��� إي��ران، ط

�اه جم��ع من علم��اء وتجدر اإلش��ارة إلى أن الق�ول بوالدته�ا بع��د النب�وة بس�نتين تبن الش���يعة وعلى رأس���هم الش���يخ المفي���د والش���يخ الطوس���ي في المص���باح، وك���ذلك

.(89)المسعودي

روايات المنع من الدخول قبل التاسعة وربما يستشهد البعض لتأكيد فكرة انتش�ار ال�زواج من البنت، وهي في التاس��عة��ه ال يج��وز ال��دخول ب��البنت قب��ل س��ن التاس��عة أو بالرواي��ات ال��تي تتح��دث عن أن

.R(90)العاشرة، وهي أحاديث عديدة مروية من طرق أهل البيت لكن ه��ذه الرواي��ات ال تص��لح ش��اهدا على أن ه��ذ ال��زواج في ه��ذا الس��ن ك��ان منتشرا وشائعا، وإنما تدل على أن ثمة س��قفا أو ح��دا ال يج��وز تخطي��ه في مس��ألة العالقة الجنسية مع المرأة، ويكفي مبررا ل��ذلك أن بعض الفتي��ات، كن يبلغن مبل��غ النساء في عمر التاسعة، مع مالحظة أنه ليس كل ما هو ج��ائز ومب��اح يق��دم علي��ه Rاإلنسان، فالمتع�ة � مث�ال � رغ�م مشروعيته�ا لم يثبت أن أحدا من أئمة أهل البيت

.P(91)قد أقدم عليها، وكذلك رسول الله��ده الفق��ه ق��د يق��ال: إن مش��روعية ال��زواج من بنت في التاس��عة وه��و م��ا يؤك�ده رواي�ات الف�ريقين ك��اف في رف�ع االس�تهجان أو اإلسالمي ويتس�الم علي�ه وتؤك

عن��دما ت��زوجP، وهو نظ��ير م��ا حص��ل م��ع الن��بيPاالستغراب عما فعله رسول الله بطليقة ابن��ه ب��التبني زي��د بن حارث��ة، ف��إن ه��ذا الفع��ل ك��ان مرفوض��ا عن��د الع��رب

علي��ه ون��زلت ب��ذلك آي��ات منPومستهجنا من وجهة نظرهم، ومع ذلك أقدم الن��بيالذكر الحكيم.

على فعل��ه، أوPوالجواب: صحيح، إن مشروعية شيء، قد تكون كفيلة إلق��دام الن��بي يقدم على فعل بعضPباألحرى فإن إقدامه على فعل شيء هو دليل شرعيته، وقد كان

األمور ليس استجابة لرغب��ة شخص��ية وإنم��ا تحقي��ق لغ��رض تش��ريعي، كإثب��ات اإلباح��ةنة خاطئ��ة قائم��ة على تحريم��ه، كم��ا في زواج��ه من زينب، والمش��روعية، أو إلغ��اء س��

.332 ص12ه�، ج1429، 3الرجال، التستري، محمد تقي، تحقيق ونشر: مؤسسة النشر اإلسالمي � قم، ط

.24أنظر: تواريخ النبي واآلل للمحقق التستري، مصدر سابق، ص89

من أبواب مقدمات النكاح.45، الباب 101 ص20أنظر: وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج90

91 نكح امرأة بالكوفة من بني نهشل متعة« أنظر: المفيد، محم��د بن محم��د بنQأجل ورد في بعض المراسيل »أن عليا ه�(، خالصة اإليجاز في المتعة، تحقيق: علي أكبر زماني نزاد، دار المفيد للطباعة والنش��ر، ب��يروت �413النعمان)ت

.25م، ص1993، 2لبنان، ط

أقدم على هذا الزواج بطفلة في التاسعة من عمرها، لغ��رض تأكي��دPوالسؤال: هل إنهمشروعية هذا العمل ومواجهة سنة جاهلية مثال؟!

إن هذا المعنى ال شاهد عليه، على أنه يعني االعتراف والتسليم، بأن ال��زواج من Pبنت في التاسعة من عمرها كان غير مألوف، ولو كان األمر كذلك، وارتكبه الن��بي

ألثار ذلك االعتراضات واإلشكاالت علي��ه، كم��ا أث��ارت قض��ية زواج��ه من زينب بنت��دا أن م��ا أق��دم جحش موجة من االعتراضات، حتى نزل في ذلك قرآن يتلى، مؤك

كان بأمر من الله سبحانه. Pعليه على أن هناك مالحظة، ال بد أن نسجلها في المقام، وهي أن مشروعية ال�دخول ما بالبنت في سن التاسعة مبني على تحديد سن البلوغ بذلك، وهو ليس أمرا مسل وال مجمعا عليه في الفقه اإلسالمي، وإنما هو رأي اجتهادي تبناه مش��هور الفقه��اء،

، إال إذا(92)لكن ثمة رأيا آخر قريبا في المس��ألة يح��دد س��ن البل��وغ بالثالث��ة عش��رةبلغت الفتاة قبل ذلك بالبلوغ الجسدي.

دور عائشة ال يتناسب مع سنها ولعل أبلغ شاهد على استبعادنا حصول الزواج من عائشة وهي في التاس��عة من عمرها، هو الدور الكبير الذي قامت به مع بدء حياتها الزوجية، وفي س��نين زواجه��ا األولى فضال عما جرى بعد ذلك من أحداث، وما تميزت ب��ه في ه��ذه المرحل��ة مننن رس��ول ثقافة واسعة وقدرة على التأثير في الجمهور، مض��افا إلى معرفته��ا بس��

. وما حدثت به مباش��رة ودون واس��طة م��ا جعله��ا في(93)الله وأسباب نزول اآليات ، وهك��ذا م��ا روت��ه من أح��داث، ونقلت��ه من مش��اهدات(94)عداد المحدثين المكثرين

تضج بالتفاصيل، ويكشف عن وجود مستوى ع��ال من اإلدراك والمعرف��ة، إن ذل��ك كله يدفعنا إلى ترجيح نفي كونها طفل��ة ص��غيرة حين ال��زواج به��ا، ب��ل األرجح أنه��ا كانت امرأة ناضجة تعي األحداث وتتابعها وتشارك فيها ليتسنى لها بعد ذلك روايتها بدق��ة، كم��ا إن القي��ام به��ذا ال��دور يس��تبعد ج��دا أن تق��وم ب��ه ام��رأة قب��ل أن تبل��غ العشرين من عمرها، أو م��ا ه��و ق��ريب من ذل��ك، إال إذا ك��انت شخص��ية معص��ومة

تبنى هذا الرأي بعض الفقهاء منهم العالمة المرج��ع الس��يد محم�د حس��ين فض��ل الل��ه )رحم�ه الل��ه( في رس��الته في92م.2006، 1البلوغ، تقرير: السيد جعفر فضل الله، دار المالك، بيروت � لبنان، ط

قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: »ما رأيت أحدا أعلم بسنن رسول الله وال أفقه في رأي، إن احتيج إليه وال أعلم بآي��ة93 فيم نزلت وال فريضة، من عائشة« أنظر: أم المؤمنين السيدة عائشة وأمانة الرواية، اليماني، ال��دكتور محم��د عب��ده

.44م، ص2002ه� � 1423، 1يماني، دار القبلة للثقافة اإلسالمية، المملكة العربية السعودية � جدة، ط

تأتي السيدة عائشة في كثرة رواية الحديث بعد ثالثة من الصحابة حيث لم يسبقها منهم سوى أبي هريرة وابن عمر وأنس94.28بن مالك«، أنظر: أم المؤمنين السيدة عائشة وأمانة الرواية، للدكتور محمد عبده يماني، مصدر سابق، ص

مسددة من قبل الله تعالى، وال سيما أن تتبع األحداث، ومالحظة األح��اديث، يظه��ر أنه��ا ح��دثت وروت وش��اركت في بعض األح��داث قب��ل الهج��رة النبوي��ة، فالس��يدة

بتفاصيلها، وما سبق ذلك من مجري��اتPعائشة هي من نقل لنا حديث هجرة النبي ح��ول توج��ه أبي بك��ر مه��اجرا إلى الحبش��ة، ومن ثم التق��اؤه في الطري��ق بإح��دى الشخص��يات وه��و ابن الدغن��ة وإعادت��ه ألبي بك��ر إلى مك��ة وطلب��ه ل��ه الج��وار من قريش، وهي تتحدث ليست بوصفها شاهدة عيان وحسب، بل بوصفها ش��ريكة في

وجه���از أبيه���ا أبي بك���ر، حيث تق���ول:Pبعض األح���داث كإع���دادها لجه���از الن���بي إن بنت��ا لم تبل��غ بع��د(95)»فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة من جراب..«

سن التاسعة من عمره��ا، أنى له��ا أن تعي ه��ذه األح��داث وتنقله��ا بتفاص��يلها وك��لمالبساتها؟

، وه��و الح��ديث ال��ذي(96)والالفت جدا، أنها هي من نقل ح��ديث خول��ة بنت حكيم بعد وفاة خديجة، وعرضها لفكرة الزواج علي��هPيحكي قصة مجيء خولة إلى النبي

Pة مألى بالتفاص��يل واألح��داث مم��ا ال يمكن – في الع��ادة ��� لبنت في ، وهي قص�� السادسة من عمرها، كما جاء في تلك الرواي��ة، أن تس��توعب ذل��ك وتلم ب��ه أو أن تعي كل هذه األحداث وتنقلها بش��كل مباش��ر ودون واس��طة أح��د، كم��ا ه��و ظ��اهر

الروايات. ت��زوج من عائش��ة وهي طفل��ة تلعب باألرجوح��ة، وتأتيه��اPثم ل��و أن رس��ول الله

أترابها من األطفال إلى بيتها ألجل اللعب معها، فأنى لها أن ت��روي ه��ذا الع��دد من ، وال��ذي بل��غ أك��ثر من ألفين من الرواي��ات في ش��تىP(97)الروايات عن رسول الله

المعارف اإلسالمية! خالصة القول: إنه ال ثقافة عائشة، وال وعيه��ا، وال دوره��ا ال��ذي ق��امت ب��ه م��ع بداي��ة

حياتها الزوجية، تساعد على قبول أنها كانت آنذاك في العقد األول من عمرها.

عائشة أسلمت في أوائل البعثة تشير كلمات بعض الم��ؤرخين إلى أن عائش��ة هي من أوائ��ل ال��ذين أس��لموا في��ه له��ا بعض الب��احثين ��� تع��زز مكة المكرمة، األمر الذي يشكل قرينة إض��افية ��� تنب

.39 ص7، وصحيح البخاري، مصدر سابق، ج198 ص6مسند أحمد، مصدر سابق، ج95

.24 ص23المعجم الكبير للطبراني، مصدر سابق، ج96

نة قب��ل الت��دوين، محم��د عج��اج الخطيب، دار الفك��ر،2210روي عن عائشة 97 ألفان ومائتان وعش��رة أح��اديث، )الس�� ح��ديثا، أنظ��ر: أح��اديث أمP 612( بينما بلغ س��ائر م��ا روت�ه أمه��ات المؤم��نين عن��ه 475م، ص1971،� 2دمشق، ط

.35 ص2المؤمنين عائشة للسيد مرتضى العسكري، مصدر سابق، ج

شكوكنا في حدوث الزواج بها في سن التاسعة، يق��ول ابن اس��حاق، بع��د أن ي��ذكر إسالم أربعة من الناس: »ثم أسلم ناس من قبائل العرب، منهم س��عيد بن زي�د بن عمرو بن نفيل أخو بني عدي بن كعب وامرأته فاطم��ة بنت الخط��اب بن نفي��ل بن عبد العزى أخت عم��ر بن الخط��اب، وأس��ماء بنت أبي بك��ر وعائش��ة بنت أبي بك��ر وهي صغيرة وقدامة بن مظعون.. ثم دخل الناس في اإلس��الم أرس��اال من النس��اء والرجال حتى فشى ذكر اإلسالم، وتحدث به فلما أسلم هؤالء النفر وفشى أمرهم بمكة أعظمت ذلك قريش وغض��بت ل��ه وظه��ر فيهم لرس��ول الل��ه البغي والحس��د وشخص له منهم رجال، فبادوه بالعداوة، وطلبوا له الخص��ومة، منهم أب��و جه��ل بن

.(98)هشام وأصحابه وأبو لهب...« إن هذا النص كما يلوح من ثناياه يتحدث عن بدايات البعثة النبوية، ويعزز ذلك ما ذكره ابن اسحاق عقيبه مباشرة، مم��ا يش��هد ب��أن إس��الم ه��ؤالء ك��ان قب��ل الس��نة

يرتكالثالثة من البعثة، حيث قال ابن اسحاق بعد ذكر اآلية الشريفة ﴿وأنذ"ر عش&&" ويجتم��عP[: »وكان الذي ينتهي إليه عداوة رسول الل��ه 214]الشعراء: ﴾األقرب"ين

من كرامت��ه، ثم إن الل��هPإليه فيها أبو جهل حس�دا وبغي��ا لم�ا خص ب�ه رس�ول الله بأن يصدع بما جاء به، وأن ينادي الن��اس ب��أمره، وأن ي��دعو إلىPتعالى أمر رسوله

الله تعالى، وكان ربما أخفى الشيء، واستسر به إلى أن أمر بإظهاره ثالث س��نينر"ك"ينمن مبعثه، ثم قال الله تعالى: ﴾فاصدع ب"ما ت&&ؤمر وأع&&ر"ض عن" المش&& ﴿

، فلو أن إسالم هؤالء الجماعة، ومنهم السيدة عائشة ق��د حص��ل(99)[«94]الحجر: في السنة الثانية من الهجرة فكم سيكون عمرها آنذاك؟

من الواضح أنه ليصح إس��الم عائش��ة – أو أي إنس��ان آخ��ر ��� وهي ص��غيرة، كم��ا فرض النص المتقدم، ال بد أن تكون قد تجاوزت سن التمييز، م��ا يمكنه��ا من وعي

��زة وال تعي األفك��ار والعقائ��د فلن(100)اإلسالم كدين ومعتقد ، وإال لو كانت غير ممي يقبل إسالمها بشكل مستقل، وإنما يحكم بتبعيتها ألبويه��ا في اإلس��الم، ف��إن الول��د يتبع أبويه في الدين، كما هو معروف لدى الفقه��اء، وعلي��ه فال ب��د أن نف��ترض أنه��ا

.124 ص2سيرة ابن اسحاق، مصدر سابق، ج98

.126 ص2المصدر نفسه ج99

هذا بناء على ما هو الصحيح من صحة إسالم الصبي المميز، وهذا م��ا اخت��اره مش��هور الفقه��اء من الش��يعة، أنظ��ر:100 ه���(، تحقي��ق: الش��يخ محم��د ب��اقر الخالص��ي، مؤسس��ة النش��ر1226مفتاح الكرامة، العاملي، السيد محمد جواد)ت:

، بينما اختل��ف علم��اء الس��نة في ذل��ك، أنظ��ر: المجم��وع، ش��رح251 ص 5ه�، ج1419،�� 1اإلسالمي، قم � إيران، ط.223 ص19ه�(، دار الفكر، ج676المهذب، النووي، محي الدين بن شرف)ت:

، ف��إذا ك��ان(101)كانت � في أقل التقادير � في السادس��ة من عمره��ا حين إس��المها عمرها في السنة الثانية من البعثة ست سنوات، فهذا يعني أنها ولدت قب��ل البعث��ة

في مك��ة بع��د البعث��ةPبأربع سنوات فإذا أضفنا إليها ثالث عشرة سنة، مدة إقامته P، ويضاف إليها سنة أخرى، ألنه 17= 13+ 4يصب�ح المجم�وع سب�ع عشرة سنة،

تزوجها بعد الهجرة بسنة، وعليه فسيكون عمرها على ه��ذا التق��دير ثم�اني عش��رةسنة حين الدخول بها.

عمرها بالقياس إلى والدة أختها أسماء وإليك شاهدا تاريخيا آخر، تنبه إلي��ه بعض الب��احثين، وه��و ش��اهد ق��وي، يثبت أن عمر عائشة حين دخل بها النبي كان ثماني عشرة سنة، وليس تسع سنين، ونبين��ه

من خالل المقدمات التالية: � تشير العديد من المصادر التاريخية إلى أن أسماء بنت أبي بكر، ك��انت تك��بر1

.(102)أختها عائشة بعشر سنين بسبع وعش��رينP � وتشير المصادر أيضا إلى أن أسماء ولدت قبل هجرة النبي2 س��نة13 سنة، وذلك بإنقاص 14، ما يعني أن عمرها حين بعثة النبي كان (103)سنة

سنة.�27 وهي مدة بقاء النبي في مكة � من � وبما أن أسماء تكبر أختها عائشة بعشر سنين، فهذا معناه أن عائش�ة ول�دت3

س��نة م��دة مكث الن��بي في مك��ة وس��نة13قبل البعثة بأربع سنوات، يضاف إليه��ا

وهذا التقدير يعني أنها كانت حين إسالمها أصغر من علي عند إسالمه، فإنه على ما قيل: كان ابن ثمان حين أسلم،101 ه�(، الجامع الصحيح المعروف بسنن الترمذي، تحقيق: عبد279أنظر: سنن الترمذي، الترمذي، محمد بن عيسى)ت:

��ر أن360 ص3، والمستدرك، مصدر س��ابق، ج306 ص5ه�، ج1403الوهاب عبد اللطيف، دار الفكر � بيروت، ، وذكالزبير بن العوام أسلم وهو ابن ثماني سنين أيضا.

،204 ص6نص على ذل��ك ص��ريحا في ح��ديث ابن أبي الزن��اد، أنظ��ر الس��نن الك��برى لل��بيهقي، مص��در س��ابق، ج102 ،617 ص2ه���، ج1412،�� 1واالستيعاب، ابن عبد البر، تحقيق: علي محمد البيجاوي، دار الجي��ل، ب��يروت ��� لبن��ان، ط

ه�(، تحقيق: حسين األسد، مؤسسة الرس��الة،748وسير أعالم النبالء للذهبي، الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان)ت:، وتاريخ مدينة دمشق، مصدر سابق، ج355 ص5، وتاريخ اإلسالم للذهبي أيضا ج308 ص3م، ج1989، 9بيروت، ط

.10 و8 ص69

��ده أيض��ا مقايس��ة عمره��ا9 ص69هذا ما تؤكده المصادر صريحا، أنظر تاريخ مدينة دمشق، مصدر س��ابق، ج103 ، ويؤك حين وفاتها إلى سنة الوفاة، فقد أكدت مختلف المصادر أن أسماء توفيت بعد مقتل ابنها عبد الله بن الزبير بلي��ال أو

، ف��إذا250 ص8ه�، وكان عمرها حين وفاتها مئة عام، أنظر الطبق��ات البن س��عد، مص��در س��ابق، ج73أيام في عام س��نة من13 سنة، وه��و عمره��ا حين الهج��رة، وبم��ا أن الهج��رة ك��انت بع��د 27 يكون المجموع 100 من 73طرحنا

سنة.14مبعث النبي قضاها في مكة يكون عمرها حين البعثة

18، فيكون عمره��ا حين ال��دخول به��ا (104)أخرى قضتها في المدينة قبل الزواج بها.18=1+13+4سنة،

وقد يعترض على هذا االستدالل باعتراضين: وهو اعتراض على المقدمة الثانية � والتي فحواها أن أسماء ولدت قبلاألول:

البعثة بأربع عشرة سنة � بأنها غير ثابتة، إذ إن ابن عساكر قد نص على أن أس��ماء وحيث إنها تكبر عائشة بعشر سنين، فه��ذا(105)ولدت قبل مبعث النبي بعشر سنين

يعني أن األخيرة قد ولدت مع بداية البعثة النبوية، فيكون لها من العمر حين البعثة��زف إلى الن��بي ،Pثالث عشرة سنة، تضاف إليها سنة قضتها في المدينة، قب��ل أن ت

فيصبح عمرها حين الزفاف أربعة عشر عاما. أقول: مع أن باإلمك��ان ت��رجيح الرواي��ة األخ��رى في عم��ر أس��ماء، لكن ح��تى ل��و صحت الرواية الثانية، فإنها ال تخدم القول المشهور، بأنها زفت إلى النبي في عمر

التاسعة. هو اعتراض سجله الدكتور محمد عمارة على المقدمة األولى ��� وال��تيالثاني:

تنص على أن أسماء تكبر عائشة بعشر سنين � فأكد أنها غير ثابتة، ألن الذهبي ق��د ، والبضع هو ما(106)نص على أن أسماء »كانت أسن من عائشة ببضع عشرة سنة«

»فلو اعتبرنا ما بين أسماء وعائشة لوجدنا أن بضع عش��رة س��نة ه��و9 إلى 3بين سنة، وعليه، فتكون عائشة قد ولدت في الس��نة الخامس��ة من19 إلى 13ما بين

. فهو يسلم أن أسماء ول��دت قب��ل(107)البعثة، أي في اإلسالم، وليس قبل اإلسالم« 19 عاما، ولكنه��ا ك��انت تك��بر أخته��ا عائش��ة ب� P 14البعثة وكان عمرها عند بعثته

سنة، ما يعني أن عائشة ولدت في السنة الخامسة من البعثة.وتعليقا على ما ذكره الدكتور عمارة نقول:

أوال: لم يوضح لنا الس��بب في ترجيح��ه للرواي��ة ال��تي جعلت الف��ارق بين أس��ماء وأختها عائشة بضع عشرة سنة على الرواية التي جعلت الفارق بينهما عشر سنين

.232 ص 8وعلى قول إنه قد تزوجها في السنة الثانية من الهجرة أنظر: اإلصابة، مصدر سابق، ج104

.9 ص69تاريخ مدينة دمشق، مصدر سابق، ج105

.288 ص 2سير أعالم النبالء، مصدر سابق، ج106

أنظر: مقالة الدكتور محمد عمارة بعنوان الرد على من طعن في س��ن زواج عائش��ة، نش��رتها العدي��د من المواق��ع107اإللكترونية منها: شبكة أنصار اإلسالم وغيرها.

فقط؟ ولم يا ترى وصف الرواية الثانية: »ال تصح«؟ إننا ال نج��د س��ببا واض��حا له��ذاالترجيح إال االنتصار للرأي السائد.

ثانيا: إننا نوافق على أن البضع ما بين ثالث إلى تس��ع، كم��ا نص على ذل��ك أه��ل ، ولكن لم ي��بين لن��ا ال��دكتور عم��ارة الس��بب في ترجيح��ه الح��د األقص��ى(108)اللغة

للبضع وهو التسع، فلماذا لم يأخذ بالحد األدنى وهو الثالث أو األربع؟ لتكون أسماء أكبر من عائشة بأربع عشرة سنة، ما يعني أن عائشة قد ولدت عام البعثة، فيكون

أرب�ع عش�رة س�نة، كم�ا هي النتيج��ة بن�اء علىPعمرها حين زفت إلى رس�ول اللهبعض الوجوه المتقدمة.

وقفة مع إسناد الروايات ثم إن لنا وقفة مع إسناد الروايات التي أرخت لهذا الزواج، حيث إن معظمه��ا أو

، وهو بدوره ي��روي ذل��ك عن أبي��ه ع��روة بن(109)بعضها، ينتهي إلى هشام بن عروة الزبير بن العوام، وعروة هو اآلخر يروي ذل��ك عن عائش��ة وهي خالت��ه، ألن ع��روة

هذا هو ابن أسماء بنت أبي بكر، ويستوقفنا في هذا السند، اسمان: هشام بن عروة، فإنه شخصية، وعلى ال��رغم من توثي��ق علم��اء الرج��الاألول:

لها، لكنهم ي��ذكرون اس��تدراكا بش��أن أحاديث��ه ال��تي ح��دث به��ا في الع��راق بس��بب تساهله في الحديث هن�اك، كم�ا بش�أن روايات�ه ال�تي ح�دث به�ا في أواخ�ر عم�ره بسبب تغير حفظه، يقول المزي في »تهذيب الكم��ال«: »وق��ال يعق��وب بن ش��يبة )في شأن هش�ام بن ع��روة(: ثبت، ثق�ة لم ينك��ر علي�ه ش�يء، إال بع�دما ص�ار إلى العراق، فإنه انبسط في الرواية عن أبيه، فأنكر ذلك عليه أهل بلده، وال��ذي ي��رى أن هشاما يسهل ألهل العراق أنه كان ال يحدث عن أبيه إال بما س��معه من��ه، فك��ان��ه أرس��ل عن أبي��ه مم��ا ك��ان س��معه من غ��ير أبي��ه عن أبي��ه، وق��ال عب��د تسهيله أن الرحمان بن يونس بن خراش: ك�ان مال�ك ال يرض�اه، وك�ان هش�ام ص�دوقا ت�دخل

.(110)أخباره في الصحيح، بلغني أن مالكا نقم عليه حديثه ألهل العراق...«

، يقول: »إن البضع ما بين الثالث إلى التسع، تقول بضع سنين1186 ص3راجع الصحاح للجوهري، مصدر سابق، ج108وبضعة عشر رجال، وبضع عشرة امرأة، فإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع«.

.280 ص 6أنظر على سبيل المثال: مسند أحمد، مصدر سابق، ج 109

تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي، يوسف، تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، ب��يروت �110، وتاريخ بغداد أو مدينة الس��الم، البغ��دادي، أحم��د بن علي الخطيب)ت239 ص 3م، ج1985ه� � 1406،�� 4لبنان، ط

.40 ص14م، ج 1997، 1ه�(، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية � بيروت، ط463

وقال ابن حجر في ترجمته لهشام: »من صغار التابعين مجمع على تثبيته، إال أنه��ه )قدوم��ه( الثالث��ة إلى في كبره تغير حفظه، فتغير حديث من سمع منه في قدمت

. ونقل عن الحافظ أبي الحسن بن القطان أنه ق��ال في��ه وفي س��هيل(111)العراق« ، وعلي��ه فم��ا ال��ذي يض��من أن ال تك��ون روايت��ه(112)بن أبي صالح: »اختلطا وتغيرا«

هذه قد حدث بها في العراق، أو في أواخر عمره وبعد تغير حفظه واختالطه؟ هو وال�ده ع�روة ب�ن الزبي���ر، فربم���ا يطع���ن في روايات���ه بانحراف���ه عنالثاني:

الQ وميل�ه إل�ى األم��ويين. ولكن المي��ل إلى األم��ويين واالنح��راف عن عليQ(113)عل�ي يش�كل في حد ذات��ه س�ببا ل��رد رواي��ات الش��خص، ألن الص��حيح في نظرن��ا أن فس�اد المعتقد ليس سببا لتضعيف الراوي ورد رواياته إذا كان ثقة في كالم��ه وال يك��ذب في��ه باعتراف��ه ك��ان حديثه، لكن المشكلة في عروة هي ع��دم اطمئنانن��ا إلى وثاقت��ه، ألن

. فقد روي عن ع��روة قول��ه:(114)يصدق أئمة الجور فيما يقولون مع علمه بأنه الباطل��ا نختل��ف إلى »أتيت عبد الله بن عمر بن الخطاب فقلت له: ي��ا أب��ا عب��د الرحم��ان إن أئمتنا فيتكلمون بالكالم، نعلم أن الح��ق غ��يره فنص��دقهم، ويقض��ون ب��الجور فنق��ويهم��ا م��ع رس��ول الل��ه نع��د ه��ذا ونحسنه لهم، فكيف ترى في ذلك؟ فقال: يا ابن أخي كن

النفاق فال أدري كيف هو عندكم؟!«.

✽ ✽ ✽

ه�(، دار إحياء التراث العربي � بيروت، ط852مقدمة فتح الباري، العسقالني، أحمد بن علي بن محمد بن حجر)ت:111.448م، ص1988، 1

.35 ص6نقل ذلك في سير أعالم النبالء، مصدر سابق، ولكنه ناقشه، أنظر ج112

ينقل ابن أبي الحديد عن الزهري أن عروة بن الزبير حدثه، قال: حدثتني عائشة قالت: »كنت عن��د رس��ول الل��ه إذ113 أقبل العباس وعلي، فقال: »يا عائشة، إن هذين يموتان على غير ملتي، أو قال ديني«. وروى عبد الرازق عن معمر،

، فسألته عنهما يوما، فقال: ما تصنع بهم��ا وبح��ديثهما!Qقال: كان عند الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي الله أعلم بهما، إني ألتهمهما في بني هاشم. قال: فأما الحديث األول، فقد ذكرناه، وأما الحديث الثاني فهو أن عروة

إذ أقبل العب��اس وعلي، فق��ال ي��ا عائش��ة: »إن س��رك أن تنظ��ري إلىPزعم أن عائشة حدثته، قالت: كنت عند النبي رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا، فنظرت فإذا العباس وعلي بن أبي طالب«)ش��رح نهج البالغ��ة ابن

(.64 ص4أبي الحديد، مصدر سابق، ج

، وأورده الفريابي في صفة المنافق، الفريابي، جعفر بن166 ص 8أنظر: السنن الكبرى للبيهقي، مصدر سابق، ج 114.103ه�، ص1405، 1ه�(، دار الخلفاء للكتاب اإلسالمي � الكويت، ط311محمد )ت:

المحور الثالثدوافع القصة: السياسة والغيرة

كانت هذه جولة مستفيضة في دراسة روايات ه��ذا ال��زواج س��ندا ومض��مونا م��ع مالحظ��ة الش��واهد المعارض��ة وق��د تب��دى لن��ا في المحص��لة أن قص��ة ه��ذا ال��زواج بالطريقة المشهورة ليس فق��ط لم تثبت، ب�ل إن الش�واهد والق��رائن تس�اعد على نفي حدوثها، بعد ذلك فإن علينا أن نتصدى لإلجاب��ة على س��ؤال يط��رح نفس��ه في المقام وهو: إنه هل تعتبرون الروايات التي أرخت لهذا ال��زواج مكذوب��ة؟ وإذا ك��ان

األمر كذلك، فمن الذي وضعها؟ وما هي مصلحته في ذلك؟

العصبيات وسياسة مقابلة الفضيلة بالفضيلة مع أننا لسنا من هواة الخصام المذهبي، الذي ال يرمي إلى بي��ان الحق�ائق، بق��در ما يهدف إلى »إفحام الخص��وم«، مس�تعينا ب��»الص��ارم المس�لول« أو »الص�واعق

، ال�ذينPالمحرقة«، وال من دع�اة بخس الن�اس حق�وقهم، وال س��يما ص�حابة الن�بي »أحسنوا الصحبة وأبلوا البالء الحسن في نصرته وك&&انفوه، وأس&&رعوا إلى وفادته وس&&ابقوا إلى دعوت&&ه واس&&تجابوا ل&&ه حيث أس&&معهم حج&&ة

كم��ا وص��فهم اإلم��امرسالته وفارقوا األزواج واألوالد في إظهار كلمته« ، إال أنه ال يمكنن��ا إال أن نأخ��ذ في الحس��بان أنQ(115)علي بن الحسين زين العابدين

تاريخ الصراعات الكالمية قد اختلق كما هائال من الفض��ائل الموض��وعة والكرام��ات المكذوبة بدافع من الغلواء المذهبية وحمى االنتصار للعصبيات الضيقة، وتالقت مع هذا االتجاه المصالح السياسية ال��تي غ��ذت ورعت حرك��ة الوض��ع وس��قت ش��جرته لدوافع سلطوية بحتة، وهكذا غدونا أمام سيل من الفض��ائل المص��طنعة والمث��الب المنحولة، واعتمدت في هذا السياق سياسة ماكرة، وهي سياسة مقابل��ة الفض��يلة

��ه(116)المنسوبة إلى أح��د ط��رفي الخص��ام بأخته��ا في الط��رف المقابل ، وأعتق��د أن

أنظر: الصحيفة السجادية، تحقيق: السيد محمد باقر األبطحي، مؤسسة اإلمام المه��دي ومؤسس��ة أنص��اريان، قم �115.44ه�، ص1411، 1إيران، ط

.48 ص11أنظر: شرح نهج البالغة ألبن أبي الحديد المعتزلي، مصدر سابق، ج116

ليس من المبالغ��ة في ش��يء الق��ول: إن ب��اب الفض��ائل والمث��الب ه��و من أوس��عالحقول مظنة للوضع، وأخصبها تربة لالختالق والكذب.

ولس��ت أزعم أن األح��اديث الموض��وعة في الفض��ائل، هي حك��ر على فرق��ة من فرق المسلمين دون أخرى، فلدى األطراف كافة الكثير من الموض��وعات في ه��ذانة اشتملت على عدد من الموض��وعات الفض��ائلية، الباب كما في غيره، فكتب الس

��ه على ذل��ك علم��اء الس��نة أنفس��هم ، وق��د س��بقوا إلى الت��أليف في(117)كم��ا نب الموضوعات، وكتب الشيعة أيضا اشتملت على عدد من الموضوعات كما نبه على

.(118)ذلك علماؤهم أيضا في بعض الروايات المنقولة عنه إلى أن بعض خص��وم أه��لQ وقد أشار اإلمام الرضا

ق��د وضع���وا األح���اديث وجعلوه���ا عل���ى ع��دة أصن���اف، منه���ا م��ا جع��ل فيRال��بيت.R(119)فضائلهم

من عائشة، فيما تنقله بعضP مع اتضاح ذلك نقول، إن المتأمل في قصة زواج النبي��ا عن�د بعض العالم��ات الفارق�ة ال��تي تث��ير الريب�ة، الروايات، ال يسعه إال أن يتوق��ف ملي وتبعث على الشك في أن يكون بعض ما يروى في ه��ذا الص��دد، ه��و من نس��ج الخي��ال

.(120)المذهبي المولع بابتكار أحاديث الفضائل وقصص المعاجز والكرامات وأعتق��د أن الرج��وع إلى الت��اريخ يفي��دنا، وينبئن��ا أن ثم��ة ع��امال آخ��ر يض��اف إلى العامل المذهبي المشار إليه سابقا له دور كبير في نشر هذه الفض��ائل وترويجه��ا، وهو العامل السياسي، فلو أننا رجعنا إلى سيرة معاوية في ه��ذا المج��ال، فس��نجد

��ه اعتم��د سياس��ة جه��دت في تحطيم ص��ورة علي وتش��ويهها ول��و ب��اللجوء إلىQأن األساليب غير النظيفة، وبالتأكيد فإن أفضل وسيلة يمكن لمعاوي��ة أن يعتم��دها في مواجهة فضائل »أبي تراب« هي أن تقابل كل فضيلة من فضائله بأختها عند غيره، وب��ذلك تض��يع فض��ائله في رك��ام من الفض��ائل، وربم��ا تنس��ب إلى غ��يره ممن الت يستحقها، وهذا الذي نذكره ليس تحليال أو احتم��اال ال ش��اهد ل��ه، كي��ف وق��د نص��

، فقد نقل حديث »إن الل��ه ائتمن على329 ص23 أنظر على سبيل المثال: تاريخ اإلسالم للذهبي، مصدر سابق، ج117وحيه جبريل ومحمد ومعاوية« وقد اعترف الذهبي بوضعه.

أنظر: كتاب الموضوعات للسيد هاشم معروف الحسني، تحقيق: أسامة الساعدي، دار المالك، بيروت ��� لبن��ان، ط118 م، واألخبار الدخيلة، التستري، الشيخ محمد تقي، تعليق: علي أك��بر الغف��اري، مكتب��ة الص��دوق ��� طه��ران،2010،�� 1

ه�.1401

.272 ص2أنظر: عيون أخبار الرضا، مصدر سابق، ج119

آثرت هنا رفع بعض الشواهد على بعض الكرامات الموهومة التي يرجح أنها من ابتكار الخيال المذهبي المشار إليه120خشية أن تفهم بطريقة خاطئة.

على ذلك توصيات معاوية ورسائله إلى عماله في مختلف األصقاع، فق��د روي أن��ه »كتب إلى عماله أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وج��ه وناحية، فإذا ج��اءكم كت��ابي ه��ذا ف��ادعوا الن��اس إلى الرواي��ة في فض��ائل الص��حابة والخلف��اء األولين، وال ت��تركوا خ��برا يروي��ه أح��د من المس��لمين في أبي ت��راب إال وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب إلي وأقر لعيني وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله، فق��رئت كتب��ه على الن��اس،

فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة ال حقيقة لها«.

علها الغيرة تفعل ف"�ه ل�و أنن��ا س�لمنا ثم إننا نح��اول االنتق��ال إلى مرحل�ة جدي�دة من البحث، وهي أن بصحة الروايات وصدورها عن عائشة في أنها تزوجت في هذا السن واس��تبعدنا أن تكون موضوعة على لسانها ألهداف معينة، فإن س�ؤاال يف�رض نفس�ه في المق�ام، وهو أنه وأمام الشكوك واالستبعادات المتقدمة بشأن حص��ول ه��ذا ال��زواج، فم��اذا يكون الموقف؟ أفهل نكذب عائشة فيما تق��ول وهي األدرى بس��نها من غيره��ا؟ أو إننا نكذب عقولنا؟ أو إن ثمة خيارا ثالثا في المقام ال يضطرنا إلى تك��ذيب الس��يدة

عائشة وال تكذيب عقولنا؟ والجواب: إنه لو صدق الرواة والناقلون في م��ا ح��دثوا ب��ه ورووه عنه��ا، ف��إن كالمه��ا يحتاج إلى توجيه معقول يبعد القضية عن رميها بالكذب، والتوجيه الذي نرتأي��ه ه��و: إنة في موض�وع عمره�ا، فهي لدى المرأة � أية امرأة �� كم�ا ه�و معل��وم حساس��ية خاص� تحرص دوما على إخفائه ما استطاعت إلى ذلك سبيال، وكثيرا ما توحي لآلخرين بص��غر سنها، هذا ما عليه دأب المرأة بشكل عام، والسيدة عائشة ليست بدعا من النساء في

، ح��تى روي عنه��ا:Pه��ذا األم��ر، فهي ال��تي جه��دت إلثب��ات حظوته��ا عن��د رس��ول الل��ه في شوال وب��نى بي في ش��وال، ف�أي نس�ائه ك��ان أحظى عن�دهP»تزوجني رسول الله

، كما أنها سعت باستمرار إلى تأكيد تميزها وفرادته��ا وأفض��ليتها على س��ائر(121)مني؟« ، وقد نصت على فراداتها هذه في حديث الخصال الست وال��ذي ج��اء في��ه:Pنساء النبي

»لقد أعطيت خص�اال م��ا أعطيته�ا ام�رأة: ملك�ني وأن�ا بنت س��ت س��نين، وأت�اه المل�ك بصورتي فنظر إليها، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين... وكنت أحب نسائه إليه، وكان أبي

.(122)أحب أصحابه إليه...«

.167 ص11سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي، مصدر سابق، ج121

.30المعجم الكبير للطبراني، مصدر سابق، ص122

إن هذه الرغبة الغريزية الى إثبات الفرادة والتميز لدى عائش��ة اإلنس��ان تالقت مع غيرة أنثوية عارمة لديها، ظه�رت في تص�رفات انفعالي��ة أحيان�ا تج��اه ض��رائرها الالتي ينافسنها على الزوج ويشاركنها فيه، وال أبالغ بالقول إن الغيرة التي ع��رفت عن عائشة، قل أن نجد لها نظيرا عند سائر النساء، فقد كانت تتملكه��ا الغ��يرة من

بما في ذلك السيدة خديجة والتي توفيت قبل انتقال عائش��ةPضرائرها نساء النبي إلى بيت النبي بسنوات، وما ذلك إال بسبب أن خديجة قد احتلت موقع��ا خاص��ا فية غيرته��ا من خديج��ة معروف��ة قلب رسول الله، لم تص��ل إلي��ه ك��ل زوجات��ه، وقص�� مشهورة ومذكورة في أمهات المصادر التاريخية والروائية، وقد دفعتها هذه الغيرة

عن��دماOإلى االنتقاص من خديجة ذات يوم بكالم وجهته إلى ابنته��ا الس��يدة فاطمة قالت لها: »والله يا بنت خديجة ما ترين إال أن ألمك علينا فضال، وأي فضل كان لها

علينا؟..«. ولم تكن عائشة تخفي غيرتها من خديجة، ب��ل ك��انت تع��ترف ب��ذلك وتص��رح ب��ه، فقد ج��اء في الح��ديث ال��ذي رواه البخ��اري ح��ول اس��تئذان هال��ة بنت خويل��د أخت

لذلك، فقال: اللهم هالة، قالتP: »فارتاعPالسيدة خديجة للدخول على رسول الله عائشة: فغ��رت، فقلت: م��ا ت��ذكر من عج��وز من عج��ائز ق��ريش حم��راء الش��دقين

.(123)هلكت في الدهور قد أبدلك الله خيرا منها..« بص��دد ال��زواج من زينب بنتP وهك��ذا فق��د تملكته��ا الغ��يرة عن��دما أحس��ت بأنه

جالس يتحدث مع عائشة أوحى الل��ه إلي��هPجحش، ففي الحديث: »بين رسول اللهك علي&&كفي زينب، "ذ تقول ل"لذ"ي أنعم الله علي&&ه" وأنعمت علي&&ه" أمس&&" ﴿وإ

[، قالت عائش��ة: فأخ��ذني م��ا ق��رب وم��ا بع��د لم�ا يبلغن��ا من37]األحزاب:﴾زوجك جمالها، وأخرى هي أعظم األمور وأشرفها ما ص��نع له��ا، زوجه��ا الل��ه من الس��ماء،

. (124)وقلت: هي لتفخر علينا بها«

، وفي رواية أخرى: قالت: »ما حسدت امرأة ما حسدت خديج�ة، وم�ا تزوج��ني رس�ول231 ص4صحيح البخاري ج123 (، وفي رواية أخرى: »ما غرت على أحد من أزواج النبي م��ا غ��رت33 ص5الله إال بعد ما ماتت...«)سنن الترمذي ج

اة فيتب��ع به��ا ص��ديق خديج��ة فيه��ديها لهن«، على خديجة وما ذلك إال لكثرة ذكر رسول الله، لها وإن كان لي��ذبح الش��ابق والمس��تدرك ج 228 ص5، وأنظ��ر ح��ول غيرته��ا من خديج��ة س��يرة ابن اس��حاق ج186 ص3)أنظر المصدر الس��

ويغضبه، لدرجة أنه � كما ق��الت عائش��ة نفس��ها �Pتحقيق: محمد حميد الله(. وتنقصها لخديجة كان يؤذي رسول الله ه���(،807»غضب غضبا ما رأيته غضب مثله قط«، )مجمع الزوائد، الهيثمي، الحافظ نور الدين علي بن أبي بك�ر )ت:

(، وفي رواية أخرى عنها: »فتمعر وجهه تمعرا ما كنت أراه إال عند224 ص9م، ج1988دار الكتب العلمية � بيروت، ،150 ص6ن��زول ال��وحي أو عن��د المخيل��ة ح��تى ينظ��ر أرحم��ة أم ع��ذاب«، )أنظ��ر: مس��ند أحم��د، مص��در س��ابق، ج

(.286 ص4والمستدرك، مصدر سابق، ج

.102 ص8طبقات ابن سعد، مصدر سابق، ج124

وقد صدق حدس��ها فق��د فخ��رت زينب بنت جحش على س��ائر أمه��ات المؤم��نين تس��اميني في حس��ن المنزل��ةPبذلك، فعن عائشة: »لم يكن أح��د من نس��اء الن��بي

فتق��ول: إن آب��اءكنPعن��ده غ��ير زينب بنت جحش، ك��انت تفخ��ر على نس��اء الن��بي.(125)أنكحوكن وإن الله أنكحني إياه من بين سبع سماوات«

، أو(126)وهذه الغيرة عينها هي التي دفعتها إلى تصرفات أخرى، ككسرها إلناء ص��فية قوله��ا لمليك��ة عن��دما أراد الن��بي ال��دخول به��ا: »أم��ا تس��تحين أن تنكحي قات��ل أبي��ك،

، أو قولها � هي أو حفصة أو كل نسوة النبي �(127)فاستعاذت من رسول الله فطلقها«.(128)ألسماء بنت النعمان: »إذا أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله..«

��ه إذا ك��انت الغ��يرة ق��د دفعت أم المؤم��نين عائش��ة إلى ك��ل ه��ذه والس��ؤال: إن التصرفات فما الذي يمنع أن ت�دفعها الغ��يرة إلى ادع��اءات تتص��ل بتقلي��ل عمره��ا؟ وهي التي سعت على الدوام إلثبات تميزها وفرادتها، وافتخ��رت بم��ا افتخ��رت ب��ه،ة انطلقت من حرص��ها ة زواج الن��بي به��ا في ه��ذه الس��ن الص��غير قص�� فتكون قص�� ،Pوحسه�ا األنثوي الهادف إلى التعبير عن تميزها وحظوتها الخاصة عند رس��ول الله

دون أن يعني ذلك بطبيعة الحال اتهامها بتعمد الكذب فيم�ا يرتب��ط بعمره��ا، كي�ف وقد ذكرنا مرارا أننا نرفض اإلساءة إلى نساء النبي والتط��اول عليهن، لكن الغ��يرة إذا تحكمت بالمرأة فإنها تعمي وتصم وتفعل فعلها، وربم��ا تفق��دها الس��يطرة على أعصابها، ما يدفعها بشكل ال شعوري إلى اتخاذ مواقف غير محسوبة الع��واقب، أو إطالق مقوالت غير دقيقة، وهذا المعنى � أعني فق��دان الم��رأة الغ��يراء للس��يطرة

، فق��د ورد فيPعلى أعصابها � ق��د روت��ه الس��يدة عائش��ة نفس��ها عن رس��ول الله�ه لم�ا خ�رج نة العاش�رة من الهج�رةPالسيرة النبوية أن في حج�ة ال�وداع في الس�

كانت زوجتاه عائشة وص��فية في ص��حبته وهم��ا على جملين »وك��ان جم��ل عائش��ة سريع المشي مع خفة حمل عائش��ة، وك��ان جم��ل ص��فية بطيء المش��ي م��ع ثق��ل

أن يجع��ل حم��ل ص��فية على جم��لPحملها، فصار يتأخر الركب بسبب ذل��ك، ف��أمر عائشة وأن يجعل حمل عائشة على جمل صفية، وهذا األم��ر أزعج عائش��ة فق��الت

،1ه�(،إعانة الطالبين، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت � لبن��ان، ط1310البكري الدمياطي، أبي بكر بن محمد)ت125.313 ص3م، ج1997

إن��اء في��ه طع��ام، فم��اPتقول السيدة عائشة فيما روي عنها: »ما رأيت صانعة طعام مثل ص��فية، أه��دت إلى الن��بي126 ملكت نفسي أن كسرته! فقلت يا رسول الله: ما كفارته؟ فقال: إن�اء كإن�اء وطع�ام كطع�ام«)مس�ند أحم�د، مص��در

(148 ص6سابق، ج

.148 ص8الطبقات الكبرى، مصدر سابق، ج 127

.148 ص8 الطبقات الكبرى، مصدر سابق، ج128

P، فج��اءPكما في رواية أخرى: »يا لعباد الله، غلبتنا هذه اليهودي��ة على رس��ول الله

: أفي ش��ك أنيP! فقالPيستعطف خاطرها... فقالت له: إنك تزعم أنك رسول الله رسول الله أنت يا أم عبد الله؟ قالت: فما لك ال تع���دل! ق��ال )ق��الت(: فك��ان أب��و

، فقال: أما سمعت ما قالت؟Pبكر فيه حدة فلطمني على وجهي فالمه رسول الله.(129): دعها فإن المرأة الغيراء ال تعرف أعلى الوادي من أسفلها«Pفقال

وقد التفت شراح األح��اديث المتقدم��ة إلى ه��ذا المع��نى، ول��ذا وق��ع الكالم بينهم حول محاسبة النساء ومؤاخ��ذتهن على الغ��يرة أو العف��و عنهن، فق��د نق��ل في فتح الباري عن بعض العلماء قول��ه: »الغ��يرة مس��امح للنس��اء م��ا يق��ع منه�ا وال عقوب��ة

عائش��ة عنPعليهن في تل��ك الحال��ة لم��ا جبلن علي��ه منه��ا، وله��ذا لم يزج��ر الن��بي.(130)ذلك«

✽ ✽ ✽

فهرس أهم المصادر والمراجع

القرآن الكريم.، ومس��ند أبي يعلى الموص��لي، الموص��لي، أحم��د بن علي التميمي)ت:313 ص3السيرة الحلبية، مص��در س��ابق، ج129

، وقد وصف الش��يخ الص��الحي الش��امي، س��ند129 ص8ه�(، تحقيق: حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، ج307(.71 ص9الرواية األخيرة بأنه ال بأس به )أنظر: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، مصدر سابق، ج

وأضاف في فتح الباري: »وتعقبه عياض بأن ذلك جرى من عائشة لصغر سنها وأول ش��بيبتها، فلعله��ا لم تكن بلغت130 حينئذ، قلت: وهو محتمل مع ما فيه من نظر، قال القرطبي: ال تدل قصة عائشة ه��ذه على أن الغ��يرى ال تؤاخ��ذ بم��ا يصدر منها، ألن الغيرة هنا جزء سبب، وذلك أن عائشة اجتمع فيها الغيرة وصغر السن والدالل، قال: فإحال��ة الص��فحت عليه�ا بقوله��ا »فغ��رت«، عنها على الغيرة وحدها، تحكم، نعم الحامل لها على ما قالت الغيرة، ألنها هي ال��تي نص�� وأما الصفح فيحتمل أن يكون ألجل الغيرة وحدها ويحتمل أن يكون له��ا ولغيره��ا من الش��باب واالدالل، قلت: الغ��يرة

دخل عليها وهي بنت تسع وذلك في أول زمن البلوغ، فمن أين لهPمحققة بتنصيصها والشباب محتاج إلى دليل، فإنهفح عن ح��ق الغ��ير ��ة فليس موجب��ا للص�� أن ذلك القول وقع في أوائل دخوله عليها وهي بنت تس��ع، وأم��ا إدالل المحب بخالف الغيرة، فإنما يقع الصفح بها، ألن من تحصل لها الغيرة ال تكون في كم��ال عقله��ا، فله��ذا تص��در منه��ا أم��ور ال

(.106 ص7تصدر في حال عدم الغيرة« )فتح الباري، مصدر سابق، ج

، تحقيق: السيد محمد باقر األبطحي،Qالصحيفة السجادية، اإلمام علي بن الحسينه�.1411، 1مؤسسة اإلمام المهدي ومؤسسة أنصاريان، قم � إيران، ط.

ه���(، أعي��ان الش��يعة، دار التع��ارف للمطبوع��ات،1371األمين، الس��يد محس��ن)تم.1983بيروت � لبنان،

ه�(، سنن أبي داوود، تحقيق:275أبو داوود، سليمان بن األشعث السجستاني)ت: م.1990ه� � 1410سعيد محمد اللحام، دار الفكر،

ابن األثير، بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد المع��روف ه�(، أسد الغاب��ة في معرف��ة الص��حابة، دار الكت��اب الع��ربي،630بالشيباني)ت:بيروت � لبنان.

ابن األثير، نفسه، الكامل في التاريخ، دار صادر للطباعة والنشر، ب��يروت ��� لبن��ان،م. 1966ه� � 1386

ه�(، صحيح ابن حب��ان، تحقي��ق: ش��عيب739ابن حبان، علي بن بلبان الفارسي)ت:م.1993األرنؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية،

ه�(، مسند أحمد، دار صادر، بيروت.241ابن حنبل، اإلمام أحمد، )ت: ه�(، عوالي الآللي، تحقيق: السيد880ابن أبي جمهور األحسائي، )توفي حدود سنة

المرعشي والشيخ مجتبى العراقي، مكتبة آية الله المرعش��ي، الطبع��ة األولى،م.1983ه� � 1403قم � إيران،

ه���(، ش�رح نهج البالغ�ة، تحقي��ق: محم�د أب�و656ابن أبي الحدي�د المع��تزلي، )ت: الفضل إبراهيم، المؤسسة الجامعية للدراسات اإلسالمية.

ه�(، سيرة ابن إسحاق ، تحقي��ق: محم��د حمي��د الل��ه،151ابن إسحاق، محمد، )ت:ه�.1369معهد الدراسات واألبحاث، المغرب، الطبعة األولى،

ه�(، الطبقات الكبرى، دار صادر � بيروت.230ابن سعد، محمد بن سعد، )ت: ابن عبد البر، االستيعاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت ��� لبن��ان،

ه�.1412الطبعة األولى، ه�(، البداية والنهاية، تحقيق: علي774ابن كثير، إسماعيل بن كثير الدمشقي)ت:

م.1988شيري، دار إحياء التراث العربي � بيروت، الطبعة األولى، ه�(، سنن ابن ماج��ة، تحقي��ق: محم��د275ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني)ت: فؤاد عبد الباقي، دار الفكر � بيروت.

ه�(، مسند ابن راهوية، تحقيق: عبد الغفار عب��د الح��ق238ابن راهوية، إسحاق)ت:م. 1412حسين برد البلوشي، مكتبة اإليمان المدينة المنورة، الطبعة األولى،

:ه��( الس�يرة النبوي�ة، تحقي�ق: محم�د محي151ابن هشام، محم�د بن إس�حاق)ته�.1383الدين عبد الحميد، مكتبة محمد علي صبيح وأوالده، مصر سنة

ه�( تحقيق: علي شيري، دار الفكر للطباع��ة571ابن عساكر، علي بن الحسن)ت:والنشر، بيروت � لبنان.

ابن منظ��ور، محم��د بن مك��رم، لس��ان الع��رب، نش��ر أدب الح��وزة، قم ��� إي��ران،ه�.1405

م.2001بارندر، جفري، الجنس في أديان العالم، دار الكلمة، ال.ت، ال.ط، ال.م، ه�(، صحيح البخاري، دار الفكر � بيروت،256البخ�اري، محمد بن إسماعيل )ت:

م.1981الطبعة الثامنة، ه���(، الس��نن الك��برى، دار الفك��ر �458البيهقي، أحم��د بن الحس��ين بن علي )ت:

بيروت. ه���(، ت��اريخ بغ��داد أو مدين��ة الس��الم،463البغ��دادي، أحم��د بن علي الخطيب)ت:

تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت ��� لبن��ان، الطبع��ةم.1997األولى،

ه���(، الج��امع الص��حيح المع��روف بس��نن279الترم��ذي، محم��د بن عيس��ى )ت: ه�.1403الترمذي، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، دار الفكر � بيروت،

الترمذي، نفسه، الشمائل المحمدية، الشركة الجزائرية اللبنانية، الجزائ��ر، الطبع��ةم.2008األولى،

الترمانيني، الدكتور عبد السالم، الزواج عند العرب في الجاهلية واإلسالم )دراس��ة مقارنة(، سلسلة ع��الم المعرف��ة، يص�درها المجلس الوط��ني للثقاف��ة والفن�ون

م.1990واآلداب، الكويت، التستري، الشيخ محم��د تقي، ت��واريخ الن��بي واآلل، تحقي��ق: محم��ود الش��ريف، دار

ه�.1416الشرافة، قم � إيران، الطبعة األولى، التستري، نفسه، قاموس الرجال، تحقيق ونشر: مؤسس��ة النش��ر اإلس��المي، قم �

ه�.1429إيران، الطبعة الثالثة، التستري، نفسه، األخبار الدخيل�ة، تعلي�ق: علي أك�بر الغف��اري، مكتب��ة الص�دوق �

ه�.1401طهران،

توم��اس كارلي��ل، محم��د المث��ل األعلى، تع��ريب: محم��د الس��باعي، مكتب��ة اآلداب،م.1993القاهرة،

ه�(، فقه اللغة وأس��رار العربي��ة،430الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد)ت: تحقيق: الدكتور ياسين األيوبي، المكتبة العصرية، صيدا � لبنان، الطبعة الثاني��ة،

م.2000 الجبري، عبد المتعال محمد الجبري، السيرة النبوي��ة كي��ف حرفه��ا المستش��رقون،

ه��� �1414،�� 1ترجمة: محمد عبد العظيم، دار ال��دعوة، إس��كندرية ��� مص��ر، طم.1994

م.1982ه� � 1402جحا، مصطفى، محنة العقل في اإلسالم، الطبعة الثانية، ه���(، الص��حاح، أو ت��اج اللغ��ة وص��حاح393الج��وهري، إس��ماعيل بن حم��اد )ت:

العربي��ة، تحقي��ق: أحم��د ابن عب��د الغف��ور عط��ار، دار العلم للماليين ��� ب��يروت،ه�.1407الطبعة الرابعة

ه���(، تفص��يل وس��ائل الش��يعة إلى1104الح��ر الع��املي، محم��د بن الحس��ن )ت: تحصيل مسائل الشريعة المعروف اختصارا ب� »وسائل الش��يعة«، مؤسس��ة آل

ه�.1414البيت إلحياء التراث، قم � إيران، الطبعة الثانية، حسن، إبراهيم حس��ن، ت��اريخ اإلس��الم السياس��ي وال��ديني والثق��افي واالجتم��اعي،

مكتبة النهضة المصرية، القاهرة � مصر، الطبعة السابعة، ال.ت. ه�(، مواهب954الحطاب الرعيني، محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي )ت:

الجلي��ل لش��رح مختص��ر خلي��ل، تحقي��ق: زكري��ا عم��يرات، دار الكتب العلمي��ة،م. 1995بيروت � لبنان، الطبعة األولى،

ه���(، الس��يرة الحلبي��ة، دار المعرف��ة �1044الحلبي، علي بن برهان ال��دين)ت:بيروت.

ه���(، ش��رائع اإلس��الم في676الحلي، جعف��ر بن الحس��ن المع��روف ب��المحقق)ت:ه�.1409مسائل الحالل والحرام، انتشارات استقالل طهران، الطبعة الثانية،

الخشن، الشيخ حسين، حق��وق الطف��ل في اإلس��الم، دار المالك، ب��يروت ��� لبن��ان،م.2009ه� 1430الطبعة األولى،

الخطيب، محمد عجاج، السنة قب��ل الت��دوين، دار الفك��ر، دمش��ق، الطبع��ة الثاني��ة،م.1971

، قم �2الخوئي، أبو القاسم الموسوي، مباني تكملة المنهاج، المطبعة العلمي��ة، طه�.1396إيران،

ه�(، سنن الدارمي، مطبعة االعتدال � دمشق،255الدارمي، عبدالله بن مهرام)ت:ه�.1349

دي��ورانت، وي��ل واي��رل، قص��ة الحض��ارة، ترجم��ة: زكي نجيب محم��ود، دار الجي��ل،م.1988ال.ط، بيروت � لبنان،

ه�(، ميزان االعت��دال في نق��د الرج��ال،748الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان)ت:م.1963دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت � لبنان، الطبعة األولى،

الذهبي، نفسه، سير أعالم النبالء، تحقيق: حسين األسد، مؤسسة الرسالة بيروت،م.1989الطبعة التاسعة،

الذهبي، نفس��ه، ت��اريخ اإلس��الم، تحقي��ق: ال��دكتور عم��ر عب��د الس��الم ت��دمري، دارم.1987ه� � 1407الكتاب العربي، بيروت � لبنان، الطبعة األولى،

م(، كت��اب الشخص�ية المحمدي�ة، أو1945 � 1875الرصافي، مع��روف الرص�افي )م.2002اللغز المقدس، منشورات دار الجمل � ألمانيا، الطبعة األولى

الروحاني، السيد محمد صادق )معاص��ر(، فق��ه الص��ادق، مؤسس��ة دار الكت��اب �ه�.1412قم، الطبعة الثالثة،

ر. ف. بودلي، الرسول: حياة محمد، تعريب: عب��د الحمي��د ج��ودة الس��حار ومحم��دمحمد فرج، طبع دار الكتاب العربي بمصر. ه���(، س��نن أبي داوود، تحقي��ق:275السجستاني، أبو داوود، س��ليمان بن األش��عث)

م.1990سعيد محمد اللحام، دار الفكر، ه�(، المبس��وط، دار المعرف��ة للطباع��ة483السرخسي، محمد بن أبي سهيل )ت:

م.1986والنشر، بيروت � لبنان، ه���(، ك��نز العرف��ان في فق��ه826الس��يوري، جم��ال ال��دين المق��داد بن عبدالل��ه)ت

القرآن، إشراف: الشيخ واعظ زاده الخراساني، تحقيق: السيد محمد القاضي، الناشر المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب اإلس��المية، دار اله��دى والتوزي��ع

ه� ق. 1419والنشر الدولي، الطبعة األولى، الشاخوري، الشيخ جعفر، كتاب النكاح، تقريرا لبحوث السيد محم��د حس��ين فض��ل

م. 1996الله، دار المالك، بيروت � لبنان، الطبعة األولى،

ه�(، كتاب األم، دار الفكر � بيروت، الطبعة204الشافعي، محمد بن إدريس )ت: م.1983الثامنة،

الشافعي، نفسه، مسند الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت � لبنان. ه���(، نهج البالغ��ة، تعلي��ق وش��رح:406الش��ريف الرض��ي، محم��د بن الحس��ين)ت:

ه�.1410الشيخ محمد عبده، دار الذخائر، قم � إيران، الطبعة األولى، ه�(، سبل الهدى والرشاد في سيرة942الشامي، محمد بن يوسف الصالحي)ت:

خير العباد، تحقي��ق وتعلي��ق: الش��يخ ع��ادل أحم��د عب��د الموج��ود، والش��يخ علي ه��� �1414محمد معوض، دار الكتب العلمية ب��يروت ��� لبن��ان، الطبع��ة األولى،

م.1993 ه�(، مس��الك األفه��ام إلى تنقيح ش��رائع965الشهيد الثاني، زين الدين الجبعي )ت:

ه�.1413اإلسالم، مؤسسة المعارف اإلسالمية � قم، الطبعة األولى، الشهيد الثاني، نفسه، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، الناشر: ال��داوري

ه�.�1410 قم، الطبعة األولى، الشيرازي، الشيخ ناصر مكارم، األمثل في تفسير كتاب الله المنزل، نسخة مكتب��ة

اإللكترونية.Rأهل البيت (، الخصال، تحقي��ق:381الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي)ت:

ه�.1403علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر اإلسالمي، قم � إيران، ه�.1404، مؤسسة األعلمي � بيروت، Qالصدوق، نفسه، عيون أخبار الرضا

م، المعجم الكب��ير، تحقي��ق: حم��دي عب��د360الط��براني، س��ليمان بن أحم��د، ت:المجيد، دار إحياء التراث العربي، مكتبة ابن تيمية � القاهرة.

ه�(، االحتجاج، تحقيق: محمد باقر الخرسان، دار560الطبرسي، أحمد بن علي)ت:م.1966النعمان � النجف،

ه���(، مجم��ع البي��ان في تفس��ير الق��رآن،548الطبرس��ي، الفض��ل بن الحس��ن)ت:ه�.1415مؤسسة األعلمي للمطبوعات، بيروت � لبنان، الطبعة األولى

ه�(، جامع البيان المعروف بتفس��ير الط��بري، دار310الطبري، محمد بن جرير)ت:م.1995ه� � 1415الفكر، بيروت � لبنان،

الطبري، نفسه، تاريخ األمم والملوك المعروف بتاريخ الط��بري، تحقي��ق: نخب��ة منم.1983ه� � 1403العلماء، مؤسسة األعلمي للمطبوعات،

ه���(، تفس��ير الم��يزان، منش��ورات جامع��ة1412الطباطب��ائي، محم��د حس��ين)تسين. المدر

ه���(، المبس��وط، تحقي��ق: محم��د تقي460الطوس��ي، محم��د بن الحس��ن)ت: ه�.1387الكشفي، المكتبة المرتضوية � طهران

ه�(، مفت��اح الكرام��ة، تحقي��ق: الش��يخ محم��د1226العاملي، السيد محمد جواد)ت ب��اقر الخالص��ي، مؤسس��ة النش��ر اإلس��المي، قم ��� إي��ران، الطبع��ة األولى،

ه�. 1419 العسكري، السيد مرتضى، أحاديث أم المؤمنين عائش��ة، التوحي��د للنش��ر، الطبع��ة

م.1994ه� � 1414الخامسة، ه���(، اإلص��ابة في تمي��يز852العس��قالني، أحم��د بن علي بن محم��د بن حج��ر)ت:

الصحابة، تحقيق: عادل أحم��د عب��د الموج��ود وعلي محم��د مع��وض، دار الكتب ه�.1415، بيروت � لبنان، 1العلمية، ط

العسقالني، نفسه، مقدمة فتح الباري، دار إحياء التراث العربي ��� ب��يروت، الطبع��ةم.1988األولى،

عمارة، الدكتور محمد، ال��رد على من طعن في س��ن زواج عائش��ة. )منش��ور ع��برالمواقع اإللكترونية(.

ه���(،عم��دة الق��اري، دار إحي��اء ال��تراث الع��ربي،855العيني، محم��ود بن أحم��د)ت:بيروت � لبنان.

ه���(، ص��فة المن��افق، دار الخلف��اء للكت��اب311الفري��ابي، جعف��ر بن محم��د)ت:ه�.1405اإلسالمي – الكويت، الطبعة األولى،

فضل الله، جعف��ر، البل��وغ، تقري��را لبح��وث الس��يد محم��د حس��ين فض��ل الل��ه، دارم.2006، 1المالك، بيروت � لبنان، ط

ه�(، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغف��اري، دار329الكليني، محمد بن يعقوب )ت: ه�. 1388الكتب اإلسالمية،

ه�.1416، السنة الحادية عشرة، 2مجلة تراثنا، العدد ه���(،975المتقي الهندي، عالء الدين علي المتقي بن حسام ال��دين الهن��دي، )ت:

��اني وص��فوة الس��قا، كنز العمال في سنن األقوال واألفعال، تحقي��ق: بك��ري حيه�.1405م � 1985مؤسسة الرسالة � بيروت، الطبعة الخامسة،

ه�(، بحار األنوار، مؤسسة الوفاء � بيروت، الطبعة1111المجلسي، محمد باقر)ت:م.1983الثانية،

المزي، يوسف، تهذيب الكمال في أس��ماء الرج��ال، تحقي��ق: ال��دكتور بش��ار ع��وادم.1985ه� 1406معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت � لبنان، الطبعة الرابعة،

ه���(، المقنع��ة، مؤسس��ة النش��ر413المفي��د، محم��د بن محم��د بن النعم��ان)ت:ه�.1410اإلسالمي، قم � إيران،

المفي��د، نفس��ه، خالص��ة اإليج��از في المتع��ة، تحقي��ق: علي أك��بر زم��اني نج��اد، دارم.1993المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت � لبنان، الطبعة الثانية،

ه�(، مسند أبي يعلي الموصلي، تحقيق:307الموصلي، أحمد بن علي التميمي)ت:حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث.

م��ونتجمري وات، تع��ريب: ش��عبان برك��ات، منش��ورات المكتب��ة العص��رية، ص��يدا �بيروت، ال. ت.

ه���(، ج��واهر الكالم، في ش��رح ش��رائع اإلس��الم،1266النجفي، محمد حس��ن)ت: تحقيق: الشيخ عباس القوجاني، دار الكتب اإلس��المية، إي��ران، الطبع��ة الثالث��ة،

ه�. ش.1367ه�(، المجموع شرح المهذب، دار الفكر.676النووي، محي الدين بن شرف)ت:

م.1987النووي، نفسه، شرح مسلم، دار الكتاب العربي، بيروت � لبنان، ه�(، صحيح مسلم، دار الفكر � بيروت.261النيسابوري، مسلم بن الحجاج )ت:

ه�(، المستدرك على الصحيحين،405النيسابوري، محمد بن عبد الله الحاكم )ت: تحقيق: يوسف عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت � لبنان ال.ط.

ه���(، مجم��ع الزوائ��د، دار807الهيثمي، الحافظ ن��ور ال��دين علي بن أبي بك��ر)ت: م. 1988الكتب العلمية، بيروت،

اليماني، الدكتور محمد عبده يماني، أم المؤمنين عائشة وأمانة الرواية، دار القبل��ة ه��� �1423للثقافة اإلسالمية، المملكة العربية السعودية � جدة، الطبعة األولى،

م.2002

✽ ✽ ✽