اململكة العربية السعودية

وزارة التعليم العايل

جامعة أ م القرى مبكة املكرمة

كلية الدعوة وأصول الدين

قسم العقيدة

الدراسات العليا

املقاصدي وأثره يف الفكر التوجه اإلسالمي املعاصر

حبث مقدم لنيل درجة املاجس تري يف العقيدة

إعداد الطالب

مسفر املالكي بن عارف بن مسفر

إشراف األستاذ الدكتور

سليمان الدميجيبن عبداهلل بن عمر

هـ1435

األولاجمللد

ملخص الرسالة، بل جتاوز ذلك ليصبح منهجا فكريا فقط حبثا أصوليا لفهم النص واستنباط األحكام الفقهية يف الفكر املعاصر ليس اعتبار املقاصد

للتعامل مع مسائل الدين ودالئله: فهما، وتأويال، وترجيحا، واحتكاما.

بناء الفكر اإلسالمي يفة الفكر املقاصدي قراءة تأصيلية وفق منهج أهل السنة واجلماعة، ووضع لبنة وهذا البحث هو: حماولة لقراء

ن ، وتتبع ملدى قرب الرؤية املعاصرة للمقاصد من ذلك التأصيل أو بعدها عنه، وعرضها على ميزاوخرييتهااملتزن؛ حتقيقا لوسطية هذه األمة

الكتاب والسنة متحيصا ونقدا.

أمهية الضبط التأصيلي للتوجه املقاصدي؛ إذ تطفل على هذا التوجه فريقان أساءا - بإذن اهلل -لقارئ هلذا البحث سيدرك وا

توظيف املقاصد بقصد أو بغري قصد:

وه بـ"األحكام املدنية، هدم أحكام الشريعة فيما مس ااألول منهما: دعاة التسيب والعلمانية، إذ تناولوا املقاصد تناوال امسيا، وبنوا عليه

، بل جعلوها مدخال لتعطيل النصوص اجلزئية، وإعالء مبدأ -أبواب املعامالت، والقضاء، واآلداب يف الفقه اإلسالمي -واألحوال الشخصية"

النفعية باسم املصلحة الشرعية، موظفني يف ذلك نصوصا مشتبهة، أو مقتطعة من سياقها.

ون من اإلسالميني الذين أعجبوا باملناهج املعرفية والعملية الغربية احلديثة وتأثروا هبا، فأرادوا أسلمتها، اآلخر: االهنزاميالفريق و

وقعوا يف وتلك املناهج، فأخذوا من موضوع املقاصد الصورة ال احلقيقة، من لتقرهبم -لضعف علم، أو اتباع هوى -املقاصد صهوة فامتطوا

.- أقروا بذلك أو أنكروه - كانوا عونا للعلمانية على الشرعفجوة بني التنظري والتطبيق، ف

فجاء البحث يقاهتا يف باب العقائد، وتطبتدالل والفهم يف التوجه املقاصدي، منهج االس قد قصدت يف هذا البحث التعرف على:و

عتبار نبذة تارخيية ال فبعد متهيد عن ربعة أبواب:مشتمال على متهيد وأحيمل عنوان ) التوجه املقاصدي وأثره يف الفكر اإلسالمي املعاصر (،

على فصلني: األول: يف تعريف وجاءالتحديد االصطالحي، والضبط التقعيدي للمقاصد، عنالباب األول املقاصد يف الفكر اإلسالمي؛ كان

املقاصد واعتبارها. والثاني: يف قواعد املقاصد وإدراكها.

يف منهج والثاني:يف منهج االستدالل، :األول وهو على فصلني:الل والفهم يف التوجه املقاصدي، منهج االستد عنالباب الثاني وكان

الفهم.

:الثانيو، يف رؤيتهم لتعليل أحكام اهلل :األول وهو على فصلني:رؤية التوجه املقاصدي لألحكام واملسائل، فعنأما الباب الثالث

ئعهم.يف اعتبار مقاصد العباد يف مسائلهم ووقا

أما الباب الرابع فكان حماولة لقراءة تطبيقية للمقاصد يف العقائد، فجاء الفصل األول يف مقاصد العقائد عند أهل السنة واجلماعة،

ن هج املعاصرة املخالفة ألهل السنة، ثم ختمت البحث بذكر أبرز نتائجه وتوصياته، وموالفصل الثاني يف مقاصد العقائد عند أبرز الفرق واملنا

أبرزها:

أن الرؤية املعاصرة ملقاصد الشريعة رؤية عقلية، هتدف إىل االحتكام إىل املصاحل الدنيوية يف فهم النصوص الشرعية وتنزيلها، أوال:

ياة ومتثل وجها آخر للمدرسة العقلية يف التعامل مع النصوص الشرعية، وهو ما سهل توظيف املقاصد علمانيا يف إقصاء الدين عن حكم احل

االجتماعية، وفكريا يف أنسنة الدين والتشريع.

ثانيا: حظيت دراسة املقاصد يف املغرب اإلسالمي باهتمام كبري، ومتثل كتاباته األصولية والفكرية نقطة البداية للتوجه الفكري

ناول الفكري املعاصر للمقاصد ومآالته.املقاصدي املعاصر، ودراسة الفكر يف الغرب اإلسالمي قد يساهم يف إدراك احملددات املنهجية للت

ويف آخره أدرجت فهرسا لآليات، واألحاديث واآلثار، واألعالم، واملراجع، وفهرسا تفصيليا للموضوعات؛ تسهيال للوصول إىل

مباحث البحث ومسائله.

تفى أثره من التابعني.واحلمد هلل تعاىل أوال وآخرا، وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه ومن اق

املقدمة

بسم اهلل الرمحن الرحيماحلمد هلل الذي أرسل إلينا رسوله هاديا وبشريا، وأنزل عليه الكتاب ليكون للعاملني نذيرا،

له، أمحده، وأستعني به، وأستغفره، وأستهديه، وأشهد أن ال إله إال اهلل، وحده ال شريك

عبد اهلل ورسوله. ملسو هيلع هللا ىلصوأشهد أن حممدا

أما بعد:

د ؛ قال قد ختم الرسالة مبحمد فإن اهلل ام نا مح ا كا د م حاا أ باا

ان أ م

ن ك لا م وا الكح جا ر اتاما ٱنلبي واخا ولا ٱلل مم رسح ا ا كح ح ب نا ٱلل ا ا نا وا

ق زل عليه القرآن [، وأن40]األحزاب: د صا مح ٱلاق ب ب يه منا ٱلكتا ا بايا يادا ما ا ل امه ا ممنا ها مح بعثة خامتة، ورسالته رسالة حاكمة إىل [، فكانت بعثته 48]املائدة: وا

: قال: قال رسول اهلل قيام الساعة؛ ففي الصحيحني عن سهل بن سعد الساعدي

، فجاءت مسائل 1والساعة كهذه من هذه أو كهاتني"، وقرن بني السبابة والوسطى"بعثت أنا

ين وأحكامه على اإلمجال والتفصيل موافقة للفطرة؛ قال الدين ل كا ل قم واجهاافاأ

نمف فطراتا ٱحا ا ا امها ا را ٱنلاسا طا ٱلت فا ة لكل [، شاملة بينة صاحل30]الروم: لل

ملسو هيلع هللا ىلص(، وبنحوه عنده، كتاب الرقاق، باب قول النيب 5301(، حديث رقم )7/53أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الطالق، باب اللعان، ) 1

(، وعند مسلم يف صحيحه، كتاب الفنت وأشراط الساعة، باب قرب الساعة، 6503(، حديث رقم )8/105والساعة كهاتني"، )"بعثت أنا

(، ويف الباب عن أنس وأبي هريرة رضي اهلل عنهما. ]انظر: صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب قول 2950(، حديث رقم )4/2268)

-4/2268(، وصحيح مسلم، كتاب الفنت وأشراط الساعة، باب قرب الساعة، )106-8/105"بعثت أنا والساعة كهاتني"، ) ملسو هيلع هللا ىلصالنيب

2269.])

ن زمان ومكان، قال بيا با ت امكا ٱلكتا ا نلاا ناز واكح ا ل د ا راحاة ى واهح وا

سميا مح ى ل حشا ب ولقد مجع القرآن مجيع األحكام [، قال ابن عاشور: "89]النحل: وا

ن يف املهم، فقوله يف الغالب، وجزئيا كليا مجعا بيا ت ا ل كح ٱلاوما وقوله، ا

ما دين سلا مح ٱل متح لاكح راض ت وا عما م ن امكح ا متح تمااأ م وا م ديناكح تح لاكح كما

ا ا أ

ألنه : قال الشاطيب ، منها األمر باالستنباط والقيا إكمال الكليات اليت :املراد هبما[ 3:]املائدة

لتمام الدين إال واجملموع فيه أمور وال يكون جامعا ،ة متت بتمامهوالشريع ،على اختصاره جامع

،بعثت جبوامع الكلم" :يقول مسعت رسول اهلل قال: .ا.هـ، وعن أبي هريرة 1"كلية

البخاري: قال ، 2"وبينا أنا نائم أتيت مبفاتيح خزائن األرض فوضعت يف يدي ،ونصرت بالرعب

أمر واحد أو أمرين"، وقال غريه: قبله يف ملنرية اليت كانت أن اهلل جيمع األمور الكث "بلغين

.3"املراد املوجز من القول مع كثرة املعاني"

لكل زمان ومكان؛ ينتظمها: وصالحهاإن هذا الشمول للدين، وتلك اخلامتية للرسالة،

قواعد شرعية، ومقاصد مرعية، وأصول فقهية، وأحكام تفصيلية، بينها علماء األمة

قهاؤها، ضبطا وتأصيال وتقعيدا، ومن ذلك ما قام به اإلمام الشاطيب يف كتابيه ]املوافقات[ وف

.ومشوهلاو ]االعتصام[ جامعا فيهما املقاصد الشرعية الكلية اليت حتقق: خامتية الرسالة،

(.1/40التحرير والتنوير، حممد الطاهر بن عاشور، )ص 1

(. 2977(، حديث رقم )4/54: "نصرت بالرعب مسرية شهر"، )ملسو هيلع هللا ىلصأخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب اجلهاد والسري، باب قول النيب 2

(.523(، حديث رقم )1/371يحه، كتاب املساجد، باب جعلت يل األرض مسجدا وطهورا، )ومسلم يف صح (.1/104انظر: هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر ) 3

أمهية املوضوع وأسباب اختياره:

الكلية يف أبواب العقائد على لقد كانت فكرة املوضوع بداية: حماولة استقراء املقاصد

كتابيه ]املوافقات[ و]االعتصام[.غرار ما فعله اإلمام الشاطيب يف

وكانت أول اخلطوات يف ذلك استقراء منهج اإلمام الشاطيب يف استنباط املقاصد

تابيه السابقني، وما كتب حوهلما.الشرعية الكلية من خالل ك

شغال الفكر اإلسالمي املعاصر بعلم املقاصد؛ ولقد استوقفين خالل حبثي االستقرائي ان

إذ احتل علم املقاصد مكانة عليا يف الفكر اإلسالمي املعاصر؛ دراسة وحتليال وتطبيقا،

وبدأت الدعوة إىل صحوة فكرية مقاصدية توسع من دائرة علم املقاصد؛ لتخرج به من إطار

ملية.االجتهاد الفقهي شامال كل اجملاالت العلمية والع

وهنا قضايا تستوقف الناظر يف هذا العلم وتلك الدعوة التوسعية اليت شغلت الفكر

اإلسالمي املعاصر، كان هلا األثر يف تغير دراسة هذا املوضوع وحبثه، أمجلها فيما يلي:

ينص املقاصديون عند حديثهم عن مقاصد الشارع من تشريعه على أن احلكمة والغاية -1

ما هو البعد الزمين العتبار تلك املصاحل؟ وما أثرها على ف ،هي مصاحل املخلوقإمنا التشريع من

؟التشريعات التعبدية

أن االهتمام بعلم املقاصد مل يعد حبثا أصوليا لفهم النص واستنباط األحكام الفقهية، بل -2

وترجيحا، جتاوز ذلك ليصبح منهجا فكريا للتعامل مع مسائل الدين ودالئله: فهما، وتأويال،

: "وفائدة هذا املنهج املقاصدي ال تقف عند اجلانب التشريعي 1أمحد الريسوني قالواحتكاما،

والفقهي وما يرتتب عليه من: تدين وسلوك، والتزام عملي، بل ميكن أو جيب أن نتناول من

.2خالله العقيدة وقضاياها أيضا"

واالحتكام إليها يف فهم قاصدلقد أشبهت دعوة املقاصديني إىل التوسع يف باب امل -3

دعوة املتكلمني إن مل تكن وجها آخر لتلك النزعة العقلية، ومن ذلك التشابه النصوص وتأويلها

مدار ؛ فما هي الفروق بني املدرستني يف هذا الباب؟ وإذا كان اهلل ألحكامالنزعة التعليلية

ألحكاماملقاصديني يف تعليالهتم موقف ؛ فماالتحسني والتقبيح التعليل حول املتكلمني يفحديث

؟من ذلك اهلل

وإذا كانهناك اهتمام كبري لدى املعاصرين بعلم املقاصد، واختاذهم إياه منهجا فكريا؛ -4

–متمثال بالدرجة األوىل يف علم الكالم –: "وإذا كان الفكر اإلسالمي القديم يقول الريسوني

د غفل عن املقاصد مضمونا ومنهجا؛ فإن الفكر وما تولد عنه من تشعبات وتأثريات ق

لالستفادة من املقاصد، ومن املنهج املقاصدي، -حاال ومستقبال -اإلسالمي احلديث مدعو

، فإن من 3خاصة مع تزايد املؤلفات والدراسات اليت متهد هذا الطريق وتساعد على سلوكه"

نبتت منها فكرة املقاصد.الباحثني من يرى يف تراث املعتزلة البذرة اليت

هـ، 1412هـ، حاصل على الدكتوراه سنة 1372د. أمحد الريسوني، باحث معاصر، من مواليد مدينة القصر الكبري مشال املغرب سنة 1

الرباط، ]له ترمجة موجزة يف غالف حبثه -جامعة حممد اخلامس -أصول الفقه ومقاصد الشريعة بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية أستاذ علم

)نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب([.

(.127الفكر املقاصدي قواعده وفوائده، أمحد الريسوني، )ص 2 (.99املصدر السابق، )ص 3

ومما يستوقف الباحث يف هذا اجملال الغاية من علم املقاصد، وهل للمنطق أثر فيه؟ -5

فإن من املباحث األصولية "مبحث القيا " وهو يف صورته األصولية يقوم على قيا مسألة

خر من أنواع بأخرى لعلة جامعة بينهما، وهذا ما يسمى يف املنطق "قيا التمثيل"، أما النوع اآل

القيا املنطقي "قيا الشمول" فأوضح ما ميثله يف الفقه هو املدرسة املقاصدية، فهل تنطبق

القواعد املنطقية على أسس هذه املدرسة؟ وما مدى تأثري املنطق فيها؟

مل يكن االهتمام املعاصر باملقاصد مقصورا على األصوليني أو أصحاب النزعة العقلية -6

شأن يف توظيف املقاصد واستغالهلا يف مترير التيار التنويري كان لهبل إن املعاصرة فقط،

أفكارهم من: إقصاء للنص، وتقرير لتارخييته، وقول بنسبية التشريع تبعا للحاالت التارخيية

واألوضاع االجتماعية، ودعوة إىل حتقيق شعارات "احلرية" و"العدل" و"املساواة" حتت مسمى

علم املقاصد.

أن التوسع يف هذا الباب له أثر كبري وخطري يف بابني رئيسني من أبواب العقيدة: األول -7

منهما: قبول العمل ورده، وتوقيفية العبادة أو فتح باب االجتهاد فيها. والثاني: يف ثبوت احلكم

أو رفعه وفق حتقق املصلحة ومقصد املكلف، وتغيري األحكام بتغري الزمان واملكان، ال يف

اب الفقه ومسائله فقط، بل ويف مسائل العقيدة وقضاياها.أبو

كل ذلك وغريه جيعل من دراسة علم املقاصد وحتريره من أهم الواجبات يف العصر،

ومتييز احلق فيه من الباطل: بتحرير قواعده، وضبط جماالته ومسائله، وتأصيله؛ يبعد هذا العلم

عن توظيفه يف غري ما قصد منه.

كل ال يتجزأ، وقسمته إىل أصول وفروع، وعقيدة ذلك أن شرع اهلل أضف إىل

وشريعة، ال يعين الفصل بينهما؛ فما من مسألة يف الشريعة إال وللعقيدة فيها نصيب وأثر، وما

من مسألة يف العقيدة إال وفيها تشريع وأحكام، ثم إن علم أصول الفقه اختلطت أبوابه ومسائله

وتأثر هبا، وقد يكون هذا الباب ) علم املقاصد ( من تلك األبواب اليت شاهبا مبسائل كالمية،

شائبة كالمية؛ خاصة وأن هذا العلم ولد يف بيت املدرسة الكالمية ونشأ نشأته األوىل فيها،

ومما الشك فيه أن بيئة النشأة هلا أثر يف تشكل مالمح ذلك العلم.

ن جانب منهجي وإن كانت مصبوغة بصبغة وهنا كان من الواجب حبث هذه املسائل م

فقهية أصولية؛ فأردت حبث املوضوع من ناحية فكرية عقدية، ومجعت يف ذلك مسائل وأقواال

من خالهلا أخذت تصورا عاما للموضوع ومسائله فكان كما يلي:

عنوان البحث:

] التوجه املقاصدي وأثره يف الفكر اإلسالمي املعاصر [ ة:الدراسات السابق

مل تتبلور بصورة مالحمه وليد هذا العصر، و ومعاجلته الفكرية التوسع يف باب املقاصد

قد سلك الفكر اإلسالمي املعاصرويلحظ للباحث يف املكتبة اإلسالمية والعربية أن مكتملة،

يف سبيل بلورة هذا الفكر وضبطه وتقعيده طريقني:

يته، مع حماولة وضع بع األسس أوهلما: الدعوة إىل الفكر املقاصدي، وتبيني أمه

واملفكرين اإلسالميني، ومن ذلك: 1بع املراكز العلمية سلكتهوالقواعد له، وهو الطريق الذي

كتاب ]الفكر املقاصدي قواعده وفوائده[ ألمحد الريسوني، وكتاب ]حنو تفعيل مقاصد الشريعة[

جلمال الدين عطيه، ويلحظ على هذه الكتابات ما يلي:

مل تبتعد كثريا عن الصبغة األصولية الفقهية، ولعل ذلك راجع إىل أن عمدهتا يف أهنا

طرحها كتاب ]املوافقات[ للشاطيب.

أن دراسة هذه الكتب ملوضوع فكر املقاصد دراسة تقريرية، بل هي دعوة لتبين هذا

نقد.ال ال التقريراملشروع، وحماولة لوضع معامل يف طريق تأصيله، فهي دراسة بدافع

الطريق الثاني هو: حماولة جادة للسري يف ركب الدعوة إىل الفكر املقاصدي، وتعد اخلطوة

األوىل لتأصيل هذا الفكر وتقعيده، وقد تبنى هذا الطريق جهات أكادميية ومؤسسات علمية،

أخرجت للساحة عدة رسائل علمية حمكمة، تناولت موضوع املقاصد من جوانب عدة:

اعتبار املقاصد يف الشريعة اإلسالمية.اجلانب األول :

اجلانب الثاني: أثر املقاصد يف بع اجلوانب الفقهية واألصولية: كاالقتصاد، والرتجيح

بني األدلة، ومناهج بع املدار الفقهية يف االستنباط.

املي للفكر اإلسالمي الدعوة إىل الصحوة الفكرية املقاصدية، والسعي يف نشرها يف أوساط املفكرين اإلسالميني وذلك لقد تبنى املعهد الع 1

اب باستكتاب املفكرين يف هذا اجملال وطبع الرسائل العلمية حول املوضوع، ]انظر يف عرض موجز جهود املعهد: تقديم د.طه جابر العلواني لكت

([.17-1مام حممد الطاهر بن عاشور، إمساعيل احلسين، )]نظرية املقاصد عند اإل

وهذان اجلانبان كان البحث فيهما حبثا أصوليا فقهيا تقريريا.

قاصد يف القرآن الكريم وكتب التفسري، والبحث يف هذا اجلانب الثالث: حبث امل

اجلانب اهلدف الرئيس فيه: استنباط املقاصد مما ورد يف القرآن الكريم من حكم وغايات يف

ذكر: أمور اآلخرة، والوعد والوعيد، وقصص األمم السابقة، وما تضمنه من تعليل وحكم

لبع األوامر الشرعية.

لرتاث اإلسالمي يف باب علم املقاصد، ومثل هذه التحقيقات اجلانب الرابع: حتقيق ا

يقدم هلا مبقدمات تشتمل على: دراسة موجزة ملناهج أولئك األعالم يف باب املقاصد، ومثل

هذه املقدمات هلا أمهية يف جمال البحث من منظور عقدي؛ إذ هبا تتضح بع املعامل الفكرية

غري كافية ألن تكون دراسة تأصيلية ناقدة. واملنهجية املتعلقة هبذا الباب، لكنها

اجلانب اخلامس: دراسات علمية حول شخصيات عرف عنها االهتمام مبقاصد

الشريعة؛ كاإلمام الغزايل، وشيخ اإلسالم ابن تيمية، واإلمام الشاطيب، وابن عاشور، ويكاد

ده؛ إذ أن من جمموع تلك يكون هذا اجلانب هو أكثر اجلوانب أثرا يف تأصيل فكر املقاصد وتقعي

الدراسات حول أعالم املقاصد ميكن للباحث أن خيرج بأصول وقواعد تضبط هذا الفكر

غري دراسيت الريسوني واحلسين؛ إذ در األول نظرية املقاصد -وتقعده، ومن تلك الدراسات

احلصر:على سبيل التمثيل ال -عند الشاطيب، ودر الثاني نظرية املقاصد عند ابن عاشور

عبدو، حبث مقدم لنيل درجة حممدأ/ ]مقاصد العقائد عند اإلمام الغزايل[، للباحث

الدكتوراة يف الدراسات اإلسالمية، كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية جبامعة حممد اخلامس،

باملغرب.

دراسة –ب/ ]نظرية مقاصد الشريعة بني شيخ اإلسالم ابن تيمية ومجهور األصوليني

من القرن اخلامس إىل القرن الثامن اهلجري[، للباحث عبدالرمحن يوسف القرضاوي، مقارنة

حبث مقدم لنيل درجة املاجستري يف الشريعة، كلية دار العلوم جبامعة القاهرة، مبصر.

عرضا ودراسة وحتليال[، للباحث –ج/ ]قواعد املقاصد عند اإلمام الشاطيب

املعهد العاملي للفكر طبعهمقدم لنيل درجة الدكتوراه، عبدالرمحن إبراهيم الكيالني، حبث

اإلسالمي.

د/ ]التنظري املقاصدي عند اإلمام حممد الطاهر ابن عاشور يف كتابه مقاصد الشريعة

اإلسالمية[، للباحث حممد حسني، حبث مقدم لنيل درجة الدكتوراه يف علم أصول الفقه، كلية

اجلزائر.العلوم اإلسالمية جبامعة اجلزائر، ب

يف باب حتقيق الفكر وقفت عليه من حبوث ودراسات جممل ألبرز ماهذا تصور

املقاصدي وتأصيله، وهي إما أهنا حماوالت لوضع ضوابط وقواعد يف طريق بناء فكر إسالمي

مقاصدي حتتاج إىل مزيد من البحث والتحقيق، أو أهنا حبوث جزئية يف استنباط الفكر

وانب الفقهية واألصولية أو لدى بع األعالم الذين لديهم اهتمام املقاصدي يف بع اجل

باملقاصد الشرعية.

أهداف البحث:

أما هذا البحث فسيكون:

وفق منهج أهل السنة واجلماعة، ووضع فكريةحماولة لقراءة الفكر املقاصدي قراءة -1

األمة وخرييتها. لبنة من لبنات بناء الفكر اإلسالمي املتزن؛ حتقيقا لوسطية هذه

وعرضها على وتلمس آثاره، ومجعا لشتات ما مت من جهود يف بناء الفكر املقاصدي، -2

ميزان الكتاب والسنة متحيصا ونقدا؛ لتسري تلك اجلهود على هدى ونور، مسرتشدة بكتاب

.وسنة رسوله اهلل

مما يشوبه -أصول الفقه باعتباره فنا من فنون -وتصفية وتنقية لعلم مقاصد الشريعة -3

، متييزا للحق فيه من الباطل.معرفية وتوظيفيةمن شوائب

قاصدي يتنازعه ثالثة علوم شرعية:وهنا أشري إىل أن حبث هذا املوضوع الفكر امل

أوهلا: علم الفقه وأصوله باعتبار أن نشأة هذا الفكر كانت حتت مظلته.

م جمال من اجملاالت اليت يبحث فيها الفكر وثانيها: علم التفسري وأصوله باعتباره أه

املقاصدي، وال أقصر التفسري هنا مبناهج تفسري كالم اهلل تعاىل؛ وإمنا يتبع ذلك فهم نصوص

السنة، وشرحها؛ إذ أهنا املصدر التشريعي الثاني والشارح األول لكتاب اهلل تعاىل.

ر ومنبعه، فينتظم جوانب احلياة وثالثها: علم العقيدة باعتباره منهج احلياة، وأسا الفك

هذا أوال، وثانيا: أن الدعوة إىل -فقها وأصوال، وفهما وتأويال، وفكرا ومنهجا -كلها

املقاصد الكلية للشريعة ولدت يف بيت علم الكالم ونشأت وترعرعت فيه، والبد من أن يكون

لبيئة املنشأ أثر يف تكوين مالمح ذلك الفكر الناشئ.

ميكن للباحث يف فكر املقاصد أن يفصل بني تلك اجلوانب الثالثة، ومتى ما مت الفصل وال

بينها فإن البحث خيرج بصورة جزئية ال يتوافق ومشولية الفكر والعقيدة، وهذا ما حاولت

مراعاته عند وضع خطة البحث.

خطة البحث:

ى ما يلي:تشتمل خطة البحث على: متهيد، وأربعة أبواب، وخامتة، بياهنا عل

، وفيه احلديث عن بداية ي وتطورهاملقاصد عن نشأة التوجهالتمهيد: نبذة تارخيية -1

ظهور هذا املصطلح يف تاريخ التدوين اإلسالمي، ثم تطوره حتى أصبح فنا من فنون أصول

الفقه، ثم بدايات الدعوة إىل التوسع يف املقاصد وجعله علما مستقال.

حبث تأصيليالبحث يف هذا الباب و، املقاصد يف الشرعاعتبار فكر الباب األول: -2

للفكر املقاصدي وبيان مكانته يف الشرع، وما يتلوه من أبواب إمنا هي: ضبط، وتقعيد،

وتطبيق، ويشتمل هذا الباب على فصلني:

:الفصل األول: تعريف فكر املقاصد واعتباره شرعا، وفيه ثالثة مباحث

قاصد.املبحث األول: تعريف فكر امل -

املبحث الثاني: اعتبار املقاصد يف الشريعة اإلسالمية. -

.يف الفكر اإلسالمي املبحث الثالث: جماالت املقاصد -

:وفيه مبحثان:طرق إدراك املقاصد وقواعدهاالفصل الثاني ،

املبحث األول: طرق إدراك املقاصد. -

املبحث الثاني: قواعد يف املقاصد ومصادرها. -

االستدالل يف الفكر املقاصدي، وسيبحث هذا الباب موقف و الفهم الباب الثاني: منهج -3

وفيه فصالن:واالستدالل والرتجيج، الفهم والتأويل، الفكر املقاصدي من:

منهج االستدالل والرتجيح يف الفكر املقاصدي، وفيه :األولالفصل :

منهج االستدالل، واعتبار املقاصد دليال مستقالاملبحث األول: -

موقف الفكر املقاصدي من تعارض األدلة والرتجيح بينها الثاني: املبحث.

وفيه مبحثان:والتوسع فيه : منهج الفهم والتأويل يف الفكر املقاصديالثانيالفصل ،

املبحث األول: منهج الفهم يف الفكر املقاصدي وضوابطه. -

املبحث الثاني: التوسع يف التأويل باملقاصد ودعوى التأويل الباطين. - بيان اتباع يف الباب الثالث: منهج الفكر املقاصدي يف املسائل واألحكام، وهذا الباب -4

اهلل تعاىل وأوامره، وأثر ذلك املنهج يف ثبوت األحكام وسقوطها، كما ألحكاممنهج التعليل

قبوال وردا، وفيه فصالن: نية املكلف ومقصدهيبحث يف

اهلل أحكامتعليل الفصل األول: منهج الفكر املقاصدي يف ،وأثره يف ثبوت وأوامره

وفيه مبحثان: األحكام ونسخها،

وأوامره. اهلل أحكاماملبحث األول: منهج الفكر املقاصدي يف تعليل -

املبحث الثاني: أثر الفكر املقاصدي يف ثبوت األحكام الشرعية ونسخها. -

اد وتصرفاهتم، وفيه مبحثانأفعال العب تقصيدالفصل الثاني: منهج الفكر املقاصدي يف

املبحث األول: أثر النية يف قبول العمل ورده. -

ورفعها. على أفعاهلم املبحث الثاني: اعتبار مقاصد املكلفني وأثره يف ترتب األحكام -

الباب الرابع: الفكر املقاصدي يف العقائد، وهذا الباب سيبحث يف بيان الفكر -5

عند أهل السنة واجلماعة وأشهر خمالفيهم، وفيه املقاصدي العقائدي يف الفكر اإلسالمي

فصالن:

،وفيه أربعة الفصل األول: املقاصد الكلية يف العقيدة عند أهل السنة واجلماعة

مباحث:

.العبودية هلل توحيد املبحث األول: حتقيق -

املبحث الثاني: االتباع وترك االبتداع. -

املبحث الثالث: حتقيق عمارة األرض. -

الفرقة واخلالف. ونبذلرابع: االجتماع املبحث ا -

وفيه ثالثة ني ألهل السنة واجلماعةالفصل الثاني: الفكر املقاصدي عند أشهر املخالف ،

مباحث:

املبحث األول: الفكر املقاصدي عند املتكلمني. -

املبحث الثاني: الفكر املقاصدي عند الصوفية. -

. انيةواملقاربة العلماملبحث الثالث: الفكر املقاصدي -

.ج وتوصياتنتائما توصلت إليه من أهم أذكراخلامتة، وفيها -6

بيانية تسهل للقارئ الوصول إىل أبواب هذا البحث ومسائله. أذكر بعد ذلك فهار ثم

املنهج املتبع يف البحث وتوثيقه:

ومن خالل عناصر خطة البحث يتضح للقارئ: أن املنهج الوصفي التارخيي ميثل التمهيد

البحث، واملنهج االستقرائي ميثل املادة اجملموعة يف سائر أبوابه، أما املنهج النقدي من هذا

التحليلي فيمثله جانب مناقشة اآلراء املطروحة وتقوميها.

البحث فقد سرت فيه على مايلي:مادة أما توثيق

عزو اآليات بذكر اسم السورة ورقم اآلية، جعلته يف أصل البحث. -

لته حاشية، وسرت فيه على ما يلي:ختريج األحاديث: جع -

.ما كان يف الصحيحني أو أحدمها اكتفيت بذكره

ما ليس فيهما مما هو يف بقية األمهات الثمانية: السنن األربعة واملسند واملوطأ، اكتفي به

مع اإلشارة إىل من حكم عليه.

م من حكم ما كان خارج األمهات الثمانية أعزوه إىل ما أجده من مصادره مذيال حبك

عليه من أهل احلديث وعلماء التخريج.

توثيق األقوال أعزوه إىل املؤلف الناقل له يف احلاشية بذكر الكتاب واسم مؤلفه، أما -

بيانات الطبع للنسخ املعتمدة يف البحث فجعلتها يف فهر املراجع.

ميكن يف تراجم األعالم اقتصرت على غري املشاهري، مذيال ذلك ببع املراجع اليت -

لطالب االستزادة حول ترمجته الرجوع إليها.

ويف ختام هذه املقدمة أشري إىل أن جدة املوضوع وتشعبه بني فروع العلوم اإلسالمية

التأصيلية، والتناول الفكري املعاصر؛ يمثل أهم الصعوبات اليت واجهتين خالل إعداد البحث،

أليف مستقل إال متأخرا.خاصة أن التناول الفكري املعاصر مل حيظ بت

كما أن الدار للكتابات املتوافرة يف الساحة الفكرية يلحظ فجوة بني التنظري والتطبيق

للفكرة املقاصدية، مما جيعل اجلزم بتبين الكاتب لتوجه فكري معني أمرا يف غاية الصعوبة،

ويستوجب تتبعا وتقصيا دقيقا لتلك التطبيقات.

علي وتيسريه أن مت قبول هذا البحث وحتكيمه يف جامعة أم وقد كان من فضل اهلل

سائال اهلل -القرى ممثلة يف قسم العقيدة بكلية الدعوة وأصول الدين، فتم هذا البحث

، فلجامعة أم القرى مين االمتنان -احلمد والشكر والثناء احلسن التوفيق والسداد، وله

لفرصة، ثم أثين بالشكر والوفاء والدعاء لكل من كان له شكرا وعرفانا أن أتاحت يل هذه ا

أثر ومسامهة يف إمتام هذا البحث بنصح أو توجيه أو دعاء، ومقدمهم شيخي األستاذ

الدكتور: عبداهلل بن عمر بن سليمان الدميجي الذي مل يأل جهدا يف التوجيه واإلرشاد واملتابعة

وتذليل الصعوبات اليت واجهتين.

أوال وآخرا، ثم الصالة والسالم على نبينا حممد وآله وصحبه خامتا. واحلمد هلل

عارف بن مسفر مسفر املالكي

التمهيد

عن نشأة نبذة تارخيية الفكر املقاصدي وتطوره

التمهيد

وتطوره نشأة الفكر املقاصدينبذة تارخيية عن

مي، بل صاحب اعتبارها عصر التشريع مل يكن اعتبار املقاصد غائبا عن الفقه اإلسال

ونزول الوحي، "فقد كانت مبثوثة يف نصوص الكتاب والسنة، ومتضمنة يف أحكامها وتعاليمها؛

:1بتفاوت من حيث التصريح هبا، أو اإلمياء واإلشارة إليها"، ويشهد لذلك أمثلة منها

ااما ﴿ قوله مقاصد الشارع خبطابه؛ جاء قي يف بيان ينا وا ٱل بسح ام يا ل وا نحوامنح

امح ٱل اهح ئكا ل ولا

حم أ ظح م ب ناهح ونا إيما هتادح م م [، عن عبداهلل بن مسعود 82]األنعام: ﴾ واهح

م ﴿قال: ملا نزلت ظح م ب ناهح وا إيما بسح ام يا ل نحوا وا ااما ينا شق ذلك على أصحاب ﴾ ٱل

: "إنه ليس بذاك، أال ملسو هيلع هللا ىلصا مل يلبس إميانه بظلم؟! فقال رسول اهلل ، وقالوا: أينملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

مم ﴿تسمع إىل قول لقمان البنه: ظ ا م كا لاظح ، "فالصحابة رضي 2["13]لقمان: ﴾ إن ٱلش

وهو: وضع الشيء يف غري -اهلل عنهم محلوا الظلم على عمومه واملتبادر إىل األفهام منه

.3باملراد هبذا الظلم" ملسو هيلع هللا ىلصفشق عليهم إىل أن اعلمهم النيب -ع موضعه، وهو خمالفة الشر

(.75-54انظر مجلة من األدلة على اعتبار املقاصد: هذا البحث، ) 1(، حديث رقم 6/114، )﴾ال تشرك باهلل إن الشرك لظلم عظيم ﴿أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب تفسري القرآن، باب قول اهلل تعاىل 2

(.124(، حديث رقم )1/114ه بنحوه، كتاب اإلميان، باب صدق اإلميان وإخالصه، )(. ومسلم يف صحيح4776) (.2/188املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج، النووي، ) 3

تحح ﴿ويف بيان سورة واٱلفا ا ناصح ٱلل ا قال: [ عن ابن عبا 1]النصر: ﴾ إذاا جا

كان عمر يدخلين مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد يف نفسه فقال: مل تدخل هذا معنا ولنا

، فما رئيت أنه -فدعاه ذات يوم فأدخله معهم -د علمتم. أبناء مثله؟! فقال عمر: إنه من ق

تحح ﴿ ﴿دعاني يومئذ إال لرييهم، قال: ما تقولون يف قول اهلل تعاىل واٱلفا ا ناصح ٱلل ا ؟ ﴾ إذاا جا

فقال بعضهم: أمرنا ان حنمد اهلل ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا. وسكت بعضهم فلم يقل

كذاك تقول يا ابن عبا ؟ فقلت: ال. قال: فما تقول؟ قلت: هو اجل رسول شيئا. فقال يل: أ

تحح ﴿أعلمه له؛ قال: ملسو هيلع هللا ىلصاهلل واٱلفا ا ناصح ٱلل ا ح ﴿وذلك عالمة أجلك، ﴾ إذاا جا ب فاساا ابا نا تاو ۥ كا كا واٱستاغفرهح إنهح ب امد را .1ل. فقال عمر: ما أعلم منها إال ما تقو﴾ ب

مراحل رئيسة بأربعة فيه مر واملستقري لتاريخ الفقه اإلسالمي يلحظ أن اعتبار املقاصد

هي:

املرحلة األوىل: مرحلة النشأة والتكوين:

وميثل هذه املرحلة اعتبار املقاصد وتطبيقاهتا يف الفقه اإلسالمي وأصوله قبل الشاطيب،

ا العتبار املقاصد وتفعيلها يف أقضيتهم وميثل عهد الصحابة رضوان اهلل تعاىل عليهم جتلي

؛ إذ كان التساع رقعة الدولة، وتنوع واختالف العادات واألعراف يف البلدان 2وفتاويهم

(، حديث رقم 6/179، )﴾فسبح حبمد ربك واستغفره إنه كان توابا ﴿أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب تفسري القرآن، باب قوله 1

(4970.) قضية والفتاوى املتضمنة العتبار املقاصد عند الصحابة رضوان اهلل تعاىل عليهم: مجع القرآن على رسم واحد يف عهد عثمان بن من األ 2

. انظر مثاال لذلك: الفكر ، وكثري من فتاوى وأقضية عمر بن اخلطاب ، وتضمني الصناع بقضاء من علي بن أبي طالب عفان

املفتوحة؛ أثر يف حدوث نوازل وأقضية، اجتهد الصحابة رضوان اهلل تعاىل عليهم يف بيان

، وقد تنوعت منهاجهم - ظاهرا ومعنى، ومقصدا وحكمة -حكمها أخذا بدالالت النصوص

يف ذلك "بني استنباط األحكام مباشرة من الدليل، واستخالصه بطريق احلمل واإلحلاق على

، قال اإلمام أمحد بن حنبل: "والصحابة 1نظائره وأشباهه، والتخريج على أصوله وأجناسه"

ون رأيهم، ، وكانوا جيتهد-كما هو مشهور عنهم -كانوا حيتجون يف عامة مسائلهم بالنصوص

.2ويتكلمون بالرأي، وحيتجون بالقيا الصحيح أيضا"

واملستقري للكتابات والبحوث املعاصرة حول موضوع مقاصد الشريعة اإلسالمية يلحظ

رائد الفقه املقاصدي، وإمامهم فيه، وتتحدد إمجاعا منهم على اعتبارهم عمر بن اخلطاب

الفقهي يف: ج عمر بن اخلطاب يف منه -حبسبهم -مالمح التوجه املقاصدي

"فهم النصوص التشريعية يف إطار مقاصدها الشرعية". -1

"فهم النصوص يف إطار املصاحل اجلماعية". -2

.3"فهم النصوص يف ضوء التطورات الزمانية والتغريات املكانية" -3

-1/95(. واالجتهاد املقاصدي حجيته ضوابطه جماالته، نور الدين اخلادمي، )28-2/12مي، احلجوي، )السامي يف تاريخ الفقه اإلسال

101.) (.91االجتهاد املقاصدي حجيته ضوابطه جماالته، نور الدين اخلادمي، ) 1 (.19/285) نقل هذا األثر شيخ اإلسالم ابن تيمية. انظر: جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، مجع ابن قاسم، 2 (.117املدخل للتشريع اإلسالمي، النبهان، ) 3

وتتبع مالمح التوجه املقاصدي قبل تدوين العلوم من خالل فتاوى فقهاء اإلسالم وآثارهم

وعمل مؤسسي. من الصحابة والتابعني رضوان اهلل تعاىل عليهم حيتاج إىل جهد كبري،

واملتأمل ملنهج فقهاء اإلسالم وما أصله علماء أصول الفقه جيزم "أهنم كانوا يتلقون معاني

ومصاحل من موارد الشريعة يعتمدوهنا يف الوقائع اليت ال نصوص فيها، فإذا ظنوها ومل يناق رأيهم

يف بيان أحكام تلك النوازل، وذلك "أن أحكام الشرع 1ها أصل من أصول الشريعة أجروها"في

معقولة املعنى، مشتملة على مصاحل راجعة إىل األمة، وأهنا بنيت على أصول حمكمة، وعلل

ضابطة لتلك احلكم فهمت من الكتاب والسنة، وشرعت األحكام ألجلها لينتظم هبا أمر

.2احلياة"

عصر التدوين فأول من حفظ التدوين اإلسالمي له تأليفا حتت مسمى )املقاصد( أما يف

، إال أن املالحظ على كتاباته يف املقاصد أهنا تنحو "منحى 3و)علل الشريعة( احلكيم الرتمذي

ع إىل توجهه الصويف املشتهر عنه.؛ وذلك يرج4ذوقيا إشاريا"

(.2/803الربهان يف أصول الفقه، اجلويين، ) 1 (.2/97الفكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي، احلجوي، ) 2شريعة(، تويف حنو حممد بن علي بن احلسن بن بشر، أبو عبداهلل، احلكيم الرتمذي، من تصانيفه: الصالة ومقاصدها، والعلل )علل ال 3

-2/245طبقات الشافعية الكربى، السبكي، ) -(6/814هـ. ]انظر ترمجته: تاريخ اإلسالم ووفيات املشاهري واألعالم، الذهيب، )320سنة

246.]) (.40نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب، الريسوني، ) 4

والذي كان أقرب إىل تقرير املقاصد - 1امريوال يبعد عنه يف الزمان أبو احلسن الع

فإنه جعل مدار الدين على أربعة أركان: -حبسب رؤية األصوليني من احلكيم الرتمذي

االعتقادات، والعبادات، واملعامالت، واملزاجر، وحدد لكل ركن من هذه األركان أصوال يقوم

حتديد الضروريات اخلمس اليت قام ، ولعل كالمه يف أصل املزاجر هو اللبنة األوىل يف2عليها

عليها علم املقاصد يف مرحلة التقعيد، قال العامري: "وأما املزاجر فمدارها أيضا عند ذوي

، -كالقود والدية -جرة قتل النفس ن يكون إال على أركان مخسة هي: مزل 3األديان الستة

، ومزجرة -لد والرجم كاجل -، ومزجرة هتك السرت -كالقطع والصلب -ومزجرة أخذ املال

.4"-كالقتل عن الردة -، ومزجرة خلع البيضة -كاجللد مع التفسيق -ثلب العرض

وتشكل هذه املرحلة القاعدة املعرفية اليت أسس عليه الشاطيب رؤيته املقاصدية، وقد

استفاد من هذه املرحلة من خالل رافدين: األول: تفعيل وتطبيق املقاصد يف األحكام، وميثله

نشاط الفقهاء قضاء وفتوى، والثاني: التأسيس النظري األصويل، وهو دور األصوليني من

.5العلماء

ابع اهلجري، من مصنفاته: اإلبانة عن علل الديانة، واإلعالم مبناقب حممد بن أبي ذر يوسف العامري النيسابوري، من فالسفة القرن الر 1

هـ. ]انظر ترمجته:381اإلسالم تويف بنيسابور ينة

(.123-121انظر: اإلعالم مبناقب اإلسالم، أبو احلسن العامري، ) 2

(.121لشرك. انظر: املصدر نفسه، )مراده باألديان الستة: اإلسالم، والنصرانية، واليهودية، واجملوسية، والصابئة، وأهل ا 3

(.123املصدر السابق، ) 4حبث موضوع املقاصد يف كتب األصوليني قبل الشاطيب كان حبثا جزئيا ضمن بابني من أبواب علم أصول الفقه: باب العلة من القيا ، باب 5

باب املصلحة املرسلة. انظر: مسالك الكشف عن املقاصد، املصاحل املرسلة من األدلة املختلف فيها، وكان أكثر البابني تأسيسا للمقاصد

(.30-27عبداجمليد النجار، )

املرحلة الثانية: مرحلة التقعيد والتأصيل:

وميثل هذه املرحلة ما قام به اإلمام الشاطيب يف كتابه ]املوافقات[ من إفراد ملوضوع

يد له.املقاصد، وتأصيل وتقع

كالكالم عن مراتب -قد سبق يف احلديث عن جوانب من املقاصد فالشاطيب وإن كان

فإن له السبق يف - 2، أو الكالم عن الضروريات اخلمس عند الغزايل1مصاحل اخللق عند اجلويين

الشاطيب فقال: "فإن ناء أصول الفقه عليها، وقد أقر هبذه األسبقيةتقعيد وتأصيل املقاصد، وب

اإلنكار، وعمي عنك وجه االخرتاع فيه واالبتكار، وغر عارضك دون هذا الكتاب عارض

الظان أنه شيء ما مسع مبثله، وال ألف يف العلوم الشرعية األصلية أو الفرعية ما نسج على

منواله أو شكل بشكله، وحسبك من شر مساعه، ومن كل بدع يف الشريعة ابتاعه؛ فال تلتفت

مبظنة الفائدة على غري اعتبار؛ فإنه حبمد اهلل أمر قررته إىل اإلشكال دون االختبار، وال ترم

اآليات واألخبار، وشد معاقده السلف األخيار، ورسم معامله العلماء األحبار، وشيد أركانه

.3أنظار النظار"

واملتتبع ملنهج الشاطيب يف تصنيفه لكتاب ]املوافقات[ يلحظ أن قسم كتاب املقاصد منه

ة ملنهج االستدالل والفهم يف الشريعة اإلسالمية؛ فهو بعد أن ضبط مقدمات ميثل مقدمة منهجي

(.927-2/923انظر: الربهان يف أصول الفقه، اجلويين، ) 1 (.483-2/481انظر: املستصفى من علم أصول الفقه، الغزايل، ) 2 (.1/18املوافقات، الشاطيب، ) 3

التأليف، وقرر املقدمة النظرية ألصول الفقه يف األحكام، قدم لكتابي األدلة واالجتهاد بقسم

املقاصد؛ وذلك أن الشاطيب استحضر يف تصنيفه يف علم أصول الفقه كونه من العلوم القطعية ال

كان كذلك فـ"إن املقدمات املستعملة يف هذا العلم واألدلة املعتمدة فيه ال تكون ، وإذا1الظنية

عقلية، أو مسعية، وملا كانت األدلة العقلية يف التشريع "مركبة على األدلة -إال قطعية"

السمعية" وتابعة هلا، ووجود القطع يف األدلة السمعية "على االستعمال املشهور معدوم أو يف

، قال 2ور"؛ فإن املعترب يف إفادة القطع استقراء معاني النصوص ومقاصد الشارعغاية الند

الشاطيب: "وهبذا امتازت األصول من الفروع؛ إذ كانت الفروع مستندة إىل آحاد األدلة، وإىل

مآخذ معينة؛ فبقيت على أصلها من االستناد إىل الظن. خبالف األصول؛ فإهنا مأخوذة من

.3دلة بإطالق، ال من آحادها على اخلصوص"استقراء مقتضيات األ

إىل أن توجه -ة، ومقاربة سياسية يف قراءة تارخيي - 4ويذهب عبداجمليد الصغري

الشاطيب املقاصدي كان نتاجا فكريا لألوضاع السياسية واالجتماعية اليت عاشها الشاطيب،

لعصر اجملتمع الذي جتلى فيه أكثر فـ"من الناحية السياسية فلرمبا كان اجملتمع األندلسي يف هذا ا

من غريه اجتماع الفتنتني: الفتنة الداخلية، والتعرض لإلبادة اخلارجية"، ومن الناحية اجلغرافية

فقد تقلص "ذلك اجملتمع جغرافيا يف رقعة حمدودة املساحة واملواد الطبيعية هي غرناطة

(.1/19انظر: املصدر نفسه، ) 1

(.26-1/23املصدر السابق، )انظر: 2

(.1/26املصدر نفسه، ) 3 .-جامعة حممد اخلامس -د. عبداجمليد الصغري، باحث مغربي معاصر، أستاذ الفلسفة والفكر اإلسالمي 4

ية يف القرن الثامن للهجرة" أثر يف ، لقد كان لـ"تأزم الظروف السياسية واجملتمع1وأحوازها"

خاصة بعد توايل تراجعه أمام العدو -تعميق "حدة فقدان الثقة برجل السلطة السياسية

اخلارجي غري املسلم يف املشرق واملغرب، عالوة على تراجع نفوذه السياسي على املستوى

من رجال السلطة الداخلي"، وكنتيجة سياسية لذلك حتولت ثقة وأنظار اجلمهور من النا

السياسية "إىل حاملي علم النبوة واملوقعني عن رب العاملني كسلطة علمية منقذة من اهلوة

، متثل تلك األوضاع بيئة اللتياث 2السياسية واجملتمعية على املستويني الداخلي واخلارجي"

فيها باعتبار الظلم، خيلو فيها الزمان عن السلطتني العلمية والسياسية، ويكون غياث األمم

الصغري: "وكأن القرن عبداجمليد املقاصد و"املراسم الكلية"، و"حفظ القواعد الشرعية"، قال

-مبا جتلى فيه من تراكم خمتلف أنواع االحنالل واالحنطاط الفكري واجملتمعي -الثامن للهجرة

عة القطعية يتوقع حلوله ليصبح احلديث فيه عن مقاصد الشري 3ميثل أنسب ظرف كان اجلويين

حديثا ملحا، ومشروعا تتطلع مهم أصحابه إىل اختاذ تلك املقاصد القطعية مالذا وأساسا

.4لإلصالح واإلنقاذ، وقبل ذلك قاعدة منهجية للمراجعة والنقد وإعادة التأسيس"

وهذه املقاربة التارخيية السياسية من الصغري تغفل ما ذكره الشاطيب يف بيان وجه تأليفه

ب ]املوافقات[؛ إذ قال: "أما بعد، أيها الباحث عن حقائق أعلى العلوم، الطالب ألسنى كتا

(.317انظر: الفكر األصويل وإشكالية السلطة العلمية يف اإلسالم، عبداجمليد الصغري، ) 1

(.354املصدر السابق، ) 2(، وقد فصل فيما بعدها من الصفحات لتلك الكليات والقواعد الشرعية اليت 636: الغياثي ) غيات األمم يف التياث الظلم (، اجلويين، )انظر 3

يلجأ إليه فقهاء ذلك العصر. (.447الفكر األصويل وإشكالية السلطة العلمية يف اإلسالم، عبداجمليد الصغري، ) 4

نتائج احللوم، املتعطش إىل أحلى موارد الفهوم، احلائم حول محى ظاهر املرسوم طمعا يف إدراك

، فإنه قد آن لك أن تصغي إىل من وافق -معاني مرتوقة يف فتق تلك الرسوم -باطنه املرقوم

.ا.هـ، فالشاطيب هنا يشري إىل أن ما 1هواه، وأن تطارح الشجى من ملكه مثلك شجاه" هواك

محله على تصنيف ]املوافقات[ طلب حتصيل "حقائق أعلى العلوم" بإدراك "أحلى موارد

الفهوم"، وهو أمر يطلبه كل طالب علم، ويسعى إليه كل ذي مهة علية؛ قال الشاطيب: "فلم أزل

وأضم من شوارده تفاصيل ومجال، وأسوق من شواهده يف مصادر احلكم أقيد من أوابده

وموارده مبينا ال جممال؛ معتمدا على االستقراءات الكلية، غري مقتصر على األفراد اجلزئية،

ومبينا أصوهلا النقلية بأطراف من القضايا العقلية حسبما أعطته االستطاعة واملنة يف بيان

ة، ثم استخرت اهلل تعاىل يف نظم تلك الفرائد ومجع تلك الفوائد إىل مقاصد الكتاب والسن

تراجم تردها إىل أصوهلا، وتكون هونا على تعقلها وحتصيلها، فانضمت إىل تراجم األصول

.2الفقهية، وانتظمت يف أسالكها السنية البهية، فصار كتابا خمتصرا يف مخسة أقسام"

د وفوائد الكتاب رافق الشاطيب يف سين العلم تعلما والذي يظهر أن هذا التقييد لفرائ

وتعليما، ومل يكن لدى الشاطيب أثناء تقييد تلك الفرائد والفوائد تصور النتظامها يف سلك علم

من العلوم، فلما راجعها لينظمها يف عقد واحد اتضحت مالحمها "فانضمت إىل تراجم األصول

البهية". تظمت يف أسالكها السنيةالفقهية، وان

.(1/15املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.1/16املصدر نفسه، ) 2

ولو كان هم الشاطيب يف ذلك التأليف "اختاذ تلك املقاصد القطعية مالذا وأساسا

لإلصالح واإلنقاذ، وقبل ذلك قاعدة منهجية للمراجعة والنقد وإعادة التأسيس" ألبرز ذلك يف

، ولظهر- 1كما فعل اإلمام ابن عاشور يف مقدمة كتاب ]مقاصد الشريعة اإلسالمية[ -مقدمته

مبا يف ذلك قسم املقاصد -ذلك أيضا يف صنيعه يف كتابه؛ فإن قارئ ]املوافقات[ املتأمل فيه

جيد أن الشاطيب مل خيرج عن مباحث أصول الفقه اليت قررها السلف، وإمنا أعاد عرضها –

ونظم سلكها وضبط أصلها يف ضوء مقاصد الشريعة؛ إذ كان مهه التوفيق "بني مذهيب: ابن

وأبي حنيفة"، ويؤيد ذلك أن قصد الشاطيب يف املوافقات أن يكون "عونا يف سلوك ،2القاسم

الطريق، وشارحا ملعاني الوفاق والتوفيق، ال ليكون" عمدة "يف كل حتقق وحتقيق"، وال مرجعا

.3"يف مجيع ما يعن" لنا "من تصور وتصديق"

مرحلة اجلمود والسكون: املرحلة الثالثة:

حلة منذ القرن الثامن اهلجري وحتى القرن الثالث عشر امتدت هذه املر

اهلجري، ويف هذه املرحلة مل يدون التاريخ الفقهي للتوجه املقاصدي ما ميكن أن

(، وجممل ما ذكر من أسباب ترجع إىل أمرين: األول منهما: تأسيس علم أصول 174-165انظر: مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 1

هاء نبذا للتعصب، األصول ليكون مرجعا للفقهاء يف تشريع مصاحلهم. والثاني: أن يكون علم مقاصد الشريعة إليه االحتكام عند اختالف الفق

وتوحيدا للفقه.

أبو عبداهلل، عبدالرمحن بن القاسم بن خالد بن جنادة، فقيه مالكي، صحب مالكا عشرين سنة، له املدونة، وهي من أجل كتب املالكية، 2

([.130-3/129هـ. ]انظر ترمجته: وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلكان، )191تويف مبصر سنة (.1/17نظر: املوافقات، الشاطيب، )ا 3

يساهم يف إثراء التوجه املقاصدي يف الكتابات األصولية، وقد عاد حبث املقاصد

فيها إىل موضعه كمبحث من مباحث العلة، ومسلك من مسالكها.

مرحلة البعث واإلحياء والتفعيل:رحلة الرابعة: امل

للتاريخ الفقهي يف الفكر اإلسالمي يلحظ انقطاعا يف التنظري والتفعيل لفكرة ئاملستقر

املقاصد حبسب الرؤية الشاطبية منذ عهد الشاطيب إىل العصر احلديث، نعم مل تغب املقاصد

باب العلة يف -األصويل السابق للشاطيب ت خمتزلة ضمن إطارهايعن الفكر الفقهي إال أهنا بق

.-القيا ، وباب املصلحة

التاريخ الفقهي واألصويل من حماوالت اإلحياء للمقاصد هو وأول ما يقف عليه مستقرئ

توجيهات حممد عبده لتالميذه ومن التقى هبم يف العامل اإلسالمي إىل االعتناء بكتاب

ز: "كثريا ما مسعنا وصية املرحوم الشيخ حممد عبده ]املوافقات[ ودراسته، قال عبداهلل درا

.1لطالب العلم بتناول الكتاب"

ما نقف عليه هو كتابا: أما يف جمال التأليف والتدوين بعثا للمقاصد وتفعيال هلا فإن أول

ريعة اإلسالمية[ حملمد الطاهر ابن عاشور، و]مقاصد الشريعة اإلسالمية ]مقاصد الش

.2الفاسيومكارمها[ لعالل

(.1/10املصدر السابق، مقدمة عبداهلل دراز للكتاب، ) 1هـ. ]انظر ترمجته: مالمح من شخصية عالل 1394عالل بن عبدالواحد الفاسي، مؤسس حزب االستقالل املغربي، كانت وفاته عام 2

الفاسي، عبدالكريم غالب[.

ويف إطار اجلهود التجديدية، واملبادرات االجتهادية واإلصالحية للفكر اإلسالمي والعلوم

اإلسالمية يأتي االهتمام املتزايد مبقاصد الشريعة اإلسالمية، هذا االهتمام الذي بدأ بالدعوة إىل

يف التأليف يف نشر كتاب ]املوافقات[، واإلقبال عليه، وتفعيل مقاصده، متزامنا مع التجديد

مقاصد الشريعة بلغة عصرية تواءم الظروف السياسية واالجتماعية اليت عاشتها األمة

اإلسالمية يف ظل االستعمار.

أن احلالة السياسية يلحظاملعاصر يفكر املقاصدالحول والقارئ يف الكتابات والبحوث

كان له أكرب -ألفريقي منه القسم ا -واالجتماعية يف العامل اإلسالمي عامة والعربي خاصة

األثر يف التوجه إىل املقاصد وإحيائها.

إمنا كانت -حبسب مقاربة الصغري التارخيية السياسية -وإذا ما كانت فكرة املقاصد

"مشروعا تتطلع مهم أصحابه إىل اختاذ تلك املقاصد القطعية مالذا وأساسا لإلصالح

راجعة والنقد وإعادة التأسيس"؛ فإن استدعاء العصر واإلنقاذ، وقبل ذلك قاعدة منهجية للم

يف ظل االستعمار الغربي، ونوازله، وضعف احلياة السياسية -احلديث للمقاصد واستثمارها

ميثل حاجة - 1واالجتماعية، وقصور أصول الفقه عن "خدمة حكمة الشريعة ومقصدها"

األصالة واملعاصرة، واملواءمة بني أحكام ملحة للنهوض باألمة من كبوهتا، واخلروج هبا من مأزق

الدين ومستجدات العصر، "إذ غدا واقع احلياة املادية أكثر كثافة، والعالقات اإلنسانية أكثر

تداخال وتشابكا، واملشكالت االجتماعية والسياسية أكثر تنوعا وتعقيدا، وكل ذلك ميثل

(.166شور، )مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عا 1

الفني، بل ال تكفي للتشريع هلا وتكييفها أوضاعا جديدة ال تستوعبها اجتهادات فقهائنا الس

: "وقد يكون من 2قال عمر عبيد حسنة، 1مناهج األصوليني وأساليبهم يف االستنباط والتقنني"

اإلصابات القاتلة اليت نعاني منها اليوم أننا حناول التعامل مع املتغريات اجملتمعية املتسارعة بنفس

سابقة، فتصاب وسائلنا بالعقم، ونفوسنا باإلحباط؛ الوسائل اليت كنا نتعامل هبا مع مرحلة

حيث تتغري الدنيا من حولنا وال تتغري اجتهاداتنا ووسائلنا يف التعامل معها، وهذا مؤشر خطري

.3على غياب العقل املقاصدي الغائي التعليلي املفكر غري املقلد"

ر كثري من املحدثني "مثل كل من: در املقاصد، واستثمارها؛ انشغاال حموريا يف فك

، قصد 4الذين وجدوا يف مباحث الشاطيب عدة فكرية اعتمدوها يف صياغة مهومهم النهضوية"

الـ"مسامهة يف إحياء وعي املسلم برسالته اإلنسانية؛ ليمار مهمته يف إحلاق الرمحة بالعاملني،

حلياة الثقافية والعقلية اليت وإخراج النا من الظلمات إىل النور، وحتقيق النقلة الغائبة عن ا

تعيشها األمة املسلمة اليوم، والتحول من: حالة النقل والتلقني، واحملاكاة، والتقليد اجلماعي،

والرتاجع احلضاري؛ إىل مرحلة ممارسة التفكري، واالجتهاد، والتجديد، والتغيري، وتشكيل العقل

.5لوحي"املقاصدي اهلادف الذي صنعه اإلسالم يف ضوء هدايات ا

(.15قضايا التجديد، حسن الرتابي، مقدمة: حممد اهلامشي احلامدي وحممد الطاهر امليساوي، ) 1م، مدير حترير جملة األمة. ]له ترمجة موجزة على غالف كتابه )نظرات يف مسرية 1935عمر عبيد حسنة، باحث معاصر، ولد يف سوريا عام 2

العمل اإلسالمي([. (.16-15صدي حجيته ضوابطه جماالته، اخلادمي، مقدمة عمر عبيد حسنة للكتاب، )االجتهاد املقا 3 (.20نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور، إمساعيل احلسين، ) 4

(.12-11االجتهاد املقاصدي حجيته ضوابطه جماالته، اخلادمي، مقدمة عمر عبيد حسنة للكتاب، ) 5

واليوم تتابع البحث يف املقاصد، وتوالت الدراسات فيه بني: "دراسات جامعية وغري

ثم أصبحت مقاصد الشريعة ، جامعية، ومبا ال حيصى من: املقاالت، والندوات، واحملاضرات

مادة دراسية مستقلة يف عدد من اجلامعات يف العامل اإلسالمي، وما زالت العناية مبقاصد

إلقبال عليها يف تزايد مستمر؛ حتى إنه ميكننا اليوم التحدث عن صحوة مقاصدية يف الشريعة وا

.1جمال العلوم الشرعية والدراسات اإلسالمية والفكر اإلسالمي"

لقد حظيت الدراسات املقاصدية اليوم برعاية مؤسساتية، وأول املراكز اليت تبنت نشر

.2الميالفكر املقاصدي هو املعهد العاملي للفكر اإلس

، والذي كان له نشاط قوي 3ثم أنشئ بعد مركز دراسات مقاصد الشريعة اإلسالمية

وأثر ظاهر يف تكشيف وتطوير الدراسات املقاصدية، ويف مقدمتها إعداد دليل إرشادي جيمع

.4الكتب والبحوث والدراسات اليت متت حول املقاصد، ويعرف هبا

(.7فوائده، الريسوني، )الفكر املقاصدي قواعده و 1هـ، وسجل يف الواليات املتحدة األمريكية، مقره العام يف هريندن من ضواحي واشنطن، 1401أنشئ عام :املعهد العاملي للفكر اإلسالمي 2

ة والقيم، وتأصيل قضايا يعمل يف ميدان اإلصالح الفكري والعلمي، تبنى مشاريع إسالمية املعرفة هبدف: حتقيق الصلة الوثيقة بني الوحي واملعرف

اإلسالمية اإلسالم الكلية، وربط اجلزئيات باملقاصد والغايات اإلسالمية العليا، ومن املشاريع اليت تبناها املعهد: مشروع تطوير مقاصد الشريعة

الشبكة العنكبوتية انظر يف التعريف باملعهد: موقعه على] لتشكل منهجا معرفيا وفلسفة تشريعية يف الفكر اإلسالمي املعاصر.

http://arabic.iiit.org/Default.aspx?tabid=55.]

م، وهو يتبع مؤسسة الفرقان للرتاث والثقافة، مؤسسه أمحد زكي مياني، مقره 2005تأسس مركز دراسات مقاصد الشريعة اإلسالمية عام 3

]انظر يف التعريف باملركز: موقعه على الشبكة العنكبوتية، الرئيسي لندن، يهدف املركز إىل إحياء فقه املقاصد وجتديد الفقه وأصوله.

http://www.al-furqan.com/al-furqan/centres/maqasid/] م، وبلغ 2007طبع هذا الدليل باسم: الدليل اإلرشادي إىل مقاصد الشريعة اإلسالمية، حممد كمال الدين إمام، وقد طبع أول أجزائه عام 4

ية أجزاء.أثناء إعداد البحث مثان

ورعايته أكادمييا جاء تبنى جامعة أم القرى ويف ضمن هذا االهتمام، ويف إطار ضبطه

مبكة املكرمة ممثلة يف كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية تأسيس مجعية علمية سعودية لعلم

.1األصول ومقاصد الشريعة

هـ.1435عقد اجمللس التأسيسي للجمعية يف العاشر من رمضان عام 1

الباب األول

اعتبار فكر املقاصد يف الشرع

ويشتمل على ثالثة مباحث:

صد.األول: تعريف فكر املقا

الثاني: اعتبار املقاصد يف الشريعة اإلسالمية.

الثالث: جماالت املقاصد يف الفكر اإلسالمي.

الفصل األول

يفكر املقاصدالتعريف واعتباره شرعا

املبحث األول

املقاصدفكر عريف ت يلحظ أمرين: اإلسالمي الفقهاملستقرئ للتاريخ املقاصدي يف

يف األول منهما: عدم الثبات واالستقرار على تصور واحد عام جتاه الدائرة املقاصدية

الفقه اإلسالمي؛ فقد كانت دائرة املقاصد مقتصرة على مقاصد التشريع خاصة، ثم اتسعت

العتبار مقاصد املكلفني كقسيم للنظر يف املقاصد مع مقاصد التشريع، ثم عادت لتضيق مرة

أخرى وتركز على مقاصد التشريع خاصة، ثم بدأت حماولة توسيع أكرب لتصبح علما مستقال.

والذي تبعه اتساع تصور -ه مع هذا التغري يف اتساع الدائرة وتضييقها واآلخر: أن

، إال أن موضوع املصلحة يشكل بعدا رئيسا يف التوجه املقاصدي، فال -املقاصد وتضييقه

جتد كاتبا يتحدث عن مقاصد الشريعة إال ويربطها باملصاحل.

ها تصورا دقيقا، ملعرفة ومن هنا كان للضبط االصطالحي للمقاصد أمهية يف تصور

املوقف السديد منها قبوال و ردا.

:املطلب األول: املقاصد يف اللغةوقد وردت مادة )ق ص د( يف معاجم ،وأصله الثالثي )قصد( ،املقاصد مجع )مقصد(

:عدة منها اللغة على معان

وقصدت ،تقول: قصدته ،ء: التوجه واالعتماد، قال يف الصحاح: القصد إتيان الشيأوال

.2ويف لسان العرب: "والقصد االعتماد واألم .1إليه؛ مبعنى"

فهو فعيل مبعنى ،ألن قائله جعله يف باله فقصد له ،ومن ذلك: تسمية الشعر قصيدا

.3مفعول من القصد

وأقصدته حية، إذا قتلته؛ ألنه مل يحد ،ومنه اإلقصاد مبعنى القتل يقال: أقصده السهم

.فلم خيطئ مقاتله ،عنه

.4وهي هتديه وتؤمه ،ومنه أيضا تسمية العصا قصيدا؛ ألنه يقصد هبا اإلنسان

،وله ،ومتعلق هذا األصل يعود إىل معنى اإلرادة: قال يف املصباح املنري: قصدت الشيء

.5من باب )ضرب( ؛طلبته بعينه ،قصدا ،وإليه

(.2/524اجلوهري، ) ،تاج اللغة وصحاح العربية الشهري بـ )الصحاح( 1

(.3/353) ،ابن منظور ،لسان العرب 2 (.8/353) ،حممد بن أمحد األزهري انظر: هتذيب اللغة، 3

(.3/353لسان العرب ) ،وابن منظور ،( 5/95) ابن فار انظر: معجم مقاييس اللغة، 4

(.192) ،املصباح املنري، الفيومي 5

...والقصد ،العني: القصد: استقامة الطريقة صاحب : االستقامة واالعتدال، قالثانيا

.1...واملقتصد من الرجال: الذي ليس بقصري وال جسيم ،يف املعيشة: أال تسرف وال تقتر

شمكا ﴿ ومنه قوله د ف ما [؛ يقال قصد فالن يف مشيه إذا 19]لقمان: ﴾ واٱقص

ورضي بالتوسط؛ ،مر إذا مل جياوز فيه احلد. ويف أسا البالغة: وقصد يف األ2مشى سويا

﴿: قال ،.ا.هـ3ألنه يف ذلك يقصد األسد ر ائ ا جا بم وامنها قاصدح ٱلس ا ٱلل ﴾ والعا

يقال: طريق قاصد أي: يؤدي إىل املطلوب. ،السبيل قصد بيانأي على اهلل ،[9]النحل:

﴿ ر ائ ا جا .4عن احلق فال يهتدى به أي: عادل ﴾ وامنها

قال ابن جين: أصل ،وهذا املعنى يف أصله يعود إىل املعنى السابق: التوجه واالعتماد

والنهود والنهوض حنو الشيء؛ على ،والتوجه ،)ق ص د( ومواقعها يف كالم العرب: االعتزام

ضع بقصد وإن كان قد خيص يف بع املوا ،هذا أصله يف احلقيقة ،اعتدال كان ذلك أو جور

.5...فاالعتزام والتوجه شامل هلما مجيعا ،االستقامة دون امليل

منه: تسمية خمة العظم قصيدة؛ إذا خرجت وانفصدت من وثالثا: التفصيل واإلبانة،

.موضعها

(.394-3/393) ،العني، اخلليل بن أمحد الفراهيدي 1 (.8/355) األزهري انظر: هتذيب اللغة، 2 .(2/81) ،أسا البالغة، حممود بن عمرو الزخمشري 3 .(12/290) القرطيب انظر: اجلامع ألحكام القرآن، 4 ( إىل ابن جين يف كتاب سر الصناعة.9/36ونسبه الزبيدي يف تاج العرو ) ،(3/353لسان العرب، ) انظر: 5

وانقصد؛ إذا تكسر حتى ،يقال قصد الرمح ،ومنه: اشتقاق لفظ )قصد( للكسر البني

1د.صوجتمع على ق ،دة(وكل قطعة منه )قص ،يبني

جسيمة، ويف الشعر ،ممتلئة ،قوهلم: ناقة قصيد؛ أي مسينة هرابعا: التمام واالكتمال، ومن

ال يطلق اسم )القصيدة( إال على ما كانت أبياهتا تامة األبنية، و)القصدة( يف الشجر ما كانت

.2ينبت أغصانه غضة رطبة، ومن ذات شوك إذا ظهر نباهتا أول ما

أمران: متعلق معاني )قصد( يف باب األقوال واألفعالإىل أن وخنلص مما سبق

: اإلرادة؛ مبعنى التوجه واالعتزام يف األفعال. األول منهما

: املعاني؛ مبعنى التفصيل واإلبانة يف األقوال.اآلخرو

رع ويظهر ذلك جليا يف فعل اإلمام الشاطيب عند حديثه عن املقاصد، فمقاصد الشا

، يرجع اثنان منها إىل البيان والتفصيل مها: قصد الشارع من وضع الشريعة ابتداء، 3عنده أربعة

قصده للتكليف مبقتضاها، وقصده يف -وقصده يف وضعها لإلفهام. ويرجع املقصدان اآلخران

.إىل األم والتوجه واالعتزام -دخول املكلف حتتها

(.3/393) الفراهيدي العني،انظر: 1

(3/393العني، )و (.5/95معجم مقاييس اللغة، ) .(8/354) األزهري انظر: هتذيب اللغة، 2

.(4-2/3انظر: الشاطيب، املوافقات، ) 3

:يف الفقه اإلسالمياملطلب الثاني: تعريف املقاصد مل يكن التوجه املقاصدي يف فهم نصوص الشريعة اإلسالمية وتنزيلها على الوقائع

علماء ور هذا التوجه وبروزه كان على يدإال أن ظه ،اإلسالمي الفقهوأحكامها غائبا عن

"مل واملتتبع للبحوث األصولية املعاصرة حول املقاصد يلحظ فيها إمجاعا على أنه ،1األصول

يوجد يف كتب املتقدمني ممن كان هلم اهتمام باملقاصد حترير لتعريفها وإمنا وردت إشارات

بتحرير اصطالحي قبل اإلمام حممد الطاهر ،ومل حتظ املقاصد ،وأوصاف لبيان تلك املقاصد

.2بن عاشور يف كتابه ]مقاصد الشريعة اإلسالمية["

تعطي تصورا ل ؛عاصرين من األصولينيإشارات السابقني وتعريفات امل بع وأعرض هنا

:مقاصد يف الفكر الفقهي اإلسالميعاما لل

كل معنى مناسب " :- يف ضابط االستدالل الصحيح باملصاحل املرسلة -الغزايل قال -1

للحكم؛ مطرد يف أحكام الشرع؛ ال يرده أصل مقطوع به مقدم عليه من كتاب أو سنة أو إمجاع؛

فإهنا ال حيويها عد وال ،شهد له أصل معني. ثم أقسامه ال ضبط هلافهو مقول به وإن مل ي

(.36) ، الريسونير: نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيبانظ 1

علم و(. 17)، الريسونينظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيبو(. 33) ، اليوبيانظر: مقاصد الشريعة اإلسالمية وعالقتها باألدلة الشرعية 2

(.15-14) ، اخلادمياملقاصد الشرعية

وقد يفيد حكما جزئيا يف ،فقد يتفق معنى مرسل يفيد أمرا كليا على إمجال ،يضبطها حد

.1"صورة خاصة

فالغزايل هنا جعل مسلك املناسبة من مسالك العلة ضابطا العتبار املصاحل املرسلة،

وعدم معارضته ألصل مقطوع به ،ر اطراد ذلك املعنى املناسب يف الشرعوشرط لذلك االعتبا

وما انفك عن رعاية أمر ،ومجيع أنواع املناسبات ترجع إىل رعاية املقاصد"ويقول: ،مقدم عليه

فما كان من ،.ا.هـ2"وما أشار إىل رعاية أمر مقصود فهو املناسب ،مقصود فليس مناسبا

وما كان منها "يفيد حكما جزئيا" فهو ،ليا" فهو املقاصد الكليةتلك املعاني "يفيد أمرا ك

املقاصد اجلزئية.

واملقاصد اليت ينظر فيها قسمان: أحدمها يرجع إىل قصد ": فقالأما اإلمام الشاطيب -2

فـ "تكاليف ؛فأما ما يرجع إىل قصد الشارع، .ا.هـ3"واآلخر يرجع إىل قصد املكلف ،الشارع

، إذ "أن الشارع قد قصد بالتشريع إقامة املصاحل 4ىل حفظ مقاصدها يف اخللق"الشريعة ترجع إ

.5ال حبسب الكل وال حبسب اجلزء" ،وذلك على وجه ال خيتل هلا به نظام ،األخروية والدنيوية

.(364) ،الغزايليف تعليقات األصول، املنخول 1

.(159) ،الغزايل، شفاء الغليل يف بيان الشبه واملخيل ومسالك التعليل 2

(.2/3) ، الشاطيباملوافقات 3

(.2/7) املصدر نفسهانظر: 4 (.29-2/28انظر: املصدر نفسه، ) 5

وأما ما يرجع إىل قصد املكلف فـ"قصد الشارع من املكلف أن يكون قصده يف العمل

فاملطلوب ،فإذا كان قصد التشريع إقامة املصاحل األخروية والدنيوية موافقا لقصده يف التشريع"،

، واملعترب يف 1وأن ال يقصد خالف ماقصد الشارع ،من املكلف أن جيري على ذلك يف أفعاله

.2ذلك النية

تصورا للمقاصد فقال: حلسنى أن يستشف من صنيع الشاطيب وقد حاول إمساعيل ا

واملعاني الداللية املقصودة من ،ة املقصودة من شرع األحكامإهنا كل من املعاني املصلحي"

.3"اخلطاب؛ اليت ترتتب عن حتقق امتثال املكلف ألوامر ونواهي الشريعة

ويرى ابن عاشور أن "املقاصد هي: األعمال والتصرفات املقصودة لذاهتا؛ اليت تسعى -3

.4"امتثاال أو تحمل على السعي إليها ،النفو إىل حتصيلها مبساع شتى

لنفو ل ياوما كان سع ،تثاال فمقاصد للشرعحمال على السعي ام منها فما كان

.5لتحصيلها فمقاصد النا

.ومعان عرفية عامة ،مقاصد الشرع عنده نوعان: معان حقيقيةو

(.2/251، )السابقانظر: املصدر 1

(.2/246) ،املصدر نفسه انظر: 2

.(115) ،احلسنى، بن عاشورنظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر 3

(.415) ،ابن عاشور، اإلسالمية مقاصد الشريعة 4 (.415انظر: املصدر نفسه، ) 5

"فأما املعاني احلقيقية فهي: اليت هلا حتقق يف نفسها حبيث تدرك العقول السليمة مالءمتها

.1دراكا مستقال عن التوقف على معرفة عادة أو قانون"إلمصلحة أو منافرهتا هلا ل

، فهي أوصاف 2وميثلها "املعاني واحلكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال التشريع"

الشريعة وغاياهتا العامة.

"وأما املعاني العرفية العامة فهي: اجملريات اليت ألفتها نفو اجلماهري واستحسنتها

فهي "الكيفيات املقصودة للشارع ، 3استحسانا ناشئا عن جتربة مالءمتها لصالح اجلمهور"

.4أو حلفظ مصاحلهم العامة يف تصرفاهتم اخلاصة" ،لتحقيق مقاصد النا النافعة

ن:وأما مقاصد النا فقسما

مالئمة وهو: أنواع التصرفات اليت اتفق عليها العقالء أو مجهورهم ملا وجدوها ،"أعالها

.ذا النوع "باستقراء أحوال البشر"النتظام حياهتم االجتماعية"، ويعلم ه

وهو: الذي يقصده فريق من النا أو آحاد منهم يف ،والقسم الثاني: وهو "دون ذلك

.5تصرفاهتم ملالءمة خاصة بأحواهلم، وهذا القسم يتعرف باألمارة والقرينة واحلاجة الطارئة"

قسمان: عامة وخاصة. -مقاصد الشرع ومقاصد النا -ال النوعني واملقاصد يف ك

(.252-251، )السابقانظر: املصدر 1

(.251انظر: املصدر نفسه، ) 2

(.252) املصدر نفسه،انظر: 3

(.415) املصدر نفسه،انظر: 4

(.415انظر: املصدر نفسه، ) 5

"ما كان يف مجيع أحوال التشريع حبيث ال خيتص مالحظتها يف فالعام من مقاصد الشرع: -

أو ،"ما اتفق عليها العقالء والعام من مقاصد النا : .نوع خاص من أحكام الشريعة"

مجهورهم".

فهي ،حلفظ املقاصد العامة يف التصرفات اخلاصة ما كان"واخلاص من مقاصد الشرع: -

. واخلاص من مقاصد النا : "حكم ومعان جزئية جترى على وفق مقاصد الشرع العامة

."فمقصود فريق من النا أو آحادهم"

"املراد مبقاصد الشريعة: الغاية منها؛ واألسرار ل الفاسي املقاصد فيقول:ويعرف عال -4

.1كل حكم من أحكامها" اليت وضعها الشارع عند

ومجيع من حبث يف املقاصد من األصوليني والفقهاء املعاصرين تعريفاهتم مقاربة لتعريف

وهي تدور حول "األهداف والغايات اليت جاءت الشريعة حبفظها ومراعاهتا يف ،الفاسي عالل

.2مجيع أبواب التشريع وجماالته أو يف أغلبها"

ات يلحظ مايلي :وبتأمل تلك اإلشارات والتعريف

(.7) ، عالل الفاسي،يعة اإلسالمية ومكارمهامقاصد الشر 1، من التعاريف : نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب مزيداوانظر ،(388) ، اليوبي،مقاصد الشريعة اإلسالمية وعالقتها باألدلة الشرعية 2

.(47) ، الكيالنيند اإلمام الشاطيبقواعد املقاصد ع .(53) ، اخلادمي،االجتهاد املقاصدي حجيته ضوابطه جماالته .(19) الريسوني،

(.21)، الربيعة، علم مقاصد الشريعة .(118) ، احلسيننظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور

أو اكانت رؤية كل من الشاطيب وابن عاشور جتاه املقاصد أكثر مشوال ممن سبقهم -1

فقد اقتصر نظر السابقني ،ومقاصد املكلفني ،؛ ففي حني مشل نظرمها: مقاصد الشارعاحلقهم

.-أمرا وهنيا وحكمة -والالحقني على مقاصد الشارع فقط

يف نظره إىل مقاصد الشارع وكان أكثر مشوال؛ ففي حني خالف ابن عاشور الشاطيب -2

قصر الشاطيب املقاصد يف حكمة حفظ مصاحل اخللق موافقا بذلك مجهور األصوليني السابقني

وهو قريب من ،وغاياهتا ،ومساهتا ،كان نظر ابن عاشور إىل أوصاف الشريعة ،والالحقني

تصور اإلمام الغزايل لرعاية املصاحل.

ابن بيه االستعمال االصطالحي األصويل للمقاصد يف ثالثة استعماالت : حيددو

األول : ما يقصد الشارع بشرع احلكم فيشمل : احلكم والعلل واألسباب . ومثل له بـ :

والغزايل. ،وعالل الفاسي ،ابن عاشور

ل له الثاني : نفس احلكم املنصب على املصلحة جلبا واملفسدة درء فيقابل الوسائل ومث

بـ : القرايف وابن القيم .

هبذا املقاصد تناولالثالث : ما يتعلق بنوايا املكلفني وإرادهتم ومل يضرب له مثاال وممن

.1االستعمال : ابن تيمية والشاطيب

(.21-14) ، ابن بيهانظر: عالقة مقاصد الشريعة بأصول الفقه 1

املطلب الثالث : تصور املقاصد يف الفكر اإلسالمي املعاصر :يدة يف الفقه اإلسالمي وأصوله رؤية جديف الفكر اإلسالمي املعاصر تشكل املقاصد

وسواء جعلناها ركنا أساسيا من أركان علم ،1لنمط الفهم والتصور ومنهج النظر والتفكري

ن الدعوة إىل استقاللية علم فإ ؛3فلسفة التشريع اإلسالمي ، أو اعتربناها نظرية2أصول الفقه

.اصريف ساحة الفكر اإلسالمي املع أضحت توجها فكريا 4املقاصد

مل يعد البحث يف املقاصد مقصورا على أحكام الشريعة، بل حتولت "إىل جزء من نظام

منطقي إسالمي يضبط حركة الفكر اإلسالمي كله ال الفقه اإلسالمي وحده، ويعصمها من

.5الوقوع يف اخلطأ واالحنراف"

ون جمرد تعيش الساحة الفكرية اإلسالمية اليوم "صحوة مقاصدية" جتاوزت هبا أن تكو

"نظرة مدققة ملا وراء األلفاظ الشرعية بغية الوصول إىل األهداف املتوخاة من التشريع حتى

،لتصبح "جزء من احملددات املنهجية املعرفية ،6يكون قصد املكلف موافقا لقصد التشريع"

(.37فوائده وقواعده ) ،الفكر املقاصدي انظر: 1

(.1/4املوافقات ) راز لكتاب املوافقات،انظر: مقدمة عبداهلل د 2

.(31-28) ، الريسوني،(. ونظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب22-21) ، ابن بيه،انظر: عالقة مقاصد الشريعة بأصول الفقه 3

(.172) ، ابن عاشور،انظر: مقاصد الشريعة اإلسالمية 4

(.6)، إمساعيل احلسين، مام حممد الطاهر بن عاشورنظرية املقاصد عند اإلمقدمة جابر طه العلواني، : انظر 5

(257) ،اجلياليل املريين، : القواعد األصولية عند اإلمام الشاطيب انظر 6

منط وتؤدي دورها يف معاجلة األزمة الفكرية"، جامعة بني قراءة الوحي وقراءة الكون وفق

.1فكري منائي تعليلي ومنهج استقرائي برهاني

لقد بلغ ": 2علوانياليقول طه جابر ،وقد تبنى هذا التوجه املعهد العاملي للفكر اإلسالمي

بل لقد ،من اهتمام املعهد يف هذا اجملال أن أكد على اعتباره ركنا أساسيا يف العملية املعرفية

.3من مدخل كل علم من العلوم عند حماولة أسلمتها وجه الباحثني ودعاهم العتباره جزءا

الذي يشكل منهجا -وملا كان بروز املقاصد وتطوره ضمن ساحة علم أصول الفقه

اقرتنت الدعوة إىل فكر مقاصدي معاصر -فكريا يف الفقه اإلسالمي منذ نشأته فهما وتفعيال

فالفكر "الريسوني: قالللمقاصد؛ بالدعوة إىل ضبطه وفق القواعد والضوابط األصولية

،.ا.هـ 4"واملستثمر لفوائدها ،املعتمد على قواعدها ،املقاصدي هو: الفكر املتبصر باملقاصد

إال أن ذلك التبصر واالعتماد واالستثمار ال يزال غري حمدد املالمح واملعامل، ويف طور التكوين

كما ،5ة على البحوث املقاصدية املعاصرةوالتأسيس، وال زالت الصبغة الفقهية األصولية طاغي

مبثوث بني - والنظر وترتب األحكام واآلثار ،يف الفهم واالستدالل -دراستها كمنهج فكري أن

، ومل تتسم باالستقاللية.ثنايا تلك البحوث

(.6-5)، إمساعيل احلسين، نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور، مقدمة طه جابر العلوانيانظر: 1هـ، شارك يف تاسيس املعهد 1392هـ، حصل على الدكتوراه يف أصول الفقه عام 1354العراق عام طه جابر العلواني، معاصر، من مواليد 2

([.189-188. ]له ترمجة يف ختام كتابه: مقاصد الشريعة، )العاملي للفكر اإلسالمي

(.2) ، إمساعيل احلسين، مقدمة طه جابر العلواني،نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور 3 .(35) ، الريسوني،الفكر املقاصدي قواعده وفوائده 4

.مجال الدين عطيةد، حنو تفعيل املقاصو. ، الريسونيانظر على سبيل املثال : الفكر املقاصدي قواعده وفوائده 5

املعاصر للمقاصد، والتطور الذي طرأ على نظرية الفقهي وفق التصور ومما سبق و

تتحدد مالمح ذلك التصور يف نقاط ثالثة: األوىل: خ الفكري للعامل اإلسالمياملقاصد عرب التاري

حمل النظر يف املقاصد األحكام الشرعية وأدلتها. والثانية: وظيفة الناظر فيهما استنباط تلك

املقاصد واستخراجها. والثالثة: غاية النظر يف املقاصد االحتكام إليها.

نه:أب املعاصر املقاصدي الفكر يف تصور املقاصد مكن تعريفوعليه ي

(( إدراك معقولية األحكام الشرعية وأدلتها، واعتبارها يف تنزيل األحكام واستنباطها))

فمرادي بـ "إدراك معقولية األحكام الشرعية وأدلتها" اإلشارة إىل وظيفة الناظر يف

ا وعلال غائية أو مسات سواء كانت دالالت لفظية أو حكم -املقاصد استنباطا واستخراجا

؛ فإن مجيع ذلك يكون بالنظر والفكر يف: األحكام الشرعية، وأدلتها، وما حييط هبا -تشريعية

من واقع، وما يرتتب عليها من آثار.

ومرادي بـ "األحكام الشرعية وأدلتها" حصر جمال النظر يف املقاصد ومصدر تلقيها يف

ا من أسباب للنزول وشروط للتنزيل.األحكام الشرعية وأدلتها، وما حييط هب

ومرادي بـ "اعتبارها يف تنزيل األحكام واستنباطها" اإلشارة إىل غاية النظر يف املقاصد

وهي: االحتكام إليها يف: تفعيل األحكام الشرعية والواردة وتنزيلها على الوقائع البشرية، أو

؛ حتقيقا لتلك املقاصد وحمافظة استنباط أحكام لوقائع ونوازل مل يسبق ورود بيان حكمها

عليها.

نياملبحث الثا

اعتبار املقاصد يف الشريعة اإلسالمية يستند أتباع التوجه املقاصدي يف توظيف املقاصد يف فهم النص واستثمار األحكام إىل:

وما أثر عن الصحابة رضوان اهلل ،ماورد يف نصوص الشريعة من تعليل وبيان حلكم التشريع

من تطبيقات عملية يف فهم النص الشرعي واستثماره واألئمة والعلماء يرمحهم اهلل عليهم

وقد توالت على ،املقاصد الشرعية أمر ملحوظ يف املنظومة التشريعية" ؛ إذوفق املقاصد

وهو من املعطيات املهمة والضرورية يف االجتهاد ،تقريره أدلة وقرائن ومسلمات كثرية

أن نعتربه إطارا شامال ومرجعا عاما لتأطري الظواهر واحلوادث إذ ميكن ؛واالستنباط

:ثالثة أنواعوميكن تقسيم تلك األدلة إىل ،1"املعاصرة

إثبات املقاصد يف الشريعة اإلسالمية .أدلة األول :النوع

اعتبار املقاصد يف فهم النص الشرعي .أدلة الثاني : النوع

قاصد يف استثمار النص الشرعي .اعتبار املأدلة الثالث : النوع

وأنبه هنا إىل أن األصل يف االستدالل بالنوعني الثاني والثالث هو اإلقرار النبوي أو اإلمجاعي

(1/42) ،اخلادميحجيته ضوابطه جماالته، االجتهاد املقاصدي 1

:إثبات املقاصد يف الشريعة اإلسالمية: أدلة املطلب األولوقد ورد ذلك يف مخس وسبعني ،مما وصف اهلل تعاىل به نفسه يف كتابه صفة احلكمة

كمم وا ﴿ من ذلك قوله و ،من كتاب اهلل موطنا زيز حا ا ح يف ]228البقرة:[ ﴾ ٱلل

مم ﴿ ، ومنها قوله 1مخس مواطن ا كمم ن حا ح اانا من ل ر حاق ٱلقح ﴾ إونكا لا

ف ﴿ ، وقوله ]6النمل:[ لا من خا يه وا ط ح من باي يادا تمه ٱلبان ل ياأ هۦ تازني م

مد كمم حا ثبات املقاصد يف الشريعة اإلسالمية تدور حول إثبات إوأدلة ،]42فصلت:[ ﴾ حا

ومجلة هذه األدلة على ،صفة احلكمة هلل تعاىل ونفي اللهو والعبث عن أفعاله وأحكامه سبحانه

أنواع :

ومن ذلك: نه ع ونفي العبث واللهو النوع األول : أدلة إثبات احلكمة هلل

قوله ﴿ عبيا ا لا ما ا بايناهح ما رضا وااا واٱل ا ما اقناا ٱلس ا خا ن ١٦واما

ا أ رادناا

ااو أ ل

اهو ذا ل عيا نتخ نا فا نا إن كح ح هح من ل اذنا ت أي : "قال القامسي ،]17-16األنبياء:[ ﴾ ا ل

النمط البديع واألسلوب املنيع خالية عن احلكم واملصاحل، بينهما على هذا خلقنامها وما ما

ر عن ذلك باللعب واللهو حيث قال ) العبني ( لبيان كمال تنزهه تعاىل عن اخللق اخلايل وإمنا عب

واملقصود من ذلك إيقاظ العقول إىل االستدالل مبا يف : "وقال ابن عاشور.ا.هـ، 2"عن احلكمة

فإذا ،وإعطاء كل خملوق مابه قوامه ،نهما من دقائق املناسباتبي خلق السماوات واألرض وما

. وقد جاء وصف اهلل تعاىل يف الكتاب العزيز بأنه عزيز حكيم ثالثة عشر مرة.]40لتوبة:ا ،67األنفال:، 38املائدة: ،240البقرة:[انظر : 1 (.7/181) ، القامسي،حماسن التأويل 2

تلك السنة ال أن كانت تلك سنة اهلل يف خلق العوامل ظرفها ومظروفها استدل بذلك على

.1"تتخلف يف ترتب املسببات على أسباهبا فيما يأتيه جنس املكلفني من األعمال

وقوله ﴿ كح اقنا ا خا نماابتحم أ س فاحا

اباث أ ونا م عا عح ناا لا تحرجا م إلا نكح

ا ﴾ ا واأ

وال حكمة منكمأي أفظننتم أنكم خملوقون بال قصد وال إرادة " :قال ابن كثري ،]115املؤمنون:[

واالستفهام تقرير وتوبيخ ألن الزم إنكارهم البعث أن يكون "وقال ابن عاشور: .ا.هـ،2"لنا

منزلة من حسب ذلك فقرروا ووبخوا أخذا هلم بالزم خلق النا مشتمال على عبث فنزلوا

فإذا "كانت احلكمة اإلهلية تبدو يف تدبري الكون عامة فيما ركب عليه من .ا.هـ،3"اعتقادهم

فإهنا يف التشريع الذي وضعه ؛نظام وتناسق يدالن على مقاصد بينه يف دفعه إىل حتقيق غايته

فيما ركب عليه ذلك التشريع من مقاصد تنتهي باإلنسان اهلل تعاىل لضبط حياة اإلنسان تبدو

.4"لق ألجله من مهمة عمارة األرض واخلالفة فيهاخ إىل أن حيقق ما

ومن ذلك: النوع الثاني : األدلة اليت ذكر فيها تعليل بع أفعال اهلل

قوله ﴿ ون اعبحدح نسا إل ل ن واٱل اقتح ٱل ا خا ابن قال ،]56ت:الذاريا[ ﴾ واما

هذه الغاية اليت خلق اهلل اجلن واإلنس هلا، وبعث مجيع الرسل يدعون إليها وهي : "سعدي

(.17/31) ،ابن عاشور، التحرير والتنوير 1 (.5/500) ،ابن كثري، تفسري القرآن العظيم2 (.18/133) ،ابن عاشور، التحرير والتنوير 3

(.25) ،النجار، املقاصدمسالك الكشف عن 4

قال ابن .1عبادته املتظمنة ملعرفته وحمبته واإلنابة إليه واإلقبال عليه واإلعراض عما سواه

نسا إل ﴿فاحلصر املستفاد من قوله "عاشور: ن واٱل اقتح ٱل ا خا ون واما اعبحدح قصر ﴾ ل

علة خلق اهلل اإلنس واجلن على إرادته أن يعبدوه، والظاهر أنه قصر إضايف وأنه من قبيل قصر

، أي إال ليعبدوني وحدي، (ليعبدون ) املوصوف على الصفة وأنه قصر قلب باعتبار مفعول

فإنا وإن مل نطلع ؛صرا حقيقياأي: ال ليشركوا غريي يف العبادة، فهو رد لإلشراك، وليس هو ق

على مقادير حكم اهلل تعاىل من خلق اخلالئق لكنا نعلم أن احلكمة من خلقهم ليست جمرد أن

اليقتضي -كما هنا -وذكر بعضها ،حنيط هبا يعبدوه؛ ألن حكم اهلل تعاىل يف أفعاله كثرية ال

ا.هـ. 2".عدم وجود حكمة أخرى

ومنه قوله ﴿ ل ن م رسح ينا وامح باش ا ٱلل ناس لعا ونا ل ال ياكح رينا ل ذكمم زيزا حا ا ح نا ٱلل ا وا ة باعدا ٱلرسح ج أي أنه "، قال ابن كثري: ]165النساء:[ ﴾ احح

لئال ؛وبين ماحيبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه ،تعاىل أنزل كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة

:ملسو هيلع هللا ىلصقال: قال رسول اهلل ...وقد ثبت يف الصحيحني عن ابن مسعود ، بقى ملعتذر عذري

"ال أحد أغري من اهلل؛ من أجل ذلك حرم الفواحش ماظهر منها ومابطن، وال أحد أحب إليه

املدح من اهلل؛ من أجل ذلك مدح نفسه، وال أحد أحب إليه العذر من اهلل؛ من أجل ذلك

(.813)السعدي، تيسري الكريم الرمحن يف تفسري كالم املنان، 1 (.27-27/26) ، ابن عاشور،التحرير والتنوير 2

،.ا.هـ2"1""من أجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه :ويف لفظ "،ومنذرينبعث النبيني مبشرين

﴿ قال ابن عاشور: فموقع قوله ة باعدا ٱلرسح ج حح ا ٱلل ناس لعا ونا ل ال ياكح موقع ﴾ل

.3"دماج تعليما لألمة حبكمة من احلكم يف بعثة الرسلاإل

:ومن ذلك ،حكمهاو النوع الثالث : ذكر علل أحكام اهلل

قوله ا يحريدح ٱ ﴿يف تشريع الوضوء ح ما ج لل را ن حا م م امكح ا اجعا ا ن ل ك لا وام كح را ه حطا ونا يحريدح ل رح اشكح م ت كح م لاعا امكح ا ۥ تاهح عما حتم ن ل قال ابن ،]6املائدة:[ ﴾ وا

ر احلكم واألسرار يف شرائع اهلل يف الطهارة نه ينبغي للعبد أن يتدب"إسعدي يف فوائد اآلية:

ويزداد شكرا هلل وحمبة له على ماشرع من األحكام اليت توصل ،ليزداد معرفة وعلما ؛وغريها

م ﴿وقوله "قال ابن عاشور: .ا.هـ،4"العبد إىل املنازل العالية الرفيعة كح را ه حطا ن يحريدح ل ك لا وا

بالغسل والوضوء التطهري، وهو تطهري حسي؛ ألنه تنظيف، إشارة إىل أن من حكمة األمر ﴾

فإن العبادات كلها مشتملة على عدة أسرار: منها ،وتطهري نفسي جعله اهلل فيه ملا جعله عبادة

ككون الظهر أربع ركعات -يعلمه إال اهلل ال هتتدي إليه األفهام ونعبر عنها باحلكمة، ومنها ما ما

(. 7416(، حديث رقم )9/123، ): "ال شخص أغري من اهلل"ملسو هيلع هللا ىلصقول النيب ، باب التوحيدالبخاري يف صحيحه، كتاب :أخرجه بنحوه 1

(.2760(، حديث رقم )4/2114اب التوبة، باب غرية اهلل تعاىل وحتريم الفواحش، )ومسلم يف صحيحه، كت (.2/475) ابن كثري، تفسري القرآن العظيم، 2 (.6/39) ، ابن عاشور،التحرير والتنوير 3 (.245) ،ابن سعدي تيسري الكريم الرمحن يف تفسري كالم املنان، 4

رة فيما علمناه وإمنا هو بع من صحنات فليس املراد أن احلكم م، فإذا ذكرت حكم للعباد-

.1"يبلغ منتهى العلم كل وظن ال

وقوله ﴿ ة ج م حح امكح ا ناس ونا ل ال ياكح هۥح ل طرا م شا كح وها لوا وحجح ﴾ فاوا

أي شرعنا لكم استقبال الكعبة املشرفة لينقطع عنكم"قال ابن سعدي: ،]150البقرة:[

احتجاج النا من أهل الكتاب واملشركني؛ فإنه لو بقي مستقبال بيت املقد لتوجهت عليه

احلجة، فإن أهل الكتاب جيدون يف كتاهبم أن قبلته املستقرة هي الكعبة البيت احلرام،

واملشركون يرون أن من مفاخرهم هذا البيت العظيم، وأنه من ملة إبراهيم، وأنه إذا مل يستقبله

توجهت حنوه حججهم وقالوا: كيف يدعي أنه على ملة إبراهيم وهو من ذريته وقد ملسو هيلع هللا ىلصحممد

ترك استقبال قبلته؟! فباستقبال الكعبة قامت احلجة على أهل الكتاب واملشركني وانقطعت

ة ﴿وقوله "قال ابن عاشور: .ا.هـ،2"حججهم ج م حح امكح ا ناس ونا ل ال ياكح علة ﴾ ل

فاوا ﴿لقوله الدال على طلب الفعل وامتثاله، أي: شرعت لكم ذلك لندح حجة األمم ﴾ لوا

.3"عليكم

ومنه حديث سهل بن سعد ومع ملسو هيلع هللا ىلص قال: اطلع رجل من جحر يف حجر النيب ،

"لو أعلم أنك تنظر لطعنت به عينك؛ إمنا جعل مدرى حيك به رأسه، فقال: ملسو هيلع هللا ىلص النيب

(.6/132) ،ابن عاشور، التحرير والتنوير 1 (.69) ،ابن سعدي تيسري الكريم الرمحن يف تفسري كالم املنان، 2 (.2/46) ،ابن عاشور، التحرير والتنوير 3

يعين أن وجوب " .ا.هـ،2"أي شرع من أجله: "ال ابن حجرق ،1"االستئذان من أجل البصر

.3"االستئذان ألجل حفظ البصر؛ حتى ال يقع النظر على من حرم النظر إليه

ومن مل يتفطن لوقوع املقاصد يف األوامر والنواهي فليس على بصرية يف وضع "قال اجلويين:

القرآن والسنة الصحيحة يوجب واستقراء أدلة كثرية من"قال ابن عاشور: و .ا.هـ،4"الشريعة

ة للصالح العام للمجتمع علنا اليقني بأن أحكام الشريعة اإلسالمية منوطة حبكم وعلل راج

.5"واألفراد

النوع الرابع : مقتضى النظر العقلي:

إن "العقل والعادة جريا على أن أي تصرف أو نظام البد أن يقصد منه حتقيق مصلحة

،ل سيء النيةوواضعه جاهل مغف ،ذلك فهو عبث وفساد وفوضى ومامل حتقق ،أو دفع مضرة

.6"وشرعه بريء من هذه الصفات الدنيئة ،واهلل منزه عن ذلك

( ، ومسلم يف صحيحه، 6241حديث رقم ) (،8/54) كتاب االستئذان، باب االستئذان من أجل البصر، ،البخاري يف صحيحه :أخرجه 1

(.2156حديث رقم )(، 3/1698)كتاب اآلداب، باب حتريم النظر يف بيت غريه،

(.11/26) ،ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري 2

(.26) ،حممد شليب تعليل األحكام، 3 .(1/295) ،اجلويين الربهان يف أصول الفقه، 4

(.180) ،ابن عاشور ،مقاصد الشريعة اإلسالمية 5

(.112) ،الربيعة علم مقاصد الشارع، 6

ومواقع اإلمجاع معدودة مأثورة ،كما أن "نصوص الكتاب والسنة حمصورة مقصورة،

فإذا ما ،1"اية هلاوحنن نعلم قطعا أن الوقائع اليت يتوقع وقوعها ال هن ،ةيهناوهي على اجلملة مت

وحتقيق ،يكون إال عن طريق قواعد كلية فإن ضبط الالمتناهي باحملصور ال ؛كان ذلك كذلك

وذلك أن اهلل بعث " :قال ابن تيمية ،مقاصد غائية شرعت لتحقيقها تلك األحكام والقواعد

عدة عامة فيتكلم بالكلمة اجلامعة العامة اليت هي قضية كلية وقا ؛جبوامع الكلم ملسو هيلع هللا ىلصحممدا

فبهذا الوجه تكون النصوص حميطة ،حتصى وتلك األنواع تتناول أعيانا ال ،تتناول أنواعا كثرية

فليست تنزل بأحد من أهل دين "وهذا هو بيان قول الشافعي: .ا.هـ، 2"بأحكام أفعال العباد

ب ﴿ىل قال اهلل تبارك وتعا ؛اهلل نازلة إال ويف كتاب اهلل الدليل على سبيل اهلدى فيها كتازيز ط ٱلعا را ص هم إلا ب ت إلا ٱنلور بإذن را حما حخرجا ٱنلاسا منا ٱلظ كا ل هح إلا لنا نزا

اأ

وكان يف مثل هذه ،وإذا دل االستقراء على هذا"قال الشاطيب: ، 3]1إبراهيم:[ ﴾ ٱلاممد

ومن هذه اجلملة ،ر مستمر يف مجيع تفاصيل الشريعةالقضية مفيدا للعلم، فنحن نقطع بأن األم

ويبقى البحث يف كون ذلك واجبا أو غري واجب ،فلنجر على مقتضاه ،ثبت القيا واالجتهاد

.4"موكوال إىل علمه

(.2/743، )اجلويين ،الفقه : الربهان يف أصول انظر 1 (.208/ 19ابن تيمية ، ) ،جمموع الفتاوى 2

(.20الشافعي، )، الرسالة 3 (.2/5الشاطيب، ) ،املوافقات 4

اعتبار املقاصد يف فهم النص الشرعي: املطلب الثانينصوص الوحي ليلحظ من إن املتأمل لعصر نزول الوحي وكيفية تلقي ذلك الرعيل األول ل

ومن ذلك : ،ذلك اعتبارهم املقاصد يف فهم تلك النصوص وتنزيلها على الواقع

قوله يف ﴿ بماضح منا ٱلامطامح ٱلامطح ٱل ا لاكح ياتاباي ت حا بحوا واٱشا حوا كح وا

سواد منا اجر ٱل اخليط رسول اهلل، ما يا : قلت:قال عدي بن حامت ،]187البقرة:[ ﴾ ٱلفا

"إنك لعري القفا إن أبصرت اخليطني"، :ملسو هيلع هللا ىلصاألبي من اخليط األسود؟ أمها اخليطان؟ قال

.1"ال، بل هو سواد الليل، وبياض النهار"ثم قال:

قد اختذ له عقالني: أحدمها وقف عند ظاهر نص اآلية، ويف رواية أنه فعدي

أن هذا الظاهر غري مقصود؛ وإمنا املقصود سواد ملسو هيلع هللا ىلصل اهلل ؛ فبني له رسو2أبي ، واآلخر أسود

فالذين اشتبه عليهم معنى اخليط األبي واخليط األسود "الليل وبياض النهار، قال ابن عاشور:

متعلق بفعل ) يتبني ( على أن تكون ( من الفجر) فهموا أشهر معاني اخليط، وظنوا أن قوله:

.3"بسبب ضوء الفجر ) من ( تعليلية أي يكون تبينه

من ي أب لٱ ط خي لٱ لكم يتبين حتى ربوا شٱوكلوا و ﴿ قوله البخاري يف صحيحه، كتاب تفسري القرآن، :اخرجه 1

(.4510حديث رقم )، (6/26) ، ﴾ ر فج لٱمن ود أ لٱ ط خي لٱ من ي أب لٱ ط خي لٱ لكم يتبين حتى ربوا شٱوكلوا و ﴿ ، كتاب الصوم، باب قول اهلل يف صحيحه : البخاريأخرجه 2

، كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول يف صحيحه مسلمو .(1916)حديث رقم (، 3/28)، ﴾ ر فج لٱمن ود أ لٱ ط خي لٱ

(.1090حديث رقم ) ،(2/766) يف الصوم حيصل بطلوع الفجر، ( .2/185) ،ابن عاشور التحرير والتنوير، 3

وعن عبداهلل بن مسعود :م ﴿ملا نزلت قال ناهح إيما وا بسح ام يا ل وا نحوا ااما ينا ٱلم ظح وقالوا: أينا مل يلبس إميانه ملسو هيلع هللا ىلص[ شق ذلك على أصحاب رسول اهلل 82]األنعام: ﴾ ب

مم إن ﴿ أال تسمع إىل قول لقمان البنه ،"إنه ليس بذاك فقال: بظلم؟! ظ ا م كا لاظح ﴾ ٱلش

م ﴿ ظاهر العموم يف قوله عنهماهلل يرض يهمفلقد أشكل عل ،1"[13]لقمان: ظح ﴾ ب

وإمنا ،أن العموم غري مراد ملسو هيلع هللا ىلصبني هلم الرسول ف ،فاستفهموا عن مقصود الشارع بصيغة التعجب

. 2املراد خصوص الشرك

وعن ابن عمر ال يصلين أحد العصر ع من األحزاب:لنا ملا رج ملسو هيلع هللا ىلصال: قال النيب ق"

فقال بعضهم: ال نصلي حتى نأتيها. وقال ،إال يف بين قريضة". فأدرك بعضهم العصر يف الطريق

قال ابن رجب: ،3"فلم يعنف واحدا منهم ملسو هيلع هللا ىلصبعضهم: بل نصلي؛ مل يرد منا ذلك. فذكر للنيب

وإىل معنى كالمه ملسو هيلع هللا ىلصق التفاتا إىل النيب وإمنا وقع التنازع بني الصحابة يف صالة العصر يف الطري"

(.2(، حاشية رقم )23سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 1

،ملسو هيلع هللا ىلصفهو من قبيل بيان مقصود الشارع مثل: صفة وضوئه ،أو تقييدا ملطلق ،لعام أو ختصيصا ،بيانا ملعنى آية ملسو هيلع هللا ىلصكل ما ورد عن رسول اهلل 2

وغري ذلك . ،ومقادير الزكاة ،احلجصفة و ،وصفتها ،وبيان مواقيت الصالةيف (. ومسلم 946حديث رقم ) (2/15) باب صالة الطالب واملطلوب راكبا وإمياء، ،أبواب صالة اخلوف ،أخرجه: البخاري يف صحيحه 3

حديث رقم (،3/1391) باب املبادرة بالغزو وتقديم أهم األمرين املتعارضني، ،كتاب اجلهاد و السري بلفظ "الظهر" بدل "العصر"، صحيحه

ملا -شيخ الشيخني فيه -، قال ابن حجر يف سبب اختالف اللفظني: "فالذي يظهر من تغاير اللفظني أن عبداهلل بن حممد بن أمساء (1770)

به البخاري حدث به على هذا اللفظ ]العصر[، وملا حدث به الباقني حدثهم به على اللفظ اآلخر ]الظهر[، وهو اللفظ الذي حدث به حدث

كما عرف -جويرية؛ بدليل موافقة أبي عتبان له عليه خبالف اللفظ الذي حدث به البخاري، أو أن البخاري كتبه من حفظه، ومل يراع اللفظ

، خبالف مسلم؛ فإنه حيافظ على اللفظ كثريا، وإمنا مل أجوز عكسه ملوافقة من وافق مسلما على لفظه خبالف -به جتويز ذلك من مذه

البخاري، لكن موافقة أبي حفص السلمي له تؤيد االحتمال األول، وهذا كله من حيث حديث ابن عمر". ]فتح الباري شرح صحيح

([.7/472البخاري، ابن حجر، )

...ومنهم من نظر إىل املعنى وقال: مل يرد ، فمنهم من متسك بظاهر اللفظ ،ومراده ومقصوده

و مل يرد تأخري الصالة ،النيب ذلك؛ وإمنا أراد منا تعجيل الذهاب إىل بين قريظة يف بقية النهار

وغريه: يف هذا احلديث من الفقه أنه ال يعاب 2قال السهيلي"قال ابن حجر: ،ـه.ا.1"عن وقتها

.3"على من أخذ بظاهر حديث أو آية؛ وال على من استنبط من النص معنى خيصصه

وعن ابن عبا قال: "حرم اهلل مكة فلم حتل ألحد قبلي، وال ألحد ملسو هيلع هللا ىلص، عن النيب

ر صيدها، وال بعدي، أحلت يل ساعة من هنار، ال خيتلى خالها، وال يعضد شجرها، وال ينف

"إال :ملسو هيلع هللا ىلص: إال اإلذخر لصاغتنا وقبورنا. فقال فقال العبا .تلتقط لقطتها إال ملعرف"

ملا فهم من مقصود الشارع تعظيم بلد اهلل احلرام مل يتحرج من أن يطلب فالعبا ؛4"اإلذخر

أن ذكر بعد -قال ابن حجر ،حلاجتهم إليه ؛أن يستثين من ذلك اإلذخر ملسو هيلع هللا ىلصمن رسول اهلل

وهذا يدل على أن االستثناء يف حديث الباب مل يرد به أن ": - مجلة من الروايات يف احلديث

ومن هنا أخذ ابن حجر فائدة .ا.هـ،5"االستثناء ملسو هيلع هللا ىلصن النيب لقيستثين هو، وإمنا أراد به أن ي

اهلل تعاىل أو وسواء كان استثناء اإلذخر بوحي من ،6""جواز مراجعة العامل يف املصاحل الشرعية

(.410-8/409) ،ابن رجب فتح الباري شرح صحيح البخاري، 1

انظر ترمجته: وفيات األعيان وأنباء أبناء ]هـ مبراكش. 581هـ، تويف سنة 508عبدالرمحن بن عبداهلل بن أمحد اخلثعمي السهيلي، ولد سنة 2

([.1350-4/1348للذهيب، ) ،(. وتذكرة احلفاظ144-3/143ابن خلكان، ) ،الزمان

(.7/473) ،ابن حجر الباري شرح صحيح البخاري،فتح 3

ومسلم يف صحيحه .(1349حديث رقم ) ،(2/92كتاب اجلنائز، باب اإلذخر واحلشيش يف القرب، )، البخاري يف صحيحه :أخرجه 4

(. 1353حديث رقم ) ،(2/986كتاب احلج، باب حتريم مكة وصيدها وخالها وشجرها ولقطتها إال ملنشر على الدوام ، ) ،بنحوه

(.4/59) ،فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر 5

.(4/60)املصدر نفسه، 6

مقاصد الشارع من حتريم بلد اهلل ؛فإن منزع ذلك النظر يف املقاصد ملسو هيلع هللا ىلصباجتهاد من رسول اهلل

احلرام تعظيما له، أو مقاصد املكلفني من االستفادة من احتشاش اإلذخر واالنتفاع به.

ابن عبا وعن الظهر والعصر مجيعا باملدينة يف غري خوف وال ملسو هيلع هللا ىلصى صل :قال

: فسألت سعيدا لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عبا كما سألتين فقال: 1قال أبو الزبري سفر.

قصد رفع احلرج ملسو هيلع هللا ىلصفهم من فعل رسول اهلل فابن عبا .2أراد أن ال حيرج أحدا من أمته

وذهب مجاعة من األئمة إىل جواز اجلمع يف احلضر للحاجة ملن "قال النووي: ،به للعن األمة فع

عن القفال وحكاه اخلطابي ،من أصحاب مالك 3وهو قول ابن سريين وأشهب ،خذه عادةال يت

وأبو اسحاق املروزي عن مجاعة من أصحاب ،والشاشي الكبري من أصحاب الشافعي

م يعلله لف ".تهمأراد أن ال حيرج أ"ويؤيده ظاهر قول ابن عبا : ،واختاره ابن املنذر ،احلديث

.4" أعلمواهلل ،غريه مبرض وال

انظر ترمجته: ]هتذيب ]هـ. 128حممد بن مسلم بن تدر القرشي األسدي املكي، موىل حكيم بن حزام، اختلف يف توثيقه، قيل مات سنة 1

([.89-88العراقي، ) ،املدلسنيوكتاب (. 386-5/380لذهيب، )ا ،ء(. وسري أعالم النبال27/402ملزي، )ا ،الكمال يف أمساء الرجال

. 705(، حديث رقم 1/90مسلم يف صحيحه، كتاب صالة املسافرين وقصرها، باب اجلمع بني الصالتني يف احلضر، ) :أخرجه 2

انظر ]هـ مبصر. 204نت وفاته سنة أشهب بن عبدالعزيز بن داوود القيسي العامري املصري، امسه مسكني وأشهب لقب له به اشتهر، كا 3

([. 503-9/500لذهيب، )ا ،(. وسري أعالم النبالء98-96ابن عبدالرب، ) ،ترمجته: االنتقاء يف فضائل األئمة الثالثة الفقهاء

(.5/305) ،النووي املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج، 4

املطلب الثالث: اعتبار املقاصد يف استثمار النص الشرعي:غاية نزول نصوص األحكام الشرعية استثمارها يف الوقائع البشرية تنزيال وتفعيال

ن تصرف اجملتهدين بفقههم يف ار تقوم على اعتبار املقاصد؛ إذ إوتوسيعا، وقاعدة هذا االستثم

يقع على مخسة أحناء: -ر كما قال ابن عاشو - الشريعة

النحو األول: فهم أقواهلا.

النحو الثاني: البحث عما يعارض األدلة اليت الحت للمجتهد.

النحو الثالث: قيا ما مل يرد حكمه يف أقوال الشارع على حكم ما ورد حكمه فيه،.

النحو الرابع: إعطاء حكم لفعل أو حادث حدث للنا ال يعرف حكمه فيما الح

هدين من أدلة الشريعة، وال له نظري يقا عليه.للمجت

النحو اخلامس: تلقي بع أحكام الشريعة الثابتة عنده تلقي من مل يعرف علل أحكامها،

وال حكمة الشريعة يف تشريعها.

.1قال ابن عاشور: "فالفقيه حباجة إىل معرفة مقاصد الشريعة يف هذه األحناء كلها"

أن األحناء األربعة األخرية إمنا هي استثمار النص الشرعي واملتأمل هلذه األحناء يلحظ

يف ضوء املقاصد تنزيال وتفعيال وتوسيعا.

لقد ظهر هذا االعتبار يف فقه الصحابة رضي اهلل تعاىل عنهم، وكان أجلى ظهورا يف فقه

، ومن ذلك:الصحابي اجلليل عمر بن اخلطاب

(.184-183) ،ابن عاشور مقاصد الشريعة اإلسالمية، 1

موقفه رف الزكاة، فعن عبيدة السلماني قال: جاء من سهم املؤلفة قلوهبم يف مصا

عيينة بن حصن واألقرع بن حابس إىل أبي بكر الصديق رضي اهلل تعاىل عنهم فقاال: يا خليفة

رسول اهلل، إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كأل وال منفعة، فإن رأيت أن تقطعناها لعلنا

ها، وكتب هلما بذلك كتابا، وأشهد هلما؛ حنرثها ونزرعها، ولعل اهلل أن بنفع هبا. فأقطعهما إيا

وأشهد عمر وليس يف القوم. فانطلقا إىل عمر ليشهداه على ما فيه، فلما قرأ على عمر ما يف

الكتاب تناوله من أيديهما فتفل فيه فمحاه، فتذمرا وقاال له مقالة سيئة. فقال عمر: "إن رسول

اهلل قد أعز اإلسالم، فاذهبا فاجتهدا كان يتألفكما واإلسالم يومئذ قليل، وإن ملسو هيلع هللا ىلصاهلل

.1جهدكما، ال أرعى اهلل عليكما إن أرعيتما"

ملا أدرك أن مقصود تشريع هذا السهم من مصارف الزكاة تأليف فعمر بن اخلطاب

قلوب الكفار تكثريا لسواد اإلسالم، وتعزيزا له، ربط تنزيل ذلك احلكم باحلاجة إليه، واإلسالم

ال حاجة إىل التأليف.ذاك عزيز ف إذ

قال الشافعي: "مل يبلغين أن عمر وال عثمان وال عليا أعطوا أحدا تألفا على اإلسالم،

.2اإلسالم عن أن يتألف الرجال عليه" - وله احلمد -وقد أعز اهلل

(. والبيهقي يف السنن الكربى، كتاب قسم الصدقات، 6/1822ابن أبي حامت يف تفسريه، تفسري قول اهلل تعاىل ) واملؤلفة قلوهبم (، )أخرجه: 1

(. قال ابن 13189(، حديث رقم )7/32باب سقوط سهم املؤلفة قلوهبم وترك إعطائهم عند ظهور اإلسالم واالستغناء عن التأليف عليه، )

نقطع اإلسناد؛ ألن عبيدة مل يدرك ومل يرد عنه أنه مسع عمر وال رءاه، وال حيفظ هذا احلديث عن عمر بأحسن من هذا كثري: هذا حديث م

. ، وقد رواه طاوو مرسال، وأول هذا احلديث كويف، ثم يرجع إىل واسطي، ثم يرجع إىل بصري، ثم يرجع إىل عبيدة وهو كويف"اإلسناد

[.(1/384) ،ابن كثري ]مسند الفاروق، (.3/213) ،الشافعي األم، 2

من رأي يف سهم املؤلفة قلوهبم وحد السرقة عام قال اجلويين: "أما ما كان من عمر و

.1لون من توجيه النصوص وفهمها، ال تعطيلها أو االفتئات عليها، حاشا هلل" اجملاعة فهو

وقد اختلف الفقهاء بعد ذلك يف بقاء سهم املؤلفة قلوهبم أو نسخه تبعا للرؤية املقاصدية

هلذا السهم، وجممل ما ذكروه يف مقاصد تشريع سهم املؤلفة قلوهبم وأثرها يف استثمار احلكم ما

يلي:

سالم بتكثري سواده وتأمني جنابه.سهم املؤلفة قلوهبم مصلحة اإل أن مقصود -1

:ةوالفقهاء يف بقاء هذا السهم وسقوطه على أقوال ثالث

القول األول: يقول بسقوط سهم املؤلفة قلوهبم من مصارف الزكاة، فيبقى من مصارف

ولو اضطر اإلمام قد أعز اإلسالم، وأغناه عن أن يتألف عليه أحد، الزكاة سبعة؛ ألن اهلل

.2يف وقت من األوقات أن يتألف كافرا يرجى نفعه أو ختشى شوكته جاز

ووجه سقوطه أن هذا من قبيل حتقيق مقصود احلكم، فتغري احلكم حفاظا على بقاء

مقصوده؛ "ذلك أن املقصود بالدفع إليهم كان إعزاز اإلسالم؛ لضعفه يف ذلك الوقت لغلبة أهل

از يف الدفع، فلما تبدل احلال بغلبة أهل اإلسالم صار اإلعزاز يف املنع، فكان الكفر؛ فكان اإلعز

(.77/ات)املقدم ،اجلويين هناية املطلب يف دراية املذهب، 1 (.114)، الكايف يف فقه أهل املدينة، ابن عبدالرب و(. 42املرغيناني ) انظر: بداية املبتدي يف فقه اإلمام أبي حنيفة، 2

اإلعطاء يف ذلك الزمان واملنع يف هذا الزمان مبنزلة اآللة إلعزاز الدين، واإلعزاز هو املقصود،

.1وهو باق على حاله، فلم يكن نسخا"

رفه بيد اإلمام متى رأى القول الثاني: أن السهم باق مل يسقط من مصارف الزكاة، وص

، "وحيمل ترك عمر وعثمان وعلي إعطاءهم على عدم احلاجة إىل 2حاجة املسلمني إليه

هم يف خالفتهم، ال لسقوط سهمهم".إعطائ

القول بسقوطه مع "وجود احلاجة على مر الزمان واختالف أحوال النفو وذهبوا إىل أن

.3يف القوة والضعف ال خيفى فساده"

حلاجة إىل التأليف وعدمها واختيار األشخاص أو الفئات اليت تتألف قلوهبم من وتقرير ا"

حق اإلمام مبشورة أهل الرأي ممن حوله، وهو امر تتغري فيه الفتوى من زمان إىل زمان ومن حال

.1إىل حال"

ة املقاصدية ثالثة أوجه: الوجه األول: دعوى النسخ للحكم، حيث منع عمر ذكر الفقهاء لوجه سقوط سهم املؤلفة قلوهبم وفق هذه الرؤي 1

وليس بصحيح يف "وقال: [العناية شرح اهلداية]صرف هذا السهم ومل يعلم له خمالف فدل على اإلمجاع على نسخه، ذكره البابرتي يف

ال يدل على نة بفعل صحابي أو قوله، وعدم خمالفة عمر . ووجه عدم صحته أنه مل يقل أحد من أهل العلم بنسخ القرآن أو الس"املذهب

كان يتألفكما واإلسالم ملسو هيلع هللا ىلصإن رسول اهلل ": لظاهر قول عمر ؛وجود دليل لنسخ احلكم. الوجه الثاني: أنه من قبيل انتهاء احلكم بانتهاء علته

بقاء ال حيتاج إىل علته"، وذلك أن علل األحكام على نوعني: علل ه البابرتي بأن "احلكم يف ال.ا.هـ، ورد"يومئذ قليل، وإن اهلل قد أعز اإلسالم

ا يف غائية، وهي احلكم واملقاصد. وعلل فاعلة، هي األسباب. وإناطة احلكم بعلته ودورانه معها وجود وعدما ال يكون يف العلل الغائية، وإمن

لغايات. والوجه الثالث: أن ذلك لتحقيق معنى احلكم ومقصوده، ونسبه األسباب، والبحث يف علة سهم املؤلفة قلوهبم من النوع األول، احلكم وا

([.2/260البابرتي إىل شيخه العالمة عالء الدين بن عبدالعزيز، وظاهر صنيعه استحسانه. انظر: ]العناية شرح اهلداية، ). واإلقناع يف فقه اإلمام (3/231) ،املواق ر خليل،(. والتاج واإلكليل ملختص2/648)، بداية اجملتهد وهناية املقتصد، ابن رشد شرح انظر: 2

(.1/294) ،احلجاوي أمحد بن حنبل، (.3/928) ،البهوتي انظر: كشاف القناع عن منت اإلقناع، 3

القول الثالث: التفريق بني تأليف املسلم وتأليف الكافر، فأما املسلم فسهمه يف املؤلفة

وهبم باق وأما الكافر فسهمه ساقط؛ إما ألن الكافر ال يعطى من الصدقة، وإما الستغناء قل

اإلسالم عن تأليف الكفار، قال يف كفاية األخيار: "واملؤلفة قلوهبم ضربان: مسلمون وكفار، فال

يعطى الكافر من الزكاة بال خالف لكفرهم، وهل يعطون من مخس اخلمس؟ قيل: نعم؛ ألنه

قد أعز اإلسالم لمصاحل وهذا منها، والصحيح أهنم ال يعطون شيئا ألبتة؛ ألن اهلل مرصد ل

عيفا، وقد زال ذلك، واهلل إمنا أعطاهم حني كان اإلسالم ض ملسو هيلع هللا ىلصوأهله عن تألف الكفار، والنيب

أعلم.

،وأما مؤلفة اإلسالم؛ فصنف دخلوا يف اإلسالم ونيتهم ضعيفة، فيعطون تألفا ليثبتوا

وصنف إن أعطوا جاهدوا ،خر هلم شرف يف قومهم نطلب بتأليفهم إسالم نظائرهموصنف آ

.ا.هـ2من يليهم، أو يقبضوا الزكاة من مانعيها، واملذهب أهنم يعطون، واهلل أعلم"

دايته إىل اإلسالم، ورسوخ أن مقصود تشريع هذا احلكم مصلحة املؤلف نفسه؛ هب -2

دينه.

رؤية املقاصدية باق مل يسقط، بل إذا وجد املؤلفة سهم املؤلفة قلوهبم حبسب هذه الف

قلوهبم قدموا على غريهم من مصارف الزكاة؛ "ألن الصون عن النار مقدم على الصون عن

.1اجلوع"

(.194) ،القرضاوي مدخل لدراسة الشريعة اإلسالمية، 1 .(287) ابن عبداملؤمن كفاية األخيار يف حل غاية االختصار، 2

والصحيح أن سهم املؤلفة قلوهبم باق مل يسقط، وأمر حتديد صرفه ومستحقيه عائد إىل

ينيبه. اإلمام أو من

يس من باب النسخ؛ أو دوران احلكم مع علته؛ أو تغري ل وفعل عمر بن اخلطاب

الفتوى بتغري الزمان واحلال حتقيقا للمقصد من التشريع، فالنص الشرعي باق وحكمه ثابت،

وإمنا الشأن يف تنزيله على الوقائع، فعمر بن اخلطاب وعثمان وعلي رضي اهلل تعاىل عنهم مل

قد أعز اإلسالم وأهله، ة قلوهبم يف رؤيتهم، فإن اهلل يقابلوا وقائع يتنزل عليها سهم املؤلف

قد فأضحوا أقوياء الشوكة مهابي اجلناب، خيشاهم من حوهلم وال خيشونه، كما أن عمر

دون الدواوين وأقر العطاء، ومن ذلك ديوان للجند يكتتب فيه من كان أهال للجهاد، ويعطى

. ومع عزة 2عن التما مادة تقطعه عن محاية البيضة"من بيت املال "بالكفاية حتى يستغين هبا

اإلسالم واكتتاب اجلند وعطائهم مل تكن هناك وقائع يتنزل عليها سهم املؤلفة قلوهبم، واهلل

أعلم.

ومنه: إيقافه حد السرقة عام اجملاعة، وقد روي عنه أنه قال: "ال قطع يف

ألمحد: تقول به؟ فقال: إي لعمري. قلت: إن : فقلت 4، قال السعدي3عذق وال يف عام سنة"

(.3/150القرايف ) رية،انظر: ، الذخ 1

.(269) ،املاوردي ،والواليات الدينية األحكام السلطانية 2عبدالرزاق و(. 29167(، حديث رقم )9/322أخرجه: ابن أبي شيبة يف مصنفه، كتاب احلدود، باب يف الرجل يسرق التمر والطعام، ) 3

(.18990، حديث رقم )(10/242الصنعاني يف مصنفه، كتاب اللقطة، باب القطع يف عام سنة، ).ا.هـ، كانت "كان حروري املذهب ومل يكن بداعية"أبو إسحاق، إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي اجلوزجاني، قال ابن حبان: 4

[.(82-8/81والثقات، ابن حبان، )(. 248-2/244ملزي، )ا ،انظر ترمجته: هتذيب الكمال يف أمساء الرجال]هـ. 259وفاته بدمشق سنة

.1سرق يف جماعة ال تقطعه؟ فقال: ال؛ إذا محلته احلاجة إىل ذلك والنا يف جماعة وشدة

ووجه إيقاف احلد يف عام اجملاعة أنه ملا كان مقصد تشريع حد السرقة حفظ املال، وعارضه

مقصد حفظ ة، قدم عمر يف اجملاعة حفظ النفس بأخذ ما يدفع عنها احلاجة والضرور

، "فإن السنة إذا كانت سنة جماعة وشدة غلب على النا 2النفس على مقصد حفظ املال

احلاجة والضرورة، فال يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إىل ما يسد به رمقه، ...وعام

ة من غريه، اجملاعة يكثر فيه احملاويج واملضطرون، وال يتميز املستغين منهم والسارق لغري حاج

.3فاشتبه من جيب عليه احلد مبن ال جيب عليه فدرئ"

ومن ذلك: موقفه ؛ فعنه 4من تقسيم األرض املفتوحة أنه قال: "لوال آخر

.5خيرب" ملسو هيلع هللا ىلصاملسلمني ما فتحت قرية إال قسمتها بني أهلها كما قسم رسول اهلل

(.8/679أخرجه: ابن امللقن يف البدر املنري يف ختريج األحاديث واآلثار الواقعة يف الشرح الكبري، ) 1

(.24) ،مصطفى زيد املصلحة يف التشريع اإلسالمي،انظر: 2

(.18-3/17) ،ابن القيم قعني عن رب العاملني،وإعالم امل 3أرض أسلم -1واخللفاء بعده قد جاءت يف افتتاح األرضني بثالثة أحكام: ملسو هيلع هللا ىلصاهلل قال أبو عبيد القاسم بن سالم: وجدنا اآلثار عن رسول 4

وأرض افتتحت صلحا على خرج معلوم؛ فهي على ما -2عليها أهلها؛ فهي هلم ملك أمياهنم، وهي أرض عشر ال شيء عليهم فيها غريه.

فيها املسلمون، فقال بعضهم: سبيلها سبيل الغنيمة، فتخمس وأرض أخذت عنوة؛ فهي اليت اختلف -3صوحلوا عليه، ال يلزمهم أكثر منه.

وتقسم، فيكون أربعة أمخاسها خططا بني الذين افتتحوها خاصة، ويكون اخلمس الباقي ملن مسى اهلل تبارك وتعاىل. وقال بعضهم: بل حكمها

اهلل صلى اهلل عليه وسلم خبيرب، فذلك له، وإن رأى أن والنظر فيها إىل اإلمام؛ إن رأى أن جيعلها غنيمة فيخمسها ويقسمها كما فعل رسول

األرضنيحكام هذه أجيعلها فيئا، فال خيمسها وال يقسمها ولكن تكون موقوفة على املسلمني عامة ما بقوا كما صنع عمر بالسواد، فعل ذلك. ف

.[(132) أبو عبيد، فتحا. ]األموال، افتتحتاليت (.3125(، حديث رقم )4/86فرض اخلمس، باب الغنيمة ملن شهد الوقعة، ) أخرجه البخاري يف صحيحه، كتاب 5

تركه قسمة األرض املفتوحة مبا يلي: وقد علل

﴿فتوحة ال تدخل يف عموم قوله أن األرض امل -1 ا ن نمتحم م ا غا نماا أ وا امح واٱ

ن ابم فاأ كي واٱبن ٱلس سا واٱلما ما واٱلاتا ربا ي ٱلقح ل ول وا رسح ل ۥ وا هح حسا خح ﴾ لل

ا وخذ مخسها. قال : اقسمها بينن[، وإمنا هي من الفيء؛ فإنه ملا قال له بالل 41]األنفال:

. فمقصود آية 1عمر: "ال، هذا غري املال، ولكن أحبسه فيئا جيري عليهم وعلى املسلمني"

.2األنفال ما أجلب عليه يف العسكر من مال ومتاع وال يدخل يف ذلك األرض املفتوحة

أنه قال: "أما والذي نفسي بيده، لوال أن أنه رأى املصلحة يف ترك قسمتها، فعنه -2

ليس هلم شيء؛ ما فتحت علي قرية إال قسمتها بني أهلها كما قسم 3آخر النا ببانا أترك

ملن طلب قسمتها: . وكان يقول 4خيرب، ولكين أتركها خزانة هلم يقتسموهنا" ملسو هيلع هللا ىلصالنيب

.5"تريدون أن يأتي آخر النا ليس هلم شيء"

(.135األموال، كتاب فتوح األرضني صلحا وسننها وأحكامها، باب فتح األرض عنوة وهي من الفيء والغنيمة مجيعا، ) أبو عبيد أخرجه: 1

وحكمه: ختريج األحاديث واآلثار الواردة يف كتاب األموال ألبي واألثر مرسل؛ فإن املاجشون مل يدرك عمر بن اخلطاب. ]انظر ختريج األثر

([.249عبيد، عبدالصمد بكر عابد، ) (.455-6/454ابن عبدالرب، ) انظر: التمهيد ملا يف املوطأ من املعاني واألسانيد، 2 (88"أي متساوين يف الفقر". ]هدي الساري مقدمة قتح الباري، ) 3

(.4235(، حديث رقم )5/138. كتاب املغازي، باب غزوة خيرب، ): البخاري يف صحيحهأخرجه 4

(.135أبو عبيد، األموال، كتاب فتوح األرضني صلحا وسننها وأحكامها، باب فتح األرض عنوة وهي من الفيء والغنيمة مجيعا، ) :أخرجه 5

رثه قرن بعد قرن، فتكون قوة "أراد أن تكون فيئا موقوفا للمسلمني ما تناسلوا، ي فعمر

.1هلم على عدوهم"

ملا علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل رضي اهلل عنهما؛ فإن عمر ووافقه على ذلك

"واهلل إذن :وقال له معاذ .2"دعهم يكونوا مادة للمسلمني" :استشارمها قال له علي

قوم، ثم يبيدون، فيصري ذلك إىل ليكونن ما تكره، إنك إن قسمتها صار الريع العظيم يف أيدي ال

الرجل الواحد أو املرأة، ثم يأتي من بعدهم قوم يسدون من اإلسالم مسدا وهم ال جيدون

.3شيئا، فانظر أمرا يسع أوهلم وآخرهم"

يقول: احتلمت فهذا عمرو بن العاص ومل يكن ذلك الفقه واالعتبار خاصا بعمر

سل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت يف ليلة باردة يف غزوة ذات السال

، فقال: "يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت ملسو هيلع هللا ىلصبأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنيب

لا تاقتححوا ﴿جنب؟!". فأخربته بالذي منعين من االغتسال وقلت: إني مسعت اهلل يقول وا

(.136) أبو عبيد،األموال، 1

، (136صلحا وسننها وأحكامها، باب فتح األرض عنوة وهي من الفيء والغنيمة مجيعا، )األموال، كتاب فتوح األرضني ،أبو عبيد :أخرجه 2

([.182عابد، ) بكر عبدالصمد عبيد، ألبي األموال كتاب يف الواردة واآلثار األحاديث "وإسناده صحيح". ]انظر: ختريج

-136باب فتح األرض عنوة وهي من الفيء والغنيمة مجيعا، ) األموال، كتاب فتوح األرضني صلحا وسننها وأحكامها، ،أبو عبيد :أخرجه 3

بكر عبدالصمد عبيد، ألبي األموال كتاب يف الواردة واآلثار األحاديث ، "وإسناده ضعيف، إال انه صاحل لالعتبار". ]انظر: ختريج(137

([.254عابد، )

م إن كح سا نفحامم أ م راح كح نا ب ا كا ومل يقل ملسو هيلع هللا ىلص[. فضحك رسول اهلل 29ساء:]الن ﴾ اٱلل

.1"شيئا

، 2فآية النساء نزلت يف النهي عن أن يقتل املسلمون بعضهم بعضا وهم أهل ملة واحدة

مدلول هذه اآلية يف النهي عن القتل ليشمل النهي عما هو مظنة وقد وسع عمرو بن العاص

ج بعموم ضمري )تقتلوا( دون خصوص القتل للنفس أو الغري، قال ابن عاشور: فذلك من االحتجا

.3السبب

، 4أمر بتعريف ضوال اإلبل، ثم بيعها، فإذا جاء صاحبها أعطي مثنها وهذا عثمان

عن ضوال اإلبل: "مالك وهلا، معها حذاؤها وسقاؤها، ترد ملسو هيلع هللا ىلصوقد كانت قبل ال تلتقط لقوله

.5املاء وتأكل الشجر حتى جيدها رهبا"

صود النهي عن أخذ ضوال اإلبل استغناؤها وعدم خوف ملا أدرك من مق فعثمان

أناط احلكم بذلك، قال الطحاوي: "جواب رسول اهلل -خبالف ضوال الغنم -اهللكة عليها

(. وأخرجه: اإلمام أمحد 334(، حديث رقم )1/249ربد أيتيمم؟ )أخرجه: أبو داوود يف السنن، كتاب الطهارة، باب إذا خاف اجلنب ال 1

(.29/346يف املسند، مسند الشاميني، بقية حديث عمرو بن العاص عن النيب صلى اهلل عليه وسلم، ) (.8/229انظر: جامع البيان يف تأويل القرآن، الطربي، ) 2

(.5/25) ،ابن عاشور التحرير والتنوير، 3

.(2810(، حديث رقم )1100-4/1099الك يف املوطأ، كتاب األقضية، باب القضاء يف ضوال اإلبل، )أخرجه: اإلمام م 4(. وأخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب 2427(، حديث رقم )3/124أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب يف اللقطة، باب ضالة اإلبل، ) 5

(. واللفظ له.1722(، حديث رقم )3/1346اللقطة، )

يف ضوال اإلبل بغري ما أجاب يف ضالة الغنم إخبار منه عن حال دون حال، وذلك على ملسو هيلع هللا ىلص

.1التلف فهي والغنم سواء" املواضع املأمون عليها فيها التلف، فإذا تخوف عليها

لفساد النا أمر بالتقاطها وتعريفها فلما خيفت اهللكة على اإلبل يف عهد عثمان

.2وحبس مثنها على صاحبها

فهذه مجلة من األدلة واآلثار الدالة على اعتبار املقاصد يف نصوص الشرع وأحكامه إثباتا

وتنزيال وتفعيال وتوسيعا.

يف اإلبل ملسو هيلع هللا ىلصوفيما قد بني النيب "(. ويف شرح معاني اآلثار قال: 3/125عبدالرب، التمهيد ملا يف موطأ مالك من املعاني واألسانيد، ) نقله ابن 1

بقوله: "ما لك وما هلا؟! معها سقاؤها وحذاؤها وال خياف عليها الذئب" دليل على أنه مل يطلق له أخذها لعدم اخلوف عليها، ويف إباحته

اة خلوفه عليها من الذئب دليل على ان الناقة كذلك أيضا إذا خيف عليها من غري الذئب وأن أخذها لصاحبها وحفظها على رهبا ألخذ الش

(، راجعه: يوسف املرعشلي، نشر: عامل الكتب، الطبعة األوىل، عام 4/136) ،الطحاوي . ]شرح معاني اآلثار،"أوىل من تركها وذهاهبا

هـ.1414

(.6/548ال، شرح صحيح البخاري، )انظر: ابن بط 2

لثالثااملبحث

جماالت املقاصد يف الفكر اإلسالمينشأ التوجه املقاصدي يف الفكر اإلسالمي يف الدائرة الفقهية، خاصة علم أصول الفقه،

وقد كان التنظري هلذا التوجه املقاصدي على يد اإلمام الشاطيب ضمن هذه الدائرة؛ حيث كان

"إىل فيها، وردها رائد والفوائده من الفأفنظم ما استقر ،"حبثه "يف مصادر احلكم وموارده

.1انتظمت يف أسالكها السنية البهية"فـ" ،"تراجم األصول الفقهية

-ابن عاشور -الفكر املقاصدي يف العصر احلديث ث باعثحويف نفس املسار ب

إال أنه دعا إىل استقاللية علم املقاصد ليكون قسيما لعلم أصول مقاصد الشريعة اإلسالمية،

.2، بل أصال لهالفقه

فهل بقيت املقاصد ضمن دائرة أصول الفقه، أم أصبحت قسيما له، وما جماهلا يف الفكر

استقراء وتقييما.هذا املبحث يف عنه يدور احلديثاإلسالمي املعاصر، هذا ما

(.1/16)، املوافقاتما بني األقوا من كالم اإلمام الشاطيب يف 1

(.172) ، ابن عاشورمقاصد الشريعة اإلسالمية انظر: 2

املطلب األول: جماالت املقاصد يف طور التأصيل والتنظري عند اإلمام

:الشاطيب :"أحدمها :نيجعل مسار النظر فيها قسم ة للمقاصد ضمن الدائرة الفقهيتنظري الشاطيب

.1يرجع إىل قصد املكلف" :واآلخر ،يرجع إىل قصد الشارع

وتظهر ،ومن هنا كان املعترب يف حبث املقاصد عالقة النص الشرعي بأفعال املكلفني

يف فكر اإلمام الشاطيب يف مسارين: لك العالقةت مالمح

ل: ورود النص الشرعي ببيان حكم فعل من أفعال املكلفني.املسار األو

.كم الذي ورد به النص الشرعيواملسار الثاني: مقصود احل

يف فكر اإلمام الشاطيب فهما واستثمارا. وبيان ذلك للنص التوظيف املقاصدي يتمبذلك

ما يلي:

ل وفيه قا: ورود النص الشرعي ببيان حكم فعل من أفعال املكلفني املسار األول:

ضربان: أحدمها: العوائد الشرعية اليت أقرها الدليل الشرعي أو ةالعوائد املستمر"الشاطيب:

أو ،أو هنى عنها كراهة أو حترميا ،ومعنى ذلك: أن يكون الشرع أمر هبا إجيابا أو ندبا ،نفاها

ق مبا ليس يف نفيه وإثباته أذن فيها فعال وتركا. والضرب الثاني: هي العوائد اجلارية بني اخلل

.2دليل شرعي

.(2/3) ،الشاطيب، املوافقات 1

.(2/215) السابقاملصدر 2

على أحد حالني: الشاطيب ورود الشرع بقيمة حكمية لواقعة من وقائع املكلفني عندف

، وختصيص -ذنا إأمرا أو هنيا أو -لك الواقعة احلال األول: النص على القيمة احلكمية لت

"أن األصل يف األحكام إذك احلكم، الواقعة بقيمة حكمية صرحية ابتداء تقييد لتلك الواقعة بذل

.1املوضوعة شرعا أن ال يتعدى هبا حمالها حتى يعرف قصد الشارع بذلك التعدي"

فال يصح ،إذ "الوقائع يف الوجود ال تنحصر ؛ص على حكمهاناحلال الثاني: نوازل مل ي

دده بتجدد حاجة النا إىل معرفة أحكام وقائعهم متجو، 2"ةدخوهلا حتت األدلة املنحصر

الزمان وهي على قسمني األول: ما كان هلا نظري متقدم. والثاني: ما كانت مستأنفة يف نفسها

.3جتهاد"د من النظر فيها باالب ويف كال القسمني "فال ا،وال نظري هل

حيدد الشاطيب دائرة مقصود احلكم الذي ورد به النص الشرعي : املسار الثاني:

أن مورد األدلة صدها بدائرة نصوص األحكام التكليفية؛ وذلك النصوص اليت ينظر يف مقا

الشرعية ضربان:

أحدمها: أن يكون على طريقة الربهان العقلي، وكأنه تعليم لألمة كيف يستدلون على

ا ﴿ املخالفني، ويدخل هنا مجيع الرباهني العقلية وما جرى جمراها كقوله نا فمهما او كا لح ة إل ٱلل ها اال تاا دا سا ه ﴿ وقوله ،[22]األنبياء : ﴾ لافا قاالا إبرا

ا ياأ مح فاإن ٱلل

غرب ا منا ٱلما ها ت بشق فاأ مس منا ٱلما ٱلش .[258]البقرة: ﴾ ب

(2/299) املصدر نفسه، 1

(4/75املصدر نفسه ) 2 (4/66نفسه )انظر: املصدر 3

كداللة ،وذلك األدلة الدالة على األحكام التكليفية ،والثاني : مبين على املوافقة يف امللة

اصح ﴿ قوله وداللة ،وامر والنواهي على الطلب من املكلفاأل مح ٱلقصا امكح ا تبا كحتلا تبا ﴿ وقوله ،[178]البقرة : ﴾ ف ٱلقا ماامح كح مح ٱلص امكح وقوله [، 183]البقرة : ﴾ ا

﴿ فاثح ماام ٱلر اةا ٱلص م لا ح لاكححم أ كح ائ سا ن فإن هذه ؛[187]البقرة : ﴾ إلا

بل جيء هبا قضايا ،وال أتي هبا يف حمل استدالل ،النصوص وأمثاهلا مل توضع وضع الرباهني

.1يعمل مبقتضاها مسلمة متلقاة بالقبول

ومبا أن حبث الشاطيب يف املوافقات ضمن الدائرة الفقهية فمحل النظر عنده الضرب الثاني

.-أدلة األحكام التكليفية -من األدلة

نوعان: املقصود الشرعي الذي ورد به النص هلذا النوع من األحكام الشاطيب أن يرى

ما كان من قبيل العبادات الالزمة للمكلف من جهة توجهه إىل الواحد "النوع األول :

خاصة؛ وهو ما عبر عنه الفقهاء بـ "قسم العبادات"، وهي إىل حق اهلل ، فرتجع2املعبود"

3وسائر العبادات" ،وتوابعه من قواعد اإلسالم ، باألصالة؛ وذلك : اإلميان"املتقرب هبا إىل اهلل

وهلذا النوع من األحكام أربع مسات:

(.3/38) انظر: املصدر السابق، 1

(.173/ 2)، املصدر السابق 2

(.2/164املصدر نفسه، ) 3

، "ومعنى التعبد عندهم: أنه ما ال يعقل معناه على 1السمة األوىل: أن األصل فيه التعبد

اليت يصح اخلاصة أي ما ال تعقل فيه احلكمة واملصلحة ": اهلل دراز معلقاقال عبد ،اخلصوص"

للعبد فيها يف الدنيا وإمنا شرعت فهذه األحكام ال حظ، 2ا.هـ."أن تكون أساسا للقيا

. 3ملصاحلهم يف اآلخرة

؛ إذ أنه ملا كان وفق ما حد اهلل فيها إمنا يكون السمة الثانية : أن وقوع أفعال املكلفني

"دل على أن قصد فإن هذا يـ - اخلاصةإدراك العقل علة التشريع عدم -فيها التعبد األصل

ولو "كان املقصود التوسعة يف وجوه التعبد مبا ،4الشارع فيه الوقوف عند ما حده ال يتعدى"

كما نصب على التوسعة يف وجوه ،لنصب الشارع عليه دليال واضحا ،حد و مامل يحد

وقاربه وجامعه يف املعنى املفهوم وقف معها على املنصوص عليه دون ما شاهبهالعادات أدلة ال ي

بل ،وملا مل جند ذلك كذلك ،ولكان ذلك يتسع يف أبواب العبادات ،من األصل املنصوص عليه

إال أن يتبني بنص أو إمجاع معنى ،على خالفه؛ دل على أن املقصود الوقوف عند ذلك احملدود

وإمنا األصل ما عم ،ليس بأصللكن ذلك قليل؛ ف ،فال لوم على من اتبعه ،يف بع الصور مراد

.5يف الباب وغلب يف املوضع"

(.2/228املصدر نفسه، ) 1

.(2/241)، املصدر نفسه، (3)حاشية رقم :تعليق عبد اهلل دراز 2

(.2/164: املصدر نفسه، )انظر 3

(.2/242، )السابقاملصدر 4

(.2/229املصدر نفسه، ) 5

والوقوف ،؛ ذلك أن األصل فيها: التعبد1السمة الثالثة: أنه ال يصح فيها إجراء القيا

وإجراء القيا فيها يستلزم: أوال: معقولية املعنى؛ وهو ينايف أصل التعبد ،عند ما حد الشارع

لوقوف على ما حد الشارع. فنحن "إمنا فهمنا من حكمة التعبد فيها. وثانيا: التعدية وعدم ا

وهذا املقدر ،والتوجه إليه ،والتعظيم جلالله ،وإفراده باخلضوع ،العامة: االنقياد ألوامر اهلل تعاىل

.2ال يعطي علة خاصة يفهم منها حكم خاص"

وىل والثانية؛ وذلك وهذه السمة الزمة للسمتني األ ،السمة الرابعة: الثبات وعدم التغري

ولو 3من غري زيادة وال نقصان" ،أن مقصود العبادات يف الدنيا وعلتها املطلوبة "جمرد االنقياد

"بل كنا ،كانت قابلة للتغري و التبدل بتغري الزمان أو املكان أو احلال مل يحد هلا حكم خاص

ملا حد غري ملوم؛ إذ كان التعظيم بفعل نؤمر مبجرد التعظيم مبا حد ومامل يحد، ولكان املخالف

وليس األمر كذلك باتفاق؛ فعلمنا قطعا أن املقصود الشرعي األول ،العبد املطابق لنيته حاصال

.4وأن غريه غري مقصود" ،التعبد هلل بذلك احملدود

اوالت ما كان من قبيل العاديات اجلارية بني اخللق يف االكتسابات وسائر احمل"النوع الثاني:

والتصاريف املالية على ،كالعقود على اختالفها ،اليت هي طرق احلظوظ العاجلة ،الدنيوية

(.2/242) املصدر نفسه، 1

(.2/229) السابق،املصدر 2

(.2/234املصدر نفسه، ) 3

(.2/229املصدر نفسه، ) 4

إىل حقوق العباد: وهو ما يعرف يف الفقه اإلسالمي بـ"قسم املعامالت"، فهي راجعة ،1"تنوعها

ام: ق مصاحل العباد ودرء املفاسد عنهم يف الدنيا، ومسات هذا النوع من األحكيحتق ومقصودها

أوال: أن األصل فيها التعليل وااللتفات إىل املعاني؛ وذلك "أن الشارع توسع يف بيان العلل

الذي إذا عرض 2و أكثر ما علل فيها باملناسب ،واحلكم يف تشريع باب العادات كما تقدم متثيله

الوقوف مع ال ،ففهمنا من ذلك أن الشارع قصد فيها اتباع املعاني ،على العقول تلقته بالقبول

.3خبالف باب العبادات فإن املعلوم فيه خالف ذلك" ،النصوص

؛ وينبه الشاطيب إىل أنه البد من مراعاة اشتمال هذه األحكام على وجه من وجوه التعبد

وهو جهة التعبد؛ فإن حق اهلل على ،"أن كل حكم شرعي ليس خبال عن حق اهلل تعاىلإذ

وعبادته امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطالق، فإن ،ه شيئاالعباد أن يعبدوه وال يشركوا ب

بل جاء على تغليب حق العبد يف ،فليس كذلك بإطالق اجاء ما ظاهره أنه حق للعبد جمرد

، "فإذا تقرر هذا وأن الغالب يف العادات االلتفات إىل املعاني؛ فإذا وجد 4األحكام الدنيوية"

والوقوف مع املنصوص"، ومثال ذلك: املقدرات يف أبواب فيها التعبد فالبد من التسليم

(.2/173، )املصدر نفسه 1

عرف املناسب بأنه : عبارة عن وصف ظاهر منضبط، يلزم من ترتب احلكم على وفقه حصول ما يصلح أن يكون مقصودا من شرع ذلك 2

ويسمى هذا ": األنصاري، وهو مسلك من مسالك إدراك العلة، قال زكريا [(3/339) ،اآلمدي اإلحكام يف أصول األحكام،احلكم. ]انظر:

.([128. ]غاية الوصول شرح لب األصول، )"املسلك باإلخالة أيضا، ...ويسمى باملصلحة، وباالستدالل، وبرعاية املقاصد أيضا

(.2/233الشاطيب، )املوافقات، 3

(.2/241، )صدر نفسهامل 4

وتقدير الزكوات، "وما أشبه ،واملواريث ،املعامالت: كمدة العدة للمطلقة واملتوفى عنها زوجها

.1ذلك من األمور اليت ال جمال للعقول يف فهم مصاحلها اجلزئية"

دمي عند الشاطيب إىل ومن هنا انقسمت أفعال املكلفني بالنسبة إىل حق اهلل وحق اآل

"أحدها: ما هو حق هلل خالصا؛ كالعبادات، ...والثاني: ما هو مشتمل على ثالثة أقسام:

وحكمه راجع إىل األول، ...والثالث: ما اشرتك ،حق اهلل وحق العبد واملغلب فيه حق اهلل

. 2و أصله معقولية املعنى" ،فيه احلقان وحق العبد هو املغلب

ما غلب فيه حق اهلل تعاىل من هذه األحكام فاألصل فيه الوقوف على ما السمة الثانية:

ب فيه حق اآلدمي لحد الشارع فال يتعدى؛ إذ حكم هذا القسم حكم العبادات. أما ما غ

. 3فـ"أصله احملافظة على حتصيل مصلحة العبد"

كل جزئية على "الشريعة مل تنص على حكم فـ ،السمة الثالثة: أنه جيري فيها القيا

الوقائع يف ؛ إذ4وعبارات مطلقة تتناول أعدادا ال تنحصر" ،وإمنا أتت بأمور كلية ،حدهتا

"وإحلاق املسكوت عنه باملنصوص ،منحصرة أدلةفال يصح دخوهلا حتت ،الوجود ال تنحصر

اهلل عليه ه النيب صلىوأمر هبا، ونب ،فهو من األمور اليت قصدها الشارع ،عليه معترب يف الشرع

ولذلك احتيج إىل فتح باب االجتهاد من القيا وغريه. ،5وسلم على العمل هبا"

(.2/234املصدر نفسه، ) 1

( 243-2/242، ) السابقاملصدر 2

.(243-2/242)انظر: املصدر نفسه، 3

.(4/66املصدر نفسه ) 4

.(1/62، )املصدر نفسهانظر: 5

السمة الرابعة: العوائد على نوعني:

.النوع األول: عوائد "أقرها الدليل الشرعي أو نفاها" ومستها الثبات وعدم التغري

ه على قسمني:والنوع الثاني :عوائد مل يرد يف نفيها أو إثباهتا دليل شرعي وهذ

القسم األول: عوائد ثابتة، وهذه "إذا كانت أسبابا ملسببات حكم هبا الشارع فال

.إشكال يف اعتبارها والبناء عليها واحلكم على وفقها دائما"

والقسم الثاني: عوائد متبدلة، واحلكم فيها "يتنزل على ما هو معتاد فيه بالنسبة إىل من

.1اعتاده دون من مل يعتده"

إذ ن مسة هذا النوع من األحكام: التغري بتغري الزمان واملكان واألحوال؛ إويف العموم ف

"ألن الشرع إمنا جاء ،وعليها تتنزل أحكامه ،املعترب فيها من جهة الشرع: أنفس تلك العادات

اختالف األحكام عند اختالف ، وينبه الشاطيب إىل أن 2بأمور معتادة جارية على أمور معتادة"

،ألن الشرع موضوع على أنه دائم أبدي ،عوائد ليس "يف احلقيقة باختالف يف أصل اخلطابال

وإمنا معنى االختالف: أن العوائد إذا اختلفت رجعت كل عادة إىل أصل شرعي يحكم به

.3فاألحكام ثابتة تتبع أسباهبا حيث كانت بإطالق" ،عليها

.(216-2/215) انظر: املصدر السابق، 1 ( 2/217املصدر نفسه ) 2

( 218-2/217) املصدر نفسه، 3

توظيف املقاصد عند اإلمام الشاطيب :

قال ؛و استثماره ،فهم النص الشرعي ين:حمور على الشاطيب قه األحكام عندف يقوم

إحدامها: راجعة إىل حتقيق مناط احلكم. :كل دليل شرعي مبين على مقدمتني"الشاطيب:

.1"واألخرى: ترجع إىل نفس احلكم الشرعي

ثنتان منها ؛والعمل يف هاتني املقدمتني يكون خبطوات ثالث يتم هبا االجتهاد يف الشريعة

وواحدة إىل استثماره. ،تعود إىل فهم النص الشرعي

فهم النص الشرعي:أوال:

يرى الشاطيب أن ما ورد من األدلة الشرعية مورد "األدلة الدالة على األحكام التكليفية"

يف بيان قصد الشارع يف وضع -الشاطيب قالراجع إىل حفظ مقاصدها يف اخللق؛ يف اجلملة

،2.ا.هـ"املسألة األوىل: تكاليف الشريعة ترجع إىل حفظ مقاصدها يف اخللق" :- الشريعة

جانب الوجود "فأصول العبادات أماف ،وهذا جار يف مجيع تكاليف الشريعة وجودا وعدما

راجعة إىل حفظ الدين، ...والعادات راجعة إىل حفظ النفس والعقل، ...واملعامالت

اجلنايات "، وأما أحكام ...وإىل حفظ النفس والعقل أيضا راجعة إىل حفظ النفس واملال،

، 3ترجع إىل حفظ اجلميع من جانب العدم" - وجيمعها األمر باملعروف والنهي عن املنكر -"

.(3/31) ر السابق،املصد 1

(.2/7) املصدر نفسه، 2

(.8-2/7، )املصدر السابق 3

، 1وهبذا تقرر عند الشاطيب "أن وضع الشرائع إمنا هو ملصاحل العباد يف العاجل واآلجل معا"

.خترجيا وتنقيحا 2طاب قائما على إدراك مناط احلكمومن هنا كان عمل اجملتهد يف فهم اخل

األحكام اليت ورد هبا النص الشرعي أما على وجه التفصيل فمر قريبا أن املطلوب يف

على نوعني: النوع األول: ما كان راجعا إىل حق اخلالق سبحانه وتعاىل على املخلوق وهي

لية ) فروض العبادات من: صالة، وزكاة، أحكام العبادات؛ علمية كانت ) العقائد ( أو عم

وصيام، وحج (. النوع الثاني: ما كان راجعا إىل تنظيم عالقة املرء مبن حوله فردا وبيئة

النوع األول: فأما اجتماعية؛ وهي أحكام املعامالت ) أخالقية، أو اقتصادية، أو سياسية (.

وذلك خبالف النوع الثاني والذي قصد فيه ،األصل فيه التعبد دون االلتفات إىل العلل واحلكمف

.-علال وحكما -الشارع اتباع املعاني

قسمني: هي علىمن حيث إدراك مناط األحكام ف أما

وهذا القسم "تعبدي" أي: "ال ،القسم األول: األحكام اليت ال يدرك مناط احلكم فيها

للقيا أما العلل العامة فهي تعقل فيه احلكمة واملصلحة اخلاصة اليت يصح أن تكون أساسا

.موجودة"

.(2/4املصدر نفسه ) 1

ن: تبدأ بتنقيح املناط إن كانت العلة ااملراد مبناط احلكم: علته اليت تعلق هبا احلكم، فاملناط اسم من أمساء العلة، وإلدراك املناط مرحلت 2

تتعلقان بفهم النص الشرعي. واملرحلة الثانية هي: حتقيق املناط، وهو العمليتانن الى العلة، وهاتمنصوصا عليها، أو خترجيه إن مل ينص ع

، النظر يف حتقق وجود العلة يف املسألة موضوع الدراسة من عدمها، وهبذه تتم عملية استثمار النص. ]انظر: تيسري علم أصول الفقه، اجلديع

([.287) العروسي الفقه وأصول الدين، (. واملسائل املشرتكة بني أصول187-188)

،والتذلل بني يديه ،والتوجه إليه ،املقصود العام من هذه األحكام "اخلضوع هللملا كان و

حتى يكون العبد بقلبه وجوارحه حاضرا مع اهلل ،وعمارة القلب بذكره ،واالنقياد حتت حكمه

؛ 1ته وما يقرب إليه على حسب طاقته"وأن يكون ساعيا يف مرضا ،ومراقبا له غري غافل عنه

فإن حدود التوظيف املقاصدي تقف عند حدود فهم وإدراك ما حد اهلل يف تلك املسائل،

وإيقاعها حبسب ما حد.

القسم الثاني: ما يدرك فيه مناط احلكم نصا أو استنباطا؛ إذ ورود النص باحلكم و

عني:أو حكمة ( على نو الشرعي مرتبط مبناطه ) علة

النوع األول: األدلة اليت ارتبطت فيها األحكام مبناطاهتا نصا، "وذلك أن يكون الوصف

حتى مييز ما هو ح باالجتهاد قناملعترب يف احلكم مذكورا" يف النص إما مفردا أو مع غريه "في

. 2"ىمعترب مما هو ملغ

وعمل اجملتهد هنا يكون يف ،هوالنوع الثاني: األدلة اليت ذكر فيها احلكم جمردا عن مناط

.3واستنباطهختريج ذلك املناط االجتهاد يف

غاية عمل اجملتهد إدراك مقصود الشارع من -تنقيح املناط وخترجيه -ويف كال العملني

، وتشكالن هاتني اخلطوتني املرحلة األوىل من استثمار النص يف التوجه تشريع احلكم وبيانه

املقاصدي.

.(2/233) ،املوافقات، الشاطيب 1

.(4/68) املصدر نفسه، 2

.(4/69، )السابقانظر: املصدر 3

ار النص الشرعي:استثمثانيا:

بناء على فهم النص الشرعي يكون استثماره حتقيقا ملناطه، وذلك بتنزبل األحكام على

.األفعال حتقيقا أو قياسا

ود النص الشرعي ببيان أحكامها وقد مر فيما سبق أن أفعال املكلفني من حيث ورو

عال املكلفني يف النظر الشرعي ال إذا ما كانت أفو ،على نوعني: ما ورد بيانه، و ما مل يرد بيانه

عبادات ورد األول: ل ذلك أربعة أقسام:ن حمصفإ ؛خترج عن أحد نوعني: عبادات أو عادات

عادات ورد هبا والثالث: عبادات مل يرد هبا النص الشرعي.والثاني: هبا النص الشرعي.

لنص الشرعي يف حتقيق واستثمار ا عادات مل يرد هبا النص الشرعي.والرابع: النص الشرعي.

أحكام تلك األفعال وفق مناطاهتا تنزيال واستخراجا يف نظر الشاطيب على حنو ما يلي:

الوقوف عند ما حد " والواجب يف هذا النوع العبادات اليت ورد هبا النص الشرعي: -1

.1"الشارع فيه من غري زيادة وال نقصان

مع وجود مقتضى هذا النوع ارع عنسكوت الشو العبادات اليت مل يرد هبا نص شرعي: -2

تشريعه "كالنص على أن قصد الشارع أن ال يزاد فيه وال ينقص؛ ألنه ملا كان هذا املعنى

املوجب لشرع احلكم العملي موجودا ثم مل يشرع احلكم داللة عليه كان ذلك صرحيا يف أن الزائد

ذ فهم من قصده الوقوف عند ما وخمالفة ملا قصده الشارع؛ إ ،على ما كان هنالك بدعة زائدة

(.2/238) املصدر السابق، 1

كل ما ثبت فيه اعتبار التعبد "قال الشاطيب: ،1ال الزيادة عليه وال النقصان منه" ،حد هنالك

3. وأدلة الشاطيبا.هـ2"أي ال قيا فيه": -معلقا - ، قال عبد اهلل دراز".ا.هـفيه عفال تفري

على ذلك ما يلي:

ت صستقرأ األحكام التكليفية العبادية جيد أهنا قد "خأوال: استقراء الشريعة: فإن من ا

فعلمنا قطعا أن "إن خرجت عنها مل تكن عبادات"؛ ،على هيئات خمصوصة ،بأفعال خمصوصة

وأن غريه غري مقصود شرعا". ،املقصود الشرعي األول التعبد هلل بذلك احملدود

لتكليفية العبادية مما يدل على أن ثانيا: أن الشارع مل يتوسع يف ذكر علل وحكم األحكام ا

املقصود الوقوف عند ذلك احملدود "دون التوسعة فيه، ولو كان املقصود التوسعة يف وجوه

التعبد مبا حد و ما مل يحد لنصب الشارع عليه دليال واضحا".

هدة، ثالثا: أن العقل ال يهتدى إىل العبادات وكيفياهتا إدراكا ووضعا؛ ودليل ذلك املشا

مل يهتد إليها العقالء اهتداءهم لوجوه معاني العادات" فـإن "وجوه التعبدات يف أزمنة الفرتات

فكان الغالب فيهم الضالل والتغيري، "وملا كان األمر كذلك عذر أهل الفرتات يف عدم اهتدائهم؛

ول ﴿ قال نابعاثا راسح ت بيا حا ذ عا نا مح ا كح ل ﴿ [، وقال 15]اإلسراء: ﴾ واما رسحن ينا وامح باش م ة باعدا ٱلرسح ج حح ا ٱلل ناس لعا ونا ل ال ياكح رينا ل ﴾ ذ

(.2/311املصدر نفسه، ) 1

(.4. وانظر تعليق دراز: من نفس الصفحة احلاشية رقم )(2/235، )املصدر نفسه 2

(.125-1/61(، وانظر بتوسع أكرب يف االستدالل: االعتصام، )231-2/228الشاطيب: املصدر نفسه، )انظر أدلة 3

فإذا ،[، واحلجة ههنا هي اليت أثبتها الشرع يف رفع تكليف ما ال يطاق واهلل أعلم165]النساء:

.ما حده الشارع"ثبت هذا مل يكن بد من الرجوع يف هذا الباب إىل جمرد

األصل يف العادات اعتبار عللها وغاياهتا، قال و العادات اليت ورد هبا النص الشرعي: -3

وأما أن األصل يف العادات االلتفات إىل املعاني فألمور:"الشاطيب:

أوهلا: االستقراء: فإنا وجدنا الشارع قاصدا ملصاحل العباد واألحكام العادية تدور معه

فإذا كان فيه مصلحة جاز؛ ،الشيء الواحد مينع يف حال ال تكون فيه مصلحةحيث دار فرتى

كالدرهم بالدرهم إىل أجل ميتنع يف املبايعة و جيوز يف القرض.

والثاني: أن الشارع توسع يف بيان العلل و احلكم يف تشريع باب العادات، ...و أكثر ما

بالقبول، فكثريا ما يربط حكم العادات علل فيها باملناسب الذي إذا عرض على العقول تلقته

بعلله وحكمه.

ول ﴿تعاىل قالحأ ة يا ماو اص حا م ف ٱلقصا لاكح ونا وا تقح م تا كح ب لاعا لبا

ا ﴾ ٱل

.[179]البقرة :

ط ﴿وقال تعاىل ٱلبا م ب م بايناكح لاكح موااحوا أ كح

لا تاأ .[188]البقرة: ﴾ وا

ا ف ﴿نه وقال سبحا ا ةا واٱلاغضا وا دا مح ٱلعا ن يحوقعا بايناكحانح أ مطا ا يحريدح ٱلش إنما

يس .[91]املائدة: ﴾ ٱلامر واٱلما

.1وعنه عليه الصالة والسالم:"ال يقضي القاضي وهو غضبان"

.2وقال عليه الصالة والسالم: "كل مسكر حرام"

حتى ،عاني قد كان معلوما يف الفرتات، واعتمد عليه العقالءوالثالث: أن االلتفات إىل امل

سواء يف ذلك أهل -فاطردت هلم وأعملوا كلياهتا على اجلملة؛ ،جرت بذلك مصاحلهم

إال أهنم قصروا يف مجلة من التفاصيل فجاءت الشربعة لتتمم مكارم -الفلسفة وغريهم

ئة قواعد كلية و عبارات مطلقة تتناول األخالق، ومن هنا جاءت أحكام هذا القسم على هي

.3"أعدادا ال تنحصر

فإذا ما تقرر فهم نصوص أحكام هذا القسم وفق مناطاهتا؛ فإن استثمارها يكون

ومعناه ]أي حتقيق املناط[ أن يثبت احلكم مبدركه "بتحقيق ذلك املناط، قال الشاطيب:

أي يف تطبيقه ": - معلقا -داهلل دراز .ا.هـ، قال عب"الشرعي لكن يبقى النظر يف تعيني حمله

سواء أكان نفس احلكم ثابتا بنص أم بإمجاع أم ،على اجلزيئات واحلوادث اخلارجية

؛ وذلك أن 1أحد جانيب حتقيق املناط هو ما يعرف بتنزيل األحكام الذي وهو.ا.هـ، 4"قيا

) كتاب األحكام، باب هل 93لفظ احلديث عند البخاري يف صحيحه: "ال يقضني حكم بني اثنني وهو غضبان"، من حديث أبي بكرة، ) 1

( باب كراهة 7( متا األقضية، )30(، وعنه حنوه عند مسلم يف الصحيح، )7158( حديث رقم )9/65يقضي القاضي أو يفيت وهو غضبان، )

(.1717(، حديث رقم )3/1342قضاء القاضي وهو غضبان، )

( كتاب األدب، باب قول النيب صلى اهلل عليه وسلم: "يسروا وال تعسروا"، 78أخرجه: البخاري يف صحيحه، عن أبي موسى األشعري، ) 2

( باب بيان أن كل مسكر مخر وأن كل مخر حرام، 7( كتاب األشربة، )36. ومسلم يف صحيحه، )(6124( حديث رقم )8/30)

(3/1586.)

(.233-2/232) ،الشاطيب، املوافقات 3 (.1السابق حاشية رقم ) (. وانظر تعليق دراز: نفس الصفحة4/65املوافقات، الشاطيب، ) 4

ن احلكم واقعا عليه إال "لكل معني خصوصية ليست يف غريه ولو يف نفس التعيني ...فال يكو

.2بعد املعرفة بأن هذا املعني يشمله ذلك املطلق أو ذلك العام"

ومن هنا دارت أحكام النصوص يف تنزيلها على الوقائع مع مناطاهتا، "فاألحكام ثابتة تتبع

، فمتى وجدت املناطات ثبتت األحكام، ومتى انتفت انتقلت األحكام 3أسباهبا حيث كانت"

.وهو ما يعرب عنه بـ"تغري األحكام لتغري الزمان واملكان واحلال" ، آخرمن مناط إىل

إذا ما كان األصل يف باب العادات "احملافظة على العادات اليت مل يرد هبا نص شرعي: -4

، وأمكن ضبط مناطات تلك احملافظة؛ أمكننا قيا مامل يرد به نص يف هذا 4مصلحة العبد"

لتلك املناطات املنضبطة، وهذا هو النوع الثاني من أنواع حتقيق الباب على ما ورد نصه حتقيقا

.املناط

يف جمال الدائرة الفقهية، إمنا هو ومما سبق يتضح أن استثمار املقاصد يف الرؤية الشاطبية

وعلى اخلصوص ) األحكام التكليفية العملية العادية (، وذلك من خالل اجلوانب التالية:

فاألول: تنزيل النص الشرعي على الواقعة، والثاني: استخراج حكم شرعية أو من معانيهامتعلق اجتهاد اجملتهد إما استنباط من النصوص ال 1

([.2/117]انظر املوافقات، الشاطيب، ) النازلة من األصول الشرعية املرعية. (. 67-4/66) الشاطيب ،املوافقات 2

(. 2/218، ) السابقاملصدر 3

(.2/243املصدر نفسه، ) 4

رع من وضع الشريعة، واليت من جهاهتا "قصده يف وضعها للتكليف أوال: بيان قصد الشا

، فكان مناط النظر يف املقاصد عند الشاطيب األحكام التكليفية دون غريها.1مبقتضاها"

وة بالدراسة املقاصدية دون األحكام ظحكام العملية كانت هلا خصوصية وحثانيا: أن األ

"كل مسألة ال ينبين عليها عمل فاخلوض فيها خوض فيما العلمية واالعتقادية، فالشاطيب يقرر أن

فإنا "، ودليل ذلك عنده استقراء الشريعة؛ حيث قال: 2مل يدل على استحسانه دليل شرعي"

اس ﴿رأينا الشارع يعرض عما ال يفيد عمال مكلفا به، ففي القرآن الكريم ة ا ي هان ٱل ا حوناكا

قمتح ل وا ا ما [، فوقع اجلواب مبا يتعلق به العمل إعراضا 189]البقرة: ﴾ ناس واٱلاج قح ه

كاخليط ثم ميتلئ حتى عما قصده السائل من السؤال عن اهلالل لم يبدو يف أول الشهر دقيقا

.3ا.هـ. وساق مجلة من األمثلة يف ذلك"يصري بدرا ثم يعود إىل حالته األوىل؟

"قصد" عند الشاطيب مل خيرج عن أصلها اللغوي، فأصل األم ثالثا: استعمال مادة

وأصل البيان والتفصيل ،يف أفعال املكلفني واالعتماد متعلقه يف رؤية الشاطيب التوجه واإلرادة

لنصوص الشارع واستثمارها. متعلقه الفهم

، ملكلفنيأفعال اوإدراك ،النص الشرعيفهم رابعا: متثلت جوانب استثمار املقاصد يف:

وتنزيل األحكام واستنباطها لتلك األفعال.

(4-2/3، )انظر: املصدر نفسه 1

(.1/31) املصدر السابق، 2

(.34-31/ 1املصدر نفسه، ) 3

فتكون وظيفة املقاصد هنا البيان والتفصيل؛ إلدراك النص الشرعي: فهم جانب يف فأما

مراد الشارع من التشريع حكمة وحدا، وعلى ما فهم منها يتم تنزيل األحكام على الوقائع.

ل إذا تعلق به القصد تعلقت به األحكام أفعال املكلفني: "فالعمإدراك وأما ما يتعلق ب

.1التكليفية، وإذا عري عن القصد مل يتعلق به شئ منها؛ كفعل النائم والغافل واجملنون"

فمبين على النظر يف موافقة مقاصد املكلفني يف : تنزيل األحكام على أفعال املكلفنيوأما

تاركه إما أن فعله أو تركه موافقا أو فاعل الفعل أو "الشاطيب: قالأفعاهلم ملقاصد الشارع،

خمالفأ، وعلى كال التقديرين إما أن يكون قصده موافقة الشارع أو خمالفته، فاجلميع أربعة أقسام:

أحدها: أن يكون موافقا وقصده املوافقة؛ ...فال إشكال يف صحة هذا العمل.

هر احلكم.والثاني: أن يكون خمالفا وقصده املخالفة؛ ...فهذا أيضا ظا

والثالث: أن يكون الفعل أو الرتك موافقا وقصده املخالفة؛ وهو ضربان:

أحدمها: أن ال يعلم بكون الفعل أو الرتك موافقا، واآلخر: أن يعلم بذلك؛ فاألول: كواطئ

غري عاص مبجرد العمل، وحتقيقه: ،زوجته ظانا أهنا أجنبية، ...فهو عاص يف جمرد القصد

غري آثم من جهة حق اآلدمي. ...والثاني: ...فيدخل حتته ،هة حق اهللأنه آثم من ج

النفاق والرياء و احليل على أحكام اهلل تعاىل؛ وذلك كله باطل ألن القصد خمالف لقصد الشارع

عينا فال يصح مجلة.

...والقسم الرابع: أن يكون الفعل أو الرتك خمالفا والقصد موافقا فهو أيضا ضربان:

(.2/246) املصدر السابق 1

باملخالفة، واآلخر: أن يكون مع اجلهل بذلك. فإن كان مع العلما: أن يكون مع أحدمه

ولكن ،باملخالفة؛ فهذا هو االبتداع كإنشاء العبادات املستأنفة والزيادات على ما شرع العلم

الغالب أن ال يتجرأ عليه إال بنوع تأويل. ...وإن كان العمل املخالف مع اجلهل باملخالفة؛ فله

: أحدمها: كون القصد موافقا، ...والثاني: كون العمل خمالفا؛ ...وكال الوجهني وجهان

ويعارضه يف الرتجيح، ...ولذلك صار هذا احملل غامضا يف ،يعارض اآلخر يف نفسه

الشريعة، ...و من هنا صار فريق من اجملتهدين إىل تغليب جانب القصد فتالفوا من العبادات

ملعامالت. ومال فريق إىل الفساد بإطالق وابطلوا كل عبادة أو ما جيب تالفيه وصححوا ا

وتوسط فريق فاعملوا الطرفني على ،معاملة خالفت الشارع ميال إىل جانب العمل املخالف

.1"اجلملة لكن على أن يعمل مقتضى القصد يف وجه، ويعمل مقتضى الفعل يف وجه آخر

وظاهر استدالل الشاطيب ترجيح إعمال الطرفني.

(.262-2/256) املصدر السابق، 1

املطلب الثاني: جماالت املقاصد يف طور البعث واإلحياء عند اإلمام ابن

:عاشورحتديد جمال استثمار املقاصد من يف أشد وضوحا حممد الطاهر بن عاشور كان

مقدمة كتابه ]مقاصد الشريعة اإلسالمية[ املقصد من تأليف الكتاب الشاطيب؛ فقد حدد يف

ت منه إىل إمالء مباحث جليلة من مقاصد الشريعة اإلسالمية، هذا كتاب قصد": فقالوجماله

إلثباهتا، لتكون نرباسا للمتفقهني يف الدين، ومرجعا بينهم عند واالحتجاجوالتمثيل هلا،

اختالف األنظار وتبدل األعصار، وتوسال إىل إقالل االختالف بني فقهاء األمصار، ودرية

األقوال على بع عند تطاير شرر اخلالف، حتى ألتباعهم على اإلنصاف يف ترجيح بع

يستتب بذلك ما أردناه غري مرة من نبذ التعصب والفيئة إىل احلق، إذا كان القصد إغاثة

املسلمني بباللة تشريع مصاحلهم الطارئة متى نزلت احلوادث واشتبكت النوازل، وبفصل من القول

.1"لكم املقانبإذا شجرت حجج املذاهب، وتبارت يف مناظرهتا ت

جمال توظيف املقاصد حتديدا ابن عاشور د حد - على وجازته -هذا النص ففي

فيبنى عليها التفقه يف الدين، ،دقيقا؛ فالدائرة اليت حبث فيها يف هذا الكتاب هي الدائرة الفقهية

هبا نص ، سواء كان ذلك استخراجا ألحكام وقائع مل يرد ويرجع إليها يف الرتجيح والتنزيل

.باعتبار األحوال واألزمانأو كان فهما لنصوص األحكام و تنزيلها حتقيقا للمصاحل، شرعي

.(165) ، ابن عاشور،مقاصد الشريعة اإلسالمية 1

لقد هدف حممد الطاهر بن عاشور يف كتابه ]مقاصد الشريعة اإلسالمية[ إىل جعل علم

فنحن إذا أردنا أن ندون أصوال قطعية ": ويف ذلك قالاملقاصد هو علم أصول الفقه حقيقة،

ها يف بوتقة بوقه يف الدين؛ حق علينا أن نعمد إىل مسائل أصول الفقه املتعارفة وأن نعيد ذللتف

التدوين، ونعريها مبعيارها النظر والنقد، فننفي عنها األجزاء الغريبة اليت غلثت هبا، ونضع فيها

أشرف معادن مدارك الفقه والنظر، ثم نعيد صوغ ذلك العلم ونسميه: علم مقاصد

بالنسبة للفقهاء -علم مقاصد الشريعة عنده -أصول الفقه غاية وذلك أن ؛ا.هـ.1"عةالشري

حكما و"مرجعا بينهم عند اختالف األنظار -يف الفهم، واالستدالل، واالستنباط -أن تكون

وتبدل األعصار"، كما أهنا "دربة ألتباعهم على اإلنصاف يف ترجيح بع األقوال على بع ".

د جمال إعمال حدابن عاشور يف حبثه املقاصد ضمن دائرة الفقه وأصوله يكما أن

وإني قصدت يف هذا الكتاب خصوص ": قال ابن عاشوراملقاصد حتديدا واضحا ودقيقا،

البحث عن مقاصد اإلسالم من التشريع يف قوانني املعامالت واآلداب؛ اليت أرى أهنا اجلديرة بأن

هي مظهر ما راعاه اإلسالم من تعاريف املصاحل واملفاسد ختص باسم الشريعة، واليت

وترجيحاهتا، مما هو مظهر عظمة الشريعة اإلسالمية بني بقية الشرائع والقوانني والسياسات

حلفظ نظام العامل وإصالح اجملتمع. فمصطلحي إذا أطلقت لفظ التشريع أني أريد به االجتماعية

رادين يل. مبلق الشيء املشروع؛ فاملندوب واملكروه ليسا ما هو قانون لألمة، وال أريد به مط

كما أرى أن أحكام العبادات جديرة بأن تسمى بالديانة، وهلا أسرار أخرى تتعلق بسياسة

(172) املصدر السابق، 1

النفس، وإصالح الفرد الذي يلتئم منه اجملتمع؛ لذلك قد اصطلحنا على تسميتها بنظام اجملتمع

.2[1صول نظام اجملتمع يف اإلسالماإلسالمي، وقد خصصتها بتأليف مسيته ]أ

فابن عاشور يفرق بني أحكام العبادات ويرى أهنا متثل النظام االجتماعي يف اإلسالم، وبني

، وجيعل مدار أحكام املعامالت واليت متثل قانون اإلسالم، حيث يظهر فيها جليا علل التشريع

البحث يف مقاصد الشريعة هو أحكام املعامالت.

حممد الطاهر بن عاشور يف توظيف املقاصد عما حده الشاطيب يف كتابه مل خيرج

]املوافقات[، وأبرز مالمح التوافق بينهما ما يلي:

توظيف املقاصد يف دائرة الفقه وأصوله يف اجلملة. -1

يقسم كل من الشاطيب وابن عاشور األحكام الفقهية إىل قسمني رئيسني: األول: ما ينظم -2

القه سبحانه وتعاىل. واآلخر: ما ينظم عالقة الفرد مبن حوله من اخللق.عالقة العبد خب

واتفق كل من الشاطيب وابن عاشور على أن قسم العبادات مما ال جيري فيه توظيف -3

ا.املقاصد قياسا واستخراجا لعدم معقولية املقاصد فيه

على ااشتماهل ال ينفيان إذ ال جيريان معقولية املقاصد يف العبادات توسيعاومها

فإن قيل: وهل توجد هلذه األمور " :فهذا الشاطيب يضع سؤاال وجييب عليه فيقول ؛املقاصد

التعبديات علة يفهم منها مقصد الشارع على اخلصوص أم ال؟ فاجلواب أن يقال: أما أمور

".النظام االجتماعي يف اإلسالمأصول طبع الكتاب باسم " 1 .(175-174) ، ابن عاشور،اإلسالميةمقاصد الشريعة 2

ائشة رضي ئلت عالتعبدات فعلتها املطلوبة جمرد االنقياد من غري زيادة وال نقصان ولذلك ملا س

إنكارا .2أنت؟" 1"أحرورية اهلل عنها عن قضاء احلائ الصوم دون الصالة قالت للسائلة:

"كنا نؤمر سئل عن مثل هذا إذ مل يوضع التعبد أن تفهم علته اخلاصة، ثم قالت:عليها أن ي

اصد ، فاملق3"وهذا يرجح التعبد على التعليل باملشقة .بقضاء الصوم وال نؤمر بقضاء الصالة"

وإمنا " :الشاطيب قالغري معقولة فهياملقاصد اخلاصة املدركة يف العبادات مقاصد عامة أما

فهمنا من حكمة التعبد العامة االنقياد ألوامر اهلل تعاىل، وإفراده باخلضوع، والتعظيم جلالله،

نص فإن ورد .ا.هـ،4"والتوجه إليه. وهذا املقدر ال يعطي علة خاصة يفهم منها حكم خاص

وإمنا األصل ما عم ؛أو إمجاع بعلة خاصة "فال لوم على من اتبعه، لكن ذلك قليل؛ فليس بأصل

وال يقا عليه. ،5يف الباب وغلب يف املوضع"

أحكام -وابن عاشور أشار يف مقدمة حبثه املقاصد أن مدار البحث يف قانون الشريعة

ال يهدف إىل إدراك مقاصد العبادات ، فهو -أحكام العبادات -دون الديانة -املعامالت

ضطر إىل االستعانة مبثل من مسائل أوقد " :قال يف معرض التمثيل على املقاصد اخلاصة إال أنه

احلرورية نسبة إىل حروراء، وهي: قرية من ناحية الكوفة، على مسافة ميلني منها، اجتمع هبا اخلوارج لقتال علي بن أبي طالب رضي اهلل 1

([.2/245عنه؛ فنسبوا إليها. ]انظر: معجم البلدان للحموي )(. ومسلم يف الصحيح، 321(، حديث رقم )1/71، باب ال تقضي احلائ الصالة، )( كتاب احلي 6أخرجه: البخاري يف صحيحه، ) 2

(.335(، حديث رقم )1/265( باب وجوب قضاء الصوم على احلائ دون الصالة، )15( كتاب احلي ، )3) (.2/234) ،الشاطيب، املوافقات 3

(.2/229) السابق،املصدر 4

انظر: اإلحالة السابقة. 5

لعبادات ملا يف تلك املثل من إمياء إىل مقصد عام للشارع أو إىل إفهام أئمة الشريعة يف االديانة و

.1"مراده

، ال يعين أن ابن عاشور مل يأت جبديد يف باب املقاصد و هذا التوافق فيما بني اإلمامني

املقاصد: تبرز ما مييز ابن عاشور مما له عالقة مبجاالأو

ففي ؛دعوة اإلمام ابن عاشور إىل استقاللية املقاصد عن مباحث أصول الفقه املعهودة -1

.حني انتظمت املقاصد عند الشاطيب ضمن تراجم األصول الفقهية

"،ن علم أصول الفقه ومسائله "ال ترجع إىل خدمة حكمة الشريعةفابن عاشور يرى أ

إىل أن "نعمد إىل مسائل أصول الفقه املتعارفة وأن نعيد ذوهبا يف بوتقة التدوين اومن هنا دع

نفي عنها األجزاء الغريبة اليت غلثت هبا، ونضع فيها أشرف نونعريها مبعيار النظر والنقد ف

.2"ثم نعيد صوغ ذلك العلم ونسميه علم مقاصد الشريعةمعادن مدارك الفقه والنظر

فهو إمنا ألف ،لقد كانت رؤية الشاطيب للمقاصد أهنا آلة للفهم واالستنباط يف الشريعة

عونا على تعقلها لتكون ، ووظف املقاصديف بيان مقاصد الكتاب والسنة [املوافقات]كتابه

لكا من مسالك العلة لتصبح مبحثا مستقال اصد من كوهنا مسقفارتفعت معه امل ،وحتصيلها

من مباحث وأقسام أصول الفقه اوقسما خاص

(.176) ،ابن عاشور، اإلسالمية مقاصد الشريعة 1 (.172) املصدر السابق، 2

ما يحتكم إليه يف تقرير كوح ،مصدرا من مصادر التشريعفريى املقاصد ابن عاشور أما

.فاستحقت أن تكون علما مستقال يسمى "علم مقاصد الشريعة" ،حكام واستخراجهاألا

د مع ابن عاشور بعدا جديدا حيث أصبحت علما مستقال حيمل لقد اكتسبت املقاص

ه هذأثر ويتضح ،وتفعيال فهما واستنباطا واستخراجاحيتكم إليها منهجية يف الفكر اإلسالمي

تفعيل املقاصد والتوسع فيها يف الفكر اإلسالمي املعاصر. حبث يف الرؤية

تقسيم األحكام الشرعية إىل عبادات مع االتفاق فيما بني الشاطيب وابن عاشور يف -2

فإن ابن عاشور اختص عن الشاطيب ؛ارتباط املقاصد بقسم املعامالتاتساع و ،ومعامالت

وفصله بينهما، ،"الشريعة" وأحكام العبادات باسم "الديانة" بوصفه أحكام املعامالت باسم

يف املصاحل واملفاسد عل الشريعة متثل القانون اإلسالمي ومدارها على مراعاة "تعاروجع

.1"وترجيحاهتا

وباب الشريعة، على موقفه من مسألة تعليل أحكام بنى ابن عاشور هذا التخصيص لقد

وكان حقا على أئمة الفقه أن ال يساعدوا على وجود األحكام "ابن عاشور: قال ،التعبد فيها

يه إمنا هو أحكام قد خفيت التعبدية يف تشريع املعامالت، وأن يوقنوا بأن ما ادعي التعبد ف

فإن كثريا من أحكام املعامالت اليت تلقاها بع األئمة تلقي األحكام التعبدية ،دقت عللها أو

.(175-174) املصدر السابق،انظر : 1

وكانت األمة منها يف كبد على حني ،قد عانى املسلمون من جرائها متاعب مجة يف معامالهتم

م ﴿ يقول اهلل تعاىل امكح ا عا ا ا جا ين من واما ف ٱل ج را .1"[78حلج:] ﴾ حا

ن كل حكم إ" قال:له الشاطيب يف ]املوافقات[ حيث وهو مبوقفه هذا خيالف ما أص

وهو جهة التعبد؛ فإن حق اهلل على العباد أن يعبدوه ،شرعي ليس خبال عن حق اهلل تعاىل

اهره أنه وعبادته امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطالق، فإن جاء ما ظ ،وال يشركوا به شيئا

.2"بل جاء على تغليب حق العبد يف األحكام الدنيوية ،حق للعبد جمردا فليس كذلك بإطالق

فإذا تقرر هذا وأن الغالب يف العادات االلتفات إىل املعاني فإذا وجد فيها التعبد فالبد "

من التسليم والوقوف مع النصوص؛ كطلب الصداق يف النكاح والذبح يف احملل املخصوص يف

احليوان املأكول والفروض املقدرة يف املواريث وعدد األشهر يف العدد الطالقية والوفوية، وما

،3"أشبة ذلك من األمور اليت ال جمال للعقول يف فهم مصاحلها اجلزئية حتى يقا عليها غريها

.4"امتازت العوائد اليت ورد النص الشرعي حبكمها بالثبات وعدم التغيري" هناومن

ل هذا االعتبار التعبدي عند الشاطيب فارقا جوهريا مع دعاة تقديم املصاحل يف ويشك

التعامل مع النصوص اجلزئية واعتبارها.

وهذا املوقف العاشوري من التعليل والتعبد يتضمن مزالق خطرة، ومن أخطرها:

(244) املصدر نفسه، 1 (.2/241) ،الشاطيب املوافقات، 2

(.2/234، )السابقاملصدر 3

(.216-2/215املصدر نفسه، ) انظر: 4

وحج "تضييق معنى العبودية ليقتصر على الناحية الشعائرية التعبدية الروحية من صالة

وذكر وصوم، ويهمل نواحي املعامالت واألنكحة واجلنايات وغري ذلك مما جيب إدراجه ضمن

مبدأ العبودية اإلهلية"، وهذا التضييق "يشكل لدى أربابه ذريعة هامة لتحكيم اهلوى والتشهي

طاء مسايرة سنة التطور، وما شعائري بال ضابط ودون قيد، وحتت غيف غري جوانب التعبد ال

.1ضيه املصلحة الفردية واجلماعية، وما متليه العقول واألعراف والعادات"تقت

الدعوة إىل قصر النظر عن املصاحل األخروية يف االعتبار الفقهي، واالهتمام فقط

باملصاحل الدنيوية، وهو ما يظهر من صنيع ابن عاشور يف كتابه ]مقاصد الشريعة اإلسالمية[،

جاءت ملا فيه صالح البشر يف -وخباصة شريعة اإلسالم -كلها قال ابن عاشور: "فالشرائع

، وليس املراد باآلجل أمور اآلخرة؛ ألن -أي يف حاضر األمور وعواقبها -العاجل واآلجل

الشرائع ال حتدد للنا سريهم يف اآلخرة، ولكن اآلخرة جعلها اهلل جزاء على األحوال اليت كانوا

: "يدعونا هذا العالمة التونسي الفذ إىل أن يتميز 3ال إمساعيل احلسين.ا.هـ، ق2عليها يف الدنيا"

نظرنا املصلحي يف الشريعة بطابع النظر التخصصي الذي جيب أن ينتقل من التعميم إىل

التخصيص؛ فيقتصر نظر املفكر املقاصدي على اآلثار املصلحية الدنيوية، ونتائجها، وعواقبها

(.2/27ادمي، )االجتهاد املقاصدي حجيته ضوابطه جماالته، نور الدين اخل 1 (.180مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 2جامعة اقاضي عياض -هـ، مدر تاريخ الفكر اإلسالمي 1382إمساعيل احلسين، باحث معاصر من مواليد مينة مكنا باملغرب عام 3

عاشور([.. ]له ترمجة موجزة يف بداية كتابه )نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن -مبراكش

اجملتمعية، فليست احلياة األخروية إال موعدا ينال فيه كل واحدمن ومآالهتا املختلفة يف احلياة

.1البشر جزاءه على ما قدمه من أعماله يف حياته، وعلى ما كان عليه من أحوال يف الدنيا"

ويشكل هذا االعتبار الدنيوي صورة من صور االحتفاء العلماني مبقاصد الشريعة

؛ قال جودت سعيد حول حد الردة: "الكفر 2الشرعيةاإلسالمية، وتوظيفها يف إبطال األحكام

ليس ذنبا دنيويا، والكفر ذنب أخروي؛ فاهلل حياسب الكافر عليه، والكافر له حق أن يعيش،

وامللحد له حق أن يعيش حمرتما، وإن استطاع امللحد أن يقنع النا بإحلاده فال حرج عليه؛

.3التنابز بالكفر"لكن ال يفرض رأيه بالقوة، وجيب أن نزيل

إن مثل هذه الدعوة تفتح بابا واسعا ألتباع احلركة العلمانية يف العامل اإلسالمي يف تأصيل

دعوهتم إىل "فصل الدين عن احلياة االجتماعية"، وقصره على العبادات الشخصية، ومتسكهم

.4بالنفعية، وكل ذلك حتت شعار "التوجه املصلحي الدنيوي"

(.40-39مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 1 أنبه هنا إىل أن هذا التوظيف العلماني لرؤية ابن عاشور ال يلزم منه توجه التهمة إليه بالعلمانية. 2 وحممود العكام انظر: املدرسة حكى هذه املقولة عنه حممد بن حامد الناصر، نقال عن تسجيل صوتي لندوة ثقافية مجعته مع نعيم اليايف 3

(.225العصرانية يف نزعتها املادية، الناصر، )محل يأتي الحقا بإذن اهلل تعاىل ضمن مبحث ) املقاصد عند العلمانيني ( أن هذه الدعوة شكلت نقطة تقارب والتقاء مع التيار العلماني، مما 4

ركة العلمانية.عددا من احملسوبني على الفكر اإلسالمي على تبين احل

ث: تفعيل املقاصد والتوسع فيها يف الفكر اإلسالمي املطلب الثال

:املعاصريف بداية عصر النهضة احلديثة أشكل على العامل اإلسالمي "أوجه اجلمع بني أحكام الدين

ع إليه واملرجع لتصوير ما زفكان كتاب ]املوافقات[ للشاطيب هو املف ،ومستجدات احلياة العصرية

وتفصيل طرق املالءمة بني حقيقة الدين اخلالدة وصور ،يقتضيه الدين من استجالب املصاحل

.1"احلياة املختلفة املتعاقبة

ادات والذي وجد يف متييز العلماء بني أحكام العب ،اإلمام حممد عبده عاش هذا اهلم وممن

ا بني تعاليم يهذا التمييز مؤكدا أن هناك فرقا جوهر"فتبنى ؛وأحكام العادات )املعامالت(

أما املعامالت فلم ،دا قواعد معينة للعباداتفالقرآن واحلديث حد ،اخلاصة بكل منها الوحي

يحددا هلا يف الغالب سوى مبادئ عامة تاركين للنا مهمة تطبيق هذه املبادئ على شتى

دائرة الرأي البشري إذا مارسناه مبسؤولية ،وهذه هي دائرة االجتهاد املشروعة ،أحوال احلياة

إذ يف لشاطيبل ، وهو ما قد يفسر حثه طالبه على االعتناء باملوافقات2"ملبادئ معينة ووفقا

.هلذا األشكال ذا التمييز ضمن فكرة املقاصد حلهتوظيف

واهتم هبا تالميذ اإلمام شرحا ،التوجه إىل إحياء ]املوافقات[ للشاطيب بدأ هنامن و

ا.وتعليقا وحتقيق

.(112) ،حممد الفاضل بن عاشور، أعالم الفكر وأركان النهضة باملغرب العربي 1

(183) ،ألربت حوراني، الفكر العربي يف عصر النهضة 2

خروج كتاب ]مقاصد الشريعة املعاصر باملقاصد هتماممن مثرات ذلك اال لقد كان

، واليوم أضحى التوجه املقاصدي مسة من مسات اشورعحممد الطاهر بن اإلسالمية[ لإلمام

ما يلي: املعاصر هذا التوجهجماالت املقاصد لدى وأبرز مالمح العصر،

بذلك ي متجاوزةاتسعت دائرة املقاصد يف التوجه الفكري املعاصر يف العامل اإلسالم -1

فهي " ،لتصبح منهجا للتفكري والفهم واالستدالل يف مجيع جوانب احلياة ،دائرة الفقه وأصوله

وهتدف إىل "متكني الطالب من ،املقاصد" مرحلةزا بذلك تجاوعنى بفلسفة املقاصد مت دراسة

.1"استخالص املقاصد وتوظيفها يف احلياة

قاصدية إذا تزايدت ومنت كما وكيفا ومت اعتمادها ويرى الريسوني "أن الدراسات امل

واستثمارها يف اجملاالت والقضايا ذات الطبيعة الفكرية والتنظريية ستشكل فتحا مبينا للفكر

مع ،وحتقيق االنسجام بينها ،وتسديد مساراته ،وتقوية مرجعيته ،لتعميق إسالميته ؛اإلسالمي

.2"ةالرفع من قدرته التنافسية واإلبداعي

ال تقتصر فائدة املقاصد على جانب االجتهاد " :ويؤكد ذلك مجال الدين عطية فيقول

بل متتد كذلك إىل جوانب أخرى عملية لعل من أمهها اجلانب الفكري سواء يف حميط ،الفقهي

.3"األفراد أو اجلماعة

.(5) ،بابكر، انظر : دراسات تطبيقية حول فلسفة املقاصد 1 .(10) ، مقدمة أمحد الريسوني،لكيالني، اقواعد املقاصد عند الشاطيب 2 .(227) ،مجال الدين عطية، حنو تفعيل املقاصد 3

ن مؤلفات أو املعهد العاملي للفكر اإلسالمي توسيع دائرة املقاصد فيما يطرحه متبنى قد ل

فأسهم "يف تنمية وتشجيع الدراسات يف املقاصد"، والسعي يف يطبعه من رسائل علمية حمكمه

بلغ من اهتمام املعهد يف هذا اجملال أن أكد على و ،1""بناء العقل املقاصدي الغائي التعليلي

اهم العتباره ركنا أساسيا يف العملية املعرفية ، بل لقد وجه الباحثني ودع املقاصد اعتبار

جاء يف مقرتحات املعهد حول بناء ف، سلمتهاأجزء من مدخل كل علم من العلوم عند حماولة

.2"مداخل العلوم أن "يكر الباب األول لبيان املقاصد الشرعية يف اإلطار املعريف واملنهجي

ويرى عمر عبيد حسنه "أن اقتصار االجتهاد املقاصدي على اجملال الفقهي التشريعي

حيمل -على أمهيتها وامتدادها يف عمق اجملتمعات البشرية -فقط واحتجابه يف هذه الزاوية

الكثري من اخللل واملضاعفات ويورث الكثري من التخلف والعجز واحلياة العبثية يف اجملاالت

املتعددة والضالل عن حتديد األهداف ومن ثم انعدام املسؤولية وغياب ذهنية املراجعة والنقد

.3"والتقويم

ويف ظل هذا االتساع للدائرة املتناولة للمقاصد مشل التوسع يف املقاصد األحكام -2

.االعتقادية والعبادية

(.8) ،عبداجلبار الرفاعيطه العلواني، مقدمة مقاصد الشريعة، 1

.(2) ،طه جابر العلواني، مقدمة إمساعيل احلسين ،ظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشورن 2 .(1/18)، نور الدين اخلادمي جماالته، حجيته ضوابطهاالجتهاد املقاصدي ،عمر عبيد حسنهمقدمة 3

عند اجلانب "ملنهج املقاصدي بعدم الوقوف با الريسونيفي أحكام العقائد ينادي ف

جيب أن بل ميكن أو ،والتزام عملي ،وما يرتتب عليه من تدين وسلوك ،التشريعي والفقهي

أن العقائد اإلسالمية قد أصاهبا هي أيضا "؛ إذ "نتناول من خالله العقيدة وقضاياها أيضا

ولعله -ومن أسباب ذلك ،اخلمول والوهن وفقدت الكثري من حرارهتا وتوهجها وتأثريها

.1"تغييب البعد املقاصدي يف تناول قضايا اإلميان والعقيدة -السبب األول

يشمل أن جتديد الدين الرتابيحسن امل الفقهي مع قضايا االعتقاد يرى ويف توسيع للتع

،ثور معضالت وحوادثتيف ظل اختالف األطر الثقافية واالجتماعية إذ االعتقاد؛قضايا

"فيستدعي ذلك اللجوء إىل األصول الشرعية الستنباط مدد فقهي جديد ملعاني العقيدة

اجلة مشكالت احلياة احلادثة بضوء من سوابق الشريعة كما جياوب حتديات العمل مبع ،الثابتة

.2"اخلالدة

ويف " :نصر حامد أبو زيد ويف ظل عدم الضبط والتقعيد قد تلتقي هذه الدعوة مع قول

النهاية فإن العقائد القرآنية اليت خاطبت املعاصرين ملرحلة التأسيس يف حاجة دائمة للصياغة

يال يف سياق ثقايف بعينه يعجز عن خماطبة جيل آخر يف ألن ما خياطب ج ؛الفكرية اإلنسانية

فأين اإلهلي واإلنساني يف اإلسالم احلي التارخيي الذي نتواصل معه عرب بنية ،سياق آخر

.3"الرتاث

.(127) فوائده وقواعده، الريسوني الفكر املقاصدي 1

(.68-67قضايا التجديد حنو منهج أصويل، حسن الرتابي، ) 2 (.77يد، )نصر حامد أبو زالتجديد والتحريم والتأويل، 3

النجار إىل أن االقتصار على ظاهر الوحي جاء مثرة عبداجمليد فيشري اتالعباد بابأما

وتقدير ما هو مطلوب منه من دور تعمريي مادي كجزء ،ونقصور يف تقدير قيمة اإلنسان يف الك

وينتقد وقوف ،واليت تفضي إىل الرضوان اإلهلي كغاية للوجود ،من مهمة اخلالفة يف األرض

واحلال أن صور التعبد عرب املمارسة " :يقولفد بالظاهرية عند املنصوص عليه من أساليب التع

.1"وسع من أن حتصرها ظواهر الوحي املنصوصةاملادية والروحية املؤدية إىل الرضوان أ

ولقد كانت دائرة املقاصد تضيق و ،نشأت فكرة املقاصد ضمن دائرة الفقه وأصوله

واإلشكال الذي تعاجله املقاصد ضمن تلك ،تتسع حسب الرؤية الفكرية للفقه اإلسالمي

.الدائرة

يةعحكام الشراألنصوص لتوسيعفلما كان إشكال الفقه اإلسالمي حتصيل أداة

منه هو ما اصطلح ايسري اوميثل جزء،كان توظيف املقاصد ضمن قسم االستنباط وتوظيفها؛

فكانت ،األصوليون على تسميته بـ ) الوصف املناسب ( مسلكا من مسالك العلة يف القيا

املقاصد أداة من أدوات القيا .

ستخراج األحكام واستنباطها وملا عاجل الفقه اإلسالمي إشكال فهم النص الشرعي وا

،من أقسام هذا العلم مستقال ااتسعت دائرة املقاصد يف علم أصول الفقه لتمثل قسم ؛وتنزيلها

.للفهم واالستنباط واستخراج األحكام اوتكون منهج

.(34) ،النجار، خالفة اإلنسان بني الوحي والعقل 1

اتسعت الدائرة ؛وعندما عاجل الفكر الفقهي اإلسالمي إشكال تشريع األحكام

، أو الفقه وأصوله مشكلة علما مستقال ميثل أصول األصول وخرجت من دائرة ،املقاصدية

أال وهو علم مقاصد الشريعة. فلسفة التشريع،

وحبث يف حتصيل ،وعندما عاجل الفكر اإلسالمي املعاصر إشكال املعرفة وحمدداهتا

ت وشكلت الدائرة املقاصدية احملددا ،هوجد يف املقاصد ضالتاألصول العقلية الكلية القطعية؛

شتى ومن ضمنها العلم الذي اوهبذا مشلت فكرة املقاصد علوم ،املعرفية يف الفكر اإلسالمي

وكان نصيب الشريعة من ذلك اعتبار املقاصد وتفعيلها ،الله ) علم أصول الفقه (ظنشأت يف

صوص الوحي القرآني والنبوي، واهتموا هبا على ن"على مستوى فهم التكليف الشرعي، و

يرها يف الواقع واحلياة، واهتموا هبا على ذم وترجيحها وتفعيلها وجتااط األحكمستوى استنب

.1مستوى التأليف والتدريس والتبليغ والتقعيد"

هـ.1428، حمرم، 33العدد ،(56) جملة العدل، ،اخلادمي قرائية،املقاصد االست 1

ويشتمل على املبحثني التاليني:

املبحث األول: طرق إدراك املقاصد.

املبحث الثاني: ضوابط وقواعد يف املقاصد ومصادرها.

الفصل الثاني

طرق إدراك املقاصد وقواعدها

بحث األولامل

طرق إدراك املقاصدمناهج ال خيرج عن النظر يف يف الفكر اإلسالمي إدراك مقاصد الشريعة طرق البحث يف

ومل يغفل الشاطيب هذه القضية، وتربز أمهيتها يف ،املعرفة فيه، وموقفها من النصوص الشرعية

جانبني:

اجلانب األول: أهنا "مفتاح الكشف واإلثبات ملقاصد الشريعة".

واآلخر: أن ضبط طرق إدراك املقاصد يغلق الباب أمام التوظيف العلماني واالهنزامي

للمقاصد.

املطلب األول: مناهج املعرفة يف الفكر اإلسالمي وطرق إدراكها مقاصد

الشريعة:ألحكام الشرعية إىل أقسام ثالثة، هي ميكن تقسيم املناهج املعرفية يف تلقيها للنصوص وا

بياهنا:إلمجال: املنهج التعليمي، واملنهج العقلي، ومنهج أهل السنة واجلماعة، على ا

أوال: املنهج التعليمي: ومبدأ هذا املنهج يف معرفة الشريعة وإدراك األحكام أن ذلك

من حيث موقفهم يف تلقي النصوص واألحكام وأتباعه، 1"غائب عنا حتى يأتينا ما يعرفنا به"

على فريقني:

: ومنهجهم يف معرفة الشريعة وتلقي األحكام األخذ بظاهر الوحي 2األول: الظاهرية الفريق

.3مطلقا، وحصر "مظان العلم مبقاصد الشارع يف الظواهر والنصوص"

ومن هنا قالوا مبنع القيا ؛ إذ جمراه على تتبع معاني األحكام وعللها؛ وهي قدر زائد

قال ابن حزم: "فقد كان الدين واإلسالم ال حتريم على ظواهر األلفاظ ومقتضى وضعها اللغوي،

فيه وال إجياب، ثم أنزل اهلل تعاىل الشرائع، فما أمر به فهو واجب، وما هنى عنه فهو حرام، وما

مل يأمر به وال هنى عنه فهو مباح مطلق حالل كما كان، هذا أمر معروف ضرورة بفطرة العقول

(.2/297) ،الشاطيب املوافقات، 1

، وتذهب إىل األخذ بظواهر النصوص يف استنباط األحكام، ومنع القيا يف هـ(270تنسب هذه املدرسة إىل أبي داوود الظاهري )ت 2

ألندلس، ونصرها وسعى يف نشرها. ]انظر: تاريخ املذاهب اإلسالمية يف السياسة الشريعة، وقد أحيا هذه املدرسة اإلمام ابن حزم يف ا

(.513-507والعقائد وتاريخ املذاهب الفقهية، حممد أبو زهرة، )

(.2/297)، انظر: املوافقات، الشاطيب 3

أو إىل الرأي؟! أليس من أقر مبا ذكرنا ثم أوجب ما من كل أحد، ففي ماذا يحتاج إىل القيا

ال نص بإجيابه، أو حرم ما ال نص بالنهي عنه قد شرع يف الدين ما مل يأذن به اهلل تعاىل، وقال ما

.1ال حيل القول به؟! "

وقال يف أخذ النصوص على الظاهر: "وال حيل ألحد أن حييل آية عن ظاهرها، وال خربا

ب ﴿اهلل تعاىل يقول عن ظاهره؛ ألن را ا ان سا بي ب [، وقال تعاىل ذاما 195]الشعراء: ﴾ م

عهۦ ﴿لقوم وااض ن م ا ما فحونا ٱلكا ار [، ومن أحال نصا عن ظاهره يف اللغة 13]املائدة: ﴾ يح

عاىل بغري برهان من آخر أو إمجاع فقد ادعى أن النص ال بيان فيه، وقد حرف كالم اهلل ت

جبملة من األدلة منها: ذلكويقرر ابن حزم .ا.هـ، 2عن موضعه" ملسو هيلع هللا ىلصووحيه إىل نبيه

ن ٱتبع ﴿ قوله -1 ا رض اأ وا وا ها إل هح إلا لا كا ب كا من ر ا إلا وح

ح أ ا ما

شكيا هر [، قال ابن حزم: "فأمره باتباع الوحي وهو املسموع الظا107]األنعام: ﴾ ٱلمح

.3فقط"

ام ياك ﴿ قوله -2 وا لاكا أ ل امهم إن ف ذا ا تلا با يح امكا ٱلكتا ا نلاا نزا

اا أ ن

افهم أ

اراحاة ى ل وم واذكرا [، قال ابن حزم: "أخرب تعاىل أن الواجب 51]العنكبوت: ﴾ ؤمنحونا يح لقا

(.8/2) ،ابن حزم اإلحكام يف أصول األحكام، 1 (.36) ،ابن حزم ،ة الكافية يف أحكام أصول الدينالنبذ 2 (.3/42) ،ابن حزم اإلحكام يف أصول األحكام، 3

ح لتعديه إىل طلب تأويل غري ظاهره املتلو علينا أن نكتفي مبا يتلى علينا، وهذا منع صحي

.1علينا فقط"

قحولح ﴿ قوله -3ا أ لا مبا وا امح ٱلغا ا

أ لا وا نح ٱلل ائ زا ي خا ند م قحولح لاكحا أ قح ل

وا عماااستاوي ٱل قح ها ي إلا ا يحوحا تبعح إل ما

ا إن أ اك م إن ما فالا لاكح

ا أ يح ٱلاص

ونا رح ك ألنه عليه السالم ؛ولو مل يكن إال هذه اآلية لكفت"[، قال ابن حزم: 50]األنعام: ﴾ تاتافا

ومدعي التأويل وتارك الظاهر تارك ،وأنه إمنا يتبع ما يوحى إليه فقط ،قد تربأ من الغيب

فهو غيب ما مل يقم وكل شيء غاب عن املشاهد الذي هو الظاهر ،مدع لعلم الغيب ،للوحي

أو إمجاع راجع إىل ،ملسو هيلع هللا ىلصأو من رسوله ،أو نص من اهلل تعاىل ،ضرورة عقل :عليه دليل من

.2"النص املذكور

م ﴿ قوله -4 كا بتاغ حاا أ يا ٱلل غا فا

ا أ ل ص فا با مح مح ٱلكتا كح لا إلا نزا

اي أ وا ٱل ا واهح

با مح ٱلكتا هح ااتامنا ينا ل واٱل زنا ۥ مح نهحاونا أ عامح كا يا ب ن ر ونان منا م فالا تاكح ٱلاق ب

ينا متا غري النصوص الواردة من اهلل امكفمن ابتغى ح[، قال ابن حزم: "114]األنعام: ﴾ ٱلمح

وبني تعاىل أن احلكم هو ما ،فقد ابتغى غري اهلل حكما ملسو هيلع هللا ىلصوعلى لسان نبيه ،تعاىل يف القرآن

.3"وهذا هو الظاهر الذي ال حيل تعديه أنزل يف الكتاب مفصال

(.43-3/42، )املصدر السابق 1 (3/43) املصدر نفسه، 2 (3/43، )املصدر السابق 3

﴿ قوله -5 نحوا ا كا ما م ب حهح رجحاأ يهم وا يد

اأ م وا ناتحهح لس

اامهم أ ا دح اشها حونا ياوما ت عما ﴾ يا

وأن احلق إمنا يصح بكلماته يحتمفنص تعاىل على أن الباطل إمنا ي[، قال ابن حزم: "24]النور:

فصح ،وأن ما عدا ذلك باطل ،أن الكلمات معربات عما وضعت له يف اللغة فثبت يقينا ،تعاىل

.1"اتباع ظاهر اللفظ بضرورة الربهان

﴿ قوله -6 ا ح واما محض ٱلل م فا اهح ا ل حباي ان قاومهۦ ل سا ول إل ب ناا من رسح رسااأ

اشا ن ي ي ما ياهد ح وا ا اشا ن ي زيزح ٱلاكممح ما وا ٱلعا واهح ح ففي "[، قال ابن حزم: 4]إبراهيم: ﴾ ا

ى بألفاظها عن اليت خاطبنا هبا ال حيل أن نتعد ملسو هيلع هللا ىلصهذه اآلية كفاية ملن عقل أن لغة النيب

.2"موضوعاهتا إىل ما سواه أصال

قيا ؛ وموقف الظاهرية هذا يف األخذ بظاهر النصوص، وترك اعتبار املعاني وإجراء ال

وقال أبو سليمان ومجيع "مبين على موقفهم من معاني األحكام الشرعية وتعليلها، قال ابن حزم:

،بوجه من الوجوه من األحكام وغريها لعلة أصال أصحابه رضي اهلل عنهم ال يفعل اهلل شيئا

وألن كان ،أو من أجل كذا ،على أن أمر كذا لسبب كذا ملسو هيلع هللا ىلصفإذا نص اهلل تعاىل أو رسوله

لتلك األشياء يف تلك املواضع اليت جاء فإن ذلك كله ندري أنه جعله اهلل أسبابا؛ أو لكذا ،كذا

.3"لبتةأمن تلك األحكام يف غري تلك املواضع وال توجب تلك األسباب شيئا ،النص هبا فيها

ألنه ؛لبتةأفاعلم اآلن أن العلل كلها منفية عن أفعال اهلل تعاىل وعن مجيع أحكامه وقال أيضا: "

(.3/43، )املصدر نفسه 1

(.3/44) املصدر نفسه، 2

(.8/77) ،ابن حزم ،املصدؤ السابق 3

واعلم أن األسباب كلها منفية عن أفعال اهلل تعاىل كلها وعن ،ال تكون العلة إال يف مضطر

وأما الغرض يف أفعاله تعاىل وشرائعه فليس ،ملسو هيلع هللا ىلصحاشا ما نص تعاىل عليه أو رسوله ،أحكامه

بعضها أن ويف ،يعترب هبا املعتربون أن والغرض يف بعضها أيضا، غري ما ظهر منها فقط هو شيئا

وكل ما ذكرنا من ،وأن يدخل النار من شاء إدخاله فيها ،يدخل اجلنة من شاء إدخاله فيها

ما وتسبيبه ،ومن إدخاله النار من شاء ،ومن إدخاله اجلنة من شاء ،غرضه تعاىل يف االعتبار

وال ،ال سبب هلا أصال ،وأحكام من أحكامه ،فكل ذلك أفعال من أفعاله ؛شاء ملا شاء

حس ﴿ ،لبتة غري ظهورها وتكوينها فقطأغرض له فيها حس ا لا ي م ي فعا ح واهح ا يا م ﴾ حونا ا ح عا

ما ،وأراد إدخال اجلنة من شاء ،ولوال أنه تعاىل نص على أنه أراد منا االعتبار [،23]األنبياء:

فهذه حقيقة اإلميان ،نعلم ومل نقل ما مل ،وقلنا ما علمنا ،ولكنا صدقنا ما قال ربنا تعاىل ،قلنا به

.1"الذي تعضده الرباهني احلسية والعقلية

: ويذهبون إىل "أن مقصد الشارع ليس يف هذه الظواهر وال ما 2الفريق الثاني: الباطنية

خيفى على العامة. 3يفهم منها"، وإمنا املقصود أمر آخر وراءه"

وهم يف طرق إدراك ذلك الباطن على مدرستني:

.(104-8/103) املصدر نفسه، 1 أيام املأمون على يد محدان قرمط وعبداهلل بن ميمون القداح، مسوا بالباطنية لقوهلم بأن لكل ظاهر باطن. ]انظر: ظهرت دعوة الباطنية يف 2

(207-1/201(. وامللل والنحل، الشهرستاني، )312-22،281الفرق بني الفرق، البغدادي، ) (.2/197) ،الشاطيب املوافقات، 3

، ومنهجهم يف التلقي "حصر مدارك العلوم يف قول 1وىل: اإلمامية التعليميةاملدرسة األ

اإلمام املعصوم، وعزل العقول عن أن تكون مدركة للحق ملا يعرتيها من الشبهات ويتطرق إىل

.2النظار من االختالفات"

وقد بنوا مذهبهم على مقدمتني:

: "إنه البد لكل حمسو 3ن بن حيونقال النعمااألوىل: نظرية املثل واملمثوالت: املقدمة

من ظاهر وباطن، فظاهره ما تقع احلوا عليه، وباطنه ما حيويه وحييط العلم به بأنه فيه،

﴿وظاهره مشتمل عليه، وهو زوجه وقرينه؛ قال اهلل عز وجل من قائل ا وامن كح

ونا رح ك م تاذا كح ي لاعا وجا اقناا زا ن كلما جاء يف احلديث والتنزيل [، وأ49]الذاريات: ﴾ خا

.4شيء، وكل شيء وإن كان واحدا فالبد له من زوج؛ إبانة لوحدة الباري البائن من خلقه"

فهم يرون أن للنصوص واألحكام باطنا وظاهرا، "فالظاهر هو املفهوم العام للتوصيات

، 5األنظار واملخصص لأللباب"املتعلقة بقواعد عامل الدين، والباطن هو روح الدين املستور عن

، 1ويروون يف ذلك حديث "ما نزلت على من القرآن آية إال وهلا ظهر وبطن"

وذريته من بعده، ومجيع فرق الشيعة ترى بأن تلقي العلم إمنا يكون هلم بإمامة علي بن أبي طالب لقب اإلمامية يطلق على فرق الشيعة لقو 1

ابن اجلوزي، عن اإلمام املعصوم، إال أن هذا الرأي اشتهر عن القرامطة اإلمساعيلية الباطنية التعليمية. ]انظر: املنتظم يف تاريخ امللوك واألمم،

([.20/235ذهيب، )(. وتاريخ اإلسالم، ال12/293) (.37) ،الغزايل فضائح الباطنية، 2

هـ(. انظر 363القاضي النعمان بن حممد بن منصور التميمي، تفقه على املذهب املالكي، ثم اتبع املذهب الباطين، تويف مبصر سنة ) 3

([.16/150هيب، )(. وسري أعالم النبالء، الذ5/415ترمجته: وفات األعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلكان، )

(.28النعمان بن حيون ) أسا التأويل، 4 (.16) املصدر نفسه، 5

(، وقد ورد ذكر الظاهر والباطن من طريقني:30احلديث يهذا اللفظ مل أقف عليه إال عند النعمان بن حيون، أسا التأويل، ) 1

رف لكل آية منها ظهر وبطن"، أخرجه البزار يف مسنده، مسند قال: "أنزل القرآن على سبعة أح ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول اهلل األول: عن ابن مسعود

(. وابن 3077( حديث رقم )8/87(. والطحاوي يف شرح مشكل اآلثار، )2081(، حديث رقم )442-5/441عبداهلل بن مسعود، )

(، 1/276ه فردوه إىل عامله"، ): "وما جهلتم منملسو هيلع هللا ىلصحبان يف صحيحه برتتيب ابن بلبان، كتاب العلم، ذكر العلة اليت من أجلها قال الرسول

(؛ كلهم من طريق: أبي إسحاق عن أبي األحوص عن ابن مسعود رضي اهلل عنه، واختلف يف أبي إسحاق هذا هل هو 75حديث رقم )

ابن عجالن اهلمداني أم اهلجري، قال البزار: وهذا احلديث ال نعلمه يروى إال من حديث اهلجري، عن أبي األحوص، عن عبداهلل، وال نعلم أن

روى عن اهلجري غري هذا احلديث، وال نعلم أن هذا احلديث يروى من حديث ابن عجالن، عن أبي إسحاق إال من هذا الوجه. ]مسند

([، وأما ابن حبان فذكر أنه اهلمداني، ولعل ابن حبان وهم إذ ورد ذكر أبي إسحاق دون لقبه فظنه اهلمداني ألن اهلجري ال 5/442البزار، )

ف من شيوخ حممد بن عجالن، وأبو إسحاق اهلجري هو: ابراهيم بن مسلم العبدي الكويف، روى له ابن ماجه، ضعفه: ابن معني، وأبو يعر

(. وانظر أيضا تعليق 87-1/86زرعة، وأبو حامت والرتمذي، وأنكر حديثه: البخاري، والنسائي. ] انظر: ابن حجر، هتذيب التهذيب، )

([. ==1/276)حمقق صحيح ابن حبان

(، وقد أدرجه مع حديث "لو كنت متخذا 5149(، حديث رقم )82-9/80وبنحوه عند أبي يعلى يف مسنده، مسند عبداهلل بن مسعود، )

من أهل األرض خليال"، بإسناد واحد؛ عن مغرية، عن واصل بن حيان، عن عبداهلل بن أبي اهلذيل، عن أبي األحوص، وهو عند الطربي يف

([، 1/22دون ذكر ابن أبي هذيل فقال: "عن واصل بن حيان، عمن ذكره، عن أبي األحوص". ]جامع البيان عن تأويل آي القرآن، )تفسريه ب

فإن صح أن شيخ واصل هو ابن أبي هذيل فهو صحيح.

حرف إال وله حد ولكل حد والثاني: عن هشام بن حسان عن احلسن موقوفا: "والذي نفسي بيده ما منه آية إال وهلا ظهر وبطن وما فيه

(، قال عبدالرزاق: 5965(، حديث رقم )3/358مطلع"، أخرجه عبدالرزاق يف مصنفه، كتاب فضائل القرآن، باب تعاهد القرآن ونسيانه، )

(. 93(، برقم )455، )"فحدثت به معمرا. قال: احمه ال حتدث به أحدا". ومرفوعا عند ابن املبارك يف الزهد والرقائق، باب يف لزوم السنة

ا. وهو مرسل، "قال نعيم بن محاد: مسعت ابن عيينة يقول: لقد أتى هشام أمرا عظيما بروايته عن احلسن. قيل لنعيم: مل؟ قال: إنه كان صغري

ى حوشب". ]انظر: "وقال ابن علية: ما كنا نعد هشام بن حسان يف احلسن شيئا". "وقال ابن املديين: وحديثه عن احلسن عامتها يدور عل

([.269-4/268هتذيب التهذيب، ابن حجر، )

(، قال احملققان: "هو مرسل وإسناده 122(، حديث رقم )1/262وعند البغوي يف شرح السنة، كتاب العلم، باب اخلصومة يف القرآن، )

ضعيف".

الذي حيتمله أن يكون الظهر منها هو ما يظهر من قال الطحاوي يف بيان معناه: فتأملنا هذا احلديث فكان أحسن ما جاء فيه من التأويل

([.89-8/88معناها، والبطن منها هو ما يبطن من معناها. ]شرح مشكل اآلثار، )

"فاإلمامة بالنسبة للشيعة عامة وللباطنية خاصة تعترب املقدمة الثانية: نظرية اإلمامة:

لظاهر( أو أسا الدين، واحملور الذي تدور عليه كل العقائد، سواء العبادة العملية منها )ا

يف إمتام الرسالة، ملسو هيلع هللا ىلص، ويذهبون إىل أن حاجة األمة إىل اإلمام ليقوم مقام النيب 1العلمية )الباطن("

وحتقيق البالغ، وحفظ الشريعة، وإقامة أمر الدين، والفصل بني النا يف أمور دينهم ودنياهم.

ىل أن "لكل فريضة ومن هاتني املقدمتني خرج اإلمساعيلية بنظريتهم يف التأويل، فذهبوا إ

.2من فرائ الدين تأويل باطين ال يعلمه إال األئمة وكبار حججهم وأبواهبم ودعاهتم"

وموقف اإلمساعيلية ومنهجهم يف التأويل الباطين قائم على عقيدهتم يف الوحي، فهم

ثول العقل "يئولون الشرائع واألحكام والقرآن تأويال باطنيا مأخوذا عن مصدر ثقة يعترب بنظرهم مم

، وجعلوا له ظاهرا وباطنا؛ فالظاهر التنزيل وأحكام الشريعة، وتبليغه مهمة النيب، وهو 3الكلي"

العلم "املصرح بتعلمه وتبنيه واعتناقه لطبقات العامة"، والباطن التأويل، وهو "حقيقة مسترتة

ا إال جلنود الدعوة وراء لفظة ال تدل عليها"، وتبليغه مهمة اإلمام، و"ال ميكن اإلفصاح عنه

.4املخلصني الذين تدرجوا يف مراتبها وترفعوا يف مناصبها، وهم طبقات اخلاصة"

ووجه حصرهم التأويل يف اإلمام أن نصوص الشريعة جاءت بألفاظ عربية حمتملة ألوجه

متعددة، ومتييز احلق من تلك الوجوه والباطل ال ميكن أن يرتك لألفهام؛ إذ يدعي كل فريق أن

.(5مقدمة احملقق: مصطفى غالب،) ،أمحد محيدالدين الكرماني املصابيح يف إثبات اإلمامة، 1 (.214) ،مصطفى غالب مفاتيح املعرفة، 2 (.16مقدمة احملقق: عارف تامر، ) ،نعمان بن حيونال أسا التأوبل، 3 (.9-7) انظر: املصدر نفسه 4

حلق يف التأويل الذي ذهب إليه، واحلكمة "تقتضي أن يكون موجودا بني األمة من يعلمهم الفرض ا

، وذلك عندهم ال يكون إال لإلمام 1املقصود واملعنى الذي فيه الرشاد، ومينعهم من اعتقاد غريه"

املعصوم.

فت إىل قول ومآل هذا الرأي إىل الكفر والعياذ باهلل، واألوىل أن ال يلتقال الشاطيب: "

.2هؤالء، فلننزل عنه إىل قسم آخر يقرب من موازنة األول"

: ويعتمد منهجهم يف تلقي النصوص واألحكام على "استبطان 3املدرسة الثانية: الكشفية

دون التوقف عند حدود ظواهرها املألوفة ومعانيها -مفردة أو مركبة -خفايا األلفاظ

.4القاموسية"

.وإهلام ملن اصطفاهم اهلل يكون إال بكشف من اهلل وإدراك تلك اخلفايا ال

ومل حيصروا االصطفاء يف األئمة كما فعلت املدرسة اإلمامية، فبمجاهدة النفس

وتزكيتها، واالنقطاع عن العوالق الدنيوية، واإلقبال باهلمة على اهلل تعاىل والتجرد له؛ "يرتفع

(.66-65أمحد محيدالدين الكرماني، ) املصابيح يف إثبات اإلمامة، 1

(.2/197) ،الشاطيب املوافقات، 2

جاب من املعاني الغيبية، واألمور احلقيقية؛ الكشف مصطلح ألهل التصوف يطلقونه على تلقي العلم باإلهلام، وهو: االطالع على ما وراء احل 3

([، وهي معرفة لدنية ال استداللية تفي على قلب العارف باهلل تعاىل دون إعمال لفكر أو 155وجودا وشهودا. ]التعريفات، اجلرجاني، )

استدالل بنظر.

.(1/22مقدمة احملقق: إبراهيم البسيوني، ) ،القشريي لطائف اإلشارات، 4

قلوب من وراء سرت الغيب شيء من غرائب احلجاب بلطف خفي من اهلل تعاىل فيلمع يف ال

.1العلم"

اعلم أن العلوم اليت ووجه اعتبار اإلهلام أنه قرين الوحي وينبع من منبعه؛ قال الغزايل: "

فتارة هتجم ؛يف بع األحوال ختتلف احلال يف حصوهلا ،ليست ضرورية وإمنا حتصل يف القلب

فالذي ،رة تكتسب بطريق االستدالل والتعلموتا ،فيه من حيث ال يدري ألقيعلى القلب كأنه

والذي حيصل باالستدالل يسمى اعتبارا ،حيصل ال بطريق االكتساب وحيلة الدليل يسمى إهلاما

ما ال يدري :ثم الواقع يف القلب بغري حيلة وتعلم واجتهاد من العبد ينقسم إىل ،واستبصارا

لع معه على السبب الذي منه استفاد ذلك وإىل ما يط ،العبد أنه كيف حصل له ومن أين حصل

والثاني يسمى ، واألول يسمى إهلاما ونفثا يف الروع، يف القلب يوهو مشاهدة امللك امللق ؛العلم

والذي قبله وهو املكتسب ،واألول خيتص به األولياء واألصفياء، وحيا وختتص به األنبياء

.2ء"بطريق االستدالل خيتص به العلما

رى أن العلوم الشرعية تكتسب بأحد طريقني: فالغزايل ي

، وقسم الطريق األول: اإلهلام وهو على قسمني: قسم خاص باألنبياء؛ وهو الوحي

اصطفي له األولياء؛ وهو النفث يف الروع.

والطريق الثاني: النظر واالستدالل؛ وهو مسلك العلماء.

.(895) ،الغزايل علوم الدين،إحياء 1 (.894) املصدر السابق، 2

اإلهلام االكتساب يف نفس العلم وال يف فلم يفارق ويفرق الغزايل بني الطرق الثالثة فيقول: "

ومل .فإن ذلك ليس باختيار العبد ؛ولكن يفارقه من جهة زوال احلجاب ،حمله وال يف سببه

.1"يفارق الوحي اإلهلام يف شيء من ذلك بل يف مشاهدة امللك املفيد للعلم

فإذا عرفت : "وهبذا التفريق يظهر فضل اإلهلام على النظر واالستدالل، ولذا قال الغزايل

فلذلك مل حيرصوا على ،إىل العلوم اإلهلامية دون التعليمية 2هذا فاعلم أن ميل أهل التصوف

:بل قالوا ؛دراسة العلم وحتصيل ما صنفه املصنفون والبحث عن األقاويل واألدلة املذكورة

نه اهلمة على واإلقبال بك ،وقطع العالئق كلها ،وحمو الصفات املذمومة ،الطريق تقديم اجملاهدة

،ومهما حصل ذلك كان اهلل هو املتويل لقلب عبده واملتكفل له بتنويره بأنوار العلم ،اهلل تعاىل

،وانشرح الصدر ،وأشرق النور يف القلب ،وإذا توىل اهلل أمر القلب فاضت عليه الرمحة

فيه وتألألت ،وانقشع عن وجه القلب حجاب الغرة بلطف الرمحة ،وانكشف له سر امللكوت

مع ،وإحضار اهلمة ،فليس على العبد إال االستعداد بالتصفية اجملردة .حقائق األمور اإلهلية

. والرتصد بدوام االنتظار ملا يفتحه اهلل تعاىل من الرمحة ،والتعطش التام ،اإلرادة الصادقة

ال بالتعلم والدراسة ؛وفاض على صدورهم النور ،فاألنبياء واألولياء انكشف هلم األمر

(.895، )املصدر السابق 1 التصوف يف بدايته: نزعات فردية تدعو إىل الزهد وشدة العبادة، بدأت يف القرن الثالث اهلجري كرد فعل مضاد لالنغما يف الرتف والتنعم 2

وزوايا، وأفكارا وعقائد، جتتمع يف: الدعوة إىل السمو بالنفس بغية حتصيل املعرفة بالدنيا، ثم دخل إليها الغلو والتحريف حتى أصبحت طرقا

بالكشف واملشاهدة، والرقي هبا إىل مرتبة احملبة ورفع التكاليف، وختتلف يف درجات حتصيل تلك الغايات وطرقها. ]انظر: التعرف ملذهب

الوفا الغنيمي التفتازاني(.أهل التصوف، الكالباذي. ومدخل إىل التصوف اإلسالمي، أبو

بل بالزهد يف الدنيا والتربي من عالئقها وتفريغ القلب من شواغلها واإلقبال ،والكتابة للكتب

.1ه"فمن كان هلل كان اهلل ل ،بكنه اهلمة على اهلل تعاىل

ثانيا: املنهج العقلي: ومبدأ هذا املنهج يف معرفة الشريعة وإدراك األحكام أن مقصود

رية "حبيث ال تعترب الظواهر والنصوص إال هبا على اإلطالق، الشارع االلتفات إىل املعاني النظ

.2فإن خالف النص املعنى النظري اطرح وقدم املعنى النظري"

.4واألشعرية 3: املعتزلةاوميثله يف الفكر اإلسالمي مدرست

وهذا الرأي مبين على مقدمتني:

(.895)، إحياء علوم الدين، الغزايل 1 (.298-2/297) ،الشاطيب املوافقات، 2

أتباع واصل بن عطاء الغزال، أطلق عليه لقب االعتزال العتزاله جملس شيخه احلسن البصري بسبب قوله يف حكم مرتكب الكبرية يف الدنيا 3

استقر مذهب املعتزلة على مخسة أصول هي: أوال: التوحيد: ومرادهم به نفي الصفات عن اهلل تعاىل، وإثبات وأنه يف منزلة بني املنزلتني، وقد

حانه أمساء ال معاني هلا تعاىل اهلل عن ذلك. وثانيا: العدل: ومرادهم به نفي القدر، وإخراج أفعال العباد من قدرة اهلل تعاىل ومشيئته سب

الوعد والوعيد: وقرروا فيه مذهبهم يف حكم مرتكب الكبرية يف اآلخرة. ورابعا: املنزلة بني املنزلتني: وقرروا فيه وتعاىل عن قوهلم. وثالثا: و

وقفهم مذهبهم يف مرتكب الكبرية يف الدنيا، وهي املسألة اليت نشأ املذهب بسببها. وخامسا: األمر باملعروف والنهي عن املنكر: وفيه قرروا م

واز اخلروج عليهم وقتاهلم بالسيف. ]انظر: شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار املعتزيل. الفرق بني الفرق، البغدادي، من والة األمر، وج

([.39-1/38(. امللل والنحل، الشهرستاني، )20،24،114-201)

معتزيل املذهب، ثم رجع عنه إىل مذهب ابن أتباع أبي احلسن، علي بن إمساعيل األشعري، وظهروا كفرقة مقابلة للمعتزلة؛ إذ كان األشعري 4

كالب، ففي أصل التوحيد: أثبت األشعري الصفات دون تفريق بني اخلربية والعقلية، أما الصفات االختيارية فأول بعضها وأثبت البع صفاتا

م، وأن االستطاعة ال تكون إال مع الفعل. أزلية خوفا من القول حبلول احلوادث. ويف أصل العدل: أثبت القدر، وقال أن أفعال العباد كسب هل

-1/81(. امللل والنحل، الشهرستاني، )366-312ويف بقية األصول قال مبذهب أهل السنة واجلماعة. ]انظر: الفرق بني الفرق، البغدادي، )

91.])

ه، والفرع ال يقدم على املقدمة األوىل: أن العقل أصل النقل؛ إذ كان هو الدال على صحت

األصل، فكان العقل بذلك احلاكم على نصوص الشريعة وأحكامها، فما ورد من نصوص

وأحكام يعرض على العقل، فما وافق العقل قبل، وما خالف العقل وجب تأويله على ما

يوافقه.

النقل املقدمة الثانية: أن داللة النص ظنية ال قطعية إما من جهة الثبوت؛ فإن التواتر يف

، فهي مبنية 1عزيز، أو من جهة الداللة؛ ألن دالئل األلفاظ مبنية على عشر مقدمات كلها ظنية

على:

نقل اللغة: فاملرجع يف معرفة داللة اللفظ على معناه أئمة اللغة وكتبهم، ومل يقل أحد بأهنم -1

عصموا عن اخلطأ فنقل داللة األلفاظ على معانيها هبذه الصفة ظين الثبوت.

قل النحو والتصريف: واملرجع يف وضع قواعدمها إىل أشعار املتقدمني ويتطرق إليها ن -2

الظن من جهتني: األوىل: رواهتا؛ فإنه إمنا رواها اآلحاد، "ورواية اآلحاد ال تفيد إال الظن"، كما

أهنا إمنا جاءت مرسلة ال مسندة، "واملرسل غري مقبول عند األكثرين". واجلهة الثانية: عدم

وت عصمة أولئك الشعراء عن اللحن يف اللغة، بل إن "األدباء حلنوا أكابر شعراء اجلاهلية ثب

؛ فإذا ثبت عنهم اللحن ومل ميكن اجلزم بعصمتهم فال يصح التعويل 2كامرئ القيس وطرفة ولبيد"

يف تصحيح األلفاظ وإعراهبا على قوهلم.

(.407-1/390) ،الرازي انظر بيان هذه املقدمات: احملصول، 1

.(22-14) ،أبو احلسن علي اجلرجاني اللغة: الوساطة بني املتنيب وخصومه،انظر أمثلة على حلن األوائل يف 2

نفي االشرتاك يف اللفظ. -3

ى.نفي إرادة اجملاز يف املعن -4

عدم نقل اللفظ من حقيقته اللغوية إىل حقيقة أخرى عرفا أو شرعا. -5

عدم احلذف واإلضمار يف الصياغة. -6

عدم التخصيص. -7

عدم النسخ. -8

عدم التقديم والتأخري. -9

وهذه مجيعها حمتمل وقوعها يف الكالم وانتفاؤها ظين.

عدم املعارض العقلي. -10

لو قام دليل قاطع عقلي على نفي ما أشعر فإنه "وقد صاغ الرازي يف هذا قانونا؛ فقال:

؛والقول بارتفاعهما حمال .الستحالة وقوع النفي واالثبات ؛فالقول هبما حمال ؛به ظاهر النقل

،ألن العقل أصل النقل ؛والقول برتجيح النقل على العقل حمال .الستحالة عدم النفي واالثبات

فتصحيح ،بنا أصل النقل فقد كذبنا النقلومتى كذ ،فلو كذبنا العقل لكنا كذبنا أصل النقل

.1"فعلمنا أنه ال بد من ترجيح دليل العقل .النقل بتكذيب العقل يستلزم تكذيب النقل

(.1/406) ،الرازي احملصول، 1

منهج توسط بني املنهجني التعليمي منهج أهل السنة واجلماعة، وهو : املنهج الثالث

ى وجه ال خيل فيه املعنى والعقلي، وأخذ جبانب احلق يف كل منهما؛ فقال "باعتبار األمرين عل

، وتتحدد 1بالنص، وال بالعكس؛ لتجري الشريعة على نظام واحد ال اختالف فيه وال تناق "

مالمح هذا املنهج يف النقاط التالية:

اعتماد النصوص الشرعية مصدرا لتلقي املقاصد: "فما اقتضته فهو العلم الذي طلب -1

.2من املكلف أن يعلمه يف اجلملة"

ضد النقل والعقل على املسائل الشرعية فعلى شرط: أن يتقدم النقل فيكون "إذا تعا -2

.3متبوعا، ويتأخر العقل فيكون تابعا، فال يسرح العقل يف جمال النظر إال بقدر ما يسرحه النقل"

كل معنى ال يستقيم مع األصول الشرعية أو القواعد العقلية أو املعاني اللغوية ال يعتمد -3

ط فيه كان الغلط يف كثري املسائل الشرعية، "بل كثريا ما جتد خرم هذا األصل عليه، وبالتفري

يف أصول املتبعني للمتشاهبات، والطوائف املعدودين يف الفرق الضالة عن الصراط املستقيم، كما

.4أنه قد يعرتي ذلك يف مسائل االجتهاد املختلف فيها عند األئمة املعتربين، والشيوخ املتقدمني"

(.2/298)، املوافقات، الشاطيب 1 (.1/64، )املصدر نفسه 2 (.1/61) املصدر نفسه، 3 (.1/72، )املصدر السابق 4

ا يرد على القلب من اعتبارات وإشارات للنصوص الشرعية إن كان يشهد له أصل أن م -4

شرعي أو مقتضى لغوي فهو اعتبار صحيح، وإال فال، "ودعوى الكشف ليس بدليل يف

.1الشريعة على حال، كما إنه ال يعد دليال يف غريها"

(.302-3/297، )نظر: املصدر نفسها 1

املطلب الثاني: منهج الشاطيب يف إدراك املقاصد وطرقه:أيهما ثار لديه تساؤل: فتناول الشاطيب مسألة إدراك املقاصد من الناحية األصولية،

:الشاطيب ؟ قال1املعترب وإليه يتجه النظر يف إدراك املقاصد واستنباطها: األلفاظ أم املعاني

، وهي:.ا.هـ2"واجلواب أن النظر ههنا ينقسم حبسب التقسيم العقلي ثالثة أقسام"

فـ"مقصد الشارع غائب عنا حتى ،ذهب إىل اعتبار األلفاظ دون املعانياألول: ي القسم

يأتينا ما يعرفنا به، وليس ذلك إال بالتصريح الكالمي جمردا عن تتبع املعاني"، فهم "حيصرون

، وإليهم كما مر سابقا الظاهرية منهجمظان العلم مبقاصد الشارع يف الظواهر والنصوص"، وهو

نسبه الشاطيب.

الثاني: يذهب إىل اعتبار املعاني وإلغاء داللة األلفاظ أو إمهاهلا، فال تعترب إال القسم

مبوافقتها تلك املعاني، وقد جعلهم الشاطيب على قسمني:

األول: من يرى "أن مقصد الشارع ليس يف هذه الظواهر، وال يفهم منها، وإمنا املقصود - أ

، وأن اوباطن االذين يرون أن للشريعة ظاهر اميةاإلم الباطنية منهجأمر آخر وراءه"، وهذا

وهلذا كثر يف كالم األصوليني والفقهاء "د األصوليني مبعنى ) العلة ( قال عياض السلمي يف معرض شرح تعريف العلة: يرد لفظ ) املعاني ( عن 1

الفقه الذي ال يسع الفقيه جهله، )ص ل]أصو ".إطالق ) املعنى ( على ) العلة (، بل إن املتقدمني ال يكادون يذكرون ) العلة ( بل ) املعنى (

األصل يف العبادات بالنسبة إىل املكلف التعبد دون االلتفات إىل "لشاطيب هبذا املعنى يف املوافقات، قال الشاطيب: ([. واستعملها ا146

وأصل إال أن داللتها يف هذا املوطن أعم من داللة ) العلة (. ([،2/228.ا.هـ ]املوافقات، )"املعاني، وأصل العادات االلتفات إىل املعاني

ني البحث يف املنطوق واملفهوم، وحجيتهما، وأيهما املعترب؟املسألة عند األصولي

(.2/297) ،الشاطيب املوافقات، 2

إدراك حقيقة الشريعة وباطنها ال يكون إال بالتعليم من اإلمام املعصوم، وإليهم نسبه الشاطيب

وأعرض عنه قائال: ومآل هذا الرأي إىل الكفر والعياذ باهلل، واألوىل أن ال يلتفت إىل قول

1.من موازنة األولهؤالء، فلننزل عنه إىل قسم آخر يقرب

الثاني: من يرى اعتبار معاني األلفاظ "حبيث ال تعترب الظواهر والنصوص إال هبا على و - ب

اطرح، وقدم املعنى النظري"، فيكون االحتكام إىل 2اإلطالق، فإن خالف النص املعنى النظري

الذين واألشاعرة عتزلة امل مبنهجاملعاني النظرية، وتكون األلفاظ الشرعية تابعة هلا، وهو أليق

يرون وجوب فعل األصلح على اهلل تعاىل، وإليهم أشار الشاطيب بقوله: وهو إما بناء على

لكن مع حتكيم املعنى جدا حتى وجوب مراعاة املصاحل على اإلطالق، أو على عدم الوجوب

املقدمني له على تكون األلفاظ الشرعية تابعة للمعاني النظرية، وهو رأي املتعمقني يف القيا

3.ا.هـالنصوص

اعتبار األلفاظ واملعاني "على وجه ال يخل فيه املعنى بالنص، وال القسم الثالث:

بالعكس، لتجري الشريعة على نظام واحد ال اختالف فيه وال تناق "، وإليه ذهب الشاطيب،

رع"، وجرى على ونسبه إىل أكثر العلماء الراسخني، واعتمده ضابطا "به يعرف مقصد الشا

4التفصيل فيه.

(.2/297) املصدر السابق، 1

املراد بـ )املعنى النظري ( املعاني اليت دل عليها العقل، وأصلها مسألة: مراعاة فعل األصلح. 2

(.2/298) املوافقات، الشاطيب، 3

.(298-2/297) ق،املصدر الساب انظر: 4

فالشاطيب يف منهجه يف إدراك املقاصد يتبع منهج التوسط بني املناهج الفكرية التعليمية

من مكنون اوملا بد"يقول يف مقدمة كتابه ]املوافقات[ مبينا املنهج الذي اعتمده: والنظرية، ف

يد من أوابده، وأضم من شوارده السر ما بدا، ووفق اهلل الكريم ملا شاء منه وهدى، مل أزل أق

تفاصيل ومجال، وأسوق من شواهده يف مصادر احلكم وموارده مبينا ال جممال، معتمدا على

االستقراءات الكلية، غري مقتصر على األفراد اجلزئية، ومبينا أصوهلا النقلية بأطراف من

، 1.ا.هـ"الكتاب والسنة القضايا العقلية، حسبما أعطته االستطاعة واملنة يف بيان مقاصد

ففي هذا النص أشار الشاطيب إىل مصدر تلقي املقاصد وآلته يف نقاط ثالث هي:

يف أمر شرعي، اعتماده النص الشرعي يف إدراك املقاصد: وذلك "ألن النظر فيها نظر -1

حتكيم العقول يفكما أن اعتبار الدليل العقلي يف إدراك املقاصد مؤداه " ،2والعقل ليس بشارع"

.3األحكام الشرعية، وهو غري صحيح"

"األدلة العقلية إذا استعملت يف هذا العلم فإمنا تستعمل مركبة على األدلة السمعية، أن -2

.4أو معينة يف طريقها، أو حمققة ملناطها، أو ما أشبه ذلك، ال مستقلة بالداللة"

الدليل املعترب يف اعتبار االستقراء آلة الستنباط املقاصد من النص الشرعي، وذلك أن -3

املقاصد البد أن يكون قطعيا، وذلك ألمرين:

(.1/16) املصدر نفسه، 1 (.24-1/23) املصدر نفسه، 2

(.2/38املصدر نفسه، ) 3

(.24-1/23)املصدر السابق، 4

.1أن املقاصد أصل أصول الشريعة، وأصول الشريعة قطعية - أ

.2أن املقاصد ترجع إىل كليات الشريعة، وما كان كليا فالبد أن يكون قطعيا - ب

النقل، يكون بشرطني: أوهلما: تواتر عند علماء األصول اكتساب األدلة النقلية القطع

وثانيهما: عدم احتمال التأويل، فالنصوص إن كانت "ال حتتمل التأويل، ومتواترة السند، فهذا

.3مفيد للقطع، إال أنه متنازع يف وجوده بني العلماء"

استقراء الشريعة، الداللة القطعية " عند الشاطيب يف اكتساب األدلة النقلية املعتمدو

، وما انطوت عليه من هذه األمور العامة، على حد االستقراء والنظر يف أدلتها الكلية واجلزئية

املعنوي الذي ال يثبت بدليل خاص؛ بل بأدلة منضاف بعضها إىل بع ، خمتلفة األغراض،

حبيث ينتظم من جمموعها أمر واحد جتتمع عليه تلك األدلة؛ على حد ما ثبت عند العامة جود

.، وما أشبه ذلكحامت، وشجاعة علي

يف إثبات قصد الشارع يف هذه القواعد على دليل خمصوص، وال " الشاطيبعتمد فلم ي

ذلك من الظواهر والعمومات، واملطلقات واملقيدات، " ، بل حصل له"على وجه خمصوص

واجلزئيات اخلاصة يف أعيان خمتلفة، ووقائع خمتلفة، يف كل باب من أبواب الفقه، وكل نوع من

.(40-2/37) املصدر نفسه،انظر: 1 (.22-1/19انظر: املصدر نفسه، ) 2 (.2/38، )نفسهاملصدر 3

هذا مع ما ينضاف ، دائرة على احلفظ على تلك القواعدلشريعة كلها أنواعه، حتى ألفوا أدلة ا

.1"إىل ذلك من قرائن أحوال منقولة وغري منقولة

حتديدوعلى هذا النحو من االعتماد على االستقراء يف باب املقاصد سار الشاطيب يف:

– جة إليهاسب احلاحب تقسيما ثالثياتقسيم املصاحل ، ومقصد الشارع من التشريع ابتداء

،والعقل ،والنسل ،والنفس ،الدين -د جماالهتا خبمس يدحت، و-وحتسينية وحاجية، ،ضرورية

.-واملال

الشاطيب يف إدراك املقاصد وآليته.وفيما يلي مسائل يف بيان االستقراء الذي اتبعه

املسألة األوىل: حقيقة االستقراء:

تهجه يف إدراك املقاصد، وإمنا أشار إليه الذي ان ءالستقراليقدم الشاطيب تعريفا مل

.2عرضا

، وهي حقيقة 3وأصل االستقراء يف اللغة: مادة ) ق ر و ( وتأتي مبعنى التتبع واجلمع

االستقراء؛ إذ هو تتبع للجزئيات ومجع لداللتها لتحصيل نتيجة كلية، جاء يف املعجم الوسيط:

.1"ليةاالستقراء: تتبع اجلزئيات للوصول إىل نتيجة ك"

(.2/39املصدر نفسه، ) 1

افقات أن املسألة موضوع البحث إن مل يكن هلا حد زائد أو خمالف لداللة اللفظ اللغوية فإنه يعرض عن بيان يظهر من صنيع الشاطيب يف املو 2

]املوافقات، حدها، قال الشاطيب: "فإذا التصورات املستعملة يف الشرع إمنا هي تقريبات باأللفاظ املرتادفة وما قام مقامها من البيانات القريبة".

([.1/39الشاطيب، ) (.39/290مادة ) قرو (، ) ،انظر: تاج العرو ، الزبيدي 3

، وهذا شأن 2واالستقراء يف علم املنطق هو "الطريق من األمور اجلزئية إىل األمر الكلي"

االستقراء عند الشاطيب "فإنه تصفح جزئيات ذلك املعنى ليثبت من جهتها حكم عام، إما

.3قطعي ، وإما ظين"

وذلك من ويف تلك اإلشارة العارضة لالستقراء تتحدد مالمح االستقراء عند الشاطيب

خالل بيان أمور ثالثة هي: طبيعة االستقراء، وفائدته، وقوته.

املسألة الثانية: مالمح االستقراء عند الشاطيب:

االستقراء من حيث القسمة املنطقية ينقسم إىل نوعني: النوع أوال: طبيعة االستقراء:

اجلزئيات بأن يكون قياسا األول: االستقراء التام؛ وهو ما كان فيه االستقراء حاصرا جلميع

مقسما أو ذا حدود حمصورة. والنوع الثاني: االستقراء الناقص؛ وهو ما مل يكن حاصرا جلميع

.اجلزئيات، وكلما كانت اجلزئيات أكثر كانت نتيجة االستقراء أقوى

الذي اعتمده بأنه: طبيعة االستقراءوقد حدد الشاطيب يف مقدمة ]املوافقات[

، فاالستقراء الذي اعتمده هو 4ءات الكلية، غري مقتصر على األفراد اجلزئية""االستقرا

.االستقراء التام الذي يكسب القضايا السور الكلي، ومينح األدلة الربهان القطعي

(.722) ،معجم اللغة العربية املعجم الوسيط، 1 (، حتقيق: عبدالرمجن بدوي،1/507كتاب الطوبيقا، املقالة األوىل، نقل إبي عثمان الدمشقي، ) ،أرسطو انظر: منطق أرسطو، 2 (.3/221) ،الشاطيب ،املوافقات 3

(.1/16) ق،املصدر الساب 4

ولعمري لو قدرنا "ابن حزم: قالشكل على االستقراء التام استحالة حتصيله؛ يإن مما

آخرها حتى حنيط علما بأنه مل يشذ عنا منها واحدة، على تقصي تلك احلقائق أوهلا عن

فوجدنا الصفة عامة جلميعها؛ لوجب أن نقضي بعمومها هلا، وكذلك لو وجدنا األحكام

)وأما ،منصوصة على كل شيء فيه تلك الصفة؛ لقطعنا به أهنا الزمة لكل ما فيه تلك الصفة

احلكم منصوصا على كل ما فيه تلك ، وال جنده أيضا يف 1حنن ال نقدر على استيعاب ذلك(

الصفة؛ فهذا تكهن من املتحكم به، وخترص، وتسهل يف الكذب، وقضاء بغري علم، وغرور

مهما كان شامال ومستوعبا ال ميتد خارج نطاق "فاالستقراء ،.ا.هـ2"للنا ولنفسه أوال

ال د بعد وباإلمكان أن توجدألن األفراد اليت مل توجاجلزئيات اليت وجدت فعال للمعنى الكلي،

.3"ميكن أن يشملها االستقراء

لقد كان الشاطيب مدركا لتوجه هذا اإلشكال إىل االستقراء التام؛ ففي إدراك وجوه

خمالفة طريق احلق يرى الشاطيب أن االستقراء غري نافع هنا؛ "ألنا ملا نظرنا يف طرق البدع من

وال يأتي زمان إال وغريبة من غرائب االستنباط حيث نبتت وجدناها تزداد على األيام،

حتدث، إىل زماننا هذا، وإذا كان كذلك فيمكن أن حيدث بعد زماننا استدالالت أخر ال عهد

لنا هبا فيما تقدم، السيما عند كثرة اجلهل، وقلة العلم، وبعد الناظرين فيه عن درجة االجتهاد،

هكذا يف األصل، ولعل الصواب؛ وهو املتفق مع السياق ) أما وحنن ال نقدر على استيعاب ذلك (. 1

(.153) ،ابن حزم التقريب حلد املنطق، 2 (.19) ،حممد باقر الصدر انظر: األسس املنطقية لالستقراء، 3

يوضح إدراك الشاطيب هلذه القضية يف باب أحكام ومما ،1فال ميكن إذا حصرها من هذا الوجه"

الشريعة رؤيته جتاه وقائع األحكام الشرعية؛ فهي عنده على نوعني: النوع األول: وقائع ورد

ببيان حكمها نص شرعي إما تصرحيا أو ضمنا، والنوع الثاني: وقائع سكت عنها الشارع،

ومل يقرر فيها حكما ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل وهي على قسمني: القسم األول: وقائع حدثت يف عهد

.ملسو هيلع هللا ىلصزائدا على ما كان، والقسم الثاني: نوازل وقعت بعد رسول اهلل

وملا كان جمال البحث يف إدراك مقاصد الشارع فإن طالب املقاصد ينظر يف العالقة ما

بني الوقائع وورود النص الشرعي ببيان حكم تلك الوقائع، وباالستقراء ينتج لنا نوعان من

الوقائع املنصوص على حكمها، والنوع الثاني: الوقائع املسكوت عنها، :لوقائع: النوع األولا

ذكر :أنيط بعلته ونص عليها، والقسم الثاني :واملنصوص على حكمه على قسمني: القسم األول

:يف جمالنياحلكم فيها دون بيان للعلة، وهبذا يكون االستقراء الذي اتبعه الشاطيب

.والثاني: استقراء ملعانيه وما ورد فيه من أحكام وعلل .قراء لظاهر النصاألول: است

لقد عاجل الشاطيب وفق هذه الرؤية مشكلة احلصر يف االستقراء التام حبصر اجلزئيات

"وإذا كان املستقرأة، فحدد منذ البدء اجلزئيات اليت يتم تصفحها إلدراك املقاصد، فقال:

الع على كليات الشريعة، وطمع يف إدراك مقاصدها، واللحاق ن رام االطمل كذلك لزم ضرورة

بأهلها؛ أن يتخذ القرآن مسريه وأنيسه، وأن جيعله جليسه على مر الليايل واأليام نظرا وعمال ال

.2"اقتصارا على أحدمها

(.12-2/11) ،الشاطيب االعتصام، 1

.(3/257) ،الشاطيباملوافقات، 2

االستقراء التام: حصر احلدود، واعتماد القيا املقسم. اصفت ئهفاجتمع يف استقرا

مينح االستقراء عند الشاطيب الدليل النقلي قوة األدلة القطعية، دة االستقراء:ثانيا: فائ

ويسور األحكام املستقرأة بسور القضايا الكلية، ففائدة االستقراء عنده هلا جانبان:

.األول: إكساب األحكام املستقرأة صفة العموم والكلية

والثاني: االرتقاء بالدليل من رتبة الظن إىل القطع.

فأما اجلانب األول: إكساب األحكام املستقرأة صفة العموم والكلية؛ فباالستقراء يكون

العموم إذا ثبت فال يلزم أن "الشاطيب: قالاالنتقال من خصوص اجلزئيات إىل عموم الكليات،

يثبت من جهة صيغ العموم فقط، بل له طريقان: أحدمها: الصيغ إذا وردت، وهو املشهور من

ألصول. والثاني: استقراء مواقع املعنى حتى حيصل يف الذهن أمر كلي عام، فيجري كالم أهل ا

.1"يف احلكم جمرى العموم املستفاد من الصيغ

إذ أن "لالجتماع من القوة ما ؛وحتصيل العموم يف املنهج االستقرائي عند الشاطيب ذاتي

حصل من استقراء أدلة املسألة ليس لالفرتاق؛ وألجله أفاد التواتر القطع، وهذا نوع منه؛ فإذا

.2جمموع يفيد العلم فهو الدليل املطلوب، وهو شبيه بالتواتر املعنوي"

"وهبذا يتقرر أن االستقراء له قوة العموم اللفظي يف إثبات مقاصد الشريعة، فتوارد األدلة

.3واجتماعها على معنى معني يدل على قصد الشارع إليه وأمهيته يف الشريعة"

.(3/221) املصدر السابق، 1 (.1/24، )املصدر نفسه 2 (.128) ،حممد سعيد اليوبي مقاصد الشريعة اإلسالمية وعالقتها باألدلة الشرعية، 3

عاجل الشاطيب مشكلة أخرى من مشاكل االستقراء التام؛ فإن "من أهم خصائص وهنا ي

جته كلية، ومن ثم فالنتيجة الزمة عن املقدمات، ياالستقراء التام أنه استدالل مقدماته كلية ونت

مما جعله يكتسب صفة االستقراء القياسي، إن احلدود يف املقدمات ليست أفرادا جزئية وإمنا

.1هي أنواع"

قد عاجل الشاطيب هذا اإلشكال من خالل حتديد أربع جهات الستقراء جزئيات و

األحكام الشرعية:

"جمرد األمر والنهي االبتدائي التصرحيي، فإن األمر معلوم أنه إمنا كان اجلهة األوىل: ظاهر -1

أنه أمرا القتضائه الفعل؛ فوقوع الفعل عند وجود األمر به مقصود للشارع. وكذلك النهي معلوم

. فباستقراء ظاهر النص الشرعي 2مقت لنفي الفعل أو الكف عنه؛ فعدم وقوعه مقصود له"

، ومن هنا تقرر الوارد ببيان أحكام الوقائع يتبني أن إيقاع احلكم املنصوص عليه مقصود للشارع

عند الشاطيب " قصد الشارع يف وضع الشريعة للتكليف مبقتضاها".

األمر والنهي، وملاذا أمر هبذا الفعل؟ وملاذا هنى عن هذا 3عللاجلهة الثانية: "اعتبار -2

اآلخر؟ والعلة إما أن تكون معلومة أو ال، فإن كانت معلومة اتبعت، فحيث وجدت وجد

.(28حممود زيدان )، وانظر: االستقراء واملنهج العلمي .(86) ،العيسوي مناهج البحث العلمي، 1

.(2/298) ،الشاطيب املوافقات، 2

حكام الشرعية على نوعني: علل غائية؛ وهي حكمة التشريع. وعلل فاعلية؛ وهي األسباب اليت تناط هبا األحكام ففي حتريم اخلمر؛ علل األ 3

العلة الفاعلية هي اإلسكار، والعلة الغائية هي حفظ العقل. وقد حبث األصوليون يف مبحث العلة من القيا مسألة هل يناط احلكم بالعلل

وسرتد يف هذا البحث بإذن اهلل تعاىل. الغائية أم ال.

من العلل: نيواستقراء علل األحكام ينتج نوع .1مقتضى األمر والنهي من القصد أو عدمه"

أو باب معني؛ وهي املقاصد العامة. والنوع الثاني علل النوع األول، علل عامة ال ختتص مبسألة

، خاصة إما مبسألة معينة أو باب خاص من أبواب الفقه؛ وهذه تندرج ضمن املقاصد اخلاصة

وهبذا يتقرر "قصد الشارع من وضع الشريعة ابتداءا".

كام ، فإن "للشارع يف شرع األحاألحكام الشرعية وما قصد هبااجلهة الثالثة: استقراء -3

، وحتقيق تلك املقاصد التابعة إمنا هو حتقيق 2العادية والعبادية مقاصد أصلية ومقاصد تابعة"

، وهبذا يتقرر "قصد الشارع يف دخول املكلف حتت أحكام وتكميل للمقاصد األصلية

الشريعة".

اجلهة الرابعة: استقراء الوقائع املسكوت عنها، فإن سكوت الشارع عن بيان حكم -4

ع قيام موجبه املقتضي له "كالنص على أن قصد الشارع أن ال يزاد فيه وال ينقص؛ ألنه الواقعة م

ملا كان هذا املعنى املوجب لشرع احلكم العملي موجودا ثم مل يشرع احلكم داللة عليه كان ذلك

، وهبذا يتم 3صرحيا يف أن الزائد على ما كان هنالك بدعة زائدة، وخمالفة ملا قصده الشارع"

قرير "قصد الشارع يف وضع الشريعة لإلفهام".ت

هبذه األنواع األربعة يف االستقراء تعرف جهات مقاصد الشارع األربعة اليت حددها

.الشاطيب يف أول قسم املقاصد من كتابه ]املوافقات[

(.2/299) ،الشاطيب املوافقات، 1 (.2/300، )املصدر نفسه 2 (.2/311) املصدر السابق،: 3

ن اكتساب ريى الشاطيب أوأما اجلانب الثاني: االرتقاء بالدليل من رتبة الظن إىل القطع؛ ف

يل صيغة العموم وتسور معانية بالسور الكلي يدرجها ضمن كليات الشريعة وأصول الفقه، الدل

وهي ال تكون إال قطعية ألهنا "ترجع إما إىل أصول عقلية"، "وإما إىل االستقراء الكلي من أدلة

ن إال إن املقدمات املستعملة يف هذا العلم واألدلة املعتمدة فيه ال تكو"الشاطيب: قالالشريعة"؛

قطعية... وهي إما عقلية... وإما مسعية، وأجلها املستفاد من األخبار املتواترة يف اللفظ

بشرط أن تكون قطعية الداللة، أو من األخبار املتواترة يف املعنى، أو املستفاد من االستقراء يف

.1.ا.هـ"موارد الشريعة

ستعملت يف هذا العلم فإمنا تستعمل أن "األدلة العقلية إذا ا وملا كان املتقرر عند الشاطيب

مركبة على األدلة السمعية، أو معينة يف طريقها، أو حمققة ملناطها، أو ما أشبه ذلك" فكان

-على االستعمال املشهور -بالقصد األول األدلة الشرعية، ووجود القطع فيها عنده " املعتمد

؛ وهنا وظف الشاطيب االستقراء 2داللتهمعدوم أو يف غاية الندور" لتطرق الظن إليه يف نقله أو

(.1/23، )املصدر نفسه 1

ظن إىل جارى الشاطيب هنا ما قرره الرازي من أن األدلة اللفظية ال تدل داللة قطعية لتطرق ال (.24-1/23) املصدر السابق،انظر: 2

دالالهتا، وقد رد شيخ اإلسالم ذلك من أوجه مخسة، ومما جاء يف رده يف الوجه الثالث: "وإذا كان لفظ القرآن وكثري من احلديث منقول

نفي بالتواتر، فنقل املعنى أوىل".ا.هـ، وقال يف الوجه اخلامس: "فحاصل كالمه ثالث مقدمات: أنه موقوف على ما يدل على املراد، وعلى ما ي

ا ما يكون ضده، ونقيضه. فيقال: الدال على املراد يستلزم الداللة على ضده ونقيضه، فال يحتاج إال إىل العلم باملراد فقط، والعلم باملراد كثري

خر حتى يكون علما كالعلم مبجرد األخبار املتواترة؛ فإن اإلنسان إذا مسع خمربا خيرب بأمر قد حيصل عنده ظن، ثم يقوى باخلرب اآل -اضطراريا

، ...وقد يكون العلم باملراد استدالليا نظريا، وحينئذ فذلك يتوقف على مقدمة واحدة، وقد يتوقف على مقدمتني، وعلى أكثر، -ضروريا

قصود هنا أما دعوى املدعي أن كل استدالل بدليل لفظي على مراد املتكلم يتوقف على عشر مقدمات فهذا باطل قطعا".ا.هـ، وقال: "وامل

أن يتبني أن دعواه "أن كل دليل مسعي موقوف على مقدمات ظنية" دعوى باطلة معلوم فسادها باالضطرار، ولو صح هذا لكان ال جيزم أحد

وإمنا األدلة املعتربة هنا ": فقاليف االرتقاء باألدلة الشرعية الظنية إىل رتبة القطعي من األدلة؛

.1"املستقرأة من مجلة أدلة ظنية تظافرت على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع

مامه أو نقصانه، فمتى كان االستقراء قوة نتائج االستقراء خاضعة لت ثالثا: قوة االستقراء:

تاما، كانت نتائجه قطعية، وإن كان ناقصا أمثر نتائج ظنية، وعلى الرغم من أن الشاطيب قد

حل إشكال احلصر يف االستقراء التام حبصر جمال البحث يف النص الشرعي؛ إال أن ظاهر

وملا كان "قال الشاطيب: صنيعه أنه ال يذهب يف قطعية االستقراء مذهب من يرى احلصر،

قصد الشارع ضبط اخللق إىل القواعد العامة، وكانت العوائد قد جرت هبا سنة اهلل أكثرية ال

عامة، وكانت الشريعة موضوعة على مقتضى ذلك الوضع؛ كان من األمر امللتفت إليه إجراء

.2"زئي ماالقواعد على العموم العادي، ال العموم الكلي التام الذي ال خيتلف عنه ج

رشد الشاطيب يف التنبه إىل هذا األمر؛ وذلك أن املناطقة قسموا وقد سبق ابن

االستقراء إىل قسمني:

حتى مهبكال مراده بني قد العامة آحاد كان وإذامبراد أحد، ولكان العلم مبراد كل متكلم ال يكون إال ظنا، وهذا مما يعلم فساده باالضطرار،

واألطباء الفقهاء مبراد يقطع كما - يقولونه ما أكثر يف مبرادهم يقطع العلوم يف املصنفون العلماء كان وإذا بذلك، أوىل فالعلماء مبراده؛ يقطع

كالم من أكمل عاىلت اهلل وكالم به، ويقطع مراده يبني أن أوىل - ونصحا وبيانا علما اخللق أكمل هو الذي - فالرسول وغريهم؛ -واحلساب

من أعظم باالضطرار معلومة بالتواتر منقولة الكالم ومعاني أحد، كل كالم من فيه الرب مبراد لقطعبا أوىل فهو بيانا؛ وأكمل ملسو هيلع هللا ىلص الرسول

([.490-8/470".ا.هـ ]انظر: بيان تلبيس اجلهمية يف تأسيس بدعهم الكالمية، ابن تيمية، )ألفاظه

، -الوجه اخلامس -يتفق هذا التوظيف مع ما قرره شيخ اإلسالم يف بيان أوجه قطعية داللة األدلة السمعية (.1/24، )املوافقات، الشاطيب 1

مراده على يدل وملا له مساعه يتكرر أو املتكلم كالم يتكرر ثم يظنه وقد ابتداء، مراده يعلم فقد املتكلم كالم مسع إذا وكذلكحيث قال: "

([.8/480". ]انظر: بيان تلبيس اجلهمية يف تأسيس بدعهم الكالمية، ابن تيمية، )ياضرور مبراده علمه فيصري (.198-3/197، )املوافقات، الشاطيب 2

القسم األول: االستقراء الربهاني: ونتائجه قطعية ضرورية، ولذا فهو عند أرسطو ينتج

مجيع جزئيات ذلك املقدمة الكربى يف الربهان، وملا كانت هذه قوته جعلوه استقراء تاما حيصر

إما بسقوطه من االستقراء أو خمالفته -الكلي، وال يتخلف عنها جزئي، وإذا ما ختلف جزئي

سقطت داللة هذا االستقراء. -لسائر اجلزئيات

والقسم الثاني: االستقراء اجلديل: وفائدته إقناع اخلصم، أو نق حجته، ولذا كان

صناعة، وملا كان كذلك جعلوه استقراء ناقصا غري مقبوال فيه ما كان ذائعا عند أرباب ال

حاصر، وكانت داللته ظنية احتمالية ال تنفع يف الربهان.

والتفريق بني االستقرائني الربهاني واجلديل حبصر اجلزئيات مل يرد يف منطق أرسطو وإمنا

لنتيجة فقط ال بل إن أرسطو إمنا فرق بني الربهان واجلدل بقوة اكان اجتهادا يف فهم كالمه،

؛ قال أرسطو: "على أن الذي قد مر من القيا قد يكون من غري هذه أيضا، 1منهج االستدالل

.2وأما الربهان فال يكون؛ ألنه لن يكون حمصال لليقني"

فصورة القيا جتري يف غري الربهان لكنه ال يكون قياسا برهانيا إال إذا كانت نتيجته

أعين جعل احلكم واحدا -: "فأما املقدمة فهي أحد جزئي القول صادقة يقينية؛ قال أرسطو

فهي اليت تقتضب أحد جزئي املناقضة -أعين اجلدلية -، وأما الديالقطقية -على واحد

فهي أحد جزئي املناقضة مع التحديد؛ وهو -أي الربهانية -، وأما األبودقطقية 3أيهما كان

(.4/352انظر: كالم ابن رشد، تلخيص منطق أرسطو، كتاب القيا ، ) 1

(.2/333) ، أرسطو : منطق أرسطو،2 فنتيجتها مرتددة بني الصدق والكذب؛ فهي ظنية. 3

قول أرسطو السابق: "وأما انقسام املقدمة من جهة .ا.هـ، قال ابن رشد يف بيان1الصادق"

املادة: فمنها برهانية، ومنها جدلية، إىل غري ذلك من األقسام اليت يلحقها من جهة املواد

.-على ما سنبني بعد من هذه الصناعة -املستعملة يف الصنائع املنطقية

دمة الربهانية هي أحد جزئي أحدها: أن املقربهانية واجلدلية يفرتقان بأشياء:واملقدمة ال

النقي ، وهو الصادق. وأما املقدمة اجلدلية فقد تكون كل واحد من جزئي النقي ؛ إذ كانت

إمنا تؤخذ مستلمة من اجمليب، واجمليب فقد جييب بكل واحد من جزئي النقي ؛ إذ كان

، وليس السائل يفوض إليه يف هذه الصناعة عند السؤال أن جييب بأي جزئي النقي أحب

الفرق الذي بني املقدمة الربهانية واملقدمة اجلدلية مما له تأثري يف وجود القيا عنها، بل ليس

بينهما يف ذلك فرق أصال، فإن املربهن واجلديل قد يقيس كل واحد من هؤالء قياسا صحيحا

-قدمات أعين إذا وضع مقدمة من امل -إذا أخذ شيئا حمموال على شيء أو غري حممول عليه

.2، فتكون املقدمة القياسية اليت هي كاجلنس للمقدمة الربهانية واجلدلية"

وهذا األمر جيري يف االستقراء، إذ أن القيا واالستقراء إمنا مها أدوات إلنتاج

رشد أن شرط إنتاج االستقراء للمقدمة األوىل يف القيا سواء كان يف املقدمات؛ ولذا يرى ابن

اجلدل أن "يكون مستعمال فيها جبهة يلزم عنها الشيء الذي يقصد بيانه طلب الربهان أو

ضرورة"، ومن هنا اشترط يف االستقراء اجلديل أن يكون مستوفيا جلميع اجلزئيات إما على

(.2/334) ،أرسطو منطق أرسطو، 1 (.4/138) ، كتاب القيا ،ابن رشد تلخيص منطق أرسطو، 2

يف االستقراء مما ينقله من االستقراء 1وليس اشرتاط هذا"احلقيقة أو املشهور؛ يقول يف ذلك:

إىل االستقراء املستعمل يف الربهان كما ظن قوم؛ فإن االستقراء املستعمل املستعمل يف اجلدل

-يف الربهان التصديق به إمنا يكون من خارج وحبصول شيء لنا ال يفيده االستقراء بالذات

وهو كون احملمول ذاتيا للموضوع، فبهذا يتفصل هذا -وإن استوفيت فيه مجيع اجلزئيات

جيب أن يكون خاصا باجلدل أو 2وأما أن هذا االستقراء ،الربهانياالستقراء من االستقراء

باجلملة جدليا فذلك يظهر من أن شرط صناعة اجلدل أن يكون القيا فيها صحيح الشكل،

وإذا كان ذلك كذلك فواجب أن يكون االستقراء مستعمال فيها جبهة يلزم عنها الشيء الذي

الستقراء املستعمل يف الربهان إما بالذي قلناه من احلمل ثم ينفصل من ا ،يقصد بيانه به ضرورة

الذاتي، وإما بأن يكون االستقراء املستعمل يف اجلدل استوفيت فيه مجيع اجلزئيات اليت هي

مجيع يف املشهور ال اليت هي مجيع يف احلقيقة، فعلى هذا ينبغي أن يفهم األمر عن أرسطو

.3.ا.هـ"ههنا

وتبعا لوظيفة االستقراء ،التقسيم الوظيفي ؛سيمه االستقراءحقيقة صنيع أرسطو يف تقف

اختلفت طبيعة االستقراء املتبع، فاالستقراء الربهاني ملا كانت وظيفته تسوير املقدمات

اقتضت تلك الوظيفة أن يكون استقراء حاصرا، وملا -إعطاؤها وصف الكلية -املنطقية

كتفي فيه بالشائع والظهور يف الغالب.كانت وظيفة االستقراء اجلديل اإلقناع ا

يريد بذلك مشول مجيع اجلزئيات. 1

يريد بذلك االستقراء اجلديل. 2

(.4/352) ، كتاب القيا ،ابن رشد تلخيص منطق أرسطو، 3

إذا ثبتت قاعدة عامة ": قالوتتجلى قوة االستقراء عند الشاطيب يف النص التايل حيث

أو مطلقة؛ فال تؤثر فيها معارضة قضايا األعيان، وال حكايات األحوال. والدليل على ذلك

أمور:

يف األصول الكلية القطعية، أن القاعدة مقطوع هبا بالفرض؛ ألنا إمنا نتكلمأحدها:

وقضايا األعيان مظنونة أو متومهة، واملظنون ال يقف للقطعي وال يعارضه.

والثاني: أن القاعدة غري حمتملة الستنادها إىل األدلة القطعية، وقضايا األعيان حمتملة؛

؛ إلمكان أن تكون على غري ظاهرها، أو على ظاهرها وهي مقتطعة ومستثناة من ذلك األصل

فال ميكن واحلالة هذه إبطال كلية القاعدة مبا هذا شأنه.

والثالث: أن قضايا األعيان جزئية، والقواعد املطردة كليات، وال تنه اجلزئيات أن

تنق الكليات، ولذلك تبقى أحكام الكليات جارية يف اجلزئيات وإن مل يظهر فيها معنى

بالنسبة إىل امللك املرتف، وكما يف الغنى الكليات على اخلصوص، كما يف املسألة السفرية

بالنسبة إىل مالك النصاب والنصاب ال يغنيه على اخلصوص، وبالضد يف مالك غري النصاب

وهو به غين.

والرابع: أهنا لو عارضتها؛ فإما أن يعمال معا، أو يهمال، أو يعمل بأحدمها دون اآلخر،

كذلك إمهاهلما؛ ألنه إعمال للمعارضة فيما بني أعين يف حمل املعارضة؛ فإعماهلما معا باطل، و

الظين والقطعي، وإعمال اجلزئي دون الكلي ترجيح له على الكلي، وهو خالف القاعدة؛ فلم

.1"يبق إال الوجه الرابع، وهو إعمال الكلي دون اجلزئي، وهو املطلوب

على فهذا النص واضح يف قوة ثبوت املقاصد وحكمها على جزئيات احلوادث، وبنى

ذلك أن تلك املقاصد "إذا تقررت عند اجملتهد، ثم استقرى معنى عاما من أدلة خاصة واطرد

، بل حيكم عليها وإن نعله ذلك املعنى؛ مل يفتقر بعد ذلك إىل دليل خاص على خصوص نازلة ت

كانت خاصة بالدخول حتت عموم املعنى املستقرى من غري اعتبار بقيا أو غريه، إذ صار ما

استقري من عموم املعنى كاملنصوص بصيغة عامة، فكيف حيتاج مع ذلك إىل صيغة خاصة

فأصبحت بذلك أدلة يعتمد عليها يف استنباط األحكام للنوازل واالحتكام إليها يف ،2مبطلوبه"

تنزيل أحكام الوقائع.

(.195-3/194) ،الشاطيب املوافقات، 1

(.3/226، )املصدر نفسه 2

املطلب الثالث: طرق إدراك املقاصد يف الفكر اإلسالمي املعاصر:يف -حممد الطاهر بن عاشور -باعث املقاصد يف الفكر اإلسالمي املعاصر مل يغفل

كتابه ]مقاصد الشريعة اإلسالمية[ عن أمهية بيان طرق إدراك املقاصد؛ "ألن تعيني مقصد

أمر تتفرع عنه أدلة وأحكام كثرية يف االستنباط، ففي اخلطأ فيه -كلي أو جزئي -شرعي

.1خطر عظيم"

ابن عاشور يف إدراك املقاصد عن طريق الشاطيب، فكل منهما اعتمد ومل ختتلف طريق

االستقراء طريقا وآلة إلدراك املقاصد، قال ابن عاشور مرشدا الباحث عن مقاصد الشريعة

اإلسالمية إىل طريق إدراكها: "فعليه أن ال يعني مقصدا شرعيا إال بعد استقراء تصرفات

تزاع املقصد التشريعي منه، وبعد اقتفاء آثار أئمة الفقه ليستضيء الشريعة يف النوع الذي يريد ان

بأفهامهم وما حصل هلم من ممارسة قواعد الشرع، فإن هو فعل ذلك اكتسب قوة استنباط يفهم

.ا.هـ، ومع اتفاقهما يف املنهج إال اهنما خيتلفان يف مالمح ذلك املنهج 2هبا مقصود الشارع"

ح منهج ابن عاشور يف إدراك املقاصد يف النقاط التالية:املعتمد، وميكن حتديد مالم

اعتمد ابن عاشور املنهج العقلي يف إدراك املقاصد خمالفا يف ذلك الشاطيب، قال ابن -1

عاشور: "فاعلم أننا لسنا بسبيل أن نستدل على إثبات املقاصد الشرعية املتنوعة باألدلة

ل الفقه ويف مسائل أدلة الفقه ويف مسائل اخلالف؛ املتعارفة اليت ألفنا اخلوض فيها يف علم أصو

(.231) ،اصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور: مق1 اإلحالة السابقة.انظر: 2

ألن وجود القطع والظن القريب منه بني تلك األدلة مفقود أو نادر؛ ألن تلك األدلة إن كانت من

فمعظم أدلته ظواهر، ويف القرآن أدلة على مقاصد الشريعة قريبة -وهو متواتر اللفظ -القرآن

. وإن كانت األدلة من السنة فهي كلها أخبار آحاد، من النصوص سنذكرها يف تقسيمها اآلتي

، ...فعلينا أن نرسم طرائق االستدالل على مقاصد 1وهي ال تفيد القطع وال الظن القريب منه

.2الشريعة مبا بلغنا إليه بالتأمل وبالرجوع إىل كالم أساطني العلماء"

اصد هو إشكال الظن إن اإلشكال الذي يعاجله ابن عاشور يف حتديد منهج إدراك املق

والقطع يف األدلة، وهو ذات اإلشكال الذي عاجله الشاطيب، وإن كان الشاطيب قد حل إشكال

القطع يف األدلة اللفظية باالستقراء، فإن ابن عاشور ال يرى يف استقراء األلفاظ حال لذلك

يبا من اإلشكال، "فاحلاصل للباحث عن املقاصد الشرعية قد يكون علما قطعيا أو قر

، وضرب لذلك 3القطعي، وقد يكون ظنيا، وال يعترب ما حصل للناظر من ظن ضعيف أو دونه"

وقال معلقا عليه: "فإن األدلة 4مثاال بتقرير الشاطيب ألصل منع الضرر والضرار يف الشريعة

هو قول املذكورة يف كالم الشاطيب وإن كانت كثرية إال أهنا أدلة جزئية، والدليل العام منها و

هذا مبين على موقف املتكلمني من داللة السمع عامة، وخرب اآلحاد خاصة، وتقدم رد شيخ اإلسالم على دعوى ظنية داللة األدلة السمعية، 1

الباب الثاني: الفصل األول: منهج الفكر املقاصدي -أخبار اآلحاد (، وسريد الحقا الكالم عن1(، احلاشية رقم )140انظر: هذا البحث، )

.-يف االستدالل

(.190-189) ،مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور 2 (.232، )املصدر نفسه 3 (.3/12الشاطيب: املوافقات، )انظر تقرير 4

خرب آحاد وليس بقطعي النقل عن الشارع؛ ألن السنة غري 1"ال ضرر وال ضرار" ملسو هيلع هللا ىلصالرسول

.2املتواترة ليست قطعية املنت"

فاعتبار األلفاظ يف إدراك املقاصد عكس للقضية املقررة عند ابن عاشور من أن "أدلة

يف لغة من -الم مل يكن الشريعة اللفظية ال تستغين عن معرفة املقاصد الشرعية"، فـ"إن الك

بالذي يكفي يف الداللة على -لغات البشر، وال كان نوع من أنواعه وأساليبه يف اللغة الواحدة

مراد الالفظ داللة ال حتتمل شكا يف مقصده من لفظه، أعين الداللة املعرب عنها بالنص الذي

ملتكلمون والسامعون عن أن ، قال ابن عاشور: "وبذلك مل يستغن ا3يفيد معنى ال حيتمل غريه"

حتف بالكالم مالمح من سياق الكالم، ومقام اخلطاب، ومبينات من البساط، لتتظافر تلك

األشياء احلافة بالكالم على إزالة احتماالت كانت تعرض للسامع يف مراد املتكلم من

ت، إذا عرضت هلم االحتماال ملسو هيلع هللا ىلص.ا.هـ ، فإن الصحابة "كانوا يسألون رسول اهلل 4كالمه"

، وضرب لذلك مثاال بـ"متييز مقامات 5وكانوا يشاهدون من األحوال ما يبصرهم مبقصد الشارع"

(، 2/784جباره، من حديث ابن عبا رضي اهلل عنهما، ) أخرجه: ابن ماجه يف سننه، كتاب األحكام، باب من بنى يف حقه ما يضر 1

(. قال األلباني: 2865(، حديث رقم )5/55(. واإلمام أمحد يف مسنده، مسند بين هاشم، مسند عبداهلل بن العبا ، )2341حديث رقم )

امت، وعائشة، وأبي هريرة، حديث صحيح، ورد مرسال، وروي موصوال عن: أبي سعيد اخلدري، وعبداهلل بن عبا ، وعبادة بن الص

([.1/498وجابر بن عبداهلل، وثعلبة بن مالك رضي اهلل عنهم. ]سلسلة األحاديث الصحيحة، )

(237) ،ابن عاشور : مقاصد الشريعة اإلسالمية،2 (.206-203املصدر نفسه، ) 3 (.203) املصدر السابق، 4 (.206املصدر نفسه، ) 5

، وإمنا حل اإلشكال 1والتفرقة بني أنواع تصرفاته" ملسو هيلع هللا ىلصاألقوال واألفعال الصادرة عن رسول اهلل

يتضح ذلك عنده إمنا يكون بأن يكون الدليل إما أصال عقليا، أو نصا قطعي الثبوت والداللة، و

جليا يف دوائر االستدالل اليت اعتمدها الستنباط املقاصد.

واعتماد ابن عاشور املنهج العقلي يف إدراك املقاصد مبين على موقفه من مسألة تعليل

قال: "وكان حقا على أئمة الفقه أن ال 2األحكام الشرعية، فإنه بعد أن ذكر هذه املسألة

بدية يف تشريع املعامالت، وأن يوقنوا بأن ما ادعي التعبد فيه يساعدوا على وجود األحكام التع

إمنا هو أحكام قد خفيت عللها أو دقت، فإن كثريا من أحكام املعامالت اليت تلقاها بع

األئمة تلقي األحكام التعبدية قد عانى املسلمون من جرائها متاعب مجة يف معامالهتم، وكانت

﴿ل اهلل تعاىل األمة منها يف كبد على حني يقو ج را ين من حا م ف ٱل امكح ا عا ا ا جا ﴾ واما

[، وعلى الفقيه أن جييد النظر يف اآلثار اليت يرتاءى منها أحكام خفيت عللها 78]احلج:

ومقاصدها وميحص أمرها؛ فإن مل جيد هلا حممال من املقصد الشرعي نظر يف خمتلف الروايات

الذي دخل على بع الرواة فأبرز مرويه يف صورة تؤذن بأن حكمه لعله أن يظفر مبسلك الوهم

مسلوب احلكمة واملقصد، وعليه أيضا أن ينظر إىل األحوال العامة يف األمة اليت وردت تلك

.3اآلثار عند وجودها"

وأفعاله: مقاصد الشريعة ملسو هيلع هللا ىلصام اخلطاب وما حيف به من األحوال يف إدراك املقاصد من أقوال الرسول انظر كالم ابن عاشور يف أثر مق 1

(.230-207اإلسالمية، ) (.246-239، )املصدر نفسه 2

(.245-244) املصدر السابق، 3

تقرير الشاطيب وجه التعبد يف مجيع األحكام الشرعية العبادية وينتقد ابن عاشور

، وختم ذلك بقوله: "وإذا 2كالم الشاطيب هناك "معظمه غري حمرر وال متجه"فريى أن 1والعادية

جاز أن نثبت أحكاما تعبدية ال علة هلا وال يطلع على علتها فإمنا ذلك يف غري أبواب املعامالت

.3املالية واجلنائية، فأما هذه فال أرى أن يكون فيها تعبدي، وعلى الفقيه استنباط العلل فيها"

هج ابن عاشور يف اعتبار القطعية يف األدلة فإن توظيفه لالستقراء كان "حسب ووفق من -2

قواعد املنطق، فكانت املقاصد على مرتبتني "قطعية وظنية"، ألن قوة اجلزم بكون الشيء

مقصدا شرعيا تتفاوت مبقدار في ينابيع األدلة ونضوهبا، ومبقدار وفرة العثور عليها

.4واختفائها"

ء عند ابن عاشور وفق قواعد املنطق إمنا ينتج املقدمة الكربى، "ألننا إذا إن االستقرا

استقرينا علال كثرية متماثلة يف كوهنا ضابطا حلكمة متحدة، أمكن أن نستخلص منها حكمة

واحدة فنجزم بأهنا مقصد شرعي، كما يستنتج من استقراء اجلزئيات حتصيل مفهوم كلي

.5حسب قواعد املنطق"

(.241-235، 132-2/128(، وانظر )44-1/41الشاطيب، ) انظر: املوافقات، 1

(.246) ر،ابن عاشو مية،مقاصد الشريعة اإلسال 2

(.247-246املصدر نفسه، ) 3 (.231) املصدر السابق، 4

(.191املصدر نفسه، ) 5

ستدالل على املقاصد عند ابن عاشور يف دائرتني أساسيتني تشكالن جانب دار اال -3

القطع يف استخراج املقاصد واستنباطها:

الدائرة األوىل: دائرة املعاني، وشكلت الطريق األول واألعظم من طرق االستدالل على - أ

ق األول: املقاصد، وحتصيل ذلك يكون بإدراك علل األحكام الشرعية، قال ابن عاشور: "الطري

وهو أعظمها، استقراء الشريعة يف تصرفاهتا، وهو على نوعني: أعظمها، استقراء األحكام

املعروفة عللها، ...فإن باستقراء العلل حصول العلم مبقاصد الشريعة بسهولة، ...النوع

الثاني: استقراء أدلة أحكام اشرتكت يف علة حبيث حيصل لنا اليقني بأن تلك العلة مقصد مراد

وترجع هذه الدائرة إىل املسلكني الثاني والثالث من مسالك استقراء املقاصد عند .1للشارع"

الشاطيب؛ استقراء األحكام وعللها.

الدائرة الثانية: دائرة األلفاظ، ويشكالن الطريقني الثاني والثالث من طرق االستدالل - ب

الواضحة الداللة اليت يضعف على املقاصد، قال ابن عاشور: "الطريق الثاني: أدلة القرآن

احتمال أن يكون املراد منها غري ما هو ظاهرها حبسب االستعمال العربي حبيث ال يشك يف

املراد منها إال من شاء أن يدخل على نفسه شكا ال يعتد به. ...الطريق الثالث: السنة

تواتر املعنوي احلاصل من املتواترة، وهذا الطريق ال يوجد له مثال إال يف حالني: احلال األول: امل

فيحصل هلم علم بتشريع يف ذلك يستوي فيه مجيع ملسو هيلع هللا ىلصمشاهدة عموم الصحابة عمال من النيب

املشاهدين، وإىل هذا احلال يرجع قسم املعلوم من الدين بالضرورة، وقسم العمل الشرعي

(.192-190) املصدر السابق، 1

من تكرر القريب من املعلوم ضرورة. ...احلال الثاني: تواتر عملي حيصل آلحاد الصحابة

وترجع هذه .1حبيث يستخلص من جمموعها مقصدا شرعيا" ملسو هيلع هللا ىلصمشاهدة أعمال رسول اهلل

الدائرة إىل املسلك األول من مسالك استقراء املقاصد عند الشاطيب، جمرد األمر والنهي

االبتدائي التصرحيي.

ومن خالل طرح ابن عاشور للمقاصد وطرق االستدالل عليها يالحظ ما يلي:

: حبث ابن عاشور يف املقاصد منطلق من الرغبة يف حتصيل مقاصد شرعية تكون أوال

"أدلة ضرورية، أو قريبة منها، يذعن إليها املكابر، ويهتدي هبا املشبه عليه، كما ينتهي أهل

العلوم العقلية يف حجاجهم املنطقي والفلسفي إىل األدلة الضروريات واملشاهدات واألصول

، فتناول 2ني اجلميع احلجاج، ويرتفع من أهل اجلدل ما هم فيه من جلاج"املوضوعة؛ فينقطع ب

بذلك موضوع املقاصد حبسب القواعد املنطقة، وجرى االستدالل عليها فيه حبسب الربهان

املنطقي؛ فجاءت طرق االستدالل على أصلي القيا واالستقراء الربهانيني.

ط املقاصد هو يف الدائرة األوىل؛ دائرة ثانيا: توظيف ابن عاشور لالستقراء يف استنبا

املعاني، حيث ينتج االستقراء فيها مقدمة كربى حتصل مقصدا شرعيا.

ثالثا: مل يعتد ابن عاشور عند تلخيصه ملسالك إدراك املقاصد عند الشاطيب باملسلك

له: "وواضح ، ووجه الدكتور الريسوني ذلك بقو-استقراء الوقائع املسكوت عنها -الرابع منها

أيضا أن هذا املسلك أضيق جماال بالنسبة للمسالك األخرى، وهلذا فهو أقلها أمهية، ومن هنا

(.194-193املصدر نفسه، ) 1 (.166) املصدر السابق، 2

يف طرق معرفة 1أمهله الشيخ ابن عاشور فلم يقل به، بل مل يذكره عندما خلص كالم الشاطيب

شور رى عبداجمليد النجار أن سقوط املسلك الرابع من تلخيص ابن عا.ا.هـ، وي2املقاصد"

والذي يظهر واهلل تعاىل أعلم أن ، 3"لعدم انتباهه له لتأخره يف كالم الشاطيب"لكالم الشاطيب

إعراض ابن عاشور عن هذا املسلك يرجع إىل:

أن تطبيقات هذا املسلك وجمال البحث فيه يتعلق جبهة التعبد هلل تعاىل "وبصفة أخص -1

إمنا قصد يف كتابه ]مقاصد الشريعة ، وابن عاشور4مبجال االبتداع يف الدين وعباداته"

، -حبسب اصطالحه يف التفريق بينهما -اإلسالمية[ الكالم عن أحكام الشريعة ال الدين

فكان جمال النظر عنده "خصوص البحث عن مقاصد اإلسالم من التشريع يف قوانني املعامالت

وا على وجود األحكام ، واليت يرى أنه كان "حقا على أئمة الفقه أن ال يساعد5واآلداب"

.6التعبدية" فيها

عاشور له، مقاصد الشريعة اإلسالمية، (. وانظر تلخيص ابن 313-2/296انظر كالم الشاطيب يف جهات معرفة املقاصد، املوافقات، ) 1

(195-196.)

(.306) ،الريسوني نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب، 2

انظر: مسالك الكشف عن مقاصد الشريعة بني الشاطيب وابن عاشور، النجار، مقال نشر مبجلة العلوم اإلسالمية الصادرة عن جامعة األمري 3

.هـ1407، العدد الثاني، عام (35احلاشية ) (42زائر، )عبدالقادر اإلسالمية بقسنطينة، اجل

(.306) ،الريسوني نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب،انظر: 4 (.175-174) ،ابن عاشور مقاصد الشريعة اإلسالمية، 5

(.244املصدر نفسه، ) 6

أن أصل البحث يف داللة سكوت الشارع عن شرع حكم للواقعة يعود إىل مسألة -2

التحسني والتقبيح العقليني، ووفق األصل املقرر بأن العقل ليس بشارع "فال يستقيم ختريج فروع

.1األحكام على قاعدة ممنوعة يف الشرع"

الل على املقاصد، وسكوت الشارع عن شرع احلكم قد تبنيه منهج القطع يف االستد -3

، وما كان كذلك فال يصح أن يكون دليال على 2يكون عفوا، وقد يكون استصحابا للحال

مقصد شرعي.

واعتبار ابن عاشور املنهج العقلي وقواعد االستقراء املنطقية يشكل تغريا يف مسار

ويظهر أثره يف الفكر اإلسالمي يف جانبني: التوجه املقاصدي عما قرره وقعده الشاطيب،

اجلانب األول: تقرير ظنية املقاصد، واتساع دائرهتا االصطالحية، وتعدد أصوهلا؛ إذ

م الشريعة ومقاصدها "ال ميكن حدها وال عدها، فهي تتكشف بتجدد الزمان، كأضحت ح

ند من يروم معرفتها وتنوع املكان، وتتجلى حبسب اختالف مناهج التعليل واالستنباط ع

.3والوقوف عليها"

ة جيعل حصر يرى احلسين أن توظيف االستقراء كأداة إلدراك مقاصد الشريعة اإلسالمي

ن "االستقراء مهما علت درجة إللمراجعة والتحقيق املستمر؛ إذ املقاصد الشرعية خاضعا

.(1/176) ،الزركشي انظر: املنثور يف القواعد الفقهية، 1انظر: ،كوت الشارع شيخ اإلسالم ابن تيمية يف جوابه عن فتوي اإلمام أمحد بإباحة قطع النخل ألنه مل يرد شرع حيظرهذكر هذا التوجيه لس 2

(.2/875املسودة يف أصول الفقه آلل تيمية، )

(.5مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، مقدمة أمحد العبادي للكتاب، ) 3

"؛ لعجز العامل عن فحص كل التصفح والتتبع فيه يظل استقراء ناقصا باملعنى املنطقي والعلمي

األفراد، قال احلسين: "هذا هو معنى االستقراء عند معظم العلماء املعاصرين، يفهمونه على أنه

ليس برهانا، وليست نتائجه يقينية، بل ليست نتائجه احتمالية باملعنى احملدد يف نظرية

ا.هـ، وهذا ما يظهر من .1االحتماالت الرياضية، وإمنا مبعنى الدرجة العالية من التصديق"

صنيع كثري من الباحثني يف جماالت تطبيق املقاصد:

إال -اليت قررها الشاطيب -فابن عاشور وإن مثل ألوجه املقاصد بالضروريات اخلمس

أنه وظفها يف دائرة اجتماعية أوسع قصد "حفظ نظام األمة واستدامة صالحه بصالح املهيمن

.4واملساواة 3، ومضيفا إليها السماحة2"-وهو نوع اإلنسان -عليه

ويرى أمحد اخلمليشي أن الضروريات اخلمس مبراتبها "غري كافية اآلن لالقتصار عليها،

-واختاذها مرجعا يف تنظيم اجملتمع، وعالقات أفراده" ويتساءل عن اعتبار "العدل مبفهوميه

جتماعية واالقتصادية والسياسية" ، واملساواة، وحرية الفرد، وحقوقه اال-الفردي واالجتماعي

ضمن املقاصد العليا للشريعة، مؤكدا على أن "األخذ مبثل هذه املقاصد" اجلديدة،

"واعتمادها مرجعية يف الوقت احلاضر؛ سيمكن الفكر اإلسالمي من املسامهة يف كثري من

.5مرافق التنظيم االجتماعي اليت ما يزال اآلن غائبا عنها"

(.91ر املقاصدي، احلسين، )مقاصد الشريعة وأسئلة الفك 1

(.273مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 2 (.268املصدر نفسه، ) 3 (.390،329املصدر نفسه، ) 4 (.2/126وجهة نظر، أمحد اخلمليشي، ) 5

العلواني فيحصر املقاصد الشرعية العليا احلاكمة يف ثالثة مقاصد هي: أما طه جابر

.1"التوحيد، والتزكية، والعمران"

بعد أن ذكر مجلة من الدعوات املعاصرة -وأما مجال الدين عطية يف تصوره للمقاصد

قال: "وحنن من جانب نأخذ - 2إىل مراجعة حصر املقاصد يف الضروريات اخلمس ومراتبها

وقد عدها أربعة وعشرين 3احنصار الكليات من حيث املبدأ، ومن حيث التطبيق"بعدم

.4مقصدا مقسمة على أربع جماالت

وهكذا خرجت املقاصد من كوهنا معامل ثابتة حمددة يف التشريع، لتكون مصطلحا عاما،

وبابا واسعا مفتوحا أمام الباحثني يف املقاصد يزيدون فيها ويبدلون.

ب الثاني: اعتبار العقل الفطري مصدرا من مصادر إدراك املقاصد، فالفكر اجلان

اليت تتسق وتتطابق -اجلسدية والعقلية -املقاصدي يقوم على "مجلة من اإلمكانات اإلنسانية

حبسب ما قرره ابن عاشور يف مقاصده -، وذلك أن الشريعة 5مع ما جاء به الشرع اإلسالمي"

، حافظة هلا من جانب الوجود بإقامتها يف نفو املكلفني، ومن جانب أتت مسايرة للفطرة -

العدم باحلماية من االحنراف عنها، قال احلسين: "لذا ال ميكن تفقه الشرع اإلسالمي إال على

(.167-133(، ومقاصد الشريعة، العلواني، )38-37انظر: اجلمع بني القراءتني قراءة الوحي وقراءة الكون، العلواني، ) 1 (.102-98حنو تفعيل املقاصد، مجال الدين عطية، ) 2 (.103املصدر نفسه، ) 3 (.172-139املصدر نفسه، ) 4 (.85مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 5

أسا دقيق وواضح من الوعي العميق ملكونات الفطرة اإلنسانية".ا.هـ، ووفق هذا فإن القيمة

ية إمنا تتحدد وفق تطابقها مع هذا العقل الفطري.املقاصدية للمقاصد الشرع

الثانياملبحث

ضوابط وقواعد يف املقاصد ومصادرها

كلي أو -ضبط إدراك املقاصد واعتبارها من األمهية مبكان؛ "ألن تعيني مقصد شرعي

.1اخلطأ فيه خطر عظيم" أمر تتفرع عنه أدلة وأحكام كثرية يف االستنباط، ففي -جزئي

استقراء كتاب ]املوافقات[ للشاطيب وكتاب ]مقاصد الشريعة اإلسالمية[ البن عاشور وب

دونه بعدمها علماء األصول ميكن للباحث استخراج ضوابط وقواعد معتربة يف إدراك وما

د والضوابط يف فرعني:املقاصد الشرعية؛ وتتلخص تلك القواع

قواعد مصادر تلقي املقاصد.األول: ضوابط و الفرع

الثاني: ضوابط وقواعد صفات املقاصد. الفرع

(.231) ،مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور 1

:املقاصداملطلب األول: ضوابط مصادر تلقي أوال: مصدر تلقي املقاصد الكتاب والسنة:

إن من "رام االطالع على كليات الشريعة، وطمع يف إدراك مقاصدها، واللحاق بأهلها" ال

بأن يتخذ القرآن الكريم "مسريه وأنيسه، وأن جيعله جليسه على مر سبيل له إىل حتقيق ذلك إال

"، وأن "يزاول ما يعينه على ذلك من السنة املبينة للكتاب"، -نظرا وعمال -األيام والليايل

.1مستنريا بكالم "األئمة السابقني، والسلف املتقدمني"

واحنصار تلقي املقاصد يف الكتاب والسنة يرجع إىل:

القرآن الكريم فيه بيان كل شيء، "فالعامل به على التحقيق عامل جبملة الشريعة، وال أن -1

ن ﴿ يعوزه منها شيء"، قال بيا با ت امكا ٱلكتا ا نلاا ناز واكح ا ل [.89]النحل: ﴾ ا

"على اختصاره وهو ،كان "تعريف القرآن باألحكام الشرعية أكثره كلي ال جزئي" لقد

مع، وال يكون جامعا إال واجملموع فيه أمور كليات؛ ألن الشريعة متت بتمام نزوله"؛ فإنه "ال جا

ينبغي يف االستنباط من القرآن االقتصار عليه دون النظر يف شرحه وبيانه؛ وهو السنة"؛ قال

﴿ هم لا إلا ا نحز ناس ما ا ل حباي كرا ل كا ٱل .2 [44]النحل: ﴾ إلا

النظر يف املقاصد وكليات الشريعة "نظر يف أمر شرعي، والعقل ليس بشارع"؛ كان -2

املعتمد "بالقصد األول األدلة الشرعية" السمعية، و"األدلة العقلية إذا استعملت يف هذا العلم

(.3/257انظر: املوافقات، الشاطيب، ) 1

(.276-3/274فسه، )انظر: املصدر ن 2

فإمنا تستعمل مركبة على األدلة السمعية، أو معينة يف طريقها، أو حمققة ملناطها، أو ما أشبه

.1"ذلك

"ويقوم اختصاص الوحي بالتشريع على أساسني ضروريني؛ يتعلق األول منهما بتوحيد اهلل

تعاىل وما يقتضيه من إفراد اهلل بالتشريع، وأنه حق خالص له ليس ألحد غريه أن يشاركه فيه.

وأما األسا الثاني فريتبط بطبيعة النفس البشرية وتكوينها املعريف احملدود، وما يقتضيه ذلك

.2من عدم إمكان استقالل اإلنسان بالتشريع لنفسه"

فأما األسا األول فواضح وجلي؛ إذ هو مقتضى تفرد اهلل تعاىل باخللق وامللك والتدبري،

مرح ﴿ قال اح ٱلاقح واٱل لا لا

ا [.54]األعراف: ﴾ أ

اللة على طرق وأما الثاني فإن "البشر ال ميكنهم أن يدركوا ما ختتص به الشرائع من الد

، 3التعبد هلل تعاىل، كما ال ميكنهم أن يستقلوا بالتشريع ألنفسهم فيما يتعلق بأمور املعامالت"

وبيان ذلك:

،فيما يتعلق بالعبادات فإن اختصاص الوحي هبا راجع إىل أهنا "حق اهلل على عباده

، والواقع يشهد 4لشرع"واهلل ال يعبد إال مبا حيب ويرضى، وما حيبه اهلل ويرضاه إمنا يعرف با

بذلك فإن وجوه التعبدات يف أزمنة الفرتات مل يهتد إليها العقالء بعقوهلم، قال الشاطيب: "فقد

(.24-1/23انظر: املصدر السابق، ) 1

(.163املعرفة يف اإلسالم مصادرها وجماالهتا، القرني، ) 2 (.165املصدر نفسه، ) 3 (.166املصدر السابق، ) 4

رأيت الغالب فيهم الضالل فيها، واملشي على غري طريق، ومن ثم حصل التغيري فيما بقي من

بدرك معانيها وال الشرائع املتقدمة؛ وهذا مما يدل داللة واضحة على أن العقل ال يستقل

بوضعها، فافتقرنا إىل الشريعة يف ذلك. وملا كان األمر كذلك عذر أهل الفرتات يف عدم

ول ﴿اهتدائهم؛ فقال تعاىل نابعاثا راسح ت بيا حا ذ عا نا مح ا كح [، وقال 15]اإلسراء: ﴾ واما

ل ﴿تعاىل نرسح ينا وامح باش م ونا ل ال ياكح رينا ل ذ ة باعدا ٱلرسح ج حح ا ٱلل ﴾ ناس لعا

[، ...ولذلك كان الواقف مع جمرد االتباع فيه أوىل بالصواب، وأجرى على 165]النساء:

.1طريقة السلف الصاحل"

ومن هنا كان التعبد هلل تعاىل بغري ما شرع هو حقيقة البدعة؛ قال الشاطيب: "فالبدعة

لدين خمرتعة، تضاهي الشريعة، يقصد بالسلوك عليها املبالغة يف إذن عبارة عن: طريقة يف ا

.2التعبد هلل سبحانه"

وأما ما يتعلق باملعامالت، فإنه وإن أدركت العقول املصاحل واملفاسد فيها؛ إال أنه إدراك

إمجايل أما تفاصيل حتصيلها وجودا وعدما فإن ذلك مما خيتلف فيه النا اختالفا كبريا؛

ع ذلك طبيعة النفس البشرية، وما يعرتيها من عجزهم عن: تصور الغايات، واحلكم، ومرج

(.2/231املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.1/47االعتصام، الشاطيب، ) 2

ومالءمة ذلك لكل األحوال واألزمان واألشخاص، هذا من جانب، ثم غلبة اهلوى عليهم يف

.1النظر إىل املصاحل واملفاسد"

أن النظر يف مقاصد التشريع هو يف حقيقته نظر يف مقاصد الشارع سبحانه، وإدراك -3

عمل مبقتضاه، -بأي طريق كان -تلك املقاصد ال يكون إال بدليل؛ "فإذا ظهر مراده ووضح

سواء كان بإشارة ، أو كتابة، أو بإمياءة، أو داللة عقلية، أو قرينة حالية، أو عادة مطردة ال

، ومعرفة كل ذلك يف حقه سبحانه ال2يخل هبا، أو من مقتضى كماله وكمال أمسائه وصفاته"

، فيلزم من ذلك حصر النظر فيهما نظرا -الكتاب والسنة النبوية -يكون إال عن طريق الوحي

كليا وجزئيا، قال الشاطيب: "ملا ثبت أن العلم املعترب شرعا هو ما ينبين عليه عمل؛ صار ذلك

يعلمه يف منحصرا فيما دلت عليه األدلة الشرعية، فما اقتضته فهو العلم املطلوب من املكلف أن

اجلملة، وهذا ظاهر، غري أن الشأن أمنا هو يف حصر األدلة الشرعية؛ فإذا احنصرت احنصرت

.3مدارك العلم الشرعي"

ثانيا: اعتبار القطعية يف الداللة على املقاصد الشرعية:

إما أن يكون دليال ظنيا أو قطعيا، وكونه " األمر مقصدا شرعيا يف اعتبار ن املستندإ

.4ا باطل، مع أنه أصل من أصول الشريعة، بل هو أصل أصوهلا"ظني

(.173-163وجماالهتا، القرني، ) انظر بيان ذلك: املعرفة يف اإلسالم مصادرها 1

(.1/167ابن القيم: إعالم املوقعني عن رب العاملني، ) 2

(.1/64املوافقات، الشاطيب، ) 3

(.2/37املوافقات، الشاطيب، ) 4

األدلة النقلية؛ قال الشاطيب: إدراك املقاصدوملا كان املقرر عتد الشاطيب أن املعتمد يف

"فإذا ثبت هذا فكون هذا األصل مستندا إىل دليل قطعي مما ينظر فيه، فال خيلو أن يكون

ع له هنا ألن ذلك راجع إىل حتكيم العقول يف األحكام الشرعية عقليا أو نقليا؛ فالعقلي ال موق

.ا.هـ، ووجود القطع فيها متوقف على تواتر السند 1وهو غري صحيح، فال بد أن يكون نقليا"

وعدم احتمال الداللة؛ وملا كان ذلك كذلك عاجل الشاطيب هذا اإلشكال باعتبار التواتر املعنوي

لنقلية.يف جهيت القطعية يف األدلة ا

فأما جهة تواتر النقل فقد عاجله الشاطيب بطريقة االستقراء، قال الشاطيب: "فلم يعتمد

النا يف إثبات قصد الشارع يف هذه القواعد على دليل خمصوص، وال على وجه خمصوص، بل

حصل هلم ذلك من الظواهر والعمومات، واملطلقات واملقيدات، واجلزئيات اخلاصة، يف أعيان

، ووقائع خمتلفة، يف كل باب من أبواب الفقه، وكل نوع من أنواعه، حتى ألفوا أدلة الشريعة خمتلفة

كلها دائرة على احلفظ على تلك القواعد، هذا مع ما ينضاف إىل ذلك من قرائن أحوال منقولة

.2وغري منقولة"

معهود العرب يف وأما جهة الداللة فعاجل الشاطيب إشكال القطع واحتمالية الداللة باعتبار

داللة األلفاظ؛ إذ أن القرآن نزل بلسان العرب على اجلملة، فطلب فهمه إمنا يكون من هذه

م ﴿يقول الطريق خاصة؛ ألن اهلل ب را ا هح قحرءنا لنا نزااا أ ﴿ [، وقال 2]يوسف: ﴾ا إن

انح سا م ل جا اه أ ونا إلا دح ح ي يح ٱل ا ل ذا ها بي وا ب م را ا ان [، وقال 103]النحل: ﴾ سا

(.2/38املصدر نفسه، ) 1 (.2/39املصدر السابق، ) 2

﴿ اميا ٱلعا ازني ح راب ۥ لا ميح ١٩٢إونهحاوحح ٱل ه ٱلر لا ب ونا ١٩٣نازا اكح بكا ل

قا ا لعارينا نذ ب ١٩٤منا ٱلمح را ا ان سا بي ب [، قال الشاطيب: "فإن 195-192]الشعراء: ﴾ م

القرآن نزل بلسان العرب، وإنه عربي، وإنه ال عجمة فيه، فبمعنى أنه أنزل على لسان قلنا: إن

معهود العرب يف ألفاظها اخلاصة، وأساليب معانيها، وإهنا فيما فطرت عليه من لساهنا:

ختاطب بالعام يراد به ظاهره، وبالعام يراد به العام يف وجه واخلاص يف وجه، وبالعام يراد به

لظاهر يراد به غري الظاهر، وكل ذلك يعرف من أول الكالم أو وسطه أو آخره، اخلاص، وا

وتتكلم بالكالم ينبئ أوله عن آخره، أو آخره عن أوله، وتتكلم بالشيء يعرف باملعنى كما يعرف

باإلشارة، وتسمي الشيء الواحد بأمساء كثرية، واألشياء الكثرية باسم واحد، وكل هذا

ترتاب يف شيء منه هي وال من تعلق بعلم كالمها. فإذا كان كذلك فالقرآن معروف عندها، ال

يف معانيه وأساليبه على هذا الرتتيب، ...والذي نبه على هذا املأخذ يف املسألة هو

الشافعي اإلمام يف رسالته املوضوعة يف أصول الفقه، وكثري ممن أتى بعده مل يأخذها هذا

.1باهلل التوفيق"املأخذ، فيجب التنبه لذلك. و

ويبنى على هذين الضابطني قاعدة: أن "كل أصل شرعي مل يشهد له نص معني وكان

مالئما لتصرفات الشرع ومأخوذا معناه من أدلته فهو صحيح؛ يبنى عليه، ويرجع إليه، إذا كان

.2األصل قد صار مبجموع أدلته مقطوعا به"

(.51-2/50املصدر السابق، ) 1 (.1/27املصدر نفسه، ) 2

املطلب الثاني: ضوابط وقواعد صفات املقاصد:واملراد بالعموم واالطراد عدم تعلق املقاصد الشرعية يف األحكام أوال: العموم واالطراد:

بتغري الزمان واملكان واألحوال واألشخاص، قال الشاطيب: "إذا ثبت أن الشارع قد قصد

بالتشريع إقامة املصاحل األخروية والدنيوية؛ فذلك على وجه ال خيتل هلا به نظام؛ ال حبسب

ال حبسب اجلزء، وسواء يف ذلك ما كان من قبيل الضروريات أو احلاجيات أو الكل و

التحسينيات، فإهنا لو كانت موضوعة حبيث ميكن أن خيتل نظامها أو ختتل أحكامها مل يكن

التشريع موضوعا هلا، إذ ليس كوهنا مصاحل إذ ذاك بأوىل من كوهنا مفاسد، لكن الشارع قاصد

اإلطالق؛ فالبد أن يكون وضعها على ذلك الوجه أبديا وكليا وعاما هبا أن تكون مصاحل على

.1يف مجيع أنواع التكليف واملكلفني ومجيع األحوال، وكذلك وجدنا األمر فيها"

والعتبار االطراد يف املقاصد وجوه ثالثة:

يف الوجه األول: أصل التشريع وغايته: فإن غاية التشريع وحكمته أن تقع أفعال املكلفني

الوجود على وفق ما قصد الشارع سبحانه، وهذا التوافق بني مقاصد الشارع ومقاصد

املكلف ال ميكن حتصيله إال باطراد تلك املقاصد الشرعية؛ إذ لو مل تتسم املقاصد باالطراد

لكان التكليف مبوافقة مقاصد املكلفني مقاصد الشارع من تكليف ما ال يطاق؛ "إذ هو مكلف

(.29-2/28بق، )املصدر السا 1

لم، وال سبيل له إىل الوصول إليه، فلو كلف به لكلف مبا ال يقدر على االمتثال فيه، وهو مبا ال يع

.1عني احملال إما عقال وإما شرعا"

إن انتفاء االطراد يؤدي إىل اجلهل مبقصود الشارع، "وبيانه: أن العلم املطلوب إمنا يراد

كانت األعمال قلبية، أو لسانية، أو -بالفرض لتقع األعمال يف الوجود على وفقه من غري ختلف

فإذا جرت يف املعتاد على وفقه من غري ختلف فهو حقيقة العلم بالنسبة -من أعمال اجلوارح

.2إليه، وإال مل يكن بالنسبة إليه علما لتخلفه، وذلك فاسد، ألنه من باب انقالب العلم جهال"

االستقراء: إدراك املطرد يف نصوص الوجه الثاني: خاصية االستقراء وداللته: إذ خاصية

وأحكام الشارع واعتبارها،و"عدم االطراد يقوي جانب االطراح ويضعف جانب االعتبار، إذ

النقص فيه يدل على ضعف الوثوق بالقصد املوضوع عليه ذلك العلم، ويقربه من األمور االتفاقية

.3الواقعة عن غري قصد، فال يوثق به وال يبنى عليه"

ثالث: مقتضى العلم باملقاصد الشرعية، فإن مقتضى العلم باملقاصد الشرعية الوجه ال

العمل "الذي ال خيلي صاحبه جاريا مع هواه كيفما كان، بل هو املقيد لصاحبه مبقتضاه، احلامل

، وضبط أفعال املكلفني هبا وترتب اآلثار عليها يستلزم اطرادها 4له على قوانينه طوعا وكرها"

(.4/214املصدر السابق ) 1 (.1/70املصدر نفسه، ) 2 (.1/55املصدر نفسه، ) 3 (.1/47املصدر السابق، ) 4

ا، إذ لو مل تكن مطردة ملا أمكن االحتكام إليها، وترتب اآلثار من الصحة والبطالن وعدم ختلفه

والثواب والعقاب عليها.

وال يشكل على االطراد ختلف بع اجلزئيات؛ إذ أن "الغالب األكثري معترب يف الشريعة

يات يف اعتبار العام القطعي"، ووجه اعتبار الغالب األكثري وانتفاء أثر ختلف بع اجلزئ

االطراد:

أن "املتخلفات اجلزئية ال ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت". -

كما أن ختلف تلك اجلزئيات عن الكلي الثابت إمنا هو "حلكم خارجة عن مقتضى -

الكلي، فال تكون داخلة حتته أصال" أو يكون "عارضها على اخلصوص ما هي به أوىل".

االستقرائية الوضعية، ال يشرتط هلا االستقراء التام. كما أن الكليات الشرعية كليات -

ويراد به عدم ارتفاعها إلغاء أو تبديال، فهي أبدية ال تزول، ثانيا: الثبات وعدم النسخ:

باقية على الصفة اليت أرادها الشارع سبحانه، "راسخة األسا ، ثابتة األركان، ال تتعارض مع

ك حاجة إىل تغيريها وتبديلها؛ وذلك ألهنا مراعية حلاجة حال أو مكان وزمان حتى يكون هنا

.1كل مكان وزمان وحال على أحسن الوجوه وأكملها"

والعتبار الثبات وعدم النسخ وجوه:

الوجه األول: أن الثبات وعدم النسخ الزم من لوازم االطراد؛ وذلك أن اكتساب املقاصد

صح فيها النسخ النتفى عنها االطراد. لصفة االطراد يلزم منه ثباهتا وعدم نسخها، ولو

(.233علم مقاصد الشارع، عبدالعزيز بن ربيعة، ) 1

الوجه الثاني: مقتضى اكتمال الدين وختم الرسالة، فإن مقتضى ذلك ثبات األحكام

وبقاؤها إىل أن يرث اهلل األرض ومن عليها، ولو كانت املقاصد الشرعية ال تتسم بالثبات لكان

م ﴿ الدين ناقصا البد من تكميله، ولبقيت الرسالة قائمة، وقد قال تح لاكح كمااٱلاوما أ

ما دين مح ٱلسلا متح لاكح راض ت وا عما م ن امكح ا متح تمااأ م وا ديناكح [، قال 3]املائدة: ﴾ ا

ابن كثري: "هذه أكرب نعم اهلل عز وجل على هذه األمة؛ حيث أكمل تعاىل هلم دينهم، فال

يهم صلوات اهلل وسالمه عليه، وهلذا جعله اهلل خامت حيتاجون إىل دين غريه، وال إىل نيب غري نب

األنبياء، وبعثه إىل اإلنس واجلن، فال حالل إال ما أحله، وال حرام إال ما حرمه، وال دين إال ما

قال ابن عاشور: "فإكمال الدين هو إكمال البيان املراد هلل تعاىل الذي اقتضت .1شرعه"

االعتقاد اليت ال يسع املسلمني جهلها، وبعد تفاصيل احلكمة تنجيمه، فكان بعد نزول أحكام

أحكام قواعد اإلسالم اليت آخرها احلج بالقول والفعل، وبعد بيان شرائع املعامالت وأصول

امكا ﴿قد مت البيان املراد هلل تعاىل يف قوله -كان بعد ذلك كله -النظام اإلسالمي ا نلاا ناز وان بيا با ت ٱلكتا ا ل

كح هم ﴿ [، وقوله89]النحل: ﴾ ا لا إلا ا نحز ناس ما ا ل حباي ﴾ ل

[، حبيث صار جمموع التشريع احلاصل بالقرآن والسنة كافيا يف هدي األمة يف 44]النحل:

هـ.،.ا2عبادهتا ومعاملتها وسياستها يف سائر عصورها، حبسب ما تدعو إليه حاجتها"

ت تغري الفتوى بتغري احلال أو املكان والزمان؛ فإن ذلك جار على وال يشكل على الثبا

حفظ مقاصد الشارع ال اإلخالل هبا، قال الشاطيب: "واعلم أن ما جرى ذكره هنا من

(.3/26تفسري القرآن العظيم، ابن كثري، ) 1 (.6/103التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 2

اختالف األحكام عند اختالف العوائد فليس يف احلقيقة باختالف يف أصل اخلطاب؛ ألن

، والتكليف كذلك مل -اء الدنيا من غري هناية لو فرض بق -الشرع موضوع على أنه دائم أبدي

حيتج يف الشرع إىل مزيد، وإمنا معنى االختالف أن العوائد إذا اختلفت رجعت كل عادة إىل

.ا.هـ؛ ووجه ذلك: أن "اقتضاء األدلة لألحكام بالنسبة إىل 1أصل شرعي حيكم هبا عليه"

حمالها على وجهني:

وهو الواقع على احملل جمردا عن -ء العوارض أحدمها: االقتضاء األصلي قبل طرو

كاحلكم بإباحة الصيد، والبيع، واإلجارة، وسن النكاح، وندب الصدقات -التوابع واإلضافات

غري الزكاة، وما أشبه ذلك.

كاحلكم -وهو الواقع على احملل مع اعتبار التوابع واإلضافات -والثاني: االقتضاء التبعي

ال أرب له يف النساء، ووجوبه على من خشي العنت، وكراهية الصيد ملن بإباحة النكاح ملن

، فالتغري يف الفتوى 2قصد فيه اللهو، وكراهية الصالة ملن حضره الطعام أو ملن يدافعه األخبثان"

إمنا يطرأ يف االقتضاء التبعي على الوقائع اجلزئية باعتبار ما حيتف هبا من توابع وإضافات

قتضاء األصلي ثابت كما هو، قال الشاطيب: "فعلى هذا ختلف آحاد عارضة مع بقاء اال

اجلزئيات عن مقتضى الكلي إن كان لغري عارض فال يصح شرعا، وإن كان لعارض فذلك راجع

(.2/217قات، )الشاطيب: املواف 1 (.3/58املصدر السابق، ) 2

إىل احملافظة على ذلك الكلي من جهة أخرى، أو على كلي آخر؛ فاألول يكون قادحا ختلفه يف

.1قادحا" الكلي، والثاني ال يكون ختلفه

ن:ان التاليتاويبنى على هذين الضابطني القاعدت

ملقاصد الشرعية، أو الزيادة فيها.القاعدة األوىل: عدم وقوع النسخ يف ا

وهذه القاعدة حمل نظر عند أتباع التوجه املقاصدي املعاصر؛ إذ يرون أن ال حرج يف أن

أقرها األصوليون، فليس "املهم الثبات تزيد الضروريات اليت جاء الشرع حبفظها عن اخلمس اليت

على العدد"، وال "ينبغي أن خناف ممن يزيد" فيه، "ولكن ننظر هل يزيد حلساب الشريعة، أو

. 2على حساب الشريعة؟"

إن موقف التوجه املقاصدي املعاصر من ثبات املقاصد وقابليتها للزيادة خيرجها من دائرة

دائرة املتغريات، وهبذا تفقد املقاصد صفة االحتكام إليها الثوابت يف الشريعة اإلسالمية إىل

وصالحيتها لالستدالل، وتصبح بابا إلدراج مقاصد جديدة حبجة أن الواقع والزمان تغير، ومن

.3مسة املقاصد قبوهلا التغري

(.2/49املصدر نفسه، ) 1انظر: مقاصد الشريعة اإلسالمية واالجتهاد حبوث منهجية ومناذج تطبيقية، جمموعة حبوث، حترير: جاسر عودة، تعقيب: عبداحلميد مدكور، 2

(246.) صد اجلمال"، ويثور هنا تساؤل حول هذه الدعوة واعتبار التحسني من األمثلة على ذلك ما دعى إليه حممد هيثم اخلياط من إضافة "مق 3

والتقبيح العقليني مقصدا من مقاصد التشريع. ]انظر: مقاصد الشريعة اإلسالمية واالجتهاد حبوث منهجية ومناذج تطبيقية، جمموعة حبوث،

(.255حترير: جاسر عودة، تعقيب: حممد هيثم اخلياط، )

القاعدة الثانية: تنزيل حفظ املقاصد "يف كل حمل على وجه واحد ال ميكن، بل ال بد من

.1ار خصوصيات األحوال واألبواب، وغري ذلك من اخلصوصيات اجلزئية"اعتب

(.4/166)املوافقات، الشاطيب، 1

الباب الثاني

ل االستدالالفهم ومنهج يف الفكر املقاصدي

ويشتمل على املبحثني التاليني:

املبحث األول: منهج االستدالل واعتبار املقاصد دليال مستقال.

قاصدي من تعارض األدلة والرتجيح املبحث الثاني: موقف الفكر امل

بينها.

األولالفصل

منهج االستدالل والرتجيح يف الفكر املقاصدي

املبحث األول

منهج االستدالل واعتبار املقاصد دليال مستقال

مل خترج مباحث االستدالل وأصوله عند أتباع التوجه املقاصدي عما تناوله علماء أصول

"واملسمى الفقه يف اجلملة، وقد بين اآلمدي أصول األدلة الشرعية يف الفقه اإلسالمي فقال:

بالدليل الشرعي منقسم إىل ما هو صحيح يف نفسه وجيب العمل به، وإىل ما ظن أنه دليل

صحيح وليس هو كذلك.

أما القسم األول: فخمسة أنواع؛ وذلك أنه إما أن يكون واردا من جهة الرسول. أو ال من

جهته:

قبيل ما ال يتلى؛ فإن كان فإن كان األول فال خيلو: إما أن يكون من قبيل ما يتلى، أو من

من قبيل ما يتلى فهو الكتاب، وإن كان من قبيل ما ال يتلى فهو السنة.

وإن مل يكن واردا من جهة الرسول فال خيلو: إما أن يشرتط فيه عصمة من صدر عنه،

أو ال يشرتط ذلك؛ فإن كان األول فهو اإلمجاع.

رته حبمل معلوم على معلوم يف حكم بناء على وإن كان الثاني فال خيلو: إما أن تكون صو

جامع، أو ال يكون كذلك؛ فإن كان األول فهو القيا ، وإن كان الثاني فهو االستدالل.

وكل واحد من هذه األنواع فهو دليل لظهور احلكم الشرعي عندنا به، واألصل فيها إمنا

والسنة خمربة عن قوله تعاىل هو الكتاب؛ ألنه راجع إىل قول اهلل تعاىل املشرع لألحكام،

وحكمه، ومستند اإلمجاع فراجع إليهما، وأما القيا واالستدالل فحاصله يرجع إىل التمسك

مبعقول النص أو اإلمجاع، فالنص واإلمجاع أصل، والقيا واالستدالل فرع تابع هلما.

ومذهب وأما القسم الثاني، وهو ما ظن أنه دليل وليس بدليل فكشرع من قبلنا،

.1الصحابي، واالستحسان، واملصلحة املرسلة، على ما الكالم فيه"

فأصول األدلة يف الفقه اإلسالمي تنقسم إىل قسمني:

القسم األول: األدلة املتفق عليها، وهي الكتاب، والسنة، واإلمجاع، والقيا ، وعد

نواع اخلمسة بتقسيم واضح اآلمدي االستدالل دليال خامسا، وبين وجه حصر األدلة يف هذه األ

جلي.

القسم الثاني: األدلة املختلف فيها، ويرى اآلمدي أهنا ليست بدليل، وهي ما عدا تلك

األنواع اخلمسة يف القسم األول.

ويلحظ يف كالم اآلمدي وعرضه ألوجه احنصار األدلة يف األنواع اخلمسة إشارة إىل ترتيب

نة، ثم اإلمجاع، ثم القيا ، ثم االستدالل (، كما أن فيه األدلة يف االعتبار ) الكتاب، ثم الس

ملراتب القوة يف األدلة والعالقة بينها، فمن حيث القوة فالكتاب والسنة واإلمجاع أصول، بيانا

والقيا واالستدالل توابع، ومن حيث العالقة فالكتاب أصل بذاته، والسنة بيان له، واإلمجاع

قيا واالستدالل متسك مبعقول النص واإلمجاع.دليل على وجود النص، وال

(.1/211اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، ) 1

ويتحدد موقف أتباع التوجه املقاصدي جتاه أصول االستدالل تلك يف إطار رؤيتهم

املقاصدية اليت تبنوها وجعلوا مدار أصول الفقه عليها.

مرت فكرة املقاصد ضمن الدائرة األصولية من حيث االتساع مبراحل ثالث: األوىل: لقد

جزءا من مبحث العلة يف القيا . واملرحلة الثانية: اعتبارها قسما مستقال يف علم اعتبارها

.1أصول الفقه. والثالثة: الدعوة إىل استقالليتها عن علوم أصول الفقه واعتبارها أصل األصول

وتعد املرحلة الثانية واليت كانت على يد الشاطيب هي نقطة التحول يف الفكر املقاصدي،

سبت املقاصد مكانة يف أصول االستدالل، وعليها بنى التوجه الفكري املعاصر رؤيته وفيها اكت

ألصول االستدالل. املقاصدية

(37-23انظر: هذا البحث ) 1

:التأصيلاملطلب األول: أصول االستدالل يف مرحلة تتضح مالمح الرؤية الشاطبية لالستدالل من جانبني: األول: أصول األدلة. والثاني:

م.اقتضاء الدليل للحك

اجلانب األول: أصول األدلة:

قال الشاطيب: "األدلة الشرعية ضربان: أحدمها: ما يرجع إىل النقل احمل ، والثاني: ما

يرجع إىل الرأي احمل ، وهذه القسمة هي بالنسبة إىل أصول األدلة؛ وإال فكل واحد من

ظر، كما أن الرأي ال يعترب الضربني مفتقر إىل اآلخر؛ ألن االستدالل باملنقوالت البد فيه من الن

شرعا إال إذا استند إىل النقل. فأما الضرب األول: فالكتاب والسنة. وأما الثاني: فالقيا

، فيلحق بالضرب -إما باتفاق وإما باختالف -واالستدالل. ويلحق بكل واحد منهما وجوه

ألن ذلك كله وما األول: اإلمجاع على أي وجه قيل به، ومذهب الصحابي، وشرع من قبلنا؛

يف معناه راجع إىل التعبد بأمر منقول صرف ال نظر فيه ألحد. ويلحق بالضرب الثاني:

االستحسان، واملصاحل املرسلة؛ إن قلنا أهنا راجعة إىل أمر نظري، وقد ترجع إىل الضرب

.ا.هـ، 1األول إن شهدنا أهنا راجعة إىل العمومات املعنوية"

مالمح أصول االستدالل وطرائقه عنده فيما يلي: دتتحدومن خالل هذا النص

حصر الشاطيب طرائق االستدالل يف نوعني: الطرائق النقلية، والطرائق العقلية: -1

(.30-3/29لشاطيب، )ااملوافقات، 1

فأما الطريق النقلي، وهو ما كان مستند حتصيله النقل، فهو على نوعني: النوع األول: ما

، ملسو هيلع هللا ىلصالثاني: ما مل يرد من جهته ، وهو الكتاب، والسنة. والنوع ملسو هيلع هللا ىلصكان واردا من جهة الرسول

وهو اإلمجاع، وقول الصحابي، وعمل أهل املدينة، وشرع من قبلنا.

وأما الطريق الثاني: الطريق العقلي، وهو ما كان مستند حتصيله الرأي، فهو أيضا على

نوعني: النوع األول: ما كان مستندا إىل خطاب شرعي، وهو القيا . والنوع الثاني: ما مل يكن

مستندا إىل خطاب شرعي، وهو االستصحاب، واالستحسان، واملصاحل املرسلة، وسد

الذرائع.

وما متيزت به الرؤية الشاطبية أنه جعل مستند هذا الطريق استقراء النصوص واألحكام

الشرعية ومقاصدها.

ة إىل التكامل بني األدلة النقلية واألدلة العقلية: قال الشاطيب: "وهذه القسمة هي بالنسب -2

أصول األدلة، وإال فكل واحد من الضربني مفتقر إىل اآلخر؛ ألن االستدالل باملنقوالت البد فيه

ا.هـ.1من النظر، كما أن الرأي ال يعترب شرعا إال إذا استند إىل النقل"

ويقرر الشاطيب هذا التكامل بقوله: "األدلة الشرعية ال تنايف قضايا العقول، والدليل على

، وذكر مخسة أوجه:2وجوه"ذلك من

(.3/19، )ملصدر السابقا 1

(.23-3/19السابق، ) املصدرانظر الوجوه اخلمسة، واجلواب عن االعرتاضات عليها: 2

األول منها: اتفاق العقالء على اعتبار األدلة الشرعية، "وبيان ذلك: أن األدلة إمنا نصبت

يف الشريعة لتتلقاها عقول املكلفني حتى يعملوا مبقتضاها من الدخول حتت أحكام التكليف، ولو

نافتها مل تتلقها فضال عن أن تعمل مبقتضاها".

التكليف مبا ال يطاق يف الشريعة، ولو جاءت الشريعة مبنافاة قضايا العقول والثاني: انتفاء

"لكان التكليف مبقتضاها تكليفا مبا ال يطاق، وذلك من جهة التكليف مبا ال يصدقه العقل وال

يتصوره؛ بل يتصور خالفه ويصدقه".

لعدم وجود العقل والثالث: أن مناط التكليف هو العقل، فإذا فقد العقل ارتفع التكليف

املصدق باألدلة، ولو جاءت األدلة الشرعية على خالف ما يقتضيه العقل "لكان لزوم التكليف

على العاقل أشد من لزومه على املعتوه والصيب والنائم؛ إذ ال عقل هلؤالء يصدق أو ال يصدق،

خبالف العاقل الذي يأتيه ما ال ميكن أن يصدق به".

ن الوحي مل يعرتضوا على الشريعة وأحكامها مبخالفتها ملقتضى والرابع: أن الكفار زم

، فلما مل يكن من ذلك شيء دل على أهنم عقلوا ملسو هيلع هللا ىلصالعقل مع حرصهم على رد ما جاء به النيب

ما فيه، وعرفوا جريانه على مقتضى العقول".

راجحة واخلامس: االستقراء، فإن املستقري ألحكام األدلة الشرعية جيد أن العقول ال

مصدقة ومنقادة هلا طوعا أو كرها، وهذا التصديق واالنقياد دليل "كوهنا جارية على مقتضى

العقول".

والعقل تابع له، قال الشاطيب: "األدلة التكامل باعتبار النقل أصالويضبط الشاطيب هذا

أو معينة يف العقلية إذا استعملت يف هذا العلم فإمنا تستعمل مركبة على األدلة السمعية،

.ا.هـ، فتكون بذلك األدلة النقلية ) النص 1طريقها، أو حمققة ملناطها، أو ما اشبه ذلك"

واإلمجاع ( أصوال، واألدلة العقلية ) القيا واالستدالل ( توابع هلا يف االستدالل.

وفق ما تقدم حيدد الشاطيب األصل املعتمد عنده يف االستدالل، فأصول األدلة النقلية -3

والعقلية عنده ترجع إىل ) الكتاب، والسنة (؛ قال الشاطيب: "ثم نقول إن األدلة الشرعية يف

]الرأي احمل [؛ ألنا مل نثبت الضرب الثاني]النقل احمل [ أصلها حمصورة يف الضرب األول

.2بالعقل، وإمنا اثبتناه باألول، وإذا كان كذلك فاألول هو العمدة"

مجيع أصول األدلة ترجع إىل أصل الكتاب، قال الشاطيب: بل يذهب الشاطيب إىل أن -4

"فكتاب اهلل تعاىل هو أصل األصول، والغاية اليت تنتهي إليها أنظار النظار، ومدارك أهل

امكا ﴿ .ا.هـ، واستدل على ذلك بقول اهلل 3االجتهاد، وليس وراءه مرمى" ا نلاا ناز وان بيا با ت ٱلكتا

كح ا ل د ا راحاة ى واهح سميا وا مح ى ل حشا ب [، وقوله 89]النحل: ﴾ وا

﴿ ا ب من طناا ف ٱلكتا ا فار .4 [38]األنعام: ﴾ م

(.24-1/23السابق، ) املصدر 1 ( ما بني القوسني ليس من كالم الشاطيب.3/30) ،املصدر نفسه 2

(.3/31، )املصدر السابق 3والصواب أن املراد "أن تفسري الكتاب يف سورة األنعام يف هذه اآلية بالقرآن خطأ وقال: -يرمحه اهلل تعاىل-يرى الشيخ حممد بن عثيمني 4

ا لكل ين تب كتب لٱ ك علي نا ونزل ﴿ بأبلغ من النفي وهو قوله بالكتاب هنا اللوح احملفوظ، وأما القرآن فإن اهلل تعاىل وصفه

ويظهر أثر هذه الرؤية يف صنيع الشاطيب يف ]املوافقات[؛ فإنه عند ذكره لألدلة بالتفصيل مل

طيب: "الطرف الثاني يف األدلة على التفصيل وهي: يذكر سوى أصلي الكتاب والسنة، قال الشا

الكتاب، والسنة، واإلمجاع، والرأي. وملا كان الكتاب والسنة مها األصل ملا سوامها اقتصرنا

.1على النظر فيهما"

ووجه حصر األدلة يف ) الكتاب والسنة ( كوهنما مستند األحكام التكليفية من جهتني:

يان ألحكام تكليفية جزئية فرعية.األوىل: ما ورد فيهما من ب

والثانية: ما ورد فيهما من داللة على قواعد ومقاصد تستند إليها األحكام اجلزئية

.2الفرعية

هو أصل األدلة، وإليه املنتهى، فالبد أن يكون مشتمال على ملا كان كتاب اهلل -5

، فأصول 3يا أو غريه"أصول الشريعة، "فال يصح أن يفقد بعضها حتى يفتقر إىل إثباهتا بق

األحكام التكليفية يف الرؤية الشاطبية كلها وردت يف القرآن الكريم.

داللة الكتاب على األحكام الشرعية إما أن تكون داللة مطلقة أو مقيدة، قال الشاطيب: -6

"كل دليل شرعي ثبت يف الكتاب مطلقا غري مقيد، ومل جيعل له قانون وال ضابط خمصوص؛ فهو

ء شي من كتب لٱ في نا ما فرط ﴿فهذا أبلغ وأبني من قوله ؛﴾ لمني مس رى لل وبش مة ورحى وهد ء شي .ا.هـ "﴾

.[(7، )] اإلبداع يف بيان كمال الشرع وخطر االبتداع

(.3/257املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.3/30) املصدر السابق،انظر: 2 (.3/4انظر: املصدر نفسه، ) 3

معنى معقول وكل إىل نظر املكلف، وهذا القسم أكثر ما جتده يف األمور العادية اليت راجع إىل

، والظلم، -يف املأمورات -هي معقولة املعنى؛ كالعدل، واإلحسان، والعفو، والصرب، والشكر

.-يف املنهيات -والفحشاء، واملنكر، والبغي، ونق العهد

جعل له قانون وضابط، فهو راجع إىل معنى وكل دليل ثبت فيها مقيدا غري مطلق، و

تعبدي ال يهتدي إليه نظر املكلف لو وكل إىل نظره، إذ العبادات ال جمال للعقول يف أصلها فضال

عن كيفياهتا، وكذلك يف العوارض الطارئة عليها ألهنا من جنسها، وأكثر ما يوجد يف األمور

ملدنية؛ ألهنا يف الغالب تقييدات لبع ما تقدم العبادية. وهذا القسم الثاني كثري يف األصول ا

.1إطالقه، أو إنشاء أحكام واردات على أسباب جزئية"

ملا كانت آيات الكتاب املدنية يف غالبها "تقييدات لبع ما تقدم إطالقه، أو إنشاء -7

أحكام واردات على أسباب جزئية"، وما ورد منها أصال كليا جتده بعد التأمل "جزئيا

ورد قبال يف اآليات املكية، ملا كانت كذلك 2سبة إىل ما هو أعم منه، أو تكميال ألصل كلي"بالن

قرر الشاطيب أن أصول الشريعة يف حفظ الضروريات اخلمس قد جاء يف القرآن املكي قبل

.3املدني

(.3/33، )املصدر السابقانظر: 1

(.3/33انظر: املصدر نفسه، ) 2

(.36-3/33انظر: املصدر نفسه، ) 3

متثل السنة املصدر الثاني من املصادر األساسية اليت ترجع إليها أصول االستدالل، -8

ق السنة يف رؤية الشاطيب "على أربعة أوجه"، ثالثة منها متفق على دخوهلا ضمن وإطال

، وفعله، وتقريره.ملسو هيلع هللا ىلصاصطالح )ا السنة ( بني علماء األصول، هي: قوله

أما الوجه الرابع من أوجه اصطالح ) السنة ( عند الشاطيب فهو: "ما عمل عليه

".الصحابة، وجد ذلك يف الكتاب أو السنة أو مل يوجد

ووجه اعتبار عمل الصحابة ضمن أصل السنة يف االستدالل حبسب رؤية الشاطيب:

أوال: أن عملهم رضي اهلل عنهم ال خيرج عن كونه "اتباعا لسنة ثبتت عندهم مل تنقل

إلينا، أو اجتهادا جمتمعا عليه منهم أو من خلفائهم".

اخللفاء الراشدين، فعن اصطالح السنة على ما عليه ملسو هيلع هللا ىلصثانيا: إطالق رسول اهلل

قال: "عليكم بتقوى اهلل، والسمع والطاعة، وإن عبدا ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول اهلل العرباض بن سارية

حبشيا، وسرتون بعدي اختالفا شديدا، فعليكم بسنيت، وسنة اخللفاء الراشدين املهديني،

1.2عضوا عليها بالنواجذ"

وذلك "أن السنة إما بيان للكتاب، أو "رتبة السنة التأخر عن الكتاب يف االعتبار"، -9

زيادة على ذلك".

(. والرتمذي يف سننه، أبواب العلم، باب 42(، حديث رقم )1/15، )أخرجه: ابن ماجه يف سننه، باب اتباع سنة اخللفاء الراشدين املهديني 1

(.2676(، حديث رقم )5/44ما جاء يف األخذ بالسنة واجتناب البدع، وقال: "حديث حسن صحيح".ا.هـ، ) (.59-4/54(. وانظر أدلة اعتبار سنة الصحابة: املصدر نفسه، )5-4/3انظر: املوافقات، الشاطيب، ) 2

على املبني يف االعتبار"؛ إذ كانت "راجعة يف معناها إىل " ت بيانا فهي ثانيةفإن كان

، وبسط خمتصره".الكتاب، فهي تفصيل جممله، وبيان مشكله

وإن كانت زيادة على الكتاب، فشرط اعتبارها أن ال تعارض ما ثبتت مشروعيته يف

الكتاب.

ووجه تقديم الكتاب على السنة: "أن الكتاب مقطوع به، والسنة مظنونة، والقطع فيها

إمنا يصح يف اجلملة ال يف التفصيل، خبالف الكتاب فإنه مقطوع به يف اجلملة والتفصيل، واملقطوع

.1به مقدم على املظنون، فلزم من ذلك تقديم الكتاب على السنة"

الشرعية إذا استقرأ منها معنى عاما "واطرد له ذلك املعنى مل يفتقر أن الناظر يف األدلة -10

-وإن كانت خاصة -بعد ذلك إىل دليل خاص على خصوص نازلة تعن، بل حيكم عليها

بالدخول حتت عموم املعنى املستقرى من غري اعتبار بقيا أو غريه؛ إذ صار ما استقرى من

.2"عموم املعنى كاملنصوص بصيغة عامة

هذه هي املالمح العامة ألصول االستدالل عند الشاطيب، أما حبث العالقة بني تلك

، وليس هذا املقصود 3األصول وعالقتها باملقاصد فقد تناوله األصوليون ممن حبثوا املقاصد

(.17-4/5فقات، الشاطيب، )انظر: املوا 1 (.3/226، )نفسهانظر: املصدر 2نورة، ممن أفرد املسألة خبصوص حبث الدكتور حممد بن سعيد اليوبي يف رسالته العلمية لنيل درجة الدكتوراة من اجلامعة اإلسالمية باملدينة امل 3

ع حبث عالقة املقاصد بأصول األدلة املتفق عليها واملختلف فيها، يف وعنواهنا ]مقاصد الشريعة اإلسالمية وعالقتها باألدلة الشرعية[، وقد وق

(.622-469صفحة، انظر ) 150قرابة

هنا، وإمنا املقصود بيان بناء االستدالل بتلك األدلة واملنهج املتبع فيه وهو ما سيأتي بيانه

يف الفقرات التالية من هذا املطلب. الحقا

اجلانب الثاني: اقتضاء الدليل للحكم:

، وبيان حكمها؛ 1ملا كان "املقصود من وضع األدلة تنزيل أفعال املكلفني على حسبها"

:نياهتم الشاطيب ببيان أوجه اقتضاء تلك األدلة لألحكام، وحدد يف ذلك مسلك

األدلة على معان ذهنية جمردة وهو "االقتضاء املسلك األول: محلي؛ واملراد به محل

األصلي قبل طروء العوارض، وهو الواقع على احملل جمردا عن التوابع واإلضافات؛ كاحلكم

، فالصيد والبيع واإلجارة والنكاح هنا معان 2بإباحة الصيد والبيع واإلجارة، وسن النكاح"

ليا جمردا من العوارض، والنظر إىل الدليل ذهنية جمردة، ومحل األحكام عليها يكون محال أص

على هذا الوجه نظر كلي؛ ألنه حكم على أمر جمرد مطلق، كمطلق الصيد أو البيع أو اإلجارة

، 4؛ كما أن األصل يف التشريع العموم3أو النكاح، و"الصيغ املطلقة جتري يف احلكم جمرى العامة"

ات كذلك.فكان تناول األدلة جمردة عن التوابع واإلضاف

املسلك الثاني: شرطي؛ واملراد به محل األدلة على وقائع جزئية معينة، وهو "االقتضاء

التبعي، وهو الواقع على احملل مع اعتبار التوابع واإلضافات؛ كاحلكم بإباحة النكاح ملن ال أرب

(.3/24املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.3/58، )نفسهاملصدر 2 (.3/37املصدر نفسه، ) 3 (.189-2/186انظر: املصدر نفسه، ) 4

ميه ، وحتر1له يف النساء ووجوبه على من خشي العنت، وكراهية الصيد ملن قصد فيه اللهو"

على املحرم، والنظر إىل الدليل على هذا الوجه نظر جزئي؛ ألنه نظر إىل حكم واقعة جزئية،

يعترب فيها ما حييط بالواقعة من توابع وإضافات.

ومن خالل هذين املسلكني القتضاء األدلة األحكام يقسم الشاطيب األدلة إىل قسمني:

أدلة كلية، وأخرى جزئية.

أن تكون كلية ال جزئية؛ إذ أن طروء اجلزئية على األدلة بأمر خارج واألصل يف األدلة

وسواء علينا أكان -الشاطيب: "كل دليل ميكن أخذه كليا قالعنها ال بأصل التشريع؛ ويف هذا

ة ﴿إال ما خصه الدليل كقوله تعاىل -كليا أم جزئيا صا ال ﴾ ؤمنيا لكا من دحون ٱلمح خا

[، وأشباه ذلك.50]األحزاب:

والدليل على ذلك أن املستند إما أن يكون كليا أو جزئيا؛ فإن كان كليا فهو املطلوب،

وإن كان جزئيا فبحسب النازلة ال حبسب التشريع يف األصل بأدلة:

م ﴿منها: عموم التشريع يف األصل، كقوله تعاىل كح إلا ولح ٱلل ا ٱنلاسح إن راسح ها ياأ يا

معا [.158]األعراف: ﴾ جا

...ومنها: أصل شرعية القيا ؛ إذ ال معنى له إال جعل اخلاص الصيغة عام الصيغة يف

املعنى، وهو معنى متفق عليه.

(.3/58، )املصدر السابق 1

بني ذلك بقوله وفعله؛ فالقول كقوله "حكمي على الواحد ملسو هيلع هللا ىلص...ومنها: أن النيب

، و"خذوا عين 2صلي"، ...وقوله: "صلوا كما رأيتموني أ1حكمي على اجلماعة"

.ا.هـ4، وهو كثري"3مناسككم"

فأي املسلكني هو املعترب يف استنباط األحكام يف الرؤية املقاصدية؟

من املقرر يف الرؤية املقاصدية "أن املطلوب هو احملافظة على قصد الشارع"، ولتحقيق

ي يف الوقائع، فاعتبار ذلك البد من التكامل يف االعتبار بني النظر احلملي لألدلة والنظر الشرط

أحكام الوقائع اجلزئية "عند إجراء األدلة اخلاصة من الكتاب والسنة واإلمجاع والقيا " يكون

ضمن دائرة األحكام الكلية؛ "إذ حمال أن تكون اجلزئيات مستغنية عن كلياهتا"، وهذا ال يعين

فهو خمطئ؛ كذلك من إغفال اجلزئيات بإطالق فكما "أن من أخذ باجلزئي معرضا عن كليه

أخذ بالكلي معرضا عن جزئيه". قال الشاطيب: "فاحلاصل أن البد من اعتبار خصوص

ال ابن كثري: "مل أر هبذا قط سندا، وسألت عنه سيخنا احلافظ مجال الدين أبا احلجاج، وشيخنا احلافظ أبا هذا احلديث ال أصل له، ق 1

([. وقال ابن امللقن: "هذا 286عبداهلل الذهيب مرارا؛ فلم يعرفاه بالكلية".ا.هـ، ]حتفة الطالب مبعرفة أحاديث خمتصر احلاجب، ابن كثري، )

قد توقف املصنف يف ثبوته، وأنكره احلافظان املزي والذهيب".ا.هـ، ]تذكرة احملتاج إىل أحاديث املنهاج، ابن احلديث مل أره هبذا اللفظ، و

([. وقال الشوكاني: "قال العراقي يف ختريج البيضاوي: ال أصل له.انتهى. وقد ذكره أهل األصول يف كتبهم األصولية، واستدلوا به 32امللقن، )

([.185، الشوكاني، )املوضوعةجملموعة يف األحاديث فأخطأوا".ا.هـ، ]الفوائد ا

(.631(، حديث رقم )1/128أخرجه البخاري، كتاب األذان، باب األذان للمسافر إذا كانوا مجاعة، ) 2ث (، حدي2/943( باب استحباب رمي مجرة العقبة يوم النحر راكبا، )51( كتاب احلج، )15هو عند مسلم بلفظ "لتأخذوا مناسككم"، ) 3

(.1297رقم )

(.38-3/36املوافقات، الشاطيب، ) 4

اجلزئيات مع اعتبار كلياهتا، وبالعكس، وهو منتهى نظر اجملتهدين بإطالق، وإليه ينتهي طلقهم

.1يف مرامي االجتهاد"

ه لألحكام وبنائه لالستدالل أن ومعنى ذلك أن على الناظر يف األدلة الشرعية يف استنباط

يسري يف ذلك على مرحلتني:

املرحلة األوىل: احلكم على الوصف، واملراد به: إدراك احلكم الشرعي وختريج مناطه

وتنقيحه، حبيث يكون وصفا كليا عاما جمردا ال خيتص بزمان أو مكان أو حال.

يق مناط احلكم يف الواقعة املعينة، املرحلة الثانية: احلكم على املعني، واملراد به: حتق

ويكون النظر فيها مقيدا باعتبار الزمان واملكان واحلال مما قد يؤثر يف تنزيل احلكم على الواقعة

وحتقق مناطه فيها.

(. 3/9)ملصدر السابق، ا 1

املطلب الثاني: بناء االستدالل يف مرحلة التأصيل:ألول: قواعد االستدالل. النظر يف بناء االستدالل يف الرؤية املقاصدية من جانبني: ا

واآلخر: صورة بناء االستدالل.

:1اجلانب األول: قواعد االستدالل

:الشرعية القاعدة األوىل: حتقيق القطعية يف األدلة

األدلة الشرعية من حيث قوة الداللة تنقسم إىل قسمني:

ن متواترة. األول: األدلة القطعية، وثبوت القطع هلا من جهتني: األوىل: الثبوت؛ بأن تكو

واألخرى: الداللة، بأن ال يتطرق إليها االحتمال يف الداللة.

الثبوت أو -واآلخر: األدلة الظنية، وهي ما اختل فيها شرط القطع يف إحدى اجلهتني

.2أو كليهما -الداللة

والبحث يف إشكال القطع والظن معرفيا يف األدلة الشرعية يف ثالث قضايا: إفادة األدلة

ية لليقني، ووجود القطعي من األدلة يف األدلة السمعية، وكيف عاجل الفكر املقاصدي السمع

إشكال القطع والظن يف األدلة؟

القضية األوىل: إفادة األدلة السمعية لليقني:

يف إفادة األدلة السمعية اليقني والقطع يف مباحث األصول وعلم الكالم أربعة آراء:

هتم يف هذا البحث بالقواعد املعرفية دون القواعد األصولية لالستنباط إذ أن جمال حبثها دائرة أصول الفقه.أس 1 (133-128انظر: القطعية من األدلة األربعة، حممد دكوري، ) 2

من املعتزلة، ويذهبون إىل أن األدلة السمعية تفيد اليقني الرأي األول: مذهب األصوليني

والقطع يف مسائل الفقه واجلزئيات من فروع الدين فقط، أما مسائل أصول الدين فإهنا ال تفيد

القطع واليقني فيها.

فأما أهنا ال تفيد اليقني يف مسائل أصول الدين فقد قال القاضي عبداجلبار: "فاعلم أن

: حجة العقل، والكتاب، والسنة، واإلمجاع، ومعرفة اهلل تعاىل ال تنال إال حبجة الداللة أربعة

.ا.هـ، ووجه ذلك حسب ما يقرره القاضي املعتزيل أن سائر الشرائع من قول وفعل ال 1العقل"

حتسن إال بعد معرفة اهلل تعاىل، ومعرفة اهلل ال حتصل إال بالنظر، قال القاضي عبداجلبار: "وأما

فألن ما عداها فرع على -وهو الكالم يف أن معرفة اهلل تعاىل ال تنال إال حبجة العقل -الثاني

معرفة اهلل تعاىل بتوحيده وعدله، فلو استدللنا بشيء منها على اهلل واحلال هذه كنا مستدلني

.2بفرع للشيء على أصله، وذلك ال جيوز"

دلة السمعية مبين على أن األدلة فإخراجهم مسائل أصول الدين من دائرة االستدالل باأل

السمعية ال تثبت هلا حجية إال بعد ثبوت أحكام أصول الدين، ومن هنا مل تكن األدلة السمعية

حجة يف أحكام األصول، وإمنا يلزم فيها االحتجاج العقلي؛ قال القاضي عبداجلبار: "بيان

ال يكذب وال جيوز عليه هذا؛ أن الكتاب إمنا ثبت حجة متى ثبت أنه كالم عدل حكيم،

الكذب، وذلك فرع على معرفة اهلل تعاىل بتوحيده وعدله. وأما السنة فألهنا إمنا تكون حجة

(.88لقاضي عبد اجلبار، )شرح األصول اخلمسة، ا 1 (.88، )نفسهاملصدر 2

متى ثبت أهنا سنة رسول عدل حكيم. وكذا احلال يف اإلمجاع؛ ألنه إما أن يستند إىل الكتاب

.1يف كونه حجة، أو إىل السنة، وكالمها فرعان على معرفة اهلل تعاىل"

وأما مسائل الفروع فإن األدلة السمعية تكون قطعية الداللة فيها، وقد بنى املعتزلة

القطعية يف حجية األدلة السمعية يف مسائل الفروع واجلزئيات الفقهية على أصلني:

األول: أصل العدل، وأن اهلل تعاىل إذا علم أن صالحنا يف إدراك هذه املسائل اجلزئية

أن ينصب عليها دليال يكون حجة قاطعة، قال القاضي - عن ذلك تعاىل اهلل -وجب عليه

عبداجلبار: "ووجه اتصاله بباب العدل، هو أنه كالم يف أنه تعاىل إذا علم أن صالحنا يتعلق

.2هبذه الشرعيات فال بد أن يعرفناها؛ لكي ال يكون خمال مبا هو واجب عليه"

من أمور العبادات مما ال ينفرد العقل بدركها؛ فال واألصل الثاني: أن هذه املسائل الفقهية

ميكن يف االحتجاج عليها إال األخذ باألدلة السمعية، قال القاضي عبداجلبار: "إنه قد تقرر يف

عقل كل عاقل وجوب دفع الضرر عن النفس، وثبت أيضا أن ما يدعو إىل الواجب ويصرف

لواجب ويدعو إىل القبيح فهو قبيح ال حمالة، عن القبيح فإنه واجب ال حمالة، وما يصرف عن ا

إذا صح هذا وكنا جنوز أن يكون يف األفعال ما إذا فعلناه كنا عند ذلك أقرب إىل أداء

الواجبات واجتناب املقبحات، وفيها ما إذا فعلناه كنا بالعكس من ذلك، ومل يكن يف قوة العقل

ما ال يكون كذلك؛ فال بد من أن ما يعرف به ذلك ويفصل بني ما هو مصلحة ولطف وبني

(.89-88، )املصدر السابق 1 (،563، )املصدر نفسه 2

، وإذا 1يعرفنا اهلل تعاىل حال هذه األفعال كي ال يكون عائدا ]بالنقص على غرضه بالتكيف[

كان ال ميكن تعريفنا ذلك إال بأن يبعث إلينا رسوال مؤيدا بعلم معجز دال على صدقه؛ فال بد

.2من أن يفعل ذلك، وال جيوز اإلخالل به"

عتزلة يقررون أن داللة العقل يخص هبا عموم األدلة السمعية متى ثبتت، قال أبو إال أن امل

احلسني البصري: "اعلم أن األدلة املنفصلة هي: أدلة العقل، وكتاب اهلل سبحانه، وسنة رسوله

"3، واإلمجاع. فالعقل يخص به عموم الكتاب والسنة.

يف التفريق بني أحكام أصول الدين وفروعه يف ووافق نفاة القيا من اإلمامية املعتزلة

قطعية االستدالل باألدلة السمعية؛ قال حممد باقر الصدر: "وهلذا كانت احلركة اإلخبارية

تناقضا؛ ألهنا شجبت العقل من ناحية لكي ختلي ميدان -يف رأي كثري من ناقديها -تستبطن

خرى متمسكة به إلثبات عقائدها الدينية؛ التشريع والفقه للبيان الشرعي، وظلت من ناحية أ

ألن إثبات الصانع والدين ال ميكن أن يكون من طريق البيان الشرعي، بل جيب أن يكون عن

.4طريق العقل"

الرأي الثاني: يذهب إىل أن األدلة السمعية يف مسائل أصول الدين وفروعه ال تفيد اليقني

كالقرآن الكريم -كان منها ما هو قطعي الثبوت والقطع، وغاية ما تحصله الظن، فهي وإن

هكذا وردت يف األصل ولعل الصواب: ] بالنق على غرضه بالتكليف [ فإن سياق الكالم يف بيان التكليف. 1

(.564شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، 2 (.1/272البصري، )املعتمد، أبو احلسني 3 (.51املعامل اجلديدة لألصول، حممد باقر الصدر، ) 4

إال أن داللتها "مبنية على: نقل اللغات، ونقل النحو، والتصريف، وعدم -واملتواتر من السنة

االشرتاك، وعدم اجملاز، وعدم اإلضمار، وعدم النقل، وعدم التقديم والتأخري، وعدم

ذه األشياء مظنون ال معلوم، التخصيص، وعدم النسخ، وعدم املعارض العقلي؛ وعدم ه

واملوقوف على املظنون مظنون".

، وظاهر صنيعه 1وهذا الرأي نقله الرازي يف ]األربعني يف أصول الدين[ ومل ينسبه إىل أحد

أنه يذهب إليه، وصرح به يف ]أسا التقديس[ فقال يف أوجه 2يف كتابي ]احملصل[ و]احملصول[

ذا وقع التعارض بينهما، فليس ترك أحدمها إلبقاء اآلخر أوىل التعارض بني دليلني لفظيني: "وإ

من العكس؛ إال أن يقال: أحد الدليلني قاطع، واآلخر ظاهر؛ والقاطع راجح على الظاهر. أو

يقال: كل واحد منهما وإن كان ظاهرا إال أن أحدمها أقوى. إال أنا نقول: أما األول فباطل؛ ألن

طعية؛ ألهنا موقوفة على نقل اللغات، ونقل وجوه النحو والتصريف، الدالئل اللفظية ال تكون ق

وعلى عدم االشرتاك، واجملاز، والتخصيص، واإلضمار، وعلى عدم املعارض العقلي والنقلي،

وكل واحدة من هذه املقدمات مظنونة، واملوقوف على املظنون أوىل أن يكون مظنونا، فثبت أن

.ا.هـ، قال ابن تيمية معلقا على هذا: "مع 3كن أن يكون قطعيا"شيئا من الدالئل اللفظية ال مي

ال من املسلمني وال من -ال يعرف عن طائفة من طوائف بين آدم -كما تقدم -أن هذا القول

، وال عن عامل معروف؛ إذ كان هذا القول يف غاية السفسطة وجحد احلقائق، وإمنا -غريهم

(.254-2/251أصول الدين، الرازي، ) انظر: األربعني يف 1 .(3/212) الرازي (. واحملصول يف علم أصول الفقه،51) الرازي حمصل أفكار املتقدمني واملتأخرين من العلماء واحلكماء واملتكلمني، انظر: 2

(.235-234لتقديس، الرازي، )أسا ا 3

يف بع األدلة اللفظية والسمعية، كما قد يقدحون يف بع الذي يقوله بع النا هو القدح

األدلة العقلية، أما القدح يف اجلنس فهذا ال يعرف يف جنس املتكلمني عن طائفة من اآلدميني،

ولكن هذا الرجل كثري السفسطة والتشكيك، فهو من أعظم املتكلمني سفسطة وتشكيكا،

كلمني من هو أعظم تقريرا للشكوك والشبهات وهذا من مجلة سفسطته، ال يعرف يف جنس املت

الباطلة وأضعف جوابا عنها منه، وتقريره ملا يقدح يف جنس األدلة القولية النطقية الدالة على

.1مراد املتكلم هو من هذا الباب"

أن الرازي ال يذهب إىل أن مجيع األدلة النقلية ال تفيد -واهلل تعاىل أعلم -والذي يظهر

قد قال بعد ذكر هذه الوجوه: "واعلم أن هذا الكالم على إطالقه ليس بصحيح؛ ألنه اليقني؛ ف

رمبا اقرتن بالدالئل النقلية أمور عرف وجودها باألخبار املتواترة، وتلك األمور تنفي هذه

االحتماالت، وعلى هذا التقدير تكون الدالئل السمعية املقرونة بتلك القرائن الثابتة باألخبار

.ا.هـ، كما أنه يغلب على الظن رجوعه عن هذا الرأي فإنه يف كتاب 2ترة مفيدة لليقني"املتوا

]الكاشف عن أصول الدالئل وفصول العلل[ عندما تكلم عن داللة القرآن الكريم والسنة ذكر

مجلة من االعرتاضات على االستدالل هبما من حيث الداللة وردها، ومن ذلك ذكر االعرتاض

لة السمعية ظواهر حمتملة، وقد يعرض هلا النقل من الداللة اللغوية إىل العرفية أو األول: أن األد

الشرعية، وأجاب عن ذلك "بأن الشارع ال يكلف إال مبا هو املعهود يف اللغات، فنتمسك

(.8/465بيان تلبيس اجلهمية يف تأسيس بدعهم الكالمية، ابن تيمية، ) 1 (.2/254األربعني يف أصول الدين، الرازي، ) 2

وقد جاء يف وصيته اليت أمالها ما يشعر برجوعه عن ،1بظواهر أوضاع اللغة إىل قيام الداللة"

يها قوله: "ولقد اختربت الطرق الكالمية، واملناهج الفلسفية، فما رأيت فيها فائدة ذلك وجاء ف

تساوي الفائدة اليت وجدهتا يف القرآن العظيم؛ ألنه يسعى يف تسليم العظمة واجلالل بالكلية هلل

ية تعاىل، ومينع عن التعمق يف إيراد املعارضات واملناقضات، وما ذاك إال العلم بأن العقول البشر

تتالشى وتضمحل يف تلك املضايق العميقة، واملناهج اخلفية؛ فلهذا أقول: كل ما ثبت بالدالئل

الظاهرة من وجوب وجوده، ووحدته، وبراءته عن الشركاء يف القدم واألزلية والتدبري والفعالية،

لغموض؛ فكل فذاك هو الذي أقول به، وألقى اهلل تعاىل به، وأما ما انتهى األمر فيه إىل الدقة وا

ما ورد يف القرآن واألخبار الصحيحة املتفق عليها بني األئمة املتبعني للمعنى الواحد فهو كما

.2هو"

وما حكاه الرازي من أوجه متنع حتقق القطعية يف األدلة السمعية قد أجاب عنه ابن تيمية

أن أوىل الظن على واملوقوف ظنية مقدمات عشر على موقوف أنه من الرازي ذكره ومافقال: "

واإلضمار واالشرتاك والنقل اجملاز عدم وعلى والتصريف والنحو اللغة نقل وهو ظنيا يكون

:وجوه من باطلة دعوى والسمعي العقلي املعارض وعدم والتخصيص

عنده معلوم أمر وقصده وداعيته وحاله عادته من املتكلم مبراد العلم أن أحدها:

من ذلك وغري وركوبه ولباسه وشربه أكله مثل؛ االختيارية لباألفعا قصده كما باالضطرار،

أكل أنه يعلم فإنه -باختياره حيصل والشرب األكل كان وإن - وشرب أكل إذا أنه فكما أفعاله،

.(87-77الكاشف عن أصول الدالئل وفصول العلل، الرازي، ) 1

.(467عيون األنباء يف طبقات األطباء، ابن أبي أصيبعة، ) 2

يعلم وكذلك ذلك، خالف أحيانا يقع قد كان وإن والشرب باألكل يشبع وأنه ليشبع، وشرب

والنحنحة النفخ مثل -اختياره وبغري باختياره نتكا وإن - بالطبع الدالة أصواته داللة

أنه حاله من علم قد اليت واختياره بقصده الدالة بأحواله فكيف ذلك، وغري والقهقهة والعطا

دل ما غري أراد يكون أن جوز وإذا وأقوى، أظهر هبذه مبراده فالعلم والبيان اإلفهام به يقصد

يبكي فقد العادة يف عليه يدل ما غري هبا يقصد قد الواألحو األفعال تلك إرادته؛ فإن على

يبكون عشاء أباهم يوسف إخوة جاء كما كاذب وهو حزنه يظهر حتى حماال الرجل

هۦ ﴿ قاممص ا حو لعا ا م واجا دا ب ب ذ [.18]يوسف: ﴾ كا

بلغه غائب وإما كالمه، مسع قد له شاهد إما ملسو هيلع هللا ىلص الرسول مع النا أن الثاني: الوجه

والزكاة بالصالة أمرهم فلما أراده، ما بتعيني القول مع مراده هلم بين قد له فاملشاهدون كالمه؛

هذه مسمى يعرفوا أن إىل ذلك يف حيوجهم ومل األلفاظ هذه مسمى هلم بين واحلج والصيام

بل معارض؛ نفي وال احتماالت، نفي وال غريه، لغة نقل إىل حيتاجوا فلم غريه، كالم من األلفاظ

نقال بعدهم من إىل ذلك ونقلوا ضرورية، معرفة القول مع هلم بينه ملا األلفاظ هبذه مراده علموا

وملن شاهده ملن العلم فحصل ،-ألفاظه بنفس والعلم اليقني من أعظم والعلم - اليقني يفيد

مراده علم لكنه كالمه يسمع مل من شاهدوه الذين يف يكون وقد ألفاظه، من أعظم عنه غاب

أراده عما يسأل إمنا وهو لغيبته، وإما لبعده، إما اللفظ؛ نفس يسمع ومل عنه هنى وما به أمر وما

.يعرفه ال واللفظ باالضطرار املراد فعلم اللفظ، نفس يف غرض له ليس

؛بلفظه العلم من عندهم أهم املتكلم أراده الذي باملعنى املخاطبني علم أن الثالث: الوجه

عن حكى قد تعاىل اهلل فإن عنه؛ ويبلغونه عنه ينقلونه الذي وهو ذلك، عن يبحثون إمنا وهلذا

نقل منهم، وإمنا أحد لفظ ينقل ومل كثرية أقواال وتكذيبهم وأتباعهم األنبياء من املتقدمني األمم

بغري تكلموا كأولئ أن مع الكالم، نظم لسائر املخالف القرآن وبنظم العربية باللغة كالمه معنى

معاني هو املقصود كان إذ ،-عنهم حكاه فيما الصادق وهو - القرآن نظم وبغري العربية

وهم ألفاظهم، بغري وأقواهلم العلماء مذاهب ينقلون النا وكذلك األلفاظ، نفس ال ألفاظهم

ومن اجلمهور، عند باملعنى روايته جازت معناه فهم إذا ملسو هيلع هللا ىلص الرسول وحديث هذا، على متفقون

ريب فال باملعنى العلم مع وأما أراده، الذي املعنى أداء يف املبلغ تقصري من خوفا منعه فإمنا منعه

ملن لغته وغري ملسو هيلع هللا ىلص الرسول لفظ بغري يرتجم واحلديث القرآن أن على املسلمون اتفق وقد، فيه

معانيه ويبين ،ملسو هيلع هللا ىلص الرسول لغة يعرف ال الذي وللعربي بل بالعربية، يعرف ال ممن ترمجته إىل احتاج

.كالمه خبصائص العلم أهل من هو ليس ولكن لغته يعرف ملن

شيء إىل حاجة غري من بالتواتر املنقولة الظاهرة القرآن معاني يعلمون األمة فعامة ...

ال كانوا وإن ويعرفوها ليفهموها واحلديث القرآن معاني عن يسألون وهو املقدمات، تلك من

كذلك كان وإذا باللفظ، اهتمامهم من أعظم املعنى بفهم فاهتمامهم.، ..احلديث لفظ حيفظون

بالتواتر منقوال احلديث من وكثري القرآن لفظ كان وإذا اللفظ، معرفة من أبلغ ونقله معرفته كانت

أوىل. املعنى فنقل

خاطبنا اليت ملسو هيلع هللا ىلص الرسول لغة نفلوا قد واحلديث بالكتاب العلم أهل أن الرابع: ... الوجه

أهل إىل الدين علماء حيتاج ال وهلذا ؛ملسو هيلع هللا ىلص الرسول غري أحد لغة نقل إىل ذلك مع حيتج ومل ،هبا

القرآن غريب كألفاظ - إليها بعضهم حيتاج يسرية مواضع يف إال واحلديث القرآن فهم يف اللغة

ذلك إىل احتاج وإن اللغة، أهل نقل إىل ذلك يف حيتاجون فال -ومعانيها والفقه واحلديث

ما فكل -بالدليل الدليل يقوى كما - واالعتبار االستشهاد سبيل على ذلك ذكر أو ،بعضهم

مواضع إال به مقطوعا، معلوما نقال عندهم يتبعون فهم القرآن لغة من نقله إىل املسلمون احتاج

جمهولة. أو مظنونة عنده فصارت بعضهم على خفيت قليلة

واإلضمار واالشرتاك اجملاز نفي على موقوف "إنه قوله: أن اخلامس: الوجه

لو كما فهو حاجة، غري من للمقدمات تكثري هذا فيقال "والنقل"؛ يقول: وقد والتخصيص"،

يقال: أن يكفي بل فائدة، بال تكثري فهذا واالستعارة، والنقص الزيادة جماز نفي على موقوف قيل

.اإلضمار أو شرتاكاال أو اجملاز بطريق ذلك احتمل سواء للفظ آخر احتمال نفي على

ذلك لغري احتماله ينفي أن فال بد داللة معنى على دل ما إذا اللفظ أن منه؛ ال بد والذي

إذا لكن قطعية داللته تكن مل املعنى هلذا النايف اآلخر املعنى ذلك به يراد أن جاز وإذا املعنى،

عليه. الفظ داللة علم قطعا املراد علم

عليهما دل إذ عليه اللفظ داللة تضر مل املعنى هلذا منافيا يكن مل إن اآلخر املعنى ذلك ثم

الضدين أحد بثبوت العلم أن ومعلوم املراد للمعنى ضدا كان الداللة هذه نافى إن وأما مجيعا،

الكالم وهكذا ذلك، كل يناق احتمال كل ينفي باملراد العلم فنفس اآلخر، بثبوت العلم ينفي

مسعي ال آخر دليل ينفيه ال أنه قطعا علم املراد علم إذا فإنه والسمعي لعقليا املعارض نفي يف

قطعا. نقيضه انتفاء علم الشيء ثبوت علم وإذا له، نقي ذلك ألن عقلي؛ وال

ينفي ما وعلى املراد، على يدل ما على موقوف أنه مقدمات: ثالث كالمه فحاصل

ونقيضه. ضده،

باملراد العلم إىل إال حيتاج فال ونقيضه، ضده على الداللة لزميست املراد على الدال فيقال:

فقط.

اإلنسان فإن املتواترة؛ األخبار مبجرد اضطراريا، كالعلم علما يكون ما كثريا باملراد والعلم

ضروريا، علما يكون حتى اآلخر، باخلرب يقوى ثم ظن، عنده حيصل قد بأمر خيرب خمربا مسع إذا

يتكرر أو املتكلم كالم يتكرر ثم يظنه، وقد ابتداء، مراده يعلم فقد املتكلم كالم مسع إذا وكذلك

ضروريا. مبراده علمه فيصري مراده؛ على يدل وملا له مساعه

وقد واحدة، مقدمة على يتوقف فذلك وحينئذ نظريا، استدالليا باملراد العلم يكون وقد

أكثر. وعلى مقدمتني، على يتوقف

عشر على يتوقف املتكلم مراد على لفظي بدليل استدالل كل أن املدعي وىدع أما

قطعا. باطل فهذا مقدمات

ومراد فهم عليها يتوقف اليت املقدمات عامة بل ظنية، فهي مقدمة كل أن منه وأبطل

.1"ذلك تدبر ملن األمر غالب يف قطعية تكون قد املتكلم

(.480-8/470بيس اجلهمية يف تأسيس بدعهم الكالمية، ابن تيمية، )بيان تل 1

ىل أن األدلة السمعية تفيد اليقني والقطع يف الرأي الثالث: مذهب الظاهرية، ويذهبون إ

مسائل الدين أصوال وفروعا، قال ابن حزم: "دين اإلسالم الالزم لكل أحد ال يؤخذ إال من

-إما برواية مجيع علماء األمة عنه عليه الصالة والسالم القرآن أو مما صح عن رسول اهلل

، وإما برواية -وهو نقل الكافة -الة والسالم ، وإما بنقل مجاعة عنه عليه الص-وهو اإلمجاع

ا ﴿الثقات واحدا عن واحد حتى يبلغ إليه عليه الصالة والسالم، وال مزيد؛ قال تعاىل واماى وا ن ٱلها ا ٣يانطقح وا إل واح يحوحا ا ﴿[، وقال تعاىل 4-3]النجم: ﴾ إن هح وا ما ٱتبعحن م م كح نزلا إلا

حا أ اا ول

ا أ هۦ ون من دح وا لا تاتبعح م وا كح ب [، وقال تعاىل3]األعراف: ﴾ ر

م ﴿ م ديناكح تح لاكح كماا .1["3]املائدة: ﴾ ٱلاوما أ

فمن املقرر عند ابن حزم أن "أحكام الشريعة كلها متيقن أن اهلل تعاىل قد بينها بال

كام يف أصول ثالثة هي: الكتاب والسنة واإلمجاع؛ ، وحيدد مصادر حتصيل تلك األح2خالف"

وذلك أنا وجدنا "يف القرآن إلزامنا الطاعة ملا أمرنا به ربنا تعاىل فيه، وملا أمرنا نبيه صلى اهلل

عليه وسلم مما نقله عنه الثقات، أو جاء عنه بتواتر أمجع عليه مجيع علماء املسلمني على نقله

اىل قد ساوى بني هذه اجلمل الثالث يف وجوب طاعتها علينا"، عنه عليه السالم، فوجدناه تع

وينضاف إليها مصدر رابع ينتج من النظر يف األصول الثالثة السابقة؛ فنجد منها "مجال إذا

اجتمعت قام منها حكم منصوص على معناه، فكان ذلك كأنه وجه رابع، إال أنه غري خارج عن

(.51-1/50احمللى، ابن حزم، ) 1 .(8/133اإلحكام يف أصول األحكام، ابن حزم، ) 2

ن حزم: "فال سبيل إىل معرفة شيء من أحكام الديانة أصال األصول الثالثة اليت ذكرنا"، قال اب

ا.هـ.1إال من أحد هذه الوجوه األربعة، وهي كلها راجعة إىل النص"

وال فرق بني مسائل أصول الدين وفروعه يف اعتبار األدلة النقلية، قال ابن حزم: "وقد

لصالة والسالم قد بني للنا كل شهد اهلل تعاىل بأن النص مل يفرط فيه شيئا، وأن رسوله عليه ا

ما نزل إليهم، وأن الدين قد كمل، فصح أن النص قد استوفى مجيع الدين، فإذا كان ذلك كذلك

.2فال حاجة بأحد إىل قيا ، وال إىل رأيه، وال إىل رأي غريه"

ويظهر عدم التفريق يف ما دونه ابن حزم يف كتاب التوحيد من ]احمللى[، وما قرره من

ه يف ]الفصل يف امللل واألهواء والنحل[، ومن ذلك قوله: "وذهبت طوائف من أهل السنة مذهب

، وعبدالعزيز بن مسلم -إمام أهل الظاهر -منهم: الشافعي، وداوود بن علي األصفهاني

رضي اهلل عنهم وغريهم إىل أن اهلل تعاىل مسيع بصري وال نقول: يسمع، وال يبصر؛ ألن 3الكناني

مل يقله، ولكن مسيع بذاته، وبصري بذاته. قال أبو حممد: وهبذا نقول، وال جيوز إطالق اهلل تعاىل

مسع وال بصر؛ حيث مل يأت به نص ملا ذكرنا آنفا من أنه ال جيوز أن خيرب عنه تعاىل ما مل خيرب

.4عن نفسه"

(.1/69) املصدر نفسه، 1 (.1/56احمللى، ابن حزم، ) 2-12/212ة. ]انظر ترمجته: تاريخ بغداد، اخلطيب البغدادي، )عبدالعزيز بن حييى بن عبدالعزيز بن مسلم الكناني، ينسب إليه كتاب احليد 3

214 .]) (.310-2/309الفصل يف امللل واألهواء والنحل، ابن حزم، ) 4

أن الرأي الرابع: مذهب مجهور األصوليني من الفقهاء ومتكلمي األشاعرة، ويذهبون إىل

األدلة السمعية منها ما هو قطعي ومنها ما هو ظين، وذلك حبسب قوة ثبوت الدليل وداللته،

قال القاضي الباقالني: "اعلموا وفقكم اهلل أن مجيع ما يستدل به على األحكام على ضربني:

فضرب منها: أدلة يوصل صحيح النظر فيها إىل العلم حبقيقة املنظور فيه، وما هذه حاله

ف بأنه دليل على قول مجيع مثبيت النظر وباتفاق املتكلمني والفقهاء، وقد دخل يف ذلك: موصو

مجيع أدلة العقول املتوصل هبا إىل العلم حبقائق األشياء وأحكامها وسائر القضايا العقلية، ودخل

فيه مجيع أدلة السمع املوجبة للقطع والعلم من نصوص الكتاب والسنة ومفهومهما وحلنهما،

الواقعة موقع البيان، وكل طريق من طرق مجاع األمة، واملتواتر من األخبار، وأفعال الرسول وإ

السمع يوصل النظر فيه إىل العلم حبكم الشرع، دون غلبة الظن.

والضرب الثاني: أمر يوصل النظر فيه إىل الظن وغالب الظن، ويوصف هذا الضرب بأنه

للفرق بينه وبني ما يؤدي النظر فيه إىل العلم والقطع، أمارة على احلكم، وخيص هبذه التسمية

وهذا تواضع من الفقهاء واملتكلمني، وليس من موجب اللغة؛ ألن أهلها ال يفرقون بني األمارة

.1والداللة والسمة والعالمة"

وهذا الرأي منتزع من كالم اإلمام الشافعي؛ فإنه جعل العلم قسمني:

(.223-1/221، القاضي الباقالني، ))الصغري( التقريب واإلرشاد 1

ذي "ال يسع بالغا غري مغلوب على عقله جهله"، وعنه قال القسم األول : علم العامة ال

الشافعي: "وهذا العلم العام الذي ال ميكن فيه الغلط من اخلرب، وال التأويل، وال جيوز فيه

.التنازع"

القسم الثاني: علم اخلاصة "مما ليس فيه نص كتاب، وال يف أكثره نص سنة، وإن كانت يف

بار اخلاصة، ال أخبار العامة، وما كان منه حيتمل التأويل؛ شيء منه سنة فإمنا هي من أخ

ويستدرك قياسا"، وقال عنه الشافعي: "هذه درجة من العلم ليس تبلغها العامة، ومل يكلفها كل

اخلاصة، ومن احتمل بلوغها من اخلاصة فال يسعهم كلهم كافة أن يعطلوها، وإذا قام هبا من

ج غريه ممن تركها إن شاء اهلل، والفضل فيها ملن قام هبا على من خاصتهم من فيه الكفاية مل يحر

.1عطلها"

فقد اعترب اإلمام الشافعي يف التفريق بني مرتبيت العلم قوة جهيت القطعية ) الثبوت، والداللة

(؛ فما "ال ميكن فيه الغلط من اخلرب" ثبوتا، "وال" حيتمل "التأويل" داللة؛ فهو قطعي "وال جيوز

فيه التنازع"، وما ال يثبت فيه خرب، أو كان اخلرب فيه ليس متواترا بل "من أخبار اخلاصة، ال

أخبار العامة"، أو كان مما "حيتمل التأويل" يف الداللة؛ فهو ظين، "ويستدرك قياسا".

إفادة األدلة السمعية اليقني إذا حتققت فيها -أعلم واهلل -والراجح من هذه اآلراء

ت ﴿ قطعية، ويدل على هذا قوله ال اايا با منهح امكا ٱلكتا ا لا نزااي أ وا ٱل هح

م حن أ ت هح ما كا م ت بها تاشا رح مح خا

حأ ب وا [، فاآليات احملكمات هي ما 7]آل عمران: ﴾ ٱلكتا

(.360-357انظر: الرسالة، الشافعي، باب العلم ) 1

، وأما املتشاهبات فـما استقل بنفسه ومل حيتج إىل بيان مما مل حيتمل من التأويل إال وجها واحدا

احتاج إىل بيان الحتماله وجوها يف التأويل، قال ابن كثري: "خيرب تعاىل أن يف القرآن آيات

حمكمات هن أم الكتاب؛ أي بينات واضحات الداللة، ال التبا فيها على أحد من النا .

من رد ما اشتبه عليه ومنه آيات أخر فيها اشتباه يف الداللة على كثري من النا أو بعضهم. ف

.1إىل الواضح منه، وحكم حمكمه على متشاهبه عنده؛ فقد اهتدى، ومن عكس انعكس"

واملتأمل يف مسالك االستدالل يرى فيها ترددها ما بني القطع والظن، يستوى يف ذلك

ن األدلة السمعية والعقلية، فما من مسلك من مسالك االستدالل إال ومنها القطعي والظين، وم

يف جعل جهة -ومن وافقه من املعتزلة واإلمامية -هنا خطأ شيخ اإلسالم ابن تيمية الرازي

الرتجيح العقل يف تعارض العقل والنقل؛ فقال: "أن قوله: إذا تعارض النقل والعقل. إما أن يريد

الراجح به القطعيني؛ فال نسلم إمكان التعارض حينئذ. وإما أن يريد الظنيني؛ فاملقدم هو

مطلقا. وإما أن يريد به ما أحدمها قطعي؛ فالقطعي هو املقدم مطلقا. وإذا قدر أن العقلي هو

القطعي كان تقدميه لكونه قطعيا، ال لكونه عقليا. فعلم أن تقديم العقلي مطلقا خطأ، كما أن

.2جعل جهة الرتجيح كونه عقليا خطأ"

الظنية من جهة الثبوت أو الداللة؛ فإن ظنية األدلة وكما أن الدليل السمعي تتطرق إليه

العقلية تنشأ من نسبيتها؛ فإن "كون الشيء معلوما بالعقل أو غري معلوم بالعقل ليس هو صفة

الزمة لشيء من األشياء، بل هو من األمور النسبية اإلضافية، فإن زيدا قد يعلم بعقله ما ال

(.2/6، )تفسري القرآن العظيم، ابن كثري 1 (.87-1/86درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ) 2

، ويظهر هذا جليا يف 1يف حال بعقله ما جيهله يف وقت آخر" يعلمه بكر بعقله، وقد يعلم اإلنسان

اضطراب املتكلمني يف أبواب التوحيد، والقدر، وتعارض أدلتهم العقلية، فكل منهم يدعي أن

.2حجة العقل له، ويقول: "إن العقل أثبت، أو أوجب، أو سوغ؛ ما يقول اآلخر: إن العقل نفاه"

يفيد القطع واليقني، أو أهنا ال تفيد ذلك بإطالق يرده نص فالقول بأن كل األدلة السمعية

القرآن الكريم، واستقراء األدلة، وهذا يقودنا إىل القضية الثانية.

القضية الثانية: وجود القطعي يف األدلة السمعية:

ملا تقرر أن األدلة السمعية منها ما هو قطعي ومنها ما هو ظين حبث األصوليون يف وجود

الظين فيها، ويذهب مجهور األصوليني إىل أن األدلة النقلية ظنية ووجود القطعي فيها القطعي و

، ويلخص ابن عاشور وجه انعدام الدليل القطعي يف األدلة النقلية 3"معدوم أو يف غاية الندور"

فمعظم أدلته ظواهر، ويف -وهو متواتر اللفظ -بقوله: "ألن تلك األدلة إن كانت من القرآن

سنذكرها يف تقسيمها اآلتي، وإن كانت 4ن أدلة على مقاصد الشريعة قريبة من النصوصالقرآ

فتطرق .5األدلة من السنة فهي كلها أخبار آحاد، وهي ال تفيد القطع وال الظن القريب منه"

كما يف أخبار اآلحاد -الظن إىل األدلة السمعية يكون من جهيت الثبوت والداللة، كلتيهما

(.1/144) املصدر السابق، 1بع من أوجه الرد على ا(. وقد ذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية مجلة من األمثلة على تعارض حجج العقول يف الوجه الس1/145املصدر نفسه، ) 2

(.148-1/144) صدر نفسه،املقانون الرازي يف تقديم العقل على النقل، انظر: (.1/24)، الشاطيب املوافقات، 3

أي قريبة من أن تكون نصا مقطوعا بداللته. 4

(.189مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 5

كما يف القرآن الكريم واملتواتر من السنة احملتملة املعنى -، أو يف إحدامها -عنى احملتملة امل

لظنية الداللة فيهما.

فأما جهة الثبوت فإن شرط القطع فيها التواتر؛ "وهو: أن يروي مجاعة ال يقع التواطؤ على

مساع ال عن الكذب من مثلهم إىل أن ينتهي إىل املخرب عنه، ويكون يف األصل عن مشاهدة أو

، والتواتر هبذا الشرط ال يصدق إال على القرآن الكريم، وأما السنة فقال ابن الصالح: 1اجتهاد"

.ا.هـ، ومثل له حبديث 2"ومن سئل عن إبراز مثال لذلك فيما يروى من احلديث أعياه تطلبه"

، ثم 3من النار" : "من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعدهملسو هيلع هللا ىلصقال: قال رسول اهلل أبي هريرة

إال هذا قال: "وال يعرف حديث يروى عن أكثر من ستني نفسا من الصحابة عن رسول اهلل

.4احلديث الواحد"

دم التواطؤ على (. وقد اختلفت تعريفات األصوليني للمتواتر، إال أهنا دارت على شرائط تعريف اجلويين: الكثرة، وع25اجلويين ) الورقات، 1

اإلحكام يف أصول األحكام، ابن و(. 2/77) ،أبو احلسني البصري الكذب، وأن يكون مصدر التلقي احلس. وانظر: ] املعتمد يف أصول الفقه،

([.4/227الرازي، ) احملصول،و(. 1/104حزم، ) (.454ابن الصالح: مقدمة ابن الصالح، ) 2(. وهو عند البخاري يف 3(، حديث رقم )1/10، )ملسو هيلع هللا ىلصيف التحذير من الكذب على رسول اهلل أخرجه: مسلم يف صحيحه، املقدمة، باب 3

صحيحه من حديث املغرية بزيادة يف أوله "إن كذبا على ليس ككذب على أحد"، كتاب اجلنائز، باب ما يكره من النياحة على امليت،

قد رواه من - قوله عليه السالم: "من كذب علي متعمدا" أعين -قال ابن اجلوزي: وهذا احلديث (.1291(، حديث رقم )2/80)

([.129-1/53، وأنا أذكره عنهم إن شاء اهلل تعاىل". ]املوضوعات، ابن اجلوزي، )ملسو هيلع هللا ىلصالصحابة مثانية وتسعون نفسا عن رسول .ا.هـ، وذكر أمثلة أخرى منها: حديث "لكزاد على ذي ،ال"(، وتعقبه ابن رسالن البلقيين قائال: 454) ،مقدمة ابن الصالح، ابن الصالح 4

انظر: حماسن ]. ملسو هيلع هللا ىلصالشفاعة، واحلوض، ونزول اهلل يف ثلث الليل اآلخر، واملسح على اخلفني، وأمر ابا بكر بالصالة يف مرض رسول اهلل

(.455-454ملحق هبامش مقدمة ابن الصالح، ) ،ابن رسالن االصطالح،

وأما جهة الداللة فإن شرط القطع فيها ثبوت الداللة، وعدم االحتمال واملعارض، قال

صمة رواة مفردات تلك الرازي: "الدليل اللفظي ال يفيد اليقني إال عند تيقن أمور عشرة: ع

األلفاظ وإعراهبا وتصريفها، وعدم االشرتاك، واجملاز، والنقل، والتخصيص باألشخاص

واألزمنة، وعدم اإلضمار، والتأخري، والتقديم، والنسخ، وعدم املعارض العقلي الذي لو كان

، وعدم ، فلثبوت الداللة: عصمة رواة مفردات تلك األلفاظ وإعراهبا وتصريفها1لرجح عليه"

االشرتاك. ولعدم االحتمال: نفي اجملاز، والنقل، والتخصيص، وعدم اإلضمار، والتأخري،

والتقديم. ولعدم املعارض: نفي النسخ، وعدم املعارض العقلي والنقلي.

نادر أو يف حكم -ثبوت الداللة، وعدم االحتمال واملعارض -وتوفر هذين الشروطني

2املعدوم.

يف عاجل الفكر املقاصدي إشكال القطع والظن يف األدلة؟القضية الثالثة: ك

-مما يقر به أتباع الفكر املقاصدي فقدان الدليل القطعي يف أصلي األدلة الشرعية

أو ندرته وفق االصطالح األصويل للقطعية يف األدلة، والتعامل مع هذا -الكتاب والسنة

اصد، قال الشاطيب: "األدلة العقلية إذا استعملت اإلشكال وحله له أولوية وأمهية يف فكر املق

يف هذا العلم فإمنا تستعمل مركبة على األدلة السمعية، أو معينة يف طريقها، أو حمققة ملناطها،

أو ما أشبه ذلك، ال مستقلة بالداللة؛ ألن النظر فيها نظر يف أمر شرعي والعقل ليس بشارع.

(.51خرين من العلماء واحلكماء واملتكلمني، )الرازي: حمصل أفكار املتقدمني واملتأ 1(، وأما 200-196مر جواب شيخ اإلسالم ابن تيمية على دعوى اشرتاط املقدمات العشر اليت حكاها الرازي، ]انظر: هذا البحث، ) 2

اشرتاط التواتر فسيأتي الحقا إن شاء اهلل.

على االستعمال -ل األدلة الشرعية، ووجود القطع فيها فإذا كان كذلك، فاملعتمد بالقصد األو

؛ فإهنا إن كانت من أخبار -أعين يف آحاد األدلة -معدوم، أو يف غاية الندور -املشهور

اآلحاد فعدم إفادهتا القطع ظاهر، وإن كانت متواترة فإفادهتا القطع موقوفة على مقدمات

.1البد أن يكون ظنيا" مجيعها أو غالبها ظين، واملوقوف على الظين

فالشاطيب هنا يشري إىل أمرين:

األول: أمهية حبث إشكال القطع والظن يف الفكر املقاصدي، وذلك أن "أصول الفقه يف

الدين قطعية ال ظنية، والدليل على ذلك أهنا راجعة إىل كليات الشريعة، وما كان كذلك فهو

ا العلم واألدلة املعتمدة فيه ال تكون إال قطعية؛ ، وعليه فإن "املقدمات املستعملة يف هذ2قطعي"

وهي -، فإذا ما كانت األدلة العقلية 3ألهنا لو كانت ظنية مل تفد القطع يف املطالب املختصة به"

تابعة لألدلة السمعية ال مستقلة بالداللة؛ فإن لبحث إشكال القطع -نوع من أنواع األدلة القطعية

ية أولوية وأمهية يف املقاصد.والظن يف هذه األدلة السمع

واألمر اآلخر: حترير حمل ورود إشكال القطع والظن؛ فإن موطن وقوع إشكال القطع

والظن يف رؤية الشاطيب يف "آحاد األدلة"، ال جنسها، أما جنس األدلة السمعية قطعية؛ ألهنا

قال إما "خرب من دل الدليل على أن الصدق وصف واجب له، وهو اهلل تعاىل"؛

وتحوا ٱلعما ﴿حينا أ ى ٱل يارا ط وا را ص ي إلا ياهد وا ٱلاق وا كا هح ب كا من ر نزلا إلا

حي أ ٱل

(.1/24املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.1/19، )السابقاملصدر 2 (.1/23املصدر نفسه، ) 3

زيز ٱلاممد [، قال ابن عاشور: "واختري فعل الرؤية هنا دون )ويعلم( للتنبيه 6]سبأ: ﴾ ٱلعا

.ا.هـ، وإما خرب من دلت الدالئل 1املرئيات اليت علمها ضروري"عل أنه علم يقيين مبنزلة العلم ب

ى ﴿ على صدقهم، وهم األنبياء، قال وا ن ٱلها ا ا يانطقح ٣واما وا إل واح يحوحا إن هح

، وهو اإلمجاع، وإىل 2[، وإما خرب "من صدقه اهلل ورسوله، وهو خرب كل األمة"4-3]النجم: ﴾

تعود األدلة السمعية، فهي املعتمد بالقصد -الكتاب والسنة واإلمجاع -ة هذه األصول الثالث

األول يف التشريع، فكيف عاجل الشاطيب إشكال القطع والظن يف األدلة؟

األدلة باعتبار كليتها ال يتطرق إليها إشكال الظن، فهي قطعية، "وأجلها املستفاد من -1

طعية الداللة، أو من األخبار املتواترة يف املعنى، أو األخبار املتواترة يف اللفظ؛ بشرط أن تكون ق

، فالقطعية يف األدلة السمعية جتري على حالني:3املستفاد من االستقراء يف موارد الشريعة"

احلال األول: أن تكون األدلة أخبارا متواترة: والتواتر يف األخبار: إما أن يكون تواترا يف

الداللة جريا على اصطالح املتكلمني يف اشرتاط القطع يف اللفظ، وشرط له أن يكون قطعي

. أو يكون تواترا يف املعنى، 4األدلة اللفظية، وعده ابن الصالح نوعا من املشهور عند احملدثني

وهو "الشائع عن أصله"، ويسمى املستفي أو املشهور عند األصوليني.

(.22/145التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 1 (.3/230البحر احمليط يف أصول الفقه، الزركشي، )انظر: 2 (.1/23املوافقات، الشاطيب، ) 3

(.453انظر: مقدمة ابن الصالح، ابن الصالح، ) 4

ن مجلة أدلة ظنية تظافرت على معنى احلال الثاني: أن تكون األدلة مقاصد مستقرأة "م

واحد حتى أفادت فيه القطع؛ فإن لالجتماع من القوة ما ليس لالفرتاق، وألجله أفاد التواتر

القطع، وهذا نوع منه، فإذا حصل من استقراء أدلة املسألة جمموع يفيد العلم فهو الدليل

.1املطلوب، وهو شبيه بالتواتر املعنوي

كل دليل دد الشاطيب رؤيته هلا وفق إشكال القطع والظن فيقول: "أما آحاد األدلة فيح -2

.أو ظنيا اشرعي إما أن يكون قطعي

فال إشكال يف اعتباره؛ كأدلة وجوب الطهارة من احلدث، والصالة، فإن كان قطعيا

والزكاة، والصيام، واحلج، واألمر باملعروف، والنهي عن املنكر، واجتماع الكلمة، والعدل،

.اه ذلكوأشب

، فإما أن يرجع إىل أصل قطعي أو ال، فإن رجع إىل قطعي فهو معترب أيضا وإن كان ظنيا

وإن مل يرجع وجب التثبت فيه ومل يصح إطالق القول بقبوله، ولكنه قسمان:

ا.هـ:.2"فاجلميع أربع أقسام ؛، وقسم ال يضاده وال يوافقهقطعيا قسم يضاد أصال

طعي، وهذا القسم خارج إشكال القطع والظن، ولذا "فال القسم األول: الدليل الق

، -حبسب اصطالح األصوليني -إشكال يف اعتباره"، وهذ القسم يف آحاد األدلة نادر

وحتقيقه فيها يف املتواتر لفظأ ومعنى.

.[(1/24املوافقات، الشاطيب، )]انظر: خبار بينما املقاصد يف األحكام.الفرق بني التواتر املعنوي واملقاصد، أن التواتر املعنوي يف األ 1 (.3/11، )املوافقات، الشاطيب 2

القسم الثاني: الدليل الظين الراجع إىل مقاصد الشريعة، ويرى الشاطيب أن هذا القسم

، ووجه اعتباره 2، "وعليه عامة أخبار اآلحاد"1أيضا؛ ألنه راجع إىل أصل قطعيمعترب الداللة

وإن كان ظنيا دخوله حتت كلي من كليات الشريعة، قال الشاطيب: "وإذا كان كذلك، وكانت

شأن اجلزئيات مع -اجلزئيات وهي أصول الشريعة فما حتتها مستمدة من تلك األصول الكلية

فمن الواجب اعتبار تلك اجلزئيات هبذه الكليات عند -أنواع املوجودات كلياهتا يف كل نوع من

.3إجراء األدلة اخلاصة من الكتاب والسنة واإلمجاع والقيا "

القسم الثالث: الدليل الظين املعارض ملقاصد الشريعة وأصوهلا، وموقف الشاطيب يف

لشريعة، "وهذا القسم على هذا القسم عائد إىل أصله يف اعتبار جزئيات األدلة بكليات ا

ضربني:

أحدمها: أن تكون خمالفته لألصل قطعية، فالبد من رده"، وعدم اعتباره من اجتماع

جهتني: اجلهة األوىل: خمالفته أصول الشريعة، "وخمالف أصوهلا ال يصح ألنه ليس منها". واجلهة

.الثانية: "أنه ليس له ما يشهد بصحته، وما هو كذلك ساقط االعتبار"

واعلم أن املقصود بالرجوع إىل األصل القطعي ليس بإقامة الدليل القطعي على صحة العمل "قال الشاطيب يف بيان مراده باألصل القطعي هنا: 1

الواحد أو بالقيا واجب مثال، بل املراد ما هو أخص من ذلك؛ كما تقدم يف حديث "ال ضرر والضرار" به؛ كالدليل على أن العمل خبرب

([ فمراده باألصل القطعي الرجوع إىل معنى 3/18. ]املوافقات، )"واملسائل املذكورة معه، وهو معنى خمالف للمعنى الذي قصده األصوليون

يب عن حديث "ال ضرر وال ضرار" فإنه داخل حتت أصل قطعي يف هذا املعنى؛ فإن الضرر كلي وليس آحاد األدلة القطعية، قال الشاط

إذا والضرار مبثوث منعه يف الشريعة كلها يف وقائع جزئيات وقواعد كليات، ... فهو معنى يف غاية العموم يف الشريعة ال مراء فيه وال شك، و

([.3/12اعتربت أخبار اآلحاد وجدهتا كذلك. ]املوافقات، ) (.3/11املوافقات،الشاطيب، ) 2 (.3/5املصدر نفسه، ) 3

"واآلخر: أن تكون ظنية؛ إما بأن يتطرق الظن من جهة الدليل الظين، وإما من جهة كون

.1األصل مل يتحقق كونه قطعيا، ويف هذا املوضع جمال للمجتهدين"

القسم الرابع: الدليل الظين الذي ال يرجع إىل مقاصد الشريعة وأصوهلا وال يعارضها، وقد

:وقبوله رأيني يف اعتبار هذا القسم ذكر الشاطيب

الرأي األول: أنه ال اعتبار له، وذلك من وجهني:

الوجه األول: أنه "إثبات شرع على غري ما عهد يف مثله، واالستقراء يدل على أنه غري

موجود".

واآلخر: أنه "من حيث مل يشهد له أصل قطعي معارض ألصول الشرع؛ إذ كان عدم

املوافقة خمالفة".

ه والعمل به؛ بناء على أن "العمل بالظن على اجلملة ثابت يف تفاصيل الرأي الثاني: اعتبار

الشريعة، وهذا فرد من أفراده"، وأجابوا عن عدم موافقته ملقاصد الشريعة بأنه غري خمالف

أيضا؛ "فإن عضد الرد عدم املوافقة عضد القبول عدم املخالفة، فيتعارضان ويسلم أصل العمل

.2بالظن"

(.3/12) ملصدر السابق،انظر: ا 1

(.3/18) املصدر نفسه 2

ال وجود له يف - 1وإن كان الشاطيب قد جعله من باب املناسب الغريب -م وهذا القس

-األدلة الشرعية، وإمنا فرض من باب القسمة املنطقية؛ فإن اعتبار أصول املصاحل اخلمسة

ال -الضرورية واحلاجية والتكميلية -مبراتبها الثالثة -الدين والنفس والعرض والعقل واملال

اسب مل يرد يف الشرع اعتباره أو إلغاؤه.يتصور معه وجود من

مما سبق يتضح أن الشاطيب عاجل إشكال الظن يف آحاد األدلة الشرعية باعتبار األدلة

الكلية ) مقاصد الشريعة (، خمالفا بذلك طريقة األصوليني باعتبار القطع يف الداللة بالقرائن، إذ

.2أنه "نادر أو متعذر"

املناسب عند األصوليني مسلك من مسالك العلة وعرفه اآلمدي بأنه: وصف ظاهر منضبط يلزم من ترتيب احلكم على وفقه حصول ما 1

ن:اوهو من حيث اعتبار الشرع له قسم. حلكميصلح أن يكون مقصودا من شرع ذلك ا

األول: أن يعلم اعتبار الشارع له، وهو ما كان راجعا إىل أصل شرعي قطعي.

والثاني: أن يعلم عدم اعتبار الشارع له، وهو ثالثة أنواع:

.النوع األول: أن يعلم إلغاء الشارع اعتباره، وهذا مقطوع برده

وهو ما كان خمالفا ومل يشهد له أصل شرعي، ومثاله: اعتبار حكمة الزجر يف الكفارات فقد أفتى حييى بن والنوع الثاني: أن يكون غريبا،

حييى املغربي ملكا جامع يف هنار رمضان بصيام شهرين متتابعني دون اإلعتاق ليكون رادعا له. وهذا مناسب غريب يف الشرع فإن حكمة

غين وفقري، وال جيري فيها التغليظ والتشديد خبالف العقوبات فإن اعتبار الزجر فيها مالئم لتصرفات الكفارة التطهري ولذا مل يفرق فيها بني

.الشارع

.ما كان مالئما، وهو ما شهد له أصل شرعيأوهلما: الثالث: أن ال يعلم اعتباره وال إلغاؤه، وهو املناسب املرسل، وهو قسمان:النوع و

مل يشهد له أصل شرعي ومل خيالفه، وهذا األخري هو مراد الشاطيب يف هذا القسم. انظر: ]اإلحكام يف اصول وما كان غريبا وهو ما واآلخر:

حاشية العطار على شرح اجلالل احمللي على و (،403-3/381) الطويف، شرح خمتصر الروضة،و، (357-353، 3/339) اآلمدي، األحكام،

([.330-2/316) العطار، مجع اجلوامع،

(.1/24قات، الشاطيب، )املواف 2

أو القيا حجة؛ ،حجة، أو خرب الواحدأدلة كون اإلمجاع قال الشاطيب: "وإذا تأملت

وهي مع ذلك ألن أدلتها مأخوذة من مواضع تكاد تفوت احلصر ؛فهو راجع إىل هذا املساق

ال ترجع إىل باب واحد إال أهنا تنتظم املعنى الواحد الذي هو املقصود ؛خمتلفة املساق

، فصارت مبجموعها دلة عضد بعضها بعضاباالستدالل عليه، وإذا تكاثرت على الناظر األ

إال أن ،فكذلك األمر يف مآخذ األدلة يف هذا الكتاب، وهي مآخذ األصول ،مفيدة للقطع

املتقدمني من األصوليني رمبا تركوا ذكر هذا املعنى والتنبيه عليه، فحصل إغفاله من بع

إذ مل ،على انفرادها ، وباألحاديثافاستشكل االستدالل باآليات على حدهت ،املتأخرين

، واستضعف االستدالل هبا على نصا عليها باالعرتاض نصا ، فكرعيأخذها مأخذ االجتما

، ولو أخذت قواعد األصول املراد منها القطع، وهي إذا أخذت على هذا السبيل غري مشكلة

رعي ألبتة أدلة الشريعة على الكليات واجلزئيات مأخذ هذا املعرتض مل حيصل لنا قطع حبكم ش

إال أن نشرك العقل، والعقل إمنا ينظر من وراء الشرع، فالبد من هذا االنتظام يف حتقيق األدلة

.ا.هـ1األصولية"

ويتضح هذا املسلك يف عالج ظنية األدلة السمعية يف موقف الشاطيب من حجية خرب

اآلحاد؛ وبيان ذلك يف النقاط التالية:

ماء األصول: اختلف علماء األصول يف حجية أخبار أوال: حجية خرب اآلحاد عند عل

اآلحاد، هل تفيد القطع أم الظن، ويف املسألة ثالثة أقوال:

(.1/25، )املصدر السابق 1

، 1القول األول: مذهب مجهور األصوليني، ويذهبون إىل أن خرب اآلحاد ال يفيد إال الظن

"اعلم ، وقال اجلويين:2قال القاضي أبو يعلى: "خرب الواحد ال يوجب العلم الضروري"ا.هـ

وفقك اهلل أن كل ما يطلب العلم فيه فال يقبل فيه أخبار اآلحاد؛ فإهنا ال تقتضي، وإمنا يثبت

.ا.هـ ، وقال الغزايل: "خرب الواحد اليفيد العلم، وهو معلوم 3بداللة قاطعة وجوب العمل هبا"

نصدق بالضرورة؛ فإنا ال نصدق بكل ما نسمع، ولو صدقنا وقدرنا تعارض خربين؛ فكيف

بالضدين؟! وما حكي عن احملدثني من أن ذلك يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم

بوجوب العمل؛ إذ يسمى الظن علما، وهلذا قال بعضهم: يورث العلم الظاهر. والعلم ليس له

.ا.هـ، وجممل أدلتهم تعود إىل ثالثة أدلة:4ظاهر وباطن، وإمنا هو الظن"

ية بعدم تصديق كل خرب نسمعه، فإن خرب الواحد "ال جيب صدقه األول: الضرورة العقل

حينئذ؛ فال ميكن القطع مبا يفيده من علم، 5عقال وال نقال، وإذا جاز كذبه فال علم بالصدق"

وهي مبنية على "أن تأثريات األدلة يف النفو حبسب املؤثر، وال جند يف أنفسنا من خرب

(. وقواطع األدلة 1/119(. واإلحكام يف أصول األحكام، البن حزم، )2/566انظر: املعتمد يف أصول الفقه، ألبي احلسني البصري املعتزيل، ) 1

(.260-2/258، )السمعانياألدلة يف األصول، .(3/898العدة يف أصول الفقه، للقاضي أبي يعلى، ) 2 (.2/430التلخيص يف أصول الفقه، للجويين، ) 3 (.2/179املستصفى، للغزايل، ) 4 (.252املنخول، للغزايل، ) 5

سوى ترجح صدقه على كذبه من غري قطع، وذلك غري -دالة وإن بلغ الغاية يف الع -الواحد

.1موجب للعلم"

عليها؛ وذلك أنه قد يقرتن دليلوالضرورة العقلية يف ظنية كل خرب واحد حم دعوى ال

بالوحي، وقد يقرتن به ما يقطع معه خبرب الواحد ما يقطع معه بصدقه؛ مثل خرب رسول اهلل

روية يف كتب اإلمامية، فالضرورة العقلية يف هذا الباب تنفي احلكم بكذبه؛ ككثري من األخبار امل

الكلي خلرب الواحد بالقطع أو الظن، وتبقي تردد أخبار اآلحاد بني القطع والظن حبسب ما

يتوافر من قرائن، ويؤيد هذا األصل الذي بنوا عليه ظنية أخبار اآلحاد عقال؛ فأثر األدلة يف

هبا من مؤكدات. النفو يكون مبا حيتف

الدليل الثاني: عدم عصمة رواته جتعل خربهم جائز الكذب والغلط والوهم، وما كان من

األخبار هذه أوصافه ال يفيد العلم.

وهذا اجلواز للكذب والغلط يف أخبار اآلحاد ال يدل على انتفاء إمكان حتصيل القطع

ا املقصود عصمة اخلرب من كونه فيها، فإن املنشود يف األخبار ليس عصمة األشخاص؛ وإمن

كذبا، وحتصيل هذه العصمة يكون بطرق منها: تواتر اخلرب تواترا لفظيا أو معنويا، أو عصمة

خمربه بأن يكون ممن ال يصح من مثله الكذب، أو مبا حيتف به من القرائن الدالة على صدقه؛

ؤثر، فمتى ما حتقق للناظر يف اخلرب وذلك أن تأثري األدلة يف إفادهتا العلم من عدمه حبسب امل

(.2/33اإلحكام يف أصول األحكام، لآلمدي، ) 1

صدقه كان اخلرب مفيدا للعلم سواء كان متواترا أو آحادا، ويشهد هلذا اختالف األصوليني يف

حتديد العدد الذي حيصل به التواتر يف األخبار.

الدليل الثالث: ما يشتمل عليه القول بقطعية أخبار اآلحاد من حمرتزات، وجممل تلك

احملرتزات:

يلزم منه لو عارضه خرب آخر اجلمع بني املتناقضني. -1

يلزم منه تصديق مدعي النبوة من غري حاجة إىل دليل معجز. -2

يلزم منه مساواته بالقرآن واملتواتر من السنة يف الرتبة؛ فيجوز نسخهما به. -3

يلزم منه قبول شهادة الواحد يف األحكام القضائية. -4

.1ديعه فيما يفسق فيه ويبدعيلزم منه ختطئة خمالفه، وتفسيقه وتب -5

ومجيع هذه االحرتازات تصدق إذا قيل بأن كل أخبار اآلحاد قطعية، وهذه الدعوى

كدعوى من قال: كل أخبار اآلحاد ظنية؛ فإهنا حم دعوى ال دليل عليها، قال الشافعي: "وال

يف دينه، معروفا تقوم احلجة خبرب اخلاصة حتى جيمع أمورا: منها: أن يكون من حدث به ثقة

بالصدق يف حديثه، عاقال ملا يحدث به، عاملا مبا حييل معاني احلديث من اللفظ، وأن يكون ممن

يؤدي احلديث حبروفه كما مسع، ال يحدث به على املعنى، ...ويكون هكذا من فوقه ممن

.2ليه دونه"أو إىل من انتهى به إ حدثه حتى ينتهى باحلديث موصوال إىل النيب

(.139-120وانظر يف تفصيل اإلجابة عن هذه االحرتازات: خرب الواحد وحجيته، أمحد الشنقيطي، ) 1 (.371-370الرسالة، للشافعي، ) 2

، وهو أن خرب اآلحاد يفيد العلم، وهو من األدلة 1القول الثاني: ذهب إليه الظاهرية

القطعية يف األحكام الشرعية، قال ابن حزم: "فنظرنا يف هذا فوجدنا برهانني يوجب اهلل تعاىل

هبما قبوله وال بد:

فرقاة ﴿أحدمها: قول اهلل تعاىل را من كح ف فااولا نافا وا هح ق اتافا ة ل فا ائ م طا نهح م

ين ونا ٱل رح ذا م يا هح هم لاعا وا إلا عح م إذاا راجا هح وا قاوما رح حنذ ل [، فأسقط اهلل 122]التوبة: ﴾ وا

عز وجل عن مجيع املؤمنني أن يتفرقوا للتفقه يف الدين وإنذار قومهم مبا تفقهوا فيه، والطائفة يف

ب ﴿وقال تعاىل خمربا عنه -لعرب اليت نزل هبا القرآن لغة ا را ا ان سا بي ب ﴾ م

هي بع الشيء، ومل خيص قط بلفظ الطائفة عددا دون عدد؛ بل هي -[ 159]الشعراء:

لفظة تقع على الواحد، وعلى أكثر من الواحد.

بعث ى أن رسول اهلل ...الربهان الثاني: هو إمجاع مجيع األمم مؤمنها وكافرها عل

رسله إىل القبائل وامللوك داعني إىل اهلل عز وجل، وبعث إىل كل جهة أمريا يعلمهم دينهم وينفذ

حي غائب طاعة أولئك األمراء وهو عليهم أحكام اهلل تعاىل، ...فإذا قد ألزمهم

.2عنهم؛ فقد صح أن ذلك يكون باقيا إىل يوم القيامة"

ألخبار اآلحاد ال يراد به كل أخبار اآلحاد، فإن خرب الواحد جيوز عليه وهذا االعتبار

الكذب والوهم، والضرورة العقلية تقضي بعدم قبول كل أخبار اآلحاد، قال ابن حزم: "فهو كما

قالوا إال أن يأتي برهان حسي ضروري، أو برهان منقول نقال يوجب العلم من نص ضروري

(.1/119انظر: اإلحكام يف أصول األحكام، البن حزم، ) 1 (.31-30النبذة الكافية يف أحكام أصول الدين، ابن حزم، ) 2

وهذا النص منه اعرتاف بأن ليس كل أخبار .1ألخبار من ذلك"على أن اهلل قد برأ بع ا

اآلحاد يفيد العلم والقطع.

القول الثالث: وهو مذهب أهل احلديث، وظاهر كالم اإلمام الشافعي، واختيار املتأخرين

، وذهبوا إىل أن خرب الواحد يفيد العلم والقطع يف الداللة إذا ما احتفت به 2من األصوليني

، ومن هنا شرط أهل احلديث لقبول الرواية عدالة -حسية كانت أو عقلية أو نقلية -القرائن

الراوي وضبطه ملا يرويه، قال ابن الصالح: "أمجع مجاهري أئمة احلديث والفقه على أنه يشرتط

فيمن حيتج بروايته أن يكون عدال ضابطا ملا يرويه. وتفصيله: أن يكون مسلما بالغا عاقال،

من أسباب الفسق وخوارم املروءة، متيقظا غري مغفل، حافظا إن حدث من حفظه، ساملا

ضابطا لكتابه إن حدث من كتابه، وإن كان حيدث باملعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عاملا

.3مبا حييل املعاني، واهلل أعلم"

ط التالية:ثانيا: موقف اإلمام الشاطيب من خرب اآلحاد: ويتلخص ذلك يف النقا

يقرر الشاطيب أن أخبار اآلحاد "هي عمدة الشريعة، ويتطرق إليها من جهة األسانيد -1

، ومنشأ هذا الضعف احتمال وقوع الغلط والنسيان فيها، ومن هنا تقرر فيها عدم 4ضعف"

إفادهتا القطع، وملا كانت السنة أغلبها من أخبار اآلحاد أتت رتبتها يف االعتبار متأخرة عن

(.1/119اإلحكام يف أصول األحكام، ابن حزم، ) 1 (.2/32انظر: اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، ) 2 (.288مقدمة ابن الصالح، ) 3 (.3/66يب، )املوافقات، الشاط 4

اب؛ وذلك "أن الكتاب مقطوع به، والسنة مظنونة والقطع فيها إمنا يصح يف اجلملة ال يف الكت

التفصيل، خبالف الكتاب فإنه مقطوع به يف اجلملة والتفصيل، واملقطوع به مقدم على املظنون؛

.1فلزم من ذلك تقديم الكتاب على السنة"

ورودها يف الشريعة مورد ملا كانت أخبار اآلحاد مظنونة من جهة ضعف األسانيد، و -2

اجلزئيات ال الكليات، كان من املعترب يف إعماهلا رجوعها إىل أصل قطعي، قال الشاطيب يف بيان

أنواع األدلة: "وأما الثاني: وهو الظين الراجع إىل أصل قطعي فإعماله أيضا ظاهر، وعليه عامة

جع املقطوع به القرآن الكريم، فهو .ا.هـ، وقال: "وأعلى مرا2أخبار اآلحاد، فإهنا بيان للكتاب"

أول املرجوع إليه، أما إذا مل يرد من املسألة إال العمل خاصة فيكفي الرجوع فيها إىل السنة

املنقولة باآلحاد، كما يكفي الرجوع فيها إىل قول اجملتهد، وهو أضعف، وإمنا يرجع فيها إىل

يرجع إليه، أو دينا يدان اهلل به، فال يكتفى أصلها يف الكتاب الفتقاره إىل ذلك يف جعلها أصال

.ا.هـ، فاعتبار خرب اآلحاد هنا "راجع إىل أنه 3مبجرد تلقيها من أخبار اآلحاد كما تقدم"

.4جزئي حتت معنى قرآني كلي"

وحيدد الشاطيب آلية حتصيل األصول القطعية املقوية لألدلة اجلزئية الظنية باالستقراء، -3

األدلة املعتربة هنا املستقرأة من مجلة أدلة ظنية تظافرت على معنى واحد قال الشاطيب: "وإمنا

(.4/6) املصدر نفسه، 1 (.3/11) املصدر نفسه، 2 (.3/280املصدر السابق، ) 3 (.4/8) املصدر نفسه، 4

حتى أفادت فيه القطع؛ فإن لالجتماع من القوة ما ليس لالفرتاق؛ وألجله أفاد التواتر القطع،

وهذا نوع منه، فإذا حصل من استقراء أدلة املسألة جمموع يفيد العلم فهو الدليل املطلوب، وهو

.1تر املعنوي"شبيه بالتوا

من مضعفات خرب الواحد عند الشاطيب معارضته ألصل قطعي؛ قال الشاطيب: "أن -4

هذه األحاديث على قلتها معارضة ألصل ثابت يف الشريعة قطعي، ومل تبلغ مبلغ التواتر اللفظي

ه وال املعنوي، فال يعارض الظن القطع، كما تقرر أن خرب الواحد ال يعمل به إال إذا مل يعارض

.2أصل قطعي، وهو أصل مالك بن أنس، وأبي حنيفة"

وحبسب هذه القاعدة ردت عائشة رضي اهلل عنها حديث "إن امليت ليعذب ببكاء

ى ﴿ أهله عليه" هبذا األصل نفسه لقوله خراحازراة وزرا أ ل تازرح وا

ان ليسا ٣٨أ

اأ وا

عا ا سا ن إل ما نسا ل .3[39-38]النجم: ﴾ ل

رح ﴿ لربه ليلة اإلسراء لقوله وردت حديث رؤية النيب بصااهح ٱل ﴾ ل تحدركح

.1[103]األنعام:

(.1/24) املصدر نفسه، 1

(.183-2/182املصدر نفسه، ) 2(، 2/79لنوح من سنته، ): "يعذب امليت ببع بكاء أهله عليه" إذا كان املسو هيلع هللا ىلصأخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب اجلنائز، باب قول النيب 3

(، حديث رقم 641-2/640(. ومسلم يف صحيحه، كتاب اجلنائز، باب امليت يعذب ببكاء أهله عليه، )1288-1286حديث رقم )

(928-929.)

وهبذا يكون مذهب الشاطيب يف أخبار اآلحاد أهنا ظنية الداللة يف األصل، وإمنا تفيد -5

انت راجعة القطع إذا احتف هبا قرائن من أدلة ظنية أخرى تصل إىل حد التواتر املعنوي، أو ك

إىل أصل قطعي مستقرأ من األدلة الشرعية.

القاعدة الثانية: التكامل بني الكليات واجلزئيات يف النظر واالعتبار:

من القواعد املعتربة عند الشاطيب يف االستدالل: اعتبار الكليات واجلزئيات من األدلة يف

زئيات هبذه الكليات عند إجراء النظر واالعتبار، قال الشاطيب: "فمن الواجب اعتبار تلك اجل

األدلة اخلاصة من الكتاب والسنة واإلمجاع والقيا ، إذ حمال أن تكون اجلزئيات مستغنية عن

كلياهتا، فمن أخذ بنص مثال يف جزئي معرضا عن كليه فقد أخطأ. وكما أن من أخذ باجلزئي

.2ه"معرضا عن كليه فهو خمطئ، كذلك من أخذ بالكلي معرضا عن جزئي

واجلزئيات يقرتب كثريا من حبث مسألة العموم واخلصوص عند 3والنظر يف الكليات

، وإن كان الشاطيب قد ااألصوليني، إال أن املتأمل لصنيع الشاطيب يرى أن بني املسألتني اختالف

﴾ غروب لٱ ل وقب لشمٱ طلوع ل قب ربك د بحم وسبح ﴿أخرجه البخاري يف صحيحه، كتاب تفسري القرآن، باب قوله 1

رى أخ لة نز رءاه ولقد ﴿(. ومسلم يف صحيحه، كتاب اإلميان، باب معنى قول اهلل عز وجل 4855(، حديث رقم )6/140[، )39]ق:

(.177(، حديث رقم )1/159ربه ليلة اإلسراء، ) ملسو هيلع هللا ىلص[ وهل رأى النيب 13]النجم: ﴾

(.3/5املوافقات، الشاطيب، ) 2

وني أن حبث الكليات يف الشريعة اإلسالمية يتعذر فيه "إحداث متييز فاصل بني املقاصد والقواعد العامة للشريعة يرى أمحد الريس 3

([، بينما يشري يعقوب الباحسني أن هذه الكليات "يغلب فيها أن يكون 13اإلسالمية". ]انظر: الكليات األساسية للشريعة اإلسالمية، )

ع من األحكام الفقهية اجلزئية" وإمنا سميت كليات "بتصدر كلمة ) كل ( فيها".]انظر: القواعد الفقهية، موضوعها خاصا"، وأن أغلبها "نو

[، وقد نشأت الكليات الفقهية يف الفكر الفقهي يف دائرة القواعد الفقهية ولذا فقد ارتبطت الكليات الفقهية 78-77يعقوب الباحسني، )

ت عنها بالسور الكلي، "فإذا اتسعت دائرة الكلية حبيث اشتملت على أكثر من باب كانت قاعدة، وإذا بالقواعد والضوابط الفقهية، وامتاز

كرر احلديث عن الكليات واجلزئيات يف معرض حديثه عن العموم واخلصوص، ومن أبرز تلك

الفروق:

أن الشاطيب تناول مسألة العالقة بني الكلي واجلزئي يف مقدمات ضابطة ألصول -1

االستدالل، بينما حبث مسألة العموم واخلصوص يف إطار عوارض األدلة اجلزئية.

هو ما كان على وفاق الكليات -كما سيتضح الحقا -أن الكلي يف الرؤية الشاطبية -2

ال يزول، حاكما ال حمكوما عليه، بينما العموم العارض العقلية، فيكون: عاما مطردا، ثابتا

للدليل ليس عموما كليا، بل عموم عادي؛ حيتمل التخصيص يف بع الوقائع.

أن الكلي كما هو متقرر يف العقليات ال يكون إال قطعيا، وأما العموم واخلصوص فيكون -3

حكام العادية من حيث هي قطعيا أو ظنيا؛ فتجري "العمومات الشرعية على مقتضى األ

.1منضبطة باملظنات، إال إذا ظهر معارض فيعمل على ما يقتضيه احلكم فيه"

أن اعتبار الكلية عقلي ذهين؛ إذ كانت الكليات "مبثوثة يف أبواب الشريعة وأدلتها، غري -4

خمتصة مبحل دون حمل، وال بباب دون باب، وال بقاعدة دون قاعدة"، فيكون اعتبارها "عاما

، أما اعتبار العموم واخلصوص فلغوي؛ فيكون "باعتبار ما تدل 2ال خيتص جبزئية دون أخرى"

(، حبث حمكم نشرته جملة 30بابا واحدا كانت ضابطا". ]انظر: الكليات الفقهية دراسة نظرية تأصيلية، ناصر امليمان، ) ضاقت فلم تتعد

هـ[.1427(، ربيع اآلخر، عام 30العدل يف عددها )

(.3/198املصدر السابق، ) 1 (.3/4انظر: املصدر نفسه، ) 2

عليه الصيغة يف أصل وضعها على االطالق، وإىل هذا النظر قصد األصوليني فلذلك يقع

.1التخصيص عندهم بالعقل واحلس وسائر املخصصات املنفصلة"

ي ) الكلي واجلزئي ( وبني ثنائي ) العموم واخلصوص ومع هذا التقرير يف التفريق ما بني ثنائ

؛ حيث أن العتبار العموم يف -لعله منشأ خطأ يف فهم كالم الشاطيب -(؛ فإن بينهما تداخال

الرؤية الشاطبية جهتني:

اجلهة األوىل: اجلهة الوضعية: قال الشاطيب: "ال كالم يف أن للعموم صيغا وضعية، والنظر

، ويراد بذلك الوضع القياسي لصيغ العموم يف االصطالح اللغوي، 2بأهل اللغة"يف هذا خمصوص

وإليه مقاصد األصوليني يف كتبهم.

اجلهة الثانية: اجلهة املقاصدية: ويراد هبا "العموم املعنوي، كانت له صيغة خمصوصة أو

قرائية احملصلة ال"، ويكون ثبوت العموم "بناء على أن األدلة املستعملة هنا إمنا هي االست

مبجموعها القطع باحلكم حسبما تقدم يف املقدمات" يف "النظر األول يف كليات األدلة على

.3اجلملة" يف املسألة األوىل

وتتحدد مالمح ثنائية الكلي واجلزئي يف اجلوانب التالية:

(.3/200املصدر نفسه، ) 1

(3/200املصدر السابق، ) 2

(.11-3/3)(. وانظر: 3/194املصدر نفسه، ) 3

يثه مفهوم الكلي واجلزئي: ابتداء حيدد الشاطيب مفهوم الكليات واجلزئيات يف معرض حد -1

عن العالقة ما بني الكلي واجلزئي.

فأما مفهوم الكلي فيقول الشاطيب: "ملا انبنت الشريعة على قصد احملافظة على املراتب

الثالث من الضروريات واحلاجيات والتحسينات، وكانت هذه الوجوه مبثوثة يف أبواب الشريعة

قاعدة دون قاعدة؛ كان النظر وأدلتها، غري خمتصة مبحل دون حمل، وال بباب دون باب، وال ب

فيها أيضا عاما ال خيتص جبزئية دون أخرى؛ ألهنا كليات تقضي على كل جزئي حتتها، وسواء

علينا أكان جزئيا إضافيا أم حقيقيا، إذ ليس فوق هذه الكليات كلي تنتهي إليه، بل هي

إثباهتا بقيا أو غريه فهي أصول الشريعة، وقد متت، فال يصح أن يفقد بعضها حتى يفتقر إىل

فمن خالل هذا النص ندرك أن الشاطيب يريد .1الكافية يف مصاحل اخللق عموما وخصوصا"

بالكليات هنا ما كان على وفق الكليات العقلية، مشتمال على خواصها، فيكون: عاما مطردا،

.2ثابتا غري زائل، حاكما غري حمكوم عليه

فيقول الشاطيب: "وإذا كان كذلك، وكانت اجلزئيات وهي أصول وأما حول مفهوم اجلزئي

الشريعة فما حتتها مستمدة من تلك األصول الكلية، شأن اجلزئيات مع كلياهتا يف كل نوع من

(.6-3/3املصدر السابق، ) 1 (.1/54املصدر نفسه، ) 2

أنواع املوجودات؛ فمن الواجب اعتبار تلك اجلزئيات هبذه الكليات عند إجراء األدلة اخلاصة

.1 "من الكتاب والسنة واإلمجاع والقيا

حقيقة الكلي وعالقة اجلزئي به: قال الشاطيب: "وبيان ذلك: أن تلقي العلم بالكلي إمنا -2

هو من عرض اجلزئيات، واستقرائها، فالكلي من حيث هو كلي غري معلوم لنا قبل العلم

باجلزئيات، وألنه ليس مبوجود يف اخلارج، وإمنا هو مضمن يف اجلزئيات حسبما تقرر يف

وأيضا فإن اجلزئي مل يوضع جزئيا إال لكون الكلي فيه على التمام وبه املعقوالت، ...

.ا.هـ، فحقيقة الكلي يف رؤية الشاطيب أنه ذهين ليس مبوجود يف اخلارج، وإدراكه إمنا 2قوامه"

يكون من خالل عرض اجلزئيات واستقرائها، ومن هنا كان العلم باجلزئيات سابقا للعلم بالكلي.

قة بينهما فهي عالقة تالزم، فاعتبار الكلي إمنا يكون من خالل تضمنه وأما جدلية العال

يف اجلزئيات، فبها متامه، واعتبار اجلزئيات إمنا يكون بتحقق الكلي فيها فبه قوامها.

ومن خالل امللمحني السابقني يتضح لنا إدراك الشاطيب حلقيقة الكلي واجلزئي يف

هو حتقيقها يف الشرعيات عند إجراء األدلة اخلاصة من العقليات، وأن ما يسعى إليه الشاطيب

الكتاب والسنة واإلمجاع والقيا ، وإدراك الكليات الشرعية إمنا يكون "بعد اإلحاطة مبقاصد

الشريعة"، وتبقى القواعد األصولية وما حتتها من قواعد شرعية وأدلة جزئية متثل جزئيات

"مستمدة من تلك األصول الكلية".

(.3/5، )نفسهاملصدر 1 (6-3/5املصدر السابق، ) 2

بار الكلي واجلزئي يف االستدالل: قال الشاطيب يف بيان آلية اعتبار الكلي آلية اعت -3

واجلزئي معا: "بل املراد بذلك أنه يعترب اجلزئي إذا مل تتحقق استقامة احلكم بالكلي فيه كالعرايا

وسائر املستثنيات، ويعترب الكلي يف ختصيصه للعام اجلزئي، أو تقييده ملطلقه، وما أشبه ذلك

يكون إخالال باجلزئي على اإلطالق، وهذا معنى اعتبار أحدمها مع اآلخر، حبيث ال

...وحقيقته: نظر مطلق يف مقاصد الشارع، وأن تتبع نصوصه مطلقة ومقيدة أمر واجب؛

فبذلك يصح تنزيل املسائل على مقتضى قواعد الشريعة، وحيصل منها صور صحيحة االعتبار،

.1وباهلل التوفيق"

ار الكلي واجلزئي يف رؤية الشاطيب تكون باجلمع يف النظر بني مقاصد الشريعة إن آلية اعتب

) الكلية ( واألدلة ) اجلزئية (، "فإذا ثبت باالستقراء قاعدة كلية، ثم أتى النص على جزئي

خيالف القاعدة بوجه من وجوه املخالفة؛ فال بد من اجلمع يف النظر بينهما ألن الشارع مل ينص

زئي إال مع احلفظ على تلك القواعد، إذ كلية هذا معلومة ضرورة بعد اإلحاطة على ذلك اجل

مبقاصد الشريعة، فال ميكن واحلالة هذه أن خترم القواعد بإلغاء ما اعتربه الشارع، وإذا ثبت

.2هذا مل ميكن أن يعترب الكلي ويلغى اجلزئي"

اجلانب الثاني: صورة بناء االستدالل:

(.11-3/10لسابق، )املصدر ا 1 (.7-3/6املصدر السابق، ) 2

ستدالل يف رؤية الشاطيب املقاصدية يالحظ أنه يقوم يف ظاهره على املتأمل يف بناء اال

نسق الربهان يف املنطق األرسطي، قال الشاطيب: "كل دليل شرعي فمبين على مقدمتني:

إحدامها: راجعة إىل حتقيق مناط احلكم، واألخرى: ترجع إىل نفس احلكم الشرعي. فاألوىل

لنقلية، سواء علينا أثبتت بالضرورة أم بالفكر والتدبر؛ وأعين بالنظرية هنا ما سوى ا -نظرية

.ا.هـ، ومتثل املقدمة النقلية يف االستدالل 1، والثانية نقلية"-وال أعين بالنظرية مقابل الضرورية

املقاصدي عند الشاطيب املقدمة الضرورية يف االستدالل؛ وذلك "أن خاصية املقدمة النقلية أن

ا نقلية، فال تفتقر إىل نظر وتأمل إال من جهة تصحيحها نقال، ونظري تكون مسلمة إذا حتقق أهن

هذا يف العقليات املقدمات املسلمة، وهي الضروريات وما تنزل منزلتها مما يقع مسلما عند

، أما املقدمة األخرى النظرية فالنظر فيها يف حتقيقها مناط املقدمة النقلية، وهو حتقق 2اخلصم"

االستدالل فيها أو عدمه، فيكون االستدالل املقاصدي عند الشاطيب مبين احلد األوسط يف

على حدود ثالثة: احلد األكرب: حكم علق مبناط، واحلد األصغر: واقعة حتقق فيها مناط

احلكم أو مل يتحقق، واحلد األوسط: مناط احلكم؛ فتكون النتيجة ثبوت احلكم أو سلبه عن

الواقعة.

يف االستدالل يف األحكام التكليفية عبادية كانت أو عادية؛ "فإذا وهذه القاعدة جارية

شرع املكلف يف تناول مخر مثال قيل له: أهذا مخر أم ال؟ فالبد من النظر يف كونه مخرا أو غري

فإذا وجد فيه أمارة اخلمر أو حقيقتها بنظر معترب قال: نعم -وهو معنى حتقيق املناط -مخر؛

(.3/31، )السابقاملصدر 1 (.3/3، )نفسهاملصدر 2

له: كل مخر حرام االستعمال. فيجتنبه. وكذلك إذا أراد أن يتوضأ مباء هذا مخر. فيقال

فالبد من النظر إليه: هل هو مطلق أم ال؟ وذلك برؤية اللون، وبذوق الطعم، وشم الرائحة؛

، -وهي املقدمة النظرية –فإذا تبني أنه على أصل خلقته فقد حتقق مناطه عنده وأنه مطلق

ثانية نقلية وهي: أن كل ماء مطلق فالوضوء به جائز. وكذلك إذا ثم يضيف إىل هذه املقدمة

نظر: هل هو خماطب بالوضوء أم ال؟ فينظر: هل هو حمدث أم ال؟ فإن حتقق احلدث فقد

حقق مناط احلكم فريد عليه أنه مطلوب بالوضوء، وإن حتقق فقده فكذلك فريد عليه أنه غري

كون صورة االستدالل يف اخلمر مثال:. فت1مطلوب الوضوء، وهي املقدمة النقلية"

املقدمة النظرية: هذا املشروب مخر.

املقدمة النقلية: كل مخر حيرم استعماله، ) وخاصيتها أهنا ضرورية؛ ألهنا مسلمة (.

النتيجة: هذا املشروب حيرم استعماله.

وب فاحلد األوسط يف االستدالل السابق: كون الشيء مخرا، واحلد األصغر: هو املشر

املطلوب معرفة حكمه، واحلد األكرب: هو احلكم بتحريم االستعمال، ويبقى دخول السلب

واإلجياب وفق ما هو جار يف املقدمات، وكذلك بقية األمثلة.

من الواضح يف بناء االستدالل عند الشاطيب وفق ما سبق أن فكرة التقريب حلد املنطق

هية إىل التطبيق يف أصول الفقه ومناهج املعرفة، قد انتقلت من مرحلة التمثيل باألمثلة الفق

فأصبح بذلك حمك النظر ومعيار العلم؛ وذلك أن "النظر يف الفقهيات ال يباين النظر يف العقليات

(.32-3/31) املصدر السابق، 1

، فصورة االستدالل يف الفكر 1يف ترتيبه وشروطه وعياره، بل يف مآخذ املقدمات فقط"

ربهاني عند أرسطو، قال أرسطو: "وقد املقاصدي جاءت يف ظاهرها على حد االستدالل ال

وأعين بالربهان القيا املؤتلف اليقيين، وأعين -نقول إنا نعلم علما يقينيا بالربهان أيضا

فإن كان معنى أن يعلم هو على ما وضعنا؛ -باملؤتلف اليقيين الذي نعلمه مبا هو موجود لنا

صادقة، وأوائل غري ذات وسط، وأن يكون فقد يلزم ضرورة أن يكون العلم الربهاني من قضايا

أعرف من النتيجة، وأكثر تقدما منها، وأن يكون عللها؛ وذلك أنه هبذا النحو تكون مبادئ

.ا.هـ، ولقد أدرك الشاطيب هذا وأن ما بينه من آلية يف بناء االستدالل قد 2مناسبة أيضا"

بها: "واعلم أن املراد باملقدمتني يشكل على الناظر فيه قربه من الربهان األرسطي؛ فقال من

هاهنا ليس ما رمسه أهل املنطق على وفق األشكال املعروفة، وال على اعتبار التناق

والعكس، وغري ذلك، وإن جرى األمر على وفقها يف احلقيقة فال يستتب جريانه على ذلك

ا.هـ.3االصطالح"

عند الشاطيب والربهان املنطقي ولبيان مدى التقارب والتباعد ما بني بناء االستدالل

أسجل النقاط التالية:

(.60الغزايل: معيار العلم، 1

(.2/333منطق أرسطو، ) 2 (.4/249املوافقات، الشاطيب، ) 3

األرسطي: املنطقأوال: موقف الشاطيب من

لقد اختذ الشاطيب يف ]املوافقات[ موقفا واضحا من الفلسفة ومنطقها، فهو يرد ما دعا

أن إليه ابن رشد يف ]فصل املقال فيما بني الشريعة واحلكمة من االتصال[؛ إذ زعم أن من أراد

يعرف اهلل تعاىل بالربهان "أن يتقدم أوال فيعلم أنواع الرباهني وشروطها، ومباذا خيالف القيا

الربهاني القيا اجلديل" وسائر أبواب ومسائل علم املنطق واليت "تتنزل من النظر منزلة اآلالت

لك العلوم، ، وقد أجاب الشاطيب عن هذه الدعوى مبا هو "شأن السلف الصاحل يف ت1من العمل"

هل كانوا آخذين فيها، أم كانوا تاركني هلا، أو غافلني عنها؟ مع القطع بتحققهم بفهم القرآن"،

قال الشاطيب: "ما تقرر من أمية الشريعة وأهنا جارية على مذاهب أهلها وهم العرب ينبين

ضافوا إليه كل عليه قواعد منها: أن كثريا من النا جتاوزوا يف الدعوى على القرآن احلد، فأ

علم يذكر للمتقدمني واملتأخرين من علوم الطبيعيات، والتعاليم، واملنطق، وعلم احلروف، ومجيع

ما نظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها، وهذا إذا عرضناه على ما تقدم مل يصح، وإىل

ن وبعلومه وما أودع هذا فإن السلف الصاحل من الصحابة والتابعني ومن يليهم كانوا أعرف بالقرآ

.2فيه ومل يبلغنا أنه تكلم أحد منهم يف شيء من هذا املدعى"

ويبني الشاطيب وجه عدم اعتبار الفلسفة ومنطقها يف فهم الشريعة وبناء أحكامها بقوله:

صعبة املأخذ، وعرة املسلك، بعيدة امللتمس، ال -على فرض أهنا جائزة الطلب -"والفلسفة

(.25-23، ابن رشد، )انظر: فصل املقال فيما بني الشريعة واحلكمة من االتصال 1

(.61-2/60املوافقات، الشاطيب، ) 2

علمها كي تتعرف آيات اهلل ودالئل توحيده للعرب الناشئني يف حم األمية، يليق اخلطاب بت

.1فكيف وهي مذمومة على ألسنة أهل الشريعة"

ففي باب احلدود يقرر الشاطيب أن "ما يتوقف عليه معرفة املطلوب" له طريقان:

ة، فإن الطريق األول: "طريق تقرييب يليق باجلمهور" وهو الذي وقع به البيان يف الشريع

"التصورات املستعملة يف الشرع إمنا هي تقريبات باأللفاظ املرتادفة وما قام مقامها من البيانات

القريبة".

والطريق الثاني: وهو طريق املناطقة يف رسم احلدود، "وال يوصل إليها إال بعد قطع أزمنة

إذ "مسالكه صعبة يف طلب تلك املعاني، ومعلوم أن الشرع مل يقصد إىل هذا وال كلف به"؛

املرام" وغالبه إحالة املعنى "على معنى أغم منه" كما أنه "تسور على طلب معرفة ماهيات

األشياء" اليت "ال يعرفها على احلقيقة إال باريها"، قال الشاطيب: "فظهر أن احلدود على ما

.2شرطه أرباب احلدود يتعذر اإلتيان هبا"

تنبيه الشاطيب على أن صورة االستدالل وإن بنيت يف وأما باب التصديقات فتقدم قريبا

شكلها على األشكال املنطقية، إال أهنا ليست جارية على االصطالح املنطقي.

ثانيا: وجوه عدم جريان صورة بناء االستدالل على االصطالح املنطقي:

الل الفقهي وبني بين الشاطيب يف آخر كتابه ]املوافقات[ أن االختالف فيما بني بناء االستد

االستدالل املنطقي جار يف األشكال ويف اعتبار التناق والعكس، وبيان ذلك ما يلي:

(.1/38، )السابقاملصدر 1 .(40-1/38، )املصدر نفسه 2

يف بناء االستدالل: -1

ينص الشاطيب على بناء االستدالل على مقدمتني مع غ النظر عن كونه استدالال

باملقدمتني هاهنا مباشرا أو غري مباشر، وهنا يتضح مراد الشاطيب بقوله: "واعلم أن املراد

.1ليس ما رمسه أهل املنطق على وفق األشكال املعروفة، وال على اعتبار التناق والعكس"

يف علم املنطق يقسم االستدالل إىل قسمني:

األول: االستدالل الغري مباشر، وهو االستدالل القياسي بأشكاله األربعة.

"هو نوع من االستدالل واآلخر: االستدالل املباشر ويكون بالنق والعكس، و

.2االستنباطي ينتقل فيه الذهن من قضية واحدة مسلم هبا إىل قضية أخرى تلزم عن األوىل"

ويفرتق االستدالل املباشر عن االستدالل الغري مباشر )القياسي( بأمرين:

أوهلما: عدد القضايا إذ أقل ما يكون منه االستدالل الغري مباشر )القياسي( هو ثالث

)مقدمتني ونتيجة(، بينما يف االستدالل املباشر )النق والعكس( ليس لدينا إال قضايا

قضيتني؛ القضية ونقيضها أو عكسها.

واآلخر: وجود احلد األوسط يف االستدالل؛ إذ هو أسا االستدالل الغري مباشر

.3)القياسي(، بينما ينعدم يف االستدالل املباشر )النق والعكس(

(.4/249، )السابقاملصدر 1 .(171مدخل إىل املنطق الصوري، حممد مهران، ) 2 (.324انظر: املنطق الصوري منذ أرسطو حتى عصورنا احلاضرة، علي سامي النشار، ) 3

وإن نص على عدم قصد التصور املنطقي -ائه االستدالل على مقدمتني والشاطيب يف بن

فهو يعرض عن االستدالل املباشر )النق والعكس(؛ إذ حقيقته التعبري عن -لالستدالل

قضية واحدة "يف مظهرين صوريني خمتلفني" وهبذا يكون االستدالل هنا ليس حقيقيا؛ فإن

ية لقضية معلومة من قبل، وباندراج هذه الواسطة مع االستدالل "يفرتض واسطة ظاهرة أو خمف

هذه القضية نصل إىل نتيجة أخرى جديدة، فاالستدالل إذا حيتوي بالضرورة على ثالث قضايا

. وهذا أول 1على األقل، فجميع عمليات االستدالل املباشر إذا ال تدل على برهنة حقيقية"

.الفروق ما بني االستداللني الشاطيب واملنطقي

يف حتديد الشكل الذي يبنى عليه االستدالل: -2

يقرر الشاطيب يف بناء االستدالل أن "املراد تقريب الطريق املوصل إىل املطلوب على أقرب

ما يكون، وعلى وفق ما جاء يف الشريعة"، ومن هنا فإن أقرب "األشكال إىل هذا التقرير ما

أو استثنائي" لكن بشرط أن يكون "إجراؤه على كان بديهيا يف اإلنتاج أو ما أشبهه من اقرتاني

عادة العرب يف خماطباهتا ومعهود كالمها"؛ ووجه ذلك:

أنه "أقرب إىل حصول املطلوب على اقرب ما يكون"، بينما "التزام االصطالحات -

املنطقية والطرائق املستعملة فيها مبعد عن الوصول على املطلوب يف األكثر".

(.325-324، )السابقصدر امل 1

وضع إال على شرط األمية، ومراعاة علم املنطق يف القضايا الشرعية أن "الشريعة مل ت -

.1مناف لذلك"

فالشاطيب هنا وإن كان يتفق يف صورة االستدالل مع االستدالل القياسي األرسطي إال

أنه خيتلف معه يف حقيقة االستدالل، وذلك من وجهني:

جمرد التسليم هبذه الوجه األول: أن حقيقة القيا األرسطي الصورية؛ "مبعنى أن

، فالقيا 2ال بد أن يستلزم ذلك النتيجة" -سواء كانت صادقة بالفعل أو كاذبة -املقدمات

، ومن هنا كان اهتمام املنطق حبصر 3املنطقي "هو برهنة تصل إىل االستنتاج بقوة الصورة فقط"

األشكال املنتجة.

هيا؛ إذ هو أقرب ما يكون يف أما مطلوب الشاطيب يف انتاج القيا هو أن يكون بدي

أو استثنائيا؛ ومن هنا مل يكن -محليا أو شرطيا -حتصيل النتائج، سواء كان القيا اقرتانيا

اهتمامه بعدد األشكال املنتجة؛ وإمنا اهتم بأقرهبا يف اإلنتاج، ويعترب الشكل األول من القيا

، -ط حمموال يف الصغرى وموضوعا يف الكربى وهو: ما كان فيه احلد األوس -االقرتاني احلملي

أو ما يرجع إليه من أشكال الشرطي واالستثنائي مثاال لالستدالل الشاطيب؛ "ألنه بديهي اإلنتاج

، وصورته املشتهرة يف الفقه:4من حيث أنه على النظم الطبيعي"

(.4/249انظر: املوافقات، الشاطيب، ) 1

(.203مدخل إىل املنطق الصوري، حممد مهران، ) 2

(.238املنطق الصوري منذ أرسطو حتى عصورنا احلاضرة، علي سامي النشار، ) 3

.(156املنطق الصوري، يوسف حممود، ) 4

) مبا أن: كل مسكر مخر، وكل مخر حرام، إذا: كل مسكر حرام (

لثاني: اعتبار الشاطيب للشكل األول من أشكال القيا املنطقي مل يقصد فيه الوجه ا

الشاطيب جريان القيا االستداليل الفقهي على شروطه؛ وذلك أن من قواعد إنتاج القيا

، 1املنطقي أنه "ال جيوز استغراق حد يف النتيجة ما مل يكن مستغرقا يف املقدمة اليت ورد فيها"

لقاعدة كان شرط إنتاج هذا الشكل ) إجياب الصغرى وكلية الكربى (؛ إذ ومن خالل هذه ا

سلبية الصغرى يف هذا الشكل ينفي استغراق املوضوع، وجزئية الكربى ينفي استغراق احملمول،

وهذا االشرتاط مل يكن مقصودا للشاطيب؛ وذلك أن مثل هذا جرى على لسان رسول اهلل

دل على أنه من كالمه عليه الصالة والسالم أمر إتفاقي، ال أنه وهو النيب األمي، "وذلك مما ي

.2قصد قصد املنطقيني"

يف املقدمات اليت يبنى عليها االستدالل: -3

وقد خالف فيها الشاطيب املنطق األرسطي من جانبني:

اجلانب األول: أن االستدالل القياسي املنطقي استدالل صوري يهتم باإلنتاج ال صدق

، واليت 3كذهبا، وعلى الرغم من ذلك فقد اهتم أرسطو يف منطقه ببحث )املوجهات( النتائج من

(.215مدخل إىل املنطق الصوري، حممد مهران، ) 1

(.4/250املوافقات، الشاطيب، ) 2

ري فهو املراد باملوجهات "احلالة اليت تربط فيها الرابطة احملمول باملوضوع"، وقد قسم "أرسطو اجلهة إىل قسمني: الضروري واملمكن، أما الضرو 3

ن أو أن ال يكون". ]انظر: املنطق الذي ال ميكن أن يكون خبالف ما هو كائن. أما املمكن فهو ما ليس بضروري، أو هو الذي ميكن أن يكو

([.245-244الصوري منذ أرسطو حتى عصورنا احلاضرة، علي سامي النشار، )

تكسب االستدالل القياسي املنطقي قوة الصدق يف النتائج؛ فإذا كانت املقدمات واردة من

جهة ضرورية كانت النتائج قطعية صادقة، أما إذا كانت املقدمات واردة من جهة ممكنة كانت

ة الصدق والكذب، فشكلت املقدمات الضرورية صورة القيا الربهاني النتائج ظنية حمتمل

املنطقي، وشكلت املقدمات املمكنة القيا اجلديل املنطقي، ومن هنا تقرر يف القيا الربهاني

أن تكون مقدمتاه ضروريتني حتى يلزم منهما إنتاج قطعي صادق، وال ميكن اإلنتاج الصادق

أو إحدامها ممكنة. القطعي من مقدمتني ممكنتني

وهذا مما اختلف فيه االستدالل الشاطيب عن االستدالل القياسي األرسطي؛ فالبحث

يف االستدالل الشرعي الشاطيب ال يتم إال باشتماله على قضية يقينية صادقة حاكمة يتفق

املوافق واملخالف على صدقها، قال الشاطيب: "كل دليل شرعي فمبين على مقدمتني:

راجعة إىل حتقيق مناط احلكم. واألخرى ترجع إىل نفس احلكم الشرعي، فاألوىل إحدامها

-سواء علينا أثبتت بالضرورة أم بالفكر والتدبر -نظرية؛ وأعين بالنظرية هنا ما سوى النقلية

.1وال أعين بالنظرية مقابل الضرورية، والثانية نقلية"

اليت تشتمل على حممول النتيجة، "فاألصل تشكل املقدمة النقلية القضية الكربى احلاكمة

املرجوع إليه هو الدليل الدال على صحة الدعوى، وهو ما تقرر يف املقدمة احلاكمة، فلزم أن

تكون مسلمة عند اخلصم من حيث جعلت حاكمة يف املسألة؛ ألهنا إن مل تكن مسلمة مل يفد

املناط يف االستدالل الشرعي فهي مقدمة اإلتيان هبا"، أما املقدمة الصغرى واليت متثل حتقيق

(.3/31املوافقات، الشاطيب، ) 1

"فقول القائل: )هذا مسكر وكل مسكر حرام(. إن فرض -ضرورية كانت أم ممكنة -نظرية

تسليم اخلصم فيه للمقدمة الثانية؛ صح االستدالل من حيث أتى بدليل مسلم، وإن فرض نزاع

ق املناط يف قيا آخر، وهي اخلصم فيها مل يصح االستدالل هبا ألبتة، بل تكون مقدمة حتقي

.1اليت ال يقع النزاع إال فيها؛ فيبني أن كل مسكر مخر بدليل استقراء أو نص أو غريمها"

فإذا كانت املقدمة الصغرى ضرورية؛ كان القيا االستداليل الشرعي مفردا، أما إذا

كانت املقدمة الصغرى فيه ممكنة؛ كان القيا االستداليل الشرعي مركبا.

جلانب الثاني: نص الشاطيب على أن املقدمة الكربى يف االستدالل الشرعي ال تكون إال ا

نقلية، وهي تقابل املقدمة الضرورية الكلية يف االستدالل املنطقي، وهذا هو املأخذ الذي أشار

إليه الغزايل يف خمالفة االستدالل القياسي الشرعي حد املنطق األرسطي يف املقدمات، وعليه

الشاطيب؛ فإن املقدمة الكربى يف االستدالل املقاصدي ال تكون إال نقلية أو مستقرأة جرى

أو مشتهرة؛ -عقلية أو حسية -منها، أما يف االستدالل األرسطي فقد تكون أولية ضرورية

حبسب نوع القيا الربهاني أو اجلديل.

(.4/248املصدر السابق، ) 1

املطلب الثالث: اعتبار املقاصد دليال مستقال:

اصد يف طورها األول مسلكا من مسالك العلة يف القيا الفقهي، وحظيت مع كانت املق

الشاطيب باهتمام وبروز لتشكل قسما كامال من أقسام علم أصول الفقه.

واملتأمل لصنيع الشاطيب يرتدد يف اجلزم مبوقف الشاطيب جتاه اعتبار املقاصد دليال من

ة:؛ وهنا أسجل النقاط التالي1األدلة الشرعية

يف كتاب األدلة الشرعية جرى الشاطيب على ما سار عليه األصوليون من تقسيم لألدلة -1

. 2فجعلها ضربني: "أحدمها: ما يرجع إىل النقل احمل . والثاني: ما يرجع إىل الرأي احمل "

وعدها أربعا فقال: "الطرف الثاني: يف األدلة على التفصيل، وهي الكتاب، والسنة، واإلمجاع،

.ا.هـ، وتعبريه هنا بـ) الرأي ( ليشمل القيا ، واالستدالل كاالستحسان واملصاحل 3رأي"وال

املرسلة، ومل يرد يف عرضه ألنواع األدلة ذكر صريح العتبار املقاصد دليال شرعيا.

ول الفقه كما قرره بذهب اجلابري إىل أن الشاطيب أسس كتابه املوافقات بقصد إعادة تأصيل األصول؛ إذ االقتصار على منهج علم أص 1

دالل السلف "قد استنفد كل إمكاناته" وأن "الفجوة بني الوقائع القدمية والوقائع املستجدة" املعاصرة تستوجب منهجية جديدة يف الفهم واالست

هج الفهم "تكون أكثر قدرة على االستجابة ملا يطرجه التطور احلضاري من قضايا" وأن الشاطيب قد وعى هذا اإلشكال بعمق فبنى من

واالستدالل "باعتماد كليات الشريعة ومقاصدها بدل االقتصار على تفهم معنى ألفاظ النصوص واستنباط األحكام منها، أو على قيا

([. وهو هبذا يسعى إىل ما مساه بكسر بنية 163حادثة على حادثة فيما ال نص فيه". ]انظر: الدين والدولة وتطبيق الشريعة، اجلابري، )

([.20العربي القائم على علم اصول الفقه، وأول ما يكسر القيا . ]انظر: حنن والرتاث، اجلابري، )العقل (.3/29املوافقات، الشاطيب، ) 2

(.3/257املصدر نفسه، ) 3

نص يف منهج االستدالل على أن األدلة الشرعية يف أصلها حمصورة يف الضرب األول من -2

القيا -؛ إذ منه ثبتت حجية الضرب الثاني -كتاب، والسنة، واإلمجاع ال -األدلة الشرعية

، فجعل النقل هو مستند األحكام التكليفية، وذلك "من جهتني: إحدامها جهة -واالستدالل

داللته على األحكام اجلزئية الفرعية. واألخرى: جهة داللته على القواعد اليت تستند إليها

.1األحكام اجلزئية الفرعية"

قرر الشاطيب يف مقدمات ]املوافقات[ أن "األدلة العقلية إذا استعملت يف هذا العلم -3

فإمنا تستعمل مركبة على األدلة السمعية، أو معينة يف طريقها، أو حمققة ملناطها، أو ما أشبه

، وهو ما انعكس على صورة بناء االستدالل عنده فجاءت على مقدمتني: الكربى 2ذلك"

والصغرى نظرية؛ فأما النقلية فـ"ترجع إىل نفس احلكم الشرعي" الثابت نقال، وأما منهما نقلية،

.3النظرية فـ"راجعة إىل حتقيق مناط احلكم"

يف أثناء تقرير الشاطيب يف املقدمات الحتكام األدلة العقلية إىل األدلة النقلية وتبعيتها يف -4

وهو أن كل أصل شرعي مل يشهد له أصل االعتبار قال: "وينبين على هذه املقدمة معنى آخر؛

معني وكان مالئما لتصرفات الشرع ومأخوذا معناه من أدلته؛ فهو صحيح يبنى عليه، ويرجع إليه

.اهـ، ويعد هذا النص من الشاطيب 4إذا كان ذلك األصل قد صار مبجموع أدلته مقطوعا به"

(.3/30املصدر السابق، ) 1 (.24-1/23املصدر نفسه، ) 2 (.3/31انظر:املصدر نفسه، ) 3 (.1/27املصدر السابق، ) 4

يات استقرائية، قال الشاطيب: "وذلك أهنا إشارة إىل اعتبار االستدالل باملقاصد؛ وذلك أهنا كل

إذا تقررت عند اجملتهد، ثم استقرى معنى عاما من أدلة خاصة، واطرد له ذلك املعنى؛ مل

يفتقر بعد ذلك إىل دليل خاص على خصوص نازلة تعن، بل حيكم عليها وإن كانت خاصة

ريه؛ إذ صار ما استقرى من بالدخول حتت عموم املعنى املستقرى من غري اعتبار بقيا أو غ

.1عموم املعنى كاملنصوص بصيغة عامة"

نص الشاطيب على أن درجة االجتهاد إمنا حتصل "ملن اتصف بوصفني: أحدمها: فهم -5

، فكان 2مقاصد الشريعة على كماهلا. والثاني: التمكن من االستنباط بناء على فهمه فيها"

النقلية، وكان الشرط الثاني: هو شرط حتقيق الشرط األول: هو شرط حتصيل املقدمة الكربى

املناط يف املقدمة الصغرى النظرية، ويلحظ القارئ يف هذا االشرتاط لالجتهاد دورانه حول

املقاصد.

ذكر الشاطيب يف مقدمة ]املوافقات[ أن غرض الكتاب التوفيق بني مذهيب ابن القاسم

توظيف مقاصد الشارع يف التوفيق -لم أع واهلل -يف أصول األدلة، ومراده 3وأبي حنيفة

بني أصلي االستدالل املرسل عند املالكية واالستحسان عند األحناف؛ ومن هنا ينسحب

اخلالف يف حجيتهما إىل املقاصد، وهذا ما تقرر يف البحوث األصولية املعاصرة جتاه داللية

(.226-3/225، )ر نفسهاملصد 1 (.77-4/76املصدر نفسه، ) 2 (.1/17انظر: املصدر نفسه، ) 3

اخللق، كان نقاش املقاصد؛ فإنه ملا كان أصل مقاصد الشارع عند الشاطيب حفظ مصاحل

األصوليني يف حجية االستدالل باملقاصد هو عني نقاشهم االستدالل باملصاحل.

ويتضح موقف الشاطيب من االستدالل باملقاصد يف ضوء رؤيته االستداللية يف جوانبها

ثالثة:

اجلانب األول: طرائق االستدالل، وقد نص الشاطيب أهنا على نوعني: األول: االستدالل

لي. والثاني: االستدالل العقلي.النق

اجلانب الثاني: أصول األدلة، وعد الشاطيب أربعة أصول هي: الكتاب، والسنة،

واإلمجاع، والرأي.

اجلانب الثالث: العالقة بني طرائق االستدالل وبني أصول األدلة، فقد جعل الشاطيب أصل

ي بأنواعه هو االستدالل العقلي، الكتاب والسنة واإلمجاع هو االستدالل النقلي، وجعل الرأ

وقرر أن مجيع أصول األدلة تعود إىل أصلني من هذه األصول األربعة مها الكتاب والسنة، كما

رتب اعتبار األدلة العقلية يف االستدالل على األدلة النقلية وحتقيق مناطها، وعلى هذا األصل

حكام ملا مل يرد له حكم معني يف بنى الشاطيب رؤية االستدالل عنده، ومنهج استنباط األ

الشريعة، وجعل املقاصد حجر الزاوية يف هذه الرؤية.

لقد أورد الشاطيب كتاب املقاصد يف ]املوافقات[ متوسطا بني كتاب األحكام وكتاب

األدلة، وهو ما يشعر بأن املقاصد عنده متثل واسطة العقد يف أصول الفقه، فهي منهج الفهم

فقه يف األحكام الشرعية ال أصال من أصول األدلة، ومن هنا مل يعدها الشاطيب لألدلة، وآلة ال

ضمن أصول األدلة الشرعية، وإمنا جعلها مدار االجتهاد يف تنزيل األحكام واستنباطها، ومبا أن

طرائق االستدالل على نوعني: نقل، ورأي وكان كل "واحد من الضربني مفتقر إىل اآلخر ألن

املنقوالت ال بد فيه من النظر، كما أن الرأي ال يعترب شرعا إىل إذا استند إىل االستدالل ب

، وهبذا ميكن -النقلي والعقلي -النقل"؛ شكلت املقاصد جسر التواصل بني نوعي االستدالل

التوفيق بني االستحسان احلنفي واالستدالل املرسل املالكي؛ إذ سند اعتبارمها حتقيق مقاصد

فظ مصاحل اخللق، فمن فهم مقاصد نصوص الكتاب والسنة، ووجد أصال مالئما الشارع يف ح

لتلك املقاصد حلكم مل يرد به نص اعتربه دليال سواء مسي استحسانا أو استدالال مرسال أو

غري ذلك.

مكانة املقاصد بني األدلة يف الفكر املعاصر

لرؤية االستداللية لوساطة املقاصد بني ا الفكري للتوجه املقاصدي يلحظ أن املتتبع للتطور

، خاصة بعد يف الفكر ، أخذت بعدا جديداالسابقة عند الشاطيب األدلة النقلية واألدلة العقلية

، فابن عاشور يفرق ما بني 1دعوة ابن عاشور إىل استقالل علم املقاصد عن علم أصول الفقه

ذا األخري علم يستمد منه "طرق تركيب علمي: مقاصد الشريعة، وأصول الفقه، ويرى أن ه

األدلة الفقهية"، أما علم املقاصد فهو أصول "قطعية للتفقه يف الدين"، يستمد منه التشريع،

وحيتكم إليه عند اخلالف.

(.172مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 1

والقارئ ملقدمة ابن عاشور يف كتابه ]مقاصد الشريعة اإلسالمية[ يظهر له جليا أن

ائرة األدلة، ال يف أدوات استثمارها.املقاصد عند ابن عاشور تدخل يف د

يصار إليه يف أن ما يقصد إليه ابن عاشور "إجياد ثلة من املقاصد القطعية" تكون "أصال

الفقه واجلدل".

واليت قد يكون هلا أثر يف رؤية ابن عاشور -ولعل أول احملاوالت الفقهية يف ذلك

ث الظلم؛ إذ فرض خلو الزمان من محلة الشريعة غياث اجلويين األمم يف التيا -للمقاصد القطعية

ونقلة املذاهب، فقدم اجتهادا جديدا يقوم على استقراء شامل للنصوص الشرعية واآلراء

الفقهية؛ قصد استنتاج مقاصد وأصوال قطعية "تكون حاكمة على عملية االجتهاد" يف مثل

بة أن نذكر يف كل أصل من أصول الشريعة تلك احلال، قال اجلويين: "املقصود الكلي من هذه املرت

1قاعدة تنزل منزلة القطب من الرحى واأل من املينى، ونوضح أهنا منشأ التفاريع، وإليه

.2انصراف اجلميع"

أنه يذهب إىل اعتبار املقاصد -أعلم واهلل -والذي يظهر من صنيع ابن عاشور

لفعل أو حادث حدث للنا ال يعرف من مصادر التشريع، وميداهنا الرحب "إعطاء حكم

هكذا يف األصل، ولعل الصواب: )وإليها(. 1 (.435-434غياث األمم يف التياث الظلم، اجلويين، ) 2

، وملا كان حبثه يف 1حكمه فيما الح للمجتهدين من أدلة الشريعة، وال نظري له يقا عليه"

.2خصوص املعامالت؛ فإن مدار تلك املقاصد على احلكم واملصاحل العقلية

ي يدرك ومع دعوة ابن عاشور إىل استقالل املقاصد إال أن القارئ للواقع الفكري املقاصد

ة ال تزال حتت التأصيل والتقعيد.أن هذه الرؤي

السمة البارزة يف التوجه يف الواقع هو االستدالل املصلحي، ون ما ميثل املقاصد إ

وذلك املقاصدي إىل االستدالل املصلحي هي: الدعوة إىل إعادة بناء أصول الفقه اإلسالمي،

ريع، مبكن أن تكون ركيزة للتجديد"، وال يقف أن املقاصد يف الرؤية املعاصرة متثل "فلسفة للتش

منها العقل اإلسالمي موقف الرف ؛ لـ"أهنا نشأت يف إطار العلوم اإلسالمية نفسها"، وهي

. وميكن 3فلسفة "تتمحور حول العقل اإلسالمي، واملنطق اإلسالمي يف فهم الكون واحلياة"

تلخيص مالمح التجديد يف النقاط التالية:

والسنة" األصول األساسية يف الفكر املقاصدي، فهما مصدر التشريع، ميثل "الكتاب -1

وتسجل عددا من الكتابات الفكرية املعاصرة أن آلية التعامل مع هذين املصدرين ال ختدم

الفقهاء يف قضايا العصر ومشكالته؛ وذلك أن "مؤهالت دراستهما هي مؤهالت نظرية تارخيية،

جلامد على الدراسات اإلسالمية، وانقطاع االجتهاد يف العصور مما سبب غلبة املنهج اللغوي ا

(.184مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 1 (.252-251انظر: املصدر نفسه، ) 2

(.55انظر: مقاصد الشريعة دليل للمبتدئني، جاسر عوده، ) 3

، وهنا نربز قضية الدعوة إىل العودة إىل التزام الكتاب والسنة وحدمها، لكن 1املتأخرة"

.2بـ"تطبيقات معاصرة تليب احلاجات احلقيقية لألجيال احلاضرة"

لنص املفتوح وأرض إن القول بتارخيية أدوات الفهم يفتح الباب أمام الدعوة إىل ا

، وأن لكل قارئ من قراء النص حرية توظيف األداة اليت هبا يفهمه.3االحتماالت واسعا

؛ إذ مبناها على تلك األدوات.-السنة العملية -كما أنه يستلزم القول بتارخيية التطبيق

وهذه الدعوى تتعارض مع ما هو مقرر عند السلف يف منهجهم يف التعامل مع النصوص

الشرعية، وقد عقد الشاطيب يف كتابه ]املوافقات[ قسما خاصا "يف بيان قصد الشارع يف

وضع الشريعة لإلفهام"، وهي موضوع الفصل التايل من هذا البحث.

(. وانظر، قضايا التجديد حنو منهج أصويل، حسن الرتابي، مقدمة احلامدي 7قضية املنهجية يف الفكر اإلسالمي، عبداحلميد أبو سليمان، ) 1

(.49-46، 44، 40-36داجلواد ياسني، )(. والسلطة يف اإلسالم، عب19-18وامليساوي، ) (.24رؤية إسالمية معاصرة إعالن مبادئ، كمال أبو اجملد، ) 2حرة، يرتبط مفهوم انفتاح النص باملناهج النقدية ما بعد البنيوية، وهتدف إىل إعطاء القارئ سلطة التعامل مع النص؛ إذ النص عبارة عن دوال 3

ة" فـ"للنص فعالية قرائية إبداعية، تعتمد على الطاقة التخييلية لإلشارة يف تالقي بواعثها مع بواعث ذهن "ال تقيدها حدود املعاني املعجمي

املتلقي، ويصري القارئ املدرب هو صانع النص"، ولكي يتمكن قارئ النص من ختيله وتفسريه تفسريا إبداعيا؛ فهو "مطالب بأن يقرأ باطن

تاح النص على قسمني:النص مثلما يقرأ ظاهره" ودعاة انف

القسم األول: يعطي السلطة املطلقة للقارئ يف التعامل مع النص بإلغاء املدلول؛ إذ اإلشارة يف النص "حرة تتحرك خارج القوى التارخيية

واجلدليات الثقافية".

الداللية وخلفياهتا. ]انظر: اخلطيئة والقسم اآلخر: "يأخذ نفسه بتحليقات املعاني وإشكاليات التفسري، دون أن يتجاوز حدود اإلمكانات

(.65-43والتكفري من البنيوية إىل التشرحيية، عبداهلل الغذامي، )

ميثل "العقل" اإلطار العام للتطبيقات العصرية يف التعامل مع الوحي ليتواءم مع الكون يف -2

.1خللق وأداء دور االستخالف" يف األرضمتكني اإلنسان "من حتقيق مقاصد ا

عند املعاصرين من أتباع التوجه -وجعل العقل مرجعية وإطارا عاما للتطبيقات العصرية

يف التعامل مع الوحي إمنا هو من مثار القول بظنية أصلي االستدالل الكتاب -املقاصدي

د يبدو للمجتهد اليوم فيها فهم والسنة، قال القرضاوي: "وأكثر نصوص القرآن والسنة كذلك، فق

مل يبد للسابقني، وقد يظهر له رأي ظهر لبع السلف أو اخللف ثم هجر ومات؛ لعدم احلاجة

إليه حينذاك، أو ألنه سبق زمنه، أو لعدم شهرة قائله، أو ملخالفته للمألوف الذي استقر عليه

أو سياسيا، أو لغري ذلك من األمر زمنا طويال، أو لقوة املعارضني له ومتكنهم اجتماعيا

.2األسباب"

مما أقر به الشاطيب يف حبثه يف أصول االستدالل دعوى ظنية األدلة اجلزئية ثبوتا وداللة، أو

داللة فقط.

وقد عاجل الشاطيب جهيت الظنية من خالل اعتبار االستقراء ومعهود العرب يف لغتهم

األدلة القطعية. أصوال يف إكساب األدلة اجلزئية الظنية مسة

فاالستقراء يعاجل ظنية الثبوت؛ فإن توارد األدلة اجلزئية الظنية على معنى كلي يعضد

بعضها بعضا فريتقي هبا إىل حد األدلة املتواترة ثبوتا، وهو ما يعبر عنه بـ"التواتر املعنوي".

(.110(. وانظر، قضايا التجديد حنو منهج أصويل، حسن الرتابي، )20-19قضية املنهجية يف الفكر اإلسالمي، عبداحلميد أبو سليمان، ) 1

(.107قرضاوي، )االجتهاد يف الشريعة اإلسالمية، ال 2

لة للنص دون ومعهود العرب يف لغتهم يعاجل ظنية الداللة من حيث اعتبار ظاهر الدال

التدقيق يف املعاني اإلفرادية جلزئيات األلفاظ.

يتمثل دور السنة يف التشريع يف كوهنا "مصدرا مبينا للقرآن اجمليد، وتطبيقا ملا جاء به -3

.1القرآن وتنزيال له يف الواقع املتحرك"

"فجوة غياب وهنا يربز اإلشكال املعريف يف نقل السنة النبوية؛ إذ يشتمل نقل السنة على

املناسبة والسياق"، فرواة احلديث مل ينقلوا لنا "السياق التارخيي، أو السياسي، أو االجتماعي،

أو االقتصادي، أو البيئي، لورود احلديث الشريف"، إال يف القليل النادر، وهذه الفجوة هلا أثرها

يف معرفة مكانة تلك الرواية من مقام التشريع وعدمه.

أقواال وأفعاال، "فما يهم ملسو هيلع هللا ىلصة مناط بالنظر املقاصدي حلياة الرسول وسد هذه الفجو

، ملسو هيلع هللا ىلصالناظر يف مقاصد الشريعة هو متييز مقامات األقوال واألفعال الصادرة عن رسول اهلل

: "ويعين هذا أنه إلثبات صحة "منت" أو 3، قال جاسر عودة2والتفرقة بني أنواع تصرفاته"

.4ب أن يهتم العامل بتوافق احلديث مع املبادئ اإلسالمية""حمتوى" احلديث الشريف؛ فإنه جي

(.61اجلمع بني القراءتني قراءة الوحي وقراءة الكون، طه العلواني، ) 1 (.207مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 2 جاسر عودة، باحث معاصر، حاصل على الدكتوراه يف فلسفة التشريع اإلسالمي مقارنا بالتشريعات الغربية من جامعة ويلز الربيطانية، مدير 3

ؤسس ملركز دراسات مقاصد الشريعة اإلسالمية بلندن. ]له ترمجة على موقعه يف الشبكة العنكبوتية.م

http://www.jasserauda.net/ar/الذاتية-السرية.html]

(.87مقاصد الشريعة دليل للمبتدئني، جاسر عودة، ) 4

حق ال نزاع فيه، وكان القرايف أول من فصل يف ملسو هيلع هللا ىلصوالتمييز بني مقامات أحوال الرسول

، ووسع ابن عاشور الدائرة 1-القضاء، والتبليغ، واإلمامة -هذا األمر وفرق بني ثالثة أحوال

هي: "التشريع، والفتوى، والقضاء، واإلمارة، ملسو هيلع هللا ىلصول يف اثين عشر حاال من أحوال الرس

واهلدي، والصلح، واإلشارة على املستشري، والنصيحة، وتكميل النفو ، وتعليم احلقائق

.2العالية، والتأديب، والتجرد عن اإلرشاد"

، وتنزيل السنة الواردة عليها؛ "يتيح جماال ملسو هيلع هللا ىلصوهذا التوسيع يف مقامات أحوال الرسول

.3ونة يف فهم هذه النصوص وتطبيقها"أوسع للمر

هذا احلق يف التمييز بني املقامات، حيتاج إىل تقعيد وضبط وإال انفتح الباب واسعا إللغاء

السنة حبجة أن اجلانب التشريعي منها هو ما جاء به القرآن الكريم، وما ليس يف القرآن خيرج

على أنه حال من األحوال الغري تشريعية.

م ف ﴿ ن بعث األنبياء والرسل االقتداء بسريهتم، قال إن احلكمة م نا لاكح د كا لقاول ٱ ناة راسح سا سواة حا

ح أ ثي لل ا كا را ٱلل را واذاكا ا واٱلاوما ٱألخ ٱلل وا نا يارجح ن كا ما ﴾ ال

ا فاٱتبعح ﴿ [، وقال 21]األحزاب: بونا ٱلل نتحم تح ياغفر قح إن كح ح وا مح ٱلل ببكح ون يحم م ذحنحوباكح يف مقامات أحواله كلها حمل اقتداء ملسو هيلع هللا ىلص[، فرسول اهلل 31]آل عمران: ﴾ لاكح

(.358-1/357انظر: الفروق، القرايف، ) 1 (.212ن عاشور، )مقاصد الشريعة اإلسالمية، اب 2 (.93انظر: مقاصد الشريعة للمبتدئني، جاسر عودة، ) 3

وتأسي إما على جهة الوجوب أو الندب أو اإلباحة، ويف تقسيم السنة إىل تشريعية وغري

.ملسو هيلع هللا ىلصوانب حياته تشريعية تضييق هلذا الباب، وصد لالقتداء جبانب كبري من ج

أما اإلمجاع فـ"هو مفهوم نظري أكادميي حبت، ال ميثل يف احلقيقة مصدرا معتدا به، وال -4

.1أسلوبا للعطاء اإلسالمي واالجتماعي والسياسي واحلركي"

الدعوة إىل إحالل االستدالل املصلحي املقاصدي حمل القيا الفقهي؛ وذلك أن القيا -5

ر عليها يف علم أصول الفقه ال يستوعب حاجاتنا مبا غشيه من الفقهي يف صورته اليت استق

، وهنا قال الرتابي: "ولرمبا جيدينا أيضا أن نتسع يف القيا على اجلزئيات لنعترب 2التضييق

الطائفة من النصوص، ونستنبط من مجلتها مقصدا معينا من مقاصد الدين، أو مصلحة معينة

.3حيثما كان يف الظروف واحلادثات اجلديدة"من مصاحله، ثم نتوخى ذلك املقصد

-إذا كانت مصلحة حقيقية مالئمة ملقاصد الشارع -"فرعاية املصلحة قال الريسوني:

أصل مقطوع به، فال بد من حتكيمه والبناء عليه، وليس حتكيم القيا بأوىل من حتكيم هذا

.4النوع من املصاحل"

(. وانظر: دراسات تطبيقية حول فلسفة املقاصد يف الشريعة اإلسالمية، 7قضية املنهجية يف الفكر اإلسالمي، عبداحلميد أبو سليمان، ) 1

(.25عبدالرمحن صاحل بابكر، ) (.205-204حسن الرتابي، )انظر: قضايا التجديد حنو منهج أصويل، 2

(.206املصدر نفسه، ) 3 (.376نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب، الريسوني، ) 4

قاصدي ) القيا املصلحي ( "قيا كلي" بينما ووجه ذلك: أن االستدالل املصلحي امل

القيا األصويل "قيا جزئي" قال الريسوني: "والكلي مقدم على اجلزئي إذا تعارضا ومل

.ا.هـ، وقال احلسين: "يبدو من كيفية االستدالل هذه أن القول باملصلحة 1يستقم اجلمع بينهما"

نا يف القيا األصويل نقيس الفرع على أصل املرسلة توسيع لعملية اإلحلاق يف القيا ، فإذا ك

منصوص؛ فإننا يف املصلحة املرسلة نقيس الفرع على أصل مستقرأ من مجلة نصوص أفادت

.2معنى كليا واحدا"

وهنا تأتي الدعوة إىل دوران األحكام مع املصاحل، فكما أن األحكام تدور مع عللها يف

ا؛ فإن األحكام تدور مع املصاحل دوران الوسائل مع القيا الفقهي، دوران املسببات مع أسباهب

مقاصدها، قال اجلابري: "أما دوران األحكام مع املصاحل فشيء يفرض نفسه ما دمنا نقرر أن

.3املصلحة هي األصل يف التشريع"

ومن خالل هذا التتبع للمالمح التجديدية يف أصول االستدالل وفق التوجه املقاصدي

رة إمكان التوظيف احلداثي لفكرة املقاصد املعاصرة، وسر االحتفاء املعاصر، ندرك خطو

العلماني هبا.

(.377املصدر السابق، ) 1

(.301نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور، احلسين، ) 2 (.182الدين والدولة وتطبيق الشريعة، اجلابري، ) 3

املبحث الثاني

موقف الفكر املقاصدي من تعارض األدلة والرتجيح بينها

ملا كان "املقصود من وضع األدلة تنزيل أفعال املكلفني على حسبها" فإن األصل يف

وإعماهلا ال إمهاهلا، وذلك "أن كل من حتقق بأصول اعتبار األدلة تعاضدها ال تعارضها،

الشريعة فأدلتها عنده ال تكاد تتعارض، كما أن كل من حقق مناط املسائل فال يكاد يقف يف

.1متشابه"

ويف اعتبار األدلة للوقائع اجلزئية قد يلوح للناظر فيها تعارضا حقيقيا أو متومها، فيشكل

ذلك على إعمال النصوص.

وجه املقاصدي رؤيته اخلاصة جتاه وقوع التعارض بني األدلة، والرتجيح بينهاوللت

(.4/217) املوافقات، الشاطيب، 1

وقوع التعارض بني األدلة:موقف الفكر املقاصدي من املطلب األول: للتعارض بني األدلة جهتني؛ اجلهة األوىل: جهة الدليل، واجلهة الثانية: جهة اجملتهد الناظر

رض إما أن يعترب من جهة ما نفس األمر، وإما من جهة نظر يف الدليل، قال الشاطيب: "التعا

اجملتهد؛ أما من جهة ما يف نفس األمر فغري ممكن بإطالق، ...وأما من جهة نظر اجملتهد

فممكن بال خالف، إال أهنم إمنا نظروا فيه بالنسبة إىل كل موضع ال ميكن فيه اجلمع بني

.1الدليلني"

اجلهة األوىل: جهة الدليل:

ستقراء كالم علماء األصول يف باب التعارض والرتجيح وما ذكروه من الشروط با

:2والضوابط إلمكان وقوع التعارض بني األدلة ميكن للباحث إمجال تلك الشروط يف شرطني مها

الشرط األول: أن تكون األدلة املتعارضة أدلة ظنية، قال الغزايل: "اعلم أن الرتجيح إمنا

الظنون تتفاوت يف القوة، وال يتصور ذلك يف معلومني؛ إذ ليس بع العلوم جيري بني ظنيني؛ ألن

(.4/217)املصدر السابق، 1، على املذهب الراجح (، واجلامع ملسائل أصول الفقه وتطبيقها2/1115انظر: إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول، الشوكاني، ) 2

(، أصول الفقه الذي ال 54-49ي، )(، التعارض والرتجيح عند األصوليني وأثرمها يف الفقه اإلسالمي، حممد احلفناو416عبدالكريم النملة، )

(.416يسع الفقيه جهله، عياض السلمي، )

ا.هـ. ولو وجد التعارض بني قطعيني يف الفروع الفقهية فهو من باب 1أقوى وأغلب من بع ".

.2الناسخ واملنسوخ

وهذا الشرط يعود إىل أحد شروط تقابل األدلة يف علم املنطق وهو احتاد الدليلني يف

ثبوتا، وداللة، وعددا (؛ وله ثالث صور:القوة )

، قال ابن تيمية: "فأما القطعيان فال جيوز تعارضهما 3الصورة األوىل: تقابل األدلة القطعية

، وهذا متفق عليه بني -سواء كانا عقليني، أو مسعيني، أو أحدمها عقليا واآلخر مسعيا -

ووجه ذلك: .4العقالء"

نه "الذي جيب ثبوت مدلوله، وال ميكن أن تكون داللته أن حقيقة الدليل القطعي أ - أ

.5باطلة"؛ والقول بتعارض القطعيني يلزم منه "اجلمع بني النقيضني، وهو حمال"

أن حتقق القطعية يف الدليل "ال يتأتى إال عند اجتماع علوم أربعة: أحدها: العلم - ب

العلم الضروري بصحة تركيبها. الضروري حبقيقة املقدمات إما ابتداء أو استنادا. وثانيها:

وثالثها: العلم الضروري بلزوم النتيجة عنها. ورابعها: العلم الضروري بأن ما يلزم عن الضروري

(.4/161املستصفى، الغزايل، ) 1

انظر: اإلحالة السابقة. 2 .(74ضوابط الرتجيح عند وقوع التعارض لدى األصوليني، بنيونس الويل، )انظر: 3 (.1/79درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ) 4 .السابقةة اإلحالانظر: 5

لزوما ضروريا فهو ضروري؛ فهذه العلوم األربعة يستحيل حصوهلا يف النقيضني معا وإال لزم

.1القدح يف الضروريات، وهو سفسطة"

جييز الرتجيح بني املتعارضات والرتجيح "عبارة عن التقوية، والعلم أن وقوع التعارض -ج

.2اليقيين ال يقبل التقوية؛ ألنه إن قارنه احتمال النقي ولو على أبعد الوجوه كان ظنا ال علما"

ويذهب بع األصوليني إىل إمكان وقوعه عقال، والذي يظهر واهلل تعاىل أعلم أن

ع من باب النسخ، فيدخل عندهم التقابل بني املطلق واملقيد، مرادهم بالتعارض ما هو أوس

والعام واخلاص، واجململ واملفسر، والكلي واجلزئي، وحنو ذلك؛ فيكون من قبيل التعارض

.3املوهوم

الصورة الثانية: تقابل األدلة القطعية والظنية، ووقوعه ممكن عقال، لكنه ال يقبل؛ إذ ال

قابلة األدلة القطعية، قال شيخ ابن تيمية: "وإن كان أحد الدليلني تنه األدلة الظنية إىل م

سواء كان هو السمعي أو -املتعارضني قطعيا دون اآلخر فإنه جيب تقدميه باتفاق العقالء

.4؛ فإن الظن ال يرفع اليقني"-العقلي

(.400-5/399، الرازي، )يف أصول الفقه انظر: احملصول 1 (.5/400انظر: املصدر نفسه، ) 2وهناية السول شرح منهاج .(362(، والتحرير يف أصول الفقه، البن مهام، )422-1/418انظر: املعتمد، ألبي احلسني البصري املعتزيل، ) 3

.(80-77عند وقوع التعارض لدى األصوليني، بنيونس الويل، )وضوابط الرتجيح .(376األصول، األسنوي، ) (.1/79درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ) 4

لم األصول، الصورة الثالثة: تقابل األدلة الظنية، وهي دائرة باب التعارض والرتجيح يف ع

.1قال ابن تيمية: "وأما إن كانا مجيعا ظنيني فإنه يصار إىل طلب ترجيح أحدمها"

واحلديث عن موقف األصوليني من تعارض األدلة الظنية من جانبني: األول: إمكان وقوعه

عقال. والثاني: حتقق وجوده يف الواقع.

قال: اتفق األصوليون على إمكان اجلانب األول: إمكان وقوع التعارض بني األدلة الظنية ع

، ومل يعرف عن أحد منعه عقال إال ما نقله الرازي عن أبي 2وقوع التعارض بني األدلة الظنية عقال

، ووجه جواز وقوعه عقال انتفاء املانع العقلي؛ فإنا "ال جند يف العقل ما حييل 4الكرخي 3احلسن

.5وزات العقول"تساوي األمارتني يف القوة، فكان ذلك من جم

اجلانب الثاني: حتقق وجود التعارض بني األدلة الشرعية يف الواقع: وقد نقل يف ذلك

:6لعلماء أصول الفقه رأيان

اإلحالة السابقة. 1ختالفا قال بنيونس الويل: "لقد حتدث األصوليني عن حمل التعارض والرتجيح بني الدليلني الظنيني حتت عنوان "تعادل األمارتني" واختلفوا فيه ا 2

يف شعبا، فقد ذكر فيه اإلمام الشوكاني تسعة مذاهب، ويف هذا داللة قاطعة على كثرة االختالف، لقد أمجع األصوليون على تعادل األمارتني مت

حيث ال مرجح -أي يف نفس الدليل -ذهن اجملتهد، ومل أجد خمالفا يف ذلك، لكنهم اختلفوا يف تعادل األمارتني يف نفس األمر والواقع

( [.86-85مها". ] ضوابط الرتجيح عند وقوع التعارض لدى األصوليني، بنيونس الويل، )ألحدهـ. ]انظر ترمجته: تاريخ بغداد، 340عبيداهلل بن احلسني بن دالل الكرخي، كان معتزليا، انتهت إليه رئاسة املذهب احلنفي، تويف سنة 3

([.427-15/426ذهيب، )(. وسري أعالم النبالء، ال76-12/74اخلطيب البغدادي، ) ([.5/380قال الرازي: "اختلفوا يف أنه هل جيوز تعادل األمارتني؛ فمنع منه الكرخي مطلقا، وجوزه الباقون". ]احملصول، الرازي، ) 4

(.2/306املعتمد، أبو احلسني البصري، ) 5

(، وضوابط الرتجيح عند وقوع التعارض لدى 64-54وي، )انظر: التعارض والرتجيح عند األصوليني وأثرمها يف الفقه اإلسالمي، احلفنا 6

(.96-85األصوليني، بنيونس الويل، )

: "وهو جائز بني ظنيني "يف الواقع" الشنقيطيالرأي األول: جواز وقوعه، قال حممد األمني

.ا.هـ، وحجتهم:1أي: يف نفس األمر عند األكثر"

زم من فرض وقوعه حمال مينعه، واألصل عدم املنع.أنه ال يل -

قياسه على التعارض يف ذهن اجملتهد، فلما كان التعارض يف ذهن اجملتهد واقع باتفاق، -

فجواز وقوعه يف جهة الدليل كذلك.

قال يف اإلهباج يف شرح املنهاج: "واحتج من جوز تعادل األمارتني يف نفس األمر بالقيا

لذهن، وبأنه لو امتنع مل يكن امتناعه لذاته، فال يلزم من فرض وقوعه حمال، أو على التعادل يف ا

.2الدليل واألصل عدمه"

أنه لو قيل بعدم وقوعه يف الواقع لكان ذلك دليال على منعه عقال، وهو عقال جائز، -

.3فيكون وقوعه ممكنا

القرآن والسنة دليل على ورود اآليات املتشاهبات يف القرآن الكريم، "فورود املتشابه يف -

جواز االختالف، ثم على جواز تعارض األدلة املؤدية إليه؛ ألهنا جمال لتباين األفكار واآلراء

.4ومؤدية إىل اختالف األنظار"

(.408مراقي السعود إىل مراقي السعود، حممد األمني اجلكين الشهري باملرابط، ) 1 (.3/200اإلهباج يف شرح املنهاج، السبكي، ) 2 ([.79الويل، ) ضوابط الرتجيح عند وقوع التعارض لدى األصوليني، بنيونس 3 (.59انظر: التعارض والرتجيح عند األصوليني وأثرمها يف الفقه اإلسالمي، احلفناوي، ) 4

وقوع االختالف بني الصحابة رضوان اهلل تعاىل عليهم، ومن بعدهم، فهذا االختالف -

تالف يف الشريعة، وعلى االعرتاف بتعارض األدلة، "منهم يعترب إمجاعا عمليا على وجود االخ

.1وبالتايل على وجود التعارض بينها"

مناقشة هذا الرأي: بنى أصحاب هذا الرأي احتجاجهم على ثالثة أصول هي:

األصل األول: عدم الدليل املانع من وقوعه، وإىل هذا األصل ترجع حججهم الثالث

األوىل، وجياب عنها مبا يلي:

ى "أنه ال يلزم من فرض وقوعه حمال مينعه" فال يسلم هبا، فإن يف القول بوقوعه أما دعو -1

يف الشرع أحد ثالثة حماذير:

األول: التكليف مبا ال يطاق باجلمع بني النقضني.

والثاني: وصف هلل تعاىل بالعبث يف نصبه األدلة مع تساقطها.

والثالث: اتباع اهلوى يف التشريع.

وع التعارض بني الدليلني ال خيلو املوقف منه من أحد حاالت ثالث:وبيان ذلك أن وق

احلال األوىل: أن يعمل هبما مجيعا، وهذا حمال، وفيه تكليف مبا ال يطاق؛ ألنه يقتضي

اجلمع بني النقيضني.

(.60-59) املصدر نفسه، 1

احلال الثانية: أن يرتك العمل هبما مجيعا، وهذا أيضا حمال؛ ألنه ترك للنقيضني، كما أنه

ون وضع الدليلني عبث، "والعبث غري جائز على اهلل تعاىل".يقتضي ك

احلال الثالثة: أن يعمل بأحدمها دون اآلخر، فإن رحج أحدمها على التعيني مبرجح فال

تعارض على احلقيقة، وإال فهو باطل؛ "ألنه ترجيح من غري مرجح"، وإن قيل بإعمال أحدمها

يح "ألمارة اإلباحة بعينها على أمارة احلظر"، على التخيري فهو أيضا باطل؛ ألن مآله ترج

.1"فيكون ذلك قوال يف الدين مبجرد التشهي"

وأما "قياسه على التعارض يف ذهن اجملتهد" فهو قيا مع الفارق، فإن مرجع التعارض -2

يف ذهن اجملتهد اختالف مدارك الفهم ومراتب األمور، فمرجعه قصور يف اجملتهد أو تقصري منه،

خارج عن أصل الدليل، وما ال يدركه اجملتهد اليوم قد يدركه غدأ، وما أدركه قد يدرك فهو أمر

خالفه؛ فالتعارض يف ذهن اجملتهد تعارض صوري، وهذا خبالف تعارض األدلة فإنه تعارض

حقيقي، ولذلك ميكن يف التعارض يف ذهن اجملتهد دفعه إما باجلمع، أو الرتجيح، أو النسخ، ولو

تعارض يف األدلة النتفى التعارض.أمكن دفع ال

وأما قوهلم " أنه لو قيل بعدم وقوعه يف الواقع لكان ذلك دليال على منعه عقال، وهو -3

عقال جائز، فيكون وقوعه ممكنا"، فهو يف اإلمكان العقلي، والكالم ليس يف إمكانه وإمنا يف

"وجود أو جواز ذلك يف الذهن ليس وقوعه حقيقة، كما أن العقل قد جييز ما ال جييزه الواقع، فـ

(.5/381انظر: احملصول، الرازي، ) 1

قرينة على جواز أو وجود ذلك يف اخلارج"، ومثال إجازة العقل ما ال جيوز يف اخلارج "تصور

.1احلار والبارد لشيء واحد يف مكان واحد يف الذهن" فهو مما ال جيوز يف اخلارج

والسنة، األصل الثاني: وجود أسباب التعارض، وهو ورود التشابه يف نصوص الكتاب

وجياب عن ذلك مبا يلي:

، 2هذا االستدالل مبين على تأويل التشابه يف اآليات بـ"ما احتمل من التأويل أوجها" -1

ومرجع هذا االحتمال تفاوت مدارك الفهم إما لقصور أو تقصري من اجملتهد، ال يف نفس الدليل،

دليل. وذلك أن التشابه وعليه فهو دليل على وقوع التعارض يف ذهن اجملتهد ال يف نفس ال

حقيقي وإضايف؛ فاحلقيقي: ما ال سبيل إىل فهم معناه، واإلضايف: ما اشتبه معناه الحتياجه إىل

مراعاة دليل آخر، فإذا تقصى اجملتهد أدلة الشريعة وجد فيها ما يبني معناه، والتشابه باملعنى

، 3ليف زائد على التصديق،احلقيقي قليل جدا يف الشريعة، وال يكون فيما ينبين عليه تك

.4فـ"اإلحكام والتشابه صفتان لأللفاظ باعتبار فهم املعاني"

(.93انظر: ضوابط الرتجيح عند وقوع التعارض لدى األصوليني، بنيونس الويل، ) 1 .[(1/351لتفسري، ابن اجلوزي، )زاد املسري يف علم ا انظر: 2

(.69-3/68انظر: املوافقات، الشاطيب، ) 3 (.3/160التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 4

اآليات احملكمات ) أم الكتاب ( "أي: أصله ومرجعه الذي يرجع إليه يف جعل اهلل -2

، قال السعدي: "فالواجب يف هذا أن يرد املتشابه إىل احملكم، واخلفي 1فهم الكتاب ومقاصده"

.2بهذه الطريق يصدق بعضه بعضا وال حيصل فيه مناقضة وال معارضة"إىل اجللي؛ ف

ووجه ذلك: أن التشابه يف النصوص إما أن يقرتن به مرجح، أو ال يقرتن؛ فإن اقرتن

مرجح فال تعارض، وكان يصدق بعضها بعضا. وإن مل يقرتن به مرجح، وقع التعارض، وكذب

رسوله منزهان عن ذلك.بعضها بعضا، وكالم اهلل تعاىل وكالم

أن الواجب يف املتشابه تشاهبا حقيقيا اإلميان والتسليم دون اخلوض يف بين اهلل -3

ونا ﴿ تتبعه وتأويله، قال ماتبعح يغ فا هم زا ينا ف قححوب ا ٱل ماا فاأ ا غا باها منهح ٱبت اشا ا ت ماويهۦ وا

ا تاأ ا غا حونا ٱلفتناة واٱبت ول قح ونا ف ٱلعم يا خح س ح واٱلر ۥ إل ٱلل وياهح

عامح تاأ ا يا ما

هۦ كح نا ب ناا ااما ب ند را ن [، وما كان هذا الواجب فيه ال ميكن أن يناط 7]آل عمران: ﴾ م

وزي: "فكأنه به أحكام ختص األمة يف حياهتا، وإال كان من التكليف مبا ال يطاق. قال ابن اجل

.ا.هـ، فلم يبق 3قال: هن أصل الكتاب اللواتي يعمل عليهن يف األحكام وجممع احلالل واحلرام"

إال التشابه اإلضايف، ومرجعه إىل اجملتهد ال إىل نفس الدليل.

.اإلحالة السابقة 1

(.122تيسري الكريم الرمحن يف تفسري كالم املنان، السعدي، ) 2 (.1/351زاد املسري يف علم التفسري، ابن اجلوزي، ) 3

األصل الثالث: ظهور أثر التعارض بني األدلة يف اختالفات الفقهاء من الصحابة ومن

وقوع اخلالف بني الصحابة والفقهاء ال يلزم منه أن يكون سبب ذلك بعدهم، وجياب عنه بأن

النعارض بني األدلة، فقد يكون مرجع ذلك اختالف مدارك الفقهاء وفهمهم لألدلة.

الرأي الثاني: عدم وقوعه يف األدلة الشرعية، قال الشافعي: "ومل جند عنه حديثني خمتلفني

حد ما وصفت؛ إما مبوافقة كتاب، أو غريه من سنته، إال وهلما خمرج أو على أحدمها داللة بأ

.ا.هـ، وقال الشوكاني: "وقد منع مجاعة وجود دليلني ينصبهما اهلل تعاىل يف 1أو بع الداليل"

مسألتني متكافئني يف نفس األمر حبيث ال يكون ألحدمها مرجح، وقالوا: ال بد أن يكون

خفاؤه على بع اجملتهدين، وال جيوز أحدمها أرجح من اآلخر يف نفس األمر وإن جاز

. وحجتهم:2تعارضهما يف نفس األمر من كل وجه"

﴿ أن األصل يف وضع الدليل هو االحتكام إليه، قال اهلل - ا زاعتحم ف فاإن تاناوهح إلا ٱ د ول فارح واٱلرسح رمية بأن [، قال الشنقيطي: "أمر اهلل يف هذه اآلية الك59]النساء: ﴾ لل

كل شيء تنازع فيه النا من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع يف ذلك إىل كتاب اهلل وسنة

.ا.هـ، فاألمر بالرد هنا لرفع التنازع، ولو جاز وقوع التعارض فيهما ملا كان الرد إليهما "3نبيه

(.217-216) الرسالة، الشافعي، 1 (.2/1122إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول، الشوكاني، ) 2 (.1/392أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن، حملمد األمني الشنقيطي، ) 3

ة يف إصابة احلق، وهو سببا يف رفع التنازع، "فلو تعادلت األمارتان لزم من ذلك التضليل واحلري

.1ممتنع على الشارع احلكيم"

أن التعارض يف حقيقته اختالف، وقد نفى اهلل تعاىل االختالف عن كتابه، قال اهلل -

ف ﴿ فمه ٱختلا وا دح اواجا ل ي ٱللند غا نا من او كا ل ثي وا [، قال 82]النساء: ﴾ اا كا

اانا ﴿الطربي: "يعين جل ثناؤه بقوله ر ونا ٱلقح برح تادا فالا يااأفال يتدبر املبيتون غري الذي ﴾ أ

تقول هلم يا حممد كتاب اهلل؛ فيعلموا حجة اهلل عليهم يف طاعتك واتباع أمرك، وأن الذي أتيتهم

به من التنزيل من عند رهبم التساق معانيه، وائتالف أحكامه، وتأييد بعضه بعضا بالتصديق،

لبع بالتحقيق؛ فإن ذلك لو كان من عند غري اهلل الختلفت أحكامه، وشهادة بعضه

.2وتناقضت معانيه، وأبان بعضه عن فساد بع "

أن الظنون هلا مراتب ختتلف باختالف العقول، فيتعذر تساوي دليلني ظنيني من كل -

يتصور ، قال العز بن عبدالسالم: "وال3وجه، ومرجع ذلك الظن هو فهم اجملتهد ال نفس الدليل

تعارض علمني، وال تعارض ظنيني؛ ألن ذلك مؤد إىل اجلمع بني النفي واإلثبات يف شيء واحد

.4يف زمن واحد، وإمنا يقع التعارض بني أدلتها اليت ذكرناها"

.(4/240اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، ) 1 (.8/567جامع البيان يف تأويل القرآن، الطربي، ) 2 (.326صول، القرايف، )شرح تنقيح الف 3

"وإمنا يقع التعارض بني أدلتها اليت ذكرناها" إىل تقسيمه لألدلة؛ :(. ويشري بقوله2/101قواعد األحكام يف مصاحل األنام، العز بن عبدالسالم، ) 4

يل األحكام على الوقائع، فقد جعل األدلة قسمان: أدلة شرعية األحكام، وهذه ال تعارض فيها عنده. وأدلة وقوع األحكام، واملراد تنز

أن يف القول بالتعارض بني األدلة الشرعية لزوم التناق الدال على العجز أو اجلهل أو -

، قال السرخسي: "اعلم بأن احلجج الشرعية من الكتاب 1ن ذلكالعبث واهلل تعاىل منزه ع

والسنة ال يقع بينهما التعارض والتناق وضعا ألن ذلك من أمارات العجز، واهلل يتعاىل عن أن

ا.هـ.2يوصف به وإمنا يقع التعارض جلهلنا"

ذا فرضنا أن يف القول بوقوع التعارض بني األدلة التكليف مبا ال يطاق؛ "ألن الدليلني إ -

تعارضهما وفرضنامها مقصودين معا للشارع فإما أن يقال أن املكلف مطلوب مبقتضامها، أو

ال، أو مطلوب بأحدمها دون اآلخر، واجلميع غري صحيح"؛ فاألول مجع بني النقيضني وهو

.3حمال، والثاني والثالث خالف الفرض املطلوب وقوعه

ذا الرأي على ثالثة أصول:مناقشة هذا الرأي: يقوم احتجاج أصحاب ه

االحتكام إليها، -ظنية كانت أو قطعية -األصل األول: أن املقصود من نصب األدلة

ونصب األدلة املتعارضة خيالف املقصود.

كاألسباب والشروط واملوانع، وهذه قسمان: قسم متحقق، وهذه ال تعارض فيها. والثاني: مظنون وهذه هي اليت يقع فيها التعارض. انظر:

(.101-2/97، )املصدر نفسهل البزدوي، عبدالعزيز البخاري، (، أصول البزدوي، ضمن كشف األسرار شرح أصو5/381الرازي، ) يف أصول الفقه انظر: احملصول، 1

(3/76). (.2/12أصول السرخسي، السرخسي، ) 2 (.107انظر: ضوابط الرتجيح عند وقوع التعارض لدى األصوليني، بنيونس الويل، ) 3

ويعرتض عليه بـ"أن األئمة اجملتهدين مع رجوعهم للكتاب والسنة قد ال يرتفع النزاع بينهم"،

.1ارتفع قطعا وبطريقة كلية" واهلل تعاىل "مل يقل: إن رددمتوه

واجلواب عنه: أن اختالف األئمة اجملتهدين ليس منشأه نفس الدليل، وإمنا أمر خارج عن

الدليل إما يف عدم ثبوته يف نظر اجملتهد، أو يف عدم داللته على املراد، فعدم ارتفاع التنازع ليس

ومن هنا كان شفاء ذلك التنازع ورفع منشأه تعارض األدلة يف احلقيقة وإمنا يف نظر اجملتهدين،

ذلك اخلالف، احتكام نظر اجملتهدين إىل علم مقاصد الكتاب والسنة؛ إذ ينري بصائرهم،

"ويأخذ باملختلفني على طريق مستقيم بني االستصعاد واالستنزال، ليخرجوا من احنرايف

رف حديثني صحيحني ، قال ابن خزمية: "ال أع2التشدد واالحنالل، وطريف التناق واحملال"

، وقال ابن تيمية: "بل مل ينقل أحد بإسناد 3متضادين، فمن كان عنده فليأتين ألؤلف بينهما"

شيئا من هذا اجلنس، وال يف القرآن شيء من هذا اجلنس، وال يوجد صحيح عن نبينا

ذلك إال يف حديث مكذوب موضوع، يعلم أهل النقل أنه كذب، أو يف داللة ضعيفة غلط

.ا.هـ، "إن اختالف النا يف احلق ال يوجب اختالف احلق يف 4ستدل هبا على الشرع"امل

نفسه، وإمنا ختتلف الطرق املوصلة إليه، والقياسات املركبة عليه، واحلق يف نفسه

.ا.هـ5واحد"

(.57انظر: التعارض والرتجيح عند األصوليني وأثره يف الفقه اإلسالمي، احلفناوي، ) 1 (.1/16)املوافقات، الشاطيب، 2 (.60يف املنهل الروي يف خمتصر علم احلديث النبوي، )ابن مجاعة نقله عنه 3 (.1/148درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ) 4 (.27اإلنصاف يف التنبيه على األسباب املوجبة االختالف بني املسلمني، البطليوسي، ) 5

معها تساوي ظنيني يبعدواألصل الثاني: اختالف مراتب الظنون، فإن الظن على مراتب

يف القوة.

عرتض عليه بأن اليقني أيضا مراتب، "إذ اليقني ثالث درجات: األوىل: علم اليقني، وقد ي

، ومع ذلك استوت يف القوة، فال مينع اختالف مراتب 1والثانية: عني اليقني، والثالثة: حق اليقني"

القوة يف الظن من تساويها كما مل مينع يف القطع.

ة ال درجة حتققها يف النفس وذلك من وجياب عنه: بأن املراد بالتساوي تساوى القو

جهيت: الثبوت والداللة، ففي األدلة القطعية اختالف املراتب يف درجة التحقق ال يف القوة؛

فالداللة واحدة، ودرجة حتققها يف النفس على مراتب ثالث. أما مراتب الظن فهي يف الداللة؛

إذ الدالالت خمتلفة.

بالتعارض من لوازم باطلة، وجهة هذه اللوازم ثالث:واألصل الثالث: ما يلزم من القول

تعاىل اهلل عن -مبا ال يليق به من اجلهل أو العجز أو العبث اجلهة األوىل: وصف اهلل

.-ذلك علوا كبريا

ويعرتض عليه بأن التعادل بني الدليلني الظنيني جائز يف الذهن مع وجود هذا احملذور،

، وحتكم ال دليل عليه.اتعه يف اخلارج تفريق بني املتشاهبفإذا جاز ذلك يف الذهن فمن

واجلواب عن هذا االعرتاض بـ"أن املقصود من وضع األمارة أن يتوسل هبا إىل املدلول،

فإذا كان هو يف ذاته حبيث ميتنع التوسل به إىل احلكم كان خاليا عن املقصود، وال معنى للعبث

(.8/263أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن، األمني الشنقيطي، ) 1

خبالف وقوع التعارض يف أفكارنا؛ ألن الرحجان ملا كان ]أو اجلهل أوالعجز[ إال ذلك، وهذا

حاصال يف نفس األمر مل يكن واضعه عابثا ]أو جاهال أو عاجزا[، بل غايته: أنا لقصورنا أو

.1تقصرينا ما انتفعنا به"

بالتناق واالختالف. اجلهة الثانية: وصف شرع اهلل

من لدن الصحابة رضي اهلل عنهم إىل يومنا وقد يعرتض عليه بأن االختالف يف األمة واقع

هذا.

وجياب عنه بأن منشأ هذا االختالف ليس تعارض األدلة يف نفسها وإمنا يف اختالف

عند التنازع بالرد إىل كتابه وسنة مدارك الفقه وثبوت الدليل يف نظر اجملتهد؛ ولذلك أمر اهلل

﴿ قال نبيه ا زاعتحم ف وهح إلا ٱ فاإن تانا د ول فارح واٱلرسح [.59]النساء: ﴾ لل

اجلهة الثالثة: ما يلزم من القول به من التكليف مبا ال يطاق.

وقد يعرتض عليه بأن املطلوب من املكلف اجلمع بينهما إن أمكنه اجلمع، أو الرتجيح إن

ظهر له مرجح، وإن مل ميكن ذلك فله العمل بأحدمها على التخيري.

ب عنه بأن إمكان اجلمع أو الرتجيح ينفي التعارض يف نفس الدليل، وهو دليل على وجيا

إعمال أحدمها على التخيري بدون أماأن التعارض موهوم من قبل نظر اجملتهد ال نفس الدليل،

.2مرجح فهو باطل؛ ألنه "ترجيح بال مرجح فيكون ذلك قوال يف الدين مبجرد التشهي"

ط الثاني من شروط التعارض بني األدلة وهو:ويؤيد هذا الرأي الشر

(.5/387، الرازي، )يف أصول الفقه احملصولانظر: 1 (.5/381): املصدر السابق، انظر 2

الشرط الثاني: التساوي بني األدلة املتعارضة يف جهة االعتبار إطالقا وتقييدا، وعموما

وخصوصا، وكلية وجزئية، وزمنا وحمال، وتعلقا؛ إذ أن عدم التساوي ينفي التعارض، فيمكن

ون هنالك تعارض حقيقي.به، فال يكمحل كل دليل على جهة اعتباره اخلاصة

"لو حتققت وذلك أهناذه الشروط حييل وجود التعارض بني األدلة يف اخلارج، واشرتاط ه

النسد باب الرتجيح، وامتنع اجلمع بني الدليلني، وامتنع القول بالنسخ؛ ألن الدليلني إذا تساويا يف

زمان واجلهة ال ميكن اجلمع بينهما، الثبوت والقوة ال ميكن الرتجيح بينهما، وإذا احتدا يف احملل وال

وال القول بنسخ أحدمها باآلخر؛ وهلذا فال بد أن نعرف أن اصطالح األصوليني والفقهاء يف

التعارض يصدق على التعارض يف الظاهر للمجتهد ولو مل تتحقق فيه تلك الشروط، غري أنه ال

.1لقوة عند اجملتهد"بد حلصول التعارض من تقابل دليلني ظنيني، وتقارهبما يف ا

فاصطالح األصوليني يف تعادل األدلة وتعارضها ال يصدق يف التعارض من جهة الدليل؛

فشرطهم يف ذلك ال ميكن وقوعه يف الواقع، وإمنا يصدق على التعارض من جهة اجملتهد.

اجلانب الثاني: وقوع التعارض من جهة اجملتهد: وقد أمجع األصوليون على وقوع التعارض

ني األدلة يف ذهن اجملتهد، والواقع شاهد على ذلك، بل ذهب بع األحناف إىل وقوعه بني ب

.2القطعيني والظنيني؛ ألنه تعارض صوري ال حقيقة له يف الواقع ونفس األمر

(.417أصول الفقه الذي ال يسع الفقيه جهله، عياض السلمي، ) 1

اهلل البهاري، (. ونقل هذا الرأي عن: ابن اهلمام، وحمب107ضوابط الرتجيح عند وقوع التعارض لدى األصوليني، بنيونس الويل، )انظر: 2

واملطيعي.

موقف الفكر املقاصدي من وقوع التعارض بني األدلة:

بني األدلة الشرعية، وأن التعارض ميندرج أتباع الفكر املقاصدي ضمن سلك القائلني بعد

التعارض إمنا هو يف ذهن اجملتهد، قال الشاطيب: "الشريعة كلها ترجع إىل قول واحد يف فروعها

.ا.هـ، ومن هنا 1وإن كثر اخلالف، كما أهنا يف أصوهلا كذلك، وال يصلح فيها غري ذلك"

مر، فيلزم أن ال يكون فـ"الشريعة ال تعارض فيها ألبتة، فاملتحقق هبا متحقق مبا يف نفس األ

، قال 2تعارض"؛ وذلك من جهة الدليل، "وأما من جهة نظر اجملتهد فممكن بال خالف"

الشاطيب يف بيان الواجب على الناظر يف الشربعة: "والثاني: أن يوقن أنه ال تضاد بني آيات

ع واحد، ومنتظم القرآن، وال بني األخبار النبوية، وال بني أحدمها مع اآلخر، بل اجلميع على مهي

إىل معنى واحد، فإذا أداه بادئ الرأي إىل ظاهر اختالف فواجب عليه أن يعتقد انتفاء

االختالف؛ ألن اهلل تعاىل قد شهد له أن ال اختالف فيه، فليقف وقوف املضطر السائل عن

لق وجه اجلمع، أو املسلم من غري اعرتاض إن كان املوضع مما ال يتعلق به حكم عملي، فإن تع

به حكم عملي التمس املخرج حتى يقف على احلق اليقني، أو يبقى باحثا إىل املوت وال عليه

.3من ذلك"

من خالل ما سبق ميكن حتديد موقف الشاطيب مبا يلي:

(.4/85)املوافقات، الشاطيب، 1 (.4/217)، السابقاملصدر 2 (273-3/272االعتصام، الشاطيب، ) 3

؛ -قطعية أو ظنية -يذهب الشاطيب إىل عدم وقوع التعارض بني األدلة الشرعية -1

د يف األصول والفروع، فإذا كان كذلك ففي نصب وذلك أنه يرى أن احلق يف الشريعة قول واح

الشارع لدليلني متعارضني إخراج للشريعة عن هذا األصل.

قد يقع التعارض بني الدليلني من جهة نظر اجملتهد؛ لقصور منه أو تقصري يف امتالك -2

أدوات الفهم، أو إدراك مقاصد الشرع، وجمال التعارض حبسب هذه اجلهة يشمل التعارض بني

ني، أو بني ظين وقطعي، أو بني قطعيني، فإنه عندما ذكر صور التعارض أشار إىل: تعارض ظني

الكلي واجلزئي، وتعارض اجلزئيني، وتعارض الكليني، إال أن وقوعه يف الكليات قليل خبالف

.1اجلزئيات

.(224-4/221) املوافقات، الشاطيب،انظر: 1

املطلب الثاني: أثر املقاصد يف الرتجيح بني ما ظاهره التعارض: عارض بني األدلة من جهة الدليل:أوال: دفع الت

وفق الرؤية املقاصدية لوظيفية الدليل يف "تنزيل أفعال املكلفني حبسبها"، ومقتضى ذلك

أن جتري األقوال يف الشريعة على قول واحد يف األصول والفروع، وما طرأ من خالف أو

.تعارض بني األدلة فإمنا هو من جهة نظر اجملتهد، ال من جهة نفس الدليل

ثانيا: رفع ما ظاهره التعارض يف نظر اجملتهدين:

الثابت فيه "القلة ال الكثرة" والدليل -مما ال ميكن رفعه -ما ظاهره التعارض يف الشريعة

على ذلك:

ت ﴿ قوله -1 اايا با منهح امكا ٱلكتا ا لا نزااي أ وا ٱل م هح

حن أ ت هح ما كا م

رح خاحأ ب وا ٱلكتا ت بها تاشا م ﴿[، "فقوله يف احملكمات 7]آل عمران: ﴾ مح

حن أ ب هح ﴾ ٱلكتا

يدل أهنا املعظم واجلمهور، وأم الشيء معظمه وعامه، كما قالوا: أم الطريق؛ مبعنى معظمه، وأم

ملكة: الدماغ؛ مبعنى اجللدة احلاوية له اجلامعة ألجزائه ونواحيه، واألم أيضا األصل، ولذلك قيل

أم القرى؛ ألن األرض دحيت من حتتها، واملعنى يرجع إىل األول، فإذا كان كذلك؛ فقوله تعاىل

﴿ ت بها تاشا رح مح خاحأ إمنا يراد هبا القليل". ﴾ وا

ا باماان ﴿ قوله -2 ذا د ها ناس واهح تقيا ى ل مح ة ل ظا و ما [، 138]آل عمران: ﴾ وا

فع االختالف الواقع بني النا ، واملشكل امللتبس إمنا هو إشكال وحرية، ال "وإمنا نزل القرآن لري

بيان وهدى، لكن الشريعة إمنا هي بيان وهدى؛ فدل على أنه ليس بكثري، ولوال أن الدليل

أثبت أن فيه متشاهبا مل يصح القول به".

قانون النظر، استقراء الشريعة؛ "فإن اجملتهد إذا نظر يف أدلة الشريعة جرت له على -3

ت ﴿ واتسقت أحكامها، وانتظمت أطرافها على وجه واحد، كما قال حكماحب أ كتا

بي كمم خا ن حا ح ات من ل ۥ ثحم فحص تحهح .1 ["1]هود: ﴾ اايا

، أما ما يتعلق 2وتقع دائرة هذا التشابه يف ما "ال يتعلق به تكليف سوى جمرد اإلميان به"

فإن لرفع ما ظاهره التعارض يف نظر اجملتهدين وفق الرؤية املقاصدية قواعد به التكليف

ومسالك، وبياهنا:

أوال: قواعد رفع ما ظاهره التعارض:

لألحكام الشرعية اعتباران: األول: االقتضاء األصلي: اعتبار القرائن املؤثرة يف احلكم: -1

سم باإلطالق والعموم. والثاني: االقتضاء وهو اجملرد عن القرائن، وحقيقته أهنا أحكام ذهنية تت

، وعلى الناظر يف ما ظاهره التعارض من 3التبعي: وهو النظر إىل احلكم وما حيتف به من قرائن

األدلة أن جيمع يف نظره هذين االعتبار لرفع ذلك التعارض؛ إذ االعتبار األول ذهين مسته

ثاني إال بتحقيق مناطه فيه، قال الشاطيب: اإلطالق والعموم، وال ميكن تنزيله على االعتبار ال

(.3/64)املوافقات، الشاطيب، 1 (.3/68)، نفسهاملصدر 2 .(3/58املصدر السابق، )انظر: 3

"ويكفيك من ذلك أن الشريعة مل تنص على حكم كل جزئية على حدهتا، وإمنا أتت بأمور

كلية، وعبارات مطلقة تتناول أعدادا ال تنحصر، ومع ذلك فلكل معني خصوصية ليست يف

م بإطالق، وال هو طردي غريه، ولو يف نفس التعيني، وليس ما به االمتياز معتربا يف احلك

بإطالق، بل ذلك منقسم إىل الضربني، وبينهما قسم ثالث، يأخذ جبهة من الطرفني، فال يبقى

صورة من الصور الوجودية املعينة إال وللعامل فيها نظر سهل أو صعب حتى حيقق حتت أي دليل

.1تدخل"

بني اجلزئيات حبيث فإذا ما تقرر ذلك، وكانت "جماري العادات تقضي بعدم االتفاق

حيكم على كل جزئي حبكم جزئي واحد، بل ال بد من ضمائم حتتف، وقرائن تقرتن، مما ميكن

تأثريه يف احلكم املقرر"؛ فإنه ال ميكن رفع التعارض واحلال هذه إال بـ"اإلحالة على نظر اجملتهد"

ب بالنسبة إىل تلك يف حتقيق مناط األدلة املتعارضة، "فينظر أيهما أسعد، وأغلب، أو أقر

.2الواسطة، فيبين على إحلاقها به من غري مراعاة للطرف اآلخر أو مع مراعاته"

مورد التعارض ما أمكن فيه اجلمع بني األدلة ابتداء ليس من موارد التعارض والرتجيح: -2

ع فيه بني يف األدلة ال يكون على وجه ميكن فيه اجلمع بني الدليلني ابتداء؛ وذلك أن ما أمكن اجلم

الدليلني ابتداء ال تعارض فيه، كاملبني مع اجململ؛ فإن ما زاد يف أحد الدليلني من أمور ال تدرك

من الدليل اجململ على اخلصوص "فتلك الزيادات بعد البيان إذا عرضت على النص" اجململ "مل

.(4/66املصدر نفسه،) 1 (.220-4/219)، املصدر نفسهانظر: 2

ال اخلالف دائرة بني ينافها بل يقبلها"، وحيدد الشاطيب صورة التعارض بني الدليلني فيقول: "حم

طريف نفي وإثبات ظهر قصد الشارع يف كل واحد منهما، فإن الواسطة آخذة من الطرفني

دليل النفي ودليل -بسبب هو متعلق الدليل الشرعي، فصارت الواسطة يتجاذهبا الدليالن معا

.1، فتعارض عليها الدليالن"-اإلثبات

للمتأمل شرط التعارض وحمله:ومن توصيف الشاطيب لصورة التعارض يتضح

فأما شرطه فأمران: األول: أن يرد كل دليل بداللة على وجه ينايف يف ظاهره الدليل

املقابل. واآلخر: أن يرد التعارض على واقعة واحدة.

وأما حمله: فهو يف الواسطة اليت تأخذ من كل دليل بسبب يتعلق به احلكم، وهو مبعنى

دمة الصغرى النظرية من مقدمات االستدالل عند الشاطيب.حتقق احلد األوسط يف املق

األصل يف األدلة اإلعمال ال اإلمهال؛ وذلك أن املقصود من وضع الدليل تنزيل أفعال -3

املكلفني حبسبها، ومن هنا كان األوىل فيما ظاهره التعارض من األدلة اجلمع بينها إعماال، ال

إمهال أحدمها إسقاطأ.

صور تعارض األدلة ما كان يف قوة واحدة برتبة واحدة: التعارض املعترب -4

: إمجاهلا: الصورة األوىل: التعارض بني دليلني جزئيني من رتبة واحدة. الصورة 2أربعة

الثانية: التعارض بني دليلني جزئيني خمتلفي الرتبة. الصورة الثالثة: التعارض بني دليل كلي

(.4/218)، السابقاملصدر 1 .(229-4/221املصدر السابق، )انظر: 2

دليلني كليني. ويصدق التعارض يف الصورتني رابعة: التعارض بني وآخر جزئي. الصورة ال

األوىل والرابعة.

تعارض األدلة يف نظر اجملتهد له ثالث التعرض احلقيقي ال يكون فيما يقتضي التكليف: -5

احتماالت:

االحتمال األول: أن ميكن اجلمع بينها. -

االحتمال الثاني: أن ال ميكن اجلمع ولكن يرتجح أحدمها على اآلخر، وسيأتي له -

وللذي قبله زيادة بيان يف الفقرة التالية.

االحتمال الثالث: أن ال ميكن اجلمع وال الرتجيح، واألدلة واحلال هذه تكون يف حق -

اجملتهد من املتشابه، وحتقق هذه الصورة ال يكون فيما يقتضي التكليف، وإمنا ترد فيما الواجب

ا ﴿ اعرتاض على حد قوله فيه اإلميان به، ويكون واجب اجملتهد: التسليم من غري مافاأ

ونا ماتبعح يغ فا هم زا ينا ف قححوب ا ٱل ويهۦ واماا تاأ ا غا ا ٱلفتناة واٱبت ا غا باها منهح ٱبت اشا ا ت ما

ه نا ب ااما حونا ول قح ونا ف ٱلعم يا خح س ح واٱلر ۥ إل ٱلل وياهحعامح تاأ ناا ۦ كح يا ب ند را ن م

ب لبااحوا ٱل ول

ح أ رح إل ك ا ياذ [، فذكر اهلل تعاىل ههنا موقفني من املتشابه:7]آل عمران: ﴾ واما

املوقف األول حسب ما ورد يف اآلية: موقف الذين يف قلوهبم زيغ، وهو تتبع املتشابه

.ذ جعل علم تأويل املتشابه مما اختص به نفسه طلبا للفتنة والتأويل، وأورده مورد الذم.؛ إ

، املوقف الثاني: موقف الراسخون يف العلم، وهو التسليم واإلذعان بأنه من عند اهلل

.وانه ال يعلم تأويله إال هو

قال ابن قدامة: "والصحيح أن املتشابه ما ورد يف صفات اهلل سبحانه مما جيب اإلميان

له، ...فهذا اتفق السلف رمحهم اهلل على اإلقرار به، وإمراره على به، وحيرم التعرض لتأوي

وجهه وترك تأويله؛ فإن اهلل سبحانه ذم املبتغني لتأويله، وقرهنم يف الذم بالذين يبتغون الفتنة،

ومساهم أهل زيغ، وليس يف طلب ما ذكروه من اجململ وغريه ما يذم به صاحبه، بل ميدح عليه؛

.1فة األحكام ومتييز احلالل من احلرام"إذ هو طريق إىل معر

ثانيا: أثر املقاصد يف مسالك رفع ما ظاهره التعارض بني األدلة: لرفع التعارض بني األدلة

مسلكان مها: اجلمع، أو ترجيح أحد املتعارضني:

أوال: أثر املقاصد يف رفع التعارض باجلمع بني املتعارضني: األولى فيما ظاهره التعارض

األدلة اجلمع بينها، ويكون اجلمع حبمل كل دليل على جهة، وطرق اجلمع هي: من

اجلمع باالستثناء: وصوره: -1

اعتبار جهة العزمية والرخصة: قال الشاطيب يف بيان معنى كل منهما: "العزمية ما شرع -

.ا.هـ، وأما الرخصة: فما شرع لعذر استثناء من أصل كلي2من األحكام الكلية ابتداء"

، ومن خالل هذين 3يقتضي املنع مع االقتصار على مواضع احلاجة فيهأما ملشقة أو توسعة

التعريفني يتضح أن الفرق بني العزمية والرخصة من جانبني:

(.65-64روضة الناظر وجنة املناظر، ) 1 .(1/123)املوافقات، الشاطيب، 2 (.227-1/224، )السابقاملصدر انظر: 3

األول: املشروعية؛ فالعزمية شرعت ابتداء، أما الرخصة فإمنا شرعت استثناء من حكم

سابق.

ىل أصل يف التكليف كلي؛ ألنه مطلق عام على الثاني: الكلية؛ فإن العزمية "راجعة إ

األصالة يف مجيع املكلفني، والرخصة راجعة إىل جزئي حبسب بع املكلفني ممن له عذر،

وحبسب بع األحوال، وبع األوقات يف أهل األعذارـ ال يف كل حالة، وال يف كل وقت، وال

.1لكل أحد، فهو كالعارض الطارئ على الكلي"

ثاال من أمثلة خروج اجلزئي من الكلي، وهو صورة من صور ما ظاهره تشكل الرخصة م

التعارض من األدلة، وميكن اجلمع بينهما وإعماهلما على اعتبار أن الكلي عزمية، والرخصة

جزئية، فيكون إعمال الرخصة يف تلك الواقعة بقدرها، وتبقى العزمية على أصلها من الوجوب

ه: التكلم بكلمة الكفر مع اإلكراه، املعني املقصود للشارع، ومثال

اعتبار جهة العموم واخلصوص: قال الشاطيب: "إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة فال تؤثر -

فيها قضايا األعيان وال حكايات األحوال، والدليل على ذلك أمور:

-ألنا إمنا نتكلم يف األصول الكلية القطعية -أحدها: أن القاعدة مقطوع هبا بالفرض

قضايا األعيان مظنونة أو متومهة، واملظنون ال يقف للقطعي وال يعارضه.و

(.1/242املصدر نفسه، ) 1

وقضايا األعيان -الستنادها إىل األدلة القطعية -والثاني: أن القاعدة غري حمتملة

إلمكان أن تكون على غري ظاهرها، أو على ظاهرها وهي مقتطعة ومستثناة من -حمتملة

إبطال كلية القاعدة مبا هذا شأنه. ، فال ميكن واحلالة هذه-ذلك األصل

والثالث: أن قضايا األعيان جزئية والقواعد املطردة كليات، وال تنه اجلزئيات أن تنق

.1الكليات."

وتقابل العموم واخلصوص هو مثال لصورة تعارض الكلي مع اجلزئي، ومن طرق رفع

ي على عمومه فيما عداه من التعارض بينهما اجلمع باعتبار جهة اخلصوص للجزئي وبقاء الكل

املسائل؛ "فإنه إذا متسك بالكلي كان له اخلرية يف اجلزئي يف محله على وجوه كثرية، فإن متسك

باجلزئي مل ميكنه مع التمسك اخلرية يف الكلي؛ فثبت يف حقه املعارضة، ورمت به أيدي

نه اتباع للمتشاهبات، اإلشكاالت يف مهاو بعيدة، وهذا هو أصل الزيغ والضالل يف الدين، أل

، ومثاله "إعمال أخبار اآلحاد"؛ فإن عموم األدلة على قبول 2وتشكيك يف القواطع احملكمات"

خرب الواحد والعمل به، وما ورد من األدلة خبالف ذلك حتمل على خصوص ما وردت فيه من

كانت العوائد وقائع، قال الشاطيب: "وملا كان قصد الشارع ضبط اخللق إىل القواعد العامة، و

قد جرت هبا سنة اهلل أكثرية ال عامة، وكانت الشريعة موضوعة على مقتضى ذلك الوضع؛

(.3/194، )السابقاملصدر 1 (.197-3/196، )املصدر السابق 2

كان من األمر امللتفت إليه إجراء القواعد على العموم العادي، ال العموم الكلي التام الذي ال

.1خيتلف عنه جزئي ما"

نهي "على شيء واحد، اعتبار جهة اإلطالق والتقييد: وصورته أن يتوارد األمر وال -

، ويرد 2وأحدمها راجع إىل اجلملة واآلخر راجع إىل بع أوصافها أو جزئياهتا أو حنو ذلك"

على حالتني:

احلالة األوىل: أن يكون األمر مطلقا والنهي مقيدا، ومثاله األمر بقتال الكفار، والنهي عن

املستأمن واملعاهد.

قا واألمر مقيدا، ومثاله النهي عن فعل املعاصي، واألمر احلالة الثانية: أن يكون النهي مطل

بالتسرت حال التلبس هبا.

وهذا التعارض هو مثال لصورة التعارض بني اجلزئيني، أو التعارض بني كليني، واجلمع

بينهما يكون باعتبار املطلق على إطالقه واستثناء املقيد منه على القيد الوارد فيه.

ميل: وصوره:ثانيا: اجلمع بالتك

اعتبار اإلحكام والتشابه: احملكم "يعنى به البين الواضح الذي ال يفتقر يف بيان معناه إىل -

غريه"، واملتشابه "الذي ال يتبني املراد به من لفظه" سواء "كان مما يدرك مثله بالبحث والنظر أم

.1ال"

(.198-3/197املصدر نفسه، ) 1

(.3/154انظر: املصدر نفسه. ) 2

له: النهي عن التشبه وجيري التقابل يف هذا املثال بني جزئيني، أو كلي وجزئي، ومثا

بالكفار واندراج بع صور التشبه يف اللبا والزينة حتت هذا األصل، واعتبار األصل يف

اللبا والزينة اإلباحة، ويتحقق اجلمع بينهما باعتبار احملكم مفسرا ومبينا للمتشابه.

الفعل أو اعتبار اإلمجال والبيان: وحقيقته أن أحكام الشريعة ملا كانت دائرة بني طلب -

الوجوب -الرتك، وهي ليست على وزان واحد، بل جارية على األحكام التكليفية اخلمسة

، فقد يرد األمر بالفعل ويصاحبه الرتك، أو يرد -واالستحباب واإلباحة والكراهة والتحريم

النهي عن الفعل ويصاحبه العمل، ويكون اجلمع بينهما باعتبار أن مقصود الفعل بيان إمجال

لقول، قال الشاطيب: "فاملطلوب فعله؛ بيانه بالفعل، أو القول الذي يوافق الفعل إن كان واجبا، ا

وكذلك إن كان مندوبا جمهول احلكم، فإن كان مندوبا ومظنة العتقاد الوجوب؛ فبيانه بالرتك أو

وأشباه بالقول الذي جيتمع إليه الرتك، كما فعل يف ترك األضحية، وترك صيام الست من شوال،

ذلك. وإن كان مظنة العتقاد عدم الطلب، أو مظنة للرتك؛ فبيانه بالفعل والدوام فيه على وزان

املظنة، كما يف السنن واملندوبات اليت تنوسيت يف هذه األزمنة. واملطلوب تركه؛ بيانه بالرتك،

هول احلكم، أو القول الذي يساعده الرتك إن كان حمرما، وإن كان مكروها فكذلك إن كان جم

.ا.هـ2فإن كان مظنة العتقاد التحريم وترجح بيانه بالفعل تعني الفعل على أقل ما ميكن"

(.3/63) املصدر السابق،انظر: 1 (.238-3/237، )املصدر السابق 2

أثر املقاصد يف رفع التعارض برتجيح أحد املتعارضني: وشرط الرتجيح عدم إمكان -2

اجلمع، فإذا مل ميكن اجلمع بني األدلة املتعارضة مما يقتضي التكليف فإن اجملتهد يرحج أحد

املتعارض على اآلخر، وذلك بأحد اعتبارين:

اعتبار النسخ: وذلك أن الشارع راعى يف التكاليف الشرعية التدرج يف األمر هبا أو -

النهي عنها، قال الشاطيب: "فالنسخ إمنا وقع معظمه باملدينة ملا اقتضته احلكمة اإلهلية يف متهيد

كان فيه تأنيس أوال للقريب العهد باإلسالم األحكام، وتأمل كيف جتد معظم النسخ إمنا هو ملا

.ا.هـ، فيكون الناسخ راجحا على املنسوخ ومسقطا العتباره.1واستئالف هلم"

والتقابل بني الناسخ واملنسوخ ال يقع يف الكليات، وإمنا يكون بني جزئيني، قال الشاطيب:

كام الكلية، والقواعد األصولية "ملا تقرر أن املنزل مبكة من أحكام الشريعة هو ما كان من األح

يف الدين على غالب األمر؛ اقتضى ذلك أن النسخ فيها قليل ال كثري؛ ألن النسخ ال يكون يف

.ا.هـ، وعمدة الشاطيب يف ذلك االستقراء؛ فمن "استقرأ 2الكليات وقوعا وإن أمكن عقال"

.3كتب الناسخ واملنسوخ حتقق هذا املعنى"

(.3/78املصدر نفسه، ) 1 (.3/78املصدر السابق، ) 2

(.3/79املصدر نفسه، ) 3

أو بع أفراد أمته، فريد خمالفا كون احلكم خاصا بالنيب اعتبار التخصيص: كأن ي -

حلكم عموم األمة، فيبقى احلكم العام على عمومه، ويخص املعارض مبحل وروده، كما يف مسألة

رضاع الكبري.

ويشتمل على املبحثني التاليني:

ملقاصدي وضوابطه.املبحث األول: منهج الفهم يف الفكر ا

املبحث الثاني: التوسع يف التأويل باملقاصد ودعوى التأويل الباطين.

الثانيالفصل

منهج الفهم والتأويل يف والتوسع الفكر املقاصدي فيه

املبحث األول

منهج الفهم يف الفكر املقاصدي وضوابطهمما راعاه الشارع يف التكليف "أن تكون التكاليف االعتقادية والعملية مما يسع األمي

كان الفرع الثاني من قروع قصد الشارع يف ، ومن هنا 1تعقلها؛ ليسعه الدخول حتت حكمها"

، وتشكل مباحث أصول الفقه يف الفكر اإلسالمي يف 2وضع الشريعة "قصده يف وضعها لإلفهام"

اجلملة اإلطار العام ملنهج الفهم والتأويل.

يتناول األسس واألطر الفكرية ملنهج الفهم والتأويل يف التوجه املقاصدي املبحثوهذا

.التفصيالت األصولية اجلزئيةدون اخلوض يف

مير االجتهاد يف الفكر املقاصدي مبرحلتني: أوالمها: إدراك احلكم الشرعي من األدلة

املعتربة شرعا. والثانية: حتقيق مناط احلكم الشرعي يف الواقعة املنظور يف حكمها. ومن هنا

ة الشرعية. والثاني: منهج دار منهج الفهم والتأويل حول حمورين: األول: منهج الفهم يف األدل

الفهم للوقائع اجلزئية.

(.2/67املوافقات، الشاطيب، ) 1

(.4-2/3: املصدر نفسه، )انظر 2

املطلب األول: منهج الفهم يف األدلة الشرعية:ملنهج فهم األدلة يف الفكر املقاصدي فرعان: األول منهما: االستنباط من النصوص.

والثاني: البناء على املصاحل واملفاسد، قال الشاطيب: "االجتهاد إن تعلق باالستنباط من

جمردة -نصوص فال بد من اشرتاط العلم بالعربية، وإن تعلق باملعاني من املصاحل واملفاسد ال

فال يلزم يف ذلك العلم -عن اقتضاء النصوص هلا أو مسلمة من صاحب االجتهاد يف النصوص

.ا.هـ، ومن خالل هذا النص 1بالعربية، وإمنا يلزم العلم مبقاصد الشريعة مجلة وتفصيال خاصة"

اطيب ميكن للباحث يف منهج الفهم املقاصدي أن يحدد له إطارين: األول: إطار الفهم يف للش

النصوص الشرعية. والثاني إطار الفهم يف املصاحل واملفاسد.

اإلطار األول: إطار الفهم يف النصوص الشرعية )اللغة العربية(:

مؤسس التوجه ة العربية اإلطار العام للفهم يف النصوص الشرعية عندتشكل اللغ

؛ وذلك أن إدراك مقاصد -ابن عاشور -وباعثه يف العصر احلديث -الشاطيب -املقاصدي

هح قحرءنا ﴿ الشارع مناط بفهم نصوصه، وهي قد جاءت بلغة العرب، قال لنا نزاا أ ا إن

م ب را م تاعقحونا ا كح ل ﴿ [، وقال 2]يوسف: ﴾ ا لعا نزااكا أ ل ذا كا م وا ب را ا كما هح حح نا ﴾ ا

اميا ﴿ [، وقال 37]الرعد: ٱلعا ازني ح راب ۥ لا ميح ١٩٢إونهحاوحح ٱل ه ٱلر لا ب ١٩٣نازا

رينا نذ ونا منا ٱلمح اكح بكا ل قا ا ب ١٩٤لعا را ا ان سا بي ب [، 195-192]الشعراء: ﴾ م

شارع يف وضع الشريعة لالفهام: "املقصود هنا أن القرآن نزل بلسان قال الشاطيب يف بيان قصد ال

(.4/117) املصدر السابق، 1

العرب على اجلملة؛ فطلب فهمه إمنا يكون من هذه الطريق خاصة، ...فمن أراد تفهمه فمن

، وقال ابن عاشور: "إن 1جهة لسان العرب يفهم، وال سبيل إىل تطلب فهمه من غري هذه اجلهة"

د العربية طريقا لفهم معانيه، وبدون ذلك يقع الغلط وسوء الفهم القرآن كالم عربي، فكانت قواع

.2ملن ليس بعربي بالسليقة"

فاللغة العربية يف الرؤية املقاصدية أحد ركين استنباط األحكام الشرعية، قال عبداهلل

دراز: "من هذا البيان علم أن الستنباط أحكام الشريعة ركنني: أحدمها: علم لسان العرب،

.ا.هـ، وقد تضمن هذا اإلطار العام ملنهج الفهم 3هما: علم أسرار الشريعة ومقاصدها"وثاني

مجلة من القواعد والضوابط واجلزئيات املنهجية واألصولية، يندرج يف جمال البحث يف املناهج

منها ما يلي:

أوال: املعتمد يف فهم النصوص الشرعية معهود العرب حال التنزيل:

عربية هي إطار منهج الفهم للنصوص الشرعية، وألجل تعدد دالالت ملا كانت اللغة ال

األلفاظ فيها، وقابليتها للتغري إما لعرف عام أو استعمال شرعي خاص؛ فإن املعترب من ذلك يف

فهم النصوص الشرعية معهود العرب حال التنزيل ما مل ترد قرينة صارفة، قال الشاطيب: "فإن

العرب، وإنه عربي، وإنه ال عجمة فيه؛ فبمعنى أنه أنزل على لسان قلنا: إن القرآن نزل بلسان

(.50-2/49، )املصدر السابق 1 (.1/18التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 2

(.1/4مقدمة عبداهلل دراز، )املوافقات، الشاطيب، 3

.ا.هـ، وقال: "فإن كان للعرب يف لساهنم 1معهود العرب يف ألفاظها اخلاصة وأساليب معانيها"

عرف مستمر فال يصح العدول عنه يف فهم الشريعة، وإن مل يكن ثم عرف فال يصح أن جيري يف

.ا.هـ؛ وذلك: أن التشريع 2ذا جار يف املعاني واأللفاظ واألساليب"فهمها على ما ال تعرفه، وه

.3إمنا نزل على نيب أمي مرسل إىل أمة أمية؛ فكان األوفق نزول التشريع على وفق حاهلم

ويبين على هذا قاعدتني يف منهجية الفهم للنصوص الشرعية:

وم يف فهم نصوص الشارع القاعدة األوىل: عدم صحة اعتبار ما ال تعهده العرب من العل

، وحنو ذلك من 4وإدراك مقاصدها كـ"علوم الطبيعيات، والتعاليم، واملنطق، وعلم احلروف"

علوم املتقدمني واملتأخرين، قال الشاطيب: "وإذا كان كذلك فال يستقيم للمتكلم يف كتاب اهلل أو

االعتناء مبا شأنه أن سنة رسول اهلل أن يتكلف فيهما فوق ما يسعه لسان العرب، وليكن شأنه

.5تعتين العرب به، والوقوف عند ما حدته"

ويف إطار معهود العرب يقرر الشاطيب يف تأسيسه للتوجه املقاصدي "أنه إمنا يصح يف

مسلك األفهام والفهم ما يكون عاما جلميع العرب"؛ "فإن النا يف الفهم وتأتي التكليف فيه

إال أهنم يتقاربون يف األمور اجلمهورية وما واالها"، قال ليسوا على وزان واحد وال متقارب،

(.2/50املوافقات، الشاطيب، ) 1

(.2/62، )نفسه املصدر 2

(.54-2/53) املصدر نفسه،انظر: 3

(.61-2/60ر: املصدر نفسه، )انظ 4

(.2/64املصدر نفسه، ) 5

الشاطيب: "فكذلك يلزم أن ينزل فهم الكتاب والسنة، حبيث تكون معانيه مشرتكة جلميع

.1العرب"

واملستقري ألحكام الشريعة االعتقادية والعملية جيدها جارية على هذا األصل؛ ففي

عرف من األمور اإلهلية إال مبا يسع فهمه، وأرجت غري األحكام االعتقادية "جتد الشريعة مل ت

ذلك"، ويف األحكام العملية "وقع تكليفهم باجلالئل يف األعمال والتقريبات يف األمور حبيث

يدركها اجلمهور"، وذلك كضبط أوقات الصلوات والصيام واحلج باألمور املشاهدة وما تعهده

.2هاالعرب من األمارات اليت يستدل هبا علي

القاعدة الثانية: اعتبار منهج التلقي يف فهم النصوص الشرعية؛ فإن "من أنفع طرق العلم

املوصلة إىل غاية التحقق به أخذه عن أهله املتحققني به على الكمال والتمام"، فـ"يكون عارفا

م عنه، بأصوله وما يبنى عليه ذلك العلم، قادرا على التعبري عن مقصوده فيه، عارفا مبا يلز

قائما على دفع الشبه الواردة عليه فيه، فإذا نظرنا إىل ما اشرتطوه، وعرضنا أئمة السلف

.3الصاحل يف العلوم الشرعية وجدناهم قد اتصفوا هبا على الكمال"

، وأخذوا ملسو هيلع هللا ىلصوقد كان هذا حال الصحابة رضي اهلل تعاىل عنهم إذ الزموا رسول اهلل

ليهم سلموا به واستفهموا عنه "حتى الح الربهان للعيان"، عنه أخذ فهم وتسليم، وما أشكل ع

من نزل عليه التشريع، وهو أعرف بلسانه، فكان أهل درك مراده وفهم مقصده، قال ملسو هيلع هللا ىلصفهو

(.2/65، )السابقاملصدر 1 (.69-2/67) املصدر نفسهانظر: 2 (.65-1/64املصدر السابق، ) 3

سريهتم مع النيب -يف الصحابة -الشاطيب: "وصار مثل ذلك أصال ملن بعدهم، فالتزم التابعون

لعلوم الشرعية، وحسبك من صحة هذه القاعدة أنك ال حتى فقهوا، ونالوا ذروة الكمال يف ا ملسو هيلع هللا ىلص

جتد عاملا اشتهر يف النا األخذ عنه إال وله قدوة اشتهر يف قرنه مبثل ذلك، وقلما وجدت

.1فرقة زائغة وال حد خمالف للسنة إال وهو مفارق هلذا الوصف"

ولطريق التلقي يف العلم مسلكان:

قني وأسلمهما؛ فكم من مسألة يقرؤها املتعلم يف "أحدمها: املشافهة، وهي أنفع الطري

كتاب وحيفظها ويرددها على قلبه فال يفهمها، فإذا ألقاها إليه املعلم فهمها.

الطريق الثاني: مطالعة كتب املصنفني، ومدوني الدواوين، وهو أيضا نافع يف بابه

بشرطني:

ة اصطالحات أهله ما يتم األول: أن حيصل له من فهم مقاصد ذلك العلم املطلوب ومعرف

له به النظر يف الكتب، وذلك حيصل بالطريق األول من مشافهة العلماء، أو مما هو راجع إليه.

والشرط الثاني: أن يتحرى كتب املتقدمني من أهل العلم املراد؛ فإهنم أقعد به من غريهم

.2من املتأخرين"

قصود األعظم:ثانيا: أن يكون االعتناء باملعاني الرتكيبية هو امل

فمن املتقرر أن "اللفظ إمنا هو وسيلة إىل حتصيل املعنى املراد"، ومعاني األلفاظ يف الرؤية

املقاصدية على نوعني: إفرادية لفظية، وتركيبية موضوعية، و"املعنى اإلفرادي قد ال يعبأ به إذا

(.67-1/66املصدر نفسه، ) 1

(.68-1/67املصدر السابق: ) 2

هكذا فالالزم االعتناء بفهم ، فال الشاطيب: "فإذا كان األمر1كان املعنى الرتكييب مفهوما دونه"

معنى اخلطاب؛ ألنه املقصود واملراد، وعليه يبنى اخلطاب ابتداء، وكثريا ما يغفل هذا النظر

بالنسبة للكتاب والسنة، فتلتمس غرائبه ومعانيه، على غري الوجه الذي ينبغي؛ فتستبهم على

عمله على غري معمل، ومشيه على املتلمس، وتستعجم على من مل يفهم مقاصد العرب، فيكون

.2غري طريق، واهلل الواقي برمحته"

وطريق حتصيل املعاني الرتكيبية لأللفاظ يف التوجه املقاصدي "إمنا مداره على معرفة

مقتضيات األحوال: حال اخلطاب من جهة نفس اخلطاب، أو املخاطب، أو املخاطب، أو

خالهلا إدراك معاني النصوص الشرعية:، فهذه ثالثة طرائق يكون من 3اجلميع"

حال املخاطب: ويكون مبعرفة أسباب النزول وأحوال الورود للكتاب والسنة، فعلى -1

اجملتهد عند النظر يف النصوص الشرعية أن يكون عاملا بأسباب النزول وأحوال الورود للكناب

املنزل؛ حبيث لو فقد ذكر والسنة، قال الشاطيب: "وهذا شأن أسباب النزول يف التعريف مبعاني

السبب مل يعرف من املنزل معناه على اخلصوص دون تطرق االحتماالت، وتوجه

.ا.هـ، ووجه ذلك:4االشكاالت"

(.2/66، )املصدر نفسه 1 (.2/67، )السابقاملصدر 2 (.3/258املصدر نفسه، ) 3

(.261-3/260) املصدر نفسه، 4

أن الكالم الواحد خيتلف فهمه حبسب حالني، وحبسب خماطبني، وغري ذلك، وال يدل -

زول، وأحوال الورود.على املعنى املراد إال قرائن ومقتضيات األحوال من أسباب الن

كما أن اجلهل بأسباب النزول وأحوال الورود مورد للنصوص مورد اإلمجال، وذلك مظنة -

للنزاع يف تأويلها، وإدراك مقاصدها، فعن إبراهيم التيمي قال: "خال عمر ذات يوم فجعل حيدث

ن عبا ؛ فقال: نفسه: كيف ختتلف هذه األمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة؟ فأرسل إىل اب

كيف ختتلف هذه األمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة؟ فقال ابن عبا : يا أمري املؤمنني، إنا أنزل

علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيما نزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن وال يدرون فيما

فوا اقتتلوا. قال: فزجره نزل، فيكون هلم فيه رأي، فإذا كان هلم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختل

عمر وانتهره، فانصرف ابن عبا ، ونظر عمر فيما قال فعرفه فأرسل إليه، فقال: أعد علي ما

.1قلت. فأعاده عليه. فعرف عمر قوله وأعحبه

ويظهر أثر معرفة أسباب النزول وأحوال الورود يف تعيني مناط احلكم الشرعي ال يف

ليون من أن ) العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب (، فإن تقييده، وهو ما اصطلح عليه األصو

كان أخذ احلكم الشرعي التكليفي جمردا عن اعتبار الواقع يورده مورد االشتباه واإلشكال، فإن

(، قال احملقق سعد آل محيد: "صحيح لغريه". والبيهقي يف شعب 42(، برقم )1/176أخرجه: سعيد بن منصور يف سننه، فضائل القرآن، ) 1

(.2283(، برقم )2/425اإلميان، باب يف تعظيم القرآن، فصل يف ترك التفسري بالظن، )

ذلك يزول باعتبار الواقع الذي ورد عليه احلكم ومن ذلك أسباب النزول وأحوال الورود؛ إذ

.1هيكون به تعيني مناط احلكم وتبيين

حال اخلطاب من جهة نفس اخلطاب: ويكون باعتبارين: -2

األول: اعتبار السياق الذي ورد فيه النص الشرعي: "كاالستفهام لفظه واحد ويدخله

معان أخر من تقرير وتوبيخ وغري ذلك، وكاألمر يدخله معنى اإلباحة والتهديد والتعجيز

، 2خلارجة، وعمدهتا مقتضيات األحوال"وأشباهها، وال يدل على معناها املراد إال األمور ا

﴿ ومثال ذلك قوله ومنها قرينة السياق، وا ادح اتحم فاٱصطا [؛ فاألمر 2]املائدة: ﴾ إوذاا حا

رحم ﴿ هنا ورد يف سياق حتريم الصيد للمحرم، قال نتحم ححاأ مد وا ٱلص

ل يا مح ﴾ غا

األمر هنا ليس للوجوب وإمنا لإلباحة، قال الطربي: [، فدل هذا السياق على أن 1]املائدة:

"يعين بذلك جل ثناؤه: وإذا حللتم فاصطادوا الصيد الذي هنيتكم أن حتلوه وأنتم حرم. يقول:

فال حرج عليكم يف اصطياده، واصطادوا إن شئتم حينئذ، ألن املعنى الذي من أجله كنت

.3يف ذلك قال مجيع أهل التأويل" حرمته عليكم يف حال إحرامكم قد زال. ومبا قلنا

والعتبار السياق جانبان:

(.3/58املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.3/258) املصدر السابق، 2

(.482-9/481جامع البيان يف تأويل القرآن، الطربي، ) 3

اجلانب األول: اعتبار السياق اللفظي، وهو داخل ضمن معهود العرب؛ فإن العرب

"تخاطب بالعام يراد به ظاهره، وبالعام براد به العام يف وجه واخلاص يف وجه، وبالعام يراد به

.1ذلك يعرف من أول الكالم أو وسطه أو آخره" اخلاص، والظاهر يراد به غري الظاهر، وكل

اجلانب الثاني: اعتبار السياق احلايل ) الواقع (، فإن "اقتضاء األدلة األحكام بالنسبة إىل

حمالها على وجهني:

أحدمها: االقتضاء األصلي قبل طروء العوارض، وهو الواقع على احملل جمردا عن التوابع

واإلضافات".

قتضاء التبعي، وهو الواقع على احملل مع اعتبار التوابع واإلضافات"."والثاني: اال

قال الشاطيب: "فال خيلو أن يأخذ املستدل الدليل على احلكم مفردا جمردا عن الواقع أو

ال؛ فإن أخذه جمردا صح االستدالل، وإن أخذه بقيد الوقوع فال يصح، وبيان ذلك أن الدليل

يف كثري من النوازل -ه التنزيل على املناط املعني، وتعيني املناط موجب املأخوذ بقيد الوقوع معنا

إىل ضمائم وتقييدات ال يشعر املكلف هبا عند عدم التعيني، وإذا مل يشعر هبا مل يلزم بياهنا؛ -

إذ ليس موضع احلاجة، خبالف ما إذا اقرتن املناط بأمر حمتاج إىل اعتباره يف االستدالل؛ فال

، فالشاطيب هنا يقرر أن األصل يف أخذ الدليل أن يكون جمردا عن الواقع الذي 2اعتباره" بد من

ورد عليه النص؛ إال أن يكون للحكم مناط ال يتعني إال باعتبار الواقع الذي ورد عليه النص؛

(.2/50املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.3/58، )السابقاملصدر 2

، وقال 1ألصحابه، فقال ألحدهم: "قل ربي اهلل ثم استقم" ملسو هيلع هللا ىلصومثال اعتبار الواقع وصاياه

يف كل واقعه، وأوصاه مبا يتناسب وحاله. فقد راعى 2"ال تغضب"آلخر:

وقد ذكر الشاطيب العتبار الواقع يف األخذ بالدليل ثالثة مواطن:

أوهلا: "األسباب املوجبة لتقرير األحكام"، ومراده بذلك اعتبار أسباب النزول وأحوال

يكون لسبب أو ال؛ فإن كان الورود، وذلك أن ورود النص الشرعي لبيان األحكام إما أن

وروده مطلقا أخذ مطلقا، وإن ورد لسبب كان ال بد من اعتبار السبب إذ به يتم تعيني مناط

احلكم، ويتميز ما يندرج حتته من الوقائع وما ال يندرج، ومثال ذلك: مشروعية التيمم فإن وروده

كان لسبب عدم القدرة على استعمال املاء فقيد به.

"أن يتوهم بع املناطات داخال يف احلكم أو خارجا عنه"، وهو ما يعرف عند ثانيها:

األصوليني بتنقيح املناط، فإنه متى ما أشكل على اجملتهد تعيني مناط احلكم الشرعي بني عدة

مناطات نظر يف الواقع الذي ورد عليه احلكم لتنقيح تلك املناطات وتعيني مناط احلكم من

، 3"اعتق رقبة" لك: حديث الرجل الذي وقع على امرأته وهو صائم فقال له بينها، ومثال ذ

فإن للحكم هنا مناطات: منها: جمرد الوطء أثناء الصيام سواء كان الصيام واجبا أو سنة.

(. وهذا اللفظ عند: اإلمام عند 38(، حديث رقم )1/65أخرجه: مسلم يف صحيحه بنحوه، كتاب اإلميان، باب جامع أوصاف اإلسالم، ) 1

(. وابن ماجه يف سننه، كتاب الفنت، باب 15418(، حديث رقم )24/143 املسند، مسند املكيني، حديث سفيان بن عبداهلل الثقفي، )يف

(، 4/607(. والرتمذي يف جامعه، أبواب الزهد، باب ما جاء يف حفظ اللسان، )3972(، حديث رقم )2/1314كف اللسان يف الفتنة، )

(. 2410حديث رقم )

(.6116(، حديث رقم )8/28ه: البخاري يف صحيحه، كتاب األدب، باب احلذر من الغضب، )أخرج 2 (.6087(، حديث رقم )8/23أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب األدب، باب التبسم والضحك، ) 3

ومنها: جمرد الوطء يف هنار رمضان سواء كان ممن جيب عليه الصيام أو ال. ومنها: أن يكون

لصيام يف هنار رمضان. فهذه مناطات ثالث، ويتم تعيني املناط من بينها الوطء ممن جيب عليه ا

بالنظر إىل الواقع الذي ورد عليه احلكم الشرعي.

ثالثها: "أن يقع اللفظ املخاطب به حممال حبيث ال يفهم املقصود به ابتداء"، فينظر اجملتهد

"ويل صوده، ومثاله: قوله يف الواقع الذي ورد عليه النص ليتبني مناط احلكم ويفهم مق

، فإن أخذ هذا الوعيد على عمومه غري مقيد حبال وروده ال يفهم منه 1لألعقاب من النار"

يبني به املقصود ويتعين مناط الوعيد. -عدم إسباغ الوضوء -مقصوده، وأخذه بقيد الوقوع

طيب: "املدني من السور االعتبار الثاني حلال اخلطاب: اعتبار ترتيب النزول، قال الشا

ينبغي أن يكون منزال يف الفهم على املكي، وكذلك املكي بعضه مع بع ، واملدني بعضه مع

بع ؛ على حسب ترتيبه يف التنزيل؛ وإال مل يصح، والدليل على ذلك أن معنى اخلطاب املدني

قدمه؛ دل على يف الغالب مبين على املكي، كما أن املتأخر من كل واحد منهما مبين على مت

.ا.هـ، وحبسب هذا االستقراء يقرر الشاطيب أن أصول أحكام العقائد ما 2ذلك االستقراء"

ورد يف سورة األنعام، كما أن أصول األحكام التكليفية ما جاء يف سورة البقرة، ثم قال

، كتاب الطهارة، (. ومسلم يف صحيحه165(، حديث رقم )1/44أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الوضوء، باب غسل األعقاب، ) 1

(.240(، حديث رقم )1/213باب وجوب غسل الرجلني بكماهلما، )

(.3/304املوافقات، الشاطيب، ) 2

على الشاطيب: "فال يغينب عن الناظر يف الكتاب هذا املعنى؛ فإنه من أسرار علوم التفسري، و

ا.هـ.1حسب املعرفة به حتصل له املعرفة بكالم ربه سبحانه"

حال املخاطب: ويكون باعتبار مقاصد الشارع بالنظر يف جمموع ما ورد من نصوص -3

شرعية مبثوثة جتاه الواقعة املنظور يف حكمها، وهو ما عرف يف علم التفسري بالتفسري

إىل أول 2ن املستمع واملتفهم )االلتفات(املوضوعي، قال الشاطيب: "فالذي يكون على بال م

الكالم وآخره حبسب القضية، وما اقتضاه احلال فيها، ال ينظر يف أوهلا دون آخرها، وال يف

آخرها دون أوهلا، فإن القضية وإن اشتملت على مجل فبعضها متعلق بالبع ؛ ألهنا قضية

كالم على أوله، وأوله على واحدة نازلة يف شيء واحد، فال حميص للمتفهم عن رد آخر ال

آخره، وإذ ذاك حيصل مقصود الشارع يف فهم املكلف، فإن فرق النظر يف أجزائه فال يتوصل به

.3إىل مراده"

ومثال ذلك: ما روي من أنه أتي برجل من املهاجرين األولني رضي اهلل عنهم قد شرب

﴿ اخلمر متأوال قوله نحوا ااما ينا ا ٱل نااح لايسا لعا ت جح حا ٱلص محوا ا ا وا فمماوا و ا ٱتقا وا إذاا ما عمح ت طا حا محوا ٱلص ا نحوا وا [، فقال ابن عبا رضي 93]املائدة: ﴾ ااما

اهلل عنهما: إن هؤالء اآليات أنزلن عذرا للماضني، وحجة على الباقني؛ فعذر املاضني بأهنم لقوا

(.305-3/304/ )السابقاملصدر 1ذي يلزم يف األصل )وااللتفات( والسياق يقتضي أن الواو زائدة، قال دراز: "هذه الواو زائدة، وما بعدها خرب عن )الذي(، أي: إن الضابط ال 2

(.1( حاشية رقم )3/309أن يكون على بال من يريد الفهم هو االلتفات...اخل".ا.هـ ]املوافقات، الشاطيب، )

(.3/309املصدر نفسه، ) 3

ا ﴿عليهم اخلمر، وحجة على الباقني ألن اهلل يقول اهلل قبل أن حترم نحوا إنما ااما ينا ا ٱل ها ياأ يا

مح رجس زلااابح واٱل نصا

اح واٱل يس ما ٱلامرح واٱلما ن عا بحوهح م ن فاٱجتان مطا ﴾ ٱلش

نوا وعملوا الصاحلات، ثم اتقوا [، ثم قرأ إىل آخر اآلية األخرى؛ فإن كان من الذين أم90]املائدة:

.1مر"اهلل قد هناه أن يشرب اخلوآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا، فإن

:فهم النصوص الشرعيةموقف الفكر املقاصدي املعاصر من منهج

ويف أصول الفقه على وجه اخلصوص -يرى بع املعاصرين الباحثني يف العلوم الشرعية

رعية وفق رؤية السلف جعلت علم أصول الفقه "مصدر أن منهجية التعامل مع النصوص الش -

، ويستشكل يف اعتماد منهجية السلف 2ضعف، وبؤرة استنزاف يف فكر األمة اإلسالمية"

أمرين:

، قال عبداحلميد أبو املعتمد يف دراسة الوحي مؤهالت نظرية وتارخييةاألمر األول: أن

نة، ويالحظ أن مؤهالت دراستهما هي : "وأول األصول األساسية مها: الكتاب والس3سليمان

مؤهالت نظرية وتارخيية مما سبب غلبة املنهج اللغوي اجلامد على الدراسات اإلسالمية،

عدم التجديد يف علم أصول الفقه الذي عن ونتج.ا.هـ، 4وانقطاع االجتهاد يف العصور املتأخرة"

أخرج القصة ضمن حديث طويل النسائي يف السنن الكربى، كتاب احلد يف اخلمر، باب ذكر اختالف ألفاظ الناقلني خلرب قتادة عن أنس، 1

(. وخمتصرة يف الباب الذي يليه وصرح أن الشارب هو قدامة بن مظعون، باب احلد على من شرب اخلمر 5269(، حديث رقم )5/137)

(.5270(، حديث رقم )5/138على تأويل، ) (.6قضية املنهجية يف الفكر اإلسالمي، عبداحلميد أبو سليمان، ) 2

ة املكرمة، ساهم يف تأسيس املعهد العاملي للفكر اإلسالمي.عبداحلميد أبو سليمان، مفكر معاصر، من مواليد مك 3 (7-6قضية املنهجية يف الفكر اإلسالمي، عبداحلميد أبو سليمان، ) 4

- و نضج واحرتق كما يقولون""منا وتطور يف القرون األوىل، ثم توقف عن النمو والتطور، أ

تفي "ملواجهة املستجدات املتسارعة مل تعد آلياته أن -حبسب تعبري مجال الدين عطية

.1واملختلفة جذريا عن بيئة التشريع األوىل"

؛ إذ يف الفكر العلماني تارخيية الدين وقد توظف مثل هذه الرؤية يف التأصيل لدعوى

العصر -ليها الفقه اإلسالمي حتى اآلن ترجع إىل عصر التدوين "القواعد األصولية اليت ينبين ع

، وكثري منها يرجع إىل ما بعده، أما قبل عصر التدوين هذا فلم تكن هناك -العباسي األول

قواعد مرسمة تؤطر التفكري االجتهادي مبثل ما حدث بعد، والفقهاء الذين وضعوا تلك القواعد

اك عن النظام املعريف السائد يف عصرهم، وعن الضرورات قد صدروا يف عملهم االجتهادي ذ

واحلاجات اليت كانت تفرض نفسها يف ذلك العصر، ومبا أن عصرنا خيتلف اختالفا جذريا عن

فإنه من الضروري مراعاة هذا -سواء على مستوى املنهج أو املصاحل -عصر التدوين ذاك

.2ويفرضه"االختالف، والعمل على االستجابة ملا يطرحه

بإعادة منهجية الفهم -وإن اختلفوا يف التفاصيل واجلزئيات -وينادي أرباب هذه الفكرة

ملصادر -حبسب رؤيتهم -يف الفكر اإلسالمي ليكون منهجا مالئما للعصر وقضاياه، شامال

حبيث تتكامل هذه املصادر "لتمكني اإلنسان من -الوحي والعقل والكون -الفكر الثالثة

: "فهما إذن كتابان 1، قال طه جابر العلواني3حتقيق مقاصد اخللق، وأداء دور االستخالف"

(135الواقع واملثال يف الفكر اإلسالمي املعاصر، مجال الدين عطية، ) 1

(.181الدين والدولة وتطبيق الشريعة، اجلابري، ) 2 (.166-165(، والدين والدولة وتطبيق الشريعة، اجلابري، )20-19يف الفكر اإلسالمي، عبداحلميد أبو سليمان، )انظر: قضية املنهجية 3

جتب قراءهتما معا للخروج من إسار األمية بكل أشكاهلا ومعانيها: كتاب منزل متلو معجز وهو

القرآن، وكتاب خملوق مفتوح وهو هذا اخللق والكون والتجارب البشرية فيه، ومنه التعامل مع

.2نسان نفسه، فهو جزء من اخللق، وابن شرعي للطبيعة"اإل

لقد غفل أصحاب هذه الدعوة أو تغافلوا عن أمرين يف منهجية التعامل مع نصوص

الوحي:

ا ﴿ أن هذا الوحي إمنا نزل بلسان العرب، وخاصة لسان قريش، قال -1 فاإنماه ا ب حباش كا ل ان سا هح ب نا اس تقيا ي هۦ قاوم ٱلمح را ب تحنذ [، وقد وردت هذه 97]مريم: ﴾ اا ل وا

خيرب عن نعمته على عباده، وأنه "يسر هذا القرآن بلسان الرسول اآلية مورد االمتنان، فاهلل

، فلما كان األمر على 3ليحصل املقصود منه واالنتفاع به" -يسر ألفاظه ومعانيه - ملسو هيلع هللا ىلصحممد

كون إال على اللغة اليت نزل هبا، وبأدواهتا يف الفهم، وهذا ما قرره هذا؛ فإن فهم القرآن ال ي

الشاطيب يف املوافقات.

إن فهم النص ال يؤثر يف تقييد تنزيله على الوقائع مهما اختلفت الظروف واألحوال،

واستجدت النوازل، إذ لتنزيل النص على الوقائع مستويان:

هـ، دكتوراه يف أصول الفقه، عضو جممع الفقه اإلسالمي، رئيس جامعة العلوم 1354طه جابر العلواني، باحث معاصر من مواليد العراق عام 1

ات املتحدة األمريكية.اإلسالمية واالجتماعية بالوالي

(.20اجلمع بني القراءتني قراءة الوحي وقراءة الكون، طه جابر العلواني، ) 2 (.583تيسري الكريم الرمحن يف تفسري كالم املنان، السعدي، ) 3

الواقعة هي عني الواقعة اليت جاء النص الشرعي املستوى األول: التنزيل النصي: إذا كانت

ببيان حكمها.

واملستوى الثاني: التنزيل احلكمي ) تنزيل املعاني (: إذا كانت املسألة حادثة ال نص

فيها، يبحث فيه اجملتهد عما يصلح أن يكون أصال للمسألة مما جاء ببيانه الشرع، إما قياسا

ارا ملقصد أو مصلحة شرعية متوخاة، أو استصحابا ألصل على واقعة لعلة جامعة، أو اعتب

شرعي مستقر.

أن اعتبارهم كتاب الكون مصدرا من مصادر فهم الوحي وإدراك مقاصد التشريع -2

يوقف نصوص الوحي وفهمها "على تقدم العلوم"، ويعترب "جماوزة التفسري باملأثور أمرا ضروريا

.1وجهه احلقيقي" لإلحاطة مبعاني بع اآليات على

، وهنا يأتي السؤال املنهجي -الوحي والكون -وميثل العقل أداة املواءمة بني الكتابني

هلذا االعتبار، إىل أيهما يكون االحتكام، أإىل الوحي أم الكون؟

لفهم مقاصد التشريع وإدراك أحكامه يعين تطبيق مبدأ اإن اعتبار قراءة الكون مصدر

وحي وفهمها؛ وذلك من جانبني:النسبية يف نصوص ال

اجلانب األول: نسبية احلقائق العلمية؛ إذ أن منهج قراءة الكون يقوم على مبدأ التجربة،

وما تثبته اليوم قد تبطله غدا؛ فأقصى ما حتصله منها الفرضيات العلمية.

، السيد اجلميلي.(. وانظر أمثلة ذلك: اإلعجاز العلمي يف القرآن58التفسري العلمي للقرآن الكريم بني النظريات والتطبيق، ، ) 1

تقدم اجلانب الثاني: نسبية الفهم للوحي؛ إذ أدوات فهم الوحي قاصرة خاضعة للتطور وال

العلمي.

: "إضفاء القدسية -مما يستشكل يف منهجية السلف يف العصر احلديث -األمر اآلخر

على أقوال الصحابة والتابعني وعلماء السلف رضوان اهلل عليهم، وإحلاق أقواهلم واجتهاداهتم

.1بالسنة والوحي"

م السلف له ويف هذا الباب ينادي أصحاب هذا التوجه بالتفريق بني النص الشرعي وفه

قراءة الوحي وقراءة -، ووفق رؤيتهم ملنهجية القراءة لفهم الوحي باجلمع بني القراءتني -الفقه -

ينادون بعدم االعتماد على التلقي من السلف يف فهم الوحي فقط؛ إذ هو عندهم غري -الكون

باملراجعة - من سابقني والحقني -كاف يف حتصيله، بل ال بد من "األخذ عن الغري أيضا

واملطالعة وقراءة الكتب وكتابتها وتناقل اخلربات واملعارف بني البشر، وعدم الزهد يف املعرفة

، قال العلواني: "فيفهم القرآن العظيم ومدلوالته 2من أي وعاء خرجت، والتعامل املنهجي معها"

الكون ويهتدي يف أداء باخللق وبالوجود والسنن والقوانني الضابطة حلركته وحركة ما فيه، ويفهم

.3مهام اخلالفة فيه والعمران"

عليهم جمرد تطبيقات واجتهادات السلف رضوان اهلل ملسو هيلع هللا ىلصوهبذا تكون سنة الرسول

"وفق قدرات البشر النسبية على فهم الظواهر" ويكون التعامل األمثل معها "االستيعاب

(.13قضية املنهجية يف الفكر اإلسالمي، عبداحلميد أبو سليمان، ) 1

(.21انظر: اجلمع بني القراءتني قراءة الوحي وقراءة الكون، طه جابر العلواني، ) 2

(.22-21املصدر نفسه، ) 3

، وجتاوز نسبيتها البشرية يف والتجاوز"؛ وذلك باستيعاب جانبها الكلي "املتمثل بالوحي"

.1الفهم

-تارخيية فهم الدين، ومتييز النص املقد عن الفقه الغري مقد -وهذان اإلشكاالن

مها ما يردده احلداثيون يف الفكر اإلسالمي؛ ويبنون عليهما الدعوة إىل إعادة "بناء معقولية

لـ "يفسح اجملال لبناء معقولية احلكم الشرعي على أسباب النزول يف إطار اعتبار املصلحة"؛

، قال أركون: "إن 2"-أي بوضعيات حديدة -أخرى عندما يتعلق األمر بأسباب نزول أخرى

أو النظرية النقدية -أصول الفقه قد تعرضت بطريقتها اخلاصة ملا نسميه اليوم باألبستمولوجيا

ن الفقهاء حتتاج بشكل مسبق ؛ ألهنم كانوا يعرفون بأن األحكام الشرعية الصادرة ع-للمعرفة

أي إىل علم أصول الدين الذي يتطلب بدوره تأويال مناسبا وصحيحا -إىل تيولوجيا متماسكة

للنصوص املقدسة؛ فإنه كان لعلماء األصول ميزة كتابة مقدمات لغوية لرسائلهم مطبقة على

من يستغلها على ضوء ، يوجد إذن كم هائل من املواد اخلام اليت تنتظر -القرآن واحلديث

النظريات احلديثة للكتابة والقراءة وإنتاج املعنى وسيميائية النصوص الدينية واجملاز والرمز

علم أصول الدين وأصول -والعالمة واإلشارة، إن مثل هذه االستعادة النقدية هلذين العلمني

هتدف إىل حتقيق غرض مردوج: -الفقه

(.32-30انظر: املصدر نفسه، ) 1 (.176الدين والدولة وتطبيق الشريعة، اجلابري، ) 2

كل علم أو فرع من فروع العلوم؛ وذلك من أجل التوصل جتاوز التاريخ اخلطي املستقيم ل ( أ

إىل اكتشاف نظام الفكر اإلسالمي الذي يربط بني علم النحو، وعلم األلفاظ واملعاني، والتفسري،

والتاريخ، وعلم األصول، واألدب باملعنى الكالسيكي للكلمة من جهة، وبني العلوم املدعوة

عقلية من جهة أخرى.

.1رخيية العقل اخلاصة بتلك احلركة الثقافية"توضيح وتبيان تا ( ب

واملتأمل لتلك الدعوة وما يردده أتباعها من أسباب توجب النقد وإعادة الصياغة

للمناهج؛ يلحظ أن اإلهنزامية اليت يعيشها العامل اإلسالمي اليوم، وإشكال النهضة واألصالة الذي

نهضة الغربية وما حققته من تقدم، وحماولة ، والنظر إىل المجلة من املفكرين اإلسالميني يردده

التمسك باألصول الشرعية له األثر الكبري يف الدعوة املعاصرة إىل نقد مناهج الفهم القدمية،

وإعادة بنائها.

لقد خدم هذا املنهج األمة اإلسالمية يف حل مشكالهتا الفقهية طيلة ثالثة عشر قرنا

بقي منهج الفهم للوحي -س للتوجه املقاصدي وهو من أس -مضت، ويف عصر الشاطيب

منهجا ثابتا مستقرا، فما الذي جد يف القرن الرابع عشر مما يستلزم نقد املنهج القديم وإعادة

؟!صياغته

(.21تارخيية الفكر العربي اإلسالمي، أركون، ) 1

كل ما يذكر من تربيرات لدعوى نقد املنهج القديم وإعادة صياغته يف قراءة جديدة للوحي

نعم للتطور املعريف والتقين أثر يف حدوث نوازل وقضايا مل تكن ال ينه أن يكون مربرا حقيقيا،

؟ملسو هيلع هللا ىلصوسنة نبيه موجودة فيمن سلف، لكن السؤال: ما عالقة هذا مبنهج الفهم لكتاب اهلل

إن إشكال هؤالء يف التعامل مع منهج الفهم للنصوص أهنم يرون أن وظيفية منهج الفهم يف

اج إىل فقه االستنباط ال فقه التنزيل، وهذا قصور منهم تنزيل األحكام فقط، وقضايا العصر حتت

وضعف يف فهم حقيقة منهج الفهم لدى فقهاء اإلسالم، وباب االجتهاد يف آخر كتب األصول،

-بعيدا عن القراءات املعاصرة لذلك املبحث -وحبث املقاصد وفق ما قرره الشاطيب

أن مباحث منهج الفهم تدور يف حقيقتها يشهدان هبذا، إن املتأمل لكتب أصول الفقه ليدرك

حول حمورين: إدراك األحكام الشرعية، ومناطاهتا، وبناء على هذين احملورين يتم تنزيل األحكام

واستنباطها للوقائع اجلزئية.

حبجة أن -ودعوى مجود الفقه، وتارخيية الفهم لنصوص الوحي، وإغالق باب االجتهاد

منهج تارخيي لغوي، وأن القداسة للنص الشرعي ال لفهم السلف منهج الفهم للنصوص الشرعية

حتمل يف طياهتا الكثري من اإلشكاالت والتطبيقات للمنهجية الغربية يف تفسري النصوص، -له

كالتارخيانية، ودعوى موت املؤلف وفهم النص وفق مقاصد قارئه، وهذا ما يردده الفكر

: "والشيء األساسي يف التجربة األوربية هو 1ال هاشم صاحلاحلداثي يف العامل اإلسالمي اليوم، ق

عزاء ما بعده عزاء؛ فهي تثبت له أن -يف هذه الظروف املدهلمة -أهنا تقدم للمثقف العربي

هاشم صاحل، معاصر، مهتم بأعمال حممد أركون وترمجتها إىل العربية، ويسري على خطاه يف التوجه الفكري. 1

خوض املعركة من أجل تنوير العقول ممكن، وأن النجاح فيها ممكن أيضا، وبالتايل فالرؤية اجلديدة

حتى ولو كانت راسخة اجلذور يف العقلية -صر على الرؤية القدمية للدين والعامل ميكن أن تنت

، ولكنها لن تنتصر إال بعد تفكيك العقلية القدمية، واقتالعها من -اجلماعية منذ مئات السنني

.1جذورها؛ عن طريق تبيان تارخييتها، ونزع القداسة عنها"

التأويلية احلديثة اليت تعلي من شأن إن هذه الدعوى حتمل يف طياهتا تطبيقا عمليا للنظرية

"نظرية الفهم" على حساب "نظرية املعنى"؛ إذ تنظر تلك التأويلية احلديثة إىل أن نصوص الوحي

ذات "داللة ال تحصر، ومعنى ال يضبط"، ومن هنا "فمن الصعب القرار على تفسري واحد أو

غة النصوص يف ضوء ما يستجد ، ومن هنا كانت احلاجة "إلعادة صيا2تأويل وحيد اجلانب"

ويتغري، وإلعادة قراءة اإلهلي واملقد واملتعايل؛ حسبما يمليه منطق اإلنساني، والدنيوي،

.3والتارخيي"

هلا يف استعادة املنطق 4اويف القراءة املقاصدية املعاصرة يلحظ القارئ أن هناك توظيف

جاءت ملا فيه صالح البشر يف -إلسالم وخباصة شريعة ا -اإلنساني الدنيوي، "فالشرائع كلها

(.206-205(. وانظر: العرب والفكر التارخيي، العروي، )10مدخل إىل التنوير األوروبي، هاشم صاحل، ) 1

(.43يل واحلقيقة، علي حرب، )انظر: التأو 2

(.187-186املصدر السابق، ) 3

ربي، من أكثر من وظف املقاصد يف هدم البناء املعريف للفكر اإلسالمي يف أصول الفقه حممد عابد اجلابري يف كتاباته، انظر: بنية العقل الع 4

(538-548.)

العاجل واآلجل؛ أي يف حاضر األمور وعواقبها، وليس املراد باآلجل أمور اآلخرة، ألن الشرائع

.1ال حتدد للنا سريهم يف اآلخرة"

اإلطار الثاني: الفهم يف املعاني من املصاحل واملفاسد )مقاصد الشريعة(:

ملنهج الفهم يف هذا اجملال، وقد ضبط رائد التوجه تشكل مقاصد الشريعة اإلطار العام

هذا اإلطار جبملة من القواعد والضوابط أمهها: -الشاطيب -املقاصدي

أن "املصاحل اجملتلبة شرعا واملفاسد املستدفعة إمنا تعترب من حيث تقام احلياة الدنيا -1

أو درء مفاسدها للحياة األخرى، ال من حيث أهواء النفو يف جلب مصاحلها العادية

2العادية"

املعترب يف حتصيل مقاصد الشارع "استقراء الشريعة، والنظر يف أدلتها الكلية واجلزئية، -2

.3وما انطوت عليه من هذه األمور العامة"

املقاصد املعتربة شرعا على درجتني: مقاصد أصلية، ومقاصد تابعة. -3

بة يف رتبة الضروريات، ومن الدرجة األوىل: املقاصد األصلية: وهي من حيث الرت

حيث القوة يف قوة الكليات؛ فكانت من القطعيات اليت اعتربت يف كل ملة، وتضمنت أصول

، قال الشاطيب: "فأما املقاصد األصلية فهي اليت ال حظ فيها للمكلف، 4الطاعات وجوامعها

(.180مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 1 (.2/29) الشاطيب، املوافقات، 2 (.313-2/298وقد حدد الشاطيب مسالك االستقراء بأربعة مسالك، انظر: املصدر نفسه، )(. 2/39، )املصدر نفسه 3 (.2/157) املصدر نفسه،انظر: 4

من حيث هي ضرورية؛ وهي الضروريات املعتربة يف كل ملة، وإمنا قلنا إهنا ال حظ فيها للعبد

ألهنا قيام مبصاحل عامة مطلقة، ال ختتص حبال دون حال، وال بصورة دون صورة، وال بوقت

.1دون وقت"

الدرجة الثانية: املقاصد التابعة: وهي خادمة للمقاصد األصلية ومكملة هلا، وختتلف

زئيات، ومن هنا اتسمت يف الرتبة ما بني الضروريات وما دوهنا، ويف القوة ما بني الكليات واجل

.2مبراعاة حظوظ املكلفني

أن ال يعود اعتبار املقاصد على النصوص باإلبطال: ووجه ذلك: -4

أوال: إن إدراك املقاصد من جهة كليتها: جمردة على اجلملة، أما تفصيل حتققها يف الوقائع

بإطالق مع عدم اجلزئية: فإنه خيتلف باختالف األحوال واألزمنة والعادات، فيكون اعتبارها

االلتفات إىل األدلة التفصيلية والوقائع اجلزئية خرما هلا.

ثانيا: أن من جوانب حتقيق مناط املقاصد الشرعية ما ال يدرك إال بالنص الشرعي

عليه، "وهو أكثر ما دلت عليه الشريعة يف اجلزئيات"، ولو ترك األمر ملدارك العقول لضلوا؛ كما

؛ إذ جاءت أقضيتهم وفق أنظار عقوهلم "على وجه مل يهتدوا به إىل العدل هو شأن أهل الفرتات

.3يف اخللق واملناصفة بينهم"

(.2/134، )املصدر السابق 1 (.137-2/136) املصدر نفسه،انظر: 2 (.9-3/6، )السابقانظر: املصدر 3

لقد جعل الشاطيب مدار االجتهاد على إدراك املقاصد، والقدرة على االستنباط منها،

فقال: "إمنا حتصل درجة االجتهاد ملن اتصف بوصفني: أحدمها: فهم مقاصد الشريعة على

.1. والثاني: التمكن من االستنباط بناء على قهمه فيها"كماهلا

وهو هبذا التقرير ينبه إىل أمر مهم فيما يتعلق باعتبار املصاحل واملفاسد وضبطها وفق

مقاصد الشريعة، إذ أن من طالب العلم من يتحصل على إدراك املقاصد الشرعية من أدلتها

من االستنباط منها بناء على فهمه فيها، ومثل هذا ال الكلية واجلزئية تقليدا، وال ميلك التمكن

حيصل درجة االجتهاد اجملمع عليها، ، قال عبداهلل دراز معلقا ومنبها على هذا املأخذ:

"وليكن على البال أن الفرض أنه وصل هلذه املرتبة باستقصائه بنفسه موارد الشريعة حتى صار

قليدا لغريه مهما قتلها خربة فليس من أهل هذه جمتهدا يف األصول، فمن عرف األصول ت

ا.هـ.2املرتبة"

إن مقاصد الشريعة هي غايات ورتبتها يف اإلدراك التأخر ال التقدم، وال ميكن أن حييط

مبقاصد الشارع من مل حيط بنصوص التشريع.

(.4/76)، املصدر نفسه 1 (.3(، حاشية رقم )4/164املصدر نفسه، ) 2

لوقائع اجلزئية:افهم الثاني: منهج املطلبهي اإلسالمي أن احلكم على الشيء فرع عن تصوره، من القواعد املقررة يف الفكر الفق

وهذا ما جرى عليه التوجه املقاصدي؛ قال الشاطيب: "قد يتعلق االجتهاد بتحقيق املناط؛ فال

يفتقر يف ذلك إىل العلم مبقاصد الشارع، كما أنه ال يفتقر فيه إىل معرفة علم العربية، ألن املقصود

ملوضوع على ما هو عليه، وإمنا يفتقر فيه إىل العلم مبا ال يعرف من هذا االجتهاد إمنا هو العلم با

.1ذلك املوضوع إال به من حيث قصدت املعرفة به"

يشكل فهم الوقائع اجلزئية يف الرؤية املقاصدية جانيا من جانيب االجتهاد الفقهي، إذ جيري

:2االجتهاد الفقهي على مرتبتني

املناط وتنقيحه، ومداره على النظر يف األدلة الشرعية املرتبة األوىل: االجتهاد يف ختريج

وما يرتتب عليها من أحكام قصد استخراج مناطات األحكام وتنقيحها، فيعلم اجملتهد بذلك

الوصف املعترب شرعا يف األدلة فيجعله مناطا لألحكام املرتتبة عليها؛ فإن النصوص الشرعية مل

الغالب، وإمنا أتت بأمور عامة وعبارات مطلقة تنص على حكم كل جزئية على حدهتا يف

تتناول أعدادا ال تنحصر، وملا كان لكل واقعة جزئية خصوصيتها؛ كان من املهم للمجتهد أن

يدرك مناط تلك األحكام الكلية ليتمكن من متييز الوقائع اجلزئية املندرجة حتت تلك الكليات

من غريها.

(.4/119) املصدر السابق، 1 (.76-4/64انظر: املصدر نفسه، ) 2

ق املناط، فبعد إدراك احلكم الشرعي وختريج وتنقيح املرتبة الثانية: االجتهاد يف حتقي

مناطه يأتي النظر يف حتقق املناط يف الوقائع اجلزئية؛ وذلك ال يكون إال بتصور الواقعة اجلزئية

تصورا صحيحا، وإدراك اجملتهد يف الرؤية املقاصدية لصور الوقائع اجلزئية حتقيقا ملناط األحكام

راتب:الشرعية فيها على ثالثة م

املرتبة األوىل: أن يكون عاملا مبوضوع تلك الوقائع جمتهدا فيها.

املرتبة الثانية: أن يكون حمصال للقدرة واآللة اليت متكنه من االطالع على موضوع تلك

الواقعة وإدراك مقاصدها.

نه من املرتبة الثالثة: أن يكون جاهال مبوضوع الواقعة غري حمصل للقدرة واآللة اليت متك

االطالع عليها، واحلال هذه "إذا عنت له مسألة ينظر فيها؛ زاول أهل املعرفة بتلك املعارف

.1املتعلقة مبسألته فال يقضي فيها إال مبشورهتم"

(.4/77) املصدر السابق،انظر: 1

املبحث الثاني

التوسع يف التأويل باملقاصد ودعوى التأويل الباطينيقوم على أن األدلة الشرعية ترجع إىل أصل ملا كان منهج االستدالل يف الرؤية املقاصدية

، وإن إدراك مقاصد الكتاب العزيز منضبط باعتبار معهود العرب واحد هو كتاب اهلل

إطارا عاما ملنهج الفهم أللفاظ النصوص الشرعية، واعتبار املقاصد إطارا عاما ملنهج فهم

حث والتحرير املناهج والعلوم معاني نلك النصوص؛ استوجب هذا أن يتناول الشاطيب بالب

ومعاني النصوص الشرعية وتأويلها.واملعارف املعتربة يف فهم ألفاظ

القول فيها منهج التأويل الباطين، وذلك أهنم وقد كان من تلك املناهج اليت حرر الشاطيب

يدعون االهتمام حبقائق املعاني ومقاصد األلفاظ.

لتقارب والتباعد فيما بني اعتبار املقاصد منهجا وهذا املبحث يدور حول حترير مواطن ا

ن للنصوص وتوظيفها.للفهم وبني اعتبار الباط

املطلب األول: حترير دالالت اصطالح الباطن عند الشاطيب:على احلقيقة يتوافق يف ظاهره ودعوى الباطنية، اعتبار املقاصد مبعنى فهم مراد اهلل

على احلقيقة، مفرقني بينها وبني باطنية قصد فهم مراد اهلل فإهنم يزعمون يف تأويالهتم ال

ظاهر النصوص الشرعية، "فظاهر املعنى شيء، وهم عارفون به؛ ألهنم عرب، واملراد شيء

، هذا التوافق الظاهري يف الدعوى حقيقته 1آخر، وهو الذي ال شك فيه أنه من عند اهلل"

النصوص الشرعية يف دعوى الفصل بني الظاهر توظيف لإلشارات املقاصدية اليت تضمنتها

والباطن، وختصيص اخلاصة بالباطن واحلقيقة، وجعل الظاهر نصيب العامة.

من الصحابة والتابعني بالفقه والفهم لكتابه وسنة نبيه لقد أدرك من اختصهم اهلل

تعريفها للنصوص الشرعية دالالت مقاصدية يف ظالل ظواهر النصوص الشرعية، اصطلح على

مما مل يؤثر عن -ببواطن النصوص، وملا ازداد االهتمام بتقصي وتلمس إشارات باطنة للنصوص

ممن سلك مسلك الزهد والتقشف يف عصر القرون املفضلة؛ توسعوا - صحابة رسول اهلل

يف تلك الدالالت، وأتوا بإشارات مومهة هي يف أصلها صحيحة لكن يف داللة النص عليها

وهو ما دفع الشاطيب إىل بيان موقفه من التأويالت الباطنية، وحتديد الدالالت الباطنة باطلة،

املقبولة من الدالالت الباطلة.

الصطالح الباطن عند الشاطيب ثالث دالالت هي حبسب ورودها يف املوافقات:

(.3/286) الشاطيب املوافقات، 1

هرة أوال: داللة الباطن على أعمال القلوب، قال الشاطيب: "ومن هنا جعلت األعمال الظا

يف الشرع دليال على ما يف الباطن؛ فإن كان الظاهر منحرفا حكم على الباطن بذلك، أو

.ا.هـ، والباطن هبذه الداللة ال عالقة له مبجال 1مستقيما حكم على الباطن بذلك أيضا"

البحث يف مناهج املعرفة.

أهنا عامة يف مجيع ثانيا: داللة الباطن على عامل الغيب، قال الشاطيب: "إن الشريعة كما

املكلفني، وجارية على خمتلفات أحواهلم، فهي عامة أيضا بالنسبة إىل عامل الغيب وعامل الشهادة

من جهة كل مكلف، فإليها نرد كل ما جاءنا من جهة الباطن كما نرد إليها كل ما يف

عالقة باملناهج وإن كان هلا معريفداللة على منهج .ا.هـ، وهذه الداللة ال تمثل2الظاهر"

وحيا أو -املعرفية من حيث النظر يف مصدر حتصيل املعرفة بعامل الغيب هل هو العقل أم النقل

.-تعليما

ثالثا: داللة الباطن على املعاني واحلقائق، قال الشاطيب: "من النا من زعم أن للقرآن

ن احلسن مما أرسله عن النيب ظاهرا وباطنا، ورمبا نقلوا يف ذلك بع األحاديث واآلثار، فع

، وكل حرف حد، وكل -مبعنى ظاهر وباطن -أنه قال: "ما أنزل اهلل آية إال وهلا ظهر وبطن

. وفسر بأن الظهر والظاهر هو ظاهر التالوة، والباطن هو الفهم عن اهلل ملراده؛ ألن 3حد مطلع"

وم لا ﴿اهلل تعاىل قال ٱلقا لا ؤح ال ها ما يث فا د ونا حا هح فقا ادحونا يا [، 78]النساء: ﴾ اياكا

(.1/171، )املصدر السابق 1 (.2/209املصدر نفسه، ) 2 (.1شية رقم )(، حا119سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 3

.ا.هـ، وهذا القول الذي حكاه الشاطيب هنا 1واملعنى: ال يفهمون عن اهلل مراده من اخلطاب"

ميثل منهجا معرفيا يف الفكر اإلسالمي عرف باملنهج الباطين، وعليه بنيت املعرفة عند الفرق

.ملبحث بإذن اهلل الباطنية، وعليه مدار البحث يف هذا ا

واملتتبع لكالم الشاطيب ناظرا يف بيانه ماهية هذه الداللة يلحظ ما يلي:

قال الشاطيب: "فكل ما كان من املعاني العربية اليت ال ينبين فهم القرآن إال عليها فهو -1

.ا.هـ، فداللة الظاهر عند الشاطيب تشمل املفهوم العربي من النصوص مبا 2داخل حتت الظاهر"

يف ذلك علم البيان "فاملسائل البيانية واملنازع البالغية ال معدل هبا عن ظاهر القرآن"، قال

الشاطيب: "فإذا حصل فهم ذلك كله على ترتيبه يف اللسان العربي فقد حصل فهم ظاهر

.ا.هـ، وهبذا املفهوم للظاهر قرر الشاطيب وجه اعتبار الفصاحة سر إعجاز القرآن 3القرآن"

.الكريم

قال الشاطيب: "وكل ما كان من املعاني اليت تقتضي حتقيق املخاطب بوصف العبودية، -2

.ا.هـ، وما 4واإلقرار هلل بالربوبية؛ فذلك هو الباطن املراد واملقصود الذي أنزل القرآن ألجله"

" وحتقيقه، أي: إدراك املقاصد يعنيه الشاطيب بـ)الباطن( هنا "التوفيق والفهم ملراد اهلل

اللتفات إليها، ومن ذلك فهم حكمة التشريع وغاياته، وحتقيق موافقة مقصود العبد ملراد اهلل وا

(.3/286) الشاطيب، املوافقات، 1 (.3/289املصدر نفسه، ) 2 (.3/290، )نفسهاملصدر 3 (.3/290، )املصدر السابق 4

موافقة األعمال الظاهرة )األقوال واألفعال( لألعمال الباطنة )أعمال القلوب( -تعاىل من التشريع

إمنا طلب ؛ قال الشاطيب: "ومن ذلك أن العبادات املأمور هبا، بل املأمورات واملنهيات كلها -

هبا العبد شكرا ملا أنعم اهلل به عليه، ...فإذا دخل املكلف حتت أعباء التكليف هبذا

وحتصيله يكون بالتدبر ، .1القصد فهو الذي فهم املراد من اخلطاب، وحصل باطنه على التمام"

.2والتدبر "إمنا يكون ملن التفت إىل املقاصد"

(.3/291املصدر نفسه، ) 1 (.3/287املصدر نفسه، ) 2

الباطنة للنصوص الشرعية: التأنواع الدالاملطلب الثاني: من املقرر أن األلفاظ ما وضعت إال للداللة على املعاني، "وهذا األصل معلوم عند أهل

، ومن هنا اهتم 1العربية؛ فاللفظ إمنا هو وسيلة إىل حتصيل املعنى املراد، واملعنى هو املقصود"

ستنباط األحكام الواردة يف علماء أصول الفقه مببحث داللة األلفاظ؛ وذلك "أنه ال ميكن ا

، ويرتبط مبجال البحث يف مناهج املعرفة من 2القرآن الكريم والسنة النبوية إال بعد فهم املعنى"

مسائل ومباحث دالالت األلفاظ حبث طرق داللة اللفظ على املعنى، وسواء كانت الداللة

، فإن مدارها على داللة اللفظ 3ءمنطوقا أو مفهوما، أو كانت عبارة أو إشارة أو داللة أو اقتضا

، قال 4فتكون يف دائرة الدالالت الظاهرة للنصوص الشرعية -منصوصا عليه أو مسكوتا عنه -

ابن عاشور: "وليس من اإلشارة ما يعرف يف األصول بداللة اإلشارة وفحوى اخلطاب، وفهم

االلتزام؛ كما أخذ العلماء من االستغراق من الم التعريف يف املقام اخلطابي، وداللة التضمن و

(.2/66) املصدر السابق، 1 (.285دراسات أصولية يف القرآن الكريم، حممد احلفناوي، ) 2داللة املنطوق: هي ما دل عليه اللفظ يف حمل النطق، وهي داللة ، فداللة األلفاظ إىل قسمني: املنطوق واملفهوم واحلنابلة شافعيةيقسم ال 3

.داللة املفهوم: وهي ما دل عليه اللفظ ال يف حمل النطق، وهي داللة املسكوت عنه الالزم للفظ. والصيغة

داللة العبارة: وهي ما سيق الكالم ألجله وأريد به . فقسام: عبارة النص، وإشارته، وداللته، واقتضاؤهيقسم احلنفية داللة األلفاظ إىل أربعة أو

داللة النص: وهي داللة حكم املنصوص عليه . وداللة اإلشارة: وهي ما فهم بنظم النص غري ظاهر منه وال سيق الكالم ألجلهو قصدا.

داللة االقتضاء: وهي ما زاد عن النص وال يتحقق معنى النص إال به.و وال استنباطا.ملسكوت عنه لعموم علة ثبتت لغة ال اجتهادا

شرح التحرير يف أصول الفقه، للمرداوي، والتحبري(. 488-2/431بيان املختصر شرح خمتصر ابن احلاجب، لألصفهاني، ) ]انظر:

([.91-80(.أصول الشاشي، ألمجد بن حممد الشاشي، )6/2867-2949)

(.197: الفوز الكبري يف أصول التفسري، ويل اهلل الدهلوي، )انظر 4

تنبيهات القرآن استدالال ملشروعية أشياء؛ كاستدالالهم على مشروعية الوكالة من قوله تعاىل

﴿ ۦ ه ذ م ها رقكح وا م ب كح دا حاا أ ثحوا [، ومشروعية الضمان من قوله19]الكهف: ﴾ فاٱبعا

هۦ زاعمم ﴿ ب ناااأ ما بايا ٱنلاس ﴿قيا من قوله [، ومشروعية ال72]يوسف: ﴾ وا احكح ل

ح كا ٱلل ى راا أ ا ما [؛ ...ألن مجيع هذا مما قامت فيه الداللة العرفية مقام 105]النساء: ﴾ ب

.ا.هـ1الوضعية، واحتدت يف إدراكه أفهام أهل العربية، فكان من املدلوالت التبعية"

علم جيدهم يفرقون بني نوعني منها:أما الدالالت الباطنة فإن املتأمل لكالم أهل ال

النوع األول: الداللة اإلشارية، وحقيقة هذه الدالالت: دقائق من املعاني تستنبط من نظم

معاني وألفاظ النصوص الشرعية، بطريق االعتبار أو اإلمياء، قال ابن القيم: "وتفسري النا

يه املتأخرون. وتفسري على يدور على ثالثة أصول: تفسري على اللفظ، وهو الذي ينحو إل

املعنى، وهو الذي يذكره السلف. وتفسري على اإلشارة والقيا ، وهو الذي ينحو إليه كثري من

.2الصوفية وغريهم"

وأمثلتها:

عن ابن عبا رضي اهلل عنهما قال: "كان عمر يدخلين مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم -1

مثله؟! فقال عمر: إنه من قد علمتم، وجد يف نفسه فقال: مل تدخل هذا معنا ولنا أبناء

فدعاه ذات يوم فأدخله معهم، فما رأيت أنه دعاني يومئذ إال لرييهم، قال: ما تقولون يف قول اهلل

(.1/36التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 1 (.124القرآن، ابن القيم، ) أميانالتبيان يف 2

تحح ﴿تعاىل واٱلفا ا ناصح ٱلل ا [؟ فقال بعضهم: أمرنا أن حنمد اهلل 1]النصر: ﴾ إذاا جا

بعضهم فلم يقل شيئا. فقال يل: أكذلك تقول يا ابن ونستغفره إذا نصرنا، وفتح علينا. وسكت

ا ﴿ أعلمه له، قال عبا ؟ فقلت: ال. فقال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول اهلل ا إذاا جاتحح واٱلفا نا ﴿وذلك عالمة أجلك، ﴾ ناصح ٱلل ۥ كا إنهح كا واٱستاغفرهح ب امد را ح ب ب فاسا

ا ابا ؛ قال الشاطيب: "فظاهر هذه 1[. فقال عمر: ما أعلم منها إال ما تقول"3لنصر:]ا ﴾ تاو

أن يسبح حبمد ربه ويستغفره إذا نصره اهلل وفتح عليه، وباطنها أن السورة أن اهلل أمر نبيه

.2اهلل نعى إليه نفسه"

﴿قال: ملا نزلت هذه اآلية 3عن عنرتة بن عبدالرمحن الشيباني -2 كمااتح ٱلاوما أ

م م ديناكح قال: فبكى عمر، فقال له رسول اهلل -قال: يوم احلج األكرب -[ 3]املائدة: ﴾ لاكح

ما يبكيك"؟! قال: يا رسول اهلل، أبكاني أنا كنا يف زيادة من ديننا؛ فأما إذ كمل فإنه مل" :

.4يكمل قط شيء إال نقص. قال: "صدقت"

،﴾ ا تواب انك ۥإنه ه فر تغ ٱو ربك د بحم فسبح ﴿( كتاب تفسري القرآن، باب قوله 65أخرجه البخاري يف صحيحه، ) 1

(.4970، حديث رقم )(6/179) (.4/287) الشاطيب، املوافقات، 2 ([.424-22/423عنرتة بن عبدالرمحن الشيباني، أبو وكيع الكويف، ]انظر ترمجته: هتذيب الكمال يف أمساء الرجال، املزي، ) 3

(. والفاكهي يف أخبار 35412(، حديث رقم )12/45زهد، )يف ال أخرجه ابن أبي شيبة يف مصنفه، كتاب الزهد، ما ذكر عن نبينا 4

(. وابن وضاح يف البدع، باب يف نق 780(، حديث رقم )1/372ذكر فرض حج البيت احلرام على النا ، ) يف قديم الدهر وحديثه، مكة

(. وهو مرسل مداره على 8/81(. وابن جرير الطربي يف تفسريه، )187(، حديث رقم )131عرى اإلسالم ودفن الدين وإظهار البدع، )

هارون بن أبي وكيع عن أبيه.

م ﴿ ويف قوله -3 يثح ضا د كا حا تاىاكراميا ها أ همما ٱلمح إىل قوله ﴾ ف إبرا

ممح ﴿ وا ٱلاكممح ٱلعا ۥ هح بك إنهح ك قاالا را ل ذا كا حوا [، قال ابن 30-24]الذاريات: ﴾ قاال

القيم: "فعهدي بك إذا قرأت هذه اآليات، وتطلعت إىل معناها وتدبرهتا؛ فإمنا تطلع منها على

يم يف صورة أضياف يأكلون، وبشروه بغالم عليم، وإن امرأته عجبت من أن املالئكة أتوا إبراه

ذلك، فأخربهتا املالئكة أن اهلل قال ذلك، ومل جياوز تدبرك غري ذلك. فامسع اآلن بع ما يف

هذه اآليات من األسرار، وكم قد تضمنت من أنواع الثناء على إبراهيم، وكيف مجعت الضيافة

يف؟ وما تضمنت من الرد على أهل الباطل من الفالسفة وحقوقها؟ وكيف يراعى الض

واملعطلة، وكيف تضمنت علما عظيما من أعالم النبوة؟ وكيف تضمنت مجيع صفات الكمال

اليت مردها إىل العلم واحلكمة؟ وكيف أشارت إىل دليل إمكان املعاد بألطف إشارة

ل الرب وانتقامه من األمم وأوضحها، ثم أفصحت بوقوعه؟ وكيف تضمنت اإلخبار عن عد

املكذبة؟ وتضمنت ذكر اإلسالم واإلميان والفرق بينهما، وتضمنت بقاء آيات الرب الدالة على

توحيده، وصدق رسله، وعلى اليوم اآلخر، وتضمنت أنه ال ينتفع هبذا كله إال من يف قلبه

يؤمن هبا فال ينتفع خوف من عذاب اآلخرة، وهم املؤمنون هبا، وأما من ال خياف اآلخرة وال

.1بتلك اآليات"

هذا االعتبار إلشارات معاني النصوص الشرعية تلمس لظالل تلك النصوص، وتدبر

ملقاصدها، واصطلح عليه بـ ) التفسري اإلشاري (، وإن كان هذا االصطالح أصبح أوثق صلة

(.73-71الرسالة التبوكية، ابن القيم، ) 1

لم فيها الصحابة بالتفسري الفيضي الصويف منه بالدالالت اإلشارية للنصوص الشرعية اليت تك

رضوان اهلل تعاىل عليهم، والفرق بني الدالالت اإلشارية للنصوص الشرعية وبني التفسري الفيضي

الصويف ما يلي:

من حيث احلقيقة: فالدالالت اإلشارية يف حقيقتها معان ومعارف مستنبطة من نظم -1

واجيد تصادف القلب معاني وألفاظ النصوص، أما التفاسري اإلشارية الصوفية فهي خواطر وم

وترد عليه بال تعمد وتكلف.

وينبين على هذا الفارق أمر مهم يف فهم النصوص الشرعية أال وهو االنضباط، فإن

الدالالت اإلشارية منضبطة بنظم معاني وألفاظ النصوص الشرعية، أما التفاسري الصوفية فإهنا

اع النص الشرعي، واألحوال النفسية تتبع احلال الذي يعيشه الصويف، وما خيطر بقلبه عند مس

واخلواطر القلبية غري منضبطة فال ميكن العبارة عنها على التحقيق.

من حيث آلة حتصيله: فإن آلة حتصيل الدالالت اإلشارية االعتبار واإلمياء، قال ابن -2

تيمية: "هذه االعتبارات هي من باب االعتبار والقيا ، وإحلاق ما ليس مبنصوص باملنصوص،

مثل االعتبار والقيا الذي يستعمله الفقهاء يف األحكام، لكن هذا يستعمل يف الرتغيب

.ا.هـ، أما التفسري اإلشاري فإنه 1والرتهيب، وفضائل األعمال، ودرجات الرجال، وحنو ذلك"

يتبع احلال اليت يكون عليها الصويف عند مساع النص الشرعي، قال ابن عاشور: نسبة اإلشارة

(.4/471دقائق التفسري اجلامع لتفسري اإلمام ابن تيمية، مجع حممد اجلليند، ) 1

لقرآن جمازية؛ ألهنما إمنا تشري ملن استعدت عقوهلم وتدبرهم يف حال من األحوال إىل لفظ ا

فلما كانت آيات القرآن قد أثارت تدبرهم، وأثارت -وال ينتفع هبا غري أولئك -الثالثة

اعتبارهم، نسبوا تلك اإلشارة لآلية، فليست تلك اإلشارة هي حق الداللة واللفظية

.ا.هـ، وقد حصر ابن عاشور ذلك يف ثالثة 1ن لوازم اللفظ وتوابعه"واالستعمالية حتى تكون م

أحوال؛ قال ابن عاشور: "وعندي أن هذه اإلشارات ال تعدو واحدا من ثالثة أحناء:

األول: ما كان جيري فيه معنى اآلية جمرى التمثيل حلال شبيه بذلك املعنى، كما يقولون

ناعا ﴿مثال: ن م ظامح ممان أ ۥ واما هح ا ٱسمح را فمها ن يحذكا

ا أ دا ٱلل ج سا [ أنه 114]البقرة: ﴾ ما

إشارة للقلوب ألهنا مواضع اخلضوع هلل تعاىل؛ إذ هبا يعرف فتسجد له القلوب بفناء النفو ،

...فهذا يشبه ضرب املثل حلال من ال يزكي نفسه باملعرفة ومينع قلبه أن تدخله صفات

مانع املساجد أن يذكر فيها اسم اهلل. الكمال الناشئة عنها حبال

...الثاني: ما كان من حنو التفاؤل، فقد يكون للكلمة معنى يسبق من صورهتا إىل

السمع هو غري معناها املراد، وذلك من باب انصراف ذهن السامع إىل ما هو املهم عنده،

ي ﴿والذي جيول يف خاطره، وهذا كمن قال يف قوله تعاىل ن ذاا ٱل عح ما اشفا [ 255]البقرة: ﴾ ي

يصري من املقربني الشفعاء، فهذا يأخذ صدى موقع الكالم يف -إشارة للنفس -من ذل ذي

السمع ويتأوله على ما شغل به قلبه، ورأيت الشيخ حميي الدين يسمي هذا النوع مساعا ولقد

أبدع.

(.1/36التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 1

شيء، ويأخذوا الثالث: عرب ومواعظ، وشأن أهل النفو اليقظى أن ينتفعوا من كل

احلكمة حيث وجدوها، فما ظنك هبم إذا قرأوا القرآن، وتدبروه، فاتعظوا مبواعظه، فإذا

مل ﴿أخذوا من قوله تعاىل ب ا وا خذ اهح أ ذنا خا

اولا فاأ ونح ٱلرسح ا فر عاصا [ 16]املزمل: ﴾ فا

باال.اقتبسوا أن القلب الذي مل ميتثل رسول املعارف العليا تكون عاقبته و

...وكل إشارة خرجت عن حد هذه الثالثة األحوال إىل ما عداها فهي تقرتب إىل قول

.1الباطنية رويدا رويدا إىل أن تبلغ عني مقاالهتم"

فتعود آلة حتصيل املعاني الباطنية يف التفاسري الصوفية إىل:

ما جرى جمرى -أوال: االعتبار والقيا ، وهي احلال األوىل اليت ذكرها ابن عاشور

.-التمثيل

حال العرب واملواعظ. وهذان -ثانيا: اإلمياء، وهي احلال الثالثة مما ذكر ابن عاشور

املسلكان يتفقان مع ما أثر عن الصحابة رضوان اهلل تعاىل عليهم من دالالت إشارية.

سني ثالثا: السماع، وهو احلال الثاني مما ذكر ابن عاشور، وقد حاول ابن عاشور حت

صورة هذا املسلك فجعله من باب التفاؤل، وحقيقته حتريف اللفظ واملعنى؛ إذ صورته أن

يعتمد السامع للنص على ما خيطر بباله من جتزئة للفظ النص على غري ما ورد.

(.36-1/35) املصدر السابق، 1

رابعا: الرتميز، وصورته أن ينظر إىل أن األلفاظ الشرعية ما هي إال "رموز ملعان خفية يف

، وهذا املسلك سريد له زيادة بيان يف النوع الثاني من 1معاني ظاهرة"صورة ألفاظ تفيد

الدالالت الباطنة.

فالا ﴿ من حيث طريق حتصيله: فالدالالت اإلشارية حتصيلها بالتدبر، قال -3اأ

ف فمه ٱختلا وا دح اواجا ل ي ٱللند غا نا من او كا ل وا اانا ر ونا ٱلقح برح تادا ث يا ﴾ اي ا كا

[، أما التفسري اإلشاري الصويف فإن طريق حتصيله عندهم الكشف، فبه يتم "بيان 82]النساء:

.2ما يسترت على الفهم، فيكشف عنه للعبد كأنه رأي العني"

من حيث املنشأ: فمنشأ الدالالت اإلشارية إدراك مقاصد النصوص الشرعية داللة -4

.ا.هـ، أما التفاسري اإلشارية 3ملن التفت إىل املقاصد" وأثرا، قال الشاطيب: "فالتدبر إمنا يكون

الصوفية فمنشأها دعوى الظاهر والباطن للنصوص الشرعية.

النوع الثاني: الداللة الرمزية، وحقيقتها: "معنى باطن خمزون حتت كالم ظاهر ال يظفر به

رمزا، وألفاظه ن املشرتط على النيب أن يكون كالمه إ :، قال ابن سينا: "وقيل4إال أهله"

.ا.هـ، قال ابن عاشور: "فال جناوز هذا املقام ما مل ننبهكم إىل حال طائفة التزمت 5إمياء"

(.1/33) املصدر السابق، 1 (.422اللمع، السراج الطوسي، ) 2 (.3/287املوافقات، الشاطيب، ) 3 (.414اللمع، السراج الطوسي، ) 4 (.124تسع رسائل يف احلكمة والطبيعيات، ابن سينا، ) 5

تفسري القرآن مبا يوافق هواها، وصرفوا ألفاظ القرآن عن ظواهرها مبا مسوه الباطن، وزعموا أن

لقرآن عن ظاهره، القرآن إمنا نزل متضمنا لكنايات ورموز عن أغراض، ...فرأوا صرف مجيع ا

وبنوه على أن القرآن رموز ملعان خفية يف صورة ألفاظ تفيد معاني ظاهرة ليشتغل هبا عامة

.1املسلمني، وزعموا أن ذلك شأن احلكماء"

والداللة الرمزية يف كالم القائلني بالباطن ميكن تقسيمها إىل مدرستني:

قدمات علمية، بل ترتكز على مدرسة الرمزية اإلشارية: وهي رمزية ال ترتكز على م -1

اخلواطر النفسية، واملواجيد القلبية هبا تنكشف املعاني الباطنة لأللفاظ الشرعية.

ومتتاز هذه الرمزية بانفتاحها الداليل، فاللفظ ال خيتص بداللة باطنة حمددة، ولذا وقع

ه، وجييب من اخلالف بينهم يف تعبرياهتم عن تلك الرموز؛ "ألن كل واحد يتكلم من حيث وقت

﴾ الم ﴿ ، ومثال ذلك تفسري التسرتي لقوله 2حيث حاله، ويشري من حيث وجده"

[ فقال مرة: "فأما ما هذه احلروف إذا انفردت؟ فاأللف: تأليف اهلل عز وجل، ألف 1]البقرة:

هلل، األشياء كما شاء، والالم: لطفه القديم، وامليم: جمده العظيم".ا.هـ، وقال مرة: "األلف: ا

، كي يتصل العبد مبواله من مكان توحيده واقتدائه بنبيه".ا.هـ، والالم: العبد، وامليم: حممد

(.1/33التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 1

(.150اللمع، السراج الطوسي، ) 2

وتارة نقل عن ابن عبا رضي اهلل تعاىل عنهما أنه قال: "األلف: اهلل، والالم: جربيل عليه

. "1السالم، وامليم: حممد

ظرية يقوم عليها مذهب مدرسة الرمزية الفلسفية: وهي رمزية ترتكز على أسس ن -2

الناظر يف النصوص الشرعية قصد تنزيل ألفاظ تلك النصوص عليها.

وهذه الرمزية مقيدة باألصول الفلسفية اليت يقوم عليها املذهب الفكري املتبع للناظر يف

دالالت النصوص، فيتأول النصوص الشرعية حبسب تلك النظريات احتكاما أو توفيقا، ومثاله

املنسوب البن عربي ألول آية من سورة البقرة؛ حيث قال: "أشار هبذه احلروف الثالثة التفسري

إشارة إىل ذات الذي هو أول الوجود على ما مر. ﴾ا ﴿إىل كل الوجود من حيث هو كل؛ ألن

إىل العقل الفعال املسمى جربيل، وهو أوسط الوجود، الذي يستفي من املبدأ، ﴾ل ﴿و

.2إىل حممد الذي هو آخر الوجود، تتم به دائرته، وتتصل بأوهلا" ﴾م ﴿نتهى. و ويفي إىل امل

(88-87تفسري القرآن العظيم، التسرتي، ) 1 (.1/23تفسري ابن عربي، ) 2

من الدالالت الباطنة للنصوص موقف التوجه املقاصدي: املطلب الثالث

الشرعية: ميكن للناظر يف اعتبار الدالالت الباطنة أن يقسمها إىل ثالثة أنواع:

شاطيب: "وكل ما كان من املعاني اليت تقتضي النوع األول: اإلشارات املقاصدية: قال ال

حتقيق املخاطب بوصف العبودية، واإلقرار هلل بالربوبية؛ فذلك هو الباطن املراد، واملقصود

وهذه اإلشارات املقاصدية مقبولة، وقد اشرتط أهل العلم لقبوهلا ، 1الذي أنزل القرآن ألجله"

شروطا مرجعها إىل ثالثة شروط:

ن يصح املعنى اإلشاري على مقتضى الظاهر املقرر يف لسان العرب، الشرط األول: أ

وجيري على املقاصد العربية، ومفاد هذا الشرط: أن ال تناق الداللة اإلشارية معنى األية؛

فيكون يف اللفظ ما يشعر به، ويكون بينه وبني معنى اآلية ارتباط وتالزم.

يف نفسه، فيكون له شاهد يؤيده نصا الشرط الثاني: أن يكون املعنى اإلشاري صحيحا

أو ظاهرا، ساملا من املعارض شرعا أو عقال.

الشرط الثالث: أن ال يدعي أن هذه الداللة اإلشارية هي تفسري النص الشرعي وبيانه

.2دون داللة الظاهر

(.3/290املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.280-2/279(، التفسري واملفسرون، حممد الذهيب، )3/295(. واملوافقات، الشاطيب، )124انظر: التبيان يف أميان القرآن، ابن القيم، ) 2

النوع الثاني: اإلشارات الرمزية: وهي صرف النصوص الشرعية عن ظاهرها، "وجعلها

، يشتغل عامة املسلمني بظاهرها، 1ملعان خفية يف صورة ألفاظ تفيد معاني ظاهرة" رموزا

وخيتص األولياء واحلكماء بباطنها.

، ويف دعوى الرمزية خروج بالشريعة عن وهذه اإلشارات باطلة، وحتريف لكالم اهلل

عهود العرب مقتضى ما أنزلت عليه من قصد وضعها لألفهام، فإن الشريعة أتت "على لسان م

، قال الشاطيب: "فإذا كل معنى مستنبط من القرآن غري 2يف ألفاظها اخلاصة، وأساليب معانيها"

جار على اللسان العربي، فليس من علوم القرآن يف شيء، ال مما يستفاد منه، وال مما يستفاد به،

.3ومن ادعى فيه ذلك فهو يف دعواه مبطل"

: وهي معان جارية جمرى القيا واالعتبار، فمنها ما النوع الثالث: اإلشارات الكشفية

يكون من باب قيا املعنى، وأغلبها من باب قيا الشبه، قال ابن الصالح: "وجدت عن

اإلمام أبي احلسن الواحدي املفسر رمحه اهلل أنه قال: "صنف أبو عبدالرمحن السلمي حقائق

ر. وأنا أقول: الظن مبن يوثق به منهم أنه إذا التفسري، فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسري فقد كف

قال شيئا من أمثال ذلك أنه مل يذكر تفسريا، وال ذهب به مذهب الشرح للكلمة املذكورة يف

القرآن العظيم، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية، وإمنا ذلك ذكر منهم لنظري

(.1/33التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 1

(2/50املوافقات، الشاطيب ) 2

(.3/293صدر نفسه، )امل 3

فكأنه قال: 1، فمن ذكر قتال النفس يف اآلية املذكورةما ورد به القرآن؛ فإن النظري يذكر بالنظري

أمرنا بقتال النفس ومن يلينا من الكفار، ومع ذلك فيا ليتهم مل يتساهلوا مبثل ذلك؛ ملا فيه من

.2اإليهام وااللتبا . واهلل أعلم"

وهذه اإلشارات منها املقبول، ومنها الضعيف املرتدد يف قبوله، ومنها الباطل املردود،

وقد خلص ابن تيمية املوقف من الدالالت الباطنة فقال: "قول الرجل: ) الباطن ( إما أن يريد

علم األمور الباطنة، مثل: العلم مبا يف القلوب من املعارف واألحوال، والعلم بالغيوب اليت أخربت

فهم من هبا الرسل. وإما أن يريد به العلم الباطن أي: الذي يبطن عن فهم أكثر النا ، أو عن

وقف مع الظاهر، وحنو ذلك.

فأما األول: فال ريب أن العلم منه ما يتعلق بالظاهر؛ كأعمال اجلوارح، ومنه ما يتعلق

بالباطن؛ كأعمال القلوب، ومنه ما هو علم بالشهادة؛ وهو ما يشهده النا حبواسهم، ومنه ما

ثم قال:[ وأمثال ذلك من يتعلق بالغيب؛ وهو ما غاب عن إحساسهم. ]وذكر أمثلة على ذلك

العلوم املتعلقة بأمور باطنة يف القلوب وحنوه قد يقال له "علم الباطن"، أي علم باألمر الباطن،

فاملعلوم هو الباطن، وأما العلم الظاهر فهو ظاهر يتكلم به ويكتب، وقد دل على ذلك الكتاب،

هذا العلم؛ فإن اهلل أنزل هذا والسنة، وكالم السلف وأتباعهم، بل غالب آي القرآن هو من

القرآن شفاء ملا يف الصدور وهدى ورمحة للمؤمنني، بل هذا العلم هو العلم بأصول الدين؛ فإن

اعتقاد القلب أصل لقول اللسان، وعمل القلب أصل لعمل اجلوارح، ...

[.123]التوبة: ﴾ كفار لٱ من يلونكم لذينٱ قتلوا ءامنوا لذينٱ أيها ي ﴿ هي قوله 1

(.197-1/196فتاوى ومسائل ابن الصالح، ) 2

ا فصل: وأما إذا أريد بالعلم الباطن العلم الذي يبطن عن أكثر النا أو عن بعضهم فهذ

والثاني: ال خيالفه. ،على نوعني: أحدمها: باطن خيالف العلم الظاهر

فأما األول: فباطل، فمن ادعى علما باطنا أو علما بباطن وذلك خيالف العلم الظاهر

كان خمطئا؛ إما ملحدا زنديقا، وإما جاهال ضاال.

، وقد يكون باطال؛ فإن وأما الثاني: فهو مبنزلة الكالم يف العلم الظاهر، قد يكون حقا

الباطن إذا مل خيالف الظاهر مل يعلم بطالنه من جهة خمالفته للظاهر املعلوم، فإن علم أنه حق

قبل، وإن علم أنه باطل رد، وإال أمسك عنه. ...

هر ثم قال:[ ومجاع القول يف ذلك أن هذا ا]وذكر أمثلة على الباطن الذي خيالف الظ

الباب نوعان:

يكون املعنى املذكور باطال لكونه خمالفا ملا علم، فهذا هو يف نفسه باطل، أحدمها: أن

فال يكون الدليل عليه إال باطال، ألن الباطل ال يكون عليه دليل يقتضي أنه حق.

والثاني: ما كان يف نفسه حقا، لكن يستدلون عليه من القرآن واحلديث بألفاظ مل يرد هبا

ارات، وحقائق التفسري ألبي عبدالرمحن فيه من هذا الباب شيء ذلك، فهذا الذي يسمونه إش

كثري.

وأما النوع األول فيوجد كثريا يف كالم القرامطة والفالسفة املخالفني للمسلمني يف أصول

دينهم. ...وأما النوع الثاني فهو الذي يشتبه كثريا على بع النا ، فإن املعنى يكون

عليه، ولكن الشأن يف كون اللفظ الذي يذكرونه دل عليه، صحيحا لداللة الكتاب والسنة

وهذان قسمان:

أحدمها: أن يقال: إن ذلك املعنى مراد باللفظ. فهذا افرتاء على اهلل، فمن قال: املراد

﴿بقوله ة را حوا باقا ونا ﴿[ هي النفس، وبقوله 67]البقرة: ﴾ تاذبا ا فر ب إلا [ 24]طه: ﴾ ٱذها

ۥ ﴿ب، هو القل هح عا ينا ما ار ﴿أبو بكر، ﴾ واٱل ف ا ٱلكح ح لعا ا د شام ﴿عمر، ﴾ أ ح بايناهح اا رححا

ا ﴿عثمان، ﴾ د ج ا سح ع ك م رح هح ى [ علي؛ فقد كذب على اهلل إما متعمدا، وإما 29]الفتح: ﴾ تارا

خمطئا.

من باب داللة اللفظ، فهذا والقسم الثاني: أن جيعل ذلك من باب االعتبار والقيا ، ال

، وهذا ينقسم إىل من نوع القيا ، فالذي تسميه الفقهاء قياسا هو الذي تسميه الصوفية إشارة

ۥ إل ﴿صحيح وباطل، كانقسام القيا إىل ذلك، فمن مسع قول اهلل تعاىل هح س ما ل ياونا رح ه طا املصحف. فقال: كما أن اللوح احملفوظ [ وقال: إنه اللوح احملفوظ أو79]الواقعة: ﴾ ٱلمح

الذي كتب فيه حروف القرآن ال ميسه إال بدن طاهر؛ فمعاني القرآن ال يذوقها إال القلوب

الطاهرة، وهي قلوب املتقني. كان هذا معنى صحيحا واعتبارا صحيحا. ...فكل معنى

والسنة واملراد خيالف الكتاب والسنة فهو باطل، وحجته داحضة، وكل ما وافق الكتاب

باخلطاب غريه إذا فسر به اخلطاب فهو خطأ، وإن ذكر على سبيل اإلشارة واالعتبار والقيا

.ا.هـ، وعلى هذا التقسيم ينزل قول ابن تيمية: "والذين 1فقد يكون حقا وقد يكون باطال"

(.243-13/232جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، ) 1

شرعيا على أنكروا كون اإلهلام طريقا على اإلطالق أخطأوا، كما أخطأ الذين جعلوه طريقا

.1اإلطالق"

والقاعدة يف ذلك: أن "كل معنى مستنبط من فهذا القسم منه املقبول ومنه املردود،

القرآن غري جار على اللسان العربي فليس من علوم القرآن يف شيء، ال مما يستفاد منه، وال مما

.2يستفاد به، ومن ادعى فيه ذلك فهو يف دعواه مبطل"

ر اإلشارة يف الداللة على األحكام التشريعية يف "الرتجيح بني وتتحدد دائرة اعتبا

املباحات، ويف مواطن االشتباه اليت ال ميكن التحقق فيها من احلكم الشرعي لتكافؤ األدلة عند

، قال ابن تيمية: "إذا اجتهد السالك يف األدلة الشرعية الظاهرة فلم ير فيها 3الناظر فيها"

حان أحد الفعلني مع حسن قصده وعمارته بالتقوى؛ فإهلام مثل هذا ترجيحا، وأهلم حينئذ رج

دليل يف حقه، قد يكون أقوى من كثري من األقيسة الضعيفة، واألحاديث الضعيفة، والظواهر

الضعيفة، واالستصحابات لبضعيفة اليت حيتج هبا كثري من اخلائضني يف املذهب واخلالف

.4وأصول الفقه"

(.10/473املصدر نفسه، ) 1 (.3/293) الشاطيب افقات،املو 2 (.82املعرفة يف اإلسالم مصادرها وجماالهتا، عبداهلل القرني، ) 3

(.10/473جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، ) 4

الباب الثالث

منهج الفكر املقاصدي يف املسائل واألحكام

ويشتمل على املبحثني التاليني:

وأوامره املبحث األول: منهج الفكر املقاصدي يف تعليل أحكام اهلل

.أثر الفكر املقاصدي يف ثبوت األحكام الشرعية ونسخهااملبحث الثاني:

الفصل األول

منهج الفكر املقاصدي يف اهلل أحكامتعليل

وأثره يف ثبوت مرهوأوا األحكام ونسخها

املبحث األول

وأوامره اهلل أحكاممنهج الفكر املقاصدي يف تعليل ية التعليل حجر الزاوية يف البناء املقاصدي، إذ "وضع الشرائع إمنا هو ملصاحل تشكل نظر

العباد يف العاجل واآلجل معا"، وهي جارية يف أصل الرسالة وتفاصيل األحكام؛ "فإن اهلل

ل ﴿يقول يف بعثة الرسل وهو األصل نرسح ينا وامح باش ا م ناس لعا ونا ل ال ياكح رينا ل ذ ة باعدا ٱلرسح ج حح ["، وأما تفاصيل األحكام "فأكثر من أن حتصى، 165]النساء: ﴾ ٱلل

ا يحريدح ٱ ﴿كقوله تعاىل بعد آية الوضوء ج ما را ن حا م م امكح ا اجعا ا ح ل ن يحريدح لل ك لا وام كح را ه حطا م ل امكح ا ۥ تاهح عما حتم ن ل تبا ﴿[، وقال يف الصيام 6]املائدة: ﴾ وا مح كح امكح ا

ونا م تاتقح كح م لاعا بكح ينا من قا ا ٱل تبا لعا ا كح ما ماامح كا [، ويف 183]البقرة: ﴾ ٱلص

ر ﴿الصالة نكا ا واٱلمح حشا ن ٱلفا ا ةا تانها او [، وقال يف القبلة 45]العنكبوت: ﴾ إن ٱلص

لوا وحجح ﴿ ة فاوا ج م حح امكح ا ناس ونا ل ال ياكح هۥح ل طرا م شا كح [، ويف 150]البقرة: ﴾ وها

﴿اجلهاد وا مح م ظح نهحاأ تاحونا ب ينا يحقا ل ذنا ل

حم ف ﴿[، ويف القصاص 39]احلج: ﴾ أ لاكح وا

ول حأ ة يا ماو اص حا ب ٱلقصا لبا

ااستح ﴿رير على التوحيد [، ويف التق179]البقرة: ﴾ ٱل ل

اأ

هدناا شا بالا حوا م قاال كح ب را فيا ب ا غا ذا ن ها نا عا ة إنا كح ما ياوما ٱلقيا حوا ول ن تاقحا ﴾ أ

.1["172]األعراف:

ويف الدر الفكري اإلسالمي لدراسة نظرية التعليل بعدان أساسيان:

(.5-2/4) الشاطيب، انظر: املوافقات، 1

النظري يف التأسيس لنظرية التعليل. البعد الفلسفي والكالمي، ويشكل البعد -1

البعد الفقهي األصويل، ويشكل البعد العملي لنظرية التعليل. -2

واملتأمل يف الدراسات األصولية الفقهية لنظرية التعليل يلحظ تأثرها بالدراسات الفلسفية

علم الكالمية، وانبنت مواقف العلماء من النظرية يف هذه الدراسات على أصوهلم املقررة يف

الكالم، ومن هنا كان على الباحث يف نظرية التعليل أن يتناوهلا ابتداء يف بعدها الفلسفي

.1الكالمي، منطلقا منه إىل تقرير البعد الفقهي األصويل

ليجعلوا منها "منهجا لتوسيع أحكام لقد نظر مجهور األصوليني يف تعليل أحكام اهلل

، قال 3لسفيا للتشريع "انبنت يف ضوئه نظرية املقاصد"، وموقفا ف2الشرع عن طريق القيا "

إمساعيل احلسين: "يشكل التعليل أساسا ممتازا للتفكري التشريعي؛ ألنه يف احلقيقة استجالء

ملراد الشارع من احلكم، أو حبسب تعبري الشاطيب ) تقصيد ( من الباحث لألحكام تقصيدا

ل أن العلة أو السبب املوجب للحكم ميثل منطقية خيلع طابع املعقولية على أحكامها من قب

.4النص ومعقوليته ال لغويته"

قال يف بداية قسم املقاصد من كتابه املوافقات: لقد كان واضحا لدى الشاطيب أثر البعد الكالمي يف مواقف علماء األصول من التعليل؛ ولذا 1

، "ولنقدم قبل الشروع يف املطلوب مقدمة كالمية مسلمة يف هذا املوضع، وهي أن وضع الشرائع إمنا هو ملصاحل العباد يف العاجل واآلجل معا

تة؛ كما أن أفعاله كذلك، وأن املعتزلة اتفقت على للة بعلة ألبع...وقد وقع اخلالف فيها يف علم الكالم، وزعم الرازي أن أحكام اهلل ليست م

([.2/4) الشاطيب، أن أحكامه تعاىل معللة برعاية مصاحل العباد، وأنه اختيار أكثر الفقهاء املتأخرين". ]املوافقات، (.11انظر: نظرية التعليل يف الفكرين الكالمي واألصويل، عبدالنور بزا، مقدمة مصطفى محزة، ) 2 (.306شور، إمساعيل احلسين، )اية املقاصد عند اإلمام ابن عانظر: نظر 3 (.308، )السابقاملصدر 4

املطلب األول: البعد النظري لنظرية التعليل وأثره يف املقاصد: البعد الفلسفي لنظرية العلة:

، وبالتأمل هلذه 1العلة عند أرسطو على أربعة أنواع: مادية، وصورية، وفاعلة، وغائية

:2ع أنواع العلة األربعة إىل قسمنيالقسمة ميكن إرجا

القسم األول: العلل الذاتية، وهي املتعلقة باملاهية مادة وصورة، وهي عند أرسطو

نوعان:

األول منهما: العلة املادية، وهي "مما يتكون الشيء، ]أي[ املادة املباطنة اليت بواسطتها

فهي جوهر الشيء وما به قوامه، قال ، 3يظهر الشيء للوجود، فالربونز هو علة التمثال املادية"

أرسطو: "فيجب إذا إن مل يكن اجلواهر األول ألا يكون سبيل إىل أن يوجد شيء من تلك

، وهذا وجه اعتبار العلية يف املادة عند أرسطو. 4األخر"

أما اآلخر: فالعلة الصورية: وهي اهليوىل؛ "احلد الذي يحدد اجلوهر والفصول اليت

، فهي كيفية الشيء، صورة وشكل 5ء، كما يف النسب اهلندسية للتمثال"يتضمنها الشي

ماهيته املقالة يف جواب ) كيف هو؟(، والعلة الصورية مرتبطة بالعلة املادية، إذ إدراك العلة

(.2/450منطق أرسطو، ) 1 (.2/77انظر: شرح املقاصد، التفتازاني، ) 2 (.185نظرية العلم األرسطية، مصطفى النشار، ) 3

(.1/37منطق أرسطو، ) 4 (.185) مصطفى نشار، نظرية املعرفة األرسطية، 5

املادية يكون بإدراك العلة الصورية فمتى ما أدرك شكل التمثال وصورته، أمكنه النظر يف

مادته.

العلة ( على هذا القسم اصطالح خاص بأرسطو، يستند يف وإطالق اصطالح )

دراستها "على أسا أن اهلدف منها معرفة أسباب ما حيدث من تغري"، قال مصطفى

النشار: "من خالل ذلك جيب مالحظة أن املعاني اليت قصد إليها أرسطو بكلمة علة أو سبب

.1تعمالنا العلمي على السواء"ختتلف عما يفهم من هذه الكلمة يف استعمالنا اليومي، واس

القسم الثاني: العلل الوجودية، وهي املتعلقة بوجود الشيء وليست جزء ماهيته، وهذا

القسم هو الذي ميثل اصطالح العلة على احلقيقة، وهو نوعان:

النوع األول: العلة الفاعلة، وهي مبعنى السبب أو املؤثر الذي نتج عنه الشيء، "كاألب

ة الفاعلة للطفل، وبوجه عام الصانع الذي هو علة صنع الشيء".الذي هو العل

واآلخر: العلة الغائية، وهي مبعنى الباعث وما من أجله فعل الشيء، "كالصحة اليت هي

علة املشي الغائية، فهي ما من أجله منشي، فنحن نقول: لكي نكون أصحاء جيب أن

ائية عند أرسطو يف الوجود، فإن العلة الفاعلة يسبق والفرق بني العلة الفاعلة والعلة الغ

وجودها يف الواقع املعلول؛ أما العلة الغائية فهي سابقة يف الذهن الحقة يف الواقع، قال أرسطو:

"واألكوان هاهنا حاهلا عكس حاهلا يف العلل اليت على طريق احلركات؛ وذلك أن هنالك ينبغي

فاألول هو الثالث األخري، وآخر ذلك الشيء الذي أن يكون األوسط أوال، وأما هاهنا

(.187، )املصدر نفسه 1

(.185، )السابقانظر: املصدر 2

.ا.هـ، قال ابن رشد مبينا كالم أرسطو يف تلخيصه: "وحال العلل اليت على طريق الغاية 1حنوه"

من معلوالهتا بالعكس من حال العلل اليت على طريق الفاعل؛ وذلك أن العلل اليت على طريق

يف الوجود بالزمان، ولذلك تكون األوساط فيها أمورا الفاعل هي األمور املتقدمة على املعلوالت

متقدمة الوجود بالزمان على النتائج، وأما السبب الذي على طريق الغاية فهو متأخر بالزمان يف

.2الوجود على النتيجة"

ويمثل العلة يف املنطق األرسطي احلد األوسط من حدود القيا ، ومن هنا قال أرسطو:

ث ما الذي يربط ويصل حتى يكون معنى: أنه يكون موجودا يف األمور بعد "فقد جيب أن نبح

، فيثبت احملمول للموضوع بواسطة احلد األوسط، قال ابن رشد يف تلخيصه: 3معنى قد كان"

.4"فجميع هذه األسباب تؤخذ حدودا وسطى يف الرباهني"

البعد الكالمي لنظرية العلة وأثره يف الدر األصويل:

بعد الكالمي واألصويل يف الفكر اإلسالمي لنظرية التعليل يف العلل الوجودية، يتمثل ال

، واملستوى الثاني: تعليل أحكامه.وحبثها على مستويني: املستوى األول: تعليل أفعال اهلل

وأحكامه ال ختلو عن ومن املتقرر املتفق عليه بني الفرق اإلسالمية أن أفعال اهلل

كمة اهلل تعاىل أوضح من أن يروى عن صحابي، أو تابعي، أو مسلم سامل احلكمة، "والقول حب

(.2/453منطق ارسطو، ) 1 (.472-5/471تلخيص منطق أرسطو، ابن رشد، ) 2

(.2/457منطق أرسطو، ) 3

(.5/471تلخيص منطق أرسطو، ابن رشد، ) 4

من تغيري الفطرة اليت فطر اهلل خلقه عليها، ولذلك تقر به العوام من كل فرقة، ويقر به كل من مل

، وقد اتفقت الفرق اإلسالمية 1يتلقن خالفه من أتباع غالة املتكلمني على ما فيهم من شذوذ"

، قال ابن تيمية: "وحكمة الرب يف مجيع املخلوقات ة يف خملوقات اهلل على إثبات احلكم

باهرة، قد هبرت العقالء، واعرتف هبا مجيع الطوائف، والفالسفة من أعظم النا إثباتا هلا،

وهم يثبتون العناية، واحلكمة الغائية، وإن كان فيهم من قصر يف أمر اإلرادة والعلم، وكذلك

فقون على إثبات احلكمة يف خملوقاته، وإن كانوا يف اإلرادة وفعله لغاية املتكلمون كلهم مت

.2متنازعني"

وأحكامه واخلالف بني الفرق اإلسالمية إمنا وقع يف تفسري احلكمة وتعليل أفعال اهلل

هبا، وجعلها احلامل على الفعل والتشريع، فجرى حبثهم املسألة حتت إثبات الغرض يف أفعال اهلل

إذ العلم بالغاية املنتظر حتصيلها من الفعل، وتعليله بثمرته يف املستقبل عرف يف االصطالح تعاىل؛

الكالمي بـ)الغرض(، ومذاهب الفرق اإلسالمية يف املسألة على ما يلي:

باحلكمة، ومرادهم احلكمة أوال: قول املعتزلة: وذهبوا إىل وجوب تعليل أفعال اهلل

، قال القاضي 3مره من العواقب احملمودة، والغايات احملبوبة"اليت "تتضمن ما يف خلقه وأ

عبداجلبار: "نريد بذلك وجه احلكمة الذي له حسن منه اخللق، فيبطل على هذا الوجه قول

من قال إنه تعاىل خلق اخللق ال لعلة؛ ملا فيه من إيهام أنه خلقهم عبثا ال لوجه تقتضيه

(.182زير، )إيثار احلق على اخللق يف رد اخلالفات إىل املذهب احلق من أصول التوحيد، ابن الو 1 (.922-2/921النبوات، ابن تيمية، ) 2 (.1/141منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، ) 3

حلكمة هنا "قصد النفع لألحياء عموما، والتعري .ا.هـ، ومقصود القاضي بوجه ا1احلكمة"

تعاىل اهلل عن -، وعلى ذلك بنوا قوهلم يف وجوب األصلح على اهلل 2للثواب للمكلفني خاصة"

.-قوهلم علوا كبريا

مبعنى "علمه بأفعال العباد، وإيقاعها ثانيا: قول األشعرية: يثبت األشعرية احلكمة هلل

، وأما التعليل هبا، وإثباهتا غرضا وحامال على الفعل فقال 3ه"على الوحه الذي أراد

الشهرستاني: "مذهب أهل احلق أن اهلل تعاىل خلق العامل مبا فيه من اجلواهر واألعراض

وأصناف اخللق واألنواع ال لعلة حاملة له على الفعل، سواء قدرت تلك العلة نافعة له أو غري

ضر، أو قدرت تلك العلة نافعة للخلق؛ إذ ليس يبعثه على الفعل نافعة؛ إذ ليس يقبل النفع وال

.4باعث، فال غرض له يف أفعاله وال حامل، بل علة كل شيء صنعه وال علة لصنعه"

ما حبفظ مصاحل العباد هو وهذا اخلالف بني املعتزلة واألشعرية يف تعليل أفعال اهلل

كتابه ]املوافقات[، وأنكر على الرازي منازعته أشار إليه الشاطيب يف مقدمة كتاب املقاصد من

؛ فإن املستقري لنصوص الوحي يلحظ إثبات احلكمة فيه مستدال بثبوت احلكمة يف أحكامه

(.92املغين يف أبواب التوحيد والعدل، القاضي عبداجلبار، كتاب التكليف، ) 1عبدالكريم عثمان، جلبار الكالمية، نظرية التكليف آراء القاضي عبدا، و(85-84انظر: املغين يف أبواب التوحيد والعدل، كتاب التكليف ) 2

(32.)

(.1/141منهاج السنة، ابن تيمية، ) 3

األربعني يف أصول الدين، و(. 205حمصل أفكار املتقدمني واملتأخرين، الرازي، )وانظر : (.390هناية اإلقدام يف علم الكالم، الشهرستاني، ) 4

(.352-1/350له، )

، قال ابن تيمية: 1-اآلخرة والدنيا -هلل تعاىل يف خلقه وأمره برعاية مصاحل اخللق يف الدارين

تزلة ومن وافقهم من الشيعة فقط، بل هو قول "والقول بإثبات هذه احلكمة ليس هو قول املع

من أهل التفسري، والفقه، واحلديث، والتصوف، والكالم، وغريهم، -مجاهري طوائف املسلمني

فأئمة الفقهاء متفقون على إثبات احلكمة واملصاحل يف أحكامه الشرعية، وإمنا ينازع يف ذلك

لقه من املنافع واحلكم واملصاحل لعباده طائفة من نفاة القيا وغري نفاته، وكذلك ما يف خ

.2معلوم"

وأحكامه بـ)الغرض(؛ بنظرية املقاصد، وقد عاجل الشاطيب إشكال وصف أفعال اهلل

نقطة اتفاق بني املتكلمني، وعربوا عنه بـ"اإلردة واالختيار"، إذ يشكل القصد يف أفعال اهلل

يرتتب على ذلك الفعل من مصاحل وحكم ، فقد أراد واختار ما فكما أراد واختار فعله

تعود على خملوقاته خبريي الدنيا واآلخرة، ويبقى النظر يف وجه ذلك هل هو من باب الوجوب أو

التفضل واإلحسان غري مشكل على أصل املسألة.

(.5-2/4املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.142-1/141نهاج السنة النبوية، ابن تيمية، )م 2

املطلب الثاني: البعد العملي لنظرية التعليل وأثره يف املقاصد. العملي لنظرية التعليل يف الفكر اإلسالمي، وذلك أن وقائع ميثل هذا البعد اجلانب األصويل

األحكام ونوازهلا ال متناهية، وال ميكن لنصوص الكتاب والسنة أن حتيط بتلك املسائل ما مل

تتسع دائرة االستدالل هبما عن ظاهر اللفظ إىل داللة املعاني، وهو ما يعرف بـ )القيا

النظر يف تلك املعاني وإناطة األحكام هبا مبحث التعليل واالستدالل( يف علم األصول، وشكل

يف الفكر األصويل الذي يعد الركن الرابع من أركان القيا .

واملتتبع لتاريخ علم األصول يلحظ أثر املتكلمني يف تطوير هذا العلم، حتى عد علم الكالم

بآرائهم الكالمية، ومن فتأثرت كثري من مباحث هذا العلم ومسائله 1من مصادر هذا العلم،

ذلك مبحث التعليل.

وتظهر مالمح ذلك التأثر يف اجلوانب التالية:

إذ تأثر تعريف العلة عند علماء األصول مبذاهبهم يف تعليل أفعال اهلل أوال: التعريف:

ري تعاىل يف علم الكالم، وأبرز مباحث العلة يف الدر الكالمي املؤثرة يف تعريف العلة مسألة التأث

يف العلة الفاعلية، والغرض يف العلة الغائية.

احلسني ومجلة من أشهر املؤلفات يف هذا العلم تعود إىل علماء الكالم من معتزلة وأشعرية، فمن املعتزلة: القاضي عبداجلبار وكتابه العمد، وأب 1

صول الفقه، والتلخيص، ومنت الورقات. والغزايل، وله: ومن األشعرية كثر من أشهرهم: اجلويين، وله: الربهان يف أ د،البصري وكتابه املعتم

ليل يف القيا والتعليل. والرازي، وكتابه احملصول.عاملستصفى، واملنخول، وشفاء ال

تعريف العلة عند علماء األصول من مدرسة املعتزلة:

من املتقرر يف الفكر االعتزايل أن العلة ال توصف بأهنا علة إال وهلا تأثري يف املعلول،

بالدليل أو وحيدد القاضي عبداجلبار يف ]الشرعيات[ كيفية تأثري العلة يف احلكم بـ"أن يعلم

احلكم هبا أوىل من غريها"، وذلك يؤدي إىل "أن العلة يتعلقاألمارة أن احلكم هبا يتعلق، أو بأن

، وهبذا فارق القيا 1يف الشرعيات جتري جمرى: الدواعي، وما يكشف عن كون الفعل لطفا"

قال القاضي الشرعي القيا العقلي من حيث: أن العلل الشرعية غائية، والعقلية فاعلية،

عبداجلبار: "فالقيا الشرعي ال يخالف القيا العقلي إال أن العلل يف القيا العقلي تكون

، وليس كذلك العلل الشرعية؛ ألنه ال جيوز يف العلل 2موجبة ومؤثرة، )كما أن حكمنا كاملوجب(

عية أن تكون موجبة واحلكم يتبع املصلحة واالختيار، ...وقد علمنا أن األحكام الشر

موضوعها املصاحل واأللطاف، وهلما تعلق كالدواعي، ولعللهما مدخل يف هذا الباب، فال جيوز

.ا.هـ، إال أن القاضي يؤكد أن 3يف علتهما أن جتري جمرى العلل العقلية إىل األمور املؤثرة فيها"

وهذه الرؤية ، 4هذا االختالف يف العلل ال يوجب بينهما اختالفا يف صورة القيا وطريقته

.االعتزالية للعلل الشرعية تتفق ومذهبهم يف إثبات الغرض يف أفعال اهلل

(.330انظر: املغين يف أبواب التوحيد والعدل، القاضي عبداجلبار، كتاب الشرعيات، ) 1

(.هكذا يف األصل، ولعل الصواب ) أو يف حكم املوجب 2

(.282املغين يف أبواب التوحيد والعدل، القاضي عبداجلبار، كتاب الشرعيات، ) 3يف أمرين: األول حقيقتهاالختالف يف و ،صورته وطريقته ال حقيقته الشرعي يتفق مع القيا العقلي يف ت القيا فإثباانظر اإلحالة السابقة. 4

القياسني، فكانت العلل يف القيا العقلي مؤثرة موجبة، ويف القيا الشرعي جارية الف العلل يفتمنهما: ما يتعلق باحلد األوسط، وهو اخ

وجريان العلل يف الشرعيات جمرى الدواعي هو ما اختاره اآلمدي؛ إذ قال: "واملختار أنه

ال بد وأن تكون العلة يف األصل مبعنى الباعث، أي مشتملة على حكمة صاحلة أن تكون

ن شرع احلكم، وإال فلو كانت وصفا طرديا ال حكمة فيه، بل أمارة جمردة، مقصودة للشارع م

فالتعليل هبا يف األصل ممتنع لوجهني:

األول: انه ال فائدة يف األمارة سوى تعريف احلكم، واحلكم يف األصل معروف باخلطاب ال

بالعلة املستنبطة منه.

ة عنه، فلو كانت معرفة حلكم الثاني أن علة األصل مستنبطة من حكم األصل، ومتفرع

.1األصل لكان متوقفا عليها، ومتفرعا عنها، وهو دور ممتنع"

تعريف العلة عند علماء األصول من مدرسة األشعرية:

عندارت تعاريف أتباع املدرسة األشعرية من األصوليني على اختالفها حول نفي التأثري

احلكم بذاهتا، قال الغزايل: "ال معنى لعلة احلكم العلة، فالعلة الشرعية عالمة وأمارة، ال توجب

.2إال عالمة منصوبة على احلكم"

واصطالحهم يف نفي التأثري على مذهبني:

جمرى الدواعي. والثاني: يف النتيجة، وهو إصابة أحكام األفعال، ففي القيا العقلي ال يكون املصيب إال واحدا، أما القيا الشرعي فال

األصول ال يكون إال عقليا م اإلصابة عند املعتزلة بني األصول والفروع، إذ القيا يف، ومن هنا اختلف حكميتنع أن يكون كل جمتهد فيه مصيبا (.3/254اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، ) 1 (.3/499املستصفى، الغزايل، ) 2

األول: ما ذهب إليه الغزايل ومن وافقه فقالوا بنفي التأثري لذاهتا، وإثباته جبعل الشارع هلا

العلة ووصفها فال ميكن إال باألدلة مؤثرة، قال الغزايل: "أما أصل تعليل احلكم وإثبات عني

السمعية؛ ألن العلة الشرعية عالمة وأمارة ال توجب احلكم بذاهتا، إمنا معنى كوهنا علة: نصب

الشرع إياها عالمة، وذلك وضع من الشارع، وال فرق بني وضع احلكم وبني وضع العالمة

حكم التحسني والتقبيح، وهذا التعريف متفق مع مذهبهم يف .1ونصبها أمارة على احلكم"

ومذهبهم يف حصول املسببات عند أسباهبا ال هبا.

الثاني: ما ذهب إليه الرازي ومن وافقه فقالوا بنفي التأثري مطلقا، وجعلوا العلة جمرد

معرف للحكم، قال البيضاوي يف تعريف العلة: "وهي املعرف للحكم"، قال الشارح: "اعلم أن

لة إما موجبة، أو باعثة للشارع وداعية له على شرع احلكم كالعلة الغائية، نفاة القيا قالوا: الع

واألول باطل؛ ألن العلل الشرعية لو كانت موجبة المتنع اجتماع علل متعددة على حكم،

والالزم باطل. وكذا الثاني المتناع الغرض يف فعله، وإال لزم استكماله به، وأيضا احلكم قديم

هلل؛ فيمتنع تعليله بشيء من العلل، فاختار املصنف دفعا ملا ذكروا أن عندكم، ألنه خطاب ا

.ا.هـ، وهذا متفق مع 2العلة مبعنى املعرف للحكم، ال املوجب واملؤثر، وال الباعث والداعي"

مذهبهم يف نفي إثبات العلل املؤثرة، وأن ال مؤثر يف احلقيقة إال اهلل، قال السبكي: "واتفق

ليس املراد من األول كون السبب موجبا للحكم لذاته أو لصفة ذاتية، بل األشعرية على أنه

(.593-3/592، )املصدر نفسه 1 (.3/37مناهج العقول، البدخشي، ) 2

املراد منه: إما املعرف، وعليه األكثرون. وإما املوجب ال لذاته أو لصفة ذاتية ولكن جبعل

.1الشرع إياه موجبا، وهو اختيار الغزايل"

شعرية على إثبات العلل اتفق املعتزلة واأل ثانيا: إثبات العلل جلزئيات األحكام الشرعية:

يف األحكام الشرعية اجلزئية، وذلك وفق اصطالحاهتم اخلاصة اليت راعوا فيها أصوهلم

الكالمية، ومن هنا اختلفت حقائق العلل يف الشريعة عندهم وفق تلك االصطالحات، والذي

بالنظر إىل ما يذهب إليه املقاصديون هو اعتبار العلل الشرعية باعثا وداعية إىل تشريع احلكم

يرتتب على التشريع من جلب مصلحة أو تكميلها، أو دفع مفسدة أو تقليلها، وهي على

مرتبتني:

املرتبة األوىل: التعليل باحلكمة: ويراد هبا "ما يرتتب على التشريع من حتقيق مصلحة أو

ها ثالثة ، ولألصوليني في2دفع مفسدة، كدفع املشقة بالنسبة لشرع القصر والفطر يف السفر"

أقوال، قال اآلمدي: "ذهب األكثرون إىل امتناع تعليل احلكم باحلكمة اجملردة عن الضابط،

وجوزه األقلون، ومنهم من فصل بني احلكمة الظاهرة املنضبطة بنفسها؛ أو احلكمة اخلفية

.3املضطربة، فجوز التعليل باألوىل دون الثانية، وهذا هو املختار"

(.1/65)اإلهباج يف شرح املنهاج، السبكي، 1 -هـ 1414(، العام 9(، العدد )7جملة جامعة أم القرى، السنة ) حقيقة اخلالف يف التعليل باحلكمة وأثره يف الفقه اإلسالمي، علي احلكمي، 2

(.21)م، 1994ألصوليني، (. ولالطالع على اخلالف والرتجيح انظر: مباحث العلة يف القيا عند ا255-3/254اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، ) 3

، جملة جامعة أم القرى، السنة (. وحقيقة اخلالف يف التعليل باحلكمة وأثره يف الفقه اإلسالمي، على احلكمي130-107عبداحلكيم السعدي، )

.م1994 -هـ 1414(، العام 9(، العدد )7)

لتعليل باملصلحة واملفسدة: ويراد به املعنى املناسب "الذي يلزم من ترتب املرتبة الثانية: ا

احلكم على وفقه حصول ما يصلح أن يكون مقصودا من شرع ذلك احلكم"، كاملشقة يف السفر،

ترتب القصر والفطر فيه يحصل املقصود من احلكم يف دفعها وختفيفها، والفرق بني هذه املرتبة

التعليل باحلكمة تعليل باألثر والغاية، والتعليل باملصلحة تعليل بالباعث واملؤثر، وسابقتها؛ أن

وأصل النظر فيه من جهة اعتبار الشرع هلا وعدمه، وذلك أن "املقصود من شرع احلكم إما

.1جلب مصلحة، أو دفع مضرة أو جمموع األمرين"

ل: املناسب املعترب يف نظر واملصاحل من حيث اعتبار الشرع هلا على أنواع ثالثة: األو

الشارع. والثاني: املناسب امللغي يف نظر الشارع. و الثالث: املناسب املرسل، وهو الذي مل

.2يشهد له أصل من أصول الشريعة باالعتبار، ومل يظهر إلغاؤه

أثر التعليل باحلكمة واملصلحة يف الفكر املقاصدي املعاصر:

مبدأين من مبادئ الفكر -كر املقاصدي املعاصر يف الف -وهاتان املرتبتان تشكالن

املقاصدي، املرتبة األوىل: التعليل باحلكمة؛ ذات بعد خطابي وحتقق مبدأ الفائدة، واملرتبة

.3الثانية: التعليل املصلحي؛ ذات بعد قيمي، ومتثل مبدأ التعليل باملصلحة

"تنزيه الشارع يف إنشائه خطابه املبدأ األول: التعليل باحلكمة ) مبدأ الفائدة (: وحقيقته:

.2العبث، واإلمهال، واللغو" 1عن أن ينطوي ) عن (

(.3/339اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، ) 1

(.435-420قيا عند األصوليني، عبداحلكيم السعدي، )انظر يف تفصيل ذلك: مباحث العلة يف ال 2 (.64انظر: مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 3

ويتمثل دور هذا املبدأ املقاصدي يف صورتني:

الصورة األوىل: "التأسيس اجلديد للمعاني"، قال احلسين: "وفحواها: أن اخلطاب

اشور: "فالقرآن من جانب .ا.هـ، قال ابن ع3الشرعي يفيد فائدة جديدة تباين فوائده السابقة"

إعجازه يكون أكثر معاني من املعاني املعتادة اليت يودعها البلغاء يف كالمهم، وهو لكونه كتاب

تشريع وتأديب وتعليم؛ كان حقيقا بأن يودع فيه من املعاني واملقاصد أكثر ما حتتمله األلفاظ يف

.4هو هبا"أقل ما ميكن من املقدار حبسب ما تسمح به اللغة الوارد

ومن خالل تشبع الفكر الفقهي هبذا املبدأ يتهيأ ذهن الفقيه املستنبط لألحكام من أدلتها

.5لـ"اكتشاف ما غفل عنه السابقون من مقاصد تدل عليها اخلطابات الشرعية"

عاصرون خيشى أن يؤدي إن هذه الصورة ملبدأ التعليل باحلكمة كما يتصوره املقاصديون امل

، وفتح باب واسع للنفعية العلمانية والتأويلية احلديثة.اصدي إشاري واسعإىل انفتاح مق

هكذا يف األصل، ولعل الصواب ) على (. 1

أعلم واهلل - (. وتعبري احلسين عن التعليل باحلكمة باصطالح ) الفائدة ( يرجع65مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 2

إىل أحد أمرين: -

-54األول منهما: الرتكيز على البعد الدنيوي للحكمة دون البعد األخروي، وهو ما أكد عليه احلسين خالل كتابه. ]انظر: املصدر نفسه: )

58==.])

، وقوع األفعال حبسب علمه سبحانه، ويف واآلخر: األثر الكالمي لتعليل أفعال اهلل تعاىل وأحكامه باحلكمة، إذ حقيقة احلكمة عند األشعرية

التعبري باصطالح الفائدة زيادة على معنى احلكمة عند األشعرية.

(.67املصدر نفسه، ) 3 (.1/93التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 4 (.67مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 5

الصورة الثانية: "عدم اإلمهال اخلطابي"، قال احلسين: "فإذا احتمل أن يكون للخطاب

.1معنى مقصود وأن يكون له معنى الغ؛ كان محله تبعا ملبدأ الفائدة على ما هو مقصود أوىل"

ليل باحلكمة تقيد "فهم الداللة املقصودة من اخلطاب الشرعي وهذه الصورة ملبدأ التع

، ويظهر تطبيق هذه الصورة يف موقف 2مبراعاة مقاصد جلب املصاحل ودرء املفاسد"

وسيأتي بيانه يف املبحث الثاني من هذا -املقاصديني املعاصرين من نسخ األحكام الشرعية

، وإعمال األقوال املرجوحة.-الفصل

لثاني: التعليل املصلحي، وحقيقته "كشف لألسا الذي الحظه الشارع يف املبدأ ا

.3تشريعه ألحكامه"

ويف ظل هذا املبدأ تتحدد مقاصد األحكام الشرعية حبسب املصاحل الدنيوية املتوخاة

راجعة إىل -انطالقا من مبدأ التعليل املصلحي -فيها يف التزكية والعمران، فـ"أحكام العبادات

تربية الضمري، وتزكية النفس، وتقويم السلوك على هدى من مكارم األخالق"، و"تعود مصاحل

.4أحكام املعامالت إىل مصاحل تنظيم حياة اجملتمع اإلنساني"

ومن أهم األبعاد اليت يكتسبها الفكر املقاصدي من خالل هذا املبدأ:

(.67املصدر السابق، ) 1 .(68-67املصدر نفسه، ) 2 (.72املصدر نفسه، ) 3

(.120-111(. وانظر: التوحيد والتزكية والعمران، طه العلواني، )76-73املصدر السابق، ) 4

عدم إدراك املقصد من "بعد النسبية اليت يرسخها التعليل يف الفكر املقاصدي؛ ألن ( أ

تشريع احلكم ليس دليال على عدم معقوليته، وعدم إدراكه يف وقت معني وزمان حمدد ليس

دليال على عدم إدراك وجه معقوليته يف كل زمان ومكان، فقد يفتح على هذا بشيء ومل يفتح

.1به على اآلخر"

ية يف معقولية التعليل والسؤال الفكري الذي يثريه هذا البعد: ما هو أثر هذه النسب

املصلحي على فهم النص، واستنباط األحكام وتنزيلها؟

يف الفكر -احلكمة ) الفائدة (، والتعليل املصلحي -أن املتأمل يف داللة مبدأي

املقاصدي املعاصر يلحظ أن مبدأ احلكمة ميثل العلة الغائية يف التشريع، بينما مبدأ التعليل

ة الفاعلة، ومن هنا كانت وظيفة التعليل املصلحي "إضفاء املعقولية املصلحي ميثل مبدأ العل

، مما جيعل 2على األحكام الشرعية كمظهر من مظاهر اإلفادة اليت ينطوي عليها الشرع اإلسالمي"

مبدأ التعليل املصلحي مبدأ علميا؛ "ألنه يعين برتتيب املسببات على أسباهبا، وترتيب

، فإذا كان ذلك كذلك فإن القول بنسبية 3رتيب النتائج على مقدماهتا"املعلوالت على عللها، وت

معقولية العلل املصلحية ينسحب إىل القول بنسبية فهم النصوص الشرعية وأحكامها؛ إذ جعلت

معقولية العلل املصلحية مقدمات للفهم، وعلال لألحكام.

(.84مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 1 (.78املصدر نفسه، ) 2 (.72املصدر السابق، ) 3

يت تكبل فكره، وتأسر "بعد التحرر" الذي "يستهدف حترير اإلنسان من كل القيود ال ( ب

.1عواطفه، وتعوقه عن التمتع بثمرات كسبه املختلفة"

وميثل هذا البعد أداة الفكر املقاصدي يف حتقيق مقصد العمران الذي أناطه اهلل

"باإلنسان كخليفة له يف األرض، وكمسؤول حر عن عمارهتا وإصالحها".

املعاصر أن يضم العلل املصلحية إىل ومن خالل هاتني املرتبتني ميكن للفكر املقاصدي

، 2العلل القياسية كمناط "للحكم الشرعي؛ يدور معها وجودا وعدما حسب تغري األحوال"

.3وهو ما يسهم "يف مرونة الفقه وقدرته على استيعاب تغري الظروف واألعراف"

يف ثالثة إشكاالت:واإلشكال املعريف املتعلق هبذه الرؤية املقاصدية هلاتني املرتبتني يتمثل

اإلشكال األول: هل يصح تقدم املعلول على علته؟

، 4مما يستدل به املانعون من التعليل باحلكمة واملصلحة تأخرمها عن احلكم يف الوجود

وذلك أن وجود احلكمة واملصلحة مرتتب على احلكم، فهما مقصد الشارع واحلكم وسيلة

صل هبذا اإلشكال؛ أن "الطريق إىل صحة العلة هو أن إليه، والوسائل تتقدم املقاصد، ومما يت

(.81املصدر نفسه، ) 1

جاسر عودة، ضمن جمموعة حبوث حتت عنوان: مقاصد الشريعة اإلسالمية دراسات يف قضايا املنهج مقاصد األحكام الشرعية وعللها، 2

(.277وجماالت التطبيق، )

(.289املصدر نفسه، ) 3 (.3/127انظر: تشنيف املسامع جبمع اجلوامع، الزركشي، ) 4

، وتأخر العلة عن احلكم ال يتحقق معه حتصيل طريق 1يثبت احلكم بثباهتا ويزول بزواهلا"

صحتها.

وأصل هذا اإلشكال هو النظر يف حكم العلة مع معلوهلا، وهل ميكن يف العقليات أن

اعلية أن تتقدم معلوالهتا، ال أن تكون معها، قال ، والصحيح يف العلل الف2يتقدم املعلول على علته

ابن تيمية: "ولكن لفظ العلة فيه إمجال، فالعلة الفاعلة شيء، والعلة اليت هي شرط شيء آخر،

.3والشرط قد يقارن املشروط يف زمانه، خبالف الفاعل؛ فإنه ال بد أن يتقدم فعله على املعني"

ن، وجود يف الذهن يسبق وجود احلكم، ة وجوديغائية فإن هلا يف احلقيقأما العلل ال

ووجود يف الواقع يتبع وقوع احلكم، فمن نظر إىل الوجود يف الواقع جمردا عن الوجود الذهين

أشكل عليه تأخر العلة عن معلوهلا، أما من اعترب الوجود الذهين فإن هذا اإلشكال ال يرد

عليه.

تعليل باحلكمة واملصلحة حول وجودمها ويف الدر األصويل خصوصا دار النظر يف ال

الواقعي جمردا عن اعتبار الوجود الذهين، فمن أنكر التعليل باحلكمة واملصلحة إمنا استند إىل

أن املعلول ال يسبق علته وجودا، بناء على أن العلل املؤثرة ال بد أن تسبق معلوالهتا وآثارها يف

بته يف حكم الفرع قياسا ال يف حكم األصل، ملتزما عدم الواقع، ومن أثبت التعليل هبما إمنا أث

تقدم املعلول على علته، قال اآلمدي: "واملختار امتناعه؛ وذلك ألن علة حكم األصل إما أن

(.273شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، ) 1 (.77-2/75مقاالت اإلسالميني، األشعري، ) انظر يف حكاية األقوال: 2 (.426-425الرد على املنطقيني، شيخ اإلسالم ابن تيمية، ) 3

تكون مبعنى الباعث، أو مبعنى األمارة املعرفة له؛ فإن كان األول: فيلزم من تأخر العلة عن

تا قبل ذلك؛ إما ال بباعث، أو بباعث غري العلة املتأخرة احلكم يف الوجود أن يكون احلكم ثاب

وإن كان الثاني فهو ممتنع لوجهني:حلكم بباعث ال حتقق له مع احلكم. عنه؛ الستحالة ثبوت ا

األول: ما بيناه من امتناع كون العلة يف األصل مبعنى األمارة.

حلكم، وقد عرف قبلها ضرورة الثاني: أهنا وإن كانت مبعنى األمارة؛ فإمنا هو يف تعريف ا

.1سبقه يف الوجود عليها، وتعريف املعروف حمال"

فحكم األصل معرف للحكمة، واحلكمة يعرف هبا حكم الفرع.

ويف اعتبار الوجود الذهين للحكم واملصاحل خروج من هذا اإلشكال.

اإلشكال الثاني: هل تبنى األحكام على العلل املظنونة؟

عليل باحلكمة واملصلحة تطرق الظن إليها، وذلك من جهتني:مما يشكل يف الت

اجلهة األوىل: تعذر تعيني مناط احلكم من تلك احلكم واملصاحل؛ إذ الشأن فيها "اخلفاء

؛ وذلك "لكون 2وعدم االنضباط، فهي خمتلفة باختالف الصور واألشخاص واألزمان واألحوال"

وبيانه: "أن احلكم إما 3ليت ال ميكن الوقوف على مقاديرها"املصاحل واملفاسد من األمور الباطنة ا

أن يعلل باحلكمة واملصلحة مطلقا، أو بقدر خمصوص منها، وكل من األمرين باطل؛ أما األول:

فلما يلزم عليه من اعتبار كل مصلحة، وهو ممنوع اتفاقا. وأما الثاني: فلعدم الوقوف على

(.303-3/302اإلحكام يف أصول األحكام ، ) 1 (.110مباحث العلة يف القيا عند األصوليني، عبداحلكيم السعدي، ) 2 (.350هناية السول يف شرح منهاج األصول، األسنوي، ) 3

صاحل؛ خلفائها واضطراهبا وتداخل مراتبها، وإذا تعذر تعيني املقادير املعتربة شرعا من امل

، ومؤداه فقدان شرط الظهور من شروط التعليل.1املطلوب تعذر التعليل به"

اجلهة الثانية: ظنية التالزم بني احلكم واملصاحل واحلكم؛ إذ جيوز ختلف احلكمة واملصلحة

قة، ومؤداه فقد شرط االنضباظ من شروط عن احلكم، كالرتخص بالسفر ولو انتفت فيه املش

التعليل.

وتطرق الظنية إىل احلكم واملصاحل يلغي اعتبارمها يف التعليل، إذ نفى الشارع التمسك

ن إثم ﴿ بالظن، قال ن لا ﴿ [، وقال 12]احلجرات: ﴾ إن باعضا ٱلظ إون ٱلظغن منا ي يح شا [.28م:]النج ﴾ ا ٱلاق

قال العز بن عبدالسالم: "االعتماد يف جلب معظم مصاحل الدارين ودرء مفاسدمها يبنى

يف األغلب على ما يظهر من الظنون، ...وإمنا اعتمد عليها ألن الغالب صدقها عند قيام

تطرق الظن إىل تعيني -.ا.هـ، أما ما يتعلق بتطرق الظن فقد أجابوا عن اجلهة األوىل 2أسباهبا"

مبا يلي: -ناط احلكمة واملصلحة م

حيدد الرازي احتماالت التعليل باملصلحة واحلكمة فيقول: "فال خيلو إما أن يكون الدال -1

على عليته: اشتماله على مطلق املصلحة، أو اشتماله على مصلحة معينة.

(.29يقة اخلالف يف التعليل باحلكمة وأثره يف الفقه اإلسالمي، على احلكمي، )حق 1 (.1/6بن عبدالسالم، ) عز الدين، )قواعد األحكام يف إصالح األنام( القواعد الكربى 2

علة لذلك -كيف كانت -واألول باطل؛ وإال لكان كل وصف مشتمل على مصلحة

احلكم.

ا بطل القسم األول تعني الثاني، فنقول: إما أن ميكن االطالع على املصلحة ومل

املخصوصة، أو ال ميكن.

فإن امتنع االطالع على املصلحة املخصوصة امتنع االستدالل بكون الوصف مشتمال

عليها على كونه علة؛ ألن العلم باشتمال الوصف عليها موقوف على العلم هبا؛ وحيث مل ميتنع

. وهذا اجلواب للرازي يقوم على 1الستدالل علمنا أن االطالع على خصوصيتها ممكن"هذا ا

عدم التسليم بظنية تعيني مناط احلكمة واملصلحة يف التعليل، وينطلق يف ذلك من نقاط االتفاق،

وهي نقطتان: األوىل: االتفاق على عدم صحة التعليل مبطلق احلكم واملصاحل. والثانية: االتفاق

واز التعليل بالوصف الذي هو مظنة حتقق احلكم واملصاحل؛ فباالتفاق األول تعين أن على ج

مناط املصلحة واحلكمة مناط خمصوص، وباالتفاق الثاني استدل على إمكان تعيني ذلك املناط

بالظن؛ ألن التعليل بالوصف الذي هو مظنة حتقيق املصلحة ال يكون إال بتعيني مناطها.

إىل تعيني مناط احلكمة واملصلحة ال ينطبق على مجيع صور التعليل أن تطرق الظن -2

هبما، وذلك أن احلكم واملصاحل منها ما هو ظاهر منضبط، ومنها ما هو خفي غري منضبط؛

فأما احلكم واملصاحل الظاهرة املنضبطة، فالتعليل هبا أوىل من التعليل بالوصف الظاهر املنضبط

صف فرعا عن احلكمة واملصلحة، ومها دليل علية ذلك الوصف، فال املشتمل عليها، لكون الو

(.5/291، الرازي، )يف أصول الفقه احملصول 1

. وأما احلكم واملصاحل اخلفية فهي 1يعدل عن األصل إىل الفرع، وال عن املؤثر إىل العالمة عليه

اليت ال ميكن تعيني مناط احلكم منها، "ودأب الشارع فيما هذا شأنه على ما ألفناه منه إمنا هو

املظان الظاهرة اجللية؛ دفعا للعسر عن النا ، والتخبط يف األحكام؛ وهلذا رد النا فيه إىل

فإنا نعلم أن الشارع إمنا قضى بالرتخص يف السفر دفعا للمشقة املضبوطة بالسفر الطويل إىل

.2مقصد معني، ومل يعلقها بنفس املشقة ملا كانت مما يضطرب وخيتلف"

فال يسلم هبا بإطالق؛ -بني احلكم ومصلحته وحكمته ظنية التالزم -وأما اجلهة الثانية

فتخلف احلكم عن حكمته ومصلحته إما أن يكون لسبب أو بال سبب، فإن كان لسبب

فتسقط العلية يف تلك الصورة فقط ال يف أصل التعليل، بل هو دليل على ثبوت العلية فيما عدا

علية فيما عدا الصورة املنتقضة تلك الصورة. وإن كان بال سبب فإن األصل اعتبار ال

وختصيص واستثناء تلك الصورة من عموم التعليل عمال جبميع األدلة، فإن مل ميكن اجلمع فيلغى

.3اعتبار العلية

وهبذا ال يظهر لتخلف احلكم عن علته املصلحية أو احلكمية أثر إال يف صورة واحدة،

"الذي يظهر يف ختصيص العلة أن ختصيصها يدل هي ختصيص العلة املستنبطة، قال ابن تيمية:

على فسادها إال أن يكون لعلة مانعة، فهذا يف احلقيقة ليس ختصيصا، وإمنا عدم املانع شرط يف

حكمها، فإن كان التخصيص بدليل ومل يظهر بني صورة املخصوصة وبني غريه فرق مؤثر: فإن

(.3/255مدي، )(. واإلحكام يف أصول األحكام، اآل5/291) املصدر السابق،انظر: 1 (.3/255اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، ) 2 (.288-3/275)انظر: املصدر نفسه، 3

نتفاء احلكم عنها دليال على فسادها. وإن كان العلة مستنبطة بطلت، وكان قيام الدليل على ا

كانت العلة منصوصة وجب العمل مبقتضى عمومها إال يف كل موضع يعلم أنه مستثنى مبعنى

.1النص اآلخر"

اإلشكال الثالث: اشتمال حتقق الغاية على نوع مناقضة هل يلغي عليتها؟

زم منه مفسدة مساوية أو وصورته أن يثبت احلكم بعلة مصلحية أو حكمية لكن بوجه يل

راجحة، فهل تلغي تلك املفسدة صحة التعليل؟

والنظر يف ذلك باملوازنة بني املصاحل واملفاسد وموطنها من االعتبار يف الشرع، ويكون

.ا.هـ، وذلك أن 2احلكم للراجح منهما؛ إذ "ال ميكن ضبط املصاحل واملفاسد إال بالتقريب"

وجودة هنا ال يتخلص كوهنا مصاحل حمضة؛ ...ألن تلك "املصاحل الدنيوية من حيث هي م

تقرتن هبا، أو تسبقها، أو تلحقها، -قلت أو كثرت -املصاحل مشوبة بتكاليف ومشاق

...كما أن املفاسد الدنيوية ليست مبفاسد حمضة من حيث مواقع الوجود؛ إذ ما من مفسدة

و يتبعها من الرفق واللطف ونيل اللذات تفرض يف العادة اجلارية إال ويقرتن هبا أو يسبقها أ

، قال عز الدين بن عبدالسالم: "إذا اجتمعت مصاحل ومفاسد: فإن أمكن حتصيل 3كثري"

ا ﴿املصاحل ودرء املفاسد فعلنا ذلك، امتثاال ألمر اهلل فيهما؛ لقوله سبحانه ا ما ٱلل وا فاٱتقحعتحم التحصيل: فإن كانت املفسدة أعظم من [. وإن تعذر الدرء و16]التغابن: ﴾ ٱستاطا

(.778-2/777املسودة، آل تيمية، ) 1 (.1/30بن عبدالسالم، ) عز الدين، )قواعد األحكام يف إصالح األنام( القواعد الكربى 2 (.2/20املوافقات، الشاطيب، ) 3

اس ﴿املصلحة درأنا املفسدة، وال نبايل بفوت املصلحة؛ قال اهلل تعاىل ن ٱلامر ا ي ا حوناكا إثم ا قح فمهما يس ح واٱلما كبا

ا أ ا ما هح ناس إوثمح فعح ل نا بي واما ا كا فعهما ﴾ من ن

مهما ألن مفسدهتما أكرب من منفعتهما، ...وإن كانت املصلحة أعظم من [، حر219]البقرة:

املفسدة حصلنا املصلحة مع التزام املفسدة، وإن استوت املصاحل واملفاسد فقد يتخير بينهما،

.1وقد يتوقف فيهما، وقد يقع االختالف يف تفاوت املفاسد"

ة عند مناظرهتا مع املفسدة يف حكم ويقرر الشاطيب أن املصلحة "إذا كانت هي الغالب

االعتياد فهي املقصودة شرعا، ولتحصيلها وقع الطلب على العباد؛ ليجري قانوهنا على أقوم

طريق وأهدى سبيل، وليكون حصوهلا أمت وأقرب وأوىل بنيل املقصود على مقتضى العادات

رعية ذلك الفعل وطلبه"، اجلارية يف الدنيا، فإن تبعها مفسدة أو مشقة فليست مبقصودة يف ش

وجيري مثل ذلك يف املفاسد الغالبة، فـ"املقصود ما غلب يف احملل وما سوى ذلك ملغي، وميزان

اعتبارمها يف الشرع "ما جيري يف االعتياد الكسيب من غري خروج إىل زيادة تقتضي التفات

وعلى كل تقدير فالذي ؛ أما ما خرج عن املعتاد فقال الشاطيب: "2الشارع إليها على اجلملة"

يلخص من ذلك أن اجلهة املرجوحة غري مقصودة االعتبار شرعا عند اجتماعها مع اجلهة

الراجحة، ...فال فرق إذا بني ما كان من اجلهات املرجوحة جاريا على االعتياد أو خارجا

.3عنه"

(.1/136بن عبدالسالم، ) عز الدين، واعد األحكام يف إصالح األنام()ق القواعد الكربى 1 (2/21انظر: املوافقات، الشاطيب، ) 2 (.2/25املصدر نفسه، ) 3

املبحث الثاني

نسخهاأثر الفكر املقاصدي يف ثبوت األحكام الشرعية ومرت اإلشارة يف املبحث السابق إىل أن للرؤية املعاصرة العتبار التعليل احلكمي املصلحي

يف قضيتني أصوليتني مها: نسبية األحكام وتغريها بتغري األحوال، امناطا لألحكام الشرعية أثر

وإعمال األحكام املنسوخة.

ومعاجلة هاتني القضيتني يكون ببيان

وجه املقاصدي من نسبية األحكام وتغريها بتغري الظروف واألحوال.موقف الت أوال:

موقف التوجه املقاصدي من نسخ األحكام الشرعية وأدلتها. ثانيا:

املطلب األول: موقف التوجه املقاصدي من نسبية األحكام وتغريها

بتغري الظروف واألحوال.ات والشمول يف الشريعة، إذ إناطة لتعليل الشريعة باحلكم واملصاحل أثر يف مسيت الثب

األحكام الشرعية حبكمها ومصاحلها "مؤد إىل توسع مفهوم الشمول ولكن يف تغيري واختالف يف

، ومن هنا كان ملسألة ثبات األحكام عالقة باختالف األصوليني يف 1حالة عدم االنضباط"

ق على الشمول، ومن أجازه التعليل باحلكمة: فمن منعه مطلقا راعى حتقق الثبات لكن بتضيي

مطلقا راعى حتقق الشمول لكن بتغيري يف الثبات، "لذلك ال بد من مالحظة الثبات والشمول يف

.2آن واحد، فال نعلل مبطلق احلكمة، وال مننع التعليل هبا إذا انضبطت"

ة والضابط يف حتديد منطقة الثابت واملتغري يف الشريعة اإلسالمية: قوة الدليل، ودائر

الواقعة املنظور فيها؛ فاألدلة تدور بني القطعية والظنية، والوقائع تنقسم إىل: اعتقادية وتعبدية

ومعامالت دنيوية، وبذلك تتحدد منطقة الثابت واملتغري يف الشريعة وفق ما يلي:

ما كان يف دائرة األحكام االعتقادية والتعبدية ال يدخله التغيري إال عن طريق الشارع، إذ -1

صل يف مدار مصاحل تلك األحكام املصاحل األخروية، وإدراك مناط تلك املصاحل مما اختص األ

ولذا كان جريان -الزمان واملكان واحلال -به الشارع سبحانه، فهي ال ختضع لعوامل التغري

.ملسو هيلع هللا ىلصمن أحكام يف كتابه الكريم، أو سنة رسوله الوقائع فيها على وفق ما شرع

(.346ني، )الثبات والشمول يف الشريعة اإلسالمية، عابد السفيا 1

(.358، )املصدر نفسه 2

خامت األنبياء واملرسلني؛ كانت أحكام هذه الدائرة باقية إىل يوم ملسو هيلع هللا ىلص وملا كان رسول اهلل

، وال نظر فيها 1الدين، "فهي نصوص ثابتة ومستقرة ال تتأثر باختالف البيئات وال بتتابع األزمان"

للعبد؛ إذ هي حق هلل خاص به، وال ميكن معرفة حقه كما وكيفا وزمانا ومكانا إال من جهته

، فـ"من قصد الشارع أنه مل يكل شيئا من 2، فيأتي به العبد على ما رسم لهنصا وإمجاعا

التعبدات إىل آراء العباد، فلم يبق إال الوقوف عند ما حده، والزيادة عليه بدعة، كما أن

.3النقصان بدعة"

ما كان يف دائرة املعامالت الدنيوية فاملتقرر فيها أهنا مبنية على حفظ مصاحل العباد، -2

.4ن للمصلحة يف النظر اعتبار، "وعلى حتصيلها املعول"فكا

وللفقهاء يف إناطة األحكام مبصاحلها وحكمها، وتغري األحكام بتخلف املصاحل واحلكم

آراء ثالثة:

الرأي األول: وهو رأي من مينع التعليل باحلكم واملصاحل كالظاهرية ومن وافقهم، وهو

وات مصاحلها، قال ابن حزم: "إذا ورد النص من القرآن أو إنكار التغري والتبديل يف األحكام بف

السنة الثابتة يف أمر ما، على حكم ما، ثم ادعى مدع أن ذلك احلكم قد انتقل أو بطل من أجل

أنه انتقل ذلك الشيء احملكوم فيه عن بع أحواله، أو لتبدل زمانه، أو لتبدل مكانه، فعلى

(.209) تغري األحكام يف الشريعة اإلسالمية، إمساعيل كوكسال، 1

(.27،47رسالة يف املصلحة، الطويف، ) 2

(.3/43االعتصام، الشاطيب، ) 3 (.47رسالة يف املصلحة، الطويف، ) 4

ملسو هيلع هللا ىلصمن نص قرآن أو سنة عن رسول اهلل -يأتي بربهان مدعي انتقال احلكم من أجل ذلك أن

على أن ذلك احلكم قد انتقل أو بطل؛ فإن جاء به صح قوله، وإن مل يأت به فهو مبطل -ثابتة

.1فيما ادعى من ذلك"

خامت األنبياء والرسل ملسو هيلع هللا ىلصواحتج ابن حزم يف ذلك بأن غاية الرسالة تبليغ الدين، وكونه

م لكل حي، ولكل من يولد إىل يوم القيامة يف مجيع األرض؛ فصح أنه يدل على أن "دينه هذا الز

ال معنى لتبدل الزمان، وال لتبدل املكان، وال لتغري األحوال، وأن ما ثبت فهو ثابت أبدا يف كل

زمان، ويف كل مكان، وعلى كل حال، حتى يأتي نص ينقله عن حكمه يف زمان آخر، أو مكان

.2آخر، أو حال أخرى"

هذا الرأي ال يفرقون بني أحكام العقائد والعبادات، وبني أحكام املعامالت، فالكل فأهل

تشريع، وهو حق هلل تعاىل.

الرأي الثاني: وذهب إليه الطويف، ويعترب للمصلحة أثرا يف ختصيص النص وبيانه، قال

رعاية املصلحة الطويف: "وهذه األدلة التسعة عشر أقواها النص واإلمجاع، ثم مها إما أن يوافقا

-أو خيالفاها، فإن وافقاها فبها ونعمت وال تنازع، إذ قد اتفقت األدلة الثالثة على احلكم

(. ال ينكر ابن حزم تعلق احلكم بزمان أو مكان أو حال معني إذا ورد بذلك النص، كما ال ينكر 5/2اإلحكام يف أصول األحكام، ابن حزم، ) 1

على الواقعة تغري حييل صورهتا وهيئتها إىل صورة جديدة وواقعة خمتلفة، قال ابن حزم: "وكذلك إن جاء نص بوجوب تغري احلكم إذا ما طرأ

حكم يف زمان ما، أو يف مكان ما، أو يف حال ما، وبني لنا ذلك يف النص، وجب أن ال يتعدى النص، فال يلزم ذلك احلكم حينئذ يف غري ذلك

ان، وال يف غري تلك احلال، ...وأما إذا تبدل االسم فقد تبدل احلكم بال شك، كاخلمر يتخلل أو يخلل؛ ألنه إمنا الزمان، وال يف غري ذلك املك

([.6-5/5، )املصدر نفسهحرمت اخلمر، واخلل ليس مخرا، وكالعذرة تصري ترابا، فقد سقط حكمها". ] (.5/5املصدر السابق، ) 2

1وهي النص واإلمجاع ورعاية املصلحة املستفادة من قوله عليه السالم: "ال ضرر، وال ضرار"

بطريق ، وإن خالفاها وجب تقديم املصلحة عليهما بطريق التخصيص والبيان هلما، ال -

.2االفتئات عليهما والتعطيل هلما"

وقد استدل الطويف يف تقدميه املصلحة على النص مبا يلي:

أن اهلل عز وجل قد راعى مصلحة خلقه يف التشريع، "وإذا ثبت رعايته إياها مل جيز -1

إمهاهلا بوجه من الوجوه، فإن وافقها النص واإلمجاع وغريها من أدلة الشرع فال كالم، وإن

ها دليل شرعي وفق بينه وبينها" إما بالتخصيص أو بالتقديم بطريق البيان.خالف

أن اعتبار املصلحة ورعايتها حمل اتفاق يف نفسه، ووفاق بني املخالفني، وما عداها من -2

، أو خمتلف يف داللته، فكان -ما عدا النص -أدلة الشرع إما خمتلف يف االستدالل به

.3ها أوىلاالحتكام إىل املصاحل وتقدمي

الرأي الثالث: التوسط بني االعتبار وعدمه، فيعترب تأثري املصاحل بشرطني:

األول: أن ال يكون يف أصول ثابتة.

والثاني: أن ال يعارض نصا قطعيا.

(.1(، حاشية رقم )149سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 1

(. وهذا النص الذي يظهر منه جليا تقديم الطويف للمصلحة على النص إمنا هو يف باب املعامالت 24-23رسالة يف رعاية املصلحة، الطويف، ) 2

ع منها، خبالف ال على إطالقه، قال الطويف: "وإمنا ترجح رعاية املصاحل يف املعامالت وحنوها؛ ألن رعايتها يف ذلك هو قطب مقصود الشر

([.27العبادات، فإهنا حق الشرع، وال يعرف كيفية إيقاعها إال من جهته نصا وإمجاعا". ]رسالة يف رعاية املصلحة، ) (.34-33، )السابقانظر املصدر 3

وهو ما يفهم من كالم ابن تيمية، وابن القيم، والشاطيب، قال الشاطيب: "وذلك أن هذه

إال بشرط أن ال خترم حكما شرعيا وال قاعدة دينية؛ فإن ما األمور ال يصح أن تراعى وتعترب

خيرم قاعدة شرعية أو حكما شرعيا ليس حبق يف نفسه، بل هو إما خيال أو وهم، وإما من

إلقاء الشيطان، وقد خيالطه ما هو حق وقد ال خيالطه، ومجيع ذلك ال يصح اعتباره من جهة

.1معارضته ملا هو ثابت مشروع"

ذلك أن األحكام على نوعني:بيان

ال حبسب األزمنة، وال األمكنة، وال -النوع األول: "ال يتغري عن حالة واحدة هو عليها

؛ كوجوب الواجبات، وحتريم احملرمات، واحلدود املقدرة بالشرع على اجلرائم، -اجتهاد األئمة

ن:ا، وعلة ذلك أمر2ه"وحنو ذلك، فهذا ال يتطرق إليه تغيري وال اجتهاد خيالف ما وضع علي

األول: أن ورود النص ببيان أحكام تلك الوقائع مقصوده ضبط وجوه املصاحل فيها؛ "إذ لو

ترك النا والنظر النتشر ومل ينضبط، وتعذر الرجوع إىل أصل شرعي، والضبط أقرب إىل

دا ، فكان الوقوف عند ما حد الشارع يف هذه األحكام مقص3االنقياد ما وجد إليه سبيل"

بذلك تكليفا مرعيا، وذلك "أن وضع الشريعة إذا سلم أهنا ملصاحل شرعيا، والتعبد هلل

املنامية، وهو جار يف عن اعتبار اإلهلام والكشف والرؤى أورد الشاطيب هذا النص يف حديثه وقد .(203-2/202)املوافقات، الشاطيب، 1

([.227-2/226، 218-2/215]انظر: املصدر نفسه، )باب اعتبار املصاحل. (.571-1/570إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، ابن القيم، ) 2 (.2/234املوافقات، الشاطيب، ) 3

العباد؛ فهي عائدة عليهم حبسب أمر الشارع، وعلى احلد الذي حده، ال على مقتضى أهوائهم

.1وشهواهتم"

تبدل الزمان واآلخر: أن املصاحل املعتربة يف هذه األحكام مصاحل كلية عامة، ال تتبدل ب

واملكان واحلال، فهي أصول ثابتة يف النظر، وضروريات معتربة يف كل ملة، فجاءت "موضوعة

على وزان واحد، وعلى مقدار واحد، وعلى ترتيب واحد، ال اختالف فيه حبسب متقدم

، وذلك خبالف املصاحل اجلزئية اليت ختتلف باختالف الزمان واملكان، قال ابن 2وال متأخر"

: "والشارع إذا علق احلكم بوصف ملصلحة عامة مل يكن ختلف تلك املصلحة واحلكمة يف القيم

، 3بع الصور مانعا من ترتب احلكم، بل هذه قاعدة الشريعة وتصرفها يف مصادرها ومواردها"

اإلفراد باحلج فقال: "واملقصود وعلى هذا األصل خرج ابن القيم اختيار عمر بن اخلطاب

اله سياسة جزئية حبسب املصلحة، ختتلف باختالف األزمنة، فظنها من ظنها أن هذا وأمث

.4شرائع عامة الزمة لألمة إىل يوم القيامة"

النوع الثاني: "ما يتغري حبسب اقتضاء املصلحة له زمانا ومكانا وحاال؛ كمقادير التعزيرات

الشاطيب: "فإذا كان ؛ قال 5وأجناسها وصفاهتا، فإن الشارع ينوع فيها حبسب املصلحة"

املكلف به خيتلف باختالف األحوال واألزمان مل يستقر للرتتيب يف الذمة أمر معلوم يطلب البتة،

(.2/131، )نفسهاملصدر 1 (.2/213)، السابقاملصدر 2

(.2/55ني، ابن القيم، )إعالم املوقعني عن رب العامل 3 (.1/47الطرق احلكمية، ابن القيم، ) 4 (.1/571إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، ابن القيم، ) 5

وهذا معنى كونه جمهوال، فال يكون معلوما إال يف الوقت احلاضر حبسب النظر، ال مبقتضى

األول، أو سقط عنه النص، فإذا زال الوقت احلاضر صار يف الثاني مكلفا بشيء آخر ال ب

.1التكليف إذا فرض ارتفاع احلاجة العارضة"

والنظر يف هذا النوع هو نظر يف وقائع ومصاحل جزئية؛ إذ الثبات مسة الكليات دون

اجلزئيات، و"متى قامت قرينة على أن النص روعيت فيه مصلحة زمنية خاصة، دار احلكم مع

.2هذه املصلحة وجودا وعدما"

كم حقيقته: توقيف سريان احلكم على الوقائع اليت كان يسري عليها أو على وتغري احل

مثلها؛ لكون مناط احلكم مل يعد متوفرا فيها، وانتقال بالواقعة من أصل إىل أصل آخر هو أليق

هبا، قال الشاطيب: "واعلم أن ما جرى ذكره هنا من اختالف األحكام عند اختالف العوائد

ختالف يف أصل اخلطاب؛ ألن الشرع موضوع على أنه دائم أبدي لو فرض فليس يف احلقيقة با

بقاء الدنيا من غري هناية، والتكليف كذلك مل حيتج يف الشرع إىل مزيد، وإمنا معنى االختالف أن

العوائد إذا اختلفت رجعت كل عادة إىل أصل شرعي حيكم به عليها، ...فاألحكام ثابتة

.3طالق"تتبع أسباهبا حيث كانت بإ

ويف الكتابات الفكرية املقاصدية املعاصرة هناك توجه إىل سحب هذه النسبية الظرفية

يف تنزيل األحكام على الوقائع اجلزئية إىل املقاصد الكلية؛ فـ"كلما تطورت احلياة وتغريت

(1/112املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.162تغيري األحكام يف الشريعة اإلسالمية، إمساعيل كوكسال، ) 2 (.218-2/217) الشاطيب، املوافقات، 3

على، الظروف العامة تغريا واسعا؛ كلما تغريت املقاصد املستقرأة نفسها، مما يؤدي إىل مرونة أ

، قال احلسين: "معنى ذلك أن تأصيل الضروريات 1واستيعاب أكرب للتغريات يف صاحل التشريع"

املصلحية ال يستند فيه الباحث على جمرد مقررات الشرع، بل ال بد له من االلتفات إىل

.2الظروف املتباينة اليت تنزل فيها تلك املقررات"

اليت هي يف منزلة الوسائل يف التشريع - وهكذا أصبحت املرونة ليست يف األحكام فقط

بل حتى يف املقاصد اليت هي غايات التشريع وحكمه، وهذا يثمر أمرين خطريين يف الفكر -

اإلسالمي جتاه التشريع ميكن توظيفهما يف الدعوات العلمانية املعاصرة، مها:

هم إىل التسليم أوهلما: التسليم بدعوى تارخيية التشريع، قال احلسين: "يدعو هذا الف

.ا.هـ، ويقر 3بتارخيية طبيعة احلصر لضروريات مصاحل العباد كما تقرر عند األصوليني القدامي"

احلسين بتوافق هذا التسليم مع دعوى تارخيية التشريع عند حممد عابد اجلابري، فقال: "وقد

ين، فبني ما ميكن أن أدرك الطبيعة التارخيية للحصر الوارد يف الضروريات أحد الباحثني املقتدر

يلزم عنه هذا الفهم من نتائج على مستوى االجتهاد يف الشريعة، فقال: "وهكذا فعندما ننجح

يف جعل ضروريات عصرنا جزءا من مقاصد شريعتنا؛ فإننا سنكون قد عملنا ليس فقط على

العمل يف فتح باب االجتهاد يف وقائع عصرنا املتجددة املتطورة، بل سنكون أيضا قد بدأنا

(.306لشرعية وعللها، جاسر عودة، ضمن: مقاصد الشريعة اإلسالمية دراسات يف قضايا املنهج وجماالت التطبيق، )مقاصد األحكام ا 1

(.299نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور، إمساعيل احلسين، ) 2 اإلحالة السابقة. 3

تأصيل أصول شريعتنا نفسها بصورة تضمن هلا االستجابة احلية لكل ما حيصل من تغيري أو يطرأ

.1من جديد"

واألمر اآلخر: "االنتقال من التأصيل التشريعي حلفظ الضروريات إىل التأصيل السياسي

وريات املصاحل يف حلفظها"، قال احلسين: "إن الداللة الواردة يف هذا االنتقال هي أن حتديد ضر

.ا.هـ، وهو ما 2اجملتمع خيضع ملا هو متحرك فيه ال ملا هو ثابت، ملا هو متغري ال ملا هو جامد"

يعين يف حقيقته "فصل احلكم عن الدين"، وإعطاء السلطة التشريعية للبشر يف تطبيق جزئي

لألحكام وتدرج يف تشريعها، أو تغيري هلا وإعمال الغريب واملرجوح منها.

لتطبيق اجلزئي للشريعة:ا

توظيف ومما له صلة بانتقال التأصيل التشريعي حلفظ الضروريات إىل التأصيل السياسي

نسبية األحكام وتغريها يف التطبيق اجلزئي للشريعة والتدرج فيه.

مل يكن مطروحا يف الثراث الفقهي اإلسالمي مسألة التطبيق اجلزئي للشريعة أو التدرج

ان ذلك نتاج غياب تطبيق الشريعة اإلسالمية يف كثري من بالد املسلمني، صاحب ، وإمنا ك3فيها

(.72إعادة بناء قضايا الفكر العربي املعاصر، اجلابري، )(، وانظر النقل يف داخل النص: وجهة نظر حنو 299املصدر السابق، ) 1 (.299-289نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور، ) 2يين املتتبع للرتاث الفقهي الباحث عن موقف الفقهاء فيمن سلف من التطبيق اجلزئي للشريعة والتدرج فيها جيد شيئا من ذلك عند اإلمام اجلو 3

ياث األمم يف التياث الظلم[ حيث قسم الكتاب إىل ثالثة أركان: األول: يف نصب اإلمام، والثاني: يف خلو الزمان عن اإلمام، يف كتابه ]غ

والثالث: يف تقدير انقراض محلة الشريعة. وهذا األخري جاءت فيه مالمح وقواعد يف تطبيق الشريعة أو جزء منها. انظر: غياث األمم يف

.إىل آخر الكتاب( 636التياث الظلم، )

ذلك ضعف داخلي إما هلزمية نفسية أو إعجاب وانبهار بالثورة الغربية، مما أوجد إشكاال

فكريا حول تطبيق الشريعة، والتزامها.

إشكاالت متعددة، ومسألة التدرج يف الشريعة حتتاج إىل حبث وحترير؛ إذ ال تزال تشوهبا

من أمهها وأوهلا، االشكال االصطالحي؛ فإن اصطالح التدرج يف الشريعة حيتاج إىل حترير

اصطالح، وضبط قواعد، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن التدرج يف الشريعة يتنوع

باختالف اعتبارات النظر:

درج بالتأجيل.فمن حيث الداللة لدينا: التدرج بالنسخ، والتدرج بالتغيري، والت -

ومن حيث اجملال لدينا: التدرج يف اإلعالم والبيان، والتدرج يف الدعوة، والتدرج يف -

التطبيق.

ومن حيث املستوى لدينا: التدرج الفردي، والتدرج اجملتمعي. -

ومن حيث الدائرة لدينا: التدرج يف دائرة البالد اإلسالمية املنحرفة، والتدرج يف دائرة -

ة اجلديدة، والتدرج يف دائرة بالد األقليات اإلسالمية.البالد اإلسالمي

ويف ظل عدم التحديد االصطالحي، وإمكانية التوظيف العلماني؛ فإن اختاذ موقف

واحد فصل من هذه القضية يعترب تطرفا يف املوقف جيانب الوسطية، وحترير هذه القضية حيتاج

شرعية، واستبصار بالسرية النبوية وآثار إىل دراسة فقهية أصولية، واحتكام إىل النصوص ال

السلف الصاحل رضوان اهلل تعاىل عليهم.

لقد حاول الباحثون يف تقرير التدرج يف الشريعة إسناد موقفهم إىل أصول شرعية،

ووجدوا تقرير ذلك يف التدرج يف التنزيل، واملرحلية يف األحكام، فالدين إمنا نزل منجما أقساطا

نوازل احلادثة على مدى ثالث وعشرين عاما، ومجلة من األحكام إمنا نزل حبسب احلاجة وال

حكمها متدرجا على مراحل، كتحريم اخلمر نزل على مراحل ثالث، قالت أم املؤمنني عائشة

رضي اهلل عنها: "إمنا نزل أول ما نزل منه سورة من املفصل فيها ذكر اجلنة والنار، حتى إذا

نزل احلالل واحلرام، ولو نزل أول شيء ) ال تشربوا اخلمر (؛ لقالوا: ال ثاب النا إىل اإلسالم

ملسو هيلع هللا ىلصندع اخلمر أبدا. ولو نزل ) ال تزنوا (، لقالوا: ال ندع الزنا أبدا. لقد نزل مبكة على حممد

ر ﴿وإني جلارية ألعب مااأ وا دها

اةح أ ا ا م واٱلس هح دح و ةح ما ا ا نزلت [، وما46]القمر: ﴾ با ٱلس

، وغفلوا أو تغافلوا عن التحرير االصطالحي والضبط 1سورة البقرة والنساء إال وأنا عنده"

، فظهر يف الدعوة إىل التدرج يف التطبيق ثالث قراءات: الققه املرحلي، والفقه املمكن، 2التنوعي

والفقه اجملتمعي.

(.4993(، حديث رقم )6/185أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب تأليف القرآن، ) 1تكمن أمهية التحرير االصطالحي والتحديد النوعي ملسألة التدرج يف تطبيق الشريعة يف التوظيف العلماني هلذه القضية؛ وذلك من خالل 2

الشريعة النسبية، قال اجلابري: "النسبية إذن هي اليت طبعت تطبيق الشريعة اإلسالمية على مر العصور، وهذا اعتبار التدرج مسة حتقق يف

منذ ظهور اإلسالم نفسه؛ ذلك أن القرآن الذي يتضمن مبادئ هذه الشريعة وأحكامها مل ينزل دفعة واحدة، وإمنا جاء منجما مقسطا، وعلى

فتطبيق أحكام الشرع كان نسبيا هبذا املعنى حتى يف زمن النيب، أي أنه كان يتصف بالتدرج، وقد اكتسى مدى ثالث وعشرين سنة، وبالتايل

التدرج نوعا من املرحلية ينص أوال على حكم، ثم يأتي حكم آخر يكمله أو يعدله، وكأن احلكم األول متهيد للحكم النهائي".ا.هـ ]الدين

([.195والدولة وتطبيق الشريعة، اجلابري، )

فية، تذهب إىل أن الدولة القراءة األوىل: الفقه املرحلي، وهي قراءة ذات نزعة تراثية سل

:1اإلسالمية يف رعيلها األول مرت مبرحلتني، وكان لكل مرحلة فقه خاص هبا

املرحلة األوىل: مرحلة فقه االستضعاف، وهي: "احلالة اليت يكون فيها الفرد املسلم أو

و اجلماعة املسلمة ضعفاء، حبيث ال يقدرون على إظهار اإلسالم وشعائره، أو تطبيقها كلها أ

.2بعضها؛ بسبب عدو أو سلطان جائر"

وملوجبات فقه هذه املرحلة حالتان:

احلالة األوىل: عدم القدرة على إظهار اإلسالم وشعائره، وتصور دائرة هذه احلالة ال يكون

إال يف بالد غري املسلمني، أو يف بلد إسالمي خاضع حلاكم عدو للمسلمني.

الشريعة اإلسالمية أو بعضها، وصورة هذه احلالة احلالة الثانية: عدم القدرة على تطبيق

، وقد يكون -البالد اإلسالمية اجلديدة، واملنحرفة، واألقليات اإلسالمية -تعم الدوائر الثالث

مرجع ذلك تسلط عدو، أو جور حاكم.

ويلحظ على هذا التعريف، وتلك الصور؛ أن مرحلة االستضعاف هنا ترتبط بغياب

مية للشريعة )الدولة(، وميثل هذه املرحلة من عصر التنزيل، فرتة الدعوة السلطة والقوة احلا

.3املكية واليت متثل حالة االستضعاف الكلي

(.215-213)خالد الفهدوي، ،اإلسالمي انظر: الفقه السياسي 1 (.22) زياد املشوخي، االستضعاف وأحكامه يف الفقه اإلسالمي، 2 (.84، )املصدر السابق 3

املرحلة الثانية: مرحلة فقه التمكني، وهي: "املرحلة اليت يستخلف فيها قوم حيملون

.1اإلسالم منهجا، ويقومون بتطبيقه يف حياة النا "

رحلي "يعين اعتماد فقه املرحلة يف التطبيق اجلماعي، ويف التنزيل والتدرج يف الفقه امل

الفردي، فحزمة التشريعات اإلسالمية ال حرج من تأجيل بعضها رفعا للحرج، ودفعا ملفاسد

الفجائية يف الضبط االجتماعي دون هتيئة األسباب وتوفري الشروط، والتدرج هنا يتعلق باألمر

.2ني"والنهي يف اإللزام القانو

وتتحدد مراحل الفقه حبسب هذه الرؤية يف ثالث مراحل هي إمجاال: مرحلة الدعوة،

.3مرحلة املغالبة، ومرحلة التمكني

ويتمثل دور فقه املقاصد لدى أصحاب هذه القراءة يف جانبني:

األول منهما: تقديم املستند الشرعي هلذه القراءة من خالل الرؤية املقاصدية للتدرج يف

ريع بني تشريع الكليات يف املرحلة املكية، وتشريع اجلزئيات يف املرحلة املدنية.التش

واجلانب اآلخر: تقديم املنهج العملي للفقه يف هذه القراءة من خالل اعتماد أصل املآل يف

.4التطبيق اجلزئي من أجل الوصول إىل االكتمال التشريعي

قلية، تفرق بني أمنوذجني للشريعة:القراءة الثانية: الفقه املمكن: وهي قراءة ع

(229) خالد الفهدوي، ،اإلسالمي الفقه السياسي 1 (.79مآالت األفعال يف املصطلح املقاصدي، حممد كمال الدين إمام، ) 2 .(500-380انظر تفصيل ذلك: تبصري املؤمنني بفقه النصر والتمكني يف القرآن الكريم، علي حممد الصالبي، ) 3 (.79-78انظر: مآالت األفعال يف املصطلح املقاصدي، حممد كمال الدين إمام، ) 4

األمنوذج األول: هو األمنوذج النصي، وهو أمنوذج كامل مثايل، يقوم على "فهم النص

الشرعي كما هو بعيدا عن أي مؤثرات من خارجه".

هو األمنوذج الواقعي، وهو األمنوذج املمكن القائم على "تنزيل مفهوم النص األمنوذج الثاني:

قع ويصلحه، وقد يقتضي ذلك: التخلي عن بع مفاهيم النص يف سبيل حتقيق مبا يالئم الوا

.1أعلى املصلحتني، أو درء أعلى املفسدتني"

وبغ النظر عن وجود سلطة حامية للشريعة أو عدمه؛ فإن هذه القراءة متنح الواقع

االقرتاب سلطة حتديد ما ميكن تطبيقه من ذلك األمنوذج الكامل، وما ال ميكن تطبيقه، ومدى

والبعد بني األمنوذجني؛ يف مقاربة ملا يعرف يف أصول الفقه بـ"حتقيق املناط"، وجعلت مناط

التطبيق: القدرة واالستطاعة.

، يقول حممد 2وهذه القراءة هتدف إىل "الوصول إىل صيغة توفيقية بني النص والواقع"

وتطبيقاهتم للدين هي "واقع"، عمارة: "إن اإلسالم كدين إهلي هو "مثال"، وإن إقامة البشر

وستظل مسافة ما دائما وأبدا بني الواقع وبني املثال، ويف وجود هذه املسافة يكمن ويتجسد

.3احلافز الذي يستحث اإلنسان على حماولة جماوزة الواقع، ليقرتب أكثر فأكثر من املثال"

على الشبكة العنكبوتية، مقال منشور تطبيق الشريعة بني األمنوذج الكامل واملمكن، ماهر القرشي، جملة العصر، 1

http://alasr.ws/articles/view/11739/ .املصدر نفسه 2 (.121اإلسالم والسياسة، حممد عمارة، ) 3

ثقافة العقد االجتماعي، وتقوم القراءة الثالثة: الفقه اجملتمعي: وهي قراءة تنويرية، تعتمد

على ثالثة أسس:

، فاألوىل "معطى إهلي -التشريعية والتنفيذية -األسا األول: التفريق بني السلطتني

منزل مستمد من الوحي، ومتمثل يف احملكمات والقطعيات والكليات الشرعية"، فهو ميثل

خيي لذلك املعطى اإلهلي"، ومتثل املرجعية العليا للسلطة، والثانية "فعل بشري اجتهادي تار

.1مرحلة التطبيق لنظم وقيم املرجعية التشريعية، وقد تكون مفسدة ومناقضة هلا

وتذهب هذه القراءة ضمن أساسها األول إىل أمهية ضبط "مفهوم )تطبيق الشريعة(،

وضرورته، ومراجعته، وإعادة صياغته وفق مقاصد الوحي واألصول والكليات الكربى،

مع التطور اجلذري والعميق ملفهوم الدولة احلديثة، وتشكل مفاهيم اجملتمع املدني احلر، خصوصا

وواقع النظام العاملي، وطبيعة القانون الدويل، والتحوالت التارخيية اليت متر هبا املنطقة، وحنو

ذلك من التحديات اليت توجب إعادة صياغة هذا املفهوم؛ لكي يستجيب للواقع اجلديد،

.2يب على التساؤالت الراهنة، ويستوعب التحوالت الكونية التارخيية"وجي

كما تفرق هذه القراءة بني ) الشريعة ( و) الفقه (؛ فاألوىل قطعية، هلا القداسة

والعصمة، وحقها االلتزام واخلضوع، فتكون هي املرجعية العليا يف التشريع. أما الثانية، فظنية،

.3ف، فال تصلح ألن تكون مرجعية عليا يف التشريعحتتمل اخلطأ والصواب واخلال

(.13انظر: سيادة األمة قبل تطبيق الشريعة، عبداهلل املالكي، ) 1 (.31-30املصدر نفسه، ) 2 (.62-58انظر: املصدر نفسه، ) 3

األسا الثاني: قيام السلطة التنفيذية على أسا العقد االجتماعي، "فالعالقة بني األمة

واإلمام تقوم على أسا عقد بني طرفني: تكون األمة فيه هي األصيل، واإلمام هو الوكيل عنها

فوي اإلهلي، وليسا باحلق املوروث، وال باملنازعة يف إدارة شؤوهنا، فاحلكم والسلطة ليسا بالت

واملغالبة، بل بعقد البيعة بني األمة واإلمام، وهبذا سبق اإلسالم الغرب يف حتديد األسا

.1الفلسفي الذي يتم مبوجبه ممارسة السلطة لصالحياهتا وفق نظرية العقد االجتماعي"

االلتزام، فاألول: إكراه وقهر، والثاني قبول ويف هذا األسا تفرق هذه القراءة بني اإللزام و

والتزام، والعقد االجتماعي يف اإلسالم عقد التزام، ال إلزام؛ إلتزام من قبل األمة مشروط بالتقيد

مبا ختتاره لنفسها من مرجعية تشريعية، والتزام من احلاكم مقيد برغبات األمة ومطالبها، وعليه

موذجية لتطبيق الشريعة اإلسالمية" يكون بتوفر عاملني فإن "الفضاء األمثل والظروف الن

أساسيني:

"إمجاع مجهور املواطنني على احرتام املبادئ األساسية للقانون الشرعي، حبيث يكون -1

اخلضوع لذلك القانون عن إميان وقبول، ال عن قهر وإكراه، بناء على مبدأ سيادة األمة".

الشعب، تعكس مقاصده ومصاحله املشرتكة، "قيام سلطة سياسية منتخبة متثل إرادة -2

.2وتعمل على حتقيقها على أرض الواقع"

(.300الطغيان، حاكم املطريي، ) حترير اإلنسان وجتريد 1 (.80انظر: سيادة األمة قبل تطبيق الشريعة، عبداهلل املالكي، ) 2

األسا الثالث: االحتكام يف التطبيق إىل املنظومة القيمية االجتماعية؛ وذلك أن تلك

املنظومة تشكل "مشرتكا قيميا" يستوعب أفراد اجملتمع املتنوعني واملتعددين يف مرجعياهتم

وغري الدينية. وخلفياهتم الدينية

ويف هذا األسا تفرق هذه القراءة بني بعدين لألحكام الشرعية:

البعد األول: البعد الفردي األخالقي: وهو بعد "اليتصف بصفة قانونية حقوقية، ومن ثم

ال حيق للسلطة التدخل يف فرضه"، وميثل هذا البعد من األحكام الشرعية: أحكام العقائد،

تعبدي، إمياني، ذو طبيعة أخالقية، ذاتية اإللتزام، وليس واجبا والعبادات؛ فهي "واجب

حقوقيا؛ حبيث يلزم من إمهاله وتعطيله من قبل الفرد تدخل املؤسسات السلطوية يف الدولة

إلجبار الفرد على أدائه".

البعد االجتماعي احلقوقي: وهو البعد املتصف بالصفة القانونية احلقوقية، البعد الثاني:

ثلها من األحكام الشرعية األحكام املنظمة للحقوق بني األفراد سواء ما كان من باب ومي

املعامالت، أو اجلنايات والقضاء، أو أحكام األسرة.

وأمهية التفريق بني هذين البعدين تتمثل يف االلتزام، واملسؤولية، فـ"األحكام الفردية

يار احلر؛ املنوط باملسؤولية التكليفية أمام اهلل األخالقية: التزامها ذاتي، فردي، مبين على االخت

.من دون إجبار أو إكراه خارجي، ومن ثم فاملسؤولية فيها مسؤولية أخروية فقط

أما األحكام االجتماعية احلقوقية: فالتزامها قانوني، مؤيد بسلطة الدولة ومؤسساهتا

، ومثرة ذلك: أنه ليس " كل حكم التنفيذية، ومن ثم فاملسؤولية فيها دنيوية وأخروية يف آن"

.1شرعي الزم من حيث الديانة يكون الزما من حيث القانون والفعل السياسي السلطوي"

ونتيجة لذلك "حني يتم رفع شعار ) تطبيق الشريعة ( فينبغي أن ينصرف املعنى إىل

الشريعة األحكام الشرعية احلقوقية املتعلقة بالفعل التنفيذي السياسي، وليس إىل أحكام

.2كافة"

وهذه القراءة هتدف إىل "تعاقد سياسي توافقي" بني أفراد اجملتمع وسلطته "ينظم حياهتم

، وفق نظرية العقد االجتماعي، يقوم على أن جتسيد الشريعة 3ومصاحلهم وعالقاهتم اإلنسانية"

ال ميكن أن تتجلى يف إطار الدولة ال يكون "إال عرب ) اإلرادة العامة ( لألمة، واإلرادة العامة

وفقا -كفعل سياسي إال نتيجة عن سيادة األمة"، والثمرة من تلك القراءة أنه "ال حيق ألحد

أن يفرض شيئا على هذه األمة من دون الرجوع إىل االحتكام إىل إرادهتا، وإىل -هلذه السيادة

القيم واملبادئ الدستور الذي اختارته عرب صندوق االقرتاع، فإن اختارت األمة منظومة

اإلسالمية مرجعية عليا، وإطارا للتشريع والقوانني؛ فال حيق ألحد أن يفتئت عليها أو يفرض ما

يناق ويعارض مرجعيتها الدستورية. وإن اختارت األمة تعطيل الشريعة فسيكون املوقف

به؛ نتيجة إعالن اإلنكار واالعرتاض الواضح هلذا االختيار، مع القبول واإلقرار السياسي

(.70-67، )املصدر السابقانظر: 1

(.78املصدر نفسه، ) 2 (.22انظر: املصدر نفسه، ) 3

للمسار التعاقدي القائم، ثم بناء على هذا املسار التعاقدي نسعى إىل إعادة تطبيق الشريعة،

.1وباملسار نفسه الذي متت به تنحيتها"

لقد أتت هذه القراءات كتطبيق للتأصيل السياسي حلفظ الضروريات، وميكن حتديد

التالية:نقاط االتفاق واالختالف بني هذه القراءات يف النقاط

أوال: الرؤية السياسية ملسألة تطبيق الشريعة، إال أهنم اختلفوا يف جوانب تلك الرؤية،

من اعتبار تطبيق الشريعة من السياسة -العقد االجتماعي -ففي حني انطلقت القراءة الثالثة

ما اختلفتا يف احلقوقية املدنية، فإن القراءتني األخريني انطلقوا من كوهنا سياسة شرعية؛ إال أهن

حتمية التغيري كما عند الفقه املرحلي يف القراءة األوىل، أو أولوية التغيري كما عند فقه اإلمكان

يف القراءة الثانية.

مت توظيف -الفقه املرحلي -ثانيا: التوظيف املصلحي املقاصدي، ففي القراءة األوىل

بني عهدين مكي ومدني، ىل اهلل املقاصد توظيفا فقهيا، رأوا فيه أن تدرج الدعوة إ

واختالف طبيعة أحكام كل عهد، رأوا يف ذلك داللة فقهية على مقصد التدرج يف الشريعة،

ومراعاة مصلحة حتقيقها واقعا معاشا يف حاليت الضعف والقوة، ومن ثم دعوا إىل اعتبار املآل

كمنهج عملي يف فقه تلك املراحل.

يف املقاصد توظيفا أصوليا، متخذين من مبدأ التكليف ويف القراءة الثانية مت توظ

ومقصد نفي احلرج واملشقة فيه أصال يعتمد عليه يف االلتزام باألمنوذج املمكن ال الكامل.

(.144-143، )املصدر السابق 1

ويف القراءة الثالثة مت توظيف املقاصد توظيفا علمانيا، وظفوا فيه مصطلح املقاصد دون

فصل السياسة عن الدين، وتقديم سلطة اجملتمع -عن جهل أو علم -داللته، مقررين بذلك

على سلطة الشرع.

ثالثا: اعتبار الواقع يف التنزيل أو االحتكام إليه، ففي الفقه املرحلي نظر إىل الواقع على أنه

قيد وشرط لتنزيل األحكام وتطبيق الشريعة، بينما يف القراءتني األخريني نظر إليه على أنه علة

م وتطبيقها.لتنزيل األحكا

احلديث عن النسخ -التدرج املصلحي يف تطبيق الشريعة -وقد ارتبط هبذه القضية

وتوظيفه يف تأصيل مسألة التدرج وهو املطلب التايل من هذا البحث.

:ي من نسخ األحكام الشرعيةاملطلب الثاني: موقف التوجه املقاصدخ مبعنى إثبات احلكم للمتأخر وإلغاء حكم يرى أتباع الفكر املقاصدي املعاصر أن النس

املتقدم "إمنا يعكس منهجا جديدا يصدم حس الدار واملفكر اإلسالمي؛ حيث يتعرض

ملبادئ أساسية يف الوحي والرسالة باإللغاء، ويف هذا إلغاء ملعنى الرسالة وأبدية توجيهها،

لى جمتمع املدينة املنورة ودفعها إىل أضيق السبل، ويقضي كذلك بقصور أحكام الشريعة ع

بعد الفتح، ومسي العهد املدني الثاني، ويف ملسو هيلع هللا ىلصودولته يف مرحلته األخرية من ختام حياة الرسول

.1ذلك جتاهال للقسم األول والثاني من العهد النبوي ومها: العهد املكي، والعهد املدني األول"

قول "متناق مع مبدأ تنزيه أن القول بأن احلكم املنسوخ مل يبق فيه أي وجه للعمل به

.2الشارع عن اللغو واإلمهال والعبث"

ومن هنا حتددت دائرة النسخ يف دائرتني:

الدائرة األوىل: "نسخ بع أحكام اإلسالم ملا قبلها من الشرائع".

الدائرة الثاني: "ما كان من النسخ على سبيل التدرج يف التطبيق".

من أن نطالب العقل األصويل اجملتهد أن يتجاوز نظرية قال جاسر عودة: "ولذا كان ال بد

النسخ سبيال إىل حل التعارضات اللفظية املتومهة؛ إال ما كان من نسخ بع أحكام اإلسالم ملا

قبلها من الشرائع، وما كان من النسخ على سبيل التدرج يف التطبيق، ال بد من أن ينطلق العقل

(.11-10، )قضية املنهجية يف الفكر اإلسالمي، عبداحلميد أبو سليمان 1 (.70مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، إمساعيل احلسين، ) 2

بة عمال بكل النصوص املتحدة األهداف، ولو كانت خمتلفة اجملتهد يف آفاق املقاصد الرح

.1األلفاظ على أي حال"

تتبع لمن خاليكون وحترير موقف التوجه املقاصدي من قضية النسخ ووظيفته التشريعية

التطور بني الرؤية التأسيسية عند الشاطيب، وبني الرؤية املعاصرة:

رؤية الشاطيب لقضية النسخ يف الشريعة:

ض الشاطيب عن حترير مصطلح النسخ، واكتفى بتأكيد سعة اصطالح املتقدمني عن أعر

اصطالح املتأخرين، بل إنه أعرض عن كثري من املسائل اليت ذكرها األصوليون يف هذا الباب؛

وذلك يرجع إىل أنه ال أثر هلا يف الفقه، وقد التزم أن ال يذكر إال ما له يف الفقه أثر، وميكن حترير

من النسخ مبا يلي:موقفه

تتمثل الداللة الوظيفية للنسخ يف متهيد األحكام والتدرج يف التشريع، قال الشاطيب: -

"وتأمل كيف جتد معظم النسخ إمنا هو ملا كان فيه تأنيس أوال للقريب العهد باإلسالم،

واستئالف هلم؛ مثل كون الصالة كانت صالتني ثم صارت مخسا، وكون إنفاق املال مطلقا

حبسب اخلرية يف اجلملة ثم صار حمدودا مقدرا، وأن القبلة كانت باملدينة بيت املقد ثم

صارت الكعبة، وكحل نكاح املتعة ثم حترميه، وأن الطالق كان إىل غري هناية على قول طائفة ثم

(.126-125نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، ) 1

اقيا صار ثالثا، والظهار كان طالقا ثم صار غري طالق، إىل غري ذلك مما كان أصل احلكم فيه ب

.1على حاله قبل اإلسالم ثم أزيل، أو كان أصل مشروعيته قريبا خفيفا ثم أحكم"

ووفق هذه الداللة كانت القواعد الكلية هي املوضوعة أوال، والذي نزل هبا القرآن على -

مبكة، ثم تبعها أشياء باملدينة كملت هبا تلك القواعد اليت وضع أصلها مبكة، قال ملسو هيلع هللا ىلصالنيب

وإمنا كانت اجلزئيات املشروعات مبكة قليلة، واألصول الكلية كانت يف النزول الشاطيب: "

إىل املدينة واتسعت خطة اإلسالم كملت هنالك ملسو هيلع هللا ىلصوالتشريع أكثر، ثم ملا خرج رسول هلل

.2األصول الكلية على تدريج"

وتبع ذلك تقرير اجلزئيات يف العهد املدني؛ "ألهنا يف الغالب تقييدات لبع ما تقدم -

إطالقه، أو إنشاء أحكام واردة على أسباب جزئية"، وبناء على ذلك فـ"إذا رأيت يف املدنيات

أصال كليا فتأمله جتده جزئيا بالنسبة إىل ما هو أعم منه، أو تكميال ألصل كلي"، وتطبيق ذلك

ورود الشرع يف القرآن املكي حبفظ الضروريات اخلمس على وجه اإلمجال، وتفصيل ذلك يف

.3القرآن املدني

وتتحدد دائرة النسخ فيما شرع يف املدينة من أحكام جزئية، قال الشاطيب: "ملا تقرر أن -

-املنزل مبكة من أحكام الشريعة هو ما كان من األحكام الكلية، والقواعد األصولية يف الدين

(.3/78املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.3/77املصدر نفسه، ) 2 (.36-3/33انظر: املصدر نفسه، ) 3

ن يف الكليات ؛ اقتضى ذلك أن النسخ فيها قليل ال كثري؛ ألن النسخ ال يكو-على غالب األمر

.1وقوعا وإن أمكن عقال"

ويقرر الشاطيب قلة النسخ وندرته من وجهني: -

وجدته متنازعا فيه، وحمتمال، 2الوجه األول: "أن غالب ما ادعي فيه النسخ إذا تأمل

وقريبا من التأويل باجلمع بني الدليلني على وجه: من كون الثاني بيانا جململ، أو ختصيصا لعموم،

أو تقييدا ملطلق، وما أشبه ذلك من وجوه اجلمع مع بقاء األصل من اإلحكام يف األول

والثاني".

الوجه الثاني: "أن كثريا مما يظن نسخا ليس بنسخ، وإمنا هو من قبيل حتريم ما هو مباح

.3حبكم األصل، أو رفع براءة الذمة"

واعد الكلية من الضروريات ويف ظل هذه الرؤية لوظيفة النسخ قال الشاطيب: "الق

واحلاجيات والتحسينيات مل يقع فيها نسخ، وإمنا وقع النسخ يف أمور جزئية؛ بدليل االستقراء،

فإن كل ما يعود باحلفظ على األمور اخلمسة ثابت، وإن فرض نسخ بع جزئياهتا فذلك ال

ل فأصل احلفظ باق؛ إذ يكون إال بوجه آخر من احلفظ، وإن فرض النسخ يف بعضها إىل غري بد

.4ال يلزم من رفع بع أنواع اجلنس رفع اجلنس"

(.3/78، )السابقاملصدر 1 ملته (؛ وفق مقتضى السياق.هكذا يف األصل، ولعل الصواب ) تأ 2

(.81-3/80املوافقات، الشاطيب، ) 3 (.3/88، )املصدر السابق 4

هذه الرؤية املقاصدية للنسخ مبنية على رعاية املصلحة؛ متهيدا لألحكام، وتأنيسا وتأليفا

وتربية للمكلفني، "وقد اختذ هذا التدرج يف التطبيق أسلوبني":

حلكم من األخف إىل األشد"، "األول: بدأ احلكم فيه بتكليف خفيف، ثم تدرج ا

ومثاله: التدرج يف: حتريم اخلمر، والربا، وإجياب الصالة، والصيام.

"والثاني: بدأ احلكم فيه بتكليف شاق، ثم خفف تدرجييا من األشد إىل األخف"،

.1ومثاله التدرج يف: فرض قيام الليل، والوصال يف الصيام ملن نام عن إفطاره

ر الكلي واجلزئي إىل تلك املسائل؛ فإنه "إذا كان الفعل مندوبا ويضبط هذا اعتبار النظ

باجلزء كان واجبا بالكل" متى تركوه مجيعا استوجبوا الذم على تركه، ومثل هذا تقتضي الرتبية

على فعله إجيابه ابتداء، ثم يعود إىل أصله، فهو يف أصله حسن، وكذا "إذا كان الفعل مكروها

ا بالكل"، هذا يف التدرج من األشق إىل األخف، وأما يف التدرج من األخف باجلزء كان ممنوع

إىل األشق؛ فإنه راعى فيه ما تضمنه األشق من مشقة يقتضي حتملها الرتبية عليها، وتأنيس

األنفس بتحملها.

التوظيف املعاصر للمقاصد يف دفع القول بنسخ األحكام:

كام الشرعية ال بد من أن تبنى على فهم ينادي املقاصديون املعاصرون بـ"أن األح

مقاصد النصوص أكثر من فهم دالالت ألفاظها"، وأنه "ال بد أن ينطلق العقل اجملتهد يف آفاق

املقاصد الرحبة عمال بكل النصوص املتحدة األهداف ولو كانت خمتلفة األلفاظ "، متجاوزا

(.114-113انظر: نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، ) 1

، قال حممد الغزايل: 1للفظية املتومهة"بذلك جعل "نظرية النسخ سبيال إىل حل التعارضات ا

"نعم قد يقع يف القرآن تفصيل بعد إمجال، أو تقييد بعد إطالق، أو ختصيص بعد تعميم، بيد أن

ذلك شيء غري الزعم بأن هناك آيات بطل حكمها، أو وقف تنفيذها، وإذا فسروا وقوع النسخ

هم النسخ على أنه إبطال حلكم سبق نزوله، يف القرآن باملعنى األول؛ فال بأ يف قبوله، أما إذا ف

.2واإلتيان حبكم جديد أصلح منه للنا ، أو أدنى منه للحق، فذلك ما ننفيه نفيا باتا"

ويف توظيف املقاصد يف تضييق دائرة النسخ يحدد جاسر عودة ملا ذكر العلماء أنه من

باب النسخ أربع مقاصد هي:

: قال جاسر عودة: "فإن 3 حفظ الضرورات الشرعية"املقصد األول: "مقاصد اإلمامة يف

التصرفات النبوية الشريفة على صاحبها الصالة والسالم يف األمور السياسية، واالقتصادية،

والرتبوية، والعسكرية، والصحية؛ قد ختتلف حسب الظروف اليت عايشها على مدار مراحل

رة "هني بعد إباحة أو إباحة بعد هني"، الرسالة املختلفة، وهي بالتايل قد تصل إلينا يف صو

ولكننا ينبغي أن نفهمها كلها يف إطار واحد من مقاصد اإلمامة يف حفظ عقائد النا وأمواهلم

، ملسو هيلع هللا ىلصونفوسهم، من دون حاجة إىل مسالك النسخ بالرأي اجملرد، وهكذا ميكننا أن نفهم سنته

.ا.هـ4بألفاظها وصورها"ونطبقها يف هذه اجملاالت العامة مبقاصدها ومعانيها ال

(.126-125، )املصدر السابق 1 (.195نظرات يف القرآن، حممد الغزايل، ) 2 (113-101) جاسر عودة، ،نقد نظرية النسخانظر: 3

(.113-112، )سابقالاملصدر 4

ومن األمثلة على تطبيق هذا املقصد يف دفع دعوى النسخ: "االنتفاع بلحوم األضاحي

بعد ثالثة أيام"، فقد قال اإلمام مسلم: "باب بيان ما كان من النهي عن أكل حلوم األضاحي بعد

ت ذلك حديث .ا.هـ، وأورد حت1ثالث يف أول اإلسالم، وبيان نسخه، وإباحته إىل متى شاء"

عمرة عن عائشة رضي اهلل عنها أهنا قالت: دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة األضحى

: "ادخروا ثالثا ثم تصدقوا مبا بقي". فلما كان بعد ملسو هيلع هللا ىلص، فقال رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلصزمن رسول اهلل

قال ذلك قالوا: يا رسول اهلل، إن النا يتخذون األسقية من ضحاياهم، وحيملون منها الودك، ف

: "وما ذاك"؟ قالوا: هنيت أن تؤكل حلوم الضحايا بعد ثالث. فقال: "إمنا هنيتكم ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

، قال الشوكاني: قوله: "إمنا هنيتكم من 2من أجل الدافة اليت دفت، فكلوا، وادخروا، وتصدقوا"

أجل الدافة فكلوا..."إخل، هذا وما بعده تصريح بالنسخ لتحريم أكل حلوم األضاحي بعد

ثالث، وادخارها، وإليه ذهب اجلماهري من علماء األمصار من الصحابة، والتابعني، فمن

.3بعدهم"

قال جاسر عودة معلقا: "فإذا نظرنا إىل املسألة من ناحية العلة؛ وجدنا أن علة النهي يف

ترتبط حبكم التحريم، وتتناق مع حكم التحليل؛ ولذلك -وهي مرور ثالثة أيام -احلديث

أى اجلمهور يف هذا التناق املتوهم لزوم القول بالنسخ، إال أن عائشة رضي اهلل عنها مل تر يف ر

(.1564-3/1560صحيح مسلم، كتاب األضاحي، ) 1( باب بيان ما كان من النهي عن أكل حلوم األضاحي بعد ثالث يف أول اإلسالم، وبيان نسخه، 5( كتاب األضاحي، )35صحيح مسلم، ) 2

(.1971(، حديث رقم )3/1561وإباحته إىل متى شاء، ) (.9/500، الشوكاني، )نيل األوطار شرح منتقى األخبار 3

األمر تناقضا، وال نسخا، وأوضحت أن النهي مل يكن للتحريم، وإمنا كان القصد منه التوسعة

.2"1ليس إال، فقالت: مل يكن حرمها، ولكنه أراد التوسعة على الدافة اليت قد دفت عليهم

ويتقرر حتت هذا املقصد من خالل النهي واإلباحة يف حديث الدافة "أن لإلمام املسلم

يف اختاذ تدابري من شأهنا حفظ الضرورات الشرعية، مثل: حفظ -بل واجبات -صالحيات

النفو من ضرر اجلوع عن طريق نشر التكافل بني املسلمني، مع موازنة ذلك بأصل إباحة

فاع النا مبا يتمولون على املستوى الفردي؛ ما دام اجملتمع كله ال حيتاج حاجة التملك احلر، وانت

.3ماسة إىل هذه األموال"

واملتأمل لآلثار الواردة يف بيان هذه املسألة يدرك أن مسلك اجلمع بينها أقرب من دعوى

فا من النسخ؛ وذلك أن النهي عن االدخار فوق ثالث "مل يكن عبادة فنسخت" وإمنا كان تصر

أن يحسن إليهم ملسو هيلع هللا ىلصاإلمام مناطا مبصلحة الذين قدموا املدينة من غري أهلها، فـ"أراد الرسول

، فيكون من باب إناطة األحكام بعللها ودوراهنا معها وجودا 4أهل املدينة، وأن يتصدقوا عليهم"

وعدما.

(، 4/188أثر عائشة رضي اهلل عنها أورده الطحاوي يف شرح معاني اآلثار، كتاب الصيد والذبائح، باب أكل حلوم األضاحي بعد ثالثة أيام، ) 1

(.6286أثر رقم )

(.102نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، ) 2 (.104، )املصدر السابق 3 (.15/170، )االستذكار، ابن عبدالربانظر: 4

ذلك أن "من : و1املقصد الثاني: "مقصد التيسري عن طريق التدرج يف تطبيق األحكام"

سنن اهلل تعاىل يف الفطرة البشرية صعوبة التغري خاصة يف ما يتعوده اإلنسان، والصحابة كانوا

قد تعودوا قبل اإلسالم عادات قد صارت جزءا من حياهتم، فلما جاء اإلسالم بآداب وأحكام

ج يف التدر ملسو هيلع هللا ىلصتتناق مع بع هذه العادات؛ كان من رمحة اهلل تعاىل، ومن حكمة رسوله

.2تطبيق هذه األحكام، وكان هذا التدرج من السمات العامة يف عهد الرسالة"

ومن األمثلة على تطبيق هذا املقصد يف دفع دعوى النسخ: حتريم اخلمر؛ "فقد نزل أوال

اس ﴿قوله تعاىل إثم ا ي ا قح فمهما يس ن ٱلامر واٱلما ا حوناكا فعح ل نا بي واما ناس كاح كبا

اا أ ما هح ا إوثمح [، وهو إشارة إىل أن ما غلب شره فمن األوىل 219]البقرة: ﴾ من نفعهما

نتحم ﴿أن يرتك، ثم نزل قوله تعاىل اأ ةا وا او ٱلص بحوا لا تاقرا نحوا ااما ينا ا ٱل ها ي

اأ ى يا را كا سح

حونا ول ا تاقح وا ما تاعامح ت [، وهو ما يعين الكف عنها أغلب اليوم وبع الليل، 43لنساء:]ا ﴾ حا

مح ﴿ثم نزل قوله تعاىل زلااابح واٱل نصا

اح واٱل يس ا ٱلامرح واٱلما إنما نحوا ااما ينا ا ٱل ها ي

اأ يا

ما رجس ن عا ونا م م تحفحح كح بحوهح لاعا ن فاٱجتان مطا [، وهو التحريم 90]املائدة: ﴾ ٱلش

.3التام، واحلكم األصلي"

تطبيق احلكم وأمثاله نسخا ويستشكل املقاصديون املعاصرون تسمية هذا التدرج يف

ن:ألمري

(.119-113نقد النسخ يف القرآن، جاسر عودة، ) 1 (.113)املصدر السابق، 2 (.114، )نفسهاملصدر 3

األول منهما: أن املنسوخ ليس حكما شرعيا، "فلم يكن هناك أبدا حكم شرعي يبيح

لربا واحد يف دين اهلل وهو التحريم، اخلمر يف الليل، أو الربا غري املضاعف، وإمنا حكم اخلمر وا

.1ولكن التطبيق نفسه كان تدرجييا"

واألمر اآلخر: عدم جواز العمل باحلكم املنسوخ بعد نسخه، قال جاسر عودة: "وهو ما

.ا.هـ، وضرب لذلك أمثلة منها: أن الصالة 2خالفه" ملسو هيلع هللا ىلصأثبت استقراء الروايات عن رسول اهلل

ن بالعشي، ثم فرضت الصلوات اخلمس ليلة اإلسراء، وقد أجاز فرضت ركعتان بالغداة وركعتا

على سبيل 4"صالتني بدال من مخس -وهو حديث عهد بإسالم - 3لفضالة الليثي ملسو هيلع هللا ىلصالرسول

.5التأليف"

وما أورد من إشكال يف تسمية التدرج يف التشريع نسخا ال يتوجه، ومرجعه إما تعميم

قراء، أو تبين رأي والسعي لتقريره، ويظهر ذلك يف مسألة هل األحكام بنظر جزئي نع قلة االست

(.201-195(، وانظر: نظرات يف القرآن، الغزايل، )117، )السابقاملصدر 1 (.117نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، ) 2أن اسم أبيه وهب ]انظر ترمجته: االستيعاب يف معرفة األصحاب، ابن عبد الرب، الصحابي اجلليل: فضالة بن عبداهلل الليثي، وقيل 3

([.555-8/554(. واإلصابة يف متييز الصحابة، ابن حجر، )3/1263-1264)

(، وحكم عليه احملقق شعيب 428(، برقم )1/319أخرجه أبو داوود يف سننه، كتاب الصالة، باب يف احملافظة على أوقات الصلوات، ) 4

صحيح ابن حبان، كتاب الصالة، باب . ألرنؤوط بالضعف. وهو عند ابن حبان يف صحيحه بلفظ: "إن شغلت فال تشغل عن العصرين"ا

: األلباني(. قال 1741(، برقم )35-5/34فضل الصلوات اخلمس، ذكر وصف الربدين اللذين يرجى دخول اجلنة بالصالة عندمها، )

([.1739(، برقم )3/270حيح ابن حبان، كتاب الصالة، باب فضل الصلوات اخلمس، األلباني، )"صحيح". ]التعليقات احلسان على ص (.118-115، )نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، 5

التدرج يف األحكام يعد نسخا أو ال؟ فقد بين إنكار ورود التدرج من باب النسخ من اجلهتني

السابقتني، واجلواب عنهما:

فأما اجلهة األوىل: فذهبوا إىل أن األحكام املنسوخة ليست أحكاما شرعية، فلم يكن -

شرعي يبيح اخلمر أو الربا ثم نسخ.هناك حكم

فنظروا إىل تدرج التشريع يف اخلمر والربا، ثم عمموا نتيجتهما على كل ما ورد من هذا

الباب، ويقال: فما اجلواب عن نسخ وصال الصيام، وقيام الليل يف أول األمر، وجوب الصدقة

التدرج؟؟ أليست أحكاما شرعية ثم نسخت على وجه ملسو هيلع هللا ىلصعند مناجاة الرسول

إن املستقري للتدرج يف تشريع األحكام جيده ورد على طريقني:

الطريق األول: التدرج من األخف إىل األشد، وذلك مثل: حتريم اخلمر والربا، وقد كان

، ثم نسخ تدرجييا إىل التحريم.1حكمهما ثابتا باستصحاب احلال

ا حكم شرعي؛ فعن سلمة وقد جاء من هذا الطريق تدرج يف التشريع، واملنسوخ منهم

ا ﴿قال: ملا نزلت هذه اآلية بن األكوع ۥ فدياة والعا وناهح مقح ينا يحط امح مسكي ٱل عا ﴾ طا

قال ابن بدران عن استصحاب احلال: "هو ظن دوام الشيء بناء على ثبوت وجوده قبل ذلك، وهذا الظن حجة عند األكثرين، منهم: مالك، 1

زني، والصرييف، وإمام احلرمني، والغزايل، ومجاعة من أصحاب الشافعي، خالفا جلمهور احلنفية، وأبي احلسني البصري، ومجاعة من وأمحد، وامل

مجاع أو املتكلمني. قال اخلوارزمي يف الكايف: استصحاب احلال هو آخر مدار الفتوى؛ إذا مل جيد املفيت حكم احلادثة يف الكتاب أو السنة أو اإل

. فيكون حكم اخلمر [(286املدخل إىل مذهب اإلمام أمحد، ابن بدران، )] ا أخذ حكمها من استصحاب احلال يف النفي واإلثبات".القي

ه.والربا قبل التحريم على أصل بقاء احلال على ما هو وتدرج يف تشريع حكمه بدأ بالتنفري منه املشعر بكراهته، وانتهاء بالنص على حرمت

. قال 1[، كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت اآلية اليت بعدها فنسختها184]البقرة:

ا ﴿البخاري: "باب ۥ فد والعا وناهح مقح ينا يحط ، قال ابن عمر، وسلمة بن األكوع: نسختها ﴾ ياة ٱل

د ﴿ اانح هح ر نزلا فمه ٱلقححي أ انا ٱل ضا ما هرح را ناس ى شا ت ل نا بام ى وا دا نا ٱلهح م

مح هدا منكح ن شا ما فا رقاان ر واٱلفحفا سا ا و لعا

اريضا أ نا ما ن كا واما مهح هرا فاماصح ة ٱلش فاعد

ةا ٱلعد حكمحوا ل سا وا مح ٱلعح كح لا يحريدح ب مح ٱليحسا وا كح ح ب را يحريدح ٱلل خاحيام أ

ان أ م

ونا رح اشكح م ت كح لاعا م وا كح ى دا ا ها ما ا ا لعا وا ٱلل ح ب حكا ل .ا.هـ2["185]البقرة: ﴾ وا

ك مثل: وصال الصيام، فعن الرباء والطريق الثاني: التدرج من األشد إىل األخف، وذل

إذا كان الرجل صائما؛ فحضر اإلفطار؛ فنام قبل أن يفطر؛ ملسو هيلع هللا ىلصقال: "كان أصحاب حممد

األنصاري كان صائما، فلما حضر 3مل يأكل ليلته وال يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة

لب لك. وكان يومه اإلفطار أتى امرأته فقال هلا: أعندك طعام؟ قالت: ال، ولكن انطلق فاط

يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك. فلما انتصف النهار غشي

﴿، فنزلت هذه اآلية ملسو هيلع هللا ىلصعليه، فذكر ذلك للنيب فاثح إلا ماام ٱلر اةا ٱلص م لا ح لاكححأ

(. ومسلم يف 4237(، رفم )4/1638، )﴾ ه يصم فل ر لشهٱفمن شهد منكم ﴿تاب التفسري، باب ك ري يف صحيحه،أخرجه البخا 1

، ﴾ ه يصم فل ر لشهٱفمن شهد منكم ﴿ بقوله ﴾ ية دف ۥيطيقونه لذينٱوعلى ﴿ صحيحه، كتاب الصيام، باب بيان نسخ قوله

(.1145(، رقم )2/802) (.3/34، )﴾ ية فد ۥيطيقونه لذينٱوعلى ﴿صحيح البخاري، كتاب الصيام، باب 2الصحابي اجلليل قيس بن صرمة، وقيل صرمة بن قيس، وقيل ابن أنس، ]انظر ترمجته: االستيعاب يف معرفة األصحاب، ابن عبد الرب، 3

(248،9/118-5/245الصحابة، ابن حجر، )(. واإلصابة يف متييز 2/737-738)

م كح ائ سا ﴿[، ففرحوا هبا فرحا شديدا، ونزلت 187]البقرة: ﴾ ن ت حا بحوا واٱشا حوا كح واسواد منا

ابماضح منا ٱلامط ٱل

امح ٱلامطح ٱل ا لاكح جر ياتاباي .1["187]البقرة: ﴾ ٱلفا

تدرجت يف التشريع إما من األخف إىل األشد، أو من األشد إىل األخف -فهذه أحكام

ذلك دعوى عدم ورود النسخ وردت من باب النسخ، واملنسوخ حكم شرعي، فبطل ب -

بصورة التدرج يف التشريع حبجة أن املنسوخ ليس حكما شرعيا.

وأما اجلهة الثانية: أن القول بأن التدرج يف التشريع نسخ يقتضي ترك العمل باحلكم -

املنسوخ، وهو ما أثبت استقراء السنة خالفه، و"أن احلكم املتأخر بقي أصال، ولكن احلكم

، فجعل التدرج من باب الرخص والعزائم، وتغري احلكم 2احلا يف حاالت خاصةاملتقدم بقي ص

لتغري الظروف واألحوال.

وقد ذكر جاسر عودة إلثبات دعوى العمل باملنسوخ مثالني:

أجاز لفضالة الليثي أن يصلي صالتني؛ صالة قبل طلوع ملسو هيلع هللا ىلصاملثال األول: أن رسول اهلل

صالة قد فرضت مخسا تأليفا له، ويف هذا إعمال حلكم الشمس، وصالة قبل غروهبا، مع أن ال

، -ركعتني بالغداة، وركعتني بالعشي -منسوخ؛ إذ كانت الصالة قبل أن تفرض مخسا صالتني

فكان فيما علمين: "وحافظ على الصلوات ملسو هيلع هللا ىلصقال: علمين رسول اهلل فعن فضالة الليثي

ئكم نسا إلى لرفثٱ لصيامٱ لة لي حل لكمأ ﴿( كتاب الصوم، باب قول اهلل جل ذكره 36أخرجه البخاري يف صحيحه، ) 1 ﴾ ،

(.1816(، رقم )2/676)

(.117نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، ) 2

فمرني بأمر جامع إذا أنا فعلته أجزأ اخلمس". قال: قلت: إن هذه ساعات يل فيها أشغال،

عين. فقال: "حافظ على العصرين". وما كانت يف لغتنا؛ فقلت: وما العصران؟ فقال: "صالة

.1قبل طلوع الشمس، وصالة قبل غروهبا"

فـ"هذا احلديث مشكل مبادئ الرأي؛ إذ يوهم إجزاء صالة العصر ملن له أشغال عن

دون اخلمس ممن يتألف إىل اإلسالم استنادا حلديث فضالة والقول بقبول صالتني ، 2غريها"

ذهب إليه ابن رجب فقال: "وقد كان أحيانا يتألف على اإلسالم من يريد أن يسامح برتك

بع حقوق اإلسالم، فيقبل منهم اإلسالم، فإذا دخلوا فيه رغبوا يف اإلسالم فقاموا حبقوقه

قال السيوطي: "ولعل هذا الرجل .3لة الليثي عن أبيه"وواجباته كلها كما روى عبداهلل بن فضا

.4عن احلكم العام" ملسو هيلع هللا ىلصإمنا فرضت عليه هاتان الصالتان فقط، واستثناه النيب

واجلواب عن هذا اإلشكال من ثالثة وجوه:

الوجه األول: أن ظاهر احلديث الرخصة عن أداء الصالة يف أول وقتها مجاعة؛ إذ الكالم

اء الصالة ال إقامتها، قال العيين: "فقال: "حافظ على العصرين" أي: عن احملافظة على أد

واظب عليهما وأدمها يف وقتيهما مع اجلماعة، وحاصل كالم فضالة ومعناه: أني إذا واظبت

أجزأ عين فيما يقع مين -كل واحد يف وقته املستحب، مع األداء باجلماعة -على العصرين

(.4(، حاشية رقم )390حث، )سبق خترجيه، انظر هذا الب 1 (.2/95عون املعبود شرح سنن أبي داوود، العظيم آبادي، ) 2

(4/199فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن رجب، ) 3 (.1/217حكاه عن السيوطي الديوبندي يف ]في الباري على صحيح البخاري[، ) 4

ن طاعة اهلل تعاىل من أبواب الفضائل والقربات، وحيتمل أن يكون من التقصري يف غري الصالة م

املعنى: أجزأ عين إذا قصرت يف غري العصرين من الصلوات اخلمس بأن أؤديها بغري اجلماعة، أو

: "ومن املفهوم الواضح أن 2.ا.هـ، قال التوربشيت1يف وقتها املكروه بسبب االشتغال باألعمال"

الصالتني تسهيال لألمر يف إضاعة غريمها من الصلوات، أو ترخيصا مل يخصص هاتني ملسو هيلع هللا ىلصالنيب

لتأخريها عن أوقاهتا، وإمنا أمر بأدائهما يف الوقت املختار، واحملافظة عليهما يف مجاعة ملا فيهما

مع ما يف وقتهما من -أنه إذا حافظ عليهما ملسو هيلع هللا ىلصمن الفضل والزيادة يف األجر، ...وقد علم

.ا.هـ، 3مل يكن ليضيع غريمها من الصلوات واألمر يف إقامة ذلك أيسر" -الشواغل والقواطع

يؤيد ذلك رواية ابن حبان، وفيها: فأسلمت، وعلمين الصلوات اخلمس يف مواقيتها، قال: فقلت

له: إن هذه ساعات أشتغل فيها فمر يل جبوامع. قال: فقال: "إن شغلت فال تشغل عن

: حافظ عليها بأول أوقاهتا، فاعتذر بأشغال - تعاىل أعلم واهلل -، فـ"كأنه أراد 4العصرين"

، ويؤيده الوجه الثاني.5مقتضية لتأخريها عن أوهلا، فأمره باحملافظة على الصالتني بأول وقتهما"

(.302-2/301شرح سنن أبي داوود، العيين، ) 1هـ. ]انظر ترمجته: طبقات الشافعية الكربى، السبكي، 660وربشيت، حمدث فقيه من أهل شرياز، كانت وفاته يف حدود فضل اهلل الت 2

(8/348-352.)

(.2/331مرعاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح، املباركفوري، ) 3 (.4(، حاشية رقم )390سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 4

(.2/95وود، العظيم آبادي، )عون املعبود شرح سنن أبي دا 5

الوجه الثاني: أن حديث فضالة لبيان فضل هاتني الصالتني، واالهتمام هبما، "وقد ورد

ة ﴿؛ قال اهلل تعاىل 1يضا"التأكيد هبما يف حق مجيع األمة أ او ت واٱلص اوا ا ٱلص وا لعا فظح حاى : "من صلى ملسو هيلع هللا ىلصقال: قال رسول اهلل [، وعن أبي موسى األشعري 238]البقرة: ﴾ ٱلوحسطا

: "ال يلج النار ملسو هيلع هللا ىلصقال: قال رسول اهلل 3، وعن عمارة بن رويبة الثقفي2الربدين دخل اجلنة"

، فليس يف حديث فضالة إسقاط فرض الصلوات 4س، وقبل غروهبا"من صلى قبل طلوع الشم

اخلمس واالكتفاء بصالتني تأليفا له على اإلسالم، بل هو لبيان فضل هاتني الصالتني.

قبل من فضالة صالتني دون اخلمس تأليفا له ملسو هيلع هللا ىلصالوجه الثالث: أننا لو سلمنا بأن الرسول

ال يقا عليه، وهذا ما أشار إليه السيوطي على اإلسالم؛ فإن هذا يكون حكما خاصا

عن احلكم ملسو هيلع هللا ىلصفقال: "ولعل هذا الرجل إمنا فرضت عليه هاتان الصالتان فقط، واستثناه النيب

إىل كيفية ملسو هيلع هللا ىلصإىل اليمن، فقد أرشده رسول اهلل .ا.هـ، يؤيده حديث بعث معاذ 5العام"

اهلل عنهما قال: ملا بعث رسول دعوة أهل اليمن والتدرج فيها، فعن عبداهلل بن عبا رضي

معاذا حنو اليمن قال له: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم ملسو هيلع هللا ىلصاهلل

(.1/217في الباري على صحيح البخاري، الديوبندي، ) 1

(. وأخرجه مسلم يف صحيحه، كتاب 574(، برقم )1/119أخرجه البخري يف صحيحه، كتاب مواقيت الصالة، باب فضل صالة الفجر، ) 2

(.635(، برقم )1/440ا، )املساجد ومواضع الصالة، باب فضل صالتي الصبح والعصر واحملافظة عليهم(. 488-5/487الصحابي اجلليل: عمارة بن رويبة الثقفي، أبو زهرية، ]انظر ترمجته: تاريخ اإلسالم ووفيات املشاهري واألعالم، الذهيب، ) 3

([.10/15وإكمال هتذيب الكمال يف أمساء الرجال، مغلطاي، )

(.634(، برقم )1/440باب فضل صالتي الصبح والعصر واحملافظة عليهما، ) أخرجه مسلم يف صحيحه، كتاب املساجد ومواضع الصالة، 4 (.1/217حكاه عن السيوطي الديوبندي يف ]في الباري على صحيح البخاري[، ) 5

إليه عبادة اهلل، فإذا عرفوا اهلل؛ فأخربهم أن اهلل قد فرض عليهم مخس صلوات يف يومهم

م وترد على فقرائهم، فإذا وليلتهم، فإذا فعلوا؛ فأخربهم أن اهلل فرض عليهم زكاة من أمواهل

؛ فلم يرخص هلم يف إداء الصلوات اخلمس، 1أطاعوا هبا؛ فخذ منهم وتوق كرائم أموال النا "

ولو كان يقا على حديث فضالة ألرشده إليه.

املثال الثاني: أن من األحكام اليت شرعت على التدريج أحكام تدرجت من الوجوب إىل

قال: ا بإطالق، ومثال ذلك قيام الليل؛ فعن أبي هريرة االستحباب، فلم ينسخ العمل هب

بثالث، ال أدعهن حتى أموت: صوم ثالثة أيام من كل شهر، وصالة ملسو هيلع هللا ىلصأوصاني خليلي

.2الضحى، ونوم على وتر"

واالستدالل هبذا املثال ال يصح إال إذا اشرتطنا يف النسخ:

النسخ، بل خالفهم يف جواز إما النسخ إىل غري بدل؛ وهذا مل يقل به أحد ممن جييز -

النسخ إىل غري بدل، ال يف النسخ إىل بدل.

أو أن يكون حقيقة النسخ التضاد بني الناسخ واملنسوخ، وهذا أيضا مل يقل به أحد ممن -

جييز النسخ، بل اكتفوا بالتقابل وعدم إمكان اجلمع.

(. ومسلم يف صحيحه، 1458(، برقم )2/119كتاب الزكاة، باب ال تؤخذ كرائم أموال النا يف الصدقة، ) ،أخرجه البخاري يف صحيحه 1

(.19(، برقم )1/51كتاب اإلميان، باب الدعاء إىل الشهادتني وشرائع اإلسالم، )(. ومسلم بنحوه يف صحيحه، كتاب 1178(، برقم )2/58أخرجه البخاري يف صحيحه، كتاب التجهد، باب صالة الضحى يف احلضر، ) 2

(.721(، برقم )1/499صالة املسافرين وقصرها، باب استحباب صالة الضحى، )

إطالق، وإمنا وعلى هذا فليس من شرط النسخ ترك العمل بصورة فعل احلكم املنسوخ ب

متعلق النسخ احلكم، وعليه فإن االستحباب يقابل الوجوب، فيصح بذلك بقاء العمل بقيام الليل

على وجه االستحباب ال الوجوب، إذ النسخ للوجوب ال لقيام الليل.

واحلق أنه ال يمنع وقوع التدرج على الوجهني ، فيكون من باب النسخ يف البع ، ومن

تغري األحوال والظروف؛ فما كان من باب التعبد فهو تدرج على وجه باب تغري األحكام ب

إال مبا شرع، وما كان من باب السياسة النسخ؛ إذ مناط هذا الباب التوقيف فال يعبد اهلل

الشرعية كان التدرج فيه من باب تغري األحكام بتغري األحوال والظروف؛ إذ مناط ذلك مراعاة

آلخرة.مصاحل النا يف الدنيا وا

: قال جاسر عودة: "وهذه 1املقصد الثالث: "املوازنة بني مقصدي التعبد والتيسري"

املوازنة بني مقصدي التعبد والتيسري مسة عامة للشريعة اإلسالمية، فعزائم األمور التعبدية حني

.2تشق على املكلف ال بد أن تأتي الرخصة فتخفف التكليف يف حدود الشرع"

ة الصيام يف السفر، فعن ابن عبا رضي اهلل عنهما: "أن رسول اهلل ومثل لذلك مبسأل

خرج عام الفتح يف رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، ثم أفطر"، قال الزهري: "فكانوا يتبعون ملسو هيلع هللا ىلص

، قال جاسر عودة: "وبناء على هذه 3األحدث فاألحدث من أمره، ويرونه الناسخ احملكم"

(.121-120) نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، 1 (.121)املصدر نفسه، 2 (.1113(، برقم )2/784باب جواز الصوم والفطر يف شهر رمضان للمسافر يف غري معصية، ) أخرجه مسلم يف صحيحه، كتاب الصيام، 3

أن حكم الصوم يف السفر "منسوخ" -كما يروي مسلم - الرواية فقد رأى ابن شهاب الزهري

.1استنادا إىل تأخر تاريخ رواية الفطر، وهو عام الفتح"

وهي مالحظة عامة على أغلب مسائل كتابه ]نقد -ويلحظ على جاسر عودة يف هذا

حاكم حماكمة إطالق املتقدمني للفظ ) النسخ ( إىل اصطالح املتأخرين، وهبذا -نظرية النسخ[

إطالق لفظ النسخ يف تغري األحكام بتغري األحوال والظروف، أو الرتخص بعد العزمية، إىل

مدلول رفع حكم شرعي بدليل متأخر، وهبذا املنهج وظف جاسر عودة إطالقات املتقدمني

للفظ ) النسخ ( يف نقد نظرية النسخ عند املتأخرين وردها باملقاصد.

ال يعد من -لذي بنى عليه جاسر عودة نقده لنظرية النسخ وهو ا -والرتخص يف العزائم

أن يكون الناسخ مقابال للمنسوخ، رافعا -إذا كان النسخ إىل بدل -النسخ، إذ شرط النسخ

وكذا يف مجيع صور الرخص -للعمل به، وال ميكن اجلمع بينهما، ويف مسألة الصيام يف السفر

حلكم مبقابل، وإمنا فيه ترخص لعذر، فاحلكم األول باق، ليس هناك رفع -واألإباحة للضوروة

واجلمع بينهما ممكن باعتبار تغري احلال، فعن ابن عبا رضي اهلل عنهما قال: "ال تعب على من

.2يف السفر وأفطر" ملسو هيلع هللا ىلصصام، وال على من أفطر، قد صام رسول اهلل

(.120نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، ) 1 (.2/785از الصوم والفطر يف شهر رمضان للمسافر يف غري معصية، )أخرجه مسلم يف صحيحه، كتاب الصيام، باب جو 2

: وهذه املوازنة 1البيئة"املقصد الرابع: "املوازنة بني مقصدي سالمة اإلنسان وسالمة

مناطها اعتبار املصلحة فيهما و"النظر إىل املقاصد يضع األمور يف إطار واحد من مراعاة

.2مصاحل اإلنسان وبيئته اليت يعيش فيها يف آن واحد"

بقتل الكالب، ملسو هيلع هللا ىلصقال: "أمر رسول اهلل ومثاله: األمر بقتل الكالب، فعن ابن املغفل

، قال جاسر عودة: 3ل الكالب؟" ثم رخص يف كلب الصيد، وكلب الغنم"ثم قال: "ما باهلم وبا

"أما إذا نظرنا إىل املقاصد؛ فاملسألة ليست تعبدية حبال من األحوال، وإمنا يدور تفسري

النصوص املتعارضة مع املوازنة بني مصلحتني: مصلحة اإلنسان، ومصلحة احليوان، أي: بني

، فظاهر األمر أن احلديث األول كان يف -بالتعبري املعاصر -سالمة اإلنسان، وسالمة البيئة

أن ملسو هيلع هللا ىلصوقت حدث منه خطر من الكالب العقورة على ساكين املدينة، مما اقتضى من الرسول

يأمر بقتلها، ومل تكن القضية حكما شرعيا ناسخا أو منسوخا، وأمنا كان تدبريا وقائيا صحيا.

أن يعلمنا ملسو هيلع هللا ىلصالزمن زال فيه اخلطر عن النا ، وأراد الرسول واحلديث الثاني كان بعد فرتة من

هلا احلق يف الوجود ما مل تضر -اليت هي أمم أمثالنا كما علمنا القرآن -أن أمم احليوان

.4باإلنسان ضررا عاما"

(.124-121) نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، 1 (.121)املصدر نفسه: 2

(.1573(، برقم )3/1200أخرجه مسلم يف صحيحه، كتاب املساقاة، باب األمر بقتل الكالب وبيان نسخه، ) 3

(.123نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، ) 4

وقد بنى جاسر عودة رده دعوى النسخ يف مسألة قتل الكالب على أصل اعتبار

مر بقتل الكالب ثم النهي عنه ليس أمرا تعبديا "حبال من األحوال" املقاصد، فذهب إىل أن األ

وإمنا هو مناط باملصلحة. واجلواب على ما ذكره من وجهني:

الوجه األول: أن ما ذهب إليه من أن النهي ليس تعبديا ليس حمل وفاق؛ فقد علل األمر

ئكته، واملالئكة ال تدخل بيتا فيه مهبط وحي اهلل تعاىل مع مال ملسو هيلع هللا ىلصبقتلها بأن املدينة يف وقته

كلب وال صورة، قال ابن قتيبة: "وهذا دليل على أهنا كما تكره الكالب يف البيوت تكره أيضا

بقتلها أو بالتخفيف منها فيما قرب منها، وأمسك عن سائرها مما بعد ملسو هيلع هللا ىلصيف املصر، فأمر النيب

العلة حديث ميمونة رضي اهلل عنها .ا.هـ، ويدل على هذه1من مهبط املالئكة ومنزل الوحي"

أصبح يوما وامجا، فقالت ميمونة: يا رسول اهلل، لقد استنكرت هيئتك منذ ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول اهلل

: "إن جربيل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقين، أم واهلل مل ملسو هيلع هللا ىلصاليوم؟ قال رسول اهلل

يف نفسه جرو كلب حتت يومه ذلك على ذلك، ثم وقع ملسو هيلع هللا ىلصخيلفين". قال: فظل رسول اهلل

فسطاط لنا، فأمر به فأخرج، ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه، فلما أمسى لقيه جربيل، فقال

له: "قد كنت وعدتين أن تلقاني البارحة"؟ قال: "أجل، ولكنا ال ندخل بيتا فيه كلب وال

حلائط يومئذ فأمر بقتل الكالب، حتى إنه يأمر بقتل كلب ا ملسو هيلع هللا ىلصصورة". فأصبح رسول اهلل

.2الصغري، ويرتك كلب احلائط الكبري"

(.209تأويل خمتلف احلديث، ابن قتيبة، ) 1 (.2105(، برقم )3/1664أخرجه مسلم يف صحيحه، كتاب اللبا والزينة، باب ال تدخل املالئكة بيتا فيه كلب وال صورة، ) 2

وهبذه العلة يدفع إيهام التعارض بني األحاديث اليت جاءت باألمر بقتلها، واألحاديث اليت

هنت عن ذلك، فيكون األمر بالقتل خاصا باملدينة النبوية ألجل الوحي، وفيما عداها فهو

جائز.

سر عودة ليس منصوصا عليه، وإمنا هو الوجه الثاني: أن وجه املصلحة الذي ذكره جا

اجتهاد منه يف استنباط مصلحة شرعية من األمر بالقتل ثم النهي عنه، ودعوى أن هذه

املصلحة هي ظاهر النصوص ليست ظاهرة، ومل أقف على أثر أو رواية تسند ما ذهب إليه

آلثار.من التعليل، ويقابلها ما علل به ابن قتيبة سابقا، وهو تعليل تسنده ا

وعليه فالقول بعدم النسخ ألجل أن مقصد األمر والنهي كان رعاية اإلمام للمصاحل ال يسلم

به، وهذا ال يعين أن ليس لإلمام األمر بقتل الكالب إن رأى منها ضررا عاما، أو املنع منه إن

ة بقائها يف خشي فناءها، إذ ذلك ال يتعارض وأصل اإلباحة يف القتل واالقتناء للحاجة مع كراه

البيوت أو األمصار إال ما ال يستغنى عنه.

اململكة العربية السعودية

وزارة التعليم العايل

جامعة أ م القرى مبكة املكرمة

كلية الدعوة وأصول الدين

قسم العقيدة

الدراسات العليا

التوجه املقاصدي وأثره يف الفكر اإلسالمي املعاصر

حبث مقدم لنيل درجة املاجس تري يف العقيدة

إعداد الطالب

مسفر املالكي بن عارف بن مسفر

إشراف األستاذ الدكتور

سليمان الدميجيبن عبداهلل بن عمر

هـ1435

الثانياجمللد

ويشتمل على املبحثني التاليني:

املبحث األول: أثر النية يف قبول العمل ورده.

املبحث الثاني: اعتبار مقاصد املكلفني وأثره يف ترتب األحكام على أفعاهلم

ورفعها.

الفصل الثاني

منهج الفكر املقاصدي يف أفعال العباد تقصيد

وتصرفاتهم

املبحث األول

العمل ورده. أثر النية يف قبولمتثل مقاصد املكلفني القسم الثاني من أقسام كتاب املقاصد من ] املوافقات[ للشاطيب،

قال الشاطيب، وهلا ببحث املقاصد تعلقان:

.التعلق األول: القصد إىل املصاحل األخروية، ومداره على إخالص العمل هلل

لى حتصيل مقتضى ما جبل عليه والتعلق اآلخر: القصد إىل املصاحل الدنيوية، ومدارها ع

العبد من نيل الشهوات، واالستمتاع باملباحات، وسداخلالت.

ملا كان من مقاصد الشارع أن يكون قصد املكلف بالعمل "موافقا لقصده يف التشريع"؛ و

؛ فإنه من املتقرر تعلق قصد التعبد 1حبيث يكون "العمل على وفق القصد يف وضع الشريعة"

كلفني، قال الشاطيب: "املقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج املكلف عن داعية بأفعال امل

.2هواه، حتى يكون عبدا هلل اختيارا كما هو عبد هلل اضطرارا"

وخللو العمل من قصد التعبد واالمتثال من حيث األثر يف حكم الفعل جهتان: األوىل:

وبيان ذلك فيما يلي.قاب، الصحة والبطالن، واألخرى: استحقاق الثواب أو الع

(.2/251املوافقات، الشاطيب، ) 1

(.2/128، )املصدر نفسه 2

املطلب األول: حكم خلو العبادات من قصد التعبد واالمتثال:ملا كان األصل يف باب العبادات ارتباط مصاحل العباد ومفاسدهم باآلخرة، وما تضمنته

من حكم دنيوية إمنا كانت بالتبع ال باألصل؛ فإن أصل النظر الشرعي فيها من جهة الثواب

والعقاب.

خالصا عن شوائب الشرك؛ فإن اعتبار ا كان املقصد الشرعي فيها أداء حق اهلل ومل

الصحة والفساد فيها مناط بتحقق املقصد الشرعي فيها.

ومن هنا تتحدد مالمح املوقف الشرعي من خلو أفعال العباد التعبدية عن مقصد التعبد

واالمتثال مبا يلي:

االمتثال، وله حالتان:أوال: خلو العبادة عن قصد التعبد و

، وتوجه القصد إىل احلالة األوىل: نشوء العبادة خالية من قصد التعبد واالمتثال هلل

، وهو على مرتبتني:غريه

صرفا املرتبة األوىل: الشرك األكرب: وهو أن يصرف قصده يف العبادة إىل غري اهلل

خالصا.

يعتقد أنه ال إله إال اهلل، وأنه ال يضر وال ينفع املرتبة الثانية: الشرك األصغر: و"يصدر ممن

وال يعطي وال مينع إال اهلل، وأن ال إله غريه، وال رب سواه، ولكن ال خيلص هلل يف معاملته

، فيغلب على قصده حب وإيثار وتفضيل حظوظ النفس مما هو من مثار تلك 1وعبوديته"

ر والرزق، وغري ذلك من مصاحل الدنيا وحظوظ العبادة، كثناء النا واملنزلة بينهم، وبركة العم

النفس.

وحمل وقوع هذا الشرك يف اإلرادات والنيات، وهو من أشق أنواع الشرك دفعا، "وقد قيل

لسهل: أي شيء أشد على النفس، فقال: اإلخالص. قيل: ومل ذلك؟ فقال: ألنه ليس للنفس

.ا.هـ، وال 3ل له، وقل من ينجو منه"، قال ابن القيم: "فذلك البحر الذي ال ساح2فيه نصيب"

يسلم منه إال القليل.

قال: انطلقت مع أبي بكر الصديق وخطر هذا الشرك يف خفائه؛ فعن معقل بن يسار

فقال: "يا أبا بكر، للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل". فقال أبو بكر: وهل ملسو هيلع هللا ىلصإىل النيب

: "والذي نفسي بيده للشرك أخفى من ملسو هيلع هللا ىلصل النيب الشرك إال من جعل مع اهلل إهلا آخر؟ فقا

دبيب النمل، أال أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثريه"؟ قال: "قل اللهم إني أعوذ

.4بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك ملا ال أعلم"

غ ﴿ ويف حكم العبادة إذا خلت من قصد التعبد واالمتثال قال ا لا يا ن إن ٱللافرح أ

ى إثما ا د ٱفتا قا فا ٱلل حشك ب ن ي واما ح ا اشا ن ي ما كا ل ل ا دحونا ذا ياغفرح ما هۦ وا حشاكا ب ي

(.302-301الداء والدواء، ابن القيم، ) 1 (.165) آن العظيم، التسرتي،تفسري القر 2 (.312الداء والدواء، ابن القيم، ) 3

(. وصححه األلباني. ]انظر: صحيح األدب املفرد، األلباني، 716( برقم )250أخرجه البخاري يف األدب املفرد، باب فضل الدعاء، ) 4

(265.])

مما ظ ا دحونا ﴿ [، وقال 48]النساء: ﴾ ا ياغفرح ما هۦ وا حشاكا ب ن ياغفرح أ ا لا يا إن ٱلل

حش ن ي واما ح ا اشا ن ي ما كا ل ل باعمداذا لا لا د ضا ضا قا فا ٱلل [، وقال 116]النساء: ﴾ ك ب

ميا من ﴿ ظ ا ل واما هح ٱنلارح ى واأ امه ٱلانةا واما ا ح رما ٱلل د حا قا فا ٱلل حشك ب ن ي ۥ ما إنهح

ار نصاا: "قال اهلل تبارك وتعاىل: ملسو هيلع هللا ىلصقال: قال رسول اهلل [، وعن أبي هريرة 72]املائدة: ﴾ أ

.1أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عمال أشرك فيه معي غريي تركته وشركه"

قال ابن القيم: "وهذا الشرك يف العبادة يبطل ثواب العمل، وقد يعاقب عليه إذا كان

ه إمنا أمر بعبادته العمل واجبا؛ فإنه ينزله منزلة من مل يعمله فيعاقب على ترك األمر، فإنه سبحان

ا ﴿خالصة، قال تعاىل ا نافا ينا حح ح ٱل يا لا ص ا مح ٱلل وا اعبحدح إل ل وا مرحح أ ا ﴾ واما

[، فمن مل خيلص هلل يف عبادته مل يفعل ما أمر به، بل الذي أتى به شيء غري املأمور به، 5]البينة:

ا.هـ.2فال يصح وال يقبل منه"

من: جهة الصحة -جلامع يف بيان حكم خلو العبادات عن قصد التعبد والدليل ا

﴿ قوله -والبطالن، وجهة الثواب والعقاب ا نحواف زيناتاها نماا وا ةا ٱل نا يحريدح ٱلاماو ن كا ماونا سح بخا ا لا يح م فمها ا واهح م فمها اهح ما ا

هم أ ينا لاي ١٥إلا ئكا ٱل ولاحة أ را م ف ٱألخ اهح سا ل

ط با ا وا فمها وا ناعح ا صا بطا ما واحا حونا إل ٱنلارح عما يا نحوا ا كا [، قال ابن 16-15]هود: ﴾ م

القيم: "واهلل سبحانه ذكر جزاء من يريد بعمله احلياة الدنيا وزينتها؛ وهو النار، وأخرب حببوط

(.2985(، برقم )4/2289اهلل، ) أخرجه مسلم يف صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك يف عمله غري 1 (.303الداء والدواء، ابن القيم، ) 2

.ا.هـ، وقال السعدي: 1ه وبطل؛ مل يبق معه ما ينجيه"عمله وبطالنه، فإذا أحبط ما ينجو ب

"وأما العمل ألجل الدنيا وحتصيل أعراضها؛ فإن كانت إرادة العبد كلها هلذا القصد، ومل يكن له

إرادة لوجه اهلل والدار اآلخرة، فهذا ليس له يف اآلخرة من نصيب، وهذا العمل على هذا

كان ضعيف اإلميان ال بد أن يريد اهلل والدار الوصف ال يصدر من مؤمن، فإن املؤمن وإن

.2اآلخرة"

احلالة الثانية: ترك استحضار قصد التعبد أثناء العبادة: ويف هذه احلالة يكون منشأ

، ثم يغيب هذا القصد عن استحضار املتعبد له أثناء العبادة، العبادة قصد التعبد هلل

وهلذه احلالة صورتان:

ب استحضار قصد التعبد، وجريان العبادة يف صورة العادة:الصورة األوىل: غيا

ملا كان حمل قصد التعبد القلب، وكان يف تعهده باستحضار نية التعبد يف كل أوقات

العبادة وأفعاهلا مشقة وكلفة ال تطاق؛ النشغال الذهن وتوارد التكاليف مما يشغل عن تعاهد

"هنا نص العلماء على أن الواجب على العابد استحضار النية يف كل األوقات واألفعال؛ من

"استصحاب حكم النية دون حقيقتها"، فيحكم "بعدم بطالهنا حال ذهول العابد عنها،

وعزوهبا عنه، وكل ما يلزم العابد يف هذه احلال أن ال يأتي مبا ينافيها ويبطلها، كأن ينوي قطعها

، ووجه ذلك:3أو يرفضها"

(.320عدة الصابرين وذخرية الشاكرين، ابن القيم، ) 1 (.220القول السديد شرح كتاب التوحيد، السعدي، ) 2 (.238مقاصد املكلفني فيما يتعبد به لرب العاملني، األشقر، ) 3

حبسب شرائطها وأسباهبا، مع انتفاء موانعها، واتقاء مفسداهتا؛ أوال: أن من قام بالعبادة

فإن هذا التحري وذاك التقيد دليل بقاء قصد التعبد وإن ذهل عنه؛ ملراعاة تلك الشرائط

واألسباب واملوانع واملبطالت.

بالتعبد هبا له، فإن "العبد املؤمن ثانيا: أن نفس نية فعل العبادة تتضمن اإلضافة هلل

لذي دخل اإلميان يف قلبه قد نوى نية عامة أن عباداته هي له سبحانه ال لغريه، فإنه إن مل يكن ا

كذلك كان منافقا، فإذا نوى عبادة معينة من صالة وصوم كان مستصحبا حلكم تلك النية

.1الشاملة جلميع انواع العبادات"

: "اإلخالص يقع من -ي احلكمية يف بيان الفرق بني املعاني الفعلية واملعان -قال القرايف

العبد يف أول العبادة، فهذا هو اإلخالص الفعلي، فإذا غفل عنه بعد ذلك حكم صاحب الشرع

، -وهو ضد اإلخالص -عليه بأنه من املخلصني يف الدنيا واآلخرة حتى خيطر له الرياء

م بالكفر بسبب واحلكفينتفي ذلك احلكم كما ينتفي احلكم باإلميان بسبب مالبسة الكفر،

.2"مالبسة اإلميان

الصورة الثانية: حتول القصد يف العمل من قصد التعبد إىل قصد حتصيل حظوظ النفس

، ثم طرأ عليه قصد ومتع الدنيا وملذاهتا: فأصل العمل يف هذه الصورة ومنشأه خالص هلل

حظوظ النفس ومتع الدنيا وملذاهتا، وبيان حكم هذه الصورة على ما يلي:

(.30-26/29ع ابن قاسم، )انظر: جمموع فتاوى ابن تيمية، مج 1 (.1/348الفروق، القرايف، ) 2

أوال: أن يكون املقصود دون اإلخالص مما جاء يف الشرع حتصيله بتلك العبادة، وذلك

وا ﴿ حنو: ترتب الربكة يف املال وسعة الرزق على االستغفار؛ قال تح ٱستاغفرح قح فاا ار ف نا غا ۥ كا م إنهح بكح ا ١٠را ار درا م م امكح ا ا ا ما د ١١يحرس ٱلس يحمد ل وا موا

اأ م ب كح

ا ر نهاام أ ياجعا لكح ت وا ن م جا ياجعا لكح يا وا بان [، وترتب بركة 12-10]نوح: ﴾ ١٢وا

قال: مسعت رسول العمر وحسن الذكر وزيادة الرزق على صلة الرحم؛ فعن أنس بن مالك

، فالعبادة يف 1محه"يقول: "من سره أن يبسط له يف رزقه، أو ينسأ له يف أثره فليصل ر ملسو هيلع هللا ىلصاهلل

، ثم غابت تلك النية مع استحضار ما يف تلك العبادات من هذه الصورة نشأت خالصة هلل

مصاحل ومنافع دنيوية.

وبيان حكم هذه الصورة حبسب قوة التوجه إىل املصاحل الدنيوية وأثرها يف إضعاف قصد

، وذلك حبسب ما يلي:التعبد واالمتثال هلل

لعبد إىل املصاحل الدنيوية خالصا هلا، وهذا االلتفات وإن كان يف أثناء أن يكون التفات ا -1

العبادة ال يف ابتدائها إال أنه يعد قطعا لنية التعبد واالمتثال، وبه يبطل العمل، ويحبط الثواب،

اهح ﴿ قال ما اهم أ إلا ا نحواف زيناتاها نماا وا ةا ٱل نا يحريدح ٱلاماو ن كا ا ما م فمها ا واهح م فمها

ونا سح بخا ا ١٥لا يح وا فمها ناعح ا صا بطا ما واحا ة إل ٱنلارح را م ف ٱألخ اهح ينا لايسا ل كا ٱل ئ ولاحأ

ط با حونا وا عما يا نحوا ا كا اةا ﴿ [، وقال 16-15]هود: ﴾ م اج نا يحريدح ٱلعا ن كا محۥ فم ناا لا ج اشا ا ا ن ا ما وم ها ذمح ا ما ها نما ياصاى ها حۥ جا ناا لا عا ن نريدح ثحم جا ما ح ل ور ا دحح اا م

( 45(. ومسلم يف صحيحه، )2067(، برقم )3/56( كتاب البيوع، باب من أحب البسط يف الرزق، )34أخرجه البخاري يف صحيحه، ) 1

(.2557(، برقم)4/1982( باب صلة الرحم وحتريم قطيعتها، )6كتاب الرب والصلة واآلداب، )

ن ﴿ [، وقال 18]اإلسراء: ﴾ هۦ واما رث حۥ ف حا ة نازد لا را رثا ٱألخ نا يحريدح حا ن كا ماحۥ ا لا ا واما هۦ منها نماا نحؤت رثا ٱل نا يحريدح حا مب كا ة من نص را [، 20]الشورى: ﴾ ف ٱألخ

: "من تعلم علما مما يبتغى وجه اهلل عز وجل ال ملسو هيلع هللا ىلصقال: قال رسول اهلل وعن أبي هريرة

.1يتعلمه إال ليصيب به عرضا من الدنيا مل جيد عرف اجلنة يوم القيامة"

ميكن إرادة الدنيا وعاجلها قال ابن القيم: " وها هنا أمر جيب التنبيه له: وهو أنه ال

بأعمال الرب دون اآلخرة مع اإلميان باهلل ورسوله ولقائه أبدا؛ فإن اإلميان باهلل والدار اآلخرة

يستلزم إرادة العبد لرمحة اهلل والدار اآلخرة بأعماله، فحيث كان مراده هبا الدنيا فهذا ال جيامع

ميان وراء ذلك، واإلقرار واملعرفة حاصالن ملن شهد اإلميان أبدا وإن جامع اإلقرار والعلم، فاإل

اهلل سبحانه له بالكفر مع هذه املعرفة؛ كفرعون، ومثود، واليهود الذين شاهدوا رسول اهلل

وعرفوه كما عرفوا أبناءهم؛ وهم أكفر اخللق بإرادة الدنيا وعاجلها باألعمال، قد جتامع هذه

راء ذلك ال بد أن يريد صاحبه بأعماله اهلل والدار املعرفة والعلم، ولكن اإلميان الذي هو و

.2اآلخرة، واهلل املستعان"

(، قال احملققان: صحيح لغريه. وهو 3664(، برقم )5/505بو داوود يف السنن، أول كتاب العلم، باب يف طلب العلم لغري اهلل، )أخرجه أ 1

(. وعند اإلمام أمحد يف املسند، مسند املكثرين 252(، برقم )1/169عند ابن ماجه يف السنن، أبواب السنة، باب االنتفاع بالعلم والعمل به، )

(.8457(، برقم )14/169مسند أبي هريرة رضي اهلل عنه، ) من الصحابة، (.323-322)عدة الصابرين وذخرية الشاكرين، ابن القيم، 2

أن يكون التفات العبد للمصاحل الدنيوية مقارنا لقصد التعبد مساويا أو مقاربا، وهذا -2

، 1"وإن كان مؤمنا فإنه ناقص اإلميان والتوحيد واإلخالص، وعمله ناقص لفقده كمال اإلخالص"

-والثواب ناقص، قال ابن رجب: "فإن خالط نية اجلهاد مثال نية غري الرياء فالعمل صحيح،

نقص بذلك أجر جهادهم -مثل: أخذ أجرة للخدمة، أو أخذ شيء من الغنيمة، أو التجارة

.ا.هـ، ويشهد هلذا:2ومل يبطل بالكلية"

تغزو قال: "ما من غازية ملسو هيلع هللا ىلصحديث عبداهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل

يف سبيل اهلل فيصيبون الغنيمة إال تعجلوا ثلثي أجرهم من اآلخرة، ويبقى هلم الثلث، وإن مل

.3يصيبوا غنيمة مت هلم أجرهم"

الذين عصوا برتك جبل الرماة جلمع -ما وصف اهلل به بع الصحابة يف غزوة أحد

نماا وا ﴿فيهم ؛ قال اهلل -الغنائم ن يحريدح ٱل م م منكح ةا را ن يحريدح ٱألخ م م ﴾ منكح

بعد [، فحكم لبعضهم أنه أراد الدنيا بتحصيل الغنائم ومجعها، ثم قال 152]آل عمران:

ا ﴿ذلك ح ذحو فاض لعا م واٱلل نكح ا ا فا د عا لاقا م وا ابتاماكح م ل نهح م عا فاكح ا ثحم صاؤمنيا كم ببطالن عملهم هبذه اإلرادة، قال ابن القيم: [، فلم حي152] آل عمران: ﴾ ٱلمح

"والذين أريدوا يف هذه اآلية هم الذين أخلوا مركزهم الذي أمرهم رسول اهلل حبفظه، وهم من

(.220القول السديد على كتاب التوحيد، ناصر السعدي، ) 1 (.53جامع العلوم واحلكم، ابن رجب، ) 2 (.1906(، برقم )3/1514زا فغنم ومن مل يغنم، )باب بيان قدر ثواب من غ كتاب األمارة، أخرجه مسلم يف صحيحه، 3

محلتهم على ترك املركز واإلقبال على كسب الغنائم -خيار املسلمني، لكن هذه إرادة عارضة

.1ا"خبالف من كان مراده بعمله الدنيا وعاجله -

أن العالقة بني تلك العبادات وآثارها الدنيوية يف الغالب مما ال يدرك إال بالشرع، وهو

الذي لفت نظر العبد إليها، ولوال تصديق العبد باخلرب الشرعي الوارد بتلك اآلثار الدنيوية ملا كان

ر يف بطالن العمل لطلبها عنده قصد، فيؤول األمر فيها إىل اإلميان واالمتثال، ولو كان هلا أث

وحبوط الثواب ملا لفت الشارع نظر العبد إليها، وحلذره منها، بل قد جاء اإلذن باجلمع بني

يف اجلمع بني احلج والتجارة قصدي التعبد ومنافع الدنيا مع رفع احلرج يف ذلك؛ قال اهلل

نااح ﴿ م جح امكح ا فاضل لايسا وا ن تابتاغحاكح أ ب ن ر [، قال القرطيب: 198]البقرة: ﴾ م م

"ففي اآلية دليل على جواز التجارة يف احلج للحاج مع أداء العبادة، وأن القصد إىل ذلك ال يكون

، أما إن اجلح 2شركا، وال خيرج به املكلف عن رسم اإلخالص املفرتض عليه، خالفا للفقراء

.3ا وتعلق القلب بغريها"دون جتارة أفضل؛ لعروها عن شوائب الدني

وذهب القرايف إىل أن هذا التشريك ال يؤثر يف صحة العمل، وظاهر كالمه أن أجره ال

ينقص، قال القرايف: "وأما مطلق التشريك كمن جاهد ليحصل طاعة اهلل باجلهاد، وليحصل

له هذا يف هذه املال من الغنيمة؛ فهذا ال يضره، وال حيرم عليه باإلمجاع؛ ألن اهلل تعاىل جعل

(.179عدة الصابرين وذخرية الشاكرين، ابن القيم، ) 1 مراده بالفقراء هنا أهل الزهد والتصوف. 2

(.3/331اجلامع ألحكام القرآن، القرطيب، ) 3

.ا.هـ، وحكاه ابن رجب عن األوزاعي؛ فقال: "وكذا قال األوزاعي: إذا كانت نية 1العبادة"

إما عن -الغازي على الغزو فال أرى بأسا. وهكذا يقال فيمن أخذ شيئا يف احلج ليحج به

وقد روي عن جماهد أنه قال يف حج اجلمال، وحج األجري، وحج -نفسه، أو عن غريه

لتاجر: هو متام ال ينقص من أجورهم شيء ]قال ابن رجب معلقا على هذا[: وهو حممول على ا

.2أن قصدهم األصلي كان هو احلج دون التكسب"

أعلم أن أجره ينقص؛ لورود األدلة بذلك، والذي يظهر من مثال القرايف والراجح واهلل

ة مسألة أخرى غري هذه وما حكاه ابن رجب عن األوزاعي وجماهد أن حديثهم عن صور

املسألة أال وهي أخذ مكافأة على العبادة للقيام هبا والتفرغ هلا، وهي املسألة التالية.

أن تكون املنفعة الدنيوية جعال للقيام بتلك العبادة والتفرغ هلا، قال السعدي: "وأما من -3

معلوما يستعني به عمل هلل وحده وأخلص يف عمله إخالصا تاما، لكنه يأخذ على عمله جعال

على العمل والدين؛ كاجلعاالت اليت جتعل على أعمال اخلري، وكاجملاهد الذي يرتب على جهاده

غنيمة أو رزق، وكاألوقاف اليت جتعل على املساجد واملدار والوظائف الدينية ملن يقوم هبا،

دنيا، وإمنا أراد الدين، وفصد أن فهذا ال يضر أخذه يف إميان العبد وتوحيده لكونه مل يرد بعمله ال

.، وقول القرايف هنا مبين على بقاء قصد التعبد حكما(3/44الفروق، القرايف، ) 1 (.53امع العلوم واحلكم، ابن رجب، )ج 2

كالزكوات، -يكون ما حصل له معينا على قيام الدين؛ وهلذا جعل اهلل يف األموال الشرعية

.1جزءا كبريا ملن يقوم بالوظائف الدينية والدنيوية النافعة" -وأموال الفيء، وغريها

مروا مباء ملسو هيلع هللا ىلصلنيب ويشهد له حديث ابن عبا رضي اهلل عنهما أن نفرا من أصحاب ا

، فعرض هلم رجل من أهل املاء فقال: هل فيكم من راق، إن يف املاء -أو سليم -فيهم لديغ

؟ فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاحتة الكتاب على شاء، فربأ، فجاء -أو سليما -رجال لديغا

موا املدينة بالشاء إىل أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب اهلل أجرا! حتى قد

: "إن أحق ما أخذمت ملسو هيلع هللا ىلصفقالوا: يا رسول اهلل، أخذ على كتاب اهلل أجرا. فقال رسول اهلل

بعد ذكر قول من منع أخذ األجرة على -، قال ابن بطال يف شرحه 2عليه أجرا كتاب اهلل"

يدخل : "وقوله عليه السالم "إن أحق ما أخذمت عليه أجرا كتاب اهلل" هو عام -تعليم القرآن

فيه إباحة التعليم وغريه، فسقط قوهلم، وقد أجاز مالك أجر املؤذن، وكره أجر اإلمام، وأجاز

الشافعي مجيع ذلك حبديث ابن عبا وأبي سعيد، قال املهلب: ومما يدل على جواز األجرة

عن ملسو هيلع هللا ىلصعلى ذلك: أن الذين أخذوا الغنم حترجوا من قسمتها وأكلها حتى سألوا رسول اهلل

فأعلمهم النيب أهنا حالل هلم أخذ األجر عليه، واكد تأنيسهم، وطيب نفوسهم بأن قال: ذلك،

.4"3"اضربوا يل معكم بسهم"

(.220القول السديد على كتاب التوحيد، ناصر السعدي، ) 1 (.5737(، برقم )7/131أخرجه البخاري يف صحيحه، كتاب الطب، باب الشرط يف الرقية بقطيع من الغنم، ) 2 (.5749قم )(، بر7/133( كتاب الطب، باب النفث يف الرقية، )76أخرجه البخاري يف صحيحه، ) 3

(.6/406شرح صحيح البخاري، ابن بطال، ) 4

ثانيا: ان يكون املقصود دون اإلخالص مما جاء يف الشرع التحذير منه، كالرياء، وبيان

حكم هذه الصورة بالفصل بني جهيت احلكم:

: فإن النصوص الشرعية جاءت حببوط العمل وفوات اجلهة األوىل: جهة الثواب والعقاب

أجره وثوابه، ومن ذلك:

قوله ﴿ ا ينا ا ٱل ها ياأ ذاى يا

ان واٱل ٱلما م ب تكح قا دا صا حوا لا تحبط نحوا اما

ر فا واٱلاوم ٱألخ ٱلل لا يحؤمنح ب ا ٱنلاس وا حۥ رئاا الا ي يحنفقح ما ٱل ثا كا ما ۥ كا ثاحهح مااب امه تحرا ا ان فوا ل صا ۥ صا هح كا ا تا فا اب ۥ وا اباهح صا

اق فاأ ا ل يا ا ا ونا لعا رح د بحوا سا ا كا م م

فرينا واٱ وما ٱلكا هدي ٱلقا ح لا يا [، فأخرب سبحانه أن املان بصدقته 264]البقرة: ﴾ لل

اب ﴿واملرائي بنفقته مثلهما امه تحرا ا ان فوا ثا صا ما ل كا ۥ صا هح كا ا تا فا اب ۥ وا اباهح صااا ل فاأ

ق يا ا ا ونا لعا رح د بحوا سا ا كا م ؛ فال ينتفع بعمله هذا، واالنتفاع املنفي هنا هو االنتفاع ﴾ م

بالعمل الصاحل يف اآلخرة.

وقال ﴿ ا اشا قح إنما ناا باثحكح أ ن م ما فا حد ه وا م إلا كح هح ا إلا نما

ا أ إلا م يحوحا

وا نا يارجح ل كا ما هۦ فاماعما عا ب ا را ا ح لقا عبا ا حشك ب لا ي اا وا دا حاا أ هۦ ب ة را ﴾ ادا

[، فشرط حلصول ثواب العمل أن ال يشرك فيه مع اهلل أحدا.110]الكهف:

مامة الباهلي وعن أبي أ فقال: أرأيت رجال غزا ملسو هيلع هللا ىلصقال: جاء رجل إىل النيب

: "ال شيء له". فأعادها ثالث مرات يقول له ملسو هيلع هللا ىلصيلتمس األجر والذكر، ما له؟ فقال رسول اهلل

: "ال شيء له". ثم قال: "إن اهلل ال يقبل من العمل إال ما كان له خالصا وابتغي ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.1به وجهه"

رة وعن أبي هري أن اهلل تبارك وتعاىل إذا كان يوم " ملسو هيلع هللا ىلصقال: حدثين رسول اهلل

القيامة ينزل إىل العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به: رجل مجع القرآن،

ورجل قتل يف سبيل اهلل، ورجل كثري املال، فيقول اهلل للقارئ: أمل أعلمك ما أنزلت على

: فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل رسويل؟ قال: بلى، يا رب. قال

وآناء النهار. فيقول اهلل له: كذبت. وتقول له املالئكة: كذبت. ويقول اهلل: بل أردت أن يقال:

إن فالنا فارئ، فقد قيل ذاك. ويؤتى بصاحب املال، فبقول اهلل له: أمل أوسع عليك حتى مل

بلى، يا رب. قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل أدعك حتتاج إىل أحد؟ قال:

الرحم وأتصدق. فيقول اهلل له: كذبت. وتقول له املالئكة: كذبت. ويقول اهلل تعاىل: بل أرت

أن يقال: فالن جواد، فقد قيل ذاك. ويؤتى بالذي قتل يف سبيل اهلل، فيقول اهلل له: يف ماذا

سبيلك، فقاتلت حتى قتلت. فيقول اهلل تعاىل له: كذبت. قتلت؟ فيقول: أمرت باجلهاد يف

وتقول له املالئكة: كذبت. ويقول اهلل: بل أردت أن يقال: فالن جريء، فقد قيل ذاك. ثم

(. وحسنه األلباني. ]صحيح 4333(، برقم )4/286أخرجه النسائي يف السنن الكربى، كتاب اجلهاد، باب من غزا يلتمس األجر والذكر، ) 1

(.8(، برقم )1/106الرتغيب والرتهيب، )

على ركبيت فقال: "يا أبا هريرة، أولئك الثالثة أول خلق اهلل تسعر هبم ملسو هيلع هللا ىلصضرب رسول اهلل

.1النار يوم القيامة"

م يف حكم حبوط ثواب العمل ومجاع ما ذكروه على ما يلي:وقد فصل أهل العل

أن يكون الرياء يف أصل العبادة؛ فهذا ال ثواب له على عمله، قال ابن رجب: "وال -

، والنصوص 2نعرف عن السلف يف هذا اختالفا، وإن كان فيه خالف عن بع املتأخرين"

السابقة تدل على ذلك.

دة، ال يف أصلها وإمنا يف صفته، والنظر فيه من جهة أن يكون الرياء طارئا على العبا -

موقف العبد منه:

فإن كان خاطرا ودفعه العبد، فهذا ال يضره ذلك اخلاطر، خاصة يف العبادات الظاهرة، - أ

واليت يتعدى نفعها.

وأن اسرتسل مع خاطر الرياء، فالنظر هنا يف حمل وقوع الرياء: - ب

لها، فقال النووي: "وسئل الشيخ العز بن فإن كان الرياء يف صفة العبادة ال أص

عبدالسالم عمن صلى فطول صالته من أجل النا ؟ فقال: أرجو أن ال حيبط عمله، هذا كله

(. 2382(، برقم )4/591، )"هذا حديث حسن غريب"ء يف الرياء والسمعة، وقال: أخرجه الرتمذي يف السنن، أبواب الزهد، باب ما جا 1

(. وصححه األلباني. ]صحيح اجلامع الصغري وزياداته، 11824(، برقم )10/395وهو عند النسائي يف السنن الكربى، كتاب الرقاق، )

(.1713(، برقم )1/352) (.53جامع العلوم واحلكم، ابن رجب، ) 2

إذا حصل التشريك يف صفة العمل، فإن حصل يف أصل العمل بأن صلى الفريضة من أجل اهلل

.1تعاىل والنا ، فال تقبل صالته؛ ألجل التشريك يف أصل العمل"

:أما إن كان يف ما ال يصح العمل إال به فالنظر يف هيأة العبادة

فإن كان آخر العبادة مبنيا على أوهلا حبيث ال يصح أوهلا مع فساد آخرها؛ فهي كلها -

فاسدة، وذلك مثل الصالة، فالصالة مثال ال ميكن أن يفسد آخرها، وال يفسد أوهلا؛ إذن تبطل

الصالة.

دة منفصال عن آخرها، حبيث يصح أوهلا دون آخرها، فما سبق أما إن كان أول العبا -

الرياء فهو صحيح، وما كان بعده فهو باطل، مثال ذلك: رجل عنده مائة ريال، فتصدق

خبمسني هلل بنية، ثم تصدق خبمسني بقصد الرياء؛ فاألوىل مقبولة، والثانية غري مقبولة؛ ألن

.2آخرها منفك عن أوهلا

جهة الصحة والبطالن: والنظر فيه يف حمل وقوع الرياء:اجلهة الثانية:

فإن كان حمل الرياء فيما ال تصح العبادة إال به، ففيه ألهل العلم قوالن: -1

القول األول: أن العمل يكون باطال، وهو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، قال القرايف: "اعلم

ه، وهو موجب للمعصية، واإلثم، أن الرياء يف العبادات شرك، وتشريك مع اهلل يف طاعت

والبطالن يف تلك العبادة، كما نص عليه اإلمام احملاسيب وغريه، ويعضده ما يف احلديث الصحيح

(.8ألربعني النووية يف األحاديث الصحيحة النبوية، النووي، )شرح منت ا 1 (.228-2/227القول املفيد شرح كتاب التوحيد، ابن عثيمني، )انظر: 2

أن اهلل تعاىل يقول: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عمال -أخرجه مسلم وغريه -

عدم االعتداد بذلك العمل ، فهذا ظاهر يف1"-أو تركته لشريكي -أشرك فيه غريي تركته له

ينا ﴿عند اهلل تعاىل، وكذلك قوله تعاىل ح ٱل يا لا ص ا مح ٱلل وا اعبحدح إل ل وا مرحح أ ا ﴾ واما

[ يدل على أن غري املخلصني هلل تعاىل ليسوا مأمورين به، وما هو غري مأمور به ال 5]البينة:

.ا.هـ، وقال ابن رجب: "فإن شاركه من أصله 2العبادة"يجزي عن املأمور به فال يعتد هبذه

.ا.هـ، وقال ابن تيمية: "النية احلكمية 3فالنصوص الصحيحة تدل على بطالنه، وحبوطه أيضا"

تقوم مقام النية املستحضرة، ...ثم إذا أتى مبا ينق علم تلك أفسدها؛ فإنه يكون فاسخا

إذا قام يصلي لئال يضرب، أو يؤخذ ماله، أو أدى الزكاة هلا، كما لو فسخ نية الصالة يف أثنائها، ف

لئال يضرب؛ كان قد فسخ تلك النية اإلميانية، فلهذا كان الصحيح عندنا، وعند أكثر العلماء أن

.4هذه العبادة فاسدة، ال يسقط الفرض هبذه النية"

لشرعية إمنا القول الثاني: أن العبادة صحيحة حكما، وال ثواب عليها؛ فإن النصوص ا

جاءت حببوط الثواب، ومل تأمر بإعادة العبادة، فإذا "صلى رياء ومسعة تصح يف احلكم؛ يعين

.5لوجود شرائطها وأركاهنا، ومل يستحق الثواب لفقد اإلخالص"

(1، حاشية رقم )(407)سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، 1 (.3/42الفروق، القرايف، ) 2 (.50جامع العلوم واحلكم، ابن رجب، ) 3 (.30-26/29تيمية، مجع ابن قاسم، )جمموع فتاوي ابن 4

(.1/68غمز عيون البصائر يف شرح األشباه والنظائر، احلموي، ) 5

ووجه ذلك عندهم التفريق بني اإلخالص الذي هو قصد املعبود، والنية اليت هي قصد

بع املتأخرين: اإلخالص أمر زائد على النية، ال حيصل العبادة، قال السيوطي: "وقال

بدوهنا، وقد حتصل بدونه، ونظر الفقهاء قاصر على النية، وأحكامهم إمنا جتري عليها، وأما

.1اإلخالص فأمره إىل اهلل"

تصحيح العبادة قد يقصد به وميكن اجلمع بني القولني بالنظر يف جهة التصحيح، وذلك أن

، ويكون اجلمع بني القولني على سقوط القضاء فيما فيه قضاءيقصد به الذمة، و اإلجزاء وإبراء

أن جهة التصحيح املنفية يف القول األول هي: اإلجزاء وإبراء الذمة وإن مل يطالب بإعادة العبادة

فيما فيه القضاء، وجهة التصحيح املثبة يف القول الثاني: عدم املطالبة بإعادة العبادة وإن مل

زئه.جت

وإن كان حمل الرياء يف صفة العبادة، أو فيما تصح بدونه وإن نقص األجر؛ فإن العبادة -2

تصح، وعليه حيمل ما حكاه ابن رجب عن اإلمام أمحد وابن جرير الطربي أهنما رجحا "أن

؛ وذلك أن أصل العمل صحيح، فوقع جمزيا، 2عمله ال يبطل بذلك، وأنه يجازى بنيته األوىل"

نه العمل، ويبقى أثر الرياء يف الثواب والعقاب على ما تقدم.فيسقط ع

(.20األشباه والنظائر، السيوطي، ) 1 (.54جامع العلوم واحلكم، ابن رجب، ) 2

املطلب الثاني: حكم خلو العادات من قصد التعبد واالمتثال:ملا كان األصل يف العادات النظر إىل احلظوظ واملصاحل العاجلة، فإن ختلف قصد التعبد

ى مقتضى األمر والنهي، وأما واالمتثال فيها إمنا يكون أثره يف عدم حتصيل الثواب والعقاب عل

الصحة والبطالن فإن مناطه فيها وقوع تلك العاديات على الوجه الذي جاء به األمر والنهي،

قال الشاطيب: "فهي أعمال مقرة شرعا ملوافقتها لألمر أو اإلذن، ملا يرتتب عليها من املصلحة يف

ع فيه، وتبقى جهة قصد الدنيا، فروعي فيها هذا املقدار من حيث وافقت قصد الشار

.1االمتثال مفقودة، فيكون ما يرتتب عليها يف اآلخرة مفقود أيضا؛ ألن األعمال بالنيات"

يف -ومراتب النا من حيث حتقيق قصد التعبد وجتريد العمل عن احلظوظ الطبعية

على ثالثة مراتب: -مثل هذا القسم من األحكام

ظ النفس من األعمال، فيجعلها جمردة خالصة هلل املرتبة األوىل: من ال ينظر إىل حظو

فإيقاعه لتلك األعمال إمنا هو من حيث أن اهلل ، أمر هبا، فلم حيمل هم حتصيل حظوظ

النفس فيها.

؛ فإنه سخر كسبه وماله هلل ورسوله، وأوضح مثال على هذه الفئة أبو بكر الصديق

ملسو هيلع هللا ىلصقال: "أمرنا رسول اهلل عمر بن اخلطاب ومل حيمل هم حظوظ نفسه يف االنتفاع هبا، عن

يوما أن نتصدق، فوافق ذلك عندي ماال، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما؛ قال:

: "ما أبقيت ألهلك"؟ قلت: مثله. وأتى أبو بكر ملسو هيلع هللا ىلصفجئت بنصف مايل. فقال رسول اهلل

(.1/220املوافقات، الشاطيب، ) 1

قيت هلم اهلل ورسوله. فقلت: ال بكل ما عنده، فقال: "يا أبا بكر، ما أبقيت ألهلك"؟ قال: أب

.1أسبقه إىل شيء أبدا"

املرتبة الثانية: من جيمع يف النظر بني التجرد من حظوظ النفس، وااللتفات إليها من حيث

أن الشارع أمر به لتحصيلها.

وهذا حال الصحابة والتابعني رضي اهلل عنهم؛ فإهنم كانوا يشتغلون يف اكتساب

ب الشرع إليه، وال يشغلهم هذا االكتساب عن السعي يف عمارة حظوظهم العاجلة مبا ند

اآلخرة، بل كانوا خيشون أن تكون حظوظ الدنيا تعجيال لثواهبم دون األخرى .

وااللتفات إىل املصاحل الدنيوية يف هذه املرتبة "ال ينايف وضع الشريعة من هذه اجلهة؛ ألن

عل احلظ تابعا فال ضرر على العامل، إال أن هنا الشريعة موضوعة أيضا ملصاحل العباد، فإذا ج

شرطا معتربا؛ وهو أن يكون ذلك الوجه الذي حصل أو حيصل به غرضه مما تبني أن الشارع

.2شرعه لتحصيل مثل ذلك الغرض"

املرتبة الثالثة: من يغلب عليه يف النظر اعتبار حظوظ النفس:

(. وبنحوه عند 3675)حديث رقم (، 5/614صحيح".ا.هـ، ) وقال: "هذا حديث حسن ،أخرجه الرتمذي يف السنن، أبواب املناقب 1

(، قال 1678رقم )حديث (، 3/108، )-أي الرخصة يف الرجل خيرج من ماله -أبي داوود يف سننه، كتاب الزكاة، باب الرخصة يف ذلك

لم". ]صحيح أبي داوود، األلباني: "قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وصححه الرتمذي، وقال احلاكم: صحيح على شرط مس

[. وأخرجه اإلمام أمحد يف فضائل الصحابة، فضائل أمري املؤمنني عمر بن (1/574. وانظر: املستدرك على الصحيحني، احلاكم، )(5/366)

(..2/517(، وأورد البخاري يف صحيحه معلقا، كتاب الزكاة، باب ال صدقة إال عن ظهر غنى، )527(، برقم )1/360اخلطاب، ) (.2/133املوافقات، الشاطيب، ) 2

الشارع يف حتصيل أغراضهم؛ فغلب وأصحاب هذا القسم غفلوا عن النظر إىل حدود

عليهم اتباع اهلوى، وطلب حتصيل اللذات والشهوات، فكانت أعماهلم يف ذلك خارجة عن

النظر يف األمر والنهي.

واتباع اهلوى طريق مذموم "وإن جاء يف ضمن احملمود"؛ ألنه "إذا اتبع واعتيد رمبا

اهلا"، فتعتاد النفس عليه وحتتال أحدث للنفس ضرواة وأنسا به، حتى يسري معها يف أعم

لتحصيله.

ونحوا ﴿ اتباع اهلوى وهنى عنه، قال وقد ذم اهلل كح نحوا ااما ينا ا ٱل ها ياأ يا

ن إن ياكح يا ب قرااين واٱل ا ل و ٱلوا

ام أ كح س نفح

ا أ ا او لعا ل وا ا لل ا دا ها ٱلقسط شح ميا ب قاو

نما و فاقي غااوا ا أ و تحعرضح

ا أ ا ۥ وح إون تا حوا ل ن تاعد

اى أ وا ٱلها وا فالا تاتبعح ا هما ب ولا

اح أ فاٱلل

بي حونا خا ا تاعما ما نا ب ا كا كا ﴿ [، وقال 135]النساء: ﴾ افاإن ٱلل نا عا دح إنا جا اوۥح دا يارض فاٱح

اة ف ٱل مفا بم خا ن سا ا كا محض ى فا وا لا تاتبع ٱلها وا ٱلاق م بايا ٱنلاس ب كح

﴿ [، وقال 26]ص: ﴾ ٱلل غا ن طا ا ما مانماا ٣٧فاأ ةا ٱل ااثارا ٱلاماو مما ٣٨وا فاإن ٱلاح

ى واأ ا ٱلما ناها ٱنل ٣٩ه هۦ وا ب اما را قا افا ما ن خا ا ما م

اأ ى وا وا ن ٱلها ا فاإن ٱلانةا ٤٠فسا

ى واأ ا ٱلما ى ﴿ [، وقال 41-37]النازعات: ﴾ ه ا لا تاهوا ما ب ولح م راسح اكح ا ا جا ما فاكح

اأ

ريق فا تحم فا مح ٱستاكبا كح سح نفحافاريق أ بتحم وا ذ د ﴿ [، وقال 78]البقرة: ﴾ ا تاقتححونا ا كا لاقا

ذنا خاا ا أ ل هم رحسح

إلا ناا رسااأ ي ا وا إسرا قا بان ممثا ولح م راسح اهح ا ا جا ما ى لح ا لا تاهوا ما ب

م فاريق هح سح نفحا وا أ بحوا ذ قتححونا فاريق ا كا يف بيان حال املشركني [، وقال 70]املائدة: ﴾ ا يا

ا ﴿ ن واما ونا إل ٱلظ ى إن ياتبعح دا همح ٱلهح ب ن ر م م اهح ا د جا لاقا وا سح نفحاى ٱل ﴾ تاهوا

[.23]النجم:

املبحث الثاني

اعتبار مقاصد املكلفني وأثره يف ترتب األحكام على أفعاهلم ورفعهايرتتب على ثبوت األحكام الشرعية ألفعال العباد يف احلياة الدنيا مناط بوقوعها؛ إذ ال

جمرد القصد والنية حكم دنيوي.

، نعم قد ال يكون الفعل تاما؛ 1وال يتصور وجود إرادة جازمة ال يقرتن هبا شيء من الفعل

إال أنه بفعل ما يقدر عليه ينزل منزلة الفاعل التام، قال ابن تيمية: "واإلرادة اجلازمة إذا فعل معها

.2ع مبنزلة الفاعل التام"اإلنسان ما يقدر عليه كان يف الشر

ونظر الشرع يف اعتبار مقاصد العباد يف أفعاهلم اعتبارا وإلغاء من جهتني:

اجلهة األوىل: القصد إىل الفعل اختيارا أو إكراها.

اجلهة الثانية: غايات العباد يف أفعاهلم، ووسائل حتقيقها.

(.10/722جمموع فتاوى ابن تيمية، مجع ابن قاسم، ) 1

(.723-10/722املصدر نفسه، ) 2

:املطلب األول: أثر اإلكراه يف ثبوت األحكام ورفعهامن املقرر أنه "متى وجدت اإلرادة اجلازمة مع القدرة التامة وجب وجود الفعل؛ لكمال

، وأفعال العباد من حيث تعلقها بإراداهتم نوعان:1وجود املقتضي السامل عن املعارض املقاوم"

النوع األول: الفعل االختياري: وميثل صفة من صفات أهلية املكلف يف نظرية التكليف،

حكام الشرعية على أفعاله، وذلك أن قصد املكلف يف إيقاع الفعل وترجيحه له وترتتب األ

متحققة.

النوع الثاني: فعل املكره: وهو صورة من صور نقص أهلية األداء يف نظرية التكليف،

واختلف يف حقيقته؛ هل هو فقد القصد واالختيار معا، أم فقد االختيار فقط، وبناء على

له حتت اخلطاب التكليفي، وترتب األحكام الشرعية على أفعاله، وبيان ذلك اختلفوا يف دخو

ذلك من خالل املسائل التالية:

املسألة األوىل: دخول املكره حتت اخلطاب التكليفي: الكالم عن دخول املكره حتت

ى اخلطاب التكليفي فرع عن الكالم يف مسألة "التكليف مبا ال يطاق"، والنظر يف املسألة مبين عل

ثبوت القدرة للمكره وانتفاؤها عنه.

لكتاب والسنة يتبني له "أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل، فمن امستقري و

.2كان عاجزا عن أحدمها سقط عنه ما يعجزه، وال يكلف اهلل نفسا إال وسعها"

(.10/722) املصدر السابق، 1 (.420(. وانظر: تقويم األدلة يف أصول الفقه، الدبوسي، )21/634املصدر السابق، ) 2

ثالث وعارض اإلكراه هو أحد عوارض أهلية التكليف من جهة القدرة على الفعل، وله

صور:

الصورة األوىل: اإلكراه التام: وحقيقته عند مجهور األصوليني أن خيرج به اإلكراه "إىل حد

، 1االضطرار، حبيث تكون "نسبة ما يصدر عنه من الفعل إليه" كـ"نسبة حركة املرتعش إليه"

ومثال ذلك: من حلف ال يدخل دارا فقيد وأدخل إليها مكرها.

ملكلف من اخلطاب التكليفي باتفاق؛ "ألن املكلف ال ينسب إليه وهذه الصورة خترج ا

، فاقد للقصد واالختيار.2شيء من العمل، فهو كاآللة"

الصورة الثانية: اإلكراه غري امللجئ: وهو اإلكراه مبا حيتمل من األذى عادة، أو أمكنه

ك.دفعه، ومثاله: اإلكراه بالتهديد بالسب أو الضرب غري املربح وحنو ذل

وهذه الصورة ال تخرج املكره من اخلطاب التكليفي باتفاق؛ ألن املكره على الفعل أقدم

.3عليه تام القصد واإلرادة، ألنه متمكن من دفع األذى الذي هدد به أو الصرب عليه

الصورة الثالثة: اإلكراه امللجئ: وهو اإلكراه مبا ال يحتمل من األذى عادة، وال يمكن دفعه،

ومثاله: التهديد بالقتل أو احلبس مدة طويلة ممن يستطيع فعله.

وهذه الصورة هي حمل النزاع بني األصوليني يف دخول املكره حتت اخلطاب التكليفي، وهو

مبين على اختالفهم يف ثبوت القصد واالختيار للمكره يف هذه الصورة، وهم يف ذلك على قولني:

(.1/205انظر: اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، ) 1

(.88انظر: أصول الفقه الذي ال يسع الفقيه جهله، السلمي، ) 2 (.89-88انظر: املصدر السابق، ) 3

ة ال تخرج املكره من اخلطاب التكليفي يف اجلملة، وتثبت القول األول: أن هذه الصور

.1لإلكراه أثر يف ثبوت األحكام للوقائع اجلزئية ورفعها

.2وهذا هو مذهب األصوليني من أهل السنة واجلماعة، ووافقهم األشعرية يف أصل القول

ر، قال ابن تيمية: ووجه ذلك: أن املكره ال خيلو فعله ملا أكره عليه من نوع قصد واختيا

"وحقيقة األمر: أن له إرادتني، اإلرادة األصلية: أن ال يفعل هذا؛ بل هو كاره له، مبغ له، نافر

عنه. وال طريق له إىل ذلك إال فعل ما أكره عليه؛ فصارت فيه إرادة ثانية ختالف األوىل هلذا

إرادته واختياره األصلي، فهو يفعل إمنا يفعل بغري -وإن كان عاقال -السبب، فهذا املكره

بإرادة أخرى واختيار آخر، ويفعل أيضا بقدرته، وهلذا صح أن يرد على فعله األمر والنهي

.ا.هـ، وقال الزركشي: "والصحيح عندنا: أن املكره يصح تكليفه؛ لفهم اخلطاب، 3واإلباحة"

(. وكشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم البزدوي، عبدالعزيز البخاري، 1/206انظر: اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، ) 1

(.1/508التحرير شرح الكوكب املنري، ابن النجار، )(. وخمتصر 1/292(. وأصول الفقه، البن مفلح، )4/384)

وال ال يثبت األشعرية للعبد قدرة سابقة للفعل، قال الباقالني: "وجيب أن يعلم أن االستطاعة للعبد تكون مع الفعل ال جيوز تقدميها عليه، 2

([. ومن هنا كان شرط التكليف عندهم العلم باخلطاب 44تأخريها عنه".ا.هـ ]اإلنصاف فيما جيب اعتقاده وال جيوز اجلهل به، الباقالني، )

التكليفي، قال اآلمدي: "اتفق العقالء على أن شرط املكلف أن يكون عاقال فامها للتكليف؛ ألن التكليف خطاب، وخطاب من ال عقل له

ندهم يف أصل التكليف. ==([، فال أثر لفقد االختيار ع1/201وال فهم حمال".ا.هـ ]اإلحكام يف أصول األحكام، اآلمدي، )

"األمر والنهي الذي يسميه بع العلماء "التكليف الشرعي" أما أهل السنة واجلماعة فشرط التكليف عندهم العلم والقدرة، قال ابن تيمية:

القدرة أو ضعفها له ([، وفقد 10/344.ا.هـ ]جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، مجع ابن قاسم، )هو مشروط باملمكن من العلم والقدرة"

أثر يف التكليف نفيا أو رفعا. (.2/325االستقامة، ابن تيمية، ) 3

تحالة يف تكليفه، وأما كونه متقربا ، وال اس-يف اإلقدام أو االنكفاف -وأن له اختيارا ما

.1فريجع إىل نيته، وهو غري الكالم يف تكليفه"

القول الثاني: أن هذه الصورة تخرج املكره من اخلطاب التكليفي، وهو مذهب مجهور

.2املعتزلة، واختاره الطويف

ووجه ذلك عندهم أن حمل التكليف من أفعال العباد هو ما كان بقدرهتم قصدا

واختيارا؛ ليجب هلم به الثواب والعقاب، فإذا فقد أحدمها أنتفى تعلق القدرة بالفعل، فيسقط

.3بذلك التكليف، واملكره فاقد هلما أو ألحدمها، فال يكون فعله حمال للخطاب التكليفي

الرتجيح يف املسألة:

ال خيرج من أصل أن املكره يف هذه الصورة -أعلم واهلل -والراجح يف املسألة

يف فعله، وال -العلم والقدرة املصححة للفعل -اخلطاب التكليفي؛ لتحقق شرطي التكليف

أثر لإلكراه يف تعلق القدرة بالفعل؛ فاملكره إمنا يفعل بقدرته، وإمنا أثره يف ثبوت األحكام ورفعها.

وأما ما ذهب إليه املعتزلة فيضعفه أمران:

عندهم ال تكون إال سابقة للفعل، وتعلقها بالفعل هبذه الصفة من األمر األول: أن القدرة

جهة تصحيح الفعل ال إجياده، واملكره يصح منه الفعل والرتك.

(.1/358البحر احمليط يف أصول الفقه، الزركشي، ) 1(. والبحر احمليط يف أصول الفقه، الزركشي، 293-1/292(. وأصول الفقه، البن مفلح، )1/204انظر: شرح خمتصر الروضة، الطويف، ) 2

(1/359). (.393انظر: املغين يف أبواب التوحيد والعدل، القاضي عبداجلبار، التكليف، ) 3

األمر الثاني: أن أثر اإلكراه يف منع التكليف عندهم ليس مطردا؛ إذ اإلكراه إمنا "مينع

يضه" ومعنى ذلك "أن من أكره على فعل التكليف مبا يوافق مراد الشارع، وال مينع التكليف بنق

مراد للشارع ففعله ألجل اإلكراه ال يعد مكلفا؛ فال يثاب على هذا الفعل، وإن امتنع يعد مكلفا؛

؛ فإن ملسو هيلع هللا ىلصفيعاقب على الرتك، وإن أكره على فعل يخالف مراد الشارع كالزنا وسب الرسول

.1فليس مبكلف؛ فال يعاقب"امتنع فهو مكلف ويثاب، وإن فعل

املسألة الثانية: أثر اإلكراه يف ترتب األحكام على أفعال املكره:

دخول املكره حتت اخلطاب التكليفي إمنا هو باعتبار اجلملة، أما أثر اإلكراه يف ثبوت

األحكام ورفعها ألفعال املكره على وجه التفصيل فبحسب التايل:

إال يف أعمال اجلوارح الظاهرة دون القلبية، فال يصح اإلكراه على أوال: "اإلكراه ال يصح

؛ وذلك أن أعمال القلوب ال 2علم بشيء، أو جهل به، أو حب، أو بغ ، أو عزم على شيء"

املكره على الكفر إذا شرح به يطلع عليها إال اهلل، وليس للبشر عليها سلطان، وقد ذم اهلل

را ﴿ صدرا، قال فا ن كا ما ئن طما ۥ مح بحهح كرها واقاحن أ إل ما نهۦ من باعد إيما ٱلل ب

در فر صا ٱلكح حا ب ا ن شا ن م ك لا ن وا يما ٱل نا ٱب ب م امهم غاضا عا اب ا فا ذا ا م اهح ل وا للمم ظ ثحم ﴿ ا، قال [، فشرط الستثناء املكره أن ال يشرح بالكفر صدر106]النحل: ﴾ ا

وا ح با وا واصا دح ها ا فحتنحوا ثحم جا وا من باعد ما رح اجا ينا ها ل بكا ل ا إن را ها بكا من باعد إن راور فح مم لاغا [، قال ابن تيمية: "نزلت يف الذين فتنهم املشركون حتى 110[النحل: ﴾ رح

(.1/361(. وانظر: البحر احمليط يف أصول الفقه، الزركشي، )89أصول الفقه الذي ال يسع الفقيه جهله، السلمي، ) 1 (.1/363البحر احمليط يف أصول الفقه، الزركشي، ) 2

وصربوا، فأخرب اهلل أنه غفر هلم ورمحهم، فعلم أن أصابوهم، ثم هاجروا بعد ذلك وجاهدوا

تلك الفتنة كانت من ذنوهبم؛ وذلك إما لعدم اإلكراه التام املبيح للنطق بكلمة الكفر، وإما لعدم

.1الطمأنينة باإلميان"

يفرق بني اإلكراه حبق، -األقوال واألفعال -ثانيا: يف اإلكراه على أعمال اجلوارح الظاهرة

كراه بغري حق.واإل

ال ينفي عن أفعال -وهو اإلكراه على فعل الطاعة، أو ترك املعصية -فاإلكراه حبق

.املكره ثبوت األحكام يف الدنيا، وأمره يف اآلخرة إىل اهلل

قال: "أمرت أن أقاتل النا حتى ملسو هيلع هللا ىلصعن ابن عمر رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل

حممد رسول اهلل، ويقيموا الصالة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك يشهدوا أن ال إله إال اهلل، وأن

،2عصموا مين دماءهم وأمواهلم إال حبق اإلسالم، وحساهبم على اهلل"

إىل احلرقة، فصبحنا القوم ملسو هيلع هللا ىلصوعن أسامة بن زيد رضي اهلل عنهما قال: بعثنا رسول اهلل

ا غشيناه قال: ال إله إال اهلل. فكف فهزمناهم، وحلقت أنا ورجل من األنصار رجال منهم، فلم

فقال: "يا أسامه، أقتلته بعد ملسو هيلع هللا ىلصعنه األنصاري، فطعنته برحمي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النيب

(.2/339االستقامة، ابن تيمية، ) 1

برقم ،(1/14) ،[5:التوبة] ﴾ سبيلهم فخلوا الزكاة وءآتوا الصالة وأقاموا تابوا فإن ﴿( كتاب اإلميان، باب 2أخرجه: البخاري يف صحيحه، ) 2

(.22) قمبر ،(1/53) اهلل، رسول حممد اهلل إال إله ال يقولوا حتى النا بقتال األمر باب( 8) اإلميان، كتاب( 1) صحيحه، يف ومسلم(. 25)

ما قال: ال إله إال اهلل"؟! قلت: كان متعوذا من القتل. فما زال يكررها حتى متنيت أني مل

.1أكن أسلمت قبل ذلك اليوم

قال: "عجب اهلل من قوم يدخلون اجلنة يف ملسو هيلع هللا ىلصهلل عنه، عن النيب وعن أبي هريرة رضي ا

، أي: "يدخلون اإلسالم مكرهني، ومسى اإلسالم باسم اجلنة ألنه سببها ومن دخله 2السالسل"

.3دخل اجلنة"

: "مروا ملسو هيلع هللا ىلصومن ذلك حديث عبداهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما قال: قال رسول اهلل

. وما شرعت احلدود والعقوبات 4ربوهم عليها لعشر سنني"أبناءكم بالصالة لسبع سنني، واض

إال لنوع من اإلجلاء واإلكراه على الطاعة واالتباع.

ا ٱلرشدح منا ﴿ أما اإلكراه املنفي يف الدين يف قوله ين قاد تباي اها ف ٱل إكرا لا لت يف نفي اإلكراه عن: "أهل الكتابني، [، فهو اإلكراه بغري حق، واآلية نز256]البقرة: ﴾ ٱلغا

، وهبذا جيمع بني 5واجملو ، وكل من جاء إقراره على دينه املخالف دين احلق وأخذ اجلزية منه"

اآلية وبني األمر بقتال النا حتى يسلموا، وتشريع حد الردة فيكون معنى اآلية: "ال إكراه يف

برقم ،(5/144) جهينة، من احلرقات إىل زيد بن أسامه ملسو هيلع هللا ىلص( كتاب املغازي، باب بعث النيب 64أخرجه: البخاري يف صحيحه، ) 1

(.96) برقم ،(1/97) اهلل، إال إله ال قال أن بعد الكافر قتل حتريم باب( 41) اإلميان، كتاب( 1) صحيحه، يف ومسلم(. 4269) (.3010(، برقم )4/60( كتاب اجلهاد والسري، باب األسارى يف السالسل، )56حيحه، )أخرجه: البخاري يف ص 2 (.5/167شرح صحيح البخاري، ابن بطال، ) 3

(، برقم 11/369أخرجه: اإلمام أمحد يف املسند، مسند املكثرين من الصحابة، مسند عبداهلل بن عمرو بن العاص رضي اهلل عنهما، ) 4

(6756.)

(.5/414يف تأويل القرآن، الطربي، )جامع البيان 5

، فليس فيها إبطال حلد الردة، وال نسخ حلكم 1جلزية"الدين ألحد ممن حل قبول اجلزية منه بأدائه ا

اجلهاد.

اها ف ﴿ ثالثا: ثبوت األحكام على اإلكراه بغري حق األصل فيه النفي، لقوله إكرا لا ا ٱلرشدح منا ٱلغا ين قاد تباي [، واآلية وإن كانت يف "املعتقد وامللة بقرينة 256]البقرة: ﴾ ٱل

﴿ قوله ا ٱلرشدح منا ٱلغا ؛ إال أن السنة قد جاءت مبا يفيد عمومها يف الشريعة، 2"﴾ قاد تباي

قال: "إن اهلل وضع عن أميت اخلطأ، والنسيان، ملسو هيلع هللا ىلصفعن ابن عبا رضي اهلل عنهما، عن النيب

.3وما استكرهوا عليه"

هرة بغري حق بني األقوال وقد فرق أهل العلم يف تعلق األحكام بأفعال املكره الظا

واألفعال؛ ووجه ذلك:

أن "األفعال يثبت حكمها يف الدنيا بدون القصد حتى من اجملنون وغريه خبالف األقوال -

.4فإنه يعترب فيها املقصد"

(.5/415، )نفسهاملصدر 1 (.4/280اجلامع ألحكام القرآن، القرطيب، ) 2

وهو عنده أيضا من حديث أبي ذر (.2045(، برقم )3/201أخرجه: ابن ماجه يف السنن، أبواب الطالق، باب طالق املكره والناسي، ) 3

( وحديث أبي هريرة 2043، برقم ،)(. قال اإللباني: "وهو حديث صحيح لطرقه".ا.هـ ]مشكاة املصابيح، التربيزي، 2044قم )، بر

-1/123(. وانظر ختريج طرقه: إرواء الغليل يف ختريج أحاديث منار السبيل، األلباني، )6(، حاشية رقم )3/1771بتحقيق األلباني، )

124.) (.2/323االستقامة، ابن تيمية، ) 4

كما "أن األفعال إذا وقعت مل ترتفع مفسدهتا، بل مفسدهتا معها خبالف األقوال؛ فإهنا -

.1ميكن إلغاؤها"

"يرتتب عليه ل: فذهب مجهور العلماء إىل أن اإلكراه "على قول من األقوال" ال فأما األقوا

عد هذا القول "لغوا".حكم من األحكام"، وي

وفصل فيها أبو حنيفة، فذهب إىل أن ما يقبل الفسخ من األقوال عنده كالبيع وحنوه؛ فال

، ووجه التفريق 2عتاق فتلزم مع اإلكراهيلزم مع اإلكراه، أما ما ال يقبل الفسخ كالنكاح والطالق وال

أن ما ال يقبل الفسخ من األقوال له تعلق حبقوق اآلخرين، وينبين عليها أحكام عملية فتلحق

بأحكام األفعال.

، وما هو حق للعباد.وأما األفعال ففرقوا بني ما هو حق هلل

فألهل العلم يف ترتب األحكام عليها قوالن: فأما حق اهلل

ول األول: أن أحكامها ثابتة يف حق املكره، فال تباح له األفعال احملرمة باإلكراه، وذهبوا الق

إىل أن اإلكراه ال يقا على الضرورة يف إباحة احملظورات؛ لوجود الفارق بينهما من جهتني:

اجلهة األوىل: الداعي إيل الفعل: فداعي اإلكراه أمر خارج عن املكلف، واالضطرار

ذات املكلف. داعيه من

(.5/187خري العباد، ابن القيم، ) زاد املعاد يف هذي 1 (.808جامع العلوم واحلكم، ابن رجب، ) 2

واجلهة الثانية: وجود االختيار يف الفعل: فاإلكراه: محل اإلنسان على أن يفعل، وله أن

ينصرف عنه، ففيه نوع اختيار واكتساب، أما االضطرار: فهو أن يفعل ما ال ميكنه أن ينصرف

.1عنه

النافية لإلكراه يف القول الثاني: أن أحكامها ترفع باإلكراه كما ترفع باالضطرار؛ لعموم األدلة

﴿ الدين، قال ا ٱلرشدح منا ٱلغا ين قاد تباي اها ف ٱل إكرا [، وقال 256]البقرة: ﴾ لا

ن ﴿ يما ٱل ب ئن طما ۥ مح قابحهح كرها واحن أ إل ما نهۦ من باعد إيما ٱلل را ب فا ن كا ما

حا ب ا ن شا ن م ك لا در وا فر صا نا ٱٱلكح ب م امهم غاضا عا مم ا فا ظ ا اب ذا ا م اهح ل وا ﴾ لل

.[106]النحل:

قال: "إن اهلل وضع عن أميت اخلطأ، ملسو هيلع هللا ىلصعن ابن عبا رضي اهلل عنهما، عن النيب

، فعموم اآليتني واحلديث يشمل األقوال واألفعال.2والنسيان، وما استكرهوا عليه"

ريق بني املضطر واملكره مبا يلي:وأجابوا عن التف

.3أن االضطرار يتناول اإلكراه لغة، إذ هو مرتبة من مراتبه -1

، فيثبت له داعية نفسه 4كما أن املكره "قد خياف من القتل أعظم مما خياف املضطر" -2

يف فعل املكره كما يف االضطرار.

(.132انظر: الفروق اللغوية، ألبي هالل العسكري، ) 1 (.3(، حاشية رقم )434تقدم خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 2 (.132انظر: الفروق اللغوية، ألبي هالل العسكري، ) 3 .(2/323االستقامة، ابن تيمية، ) 4

الفعل من جهة القدرة أما وجود نوع اختيار يف املكره دون املضطر، فتعلق االختيار ب -3

على الفعل والرتك؛ ومها ثابتان يف املكره واملضطر.

وأما حقوق البشر فإهنا ملا كانت مبنية على املطالبة واملشاحة؛ فإن األصل فيها عدم

رفعها باإلكراه.

وللمكره يف اإلقدام على وحتمل ما يرتتب عليه من األحكام الدنيوية النظر يف املصاحل

املوازنة بينهما، إذ ال خيلوا من ثالث صور:واملفاسد، و

األوىل: أن تكون مفسدة الفعل دون أعلى من مفسدة اإلكراه.

والثانية: أن تكون مفسدة الفعل مساوية ملفسدة اإلكراه.

وهاتان الصورتان ال يبيحان للمكره اإلقدام على فعل ما أكره عليه.

فسدة اإلكراه، فإن كانت مفسدة الفعل مما الصورة الثالثة: أن تكون مفسدة الفعل دون م

تضمن باملثل أو القيمة، أبيح له اإلقدام مع الضمان، وإن كانت مما ال ميكن ضمانه ففيه نظر،

1.2" ال ضرر وال ضرار" ملسو هيلع هللا ىلصواألصل املعتمد يف املسألة قوله

(.1(، حاشية رقم )149تقدم خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 1(. وتقويم النظر يف 119-1/117: قواطع األدلة يف األصول، السمعاني، )غري ما مت اإلحالة عليه أثناء البحث تفاصيل هذا اجلمع :انظر 2

-4/226، 92-4/90، 37-4/31، 73-3/70، 114-2/112، 312-1/310مسائل خالفية ذائعة ونبذ مذهبية نافعة، ابن الدهان، )

(. والقواعد والفوائد األصولية وما يتبعها من األحكام الفرعية، ابن 348-2/311(. االستقامة، ابن تيمية، )4/464، 4/396-399، 229

(.107-1/100(. وحاشية العطار على شرح اجلالل احمللي، )212-203األشباه والنظائر، السيوطي، ) ،(75-64اللحام، )

املطلب الثاني: اعتبار مقاصد املكلفني يف ثبوت األحكام ورفعها:"قصد الشارع من املكلف أن يكون قصده يف العمل موافقا لقصده يف قال الشاطيب:

التشريع، والدليل على ذلك ظاهر من وضع الشريعة؛ إذ قد مر أهنا موضوعة ملصاحل العباد

على اإلطالق والعموم، واملطلوب من املكلف أن جيري على ذلك يف أفعاله، وأن ال يقصد

ق لعبادة اهلل، وذلك راجع إىل العمل على وفق خالف ما قصد الشارع، وألن املكلف خل

.ا.هـ، وقال: "ملا ثبت أن األحكام شرعت ملصاحل العباد؛ كانت 1القصد يف وضع الشريعة"

.2األعمال معتربة بذلك؛ ألنه مقصود الشارع فيها"

واعتبار مقاصد املكلفني يف ثبوت األحكام الدنيوية من خالل النظر يف موافقتها التشريع

وقصدا وإفضاء، وذلك من خالل النظر يف فرعني: صفة

الفرع األول: النظر يف موافقة الفعل للتشريع صفة وقصدا:

األفعال على قسمني: أفعال موافقة للتشريع طلبا أو تركا، وأفعال خمالفة له، وقصد

.3املكلف إىل تلك األفعال كذلك: قصد موافق، وقصد خمالف

ني ومقاصدهم أربعة صور:فخرج بذلك ألفعال املكلف

الصورة األول: الفعل املوافق للتشريع صفة وقصدا، وهو الفعل املشروع، وهو املطلوب

إيقاعه؛ كفعل الطاعات من صالة وصيام وحنوه، وترك املنكرات كشرب اخلمر والزنا وحنوها،

(.2/251املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.4/292املصدر نفسه، ) 2 (.2/256، )نفسهاملصدر 3

ى هذه األفعال ، وأداء هلا على صفتها، وال إشكال يف ترتب األحكام علامتثاال ألمر اهلل

صحة وقبوال.

الصورة الثانية: الفعل املخالف للتشريع صفة وقصدا، وهو الفعل املمنوع، وهو املطلوب

تركه وجتنبه، كفعل احملرمات، وترك الواجبات، اختيارا، "فهذا أيضا ظاهر احلكم"، وال إشكال

يف ترتب أحكامه عليه بطالنا وفسادا.

املوافق للتشريع صفة، واملخالف له قصدا، وله اعتبارات:الصورة الثالثة: الفعل

.فإن كان يف االعتقاد فهو النفاق االعتقادي

وإن كان يف اإلرادة فهو الشرك اخلفي؛ فإن كان لطلب املدح فهو الرياء، وإن كان

لتحصيل املنافع الدنيوية فهو إرادة اإلنسان بعمله الدنيا.

إما ان يكون يف املقاصد، أو يف الوسائلوإن كان يف األفعال: فال خيلو :

فإن كان يف املقاصد فله حالتان:

األوىل: أن يظن املخالفة يف الصفة مع خمالفة القصد؛ "كواطئ زوجته يظنها أجنبية"،

وشارب العصري يظنه مخرا، قال الشاطيب: "فإذا نظرنا إىل فعله أو تركه؛ وجدناه مل تقع به

ة، وإذا نظرنا إىل قصده؛ وجدناه منتهكا حرمة األمر والنهي، فهو مفسدة وال فاتت به مصلح

عاص يف جمرد القصد، غري عاص مبجرد العمل، وحتقيقه: أنه آثم من جهة حق اهلل، غري آثم من

.1جهة حق اآلدمي"

(.2/257) املوافقات، الشاطيب، 1

وهنا ملحظ مهم ينبغي أن يتنبه له، فإناطة احلقوق الدنيوية يف هذه الصورة بعدم فوات

عدم ووقوع املفاسد، ال يقا عليه ما جعل يف أصل التشريع وسيلة لتفويت املصاحل، أو

املصاحل، أو وقوع املفاسد؛ فال يقال: "إذا كان فوت املفسدة، أو عدم فوت املصلحة مسقطا

؛ فليكن كذلك فيما إذا شرب اخلمر فلم يذهب عقله، -يف مثل هذه الصورة -ملعنى الطلب

الرحم بعزل أو غريه؛ ألن املتوقع من ذلك غري موجود، فكان ينبغي أو زنى فلم يتخلق ماؤه يف

أن ال يرتتب عليه حد، وال يكون آمثا إال من جهة قصده خاصة"، قال الشاطيب عن هذا

القيا : "ال يصح ذلك؛ ألن العامل قد تعاطى السبب الذي تنشأ عنه املفسدة، أو تفوت به

ن يف نفس األمر، ومها مظنتان لالختالط وذهاب العقل، املصلحة، وهو الشرب واإليالج احملرما

ومل يضع الشارع احلد بإزاء زوال العقل أو اختالط األنساب، بل بإزاء تعاطي أسبابه

.1خاصة"

الثانية: أن يعلم املوافقة يف الظاهر مع خمالفة القصد، "وحاصله أن هذا العامل قد جعل

ل ألمور أخر مل يقصد الشارع جعلها هلا"، فهو املوضوعات الشرعية اليت جعلت مقاصد وسائ

النفاق العملي، كأن يصلي خوفا من القتل.

وإن كان يف الوسائل فهو من باب احليل، وهي من حيث احلكم تنقسم باعتبار مآهلا

إىل: ما تضمن نق مصلحة شرعية أو هدم أصل شرعي؛ وهي احليل الباطلة، وإىل ما ال

بر عنها مذهب أبي حنيفة باحليل الشرعية.يتضمن ذلك، وهي اليت ع

(.2/257، )نفسهاملصدر 1

الصورة الرابعة: الفعل املخالف للتشريع صفة، واملوافق له قصدا، وله اعتبارات:

فإن كان يف باب العبادات، فهو البدعة، كإنشاء عبادات مل يرد هبا النص، أو الزيادة

على ما ورد.

:وإن كان يف باب العاديات: فله ثالث حاالت

أن خيالف نصا، أو أصال شرعيا؛ فهو الفاسد احملرم.األوىل:

والثانية: أن ال خيالف نصا أو أصال شرعيا إال أنه يرتتب عليه ضرر الغري؛ والنظر فيه

باملوازنة بني املصاحل واملفاسد، واعتبار املآالت.

احات.والثالثة: أن ال خيالف نصا أو أصال، وال يرتتب عليه ضرر؛ فهو من باب املب

الفرع الثاني: اعتبار مآالت األفعال، والنظر يف حتقيقها ملقاصدها الشرعية:

كانت موافقة أو خمالفة -قال الشاطيب: " النظر يف مآالت األفعال معترب، مقصود شرعا

؛ وذلك أن اجملتهد ال حيكم على فعل من األفعال الصادرة عن املكلفني باإلقدام أو اإلحجام -

.1ه إىل ما يؤول إليه ذلك الفعل"إال بعد نظر

، وذلك أن 2وقد عد الشاطيب اعتبار املآل من خصائص العامل الرباني الراسخ يف العلم

االجتهاد يف الرؤية املقاصدية اجتهاد تطبيقي، يدور حول تنزيل األحكام على األفعال، وهو

ينقسم إىل قسمني:

(.4/140) املوافقات، الشاطيب، 1 (.4/169، )املصدر نفسه 2

النظر فيه إىل مناطات األحكام وحتقيقها القسم األول: االجتهاد يف حتقيق املناط، ويكون

يف األفعال.

القسم الثاني: النظر يف مآالت األفعال، وحقيقته، احلكم على األفعال باعتبار نتائج

التصرفات املتوخاة بغ النظر عن مقصد الفاعل منها؛ وذلك أن الفعل قد يكون "مشروعا

الفاعل، وبالنظر يف النتائج املتوخاة يظهر ملصلحة فيه تستجلب، أو ملفسدة تدرأ"، يقصد إليها

للعامل فيها "مآل على خالف ما قصد فيه، فإذا أطلق القول فيه باملشروعية أو عدمها "فرمبا

أدى استجالب املصلحة فيه إىل مفسدة تساوي املصلحة أو تزيد"، وكذا قد يؤدي "استدفاع

ا من إطالق القول باملشروعية أو املفسدة إىل مفسدة تساوي أو تزيد"، فيكون هذا مانع

.1عدمه

واعتبار املآل ينبين عليه عدة أصول وقواعد منها: قاعدة الذرائع، وقاعدة احليل،

، فكل هذه القواعد األصل 2وقاعدة مراعاة اخلالف، وقاعدة االستحسان، وقاعدة رفع احلرج

فيها النظر يف املآالت املتوخاة واعتبارها.

وجود ال تكون إال بعد الفعل، والنظر إمنا هو يف املآالت املتوخاة، وهي وحقيقة املآل يف ال

من حيث النظر على قسمني:

القسم األول املآالت القطعية: وإدراك القطعية فيها من جهتني:

(.141-4/140) املصدر السابق،انظر: 1 (.152، 148، 146، 145، 4/143املصدر نفسه، ) 2

اجلهة األوىل: املآالت اليت جاء الشرع مبنع مقدماهتا وأسباهبا، أو اإلذن فيها، حبسب ما

فاسد، ومن ذلك:تفضي إليه من مصاحل وم

قال: ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول اهلل بن عامر جنبية والدخول عليها؛ فعن عقبة حتريم اخللوة باأل

"إياكم والدخول على النساء". فقال رجل من األنصار: يا رسول اهلل، أفرأيت احلمو؟ قال:

.1"احلمو املوت"

، فأتاه ملسو هيلع هللا ىلص قال: كنت عند النيب ومنه اإلذن بالنظر إىل املخطوبة، فعن أبي هريرة

: "أنظرت إليها"؟ قال: ال. ملسو هيلع هللا ىلصرجل فأخربه أنه تزوج امرأة من األنصار، فقال له رسول اهلل

.2قال: "فاذهب فانظر إليها، فإن يف أعني األنصار شيئا"

اجلهة الثانية: ما عرف بالعادة أنه يفضي إىل مصلحة أو مفسدة، ومن ذلك:

يقبل انتقاصه، وأنه يقابل من ينتقص حمبوبه ما عرف من عادة النا أن من أحب شيئا ال

بانتقاص حمبوب من يقابله، ويف ذلك جاء النهي عن سب آهلة الكفار ملا يفضي إليه من سبهم

ونا ﴿ ، قال هلل ح ينا ياد ٱل بوا اسح لا ت ي وا غا ا ب دوا ا ا ٱلل بوا فاياسح من دحون ٱللي م كا زا ل ذا ة كا م

ح أ

م نا لكح اهح ما [.108]األنعام: ﴾ عا

(. 5232(، برقم )7/37أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب النكاح، باب ال خيلون رجل بامرأة إال ذو حمرم والدخول على املغيبة، ) 1

(.2172(، برقم )4/1711ومسلم يف صحيحه، كتاب السالم، باب حتريم اخللوة باألجنبية والدخول عليها، ) (.1424(، برقم )2/1040نكاح، باب ندب النظر إىل وجه املرأة وكفيها ملن يريد تزوجها، )أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب ال 2

قال: اطلع رجل من جحر يف ومن ذلك مشروعية االستئذان؛ فعن سهل بن سعد

مدرى حيك به رأسه، فقال: "لو أعلم أنك تنظر لطعنت به يف ملسو هيلع هللا ىلص، ومع النيب ملسو هيلع هللا ىلصحجر النيب

.1عينك؛ إمنا جعل االستئذان من أجل البصر"

آالت الظنية: وهي املآالت اليت ال يقطع بتحقيقها نتائج لألفعال، كظن القسم الثاني: امل

تساهل أهل األموال بكفارة اجلماع يف هنار رمضان لقدرهتم عليها، فينتقل املفيت إىل الفتوى

بالصيام وترك الرتتيب فيه.

رب، واعتبار هذه املآالت وعدمه من حيث غلبتها وندرهتا، فما كان فيها غالبا فهو معت

وما كان نادرا فهو ملغي؛ لكنه مشروط بدفع مفسدته قدر املستطاع، واحلكم فيها يرجع إىل

سد الذرائع أو فتحها، وتطبيقاهتا يف الشريعة كثرية منها:

سد ذرائع الشرك: ومن ذلك: النهي عن الذبح هلل يف مكان يذبح لغري اهلل فيه؛ فعن

أن ينحر إبال ببوانة، فأتى ملسو هيلع هللا ىلصعهد رسول اهلل قال: نذر رجل على ثابت بن الضحاك

: "هل كان فيها وثنا من ملسو هيلع هللا ىلصفقال: إني نذرت أن أحنر إبال ببوانة، فقال رسول اهلل ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

أوثان اجلاهلية يعبد"؟ قالوا: ال. قال: "هل كان فيها عيد من أعيادهم"؟ قالوا: ال. قال

.2: "أوف بنذرك، فإنه ال وفاء لنذر يف معصية اهلل، وال فيما ال ميلك ابن آدم"ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

(.1(، حاشية رقم )59سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 1اده (. قال احملقق: "إسن3313(، برقم )201-5/200أخرجه: أبو داوود يف السنن، كتاب األميان والنذور، باب ما يؤمر بوفائه من النذر، ) 2

صحيح".

فتح ذرائع خمالفة الكفار: ومن ذلك األمر بصبغ الشيب، فعن أبي هريرة قال: إن

.1قال: "إن اليهود والنصارى ال يصبغون، فخالفوهم" ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

ن خاف على نفسه العزبة"؛ فعن سد ذرائع احملرمات: ومن ذلك احلث على "الصوم مل

فقال: "من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغ ملسو هيلع هللا ىلصقال: كنا مع النيب عبداهلل بن مسعود

.2للبصر، وأحصن للفرج، ومن مل يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء"

فتح ذرائع الطاعات: ومن ذلك اإلذن بالسياحة يف األرض للتفكر واخذ العربة والعظة

نا ﴿ أحوال األمم السابقة، قال من آثار م سح بكح ات من قا رض قاد خااوا ف ٱل يح فاس

نا عا مفا كا وا كا رح بيا فاٱنظح ذ كا [.137]آل عمران: ﴾ قباةح ٱلمح

واعتبار املآل كما أنه ميثل صورة من صور املرونة يف الشريعة اإلسالمية ومشوهلا جلميع

نه يؤدي دورا جوهريا وميثل أساسا من أسس محايتها وحفظها، فهو يف جانب جوانب احلياة؛ فإ

سد الذرائع مظهر "من مظاهر املناعة الذاتية يف اإلسالم، هذه املناعة اليت حتفظه من االحنراف

والتزييف، وتصونه من العبث والتبديل، وترد عنه كل دخيل، وتبقي على صفائه وبساطته إىل

، ولذا عقد له الشيخ حممد بن عبدالوهاب أبوابا يف كتابه 3رض ومن عليها"أن يرث اهلل األ

( كتاب اللبا 37(. ومسلم يف صحيحه، )5899(، برقم )7/161( كتاب اللبا ، باب اخلضاب، )77أخرجه: البخاري يف صحيحه، ) 1

(.2103( برقم )3/1663( باب يف خمالفة اليهود يف الصبغ، )25والزينة، )(. ومسلم يف 1905(، برقم )3/26نفسه العزبة، )( كتاب الصوم، باب الصوم ملن خاف على 30أخرجه: البخاري يف صحيحه، ) 2

(، 2/1018( باب استحباب النكاح ملن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة واشتغال من عجز عن املؤن بالصوم، )1( كتاب النكاح، )16صحيحه، )

(.1400برقم ) (.11سد الذرائع يف الشريعة اإلسالمية، حممد هشام الربهاني، ) 3

التوحيد، ومنها: باب ما جاء يف الرقى والتمائم، وباب ال يذبح هلل مبكان يذبح فيه لغري اهلل،

وباب ما جاء من التغليظ فيمن عبد اهلل عند قرب رجل صاحل فكيف إذا عبده، وباب ما جاء

جناب التوحيد، وغريها، وكان من آخر أبواب الكتاب: باب ما جاء ملسو هيلع هللا ىلص يف محاية املصطفى

.1محى التوحيد وسده طرق الشرك ملسو هيلع هللا ىلصيف محاية النيب

واعتبار املآل يف الشريعة اإلسالمية إمنا هو يف حقيقته موازنة بني أمرين: بني مقدمات

لزمان واملكان، شرعت لتحقيق مقاصد، ونتائج متوخاة من فعل تلك املقدمات باعتبار ظرف ا

مع املقاصد اليت شرعت -باعتبار الظرف واحلال -واحلال ، فمتى ما اتفقت النتائج املتوخاة

هلا تلك األفعال ثبت لتلك األفعال أحكامها املشروعة، ومتى ما كان اعتبار الظرف واحلال

غير حكم الفعل يف يتوخى منه خمالفة نتائج الفعل ملقاصده اليت شرع منها اعترب ذلك املآل يف ت

ة اجلزئية، "ومن هنا كان ختصيص النص باملصلحة، وتقييد مطلقه، واستثناء واقع تلك القضي

.2حكم الواقعة من أصل عام؛ بالنظر إىل املآل"

وهبذا تتحدد وظيفة اعتبار املآل يف التوجه املقاصدي املعاصر يف باب املسائل

واألحكام يف جانبني:

لذرائع وسدها، إذ أن املآالت املتوخاة ال ميكن اعتبارها إال بفتح اجلانب األول: فتح ا

الذرائع وسدها.

هو حق اهلل على العبيد، الشيخ حممد بن عبدالوهاب، ضمن جمموع مؤلفات الشيخ، القسم األول العقيدة واآلداب كتاب التوحيد الذي 1

(.147-146، 67-66، 63-60، 39-38، 31-1/29اإلسالمية، ) (.19مآالت األفعال يف املصطلح املقاصدي، حممد كمال الدين إمام، ) 2

اجلانب الثاني: دوران األحكام مع مصاحلها؛ إذ املصلحة نتيجة متوخاة، فإذا ما غلب

على ذهن اجملتهد حتقق املصلحة أو انتفاؤها، حبيث ال يؤدي التقيد بالنصوص "إىل حرج أو

.1الشريعة اليت من أجلها شرعت" ضرر تأباه مقاصد

(.7اصدها، جاسر عودة، )فقه املقاصد إناطة األحكام الشرعية مبق 1

الرابعالباب

الفكر املقاصدي يف العقائد

ويشتمل على أربعة مباحث:

.املبحث األول: حتقيق توحيد العبودية هلل

املبحث الثاني: االتباع وترك االبتداع.

املبحث الثالث: حتقيق عمارة األرض.

قة واخلالف.املبحث الرابع: االجتماع ونبذ الفر

الفصل األول

املقاصد الكلية يف العقيدة عند أهل السنة واجلماعة

املقاصد الكلية يف العقيدة عند أهل السنة واجلماعة

البحث املقاصدي هو يف أصل نشأته وتطوره يقع يف دائرة الدر الفقهي وأصوله، ومع

االهتمام املتزايد هبذا العلم يف الفكر اإلسالمي املعاصر اجتهت األنظار إىل الدر العقدي

هتمني ببحث مقاصد العقائد، وظهرت بوادر استجابة يه، ونادى بع املفوتوظيف املقاصد

لتلك الدعوة وكان منها رسالة علمية مقدمة بعنوان مقاصد العقائد عند اإلمام الغزايل

ويواجه الناظر يف مقاصد العقائد عدة إشكاالت منها:

أن العقائد يف حقيقتها متثل مقاصد التشريع، وإثبات مقاصد للعقائد هو إثبات مقاصد -

مقاصد.لل

أن مسائل العقائد يف صورهتا املعرفية يف اجلملة من باب التصورات والعلوم، وما يندرج -

حتتها من أفعال وجزئيات عملية فإمنا هو من مثرات تلك التصورات فهي يف رتبتها تعادل وتوازي

املقاصد.

هو أن الفكر املقاصدي ما يزال مل يكتمل بناؤه، ومل تضبط أصوله وقواعده، وكل ما -

موجود يف الساحة الفكرية هي حماوالت الستكمال ذلك البناء، وال زال يف حاجة إىل حبث

وقواعد حيتكم إليها يف حترير مقاصد العقائد. ا أصولأعمق، وفهم أدق، فليس لدين

وإذا ما اعتربنا أن الرؤية املنهجية للفكر املقاصدي تدور حول قاعدتني منهجيتني:

صيل: واعتبار االستقراء منهجا استدالليا معتمدا.األوىل: يف طريق التح

والثانية: يف ضابط التحقيق: واعتبار الكلية وصفا ذاتيا أصيال.

وتوظيف هاتني القاعدتني يف الدر العقدي يثمر للعقائد عند أهل السنة واجلماعة

، مها:اتابع اكلي ا، ولكل واحد منهما مقصدمقصدين كليني

االتباع وترك االبتداع.، ويتبعه مقصد هلل العبادة األول: توحيد املقصد الكلي

الفرقة واخلالف. ونبذاالجتماع ، ويتبعه مقصد عمارة األرضاملقصد الكلي اآلخر:

وهذا املبحث واملبحثان التاليان هي حماولة لتلمس بع املالمح املقاصدية يف باب

فيها. العقائد عند أهل السنة وموقف املخالفني هلم

املبحث األول

هلل العبوديةتوحيد حتقيق أصل مقاصد التشريع وأساسها، فـ"هي الغاية احملبوبة هلل، هلل العبادة توحيد

، قال الشاطيب: "املقصد الشرعي من وضع الشريعة؛ إخراج املكلف عن داعية 1واملرضية له"

.ا.هـ، وتقرير ذلك يف الشريعة 2هو عبد هلل اضطرارا" هواه؛ حتى يكون عبدا هلل اختيارا، كما

ع، ووجوه ذلك:ظاهر متنو

الوجه األول: أن اهلل عدها غاية خللق اجلن واإلنس، قال ﴿ اقتح ا خا واماون اعبحدح نسا إل ل ن واٱل ليقروا إال أي: "اآلية بيان يف عبا ابن قال ،[56:الذاريات] ﴾ ٱل

، فهذا نص صريح على أن العباد خلقوا للتعبد هلل، والدخول حتت أمره 3"وكرها طوعا عبودةبال

.وهنيه

وا ﴿ ولتحقيق هذه الغاية توجه إىل اخللق األمر والنهي، قال اعبحدح وا إل ل مرححا أ واما

ا ا نافا ينا حح ح ٱل يا لا ص ا مح ه ﴿ وقال ،[5:البينة] ﴾ ٱلل إلا وا اعبحدح إل ل وا مرححا أ ا واما

د ح ونا ا وا حشكح ا ي م ۥ عا ناهح بحا سح وا ها إل هح إلا فكان هذا املقصد هو حق ،[31:التوبة] ﴾ ل

له يقال محار على ملسو هيلع هللا ىلصقال: كنت ردف النيب اهلل تعاىل على العبيد؛ عن معاذ بن جبل

(.4العبودية، ابن تيمية، ) 1 (.2/128املوافقات، الشاطيب، ) 2 (.22/444جامع البيان يف تأويل القرآن، الطربي، ) 3

اهلل: قلت ؟"اهلل على العباد حق وما عباده؟ على اهلل حق تدري هل ،معاذ يا: "فقال عفري،

وال تشركوا به شيئا وحق العباد على يعبدوه أن العباد على اهلل حق فإن: "قال. أعلم ورسوله

اهلل أن ال يعذب من ال يشرك به شيئا". فقلت: يا رسول اهلل، أفال أبشر به النا ؟ قال: "ال

.1تبشرهم فيتكلوا"

الوجه الثاني: أن اهلل إمنا أرسل الرسل وبعث األنبياء بتبليغها والدعوة إليها، قال

﴿ ة مح أ

ثناا ف كح د باعا لاقا ن ٱع وااول أ رسح غحوتا ٱلط بحوا ا واٱجتان ٱلل وا ﴾ بحدح

﴿فكان كل رسول يقول لقومه ،[36:النحل] م م ا لاكح ا ما ٱلل وا ۥ ٱعبحدح هح يح ه غا ،﴾ ن إلا

، 65ألعراف:ا] وهود ،[23:املؤمنون ،59:األعراف] نوح: أنبيائه لسان على تعاىل اهلل حكاها

[، وغريهم من 84، هود:85[، وشعيب ]األعراف:61، هود:73[، وصاحل ]األعراف:50هود:

هم قارن ﴿ األنبياء والرسل، قال اهلل ناا من باعدأ نشا

ارينا ثحم أ ااخا ناا فمهم ٣١ا رسا

افاأ

ول وا راسح ن ٱعبحدحام أ نهح ونا م فالا تاتقح

اۥ أ هح يح ه غا ن إلا م م ا لاكح ا ما -31:املؤمنون] ﴾ ٱلل

ها ﴿ وقال ،[32 إلا ۥ لا نهحاه أ إلا ول إل نحوح بكا من رسح ناا من قا رسا

اا أ ناا واما

ا أ إل

ون ة ﴿ وقال ،[25:األنبياء] ﴾ فاٱعبحدح محم أ تحكح م

ح أ ۦ ه ذ ة إن ها دا ح م وا بكح را ناا

اأ وا

ون أمرت: "قال ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول أن عنهما، اهلل رضي عمر ابن ، وعن[92:األنبياء] ﴾ فاٱعبحدح

ومسلم يف صحيحه، كتاب ،(2856(، برقم )4/29كتاب اجلهاد والسري، باب اسم الفر واحلمار، ) أخرجه: البخاري يف صحيحه، 1

(.30(، برقم )1/58من لقي اهلل باإلميان وهو غري شاك فيه دخل اجلنة وحرم على النار، )اإلميان، باب

مدا رسول اهلل، ويقيموا الصالة ويؤتوا هلل، وأن حما إال إله ال أن يشهدوا حتى النا أقاتل أن

.1الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مين دماءهم وأمواهلم إال حبق اإلسالم، وحساهبم على اهلل"

الوجه الثالث: أن اهلل هيف مواطن عدة من كتاب هباأمر ومن ذلك قوله ،

اقا ﴿ ي خا مح ٱل بكح را وا ا ٱنلاسح ٱعبحدح ها ياأ م يا كح م لاعا بكح ينا من قا م واٱل كحونا إياهح ﴿ وقال ،[21:البقرة] ﴾ تاتقح وا إل ل تاعبحدح

ا [.23:، اإلسراء40وسف:ي] ﴾ أ

وا ٱ ﴿ كما هنى عن الشرك فيها، وحذر منه؛ ملنافاته حتقيقها، قال لا واٱعبحدح ا وا للي هۦ شا ب وا شكح

ح ت م ﴿ وقال ،[36:النساء] ﴾ا بكح رما را ا حا ت ح ماا أ اوا ال قح تاعا

ي هۦ شا ب وا شكحح ل ت

ام أ امكح ا ا ﴿ [، وقال 151]األنعام: ﴾ ا ب رما را ا حا قح إنما

ا ا واما را منها ها ا ظا حشا ما وا ي ٱلا ٱلفا غا ثما واٱلاغا ب نا واٱل ام باطا ا ل ما ٱلل وا ب شكحح ن ت

اأ وا ق

ن طا هۦ سح ل ب زنا هۦ ﴿ وقال ،[33:األعراف] ﴾ ايح حشاكا ب ن ياغفرح أ ا لا يا إن ٱلل

ح ا اشا ن ي ما كا ل ل ا دحونا ذا ياغفرح ما سان عيسى عليه ل على وقال ،[48،116:النساء] ﴾ وا

حش ﴿السالم ن ي ۥ ما إنهح هح ٱنلارح ى واأ امه ٱلانةا واما ا ح ما ٱلل ر د حا قا فا ٱلل ﴾ ك ب

[.72:املائدة]

الوجه الرابع: من خالل هذا التقرير يف الوجهني السابقني تقرر عند أهل السنة واجلماعة

عن ابن بتوحيد األلوهية، وهو أول الواجبات الشرعية، أن أول ما يدعى إليه اإلقرار هلل

كوة فخلوا سبيلهملزٱ وءاتوا لصلوةٱفإن تابوا وأقاموا ﴿أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب اإلميان، باب 1 برقم ،(1/14) ،[5:التوبة] ﴾

(.20(، برقم )1/51ل اهلل، )رسو حممد اهلل إال إله ال يقولوا حتى النا بقتال األمر باب اإلميان، كتاب صحيحه، يف ومسلم(. 25)

على تقدم إنك: "قال اليمن إىل معاذا بعث ملا ملسو هيلع هللا ىلصعبا رضي اهلل عنهما، أن رسول اهلل

، ويف لفظ عند البخاري: 1"وجل عز اهلل عبادة إليه تدعوهم ما أول فليكن كتاب، أهل قوم

، ومها مبعنى واحد؛ قال ابن عبا : "كل ما ورد يف القرآن من 2"إىل أن يوحدوا اهلل تعاىل"

.3عبادة فمعناها التوحيد"ال

مسلكا للداللة على جعل اإلقرار الفطري مبعرفته ومما يشهد هلذا التقرير أن اهلل

ورهم ﴿ التفرد بالعبادة، قال استحقاقه هح ما من ظح اادا بكا من بان ذا را خااإوذ أ

اس لاهم أ س نفح

ا أ ا م لعا هح دا شها

اأ م وا يتاهح ذحر هدناا شا بالا حوا م قاال كح ب را ياوما تح ب حوا ول ن تاقح

اأ

فيا ا غا ذا ن ها نا عا ة إنا كح ما نا ١٧٢ٱلقيا كح ب ح وا ناا من قا اابااؤح شاكا ا أ ا إنما حوا ول و تاقح

اأ

ية ناا ذحر تحهكح فااهم أ ن باعد بط م عا ا ٱلمح ا فا ما عبداهلل عن ،[173-172:األعراف] ﴾ حونا ب

عل هلل ندا وهو جت أن: "قال اهلل؟ عند أعظم الذنب أي ،ملسو هيلع هللا ىلص النيب سألت: قال مسعود بن

.4خلقك"

(. ومسلم يف صحيحه،1458(، برقم )2/119خذ كرائم أموال النا يف الصدقة، )ؤأخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الزكاة، باب ال ت 1

(.19(، برقم )1/51الشهادتني وشرائع اإلسالم، ) كتاب اإلميان، باب الدعاء إىل برقم ،(9/114) وتعاىل، تبارك اهلل توحيد إىل أمته ملسو هيلع هللا ىلصأخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب التوحيد، باب ما جاء يف دعاء النيب 2

(7372.) (.1/71معامل التنزيل يف تفسري القرآن، البغوي، ) 3 ،(6/18) ،[22:البقرة] ﴾ لمون تع ا وأنتم أنداد لله علوا فلا تج ﴿القرآن، باب قوله تعاىل أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب تفسري 4

(.86) برقم ،(1/90) بعده، أعظمها وبيان الذنوب أقبح الشرك كون باب اإلميان، صحيحه، كتاب يف ومسلم(. 4477) برقم

الوجه اخلامس: أن من حقق العبودية هلل أدخله اهلل اجلنة على وحده ال شريك له

ال وحده اهلل إال إله ال أن شهد من: "قال ملسو هيلع هللا ىلص، عن النيب ما كان من العمل، فعن عبادة

مريم إىل ألقاها وكلمته ورسوله اهلل عبد عيسى وأن ورسوله، عبده حممدا وأن له، شريك

أبواب من: "رواية ويف ،"العمل من كان ما على اهلل أدخله حق؛ والنار حق، واجلنة منه، وروح

.1نة الثمانية أيها شاء"اجل

قيق عبوديته هلل، وكلما ازداد العبد حتقيقا للعبودية قال ابن تيمية: "فكمال املخلوق يف حت

ن املخلوق خيرج عن العبودية بوجه من الوجوه، أو أن أازداد كماله، وعلت درجته، ومن توهم

.2اخلروج عنها أكمل فهو من أجهل اخللق وأضلهم"

صفة املؤمنني، وتركها صفة املستكربين، قال وحده ال شريك له والعبودية هلل

استانكفا ﴿ بد لن ي ونا عا ن ياكحامحح أ س ن ا ٱلما واما بحونا ر قا ةح ٱلمح ئكا لا لا ٱلما وا لل

مع ه جا م إلا حهح ماحشح فاسا استاكب ي هۦ وا ت باادا ن استانكف عا نحوا ١٧٢ا ي ااما ينا ا ٱل مافاأ

ت حا محوا ٱلص ا وا ف محوا وا فا فح ينا ٱستانكا ا ٱل ماأ ن فاضهۦ وا م م هح يازيدح م وا وراهح جح

حمهم أ

م لاابا أ ذا ا م بحهح ذ محعا وا فا ح لا واٱستاكبا ل ا وا وا ن دحون ٱلل م م اهح ونا ل دح ي يا لا ناص ﴾ اا وا

.[173-172:النساء]

القواعد:منضبط بنوعني من وحتقيق العبودية هلل

،[171:النساء] ﴾ دينكم في لوا تغ لا كتب لٱ ل أه ي ﴿نبياء، باب قوله تعاىل أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب أحاديث األ 1

على وحرم اجلنة دخل فيه شاك غري وهو باإلميان اهلل لقي من باب اإلميان، كتاب صحيحه، يف مسلم عند وبنحوه(. 3435) برقم ،(4/165)

(.28) برقم ،(1/57) النار، (.19مية، )العبودية، ابن تي 2

، "قواعد التشريع":النوع األول: قواعد إقامة العبودية هلل

:أتت هذه القاعدة األوىل: قبول العبادة متوقف على إخالص القصد واإلرادة هلل

وا ﴿ ، قال من ركين صحة العبادة األولالقاعدة لتحدد حقيقة الركن نا يارجح ن كا ما ا فا ا لقاهۦ فاماعما عا ب ل را ح ما عبا ا حشك ب لا ي اا وا دا حا

ا أ هۦ ب ة را وقال ،[110:الكهف] ﴾ ادا

﴿ ينا ح ٱل ا ل ص ا مح فاٱعبحد ٱلل ٱلاق با ب كا ٱلكتا نلاا إلا نزااا أ ن ينح ٢إ ٱل لا لل

اأ

صح ﴿ وقال ،[3-2:الزمر] ﴾ ٱلاال ينا قح إن ح ٱل ا ل ص ا مح عبحدا ٱللان أ

امرتح أ

ح ﴾ أ

قلت: يا رسول اهلل، من أسعد النا بشفاعتك يوم قال: [، وعن أبي هريرة 11:الزمر]

لقد ظننت يا أبا هريرة أن ال يسألين عن هذا احلديث أحد أول : "ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهلل القيامة؟

عد النا بشفاعيت يوم القيامة من قال: ال إله إال منك؛ ملا رأيت من حرصك على احلديث، أس

.1اهلل؛ خالصا من قلبه، أو نفسه"

أن "األصل يف العبادات بالنسبة للمكلف التعبد، دون االلتفات إىل القاعدة الثانية:

: "االنقياد ألوامر اهلل تعاىل، وإفراده باخلضوع والتعظيم جلالله، ة التعبد فيهاوحقيق :2املعاني"

، ومفاد هذا أنه ال بد من التوقيف على العبادات املشروعة، فال يعبد اهلل 3توجه إليه"وال

ا ﴿ إال مبا شرع، قال ا هواالا تاتبع أ ا وا مر فاٱتبعها

انا ٱل ة م يعا شا ا كا لعا نا عا ثحم جا

(.99(، حديث رقم، )1/31أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب العلم، باب احلرص على احلديث، ) 1 . ومراده باملعاني: علل األحكام اليت يقا عليها.(2/228املوافقات، الشاطيب، ) 2

(.2/229، )نفسهاملصدر 3

ونا عامح ينا لا يا : ملسو هيلع هللا ىلصعنها قالت: قال رسول اهلل [، عن عائشة رضي اهلل18]اجلاثية: ﴾ ٱل

.1ليس فيه فهو رد" ما هذا أمرنا يف أحدث من"

ح ٱلاقح ﴿ ، قال وهذه القاعدة تقوم على أن التشريع حق حم هلل لا لااأ

مرح ا واألمر القدرية، الكونية أحكامه يتضمن فاخللق: "السعدي قال ،[54:األعراف] ﴾ واٱل

.ا.هـ، وقال: "فكما أنه ال خالق سواه فليس على اخللق أمر 2"الشرعية الدينية أحكامه يتضمن

وال هني إال من خالقهم، وأيضا: فإن خلقه للخلق فيه التدبري القدري الكوني، وأمره فيه التدبري

.3الشرعي الديين"

قال ابن تيمية: "تصرفات العباد من األقوال واألفعال نوعان: عبادات يصلح هبا دينهم،

ات حيتاجون إليها يف دنياهم، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات اليت أوجبها اهلل وعاد

أو أحبها ال يثبت األمر هبا إال بالشرع، وأما العادات فهي ما اعتاده النا يف دنياهم مما

حيتاجون إليه، واألصل فيه عدم احلظر، فال حيظر منه إال ما حظره اهلل سبحانه وتعاىل؛ وذلك

أن األمر والنهي مها شرع اهلل، والعبادة ال بد أن يكون مأمورا هبا، فما مل يثبت أنه مأمور به

كيف يحكم عليه بأنه عبادة؟! وما مل يثبت من العادات أنه منهي عنه كيف يحكم عليه أنه

حمظور؟! وهلذا كان أصل أمحد وغريه من أهل احلديث: أن األصل يف العبادات التوقيف، فال

(. ومسلم يف 2697(، برقم )3/184صلح جور فالصلح مردود، ) أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على 1

(.1718(، برقم )3/1343صحيحه بلفظ "منه"، كتاب األقضية، باب نق األحكام الباطلة ورد حمدثات األمور، ) (.291تيسري الكريم الرمحن يف تفسري كالم املنان، السعدي، ) 2 (.501، )نفسهاملصدر 3

﴿يشرع منها إال ما شرعه اهلل تعاىل وإال دخلنا يف قوله تعاىل ا ؤح اكا م شح اهح م لام أ اهح وا ل ح ا شا

ح ه ٱلل ذان بام ياأ ا ل ين ما نا ٱل .1["21ى:الشور] ﴾ م

الكتاب والسنة فمر فيما فأما ، واالستقراء الكتاب والسنةوقد دل على هذه القاعدة

وأما االستقراء فمن ، عليها، وسيأتي هلا مزيد بيان الحقا إن شاء اهلل سبق ما يدل

جهتني:

؛ "فإنا وجدنا الطهارة تتعدى حمل اجلهة األوىل: استقراء العبادات اليت شرعها اهلل

ت بأفعال خمصوصة على هيئات خمصوصة إن خرجت عنها مل صموجبها، وكذلك الصلوات خ

بات فيها تتحد مع اختالف املوجبات، وأن الذكر املخصوص يف تكن عبادات، ووجدنا املوج

هيئة ما مطلوب ويف هيئة أخرى غري مطلوب، وأن طهارة احلدث خمصوصة باملاء الطهور وإن

يقوم مقام الطهارة باملاء -وليست فيه نظافة حسية -أمكنت النظافة بغريه، وأن التيمم

إمنا شرعت هبيئات وصفات -واحلج وغريمها" كالصوم -املطهر، وهكذا سائر العبادات

خمصوصة، وهذا خبالف أحكام العادات؛ "فعلمنا قطعا أن املقصود الشرعي األول: التعبد هلل

.2بذلك احملدود، وأن غريه غري مقصود شرعا"

اجلهة الثانية: استقراء التاريخ، وقد وجدنا "أن وجوه التعبدات يف أزمنة الفرتات مل يهتد

ا العقالء اهتداءهم لوجوه معاني العادات، فقد رأيت الغالب فيهم الضالل فيها، واملشي إليه

".على غري طريق، ومن ثم حصل التغيري فيما بقي من الشرائع املتقدمة

(.13-4/12يمية، )الفتاوى الكربى البن ت 1 (.229-2/228املوافقات، الشاطيب، ) 2

قال الشاطيب: "وهذا مما يدل داللة واضحة على أن العقل ال يستقل بدرك معانيها، وال

.1ذلك"بوضعها، فافتقرنا إىل الشريعة يف

موقف أصحاب التوجه املقاصدي املعاصر من تعليل العبادات:

مما هو متفق عليه أن العبادات يف أصل مشروعيتها معللة بتحقيق مصاحل اخللق يف اآلخرة

بنيل الثواب والرضوان والفوز باجلنان، وبقصد "اخلضوع هلل، والتوجه إليه، والتذلل بني يديه،

.يف الدنيا 2رة القلب بذكره"واالنقياد حتت حكمه، وعما

:على حكم أصول العبادات وغاياهتا وقد نص اهلل

ر ﴿ ففي الصالة قال نكا ا واٱلمح حشا ن ٱلفا ا ةا تانها او ﴾ إن ٱلص

.[45:العنكبوت]

قاة ﴿ قال الزكاة ويف دا هم صا ل موااذ من أ ا خح ها مهم ب ك تحزا م وا رحهح ه ﴾ تحطا

.[103وبة:الت]

تبا ﴿ ويف الصيام قال كح نحوا ااما ينا ا ٱل ها ياأ تبا يا ا كح ما ماامح كا مح ٱلص امكح ا

ونا م تاتقح كح م لاعا بكح ينا من قا ا ٱل .[183:البقرة] ﴾ لعا

ال ﴿ قال احلج ويف تحوكا رجاٱلاج ياأ ذ ن ف ٱنلاس ب

اأ وا ا امر والعا ضا

تيا كح ياأ

فاج ممق من كح ٢٧ ا وا دح ياشها يام ل

ا أ ف ٱسما ٱلل وا رح ياذكح م وا اهح فعا ل نا ت ما عحوما م

(.2/231، )السابقاملصدر 1 (.2/175، )نفسهاملصدر 2

قيا سا ٱلفا وا ٱلاائ طعمحاأ ا وا حوا منها م فاكح نعا

اة ٱل ن باهمما م م هح زاقا ا را ما ا -27]احلج: ﴾ لعا

28.]

ويف ظل هذا التقرير املقاصدي العام للعبادات اندرجت أحكامها ضمن األحكام املعقولة

املعنى.

ويوظف املقاصديون املعاصرون هذه احلكم للعبادات يف تقرير "أن األصل يف األحكام

.1هو التعليل، وأن ما خرج عن هذا فهو االستثناء" -العادية والعبادية -الشرعية

التعليل الذي يذهب إليه املقاصديون يف باب العبادات هو: إظهار ما فيها من وحقيقة

حكم ومصاحل وفوائد تعود على املتعبدين يف أخراهم ودنياهم، وبذلك تكون أقرب إىل القبول،

جيد أهناواملتأمل لتلك العلل واملصاحل املستخرجة أو املستنبطة للعبادات وأدعى إىل االمتثال،

ملفهومة اجلنس"، إال أهنا "غري مفهومة اخلصوص"، فلم يتحقق فيها املعنى الظاهر من العلل "ا

ليست من باب العلل القياسية، وإمنا فهي عليه ، املنضبط املناسب الذي يصلح لرتتيب احلكم

قال الشاطيب: "فإذا مل تتحقق لنا علة ظاهرة تشهد هلا من باب علل احلكم اليت ال يقا عليها،

ك الظاهرة؛ فالركن الوثيق الذي ينبغي االلتجاء إليه الوقوف عند ما حد، دون التعدي إىل املسال

غريه؛ ألنا وجدنا الشريعة حني استقريناها تدور على التعبد يف باب العبادات، فكان أصال

.2فيها"

ع العبادات تقريرا العتبار التعليل يف وريف ذكر أمثلة تعليل فأطال د. الريسوني وقد (. 197نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب، الريسوني، ) 1

([.200-189، )املصدر نفسهر: أحكام العبادات ]انظ

(.231-2/230انظر: املوافقات، الشاطيب، ) 2

حيتاج -العامة واخلاصة، املنصوص عليها وغري املنصوص -وهذا التوظيف لتلك احلكم

تقعيد وضبط لئال توظف يف دعوى فتح باب االجتهاد يف التعبد، ونفي حقيقة االبتداع يف إىل

الدين؛ وذلك أن الكتابات املعاصرة املقررة ملبدأ التعليل يف أحكام العبادات تثري كثريا من

-التساؤالت حول حدود هذا التعليل، وأثره على األحكام الشرعية املتعلقة بباب العبادات

، قال حممد كمال الدين إمام: "إن فكرة املقاصد يف العبادات تغبري أمني -قديم منها واجلديد ال

عن مهزة الوصل بني النص الثابت والواقع املتجدد الوجوه الذي يتميز بالصريورة والتغري،

ويكشف أمهية الرتتيب املنهجي للمقاصد، واملقاصد األصلية اليت ميكن حتديدها؛ ألهنا

ن وإىل النص، واملقاصد التابعة اليت ال ختضع حتت حصر؛ ألهنا تتعلق بالتنزيل على تتحرك م

وهذا فيه ما فيه من توسيع آلفاق االجتهاد، والتوسعة على الواقع وتفعيله يف آن معا،

.1"املكلفني

ويضرب إمساعيل حسين هلذا االنفتاح االجتهادي يف العبادات والتوسعة على املكلفني

قال: "فعلى سبيل املثال حنتاج إىل الوعي الدقيق هبذا الفرق يف فقهنا لشعائر احلج، مثاال؛ ف

فننه إىل البحث عن العلل املصلحية اليت تنطوي عليها شعائر احلج، ال ننشد من ذلك إال أن

يكون فقهنا الراهن ملسائل احلج حمققا للضروريات اليت جاءت من أجلها شريعتنا، يستوي يف

كمسألة أوقات الرمي املشروعة أيام التشريق، ومسألة أوقات الذبح، -ائل القدمية ذلك املس

(.349فكرة املقاصد يف العبادات رؤية منهجية، حممد إمام، مقاصد الشريعة اإلسالمية دراسات يف قضايا املنهج وجماالت التطبيق، ) 1

، أو -وطواف احلائ طواف اإلفاضة، واملبيت مبزدلفة، واملبيت مبنى خالل أيام التشريق

.1املسائل املستجدة"

عية ويظهر البعد اخلطري يف مثل هذا التعليل لباب العبادات جليا يف قضية األحكام الشر

؛ إذ ينادي احلسين بوجوب -كنسخ القبلة، والتخيري يف الصوم، وغريمها -املنسوخة

هبذه -"االستفادة من هذا احلكم املنصوص الذي سبق نسخه؛ ألنه ال بد أن يبقى منطويا

على مصلحة من املصاحل"، ويف حال تعارض هذه -الدرجة أو تلك، وهبذه الصورة أو تلك

فإن "املطلوب دائما هو تقديم -ولو كانت مصلحة النص الناسخ -أخرى املصلحة مع مصلحة

.2أعظم املصلحتني"

القاعدة الثانية: ملا كان األصل يف العبادات الدليل؛ فإن السكوت فيه كالنص على أن

.؛ إذ مقصود ورود الدليل به الوقوف عند ما حد فيه3قصد الشارع أن ال يزاد فيه وال ينقص

، ومها تضبطان الركن الثاني من ركين ) االتباع وترك االبتداع ( تنيالقاعد اتنيهومثرة

.صحة العبادة

النوع الثاني: قواعد حفظ العبودية هلل تعاىل، "سد ذرائع الشرك":

ملا كان الشيطان قد أخذ على نفسه عهد اإلغواء، ورسم لسبيل الضالل خطى

ا ﴿ والتحذير من اتباع تلك اخلطوات، قال اإلضالل؛ أتى الشرع بسد تلك الطرق، ها ياأ يا

(.80مقاصد الشريعة اإلسالمية وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 1 (.71املصدر نفسه، ) 2 .(2/311) املوافقات، الشاطيب،انظر: 3

لا نحوا ااما ينا رح ٱل محۥ ياأ ن فاإنهح مطا ت ٱلش وا طح ن ياتبع خح واما ن مطا ت ٱلش وا طح خح وا تاتبعح

ر نكا ا واٱلمح حشا ٱلفا .[21:النور] ﴾ب

: فقلنا ملسو هيلع هللا ىلصفد بين عامر إىل رسول اهلل قال: انطلقت يف و عن عبداهلل بن الشخري

فقال. طوال وأعظمنا فضال وأفضلنا: قلنا". وتعاىل تبارك اهلل السيد: "ملسو هيلع هللا ىلص فقال. سيدنا أنت

، أورده الشيخ حممد بن 1"الشيطان يستجرينكم وال قولكم بع أو بقولكم قولوا: "ملسو هيلع هللا ىلص

، 2(الشرك طرق وسده يدالتوح محى ملسو هيلع هللا ىلصعبدالوهاب حتت عنوان )باب ما جاء يف محاية النيب

: "فإن التوحيد ال يتم وال حيفظ وحيصن إال باجتناب مجيع الطرق املفضية شارحا قال السعدي

.3إىل الشرك"

وعالقة الذرائع بتحقيق العبودية من جهتني:

عن فاجلهة األوىل: أن حتقيق توحيد اإلرادة والقصد ال يتم إال بسد الذرائع املنقصة له؛

: "عرضت على األمم، فأخذ النيب مير معه ملسو هيلع هللا ىلصاهلل عنهما قال: قال رسول اهلل ابن عبا رضي

األمة، والنيب مير معه النفر، والنيب مير معه العشرة، والنيب مير معه اخلمسة، والنيب مير وحده،

فنظرت فإذا سواد كثري، قلت: يا جربيل هؤالء أميت؟ قال: ال، ولكن انظر إىل األفق. فنظرت،

د كثري. قال: هؤالء أمتك، وهؤالء سبعون ألفا قدامهم ال حساب عليهم وال عذاب. فإذا سوا

(. وهو عند النسائي يف السنن الكربى، 4808(، برقم )4/402أخرجه: أبو داوود يف السنن، كتاب اآلداب، باب يف كراهية التمادح، ) 1

(، وصححه األلباني، 10078(، برقم )6/71"، )كتاب عمل اليوم والليلة، باب ذكر اختالف األخبار يف قول سيدنا، بلفظ "وال يستهوينكم

(.3/88السلسلة الصحيحة، ) (.1/146كتاب التوحيد الذي هو حق اهلل على العبيد، حممد بن عبدالوهاب، ضمن جمموع مؤلفات الشيخ ) 2 (.285القول السديد شرح كتاب التوحيد، السعدي، ) 3

، فهؤالء 1قلت: ومل؟ قال: كانوا ال يكتوون، وال يسرتقون، وال يتطريون، وعلى رهبم يتوكلون"

السبعون ألفا إمنا نالوا هذا الفضل العظيم بتحقيقهم التوحيد، قال الشيخ حممد بن عبدالوهاب

.ا.هـ، 2: "اخلامسة: كون ترك الرقية والكي من حتقيق التوحيد"-ائل هذا احلديث يف مس -

قال ابن حجر: "إمنا ترك املذكورون الرقى واالسرتقاء حسما للمادة؛ ألن فاعل ذلك ال يأمن أن

.3يكل نفسه إليه، وإال فالرقية يف ذاهتا ليست ممنوعة، وإمنا منع منها ما كان شركا أو احتمله"

هة الثانية: أن اخلوف من الشرك والبعد عنه ال يتحقق إال بسد الذرائع املفضية إليه، اجل

همما إن ﴿ وهبذا وصف اهلل تعاىل نبيه إبراهيم عليه السالم يف حتقيقه التوحيد؛ قال إبراة م

حنا أ ت كا نمف ا قاان حا شكيا لل ام ياكح منا ٱلمح ل املائل: هو واحلنيف" ،[120:النحل] ﴾ ا وا

، وبتأمل هذه الصفات اليت وصف اهلل تعاىل هبا نبيه إبراهيم 4شرك قصدا إىل التوحيد"ال عن

نمف ﴿ عليه السالم جند أن قوله الشرك ترك عن زائدا قدرا معناه يف محل ﴾ احا

االستسالم يف فقال اآلية، يف عليهما اهلل نص فهاتان والنهي؛ لألمر واالنقياد واالستسالم

ت ﴿قياد واالن ا قاان شكيا ﴿ الشرك ترك يف وقال ،﴾لل ام ياكح منا ٱلمح ل القدر وهذا ،﴾ وا

نمف ﴿ قوله يف الزائد كان ولو إليه ويفضي الشرك من يقرب ما كل عن وامليل البعد هو إمنا ﴾ احا

.األصل مباح

(. ومسلم يف صحيحه بنحوه، كتاب 6541(، برقم )8/112عون ألفا بغري حساب، )أخرجه: البخاري، كتاب الرقاق، باب يدخل اجلنة سب 1

(.220(، برقم )1/199اإلميان، باب الدليل على دخول طوائف من املسلمني اجلنة بغري حساب وال عذاب، ) .(1/16كتاب التوحيد الذي هو حق اهلل على العبيد، حممد بن عبدالوهاب، ضمن جمموع مؤلفات الشيخ، ) 2 (.11/417فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر، ) 3 (.35حاشية على األصول الثالثة، عبدالرمحن ابن قاسم، ) 4

ودية:ومن تطبيقات سد ذرائع الشرك يف العب

ذرائع شرك األسباب: التوكل على اهلل امجعها، وال ،من أعظم العبادات وأجلها

، وحقيقته: "االعتماد 1إال بكمال التوكل على اهلل" -بأنواعه الثالثة -"حيصل كمال التوحيد

.2املكروه، مع فعل األسباب املأذون فيها" وزوال ،املطلوب جلبعلى اهلل سبحانه وتعاىل يف

يس الشأن هنا يف اعتقاد ما ليس بسبب سببا والتعلق به؛ فإن هذا من جنس شرك ول

قوم إبراهيم عليه السالم، وإمنا الشأن فيما ثبت بتقدير اهلل أنه سبب يف حصول املطلوب،

والنا يف تعلق قلوهبم باألسباب على ثالثة أقسام:

ولد له"، قال الشاطيب: "فهذا القسم األول: من يعتقد أن السبب "فاعل للمسبب أو م

.3شرك أو مضاه له والعياذ باهلل، والسبب غري فاعل بنفسه، واهلل خالق كل شيء"

القسم الثاني: من يعتقد أن السبب موضوع لتحصيل املسبب عادة، ال أنه مؤثر بنفسه،

األسباب، ةبات معقوللكن مع حتكيم كونه سببا، فيغلب عليه االلتفات إىل األسباب؛ ألن املسب

، وهذا هو غالب أحوال اخللق يف الدخول يف فيتعلق قلبه بتحصيلها وينسى مسببها

.األسباب

(.2/587فتح اجمليد شرح كتاب التوحيد، عبدالرمحن آل الشيخ، ) 1

(.2/185القول املفيد شرح كتاب التوحيد، ابن عثيمني، ) 2 (.1/147املوافقات، الشاطيب، ) 3

يف حتصيل املطلوب أو وهذا يضعف التوحيد وبنقصه؛ ألن القلب يتعلق بغري اهلل

كروه، دفع املكروه، وفيه ذريعة إىل االعرتاض والتسخط على فوات ذلك املطلوب أو حصول امل

قال عبدالرمحن بن حسن آل الشيخ: "التوكل يف األسباب الظاهرة، كمن يتوكل على أمري أو

.ا.هـ،1سلطان فيما أقدره اهلل عليه من رزق، أو دفع أذى، وحنو ذلك؛ فهو نوع شرك أصغر"

القسم الثالث: من يعتقد أن السبب موضوع لتحصيل املسبب من غري حتكيم لكونه

وإرادته، فيأخذ باألسباب وقلبه معلق سبب واملسبب كالمها حتت قدرة اهلل سببا؛ إذ ال

، وهذا حتقيق العبودية بتوحيد القصد 2مبسببها، فـتمح نظره إىل "جانب التسبيب الرباني"

.واإلرادة هلل

والقسم الثاني من هذه األقسام الثالثة يشتمل على صور هي ذرائع إىل الشرك يف

، ومن هذه الصور:وتعلق القلب توكال واستعانة واستعاذة واستغاثة بغري اهلل األسباب،

ا ﴿ نسبة النعمة إىل السبب: قال اهلل -1 وناها ثحم يحنكرح تا ٱلل عما عرفحونا ن ياونا فرح مح ٱلكا حهح كثا

اأ إهنم: بقوهلم وينكروهنا اهلل عند من أهنا يعرفون أي" ،[83:النحل] ﴾ وا

: "قول الرجل: لوال فالن العامة" وأمثلة ذلك كثرية، ومن الدارج على ألسنة آبائهم عن ذلك ثواور

.3لكان كذا، ولوال فالن ما أصبت كذا"

(.2/589اجمليد لشرح كتاب التوحيد، عبدالرمحن آل الشيخ، ) فتح 1 (.1/148املصدر نفسه، ) 2

(.12/407اجلامع ألحكام القرآن، القرطيب، )انظر: 3

:إما أن يكون من باب اخلرب أو من باب النسبة إىل السببونسبة النعمة إىل سببها

، فهذا ال بأ به ؛-وكان اخلرب صدقا مطابقا للواقع -اخلرب " اأريد هب فإن

وإن أريد هبا السبب؛ فذلك ثالث حاالت:

األوىل: أن يكون سببا خفيا ال تأثري له إطالقا؛ كأن يقول: لوال الويل الفالني ما حصل كذا

وكذا؛ فهذا شرك أكرب؛ ألنه يعتقد هبذا القول أن هلذا الويل تصرفا يف الكون مع أنه ميت، فهو

تصرف سري خفي.

أن يضيفه إىل سبب صحيح ثابت شرعا أو حسا؛ فهذا جائز بشرط أن ال الثانية:

."يعتقد أن السبب مؤثر بنفسه، وأن ال يتناسى املنعم بذلك

سباب األعلى يف الذكر ، أو تقدميهواألوىل يف هذا النوع جتريد نسبة النعمة إىل اهلل

ظ الشركية اخلفية، كنسبة النعم إىل املشروعة؛ إذ هذا من "التأدب مع جناب الربوبية عن األلفا

.1ن ذلك باب من أبواب الشرك اخلفي"إغري اهلل؛ ف

الثالثة: أن يضيفه إىل سبب ظاهر، لكن مل يثبت كونه سببا ال شرعا وال حسا، فهذا نوع

من الشرك األصغر، وذلك مثل: التولة، والقالئد اليت يقال: إهنا متنع العني، وما أشبه ذلك؛ ألنه

.2ثبت سببا مل جيعله اهلل سببا، فكان مشاركا هلل يف إثبات األسباب"أ

(.2/1007تيسري العزيز احلميد يف شرح كتاب التوحيد، سليمان آل الشيخ، ) 1

(.314-2/313القول املفيد شرح كتاب التوحيد، ابن عثيمني، )انظر: 2

: ملسو هيلع هللا ىلصقال: قال رسول اهلل ومنها التحسر والندم على فوات املطلوب، فعن أبي هريرة -2

ينفعك، ما على احرص خري، كل ويف الضعيف، املؤمن من اهلل إىل وأحب خري القوي املؤمن"

: قل ولكن وكذا، كذا كان فعلت أني لو: تقل فال شيء ابكأص وإن تعجز، وال باهلل، واستعن

حسر الت عن االبتعاد إىل ملسو هيلع هللا ىلص، فأرشد 1"الشيطان عمل تفتح لو فإن فعل، شاء وما اهلل، قدر

والندم على ما فات مما ال ميكن استدراكه من األقدار؛ إذ غاية ما فيه أنه يفتح عمل الشيطان؛

.ب وسوسة الشيطان باالعرتاض على قدر اهلل فيدخل احلزن يف قلب املؤمن، ويفتح با

:2واستعمال )لو( يف الكالم على قسمني

األول: استعماهلا فيما يستقبل من الزمان، وهي هنا من باب التمين والطلب، وهذا

القسم "حكمه حبسب املتمنى، إن كان خريا فخري، وإن كان شرا فشر"، واألصل فيه إباحة

".الشيطان عمل تفتح لو فإن: "ملسو هيلع هللا ىلصوال يدخل يف قوله االستعمال يف الكالم،

والقسم اآلخر: استعماهلا فيما مضى من الزمان، ويف بيان حكمها التفصيل التايل:

فإن أريد هبا اخلرب؛ فهذا األصل فيه اإلباحة؛ فعن عائشة رضي اهلل عنها قالت: قال -

حني النا مع وحلللت ،اهلدي سقت ما استدبرت ما أمري من استقبلت لو: "ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.3"حلوا

(.2664(، برقم )4/2052أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب القدر،باب يف األمر بالقوة وترك العجز واالستعانة باهلل وتفوي املقادير هلل، ) 1 (.124-3/122انظر تفصيل ذلك: القول املفيد شرح كتاب التوحيد، ابن عثيمني، ) 2 (.7229) برقم ،(9/83) ،"استدبرت ما أمري من استقبلت لو: "ملسو هيلع هللا ىلصالنيب أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب التمين، باب قول 3

﴿عن املشركني قوهلم أما إذا تضمن االحتجاج بالقدر على املعصية؛ كما حكى اهلل

ا مناا من ر لا حا ناا وا اابااؤح لا كناا وا شااا أ ح ما ا ٱلل ا او شا احتجاج فهو ،[148:األنعام] ﴾ ل

.باطل

السابق "لو أني فعلت كان حديث أبي هريرةكما جاء يف وإن أريد هبا الندم والتحسر، -

اءت الشريعة بسد أبواب الشيطان ومداخله جهذه اليت تفتح عمل الشيطان، وقد فكذا وكذا"،

قال والكافرين، املنافقني صفات من وهي ،ملسو هيلع هللا ىلصعلى النا ، وهذا الذي هنى عنه رسول اهلل

ا ﴿ اهلل ها ياأ لا يا نحوا ااما ينا هم إذاا ٱل ن خوا ل حوا قاال وا وا رح فا ينا كا ٱل كا ونحوا تاكح

ز غح نحوا و كاارض أ

ا ف ٱل بحوا ا اجعا ا ٱى ضا ل حوا ا قحت واما اتحوا ا ما ناا ما ندا نحوا ح لو كا لل

ة سا كا حا ل هم واٱ ذا ح ف قححوب يحممتح واٱلل ۦ وا ح يحح ي لل حونا باص ا تاعما ما آل] ﴾ ب

ا ﴿يف تفسريه: "قوله تعاىل القرطيب قال ،[156:عمران ها ياأ ونحوا يا لا تاكح نحوا ااما ينا ٱل

وا رح فا ينا كا ٱل هم ﴿ املنافقني، يعين ﴾ كا ن خوا ل حوا قاال يف النسب يف أو النفاق يف يعين ﴾ وا

﴿ معونة، بئر إىل ملسو هيلع هللا ىلص السرايا اليت بعث النيب حوا ا قحت واما اتحوا ا ما ناا ما ندا نحوا فنهي ﴾ لو كا

.1"قوهلم مثل يقولوا أن املسلمون

ترك طلب الرقية: إذ طلب الرقية والتداوي من األخذ باألسباب، وقد جاء بإباحته -3

اان ما ﴿ الشرع؛ قال ر لح منا ٱلقح نحزنا ا وا فا وا ش راحا ا هح مح ة وا ،[82:اإلسراء] ﴾ ؤمنيا ل

العرب أحياء من حي على أتوا ملسو هيلع هللا ىلص النيب أصحاب من ناسا أن ، اخلدري سعيد أبي عن

(.5/275اجلامع ألحكام القرآن، القرطيب، ) 1

راق؟ أو دواء، من معكم هل: فقالوا أولئك، سيد لدغ إذ كذلك هم فبينما يقروهم، فلم

هلم قطيعا من الشاء، فجعل يقرأ . فجعلواجعال لنا جتعلوا حتى نفعل وال تقرونا، مل إنكم: فقالوا

،ملسو هيلع هللا ىلصبأم القرآن، وجيمع بزاقه ويتفل، فربأ، فأتوا بالشاء، فقالوا: ال نأخذه حتى نسأل النيب

.1"بسهم يل واضربوا خذوها! رقية؟ أهنا أدراك وما: "وقال فضحك فسألوه،

، قال: كنا نرقي يف اجلاهلية، فقلنا: يا رسول اهلل وعن عوف بن مالك األشجعي

.2كيف ترى يف ذلك؟ فقال: "اعرضوا علي رقاكم، ال بأ بالرقى ما مل يكن فيه شرك"

فاألصل يف طلب الرقية اإلباحة ما مل تكن شركا؛ فعن عائشة رضي اهلل عنها قالت:

.3العني" من يسرتقى أن أمر أو ،ملسو هيلع هللا ىلصأمرني رسول اهلل "

، فقال: سفعة وجهها يف جارية بيتها يف رأى ملسو هيلع هللا ىلصوعن أم سلمة رضي اهلل عنها، أن النيب

.4"اسرتقوا هلا؛ فإن هبا النظرة"

، وحتقيق لكمال التوحيد والتوكل ويف ترك االبتداء بطلبها سد لذريعة التعلق بغري اهلل

فرأيت األمم، علي عرضت: قال ملسو هيلع هللا ىلصعن النيب رضي اهلل عنهما ابن عبا فعن ،على اهلل

(.5736(، برقم )7/131أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الطب، باب الرقى بفاحتة الكتاب، ) 1 (.2200(، برقم )4/1727فيه شرك، )أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب السالم، باب ال بأ بالرقى ما مل يكن 2(. ومسلم يف صحيحه، كتاب السالم، باب 5738(، برقم )7/132كتاب الطب، باب رقية العني، ) ،أخرجه: البخاري يف صحيحه 3

(.2195(، برقم )4/1725استحباب الرقية من العني والنملة واحلمة والنظرة، )(. ومسلم يف صحيحه، كتاب السالم، باب 5739(، برقم )7/132ية العني، )أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الطب، باب رق 4

قال اخلليل: "سفعة: سواد يف خدي املرأة الشاحبة". ]العني: (.2197(، برقم )4/1725استحباب الرقية من العني والنملة واحلمة والنظرة، )

([.1/340الفراهيدي، )

سواد يل رفع إذ أحد، معه ليس والنيب والرجالن، رجلال ومعه والنيب الرهيط، ومعه النيب

فنظرت،. األفق إىل انظر ولكن وقومه، ملسو هيلع هللا ىلص موسى هذا: يل فقيل أميت، أهنم فظننت عظيم،

آلخر. فإذا سواد عظيم، فقيل يل: هذه أمتك، ا األفق إىل انظر: يل فقيل عظيم، سواد فإذا

ذاب. ثم هن فدخل منزله، فخاض أنا ومعهم سبعون ألفا يدخلون اجلنة بغري حساب وال ع

يف أولئك الذين يدخلون اجلنة بغري حساب وال عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا

مل يشركوا باهلل، وذكروا أشياء، و اإلسالم يف ولدوا الذين فلعلهم: بعضهم وقال. ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

ال الذين هم: "فقال ربوه،فأخ ؟"فيه ختوضون الذي ما: "فقال ،ملسو هيلع هللا ىلصفخرج عليهم رسول اهلل

1"يتوكلون رهبم وعلى يتطريون، وال يسرتقون، وال يرقون،

قال السعدي: "أما الرقى ففيها تفصيل:

هنا مندوبة يف حق الراقي؛ ألهنا من إفإن كانت من القرآن أو السنة أو الكالم احلسن؛ ف

أنه ال ينبغي له أن يبتدئ باب اإلحسان، وملا فيها من النفع، وهي جائزة يف حق املرقي، إال

بطلبها؛ فإن من كمال توكل العبد وقوة يقينه أن ال يسأل أحدا من اخللق ال رقية وال غريها، بل

ينبغي إذا سأل أحدا أن يدعو له أن يلحظ مصلحة الداعي، واإلحسان إليه؛ بتسببه هلذه

عانيه البديعة اليت ال يوفق العبودية له مع مصلحة نفسه، وهذا سر من أسرار حتقيق التوحيد وم

للتفقه فيها والعمل هبا إال الكمل من العباد.

(، برقم 1/199لدليل على دخول طوائف من املسلمني اجلنة بغري حساب وال عذاب، )أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلميان، باب ا 1

(.5705(، برقم )7/126(. وبنحوه عند البخاري يف صحيحه، كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غريه وفضل من مل يكتو، )220)

وإن كانت الرقية يدعى هبا غري اهلل، ويطلب الشفاء من غريه، فهذا هو الشرك األكرب؛

.1ألنه دعاء واستغاثة بغري اهلل"

ذرائع شرك الوسائط: األصل يف شرك العرب أنه شرك وسائط؛ قال ﴿ لا للا أ

إلا ٱلل بحوناا ر حقا م إل ل هح ا ناعبحدح ا ما اا ولا أ هۦ من دحون وا اذح ينا ٱت واٱل صح ينح ٱلاال ٱل

ونا تافح م فمه يا ا هح م ف ما مح بايناهح كح ا يا إن ٱلل لفا هلم ليشفعوا: "أي ،[3:الزمر] ﴾ زح

، ورزقهم، وما ينوهبم من أمر الدنيا، فأما املعاد فكانوا جاحدين له كافرين نصرهم يف اهلل عند

.2به"

أول شرك وقع يف األرض من هذا النوع، فإن شرك قوم نوح كان يف رجال صاحلني و

، ويذكر ابن عبا رضي اهلل عنهما خطوات الشيطان يف إيقاع عبدوهم من دون اهلل

العرب بعد، أما ) ود ( يفاألوثان اليت كانت يف قوم نوح : "صارت الشرك يف قوم نوح، قال

كانت لكلب بدومة اجلندل، وأما ) سواع ( كانت هلذيل، وأما ) يغوث ( فكانت ملراد، ثم لبين

غطيف باجلوف عند سبأ، وأما ) يعوق ( فكانت هلمدان، وأما ) نسر ( فكانت حلمري آلل

نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إىل قومهم: أن ذي الكالع، أمساء رجال صاحلني من قوم

انصبوا إىل جمالسهم اليت كانوا جيلسون أنصابا، ومسوها بأمسائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا

(.112-111القول السديد شرح كتاب التوحيد، السعدي، ) 1 (.85-7/84م، ابن كثري، )تفسري القرآن العظي 2

، فكان "سبب كفر بين آدم وتركهم دينهم هو الغلو يف 2العلم، عبدت" 1هلك أولئك، وتنسخ

من الصاحلني فوق منزلته اليت أنزله اهلل هبا فقد غال ، قال السعدي: "ومن رفع أحدا3الصاحلني"

.فيه، وذلك وسيلة إىل الشرك وترك الدين

والنا يف معاملة الصاحلني ثالثة أقسام:

أهل اجلفاء: الذين يهضموهنم حقوقهم، وال يقومون حبقهم من احلب، واملواالة هلم، -

والتوقري، والتبجيل.

منزلتهم اليت أنزهلم اهلل هبا.وأهل الغلو: الذين يرفعوهنم فوق -

وأهل احلق: الذين حيبوهنم، ويوالوهنم، ويقومون حبقوقهم احلقيقية، ولكنهم يربؤون من -

.4الغلو فيهم، وادعاء عصمتهم"

فلما كان خطر الغلو يف الصاحلني هبذه املنزلة جاءت الشريعة بسد ذرائع الغلو يف

الصاحلني؛ ومن ذلك:

، وزالت )تنسخ( بتاء ونون مفتوحتني، وسني مشددة مفتوحة، قال العيين: ")وتنسخ( بلفظ املاضي من التفعيل، أي: تغري علمهم بصورة احلال 1

دة القاري شرح صحيح معرفتهم بذلك، ويف رواية أبي ذر عن الكشميهين: )ونسخ العلم، فحينئذ عبدت( على صيغة اجملهول". ]عم

([.19/263البخاري، العيين، ) برقم ،(6/160) ،[23:نوح] ﴾ ا ر ونس ويعوق يغوث ولا ا سواع ولا ا ود ﴿أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب تفسري القرآن، باب 2

(4920.) (.1/56موع مؤلفات الشيخ، )كتاب التوحيد الذي هو حق اهلل على العبيد، حممد بن عبدالوهاب، ضمن جم 3

(.153القول السديد شرح كتاب التوحيد، السعدي، ) 4

عند قبور الصاحلني: عن عائشة رضي اهلل عنها، أن أم حبيبة النهي عن عبادة اهلل -1

فقال ،ملسو هيلع هللا ىلصوام سلمة رضي اهلل عنهما ذكرتا كنيسة رأينها باحلبشة فيها تصاوير لرسول اهلل

مسجدا، وصوروا قربه على بنوا فمات الصاحل الرجل فيهم كان إذا أولئك إن: "ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول

.1ند اهلل يوم القيامة"أولئك شرار اخللق عففيه تلك الصور؛

اهلل لعن: "منه يقم مل الذي مرضه يف ملسو هيلع هللا ىلصوعنها رضي اهلل عنها قالت: قال رسول اهلل

؛ اختذوا قبور أنبيائهم مساجد". قالت: فلوال ذاك أبرز قربه، غري أنه خشي والنصارى اليهود

.2أن يتخذ مسجدا"

أال: "...يقول ووه خبمس ميوت ان قبل ملسو هيلع هللا ىلصقال: مسعت رسول اهلل وعن جندب

القبور تتخذوا فال أال مساجد، وصاحليهم أنبيائهم قبور يتخذون كانوا قبلكم كان من وإن

.3"ذلك عن أهناكم إني مساجد،

(.427(، برقم )1/93أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الصالة، باب هل تنبش قبور مشركي اجلاهلية ويتخذ مكاهنا مساجد، ) 1

على القبور واختاذ الصور فيها والنهي عن اختاذ القبور مسلم يف صحيحه، كتاب املساجد ومواضع الصالة، باب النهي عن بناء املساجدو

(. 529(، برقم )1/376مساجد، ) (.1390) برقم ،(2/102) عنهما، اهلل رضي وعمر بكر وأبي ملسو هيلع هللا ىلصأخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب اجلنائز، باب ما جاء يف قرب النيب 2

بناء املساجد على القبور واختاذ الصور فيها والنهي عن اختاذ القبور باب النهي عن ،مسلم يف صحيحه، كتاب املساجد ومواضع الصالةو

(. 528(، برقم )1/375مساجد، )مسلم يف صحيحه، كتاب املساجد ومواضع الصالة، باب النهي عن بناء املساجد على القبور واختاذ الصور فيها والنهي عن اختاذ القبور 3

(.532(، برقم )1/377مساجد، )

اختاذ القبور عن هنى أنه ملسو هيلع هللا ىلصقال ابن تيمية: "وقد استفاضت األحاديث عن النيب

اب: "والصالة عندها من . ا.هـ، قال الشيخ حممد بن عبدالوه1مساجد، ولعن من يفعل ذلك"

ذلك وإن مل ينب مسجد، وهو معنى قوهلا "خشي أن يتخذ مسجدا"؛ فإن الصحابة مل يكونوا

ليبنوا حول قربه مسجدا، وكل موضع قصدت الصالة فيه فقد اختذ مسجدا، بل كل موضع

.2"وطهورا مسجدا األرض يل جعلت: "ملسو هيلع هللا ىلصيصلى فيه يسمى مسجدا؛ كما قال

قال: مسعت نهي عن املبالغة يف املدح واإلطراء: عن عمر بن اخلطاب ومنه ال -2

عبد: فقولوا عبده، أنا فإمنا مريم، ابن النصارى أطرت كما تطروني ال: "يقول ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.3"ورسوله اهلل،

بع أو بقولكم، قولوا: "هلم قال ملسو هيلع هللا ىلصولذا فإنه ملا أتى وفد بين عامر، فبالغوا يف مدحه

.4"الشيطان يستجرينكم وال قولكم،

(.199يلة يف التوسل والوسيلة، ابن تيمية، )قاعدة جل 1 يف ومسلم(. 438) برقم ،(1/95) ،"وطهورا مسجدا األرض يل جعلت: "ملسو هيلع هللا ىلصأخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الصالة، باب قول النيب 2

(.521(، برقم )1/370ت يل األرض مسجدا وطهورا، )جعل باب الصالة، ومواضع املساجد كتاب صحيحه،

﴾ لها أه من نتبذتٱيم إذ كتب مر لٱفي كر ذٱو ﴿ه: البخاري يف صحيحه، كتاب أحاديث األنبياء، باب قول اهلل أخرج 3

(.3445) برقم ،(4/167) ،[16:مريم] .(1، حاشية رقم )(464سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 4

وعن أنس رضي اهلل عنه، أن رجال قال: يا حممد، يا سيدنا وابن سيدنا، وخرينا وابن

لشيطان، أنا حممد ا يستهوينكم ال بتقواكم، عليكم النا ، أيها يا: "ملسو هيلع هللا ىلصخرينا، فقال رسول اهلل

.1أنزلين اهلل" بن عبداهلل؛ عبد اهلل ورسوله، واهلل ما أحب أن ترفعوني فوق منزليت اليت

ويلحق هبذا النهي عن ألقاب املدح والتعظيم املطلق؛ حنو: ملك امللوك، وسلطان

2أخنع إن: "قال ملسو هيلع هللا ىلص، عن النيب عن أبي هريرة ف ؛السالطني، وملك القلوب، وملك اإلنسانية

اسم عند اهلل رجل تسمى ملك األمالك". زاد ابن أبي شيبة يف روايته: "ال مالك إال اهلل عز

.3وجل"

ومنه ما يتعلق بالتربك بآثار الصاحلني: فإن ثبوت الربكة قسمان: -3

القسم األول: الثبوت املطلق، وحقيقته: ثبوت اخلري وكثرته، فكل ما ثبت خريه وكثر فهو

مبارك، ومتعلق هذا القسم: املعاني اجملردة، كقول: العلم بركة، ويف العمل بركة، وكذا الطعام،

والعمر، وحنوه.

من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي اهلل تعاىل عنه، قال احملققون: "إسناده صحيح أخرجه: اإلمام أمحد يف املسند، مسند املكثرين 1

(. والنسائي يف السنن الكربى، كتاب عمل اليوم والليلة، باب اختالف األخبار يف قول 12551(، برقم )20/23على شرط مسلم".ا.هـ )

(.10006(، برقم )9/103القائل: سيدنا وسيدي، ) ([.3/1688أمحد بن حنبل: سألت أبا عمرو عن أخنع، فقال: أوضع". ]صحيح مسلم، ) قال مسلم: "وقال 2

(. والبخاري يف 2143(، برقم )3/1688أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اآلداب، باب حتريم التسمي مبلك األمالك مبلك امللوك، ) 3

(.6206(، برقم )8/45صحيحه، كتاب اآلداب، باب أبغ األمساء إىل اهلل، )

ب هذه لربكة يكون باألخذ باألسباب احملققة هلا، وحتققها يف هذه املعاني اجملردة وطل

يان.عيكون بثبوت آثارها، ووجودها يف األ

عينا أو مكانا أو زمانا -القسم الثاني: الثبوت املعني، وحقيقته: ثبوت الربكة يف أمر معني

وثبوت الربكة املعني يكون على صورتني: -

، -ثبوت اخلري وكثرته -ىل: ثبوت الربكة يف املعني من جنس ثبوهتا املطلق الصورة األو

كأن يرى من عامل كثرة علمه وانتفاع النا به، أو من عابد أثر صالحه وبركة دعائه، وطلب

الربكة هنا يكون من جنس ما ثبت؛ فمن كثر علمه وانتفع به، يكون طلب الربكة منه بتعلم

ومن عرف بصالحه ورجي قبول دعائه، يكون التربك به بطلب الدعاء منه علمه، واالنتفاع به،

كان إذا قحطوا ، أن عمر بن اخلطاب عن أنس بن مالك ؛ فحيا، وال يزاد على ذلك

، فقال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا استسقى بالعبا بن عبداملطلب

، كما كانوا ، واملراد: التوسل بدعاء العبا 1"قال: فيسقوننتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا"

هم ولديشهد لذلك ع الشفاعة، باب من فهو بذاته، ال بدعائه يتوسلون ملسو هيلع هللا ىلصيف حياة رسول اهلل

قال ابن تيمية: "فلما عدلوا عن التوسل به إىل التوسل بالعبا موته، بعد ملسو هيلع هللا ىلصعن التوسل بالنيب

.2قذ تعذر مبوته"علم أن ما يفعل يف حياته

(.1010(، برقم )2/27أخرجه: البخاري يف صحيحه، أبواب االستسقاء، باب سؤال النا اإلمام االستسقاء إذا قحطوا، ) 1 (.85قاعدة جليلة يف التوسل والوسيلة، ابن تيمية، ) 2

بدعائه "التوسل به يريدون الصحابة إمنا كالم يف به والتوجه ملسو هيلع هللا ىلصفـالتوسل بالنيب

قال: أصابت النا سنة على عهد والدليل على ذلك ما رواه أنس بن مالك ؛1وشفاعته"

رسول يا: فقال أعرابي قام اجلمعة؛ يوم املنرب على خيطب ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول فبينا ،ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

وما - يديه ملسو هيلع هللا ىلصملال، وجاع العيال؛ فادع اهلل لنا أن يسقينا. قال: فرفع رسول اهلل ا هلك ، ،اهلل

املطر رأيت حتى منربه عن ينزل مل ثم اجلبال، أمثال سحاب فثار: قال ،- قزعة السماء يف

.2"حليته على يتحادر

جهدت اهلل رسول يا: فقال أعرابي ملسو هيلع هللا ىلصقال: أتى رسول اهلل وعن جبري بن مطعم

األنفس، وضاعت العيال، وهنكت األموال، وهلكت األنعام، فاستسق اهلل لنا؛ فإنا نستشفع

وسبح ؟"تقول ما تدري وحيك: "ملسو هيلع هللا ىلصبك على اهلل، ونستشفع باهلل عليك. قال رسول اهلل

ال إنه وحيك: "قال ثم أصحابه، وجوه يف ذلك عرف حتى يسبح زال فما ،ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول

، قال ابن تيمية: " وهذا يبني أن 3أحد من خلقه؛ شأن اهلل أعظم من ذلك" على باهلل يستشفع

ليس وشفاعته، بدعائه استشفاع: هو وأصحابه ملسو هيلع هللا ىلصمعنى االستشفاع بالشخص يف كالم النيب

(.84املصدر السابق، ) 1

(.1033(، برقم )2/32ر على حليته، )أخرجه البخاري يف صحيحه، أبواب االستسقاء، باب من متطر يف املطر حتى يتحاد 2 اجلهمية، وقال: "واحلديث بإسناد أمحد بن سعيد هو الصحيح، وافقه عليه مجاعة، يفأخرجه: أبو داوود يف سننه، كتاب السنة، باب 3

على وابن املثنى وابن ، وكان مساع عبداأل-كما قال أمحد أيضا -منهم: حييى بن معني، وعلي بن املديين، ورواه مجاعة عن ابن اسحاق

تدليس حممد ابن إسحاق عبدالقادر األرنؤوط؛ لاحملقق (. وضعفه 4726(، برقم )109-7/106بشار من نسخة واحدة كما بلغين".ا.هـ )

ابن ([. وجبري بن حممد ذكره 1شية )ا(، ح4/23جهالة جبري بن حممد بن جبري بن مطعم. ]جامع األصول يف أحاديث الرسول، ابن األثري، )و

(، ترمجة 6/148( ومل ينقل فيه جرحا. وذكره ابن حبان يف كتابه الثقات، )2120(، ترمجة )2/513أبي حامت يف كتابه اجلرح والتعديل، )

(7106.)

اهلل سؤال من أوىل تعاىل باهلل اخللق سؤال لكان بذاته السؤال هذا كان لو فإنه بذاته؛ السؤال هو

: ) قوله ينكر ومل ،( عليك باهلل نستشفع: ) قوله ملسو هيلع هللا ىلصيب الن أنكر األول معناه كان ملا ولكن باخللق،

ال تعاىل واهلل الطالب، حاجة يقضي أن إليه املشفوع يسأل الشفيع ألن ؛( اهلل على بك نستشفع

.1"خلقه حوائج يقضي أن عباده من أحدا يسأل

والنصوص الواردة بتخصيص أعيان الصورة الثانية: ثبوت الربكة يف املعني بالنص الشرعي:

أو أزمان أو أماكن على قسمني:

القسم األول: إثبات الربكة على وجه التفضيل: كما يف حديث عبداهلل بن عمر رضي

من إن: "ملسو هيلع هللا ىلص النيب فقال خنلة، جبمار أتي إذ جلو ملسو هيلع هللا ىلصاهلل عنهما قال: بينما حنن عند النيب

ت أن أقول: هي النخلة، يا فأرد النخلة، يعين نها فظننت ؟"املسلم كربكة بركته ملا الشجر

هي: "ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل. ثم التفت، فإذا أنا عاشر عشرة، أنا أحدثهم، فسكت، فقال النيب

، قال النووي: " وفيه فضل النخل، قال العلماء: وشبه النخلة باملسلم يف كثرة خريها، 2 "النخلة

إنه من حني يطلع مثرها ال يزال يؤكل منه ودوام ظلها، وطيب مثرها، ووجوده على الدوام؛ ف

حتى ييبس، وبعد أن ييبس يتخذ منه منافع كثرية، ...فهي منافع كلها، وخري، ومجال، كما

(.194قاعدة جليلة يف التوسل والوسيلة، ابن تيمية، ) 1

(. وبنحوه يف كتاب العلم، باب احلياء يف العلم، 5444) (، برقم7/80أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب األطعمة، باب أكل اجلمار، ) 2

(، برقم 4/2164، باب مثل املؤمن مثل النخلة، )صفات املنافقني وأحكامهم(. وعند مسلم يف صحيحه، كتاب 131(، برقم )1/38)

(2811.)

.ا.هـ، فالربكة الثابتة يف النخلة هي من جنس الربكة املطلقة يف سائر 1أن املؤمن خري كله"

الثمار إال أن للنخلة زيادة فضل على ذلك.

قال: مسعت رسول اهلل ديث فضل أويس القرني، فعن عمر بن اخلطاب ومن هذا ح

برص به كان قرن، من ثم مراد، من اليمن، أهل أمداد مع عامر بن أويس عليكم يأتي: "يقول ملسو هيلع هللا ىلص

أن استطعت فإن ألبره، اهلل على أقسم لو بر، هبا هو والدة له درهم، موضع إال منه فربأ

إىل فضيلة أويس، وبني له عمر بن اخلطاب ملسو هيلع هللا ىلصلرسول ، فقد أرشد ا2"فافعل لك يستغفر

وجه التربك به بطلب االستغفار منه، وهذه الربكة من جنس الربكة الثابتة ألولياء اهلل

الصاحلني.

فالربكة الثابتة يف هذه النصوص هي من جنس الربكة الثابتة للجنس املطلق، وطلب

ال يتجاوز ذلك، ففي حديث أويس، أرشده الربكة يف مثل هذا إمنا يكون من جنس سببها، و

إىل أن يطلب منه االستغفار، وهو من جنس العبادة، ويف النخل أرشد إىل اقتنائه للطعام؛ فعن

يا أهله، جياع فيه متر ال بيت عائشة، يا: "ملسو هيلع هللا ىلصعائشة رضي اهلل عنها قالت: قال رسول اهلل

.3هلا مرتني أو ثالثا" قا- أهله جاع أو - أهله جياع فيه متر ال بيت عائشة،

(.17/225املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج، النووي، ) 1(، برقم 4/1969ئل الصحابة رضي اهلل تعاىل عنهم، باب من فضائل أويس القرني رضي اهلل عنه، )أخرجه مسلم يف صحيحه، كتاب فضا 2

(2542.) (.2046(، برقم )3/1618أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب األشربة، باب يف ادخار التمر وحنوه من األقوات للعيال، ) 3

، معني القسم الثاني: إثبات الربكة على وجه التخصيص: كثبوت الربكة لزمان أو مكان

فإن ثبوت الربكة فيهما ال يكون إال من باب التخصيص لسبب خارج عنهما، وذلك كثبوت

اة ﴿ الربكة يف ليلة القدر لنزول القرآن فيها، قال هح ف لا لنا نزاا أ ا إن ة كا را با ﴾م

هر ﴿ بركتها يف وقال ،[3:الدخان] لف شاان أ ي م در خا اةح ٱلقا [.3:القدر] ﴾ لا

من خري هذا، مسجدي يف صالة: "قال ملسو هيلع هللا ىلصومن ذلك ما رواه أبو هريرة أن رسول اهلل

.1"احلرام املسجد إال سواه، فيما صالة ألف

ملسو هيلع هللا ىلصقال: خرج علينا رسول اهلل فعن أبي جحفة ومنه ثبوت الربكة يف آثار األنبياء،

.2فضل وضوئه؛ فيتمسحون به من يأخذون النا فجعل فتوضأ، بوضوء فأتي باهلاجرة،

وهذا القسم ال تثبت فيه الربكة إال بنص شرعي، وال تطلب إال على الوجه الذي دل

على يزيد فيه صالة بفثوا: "- ملسو هيلع هللا ىلصيف فضل الصالة يف مسجد النيب -عليه النص، قال النووي

صالتان عليه كان لو حتى الفوائت، عن اإلجزاء إىل ذلك يتعدى وال سواه، فيما ألف ثواب

.3فصلى يف مسجد املدينة صالة مل جتزئه عنهما، وهذا ال خالف فيه"

(، برقم 2/60ملدينة، باب فضل الصالة يف مسجد مكة واملدينة، )أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب فضل الصالة يف مسجد مكة وا 1

(.1394(، برقم )2/1012)(. ومسلم يف صحيحه، كتاب احلج، باب فضل الصالة مبسجدي مكة واملدينة، 1190) (.187(، برقم )1/49أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الوضوء، باب استعمال فضل وضوء النا ، ) 2 (.9/235يح مسلم بن احلجاج، النووي، )املنهاج شرح صح 3

ثم إن الربكة الثابتة يف هذين القسمني إما أن تكون دائمة ال تزول بزوال العني املباركة؛

علم، وإما ان تزول بزول العني املباركة، كربكة آثار األنبياء، وهذا يبني لنا ملاذا استسقى كربكة ال

.ملسو هيلع هللا ىلصعمر بن اخلطاب بالعبا رضي اهلل عنهما، وتربك بدعائه، ومل يستسق برسول اهلل

املبحث الثاني

االتباع وترك االبتداعأمت عليهم النعمة بكمال الدين؛ وكشف عنهم غمة الغربة به على عباده أن مما امنت اهلل

م ﴿ بظهور دينه وانتشاره، قال امكح ا متح تمااأ م وا م ديناكح تح لاكح كما

اٱلاوما أ

ما دين مح ٱلسلا متح لاكح راض ت وا عما ن ﴿ وقال ،[3:املائدة] ﴾ ا ا ناصح ٱلل ا إذاا جا

تحح ا ١واٱلفا فوااج ا أ حونا ف دين ٱلل يتا ٱنلاسا يادخح

اراأ كا ٢وا ب امد را ح ب ب فاسا

ا ابا نا تاو ۥ كا [.3-1:النصر] ﴾واٱستاغفرهح إنهح

ألمته بني قد ملسو هيلع هللا ىلصوملا كان سنة اهلل يف الكون أن لكل شيء إذا ما مت نقصان، وكان النيب

اإلسالم بدأ: "ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول قال: قال هريرة أبي فعن قبل؛ من كانت كما فيها الغربة عودة

على تعاىل اهلل بعثه ملسو هيلع هللا ىلص؛ "وذلك أن رسول اهلل 1"للغرباء فطوبى غريبا، بدأ كما وسيعود غريبا،

تعرف من احلق رمسا، وال تقيم له يف مقاطع ال جهالء، جاهلية ويف الرسل، من فرتة حني

ما وجدت عليه آباءها، وما استحسنته أسالفها من اآلراء احلقوق حكما، بل كانت تنتحل

، ملا كان ذلك كذلك؛ كانت عودة الغربة 2املنحرفة، والنحل املخرتعة، واملذاهب املبتدعة"

بنقص الدين، وإمنا ينقص الدين باالبتداع فيه وترك االتباع؛ "إذ ما من بدعة حتدث إال وميوت من

(، برقم 1/130أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلميان، باب بيان أن اإلسالم بدأ غريبا وسيعود غريبا وأنه يأرز بني املسجدين، ) 1

(145.)

(.1/9االعتصام، الشاطيب، ) 2

ابن عبا رضي اهلل عنهما: "ما يأتي على النا من عام إال ، قال1السنن ما هو يف مقابلتها"

.2أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا فيه سنة، حتى حتيا البدع، ومتوت السنن"

(.1/33) صدر نفسه،امل 1

(. والطرباني يف املعجم الكبري، باب العني، ومن مناقب 95(، برقم )2/83اب تغري البدع، )أخرجه: ابن وضاح يف البدع والنهي عنها، ب 2

(. والاللكائي يف شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة، باب سياق ذكر من رسم 10610(، برقم )10/262عبداهلل بن عبا وأخباره، )

السنن يف الداني عمرو وأبو(. 125) برقم ،(1/103) والسنة، بالكتاب التمسك على احلث يف ملسو هيلع هللا ىلصباإلمامة يف السنة، سياق ما روي عن النيب

(. 277) برقم ،(3/612) السنن، وإماتة وإحيائها املضلة واألهواء البدع ظهور يف جاء ما باب وأشراطها، والساعة وغوائلها القنت يف الواردة

(.255(، برقم )1/349ة واجلماعة واألخذ هبا وفضل من لزمها، )نة الكربى، باب ما أمر به من التمسك بالسناإلبا يف بطة وابن

املطلب األول: األمر باالتباع والنهي عن االبتداع: ؛ قال 1"ملسو هيلع هللا ىلصوحده، وجتريد املتابعة للرسول أصل العبادة: "جتريد اإلخالص هلل

ا ﴿ د حاا أ عا ٱلل وا ما ح فالا تاد دا لل ج سا ن ٱلما

اأ نتحم ﴿ [، وقال 18]اجلن: ﴾ وا قح إن كح

م م ذحنحوباكح ياغفر لاكح ح وا مح ٱلل ببكح ا فاٱتبعحون يح بونا ٱلل ملا [ ، و31]آل عمران: ﴾ تح

السنة، ونقص الدين؛ "فمن هذا الباب يرجع كان خطر االبتداع يف الدين أنه ذريعة اندرا

، جاءت الشريعة باألمر باالتباع، واحلث عليه، والنهي عن االبتداع، 2اإلسالم غريبا كما بدأ"

، ومن ذلك:ةوالتحذير منه، وشواهدمها يف الكتاب والسنة كثري

ت ﴿ قوله اايا با منهح امكا ٱلكتا ا لا نزااي أ وا ٱل هح م م

حن أ ت هح ما كا

ت بها تاشا رح مح خاحأ ب وا ونا ٱلكتا ماتبعح يغ فا هم زا ينا ف قححوب ا ٱل م

اا فاأ ا غا باها منهح ٱبت اشا ا ت ما

ونا ف ٱل خح س ح واٱلر ۥ إل ٱلل وياهحعامح تاأ ا يا ويهۦ واما

ا تاأ ا غا حونا ٱلفتناة واٱبت ول قح عم يا

هۦ كح نا ب ب ااما لبااحوا ٱل ول

ح أ رح إل ك ا ياذ ناا واما ب ند را ن [، فأثنى على 7مران:ع آل] ﴾ م

، وذم املتتبعني للمتشابه من التنزيل املتأولني له، أهل االتباع املسلمني بانقيادهم ملا أنزل

ولفظ اآلية عام، ،ه وتأويله وصف موجود يف أهل البدع كلهمووصفهم بالزيغ، وتتبع املتشاب

؛ فإن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب.3فيشملهم وإن كان سبب النزول يف غريهم

(.8رسالة يف بيان أنواع التوحيد والشرك، ضمن جمموعة التوحيد لإلمامني ابن تيمية وابن عبدالوهاب، ) 1 (.1/32االعتصام، الشاطيب، ) 2

(.78-1/71)انظر تقرير داللة اآلية على التحذير من البدع وذمها: االعتصام، الشاطيب، 3

ستاقمم ﴿ ومنه قوله ط مح را ا ص ذا ن هااأ قا ا فاٱتب وا ر تافا بح ا فا وا ٱلس لا تاتبعح وا وهح عح

ب ن سا ا م كح ونا ب م تاتقح كح هۦ لاعا م ب كح ى م واص لكح قال ،[153:األنعام] ﴾ مهۦ ذا

الشاطيب: "فالصراط املستقيم هو سبيل اهلل الذي دعا إليه، وهو السنة، والسبل هي سبل أهل

االختالف احلائدين عن الصراط املستقيم، وهم أهل البدع، وليس املراد سبل املعاصي؛ ألن

حيث هي معاص مل يضعها أحد طريقا تسلك دائما على مضاهاة التشريع، وإمنا املعاصي من

بح ا ﴿ ، قال جماهد يف قوله .ا.هـ1هذا الوصف خاص بالبدع واحملدثات" وا ٱلس لا تاتبعح وا

.2"والضالالت والشبهات البدع يعين" ﴾

عمل عمال : "منملسو هيلع هللا ىلصومن ذلك حديث عائشة رضي اهلل عنها قالت: قال رسول اهلل

مردود. فهو ملسو هيلع هللا ىلصيف الدين مما ليس عليه أمر الرسول عمل، فكل 3ليس عليه أمرنا فهو رد"

واالبتداع؛ اإلحداث عن احلامي والسياج االتباع، يف احلق السبيل ملسو هيلع هللا ىلصد بني الرسول وق

ي قد تركت فيكم شيئني لن تضلوا بعدمها: إن: "ملسو هيلع هللا ىلصقال: قال رسول اهلل فعن أبي هريرة

.4، وسنيت، ولن يتفرقا حتى يردا على احلوض"كتاب اهلل

(.1/80االعتصام، الشاطيب، ) 1

(.331تفسري جماهد، جماهد بن جرب، ) 2 (.1718(، برقم )3/1343أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب األقضية، باب نق األحكام الباطلة ورد حمدثات األمور، ) 3ارقطين يف سننه، كتاب يف األقضية واألحكام وغري (. وبنحوه عند الد319(، برقم )1/172أخرجه: احلاكم يف املستدرك، كتاب العلم، ) 4

(. والاللكائي يف شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة، باب سيلق ذكر من رسم باإلمامة يف السنة، سياق 4606(، برقم )5/440ذلك، )

باب القاضي، آداب كتاب الكربى، السنن يف والبيهقي(. 90) برقم ،(1/88) والسنة، بالكتاب التمسك على احلث يف ملسو هيلع هللا ىلصما روي عن النيب

(، برقم 1/66(. وحسنه األلباني يف حتقيقه مشكاة املصابيح، التربيزي، )20337رقم )ب ،(10/195) املفيت، به ويفيت القاضي به يقضي ما

(186.)

األعني، هلا ذرفت بليغة، موعظة وعظهم ملسو هيلع هللا ىلصوعن العرباض بن سارية أن رسول اهلل

فعليكم كثريا، اختالفا بعدي يرى منكم يعش من فإنه: "...ملسو هيلع هللا ىلص قوله به أوصاهم مما وكان

وإياكم وحمدثات األمور، فإن اخللفاء الراشدين املهديني، وعضوا عليها بالنواجذ، وسنة بسنيت،

، قال علي القاري: ") فعليكم بسنيت (: اسم فعل 1كل حمدثة بدعة، وإن كل بدعة ضاللة"

مبعنى: الزموا، أي: بطريقيت الثابتة عين واجبا أو مندوبا. )وسنة اخللفاء الراشدين (: فإهنم مل

.2تنباطهم واختيارهم إياها"يعملوا إال بسنيت، فاإلضافة إليهم: إما لعملهم هبا، أو الس

لذريعة نقصان الدين بإحياء السنة سد ملسو هيلع هللا ىلصوسنة نبيه ففي التمسك بكتاب اهلل

فعن جابر بن عبداهلل رضي اهلل خطبته، ابتداء يف ملسو هيلع هللا ىلصوإماتة البدع فيه، وهذا ما كان يؤكده

هلل، وخري : "أما بعد، فإن خري احلديث كتاب اخطبته يف يقول كان ملسو هيلع هللا ىلصعنهما، أن رسول اهلل

.3اهلدي هدي حممد، وشر األمور حمدثاهتا، وكل بدعة ضاللة"

على ذلك، يتبعون السنة ويأخذون عن أهلها، وقد كان حال السلف رمحهم اهلل

وينبذون البدع ويرتكون أصحاهبا، قال ابن سريين: "مل يكونوا يسألون عن اإلسناد، فلما وقعت

(، برقم 28/373. )أخرجه: اإلمام أمحد يف املسند، مسند الشاميني، حديث العرباض بن سارية، قال احملققون: "حديث صحيح" 1

(. وبنحوه الرتمذي يف السنن، أبواب العلم، 4607(، برقم )17-7/16(. وأبو داوود يف سننه، كتاب السنة، باب غي لزوم السنة، )17144)

(.2676برقم )(، 4/341باب ما جاء يف األخذ بالسنة واجتناب البدع، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، )(. والذي يظهر واهلل تعاىل أن اإلضافة الستنباطهم واختيارهم إياها؛ فإن هذا 1/373املصابيح، علي القاري، ) مرقاة املفاتيح شرح مشكاة 2

ثابتة فالثانية عمل، هداية ال علم هداية هنا اهلداية أن يظهر فالذي ،"املهديني" بـ إياهم ملسو هيلع هللا ىلص، ويشهد له وصفه الراشدونمما اشتهر به اخللفاء

.عليهم اىلتع اهلل رضوان للصحابة (.867(، برقم )2/592أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اجلمعة، باب ختفيف الصالة واخلطبة، ) 3

نظر إىل أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إىل أهل البدع فال الفتنة قالوا: مسوا لنا رجالكم، في

.1يؤخذ حديثهم"

(.1/15أخرجه مسلم يف صحيحه، مقدمة الصحيح، باب يف أن اإلسناد من الدين، ) 1

تعريف البدعة لغة واصطالحا:املطلب الثاني: املتتبع ملوارد لفظ )البدعة( يف السنة النبوية يلحظ أن هذا اللفظ اكتسب اصطالحا

، كما جاء استعماهلا على 1ملسو هيلع هللا ىلصبيه ، وهدي نشرعيا، إذ ورد يف مقابل اتباع كتاب اهلل

ألسنة بع الصحابة والتابعني مقرونة باحلسن على حنو داللتها اللغوية.

أصالن: أحدمها: ابتداء الشيء وصنعه ال عن مثال. واآلخر: "البدعة يف اللغة: و

فاألول مبعنى اإلنشاء؛ تقول: بدعت الشيء. إذا أنشأته، وخص ،2االنقطاع والكالل"

رض ﴿ على غري مثال سابق؛ قال باإلحداث ات واٱل وا ما يعح ٱلس قال ،[117:البقرة] ﴾ باد

،وتقول: لست ببدع يف كذا وكذا ،.ا.هـ3الزجاج: "يعين: أنشأمها على غري حذاء وال مثال"

نا ٱلرسح ﴿ أي لست بأول من أصابه هذا، ومنه قوله دع م نتح ب ا كح ﴾ قح ما

.[9:األحقاف]

ومنه: االستنباط، تقول: ابتدع فالن الركي؛ أي: استنبطه.

ماء وممن أفردها مجعا: ابن وضاح يف كتابه ورود هذا اللفظ أو ما يوافق معناه كلفظ )اإلحداث( يف كتب السنة كثري وقد اهتم جبمعها العل 1

ابن أبي عاصم يف كتابه السنة، والاللكائي يف شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة، والطرطوشي، يف احلوادث والبدع، والبدع والنهي عنها،

ى انكار البدع واحلوادث، والسيوطي يف كتابه وضياء الدين املقدسي يف كتابه اتباع السنن واجتناب البدع، وأبو شامة املقدسي يف الباعث عل

األمر بالتباع والنهي عن االبتداع. (.1/209معجم مقاييس اللغة، ابن فار ، ) 2 (.1/199معاني القرآن وإعرابه، الزجاج، ) 3

لته أو عطبت وانقطع حواألصل اآلخر االنقطاع والكالل: يقال: أبدع بالرجل؛ إذا كلت را

دعت ب. ويقال: أ1فامحلين بي أبدع إني اهلل، رسول يا: ملسو هيلع هللا ىلصبه السبيل، ومنه قول الرجل للنيب

.2الركاب؛ إذا كلت وعطبت

حقيقتها يف الشرع، فهي أخص منها يف اللغة، وقد اختلفت ألفاظ العلماء يف حتديد أما

اصطالح البدعة شرعا، وهم يف ذلك على منهجني:

املنهج األول: من يقصر دائرة اعتبار البدعة على باب العبادات من الشريعة، والبدعة

د بالسلوك عليها املبالغة حبسب اصطالحهم: "طريقة يف الدين خمرتعة تضاهي الشرعية، يقص

.3يف التعبد هلل سبحانه"

هح ﴿ ومما ورد على هذا االصطالح قوله ااتامنا رياما وا عيسا ٱبن ما مناا ب ف واقاتاب ا كا ا ما وها ح راهباانمة ٱبتادا وا راحاة فاة وا

أ وهح را باعح ينا ٱت ناا ف قححوب ٱل عا واجا جنم ا ا ٱل ها نا

ا ياتها ق رعا ا حا وها ا ا را ما فا ن ٱلل ا رضوا ا غا امهم إل ٱبت ابن قال ،[27:احلديد] ﴾ ا

امهم ﴿أي: جاؤوا هبا من قبل أنفسهم، ...: "اجلوزي ا ا ها تابنا ا كا ما فرضناها : أي ﴾ ما

ن ﴿ عليهم، ويف قوله عز وجل ا رضوا ا غا إل ٱبت قوالن: ﴾ ٱلل

هلل مبركوب وغريه، أخرجه: مسلم يف صحيحه من حديث أبي مسعود رضي اهلل عنه، كتاب اإلمارة، باب فضل إعانة الغازي يف سبيل ا 1

(.1893(، برقم )3/1506)

-1/209(. ومعجم مقاييس اللغة، ابن فار ، )144-2/142(. وهتذيب اللغة، األزهري، )1/298انظر: مجهرة اللغة، ابن دريد، ) 2

210.) (.1/47االعتصام، الشاطيب، ) 3

ا ﴿أحدمها: أن االستثناء يرجع إىل قوله عز وجل وها ح ، واملعنى ابتدعوها ﴾ ٱبتادا

طلبا لرضوان اهلل، ومل يكتبها عليهم، وهذا قول اجلمهور، وتقديره: ما كتبناها عليهم إال أهنم

ابتدعوها ابتغاء رضوان اهلل.

ا كا ﴿والثاني: أنه راجع إىل قوله عز وجل اما ها ثم يف معنى الكالم قوالن: ﴾ تابنا

أحدمها: ما كتبناها عليهم بعد دخوهلم فيها تطوعا إال ابتغاء رضوان اهلل.

.1"أن املعنى: ما أمرناهم منها إال مبا يرضي اهلل عز وجل، ال غري ذلك ...والثاني:

قيود: مخسةوللبدعة حبسب هذا االصطالح

الدين، فيخرج بذلك البدعة يف أمور الدنيا؛ إذ لو كانت القيد األول: أن تكون البدعة يف

بدعة "خمرتعة يف الدنيا على اخلصوص مل تسم بدعة" شرعا، وذلك "كإحداث الصنائع

والبلدان اليت ال عهد هبا فيما تقدم".

القيد الثاني: أن ال يكون هلا دليل أو أصل خاص معترب يف الشرع؛ "إذ البدعة إمنا

ارجة عما رمسه الشارع"، فهي "القسم املخرتع" "على غري مثال تقدمها من خاصتها أهنا خ

، ووجه ذلك: أن األصل املتقرر يف الشرع أن ال يعبد اهلل إال مبا شرع؛ إذ العبادات 2الشارع"

، وأن اهتداء العقول إىل أوجهها يشهد 3"خمصوصة حبكم اإلذن املصرح به، خبالف العادات"

ائه؛ فإن احنراف األمم عن الدين بعد أنبيائهم إمنا كان بابتعادهم عما شرع قع بانتفااستقراء الو

(.177-8/176، )زاد املسري، ابن اجلوزي 1 (.1/47االعتصام، الشاطيب، ) 2 (.3/42، )املصدر نفسه 3

هلم، ولو كان العقل يهتدي مبجرده إىل أوجه التعبد ملا ضلت األمم، وملا احتيج إىل إرسال

الرسل وإنزال الكتب.

النا يف صالة الرتاويح، وهبذا القيد خيرج من حكم البدعة مجع عمر بن اخلطاب

بأذانني ليوم اجلمعة. عثمان بن عفان وأمر

عبد بن عبدالرمحن فعن، النا يف صالة الرتاويح فأما مجع عمر بن اخلطاب

النا فإذا املسجد، إىل رمضان يف ليلة ، اخلطاب بن عمر مع خرجت: قال أنه ،1القاري

إني»: عمر فقال الرهط، بصالته فيصلي الرجل ويصلي لنفسه، الرجل يصلي متفرقون، أوزاع

ثم كعب، بن أبي على فجمعهم عزم، ثم «أمثل لكان واحد، قارئ على هؤالء مجعت لو أرى

واليت هذه، البدعة نعم»: عمر قال قارئهم، بصالة يصلون والنا أخرى، ليلة معه خرجت

.2أوله يقومون النا وكان الليل آخر يريد «يقومون اليت من أفضل عنها ينامون

ملسو هيلع هللا ىلصحديث عائشة رضي اهلل عنها، أن رسول اهلل إليه فعل عمر واألصل املستند

اجتمعوا ثم النا ، فكثر القابلة، من صلى ثم نا ، بصالته فصلى املسجد، يف ليلة ذات صلى

الذي رأيت قد: "قال أصبح فلما ،ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول إليهم خيرج فلم الرابعة، أو الثالثة الليلة من

؛ 3أني خشيت أن تفرض عليكم". وذلك يف رمضان إال يكمإل اخلروج من مينعين ومل صنعتم،

هـ. ]انظر ترمجته: االستيعاب يف معرفة 80، تويف سنة عبدالرمحن بن عبد القاري، اختلف يف صحبته، كان على بيت املال زمن عمر 1

([.2/839األصحاب، ابن عبدالرب، ) (.2010م )(، برق3/45أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب صالة الرتاويح، باب فضل من قام رمضان، ) 2

(. 1129(، برقم )2/50إجياب، ) غري من والنوافل الليل صالة على ملسو هيلع هللا ىلصأخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب التهجد، باب حتري النيب 3

(.761(، برقم )1/524ومسلم يف صحيحه، كتاب صالة املسافرين وقصرها، باب الرتغيب يف قيام رمضان وهو الرتاويح، )

الزمن كان ملا عليهم تفرض أن خشية بذلك يلزمهم ومل للصالة، االجتماع من مينع مل ملسو هيلع هللا ىلصفالرسول

فال النصارى، على كتب كما رهبانية عليها تكتب لئال بأمته ملسو هيلع هللا ىلص منه رمحة وذلك تشريع، زمن

مجع النا يف صالة الرتاويح، جار على هذا من عمر فعله وما رعايتها، حق يرعوها

خرج عليهم يف ليلة أخرى، ورأى ؛ فإنه الصالة معهم يشهد له عدم التزام عمر ، األصل

.قال: "نعم البدعة هذه، واليت ينامون عنها أفضل من اليت يقومون"فصالهتم

نا على النا يف صالة الرتاويح أنه وصف مجعه ال شكل يف مجع عمر أولعل ما

يف كانت وال هلم، يسنها مل ملسو هيلع هللا ىلصإمام معني بأنه )بدعة(، قالوا: "وإمنا دعاها بدعة ألن رسول اهلل

، ولوصفه هذا توجيهان:"1 بكر أبي زمن

التوجيه األول: أن هذا من باب الوسائل لتحقيق السنة؛ وذلك أن أصل االجتماع يف

عنها، وإمنا الزائد يف األمر: مجعهم على صالة الرتاويح جاء يف حديث عائشة رضي اهلل تعاىل

إمام معني وإلزامهم بذلك إذا صلوها يف املسجد، قال الصنعاني: "واعلم أنه يتعني محل قوله

قد ملسو هيلع هللا ىلص)بدعة( على مجعه هلم على معني، وإلزامهم بذلك، ال أنه أراد أن اجلماعة بدعة؛ فإنه

.2مجع هبم كما عرفت"

(. 3/426(. وانظر: إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، القسطالني، )11/126لبخاري، العيين، )عمدة القاري شرح صحيح ا 1 (.2/25، الصنعاني، )شرح بلوغ املرام سبل السالم 2

سب املعنى اللغوي ال االصطالح الشرعي، قال ابن رجب: التوجيه الثاني: أن هذا حب

"وأما ما وقع يف كالم السلف من استحسان بع البدع فإمنا ذلك يف البدع اللغوية ال

.ا.هـ؛ ووجهه يف اللغة على أحد معنيني:1الشرعية"

املعنى األول: االنقطاع؛ وذلك أن مادة )ب د ع( تأتي مبعنى االنفطاع، ومنه حديث أبي

عندي ما: "قال. فامحلين ، : قد بدع بيفقال رجل ملسو هيلع هللا ىلصقال: أتى النيب سعود األنصاري م

اهلل رسول فقال فأخربه، ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول فأتى فحمله، فأتاه،". فالنا ائت ولكن عليه، أمحلك ما

.2على خري فله مثل أجر فاعله" دل من: "ملسو هيلع هللا ىلص

: "واليت ينامون عنها قوله لهيشهد ،للصالة مجاعة أول الليل نعم االنقطاعواملعنى:

أفضل من اليت يقومون"، وذلك أهنم انقطعوا بصالة الرتاويح يف أول الليل عن القيام آخره.

يف مجع النا على إمام معني مستنبط املعنى الثاني: االستنباط، فيكون فعل عمر

ا وإمن االجتماع، عن نهي مل ملسو هيلع هللا ىلص الرسول أن وذلك ،ملسو هيلع هللا ىلصمن اجتماع النا للصالة مع رسول اهلل

انقطع عنهم خشية أن تفرض عليهم، ويكون املعنى: نعم االستنباط، واليت ينامون عنها أفضل،

ويشهد هلذا التوجيه، ما جاء يف رواية حلديث عائشة رضي اهلل عنها، أن عمر بن اخلطاب

(.597جامع العلوم واحلكم، ابن رجب، ) 1ند الشاميني، بقية حديث أبي مسعود أخرجه: اإلمام أمحد يف املسند، مس(. 1(، حاشية رقم )491سبق خترجيه، انظر هذا البحث، ) 2

(. وأبو عوانة يف مستخرجه، كتاب احلدود، باب مضاعفة نفقة املسلم يف سبيل اهلل، 17084(، برقم )314-313-/28البدري األنصاري، )

(.7402(، برقم )4/487)

: ملسو هيلع هللا ىلصاهلل؟ فقال نا ينتظرونك البارحة، يا رسول ال زال ما: ملسو هيلع هللا ىلصرضي اهلل عنه قال لرسول اهلل

.1"عليهم تكتب أن خشيت ولكين أمرهم، علي خيف مل إنه أما"

استبعد ابن عثيمني توجيه االستعمال باللغة؛ ألن عمر قاهلا يف الصالة، ووجه ذلك وقد

، وهذا التوجيه له 2بالنسبة هلجران هذا القيام بإمام واحد" نسبية أهنا بدعة" بأن مراده

زهري: "والبديع من احلبال: الذي ابتدئ فتله، ومل يكن حبال، فنكث ثم وجه يف اللغة؛ قال األ

:أمرانيشكل على هذا التوجيه ، إال أنه.ا.هـ3غزل وأعيد فتله"

فيه هلم له النا فترك إليه، يعد مل إنه ثم ،ملسو هيلع هللا ىلص: أن الذي ابتدأ هجر هذا هو الرسول األول

أسوة.

تزم الصالة معهم.مل يكن يل : أن عمر بن اخلطاب واآلخر

؛ فعن السائب بن يزيد قال: "كان النداء يوم اجلمعة أوله إذا جلس أما فعل عثمان

، فلما كان -رضي اهلل عنهما -، وأبي بكر، وعمر ملسو هيلع هللا ىلصاإلمام على املنرب، على عهد النيب

.4وكثر النا ذاد النداء الثالث على الزوراء" عثمان

(، قال 25955(، برقم )43/108 عنها، )أخرجه: اإلمام أمحد يف املسند، مسند النساء، مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي اهلل 1

احملققون: "إسناده صحيح على شرط الشيخني". .(313شرح األربعني النووية، ابن عثيمني، ) 2 .(2/241هتذيب اللغة، األزهري، ) 3 (.912(، برقم )2/8أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب اجلمعة، باب األذان ليوم اجلمعة، ) 4

قال: قال رسول حديث ابن مسعود هو ن واألصل الذي يستند إليه فعل عثما

أو -من سحوره؛ فإنه يؤذن -أو قال: نداء بالل - بالل أذان منكم أحدا مينعن ال: "ملسو هيلع هللا ىلصاهلل

.1بليل؛ لريجع قائمكم، ويوقظ نائمكم" - يقال: يناد

الفجر؛ طلوع قبل وكان بالل، أذان األول أذانني، ملسو هيلع هللا ىلصففي احلديث أن للفجر يف عهده

قرتاب دخول وقت الفجر، قال الطحاوي: "فأخرب أن ذلك النداء من بالل لينبه النائم ا ليعلن

.ا.هـ، واآلخر أذان ابن أم مكتوم، وكان عند طلوع الفجر؛ فيعلن عن 2ويرجع القائم، ال للصالة"

دخول الوقت فيمسك الصائم، ووجه األذانني للفجر: "أن صالة الفجر يف أول الوقت ذات

يف حال نوم، فلو مل يؤذن حتى يطلع الفجر ملا متكنوا بعد الوضوء والغسل فضل، وهي تأتي

واالجتماع يف املسجد من الصالة إال بعد اإلسفار كثريا؛ فشرع األذان ليال هلذه العلة، كي ينتبه

.3النا ويتأهبوا يف أول الوقت"

من ثمان وملا كان أصل مشروعية األذان من باب الوسائل والذرائع، وملا رأى ع

اتساع للمدينة، وكثرة النا ، وتأخرهم عن الصالة؛ أمر باألذان األول لصالة اجلمعة قياسا على

.تقديم األذان األول فبل طلوع الفجر للحاجة إليه

القيد الثالث: أن ال يكون حدوث الواقعة يف زمن التشريع، إذ أن احلوادث يف زمن التشريع

يف الشرع ما يبني حكمها، وهو مفهوم من القيد الثاني، وعليه فإن األصل فيها الرباءة حتى يأتي

(.1093(، برقم )2/768حه، كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول يف الصوم حبصا بطلوع الفجر، )أخرجه: مسلم يف صحي 1 (.2/250نقله ابن بطال يف شرحه صحيح البخاري، ) 2 (.2/207طرح التثريب يف شرح التقريب، العراقي، ) 3

حوادث الصحابة رضي اهلل عنهم يف زمن التشريع ال توصف بأهنا بدع أقر حسنها الشارع،

وذلك أهنا حوادث على أصل الرباءة؛ فإن جاء الشرع باإلذن فيها أو املنع منها أخذت حكمها

ءة، واملتتبع حلوادث الصحابة رضوان اهلل تعاىل عليهم زمن الشرعي، وإال بقيت على أصل الربا

التشريع جيد أهنا مل ختل من بيان حلكمها الشرعي.

القيد الرابع: أن يكون فيها مضاهاة للشرع من أحد الوجوه التالية:

من جهة "وضع احلدود": كأن حيد له "من املأكل وامللبس" صنفا واحدا "من غري -1

ك كمرض وحنوه، أو يضيف للعبادة حدا وقيدا ليس له دليل أو أصل علة" تضطره إىل ذل

شرعي؛ "كالناذر للصيام قائما ال يقعد، ضاحيا ال يستظل".

من جهة "التزام الكيفيات واهليئات املعينة": وذلك يكون يف األفعال؛ "كالذكر هبيئة -2

آثار كاختاذ املكان؛ يف ويكون ،"عيدا ملسو هيلع هللا ىلصاالجتماع"، ويكون يف الزمان؛ كـ"اختاذ يوم والدة النيب

.مزارا والصاحلني األنبياء

من جهة التخصيص، فيخص الزمان أو املكان بعبادة معينة؛ "كالتزام صيام يوم النصف -3

.1من شعبان وقيام ليلته"، والتزام الصالة يف غار حراء والتعبد فيه

: احلث على االنقطاع إىل القيد اخلامس: اعتقاد التعبد هبا؛ "وذلك أن أصل الدخول فيها

نسا إل ﴿ العبادة، والرتغيب يف ذلك"؛ إجراء لعموم قوله ن واٱل اقتح ٱل ا خا واما

(.51-1/50انظر: االعتصام، الشاطيب، ) 1

ون اعبحدح ، ولو اعتقد عدم مشروعية التعبد هبا ومع ذلك جعلها من الدين 1[56:الذاريات] ﴾ ل

ا ﴿ كان من الشركاء الذين قال فيهم اهلل م شح اهح م لا أ ا ؤح ام كا ا ل ين ما نا ٱل م م اهح وا ل ح ا شا

ح ه ٱلل ذان ب [.21]الشورى: ﴾ ياأ

: من يوسع يف دائرة اعتبار البدعة؛ فيجريها يف تعريف البدعة يف االصطالح املنهج اآلخر

يف العبادات والعادات، وحبسب هذا االصطالح البدعة هي: "طريقة يف الدين خمرتعة تضاهي

.2رعية، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية"الش

والفرق بني هذا املنهج واملنهج السابق يف قيدين:

الفرق األول: يف القيد الرابع، فإن املقصود من البدعة حبسب االصطالح األول جمرد

بفعلها، ومن هنا قيدوها باعتقاد مشروعية التعبد هبا، فتكون من باب التعبد هلل

ملقاصد. أما حبسب االصطالح الثاني فإن املقصود من البدعة حتصيل مصاحل العباد "يف ا

.3الدارين على أكمل وجوهها"، فهي من باب الذرائع والوسائل

وأثر هذا الفرق هو يف تضييق دائرة البدعة واتساعها من جهة حمل وقوعها.

ول فإن البدعة ليس هلا دليل الفرق الثاني: وهو يف القيد الثاني؛ فبحسب االصطالح األ

أو أصل خاص معترب يف الشرع، أما حبسب االصطالح الثاني فإن البدعة وإن مل يكن هلا دليل

أو أصل خاص، إال أهنا جارية على أصول التشريع ومقاصده الكلية.

(.1/52، )السابقاملصدر 1

(1/47، )صدر نفسهامل 2 (.1/55انظر: املصدر نفسه، ) 3

وأثر هذا الفرق هو يف تضييق دائرة البدعة أو اتساعها من جهة حكم وقوعها؛ فإن

االصطالح األول ال تكون إال حمرمة؛ إذ األصل يف العبادة التوقيف. أما حبسب البدعة حبسب

االصطالح الثاني فإن جريان البدعة على أصول التشريع ومقاصده يجري عليها أحكام التشريع

اخلمسة: الوجوب، والندب، واإلباحة، والكراهة، والتحريم.

وهو املنهج األول، به التعبد، الراجح يف اصطالح البدعة هو قصرها على ما قصدو

ويؤيد ذلك:

وتفرق شيعا، والتفرق االختالف، إشارة القرآن الكريم إىل البدعة جاءت مبعنىأن -1

.ورد يف باب التعبد هلل إمنا وهذا الطرق،

يلحظ ملسو هيلع هللا ىلصاملتأمل ملوارد لفظ )البدعة( يف الدين ومعناها على لسان رسول اهلل أن -2

ومن ذلك: ووصفت بأهنا ضاللة، ،واهلدى ملقابلة للتشريعورودها يف سياق الذم، وا

إال قبلي أمة يف اهلل بعثه نيب من ما: "قال ملسو هيلع هللا ىلص، أن رسول اهلل عن عبداهلل بن مسعود

دون بأمره، ثم إنه ختلف من بعدهم تصحاب، يأخذون بسنته، ويقوأ حواريون أمته من له كان

مرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن خلوف، يقولون ما ال يفعلون، ويفعلون ما ال يؤ

جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من اإلميان حبة

.1خردل"

عن أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلميان، باب بيان كون النهي عن املنكر من اإلميان وأن اإلميان يزيد وينقص وأن األمر باملعروف والنهي 1

(.50(، برقم )1/69املنكر واجبان، )

خط ثم". اهلل سبيل هذه: "قال ثم خطا، ملسو هيلع هللا ىلصقال: خط لنا رسول اهلل وعنه

ثم". إليه يدعو طانشي منها سبيل كل على سبل هذه: "قال ثم مشاله، وعن ميينه عن خطوطا

ستاقمم ﴿ قرأ ط مح را ا ص ذا ن هااأ ن ا فاٱتب وا ا م كح قا ب ر تافا بح ا فا ٱلس وا لا تاتبعح وا وهح عح

بمهۦ .1[153:األنعام] ﴾ سا

: قال ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول اهلل ، ا رواه جرير بن عبداهللمن يستدل مبوال يشغب على هذا

، فعمل هبا بعده، كتب له مثل أجر من عمل هبا، وال ينقص من حسنة سنة اإلسالم يف سن من"

أجورهم شيء، ومن سن يف اإلسالم سنة سيئة، فعمل هبا بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل

؛ فإن مورد الثناء يف احلديث االقتداء يف العمل، ال 2هبا، وال ينقص من أوزارهم شيء"

، 3، ويف رواية أهنم من مضرعليه قدموا أعراب اقةف رأى ملسو هيلع هللا ىلصاإلحداث فيه، وذلك أن الرسول

فحث الصحابة رضوان اهلل تعاىل عليهم على الصدقة فأبطأوا عنه حتى رئي ذلك يف وجهه

ثم إن رجال من األنصار جاء بصرة من ورق، ثم جاء آخر، ثم تتابعوا حتى عرف السرور ،ملسو هيلع هللا ىلص

يف فعل ذلك الصحابي ..." احلديث، فليس حسنة سنة سن من: "فقال ملسو هيلع هللا ىلصيف وجهه

إحداث على غري مثال سابق حتى جنعله واردا يف باب البدعة، وأقصى ما فيه أن فعل

.ملسو هيلع هللا ىلصكان دعوة ونشرا ألمر الرسول األنصاري

(، 4142(، يرقم )7/207بة، مسند عبداهلل بن مسعود رضي اهلل تعاىل عنه، )أخرجه: اإلمام أمحد يف املسند، مسند املكثرين من الصحا 1

(.11109) (، برقم10/95قال احملققون: إسناده حسن. وأخرجه النسائي يف السنن الكربى، كتاب التفسري، سورة األنعام، ) (.1017(، برقم )4/2059أو ضاللة، )أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إىل هدى 2(، برقم 2/704أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب الزكاة، باب احلث على الصدقة ولو بشق مترة أو كلمة طيبة وأهنا حجاب من النار، ) 3

(1017.)

طريقة الدين يف سلك من: أي" حسنة سنة اإلسالم يف سن من: "ملسو هيلع هللا ىلصومعنى قوله

ولذلك شواهد: عليه، يدل احلديث فسياق حسنة،

مثل األجر من له كان هدى إىل دعا من: "قال ملسو هيلع هللا ىلص، أن رسول اهلل بي هريرة فعن أ

كان عليه من اإلثم مثل ضاللة إىل دعا ومن شيئا، أجورهم من ذلك ينقص ال تبعه، من أجور

.1آثام من تبعه، ال ينقص ذلك من آثامهم شيئا"

فعمل سنيت نم سنة أحيا من: "قال ملسو هيلع هللا ىلص، أن رسول اهلل وعن عمرو بن عوف املزني

فعمل بدعة ابتدع ومن شيئا، أجورهم من ينقص ال هبا، عمل من أجر مثل له كان النا هبا

، وهذا صريح يف أن 2هبا كان عليه أوزار من عمل هبا، ال ينقص من أوزار من عمل هبا شيئا"

.ملسو هيلع هللا ىلصهلل الثناء على نشر السنة واقتداء النا به فيها، ال يف إحداث مامل يكن من هدي رسول ا

وقد ذكر ابن عثيمني لداللة حديث جرير وجهني:

يف اإلسالم سنة حسنة" أي: من ابتدأ العمل سن من: "ملسو هيلع هللا ىلص"الوجه األول: أن معنى قوله

املدينة، إىل وفدوا الذين للقوم الصدقة على حث أن بعد ذكره ملسو هيلع هللا ىلصبالسنة؛ ويدل هلذا: أن النيب

يده، أثقلت قد بصرة األنصار من رجل وجاء له، تيسر مبا كل الصحابة فجاء فيها، ورغب

ة حسنة فله أجرها وأجر من عمل سن اإلسالم يف سن من: "فقال ،ملسو هيلع هللا ىلص النيب حجر يف فوضعها

هبا إىل يوم القيامة" ابتدأ العمل بسنة ثابتة، وليس أنه يأتي هو بسنة جديدة؛ بل يبتدئ العمل؛

وأخذوا مبا فعل. ألنه إذا ابتدأ العمل سن الطريق للنا وتأسوا به،

(.2674، برقم )(4/2060أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إىل هدى أو ضاللة، ) 1 (.3(، حاشية رقم )501سبق خترجيه، انظر هذا البحث، ) 2

الوجه الثاني: أن يقال: "من سن يف اإلسالم سنة حسنة" أي: سن الوصول إىل شيء

مشروع من قبل، كجمع الصحابة املصاحف على مصحف واحد، فهذا سنة حسنة ال شك،

ألن املقصود من ذلك منع التفرق بني املسلمني وتضليل بعضهم بعضا، كذلك أيضا مجع السنة

، فهذه سنة حسنة يتوصل هبا إىل حفظ السنة، إذن يحمل قوله "من سن يف اإلسالم وتبويبها

ال ملسو هيلع هللا ىلصسنة حسنة" على الوسائل إىل أمور ثابتة شرعا؛ ووجه هذا: أننا نعلم أن كالم النيب

منه ليس ما الدين يف تبتدع أن طائفة لكل أو شخص لكل الباب فتح لو أنه ونعلم يتناق ،

ماع ﴿ وجل عز اهلل قال وقد رقت؛وتف األمة لتمزقت ش نحوا ا م وا ديناهح قحوا ينا فار ا إن ٱلحونا لستا فعا يا نحوا ا كا ما م ب ئحهح ثحم يحناب م إلا ٱلل مرحهح

ا أ ا إنما ا م ف ﴾ منهح

.1["159:األنعام]

صور:يف مواقع التنزيل يف ثالث حديث جرير وحتقيق

أوشكت أو ماتت، اليت السنن خاصة ونشره، ملسو هيلع هللا ىلصالصورة األوىل: إظهار هدي الرسول

.هبا العاملني لقلة االندثار على

الصورة الثانية: املبادرة إىل فعل األمر الشرعي وإظهاره بقصد االقتداء عند احلاجة

ه.لذلك، وهذه الصورة هي اليت دل عليها ظاهر حديث جرير رضي اهلل تعاىل عن

الصورة الثالثة: سلوك طرق وذرائع لتحقيق األمر الشرعي يف وقائع الوجود مما ال يخالف

أصول التشريع ومقاصده، فهي يف باب الوسائل ال املقاصد.

(.311-310، ابن عثيمني، )النوويةشرح األربعني 1

أن العادات مل يرد الشرع ببيان تفاصيل جزئياهتا، وإمنا ضبطها بقواعد وأصول، -3

بار فيها للمعاني، فيجري فيها اعتبار القيا الرتباط جزئياهتا بالظروف واألحوال، فكان االعت

واملصاحل عند النظر يف احملدثات، وذلك خبالف العبادات اليت ال تتبدل بتبدل الزمان واملكان،

وتغري احلال، فجاء الشرع ببيان تفاصيلها، وما أحدث من أوجه للتعبد مما مل يرد هبا الشرع فهو

م ٱلا ﴿ زيادة يف الدين، وقد قال اهلل م ديناكح تح لاكح كمااقال [، 3]املائدة: ﴾ وما أ

اإلمام مالك: "من أحدث يف هذه األمة اليوم شيئا مل يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول اهلل

.1خان الرسالة" ملسو هيلع هللا ىلص

.(6/58اإلحكام يف أصول األحكام، ابن حزم، ) 1

االتباع وترك االبتداع: أثر قواعد حفظ الدين يف حتقيق املطلب الثالث: الشرع تندرج حتت أحد ثالثة أقسام: األفعال التعبدية يف نظر

إما على وجه الوجوب أو الندب -القسم األول: العبادات اليت ورد الشرع بطلب إيقاعها

، وهذا القسم ظاهر يف مشروعيته، واالتباع فيه يكون بفعله على حسب ما ورد به الشرع، -

وطلب ذرائعه.

إما على وجه الكراهة أو -إيقاعها القسم الثاني: العبادات اليت ورد الشرع بالنهي عن

، وهذا القسم أيضا ظاهر يف عدم مشروعيته، واالتباع فيه يكون برتكه، وجتنب -التحريم

ذرائعه.

وهو ، وأغلب باب البدع من هذا الباب،ااملسكوت عنه العباداتالقسم الثالث:

مضبوط بأصل وقواعد.

لتوقيف، وأن اهلل تعاىل ال يعبد إال مبا أن األصل يف العبادات افأما األصل: فاملتقرر

.شرع

وأما القواعد الضابطة له فقاعدتان:

أن السكوت يف العبادات كالنص على أن قصد الشارع أن ال يزاد فيها القاعدة األوىل:

وال ينقص؛ "ألنه ملا كان" معنى التعبد "املوجب لشرع احلكم العملي موجودا، ثم مل يشرع احلكم

ليه؛ كان ذلك صرحيا يف أن الزائد على ما كان هنالك بدعة زائدة، وخمالفة ملا قصده داللة ع

.1الشارع؛ إذ فهم من قصده الوقوف عند ما حد هنالك، ال الزيادة عليه، وال النقصان منه"

إبطال األصل الذي بنى عليه من يف حتقيق االتباع وترك االبتداع يفهذه القاعدة أثر و

البدع استحسانه هلا؛ وذلك أهنم قالوا: إن حقيقة البدعة احلسنة "فعل أو ترك استحسن بع

ملا سكت الشارع عن فعله أو تركه"، فهي من جنس املصاحل املرسلة، فإذا مل ختالف مقاصد

الشرع الكلية، ومل يرد يف الشرع أمر يناق تلك البدعة، بل كانت مما سكت عنه الشارع، اعترب

املصاحل؛ إذ سكوت الشارع ال يقتضي إثبات املخالفة، وال يفهم منه قصدا إىل فيها النظر إىل

أمر معني دون ضده وخالفه، فإذا كان املعترب فيها املصاحل؛ "فما وجدنا فيه مصلحة قبلناه؛

إعماال للمصاحل املرسلة، وما وجدنا فيه مفسدة تركناه؛ إعماال للمصاحل أيضا، وما مل جند فيه

.2 هذا فهو كسائر املباحات"هذا وال

واجلواب عن ذلك من وجوه:

الوجه األول: أن األصل يف مصاحل العبادات أهنا أخروية، وإدراك مناطاهتا ال يكون إال

بعلمه، كان ال بد إلدراك مناطات حتقيقها من توقيف العامل بعلم، فلما كانت مما استأثر اهلل

هبا عباده عليها.

ن املصاحل الدنيوية يف العبادات إمنا ثبتت بوجه خفي ال تدركه العقول، الوجه الثاني: أ

وذلك حنو: أن صلة الرحم علة لزيادة الرزق وطول العمر، وأن الزكاة علة لزيادة املال ومنائه، ولو

(.2/311انظر: املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.2/312) املصدر نفسه،انظر: 2

كانت أوجه املصاحل يف العبادات مما تدركه العقول؛ الهتدى إليها أهل الفرتات، وملا وقع فيها

ف والضالل واالبتداع، قال الشاطيب: "وهذا مما يدل داللة واضحة على أن العقل ال االحنرا

.1يستقل بدرك معانيها وال بوضعها، فافتقرنا إىل الشريعة يف ذلك"

الوجه الثالث: أن املقصد الكلي يف العبادة وإن كان معلوما ظاهرا، إال أن علة التخصيص

م العبادات يلحظ ورودها بأفعال خمصوصة، على غري معلومة؛ وذلك أن املستقري ألحكا

و احلال، "إن خرجت عنها مل تكن عبادات"، وليس أد بالظرف هيئات خمصوصة، ومنها املقي

هلذا التخصيص علة معلومة، ومن ذلك: "أن الطهارة تتعدى حمل موجبها"، وأهنا "خمصوصة

يقوم -وليست فيه نظافة حسية - مكنت النظافة بغريه"، كما "أن التيممأباملاء الطهور وإن

مقام الطهارة باملاء".

فاملقصد الكلي للعبادة "ال يعطي علة خاصة يفهم منها حكم خاص؛ إذ لو كان كذلك مل

يحد لنا أمر خمصوص، بل كنا نؤمر مبجرد التعظيم مبا حد وما مل يحد، ولكان املخالف ملا حد

العبد املطابق لنيته حاصال، وليس كذلك باتفاق"، قال غري ملوم؛ إذ كان التعظيم بفعل

الشاطيب: "فعلمنا قطعا أن املقصود الشرعي األول التعبد هلل بذلك احملدود، وأن غريه غري

.2مقصود شرعا"

(.2/231) املصدر السابق، 1 (.2/229، )صدر السابقامل 2

وما تبني فيه بدليل اشتماله على معنى خمصوص يقا عليه؛ "فال لوم على من اتبعه،

مجلته يف الذرائع والوسائل مما يندرج حتت القواعد الفقهية ، و1لكن ذلك قليل فليس بأصل"

الكلية.

قد أناط احلجة، ورتب الثواب والعقاب على إرسال الرسل؛ الوجه الرابع: أن اهلل

ول ﴿ قال نابعاثا راسح ت بيا حا ذ عا نا مح ا كح يستقل العقل كان ولو ،[15:اإلسراء] ﴾ واما

.ضالهلم يف الفرتات أهل عذر وملا الرسل، إرسال إىل احلاجة قامت ملا بد،التع يف احلجة بقيام

الوجه اخلامس: أن تشريع البدع هبذه الصفة هو يف حقيقته من باب التحسني والتقبيح

عاة يف البدع إما أن يكون مقطوعا هبا أو موهومة، فإن كانت يف دالعقليني؛ وذلك أن املصاحل امل

وإمنا دل عليها العقل؛ فهو التحسني والتقبيح العقليني، وإن كانت يف دعواه دعواه مقطوعا هبا

مظنونة فإن يف املقطوع به مما ورد به النص غنية عنه.

ٱلاوما ﴿ الوجه الساد : أن يف دعوى تشريع البدع وحسنها تكذيب لقوله م م ديناكح تح لاكح كما

ا الشرع يكون أن عادة لزمهي للبدع املستحسن"و ،[3:املائدة] ﴾ أ

بعقله، له هو اهتدى ما العبادات أوجه من عليه خفي قد ملسو هيلع هللا ىلص، وأن الرسول 2"يكمل مل عنده

انتقاص الدين، وتكذيب الذكر احلكيم. صور أعظم من وهذا

إن ادعى اكتمال الدين ومتامه، وأن بدعته -: أن مما يلزم املستحسن للبدعة عالوجه الساب

فيثبت العبادة، من الوجه هبذا جاهال إما ملسو هيلع هللا ىلصأن يكون الرسول -كر احلكيم الذ امما دل عليه

(.229-2/228، )املصدر نفسه: انظر 1

(.1/197االعتصام، الشاطيب، ) 2

تناط باألحوال والظروف كما ال العبادات أن وذلك ؛ملسو هيلع هللا ىلص الرسول علم من أعلى علما لنفسه

إذ ؛ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول على عظيمة فرية وهذه للنا ، يبينها ومل علمها ملسو هيلع هللا ىلصتناط العادات، أو أنه

صادق غري البالغ على تعاىل اهلل إشهاده ويكون الدين، بيان يف رقص قد ملسو هيلع هللا ىلص يكون أن مؤداها

.فيه

:وجهنيبني البدعة واملصاحل املرسلة، وذلك من االوجه الثامن: أن هناك فرق

:أن عامة النظر يف املصاحل املرسلة "إمنا هو فيما عقل معناه"، وذلك خبالف أوهلما

.1نايف للمناسبات التفصيلية"التعبدات اليت "وضعت على التحكم احمل امل

:أن اعتبار املصاحل املرسلة "يرجع إىل حفظ أمر ضروري، ورفع حرج الزم يف واآلخر

الدين".

فجريان املصاحل املرسلة فيه "من باب ) ما ال يتم -حفظ أمر ضروري -فأما األول

الواجب إال به (، فهي إذا من الوسائل ال املقاصد".

.2"راجع إىل باب التخفيف ال التشديد" وأما رفع احلرج فهو

باب املقاصد ال الوسائل، كما يف البدع وقعت وكال األمرين ال يتحقق يف البدع؛ وذلك أن

هنا من التشديد يف الدين ال رفع احلرج، قال الشاطيب: "فإذا ثبت أن املصاحل ترجع إما إىل أ

إحداث البدع من جهتها، وال حفظ ضروري من باب الوسائل، أو إىل التخفيف؛ فال ميكن

(3/35املصدر نفسه، ) 1 (41-3/40، )املصدر السابقانظر: 2

الزيادة يف املندوبات؛ ألن البدع من باب املقاصد ال من باب الوسائل؛ ألهنا متعبد هبا بالفرض،

وألهنا زيادة يف التكليف، وهو مضاد للتخفيف، فحصل من هذا كله أن ال تعلق للمبتدع بباب

به متعلقا، واهلل املوفق، وبذلك كله املصاحل املرسلة إال القسم امللغي باتفاق العلماء، وحسبك

يعلم من قصد الشارع أنه مل يكل شيئا من التعبدات إىل آراء العباد، فلم يبق إال الوقوف عند ما

.1حده، والزيادة عليه بدعة، كما أن النقصان منه بدعة"

حكام الشرع املستقري ألالقاعدة الثانية: باب العبادات قائم على سد الذرائع ال فتحها:

بلحظ أن الشريعة إذا جاءت باألمر بالشيء أو النهي عنه فتحت من الذرائع والوسائل ما حيقق

ذلك األمر والنهي، ومنعت ما يفسده أو يخل به؛ "فإن من عادة الشرع أنه إذا هنى عن شيء

.2وشدد فيه منع ما حواليه وما دار به ورتع حول محاه"

سد الذرائع املفضية إىل البدعة، وذلك حتقيقا ألصل شريعة بويف باب العبادات جاءت ال

االتباع، ومحاية للشريعة من االبتداع، وعلى هذا األصل سار أهل العلم والفضل من السلف

؛ فإن كل عمل مشروع يف األصل إال أنه ذريعة إىل االبتداع يف الدين "فإن الصاحل رمحهم اهلل

وا "ينفرون من كل مبتدع وإن كان جائزا حفظا لألصل وهو مجهور السلف يكرهونه" فقد كان

.3االتباع"، وسدا لباب خطوات الشيطان يف االبتداع

(.3/43املصدر نفسه، ) 1 (.1/183، )املصدر السابق 2 (.18انظر: تلبيس إبليس، ابن اجلوزي، ) 3

قال الشاطيب: "قد يكون أصل العمل مشروعا، ولكنه يصري جاريا جمرى البدعة من باب

.1الذرائع"

عبداهلل رضي اهلل وأصل سد ذرائع البدعة اجلامع: ترك الغلو يف الدين؛ فعن جابر بن

مليا، فمكث مكة، ناحية فأتى صخرة، على يصلي رجل على ملسو هيلع هللا ىلصعنهما قال: مر رسول اهلل

عليكم النا ، أيها يا: "قال ثم يديه، فجمع فقام حاله، على يصلي الرجل فوجد انصرف، ثم

.2؛ فإن اهلل ال ميل حتى متلوا"- ثالثا - بالقصد

.3ثالثا قاهلا ،"املتنطعون هلك: "ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل قال: قال وعن عبداهلل بن مسعود

والغلو؛ إياكم: "العقبة غداة قال ملسو هيلع هللا ىلصوعن ابن عبا رضي اهلل عنهما، أن رسول اهلل

.4"الدين يف بالغلو قبلكم كان من هلك فإمنا

صورا: لذرائع البدعوقد عد الشاطيب

سلوك طريق اآلخرة؛ ألنه الصورة األوىل: إمهال ما قصد الشارع إعماله "وإن كان يقصد

، ومن ذلك االنقطاع عن الدنيا وملذاهتا.1نوع من الرهبانية، وال رهبانية يف اإلسالم"

.(2/245االعتصام، الشاطيب، ) 1

(. وابن حبان يف صحيحه، كتاب الرب واإلحسان، 4241(، برقم )2/1417أخرجه: ابن ماجه، كتاب الزهد، باب املداومة على العمل، ) 2

(. قال األلباني: "وهذا إسناد حمتمل التحسني، رجاله موثوقون، وعيسى بن جارية 357(، برقم )2/72باب ما جاء يف الطاعات وثواهبا، )

([.1760(، برقم )355-4/354لكن احلديث صحيح". ]سلسلة األحاديث الصحيحة، )خمتلف فيه، ... (.2670(، برقم )4/2055أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب العلم، باب هلك املتنطعون، ) 3ح على شرط أخرجه: اإلمام أمحد يف املسند، مسند بين هاشم، مسند عبداهلل بن عبا رضي اهلل عنهما، قال احملققون: إسناده صحي 4

(. والنسائي 3029(، برقم )2/1008(. وابن ماجه يف السنن، كتاب املناسك، باب قدر حصى الرمي، )3248(، برقم )5/298مسلم. )

(.4049(، برقم )4/178يف السنن الكربى، كتاب املناسك، التقاط احلصى، )

النيب عبادة عن يسألون ملسو هيلع هللا ىلص، قال: جاء ثالثة رهط إىل بيوت أزواج النيب أنس عن

ذنبه من تقدم ما له غفر قد ؟ملسو هيلع هللا ىلص، فلما أخربوا كأهنم تقالوها، فقالوا: وأين حنن من النيب ملسو هيلع هللا ىلص

. أفطر وال الدهر أصوم أنا: آخر وقال. أبدا الليل أصلي فإني أنا أما: أحدهم قال تأخر، وما

قلتم الذين أنتم: "فقال إليهم ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول فجاء. أبدا أتزوج فال النساء اعتزل أنا: آخر وقال

وأرقد، وأتزوج كذا وكذا؟ أما واهلل إني ألخشاكم هلل، وأتقاكم له، لكين أصوم وأفطر، وأصلي

.2النساء، فمن رغب عن سنيت فليس مين"

يا: "ملسو هيلع هللا ىلصوعن عبداهلل بن عمرو بن العاص رضي اهلل عنهما قال: قال يل رسول اهلل

: بلى، يا رسول اهلل. قال: "فال تفعل، فقلت ؟"الليل وتقوم النهار، تصوم أنك أخرب أمل عبداهلل،

ن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك صم وأفطر، وقم ومن؛ فإن جلسدك عليك حقا، وإ

حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن حبسبك أن تصوم كل شهر ثالثة أيام، فإن لك بكل حسنة

عشر أمثاهلا؛ فإن ذلك صيام الدهر كله". فشددت، فشدد على؛ قلت: يا رسول اهلل، إني

ه". قلت: وما كان صيام أجد قوة. قال: "فصم صيام نيب اهلل داوود عليه السالم، وال تزد علي

نيب اهلل داوود عليه السالم؟ قال: "نصف الدهر". فكان عبداهلل يقول بعد ما كرب: يا ليتين

.3"ملسو هيلع هللا ىلصقبلت رخصة النيب

(.2/212انظر: االعتصام، الشاطيب، ) 1(. ومسلم يف صحيحه، كتاب النكاح، باب 5063(، برقم )7/2اب النكاح، باب الرتغيب يف النكاح، )أخرجه: البخاري يف صحيحه، كت 2

(.1401(، برقم )2/1020استحباب النكاح ملن تاقت نفسه إليه، )(. ومسلم يف صحيحه، بنحوه، كتاب 1975(، برقم )3/39أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الصوم، باب حق اجلسم يف الصوم، ) 3

(.1159(، برقم )2/812الصيام، باب النهي عن صوم الدهر مل يتضرر به أو فوت به حقا، )

قال الشاطيب: "فاملتحري لالمتناع من تناول ما أباحه اهلل من غري موجب شرعي مفتئت

وال على ما يخالف حمبة النفو ، على الشارع، ... ومن ذلك االقتصار يف األفعال واألح

ري استثناء، فهو من قبيل التشديد، أال ترى أن الشارع أباح غومحلها على ذلك يف كل شيء من

لو كانت خمالفتها برا لشرع، ولندب فأشياء مما فيه قضاء هنمة النفس ومتتعها واستلذاذها؟

.1"مكروه الفعلالنا إىل تركه، فلم يكن مباحا، بل مندوب الرتك، أو

: كراهية اإلمام أمحد االجتماع إىل احلارث السلف رمحهم اهلل عندوتطبيق ذلك

احملاسيب مع قوله فيه: "ما رأيت أحدا يتكلم يف الزهد مثل هذا الرجل، وما رأيت مثل هؤالء،

ن ومع هذا فال أرى لك أن جتتمع هبم"، قال ابن كثري: "بل إمنا كره ذلك ألن يف كالمهم م

التقشف وشدة السلوك اليت مل يرد هبا الشرع، والتدقيق، واحملاسبة الدقيقة البليغة ما مل يأت هبا

أمر، وهلذا ملا وقف أبو زرعة الرازي على كتاب احلارث املسمى بـ)الرعاية( قال: هذا بدعة.

يث، ودع ثم قال للرجل الذي جاء بالكتاب: عليك مبا كان عليه مالك والثوري واألوزاعي والل

.2عنك هذا فإنه بدعة"

؛ باملداومة 3الصورة الثانية: "العمل بالنافلة اليت ليست بسنة على طريق العمل بالسنة"

عليها وإظهارها وأدائها مجاعة، قال الشاطيب: "فإذا اجتمع يف النافلة أن تلتزم التزام السنن

-، وأقيمت يف اجلماعة - إما دائما، وإما يف أوقات حمدودة وعلى وجه حمدود -الرواتب

(.2/242االعتصام، الشاطيب، ) 1

(.10/363البداية والنهاية، ) 2 (.2/247االعتصام، الشاطيب، ) 3

؛ -وكان ذلك يف املساجد اليت تقام فيها الفرائ ، أو املواضع اليت تقام فيها السنن الرواتب

.1فذلك ابتداع"

ووجه االبتداع فيها أن األصل يف النوافل اإلطالق وعدم التقييد، واإلخفاء وعدم

ب، وإظهارها مجاعة ذريعة لـ"اعتقاد اإلظهار، ويف التزامها مقيدة على حد التزام السنن الروات

.2أهنا سنة" -ومن ال علم عنده -العوام فيها

مثال ذلك: قيام الليل يف غري رمضان مجاعة؛ فإنه ثبت على وجه القلة والندور، وعلى

وجه اخلصوص ال العموم، ومن ذلك:

منه صنعته له، فأكل لطعام ملسو هيلع هللا ىلص، أن جدته مليكة دعت رسول اهلل عن أنس بن مالك

-قد اسود من طول ما لبس -ثم قال: "قوموا فألصل لكم". قال أنس: فقمت إىل حصري لنا

، فصلى لنا ورائنا من والعجوز وراءه، واليتيم وصففت ،ملسو هيلع هللا ىلص، فنضحته مباء، فقام رسول اهلل

.3انصرف" ثم ركعتني، ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

مونة بنت احلارث بت يف بيت خاليت مي"قال: ماوعن عبداهلل بن عبا رضي اهلل عنه

منزله، إىل جاء ثم العشاء، ملسو هيلع هللا ىلص النيب فصلى ليلتها، يف عندها ملسو هيلع هللا ىلص النيب وكان ،- ملسو هيلع هللا ىلصزوج النيب

، ثم قام، فقمت -أو كلمة تشبهها -ام الغليم"؟ ن: "قال ثم قام، ثم نام، ثم ركعات، أربع فصلى

(.247-2/246، )السابقاملصدر 1 (.2/247، )صدر نفسهامل 2 (.380(، برقم )1/86ب الصالة، باب الصالة على احلصري، )أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتا 3

حتى مسعت -عن يساره، فجعلين عن ميينه، فصلى مخس ركعات، ثم صلى ركعتني، ثم نام

.1، ثم خرج إىل الصالة-غطيطه أو خطيطه

فاملداومة على صالة الليل مجاعة يف غري رمضان وإظهارها قد يوهم العامة أن هذا

االجتماع سنة ثابتة فيها، فتكون ذريعة إىل االبتداع باالجتماع لقيام الليل، واعتقاد أن االجتماع

له عبادة مشروعة.

: أن ابن عمر رضي اهلل عنهما سئل عن صالة هم اهلل السلف رمحعند وتطبيق ذلك

، قال النووي: "وأما ما صح عن ابن عمر أنه 2قوم يصلون الضحى يف املسجد، فقال: "بدعة"

قال يف الضحى: "هي بدعة"؛ فمحمول على أن صالهتا يف املسجد والتظاهر هبا كما كانوا

م، أو يقال: قوله: "بدعة"؛ أي: املواظبة يفعلونه بدعة، ال أن أصلها يف البيوت وحنوها مذمو

فعل يبلغه مل عمر ابن إن: يقال أو... تفرض، أن خشية عليها يواظب مل ملسو هيلع هللا ىلصعليها؛ ألن النيب

.3"هبا وأمره الضحى، ملسو هيلع هللا ىلص النيب

: "إال أن لوضعها أوال نظرين:-يف بيان حكم هذه الصورة -قال الشاطيب

فيها.أحدمها: من حيث هي مشروعة؛ فال كالم

(. ومسلم يف صحيحه، بنحوه، كتاب صالة 117(، برقم )1/34أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب العلم، باب السمر يف العلم، ) 1

(.763(، برقم )1/525املسافرين وقصرها، باب الدعاء يف صالة الليل وقيامه، ) بيان باب احلج، كتاب صحيحه، يف ومسلم(. 1775) برقم ،(3/2) ،ملسو هيلع هللا ىلصصحيحه، أبواب العمرة، باب كم اعتمر النيب أخرجه: البخاري يف 2

(.1255) برقم ،(2/917) وزماهنن، ملسو هيلع هللا ىلص النيب عمر عدد (.323-5/322املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج، النووي، ) 3

والثاني: من حيث صارت كالسبب املوضوع العتقاد البدعة، أو للعمل هبا على غري

السنة؛ فهي من هذا الوجه غري مشروعة؛ ألن وضع األسباب للشارع ال للمكلف، والشارع مل

سببا ألن تتخذ سنة، فوضع املكلف -مثال -يضع الصالة يف مسجد قباء أو بيت املقد

.1مستند إىل الشرع، فكان ابتداعا" هلا كذلك رأي غري

ومن هذا التزام من هو يف حمل نظر العامة لالقتداء به عبادة من العبادات الندبية، بأن

يواظب عليها مواظبة يفهم اجلاهل منها الوجوب.

الصورة الثالثة: "كل أمر اشتبه أمره؛ فلم يتبني: أهو بدعة فينهى عنه؟ أو غري بدعة

لفعل هبذه الصفة من املشتبهات اليت ورد الشرع باجتناهبا؛ "محاية أن يوقع يف فيعمل به؟"، فا

.2ذلك املمنوع الواقع فيه االشتباه"

بني، احلالل: "يقول ملسو هيلع هللا ىلصقال: مسعت رسول اهلل واألصل فيه حديث النعمان بن بشري

لدينه استربأ بهاتاملش اتقى فمن النا ، من كثري يعلمها ال مشبهات أمور وبينهما بني، واحلرام

كراع يرعى حول احلمى يوشك أن يواقعه، أال وإن لكل ملك الشبهات يف وقع ومن وعرضه،

، قال الشاطيب: "فإذا الفعل الدائر بني كونه سنة أو بدعة إذا 3محى، أال إن محى اهلل حمارمه"

(.2/258االعتصام، الشاطيب، ) 1

(.2/298، )املصدر نفسه 2(. ومسلم يف صحيحه، كتاب املساقاة، باب 52(، برقم )1/20أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب اإلميان، باب فضل من استربأ لدينه، ) 3

(.1599(، برقم )3/1219أخذ احلالل وترك الشبهات، )

يه عند تعينها، فهو نهي عنه من باب االشتباه؛ فالنهي منصرف إىل العمل بالبدعة كما انصرف إل

.1إذا يف االشتباه هني عن البدعة يف اجلملة"

: "قال 2السلف رمحهم اهلل تعاىل: التلفظ بالنية يف العبادات، قال ابن اهلمام عندوتطبيقه

الصالة عليه كان أنه ضعيف وال صحيح بطريق ملسو هيلع هللا ىلصبع احلفاظ: مل يثبت عن رسول اهلل

كان أنه املنقول بل والتابعني، الصحابة من أحد عن وال كذا، أصلي: االفتتاح عند يقول والسالم

.3ام إىل الصالة كبر، وهذه بدعة"ق إذا والسالم الصالة عليه

وضرب له الشاطيب مثاال: التربك بآثار الصاحلني؛ فإنه يتنازعه أصالن:

يدل مل ام منها أمنوذجا ألمته فإن ملسو هيلع هللا ىلصأصل اجلواز: ومستنده: "أن كل مزية أعطيها النيب

.5ملسو هيلع هللا ىلص، وقد ثبت التربك بآثاره 4"االختصاص على دليل

على ترك التربك رضي اهلل تعاىل عنهم وأصل املنع: ومستنده: إطباق الصحابة والتابعني

بآثار الصاحلني؛ "إذ لو كان اعتقادهم التشريع لعمل به بعضهم بعده، أو عملوا به ولو يف بع

.6وعية، وإما بناء على اعتقاد انتفاء العلة املوجبة لالمتناع"األحوال؛ إما وقوفا مع أصل املشر

(.2/299االعتصام، الشاطيب، ) 1هـ. ]انظر: حسن احملاضرة يف تاريخ مصر 861احلنفي، كانت وفاته سنة كمال الدين، حممد بن عبدالواحد بن عبداحلميد السكندري، 2

([.1/474والقاهرة، السيوطي، ) (.1/273شرح فتح القدير، ابن اهلمام احلنفي، ) 3 (.2/306االعتصام، الشاطيب، ) 4 (.256-243ناصر اجلديع، ) وأحكامه، أنواعه التربك: ملسو هيلع هللا ىلصانظر يف تربك الصحابة بآثار الرسول 5 (.2/306االعتصام، الشاطيب، ) 6

وإذا كان أصل اجلواز حيتمل االختصاص، فيكون خاصا باألنبياء عليهم الصالة والسالم،

فإن أصل املنع حيتمل أن الرتك من الصحابة والتابعني سدا لذريعة التربك مبن مل تثبت بركتهم

صارت املسألة من أصلها دائرة بني أمرين: أن تكون مشروعة، وصالحهم، قال الشاطيب: "فقد

.1وأن تكون بدعة، فدخلت حتت حكم املتشابه، واهلل أعلم"

، يف حياهتم والراجح واهلل تعاىل أعلم أن التربك خاص باألنبياء عليهم الصالة والسالم

كاستسقاء ، ملسو هيلع هللا ىلصسول ويشهد له ترك الصحابة والتابعني رضوان اهلل عليهم لفعله بعد وفاة الر

بالعبا عمر بن اخلطاب جائزا ملا عدل عنه إىل غريه. ملسو هيلع هللا ىلص، ولو كان التربك به 2

ومما يشهد لذلك أيضا:

أن إثبات الربكة اخلاصة يف املعني ال يكون إال بالتوقيف والنص، ومل يرد إثبات الربكة -1

نا ٱ ﴿ ملسو هيلع هللا ىلص حممد نبينا بركة بيان يف قال فقد ؛ملسو هيلع هللا ىلصللصاحلني كما هي لنبينا حممد ا كا ح واما للونا استاغفرح م ي م واهح باهح ذ عا ح مح نا ٱلل ا كا نتا فمهم واما

اأ م وا باهح ذ حعا مل وهذا ،[33:األنفال] ﴾ ل

: يقول فزعا عليها دخل ملسو هيلع هللا ىلصيثبت للصاحلني؛ فعن زينب بنت جحش رضي اهلل عنها أن النيب

بأصبعه وحلق" هذا مثل ومأجوج يأجوج ردم من يومال فتح اقرتب، قد شر من للعرب ويل"

(.2/308املصدر نفسه، ) 1 (.1، حاشية رقم )(476سبق خترجيه، انظر هذا البحث، ) 2

، قالت زينب: فقلت: يا رسول اهلل، أهنلك وفينا الصاحلون؟ قال: "نعم إذا كثر تليها وباليت

.1اخلبث"

"ألن العامة ال والشرك؛ البدعة لذريعة فتح ملسو هيلع هللا ىلصأن يف قيا الصاحلني على الرسول -2

، وتبالغ جبهلها يف تلمس الربكة حتى يداخلها تقتصر يف ذلك على حد، بل تتجاوز فيه احلدود

للمتبرك به تعظيم خيرج به عن احلد، فرمبا اعتقدت يف املتربك به ما ليس فيه، وهذا التربك هو

.2أصل العبادة"

نكما أن الوالية "يف احلقيقة راجعة إىل أمر باطن ال يعلمه إال اهلل، فرمبا ادعيت الوالية مل -3

أو ادعاها هو لنفسه، أو أظهر خارقة من خوارق العادات هي من باب الشعوذة، ال ليس بويل،

من ليس بعظيم " فيحصل منهم تعظيم، والفرق بينهما ال يعرفه مجهور النا ، "من باب الكرامة

.3ويقتدون مبن ال قدوة فيه"

ا هبا؛ "فإن الصورة الرابعة: التزام عبادة يف األيام واألماكن الفاضلة بصفة توهم ختصيصه

كالفراغ -ذلك التخصيص والعمل به إذا مل يكن حبكم الوفاق، أو بقصد يقصد مثله أهل العقل

.4؛ كان تشريعا زائدا"-والنشاط

(. ومسلم يف صحيحه، كتاب 3598(، برقم )4/198أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب املناقب، باب عالمات النبوة يف اإلسالم، ) 1

(.2880(، برقم )4/2207وفتح ردم يأجوج ومأجوج، ) الفنت وأشراط الساعة، باب اقرتاب الفنت (.2/304االعتصام، الشاطيب، ) 2 (.2/305، )املصدر نفسه 3

(.2/310املصدر نفسه، ) 4

ومثاله: ختصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة بصفة خمصوصة، فإن فضل ليلة النصف

كن الذي عليه كثري من أهل العلم من شعبان ثابت عند كثري من أهل العلم؛ قال ابن تيمية: "ل

على تفضيلها، وعليه يدل نص أمحد؛ لتعدد األحاديث -من أصحابنا وغريهم -أو اكثرهم

، 1الواردة فيها، وما يصدق ذلك من اآلثار السلفية وقد روي بع فضائلها يف املسانيد والسنن

ختصيصها بعبادة حديث .ا.هـ، إال أنه مل يثبت يف2وإن كان قد وضع فيها أشياء أخر"

صحيح، قال ابن تيمية: "فأما صوم يوم النصف مفردا فال أصل له، بل إفراده مكروه، وكذلك

اختاذه مومسا تصنع فيه األطعمة، وتظهر فيه الزينة، هو من املواسم احملدثة املبتدعة، اليت ال

.3أصل هلا"

ة؛ فإن التزام عبادة خاصة، فلما كان هلذه الليلة فضيلة، ومل ختص هلا عبادة معين

واملداومة عليها، وإظهارها، مع عدم اعتقاد التخصيص؛ ذريعة إىل االبتداع يف تلك الليلة أو

غريها، قال ابن تيمية: "ولو سوغ أن كل ليلة هلا نوع فضل ختص بصالة مبتدعة جيتمع هلا، لكان

انظر يف مجع فضائل ليلة النصف من شعبان: سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصالة والسنة فيها، باب ما جاء يف ليلة النصف من شعبان، 1

(. والرد على اجلهمية للدارمي، باب 2/108(. وسنن الرتمذي، أبواب الصيام، باب ما جاء يف ليلة النصف من شعبان، )1/443-445)

(. 1/423(. وبغية الباحث عن زوائد احلارث، ابن أبي أسامه، كتاب الصيام، باب صيام شعبان، )81النزول ليلة النصف من شعبان، )

(. وفضائل األوقات، 224-1/222نزل اهلل ليلة النصف من شعبان إىل السماء الدنيا..."، )والسنة، ابن أبي عاصم، باب حديث "ي

(.132-118البيهقي، باب يف فضل ليلة النصف من شعبان، )

(.632-2/631اقتضاء الصراط املستقيم خمالفة أصحاب اجلحيم، ابن تيمية، ) 2 (.2/632املصدر نفسه، ) 3

أهل البالد عة عرفة، كما أن بيفعل مثل هذه الصالة أو أزيد أو أنقص ليليت العيدين، وليل

.1يقيمون مثلها أول ليلة من رجب"

الصورة اخلامسة: أن يتصل بالعمل املشروع وصف يوهم إخراجه عن احلد الذي شرع

.2عليه

ي دومثاله: الدعاء بعد الصلوات املكتوبة، فقد ذكر ابن القيم يف كتابه ]زاد املعاد يف ه

يه بع ما فيقوله بعد انصرافه من الصالة"، وذكر ملسو هيلع هللا ىلصول اهلل خري العباد[ فصال يف "ما كان رس

.3ورد من األدعية واألذكار دبر الصالة

لكن إذا اتصل هبذا الفعل وصف خيرجه عن احلد الذي شرع عليه، فإنه مينع سدا

لذريعة االبتداع يف الدين؛ كأن يدعو اإلمام جهرا ويؤمن املأمومون على دعائه، أو أن يلتزم

قال ابن القيم: "وأما الدعاء ، قبال القبلة يف الدعاء، أو عقب السالم مباشرة قبل األذكاراست

روي وال أصال، ملسو هيلع هللا ىلصبعد السالم من الصالة مستقبل القبلة أو املأمومني فلم يكن ذلك من هديه

.ا.هـ، وليس مراد ابن القيم "نفي الدعاء بعد الصالة 4"حسن وال صحيح بإسناد عنه

فقد نقل مجلة من اآلثار املثبتة للدعاء عقب الصالة، وعقد لذلك فصال يف كتابه ]زاد مطلقا"،

.املعاد يف هدي خري العباد[

إلحالة السابقة.ا 1 (.2/343، الشاطيب، )االعتصام 2 (.295-1/285انظر: زاد املعاد يف هدي خري العباد، ابن القيم، ) 3 (.1/249املصدر نفسه، ) 4

أنه نفاه بقيد استمرار استقبال املصلي القبلة، وإيراده بعد السالم، وأما "حاصل كالمهو

، قال ابن 1بالدعاء حينئذ"إذا انتقل بوجهه، أو قدم األذكار املشروعة؛ فال ميتنع عنده اإلتيان

القيم: "إال أن ههنا نكتة لطيفة: وهو أن املصلي إذا فرغ من صالته وذكر اهلل وهلله وسبحه

ذلك، بعد ملسو هيلع هللا ىلصومحده وكبره باألذكار املشروعة عقيب الصالة؛ استحب له أن يصلي على النيب

ذكر من كل فإن الصالة؛ دبر لكونه ال الثانية، العبادة هذه عقيب دعاؤه ويكون شاء، مبا ويدعو

يف كما ذلك، عقيب الدعاء له استحب ؛ملسو هيلع هللا ىلصعلى رسول اهلل وصلى عليه، وأثنى ومحده اهلل

النيب على ليصل ثم عليه، والثناء اهلل حبمد فليبدأ أحدكم صلى إذا: "عبيد بن فضالة حديث

.3"2صحيح حديث: الرتمذي قال". شاء مبا ليدع ثم ،ملسو هيلع هللا ىلص

كان النظر فيها باعتبار املآل، فكانت من باب البدع اإلضافية ال ومجيع هذه الصور إمنا

احلقيقية، قال الشاطيب: "واستسهلنا وضع ذلك يف قسم البدع اإلضافية؛ تنبيها على وجهها،

ووضعها يف الشرع مواضعها، حنى ال يغرت هبا مغرت فيأخذها على غري وجهها، وحيتج هبا على

ا عليها، وال يدري ما عليه يف ذلك، وكان ينبغي أن ال نفعل لوال العمل بالبدعة احلقيقية قياس

.4الضرورة، وباهلل التوفيق"

(.11/138فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر، ) 1 صحيح، إسناده: "احملققون قال األنصاري، عبيد بن فضالة مسند ،ملسو هيلع هللا ىلصأخرجه: اإلمام أمحد يف مسنده، مسند رجال من أصحاب النيب 2

الدعوات، أبواب الكبري، اجلامع يف والرتمذي(. 23937) برقم ،(39/363".)ثقة وهو... اجلنيب مالك بن عمرو غري الصحيح رجال رجاله

(.3477) برقم ،(5/517)

(.1/250زاد املعاد يف هدي خري العباد، ابن القيم، ) 3 (.2/205االعتصام، الشاطيب، ) 4

املبحث الثالث

عمارة األرضحتقيق تدور املباحث الفلسفية والفكرية يف رؤية اإلنسان الوجودية حول حمورين:

لك على أمت وعالقته به، وقد جاء الوحي ببيان ذ األول: رؤية اإلنسان جتاه خالقه

وجه وأوضح برهان، بل القرآن كله يف بيان هذا احملور.

إوذ ﴿ قال اهلل واآلخر: رؤية اإلنسان جتاه الكون وموقعه منه، تسخريا واستخالفا، ا ة إن جا ئكا لا ما بكا ل قاالا را ة مفا رض خا

ا .[30:البقرة] ﴾ ف ٱل

أحد معان ثالثة:واالستخالف هنا يراد به

ئفا ف ﴿ ومنه يف الذكر احلكيم قوله املعنى األول: اإلبدال، لا م خا كح نا عا ثحم جاحونا مفا تاعما را كا انظح هم نل رض من باعد

اواملعنى: "أنه أبدلكم يف ،[14:يونس] ﴾ ٱل

.1األرض منهم، فجعلكم خلفاء بعدهم"

﴿ ومنه قوله املعنى الثاني: التناسل، رضائفا ف ٱل لا م خا اكح عا ي جا وا ٱل هح

ۥ هح فرح امه كح عا را فا فا ن كا ما .2، قال قتادة: "أمة بعد أمة، وقرنا بعد قرن"[39:فاطر] ﴾ فا

(.1/449تأويل القرآن، الطربي، ) جامع البيان يف 1

(.10/3186، ابن أبي حامت، )والصحابة والتابعني ملسو هيلع هللا ىلصمسندا عن رسول اهلل انظر: تفسري القرآن العظيم 2

رض ﴿ ومنه قوله املعنى الثالث: احلكم،اة ف ٱل مفا كا خا نا عا دح إنا جا اوۥح دا يا

م با فاٱحكح بم ٱلل ن سا ا كا محض ى فا وا لا تاتبع ٱلها وا ٱلاق ،[26:ص] ﴾ يا ٱنلاس ب

.1واملعنى: "إني جاعل يف األرض خليفة مين خيلفين يف احلكم بني خلقي"

وا ﴿ وعلى التقديرات الثالث فإن حكمة االستخالف يف األرض هو عمارهتا؛ قال هح انا ٱل م م كح

اأ نشا

ااأ م فمها كح را [، قال املاتريدي: "أي جعلكم عمار 61]هود: ﴾ رض واٱستاعما

، .ا.هـ، فهيأ لكم مقومات عمارهتا، وسخر لكم أسباهبا2األرض تعمروهنا ملعادكم ومعاشكم"

قال الشاطيب: "وحقيقة ذلك: أن يكون خليفة اهلل يف إقامة هذه املصاحل حبسب طاقته ومقدار

.3وسعه"

.م احلديث عن حتقيق العبادة هلل وقد تقد

أما عمارة األرض فتمثل يف الفكر املقاصدي املعاصر مقصدأ من املقاصد العليا احلاكمة،

يف أمره وهنيه يف وتوحيده، وتزكية العبد نفسه بطاعة اهلل وتتكامل مع اإلميان باهلل

عقيدة 4نسان، والكون املسخر"تشكيل رؤية متكاملة لـ"العالقات بني اهلل تبارك وتعاىل، واإل

وتشريعا.

(.1/452جامع البيان يف تأويل القرآن، الطربي، ) 1 (.4/331(. وانظر: تفسري القرآن العظيم، ابن كثري، )6/149تأويالت أهل السنة، املاتريدي، ) 2 (.252-2/251املوافقات، الشاطيب، ) 3 (.39-37انظر: اجلمع بني القراءتني قراءة الوحي وقراءة الكون، العلواني، ) 4

لإلنسان مقومات عمارة األرض وحتقيق االستخالف فيها، وتعود هذه لقد هيأ اهلل

املوقومات إىل أسس أربعة، هي: التسخري، وإحسان اخللقة، واالستعداد للتكليف، واالجتماع

واإلنسية.

:التسخرياألول: األسا

هذا الكون مبا فيه لإلنسان، يف األرض تسخري اهلل من مقومات استخالف اإلنسان

على وجه اإلمجال وتسخري بع النا لبع ، وقد ثبت هذا التسخري يف كتاب اهلل

والتفصيل:

اقا ﴿ فمن األدلة اليت أثبت تسخري الكون على وجه اإلمجال: قوله ي خا وا ٱل هحمع رض جا

اا ف ٱل م م ا ثحم ٱستا لاكح ت وا ما بعا سا ن سا هح ى و ا فاسا ما ى إلا ٱلس وا وا واهح

مم ا ا كح ا ف ﴿ وقال [.29:البقرة] ﴾ ب م م را لاكح خ ا سا ن ٱلل

ا أ وا ام تارا ل

اأ

ة هرا ۥ ظا هح ما عا م ن امكح ا سباغا اأ رض وا

اا ف ٱل ت واما وا ما ناة ٱلس بااط وقال ،[20:لقمان] ﴾ وا

﴿ ت كا أليا ل إن ف ذا نهح ا م مع رض جااا ف ٱل ت واما وا ما ا ف ٱلس م م را لاكح خ واسا

ونا رح ك تافا وم يا قا .[13]اجلاثية: ﴾ ل

آيات كثر تثبت ذلك أما على وجه البيان والتفصيل لوجه التسخري ففي كتاب اهلل

منها:

عا ا ﴿ للنا فراشا وقرارا، والسماء بناء وسقفا، قال رضجعل األ ي جا ٱلش رضا فرا

امح ٱل لاكح ناا ا ب ا ما ا واٱلس ا ا ما ما لا منا ٱلس نزا

اأ ت وا را هۦ منا ٱثلما جا ب خرا

افاأ

م رزق .[22:البقرة] ﴾ ا لكح

وما ﴿ ؛ قال النجوم يف السماء هلداية النا تسخري و مح ٱنلجح عا ا لاكح ي جا وا ٱل واهحوم ت لقا ناا ٱأليا واٱلاحر قاد فاص ت ٱلبا حما ا ف ظح ها ب وا اهتادح ونا ل عامح ﴾ يا

[.97:األنعام]

عا ا ﴿ وتسخري الشمس والقمر ملعرفة عدد السنني واحلساب؛ قال ي جا وا ٱل هحمسا ض ٱلش را نحور ماا ما ا واٱلقا ما ابا يا واٱلسا ن دا ٱلس دا ا وا اعامح ناازلا ل هۥح ما را قاد ا وا

اقا ٱ وم خا ت لقا ح ٱأليا ص فا يح ٱلاق كا إل ب ل ح ذا عامح لل [.5]يونس: ﴾ ونا يا

مح ٱ ﴿ سكنا؛ قال ليكون والليل سخر عا ا لاكح ي جا وا ٱل فمه هح نحوا ا لتاسكح لت كا أليا ل ا إن ف ذا بص ارا مح وم واٱنلها قا ونا ل عح اسما [.67:يونس] ﴾ ي

ما ﴿يف تعداد صور من تسخري الكون لإلنسان وقال نعااا واٱل م فمها ا لاكح ها اقا خا

حونا دف كحا تاأ فعح وامنها نا م فمها ٥واما لاكح ونا واحيا وا اال حيا تحريحح ا جا

ونا اساحح بالا ٦ت م إلا الاكح ثقاام ح أ تا وا ق ش غمه إل ب با ونحوا إن لم تاكح س نفح

اٱل

حوف ارا م ل بكح مم را الا ٧رح واٱلام ا واٱلغا زيناة ا وا بحوها كا ياخحقح واٱلاميا لتا ا لا وا ماونا ٨تاعامح ر ائ ا جا بم وامنها قاصدح ٱلس ا ٱلل او شا والعا ل جاعيا وا

ام أ كح ى دا اها ا ل وا ٩ا هح

ا ا ما ما لا منا ٱلس نزااي أ م ٱل اب لكح ا نهح شا ونا م ممح حس ر فمه ت جا يحنبتح ١٠وامنهح شام رعا واٱلاكح ه ٱلز كا ألياة ب ل إن ف ذا ت را ٱثلما

با وامن كح نا ام ا واٱل يتحونا واٱنلخ لز

وم قا ونا ل رح ك تافا ومح ١١يا واٱنلجح را ما مسا واٱلقا ارا واٱلش ا واٱنلها مح ٱل را لاكح خ واسات كا أليا ل إن ف ذا ۦ مره

اأ ب تح را خ سا مح وم ل عقحونا قا رض ١٢يا

ام ف ٱل لاكح

اأ ا ذارا واما

ۥ نحهح لوااتافا أ كا ألياة مح ل وم إن ف ذا قا ونا ل رح ك را ٱلاحرا ١٣ياذ خ ي سا وا ٱل واهح

م منهح لا حوا كحاأ ري ل ماة ا ا طا منهح ح وا استاخرجح ت وناها وا باسح را تا وااخ كا ما ى ٱلفح تارا وا ا

ونا رح اشكح م ت كح لاعا وا من فاضهۦ وا ابتاغح ل ١٤فمه وا وا رض راا ف ٱل لقا

اأ ن تاممدا وا

اا أ س

ر نهااأ م وا كح بحل ب ونا ا واسح م تاهتادح كح ١٥لعا ت ما لا ا ونا وا هتادح م يا ٱنلجم هح ب ١٦وا

ن ما فااونا أ رح ك فالا تاذا

ا أ حقح ن ل يا ما حقح كا ١٧يا ا وها صح لا تح ةا ٱلل عما وا ن د إن إون تاعح

ور فح ا لاغا مم ٱلل [.18-5:النحل] ﴾ رح

م ﴿ "ويف قوله اقا لاكح مح ﴿ و ﴾ خا را لاكح خ اهلل أن على التأويل حيتمل ال نص ﴾ سا

السماوية آياته جبميع - الكون هذا خلق بأن - أفراده كافة يف - يالبشر العقل ينبه

الذي اإلنسان ألجل كان إمنا النعم؛ ومظاهر احلياة عناصر من فيه ما وتسخري - واألرضية

.1خبصيصة العقل، وفضله به على سائر ما حواه الوجود من خملوقات لينتفع به" تعاىل اهلل كرمه

املدبر عن علم وتقدير؛ ملحوظ فيه أن يكون نعمة على "فهذا اخللق اهلائل العظيم

البشر، ال تليب ضروراهتم وحدها، ولكن تليب أشواقهم كذلك، فتسد الضرورة، وتتخذ للزينة،

.2وترتاح هبا أبداهنم، وتسرتوح هلا نفوسهم لعلهم يشكرون"

تكن نواميس قال سيد قطب: "وما كان اإلنسان ليستطيع احلياة على هذا الكوكب لو مل

الكون مواتية حلياته، موافقة لفطرته، ملبية حلاجاته، وما هي باملصادفة العابرة أن يخلق هذا

اإلنسان يف هذا الكوكب األرضي، وأن تكون النسب بني هذا الكوكب وغريه من النجوم

(.87الكون واإلنسان يف التصور اإلسالمي، حامد قنييب، ) 1 (.4/2159يف ظالل القرآن، سيد قطب، ) 2

والكواكب هي هذه النسب، وأن تكون الظاهر اجلوية والفلكية على ما هي عليه؛ ممكنة

.1إلنسان من احلياة، ملبية هكذا حلاجاته على النحو الذي نراه"ل

ت ﴿ قال ف ؛تسخري البشر بعضهم بعضا وأما جا م فاوقا باعض دارا هح عناا باعضا رافا واا خري ا سح م باعض هح ذا باعضح اتخ أقوياء منهم فجعل: "عاشور ابن قال ،[32:الزخرف] ﴾ ل

اويج، فسخر بعضهم لبع يف أشغاهلم على حساب دواعي احلياة، وحم وأغنياء وضعفاء،

ورفع بذلك بعضهم فوق بع ، وجعل بعضهم حمتاجا إىل بع ، ومسخرا به، فإذا كانوا هبذه

املثابة يف تدبري املعيشة الدنيا؛ فكذلك اجلال يف إقامة بعضهم دون بع للتبليغ؛ فإن ذلك أعظم

.2شؤون البشر"

إحسان خلقة بين آدم وتفضيلهم:: الثاني األسا

لقد كان يف تسخري الكون ملنفعة اإلنسان وحتقيق عمارته األرض أكرب دليل على تكريم

مناا ﴿ بين آدم، وإعالء شأهنم، وإظهار معنى استخالفهم يف األرض؛ قال اهلل ر د كا لاقا وا زا بان را واٱلاحر وا م ف ٱلبا هح نا ا ما واحا ثي اادا كا ا م لعا هح نا فاض ت وا با م نا ٱلط م م هح قنا

اقناا تافض ن خا م .[70:اإلسراء] ﴾ مل م

وصور التكريم تعود إىل ثالثة أوجه:

م ﴿ الوجه األول: حسن اخللقة وقوامها، قال كح را وا نا صح حساام فاأ كح را و ﴾ واصا

اقنا ﴿ وقال ،[64:غافر] د خا ن تاقويم لاقا حساا أ نا ف نسا [.4:التني] ﴾ ا ٱل

(.4/2162، )املصدر السابق 1 (.25/201ن عاشور، )التحرير والتنوير، اب 2

رض ﴿ الوجه الثاني: التمييز بالعقل والعلم، قال ات واٱل وا ما ق ٱلس إن ف خا

لا نزاا أ ا عح ٱنلاسا واما ا يانفا ما ري ف ٱلاحر ب

ك ٱلت تا ار واٱلفح واٱنلها ف ٱل واٱختلاح ا ٱلل ا من م ما ابة منا ٱلس دا

ا من كح باث فمها ا وا ها وت رضا باعدا مااه ٱل حماا ب

ا فاأ

ر بايا خ سا اب ٱلمح حا ح واٱلس يا تاصيف ٱلر ت وا رض أليااا واٱل ما وم ٱلس قا عقحونا ل ﴾ يا

[.164:البقرة]

.خري املخلوقات والكون لإلنسانالوجه الثالث: تس

﴿ ومجاع ذلك قوله مناا بان ر د كا لاقا واٱلاحر وا م ف ٱلبا هح انا ما واحا اادا

ثي كا ا م لعا هح نا فاض ت وا با م نا ٱلط م م هح زاقنا را اقناا تافض وا ن خا م ، [70:اإلسراء] ﴾ مل م

د مجعت اآلية مخس منن: التكريم، وتسخري املراكب يف الرب، وتسخري قال ابن عاشور: "وق

املراكب يف البحر، والرزق من الطيبات، والتفضيل على كثري من املخلوقات.

فأما منة التكريم: فهي مزية خص هبا اهلل بين آدم من بني سائر املخلوقات األرضية،

يف صورته، وال يف حركة مشيه، -وال ذليل والتكريم: جعله كرميا، أي: نفيسا، غري مبذول،

؛ فإن مجيع احليوان ال يعرف النظافة، وال اللبا ، وال ترفيه املضجع واملأكل، وال -ويف بشرته

حسن كيفية تناول الطعام والشراب، وال االستعداد ملا ينفعه، ودفع ما يضره، وال شعوره مبا يف

بائح فيسرتها ويدفعها، بله اخللو عن املعارف ذاته وعقله من احملاسن فيستزيد منها، والق

والصنائع، وعن قبول التطور يف أساليب حياته وحضارته.

...وأما التفضيل على كثري من املخلوقات؛ فاملراد به: التفضيل املشاهد؛ ألنه موضع

االمتنان، وذلك الذي مجاعه متكني اإلنسان من التسلط على مجيع املخلوقات األرضية برأيه

والفرق بني التفضيل والتكريم بالعموم واخلصوص؛ ، حيلته، وكفى بذلك تفضيال على البقيةو

.1فالتكريم منظور فيه إىل تكرميه يف ذاته، والتفضيل منظور فيه إىل تشريفه فوق غريه"

: االستعداد للتكليف:الثالث األسا

﴿ االستخالف يف األرض وعمارهتا تكليف شرعي؛ قال اأ نشا

اوا أ نا هح م م كح

ا م فمها كح را رض واٱستاعماا .[61:هود] ﴾ ٱل

وعليه جرى تفسري األمانة يف -مناط التكليف هو القدرة املصححة لتحمله، ملا كان و

ا ﴿ قوله مناها ن ياابايا أ

اباال فاأ رض واٱل

ات واٱل وا ما ا ٱلس اناةا لعا ما

اراضناا ٱل ا إنا

شفا وا احوم أ نا ظا ۥ كا إنهح نح نسا ا ٱل ااها ا واحا ول قنا منها هح قال ،[72:األحزاب] ﴾ ا جا

عبدالعزيز خباري احلنفي: "أهلية اإلنسان للشيء: صالحيته لصدور ذلك الشيء وطلبه منه،

وهي يف لسان الشرع عبارة عن: صالحيته لوجوب احلقوق املشروعة له وعليه، وهي األمانة

﴿ أخرب اهلل عز وجل حبمل اإلنسان إياها بقوله اليت نح نسا ا ٱل ااها ، وقال ابن - .ا.هـ2"﴾ واحا

تيمية: "األمر والنهي الذي يسميه بع العلماء "التكليف الشرعي" هو مشروط باملمكن من

ف أهلية العبد للتكلي -.ا.هـ؛ ملا كان ذلك كذلك شكل االستعداد للتكليف 3العلم والقدرة"

أحد مقومات عمارة األرض. -

ومناط هذا االستعداد للتكليف حتصيل قدرتني:

(.166-15/164التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 1 (.4/237كشف األسرار شرح أصول البزدوي، خباري، ) 2 (.10/344جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، مجع ابن قاسم، ) 3

القدرة األوىل: القدرة العلمية، وهبا يتم إدراك اخلطاب الشرعي وفهم مقاصده، وحملها

العقل.

والقدرة الثانية: القدرة العملية، وهبا يصح من العبد عمارة األرض، وتتحقق يف الوجود،

يف فعل وأثرهاحقيقتها، جانبني: ل هذه القدرة يف الدر الكالمي يفوقد دار الكالم حو

:املكلف، وبيان ذلك

موقف املعتزلة من حقيقة القدرة، وأثرها يف فعل املكلف:أوال:

تتسم القدرة عند املعتزلة بالسمات التالية: :أ/ حقيقة القدرة عند املعتزلة

، واألصل الذي بنوا عليه هذه السمة: 1""أن القدرة متقدمة ملقدورها غري مقارنة هلا -1

أن يف دعوى مقارنة القدرة الفعل تكليف ما ال يطاق، قال القاضي عبداجلبار: "لو كانت القدرة

مقارنة ملقدورها لوجب أن يكون تكليف الكافر باإلميان تكليفا ملا ال يطاق؛ إذ لو أطاقه لوقع

ليه، وتكليف ما ال يطاق قبيح، واهلل تعاىل ال يفعل منه، فلما مل يقع منه دل على أنه غري قادر ع

.2القبيح"

أهنا "صاحلة للضدين"، فعل املقدور عليه أو ضده، وأصل ذلك عندهم أيضا هو -2

التكليف مبا ال يطاق؛ إذ "أهنا لو مل تكن صاحلة للضدين لوجب أن يكون تكليف الكافر باإلميان

ق قدرة الكافر بتكليفه باإلميان: إما ان تتعلق بفعل ، ووجه ذلك أن تعل3تكليفا ملا ال يطاق"

(.390شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، ) 1 (.396املصدر نفسه، ) 2 (396، )املصدر السابق 3

، واألول: ال يصح؛ لعدم وجود اإلميان منه، فيلزم -فعل الكفر -اإلميان فقط، أو به وبضده

منه تكليفه مبا ال قدرة له عليه، وهو التكليف مبا ال يطاق، فيبقى الثاني، وهو تعلق القدرة

بفعل املقدور وضده.

، وينبين 1الفعل على "طريق الصحة واالختيار" ال "على سبيل اإلجياد" تأثري القدرة يف -3

على هذا "أن القدرة ليست موجبة"، ويصح من القادر التوصل هبا إىل فعل املقدور أو فعل

.2ضده، فالقادر على اإلميان ميكنه "التوصل هبا إىل اإلميان، كما يصح أن يفعل هبا الكفر"

القدرة أهنا قدرة من جهة: سالمة اآلالت، وصحة ووفق هذه السمات فإن حقيقة

التمكن من الفعل؛ وبناء على هذا فإن من املنع ما جيامع القدرة، ومنه ما ينفيها؛ "فأما ما ينفيها

وال يجامعها: فالعجز والزمانة. وأما ما يجامعها وال ينفيها: فالقيد وما أشبهه" مما ال يؤثر يف

.3ن اآلفات""صحة اجلوارح وسالمتها م

القدرة هبذه السمات عند املعتزلة أصل يف بناء قوهلم :املكلف يف فعلالقدرة ب/ أثر

خبلق أفعال العباد؛ وذلك أن تقدمها على الفعل، وتعلقها بالضدين يثبتان تأثريها من جهة

من الصحة واالختيار، وأثرها يف الفعل من جهة الصحة واالختيار يثبت تعلق الفعل باملخلوق

(.428) املصدر نفسه، 1 (.251( كتاب املخلوق، )8انظر: املغين يف أبواب التوحيد والعدل، القاضي عبداجلبار، اجمللد ) 2 (.80وندي، اخلياط، )اانظر: االنتصار والرد على ابن الر 3

جهة احلدوث؛ إذ "القدرة ال تتعلق باملوجود"، وحاجة الفعل إليها "خلروجه من العدم إىل

.1الوجود"

:من حقيقة القدرة، وأثرها يف فعل املكلف ثانيا موقف األشعرية

تتسم القدرة يف الرؤية األشعرية بالسمات التالية: حقيقة القدرة عند األشعرية:أ/

ل، ال جيوز تقدميها عليه، وال تأخريها عنه"، وذلك أهنا أن القدرة "تكون مع الفع -1

عندهم حادثة، والقدرة احلادثة "لو تقدمت على الفعل لوجد الفعل بغري قدرة؛ ألهنا عرض،

.2والعرض ال يبقى، وال يصح أن يوجد بعد الفعل"

ذلك أن تعلق القدرة إما أن يكون بواحد من الضدين، أو وأهنا "ال تصلح للضدين"، -2

وتعلقها بالضدين ال يصح؛ ألنه ينفي أن تكون القدرة مؤثرة يف الفعل إال عند وجود ، ماهب

وقوعه بال مرجح "يبطل القول بافتقار اجلائزات إىل املؤثر واملرجح"، ووجود مرجح إذ؛ 3مرجح

ال ن املرجح "إما أن يكون من العبد، أو من اهلل تعاىل، أوأل ،يلزم منه التسلسل أو القول باجلرب

من العبد وال من اهلل":

فإن كان املرجح من العبد، فإما أن تتعلق قدرته بالرتجيح بأحد الضدين أو كليهما،

فيعود "التقسيم األول، ويلزم الدور".

(.413-412انظر: شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، ) 1

(.45-44ه وال جيوز اجلهل به، الباقالني، )اإلنصاف فيما جيب اعتقاد 2

(.107حمصل أفكار املتقدمني واملتأخرين من العلماء واحلكماء واملتكلمني، الرازي، ) 3

.وإن كان املرجح من اهلل تعاىل؛ فإما أن يكون على حد الوجوب، أو اإلمكان

قدير حصول ذلك املرجح صار الفعل فإن كان على حد الوجوب "لزم اجلرب؛ ألنه على ت

واجب الوقوع، وعلى تقدير أن ال حيصل كان الفعل ممتنع الوقوع".

وإن كان على حد اإلمكان "كان عند حصول ذلك املرجح ال ميتنع حصول ذلك الفعل

تارة وعدم حصوله أخرى"، فال يثبت ذلك املرجح مرجحا على احلقيقة؛ إذ اختصاص "أحد

ع والثاني بعدم الوقوع إما أن يتوقف على انضمام قيد زائد إليه، أو ال يتوقف، فإن الوقتني بالوقو

توقف مل يكن الذي حصل أوال متام املرجح"، فيفتقر إىل مرجح آخر، "ويلزم التسلسل"، وإن مل

يتوقف كان الرتجيح بال مرجح، "وهو حمال".

ذلك "حدوث احلادثات ال عن وإن كان املرجح ال من اهلل تعاىل وال من العبد اقتضى

.1حمدث، وجتويزه يبطل القول باالستدالل حبدوث احلوادث على وجود اهلل تعاىل، وهذا باطل"

قال الرازي: "إذا عرفت هذا فنقول: ثبت أن العبد حال كونه مصدرا للفعل إن صح منه

باطالن، نيسمالرتك؛ فإما أن يتوقف ذلك الرتجيح على املرجح، أو ال يتوقف، وثبت أن الق

فثبت أن العبد حال كونه مصدرا للفعل ميتنع منه الرتك، وحال كونه مصدرا للرتك ميتنع منه

.2الفعل"

(.323-321انظر: األربعني يف أصول الدين، الرازي، ) 1 (.323املصدر نفسه، ) 2

ونسبه الرازي ،1أن القدرة "ال تؤثر يف مقدورها"، وهذا الذي ارتضاه اجلويين -3

ه وامتنع ، فمن قدر على الفعل اكتسبه وامتنع منه الرتك، ومن قدر على الرتك اكتسب2لألشعري

.3متعلق القدرة الذوات واألحوال، ال صفة الوجود يف األفعالفمنه الفعل،

ملا كانت القدرة يف حقيقتها عند األشعرية عند األشعرية: املكلف يف فعلالقدرة ب/ أثر

ال تؤثر يف الفعل، وأن تعلقها به كتعلق العلم باملعلوم، وكانت األفعال ال بد هلا من فاعل، تقرر

هم أن األفعال خلق هلل تعاىل، وأن تعلقها باملخلوق من جهة أهنا كسب هلم، ويف بيان وجه عند

تعلقها هبم من جهة الكسب على أحد قولني:

القول األول: أهنا كسب هلم من جهة العزم، ووجه ذلك "أن اهلل تعاىل أجرى عادته بأن

عزمه على املعصية فإنه العبد متى ضم عزمه على الطاعة فإنه تعاىل خيلقها، ومتى ضم

خيلقها".

القول الثاني: من جهة قصد العبد، وذلك "أن ذات الفعل وإن حصلت بقدرة اهلل تعاىل،

.4ولكن كوهنا طاعة أو معصية صفات حتصل هلا، وهي واقعة بقدرة العبد"

ثالثا: موقف أهل السنة واجلماعة:

(.210اإلرشاد يف أصول الدين، اجلويين، ) 1

(.194ملتقدمني واملتأخرين من العلماء واحلكماء واملتكلمني، الرازي، )انظر: حمصل أفكار ا 2 (.193انظر: اإلرشاد يف أصول الدين، اجلويين، ) 3 (198انظر هذين التوجيهني: حمصل أفكار املتقدمني واملتأخرين من العلماء واحلكماء واملتكلمني، الرازي، ) 4

لكتاب اهلل تعاىل جيد أن اهلل املتأمل أ/ حقيقة القدرة عند أهل السنة واجلماعة:

من القدرة:نيأثبت نوع

، وهي يف مثل قول اهلل العمل النوع األول: قدرة تسبق الفعل، وهبا يصح من املكلف

وا ﴿ بمل ه سا اعا إلا ن ٱستاطا ا ٱنلاس حج ٱلامت ما لعا وقوله ،[97:عمران آل] ﴾ لل

استا ﴿ ن لم ي ن يانكحا وامااول أ م طا ع منكح ت ط اكا ا ما ت فامن م ؤمنا ت ٱلمح نا حصا ٱلمح

ت ؤمنا مح ٱلمح تكح تايا ن فا م م نحكح يماا - الظهار كفارة يف - وقوله ،[25:النساء] ﴾ أ

﴿ ا يا مسكمن ت امح س ع فاإطعا استاط ن لم ي ما قائما، صل: "ملسو هيلع هللا ىلصقوله ومنها ،[4:اجملادلة] ﴾ فا

.1فإن مل تستطع فقاعدا، فإن مل تستطع فعلى جنب"

، 2وهذه القدرة هي "القدرة الشرعية، املصححة للفعل، اليت هي مناط األمر والنهي"

وحقيقتها: االستعداد للتكليف، وضابطها: أن يصح نفيها فبل الفعل، ومساهتا: أهنا صاحلة

دين، وهي باقية، وأثرها يف الفعل على طريق الصحة متقدمة على الفعل، وصاحلة للض

ق هبا املعتزلة يف إثبات القدرة.واالختيار، وهي اليت تعل

ا ﴿ النوع الثاني: قدرة تكون مع الفعل، وهبا يقع يف الوجود، ومنها قوله را قا فح لب استاطمعحونا ضا لا ي بم ٱلل وا ف سا ح حص

حينا أ رض ا ٱل

ا وقوله ،[273:البقرة] ﴾ ف ٱل

(.1117(، برقم )2/48لصالة، باب إذا مل يطق قاعدا صلى على جنب، )أخرجه: البخاري يف صحيحه، أبواب تقصري ا 1 (.8/129جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، مجع ابن قاسم، ) 2

﴿ ونا معح استاط ود فالا ي جح ونا إلا ٱلس ا يحد اق وا ن سا ا فح ،[42:القلم] ﴾ ياوما يحكشا

.1وعي اهلل عليك، ارضخي ما استطعت"في توعي ال: "ملسو هيلع هللا ىلص قوله ومنها

كلف الفعل وحتقيقه ، وحقيقتها: اكتساب امل2وهذه هي "القدرة القدرية، املوجبة للفعل"

يف الوجود، وضابطها: أن ال يصح نفيها قبل الفعل، ومساهتا: أهنا مقارنة للفعل؛ ال تتقدمه وال

ق هبا تتأخر عنه، وال تصلح للضدين، وال تقع على املعدوم، وهي ال تدوم، وهي اليت تعل

األشعرية يف إثبات القدرة.

ب والسنة: أن االستطاعة متقدمة على قال ابن تيمية: "والصواب الذي دل عليه الكتا

الفعل ومقارنة له أيضا، وتقارنه أيضا استطاعة أخرى ال تصلح لغريه، فاالستطاعة نوعان:

زة له، متقدمة صاحلة للضدين، ومقارنة ال تكون إال مع الفعل، فتلك هي املصححة للفعل اجملو

شرعية، اليت هي مناط األمر والنهي، قة له، ...فاألوىل: هي الوهذه هي املوجبة للفعل احملق

والثواب والعقاب، وعليها يتكلم الفقهاء، وهي الغالبة يف عرف النا . والثانية: هي الكونية،

اليت هي مناط القضاء والقدر، وهبا يتحقق وجود الفعل. فاألوىل: للكلمات األمريات

.3الشرعيات. والثانية: للكلمات اخللقيات الكونيات"

يف -بتقديم وتأخري -(. ومسلم 1434(، برقم )2/113أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الزكاة، باب الصدقة فيما استطاع، ) 1

(.1029(، برقم )2/714باب احلث على اإلنفاق وكراهة اإلحصاء، ) صحيحه، كتاب الزكاة، (.8/129جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، مجع ابن قاسم، ) 2

(.373-8/372، )املصدر السابق 3

ويؤخذ باحلق من كال القولني ويرد الباطل منهما، قال ابن تيمية: لقدرة التقسيم لوهبذا

1"وملا اعتقدت القدرية أن األوىل كافية يف حصول الفعل، وأن العبد حيدث مشيئته )جعله(

مستغنيا عن اهلل حني الفعل، كما أن اجلربية ملا اعتقدت أن الثانية موجبة للفعل، وهي من غريه،

بورا على الفعل، وكالمها خطأ قبيح؛ فإن العبد له مشيئة وهي تابعة ملشيئة اهلل؛ كما رأوه جم

هۥح ﴿ذكر اهلل ذلك يف عدة مواضع من كتابه: را ا ذاكا ا ن شا ما ن ٥٥فاا أ ونا إل رح ا ياذكح واما

ح ا ٱلل ا اشا بم ﴿[، 56-55]املدثر: ﴾ي هۦ سا ب را اذا إلا ا ٱت ا ن شا ما ٢٩ل فا حونا إل ا اشا ا ت واما ح ا ٱلل ا اشا ن ي

ااستاقمما ﴿[، 30-29]اإلنسان: ﴾ أ ن ي

ام أ ا منكح ا ن شا ما حونا ٢٨ل ا اشا ا ت واما

اميا ح راب ٱلعا ا ٱلل ا اشا ن يا أ [؛ فإذا كان اهلل قد جعل العبد مريدا 29-28]التكوير: ﴾ إل

أن يقال هو جمبور مقهور مع كونه قد جعل مريدا، وامتنع أن يكون هو الذي خمتارا شائيا امتنع

ابتدع لنفسه املشيئة، فإذا قيل: هو جمبور على أن خيتار، مضطر إىل أن يشاء. فهذا ال نظري

له، وليس هو املفهوم من اجلرب باالضطرار، وال يقدر على ذلك إال اهلل؛ وهلذا افرتق القدرية

-لى طريف نقي ، وكالمها مصيب فيما أثبته دون ما نفاه، فأبو احلسني البصري واجلربية ع

يزعمون أن العلم بأن العبد يحدث أفعاله وتصرفاته علم ضروري، -ومن وافقه من القدرية

يزعمون أن العلم بافتقار -وحنوه من اجلربية -وأن جحد ذلك سفسطة. وابن اخلطيب

ىل مرجح من غري العبد ضروري؛ ألن املمكن املتساوي الطرفني رجحان فعل العبد على تركه إ

ال يرتجح أحد طرفيه على اآلخر إال مبرجح. وكال القولني صحيح، لكن دعوى استلزام

هكذا يف األصل، واألليق بالسياق )جعلوه(. 1

اآلخر ليس بصحيح؛ فإن العبد حمدث ألفعاله، كاسب هلا، وهذا اإلحداث نفيأحدمها

صانعا حمدثا بعد أن مل يكن ال بد له مفتقر إىل حمدث، فالعبد فاعل صانع حمدث، وكونه فاعال

استاقمما ﴿من فاعل، كما قال ن يام أ ا منكح ا ن شا ما اء االستقامة ش فإذا ،[28:التكوير] ﴾ل

اميا ﴿صار مستقيما، ثم قال ح راب ٱلعا ا ٱلل ا اشا ن يا أ حونا إل ا اشا ا ت ،[29:التكوير] ﴾ واما

.1"حق كله والعقلية السمعية األدلة عليه دلت وما باالضطرار علم فما

فعله، يف قدرة العبد أثرأما يف عند أهل السنة واجلماعة: املكلف يف فعلالقدرة ب/ أثر

، أو ال أثر هلا فيكون فعل العبد -كما ذهب إليه املعتزلة -وهل هي مؤثرة فيكون خالقا لفعله

شأ اخلالف داللة لفظ ) التأثري (، وببيانه يبني احلق، ؛ فإن من-كما تقول األشعرية -خلق هلل

ابن تيمية: "التأثري اسم مشرتك: قالويف ذلك

قد يراد بالتأثري: االنفراد باالبتداع، والتوحيد باالخرتاع؛ فإن أريد بتأثري قدرة العبد هذه

مل يقله سني، وإمنا هو معزو إىل أهل الضالل. -فحاشا هلل -القدرة

-ريد بالتأثري نوع معاونة؛ إما يف صفة من صفات الفعل، أو يف وجه من وجوهه وإن أ

فهو أيضا باطل مبا به بطل التأثري يف ذات الفعل؛ إذ ال -كما قاله كثري من متكلمي أهل اإلثبات

فرق بني إضافة االنفراد بالتأثري إىل غري اهلل سبحانه يف ذرة أو فيل، وهل هو إال شرك دون

إن كان قائل هذه املقالة ما حنا إال حنو احلق.شرك، و

(.375-374جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، مجع ابن قاسم، ) 1

أن خروج الفعل من العدم إىل الوجود كان بتوسط القدرة احملدثة، وإن أريد بالتأثري

مبعنى: أن القدرة املخلوقة هي سبب وواسطة يف خلق اهلل سبحانه وتعاىل الفعل هبذه القدرة؛

كما خلق مجيع املسببات واملخلوقات و ،كما خلق النبات باملاء، وكما خلق الغيث بالسحاب

فهذا حق، وهذا شأن مجيع األسباب واملسببات، وليس إضافة التأثري هبذا ؛بوسائط وأسباب

.1التفسري إىل قدرة العبد شركا، وإال فيكون إثبات مجيع األسباب شركا"

هتا، وشاهده يف فقدرة العبد هلا تأثري يف أفعاهلم، وهو من باب تأثري األسباب يف مسببا

م ﴿ الكتاب العزيز قوله يكح يداأ ح ب مح ٱلل بهح ذ عا م يح حوهح ت سبحانه فبني" ،[14:التوبة] ﴾ قا

.2إليهم" العذاب وصول يف وأدوات وأوساط وآالت أسباب أيدينا وأن املعذب، أنه

: االجتماع واإلنسية:الرابع األسا

ه يف األرض وعمارهتا ال يتم إال باالجتماع مع أبناء كمال وجود اإلنسان وحتقيق استخالف

جنسه، ومن هنا قال أهل احلكمة: اإلنسان مدني بالطبع، قال ابن خلدون: "أي ال بد له من

.3وهو معنى العمران" -الذي هو املدنية يف اصطالحهم -االجتماع

لق اإلنسان خ ووجه اعتبار االجتماع ضرورة يف االستخالف والعمارة: أن اهلل

وركبه على صورة ال ميكنه معها حتصيل منافعه، والوفاء حباجاته، واستمرار بقائه إال

باالجتماع، وهو أمر مشاهد حمسو ، فتحصيل قوته، وصناعة أدواته وسالحه ملدافعة

(.390-8/389) املصدر السابق، 1 (.8/390) املصدر السابق، 2 (.1/137مقدمة ابن خلدون، ) 3

احليوانات املفرتسة، وإقامة صناعاته، كل ذلك ال تقوم به قدرة الفرد لوحده، "فال بد يف ذلك

من التعاون عليه بأبناء جنسه، وما مل يكن هذا التعاون" فال حيصل له حتصيل مصاحله، كله

.1ودفع ما يفسد حياته واستخالفه وعمارته

(.138-1/137انظر: املصدر نفسه، ) 1

املبحث الرابع

الفرقة واخلالف ونبذاالجتماع هذا االجتماع البشري الفطري ال االجتماع واإلنسية مقوم من مقومات عمارة األرض، و

صل على التمام، ويصل إىل وجه الكمال يف حتقيق االستخالف والعمارة إال بأمرين:حي

فما من مجاعة األول منهما: شرع حكم يضبط أفعال النا ، وحيكم عالقاهتم وحوادثهم،

إىل روابط يقوم عليها جتمعها، ومبادئ حتدد عالقاهتا، وحتفظ حقوق أفرادها؛ لئال "حتتاج إال و

، فقد جبل اإلنسان على األثرة، وحب الذات، وانطوت نفسه على كثري من يكون أمرها فوضى

.1الغرائز اليت حتتاج إىل تقويم وهتذيب؛ حتى ال يطغى اإلنسان على أخيه اإلنسان"

كون له عليهم ياألمر الثاني: حاكم حيكم بالشرع الضابط، يقيم أحكامه، وحيمي محاه،

يصل أحد إىل غريه بعدوان، وتقوم مصاحلهم عل الوفاق الغلبة والسلطان واليد القاهرة؛ حتى ال

ال اخلصام.

وهبذين األمرين يقوم أمر االجتماع، على أمت صوره، وتتحقق العمارة يف أحسن أشكاهلا،

ت ﴿ ويتم االستخالف على وجه الكمال، وإشارة ذلك قوله نا ٱلام اناا ب ناا رحسح رسااد أ لاقا

هح عا نلاا ما نزااأ س وا

يدا فمه باأ نلاا ٱلاد نزا

اأ ٱلقسط وا وما ٱنلاسح ب اقح با واٱلمزياانا ل مح ٱلكتا

زيز ا ا قاوي إن ٱلل مب ٱلغا ۥ ب اهح رحسح هۥح وا ح ن يانصح ح ما اعاما ٱلل ل ناس وا فعح ل نا يد واما د شا

أنه أرسل الرسل وأنزل الكتاب وامليزان ألجل قيام : "فأخرب تيمية ابن قال ،[25:احلديد] ﴾

(.11التشريع والفقه يف اإلسالم، مناع القطان، ) 1

النا بالقسط، وذكر أنه أنزل احلديد الذي به ينصر هذا احلق فالكتاب يهدي والسيف ينصر،

اد ﴿ كا ها ب را ب فا كا ي ا ي وا ناص [؛ وهلذا كان قوام النا بأهل الكتاب وأهل 31:الفرقان] ﴾ اوا

.1: صنفان إذا صلحوا صلح النا : األمراء والعلماء"احلديد، كما قال من قال من السلف

"وقد جاء تقرير هذا املقصد يف الكتاب العزيز يف أكثر من موطن، وبأكثر من أسلوب؛

وذلك لكون هذا املقصد العظيم من أهم مقاصد الشريعة اإلسالمية يف متاسك األمة

.2يف نفو أعدائه" اإلسالمية، وملا حيققه أيضا من نتائج مثمرة للدين من هيبة

(.158-18/157جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية، مجع ابن قاسم، ) 1 (.479عالقتها باألدلة الشرعية، اليوبي، )مقاصد الشريعة اإلسالمية و 2

املطلب األول: حفظ مقصد االجتماع من جهة الشرع احلاكم:املقصد العام من التشريع يف اإلسالم حفظ مصاحل اخللق يف الدنيا واآلخرة، ومراعاهتا

مبراتبها الثالث: الضرورية، واحلاجية، والتحسينية، وقد "قصد الشارع من املكلف أن يكون

، فتجري أفعال العباد وتصرفاهتم يف حياهتم 1"يف التشريع موافقا لقصده فصده يف العمل

.اليومية عبادة وعادة على وفق ما شرع

وملا كان االجتماع يف طبيعة البشر ضرورة فقد جاءت الشريعة حبفظ هذا االجتماع،

والضوابط ونبذ اخلالف واالفرتاق، ويظهر ذلك جليا يف مجلة من القواعد الشرعية الفقهية

املصلحية املرعية، ومجلتها تدور حول ثالثة أصول:

األصل األول: العدل:

ا إوذاا ﴿ واألصل فيه قوله ههاا أ ت إلا نا ما

ا ٱل وا د ن تحؤا

ام أ رحكح مح

ا ياأ إن ٱلل

دل ٱلعا ب وا مح كح ن تاامتحم بايا ٱنلاس أ كا ينا ﴿ وقال ،[58:النساء] ﴾ حا ا ٱل ها ي

اأ يا

يا ب قرااين واٱل ا ل و ٱلوا

ام أ كح س نفح

ا أ ا او لعا ل وا ا لل ا دا ها ٱلقسط شح ميا ب ونحوا قاو نحوا كح ااما

و فاقي انما أ ن غا ح ا إن ياكح ل ن تاعد

اى أ وا وا ٱلها ا فالا تاتبعح هما ب ولا

اح أ و فاٱلل

اا أ ۥ وح إون تا وا

بي حونا خا ا تاعما ما نا ب ا كا وا فاإن ٱلل ﴿ وقال ،[135:النساء] ﴾ اتحعرضح ب را را مااقح أ

ٱلقسط ن إويتااي إن ٱ ﴿ وقال[، 29]األعراف: ﴾ ب دل واٱلحسا ٱلعا رح ب محا ياأ ذي لل

يان وا ربا ن ٱلقح ا ها ر واٱلاغنكا ا واٱلمح حشا .[90:النحل] ﴾ ٱلفا

(.2/251املوافقات، الشاطيب، ) 1

حرمت إني عبادي يا: "قال أنه اهلل عن روى فيما ،ملسو هيلع هللا ىلص، عن النيب وعن أبي ذر

.1، وجعلته بينكم حمرما فال تظاملوا"نفسي على الظلم

ال املسلم، أخو املسلم: "قال ملسو هيلع هللا ىلصوعن عبداهلل بن عمر رضي اهلل عنهما، أن رسول اهلل

ومن كان يف حاجة أخيه كان اهلل يف حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج يسلمه، وال يظلمه،

.2اهلل عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن سرت مسلما سرته اهلل يوم القيامة"

اناا ﴿ وقد بني سبحانه أن من حكم التشريع القيام بالعدل، قال ناا رحسح رسااد أ لاقا

ٱلقسط ب وما ٱنلاسح ب اقح با واٱلمزياانا ل مح ٱلكتا هح عا نلاا ما نزااأ ت وا نا [.25:احلديد] ﴾ٱلام

: ترك العدل، والتفريق اجلحيم أصحاب مشاهبة أوجه من ملسو هيلع هللا ىلصومما حذرنا منه رسول اهلل

إعفاء يف احلدود بني األشراف والضعفاء، وذلك أن كثريا من أهل السياسة قد يظن أن

الرؤساء والشرفاء أجود يف السياسة، وأوثق للحكم؛ إذ هلم قوة وسلطان، وهذا ما كان عليه

األمم من قبلنا؛ عن عائشة رضي اهلل عنها، أن قريشا أمههم شأن املرأة املخزومية اليت

حب زيد، بن أسامة إال عليه جيرتئ ومن: فقالوا ؟ملسو هيلع هللا ىلصسرقت، فقالوا: ومن يكلم رسول اهلل

: "أتشفع يف حد من حدود اهلل"؟! ثم قام ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول فقال أسامة، فكلمه ؟ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول

فاختطب، ثم قال: "إمنا أهلك الذين من قبلكم أهنم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا

سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه احلد، وايم اهلل لو أن فاطمة بنت حممد سرقت لقطعت

(.2577(، برقم )4/1994أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب الرب والصلة واآلداب، باب حتريم الظلم، ) 1(. ومسلم يف 2442رقم )(، ب3/128أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب املظامل والغصب، باب ال يظلم املسلم املسلم وال يسلمه، ) 2

(.2580(، برقم )4/1996صحيحه، كتاب الرب والصلة واآلداب، باب حتريم الظلم، )

اء النا بالعفو عن رؤس ختصيص يف كان إمنا إسرائيل بين هالك أن ملسو هيلع هللا ىلص، "فبني 1يدها"

وقد أعاذها اهلل -لو سرقت -اليت هي أشرف النساء -العقوبات، وأخرب أن فاطمة ابنته

لقطع يدها؛ ليبني أن وجوب العدل والتعميم يف احلدود ال يستثنى منه بنت الرسول -من ذلك

.2"غريه بنت عن فضال ملسو هيلع هللا ىلص

الذي فيه االشرتاك يف أنواع -تيمية: "وأمور النا تستقيم يف الدنيا مع العدل قال ابن

أكثر مما تستقيم مع الظلم يف احلقوق وإن مل تشرتك يف إثم، وهلذا قيل: إن اهلل يقيم الدولة -اإلثم

العادلة وإن كانت كافرة، وال يقيم الظاملة وإن كانت مسلمة. ويقال: الدنيا تدوم مع العدل

والكفر، وال تدوم مع الظلم واإلسالم، ...وذلك أن العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا

بعدل قامت وإن مل يكن لصاحبها يف اآلخرة من خالق، ومتى مل تقم بعدل مل تقم وإن كان

.3لصاحبها من اإلميان ما يجزى به يف اآلخرة"

األصل الثاني: ال ضرر وال ضرار:

ال: "ملسو هيلع هللا ىلصقال: قال رسول اهلل رضي اهلل عنهما ة حديث ابن عبا أصل هذه القاعد

.4"ضرار وال ضرر

وقد عبر عنها علماء األصول بقاعدة: الضرر يزال، والصياغة النبوية أوىل ألمور منها:

(. ومسلم يف صحيحه، كتاب احلدود، 3475(، برقم )4/175أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب أحاديث األنبياء، باب حديث الغار، ) 1

(.1688(، برقم )3/1315يف احلدود، )باب قطع السارق الشريف وغريه والنهي عن الشفاعة (.1/330اقتضاء الصراط املستقيم خمالفة أصحاب اجلحيم، ابن تيمية، ) 2 (.248-2/246االستقامة، ابن تيمية، ) 3 (.1(، حاشية رقم )149)سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، 4

أن ذلك يكسب القاعدة قوة؛ إذ جيعلها دليال شرعيا صاحلا لبناء األحكام الشرعية -1

عليه مباشرة.

.1ظ أمشل وأعم؛ لتضمنه النهي عن الضرر ابتداء، ومقابلة الضرر مبثلهأن هذا اللف -2

ويتفرع عن هذه القاعدة مجلة من القواعد الشرعية؛ منها:

القاعدة األوىل: "الضرر يدفع بقدر اإلمكان"، وتطبيقاهتا يف الفروع الفقهية كثرية، منها:

شهارها صيانة ألمن البالد، وإقرار اإلعداد للجهاد صيانة لدولة اإلسالم، وإقامة احلدود وإ

الشفعة صيانة حلق الشريك، واحلجر على املفلس صيانة حلق الدائنني، وغريها.

القاعدة الثانية: "الضرر يزال"، ومن تطبيقاهتا: مشروعية الضمان صيانة لألموال، وإقرار

ه مما هو مضر جباره خياري العيب والغنب يف البيع صيانة للعقود، وإزالة اجلار ما حيصل يف ملك

صيانة حلق اجلوار، والنهي عن بيع الرجل على بيع أخيه وخطبته على خطبته صيانة للمجتمع

من انتشار الشحناء والبغضاء.

القاعدة الثالثة: "الضرر ال يزال مبثله"، ومن تطبيقاهتا: أن من أكره على قتل معصوم مل جيز

ك عن نفسه مل جيز له أخذ مال حمتاج مثله، ومن له قتله، ومن اضطر إىل أخذ مال لدفع اهلال

شرى معيبا ثم طرأ على السلعة عيب جديد سقط خيار الرد إال برضى البائع وبقي له أرش

العيب.

(.251الكلية، حممد الغزي، ) قواعد الفقهانظر: الوجيز يف إيضاح 1

يتحمل الضرر اخلاص ملنع الضرر العام"، ومن تطبيقاهتا: إسقاط حد "القاعدة الرابعة:

ضرر خاص يتحمل ملنع ضرر انتشار الفساد.القطع يف السرقة يف عام اجملاعة، واحلدود فيها

وهاتان القاعدتان األخريتان تطبيقاهتما مرتبطة باألصل الثالث من أصول حفظ

االجتماع، تزاحم املصاحل واملفاسد.

األصل الثالث: تزاحم املصاحل واملفاسد:

صاحله لتزاحم املصاحل واملفاسد صور عدة، منها ما يتعلق حبق الفرد الواحد؛ فتتزاحم م

ومفاسده، وليست هذه حمل البحث هنا، وإمنا املراد مزامحة مصلحة الفرد ملصاحل ومفاسد

غريه، قال الشاطيب: "جلب املصلحة أو دفع املفسدة إذا كان مأذونا فيه على ضربني:

.1أحدمها: أن ال يلزم عنه إضرار بالغري. والثاني: أن يلزم عنه ذلك"

والنظر هنا باعتبارين:

:2بار األول: يف بيان احلكم الشرعي: وهو على التفصيل التايلاالعت

إضرار بالغري؛ فال إشكال يف اإلذن به، وليس هو حمل عنهفأما الضرب األول: أن ال يلزم

البحث هنا.

أما الضرب الثاني: "أن يلزم عنه إضرار بالغري"؛ فهذا له صور واعتبارات يف النظر،

وبياهنا على ما يلي:

(.2/264ملوافقات، الشاطيب، )ا 1-2/264(. واملوافقات، الشاطيب، )123-1/98انظر يف بيان تفصيل هذه املسألة: قواعد األحكام يف مصاحل األنام، العز بن عبدالسالم، ) 2

276.)

األوىل: أن يقصد املكلف حتصيل مصلحته مع اإلضرار بغريه، ومثاله يف الصورة

قيمة سلعته لتحصيل معاشه ونفاق سلعة غريه، والنظر يف هذه الصورة من صخراجلزئيات: امل

جهتني:

فقصده اإلضرار بالغري يتنافى مع املتقرر يف أصول الشريعة :اجلهة األوىل: احلكم األخروي

: ملسو هيلع هللا ىلص؛ قال ضرار"، فهذا القصد معترب مؤثر يف الثواب والعقاب عند اهلل أنه "ال ضرر وال

، فـ"حظ العامل من عمله نيته، فإن كانت 1"نوى ما امرئ لكل وإمنا بالنيات، األعمال إمنا"

.2صاحلة؛ فعمله صاحل، فله أجره، وإن كانت فاسدة؛ فعمله فاسد، فعليه وزره"

ظر فيه يف جهات حتصيل املصلحة:اجلهة الثانية: احلكم الدنيوي: والن

فإن كان لتحصيل املصلحة جهة أخرى ال تشتمل على اإلضرار بالغري تعينت جهة

نع مما يشتمل على اإلضرار بالغري.لتحصيل املصلحة، وم

وإن مل يكن لتحصيل املصلحة طريق إال ما اشتمل على اإلضرار بالغري، فهذه حكمها

على املوازنة بني املصاحل واملفاسد.حكم الصورة الثانية، وهو مبين

الصورة الثانية: أن ال يقصد إضرارا بأحد: وهذا النظر فيه باعتبار العموم واخلصوص:

فإن كانت املصلحة خاصة والضرر عام فال خيلو من ثالث حاالت:

. ومسلم بلفظ (1(، حديث رقم )1/6، )ملسو هيلع هللا ىلصأخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إىل الرسول 1

(.1907(، حديث رقم )3/1515: إمنا األعمال بالنية، )ملسو هيلع هللا ىلص"بالنية"، كتاب اإلمارة، باب قوله (.35جامع العلوم واحلكم يف شرح مخسني حديثا من جوامع الكلم، ابن رجب، ) 2

األوىل: أن ال ينبين على فوات املصلحة ضرر على من فاتت عليه، واملعترب هنا ةاحلال

الضرر العام. نفي

الثانية: أن يرتتب على فوات املصلحة اخلاصة ضرر خاص ميكن اجنباره، واملعترب ةاحلال

هنا أيضا نفي الضرر العام.

الثالثة: أن يرتتب على فوات املصلحة اخلاصة ضرر خاص ال ينجرب، فتدفع أعظم ةاحلال

املفسدتني بارتكاب أدنامها.

بلها إضرار خاص، فحكمها على ما يلي:أما إن كانت املصلحة اخلاصة يقا

النظر هنا يف دفع أعظم فرتب على تفويت املصلحة ضرر يقابل اإلضرار بالغري، تن إ -1

املفسدتني بارتكاب أدنامها.

يرتتب على تفويت املصلحة ضرر يقابل اإلضرار بالغري: ن ملوإ -2

رء املفاسد مقدم فإن كان اإلضرار بالغري قطعيا منع من حتصيل تلك املصلحة؛ إذ د

على جلب املصاحل.

:وإن كان اإلضرار بالغري ظنيا: والنظر فيه من حيث غلبة الظن

فإن كان اإلضرار غالبا فدرء املفاسد مقدم على جلب املصاحل. -

وإن كان اإلضرار نادرا، فمأذون يف حتصيل تلك املنفعة، وال اعتبار للنادر؛ إذ املعترب -

لغالب دون النادر.يف النظر الشرعي احلكم ل

االعتبار الثاني: يف بيان األدب الشرعي: وأصله إسقاط حظوظ النفس، وهو على

مرتبتني:

املرتبة األوىل: "إسقاط االستبداد والدخول يف املواساة على سواء": وحقيقته أن مسقط

من حقه بتفويت املصلحة أو حتمل الضرر "رأى غريه مثل نفسه" ففوت من مصلحته وحتمل

قال: قال مضرته ما جيعله مع مقابله على سواء، وأصله يف الشرع حديث أبي موسى

قال: ، وعن النعمان بن بشري 1"بعضا بعضه يشد كالبنيان؛ للمؤمن املؤمن: "ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

إذا الواحد، اجلسد مثل ونعاطفهم وترامحهم توادهم يف املؤمنني مثل: "ملسو هيلع هللا ىلصقال رسول اهلل

، قال الشاطيب: "وأصل هذا من 2"واحلمى بالسهر اجلسد سائر له تداعى عضو منه اشتكى

الكتاب: ما وصف اهلل به املؤمنني من أن بعضهم أولياء بع ، وما أمروا به من اجتماع الكلمة،

واألخوة، وترك الفرقة، وهو كثري؛ إذ ال يستقيم ذلك إال هبذه األشياء وأشباهها مما يرجع

.3إليها"

نية: "اإليثار على النفس": وهي أعلى من األوىل وأكمل، وحقيقته: "أن يرتك املرتبة الثا

حظه حلظ غريه؛ اعتمادا على صحة اليقني، وإصابة لعني التوكل، وحتمال للمشقة يف عون األخ

(. ومسلم يف صحيحه، كتاب الرب 6026(، برقم )8/12أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب األدب، باب تعاون املؤمنني بعضهم بعضا، ) 1

(.2585(، برقم )4/1999والصلة واآلداب، باب تراحم املؤمنني وتعاطفهم وتعاضدهم، )(. وبنحوه 2586(، برقم )4/1999أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب الرب والصلة واآلداب، باب تراحم املؤمنني وتعاطفهم وتعاضدهم، ) 2

(.6011(، برقم )8/10دب، باب رمحة النا والبهائم، )عند البخاري يف صحيحه، كتاب األ (.2/269املوافقات، الشاطيب، ) 3

ينا ﴿ ، وقد امتدح اهلل األنصار هبذه اخلصلة؛ قال 1يف اهلل على احملبة من أجله" واٱلحو ٱل ورهم تاباو دح ونا ف صح دح لا يا هم وا را إلا اجا ن ها بونا ما بهم يح نا من قا يما ارا واٱل

ح ن يحوقا شح واما ة اصا صا هم خا نا ب او كا ل هم وا س نفحا أ ا ونا لعا رح يحؤث وا وتحوا

ح أ ا م ة م اجا حا

ونا فحح مح ٱلمح ئكا هح ولاحهۦ فاأ [.9:احلشر] ﴾ نافس

(.2/269) املصدر السابق، 1

احلاكم:اإلمام املطلب الثاني: حفظ مقصد االجتماع من جهة ال يقوم إال بشرع حاكم؛ فإنه ال يتم قيام الشرع كمال االستخالف ومتام العمارة ملا كان

، فما من جمتمع صغر أو كرب إال وحيتاج إىل أمري وقائدلهوجود اإلمام املقيم ب احلاكم وتنفيذه إال

.يضبط أمور ذلك االجتماع، ويفصل يف قضاياه

1وال ســـــراة إذا جـــــهـــــاهلـــــم ســـــادوا ال يصلح النا فوضى ال سراة هلم

وقضية اإلمامة يف الفكر اإلسالمي ليست من القضايا الثانوية، وهي وإن كانت يف األصل

ثالثة من ، واحلديث عنها بت صبغة أصوليةمن الفروع الفقهية؛ إال أهنا يف الفكر اإلسالمي اكتس

:جوانب

اجلانب األول: أمهيتها يف حتقيق اخلالفة وعمارة األرض:

حتقيق ذلك يف فإن من التشريع حفظ مصاحل اخللق يف الدارين؛ مقصد الشارعملا كان

شرع صاحل على وفق ما تلك املاملكلف "خليفة اهلل يف إقامة" جبعل يكون امواقع النزول أمن

"حبسب طاقته ومقدار وسعه".

يف مواقع النزول على درجات، "وأقل ذلك وهذا االستخالف يف حتقيق شرع اهلل

، وأعاله اإلمامة 2خالفته على نفسه، ثم على أهله، ثم على كل من تعلقت به مصلحة"

ظمى؛ إذ يف العظمى، إال أن من األحكام الشرعية ما ال يناط تنفيذه وحتقيقه إال باإلمامة الع

(.76هذا البيت لألفوه األودي، انظر: قواعد الشعر، أمحد الشيباني املعروف بثعلب، ) 1 (.2/252املوافقات، الشاطيب، ) 2

إناطتها لألفراد تضييع لتلك احلقوق، وتفويت ملقاصد تشريعها، مع ما ينتج عن ذلك من ارتفاع

األمن، وانتشار الفساد، وأوضح مثال على ذلك: باب السياسة الشرعية: كاحلدود

والتعزيرات، والقضاء يف اخلصومات، وتنظيم املعامالت والعالقات.

ستخالف وعمارة األرض أهنا "خالفة عن صاحب الشرع وحقيقة اإلمامة وصلتها باال

يف حراسة الدين، وسياسة الدنيا به"، فهي"محل الكافة على مقتضى النظر الشرعي يف

.1مصاحلهم األخروية والدنيوية الراجعة إليها"

وتربز مكانة نصب اإلمام يف التشريع من خالل اجلوانب التالية:

ا ﴿ : قالملسو هيلع هللا ىلصبطاعته وطاعة رسوله قد أمر بطاعتهم وقرهنا أن اهلل -1 ها ياأ يا

طما أ نحوا ااما ينا م ٱل مر منكح

اول ٱل

حأ ولا وا ٱلرسح وا معح ط

اأ ا وا وا ٱلل عن ،[59:النساء] ﴾ عح

يف ملسو هيلع هللا ىلص، بعثه النيب ابن عبا رضي اهلل عنهما أهنا نزلت يف عبداهلل بن حذافة السهمي

.2سرية

.مر بتنصيب اإلمام وطاعته قوال وفعالأ ملسو هيلع هللا ىلصأن الرسول -2

(.1/365انظر: مقدمة ابن خلدون، ) 1 (.1834(، برقم )3/1465خرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، باب وجوب طاعة األمراء يف غري معصية وحترميها يف املعصية، )أ 2

من: "يقول ملسو هيلع هللا ىلصقال: مسعت رسول اهلل مافمن القول: عن عبداهلل بن عمر رضي اهلل عنه

جة له، ومن مات وليس يف عنقه بيعة مات ميتة ح ال القيامة يوم اهلل لقي طاعة من يدا خلع

.1جاهلية"

وكنت اخلري، عن ملسو هيلع هللا ىلصاهلل قال: كان النا يسألون رسول وعن حذيفة بن اليمان

اهلل فجاءنا وشر، جاهلية يف كنا إنا اهلل، رسول يا: فقلت يدركين، أن خمافة الشر؛ عن أسأله

؟ قال: "نعم". فقلت: "هل بعد ذلك الشر من خري؟ شر من اخلري هذا بعد فهل اخلري، هبذا

يهدون بغري قال: "نعم، وفيه دخن". قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغري سنيت، و

هديي، تعرف منهم وتنكر". فقلت: هل بعد ذلك اخلري من شر؟ قال: "نعم، دعاة على أبواب

جهنم من أجاهبم إليها قذفوه فيها". فقلت: يا رسول اهلل، صفهم لنا. قال: "نعم، قوم من

جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا". قلت: يا رسول اهلل، فما ترى إن أدركين ذلك؟ قال: "تلزم

اعة املسلمني وإمامهم". قلت: فإن مل تكن هلم مجاعة وال إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق مج

.2كلها، ولو أن تع على أصل شجرة حتى يدركك املوت وأنت على ذلك"

(، برقم 3/1478أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، باب األمر بلزوم اجلماعة عند ظهور الفنت وحتذير الدعاة إىل الكفر، ) 1

(1851.) (. ومسلم يف صحيحه، كتاب 7084(، برقم )9/51يف صحيحه، كتاب الفنت، باب كيف األمر إذا مل تكن مجاعة، )أخرجه: البخاري 2

(.1847(، برقم )3/1475اإلمارة، باب األمر بلزوم اجلماعة عند ظهور الفنت وحتذير الدعاة إىل الكفر، )

فقد يعصين ومن اهلل، أطاع فقد أطاعين من: "قال ملسو هيلع هللا ىلص، عن النيب وعن أبي هريرة

.1"عصاني فقد األمري يعص نوم أطاعين، فقد األمري يطع ومن اهلل، عصى

ملسو هيلع هللا ىلص، وتأمري أحد األنصار على خيرب، وتأمريه ثابت بن عاصم ملسو هيلع هللا ىلصومن الفعل: تأمريه

، وعبداهلل بن ، وجعفر بن أبي طالب ، وتأمريه زيد بن حارثةزيد بن أسامة

.يطول ملسو هيلع هللا ىلص، واستقصاء ذلك من فعله 2 رواحة

بن سلمة سأل فقد احلقوق، ومنعهم واستئثارهم ظلمهم مع بطاعتهم أمر ملسو هيلع هللا ىلصأن الرسول -3

ومينعونا حقهم، يسألونا أمراء علينا قامت إن أرأيت اهلل، نيب يا: لافق ملسو هيلع هللا ىلص اهلل رسول يزيد

ض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ثم سأله يف الثانية أو الثالثة، فجذبه فأعر تأمرنا؟ فما حقنا،

.3"محلتم ما وعليكم ا،محلو ما عليهم فإمنا وأطيعوا امسعوا: "ملسو هيلع هللا ىلصاألشعث، فقال

أن اإلمامة العظمى هبا يتم التمكني يف األرض، وحتقيق مقصد التشريع، قال اهلل -4

﴿ ا ااتاوح ةا وا او ٱلص وا قاامحارض أ

ام ف ٱل هح ن ك ينا إن م وف ٱل عرح ٱلما ب وا رح ما

اأ ةا وا و كا ٱلز

منكم ر أم لٱ وأولي لرسولٱ وأطيعوا للهٱعوا أطي ﴿ أخرجه: البخاري يف صحيحه، بلفظ "أمريي" كتاب األحكام، باب قول اهلل 1 ﴾

يف وحترميها معصية غري يف األمراء طاعة وجوب باب اإلمارة، كتاب له، واللفظ صحيحه، يف ومسلم(. 7137) برقم ،(9/61) ،[59:النساء]

(.1835(، برقم )3/1466) املعصية،كتاب املغازي، باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وحديث عضل والقارة وعاصم بن ثابت وخبيب انظر: صحيح البخاري، 2

باب غزوة زيد بن حارثة، . و(4246) برقم ،(5/140) خيرب، أهل على ملسو هيلع هللا ىلصباب استعمال النيب ، و(4086(، برقم )5/103وأصحابه، )

(.4261(، برقم )5/143باب غزوة مؤتة من أرض الشام، ). و(4250(، برقم )5/141)

(.1846(، برقم، )3/1474أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، باب يف طاعة األمراء وإن منعوا احلقوق، ) 3

لل ر وانكا ن ٱلمح ا وا ناها ور وا مح

حقباةح ٱل اإلمامة ملقاصد اجلامع هو فهذا" ،[41:احلج] ﴾ عا

1"مجيعا

موقعها من مسائل أصول الدين:اجلانب الثاني:

، قال الشهرستاني: أصل من األصول اليت قام عليها االختالف يف الفرق اإلسالمية اإلمامة

اإلسالم على قاعدة دينية مثل "وأعظم خالف بني األمة: خالف اإلمامة؛ إذ ما سل سيف يف

أصل اإلمامة هو أحد أصول الدين اليت يقوم عليها .ا.هـ، و2ما سل على اإلمامة يف كل زمان"

عشرية. االثينفكر كل من: املعتزلة، واإلمامية

فأما املعتزلة فدخلت اإلمامة ضمن أصلهم يف األمر باملعروف والنهي عن املنكر؛ إذ "أن

.3األمر باملعروف والنهي عن املنكر ال يقوم به إال األئمة" أكثر ما يدخل يف

، بل عليها مدار دينهم، وأما اإلمامية فاإلمامة تشكل حجر الزاوية لكثري من عقائدهم

ال يتم اإلميان عندهم إال هبا، واإلمام يف أصوهلم حجة اهلل ف، وهي الفرق بينهم وبني غريهم

.4ملكلفني، ويكون بوجوده متام املصلحة يف الدين""حيتج اهلل عز وجل به على عباده ا

ن "مقام األنبياء يف تنفيذ األحكام، وإقامة وعندهم استمرار للنبوة؛ إذ أن األئمة قائم وهي

، وهلم "ما للنيب من 1احلدود، وحفظ الشرائع، وتأديب األنام"، فهم "معصومون كعصمة األنبياء"

(.79اإلمامة العظمى عند أهل السنة واجلماعة، عبداهلل الدميجي، ) 1

(.1/13امللل والنحل، الشهرستاني، ) 2 (.749ار، )شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلب 3

(.39أوائل املقاالت، املفيد، ) 4

هنم ومصاحلهم، وإقامة العدل بينهم، ورفع الظلم والعدوان الوالية العامة على النا ؛ لتدبري شؤو

.2من بينهم"

أثر مسألة اإلمامة العظمى يف حفظ مقصد االجتماع ونبذ الفرقة اجلانب الثالث:

:واخلالف

ثم أن هذا االجتماع إذا حصل للبشر كما قررناه، ومت عمران العامل " قال ابن خلدون:

م عن بع ؛ ملا يف طباعهم احليوانية من العدوان والظلم، هبم، فال بد من وازع يدفع بعضه

وليست آلة السالح اليت جعلت دافعة لعدوان احليوانات العجم عنهم كافية يف دفع العدوان

، فال بد من شيء آخر يدفع عدوان بعضهم عن بع ، وال يكون 3عنهم؛ ألهنا موجودة جلميعهم

كهم وإهلاماهتم، فيكون ذلك الوازع واحدا منهم، من غريهم؛ لقصور مجيع احليوانات عن مدار

.4يكون له عليهم الغلبة والسلطان واليد القاهرة حتى ال يصل أحد إىل غريه بعدوان"

من جهتني:وطريق حفظ االجتماع

:اجلهة األوىل: ما جيب على اإلمام من حقوق رعيته

حب الشرع من حفظ الدين قال ابن خلدون: "ملا تبني أن حقيقة اخلالفة نيابة عن صا

وسياسة الدنيا، فصاحب الشرع متصرف يف األمرين: أما يف الدين: فبمقتضى التكاليف

(.65انظر: املصدر نفسه، ) 1 (.55-54عقائد اإلمامية، حممد رضا املظفر، ) 2 بل قد تكون من أعظم أسباب هالكهم وفنائهم. 3

(.1/138مقدمة ابن خلدون، ) 4

الشرعية الذي هو مأمور بتبليغها، ومحل النا عليها. وأما سياسة الدنيا: فبمقتضى رعايته

.1ملصاحلهم يف العمران البشري"

يف حقوق وواجبات للرعية على الراعي، ورعاية مصاحل العامة يف العمران البشري يتمثل

وأصل هذه احلقوق والواجبات "أن يسو الرعية بالكتاب والسنة، وينشر التوحيد من

مشكاهتما، ويزيل ما يناقضه من مظاهر الشرك والوثنية، وحيكم بني النا هبما، إقامة للعدل

.2بينهم"

ويظهر أثر احلاكم يف حفظ االجتماع جليا يف جانيب:

امة العدل ورفع الظلم: إقامة العدل ورفع الظلم وإن كان مطلبا شرعيا عاما؛ إال أن إق -1

وجوب ذلك على منصب اإلمامة العظمى آكد وأعظم؛ إذ يناط هبا حتقيق الشرع والعدل يف

، 3"ملسو هيلع هللا ىلصالوجود، "وقد تطابق على وجوب العدل آيات الكتاب احلكيم، وأحاديث رسول اهلل

ومن ذلك:

متحم بايا ﴿ قوله كا ا إوذاا حا ههاا أ ت إلا نا ما

ا ٱل وا د ن تحؤا

ام أ رحكح مح

ا ياأ إن ٱلل دل ٱلعا وا ب مح كح ن تا

ا [.58:النساء] ﴾ ٱنلاس أ

(.400مقدمة ابن خلدون، ) 1 (.78درء الفتنة عن أهل السنة، بكر أبو زيد، ) 2 (.110اإلمامة العظمى عند أهل السنة واجلماعة، الدميجي، ) 3

م بايا ٱنلاس ﴿ وقال رض فاٱحكحاة ف ٱل مفا كا خا نا عا دح إنا جا اوۥح دا يا

لا وا ٱلاق ب بم ٱلل ن سا ا كا محض ى فا وا [، قال الطربي: 26]ص: ﴾ تاتبع ٱلها

"﴿ ٱلاق م بايا ٱنلاس ب ى ﴿ واإلنصاف، بالعدل: يعين ﴾ فاٱحكح وا لا تاتبع ٱلها : يقول ﴾وا

.1"فيه والعدل احلق على بينهم قضائك يف هواك تؤثر وال

: ظله إال ظل ال يوم ظله يف اهلل يظلهم سبعة: "قال ملسو هيلع هللا ىلص، عن النيب وعن أبي هريرة

.2وشاب نشأ يف عبادة ربه، ..."احلدبث العادل، اإلمام

فبإقامة العدل، ورفع الظلم؛ تتحد الكلمة، وجيتمع الصف، وتقوى الشوكة ويتم التمكني،

ويتحقق الشرع، وتتم عمارة األرض ويكمل االستخالف فيها.

ا انتشر الظلم وانتفى العدل، فإن الفساد حيل باألمم، وتضعف شوكة الدول، أما إذا م

وخيرب العمران، ويهلك البشر بكثرة اهلرج واملرج.

"وقد جعل اهلل الظلم من أسباب هالك األمم، فما من دولة يتفشى فيها الظلم إال ويبدأ

قال: قال عن أبي بكرة دل، ، وهي سنة ال تتب3فيها االهنيار، وحتل عليها عقوبة اهلل تعاىل"

(.21/189جامع البيان يف تأويل القرآن، الطربي، ) 1

(. ومسلم 660(، برقم )1/133أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب األذان، باب من جلس يف املسجد ينتظر الصالة وفضل املساجد، ) 2

(.1031(، برقم )2/715اء الصدقة، )يف صحيحه، كتاب الزكاة، باب فضل إخف

(.113-112اإلمامة العظمى عند أهل السنة واجلماعة، الدميجي، ) 3

يف له يدخر ما مع الدنيا، يف لصاحبه العقوبة اهلل يعجل أن أحرى ذنب من ما: "ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.1"الرحم وقطيعة البغي،: من اآلخرة

ومرجع انتقاص العمران وختريبه إىل وقوع الفرقة واخلالف، وانقسام الدولة؛ فتنتق

.2فضي إىل االنتقاض""سريعا مبا ينشأ عنه من اهلرج امل

: قال ابن خلدون: "أما احلسبة فهي وظيفة دينية، من األمر باملعروف والنهي عن املنكر -2

باب األمر باملعروف والنهي عن املنكر، الذي هو فرض على القائم بأمور املسلمني، يعين لذلك

.3من يراه أهال له"

عامة، وفرض كفاية على املسلمني؛ واألمر باملعروف والنهي عن املنكر وإن كان وظيفة

إال أنه يف منصب اإلمامة العظمى هو سبيلها األعظم يف حتقيق إقامة الدين وسياسة الدنيا به،

وهو أسا حتقيق العدل ورفع الظلم عن العامة، قال ابن تيمية: "ومجيع الواليات اإلسالمية إمنا

(، برقم 34/40أخرجه: اإلمام أمحد يف املسند، مسند البصريني، حديث أبي بكرة نغيع بن احلارث بن كلده، وصححه احملققون ) 1

(. وأبو 4211(، برقم )2/1408ماجه يف السنن، كتاب الزهد، باب البغي، )(. وأخرجه بلفظ: "ما من ذنب أجدر ...": ابن 20399)

(. والرتمذي يف سننه، أبواب صفة القيامة والرقاق والورع، 4902(، برقم )7/263داوود يف سننه، كتاب األدب، باب يف النهي عن البغي، )

ماجه، عن عائشة رضي اهلل عنها قالت: قال رسول (. وجاء لفظ أسرع عند ابن2511(، برقم )4/245وقال: "هذا حديث صحيح"، )

(، برقم 2/1408ع الشر عقوبة: البغي، وقطيعة الرحم". ]كتاب الزهد، باب البغي، )وأسر. الرحم وصلة الرب،: ثوابا اخلري أسرع: "ملسو هيلع هللا ىلصاهلل

(، برقم 6/301ة، األلباني، )([، قال األلباني عن حديث عائشة: "ضعيف جدا".ا.هـ ]سلسلة األحاديث الضعيفة واملوضوع4211)

(2787.])

(.1/481، )مقدمة ابن خلدونانظر: 2 (.1/407املصدر نفسه، ) 3

ذلك والية احلرب الكربى، مثل: نيابة مقصودها األمر باملعروف والنهي عن املنكر، سواء يف

السلطنة، والصغرى، مثل والية الشرطة، ووالية احلكم، أو والية املال وهي: والية الدواوين

.1املالية، ووالية احلسبة"

ينا إن ﴿ وتأكيد القيام هبذه الوظيفة يتمثل يف حقيقة التمكني يف األرض، قال ٱلرض

ام ف ٱل هح ن ك م ا ااتاوح ةا وا او ٱلص وا قاامح

ان أ ا وا ناها وف وا عرح ٱلما ب وا رح ما

اأ ةا وا و كا ٱلز

ور مححقباةح ٱل عا لل ر وا

نكا [، وهي وظيفة اإلمامة يف مقام النبوة، قال 41]احلج: ﴾ ٱلمح

﴿ ٱل م ح ٱل ولا ٱنلب ونا ٱلرسح ينا ياتبعح ة ٱل ى م ف ٱلورا هح ندا كتحوبا ۥ ما وناهح دح ي يا

مح ر يححا ت وا با م مح ٱلط اهح يحح ل ر وانكا ن ٱلمح ا م هح ى يانها وف وا عرح ٱلما م ب رحهح مح

جنم ياأ واٱل

ا نات ا ٱلت كا غلاام واٱل م إصاهح نهح عح عا ياضا ئثا وا امهمح ٱلابا ﴾ امهم ا

[.157]األعراف:

أمهية هذه الوظيفة يف صورة حسية واضحة الداللة، عظيمة ملسو هيلع هللا ىلصويصور رسول اهلل

قال: "مثل القائم على حدود اهلل والواقع فيها ملسو هيلع هللا ىلص، عن النيب اإلشارة؛ فعن النعمان بن بشري

يف أسفلها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعالها وبعضهم أسفلها، فكان الذين

إذا استقوا من املاء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا يف نصيبنا خرقا، ومل نؤذ من

.2فوقنا، فإن يرتكوهم وما أرادوا هلكوا مجيعا، وإن أخذوا على أيديهم جنوا، وجنوا مجيعا"

(.11احلسبة يف اإلسالم، ابن تيمية، ) 1

(.2493(، برقم )3/139أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب الشركة، باب هل يقرع يف القسمة واالستهام فيه، ) 2

ثم مل ينحجز ويبني اجلويين مكانة منصب اإلمامة العظمى يف حتقيق هذه الوظيفة فيقول: "

معظم النا عن اهلوى بالوعد والوعيد، والرتغيب والتهذيب، فقي اهلل السالطني وأويل األمر

وازعني؛ ليوفروا احلقوق على مستحقيها، ويبلغوا احلظوظ ذويها، ويكفوا املعتدين، ويعضدوا

مور الدنيا، املقتصدين، ويشيدوا مباني الرشاد، ويحسموا معاني الغي والفساد، فتنتظم أ

.1ويستمد منها الدين الذي إليه املنتهى"

واألمر باملعروف والنهي عن املنكر هو سياج الدين يف حفظ مجاعة املسلمني، يدفع عنها

أسباب الفرقة والفساد، وحيفظها من دواعي اهلوى والضالل، ومقصوده "حتصيل املصاحل

اخلريية، وكانت ملسو هيلع هللا ىلص، وبه نالت أمة حممد 2وتكميلها، وتعطيل املفاسد وتقليلها حبسب اإلمكان"

وف ﴿ أنفع األمم للخلق؛ قال عرح ٱلما ونا ب رح محناس تاأ ت ل خرجا

حة أ م

حيا أ نتحم خا كح

ٱلل تحؤمنحونا ب ر وانكا ن ٱلمح ا ونا تانها [، قال ابن تيمية: "ففي أمة حممد 110]آل عمران: ﴾ وا

ما مل -يف املعاش واملعاد -النهي عن املنكر الذي فيه صالح العباد من األمر باملعروف و ملسو هيلع هللا ىلص

.ا.هـ، ومن ذلك األمر باالئتالف واالجتماع، والنهي عن االختالف 3يوجد مثله يف األمتني"

والفرقة.

اجلهة الثانية: ما جيب على الرعية من حقوق اإلمام، وحقوق بعضهم بعضا:

(.182ظلم، اجلويين، )غياث األمم يف التياث ال 1 (.1/330االستقامة، ابن تيمية، ) 2 (.3/106اجلواب الصحيح ملن بدل دين املسيح، ابن تيمية، ) 3

عظمى منصب استخالف يف إقامة الدين وسياسة منصب اإلمامة ال السمع والطاعة: -1

الدنيا به، ومن هنا كان السمع والطاعة ملن ويل هذا املنصب يف اإلسالم واجبا شرعيا؛ قال

﴿ م طا أ نحوا ااما ينا ا ٱل ها ي

اأ م يا مر منكح

اول ٱل

حأ ولا وا ٱلرسح وا معح ط

اأ ا وا ٱلل وا ﴾ عح

ملسو هيلع هللا ىلص، أن رسول اهلل طاعتهم من طاعته؛ فعن أبي هرير ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل [، وجعل59]النساء:

أطاعين، فقد األمري يطع ومن اهلل، عصى فقد يعصين ومن اهلل، أطاع فقد أطاعين من"قال:

قال: قال مع األثرة والكره؛ فعن أبي هريرة ملسو هيلع هللا ىلص، بل أمر هبا 1"عصاني فقد األمري يعص ومن

اعة يف عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة : "عليك السمع والطملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل

.2عليك"

وهذه الطاعة لوالة األمر مضبوطة بضوابط شرعية ليتم االجتماع، وتتحد الكلمة، وتقوى

الشوكة، ويتم التمكني يف األرض وعمارهتا، وتتحقق اخلالفة فيها، وهذه الضوابط هي:

أن ال خترج عن طاعة اهلل يف كتاب اهلل ، وإشارة ذلكملسو هيلع هللا ىلصوطاعة رسوله قوله

﴿ م طا أ نحوا ااما ينا ا ٱل ها ي

اأ م يا مر منكح

اول ٱل

حأ ولا وا ٱلرسح وا معح ط

اأ ا وا ٱلل وا ﴾ عح

دون طاعة والة األمر ملسو هيلع هللا ىلصوطاعة رسوله [؛ ففي ذكر فعل الطاعة يف طاعة اهلل 59]النساء:

له؛ وذلك أهنا طاعة تلق وامتثال، "خبالف إظهار لالهتمام بتحصيل طاعة اهلل وطاعة رسو

، فطاعتهم طاعة امتثال خاصة"؛ ولذا "ال جند ملسو هيلع هللا ىلصأويل األمر فإهنم منفذون ملا بلغه الرسول

.(1، حاشية رقم )(556سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 1 (.1836(، برقم )3/1467) أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، باب وجوب طاعة األمراء يف غري معصية وحترميها يف املعصية، 2

و"مل يعطف - ملسو هيلع هللا ىلصورسوله اآلمرة بطاعة اهلل -تكريرا لفعل الطاعة يف نظائر هذه اآلية"

ا ﴿ فيها أولو األمر"، وذلك مثل قوله ها ياأ لا يا حۥ وا ولا راسح ا وا ٱلل وا معح ط

ا أ نحوا ااما ينا ٱل

عحونا اسما نتحم تاأ نهح وا عا لوا لا ﴿ [، وقوله 20]األنفال: ﴾ تاوا حۥ وا ولا راسح ا وا ٱلل وا معح ط

اأ وا

م كح با ريحح تاذها وا حوا تافشا فا وا ح زا ع ﴿ [، وقوله 46]األنفال: ﴾ تانا ن يحط ا واما ٱللونا زح ائ مح ٱلفا ئكا هح ولا

حياتقه فاأ ا وا ياخشا ٱلل حۥ وا ولا راسح .1[52]النور: ﴾ وا

بعث جيشا، وأمر عليهم ملسو هيلع هللا ىلص، أن النيب وأصل ذلك ما رواه علي بن أبي طالب

رجال، فأوقد نارا وقال: ادخلوها. فأرادوا أن يدخلوها، وقال آخرون: إمنا فررنا منها.

، فقال للذين أرادوا أن يدخلوها: "لو دخلوها مل يزالوا فيها إىل يوم القيامة". ملسو هيلع هللا ىلصروا للنيب فذك

.2وقال لآلخرين: "ال طاعة يف معصية، إمنا الطاعة يف املعروف"

أنه قال: "السمع والطاعة على املرء املسلم ملسو هيلع هللا ىلصوعن ابن عمر رضي اهلل عنهما، عن النيب

.3فال مسع وال طاعة"فيما أحب وكره، فإن أمر مبعصية

(.5/97انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 1أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب أخبار اآلحاد، باب ما جاء يف إجازة خرب الواحد الصدوق يف األذان والصالة والصوم والفرائ 2

طاعة األمراء يف غري معصية وحترميها يف املعصية، (. ومسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، باب وجوب7257(، برقم )9/88واألحكام، )

(.1840(، برقم )3/1469)(. ومسلم يف 7144(، برقم )9/63أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب األحكام، باب السمع والطاعة لإلمام ما مل تكن معصية، ) 3

(.1839(، برقم )3/1469صية، )صحيحه، كتاب اإلمارة، باب وجوب طاعة األمراء يف غري معصية وحترميها يف املع

النصح لوالة األمر وأمرهم باملعروف وهنيهم عن املنكر: وهو وإن كان أمرا عاما فإن له

يف الشرع خصوص ذكر مبقام اإلمامة العظمى مما يدل على اختصاصه مبزيد اهتمام؛ وذلك أن

صالح الوالة صالح للرعية، وفسادهم فساد هلم.

يف منصب اإلمامة:ومما جاء يف التأكيد على ذلك

قال: "الدين النصيحة". قلنا: ملن؟ قال: "هلل، ملسو هيلع هللا ىلص، أن النيب حديث متيم الداري

.1ولكتابه، ولرسوله، وألئمة املسلمني وعامتهم"

على السمع والطاعة يف املنشط ملسو هيلع هللا ىلصقال: بايعنا رسول اهلل وعن عبادة بن الصامت

باحلق حيثما كنا، ال خناف يف اهلل لومة -أو نقول -واملكره، وأن ال ننازع األمر أهله، وأن نقوم

.2الئم"

إال أن يف النصح واألمر باملعروف والنهي عن املنكر يف منصب اإلمامة شرطا زائدا على

ما هو مقرر يف الشرع من شروط وآداب النصح واألمر باملعروف والنهي عن املنكر؛ وذلك أن

اع واالئتالف، ونبذ الفرقة واخلالف، وينبغي أن ال من مقاصد منصب اإلمامة حتصيل االجتم

يكون مآل النصح واألمر باملعروف والنهي عن املنكر تفويت ذلك املقصد.

(. وذكره البخاري يف صحيحه معلقا، كتاب 55(، برقم )1/74أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلميان، باب بيان أن الدين النصيحة، ) 1

(.1/21) وعامتهم، املسلمني ولألئمة ولرسوله هلل النصيحة الدين: "ملسو هيلع هللا ىلصاإلميان، باب قول النيب (. ومسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، 7199(، برقم )9/77صحيحه، كتاب األحكام، باب كيف يبايع اإلمام النا ، )أخرجه: البخاري يف 2

(.1709(، برقم )3/1470باب وجوب طاعة األمراء يف غري معصية وحترميها يف املعصية، )

فبايعناه، فقال فيما ملسو هيلع هللا ىلصقال: دعانا رسول اهلل -يف رواية - عن عبادة بن الصامت

يسرنا، وأثرة علينا، أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة يف منشطنا ومكرهنا، وعسرنا و

.1وأن ال ننازع األمر أهله، "إال أن تروا كفرا بواحا عندكم من اهلل فيه برهان"

: "من رأى من أمريه شيئا يكرهه ملسو هيلع هللا ىلصوعن ابن عبا رضي اهلل عنهما قال: قال النيب

.2فليصرب؛ فإنه ليس أحد يفارق اجلماعة شربا فيموت إال مات ميتة جاهلية"

قال: "إنه يستعمل عليكم أمراء، ملسو هيلع هللا ىلصرضي اهلل عنها، أن رسول اهلل وعن أم سلمة

فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع". قالوا: يا

.3رسول اهلل، أال نقاتلهم؟ قال: "ال، ما صلوا"

قال: "خيار أئمتكم الذين حتبوهنم ملسو هيلع هللا ىلص، عن رسول اهلل وعن عوف بن مالك

بونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضوهنم ويبغضونكم، وحي

وتلعنوهنم ويلعنونكم". قيل: يا رسول اهلل ، أفال ننابذهم بالسيف؟ قال: "ال، ما أقاموا فيكم

الصالة، وإذا رأيتم من والتكم شيئا تكرهونه؛ فاكرهوا عمله، وال تنزعوا يدا من طاعة"، ويف

ومسلم(. 7055) برقم ،(9/47" )تنكروهنا أمورا يبعد سرتون: "ملسو هيلع هللا ىلصأخرج هذه الرواية: البخاري يف صحيحه، كتاب الفنت، باب قول النيب 1

(.1709) برقم ،(3/1470) املعصية، يف وحترميها معصية غري يف األمراء طاعة وجوب باب اإلمارة، كتاب صحيحه، يفلم يف (. ومس7143(، برقم )9/62أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتاب األحكام، باب السمع والطاعة لإلمام ما مل تكن معصية، ) 2

(.1849(، برقم )3/1477صحيحه، كتاب اإلمارة، باب األمر بلزوم اجلماعة عند ظهور الفنت وحتذير الدعاة إىل الكفر، )أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، باب وجوب اإلنكار على األمراء فيما خيالف الشرع وترك قتاهلم ما صلوا وحنو ذلك، 3

(.1854(، برقم )3/1481)

"أال من ويل عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية اهلل؛ فليكره ما يأتي من معصية اهلل، رواية:

.1وال ينزعن يدا من طاعة"

فيفرق بني معصية الكفر وما دونه من املعاصي؛ "فال ينازعه مبا يقدح يف الوالية إال إذا

ويتوصل إىل تثبيت احلق له وقع يف الكفر الظاهر"، وأما ما دون الكفر فإنه "ينكر عليه برفق،

.2بغري عنف، وحمل ذلك إذا كان قادرا"

من اعظم مقاصد اإلمامة االجتماع ونبذ الفرقة نبذ الفرقة واخلالف:لزوم اجلماعة و -2

، ملسو هيلع هللا ىلصوسنة رسوله واخلالف، وهذا األصل مما جاء تقريره تقريرا جليا صرحيا يف كتاب اهلل

ومن ذلك:

مع واٱعتاص ﴿ قول اهلل جا اب ٱلل وا ب مح قحوا ر لا تافا [، قال 103]آل عمران: ﴾ ا وا

الطربي: "يريد بذلك تعاىل ذكره: ومتسكوا بدين اهلل الذي أمركم به، وعهده الذي عهده إليكم

.3يف كتابه إليكم من: األلفة، واالجتماع على كلمة احلق، وتسليم األمر هلل"

ح ﴿ وقوله زا لا تانا م وا كح با ريحح تاذها وا حوا تافشا فا [، قال 46]األنفال: ﴾ وا

﴿الطربي: " حوا تافشا فا وا ح زا لا تانا يقول: وال ختتلفوا فتفرقوا وختتلف قلوبكم، ﴾وا

حوا ﴿ تافشا .4يقول: فتضعفوا وجتبنوا" ﴾فا

(.1855(، برقم )3/1481جه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، باب خيار األئمة وشرارهم، )أخر 1 (.13/8فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر، ) 2 (.7/70جامع البيان يف تأويل القرآن، الطربي، ) 3 (.13/575املصدر نفسه، ) 4

فما تأمرني إن أدركين : ملسو هيلع هللا ىلصيف حديث الفنت رسول اهلل وملا سأل حذيفة بن اليمان

: "تلزم مجاعة املسلمني وإمامهم". قال حذيفة: فإن مل يكن هلم مجاعة وال إمام؟ ملسو هيلع هللا ىلصذلك؟ قال

: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تع بأصل شجرة حتى يدركك املوت وأنت على ملسو هيلع هللا ىلصفقال

.1ذلك"

ماعة، أنه قال: "من خرج من الطاعة، وفارق اجل ملسو هيلع هللا ىلص، عن النيب وعن أبي هريرة

.2فمات؛ مات ميتة جاهلية"

يقول: "إنه ستكون هنات وهنات، فمن ملسو هيلع هللا ىلصقال: مسعت رسول اهلل وعن عرفجة

.3أراد أن يفرق أمر هذه األمة وهي مجيع فاضربوه بالسيف كائنا من كان"

"هذا هو حكم اإلسالم يف املسلمني، جعلهم أمة واحدة، وجعل منهم دولة واحدة،

هلم إماما واحدا؛ حيكم هذه الدولة، وجيمع مشل األمة، ويصرف عنها كل وأمرهم أن جيعلوا

أسباب الفرقة، وبالفعل كان هلا ذلك عدة قرون، فكانت حتت لواء واحد، وقيادة واحدة؛

.4حتى آخر اخلالفة العباسية مبصر، ثم غزو التتار للبالد اإلسالمية"

.(2، حاشية رقم )(555)سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، 1 (.1848(، برقم )3/1476أخرجه مسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، باب األمر بلزوم اجلماعة عند ظهور الفنت وحتذير الدعاة إىل الكفر، ) 2 (.1852(، برقم )3/1479أخرجه: مسلم يف صحيحه، كتاب اإلمارة، باب حكم من فرق أمر املسلمني وهو جمتمع، ) 3 (.118ماعة، الدميجي، )اإلمامة العظمى عند أهل السنة واجل 4

قة والفتنة بينهم، ضعفت شوكتهم، وملا دب اخلالف بني املسلمني، وأوقدت نار الفر

وهرمت دولتهم، وتفرقت مجاعتهم فأصبحوا دوال وممالك، فتسلط عليهم عدوهم، واقتطع من

جسد األمة ما أمكنه اقتطاعه، واألندلس املفقود شاهد العصر وبرهان احلق على ذلك.

عثمانية سنة وقد كان آخر عهد اإلسالم بالدولة اجلامعة عندما أعلن إلغاء السلطنة ال

وإنشاء الدولة الرتكية، "فانفرط عقدها، ومتزقت أشالؤها، وأصبحت فريسة لألعداء م1924

الذين كادوا هلا حتى أطاحوا هبا، ثم تكالبوا عليها من كل جانب، وأخذوا يتقامسون تركة هذا

قوهتم، "الرجل املري " على ما أمسوه، فقطعوها إربا، ورمسوا بينها احلدود"، فهدموا أسا

بتشتيت أمرهم وتفريق صفهم واجتماعهم، "وزرعوا بذور النقمة والبغضاء بينهم: هذا يعتز

بوالئه الشرقي، واآلخر بالغربي، وهذا بقوميته، واآلخر بوطنيته، والثالث بفرعونيته، ...إىل

، 1غري ذلك من النعرات اجلاهلية، حتى وصلت إىل ما وصلت إليه اآلن من الذل واهلوان"

والبعد عن الدين، والتنكب للصراط املستقيم، استكانة إىل أعداء األمة، وتبعية لسننهم حذو

القذة بالقذة، وال حول وال قوة إال باهلل.

(.120اإلمامة العظمى عند أهل السنة واجلماعة، الدميجي، ) 1

ويشتمل على املباحث التالية:

املبحث األول: الفكر املقاصدي عند املتكلمني.

دي عند الصوفية.املبحث الثاني: الفكر املقاص

املبحث الثالث: الفكر املقاصدي واملقاربة العلمانية.

الفصل الثاني

قاصدي عند أشهر الفكر املل السنة املخالفني أله

واجلماعة

املبحث األول

الفكر املقاصدي عند املتكلمنيشغل الفكر اإلسالمي املعاصر بنظرية املقاصد، ويف توسيع لدائرة النظر املقاصدي

تقديري هو أهم ظهرت الدعوة إىل النظر يف مقاصد العقائد، قال الريسوني: "وهذا اجملال يف

اجملاالت واآلفاق اليت على البحث املقاصدي ارتيادها وإحلاقها مبجاالت الدراسات

.1املقاصدية"

ويف إطار هذه الدعوة بدأت بع احملاوالت لتلمس مالمح التوجه املقاصدي يف علم

د الكالم، خاصة يف الرتاث االعتزايل، ويرى بع الباحثني "أن نظرية الصالح واألصلح عن

املعتزلة، كانت األسا يف التأصيل للتكاليف العقدية والشرعية، وأهنا متثل حبق أهم القواعد

.2"-املقاصد الشرعية، واملقاصد العقدية -اليت يقوم عليها علم املقاصد

إال أن هذه الرؤية تبقى جمرد دعوى ينقصها التحرير والتقرير، وإشارة خالية من البيان

صيل.حتتاج إىل حبث وتف

والنظر يف مقاصد العقائد عند املتكلمني يكون من خالل النظر يف أصول مسائل

االعتقاد، ومقاصدهم فيها.

البحث يف مقاصد الشريعة نشأته وتطوره ومستقبله، الريسوني، ضمن مقاصد الشريعة اإلسالمية دراسات يف قضايا املنهج وجماالت 1

(.223التطبيق، )(، نقال عن تراث املعتزلة يف أصول الفقه، مليكة ختريي، 47-46ألصويل، عبدالنور بزا، )انظر: نظرية التعليل يف الفكرين الكالمي وا 2

(244.)

أربعة ول مسائل االعتقاد حولأص يف -معتزلة وأشعرية - وقد دار حديث املتكلمني

أصول هي:

؛الصفات والتوحيد فيها، وهي تشتمل على: مسائل الصفات األزليةاألصل األول: "

، إثباتا عند مجاعة ونفيا عند مجاعة، وبيان صفات الذات، وصفات الفعل، وما حيب هلل

."وما جيوز عليه وما يستحيل

القدر والعدل فيه، وهي تشتمل على: مسائل القضاء والقدر، واجلرب والثاني: "

."ند مجاعةإثباتا عند مجاعة، ونفيا ع ،والكسب، وإرادة اخلري والشر، واملقدور واملعلوم

الوعد والوعيد، واألمساء واألحكام، وهي تشتمل على: مسائل اإلميان، والثالث: "

إثباتا على وجه عند مجاعة، ونفيا عند ؛والتوبة، والوعيد، واإلرجاء، والتكفري والتضليل

."مجاعة

يح، السمع والعقل، والرسالة، واإلمامة، وهي تشتمل على: مسائل التحسني والتقبوالرابع:

نصا عند مجاعة، وإمجاعا ؛والصالح واألصلح، واللطف، والعصمة يف النبوة، وشرائط اإلمامة

عند مجاعة، وكيفية انتقاهلا على مذهب من قال بالنص، وكيفية إثباهتا على مذهب من قال

.1"باإلمجاع

ل ويشكل األصل األول من هذه األصول األسا العقدي الذي بني عليه بقية األصو

األربعة؛ وذلك أن أصل التوحيد عندهم دار حول قاعدتني:

(148-128وانظر: شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، ) (.6-1/5امللل والنحل، الشهرستاني، ) 1

، وما جيوز عليه وما ما حيب هلل . واألخرى: بيان األوىل: إثبات وجود اخلالق

.يستحيل

والكالم يف القدر والعدل والوعد والوعيد والنبوة واإلمامة والشرائع إمنا هو فرع عن

القاعدة الثانية.

جيد أن أصل التوحيد هو أول وتاريخ الفرق اإلسالمية ديناملستقري لكتب أصول الو

األصول نظرا فيها، وإن كان اخلالف بني املتكلمني يف هذا األصل إمنا وقع متأخرا عن الكالم يف

األمساء واألحكام، ومسائل القدر.

إن البحث يف مقاصد علم الكالم ال يزال يف بداياته، ومل أقف على حبوث حمررة فيه

را علميا، إمنا هي إشارات يف كتابات املعاصرين، أو حماوالت على الشبكة العنكبوتية حتري

أغلبها ملعرفات مستعارة، وقد حاولت يف هذا املبحث والذي يليه حترير مقصد املتكلمني

والصوفية بأصل التوحيد، وموقفهم من توحيد العبادة.

املطلب األول: حقيقة التوحيد وأنواعه: .1وحيد يف اللغة: مصدر الفعل الرباعي وحد، ومعناه: جعله واحداالت

.2مبا خيتص به من الربوبية، واأللوهية، واألمساء والصفات" "ويف الشرع: إفراد اهلل

، فاألول: هو 3وهو نوعان: توحيد يف املعرفة واإلثبات، وتوحيد يف الطلب والقصد

مبا ألمساء والصفات، والثاني: هو توحيد اهلل مبا خيتص به من الربوبية وا توحيد اهلل

.4خيتص به من األلوهية

، قال -الذي هو حقيقة توحيد األلوهية -واألصل يف حتقيقه: إفراد اهلل تعاىل بالعبادة

سليمان بن عبداهلل آل الشيخ: "وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو

معنى فول: ال إله إال اهلل؛ فإن اإلله هو: املألوه املعبود باحملبة، أول دعوة الرسل وآخرها، وهو

واخلشية، واإلجالل والتعظيم، ومجيع أنواع العبادة، وألجل هذا التوحيد خلقت اخلليقة،

،وكفار، وسعداء أهل اجلنة ،وأرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، وبه افرتق النا إىل مؤمنني

.5وأشقياء أهل النار"

:ن بينهما اقتضاء ولزومان النوعاوهذ

(.9/266|(. وتاج العرو من جواهر القامو ، الزبيدي، )69انظر: التعريفات، اجلرجاني، ) 1 (.1/5القول املفيد شرح كتاب التوحيد، ابن عثيمني، ) 2 (.5/3827انظر: مدارج السالكني بني منازل إياك نعبد وإياك نستعني، ابن القيم، ) 3 (.1/120انظر: تيسري العزيز احلميد يف شرح كتاب التوحيد، سليمان بن عبداهلل آل الشيخ، ) 4 (.125-1/124، )املصدر السابق 5

فتوحيد الطلب والقصد يقتضي ويتضمن توحيد املعرفة واإلثبات؛ وذلك أن التوجه

والقصد ال يكون إىل جمهول أو معدوم بالكلية، بل ال بد من وجود معرفة ولو على سبيل اجلملة،

وهذا هو حقيقة توحيد الربوبية.

تلزم توحيد الطلب والقصد؛ وذلك أن من أقر باهلل أما توحيد املعرفة واإلثبات فإنه يس

وما له من األمساء والصفات استلزم ذلك منه توحيد الطلب والقصد.

دليال على قد جعل اإلقرار مبعرفة اهلل جيد أن اهلل واملتأمل لكتاب اهلل

را ﴿ للعبادة دون سواه، قال استحقاقه وا ا ٱنلاسح ٱعبحدح ها ياأ ي يا مح ٱل بكحونا م تاتقح كح م لاعا بكح ينا من قا م واٱل كح اقا ش ٢١خا رضا فرا

امح ٱل عا ا لاكح ي جا ا ٱل

ناا ا ب ا ما واٱلس ا ا ما ما لا منا ٱلس نزااأ ت رزق وا را هۦ منا ٱثلما جا ب خرا

ام فالا فاأ ا لكح

حوا لل عا اد تا ندااونا أ نتحم تاعامح

اأ م ﴿ وقال ،[22-21:البقرة] ﴾ ا وا لا واسا ٱلامدح لل

قحونا حشكح ا ي م

اي أ ح خا االل فا ينا ٱصطا ٱل بااده ا رضا ٥٩ لعا

ات واٱل وا ما اقا ٱلس ن خا م

اأ

ا ا ما ما نا ٱلس م م لا لاكح نزااأ ة فا وا قا ذااتا باهجا ائ دا هۦ حا نباتناا ب

ان أ

ام أ نا لاكح ا كا م

ا راها جا شا تحنبتحوااه أ عا ٱ لا م قاوم م با هح حونا لل ل عد ار ٦٠ يا رضا قارا

اعا ا ٱل ن جا م

اا أ

ر نهااا أ اها لا عا ا خ عا ا واجا عا ا بايا ٱلا ا واجا ا واجا س وا ا را اها ز ل اج ين حا ا حرا

اه أ لا عا ٱلل م

ونا عامح م لا يا حهح كثااا ٦١با أ و فح ٱلس ياكش هح وا ر إذاا داعا ضطا مبح ٱلمح ن يح م

اأ

رض اا ٱل ا افا م خح حكح ياجعا وا

اه أ قامل لا عا ٱلل ونا م رح ك ا تاذا م ٦٢ م يكح هد ن يا م

اف أ

ي راحاتهۦ ا بايا يادا حشا حا ب يا ن يحرس ح ٱلر واٱلاحر واما ت ٱلبا حما ظحاه أ لا لا تاعا عا ٱلل م

ونا حشكح ا ي م ح عا ٦٣ٱلل ا ؤح بدا ن يا ماا أ ما نا ٱلس م م ن يارزحقحكح هۥح واما ٱلاقا ثحم يحعمدح

رض ا واٱل

اه أ قيا لا د نتحم ا م إن كح ناكح اتحوا بحرها قح ها عا ٱلل [.64-59:النمل] ﴾ م

-طلب والقصد، أما توحيد املعرفة واإلثبات لوالنزاع مع املشركني إمنا كان يف توحيد ا

على فـ"مل يذهب إىل نقيضه طائفة معروفة من بين آدم بل القلوب مفطورة -أثناء نزول الوحي

اإلقرار به أعظم من كوهنا مفطورة على اإلقرار بغريه من املوجودات، كما قالت الرسل فيما

ك ﴿حكى اهلل عنهم شا ف ٱللام أ حهح رض قاالات رحسح

ات واٱل وا ما ر ٱلس ﴾ فااط

.[10:إبراهيم]

الباطن، يف به قنامستي كان وقد فرعون، الصانع بإنكار وتظاهره جتاهله عرف من وأشهر

لا ﴿ قال نزاا أ ا متا ما ا د را إون لاقا ائ رض باصا

ات واٱل وا ما إل راب ٱلس لا ؤح ها

ثبحور ونح ما ا فر نكا يا ظحا ، قال ابن أبي العز: "فعلم أن التوحيد 1["102:اإلسراء] ﴾ الا

.2وحيد الربوبية"املطلوب هو توحيد اإلهلية الذي يتضمن ت

(.26-1/25شرح العقيدة الطحاوية، ابن أبي العز، ) 1

(.1/32املصدر نفسه، ) 2

الثاني: حقيقة التوحيد يف تصانيف علماء الكالم: املطلباملستقري آلراء فرق املتكلمني يف أصل التوحيد جيد أن كالمهم يدور حول توحيد املعرفة

.واإلثبات

طلب والقصد فهو عندهم مرتبط بفروع الدين ال أصوله؛ إذ حقيقته إخالص لأما توحيد ا

، قال الشهرستاني: " ومن املعلوم ان الدين إذا كان منقسما إىل معرفة وطاعة، العبادة هلل

والطاعة فرع؛ فمن تكلم يف املعرفة والتوحيد كان أصوليا، ومن تكلم يف الطاعة لواملعرفة أص

.1والشريعة كان فروعيا، فاألصول هو موضوع علم الكالم، والفروع هو موضوع علم الفقه"

كالمهم يف كتب أصول الدين عن احلديث يف توحيد الطلب والقصد، ودار ومن هنا جترد

حديثهم يف توحيد املعرفة واإلثبات، قال القاسم الرسي: "فأول ما نذكره من ذلك معرفة اهلل عز

وجل، وهي عقلية، منقسمة على وجهني: إثبات، ونفي؛ فاإلثبات: هو اليقني باهلل واإلقرار به،

.2شبيه عنه تعاىل"والنفي: هو نفي الت

(.1/36امللل والنحل، الشهرستاني، ) 1 (.1/126أصول العدل والتوحيد، القاسم الرسي، ضمن جمموع رسائل العدل والتوحيد، محع وحتقيق حممد عمارة، ) 2

:قاعدتنيكالمهم يف توحيد املعرفة على وقد دار

:: إثبات وجود اخلالق األوىل القاعدة

عندهم ال وهو أول مسائل هذا األصل يف كتب علماء الكالم، وذلك أن معرفة اهلل

ال يعرف ضرورة وال باملشاهدة، فيجب أن نعرفه بالتفكر حتصل إال بالنظر، "ألنه

وعمدهتم يف ذلك: ، ومن هنا حبثوا يف األدلة العقلية املثبتة وجود اهلل 1والنظر"

داللة احلدوث، وهبا استدل كل من املعتزلة واألشعرية، وهلم يف ذلك طريقان: -1

الطريق األول: طريق السببية، ويف بيانه قال القاضي عبداجلبار: "إذا مل يكن بد من

ه احلوادث من األجسام وغريها، ويرى جواز التغري عليها، فيعرف النظر؛ فينبغي أن ينظر يف هذ

أهنا حمدثة، ثم ينظر يف حدوثها، فيحصل له العلم بأن هلا حمدثا؛ قياسا على تصرفاتنا يف

، ثم ينظر -وهذا أول علم حيصل باهلل تعاىل على طريقة أبي اهلذيل، وهو الصحيح -الشاهد

كون هو، وال مثله، فيحصل له العلم بأن له حمدثا خمالفا لنا، يف أن ذلك احملدث ال جيوز أن ي

.2وهو اهلل تبارك وتعاىل "

إذ ختصيص احلوادث بوقت حدوثها يدل على والطريق الثاني: طريق التخصيص،

ليس التقدم بصحة تقدمه أوىل من التأخر بصحة تأخره، فوجب أن يدل وذلك أنه " حمدثها؛

(. وعقائد 21ر: اإلنصاف فيما جيب اعتقاده وال جيوز اجلهل به، الباقالني، )(. وانظ39شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، ) 1

(.18اإلمامية، حممد رضا املظفر، )

(.65شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، ) 2

الوجود على إرادته، وجعله مقصورا على مشيئته، يقدم منها ما على فاعل فعله، وصرفه يف

.1شاء ويؤخر ما شاء"

داللة اإلمكان، وقال هبا األشعرية، قال الرازي: "املوجود إما أن يكون واجب الثبوت -2

.2لذاته، وهو اهلل تعاىل، وإما أن يكون ممكن الوجود لذاته، وهو كل ما عداه"

من طريقني: ود اهلل ووجه داللة اإلمكان على وج

، 3الطريق األول: طريق السببية، وبيانه: "أن املمكن ال يوجد وال يعدم إال بسبب منفصل"

.4وهذا السبب املنفصل ال يكون إال واجب الوجود وإال لزم التسلسل يف املؤثرين

، الطريق الثاني: طريق التخصيص، وبيانه: "أن األجسام بأسرها متساوية يف متام املاهية

وإذا كانت كذلك كان اختصاص جسم الفلك مبا به صار فلكا، واختصاص جسم األرض مبا

به صار أرضا؛ أمرا جائزا، فال بد له من خمصص، وذلك املخصص إن كان جسما افتقر يف

.5تركبه وتألفه إىل نفسه؛ وهو حمال، وإن مل يكن جسما فهو املطلوب"

، وما جيوز عليه، وما يستحيل من الصفات، وهو : معرفة ما جيب هللةالثاني القاعدة

مقصود املتكلمني بالنظر يف التوحيد، وحقيقته عندهم، قال القاضي عبداجلبار يف حقيقة

(.18-17، )اإلنصاف فيما جيب اعتقاده وال جيوز اجلهل به، الباقالني 1 (.65ماء واحلكماء واملتكلمني، الرازي، )حمصل أفكار املتقدمني واملتأخرين من العل 2 (.75املصدر نفسه، ) 3

(.39انظر: معامل أصول الدين، الرازي، ) 4 (.41-40املصدر نفسه، ) 5

التوحيد: "فأما يف اصطالح املتكلمني فهو: العلم بأن اهلل تعاىل واحد ال يشاركه غريه فيما

.1، واإلقرار به"-لذي يستحقه على احلد ا –يستحق من الصفات نفيا وإثباتا

نظر عقلي، إذ هو تابع للنظر يف معرفة اهلل عند املتكلمني والنظر يف إثبات الصفات ونفيها

د من مسائل ، كما أن أصول الدين عندهم ال تثبت إال بداللة العقل، وإليه االحتكام فيما ور

.أصول الدين يف النقل

:دائرتنيعند املتكلمني يف وميكن حصر منهج إثبات الصفات ونفيها

، وأصلهم يف ذلك أن العلم بالصفات تبع األوىل: يف أدلة إثبات الصفات هلل الدائرة

.إال ما أثبته العقل عقليا، فال يثبت من الصفات هلل للعلم بالذات، وملا كان العلم باهلل

ترجع إىل: عند املتكلمني إثبات الصفات يفوأصول األدلة العقلية

تعاىل بـ"القديم"، قال ا يتقرر عند املتكلمني وصف اهللاألصل األول: داللة احلدوث: وهب

الرازي: "واعلم أن مشايخ املتكلمني ملا أقاموا الداللة على افتقار العامل إىل صانع قالوا: صانع

صانع العامل لو كان حمدثا الفتقر إىل حمدث آخر، ولزم التسلسل، وهو حمال، فوجب القول بأن

.2العامل قديم"

األصل الثاني: داللة اإلمكان، وبه يتقرر عند األشعرية إثبات صفة القديم أيضا، قال و

الرازي: "اعلم أنا ملا دللنا يف املسألة الثالثة على وجوب انتهاء مجيع املمكنات إىل موجود

العدم أصال، وكل واجب الوجود لذاته، وكل ما كان واجب الوجود لذاته فإن حقيقته ال تقبل

(.128شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، ) 1 (.65(، وانظر: شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، )132األربعني يف أصول الدين، الرازي، ) 2

ما كان كذلك فإنه جيب أن يكون قدميا أزليا باقيا أبديا، فعلى هذا ال حنتاج بعد ذلك إىل إقامة

.1الداللة على كونه تعاىل أبديا"

وعلى هذين األصلني بنى املتكلمون نفيهم للصفات، إذ هبما يتم الفرق بني اخلالق

، وهبذا تقرر عندهم اإلمكان فهو منفي عن اهلل واملخلوق، فكل ما كان يستلزم احلدوث و

نفي الصفات اخلربية، وتأويل ما ورد منها يف األدلة النقلية، وذلك كنفيهم صفة اليد والوجه

والعني؛ إذ يلزم منها التأليف واجلسمية، ونفيهم العلو والنزول؛ إذ يلزم منها التحيز، وهو من

حادثة ممكنة. صفات األجسام، واألجسام ال تكون إال

األصل الثالث: داللة صحة الفعل، وعليها بنى املتكلمون مجيع الصفات الثبوتية اليت

على اختالف بينهم يف العدد، قال القاضي عبداجلبار يف تطبيق هذا األصل أثبتوها هلل

عند املعتزلة: "ثم ينظر يف صحة الفعل منه فيحصل له العلم بكونه قادرا، ثم ينظر يف صحة

.ا.هـ، وقال اجلويين يف 2الفعل منه على وجه اإلحكام واالتساق فيحصل له العلم بكونه عاملا"

تطبيقه عند األشعرية: "فإذا تقرر أن الباري تعاىل صانع العامل، واستبان للعاقل لطائف الصنع،

حكام؛ وأحاط مبا تتصف به السموات واألرض، وما بينهما من االتساق واالنتظام واإلتقان واإل

.3فيضطر إىل العلم بأهنا مل حتدث إال من عامل هبا قادر عليها"

(.132األربعني يف أصول الدين، الرازي، ) 1 (.65شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، ) 2

(.61اإلرشاد يف أصول الدين، اجلويين، ) 3

وبثبوت هاتني الصفتني ثبتت بقية الصفات العقلية عندهم، كاحلياة، والسمع والبصر، من

جهة أن املوجود ال خيلو إما أن تثبت له هذه الصفة أو ضدها، وضدها نقص يف الشاهد،

.1عن ذاته"؛ "النتفاء صفة النقص فتثبت هلل

الثانية: يف أقسام الصفات الثبوتية: فاملتكلمون يقسمون الصفات الثبوتية إىل الدائرة

قسمني: صفات ذاتية، وصفات فعلية، ومناط التفريق بني القسمني خمتلف فيه بني املعتزلة

.واألشعرية

ق للصفة، فاملعتزلة بنوا التفريق بني صفات الذات وصفات األفعال بالنظر إىل وجود متعل

ويف ذلك يقول القاضي عبداجلبار: "ومجلة القول يف هذه الصفات أهنا ال خترج عن وجهني:

أحدمها: ما له متعلق، حنو: كونه قادرا، وعاملا، ومدركا، ومريدا، وكارها. والثاني: ما ال

تضي هذه متعلق له، وهذا حنو: كونه حيا، وموجودا، وما خيتص به لذاته من الصفات اليت تق

.2الصفات"

بضد تلك الصفة الثابتة، فإن مل يصح وسبيل العلم هبا أن ينظر يف صحة وصف اهلل

بضدها فهي صفة ذاتية، وإن صح وصفه بضدها فهي صفة فعلية، قال وصف اهلل

ل، القاضي عبداجلبار: "أما ما ال متعلق له فسبيل العامل به منا: أن يعلم كونه عليها مل يزل وال يزا

.3وأن خالف هذه الصفة ال جيوز عليه"

(.40مقاالت الشيخ أبي احلسن األشعري، ابن فورك، ) 1 (.1/100اجملموع احمليط بالتكليف، القاضي عبداجلبار، ) 2

(.1/101املصدر نفسه، ) 3

أما األشعرية فيتفقون يف اعتبار املتعلق؛ إال أن مناط التفريق عندهم القدم واحلدوث،

ت من الصفات يف األزل، وبقي هلا الثبوت على نسق واحد، وال يصح سلبها، فهو من بفما ث

فهو من صفات فعله صفات الذات، وما سلب الوصف به يف األزل، ووجب بعد لتعلقه ب

األفعال، قال الباقالني فيما جيب اعتقاده: "وأن يعلم أن صفات ذاته: هي اليت مل تزل وال يزال

.1موصوفا هبا. وأن صفات أفعاله: هي اليت سبقها وكان تعاىل موجودا يف األزل قبلها"

(.25اإلنصاف فيما جيب اعتقاده وال جيوز اجلهل به، الباقالني، ) 1

الثالث: مناقشة املتكلمني يف أصل التوحيد: املطلب لمون يف أصل التوحيد يف أمرين:قصر املتك

األمر األول: قصرهم حقيقة التوحيد على توحيد املعرفة واإلثبات، وقد مر سابقا أن

التوحيد نوعان: توحيد معرفة وإثبات، وتوحيد طلب وقصد، وأن النوعني بينهما تالزم

، وال 1عرفةوتضمن، فتوحيد املعرفة يستلزم توحيد القصد، وتوحيد القصد يتضمن توحيد امل

-يصح توحيد العبد إال بتحقيق كال النوعني إال أنه ملا كان توحيد املعرفة توحيدا فطريا ظاهرا

كان املنهج يف الدعوة إليه التذكري واالستدالل به؛ وذلك أن من عرف عنه إنكار -بداللة احلس

ا ﴿ إمنا جحد به جحود إعراض ال إنكار، قال -كفرعون -هذا التوحيد ها وا ب دح حا واجام م ظح هح سح نفح

اا أ ناتها حو واٱستامقا ح التوحيد هذا أنكر من كل يف جار وهذا ،[14:النمل] ﴾ ا ا وا

. اهلل وجود املنكرين امللحدين من

األمر الثاني: قصرهم الداللة على توحيد املعرفة واإلثبات يف داللة العقل، وبرهاني

خلصوص، واملستقري لكتب املتكلمني يلحظ أهنم يعقبون كالمهم حول احلدوث واإلمكان على ا

وهو من أعظم أدلة احلس -على عباده برهان احلدوث واإلمكان باحلديث عن نعم اهلل

على عباده تقرير ؛ إال أن مقصودهم من سياق إنعام اهلل -على توحيد املعرفة واإلثبات

.وجه التكليف مبعرفته

االستدالل على توحيد املعرفة عندهم من جانبني: منهج ومناقشة

(.577-575انظر: هذا البحث، ) 1

كسبية ال ضرورية فال بد فيها من النظر اجلانب األول: دعواهم أن معرفة اهلل

واالستدالل:

من املعارف املتأمل يف النصوص الشرعية، والفطرة اإلنسانية جيد أن معرفة اهلل

كا ﴿ الضرورية الفطرية، قال اهلل قم واجهاانمف فاأ ين حا ل فطراتا ٱل را ا طا ٱلت فا لل

ا ٱنلاس لا كثاان أ ك لا مح وا م ينح ٱلقا كا ٱل ل ذا اق ٱلل ي ا ل لا تابد ا امها ا ٱنلاسا

ونا عامح .[30:الروم] ﴾ يا

حمبته وعلى ما،عل به قلوهبم إقرار: شيئني على عباده فطر واهلل: "تيمية ابن قال

عمال وعبادة واستعانة، فهم مفطورون على العلم به والعمل له، وهو اإلسالم الذي له واخلضوع

.2""الفطرة هذه على" – رواية ويف - 1"الفطرة على يولد مولود كل: "ملسو هيلع هللا ىلصقال فيه النيب

ي ﴿ وقال ورهم ذحر هح ما من ظح اادا بكا من بان ذا را خاا إوذ أ ا م لعا هح دا شها

اأ م وا تاهح

هدناا شا بالا حوا م قاال كح ب را استح ب لاهم أ س نفح

اا أ ذا ن ها نا عا ة إنا كح ما ياوما ٱلقيا حوا ول ن تاقح

اأ

فيا "فإشهادهم على أنفسهم جعلهم شاهدين على أنفسهم، أي: ،[172:األعراف] ﴾ غا

﴿قال يف متام الكالم مقرين له بربوبيته؛ كما هدناا شا حوا بالا م قاال كح ب را استح ب لا .3"﴾ أ

وقد كان أخذ هذا اإلشهاد قبل اخللق إقامة للحجة عليهم وإبطاال للشبهة يف شركهم،

فيا ﴿ كما قال ا غا ذا ن ها نا عا ة إنا كح ما ياوما ٱلقيا حوا ول ن تاقحاحو ١٧٢أ ول و تاقح

اا أ إنما ا

(. ومسلم يف صحيحه بلفظ "ما من 1358(، برقم )2/94أخرجه: البخاري يف صحيحه، كتا اجبنائز، باب إذا أسلم الصيب فمات، ) 1

(.2658(، برقم )4/2047الفطرة، )مولود"، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على (.4/585بيان تلبيس اجلهمية يف تأسيس بدعهم الكالمية، ابن تيمية، ) 2 (.8/488درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ) 3

ية نا ذحر كح ب ح وا ناا من قا اابااؤح شاكا اهم أ ن باعد هلم ذكر"فـ ،[173-172:األعراف] ﴾ م

"، فلما كان هذا أثر األشهاد، وذاك زمانه؛ اقتضى ذلك أن يكون اإلشهاد هذا يدفعهما حجتني

.1قوا عليه وجبلوا عليه"هذا اإلقرار أمرا ضروريا "ال ينفك عنه خملوق، وهو مما خل

ل عنه أحد غفقال ابن تيمية: "وأما االعرتاف باخلالق فإنه علم ضروري الزم لإلنسان، ال ي

حبيث ال يعرفه، بل ال بد أن يكون قد عرفه وإن قدر أنه نسيه، وهلذا يسمى التعريف بذلك

.2تذكريا؛ فإنه تذكري بعلوم فطرية، ضرورية، قد ينساها العبد"

يقة هذه الفطرة يف النفو ترجع إىل قوتيها العلمية واإلرادية، فأما القوة العلمية: وحق

"فاملقصود أنه إذا مل حيصل املفسد اخلارج وال املصلح اخلارج؛ كانت الفطرة مقتضية للصالح؛

ن ، واملانع زائل؛ إذ ليس يف الفطرة نفسها مانع م3ألن املقتضي فيها للعلم واإلرادة النافعة قائم

، وإشارة هذا قوله 4ذلك، ومع وجود املقتضي السامل عن املعارض املقاوم جيب وجود مقتضاه"

؛ فجعل انتفاء 5"ميجسانه أو ينصرانه، أو يهودانه، فأبواه الفطرة، على يولد مولود كل: "ملسو هيلع هللا ىلص

املفسد اخلارج كاف مع وجود مقتضى العلم واإلرادة يف الفطرة حلصول الداللة على احلق.

لقوة اإلرادية: فإنه "ال يتصور أن تكون نفس اإلنسان غري مريدة"، واحلس شاهد وأما ا

بذلك، "وإذا كان كذلك فال بد لكل مريد من مراد، واملراد إما أن يكون مرادا لنفسه أو

(.490-8/488املصدر نفسه، ) 1 (.8/489درء تعارض العقل والنقل، ) 2 (.460-8/456، )السابقانظر: املصدر 3 (.8/463) املصدر نفسه، 4 (.1(، حاشية رقم )586سبق خترجيه، انظر: هذا البحث، ) 5

﴿ ، واملراد لنفسه ال يكون إال املتفرد بالكمال املطلق، قال اهلل 1لغريه" لعااثا ح ٱل ٱلما لل وا

﴿ وقال ،[60:النحل] ﴾ رضات واٱل وا ما ف ٱلس لعا

اثا ح ٱل ح ٱلما لا ،[27:الروم] ﴾ وا

.2"األعلى باملثل اختصاصه معنى هو املطلق بالكمال وتفرده تعاىل، اهلل وأحدية"

ي وصفاته ال تثبت إال بداللة العقل، وبربهان اجلانب الثاني: دعواهم أن معرفة اهلل

كما أهنا ثابتة يف الفطرة؛ احلدوث واإلمكان على وجه اخلصوص: واحلق أن معرفة اهلل

فإهنا تثبت بداللة: احلس، والعقل، والنقل.

الكونية، وإنعامه على عباده، فأما داللة احلس: فرتجع إىل النظر يف آيات اهلل

يه ﴿ وكماله، قال اهلل واالستدالل هبا على وجوده نح سا ف تناا ف ٱألفااق وا اايا م نهح ٱلاق

ام أ اهح ا ل ياتاباي ت هم حا س نفح

ا .[53:فصلت] ﴾ أ

ك ﴿ قال شا ف ٱللارض أ

ات واٱل وا ما ر ٱلس الق، و[10]إبراهيم: ﴾فااط

ف ﴿ رض واٱختلاات واٱل وا ما ق ٱلس ري ف إن ف خا ك ٱلت تا ار واٱلفح واٱنلها ٱل

ا ا من م ما ح منا ٱلس لا ٱلل نزاا أ ا عح ٱنلاسا واما ا يانفا ما رضا باعدا ٱلاحر ب

اه ٱل حماا ب

افاأ

ابة داا من كح باث فمها ا وا ها وت اب ٱلمح ما حا ح واٱلس يا تاصيف ٱلر ر بايا وا خ ا سا ما ٱلس

ت رض أليااوم واٱل قا عقحونا ل [، فجعل يف هذه احملسوسات برهانا ودليال 164ة:البقر] ﴾ يا

للذين يعقلون،

دـاهـلمن شـينة فاعـسكـتو ةـريكـل حتــي كــــوهلل ف

(.8/465، )املصدر السابق 1 (.223املعرفة يف اإلسالم مصادرها وجماالهتا، القرني، ) 2

1دــــــــه واحـــلى أنـــدل عــت ه آيةـل شيء لــي كــوف

حمتجا عليهم ومبينا بطالن تكذيبهم تكذيب الرسل ألنبيائهم قال وملا ذكر

فاا ﴿ام قححوب أ اهح ونا ل تاكح رض فا

ا ف ٱل وا يح اس ا م ي ها ونا ب عح اسما ااذاان ي و

ا أ ا ها عقحونا ب يا

ا ها فاإن بصاان تاعما ٱلقح لا تاعما ٱل ك لا ور رح وا دح [.46:احلج] ﴾ حوبح ٱلت ف ٱلص

ن ﴿ وهبذه الداللة أقام موسى عليه السالم احلجة على فرعون، قال ما قاالا فا وسا مح ا يا ما بكح ى ٤٩ر دا ۥ ثحم ها هح قا خا ا ى كح عطا

اي أ بناا ٱل -49:طه] ﴾ قاالا را

50.]

اءت بالرباهني العقلية الصحيحة التامة الدالة على معرفة وأما داللة العقل: فإن الشريعة ج

وصفاته، فالقرآن اشتمل "على خالصة الطرق الصحيحة اليت توجد يف كالم مجيع اهلل

العقالء من املتكلمة واملتفلسفة وغريهم، ونزه اهلل عما يوجد يف كالمهم من الطرق" واللوازم

.2ة ما ال يوجد يف كالم البشر"الفاسدة، بل "ويوجد فيه من الطرق الصحيح

وهذا ما غفل عنه املتكلمون يف نظرهم إىل نصوص األدلة الشرعية؛ فإهنم ظنوا أن داللة

الكتاب والسنة إمنا هي داللة اخلرب اجملرد، قال ابن تيمية: "فقد غلطوا يف ذلك غلطا عظيما،

هي بطريق اخلرب اجملرد، بل األمر ما بل ضلوا ضالال مبينا يف ظنهم أن داللة الكتاب والسنة إمنا

بين من األدلة العقلية اليت يحتاج إليها من أن اهلل -أهل العلم واإلميان -عليه سلف األمة

(.2/191هذه أبيات ألبي العتاهية، انظر: ]جواهر األدب يف أدبيات وإنشاء لغة العرب، أمحد اهلامشي، ) 1 (.2/47يخ اإلسالم ابن تيمية، مجع ابن قاسم، )جمموع فتاوى ش 2

يف العلم بذلك ما ال يقدر أحد من هؤالء قدره، وهناية ما يذكرونه جاء القرآن خبالصته على

.1أحسن وجه"

:ا القرآن الكريم هياليت جاء هب وأصول األدلة العقلية

تاا ﴿ بالقيا االستثنائي، قال االستدالل -1 دا سا ح لافا ة إل ٱلل ها اال ا نا فمهما او كا لونا فح ا ياص م رش عا ٱلعا راب نا ٱلل بحا إال إله فيهما كان لو: وتركيبه" ،[22:األنبياء] ﴾ فاسح

.2"اهلل إال إله فيهما يسفل إذا تفسدا، مل لكنهما لفسدتا، اهلل

مح ﴿ بطريق السرب والتقسيم، قال االستدالل -2 م هحا أ ا ي

من غا وا قح م خحاأ

ونا قح [، "وتركيبه: أن الفروض ثالثة:35ر:الطو] ﴾ ٱلخا

الفرض األول: أن يكونوا خلقوا أنفسهم، وهو ممتنع؛ إذ املعدوم ال خيلق نفسه.

ونوا أوجدوا بال خالق، وهو ممتنع؛ إذ اإلحكام بدل على أنه ال بد الفرض الثاني: أن يك

هلم من خالق.

هو املالك املدبر، واملستحق للتوحيد 3الفرض الثالث: أن يكون هلم خالق أوجدهم"

معرفة وقصدا.

(.1/28درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ) 1 (.1/325منهج شيخ اإلسالم ابن تيمية يف تقرير عقيدة التوحيد، اخلميس، ) 2 (.1/325منهج شيخ اإلسالم ابن تيمية يف تقرير عقيدة التوحيد، اخلميس، ) 3

لا ﴿ التمانع، قال اهلل االستدالل بداللة -3 ح من وا اذا ٱلل ا ٱت ۥ ما هح عا نا ما ا كا من واما إذ ه اقا إلا ا خا ما ب ه إلا با كح ها ا ا ل باعض ا م لعا هح لا باعضح لاعا نا ٱ وا بحا ا سح م عا لل

ونا فح برهانني يقينيني على امتناع أن فيها ذكر اآلية فهذه: "تيمية ابن قال ،[91:املؤمنون] ﴾ ياص

با إذ ﴿يكون مع اهلل إله آخر بقوله ها ا اقا ا ل ا خا ما ب ه إلا كح باعض ا م لعا هح لاعالا باعضح ﴾ وا

لعلم هذا ذكر وترك بع ، على بعضهم عال وال خلق، مبا إله كل يذهب مل أنه عرف وقد

تعاىل -.ا.هـ، فرتكيب هذا الدليل: لو كان مع اهلل 1"فائدة بال تطويل ذكره وأن به، املخاطبني

اقا ذ إ ﴿إله -اهلل عن ذلك ا خا ما ب ه إلا با كح ها ا ا ل باعض ا م لعا هح لاعالا باعضح ، وقد ﴾ وا

عرف أنه مل يذهب كل إله مبا خلق، وال عال بعضهم على بع ، فإذا ليس مع اهلل إله.

﴿ قيا األوىل، قال ب االستدالل -4 لعااثا ح ٱل ٱلما لل وقال ،[60:النحل] ﴾ وا

ح ﴿ لا وا رضات واٱل وا ما ف ٱلس لعا

اثا ح ٱل كانت وهلذا: "تيمية ابن قال ،[27:الروم] ﴾ ٱلما

استعملوا وإن آياته، بذكر الرب على االستدالل وسالمه عليهم اهلل صلوات األنبياء طريقة

ال قيا متثيل فراده، وأ يستوي مشول قيا يستعملوا ومل األوىل، قيا استعملوا القيا ذلك يف

ال مثل له وال جيتمع هو وغريه حتت كلي يستوي أفراده، بل ما ثبت بغريه حم ؛ فإن الرب

من كمال ال نقص فيه فثبوته له بطريق األوىل، وما تنزه عنه غريه من النقائص فتنزهه عنه بطريق

.2األوىل"

(.3/313تيمية، )منهاج السنة النبوية، ابن 1 (.125الرد على املنطقيني، ابن تيمية، ) 2

الوجوه فاخلالق ال نقص فيه بوجه من للمخلوقوصورة هذا القيا : أن كل كمال ثبت

.1أوىل به، وكل نقص يف نفسه وجب نفيه عن املخلوق فاخلالق منزه عنه بطريق األوىل

فهذه الطريقة العقلية يف إثبات صفات اهلل تعاىل ليست من طرق املتكلمني، وإمنا طريقهم

، واستعماهلم لقيا التمثيل مل -قيا التمثيل -يف ذلك طريق قيا الغائب على الشاهد

وصلهم إىل اليقني، وأوقعهم يف التناق واحلرية واالضطراب، ولذا فقد تسلط كل فريق منهم ي

.على خصمه باإللزامات الباطلة

؛ فإن أصلهم يف ذلك قيا ومن األمثلة على ذلك: إثبات املعتزلة صفة احلياة هلل

الثاني: فهو أنا نرى الشاهد على الغائب، قال القاضي عبداجلبار يف إثبات صفة احلياة: "وأما

يف الشاهد ذاتني: أحدمها: صح أن يقدر ويعلم كالواحد منا، واآلخر: ال يصح أن يقدر ويعلم

كاجلماد، فمن صح من ذلك فارق من ال يصح ألمور، ليس ذلك األمر إال صفة ترجع إىل اجلملة

ال ختتلف وهي: كونه حيا، فإذا ثبت هذا يف الشاهد ثبت يف الغائب؛ ألن طرق الداللة

فإمنا نفوه ألن -كالوجه، واالستواء، وحنومها -.ا.هـ، وما نفوه من الصفات 2شاهدا وغائبا"

، 3منزه عن اجلسمية الشاهد يدل على أن هذه الصفات ال تقوم إال باألجسام، واهلل

وتنزيهه عن النقائص، وهذا القيا يقصر فاستعملوا قيا التمثيل يف إثبات الصفات هلل

.عن حتقيق مقصودهم ويوقعهم يف التناق واحلرية

(.30-1/29درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، )انظر: 1

(.161شرح األصول اخلمسة، القاضي عيد اجلبار، ) 2 (.230-217انظر: شرح األصول اخلمسة، القاضي عبداجلبار، ) 3

فأما التناق : فيظهر يف تفريقهم بني إثبات احلياة ونفي اجلسمية على أصل قيا التمثيل

؛ 1فما من صفة نفوها ألهنا يف الشاهد تستلزم التجسيم، إال والقول فيما أثبتوه كالقول فيما نفوه

ن اجلهل والعجز والنوم وغري ذلك"؛ ألهنا صفات "ال تكون فلو أراد أحدهم "أن ينزه اهلل تعاىل ع

إال لألجسام، قيل له: وما تثبته أنت من األمساء أو األحكام أو الصفات ال تكون إال

.2لألجسام"

وقد صرح بذلك بع أعالم من مسات أهل الكالم فهووأما احلرية واالضطراب:

إشارته غنم، وطاعته حتم؛ أن أمجع له ، قال الشهرستاني: "فقد أشار إيل مناألشعرية

مشكالت األصول، وأحل له ما انعقد من غوامضها على أرباب العقول، حلسن ظنه بي أني

وقفت على هنايات النظر، وفزت بغايات مطارح الفكر، ولعله استسمن ذا ورم، ونفخ يف غري

ضرم، لعمري:

ملعاملوسريت طريف بني تلك ا لقد طفت يف تلك املعاهد كلها

3على ذقن أو قارعا سن نادم فلم أر إال واضعا كف حائر

وأن ،بيان حريهتم واضطراهبم على أهل البدع يف الرديف منهجه ابن تيميةوقد استخدم

هذا مآل من أعرض عن تلقي الشرع بالقبول والتسليم، واحتكم إىل جمرد العقل يف التأويل.

(.10ات الكمال، ابن تيمية، )انظر: الرسالة األكملية فيما جيب هلل من صف 1

(.2/564انظر: منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، ) 2 (.3هناية اإلقدام يف علم الكالم، الشهرستاني، ) 3

على مقدمات نظرية غري متفق عليها، وذلك أن وأما تقصريه عن مقصودهم فإنه مبين

لفظ اجلسم من األلفاظ اجململة اليت حتتاج يف إثباهتا أو نفيها إىل التفصيل، قال ابن تيمية: "لفظ

اجلسم فيه إمجال:

قد يراد به املركب الذي كانت أجزاؤه مفرقة فجمعت، أو ما يقابل التفريق واالنفصال، أو

أو املركب من األجزاء املفردة اليت تسمى اجلواهر الفردة، واهلل تعاىل املركب من مادة وصورة،

عن أن يكون كان متفرقا فاجتمع، أو أن يقبل التفريق والتجزئة اليت هي -منزه عن ذلك كله

مفارقة بع الشيء بعضا وانفصاله عنه، أو غري ذلك من الرتكيب املمتنع عليه.

أو ما يرى، أو ما تقوم به الصفات، واهلل تعاىل يرى يف وقد يراد باجلسم ما يشار إليه،

اآلخرة، وتقوم به الصفات، ويشري إليه النا عند الدعاء بأيديهم وقلوهبم ووجوههم وأعينهم،

فإن أراد بقوله: "ليس جبسم" هذا املعنى قيل له: هذا املعنى الذي قصدت نفيه هبذا اللفظ

عقول، وأنت مل تقم دليال على نفيه.معنى ثابت بصحيح املنقول وصريح امل

أما اللفظ فبدعة نفيا وإثباتا؛ فليس يف الكتاب وال السنة وال قول أحد من سلف األمة

.ا.ه.1وأئمتها إطالق لفظ "اجلسم" يف صفات اهلل تعاىل ال نفيا وال إثباتا"

دلة العقلية عند فاملتأمل يف هذه األدلة العقلية الشرعية جيد أهنا امتازت عن أصول األ

املتكلمني يف نظمها وإنتاجها:

فأما النظم فمن ثالث جهات:

(.2/135منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، ) 1

اجلهة األوىل: اإلجياز وترك التطويل، فإن األدلة العقلية الشرعية أدلة واضحة موجزة،

خبالف أدلة املتكلمني فإن فيها من التطويل والتخليط ما فيها.

العقلية الشرعية تنطلق من مقدمات ضرورية ال اجلهة الثانية: متانة البناء؛ وذلك أن األدلة

ختتلف فيها العقول، خبالف مقدمات املتكلمني فإهنا مقدمات نظرية دار حوهلا نزاع وخالف.

اجلهة الثالثة: االنضباط يف االصطالح، فإن األدلة العقلية الشرعية بنيت على

طالحات الكالمية اصطالحات شرعية منضبطة واضحة متفقة الداللة، وهذا خبالف االص

فإهنا اصطالحات بدعية جمملة حتتمل حقا وباطال.

وأما اإلنتاج، فإن نتائج األدلة العقلية الشرعية يقينية، خبالف نتائج األدلة العقلية الكالمية

فإهنا نتائج نظرية جدلية.

بل كل وأما داللة النقل: فقال ابن أبي العز: "وغالب سور القرآن متضمنة لنوعي التوحيد،

سورة يف القرآن ؛ فإن القرآن إما خرب عن اهلل وأمسائه وصفاته، فهو التوحيد العلمي اخلربي،

وإما دعوة إىل عبادته وحده ال شريك له، وخلع ما يعبد من دونه، فهو التوحيد اإلرادي الطليب،

امه ألهل وإما أمر وهني وإلزام بطاعته، فذلك من حقوق التوحيد ومكمالته، وإما خرب عن إكر

توحيده، وما فعل هبم يف الدنيا، وما يكرمهم به يف اآلخرة، فهو جزاء توحيده، وإما خرب عن

أهل الشرك، وما فعل هبم يف الدنيا من النكال، وما حيل هبم يف العقبى من العذاب، فهو جزاء

لة احلسية .ا.هـ، ومما جاء به القرآن من األدلة على التوحيد الدال1من خرج عن حكم التوحيد"

والعقلية، وقد مرت آنفا.

(.42-1/41شرح العقيدة الطحاوية، ابن أبي العز، ) 1

املبحث الثاني

الفكر املقاصدي عند الصوفيةباألقوال واألفعال اشتهر عن أرباب التصوف اشتغاهلم بتزكية النفو بالتعبد هلل

ائل ال واجملاهدات والرياضات، واملستقري لكالمهم يلحظ أن اشتغاهلم بالعبادة اشتغال بالوس

املقاصد، قال أبو يزيد البسطامي: "اطلع اهلل على قلوب أوليائه، فمنهم من مل يكن يصلح حلمل

.ا.هـ، ومن هنا تقرر عندهم أن حقيقة "التصوف: طرح 1املعرفة صرفا، فشغلهم بالعبادة"

.2لكلية"النفس يف العبودية، وتعليق القلب بالربوبية، واستعمال كل خلق سين، والنظر إىل اهلل با

ويظهر اعتبارهم الشريعة وسيلة يف تفريقهم بني الشريعة واحلقيقة؛ إذ جعلوا "الشريعة: أمر

، قال ابن تيمية: "وكثري ممن يتكلم يف احلقيقة 3بالتزام العبودية، واحلقيقة: مشاهدة الربوبية"

ودها اليت يشرتك فيها ويف شه -وهي احلقيقة الكونية -ويشهدها؛ يشهد هذه احلقيقة

.4ومعرفتها املؤمن والكافر والرب والفاجر"

(.58كاملة، مجع: قاسم حممد عبا ، )أبو يزيد البسطامي اجملموعة الصوفية ال 1 (.81، )املصدر نفسه 2 (.118الرسالة القشريية، القشريي، ) 3

(.8بن تيمية، )االعبودية، 4

موقف أرباب التصوف يف باب العقائد ال خيتلف يف األصول يذهب الشعراني إىل أن و

، قال أبو يزيد البسطامي: "إن أهل املعرفة باهلل اجتمعوا يف األصول 1عما هو عند املتكلمني

.ا.هـ، 2راد اهلل فيهم"على معرفة الواحد، ثم تفاوتوا من بعد اجتماعهم على م

: "علم الفناء والبقاء يدور على إخالص الوحدانية وصحة 3قال إبراهيم بن شيبان

.4العبودية، وما كان غري هذا فهو املغاليط والزندقة"

هر يف بيانقال الشعراني يف مقدمة كتابه ]اليواقيت واجلواهر يف بيان عقائد األكابر[: "هذا كتاب ألفته يف علم العقائد، مسيته باليواقيت واجلوا 1

عقائد األكابر، حاولت فيه املطابقة بني عقائد أهل الكشف وعقائد أهل الفكر حسب طاقيت؛ وذلك ألن املدار يف العقائد على هاتني

من الطائفتني؛ إذ اخللق كلهم قسمان: إما أهل نظر واستدالل، وإما أهل كشف وعيان، وقد ألف كل من الطائفتني كتبا ألهل دائرته، فرمبا ظن

له يف الشريعة أن كالم إحدى الدائرتني خمالف لألخرى، فقصدت يف هذا الكتاب بيان وجه اجلمع بينهما؛ ليتأيد كالم أهل كل دائرة ال غوص

.([1/15) الشعراني، ]اليواقيت واجلواهر يف بيان عقائد األكابر، باألخرى".

(.57) أبو يزيد البسطامي اجملموعة الصوفية الكاملة، مجع: قاسم حممد عبا ، 2هـ. ]انظر ترمجته: سري أعالم 337إبراهيم بن شيبان القرميسيين، أبو إسحاق، زاهد اجلبل، صحب اخلواص واملغربي، كانت وفاته سنة 3

([.11-2/9(. والكواكب الدرية يف تراجم السادة الصوفية، املناوي، )394-15/392النبالء، الذهيب، ) .(78الرسالة القشريية، القشريي، ) 4

املطلب األول: حقيقة التوحيد عند الصوفية:لطوسي عن ذي دار اصطالح الصوفية يف التوحيد حول توحيد املعرفة واإلثبات، روى ا

: "هو أن تعلم أن قدرة اهلل تعاىل يف األشياء بال -يف جوابه عن معنى التوحيد -النون املصري

مزاج، وصنعه لألشياء بال عالج، وعلة كل شيء صنعه، وال علة لصنعه، وليس يف السموات

خبالف العلى وال يف األرضني السفلى مدبر غري اهلل تعاىل، ومهما تصور ومهك فاهلل تعاىل

ا.هـ، وقال اهلروي: "التوحيد: 2.ا.هـ، وقال اجلنيد: "التوحيد: إفراد للقدم من احلدث"1ذلك"

.3تنزيه اهلل عن احلدث"

وهو عندهم على ثالثة مراتب:

املرتبة األوىل: توحيد العامة: وهو التوحيد القائم على التصديق بالسمع، ومل يقم حبق

بعد أن -وإن مل يقوموا حبق االستدالل -امللة للعامة االستدالل، قال اهلروي: "وصحت به

سلموا من الشبهة واحلرية والريبة بصدق شهادة صححها القلب، هذا توحيد العامة الذي يصح

بالشواهد، والشواهد هي الرسالة والصنائع، جيب بالسمع، ويوجد بتبصر احلق، وينمو على

.4مشاهدة الشواهد"

(.49اللمع، الطوسي، ) 1 (.11الرسالة القشريية، القشريي، ) 2 (.135منازل السائرين، اهلروي، ) 3 (.136، )نفسهاملصدر 4

اخلاصة: وهو التوحيد القائم على االستدالل على ربوبية اهلل تعاىل املرتبة الثانية: توحيد

باحلوادث، قال اهلروي: "وهو إسقاط األسباب الظاهرة، والصعود عن منازعات العقول، وعن

التعلق بالشواهد، وهو أن ال تشهد يف التوحيد دليال، وال يف التوكل سببا، وال للنجاة وسيلة،

حبكمه وعلمه، ووضعه األشياء مواضعها، وتعليقه إياها بأحايينها، فتكون مشاهدا سبق احلق

.1وإخفائه إياها يف رسومها، وحتقق معرفة العلل، وتسلك سبيل إسقاط احلوادث"

املرتبة الثالثة: توحيد خاصة اخلاصة: وهو التوحيد الذي قصده املتكلمون، وحقيقته

: "والذي يشار به إليه على ألسن املشريين عندهم: إثبات القديم، ونفي احلوادث، قال اهلروي

أنه: إسقاط احلدث، وإثبات القدم، على أن هذا الرمز يف ذلك التوحيد علة ال يصح ذلك

وإن زخرفوا -التوحيد إال بإسقاطها، هذا قطب اإلشارة إليه على ألسن علماء هذا الطريق

خفاء، والصفة نفورا، والبسط له نعوتا، وفصلوه فصوال؛ فإن ذلك التوحيد تزيده العبارة

صعوبة، وإىل هذا التوحيد شخص أهل الرياضة وأرباب األحوال، وله قصد أهل التعظيم، وإياه

.عنى املتكلمون يف عني اجلمع"

وحيكي القشريي عن الصوفية أن التوحيد ال يقوم على التقليد؛ بل ال بد من إقامة الدالئل

: "من مل يقف على علم التوحيد بشاهد من شواهده زلت به 2عليه، كما قال أبو حممد اجلريري

: "يريد بذلك: أن من ركن إىل -شارحا -قدم الغرور يف مهواة من التلف" قال القشريي

(.137، )املصدر السابق 1

ته: سري هـ. ]انظر ترمج311أبو حممد، أمحد بن حممد بن احلسني اجلريري، اختلف يف امسه، لقي السقطي، ورافق اجلنيد، كانت وفاته عام 2

([.26-2/23(. الكواكب الدرية يف تراجم السادة الصوفية، املناوي، )14/467أعالم النبالء، الذهيب، )

التقليد، ومل يتأمل دالئل التوحيد؛ سقط عن سنن النجاة، ووقع يف أسر اهلالك، ومن تأمل

لهم ومتفرقاهتم ما يثق بتأمله بأن القوم مل يقصروا ألفاظهم، وتصفح كالمهم؛ وجد يف جمموع أقاوي

.ا.هـ، فكان أول ما حيتاج إليه 1يف التحقيق عن شأو، ومل يعرجوا يف الطلب على التقصري"

"معرفة املصنوع صانعه، واحملدث كيف إحداثه، فيعرف صفة -كما يقول اجلنيد -العبد

لدعوته، ويعرتف بوجوب طاعته؛ فإن من اخلالق من املخلوق، وصفة القديم من احملدث، ويذل

.2مل يعرف مالكه مل يعرتف بامللك ملن استوجبه"

وطريق حتصيل هذه املعرفة هو داللة العقل، "فالعقل يدل، واحلكمة تشري، واملعرفة

.ا.هـ، ويف كالم اجلنيد السابق ما يشري 3تشهد: أن صفاء العبادات ال ينال إال بصفاء التوحيد"

الل على اخلالق بدليل احلدوث املعتمد عند املتكلمني.إىل االستد

بداللة بداللة احلدوث، شرع يف االستدالل على صفاته فإذا ما عرف اهلل

: "ألزم الكل احلدث؛ ألن القدم له، فالذي باجلسم احلالج األعراض، قال احلسني بن منصور

متسكه، والذي يؤلفه وقت يفرقه وقت، ظهوره فالعرض يلزمه، والذي باألداة اجتماعه فقواها

والذي يقيمه غريه فالضرورة متسه، والذي الوهم يظفر به فالتصوير يرتقي إليه، ومن آواه حمل

أدركه أين، ومن كان له جنس طالبه مكيف، ...وصفه: ال صفة له، وفعله: ال علة له،

، وال يف فعله عالج، باينهم وكونه: ال أمد له، تنزه عن أحوال خلقه، ليس له من خلقه مزاج

(.11الرسالة القشريية، القشريي، ) 1 (.12املصدر نفسه، ) 2 (12، )املصدر نفسه 3

بقدمه، كما باينوه حبدوثهم، ...فاحلروف آياته، ووجوده إثباته، ومعرفته توحيده، وتوحيده

.1متييزه من خلقه"

وصفاته عندهم "ليست هي هو وال غريه"، و"أهنا ال تتغاير وال تتماثل، وأمساء اهلل

.2وليس علمه قدرته وال غري قدرته، وكذلك مجيع صفاته"

وهم يف املوقف من معاني الصفات على فريقني:

وال يعبر -كما يليق به -الفريق األول: املفوضة، "فقال اجلمهور منهم: إهنا صفات له

عنها بأكثر من التالوة والرواية، وجيب اإلميان هبا، وال جيب البحث عنها".

يصاله ما يريد إليه. ونزوله إىل والفريق الثاني: أهل التأويل، وقالوا: "معنى اإلتيان منه: إ

الشيء: إقباله عليه. وقربه: كرامته. وبعده: إهانته. وعلى هذا مجيع هذه الصفات

.3املتشاهبة"

وصفاته عندهم ليست معرفة حقيقية، قال أمحد بن عطاء: "املعرفة ومعرفة اهلل

معرفتان: معرفة حق، ومعرفة حقيقة.

ما أبرز للخلق من األسامي والصفات. فمعرفة احلق: معرفة وحدانيته على

ومعرفة احلقيقة: على أن ال سبيل إليها؛ المتناع الصمدية، وحتقيق الربوبية؛ لقوله عز

م ﴿وجل لا يح م وا هۦ ونا ب : "معنى قوله: -شارحا -["، قال الطوسي 110]طه: ﴾ اطح

(.13الرسالة القشريية، القشريي، ) 1

(.37-36انظر: التعرف ملذهب التصوف، الكالباذي، ) 2 (.38-37) املصدر نفسه،انظر: 3

تعاىل أبرز خللقه من أمسائه وصفاته ما ال سبيل إليها. يعين: إىل املعرفة على احلقيقة؛ ألن اهلل

علم أهنم يطيقونه، ذلك ألن حقيقة معرفته ال يطيقها اخللق، وال ذرة منها؛ ألن الكون مبا فيه

يتالشى عند ذرة من أول باد يبدو من بوادي سطوات عظمته، فمن يطيق معرفة من يكون هذا

أحبه سواه؛ ألن الصمدية ممتنعة عن صفة من صفاته؟! فلذلك قال القائل: ما عرفه غريه، وال

﴿اإلحاطة واإلدراك، قال اهلل عز وجل شا ونا ب مطح لا يح وا مهۦ ن ﴾ م

.ا.هـ، وهذا القول فيه إمجال يستوجب التفصيل: فإن قصد به نفي إدراك 1["255]البقرة:

حقيقة فهو باطل، والذي يظهر ، وإن أراد نفي املعنى-وال يظهر أنه املراد -الكيفية فهو حق

نفي حقيقة املعنى. -كما مر آنفا -من أقوال القوم

ال ختتلف عن من خلط التصوف بعلم الكالملتوحيد عند ل هذه الرؤيةمما سبق يتضح أن

يغين عن إعادته هنا.هم عند املتكلمني، وما تقدم من اجلواب عن التوحيد

(.56اللمع، الطوسي، ) 1

ية عند الصوفية:املطلب الثاني: حقيقة العبود، واخلضوع هلا، وحتقيقها "أن تتمثل حقيقة العبودية عند الصوفية يف شهود ربوبية اهلل

ال يشهد حاله، وأن يشهد سابق علم احلق فيه، وأن مصريه إىل ما سبق له منه، ويكون

.1مصرفا يف اخلدمة والتقصري"

أبا علي الدقاق رمحه اهلل والعبودية عندهم على مراتب ثالث، قال القشريي: "مسعت

يقول: العبودية أمت من العبادة، فأوال: عبادة، ثم عبودية، ثم عبودة؛ فالعبادة للعوام من املؤمنني،

والعبودية للخواص، والعبودة خلاص اخلاص.

ومسعته يقول: العبادة ملن له علم اليقني، والعبودية ملن له عني اليقني، والعبودة ملن له حق

اليقني.

ومسعته يقول: العبادة ألصحاب اجملاهدات، والعبودية ألرباب املكابدات، والعبودة صفة

.ا.هـ، فهذه املراتب هي:2أهل املشاهدات"

املرتبة األوىل: عبودية العامة، واصطلح عليها الصوفية باصطالح ) العبادة (، وهي

العبادات الظاهرة، وأداء بفعل ألصحاب اجملاهدات، وحقيقتها: جماهدة النفس بالتعبد هلل

التكاليف الشرعية الواردة.

(.152التعرف ملذهب التصوف، الكالباذي، ) 1 (.233-232الرسالة القشريية، القشريي، ) 2

وهذا املقام يف اصطالحهم هو مقام التفرقة؛ ألن العبد ينظر فيها إىل اكتسابه وأفعاله؛

.1رجاء حتصيل الثواب والنجاة من العقاب

، فال بد 2وهي أول مقامات املريد وحتقيق اإلخالص فيها بـ"إخراج اخللق يف معاملة احلق"

لمريد من اخلروج من املال واجلاه، واخلروج عن اخللق بقطع النظر عنهم إىل أن يحكم أساسه؛ "ل

فيعلم دقائق اهلوى وخفايا شهوات النفس"، فإذا ما عرف ذلك فـ"ال حيقق صدقه وإخالصه

شيء مثل متابعة أمر الشرع، وقطع النظر عن اخللق، فكل اآلفات اليت دخلت على أهل

.3نظرهم إىل اخللق"البدايات ملوضع

املرتبة الثانية: عبودية اخلاصة، وهي مرتبة أعلى من سابقتها، واصطلحوا عليها بلفظ )

العبودية (، وتكون ألهل املكابدات، وحقيقتها: "ترك االختيار فيما يبدو من األقدار".

وهي أول منازل مقام اجلمع يف اصطالحهم؛ ألن العبد جيمع نظره فيها إىل أفعال اهلل

، فيغيب عن 5، وحتقيق اإلخالص فيها بـ"تصفيتها عن طلب العوض يف الدارين"4وشهود ربوبيته

وشهود ملعرفة اهلل -أنسا وحبا وشوقا -قصدهم حتصيل الثواب، ويتحد مههم وقصدهم

ربوبيته.

(.233-232اشاني، )كمعجم اصطالحات الصوفية، الو (.317-2/316انظر: عوارف املعارف، السهروردي، ) 1 (.34ق التصوف، ابن عجيبة، )معراج التشوف إىل حقائ 2

(.2/324عوارف املعارف، السهروردي، ) 3 (.2/349والرسالة القشريية، عبدالكريم القشريي، ). (317-2/316انظر: عوارف املعارف، السهروردي، ) 4 (.34معراج التشوف إىل حقائق التصوف، ابن عجيبة، ) 5

املرتبة الثالثة: عبودية خاصة اخلاصة، وهي أعلى مراتب العبودية، واصطلحوا عليها

، وهبا فسر البسطامي التوحيد 1لفظ ) العبودة (، وحقيقتها: "ترك التدبري، وشهود التقدير"ب

فقال: "التوحيد هو اليقني، واليقني: معرفته أن حركات اخللق وسكوهنم فعل اهلل عز وجل ال

.2شريك له يف فعاله، فإذا عرفت ربك، واستقر فيك، فقد وجدته"

، فيغيب القلب 3مع؛ إذ يفنى فيها العبد عن شهود السوىومقامها يف اصطالحهم مجع اجل

عن غري الرب، متربيا "من احلول والقوة، ومن رؤية الغري يف القصد واحلركة، حتى يكون العمل:

قال اجليلي: "والفرق بني العبادة والعبودية والعبودة ، 4باهلل، ومن اهلل، وإىل اهلل؛ غائبا عما سواه"

ر أعمال الرب من العبد يطلب اجلزاء، والعبودية: صدور أعمال الرب من هو: أن العبادة: صدو

العبد هلل تعاىل عاريا عن طلب اجلزاء، بل عمال خالصا هلل تعاىل، والعبودة: هو عبارة عن

.ا.هـ، "فإذا أثبت طاعته 5العمل باهلل، ولذلك كانت اهليمنة ملقام العبودة على مجيع املقامات"

.6فرق، وإذا أثبتها باهلل مجع، وإذا حتقق بالفناء فهو مجع اجلمع"نظرا إىل كسبه

ومناقشتهم يف حقيقة العبودية من خالل ما يلي:

(.233الرسالة القشريية، القشريي، ) 1(. وحكاه القشريي عن اجلنيد دون قوله: "قإذا عرفت ربك ..."اخل. ]الرسالة 82لبسطامي اجملموعة الصوفية الكاملة، )أبو يزيد ا 2

([..16) القشريي القشريية، (.2/317عوارف املعارف، السهروردي، ) انظر: 3 (.34معراج التشوف إىل حقائق التصوف، ابن عجيبة، ) 4 (.280اخر واألوائل، عبدالكريم اجليلي، )اإلنسان الكامل يف معرفة األو 5

(.2/317عوارف املعارف، السهروردي، ) 6

حول انتفاء الرياء فقط، -وهي أوهلا -دار اصطالحهم يف أقل درجات اإلخالص -1

لطلب غرض وال يدخل فيه إرادة الدنيا بأعمال الرب، قال ابن عجيبة : "األوىل: أن يعبد اهلل

.1دنيوي أو أخروي من غري مالحظة أحد من اخللق"

يف حمكم التنزيل عمل من أراد الدنيا وزينتها بعمل اآلخرة، وأحبط وقد أبطل اهلل

م ﴿ ثوابه؛ قال ا واهح م فمها اهح ما اهم أ إلا ا نحواف زيناتاها نماا وا ةا ٱل نا يحريدح ٱلاماو ن كا ما

ا لا ونا فمها سح بخا وا ١٥ يح ناعح ا صا بطا ما واحا ة إل ٱنلارح را م ف ٱألخ اهح ينا لايسا ل ئكا ٱل ولاحأ

ط با ا وا حونا فمها عما نحوا يا ا كا [.16-15]هود: ﴾ م

خوفا ورجاء، وهي أدنى املقامات حقيقة إخالص العبادة عندهم هو التذلل هلل -2

ف عندها مل حيصل من علوم القوم شيئا؛ إذ هي يف مرتبة الوسائل ال عندهم، ومن وق

املقاصد.

، جيد أن مقام التذلل خوفا ورجاء هو صفة السائرين إىل اهلل والقارئ لكتاب اهلل

ونا ﴿ عليهم هبا؛ قال وقد أثنى اهلل شفقح هم م ب شماة را ن خا م م ينا هح ٥٧إن ٱل م ا‍بواٱل هم يحؤمنحونا ينا هح ب ت را ونا ٥٨يا حشكح هم لا ي ب را م ب ينا هح ينا ٥٩واٱل واٱل

عحونا ج هم را ب را م إلا هح نااة أ م واج قححوبحهح و ااتاوا ا ونا ف ٦٠يحؤتحونا ما ح ر حسا ئكا ي ولا

حأ

بقح ا سا اها م ل ت واهح [، "ولو ذهبنا نورد النصوص املرغبة 61-57]املؤمنون: ﴾ ونا ٱلامرا

واملرهبة من الكتاب والسنة لطال القول، وقد ألف احلافظ املنذري كتابه ]الرتغيب والرتهيب[

(.7/336البحر املديد يف تفسري القرآن اجمليد، ابن عجيبة، ) 1

بعد أن ثبت أن دين اهلل كله دعوة -يف ثالث جملدات"، وأورد فيه ما يكفي ويشفي، "فكيف

وا من النار، وأن سادة املؤمنني من الرسل واألنبياء والصديقني إىل العباد كي يطلبوا اجلنة ويهرب

يستقيم قول من زعم أن الذي يعبد اهلل طلبا -والشهداء كلهم يطلبون اجلنة، وخيافون النار

للجنة وخوفا من النار كأجري السوء، أو أن العمل على ذلك من الرعونة، وأنه أضعف مراتب

.1املريدين"

، دون بودية عندهم شهود العبد للربوبية، فيجري مع أقدار اهلل حقيقة إخالص الع -3

التفات إىل األمر والنهي.

وقد فتح هذا باب إسقاط التكاليف عندهم، بل وصحة التعبد بفعل املعاصي، قال

الدقاق: "السماع حرام على العوام؛ لبقاء نفوسهم، مباح للزهاد؛ حلصول جماهداهتم، مستحب

: "وارد حتى يزعج -وقد سئل عن السماع -لوهبم".ا.هـ، وقال احملاسيب ألصحابنا؛ حلياة ق

القلوب إىل احلق، فمن أصغى إليه حبق حتقق، ومن أصغى إليه بنفس تزندق".ا.هـ، وقال:

: حسن الوجه مع الصيانة، وحسن الصوت مع -وقد فقدناها -"ثالث إذا وجدن متع هبن

، وقال الشبلي عن السماع: "ظاهره فتنة وباطنه عربة، الديانة، وحسن اإلخاء مع الوفاء".ا.هـ

.ا.هـ، 2فمن عرف اإلشارة حل له استماع العربة، وإال فقد استدعى الفتنة وتعرض للبلية"

(.407-406مقاصد املكلفني فيما يتعبد به لرب العاملني، األشقر، ) 1

(.510-2/509: الرسالة القشريية، عبدالكريم القشريي، )النقل اانظر هذ 2

، قال العز بن عبدالسالم: "ومنهم من 1"وقد يقولون: من شهد اإلرادة سقط عنه التكليف"

لك الويل بإباحة تلك الصغرية اليت حرمها حيمله حسن ظنه يف الويل على أن يعتقد اختصاص ذ

اهلل تعاىل، ويزعم أن اهلل أحل له ما مل حيله لغريه، ...وشر منه من يعتقد أن ذلك الذنب قربة

.2لصدوره عن ذلك الويل"

منزلة العبودة حبسب اصطالحهم واليت تتجرد فيها األفعال من إرادات الفاعلني يف -4

هي خضوع املخلوقات ألمر اهلل الكوني، وهنا تصبح التكاليف حقيقتها هي العبودية العامة، و

الشرعية خالية من قصد التعبد، واقعة منهم باألمر الكوني، ال الشرعي، قال ابن تيمية: "وهبذا

من األبرار والفجار، واملؤمنني والكفار، وأهل اجلنة وأهل -االعتبار فجميع املخلوقني عباد اهلل

لهم، ومليكهم، ال خيرجون عن مشيئته وقدره وكلماته التامات اليت ال ؛ إذ هو رهبم ك-النار

، وما شاؤوا إن مل يشأ مل يكن، كما قال اجياوزها بر وال فاجر، فما شاء كان وإن مل يشاؤو

وع ﴿تعاىل رض طاات واٱل وا ما ن ف ٱلس ساما ما

اۥ أ ح لا بغحونا وا يا يا دين ٱلل غا فا

ار أ كا ا ه وا

ونا عح ه يحرجا [، ...ومثل هذه العبودية ال تفرق بني أهل اجلنة وأهل 83]آل عمران: ﴾ إولا

النار، وال يصري هبا الرجل مؤمنا، ...وكثري ممن يتكلم يف احلقيقة ويشهدها يشهد هذه احلقيقة

والرب والفاجر، اليت يشرتك فيها ويف شهودها ومعرفتها املؤمن والكافر -وهي احلقيقة الكونية -

... فمن وقف عند هذه احلقيقة وعند شهودها، ومل يقم مبا أمر به من احلقيقة الدينية، اليت

(.13العبودية، ابن تيمية، ) 1 (.1/205قواعد األحكام يف مصاحل األنام، العز بن عبدالسالم، ) 2

هي عبادته املتعلقة بإهليته، وطاعة أمره وأمر رسله، كان من جنس إبليس وأهل النار، وإن

عنهم األمر ظن مع ذلك أنه من خواص أولياء اهلل تعاىل وأهل املعرفة والتحقيق الذين سقط

.1والنهي الشرعيان؛ كان شرا من أهل الكفر واإلحلاد"

ومنشأ خطأ أرباب السلوك يف قسمتهم العبودية ومراتب اإلخالص إلتفاهتم إىل عبودية

الربوبية، وغفلتهم عن عبودية األلوهية، "وبالفرق بني هذين النوعني يعرف الفرق بني احلقائق

ودينه وأمره الشرعي؛ اليت حيبها ويرضاها ويوايل أهلها ويكرمهم الدينية الداخلة يف عبادة اهلل

حبسبه، وبني احلقائق الكونية اليت يشرتك فيها املؤمن والكافر والرب والفاجر؛ اليت من اكتفى هبا

ومل يتبع احلقائق الدينية كان من أتباع إبليس اللعني والكافرين برب العاملني، ومن اكتفى هبا يف

دون بع أو يف مقام أو حال نقص من إميانه وواليته هلل حبسب ما نقص من بع األمور

.2احلقائق الدينية"

وحقيقة قوهلم يف عبودية اخلاصة وخاصة اخلاصة أهنم "جيعلون اجلرب وإثبات القدر مانعا

من التكليف"؛ إذ يشهد أحدهم "أن أفعاله خملوقة أو أنه جمبور على ذلك، وأن اهلل هو

.3يه كما يحرك سائر املتحركات"املتصرف ف

مبا مل يأمر به شرعا، وهذا التعبد باألمر الكوني يفتح باب االبتداع يف الدين بالتعبد هلل

بفعل احملرم؛ اعتقادا منهم أن ذلك من جرياهنم مع األمر الكوني. بل يفتح باب التعبد هلل

(.8-7العبودية، ابن تيمية، ) 1 (.9) املصدر السابق، 2 (.13) املصدر نفسه،انظر: 3

وا، وإما أن حيتجوا بالقدر، وإما وهذا هو حقيقة مذهب املشركني، فإهنم "إما أن يبتدع

ة ﴿عن املشركني ان جيمعوا بني األمرين؛ كما قال شا ح حوا فا عا ام إوذاا فا ا دناا حوا واجا ا قاال هاا ما ا ٱلل حونا لعا ول تاقح

اا أ حشا ٱلفا رح ب مح

ا لا ياأ ا قح إن ٱلل ها ناا ب را ما

اح أ ناا واٱلل ا لا ااباا

ونا ناا ﴿عنهم [، وكما قال 28]األعراف: ﴾ تاعامح اابااؤح لا كناا وا شاا أ ا ح ما ا ٱلل ا او شا ل

ا مناا من ر لا حا .1["148]األنعام: ﴾ وا

، وذهبوا وطلب الثواب منه وقد أشكل على القوم اجلمع بني جتريد القصد هلل -5

ل اإلخالص إال بالتجرد من طلب الثواب، والصحيح أن مناط إىل أنه ال يصح التجريد ويكم

به عباده، فالعالقة بني ، ومناط طلب الثواب ما وعد اهلل اإلخالص تعلق القلب باهلل

اإلخالص وقصد املنافع واملصاحل الشرعية كالعالقة بني التوكل واألخذ باألسباب، فاإلخالص

واب يف حتريك النفو إىل العبادات كاألسباب مع ، وطلب الثتعلق القلب وتوجهه إىل اهلل

مسبباهتا.

هبا، فاته فمن عامل اهلل بإخالص دون التفات إىل املصاحل الشرعية اليت وعد اهلل

يف األلفاظ، وشطحاهتم يف ذلك أكرب شاهد؛ قال الواسطي: "ال تصح األدب مع اهلل

.ا.هـ، وقالت رابعة العدوية: "ما عبدته خوفا 2املعرفة ويف العبد استغناء باهلل، وافتقار إليه"

من ناره، وال طمعا جلنته؛ فأكون كاألجري السوء، بل عبدته حبا له وشوقا إليه".ا.هـ، وقالت:

(.14، )نفسه املصدر 1 (.2/478الرسالة القشريية، القشريي، ) 2

"كم من شهوة ذهبت لذهتا، وبقيت تبعتها، يا رب، أما كان لك عقوبة وال أدب غري

.ا.هـ، وكان البسطامي يقول1النار"

ولــــــكــين أريـــــــــدك للــعــقـــــاب أريـــــدك للثــــــوابأريــــــدك ال

2سوى ملذوذ وجدي بالعذاب وكـــل مــآربي قــد نــلــت مـنــه

، بل والتعبد بفعله، قال ابن بل قد يتمادى هبم األمر إىل استحالل ما حرم اهلل

ا الذنوب وقالوا: مقصودنا أن نسقط من اجلوزي: "ويف الصوفية قوم يسمون املالمتية، اقتحمو

أعني النا فنسلم من اجلاه، وهؤالء قد أسقطوا جاههم عند اهلل ملخالفة الشرع، ...ومن

الصوفية قوم أباحوا الفروج بادعاء األخوة، فيقول أحدهم للمرأة: تؤاخيين على ترك االعرتاض

.3فيما بيننا"

هم؛ "قيل ألبي نصر النصرأباذي: إن بع ومل يكن هذا معروفا عن أوائل القوم وسلف

النا جيالس النسوان ويقول: أنا معصوم يف رؤيتهن. فقال: ما دامت األشباح قائمة فإن األمر

والنهي باق، والتحليل والتحريم خماطب به، ولن جيرتئ على الشبهات إال من يتعرض

ال تؤثر يف اختالف للمحرمات". وسئل أبو علي الروزباري "عمن يقول: وصلت إىل درجة

األحوال. فقال: قد وصل، ولكن إىل سقر". ومسع اجلنيد رجال يقول: "أهل املعرفة باهلل

يصلون إىل ترك احلركات من باب الرب والتقرب إىل اهلل عز وجل. فقال اجلنيد: إن هذا قول قوم

(.1/288، املناوي، )يف تراجم السادة الصوفية الكواكب الدرية 1 (.1/651) املصدر نفسه، 2

(.325-320تلبيس إبليس، ابن اجلوزي، ) 3

من الذي تكلموا بإسقاط األعمال، وهذه عندي عظيمة، والذي يسرق ويزني أحسن حاال

يقول هذا، وإن العارفني باهلل أخذوا األعمال عن اهلل، وإليه رجعوا فيها، ولو بقيت ألف عام مل

أنقص من أعمال الرب ذرة إال أن حيال بي دوهنا؛ ألنه أوكد يف معرفيت به، واقوى يف حايل"، وقال

حد علم شرعي فال أبو احلسني النوري: "من رأيته يدعي مع اهلل عز وجل حالة تخرجه عن

ال يدل عليها وال يشهد هلا حفظ ظاهر فاهتمه على تقربنه، ومن رأيته يدعي حالة باطنة

.ا.هـ1دينه"

واألصل الذي بنى عليه الصوفية حقيقة التعبد عندهم هو مذهبهم يف أفعال العباد، -6

فعال العباد كلها، ، قال الكالباذي: "أمجعوا أن اهلل تعاىل خالق ألودخوهلا حتت قدرة اهلل

كما أنه خالق ألعياهنم، وأن كل ما يفعلونه من خري وشر فبقضاء اهلل وقدره وإرادته

.ا.هـ، وقال أيضا: "وأمجعوا أن هلم أفعاال واكتسابا على احلقيقة هم هبا مثابون 2ومشيئته"

الكتساب: أن وعليها معاقبون، ولذلك جاء األمر والنهي، وعليه ورد الوعد والوعيد، ومعنى ا

وقال بعضهم: معنى االكتساب: أن يفعل جلر منفعة أو دفع مضرة؛ لقوله تعاىل ،يفعل بقوة حمدثة

بات ﴿ ا ٱكتاسا ا ما امها ا بات وا سا ا كا ا ما اها .3["286]البقرة: ﴾ ل

(.325: تلبيس إبليس، ابن اجلوزي، )النقل اانظر هذ 1 (.48التعرف ملذهب التصوف، الكالباذي، ) 2 (.51املصدر نفسه، ) 3

إذ ما هو مشهور من مذهب األشعرية وقد خرج ابن عربي مبسألة خلق أفعال العباد إىل

، وكسب العبد؛ إذ هو حمل ظهور فعل اهلل أفعال العباد خلق اهلل اته أنوحيف فت قرر

وحمل استحقاق الثواب والعقاب.

ووفق هذه الرؤية حلقيقة أفعال العباد يوجه ابن عربي توجه التكليف الشرعي إىل العباد

بينهم وبني بأهنم "حمل العقاب والثواب خبالف سائر املخلوقني؛ وذلك للحجاب الذي ضرب اهلل

عن رؤية مشاهدة األمور منهم ومن سائر املخلوقات أهنا هلل ال هلم"، فلما حجبهم اهلل

ادعوها ألنفسهم، "فلما ادعوها أضافها احلق إليهم حبسب حقيقة أفعاهلم وأهنا أفعال اهلل

دعواهم، وكلفهم ابتالء منه لدعواهم".

"مل ير إال حسنا" من له فعل اهلل له احلقيقة فرأى أن فع أما من كشف اهلل

بفعل املعاصي، إال أهنم األفعال، وهبذا يصح سقوط التكليف عنه، بل يصح له التعبد هلل

، قال ابن عربي: "فلما رأينا هذا خفنا من مزلة القدم فيما ال ينسبوهنا إىل اهلل تأدبا مع اهلل

اف العمل إلينا إال لدعوانا يف األفعال أهنا لنا، مساه من أفعاله حسنا وسيئا، وعلمنا أنه ما أض

فإذا حصلنا يف هذا املقام من الشهود فما كان من حسن أضفناه إليه تعاىل خلقا فينا، وأضفناه

إلينا من كوننا حمال لظهوره، وإن كان سيئا ذلك العمل أضفناه إلينا بإضافة اهلل فنكون حاكني

ما يف ذلك املسمى سوءا، فبدل اهلل سيئاتنا حسنات، وما هو إال قول اهلل، فريينا اهلل حسن

تبديل احلكم ال تبديل العني، ثم إن مجيع ما طرأ منا يف هذا كله من نظر ورد واحد فهو هبذه

املثابة، فإن ذلك كله فعل ظهر فينا، وحنن أهل شهود، فليس لنا إال االستعداد الذي حنن عليه

.1فعال املنسوبة يف الشهود"لقبول ما خيلق فيه من األ

وتقرير ابن عربي للمسألة يذهب فيه إىل ما هو أبعد من القول خبلق أفعال العباد مقررا

مذهب وحدة الوجود.

حكى الكالباذي -حبسب الرؤية األشعرية -وبناء على قوهلم يف خلق أفعال العباد

فسا وال يطرفون طرفة وال يتحركون قوهلم يف قدرة العبد فقال: "وأمجعوا أهنم ال يتنفسون ن

فيهم، واستطاعة خيلقها اهلل هلم مع أفعاهلم، ال يتقدمها، وال حركة إال بقوة حيدثها اهلل

يتأخر عنها، وال يوجد الفعل إال هبا، ...ولو كانت االستطاعة هي األعضاء السليمة الستوى

مة ومل نر أفعاهلم ثبت أن يف الفعل كل ذي أعضاء سليمة، فلما رأينا ذوي أعضاء سلي

.2االستطاعة ما يرد من القوة على األعضاء السليمة"

(.7/49الفتوحات املكية، ابن عربي، ) 1

(.51-50لتعرف ملذهب التصوف، الكالباذي، )ا 2

املبحث الثالث

الفكر املقاصدي واملقاربة العلمانيةاصطالح العلمانية حول "الالدينية" أو "الدنيوية"، "ال مبعنى ما يقابل األخروية يدور منشأ

الدين، أو ما كانت عالقته بالدين عالقة فحسب، بل مبعنى أخص: هو ما ال صلة له ب

.1تضاد"

فقط ومن هنا كان النظر يف العامل اإلسالمي إىل أن العلمانية هي "فصل الدين عن الدولة"

نظرا قاصرا عن حقيقتها، ولعل مرجع ذلك أن بدايات الطرح العلماني يف الفكر اإلسالمي كان

يف الذهنية اإلسالمية بالسياسة الشرعية، وغفلت طرحا سياسيا، فارتبطت احلقيقة العلمانية

الدراسات اإلسالمية عن النظر إىل مظاهر العلمانية يف الفكر ومالمح احلياة االجتماعية

للمجتمعات اإلسالمية، قال املسريي: "وتعريف العلمانية على هذا النحو يتجاهل قضية

.2املرجعية والنموذج الكامن وراء املصطلح"

ىل ذلك املستشرق أربري فقال: "إن املادية العلمية، واإلنسانية، واملذهب وقد أشار إ

، ومع أن -والالدينية صفة مميزة ألوروبا وأمريكا -الطبيعي، والوضعية؛ كلها أشكال لالدينية

(.21العلمانية، سفر احلوايل، ) 1 (.17العلمانية حتت اجملهر، مقال: مصطلح العلمانية، عبدالوهاب املسريي، ) 2

فلسفية أو أدبية حمددة، الشرق األوسط فإهنا مل تتخذ أي صبغةمظاهرها موجودة يف

.1"فصل الدين عن الدولة يف اجلمهورية الرتكية" والنموذج الرئيسي هلا هو

فصل التعليم الديين عن -لقد كان ملظاهر العلمانية االجتماعية وخاصة يف جمال التعليم

أثر يف انتشار العلمانية اخلفي يف اجملتمعات اإلسالمية فكرا وسياسة، وهكذا -التعليم الدنيوي

مل ترفع شعار العلمانية، بل لعل احلركات العلمانية أصبحت اجملتمعات اإلسالمية علمانية وإن

"كانت حريصة يف البداية على استمالة الشعور الديين السياسي" إليها.

وهكذا تبنى جيل مشروع النهضة املستقبلية "معايري االحتكام الغربية"، وأخذ "يرتسم

فيذ، وذلك كله بعيدا عن األنساق االجتماعية الغربية، ويقررها، وجيري على حماكاهتا يف التن

.2معايري الشرعية اإلسالمية ومعايري االحتكام املتصلة هبا"

وللمالمح الفكرية للحركة العلمانية االجتماعية يف البالد اإلسالمية بعيدا عن منوذج فصل

الدين عن الدولة، ركيزتان أساسيتان مها: حمورية اإلنسان، ودنيوية املصاحل.

ماني يف العامل اإلسالمي يف هاتني الركيزتني نقطة التقاء ظاهري مع الفكر العل جيدوقد

-، قال ابن عاشور: "فالشرائع كلها عند بع األصوليني املفكرين بع الرؤى املقاصدية

جاءت ملا فيه صالح البشر يف العاجل واآلجل؛ أي يف حاضر -وخباصة شريعة اإلسالم

أمور اآلخرة؛ ألن الشرائع ال تحدد للنا سريهم يف األمور وعواقبها، وليس املراد باآلجل

: العلمانية، سفر نقال عن [.Religion in the Middle East, (2/606-607)الدين يف الشرق األوسط، أربري ] 1

.(23احلوايل، ) (.24-22احلوار اإلسالمي العلماني، طارق البشري، ) 2

.ا.هـ، ومن 1اآلخرة، ولكن اآلخرة جعلها اهلل جزاء على األحوال اليت كانوا عليها يف الدنيا"

حبسب رؤية ابن عاشور ، لكنه احتفاءرمحه اهلل هنا كان احتفاؤهم الظاهري بالشاطيب

املقاصدية ال برؤية الشاطيب نفسها.

.(180مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 1

:حمورية اإلنسان بني العلمانية والتوجه املقاصدي املعاصراملطلب األول: يف الرؤية العلمانية تشكل حمورية اإلنسان "أهم عناصر العلمنة، ونقطة البدء احلقيقية يف

العلمانية الشاملة"، وتعين تأكيد مركزية اإلنسان املطلقة يف الكون، "وأنه مقيا كل شيء

، فتظهر "النزعة اإلنسانية" اليت تنظر "إىل الطبيعة باعتبارها مادة استعمالية"، 1ومرجعية ذاته"

.2ويبدأ اإلنسان "يف إعادة صياغتها يف اإلطار املادي ليسخرها لصاحله"

فأما مرجعية اإلنسان الذاتية يف الفكر العلماني فتتحدد يف رؤيته للمعرفة وكيفية

، -الربهان العقلي -معرفية هي: املنهج االستداليل حتصيلها، واليت تؤول إىل ثالثة مناهج

، قال املسريي: "إن النموذج املعريف العلماني الشامل منوذج 3واملنهج التجرييب، واملنهج التارخيي

حقق قدرا ال بأ به من السعادة لإلنسان، فهو منوذج حركي، استبعد املرجعية املتجاوزة،

واملبهم، وتبنى مرجعية مادية كامنة، وتفاعل مع امللمو والغيب، والرتكيب، وغري احملسو ،

–يف معظمها مادية كمية –واحملسو والواضح البسيط، ولذا أمكنه تطوير أدوات ومناهج

.4زادت بالفعل من معرفة اإلنسان، ومن درجة حتكمه يف الواقع املادي"

باعتبار نسبة أما اعتباره مقيا كل شيء فمن حيث اعتبار حتقق منفعته؛ وذلك

األشياء إليه خريا وشرا وأملا ونفعا، ففي ظل املعيارية العلمانية املادية للخري والشر باعتبار

(.2/120انظر: العلمانية الشاملة والعلمانية اجلزئية، املسريي، ) 1 (.1/223املصدر نفسه، ) 2 (.19-18انظر: مناهج البحث العلمي، عبدالرمحن بدوي، ) 3 (.128جملهر، مقال: مصطلح العلمانية، عبدالوهاب املسريي، )العلمانية حتت ا 4

"، وأن -املتعة، البقاء املادي، القوة، االنتصار يف معركة البقاء -"حتقيق القانون الطبيعي

السوبرمان اإلمربيايل الذي -حتقيقها هو اخلري وفواهتا هو الشر؛ "يظهر الفرد صاحب القوة

فيفرض إرادته، ويوظف الواقع لصاحله، وحيقق -حيسم املواقف النسبية وخيدم مصلحته بالقوة

.1بقاءه ومنفعته ولذته على حساب اآلخرين"

فاملعيارية يف الفكر العلماني "تتميز بالنفعية، أي أنه يعلي من مقام املصلحة بصدد القيم

اإلسالمي مع إعالء العاملوهو هبذه املعيارية حبسب التوجه العلماني يف األولية يف اجملتمع"،

ويوظفون مبدأي املصلحة ومقاصد التشريع اإلسالمي؛ لكن بتجريدمها عن الضوابط الشرعية؛

ي يقدم يف شئون اجملتمع املصلحة على النص، الذ" رؤية املدرسة التنويرية للدين وأنه يف ذلك

ن الشريعة مقاصد وغايات، والذي جيعل املرجع يف حسن األمور وهو الذي يتحدث عن أ

وهو شارع -، واهلل سبحانه -اليت ترى وتقرر ما حيقق مصلحتها -وقبحها رأي األمة

يبارك رأي األمة يف أمور الدنيا واجملتمع؛ إذ القاعدة اإلسالمية الشهرية تقول: ما رآه -النصوص

.2"حسنعند اهلل املسلمون حسنا فهو

(.132، )املصدر السابق 1(، وقد ناقش حممد عمارة يف كتابه ]الشريعة اإلسالمية والعلمانية 170الدولة اإلسالمية بني العلمانية والسلطة الدينية، حممد عمارة، ) 2

: أمنوذج العشماوي، ويتمثل يف اختزال البعد القانوني من اإلسالم. وأمنوذج نصر حامد أبو لعلمنة اإلسالمية مهالمنوذجني أ([ 63-55الغربية، )

زيد، ويتمثل يف دعوى تارخيية اإلسالم.

يف العامل اإلسالمي، التوفيق بني مركزية اإلنسان ونفعيته يف املفكرينلقد حاول بع

احلركة العلمانية واعتبار حفظ مصاحل العباد يف التشريع اإلسالمي، ووجدوا يف كتابات الفقهاء

، ومن األمثلة على ذلك:1واألصوليني ما يمكن توظيفه يف حتقيق ذلك التوفيق

إعالء مبدأ املصلحة عند الطويف يف تعطيل النصوص الشرعية واالفتئات توظيف أوال:

عليها، قال الطويف يف معرض تعداد أصول األدلة: "وهذه األدلة التسعة عشر أقواها النص

واإلمجاع، ثم مها إما أن يوافقا رعاية املصلحة أو خيالفاها، فإن وافقاها فبها ونعمت، وال نزاع،

تقديم املصلحة عليهما بطريق التخصيص والبيان هلما، ال بطريق وجب...وإن خالفاها

.2االفتئات عليهما والتعطيل هلما"

فهمي هويدي: "إن أحكام املعامالت ليست "فرمانات إهلية" صادرة عن يقولويف هذا

الذات العلية ال ميلك اإلنسان إزاءها إال التلقي واالمتثال، وإمنا تطبيق النصوص له شروطه

وضوعية اليت ينبغي أن تتوفر، وله مصاحل منشودة ينبغي أن تتحقق، وعند أهل األصول؛ فإنه امل

إذا مل تتوفر تلك الشروط، أو إذا حدث التعارض بني النصوص وبني أي من مصاحل النا

.3املتغرية؛ فال حمل للتطبيق يف األوىل، وتغلب املصلحة على النص يف الثانية"

يف فتح -االجتهاد القياسي -الشاطيب لشرط االجتهاد يف املصاحل توظيف رؤية ثانيا:

املصاحل من باملعاني تعلق وإنباب االجتهاد العقلي، قال الشاطيب عن شرط االجتهاد: "

([.9ومن ذلك اعتبار النزعة اإلنسانية مسة من الشريعة اإلسالمية. ]انظر: الفقه اإلسالمي بني األصالة والتجديد، القرضاوي، ) 1

(.24-23ة املصلحة، الطويف، )رسالة يف رعاي 2 (.176التدين املنقوص، فهمي هويدي، ) 3

فال النصوص؛ يف االجتهاد صاحب من مسلمة أو هلا النصوص اقتضاء عن جمردة واملفاسد

.1وتفصيال خاصة" مجلة الشريعة من الشرع مبقاصد العلم يلزم وإمنا بالعربية، العلم ذلك يف يلزم

عليه باملقيس يتعلق إال فيما األلفاظ مقتضيات إىل فيه حمتاج غري القياسي االجتهاد فإنوقال: "

ذلك ويؤخذ إليها، أومئ اليت أو عليها املنصوص بالعلة أو مسلما يؤخذ وقد األصل، وهو

.2العقلي" النظر إىل فراجع سواه وما مسلما،

جيب أن خيرج، وأن خنرج به من ذلك اإلطار إذاحممد عمارة: "فاالجتهاد يقولويف هذا

والذي ال يزال يفكر فيه دارسوا الفقه، وقلة من الفقهاء، -الضيق الذي عرفه تراثنا الفقهي

به هم ، فهؤالء ليسوا وحدهم املطالبني باالجتهاد، بل إن املطالب -وكثرة من أشباه الفقهاء

علماء األمة وأهل اخلربة العالية واملكثفة فيها، ومن كل اجملاالت والتخصصات؛ ألن ميدانه

.3احلقيقي هو أمور الدنيا، ونظم معيشتها، ومنط حضارة املسلمني"

توظيف حمورية اإلنسان يف التشريع عند ابن عاشور يف إعالء قيمة اإلنسان ثالثا:

قق مصاحله، قال ابن عاشور: " إذا حنن استقرينا موارد الشريعة وإعطائه احلق يف تشريع ما حي

اإلسالمية الدالة على مقاصدها من التشريع استبان لنا من كليات دالئلها ومن جزئياهتا

املستقرأة أن املقصد العام من التشريع فيها هو: حفظ نظام األمة واستدامة صالحه بصالح

(.4/117املوافقات، الشاطيب، ) 1 (.4/118املصدر نفسه، ) 2 (.41اإلسالم واملستقبل، حممد عمارة، ) 3

ويشمل صالحه صالح عقله، وصالح عمله، وصالح ما ،-وهو نوع اإلنسان -املهيمن عليه

.ا.هـ1بني يديه من موجودات العامل الذي يعيش فيه"

و"يرى دعاة الفهم التقدمي لإلسالم أن املصلحة أداة تشريعية مثلى لتحقيق مقاصد

حة الشريعة، وأن القرآن الكريم بنى فلسفته التشريعية على مفهوم املصلحة االجتماعية، واملصل

يف نظرهم أصل مستقل، وليست فرعا تابعا، وميكن اعتبارها وإن خالفت نصا شرعيا أو

.2قاعدة شرعية"

إن ما ينادي به العلمانيون يف الفكر اإلسالمي هو يف حقيقته ليس توفيقا بني املصلحة

ويل النظر بعيدا عن اإلسالمية واملنفعة العلمانية، بل تطبيق للذرائعية الربامجاتية اليت تنادي بـ"حت

، وتوجيهه "حنو األشياء -املبادئ، النواميس، الفئات، احلتميات املسلم هبا" -األشياء األولية

.3"-الثمرات، النتائج، اآلثار، الوقائع، احلقائق -األخرية

مسي، ينظر إىل أن حقيقة املصلحة ذات اني حنو املصلحة اإلسالمية توجه إوالتوجه العلم

تاحي، فهي متغرية نسبية، أساسها "النظام الذي يعنى باإلنسان فال يتحجر يف نص، طابع انف

مسية النفعية: ما حيسن بنا أن نشرعه ، فهي يف حقيقتها اإل4ويهتم باإلنسانية وال يتجمد يف رأي"

ألنه األصلح لنا.

(.273مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، ) 1 (.66-65ظاهرة اليسار اإلسالمي، حمسن امليلي، ) 2 (.76) ،العربية الرتمجةامجاتية، وليام جيمس، الرب 3 (.50جوهر اإلسالم، حممد سعيد العشماوي، ) 4

حقوق ويف ظل هذه االمسية النفعية للمصلحة يف الفكر العلماني اإلسالمي تتم معاجلة

اإلنسان بعيدا عن نور الوحي وهدي الشريعة، بدعوى "حركية الشريعة وديناميتها يف جمال

، أما 2؛ وأن خاصيتها "األوىل هي الطواعية وجمافاة التزمت واحلرج والرهق"1صريورة الزمن"

النص الشرعي فهو حيتمل اخلروج عن خط التشريع العام والشامل متقيدا بظروف نسبية

.3يةوتارخي

ويف إطار حتقيق هذه املصلحة االمسية ال بد من تضييق باب سد الذرائع، أضيق ما

يكون، ويرتك اجملال لفتح الذرائع يف حتقيقها؛ إذ "األمور مبقاصدها" أصوليا، و"الغاية تربر

، و"األحكام مبصاحلها" مقاصديا.4الوسيلة" نفعيا

(.16أين اخلطأ، عبداهلل العاليلي، ) 1

(.18املصدر نفسه، ) 2

.(85-81(. ومقاصد الشريعة، جاسر عودة، )129-126انظر: االجتهاد والتجديد يف الفقه اإلسالمي، حممد مهدي مشس الدين، ) 3(، 91فإن الغاية تربر الوسيلة". ]األمري، ) -وخاصة األمراء -صرح مكيافيللي هبذه الفكرة يف كتابه األمري، فقال: "ويف كافة أعمال البشر 4

الرتمجة العربية[.

:املعاصر الفكر املقاصديو العلمانيةبني دنيوية املصاحل ملطلب الثاني: اإلغاء الشريعة والدين؛ كان -يف الواقع اإلسالمي -"طاملا أن أحدا مل ولن يستطيع

مطلوبا استدعاء التنوير الغربي العلماني لعزل دين اإلسالم عن دنيا املسلمني، وجعله شأنا عقديا

لنظامات العمران البشري، جبعل املرجعية يف شعائريا خاصا بني الفرد وخالقه، وإهناء مرجعيته

فقط -سياسة واجتماعا واقتصادا وعلوما ومناهج حبث ..اخل ..اخل -النظامات العمرانية

للعقل والتجريب، دون إشراك للنقل والوحي ونبأ الغيب وأحكام السماء مع العقل والتجريب يف

تدعاء التنوير الغربي العلماني إىل الواقع مرجعية احلياة الدنيا، وباختصار: كان مطلوبا اس

الفكري اإلسالمي؛ ليصنع مع اإلسالم ما صنعه يف أوربا مع النصرانية األوربية عندما ردها إىل

.1الكنيسة واحتبسها فيها، وحرر العمران والنهضة من املرجعية الدينية"

بدالرازق: "واحلق أن وهذا ما صرح به الفكر العلماني يف العامل اإلسالمي؛ قال علي ع

وا حوهلا ، وبريء من كل ما هيؤ2الدين اإلسالمي بريء من تلك اخلالفة اليت يتعارفها املسلمون

من رغبة ورهبة، ومن عز وقوة، واخلالفة ليست يف شيء من اخلطط الدينية، كال، وال القضاء

صرفة، ال شأن وال غريمها من وظائف احلكم ومراكز الدولة، وإمنا تلك كلها خطط سياسية

للدين هبا، فهو مل يعرفها، ومل ينكرها، وال أمر هبا، وال هنى عنها، وإمنا تركها لنا؛ لنرجع فيها إىل

(.39اإلسالم بني التنوير والتزوير، حممد عمارة، ) 1 الدين أمور يف عامة رياسة: هي –وترادفها اإلمامة -: "واخلالفة يف لسان املسلمني قال علي عبدالرازق يف بيان مفهوم اخلالفة عند املسلمني 2

([.113) عبدالرازق، علي احلكم، وأصول اإلسالم". ]ملسو هيلع هللا ىلص النيب عن نيابة والدنيا

ا.هـ، وكالمه هنا وإن كان يف إطار الصورة 1أحكام العقل، وجتارب األمم، وقواعد السياسة"

هو مبين على أن سياسة ؛ ف-فصل الدين عن الدولة -الذهنية يف الفكر اإلسالمي للعلمانية

بينها وبني عقولنا، وترك النا أحرارا يف الدولة "غرض من األغراض الدنيوية اليت خلى اهلل

.2تدبريها على ما هتديهم إليه عقوهلم وعلومهم ومصاحلهم وأهواؤهم ونزعاهتم"

حث فكرة فصل الدنيا عن اآلخرة يف الب -بغري قصد، أو بقصد -لقد أقر ابن عاشور

جاءت ملا فيه -وخباصة شريعة اإلسالم -املقاصدي، قال ابن عاشور: "فالشرائع كلها

، وليس املراد باآلجل أمور -أي يف حاضر األمور وعواقبها -صالح البشر يف العاجل واآلجل

اآلخرة؛ ألن الشرائع ال حتدد للنا سريهم يف اآلخرة، ولكن اآلخرة جعلها اهلل جزاء على

: "يدعونا هذا -معلقا -.ا.هـ، قال إمساعيل احلسين 3اليت كانوا عليها يف الدنيا" األحوال

العالمة التونسي الفذ إىل أن يتميز نظرنا املصلحي يف الشريعة بطابع النظر التخصصي الذي

جيب أن ينتقل من التعميم إىل التخصيص؛ فيقتصر نظر املفكر املقاصدي على اآلثار املصلحية

ونتائجها، وعواقبها ومآالهتا املختلفة يف احلياة اجملتمعية، فليست احلياة األخروية إال الدنيوية،

موعدا ينال فيه كل واحدمن البشر جزاءه على ما قدمه من أعماله يف حياته، وعلى ما كان

.4عليه من أحوال يف الدنيا"

(.182اإلسالم وأصول احلكم، علي عبدالرازق، ) 1

(.165املصدر نفسه، ) 2

(.180) مقاصد الشريعة اإلسالمية، ابن عاشور، 3 (.40-39مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 4

متداد الزمين لقد أثار إمساعيل حسين يف الفكر املقاصدي املعاصر تساؤال حول اال

للمصلحة يف النظر الشرعي؛ "بأي زمن تتعلق املصاحل اليت يتعني على عامل املقاصد حبثها

؟1وسربها وتعلقها"

كمتا معاجلة علماء اإلسالم للجواب عن هذا السؤال":حومييز احلسين "بني رؤيتني

صلحة املعتربة األوىل: رؤية تعميمية ذات خلفية اعتقادية، ترى أن االمتداد الزمين للم

يشمل: اآلخرة والدنيا. وتؤكد على اعتبار املصاحل الدنيوية "مبدى حتقيقها قصد الشارع املتمثل

يف إقامة احلياة األخرى".

وتشتمل هذه الرؤية حبسب نظر احلسين على إشكال التعميم املعريف؛ فـ"إن التأكيد على

يف حتديدهم ملفهومها تناوال عاما، إذا البعد الديين األخروي للمصلحة جعل تناول األصوليني

كان يكشف عن التصور احلقيقي للمصاحل واملفاسد يف الشرع؛ فإنه مل يتجه إىل وضع ضوابط

.2سليمة ألوصاف املصلحة يف باب املعامالت املدنية"

الرؤية الثانية: رؤية تدقيقية، تقصر النظر يف املصاحل ونتائجها وعواقبها الدنيوية، دون

خروية؛ إذ اآلخرة ليست "إال موعدا ينال فيه كل واحد من البشر جزاءه على ما قدمه من األ

أعمال يف حياته".

(.25املصدر نفسه، ) 1 (.283نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور، إمساعيل احلسين، ) 2

ويذهب احلسين إىل أن هذا القصر يف اعتبار املصاحل أمرا ضروريا، "ومن العمل الصاحل

.1يف مقاصد الشريعة"

ظ للمصاحل "بعد أن كان وتشكل هذه الرؤية أول خطوة جتاه العلمانية؛ فإن تأصيل احلف

تشريعيا يعتمد على ما استقرئ من مقررات الشرع وموارده املنصوصة وغري املنصوصة، أصبح

التأصيل منسياسيا سلطانيا، وهنا يظهر االنتقال -حبسب ما يراه احلسين -مع ابن عاشور

ضروريات التشريعي حلفظ الضروريات إىل التأصيل السياسي حلفظها"؛ وذلك "أن حتديد

املصاحل يف اجملتمع خيضع ملا هو متحرك فيه ال ملا هو ثابت، ملا هو متغري ال ملا هو جامد"، وهو

يقضي بـ"التسليم بتارخيية طبيعة احلصر لضروريات مصاحل العباد كما تقرر عند األصوليني

.2القدامى"

ملتتالية النماذجية ويف ظل هذه الرؤية لالعتبار الدنيوي للمصلحة تتم أوىل الـ"حلقات ا

للعلمانية" يف رؤية املسريي، فـ"حيل مركز الكون يف العامل ويصبح حاال كامنا فيه، غري مفارق له،

وتصبح مرجعية الكون مرجعية كامنة فيه، وختتفي املرجعية املتجاوزة اليت تفرتض أن هناك

.3عاملا وراء هذا العامل املادي، عامل احلوا اخلمس"

(.58-25انظر: مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 1 (.299-298ر بن عاشور، إمساعيل احلسين، )نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاه 2

(.1/222) املسريي، العلمانية الشاملة والعلمانية اجلزئية، 3

الثالث: تقييم املقاصد يف الفكر العلماني:املطلب

يف خضم هذا التتابع واالهتمام املتزايد باملقاصد يقول عمر عبيد حسنة: "وهنا ال بد

من التنبيه على بع املخاطر اليت قد تصاحب االجتهاد املقاصدي؛ ذلك أن قضية املقاصد،

وثوابت شرعية ميكن أن تشكل أو التوسع بالرؤية واالجتهاد املقاصدي دون ضوابط منهجية

منزلقا خطريا ينتهي بصاحبه إىل التحلل من أحكام الشريعة، أو تعطيل أحكامها باسم املصاحل،

وحماصرة النصوص باسم املصاحل، واختالط مفهوم املصاحل مبفهوم الضرورات يف حماولة إلباحة

سم حتقيق املصلحة، وتارة فتوقف أحكام الشريعة تارة باسم الضرورة، وتارة بااحملظورات،

.ا.هـ، وهذا التنبيه يبني وجه 1حتت عنوان النزوع إىل تطبيق روح الشريعة لتحقيق املصلحة"

االهتمام العلماني باخلطاب املقاصدي، ويكشف حقيقة احتفائهم به.

إن مما ال شك فيه أن الشارع إمنا قصد بالتشريع حفظ مصاحل العباد يف الدنيا واآلخرة،

االعتبار التشريعي ملصاحل العباد خيتلف اختالفا كليا عن االعتبار النفعي العلماني ملصاحل وهذا

البشر، ومن أبرز جوانب ذلك االختالف ما يلي:

مصدر املصاحل املعتربة: ففي التشريع اإلسالمي اعتبار املصاحل حبسب أمر الشارع - أ

.2وعلى احلد الذي حده ال على مقتضى األهواء والشهوات

(.12-11االجتهاد املقاصدي حجيته ضوابطه جماالته، اخلادمي، مقدمة عمر عبيد حسنة للكتاب، ) 1 1 (.134-2/131انظر: املوافقات، الشاطيب، ) 2

ومن هنا فارقت املصاحل الشرعية املصاحل العلمانية يف حقيقتها االمسية؛ إذ حقيقة

املصاحل الشرعية ذات داللة ثابتة، وذلك أن اعتباره املصاحل مناط إما بورود نص الشرعي، أو

اندراج حتت أصل شرعي كلي، فكان مستند اعتبار املصلحة املعينة الشرع بنصه أو معناه.

ملصاحل العلمانية فإهنا ذات حقيقة امسية مفتوحة، نسبية، قابلة للتغري، مستند أما ا

اعتبارها النظر العقلي.

وهذه القضية كانت حاضرة يف ذهن الشاطيب عند حديثه عن أن الشارع قصد من

التشريع حفظ مصاحل اخللق، قال الشاطيب: "املنافع واملضار عامتها أن تكون إضافية ال

نى كوهنا إضافية أهنا منافع أو مضار يف حال دون حال، وبالنسبة إىل شخص حقيقية، ومع

.ا.هـ، فإي تلك املصاحل يكون له االعتبار؟!1دون شخص، أو وقت دون وقت"

إن جعل مستند إدراك املصاحل واعتبارها العقل اجملرد ال يفي بعالج إشكال النسبية؛

اك مصاحلها ومفاسدها على التفصيل"، وشاهد "فالعادة حتيل استقالل العقول يف الدنيا بإدر

ذلك يف الواقع "ما كان عليه أهل الفرتة من احنراف األحوال عن االستقامة، وخروجهم عن

، ولو كان العقل اجملرد كافيا يف ذلك ملا احنرفوا وخرجوا عن 2مقتضى العدل يف األحكام"

مقتضى العدل.

ظر الشرعي من حيث الوجود على نوعني:حقيقة املصاحل املعتربة: فاملصاحل يف الن - ب

(.2/30املصدر السابق، ) 1 (.2/37ملصدر نفسه، )ا 2

النوع األول: مصاحل حمضة، وهذه ال وجود هلا يف احلياة الدنيا.

واألخر: املصاحل املشوبة، وهي املصاحل الدنيوية؛ فإن مصاحل الدنيا يشوهبا من حيث

الوجود، شائبة من املفاسد

يث تقام احلياة الدنيا ومن هنا كان اعتبار املصاحل ليس اعتبارا مطلقا، بل هو من ح

للحياة األخرى، وهو قائم على املوازنة بني وجه الصالح وما يشوبه من وجه الفساد، فيستوي

.1االعتبار لسد الذرائع وفتحها

أما الرؤية العلمانية للمصاحل فهي رؤية قاصرة دنيوية، وال يخالف العلمانيون يف حقيقة

الدنيوية، فاملصاحل واملفاسد مظنونة متوخاة، وال ميكن شوائب الفساد املتعلقة بوجوه املصاحل

احلكم بالغلبة قطعا ألحدمها إال بعد ظهورمها أثرا لألفعال، والذي يحدد الغلبة يف النتيجة هو

السلوك الصحيح، "فكل ما حنتاجه هو أي سلوك يصلح لتحقيقها"، واألصل املعترب يف ذلك فتح

بعد أن أشار إىل -ربر الوسيلة"، قال وليام جيمس: "ذكر بري الذرائع ال سدها؛ إذ "الغاية ت

أن عقائدنا هي يف الواقع قواعد للعمل واألداء أننا لكي ننشئ معنى فكرة فكل ما حنتاج إليه

فقط هو حتديد أي سلوك تصلح إلنتاجه، إن املسلك بالنسبة لنا هو مغزاها الوحيد الذي يعول

اليت هي املنشأ األصلي اجلذري لكل تفرقاتنا بني األفكار -ة البينة عليه، وإن احلقيقة امللموس

مهما تكن خفية ومستوردة هي أنه ال توجد فكرة واحدة منها على سبيل احلصر تبلغ حدا -

من الدقة والرقة حبيث ال تتألف من شيء سوى فرق ممكن يف املزاولة العملية، وإذن، فلكي نبلغ

(25-2/20انظر: املصدر، السابق، ) 1

رنا عن موضوع ما فإنا ال حنتاج إال إىل اعتبار ما قد يرتتب من آثار ميكن الوضوح التام يف أفكا

.1تصورها، ذات طابع عملي قد يتضمنها الشيء أو املوضوع"

لقد كان الشاطيب مدركا خلطورة فصل الدنيا عن اآلخرة يف اعتبار املصاحل فأكد على

يوية، وأن األحكام الشرعية وإن كانت أمهية اعتبار املصاحل األخروية عند النظر يف املصاحل الدن

ن كل حكم شرعي ليس إ"يف أمور دنيوية فال ختلو من اعتبار لتحقيق املصلحة األخروية فقال:

وهو جهة التعبد؛ فإن حق اهلل على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به ،خبال عن حق اهلل تعاىل

، فإن جاء ما ظاهره أنه حق للعبد جمردا وعبادته امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطالق ،شيئا

.2"بل جاء على تغليب حق العبد يف األحكام الدنيوية ،فليس كذلك بإطالق

وجد فيها "ذا إال إنه الغالب يف العادات االلتفات إىل املعاني كان نوبناء على هذا وإ

الذبح يف احملل التعبد فالبد من التسليم والوقوف مع النصوص؛ كطلب الصداق يف النكاح و

املخصوص يف احليوان املأكول والفروض املقدرة يف املواريث وعدد األشهر يف العدد الطالقية

والوفوية، وما أشبة ذلك من األمور اليت ال جمال للعقول يف فهم مصاحلها اجلزئية حتى يقا عليها

.4"بات وعدم التغيريامتازت العوائد اليت ورد النص الشرعي حبكمها بالث" هناومن ،3"غريها

(.65الربمجاتية، وليام جيمس، ) 1 (.2/241) ،الشاطيب املوافقات، 2

(.2/234، )السابقاملصدر 3

(.216-2/215املصدر نفسه، ) انظر: 4

وما يذهب إليه احلسين يف قراءته لالمتداد الزمين للمصاحل، وإشكالية التعميم للرؤية -ج

االعتقادية، والدعوة إىل االعتبار الدنيوي احملسو ، هو ما عاجله أيضا وليام جيمس يف النفعية

يف حياتنا الشخصية فإننا الربامجاتية، فقال: "أننا لو اعتقدنا فعال كل شيء يؤدي إىل اخلري

سنجد أنفسنا غارقني ومنغمسني يف كل ضروب األوهام عن شؤون هذا العامل، وكل صنوف

.1اخلرافات املنساقة مع العاطفة عن عامل آخر"

إشكالية التعميم الزمين للمنفعة باعتبار النفعية احلسية يف الواقع، مبعنى أن جيمس ويعاجل

ه وجود يف الواقع؛ وذلك أن النفع مرتبط "عمليا مبطلب عاجل من النفع املعترب هو ما كان ل

، فنحن حنتفظ يف ذاكرتنا بأفكار نافعة لنا، وقيمتها 2مطالبنا، أو بضرورة ملحة من ضرورياتنا"

العملية وصدقها العقلي حيث تؤدي عمال يف العامل، وهذا يلغي اعتبار املنافع الغري حمسوسة أو

.3الكامنة

دعوة إىل "التوجه املصلحي الدنيوي" معزوال عن البعد الديين التعبدي واألخروي إن يف ال

فتح لباب "اتباع اهلوى، واالنقياد إىل طاعة األغراض العاجلة، والشهوات الزائلة"، وقد ذم اهلل

اتباع اهلوى وجعله "مضادا للحق وقسيما له"؛ قال ﴿ كا نا عا دح إنا جا اوۥح دا يا بم خا ن سا ا كا محض ى فا وا لا تاتبع ٱلها وا ٱلاق م بايا ٱنلاس ب رض فاٱحكح

اة ف ٱل مفا

﴿ [، وقال 26]ص: ﴾ ٱلل غا ن طا ا ما مانماا ٣٧فاأ ةا ٱل ااثارا ٱلاماو مما ٣٨وا فاإن ٱلاح

(.102الربامجاتية، وليام جيمس، ) 1 (.241املصدر نفسه،، ) 2 (.106انظر: املصدر نفسه، ) 3

ى واأ ا ٱلما قا ٣٩ه افا ما ن خا ا ما م

اأ ى وا وا ن ٱلها ا ناها ٱنلفسا هۦ وا ب فاإن ٱلانةا ٤٠اما را

ى واأ ا ٱلما ى ﴿ [، وقال 41-37]النازعات: ﴾ ه وا ن ٱلها ا ا يانطقح وا إل ٣واما إن هح

[، قال الشاطيب: "فقد حصر األمر يف شيئني: الوحي، وهو 4-3]النجم: ﴾ واح يحوحا

.1وى. فال ثالث هلما"الشريعة. واهل

إن البعد الديين يف احلياة االجتماعية اإلسالمية ميثل شكال من أشكال الشمول يف الشريعة

اإلسالمية، وضابطا النتظام احلياة االجتماعية، ومعيارا لتحققه.

نا ﴿ فأما كونه شكال من أشكال مشول الشريعة فقال اات بناا ولح را قح ن يا م م ا وامنهحناة سا نماا حا ناة ف ٱل سا ة حا را ف ٱألخ ابا ٱنلار وا ذا ا قناا ئكا ٢٠١وا ولا

حمب أ م ناص اهح ا ل م م

واٱ بحوا سا اب كا يعح ٱلسا ح سا [، قال القرطيب: "والذي عليه أكثر أهل 202-201]البقرة: ﴾ لل

خرة، وهذا هو الصحيح؛ ألن اللفظ يقتضي هذا كله، العلم أن املراد باحلسنتني نعم الدنيا واآل

فإن "حسنة" نكرة يف سياق الدعاء، فهو حمتمل لكل حسنة من احلسنات على البدل، وحسنة

نماا ا فا ﴿يف مشول ثواب املؤمنني .ا.هـ، وقال 2األخرة: اجلنة بإمجاع" ح ثاواابا ٱل مح ٱلل هح اتاى ة را سنا ثاوااب ٱألخ يا واحح ن حس ب ٱلمح ح يح يف عقاب [، وقال 148]آل عمران: ﴾ واٱلل

ينا ﴿الكافرين ص ن ن م م اهح ا ل ة واما را نماا واٱألخ م ف ٱل حهح ما ات أ بطا ينا حا ئكا ٱل ولا

ح أ

[.22]آل عمران: ﴾

(.2/129املوافقات، الشاطيب، ) 1

(.3/357اجلامع ألحكام القرآن، القرطيب، ) 2

تماعية، ومعيارا لتحققه؛ وأما كونه ضابطا من الضوابط األساسية النتظام احلياة االج

نماا فاعندا ٱ ﴿ فقال نا يحريدح ثاواابا ٱل ن كا م ة را نماا واٱألخ ثاواابح ٱل ﴾ لل

عنها يصرفها ألهنا النفو ؛ على عظيما التقوى شأن كان ملا[، قال ابن عاشور: "134]النساء:

وخري اهلل، بيد الدنيا خري أن إىل اهلل بههمن اآلخرة، خريات على الدنيا ملنافع النا استعجال

دين عن يعرض فال الدنيا ثواب يريد كان من: اخلريين، ...والتقدير نالوا اتقوه فإن أيضا، اآلخرة

اهلل ترضي ال وجوه من حيصله فال أو سؤاله، على يقتصر فال أو سؤاله، عن يصد فال أو اهلل،

والكل اخلريين، يسع اهلل فضل ألن الرب وجوه من وليتطلبه وأضراهبم، أبريق بنو فعل كما تعاىل

ن ﴿ .ا.هـ، وقال 1"عنده من هۦ واما رث حۥ ف حا ة نازد لا را رثا ٱألخ نا يحريدح حا ن كا مامب ة من نص را حۥ ف ٱألخ ا لا ا واما هۦ منها نماا نحؤت رثا ٱل نا يحريدح حا [، 20]الشورى: ﴾ كا

-مهة اآلخرة إىل له وليس الدنيا من شيء له ليحصل سعيه إمنا كان ومن: أي قال ابن كثري: "

هذه ال له حيصل مل يشأ مل وإن منها، أعطاه شاء إن والدنيا اآلخرة، اهلل حرمه -بالكلية ألبتة

وقال ،.ا.هـ2واآلخرة" الدنيا يف اخلاسرة بالصفقة النية هبذه الساعي هذا وفاز هذه، وال

نماا ﴿ ةا ٱل ونا ٱلاماو رح ١٦با تحؤث بقااي واأ ةح خا را [، قال ابن 17-16]األعلى: ﴾ واٱألخ

مناسب حظ وذلك الدهر، طول على املوعظة هذه من حظا للمؤمنني أن واعلم عاشور: "

(.224-5/223التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 1

(.7/198تفسري القرآن العظيم، ابن كثري، ) 2

إليه جتر اليت الدنيا نافعم من جيتنيه ملا إيثارا اآلخرة يف ينجيه مما أحدهم فيه يفرط ما ملقدار

.1"الشريعة به جاءت ما حسب على اآلخرة يف تبعة

"واآليات القرآنية متضافرة يف الداللة القطعية على أن مصاحل العباد املقصودة هي مصاحل

، وهذا ما تنبه له الشاطيب يف ]املوافقات[ فاعترب قصد االمتثال من مقاصد 2يف الدنيا واآلخرة"

إذ "املقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج املكلف عن داعية هواه؛ حتى يكون الشريعة؛

.3عبدا هلل اختيارا كما هو عبد هلل اضطرارا"

الفصل بني املصاحل الدنيوية واألخروية يف االعتبار يف األحكام -وتكمن خطورة األمر -د

ة، وهو ما يظهر يف عمل يف توسيع الدائرة جتاه األحكام الشرعية االعتقادي -الشرعية

ملفهوم اإلله، والتدين، واألخالق. وعرضهعبدالوهاب املسريي يف العلمانية الشاملة

على شكلني: فعرضهفأما مفهوم اإلله

الشكل األول: املوقف اإلحلادي الذي يرى اإلله يف قوانني الطبيعة وسنن الكون، "ويصبح

بعينه، أو التاريخ وقوانينه"، ويضفي املسريي على اخلالق ذاته هو الطبيعة وقوانينها، أو شعبا

هذه الدرجة صبغة صوفية فيقول: "وهذه هي نقطة وحدة الوجود املادية، والواحدية الكونية

.4املادية الكاملة"

(.30/290التحرير والتنوير، ابن عاشور، ) 1 (.54مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، احلسين، ) 2 (.2/128املوافقات، الشاطيب، ) 3

(.119-2/118) املسريي، العلمانية الشاملة والعلمانية اجلزئية، 4

الذي خلق -الشكل الثاني: الشكل العلماني الذي ينظر "إىل اخلالق باعتباره خالق العامل

ثم انسحب منه"، قال املسريي: "أي -وجعلها تسري حسب منط حمدد العامل وقوانينه وسننه،

ينكمش حبيث يصبح مسئوال عن البدايات، ورمبا عن -يف مثل هذا التصور -أن اخلالق

فهو خاضع -حياة اإلنسان يف الدنيا والزمان، اآلن وهنا -النهايات أيضا، أما ما بينهما

.1 املادة"للقوانني الطبيعية اآللية الكامنة يف

"وسواء جتلى اإلله يف خملوقاته حتى يكاد يتوحد معها، أو انسحب من الدنيا متاما

وتركها وشأهنا؛ فإن هذا يعين هتميش اإلله واملرجعية النهائية املتجاوزة، وهو ما يعين زوال

.2الثنائية، وسريان القوانني الواحدية املادية، واختفاء الغرض والغاية يف العامل"

وأما التدين فبحسب املوقف من مفهوم اإلله يصبح اإلميان باإلله "حالة شعورية، أو جتربة

مجالية خيوضها اإلنسان"، فيصبح اإلله "أمرا خاصا بالقلب والضمري الشخصي اإلنساني"،

وهبذا يتم الفصل التام بني العبادات واملعامالت، ويتمثل التدين يف املعامالت كتجربة تارخيية

يدة عن االستناد إىل منظومة أخالقية مستندة إىل اإلميان بالغيب، "ومع تزايد معدالت العلمنة بع

.3يتصاحل الدين والواقع، ويتماهيان إىل أن يصبح الدين واقعيا يستمد معياريته من الواقع"

وتكتمل "العلمنة الشاملة" بالنظرية األخالقية اليت "تدور داخل إطار القانون الطبيعي

املادي، الذي يوحد اإلنسان والطبيعة، وال يقبل أية مرجعية غري مادية متجاوزة؛ فإذا كانت

(.2/119، )نفسهاملصدر 1 (.2/119) املصدر السابق، 2 (.2/121انظر: املصدر نفسه، ) 3

الطبيعة ختلو من قيم مطلقة دينية أو إنسانية متجاوزة لقوانني الطبيعة، فإنه ال بد وأن يكون

الوضع كذلك بالنسبة لإلنسان، ومن ثم يظهر اإلنسان الطبيعي الذي هو جمموعة من الدوافع

البيولوجية اليت تتحكم فيه، وإن بقيت قيم يف عامله؛ فمن املؤكد أهنا ستكون قيما مادية عامة

.1مثل: املنفعة والبقاء"

تقف هذه الرؤية العلمانية املقاصدية الدنيوية من الرتاث الفقهي اإلسالمي موقف -هـ

قه من رواسبه املاضوية النقد، وذلك "أن نظرية املقاصد توفر عدة ميزات من بينها: حترير الف

املعيقة له، واعتبار الرتاث الشرعي أحكاما ظنية غري ملزمة للمسلمني يف وقتهم احلاضر، ومن

ثم فإن األسا األوحد ليقني أصول الفقه هو الكليات الضرورية، أي فقط: الدين، والنفس،

.2والعقل، والنسب، واملال، والعرض"

تاح النص الشرعي "على حتوالت الوعي الذاتي ويعيدنا هذا املوقف إىل دعوى انف

.3لإلنسان، وتقلبات االهتمام وتصاعده من جيل إىل جيل"

أعلم أن الشاطيب كان يدرك خطورة توظيف املقاصد يف إلغاء النص ملسو هيلع هللا ىلصويظهر واهلل

الشرعي ودعوى انفتاحيته على كل التأويالت املمكنة، ومن هنا كان تأكيده على اعتبار

دنيوية مبا حيقق املصاحل األخروية، وأن املقاصد ال تعود على النص باإلبطال، واعتماد املصاحل ال

لغة العرب وفهم السلف الصاحل رضي اهلل عنهم منهجا يف فهم مقاصد الشرع واستخراجها.

(.2/128، )املصدر نفسه 1 (21اصد الشريعة اإلسالمية واالجتهاد، جمموعة حبوث، )حنو قراءة مقاصدية أصولية، حممد كمال الدين إمام، ضمن مق 2 (.14املقاصد الكلية للشرع ومناهج التفسري، حسن جابر، ) 3

اخلامتة

نتائج البحث وتوصياته

نتائج البحث وتوصياته صيات ما يلي:من خالل ما مت عرضه يف هذا البحث، فإن أهم النتائج والتو

أوال: النتائج:

اصطالح "املقاصد" يف الفكر املعاصر اصطالح امسي مفتوح، يتسم بالنسبية وقابليته -1

للتغري، ويف الكتابات املعاصرة يتحد اصطالحي "املقاصد" و"املصاحل" يف االمسية.

ي انفتاح االصطالح املقاصدي عاد أثره على النص الشرعي، فنظر إىل أن النص الشرع -2

نص مفتوح النفتاح مقاصده.

الرؤية الفكرية ملقاصد الشريعة رؤية عقلية تتخذ من التعليل املصلحي حكما على -3

النصوص الشرعية فهما وتنزيال.

التقسيمات املتعددة للمقاصد يف الدر األصويل بني: جزئية وكلية، وعامة وخاصة، -4

ط أصول املقاصد، فتعددت الرؤى وقطعية وظنية، وفردية ومجاعية، ألقى بظالله على ضب

حول املقاصد وعددها، وقابليتها للزيادة، وأثر الواقع فيها إدراكا واعتبارا.

قابلية املقاصد للزيادة يف الفكر املعاصر يسلبها صفيت الظهور واالنضباط، وخيرجها من -5

دائرة الثوابت يف الشريعة إىل دائرة املتغريات.

بتعد يف رؤيته عما قصده الشاطيب يف تقعيده املقاصدي، التوجه املقاصدي املعاصر ي -6

وتتسع الفجوة بينهما يف الكتابات املتأخرة أكثر منها يف بدايات البحث املقاصدي املعاصر.

الرؤية املقاصدية املعاصرة تنتسب إىل الشاطيب امسا، وتتبنى رؤية ابن عاشور منهجا. -7

اصدي والقواعد املنطقية كان له أثر يف التوافق الظاهري بني صورة االستدالل املق -8

توظيف التوجه املقاصدي لدعوى انفصال الشاطيب عن منهج الشافعي األصويل، وتبين الربهان

األرسطي منهجا أصوليا.

تتسم الدعوة إىل إعمال املقاصد بتوسع توظيفي خيتلط فيه احلق بالباطل، ويظهر فجوة -9

ف العملي هلا.بني التنظري العلمي للمقاصد والتوظي

من آثار التوسع املعاصر يف اعتبار املقاصد الدعوة إىل الفهم اجلديد للنصوص الشرعية، -10

والقول بتارخيية فهم السلف، ومن ثم قصر اعتبار فهم السلف على االستئنا واالستشهاد.

االستدالل على اعتبار املقاصد يف التشريع مبين على أمرين: األول: أن الشريعة جاءت -11

شتملة على حكم ومصاحل يف التشريع، واآلخر: أن الصحابة والسلف الصاحل اعترب تلك م

املصاحل يف التنزيل لألحكام واالجتهاد فيها.

والذي ميثل حقيقة االستدالل على اعتبار املقاصد هو املسار الثاني، ومن هنا فإن

عاصر مقصور يف عليهم، وأن دورها امل دعوى تارخيية اجتهادات السلف رضوان اهلل

كما يفعل باالستشهاد -االستئنا واالستشهاد إذا وافقت اجتهادا مقاصديا معاصرا

؛ تلك الدعوى تعود على اعتبار املقاصد باإلبطال واإللغاء؛ - باجتهادات عمر بن اخلطاب

إذ جمرد اشتمال احلكم على مصلحة أو حكمة ال يستوجب تقييده هبا وجودا أو عدما، بل

قد يستدل به على أن املصلحة ال يمكن حتصيلها بغري ذلك الطريق الذي جاء به النص.

البحث املقاصدي املعاصر دار بني ثالثة مدار : -12

املدرسة األوىل: املدرسة األصولية، وحبثت املقاصد ضمن إطار القواعد األصولية، إال

اسية:أن حبوث هذه املدرسة اشتملت على قصور يف ثالثة جوانب أس

اجلانب األول : التحرير االصطالحي؛ إذ ال يزال اصطالح املقاصد حيتاج إىل حترير

ومتييز، خاصة ما يتعلق بداللة "التعليل" و"املصلحة".

اجلانب الثاني: حتديد دائرة االعتبار وجمال التفعيل للمقاصد، إذ التوسع يف اعتبارها

بابي االعتقاد والعبادات. وتفعيلها يضعف دائرة الثوابت الشرعية، خاصة

اجلانب الثالث: صفات اجملتهد املقاصدي، وأدواته، إذ أن من مالمح التوسع يف تفعيل

املقاصد توسيع باب االجتهاد فيها لغري املختصني الشرعيني حبجة أن إدراك املصلحة ال حيتاج

إدراكها.إىل فهم دقيق بالنصوص الشرعية، وإمنا حيتاج إىل ملكة عقلية متكنه من

ويلحظ توجه الكتابات األصولية املتأخرة إىل اجلمع بني البحث األصويل والصبغة الفكرية،

وهنا يربز تقاسم املباحث األصولية بني الباحثني، فمثال يلحظ اهتمام حممد كمال الدين إمام

دة جبانب أثر جبانيب: مآالت األفعال، والتتبع التارخيي للدراسات املقاصدية، واهتمام جاسر عو

املقاصد يف األحكام نسخا وثبوتا وتدرجا ودورانا، واهتمام إمساعيل احلسين جبانب التعليل

املقاصدي وأثره الفكري، واهتمام حممد سليم العوا بتقرير إمكان إضافة مقاصد جديدة تتالءم

ك املقاصد وأثرها يف والواقع املعاصر ونزعته اإلنسانية، واهتمام عبداجمليد النجار مبسالك إدرا

توسيعها.

املدرسة الثانية: املدرسة العلمانية، ورأت يف املقاصد بابا هلدم األحكام الشرعية،

وإلغاء وظيفتها يف ضبط احلياة االجتماعية، وقد ساهم يف االحتفاء العلماني باملقاصد أمران:

األول: االنفتاح االصطالحي الذي يسهل عملية التوظيف.

ؤية ابن عاشور الدنيوية للمقاصد، وفصله بني الدين والشريعة.واآلخر: ر

املدرسة الثالثة: املدرسة التنويرية، ورأت يف املقاصد بابا للتوفيق بني النهضة احلديثة

الغربية وخمرجاهتا الفكرية، وبني التمسك بالشريعة اإلسالمية.

تابات فيه متفرقة، ويالحظ أن الطرح املقاصدي يف باب العقائد ال يزال يف بداياته، والك -13

هنالك حماوالت إلعادة العقيدة االعتزالية إىل الساحة اإلسالمية من خالل املقاصد.

ثانيا: التوصيات:

ال يلزم من هذه النتائج إغالق باب املقاصد بالكلية، وإمنا الواجب الضبط والتحرير؛

ليميز اخلبيث من الطيب، ومن هنا أوصي مبا يلي:

لتحرير االصطالحي للمقاصد وغريه من املصطلحات األصولية حيتاج إىل عمل أرى أن ا -1

مؤسسي، يتواله جممع فقهي معتمد، يعد معجما مصطلحيا لالصطالحات الفقهية واألصولية،

جيتمع حول اعتماده فقهاء األمة، ففي ذلك سد لباب العمومية االصطالحية والتوظيف الداليل

املفتوح.

كري املعاصر يف إعمال املقاصد يف احلياة عامة، وأحكام التشريع خاصة، التوسع الف -2

حيتاج إىل ضبط وتقعيد.

ومبا أن الفكر املعاصر قد بدأ مشروع التوسيع؛ فإن الواجب على علماء األمة وفقهائها

فاع والنقد.الربانيني، أن جيمعوا بني التأليف بيانا وردا، ابتداء ونقدا، وأن ال يكتفوا مبوقف الد

وأرى أن يسري العمل يف ذلك يف مسارين متوازيني:

املسار األول: مسار التأليف ابتداء، ومن أهم اجملاالت اليت حتتاج إىل ضبط:

.مصادر إدراك املقاصد ومسالكها

.اجملتهد املقاصدي صفاته وشروطه

.عالقة املقاصد بالتشريع بني التأسيس والتقرير والتفسري

ائد بني املصاحل األخروية والدنيوية.مقاصد العق

.أثر البحث املقاصدي على املسائل التوقيفية

.األصول الكالمية املؤثرة يف تقرير البحث املقاصدي

املسار الثاني: مسار التقييم والتقويم، وأول خطوات هذا املسار تبدأ حبصر الكتابات

ز دراسات مقاصد الشريعة اإلسالمية املقاصدية املعاصرة وحتليلها وتقوميها، وقد أعد مرك

دليال شامال للدراسات املقاصدية، واختصر جهدا كبريا يف هذا اجملال.

اعتبار حفظ الضروريات اخلمس أصال ملقاصد التشريع فيه انضباط واتزان، وضبط -3

واستقرار، وال يؤثر على اتساع دائرة التشريع ومشوله للحوادث والنوازل، ودعوى التوسع يف

املقاصد ال حاجة إليها؛ إذ إدراج تلك املقاصد اجلديدة حتت أحد األصول اخلمسة سهل يسري

ملن رزقه اهلل الفقه يف الدين.

ختصيص علم املقاصد بالقيا املصلحي فيه إغفال جلانبني مهمني وعظيمني من جوانب -4

وظيفة املقاصد التشريعية:

هتا.اجلانب األول: فهم نصوص الشريعة وإدراك دالال

اجلانب الثاني: جانب التعبد باألحكام الشرعية، والتسليم لنصوص الشارع.

ومها جانبان أكد عليهما الشاطيب يف رؤيته ملقاصد الشارع، وأرى أهنما حيتاجان إىل

دراسات تظهرمها وتضبطهما.

اعتبار املقاصد يف الرتجيح ودفع التعارض، ال يعين بالضرورة إلغاء نسخ األحكام -5

نها حبجة التطبيق اجلزئي للشريعة، وهو من اجلوانب عية، وال تشريع إلغاء شيء مالشر

املطروحة يف البحوث املقاصدية املعاصرة، وحتتاج تلك الكتابات إىل تقييم وتقويم.

مقاصد العقائد باب فتحت الدعوة إىل حبثه، وهو واجب وقيت لعلماء األمة ممن رزقهم -6

أحكامه ضبطا وحتريرا.اهلل الفقه يف باب االعتقاد و

هناك احتفاء علماني مبقاصد الشريعة، وتتبع مالمح الفكر العلماني يف توظيف -7

جهد مؤسسي لتتبع ذلك االحتفاء وحتديد مالحمه حبث أكادميي واملقاصد حيتاج إىل

ومقاصده.

ولعل هذه -إن من األمهية مبكان حبث "املقاصد يف اخلطاب العلماني"، واملالحظ

-حظة مما يساهم يف تيسري املهمة على الباحثني يف توظيف املقاصد يف اخلطاب العلماني املال

أن االهتمام الفكري باملقاصد جله من املغرب العربي، يستوي يف ذلك الدراسات األصولية

والفكرية.

بد من القراءة الفكرية لرؤية ابن عاشور للمقاصد تقرتب كثريا من القراءة العلمانية، وال -8

، وبيان آثارها واملوقف حترير حقيقة تلك الرؤية ومدى قرهبا أو بعدها من التصور العلماني

.منها

أعلى وأعلم. هذا واهلل

سبحانك اللهم وحبمدك، أشهد أن ال إله إال انت وحدك ال شريك لك، أستغفرك واتوب

إليك.

يشتمل على:و

الكرمية القرآنية فهر اآليات.

.فهر األحاديث

.فهر آثار الصحابة

.فهر األعالم املرتجم هلم

.فهر املراجع

فهر املوضوعات.

الفهارس

أوال: فهر اآليات القرآنية الكرمية

الصفحةرقم السورة/ رقم اآلية اآلية

325 1البقرة: الم

م وا كح اقا ي خا مح ٱل بكح وا را ا ٱنلاسح ٱعبحدح ها ياأ م يا بكح ينا من قا ٱل

ونا م تاتقح كح لاعا576، 454 21البقرة:

ناا ا ب ا ما ا واٱلس ش رضا فراامح ٱل عا ا لاكح ي جا 576، 525 22البقرة: ٱل

ا ما ا ثحم ٱستاواى إلا ٱلس مع رض جااا ف ٱل م م اقا لاكح ي خا وا ٱل هحن هح ى و فاسا ت وا ما بعا سا سا

525 29البقرة:

ة مفا رض خاا ف ٱل ا ة إن جا كا ئ لا ما بكا ل 519 30البقرة: إوذ قاالا را

ة را حوا باقا 331 67البقرة: تاذبا

تحم مح ٱستاكبا كح سح نفحاى أ ا لا تاهوا ما ب ولح م راسح اكح ا ا جا ما فاكح

ا 424 78البقرة: أ

هح ا ٱسمح را فمها ن يحذكاا أ دا ٱلل ج سا ناعا ما ن م ظامح مم

ان أ 322 114البقرة: واما

رض ات واٱل وا ما يعح ٱلس 490 117البقرة: باد

ة ج م حح امكح ا ناس ونا ل ال ياكح هحۥ ل طرا م شا وهاكح لوا وحجح 335، 58 150البقرة: فاوا

ار إن واٱنلها ف ٱل رض واٱختلاات واٱل وا ما ق ٱلس

588، 529 164البقرة: ف خا

تلا اصح ف ٱلقا مح ٱلقصا امكح ا تبا 79 178البقرة : كح

ونا م تاتقح كح ب لاعا لبااول ٱل

حأ ماوة يا اص حا م ف ٱلقصا لاكح 335، 90 179البقرة : وا

م بكح ينا من قا ا ٱل تبا لعا ا كح ما ماامح كا مح ٱلص امكح ا تبا كحونا م تاتقح كح لاعا

460، 335، 75 183البقرة :

امح مسكي عا دياة طا ۥ ف وناهح مقح ينا يحط ا ٱل 387 185-184البقرة: والعا

فاثح إلا ماام ٱلر اةا ٱلص م لا ح لاكححم أ كح ائ سا 393، 79، 57 187البقرة : ن

ط ٱلبا م ب م بايناكح لاكح موااحوا أ كح

لا تاأ 90 188البقرة: وا

اس ناس واٱلاج ا ي قمتح ل وا ا ما ة قح ه هان ٱل ا 93 189البقرة: حوناكا

ن وا فاضل م ن تابتاغحانااح أ م جح امكح ا م لايسا كح ب 413 198البقرة: ر

ناة سا راة حا ف ٱألخ ناة وا سا نماا حا ناا ف ٱل اات بناا ولح را قح ن يا م م وامنهحابا ٱنلار ذا ا قناا وا

634 202-201البقرة:

اس فعح ا ي نا بي واما ا إثم كا قح فمهما يس ن ٱلامر واٱلما ا ناس حوناكا لا فعهما ح من ن كبا

اا أ ما هح إوثمح

398، 361 219البقرة:

كمم زيز حا ا ح 54 228البقرة: واٱلل

ى ٱلوحسطا ة او ت واٱلص اوا ا ٱلص وا لعا فظح 396 238البقرة: حا

مومح ٱلقا وا ٱلحا ها إل هح إلا ح لا 603، 322 255البقرة: ٱلل

ا ٱلرشدح منا ٱلغا ين قاد تباي اها ف ٱل إكرا 436، 434، 433 256البقرة: لا

ه ا منا قاالا إبرا ها ت بشق فاأ مس منا ٱلما ٱلش ب

ا ياأ مح فاإن ٱلل

غرب ٱلما 78 258البقرة:

نحوا ااما ينا ا ٱل ها ياأ ذاى يا

ان واٱل ٱلما م ب تكح قا دا حوا صا 416 264البقرة: لا تحبط

ب ا ف معحونا ضا استاط لا ي بم ٱلل وا ف سا ح حصحينا أ ا ٱل را قا فح ل

رض ا ٱل

536 273البقرة:

بات ا ٱكتاسا ا ما امها ا بات وا سا ا كا ا ما اها 613 286البقرة: ل

وا ٱل م هححن أ ت هح ما كا ت م اايا با منهح امكا ٱلكتا ا لا نزا

اي أ

ت بها تاشا رح مح خاحأ ب وا ٱلكتا

7آل عمران:204 ،262 ،272 ،

276 ،486

ن م م اهح ا ل راة واما نماا واٱألخ م ف ٱل حهح ما ات أ بطا ينا حا ئكا ٱل ولا

حأ

ينا ص ن 634 22ان:آل عمر

م ياغفر لاكح ح وا مح ٱلل ببكح ا فاٱتبعحون يح بونا ٱلل نتحم تح قح إن كحم ذحنحوباكح

486، 350 31آل عمران:

وع رض طاات واٱل وا ما ن ف ٱلس ساما ما

اۥ أ ح لا بغحونا وا يا يا دين ٱلل غا فا

اأ

ه يحر ا إولا ره كا عحونا وا جا 634 83آل عمران:

بمل ه سا اعا إلا ن ٱستاطا ا ٱنلاس حج ٱلامت ما لعا لل 536 97آل عمران: وا

قحوا ر لا تافا ا وا مع جا اب ٱلل وا ب مح 568 103آل عمران: واٱعتاص

ونا ب رح محناس تاأ ت ل خرجا

حة أ م

حيا أ نتحم خا ن كح ا ونا تانها وف وا عرح ٱلما

ٱلل تحؤمنحونا ب ر وانكا ٱلمح

563 110آل عمران:

مفا وا كا رح رض فاٱنظحاوا ف ٱل يح نا فاس م سح بكح ات من قا قاد خابيا ذ كا قباةح ٱلمح نا عا كا

445 137آل عمران:

و ما ى وا د ناس واهح ا باماان ل ذا تقيا ها مح ة ل 272 138آل عمران: ظا

ب ا فا ح يح واٱلل ة را سنا ثاوااب ٱألخ نماا واحح ح ثاواابا ٱل مح ٱلل هح اتاىيا ن حس ٱلمح

634 148آل عمران:

ةا را ن يحريدح ٱألخ م م نماا وامنكح ن يحريدح ٱل م م 412 152آل عمران: منكح

اأ هم يا ن خوا حوا ل قاال وا وا رح فا ينا كا ٱل ونحوا كا نحوا لا تاكح ااما ينا ا ٱل ها ي

ا اتحوا واما ا ما ناا ما ندا نحوا ى لو كا ز نحوا غح و كاارض أ

ابحوا ف ٱل ا إذاا ضا

حوا قحت

470 156آل عمران:

اول أ م طا ع منكح استاط ن لم ي ت واما ؤمنا ت ٱلمح نا ن يانكحا ٱلمححصا

ت ؤمنا مح ٱلمح تكح تايا ن فا م م نحكح يماات أ اكا ا ما فامن م

536 25النساء:

ا مم م راح كح نا ب ا كا م إن ٱلل كح سا نفحاقتححوا أ لا تا 74 29النساء: وا

ي هۦ شا وا ب شكحح لا ت ا وا وا ٱلل 454 36النساء: ا واٱعبحدح

وا تاعامح ت ى حا را كا نتحم سحاأ ةا وا او بحوا ٱلص نحوا لا تاقرا ااما ينا ا ٱل ها ي

اأ يا

حونا ول ا تاقح ما 389 43النساء:

ن ح واما ا اشا ن ي ما كا ل ل ا دحونا ذا ياغفرح ما هۦ وا حشاكا ب ن ياغفرح أ ا لا يا إن ٱلل

حش مما ي ظ ا اى إثما د ٱفتا فاقا ٱلل ك ب454، 407 48النساء:

متحم بايا كا ا إوذاا حا ههاا أ ت إلا نا ما

ادوا ٱل ن تحؤا

ام أ رحكح مح

ا ياأ إن ٱلل

دل ٱلعا وا ب مح كح ن تاا ٱنلاس أ

559، 544 58النساء:

ااما ينا ا ٱل ها ياأ مر يا

اول ٱل

حأ ولا وا وا ٱلرسح معح ط

اأ ا وا وا ٱلل معح ط

انحوا أ

م منكح 59النساء:

263 ،269 ،544 ،

564

يث ا د ونا حا هح فقا ادحونا يا وم لا ياكا ٱلقا لا ؤح ال ها ما 314 78النساء: فا

وا فمه ٱختلا دح اواجا ل ي ٱللند غا نا من او كا ل اوا ثي ا كا 324، 264 82النساء: ف

ح كا ٱلل ى رااا أ ما ما بايا ٱنلاس ب احكح ل ٱلاق 319 105النساء: ب

ن ح واما ا اشا ن ي ما كا ل ل ا دحونا ذا ياغفرح ما هۦ وا حشاكا ب ن ياغفرح أ ا لا يا إن ٱلل

باع لا لا د ضا ضا فاقا ٱلل حشك ب مداي 407 116النساء:

ة را نماا واٱألخ ثاواابح ٱل نماا فاعندا ٱلل نا يحريدح ثاواابا ٱل ن كا 635 134النساء: م

ا او لعا ل وا ا لل ا دا ها ٱلقسط شح ميا ب ونحوا قاو نحوا كح ااما ينا ا ٱل ها ياأ يا

ين ا ل و ٱلواام أ كح س نفح

ا أ يا ب قرا

ا واٱل

544، 324 135النساء:

ة باعدا ج حح ا ٱلل ناس لعا ونا ل ال ياكح رينا ل نذ ينا وامح باش ل م رسح ٱلرسح

165النساء:56 ،90 ،162 ،

335

ةح ئكا لا لا ٱلما وا ا لل بد ونا عا ن ياكحامحح أ استانكفا ٱلماس لن ي

م ٱل حهح ماحشح فاسا استاكب ي هۦ وا ت باادا ن استانكف عا ن ي واما بحونا ر قا محا مع ه جا إلا

-172النساء:

173 456

مد ٱلصل يا مح م غا امكح ا تلا ا يح م إل ما نعا

اةح ٱل م باهمما ت لاكح ح

حأ

رحم نتحم ححاأ وا

293 2-1املائدة:

متح ٱلا راض عمات وا م ن امكح ا متح تمااأ م وا م ديناكح تح لاكح كما

اوما أ

ا ما دين مح ٱلسلا لاكح 3املائدة:

7 ،169 ،200 ،

319 ،484 ،504 ،

508

م كح را ه حطا ن يحريدح ل ك لا ج وا را ن حا م م امكح ا اجعا ا ح ل ا يحريدح ٱلل ماتا عما حتم ن ل ونا وا رح اشكح م ت كح م لاعا امكح ا ۥ هح

335، 57 6املائدة:

عهۦ وااض ن م ا ما فحونا ٱلكا ار 114 13املائدة: يح

امه ا ممنا ها مح ب وا يه منا ٱلكتا ا بايا يادا ما ق ا ل د صا مح ٱلاق 6 48املائدة: ب

إسرا قا بان ذناا ممثا خااد أ م لاقا اهح ا ا جا ما لح ل هم رحسح ناا إلا رسا

اأ ي ا وا

قتححونا ا يا فاريق بحوا وا ذ ا كا م فاريق هح سح نفحاى أ ا لا تاهوا ما ب ولح راسح

424 70املائدة:

هح ٱنلارح ى واأ امه ٱلانةا واما ا ح رما ٱلل د حا قا فا ٱلل حشك ب ن ي ۥ ما 454، 407 72املائدة: إنهح

مح زلااابح واٱل نصا

اح واٱل يس ا ٱلامرح واٱلما نحوا إنما ااما ينا ا ٱل ها ي

اأ يا

بحوهح ن فاٱجتان مطا ما ٱلش ن عا رجس م 389، 298 90املائدة:

ةا وا دا مح ٱلعا ن يحوقعا بايناكحانح أ مطا ا يحريدح ٱلش ا ف ٱلامر إنما ا واٱلاغضا

يس واٱلما 90 91املائدة:

وا إذاا عمح ا طا نااح فمما ت جح حا محوا ٱلص ا نحوا وا ااما ينا ا ٱل لايسا لعات حا محوا ٱلص ا نحوا وا ااما وا و قا ا ٱت ما

297 93املائدة:

ب م طناا ف ٱلكتا ا فار م ا 181 38األنعام: ن

لا مبا وا امح ٱلغا ا أ لا وا نح ٱلل ائ زا ندي خا م قحولح لاكح

ا أ قحولح قح ل

اأ

اك م إن ما لاكح 115 50األنعام:

منح واهح امح ٱل اهح كا ل ئ ولا

حم أ ظح م ب ناهح وا إيما بسح

ام يا ل نحوا وا ااما ينا م ٱلونا هتادح م

62، 23 82األنعام:

واٱلاحر ت ٱلبا حما ا ف ظح ها وا ب اهتادح وما ل مح ٱنلجح عا ا لاكح ي جا وا ٱل واهحعامحونا وم يا ت لقا ناا ٱأليا قاد فاص

526 97األنعام:

رح بصااهح ٱل 223 103األنعام: ل تحدركح

حا أ ن ٱتبع ما ا رض ا

أ وا وا ها إل هح إلا لا كا ب كا من ر ا إلا وحشكيا ٱلمح

114 107األنعام:

ا بوا ٱلل فاياسح ونا من دحون ٱلل ح ينا ياد بوا ٱل اسح لا ت ي وا غا ا ب دوا ا م

443 108األنعام:

كا بتاغ حاا أ يا ٱلل غا فا

ا أ لا إلا نزا

اي أ وا ٱل ا واهح م ل ص فا با مح مح ٱلكتا 115 114األنعام: كح

ا مناا من ر لا حا ناا وا ابااؤح ا لا كناا وا شااا أ ح ما ا ٱلل ا او شا 611، 470 148األنعام: ل

ش ح ل ت

ام أ امكح ا م بكح رما را ا حا ت ح ما

ااوا أ ال ي قح تاعا هۦ شا وا ب 454 151األنعام: ا كح

وهح ا فاٱتبعح ستاقمم ط مح را ا ص ذا ن هااأ 501، 483 153األنعام: وا

ا م ف ا لستا منهح ماع نحوا ش ا م وا قحوا ديناهح ينا فار 503 159األنعام: إن ٱل

م كح نزلا إلاحا أ وا ما ٱتبعح هۦ وا من دحون لا تاتبعح م وا كح ب ن ر 201 3األعراف: م

ا ها ناا ب را مااح أ اناا واٱلل اباا ا ا امها ا دناا حوا واجا ة قاال شا ح حوا فا عا 611 28األعراف: إوذاا فا

ٱلقسط ب ب را را ماا 540 29األعراف: قح أ

ا ب رما را ا حا نا قح إنما ا باطا ا واما را منها ها ا ظا حشا ما وا 454 33األعراف: ٱلفا

مرح اقح واٱل ح ٱلا لا لا

ا485، 161 54األعراف: أ

ۥ يحهح ه غا ن إلا م م ا لاكح ا ما وا ٱلل 453 59األعراف: ٱعبحدح

ي ٱل م ح ٱل ولا ٱنلب ينا ياتبعحونا ٱلرسح م ٱل هح ندا كتحوبا ۥ ما وناهح دح يا

ر نكا ن ٱلمح ا م هح ى يانها وف وا عرح ٱلما م ب رحهح مح

جنم ياأ ة واٱل ى ف ٱلورا

562 157األعراف:

معا م جا كح إلا ولح ٱلل ا ٱنلاسح إن راسح ها ياأ 187 158األعراف: يا

حوا با م قاال كح ب را استح ب لان أ نا عا ة إنا كح ما حوا ياوما ٱلقيا ول ن تاقح

اهدناا أ شا لا

يا ف ا غا ذا ها 172األعراف:

335 ،455 ،586

هم ن باعد ية م نا ذحر كح ب ح وا ناا من قا ابااؤح ا شاكا اا أ حوا إنما ول و تاقح

اأ

ح بط عا ا ٱلمح ا فا ما ناا ب تحهكح فاا ونا أ

587، 455 173األعراف:

نتحم اأ نهح وا لوا عا لا تاوا حۥ وا ولا راسح ا وا وا ٱلل معح ط

انحوا أ ااما ينا ا ٱل ها ي

اأ يا

عحونا اسما ت 565 20األنفال:

م م واهح باهح ذ عا ح مح نا ٱلل ا كا نتا فمهم وامااأ م وا باهح ذ حعا ح ل نا ٱلل ا كا واما

اس ونا ي تاغفرح 519 33األنفال:

ي ل ول وا رسح ل ۥ وا هح حسا خح ن للا فاأ ا ن نمتحم م ا غا نما

اوا أ امح واٱ

بم كي واٱبن ٱلس واٱلماسا ما واٱلاتا ربا ٱلقح 72 41األنفال:

تا وا فا ح زا لا تانا حۥ وا ولا راسح ا وا وا ٱلل معح طاأ م وا كح با ريحح تاذها حوا وا 569، 565 46األنفال: فشا

م يكح يداأ ح ب مح ٱلل بهح ذ عا م يح حوهح ت 540 14التوبة: قا

ونا حشكح ا ي م ۥ عا ناهح بحا سح وا ها إل هح إلا ا ل د ح ا وا ه وا إلا اعبحدح وا إل ل مرححا أ 452 31التوبة: واما

ذ ا خح ها مهم ب ك تحزا م وا رحهح ه قاة تحطا دا هم صا ل مواا 460 103التوبة: من أ

وا رح حنذ ل ين وا وا ف ٱل هح ق اتافا ة ل فا ائ م طا نهح فرقاة م را من كح اولا نافا فا

ونا رح ذا م يا هح هم لاعا وا إلا عح م إذاا راجا هح قاوما 219 122التوبة:

ار ف نا ٱلكح م م حوناكح ينا يا حوا ٱل ت نحوا قا ااما ينا ا ٱل ها ياأ 329 123التوبة: يا

وا اعامح ناازلا ل راهحۥ ما ا واقاد را نحور ما واٱلقا ماا مسا ض عا ا ٱلش ي جا وا ٱل هح ابا يا واٱلسا ن دا ٱلس دا 526 5يونس: ا

عا مفا ثحم جا را كا انظح هم نل رض من باعدائفا ف ٱل لا م خا كح نا

حونا تاعما 523 14يونس:

ا إن ف بص ارا مح نحوا فمه واٱنلها ا لتاسكح مح ٱل عا ا لاكح ي جا وا ٱل هحعحونا اسما وم ي قا ت ل كا أليا ل ذا

526 67يونس:

ت حكماحب أ بي كتا كمم خا ن حا ح ات من ل ۥ ثحم فحص تحهح 273 1هود: اايا

م ا واهح م فمها اهح ما اهم أ إلا ا نحواف زيناتاها نماا وا نا يحريدح ٱلاماوةا ٱل ن كا ما

ونا سح بخا ا لا يح فمها607، 410، 407 16-15هود:

رض واٱستا انا ٱل م م كح

اأ نشا

اوا أ ا هح م فمها كح را 530، 524 61هود: عما

ا م ب را ا هح قحرءنا لنا نزااا أ 286، 164 2يوسف: إن

ذب م كا دا هۦ ب قاممص ا حو لعا ا 197 18يوسف: واجا

إياهح وا إل ل تاعبحدحا 454 40يوسف: أ

هۦ زاعمم ناا باأ 318 72يوسف: وا

كا ل ذا كا ا وا م ب را ا كما هح حح لنا نزاا 313 37الرعد: أ

ت إلا ٱنلور بإذن حما حخرجا ٱنلاسا منا ٱلظ كا ل هح إلا لنا نزااب أ كتا

زيز ٱلاممد ط ٱلعا را ص هم إلا ب را 60 1إبراهيم:

ان قاوم سا ول إل ب ناا من رسح رسااا أ ن واما ح ما محض ٱلل م فا اهح ا ل حباي هۦ ل

زيزح ٱلاكممح وا ٱلعا ح واهح ا اشا ن ي ياهدي ما ح وا ا اشا ي 116 4إبراهيم:

رض ات واٱل وا ما ر ٱلس ك فااط شا ف ٱلل

ام أ حهح 588، 577 10إبراهيم: قاالات رحسح

م فمها ا لاكح ها اقا ما خا نعااحونا واٱل كح

ا تاأ فعح وامنها نا 527 18-5النحل: ا دف واما

جاعيا ام أ كح ى دا اها ا ل ا او شا ل ر وا ائ ا جا بم وامنها قاصدح ٱلس ا ٱلل 42 9النحل: والعا

بحوا ٱلط ا واٱجتان وا ٱلل ن ٱعبحدحاول أ ة رسح م

ح أ

ثناا ف كح د باعا لاقا وا 453 36النحل: غحوتا

هم لا إلا ا نحز ناس ما ا ل حباي كرا ل كا ٱل 169، 160 44النحل: إلا

لعااثا ح ٱل ٱلما لل 591، 588 60النحل: وا

ونا فرح مح ٱلكا حهح كثااأ ا وا وناها ثحم يحنكرح تا ٱلل عما عرفحونا ن 467 83النحل: يا

ناز ى وا حشا ب راحاة وا ى وا د واهح ا كح ا ل ن بيا با ت امكا ٱلكتا ا نلاا

سميا مح ل 89النحل:

7 ،160 ،169 ،

181

ن ا يانها وا ربا ن إويتااي ذي ٱلقح دل واٱلحسا ٱلعا رح ب محا ياأ إن ٱلل

ر واٱلا نكا ا واٱلمح حشا ٱلفا غ

544 90النحل:

بي ب م را ا ان سا ا ل ذا ها م وا جا اه أ ونا إلا دح ح ي يح انح ٱل سا 164 103النحل: ل

ئن طما ۥ مح بحهح كرها واقاحن أ إل ما نهۦ من باعد إيما ٱلل را ب فا ن كا ما

ن يما ٱل ب436، 431 106النحل:

شكيا إن ام ياكح منا ٱلمح ل ا وا نمف حا ت ا لل ة قاان محنا أ همما كا 465 120النحل: إبرا

ول نابعاثا راسح ت بيا حا ذ عا نا مح ا كح 508، 162، 89 15اإلسراء: واما

ن ن ما ح ل ا اشا ا ن ا ما حۥ فمها ناا لا ج ا اةا اج نا يحريدح ٱلعا ن كا 411 18اإلسراء: ريدح م

إياهح وا إل ل تاعبحدحا 454 23اإلسراء: أ

نا م م هح زاقنا را واٱلاحر وا م ف ٱلبا هح نا ا ااداما واحا مناا بان ر د كا لاقا وامل اقناا تافض ن خا م ثي م كا ا م لعا هح نا فاض ت وا با م ٱلط

529، 528 70سراء:اإل

ؤمنيا مح راحاة ل ا وا فا وا ش ا هح اان ما ر لح منا ٱلقح نحزنا 471 82اإلسراء: وا

را ائ رض باصاات واٱل وا ما إل راب ٱلس لا ؤح لا ها نزا

اا أ متا ما ا د 577 102اإلسراء: لاقا

م كح رق وا م ب كح دا حااثحوا أ فاٱبعا ۦ ه ذ 318 19الكهف: ها

د ح ه وا م إلا كح هح ا إلا ما نا أ إلا م يحوحا ثحكح اشا م ناا ب

اا أ 457، 416 110الكهف: قح إنما

ا ا ل هۦ قاوم را ب تحنذ تقيا وا ه ٱلمح ا ب حباش كا ل ان سا هح ب نا اس ا ي 300 97مريم: فاإنما

ونا ٱذ ا فر ب إلا 331 24طه: ها

محوسا ا يا ما بكح مان ر 589 50-49طه: قاالا فا

ا م هۦ ونا ب مطح لا يح 602 110طه: وا

عبيا ا لا ما ا بايناهح رضا وامااا واٱل ا ما اقناا ٱلس ا خا 54 17-16األنبياء: واما

ة إل ٱ ها ال ا ا نا فمهما او كا تاا ل دا سا ح لافا 590، 78 22األنبياء : لل

حس حس ا لا ي م ي فعا ح واهح ا يا م 117 23األنبياء: حونا ا ح عا

ناا ا أ ها إل إلا ۥ لا نهح

اه أ إلا ول إل نحوح بكا من رسح ناا من قا رسا

اا أ واما

ون فاٱعبحدح 453 25األنبياء:

ون إن ها م فاٱعبحدح بكح ناا رااأ ة وا دا ح ة وا م

حم أ تحكح م

ح أ ۦ ه 453 92األنبياء: ذ

تيا من كح

امر ياأ ضا

كح ا ال والعا تحوكا رجاٱلاج ياأ ذ ن ف ٱنلاس ب

اأ وا

ممق ا فاج 461 28-27احلج:

م ظح نهحاأ تاحونا ب ينا يحقا ل ذنا ل

ح أ وا 335 39احلج: مح

وا رح مااأ ةا وا و كا ا ٱلز ااتاوح ةا وا او وا ٱلص قاامح

ارض أ

ام ف ٱل هح ن ك ينا إن م ٱل

ور مححقباةح ٱل عا لل ر وا

ن ٱلمحنكا ا وا ناها وف وا عرح ٱلما ب562، 557 41احلج:

تا رض فااوا ف ٱل يح اس ام ي فا

اا أ ها حونا ب عق حوب يا م قح اهح ونا ل 586 46احلج: كح

ج را ين من حا م ف ٱل امكح ا عا ا ا جا 150، 102 78احلج: واما

رينا ااخا هم قارنا ناا من باعدأ نشا

ا 453 32-31املؤمنون: ثحم أ

ونا شفقح هم م ب شماة را ن خا م م ينا هح 607 61-57نون:املؤم إن ٱل

ه ۥ من إلا هح عا نا ما ا كا لا واما ح من وا اذا ٱلل ا ٱت 591 91املؤمنون: ما

عحونا ناا لا تحرجا م إلا نكحاأ باث ا وا م عا كح اقنا ا خا نما

ابتحم أ س فاحا

ا 55 115املؤمنون: أ

وا طح وا خح نحوا لا تاتبعح ااما ينا ا ٱل ها ياأ يا ن مطا 464 21النور: ت ٱلش

حونا عما نحوا يا ا كا ما م ب حهح رجحاأ يهم وا يد

ام واأ ناتحهح لس

اامهم أ ا دح اشها 116 24النور: ياوما ت

ونا زح ائ مح ٱلفا ئكا هح ولاحياتقه فاأ ا وا ياخشا ٱلل حۥ وا ولا راسح ا وا ع ٱلل ن يحط 565 52النور: واما

ا ي ناص ادي ا وا كا ها ب را ب فا كا 543 31الفرقان: وا

اميا ٱلعا ازني ح راب ۥ لا إونهح-192الشعراء:

195 165 ،286

بي ب م را ا ان سا 219، 114 195الشعراء: ب

مم ا كمم ن حا ح اانا من ل ر اق ٱلقح ح 54 6النمل: إونكا لا

ا واجا حو ح ا وا م م ظح هح سح نفحاا أ ناتها ا واٱستامقا ها وا ب دح 585 14النمل: حا

ا ماي أ ح خا االل فا ينا ٱصطا ٱل بااده ا م لعا لا واسا قح ٱلامدح لل

ونا حشكح ي 576 64-59النمل:

ا واٱل حشا ن ٱلفا ا ةا تانها او ر إن ٱلصنكا 460، 335 45العنكبوت: مح

كا ل امهم إن ف ذا ا تلا با يح امكا ٱلكتا ا نلاا نزااا أ ن

اام ياكفهم أ وا ل

اأ

وم يحؤمنحونا ى لقا ذكرا اراحاة وا ل 114 51العنكبوت:

رضات واٱل وا ما ف ٱلس لعا

اثا ح ٱل ح ٱلما لا 591، 588 27وم:الر وا

ا امها ا را ٱنلاسا ٱلت فاطا ا فطراتا ٱلل نمف ين حا ل قم واجهاكا لا586، 6 30الروم: فاأ

مم ظ ا م كا لاظح 62، 23 13لقمان: إن ٱلش

شمكا د ف ما 42 19لقمان: واٱقص

م م را لاكح خ ا سا ن ٱللاوا أ ام تارا ل

اسباغا أ

اأ رض وا

اا ف ٱل ت واما وا ما ا ف ٱلس

ناة بااط ة وا هرا ۥ ظا هح ما عا م ن امكح ا

525 20لقمان:

ا وا ٱلل نا يارجح ن كا ما ناة ل سا سواة حاح أ ول ٱلل م ف راسح نا لاكح د كا لقا

ا ثي ا كا را ٱلل را واذاكا واٱلاوما ٱألخ 250 21ب:األحزا

اتاما واخا ولا ٱلل ن رسح ك لا م وا الكح جا ن ر د م حااباا أ

اد أ ام نا مح ا كا م

ا ٱنلبي مم ا ا كح ح ب نا ٱلل ا نا وا

6 40األحزاب:

ؤمنيا ة لكا من دحون ٱلمح صا ال 187 50األحزاب: خا

اناةا مااراضناا ٱل ا ن إنا

ابايا أ

اباال فاأ رض واٱل

ات واٱل وا ما ا ٱلس لعا

هحول ا جا حوم نا ظا ۥ كا إنهح نح نسا ا ٱل ااها ا واحا قنا منها شفااأ ا وا ناها م يا

530 72األحزاب:

وا ٱلا كا هح ب كا من ر نزلا إلاحي أ ما ٱل وتحوا ٱلع

حينا أ ى ٱل يارا ق وا

زيز ٱلاممد ط ٱلعا را ص ي إلا ياهد وا 210 6سبأ:

ۥ هح فرح امه كح عا را فا فا فامان كا رضائفا ف ٱل لا م خا اكح عا ي جا وا ٱل 523 39فاطر: هح

ٱلاق م بايا ٱنلاس ب رض فاٱحكحاة ف ٱل مفا كا خا نا عا دح إنا جا اوۥح دا يا

وا بم ٱلل ن سا ا كا محض ى فا وا لا تاتبع ٱلها 26ص:

424 ،524 ،570 ،

633

ينا ح ٱل ا ل ص ا مح فاٱعبحد ٱلل ٱلاق با ب كا ٱلكتا نلاا إلا نزااا أ 457 3-2الزمر: إن

لا ا أ صح ينح ٱلاال ٱل 473 3الزمر: لل

ح أ ينا قح إن ح ٱل ا ل ص ا مح عبحدا ٱلل

ان أ

ا 457 11الزمر: مرتح أ

م كح را وا نا صح حساام فاأ كح را و 529 64غافر: واصا

كمم ن حا فهۦ تازني م لا من خا يه وا ط ح من باي يادا تمه ٱلبال ياأ

مد حا 54 42فصلت:

تناا ف اايا يهم نح نهح ٱلاق ساام أ اهح ا ل ياتاباي ت هم حا س نفح

ا أ ف 589 53فصلت: ٱألفااق وا

نا يحريدح ن كا هۦ واما رث حۥ ف حا ة نازد لا را رثا ٱألخ نا يحريدح حا ن كا مامب ة من نص را حۥ ف ٱألخ ا لا ا واما هۦ منها نماا نحؤت رثا ٱل حا

635، 411 20لشورى:ا

ح ه ٱلل ذان بام ياأ ا ل ين ما نا ٱل م م اهح وا ل ح ا ا شا ؤح اكا م شح اهح م ل

ا499، 459 21الشورى: أ

ا خري ا سح م باعض هح ذا باعضح اتخ ت ل جا م فاوقا باعض دارا هح عناا باعضا رافا 529 32الزخرف: وا

هح ف لنا نزااا أ إن ة كا را با اة م 482 3الدخان: لا

إن ف نهح ا م مع رض جااا ف ٱل ت واما وا ما ا ف ٱلس م م را لاكح خ واسا

ونا رح ك تافا وم يا قا ت ل كا أليا ل ذا 525 13اجلاثية:

لا ا وا مر فاٱتبعهاانا ٱل ة م يعا شا ا كا لعا نا عا ينا ثحم جا ا ٱل ا هوا

اتاتبع أ

ونا عامح لا يا 459 18اجلاثية:

نا ٱلرسح دع م نتح ب ا كح 490 9األحقاف: قح ما

ا د ج ا سح ع ك م رح هح ى م تارا ح بايناهح اا ار رححا ف ا ٱلكح ح لعا ا د شاۥ أ هح عا ينا ما 331 29الفتح: واٱل

ن 355 12احلجرات: إثم إن باعضا ٱلظ

كراميا همما ٱلمح مف إبرا يثح ضا د كا حا تاىا ها أ

-24الذاريات:

30 320

ونا رح ك م تاذا كح ي لاعا وجا اقناا زا خا ا 119 49الذاريات: وامن كح

ون اعبحدح نسا إل ل ن واٱل اقتح ٱل ا خا 499، 452، 55 56الذاريات: واما

ونا قح مح ٱلخا م هحا أ ا ي

وا من غا قح م خحا 590 35الطور: أ

واى ن ٱلها ا قح ا يانط 634، 211، 201 4-3النجم: واما

همح ب ن ر م م اهح ا د جا لاقا وا سح نفحاا تاهواى ٱل ن واما إن ياتبعحونا إل ٱلظ

ى دا ٱلهح 425 23النجم:

ي شا غن منا ٱلاق ن لا يح 355 28النجم: ا إون ٱلظ

ى خراحازراة وزرا أ ل تازرح وا

ا 222 39-38النجم: أ

ر مااأ وا دها

اةح أ ا ا م واٱلس هح دح و ةح ما ا ا 371 46القمر: با ٱلس

ونا رح ه طا ۥ إل ٱلمح هح س ما 331 79الواقعة: ل يا

وما اقح با واٱلمزياانا ل مح ٱلكتا هح عا نلاا ما نزااأ ت وا نا ٱلام اناا ب ناا رحسح رسا

اد أ لاقا

ناس فعح ل نا يد واما د س شايدا فمه باأ نلاا ٱلاد نزا

اأ ٱلقسط وا ٱنلاسح ب

545، 542 25احلديد:

رياما وا عيسا ٱبن ما مناا ب ف واقا جنم ا هح ٱل اتامنا 491 27احلديد: ا

ا يا مسكمن ت امح س ع فاإطعا استاط مان لم ي 536 4اجملادلة: فا

هم را إلا اجا ن ها بونا ما بهم يح نا من قا يما ارا واٱل حو ٱل ينا تاباو واٱل

ور دح ونا ف صح دح لا يا م وا ة م اجا وتحوا هم حاح ا أ

552 9احلشر:

عتحم ا ٱستاطا ا ما وا ٱلل 359 16التغابن: فاٱتقح

معحونا استاط ود فالا ي جح ونا إلا ٱلس ا يحد اق وا ن سا ا فح 537 42القلم: ياوما يحكشا

ا ار ف نا غا ۥ كا م إنهح بكح وا را تح ٱستاغفرح قح 410 12-10نوح: فا

ن اأ ا وا د حا

ا أ عا ٱلل وا ما ح فالا تاد دا لل ج 486 18اجلن: ٱلماسا

مل ب ا وا خذ اهح أ ذنا خا

اولا فاأ ونح ٱلرسح ا ر ف 323 16املزمل: فاعاصا

هح را ا ذاكا ا مان شا 539 56-55املدثر: فا

بمل هۦ سا ب را اذا إلا ا ٱت ا مان شا 538 30-29اإلنسان: فا

غا ن طا ا ما ما634، 424 41-37النازعات: فاأ

استاقمما ن يام أ ا منكح ا ن شا ما 538 29-28التكوير: ل

نماا ةا ٱل ونا ٱلاماو رح 635 17-16األعلى: با تحؤث

ن تاقويم حساا أ نا ف نسا اقناا ٱل د خا 528 4التني: لاقا

ن ي م در خا اةح ٱلقا هر لا لف شاا 482 3القدر: أ

ا ا نافا ينا حح ح ٱل يا لا ص ا مح وا ٱلل اعبحدح وا إل ل مرححا أ 452، 420، 407 5البينة: واما

تحح واٱلفا ا ناصح ٱلل ا 484، 319، 24 3-1النصر: إذاا جا

ثانيا: فهر األحاديث

رقم الصفحة احلديث

387 ثم تصدقوا مبا بقي ادخروا ثالثا

472 اسرتقوا هلا

556 امسعوا وأطيعوا

295 اعتق رقبة

545 أتشفع يف حد من حدود اهلل

476 أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصاحليهم مساجد

496 أما إنه مل خيف علي أمرهم

486 حممدأما بعد، فإن خري احلديث كتاب اهلل، وخري اهلدي هدي

400 بقتل الكالب ملسو هيلع هللا ىلصأمر رسول اهلل

432 أمرت أن أقاتل النا حتى يشهدوا أن ال إله إال اهلل

471 ، أو أمر أن يسرتقى من العنيملسو هيلع هللا ىلصأمرني رسول اهلل

415 إن أحق ما أخذمت عليه أجرا كتاب اهلل

477 إن أخنع اسم عند اهلل رجل تسمى ملك األمالك

455 هو خلقكأن جتعل هلل ندا و

401 إن جربيل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقين

395 إن شغلت فال تشغل عن العصرين

417 أن اهلل تبارك وتعاىل إذا كان يوم القيامة ينزل إىل العباد ليقضي بينهم

434 إن اهلل وضع عن أميت اخلطأ

475 ه مسجداإن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصاحل فمات بنوا على قرب

480 إن من الشجر ملا بركته كربكة املسلم

445 إن اليهود والنصارى ال يصبغون، فخالفوهم

407 أنا أغنى الشركاء عن الشرك

512 أنتم الذين قلتم كذا وكذا

443 أنظرت إليها

455 إنك تقدم على قوم أهل كتاب

61 إنك لعري القفا إن أبصرت اخليطني

549 بالنيات إمنا األعمال

569 إنه ستكون هنات وهنات

62 أال تسمع إىل قول لقمان البنه ،إنه ليس بذاك

567 إنه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون

487 إني قد تركت فيكم شيئني لن تضلوا بعدمها

397 بثالث ملسو هيلع هللا ىلصأوصاني خليلي

443 إياكم والدخول على النساء

511 إياكم والغلو

566 على السمع والطاعة ملسو هيلع هللا ىلصرسول اهلل بايعنا

514 بت يف بيت خاليت ميمونة

484 بدأ اإلسالم غريبا

6 بعثت أنا والساعة كهذه من هذه أو كهاتني

7 بعثت جبوامع الكلم

476 جعلت يل األرض مسجدا وطهورا

63 حرم اهلل مكة فلم حتل ألحد قبلي

516 احلالل بني، واحلرام بني

482 باهلاجرة ملسو هيلع هللا ىلصلينا رسول اهلل خرج ع

501 خطا ملسو هيلع هللا ىلصخط لنا رسول اهلل

567 خيار أئمتكم الذين حتبوهنم وحيبونكم

567 فبايعناه ملسو هيلع هللا ىلصدعانا رسول اهلل

566 الدين النصيحة

560 سبعة يظلهم اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله

565 السمع والطاعة على املرء املسلم فيما أحب وكره،

464 اهلل تبارك وتعاىلالسيد

482 صالة يف مسجدي هذا، خري من ألف صالة فيما سواه، إال املسجد احلرام

472 عرضت علي األمم، فرأيت النيب ومعه الرهيط

433 عجب اهلل من قوم يدخلون اجلنة يف السالسل

564 عليك السمع والطاعة يف عسرك ويسرك

184 عليكم بتقوى اهلل، والسمع والطاعة

488 فإنه من يعش منكم يرى بعدي اختالفا كثريا

493 قد رأيت الذي صنعتم

295 قل ربي اهلل ثم استقم

514 قوموا فألصل لكم

555 عن اخلري ملسو هيلع هللا ىلصكان النا يسألون رسول اهلل

91 كل مسكر حرام

586 كل مولود يولد على الفطرة

57 ال أحد أغري من اهلل

476 لنصارى ابن مريمال تطروني كما أطرت ا

295 ال تغضب

417 ال شيء له

149 ال ضرر وال ضرار

71 ال قطع يف عذق وال يف عام سنة

62 ال يصلين أحد العصر إال يف بين قريضة

91 ال يقضي القاضي وهو غضبان

394 ال يلج النار من صلى قبل طلوع الشمس، وقبل غروهبا

497 لال مينعن أحدا منكم أذان بال

475 لعن اهلل اليهود والنصارى؛ اختذوا قبور أنبيائهم مساجد

457 لقد ظننت يا أبا هريرة أن ال يسألين عن هذا احلديث أحد أول منك

470 لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت اهلدي

59 لو أعلم أنك تنظر لطعنت به عينك

565 لو دخلوها مل يزالوا فيها إىل يوم القيامة

423 ؟ما أبقيت ألهلك

561 ما من ذنب أحرى أن يعجل اهلل العقوبة لصاحبه يف الدنيا

412 ما من غازية تغزو يف سبيل اهلل فيصيبون الغنيمة

500 ما من نيب بعثه اهلل يف أمة قبلي إال كان له من أمته حواريون

319 ؟ما يبكيك

469 الضعيفاملؤمن القوي خري وأحب إىل اهلل من املؤمن

551 املؤمن للمؤمن كالبنيان؛ يشد بعضه بعضا

562 مثل القائم على حدود اهلل والواقع فيها

551 مثل املؤمنني يف توادهم وترامحهم

433 مروا أبناءكم بالصالة لسبع سنني

545 املسلم أخو املسلم، ال يظلمه،

445 من استطاع الباءة فليتزوج

458 ا ما ليس فيه فهو ردمن أحدث يف أمرنا هذ

502 من أحيا سنة من سنيت فعمل هبا النا كان له مثل أجر من عمل هبا

556 من أطاعين فقد أطاع اهلل

411 من تعلم علما مما يبتغى وجه اهلل عز وجل

569 من خرج من الطاعة

555 من خلع يدا من طاعة لقي اهلل يوم القيامة ال حجة له

502 هدى كان له من األجر مثل أجور من تبعه،من دعا إىل

567 من رأى من أمريه شيئا يكرهه فليصرب

410 من سره أن يبسط له يف رزقه

501 من سن يف اإلسالم سنة حسنة

456 من شهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له

396 من صلى الربدين دخل اجلنة

487 ردمن عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو

207 من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار

444 هل كان فيها وثنا من أوثان اجلاهلية يعبد

511 هلك املتنطعون

479 وحيك تدري ما تقول

519 ويل للعرب من شر قد اقرتب

406 يا أبا بكر، للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل

433 إله إال اهلليا أسامه، أقتلته بعد ما قال: ال

511 يا أيها النا ، عليكم بالقصد

477 يا أيها النا ، عليكم بتقواكم

491 يا رسول اهلل، إني أبدع بي فامحلين

482 يا عائشة، بيت ال متر فيه جياع أهله

545 يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي

512 يا عبداهلل، أمل أخرب أنك تصوم النهار

74 ليت بأصحابك وأنت جنبيا عمرو، ص

453 ؟يا معاذ، هل تدري حق اهلل على عباده

481 يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن

ثالثا: فهر آثار الصحابة رقم الصفحة األثر

479 ملسو هيلع هللا ىلصأصابت النا سنة على عهد رسول اهلل

72 اقسمها بيننا وخذ مخسها

478 بنبينا فتسقينا اللهم إنا كنا نتوسل إليك

73 أما والذي نفسي بيده، لوال أن أترك آخر النا ببانا

515 أن ابن عمر رضي اهلل عنهما سئل عن صالة قوم يصلون الضحى يف املسجد

398 خرج عام الفتح يف رمضان ملسو هيلع هللا ىلصأن رسول اهلل

298 إن هؤالء اآليات أنزلن عذرا للماضني

493 قارئ واحدإني أرى لو مجعت هؤالء على

452 أي إال ليقروا بالعبودة

72 دعهم يكونوا مادة للمسلمني

474 صارت األوثان اليت كانت يف قوم نوح يف العرب بعد

64 الظهر والعصر مجيعا باملدينة يف غري خوف وال سفر ملسو هيلع هللا ىلصصلى

496 كان النداء يوم اجلمعة أوله إذا جلس اإلمام على املنرب

393 إذا كان الرجل صائما ملسو هيلع هللا ىلصمد كان أصحاب حم

24 كان عمر يدخلين مع أشياخ بدر

455 كل ما ورد يف القرآن من العبادة فمعناها التوحيد

292 كيف ختتلف هذه األمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة

399 ال تعب على من صام، وال على من أفطر

99 ملا سئلت عائشة رضي اهلل عنها عن قضاء احلائ

71 وال آخر املسلمني ما فتحت قرية إال قسمتها بني أهلهال

485 ما يأتي على النا من عام إال أحدثوا فيه بدعة

اانح ﴿نسختها ر نزلا فمه ٱلقححي أ انا ٱل ضا ما هرح را 392 ﴾ شا

73 واهلل إذن ليكونن ما تكره

66 يا خليفة رسول اهلل، إن عندنا أرضا سبخة

فهر األعالم املرتجم هلم رابعا:

رقم الصفحة العلم

71 إبراهيم السعدي

598 إبراهيم شيبان

27 أبو احلسن العامري

257 أبو احلسن الكرخي

64 أبو الزبري

600 أبو حممد اجلريري

32 ابن القاسم

9 أمحد الريسوني

103 إمساعيل احلسين

63 أشهب بن عبدالعزيز

395 التوربشيت

26 يم الرتمذياحلك

118 النعمان بن حيون

249 جاسر عودة

51 طه جابر العلواني

298 عبداحلميد أبو سليمان

493 عبدالرمحن القاري

63 عبدالرمحن بن عبداهلل بن أمحد اخلثعمي السهيلي

202 عبدالعزيز الكناني

33 عالل الفاسي

396 عمارة بن رويبة الثقفي

35 عمر عبيد حسنة

319 ة الشيبانيعنرت

390 فضالة الليثي

392 قيس بن صرمة

305 هاشم صاحل

خامسا: فهر املراجع

1

اإلبداع يف بيان كمال الشرع وخطر االبتداع، حممد بن صاحل العثيمني، ضمن سلسلة

العقد الثمني، الرسالة الثانية

2

الوهاب، حتقيق اإلهباج يف شرح املنهاج، علي بن عبدالكايف السبكي وولده عبد

هـ 1401القاهرة، الطبعة األوىل، -شعبان حممد إمساعيل، مكتبة الكليات األزهرية

م1981 -

3

أبو يزيد البسطامي اجمموعة الصوفية الكاملة، مجع: قاسم حممد عبا ، دار املدى

م2004دمشق، الطبعة األوىل، -للثقافة والنشر

4

الالذقية، الطبعة -بدالرمحن بو علي، دار احلوار األثر املفتوح، أمربطوإيكو، ترمجة ع

م2001الثانية،

5

االجتهاد املقاصدي حجيته ضوابطه جماالته، نور الدين اخلادمي، ضمن سلسلة

، 65قطر، العدد: -كتاب األمة الصادرة عن وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية

هـ1419مجادى األوىل الطبعة األوىل،

6

قاصدي من التصور األصويل إىل التنزيل العملي، جاسر عودة، الشبكة االجتهاد امل

م2013بريوت، الطبعة األوىل، -العربية لألحباث والنشر

7

الكويت، الطبعة -االجتهاد يف الشريعة اإلسالمية، يوسف القرضاوي، دار القلم

م1996 -هـ 1417األوىل،

8

مد مهدي مشس الدين، املؤسسة الدولية االجتهاد والتجديد يف الفقه اإلسالمي، حم

م1999 -هـ 1419بريوت، الطبعة األوىل، -

9

األحكام السلطانية والواليات الدينية، أبو احلسن علي بن حممد املاوردي، حتقيق:

م1989 -هـ 1409الكويت، الطبعة األوىل، -أمحد مبارك البغدادي، دار ابن قتيبة

10

أبو احلسن علي بن أبي علي اآلمدي، بتعليقات اإلحكام يف أصول األحكام،

م.2003 -هـ 1424الرياض، الطبعة األوىل، -عبدالرزاق عفيفي، دار الصميعي

11

-اإلحكام يف أصول األحكام، أبو حممد علي بن أمحد ابن حزم، دار اآلفاق اجلديدة

بريوت.

12

بريوت، الطبعة -ابن حزم إحياء علوم الدين، أبو حامد حممد بن حممد الغزايل، دار

م2005 -هـ 1426األوىل،

13

أخبار مكة يف قديم الدهر وحديثه، أبو عبداهلل حممد بن إسحاق الفاكهي، حتقيق:

بريوت، الطبعة -عبدامللك بن عبداهلل بن دهيش، دار خضر للطباعة والنشر

م1994 -هـ 1414الثانية،

14

إمساعيل البخاري حتقيق: حممد فؤاد عبدالباقي، األدب املفرد، أبو عبداهلل حممد بن

هـ1375القاهرة، -املطبعة السلفية

15

الرياض، الطبعة -آراء املعتزلة األصولية، علي بن سعد الضوحيي، مكتبة الرشد

م1995 -هـ 1415األوىل،

16

ية األربعني يف أصول الدين، فخر الدين حممد بن عمر الرازي، مكتبة الكليات األزهر

القاهرة -

17

-اإلرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، القسطالني، املطبعة الكربى األمريية

هـ. 1304مصر،

18

اإلرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول، حملمد بن علي الشوكاني، حتقيق:

م2000 -هـ 1421الرياض، الطبعة األوىل، -سامي بن العربي األثري، دار الفضيلة

19

اإلرشاد إىل قواطع األدلة يف أصول االعتقاد، أبو املعايل عبدامللك بن عبداهلل

هـ 1369مصر، -اجلويين، حتقيق: حممد موسى وعلي عبداحلميد، مكتبة اخلاجني

م1950 -

20

إرواء الغليل يف ختريج احاديث منار السبيل، حملمد ناصر الدين األلباني، املكتب

م1979 -هـ 1399لطبعة األوىل، بريوت، ا -اإلسالمي

21

أسا البالغة، أبو القاسم حممود بن عمرو الزخمشري، حتقيق: حممد باسل عيون

م.1998-هـ1419بريوت، الطبعة األوىل، عام -السود، دار الكتب العلمية

22

أسا التأويل، للقاضي النعمان بن حممد بن حيون الباطين، حتقيق: عارف تامر،

الثقافة، بريوت نشر: دار

23

أسا التقديس، لفخر الدين حممد بن عمر الرازي، حتقيق: أمحد حجازي السقا،

م1986 -هـ 1406القاهرة، -مكتبة الكليات األزهرية

24

االستذكار، أبو عمر يوسف بن عبداهلل بن عبدالرب، اعتناء: عبداملعطي أمني

م1993 -هـ 1414دمشق، الطبعة األوىل، -قلعجي، دار قتيبة

25

-االستضعاف وأحكامه يف الفقه اإلسالمي، زياد املشوخي، دار كنوز أشبيليا

م2012 -هـ 1433الرياض، الطبعة األوىل،

26

االستقامة، أبو العبا أمحد بن عبداحلليم بن تيمية، حتقيق: حممد رشاد سامل،

-هـ 1411لثانية، الرياض، الطبعة ا -جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية

م1991

27

-االستقراء واملنهج العلمي، حممود فهمي زيدان، دار اجلامعات املصرية

م1977األسكندرية،

28

االستيعاب يف معرفة األصحاب، أبو عمر يوسف بن عبداهلل بن عبدالرب، حتقيق:

م1992 -هـ 1412بريوت، الطبعة األوىل، -علي البجاوي، دار اجليل

29

بريوت، -سس املنطقية لالستقراء، حممد باقر الصدر، دار التعارف للمطبوعات األ

م1986 -هـ 1406الطبعة اخلامسة،

30

إسالم ضد اإلسالم، الصادق النيهوم، رياض الريس للكتب والنشر، الطبعة الثالثة،

م2000

31

شروق الدولية اإلسالم والسياسة الرد على شبهات العلمانيني، حممد عمارة، مكتبة ال

م2008 -هـ 1429القاهرة، الطبعة األوىل، -

32

اإلسالم وأصول احلكم، علي عبدالرازق، دراسة: حممد عمارة، املؤسسة العربية

م2000بريوت، -للدراسات والنشر

33

األشباه والنظائر يف قواعد وفروع فقه الشافعية، جالل الدين عبدالرمحن السيوطي،

م1983 -هـ 1403بريوت، الطبعة األوىل، -ة دار الكتب العلمي

34

اإلصابة يف متييز الصحابة، أبو الفضل أمحد بن علي بن حجر العسقالني، حتقيق:

عبداهلل بن عبداحملسن الرتكي ومركز هجر للبحوث والدراسات العربية واإلسالمية،

م.2008 -هـ 1429الطبعة األوىل،

35

مدينة نصر، -إبراهيم يوسف، دار الفكر العربي أصل العدل عند املعتزلة، هامن

م 1993 -هـ 1413الطبعة األوىل،

36

بريوت، الطبعة -اإلصالحية العربية والدولة الوطنية، علي أومليل، دار التنوير

م1985األوىل،

37

أصول البزدوي )كتاب فيه معرفة احلجج الشرعية(، أبو اليسر حممد بن حممد

اري برناند وإيريك شومون، املعهد العلمي الفرنسي لآلثار الشرقية البزدوي، نشر: م

القاهرة. -

38

أصول السرخسي، أبو بكر أمحد بن أبي سهل السرخسي، حتقيق: أبو الوفا

م1993 -هـ 1414بريوت، الطبعة األوىل، -األفغاني، دار الكتب العلمية

39

أكرم الندوي، دار الغرب أصول الشاشي، لنظام الدين الشاشي، حتقيق: حممد

م2000بريوت، الطبعة األوىل، -اإلسالمي

40

-أصول الفقه الذي ال يسع الفقيه جهله، عياض بن نامي السلمي، دار التدمرية

م2005 -هـ 1426الرياض، الطبعة األوىل، عام

41

أصول الفقه، لشمس الدين حممد بن مفلح املقدسي، حتقيق: فهد السدحان، مكتبة

م1999 -هـ 1420الرياض، الطبعة األوىل، -العبيكان

42

أصول النظام االجتماعي يف اإلسالم، حممد الطاهر بن عاشور، الشركة التونسية

للتوزيع، الطبعة الثانية

43

أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن، حملمد األمني الشنقيطي، إشراف: بكر بن

فوائدعبداهلل أبو زيد، دار عامل ال

44

االعتصام، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطيب، حتقيق: حممد بن عبد الرمحن

الشقري، سعد بن عبد اهلل آل محيد، هشام بن إمساعيل الصيين، دار ابن اجلوزي،

م2008 -هـ 1429الطبعة األوىل،

45

الطبعة بريوت، -اإلعجاز العلمي يف القرآن، السيد اجلميلي، دار ومكتبة اهلالل

م1992الثانية،

46

إعالم املوقعني عن رب العاملني، أبو عبداهلل حممد بن أبي بكرابن القيم، حتقيق: حممد

م1996 -هـ 1417بريوت، -عبدالسالم، دار الكتب العلمية

47

اإلعالم مبناقب اإلسالم، أبو احلسن حممد بن أبي ذر العامري النيسابوري، حتقيق:

غراب، دار األصالة للثقافة والنشر، الرياض، الطبعة الوىل، أمحد عبداجلميد

م1988 -هـ 1408

48

بريوت، الطبعة اخلامسة عشر، -األعالم، خريالدين الزركلي، دار العلم للماليني

م.2002

49

إعمال قاعدة سد الذرائع يف باب البدعة، حممد بن حسني اجليزاني، مكتبة دار

هـ1428األوىل، الرياض، الطبعة -املنهاج

50

إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، أبو عبداهلل حممد بن أبي بكر بن قيم اجلوزية،

حتقيق: حممد عزيز مشس ومصطفى إيتيم، دار عامل الفوائد

51

اقتضاء الصراط املستقيم خمالفة أصحاب اجلحيم، أمحد بن عبداحلليم بن تيمية،

الرياض، -بة الرشدحتقيق: ناصر عبدالكريم العقل، مكت

52

اإلقناع يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل، موسى بن أمحد احلجاوي، حتقيق: عبداللطيف

بريوت -السبكي، نشر: دار املعرفة

53

إكمال هتذيب الكمال يف أمساء الرجال، لعالء الدين مغلطاي بن قليج البكجري،

القاهرة، -للطباعة والنشر حتقيق: عادل حممد وإسامه إبراهيم، الفاروق احلديثة

م2001 -هـ 1422الطبعة األوىل،

54

األم، اإلمام حممد بن إدريس الشافعي، حتقيق: رفعت فوزي عبداملطلب، دار الوفاء

م2001 -هـ 1422املنصورة، الطبعة األوىل، -للطباعة والنشر

55

ي، دار طيبة اإلمامة العظمى عند أهل السنة واجلماعة، عبداهلل بن عمر الدميج

الرياض، الطبعة الثانية -للنشر والتوزيع

56

األمنية يف إدراك النية، أمحد بن إدريس القرايف، حتقيق: مساعد الفاحل، مكتبة

م1988 -هـ 1408الرياض، الطبعة األوىل، -احلرمني

57

بريوت، -األموال، أبو عبيد القاسم بن سالم، حتقيق: حممد عمارة، دار الشروق

م1989 -هـ 1409لطبعة األوىل، ا

58

األموال، محيد بن زجنويه، حتقيق: شاكر ذيب فياض، مركز امللك فيصل للبحوث

م1986 -هـ 1406الرياض، الطبعة األوىل، -والدراسات اإلسالمية

59

االنتصار والرد على ابن الراوندي، أبو احلسني عبدالرحيم بن حممد اخلياط املعتزيل،

-هـ 1413بريوت، الطبعة الثانية، -ج، أوراق شرقية للطباعة والنشر حتقيق: نيرب

م1993

60

االنتقاء يف فضائل األئمة الثالثة الفقهاء، أبو عمر يوسف بن عبدالرب، اعتنى به:

هـ 1417حلب، الطبعة األوىل، -عبدالفتاح أبو غدة، مكتب املطبوعات اإلسالمية

م.1997 -

61

معرفة األواخر واألوائل، عبدالكريم بن إبراهيم اجليلي، حتقيق: اإلنسان الكامل يف

-هـ 1418بريوت، الطبعة األوىل، -صالح حممد عويضه، دار الكتب العلمية

م1997

62

القاهرة، الطبعة األوىل، -اإلنسان واخلالفة يف األرض، حممد أمني جرب، دار الشروق

م1999 -هـ 1419

63

لى املعاني واألسباب اليت أوجبت االختالف، أبو حممد عبد اإلنصاف يف التنبيه ع

-اهلل بن حممد بن السيد البطليوسي، حتقيق: حممد رضوان الداية، دار الفكر

هـ1403بريوت، الطبعة الثانية،

64

اإلنصاف فيما جيب اعتقاده وال جيوز اجلهل به، أبو بكر بن الطيب الباقالني، حتقيق:

-هـ 1421القاهرة، الطبعة الثانية، -املكتبة األزهرية للرتاث حممد زاهد الكوثري،

م2000

65

أوائل املقاالت، حملمد بن حممد بن املعلم )املفيد(، حتقيق: إبراهيم األنصاري، املؤمتر

هـ1413العاملي أللفية الشيخ املفيد، الطبعة األوىل،

66

احلق من أصول التوحيد، ابن إيثار احلق على اخللق يف رد اخلالفات إىل املذهب

بريوت، الطبغة الثانية، -الوزير حممد بن املرتضى اليماني، دار الكتب العلمية

م1987 -هـ 1407

67

الدار -اإليديولوجيا العربية املعاصرة، عبداهلل العروي، املركز الثقايف العربي

م1995البيضاء، الطبعة األوىل،

68

بريوت، -نظرة جتديد، عبداهلل العاليلي، دار اجلديد أين اخلطأ؟ تصحيح مفاهيم و

م1992الطبعة الثانية،

69

البحر الزخار املعروف مبسند البزار، أبو بكر أمحد بن عمر البزار، حتقيق: عادل بن

م2006 -هـ 1427املدينة، الطبعة األوىل، -سعد وزمالئه، مكتبة العلوم واحلكم

70

قه، بدر الدين حممد بن هبادر الزركشي، حترير: عبدالقادر البحر احمليط يف أصول الف

-هـ 1409الكويت، الطبعة األوىل، -العاني، وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية

م1988

71

البحر املديد يف تفسري القرآن اجمليد، أبو العبا أمحد بن حممد بن عجيبة، حتقيق:

م1999 -هـ 1419أمحد عبداهلل رسالن،

72

داية املبتدي يف فقه اإلمام أبي حنيفة، لعلي بن أبي بكر املرغيناني، طبع على نفقة ب

حامد إبراهيم كرسون

73

بدر املنري يف ختريج األحاديث واآلثار الواقعة يف الشرح الكبري، أبو حفص عمر بن

علي بن امللقن، حتقيق: أمحد سليمان أيوب وعبداهلل بن سليمان، دار اهلجرة للنشر

م2006 -هـ 1425الرياض، الطبعة األوىل، -التوزيع و

74

البدع، أبو عبداهلل بن وضاح القرطيب، حتقيق: عمرو بن عبداملنعم سليم، مكتبة ابن

م2008 -هـ 1429تيمية، الطبعة الثالثة،

75

-هـ 1354الربامجاتزم أو مذهب الذرائع، يعقوب فام، جلنة التأليف والرتمجة،

م.1936

76

-ربامجاتية، وليام جيمس، ترمجة: حممد علي العريان، املركز القومي للرتمجة ال

م2008القاهرة،

77

الربهان يف أصول الفقه، أبو املعايل عبدامللك بن عبداهلل اجلويين، حتقيق: عبدالعظيم

هـ.1399الديب، الطبعة األوىل،

78

بريوت، -الوحدة العربية بنية العقل العربي، حممد عابد اجلابري، مركز دراسات

م2009الطبعة التاسعة،

79

بيان املختصر شرح خمتصر املنتهى ابن احلاجب، حملمود بن عبدالرمحن األصفهاني،

مكة -جامعة أم القرى -حتقيق: حممد مظهر، مركز البحث العلمي وإحياء الرتاث

املكرمة

80

خ اإلسالم أمحد بن عبداحلليم بيان تلبيس اجلهمية يف تأسيس بدعهم الكالمية، لشي

بن تيمية، حتقيق: راشد محد الطيار وآخرون، جممع امللك فهد لطباعة املصحف

هـ1426املدينة املنورة، -الشريف

81

تاج العرو من جواهر القامو ، حملمد مرتضى احلسيين الزبيدي، حتقيق:

عبدالستار أمحد فراج، مطبعة حكومة الكويت

82

إمساعيل بن محاد اجلوهري، حتقيق: ،حاح العربية الشهري بـ )الصحاح(تاج اللغة وص

م.1990الطبعة الرابعة عام -بريوت-دار العلم للماليني ،أمحد عبد الغفور عطار

83

التاج واإلكليل ملختصر خليل، أبو عبداهلل حممد بن يوسف املواق، دار الكتب

م1994 - هـ1416بريوت، الطبعة األوىل، عام -العلمية

84

تاريخ اإلسالم ووفيات املشاهري واألعالم، لشمس الدين حممد بن أمحد الذهيب،

بريوت، الطبعة األوىل، -حتقيق: عمر عبدالسالم تدمري، دار الكتاب العربي

م1993 -هـ 1413

85

تاريخ األستاذ اإلمام الشيخ حممد عبده، حملمد رشيد رضا، دار الفضيلة، الطبعة

م2006 -هـ 1427ية، الثان

86

تاريخ املذاهب اإلسالمية يف السياسة والعقائد وتاريخ املذاهب الفقهية، حممد أبو

القاهرة. -زهرة، دار الفكر العربي

87

تاريخ بغداد مدينة السالم، أبو بكر أمحد بن علي اخلطيب البغدادي، حتقيق: بشار

م2001 -هـ 1422بعة األوىل، بريوت، الط -عواد معروف، دار الغرب اإلسالمي

88

بريوت، الطبعة -تارخيية الفكر العربي اإلسالمي، حممد أركون، مركز اإلمناء القومي

م1996الثانية،

89

تأويل خمتلف احلديث، أبو حممد عبداهلل بن مسلم بن قتيبة، حتقيق: حممد حميي

م1999 -هـ 1419بريوت، الطبعة الثانية، -الدين األصفر، املكتب اإلسالمي

م2007بريوت، -التأويل واحلقيقة، علي حرب، دار التنوير للطباعة والنشر 90

91

تأويالت أهل السنة )تفسري املاتريدي(، أبو منصور حممد بن حممد املاتريدي، حتقيق:

م2005 -هـ 1426بريوت، الطبعة األوىل، -جمدي باسلوم، دار الكتب العلمية

92

الرياض، الطبعة اخلامسة، -ه وأنواعه، ناصر اجلديع، مكتبة الرشد التربك أحكام

م2000 -هـ 1421

93

تبصري املؤمنني بفقه النصر والتمكني يف القرآن الكريم، لعلي حممد الصأبو، مكتبة

م2001 -هـ 1422الشارقة، الطبعة األوىل، -الصحابة

94

أبي بكر ابن قيم اجلوزية، حتقيق: التبيان يف أميان القرآن، أبو عبداهلل حممد بن

عبداهلل بن سامل البطاطي، دار عامل الفوائد

95

جتديد الدين لدى االجتاه العقالني اإلسالمي املعاصر، أمحد بن حممد اللهيب، جملة

هـ1432الرياض، -البيان

96

ة، بريوت، الطبعة الثاني -جتديد الفكر الديين، أمحد البغدادي، االنتشار العربي

م2008

97

الدمام، الطبعة -التجديد يف الفكر اإلسالمي، عدنان إمامة، دار ابن اجلوزي

هـ1424األوىل،

98

التجديد والتحريم والتأويل، نصر حامد أبو زيد، املركز الثقايف العربي، الطبعة األوىل،

م.2010

99

املرداوي، حتقيق: التحبري شرح التحرير يف أصول الفقه، أبو احلسن علي بن سليمان

الرياض -عبدالرمحن بن عبداهلل اجلربين، مكتبة الرشد

حترير اإلنسان وجتريد الطغيان، حاكم املطريي، بدون بيانات طبع 100

101

التحرير يف أصول الفقه، ابن مهام، مطبعة مصطفى البابي احلليب وأوالده، مصر، عام

هـ1351

م1984ر بن عاشور، الدار التونسية للنشر، التحرير والتنوير، حممد الطاه 102

103

حتفة الطالب مبعرفة أحاديث خمتصر احلاجب، أبو الفداء إمساعيل ابن كثري، حتقيق:

هـ1406مكة املكرمة، الطبعة األوىل، -عبدالغين محيد الكبيسي، دار حراء

104

دالصمد بكر عابد، ختريج األحاديث واآلثار الواردة يف كتاب األموال أبو عبيد، عب

-رسالة علمية مقدمة لنيل درجة الدكتوراه، كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية

جامعة أم القرى

105

التدرج يف التشريع والتطبيق يف الشريعة اإلسالمية، حممد الزحيلي، الديوان األمريي

م2000 -هـ 1420الكويت، الطبعة األوىل، -

106

-هـ 1414القاهرة، الطبعة األوىل، -هويدي، دار الشروق التدين املنقوص، فهمي

م1994

107

تذكرة احلفاظ، أبو عبداهلل حممد بن أمحد الذهيب، تصحيح: عبدالرمحن بن حييى

بريوت. -املعلمي، دار الكتب العلمية

108

تذكرة احملتاج إىل أحاديث املنهاج، ابن امللقن، حتقيق: محدي السلفي، املكتب

م1994 -هـ 1415مي، بريوت، الطبعة األوىل، اإلسال

109

-الرتاث والتجديد موقفنا من الرتاث القديم، حسن حنفي، املؤسسة اجلامعيى

م1992 -هـ 1412بريوت، الطبعة الرابعة،

110

تزيني املمالك مبناقب اإلمام مالك، جلالل الدين السيوطي، حتقيق: هشام حممد

م.2010 -هـ 1431الدار البيضاء، الطبعة األوىل، -ة احلسين، دار الرشاد احلديث

111

تسع رسائل يف احلكمة والطبيعيات، أبو علي احلسني بن عبداهلل بن سينا، دار

القاهرة، الطبعة الثانية -العرب

112

القاهرة، -التشريع والفقه يف اإلسالم تارخيا ومنهجا، مناع القطان، مكتبة وهبة

م2001 -هـ 1422 الطبعة اخلامسة،

113

تشنيف املسامع جبمع اجلوامع، لبدر الدين حممد بن هبادر الزركشي، حتقيق: عبداهلل

القاهرة، الطبعة الثانية -ربيع وسيد عبدالعزيز، مؤسسة قرطبة

114

التعارض والرتجيح عند األصوليني وأثرمها يف الفقه اإلسالمي، حممد بن إبراهيم

م1987 -هـ 1408املنصورة، الطبعة الثانية، - احلفناوي، دار الوفاء

115

التعرف ملذهب التصوف، أبو بكر حممد بن إسحاق الكالباذي، ضبطه: أمحد

م1993 -هـ 1413بريوت، الطبعة األوىل، -مشس الدين، دار الكتب العلمية

116

لة التعريفات، علي بن حممد اجلرجاني، حتقيق: حممد صديق املنشاوي، دار الفضي

القاهرة، -

117

-التعليقات احلسان على صحيح بن حبان، حممد ناصر الدين األلباني، دار باوزير

م2003 -هـ 1424جدة، الطبعة األوىل،

م.1947تعليل األحكام، حممد مصطفى شليب، مطبعة األزهر ، عام 118

119

-هـ 1420وىل، دمشق، الطبعة األ -تغري االجتهاد، وهبة الزحيلي، دار املكتيب

م2000

120

بريوت، -تغري األحكام يف الشريعة اإلسالمية، إمساعيل كوكسال، مؤسسة الرسالة

م2000 -هـ 1421الطبعة األوىل،

121

التقريب حلد املنطق، أبو حممد علي بن أمحد بن حزم، حتقيق: أمحد فريد املزيدي،

بريوت. -دار الكتب العلمية

122

للقضايا العقدية يف الفكر العربي، سلطان عبدالرمحن العمريي، التفسري السياسي

م2010 -هـ 1431مركز التأصيل للدراسات والبحوث، جدة، الطبعة األوىل،

123

تفسري الشيخ األكرب ابن عربي، ملحق هبامش تفسري اخلازن املسمى لباب التأويل يف

هـ1317معاني التنزيل، طبعة الكتيب واحلليب،

124

تفسري العلمي للقرآن بني النظريات والتطبيق، هند شليب، مطبعة تونس، الطبعة ال

م1986 -هـ 1406األوىل،

125

والصحابة والتابعني، ابن أبي حامت ملسو هيلع هللا ىلصتفسري القرآن العظيم مسندا عن رسول اهلل

مكة -عبدالرمحن بن حممد الرازي، حتقيق: أسعد حممد الطيب، مكتبة نزار الباز

م.1997 -هـ 1417الطبعة األوىل، املكرمة،

126

تفسري القرآن العظيم، أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري، حتقيق: سامي بن حممد

م.1999 -هـ 1420الرياض، الطبعة الثانية، -السالمه، دار طيبة للنشر والتوزيع

127

عبدالرؤوف تفسري القرآن العظيم، أبو حممد سهل بن عبداهلل التسرتي، حتقيق: طه

م2004 -هـ 1425القاهرة، الطبعة األوىل، -وسعد حسن، دار احلرم للرتاث

القاهرة -التفسري واملفسرون، حممد حسني الذهيب، مكتبة وهبة 128

129

التقريب واإلرشاد )الصغري(، أبو بكر حممد بن الطيب الباقالني، حتقيق: عبداحلميد

م1998 -هـ 1418الطبعة الثانية، بريوت، -أبو زنيد، مؤسسة الرسالة

130

تقويم األدلة يف أصول الفقه، أبو زيد عبيداهلل بن عمر الدبوسي، حتقيق: خليل حميي

م2001 -هـ 1421بريوت، الطبعة األوىل، -الدين، دار الكتب العلمية

131

وىل، بريوت، الطبعة األ -تلبيس إبليس، أبو الفرج عبدالرمحن بن اجلوزي، دار القلم

هـ1403

132

التلخيص يف أصول الفقه، أبو املعايل عبدامللك بن عبداهلل اجلويين، حتقيق: عبداهلل

-هـ 1417بريوت، الطبعة األوىل، -جومل وشبري أمحد، دار البشائر اإلسالمية

م1996

133

تلخيص منطق أرسطو، ابن رشد، دراسة وحتقيق: جريارجهامي، نشر: دار الفكر

م1992، بريوت، الطبعة األوىل، عام اللبناني

134

(، حتقيق: 455-6/454التمهيد ملا يف املوطأ من املعاني واألسانيد، ابن عبدالرب، )

مصطفى العلوي وحممد البكري، وزارة عموم األوقاف والشؤون اإلسالمية، املغرب،

م1967 -هـ 1387

135

ور يف كتابه مقاصد الشريعة التنظري املقاصدي عند اإلمام حممد الطاهر ابن عاش

اإلسالمية، حممد حسني، رسالة علمية مقدمة لنيل درجة الدكتوراه يف أصول الفقه

جامعة اجلزائر، غري منشور -

136

هتذيب الفروق والقواعد السنية يف األسرار الفقهية، حممد علي بن حسني املكي

بريوت، الطبعة -املالكي، ضبطه وصححه، خليل منصور، دار الكتب العلمية

م.1998 -هـ 1418األوىل،

137

هتذيب الكمال يف أمساء الرجال، جلمال الدبن يوسف املزي، حتقيق: بشار عواد

م.1992 -هـ 1413بريوت، الطبعة األوىل، -معروف، مؤسسة الرسالة

138

هتذيب اللغة، أبو منصور حممد بن أمحد األزهري، حتقيق : عبدالعظيم حممود

الدار املصرية للتأليف والرتمجة. ،لي النجاروحممد ع

139

هتذيب التهذيب، أبو الفضل أمحد بن علي بن حجر، حتقيق: إبراهيم الزيبق وعادل

املرشد، مؤسسة الرسالة.

140

بريوت، الطبعة األوىل، -التوحيد والتزكية والعمران، طه العلواني، دار اهلادي

م2003 -هـ 1424

141

القاهرة، -اني احلديث وموقفه من القرآن، منى الشافعي، دار اليسر التيار العلم

هـ1429الطبعة األوىل،

142

تيسري العزيز احلميد يف شرح كتاب التوحيد، لسليمان بن عبداهلل بن حممد بن

الرياض، الطبعة األوىل، -عبدالوهاب، حتقيق: أسامه العتييب، دار الصميعي

م2007 -هـ 1428

143

الكريم الرمحن يف تفسري كالم املنان، عبدالرمحن بن ناصر السعدي، حتقيق: تيسري

هـ 1422الرياض، الطبعة الثانية، -عبد الرمحن اللوحيق ، دار السالم للنشر والتوزيع

م.2002 -

144

تيسري علم أصول الفقه، عبداهلل بن يوسف اجلديع، مؤسسة الريان للطباعة والنشر،

م.1997 -هـ 1418وىل، عام بريوت، الطبعة األ

145

الثبات والشمول يف الشريعة اإلسالمية، عابد السفياني، مركز التأصيل للدراسات

م2013 -هـ 1434والبحوث، جدة، الطبعة الثانية،

146

-الثقات، أبو حامت حممد بن حبان البسيت، مطبعة جملس دائرة املعارف العثمانية

م1973 -هـ 1393حيدر أباد، الطبعة األوىل،

147

جامع البيان عن تأويل القرآن، أبو جعفر حممد بن جرير الطربي، حتقيق: حممود حممد

القاهرة، الطبعة الثانية -شاكر وأمحد حممد شاكر، مكتبة ابن تيمة

148

جامع العلوم واحلكم، أبو الفرج عبدالرمحن بن شهاب الدين )ابن رجب(، متحقيق:

م 2008 -هـ 1429دمشق، الطبعة األوىل، -كثري ماهر الفحل، دار ابن

149

اجلامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وسننه

وأيامه = صحيح البخاري، حممد بن إمساعيل أبو عبداهلل البخاري اجلعفي، اعتناء:

هـ1422حممد زهري بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة: األوىل،

150

اجلامع ألحكام القرآن، أبو عبداهلل حممد بن أمحد بن أبي بكر القرطيب، حتقيق:

عبداهلل بن عبداحملسن الرتكي وحممد رضوان وخالد العواد وحممد معتز، مؤسسة

م.2006 -هـ 1427الرسالة، الطبعة األوىل،

151

بدالكريم بن علي اجلامع ملسائل أصول الفقه وتطبيقها على املذهب الراجح، ع

م2000 -هـ 1420الرياض، الطبعة األوىل، -النملة، مكتبة الرشد

152

اجلمع بني القراءتني قراءة الوحي وقراءة الكون، طه جابر العلواني، مكتبة الشروق

م2006 -هـ 1427القاهرة، الطبعة األوىل، -الدولية

153

حتقيق: رمزي منري بعلبكي، دار مجهرة اللغة، أبو بكر حممد بن احلسن بن دريد،

م1987بريوت، الطبعة األوىل، -العلم للماليني

154

اجلواب الصحيح ملن بدل دين املسيح، أبو العبا أمحد بن عبداحلليم بن تيمية،

الرياض، -حتقيق: علي ناصر وعبدالعزيز العسكر ومحدان احلمدان، دار العاصمة

م1999 -هـ 1419الطبعة الثانية،

155

مصر، الطبعة -جوهر اإلسالم، حممد سعيد العشماوي، مكتبة مدبويل الصغري

م2996 -هـ 1416الرابعة،

بريوت -حاشية العطار على مجع اجلوامع، حسن العطار، دار الكتب العلمية 156

157

احلسبة يف اإلسالم )وظيفة احلكومة اإلسالمية(، أبو العبا أمحد بن عبداحلليم بن

بريوت -ة، دار الكتب العلمية تيمي

158

حسن احملاضرة يف تاريخ مصر والقاهرة، جالل الدين عبدالرمحن السيوطي، حتقيق:

-هـ 1387حممد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، الطبعة األوىل،

م1967

159

األوقاف حقوق اإلنسان حمور مقاصد الشريعة، جمموعة مؤلفني، كتاب األمة، وزارة

م2002 -هـ 1421قطر، الطبعة األوىل، -والشؤون اإلسالمية

160

حقيقة اخلالف يف التعليل باحلكمة وأثره يف الفقه اإلسالمي، علي احلكمي، حبث

-هـ 1414علمي حمكم، جملة جامعة أم القرى، السنة السابعة، العدد التاسع، العام

م1994

161

تغري، عبداجمليد السوسوة، جملة الشريعة والقانون، احلكم الشرعي بني الثبات وال

م2004هـ، يناير 1424العدد العشرون، ذو القعدة

162

القاهرة، الطبعة األوىل، -احلوار اإلسالمي العلماني، طارق البشري، دار الشروق

م1996 -هـ 1417

163

-اد الصباح حول الدعوة إىل تطبيق الشريعة اإلسالمية، حسني أمحد أمني، دار سع

م 1992الكويت، الطبعة الثالثة،

164

اخلطيئة والتكفري من البنيوية إىل التشرحيية، عبداهلل الغذامي، اهليئة املصرية العامة

م1998للكتاب، الطبعة الرابعة،

165

خالفة اإلنسان بني الوحي والعقل، عبداجمليد النجار، املعهد العاملي للفكر

م.1987 -هـ 1413ثانية، اإلسالمي، الطبعة ال

166

الداء والدواء، أبو عبداهلل حممد بن أبي بكر بن قيم اجلوزية، حتقيق: حممد أمجل

اإلصالحي، دار عامل الفوائد

167

-درء الفتنة عن أهل السنة، لبكر بن عبداهلل أبو زيد، دار العاصمة للنشر والتوزيع

الرياض، الطبعة الثانية

168

ة حول فلسفة املقاصد يف الشريعة اإلسالمية، عبدالرمحن صاحل دراسات تطبيقي

م.2002 -هـ 1422بابكر، تفنية الطباعة احملدودة،

169

دقائق التفسري اجلامع لتفسري اإلمام ابن تيمية، مجع: حممد السيد اجلليند، مؤسسة

م1984 -هـ 1404دمشق، الطبعة الثانية، -علوم القرآن

170

التشريعات املعاصرة، حممد سليم العوا، مركز دراسات مقاصد دور املقاصد يف

لندن، الطبعة الثالثة، -الشريعة اإلسالمية، مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي

م2009-هـ 1430

الدميقراطية وحقوق اإلنسان يف اإلسالم، راشد الغنوشي، الدار العربية للعلوم 171

172

حممد عابد اجلابري، مركز دراسات الوحدة العربية الدين والدولة وتطبيق الشريعة،

م1996بريوت، الطبعة األوىل، -

173

الذخرية، شهاب الدين أمحد بن إدريس القرايف، حتقيق: حممد بو خبزة، دار الغرب

م1994الطبعة األوىل، عام -اإلسالمي، بريوت

174

مشقي، دار الكتب ذيل تذكرة احلفاظ، أبو احملاسن حممد بن علي احلسيين الد

العلمية، بريوت

175

الرد على املنطقيني، أبو العبا أمحد بن عبداحلليم بن تيمية، حتقيق: عبدالصمد

-هـ 1426بريوت، الطبعة األوىل، -الكتيب، مؤسسة الريان للطباعة والنشر

م2005

176

طبعة األوىل، الرياض، ال -الردة بني احلد واحلرية، صاحل العمرييين، دار التدمرية

م2013 -هـ 1434

177

الرسالة، اإلمام حممد بن إدريس الشافعي، حتقيق : أمحد شاكر ، دار الكتب

بريوت -العلمية

178

الرسالة التبوكية، أبو عبداهلل حممد بن أبي بكر بن قيم اجلوزية، حتقيق: حممد عزيز

مل الفوائدمشس، ضمن جمموع الرسائل حتت إشراف: بكر أبو زيد، دار عا

م1969 -هـ 1389الرسالة الثانية من اإلسالم، حممود حممد طه، الطبعة الثالثة، 179

180

رسالة يف رعاية املصلحة، للطويف، حتقيق: أمحد عبدالرحيم السايح، الدار املصرية

م1993 -هـ 1413اللبنانية، الطبعة األوىل،

181

بن هوازن القشريي، اعتناء: خليل منصور، الرسالة القشريية، أبو القاسم عبدالكريم

م2001 -هـ 1422بريوت، -دار الكتب العلمية

182

رسائل العدل والتوحيد، جمموعة رسائل، دراسة وحتقيق: حممد عمارة، دار

م1988 -هـ 1408القاهرة، الطبعة الثانية، -الشروق

183

القاهرة، -ر الشروق رؤية إسالمية معاصرة إعالن مبادئ، كمال أبو اجملد، دا

م1991 -هـ 1412الطبعة األوىل،

184

زاد املسري يف علم التفسري، أبو الفرج عبدالرمحن بن علي بن اجلوزي، املكتب

م1984 -هـ 1404بريوت، الطبعة الثالثة، -اإلسالمي

185

زاد املعاد يف هدي خري العباد، أبو عبداهلل حممد بن أبي بكر بن قيم اجلوزية،

بريوت، الطبعة الثالثة، -قيق: شعيب وعبدالقادر األرنؤوط، مؤسسة الرسالة حت

م1998 -هـ 1418

186

الزهد والرقائق، عبداهلل بن املبارك املروزي، حتقيق: حبيب الرمحن األعظمي، دار

م2004 -هـ 1425بريوت، الطبعة الثانية، -الكتب العلمية

187

حممد بن إمساعيل الصنعاني، مكتبة املعارف للنشر سبل السالم شرح بلوغ املرام، ا

م2006 -هـ 1427الرياض، الطبعة األوىل، -والتوزيع

188

دمشق، -سد الذرائع يف الشريعة اإلسالمية، حملمد هاشم الربهاني، دار الفكر

م1995

189

سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، حملمد ناصر الدين األلباني،

هـ1415مكتبة املعارف للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة األوىل، عام

190

السلطة يف اإلسالم العقل الفقهي السلفي بني النص والتاريخ، عبداجلواد ياسني، املركز

م1998الدار البيضاء، الطبعة األوىل، -الثقايف العربي

191

، حتقيق: حممد فؤاد عبدالباقي، سنن ابن ماجه، أبو عبداهلل حممد بن يزيد القزويين

دار إحياء الكتب العربية

192

سنن الرتمذي )اجلامع الصحيح(، أبو عيسى حممد بن عيسى الرتمذي، حتقيق:

-هـ 1395مصر، الطبعة الثانية، -شاكر وعبدالباقي وعطوة، مطبعة احلليب

م1975

193

، حتقيق: حممد عبدالقادر السنن الكربى، أبو بكر أمحد بن احلسني بن علي البيهقي

هـ1424بريوت، الطبعة الثالثة، عام -عطا، دار الكتب العلمية

194

سنن النسائي )كتاب السنن الكربى(، أمحد بن شعيب النسائي، حتقيق: حسن

م2001 -هـ 1421بريوت، الطبعة األوىل، -عبداملنعم شليب، مؤسسة الرسالة

195

شعث السجستاني، حتقيق: شعيب األرنؤوط سنن أبي داوود، سليمان بن األ

م2009 -هـ 1430دمشق، الطبعة األوىل، -وحممد كامل، دار الرسالة العاملية

196

سنن سعيد بن منصور، حتقيق ودراسة: سعد بن عبداهلل آل محيد، دار الصميعي

م1993 -هـ 1414الرياض، الطبعة األوىل، -

197

، عبداهلل املالكي، الشبكة العربية لألحباث والنشر سيادة األمة قبل تطبيق الشريعة

م2012بريوت، الطبعة األوىل، -

198

سري أعالم النبالء، أبو عبد اهلل حممد بن أمحد الذهيب، حتقيق: جمموعة من احملققني

بريوت، الطبعة الثالثة، -بإشراف الشيخ شعيب األرناؤوط، مؤسسة الرسالة

م1985 -هـ 1405

199

بريوت، الطبعة األوىل، -يب ومقاصد الشريعة، محادي العبيدي، دار قتيبة الشاط

م1992 -هـ 1412

200

شرح األربعني النووية، حملمد بن صاحل العثيمني، دار الثريا للنشر، الطبعة الثالثة،

م 2004 -هـ 1425

201

ريم شرح األصول اخلمسة، للقاضي عبداجلبار بن أمحد املعتزيل، حتقيق: عبدالك

م1996 -هـ 1416القاهرة، الطبعة الثالثة، -عثمان، مكتبة وهبة

202

شرح البدخشي )مناهج العقول(، حملمد بن احلسن البدخشي، مطبعة حممد علي

مصر -صبيح وأوالده

203

شرح السنة، حتقيق: شعيب األرنؤوط وحممد الشاويش، نشر: املكتب اإلسالمي،

هـ.1403بريوت، الطبعة الثانية، عام

204

شرح العقيدة الطحاوية، لعلي بن علي بن حممد بن أبي العز الدمشقي، حتقيق:

بريوت -عبداحملسن الرتكي وشعيب األرنؤوط، مؤسسة الرسالة

205

شرح املقاصد، لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني، حتقيق: عبدالرمحن عمرية،

م1998 -هـ 1419بريوت، الطبعة الثانية، -عامل الكتب

206

شرح بداية اجملتهد وهناية املقتصد، أبو الوليد حممد بن أمحد بن حممد ابن رشد

مصر، الطبعة -احلفيد، حتقيق: عبداهلل العبادي، دار السالم للطباعة والنشر

م1995 -هـ 1416األوىل،

207

إدريس شرح تنقيح الفصول يف اختصار احملصول يف األصول، لشهاب الدين أمحد بن

م2004 -هـ 1424بريوت، -القرايف، دار الفكر

208

شرح سنن أبي داوود، لبدر الدين حممود بن أمحد العيين، حتقيق: خالد بن إبراهيم

م1999 -هـ 1420الرياض، الطبعة األوىل، -املصري، مكتبة الرشد

209

شرح صحيح البخاري، أبو احلسن علي بن خلف بن بطال، ضبط نصه وعلق

الرياض، -ليه: ياسر إبراهيم، مكتبة الرشد ع

210

شرح فتح القدير، لكمال الدين حممد بن عبدالواحد )ابن اهلمام احلنفي(، اعتناء:

-هـ 1424بريوت، الطبعة األوىل، -عبدالرزاق غالب املهدي، دار الكتب العلمية

م2003

211

وية، ليحيى بن شرف الدين شرح منت األربعني النووية يف األحاديث الصحيحة النب

م1984 -هـ 1404بريوت، الطبعة األوىل، -النووي، املكتب اإلسالمي

212

شرح خمتصر الروضة، لنجم الدين سليمان بن عبدالقوي الطويف، حتقيق: عبداهلل

اململكة العربية -الرتكي، وزارة الشءون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد

م1998 -هـ 1419لثامية، السعودية، الطبعة ا

213

شرح معاني اآلثار، أبو جعفر أمحد بن حممد الطحاوي، حتقيق: حممد النجار وحممد

م1994 -هـ 1414جاد احلق، عامل الكتب، الطبعة األوىل،

214

الشريعة اإلسالمية رسم أبعاد وتبيان مقاصد، حممود عكام، فصلت للدراسات

م2000 -هـ 1421، حلب، الطبعة األوىل -والرتمجة

215

شفاء الغليل يف بيان الشبه واملخيل ومسالك التعليل، أبو حامد حممد بن حممد

هـ.1390عام ،بغداد -مطبعة اإلرشاد ،الغزايل، حتقيق: أمحد الكبيسي

216

صحيح ابن حبان برتتيب ابن بلبان، لعالء الدين علي بن بلبان، حتقيق: شعيب

هـ.1408لة، بريوت، الطبعة األوىل، عام األرنؤوط، مؤسسة الرسا

صحيح األدب املفرد، حملمد ناصر الدين األلباني، مكتبة الدليل 217

218

صحيح الرتغيب والرتهيب، حملمد ناصرالدين األلباني، مكتبة املعارف للنشر

م2000 -هـ 1421الرياض، الطبعة األوىل، -والتوزيع

219

-ه، حملمد ناصرالدين األلباني، املكتب اإلسالمي صحيح اجلامع الصغري وزيادات

م1988 -هـ 1408بريوت، الطبعة الثالثة،

220

-صحيح سنن أبي داوود، حملمد ناصر الدين األلباني، غرا للنشر والتوزيع

م2002 -هـ 1423الكويت، الطبعة األوىل،

221

، مركز دراسات ضرورة جتديد الفكر اإلسالمي وأهم آلياته، أمحد زكي مياني

لندن -مقاصد الشريعة اإلسالمية، مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي

222

ضوابط الرتجيح عند وقوع التعارض لدى األصوليني، بنيونس الويل، أضواء السلف

م2004 -هـ 1425الرياض، الطبعة األوىل عام -

223

حتقيق: عبدالفتاح طبقات الشافعية الكربى، أبو نصر عبدالوهاب بن علي السبكي،

احللو وحممود الطناحي، دار إحياء الكتب العربية

224

طرح التثريب يف شرح التقريب، احلافظ عبدالرحيم بن احلسني العراقي وولده أبو

بريوت. -زرعة، دار إحياء الرتاث

225

الطرق احلكمية يف السياسة الشرعية، أبو عبداهلل حممد بن أبي بكر بن قيم اجلوزية،

حتقيق: نايف بن أمحد احلمد، دار عامل الفوائد

226

ظاهرة اإلرجاء يف الفكر اإلسالمي، سفر احلوايل، دار الكلمة، الطبعة األوىل،

م1999 -هـ 1420

227

ظاهرة التأويل احلديثة يف الفكر العربي املعاصر، خالد عبدالعزيز السيف، مركز

م2010 -هـ 1431ألوىل، التأصيل للدراسات والبحوث، جدة، الطبعة ا

228

الرياض، الطبعة األوىل، -ظاهرة اليسار اإلسالمي، حممد امليلي، دار النشر الدويل

م1993 -هـ 1414

229

العبودية عند الصوفية، مها العمريي، رسالة علمية مقدمة لنيل درجة املاجستري يف

جامعة أم القرى، غري منشور -العقيدة

230

الرياض، -العبا أمحد بن عبداحلليم بن تيمية، مكتبة املعارف العبودية، أبو

م1982-هـ 1402

231

عدة الصابرين وذخرية الشاكرين، أبو عبداهلل حممد بن أبي بكر بن قيم اجلوزية،

حتقيق: إمساعيل بن غازي مرحبا، دار عامل الفوائد

232

حتقيق: أمحد علي سري العدة يف أصول الفقه، أبو يعلى حممد بن احلسني الفراء،

م1993 -هـ 1414املباركي، الطبعة الثالثة،

233

الدار البيضاء، -العرب والفكر التارخيي، عبداهلل العروي، املركز الثقايف العربي

2006الطبعة اخلامسة،

234

العصرانيون بني مزاعم التجديد وميادين التغريب، حممد حامد الناصر، مكتبة الكوثر

م2001 -هـ 1422، الطبعة الثانية، الرياض -

235

-العصرانيون ومفهوم التجديد يف الدين، عبدالعزيز خمتار إبراهيم، مكتبة الرشد

م2009 -هـ 1430الرياض، الطبعة األوىل،

عقائد اإلمامية، حملمد رضا املظفر، بدون بيانات طبع 236

237

سسة الفرقان للرتاث اإلسالمي، عالقة مقاصد الشريعة بأصول الفقه، ابن بيه، مؤ

مـ2006

238

الرياض، الطبعة -علم املقاصد الشرعية، نور الدين اخلادمي، مكتبة العبيكان

هـ1421األوىل،

239

-هـ 1423علم مقاصد الشارع، عبدالعزيز بن عبدالرمحن بن ربيعة، الطبعة األوىل،

م.2002

240

القاهرة، -، عبدالوهاب املسريي، دار الشروق العلمانية الشاملة والعلمانية اجلزئية

م2002 -هـ 1423الطبعة األوىل،

العلمانية، سفر احلوايل، دار اهلجرة 241

242

اجليزة، الطبعة -العلمانيون وأنسنة القرآن، منصور أبو شافعي، مكتبة النافذة

م2010األوىل،

د بن أمحد العيين، دار الفكرعمدة القاري شرح صحيح البخاري، لبدر الدين حممو 243

العناية شرح اهلداية، أبو عبداهلل حممد بن حممد البابرتي، دار الفكر 244

245

عوارف املعارف، أبو حفص عمر السهروردي، حتقيق: عبداحلليم حممود وحممود

القاهرة -الشريف، دار املعارف

246

احلق العظيم آبادي، عون املعبود شرح سنن أبي داوود، أبو الطيب حممد مشس

املدينة املنورة، الطبعة الثانية، -حتقيق: عبدالرمحن حممد عثمان، املكتبة السلفية

م1986 -هـ 1388

247

، دار الكتب 0العني، اخلليل بن أمحد الفراهيدي، حتقيق: عبداحلميد هنداوي

م.2003 -هـ 1424بريوت، الطبعة األوىل، -العلمية

248

يف طبقات األطباء، ابن أبي أصيبعة أمحد بن القاسم السعدي، حتقيق: عيون األنباء

بريوت، -نزار رضا، دار مكتبة احلياة

غاية الوصول شرح لب األصول، دار الكتب العربية الكربى، مصر. 249

250

غمز عيون البصائر شرح كتاب األشباه والنظائر، ألمحد بن حممد احلموي، دار

م1985 -هـ 1405ريوت، الطبعة األوىل، ب -الكتب العلمية

251

الغياثي ) غياث األمم يف التياث الظلم (، أبو املعايل عبدامللك بن عبداهلل اجلويين،

هـ.1401حتقيق: عبدالعظيم الديب، الطبعة الثانية،

252

بريوت، -فتاوى ومسائل ابن الصالح، حتقيق: عبداملعطي أمني قلعجي، دار املعرفة

م1986 -هـ 1406األوىل، الطبعة

253

فتح الباري شرح صحيح البخاري، أمحد بن علي بن حممد بن حجر، حتقيق:

م.2001 -هـ 1421عبدالقادر شيبة احلمد، الطبعة األوىل،

254

فتح الباري شرح صحيح البخاري، لزين الدين عبدالرمحن بن أمحد بن رجب،

املدينة املنورة، -كتبة الغرباء األثرية حتقيق: حممد شعبان عبداملقصود وزمالؤه، م

م.1996 -هـ 1416الطبعة األوىل،

255

فتح اجمليد شرح كتاب الوحيد، عبدالرمحن بن حسن، حتقيق: الوليد آل فريان، دار

هـ1415الصميعي، الطبعة األوىل،

256

الفتوحات املكية، ابن عربي حممد بن علي بن حممد احلامتي، حتقيق: أمحد مشس

م1999بريوت، الطبعة األوىل، -الدين، دار الكتب العلمية

257

الفرق بني الفرق، لعبدالقاهر بن طاهر البغدادي، ضبط وتعليق: حممد حميي الدين

القاهرة. -عبداحلميد، مطبعة املدني

258

الفروق )أنوار الربوق يف أنواء الفروق(، أبو العبا أمحد بن إدريس القرايف، ضبط:

م1998 -هـ 1418بريوت، الطبعة األوىل، -ل منصور، دار الكتب العلمية خلي

259

فصل املقال فيما بني الشريعة واحلكمة من االتصال، أبو الوليد ابن رشد، حتقيق:

القاهرة، الطبعة الثالثة -حممد عمارة، دار املعارف

260

حزم، حتقيق: حممد الفصل يف امللل واألهواء والنحل، أبو حممد علي بن امحد بن

-هـ 1416بريوت، الطبعة الثاني، -إبراهيم نصر وعبدالرمحن عمرية، دار اجليل

م1996

261

فضائح الباطنية، أبو حممد بن حممد حامد الغزايل، حتقيق: عبدالرمحن بدوي، دار

الكتب والثقافة، الكويت

262

القاهرة، -مكتبة وهبة الفقه اإلسالمي بني األصالة والتجديد، يوسف القرضاوي،

م1999 -هـ 1419الطبعة الثانية،

263

فقه األولويات يف ظالل مقاصد الشريعة اإلسالمية، عبدالسالم الكربويل، دار طيبة

م2008 -هـ 1429دمشق، الطبعة األوىل، -

264

دمشق، الطبعة الثالثة، -الفقه السياسي اإلسالمي، خالد الفهدوي، دار األوائل

م2008

265

فقه املقاصد إناطة األحكام مبقاصدها، جاسر عودة، املعهد العاملي للفكر

م2008 -هـ 1429اإلسالمي، فرجينيا، الطبعة الثالثة،

266

الفكر األصويل واستحالة التأصيل، حممد أركون، ترمجة: هاشم صاحل، دار الساقي

م1999بريوت، الطبعة األوىل، -

267

لية السلطة العلمية يف اإلسالم، عبداجمليد الصغري، دار الفكر األصويل وإشكا

م1994 -هـ 1415املنتخب العربي، الطبعة األوىل،

268

ال.فكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي، حممد بن احلسن احلجوي الثعاليب، مطبعة

هـ1345-1340إدارة املعارف بالرباط،

269

راني، ترمجة: كريم عزقول، دار النهار للنشر الفكر العربي يف عصر النهضة، ألربت حو

بريوت. -

270

الفكر الفلسفي يف املغرب قراءات يف أعمال العروي واجلابري، كمال عبداللطيف،

م2008القاهرة، الطبعة األوىل، -رؤية للنشر والتوزيع

270

م، 1999الفكر املقاصدي قواعده وفوائده، أمحد اريسوني، منشورات جريدة الزمن،

الدار البيضاء

272

فهم السلف الصاحل للنصوص الشرعية حقيقته وأمهيته وحجيته، عبداهلل الدميجي،

الرياض. -جملة البيان

273

الفوائد اجملموعة يف األحاديث املوضوعة، حممد بن علي الشوكاني، حتقيق:

-هـ 1407بريوت، الطبعة الثالثة، -عبدالرمحن املعلمي، املكتب اإلسالمي

م1987

274

مصر، الطبعةالثانية والثالثون، -يف ظالل القرآن، سيد قطب، دار الشروق

م2003 -هـ 1423

275

-في الباري على صحيح البخاري، حملمد أنور الكشمريي، دار الكتب العلمية

م2005بريوت، الطبعة األوىل،

276

القادر األرنؤوط، رئاسة قاعدة جليلة يف التوسل والوسيلة، ابن تيمية، حتقيق: عبد

م1999 -هـ 1420الرياض، الطبعة األوىل، -إدارة البحوث العلمية واإلفتاء

قضايا التجديد، حسن الرتابي، معهد البحوث والدراسات اإلسالمية 277

278

املدينة املنورة، الطبعة -القطعية من األدلة األربعة، حممد دكوري، اجلامعة اإلسالمية

هـ1420األوىل،

279

قواطع األدلة يف األصول، أبو املظفر منصور بن حممد السمعاني، حتقيق: عبداهلل بن

م1998 -هـ 1418حافظ حكمي، الطبعة األوىل،

280

القواعد األصولية عند اإلمام الشاطيب، اجلياليل املريين، دار ابن القيم ودار ابن

م.2000 -هـ 1423عفان، الطبعة األوىل،

281

عد الشعر، لثعلب أبي العبا أمحد بن حييى، حتقيق: رمضان عبدالتواب، قوا

م1995القاهرة، الطبعة الثانية، -مكتبة اخلاجني

282

هـ 1418الرياض، البعة األوىل، -القواعد الفقهية، يعقوب الباحسني، مكتبة الرشد

م1998 -

283

عز الدين عبدالعزيز بن القواعد الكربى ) قواعد األحكام يف إصالح األنام (،

دمشق، الطبعة األوىل، -عبدالسالم، حتقيق: نزيه محاد وعثمان ضمريية، دار القلم

م2000 -هـ 1421

284

-قواعد املقاصد عند اإلمام الشاطيب، عبدالرمحن إبراهيم الكيالني، دار الفكر

م2000-هـ 1421دمشق، الطبعة األوىل،

285

الرياض، -اإلسالمية، مصطفى خمدوم، دار أشبيليا قواعد الوسائل يف الشريعة

م1999 -هـ 1420

286

القول السديد شرح كتاب التوحيد، عبدالرمحن بن ناصر السعدي، حتقيق: صربي

م2004 -هـ 1425الرياض، الطبعة األوىل، -شاهني، دار الثبات

287

ناء وإشراف: القول املفيد شرح كتاب التوحيد، حممد بن صاحل العثيمني، اعت

هـ1415سليمان أبا اخليل وخالد املشيقح، دار العاصمة، الطبعة األوىل،

288

القيم الضرورية ومقاصد التشريع اإلسالمي، فهمي حممد علوان، اهليئة املصرية

م1989العامة للكتاب،

289

الكاشف عن أصول الدالئل وفصول العلل، فخر الدين حممد بن عمرالرازي، حتقيق:

م1992 -هـ 1412بريوت، الطبعة األوىل، -د حجازي السقا، دار اجليل أمح

290

-الكايف يف فقه أهل املدينة، أبو عمر يوسف بن عبدالرب، دار الكتب العلمية

م 1992 -هـ 1413بريوت، الطبعة الثانية،

291

افذ كتاب املدلسني، أبو زرعة أمحد بن عبدالرحيم العراقي، حنقيق: رفعت فوزي ون

-هـ 1415املنصورة، الطبعة األوىل، -حسني محاد، دار الوفاء للطباعة والنشر

م.1995

292

كتاب املوضوعات من األحاديث املرفوعات، أبو الفرج عبدالرمحن بن علي بن

الرياض، الطبعة األوىل، -اجلوزي، حتقيق: نور الدين بن شكري، أضواء السلف

م1997 -هـ 1418

293

ناع عن منت اإلقناع، ملنصور بن يونس البهوتي، حتقيق: إبراهيم عبداحلميد، كشاف الق

م2003 -هـ 1423الرياض، طبعة خاصة، -دار عامل الكتب للطباعة والنشر

294

كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم البزدوي، لعالء الدين عبدالعزيز بن أمحد

بريوت -خباري، دار الكتاب العربي

295

والبيان ) تفسري الثعليب(، أبو إسحاق أمحد الثعليب، حتقيق: ابن عاشور، الكشف

م2002 -هـ 1422بريوت، الطبعة األوىل، -دار إحياء الرتاث العربي

296

كفاية األخيار يف حل غاية االختصار، أبو بكر حممد بن عبداملؤمن احلصين، اعتنى

هـ 1429بريوت، الطبعة الثانية، -به: عبداهلل بن مسيط وحممد عربش، دار املنهاج

م2008 -

297

بريوت، الطبعة -كلمة اإلخالص وحتقيق معناها، ابن رجب، املكتب اإلسالمي

هـ1399اخلامسة،

الكليات األساسية للشريعة اإلسالمية، أمحد الريسوني، حركة التوحيد واإلصالح 298

299

يمان، حبث حمكم نشرته جملة العدل الكليات الفقهية دراسة نظرية تأصيلية، ناصر امل

هـ1427(، ربيع اآلخر، عام 30يف عددها )

300

الكليات الفقهية على مذهب اإلمام مالك، أبو عبداهلل حممد بن علي بن غازي،

اعتناء جالل علي اجلهاني

301

الكليات الفقهية، أبو عبداهلل حممد املقري، حتقيق: حممد أبو األجفان، الدر العربية

م1997للكتاب،

302

الكواكب الدرية يف تراجم السادة الصوفية، لزين الدين حممد عبدالرؤوف املناوي،

بريوت -حتقيق: حممد أديب اجلادر، دار صادر

303

الكويت، -الكون واإلنسان يف التصور اإلسالمني حامد صادق قنييب، مكتبة الفالح

م19980 -هـ 1400الطبعة األوىل،

304

-كراه يف الدين إشكالية الردة واملرتدين، طه العلواني، مكتبة الشروق الدولية ال إ

م2006 -هـ 1427القاهرة، الطبعة الثانية

305

-أبو الفضل مجال الدين حممد بن مكرم ابن منظور، طبعة دار صادر ،لسان العرب

بريوت.

306

يئة املصرية العامة للكتاب، لطائف اإلشارات، القشريي، حتقيق: إبراهيم بسيوني، اهل

مصر، الطبعة الثالثة.

307

اللمع، أبو نصر السراج الطوسي، حتقيق: عبداحلليم حممود وطه عبدالباقي، دار

م1960 -هـ 1380مصر، -الكتب احلديثة

308

مآالت األفعال يف املصطلح املقاصدي، حممد كمال الدين إمام، مركز دراسات

لندن، الطبعة -مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي -ية مقاصد الشريعة اإلسالم

م2012 -هـ 1433األوىل،

309

مآالت األفعال وأثرها يف تغري األحكام، حسني الذهب، خمطوط رسالة علمية

اجلامعة األردنية -مقدمة لنيل درجة املاجستري يف الفقه وأصوله

310

يم عبدالرمحن السعدي، دار مباحث العلة يف القيا عند األصوليني، عبداحلك

م2000 -هـ 1421بريوت، الطبعة الثانية، -البشائر اإلسالمية

311

اجملموع شرح املهذب، أبو زكريا حميي الدين بن شرف النووي، حنقيق: حممد جنيب

جدة -املطيعي، مكتبة اإلرشاد

312

بن قاسم، جمموع فتاوى شيخ اإلسالم أمحد بن تيمية، مجع عبدالرمحن بن حممد

م1995 -هـ 1416جممع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف، املدينة،

313

اجملموع يف احمليط بالتكليف، أبو احلسن عبداجلبار بن أمحد املعتزيل، اعتناء: جني

بريوت -يوسف اليسوعي، املطبعة الكاثوليكية

314

(، مجادى 25ء، العدد )جملة اإلحياء، جملة فصلية تصدر عن الرابطة احملمدية للعلما

م2007يوليو -هـ 1428الثانية

315

(، 7اجلزائر، العدد ) -جملة احلياة، دورية فكرية يصدرها معهد احلياة بالقرارة

م2003نوفمرب -هـ 1424رمضان

م2008يناير -هـ 1428(، ذو احلجة 33جملة الشريعة والقانون، العدد ) 316

317

-دورية تصدر عن جامعة األمري عبدالقادر للعلوم اإلسالمية جملة العلوم اإلسالمية،

م1987مايو -هـ 1407(، رمضان 2قسنطينة، العدد )

318

-حماسن التأويل، جلمال الدين القامسي، حتقيق: حممد باسل، دار الكتب العلمية

هـ. 1418بريوت، الطبعة األوىل، عام

319

العلماء واحلكماء واملتكلمني، لفخر الدين حمصل أفكار املتقدمني واملتأخرين من

-حممد بن عمر الرازي، راجعه: طه عبدالرؤوف سعد، مكتبة الكليات األزهرية

القاهرة،

320

احملصول يف علم األصول، فخر الدين حممد بن عمر الرازي، حتقيق: طه جابر

هـ1418بريوت، الطبعة الثالثة، علم -العلواني، مؤسسة الرسالة

321

احمللى، أبو حممد علي بن امحد بن حزم، حتقيق: امحد شاكر، إدارة الطباعة املنريية،

هـ1347

322

-حممد عبده قراءة جديدة يف خطاب اإلصالح الديين، حممد احلداد، دار الطليعة

م2003بريوت، الطبعة األوىل،

323

الفتوحي، حتقيق: خمتصر التحرير شرح الكوكب املنري، ابن النجار حممد بن امحد

م1993 -هـ 1413الرياض، -حممد الزحيلي ونزيه محاد، مكتبة العبيكان

324

مدارج السالكني بني منازل إياك نعبد وإياك نستعني، حملمد بن أبي بكر بن قيم

اجلوزية، حتقيق: ناصر السعوي وعلي القرعاوي وصاحل التوجيري وخالد الغنيم

م2011 -هـ 1432الرياض، الطبعة األوىل، -وحممد اخلضريي، دار الصميعي

325

القاهرة، -مدخل إىل التصوف اإلسالمي، أبو الوفا الغنيمي التفتازاني، دار الثقافة

الطبعة الثالثة

326

بريوت، الطبعة األوىل، -مدخل إىل التنوير األوروبي، هاشم صاحل، دار الطليعة

م2005

327

القاهرة، -د مهران، دار الثقافة للنشر والتوزيع مدخل إىل املنطق الصوري،حملم

م1994

328

بريوت، -مدخل لدراسة الشريعة اإلسالمية، يوسف القرضاوي، مؤسسة الرسالة

م1993 -هـ 1414الطبعة األوىل،

329

الكويت، -مدخل للتشريع اإلسالمي، حملمد فاروق النبهان، وكالة املطبوعات

م1981الطبعة الثانية،

330

مذكرة يف أصول الفقه، حملمد األمني بن حممد املختار الشنقيطي، مكتبة العلوم

املدينة املنورة. -واحلكم

331

مراقي السعود إىل مراقي السعود، حممد األمني اجلكين الشهري باملرابط، حتقيق: حممد

وىل، القاهرة، الطبعة األ -املختار بن حممد األمني الشنقيطي، مكتبة ابن تيمية

م1993 -هـ 1413

332

مرعاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح، أبو احلسن عبيداهلل بن حممد املباركفوري،

م1985 -هـ 1405اجلامعة السلفية، الطبعة الثانية،

333

مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح، لعلي بن سلطان حممد القاري، حتقيق: مجال

م2001 -هـ 1422ريوت، الطبعة األوىل، ب -عيتاني، دار الكتب العلمية

334

مسالك الكشف عن مقاصد الشريعة بني الشاطيب وابن عاشور، عبداجمليد النجار،

مقال نشر مبجلة العلوم اإلسالمية الصادرة عن جامعة األمري عبدالقادر اإلسالمية

م1987 -هـ 1407بقسنطينة، اجلزائر، العدد الثاني، رمضان

335

ملشرتكة بني أصول الفقه وأصول الدين، حممد العروسي عبدالقادر، مكتبة املسائل ا

الرشد.

336

مسألة احلرية يف الفكر اإلسالمي احلل املعتزيل، أبو عمران الشيخ، ترمجة: رندة بعث،

م2012دمشق، -ززارة الثقافة السورية

337

، حتقيق: مصطفى املستدرك على الصحيحني، أبو عبداهلل حممد بن عبداهلل احلاكم

م2002 -هـ 1422بريوت، -عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية

338

املستصفى من علم أصول الفقه، أبو حامد حممد بن حممد الغزايل، حتقيق: محزة

زهري حافظ، املدينة للطباعة والنشر

339

وسلم املسند الصحيح املختصر بنقل العدل عن العدل إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه

= صحيح مسلم، مسلم بن احلجاج أبو احلسن القشريي النيسابوري، حتقيق: حممد

م1955 -هـ 1374بريوت، -فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الرتاث العربي

340

مسند الفاروق، أبو الفداء إمساعيل بن كثري، حتقيق: إمام بن علي بن إمام، دار

م2009 -هـ 1430الفالح، مصر، الطبعة األوىل،

341

مسند أبي يعلى املوصلي، أبو يعلى أمحد بن علي التميمي، حتقيق وختريج: حسني

م1987 -هـ 1407دمشق، الطبعة األوىل، -سليم أسد، دار املأمون للرتاث

342

املسند، اإلمام أمحد بن حنبل الشيباني، حتقيق: شعيب األرنؤوط وآخرون، نشر

هـ1421عام مؤسسة الرسالة، الطبعة األوىل،

343

مسودة يف أصول الفقه آلل تيمية، أمحد بن حممد العالئي، حتقيق: أمحد إبراهيم

م2001 -هـ 1422الرياض، الطبعة األوىل، -الذروي، دار الفضيلة

344

مشكاة املصابيح، حملمد بن عبداهلل اخلطيب التربيزي، حتقيق: حممد ناصر الدين

م1979 -هـ 1399بريوت، الطبعة الثانية، -األلباني، املكتب اإلسالمي

345

املصابيح يف إثبات اإلمامة، أمحد محيدالدين الكرماني، حتقيق: مصطفى غالب،

هـ.1416دار املنتظر، بريوت، الطبعة األوىل، عام

بريوت. -املصباح املنري، أمحد بن حممد الفيومي املقري، مكتبة لبنان 346

مصر -اإلسالمي، مصطفى زيد، دار اليسر للطباعة والنشر املصلحة يف التشريع 347

348

املصلحة يف املصطلح املقاصدي رؤية وظيفية، حممد كمال الدين إمام، مركز

لندن، -دراسات مقاصد الشريعة اإلسالمية، مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي

م2011الطبعة األوىل،

349

لصنعاني، حتقيق: حبيب الرمحن األعظمي، املصنف، أبو بكر عبدالرزاق بن مهام ا

م1983 -هـ 1403بريوت، الطبعة الثانية، -املكتب اإلسالمي

350

املصنف، أبو بكر عبداهلل بن حممد بت أبي شيبة، حتقيق: أسامة بن إبراهيم،

م2008 -هـ 1429القاهرة، الطبعة األوىل، -الفاروق احلديثة للطباعة والنشر

351

الفقه عند أهل السنة واجلماعة، حملمد بن حسني اجليزاني، دار ابن معامل أصول

م1996هـ 1416الدمام، الطبعة األوىل، -اجلوزي

352

معامل التنزيل )تفسري البغوي، أبو حممد احلسني بن مسعود البغوي، حتقيق: حممد النمر

هـ1409الرياض، -وعثمان ضمريية وسليمان احلرش، دار طيبة

353

بريوت، -امل اجلديدة لألصول، حممد باقر الصدر، دار التعارف للمطبوعات املع

م1989 -هـ 1410

354

بريوت، الطبعة األوىل، -معامل الشريعة اإلسالمية، صبحي الصاحل، دار العلم للماليني

م1975

355

معاني القرآن وإعرابه، أبو إسحاق إلبراهيم بن السري الزجاج، حتقيق: عبداجلليل

م1988 -هـ 1408بريوت، الطبعة األوىل، -بده شليب، عامل الكتب ع

356

املعتمد يف أصول الفقه، أبو احلسني حممد بن علي البصري املعتزيل، حتقيق: حممد

-عبداهلل وحممد بكر وحسن حنفي، املعهد العلمي الفرنسي للدراسات العربية

م1964 -هـ 1384دمشق،

357

ة، لعبدالرزاق الكاشاني، حتقيق: عبدالعال شاهني، دار معجم اصطالحات الصوفي

م1992 -هـ 1413القاهرة، الطبعة األوىل، -املنار

358

بريوت، الطبعة -معجم البلدان، ليب عبداهلل ياقوت بن عبداهلل احلموي، دار صادر

م1995الثانية،

359

هـ 1425الطبعة الرابعة، املعجم الوسيط، جممع اللغة العربية، مكتبة الشروق الدولية،

م2004 -

360

معجم مقاييس اللغة، أبو احلسني أمحد بن فار بن زكريا، حتقيق: عبدالسالم حممد

هارون، دار الفكر للطباعة والنشر.

361

معراج التشوف إىل حقائق التصوف، أبو العبا أمحد بن حممد بن عجيبة، حتقيق:

الدار البيضاء -يف املغربي عبداجمليد خيايل، مركز الرتاث الثقا

362

معرفة األسرار، حممد بن علي الرتمذي احلكيم، حتقيق: حممد إبراهيم اجليوشي،

دار النهضة العربية

363

-املعرفة يف اإلسالم مصادرها وجماالهتا، عبداهلل حممد القرني، دار عامل الفوائد

هـ1419مكة املكرمة، الطبعة األوىل،

364

-م، أبو حامد حممد بن حممد الغزايل، حتقيق: سليمان دنيا، دار املعارف معيار العل

م1961مصر،

365

املغين يف أبواب التوحيد والعدل، أبو احلسن عبداجلبار األسدآبادي، حتقيق: حممد

النجار وعبداحلليم النجار

366

بعة مفاتيح املعرفة، مصطفى غالب، مؤسسة عزالدين للطباعة والنشر، بريوت، ط

هـ.1402عام

367

مفهوم البدعة وأثره يف اضطراب الفتاوى املعاصرة، عبداإلله العرفج، دار الفتح

م2009 -هـ 1430األردن، الطبعة األوىل، -للدراسات والنشر

368

مفهوم التجديد بني السنة النبوية وبني أدعياء التجديد املعاصرين، حممود الطحان،

م1986 -هـ 1406يت، الطبعة الثانية، الكو -مكتبة دار الرتاث

369

-مقاربات منهجية يف فلسفة الدين، شفيق جرادي، معهد املعارف احلكمية

م2004 -هـ 1425بريوت، الطبعة األوىل،

370

، حمرم، 33(، العدد 56املقاصد االستقرائية، نور الدين اخلادمي، جملة العدل، )

هـ.1428

371

ية، حملمد الطاهر بن عاشور، حتقيق: حممد الطاهر مقاصد الشريعة االسالم

-هـ 1421األردن، الطبعة الثانية، -امليساوي، دار النفائس للنشر والتوزيع

م.2001

372

مقاصد الشريعة اإلسالمية تأصيال وتفعيال، حملمد بكر إمساعيل، ضمن سلسة دعوة

(، العام 213، العدد )احلق، رابطة العامل اإلسالمي، السنة الثانية والعشرون

هـ.1427

373

مقاصد الشريعة اإلسالمية دراسات يف قضايا املنهج وجماالت التطبيق، جمموعة

مؤسسة الفرقان للرتاث -حبوث، مركز دراسات مقاصد الشريعة اإلسالمية

لندن، الطبعة األوىل -اإلسالمي

374

حممد سعد بن أمحد اليوبي، مقاصد الشريعة اإلسالمية وعالقتها باألدلة الشرعية،

هـ.1418عام ،طبعة دار اهلجرة األوىل

375

-مقاصد الشريعة دليل للمبتدئني، جاسر عودة، املعهد العاملي للفكر اإلسالمي

م2011 -هـ 1432فريجينيا، الطبعة األوىل،

األردن -مقاصد الشريعة عند ابن تيمية، يوسف أمحد البدوي، دار النفائس 376

377

مقاصد الشريعة عند الطاهر بن عاشور، جمموعة حبوث، مركز دراسات مقاصد

لندن، الطبعة األوىل، -الشريعة اإلسالمية، مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي

م2013 -هـ 1434

378

مقاصد الشريعة يف املذاهب اإلسالمية، جمموعة حبوث، مركز دراسات مقاصد

-هـ 1433ان للرتاث اإلسالمي، الطبعة األوىل، الشريعة اإلسالمية، مؤسسة الفرق

م2012

379

مقاصد الشريعة كفلسفة للتشريع اإلسالمي، جاسر عودة، تعريب: عبداللطيف

-هـ 1432فريجينيا، الطبعة األوىل، -خياط، املعهد العاملي للفكر اإلسالمي

م2012

380

حترير جاسر عودة، مركز مقاصد الشريعة واالجتهاد حبوث منهجية ومناذج تطبيقية،

لندن، -دراسات مقاصد الشريعة اإلسالمية، مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي

م2008الطبعة األوىل،

381

مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر املقاصدي، إمساعيل احلسين، مركز الدراسات

هـ 1434ىل، الرباط، الطبعة األو -واألحباث وإحياء الرتاث، الرابطة احملمدية للعلماء

م.2013 -

382

مقاصد الشريعة وقضايا العصر، جمموعة حبوث، مركز دراسات مقاصد الشريعة

م2007لندن، الطبعة األوىل، -اإلسالمية، مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي

383

مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها، لعالل الفاسي، دار الغرب اإلسالمي، الطبعة

.م1993اخلامسة،

384

مقاصد الشريعة، حوار بني جمموعة من الباحثني، حترير: عبداجلبار الرفاعي، دار

م2002 -هـ 1422دمشق، الطبعة األوىل، -الفكر

385

هـ 1421مقاصد الشريعة، طه العلواني، دار اهلادي للطباعة والنشر، الطبعة األوىل،

م.2001 -

386

-وسف العامل، الدار العاملية للكتاب اإلسالمي املقاصد العامة للشريعة اإلسالمية، ي

م1994 -هـ 1415الرياض، الطبعة الثانية،

387

–مقاصد العقائد عند اإلمام الغزايل، حممد عبدو، املكتبة العربية لألحباث والنشر

م2009بريوت، الطبعة األوىل،

388

ات مقاصد املقاصد الكلية للشرع ومناهج التفسري، حسن جابر، مركز دراس

لندن، الطبعة األوىل، -الشريعة اإلسالمية، مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي

م2007

389

مقاصد املقاصد الغايات العلمية والعملية ملقاصد الشريعة، أمحد الريسوني، الشبكة

م2013بريوت، الطبعة األوىل، -العربية لألحباث والنشر

390

-لرب العاملني، عمر سليمان األشقر، مكتبة الفالح مقاصد املكلفني فيما يتعبد به

م1981 -هـ 1401الكويت، الطبعة األوىل،

391

مقاالت اإلسالميني واختالف املصلني، أبو احلسن علي بن إمساعيل األشعري، حتقيق

م1990 -هـ 1411بريوت، -حممد حميي الدين عبداحلميد، املكتبة العصرية

392

حلسن األشعري، ابن فورك، حتقيق: أمحد السايح، مكتبة الثقافة مقاالت الشيخ أبي ا

م2005 -هـ 1425القاهرة، الطبعة األوىل، -الدينية

393

مقدمة ابن الصالح، وملحق به حماسن االصطالح ابن رسالن، عناية: عائشة

القاهرة. -عبدالرمحن، دار املعارف

394

ن حممد بن خلدون، حتقيق: عبداهلل مقدمة ابن خلدون، لويل الدين عبدالرمحن ب

م2004 -هـ 1425دمشق، الطبعة األوىل، -حممد الدرويش، دار يعرب

مالمح من شخصية عالل الفاسي، عبدالكريم غالب، مطبعة الرسالة 395

396

امللل والنحل، أبو الفتح حممد بن عبدالكريم الشهرستاني، صححه وعلق عليه:

م1992 -هـ 1413بريوت، الطبعة الثانية، -العلمية أمحد فهمي حممد، دار الكتب

397

هـ 1408بريوت، -منازل السائرين، لعبداهلل األنصاري اهلروي، دار الكتب العلمية

م1998 -

398

مناظرات يف أصزل الشريعة اإلسالمية بني ابن حزم والباجي، عبداجمليد تركي،

هـ 1406بريوت، الطبعة األوىل، - ترمجة: عبدالصبور شاهني، دار الغرب اإلسالمي

م1986 -

399

مناهج البحث العلمي يف الفكر اإلسالمي والفكر احلديث، عبدالفتاح وعبدالرمحن

م1996حممد العيسوي، دار الراتب اجلامعية،

400

مناهج الفكر العربي املعاصر يف دراسة قضايا العقيدة والرتاث، شاكري أمحد

-هـ 1431للدراسات والبحوث، جدة، الطبعة األوىل، السحمودي، مركز التأصيل

م2010

401

املنتظم يف تاريخ امللوك واألمم، أبو الفرج عبدالرمحن بن علي بن اجلوزي، حتقيق:

بريوت، الطبعة األوىل، -حممد ومصطفى عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية

م1992 -هـ 1412

402

ر الدين حممد بن هبادر الزركشي، حتقيق: تيسري فائق املنثور يف القواعد الفقهية، لبد

الكويت، الطبعة األوىل، -أمحد حممود، وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية

م1982 -هـ 1402

403

املنخول من تعليقات األصول، أبو حامد حممد بن حممد الغزايل، حتقيق: حممد حسن

هيتو.

404

ا احلاضرة، علي سامي النشار، دار املنطق الصوري منذ أرسطو حتى عصورن

م2000املعرفة اجلامعية،

405

منهاج السنة النبوية، أبو العبا أمحد بن عبداحلليم ابن تيمية، حتقيق: حممد رشاد

سامل

406

املنهاج شرح صحيح مسلم بن احلجاج = )صحيح مسلم بشرح النووي(، أبو زكريا

م1994 -هـ 1414ة الثانية، حييى بن شرف النووي، مؤسسة قرطبة، الطبع

407

منهج التعليل باحلكمة وأثره يف قواعد الفقه وأصوله، رائد أبو مؤنس، املعهد العاملي

م2011 -هـ 1432فرجينيا، الطبعة الثانية، -للفكر اإلسالمي

408

منهج الدر الداليل عند اإلمام الشاطيب، عبداحلميد العلمي، وزارة األوقاف

م2001 -هـ 1422اململكة املغربية، -المية والشؤون اإلس

409

منهج شيخ اإلسالم ابن تيمية يف تقرير عقيدة التوحيد، إلبراهيم حممد الربيكان، دار

م2004 -هـ 1425الرياض، الطبعة األوىل، -ابن القيم

م1983 -هـ 1403منهج املدرسة العقلية يف التفسري، فهد الرومي، الطبعة الثانية، 410

411

-املنهج املقاصدي عند الشيخ يوسف القرضاوي، حممد شاويش، دار الفكر

م2009 -هـ 1430دمشق، الطبعة األوىل،

412

املنهل الروي يف خمتصر علوم احلديث النبوي، لبدر الدين حممد بن إبراهيم بن مجاعة،

حتقيق: حميي الدين عبدالرمحن رمضان، دار الفكر، الطبعة الثانية

413

املنهل الصايف واملستوفى بعد الوايف، جلمال الدين يوسف بن تغرى، حتقيق: حممد

م.1984حممد أمني، اهليئة املصرية العامة للكتاب،

414

املوافقات، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطيب، ختريج وتعليق: عبداهلل دراز،

م2001 -هـ 1422بريوت، الطبعة األوىل، -دار الكتب العلمية

415

املوطأ، اإلمام مالك بن أنس، حتقيق: حممد مصطفى األعظمي، نشر: مؤسسة زايد

م2004 -هـ 1425آل هنيان اخلريية، أبو ظيب، الطبعة األوىل، عام

416

-موقف ابن تيمية من األشاعرة، لعبدالرمحن بن صاحل احملمود، مكتبة الرشد

م1995 -هـ 1415الرياض، الطبعة األوىل،

417

الرياض، الطبعة -موقف ابن تيمية من الصوفية، حممد العريفي، مكتبة دار املنهاج

هـ1430األوىل،

418

موقف الليربالية يف البالد العربية من حمكمات الدين، صاحل الدميجي، البيان مركز

البحوث والدراسات، الطبعة األوىل

419

عبدالعزيز الرومي وحممد مؤلفات الشيخ حممد بن عبدالوهاب، تصنيف وإعداد:

بلتاجي وسيد حجاب، مكتبة ابن تيمية.

420

النبذة الكافية يف أحكام أصول الدين، أبو حممد علي بن أمحد ابن حزم، حتقيق:

-هـ 1405بريوت، الطبعة األوىل، -حممد أمحد عبدالعزيز، دار الكتب العلمية

م1985

421

الدار البيضاء، الطبعة -ركز الثقايف العربي حنن والرتاث، حملمد عابد اجلابري، امل

م1993السادسة،

422

حنو التجديد واالجتهاد، طه جابر العلواني، دار تنوير للنشر والتوزيع، الطبعة األوىل،

م2008 -هـ 1429

423

دمشق، الطبعة األوىل، -حنو تفعيل مقاصد الشريعة، مجال الدين عطية، دار الفكر

م2001 -هـ 1422

م2007حنو موقف قرآني من النسخ، طه العلواني، مكتبة الشروق الدولية، 424

425

مصر، الطبعة -النسخ يف القرآن الكريم، مصطفى زيد، دار الوفاء للطباعة والنشر

م1987 -هـ 1408الثالثة،

426

بريوت، -النسخ يف دراسات األصوليني، نادية شريف العمري، مؤسسة الرسالة

م1985 -هـ 1405ألوىل، الطبعة ا

427

النص اإلسالمي بني التارخيية واالجتهاد واجلمود، حممد عمارة، هنضة مصر للطباعة

م2007والنشر والتوزيع، الطبعة األوىل،

428

دمشق، -النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة، طيب تيزيين، دار الينابيع

م1997

429

مجهورية مصر، -مد حممد املدني، وزارة األوقاف نظرات يف فقه الفاروق، حم

م2002 -هـ 1422

430

اجليزة، الطبعة السادسة، -نظرات يف القرآن، حممد الغزايل، هنضة مصر للنشر

م2005

431

نظرية التعليل يف الفكرين الكالمي واألصويل، عبدالنور بزا، املعهد العاملي للفكر

م2011 -هـ 1432وىل، اإلسالمي، فرجينيا، الطبعة األ

432

نظرية التكليف آراء القاضي عبداجلبار الكالمية، عبدالكريم عثمان، مؤسسة

الرسالة

433

القاهرة، الطبعة الثانية، -نظرية العلم األرسطية، مصطفى نشار، دار املعارف

م1995

434

لفكر اإلسالمي نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب، أمحد الريسوني، املعهد العاملي ل

م1995 -هـ 1416فريجينيا، -

435

نظرية املقاصد عند اإلمام حممد الطاهر بن عاشور، إلمساعيل احلسين، املعهد

م1995 -هـ 1416العاملي للفكر اإلسالمي، الطبعة األوىل،

436

نظرية النسخ يف الشرائع السماوية، شعبان حممد إمساعيل، دار السالم للطباعة

م1988 -هـ 1408الطبعة األوىل، والنشر،

437

نظرية مقاصد الشريعة بني شيخ اإلسالم ابن تيمية ومجهور األصوليني، عبدالرمحن بن

يوسف القرضاوي، خمطوط رسالة علمية مقدمة لنيل درجة املاجستري قسم الشريعة

جامعة القاهرة. -

438

لقاهرة، الطبعة الثانية، ا -نقد اخلطاب الديين، نصر حامد أبو زيد، سينا للنشر

م1994

439

بريوت، الطبعة -نقد نظرية النسخ، جاسر عودة، الشبكة العربية لألحباث والنشر

م2013األوىل،

440

هناية اإلقدام يف علم الكالم، أبو الفتح حممد بن عبدالكريم الشهرستاني، حترير:

م2009 -هـ 1430األوىل، القاهرة، الطبعة -ألفريد جيوم، مكتبة الثقافة الدينية

441

هناية السول شرح منهاج األصول، األسنوي، دار الكتب العلمية، بريوت، الطبعة

هـ1420األوىل عام

442

هناية املطلب يف دراية املذهب، أبو املعايل عبدامللك بن عبداهلل اجلويين، حتقيق:

م2007 -هـ 1428جدة، الطبعة األوىل، -عبدالعظيم الديب، دار املنهاج

443

نيل األوطار من أسرار منتقى األخبار، حملمد بن علي الشوكاني، حتقيق: حممد

هـ1427الدمام، الطبعة األوىل، -صبحي حالق، دار ابن اجلوزي

444

هدي الساري مقدمة فتح الباري، ألمحد بن علي بن حجر، حتقيق: عبدالقادر

م2001 -هـ 1421شيبة احلمد، الطبعة األوىل،

445

بريوت، الطبعة الرابعة، -هذه هي الصوفية، عبدالرمحن الوكيل، دار لكتب العلمية

م1984

446

بريوت، -الواقع واملثال يف الفكر اإلسالمي املعاصر، مجال الدين عطية، دار اهلادي

م2001 -هـ 1422الطبعة األوىل،

447

عاصر، حملمد عابد اجلابري، املركز وجهة نظر حنو إعادة بناء قضايا الفكر العربي امل

م1992الدار البيضاء، الطبعة األوىل، -الثقايف العربي

م1998الرباط، -وجهة نظر، ألمحد اخلمليشي، دار نشر املعرفة 448

449

وجوب تطبيق الشريعة اإلسالمية والشبهات اليت تثار حوهلا، جمموعة من البحوث،

م1981 -هـ 1401الرياض، -سالمية جامعة اإلمام حممد بن سعود اإل

450

الوجيز يف إيضاح قواعد الفقه الكلية، حملمد صدقي البورنو الغزي، مؤسسة الرسالة

م1996-هـ 1416بريوت، الطبعة الرابعة، -

451

الوساطة بني املتنيب وخصومه، أبو احلسن علي بن عبدالعزيز اجلرجاني، حتقيق:

بريوت، الطبعة األوىل، -، املكتبة العصرية حممد أبو الفضل وعلي البجاوي

م2006 -هـ 1427

452

الوعي املقاصدي قراءة معاصرة للعمل مبقاصد الشريعة يف مناحي احلياة، مسفر

م2013بريوت، الطبعة الثانية، -القحطاني، الشبكة العربية لألحباث والنشر

453

مشس الدين أمحد بن حممد بن وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان، أبو العبا

إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان الربمكي اإلربلي، حتقيق: إحسان عبا ، دار

م1900بريوت، طبعة عام -صادر

454

دمشق، -اليمني واليسار يف الفكر الديين، حسن حنفي، دار عالء الدين للنشر

م1996

455

الوهاب بن أمحد الشعراني، دار إحياء اليواقيت واجلواهر يف بيان عقائد األكابر، لعبد

بريوت -الرتاث

سادسا: فهر املوضوعات

رقم الصفحة املوضوع

2 ملخص الرسالة

5 مقدمة البحث

22 وتطوره نشأة الفكر املقاصديعن التمهيد: نبذة تارخيية

24 املرحلة األوىل: النشأة والتكوين

28 املرحلة الثانية: التقعيد والتأصيل

32 املرحلة الثالثة: اجلمود والسكون

33 املرحلة الرابعة: البعث واإلحياء

38 الباب األول: اعتبار فكر املقاصد يف الشرع

39 الفصل األول: تعريف الفكر املقاصدي واعتباره شرعا

40 فكر املقاصدتعريف املبحث األول:

41 املقاصد يف اللغة

44 املقاصد يف الفقه اإلسالمي

44 املقاصد عند الغزايل

45 املقاصد عند الشاطيب

46 املقاصد عند ابن عاشور

48 املقاصد عند عالل الفاسي

49 املقاصد يف الفقه اإلسالمي تعريف مالحظات حول

50 تصور املقاصد يف الفكر اإلسالمي املعاصر

52 سالمي املعاصرإليف الفكر ا ياملقاصد للتوجهالتعريف املقرتح

53 املبحث الثاني: اعتبار املقاصد يف الشريعة اإلسالمية

54 أدلة إثبات املقاصد يف الشريعة اإلسالمية

54النوع األول: إثبات احلكمة هلل

55النوع الثاني: تعليل أفعال اهلل

57النوع الثالث: تعليل أحكام اهلل

59 النوع الرابع: مقتضى النظر العقلي

61 قاصد يف فهم النص الشرعياعتبار امل

65 اعتبار املقاصد يف استثمار النص الشرعي

76 املبحث الثالث: جماالت املقاصد يف الفكر اإلسالمي

77 جماالت املقاصد يف طور التأصيل

85 توظيف املقاصد عند اإلمام الشاطيب

85 فهم النص الشرعي

88 استثمار النص الشرعي

92 عند الشاطيب ملخص وظيفة املقاصد

96 جماالت املقاصد يف طور البعث واإلحياء

98 مالمح التوافق واالختالف بني رؤية الشاطيب جملاالت املقاصد ورؤية ابن عاشور

105 تفعيل املقاصد والتوسع فيها يف الفكر اإلسالمي املعاصر

111 الفصل الثاني: طرق إدراك املقاصد وقواعدها

112 إدراك املقاصد املبحث األول: طرق

113 مناهج املعرفة يف الفكر اإلسالمي وطرق إدراكها مقاصد الشريعة

113 الظاهريةمنهج

117 اإلماميةمنهج

121 املنهج الكشفي

124 املنهج العقلي

127 منهج التوسط اجلامع بني العقل والنقل

129 منهج الشاطيب وطرقه يف إدراك املقاصد

132 االستقراء منهجا إلدراك املقاصد اعتماد الشاطيب

133 حقيقة االستقراء عند الشاطيب

134 طبيعة االستقراء عند الشاطيب

137 فائدة االستقراء عند الشاطيب

138 جهات االستقراء عند الشاطيب

141 قوة االستقراء عند الشاطيب

147 طرق إدراك املقاصد يف الفكر اإلسالمي املعاصر

159 املقاصد ومصادرهايف ضوابط وقواعد الثاني: املبحث

160 مصادر تلقي املقاصدضوابط

160 الكتاب والسنة مها مصدرا التلقي

163 اعتبار القطعية شرطا يف الداللة على املقاصد

166 ضوابط صفات املقاصد

166 العموم واالطراد

168 الثبات

173 الفكر املقاصدي الباب الثاني: منهج االستدالل والفهم يف

174 الفصل األول: منهج االستدالل والرتجيح يف الفكر املقاصدي

175 منهج االستدالل واعتبار املقاصد دليال مستقالاملبحث األول:

175 أصول األدلة الشرعية يف الفقه اإلسالمي

178 أصول االستدالل حسب الرؤية املقاصدية يف مرحلة التأصيل

186 دليل للحكم عند الشاطيباقتضاء ال

190 بناء االستدالل يف مرحلة التأصيل

190 قواعد االستدالل يف الفكر املقاصدي

190 القاعدة األوىل: حتقيق القطعية يف األدلة الشرعية

190 إفادة األدلة السمعية لليقني

106 وجود القطعي يف األدلة السمعية

208 لقطع والظن يف األدلة السمعية؟كيف عاجل الفكر املقاصدي إشكال ا

215 تطبيق منهج الفكر املقاصدي يف حل إشكال القطع والظن على خرب اآلحاد

223 القاعدة الثانية: التكامل بني الكليات واجلزئيات يف االعتبار

229 صورة بناء االستدالل يف الفكر املقاصدي

232 موقف الشاطيب من املنطق األرسطي

233 ني صورة بناء االستدالل عند الشاطيب وصورته عند أرسطوالفروق ب

233 الفرق األول: يف بناء االستدالل

235 الفرق الثاني: يف حتديد شكل االستدالل

237 الفرق الثالث: يف مقدمات االستدالل

240 اعتبار املقاصد دليال مستقال

240 مكانة املقاصد يف رؤية الشاطيب

244 د يف الفكر اإلسالمي املعاصرمكانة املقاص

253 موقف الفكر املقاصدي من تعارض األدلة والرتجيح بينهااملبحث الثاني:

254 خالف العلماء يف تعارض األدلة

270 موقف الفكر املقاصدي من تعارض األدلة

272 أثر املقاصد يف الرتجيح بني ما ظاهره التعارض

284 أويل يف الفكر املقاصدي والتوسع فيهالفصل الثاني: مهج الفهم والت

285 منهج الفهم والتأويل يف الفكر املقاصدي وضوابطهاملبحث األول:

286 منهج الفهم يف األدلة الشرعية

286 اإلطار األول: إطار الفهم يف النصوص الشرعية اللغة العربية

287 تنزيلأوال: املعتمد يف فهم النصوص الشرعية معهود العرب حال ال

القاعدة األوىل: عدم صحة اعتبار ما ال تعهده العرب من العلوم يف فهم النصوص

الشرعية288

289 القاعدة الثانية: اعتبار منهج التلقي مصدرا يف فهم النصوص الشرعية

290 ثانيا: االعتناء باملعاني الرتكيبية هو املقصود األعظم يف الفهم

291 طرائق إدراك املعاني

291 الطريق األول: حال املخاطب

293 الطريق الثاني: حال اخلطاب من جهة نفس اخلطاب

297 الطريق الثالث: حال املخاطب

298 موقف الفكر املقاصدي املعاصر من منهج فهم النصوص الشرعية

307 اإلطار الثاني: إطار الفهم يف املصاحل والفاسد مقاصد الشريعة

310 ئع اجلزئيةمنهج فهم الوقا

312 التوسع يف التأويل باملقاصد ودعوى التأويل الباطيناملبحث الثاني:

313 حترير دالالت اصطالح الباطن عند الشاطيب

317 أنواع الدالال ت الباطنة للنصوص الشرعية

318 التفسري اإلشاري

321 الفرق بني التفسري اإلشاري والتأويل الصويف

324 التفسري الرمزي

327 موقف التوجه املقاصدي من الدالالت الباطنة للنصوص الشرعية

333 الباب الثالث: منهج الفكر املقاصدي يف املسائل واألحكام

وأوامره وأثر ذلك الفصل األول: منهج الفكر املقاصدي يف تعليل أحكام اهلل

يف ثبوت األحكام ونسخها334

335 وأوامره دي يف تعليل أحكام اهلل منهج الفكر املقاصاملبحث األول:

337 البعد النظري لنظرية التعليل

337 أوال: البعد الفلسفي لنظرية العلة

339 ثانيا: البعد الكالمي لنظرية العلة

343 البعد العملي لنظرية التعليل

344 تعريف العلة عن املعتزلة

345 تعريف العلة عند األشعرية

347 العلل جلزئيات األحكامثانيا: إثبات

347 التعليل باحلكمة

348 التعليل باملصلحة

348 أثر التعليل باحلكمة واملصلحة يف الفكر املقاصدي املعاصر

352 اإلشكال املعريف للتعليل باحلكمة واملصلحة

352 اإلشكال األول: هل يصح تقدم املعلول على العلة؟

354 كام على العلل املظنونة؟اإلشكال الثاني: هل تبنى األح

358 اإلشكال الثالث: اشتمال حتقق الغاية على نوع مناقضة هل يلغي عليتها؟

360 أثر الفكر املقاصدي يف ثبوت األحكام الشرعية ونسخهااملبحث الثاني:

361 موقف التوجه املقاصدي من نسبية األحكام

369 التطبيق اجلزئي للشريعة

381 ملقاصدي من نسخ األحكام الشرعيةموقف التوجه ا

382 رؤية الشاطيب لقضية النسخ يف الشريعة

385 التوظيف املعاصر للمقاصد يف دفع القول بنسخ األحكام

403 أفعال العباد وتصرفاهتم تقصيدمنهج الفكر املقاصدي يف الفصل الثاني:

404 أثر النية يف قبول العمل وردهاملبحث األول:

405 لو العبادات من قصد التعبد واالمتثالحكم خ

422 حكم خلو العادات من قصد التعبد واالمتثال

426أفعاهلم اعتبار مقاصد املكلفني وأثره يف ترتب األحكام على املبحث الثاني:

ورفعها

427 أثر اإلكراه يف ثبوت األحكام ورفعها

427 دخول املكره حتت اخلطاب التكليفي

431 ه يف ترتب األحكام على أفعال املكرهأثر اإلكرا

438 اعتبار مقاصد املكلفني يف ثبوت األحكام ورفعها

448 الباب الرابع: الفكر املقاصدي يف العقائد

449 املقاصد الكلية يف العقيدة عند أهل السنة واجلماعةالفصل األول:

452هلل املبحث األول: حتقيق توحيد العبودية

456قيق العبودية هلل قواعد حت

457 أوال: قواعد التشريع

460 موقف التوجه املقاصدي املعاصر من تعليل العبادات

464 قواعد سد الذرائعثانيا:

464 عالقة الذرائع بتحقيق العبودية

466 سد ذرائع شرك األسباب

473 سد ذرائع شرك الوسائط

484 االتباع وترك االبتداعاملبحث الثاني:

486 األمر باالتباع والنهي عن االبتداع

490 البدعة لغة

491 البدعة اصطالحا

505 قواعد حفظ الدين يف حتقيق االتباع وترك االبتداع

505 القاعدة األوىل: السكوت يف العبادات كالنص على أن ال يزاد فيها وال ينقص

509 شرعالفرق بني البدعة واملصاحل املرسلة املعتربة يف ال

510 القاعدة الثانية: باب العبادات قائم على سد الذرائع ال فتحها

511 صور ذرائع البدع

523 عمارة األرضاملبحث الثالث: حتقيق

523 معنى االستخالف يف األرض

525 أسس عمارة األرض

525 األسا األول: التسخري

528 األسا الثاني: إحسان اخللقة

530 االستعداد للتكليف األسا الثالث:

531 موقف املعتزلة من حقيقة القدرة وأثرها يف فعل املكلف

533 موقف األشعرية من حقيقة القدرة وأثرها يف فعل املكلف

536 موقف أهل السنة واجلماعة من حقيقة القدرة وأثرها يف فعل املكلف

540 األسا الرابع: االجتماع واإلنسية

542 الفالجتماع ونبذ الفرقة واخلاملبحث الرابع: ا

544 حفظ مقصد االجتماع من جهة الشرع احلاكم

553 حفظ مقصد االجتماع من جهة اإلمام احلاكم

571 هل السنة واجلماعةالفكر املقاصدي عند أشهر املخالفني ألالفصل الثاني:

572 الفكر املقاصدي عند املتكلمنياملبحث األول:

575 أنواعهحقيقة التوحيد و

578 حقيقة التوحيد عند علماء الكالم

585 مناقشة املتكلمني يف أصل التوحيد

597 الفكر املقاصدي عند الصوفيةاملبحث الثاني:

599 حقيقة التوحيد عند الصوفية

604 حقيقة العبودية عند الصوفية

616 واملقاربة العلمانية يقاصداملباحث الثالث: الفكر امل

619 ة اإلنسان بني العلمانية والتوجه املقاصدي املعاصرحموري

625 دنيوية املصاحل بني العلمانية والفكر املقاصدي املعاصر

629 تقييم املقاصد يف الفكر العلماني

639 اخلامتة

640 التوصيات والنتائج

647 الفهار

648 القرآنية الكرمية هر اآلياتف

665 فهر األحاديث

674 آثار الصحابةفهر

676 املرتجم هلم فهر األعالم

678 فهر املراجع

736 فهر املوضوعات