١

٢

الطبعة األوىل م١٩٨٧ - هـ ١٤٠٧

٣

بسم اهللا الرمحن الرحيم : قال تعاىل

.أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ﴾ ﴿ ) ٥٠ة آي: دة سورة املائ(

: وقال تعاىل ﴿ مول إن كنتسالرإلى الله و وهدء فريفي ش متعازنفإن ت ر منكملي األمأوول وسوا الرأطيعو وا اللهوا أطيعنآم ا الذينها أيي

م اآلخر ذلكواليون بالله ومنؤأويال ﴾تت نسأحو ريخ. ) .٥٩آية : سورة النساء (

: r وقال رسول اهللالينقضن عرى اإلسالم عروة عروة ، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس باليت تليها ، وأوهلن نقضا احلكم وآخرهن « .» الصالة

) .حديث شريف إسناده صحيح ( : r وقال رسول اهللا

.» ال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق « ) .حديث شريف إسناده صحيح (

٤

:أصل هذا الكتاب

من جامعة أم القرى مبكة ) املاجستري ( ؤلف للحصول على درجة التخصص األوىل رسالة علمية تقدم به املوقد تكونت جلنة . املكرمة كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية قسم الدراسات العليا الشرعية فرع العقيدة

:املناقشة من .الرسالة رئيسا املشرف على . معايل الدكتور راشد بن راجح الشريف ، مدير جامعة أم القرى -١ . فضيلة الشيخ السيد سابق عضوا -٢ . فضيلة الشيخ كمال هاشم جنا عضوا -٣

)ممتاز ( ومنح صاحبها درجة املاجستري بتقدير . هـ ١٤٠٣/ ٨/ ١٠وذلك يوم

٥

بسم اهللا الرمحن الرحيم املقدمة

أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده اهللا فال مضل له ، إن احلمد هللا حنمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ باهللا من شروريا أيها الذين آمنوا ﴿ومن يضلل فال هادي له ، وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له ، وأشهد أن حممدا عبده ورسوله

يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق ﴿ . )١( ن ﴾اتقوا الله حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمو كمليكان ع إن الله امحاألراءلون به وسالذي ت قوا اللهاتاء ونساال كثريا وا رجمهث منبا وهجوا زهقيبا ﴾منا ﴿. ) ٢( رها أيي

يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا * الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قوال سديدا .)٣ (﴾ عظيما

: أما بعد نعم اهللا عز وجل على هذه األمة أن أنزل إليها خري كتبه ، وأرسل إليها أفضل خلقه ، وجعلها خري أمة فإن من أعظم

أخرجت للناس ، تأمر باملعروف ، وتنهى عن املنكر ، وتؤمن باهللا ، كما تكفل هلا حبفظ دينها الذي ارتضاه هلا ، وكلفها محل فحازت هذه األمة بشرف هذه . اهللا هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى هذه الرسالة ، واجلهاد يف سبيلها ، لتكون كلمة

.الرسالة زمام القيادة للبشرية مجعا ولقد كان هناك من األمم والطوائف من يدعي أنه شعب اهللا املختار ، وأنه املهيمن على هذه البشرية ، وأا مل ختلق إال من

، واستضاءت بنوره مشارق األرض ومغارا ، وتدفقت أفواج البشرية من كل حدب أجله وخلدمته ، فلما جاء اإلسالم وصوب يف الدخول يف هذا النور اجلديد ، مث قامت هذه األمة على يد رعيلها األول بإيصال كلمة احلق إىل أطراف املعمورة ،

.ن اهللا أفواجا عند ذلك تقوضت هيمنة تلك الشعوب ، وأفلتت البشرية من حتت يديها ودخلت يف دي وعندئذ وقفت تلك األمم املهزومة تنظر حبسرة وحقد وحسد إىل هذا األمر الذي أفقدها زمام سلطتها وسيطرا على البشرية وهو اإلسالم الذي اختاره اهللا هلذه البشرية دينا ، وابتعث املؤمنني به إىل إخراج العباد من عبادة العباد إىل عبادة اهللا

. ومن ضيق الدنيا إىل سعة الدنيا واآلخرة ، ومن جور األديان إىل عدل اإلسالم وحده ، بعد ذلك علم أعداء هذا الدين أنه ال بد من طمس معامل هذا النور اجلديد لتيقنهم أنه ال بقاء هلم وال قرار مع وجوده ،

س الرخيص والتخريب ، وإثارة الفنت يف صفوف املسلمني فجربوا عدة طرق للقضاء عليه ، منها املواجهة بالسيف ، ومنها الد، ومنها التشكيك وإثارة الشبهات حول حقائق هذا الدين ، وتشويش تصورها يف نفوس املؤمنني به ، ومنها إقصاؤه عن

.إىل غري ذلك من الوسائل . السيطرة واحلكم وتصريف أمور املؤمنني به ائق هذا الدين إال تعرضت للدس والتشويه من قبل أعداء الدين الظاهرين ، ومن قبل لذلك فال تكاد توجد حقيقة من حق

.من دخلوا فيه بتصورات غريبة عنه وأرادوا إدخاهلا فيه وجعلها من حقائقه

.١٠٢ سورة آل عمران )١( .١سورة النساء آية )٢( .٧١ ، ٧٠سورة األحزاب آية )٣(

٦

عن من أهم األمور وأخطرها ألنه احلارس هلذا الدين ، واليد الطوىل لنشره والذود) اإلمامة العظمى ( وملا كان موضوع محاه من عبث العابثني وطمع الطامعني ، فقد كان هلذا املوضوع وافر احلظ والنصيب من هذا التشكيك والتدنيس منذ أول

.عصر هذه األمة وإىل يومنا هذا . وع أما يف العصور املتقدمة فال خيفى ما لعبد اهللا بن سبأ اليهودي وأعوانه من إدخال تصورات وثنية قدمية على هذا املوض

وجعلوا األئمة يف . ومن مث تقبلها وتتلمذ عليها وآمن ا الرافضة من بعده ، حىت جعلوها الركن األساسي من أركان دينهم ساللة معينة من آل البيت ، وجعلوا هلم من األوصاف ما ال يليق إال باهللا عز وجل ، أو بأنبيائه صلى اهللا عليهم وسلم ،

بل جعلوهم يف مرتلة فوق النبوة ، واعتقدوا فيهم الرجعة وتناسخ األرواح ، وما إىل ذلك من كالعلم باملغيبات والعصمة ، .التصورات الوثنية البحتة

. واستمر هذا االعتقاد سائرا حىت يومنا هذا ، وأصبح جياهد يف سبيله ، ويقاتل يف نشره باملدافع والطائرات ري الرافضة ممن يدعون أم من أهل السنة يف العصر احلديث فال يقل خطرا عن أما ما تعرض له هذا املوضوع يف أذهان غ

. سابقه فأعداء هذا الدين حينما عزموا على اإلطاحة بالدولة العثمانية ، عندما انتاا الضعيف وااليار ، بقدر بعدها عن التمسك

الطاقة اليت يف نفوس هذه الشعوب ستتحول إىل حركة وإىل جماهدة حبقائق هذا الدين كانوا يعلمون أم وإن أطاحوا ا ، فإن، فال بد من العمل الدائب على إمخاد هذه الطاقة باحليلة تارة ، وبالدس أخرى وبالقوة حينا آخر ، فنشأت فكرة فصل الدين

فبدأت احلملة . لي وديانته الباطلة عن الدولة ، وقام ا أناس حيملون اسم اإلسالم وبأمساء إسالمية أخذوها عن الغرب اجلاهالشرسة يف تقرير أن الدين ما هو إال عالقة بني العبد وربه ، ال دخل له يف احلياة ، أو أنه جمرد ركيعات تؤدى يف املسجد ، أو

. رض تقام يف أماكن خمصوصة من هذه األ(!) أدعية وأذكار تردد ، أو طقطقة مسابح يف زوايا معزولة ، أو سياحة دينية . واستمرت هذه املعركة حىت آمن ا كثري من ضعاف العقول من املسلمني

تقامست كالب الدنيا هذه التركة ، وغرست الفرقة والنفور بني أبناء ) الدولة العثمانية ( وملا مات هذا الرجل املريض واستمر ذلك فترة حىت . والء واحلب يف اهللا وهللا املسلمني ، وصرفت الوالء إىل التراب أو إىل العرق والقبيلة ، بدال من ال

-تتلمذ على أيديهم من ال يعرف من اإلسالم إال امسه ، فانسحبوا ظاهرا ، وأعلنوا استقالل هذه الدويالت الصغرية الصوري كارهم ، ويأمروم وإن كانوا جعلوا مكان عبيدا هلم ربوهم على أيدهم وبأف-وذلك بعد مقاومة عنيفة من أبناء املسلمني

وذا . فيطيعون ، وينصحوم فيستجيبون ، فكانوا خدما هلم ، ورعاة على مصاحل أسيادهم املقدمة على مصاحل شعوم على هذه الشعوب املغلوبة على أمرها ، وأبعدوا الدين ) الالدينية ( أحكموا السيطرة على بالد املسلمني ، وفرضوا العلمانية

. احلكم عن كل شيء امسه

: لكن هذه الطاقة الكامنة يف قلوب الفئة املؤمنة مل تنطف ، وإمنا بدأت التحركات وعلت الصيحات تنادي يف كل مكان . ال بد من حكم إسالمي ، وال بد من سياسة الدنيا ذا الدين ، وال بد من حترير الوالء هللا وحده ال لشرق وال لغرب

٧

اهيمها ، بعد القضاء على حقيقتها به أعداء اهللا إىل أنه ال بد من القضاء على هذه الفكرة وطمس مفبعد هذه الصيحات تن بل استخدموا بعض أدعياء العلم والدين ، كما انضمت إليهم - املستشرقني -ومل يكتفوا بتجنيد أبناء دينهم . وواقعها

كتب عن نظام احلكم يف اإلسالم ، فهناك من أنكر أن يكون يف فهرعت األقالم لت. طوائف من املتطوعني املنتسبني لإلسالم ، وآخر مل ميانع من أن يكون الشعب مسلما واحلكومة ال دينية )١(اإلسالم نظام حكم ، أو أنه يدعو إىل إقامة دولة إسالمية

تب الشريعة األصلية بعني فمن ينظر يف ك( ، ومنهم من قال بأن قيام حكومة إسالمية يف هذا العصر من املستحيالت )٢(البصرية واحلذق ، جيد أنه من غري املعقول أن تضع قانونا أو كتابا أو مبدأ يف القرن الثاين من اهلجرة ، مث جتيء بعد ذلك لتطبق

) .)٣( هـ ١٣٥٤هذا القانون سنة

شأنه - يف عصرنا هذا -ه اإلسالمي يعد إن قيام نظام اخلالفة بالشروط وبالصورة اليت بينها رجال الفق: ( ويقول آخر ) .)٤(شأن اإلمجاع ضربا من ضروب احملال

إننا ال نرى أن تكون الوحدة قائمة على دولة واحدة هلا حكومة مسيطرة : ( وأحد الدعاة إىل الوحدة اإلسالمية يقول وال متس شكل احلكم .. يقوم باحلق - أي سلطان - إن الوحدة اليت نبتغيها ال متس سلطانا: ( ويقول ) )٥(على املسلمني

.)٦() يف أي إقليم إسالمي إنكم قد أبعدمت النجعة ، وافتريتم على اإلسالم ، فاإلسالم له نظام . ال : فقالوا - إن كان هلم عقالء - أما عقالء هؤالء

يف اإلسالم هو الدميقراطية ، فنظام احلكم)٧(لدميقراطية حكم ، ودعا إىل إقامة دولة ، فنحن معشر املسلمني سبقنا الغرب إىل ا ) .أبو الدميقراطيات ( ، بل إن اإلسالم هو

ال بل أنتم خمطئون ، فنظام احلكم يف اإلسالم هو االشتراكية ، وامتألت املكتبات واملؤلفات : وقابلهم اآلخرون فقالوا .باحلديث عن دميقراطية اإلسالم واشتراكيته

اف نبيلة ، ألم قد ساءهم ما هذا وقد ساهم بعض الكتاب احملدثني يف الكتابة يف هذا املوضوع بفكر متميز ، وأهد يف تلك الكتابات من احنراف وفكر معوج ، لكنهم حبثوا املسألة بتصورات متأثرة بالواقع املعاصر الذي يعيشونه ، هالحظو

م كانت كتابته مقارنة بني نظام اإلسالم والنظم املعاصرة ، وكأن بينهما شيئا من فتأثرت كتابام بتلك التصورات ، وأغلبهالتكافؤ فيكون للمقارنة مكان ، ونسوا أنه ال وجه للمقارنة بني الشمس يف رابعة النهار وبني مشعة صغرية ال تكاد ترى ، فما

.بالك مبن يقارن النور الذي ال حد له بالظلمة الدامسة

.البحث من هذا ) ٦٤ص : (انظر )١(بأن يف إمكان أي حكومة إسالمية أن خترج من دينها فتصبح حكومة ال دينية ، وليس يف : ( قوله - املراغي -زهر ينقل مصطفى صربي عن شيخ األ )٢(

) .٤/٢٨٥(موقف العقل والعلم والدين ) . هذا مانع مع أن يبقى الشعب على إسالمه ، كما هو احلال يف تركيا اجلديدة . م ١٩٣٦من كالم الشيخ املراغي مع وفد الشبان العراقيني املنشور يف جريدة األهرام فرباير ) اهلامش) ( ٤/٣٥٩(موقف العقل والعلم والدين )٣( .ثانية . ، ط ١٦٢مبادئ نظام احلكم يف اإلسالم لعبد احلميد متويل ص )٤( .دار الفكر . ن . هـ ١٣٩٧ثانية . ، ط ) ٢٥١ص (الوحدة اإلسالمية أليب زهرة )٥( . دار الفكر -ن . هـ ١٣٩٧ثانية . ، ط ) ٢٥٢ص (ة أليب زهرة الوحدة اإلسالمي )٦( .دار النهضة املصرية . ن . رابعة . ط ) . ٥٧ص (إسالم بال مذاهب ملصطفى الشكعة )٧(

٨

له رأيت من الواجب علي مع قصر باعي وضعف ساعدي أن أخوض يف هذا البحر اخلضم لعلي أسهم يف رفع هلذا كالستار وإزالة هذا الوحل والطني الذي غطى على أذهان كثري من املسلمني وتصورام هلذه احلقيقة الناصعة واملوضوع اخلطري

لعلها تتضح - بقدر استطاعيت احملدودة -شائبة أو تصور غريب وأن أبني حقائقه صافية نقية ، خالية من أي ) اإلمامة ( لطالب احلق ، ولكل ذي لب ، ولكل ساع إىل معرفة دينه كما أنزل اهللا عز وجل ، وكما سار عليه السلف الصاحل رضوان

لعملي يف هذه احلياة اهللا عليهم أمجعني ، ليشمروا عن ساعد اجلد يف إقامة هذا الصرح العظيم الذي حطم وأبعد عن الواقع ا .املعاصرة

ويف بداية عملي هذا تطلعت إىل حتقيق هديف مة كبرية وأمل قوي ، وأردت أن أتعرض هلذه املسألة من مجيع جوانبها ، عت وأدرس االحنرافات اليت اعترا ، القدمي منها واحلديث ، فثابرت يف البحث والتنقيب ومجع املراجع واملصادر ، وبالفعل مج

.كما عرجت على االجتاهات املعاصرة املتأثرة بالفكر الغريب . الكثرية من املصادر مث دخلت املوضوع وبعد سنتني من العمل الدائب ، نظرت إىل نفسي فإذا أنا يف منتصف الطريق ، فاستخرت اهللا وقررت

وإرجاء اجلوانب األخرى إىل مرحلة أخرى إن شاء ) عة اإلمامة العظمى عند أهل السنة واجلما( االقتصار يف هذه املرحلة على اهللا ، إذا كان يف العمر فسحة ، خصوصا وقد مجعت أغلب مراجعه ومجعت فيه مادة علمية ال بأس ا ، مث رجعت إىل مل

.ن وها هو ذا الذي أقدم له اآل) اإلمامة العظمى عند أهل السنة واجلماعة ( مشل ما مجعت يف هذا اجلانب وهو :منهجي يف البحث

أما عن املنهج الذي سرت عليه يف هذا البحث ، فقد حاولت قدر استطاعيت أن أدخل إىل حبث املوضوع بدون أي تصور سابق ، أو فكرة معينة أراها صوابا وأدافع عنها وأحاول تأويل النصوص لتوافقها ، سواء كان هذا التصور أو هذه الفكرة

ة ، كما حاولت أن أدخل إليه جمردا عن اهلوى والشهوة ، وهذه ما تصرف اإلنسان عادة عن احلق وإن كان عصرية أو قدميأوضح من الشمس ، وكذلك حاولت قمع العاطفة وأال يكون هلا سبيل إىل التدخل يف تسيري موضوعات البحث إال عاطفة

اته ، بشرط أال جتره إىل االعتداء أو االفتراء على من اإلسالم اليت جيب أن تكون يف ضمري كل مسلم يف كل حلظة من حلظ .خيالفه يف الرأي

بعد ذلك أخذت أمجع النصوص الشرعية ، من كتاب ومن سنة صحيحة ، وما كان منها حيتاج إىل تفسري أو إيضاح .ش ومل يصرفها احنراف حاولت أخذه عن السلف الصاحل والرعيل األول الذين كانت تصورام صافية نقية ، مل يصبها غب

. فحاولت مجع فتاوى الصحابة والتابعني ، وأقول ثقات العلماء قدميا وحديثا يف تفسري ذلك مع ختريج اآليات واألحاديث ، وذكر أقوال علماء اجلرح والتعديل يف صحة - قدر املستطاع -مع إرجاع كل نقل إىل أصله

.ذلك احلديث من عدمه -عض املسائل قد ال تسعف النصوص الشرعية يف إيضاحها ، لذلك حاولت تتبع سرية اخللفاء الراشدين وحيث إن ب

وسنتهم من قولية أو فعلية ، خاصة الشيخني أبو بكر وعمر ، ألن سنتهم سنة شرعية ألمر -رضوان اهللا تعاىل عليهم أمجعني . )١(بإتباع سنتهم ، وخص الشيخني باإلقتداء ما r النيب

.من هذا الكتاب ) ١١٧، ١١٦ص : (انظر )١(

٩

. مث بعد ذلك أقوال ثقات علماء املسلمني قدميا وحديثا كما إين حاولت أن أطهر حبثي هذا من أن آخذ عن إنسان ال يدين ذا الدين ، فطرحت كل ما كتبه املستشرقون جنبا ،

راف الفكر اإلسالمي خاصة يف وإن كان فيه بعض احلق إال أننا يف غىن عنه ، ويكفينا ما جره األخذ عنهم من ويالت يف احن .مثل هذا املوضوع اخلطري

من كل ما سبق كانت املادة العلمية هلذا البحث وقد أدخلت فيه نقوال عن بعض كبار العلماء الذين قد خيالفون أهل السنة فهم من أهل السنة فيما واجلماعة يف بعض مسائل العقيدة كالصفات وحنوها ، لكنهم يوافقوم يف موضوع اإلمامة ، لذلك

.وافقوا فيه السنة ، وليسوا من أهل السنة فيما خالفوها فيه . وعندما أنقل عن أحد من املعتزلة فإين أنص على مذهبه

كما إين مل أحاول التعرض يف كثري من األحيان إىل اآلراء الشاذة املخالفة لرأي أهل السنة واجلماعة إال بالتلميح واإلشارة .يف أكثر األحيان

أما ما كان بينهم من اختالفات يف الرأي ، أو آراء يقول ا بعضهم

.فإين أذكر الرأيني وأدلة كل منهما ، مث الترجيح بني هذه اآلراء ، مؤيدا ذلك بالدليل وسبب الترجيح : خطة البحث

.واضعة فقد قسمتها إىل مقدمة وبابني وخامتة أما عن اخلطة اليت سرت عليها يف كتابة هذه األطروحة املتفقد ذكرت فيها سبب اختيار هذا املوضوع ، وحملة سريعة عن الكتابة فيه ، مث عن منهجي يف الرسالة واخلطة : أما املقدمة

.مث حتدثت عن صلة هذا املوضوع بالعقيدة . ، وبعض الصعوبات اليت القيتها أثناء البحث فقد قسمته إىل أربعة فصول ، الفصل األول يف تعريف اإلمامة ، فتكلمت عن التعريف اللغوي مث : ألول أما الباب ا

االصطالحي والتعريف املختار ، وورود لفظ اإلمامة يف الكتاب والسنة ، مث الترادف بني ألفاظ اإلمامة ، واخلالفة ، وإمارة اخلالفة ، مث الفرق بني اخلالفة وامللك ، وأخريا جواز إطالق لفظ اخلليفة املؤمنني ، مث احلديث عن استعماالت لفظي اإلمامة و

.على من سوى الراشدين فعن وجوب اإلمامة وأدلة ذلك من الكتاب والسنة واإلمجاع والقواعد الشرعية وحنوها ، مث عرجت إىل : أما الفصل الثاين

.صرين ، مث أتبعته باحلديث عن املكلف بإقامة هذا الواجب املنسي مناقشة القائلني بعدم وجوب اإلمامة من قدماء أو معا، وفيه ) إقامة الدين ، وسياسة الدنيا به ( فخصصته للحديث عن مقاصد اإلمامة ، وهي باختصار : أما الفصل الثالث

.حتدثت عن حكم من مل يسس الدنيا بالدين ، وآراء العلماء يف ذلك فتحدثت يف البداية عن مشروعية الطرق اليت انعقدت ا . فتحدثت فيه عن طريق انعقاد اإلمامة : لرابع أما الفصل ا

اإلمامة للخلفاء األربعة الراشدين ، مث احلديث عن النصية على أيب بكر رضي اهللا عنه وآراء العلماء فيها ، وأدلة كل رأي ، مث صية على علي رضي اهللا عنه ، وبيان بطالا ، وأا ال أصل هلا ، ومل يدعها علي ، الرأي الراجح ، مث الكالم عن دعوى الن

.والنصوص الواردة عنه رضي اهللا عنه يف ذلك . وال غريه من األئمة

١٠

.وإن مل حيضر السقيفة r مث ثبوت مبايعته أليب بكر رضي اهللا عنه بعد وفاة الرسولرضوان اهللا عليهم ، وبعد كل طريقة أحدد النتائج املستخلصة من . انعقاد اإلمامة هلم مث قمت باستعراض تارخيي لطرق

:بعد ذلك اتضحت لنا الطرق الشرعية لالنعقاد وهي . هذه الطريقة االختيار من قبل أهل احلل والعقد ، مث حتدثت عن أمهيته ، وعن مشروعيته ، مث احلديث عن أهل احلل والعقد ،: األول

.وما يتعلق م من أحكام االستخالف ، وبينت أدلة جوازها وأا مشروطة برضا أهل احلل والعقد ، ومبايعتهم : مث احلديث عن الطريقة الثانية وهي

.للمستخلف الذي تتوفر فيه شروط اإلمامة .يقة القهر والغلبة وآراء العلماء فيها بعد ذلك حتدثت عن طر. مث أتبعته مببحث عن البيعة وما يتعلق ا من أحكام

.فقد قسمته إىل أربعة فصول أيضا : أما الباب الثاين يف احلديث عن شروط اإلمام ، ووقفت عند شرط القرشية ، وبينت من هم قريش ، وأدلة اشتراط هذا : فالفصل األول

حلكمة من هذا الشرط ، مع مناقشة رأي ابن خلدون ، والدهلوي ، الشرط ، وآراء العلماء فيه ، مث الرأي الراجح ، مث امث . مث أتبعته باحلديث عن اشتراط األفضلية وآراء العلماء يف هذا الشرط ، وأدلتهم ، والرأي الراجح يف ذلك . ورشيد رضا

ة من األحاديث الواردة يف فضل ضمنت هذا الفصل مبحثا عن املفاضلة بني اخللفاء الراشدين واألدلة على ذلك ، مع نبذة يسري .مث ختمته مبوقف بعض الفرق اإلسالمية من ذلك . كل واحد منهم

:فخصصته عن احلديث عن واجبات اإلمام وحقوقه ، وهذا قسمته إىل ثالث مباحث : أما الفصل الثاين .عن واجبات اإلمام : املبحث األول

.حق الطاعة ، وبينت فيم تكون الطاعة وحدودها وما يتعلق بذلك من أحكام عن حقوقه ، ووقفت عند : والثاين .فخصصته باحلديث عن الشورى وحكمها ، ومدى إلزاميتها لإلمام ، والرأي الراجح يف كل ذلك : أما املبحث الثالث : مباحث أيضا فكان عن العزل ، واخلروج على األئمة ، وهذا قسمته على ثالثة: أما الفصل الثالث .أسباب العزل وآراء العلماء فيه : املبحث األول عن وسائل العزل ، ووقفت عند مسألة السيف والثورة املسلحة ، وبينت تضييق اإلسالم هلذه الوسيلة : املبحث الثاين عن

. للفنت وإراقة دماء املسلمني يف غري مصلحة خلطورا ، وألا جتر عادة إىل منكر أكرب من املنكر املراد إزالته ، وأا سبب :اخلروج على األئمة وقسمته إىل قسمني : أما املبحث الثالث فخصصته عن

.يف احلديث عن اخلارجني وأقسامهم : األول .يف احلديث عن املخروج عليهم وأقسامهم : الثاين

الظلمة الذين مل يصلوا إىل حد الكفر ، ومذاهب العلماء يف املسألة ، وأدلة ووقفت طويال عند اخلروج على األئمة الفسقة .كل مذهب ، مث ناقشت هذه األدلة وعقبت على ذلك بالرأي الذي أراه صوابا وعلما

١١

ب ، مث الرأي فكان عن موقف أهل السنة من تعدد األئمة فبينت اآلراء يف هذه املسألة ، وأدلة كل مذه: أما الفصل الرابع .الراجح

. وأخريا ختمت البحث مبا أمكنين استنتاجه من كل املوضوعات السابقة : من الصعوبات اليت واجهتين يف البحث

إن كل عمل يعمله املسلم يبتغي به وجه اهللا تعاىل ال بد وأن يواجه يف طريقه ذلك شيئا من الصعوبات واملشقة ، فمنهم ن استكمال طريقه ، ومنهم من يتجاوزها ، وهذه الصعوبات منها ما ميكن جتاوزه ، ومنها ما ال ميكن ، ومن أهم من تعوقه ع

:الصعوبات اليت واجهتين يف هذا البحث وأعانين اهللا عز وجل وحده على جتاوزها ما يلي إلضافة إىل اختالف اآلراء يف هذه القضايا سعة املوضوع وتشعبه ، وكثرة مسائله ، وكل مسألة فيه حتتاج إىل حبوث با-١

.وتباينها إبعاد املوضوع عن التطبيق يف الواقع منذ زمن بعيد ، فأول احنراف وقع يف الواقع اإلسالمي هو االحنراف يف احلكم ، -٢

حيث الواقع املعاصر وصرفه عن جمراه الصحيح ، وال يزال هذا االحنراف مستمرا ، لذلك فنحن ال نعاجل هذا املوضوع من .اليوم ، وإمنا نعاجله من حيث هو مبادئ نظرية أوال ، مث من حيث هو مبادئ قابلة للتطبيق العملي يف الوقت نفسه

صعوبة مجع املعلومات وآراء العلماء األقدمني يف هذه املسألة ، ألن املوضوع بحث يف أماكن متفرقة من كتبهم ، -٣ ب العقائد يف أبواب اإلمامة وغريها ، ومنهم من حبثه يف الفقه يف مواطن خمتلفة منه ، فمنهم من خصه فمنهم من حبثه يف كت

بباب معني ، ومنهم من حبثه يف أحكام البغاة ، ومنهم من حبثه يف احلدود والقضاء ، ومنهم من تكلم فيه عند احلديث عن . اجلهاد والسير ، وهكذا الصالة ، ويف اجلمعة ، ويف الوكالة ، ويف الزواج ، ويف

أما كتب احلديث وشروحه فمنهم من خصه باب معين ومهم من حبثه يف املناقب ، ومنهم من أورده يف اجلهاد والسري ، أو يف شروط الصلح ، وحنو ذلك ، أما كتب أصول الفقه فقد تتعرض له أحيانا يف األمر أو العموم أو فرض الكفاية أو

اد أو االستصحاب أو املصلحة ، أما كتب التاريخ فأكثر األحيان يف أول كتبهم أو يف التراجم أو يف ثنايا الكتب عند االجتهبعض األحداث ، هلذا كله فمن الصعب الوقوف على رأي العامل من كتابه يف يسر وسهولة ، مع أن ما كتبه علماؤنا

ات الكتب ولعل من أكثر من كتب يف هذا املوضوع مها صاحيب كتايب األقدمون يف هذا املوضوع قليل جدا ومبعثر يف طي .األحكام السلطانية املوردي ، وأبو يعلى يف الصفحات األوىل من كتابيهما

: صلة املوضوع بالعقيدة كام العملية ومسائل اإلسالم كل ال يتجزأ ، أنزله اهللا عز وجل ليخرج الناس من الظلمات إىل النور ، وربط فيه بني األح

وهذا واضح يف كتاب اهللا عز . وحنو ذلك . اإلميان باهللا واليوم اآلخر ، والعقاب األخروي الذي يلحق املخالف : العقيدة مثل :وجل واألمثلة على ذلك منها قوله تعاىل

﴿ ة ولدا مئة جمهناحد موا كل ولداني فاجالزة وانيم اآلخرالزواليون بالله ومنؤت مأفة في دين الله إن كنتا رذكم بهمأخلا ت ... ﴾)١(.

.٢سورة النور آية ) ١(

١٢

. )١( يز حكيم ﴾والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكاال من الله والله عز ﴿: وقال عن عقوبة السارق واألمثلة على . )٢( ﴾ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم ﴿: وقال يف الطالق

.ذلك أكثر من أن حتصر يها ، وكلها أحكام عملية فاألحكام الفقهية من أعمال اجلوارح والقلوب ، فجميع األحكام متصلة بالعقيدة وقائمة عل

. فمردود - وهي عمل القلب -وكل عمل ال يكون عن نية خالصة . والعقدية من أعمال القلوب والفرعية واملراد باألصولية األحكام العلمية املتعلقة بأعمال القلوب ، - وما تقسيم الدين إىل مسائل أصولية وفرعية

قد يقصد منه التسهيل والتنويع ، وإن كان األصل لواحد ال )٣( إال تقسيم حادث -األحكام العملية املتعلقة بأعمال اجلوارح فرق بينهما لكن هذا التفصيل قد جر إىل الوقوع يف التفريق بينهما ، وبناء أحكام ختص أحدمها دون اآلخر ، يقول ابن القيم

وكل تقسيم مل يشهد له الكتاب والسنة وأصول : ( قال ... ) إنه مل يرد يف كتاب وال سنة : ( القسيم رمحه اهللا عن هذاالشرع باالعتبار فهو تقسيم باطل جيب إلغاؤه ، وهذا التقسيم أصل من أصول ضالل القوم ، فإم فرقوا بني ما مسوه أصوال

ما ، وضعوها بعقوهلم وآرائهم ، منها التكفري باخلطأ يف مسائل األصول وقد وضعوا عليه أحكا: ( قال ) . وما مسوه فروعا مث تتبع ... ) دون الفروع ، وهذا من أبطل الباطل كما سنذكره ، ومنه إثبات الفروع بأخبار اآلحاد دون األصول وغري ذلك

.)٤(رمحه اهللا الفروق اليت جعلوها بني األصول والفروع وأبطلها باحلجة والربهان بل احلق أن : ( وقد تبع ابن القيم شيخه ابن تيمية رمحه اهللا يف ذلك ، حيث مل يسلم شيخ اإلسالم ذا التقسيم فيقول

.)٥( )والدقيق مسائل فروع ) مسائل أصول ( اجلليل من كل واحد من الصنفني ع العقيدة أم من مواضيع الفقه ؟ ، واحلق أن هلا والذي يهمنا يف هذا األمر هو ما يتعلق مبوضوع اإلمامة وهل هي من مواضي

جوانب عقدية ، وهلا جوانب فقهية ، كما أن هلا جوانب تارخيية ، ولذلك فعلماء السلف رمحهم اهللا عند ذكرهم لعقائدهم الفة على ترتيبهم ذلك ، فال نكاد جند أحدا ذكر عقيدته إال وينص على التربيع باخللفاء األربعة وأن ترتيبهم يف اخل يذكرون

يف الفضل ، كما ينصون على أن اإلمامة يف قريش ال يعاديهم أحد إال كبه اهللا يف النار ، وينصون على الصالة خلف كل إمام معه ، وعلى حترمي اخلروج على األئمة ، وعلى السمع والطاعة هلم يف غري معصية ، وهذه كلها من بر أو فاجر واجلهاد واحلج

.مامة ، ولذلك جند املتكلمني ينصون على باب اإلمامة يف أواخر كتبهم يف العقيدة مباحث اإل كما أم يوردون ذلك يف مسائل العقيدة للرد على االحنرافات والبدع اليت نشأت حول هذا املوضوع ، كبدعة الروافض

صمة ، والرجعة ، وعلم الغيب وحنو ذلك يف أئمتهم ، ، واعتقادام الفاسدة يف اإلمامة ، وأا من أركان الدين ، واعتقاد الع

.٣٨سورة املائدة آية )١( . اآلية األوىل: سورة الطالق ) ٢(جممـع ) ... فإن هذه تسمية حمدثة ، قسمها طائفة من الفقهاء واملتكلمني ، وهو عن املتكلمني واألصوليني أغلـب : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ) ٣(

) .٦/٦٥(الفتاوى ) .٤١٣ص (خمتصر الصواعق املرسلة : انظر ) ٤( ) .٥٧ – ٦/٥٦(جمموع الفتاوي ) ٣(

١٣

فيذكرها علماء السلف للرد عليهم ، ولتبيني خمالفتهم يف ذلك ، ومع بدعة الروافض بدعة اخلوارج يف وجوب اخلروج على .األئمة الفسقة وحنو ذلك

بعض املنتسبني للدين أا من الدين ، وهذه من وكذلك مما جيعلها من املسائل املتعلقة بالعقيدة يف العصر احلاضر هو إنكار .أخطر املسائل الفكرية املعاصرة

من ذلك شروط األئمة ، وكيفية اختيار إمام املسلمني ، وأهل احلل : أما اجلوانب الفقهية يف موضوع اإلمامة فكثرية .و ذلك والعقد ، وشروطهم ، وعددهم ، والشورى وأحكامها ، والبيعة وأحكامها ، وحن

فهو دراسة املوضوع من ناحية سرية اخللفاء الراشدين ، مث من بعدهم رضوان اهللا : أما اجلوانب التارخيية يف املوضوع .عليهم ، واألحداث اليت حصلت يف عهودهم ، والنتائج والعرب واألحكام املستخلصة من ذلك

الزم بني األحكام العقدية والفقهية ، وإن كال منها مالزم لآلخر وقائم عليه ولذلك فموضوع اإلمامة هذا من أدلة الترابط والتولذلك فقد جعل اهللا عز وجل طاعة األئمة والنصح هلم وعدم اخلروج عليهم بغري مربر شرعي من العبادة اليت يثاب فاعلها ، .

.ويعاقب تاركها بالعذاب األخروي يوم القيامة : وأخريا جلهد املتواضع ال أدعي أين قد وفيت املوضوع حقه ، واستكملته من مجيع جوانبه ، ولكن حسيب أنين مل أدخر يف وذا ا

فمن وجد فيه خطأ ، أو عثر ) . رحم اهللا من أهدى إيل عيويب : ( وأقول كما قال الفاروق رضي اهللا عنه . سبيل ذلك وسعا فإين أناشده اهللا يف إصالحه ، وأداء حق النصيحة فيه ، فإن اإلنسان ضعيف على نقص حرف أو كلمة أو معىن جيب تغيريه ،

.، ال يسلم من اخلطأ إال من عصمه اهللا بتوفيقه ، وحنن نسأل اهللا ذلك ونرغب إليه يف حتقيقه والذي أعانين . ال حتصى وأخريا فإين أشكر اهللا عز وجل وأمحده أوال وآخرا وظاهرا وباطنا على نعمه وآالئه اليت ال تعد و

.على إكمال هذا البحث كما أشكر بعد ذلك كل من ساهم معي يف إخراج هذا البحث من حيث التوجيه والنصح ، أو التقومي واملناقشة أو

أخص بالشكر و. سائال املوىل عز وجل أن جيزيهم عين خري اجلزاء ، وأن يوفقنا وإياهم إىل ما حيبه ويرضاه . املراجعة والتدقيق معايل الدكتور راشد بن راجح الشريف ، الذي كان يل شرف التتلمذ على يديه فكان املشرف على هذه الرسالة ، وقد :

.فجزاه اهللا عين خري اجلزاء ، وأجزل له األجر واملثوبة . همنحين الكثري من وقته وتوجيهاته ، مع كثرة أعبائه ومسؤوليات

* * * \

.وصلى اهللا وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه وأتباعه إىل يوم الدين . احلمد هللا رب العاملني وآخر دعوانا أن بقلم راجي عفو ربه

. هـ ٥/٦/١٤٠٣: مكة املكرمة عبد اهللا بن عمر بن سليمان الدميجي* * * * *

١٤

الباب األول اإلمامة عند أهل السنة واجلماعة

:الية وحيتوي على الفصول الت تعريف اإلمامة: الفصل األول وجوا: الفصل الثاين

مقاصدها: الفصل الثالث طرق انعقادها: الفصل الرابع

١٥

الفصل األول

تعريفها

١٦

الفصل األول تعريفها

: التعريف اللغوي كل ما ائتم به من : مهم ، وهي اإلمامة ، واإلمام تقد: أمهم وأم م : ( تقول ) أم ( اإلمامة يف اللغة مصدر من الفعل

.)١() رئيس أو غريه أئمة ، وإمام : واجلمع .. اإلمام كل من ائتم به قوم كانوا على الصراط املستقيم أو كانوا ضالني : ( ويقول ابن منظور

إمام األئمة ، واخلليفة إمام الرعية ، وأممت r كل شيء قيمه واملصلح له ، والقرآن إمام املسلمني ، وسيدنا حممد رسول اهللا .اقتدي به : القوم يف الصالة إمامة ، وائتم به

اخليط الذي يمد على : املثال ، وإمام الغالم يف املكتب ما يتعلمه كل يوم ، وإمام املثال ما امتثل عليه ، واإلمام : واإلمام .)٢(هـ . أ .. ) ء البناء فيبىن عليه ويسوى عليه ساف البنا

: أي )٣( وإنهما لبإمام مبني ﴾﴿ : الطريق الواسع ، وبه فسر قوله تعاىل : واإلمام : ( وقال صاحب تاج العروس املتقدم عليهم ، هو : يقال فالن إمام القوم معناه : واخلليفة إمام الرعية ، قال أبو بكر :( يقصد فيتميز قال : بطريق يؤم ، أي

إمام اإلبل ، وإن كان وراءها : إمام السفر ، واحلادي : والدليل : ( ، قال ) إمام املسلمني : ويكون اإلمام رئيسا كقولك .)٤(هـ . أ .. ) ألنه اهلادي هلا

إىل غري ذلك من املعاين . )٥( )قصده أمه وأممه وتأممه إذا : األم بالفتح القصد ، يقال : ( وقال اجلوهري يف الصحاح .املقاربة

. ومن مجيع ما سبق نالحظ تقارب مدلول هذه األلفاظ عند أصحاب اللغة : التعريف االصطالحي

اختلفت يف األلفاظ فهي متقاربة يف املعاين ، -فقد عرفها العلماء بعدة تعريفات ، وهي وإن : أما من حيث االصطالح :عريفات ما يلي ومن هذه الت

.)٦(هـ . أ ) اإلمامة موضوعة خلالفة النبوة يف حراسة الدين وسياسة الدنيا به : ( ما ذكره املاوردي حيث قال ) ١(

.بريوت : دار اجليل . ن ) . ٤/٧٨(جمد الدين حممد بن يعقوب : ريوز آبادي القاموس احمليط للف )١( . هـ ١٣٨٨. بريوت ط -دار صادر ودار بريوت . ن ) . أمم ( مادة ) ١٢/٢٤(مجال الدين حممد بن مكرم : لسان العرب البن منظور )٢( .٧٩سورة احلجر آية )٣( .بريوت لبنان : دار مكتبة احلياة . ن ) . ٨/١٩٣(ضي الزبيدي تاج العروس من جواهر القاموس حملمد مرت )٤(: دار العلم للماليني . ن . هـ ١٣٩٩ثانية . ط . حتقيق أمحد عبد الغفور عطار ) ٥/١٨٦٥(تاج اللغة وصحاح العربية إلمساعيل بن محاد اجلوهري )٥(

.بريوت . القاهرة -شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب . ن . هـ ١٣٩٣الثة الث) ٥ص (األحكام السلطانية لعلي بن حممد املاوردي )٦(

١٧

هـ . أ ) اإلمامة رياسة تامة ، وزعامة تتعلق باخلاصة والعامة يف مهمات الدين والدنيا : ( ويقول إمام احلرمني اجلويين ) ٢()١(.

) نيابة عن الرسول عليه السالم يف إقامة الدين حبيث جيب على كافة األمم اإلتباع : ( ها النسفي يف عقائده بقوله وعرف) ٣()٢(. .)٣() يف إقامة الدين حبيث جيب إتباعه على كافة األمة r هي خالفة الرسول: ( ويقول صاحب املواقف ) ٤(هي محل الكافة على مقتضى النظر الشرعي يف مصاحلهم األخروية والدنيوية : ( أما العالمة ابن خلدون فيعرفها بقوله ) ٥(

الراجعة إليها ، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إىل اعتبارها مبصاحل اآلخرة ، فهي يف احلقيقة خالفة عن صاحب .)٤(هـ . أ ) الشرع يف حراسة الدين وسياسة الدنيا به

.)٥() أي اإلمامة الرئاسة العامة يف شؤون الدنيا والدين -املراد ا : ( يب املطيعي ويقول األستاذ حممد جن) ٦( . إىل غري ذلك من التعريفات اليت تدور حول هذه املعاين

: التعريف املختار ) محل الكافة : ( قوله واملختار من هذه التعريفات ما ذكره ابن خلدون ألنه اجلامع املانع يف نظري ، وبيان ذلك أنه يف

وعلى مقتضى : ( خيرج به واليات األمراء والقضاة وغريهم ، ألن لكل منهم حدوده اخلاصة به وصالحيته املقيدة ، ويف قوله قيد لسلطته ، فاإلمام جيب أن تكون سلطاته مقيدة مبوافقة الشريعة اإلسالمية ، وفيه أيضا وجوب سياسة ) النظر الشرعي

.ين ال باألهواء والشهوات واملصاحل الفردية ، وهذا القيد خيرج به امللك الدنيا بالدتبيني لشمول مسؤولية اإلمام ملصاحل الدين والدنيا ال االقتصار على طرف ) يف مصاحلهم األخروية والدنيوية : ( ويف قوله .دون اآلخر

:يف الكتاب والسنة ) اإلمام ( لفظ يف القرآن الكرمي بصيغة اإلفراد يف عدة مواضع منها قوله تعاىل حكاية عن إبراهيم عليه وعلى ) اإلمام ( هذا وقد ورد لفظأين : ( واملعىن . )٦( ﴾ قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال ال ينال عهدي الظالمني﴿: نبينا الصالة والسالم

ا يؤمت به ، ويقتدى به مك للناس إمامري٧() ص(.

. د . مصطفى احلـيين . دار الدعوة اإلسكندرية حتقيق د . ن . هـ ١٤٠٠أوىل . ط ) . ١٥ص (غياث األمم يف التياث الظلم أليب املعايل اجلويين )١(

.فؤاد عبد املنعم .شركة صحافة عثمانية . ن . هـ ١٣٢٦. ط ) ١٧٩ص (العقائد النسفية )٢( .عامل الكتب بريوت . ن : بدون . ت : بدون . ط ) ٣٩٥ص (املواقف لإلجيي )٣( .مكة . دار الباز للنشر والتوزيع . ن . هـ ١٣٩٨الرابعة . ط ) . ١٩٠ص (املقدمة للعالمة ابن خلدون )٤( .زكريا علي يوسف . ن ) . ٥١٧ص (من التكملة والسابع عشر من اموع ) ٥حـ ( املطيعي التكملة حملمد جنيب. اموع شرح املهذب للنووي )٥( .١٢٤سورة البقرة آية ) ٦(مكتبـة ومطبعـة . ن . هــ ١٣٨٨. ثالثة . ط ) ١/٥٢٩(حملمد بن جرير الطربي ) جامع البيان عن تأويل آي القرآن ( تفسري الطربي املسمى ) ٧(

.القاهرة مصطفى البايب احلليب

١٨

)٢() أئمة يقتدي بنا من بعدنا : ( أي )١( ﴾ واجعلنا للمتقني إماما﴿ : كما ورد يف قوله تعاىل حكاية عن دعاء املؤمنني .)٣() بنا من بعدنا يأئمة نقتدي مبن قبلنا ، ويقتد: ( وقال البخاري

أئمة يؤمت م يف اخلري يف طاعة : ( أي . )٤( ﴾ وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا﴿ : وورد اللفظ بصيغة اجلمع يف قوله تعاىل .)٥() اهللا يف إتباع أمره ويه ، ويقتدى م ، ويتبعون عليه

.)٧(والة وملوكا : أي )٦( ﴾ الوارثنيونجعلهم أئمة ونجعلهم﴿ : ويف قوله تعاىل رؤساء : ( أي )٨( ﴾ فقاتلوا أئمة الكفر إنهم ال أيمان لهم﴿ : فقال تعاىل . من يؤمت م يف الشر : كما ورد اللفظ مبعىن

جعلنا فرعون وقومه أئمة : ( أي )١٠( ﴾ لى النار ويوم القيامة لا ينصرونوجعلناهم أئمة يدعون إ﴿ : وقوله )٩() الكفر باهللا فإنه ال ينصرف إىل أئمة الباطل ، ألنه ورد ) اإلمام ( لكن إذا أطلق لفظ . )١١() يأمت م أهل العتو على اهللا والكفر به

.كما يف هذه اآليات . ذكرهم يف القرآن ذه الكلمة مقيدة اإلمام األعظم الذي على الناس راع ، وهو « : r وورد اللفظ أيضا يف مواطن كثرية من احلديث النبوي الشريف منها قوله

.احلاكم أو اخلليفة : واملراد . )١٣(» األئمة من قريش « : r وقوله . )١٢(احلديث » .. مسؤول عن رعيته . إىل غري ذلك من األحاديث الكثرية

خليفة املسلمني وحاكمهم ، وتوصف اإلمامة أحيانا باإلمامة : أخذت اإلمامة معىن اصطالحيا إسالميا ، فقصد باإلمام وهكذاالعظمى أو الكربى متييزا هلا عن اإلمامة يف الصالة ، على أن اإلمامة إذا أطلقت فإا توجه إىل اإلمامة الكربى أو العامة ، كما

.)١٤(اهللا أوضح ذلك ابن حزم رمحه

.٧٤سورة الفرقان آية ) ١( ) .١٩/٥٢(تفسري الطربي ) ٢( ) .١٣/٢٤٨( فتح الباري rاإلقتداء بسنن الرسول : االعتصام ب : ك : صحيح البخاري ) ٣( .٧٣سورة األنبياء آية )٤( ) .١٧/٤٩(تفسري الطربي )٥( .٥سورة القصص آية )٦( ) .٢٠/٢٨(تفسري الطربي )٧( .١٢ة التوبة آية سور )٨( ) .١٠/٨٧(تفسري الطربي )٩( .٤١سورة القصص آية )١٠( ) .٢٠/٧٩(تفسري الطربي )١١() ٣/١٤٥٩ (١٨٢٩اإلمارة ، ح : ، ورواه مسلم أيضا يف ك ) ١٣/١١١(فتح الباري : ، انظر ١: األحكام ب . ك - واللفظ له -رواه البخاري )١٢(

) .٢/٥٤(، ورواه أمحد يف مسنده ) ٤/٢٠٨ (١٧٠٥ ، ح ٧: اجلهاد ب : ، والترمذي ك ) ٨/١٤٦( ، عون ١ :اإلمارة ب : ، وأبو داود يف ك .وسيأيت زيادة ختريج وإيضاح لأللفاظ يف ذكر الشروط . ، ورواه البخاري ومسلم بغري هذا اللفظ ) ٣/١٨٣(رواه أمحد يف مسنده )١٣( . لبنان -دار املعرفة للطباعة والنشر بريوت . ن . هـ ١٣٩٥ثانية . ط) ٤/٩٠(الفصل يف امللل واألهواء والنحل )١٤(

١٩

:)١( اإلمام واخلليفة وأمري املؤمنني: الترادف بني ألفاظ

والصحابة والتابعني الذين رووها مل r والذي يبدو من استعراض األحاديث الواردة يف باب اخلالفة واإلمامة أن الرسول وإىل -أمري املؤمنني : ىل عنه أضافوا إليها لفظ يفرقوا بني لفظ خليفة وإمام ، ومن بعد تولية عمر بن اخلطاب رضي اهللا تعا

اخلليفة ، : جيوز أن يقال لإلمام : ( ذلك ذهب العلماء فجعلوها من الكلمات املترادفة املؤدية إىل معىن واحد فيقول النووي .)٢() واإلمام ، وأمري املؤمنني نيابة عن صاحب الشريعة يف حفظ الدين وسياسة الدنيا به وإذ قد بينا حقيقة هذا املنصف وأنه: ويقول ابن خلدون

.)٤( ويعرف ابن منظور اخلالفة بأا اإلمارة )٣(هـ . أ ) تسمى خالفة وإمامة والقائم به خليفة وإمام وإىل ذلك ذهب األستاذ حممد جنيب املطيعي يف تكملته للمجموع

، ويفسر الشيخ أبو )٦( وكذلك األستاذ حممد رشيد رضا )٥() ملؤمنني مترادفة اإلمامة واخلالفة وإمرة ا: ( للنووي حيث قال املذاهب السياسية كلها تدور حول اخلالفة وهي اإلمامة الكربى ، ( : زهرة الترادف بني لفظي اخلالفة واإلمامة بقوله

ألن : وتسمى إمامة يف إدارة شؤوم ، r )٧(ومسيت خالفة ألن الذي يتوالها ويكون احلاكم األعظم للمسلمني خيلف النيب

مثل القرآن والفرقان واهلـدى . هذا الترادف من قبيل داللتها وإطالقها على ذات واحدة ، أما من حيث معانيها فلكل واحدة منها معناها اخلاص ا )١(

.اينة من حيث معانيها والنور فهي مترادفة من حيث داللتها على القرآن ، ومتب ) .٤/١٣٢(حنوه يف مغىن احملتاج للشربيين : وانظر . املكتب اإلسالمي : ن ) . ١٠/٤٩(روضة الطالبني ليحىي بن شرف الدين النووي )٢( ) .١٩٠ص (املقدمة )٣( ) .٩/٨٣(لسان العرب )٤( ) .١٧/٥١٧(اموع )٥( ) .١٠١ص (رضا اخلالفة أو اإلمامة العظمى حملمد رشيد )٦( ، واختلفوا يف تسميته خليفة اهللا ، فأجازه بعضهم اقتباسا من اخلالفة العامـة الـيت rأجاز الفقهاء تسمية اإلمام خليفة بإطالق ، وخليفة رسول اهللا ) ٧(

خيلفين يف احلكـم . مين : أي : ( قال الطربي . ٣٠البقرة . ﴾ اآلية ... ةوإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خليف ﴿ : لآلدميني يف قوله تعاىل وذلك اخلليفة هو آدم ، ومن قام مقامه يف طاعة اهللا ، واحلكم بالعدل بني خلقه ونسب هذا القول إىل ابن مسعود وابن عباس رضي اهللا عنهما . بني خلقي

) .١/٢٠٠(تفسري الطربي ) . تفسري ابـن كـثري ) . أي قوم خيلف بعضهم بعضنا قرنا بعد قرن ، وجيال بعد جيل : ( قال ابن كثري . ك ألن معىن اآلية ليس عليه ومنع اجلمهور ذل

.كتاب الشعب . ط ) ١/٩٩(نه شهيد مدبر خللقه ال حيتـاج يف فاملقصود أن اهللا تعاىل ال خيلفه غريه ، فإن اخلالفة إمنا تكون عن غائب ، وهو سبحا : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية

اللـهم « : rقال النيب . بل هو سبحانه يكون خليفة لغريه : ( قال . دار الكتب العلمية بريوت . ن ) ١/١٣٨(منهاج السنة النبوية ) . تدبريهم إىل غريه أوىل . ط ) ٣٥/٤٥(جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيميـة ) .» أنت الصاحب يف السفر واخلليفة يف األهل ، اللهم اصحبنا يف سفرنا ، واخلفنا يف أهلنا

، والترمـذي يف ) ٧/٢٦٠( ، عـون ٧٢: ، وأبو داود يف اجلهـاد ، ب ) ١٣٤٢(واحلديث صحيح رواه مسلم يف احلج رقم . الرياض . هـ ١٣٨٦ ) .٢/٩٧٧(مام مالك يف املوطأ ، والنسائي ، والدارمي ، واإل) ١/٢٥٦(، وأمحد ) ٥/٤٩٧(، ) ٣٤٣٨( ، رقم ٤٢: الدعوات ب

مقدمة ابن خلـدون : انظر ) . لست خليفة اهللا ، ولكين خليفة رسول اهللا : ( واستدل بعضهم على ذلك مبا روي عن أيب بكر رضي اهللا عنه أنه قال الطبقـات ) اخلـرب .. قيل أليب بكـر : يكة قال وهذا نص يف املسألة لو صح ، ولكنه ضعيف فقد رواه ابن سعد يف الطبقات عن ابن أيب مل ) ١٩٠ص (

٢٠

)١() اخلليفة كان يسمى إماما ، وألن طاعته واجبة ، وألن الناس كانوا يسريون وراءه كما يصلون وراء من يؤمهم الصالة ولة اإلسالمية ، أي يأمتون به ، وقد كان اخللفاء هم الذين يتولون إمامة الصالة خاصة اجلمع واألعياد لكن ملا اتسعت رقعة الد

.وضعفت الناحية العلمية عند اخللفاء ، أخذوا ينيبون عنهم من يقومون مقامهم يف إمامة الصالة ، وخطب اجلمع واألعياد ابتعاد : بأنه ) اإلمام ، واخلليفة ، وأمري املؤمنني ( كما يفسر األستاذ حممد املبارك رمحه اهللا سبب اختيار هذه األلفاظ

اإلسالمي للدولة ورياستها عن النظام امللكي مبفهومه القدمي عند األمم األخرى من الفرس والرومان املختلف اختالفا باملفهوم .)٢() أساسيا عن املفهوم اإلسالمي اجلديد

ىل عنه هذا وقد كان اخللفاء األول يلقبون باخللفاء كما يلقبون باألئمة ، ومنذ خالفة عمر بن اخلطاب رضي اهللا تعافيذكر ابن سعد يف طبقاته أنه ملا مات أبو بكر رضي اهللا تعاىل عنه وكان يدعى ) أمري املؤمنني ( استعمل املسلمون لقب

خليفة خليفة : من جاء بعد عمر قيل له : ، فقال املسلمون r خليفة خليفة رسول اهللا: قيل لعمر r خليفة رسول اهللا، ولكن اجتمعوا على اسم تدعون به اخلليفة ، يدعى به من بعده من اخللفاء ، قال بعض فيطول هذا r خليفة رسول اهللا .)٣(فهو أول من مسي بذلك ) أمري املؤمنني ( حنن املؤمنون وعمر أمرينا ، فدعي عمر : r أصحاب رسول اهللا

استأذن لنا يا أمري : اال لعمرو بن العاص وروي أن لبيد بن ربيعة وعدي بن حامت رضي اهللا عنهما ملا قدما من املدينة ، قالسالم عليك يا أمري : أنتما واهللا أصبتما امسه ، فهو األمري وحنن املؤمنون ، فدخل عمرو على عمر فقال : املؤمنني ، فقال

.)٤(أنت األمري ، وحنن املؤمنون ، فجرى الكتاب من يومئذ : ما هذا ؟ فقال : املؤمنني ، فقال عمر .)٥(يل يف سببها غري ذلك وق

، لكن مل يكن مقصورا على اخلليفة ، وإمنا يسمى به أمراء r أما لفظ األمري بإطالق فقد كان مستعمال يف عهد النيبمن أطاعين فقد أطاع اهللا ، ومن عصاين فقد عصى اهللا ، ومن « اجليوش واألقاليم واملدن وحنو ذلك ، وقد ورد يف احلديث

انظر . ورواه اخلالل بنفس السند ... بتحقيق أمحد شاكر عن ابن أيب مليكة قال قيل أليب بكر ) ٥٩(؛ ورواه اإلمام أمحد يف املسند حديث رقم ) ٣/١٨٣(مع من أيب بكر فاخلرب ضعيف النقطاع السند ، انظر زيادة ختريج لـه لكن ابن أيب مليكة هذا مل يس . خمطوط ) ٣٧(املسند من مسائل اإلمام أمحد ورقة :

النيابة عن الغري ، إما لغيبة املنوب عنه : اخلالفة : ( وذهب الراغب األصفهاين إىل أن ) ٥/١٩٨(الزوائد = = وجممع ) ١/١٧٩(املسند بتحقيق أمحد شاكر ) .، وإما ملوته ، وإما لعجزه ، وإما لتشريف املستخلف

... ) .وعلى ها الوجه األخري استخلف اهللا أولياءه يف األرض : ( قال . مث ذكر اآليات الدالة على ذلك

) .١٥٦ص (املفردات للراغب : انظر .دار الفكر العريب . ن ) . ٢١ص (تاريخ املذاهب اإلسالمية أليب زهرة اجلزء األول يف السياسة والعقائد )١( .دار الفكر . ن . هـ ١٤٠٠ثالثة . ط ) ٦١ص ) (احلكم والدولة ( سالم نظام اإل )٢( .دار بريوت . ن . هـ ١٣٩٨. ط ) ٣/٢٨١(الطبقات الكربى البن سعد )٣( ) .٩/٦١(رجاله رجال الصحيح جممع الزوائد : وقال اهليثمي . رواه الطرباين )٤( .زينب إبراهيم القاروط . دار الباز للنشر والتوزيع حتقيق د . ن . هـ ١٤٠٠أوىل . ط ) ٥٩ص (مناقب عمر ابن اخلطاب البن اجلوزي : انظر )٥(

٢١

.)١(» ريي فقد أطاعين ، ومن عصى أمريي فقد عصاين أطاع أم

، ) ١٣/١١١(﴾ فتح البـاري ... أطيعوا اهللا وأطيعوا الرسول ﴿: قول اهللا تعاىل : األحكام ، ب : يف ك - واللفظ له -متفق عليه رواه البخاري )١(

الترغيـب يف طاعـة اإلمـام : ب . ، ورواه النسائي يف البيعة ) ٣/١٤٦٦ (١٨٣٥األمراء يف غري معصية ح وجوب طاعة : اإلمارة ، ب : ومسلم يف ك .وغريهم ) ٧/١٥٤(

٢٢

الفة واإلمامةاستعماالت لفظي اخل

يغلب استعماهلم عادة عند أهل السنة يف مباحثهم العقدية والفقهية ، بينما الغالب ) اإلمامة ( ومن املالحظ أن لفظ قد - خاصة العقدية - يف ذلك يعود إىل أن هذه املباحث يف كتابام التارخيية ، ولعل السبب) اخلالفة ( استعماهلم لفظ

.كتبت للرد على املبتدعة يف هذا الباب كالشيعة واخلوارج فالشيعة يستخدمون لفظ اإلمامة دون اخلالفة ، ويعتربوا إحدى أركان اإلميان عندهم ، ويفرقون بني اإلمامة واخلالفة ،

، ويريدون من ذلك إثبات أن عليا رضي اهللا تعاىل عنه كان إماما )١(اخلالفة رئاسة دولة فهم يعتربون اإلمامة رئاسة دين ، و .وهذا ال يقره اإلسالم . ويف ذلك فصل للدين عن الدولة . زمن خالفة الثالثة الذين سبقوه

.)٣( ، وبعض املعتزلة )٢( وممن ذهب إىل التفريق بينهما أيضا الرافضة الباطنية .)٤(عند أهل السنة إىل تأثر أهل السنة بالشيعة ) اإلمامة ( أرجع بعض الكتاب املعاصرين سبب استعمال لفظ و

وهذا غري صحيح الستعمال املسلمني هذا اللفظ قبل انشقاق الشيعة )٥(ويرى بعضهم أن هذه التسمية من اختراعات الشيعة .كما سبق ، والستعمال الصحابة رضوان اهللا عليهم له عن اجلماعة ، ولوروده يف بعض اآليات واألحاديث

ومما سبق يف تعريف اإلمامة يتضح لنا أن العلماء الذين تصدوا لتعريفها قدموا أمور الدين والعناية به وحفظه على أمور عه وتعاليمه ، وأن فصل الدين عن الدنيا ، مبعىن جعل الثانية تابعة لألوىل ، وبيان أن سياسة الدنيا جيب أن تكون بالدين وشرائ

السياسة خمالفة صرحية لتعاليم اإلسالم ولشريعته الربانية ، وأن سياسة الدنيا بالقوانني الوضعية أو باآلراء والشهوات النفسية مية ، بل خمالفة أيضا لإلسالم ، فال جيوز أن يطلق على هذا النوع من احلكم بأنه حكم إسالمي ، أو متمش مع الشريعة اإلسال

.هو خمالفة صرحية هلا ال يقره اإلسالم : الفرق بني اخلالفة وامللك

هو محل الكافة على : إن امللك الطبيعي : ( وهلذا فرق العلماء بني اخلالفة وامللك ، فيقول العالمة ابن خلدون يف ذلك العقلي يف جلب املصاحل الدنيوية ودفع املضار ، هو محل الكاف على مقتضى النظر : مقتضى الغرض والشهوة ، والسياسي

.)٦(هـ . أ ) إليها محل الكافة على مقتضى النظر الشرعي يف مصاحلهم األخروية والدنيوية الراجعة : هي واخلالفة :من ذلك r والفرق بني اخلالفة وامللك ثابت يف األحاديث الصحيحة الصرحية عن النيب

أمحـد . نظرية اإلمامة لدى الشيعة اإلثىن عشرية د : وانظر . املكتب العلمي بريوت . ثانية ن . ط ) ١٩ص (اإلمامة حملمد حسني آل ياسني : انظر )١(

.دار املعارف . بدون ن . ط ) ٢٤ص (حممود صبحي .مكتبة اهلالل . ن . م ١٩٨١. ط ) ١٩ص (مصطفى غالب . اإلمامة وقائم القيامة د : انظر )٢( ) .١٢٩ص (١: ق ) ٢٠حـ (املغين يف أبواب التوحيد والعدل )٣( .أمحد حممود صبحي . د ) ٢٣ص (نظرة اإلمامة لدى الشيعة اإلثىن عشرية )٤()٥( حممد الصادق عفيفي . تمع اإلسالمي وأصول احلكم د ا) دار االعتصام . ن . هـ ١٤٠٠أوىل . ط ) ١٢٣ص. ) .١٩٠ص (املقدمة )٦(

٢٣

تكون النبوة فيكم ما شاء اهللا أن تكون ، مث يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، « : r النيبقال: ( رضي اهللا عنه قول حذيفة) ١( ، )١(مث تكون خالفة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء اهللا أن تكون ، مث يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، مث تكون ملكا عاظا

ا إذا شاء أن يرفعها ، مث تكون ملكا جربية ، فتكون ما شاء اهللا أن تكون ، مث يرفعها فيكون ما شاء اهللا أن يكون ، مث يرفعه .)٢() مث سكت . » إذا شاء أن يرفعها ، مث تكون خالفة على منهاج النبوة

« : عن النيب قال r ومنها احلديث الذي رواه أهل السنن وغريهم عن سعيد بن مجهان عن سفينة موىل رسول اهللا) ٢(ستكون اخلالفة ثالثون عاما مث يكون « : ويف رواية . » من يشاء - أو امللك -خالفة النبوة ثالثون سنة مث يؤيت اهللا ملكه

.)٣(» امللك هذا : فنظر إىل السماء فإذا ملك يرتل ، فقال له جربيل r جلس جربيل إىل النيب: وعن أيب هريرة رضي اهللا عنه قال ) ٣(

أملكا أجعلك ، أم عبدا رسوال ؟ قال له : يا حممد أرسلين إليك ربك : نذ خلق قبل الساعة ، فلما نزل قال امللك ما نزل ممل يكن ملكا مع أنه r وهذا يدل على أنه . )٤(» ال ، بل عبدا رسوال « : فقال رسول اهللا . تواضع لربك يا حممد : جربيل

.إمام املسلمني بال منازع ملا يف ذلك من االستمتاع بالرياسة - من أجره شيئا -مل خيتر أن يكون ملكا لئال ينقص : ( إلسالم ابن تيمية قال شيخ ا

.)٥() واملال عن نصيبه من اآلخرة ، فإن العبد الرسول أفضل عند اهللا من النيب امللك إن أنت جبيت : خلليفة وامللك ، فقال سلمان ومن اآلثار ما روي عن سليمان رضي اهللا تعاىل عنه سأل عن الفرق بني ا) ٤(

فأنت ملك ، وأما اخلليفة فهو الذي يعدل يف الرعية ، ويقسم غري حقه من أرض املسلمني درمها أو أقل أو أكثر مث وضعته يف

يصيب الرعية فيه عسف وظلم كأم يعضون فيـه : ومعىن احلديث . شديد فيه عسف وعنف : ويف بعض الروايات ملكا عضوضا ، وملك عضوض )١( ) .٧/١٩١) (عضض ( العرب مادة لسان. عضا

) ٣/٢٠٣(وثقه الطيالسي وحدث عنه ميزان االعتـدال ( داود بن إبراهيم الواسطي : ، وفيه ) ٤٣٨(، والطيالسي رقم ) ٤/٢٧٣(احلديث رواه أمحد )٢() ١/٤٥٥(يف إسناده اضطراب ميزان االعتـدال : عدي فيه نظر ، وقال ابن : موىل النعمان وكاتبه وثقه أبو حامت ، وقال البخاري : وفيه حبيب بن سامل

انظر . وحسنه األلباين ) رواه أمحد ، والبزار أمت منه والطرباين ببعضه يف األوسط ورجاله ثقات ) : ( ٥/١٨٩(واحلديث قال عنه اهليثمي يف جممع الزوائد .ومل أجده فيه ) ٣٥/١٩(جمموع الفتاوى : انظر . م ابن تيمية إىل مسلم وقد عزاه شيخ اإلسال) . ١/٨) (٥(سلسلة األحاديث الصحيحة حديث رقم : حـديث : وقـال ) ٤/٥٠٣( ، ٢٢٢٦ ح٤٨: ب . الفنت : ورواه الترمذي ك ) ١٢/٣٩٧(عون . ٨: ب . السنة : هذا احلديث رواه أبو داود ك )٣(

: أخربنا املروزي قال : ( وصححه ، قال اخلالل ) ٤/٣٧٢(د ، ورواه أمحد حسن ، قد رواه غري واحد عن سعيد بن مجهان وال نعرفه إال من حديث سعي سعيد بن مجهان ثقة ، روى عنه غـري : فقال . إم يطعنون يف سعيد بن مجهان : ذكرت أليب عبد اهللا حديث سفينة فصححه ، وقال هو صحيح ، قلت

إن عياش بن صاحل حكى عن علي بن املديين ذكر عن حيىي بن القطان أنه تكلـم يف : قلت أليب عبد اهللا. واحد ، منهم محاد وحشرج والعوام وغري واحد املسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل : انظر ) . باطل ما مسعت حيىي تكلم فيه فقد روى عن سعيد بن مجهان غري واحد : سعيد بن مجهان ، فغضب وقال

) .٦٤( ورقة -خمطوط وذكر ) ١/١٩٨(، ) ٤٦٠(سلسلة األحاديث الصحيحة حديث رقم : انظر . رين ناصر الدين األلباين وقد أفاض يف خترجيه واحلديث صححه من املعاص

.له طرقا كثرية غري طريق سعيد بن مجهان سلسـلة : انظـر . صحيح على شـرط مسـلم : وقال عنه األلباين ) ٥٢٥ص ( ، ٢١٣٧، وابن حبان يف صحيحه ح ) ٢/٢٣١(رواه اإلمام أمحد )٤(

) .٣/٣( ، ١٠٠٢األحاديث الصحيحة ح رقم ) .٣٥/٣٤(جمموع الفتاوى )٥(

٢٤

ما : ال كعب فق. اهللا بينهم بالسوية ، ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهل بيته ، والوالد على ولده ، ويقضي بينهم بكتاب .)١() كنت أحسب يف هذا الس من يفرق بني امللك واخلليفة ، ولكن اهللا أهلم سلمان اإلجابة

فهذا من الفروق يف نوعية سياسة الرعية ، ومن الفروق أيضا الطريق اليت يتم ا امللك أو اخلالفة ، فامللك يتم عادة عن ألبناء وحنو ذلك ، دون الرجوع إىل أهل احلل والعقد ، أما اخلالفة فال تكون إال بإقرار طريق القهر والغلبة والعهد من اآلباء ل

:أهل احلل والعقد ، سواء عن طريق االختيار أو عن طريق االستخالف كما سيأيت مها عليهما السالم لكن مما جيب التنبيه له أن كالمنا هنا ال يشمل امللك الذي ذكره اهللا لبعض أنبيائه كداود وسليمان وغري

قال عن سليمان و. )٢( ﴾ وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء﴿ : ، فقد قال اهللا تعاىل عن داود وغريهم من . )٣( ﴾ كفروا ر سليمان ولـكن الشياطني واتبعوا ما تتلوا الشياطني على ملك سليمان وما كف﴿ :

األنبياء ممن سما ملوكا فهؤالء أنبياء معصومني ، وال شك أن ملكهم على ج احلق قطعا ، لذلك ال يرد عليه الذم الوارد يف .األحاديث السابقة لعصمتهم عليهم السالم

على من سوى الراشدين) يفة خل( جواز إطالق لفظ على من جاءوا بعد اخللفاء الراشدين وإن كانوا ملوكا بشرط ) خلفاء ( هذا وقد أجاز أهل السنة واجلماعة إطالق كلمة

.)٤(» اخلالفة بعدي ثالثون مث يؤت اهللا امللك من يشاء « : r كوم من قريش ، لقول النيب« : قال r اري ومسلم يف صحيحيهما عن أيب هريرة رضي اهللا تعاىل عنه عن رسول اهللاأجازوا ذلك بدليل ما رواه البخ

فما : قالوا » كانت بنوا إسرائيل تسوسهم األنبياء ، كما هلك نيب خلفه نيب ، وأنه ال نيب بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر قال ابن تيمية رمحه . )٥(» سائلهم عما استرعاهم فوا ببيعة األول فاألول ، مث أعطوهم حقهم ، فإن اهللا« : تأمرنا ؟ قال

فوا بيعة األول فاألول « : دليل على من سوى اخللفاء الراشدين فإم مل يكونوا كثريا ، وأيضا قوله » فتكثر « : قول -: اهللا .)٦() دل على أم خيتلفون ، والراشدون مل خيتلفوا »

مسعت : ك ما ورد يف احلديث املتفق عليه أيضا عن جابر بن مسرة رضي اهللا تعاىل عنه قال ومن األدلة على جواز إطالق ذلكلهم من قريش « : فقلت أليب ما قال ؟ قال - مث قال كلمة مل أمسعها -» يكون اثنا عشر خليفة « : يقول r رسول اهللا

إن كان فيهم بعض االحنراف والتقصري يف بعض فهذا يدل أيضا على إطالق اخلالفة على من سوى الراشدين ، و . )٧(»

.املكتبة التجارية الكربى مبصر . هـ ن ١٣٧١أوىل . ط ) ١٤٠ص (تاريخ اخللفاء للسيوطي : وانظر ) . ٣/٣٠٦(الطبقات الكربى البن سعد )١( .٢٥١سورة البقرة آية )٢( .١٠٢سورة البقرة آية )٣( .) ٣٣ص (سبق خترجيه قريبا )٤( ١٨٤٢الوفاء ببيعة اخلليفـة ، ح : ب . اإلمارة : ورواه مسلم يف ك ) ٦/٤٩٥( ، فتح الباري ٥٠: ب . األنبياء : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )٥( ) .٢/٩٧(، وأمحد يف املسند ) ٢/٩٥٨ (٢٨٧١ ، ح٤٢: ب . اجلهاد : ورواه ابن ماجة يف ك ) ٣/١٤٧١( ) .٣٥/٢٠(جمموع الفتاوى )٦(: ب . اإلمـارة : ، ومسلم يف ك ) ١٣/٢١١(، فتح الباري ) خليفة ( بدال من ) أمري ( بلفظ ٥١: ب . األحكام : رواه البخاري ك . متفق عليه )٧(

.وغريمها ) . ٣/١٤٥٢ (١٨٢١الناس تبع لقريش ، ح

٢٥

واجبات الدين بشرط القرشية ، ألم مل يكونوا يطلقون اخلالفة على من ليس بقرشي ، ولذلك مسوا زعماء العثمانيني .بالسالطني ومل يسموهم اخللفاء

ملؤمنني واخلليفة وإن كان خمالفا لسرية أئمة ال بأس أن يسمى القائم بأمر املسلمني أمري ا: قال البغوي : ( قال ابن األزرق وذلك بشرط إقامة معامل الدين وإن قصروا هم يف أعمال أنفسهم أو )١() العدل ، لقيامه بأمر املؤمنني وتسمع املسلمني له

ال جيوز ذلك ، بل ال والية هلم ظلموا أو جاروا يف األموال وحنوها ، أما إذا مل يقيموا الدين أو احنرفوا احنرافا يؤدي إىل الكفر ف .واهللا أعلم . )٢( ﴾ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنني سبيال﴿ : بدليل قوله تعاىل . على املسلمني أصال

* * * * *

) .١/٩٢(لك بدائع الس )١( .١٤١سورة النساء آية ) ٢(

٢٦

الفصل الثاين

وجوب اإلمامة

٢٧

الفصل الثاين

وجوب اإلمامة )٢( ، ومل يشذ عن هذا اإلمجاع إال النجدات من اخلوارج )١( من املسلمني على وجوب نصب اإلمام اتفق السواد األعظم

املرجئة ، اتفق مجيع أهل السنة ، ومجيع : ( ويف هذا يقول اإلمام ابن حزم . )٥( من املعتزلة )٤( ، والفوطي )٣(، واألصم ن األمة واجب عليها االنقياد إلمام عادل ، يقيم فيهم أحكام اهللا ، ومجيع الشيعة ، ومجيع اخلوارج على وجوب اإلمامة ، وأ

ال يلزم الناس فرض اإلمامة ، : حاشا النجدات من اخلوارج فإم قالوا r ويسوسهم بأحكام الشريعة اليت أتى ا رسول اهللا .)٦(هـ . أ . وإمنا عليهم أن يتعاطوا احلق بينهم

يف وجوب ذلك بني األمة وال بني األئمة ، إال ما روي عن األصم ، حيث كان عن الشريعة وال خالف: ( وقال القرطيب .)٧(وكذلك كل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه . أصم

، ومنهم من يوجبها )٨( واملوجبون هلا منهم من يرى وجوا عن طريق الشرع ، وهم أهل السنة واجلماعة وأكثر املعتزلة وهم الشيعة ، ومنهم من - تعاىل اهللا عما يقولون علوا كبريا - ، واملوجبون هلا عقال منهم من يوجبها على اهللا تعاىل عقال

.)١٠( ، واجلاحظ من معتزلة البصرة )٩(وهم املعتزلة البغداديون . يوجبها على الناس

، وحاشية القليويب ) ٢/٤٩٤(، ومنتهى اإلرادات البن النجار ) ٦/١٥٨(، وكشاف القناع ) ١/٢٦٤(اجلامع ألحكام القرآن : انظر على سبيل املثال )١(

، ) ٥ص (، واألحكام السلطانية للمـاوردي ) ٢٥٤ص (، واملسامرة) ١/١١٥(، والدر املختار ) ٤/١٢٩(، ومغين احملتاج ) ٤/١٧٣(على شرح املنهاج ص (، والسياسة الشرعية البـن تيميـة ) ١٢٤ص (، ومراتب اإلمجاع له ) ٤/٨٧(، والفصل يف امللل واألهواء والنحل البن حزم ) ١٩ص (وأليب يعلى

.ب الفقه ، وغريها من كت) ١/٧١(، وبدائع السلك البن األزرق ) ١٩١ص (، ومقدمة ابن خلدون ) ١٦١وممن يذكر عنـه . حتقيق حممد حميي الدين عبد احلميد . مكتبة النهضة املصرية . ن . هـ ١٣٨٩الثانية . ط ) ١/٢٠٥(مقاالت اإلسالميني : انظر )٢(

رسالة : انظر بتوسع . فون ذلك عدم وجوب اإلمامة من اخلوارج أيضا احملكمة ، لكنهم تراجعوا عن ذلك ، وينسب هذا القول إىل األباضية أيضا لكنهم ين لنيـل ) ٣٦٢ص (عثمان عبد املنعم عيش . غالب بن علي عواجي ، إشراف د : للطالب ) اخلوارج تارخيهم وآراؤهم اإلعتقادية وموقف اإلسالم منها (

. هـ ١٣٩٩ /٩٨. املاجستري جامعة امللك عبد العزيز مبكة ) .٦٥ص (بار املعتزلة من الطبقة السادسة ، فرق وطبقات املعتزلة أبو بكر عبد الرمحن بن كيسان األصم من ك )٣(، وإليه تنسب فرق اهلامشية من املعتزلة ، الفرق بني ) ٦٩ص (هو هشام بن عمرو الفوطي شيباين من أهل البصرة من الطبقة السادسة ، طبقات املعتزلة )٤(

) .١٥٩ص (الفرق .دار الكتب العلمية بريوت . ن . هـ ١٤٠٠الثانية . ط ) . ٢٧٢ص (أصول الدين للبغدادي )٥( ) .٤/٨٧(الفصل يف امللل واألهواء والنحل )٦( .دار القلم . ن . هـ ١٣٨٦الثالثة . ط ) ١/٢٦٤(اجلامع ألحكام القرآن أليب عبد اهللا حممد بن أمحد القرطيب )٧( ) .٢٦١ص (العثمانية للجاحظ : انظر و . ١ق ) ١٤١ ، ص ٢٠جـ (املغين يف أبواب التوحيد والعدل )٨(حممد أبـو : ت . عيسى احلليب البايب وشركاه -دار إحياء الكتب العربية . ن . هـ ١٣٧٨أوىل . ط ) ٢/٣٠٨(شرح ج البالغة البن أيب احلديد )٩(

.الفضل إبراهيم .عبد السالم هارون دار الكتاب العريب ، حتقيق . ن . ١٣٧٤. ط ) . ٢٦١ص (العثمانية للجاحظ )١٠(

٢٨

األدلة بة ، وأنه ال بد للمسلمني من إمام يقيم شعائر الدين وينصف املظلومني إن أهل السنة واجلماعة يرون أن اإلمامة واج: قلنا

: من الظاملني ، ويستدلون على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة واإلمجاع والقواعد الشرعية ، وإليك اآلن تفصيل ذلك :األدلة من القرآن الكرمي : أوال

، أورد الطربي عن أيب )١( ﴾ اآلية منكم آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر يا أيها الذين ﴿ : قول اهللا تعاىل ) ١(: أويل األقوال يف ذلك بالصواب قول من قال : مث قال الطربي )٢() هم األمراء أن أويل األمر: ( هللا تعاىل عنه هريرة رضي ا

واهللا أعلم أن اآلية عامة يف مجيع -الظاهر : ( وقال ابن كثري )٣() ان هللا طاعة وللمسلمني مصلحة هم األمراء والوالة فيما ك . وهذا هو الراجح )٤() أويل األمر من األمراء والعلماء

بالطاعة أن اهللا سبحانه أوجب على املسلمني طاعة أويل األمر منهم وهم األئمة ، واألمر : ووجه االستدالل من هذه اآلية دليل على وجوب نصب ويل األمر ، ألن اهللا تعاىل ال يأمر بطاعة من ال وجود له ، وال يفرض طاعة من وجوده مندوب ،

.فاألمر بطاعته يقتضي األمر بإجياده ، فدل على أن إجياد إمام للمسلمني واجب عليهم كم بينهم بما أنزل الله وال تتبع أهواءهم عما جاءك من الحقفاحr : ﴿ ومن األدلة أيضا قول اهللا تعاىل خماطبا الرسول) ٢(

وأن احكم بينهم بما أنزل الله وال تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل ﴿ : ، وقوله تعاىل )٥(﴾ اآلية ... .)٦( ﴾ له إليكال

خطاب r ، وخطاب الرسول-بشرعه أي -بأن حيكم بني املسلمني مبا أنزل اهللا r فهذا األمر من اهللا تعاىل لرسولهألمته ما مل يرد دليل خيصصه به ، وهنا مل يرد دليل على التخصيص ، فيكون خطابا للمسلمني مجيعا بإقامة احلكم مبا أنزل اهللا

يوم القيامة ، وال يعين إقامة احلكم والسلطان إال إقامة اإلمامة ، ألن ذلك من وظائفها وال ميكن القيام به على الوجه إىل واهللا .. األكمل إال عن طريقها ، فتكون مجيع اآليات اآلمرة باحلكم مبا أنزل اهللا دليال على وجوب نصب إمام يتوىل ذلك

.أعلم لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ﴿ : اهللا تبارك وتعاىل ومن األدلة أيضا قول) ٣(

.)٧(﴾ ه بالغيب إن الله قوي عزيز وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسل

.٥٩سورة النساء آية )١( .إسناده صحيح : حتقيق أمحد شاكر وقال عنه ) ٧/٤٩٧(تفسري الطربي )٢( ) .٧/٥٠٢(نفس املرجع )٣( .حممد إبراهيم البنا ، وحممد أمحد عاشور وعبد العزيز غنيم . دار الشعب حتقيق د . ط ) ٢/٣٠٣(تفسري القرآن العظيم البن كثري )٤( .٨٣سورة املائدة آية )٥( .٤٩سورة املائدة آية )٦( .٢٥سورة احلديد آية )٧(

٢٩

فمهمة الرسل عليهم الصالة والسالم ومن أتى بعدهم من أتباعهم أن يقيموا العدل بني الناس على وفق ما يف الكتاب ينظم جيوشهم املناصرة ، املرتل ، وأن ينصروا ذلك بالقوة ، وهذا ال يأيت ألتباع الرسل إال بتنصيب إمام يقيم فيهم العدل ، و

فالكتاب يبني ما .. فالدين احلق ال بد فيه من الكتاب اهلادي والسيف الناصر : ( وهلذا يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا .)١(هـ . أ ) أمر اهللا به وما ى عنه ، والسيف ينصر ذلك ويؤيده

.قصاص وحنوها من األحكام اليت يلزم القيام ا وجود اإلمام ومن األدلة القرآنية أيضا مجيع آيات احلدود وال) ٤( وآيات وجوب األمر باملعروف والنهي عن املنكر وحنوها من اآليات ، فالواقع أن مجيع اآليات القرآنية اليت نزلت بتشريع

عية والقيادة العامة يف اتمع حكم من األحكام اليت تتعلق مبوضوع اإلمامة وشؤوا جاءت على أساس أن قيام اإلمامة الشرالشرعي شيء مفروغ من إثباته وال نقاش يف لزومه ، ذلك ألن األحكام املشار إليها من األمور اليت يتوقف امتثاهلا وتنفيذها على وجود اإلمام ألا من مسئولياته ووظائفه ، فتشريع مثل هذه األحكام يلزمه مسبقا املفروغية من تشريع حكم لزوم

إلمامة وقيام الدولة اإلسالمية يف اتمع املسلم ، وهذا ينهينا إىل أن لزوم اإلمامة وإقامة الدولة يف اتمع اإلسالمي من ا .بديهات وضروريات الشريعة اإلسالمية

: ثانيا األدلة من السنة : األدلة من السنة القولية - أ

:داللة على وجوب نصب اإلمام ، ومن هذه األدلة ما يلي أحاديث كثرية فيها r روي عن النيب أي )٢(» من مات وليس يف عنقه بيعة مات ميتة جاهلية « : قال r ما رواه عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما عن النيب) ١(

سلم ، والبيعة ال تكون إال بيعة اإلمام ، وهذا واضح الداللة على وجوب نصب اإلمام ألنه إذا كانت البيعة واجبة يف عنق امل: .إلمام ، فنصب اإلمام واجب

إذا خرج ثالثة يف سفر فليؤمروا أحدهم « : قال r ومنها ما رواه أبو سعيد اخلدري رضي اهللا تعاىل عنه أن رسول اهللا) ٢( لثالثة يكونون بفالة منال حيل« : قال r ومثله عن أيب هريرة ، وعن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا تعاىل عنهما أن النيب. »

فإذا كان قد أوجب يف أقل اجلماعات وأقصر : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا )٣(» األرض إال أمروا أحدهم

دار الكتب العلمية بريوت ، وامشه كتاب بيان موافقة . ن ) ١/١٤٢(لشيخ اإلسالم ابن تيمية . منهاج السنة النبوية يف نقض كالم الشيعة والقدرية )١(

.فسه للمؤلف ن. صريح املعقول لصحيح املنقول ) .٣/١٤٧٨ (١٨٥١وحوب الوفاء ببيعة اخللفاء ، ح: ب . اإلمارة : رواه مسلم ك )٢(، وأخرجه البزار من حديث عمر بن اخلطاب بسند صـحيح ، ) ٢/١٧٧(، وأمحد ) ٧/٢٦٧( ، عون ٨٧: ب . اجلهاد : احلديث رواه أبو داود ك )٣(

وأخرجه ذا اللفظ الطرباين من حـديث . » إذا كانوا ثالثة يف سفر فليؤمروا أحدهم « : بلفظ وأخرجه أيضا بسند صحيح من حديث ابن عمرو مرفوعا ابن مسعود بإسناد صحيح ، وهذه األحاديث يشهد بعضها لبعض وقد سكت أبو داود واملنذري عن حديث أيب سعيد وأيب هريرة ، وكالمهـا رجاهلمـا

والروض النضـري ) ٨/٢٥٥(نيل األوطار : انظر ) . ومل يذكر فيه قادحا . وثقه ابن معني : ( اخلالصة قال يف . رجال الصحيح إال علي بن حبر وهو ثقة

٣٠

.)١(هـ . أ ) االجتماعات ، أن يويل أحدهم ، كان هذا تشبيها على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك

٦٦٤٧، واألستاذ أمحد شاكر يف خترجيه للمسـند ح ) ٨/١٠٦ (٢٤٥٤إرواء الغليل ح : وقد صححه ناصر الدين األلباين يف ) ٥/٢٣) (التتمة ( للسياغي

)١٠/١٣٣. ( . حتقيق صالح عزام . دار الشعب . ن . م ١٩٧٦أوىل . ط ) ١١ص (م ابن تيمية احلسبة لشيخ اإلسال )١(

٣١

لينقضن عرى اإلسالم عروة ، عروة ، فكلما « : أنه قال r بو أمامة الباهلي عن النيبومنها احلديث الذي رواه أ) ٣(( قال األستاذ عبد الكرمي زيدان . )١(» انتقضت عروة تشبث الناس باليت تليها ، وأوهلن نقضا احلكم ، وآخرهن الصالة

ود اخلليفة الذي يقوم ذا احلكم ، ونقضه يعين احلكم على النهج اإلسالمي ، ويدخل فيه بالضرورة وج: واملقصود باحلكم .)٢() التخلي عنه وعدم االلتزام به ، وقد قرن بنقض الصالة وهي واجبة ، فدل على وجوبه

ش إنه من يع « - من حديث طويل -أنه قال r ومنها أيضا احلديث املشهور يف السنن عن العرباض بن سارية عن النيب) ٤(ا كثريا ، فعليكم بسنيت وسنة اخللفاء الراشدين املهديني ، متسكوا ا وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم منكم فسريى اختالف

.)٣(» وحمدثات األمور فإن كل بدعة ضاللة ، مث بالرفيق األعلى r وقد تواتر عن الصحابة رضوان اهللا عليهم أم بايعوا أبا بكر رضي اهللا عنه باخلالفة بعد حلاق النيب

استخلف أبو بكر عمر رضي اهللا تعاىل عنهما ، مث استخلف عمر أحد الستة الذين اختاروا عثمان رضي اهللا عنه ، مث بعد استشهاده بايعوا عليا باخلالفة ، فهذه سنتهم رضي اهللا عنهم يف اخلالفة ، وعدم التهاون يف منصبها ، فوجب اإلقتداء م يف

. r ذلك بأمر النيب غري ذلك من األحاديث الدالة على وجوب طاعة احلكام فيما ال معصية فيه ، وأحاديث البيعة ، واألمر بالوفاء ا إىل

لألول فاألول ، وحرمة اخلروج على أئمة املسلمني ، واحلث على ضرب عنق من جاء ينازع اإلمام احلق ، واليت سترد إن شاء .واهللا أعلم . نصيبه تضي وجود اإلمام املسلم ، فدل ذلك على وجوب كل هذه األحاديث تق. اهللا يف ثنايا البحث

: من السنة الفعلية - ب أول إمام لتلك احلكومة ، فبعد أن هيأ اهللا هلذا r أقام أول حكومة إسالمية يف املدينة ، وصار رسول اهللا r إن الرسول

صلح ما بني األوس واخلزرج من مشاكل وحروب طاحنة قدمية ، مث يف تشييد أركاا ، فأ r الدين من ينصره ورسوله بدأآخى بني األنصار واملهاجرين ، ونظم اجليوش ااهدة لنشر هذا الدين والذود عن محاه ، وقد أرسل الرسل والدعوات إىل

ان أحكام األسرى وما يتعلق ملوك الدول ااورة يدعوهم إىل اإلسالم ، وعقد االتفاقات واملعاهدات مع اليهود وغريهم ، وأبم ، وأحكام احلرب وأهل الذمة ، وقام بتدبري بيت مال املسلمني وتوزيعه كما أمر اهللا عز وجل ، وعين األمراء والقضاة

يقول اإلمام . إىل غري ذلك من مظاهر الدولة ووظائف اإلمامة .. لتدبري شؤون املسلمني ، وأقام احلدود الشرعية والعقوبات حىت أتى ببيان مجيع ما حيتاج إليه من أمر الدين والدنيا ، وهذا ال خمالف عليه مل ميت r ثبت أن النيب: ( شاطيب رمحه اهللا ال

.)٤() من أهل السنة

عن أيب أمامة وصححه ناصـر الـدين ) ٤/٩٢(، واحلاكم يف املستدرك ) ٨٧ص ( ، ٢٥٧، وابن حبان يف صحيحه ح ) ٥/٢٥١(رواه اإلمام أمحد )١( ) .٥/١٥ (٤٩٥١صحيح اجلامع الصغري ح: انظر . األلباين

.مكتبة املنار اإلسالمية . ن . ١٣٩٦ثالثة . ط ) ١٩٥ص (ل الدعوة لعبد الكرمي زيدان أصو )٢(، ) ١٢/٣٥٩( ، عون ٥: ب . السنة : وأبو داود يف ك . حسن صحيح : ، وقال ) ٥/٤٤ (٢٦٧٦ ، ح ١٦: ب . العلم : رواه الترمذي يف ك )٣(

هو حديث جيـد مـن صـحيح : قال أبو نعيم . ٦: ب . ، والدارمي يف املقدمة ) ٤/١٢٦(، وأمحد ) ١/١٥ (٤٢ ، ح ٦: وابن ماجة يف املقدمة ب ) .٢٤٣ص (جامع العلوم واحلكم : انظر . الشاميني

. مصر -املكتبة التجارية الكربى . بدون ن . ط ) . ١/٤٩(االعتصام لإلمام أيب إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطيب )٤(

٣٢

هلا مل يكن هدفا له يف حد ذاته ، وإمنا هو من مستلزمات هذا الدين الذي ال يتم r ومن املعلوم أن قيام هذه الدولة وزعامتهإال به ، كيف وقد عرضت عليه قريش من أول وهلة امللك عليها من دون تعب وال جهاد ، وإمنا بترك سب آهلتهم ، فرفض

القيام بتبليغ هذه الرسالة ومحلها إىل الناس ، واختاذ كافة الوسائل املؤدية إىل r وإمنا كان هدفه الوحيد. باتا )١(ذلك رفضا .ام الدولة اإلسالمية ، فهي واجبة هلذا الغرض ، وألا من مستلزمات هذا الدين ذلك ، ومن هذه الوسائل قي

كون من املسلمني وحدة سياسية ، وألف منهم مجيعا دولة r فالرسول: ( يقول األستاذ عبد القادر عودة رمحه اهللا :واحدة كان هو رئيسها وإمامها األعظم وكان له وظيفتان

.لتبليغ عن اهللا ا:األوىل وانقطاع r القيام على أمر اهللا وتوجيه سياسة الدولة يف حدود اإلسالم ، وقد انتهى عهد التبليغ بوفاة الرسول:والثانية

لوجود القرآن والسنة ، فإم يف أشد احلاجة إىل من r بعد وفاة الرسول)٢(الوحي ، وإذا مل يكن بالناس حاجة إىل التبليغ سياسية ، واسنت هلم رئاسة منهم وحدة r لى القرآن والسنة ويسوسهم يف حدود اإلسالم بعد أن كون الرسوليقوم ع

وإتباع سنته يقتضي من املسلمني مجيعا أن r الدولة وإمامة املسلمني يف مشارق األرض ومغارا ، بل إن التأسي بالرسول وأن يقيموا هلم دولة واحدة جتمعهم ، وأن يقيموا على رأسها من خيلف الرسوليكونوا من أنفسهم وحدة سياسية واحدة ،

r اا خالصا إسالمي٣(هـ . أ ) يف إقامة الدين وتوجيه سياسة الدولة توجيه(.

كان - r يف تولية زعامة الدولة اإلسالمية األوىل دليل على وجوب اإلمامة ، حيث أن النيب r فاملقصود أن فعل النيبوال جبليا وال مترددا بني r إذا مل يكن خمتصا به)٤(يقتضي الوجوب r مبينا لألحكام الشرعية بقوله وفعله وإقراره ، وفعله

يؤمن بالله فآمنوا بالله ورسوله النبي األمي الذي ﴿ : اجلبلي وغريه ، وال بيانا مل كقطع يد السارق وحنوه لقوله تعاىل )٦(﴾ اآلية ... وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴿ : ، ولقوله تعاىل )٥( ﴾ وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدوناكها لكي لا يكون على المؤمنني حرج في أزواج أدعيائهم إذا فلما قضى زيد منها وطرا زوجنولقوله عز من قائل كرميا ﴿

) فلوال الوجوب ملا رفع تزوجيه احلرج عن املؤمنني يف أزواج أدعيائهم : ( قال ابن النجار )٧(﴾ اآلية ... قضوا منهن وطرا)٨(.

مصطفى السقا ، وإبراهيم األبياري ، وعبد احلفـيظ : حتقيق . مصطفى البايب احلليب مصر . ن . هـ ١٣٧٥الثانية . ط ) ١/٢٩٣(سرية ابن هشام )١(

.شليب .أما تبليغ القرآن والسنة فهذا واجب على علماء األمة اتفاقا . أي تبليغ شرع جديد )٢( . بريوت -مؤسسة الرسالة . ط ) ١٢٧ص (اإلسالم وأوضاعنا السياسية لألستاذ عبد القادر عودة )٣() ٢/١٨٩(تفصيل املسألة يف شرح الكوكب املنري البن النجار احلنبلـي : انظر . على خالف بني علماء األصول ، لكن هذا هو الراجح لقوة الدليل )٤(

.نزيه محاد . حممد الزحيلي ، ود . حتقيق د . منشورات مركز البحث العلمي جبامعة أم القرى .١٥٨ورة األعراف آية س )٥( . ٧سورة احلشر آية )٦( .٦٣سورة األحزاب آية )٧( ) .٢/١٩٠(شرك الكوكب املنري )٨(

٣٣

:اإلمجاع : ثالثا

هم األدلة الدالة على وجوب اإلمامة اإلمجاع على ذلك من قبل األمة ، وأول ذلك إمجاع الصحابة رضوان اهللا ومن أ .)١(وفاته ، بل حىت قبل دفنه وجتهيزه بعد r عليهم على تعيني خليفة للنيب

مات r عنها أن رسول اهللا وقد ورد يف ذلك عدة روايات منها ما رواه البخاري يف صحيحه عن عائشة رضي اهللا تعاىل : وقال عمر : ، قالت r واهللا ما مات رسول اهللا: فقام عمر يقول - يعين بالعالية - قال إمساعيل )٢(، وأبو بكر بالسنح

r واهللا ما كان يقع يف نفسي إال ذاك ، وليبعثنه اهللا فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم ، فجاء أبو بكر فكشف عن رسول اهللاأيها احلالف : بأيب أنت وأمي طبت حيا وميتا ، والذي نفسي بيده ، ال يذيقنك اهللا املوتتني أبدا ، مث خرج فقال : ه فقال فقبل

حممدا فإن r أال من كان يعبد حممدا: فلما تكلم أبو بكر جلس عمر ، فحمد اهللا أبو بكر وأثىن عليه وقال . على رسلك وما محمد إال ﴿ : ، وقال )٣( ﴾ إنك ميت وإنهم ميتون﴿ : فإن اهللا حي ال ميوت وقال ومن كان يعبد اهللا. قد مات

ضه فلن ييقبع لىع نقلبن يمو قابكملى أعع متقتل انقلب أو اتل أفإن مسله الرمن قب لتخ ول قدسزي رجيسئا ويش الله راكرينالش واجتمعت األنصار إىل سعد بن عبادة يف سقيفة بين ساعدة ، فقالوا : فشنج الناس يبكون ، قال : قال . )٤( ﴾ الله

ان عمر منا أمري ومنكم أمري ، فذهب إليهم أبو بكر وعمر وعبيدة ابن اجلراح ، فذهب عمر يتكلم ، فأسكته أبو بكر ، وك: مث تكلم أبو بكر ، فتكلم أبلغ ) واهللا ما أردت بذلك إال أين قد هيأت كالما قد أعجبين خشيت أال يبلغه أبو بكر : ( يقول

واهللا ال نفعل منا أمري ومنكم أمري ، فقال أبو : حنن األمراء وأنتم الوزراء ، فقال حباب بن املنذر : الناس ، فقال يف كالمه بل : نا األمراء وأنتم الوزراء ، هم أوسط العرب دارا وأعرام أنسابا ، فبايعوا عمر وأبا عبيدة ، فقال عمر ال ، ولك: بكر

وذا يتبني أنه قد . )٥() فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس r نبايعك أنت ، فأنت سيدنا وخرينا وأحب إىل رسول اهللابادروا إىل عقد اجتماع السقيفة الذي ضم كبار r مبجرد أن بلغهم نبأ وفاة النيبثبت أن الصحابة رضوان اهللا عليهم أمجعني

، وراحوا يتداولون )٦(وتشييعه r املهاجرين واألنصار ، وتركوا أهم األمور لديهم ذلك الوقت وهو جتهيز الرسول

مـن - كما يقول ابن هشـام -كانت وفاته عليه الصالة والسالم يوم االثنني بعد أن زاغت الشمس الثنيت عشرة خلت من ربيع األول وكان دفنه )١( .دار الفكر . ن ) ٢/١١١(، وانظر سبل السالم ) ٤/٦٦٤(سرية ابن هشام : انظر . ء وسط الليل ليلة األربعا

) .٧/٢٩(فتح الباري . منازل بين احلارث من اخلزرج بالعوايل بينه وبني املسجد النبوي ميل : قيل بتسكني النون وقيل بضمها : السنح )٢( .٣٠سورة الزمر آية )٣( .١٤٤سورة آل عمران آية )٤( ) .٧/١٩(، فتح الباري » ... لو كنت متخذا خليال « : r ، قول النيب ٥: ب . مناقب الصحابة : رواه البخاري ك )٥( خصوصا وقد r داللة على أن ذلك من أهم الواجبات ، وإال ملا ساغ تقدميه على دفن الرسول rيف تقدميهم اختيار اخلليفة ومبايعته قبل جتهيز النيب )٦(

أسرعوا باجلنازة فإن تك صاحلة فخري تقدموا إليه ، وإن يـك « : rقال رسول اهللا : سراع يف دفن اجلنازة ، كما يف احلديث عن أيب هريرة قال أمر اإل اجلنـازة ، فـتح السرعة ب: ، ك ٥١باب السرعة باجلنازة . اجلنائز : ك . متفق عليه رواه البخاري واللفظ له . » سوى ذلك ، فشر تضعونه عن رقابكم

وهذا وإن كان الظاهر منه اإلسراع يف املشي ولكنه عام وقد روى ) ٢/٦٥٢ (٩٤٤اإلسراع باجلنائز ، ح : اجلنائز ، ب : ومسلم يف ك ) ٣/١٨٣(الباري وعجلوا ، فإنه ال ينبغي جليفة مسـلم إين ال أرى طلحة إال قد حدث فيه املوت فآذنوين به« : يعوده فقال rأبو داود أن طلحة بن الرباء مرض فأتاه النيب

) .٤٣٦ ، ٨/٤٣٥(عون املعبود : انظر . لكنه ضعيف . تعجيل اجلنازة وكراهية حبسها : اجلنائز ، ب : ك . » أن حتبس بني ظهراين أهله

٣٤

يبايع فإم أمجعوا على وجوب وجود ويتشاورون يف أمر اخلالفة ، وهم وإن اختلفوا أول األمر حول الشخص الذي ينبغي أنوقد وافق بقية الصحابة الذين مل يكونوا حاضرين على ما أقره اتمعون من . إمام ، ومل يقل أحد أبدا ال حاجة لنا إىل ذلك

عد اختالف أمجعت الصحابة ب: ( ويف هذا يقول القرطيب رمحه اهللا تعاىل . قبل عندما جرت البيعة يف املسجد يف اليوم التايل فلو كان : ( قال ... ) منا أمري ومنكم أمري : وقع بني املهاجرين واألنصار يف سقيفة بني ساعدة يف التعيني حىت قالت األنصار

يقصد ما جرى بينهم من نقاش -فرض اإلمامة غري واجب ال يف قريش وال يف غريهم ملا ساغت هذه املناظرة واحملاورة عليها إا ليست واجبة ال يف قريش وال يف غريهم فما لتنازعكم وجه ، وال فائدة يف أمر ليس ( ولقال قائل -يف مسألة التعيني

.)١() بواجب

مث وصف عمر بصفاته وعهد إليه واستقر . تشاوروا يف هذا األمر : وملا قربت وفاة أيب بكر فقال : ( ويقول الشهرستاين قلب أحد أنه جيوز خلو األرض من إمام ، وملا قربت وفاة عمر جعل األمر شورى بني ستة األمر عليه ، وما دار يف قلبه وال يف

، وكان االتفاق على عثمان رضي اهللا عنه ، وبعد ذلك االتفاق على علي رضي اهللا عنه ، فدل ذلك كله على أن الصحابة فلذلك : ( مث يقول ... ) نه ال بد من إمام رضوان اهللا عليهم ، وهم الصدر األول كانوا على بكرة أبيهم متفقني على أ

.)٢() اإلمجاع على هذا الوجه دليل قاطع على وجوب اإلمامة اعلم أيضا أن الصحابة رضوان اهللا عليهم أمجعوا على أن نصب اإلمام بعد انقراض زمن النبوة واجب ، : ( ويقول اهليتمي

.)٣() r رسول اهللابل جعلوه أهم الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن : وقد نقل هذا اإلمجاع طائفة من العلماء ، منهم املاوردي حيث قال

وأمجعوا على أه : ( ويقول النووي . )٤() ملن يقوم ا واجب باإلمجاع ، وإن شذ عنهم األصم - أي اإلمامة -وعقدها ( نصب اإلمام واجب ، وقد عرف وجوبه يف الشرع بإمجاع ( : ويقول ابن خلدون )٥(.. ) جيب على املسلمني نصب خليفة

عند وفاته بادروا إىل بيعة أيب بكر رضي اهللا عنه ، وتسليم النظر إليه يف r الصحابة والتابعني ، ألن أصحاب رسول اهللا .)٦( هـ -أ ) أمورهم ، وكذا يف كل عصر من األعصار ، واستقر ذلك إمجاعا داال على وجوب نصب اإلمام

.)٧( وقد سبق كالم ابن حزم يف اتفاق األمة على ذلك ، ومل خيالف إال من ال يعتد مبخالفتهم .)٨() ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب ( القاعدة الشرعية :رابعا

.دار القلم . ن . هـ ١٣٨٦ثالثة . ط ) ١/٢٦٤(اجلامع ألحكام القرآن للقرطيب ) ١( .مكتبة املثىن ببغداد . ن . بدون . ط ) ٤٨٠ص (علم الكالم للشهرستاين اية األقدام يف ) ٢( .مصر . مكتبة القاهرة . هـ ن ١٣٨٥ثانية . ط ) ٧ص (الصواعق احملرقة يف الرد على أهل البدع والزندقة ألمحد بن حجر اهليتمي ) ٣( ) .٥ص (األحكام السلطانية للماوردي ) ٤( . املطبعة املصرية ومكتبتها . بدون ن . ط ) ١٢/٢٠٥ (شرح النووي على صحيح مسلم) ٥( ) .١٩١ص (املقدمة ) ٦( . من هذا الفصل ) ٤٠ص : (انظر ) ٧(فاألول واجب كالطهارة للصالة ، والثاين ليس بواجب كبلوغ النصاب ) ما ال يتم الواجب إال به ( وبني ) ما ال يتم الوجوب إال به ( هناك فرق بني ) ٨(

) .١٤ص (مذكرة أصول الفقه للشنقيطي : نظر ا. للزكاة

٣٥

واجب ، وقد علم أن اهللا سبحانه ومن األدلة على وجوب اإلمامة القاعدة الشرعية القائلة بأن ما ال يتم الواجب إال به فهو وتعاىل أمر بأمور ليس يف مقدور آحاد الناس القيام ا ، ومن هذه األمور إقامة احلدود وجتهيز اجليوش ااهدة لنشر اإلسالم ، فع وإعالء كلمة اهللا ، وجباية الزكاة وصرفها يف مصارفها احملددة ، وسد الثغور وحفظ حوزة املسلمني ، ونشر العدل ود

إىل غري ذلك من الواجبات اليت ال يستطيع أفراد الناس القيام ا ، وإمنا البد من .. الظلم ، وقطع املنازعات الواقعة بني العباد .إجياد السلطة وقوة هلا حق الطاعة على األفراد ، تقوم بتنفيذ هذه الواجبات ، وهذه السلطة هي اإلمامة

خيضع له ويطاع ، ويكون له حق التصرف يف تدبري األمور حىت يتأتى له القيام ذه فبناء على ذلك جيب تعيني إمامال بد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة : ( الواجبات ، ويف هذا يقول أمري املؤمنني علي بن أيب طالب رضي اهللا تعاىل عنه

يقام ا احلدود ، وتأمن ا السبل وجياهد ا العدو : ( فاجرة ؟ قال يا أمري املؤمنني هذه الربة قد عرفناها ، فما بال ال: قالوا ) .)١() ، ويقسم ا الفيء

جيب أن يعرف أن والية أمر الناس من أعظم واجبات الدين ، بل ال قيام : ( ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا ألن اهللا : ( ويقول معلال ذلك )٢() تماع حلاجة بعضهم إىل بعض للدين إال ا ، فإن بين آدم ال تتم مصلحتهم إال باالج

أوجب األمر باملعروف والنهي عن املنكر ، وال يتم ذلك إال بقوة وإمارة ، وكذلك سائر ما أوجبه من اجلهاد والعدل وإقامة .)٣() احلج واجلمع واألعياد ونصر املظلوم ، وإقامة احلدود ال تتم إال بالقوة واإلمارة

وقد علمنا بضرورة العقل وبديهته أن قيام الناس مبا أوجبه اهللا من األحكام عليهم يف األموال ، : ( ويقول ابن حزم واجلنايات ، والدماء ، والنكاح ، والطالق ، وسائر األحكام كلها ، ومنع الظامل ، وإنصاف املظلوم ، وأخذ القصاص على

وهذا : ( ... إىل أن قال .. ) ف آرائهم ، وامتناع من حترى يف كل ذلك ممتنع غري ممكن تباعد أقطارهم وشواغلهم ، واختالالذي ال بد منه ضرورة ، وهذا مشاهد يف البالد اليت ال رئيس هلا ، فإنه ال يقام هناك حكم حق ، وال حد حىت قد ذهب

.)٤(... ) ر الدين يف أكثرها ، فال تصح إقامة الدين إال باإلسناد إىل واحد أو أكث

:خامسا دفع أضرار الفوضى كما أن من األدلة على وجوب اإلمامة دفع أضرار الفوضى ، ألن يف عدم اختاذ إمام معني من األضرار والفوضى ما ال

شرعا ، واجب - الدين ، والنفس ، والعرض ، واملال ، والعقل -يعلمه إال اهللا ، ودفع الضرر ومحاية الضروريات اخلمس

دار الكتاب العريب وعزاه صاحب كرت العمـال إىل البيهقـي يف . ن . م ١٩٦٩رابعة . ط ) . ٦٣ص (والسياسة الشرعية ) ١/١٤٦(منهاج السنة )١(

.١٤٢٨٦ح ) ٥/٧٥١(الكرت : انظر . شعب اإلميان ) .١٦١ص (السياسة الشرعية البن تيمية )٢( ) .١٦٢ص (نفس املرجع )٣( ) .٤/٨٧(الفصل يف امللل والنحل ) ٤(

٣٦

وهذا ال يتم إال بإقامة إمام للمسلمني ، فدل على وجوبه ، قال اإلمام أمحد رمحه اهللا يف رواية . ومن مقاصد الشريعة حفظها .)٢() الفتنة إذا مل يكن إمام يقوم بأمر الناس : ( )١(حممد بن عوف بن سفيان احلمصي

: ويقول ابن املبارك رمحه اهللا

اهللا فاعتصموا إن اجلماعة حبل بعروته الوثقى ملن دانا (

) كم يدفع اهللا بالسلطان مظلمة

يف ديننا رمحة منه ودنيانا ()

لوال اخلليفة مل تأمن لنا سبل )٣(وكان أضعفنا با ألقوانا (

)

إن الدنيا واألمن على األنفس واألموال ال ينتظم إال بسلطان مطاع ، فتشهد له : ( مد الغزايل رمحه اهللا ويقول أبو حا مشاهدة أوقات الفنت مبوت السالطني واألئمة ، وإن ذلك لو دام ومل يتدارك بنصب سلطان آخر مطاع دام اهلرج ، وعم

وكان كل من غلب سلب ، ومل يتفرغ أحد للعبادة والعلم السيف ومشل القحط ، وهلكت املواشي ، وتعطلت الصناعات ،الدين أس والسلطان : إن بقي حيا ، واألكثرون يهلكون حتت ظالل السيوف ، وهلذا قيل الدين والسلطان توأمان ، وهلذا قيل

أن اخللق على اختالف ، وعلى اجلملة ال يتمارى العاقل يف)٤(وما ال حارس له فضائع . حارس ، وماال أس له فمهدوم طبقام ، وما هم عليه من تشتت األهواء ، وتباين اآلراء لو خلوا وشأم ، ولو مل يكن هلم رأي مطاع جيمع شتام هللكوا

وهذا داء ال عالج له إال بسلطان قاهر مطاع جيمع شتات اآلراء ، فبان أن السلطان ضروري يف نظام الدين ، من عند آخرهم لدنيا ، ونظام الدنيا ضروري يف نظام الدين ، ونظام الدين ضروري يف الفوز بسعادة اآلخرة ، وهو مقصود األنبياء ونظام ا

.)٥(هـ . أ . قطعا ، فكان وجوب اإلمام من ضروريات الشرع الذي ال سبيل إىل تركه فاعلم ذلك المية اليوم ، ففيه داللة قاطعة على أنه لن تقوم لإلسالم الواقع املرير الذي تعيشه األمة اإلس: وخري دليل على ذلك : قلت

قائمة إال بالرجوع إىل اهللا ، مث السعي إىل إقامة اخلالفة اإلسالمية اليت ما فتئ أعداء اإلسالم ينخرون يف جنباا حىت قوضوها ، ألمة ، عطلت احلدود ، وانتهكت األعراض وصار هلم ما أرادوا فبعد أن أبعدت اخلالفة اإلسالمية ، ونحي اإلسالم عن قيادة ا

وسلبت خريات . واحلرمات ، وعطلت راية اجلهاد ، وقسمت بالد املسلمني إىل دويالت متناحرة يضرب بعضها رقاب بعض

إنه حافظ إمام ، تويف زمانه معروف بالتقدم يف العلم واملعرفة على أصحابه مسع : أبو جعفر حممد بن عوف بن سفيان الطائي احلمصي قال عنه اخلالل )١(

هـ ، عـن شـذرات الـذهب ٢٧٢ له ذلك ويسأله عن الرجال من أهل بلده يف سنة من أيب املغرية وأهل الشام والعراق ، وكان أمحد بن حنبل يعرف ) .١/٣١٠(، وطبقات احلنابلة ) ٢/١٦٣(بلفظ بأمر املسلمني ) ١/٣١١(، وطبقات احلنابلة ) ١(واملسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل خمطوط ورقة ) ١٩ص (األحكام السلطانية أليب يعلى )٢(

. ( ) .١/١٠٨(بدائع السلك : وانظر . مطبعة السعادة القاهرة . ن . هـ ١٣٩٤. ط ) . ٨/١٦٤(لية أليب نعيم احل: انظر ) ١(ن . م ١٩٧٢. ط ) ١/٢٠٠(اآلداب الشرعية البن مفلح احلنبلـي : انظر . ينسب هذا القول إىل أمري املؤمنني علي بن أيب طالب رضي اهللا تعاىل عنه )٤( .دار العلم للجميع . .مكتبة اجلندي مبصر . ن . هـ ١٣٩٣. ط ) ١٩٩ص (االقتصاد يف االعتقاد للغزايل )٥(

٣٧

وما الذل الذي خييم على املسلمني فيجعلهم ( املسلمني من أراضيهم ، وتكالبت عليهم األمم الكافرة من كل حدب وصوب على هامش العامل ، ويف ذيل األمم ومؤخرة التأريخ ، إال قعود املسلمني عن العمل إلقامة اخلالفة وعدم مبادرم إىل يعيشون

نصب خليفة هلم التزاما باحلكم الشرعي الذي أصبح معلوما من الدين بالضرورة كالصالة والصوم واحلج ، فالقعود عن العمل أكرب املعاصي ، لذلك كان نصب خليفة هلذه األمة فرضا الزما لتطبيق األحكام على الستئناف احلياة اإلسالمية معصية من

لذلك فال خالص هلذه األمة مما هي فيه اليوم من الذل واهلوان . )١() املسلمني ، ومحل الدعوة اإلسالمية إىل مجيع أحناء العامل .فق ما ارتضى هلا را عز وجل إال باإلنابة إىل اهللا ، مث إقامة حكم اهللا على هذه األرض و

:اإلمامة من األمور اليت تقتضيها الفطرة وعادات الناس : سادسا

ومن األدلة أيضا أن الرتوع إىل تنصيب رئيس للجماعة أمر فطري ، جبل اهللا اخللق عليه ، حيث إن اإلنسان مدين بالطبع دا مستقال عن أخيه اإلنسان اآلخر ، بل ال بد أن يعيش مع الناس حىت فهو ال يستطيع أن يعيش مبفرده وحي- كما يقال -

تستقيم أمور حياته ، وتتحقق مصاحله ، ونتيجة ملخالطة الناس اآلخرين قد تتعارض مصاحلهم مع مصاحله ، وحيدث االحتكاك منازعتهم وخصومام ، ومن هنا كان بينه وبينهم وحيصل التنازع ، فال بد من أمري خيتصم إليه الناس ، ويرتضونه ليحكم يف

تنصيب اإلمام أمرا ضروريا للمحافظة على حقوق الناس ، وضمان استقرار احلياة ، ويف هذا أمرا ضروريا للمحافظة على كل بين آدم ال تتم مصلحتهم ال: ( حقوق الناس ، وضمان استقرار احلياة ، ويف هذا يقول شيخ السالم ابن تيمية رمحه اهللا

يف الدنيا وال يف اآلخرة إال باالجتماع والتناصر ، فالتعاون والتناصر على جلب منافعهم ، والتناصر لدفع مضارهم ، وهلذا اإلنسان مدين بالطبع ، فإذا مجعوا فال بد هلم من أمور يفعلوا جيتلبون ا املصلحة ، وأمور جيتنبوا ملا فيها من املفسدة : يقال

لآلمر بتلك املقاصد ، وللناهي عن تلك املفاسد ، فجميع بين آدم ال بد هلم من طاعة آمر وناه ، فمن مل ، ويكونون مطيعنيمصيبني تارة . يكن من أهل الكتب اإلهلية وال من أهل دين ، فإم يطيعون ملوكهم فيما يرون أنه يعود مبصاحل دنياهم

.هـ . أ )٢() وخمطئني أخرى ، فال ميكن أن يقوم أي جمتمع ما مل تكتمل )٣( للمجتمع هذه هي إحدى األركان املكونة ألي جمتمع كان والسلطة املسرية

.أركانه :)٤( وقدميا قال الشاعر صالءة ابن عمر بن مالك األفوه األودي

ال يصلح الناس فوضى ال سراة هلم وال سراة إذا جهاهلم سادوا (

)

.دار البحوث العلمية . ن . هـ ١٤٠٠أوىل . ط ) ٢٤٨ص (حممود عبد ايد اخلالدي . قواعد نظام احلكم يف اإلسالم د )١( ) .٨ص (احلسبة لشيخ اإلسالم ابن تيمية )٢(راد وصالت اجتماعية حيددها العرف وقوانني مرسومة وأنظمة متبعة وسلطة تسري أمور اتمع ، وفوق هذا كله وأهم من هـذا فاتمع مكون من أف )٣(

) ٧ص (اتمع اإلسالمي حملمد أمني املصري . كله شعور باالنتماء إىل هيئة واحدة ومجاعة واحدة وعقيدة يشترك مجيع األفراد يف احترامها واحلفاظ عليها .دار األرقم . ن . هـ ١٤٠٠ أوىل .ط

.بدون . دار الكتب العلمية ط . للميمين ن ) ١٠ص (الطرائف األدبية : ديوان األفواه األودي ضمن جمموعة : انظر )٤(

٣٨

: وقال قبل هذا البيت

والبيت ال يبتين إال له عمد وال عماد إذا مل ترس أوتاد (

) فإن جتمع أوتاد وأعمدة

يوما ، فقد بلغوا األمر الذي كادوا ()

عليه بين اإلنسان فحسب ، بل يشاركهم يف ذلك بعض احليوانات وحىت والرتوع إىل إتباع قائد معني ليس مما فطر اهللاتتبعه حيث سار ، ولذلك ال يهتم راعي اإلبل إال ) اجلمل الفحل ( احلشرات ، فأنت ترى اإلبل تكون عادة تابعة لقائدها

) ملكا ( نها عند النحل الذي يتخذ له بتوجيه هذا القائد ، ومن مث تتبعه البقية ، أما احلشرات فال أدل من بروز تلك الفطرة مفما بالك باإلنسان الذي منحه اهللا العقل ، وجعله . من ساللة معينة يقوم حبمايته وتوفري ما حيتاجه ، ويتبعه حيث كان )١(

.يدرك اخلطأ من الصواب ، ويعرف ما ينفعه مما يضره

مناقشة اآلراء املخالفة على خالف يف األدلة -واجلماعة ويوافقهم أكثر املعتزلة يذهبون إىل وجوب اإلمامة شرعا مما سبق يتبني أن أهل السنة

. وتبني لنا أا ثابتة وواجبة بالكتاب والسنة واإلمجاع والقواعد الشرعية كما سبق -اليت استنبطوا منها هذا احلكم الشرعي :لى آراء خمتلفة كما سيأيت ومل يشذ عن هذا إال شرذمة قليلة من املعتزلة والشيعة وهم ع

:فمنهم من أوجبها عقال ال شرعا وهم فريقان : أوال ، ومن أقوى )٤( من معتزلة البصرة )٣( واجلاحظ )٢(وينسب هذا القول إىل معتزلة بغداد : أوجبها على الناس : أحدمها

فكذلك املضرة املظنونة جيب دفعها عقال ، وذلك أن أصل دفع املضرة واجب حبكم العقل قطعا ،: ( أدلتهم على ذلك هو .)٥() ألن اجلزئيات املظنونة املندرجة حتت أصل قطعي احلكم ، جيب إدراجها يف ذلك احلكم قطعا

كون هذا الدليل عقلي ال شرعي غري مسلم به ، وقد استدل أهل السنة ذا الدليل على وجوب : وللرد على هؤالء نقول اآلية )٦( ﴾ وال تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴿ :فقد قال اهللا عز وجل . بالشرع رعا ، ألن وجوب دفع الضرر ثابت اإلمامة ش

.)٧(» ال ضرر وال ضرار « : r وقال

.بدون : دار التراث تاريخ . ن . ثانية . ط ) ١٤٥ص (شفاء العليل البن القيم : انظر )١( ) .٥/١٨( التتمة للعباس بن أمحد احلسين -الروض النضري للسباغي : وانظر ) . ٢/٣٠٨(حلديد شرح ج البالغة البن أيب ا )٢(يف ) ٢٥٥(من الطبقة السابعة تويف سـنة : من كبار املعتزلة ، وإليه تنسب اجلاحظية من فرقهم ، وهو . عمرو بن حبر اجلاحظ وكنيته أبو عثمان : هو )٣(

) .٧٣ص ( املعتزلة فرق وطبقات: انظر . أيام املهتدي .مطبعة السعادة مصر . ن . هـ ١٣٢٥. ط ) ٨/٣٤٨(شرح املواقف للجرجاين )٤( ) .٢٦١ص (العثمانية للجاحظ )٥( .١٢٥سورة البقرة آية )٦(أ مرسال عن عمرو بـن ، والدار قطين ، ورواه مالك يف املوط ) ٢/٧٨٤ (٢٣٤٠ ، ح ١٧: األحكام ب : رواه ابن ماجة عن عبادة بن الصامت ، ك )٧(

جامع العلوم واحلكم البـن : انظر . له طرق يقوي بعضها بعضا : حديث حسن وقال : فأسقط أبا سعيد قال النووي يف أربعينه rحيىي عن أبيه عن النيب

٣٩

إن : ( محه اهللا يقول القاضي أبو يعلى ر. كما أن العقل ال يستقل بتحليل شيء وال حترميه ، فهذا من أخص خصائص الشرع ولو كان كذلك ملا كان هناك حاجة إىل : قلت . )١() العقل ال يعلم به فرض الشيء وال إباحته ، وال حتليل شيء وال حترميه

.إرسال الرسل وإنزال الوحي فالعقل السليم يوافقه كما أن مما ينبغي التنبيه عليه أنه ال تعارض بني الشرع الصحيح والعقل السليم ، فكل ما أثبته الشرع

، وكل ما نفاه الشرع فالعقل السليم ينفيه فال يتصور التعارض بينهما ، وإذا وقع التعارض فإما أن النقل للشرع غري صحيح ، إن احلجة العقلية الصحيحة ال تناقض احلجة الشرعية : ( وإما أن العقل مريض ، يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا

ال خيتلف فيه العقالء ال يتصور أن . )٢() بل ميتنع تعارض احلجج الصحيحة ، سواء كانت عقلية أو مسعية وعقلية الصحيحة ،يعارضه الشرع البتة ، ومن تأمل ذلك فيما تنازع العقالء فيه من املسائل الكبار وجد ما خالف النصوص الصرحية الصحيحة

بالعقل ثبوت نقيضها ، فتأمل ذلك يف مسائل التوحيد ، والصفات ، ومسائل شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطالا ، بل يعلمالقدر ، والنبوات واملعاد ، جتد ما يدل عليه صريح العقل مل خيالفه مسع قط ، بل السمع الذي خيالفه إما أن يكون حديثا

ل ال خيربون مبحاالت العقول ، وإن أخربوا موضوعا أوال تكون داللته خمالفة ملا دل عليه العقل ، وحنن نعلم قطعا أن الرس .هـ . أ )٣() مبجازات العقول ، فال خيربون مبا حييله العقل

فاملقصود أنا ال نسلم بتعارض النقل الصحيح مع العقل السليم وإذا كان هناك تعارض فإننا نراجع النص ، فإذا ثبتت صحته .)٤(قدمناه على ما يتصور أنه معقول

)٥(وهؤالء هم الرافضة : بوجوب اإلمامة عقال على اهللا سبحانه وتعاىل عما يقولون علوا كبريا : لفريق الثاين قالوا وا- ب )٦() اإلمامة لطف ، واللطف واجب على اهللا تعاىل : ( قالوا : من إمامية وإمساعيلية ، واستدلوا على ما ذهبوا إليه مبا يلي

.)٧() و ما يقرب العبد إىل طاعة اهللا تعاىل ويبعده عن معصيته بغري إجلاء وال إكراه وال إجبار ه: ( ومرادهم باللطف الواجب

صححه ناصر الدين األلباين يف سلسـلة فهو من زوائد املسند ، و ) ٥/٣٢٧(، واحلديث رواه عبد اهللا بن اإلمام أمحد يف املسند ) ٢٨٦ص (رجب احلنبلي

) .١/٩٩) (٢٥٠(األحاديث الصحيحة رقم ) .١٩ص (األحكام السلطانية أليب يعلى )١( ) .٢٧ ، ص ٢حـ (رسالة يف العقل والروح لشيخ اإلسالم ابن تيمية ضمن جمموعة الرسائل املنريية الد األول )٢( .مكتبة الرياض احلديثة . ن . ط ) . ١/١٤١(خمتصر الصواعق املرسلة البن القيم )٣(وهذا خالف ما عليه املتكلمون من املعتزلة واألشاعرة ، فهم يف هذه الناحية يقدمون العقل على الشرع ويؤولون النصوص الصرحية حىت توافق عقوهلم )٤(

فاملسلم جيب أال يضع أمام عينيه : شئ عن فساد يف تصورهم لإلسالم املريضة ، وقد أدى م هذا إىل مزالق خطرية من التأويل والتعطيل والتحريف وهذا نا رأيا أو نظاما يلوي رقاب النصوص الشرعية حىت يسوقها إليه ولكنه يستوحي النصوص الشرعية حكمها يف هذه اآلراء والـنظم مث يأخـذ بـه ، وهـذا

اليوم أرباب النظر العقلي املعاصرون الذين حياولون إخضاع الشريعة ملتطلبات العصر االعوجاج يف التفكري والغبش يف التصور الذي وقع فيه أولئك وقع فيه .املتجددة يف زعمهم

، وانظر عقائد اإلمامية اإلثىن ) ٣٨٨ص ( نصري الدين الطوسي والشرح للحسني بن يوسف املطهر احللي -كشف املراد شرح جتريد االعتقاد : انظر )٥( . هـ ١٣٢٦شركة الصحافة العثمانية . ن ) ١٨٣ص (ثانية وشرح السعد على العقائد النسفية . ط ) . ٧٣ ص(عشرية إلبراهيم املوسي

) .٣٨٨ص (كشف املراد )٦( .مصر . مكتبة ومطبعة حممد علي صبيح . ن . ثانية . ط ) . ١٧٣ص (الفرق اإلسالمية للغرايب : ، وانظر ) ٣٨ص (عقائد اإلمامية )٧(

٤٠

وهذا من . إن دعواهم اإلجياب على اهللا تعاىل مأخوذة عن املعتزلة يف وجوب فعل األصلح على اهللا تعاىل : وللرد عليهم نقول فالعبيد املخلوقون . )١( ﴾ ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز﴿ : قلة معرفتهم باهللا ، وسوء أدم معه سبحانه وتعاىل

يفعل ما يشاء وألنه عز وجل ﴿ )٢( ﴾ ال يسأل عما يفعل وهم يسألونليس هلم حق اإلجياب على اهللا تعاىل ، ألنه تعاىل ﴿ . ال راد لقضائه وال معقب حلكمه )٤( ﴾ ما يريديحكم و ﴿ )٣(﴾

. )٥( ﴾ يضل من يشاء ويهدي من يشاء ومن أراد اهللا هدايته فبفضله ومنه وكرمه ، ومن أراد غوايته فبعدله وحكمته ﴿ فسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة كتب على ن﴿ : وهللا أن يوجب وحيرم على نفسه كيف يشاء مىت شاء كما قال تعاىل

بي٧(أي أوجبها وقضاها بطريق التفضل واإلحسان على ذاته املقدسة .)٦( ﴾ فيه ال ر(. ، وهو كتابه ، وهو يكتب على نفسه ملا قضى اهللا اخللق كتب يف « : قال r وعن أيب هريرة رضي اهللا عنه عن النيب

:يف احلديث القدسي r وقال)٩(. » ) . إن رمحيت تغلب غضيب : ( عنده على العرش )٨(وضع .)١٠(احلديث » ... ) . إين حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم حمرما فال تظاملوا ييا عباد: ( قال اهللا تعاىل «

هللا ، وهم يقولون بإمامة املهدي املنتظر الذي ينتظرونه منذ أكثر من أما دعوى أن اإلمامة عندهم لطف يقرب العبد إىل االلطف الذي ذكرمتوه ال حيصل إال بإمام قاهر قادر ظاهر ، غري خمتف عن الناس ، خيشاه : ( وذلك ألن . ألف سنة فممنوع

يقيم بينهم القصاص واحلدود أفراد األمة فريجون ثوابه وخيشون عقابه ، يدعوهم إىل الطاعات ويزجرهم عن املعاصي ، ففإن اإلمام الذي . ويعمل على اإلنصاف من الظامل للمظلوم ، وأنتم ال توجبون هذا اللطف على اهللا كما يف زماننا هذا

تؤمنون به خمتف غري ظاهر ، وغائب غري حاضر ، ال يتأتى منه قهر الناس حىت خيشوا عقابه ويرجوا ثوابه ، وال يتأتى منه الطاعات ، وزجرهم عن املعاصي ، والواقع الذي تقولون بوجوبه وهو اإلمام املعصوم املختفي ليس لطفا ، ألنه ال دعوم إىل

.)١١(... ) سواء -يتصور منه تقريب الناس إىل الصالح وإبعادهم عن الفساد مع اختفائه بعيدا عنهم ، واملختفي واملعدوم ليت فرضها اهللا على عباده هي لطف منه سبحانه على هذا املعىن ، فكيف جتب عليه والواقع أن مجيع األحكام الشرعية ا

اإلمامة دون غريها من األحكام ؟

.٧٤ سورة احلج آية )١( .٢٣سورة األنبياء آية )٢( .٢٧سورة إبراهيم آية )٣( .١سورة املائدة آية )٤( .٣١سورة املدثر آية )٥( .١٢سورة األنعام آية )٦( .دار الفكر بريوت . ن . هـ ١٣٩٨الثانية . ط ) . ٦/٤٧٠(حماسن التأويل جلمال الدين القامسي )٧( ) .١٣/٣٨٥(فتح الباري ) موضوع (يف بعض الروايات بلفظ بفتح فسكون أي موضوع وورد )٨( ، ٢: ب . التوبة : ، ومسلم يف ك ) ١٣/٣٨٤(وحيذركم اهللا نفسه ، فتح الباري : ب . التوحيد : يف ك - واللفظ له -رواه البخاري . متفق عليه )٩(

) .٤/٢١٠٨ (٢٧٥١سعة رمحة اهللا ح ) .٤/١٩٩٤ (٢٥٧٧ الظلم ، ححترمي: ب . الرب : رواه مسلم يف ك )١٠( ) .١/٢٠(منهاج السنة : وانظر ) . ٨/٣٤٨(شرح املواقف للجرجاين )١١(

٤١

: ومنهم من قال بعدم وجوا :ثانيا إذا : ( وهم كما سبق النجدات من اخلوارج ، واألصم ، والفوطي من املعتزلة ، فاألصم كما قال عنه البغدادي يقول

ويعلق البغدادي على هذا القول )٢() بسقوط اإلمامة عند الفتنة : ( والفوطي يقول )١() ت األمة استغنت عن اإلمام تنصاح .)٣() إمنا أراد الطعن يف إمامة علي ، ألا عقدت يف حال الفتنة وبعد مقتل إمام قبله : ( فيقول

قيادة ، ولكنهم أنكروا أن اإلسالم جاء باألمر بإقامة اخلالفة ، وأن وهناك صنف آخر مل ينازعوا يف حاجة الناس إىل:ثالثا يضيء لنا الطريق إىل اهللا . بل هو دين فقط -هناك ما يسمى باحلكومة اإلسالمية أمرنا اهللا بإقامتها ، وأن اإلسالم دين ودولة

حيث ذهب إىل أن )٤() إلسالم وأصول احلكم ا( ومن هؤالء علي عبد الرازق يف كتابه . وليس قوة سياسية تتحكم يف الناس ما كان إال رسوال لدعوة دينية خالصة r اإلسالم دين دعوة فقط ، وال دخل له يف الدولة ، وسياسة أمر الدنيا ، وأن حممدا

واخلالفة .. .واحلق أن الدين اإلسالمي بريء من تلك اخلالفة : ويقول )٥() للدين ، ال تشوا نزعة ملك وال دعوة لدولة .)٦() الدينية ليست يف شيء من اخلطط

وقد ظهر هذا الكتاب بعد إلغاء مصطفى كمال اخلالفة والناس يكادون جيمعون على تسفيه صنيعه ، وظهر حني كان واملدعي -ر ، وظهر حني كان األزه)٧(يف اخلالفة ويسعون إليها يطمعون - ومن بينهم امللك فؤاد -كثري من املسلمني

.)٨( يبدي نشاطا واضحا يف الدعوة إىل املؤمتر اإلسالمي أو مؤمتر اخلالفة -علمائه املتخرجني منه تأليفه أحد وقد ترجم هذا الكتاب إىل اللغة اإلجنليزية ، واعترب أحد املراجع األساسية لعلم االجتماع اإلسالمي يف دراسة اجلامعات

.)٩(خلصوص لإلسالم وتعاليمه األمريكية على ا لكن علي عبد الرازق املؤلف هلذا الكتاب حوكم عليه من قبل اجلامع األزهر ، فمثل للمحاكمة أمام هيئة كبار العلماء ،

بإمجاع أربع - وكان إذ ذاك الشيخ حممد أبو الفضل -حكمنا حنن شيخ اجلامع األزهر : ( وصدر يف حقه احلكم التايل أحد علماء اجلامع األزهر ، والقاضي الشرعي : عاملا معنا من هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ علي عبد الرازق وعشرين

) .٢٧٢ص (أصول الدين للبغدادي )١( ) .٢/١٣٣(مقاالت اإلسالميني لألشعري : وانظر ) . ٢٧٢ص (نفس املرجع )٢( ) .١٦٣ص (الفرق بني الفرق )٣( فهناك من يقول إنه كتبه أحد املستشرقني اإلجنليز وتبناه عبد الرزاق ، وقد توصل األستاذ ضياء الدين الـريس إىل وإال. إن صحت نسبة الكتاب إليه )٤(

اليهودي الذي كان أستاذا للعربية يف بريطنيا وتدل كتاباته عن اإلسالم على أنه كـان صـهيونيا معاديـا ) مرجليوث ( أن مؤلف الكتاب أحد اثنني إما اإلسالم واخلالفـة : انظر . املستشرق املعروف ، وقد ذهب علي عبد الرازق إىل بريطانيا وبقي فيها عامني ) توماس أرنلود ( املسلمني ، أو أنه لإلسالم و

.وغريها ) ١٧٥ص ( .ممدوح حقي . دار مكتبة احلياة بريوت تعليق د . ن . م ١٩٧٨. ط ) ١٣٦ص (اإلسالم وأصول احلكم علي عبد الرازق )٥( ) .٢١٠ص (نفس املرجع )٦( .منشأة املعارف باإلسكندرية : ن . م ١٩٧٤ثانية . مبادئ نظام احلكم يف اإلسالم عبد احلميد متويل ط )٧( .دار النهضة العربية . ن . هـ ١٣٩٢ثالثة . ط ) ٢/٨٦(حممد حممد حسني . االجتاهات الوطنية يف األدب املعاصر د : انظر )٨( .مكتبة وهبة . ن . هـ ١٣٩٥ثامنة . حممد البهي ط . من الفكر اإلسالمي وصلته باالستعمار الغريب د ) ٢٣٢ص ( هامش :انظر )٩(

٤٢

صدر هذا احلكم بدار ) . من زمرة العلماء ) اإلسالم وأصول احلكم ( مبحكمة املنصورة االبتدائية الشرعية ، ومؤلف كتاب .)١() م ١٩٢٥ أغسطس ١٢( هـ ١٣٤٤ احملرم ٢٢ربعاء اإلدارة العامة للمعاهد الدينية يف يوم األ

وإن كان يهدف يف ظاهر أمره إىل ما أقدم عليه )٢() وقد سبقه إيل هذا الصنيع يف ثوب خادم كتاب اخلالفة وسلطة األمة .)٣(واحلكومة مصطفى كمال من الفصل بني اخلالفة

فالواقع أن اخلالفة ذات صبغة دنيوية أكثر من دينية ، ومما يدل : ( حيث يقول مث تابعه يف دعوته تلك عبد احلميد متويلعلى ذلك أننا ال جند يف القرآن أو السنة كما قدمنا نصا صرحيا يشر إىل شيء من أحكامها ، بل وال عن وجوا أو عدم

.) ٤() وجوا ولكنه تراجع عن مقاله ذلك ، وألف ) من هنا نبدأ ( اب مث جاء بعد ذلك األستاذ خالد حممد خالد مقتف آثارهم يف كت

.والرجوع إىل احلق خري من التمادي يف الباطل ) الدولة يف اإلسالم ( كتاب ناسخا ملا سبق وهو كتابه هذا : ة نقول هذا وللرد على دعوى القائلني بعدم وجوب اخلالفة مطلقا ، والقائلني بأنه مل يرد يف اإلسالم أمر بإقامة اإلمام

الفصل مجيعه رد عليهم ، وهم ال يعتد مبخالفتهم ، وال يؤبه لقوهلم ، ألم قد كابروا بدعواهم ، وأنكروا ما ال ينكر ، ومل حيكموا الشرع فيما ذهبوا إليه ، ولو فعلو ذالك متلبسني بتقوى اهللا ساعني ملرضاته ألدركوا أن نصب اخلليفة واجب على

.) ٥(كتاب والسنة واإلمجاع والقواعد الشرعية كما مر األمة شرعا بال املكلف بإقامة هذا الواجب

بعد هذا كله يتضح جليا ثبوت وجوب اإلمامة ، ولكن لسائل أن يسأل ما نوعية هذا الوجوب ؟ ومن املكلف بإقامته ، جييب علماء السنة وفقهاؤها ، هل هو فرض عني واجب على كل مسلم ومسلمة أو فرض كفاية ؟ وعلى هذه التساؤالت

أهل االجتهاد حىت خيتاروا ، : وهي فرض على الكفاية ، خماطب ا طائفتان من الناس ، أحدمها : ( فيقول القاضي أبو يعلى .) ٦( ) من يوجد فيه شرائط اإلمامة حىت ينتصب أحدهم لإلمامة : والثانية

.املطبعة السلفية : ن . هـ ١٣٤٤. ثانية . ط ) . ٣٢ص (كتاب حكم هيئة كبار العلماء يف كتاب اإلسالم وأصول احلكم : انظر )١(حسب ما هو مدون يف غالف الكتاب ) نزيل القاهرة ، والسكرتري العام بوالية بريوت ، ومتصرف الالذقية سابقا ( سين نقله إىل العربية عبد الغين ) ٢(

مصـطفى كمـال أتـاتورك -املعروف أن جلنة من الترك قد وضعته بإشارة الكماليني ( حممد حممد حسني . ، والكتاب جمهول املؤلف ، ولكن يقول د وهذا واضح حيث أشار إليه املتـرجم يف التمهيـد ) ٢/٦٨(االجتاهات الوطنية ) ومتهم هي اليت أشرفت على تأليفه وأعانت على نشره وأتباعه ، وأن حك

تـاب وهؤالء األفاضل بعد أن قتلوا املسألة حبثا وتدقيقا مجعوا األحكام الشرعية أخذا من الكتب الفقهية ، والوثائق واملستندات أخـذا مـن الك : ( بقول .من الكتاب ) ٣ - ١ص (التمهيد : اخلالفة وسلطة األمة انظر ( والسنة والقياس واإلمجاع ونشرت حكومة الس تلك اموعة بعنوان

.مطبعة اهلالل . ن . هـ ١٣٤٢. من كتاب اخلالفة وسلطة األمة ط ) ٣ - ١ص : (انظر )٣( ) .١٥٧ص (مبادئ نظام احلكم يف اإلسالم عبد احلميد متويل) ٤( :هذا وقد تصدى للرد على علي عبد الرازق وكتابه كثري من علماء املسلمني وألف يف ذلك كتبا ولعل من أبرزها )٥( .للشيخ حممد اخلضر حسني شيخ اجلامع األزهر السابق ) نقض كتاب اإلسالم وأصول احلكم ( كتاب -١ .للدكتور ضياء الدين الريس ) نقد كتاب اإلسالم وأصول احلكم -اإلسالم واخلالفة يف العصر احلديث ( كتاب -٢ .حممد الطاهر عاشور وغريهم من العلماء ) نقد علمي لكتاب اإلسالم وأصول احلكم ( كتاب -٣ .رابعة . ط ) ٤١٠ص (شرح العقيدة الطحاوية : وانظر ) . ١٩ص (األحكام السلطانية أليب يعلى )٦(

٤٣

ذا ثبت وجوا ففرضها على الكفاية كاجلهاد وطلب العلم ، فإذا قام ا من هو فإ: ( ويقول املاوردي الشافعي رمحه اهللا أحدمها أهل االختيار حىت : وإن مل يقم ا أحد خرج من الناس فريقان )١() . ) ففرضها على الكفاية ( من أهلها سقط

ليس على من عدا هذين الفريقني من األمة يف أهل اإلمامة حىت ينتصب أحدمها لإلمامة ، و: خيتاروا إماما لألمة ، والثاين ، وإذا متيز هذان الفريقان من األمة يف فرض اإلمامة وجب أن يعترب كل فريق منهما بالشروط )٢(تأخري اإلمامة حرج وال مأمث

.)٣(املعتربة فيه ) ٤( )ليه ، ولزمه طلبها إن مل يبتدؤه تويل اإلمامة فرض كفاية ، فإن مل يكن من يصلح إال واحد تعني ع: ( ويقول النووي

.هذا إذا كان الدافع له احلرص على مصلحة املسلمني ، وإال فإن من شروط اإلمام أال يطلبها لنفسه كما سيأيت يف الشروط

يع ، وهذا واحلق أنه ال شك أن وجوا على الطائفتني آكد من غريمها ، ولكن إذا مل تقوما ذا الواجب فإن اإلمث يلحق اجلمهو املفهوم من كوا فرض كفاية ، أي إذا قام ا بعضهم سقطت عن الباقني ، ولكن إذا مل يقم ا أحد أمث اجلميع ، كاألمر

.وغري ذلك . باملعروف والنهي عن املنكر ، واجلهاد ، والعلم -م وبني ما يشتهون ، فتعني على كل مسلم واليوم وقد تقاعست هاتان الطائفتان عن القيام ذا الواجب ، أو حيل بينه

العمل إلقامة اخلالفة اإلسالمية العامة ، اليت جتمع مشل املسلمني حتت راية التوحيد الصادقة ، وترد هلذا -كل حبسب استطاعته ب العظيم ، واهللا الدين هيمنته وقيادته ، وترد للمسلمني كيام ومكانتهم اليت فقدوها بسبب تقصريهم يف القيام ذا الواج

.املستعان

* * * * *

.دة كذا ، ولعلها زائ )١(فإذا مت فتشـاوروا : ( ذهب بعض العلماء إىل حتديد الفترة اليت متهل فيها األمة بثالث أيام وذلك لعمل اخللفاء األربعة ، ولقول عمر رضي اهللا عنه )٢(

ص (ظام احلكم يف اإلسالم للخالـدي قواعد ن : وانظر زيادة تفصيل يف ) . ٣/٢٩٣(تاريخ الطربي ) . وال يأتني الرابع إال وعليكم أمري منكم . ثالثة أيام ٢٥٤. (

) .٦ ، ٥ص (األحكام السلطانية للماوردي )٣( ) .١٠/٤٣(روضة الطالبني للنووي )٤(

٤٤

الفصل الثالث مقاصد اإلمامة

٤٥

: مقاصد اإلمامة اإلمامة واحلكم يف اإلسالم وسيلة ال غاية ، وسيلة إىل مقاصد معينة يستطيع اإلمام مبا له من صالحيات خاصة أن حيقق

.ويبلغ ما يعجز عن بلوغه آحاد املسلمني مجاع هذه املقاصد هو إقامة أمر اهللا عز وجل يف األرض على الوجه الذي شرع ، واألمر باملعروف والنهي عن املنكر ، و

األمر بكل معروف ونشر اخلري والرفع من قدره ، والنهي عن كل منكر والقضاء على كل فساد واحلط من شأنه وأهله ، وهذا الذين ﴿ : سالم ، وقد أوضح اهللا عز وجل هذا اهلدف يف كتابه الكرمي حيث قال هو اهلدف واملقصد األساسي لإلمامة يف اإل

.)١( ﴾ إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمورومجيع الواليات اإلسالمية إمنا مقصودها األمر : ( امع ملقاصد اإلمامة مجيعا كما قال ابن تيمية رمحه اهللا فهذا هو اجل

املقصود والواجب بالواليات إصالح دين اخللق الذي مىت فام خسروا : ( هـ وقال . أ )٢() باملعروف والنهي عن املنكر .)٣() لدنيا ، وإصالح ما ال يقوم الدين إال به من أمر دنياهم خسرانا مبينا ومل ينفعهم ما نعموا به يف ا

لإلمامة تتمثل يف مقصدين كبريين مها إقامة الدين - كما هو واضح من تعريف أهل السنة السابق -وهذه املقاصد واألهداف :وسياسة الدنيا به

:إقامة الدين : املقصد األول : واملقصد األول إقامة الدين ، أي : ( اإلسالم ، وهو املقصد األول واألهم كما قال ابن اهلمام املراد به الدين احلق ، وهو

ر العباد على طاعة املوىل جعله قائم الشعار على الوجه املأمور به من إخالص الطاعات وإحياء السنن وإماتة البدع ليتوف .)٤() سبحانه

: وتتمثل إقامة الدين يف أمرين :حفظه : ال أو

)٥( ﴾ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴿ : من املعلوم أن اهللا عز وجل قد تكفل حبفظ القرآن الكرمي كما قال تعاىل إنا أنزلنا أنه ﴿ كما وكل إىل األمم السابقة حفظ كتبها فأصاا التحريف والتبديل ، كما قال جل ش. ومل يكل حفظه إلينا .

التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون واألحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا .) ٦( ﴾ اآلية عليه شهداء

.٤١سورة احلج آية )١( ) .١٤ص (احلسبة لشيخ اإلسالم ابن تيمية )٢( ) .٢٨/٢٦٢(جمموع الفتاوى )٣( .مطبعة السعادة مبصر . ن . هـ ١٣٤٧. ثانية . ط ) ١٥٣ص (يرة للكمال بن اهلمام يف علم الكالم املسامرة للكمال بن أيب شريف يف شرح املسا )٤( .٩سورة احلجر آية ) ٥( .٤٤ آية ةسورة املائد) ٦(

٤٦

يأ اهللا عز وجل للسنة النبوية جهابذة العلماء والنقاد الذين حفظوها يف صدورهم ودونوها يف الكتب مروية بأسانيدها وه ، ميزوا بني الصحيح والضعيف واملوضوع منها ، وهذا من حفظ اهللا سبحانه هلذا الدين ، وحبفظ القرآن والسنة يبقى الدين

.هللا األرض ومن عليها ، وهذا من فضل اهللا علينا ومنه حمفوظا عزيزا منيعا إىل أن يرث ا وإمنا املراد هنا حبراسة الدين وحفظه هو حراسة العقيدة اإلسالمية يف صدور املؤمنني ا ، وحفظ تصور املؤمنني هلذا الدين

، وسار عليها صحابته الكرام r ل اهللاصافيا ساملا من الغبش ، وإبقاء حقائقه ومعانيه كما أنزله عز وجل ، وكما بلغها رسو، ونقلوها إىل الناس من بعده ، وتطبيقها يف الواقع احملسوس ، وحكم الناس ا ، ال أن تبقى يف بطون الكتب للتربك ا

.واختاذها زينة يف االس واملكاتب : لذلك يكون حفظ الدين ذا املعىن متمثال يف

:ه بالقلم واللسان والسنان نشره والدعوة إلي-١ فمن أهم املقاصد نشر هذا الدين والدعوة إليه يف داخل األمة اإلسالمية ، ويف اتمعات األخرى اليت ال تدين به ، وتبيني

.حقائق هذا الدين ناصعة نقية لسالم وأتباعهم ، وقد قام ا نبينا والدعوة إىل اهللا هي أشرف املقامات وأعالها ، ألا وظيفة الرسل عليهم الصالة وا

قام ذه الدعوة فإنه r والرسول: ( اه ، قال شيخ اإلسالم ابن تيمية فخري قيام من حني بعثه اهللا عز وجل حىت تو rحممد .)١() ى اهللا عنه ، أمر بكل معروف وى عن كل منكر اهللا به ، واهم عن كل ماأمر اخللق بكل ما أمر

قل هـذه ﴿ : وقال )٢( وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركني ﴾ ﴿: امتثاال ألمر اهللا عز وجل حيث قال وذلك .)٣(﴾ اآلية ... سبيلي أدعو إلى الله على بصرية أنا ومن اتبعني

وهو الذي يسميه العلماء فرض كفاية ، إذا قام به طائفة : ( قال ابن تيمية وهذا الواجب واجب على جمموع األمة كما .)٤() منهم سقط عن الباقني ، فاألمة كلها خماطبة بفعل ذلك ، ولكن إذا قام به طائفة سقط عن الباقني

ني ، ألن له القدرة وحيث إن اإلمام هو النائب عن جمموع األمة ، فإن هذا الواجب يكون يف حقه آكد وعليه فرض ع أن تقوم بتنفيذ هذا اهلدف اجلليل يف داخل - ممثلة يف شخصه -فعلى الدولة . والسلطان أكثر من غريه من أفراد املسلمني

.البالد وخارجها احلق مسلكان فللدعاء إىل الدين: ( باللسان ، والسنان أو بتعبري أيب املعايل اجلويين : والدعوة إىل اإلسالم تكون بطريقني

وذلك . )٥() اإلقتهار بغرار السيوف ، وإيراد اجلاحدين اجلاهرين مناهل احلتوف : والثاين . أحدمها احلجة وإيضاح احملجة :

) .١٥/١٦١(جمموع الفتاوى )١( .٨٧ آية القصصسورة ) ٢( .١٠٨سورة يوسف آية )٣( ) .١٥/١٦٥(جمموع الفتاوى )٤( ) .١٤٤ص (ألمم يف التياث الظلم أليب املعايل اجلويين غياث ا )٥(

٤٧

ألن اإلسالم مل يأت لقوم دون قوم ، أو تمع دون جمتمع ، أو لزمن دون آخر ، بل جاء خامتا ناسخا ملا قبله من الشرائع .إىل أن تنتهي الدنيا r ل أفراد البشر ، من حني بعثة حممدوخماطبا به ك

فإذا مل يستجب اتمع . فعلى الدولة اإلسالمية أن تعمل بشىت الوسائل على نشر شريعة اإلسالم وتبليغها ملن مل تصل إليه احلماية هلم ، وتبيني حقائق الدين فيكونون يف ذمة املسلمني عليهم - إن كانوا من أهلها -الذي أبلغ ا فتعرض عليه اجلزية

فإذا رفض اتمع هذين . هلم ، حىت يدخل من يدخل يف اإلسالم منهم عن طواعية ورغبة وقناعة ، ألنه ال إكراه يف الدين لوهم وقات ﴿األمرين فال سبيل إال احلرب ، فعلى الدولة مقاتلتهم حىت ال تكون فتنة ويكون الدين كله هللا ، كما قال عز وجل

.)١( حتى ال تكون فتنة ويكون الدين لله ﴾فمن وظائف السلطان جتنيد اجلنود ، وإقامة فرض اجلهاد إلعالء كلمة اهللا تعاىل ، فإن اهللا تعاىل مل يوله : ( قال السبكي

ي الكلمة ، فمن حقه أال يدع الكفار يكفرون أنعم اهللا على املسلمني ليكون رئيسا آكال شاربا مسترحيا بل لينصر الدين ، ويعل .)٢() وال يؤمنون باهللا وال رسوله

هذا املسلك ، فبعد أن شرفه اهللا بالرسالة ، وأمره بالتبليغ ، ومكنه r وإىل حتقيق هذا املقصد سلك إمام املسلمني األولم إىل الدخول يف دين اهللا ، ويبينون هلم طريق احلق ، ويقرؤوم إىل املدائن يدعو)٣(اهللا يف األرض ، أخذ يرسل الرسل

، يدعوهم إىل اإلسالم ، فإن أبوا فاجلزية ، عن يد وهم صاغرون ، فإن )٤(القرآن ، وأخذ يراسل امللوك والزعماء ويكاتبهم .ا الدين حىت توفاه اهللا عز وجل أبوا فاحلرب ، وبالفعل قاتل املشركني من الفرس والروم وغريهم ، وسير اجليوش لنشر هذ

وعلى سنته سار خلفاؤه الراشدون رضي اهللا عنهم من بعده حىت مل ميض قرن من الزمان إال وقد عم اإلسالم أرجاء أمطري حيث شئت : ( املعمورة ، ودخل الناس يف دين اهللا أفواجا ، وحق هلارون الرشيد رمحه اهللا أن خياطب السحابة

) .اجك خر فسيأتيين على آحاد املسلمني إال أنه يف حق اإلمام من فروض األعيان )٥( واجلهاد لنشر الدين وإن كان من فروض الكفايات

على ما قد -وأما اجلهاد فموكول إىل اإلمام ، مث يتعني عليه إدامة النظر فيه : ( كالدعوة ، كما قال إمام احلرمني رمحه اهللا

.١٩١ة البقرسورة )١( ) .١٦ص (معيد النعم ومبيد النقم للسبكي )٢( ) .١٣/٢٤١(فتح الباري : انظر )٣(اجلهاد : يف البخاري أيضا ك ، وكتابه إىل قيصر ) ١/١٥٤( ، فتح الباري ٧: ب . العلم : إىل كسرى يف صحيح البخاري ك rكتاب النيب : انظر )٤(، وكتابـه إىل ) ٨/٢٦٨عون ( ، ٢٧: ب . اخلراج واإلمارة : وكتابه إىل بعض رؤساء اليمن يف سنن أيب داود ك ) . ٦/١٠٧( ، فتح الباري ٩٩: ب .

مسـند : ، وإىل أكيدر دومه يف ) ١٦ ، ص ٢ ، ق ١ح : (وإىل املقوقس يف الطبقات أيضا ) . ٢١ ، ص ١ ، ق ١ح : (أهل هجر يف طبقات ابن سعد .وغريهم ) ٥/٦٨(وإىل بين بكر بن وائل يف مسند أمحد ) . ٩٢ ، ص ١ ، ق ٢ح : (وإىل ملوك بصرى يف الطبقات ) . ٣/١٣٣(أمحد

فروا خفافا وثقاال وجاهـدوا ان ﴿:ذهب بعض العلماء إىل أن اجلهاد فرض عني على األفراد ، وحكى هذا عن سعيد بن املسيب استدالال بقوله تعاىل )٥(كتب عليكم القتال ﴿: ﴾ وبقوله تعاىل إال تنفروا يعذبكم عذابا أليما ﴿: مث قال . ٤١ة التوب اآلية سورة ﴾ ...بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله

لكم هكر وهوبقوله . ٢١٦﴾ اآلية سورة البقرة ... وr : » رواه مسلم يف . » النفاق من مات ومل يغز ومل حيدث نفسه بالغزو مات على شعبة من. اجلهـاد : ، والنسائي ك ) ٧/١٨١عون (١٨: ب . اجلهاد : ، ورواه أبو داود يف ك ) ٣/١٥١٧ (١٩١٠ذم من مات ومل يغز ، ح : ب . اإلمارة : ك .والدارمي وغريهم ) ٢/٣٧٤(، وأمحد يف املسند ) ٦/٨( ، ٢ :ب

٤٨

أنه تطوق أمور املسلمني ، وصار مع احتاد شخصه كأنه : جلهاد مبثابة فرائض األعيان والسبب فيه فيصري أمر ا-سبق ذكره جر اجلنود وعقد األلوية والبنود باإلمام ، وهو نائب عن كافة أهل اإلسالم ، صار )١(املسلمون بأمجعهم ، فمن حيث اتناط

.)٢(... ) قيامه ا على أقصى اإلمكان به كصلواته اليت يقيمها

إن أقل ما يفعل مرة يف كل عام وال يسقط : وقد حدد بعض الفقهاء املدة الزمنية اليت يسقط الوجوب فيها ، فقالوا بأن اجلزية جتب على أهل الذمة يف كل عام ، وهي بدل من النصرة ، فكذلك : ( الفرض إال بذلك ، واستدلوا على ذلك

.وتفصيل املسألة يف كتب الفقه . )٣() عام مرة إال من عذر مبدهلا وهو اجلهاد ، فيجب يف كل : دفع الشبه والبدع واألباطيل وحماربتها -٢

ومن مقاصد اإلمامة أيضا العمل بشىت الوسائل على أن يكون الدين مصونا عن كل ما يسيء إليه سواء يف هذا ما يتعلق إن على اإلمام حفظ الدين على األصول : ( لفقهاء إىل هذا املعىن ، فقال أبو يعلى بالعقيدة اإلسالمية أو غريها ، وقد أشار ا

اليت أمجع عليها سلف األمة ، فإن زاغ ذو شبهة عنه بين له احلجة ، وأوضح له الصواب ، وأخذه مبا يلزمه من احلقوق .)٤() واحلدود ، ليكون الدين حمروسا من خلل ، واألمة ممنوعة من الزلل

فعلى الدولة اإلسالمية حماربة البدع ، ودحض الشبه واملفتريات واألباطيل اليت يروجها أعداء اإلسالم ، وعليها حماربة ما فيها من أباطيل ، حىت يبقى الناس يف سالمة وأمن يف دينهم وأفكارهم ، وإن من األفكار اهلدامة بشىت الوسائل ، وتبيني

من : ( يقول الفضيل رضي اهللا عنه . ة هذه البدع واألفكار ، ويف ذلك من فساد الدين ما فيه أخطر األمور أن يتبىن الوالركون املبتدع إىل الوالة من أعظم ما خيل ذا : ( ويقول ابن األزرق . )٥() أعان صاحب بدعة فقد أعان على هدم اإلسالم

: ألمرين - أي حفظ الدين -احلفظ ...إلخافة ملن أىب من اإلجابة له سجنا وضربا وقتال ملا فيه من ا: أحدمها ما ينشأ عن ذلك من كثرة ايبني للدعوة ، ألن سوق أكثر النفوس ملا يراد منها بوازع السلطان أمكن مما هو : الثاين

اء أحكام السنة عليهم وعند ذلك فيجب على والة األمر إبعاد هذا الصنف املشؤوم وإسالمهم إلجر...مبجرد الباعث الديين .)٦() خمافة الفتنة م أوال ، وإدخال الضرر م على الدين ثانيا

لكنه يـتعني يف . ١٢٢سورة التوبة آية . ﴾ اآلية ... وما كان المؤمنون لينفروا كآفة﴿ : لكن مجهور العلماء على أنه من فروض الكفاية لقوله تعاىل

التحقيق أن جنس اجلهاد فرض : ( ، وقال ابن القيم ) ١٠/٣٦٤(املغين والشرح الكبري : ر على سبيل املثال انظ. بعض املواضع على تفصيل يف كتب الفقه ) .٢/٦٦(عني إما بالقلب ، وإما باللسان ، وإما باملال ، وإما باليد ، فعلى كل مسلم أن جياهد بنوع من هذه األنواع زاد املعاد

: أي . فيكون املعىن أن جر اجليوش منوط به ) ٧/٤٢٠) (نوط ( وصل به لسان العرب مادة : نيط به الشيء :تقول ) نوط ( كذا ، ولعلها من باب ) ١( .معلق وموصول به ألنه املسؤول األول عنها

) .١٥٦ص (غياث األمم ) ٢( .دار الفكر : ، ن ) ٢/٩٢(شرح منتهى اإلرادات : وانظر. املكتبة السلفية باملدينة ومكتبة املؤيد بالطائف . ن ) . ١٠/٣٦٨(املغىن والشرح الكبري ) ٣( ) .١١ص (وحنوه عند املاوردي ) ٢٧ص (األحكام السلطانية أليب يعلى ) ٤( .دار الكتب العلمية . هـ ن ١٣٨٦الثانية . ط ) . ١٤ص (تلبيس إبليس البن اجلوزي ) ٥( ) .٢/١٣١(بدائع السلك ) ٦(

٤٩

ووسائل دفاع ذلك كثرية ، منها التعليم هلم ، حلجة عليهم ، كما فعل علي رضي اهللا عنه مع اخلوارج حينما بعث عبد ومنها تعزير املتعنت منهم وتغريبه وهجره ، كما فعل عمر .اهللا بن عباس رضي اهللا عنهما ملناظرم فرجع منهم خلق كثري

امحلوه على قتب مث أخرجوه حىت تقدموا به : رضي اهللا عنه بصبيغ الذي أخذ يسأل عن متشابه القرآن فضربه عمر وقال .ضي اهللا عنه اخلوارج ومنها القتل ، كما قاتل علي ر . )١() بالده ، مث ليقم خطيبا ، مث ليقل إن صبيغا طلب العلم فأخطأه

. والواقع أن الوسيلة ختتلف باختالف البدعة والداعي إليها والظروف احمليطة بأصحاا فاملقصود أن صيانة األفكار من غبش البدع واألفكار اهلدامة من مقاصد اإلمامة ، ومن مسئوليات اإلمام نشر الدين

يكونوا يف حصن منيع من األفكار اهلدامة ، وعليه أال يدع هلا جماال للوصول إىل وتوعية اتمع وتثقيفهم بأمور دينهم حىت .أفكارهم وأن حيارا بكل وسيلة جتدي

. )٢( محاية البيضة وحتصني الثغور -٣ أو اال العسكري من مقاصد اإلمامة أيضا توفري األمن للمسلمني يف اال الثقايف وهو ما حتدثنا عنه يف النقطة السابقة ،

سواء كان داخليا أو خارجيا حىت يكون الناس يف أمن وسالم على دينهم وأرواحهم وعقوهلم وأعراضهم وأمواهلم ، قال محاية البيضة والذب عن احلرمي لتتصرف الناس يف املعايش وينتشروا يف : الثالث : ( املاوردي يف تعداده ملسئوليات اإلمام

وأما اعتناء اإلمام بسد الثغور فهو من أهم األمور وذلك : ( وقال إمام احلرمني . )٣() ن تغرير بنفس أو مال األسفار آمنني م املياه ، واحتفار اخلنادق ، والعتاد وآالت تبأن حيصن أساس احلصون والقالع ، ويستظهر هلا بذخائر األطعمة ومستنقعا

.)٤() يليق به القصد والدفع ، ويرتب على كل ثغر من الرجال ما

يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ﴿ : وقد ورد احلث على املرابطة يف سبيل اهللا واألمر ا يف كتاب اهللا حيث قال تعاىل رابطة هنا مرابطة الغزو يف حنور العدو ، وحفظ املراد بامل: قيل : ( قال ابن كثري . )٥( ﴾ ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون

.)٦(... ) ثغور اإلسالم وصيانتها عن دخول األعداء حوزة بالد املسلمني وقد وردت األخبار بالترغيب يف ذلك :أحاديث كثرية يف ذلك منها r وورد يف سنة رسول اهللا

رباط « : r قال رسول اهللا: رضي اهللا تعاىل عنه قال ما رواه البخاري يف صحيحه عن سهل بن سعد الساعدي -١ .)٧(» يوم يف سبيل اهللا خري من الدنيا وما عليها

.مطبعة السنة احملمدية . هـ حتقيق حممد حامد الفقي ، ن ١٣٦٩أوىل . ط ) . ٧٣ص (رواه اآلجري يف الشريعة مسندا ) ١( ) . ٧/١٢٦) (بيض ( لسان العرب مادة . ساحتهم : أصل القوم وجمتمعهم ، وبيضة القوم : البيضة ) ٢(

) .٤/١٠٣) (ثغر ( رجع مادة نفس امل. موطن املخالفة من فروج البلدان : مجع ثغر وهو ما يلي دار احلرب ، والثغر : والثغور ) .٢٧ص (وبنحوه عند أيب يعلى ) ١٦ص (األحكام السلطانية للماوردي ) ٣( ) .١٥٦ص (غياث األمم ) ٤( .آخر سورة آل عمران ) ٥( ) .٢/١٧١(تفسري القرآن العظيم ) ٦( ، ٧: ب . اجلهـاد : ، وابن ماجة ك ٣٩: ب . اجلهاد : ، وبنحوه عند النسائي ك ) ٦/٨٥( ، فتح الباري ٧٣ب . اجلهاد : صحيح البخاري ك ) ٧(

...وغريهم ) ١/٦٢(وأمحد

٥٠

رباط يوم وليلة « : قال r ومنها ما رواه مسلم يف صحيحه عن سلمان الفارسي رضي اهللا تعاىل عنه عن رسول اهللا-٢ .)١(» كان يعمله ، وأجرى عليه رزقه ، وأمن من الفتان خري من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمه الذي

من رابط يف شيء من سواحل املسلمني ثالثة أيام أجزأت عنه رباط « : قال r ومنها ما رواه أمحد بسنده عن النيب-٣ .)٢(» سنة :تنفيذه : ثانيا

: وذلك يكون باألمور التالية :ود وتنفيذ األحكام إقامة الشرائع واحلد-١

جباية الزكاة ، وتقسيم الفيء ، وتنظيم اجليوش ااهدة ، وأمر باملعروف : من لوازم حراسة الدين أيضا تنفيذ أحكامه من وحيث إن أقامتها من اختصاصات الوالة أو من . ، وي عن املنكر ، وإقامة احلدود اليت شرعها اهللا عز وجل ، وأمر بتنفيذها

حيث ال يستطيع آحاد الناس إقامتها وإال كانت هناك الفنت واإلحن ، لذلك فهي . بونه عنهم من القضاة الشرعيني وحنوهم ينيوإقامة احلدود واجبة على والة األمور ، وذلك : ( من مقاصد اإلمامة املختصة ا ، قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا

.)٣() فعل احملرمات حيصل بالعقوبة على ترك الواجبات ووهي . وعقوبة غري مقدرة . كحد السرقة ، وجلد املفتري : احلدود : وهي . عقوبة مقدرة : والعقوبات الشرعية نوعان

احلاكم أو من ينيبه من القضاة الشرعيني ، وختتلف صفاا ومقاديرها حبسب كرب الذنب وهذه راجعة إىل اجتهاد. التعزير : .ب حال املذنب وصغره وحبس

وهذه احلدود مل تشرع إال للتطبيق ، فيجب إقامتها على الشريف والوضيع ، والقوي والضعيف ، ال حيل تعطيلها ال . )٤(» أقيموا حدود اهللا يف القريب والبعيد ، وال تأخذكم يف اهللا لومة الئم « : r بشفاعة وال دية وال بغريها كما قال

r وقال . )٥(» أمره من حالت شفاعته دون حد من حدود اهللا ، فقد ضاد اهللا يف « : الة والسالم وقال عليه أفضل الصقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا معلقا على هذا . )٦(» صباحا طروا أربعنيحد يعمل به يف األرض خري من أن مي« :

) .٣/١٥٢٠ ( ١٩١٣فضل الرباط يف سبيل اهللا ، ح: ب . اإلمارة : صحيح مسلم ك ) ١(يني وبقية رجاله ثقات الفـتح الربـاين إمساعيل بن عياش عن املدن : رواه أمحد والطرباين من رواية : أورده اهليثمي وقال : قال صاحب الفتح الرباين ) ٢( .فاحلديث ضعيف ألن إمساعيل املذكور روايته صحيحة عن الشاميني فقط ) ١٤/١٠( ) .٥٥ص (احلسبة ) ٣(قال يف الزوائد هذا إسناد صحيح على شرط ابن حبان ، فقد ذكر مجيـع رواتـه يف ) ٢/٨٤٩ (٢٥٤٠ ، ح ٣: ب . احلدود : رواه ابن ماجة يف ك ) ٤( .اته ثقخترجيـه للمسـند : انظر . وصححه أمحد شاكر ) ٢/٧٠(ورواه اإلمام أمحد يف مسنده ) ١٠/٥( ، عون ١٤: ب . األقضية : رواه أبو داود يف ك ) ٥( .٤٣٨سلسلة األحاديث الصحيحة ح: انظر . كما صححه األلباين . ٥٣٨٥ح) ٧/٢٠٤(، ورواه ) ٢/٨٤٨ (٢٥٣٨ ، ح ٣: احلدود ، ب : ، وابن ماجة يف ك ) ٨/٧٦( إقامة احلد ، الترغيب يف : ب . حد السارق : رواه النسائي يف ك ) ٦(

واحلديث حسنه املنذري يف الترغيب ) . ١٦/٣٠١( ، ٨٧٢٣وصححه احلسيين عبد ايد هاشم يف تكملته لتخريج املسند ح ) . ٢/٣٦٢(أمحد يف مسنده كما حسـنه العراقـي يف ) . ٢٠٦ص (وسند الكبري حسن . رواه الطرباين يف الكبري واألوسط : ب وقال ابن حجر يف خمتصر الترغيب والترهي . ١٥٣٣

.٢٣١ح سلسلة األحاديث الصحيحة: انظر . وحسنه األلباين ) . ٢/١٥٥(خترجيه لإلحياء

٥١

وف من العدو ، كما يدل عليه الكتاب والسنة ، فإذا أقيمت احلدود وهذا ألن املعاصي سبب لنقص الرزق واخل: ( احلديث .)١() والنصر ظهرت طاعة اهللا ونقصت معصية اهللا تعاىل ، فحصل الرزق

وويل : ( وإن من أعظم املنكرات يف هذا الشأن أن يترك الوايل إنكار املنكر ، أو إقامة احلد مبال يأخذه كما قال ابن تيمية ترك إنكار املنكرات ، وإقامة احلدود عليها مبال يأخذه ، كان مبرتلة مقدم احلرامية الذي يقاسم احملاربني على األخيذة األمر إذا

.)٢() ، ومبرتلة القواد الذي يأخذ ما يأخذه ليجمع بني اثنني على فاحشة ، وكان حاله شبيها حبال عجوز السوء إمرأة لوط :ب والترهيب محل الناس عليه بالترغي-٢

ومن مقاصد اإلمامة يف تنفيذ الدين محل الناس على الوقوف عند حدود اهللا ، والطاعة ألوامره وترغيبهم يف ذلك ، ومعاقبة ألن بعض الناس ال يصلح إال بالقوة ، كما أن بعضهم ال يصلحه إال اللني والسماحة . املخالفني بالعقوبات الشرعية كما سبق

فإن من الناس من يصلح باهلوان ، ويفسد باإلكرام كما هو معلوم لكل من يعرف أحوال : ( وكاين رمحه اهللا كما قال الش. إن بين إسرائيل « : أنه قال r فمثل هؤالء جيب أطرهم على احلق أطرا كما روي عن النيب . )٣() الناس واختالف طبقام

نب فينهاه عنه ، فإذا كان من الغد ، مل مينعه ما رأى منه أن يكون أكيله ملا وقع فيهم النقص ، كان الرجل يرى أخاه على الذلعن الذين كفروا من بني إسرائيل على ﴿: فقال وشريبه وخليطه ، فضرب اهللا قلوب بعضهم ببعض ، ونزل فيهم القرآن

ميرن مى ابعيسو وداوان دل﴾ حىت بلغ ﴿ ... لسهوا أنزل إليمو بيون باهللا والنمنؤوا يكان و لـكناء وليأو مذوهخا اتمحىت تأخذوا على يد الظامل فتأطروه . ال « وقال متكئا فجلس r وكان رسول اهللا: فقال . »)٤( ﴾ كثريا منهم فاسقون

.)٦(» على احلق أطرا )٥(

ولكن هذا األسلوب ال ميكن استعماله إال بعد إزالة عوامل اإلفساد واملنكرات من اتمع ، وهو من وسائل حفظ الدين وتنفيذه ، ومن مقاصد اإلمامة ، فال ميكن االدعاء حبفظ الدين وجرب الناس عليه مع ترك املفاسد واملنكرات بال إزالة وال إبعاد

) .٦٨ص (السياسة الشرعية ) ١( ) .٧٣ص (السياسة الشرعية ) ٢(. ن . هــ ١٣٩٧. ط ) . ٢٥٩ص (إبراهيم هالل . تقدمي وحتقيق د ) والية واهللا والطريق إليها ( أو ) الويل قطر الويل على حديث ( من كتابه ) ٣(

.مصر . دار الكتب احلديثة .٨١ ، ٨سورة املائدة آية ) ٤( .ى احلق تعطفونه عل: واملعىن ) ٤/٢٤) (أطر ( عطف الشيء تقبض على أحد طرفيه فتعوجه لسان العرب مادة : األطر ) ٥( ٣٠٤٧ورواه الترمذي يف تفسـري سـورة املائـدة ح . واللفظ له ) ٢/١٣٢٨ (٤٠٠٦، ح ... األمر باملعروف : ب . الفنت : رواه ابن ماجة يف ك ) ٦( أيب عبيدة ذكر أن بعضهم رواه عن : وقال املنذري ) . ١١/٤٨٨( ، عون ١٧: ب . املالحم : حسن غريب ، ورواه أبو داود يف ك : ، وقال ) ٥/٢٥٢(

، ورواه اإلمـام أمحـد يف ) ١١/٤٨٨(عون املعبود . وقد تقدم أنا أبا عبيدة بن عبد اهللا بن مسعود مل يسمع من أبيه فهو منقطع ... مرسال rعن النيب .حتقيق أمحد شاكر ) ٥/٢٦٨( ، من املسند ٣٧١٧ضعيف النقطاعه ، ح: ، وقال عنه أمحد شاكر ) ١/٣٩١(املسند

٥٢

كما أن من وسائل حفظ .ممكن ما أنه ينبغي تيسري طرق اخلري أمام العامة ، والترغيب فيه بكل ك. مع توفر القدرة على ذلك :)١(هذا الدين ومن تنفيذه باإلضافة إىل ما سبق املقصد التايل

هذا املقصد مستقال عن سابقه وإن كان داخال يف تنفيذ هذا الدين ، بل هو التنفيذ الفعلي له ، وال شك أيضا أنه من أهم وسائل حفظ هـذا أفردت) ١(

ستمدة من أهواء البشـر الدين ، أفردته مقصدا مستقال ألمهيته نظرا إلبعاده عن التطبيق يف العصر احلاضر واستبداله بالقوانني الوضعية واألنظمة اجلاهلية امل .وميوالم الشخصية

. وللرد على القائلني بأن الدين ما هو إال شعائر تعبدية تقام يف املسجد ، وأخالق وأذكار تردد يف املناسبات ال دخل له يف احلياة العامة للناس

٥٣

املقصد الثاين .أو احلكم يف شؤون هذه احلياة مبا أنزل اهللا: سياسة الدنيا به : ثانيا

من مقاصد اإلمامة هو سياسة الدنيا بالدين ، أو احلكم يف هذه احلياة مبا أنزل اهللا عز وجل ، وقد تكلمنا فيما املقصد الثاينعن إقامة احلدود والعقوبات ، وهي ال شك من احلكم مبا أنزل اهللا ، ولكنها ليست وحدها املراد ) حراسة الدين ( سبق يف

إدارة وتدبري مجيع شؤون احلياة وفقا لقواعد الشريعة ومبادئها وأحكامها املنصوص : بل املراد به) احلكم مبا أنزل اهللا ( بـ عليها أو املستنبطة منها وفقا لقواعد االجتهاد السليم ، فاحلدود جزء من احلكم مبا أنزل اهللا ، وليس قاصرا عليها كما يتصور

.أكثر الناس ﴾ يف إن الحكم إال لله﴿ : اعدة األساسية يف التصور اإلسالمي للحكم فقال وقد بني اهللا عز وجل يف كتابه الكرمي الق

، فهو سبحانه احلاكم املهيمن ، وكل ما يف الوجود حتت هيمنته وتدبريه ، فاحلاكمية املطلقة له وحده عز )١(أكثر من آية ا ويطبقها على أكمل وجه ألا مضمون اإلسالم فيجب على كل مسلم أن يعي هذه القاعدة ويفهمها جيد. وجل دون غريه .فال إميان بدون اإلميان ا ) ال إله إال اهللا ( ومقتضى كلمة

:عموم الرسالة احملمدية ء ومما جيب اإلميان به أيضا عموم الرسالة احملمدية ومشوهلا لكل متطلبات احلياة ، وأا الشريعة اخلامتة والصاحلة للبشرية مجعا

﴾ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم دينا﴿ : حىت قيام الساعة ، حيث قال عز وجل الكتاب تبيانا لكل شيء نزلنا عليك و﴿ : ويقول سبحانه )٣( ﴾ ما فرطنا في الكتاب من شيء﴿ : ويقول عز وجل )٢(

لمنيسى للمرشبة ومحرى وده٤( ﴾ و(.

وليس معىن مشول الشريعة وكماهلا جبميع متطلبات احلياة هو النصية على كل جزئية بعينها ، فهذا أمر متعذر وحتميل عض األمور اليت ال تتغري وال تتأثر بالزمان واملكان والظروف احمليطة ، للنصوص ما ال حتتمله ، وإمنا املراد أا جاءت بتفصيل ب

أما ما يتأثر بعوامل احلياة احمليطة فقد جاءت الشريعة له بالقواعد الكلية اليت منها ميكن استنباط األحكام املختلفة بالوسائل الكمال حبسب - ... اليوم أكملت لكم دينكم -اآلية لو كان املراد ب: ( ويف هذا يقول اإلمام الشاطيب رمحه اهللا . املشروعة

وقد نص العلماء على هذا املعىن ، فإمنا املراد الكمال . حتصيل اجلزئيات بالفعل ، فاجلزئيات ال اية هلا فال تنحصر مبرسوم .)٥() لنوازل ا حبسب ما حيتاج إليه من القواعد الكلية اليت جيري عليها ما ال اية له من

.٦٧ ، ٤٠سورة يوسف آية ، والثانية ، والثالثة يف ٥٧يف ثالث آيات ، األوىل يف سورة األنعام آية )١( .٣سورة املائدة آية )٢( .٣٨سورة األنعام آية )٣( .٨٩سورة النحل آية )٤( .التجارية . ط ) ٢/٣٠٥(االعتصام )٥(

٥٤

فما حيدث وجيد من أقضية ال بد وأن يوجد يف الشريعة من القواعد الكلية واجلزئية اليت ميكن أن يرد إليها حكم هذه جيد للناس من األقضية بقدر ( القضية ، أو يقاس عليها ، وهذه هي مهمة اتهد ، كما قال عمر بن عبد العزيز رضي اهللا عنه

.وإال فال معىن لعموم الشريعة ومشوهلا جلميع ما حتتاجه البشرية من أحكام ) . جور ما أحدثوا من فالصواب الذي عليه مجهور أئمة املسلمني أن النصوص وافية جبمهور أحكام أفعال : ( ويقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا

ن أنكره ألنه مل يفهم معاين النصوص العامة اليت هي أقوال العباد ، ومنهم من يقول إا وافية جبميع ذلك ، وإمنا أنكر ذلك مجبوامع الكلم ، فيتكلم بالكلمة اجلامعة العامة اليت هي r وذلك أن اهللا بعث حممدا. اهللا ورسوله ومشوهلا ألحكام أفعال العباد

صى ، فبهذا الوجه تكون النصوص حميطة قضية كلية ، وقاعدة عامة تتناول أنواعا كثرية ، وتلك األنواع تتناول أعيانا ال حتموضع مزلة أقدام ، ومضلة : ( وقد وصف تلميذه ابن القيم رمحه اهللا هذه النقطة بأا . هـ . أ )١() بأحكام أفعال العباد

اد أفهام ، وهو مقام ضنك ، ومعترك صعب ، فرط فيه طائفة فعطلوا احلدود وضيعوا احلقوق وجرؤوا أهل الفجور على الفس، وجعلوا الشريعة قاصرة ال تقوم مبصاحل العباد حمتاجة إىل غريها ، وسدوا على نفوسهم طرقا صحيحة من طرق معرفة احلق والتنفيذ له ، مع علمهم وعلم غريهم قطعا أنه حق مطابق للواقع ، ظنا منهم منافتها لقواعد الشرع ، ولعمر اهللا إا مل تناف

نافت ما فهموه من شريعته باجتهادهم ، والذي أوجب هلم ذلك نوع تقصري يف معرفة الواقع ، وإن r ما جاء به الرسولوترتيل أحدهم على اآلخر ، فلما رأى والة األمور ذلك وأن الناس ال يستقيم هلم أمرهم إال بأمر وراء ما فهمه هؤالء من

وأفرطت طائفة أخرى قابلت هذه : ( إىل أن قال . ) ..الشريعة أحدثوا من أوضاع سياستهم شرا طويال وفسادا عريضا r وكال الطائفتني أتيت من تقصريها يف معرفة ما بعث اهللا به رسوله. الطائفة فسوغت من ذلك ما ينايف حكم اهللا ورسوله

. هـ . أ . )٢() . وأنزل به كتبه حكم ، إما نصا أو r ال وهلا يف كتاب اهللا وسنة رسولهفاملقصود أن شريعة اهللا وافية بكل ما حتتاجه البشرية وما من قضية إ

، وإال لكان ذلك تكذيبا هللا عز وجل )٣(ظاهرا أو استنباطا أو غري ذلك من الدالالت ، علم ذلك من علمه وجهله من جهله ورسوله ، وحكما عليه بعدم الكفاية للناس واستنقاصا لشرعه ولبيان اهللا)٤(﴾ اآلية ... اليوم أكملت لكم دينكمالقائل ﴿

فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم اآلخر ذلك ﴿ : عند التنازع وقد قال عز وجل : ﴾ وهي نكرة يف سياق الشرط فتدل على العموم أي في شيء﴿ : ه قال ويالحظ يف التعبري أن)٥( ﴾ خير وأحسن تأويال

) .٣/١٦٣(وقريب من هذا النص يف منهاج السنة ) . ١٩/٢٨٠(جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ) ١( ) .٤/٣٧٥(إعالم املوقعني له : وانظر ) . ١٤ ، ١٣ص (الطرق احلكمية البن القيم ) ٢(مما ينبغي أن يعلم أن ذكر الشيء بالتحليل والتحرمي مما قدم خيفى فهمه من نصوص الكتاب والسنة ، فإن داللـة : ( يقول ابن رجب احلنبلي رمحه اهللا ) ٣(

وقد تكون داللته بطريق مفهـوم ... ، وقد تكون بطريق الفحوى والتنبيه هذه النصوص قد تكون بالنص والتصريح ، وقد تكون بطريق العموم والشمول على حكم يف شيء ملعىن من املعاين وكان rوقد أخذ األكثرون بذلك وجعلوه حجة ، وقد تكون داللته من باب القياس ، فإذا نص الشارع ... املخالفة

د فيه ذلك املعىن عند مجهور العلماء ، وهو من باب العدل وامليزان الـذي أنزلـه اهللا وأمـر ذلك املعىن موجودا يف غريه فإنه يتعدى احلكم إىل كل ما وج ) .٢٦٧ص (جامع العلوم واحلكم . هـ . أ ) باالعتبار به ، فهذا كله مما يعرف به داللة النصوص على التحليل والتحرمي

.٣سورة املائدة آية ) ٤( .٥٩سورة النساء آية ) ٥(

٥٥

فال وربك ال يؤمنون حتى ﴿ : وكذلك اآلية األخرى . كل شيء صغريا كان أو كبريا ، والتنازع شامل ألمور الدين والدنيا مهنيب رجا شفيم وككمحم املوصول مع صلته من صيغ العموم عند األصوليني وغريهم ، وذلك فإن اس)١(﴾ اآلية ... ي

العموم والشمول هو من ناحية األجناس واألنواع ، كما أنه من ناحية القدر ، فال فرق هنا بني نوع ونوع ، كما أنه ال فرق \ .بني القليل والكثري

.)٢( rوله إىل كتاب اهللا وسنة رس: واملراد بالتحاكم إىل اهللا والرسول أي وبعد أن تبني لنا هذا كان لزاما علينا معرفة ما هي األمور اليت بينت الشريعة فيها الكليات واجلزئيات التفصيلية الدقيقة ، وما هي األمور اليت أعطتنا فيها القواعد الكلية العامة وسوغت التفصيالت تهدي األمة ينظرون يف القواعد الشرعية الكلية

ام األخرى ويقيسون بعضها على بعض ، مع مراعاة املصاحل والقواعد األصولية العامة اليت راعتها الشريعة عموما ، وما واألحككان لزاما علينا معرفتها وتفصيلها حىت ال يلتبس . هي املسائل اليت أباح اهللا لنا إشغال العقول فيها والبحث عنها وعن دقائقها

.ة من أمرنا علينا األمر ونكون على بين :جوانب احلياة البشرية

: وهي )٣( هلذا نستطيع أن نقسم احلياة البشرية إىل ثالثة أقسام ال ختلو من أحدها ال تتغري بتغري الظروف واألحوال وال تتبدل إطالقا ، فهذه جاءت الشريعة : جوانب ثابتة متعلقة حبقيقة اإلنسان ذاته -١

.وحنو ذلك . ة دقيقة وواضحة ، وذلك كأحكام األسرة ، وكاحلدود ، والشعائر التعبدية هلا بأحكام تفصيلي جوانب ثابتة اجلوهر واهلدف ولكنها متجددة الصور ومتغرية األساليب الرتباطها بتغريات الزمان واملكان ، فهذه -٢

تبقى اجلوانب ذات العالقة بالتغري مسموح اال فيها كلية وقواعد عامة حتفظ اجلانب الثابت فيه و جاءت الشريعة هلا بأحكام للمجتهد الذي ملك أدوات االجتهاد أن يبني جزئياا الدقيقة املناسبة لتلك الفترة ، وذلك كاملنهج االقتصادي للدولة ،

صادي قد وضعت له الشريعة فمثال املنهج االقت. واخلطة التعليمية واإلدارية ، واألنظمة املرورية ، وقوانني السري وحنو ذلك فقد . قواعد عامة وكليات ثابتة ال تتغري وال بد من مراعاا والسري على ضوئها عند رسم أي منهج يف أي عصر أو مصر

أوضحت الشريعة أن املال ملك هللا عز وجل ، والبشر مستخلفون فيه ، وأوضحت وجوب تأمني الضروريات لكل فرد ، الباطل يف أي صورة من صوره ، وحترمي الربا واملكوس ، والنهي عن االحتكار واجلشع وتقرير حق وحترمي أكل أموال الناس ب

، وأوجبت الزكاة )٤(امللكية الفردية ، والنهي عن أن يكون دولة بني األغنياء ، واحلث على اإلنفاق ووجوبه يف بعض األحيان ، أما وضع اخلطط االقتصادية وطرق االستثمار وحتديد األنظمة إىل غري ذلك ... وبينت أنصبتها ومصارفها ومجيع دقائقها

الكفيلة بإعطاء كل ذي حق حقه ، وحفظ أموال املسلمني من عبث العابثني ، وكيفية التعامل املباح بني املؤسسات العامة

.٦٥نساء آية سورة ال) ١( ) .٢/٣٠٤(تفسري القرآن العظيم البن كثري : انظر . كما فسره بذلك جماهد وغريه من السلف ) ٢(من مطبوعات مركـز . بتصرف ) ٦٩٥ص (العلمانية نشأا وتطورها وآثارها يف احلياة اإلسالمية املعاصرة للشيخ سفر بن عبد الرمحن احلوايل : انظر ) ٣(

. هـ ١٤٠٢أوىل . اء التراث اإلسالمي جبامعة أم القرى ط البحث العلمي وإحي ) .١٩١ص (قبسات من الرسول لفضيلة األستاذ حممد قطب ) ٤(

٥٦

مة ، يقول الدكتور حممد عبد إخل فهذا راجع إىل اجتهاد األمة يف إطار تلك القواعد والقيود العا... واخلاصة وإشراف الدولة من األحكام ) أي الوضعية ( األحكام والقواعد اليت وضعتها هذه النظم )١(من الواجب أن تؤخذ معظم : ( اجلواد حممد

أما املعامالت اليت جدت بسبب املخترعات احلديثة . والقواعد اليت استنبطها الفقهاء املسلمون يف املذاهب الفقهية املختلفة وذا تأخذ الصبغة )٢() ملمكن وضع أحكام هلا بطريق القياس أو االقتباس يف حدود القواعد األصولية يف الفقه اإلسالمي فمن ا

.الشرعية كما يشترط أال يصادم نصا شرعيا فليس )٣(لكن يشترط يف هذا اتهد املستنبط أن يكون مالكا ألدوات االجتهاد وأهال له

.ستشار قانوين ال يعرف من اإلسالم إال امسه أن يقوم برسم هذه اخلطط واألنظمة من حق أي موظف أو م وقد وضع اإلمام الشافعي قاعدة جليلة دقيقة يف حنو هذا ، ولكنه مل يضعها يف الذين يشرعون القوانني عن مصادر غري

عها يف اتهدين العلماء من املسلمني الذين إسالمية ، فقد كانت بالد اإلسالم إذ ذاك بريئة من هذا العار ، ولكنه وضيستنبطون األحكام قبل أن يتثبتوا مما ورد يف الكتاب والسنة الصحيحة ، ويقيسون وجيتهدون برأيهم على غري أساس صحيح ،

ه من إن وافق-ومن تكلف ما جهل ، وما مل تثبته معرفته كانت موافقته للصواب : ( حىت ولو وافق الصواب حيث يقول فيما ال حييط علمه بالفرق بني اخلطأ والصواب غري حممودة واهللا أعلم ، وكان خبطئه غري معذور إذا ما نطق-حيث ال يعرفه

. )٤() فيه

ومعىن هذا واضح أن اتهد يف الفقه اإلسالمي على قواعد اإلسالم ال يكون : ( يقول األستاذ أمحد شاكر تعليقا على هذا إذا ما كان اجتهاده على غري أساس من معرفة ، وعن غري تثبيت يف البحث عن أدلة الكتاب والسنة ، حىت لو أصاب معذورا

.يف احلكم إذ تكون إصابته مصادفة مل تنب على دليل ، ومل تنب على اجتهاد صحيح

.كل : بل ) ١( ) .١٨ص (حممد عبد اجلواد حممد . التطوير التشريعي يف اململكة العربية السعودية د ) ٢( :فيما يلي اشترط علماء األصول يف اتهد عدة شروط جنملها ) ٣(

أن يكون عارفا بالكتاب والسنة ، بأن يعرف مظان األحكام وكيفية استنباطها ، وأن يكون عارفا بأسباب الرتول وما ورد يف تفسريها وتأويالـا -١ .وبالناسخ واملنسوخ وبصحة احلديث من ضعفه

. أن يكون عارفا باإلمجاع وحجيته ومظان وجوده -٢ .ون عاملا بوجوه القياس وعلل األحكام واحلكم التشريعية اليت شرعت من أجلها األحكام أن يك-٣ .إخل .. أن يعرف من النحو والفقه ما يكفيه يف معرفة ما يتعلق بالكتاب والسنة من نص ظاهر وجممل وحقيقة وجماز وعام وخاص ومطلق ومقيد -٤ فـإذا ... يكون ذكي الفؤاد متوقد الذهن ، وأن يكون خبريا بوقائع وأحوال الناس ومعامالم ومصـاحلهم أن يكون عنده ملكة االستنباط ، وأن -٥

وعلم ) ١٨١ص (واملدخل إىل مذهب اإلمام أمحد البن بدران ) ١٩٠ص (يف ذلك روضة الناظر البن قدامة : انظر . تعذرت هذه الشروط فاألمثل األمثل ) .٢١٨ص (أصول الفقه لعبد الوهاب خالف

.مكتبة دار التراث . ن . هـ ١٣٩٩ثانية . ط ) ٥٣ص (الرسالة لإلمام الشافعي حتقيق أمحد شاكر ) ٤(

٥٧

وال يكون مسلما إذ قصد إىل وضع ما أما الذي جيتهد ويتشرع على قواعد خارجة عن قواعد اإلسالم فإنه ال يكون جمتهدا ، يراه من األحكام وافقت اإلسالم أم خالفته ، فكانت موافقته للصواب إن وافقه من حيث ال يعرفه بل من حيث ال يقصده

.)١(... ) غري حممودة ، بل كانوا ا ال يقلون عنهم كفرا حني خيالفون هذا وهذا بديهي كأساليب تطوير الزراعة والصناعة ، والتعرف على خصائص املادة ، واالستفادة منها يف : ضة أما األمور الدنيوية احمل-٣

عمارة األرض ، وسائر األنشطة البشرية اليت ال عالقة هلا بالتحليل أو التحرمي ، وال باهلدى والضالل ، فهذه قد وكلها اهللا إىل أنتم « : r وهذه هي اليت قال فيها النيب. صله عقله وتفكريه نفس اإلنسان ليجد وجيتهد ويبحث ويعمل فيها حبسب ما يو

وهذه مندرجة حتت حكم اإلباحة ، إال أا تبقى خاضعة للغاية األساسية من الوجود وهي العبادة )٢(» أعلم بأمور ديناكم والتقوي على طاعته ونصرة ، ذه األعمال وجه اهللافإذا أريد )٣( ﴾ وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون﴿ : كما قال تعاىل

دينه ، فإا تكون داخلة يف مفهوم العبادة ويثاب العبد على فعلها ، وإن أريد ا املكابرة والرياء والتعايل على اهللا وحماربة اهللا .ورسوله فإنه يعاقب عليها

: حكم سياسة الدنيا بغري الدين رفنا مشول الشريعة جلميع جوانب احلياة بقي علينا أن نعرف حكم من مل يسس الدنيا ذا الدين ، أو واآلن بعد أن ع

بعبارة أخرى من مل يحكم دين اهللا يف شؤون هذه احلياة ، واستبداله بالقوانني الوضعية اليت وضعها البشر ، ولن جند كبري عناء .جل يف العديد من اآليات الصرحية يف البحث عن هذا احلكم فقد بينه اهللا عز و

ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن ﴿ : فمنها قوله عز وجل -١ من أول وهلة من والذي يظهر)٤( ﴾ ويريد الشيطان أن يضلهم ضالال بعيدايتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به

﴾ التكذيب هلم فيما ادعوه من اإلميان ، فيكون اهللا قد نفي عنهم اإلميان بسبب التحاكم إىل غري يزعمون﴿ التعبري بقوله شرع اهللا مع اإلميان يف قلب عبد أصال ، بل أحدمها ينايف اآلخر ، وال يكون شرع اهللا ، وذلك ألنه ال جيتمع التحاكم إىل غري

فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة ﴿ : هناك إميان حقا إال بعد الكفر بالطاغوت كما قال عز وجل س اللها وله امال انفص ثقىالوليمع إله إال اهللا ال : ( وهذا هو معىن )٥( ﴾ ميع. (

، أو حاكم إىل غري ما جاء r وهو جماوزة احلد ، فكل من حكم بغري ما جاء به النيب: مشتق من الطغيان : والطاغوت فقط ال خبالفه r ه النيبفقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه ، وذلك من حق كل أحد أن يكون حاكما مبا جاء ب r به النيب

) .٦/٣٠٤(تعليقه على مسند اإلمام أمحد : انظر ) ١(. الرهون : ابن ماجة يف ك ،) ٤/١٨٣٦ (٢٣٦٣ شرعا دون ما ذكره من معايش الدنيا ، ح rوجوب امتثال ما قاله : ب . رواه مسلم ك الفضائل ) ٢(

) . ٣/١٥٢(، وأمحد يف املسند ) ٢/٨٢٥ (١٤٧١ ، تلقيح النخل ، ح١٥: ب . ٥٦سورة الذاريات آية ) ٣( .٦٠سورة النساء آية ) ٤( .٢٥٦سورة البقرة آية ) ٥(

٥٨

، فمن حكم خبالفه أو حاكم إىل خالفه فقد طغى وجاوز حده r ، كما أن من حق كل أحد أن حياكم إىل ما جاء به النيب :)١() حكما أو حتكيما فصار بذلك طاغوتا لتجاوزه حده

ون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ال يجدوا في أنفسهم فال وربك ال يؤمن﴿ : ومن األدلة أيضا قوله عز وجل -٢ فهنا نرى أن اهللا عز وجل يقسم بذاته العلية على نفي اإلميان عن من مل يحكم )٢( ﴾ حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما

حكيم فقط ، بل أضاف إليه عدم وجود شيء من احلرج يف نفوسهم ، ومل يكتف بذلك ، ومل يكتف مبجرد الت r رسول اهللا . r أيضا بل ال بد من االنقياد املطلق والتسليم التام حلكمه

ومن ﴿ والظلم ، والفسوق ، فقال عز وجلالكفر ، : وجند أيضا أن اهللا عز وجل قد أطلق على من مل حيكم مبا أنزل اهللا حي ونلمالكافر مه لـئكفأو ل اللها أنز٣( ﴾ كم بم ( ﴿ ونوالظالم مه لـئكفأو ل اللها أنزكم بمحي ن لممو ﴾ )و )٤ -الكتاب ملا حرفوا دينهم وهي وقد روي أا نزلت يف أهل ) ٥( ﴾ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولـئك هم الفاسقون﴿

فهي عامة يف كل من مل حيكم مبا أنزل اهللا ، ألن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب ، وقد رد على -وإن ثبت ذلك ، ولكم كل حلوة ، إسرائيل ، إن كانت هلم كل مرة نعم اإلخوة لكم بنو: ( عنه فقال القائلني ذا القول حذيفة رضي اهللا

.)٦() واهللا لتسلكن طريقهم قدر الشراك كال

.)٧(غري ناقل من امللة كما روي ذلك عن ابن عباس وطاوس وغريمها : أي ) كفر دون كفر : ( وقيل فيها أيضا أا طحاوية واحلق أا تبقى على إطالقها فقد خيرج من امللة ، وقد يكون كفرا أصغر حبسب حال احلاكم ، كما قال شارح ال

أن احلكم بغري ما أنزل اهللا غري واجب ، وأنه خمري فيه ، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم اهللا - أي احلاكم -إنه إن اعتقد : ( فهذا كفر أكرب ، وإن اعتقد وجوب احلكم مبا أنزل اهللا ، وعلمه يف هذه الواقعة ، وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة

وعلى هذا حيتمل تفسري ابن عباس ، وطاوس رضي : قلت . )٨() يسمى كافرا كفرا جمازيا ، أو كفرا أصغر ، فهذا عاص ، و .الكفر بأنه كفر دون كفر : اهللا عنهما

: كالم الشيخ حممد بن إبراهيم رمحه اهللا ومن املمتنع أن : ( فقال -ر السعودية سابقا مفيت الديا- وقد أوسع املوضوع حبثا الشيخ حممد بن إبراهيم رمحه اهللا تعاىل

يسمي اهللا سبحانه وتعاىل احلاكم بغري ما أنزل اهللا كافرا وال يكون كافرا ، بل هو كافر مطلقا إما كفر عمل أو كفر اعتقاد . ( ...

) .٣ص (حتكيم القوانني للشيخ حممد بن إبراهيم ) ١( .٦٥سورة النساء آية ) ٢( .٤٤ائدة آية سورة امل) ٣( .٤٥سورة املائدة آية ) ٤( .٤٧سورة املائدة آية ) ٥( ) .٦/٢٥٦(تفسري الطربي ) ٦( ) .٦/٢٥٦(تفسري الطربي : انظر ) ٧( .٣. ط ) ٣٠٢ص (شرح العقدية الطحاوية ) ٨(

٥٩

:وهو كفر االعتقاد فهو أنواع : أما األول : ( قال واختاره ابن . ما أنزل اهللا أحقية حكم اهللا ورسوله ، وهو معىن ما روي عن ابن عباس أن جيحد احلاكم بغري : أحدمها

.جحود ما أنزل اهللا من احلكم الشرعي ، وهذا ال نزاع فيه بني أهل العلم : جرير أن ذلك

أحسن من r الرسولأن ال جيحد احلاكم بغري ما أنزل اهللا كون حكم اهللا ورسوله حقا ، لكن اعتقد أن حكم غري: الثاين حكمه وأمت وأمشل ملا حيتاجه الناس من احلكم بينهم عند التنازع ، إما مطلقا أو بالنسبة إىل ما استجد من احلوادث اليت نشأت مع تطور الزمان وتغري األحوال ، وهذا أيضا ال ريب أنه كفر لتفضيله أحكام املخلوقني اليت هي حمض زبالة األذهان وصرف

... حكام عن حكم احلكيم اخلبري حثالة األكالنوعني اللذين قبله يف كونه كافرا : لكن اعتقد أنه مثله فهذا r أال يعتقد كونه أحسن من حكم اهللا ورسوله: الثالث

...الكفر الناقل عن امللة ملا يقتضيه ذلك من تسوية املخلوق باخلالق ما أنزل اهللا مماثال حلكم اهللا ورسوله فضال عن أن يعتقد كونه أحسن منه ، لكن أال يعتقد كون حكم احلاكم بغري: الرابع

اعتقد جواز احلكم مبا خيالف حكم اهللا ورسوله ، فهذا كالذي قبله يصدق عليه ما يصدق عليه العتقاده جواز ما علم .بالنصوص الصرحية القاطعة حترميه

عاندة للشرع ومكابرة ألحكامه ، ومشاقة هللا ورسوله ، ومضاهاة باحملاكم وهو أعظمها وأمشلها وأظهرها م: اخلامس ا وإرصادا وإمدادا ومراجع ومستندات ، فكما أن للمحاكم االشرعية ، إعدادا وإلزاما وحكما وتشكيال وتنويعوتأصيال وتفريع

القانون امللفق من شرائع شىت ، : م مراجع هي ، فلهذه احملاك r مراجع مستمدات مرجعها كلها إىل كتاب اهللا وسنة رسوله، ومن مذاهب بعض كالقانون الفرنسي ، والقانون األمريكي ، والقانون الربيطاين ، وغريها من القوانني: وقوانني كثرية

مفتوحة األبواب ، ملة ، فهذه احملاكم اآلن يف كثري من أمصار اإلسالم مهيأة مك. البدعيني املنتسبني إىل الشريعة وغري ذلك إليها أسراب إثر أسراب ، حيكم حكامها مبا خيالف حكم السنة والكتاب ، من أحكام ذلك القانون وتلزمهم به والناس

...وتقرهم عليه وحتتمه عليهم ، فأي كفر فوق هذا الكفر ، وأي مناقضة للشهادة بأن حممدا رسول اهللا بعد هذه املناقضة

ه كثري من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي وحنوهم من حكايات آبائهم وأجدادهم وعادام اليت ما حيكم ب: السادس يتوارثون ذلك منهم ، وحيكمون به ، وحيصلون على التحاكم إليه عند الرتاع ، بقاء على أحكام ) سلومهم ( يسموا

. إال باهللا اجلاهلية وإعراضا ورغبة عن حكم اهللا ورسوله ، فال حول وال قوةمن مسمى كفر احلاكم بغري ما أنزل اهللا ، وهو الذي ال خيرج عن امللة ، فقد تقدم تفسري ابن عباس : وأما القسم الثاين

، وذلك ﴾ قد مشل ذلك القسمومن لم يحكم بما أنزل الله فأولـئك هم الكافرون﴿ : رضي اهللا عنهما لقول اهللا عز وجل وذلك أن حتمله . هـ . أ ) . ليس بالكفر الذي تذهبون إليه : ( وقوله ) كفر دون كفر ( يف قوله رضي اهللا عنه يف اآلية

شهوته وهواه على احلكم يف األقضية بغري ما أنزل اهللا مع اعتقاده أن حكم اهللا ورسوله هو احلق ، واعترافه على نفسه باخلطأ .)١( هـ .أ ) . وجمانبة اهلدى

مهيته وقوته العلمية ، وللحاجة املاسة إليـه خصوصـا يف وقد نقلته بطوله مع االختصار قدر اإلمكان أل) ٨ - ٥ص (حتكيم القوانني حملمد بن إبراهيم ) ١(

.عصرنا احلاضر

٦٠

اتخذوا ﴿ : واآليات يف حكم احلاكم بغري ما أنزل اهللا كثرية يصعب استقصاؤها ، منها قوله تعاىل يف سورة التوبة -٤ ا واحدا ال إلـه إال هو سبحانه عما أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إال ليعبدوا إلـه

ويفسرها حديث عدي بن حامت رضي اهللا عنه )١( ﴾ يشركون

أليسوا حيلون لكم ما حرم اهللا فتحلونه ؟ وحيرمون ما « : يا رسول اهللا لسنا نعبدهم ، قال : يتلوها فقال r عندما مسع النيبفاحلاكم الذي يشرع للناس ، فيحل هلم ما حرم اهللا ، . )٢(» فتلك عبادم « : بلى ، قال : قال » أحل اهللا فتحرمونه ؟

.وحيرم عليهم ما أحل اهللا قد جعل نفسه ربا هلم نهم من بعد ذلك وما أولئك ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق م... ومنها كذلك يف سورة النور ﴿

مننيؤون * بالمرضعم مهنم إذا فريق مهنيب كمحوله ليسروا إلى الله وعإذا دإذا ﴿: إىل قوله ﴾... و مننيؤل الما كان قومإن .)٣(﴾ ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون دعوا إلى الله ورسوله

إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهمr : ﴿ ومنها قوله تعاىل يف سورة حممدوملى لهر * أمض األمعفي ب كمطيعنس ل اللهزا نوا مكره قالوا للذين مهبأن ٤(﴾ ... ذلك(.

ن وأفحكم الجاهلية يبغ﴿ : وذلك يف قوله ) حكم اجلاهلية : ( وقد مسى اهللا سبحانه وتعاىل هذا النوع من احلكم بأنه بكتاب : حكم إسالمي ، وهو احلكم : فجعل احلكم حكمني ال ثالث هلما )٥( ﴾ حكما لقوم يوقنون ومن أحسن من الله .ما خالف ذلك : ، وحكم جاهلي ، وهو r اهللا وسنة رسوله

بغري ما أنزل اهللا فهو جمتمع جاهلي مهما أويت وليست اجلاهلية فترة حمددة من الزمان واملكان انتهت ، إمنا كل جمتمع حيكممبتغ « وذكر منهم . » أبغض الناس إىل اهللا ثالثة « : r من قوة مادية ، ومن كشوفات علمية خارقة ، وقد قال رسول اهللا

سن البصري رضي قال احل. » إنك امرؤ فيك جاهلية « : وقال عليه الصالة والسالم أليب ذر . )٦(» يف اإلسالم سنة اجلاهلية كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل : ( وقال ابن حجر . )٧() من حكم بغري ما أنزل اهللا فحكم اجلاهلية : ( اهللا عنه

. )٨() حمرم فهي من أخالق اجلاهلية

.٣١سورة التوبة آية ) ١( ) .٥/٢٧٨ (٣٠٩٥تفسري سورة التوبة ح. التفسري : رواه الترمذي يف ك ) ٢(

، وابن أيب حامت ، وأبو الشـيخ ، وابـن ، وابن سعد ، وعبد بن محيد ، وابن املنذر ) ١٠/١١٤(هذا حديث غريب ، ورواه ابن جرير يف تفسريه : وقال وحسنه من املعاصرين األلباين يف كتابه ) . ٦٤ص (وحسنه شيخ اإلسالم ابن تيمية يف كتاب اإلميان ) ٨/٤٩٤(حتفة األحوذي : انظر . مردويه ، والبيهقي

) .٦(رقم ) ٢٠ص (غاية املرام يف ختريج أحاديث احلالل واحلرام ) .٥١ - ٤٧(ات سورة النور اآلي) ٣( ) .٢٦ ، ٢٥(سورة حممد اآليات ) ٤( .٥٠سورة املائدة آية ) ٥( ) .١٢/٢١٠( ، فتح الباري ٩: ب . الديات : رواه البخاري يف ك ) ٦( ) .١/٥١٠(تفسري القرآن العظيم البن كثري ) ٧( ) .١/٨٥(فتح الباري ) ٨(

٦١

هلية شرعة ومنهاجا ومن ذلك ما ابتلي به املسلمون اليوم من تسلط بعض الطغاة على مقاليد احلكم ، واختاذهم حكم اجلانرى يف بعض بالد املسلمني : ( هلم ، وتركهم حكم اهللا وراءهم ظهريا كأم ال يعلمون ، يقول األستاذ أمحد شاكر رمحه اهللا

قوانني ضربت عليها ، نقلت عن أوروبا الوثنية امللحدة ، وهي قوانني ختالف اإلسالم خمالفة جوهرية يف كثري من أصوهلا بل إن يف بعضها ما ينقض اإلسالم ويهدمه ، وذلك أمر واضح بديهي ، ال خيالف فيه إال من يغالط نفسه ، وجيهل وفروعها ،

أحكامها أيضا توافق التشريع اإلسالمي ، أو ال تنافيه على األقل دينه أو يعاديه من حيث يشعر أو ال يشعر ، وهي يف كثري منائز حىت فيما يوافق التشريع اإلسالمي ، ألن من وضعها حني وضعها مل ينظر إىل ، وإن العمل ا يف بالد املسلمني غري ج

موافقتها لإلسالم أو خمالفتها ، إمنا نظر إىل موافقتها إىل قوانني أوروبا ، أو ملبادئها وقواعدها ، وجعلها هي األصل الذي يرجع .)١(.... ) الفا له إليه ، فهو آمث مرتد ذا سواء أوضع حكما موافقا لإلسالم أم خم

: ويرى فضيلته أن الواقع يف هذا اجلرم العظيم من الناس ثالثة وهم ويقصد به يف مصطلحام اهليئة التشريعية ، وعلى رأسهم اآلمر بذلك ، وهو احلاكم األعلى للدولة ، : ( املتشرع -١

فإنه يضع هذه القوانني : قال عنه ) . لى ما تتبناه من تشريعات الذي يعني اهليئة ويأمرها بذلك وحيدد هلا مهمتها ويصادق ع . )٢() وهو يعتقد صحتها وصحة ما يعمل ، فهذا أمره بين وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم

م املخالف لإلسالفإنه يدافع باحلق وبالباطل : ( قال عنه ) وهو الذي يدافع عن هذه القوانني وينفذها : ( املدافع -٢ .)٣() معتقدا صحته فهو كزميله املتشرع ، وإن كان غري ذلك كان منافقا خالصا مهما يعتذر بأنه يؤدي واجب الدفاع

قد يكون له يف : ( وهو الذي يقضي وحيكم بني الناس ذه القوانني ، فعن هذا يقول األستاذ أمحد شاكر : احلاكم -٣ التحقيق الدقيق ال جيعل هلذا العذر قيمة ، أما حني حيكم الم من هذه القوانني ، وإن كاننفسه عذر حني حيكم مبا يوافق اإلس

مبا ينايف اإلسالم مما نص عليه الكتاب والسنة ، ومما تدل عليه الدالئل منها فإنه على اليقني مما يدخل يف هذا احلديث يقصد قد أمر مبعصية . » ال أن يؤمر مبعصية فال مسع وال طاعة وعلى املرء السمع والطاعة فيما أحب أو كره ، إ« : حديث

القوانني اليت يرى أن عليه واجبا أن يطيعها ألا أمرته مبعصية ، بل مبا هو أشد من املعصية أن خيالف كتاب اهللا وسنة رسوله )٤() وانني وكان كمثله سواء فال مسع وال طاعة ، فإن مسع وأطاع كان عليه من الوزر ما كان على آمره الذي وضع هذه الق

. خاصة إذا رضي وتابع ، فعلى احملكوم أال ) احملكوم : ( كما ميكن أن يضاف إىل ما ذكره الشيخ صنف رابع وهو -٤

يتحاكم إليها ، وأن يبين حرمة ذلك ، وأن يسعى يف سبيل مقاومتها والتحاكم إىل شرع اهللا قدر استطاعته وال يكلف اهللا إنه يستعمل « : قال r يف احلديث الذي روته أم سلمة رضي اهللا تعاىل عنها أن رسول اهللا r وقد قال. ال وسعها نفسا إ

) .٦/٣٠٣(تعليقه على مسند اإلمام أمحد : انظر ) ١( ) .٦/٣٠٥(تعليقه على املسند : انظر ) ٢( .نفس املرجع ) ٣( ) .٦/٣٠٥(التعليق على مسند اإلمام أمحد )٤(

٦٢

أما يف حالة . )١(» سلم ، ولكن من رضي وتابع عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن كره فقد برئ ، ومن أنكر فقد .ا اإلجبار والضرورة الشرعية فالضرورة تقدر بقدره

واآلن بعد أن عرفنا وجوب سياسة الدنيا بشرع اهللا املرتل ، وأنه ال جمال للتردد وال للتخيري ، فالقضية قضية إميان وكفر ، أو ال إسالم ، فال غرابة أن يكون هذا من أهم مقاصد اإلمامة العظمى وهو غايتها وهدفها الذي من أجله شرعت قضية إسالم

:ض املقاصد الفرعية الناجتة عن هذه احلقيقة الكلية فمنها ، نود أن نتعرف على بع : املقاصد الفرعية

: العدل ورفع الظلم -١ وهذا من أهم املقاصد وأمسى املطالب اليت أمر اإلسالم بتطبيقها ، ومل جيعل اإلسالم االلتزام ذا األمر خاصا باحلكام

…يع أموره اليت يزاوهلا سواء يف ذلك ما يتصل باألسرة أو باجلار أو بغري ذلك فحسب ، بل أمر كل إنسان بالعدل يف مج . r وقد تتطابق على وجوب العدل آيات الكتاب احلكيم ، وأحاديث الرسول

: أما اآليات فكثرية جدا منها ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم إن الله يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ﴿ : قوله عز وجل

إن الله يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا ﴿ : ومنها قوله عز وجل . )٢(﴾ تذكرون .)٣( ﴾ عدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصريابال

.)٤( ﴾ وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون﴿: ومنها قوله عز وجل وال يجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ﴿ : بل قد أوجب اهللا العدل حىت مع األعداء قال تعاىل

واه عن إتباع اهلوى - وهو احلق - ، وأمر نبيه داود عليه السالم باحلكم بالعدل)٥(﴾ واتقوا الله إن الله خبري بما تعملون يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى ﴿ : مع أنه نيب معصوم ، فقال عز وجل

إىل غري ذلك من اآليات )٦( ﴾ الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحسابفيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل.

) .٣/١٤٨١ (١٨٥٤وجوب اإلنكار على األمراء فيما خيالف الشرع ، ح: ب . اإلمارة : رواه مسلم ك )١( .٩٠سورة النحل آية )٢( .٥٨سورة النساء آية )٣( .١٥٢ية سورة األنعام آ )٤( .٨سورة املائدة آية )٥( .٢٦سورة ص آية )٦(

٦٣

:أما األحاديث النبوية فكثرية أيضا منها

.) ١( حديث السبعة الذين يظلهم اهللا يوم ال ظل إال ظله ، وذكر منهم إمام عادل -١ )٢(» وال أمة قلت أو كثرت ال يعدل فيها إال كبه اهللا تبارك وتعاىل على وجهه يف النار ليس من« : r ومنها قوله-٢

.

ما من أمري عشرة إال يؤتى به يوم القيامة مغلوال ، « : قال r ومنها ما رواه أبو هريرة رضي اهللا تعاىل عنه عن النيب-٣ .)٣(» ال يفكه إال العدل أو يوبقه اجلور

املقسطون على منابر من نور عن ميني الرمحن ، وكلتا يديه ميني ، هم الذين يعدلون يف حكمهم « : r ومنها قوله-٤ .)٤(» وأهلهم وما ولوا

لعمل اإلمام العادل يف رعيته يوما واحدا « : قال r وقد روى أبو عبيد بسنده إىل أيب هريرة رضي اهللا عنه عن النيب-٥ إىل غري ذلك من ) . وهو شيخ أيب عبيد ( شك هشيم )٥(» بادة العابد يف أهله مائة عام أو مخسني عاما أفضل من ع

.األحاديث الكثرية إن اهللا « : r ويف مقابل ذلك ندد اإلسالم بالظلم والظاملني وتوعدهم ، واآليات واألحاديث يف هذا كثرية منها قوله

.)٦(» يفلته ليملي للظامل حىت إذا أخذه مل يتفشى فيها الظلم إال ويبدأ فيها االيار ، وحلت عليها عقوبة فما من دولة. وقد جعل اهللا الظلم من أسباب هالك األمم

خ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا قال شي)٧( ﴾ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد﴿ : اهللا تعاىل إن العدل نظام كل شيء ، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت ، وإن مل يكن لصاحبها يف اآلخرة من خالق ، وإن مل تقم : (

.)٨() بعدل مل تقم ، وإن كان لصاحبها من اإلميان ما جيزى به يف اآلخرة

١٠٣١إخفـاء الصـدقة ، ح : ب . الزكـاة : ، ومسـلم يف ك ) ١٢/١١٢( ، فتح الباري ١٩: ب . احلدود : متفق عليه رواه البخاري يف ك )١(، ) ٨/٢٢٢( ، ٧٨: ب . آداب القضـاء : سـائي يف ك ، والن ) ٤/٥٩٨ (٢٣٩١يف احلب يف اهللا ح : ب . الزهد : ، ورواه الترمذي يف ك ) ٢/٧١٥(

) .٢/٩٥٢(ما جاء يف املتحابني يف اهللا : ب . الشعر : ومالك يف املوطأ يف ك ) .٢٣/١٤(، والبخاري بنحوه الفتح الرباين ) ٥/٢٥(رواه اإلمام أمحد يف املسند )٢(الفـتح : انظـر . أخرجه البزار بإسناد رجال الصحيح : جاله رجال لصحيح وقال املنذري إسناده جيد ور: رواه اإلمام أمحد يف املسند وقال اهليثمي )٣(

) .٢/٢٤٠(، ورواه الدارمي يف سننه ) ٢٣/١٤(الرباين ادل فضل احلاكم الع : ب . آداب القضاة : ، وأخرجه النسائي يف ك ) ٣/١٤٥٨ (١٨٢٧فضيلة اإلمام العادل ، ح : ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك )٤(

) .٢/١٦٠(، ورواه أمحد يف املسند ) ٨/٢٢١(يف حكمه ) .١٣ص (األموال )٥( ) .٤/١٩٩٧ (٢٥٨٣حترمي الظلم ح: ب . الرب : ، ومسلم يف ك ) ٨/٣٥٤(رواه البخاري يف تفسري سورة هود فتح الباري )٦( .١٠٢سورة هود آية )٧( ) .٩٤ص (احلسبة )٨(

٦٤

عة اليت تضمنت العدل كل العدل يف إعطاء احلقوق ألصحاا وتنظيم والعدل احلق ال يكون إال بتطبيق أحكام الشريوإن من أكرب الظلم وأخطره أن يتعدى حاكم من احلكام على حق من حقوق اهللا تعاىل . العالقات بني الناس تنظيما عادال

فتعدى . وأحلها دار البوار فيقوم بالتشريع لألمة يرعاها ، ويف هذا يكون ظاملا لنفسه بأن عرضها لغضب اهللا وسخطه ،حدوده وطغى على حق من حقوق اهللا عز وجل ال جيوز إال له ، وكذلك يكون ظاملا للرعية اليت حتت يده حيث حرمهم من عدل اهللا وشرعه ، ومحلهم من اآلثام واألوزار بسبب إجبارهم على التحاكم إىل الطاغوت ، وقد رأينا فيما سبق ما يف ذلك

.من الوعيد وللعدل صور شىت ، منها القيام مبنع الظلم وإزالته عن املظلوم ، ومنع انتهاك حرمات الناس ، وحقوقهم املتعلقة بأنفسهم وأعراضهم وأمواهلم ، وإزالة آثار التعدي الذي يقع عليهم ، وإعادة حقوقهم إليهم ، ومعاقبة املعتدي عليها مبا يستحقه من

فض اخلصومات واملنازعات بني املسلمني وإعطاء كل ذي حق حقه ، وتعني القضاة األكفاء ومن صوره أيضا. العقوبة .ومراعاة حقوق أهل الذمة . لتحقيق ذلك

ومن صوره أيضا القيام حبق أفراد الشعب يف كفالة حريام وحيام املعاشية حىت ال يكون فيهم عاجز متروك ، وال . ، وال خائف مهدد ضعيف مهمل ، وال فقري بائس

ومن صوره أيضا التسوية بني الناس يف املعاملة ومكافأة جهودهم حبسبها ، وإسناد األعمال والوظائف ملن يستحقوا ، .وعدم املفاضلة والتمييز بينهم تبعا للهوى واملصلحة الشخصية ، أو غري ذلك من األسباب غري الشرعية

فالشريعة اإلسالمية تطبق . خل مراكز الناس االجتماعية وأنسام يف خضوعهم ملقتضى العدل أال تتد: ومن صوره أيضا إمنا هلك « : r على كل أحد ، ال فرق يف ذلك بني الشريف وغريه ، وال بني حاكم وحمكوم ، ويف ذلك يقول الرسول

وا عليه احلد ، وأمي اهللا لو أن فاطمة بنت حممد من كان قبلكم أم كانوا إذا سرق الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف أقام .)١(» سرقت لقطعت يدها

. إىل غري ذلك من الصور اليت ال حصر هلا فهذا أبو بكر رضي اهللا عنه . وقد رسم اخللفاء الراشدين رضي اهللا عنهم أمسى الصور وأرفعها يف إقامة العدل يف الرعية

، وروى أبو داود وغريه عن عمر ) لئن كنت صادقا ألقيدنك منه : ( أنه قطع يده ظلما يقول لرجل شكا إليه أحد عماله ليضربوا أبشاركم ، وال ليأخذوا أموالكم ، ولكن أرسلهم إين مل أبعث عمايل: ( أنه خطب الناس فقال : رضي اهللا عنه

لو أن رجال أدب بعض : فقال عمرو بن العاص ) . إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم ، فمن فعل به ذلك فلريفعه إيل أقصه منه .)٢() يقص من نفسه r أي والذي نفسي بيده أقصه ، وقد رأيت رسول اهللا: ( رعيته تقتص منه ؟ قال

ورواه أيضا ) . ١٢/٣١(احلد يشفع فيه ، عون : ب . احلدود : ، ورواه أبو داود ك ) ١٢/٨٧( ، فتح الباري ١٢: ب . اجلهاد : رواه البخاري ك )١(

.احلاكم وغريه ٢٨٦وصححه أمحد شـاكر ح . ورواه اإلمام أمحد يف املسند ) . ١٢/٢٦٩(، عون ... القود من الضربة : ب . الديات : رواه أبو داود يف سننه ك )٢( ) .٣/٢٩٣(الطبقات : وانظر ) . ١/٢٧٨(

٦٥

وال غرابة يف ذلك ، فهم الذين تربوا على يد سيد البشرية . إىل غري ذلك من الصور الرائعة اليت يضيق املقام عن ذكرها . r دحمم : مجع الكلمة وعدم الفرقة -٢

كما أن من غايات اإلمامة ومقاصدها مجع الكلمة ، وعدم الفرقة وتوحيد صفوف املسلمني ، وال يكون هذا إال حتت مة واحدة إن هذه أمتكم أ﴿ : فقال تعاىل r عز وجل ويف سنة رسوله وقد ورد األمر بذلك يف كتاب اهللا . قيادة واحدة

واعتصموا بحبل الله جميعا وال ﴿ : ، وأمرهم باالحتاد وااللتفاف حول راية واحدة فقال تعاىل )١(﴾ وأنا ربكم فاعبدون تنازعوا فتفشلوا وتذهب وال﴿ : فقال تعاىل والضعف ، وحرم التنازع بينهم ، وبين أنه يفضي إىل اإلخفاق )٢( ﴾ تفرقواكمم االختالف إىل الفرقة كما حدث للذين من قبلهم )٣(﴾ اآلية ... رحي وا ﴿ : ، وحذرهم من أن يؤديكونال تو

. إىل غري ذلك من اآليات الكثرية )٤(﴾ اآلية ... كالذين تفرقوا واختلفوالقد صنع اإلسالم للوحدة اإلسالمية كل ما يقتضيه التوحيد ، وأقام الوحدة : ( اذ عبد القادر عودة رمحه اهللا يقول األست

وحد اإلسالم بني . على دعائم ثابتة ال يتطرق إليها اخللل ما دام املسلمون متمسكني بدينهم حريصني على طاعة رم واحد، واخلضوع إلله واحد ، وإتباع كتاب واحد ، ومشرع واحد ، ومبا املسلمني مجيعا مبا أوجب عليهم من اإلميان برب

جعل لألمة اإلسالمية على تعدد أفرادها من هدف واحد وتفكري واحد ومنهج واحد ، ومبا طبع عليه املسلمني من آداب خيتلف على أصولهكلها من قبلة واحدة ، وسياسة واحدة ، وسلوك واحد ، وأمر ال وأخالق موحدة ، ومبا جعل األمة

.)٥() اثنان قال اهللا . ومن مقومات مجع الكلمة هذه أنه آخى بني املسلمني ، وجعل الرابطة بينهم رابطة العقيدة ، العقيدة وحدها

كنتم أعداء فألف بين قلوبكم واذكروا نعمت الله عليكم إذ﴿ : ، وقال عز وجل )٦(﴾ إنما المؤمنون إخوة ﴿ : تعاىل ويشري إىل -هنا املسلم أخو املسلم ، ال يظلمه وال حيقره ، التقوى ها« : r وقال . )٧(﴾ اآلية فأصبحتم بنعمته إخوانا

-صدره

.٩٢سورة األنبياء آية )١( .١٠٣سورة آل عمران آية )٢( .٤٦سورة األنفال آية )٣( .١٠٥سورة آل عمران آية )٤( ) .٢٧٤ص (اإلسالم وأوضاعنا السياسية )٥( .١٠سورة احلجرات آية )٦( .١٠٣سورة آل عمران آية )٧(

٦٦

وقضى على . )١ (»وماله ، وعرضه دمه ، حبسب امرئ من الشر أن حيقر أخاه املسلم ، كل املسلم على املسلم حرام ، احلواجز اجلغرافية والعصبيات الوطنية والقبلية ، وقضى على اختالفات اللغة واجلنس واللون ، وجعل امليزان واملعيار الثابت

ى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثلقياس األفضلية هو التقوى والعمل الصاحل ﴿ قاكمالله أت عند كمموجعلهم يف التسوية بينهم كأسنان املشط الواحد فقد روي عنه)٢( ﴾ أكر r الناس سواسية « : أنه قالفقد عده من . يات ، واألجناس ، واأللوان أما التفاخر باألحساب ، واألنساب ، والعصب . )٣(» كأسنان املشط الواحد

يا أيها الناس إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، أال ال فضل لعريب « : r أعمال اجلاهلية ، وليس من اإلسالم يف شيء قال الصالة ويقول عليه . )٤(» على عجمي ، وال لعجمي على عريب ، وال ألمحر على أسود ، وال ألسود على أمحر إال بالتقوى

إن اهللا عز وجل أذهب عنكم عبية اجلاهلية ، وفخرها باآلباء ، الناس بنوا آدم ، وآدم من تراب ، مؤمن تقي ، « : والسالم وفاجر شقي ، لينتهني أقوام يفخرون بالرجال ، إمنا هم فحم من فحم جهنم ، أو ليكونن أهون على اهللا من اجلعالن اليت تدفع

.)٥(» الننت بأنوفها

.)٧(» فقتلته « ويف رواية )٦(» من قتل حتت راية عمية يدعو إىل عصبية أو يغضب للعصبية فقتلة جاهلية « : ويقول أيضا .إىل غري ذلك من األحاديث

واحدا هذا هو حكم اإلسالم يف املسلمني ، جعلهم أمة واحدة ، وجعل منهم دولة واحدة ، وأمرهم أن جيعلوا هلم إماماحيكم هذه الدولة ، وجيمع مشل األمة ، ويصرف عنها كل أسباب الفرقة ، وبالفعل كان هلا ذلك عدة قرون ، فكانت حتت لواء واحد ، وقيادة واحدة حىت آخر اخلالفة العباسية يف مصر ، مث غزو التتار للبالد اإلسالمية ، مث قيام العباسني يف مصر ، مث

يف مصر أيضا ، كما ظهرت يف نفس الوقت اخلالفة األموية يف بالد األندلس ، فأصبح يف العامل ثالث )٨(قامت الدولة العبيدية العباسية يف الشرق ومركزها بغداد ، والعبيدية يف مصر ومركزها القاهرة ، واألموية يف اجلناح الغريب ومركزها : حكومات

رق مرة أخرى يف القاهرة يف عصر دولة املماليك ، وظلت حتمل لواء قرطبة ، مث غربت مشس الدولة العباسية يف بغداد لتش

املؤاخاة ، عـون : ب . األدب : وروى أبو داود بعضه يف ك ) . ٤/١٩٨٦ (٢٥٦٤، ح... حترمي ظلم املسلم وخذله : ب . رب ال: رواه مسلم يف ك )١( ٤٢١٣ ، ح ٢٣: ب . ك الزهـد : وروى ابـن ماجـة بعضـه يف ) . ٤/٣٢٥٩ (١٩٢٧ ، ح ١٨: ب . الرب : ، ورواه الترمذي يف ك ) ١٣/٢٣٦( .)٣/٤٩١(، وأمحد يف املسند ) ٢/٤١٠٦( .١٣سورة احلجرات آية )٢(وهـو ) . ٢/٤٥١(كشف اخلفاء ومزيل االلتباس عما اشتهر من األحاديث على ألسنة الناس للعجلـوين : انظر . أخرجه الديلمي عن سهل بن سعد )٣(

.ضعيف اإلسناد ) .٥/٤١١(رواه اإلمام أمحد يف املسند )٤() ٢/١١٩(صحيح اجلامع الصـغري : انظر . رواه الطحاوي ، وابن منده ، والبيهقي : وقال . سنه األلباين ، وح ) ٢/٥٢٤(رواه اإلمام أمحد يف املسند )٥( .١٧٨٣ح ) .٣/١٤٧٨( ، ١٨٥٠وجوب مالزمة مجاعة املسلمني ح: ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك )٦(

.بألفاظ متقاربة ) ٤٨٨ ، ٢/٣٠٦(وأمحد يف املسند ) . ٧/١٢٣(التغليظ فيمن قاتل حتت راية عمية : ب . حترمي الدماء : والنسائي يف ك ) .٢/١٣٠٢( ، ٣٩٤٨ح . ٧: ب . الفنت : رواه ابن ماجة يف ك )٧( =: قال ) تاريخ اخللفاء ( مل يورد السيوطي أحدا من اخللفاء العبيدين يف كتابه )٨(

٦٧

الزعامة الدينية حىت كان احلكم العثماين للعامل العريب فتم تنازل آخر اخللفاء العباسيني بالقاهرة عن اخلالفة للسلطان العثماين بعد إلغائه )٢(غاؤها مصطفى كمال أتاتورك م ، حيث أعلن إل١٩٢٤ ، واستمرت الدولة العثمانية إىل سنة )١(سليم األول

ومت القضاء )٣(فكان آخر عهد العامل اإلسالمي بالدولة اجلامعة . م وإنشاء اجلمهورية التركية ١٩١٨السلطنة العثمانية سنة أطاحوا ا مث على الدولة اإلسالمية ، فانفرط عقدها ومتزقت أشالؤها ، وأصبحت فريسة سهلة لألعداء الذين كادوا هلا حىت

.على ما أمسوه ) الرجل املريض ( تكالبوا عليها من كل جانب ، وأخذوا يتقامسون تركة هذا ، فشتتوا أمر املسلمني وأهدافهم ، وزرعوا بذرة النقمة والبغضاء بينهم ، فأخذوا )٤( فقطعوها إربا ورمسوا بينها احلدود

... الشرقي ، واآلخر بالغريب ، وهذا بقوميته ، واآلخر بوطنيته ، والثالث بفرعونيته يتطاحنون فيما بينهم ، هذا يعتز بوالئه إىل غري ذلك من النعرات اجلاهلية حىت وصلت إىل ما وصلت إليه اآلن من الذل واهلوان فال حول وال قوة إال باهللا العلي

.العظيم

:ألن إمامتهم غري صحيحة ألمور =

... مستهم بالفاطميني جهلة العوام وإال فجدهم جموسي منها أم غري قرشيني ، وإمنااسم جد الفاطميني خمتلف فيه اختالفا كـثريا : قال املحشي ) . ٥ ، ٤ص (تاريخ اخللفاء : انظر ... ومنها ألن أكثرهم زنادقة خارجون عن اإلسالم

املؤلف ، ومل جند أحدا دافع عنهم كاملقريزي صاحب اخلطط والتأريخ ، وهو مـتهم كما ذكره . والذي يترجح عندنا أم جهلة فجار ، جموس أو يهود ملحق كتاب العواصم من القواصـم : وانظر . ، واحملشي هو حممد حميي الدين عبد احلميد ) ٤ص (ألن نسبه متصل م كما قيل ، حاشية تاريخ اخللفاء

.حتقيق احملشي نفسه ) ١٩٩ص (البن العريب أصحابه من الصالة إال خلف من يعرفون ، وعلل ابن تيمية ذلك بقوله - ملا قدم مصر أيام العبيديني - هذا وقد منع الشيخ أبو عمرو عثمان بن مرزوق

زيادة اإليضـاح عـن ول) . ٦/١٩٩(، جمموعة الرسائل واملسائل ) مظهرين للتشيع وكانوا باطنية مالحدة - العبيديون -ألن ملوكها يف ذلك الزمان : ( .فما بعدها ) ٢٨/٦٣٥( ابن تيمية جمموع فتاوى شيخ اإلسالم: انظر . العبيديني

) .٧ص (بتصرف من كتاب اإلسالم واخلالفة للدكتور علي حسين اخلربوطلي )١(ركي ، وصدر أمر من السـلطان حممـد ولد بسالونيك من طائفة الدومنا اليهودية ، وخدم يف اجليش الت ) م ١٩٣٨ -١٨٨٠(مصطفى كما أتاتورك )٢(

اخلامس بقتله ، كان صديقا لإلجنليز فهيؤوه لزعامة الشعب التركي عن طريق مجعية اإلحتاد والترقي اليت تسريها اليهودية واملاسونية ، ومت لإلجنليز ما أرادوا سالم ومنع تطبيق الشريعة اإلسالمية وجعل القانون املدين األوريب م ، وفصل الدين عن الدولة وحارب اإل ١٩٢٤ م ، وأعلن إلغاء اخلالفة سنة ١٩٢١سنة

.بدال منها ويـذكر . كان فاسقا مدمنا للخمر مات يف سن الثامنة واخلمسني بعد مرض بسبب اخلمر صدرت فتوى خبروجه عن العقيدة اإلسالمية وأنه مات كـافرا

، ) ١/٤٤(املوسـوعة العربيـة : انظر . م ما ينيف عن ستمائة كتاب تكرميا ملصطفى كمال أتاتورك مصطفى صربي أنه قد ألف يف أوروبا املعادية لإلسال ) .٣٠١ ، ٤/٣٠٠(وموقف العقل والعلم والدين ملصطفى صربي ) ٥٤٠ص (مصطفى حلمي . ونظام اخلالفة يف الفكر اإلسالمي د

) .٧ص (اإلسالم واخلالفة )٣(ي دولة واحدة وحتت زعامة واحدة ، أصبح اليوم أكثر من أربعني دولة لكل دولة زعامتها وحدودها ووالؤهـا وهـدفها بعد أن كان العامل اإلسالم )٤(

.اخلاص ا

٦٨

كذلك من مقاصد اإلمامة ومن مظاهر :الم واملسلمني لإلس القيام بعمارة األرض واستغالل خرياا فيما هو صاحل-٣ هو أنشأكم من األرض واستعمركم فيها﴿ : قال تعاىل . سياسة الدنيا بالدين القيام بعمارة األرض اليت استعمرنا اهللا فيها

.)١(اآلية ﴾ ...يئة مجيع ما حيتاجه الناس من خمتلف الصناعات ، واحلرف ، والعلوم ، وتوفري وال يكون ذلك إال بأن تقوم الدولة اإلسالمية بته

: ا يف األمة ، قال ابن عابدين سبل البحث العلمي واالختراع ، وقد جعل الفقهاء ذلك من فروض الكفاية اليت جيب وجودهمة واألئمة إذا قصرا يف حتصيلها ، ولذلك ، ويترتب على هذا حلوق اإلمث باأل)٢() من فروض الكفاية الصنائع احملتاج إليها (

جعل الفقهاء من حق اإلمام إجبار أصحاب الصناعات الضرورية على القيام ا إذا امتنعوا عنها ، يقول العالمة ابن القيم رمحه أن يلزمهم بذلك فلويل األمر. ومن ذل أن حيتاج الناس إىل صناعة طائفة كالفالحة ، والنساجة ، والبناء وغري ذلك : ( اهللا

بأجرة مثلهم ، فإنه ال تتم مصلحة الناس إال بذلك ، وهلذا قالت طائفة من أصحاب أمحد والشافعي إن تعلم هذه الصناعات .هـ . أ )٣() فرض كفاية

صانع ، وكذلك من عمارة األرض أيضا استثمار خريات البالد مبا حيقق مصاحل املسلمني العامة كشق الطرق ، وإقامة املواستخراج املعادن ، وتنظيم الري ، وإقامة السدود ، وحتسني وسائل الزراعة ، اليت تزيد يف احملصول ، وإجياد سبل العمل الشريفة لألمة ، إىل غري ذلك من األمور اليت ال حصر هلا ، وقد شعر ذه املسؤولية أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب رضي اهللا

) .لة عثرت يف سواد العراق خلشيت أن يسأل عنها عمر ملاذا مل يسو هلا الطريق لو أن بغ: ( عنه فقال وقد كتب أبو يوسف إىل هارون الرشيد رمحهما اهللا تعاىل يبني له أن على اخلليفة أن يأمر حبفر األار وإجراء املاء فيها ،

يف ذلك صالحا وزيادة يف اخلراج على أن-ل اخلربة أي أه-فإذا اجتمعوا : ( وحتميل بيت املال وحده نفقات ذلك فقال وكل ما فيه مصلحة ألهل اخلراج ... أمرت حبفر تلك األار وجعلت النفقة من بيت املال ، وال حتمل النفقة على أهل البلد

.)٤() يف أرضهم وأارهم وطلبوا إصالح ذلك أجيبوا إليه إذا مل يكن فيه ضرر على غريهم

كما ميكن القياس على ما ذكره أبو يوسف مجع األعمال الالزمة الستغالل ثروات : ( األستاذ عبد الكرمي زيدان يقول .واهللا أعلم . )٥() البالد وخرياا على وجه يعود بالنفع العميم على اجلميع

* * * * *

.٦١سورة هود آية )١( ) .٣(رد احملتار على الدر املختار )٢( ) .٢٢٦ص (الطرق احلكمية )٣( ) .١١٩ص (اخلراج أليب يوسف )٤( ) .٢٢٧ص (أصول الدعوة )٥(

٦٩

الفصل الرابع طرق انعقاد اإلمامة

٧٠

لفصل الرابعا

اإلمامةطرق انعقاد عند النظر إىل نصوص الكتاب والسنة فإننا ال جند هناك نصا صرحيا يف تعيني الطريقة اليت تثبت ا اإلمامة لإلمام ، وليس

.ثمة إال النصوص العامة املتعلقة بالوالية والتولية ، سواء أكانت صغرى أم كربى ، كالشورى وحنوها .عراض الطرق اليت انعقدت ا اإلمامة للخلفاء الراشدين رضي اهللا عنهم أمجعني لذلك مل يبق أمامنا إال است

: وحنن نعتقد أن هذه الطرق تعترب شرعية لألدلة التالية فعليكم بسنيت ، وسنة اخللفاء الراشدين من ... « : r ما ورد يف حديث العرباض بن سارية الطويل ، ومنه قوله-١

.)١ (إخل» .... بالنواجذ ، وإياكم وحمدثات األمور بعدي عض عليهايقول . طريقة اليت متت توليتهم ا بوجوب االلتزام بسنته وسنة اخللفاء الراشدين ، ومن سنتهم ال r فهذا أمر صريح منه

أمره بالسمع والطاعة لوالة )٢() و(بإتباع سنته وسنة اخللفاء الراشدين من بعده r ويف أمره: ( ابن رجب احلنبلي رمحه اهللا .)٣() األمور األمور عموما ، دليل على أن سنة اخللفاء الراشدين متبعة كإتباع السنة خبالف غريهم من والة

إين ال أدري ما بقائي فيكم ، فاقتدوا « : ويف لفظ » اقتدوا باللذين من بعدي ، أيب بكر وعمر « : r ومنها قوله-٢ ، وهذا نص صريح يف وجوب اإلقتداء بأيب بكر وعمر رضي اهللا تعاىل )٤(» ن بعدي ، وأشار إىل أيب بكر وعمر باللذين م

عنهما ، ومن ذلك اإلقتداء ما يف طريقة تعيني اخلليفة ، ومن جاء من بعدهم من اخللفاء الراشدين ال خيرج عن طريقتهما يف بإتباع سنة اخللفاء الراشدين ، وهذا يتناول األئمة األربعة - r أي النيب- أمر : (كما قال شيخ اإلسالم ابن تيمية . السابق

) فقط ما ، ومرتبة املقتدى به يف أفعاله وفيما سنه للمسلمني فوق سنة املتبع فيما سنه ء، وخص أبا بكر وعمر باإلقتدا)٥(.

: اإلمجاع على ذلك -٣ بالك إذا كان من الصحابة والرعيل األول منهم ، فإنه مل يرد يف الروايات الكثرية اليت واإلمجاع حجة شرعية ، فما

وصفت لنا وصفا دقيقا كل ما حدث من ظروف ومالبسات ومراجعات ومناقشات بني الصحابة يف تعيني اخللفاء الراشدين ، اليت مت ا تعيني أحد من اخللفاء ، وما كان هناك من مل يرد يف هذه الروايات أية رواية عن أحد من الصحابة تطعن يف الطريقة

.) ٤٥ص (حديث صحيح وسبق خترجيه يف فصل أدلة الوجوب )١( .ليست يف األصل ، لكن الساق يقتضيها )٢( ) .٢٤٩ص (جامع العلوم واحلكم )٣( ، ١١: ، وابـن ماجـة يف املقدمـة ب ٣٦٦٢ح، ) ٥/٦٠٩( ، ١٦: املناقب ب : ، والترمذي وحسنه ك ) ٥/٣٨٢(رواه اإلمام أمحد يف املسند )٤(صـحيح اجلـامع : انظر . ، وصححه ناصر الدين األلباين ) ١/٣٣٠(، وابن عساكر كما يف الدر املنثور ) ٢/٩٨(، وابن أيب سعد يف الطبقات ) ١/٣٧(

) .١/٣٧٢( ، ١١٥٣الصغري ح ) .٤/٤٠٠(جمموعة الفتاوى )٥(

٧١

فإمنا هو يف الشخص املويل ال يف طريقة -يصوره بعض املؤرخني وهو قليل جدا وانتهى باجتماع السقيفة ال كما -خالف .التولية ، وينتهي هذا اخلالف بعد االقتناع ووضوح احلجة ، وتبيني الدالئل

، وقدموا املهج واألرواح r شدين هو التطبيق العملي لإلسالم كامال ، وهم الذين جاهدوا مع الرسول وعصر اخللفاء الرايف سبيل اهللا ، وعاشوا مع الترتيل حلظة بلحظة ، لذلك كانوا أفقه الناس وأعرفهم بقواعد الشرع ومقاصده ، وقد عملوا

هم دليل معين عليها ، وإمنا مستندهم يف ذلك املصلحة اليت تتالئم مع أعماال كثرية وأمجعوا عليها ، وهذه األعمال مل يكن معمقاصد الشريعة كجمع القرآن ، وتدوين الدواوين ، وتولية أيب بكر لعمر ، وجعل عمر أمر اخلالفة يف ستة ، إىل غري ذلك من

.منهج السلف رضوان اهللا عليهم املصاحل اليت ال شك عاقل أا معتربة شرعا ، ومن أنكرها فهو ال يعرف وال يفقه لذلك كان ال بد لنا من استعراض تارخيي سريع ملبايعة كل من اخللفاء األربعة ، وقبل الشروع يف ذلك علينا أن حنقق هل

يدل على أن أبا بكر الصديق هو اخلليفة من بعده أم أا تثبت باالختيار ؟ وكذلك زعمr هناك نص صريح من رسول اهللالرافضة النصية على علي رضي اهللا تعاىل عنه هل له أصل يف كتاب اهللا وسنة رسوله ؟ أو أنه جمرد االفتراء من الرافضة على اهللا ا

:فنقول وعلى رسوله وعلى الصحابة رضوان اهللا عليهم أمجعني الكالم يف النصية على أيب بكر رضي اهللا تعاىل عنه

من قال : قد عهد إليه وهم على قولني r قول بالنصية على خالفة أيب بكر ، وأن النيب ذهب بعض أهل السنة إىل ال .بالنص اخلفي ، ومن قال بالنص اجللي

:املذهب األول من قال بالنص اخلفي واإلشارة على أيب بكر ، وينسب هذا القول إىل احلسن البصري رمحه اهللا ومجاعة من أهل احلديث

.)٢(ة عن اإلمام أمحد ، وهو رواي)١( : واستدلوا على ذلك بعدة أدلة هي

فاشتد مرضه rمرض النيب : له يف الصالة فقد روى البخاري يف صحيحه بسنده عن أيب موسى قال r بتقدمي النيب-١ ، قال ) أن يصلي بالناس إنه رجل رقيق إذا قام مقامك مل يستطع : ( ، قالت عائشة » مروا أبا بكر فليصل بالناس « : فقال

فأتاه . » مري أبا بكر فليصل بالناس ، فإنكن صواحب يوسف « : فقال . فعادت » مروا أبا بكر فليصل بالناس « : .)٣( r الرسول فصلى بالناس يف حياة النيب

.الثالثة . ط ) ٤٧١ص (العز احلنفي شرح العقدية الطحاوية البن أيب ) ١( .دار الشرق . ط ) . ٢٢٦ص (املعتمد يف أصول الدين أليب يعلى الفراء ) ٢(. استخالف اإلمام : ب . الصالة : ومسلم يف ك ) ٢/١٦٤(فتح الباري : انظر ) . واللفظ له ( ٤٦: ب . األذان : متفق عليه رواه البخاري يف ك ) ٣( ، ١٤٣: ب . إقامـة الصـالة : ، وابن ماجة يف ك ) ١٥(اإلمامة : والنسائي يف ) ٥/٦١٣( ، ١٦: ب . املناقب : ترمذي يف وال) ١/٣١٤( ، ٤١٨ح ) .٤/٤١٢(، وأمحد ) ١/٣٩٠( ، ١٢٣٤ح

٧٢

قدموا أبا بكر « : مرض قال يؤم القوم أقرؤهم ، فلما : قول النيب - أمحد بن حنبل -قيل أليب عبد اهللا : قال املروزي .)١() إمنا أراد اخلالفة : ، وقد كان يف القوم من هو أقرأ من أيب بكر ؟ فقال أبو عبد اهللا » يصلي بالناس

أوضح داللة عل أن - أي حديث تقدميه يف الصالة برواياته املتعددة -هذا احلديث : قال العلماء : وقال السيوطي .)٢( على اإلطالق وأحقهم باخلالفة وأوالهم باإلمامة الصديق أفضل الصحابة

ويف . احلديث » ... إن عبدا خريه اهللا « : ملا خطب قرب وفاته وقال r واستدلوا أيضا مبا ورد يف الصحيحني أنه-٢ .)٣(» خوخة أيب بكر ال يبقني يف املسجد خوخة إال سدت إال« ويف لفظ » وال يبقني باب إال سد إال باب أيب بكر « آخره

كما استدلوا باألحاديث اليت استدل ا من قال بالنص اجللي )٤() هذا إشارة إىل اخلالفة : قال العلماء : ( قال السيوطي :وهي كالتايل

:املذهب الثاين من أهل احلديث ، وإليه ذهب قول مجاعة وهذا ، من قال بالنص اجللي على خالفة أيب بكر الصديق رضي اهللا تعاىل عنه

.)٦(ورجحه ابن حجر اهليتمي )٥(ابن حزم الظاهري : واستدلوا على ذلك مبا يلي

أرأيت إن جئت فلم : فأمرها أن ترجع إليه ، قالت r أتت امرأة النيب: ري بن مطعم قال مبا رواه الشيخان عن جب-١ .) ٧(» ديين فأت أبا بكر إن مل جت« : أجدك ؟ كأا تريد املوت ، قال

.)٨() وهذا نص جلي على استخالف أيب بكر : ( قال ابن حزم أدعي يل أباك « : r قال يل رسول اهللا: ومبا رواه الشيخان أيضا ، واللفظ ملسلم ، عن عائشة رضي اهللا عنها قالت -٢

ه وأخرج . )٩(» ائل أنا أوىل ، ويأىب اهللا واملؤمنون إال أبا بكر وأخاك حىت أكتب كتابا ، فإين أخاف أن يتمىن متمن ويقول ق

صلي بالناس مع حضـور أمر الصديق أن ي rقد علم بالضرورة أن رسول اهللا : ، وقال األشعري ) ٤٣(املسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل ورقة )١(

وهو الذي ذهب إليه ابن حجـر يف ) ٦٣تاريخ اخللفاء ص ( فدل على أنه كان أقرأهم » يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اهللا « : املهاجرين واألنصار مع قوله : ، فأبو بكر أقرأ الصـحابة مبعـىن ٧: ب . رواه البخاري يف التفسري .... ) أقرأنا أبي : ( لكن يعضد قول اإلمام أمحد قول عمر ) ٩/٥٢(فتح الباري

.واهللا أعلم . أعلمهم وأفقههم أما يف التالوة فأيب أقرأ منه ) .٦٣(تاريخ اخللفاء ص )٢( .وغريمها ) ٤/١٨٥٤( ، ٢٣٨٢فضائل الصحابة ح: ، ومسلم يف ) ٧/٢٢٧( فتح الباري ٤٥: ب . متفق عليه رواه البخاري يف املناقب )٣( ) .٦١(اخللفاء ص تاريخ )٤( ) . ٤/١٠٨(الفصل يف امللل واألهواء والنحل : انظر )١( ) .٢٦(الصواعق احملرقة ص )٢(: وانظر ) . ٤/١٨٥٦( ، ٢٣٨٦فضائل أيب بكر ح : ب . الفضائل : ومسلم يف ك ) ١٣/٢٠٦( ، فتح الباري ٥١: ب . األحكام : البخاري يف ك )٧(

.يق األلباين حتق) ٢/٥٤٧(السنة البن أيب عاصم ) .٤/١٠٨(الفصل )٨(فضـائل : ب . فضائل الصحابة : ، ومسلم يف ك ) يأىب اهللا ويدفع املؤمنون ( بلفظ ) ١٣/٢٠٥( ، فتح الباري ٥١: ب . األحكام : البخاري يف ك ) ٩(

) .٤/١٨٥٧( ، ٢٣٨٧أيب بكر ، ح

٧٣

أدعي يل عبد الرمحن بن أيب « : يف مرضه الذي مات فيه r قال يل رسول اهللا: قالت : أمحد وغريه من طرق ويف بعضها . )١(» لف املؤمنون يف أيب بكر دعيه ، معاذ اهللا أن خيت« : ، مث قال » بكر أكتب أليب بكر كتابا ال خيتلف عليه أحد بعدي

.)٢() فهذا نص جلي على استخالفه عليه الصالة والسالم أبا بكر على والية األمة بعده : ( قال ابن حزم

أن سله إىل r بعثين بنو املصطلق إىل رسول اهللا: ( ومبا أخرجه احلاكم وصححه عن أنس رضي اهللا تعاىل عنه قال -٣ .)٣(» إىل أيب بكر « : بعدك ؟ فأتيته فسألته فقال من ندفع صدقاتنا

.)٤(» اقتدوا باللذين من بعدي أيب بكر وعمر « r قال رسول اهللا: ومبا رواه حذيفة رضي اهللا تعاىل عنه ، قال -٤ ، وهناك أحاديث إىل غري ذلك من األحاديث الصحيحة املشرية إىل خالفته رضي اهللا تعاىل عنه كأحاديث الرؤى وغريها

. )٥(صرحية يف استخالفه لكنها ال تسلم من مقال يف أسانيدها آثرنا الصفح عنها

) .٦/١٤٤(، ) ٦/١٠٦(مسند اإلمام أمحد : انظر ) ١( ) .١/١٠٨(الفصل ) ٢(ومل يذكر فيه جرحـا ) ١٣/٢٨٦(ووافقه الذهيب وفيه مصر بن منصور املروزي مل أجد له ترمجة إال يف تاريخ بغداد . وصححه ) ٣/٧٧(رواه احلاكم ) ٣(

) .٢/٤٤(وال تعديال أما بقية رجاله ثقات ، وعلي بن مسهر ثقة له غرائب بعدما أضر قاله يف التقريب ) .١١٧ص (خترجيه يف هذا الفصل حديث صحيح سبق ) ٤( ) .٢/٥٤٦(على سبيل املثال كتاب السنة البن أيب عاصم : انظر ) ٥(

٧٤

رأي شيخ اإلسالم ابن تيمية يف هذه املسألةدل املسلمني على استخالف أيب بكر وأرشدهم إليه بأمور متعددة r التحقيق أن النيب: ( يقول ابن تيمية يف هذه املسألة

اله وأفعاله ، وأخرب خبالفته إخبار راض بذلك حامد له ، وعزم على أن يكتب بذلك عهدا مث علم أن املسلمني جيتمعون من أقوقاطعا للعذر ، ولكن ملا دهلم بيانا r فلو كان التعيني مما يشتبه على األمة لبينه رسول اهللا... عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك

بكر هو املتعني وفهموا ذلك حصل املقصود ، وهلذا قال عمر بن اخلطاب يف خطبته اليت خطبها دالالت متعددة على أن أبا )٢( ) . )١(... رواه البخاري ومسلم ) وليس فيكم من تقطع إليه األعناق مثل أيب بكر : ( مبحضر من املهاجرين واألنصار

له ا ، r صحتها وثبوا ورضا اهللا ورسول اهللافخالفة أيب بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على: ( إىل أن قال وانعقدت مببايعة املسلمني له واختيارهم إياه اختيارا استندوا فيه إىل ما علموه من تفضيل اهللا ورسوله ا وأا حق وأن اهللا أمر

ريق ثبوا العهد ، وأما إذا كان ا وقدرها ، وأن املؤمنني خيتاروا وكان هذا أبلغ من جمرد العهد ا ألنه حينئذ يكون طاملسلمون قد اختاروه من غري عهد ودلت النصوص على صوام فيما فعلوه ورضا اهللا ورسوله بذلك كان ذلك دليال على أن الصديق كان فيه من الفضائل اليت بان ا عن غريه ما علم املسلمون به أنه أحقهم باخلالفة فإن ذلك ال حيتاج إىل عهد خاص

( )٣(. مل يصدر عنه أمر إىل املسلمني بأن يكون أبو بكر هو اخلليفة من بعده ، وإمنا علم من r فابن تيمية إذن يرى أن الرسول

.اهللا سبحانه أن املسلمني سيختارونه ملزاياه اليت يتمتع ا ويفوق ا غريه

.سيأيت خترجيه قريبا يف تولية أيب بكر )١( ) .١/١٣٩(منهاج السنة )٢( ) .١٤١ ، ١/١٤٠(منهاج السنة )٣(

٧٥

الرأي الراجحوأفعاله اليت rا قد ثبتت بالنص قد يصعب االستدالل عليه ، ألن أقواله وهذا هو الرأي الراجح يف نظري ألن القول بأ

أبا بكر للصالة بالناس ليس نصا r يستدل ا على أن خالفة أيب بكر ثابتة بالنص ال تفيد هذا إفادة صرحية ، فتقدمي الرسول، وكذلك أحاديث سد r الرسول بأن ينوب عن على خالفته ال جليا وال خفيا وإمنا هو إرشاد لألمة إىل أن أبا بكر أوىل

.األبواب واخلوخ إال باب أيب بكر ففيه إشارة إىل فضله ومتيزه عن غريه ال أكثر أما األحاديث الدالة على أنه أراد أن يكتب عهدا مث تركه فقد ترك ذلك لعلمه بأن املؤمنني سيختارونه من دون عهد منه

r هد فدل على أنه ليس هناك ع. إخبار بأن الذي سيكون واليا هو أبو بكر ، فلتأته املرأة : ففيه . وكذلك حديث املرأة السائلة ، ومبعوث بين املصطلق

.وكذلك حديث األمر باإلقتداء ليس نصا يف اخلالفة . وتسأله ، وليدفع بنوا املصطلق إليه زكام يد النص على إمامة أيب بكر رضي اهللا تعاىل عنه إمنا تدل على علم رسول اهللا فهذه األحاديث اليت يظن بعض الناس أا تف

r عن طريق الوحي بأن املسلمني سيجتمعون على خالفة أيب بكر ملزاياه اليت ال يضارعه فيها أحد كما تدل إىل رضا اهللا :ا ، يدل على ذلك ما يلي ورسوله بذلك دون غريه ، وهذا هو الذي فهمه الصحابة رضوان اهللا تعاىل عليهم منه

-اجتمع األنصار يف سقيفة بين ساعدة الختيار خليفة للمسلمني r حيث ملا تويف رسول اهللا: اجتماع السقيفة -١ فلو كان هناك نص ما اجتمعوا لذلك ولبايعوا املعهود إليه مباشرة وهم أحرص -وسيأيت بيان ذلك مفصال قريبا إن شاء اهللا

. r إتباع رسول اهللالناس علىقد اخترت : ( كما يدل على ذلك أيضا أخذ أيب بكر رضي اهللا تعاىل عنه بيدي عمر وأيب عبيدة ابن اجلراح وقوله -٢

فلو كان هناك عهد له مل جيز له أن خيتار ، وال يعقل أن ال يعلم هو بذلك وهو )١(لكم أحد هذين الرجلني فبايعوا أيهما شئتم .له املعهود

إن أستخلف فقد : ( ومنها قول عمر رضي اهللا تعاىل عنه حينما طلب منه أن خيتار خليفة للمسلمني بعده فقال -٣ وهذا نص يف . )٢( r يعين الرسول- وأن أترك فقد ترك من هو خري مين - يعين أبا بكر -استخلف من هو خري مين

.مل يستخلف أحدا بعده r املسألة بأن النيبمستخلفا لو استخلف r ومما يدل على ذلك أيضا قول عائشة رضي اهللا تعاىل عنها حينما سئلت من كان رسول اهللا-٤

لو : ( فقول السائل . )٣(أبو عبيدة ابن اجلراح : عمر ، قيل مث من ؟ قالت : أبو بكر ، قيل مث من ؟ قالت : ؟ فقالت سؤال عما لو كان مستخلفا فمن سيستخلف ؟دال على أنه مل يستخلف ، وال) استخلف

الفـتح : انظر . ، ومسند اإلمام أمحد ) ٤/٦٦٠(وسرية ابن هشام ) ١٢/١٤٤(اري فتح الب) ٣١(رجم احلبلى رقم : ب . احلدود : رواه البخاري ك )١(

) .٢٣/٥٨(الرباين بشرح النووي ، وأبـو ) ١٢/٢٠٤( ، ١١. اإلمارة : ، ومسلم ك ) ١٣/٢٠٦( ، فتح الباري ٥١: ب . األحكام : متفق عليه رواه البخاري يف ك )٢(

) .١/٤٣(حتقيق شاكر ، وأمحد ) ٤/٥٠٢( ، ٤٨. فنت : والترمذي ) ٨/١٥٧( املعبود ، عون٨: ب . اإلمارة : داود بنحوه يف ك ) .الستخلف أبا بكر أو عمر ( بلفظ ) ٦/٦٣(بشرح النووي ، وأمحد يف املسند ) ١٥/١٥٤( ، ٩: رواه مسلم ، فضائل الصحابة ) ٣(

٧٦

فهذا . )١() ومل يوص r مات رسول اهللا: ( ومنها ما رواه اإلمام أمحد بسنده إىل ابن عباس رضي اهللا عنهما قال -٥ . رضي اهللا عنها ، وال لغريمها يمل يوص باخلالفة ال أليب بكر ، وال لعل r دليل صريح يف املسألة على أن النيب

إن تؤمروا « : قيل يا رسول اهللا من تؤمر بعدك ؟ قال : ومنها ما رواه اإلمام أمحد بسنده إىل علي رضي اهللا عنه قال -٦ أبا بكر جتده أمينا زاهدا يف الدنيا راغبا يف اآلخرة ، وإن تؤمروا عمر جتدوه قويا أمينا ال خياف يف اهللا لومة الئم ، وإن تؤمروا

.)٢(» أراكم فاعلني جتدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق املستقيم عليا والبعض أفاضل r دليل على أنه مل يؤمر أحدا ، وإمنا وكل ذلك إىل املسلمني مث استعرض» إن تؤمروا « : r فقول النيب

.الصحابة مبتدئا بأيب بكر وبني ما يف كل واحد منهم من اخلصال احلميدة املميزة له :دعوى النصية على علي

باخلالفة لعلي رضي اهللا عنه والوصية له بذلك فليس هناك من كتاب وال سنة يدل على r أما دعوى النصية من النيب ليشتت ا مشل املسلمني ، وتلقفها من بعده)٣(ذلك ألا مل تقع ، وإمنا ابتدع هذه املقالة عبد اهللا بن سبأ اليهودي اللعني

وجعلوها من أصول اإلميان عندهم ، بل هي أصل اإلميان ، مث أدخلوا عليها كثريا من التحريفات فجعلوها متسللة )٤(الشيعة نص على كل واحد منهم بالتلميح تارة r يف عقبه ، أي أن كل إمام يوصي ا ملن بعده من آل البيت ، وزعموا أن النيب

. القول بالعصمة والرجعة وعلم الغيب وإكمال الشريعة إىل غري ذلك من الكفريات وبالتصريح أخرى ، كما أدخلوا عليها ولكي يستدلوا على ما ذهبوا إليه وليستميلوا جهلة املسلمني وعوامهم ذهبوا إىل كتاب اهللا العزيز ، فقاموا خيتارون منه

لي رضي اهللا عنه ، وخيصصون علي ا رضي اهللا عنه ، اآليات العامة املادحة للمؤمنني وألولياء اهللا املتقني وخيصصوا بع .، واملؤرخني ، وبعض الروايات غري الثابتة واملطعون يف صحتها : وأسعفهم يف ذلك كثري من وضاع احلدث

وجعلوا يتأولون األحاديث الواردة يف مناقبه رضي اهللا عنه ويزيدون فيها وينقصون r مث ذهبوا إىل سنة رسول اهللازورا وتانا ، والنيب منها r ستدلوا ا على بدعتهم الكبرية ، ووضعوا بسبب ذلك كثريا من األحاديث ، ونسوا إىل النيبلي

بريء ، وقد تصدى هلا علماء السنة وبينوا وضعها ، كما ألف الرافضة كثريا من الكتب الكفرية اهلدامة لدين اإلسالم ونسوا .)٥(ككتاب اجلفر اجلامع ، الذي ينسبونه إىل أيب عبد اهللا جعفر الصادق رضي اهللا عنه : اء من ذلك إىل أئمة البيت الربء

) .٥/٦٨( ، ٣١٨٩ق أمحد شاكر حاملسند حتقي: انظر . صحيح : رواه أمحد بسند قال عنه أمحد شاكر )١(جممـع . ثقات : ورجال البزار . رواه أمحد ، والرباز ، والطرباين يف األوسط : ، وقال اهليثمي ) ٢/١٥٧( ، ٨٥٩رواه أمحد وصححه أمحد شاكر ح )٢(

يف املستدرك ، وأبو نعيم يف احلليـة، وابـن فضائل الصحابة ، واحلاكم : رواه أمحد ، وابن أيب خيثمة يف : وقال صاحب كرت العمال ) ٥/١٧٦(الزوائد .١٤٤١٩ح) ٥/٧٩٩(الكرت : انظر . اجلوزي يف الواهيات فأخطأ ، وابن عساكر ، وسعيد بن منصور

د ، ومن هؤالء ذهب علماء الرافضة املعاصرين إىل القول بأن عبد اهللا بن سبأ شخصية ومهية ال حقيقة هلا ليتربؤوا من القول بأن أصل التشيع من اليهو )٣(وما بعدها ، ومن غري الشـيعة ) ٢٨ص (، ومرتضي العسكري يف عبد اهللا بن سبأ ) ٩٥ص (عبد اهللا فياض يف كتابه تاريخ اإلمامية وأسالفهم من الشيعة

وما علم هؤالء املنكـرون أن ،) ١/١٣٢) . (إن ابن السوداء مل يكن إال ومها ، وإن وجد فلم يكن ذا خطر : ( طه حسني يف الفتنة الكربى حيث يقول ، والنوخبيت ) ٢٠ص (، والقمي يف املقاالت واملفرق ) ٢٢ص (أئمة الشيعة أنفسهم قد ترمجوا له وبينوا مقاالته مثل الناشئ األكرب يف كتاب مسائل اإلمامة

....والطوسي وغريهم ) ٩٩ ، ٩٨ص (، والكشي يف رجاله ) ١٩ص (يف فرق الشيعة ) .١/٥٧(امللل والنحل للشهرستاين : انظر . ة كالنظام ومن وافقه وبعض املعتزل )٤( .دار الكتب اإلسالمية طهران . هـ ١٣٨٨ثالثة . ط ) ١/٢٣٩(أصول الكايف للكليين : انظر )٥(

٧٧

همي ولسنا اآلن يف هذا املقام بصدد مناقشتهم يف دعواهم ، بل نرى أن مناقشتهم يف هذا العصر واخلوض معهم يف الرد علب يف ذلك أنه ليس هناك حكم يتراجع إليه اخلصمان ويقران مبا حيكم به ، والسب)١(عدمي الفائدة ومن إضاعة الوقت بال طائل

هي احلكم الفصل بينهم ، r أن جيعلوا كتاب اهللا وسنة رسوله- إذا حصل بينهم نزاع -عند التنازع ، فاملسلمون مأمورون فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ﴿ : ، وقال )٢(﴾ ه وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الل﴿ : كما قال تعاىل

.)٣(﴾ اآلية ... والرسول ولكن هؤالء الرافضة ال يسلمون به ، بل يزعمون أنه حمرف ، وأن الصحيح هو كتاب فاطمة رضي اهللا عنها الذي عند

وهو مبرتلة -) الكايف ( ي يف أيدينا حيث يروي شيخهم الكليين يف كتابه أئمتهم ، والذي يعادل ثالثة أضعاف املصحف الذ - وحاشاه اهللا أن يقول مثل هذا - بسنده إىل أيب جعفر الصادق رضي اهللا عنه أنه يقول - )٤(صحيح البخاري عند املسلمني

وما - أي الراوي أبو بصري -: قلت : وإن عندنا ملصحف فاطمة عليها السالم ، وما يدريهم ما مصحف فاطمة ؟ قال ... ) مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثالث مرات ، واهللا ما فيه من قرآنكم حرف واحد : مصحف فاطمة عليها السالم ؟ قال

فصل اخلطاب يف إثبات حتريف كتاب رب ( كتابا كبريا مساه - النوري الطربسي -وقد ألف أحد علمائهم الكبار . )٥( مجع فيه نصوصا كثرية عن علماء الرافضة وجمتهديهم يف خمتلف العصور ، وزعم من خالهلا أن القرآن قد زيد )٦() األرباب

اليت تكاد جتمع الرافضة على حذفها من القرآن الكرمي وهي أشبه )٧(فيه ونقص ، وذكر فيه سورة الوالية

.ما تكون بقرآن مسيلمة الكذاب الذي زعم أنه أوحي إليه به أما عن السنة فهم ال يؤمنون إال مبا يف كتبهم وبإسنادهم على أئمتهم من آل البيت املطهر الذين هم من هذا اهلراء برءاء ،

وما ورد عن طريق ثقات املسلمني من غري الرافضة فال يقبلونه ، لذلك فال جمال لاللتقاء واملناقشة إال إذا مت اإلتفاق على

عن اإلسالم ، وإيضـاح خطـرهم إمنا الواجب هو حتذير املسلمني من خطرهم ، وكشف مذهبهم على حقيقته ، وإبانة عيوبه ومزالقه اخلطرية وبعده )١(

على اإلسالم واملسلمني حىت ال يغتر م جهلة املسلمني كما هو حاصل اليوم خصوصا وقد تصدى إلبانة احلق هلم كثري من علماء السنة قدميا وحـديثا ، .هاج السنة النبوية يف نقض كالم الشيعة القدرية ولعل من أمشل الكتب اليت ناقشتهم مناقشة علمية دقيقة هو كتاب شيخ اإلسالم ابن تيمية املسمى من

.١٠سورة الشورى آية )٢( .٥٩سورة النساء آية )٣(: ( ويقول شـيخهم السـي ) . كتاب الكايف يف احلديث مل يعمل اإلمامية مثله : ( عن الكايف - من كبار علماء الرافضة -يقول أمحد بن مكي ) ٤(

هـذه النصـوص : انظر . ويقصد بالفرقة الناجية فرقته الرافضة الضالة ) . مجعها وأحسن مؤلفات الفرقة الناجية وأعظمها كتاب الكايف أضبط األصول وأ ) .١/٢٧(وغريها يف مقدمة أصول الكايف

ن االستدالل به على مذهبهم ومن تناقضهم عليهم لعائن اهللا أم يطعنون يف القرآن ويزعمون حتريفه ، ومع ذلك فهم حياولو ) ١/٢٣٩(أصول الكايف )٥(ال نقبل إال ما كان عن طريق الشيعة إىل آل البيت ولكن إذا وجدوا خربا ضعيفا أو موضوعا أو رواية تارخيية ال سـند هلـا وال : ، وكذلك السنة يقولون

...أصل تؤيد مذهبهم استدلوا ا هـ ، وعندي منه صورة وهو مصور يف مكتبة مركز البحـث العلمـي ، ١٢٩٨ان عام هو ميزرا حسني بن حممد تقي النوري الطربسي طبع يف إير ) ٦(

.واملكتبة املركزية جبامعة أم القرى ، واجلامعة اإلسالمية كتابـه يذكر السيد حمب الدين اخلطيب أنه وجد هذه السورة اليت يزعمون أا من القرآن مطبوعة يف مصاحفهم يف إيران وأخذ هلا صورة وجعلها يف ) ٧(

) .١٢ص (اخلطوط العريضة

٧٨

كتاب اهللا تعاىل كما فهمه الصحابة والتابعون والسنة الصحيحة ، وتربأت الرافضة بصدق : ا وهي األصول اليت يتحاكم إليه ألنه مع التقية يظل النقاش عمال ال قيمة له مهما وصل إليه من نتائج )١() تقية ( من ذلك النفاق الذي يتخذونه دينا ويسمونه

.يف الظاهر : إن أئمة الرافضة قد وضعوا مقالتني لشيعتهم ال يظهر أحد قط عليهم : ( -يدية من الز- يقول سليمان بن جرير

قالوا . إنه سيكون هلم قوة وشوكة وظهور مث ال يكون األمر على ما أظهروه : فإذا أظهروا قوال . القول بالبداء : أحدمها .)٢(بدا هللا تعاىل يف ذلك

إنه ليس حبق ، وظهر هلم البطالن قالوا إمنا قلناه تقية ، : ادوا تكلموا به ، فإذا قيل هلم يف ذلك التقية فكلما أر: والثانية . )٣(وفعلناه تقية

ولكن لزيادة الفائدة نذكر بعض اآلثار الدالة على براءة أمري املؤمنني علي رضي اهللا عنه مما نسبه إليه الرافضة من دعوى النصية :أيب بكر وعمر وعثمان رضي اهللا عنهم واملروية عنه نفسه فمنها واألحقية باخلالفة من

: اآلثار املروية عن علي رضي اهللا عنه والدالة على عدم النصية ال عليه وال على غريه ما خصنا : بشي ؟ فقال r أخصكم رسول اهللا: سئل علي : بسنده إىل أيب الطفيل قال - وغريه - روى مسلم -١

لعن اهللا من ذبح « : فأخرج صحيفة مكتوبا فيها . بشيء مل يعم به الناس كافة إال ما كان يف قراب سيفي هذا r رسول اهللا .)٤(» لغري اهللا ، ولعن اهللا من سرق منار األرض ، ولعن اهللا من لعن والده ، ولعن اهللا من آوى حمدثا

مل يعهد إلينا يف هذه اإلمارة r إن رسول اهللا: أيها الناس : مل قال ملا ظهر علي يوم اجل: وعن عمرو بن سفيان قال -٢ شيئا حىت رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر فأقام واستقام حىت مضى سبيله ، مث إن أبا بكر رأى من الرأي أن يستخلف

.)٥(فيها يقضي اهللا ، مث إن أقواما طلبوا الدنيا فكانت أمور هنعمر ، فأقام واستقام حىت ضرب الدين جبرا r قال علي ملا قبض النيب: أخربنا وكيع بن اجلراح عن أيب بكر اهلذيل عن احلسن قال : وقال ابن سعد يف الطبقات -٣

. )٦(لديننا فقدمنا أبا بكر r قد قدم أبا بكر يف الصالة فرضينا لدنيانا من رضى رسول اهللا r نظرنا يف أمرنا فوجدنا النيب

) .٢/٢١٩(أصول الكايف . التقية ديين ودين آبائي وال إميان ملن ال تقية له : ينسب شيخهم الكليين إىل جعفر الصادق رضي اهللا عنه أنه يقول ) ١(مـا عبـد اهللا : ( ما عظم اهللا مبثل البداء ويف رواية : قوله - الربيء -ويسندون إىل جعفر الصادق ) ١/١٤٦(البداء أصول الكايف : انظر قوهلم يف ) ٢(

) .بشيء مثل البداء ) .١/١٦٠(امللل والنحل للشهرستاين ) ٣( ، وأمحـد يف املسـند ١٠٥: ، والنسائي يف الطهارة ) ٣/١٥٦٧( ، ١٩٧٨حترمي الذبح لغري اهللا ، ح : ب . األضاحي : رواه مسلم يف صحيحه ك ) ٤()١/١١٨. ( ) .٦/٤٧٨(دالئل النبوة بسند حسن حتفة األحوذي : أخرجه أمحد ، والبيهقي يف : املباركفوري قال) ٥(، وأخرجه اخلالل يف املسند من مسـائل ) ١٧٧ص (تاريخ اخللفاء للسيوطي : انظر . وأخرجه ابن عساكر بأطول منه ) . ٣/١٨٣(طبقات ابن سعد ) ٦(

) .٣٧(اإلمام أمحد ورقة

٧٩

فأستخلف ، ولكن إن يرد اهللا r ما استخلف رسول اهللا: قيل لعلي أال تستخلف علينا ؟ قال : وعن أيب وائل قال -٤ .)١(بالناس خريا فسيجمعهم على خريهم كما مجعهم بعد نبيهم على خريهم

سبحان اهللا ، : ة أو هبط واديا قال كنا مع علي فكان إذا شهد مشهدا أو أشرف على أكم: وعن قيس بن عباد قال -٥ فأعرض عنا ، : إليك شيئا يف ذلك ؟ قال r فهل عهد رسول اهللا: ( فسألناه فقلنا : إىل أن قال ... وصدق اهللا ورسوله

وا على عهدا إال شيئا عهده إىل الناس ، ولكن الناس وقف r واهللا ما عهد إيل رسول اهللا: وأحلحنا عليه ، فلما رأى ذلك قال عثمان رضي اهللا عنه فقتلوه ، فكان غريي فيه أسوأ حاال وفعال مين ، مث إين رأيت أين أحقهم ذا األمر فوثبت عليه ، فاهللا

.)٢(أعلم أصبنا أم أخطأنا ر ، وال مل يوص باخلالفة ومل يعهد ا ألحد بعده ال أيب بك r فكل هذه النصوص تدل داللة قاطعة على أن رسول اهللا

علي ، وال غريمها ، وإمنا ظهر منه أقوال وأفعال تدل على أنه يريدها أليب بكر بعده ، ويقر ذلك ويرضى به وأنه يعلم أن . مني لن خيتاروا عليه غريه كما مراملسل

:ثبوت مبايعة علي والزبري أليب بكر رضي اهللا عنهم :وقبل دفنه من ذلك r بكر رضي اهللا عنهم بعد وفاة النيب ثبت باألسانيد الصحيحة مبايعة علي والزبري أليب

، واجتمع الناس يف دار سعد بن عبادة وفيهم أبو r قبض رسول اهللا: ما رواه أبو سعيد اخلدري رضي اهللا عنه قال ) ١ (: فدعا بالزبري ، فجاء ، فقال : فصعد أبو بكر املنرب ، فنظر يف وجوه القوم فلم ير الزبري ، قال : إىل أن قال ... بكر وعمر

فقام فبايعه ، r ال تثريب يا خليفة رسول اهللا: وحواريه ، أردت أن تشق عصا املسلمني ، فقال r قلت ابن عمة رسول اهللاه ، وختنه على ابنت r قلت ابن عم رسول اهللا: مث نظر يف وجوه القوم ، فلم ير عليا ، فدعا بعلي بن أيب طالب ، فجاء فقال

.)٣() فبايعه r ال تثريب يا خليفة رسول اهللا: ، أردت أن تشق عصا املسلمني ، قال حدثين أيب أن أباه عبد الرمحن بن عوف كان .ويعضد ما سبق قول موسى بن عقبة يف مغازيه عن سعد بن إبراهيم ) ٢ (

ما كنت حريصا على اإلمارة : الناس وقال مع عمر وأن حممد بن مسلمة كسر سيف الزبري ، مث خطب أبو بكر واعتذر إىلضبنا إال أن أخرنا عن ما غ: وقال علي والزبري . يوما وال ليلة ، وال سألتها يف سر وال عالنية ، فقبل املهاجرون مقالته

أن r سول اهللا، وإنا نرى أن أبا بكر أحق الناس ا ، إنه لصاحب الغار ، وإنا لنعرف شرفه وخربه ، ولقد أمره راملشورة .)٤() يصلي بالناس وهو حي

) .٦/٤٧٨(الدالئل حتفة األحوذي : أخرجه احلاكم يف املستدرك ، وصححه البيهقي يف : وري قال املباركف) ١(الفـتح الربـاين . فيه علي بن زيد وهو ابن جدعان وثقه بعضهم وضعفه آخرون وإسناده جيد : رواه أمحد يف مسنده ، وقال صاحب الفتح الرباين ) ٢( ) .٢/٢٨٧( ، ١٢٠٦ حاملسند: انظر . وصححه أمحد شاكر ) . ٢٣/١١٦(وقد رواه علي بن عاصم عن اجلريري عن أيب ضرة عن أيب سـعيد . رواه البيهقي عن احلاكم ، وأيب حممد بن حامد املقري : ( قال احلافظ ابن كثري ) ٣(

وفيـه : ( ، قال ) سنان اخلدري وهذا إسناد صحيح حمفوظ من حديث أيب نضرة املنذر بن مالك عن أيب سعيد سعد بن مالك بن : ( قال ... ) اخلدري وهذا حق فإن علي بن أيب طالب مل يفارق الصديق يف وقـت : ( قال ) فائدة جليلة وهي مبايعة علي بن أيب طالب أما يف أول يوم أو اليوم الثاين من الوفاة

) .٥/٢٤٩(البداية والنهاية : انظر ) . من األوقات ومل ينقطع يف صالة من الصلوات خلفه .إسناده جيد : وقال ) ٥/٢٥٠( البداية والنهاية البن كثري )٤(

٨٠

إنه خشي من التأخر عن البيعة االختالف ملا وقع من : ( كما قال املازري - وهو عدم مشورم - والعذر يف ذلك . وسيأيت يف حديث السقيفة )١() األنصار

بعد -ضي اهللا عنه بعد وفاة فاطمة رضي اهللا عنها ، أن عليا رضي اهللا عنه بايع أبا بكر ر)٢( أما ما ثبت يف الصحيحني فما ذلك إال ألا رضي اهللا عنها كانت قد أخذت يف خاطرها على أيب بكر رضي اهللا عنه - r ستة أشهر من وفاة النيب

يت والصواب خالف ذلك لورود النص ، وكذلك يف صدقة األرض ال-حق ، r بعض العتب ، لتومهها أن هلا يف مرياث النيب خبيرب ، فلم تكلم الصديق حىت ماتت فاحتاج علي أن يراعي خاطرها بعض الشيء ، فلما ماتت بعد ستة أشهر من وفاة أبيها

r مع ما تقدم له من البيعة قبل دفن رسول اهللا... رأى علي أن جيدد البيعة مع أيب بكر رضي اهللا عنهما r ()٣(.

فبايعوين لـذلك وقبلتـها : ( ... وقد صرح بذلك أبو بكر رضي اهللا عنه كما يف احلديث الذي رواه اإلمام أمحد وغريه وفيه ) ٧/٤٩٥(فتح الباري ) ١(

) .٥/٢٤٨(البداية والنهاية : انظر . ي هذا إسناد جيد قو: قال ابن كثري ) وختوفت أن تكون فتنة بعدها ردة ، » ال نورث ما تركناه صدقة « : rقوله : ب . اجلهاد والسري : ومسلم ك ) ٧/٤٩٣(غزوة خيرب فتح الباري : ب . املغازي : البخاري ك : انظر ) ٢( ) .٣/١٣٨٠( ، ١٧٥٩ح ) .٧/٤٩٥(فتح الباري : وانظر ) . ٢٥٠ ، ٥/٢٤٩(البداية والنهاية ) ٣(

٨١

لراشدين رضي اهللا عنهماستعراض تارخيي لطرق تولية اخللفاء ا بعد ذلك نستعرض طرق تولية اخللفاء الراشدين رضي اهللا عنهم لنأخذ منها الطرق الشرعية لتولية اإلمام من بعدهم وهي

:كالتايل تولية أيب بكر الصديق رضي اهللا عنه وأنه قد كان من خربنا حني توىف .. ( . روى البخاري يف صحيحه عن عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه حديثا طويال ومنه

أن األنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم يف سقيفة بين ساعدة ، وخالف عنا علي والزبري ومن معهما ، واجتمع r اهللا نبيهقينا انطلق بنا إىل إخواننا هؤالء من األنصار فانطلقنا نريدهم ، فلما دنونا منهم ل: املهاجرون إىل أيب بكر ، فقلت أليب بكر

نريد إخواننا هؤالء : أين تريدون يا معشر املهاجرين ؟ فقلنا : ، فذكرا ما متاأل عليه القوم ، فقاال )١(منهم رجالن صاحلان واهللا لنأتينهم ، فانطلقنا حىت أتيناهم يف سقيفة بين ساعدة : ال عليكم أال تقربوهم أقضوا أمركم ، فقلت : من األنصار ، فقاال يوعك ، فلما جلسنا : ماله ؟ فقالوا : هذا سعد بن عبادة فقلت : من هذا ؟ فقالوا : مل بني ظهراينهم ، فقلت ، فإذا رجل مز

معشر -فنحن أنصار اهللا وكتيبة اإلسالم ، وأنتم : أما بعد : فأثىن على اهللا مبا هو أهله مث قال )٢(قليال تشهد خطيبهم من األمر ، فلما )٤( قومكم فإذا هم يريدون أن خيتزلونا من أصلنا وأن حيضنونا من )٣( رهط ، وقد دفت دافة -املهاجرين

على رسلك ، فكرهت أن أغضبه : سكت أردت أن أتكلم وكنت أداري منه بعض احلد ، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر ال قال يف بديهته مثلها أو أفضل منها حىت ، فتكلم فكان هو أحلم مين وأوقر ، واهللا ما ترك من كلمة أعجبتين يف تزويري إ

ما ذكرمت فيكم من خري فأنتم له أهل ولن يعرف هذا األمر إال هلذا احلي من قريش ، هم أوسط العرب نسبا : سكت ، فقال الس فأخذ بيدي ويد أيب عبيدة عامر بن اجلراح وهو ج-ودارا وقد رضيت لكم هذا أحد هذين الرجلني فبايعوا أيهما شئتم

فلم أكره مما قال غريها ، كان واهللا أن أقدم فتضرب عنقي ال يقربين من ذلك إمث أحب إيل من أن تأمر على قوم فيهم -بيننا أنا جذيلها احملكك ، : )٥(أبو بكر ، اللهم إال أن تسول إيل نفسي عند املوت شيئا ال أجده اآلن ، فقال قائل من األنصار

، منا أمري ومنكم أمري يا معشر قريش ، فكثر اللغط وارتفعت األصوات حىت فرقت من االختالف ، )٦(وعذيقها املرجب ابسط يدك يا أبا بكر ، فبسط يده فبايعته وبايعه املهاجرون مث بايعته األنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل : فقلت

، ) ١٢/١٥١(، وفـتح البـاري ) ٤/٦٦٠(سرية ابن هشـام : انظر . عومير بن ساعدة ، ومعن بن عدي : وردت تسميتها يف بعض الروايات ومها ) ١(

) .٢٣/٦٠(والفتح الرباين ) .١٢/١٥١( هو ، فتح الباري مل أقف على امسه ، وكان ثابت بن قيس بن مشاس يدعى خطيب األنصار ، فالذي يظهر أنه: قال احلافظ ابن حجر ) ٢( ) .١٢/١٥١(العدد القليل وأصله من الدف وهو السري البطيء يف مجاعة فتح الباري : الدافة ) ٣( ) .١٢/١٥٢(حضنه واحتضنه عن األمر أخرجه منه ناحية عنه واستبد به أو حبسه عنه ، فتح الباري ) ٤(« : rفضائل الصحابة باب قول النيب : وعند البخاري نفسه يف ك ) ٢٣/٥٨(الفتح الرباين : نظر مثال ا. هو احلباب بن املنذر : يف الروايات األخر ) ٥(

.وغريمها ) ٧/٢٠(فتح الباري » لو كنت متخذا خليال انظر . دعم النخلة إذا كثر محلها أي ي : تصغري عذق ، واملرجب : عود ينصب لإلبل اجلرباء لتحتك فيه ، فأراد أنه يستشفى برأيه ، والعذيق : اجلذل ) ٦( ) .٧/٣١(فتح الباري :

٨٢

وإنا واهللا ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى : ، قال عمر )١(بادة قتل اهللا سعد بن ع: قتلتم سعد بن عبادة ، فقلت : منهم من مبايعة أيب بكر ، خشينا إن فارقنا القوم ومل تكن بيعة أن يبايعوا رجال منهم بعدنا ، فإما بايعناهم على ما ال نرضى ، وإما

.)٣() أن يقتال )٢(ع هو وال الذي بايعه تغره خنالفهم فيكون فسادا ، فمن بايع رجال من غري مشورة من املسلمني فال يتاب

فهذه هي البيعة األوىل كما تذكرها املصادر ، وهي بيعة فضالء وكبار املهاجرين واألنصار له رضي اهللا عنه ، مث تبعتها بن مالك رضي اهللا عنه أنه البيعة الثانية وهي بيعة عامة املسلمني يف املسجد على املنرب ، وروى البخاري يف صحيحه عن أنس

: فتشهد وأبو بكر صامت ال يتكلم قال r مسع خطبة عمر اآلخرة حني جلس على املنرب ، وذلك الغد من يوم تويف النيب قد مات فإن اهللا قد r فإن يكن حممد - يريد بذلك أن يكون آخرهم -حىت يدبرنا r كنت أرجو أن يعيش رسول اهللا

ااجعل بني أظهركم نورتدون به مبا هدى اهللا حممد r وإن أبا بكر صاحب رسول اهللا ، r ثاين اثنني فإنه أوىل بأموركم . فقوموا فبايعوه ، وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك يف سقيفة بين ساعدة ، وكانت بيعة العامة على املنرب

اصعد املنرب ، فلم يزل به حىت صعد املنرب فبايعه الناس : عن أنس بن مالك مسعت عمر يقول أليب بكر يومئذ : قال الزهري .)٤(عامة

أيها الناس إين قد : مث تكلم أبو بكر فحمد اهللا وأثىن عليه بالذي هو أهله مث قال : قال ابن إسحاق : ( قال ابن كثري أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف وليت عليكم ولست خبريكم ، فإن أحسنت فأعينوين ، وإن أسأت فقوموين ، الصدق

فيكم قوي عندي حىت أرجع إليه حقه ، والقوي فيكم ضعيف حىت آخذ احلق منه إن شاء اهللا ، ال يدع قوم اجلهاد إال خذهلم اهللا بالذل ، وال تشيع الفاحشة يف قوم إال عمهم اهللا بالبالء ، أطيعوين ما أطعت اهللا ورسوله ، فإذا عصيت اهللا ورسوله فال

.)٥() طاعة يل عليكم قوموا إىل صالتكم يرمحكم اهللا

هناك روايات أخر تذكر تراجع سعد رضي اهللا عنه فقد روى اإلمام أمحد يف مسند الصديق عن عثمان عن أيب معاوية عن داود بن عبـد اهللا األودي ) ١(

قريش والة هذا األمر ، فبر الناس تبع لربهم ، وفاجرهم تبـع : صديق قال إن ال: ، فذكر حديث السقيفة وفيه - هو احلمريي -عن محيد بن عبد الرمحن فهذا مرسل حسن ولعل محيدا أخـذه : قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ) ١/٥(املسند . صدقت ، حنن الوزراء وأنتم األمراء : فقال له سعد : لفاجرهم ، قال

جليلة جدا ، وهي أن سعد بن عبادة نزل عن مقامه األول يف دعوى اإلمارة وأذعن للصـديق وفيه فائدة : قال ... من بعض الصحابة الذين شهدوا ذلك =فإن محيد بن عبد الرمحن : ، أما أمحد شاكر فقد ضعف هذا احلديث النقاطعه قال ) ١/١٤٣(منهاج السنة . باإلمارة فرضي اهللا عنهم أمجعني

ومل يصرح هنا مبن حدثه هذا احلديث ، وظاهر أنه مل يدرك وفـاة ... ة وأيب بكرة وابن عمر وابن عباس احلمريي التابعي الثقة يروي عن أمثال أيب هرير = ) .٥/١٩١(جممع الزوائد : انظر . رجاله ثقات إال أن محيد بن عبد الرمحن مل يدرك أبا بكر : وقال اهليثمي ) . ١/١٦٤(الرسول وحديث السقفية

: خـوف تغـرة أن يقـتال أي : إذا ألقيته يف الغرر ، وهي من التغرير كالتعلة من التعليل ، ويف الكالم مضاف تقديره مصدر غررته : قال يف النهاية ) ٢( . هـ ١٣٨٣أوىل . ط ) ٣/٣٥٦(النهاية يف غريب احلديث واألثر : انظر . خوف وقوعهما يف القتل

الفتح الرباين : انظر . اإلمام أمحد ) ٤/٦٦٠(وسرية ابن هشام ) ٢٢/١٤٤( فتح الباري :انظر ) . ٣١(رجم احلبلى رقم : ب . احلدود : البخاري ك ) ٣( ) .٥١ص (، ومناقب عمر بن اخلطاب البن اجلوزي ) ٢٣/٥٨( ) ...٤/٦٦١(ابن هشام ، وسرية) ٦/٣٠١(، والبداية والنهاية ) ١٣/٢٠٦( ، فتح الباري ٥١االستخالف ، : ب . األحكام : رواه البخاري يف ك )٤( ) .٤/٦٦١(سرية ابن هشام : وانظر . إسناده صحيح : وقال ) ١٦/٣٠١(البداية والنهاية )٥(

٨٣

:النتائج املستخلصة

هذه زبدة الروايات اليت وردت يف بيعة أيب بكر رضي اهللا عنه باخلالفة ، ولنا أن نستنتج من جمموع هذه الروايات بعض :يلي الفوائد اخلاصة مبوضوعنا فمن هذه الفوائد ما

مل ينص صراحة على اخلليفة من بعده ، وإن أخرب مبن سيتوىل ، ويف هذا داللة على أن لإلمام r ة على أن النيب الدالل-١ .أن يترك االختيار للمسلمني من بعده

أن بيعة أيب بكر رضي اهللا تعاىل عنه متت بعد مشاورات بني فضالء املهاجرين واألنصار ، ويف هذا داللة على أن الذي -٢ وسيأيت دراسة مفصلة ) أهل احلل والعقد ( م باالختيار هم فضالء القوم وعلماؤهم ورؤساؤهم وهم من يسممون بـ يقو

.ألهل احلل والعقد قريبا إن شاء اهللا ال يشترط اإلمجاع التام على اختيار اخلليفة فال تضر خمالفة بعض القوم كما مل تضر خمالفة سعد بن عبادة رضي اهللا -٣ .نه ع

مشروعية البيعة للخليفة املختار من قبل أهل احلل والعقد أوال ، مث من قبل عامة املسلمني ثانيا ، كما مت أليب بكر -٤ .رضي اهللا عنه

مل يضر ختلف علي بن أيب طالب ، والزبري بن العوام : ال يشترط يف االنتخاب حضور مجيع أهل احلل والعقد كما -٥ .)٢(وإن كانا بايعا بعد ذلك r لتجهيز النيب- )١( كما ذكرت بعض الروايات - عنهما حيث ختلفا عن االختيار رضي اهللا

وعلى ضوء هذه النقاط ستتضح لنا الطريقة األوىل النعقاد اخلالفة وهي االنتخاب من قبل أهل احلل والعقد ، واليت .بعة رضي اهللا تعاىل عنهم سنوضحها بعد هذا العرض التارخيي ملبايعة األر

:تولية عمر رضي اهللا عنه : ثانيا ولكنها شرعية أيضا بالداللة السابقة وهي طريقة - إىل حد ما - أما انعقاد اخلالفة لعمر فثبتت بطريقة أخرى مغايرة

) .العهد ( االستخالف ملا ثقل أبو بكر رضوان اهللا تعاىل عليه واستبان له من : قال عن احلسن بن أيب احلسن رضي اهللا عنه : ( قال ابن اجلوزي

إنه قد نزل يب ما ال ترون وال أظنين إال ملأيت ، وقد أطلق اهللا أميانكم من بيعيت ، وحل عنكم عقديت : مجع الناس فقال . نفسه مين كان أجدر أال ختتلفوا بعدي ، فقاموا يف ، ورد عليكم أمركم ، فأمروا عليكم من أحببتم فإنكم إن أمرمت عليكم يف حياة

فعليكم : ال ، قال : فلعلكم ختتلفون ؟ قالوا : قال r إرأ لنا يا خليفة رسول اهللا: ذلك وحلوا عنه فلم تستقم هلم ، فقالوا ان بن عفان رضي اهللا عنه فأمهلوين أنظر هللا ودينه ولعباده ، فأرسل أبو بكر إىل عثم: قال . نعم : عهد اهللا على الرضا ؟ قالوا

) .٦/٣٠١(، والبداية والنهاية ) ٤/٦٥٨(سرية ابن هشام : انظر )١( .من هذا الفصل) ١٣٣ص ( بيوم أو بيومنيrمبايعتهما أليب بكر رضي اهللا عنهم بعد وفاة النيب : وانظر ) . ٦/٣٠٢(البداية والنهاية )٢(

٨٤

فكتب حىت . اكتب ، : فقال . عمر : - أي عثمان -واهللا إنك عندي هلا ألهل وموضع فقال . أشر علي برجل : فقال .)١() اكتب عمر : انتهى إىل االسم فغشي عليه مث أفاق فقال

الواقدي عن ابن أيب سربة عن عبد ايد بن وذكر أنه ملا أراد العقد دعا عبد الرمحن بن عوف فيما ذكر ابن سعد عن دعا عبد الرمحن بن عوف )٢(إن أبا بكرالصديق ملا استعز به : - وذكر طرقا أخر -سهيل عن أيب سلمة ابن عبد الرمحن قال

... وإن : بو بكر ما تسألين عن أمر إال وأنت أعلم به مين ، فقال أ: أخربين عن عمر بن اخلطاب ، فقال عبد الرمحن : فقال أنت أخربنا به ، : أخربين عن عمر فقال : وهو واهللا أفضل من رأيك فيه ، مث دعا عثمان بن عفان فقال : فقال عبد الرمحن

فقال أبو . اللهم علمي به أن سريرته خري من عالنيته ، وأنه ليس فينا مثله : على ذلك يا أبا عبد اهللا ، فقال عثمان : فقال ك اهللا ، واهللا لو تركته ما عدوتك ، وشاور معهما سعيد بن زيد أبا األعور ، وأسيد بن احلضري ، وغريمها من يرمح: بكر

خري من الذي اللهم علمه اخلرية بعدك يرضى للرضى ، ويسخط للسخط ، الذي يسر : املهاجرين واألنصار ، فقال أسيد بدخول عبد الرمحن وعثمان على أيب بكر r بعض أصحاب النيب هذا األمر أحد أقوى عليه منه ، ومسعيعلن ، ومل يل

ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخالفك عمر علينا وقد ترى : وخلوم به ، فدخلوا على أيب بكر فقال له قائل منهم ين استخلفت عليهم اللهم إ: خاب من تزود من أمركم بظلم أقول : أجلسوين ، أبا هللا ختوفوين ؟ : غلظته ؟ فقال أبو بكر

هذا : اكتب بسم اهللا الرمحن الرحيم : ( خري أهلك ، أبلغ ما قلت لك من ورائك ، مث اضطجع ودعا عثمان بن عفان فقال حيث يؤمن الكافر ، . ما عهد أبو بكر بن أيب قحافة يف آخر عهده بالدنيا خارجا منها ، وعند أول عهده باآلخرة داخال فيها

إين استخلفت عليكم بعدي عمر بن اخلطاب فامسعوا له وأطيعوا ، وإين مل آل اهللا ورسوله . ويصدق الكاذب ويوقن الفاجر ، ودينه ونفسي وإياكم خريا ، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب من اإلمث ، واخلري أردت ، وال أعلم الغيب ، وسيعلم الذين

ملا أملى أبو بكر : مث قال بعضهم . مث أمر بالكتاب فختمه ) . بركاته ظلموا أي منقلب ينقلبون ، والسالم عليكم ورمحة اهللا وفذهب به قبل أن يسمي أحدا ، فكتب عثمان إين قد استخلفت عليكم عمر بن اخلطاب : صدر هذا الكتاب وبقي ذكر عمر

أراك خفت إن أقبلت : ر وقال اقرأ علي ما كتبت ، فقرأ عليه فذكر عمر بن اخلطاب فكبر أبو بك: مث أفاق أبو بكر فقال نفسي يف غشيي تلك خيتلف الناس ، فجزاك اهللا عن اإلسالم وأهله خريا ، واهللا إن كنت هلا ألهال ، مث أمره فخرج بالكتاب

نعم : أتبايعون ملن يف هذا الكتاب ؟ فقالوا : ومعه عمر بن اخلطاب ، وأسيد بن سعيد القرضي ، فقال عثمان للناس . خمتوما علي القائل ، وهو عمر فأقروا بذلك مجيعا ورضوا به وبايعوا ، مث دعا أبو بكر : قد علمنا به ، قال ابن سعد : ، وقال بعضهم

اللهم إين مل أرد بذلك إال صالحهم : عمر خاليا فأوصاه مبا أوصاه به ، مث خرج من عنده فرفع أبو بكر يديه مدا فقال هم مبا أنت أعلم به ، واجتهدت هلم رأي ، فوليت عليهم خريهم وأقواهم عليهم وأحرصهموخفت عليهم الفتنة فعملت في

) .٥٢ص (مناقب عمر بن اخلطاب )١( ) .٥٤ص (كما يف مناقب عمر البن اجلوزي . كذا واملراد اشتد به املرض )٢(

٨٥

على ما أرشدهم ، وقد حضرين من أمرك ما حضر فاخلفين فيهم ، فهم عبادك ونواصيهم بيدك أصلح هلم واليهم واجعله من .)١(خلفائك الراشدين يتبع هدى نيب الرمحة وهدى الصاحلني بعده وأصلح له رعيته

: النتائج املستخلصة : فهذه مبايعة عمر رضي اهللا عنه ، وميكننا اآلن أن نستنتج منها على غرار ما تقدم ما يلي

. جواز االستخالف لشخص معني -١ . مشاورة أهل احلل والعقد قبل العزم على تعيني اخلليفة -٢ . كتابة العقد للخليفة املعهود إليه -٣

. العهد ال يكفي لتولية اإلمام ، وإمنا ال بد من البيعة لإلمام املعهود إليه -٤ .فلنرجئ التفصيل عنها إىل موضعه . وعلى ضوء هذه النقاط ستتضح طريقة االستخالف قريبا إن شاء تعاىل

:تولية عثمان بن عفان رضي اهللا عنه : ثالثا عمرو بن ميمون حديثا طويال ذكر فيه تفاصيل طعن عمر رضي اهللا تعاىل عنه ، مث محله روى البخاري يف صحيحه عن

. إىل بيته مث دخوهلم عليه

الذين - أو الرهط -ما أجد أحق ذا األمر من هؤالء النفر : فقال . )٢(أوص يا أمري املؤمنني ، استخلف : فقالوا : وفيه : وقال . )٣(مى عليا ، وعثمان ، والزبري ، وطلحة ، وسعدا ، وعبد الرمحن فس: وهو عنهم راض r تويف رسول اهللا

فإن أصابت اإلمرة سعدا فهو ذاك وإال فليستعن به - كهيئة التعزية له -يشهدكم عبد اهللا بن عمر وليس له من األمر شيء فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤالء الرهط فقال عبد :إىل أن قال الراوي ... أيكم ما أمر ، فإين مل أعزله عن عجز وال خيانة

. قد جعلت أمري إىل عثمان : فقال طلحة . قد جعلت أمري إىل علي : فقال الزبري . اجعلوا أمركم إىل ثالثة منكم : الرمحن ليه واهللا عليه أيكما تربأ من هذا األمر فنجعله إ: قد جعلت أمري إىل عبد الرمحن بن عوف ، فقال عبد الرمحن : وقال سعد

أفتجعلونه إيل واهللا علي أن ال آلو عن أفضلكم ؟ : واإلسالم لينظرن أفضلهم يف نفسه ، فأسكت الشيخان ، فقال عبد الرمحن والقدم يف اإلسالم ما قد علمت ، فاهللا عليك لئن أمرتك r لك قرابة من رسول اهللا: نعم ، فأخذ بيد أحدمها فقال : قاال

. أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن لتعدلن ولئن

ـ ) ٣/٤٢٨(وانظر الرواية هذه خمتصرة يف كل من تاريخ الطربي ) . ٢٠٠ ، ٣/١٩٩(الطبقات الكربى البن سعد )١( ن الطبعة الثانية ، ومناقب عمـر ب

) .٥٤ص (اخلطاب البن اجلوزي وإن أترك فقد - يعين أبا بكر -إن أستخلف فقد استخلف من هو خري مين : أال تستخلف يا أمري املؤمنني ، فقال : ثبت عنه رضي اهللا عنه أنه قيل له ) ٢(

) . نها كفافا ال يل وال علي ، ال أحتملها حيا وميتـا راغب وراهب وددت أين جنوت م : ( فأثنوا عليه فقال - r يعين رسول اهللا -ترك من هو خري مين حيتمل أن يكون ذلك يف صحته قبل طعن اوسي له ، وحيتمل أن يكـون : واجلمع بني هذا واستخالفه أحد الستة ) . ١٢٥ص (متفق عليه وسبق خترجيه

.قاله مث تراجع ونص على هؤالء الستة عمر بن اخلطاب ، ومنهم سعيد بن زيد ، وهذا مل يـنص : ومنهم . وقد توفوا . أبو بكر ، وأبو عبيدة : باجلنة منهم هؤالء هم بقية العشرة املبشرين ) ٣(

) .٧/٦٧(فتح الباري ) . عليه يف أهل الشورى ولعل السبب يف ذلك ألنه ابن عم عمر فلم يسمه عمر مبالغة يف التربي من األمر واهللا أعلم

٨٦

ارفع يدك أبايعك يا عثمان فبايعه ، فبايعه علي ووجل أهل الدار : مث خال باآلخر فقال مثل ذلك ، فلما أخذ امليثاق قال .)١(فبايعوه

عوف يستشري الناس فيهما ض عبد الرمحن بن : ( ويف بعض الروايات أا ملا احنصرت بني عثمان وعلي رضي اهللا عنهما فسعى يف ذلك عبد الرمحن ... وجيمع رأي املسلمني برأي رؤوس الناس وأخيارهم مجيعا وأشتاتا ، مثىن وفرادى وجمتمعني

ثالثة أيام بلياليهن ال يغتمض بكثري نوم إال صالة ودعاء واستخارة وسؤاال من ذوي الرأي عنهم ، فلم جيد أحدا يعدل بعثمان .)٢(ن رضي اهللا عنه بن عفا

مل : ( اإلمام أمحد رمحه اهللا تعاىل قال وهكذا متت البيعة لعثمان رضي اهللا عنه بإمجاع الصحابة رضوان اهللا عليهم كما .)٣() جيتمعوا على بيعة أحد كما اجتمعوا على بيعة عثمان

:النتائج املستخلصة :يعة ما يلي والذي ميكن أن نستنتجه من هذه الب

جواز العهد إىل أشخاص معينني دون تعيني املعهود إليه بعينه إذا كان ذلك هو األصلح ، ويرى ابن تيمية رمحه اهللا سبب وألنه رأى الفضل متقاربا يف الستة ، ورأى أيضا أنه إذا . عدم تعيني واحد بعينه من الستة حىت ال حيدث االختالف واملازعة

ن واحدي٤(ا قد ال حيسن القيام بإمامة املسلمني فيصبح عمر نفسه مسؤوال عنه لنسبته إليه فترك التعيني خوفا من التقصري ع(.

يف ترك االستخالف r أن يف هذه الطريقة مجع بني طريقة الرسول- كما نقل عنه ابن جرير - أما ابن بطال فهو يرى طرفا وهو r فأخذ من فعل النيب: احبه أيب بكر رضي اهللا عنه يف االستخالف قال وتفويض األمر للمسلمني ، وبني طريقة ص

.فهي طريقة جامعة بني العهد واالختيار . )٥(ترك التعيني ، ومن فعل أيب بكر طرفا وهو العهد ألحد الستة وإن مل ينص عليه : تولية علي رضي اهللا عنه

-د عثمان بن عفان رضي اهللا تعاىل عنه ظهر االختالف يف صفوف املسلمني ، وهو حبق بعد حادثة استشهاد اخلليفة الراشإال ما جرى يف ( أول نزاع ظهر على اإلمامة ، حيث ما جرى من قبل مل يكن نزاعا باملعىن احلقيقي -كما يرى ابن تيمية

أي -إا : ( وكما قال حذيفة رضي اهللا عنه . )٦() اجتماع السقيفة ، وما اتصلوا حىت اتفقوا ، ومثل هذه ال يسمى نزاعا

، بإسناد ) ٨٩(، وحنوه يف املسند رقم ) ٧/٥٩(فتح الباري : انظر . ، قصة البيعة واالتفاق على عثمان ٨: باب . ائل الصحابة فض: البخاري كتاب ) ١(

على اختالف يف ) ٧/١٤٥(، والبداية والنهاية ) ١٣٥ص (، وتاريخ اخللفاء ) ٤/٢٢٨(حتقيق شاكر ، وتاريخ الطربي ) ١/١٩٢(املسند : انظر . صحيح .األلفاظ

.واللفظ له ) ٧/١٤٦(، والبداية والنهاية ) ١٣/١٩٣( ، كيف يبايع الناس اإلمام ؟ فتح الباري ٤٣: باب . األحكام : البخاري كتاب : انظر ) ٢( ) .٣/١٦٦(منهاج السنة ) ٣( ) .٣/١٦٢(نفس املرجع ) ٤( ) .١٣/٢٠٧(فتح الباري ) ٥( ) .١/٢٩(منهاج السنة ) ٦(

٨٧

أما تصوير بعض املؤرخني وأصحاب األغراض ما . )١() كانت أول الفنت ، وآخرها فتنة املسيح -حادثة استشهاد عثمان .الصراع الرهيب والتناحر على اإلمامة فال أساس له من الصحة : كان يف السقيفة بأنه

ي رضي اهللا عنه صعوبات كثرية ، مل تواجه من سبقه ، منها حادثة استشهاد عثمان رضي اهللا عنه ، وقد واجه استخالف عل ، )٢(ودخول القتلة ارمني يف صف علي ، ومطالبة بعض املسلمني بالقصاص منهم ، وإنكار أهل الشام اجلماعي ملبايعته

. ، وعائشة ، وغريهم وخروج بعض كبار الصحابة رضي اهللا تعاىل عنهم كطلحة ، والزبري واآلن نرى القصة الكاملة لتولية علي رضي اهللا تعاىل عنه

حدثنا أبو عبد اهللا - أماله علينا من كتابه -حدثنا أبو بكر األثرم : أخربين حممد بن علي بن حممود قال : ( قال اخلالل كنت : عن سامل ابن أيب اجلعد عن حممد بن احلنيفة قال حدثنا عبد امللك عن سلمة بن كهيل : حدثنا إسحاق بن يوسف قال

إن أمري املؤمنني : إن أمري املؤمنني مقتول ، مث جاء آخر فقال : فأتاه رجل فقال : مع علي رمحه اهللا وعثمان حمصر ، قال فأتى علي : ال أم لك ، قال خل : فقال . فأخذت بوسطة ختوفا عليه : فقام علي رمحه اهللا ، قال حممد : مقتول الساعة ، قال

إن هذا قد : الدار وقد قتل الرجل رمحه اهللا فأتى داره فدخلها فأغلق بابه ، فأتاه الناس فضربوا عليه الباب فدخلوا عليه فقالوا مري ، ال تريدوين فإين لكم وزير خري مين لكم أ: قتل ، وال بد للناس من خليفة وال نعلم أحدا أحق ا منك فقال هلم علي

فإن أبيتم علي فإن بيعيت ال تكون سرا ، ولكن أخرج إىل املسجد فمن شاء : ال واهللا ال نعلم أحدا أحق ا منك قال : فقالوا .)٣() ما مسعته إال منه ، ما أعجبه من حديث : يبايعين بايعين ، فخرج إىل املسجد فبايعه الناس ، قال أبو عبد اهللا

فكرهت أن يأيت املسجد كراهية أن يشغب عليه ، وأىب هو إال املسجد فلما دخل : ل عبد اهللا بن عباس فقا: ( ويف رواية .)٤() جاء املهاجرون واألنصار فبايعوا وبايع الناس

بقيت املدينة مخسة أيام بعد مقتل عثمان وأمريها الغافقي : ذكر سيف بن عمر عن مجاعة من شيوخه قالوا : وقال ابن كثري احليطان ، ويطلب ن حرب يلتمسون من جييبهم إىل القيام باألمر ، واملصريون يلحون على علي وهو يهرب منهم إىل ب

. فال جيدونه ، والبصريون يطلبون طلحة فال جييبهم ، فقالوا ، فيما بينهم ال نويل أحدا من هؤالء الثالثة الكوفيون الزبريك من أهل الشورى فلم يقبل منهم ، مث راحوا إىل ابن عمر فأىب عليهم ، فحاروا يف إن: فمضوا إىل سعد بن أيب وقاص فقالوا

إن حنن رجعنا إىل أمصارنا بقتل عثمان من غري إمرة اختلف الناس يف أمرهم ومل نسلم ، فرجعوا إىل علي : أمرهم مث قالوا والعشرين من ذي احلجة وذلك بعد مراجعة الناس هلم فأحلوا عليه وأخذ األشتر النخعي بيده فبايعه ، وذلك يوم اخلميس الرابع

.)٥(ال يصلح هلا إىل علي ، فلما كان يوم اجلمعة وصعد املنرب بايعه من مل يبايعه باألمس : يف ذلك وكلهم يقول

) .٤٨: (اإلمام أمحد للخالل ق املسند من مسائل ) ١( ) .١٠٦ص (نظام اخلالفة يف الفكر اإلسالمي : انظر ) ٢( ) .٦٣(املسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل ق ) ٣( ) .٦٣(املسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل ق )٤( ) .٤/٤٣٤(، وهو عند الطربي ) ٧/٢٢٧(البداية والنهاية ) ٥(

٨٨

لى رأس ملا كان يوم اخلميس ع: قاال وروى سيف عن أيب حارثة حمرز العبشمي وعن أيب عثمان يزيد بن أسيد الغساين فلما اجتمع ... مخسة أيام على مقتل عثمان مجعوا أهل املدينة فوجدوا سعدا والزبري خارجني ، ووجدوا طلحة يف حائط له

أنتم أهل الشورى وأنتم تعقدون اإلمامة وأمركم عابر على األمة فانظروا لكم رجال : هلم أهل املدينة قال هلم أهل مصر فقالوا ... دعوين والتمسوا غريي : فقال علي ... علي بن أيب طالب حنن به راضون : اجلمهور فقال. تنصبونه وحنن لكم تبع

إن أحببتم ركبت بكم ما أعلم ، وإن تركتموين فإمنا أنا كأحدكم إال أين : ننشدك اهللا أال ترى الفتنة أال ختاف اهللا ؟ فقال : ك واتعدوا الغد فلما أصبحوا يوم اجلمعة حضر املسجد وجاء علي أمسعكم وأطوعكم ملن وليتموه أمركم ، مث افترقوا على ذل

إن هذا أمركم ليس ألحد فيه حق إال من أمرمت ، وقد افترقنا باألمس . يا أيها الناس عن مأل وإذن : ( حىت صعد املنرب فقال .)١(ك عليه باألمس حنن على ما فارقنا: فقالوا ) . على أمر ، فإن شئتم قعدت لكم وإال فال أجد على أحد

وهكذا متت البيعة لعلي رضي اهللا عنه ولكن وجود املفسدين داخل الصف أدى إىل تصدعه ، وبدأت الفرقة بني املسلمني وأعلن معاوية رضي اهللا عنه وأهل الشام عدم دخوهلم يف الطاعة حىت يؤخذ بثأر عثمان . حيث وقعت موقعة اجلمل املشهورة

مث انشق عليه صفه بعد التحكيم وخرجت عليه اخلوارج . جبيشه ووقعت موقعة صفني وغريها من املعارك ، فسار إليهم علي .وقاتلهم وكثرت الفنت يف عصره رضي اهللا تعاىل عنه

بكر كاليت ثبتت ا إمامة أيب االختيار والذي يهمنا يف هذا البحث هو الطريقة اليت متت ا مبايعته وهي كما رأينا طريقة ، فبعد حادثة استشهاده بقي الناس يف غيبة من إمام حىت )٢(حيث إن عثمان رضي اهللا تعاىل عنه مل يستخلف أحدا بعده

.وعقدوا اإلمامة له بعد مشاورات ومناقشات طويلة . اختاره أهل احلل والعقد يكن علي رضي اهللا تعاىل عنه حريصا عليها ، ويالحظ أيضا أنه مل يكن هناك أحد يدعي اإلمامة لنفسه بعد عثمان ، ومل

وكذلك مل يدع أن هناك نصا . وإمنا قبلها بعد إحلاح خوفا من ازدياد الفنت ، ومع ذلك فلم يسلم منها رضي اهللا عنه وأرضاه .لعنهم اهللا . على إمامته كما تقول الرافضة فدل على كذم

: مة ماطرق انعقاد اإل العرض التارخيي املوجز للطرق اليت متت ا تولية اخللفاء الراشدين وعلى ضوئها ميكننا أن حندد الطرق الشرعية بعد هذا

:الثابتة لتولية اإلمام ومها طريقتان فقط :االختيار : الطريقة األوىل

الصديق ، وعلي بن أيب طالب رضي اهللا والذي يقوم به هم أهل احلل والعقد ، وهي الطريقة اليت متت ا تولية أيب بكر :تعاىل عنهما كما رأينا

...خمتصرا ) ٤٣٥ - ٤/٣٤٣(ي تاريخ الطرب: انظر ) ١(إسناده صحيح قال : ، وقال أمحد شاكر ٤٥٥املسند ح : انظر . روى اإلمام أمحد بسنده يف مسند عثمان أنه طلب من عثمان أن يستخلف فسكت ) ٢( ) .١/٣٥٨(رواه البخاري ، واحلاكم :

٨٩

:أمهية االختيار

كما مر يف مقاصد -إن اإلمامة وسيلة ال غاية ، وسيلة إىل إقامة األمر باملعروف والنهي عن املنكر مبفهومه الواسع : قلنا وحيث إنه ال ميكن القيام به على وجهه األكمل إال بعد تنصيب إمام وهذا واجب على مجيع أفراد األمة اإلسالمية ، -اإلمامة

للمسلمني يقودهم وينظم هلم طريق الوصول إىل القيام ذا الواجب العام ، لذلك فاألمة مسؤولة عن اختيار من تنبيه عنها ، على املسلمني عموما ، فاإلمام ما هو وتسلم له زمام اإلذعان واالنقياد لقودها إىل حتقيق هذا اهلدف العظيم الذي هو واجب

إال نائب ووكيل عن هذه األمة ، وليس له يف نظر اإلسالم أية ميزة أو قداسة أو صفة من الصفات اليت يتعاىل ا عن بقية أفراد يف األصقاع فمسؤولية االختيار هلذا النائب راجعة إىل األمة نفسها ألنه النائب عنها وحيث إن األمة متفرقة. املسلمني

واألمصار ، فيها القوي والضعيف ، والعامل باملصلحة واجلاهل ، والعاقل وغريه ، وصاحب اهلوى والغرض ، إىل غري ذلك من ولذلك تكون املسؤولية . وغريه االختالفات اليت يصعب معها التمييز بني الصاحل والطاحل والذي يتوسم فيه محل هذه األمانة

واقعة على أعناق عقالء األمة وعلمائها وفضالئها ، فهم الذين خيتارون من يرونه أهال للقيام ذا الواجب هذا االيف .الشرعي الذي أوجبه اهللا عليهم وهو إقامة شرع اهللا يف أرضه ، واألمر باملعروف والنهي عن املنكر يف مجيع أحناء املعمورة

تلزمه عناا ليسري ا إىل أداء ما أوجبه اهللا عليها والقيام بأعباء اخلالفة اآلدمية على لذلك تبدو أمهية األمة يف اختيار من .هذه األرض

الذين تثق فيهم وتسلمهم مسؤوليتها ، وحتملهم األمانة ليختاروا هلم - أهل احلل والعقد - كما تبدوا أمهية عقالء األمة .من يقودهم بكتاب اهللا إىل ما يرضي اهللا

تتحمل املسؤولية من جهة اختيارها من تسلم له قيادها باعتبارهم أفراد من أفراد - أهل احلل والعقد - فهذه الفئة ومن جهة إنابة األمة هلم وثقتهم فيهم ليختاروا من يكون أهال ملثل هذا املنصب العظيم ، ومن جهة ثالثة أم . املسلمني

. اهللا إذا مل جيهدوا أنفسهم يف اختيار األصلح شركاء من خيتارونه يف اإلمث أمام ومن شعورهم بثقل هذه املسؤوليات مع أم أفاضل األمة وعقالؤها وعلماؤها فإن اختيارهم سيكون بعد ترو وحتر بعيدا

إن شاء اهللا خاصة من أن تدنسه أهواء شهوانية ، أو مطامع شخصية ، أو تعصبات قبلية أو مذهبية ، وسيكون موفقا وصائباإذا شعروا إزاء ذلك بأن الذي سيختارونه سيترتب على املسلمني عموما له من الواجبات واحلقوق الشيء الكثري وستكون طاعته يف غري معصية واجبة على مجيع أفراد األمة ، وإذا قصر يف شيء من ذلك فإن الفئة اليت اختارته سيكون عليها من وزره

. أجهدت نفسها يف اختيار من تراه مناسبا نصيب إذا مل تكنوأنه أقرب الطرق بل هو الطريق األصل الختيار اإلمام يف الشريعة ) االختيار ( كل ما سبق يدلنا على أمهية هذا الطريق

:اإلسالمية على اعتبار أن االستخالف مشروط مبوافقة أهل احلل والعقد على املستخلف كما سيأيت

٩٠

:لطريقة ثابتة املشروعية بالسنة واإلمجاع وهذه ا

: فمن السنة فقد تويف ومل ينص نصا صرحيا على اخلليفة من بعده وإمنا أخرب مبن سيتوىل كما رأينا ، والذي يدل : r فعل النيب-١

:على ذلك قول عمر اآلنف الذكر r يعين رسول اهللا- وإن أترك فقد ترك من هو خري مين -ر يعين أبا بك-إن أستخلف فقد استخلف من هو خري مين (

وقد تويف ومل يعهد إىل أحد بعده فكان - كما مر -قد أوجب تنصيب اإلمام r وتوجيه الداللة من ذلك أن النيب)١( ) - .ال بد من االختيار فدل على مشروعيته

ن تؤمروا أبا بكر جتدوه أمينا زاهدا يف الدنيا ، راغبا يف اآلخرة ، إ«: ملا قيل له من تؤمر بعدك ؟ فقال r ومنها قوله-٢ .)٢( »وإن تؤمروا عمر جتدوه قويا أمينا ال تأخذه يف اهللا لومة الئم ، وإن تولوها عليا جتدوه هاديا مهديا

. تؤمروا فالنا فكذا ، أو تولوها فالنا فكذا إن تؤمروا فالنا فكذا ، أو: إنه لو مل جيز االختيار مل يقل : ووجه الداللة

- ومنها فعل اخللفاء الراشدين رضي اهللا تعاىل عنهم كما سبق ، وقد أمرنا بإتباع سنتهم واإلقتداء بأيب بكر ، وعمر -٣ فال يتابع هو وال من بايع رجال من غري مشورة من املسلمني : ( وقد قال عمر بن اخلطاب رضي اهللا تعاىل عنه -كما مر

.)٣() الذي بايعه تغرة أن يقتال : ومن اإلمجاع

رأينا فيما سبق يف العرض التارخيي كيفية اختيار الصحابة أليب بكر مث لعلي رضي اهللا تعاىل عنهما ، ومل تذكر الروايات هذا اإلمجاع من العلماء النووي وغريه ، فقال أحدا اعترض على هذه الطريقة وخالف فيها ، فدل على إمجاعهم ، ومن حكى

وأمجعوا على انعقاد اخلالفة باالستخالف ، وعلى انعقادها بعقد أهل احلل والعقد إلنسان : ( النووي يف شرحه لصحيح مسلم .)٤() إذا مل يستخلف اخلليفة

ة ولذلك وجهوا إليه نقدا مريرا ولكن ال عربة ومل خيالف يف هذا إال الرافضة ألنه يتناىف مع عقيدة النص عندهم الباطل .مبخالفتهم

والذي يقوم ذا االختيار هم أهل احلل والعقد ، ولنا أن نتساءل من هم أهل احلل والعقد ؟ وما هي الشروط اليت : قلنا : ى هذه التساؤالت نقول إخل ولإلجابة عل... جيب أن تتوفر فيهم ؟ وهل يشترط عدد معني أم ال ؟ وما هي وظائفهم ؟

. من هذا الفصل ) ١٢٥ص (متفق عليه وسبق خترجيه ) ١(وإن تؤمروا « : بلفظ ) ١/٢٠٩(ورواه أيضا اإلمام أمحد يف املسند : قلت ) ٢٢٥ص (املعتمد : انظر . رواه ابن بطة بإسناده عن علي : على قال أبو ي ) ٢(

) .١٢٦ص (زيادة التخريج : وانظر . » عليا وال أراكم فاعلني جتدوه هاديا مهديا ، يأخذ بكم الصراط املستقيم .من هذا الفصل ) ١٣٧ص (خترجيه : انظر . ه رواه البخاري وغري) ٣( ) .١٢/٢٠٥(صحيح مسلم بشرح النووي ) ٤(

٩١

أهل احلل والعقدفئة من الناس على درجة من الدين واخللق والعلم بأحوال الناس وتدبريهم األمور ، ويسمون أهل االختيار ، وأهل : هم

يسر العلماء والرؤساء ووجهاء الناس ، الذين يت: ( الشورى ، وأهل الرأي والتدبري ، كما حددهم بعض العلماء بأم .من املسميات اليت أطلقت على هذه اجلماعة . إىل غري ذلك . )١() اجتماعهم

وهذه الفئة يوكل إليها النظر يف مصاحل األمة الدينية والدنيوية ومنها اختيار اإلمام للمسلمني ، فهي املسئولة عن تصفح ذلك ، فمن رأوه صاحلا لتويل هذا املنصب بايعوه على أحوال الذين ميكن صالحيتهم لتويل هذا املنصب املهم واالجتهاد يف

ولزوم طاعته فيما ليس فيه معصية ، وهذه الفئة تقوم باختيار اإلمام نيابة عن األمة مجيعا ، فهم r كتاب اهللا وسنة نبيههل احلل والعقد اإلمام جتب مبباشرم هذا االختيار ال ميثلون أنفسهم فقط ، بل ميثلون األمة كلها ، وهلذا فإنه عند مبايعة أ

.)٢(مبايعته واالنقياد له على سائر أفراد األمة : ومشروعية اعتبارها ورد به القرآن والسنة

-م العلماء والوالة وه. ﴾ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم﴿ : فمن القرآن قوله تعاىل كما مر-.

. ﴾ اآلية ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم... ﴿ : ومنها قوله تعاىل وذلك لألنصار يف بيعة العقبة . » ومهم مبا فيهم أخرجوا يل منكم اثين عشر نقيبا ليكونوا على ق« : r أما من السنة فلقوله

.)٣(الثانية :شروط أهل احلل والعقد

وهذه الشروط تنقسم . وقد حدد العلماء الشروط اليت جيب أن تتوفر يف من يكون أهال للدخول يف هذه الفئة من الناس :إىل قسمني

:شروط الوالية العامة وهي : أوال :إلسالم ا-١

ولن يجعل ﴿ : وهذا شرط أساسي يف كل والية يف البالد اإلسالمية فال جيوز فيها تولية من ليس مبسلم وذلك لقوله تعاىل ه من أهل أمجع كل من حيفظ عن: ( وألنه ال والية لكافر على مسلم قال ابن املنذر . )٤( ﴾ الله للكافرين على المؤمنني سبيال

، وألنه ال جتب طاعة غري املسلم ، وال االنقياد له ، وال تعزيزه وال توقريه وقد )٥() العلم أن الكافر ال والية له على مسلم ملا كانت التولية : ( أذله اهللا بسبب كفره ، فال جتوز توليته على شيء من شؤون املسلمني ، قال ابن القيم رمحه اهللا تعاىل

) .٧/٣٩٠(اية احملتاج إىل شرح املنهاج ) ١( ) .٢٥٧ص (حممد رأفت عثمان . رئاسة الدولة يف الفقه اإلسالمي د : انظر ) ٢( ) .٣/٦٠٢(وطبقات بن سعد الكربى ) ٢/٥١(سرية ابن هشام ) ٣( .١٤١سورة النساء آية ) ٤( .صبحي الصاحل . حتقيق د ) ٢/٤١٤(أحكام أهل الذمة البن القيم ) ٥(

٩٢

ية كانت توليتهم نوعا من توليهم ، وقد حكم تعاىل بأن من توالهم فهو منهم ، وال يتم اإلميان إال بالرباءة منهم ، شقيقة الوالصلة : فال جتتمع هي وإذالل الكفر أبدا ، والوالية . إعزاز " والوالية تنايف الرباءة ، فال جتتمع الوالية والرباءة أبدا ، والوالية

.)١() ة الكافر أبدا فال جتامع معادا

: العقل -٢ أو لطارئ طرأ فأدى إىل زوال عقله أو نقصانه ، وهو ما يؤثر - أي مل يبلغ - فال جيوز تولية غري العاقل سواء كان لصغره

.يف مقدرة الشخص على التمييز فهذا ال يوىل من أمور املسلمني شيئا فكيف باختيار خليفة هلم : الذكورة-٣

الرجال قوامون على النساء بما فضل الله ﴿ : يشترط كثري من الفقهاء الذكورة يف الواليات العامة وذلك لقوله تعاىل الهموأم ا أنفقوا منبمض وعلى بع مهضع٢( ﴾ ب(.

.)٣(» امرأة لن يفلح قوم ولوا أمرهم « : إن كسرى خلفته ابنته قال : ملا قيل r ولقولهوألنه حيتاج فيها إىل كمال الرأي ، . وألن الواليات حيتاج فيها إىل الدخول يف حمافل الرجال وهذا حمظور على النساء

ها ما مل يكن معهن رجل واملرأة ناقصة العقل ، قليلة الرأي ال تقبل شهادا ولو كان معها ألف مرأة مثل. ومتام العقل والفطنة حداهما أن تضل إ﴿ : وقد نبه اهللا على ضالهلن ونسيان بقوله تعاىل . إال فيما ال يطلع عليه إال النساء من عيوب املرأة

ائه وال من بعده امرأة قضاء قط وهلذا مل يول النبيه وال أحد من خلف: ( قال ابن قدامة يف املغين )٤ ( ﴾فتذكر إحداهما األخرى .)٥() ، وال والية بلد فيما بلغنا ، ولو جاز ذلك مل خيل منه مجيع الزمان غالبا

. فإذا كان ذلك يف القضاة والوالية الصغرية غري وارد ففي الوالية الكبرية واحلل والعقد أوىل رة خروج املرأة وإشراكها يف الربملانات واالس العامة ، وأن هذا وال عربة مبا يتشدق به أكثر الكتاب احملدثني من ضرو

فاحلق أبلج ، : ألن هؤالء ال ينظرون إىل هذه املسألة مبنظار اإلسالم الصايف ، وإال . من حقوقها اليت منحها إياها اإلسالم ، وهم يف موقف ضعف وازامية وانبهار بتلك وإمنا ينظرون إليها وقد تشبعت أفكارهم بالتيارات الشرقية أو الغربية امللحدة

األمم ومدنياا الزائفة ، مث يأتون فيؤولون النصوص ويضعوا يف غري مواضعها وحيرفون الكلم عن مواضعه حىت توافق .أهواءهم ، مث يقولون هذا هو اإلسالم الذي أرسل به املرسلون

: احلرية -٤ لواليات ، ومن مث جيب توافرها يف أهل احلل والعقد ، ألن اكتمال األهلية شرط فيهم ، احلرية شرط أساسي يف أدىن ا

وألنه موىل لغريه

) .١/٢٤٢(أحكام أهل الذمة ) ١( .٣٤سورة النساء آية ) ٢(سـن صـحيح حـديث ح : ، وقال ٧٥. فنت : ، والترمذي ٨. قضاة : ، والنسائي ) ١٣/٥٣( ، فتح الباري ١٨: ب . الفنت : رواه البخاري ك ) ٣( .حتقيق أمحد شاكر وآخرين ) ٤/٥٢٨( .٢٨٢سورة البقرة آية ) ٤( ) .١١/٣٨٠(املغىن والشرح الكبري ) ٥(

٩٣

أي عقد اإلمامة واالختيار -وكذلك ال يناط هذا األمر : ( قال إمام احلرمني . فكيف يكون واليا على مواله وغريه من الناس جاء : ومما يدل على اشتراط هذا الشرط حديث جابر رضي اهللا عنه قال . )١()وإن حازوا قصب السبق يف العلوم بالعبيد -

فاشتراه بعبدين . » بعنيه«: r أنه عبد ، فجاء سيده يريده فقال النيب r على اهلجرة وال يشعر النيب r النيب عبد يبايع اشتراط احلرية يف املبايعة ، وحيث إن مهمة أهل فهذا يدل على )٢( ؟ » أعبد هو «: أسودين ، مث مل يبايع أحدا حىت يسأله

.احلل والعقد هي اختيار اخلليفة ومبايعته فدل على اشتراط احلرية يف أهل احلل والعقد :الشروط اخلاصة : ثانيا

:بق هذه هي الشروط العامة يف مجيع الواليات يف الدولة اإلسالمية ، أما الشروط اخلاصة فباإلضافة إىل ما س : العدالة -٥

وهي هيئة كامنة يف النفس توجب على اإلنسان اجتناب الكبائر والصغائر ، والتعفف عن بعض املباحات اخلارمة للمروءة .، وبناء على هذا الشرط فال جيوز تولية الفاسق وال من فيه نقص مينع الشهادة

مة يف اختيار العدل ، ويكون اختيار اخلليفة عن طريق من تتوفر فيه هذه ومن شأن اشتراط العدالة أن يؤدي إىل ثقة أفراد األفمن اشتهرت عدالته بني : ( وتثبت العدالة باالستفاضة والشهرة قال النووي . الشروط مدعاة إىل ثقة الناس فيه واالنقياد له

.)٣() أهل العلم وشاع الثناء عليه ا كفى فيها : العلم -٦

أما أهل : ( قال املاوردي . للخليفة يف أهل احلق والعقد درجة معينة من العلم تؤهلهم إىل حسن االختيار يشترط العلم الذي يتوصل به إىل معرفة من : والثاين . العدالة اجلامعة لشروطها : أحدها : االختيار فالشروط املعتربة فيهم ثالثة

فلو مل يكن املعين املتخير عاملا بصفات من يصلح هلذا : ( وقال اجلويين . )٤(.. ) .يستحق اإلمامة على الشروط املعتربة فيها الشأن ألوشك أن يضعه يف غري حمله ، وجير إليه ضررا بسوء اختياره ، وهلذا مل يدخل يف ذلك العوام ، ومن ال يعد من أهل

علم ، كأن يكون جمتهدا فالذي يظهر أنه ال يشترط االجتهاد ، أما أن يكون هناك حتديد لدرجة معينة من ال . )٥() البصائر .ولكل عصر ما يناسبه

: الرأي واحلكمة -٧ باإلضافة إىل العلم باألحكام الشرعية فإنه يشترط أيضا أن يكون

) .٤٩ص (غياث األمم ) ١( اململوك بيعة: ب : والنسائي يف ك البيعة ) .٣/١٢٢٥( ، ١٦٠٢جواز بيع احليوان باحليوان من جنسه متفاضال ح : ب . املساقاة : رواه مسلم يف ك ) ٢( .٤١: اجلهاد ب : ، وابن ماجة ك ٢٢: ، والترمذي ك البيوع ب ) ٧/١٥٠( ) .١/٣٠١(تدريب الراوي شرح تقريب النووي ) ٣( ) .١٩ص (األحكام السلطانية أليب يعلى الفراء : وانظر ) . ٦ص(األحكام السلطانية ) ٤( ) .٥٠ص (غياث األمم ) ٥(

٩٤

عنده من القدرة على الرجال ، ويكون املختار من ذوي الرأي السديد والنظر الثاقب الذي يعرف حاجات الدول وطبائع الرأي واحلكمة - أي من الشروط -الثالث : ( قال املاوردي . التمييز الكايف يف االختيار ليوافق األصلح لتويل اخلالفة

.)١() املؤديان إىل اختيار من هو لإلمامة أصلح ، وبتدبري املصاحل أقوم وأعرف : ( أول من يأمث يف تأخري تولية اإلمام كما قال املاوردي : ر فيهم ، وهم فهذه هي شروط أهل االختيار اليت ينبغي أن تتوف

.فإنه إذا أمهل القيام ذا األمر فإنه يأمث فريقان من الناس ... أهل االختيار حىت خيتاروا إماما لألمة : الفريق األول

.)٢() أهل اإلمامة حىت ينتصب أحدهم لإلمامة : والثاين . وقد سبق أن بينا أن األمة أيضا تأمث ألا من فروض الكفايات ، فإذا مل يقم ا بعضهم أمث اجلميع

هل ألهل العاصمة مزية على غريهم يف االختيار ؟ مسؤولية ولقد ذهب بعض العلماء إىل حتميل أهل االختيار املقيمني يف العاصمة اليت يسكنها اإلمام السابق واليت مات فيها

أخص يف اختيار اإلمام اجلديد دون من عداهم من أهل االختيار يف املدن األخرى وباقي األصقاع ، ألم هم الذين يبلغهم النبأ أوال ، وألن من يصلح لإلمامة يوجد عادة يف العاصمة أكثر مما يوجد يف غريها من البالد ، وإىل ذلك ذهب اجلبائي من

.)٣() نصب اإلمامة واجب على أهل املدينة اليت مات فيها اإلمام ، وهم بوجوب ذلك أوىل ممن بعد إن : ( املعتزلة فقال

وليس ملن كان يف بلد مزية على غريه من أهل البالد : ( ولكن هذا الرأي غري مقبول عند اآلخرين فهذا أبو يعلى يقول لعقد اإلمامة لسبق عمله مبوته ، وألن من يصلحون للخالفة يف الغالب يتقدم ا ، وإمنا صار من خيتص ببلد اإلمام متوليا

واعترب املاوردي ذلك االختصاص عرفا ال شرعا ، وذكر األسباب اليت ذكرها أبو يعلى اآلنفة الذكر . )٤() موجودون يف بلده ال يصح إال بعقد أهل حضرة اإلمام وأهل إن عقد اإلمامة: أما قول من يقول : ( وعلق ابن حزم على ذلك الرأي بقوله . )٥(

هو قول فاسد ال حجة ألهله ، وكل قول يف الدين عرى من ذلك من القرآن أو من سنة ... املوضع الذي فيه قرار األئمة هم : (والواقع أم مل يقولوا ال يصح إال بعقدهم وإمنا قالوا . )٦() أو إمجاع األمة املتيقن فهو باطل بيقني r الرسول

) .بوجوب ذلك أوىل ممن بعد ورمبا يكون ذلك مناسبا لتلك العصور اليت يصعب فيها التنقل ووسائل االتصال ، أما اليوم فقد تقدمت وسائل : قلت

.االتصال ، وأمكن انتشار اخلرب واالجتماع يف حلظات قليلة ، فال مزية ألهل العاصمة على غريهم :قد وظائف أهل احلل والع

: بعد أن عرفنا أهل احلل والعقد وشروطهم نود أن نستعرض بإجياز أهم الوظائف املناطة بعاتق هذه الفئة من الناس وهي

) .١٩ص(أبو يعلى يف األحكام السلطانية : انظر أيضا و) . ٦ص (األحكام السلطانية ) ١( ) .٦ ، ٥ص (األحكام السلطانية ) ٢( ) .٦٨ ، ص ٢ ، ق ٢٠جـ(املغين يف أبواب التوحيد والعدل ) ٣( ) .١٩ص (األحكام السلطانية ) ٤( ) .٦ص (األحكام السلطانية للماوردي ) ٥( ) .٤/٦٦٨(الفصل يف امللل والنحل ) ٦(

٩٥

: اختيار اخلليفة وعقد البيعة له -١ م له وأنه منوط م وهو موضوع الفصل ، وقد سبق أن بينا أم أول من يأمث عند تأخريهم الختيار إمام املسلمني ومبايعته

فإذا اجتمع أهل احلل والعقد لالختيار تصفحوا أحوال أهل اإلمامة املوجودة فيهم شروطها ، فقدموا : ( ، يقول املاوردي للبيعة منهم أكثرهم فضال وأكملهم شروطا ، ومن يسرع الناس إىل طاعته وال يتوقفون عن بيعته ، فإذا تبني هلم من بني

م االجتهاد إىل اختياره عرضوها عليه فإن أجاب إليها بايعوه عليها وانعقدت ببيعتهم له اإلمامة ، وإن مل اجلماعة من أداه .) ١(جيب إليها مل جيرب عليها ألا عقد مراضاة واختيار ال يدخله إكراه وال إجبار ، وعدل عنه إىل من سواه من مستحقيها

: التمييز بني املتقدمني لإلمامة -٢ كما أن من املهام املنوطة ذه الفئة هو التمييز بني الذين يتقدمون لإلمامة وتتوفر فيهم شروطها ، فإذا تكافأ يف شروطها

.)٢() وإن مل تكن زيادة السن مع كمال البلوغ شرطا فإن بويع أصغرمها سنا جاز : ( اثنان قدم أسنهما قال املاوردي : ( أشجع ، روعي يف االختيار ما يوجبه الوقت ، قال صاحب األحكام السلطانية : م ، واآلخر أعل: فإذا كان أحدمها

فإن كانت احلاجة إىل فضل الشجاعة أدعى النتشار الثغور وظهور البغاة كان األشجع أحق ، وإن كانت احلاجة إىل فضل .)٣() العلم أدعى لسكون الدمهاء ، وظهور أهل البدع كان األعلم أحق

يكون قدحا يف منعهما منها ، والذي عليه : أما إذا كانا متكافئني يف مجيع األمور فتنازعا يف ذلك فقد قال بعض العلماء د عنها فما ر)٤(إن التنازع فيها ال يكون قدحا مانعا فقد تنازع أهل الشورى : ( مجهور العلماء والفقهاء كما قال املاوردي

.) ٥() بطالب وال منع عنها راغ

) .٢٤ص (األحكام السلطانية أليب يعلى : وانظر ) . ٧ص (كام السلطانية للماوردي األح) ١( .نفس املرجعني السابقني ) ٢( ) .٧ص) (٣(أنه مل يكن هناك تنازع كما مر ، وإمنا اجتمعوا فتنازل بعضهم عن بعض حىت بفيت بني اثنني وحكم ، فشاور احلكم النـاس واختـار مـن : احلق ) ٤(

.اختاروه ) .٧ص (األحكام السلطانية ) ٥(

٩٦

: واختلف الفقهاء فيما يقطع به هذا التنازع على رأيني

: األول أنه يقرع بينهما فيبايع من قرع منهما ، ألنه قال يف رواية ابنه عبد : فقياس قول أمحد رمحه اهللا : ( القرعة ، قال أبو يعلى

واحتج بقول سعد ولفظ احلديث ما رواه أبو حفص ) يقرع بينهما ( : يف مسجد فيه رجالن تداعيا األذان فيه )١(اهللا .)٢() إن الناس تشاطوا يف األذان يوم القادسية فأقرع بينهم سعد : ( العبكري بإسناده عن أيب شربمة

: الثاين . االختيار فيكون أهل احلل والعقد باخليار يف بيعة أيهما شاءوا

: مبايعة األنفع -٣ ومن وظائف أهل احلل والعقد أنه عند اجتماع عدد تتوفر فيهم شروط اإلمامة فإنه ال جيب عليهم اختيار األفضل ، بل األوىل أن خيتاروا األنفع واألصلح واملناسب للمقام ، فإن اجتمع الفضل واملصلحة يف شخص واحد كان ذلك هو املطلوب ،

اهللا تعاىل عنهم ، فإن ترتيبهم يف اخلالفة موافق لترتيبهم يف األفضلية ، فأفضلهم ، كما توفر ذلك يف اخللفاء الراشدين رضي مث عثمان ، مث علي رضي اهللا تعاىل عنهم أمجعني ، وهم كذلك مرتبون على حسب - باتفاق أهل السنة -أبو بكر ، مث عمر

أبو بكر لقوة إميانه وعزميته على الذود عن اإلسالم r املصلحة واملنفعة ، فمن مصلحة املسلمني أن يتوىل األمر بعد رسول اهللافكان ال يصلح ملثل هذه r ، وقد كان يف عصر ارتدت فيه بعض القبائل على اإلسالم ومنعت أخرى الزكاة حبجة وفاة النيب

داء اإلسالم اخلارجني ، املقام إال أبو بكر رضي اهللا تعاىل عنه ، مث جاء عمر رضي اهللا تعاىل عنه وكان سيفا مسلوال على أعوسيأيت زيادة بيان إن شاء اهللا عن . فكان هو املناسب هلذا املقام ، مث من بعده عثمان ، مث علي رضي اهللا تعاىل عنهم أمجعني

.املفاضلة بينهم ألمراء على اجليوش ، وتأمريه ا r فاملقصود أن األوىل تولية األنفع وإن مل يكن األفضل ، وهذا أمر واضح يف سرية الرسول

.)٣() تولية األنفع وإن كان غريه أفضل منه r واملقصود أن هديه: ( ، قال ابن القيم رمحه اهللا . وسيأيت زيادة بيان هلذه النقطة عند ذكر شروط اإلمام إن شاء اهللا

: عزل اخلليفة -٤ حدث على اإلمام : طرأ ، أي احلل والعقد ، فكذلك إن الذي يقوم بعقد اإلمامة للخليفة نيابة عن األمة هم أهل

املنصوب فالذي يعلن عزله ويستبدله بغريه هم هؤالء الفئة من الناس ، وال دخل للدمهاء يف مثل هذه األمور ، فلو طرأ مثال اك ، أو ارتد عن على اإلمام املنصوب جنون ، أو مرض شديد ال يرجى برؤه ، أو وقع يف أيدي األعداء وال يرجى له فك

. أو حنو ذلك ، ففي هذه احلالة تقوم هذه الفئة بإعالن عزله واستبداله بغريه - والعياذ باهللا -الدين

.املكتب اإلسالمي . حتقيق زهري الشاويش ن ) ٥٧ص (مسائل اإلمام أمحد رواية ابنه عبد اهللا ) ١( ) .٢٥ص (األحكام السلطانية أليب يعلى ) ٢( ) .١/١٠٧(إعالم املوقعني )٣(

٩٧

. وسيأيت زيادة بيان هلذا املوضوع إن شاء اهللا : عدد أهل احلل والعقد

وميكننا حصر هذا االختالف يف . العقد اختالفا كبريا اختلف العلماء يف حتديد العدد الذي تنعقد به اإلمامة من أهل احلل و . ثالثة مذاهب نستعرضها أوال مث نرى الرأي الراجح منها

: املذهب األول ... وهؤالء اشترطوا اإلمجاع التام على اخلليفة املختار ومل حيددوه بعدد معني

: وانقسموا إىل قسمني التام من قبل األمة على اخلليفة املختار الذي خيتاره قوم اشترطوا اإلمجاع -١

وحكي . )١() ال تنعقد إال بإمجاع املسلمني : ( أهل احلل والعقد ، وقد عزا األشعري هذا القول إىل األصم من املعتزلة فقال أصول السنة عندنا التمسك مبا : (فقال يف رسالة عبدوس بن مالك العطار هذا القول رواية عن اإلمام أمحد رمحه اهللا تعاىل

.)٢(... ) ومن ويل اخلالفة فأمجع عليه الناس ورضوا به : ( إىل أن قال ... ) r كان عليه أصحاب رسول اهللا ما معناه ؟ » من مات وليس له إمام مات ميتة اجلاهلية « r وقال يف رواية إسحاق بن منصور ملا سئل عن حديث النيب

.)٣() اإلمام ؟ اإلمام الذي جيمع عليه املسلمون كلهم يقول هذا إمام فهذا معناه أتدري ما: فقال وحكى ابن خلدون أن هذا هو السبب الذي جعل بعض الصحابة يعدلون : وقوم اشترطوا إمجاع أهل احلل والعقد -٢

مل - أي علي - أن بيعته خرونرأى آ: ( قال عن بيعة علي رضي اهللا تعاىل عنه إىل املطالبة بدم عثمان رضي اهللا تعاىل عنه فإىل أن قال ... ) تنعقد ، الفتراق الصحابة أهل احلل والعقد باآلفاق ، وال تلزم بعقد من توالها من غريهم أو من القليل منهم

اهللا تعاىل عنهم رضي )٤() إخل ... ذهب إىل ذلك معاوية ، وعمرو بن العاص ، وأم املؤمنني عائشة ، والزبري ، وابنه : ( .أمجعني

) املعتمد يف أصول الدين ( وذهب إىل ذلك أيضا أبو يعلى يف كتابه

ألن اإلمام جيب الرجوع إليه وال يسوغ خالفه والعدول عنه كاإلمجاع ، مث إن اإلمجاع يعترب يف انعقاده مجيع : ( حيث قال .)٥() أهل احلل والعقد كذلك عقد اإلمامة له

:ند النظر يف هذا املذهب جنده مردودا بشطرية لألسباب التالية وع أما اشتراط إمجاع الدمهاء فال يلتفت إليه ، ألن طبقة الدمهاء البد أن تكون مقلدة لفئة فيها ، تؤثر عليها بالدعاية - أ

الطليعة الواعية : ن أهل احلل والعقد وهم والضجيج ، فال تستطيع أن حتكم يف أناة وتعقل لتختار اإلمام العادل ، ومن مث فإ

.)١٧٦ص (الفرق بني الفرق : وانظر ) . ٢/١٩٤(مقاالت اإلسالميني ) ١( ) .١/١١٢(منهاج السنة )٢( ) .١/١١٢(منهاج السنة ) ٣( ) .٢١٤ص (املقدمة ) ٤( ) .١٣٩ص ( )٥(

٩٨

والفئة املستنرية من أهل االجتهاد من األمة هم اجلديرون باختيار اإلمام ، ألم سيحتملون وزره إذا مل يتحروا يف اختياره .)١(الصواب ، وسيكونون شركاءه يف مآمثه ومظامله

ال يطاق وما ليس يف الوسع وما هو أعظم احلرج ، واهللا تعاىل ال تكليف ما: ( وألنه كما يقول ابن حزم رمحه اهللا - ب .)٢( ﴾ وما جعل عليكم في الدين من حرج﴿ : قال تعاىل . يكلف نفسا إال وسعها

والعقد ، ساعدة إذا التقى يف تلك السقيفة بعض أهل احلل وهو مدفوع أيضا مبا حدث بني الصحابة يف سقيفة بين- جـ .ومل ينتظروا حضور اجلميع ، ويف ذلك املقام بايعوا أبا بكر رضي اهللا تعاىل عنه دون انتظار لرأي اآلخرين

. أما قياس ذلك على اإلمجاع فهو قياس مع الفارق - د

:املذهب الثاين :دة آراء هي وهناك من حدد أهل احلل والعقد بعدد معني ، واختلفوا يف هذا التحديد إىل ع

) إن أقل ما تنعقد به أربعون ال دوم ، ألن عقد اإلمامة فوق عقد اجلمعة وال تنعقد بأقل من أربعني ( : قوم قالوا -١ )٣(.

القول بأن أقل ما تنعقد به مخسة جيتمعون على عقدها ، أو يعقدها أحدهم برضا األربعة ، : وذهب آخرون إىل -٢ ونسب هذا القول إىل شيوخ . )٤() أن بيعة أيب بكر انعقدت خبمسة ، وألن عمر قد جعلها شورى يف ستة واحتجوا لذلك ب

.)٦() وهذا قول أكثر الفقهاء واملتكلمني من أهل البصرة : ( وقال املاوردي . )٥(املعتزلة اجلبائني والقاضي عبد اجلبار .)٧(لى أكثر نصاب الشهود وذهب آخرون إىل انعقادها بأربعة قياسا ع-٣ .)٨( وذهب الفريق اآلخر إىل اشتراط أن يكونوا ثالثة ، ألم مجاعة ال جتوز خمالفتهم -٤ وذهب آخرون إىل انعقادها برضا اثنني للثالث ، ألن االثنني أقل اجلمع وليكونا حاكما وشاهدين كما يصح عقد -٥

.)٩(النكاح بويل وشاهدين

) .١٧/٥١٩( التكملة للمطيعي -اموع شرح املهذب )١( ) .٤/١٦٧(الفصل )٢( ) .١/٤٢(مآثر اإلنافة )٣( ) .١/٤٣(مآثر اإلنافة : انظر )٤( ) .٢٥٤ - ٢٥٢ ، ص ١ ، ق ٢٠حـ ( يف أبواب التوحيد والعدل املغين: وانظر ) . ١/١٦٧(الفصل )٥( ) .٧ص (األحكام السلطانية )٦( ) .٧/٤١٠(، واية احملتاج للرملي ) ١/٤٣(مآثر اإلنافة )٧( ) .٧/٤١٠(اية احملتاج )٨( .نفس املصدر )٩(

٩٩

.)٢(ونسبه البغدادي إىل سليمان بن جرير الزيدي وطائفة من املعتزلة . )١(وعزا املاوردي هذا القول إىل علماء الكوفة امدد يدك أبايعك : ( وقالت طائفة تنعقد بواحد ، واستدلوا على ذلك بأن العباس قال لعلي رضي اهللا تعاىل عنهما -٦

وألن عمر ملا بايع أبا بكر رضي اهللا تعاىل عنهما ) . ابن عمه ، فال خيتلف عليك اثنان بايع rفيقول الناس عم رسول اهللا ، وقد عزا البغدادي هذا القول إىل أيب احلسن )٣(وألنه حكم ، وحكم واحد نافذ . تبعه الصحابة على ذلك ووافقوه

والذي خنتاره أنه يكتفى بشخص : ( طنية حيث يقول والغزايل يف فضائح البا)٥( وإليه ذهب اإلجيي يف املواقف )٤(األشعري . أقرب املذاهب ما ارتضاه القاضي أبو بكر : ( وذا القول قال إمام احلرمني حيث ذكر أن . )٦() واحد يعقد البيعة لإلمام

لكنه )٧() هل العقد أن اإلمامة تثبت مببايعة رجل واحد من أ: املنقول عن شيخنا أيب احلسن رضي اهللا عنهما ، وهو : وهو )١٠( ، وهو مذهب الزيدية )٩(وإليه ذهب أبو عبد اهللا القرطيب يف تفسريه . )٨(اشترط بعد ذلك أن يكون ذا شوكة وإال فال

.)١١(ضياء الدين الريس يف كتابه النظريات السياسية اإلسالمية . وممن قال ذا الرأي من املحدثني د

ىل أا تنعقد مبن تيسر حضوره وقت املبايعة يف ذلك املوضع من العلماء والرؤساء ووجهاء الناس وذهب مجهور الشافعية إ) وهو األصح عند أصحابنا الشافعية : ( قال القلقشندي . املتصفني بصفات الشهود ، حىت لو تعلق احلل والعقد بواحد كفى

صالح الدين دبوس يف كتابه اخلليفة توليته وعزله . ثني د ومن املحد)١٣(وإىل ذلك ذهب القالنسي شيخ البغدادي . )١٢()١٤(.

) .٧ص (األحكام السلطانية )١( ) .٢٨١ص (أصول الدين )٢( ) .٧ص (لسلطانية للماوردي األحكام ا )٣( ) .٢٨١ص (أصول الدين )٤( ) .٤٠٠ص (املواقف لإلجيي )٥( ) .١٧٦ص (فضائح الباطنية )٦( ) .٥٤ص (غياث األمم يف التياث الظلم )٧( ) .٥٦ص (نفس املصدر )٨( ) .١/٢٦٩(أحكام القرآن )٩( .املؤيد بالطائف . ، ن ٢. ط ) ٥/٢٨(تتمة الروض النضري للسيد أمحد احلسين : انظر )١٠( ) .٢٢٧ص (النظريات السياسية اإلسالمية )١١(اية احملتاج للرملي وغريها مـن كتـب : املكتب اإلسالمي وانظر . ن ) ١٠/٤٣٤(روضة الطالبني للنووي : ، وبنحوه انظر ) ١/٤٤(مآثر اإلنافة )١٢(

.الشافعية ) .٢٨١ص (أصول الدين )١٣( ) .١٢٦ص ( )١٤(

١٠٠

ويالحظ أن هناك فرقا بني ما ذهب إليه األشعري وأتباعه وما ذهب إليه الشافعية ، وهو أن مجهور الشافعية تشترط النعقادها تشترط ذلك ، وإمنا تكتفي بواحد أن ال يكون مثة غريه ممن ميكن أن يوصف بصفات أهل احلل والعقد ، أما األشعرية فال

.)١(بواحد من أهل احلل والعقد : وعند النظر يف هذه األقوال واآلراء جندها مرجوحة ملا يلي

قياس عدد أهل احلل والعقد على عدد من تصح م اجلمعة أو الشهود ، أو النكاح أو غريها غري مسلم به ، ألنه قياس -١ د عدد قليل بالبت يف أمر يهم األمة كلها ، اللهم إال إذا قل أفراد مجاعة أهل احلل والعقد فحينئذ مع الفارق ، وال يصح انفرا

تنعقد باثنني بأوىل من قول : وألنه ليس قول من قال . ( تكون الضرورة هي امللجئة إىل القول بانعقاد اإلمامة بالعدد القليل .)٢(... ) تنعقد باجلماعة : من قال : نعقد بأربعة بأوىل من قول ت: تنعقد بأربعة ، وال قول من قال : من قال

أما االحتجاج ببيعة أيب بكر وعمر رضي اهللا تعاىل عنهما فال يصح ، ألن بيعة أيب بكر مل تنعقد ببيعة اخلمسة الذين -٢ سقيفة ، قال ابن تيمية عند قول الرافضي ذكروهم فقط ، وإمنا متت مببايعة كبار املهاجرين واألنصار كما مر معنا يف حديث ال

ليس هذا قول أئمة السنة وإن ( : فيقال له : أبو بكر مببايعة عمر برضا أربعة قال r اإلمام بعد رسول اهللا: إم يقولون : تنعقد : هم تنعقد ببيعة اثنني ، وقال بعض: إن اإلمامة تنعقد ببيعة أربعة كما قال بعضهم : كان بعض أهل الكالم يقولون

ببيعة واحد ، فليست هذه أقوال أئمة السنة ، بل اإلمامة عندهم تثبت مبوافقة أهل الشوكة عليها ، وال يصري الرجل إماما حىت أي أبا -ولو قدر أن عمر وطائفة معه بايعوه : ( إىل أن قال ) . يوافقه أهل الشوكة الذين حيصل بطاعتهم له مقصود اإلمامة

نع الصحابة عن البيعة مل يصر إماما بذلك ، وإمنا صار إماما مببايعة مجهور الصحابة الذين هم أهل القدرة وامت-بكر .هـ . أ . )٣() والشوكة

وكذلك فعل عمر يف حصر اخلالفة يف الستة الذين اختارهم فنقول هذا ليس حصرا لعدد أهل احلل والعقد الذين -٣ ار منهم ، فهم مجيعا مرشحون للخالفة وخيتار أحدهم ، يدل على ذلك ما مر معنا أن عبد الرمحن بن خيتارون ، وإمنا ملن خيت

عثمان مل : ( عوف رضي اهللا عنه بقي ثالثا ال تغتمض عينه بكثري نوم وهو يشاور كبار املهاجرين واألنصار ، قال ابن تيمية ) ومجيع املسلمني بايعوا عثمان مل يتخلف عن بيعته أحد ،ايعة الناس له بل مبب- أي بعض الستة -يصر إماما باختيار بعضهم

.وقد مر معنا قول اإلمام أمحد يف ذلك عند الكالم على مبايعة عثمان رضي اهللا تعاىل عنه . )٤(لك فال يصح ، ألن أما االستدالل على صحة بيعة الواحد مببادرة عمر يف بيعة أيب بكر مث تبعه الصحابة ووافقوه على ذ-٤

سبب إتباعهم له هو رضاهم مبا ذهب إليه ، ال أنه قد ألزمتهم مبايعته إتباعه ، وإال لو فرض أنه مل يبايع غري عمر ملا ثبتت

) .٢٦٨ص (لزيادة اإليضاح يراجع كتاب رئاسة الدولة يف الفقه اإلسالمي )١( ) .٢٣٩ص (املعتمد يف أصول الدين أليب يعلى )٢( ) .١/١٤١(منهاج السنة )٣( ) .١/١٤٢(منهاج السنة )٤(

١٠١

)١() من بايع رجال من غري مشورة املسلمني فال يتابع هو وال الذي بايع تغرة أن يقتال : ( إمامة أيب بكر خصوصا وهو القائل .

.)٢( أما كون عمر هو السابق إىل البيعة ففي كل بيعة ال بد من سابق ، كما قال ابن تيمية امدد يدك أبايعك ، فيقول : أما االستدالل على صحة بيعة واحدة بأن العباس قال لعلي بن أيب طالب بعد موت النيب -٥

:ر منها إخل فال يصح ألمو... الناس عم رسول اهللا بايع ابن أخيه احلاجة إىل إثبات نسبة هذا القول إىل العباس رضي اهللا تعاىل عنه وهذا متعذر ، ألن القائل مل يذكر السند وال حىت - أ

.)٣(املصدر ومل أعثر أنا على سند له . ولو فرض صحته فإنه مل يتم ومل يفعله -ب

.غريه يف املبايعة وتكون مبادرة منه لعلهم يتابعونه على ذلك ولو فعله فال يكون ذلك إال حتبيبا وتشجيعا ل- جـحممد . وأما ما ذهب إليه مجهور الشافعية من انعقاد اإلمامة بالواحد إذا احنصر فيه أهل احلل والعقد فكما قال د -٦

والنادر ال حكم . )٤() لك مل حيصل يف عصر من العصور احنصار احلل والعقد يف واحد ، ويندر أن حيصل ذ: ( رأفت عثمان .له

من «: أنه قال r ومما يدل على أا ال تنعقد بالواحد ما روي عن عمر بن اخلطاب رضي اهللا تعاىل عنه عن النيب-٧ .)٥( »أراد حببوحة اجلنة فليلزم اجلماعة ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من االثنني أبعد

: املذهب الثالث أصحاب املذهب الثالث إال االعتدال يف حتديد أهل احلل والعقد ، فلم يشترطوا اإلمجاع كما قال أصحاب املذهب ذهب

األول ، ومل يشترطوا عددا معينا كما قال أصحاب املذهب الثاين ، وإمنا اشترطوا مجهور أهل احلل والعقد واألغلبية الذين هم رهم لإلمام حيصل مقصود اإلمامة وطبقا هلذا االجتاه ال يؤدي ختلف بعضهم إىل الطعن أهل الشوكة ، والذين مببايعتهم واختيا

يف صحة االختيار ، كما ال يؤدي موافقة القلة أن تعطي للخليفة السند الشرعي للسلطة ، ألن ختلف القلة ال يؤثر يف مقصود الوالية ، وموافقة القلة

) .١٣٧ص (رواه البخاري وغريه وسبق خترجيه )١( ) .١/١٤٢(منهاج السنة )٢(قال العباس لعلي ، قم حىت أبايعك ومن حضر ، فإن هذا األمر إذا كان مل يـرد : .... يف الطبقات لفظا قريبا من هذا املعىن وهو مث وجدت عند ابن )٣(

: انظر . وعلماء اجلرح والتعديل يضعفون روايته . لكن يف إسناده حممد بن عمر وهو الواقدي ) ٢/٢٤٦(إخل الطبقات الكربى ... مثله ، واألمر يف أيدينا . ، ومع ذلك فهو إمام التأريخ والسري واألخبار ) ٣/٦٦٦(استقر اإلمجاع على توهني الواقدي ميزان االعتدال : قال الذهيب ) . ٩/٣٦٩(ذيب التهذيب

) .٣/٦٦٣(ميزان االعتدال : انظر ) .٢٧٣ ص(رئاسة الدولة يف الفقه اإلسالمي ) ٤(. ورواه ابن ماجة ، والطيالسي ، وغريهـم . حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه : وقال ) ٤/٤٤٦: (مذي ، والتر) ١/١٨(رواه اإلمام أمحد ) ٥(

، ) ١/٢٠٤( ، ١١٤كما صححه أمحد شاكر يف خترجيه للمسند ح ) ٤٣١(حديث رقم ) ١/١٧٣(سلسلة األحاديث الصحيحة : انظر . وصححه األلباين ) .١٣١٥(والرسالة للشافعي رقم

١٠٢

ألنه مبوافقتهم يتحقق املقصود من السلطة العامة املمثلة يف ) اجلمهور ( مبوافقة األغلبية ليس من شأنه أن حيققها ، وإمنا العربة .)١(اخلليفة ،

قالت طائفة ال تنعقد إال جبمهور أهل احلل والعقد من كل بلد ، ليكون الرضا به عاما والتسليم إلمامته : ( قال املاوردي أما انعقادها باختيار أهل احلل والعقد فال : ( قول أبو يعلى يف األحكام السلطانية فقال وممن ذهب إىل هذا ال . )٢() إمجاعا

. ) ٣(اإلمام الذي جيتمع قول أهل احلل والعقد ( تنعقد إال جبمهور أهل احلل والعقد ، قال أمحد يف رواية إسحاق بن إبراهيم .)٤() جبماعتهم وظاهر هذا أا تنعقد : ، قال ) عليه كلهم يقول هذا إمام

- أي أبو بكر رضي اهللا تعاىل عنه -وإمنا صار إماما : ( وذهب إىل ذلك أيضا شيخ اإلسالم بن تيمية رمحه اهللا حيث قال رضي اهللا تعاىل عنه ، ألن )٥(مببايعته مجهور الصحابة الذين هم أهل القدرة والشوكة ، وهلذا مل يضر ختلف سعد بن عبادة

ح يف مقصود الوالية ، فإن املقصود حصول القدرة والسلطان اللذين ما حتصل مصاحل اإلمامة ، وذلك قد حصل ذلك ال يقدمبوافقة اجلمهور على ذلك ، فمن قال يصري إماما مبوافقة واحد أو اثنني أو أربع ، وليسوا هم ذوي القدرة والشوكة فقد غلط

.)٦() و العشرة يضر فقد غلط ، كما أن من ظن أن ختلف الواحد أو االثنني أ

:الرأي الراجح وأدلة الترجيح : وهذا هو الرأي الذي منيل إليه ونرجحه ملا يلي

فإم مل يشترطوا إمجاع أهل احلل - كما مر - التفاقه مع ما حصل يف بيعة اخللفاء الراشدين رضي اهللا تعاىل عنهم -١ بعدد معني كما ذهب إىل ذلك أصحاب املذهب الثاين ، ومل يكتفوا يف املبايعة بأي عدد والعقل ، ومل حيددوا الفئة الناخبة

.- كما أمر -ممكن ، بل كانوا يكثرون االستشارة واستطالع الرأي العام يف r وكذلك من املرجحات هلذا املذهب حتقيقه ملبدأ الشورى الذي حث عليه القرآن الكرمي ، ورغب فيه الرسول-٢

فهو يتفق مع قواعد الفقه اإلسالمي وما يقضي به العقل واملنطق ، وإىل هذا الرأي ذهب من - كما سيأيت -أكثر من موضع ، والدكتور فؤاد حممد النادي يف )٧() رئاسة الدولة يف الفقه اإلسالمي( الكتاب احملدثني الدكتور حممد رأفت عثمان يف كتابه

) .١٩٢ص (النادي . طرق اختيار اخلليفة د :انظر )١( ) .٧ص (األحكام السلطانية )٢(بني قوسني مث علق ) أهل احلل والعقد ( ويف هذه الرواية جعل الناشر ) املسلمون ( جعل ) أهل احلل والعقد ( الرواية السابقة بنفس العربة إال أنه بدل ) ٣(

! .ال أدري من أين أتى ا و. عليها يف احلاشية بقوله بياض باألصل ) .٢٣ص (األحكام السلطانية أليب يعلى )٤( ) .١٣٦ص (سبق معنا رواية تفيد تراجع سعد عن موقفه هذا رضي اهللا تعاىل عنه )٥( ) .١/١٤١(منهاج السنة )٦( ) .٢٧٤ص ) (٧(

١٠٣

، والدكتور حممد )٢(نظام احلكم يف اإلسالم ( ، والدكتور حممد فاروق النبهان يف كتابه )١() فة طرق اختيار اخللي( كتابه .)٣() اإلسالم وفلسفة احلكم ( عمارة يف كتابه

.الكتاب األول ) ١٩٣ص ) (١( ) .٤٧٥ص ) (٢( ) .٤٤٤ص ) (٣(

١٠٤

الطريقة الثانية ) :االستخالف ( العهد

ني ، ويراه الئقا ذا املنصب من بعده ، فإذا ومن طرق انعقاد اإلمامة العهد من اخلليفة السابق إىل من خيتاره من املسلمأحس اخلليفة بقرب أجله وأراد أن يستخلف على القوم أحدهم فإنه يقوم مبشاورة أهل احلل والعقد فيمن خيتار ، فإذا وقع

.رأيه على شخص معين يصلح هلذا املقام ووافقه أهل احلل والعقد فإنه يعهد إليه من بعده لنا من التعرف على العهد وحكمه ، وهل يعترب املعهود له إماما مبجرد العهد أم ال بد من مبايعة أهل احلل واآلن ال بد

. والعقد ، مث مبايعة مجهور املسلمني له باخلالفة ؟ وما شروط هذا العهد ؟ إىل غري ذلك من املباحث املتعلقة ذا املوضوع :فنقول

: تعريف العهد لغة كل ما عوهد اهللا عليه وكل ما بني العباد من املواثيق فهو عهد ، والعهد الوصية كقول سعد حني خاصم سعد بن العهد

ما يوصيكم : أي )١() متسكوا بعهد أم عبد ( أوصى ، ومنه احلديث : أي ) إن أخي عهد إيل فيها : ( زمعة يف ابن أمته فقال تعاىل عنه ، والعهد التقدم إىل املرء يف الشيء ، والعهد الذي يكتب للوالة مشتق ويأمركم ، وهو عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا

والعهد املوثق واليمني حيلف ما الرجل ، وقيل ويل العهد ألنه ويل امليثاق والذي يؤخذ على من بايع ... منه ، واجلمع عهود ...وغريها مما ليس له صلة مبوضوعنا . ..إىل غري ذلك من املعاين األخر كالوفاء واألمان ... )٢(اخلليفة

: والعهد يف االصطالح هو اختيار العاهد إنسانا معينا لعمل معني من أعمال الدولة يبدأ من رئاستها وينتهي إىل أدىن درجة من درجاا ، ويسمي

ا أو يكتبها العاهد لغريه ، فإذا ما قيل عهد انصرف إىل الوثيقة املكتوبة اليت ميليه) عهد ( هذا االختيار عهدا ، مث انتقل املصدر .)٣(املفهوم إىل أحد املعنيني وفقا لسياق العبارة أو لكليهما معا

:أدلة مشروعيته :ومن األدلة على ذلك ما يلي . االستخالف جائز شرعا ، ومن الطرق املشروعة النعقاد اإلمامة إذا كان مكتمل الشروط

أن أرسل إىل أيب بكر وابنه فأعهد أن يقول ) أو أردت ( لقد مهمت « : يف احلديث الذي رواه البخاري r قوله -١ .)٤(» يأىب اهللا ويدفع املؤمنون ، أو يدفع اهللا ويأىب املؤمنون : القائلون أو يتمىن املتمنون ، مث قلت

، ٣٨: ب . املناقب : عن ابن مسعود نفسه يف ك » ومتسكوا بعهد ابن مسعود « : وفيه ... اقتدوا باللذين من بعدي « ضمن حديث رواه الترمذي ) ١(

.حسن غريب ال نعرفه إال من هذا الوجه : وقال ) ٥/٦٧٢(مناقب عبد اهللا بن مسعود ) .٥/٣٨٥(املسند » ثكم ابن مسعود فصدقوه ومتسكوا بعهد عمار ، وما حد... « وعند أمحد عن حذيفة يرفعه

) .٣/٣٣١) (عهد ( لسان العرب مادة ) ٢( ) .١٦٨ص (ظافر القامسي . نظام احلكم يف الشريعة والتأريخ اإلسالمي د ) ٣( ) .١٢١ص (ل متفق عليه وسبق خترجيه عند احلديث عن النصية على أيب بكر من هذا الفص) ٤(

١٠٥

ادعي يل أباك وأخاك حىت « : يف مرضه : r قال يل رسول اهللا: ويف رواية أخرى عن عائشة رضي اهللا تعاىل عنها قالت .)١(» أنا أوىل ، ويأىب اهللا واملؤمنون إال أبا بكر : أكتب أليب بكر كتابا ، فإين أخاف أن يتمىن متمن ويقول قائل

لن خيتاروا غري أيب بكر رضي اهللا هم أن يعهد مث تركه لعلمه أن الناس r ففي هذين احلديثني داللة واضحة على أن النيب .تعاىل عنه ، فدل على جوازه

أنه يريد أن يكتب كتابا خوفا ، مث علم أن r فبين( وقد قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا تعليقا على هذا احلديث لعدم احلاجة إليه وظهور فضيلة الصديق - أي العهد والكتابة-وتركه : قال ... األمر واضح ظاهر ليس مما يقبل الرتاع فيه

.)٢() واستحقاقه ، وهذا أبلغ من العهد ومن األدلة على جوازه أيضا فعل اخللفاء الراشدين رضي اهللا تعاىل عنهم ، فقد استخلف أبو بكر عمر بن اخلطاب ، -٢

خالف من يرونه منهم ، وقد قال عمر رضي اهللا وهو عنهم راض الست r وعهد عمر باألمر إىل الستة الذين تويف رسول اهللا r وإن أترك فقد ترك من هو خري مين يعين رسول اهللا- يعين أبا بكر -إن أستخلف فقد استخلف من هو خري مين : ( عنه

ستخالف وقد مر معنا صيغة استخالف كل من أيب بكر لعمر ، مث عمر للستة رضي اهللا تعاىل عنهم ، وقد سبق هذا اال . )٣() .مشاورات طويلة مع كبار املهاجرين واألنصار

ومن األدلة على جواز االستخالف إمجاع الصحابة ، فلم تذكر الروايات أحدا خالف واحتج بأن العهد ال جيوز -٣ .حينما عهد أبو بكر إىل عمر ، مث حينما عهد عمر باألمر شورى إىل الستة من بعده ، فدل ذلك على اجلواز

وأما انعقاد اإلمامة بعهد من قبله فهو مما انعقد اإلمجاع على : ( وقد حكى هذا اإلمجاع كثري من العلماء فقال املاوردي .)٤() جوازه ، ووقع االتفاق على صحته

حاصله أن املسلمني أمجعوا على أن اخلليفة إذا حضرته مقدمات املوت : ( وقال النووي يف شرحه لصحيح مسلم يف هذا ، وإال فقد اقتدى بأيب r بل ذلك وقبل ذلك جيوز له االستخالف ، وجيوز له تركه ، فإن تركه فقد اقتدى بالنيبوق

واتفقوا أن لإلمام أن يستخلف : ( وقال ابن حزم . )٥() بكر رضي اهللا تعاىل عنه ، وأمجعوا على انعقاد اخلالفة باالستخالف بل اعتبر أن هذه . )٧() از ذلك أليب بكر رضي اهللا تعاىل عنه أحد ، وإمجاعهم هو اإلمجاع ومل خيتلف يف جو)٦(قبل أم ال

أن يعهد اإلمام امليت : فوجدنا عقد اإلمامة يصح بوجوه أوهلا وأفضلها وأصحها : ( الطريقة هي أحسن الطرق وأفضلها فقال

، و ) ٦/١٠٦(، وروى حنوه اإلمام أمحـد يف مسـنده ) ٤/١٨٥٧ (٢٣٨٧فضائل أيب بكر ح : ب . فضائل الصحابة : يف ك رواه مسلم واللفظ له ) ١()٦/١٤٤. ( ) .١/١٤٠(منهاج السنة ) ٢( .من هذا الفصل ) ١٢٥ص (متفق عليه وسبق خترجيه ) ٣( ) .١٠ص (األحكام السلطانية ) ٤( ) .١٥/٢٠٥(صحيح مسلم بشرح النووي ) ٥( .ولعل املراد أم اتفقوا على أن لإلمام أن يستخلف قبل موته وله أن يترك . كذا ) ٦( ) .١٤٥ص (مراتب اإلمجاع البن حزم ) ٧(

١٠٦

إذ ال نص وال إمجاع على املنع من . ه أو يف مرضه أو عند موته إىل إنسان خيتاره إماما بعد موته ، وسواء فعل ذلك يف صحت)١ (بأيب بكر r أحد هذه الوجوه ما فعل رسول اهللا

وهذا هو الوجه الذي خنتاره : ( قال ... ) . وكما فعل أبو بكر بعمر ، وكما فعل سليمان بن عبد امللك بعمر بن عبد العزيز وف من االختالف والشغب مما ل اإلمامة وانتظام أمر اإلسالم وأهله ، ورفع ما يتخونكره غريه ملا يف هذا الوجه من اتصا

.)٢(هـ . أ ) األطماع تشار األمر وارتفاع النفوس وحدوثغريه من بقاء األمة فوضى ومن ان يف يتوقع( السنة يف هذه الطريقة واملراد باإلمجاع فيما سبق هو إمجاع أهل السنة فقط ، ألن املعتزلة قد خالفوا أهل: قلت

، ولكن )٤( ، ونسب الشوكاين هذا القول إىل األشعرية أيضا )٣(حيث قصروها على االختيار فقط ) العهد ( االستخالف أو .يف هذه النسبة نظر ، ألن ألكثر األشاعرة يوافقون أهل السنة يف هذا املقام

ذلك يف r على جيش مؤتة ، وإذا فعل النيب r على استخالف النيب ومن األدلة على جواز االستخالف أيضا قياسه-٤ اإلمارة على اجليش جاز مثله يف اخلالفة ، فقد ذكر اإلمام البخاري رمحه اهللا تعاىل من رواية عبد اهللا بن عمر رضي اهللا تعاىل

أيب طالب ، فإن قتل فعبد اهللا بن إن قتل فجعفر بن« : أمر على جيش مؤتة زيد بن حارثة وقال r عنهما أن رسول اهللادم فقتل ، فأخذ الراية عبد فتقدم زيد فقتل ، فأخذ الراية جعفر وتق» وإن قتل فلريتض املسلمون رجال « ويف رواية » رواحة

.)٥(بن رواحة فتقدم فقتل ، فاختار املسلمون بعده خالد بن الوليد ااهللا

ف جائزة شرعا ، ال عربة مبا ذهب إليه بعض املحدثني من حماولة الطعن يف هذه وبناء على ما سبق فإن طريقة االستخالوما علموا أن الكفاءة شرط أساسي يف املستخلف ، وأنه . الطريقة الشرعية وزعمهم أا تؤدي إىل االستبداد والظلم وحنوها

املعهود له أن يكون مستكمال لشروط اإلمامة كما ال يتم إال بعد مشاورة أهل احلل والعقد ومبايعتهم له ، وأنه يشترط يف :سيأيت

: البيعة للمعهود له من قبل أهل احلل والعقد ورضاهم بذلك لكن هل تنعقد اخلالفة مبجرد العهد من اإلمام السابق أم ال بد من البيعة للمعهود له من قبل أهل احلل والعقد ؟ للعلماء يف

لنا أنه ال بد من البيعة للمعهود له ، وذلك لفعل اخللفاء الراشدين رضي اهللا تعاىل عنهم ، فأبو ذلك قوالن ، والذي يترجحبكر ملا أراد أن يستخلف عمر شاور كبار املهاجرين واألنصار يف ذلك ، فكلهم وافقه على العهد لعمر ، حيث أخذ منهم

خالف فأخذ يستشري كبارهم يف عمر ، وكلهم أيده على رأيه فيه ، امليثاق على أن يبايعوا من خيتاره بعد أن طلبوا منه االست . يف املسجد - كما مر -فعهد إليه فبايعوه وبايعه الناس

.سبق أن ابن حزم ممن يقول بالنصية على أيب بكر رضي اهللا تعاىل عنه ولذلك رجح هذه الطريقة ، وقصر التولية الصحيحة عليها ) ١( ) .٤/١٦٩(لل والنحل الفصل يف امل) ٢( ) .١(ق ) . ٢٠/٢٠٥(املغين يف أبواب التوحيد والعدل : انظر ) ٣( ) .٦/٥٦(نيل األوطار ) ٤( ) .١/٢٦٥(وحنوه عند اإلمام أمحد يف مسنده » ... وإن قتل فلريتضى « بدون ) ٧/٥١٠(فتح الباري : انظر . ٤٤. مغازي : رواه البخاري ) ٥(

١٠٧

فأحل عليه الصحابة فجعلها يف الستة ، ) ال أحتملها حيا وميتا : ( وكذلك شأن عمر فإنه مل يكن ينوي االستخالف وقال وهو عنهم راض ، وال شك أم أفضل املوجودين من الصحابة ، مث r باجلنة والذين تويف النيب وهم بقية العشرة املبشرين

رأينا مشاورة عبد الرمحن بن عوف الناس ، وأنه أخذ ثالث ليال ال يغتمض بكثري نوم يشاور الناس حىت أشاروا عليه بعثمان ، .)١() ورأى أم ال يعدلون به أحدا فبايعه وبايعه الناس

وال : ( وكذلك قال علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه فيما رواه عنه زيد بن علي رمحه اهللا يف جمموعه بسنده إىل علي قال .)٢() تنعقد اإلمامة إال بيعة املسلمني

امة ال تنعقد للمعهود اإلم: ( قال أبو يعلى الفراء . فلو كانت البيعة غري الزمة ملا فعلها الصحابة رضوان اهللا تعاىل عليهم : وقال املاوردي . وعلى هذا فيمكن أن يسمى العهد ترشيحا بلغة العصر . )٣() له بنفس العهد ، وإمنا تنعقد بعهد املسلمني

وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه . )٤() وذهب بعض علماء البصرة إىل أن رضا أهل االختيار لبيعته شرط يف لزومها لألمة ( وكذلك عمر ملا عهد إليه أبو بكر إمنا صار إماما ملا بايعوه وأطاعوه ، ولو قدر أم مل ينفذوا عهد أيب بكر : (... تعاىل اهللا

.)٥(... ) ومل يبايعوه مل يصر إماما .عقد ومبايعتهم له وذا حيصل التقارب بني طريق االختيار وطريق العهد ، يف أن كال منهما مشروط مبوافقة أهل احلل وال

والصحيح أن بيعته منعقدة ، وأن : ( يقول أما القائلون بعدم اشتراط رضا أهل احلل والعقد واملبايعة فمنهم املاوردي حيث ) حكم اإلمام يف العهد حكم أهل االختيار يف العقد : ( وقال صاحب السالفة يف معرفة اخلالفة . )٦() الرضا ا غري معترب

)٧(. .)٨( واحتجوا لذلك بأن بيعة عمر مل تتوقف على رضا الصحابة ، وألن اإلمام أحق ا فكان اختياره فيها أمضى

وأن من اعترض - كما مر بنا - ويرد على ذلك بأن بيعة عمر حصلت مبوافقة مجهور الصحابة رضوان اهللا تعاىل عليهم اجع وبايع كما بايع غريه كما مر ، وحنن ال نشترط اإلمجاع من قبل أهل احلل على ذلك لزعمه أنه خائف من غلظة عمر تر

.والعقد ال يف االختيار وال يف االستخالف أما أحقية اإلمام دون غريه فهذا ما ال تقوم له حجة ، بل احلق لعامة املسلمني ينوب عنهم يف ذلك كرباؤهم وعقالؤهم

ا اإلمام إال ساع هلم فيما يصلحهم يف دينهم ودنياهم ، فإن هو وافق الصالح واستخلف وم- أهل احلل والعقد -وعلماؤهم

) . ١٤٢ ، ص ١٣٥ص ( بكر وعثمان رضي اهللا تعاىل عنهما من هذا الفصل مبايعة أيب: انظر ) ١( ) .٥/١٨) : ( التتمة ألمحد احلسين ( الروض النضري شرح جمموع الفقه الكبري للسياغي ) ٢( ) .٢٥ص (األحكام السلطانية ) ٣( ) .١٠ص(األحكام السلطانية للماوردي ) ٤( ) .١/١٤٢(منهاج السنة ) ٥( ) .١٠ص(م السلطانية األحكا) ٦(رقم ) ١٢٢٥(يف املكتبة املركزية جبامعة أم القرى حتت رقم التسلسل ) ٢٣(ورقة ) خمطوط ( نشأة السالفة يف معرفة اخلالفة لعبد القادر أمحد الطربي ) ٧(

) .١٨١٨(التسجيل ) .١٠ص(األحكام السلطانية للماوردي ) ٨(

١٠٨

املناسب ستوافقه مجاعة أهل احلل والعقد ، وإن هو أخطأ يف ذلك فخطأه غري ملزم لبقية املسلمني ، خاصة بعد موته وسقوط اختار من يصلح ووافقه أهل احلل والعقد على ذلك فهو فالبد من الرجوع إليهم واستشارم يف ذلك ، فإذا. بيعته من رقام

.واهللا أعلم . املطلوب بل هو لقصر الشر وإماتة الفتنة أقرب وما – أهل احلل والعقد -وبناء على هذا فإن تعيني اإلمام ومبايعته سواء عن طريق االختيار أو االستخالف مداره على

متت له البيعة وانعقدت له اإلمامة ، وإن رفضوا - أهل احلل والعقد -قبل أهل الشأن اإلمام املستخلف إال مرشح فقط فإن .فال عربة بترشيح اإلمام السابق ، وهذا هو الواضح من سرية اخللفاء الراشدين يف ذلك واهللا أعلم

: شروطه :ا فيما يلي هذا وقد حدد العلماء شروط الواجب توفرها ليكون االستخالف صحيحا جنمله

كاإلسالم واحلرية والبلوغ ، والعقل والذكورة ، : أن تكون الشروط املطلوبة يف اإلمام متحققة يف املعهود إليه -١ وبناء على هذا فإنه ال جيوز أن يعهد إىل صغري وال إىل فاسق وال إىل غري الكفء وغريهم ممن ال . والعدالة والقرشية وغريها

.إلمام املعتربة شرعا وستأيت مفصلة قريبا إن شاء اهللا تتوفر فيه شروط ا أن يقبل املعهود إليه ويرضى به ، فإن مل يقبل املعهود إليه فال ينعقد عهده وال جيرب على ذلك ، ألن العهد عقد بني -٢

أن جييب املبايع ، فإن امتنع مل يشترط النعقاد اإلمامة: ( طرفني فال بد من موافقة كل من الطرفني ورضامها ، قال النووي .)١() تنعقد إمامته ومل جيرب عليها

أن يكون املعهود له حاضرا أو يف حكم احلاضر ، حبيث يكون معلوم اإلقامة ، أما إذا كان املعهود إليه مفقودا أو -٣ .)٢(وال استخالفه جمهوال فال جيوز العهد إليه

هد قد قام ذا العهد واإلمامة ال زالت معقودة له ، فإن عهد باإلمامة يف حال طروء عارض أن يكون اإلمام العا-٤ .)٣(خيرجه عن اإلمامة مل يصح العهد

. )٤(ومبايعتهم للمعهود له . مشاورة العاهد أهل احلل والعقد وموافقتهم له يف عهده بدون أي إجبار أو إكراه -٥ : واحد وقد يكون إىل اثنني فأكثر وهذا يكون على ضربني هذا وقد يكون العهد إىل

: األول ففي هذه احلال جيب أن خيتار أهل احلل أن جيعل اإلمامة شورى بينهم ، كما فعل عمر بن اخلطاب رضي اهللا تعاىل عنه ،

.)٥(والعقد أحد املعهود إليهم مث يبايعوه إماما للمسلمني

) .١٠/٤٣(روضة الطالبني ) ١( .حممد عبد القادر أبو فارس . د ) ٢٤٧ص (الساسي يف اإلسالم النظام ) ٢( ) .٢٨٧ص (رئاسة الدولة يف الفقه اإلسالمي ) ٣( .)١٩٩ص (ادة بيان يف شروط البيعة سيأيت له زي. فما بعدها ) ١٨٠ص (كما سبق توضيح هذا الشرط ) ٤(ص (اخلليفة توليته وعزله للدكتور صالح دبوس : انظر . التولية عن طريق الثقة : ا ثالثا وهو مل يعترب بعض املحدثني هذا من العهد ، وإمنا اعتربه طريق ) ٥(

.واهللا أعلم . وحنن ال نرى أن هناك فرقا بني العهد وهذا ، بل اإلمام العاهد املستكمل شروط اإلمامة هو من الثقات أيضا ) . ١٥٩

١٠٩

:الثاين إن مت ففالن هو اإلمام ، فإن مات فاإلمام فالن ، : أن يعهد اإلمام باإلمامة إىل أكثر من واحد يرتبها فيهم ، فيقول مثال

فإن مات فاإلمام فالن ، وهكذا ، فاإلمامة حينئذ جيب أن يراعى فيها الترتيب املذكور ، وقد استدل العلماء على هذا بفعل .يته اإلمارة لثالثة على الترتيب كما مر يف غزوة مؤتة وتول r النيب

: العهد إىل اآلباء أو األبناء :اختلف العلماء يف جواز ذلك على ثالثة مذاهب

: األول عدم جواز العهد إىل أصول العاهد أو فروعه ، وذلك ألن العهد كالشهادة واحلكم ، فال تقبل شهادة الرجل ألصوله وال

التهمة حبقه ، فاإلنسان بطبعه حيب نفسه ويؤثرها على غريها يف أكثر األحيان ، وحيب أصوله وفروعه ألنه لفروعه ، لوجودجزء منهم وهم جزء منه ، فال حتمله العاطفة على جمانبة الصواب وتزكية والده أو ولده ألمر اخلالفة ، وهو ال يستحقها وليس

.شبهات ومواطن التهم ، فإن من اتقى الشبهات فقد استربأ لدينه وعرضه كفؤا هلا ، واملسلم مأمور باالبتعاد عن ال : الثاين

ألنه أمري األمة ، نافذ األمر هلم وعليهم ، فغلب حكم املنصب على حكم ( جواز العهد إىل األصول والفروع وذلك األمر ، وإن عهد إىل أبيه أو ابنه ، يتهم اإلمام يف هذا وال : ( قال ابن خلدون . )١() النسب ، ومل جيعل للتهمة عليه طريقا

باامه يف الولد والوالد ، أو ملن : ألنه مأمون النظر هلم يف حياته ، فأوىل أن ال حيتمل فيها تبعة ما بعد مماته ، خالفا ملن قال إذا كانت هناك داعية تدعوا إليه من إيثار مصلحة خصص اامه بالولد دون الوالد ، فإنه بعيد عن الظنة يف ذلك كله ، السيما

إمنا هو مراعاة ... أو توقع مفسدة فتنتفي الظنة عند ذلك رأسا ، كما وقع يف عهد معاوية إليثار ابنه يزيد بالعهد دون سواه .)٢() املصلحة يف اجتماع الناس

: الثالث الطبع إىل الولد أميل منه إىل الوالد ، ولذلك كان ما يقتنيه يف األغلب مذخور إن له االنفراد بذلك للوالد دون الولد ، ألن

.)٣() لولده دون والده : الرأي الراجح وأدلة الترجيح

: والذي يترجح عندي من هذه اآلراء هو الرأي األول لسببني اثنني مها م ، حيث كانوا بعيدين كل البعد عن مواطن الشبهة ، فلم يعهد أبو بكر إقتداء باخللفاء الراشني رضي اهللا تعاىل عنه-١

رضي اهللا تعاىل عنه البنه ، ومل يعهد عمر البنه عبد اهللا ، وكان من فضالء الصحابة ، وقد اقترح ذلك عمر بعض الصحابة قال : عن األعمش عن إبراهيم قال أخربنا وكيع بن اجلراح : رضوان اهللا تعاىل عليهم ، فقد ذكر ابن سعد يف الطبقات قال

) .١٠ص (، وللماوردي ) ٢٥ص (انية ، وانظر األحكام السلط) ١/٥٢(مآثر اإلنافة )١( .بشيء من االختصار ) ٢١٠ص (مقدمة ابن خلدون ) ٢( ) .١٠ص(واألحكام السلطانية للماوردي ) ١/٥٢(مآثر اإلناقة ) ٣(

١١٠

يا أمري املؤمنني أين أنت من عبد اهللا بن عمر ؟ : رجل من أستخلف ؟ لو كان أبو عبيدة ابن اجلراح ، فقال له : ( عمر توىل وكما مر بنا أنه جعله من أهل الشورى ، ولكن نص على أنه ال ي)١(... ) ما أردت ا اهللا قاتلك اهللا ، واهللا: فقال

.اخلالفة زيادة يف الورع والبعد عن الشبهة - فهو ابن عم عمر - وكذلك حصر اخلالفة يف هؤالء الستة وهم بقية العشرة إال سعيد بن زيد ألنه كان يمت له بصلة

.)٢(فلم يسمه بعدا عن الشبهة ، ومبالغة يف التبري من األمر اىل عنه مل يعهد إىل أحد من أقاربه مع أن أكثر املؤرخني يتهمونه حببه هلم رضوان اهللا تعاىل وكذلك عثمان رضي اهللا تع

.عليه : وكذلك علي رضي اهللا تعاىل عنه مل يعهد إىل احلسن وقد طلب منه ذلك ، فعند وفاته رضي اهللا تعاىل عنه سأل الناس

وحينما طلب منه أن يوصي باخلالفة سأله رجل ) . وال أاكم ، أنتم أبصر ال آمركم : ( أنابيع ابنك احلسن ؟ فرد عليهم وذلك مبالغة منه رضي اهللا ... )٣( r وإمنا أترككم كما ترككم رسول اهللا. ال : فأجابه . أال تعهد يا أمري املؤمنني : فقال

.عنه يف التربي .م لنحوز الفوز يف الدنيا واآلخرة فاألوىل اإلقتداء ؤالء األبطال والسري على منواهل

إن اإلمام مهما بلغ من التقوى والورع والصالح يبقى إنسانا فيه ميول وغرائز وطباع ونوازع حنو اخلري وأخرى حنو -٢ ئه وحمابام الشر ، فهو خيطئ ويصيب ، ويذنب ويستغفر ليس مبعصوم ، ويتأثر بعوامل جبلية فطر عليها كحب آبائه وأبنا

أمانة جيب التحرز منها ، : فاألوىل له االبتعاد عن مواطن التهمة والشبهة ، واالسترباء لدينه وعرضه من ذلك ، وهي . غالبا فال : أي )٤( ﴾ أموالكم وأولادكم فتنة أنما﴿ : وأداؤها على وجهها األكمل ، وقد حذر اهللا تعاىل من عاطفة البنوة فقال

.تقوده عاطفة البنوة إىل اهلالك أما من سبق وأجاز العهد للولد فإنه اشترط أن يكون اهلدف مصلحة املسلمني ال غرضا دنيويا رخيصا ، بل اعترب ذلك

أن يستوحي العاهد من عهده : الشرط الثاين : ( صالح دبوس . بعض الكتاب من شروط صحة العهد عموما فقد قال د ) مصلحة املسلمني ، وهذا ما يكشف عنه عمل أيب بكر عند توليته لعمر رضي اهللا تعاىل عنهما كما هو ظاهر من عهده له

والذي سبق أن عرضناه آنفا ، وكذلك عهد معاوية البنه يزيد بدافع مصلحة املسلمني وإال فهناك من هو أحق منه . )٥(: ( أن تعود الفتنة مرة أخرى ، يقول ابن خلدون يف هذا الصدد وأفضل وأصلح ، ولكن خشي إن تركهم بدون عهد

وكذلك عهد معاوية على يزيد خوفا من افتراق الكلمة ، ملا كانت بنوا أمية مل يرضوا تسليم األمر إىل من سواهم ، فلو قد

) .٣/٣٤٣(طبقات بن سعد ) ١( ) .٣٩(وبنفس السند ذكر هذا األثر اخلالل يف املسند من مسائل أمحد ورقة )٢(ـ )٣( : ٩(، واحلديث يف جممـع الزوائـد ) ٢/٢٤٢(إسناده صحيح : ، عن عبد اهللا بن سبع ، قال أمحد شاكر ١٠٧٨ ، حديث رقم ٢مسند أمحد ج

) .رواه أمحد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غري عبد اهللا بن سبيع وهو ثقة ورواه البزار بإسناد حسن : ( وقال فيه ) ١٣٧ .٢٨سورة األنفال آية )٤( ) .١٤٩ص (ليفة توليته وعزله اخل )٥(

١١١

عاوية غريه ، فلم يكن ليعهد إليه عهد إىل غريه اختلفوا عليه مع أن ظنه به كان صاحلا ، وال يرتاب أحد يف ذلك ، وال يظن م .)١() وهو يعتقد ما كان عليه من الفسق ، حاشا اهللا ملعاوية من ذلك

ا ما فال يصار إىل العهد إىل األقارب إال إذ- كما سيأيت يف الشروط - وذلك من باب مبايعة املفضول مع وجود األفضل وبناء على هذا فهم متفقون على أن اإلمامة ال تورث ، فليس . رجحت مصلحة املسلمني ذلك ، وتيقن حتقيق هذه املصلحة

وأما أن يكون القصد بالعهد : ( من اإلسالم يف شيء أن تكون اإلمامة يف أسرة معينة ، أو طائفة خاصة ، قال ابن خلدون من املقاصد الدينية ، إذ هو أمر من اهللا خيص به من يشاء من عباده ، وينبغي أن حتسن فيه النية حفظ التراث على األبناء فليس

كل من قال ا : ( وقال عبد القاهر البغدادي . )٢() ما أمكن خوفا من العبث باملناصب الدينية ، وامللك هللا يؤتيه من يشاء ومعلوم أن كل أهل السنة يقولون بإمامة أيب . )٣() مامة ال تكون موروثة إن اإل: قال - أي بإمامة أيب بكر رضي اهللا عنه -

ال خالف بني أحد من أهل اإلسالم يف أنه ال : ( بكر رضي اهللا عنه ، ومل خيالفهم إال الرافضة من الشيعة ، وقال ابن حزم وإذ ابتلى ﴿ : مطلقا ، وقد قال اهللا عز وجل فنظام احلكم الوراثي غري معترف به إذن يف اإلسالم . )٤() جيوز التوارث فيها

دي الظالمنيهال عنتي قال ال ييمن ذراما قال واس إمللن اعلكي جقال إن نهمات فأتبكلم هبر اهيمر٥(﴾ إب(.

) .٢٠٦ص (املقدمة )١( ) .٢١٢ص (نفس املرجع )٢( ) .١٨٤ص (أصول الدين )٣( ) .٤/١٦٧(الفصل يف امللل والنحل )٤( .١٢٤سورة البقرة آية )٥(

١١٢

البيعةعقاد اإلمامة ، وهي االختيار واالستخالف ورأينا أن كال منهما ال بد فيه من البيعة من رأينا فيما سبق الطرق الشرعية الن

قبل أهل احلل والعقد ، مث من قبل عموم املسلمني الذين يتيسر حضورهم ، واآلن نود نتعرف على ماهية البيعة وأنواعها وشروطها وأقسامها

:نقول وغري ذلك مما ال يتعلق ا من أحكام ف : تعريفها

املبايعة : والبيعة : ( بفتح الباء تطلق ويراد ا الصفقة على إجياب البيع ، وعلى املبايعة والطاعة ، قال ابن منظور : البيعة يعا والتبايع عاهده ، وبايعته من البيع والبيعة مج: أصفقوا عليه ، وبايعه عليه مبايعة : والطاعة ، وقد تبايعوا على األمر كقولك

؟ هو عبارة عن املعاقدة واملعاهدة ، كأن كل واحد منهما باع ما » أال تبايعوين على اإلسالم « : مثله ، ويف احلديث أنه قال .)١() عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره

مري يف غري معصية ، يف املنشط واملكره والعسر واليسر إعطاء العهد من املبايع على السمع والطاعة لأل: فالبيعة إذن تعين العهد على الطاعة كأن املبايع يعاهد أمريه : اعلم أن البيعة هي : ( قال ابن خلدون . وعدم منازعته األمر وتفويض األمور إليه

عه فيما يكلفه به من األمر على على أنه يسلم له النظر يف أمر نفسه وأمور املسلمني ، ال ينازعه يف شيء من ذلك ، ويطياملنشط واملكره ، وكانوا إذا بايعوا األمري وعقدوا عهده جعلوا أيديهم يف يده تأكيدا للعهد ، فأشبه ذلك فعل البائع واملشتري

ديث ، فسمي بيعة مصدر باع وصارت البيعة مصافحة باأليدي ، هذا مدلوهلا يف عرف اللغة ومعهود الشرع وهو املراد يف احل .)٢() ليلة العقبة وعند الشجرة r يف بيعة النيب

:أنواع البيعة :أصحابه عليها أربعة r تتنوع البيعة يف الشرع حبسب األمر املبايع عليه ، وأهم األمور اليت بايع النيب

ه كفر إال هذه ، أما غريها فكبرية البيعة على اإلسالم ، وهي أوجب األنواع وآكدها ، وال شيء من البيعات نكث: أوال يبايع الناس على اإلسالم ، وذلك أن يأيت الرجل الذي يريد الدخول يف r من الكبائر وذنب عظيم ، وأكثر ما كان النيب

. r ويضع يده يف يده ويتشهد أو يتعهد بالتزام اإلسالم ، فيصري بذلك مسلما مبايعا للرسول r اإلسالم فيسلم على النيب :بأدلة صحيحة كثرية منها r كل هذا ثابت عن النيبو

يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن ال يشركن بالله شيئا وال يسرقن وال يزنني ﴿ : قول اهللا عز وجل -١ ني ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن وال يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله وال يقتلن أولادهن وال يأت

حيمر ٣( ﴾ غفور(.

) .٨/٢٦) (بيع ( لسان العرب مادة )١( ) .٢٠٩ص (مقدمة ابن خلدون )٢( .١٢املمتحنة آية ) ٣(

١١٣

أال إله إال اهللا وأن حممدا رسول اهللا ، على شهادة r بايعت رسول اهللا: حديث جرير بن عبد اهللا رضي اهللا عنه قال -٢ .)١() وإقام الصالة ، وإيتاء الزكاة ، والسمع والطاعة والنصح لكل مسلم .وهذا احلديث شامل هلذا النوع ولغريه من أنواع البيعات كما سيأيت

، فبايعه ، فقال ) عك على اإلسالم ك أبايهات يد: ( r حديث ضماد رضي اهللا تعاىل عنه الطويل وفيه أنه قال للنيب-٣ .)٢() وعلى قومي ( : ، قال » وعلى قومك « : r رسول اهللا

بايعين على اإلسالم ، فبايعه على ( : فقال r جاء أعرايب إىل النيب: حديث جابر بن عبد اهللا رضي اهللا تعاىل قال -٤ .)٣(» املدينة كالكري تنفي خبثها وتنصع طيبها « : فأىب ، فلما ولى قال . ين أقل: اإلسالم ، مث جاء من الغد حمموما فقال

:البيعة على النصرة واملنعة : ثانيا ، وكان عددهم إذ ذاك ثالثة )٤(الثانية على وفد األنصار ، وهي بيعة العقبة r وهذه تتضح يف البيعة اليت أخذها النيب

فتال القرآن r سرا بالعقبة من أوسط أيام التشريق ، فلما حضروا ، تكلم النيب r فواعدهم النيب: ( ني وسبعني رجال وامرأتفأخذ الرباء بن : أبايعكم على أن متنعوين مما متنعون منه نساءكم وأبناءكم قال : ودعا إىل اهللا ورغب يف اإلسالم ، مث قال

.)٥() إخل ... ق نبيا لنمنعنك مما مننع منه أزرنا فبايعنا رسول اهللا باحل نعم والذي بعثك: معرور بيده مث قال

:البيعة على اجلهاد : ثالثا : وقد وردت يف القرآن الكرمي ويف السنة الشريفة يف عدة مواضع منها

موالهم بأن لهم اجلنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون إن الله اشترى من المؤمنني أنفسهم وأ﴿ : قول اهللا تعاىل - ١ م به وتعايالذي ب عكميوا ببشربتالله فاس ده منهفى بعأو نمآن والقراإلجنيل واة وروقا في الته حليدا ععلون وقتيو وه ذلك

ظيمالع ز٦( ﴾ الفو(. فاهللا سبحانه وتعاىل ابتاع من املؤمنني أنفسهم وأمواهلم بأن هلم اجلنة وعدا عليه حقا يف كتبه املرتلة أن يفي هلم ما وعدهم

ما من مسلم : ( مشر بن عطية قال وذكر ابن جرير عن. إذا هم وفوا ما عاهدوا اهللا عليه ، فقاتلوا يف سبيل اهللا فقتلوا أو قتلوا قال . )٧(﴾ اآلية ... إن الله اشترى من المؤمنني أنفسهم﴿ : إال وهللا يف عنقه بيعة وفى ا أو مات عليها يف قول اهللا تعاىل

: ب . اإلميـان : ، ورواه مسلم يف ك ) ٤/٣٧٠( ، هل يبيع حاضر لباد بغري أجر ؟ فتح الباري ٦٨: ب . البيوع : تفق عليه ، رواه البخاري يف ك م) ١(

يـوع ، وأمحـد يف لبا: ، والدارمي يف ١٦: ، والنسائي يف البيعة ١٧. الرب : ، ورواه الترمذي يف ) ١/٧٥( ، ٥٦بيان أنه ال يدخل اجلنة إال املؤمن ، ح .)٤/٣٥٨(املسند

) .٢/٥٩٣( ، ٨٦٨ختفيف الصالة واخلطبة ، ح: ب . اجلمعة : رواه مسلم يف ك ) ٢( ) .١٣/٢٠٥( ، من نكث بيعته ، فتح الباري ٥٠: ب . األحكام : رواه البخاري ك ) ٣( ، فـتح ١١: اإلميـان ب : انظر البخاري ك .﴾ ... ا النبي إذا جاءك المؤمناتيا أيه كانت بيعة العقبة األوىل على اإلسالم كما يف بيعة النساء ﴿ ) ٤(

) .١/٤٣٣(، وسرية ابن هشام ) ١/٦٤(الباري ) .١/٤٤٣(، وسرية ابن هشام ) ٥/٣٢٥(مسند اإلمام أمحد ) ٥( .١١١التوبة آية ) ٦( ) .١١/٣٥(تفسري الطربي ) ٧(

١١٤

لكانت هذه اآلية كافية يف - وذكر اآلية -ولو مل يكن يف ذلك إال قول ريب عز وجل : ( الشيخ حافظ حكمي رمحه اهللا ) نعش القلوب وييج النفوس وتشويقها ، ومحلها على تلك البيعة الراحبة اليت ال خطر هلا وال حياط بعظم فضلها واهللا املستعان

هذا ماض إىل يوم القيامة ، وهي يف فهذه البيعة يف عنق كل مسلم ، وهي اجلهاد يف سبيل اهللا وهي مستمرة ، ألن اجلهاد . )١( .املوطن حتتمل البيعة مبعىن الشراء ، وحتتمل أن تكون مبعىن العهد

إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث ﴿ : ومنها ما ورد يف احلديبية من قول اهللا تعاىل -٢ وذكر يف . فهذه اليت كانت يف احلديبية . )٢( ﴾ نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيمافإنما ينكث على أرسل عثمان بن عفان رضي اهللا عنه إىل مكة للتفاوض مع املشركني وإخبارهم أن الرسول جاء r سببها أن رسول اهللا

» ال نربح حىت نناجز القوم « : r قتل ، فقال النيب أنه قد r فاحتبسته قريش يف مكة ، وأشيع عند النيبمعتمرا ال غازيا ، وقد نزل يف هذه البيعة ، قرآنا يتلى إىل يوم القيامة ، وهو قوله . )٣(، ودعا إىل البيعة ، وكانت بيعة الرضوان حتت الشجرة

الله عن المؤمنني إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم لقد رضي ﴿ : تعاىل يف نفس السورة ويف هذه اآلية ميتدح اهللا صنيعهم يف هذا املوقف ومينحهم رضاه عز وجل وهو هدفهم املنشود . )٤(﴾ ... وأثابهم فتحا قريبا .رضوان اهللا عليهم

يوم r على أي شيء بايعتم رسول اهللا: لسلمة بن األكوع : قلت : وروى البخاري عن يزيد بن أيب عبيد قال -٣ مل نبايع : ( ويف رواية مسلم عن جابر قال ) . على الصرب : ( ويف رواية عند البخاري . )٥() على املوت : ( احلديبية ؟ قال

.)٦() املوت ، وإمنا بايعناه على أال نفر علىrرسول اهللا

أحاديث كثرية يف ذلك حىت كان مما يردده املهاجرون واألنصار يوم ... وروى البخاري يف باب البيعة يف احلرب -٤ :اخلندق من الرجز

حنن الذين بايعوا حممدا )٧(على اجلهاد ما حيينا أبدا (

)

:البيعة على اهلجرة : رابعا وكانت أول األمر فرض عني على من أسلم ، مث انتهت بعد الفتح ، ومن أدلة ذلك حديث جماشع بن مسعود رضي اهللا

» ا ذهب أهل اهلجرة مبا فيه« : يا رسول اهللا جئتك بأخي لتبايعه على اهلجرة ، قال : أتيت بأخي بعد الفتح فقلت : عنه قال

.بدون . ط . مجاعة إحياء التراث مصر . ن )١/٣٠٠(معارج القبول ) ١( .١٠سورة الفتح آية ) ٢( ) .٧/٣١٤(، وتفسري ابن كثري ) ٣/٣١٥(بتوسع سرية ابن هشام : انظر ) ٣( .١٨سورة الفتح آية ) ٤(استحباب مبايعة اإلمام اجليش ، : ب . اإلمارة: ، ومسلم يف ك ) ٧/٤٤٩( ، غزوة احلديبية ، فتح الباري ٣٥: ب . املغازي : رواه البخاري يف ك )٥( ) .٣/١٤٨٦( ، ١٨٦١ح ) .٣/١٤٨٣( ، ١٨٥٦استحباب مبايعة اإلمام اجليش ، ح: ب . اإلمارة : صحيح مسلم ك )٦( ) .٦/١١٧( ، يف البيعة يف احلرب ، فتح الباري ١١٠: ب . اجلهاد : البخاري ك ) ٣(

١١٥

واملراد اهلجرة من مكة إىل املدينة ، أما . )١(» أبايعه على اإلسالم واجلهاد واخلري « : على أي شيء تبايعه ؟ قال : ، فقلت .اهلجرة من بلد الكفر إىل بلد اإلسالم ، فهذه حكمها مستمرة إىل قيام الساعة

:البيعة على السمع والطاعة : خامسا وهي املراد يف -طلقت البيعة انصرفت إليها ، واليت كانت تعطي لألئمة عند تعينهم خلفاء للمسلمني وهذه هي اليت إذا أ

: واألدلة عليها كثرية منها -هذا الباب على السمع والطاعة يف العسر واليسر ، r بايعنا رسول اهللا: حديث عبادة بن الصامت رضي اهللا تعاىل عنه قال -١

ويف ) . وعلى أثرة علينا ، وعلى أال ننازع األمر أهله ، إال أن تروا كفرا بواحا عندكم من اهللا فيه برهان واملنشط واملكره ، .)٢() وعلى أن نقول باحلق أينما كنا ، وأال خناف يف اهللا لومة الئم : ( رواية

فيما « : ى السمع والطاعة يقول لنا عل r كنا نبايع رسول اهللا: ( حديث عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما قال -٢ فيما استطعت ، « : r وتقدم حديث جرير بن عبد اهللا وفيه املبايعة على السمع والطاعة فلقنه رسول اهللا ) . )٣(» استطعت

.» والنصح لكل مسلم . والطاعة وحنن يف حبثنا هذا سنقتصر على هذا النوع من البيعات ، وهو بيعة اإلمام رعيته على السمع

:شروط صحة البيعة ومن مث جيب على املسلم أن يبايع ملن توفرت فيه : ذكر العلماء أن هناك بعض الشروط اليت جيب توفرها لصحة عقد البيعة

:هذه الشروط وهي ها إال مع الشوكة فال تنعقد مع فوات واحد من- وستأيت مفصلة - أن جيتمع يف املأخوذ له البيعة شروط اإلمامة -١

.والغلبة كما سيأيت أهل احلل والعقد كما سبق أن بينا أن ذلك من وظائفهم ، قال الرملي - بيعة االنعقاد - أن يكون املتويل لعقد البيعة -٢ العامة فلهم ذلك كما ذلك يف بيعة االنعقاد ، أما البيعة : قلت )٤() أما بيعة غري أهل احلل والعقد من العوام فال عربة هلا : (

وكان قد أدرك النيب-سيأيت ، لكنه يشترط يف املبايع التكليف ، بدليل أن زينب بنت محيد ذهبت بابنها عبد اهللا بن هشام r -إىل رسول اهللا r ٥() فسمح رأسه ودعا له . » هو صغري « : فقال النيب . يا رسول اهللا بايعه : فقالت(.

حترمي رجـوع : ب . اإلمارة : ، ومسلم يف ك ) ٦/١١٦( ، يف البيعة يف احلرب ، فتح الباري ١١٠: ب . اجلهاد: رواه البخاري يف ك : متفق عليه )١(

) .٣/١٤٨٧( ، ١٨٦٣املهاجر إىل استيطان وطنه ، ح. اإلمارة : سلم يف ك ، وم ) ١٣/٥(فتح الباري » سترون بعدي أمورا تنكروا « : r ، قول النيب ٢: ب . الفنت : متفق عليه رواه البخاري يف ك ) ٢(

) .٣/١٤٧٠( ، ١٧٤٩وجوب طاعة األمراء تنكروا يف غري معصية ح: ب ) .٣/١٤٩٠( ، ١٨٦٧البيعة على السمع والطاعة فيما استطاع ، ح: ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك ) ٣( ) .٧/٣٩٠(اية احملتاج ) ٤( ) .١٣/٢٠٠(غري ، فتح الباري ، بيعة الص٤٦: ب . األحكام : رواه البخاري يف ك ) ٥(

١١٦

: ( هو فعل اخللفاء الراشدين رضي اهللا عنهم كما مر ، وقول عمر رضي اهللا عنه كما ثبت يف الصحيح ودليل هذا الشرط وقال عمر . )١() فال يتابع هو ومن بايعه تغرة أن يقتال : ( ويف رواية ) . يبايع من بايع رجال من غري مشورة املسلمني فال

وا ، فإن حدث يب حدث فليصل بالناس صهيب موىل بين جدعان ثالث ليال ، أمهل: ( رضي اهللا عنه وهو على فراش املوت فمن تأمر من غري -للستة : حظ اخلطاب ال-أحدكم مث امجعوا يف اليوم الثالث أشراف الناس ، وأمراء األجناد فأمروا

.)٢() مشورة فاضربوا عنقه

إال أن يكون من ال : ( قال النووي يف الروضة . د إمامته ومل جيرب عليها فلو امتنع مل تنعق. أن جييب املبايع إىل البيعة -٣ .)٣() يصلح لإلمامة إال واحد فيجرب بال خالف

أن يتحد املعقود له ، بأن ال تعقد البيعة ألكثر من واحد ، يدل على ذلك ما رواه مسلم يف صحيحه بسنده إىل أيب -٤ . )٥(» فوا بيعة األول فاألول « : r وقوله)٤(» إذا بويع خلليفتني فاقتلوا اآلخر منهما « : ل سعيد اخلدري رضي اهللا عنه قا

ال أبايع اثنني ما : ( بن املسيب رمحه اهللا ملا دعي إىل البيعة للوليد وسليمان ابين عبد امللك بن مروان ، فقال اولذلك أىب سعيد ال واهللا ال يقتدي يب أحد من : ( من الباب واخرج من الباب اآلخر ، فقال ادخل: فقيل : ، قال ) اختلف الليل والنهار

.)٦() الناس فجلد وألبس املسوح قوال وعمال ، وهذا الشرط واضح يف خطب اخللفاء الراشدين رضي r أن تكون البيعة على كتاب اهللا وسنة رسوله-٥

: ( وتبعه عمر فقال . )٧(... ) أطيعوين ما أطعت اهللا ورسوله : ( ضي اهللا عنه اهللا تعاىل عنهم كما مر ، حيث قال أبو بكر راهللا أبايعك على سنة : ( وقال عبد الرمحن بن عوف لعثمان رضي اهللا عنهما ) . الطريقني فورب الكعبة ألمحلن العرب على

.فوافقه عثمان وبايعه على ذلك . )٨() ، وسنة رسوله ، واخلليفتني من بعده

إين أقر بالسمع والطاعة : ( وكما كتب عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما لعبد امللك بن مروان بعد أن اجتمع عليه الناس .) ٩() لعبد اهللا عبد امللك بن مروان أمري املؤمنني على سنة اهللا وسنة رسوله ما استطعت وإن بين قد أقروا مبثل ذلك

يف سورة واحدة ومل )١(وهذا الشرط مستند إىل صريح القرآن الكرمي حيث ترددت آية واحدة : ( ي ظافر القامس. قال د فإذا خالف املبايع هذا الشرط . )٢(﴾ ... ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولـئك هم الكافرون﴿ : يتغري فيها إال جزء واحد

: وانظر ) . ١/٥٦(، ورواه اإلمام أمحد يف املسند ) ١٢/١٤٥(رجم احلبلى من الزنا إذا أحصنت ، فتح الباري : ب . احلدود : رواه البخاري يف ك ) ١( ) .١٣٧ص ( ) .٨/١٥١(سنن البيهقي ) ٢( ) .١/٤٥(مآثر اإلناقة ) ٣( .وغريه ) ٣/١٤٨٠( ، ١٨٥٣إذا بويع خلليفتني ، ح: ب اإلمارة ،: رواه مسلم يف ك ) ٤( ) . ٣٦ص (متفق عليه وسبق خترجيه يف التعريف ) ٥(و ) ٩/٦٠(، وانظـر البدايـة والنهايـة ) ٢/١٤٥( إسناده صحيح انظر حاشية إحياء علوم الدين : قال العراقي ) ٢/١٧٠(حلية األولياء أليب نعيم ) ٦()٩/١٠١. ( .من هذا الفصل ) ١٣٨ص : (انظر . إسناده صحيح : قال ابن كثري ) . ٦/٣٠١(والبداية والنهاية ) ٤/٦٦١(م سرية ابن هشا) ٧( ) .١٣/١٩٤(فتح الباري ( ، كيف يبايع اإلمام الناس ؟ ٤٣: ب . األحكام : صحيح البخاري ك )٨( ) . ١٣/١٩٤(لباري ، كيف يبايع اإلمام الناس ؟ فتح ا٤٣: ب . األحكام : صحيح البخاري ك ) ٩(

١١٧

)٣(» املسلمون على شروطهم « : r سنة أو عمل مبا يناقضهما فقد انتقضت بيعته لقولهالشرط فلم يعمل مبا يف الكتاب وال.

احلرية الكاملة للمبايع يف البيعة ، كما فعل الصحابة رضوان اهللا تعاىل عليهم يف بيعة اخللفاء الراشدين ، فلم تذكر -٦ اره أو يترك ، وقد كانوا يبدون اعتراضام ولكنهم يتراجعون بعد على بيعة قط ، وإمنا يبايع باختي الروايات أم أجربوا أحدا

روى ابن جرير عن اإلمام مالك : ( االقتناع باحلجة والربهان ، وبناء على هذا الشرط فبيعة املكره ال تلزم ، فقد قال ابن كثري فإن يف أعناقنا بيعة للمنصور : فقيل له - هـ ١٤٥ أي حممد بن عبد اهللا بن حسن الذي خرج سنة -أنه أفىت الناس مببايعته

وكان هذا هو سبب منته رمحه . )٤() إمنا كنتم مكرهني ، وليس ملكره بيعة ، فبايعه الناس عند ذلك ولزم مالك بيته : ، فقال .)٥(اهللا وجلده

.ر واإلكراه ومما يدل على هذا الشرط أيضا أن البيعة عقد مراضاة واختيار ال سبيل فيها إىل اإلجبا وذلك لئال يدعي مدع أن اإلمامة عقدت له )٦(من العلماء من شروط اإلشهاد على املبايعة : اإلشهاد على املبايعة -٧

يكفي شاهدان خالفا للجبائي : بوجوب اإلشهاد على عقد اإلمامة قالوا : سرا فيؤدي ذلك إىل الشقاق والفتنة والذين قالوا : ة شهود وعاقدا ومعقودا له مستنبطا ذلك من ترك عمر األمر شورى بني ستة ، فوقع األمر على عاقد وهو أربع: يف اشتراطه

وال : ( عثمان بن عفان ، وبقي األربعة اآلخرون شهودا ، قال الشنقيطي رمحه اهللا : عبد الرمحن بن عوف ، ومعقود له وهو .)٧() وابن كثري والعلم عند اهللا تعاىل خيفى ضعف هذا االستنباط كما نبه عليه القرطيب

. بأنه ال جيب اإلشهاد ، ألن إجياب اإلشهاد حيتاج إىل دليل من النقل وهذا ال دليل عليه منه : أما مجهور العلماء فقد قالوا

د ، وسبق أن بينا الراجح يف والذين قالوا بإجياب اإلشهاد هم القائلون جبواز أن يكون العاقد واحدا ، فهنا جيب اإلشها: قلت أهل احلل والعقد ، فهم مجاعة ال حيتاج معهم إىل شهود ، وسبق أن ناقشنا : هذه املسألة ، وهو أن الذي يقوم بالعقد هم

.واهللا أعلم . فاحلاصل أن هذا الشرط غري واجب اشتراطه )٨(األقوال احملددة ألهل احلل والعقد

.٤٧ ، ٤٥ ، ٤٣سورة املائدة اآليات : انظر . احلق أا جزء من آية وليست آية مستقلة يف املواضع الثالث ) ١( ) .٢٧٤ص (نظام احلكم يف الشريعة والتأريخ اإلسالمي ) ٢(يف الصلح ، عـون : ب . األقضية : ، ورواه أبو داود يف ك ) ٤/٤٥١(فتح الباري ... أجرة السمسرة : ب . اإلجارة : رواه البخاري تعليقا يف ك ) ٣( .حسن صحيح : وقال ) ٣/٦٢٦) (إال شرطا حرم حالال أو أحل حراما : ( يف الصلح وزاد : ب . األحكام : ك : وحنوه عند الترمذي ) . ٩/٥١٦( ) . ١٠/٨٤(البداية والنهاية ) ٤( ) .٢٠٣ ص(آداب الشافعي ومناقبه للرازي ) ٥( ) .١/٤٥(انظر مآثر اإلنافة للقلقشندي ) ٦( ) .١/٦١(أضواء البيان ) ٧( .من هذا الفصل) ١٦٤ص : (انظر ) ٨(

١١٨

:حكم نكث البيعة اإلسالم دين االلتزام والنظام ، ومن بديهيات هذا الدين الوفاء بالعهود سواء كانت بني املسلمني بعضهم مع بعض ، أو حىت مع الكفار ، وقد ورد يف القرآن الكرمي الوفاء ذه العهود سواء كانت عهودا خاصة بني األفراد أو بني مجاعام ، أو

.ومن هذه اآليات . ن الكفار حىت بني املسلمني وأعدائهم م .)١( ﴾ وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤوال﴿: قوله تعاىل -١ .)٢(اآلية ﴾ ... يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴿ : وقوله تعاىل -٢ الله إذا عاهدتم وال تنقضوا األيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيال إن وأوفوا بعهد ﴿ : وقوله عز وجل -٣

.)٣( ﴾ الله يعلم ما تفعلونات تدل على وجوب وهذا عام يف كل عقد وعهد ، والبيعة جبميع أنواعها داخلة يف هذه العقود والعهود ، وهذه اآلي

.الوفاء ا والبيعة نفسها ملا كانت ختتلف باختالف املبايع عليه كما رأينا آنفا يف تعداد أنواعها ، فإنه ال يصح إطالق حكم معني على

حكمه من مل يلتزم بالبيعة ، دون تقييده إما لفظا أو بقرينة احلال مبا يدل على النوع املراد من هذه البيعات ، ولكل نوع :اخلاص ، فمنها ما هو كفر ، ومنها ما هو معصية وكبرية من الكبائر ، فاملسألة إذا حتتاج إىل تفصيل كما سيأيت

: البيعة على اإلسالم -١ فهذه إذا نقضها املبايع يكون كافرا مرتدا عن اإلسالم ، كما فعل األعرايب يف احلديث السابق ، مع أنه من احملتمل أن

كون هذا األعرايب قد طلب اإلقالة من البيعة على اهلجرة ال على اإلسالم عندما استوخم املدينة وأصابته محاها ، فال يكون ي .)٤(بذلك مرتدا عن اإلسالم ، بل يكون مرتكبا لكبرية من الكبائر آنذاك وهي التعرب بعد اهلجرة

والذين آمنوا ولم يهاجروا ما ... ﴿ : نفى عنه الوالية كما يف قوله تعاىل وقد أثبت اهللا اإلميان ملن مل يهاجر ، وإن كان يثاقم مهنيبو كمنيم بلى قوإال ع رصالن كمليين فعفي الد وكمرنصتإن اسوا واجرهى يتء حين شتهم مالين ولكم م ... ﴾

.)٥(اآلية ، ال نعلم من الصحابة وال من بعدهم أحدا أخذها ، وإمنا كان الرجل r علما بأن البيعة على اإلسالم كانت خاصة بالنيب

نفسه مل يبايع مجيع املسلمني على اإلسالم ، فإن منهم r يدخل يف اإلسالم دون بيعة ألحد ، بل إن النيب r بعد وفاة النيب . r ومل يره ، وكثري منهم أسلم ومل يضع يده يف يدهمن أسلم

.٣٤سورة اإلسراء آية ) ١( .سورة املائدة اآلية األوىل ) ٢( .٩١سورة النحل آية ) ٣( ) .١٣/٢٠٠(فتح الباري : انظر ) ٤( .٧٢سورة األنفال آية ) ٥(

١١٩

.أما البيعة على اهلجرة فقد انقطعت بانقطاع اهلجرة بعد فتح مكة كما مر أما من نكث البيعة على النصرة أو اجلهاد أو السمع والطاعة دون أن يصدر منه ما ينايف أصل اإلميان ، فهذا يكون -٢

نقض العهد الذي توعد اهللا فاعله ، وهذه ختتلف حرمتها باختالف : لكبرية من الكبائر ، وهي بذلك عاصيا مرتكبا عقد : موضوعها ، فأشدها حرمة نكث بيعة اإلمام الشرعي على السمع والطاعة يف غري معصية من دون مربر شرعي ، وهي

كفر أو اجلنون وحنو ذلك ، وهي املراد بالبيعة عند على الدوام إال إذا حدث من املبايع أو قام به ما ينقضها كاملوت أو ال .اإلطالق

أما البيعة على النصرة واجلهد فهي تأيت يف ظروف استثنائية ولذلك تذكر مقيدة ، وجيب الوفاء ا عند انعقادها ، ونكثها على الثبات والصرب ، وقد يثبت أخف من نكث بيعة اإلمام على السمع والطاعة ، فإنه جيوز أن يبايع القائد املسلم جيشه

.ويصرب هذا املبايع وقد ال يثبت وقد ورد أحاديث كثرية يف وجوب الوفاء ببيعة اإلمام على السمع والطاعة يف غري معصية ، وحترمي نكث بيعته بدون مربر

:شرعي ، ومن هذه األحاديث أمريه شيئا يكرهه فليصرب ، فإنه ليس من رأى من « r قال رسول اهللا: حديث ابن عباس رضي اهللا عنهما قال -١

.)١(» أحد يفارق اجلماعة شربا فيموت إال مات ميتة اجلاهلية .)٢() املراد باملفارقة السعي إىل حل عقد البيعة اليت حصلت لذلك األمري : ( قال ابن أيب محزة

من بايع إماما فأعطاه صفقة يده ومثرة قلبه « : قال r ما أن النيب حديث عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا عنه-٢ .)٣(» فليطعه ما استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق اآلخر

: قال r قاعدت أبا هريرة مخس سنني ، فسمعته حيدث عن النيب: ومنها ما روي عن أيب حازم رضي اهللا عنه قال -٣ قالوا فما . » نيب خلفه نيب ، وأنه ال نيب بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر وسهم ألنبياء ، كلما هلك كانت بنو إسرائيل تس«

.)٤(» بيعة األول فاألول ، وأعطوهم حقهم ، فإن اهللا سائلهم عما استرعاهم بفوا « : ؟ قال r رسول اهللا تأمرنا يا: أي . )٥(» من مات وليس يف عنقه بيعة مات ميتة اجلاهلية « :قال r حديث ابن عمر رضي اهللا عنهما عن النيب-٤

عند وجود اإلمام الشرعي ، وذلك ألنه قد يفهم بعض الناس من ظاهر هذا احلديث أنه جيب على املسلم أن يبايع احلاكم

وجوب مالزمة مجاعة املسـلمني ، : ب . اإلمارة : ، ومسلم يف ك ) ١٣/١٢١( ، فتح الباري ٤: ب . األحكام : رواه البخاري يف ك . تفق عليه م) ١(

) .١/٢٧٥( ، وأمحد يف املسند ٧: ب . السرية : ك : ، والدارمي ) ٣/١٤٧٧( ، ١٨٤٩ح ) .١٣/٧(فتح الباري ) ٢(، ) ١١/٣١٩( ، عون ٢٥: ب . البيعة : ، وأبو داود يف ك ) ٣/١٤٧٣( ، ١٨٤٤وجوب الوفاء ببيعة اخللفاء ، ح : ب . ة اإلمار: رواه مسلم يف ك ) ٣(

، وأمحـد ) ٧/١٥٣(على من بايع اإلمام وأعطاه صفقة قلبه : ب . البيعة : ، والنسائي يف ك ٣٩٥٦، ح ) ٢/١٣٠٦( ، ٩: ب . الفنت : وابن ماجة ك )٢/١٦١. ( ) . ٣٦ص (ليه وسبق خترجيه يف التعريف متفق ع) ٤( ) .٣/١٤٧٨( ، ١٨٥١ح... وجوب مالزمة مجاعة املسلمني عند ظهور الفنت : ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك ) ٥(

١٢٠

هللا ، حىت يسلم من هذا الوعيد املوجود يف عصره مهما كان هذا احلاكم ، سواء كان فاسقا أو ظاملا ، بل ولو كافرا والعياذ با .» امليتة اجلاهلية « : وهو

واحلق خالف هذا الفهم ، فالذي يفهم منه أنه إذا كان هناك إمام شرعي ، توفرت فيه شروط صحة البيعة ، وانتفت نواقضها وز له أن يبيت وال يراه إمام ، ، فإنه جيب على املسلم أن يبادر إىل البيعة إذا كان من أهل احلل والعقد ، أو طلبت منه وال جي

أما إذا مل تكن شروط صحة البيعة متوفرة يف هذا احلاكم ، فليس عليه واجب البيعة ، بل عليه أن يسعى إلجياد اإلمام الشرعي . حسب طاقته وال يكلف اهللا نفسا إال وسعها

: والذي يدل على أن احلديث خالف ظاهره ما يلي .)١(جبة وجوبا كفائيا إذا قام به البعض سقط ، الباقني كما هو قول اجلمهور أن البيعة وا-١ فعل راوي احلديث عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما نفسه ، فهو أوىل بفهم احلديث على وجهه الصحيح من غريه ، -٢

ع ملعاوية ملا اصطلح مع احلسن بن علي واجتمع أنه امتنع أن يبايع لعلي أو معاوية ، مث باي: ( فقد قال عنه احلافظ ابن حجر عليه الناس ، وبايع البنه يزيد بعد موت معاوية الجتماع الناس عليه ، مث امتنع من املبايعة ألحد حال االختالف إىل أن قتل

.)٢() الزبري وانتظم امللك كله لعبد امللك بن مروان فبايع له حينئذ ا بات ليلة إال ويف عنقه بيعة ألحدمها يعطيها من يدله عليه اجتهاده على أنه أقرب للصواب فلو فهم احلديث على ظاهره مل

.)٣() لكين أكره أن أبايع أمريين قبل أن جيتمع الناس على أمري واحد : (... ، وقد روي عنه قوله النتفاء أحد شروط صحة البيعة ، . فاملقصود أنه أخذ مدة وليس يف عنقه بيعة ألحد ، وهذا على خالف ظاهر احلديث

.وهو أن يكون املبايع واحدا ، كما مر يكون دعاة على أبواب جهنم ، من أجام إليها « : r قال رسول اهللا: ما رواه حذيفة بن اليمان رضي اهللا عنه قال -٣

فما تأمرين إن : ، فقلت » يتكلمون بألسنتنا هم قوم من جلدتنا« : يا رسول اهللا ، صفهم لنا ؟ قال : ، فقلت » قذفوه فيها فالزم مجاعة املسلمني وإمامهم ، فإن مل يكن هلم مجاعة وال إمام فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن « : أدركين ذلك ؟ قال

.)٤(» تعض بأصل شجرة ، حىت يدركك املوت وأنت كذلك

) ... ٢٧ص (، واألحكـام السـلطانية أليب يعلـى ) ١/٦٩(، وروضة القضاة وطريق النجاة للسمناين ) ٢٥٤ص (املعتمد يف أصول الدين : انظر ) ١(

) .١٥ص (وللماوردي وإنكاره على أيب سعيد اخلدري مبايعته البـن ) ٩/١٢١(البداية والنهاية . اعتزاله للحرب بني ابن الزبري واحلجاج : وانظر ) . ١٣/١٩٥(فتح الباري ) ٢(

) .٣/٣٠(الزبري مث ألهل الشام مسند أمحد ) . ٣/٣٠(املسند ) ٣(وجوب : ب . اإلمارة : ، ومسلم يف ك ) ١٣/٣٥(، كيف األمر إذا مل تكن مجاعة ، فتح الباري ١١: ب . الفنت : يف ك متفق عليه ، رواه البخاري ) ٤(

) .٢/١٣١٧( ، ٣٩٧٧٩ ، يف العزلة ، ح١٣: ب . ، وابن ماجة يف الفنت ) ٣/١٤٧٥(مالزمة مجاعة املسلمني عند ظهور الفنت

١٢١

رفون ، وتدعون ما تنكرون وتقبلون على خاصتكم وتذرون أمر تأخذون مبا تع« : عند االختالف بقوله r كما أمر .)١(» عوامكم

فلو كانت البيعة واجبة يف عنق كل مسلم يف كل وقت ألمر مببايعة إمام إحدى هذه الفرق ، علما بأن لكل فرقة إماما ، فال وأرشدنا عند وقوع هذه احلالة أن نقبل على أمر جيوز مبايعة إال اإلمام الشرعي مىت وجد ، وقد رفع اهللا عنا احلرج والعنت

.وندع أمر العامة من سوى ذلك ) وهم أهل الشخص وذويه وأقاربه وإخوانه ( اخلاصة كما أنه لو أخذ احلدث على الفهم السابق ملا بقي شيء امسه الوالء والرباء أصال ، وتوضيح ذلك أن البيعة تعبري عن -٤

إننا واليناه وعادينا : فإذا قلنا إنه ال بد من إعطاء البيعة للموجود كائنا من كان ، فمعىن هذا - هي الوالء نفسه أو-الوالء وهذا يؤدي إىل الوقوع يف حمذور أكرب مما توعد به ناقض . من عاداه ، سواء كان فاسقا ، أو ظاملا ، أو كافرا والعياذ باهللا

. وحاشا أن يأمرنا اهللا مبواالة أعدائه )٢( ﴾ ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴿ : تعاىل البيعة احلقيقي ، قال اهللا فاملقصود أن البيعة حكم شرعي ، له شروط وموانع جاء الشرع ا ، فمىت حتققت الشروط وانتفت املوانع وجب احلكم

كان اإلسالم وقد توعد الشارع من مل يؤدها بأشد العذاب ، ولكن هذا حنو الزكاة فهي الركن الثالث من أر. وإما ال فال الوعيد ال يقع إال عندما ميلك اإلنسان املال الذي فيه زكاة ، ويكتمل النصاب ، مث حيول عليه احلول ، وغري ذلك من الشروط

ة ، عند ذلك يقع يف الوعيد الذي نص فإذا كان هناك إمام شرعي ، وامتنع املسلم من البيع. ، مث مينع زكاته ، وكذلك هنا .واهللا أعلم . عليه احلديث

أتدري ما : ( ما معناه ؟ فقال » إمام مات ميتة جاهلية من مات وليس له « وقد سئل اإلمام أمحد رمحه اهللا عن حديث .)٣() جيمع املسلمون عليه ، كلهم يقول هذا إمام ، فهذا معناه : اإلمام ؟ اإلمام الذي

من يأخذها ؟ والذي يأخذ البيعة من املسلمني هو اإلمام يف حاضرة الدولة اإلسالمية ، أما األقاليم البعيدة فقد يأخذها هو أو من ينيبه

أمر عمر بن : r البيعة بنفسه ، وكان أحيانا ينيب عنه كما فعل يف بيعة النساء ، فقد روي أن النيب r عنه ، فلقد أخذ النيب: لعمر r طاب أن يأخذ البيعة من النساء عام الفتح ، وكان من بني النساء هند بنت عتبة رضي اهللا تعاىل عنها حيث قالاخل .)٤(» عنه بايعهن واستغفر هلن اهللا ، فبايعهن عمر رضي اهللا تعاىل «

: صور البيعة :مث من جاء من بعده عدة صور منها r وللبيعة يف عهد النيب

: املصافحة والكالم -١

، ) ١١/٤٩٨(، عون ١٧: ب . املالحم : ك ، وأبو داود يف ) ٢/١٣٠٨( ، ٣٩٥٧، التثبت يف الفتنة ، ح ١٠: ب . الفنت : رواه ابن ماجة يف ك ) ١(

) .٢/١٦٢(ويف املسند .٥١سورة املائدة آية ) ٢( ) .١. (املسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل ق ) ٣( .أوىل . ط) . ٢/٩٢٧(، وشرح ثالثيات املسند للسفاريين ) ٢٨/٧٨(تفسري الطربي ) ٤(

١٢٢

ومن ذلك بيعة الرضوان ، وقد قال r وهذا هو الغالب يف بيعات النيب)١( وقد مر معنا بعض األحاديث املصرحة بذلك .)٢( ﴾ إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم﴿ : اهللا تعاىل فيها

: الكالم فقط -٢ للنساء ومن به عاهة ، فقد كانت مبايعته هلن كالما فقط ، ألنه ال جيوز للمسلم أن ميسr وهذا يكون عادة يف مبايعته

:يد امرأة أجنبية ، وأحيانا يبايعهن من حتت الثياب ، والذي يدل على ذلك ما يلي إين ال « : فقال . ابسط يدك نصافحك : يا رسول اهللا : ت يف نسوة تبايع ، فقلن ما روي أن أميمة بنت رقيقة دخل- أ

فيما أطقنت « : ﴾ فقال ولا يعصينك في معروف﴿ : ، فأخذ علينا حىت بلغ » أصافح النساء ، ولكن سآخذ عليكن .)٣() اهللا ورسوله أرحم بنا من أنفسنا ( : ، فقلن » واستطعنت .)٤() يد امرأة قط ، غري أنه بايعهن بالكالم r واهللا ما مست يد رسول اهللا: ( وقالت عائشة رضي اهللا عنها - ب

.)٥(» بايعتك ارجع فقد « : الرجل اذوم حيث أرسل له وقال r وكما بايع النيب- جـ : الكتابة - ٣

: بسم اهللا الرمحن الرحيم ، إىل حممد رسول اهللا من : ( يه فقال حيث كتب إل r وهذا واضح يف مبايعة النجاشي لهأحبر ، سالم عليك يا رسول اهللا ورمحة اهللا وبركاته من اهللا الذي ال إله إال هو الذي هداين لإلسالم ، النجاشي األصحم بن

وقد بايعتك وبايعت ابن عمك ( :إىل أن قال ... ) عيسى ك يا رسول اهللا فيما ذكرت من أمرفقد بلغين كتاب: أما بعد .)٦() وأصحابه وأسلمت على يديه هللا رب العاملني

بسم اهللا الرمحن : ( كتب إىل عبد امللك بن مروان يبايعه فكتب : وقد ثبت عن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما أنه أمحد إليك اهللا الذي ال إله إال هو ، وأقر لك بالسمع لعبد امللك بن مروان أمري املؤمنني ، سالم عليك ، فإين: الرحيم أما بعد

.)٧() والطاعة على سنة اهللا وسنة رسوله فيما استطعت أما ما روي يف كتب التاريخ من أن بعض اخللفاء يطلب الطالق واليمني والنذور عند املبايعة ، فهذا ال أصل له يف الشرع

وأول من . نقضها ، وعلى أي حال فهذا ليس من الشرع املطهر يف شيء وخوفا من احلنيف ، وإمنا هو من فرط التثبت .)٨(مروان بن اابتدع أميان البيعة هو احلجاج بن يوسف السقفي ملا أراد أن يحلف الناس على بيعة اخلليفة عبد امللك

.من هذا الفصل) ١٩٢ص : (انظر ) ١( .١٠الفتح آية ) ٢(، ومالك يف املوطأ ، تنوير ) ٧/١٤٩(بيعة النساء : ب . البيعة : ، والنسائي يف ك ) ٢/٩٥٩( ، ٢٨٧٥ ، ح ٤٣: ب . اجلهاد : رواه ابن ماجة يف ك )٣(

) .٢/٥٢( ، ٥٢٩سلسلة األحاديث الصحيحة ح: وصححه األلباين انظر . ظ متقاربة وغريهم بألفا) . ٦/٣٥٧(، وأمحد يف املسند ) ٢/٢٥٠(احلوالك ) .٢/٩٦٠( ، ٢٨٧٥ ، ح٤٣: ب . ، وابن ماجة يف اجلهاد ) ٨/٦٣٦(رواه البخاري يف تفسري سورة املمتحنة ، فتح الباري )٤( ) .٤/١٧٥٢( ، ٢٢٣١: السالم ح ، ومسلم يف) ٧/١٥٠(بيعة من به عاهة : ب . البيعة : رواه النسائي يف ك )٥( . هـ ١٣٨٩ثالثة . ط . حممد محيد اهللا . د ) ٧٨ص (حمموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي واخلالفة الراشدة : ، وانظر ) ٣/٨٤(البداية والنهاية )٦( ) . ١٩٩ص (رواه البخاري وغريه ، وسبق خترجيه )٧( ) .٢٥٩ و ٢٢٣ص (لنورانية ، والقواعد ا) ١/٨٢٤(املغين : انظر )٨(

١٢٣

: أقسام البيعة : وللبيعة قسمان

: بيعة االنعقاد -١ اليت يقوم ا أهل احلل والعقد ، ومبوجبها يكون للشخص املبايع سلطان ، له حق الطاعة والنصرة : وهذه البيعة هي

وهذه البيعة واضحة يف سرية اخللفاء الراشدين رضي اهللا تعاىل عنهم ، فقد كان أهل االختيار يقومون باختيار . واالنقياد .وان اهللا عليهم يف سقيفة بين ساعدة ، وهذه بيعة االنعقاد اإلمام مث يبايعونه كما فعل الصحابة رض

) :بيعة الطاعة ( أما البيعة العامة -٢ فهي البيعة اليت يؤديها سائر املسلمني بعد بيعة االنعقاد ، وهذا ما جرى عليه العمل يف بيعة اخللفاء الراشدين رضي اهللا

أهل احلل والعقد يف سقيفة بين ساعدة صعد املنرب اليوم الثاين مث قام عمر رضي اهللا تعاىل عنهم ، فهذا أبو بكر بعد أن بايعه ، وهذه هي البيعة العامة ، ومثل أيب بكر )١(عنه فأخرب الناس بأم قد اختاروه وبايعوه ، وأمرهم مببايعته فبايعه عامة املسلمني

.ستعراض بيعام بقية اخللفاء الراشدين رضي اهللا عنهم كما مر معنا يف ا

) . ١٣٧ص (كما سبق يف طرق مبايعته من هذا الفصل ) ١(

١٢٤

أسباب البيعة : األسباب واملواضع اليت تؤخذ فيها البيعة نلخصها فيما يلي )١( وقد ذكر القلقشندي

r موت اخلليفة املنتصب من غري عهد باخلالفة ألحد بعده ، كما يف قصة الصديق املتقدمة بعد وفاة النيب: السبب األول .عمر معينة كما فعل ، أو بتركها شورى يف مجاعة

. خلع اخلليفة املنتصب ملوجب يقتضي اخللع ، فتحتاج األمة إىل مبايعة إمام ، يقوم بأمورها ، وحيتمل أعباءها : الثاين أن يتوهم اخلليفة خروج ناحية من النواحي عن الطاعة ، فيوجه إليهم من يأخذ البيعة له عليهم ، لينقادوا ألمره : الثالث

.يدخلوا حتت طاعته و . أن تؤخذ البيعة للخليفة املعهود إليه بعد وفاة العاهد : الرابع

. أن يأخذ اخلليفة املنتصب البيعة على الناس لولي عهده باخلالفة ، بأن يكون خليفته بعده : اخلامس

.مصوره عن املطبعة األمريية ) ١٠/٢٧٤(صبح األعشى يف صياغة اإلنشاء أليب العباس أمحد بن علي القلقشندي ) ١(

١٢٥

القهر والغلبة اإلمامة ، وهناك طريق آخر ، جتب الطاعة مبوجبه وحيرم اخلروج عليه بينا فيما مضى الطرق الشرعية الصحيحة النعقاد

بسببه ، ولكنه ليس من الطرق الشرعية ، وال جيوز إال للضرورة ألجل مصلحة املسلمني وحقن دمائهم ، وهذا هو طريق شاها ، وهذا هو الغالب اليوم القهر والغلبة واالستيالء على احلكم بالقوة ، ومنه ما يسمى اليوم باالنقالبات العسكرية وما

.يف العامل اإلسالمي : وهذا الطريق مل جيمع املسلمون على اعتباره مما تنعقد اإلمامة عن طريقه بل هم فيه مذهبان

. )١( )قالوا ال تنعقد إمامته وال جتب طاعته ألنه ال تنعقد له اإلمامة بالبيعة إال باستكمال الشروط فكذا القهر : األول .)٢(وذهب إىل هذا القول اخلوارج واملعتزلة ووجه لبعض الشافعية

وهو مذهب أهل السنة واجلماعة أن اإلمامة يصح أن تعقد ملن غلب الناس ، وقعد بالقوة على كرسي احلكم ، قال : الثاين خليفة ، ومسي أمري املؤمنني ، فال حيل ومن غلب عليهم بالسيف حىت صار: ( اإلمام أمحد يف رواية عبدوس بن مالك العطار

يخرج عليه من : ( وقال أيضا يف رواية أيب احلارث يف اإلمام . )٣() ألحد يؤمن باهللا واليوم اآلخر ، أن يبيت وال يراه إماما هل املدينة زمن واحتج بأن ابن عمر صلى بأ) . يطلب امللك فيكون مع هذا قوم ومع هذا قوم ، تكون اجلمعة مع من غلب

.)٤() حنن مع من غلب : ( احلرة وقال

: حني سئل - من أصحاب مالك - وهذا مذهب مالك والشافعي رمحهما اهللا تعاىل ، فأما مالك فقد قال حيىي بن حيىي ك بن مروان وبالسيف قد بايع ابن عمر لعبد املل: ( وإن كانوا أئمة جور ؟ فقال : ، قيل له ) ال : ( البيعة مكروهة ؟ قال

.)٥() نبيه أخذ امللك ، أخربين بذلك مالك عنه أنه كتب إليه ، وأمر له بالسمع والطاعة على كتاب اهللا وسنة كل من غلب على اخلالفة : مسعت الشافعي يقول : أما الشافعي رمحه اهللا فقد روى البيهقي بإسناده عن حرملة قال

.)٦() جيمع الناس عليه فهو خليفة بالسيف حىت يسمى خليفة ، وأما الطريق الثالث فهو القهر واالستيالء ، فإذا مات اإلمام فتصدى لإلمامة من مجع شرائطها من غري : ( وقال النووي

، استخالف وال بيعة ، وقهر الناس بشوكته وجنوده ، انعقدت خالفته ، لينتظم مشل املسلمني ، فإن مل يكن جامعا للشرائط وإليه . )٧() بأن كان فاسقا أو جاهال فوجهان أصحهما انعقادها ملا ذكرناه وإن كان عاصيا بفعله

) .١/٥٩(مآثر اإلنافة ) ١( ) .٢٩٣ص (المي رئاسة الدولة يف الفقه اإلس: نفس املصدر ، وانظر ) ٢( ) .٢٣ص (األحكام السلطانية أليب يعلى ) ٣(وسـنده ) ٤/١٤٩) . (ال أقاتل يف الفتنة ، وأصلي وراء مـن غلـب : ( ، وانظر يف هذا املعىن قوله مسندا يف طبقات ابن سعد ) ٢٣(نفس املصدر ) ٤(

) .٢/٣٠٤(انظر إرواء الغليل . تعديال فذكره ابن حامت ومل يذكر فيه جرحا وال : صحيح إىل سيف املازين أما هو . من هذا الفصل ) ١٩٩ص (خترجيها وكتابة ابن عمر وبيعته هذه ثابتة يف البخاري وغريه وسبق ) ٢/١٨٢(االعتصام للشاطيب ) ٥( .حتقيق السيد أمحد صقر . ١٣٩١أوىل . ط ) ١/٤٤٩(مناقب الشافعي للبيهقي ) ٦( ) .١٠/٤٦(روضة الطالبني ) ٧(

١٢٦

.)١(ذهب أبو عبد اهللا القرطيب ونسبه سهل بن عبد اهللا التستري وابن خويز منداد بطاعتهم أو بقهره فهو ذو سلطان مطاع فمىت صار قادرا على سياستهم ، إما : ( وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا

.)٢() إذا أمر بطاعة اهللا األئمة جممعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان ، له : ( وقال الشيخ حممد بن عبد الوهاب رمحه اهللا

بل اإلمام أمحد إىل يومنا هذا ما حكم اإلمام يف مجيع األشياء ، ولوال هذا ما استقامت الدنيا ، ألن الناس من زمن طويل ق .)٣() اجتمعوا على إمام واحد ، وال يعرفون أحدا من العلماء ذكر أن شيئا من األحكام ال يصح إال باإلمام األعظم

أنه يعترب املتغلب حاكما جتب طاعته ، ال إماما وخليفة : ويالحظ من كالم الشيخ حممد بن عبد الوهاب رمحه اهللا لمني ، ألنه مل يستوف شروط اإلمامة غالبا ، ومل تنعقد له من طريق شرعي ، بل بالقوة والقهر واالستيالء والغصب ، للمس

فله حكم اإلمام يطاع يف طاعة اهللا وجياهد معه ويصلى خلفه ، وال جيوز اخلروج عليه ، وإن . والغصب حرام يف اإلسالم ولكن هذه األمة مل تكن : ( منه برءاء قال صاحب كتاب اخلالفـة وسلطة األمة كان عليه إمث فإمثه على نفسه ، واملسلمون: ( وقال . )٤() ويف التغلب يكون القول للسيف واحلكم للغالب ضرورة ... خالفة حقيقة ، بل ملك وسلطنة وتغلب

.)٥() ناه األعم وإطالق اسم اإلمامة على هؤالء املتغلبة وعلى امللوك والسالطني مطلقا باعتبار مع

لو تعذر وجود الورع والعلم فمن يتصدى : ( وقد بين الغزايل احلكمة يف وجوب طاعته وإعطائه حكم اإلمام فقال لإلمامة ، وكان يف صرفه إثارة فتنة ال تطاق حكمنا بانعقاد إمامته ، ألننا بني أن حنرك فتنة باالستبدال ، فما يلقى املسلمون

ضرر يزيد على ما يفوم من نقصان هذه الشروط اليت أثبتت املزية املصلحة ، فال يهدم أصل املصلحة شغفا مبزاياها منه من الكالذي يبين قصرا ويهدم مصرا ، وبني أن حنكم خبلو البالد من اإلمام وبفساد األقضية وذلك حمال ، وحنن نقضي بنفوذ قضاء

.)٦() فكيف ال نقضي بصحة اإلمامة عند احلاجة والضرورة ؟ أهل البغي يف بالدهم ملسيس حاجتهم ، ومع أن املتغلب يعطي حكم اإلمام نظرا إىل حال احلاجة والضرورة كما قلنا ، إال أن علماء املسلمني مل جييزوا أن يكون

بعض شروط اإلمامة ، كالعلم والعدالة القهر طريقا النعقاد إمامة الكافر للمسلمني ، إذ حال القهر ميكن أن يتسامح فيه عن» وال يرتعن يدا من طاعة أال من ويل عليه وال فرآه يأيت شيئا من معصية اهللا ؛ فليكره ما يأيت من معصية اهللا « : r لقوله

) .١/٢٦٩(اجلامع ألحكام القرآن ) ١( ) .١/١٤٢(منهاج السنة ) ٢(وقد أمجع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان املتغلب : ( وممن ذهب إىل القول باإلمجاع أيضا احلافظ ابن حجر حيث قال ) . ٧/٢٣٩(الدرر السنية ) ٣(

ولعلهما مل يعتربا خـالف : قلت ) . ١٣/٧(فتح الباري ) . ن الدماء وتسكني الدمهاء واجلهاد معه ، وأن طاعته خري من اخلروج عليه ، ملا يف ذلك من حق .وهو الصحيح . اخلوارج واملعتزلة ومن معهم خارقا لإلمجاع

) .٢٧ص(اخلالفة وسلطة األمة )٤( ) .٢٨ص(نفس املرجع )٥( .منت إحتاف السادة املتقني للزبيدي ) ٢/٢٣٣(إحياء علوم الدين ) ٦(

١٢٧

وحنوها من . )٢( » لو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب اهللا فامسعوا له وأطيعوا... « : r وكاحلرية والقرشية لقوله. ) ١( .شروط

وعلى هذا فلو تغلب على هذا املنصب ، فال جيوز شرعا السكوت ( أما شرط اإلسالم فال ميكن أبدا إسقاطه عن اإلمام لى ع ولن يجعل الله للكافرين﴿: بقوة السالح ألن اهللا سبحانه يقول على هذا الوضع ، وجيب خلع هذا املتغلب

مننيؤبيال المولقوله . )٤ ( ))٣(﴾ س r ال ما أقاموا فيكم الصالة « : قال - أي أئمة اجلور -للذي قال أفال ننابذهم ؟إال أن تركوا كفرا بواحا ... « r والكافر غري مقيم للصالة ، فوجبت منابذته ولقوله .) ٥(» ، ال ما أقاموا فيكم الصالة

.)٦(» اهللا فيه برهان عندكم من وذا نكون قد تكلمنا على الطرق اليت تنعقد ا اإلمامة عند مجهور املسلمني أهل السنة واجلماعة ، وعلى املوضوعات

.املتعلقة ا اجلبائي من ووافقهم)٧(هذا وقد خالف يف الزيدية من الشيعة ، حيث جعلوا الدعوة إىل النفس هي الطريقة النعقاد اإلمامة

.)٨(املعتزلة أما الرافضة اإلمامية فهم ال يرون غري النصية طريقا لإلمامة على من بعده من آل البيت حىت اإلمام املستور يف زعمهم

.الذي ينتظرونه إىل اليوم وإىل قيام الساعة .أعلم واهللا . وسبق احلديث عن النصية يف أول هذا الفصل مبا يغين عن اإلعادة

* * * * *

) .٦/٢٤( ، وأمحد يف املسند ٧٨، والدرامي يف الرقاق ) ٣/١٤٨٢ (١٨٥٥خيار األئمة وشرارهم ، ح: ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك )١( ، ٢٨: ب . اجلهـاد : ، والترمـذي يف ك ) ٣/١٤٦٨( ، ١٨٣٨وجوب الطاعة يف غري معصية ، ح : ب . اإلمارة : رواه مسلم واللفظ له يف ك )٢( ) .٤/٥٧٠(، وأمحد يف املسند ) ٢/٩٥٥( ، ٣٩: ب . اجلهاد : بن ماجة يف ك وا) ٤/٢٠٩( .١٤١: النساء آية ) ٣( ) .٢٩٤ص (رئاسة الدولة يف الفقه اإلسالمي )٤( .وغريه ) ٣/١٤٨٢( ، ١٨٥٥خيار األئمة وشرارهم ، ح: ب . اإلمارة : رواه مسلم ك )٥( ) . ١٩٦(متفق عليه وسبق خترجيه ص )٦( ) .٥/٢٢( للحسين - التتمة -، وانظر الروض النضري ) ٦/٥١(نيل األوطار ) ٧( ) .٨/٢٥٤(شرح املواقف للجرجاين ) ٨(

١٢٨

الباب الثاين اإلمام عند أهل السنة واجلماعة

ويشمل الفصول التالية شروط اإلمام: الفصل األول واجباته وحقوقه: الفصل الثاين

عزله واخلروج على األئمة: الفصل الثالث موقفهم من تعدد األئمة: الفصل الرابع

١٢٩

الفصل األول شروط اإلمام

١٣٠

ألولالفصل ا شروط اإلمام

اإلمام هو الرئيس األعلى للدولة اإلسالمية ، ومن الطبيعي أن تكون هناك شروط ال بد من توفرها فيه ، نظرا للمكانة اليت .سيشغلها واملسؤولية الكربى اليت ستلقى على عاتقه وليكون كفؤا حلمل هذه األمانة الثقيلة

اء فيمن يراد توليته رئاسة الدولة اإلسالمية هي شروط جيب مراعاا يف احلال أن ال تويل وهذه الشروط اليت اشترطها العلمأمورها إال من حتققت فيه هذه الشروط ، أما إذا انتفت حال االختيار وأجلئت األمة إىل حال ال اختيار هلا فيه كتغلب وحنوه ،

ذه احلال ال تشترط مجيع تلك الشروط ألن ذلك سيؤدي إىل وتوىل األمر من ال يصلح له ومل يستكمل شروط اإلمامة ففي هفيتساهل يف ) ارتكاب أخف الضررين ( فنت عظيمة ، األمة يف غىن عنها ، ألن مصلحة املسلمني تقتضي ذلك وعلى قاعدة

ض الشروط بعض هذه الشروط ، إىل أن تتغري األوضاع وحني الوقت املناسب لتولية مكتمل الشروط ، فاحلاصل أن فقدان بع .يف احلاكم املتغلب ال يقتضي جواز اخلروج عليه وعدم طاعته يف غري معصية

وهذه الشروط منها ما هو شرط يف كل والية إسالمية كبرية كانت أو صغرية ، ومنها ما هو خاص باإلمامة العظمى ، م باإلضافة إىل شروط أخرى خاصة به وقد سبق احلديث عن شروط أهل احلل والعقد ، وهي شروط واجب توفرها يف اإلما

.منها ما هو شرط كمال ومنها ما هو شرط صحة ال بد منه ويتضح ذلك عند احلديث عن كل شرط : وهي شروط

١٣١

:واآلن نستعرض هذه الشروط ونبني آراء العلماء فيها وأدلة اشتراطها والرأي الراجح يف الشروط املختلف فيها فنقول :اإلسالم : الشرط األول

وهذا شرط واجب يف كل والية إسالمية صغرية كانت أو كبرية ومن باب أوىل اشتراطها يف الوالية العظمى ، واألدلة :على هذا الشرط كثرية منها

، )٢( يسلطوا عليهم يف الدنيا بأن: أي )١( ﴾ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنني سبيال﴿ : قول اهللا عز وجل - أ .ومعلوم أن الوالية العظمى هي أعظم سبيل وأقوى تسليط على احملكوم

يا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا اليهود ﴿ : ومنها اآليات الدالة على النهي عن تويل الكفار كقول اهللا عز وجل - بعاء بليى أوارصالنومهمن هفإن نكمم ملهوتن يمض وعاء بليأو مهخذوا ﴿ : وقوله تعاىل . )٣( ﴾ ضتوا ال تنآم ا الذينها أيي

ال يتخذ المؤمنون ﴿ : ومنها قوله تعاىل )٤( ﴾ يناالكافرين أولياء من دون المؤمنني أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبإىل غري . )٥(﴾ اآلية ... الكافرين أولياء من دون المؤمنني ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إال أن تتقوا منهم تقاة

وتوليتهم نوع من التويل املنهي عنه ، لذا ال جيوز توليتهم على شيء من أمور )٦(ن تويل الكفار ذلك من اآليات الناهية ع .)٧(املسلمني ، وقد سبق أن ذكرنا كالم ابن القيم رمحه اهللا يف ذلك

الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ﴿ : ومن أدلة اشتراط اإلسالم يف اإلمام قوله تعاىل - جـفقوله تعاىل ﴿ )٨ (﴾ اآلية ... منكم على اشتراط أن يكون ويل األمر من املسلمني ، قال د منكم حممود اخلالدي . ﴾ نص :

)٩() األمر يشترط أن يكون مسلما ﴾ إال مقرونة بأن يكونوا من املسلمني ، فدل على أن ويلأولي األمر ومل ترد كلمة ﴿ ( حىت يسلم أو يعطي اجلزية عن )١٠(ومعلوم أن الكافر ال جتب طاعته يف شيء أبدا ، بل جتب حماربته ومقاتلته بنص القرآن .

.أهلها يد وهو صاغر إن كان من

.١٤١سورة النساء آية ) ١( ) .٣/٣٨٨(تفسري ابن كثري ) ٢( .٥١سورة املائدة آية ) ٣( .١٤٤سورة النساء ) ٤( .٢٨سورة آل عمران آية ) ٥( .فلرياجعها من شاء ) ١/٢٣٨(المة ابن القيم رمحه اهللا يف كتابه أحكام أهل الذمة مجع هذه اآليات الع) ٦( ) . ١٥٤ص : (انظر ) ٧( .٥٩سورة النساء آية ) ٨( ) .٢٩٦ص (قواعد نظام احلكم يف اإلسالم ) ٩(م اآلخر وال يحرمون ما حرم الله ورسوله وال يدينون دين الحق من الـذين أوتـوا قاتلوا الذين ال يؤمنون بالله وال باليو ﴿ : إشارة إىل قوله تعاىل ) ١٠(

.٣٦التوبة . ﴾ اآلية ... لونكم كآفةوقاتلوا المشركني كآفة كما يقات﴿ : وقوله . ٢٩ ﴾ التوبة الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون

١٣٢

» إنا ال نستعني مبشرك « : أنه قال r لنيب ومن األدلة على ذلك أيضا ما روته أم املؤمنني عائشة رضي اهللا عنها عن ا- د للذي تبعه يوم بدر وأراد أن يغزو معه وهو على شركه فإذا ورد النهي عن )٢(» ارجع فلن أستعني مبشرك « : ويف رواية )١(

!على تدبري أمور املسلمني ويوىل أمرهم االستعانة بالكافر يف بعض األمور فكيف يستعان به ذا األمر خلفاء املسلمني ، فهذا عمر بن اخلطاب رضي اهللا تعاىل عنه يعاتب أبا موسى األشعري على اختاذ ولقد امتثل هل

حدثنا أيب حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن مساك بن حرب عن عياض األشعري عن : كاتب نصراين فقد قال عبد اهللا بن أمحد أما مسعت اهللا . مالك ؟ قاتلك اهللا : إن يل كاتبا نصرانيا قال : عنه قلت لعمر رضي اهللا: أيب موسى رضي اهللا تعاىل عنه قال

﴾ اآلية ... يا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴿ : يقول ال أكرمهم إذ أهام اهللا ، وال أعزهم إذ : ( قال . يا أمري املؤمنني يل كتابته وله دينه : قلت : حنيفيا ، قال أال اختذت )٣(

ال تؤمنوهم وقد خوم اهللا ، وال تقربوهم : ( وقال عمر رضي اهللا عنه أيضا . )٤() أذهلم اهللا ، وال أدنيهم إذ أقصاهم اهللا ودرج على ذلك اخللفاء الذين هلم ثناء حسن يف األمة كعمر بن عبد العزيز )٥() اهللا ، وال تعزوهم وقد أذهلم اهللا وقد أبعدهم

.)٦(واملنصور والرشيد واملهدي واملتوكل واملقتدر وغريهم : اإلمجاع على ذلك - جـ

، وأنه ال والية لكافر على مسلم ، وقد حكى هذا أمجع املسلمون على عدم جواز تولية الكفار تدبري أمور املسلمنيأمجع كل من حيفظ عنه من أهل العلم أن الكافر ال والية له على : ( ابن املنذر حيث قال : اإلمجاع كثري من أهل العلم منهم

. رأ عليه الكفر انعزل أمجع العلماء على أن اإلمامة ال تنعقد لكافر ، وعلى أنه لو ط: ( وقال القاضي عياض )٧() مسلم حبال .)٨() وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها : قال

وبناء على هذا فال جيوز أن تعقد اإلمامة لكافر أصلي أو مرتد ، ألن معىن إقامة دولة إسالمية هو أن تلتزم باملنهج يتصور تطبيقه إال من أناس يدينون بالوالء اإلسالمي تطبقه وتعيش حياا على وفق تعاليمه ، وهذا املنهج اإلسالمي ال

إننا جيب أال نتعامى عن احلقائق ، فنحن ال نتوقع من شخص : ( واخلضوع التام ملشرع هذا املنهج ، يقول األستاذ حممد أسد تحقيق األهداف غري مسلم مهما كان نزيها خملصا وفيا حمبا لبالده متفانيا يف خدمة مواطنيه أن يعمل من صميم فؤاده ل

.٢٨٣٢ح) ٢/٩٤٤٥(يف االستعانة باملشركني : باب . كتاب اجلهاد : رواه ابن ماجة ) ١(من عـون املعبـود ، ) ٧/٣٠٤(يف املشرك يسهم له ، . اجلهاد : ، ورواه أبو داود ك ) ٣/١٤٤٩(، ) ١٨١٧(اجلهاد ، حديث رقم : رواه مسلم ك ) ٢( .، والترمذي ، والنسائي ، والدرامي وغريهم ) ٦/٦٨(أمحد يف املسند و .٥١سورة املائدة آية ) ٣( ١٣٨٣املؤسسة املصرية العامة للتأليف : ن . دار الكتاب . نسخة مصورة عن ط ) ١/٤٣(، وعيون األخبار البن قتيبة ) ١/٢١٠(أحكام أهل الذمة ) ٤(

) .٨/٢٥٦(إرواء الغليل : انظر ) إسناد حسن : ( ين وهذا اإلسناد قال عنه األلبا. هـ ) .٨/٢٥٦(إرواء الغليل : وصححه األلباين انظر . أخرجه البيهقي ) ٥( ) .١/٢١٢(أحكام أهل الذمة : انظر تفصيل ذلك يف ) ٦( ) .٢/٤١٤(أحكام أهل الذمة ) ٧( ) .١٢/٢٢٩(شرح النووي على صحيح مسلم ) ٨(

١٣٣

األيديولوجية لإلسالم ، وذلك بسبب عوامل نفسية حمضة ال نستطيع أن نتجاهلها ، إنين أذهب إىل حد القول أنه ليس من .)١() اإلنصاف أن نطلب منه ذلك

:البلوغ : الشرط الثاين ة ، فال تنعقد إمامة الصيب ألنه موىل عليه وهذا من الشروط البديهية والالزمة يف كل والية إسالمية صغرية كانت أو كبريوال تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل ﴿ : يف أموره وموكل به غريه ، فكيف جيوز أن يكون ناظرا يف أمور األمة ، قال تعاىل

وال الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم ق فإذا ينا عن إعطائهم أمواهلم ألم ال حيسنون التصرف فمن باب )٣() الصغار والنساء : ( واملراد بالسفهاء هنا )٢( ﴾ معروفا

قال r أوىل أال يقلدوا تدبري أمور املسلمني ، وألن الصغري غري مكلف ملا روي عن علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه عن النيب فمن رفع عنه )٤(» عن انون حىت يفيق ، وعن الصيب حىت يدرك ، وعن النائم حىت يستيقظ : القلم رفع عن ثالثة إن« :

القلم ال يصح تصرفه يف األمور ألنه غري مكلف شرعا فما دام ال ميلك التصرف يف خاصة نفسه فال جيوز شرعا أن يكون .ال يلي أمر نفسه ال يلي أمر املسلمني من باب أوىل مالكا للتصرف يف مجيع شؤون املسلمني ، ومن

: r قال رسول اهللا: فعن أيب هريرة رضي اهللا تعاىل عنه قال . أمر بالتعوذ من إمارة الصبيان r هذا وقد روي أن النيببلة ليس منهم أحد جييز ومجيع فرق أهل الق: ( قال ابن حزم . )٥(» تعوذوا باهللا من رأس السبعني ، ومن إمارة الصبيان «

.)٦(إمامة امرأة وال إمامة صيب مل يبلغ إال الرافضة فإا جتيز إمامة الصغري .)٧(وكذلك اخلوارج وخاصة الشبيبية كما سيأيت : قلت

:العقل : الشرط الثالث ألن العقل آلة التدبري فإذا ذهب العقل ذهب ( وهذا أيضا من الشروط البديهية فال تنعقد والية لذاهب عقل جبنون أو غريه

.وألن ذاهب العقل حيتاج يف نفسه من يصرف أموره فكيف يوكل إليه تصريف أمور املسلمني . )٨() التدبري

.نقله إىل العربية منصور حممد ماضي ) ٨٣ص (حلكم منهاج اإلسالم يف ا) ١( .٥سورة النساء آية ) ٢( .هذا على سبيل الغالب وإال ففيه رجال سفهاء ، كما أن هناك نساء عاقالت ) ١/٣١٨(أحكام القرآن البن العريب ) ٣(يف انون : ب . احلدود : وروي أيضا عن عائشة ورواه أبو داود من الفتح ، ) ١٢/١٢٠(ال يرجم انون وانونة ، : ب . احلدود : رواه البخاري ) ٤(

طالق : ب . الطالق : ، وابن ماجة ك ) ٤/٣٢(ما جاء فيمن ال جيب عليه احلد : ب . احلدود : ، والترمذي ك ) ١٢/٧٢(يسرق أو يصيب حدا ، عون ) .٦/١٠٠(، والدرامي ، وأمحد يف املسند ) ١/٦٥٨( ، ٢٠٤١املعتوه ح

وقد أخرج ما يشهد له أمحد من حديث قـيس : وقال الشوكاين ) . ٣/٣٦(ضعيف اجلامع الصغري : انظر . ، وضعفه األلباين ) ٢/٣٢٦(رواه أمحد ) ٥(بن عالء رواه أمحد والبزار ورجال أمحد رجال الصحيح غري كامل : وقال اهليثمي ) ٨/٢٩٨(ورجاله رجال الصحيح ، نيل األوطار : الغفاري مرفوعا قال

) .٧/٢٢٠(ثقة جممع الزوائد : وهو ) .٤/١١٠(الفصل يف امللل والنحل )٦( ) .٢٣٤ص : (انظر ) ٧( ) .١/٣٢(مآثر اإلنافة ) ٨(

١٣٤

رفع القلم « : r وإذا كان الصيب حمروما من هذا املنصب هلذا السبب فمن باب أوىل انون ، وقد مر معنا حديث النيبالعقل فال : الثاين : ( قال الغزايل معلال عدم جواز إمامة انون والصيب )١(» وانون حىت يفيق « ، وذكر منهم » ثالثة عن

.)٢() تنعقد نون فإن التكاليف مالك األمر وعصامه : هذا وقد قسم العلماء زوال العقل إىل أقسام هي

ال مينع عقدها وال استدامتها ألنه مرض قليل اللبث : ( اإلغماء فهذا قال عنه أبو يعلى ما كان عارضا مرجوا زواله ك) ١ ( .)٣() أغمي عليه يف مرضه r ، وألن النيب

:ما كان الزما ال يرجى زواله كاجلنون واخلبل ، وهذا ينقسم إىل ثالثة أقسام ) ٢ ( .بتداء واالستدامة ، وإذا طرأ عليه أبطلها ألنه مينع مقصود الوالية ما كان مطبقا ال يتخلله إفاقة فهذا مينع اال- أ . ما كان أكثر زمانه اخلبل فهذا كما كان مطبقا - ب

. واختلف يف منعه من استدامتها )٤( ما كان أكثر زمانه اإلفاقة فهذا مينع من عقد اإلمامة - جـ قال فقط ، بل ال بد أن يكون على درجة عالية من الذكاء والفطنة متكنه من هذا وال يكتفي يف رئيس الدولة أن يكون عا .التفكري يف قضايا األمة وإجياد احللول املناسبة هلا

:احلرية : الشرط الرابع والية له وهذا الشرط أيضا من الشروط الضرورية يف اإلمامة ألن اململوك ال حيق له التصرف يف شيء إال بإذن سيده ، فال

فال تنعقد اإلمامة لرقيق ، فإن منصب : ( على نفسه ، فكيف تكون له الوالية على غريه ، ويعلل الغزايل هذا الشرط بقوله اإلمامة يستدعى استغراق األوقات يف مهمات اخللق فكيف ينتدب هلا من هو كاملفقود يف حق نفسه املوجود ملالك يتصرف

يف اشتراط نسب قريش ما يتضمن هذا الشرط ، إذ ليس يتصور الرق يف نسب قريش حبال من حتت تدبريه وتسخريه ، كيف و .)٥() األحوال

ال تكون يف - أي اإلمامة -وأمجعت األمة على أا : ( هذا وقد نقل ابن بطال عن املهلب اإلمجاع على ذلك فقال .)٧() علماء ال خالف يف هذا بني ال: ( وقال الشنقيطي . )٦() العبيد

وشذوذ اخلوارج ال يعده العلماء قادحا يف )٨( ومل يشذ عن هذا اإلمجاع إال اخلوارج ، فإم جوزوا أن يكون اإلمام عبدا .صحة اإلمجاع

. من هذا الفصل ) ٢٢٦ص (سبق خترجيه قريبا ) ١( ) .١٨٠ص (فضائح الباطنية ) ٢( ) .٢١ص (األحكام السلطانية أليب يعلى ) ٣( ) .٢١ص (، وأليب يعلى ) ١٨ص (طانية للماوردي األحكام السل) ٤( ) .١٨٠ص (فضائح الباطنية ) ٥( ) .١٣/١٢٢(فتح الباري ) ٦( ) .١/٥٥(أضواء البيان ) ٧( ) .١/١١٦(امللل والنحل للشهرستهاين ) ٨(

١٣٥

ورد يف الصحيح ما يدل على إمامة العبد فقد أخرج البخاري يف صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي اهللا : فإن قيل وحنوه عن . )١(» امسعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة « : r قال رسول اهللا: عنه قال تعاىل

يوما بعد صالة الغداة موعظة بليغة r قال وعظنا رسول اهللا: العرباض بن سارية رضي اهللا تعاىل عنه يف احلديث الطويل : إن هذه موعظة مودع ، فماذا تعهد إلينا يا رسول اهللا ؟ قال : قام رجل فقال ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، ف

.وما يف معنامها . )٢(احلديث » ... والسمع والطاعة وإن عبد حبشي ... أوصيكم بتقوى اهللا « :فاجلواب على ذلك من أوجه

بد احلبشي ألجل املبالغة يف األمر بالطاعة ، وإن كان ال أنه قد يضرب املثل مبا ال يقع يف الوجود عادة ، فإطالق الع) ١ (قل إن كان ﴿ : ، ويشبه هذا الوجه قوله تعاىل )٣(يتصور شرعا أن يلي ذلك ، ذكر ابن حجر هذا اجلواب عن اخلطايب

ابدينل العا أوفأن لدن ومح٥( على أحد التفسريات )٤( ﴾ للر(. املراد باستعمال العبد احلبشي أن يكون مأمورا من وجهه اإلمام األعظم على بعض البالد ، قال الشنقيطي رمحه اهللا أن ) ٢ ( . فليس هو اإلمام األعظم )٦() وهو أظهرها : ( اليتيم على أن يكون أطلق عليه اسم العبد نظرا التصافه بذلك سابقا مع أنه وقت التولية حر ، ونظريه إطالق لفظ ) ٣ (

.)٧(﴾ اآلية ... وآتوا اليتامى أموالهم﴿ : البالغ باعتبار اتصافه به سابقا يف قوله أو أن املراد بذلك املتغلب ال املختار ، ففي هذه احلالة جتب طاعته وإن كان عبدا حبشيا ، وال جيوز اخلروج عليه ) ٤ (

يدل على أنه تسلط على اإلمارة بنفسه ومل » تأمر « فلفظ » ... إن تأمر عليكم « : ي لفظ رد عبوديته ، ويؤيد هذا الرأ .يؤمر من قبل أهل احلل والعقد

والراجح من هذه اإلجابات يف نظري هو اجلواب الثاين ، وهو الذي رجحه الشنقيطي رمحه اهللا ، وسبب الترجيح هو ها ما أخرجه احلاكم من حديث علي رضي اهللا عنه ورود بعض األحاديث الدالة على ذلك ، من

: ب . اإلمارة : ، وحنوه عند مسلم يف ك ) ١٣/١٢١(السمع والطاعة لإلمام ما مل تكن معصية ، فتح الباري : ب . األحكام : رواه البخاري يف ك ) ١(

: ، والنسائي يف ) ٢/٩٥٥( ، ٢٨٥٩طاعة اإلمام ، ح : ب . اجلهاد : ، وابن ماجة يف ك ) ٣/١٤٦٥( ، ١٨٣٤وجوب طاعة األمراء يف غري معصية ، ح ) .٣/١١٤(، وأمحد يف املسند ) ٢٦(البيعة

واللفظ ) ٥/٤٤... (ما جاء يف األخذ بالسنة : ب . العلم : ، والترمذي يف ك ) ١٢/٣٥٩(السنة ، عون يف لزوم : ب . السنة : رواه أبو داود يف ك ) ٢(إرواء الغليـل : وانظر زيادة التخريج يف ) ١/١٦( ، ٤٢إتباع سنة اخللفاء الراشدين ، ح : ب . املقدمة : ورواه ابن ماجة يف . حسن صحيح : له ، وقال

.وهو صحيح ) ٨/١٠٧( ) .١٣/١٢٢(الباري فتح ) ٣( .٨١سورة الزخرف آية ) ٤( ) .١/٥٦(أضواء البيان ) ٥( ) .١/٥٦(أضواء البيان )٦( .٢سورة النساء آية )٧(

١٣٦

األئمة من قريش ، أبرارها أمراء أبرارها وفجارها أمراء فجارها ، ولكل حق ، فآتوا كل ذي حق حقه « : قال r عن النيبوإن « : حلديث ويعضد هذا الرأي أيضا ألفاظ ا . )١(» ، وإن أمرت قريش فيكم عبدا حبشيا جمدعا فامسعوا له وأطيعوا

.واهللا أعلم ... وحنوها » إن أمر « و ، » استعمل ومما يدل على اشتراط احلرية ، وأن تصرف العبد باطل وإن كان حاكما حكم العز بن عبد السالم رمحه اهللا ببيع أمراء

ببيعهم وإدخال أمثام إىل بيت مال ألنه ال يصح شرعا تصرفهم إال إذا عتقوا فحكم- املماليك -الدولة األيوبية يف مصر هذا ليس من : وقال - حاكم مصر يف ذلك الوقت -املسلمني ، فلما حكم بذلك غضبوا وغضب جنم الدين أيوب

إن خرج خرجنا ، فلحق به جنم : اختصاصه فقرر العزل الرحيل عن مصر فجهز أمتعته وسار ، مث حلقه مجيع الناس وقالوا .)٢(ضاه وطلب منه أن يعود وينفذ ما حكم به ، فعاد ونفذ ما أراد الدين يف الطريق وتر :أن يكون ذكرا : الشرط اخلامس

.)٣() وال خالف يف ذلك بني العلماء ( من شروط اإلمام أن يكون ذكرا ملا بلغه أن فارسا r ويدل عليه ما ثبت يف صحيح البخاري وغريه من حديث أيب بكرة رضي اهللا تعاىل عنه أن النيب

وقد ورد يف القرآن الكرمي كثري من اآليات الدالة على تقدمي . )٤(» لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة « : ملكوا ابنة كسرى قال لى بعض وبما أنفقوا من الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم ع﴿ : الرجال على النساء من ذلك قوله تعاىل

الهمو٥(﴾ اآلية ... أم(وأخرب النيب r بأن النساء ناقصات عقل ودين)واإلمامة حتتاج إىل كمال الرأي ومتام العقل والفطنة )٦ أن تضل إحداهما ﴿: ، لذلك ال تقبل شهادا إال إذا كان معها رجل ، وقد نبه اهللا على ضالهلن ونسيان بقوله تعاىل

.)١(املعىن وسبق أن ذكرنا كالم ابن قدامة يف هذا )٧( ﴾ فتذكر إحداهما األخرى

جامع العلوم واحلكـم . هو أشبه : إسناده جيد ، ولكنه روي عن علي موقوفا ، وقال الدارقطين : قال ابن رجب احلنبلي ) ٧٦ ، ٤/٧٥(املستدرك ) ١( ) .٢/٤٠٦( ، ٢٧٥٤صحيح اجلامع ح: انظر . وصححه األلباين ) . ٢٤٨ص (. حتقيق عبد الفتاح حممـود احللـو ، و د -عيسى البايب احلليب القاهرة . ن . أوىل . ط ) ٢١٧ ، ٨/٢١٦(طبقات الشافعية الكربى للسبكي : انظر ) ٢(

.حممود الطناحي ) .١٢٥ص (مراتب اإلمجاع له : انظر . ائل امع عليها وعده ابن حزم من املس) ١/٥٥(أضواء البيان ) ٣( .من طرق االنعقاد ) ١٥٥(رواه البخاري وغريه وسبق خترجيه يف ) ٤( .٣٤سورة النساء آية ) ٥(يـا معشـر « : ال يف أضحى أو فطر إىل املصلى ، فمر على النساء فق rخرج رسول اهللا : إشارة إىل حديث أيب سعيد اخلدري رضي اهللا عنه قال ) ٦(

تكثرن اللعن وتكفرن العشري ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب « : ومب يا رسول اهللا ؟ قال : ، فقلن » النساء تصدقن فإين أريتكن أكثر أهل النار : قلـن » ى النصف من شهادة الرجل ؟ أليس شهادة املرأة عل « : وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول اهللا ؟ قال : ، قلن » للب الرجل احلازم من إحداكن

احلديث رواه البخاري يف . » فذلك من نقصان دينها « : بلى ، قال : قلن » فذلك من نقصان عقلها ، أليس إذا حاضت مل تصل وتصم ؟ « : قال . بلى بيان نقصـان اإلميـان بـنقص : ب . إلميان ا: ، وروى مسلم حنوه عن ابن عمر يف ك ) ١/٤٠٥(ترك احلائض الصوم ، فتح الباري : ب . احليض : ك

. ٤٠٠٣الفـنت ، ح : ، وابن ماجة يف ) ١٢/٤٣٨(السنة ، عون : ، وأبو داود يف ) ٥/١٠(اإلميان : ، ورواه الترمذي يف ) ١/٨٦( ، ٧٩ح... الطاعات .وغريهم

.٢٨٢سورة البقرة آية ) ٧(

١٣٧

كما أن إمامة املسلمني تقتضي الدخول يف احملافل وخمالطة الرجال . وغريها )٢( ﴾ وقرن في بيوتكن﴿ : وقيادة اجليوش وحنو ذلك ، وهذا حمظور على النساء شرعا بقوله تعاىل

الرابع الذكورية ، فال تنعقد اإلمامة المرأة ، وإن اتصفت جبميع خالل الكمال وصفات االستقالل ، : ( يقول الغزايل : ( وي وقال البغ . )٣() وكيف تترشح امرأة ملنصب اإلمامة وليس هلا منصب القضاء وال منصب الشهادة يف أكثر احلكومات

اتفقوا على أن املرأة ال تصلح أن تكون إماما وال قاضيا ، ألن اإلمام حيتاج إىل اخلروج إلقامة أمر اجلهاد والقيام بأمور املسلمني ، والقاضي حيتاج إىل الربوز لفصل اخلصومات ، واملرأة عورة ال تصلح للربوز وتعجز لضعفها عن القيام بأكثر األمور

.)٤() قصة واإلمامة والقضاء من كمال الواليات فال يصلح هلا إال الكامل من الرجال ، وألن املرأة نا والواقع يشهد لذلك فالناس بتجارم يعرفون أنه ال يصلح لإلمامة إال الرجال وإن صار منهن يف منصب رئاسة الدولة فإمنا

جلسمية ال تتالءم أبدا مع هذا املنصب ، فكما هو معروف أن وكذلك طبيعة املرأة النفسية وا. كان نادرا ولظروف استثنائية وقد خلقت هذه الصفات يف املرأة لتستطيع ا أن ( طبيعة املرأة يالحظ عليها إرهاف العاطفة وسرعة االنفعال وشدة احلنان

ومة واحلضانة فقد تكون وإذا كانت هذه الصفات الزمة يف مضمار األم)٥() تؤدي وظيفتها األوىل وهي األمومة واحلضانة كما تندفع املرأة ، بل يغلب - مع عواطفه ووجدانه -ضارة يف مضمار القيادة والرئاسة ، أما الرجل فال يندفع يف الغالب

.عليه اإلدراك والفكر والروي ومها قوام املسؤولية والقيادة ة والنفسية كاجلهاد والقيادة وحنو ذلك ، وشرع للمرأة ما لذلك فإن اهللا سبحانه وتعاىل شرع للرجل ما يالئم بنيته اجلسمي

.يالئم تكوينها أيضا من تربية وحضانة وأعمال أخرى تالئمها ومجيع فرق أهل القبلة ليس : ( هذا وقد حكى اإلمجاع على عدم جواز تولية املرأة اإلمامة ابن حزم الظاهري حيث قال

وخالف يف ذلك اخلوارج ، فهناك فرقة منهم تقول جبواز ذلك وهي . )٧( وكذلك القرطيب )٦() منهم أحدي جييز إمامة املرأة إنه من أتباعه أجازوا إمامة املرأة منهم إذا قامت : ( قال البغداي عنهم )٨() أتباع شبيب بن يزيد الشيباين ( الشبيبية :

.)٩() م بعد قتل شبيب إىل أن قتلت بأمورهم وخرجت على خمالفيهم وزعموا أن غزالة أم شبيب كانت اإلما

.من فصل طرق االنعقاد ) ١٥٦: (انظر ) ١( .٣٣حزاب آية سورة األ) ٢( ) .١٨٠ص (فضائح الباطنية ) ٣( ) .١٠/٧٧(شرح السنة للبغوي ) ٤( ) .٢٢٦ص (اإلسالم ألمحد شليب ) ٥( ) .٤/١١٠(الفصل ) ٦( ) .١/٢٧١(أحكام القرآن ) ٧( مروان فبعث إليه احلجاج مخسـة شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس بن عمرو بن الصلت الشيباين اخلارجي خرج باملوصل يف عهد عبد امللك بن : هو ) ٨(

) .٣/١٦٠(تاريخ اإلسالمي للذهيب . قواد فقتلهم واحدا بعد اآلخر ، مث سار إىل الكوفة وقاتل احلجاج وحاصره ، غرق بدجلة سنة سبع وسبعني وصلت الصبح م يف اجلـامع فقـرأت يف بعده ، فدخلت الكوفة ، وقامت خطيبة اوعند الذهيب أا امرأته استخلفه ) . ١١٠ص (الفرق بني الفرق ) ٩(

) .١٨٠ص (، واملعارف البن قتيبة ) ٢/٣٥٥(، واخلطط ) ٣/١٦٠(راجع الذهيب تاريخ اإلسالم ... الركعة األول بالبقرة ويف الثانية بآل عمران

١٣٨

: هذا عن اإلمامة أما القضاء فلبعض العلماء فيه رأي ، ولكن مجهورهم مينع ذلك قال ابن التني فيما حكاه عنه ابن حجر وهو قول اجلمهور وخالف ابن جرير. من قال ال جيوز أن توىل املرأة القضاء - اآلنف الذكر -احتج حبديث أيب بكرة (

أا : ( وروى ذلك عن أيب حنيفة )١() ، وأطلق بعض املالكية اجلواز ز أن تقضي فيما تقبل شهادا فيهجيو: الطربي فقال .ولسنا بصدد حبث هذه املسألة فلها جمال آخر . )٢() تلي احلكم فيما جتوز فيه شهادة النساء

:العلم : الشرط السادس لدية حصيلة علمية كافية لتدبري األمور على وجهها األكمل ، وقد أشار القرآن الكرمي يف قصة من شروط اإلمام أن يكون

وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث ﴿ : طالوت إىل هذا الشرط ، وجعله من األمور اليت جعلته أحق بامللك دون غريه فقال تعاىل أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم لكم طالوت ملكا قالوا

وشددنا ﴿ : وقال عن سليمان عليه السالم )٣( ﴾ يموزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع علقال اجعلني على خزآئن األرض إني حفيظ ﴿ : وقال عن يوسف عليه السالم )٤( ﴾ ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب

ليمل اهللا الذين يعلمون على الذين ال ي)٥( ﴾ ععلمون يف آيات كثرية منها وقد فض : ﴿ الذينون ولمعي وي الذينتسل يقل هولكن العلماء اختلفوا يف حتديد هذا العلم فهل يشترط يف اإلمام أن يكون قد بلغ مرتبة االجتهاد أم ال ؟ . )٦( ﴾ ال يعلمون

: على قولني

إن العلماء نقلوا االتفاق : ( ة االجتهاد وهم اجلمهور ، فقد قال الشاطيب رمحه اهللا يشترط أن يكون بلغ مرتب: قالوا : األول : ( ، وقال إمام احلرمني اجلويين )٧() على أن اإلمامة الكربى ال تنعقد إال ملن نال رتبة االجتهاد والفتوى يف علوم الشرع

تهدين مستجمعا مبلغ اا بالغوقال )٨() ا صفات املفتني ، ومل يؤثر يف اشتراط ذلك خالف فالشرط أن يكون اإلمام جمتهد ، وكون أكثر من : ( قال ... ) جمتهدا كالقاضي وأوىل ، بل حكى فيه اإلمجاع : ( ... الرملي يف سياق عده لشروط اإلمام

رد٩() ويل أمر األمة بعد اخللفاء الراشدين غري جمتهد إمنا هو لتغلبهم فال ي(. ، )٢( ، وعبد القاهر البغدادي )١(القاضي أبو يعلى و ، )١١( ، واملاوردي )١٠( هذا القول ذهب اإلمام الشافعي وإىل

: وغريهم واستدلوا على ما ذهبوا إليه باألدلة التالية )٥( ، والقلقشندي )٤( ، وابن خلدون )٣(والقرطيب

) .١٣/٥٦(فتح الباري ) ١( ) .٨/١٢٨(نفس املرجع ) ٢( .٢٤٧سورة البقرة آية ) ٣( .٢٠ سورة ص آية) ٤( .٥٥سورة يوسف آية ) ٥( .٩سورة الزمر آية ) ٦( ) .٢/١٢٦(االعتصام )٧( . )٦٦( غياث األمم )٨( ) .٧/٤٠٩(اية احملتاج ) ٩( .مكتبة الكليات األزهرية . هـ ن ١٣٨١األوىل . ط ) ١/١٦١(األم ) ١٠( ) .٦ص(األحكام السلطانية للماوردي ) ١١(

١٣٩

يؤم القوم (( : r قال وقد - كما مر -للصالة r الرسول إن الصحابة رضوان اهللا عليهم قدموا لإلمامة من قدمه -١ .)٦(إخل احلديث ... )) أقرؤهم لكتاب اهللا ، فإن كانوا يف القراءة سواء فأعلمهم بالسنة

ألن القاضي الذي : ( واستدلوا أيضا بالقياس حيث قاسوا منصب اإلمامة العظمى على منصب القضاء ، قال الباقالين -٢وقد سبق كالم الرملي وقياسه على القضاء ) له يفتقر إىل ذلك فاإلمام أوىل يكون من قب.

والدليل عليه أن أمور معظم الدين : ( واستدلوا أيضا بطبيعة العمل املوكل إىل اإلمام األعظم قال إمام احلرمني اجلويين -٣اإلمام ، وأما ما عداه من أحكام فقد يتعلق به من جهة تتعلق باألئمة فأما ما خيتص بالوالة وذوي األمر فال شك يف ارتباطه ب

انتدابه لألمر باملعروف والنهي عن املنكر ، فلو مل يكن اإلمام مستقال بعلم الشريعة الحتاج إىل مراجعة العلماء يف تفاصيل .٧) الوقائع اليت ترفع إىل اإلمام ، وذلك يشتت رأيه وخيرجه عن دائرة االستقالل

ألنه حمتاج ألن يصرف األمور على النهج القومي وجيريها على الصراط املستقيم ، وألن يعلم احلدود : ( القلقشندي ويقول . ٨) ويستويف احلقوق ويفصل اخلصومات بني الناس ، وإذا مل يكن عاملا جمتهدا مل يقدر على ذلك

ألن التقليد نقص ، واإلمامة تستدعي الكمال يف : ( أما ابن خلدون فقد استدل على اشتراط االجتهاد بقوله -٤ ) ألنه إمنا يكون منفذا ألحكام اهللا تعاىل إذا كان عاملا ا ، وما مل يعلمها ال يصح تقدميه هلا : ( وقال ) . األوصاف واألحوال

)٩(. الت مجاعة من أهل السنة إىل ذلك حىت وم: ( ومن العلماء من مل يشترط االجتهاد يف اإلمام قال الشهرستاين : الثاين

جوزوا أن يكون اإلمام غري جمتهد وال خبري مبواقع االجتهاد ، ولكن جيب أن يكون معه من يكون من أهل االجتهاد فرياجعه ابن واعترب)١٠() يف األحكام ويستفتيه يف احلالل واحلرام ، وجيب أن يكون يف اجلملة ذا رأي متني وبصر يف احلوادث نافذ

: وبه قال الغزايل حيث يقول )١٢( ، وإىل هذا القول ذهب أكثر احلنفية )١١(حزم هذا الشرط من الشروط املستحبة ال الواجبة

) .٢٠ص(يعلى األحكام السلطانية أليب ) ١( ) .٢٧٧ص(أصول الدين ) ٢( ) .١/٢٧١(أحكام القرآن ) ٣( ) .١٣٩ص(املقدمة ) ٤( ) .١/٣٧(مآثر اإلنافة ) ٥(، وأبو داود يف ك ) ٢/١٨٤( الفتح ٥٤: ، والبخاري تعليقا يف األذان ، ب ) ١/٤٦٥ (٢٩٠من أحق باإلمامة ، ح : الصالة ، ب : رواه مسلم يف ك ) ٦( ، وابن ٣: اإلمامة ، ب : ، والنسائي يف ) ١/٤٥٨ (٢٣٥من أحق باإلمامة ، ح : ، والترمذي يف باب ) ٢/٢٨٩(من أحق باإلمامة عون : ب الصالة ، :

) .٣/٤٨( ، وأمحد ٥: األذان ، ب : ماجة يف ) .٦٦ص(غياث األمم 7 ) .١/٣٧(مآثر اإلنافة 8 ) .١٩٣ص (مقدمة ابن خلدون ) ٩( ) .١/١٦٠(امللل والنحل ) ١٠( ) .٤/١٦٦(الفصل ) ١١( ) .١٣٤ص (رئاسة الدولة يف الفقه اإلسالم : انظر ) ١٢(

١٤٠

وليست رتبة االجتهاد مما ال بد منه يف اإلمامة ضرورة بل الورع الداعي إىل مراجعة أهل العلم فيه كاف ، فإذا كان املقصود ( .)١(! ) الشرع فأي فرق بني أن يعرف حكم الشرع بنظره أو يعرفه بإتباع أفضل أهل زمانه ؟ ترتيب اإلمامة على وفق

:واحتج القائلون بعدم اشتراط االجتهاد مبا يلي بتعذر حصول هذا الشرط مع بقية الشروط يف شخص واحد خصوصا يف هذه األزمان ، حيث ضعف الوزاع الديين -١

.م عن طلب العلم وبلوغ مرتبة االجتهاد فيه عند الناس ، وضعفت مهمه كما استدلوا على ذلك أيضا بأنه طاملا كان املقصود من تصريف األمور أن يكون على وفق ما يقضي به الشرع -٢

.اإلسالمي ، فإنه من املمكن حصول ذلك باالستعانة بالعلماء اتهدين واستفتائهم يف كل أمر حيتاج فيه إليهم :القول الراجح

أنه ال بد أن يكون اإلمام على درجة كافية من العلم الشرعي ومن العلوم األخرى ، ألن - واهللا أعلم - والذي يظهر .طبيعة وظيفته تستلزم ذلك ويف بعض األحيان يتعني عليه إبداء الرأي يف ساعة حرجة ال ميكنه فيها مجع العلماء واستفتاؤهم

وري أن يبلغ درجة االجتهاد املطلق لتعذرها يف كثري من الناس اليوم بسبب ضعف اهلمم عن طلب العلم ولكن ليس من الضر .وانشغاهلم بالدنيا وملذاا

وهذه املسألة من املسائل االجتهادية ألنه مل يرد نص صريح فيها ، وإمنا مرجع ذلك إىل الضرورة واحلاجة واملصلحة ، فإذا فيه بقية الشروط الضرورية واملنصوص عليها فهو املطلوب ، وإن تعذر وجوده فال تترك مصاحل املسلمني وجد جمتهد تتوفر

.تتعطل ويدب فيهم الفساد بسبب عدم وجود اتهد الذي تتوفر فيه شروط اإلمام واهللا أعلم :العدالة : الشرط السابع

جتناب الكبائر والصغائر والتعفف عن بعض املباحات اخلارمة للمروءة العدالة صفة كامنة يف النفس توجب على اإلنسان ا، وهي جمموعة صفات أخالقية من التقوى والورع والصدق واألمانة والعدل ورعاية اآلداب االجتماعية ومراعاة كل ما

.أوجبت الشريعة االلتزام بهوال تنعقد لفاسق : ( قال القاضي عياض . مينع الشهادة وبناء على هذا الشرط فال جيوز تولية الفاسق وال من فيه نقص

)٤() وال خالف بني األمة يف أنه ال جيوز أن تعقد اخلالفة لفاسق : ( وقال القرطيب )٣( وذكر مثله احلافظ يف الفتح )٢() ابتداء .

: ومن األدلة على اشتراط هذا الشرط ما يلي

) .١٩١ص (فضائح الباطنية ) ١( ) .١٢/٢٢٩(شرح النووي على صحيح مسلم )٢( ) .١٣/٨(فتح الباري )٣( ) .٢١ص (السياسة الشرعية البن تيمية : وانظر ) ١/٢٧٠(اجلامع ألحكام القرآن )٤(

١٤١

ينال ال ومن ذريتي قال الإني جاعلك للناس إماما ق قال﴿ : السالم حينما قال له ربه ما ورد يف قصة إبراهيم عليه) ١ (دي الظالمنيها : ( عن جماهد . )١( ﴾ عاحتج اجلمهور : ( ، وقال الفخر الرازي )٢(... ) أنه أراد أن الظامل ال يكون إمام

: ﴾ ووجه االستدالل ا على وجهني ال ينال عهدي الظالمنيح أن تعقد له اإلمامة ذه اآلية ﴿على أن الفاسق ال يصل ﴾ طلب لإلمامة اليت ذكرها اهللا تعاىل ومن ذريتي﴿ : ﴾ جواب لقوله ال ينال عهدي الظالمنيما بينا أن قوله ﴿ : األول

ال ينال اإلمامة : راد ذا العهد هو اإلمامة ليكون اجلواب مطابقا للسؤال فتصري اآلية كأنه تعاىل قال ، فوجب أن يكون املوقد استدل : ( وبنحوه ذهب الشوكاين فقال . )٣() الظاملون ، وكل عاص فإنه ظامل لنفسه ، فكانت اآلية دالة على ما قلناه

ألنه إذا زاغ عن ذلك م ال بد أن يكون من أهل العدل والعمل بالشرع كما وردذه اآلية مجاعة من أهل العلم على أن اإلما، وميكن أن ينظر إىل ما يصدق عليه اسم العهد وما تفيده اإلضافة من العموم فيشمل مجيع ذلك اعتبارا بعموم اللفظ كان ظاملا

إن هذا اخلرب يف معىن األمر ألن أخباره تعاىل ال : فاألوىل أن يقال: ( إىل أن قال ... ) من غري نظر إىل السبب وال السياق : ( قال الفقيه احلنفي أبو بكر اجلصاص . )٤() جيوز أن تتخلف ، وقد علمنا أنه قد عهده من اإلمامة وغريها كثري من الظاملني

يف : وقالوا : ( ري هذه اآلية وقال الزخمشري عند تفس)٥() فثبت بداللة هذه اآلية بطالن إمامة الفاسق وأنه ال يكون خليفة هذا دليل على أن الفاسق ال يصلح لإلمامة وكيف يصلح هلا من ال جيوز حكمه وشهادته وال جتب طاعته وال يقبل خربه وال

ال يكون الظامل إماما قط ، وكيف جيوز نصب الظامل لإلمامة ، واإلمام إمنا هو : وعن ابن عيينة : ( قال ) . يقدم للصالة ٦() من استرعى الذئب ظلم : الظلمة ، فإذا نصب من كان ظاملا يف نفسه فقد جاء املثل السائر لكف(.

فاهللا سبحانه وتعاىل أمر يف . )٧(﴾ اآلية ... يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا﴿ : ومنها قوله تعاىل ) ٢ (وال جيوز أن يكون احلاكم مما ال يقبل قوله وجيب التبين عند حكمه ، وألن الفاسق ال ( بني عند قول الفاسق هذه اآلية بالت

. وألن ال يكون حاكما للمسلمني أوىل )٨() جيوز أن يكون شاهدا فألن ال يكون قاضيا أوىل فاهللا سبحانه وتعاىل . )٩( ﴾ يصلحون ذين يفسدون في الأرض والال ولا تطيعوا أمر المسرفنيومنها قوله تعاىل ﴿ ) ٣ (

ينهانا يف هذه اآلية عن طاعة املسرف ويف موطن آخر يأمرنا بطاعة اإلمام يف غري معصية ، فوجب أال يكون اإلمام ممن قد ى .اهللا عز وجل عن طاعتهم

.١٢٤ورة البقرة آية س )١( ) .١/٦٩(أحكام القرآن للجصاص )٢( .مؤسسة املطبوعات اإلسالمية القاهرة . ط ) ٤/٤٦(التفسري الكبري للفخر الرازي )٣( ) .١/١٣٨(فتح القدير للشوكاين )٤( . هـ ١٣٣٥. ط ) ١/٧٠(أحكام القرآن للجصاص )٥( ) .١/٣٠٩(الكشاف )٦( . ٦سورة احلجرات آية )٧( ) .١١/٣٨٢(املغين والشرح الكبري )٨( .١٥١سورة الشعراء آية )٩(

١٤٢

صد األساسي من نصب اخلليفة هو رفع ظلم الظامل ، ال تسليط الظامل على الناس ، واستدل على ذلك أيضا بأن املق) ٤ (واألب الفاسق على فرط : ( قال اجلويين ! والظامل خيتل به أمر الدين والدنيا فكيف يصلح للوالية وما الوالية إال لدفع شره

العظمى فاسق ال يتقي اهللا ومن مل يقاوم عقله هواه حد به وإشفاقه على ولده ال يعتمد يف مال ولده فكيف يؤمتن يف اإلمامة .)١() ونفسه األمارة بالسوء ومل ينهض رأيه بسياسة نفسه فأىن يصلح خطة اإلسالم

وأما العدالة فألنه منصب ديين ينظر يف سائر املناصب اليت هي شرط فيها ، فكان أوىل باشتراطها فيه : ( وقال ابن خلدون واحلقيقة أنه إذا )٣() وأقل ما جيب له من هذه اخلصلة أن يكون ممن جيوز قبول شهادته حتمال وأداء : ( دادي وقال البغ)٢()

كان اهللا تعاىل قد جعل العدالة شرطا يف أصغر ما يتصور من الواليات واألحكام مثل حضانة الصغري واحلكم يف جزاء الصيد ، صغري أو يتيم ، وال حكما يف مسألة قياسية فيكف يصلح واليا على األمة مجعاء ، وأن الفاسق ال يصلح أن يكون واليا على

.وحكما يف قضايا يف غاية اخلطورة كما يدل على ذلك أن الفسق مدعاة للتساهل يف تطبيق أحكام الشريعة وإقامة الدين ، فلو كان فسقه بشرب مخر ) ٥ (

نه التساهل يف شأن اخلمر وشارا ، وهكذا يف سائر األحكام كما أن األخيار العدول يقع مأنمثال فاملتصور عقال أنه ال بد يف األمة كثري واحلمد هللا فما الداعي لتولية الفاسق ؟

: هذا وقد قسم املاوردي الفسق الذي تزول به العدالة إىل قسمني . ما تابع فيه الشهوة :األول .ة ما تعلق فيه بشبه:الثاين

فأما األول منها فمتعلق بأفعال اجلوارح وهو ارتكابه للمحظورات وإقدامه على املنكرات حتكيما للشهوة وانقيادا للهوى ، .)٤(... مينع من انعقاد اإلمامة ومن استدامتها - كما يرى املاوردي -فهذا

هلا خالف احلق ، فقد اختلف العلماء فيها ، فذهب فريق من فمتعلق باالعتقاد والتأول بشبهة تعترض فيتأول: وأما الثاين إنه ال مينع من انعقاد اإلمامة وال : ( وقال كثري من علماء البصرة ... العلماء إىل أا متنع من انعقاد اإلمامة ومن استدامتها

.)٥() خيرج به منها كما ال مينع من والية القضاء وجواز الشهادة لو تعذرت العدالة يف األئمة : جاز ذلك ولذا قال ابن عبد السالم ( العدل واضطرت األمة إىل والية الفاسق أما إذا تعذر

. )٦() وهو متعني إذ ال سبيل إىل جعل الناس فوضى : قدمنا أقلهم فسقا قال األذرعي

) .٦٨(غياث األمم ص )١( ) .١٩٣(مقدمة ابن خلدون ص )٢( ) .٢٧٧(أصول الدين ص )٣( .سيأيت لقضية العزل بالفسق زيادة بيان إن شاء اهللا ) ٤( ) .١٧ص (األحكام السلطانية ) ٥( ) .٧/٤٠٩(اية احملتاج للرملي ) ٦(

١٤٣

فقط ، أما يف حالة التغلب فال يشترط ، واألدلة هذا ومما ينبغي التنبيه له أن اشتراط العدالة هو يف حالة االختيار والعهد :على ذلك كثرية جدا منها

إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن « : r قال رسول اهللا: قالت r ما روته أم سلمة زوج النيب-١ قال )١(» قال ال ما صلوا « قاتلهم ؟ أال ن: ، قالوا يا رسول اهللا » كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع

عدم جواز اخلروج على اخللفاء مبجرد الظلم أو الفسق ما مل يغريوا شيئا من قواعد » ال ما صلوا « : r إن يف قوله: النووي .)٢() اإلسالم

إنكم « : r رسول اهللاقال لنا: ومنها ما رواه البخاري وغريه عن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا تعاىل عنه قال -٢ » أدوا إليهم حقهم وسلوا اهللا حقكم « : فما تأمرنا يا رسول اهللا ؟ قال : ، قالوا » وأمورا تنكروا )٣(سترون بعدي أثرة

)٤( .

إىل غري ذلك من األحاديث الكثرية يف هذا املوضوع ولذلك كان مذهب السلف رضوان اهللا عليهم الصالة واجلهاد مع وهذا ما أدى بأيب يعلى . إمام برا كان أو فاجرا ، ألن هذا من طاعة اهللا ، فهم يطاعون يف طاعة اهللا ويعصون يف معصيته كل

: وقد روي عن اإلمام أمحد ألفاظ تقتضي إسقاط اعتبار العدالة والعلم والفضل فقال يف رواية عبدوس بن مالك : ( أن يقول فة ومسي أمري املؤمنني ال حيل ألحد يؤمن باهللا واليوم اآلخر أن يبيت وال يراه إماما عليه ومن غلبهم بالسيف حىت صار خلي(

فإن كان أمريا يعرف بشرب املسكر والغلول يغزو معه : ( وقال أيضا يف رواية املروزي ) برا كان أو فاجرا فهو أمري املؤمنني .)٥() إمنا ذلك له يف نفسه ال يف حالة االختيار من قبل أهل احلل والعقد ، ويدل -د الوايل املتغلب كما هو نص الرواية األوىل فمقصود اإلمام أمح

النسب ، واإلسالم ، واحلماية ، : وإن اإلمامة ال جتوز إال بشروطها : ( قوله أيضا - باإلضافة إىل ما سبق -على ذلك فيذ والتقوى ، وإتيان الطاعة ، وضبط أموال املسلمني ، فإن شهد له وحفظ الشريعة ، وعلم األحكام ، وصحة التن... والبيت

فهذا )٦() بذلك أهل احلل والعقد من علماء املسلمني وثقام أو أخذ هو ذلك على نفسه مث رضيه املسلمون جاز له ذلك .لب فال يشترط كما سبق يدل على أن اإلمام أمحد يشترط كغريه العدالة والعلم يف حالة االختيار أما يف حالة التغ

رقـم : باب . الفنت : ، ورواه الترمذي يف ) ٣/١٤٨٠ (١٨٥٤وجوب اإلنكار على األمراء فيما خيالف الشرع ، ح: باب . اإلمارة : رواه مسلم ك ) ١() ٦/٢٩٥(سـنده عون املعبود ، وأخرجه اإلمام أمحـد يف م ) ١٣/١٠٦، (قتل اخلوارج : باب . السنة : بتحقيق شاكر ، وأبو داود يف ) ٤/٥٢٩) (٧٨(

.بألفاظ متقاربة ) .١٢/٢٤٣(صحيح مسلم بشرح النووي ) ٢(االنفـراد : واالسـتئثار . االسم من آثر يؤثر إيثارا إذا أعطى ، أراد أن يستأثر عليكم فيفضل غريكم يف نصيبه من الفيء : بفتح اهلمزة والثاء : األثرة ) ٣(

) .٤/٨) (أثر ( لسان العرب مادة : انظر . بالشيء ورواه مسلم يف اإلمارة . واللفظ له ) ١٣/٥(فتح الباري . » سترون بعدي أمورا تنكروا « : احلديث رواه البخاري يف الفنت باب قوله عليه السالم ) ٤(بتحقيـق أمحـد شـاكر ) ٤/٤٨٢(ما جاء يف األثرة : باب . الفنت : ، ورواه الترمذي يف ) ٣/١٤٧٢(، ١٨٤٣وجوب الوفاء ببيعة اخللفاء ، ح: باب .

.وآخرين ) .٢٠ص (األحكام السلطانية أليب يعلى ) ٥( ) .٢/٣٠٥(طبقات احلنابلة ) ٦(

١٤٤

)١( الواجبة وأجازوا أن يلي الفاسق أمر األمة ، لكنهم يكرهون ذلك ناف أال يعدوا العدالة من الشروط وهذا ما حدا باألح .، ألنه قد ثبت أن الصحابة صلوا خلف أئمة اجلور من بين أمية ورضوا بتقلدهم رئاسة الدولة

وهناك من جيعل الفسق موجبا للعزل ، وبناء عليه فال . التغلب ال يف حال االختيار كما مر والرد عليهم أن ذلك يف حال .تلزم إمامة املتغلب الفاسق بل العدل فقط ، وسيأيت هلا زيادة بيان إن شاء اهللا عند احلديث عن العزل

.لتظافر األدلة على ذلك وذا يتبني أن هذا الشرط واجب توفره يف اإلمام عند االختيار دون التغلب كما أنه مما ينبغي التنبيه له أنه ليس املقصود بالعدالة أن يكون املرشح لإلمامة معصوما يف أقواله وأفعاله وتصرفاته ، خاليا

، فهذه الصفات ال يدركها إال الرسل عليهم الصالة والسالم - كما تدعي الرافضة -من كل نقص ، مربء من كل عيب .ذين أكرمهم اهللا بالعصمة من الكبائر والذنوب وعدم إقرارهم على الصغائر إن وقعت منهم ال

أما املسلم العادي فقد يقع يف بعض الذنوب واآلثام ولكنه سرعان ما يسترجع ويستغفر اهللا مما بدر منه ويعزم أال يعود ، . فهذه ال خترم مروءته وال تبطل عدالته

.)٢(» كل ابن آدم خطاء وخري اخلطائني التوابون « : أنه قال r ي عن النيبوقد رو كما أن العدالة معتربة يف كل زمان بأهله وإن اختلفوا يف وجه االتصاف ا ، فنحن نقطع بأن عدالة الصحابة ال تساويها

ل زمان مع ما بعده إىل زماننا هذا ، فلو قيس عدول عدالة التابعني ، وعدالة التابعني ال تساويها عدالة من بعدهم ، وكذلك كزماننا بعدول الصحابة والتابعني مل يعدوا عدوال لتباين ما بينهما من االتصاف بالتقوى واملروءة ، ولكن ال بد من اعتبار كل

.واهللا أعلم ... عدول زمان حبسبه ، وإال مل ميكن إقامة والية يشترط فيها العدالة التامة :الكفاءة النفسية : الشرط الثامن

ومما ينبغي توفره يف اخلليفة أيضا أن يكون شجاعا جريئا على إقامة احلدود واقتحام احلروب بصريا ا كفيال حبمل الناس هاد العدو وإقامة عليها ، عارفا بالدهاء قويا على معاناة السياسة وحسن التدبري ليصبح له بذلك ما جعل له من محاية الدين وج

.األحكام وتدبري املصاحل هذه الصفات حىت يكون قادرا على سياسة الرعية ودليل اشتراط هذا الشرط هو طبيعة هذا املنصب الذي حيتاج إىل كل

ا ال تتبني له وتدبري مصاحلهم الدينية والدنيوية ، وألن احلوادث اليت حتدث يف الدولة ترفع إليه وال يتسىن له البت فيها كماملصلحة إال إذا كان على قدر من احلكمة والرأي والتدبري ، ولذلك فال يوىل إال من كان عنده القدرة على ذلك ، يدل عليه

« : فضرب بيده على منكيب ، مث قال : يا رسول اهللا أال تستعملين ؟ قال : أليب ذر رضي اهللا عنه حينما قال له r قول النيبويف رواية . » ضعيف ، وإا أمانة ، وإا يوم القيامة خزي وندامة ، إال من أخذها حبقها وأدى الذي عليه فيها يا أبا ذر إنك

حاشية رد احملتار علـى الـدر : وانظر . مصر . مطبعة السعادة . ن . هـ ١٣٤٧ثانية . ط ) ١٦٧ ، ١٦٦ص (املسامرة يف شرح املسايرة : انظر ) ١(

) .١/٥٤٨(املختار غريب ال نعرفه إال من حديث علي بن مسعدة عن قتادة ، ورواه ابن ماجة : وقال ) ٤/٦٥٩ (٢٤٩٩ ، ح ٤٩: ب . صفة القيامة : لترمذي ك رواه ا ) ٢(

علي بن مسعدة هذا خمتلف فيه ، واألكثـر : وفيه ) ٣/١٩٨(بنفس طريق الترمذي ، ورواه أمحد ) ٢/١٤٢٠ (٤٢٥١ذكر التوبة ، ح : ب . الزهد : يف .وبقية رجاله ثقات ) ٧/٣١٨(ذيب التهذيب : فه انظر على تضعي

١٤٥

فإذا )١(» يا أبا ذر ، إين أراك ضعيفا ، وإين أحب لك ما أحب لنفسي ، ال تأمرن على اثنني وال تولني مال يتيم « : قال له األموال فمن باب أوىل يف اإلمامة العظمى الشاملة للقيام بأعباء الواليات الصغرى والكربى كان هذا يف الوالية الصغرى ويف

.واألموال وغريها أن يكون قيما بأمر : الثالث : ( وسبقه أبو يعلى حيث يقول )٢( وإىل اشتراط هذا الشرط ذهب إمام احلرمني اجلويين

الرأي املفضي إىل : الرابع : ( وبه قال املاوردي )٣() فة يف ذلك والذب عن األمة احلرب والسياسة وإقامة احلدود ال تلحقه رأ )٥( وبه قال البغدادي )٤() الشجاعة ، والنجدة املؤدية إىل محاية البيضة وجهاد العدو : سياسة الرعية وتدبري املصاحل ، اخلامس

. وغريهم كثري )٨(ئح الباطنية والغزايل يف فضا)٧( ، واإلجيي يف املواقف )٦(، وابن خلدون فهذا هو مذهب مجهور العلماء ، وهناك من العلماء من ال يشترطون هذا الشرط جموزين االكتفاء بأن يستشري اإلمام أصحاب اآلراء الصائبة يف كل ما حيتاج إىل البت فيه من األمور املهمة معللني ذلك بأنه يندر أن يتوفر هذا الشرط مع الشروط

.ملطلوبة يف اإلمامة من االجتهاد وغريه ا والواقع أنه ليس هناك حد معني هلذا الشرط ، وإمنا لكل زمان حبسبه ، فاملهم أال يكون هناك قصور خيل باملقاصد اليت من

.واهللا أعلم ... أجلها نصب اإلمام :الكفاءة اجلسمية : الشرط التاسع

كذهاب البصر والنطق والسمع فهذه تؤثر يف . واألعضاء اليت يؤثر فقداا على الرأي والعمل واملقصود ا سالمة احلواسالرأي ، وفقدان اليدين والرجلني يؤثر يف النهوض وسرعة احلركة ، وتشوه املنظر وتضعف من هيبة اإلمام يف نفوس الرعية ،

إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة ﴿ : ذلك يف قوله تعاىل وقد أشار القرآن الكرمي إىل هذا الشرط يف قصة طالوت كما مر و . )٩( ﴾ في العلم والجسم

:من أجل هذا قسم الفقهاء أوجه النقص اجلسدية إىل أربعة أقسام وال يشني يف املنظر فهذا نقص ال النقص الذي ال يؤثر فقده يف رأي وال عمل: ما ال مينع من عقد اإلمامة وهو : األول

.حيول دون قيام اخلليفة بوظائفه ألنه ال يؤثر يف كفاءته وقدرته على سياسة األمور يف الدولة اإلسالمية

ما جاء يف الدخول : باب . الوصايا : ، وأبو داود يف ) ٣/١٤٥٧ (١٨٢٥كراهية اإلمارة بغري ضرورة ، ح : باب . اإلمارة : احلديث رواه مسلم يف ) ١(

) .٥/١٧٣(لنهي عن الوالية على مال اليتيم ، وأمحد يف املسند ا: باب . كتاب الوصايا : عون املعبود ، والنسائي يف ) ٨/٧٠(يف الوصايا ، ) .٦٨ص (غياث األمم ) ٢( ) .٢٠ص (األحكام السلطانية أليب يعلي ) ٣( ) .٦ص (األحكام السلطانية للماوردي ) ٤( ) .٢٧٧ص (أصول الدين ) ٥( ) .١٩٣ص (املقدمة ) ٦( ) .٣٩٨ص ) (٧( ) . ١٨٥ص (فضائح الباطنية ) ٨( .٢٤٧سورة البقرة آية ) ٩(

١٤٦

النقص الذي مينع من اختيار الشخص ملنصب اخلالفة كفقد اليدين أو عجز الرجلني الذي مينعه من النهوض ويؤثر : الثاين هذا وذاك نقص يؤثر يف الكفاءة الالزم توفرها يف املرشح للخالفة ، ويعوقه عن مباشرة سلطاته واختصاصاته يف حركته ، ف

فيما لو ويل أمر األمة ، وهو ما يضر حبقوقها ومصاحلها العامة ، لذلك فإن هذا النقص حيول دون صالحية الشخص لرئاسة . بعد توليته اخلالفة إىل منع استدامتها الدولة ، كما أنه يؤدي يف حالة طروء هذا النقص عليه

وهو النقص املؤدي إىل العجز اجلزئي ويؤثر يف أداء بعض األعمال كقطع إحدى اليدين أو الرجلني ، وهذا من : الثالث ها على شأنه أن حيول دون اختياره للخالفة لعجزه عن كمال التصرف ، ومل خيتلف الفقهاء يف ذلك وإمنا اختلفوا يف استدامت

.ما سنوضحه إن شاء اهللا عند احلديث عن العزل وهو النقص الذي مينع اخلليفة من مباشرة األعباء املقررة على املنصب وال حيول دون قيامه بسائر اختصاصاته : الرابع

عقدها اتفاقا ، لعدم وسلطاته كالنقص املؤثر يف املظهر كجدع األنف ومسل إحدى العينني ، فهذا ال خيرجه من اإلمامة بعد تأثريه يف شيء من حقوقها ، أما يف االختيار فالعلماء فيه على رأيني منهم من أجاز ، ومنهم من منع ليسلم الوالة من شني

. يعاب ونقص يزدري فتقل هيبتهم ، ويف قلتها نفور عن الطاعة ، وما أدى إىل هذا فهو نقص يف حقوق األمة

فالسمع والنطق يشترطه كثري من الفقهاء ، ألن الوقوف على مصاحل املسلمني والرأي والتدبري . اس أما عن شرط سالمة احلولكن الراجح اشتراط توفرمها يف اخلليفة . وحنوها )١ (يتوقف عليهما ومنهم من مل يشترطهما إلمكان الفهم عن طريق الكتابة

افره ضرورة ، ألن األعمى ال يستطيع أن يدبر أمر نفسه وهو ما للحاجة إليهما ، وكذلك البصر فهو من الشروط اليت جيب تووىل ابن أم مكتوم وهو رجل أعمى على املدينة r ال يسمح له أن يدبر أمر املسلمني ، أما يف الوالية الصغرى فجائز ألن النيب

اإلمام أن يكون يف خلقه عيب ، ال يضر: ( وقد خالف يف اشتراط هذا الشرط ابن حزم رمحه اهللا تعاىل فقال ) ٢(عدة مرات له وال رجالن ، ومن بلغ اهلرم ما دام يعقل ولو أنه ابن مائة نكاألعمى واألصم واألجدع واألجذم واألحدب ، والذي ال يدا

.) ٣() فكل هؤالء إمامتهم جائزة ، إذ مل مينع منها نص القرآن وال سنة وال إمجاع وال نظر وال دليل أصال ... عام حنن ال نقول بأنه نص عليه قرآن وال سنة وال إمجاع ، وإمنا مقصود اإلمامة ال يتم إال مبن كانت فيه هذه الشروط ، وما و

.ال يتم الواجب إال به فهو واجب واهللا أعلم

ومن ) ١٩٣ص : (ومقدمة ابن خلدون ) ١/٣٤(مآثر اإلنافة : وانظر ) ٢٢ ، ٢١ص: (، وأليب يعلى ) ١٩ص(األحكام السلطانية للماوردي : انظر ) ١(

) .١٦٨ص (، ورئاسة الدولة يف الفقه اإلسالمي ) ٦٤ص (فؤاد حممد النادي . طرق اختيار اخلليفة د : الكتب احلديثة انظر ، ) ٢/٣١(، وطبقات ابن سـعد ) ٣/١٩٢(، ومسند اإلمام أمحد ) ٨/١٤٩(الضرير يوىل ، عون : ب . اخلراج واإلمارة : سنن أيب داود ك : انظر ) ٢(

.وسرية ابن هشام وغريهم ) .٤/١٦٧(الفصل يف امللل واألهواء والنحل ) )3

١٤٧

:عدم احلرص عليها : الشرط العاشر واألدلة على . شرعية مة يعاقب عليها مبنعه منها على هذا الشرط ، وجعل احلرص عليها بغري مصلحة r وقد نص النيب

:هذا الشرط كثرية منها يا عبد الرمحن بن مسرة ال تسأل اإلمارة « : r قال يل رسول اهللا: عن عبد الرمحن بن مسرة رضي اهللا تعاىل عنه قال ) ١ (

.)١(» ها ، فإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإن أعطيتها عن غري مسألة أعنت عليأمرنا يا : أنا ورجالن من قومي فقال أحد الرجلني r دخلت على النيب: وعن أيب موسى رضي اهللا تعاىل عنه قال ) ٢ (

.)٢(» إنا ال نولي هذا من سأله وال من حرص عليه « : رسول اهللا ، وقال اآلخر مثله ، فقال أما إذا كان يف تقدمي اإلنسان )٣() فأخره إذا رأيت الرجل حيرص على أن يؤمر : ( ولذلك قال سفيان الثوري رمحه اهللا

نفسه مصلحة شرعية كأن يكون أهال هلذا املنصب فيموت الوايل وال يوجد غريه ، وخشي من التأخر الفتنة والضياع ، فله أن وهذا ال خيالف ما فرض يف احلديث الذي : ( ظ ابن حجر يقدم نفسه بنية املصلحة الشرعية ال بنية احلرص عليها ، قال احلاف

إشارة إىل أن من قام باألمر عند خشية الضياع يكون ) حرص ( قبله من احلصول بالطلب أو بغري طلب ، بل يف التعبري بـ يصري واجبا عليه بغري سؤال ، لفقد احلرص غالبا عمن هذا شأنه ، وقد يغتفر احلرص يف حق من تعني عليه لكونه ىكمن أعط

.)٥() وقد سبق أن نقلنا كالم النووي يف ذلك . )٤()

هذا وقد سأل الوالية بعض األنبياء املصطفني عليهم وعلى نبينا الصالة والسالم حينما رأوا أم أكفأ من يقوم ا ، اجعلني على خزآئن ﴿ : ل للملك وخلطورة ما يترتب عليها لو وضعت يف يد غري أمينة ، فهذا يوسف عليه السالم يقو

ليمفيظ عي حض إنلي ﴿ : وهذا سليمان عليه السالم يسأل اهللا عز وجل الوالية فيقول )٦( ﴾ األر بهلي و اغفر بقال ر .)٧(﴾ اآلية ... ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي

: القرشية : الشرط احلادي عشر هذا الشرط من الشروط اليت وردت النصوص عليه صرحية وانعقد إمجاع الصحابة والتابعني عليه ، وأطبق عليه مجاهري علماء املسلمني ، ومل خيالف يف ذلك إال النـزر اليسري من أهل البدع كاخلوارج وبعض املعتزلة وبعض األشاعرة ، وحنن

النهي عـن : ب . اإلمارة : ، ومسلم يف ك ) ٣/١٢٤(من سأل اإلمارة وكل إليها ، فتح الباري : ب . األحكام : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )١(

) .٣/١٤٥٦ (١٦٥٢طلب اإلمارة واحلرص عليها ، حالنهي : ب . اإلمارة : ، ومسلم يف ك ) ١٣/١٢٥(ما يكره من احلرص على اإلمارة ، فتح الباري : ب . األحكام : رواه البخاري يف ك . متفق عليه ) ٢(

) .٣/١٤٥٦ (١٧٣٣، ح... من طلب اإلمارة ) .١٠/٥٨(شرح السنة للبغوي ) ٣( ) .١٣/١٢٦(فتح الباري ) ٤( ) .٦٨ص (فصل أدلة الوجوب من هذا البحث : انظر ) ٥( .٥٥ آية يوسفسورة ) )6 .٣٥سورة ص آية ) ٧(

١٤٨

شرط ، مث أدلة النافني ، ونرى الراجح منها ، واحلكمة من ذلك وهل هذا الشرط مطلق أم مقيد ، سنورد األدلة املثبتة هلذا ال . إىل غري ذلك من البحوث املتعلقة ذا املوضوع

وقبل معاجلة املوضوع ال بد لنا من التعرف على قريش هؤالء من هم ؟

من هم قريش ؟ : النسابون يف قريش هذا من هو ؟ على عدة أقوال قبيلة قريش هم أوالد قريش ، واختلف

النضر قريش ، فمن كان : ( قال ابن هشام . النضر بن كنانة بن خزمية بن مدركة بن إلياس بن مضر : قيل هو : األول ل على ذلك وإىل هذا القول ذهب بعض الشافعية ، ويد . )١() ومن مل يكن من ولده فليس بقرشي . قرشي : من ولده فهو

يا رسول اهللا ، حنن بنو آكل املرار ، وأنت ابن : أن األشعث بن قيس قال : ( ما ذكره ابن إسحاق وغريه يف قصة وفد كنده مث قال » ... ناسبوا ذا النسب العباس بن عبد املطلب ، وربيعة بن احلارث « : وقال r فتبسم رسول اهللا)٢(آكل املرار

هل فرغتم يا معشر : ، فقال األشعث بن قيس )٣(» نو النضر بن كنانة ال نقفوا أمنا وال ننتفي من أبينا بل حنن ب. ال « : هلم وهذا اختيار أيب عبيدة معمر بن املثىن ، وأيب عبيد : ( قال البغدادي . )٤(كندة ؟ واهللا ال أمسع رجال يقوهلا إال ضربته مثانني

. )٧( وابن منظور )٦( وهو قول ابن حزم )٥(ي اهللا عنه وأصحابه القاسم بن سالم ، وبه قال الشافعي رض

. رمحهم اهللا تعاىل )٩( وابن قيم اجلوزية )٨(وقول احلافظ ابن حجر اسم فهر بن مالك ، قريشي ، ومن مل يلد فهر فليس من : قالوا : ( أن قريشا هو فهر بن مالك ، قال الزبريي : الثاين

مجاع قريش : فهر بن مالك بن النضر ، وهو : والصحيح عند أئمة النسب أن قريشا هو : ( قال الزبيدي و . )١٠() قريش : وقيل . قريش : ولقبه . امسه فهر : قيل )١٢(، فكل من مل يلده فليس بقرشي r لرسول اهللا)١١(اجلد احلادي عشر : وهو

) .١/٩٣( سرية ابن هشام ) ١( جدة من كندة مذكورة وهي rاحلارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن كندة ، وللنيب : ، وآكل املرار هو املرار شجر من شجر البوادي )٢(

) .٣/٤٠(عن زاد املعاد . أم كالب ابن مرة وإياها أراد األشعث .أي رماها بالفجور ، وانتفى من أبيه أي انتسب إىل غري أبيه : قفى أمه )٣( .بنحوه ) ١/٢٣(، وطبقات ابن سعد ) ٤/٥٨٥(م سرية ابن هشا: انظر )٤( ) .٢٧٦ص (أصول الدين )٥( .حتقيق عبد السالم هارون . دار املعارف . ن . رابعة . ط ) ١٢ص (مجهرة أنساب العرب )٦( ) .٦/٣٣٤(من لسان العرب البن منظور ) قرش ( مادة : انظر )٧( ) .٦/٥٣٤(فتح الباري )٨( .)٣/٤٠(زاد املعاد )٩( .دار املعارف مبصر . ن . ثانية . ط ) ١٢ص (نسب قريش البن املصعب الزبريي )١٠(هو حممد بن عبد اهللا بن عبد املطلب بن هشام بن عبد مناف بن قصي بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر : كالتايل rألن نسبه )١١(

) .١/١(إخل انظر سرية ابن هشام ... بن مالك بن النضر ) .٢/٣٠(إحتاف السادة املتقني بشرح إحياء علوم الدين )١٢(

١٤٩

وهو الذي أدركت : ( ، قال الزهري )١( فهرا فليس من قريش من جاوز: العكس ، وقد روي عن نسايب العرب أم قالوا .)٢() عليه من أدركت من نسايب العرب أن من جاوز فهرا فليس من قريش

فالفهري قرشي بال نزاع ، ومن كان من أوالد مالك بن النضر ، أو أوالد النضر بن كنانة ففيه خالف : ( قال الشنقيطي قال : ويدل على ذلك ما رواه واثلة بن األسقع قال )٣() انة من غري النضر فليس بقرشي بال نزاع ، ومن كان من أوالد كن

كنانة من ولد إمساعيل ، واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بين هاشم ، إن اهللا اصطفى« : r رسول اهللا .)٤(» واصطفاين من بني هاشم

: وهناك أقوال أخرى ضعيفة وهي قريش أوالد إلياس بن مضر وأدخلوا أنفسهم يف مجلة قريش ألم من ولد إلياس بن مضر ، وهذا : قالت التميمية :ثالثا

اختيار أيب عمرو بن العالء وأيب احلسن األخفش ومحاد بن سلمة الفقيه وعبيد اهللا بن حسن القاضي وسوار بن عبد اهللا وروي .)٥(مثله عن أيب األسود الدؤيل

إن قريشا هم مجيع ولد مضر بن نزار ، فأدخلت قيس غيالن يف هذه اجلملة ، وبه قال من الفقهاء : وقالت القيسية :رابعا .)٦() مسعر بن كدام ، وقد روي مثله عن حذيفة بن اليمان

يت قريش قريشا لتجمعها يقال مس: ومسيت قريش قريشا من التقرش ، والتقرش التجارة واالكتساب ، وقال ابن إسحاق وقد حكى بعضهم يف تسمية فهر بقريش عشرين قوال أوردا يف شرحي على القاموس . ( ، قال الزبيدي )٧(من بعد تفرقها

. )٩( وقيل غري ذلك )٨()

.املطبعة األزهرية املصرية : ن . هـ ١٣٢٥. أوىل . ط ) ١/٧٥(شرح املواهب اللدنية للزرقاين )١( ) .٣/٤٠(زاد املعاد البن القيم )٢( ) .١/٥٢(أضواء البيان )٣(وأمحـد . حنـوه ) ٥/٥٨٣(، وروى الترمـذي ) ٤/١٧٨٢ (٢٢٧٦ ، ح rفضل نسب النيب : باب . كتاب الفضائل : رواه مسلم واللفظ له يف )٤( ) .١/٢٠(الطبقات : ، ورواه ابن سعد انظر ) ٤/١٠٧( ) .٢٧٧ص (أصول الدين للبغدادي )٥( ) .٢٧٧ص (أصول الدين )٦( ) .٦/٣٣٤) (قرش ( لسان العرب مادة : وانظر ) . ٩٤ ، ١/٩٣(سرية ابن هشام )٧( ) .٤/٣٣٧(تاج العروس : انظر )٨( ) .٦/٥٣٤(، وفتح الباري ) ٦/٣٣٥) (قرش(، ولسان العرب مادة ) ١٢ص (من شاء االستزادة فلرياجع نسب قريش البن املصعب الزبريي )٩(

١٥٠

سنة واجلماعة على اشتراط القرشيةأدلة أهل الشتراط هذا الشرط وحكى اإلمجاع عليه من قبل الصحابة والتابعني ، وبه إن مجاهري علماء املسلمني قاطبة ذهبوا إىل ا: قلنا

اخلالفة يف قريش ما بقي من الناس اثنان ، ليس ألحد من : ( قال األئمة األربعة ، فقال اإلمام أمحد يف رواية اإلصطخري وقد نص الشافعي رضي اهللا عنه على هذا ( )١() الناس أن ينازعهم فيها وال خيرج عليهم ، وال نقر لعريهم ا إىل قيام الساعة

. إال قرشيا - أي اإلمام -وال يكون : ( وقال اإلمام مالك )٣() ، وكذلك رواه زرقان عن أيب حنيفة )٢(يف بعض كتبه عتزلة وبعض ومل خيالف يف ذلك إال الرتر اليسري من اخلوارج وبعض امل)٤() وغريه ال حكم له إال أن يدعوا إىل اإلمام القرشي

: ، واستدل املثبتون بعدة أدلة صرحية صحيحة من السنة واإلمجاع فمن السنة ما يلي )٥(األشاعرة باب األمراء من قريش ، حدثنا : ( ما رواه البخاري يف صحيحه عن معاوية رضي اهللا تعاىل عنه حيث قال البخاري ) ١ (

وهم عنده يف وفد من قريش -مد بن جبري بن مطعم حيدث أنه بلغ معاوية كان حم: أبو اليمان أخربنا شعيب عن الزهري قال أما بعد فإنه : فغضب فقام فأثىن على اهللا مبا هو أهله مث قال )٦( أن عبد اهللا بن عمرو حيدث أنه سيكون ملك من قحطان -

أولئك جهالكم فإياكم واألماين اليت و r بلغين أن رجاال منكم حيدثون أحاديث ليست يف كتاب اهللا وال تؤثر عن رسول اهللاإن هذا األمر يف قريش ال يعاديهم أحد إال كبه اهللا يف النار على وجهه ما « : يقول r تضل أهلها ، فإين مسعت رسول اهللا

.)٧(» أقاموا الدين

ل هذا األمر يف قريش ما ال يزا« : r قال رسول اهللا: ومنها احلديث املتفق على صحته عن عبد اهللا بن عمر قال ) ٢ () وليس املراد حقيقة العدد ، وإمنا املراد به انتفاء أن يكون األمر يف غري قريش : ( قال احلافظ ابن حجر )٨(» بقي منهم اثنان

)٩(.

.البن أيب يعلي ) ١/٢٦(طبقات احلنابلة )١( ) .١/١٤٣(األم )٢( ) .٢٧٥(أصول الدين ص )٣( ) .٤/١٧٢١( البن العريب أحكام القرآن )٤( .سيأيت ذكر أمسائهم وآرائهم قريبا )٥(إخل إن أراد به القحطاين الـذي ... إنه سيكون ملك من قحطان - الذي أنكره عليه معاوية يف احلديث املذكور -قول عبد اهللا بن عمرو بن العاص )٦(

ال تقوم الساعة حىت خيـرج رجـل مـن « : قال rحديث أيب هريرة أن رسول اهللا صحت الرواية مبلكه فال وجه إلنكاره لثبوت أمره يف الصحيح من من الفتح ، وذكره يف املناقـب يف ) ١٣/٧٦. (يف تغري الزمان حىت يعبدوا األوثان : باب. الفنت : أخرجه البخاري يف . » بعصاه قحطان يسوق الناس

ال تقوم الساعة حىت مير الرجل بقرب الرجل فيتمىن أن يكون مكان امليت : ب . راط الساعة كتاب الفنت وأش : ، وأخرجه مسلم يف ) ٦/٥٤٥(ذكر قحطان واهللا . شعيب بن صاحل ، وقيل غري ذلـك : امسه جهجاه ، وقيل : ، وهذا القحطاين مل يعرف امسه عند األكثرين وقيل ) ٤/٢٢٣٢ (٢٩١٠من البالء ، ح

) .١/٥٥(البيان وأضواء ) ١٣/١١٥(فتح الباري : انظر . أعلم .من الفتح ) ١٣/١١٤(األمراء من قريش ، : باب . كتاب األحكام : رواه البخاري يف )٧(اخلالفـة يف : بـاب . كتاب اإلمارة : من الفتح ، ومسلم يف ) ١٣/١١٤(األمراء من قريش ، : باب . ك األحكام : رواه البخاري يف . متفق عليه )٨(

) .٣/١٤٥٢ (١٨٢٠قريش ، ح ) .١٣/١١٧(فتح الباري )٩(

١٥١

لناس ا« : r قال رسول اهللا: ومنها ما رواه البخاري ومسلم يف صحيحهما عن أيب هريرة رضي اهللا تعاىل عنه قال ) ٣ ( .)١(» تبع لقريش يف هذا الشأن ، مسلمهم تبع ملسلمهم ، وكافرهم تبع لكافرهم

ويف مسند اإلمام أمحد أن أبا بكر وعمر ملا ذهبا إىل سقيفة بين ساعدة حني اجتمع األنصار الختيار خليفة رسول اهللا) ٤ (r اهللاأنزل يف األنصار وذكره رسول ، تكلم أبو بكر ومل يترك شيئا r م إال ذكره ، وقالولقد علمتم أن رسول : من شأ ولقد علمت يا سعد أن رسول اهللا. » لو سلك الناس واديا وسلكت األنصار واديا سلكت وادي األنصار « : قال r اهللاr الناس « : قال وأنت قاعد رصدقت حنن : له سعد ، فقال» تبع لربهم ، وفاجرهم تبع لفاجرهم قريش والة هذا األمر فب

.)٢(األمراء الوزراء وأنتم وقد مر معنا يف الرواية الواردة يف الصحيح واليت أثبتناها يف مبايعة أيب بكر رضي اهللا تعاىل عنه عند ذكره هلذا احلديث

.)٣() ولن يعرف هذا األمر إال هلذا احلي من قريش : ( مبعناه ال بلفظه حيث قال « : قام على باب البيت وحنن فيه فقال r أن رسول اهللا: نها ما رواه اإلمام أمحد بسنده عن أنس بن مالك وم) ٥ (

األئمة من قريش ، إن هلم عليكم حقا ولكم عليكم حقا مثل ذلك ، ما إن استرمحوا رمحوا ، وإن عاهدوا وفوا ، وإن حكموا وهذه رواية األئمة من : ( وقال ابن حزم .)٤(» املالئكة والناس أمجعني عدلوا ، فمن مل يفعل ذلك منهم فعليه لعنة اهللا و

) .٦/٥٢٦ . (٢: باب . البخاري كتاب املناقب . متفق عليه )١(

١٨١٨الناس تبع لقريش واخلالفة يف قريش ، ح: اإلمارة ، ب : ومسلم يف ك ) .٢/٢٤٣(، ورواه اإلمام أمحد يف مسنده ) ٣/١٤٥١( .من طرق االنعقاد من هذا البحث ) ١٣٦ص : ( انظر خترجيه يف .قويهوله شواهد ت) ١/٥(رواه أمحد يف مسنده بإسناد مرسل حسن )٢( ) .١٣٦ص : (انظر ) ٣(، وروى ابن أيب عاصم يف السنة الشطر األول ) ٥/١٩٢(جممع الزوائد : انظر . رجاله ثقات : وقال اهليثمي ) . ٣/١٨٣(رواه اإلمام أمحد يف مسنده )٤(

=وأخرجه الطرباين ، والطيالسي ، والبزار : من كتاب السنة ، وقال ابن حجر )٢/٥٣١: (منه وصححه األلباين انظر

١٥٢

جاءت جميء التواتر رواها أنس بن مالك ، وعبد اهللا بن عمر بن اخلطاب ، ومعاوية وروى جابر بن عبد اهللا ، وجابر ) قريش .)١(بن مسرة ، وعبادة بن الصامت معناها

قد مجعت طرقه عن حنو أربعني صحابيا ملا بلغين أن بعض : ( حلافظ ابن حجر حيث قال وأكثر من هذا ما ذكره ا: قلت .إىل غري ذلك من األحاديث الكثرية يف هذا الباب . )٢() فضالء العصر ذكر أنه مل يرد إال عن أيب بكر الصديق

:ثانيا اإلمجاع » ... الناس تبع لقريش « : النووي حيث قال يف شرحه حلديث :فقد حكاه غري واحد من العلماء منهم : أما اإلمجاع

هذه األحاديث وأشباهها دليل ظاهر على أن اخلالفة خمتصة بقريش ال جيوز عقدها ألحد من غريهم ، وعلى : ( احلديث . إخل .)٣() هذا انعقد اإلمجاع يف زمن الصحابة والتابعني فمن بعدهم باألحاديث الصحيحة

. مذهب العلماء كافة : قرشيا هو - أي اإلمام –اشتراط كونه : ( فقد نقل عنه النووي قوله . القاضي عياض ومنهم وقد عدها : وقد احتج به أبو بكر وعمر رضي اهللا عنهما على األنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد ، قال القاضي : قال

السلف فيها قول وال فعل خيالف ما ذكرنا ، وكذلك من بعدهم يف مجيع العلماء يف مسائل اإلمجاع ، ومل ينقل عن أحد من جيوز كونه من غري قريش ، وال سخافة : وال اعتداد بقول النظام ومن وافقه من اخلوارج وأهل البدع أنه : األعصار قال

رض منه أمر وهذا الذي قاله إن غري القرشي من النبط وغريهم يقدم على القرشي هلوان خلعه إن ع: ضرار بن عمرو يف قوله .)٤() من باطل القول وزخرفه مع ما هو عليه من خمالفة إمجاع املسلمني واهللا أعلم

، والغزايل يف فضائح )٧( ، وابن خلدون يف املقدمة )٦( ، واإلجيي يف املواقف )٥( وممن حكى هذا اإلمجاع أيضا املاوردي . وغريهم )٨(الباطنية

أما اإلمجاع على اشتراط القرشية فقد ثبت بالنقل والفعل ، رواه ثقات : ( دثني الشيخ حممد رشيد رضا حيث قال ومن احملاحملدثني ، واستدل به املتكلمون وفقهاء مذاهب السنة كلهم ، وجرى عليه العمل بتسليم األنصار وإذعام لبين قريش ، مث

.)٩() ... إذعان السواد األعظم من األمة عدة قرون

وسئل اإلمام أمحد عن هذا احلديث . من فتح الباري ) ١٣/١١٤. ( وأخرجه النسائي ، وأبو يعلى حنوه وغريهم - يعين البخاري -واملصنف يف التاريخ = وقد صحح أمحد شاكر هذا اإلسـناد يف ) ٨(ورقة . غري حديث املسند من مسائل اإلمام أمحد ال أعرف إال أن ابن أيب ذئب قد حدث عنه معمر : فقال

) .٥/١٨(الروض النضري : وانظر زيادة ختريج يف ) . ٢/٤٠٦ (٢٧٥٥وصححه األلباين يف صحيح اجلامع الصغري ، ح . ٧٦٤٠خترجيه للمسند ، ح ) .٤/٨٩(الفصل يف امللل واألهواء والنحل )١( ) .٧/٣٢(ح الباري فت )٢( ) .١٢/٢٠٠(شرح النووي على صحيح مسلم )٣( ) .١٢/٢٠٠(شرح النووي على صحيح مسلم )٤( ) .٦ص (األحكام السلطانية )٥( ) .٣٩٨ص ( )٦( ) .١٩٤ص ( )٧( ) .١٨٠ص ( )٨( ) .١٩ص (اخلالفة أو اإلمامة العظمي لرشيد رضا )٩(

١٥٣

وحيتاج من نقل اإلمجاع إىل تأويل ما جاء عن عمر من : قلت : ( ولكن احلافظ ابن حجر يعترض على هذا اإلمجاع بقوله إن أدركين أجلي وقد مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن : ( ذلك ، فقد أخرج أمحد عن عمر بسند رجاله ثقات أنه قال

لعل اإلمجاع انعقد بعد عمر على : نصاري ال نسب له يف قريش فيحتمل أن يقال ومعاذ بن جبل أ) . احلديث ... جبل .)١() اشتراط أن يكون اخلليفة قرشيا ، أو تغري اجتهاد عمر يف ذلك واهللا أعلم

لون بعدم اشتراط القرشية وأدلتهمالقائإذ جوزوا أن تكون اإلمامة يف غري ( عنه أول من قال بعدم اشتراط القرشية اخلوارج الذين خرجوا على علي رضي اهللا

.)٢() قريش ، وكل من نصبوه برأيهم وعاشر الناس على ما مثلوا له من العدل واجتناب اجلور كان إماما حىت إذا اجتمع قرشي ونبطي ق، ( أيضا أن اإلمامة تصلح يف غري قريش - من شيوخ املعتزلة - وزعم ضرار بن عمرو

أي -واملعتزلة : ( قال الشهرستاين )٣()ذ هو أقل عددا وأضعف وسيلة فيمكننا خلعه إذا خالف الشريعة دمنا النبطي إ وزعم الكعيب أن القرشي )٤( وإن جوزوا اإلمامة يف غري قرشي ، إال أم ال جييزون تقدمي النبطي على القرشي -مجهورهم

. )٥() لغريه الفتنة جاز عقدها أوىل ا من الذي يصلح هلا من غري قريش ، فإن خافوا

ومن األشاعرة إمام احلرمني اجلويين حيث مال إىل عدم اشتراطه ، وزعم أنه من أخبار اآلحاد وهو على مذهبه الباطل ال التواتر وهذا مسلك ال أوثره ، فإن نقلة هذا احلديث معدودون ال يبلغون مبلغ عدد : ( حيتج به يف مثل هذه املسائل حيث قال

، كما ال r أنا ال جند يف أنفسنا ثلج الصدور واليقني املثبوت بصدد هذا من فلق يف رسول اهللا: والذي يوضح احلق يف ذلك اإلرشاد ( وقال يف كتابه )٦() جند ذلك يف سائر أخبار اآلحاد ، فإذا ال يقتضي هذا احلديث العلم باشتراط النسب يف اإلمامة

.)٧() الف فيه بعض الناس ، ولالحتمال فيه عندي جمال ، واهللا أعلم بالصواب وهذا مما خي) : ( وجيب أن يعلم أن اإلمامة ال تصلح : ( فقال ) اإلنصاف ( وقد اختلف قول أيب بكر الباقالين ، فاشترط القرشية يف كتابه

حيث ) التمهيد ( ومل يشترطها يف كتابه )٨(» قريش األئمة من « : r أن يكون قرشيا لقوله: إال ملن جتتمع فيه شرائط منها .)١() إن ظاهر اخلرب ال يقضي بكونه قرشيا ، وال العقل يوجبه : ( قال

ال يرجع إىل التأويل إال إذا صح اخلرب يف خمالفة عمر لإلمجاع ، ولكن هذا األثر ضعيف النقطاعه وسيأيت الكالم والواقع أنه ) . ١٣/١١٩(فتح الباري )١(

) .٢٦٥ص (عليه قريبا ) .١/١١٦(امللل والنحل )٢( ) .٩١ ص ١جـ ( امللل والنحل للشهرستاين )٣( ) .١/٩١(امللل والنحل )٤( ) .٢٧٥ص (أصول الدين )٥( ) .١٦٣ص ( األمم للجويين غياث )٦(حممد يوسـف موسـى ، : مكتبة اخلاجني مبصر حتقيق . هـ ١٣٦٩. ط ) ٤٢٧ص (اإلرشاد إىل قواعد األدلة يف أصول االعتقاد أليب املعايل اجلويين )٧(

.وعلي عبد املنعم عبد احلميد ) .٦٩ص (اإلنصاف للباقالين )٨(

١٥٤

تاريخ املذاهب اإلسالمية ( الشيخ حممد أبو زهرة يف كتابه : وإىل نفي اشتراط القرشية ذهب أكثر الكتاب احملدثني منهم علي حسين اخلربوطلي يف . ، ومنهم د )٣( ، ومنهم العقاد )٢(لواردة جمرد أخبار ال تفيد حكما وذهب إىل أن األحاديث ا)

( صالح الدين دبوس يف كتابه . وجترأ على رمي األحاديث املذكورة بالوضع ، ومنهم د )٤() اإلسالم واخلالفة ( كتابه ، ومنهم األستاذ حممد املبارك رمحه اهللا وعفا عنه واعتربها )٥( وذهب إىل أن هذه األحاديث جمرد أخبار) اخلليفة توليته وعزله

.)٦(من باب السياسة الشرعية املتغرية بتغري العوامل

:واستدل من ذهب إىل نفي اشتراط القرشية مبا يلي فون أنه جيوز أن يتوىل اإلمامة فلو مل يكن األنصار يعر: قالوا )٧() منا أمري ومنكم أمري ( بقول األنصار يوم السقيفة ) ١ (

.غري قرشي ملا قالوا ذلك قال رسوا اهللا: ومن أدلتهم أيضا ما أخرجه البخاري يف صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي اهللا تعاىل عنه قال ) ٢ (r : » إمام وإن كان فاحلديث أوجب الطاعة لكل)٨(» امسعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة

.عبدا ، فدل على عدم اشتراط القرشية فإن ... إن أدركين أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته : ( واستدلوا أيضا بقول عمر بن اخلطاب رضي اهللا تعاىل عنه ) ٣ (

قريش له يف واملعروف أن معاذ بن جبل أنصاري ال نسب )٩() استخلفت معاذ بن جبل أدركين أجلي وقد مات أبو عبيدةلو أدركين أحد رجلني ، مث جعلت هذا األمر إليه : ( كما روي عنه رضي اهللا تعاىل عنه أنه قال . فدل على اجلواز )١٠(

.)١١() سامل موىل أيب حذيفة ، وأبو عبيدة بن اجلراح : لوثقت به

ومل أقف على هذا الكالم يف كتاب التمهيد ألن النسـخة ) ٩ص (طيف يف تعليقه على الصواعق احملرقة للهيثمي نقال عن األستاذ عبد الوهاب عبد الل )١(

: انظر . املوجودة املتداولة اآلن من حتقيق مجاعة من املستشرقني ، وقد حذفوا كتاب اإلمامة كامال ، وقد نسب هذا الكالم إىل الباقالين ابن خلدون أيضا ) .١٩٤ص (املقدمة

)١/٩٠( )٢. ( .دار املعارف مصر : ن . رابعة . ط ) ٦٩ص (الدميقراطية يف اإلسالم )٣( ) .٤٢ص ( )٤( ) .٢٧٠ص )(٥( ) .٧١ص (نظام اإلسالم يف احلكم والدولة )٦( . من فصل طرق االنعقاد ) ١٣٦ص(سبق خترجيه يف مبايعة أيب بكر )٧( ) .٢٢٩ص (حلرية من هذا الفصل سبق خترجيه عند احلديث على اشتراط ا )٨(لكن يف إسناده انقطاع ألن شريح بـن عبيـد ) ١٣/١١٩(فتح الباري . رجاله ثقات : وقال عنه احلافظ ابن حجر ) . ١/١٨(رواه أمحد يف مسنده )٩(

١٠٨سند حتقيـق أمحـد شـاكر ، ح امل: تابعي متأخر مل يدرك عمر ، وكذلك راشد بن سعد احلمصي مل يدرك عمر ، فاحلديث ضعيف النقطاعه انظر )١/٢٠١. ( ) .٩/٢١٩(اإلصابة البن حجر : انظر )١٠( ) .١/١١٢ (١٢٩وصحح األستاذ أمحد شاكر إسناده ح) . ١/٦٠(املسند )١١(

١٥٥

أن هذا ... ) تدين إال هلذا احلي من قريش إن العرب ال : ( كما استنتجوا من قول أيب بكر رضي اهللا تعاىل عنه ) ٤ ( .تعليل لطاعة العرب هلم فإذا تغري احلال تغري موضع االختيار

إن هذه األحاديث اليت يستدل ا أهل السنة إمنا هي على سبيل اإلخبار ، وليس فيها أمر جيب : ومنهم من قال ) ٥ ( .وغريهم . )٢(صالح الدين دبوس . ود )١( حممد أيب زهرة امتثاله ، ذهب إىل ذلك بعض الكتاب احملدثني كالشيخ

فجعل األفضلية واإلكرام بالتقوى ال )٣( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾﴿ : واستدلوا على ذلك أيضا بقوله تعاىل ) ٦ (اب واحلساب ، وتنهى عن العصبية اجلاهلية باملعايري األخرى كالنسب وحنوه ، بل وردت أحاديث حتذر من التفاخر باألنس

: منها

الفخر باألحساب ، والطعن يف األنساب ، والنياحة ، : أربع من أميت من أمر اجلاهلية ال يتركون « : r قوله- أ .)٤(» واالستسقاء بالنجوم

مؤمن تقي ، وفاجر شقي : الناس رجالن . اآلباء اجلاهلية وفخرها ب)٥( إن اهللا أذهب عنكم عبية« : r ومنها قوله- بليدعن رجال فخرهم بأقوام إمنا هم فحم من فحم جهنم ، أو ليكونن أهون على اهللا من . أنتم بنوا آدم ، وآدم من تراب .

.)٦(» اجلعالن اليت تدفع بأنفها الننت مناقشة هذه األدلة

فواضح البطالن ، وذلك لرجوعهم رضي اهللا عنهم عن هذا ) ري ومنكم أمري منا أم: ( أما استدالهلم بقول األنصار ) ١ ( الذي رواه أبو بكر رضي اهللا تعاىل عنه r القول يف تلك اللحظة بعد أن مسعوا النص الوارد عن النيب

لربهم ، وفاجرهم األمر ، فرب الناس تبع قريش والة هذا « قال وأنت قاعد r ولقد علمت يا سعد أن رسول اهللا: يف قوله فيحتمل أم قالوا هذا القول قبل أن يعرفوا . )٧() حنن الوزراء وأنتم األمراء . ( صدقت : فقال له سعد . » متبع لفاجره

.النص الذي يثبت اخلالفة يف قريش وهلذا رجعوا إىل رشدهم ملا عرفوا احلقيقة وأن املراد إما إمامة )١( عبدا حبشيا ، فقد سبق اجلواب عليها مفصال بأحاديث األمر بالطاعة وإن كانمأما استدالهل) ٢ (

.املتغلب أو اإلمارة الصغرى على بعض الواليات ، أو ألجل املبالغة يف األمر بالطاعة وضربه مثال

) .١/٩٠(تاريخ املذاهب اإلسالمية )١( ) .٢٧٠ص(اخلليفة توليته وعزله )٢( .١٣ آية احلجراتسورة )٣(التشـديد يف : ب . اجلنائز : ، ورواه مسلم واللفظ له يف ) ٦/١٥٦(القسامة يف اجلاهلية ، فتح الباري : ب . مناقب األنصار : ك رواه البخاري يف )٤(

) .٢/٦٤٤ (٩٣٤النياحة ، حالعبية الكرب والنخـوة ، : ال اخلطايب ق. فخرها وتكربها : أي : بضم العني املهملة وكسر املوحدة املشددة وفتح املثناة التحتية املشددة : عبية اجلاهلية )٥(

العبية بالكسر : الثقل وفيه لغة أخرى وهي : يريد ذا القول ما كان عليه أهل اجلاهلية من التفاخر باألنساب والتباهي ا ، وأصله مهموز من العبء وهو .هـ ١٤٠٢. مركز البحث العلمي جبامعة أم القرى . ط ) ١/١٩٠(غريب احلديث للخطايب : انظر . فضل الشـام : ب . املناقب : عون املعبود ، وأخرج حنوه الترمذي يف ك ) ١٤/٢١. (التفاخر باألحساب : ب . األدب : رواه أبو داود يف سننه ك )٦(

.من فصل مقاصد اإلمامة ) ١١٠ص (وسبق خترجيه . حسن غريب : وقال ) ٥/٧٣٥(واليمن ، ) .١٣٧ص (طرق االنعقاد وسبق خترجيه يف ) ١/٥(رواه أمحد )٧(

١٥٦

ذا مل يتم ، وإمنا رشح بقول عمر يف إرادته استخالف معاذ بن جبل األنصاري رضي اهللا تعاىل عنه فهمأما استدالهل) ٣ (، وأيضا لو ثبت ذلك فإن النص مقدم على قول الصحايب وإن بلغ ) أحدهم ليختاروا : ( عمر ستة قرشيني اختارهم وقال

على )٢(من الفضل ما بلغ ، ولعله اجتهاد من عمر رضي اهللا تعاىل عنه مث تراجع عنه إىل النص ، وقد أجاب احلافظ يف الفتح :تراض باحتمالني مها هذا اإلع . إما أن يكون اإلمجاع انعقد بعد عمر على اشتراط أن يكون اخلليفة قرشيا - أ . وإما أن يكون قد تغري اجتهاد عمر يف ذلك - ب

هذا .على أحد األقاليم ، وهذا ال يشترط فيه النسب اتفاقا : وإما أن يريد من قوله ذلك الوالية الصغرى ، أي : قلت .على افتراض صحة احلديث وإال فقد سبق أن بينا ضعفه النقطاع سنده فال يصلح لالحتجاج به

أما احلديث الثاين والذي فيه ذكر سامل موىل أيب حذيفة وأيب عبيدة فيحتمل إرادة التولية الصغرى أيضا ، أو أنه يعترب قرشيا بعد حترمي التبين - وهو كبري - له ، وموىل القوم منهم ، وقد أرضعته زوجه قد تبناه وهو موىل)٣(، ألن أبا حذيفة القرشي

) وهو يعد يف قريش ملا ذكرنا : ( فأصبح ابنا له ، وقصة إرضاعه مشهورة وهي يف صحيح مسلم وغريه ، قال ابن عبد الرب )٥() اه أبو حذيفة ، ولذلك عد يف املهاجرين ألنه ملا أعتقته موالته زوج أيب حذيفة توىل أبا حذيفة وتبن: ( ويقصد قوله )٤(

.)٦(أما أبو عبيدة فقرشي باتفاق وقوهلم بأن هذا تعليل لطاعة العرب ... ) إن العرب ال تدين إال هلذا احلي من قريش : ( أما استدالهلم بقول أيب بكر ) ٤ (

تعليل بعيد ، ألنه ظاهر يف أحقية قريش باخلالفة فهو حبق دليل هلم ، فإذا تغري احلال تغري موضع االختيار ، هكذا عللوه ، وهو على اشتراط القرشية ال على نفيها ، والنصوص اليت ذكرت استدالل أيب بكر مبينة هلذا الظاهر ، وهذا ما فهمه الصحابة رضي

.واهللا أعلم ... يل اهللا تعاىل عنهم ، بدليل تسليمهم بالطاعة أليب بكر رضي اهللا عنه حينما بني هلم هذا الدلوأما من قال بأا على سبيل اإلخبار وليس فيها أمر فمردود ، ألا أمر يف صيغة اخلرب ، وقد وردت بعض األحاديث ) ٥ (

. بذلك r فهذا أمر منه)٧(» قدموا قريشا وال تقدموها « : r باألمر الصريح كقوله

أنه لن يتوىل اخلالفة إال قرشي ، ألن خرب الصادق البد أن يتحقق : اخلرب ، وهو لتحقق r كما أنه لو كان إخبار من النيب، لكن الواقع غري ذلك ، فقد توىل اخلالفة غري القرشيني ، منهم من يدعي كذبا أنه قرشي كالعبيديني الذي تسموا بالفاطميني

.من هذا الفصل عند احلديث على اشتراط القرشية ففيه ما يغين عن اإلعادة ) ٢٣٠ص : (انظر اجلواب على هذا احلديث مفصال )١( ) .١٣/١١٩(فتح الباري )٢( ) .١١/٨١(اإلصابة )٣( ) .٤/١٠١( على هامش اإلصابة البن حجر -االستيعاب البن عبد الرب)٤( ) .٤/١٠١( على هامش اإلصابة البن حجر -االستيعاب البن عبد الرب )٥( ) .٥/٢٨٥(اإلصابة )٦(إرواء : وصححه األلباين انظـر ) . ٢/٦٣٧(، ورواه ابن أيب عاصم يف السنة ) ١٣/١١٨(فتح الباري : انظر . وعند الطرباين مثله . أخرجه البيهقي )٧(

) .٢/٢٩٥ (٥١٩الغليل ح

١٥٧

يقصد حديث ابن عمر ، -هذان اخلربان : ( م من مل يدع ذلك كسالطني الدولة العثمانية ، قال ابن حز: ، ومنهم )١( وإن كانا بلفظ اخلرب فهما أمر صحيح مؤكد إذ لو جاز أن يوجد األمر يف غري قريش لكان تكذيبا -ومعاوية السابق ذكرمها

.)٢() وهذا كفر ممن أجازه r خلرب النيبائفة معينة على سائر املسلمني وأنه جاء باملساواة بني وأما ما قالوه من أن اإلسالم ى عن العصبية ، وأن تسود ط) ٦ (

.إخل ... املسلمني مجيعا ال فرق بني عريب وال عجمي إال بالتقوى إن اإلسالم باشتراطه أن يكون اإلمام قرشيا مل يكن بذلك داعيا إىل العصبية القبلية اليت ى عنها يف أكثر من : نقول

اإلسالم ليس له أي مزية على سائر أفراد األمة وال ألسرته أدىن حق زائد على غريهم ، فاإلمام موضع ، فإن اإلمام يف نظروغريه من أفراد املسلمني سواء يف نظر اإلسالم ، بل هو متحمل من التبعات واملسؤوليات ما جيعله من أشد الناس محال

.وأثقلهم حسابا يوم القيامة م ى عن العصبية أن الناس ال تفاضل بينهم ، بل التفاضل بني اخللق يف الدنيا من صميم الفطرة وهذا وليس معىن أن اإلسال

على أن جنس العرب خري من غريهم ، كما أن جنس قريش خري من )٣(فجمهور العلماء . ووردت أدلة شرعية على ذلك : ليس عن هذا نسألك ، فقال : فقالوا . » تقاهم أ« : أنه سئل أي الناس أكرم ؟ فقال r غريهم ، قد ثبت يف الصحيح عنه

: ليس عن هذا نسألك ، قال : قالوا . » فيوسف نيب اهللا ابن يعقوب نيب اهللا ، ابن إسحاق نيب اهللا ، ابن إبراهيم خليل اهللا « الناس معادن كمعادن «: ويف رواية . » أفعن معادن العرب تسألوين ؟ خيارهم يف اجلاهلية خيارهم يف اإلسالم إذا فقهوا «

ذهبت طائفة إىل : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية . )٤(» الذهب والفضة خيارهم يف اجلاهلية خيارهم يف اإلسالم إذا فقهوا وهذا القول يقال له ... كالقاضي أيب بكر ابن الطيب وغريه : عدم التفضيل بني األجناس ، وهذا قول طائفة من أهل الكالم

لكن تفضيل اجلملة على اجلملة ال يستلزم أن يكون : ( وقال )٥(قول ضعيف من أقوال أهل البدع : ية وهو مذهب الشعوبكل فرد أفضل من كل فرد فإن يف غري العرب خلق كثري خري من أكثر العرب ، ويف غري قريش من املهاجرين واألنصار خري

... ) .من أكثر قريش

إىل مجيع الثقلني اإلنس واجلن فلم خيص العرب دون غريهم من األمم بأحكام شرعية - r -واملقصود أنه أرسل : ( قال ، ولكن خص قريشا بأن اإلمامة فيهم ، وخص بين هاشم بتحرمي الزكاة عليهم ، وذلك ألن جنس قريش ملا كانوا أفضل ،

. )٦() مال وإمنا يتوالها واحد من الناس وجب أن تكون اإلمامة يف أفضل األجناس مع اإلمكان ، وليست اإلمامة أمرا شاوتساويا يف التقوى والطاعة من كل وجه . أبوه كافر : واآلخر . أبوه نيب : وإذا فرضنا اثنني أحدمها : ( وقال شيخ اإلسالم

) .٤ص (تاريخ السيوطي : ف كذم وتبني أصلهم انظر لكش )١( ) .١٠/٥٠٣(احمللى البن حزم )٢( ) .١٩/٢٩(جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية )٣(كتاب : ورواه مسلم يف من الفتح ، ) ٦/٣٨٧( ، ﴾ واتخذ الله إبراهيم خليال قول اهللا تعاىل ﴿ : باب . كتاب األنبياء : متفق عليه رواه البخاري يف )٤(

) . ٤/١٨٤٦) (١٣٧٨(من فضائل يوسف عليه السالم ، حديث رقم : ب . الفضائل ) .٢/٢٦٠(منهاج السنة )٥( ) .٢/٢٦٠(منهاج السنة : وانظر قريبا منه ) ١٩/٣٠(جمموع الفتاوى )٦(

١٥٨

لصدقة وحنو اإلمامة ، والزوجية ، والشرف ، وحترمي ا: كانت درجتهما يف اجلنة سواء ، ولكن أحكام الدنيا خبالف ذلك يف واخلري يف األشراف أكثر : قال ... ) ذلك

.)١(منه يف األطراف أما نفس ترتيب الثواب والعقاب على القرابة ومدح اهللا عز وجل للشخص املعني وكرامته عند اهللا وفضله فهذا ال يؤثر فيه

.)٢( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ ﴿ : النسب ، وإمنا املؤثر الوحيد هو التقوى والعمل الصاحل ، كما قال عز وجلإن اهللا اصطفى كنانة من بين « : r منها قوله)٣( أحاديث كثرية يف فضل قريش على سائر القبائل r وقد ورد عن النيب

فاحلاصل أن هناك من . )٤(» إمساعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى بين هاشم من قريش ، واصطفاين من بين هاشم . ألغى فضيلة األنساب مطلقا ، وهناك من يفضل اإلنسان بنسبه على من هو أعظم منه يف اإلميان والتقوى فضال عمن هو مثله

فكال القولني خطأ ، ومها متقابالن ، بل الفضيلة بالنسب فضيلة مجلة ، وفضيلة ألجل املظنة والسبب ، : ( قال ابن تيمية ة باإلميان والتقوى فضيلة تعيني وحتقيق وغاية ، فاألول يفضل به ألنه سبب وعالمه ، وألن اجلملة أفضل من مجلة والفضيل

تساويها يف العدد ، والثاين يفضل به ألنه احلقيقة والغاية ، وألن كل من كان أتقى كان أكرم عند اهللا ، والثواب من اهللا يقع .)٥() يعلق احلكم باملظنة على هذا ، ألن احلقيقة قد وجدت فلم

كما أن النسب يف حد . القبلية اليت ى اإلسالم عنها ألبتة يف اإلمام ليس له عالقة بالعصبية فاملقصود أن اشتراط القرشية .ذاته يف أصل الشريعة ال قيمة له ذاتية وإمنا هو صفة كمال

، وإمنا كان من انتسب إىل قريش جازت له اإلمامة إذا توفرت هذا وأهل السنة مل يقصروها على نوع بعينه من قريش شروطها األخرى ، وهناك من املبتدعة من قصرها على فرع معني ، فقصرها بعضهم على بين هاشم ، وهؤالء انقسموا إىل

:قسمني ن ينتهوا ا إىل أيب جعفر وهؤالء يرون أا جيب أن تكون يف العباس بن عبد املطلب وولده إىل أ : )٦( الراوندية -١

.املنصور وهؤالء يرون أا جيب أن تكون يف علي رضي اهللا عنه مث يف ولده من بعده ، مث اختلفوا بعد ذلك إىل : الرافضة -٢

:مذاهب شيت شاهرا سيفه وفيه فزعمت الزيدية منهم أا ال تكون إال يف ولد علي رضي اهللا عنه ، ومن خرج من ولد احلسن أو احلسني

.آالت اإلمامة فهو اإلمام

) .٥٣٠ص (املنتقي من منهاج االعتدال للذهيب )١( . ١٣سورة احلجرات آية )٢( ) .٢/٦٣٢(كتاب السنة البن أيب عاصم : من شاء االستزادة فلريجع إىل )٣( .من هذا الفصل ) ٢٥٦ص : (رواه مسلم ، والترمذي ، وأمحد وغريهم وسبق خترجيه )٤( ) .٢/٢٦١(منهاج السنة )٥(. جديـدة . ط ) ٩٥ص (ت فرق املسلمني واملشركني للـرازي واعتقادا) ١/٩٦(املقاالت : هم أتباع أيب هريرة الراوندي من فرقة الكيسانية انظر )٦(

.مكتبة الكليات األزهرية . ن . هـ ١٣٩٨

١٥٩

حممد بن احلسن العسكري اإلمام الثاين عشر : وزعمت اإلمامية أا يف واحد خمصوص من أوالد علي رضي اهللا عنه وهو ( لعسكري إن اإلمامة يف علي مث احلسن مث احلسني مث تسلسلت يف أبناءهم إىل حممد بن احلسن ا: الذي ينتظرونه حيث قالوا

إن اإلمامة يف األصل يف علي وولده مث أخرجوها إىل مجاعة من غري قريش ، إما : وقال بعض الغالة من الروافض ) املنتظر كالبيانية يف من اإلمام إىل من يزعمون أن اإلمامة انتقلت إليه بدعواهم وصية بعض األئمة إليه ، وإما بدعواهم تناسخ األرواح

اإلله من أيب هاشم بن حممد بن احلنفية إىل بيان ، وكدعوى من ادعى أن الروح انتقلت إىل اخلطاب دعواها انتقال روح .)١(األسدي ، وكدعوى املنصورية نبوة أيب منصور العجلي وإمامته

:تقييد سلطتهم والتوعد خبروج األمر عنهم بإقامة الدين ، وتوعدهم خبروج األمر عنهم إذا مل يراعوا حقوقها هذا ومع ذلك فلم ترد هذه السلطة مطلقة ، وإمنا مقيدة

: املشرية إىل ذلك على ثالثة أحناء ث، فقد جاءت األحادياألئمة من قريش ما فعلوا ثالثا ، ما إن استرمحوا « : وعيدهم باللعن إذا مل حيافظوا على املأمور به كما يف حديث :األول

( ال ابن حجر . ق)٢(» إن حكموا عدلوا ، فمن مل يفعل ذلك فعليه لعنه اهللا واملالئكة والناس أمجعني ، وإن عاهدوا وفوا ، و .)٣() وليس يف هذا ما يقتضي خروج األمر عنهم

يا « : وعيدهم بأن يسلط اهللا عليهم من يبالغ يف أذيتهم ، فعند أمحد وأيب يعلي من حديث ابن مسعود يرفعه :الثاين قريش إنكم أهل هذا األمر ما مل تعصوا اهللا ، فإذا عصيتموه بعث اهللا عليكم من يلحاكم كما يلحى هذا القضيب ، معشر

أيضا وإن كان فيه يف هذا تصريح خبروج األمر عنهم وليس ، )٤(» لقضيب يف يده ، مث حلى القضيب فإذا هو أبيض يصلد .إشعار به

، واإليذان خبروج األمر عنهم ، كما أخرج الطيالسي والطرباين من حديث )٥(هم وقتاهلم اإلذن يف القيام علي:الثالث لكم ، فإن مل يستقيموا فضعوا سيوفكم على عواتقكم فأبيدوا خضراءهم ، استقيموا لقريش ما استقاموا « : ثوبان يرفعه

ويؤخذ من بقية األحاديث أن خروجه عنهم إمنا يقع : (قال احلافظ ابن حجر . )٦(» فإن مل تفعلوا فكونوا زراعني أشقياء

) .٢٧٥ص (أصول الدين : انظر )١( .من هذا الفصل ) ٢٥٩ص (رواه أمحد وغريه وسبق خترجيه )٢( ) .١٣/١١٦(فتح الباري )٣(رواه أمحد ، وأبو يعلي ، والطرباين يف األوسط ، ورجال أمحد رجال الصحيح : ل عنه اهليثمي قا. وأبو يعلي وغريمها ) ٤/٤٥٨(رواه أمحد يف مسنده )٤(

ورجاله ثقات إال أنه من رواية عبيد اهللا بن عبد اهللا بن عتبة بن مسعود عـن : قال احلافظ ابن حجر ) . ٥/١٩٢(جممع الزوائد . ، ورجال أيب يعلي ثقات أخرجه الشافعي ، والبيهقي من طريقه بسند صحيح إىل عطاء ولفظه . وله شاهد من مرسل عطاء بن يسار : ركه ، قال عم أبيه عبد اهللا بن مسعود ومل يد

) . ١٣/١١٤(فتح الباري : انظر . » أنتم أوىل الناس ذا األمر ما كنتم على احلق إال أن تعدلوا عنه ، فتلحون كما تلحى هذه اجلريدة « : قال لقريش : ) .٦/٢٧٩ (٤٣٨٠ح: أمحد شاكر يف خترجيه للمسند واحلديث صححه

.ليس على إطالقه وسيأيت تفصيل هلذه املسألة إن شاء اهللا )٥(حديث األعمش عـن : ( ، وقال اإلمام أمحد ) ٥/١٩٥(ورجال الصغري ثقات ، جممع الزوائد . الصغري ، واألوسط : رواه الطرباين يف : قال اهليثمي )٦(

وبنحوه ) ٨(املسند من مسائل اإلمام أمحد ورقة ) . سامل بن أيب اجلعد مل يلق ثوبان . بصحيح ليس » ... أطيعوا قريش « : د عن ثوبان سامل بن أيب اجلع أنـه فاحلديث وإن كان رجاله ثقـات إال ) ١٣/١١٦(وله شاهد يف الطرباين من حديث النعمان بن بشري مبعناه فتح الباري : قال احلافظ ابن حجر مث قال

١٦٠

مث التهديد بتسليط من يؤذيهم عليه ... بعد إيقاع ما هددوا به من اللعن أوال وهو املوجب للخذالن وفساد التدبري وقد وقع إال جمرد االسم يف مث طرأ عليهم طائفة بعد طائفة حىت انتزع األمر منهم يف مجيع األقطار ومل يبق للخليفة... ووجد ذلك

! . r أما اليوم فلم يبق اسم وال جسم إال رسوم يف طيات الكتب وصدق رسول اهللا)١() بعض األمصار

هل جيوز خلو قريش ممن هو صاحل لإلمامة ؟ : يف قوله )٢(ال جيوز خلو قريش ممن يصلح لإلمامة خالفا للجبائي : ( وعلى هذا التساؤل جييب القاضي أبو يعلي بقوله

جيوز ، وإذا خلوا جاز نصب إمام من غريهم يستويف احلقوق ويقيم احلدود ، والداللة عليه أنه قد ورد الشرع باإلمامة يف .)٣() خلت قريش ممن يصلح لإلمامة كان فيه تكليف نصبه إماما مع عدم القدرة ، وال جيوز هذا قريش ، فلو

وهذا وإن . )٤(» ال يزال هذا األمر يف قريش ما بقي من الناس اثنان « : ديث ابن عمر املتقدم ويدل عليه أيضا ح: قلت مل يرد حقيقة العدد فإمنا يدل على بقاء الوجوب إىل قيام الساعة ، وال ميكن أن يوجب الشرع شيئا ال وجود له ، ويدل عليه

قريش والة الناس يف اخلري والشر إىل يوم « : يقول r ل اهللا رسومسعت: أيضا حديث عمرو بن العاص رضي اهللا عنه قال .)٥(» القيامة

ويستدل به أيضا على عدم وقوع ما فرضه الفقهاء من الشافعية وغريهم أنه إذا مل يوجد قرشي يستخلف كناين ، فإن مل جرمهي ، وإال فمن ولد إسحاق : ه يوجد فمن بين إمساعيل ، فإن مل يوجد منهم أحد مستجمع الشروط فعجمي ، ويف وج

وإمنا فرض الفقهاء ذلك على عادم يف ذكر ما ميكن أن يقع عقال ، وإن كان ال يقع عادة أو : قالوا : ( قال ابن حجر )٦( .)٧() شرعا

احلكمة من اشتراط القرشيةصد شريف علمه من علمه وجهله من جهله ، من املسلم به أن كل تشريع من اهللا سبحانه وتعاىل ال بد له من حكمة ومق

وحنن لسنا مطالبني مبعرفة حكمة كل تشريع يرد بل مطالبون بالتحقيق من صحة هذا التشريع ، مث تنفيذه يف واقع احلياة .ومن هذا القبيل اشتراط القرشية يف اإلمام . العملي سواء اتضحت لنا حكمته أم ال

املسند من مسائل اإلمام . الذي يروى من األحاديث خالف حديث ثوبان ، وما أدري ما وجهه : ضعيف النقطاعه ، وقد طعن اإلمام أمحد يف متنه فقال

.نفس املرجع . منكر : ليس بصحيح هو : وروي عن أم هاين مثله قال عنه اإلمام أمحد ) . ٨(أمحد ورقه ) .١٣/١١٧(فتح الباري )١(وعليه أكثر املعتزلة كما يذكر ابن أيب احلـدد : قلت . القسم األول ) ٢٠/٢٣٩(املغين يف أبواب التوحيد ، والعدل للقاضي عبد اجلبار املعتزيل : انظر ) ٢(

إلمامة ، فإن مل يكن فيها أن القرشية شرط إذا وجد يف قريش من يصلح ل » األئمة من قريش « : rمعىن قول النيب : وقال أكثر أصحابنا : ( ذلك بقوله ) .٩/٨٧(شرح ج البالغة ) . فليست القرشية شرطا فيها

) .٢٤١ص (املعتمد يف أصول الدين )٣( .» ما بقي منهم اثنان « وهذا لفظ مسلم ، أما البخاري فلفظه .من هذا الفصل ) ٢٥٨ص (رواه البخاري وغريه وسبق خترجيه )٤(وحنـوه عنـد ) ٤/٥٠٣. (ما جاء أن اخللفاء من قريش إىل أن تقوم الساعة : ب . الفنت : ك . حديث حسن صحيح غريب : رواه الترمذي وقال )٥(

) .٣/١٤٥٢ (١٨٢٠الناس تبع لقريش ، ح: ب . ك اإلمارة . » ال يزال هذا األمر يف قريش ما بقي منهم اثنان « : مسلم عن عبد اهللا بن مسعود ) .٧/٤٠٩(اية احملتاج : انظر على سبيل املثال )٦( ) .١٣/١١٩(فتح الباري )٧(

١٦١

: رأي ابن خلدون : بعض العلماء االهتداء إىل هذه احلكمة والتعرف عليها ، ومن أشهر أولئك ابن خلدون حيث قال يف مقدمته وقد حاول

إن األحكام الشرعية كلها ال بد هلا من مقاصد وحكم تشتمل عليها وتشرع ألجلها ، وحنن إذا حبثنا عن احلكمة يف اشتراط ( كما هو يف املشهور ، وإن كانت تلك الوصلة r التربك بوصلة النيبالنسب القرشي ومقصد الشارع منه مل يقتص فيه على

فالبد إذن من املصلحة يف اشتراط النسب . موجودة والتربك ا حاصال ، لكن التربك ليس من املقاصد الشرعية كما علمت احلماية واملطالبة ، ويرتفع اخلالف وهي املقصودة من مشروعيتها ، وإذا سربنا وقسنا مل جند إال اعتبار العصبية اليت تكون ا

والفرقة بوجودها لصاحب املنصب لتسكن إليه امللة وأهلها ، وينتظم حبل اإللفة فيها ، وذلك أن قريشا كانوا عصبة مضر وأصلهم ، وأهل الغلب فيهم ، وكان هلم على سائر مضر العزة بالكثرة والعصبية والشرف ، فكان سائر العرب يعترف هلم

حريص )١(] ألنه [ والشارع حيذر من ذلك ... ويستكينون لغلبهم ، فلو جعل األمر يف سواهم لتوقع افتراق الكلمة بذلك )٢(] غري [ على اتفاقهم ورفع التنازع والشتات بينهم لتحصل اللحمة والعصبية وحتسن احلماية ، خبالف ما إذا كان األمر يف

الغلب إىل ما يراد منهم ، فال خيشى من أحد من خالف عليهم وال فرقة ، ألم قريش ، ألم قادر على سوق الناس بعصا كفيلون حينئذ بدفعها ومنع الناس منها ، فاشتراط نسبهم القرشي يف هذا املنصب وهم أهل العصبية القوية ليكون أبلغ يف

ا هو لدفع التنازع مبا كان هلم من العصبية والغلب فإذا ثبت اشتراط القرشية إمن: ( قال . )٣(... ) انتظام امللة واتفاق الكلمة ، وعلمنا أن الشارع ال خيص األحكام جبيل وال عصر وال أمة معينة ، علمنا أن ذلك إمنا هو من الكفاية ، فرددناه إليها

أن يكون من قوم وطردنا العلة املشتملة على املقصود من القرشية وهي وجود العصبية ، فاشتراطنا يف القائم بأمور املسلمني . )٤() أويل عصبية قوية غالبة على من معها

:مناقشة هذا الرأي

هذا هو كالم ابن خلدون يف احلكمة ، وأنت تالحظ أنه جعل مدار علة الشرط هو العصبية ، فإن وجدت وجد الشرط فيهم ، بل جيب أن تكون يف األقوى عصبية وإن عدمت عدم ، فإذا مل تكن لقريش عصبية فعلى رأيه ال يلزم أن تكون اإلمامة

.)٥(يف ذلك العصر وإن كان من غري قريش

.ساقط من األصل )١( .ساقط من األصل )٢( ) .١٩٥ص (مقدمة ابن خلدون )٣( ) .١٩٦ص (نفس املرجع )٤(حممد فاروق النبهان . ود ) ٣٠٢ص (حممد ضياء الدين الريس يف كتابه النظريات السياسية اإلسالمية . وممن ذهب هذا املذهب من الكتاب احملدثني د )٥(

) ٢٣ص (ومؤلفو اخلالفة وسلطة األمـة ) ١٠٧ص (حممد فؤاد النادي يف كتابه طرق اختيار اخلليفة . ، ود ) ٤٧٠ص (يف كتابه نظام احلكم يف اإلسالم اذ حممد يوسف موسى يف نظام احلكـم يف واستحسنه األست) ٥٦ص (تعريب عبد الغين سين ، وإليه ذهب الشيخ عبد الوهاب خالف يف السياسة الشرعية

) .٦٩(ص (اإلسالم

١٦٢

لكن عند استقراء النصوص ال جند أا تدل على ذلك ، فالتشريع اإلسالمي جاء تشريعا للحياة من أول النبوة احملمدية إىل أو للزم أن تكون العصبية r راد العصبية لنص عليها النيبقيام الساعة ، فهو غري خاص بزمان معني أو مكان حمدد ولو كان امل

دائما لقريش ، ألن النصوص نصت على قريش بالذات ، وهذا ما ال يقول به أحد وخالف الواقع فدل على بطالن ذلك ، لف ذلك ، يف أقوى بيوت قريش عصبية ، والواقع خيا r وكذلك لو كانت العلة هي العصبية فقط لكانت اخلالفة بعد النيب

. يف ذلك العصر )١(هو أبو بكر الصديق بإمجاع أهل السنة ، وهو من تيم ، وليست بأقوى بطون قريش r فاخلليفة بعد النيبوال بأكثرهم عصبية ، بل كانت بنوا هاشم أقوى منهم شوكة وأكثر عصبية ، ومل تكن اخلالفة األوىل فيهم ، فدل على أن

. واهللا أعلم ... املقصود ليس هو العصبية

:رأي ويل اهللا الدهلوي

أي اشتراط النسب القرشي -والسبب املقتضي هلذا : ( وممن حاول التماس احلكمة أيضا شاه ويل اهللا الدهلوي حيث قال عين من املقادير إمنا جاء بلسان قريش ويف عادام ، وكان أكثر ما ت r أن احلق الذي أظهره اهللا على لسان نبيه-يف اإلمامة

واحلدود ما هو عندهم ، وكان املعد لكثري من األحكام ما هو فيهم ، فهم أقوى به وأكثر الناس متسكا بذلك ، وأيضا فإن ، وقد اجتمع فيهم محية دينية ومحية نسبية فكانوا مظنة القيام r وحزبه وال فخر هلم إال بعلو دين حممد r قريشا قوم النيب

من فإن ،والتمسك ا ، وأيضا فإنه جيب أن يكون اخلليفة ممن ال يستنكف الناس عن طاعته ، جلاللة نسبه وحسبه بالشرائع ، القتال ونصب الرجال مجع قومه ومارس ، والشرف الرئاسات منهم عرف ممن يكون وأن ، ذليال حقريا الناس يراه له نسب ال r قريش ، السيما بعدما بعث النيب يف إال األمور هذه جتتمع ومل األنفس دونه ذلونويب وينصرنه حيمونه أقوياء قومه يكون وأن

.)٢() ونبه به أمر قريش : رأي حممد رشيد رضا

إن اهللا تعاىل ختم دينه : ( وقريب من هذا ما ذهب إليه الشيخ حممد رشيد رضا يف جمال التماسه هلذه احلكمة حيث يقول على خامت رسله العريب القرشي ، وزعامتهم وقوة العرب ) حكما عربيا ( و ، كيم الذي أنزله قرآنا عربيا وأكمله بكتابه احل

ومحاية هذه الدعوة بسيوفهم ، وكل من دخل يف اإلسالم من األعاجم وكان له عمل صاحل فيه كان تابعا هلم متلقيا عنهم ،

) .١٦٣ص (رئاسة الدولة يف الفقه اإلسالمي )١( .دار الكتب احلديثة بالقاهرة حتقيق السيد سابق : ن ) ٢/٧٣٧(حجة اهللا البالغة لشاه ويل اهللا الدهلوي ) ٢(

١٦٣

كثري من مواليهم الذين استعربوا هلم ، وكانت قريش يف مجلة بطوا أكمل على مساواة الشرع يف أحكامه بينهم ، ونبوغ العرب خلقا وأخالقا ، وفصاحة وذكاء ، وفهما وقوة عارضة ، كما كانت أصرح نسبا يف ساللة إمساعيل ، وأشرف تأرخيا

اليت كملت باإلسالم مؤهال هلا الجتماع يف العرب بفضائلها وفواضلها ، وخدمتها لبيت اهللا تعاىل ، فكان جمموع هذه املزاياوإمجاع r كلمة العرب عليها ، مث كلمة من يدخل يف اإلسالم من شعوب العجم باألوىل ، والسيما بعد النص من الرسول

:فحكمة جعله صلوات اهللا وسالمه عليه نبوته فيها وسببه أمران ( مث يقول ... ) الصحابة عليه ليت تنشر ا الدعوة وتكون حبسب طباع البشر سببا جلمع الكلمة ، ومنع املعارضة واملزامحة أو ضعفها كثرة املزايا ا) ١ (

.وكذلك كان أن تكون إقامة اإلسالم متسلسلة يف سالئل أول من تلقاها ودعا إليها ونشرها حىت ال ينقطع اتصال سريها املعنوي ) ٢ (

.)١(... ) والتارخيي : الرأيني مناقشة هذين

وهكذا يالحظ أن كال من الدهلوي ورشيد رضا يرى احلكمة من اشتراط القرشية ملا هلذه القبيلة من املرتلة والفضل واملكانة ، قد يكون هذا هو السبب وقد يكون غريه على أننا ال نسلم جبميع هذه النقاط اجلزئية اليت ذكراها ، وعلى سبيل

فهذا ليس بصحيح ... ) . ق الذي أظهره اهللا على لسان نبيه إمنا جاء بلسان قريش ويف عادام احل: ( املثال قول الدهلوي فأكثر عادام حارا اإلسالم وحرمها ومل يقر من عادام إال القليل جدا ، واليت تتالءم وما جاء به اإلسالم ، كإكرام الضيف

.إن اإلسالم جاء بعادات قريش : وحنوه بعد أن صبغها اإلسالم ، فال جيوز أن نقول وحنوها يف كالم األستاذ حممد رشيد رضا رمحه اهللا يف عدة خدمة قريش لبيت اهللا احلرام من املزايا والفضائل ، فهذه ال

سجد الحرام كمن آمن أجعلتم سقاية الحاج وعمارة الم ﴿: ترفع مرتلتهم على الذين آمنوا باهللا واليوم اآلخر بنص القرآن وإن كان هلذه اخلدمة مرتلة عند العرب وفضيلة لقريش على غريها ، وعمارة املساجد من )٢( اآلية ﴾ ... بالله واليوم اآلخر

... من آمن بالله واليوم اآلخر إنما يعمر مساجد الله ﴿صاحبها إذا خلت من اإلميان أفضل القربات عند اهللا ، لكنها ال تنفع .)٣( اآلية ﴾

فهذا غري ) . واقتضت حكمته أن يكون نشره يف مشارق األرض ومغارا بدعوة قريش وزعامتهم : ( وكذلك قوله ل العربية األخرى ، مسلم به ، ألن الدعوة أول ما انتشرت كانت مبسامهة مجيع املسلمني من قريش ، ومن األنصار ومن القبائ

بل ومن األعاجم أيضا فكان كل فرد يأيت فيسلم ويتعلم أمور الدين ينقلب إىل قبيلته داعيا إىل اهللا فيؤمن على يديه اخللق الكثري ، وقد تؤمن القبيلة بأكملها بسبب هذا الداعية فينضمون إىل جند اهللا ناشرين هلذا الدين وداعني له ، وبذلك انتشرت

. يف مشارق األرض ومغارا ، وكانوا حتت قيادات خمتلفة قرشية وغري قرشية الدعوة

) .٢١ص (اخلالفة أو اإلمامة العظمى ) ١( .١٩ة آيالتوبةسورة )٢( .١٨ آية التوبةسورة )٣(

١٦٤

وكذلك اعتباره كوا يف سلسلة واحدة متصلة من األسباب اليت خصت قريش باإلمامة ، فهذا أيضا غري مسلم ، ألنه قد ومل يقل به إال )١(م يف شيء كما مر يفهم من ذلك التوارث يف اإلمامة ، وهذا قد اتفق العلماء على أنه ليس من اإلسال

. الروافض

:الرأي الراجح أن قريشا هي أفضل قبائل العرب بنص - فيما أرى واهللا أعلم - بقي اآلن أن أديل بدلوي يف التماس هذه احلكمة فهي

قريشا من كنانة ، واصطفى من إن اهللا اصطفى « : r قال رسول اهللا: ، فعن واثلة بن األسقع قال r احلديث عن النيب .)٢(» قريش بين هاشم ، واصطفاين من بين هاشم

فالعرب يف األجناس وقريش يف العرب مظنة أن يكون فيهم اخلري أعظم مما يوجد يف غريهم ، وهلذا كان منهم أشرف خلق ري العرب ، وكان منهم اخللفاء الراشدون ، الذي ال مياثله أحد يف قريش ، فضال عن وجوده يف سائر العرب وغ r اهللا النيب

وسائر العشرة املبشرين باجلنة رضي اهللا عنهم ، وغريهم ممن ال يوجد له نظري يف العرب وغري العرب ، وكان يف العرب فضول السابقون األولون ممن ال يوجد هلم نظري يف سائر األجناس ، فال بد أن يوجد يف الصنف األفضل ما ال يوجد مثله يف امل

بين هاشم دون غريهم من قريش r ، فمظنة وجود الفضالء يف قريش أكثر من مظنة وجودهم يف غريها ، ومل خيص النيبوهم أفضل بطون قريش ، ألا بطن من قبيلة فعددها حمصور وقليل ، فال يلزم أن يكون الفضالء فيها ، كما أن أفضل الناس

ين تيم وهو أبو بكر ، مث عمر من بين عدي ، مث عثمان من بين أمية ، مث علي من بين مل يكن فيهم ، وإمنا يف ب r بعد النيب .هاشم

ويعرف للعرب حقها : ( ومما يدل على فضل العرب على غريهم قول اإلمام أمحد يف رواية اإلصطخري عند ذكر عقيدته يقول بقول الشعوبية وأراذل املوايل الذين ال وال. » حبهم إميان ، وبغضهم نفاق « : وفضلها وسابقتها وحيبهم حلديث

.)٣() حيبون العرب وال يقرون هلم بفضل ، فإن هلم بدعا ونفاقا وخالفا

ومن احلكمة أيضا أن اهللا سبحانه وتعاىل قد ميزهم عن غريهم من سائر القبائل بقوة النبل وسداد الرأي ، ومها صفتان قال : يدل على ذلك احلديث الذي رواه أمحد بسنده عن جبري بن مطعم رضي اهللا عنه قال هامتان وضروريتان لإلمام ،

.)٤(نبل الرأي : ما عين بذلك ؟ قال : فقيل للزهري . » إن للقرشي مثلي قوة الرجل من غري قريش « : r رسول اهللام معرفتنا احلكمة من ذلك على احلكم العام قد يكون هذا السبب يف ختصيص قريش باإلمامة وقد يكون غريه وال أثر لعد

.والعمل به وهو اشتراط القرشية يف املرشح لإلمامة

) . ١٨٩ص (فصل طرق انعقاد اإلمامة : انظر )١( ) .٢٥٦ص (رواه مسلم ، والترمذي وغريمها وسبق خترجيه )٢( ) . ١/٣٠(طبقات احلنابلة البن أيب يعلي )٣(واحلديث أخرجه احلاكم يف املسـتدرك ) ١/١٩١(ية الكربى انظر طبقات الشافع. إسناده صحيح : قال عنه السبكي ) . ٤/٨١(رواه أمحد يف مسنده )٤(عن أمحد ، وأيب يعلي ، والبزار ، والطرباين ، ) ١٠/٢٦(، وصححه على شرط البخاري ومسلم وأقره الذهيب ، وأخرجه اهليثمي يف جممع الزوائد ) ٤/٧٢(

) .١/٢٢(، والبيهقي يف مناقب الشافعي حتقيق السيد أمحد صقر ) ٩/٦٤ (ورجال أمحد رجال الصحيح ، واحلديث أخرج حنوه أبو نعيم يف احللية: مث قال

١٦٥

وهذا الشرط كغريه من الشروط السابقة اليت ال تشترط إال عند االختيار من قبل أهل احلل والعقد ، أما إذا كان تويل املتغلب مثال ومن عهد إليه من إمام سابق وخشيت الفتنة إن عزل ، اإلمام لإلمامة بغري هذه الطريقة فال يشترط فيه القرشية ك

ففي مثل هذه احلالة جتب طاعته يف غري معصية واجلهاد معه وحنو ذلك ، وله من احلقوق ما للقرشي بنص األحاديث السابقة . واهللا أعلم . واملوجبة لطاعة املتغلب وإن مل تكتمل فيه مجيع هذه الشروط )١(

. فما بعدها ) ٢١٣ص ( )١(

١٦٦

يف اشتراط األفضليةالكالمهل جيب أن يكون اإلمام أفضل أهل زمانه ؟ أو جيوز أن يوىل املفضول مع : هذا الشرط خمتلف فيه بني العلماء وهو

وجود الفاضل ؟ ويف هذا املبحث حناول أن نتعرف على آراء الفريقني وأدلة كل منهما مث نرى الراجح من ذلك ونعقبه ببحث :ني اخللفاء الراشدين وموقف أهل السنة والفرق األخرى من ذلك موجز عن املفاضلة ب

وقبل اخلوض يف املوضوع نريد أن حندد املعىن املقصود باألفضل ويف أي شيء تكون املفاضلة ؟ وذلك ألنه قد يقع بعض .االختالف نتيجة لالختالف يف االصطالح وإال فالنتيجة واحدة

انصرف إىل األفضل عند اهللا كمسائل التفضيل بني الصحابة وبني األنبياء وبينهم وبني املالئكة فاألفضل يف نظري إذا أطلق هذا وإن كان من علم الغيب الذي ال يعلمه إال اهللا ، إال أننا حنكم على الناس حبسب أعماهلم الظاهرة ، أما . وحنو ذلك

ذا رأينا من رجل الصالح والتقوى وكثرة التعبد بالفرائض الباطنة فال علم لنا ا وحساب صاحبها عند ربه عز وجل ، فإوالنوافل حكمنا بأنه أفضل ممن هو دونه يف الظاهر من أعماله ، وإن كنا ما ندري ما خيفي ضمريه فهذا بينه وبني اهللا عز وجل

الداللة وال نقطع إال مبا صح يف ، ورمبا كان عند اهللا األقل أعماال أفضل لعلة خافية ال يعلمها إال اهللا ، وهذا احلكم ظين .الشرع تفضيله كاملفاضلة بني اخللفاء الراشدين وحنوه

واملعلوم أم ال يريدون بالتفضيل ما : ( وإىل هذا الرأي ذهب القاضي عبد اجلبار املعتزيل ونسبه إىل قومه حيث قال وإذا قلنا ي يرجع إىل كثرة الثواب ومزيته على ثواب غريه ، وإمنا عنوا يف باب الدين الذ-... أي كالنسب والعقل -قدمناه

وإذا قلنا هو أفضل من غريه فاملراد أن له على غريه : ( إىل أن قال ... ) زيد فاضل فاملراد أنه يستحق من الثواب قدرا كثريا .)١() مزية يف قدر الثواب

، أو األفضل يف الشجاعة ، أو األفضل يف توفر الشروط ، فهذا األفضل يف العلم: أما إذا خصص هذا الفضل كأن يقال .ينصرف إىل ما خصص به وميكن أن يعرب عنه باألصلح أو األنفع للمسلمني

: ( وهذا خالف ما ذهب إليه إمام احلرمني اجلويين فقد اعترب األفضل هنا مبعىن األصلح واألنفع للمسلمني حيث قال ع اخلالل اليت يشترط اجتماعها يف التصدي لإلمامة ، فإذا أطلقنا األفضل يف هذا الباب عنينا به األصلح فاملعين بالفضل استجما

.)٢() للقيام على اخللق مبا يستصلحهم :بعد هذا نشرع يف املوضوع فنقول . فاملراد باألفضل عند اجلويين هو األصلح يف أمور الناس ال األفضل يف الدين

تراط األفضليةالقائلون باش ومجيع )٣( ذهب إىل اشتراط أن يكون اإلمام أفضل أهل عصره طوائف من األشاعرة وبعض املعتزلة وبعض اخلوارج

الرافضة من الشيعة إال بعض الزيدية ، فمن األشاعرة أبو احلسن األشعري رمحه اهللا حيث نسب البغدادي هذا القول إليه فقال جيب أن يكون قال أبو احلسن األشعري: (

) .١١٦ ، ص ٢ ، ق ٢٠حـ (املغين يف أبواب التوحيد والعدل )١( ) .١٢٢ص (غياث األمم )٢( ) .٤/١٦٣(الفصل )٣(

١٦٧

، وال تنعقد اإلمامة ألحد مع وجود من هو أفضل منه ، فإن عقدها قوم )١(اإلمام أفضل أهل زمانه يف شروط اإلمامة .)٢() للمفضول كان املعقود له من امللوك دون األئمة

ال األفضل ، وال جيوز صرفها إىل إن اإلمامة ال يستحقها إ: ( ونسب هذا القول للنظام واجلاحظ من املعتزلة حيث قاال .)٣() املفضول

أي لو عدل أهل احلل والعقد يف -ويف اإلبتداء لو عدلوا : ( وإىل هذا القول ذهب بعض أهل السنة منهم أبو يعلي فقال فضول أطوع يف عن األفضل لغري عذر مل جيز ، وإن كان لعذر من كون األفضل غائبا أو مريضا أو كان امل-ابتداء العقد .)٤() الناس جاز

( إال اجلريرية من الزيدية ، وهم أتباع سليمان بن جرير الزيدي فقد )٥( أما الشيعة فكلهم يذهبون إىل اشتراط األفضلية محه اهللا وهو مذهب زيد بن علي ر)٧( وإال البترية منهم كذلك حيث قالوا بقول اجلريرية يف اإلمامة )٦() أجاز إمامة املفضول

.)٨() وكان من مذهبه جواز إمامة املفضول مع قيام األفضل : ( الذي تنسب إليه الزيدية قال الشهرستاين

:أدلة القائلني بوجوب تولية األفضل دون املفضول : استدلوا على ما ذهبوا إليه بعدة أدلة أمهها

تعمل رجال على عشرة أنفس علم أن يف العشرة أفضل ممن استعمل ، أميا رجل اس« : أنه قال r ما روي عن النيب) ١ (من « : وحنوه ما رواه احلاكم وصححه عن ابن عباس مرفوعا . )٩(» فقد غش اهللا وغش رسوله ، وغش مجاعة املسلمني

يف اجلماعة الصغرية فهذا . )١٠(» استعمل رجال من عصابة وفيهم من هو أرضى هللا منه ، فقد خان اهللا ورسوله واملؤمنني .فأوىل اشتراطه يف اجلماعة الكبرية

.د اهللا وهو الذي ذهب إليه اجلويين وسبق ذكره لعله يقصد بالتفضيل هنا استجماع شروط اإلمامة ال التفضيل عن )١( ) .٣٥٢ص (الفرق بني الفرق : وانظر ) ٢٩٣ص (أصول الدين )٢( ) .٨ص (األحكام السلطانية للماوردي : وانظر ) ٢٩٣ص (نفس املرجع )٣( ) .٢٤٥ص (واملعتمد له ) ٢٣ص (األحكام السلطانية أليب يعلي )٤(، وحق الـيقني ) ٧٨ص (، وعقائد اإلمامية اإلثىن عشرية ) ٣٩٢ص (ريد اإلعتقاد لنصري الدين الطوسي والشرح للحلي كشف املراد شرح جت : انظر )٥(

) .١/١٤١(يف معرفة أصول الدين ) .٣٤ص (الفرق بني الفرق )٦( ) .١/١٦١(امللل والنحل )٧( ) .١/١٥٩(نفس املرجع )٨( ) .٢/٢٦٥(ضعيف اجلامع الصغري : انظر . ضعيف رواه أبو يعلي يف مسنده عن حذيفة بسند )٩(كرت : وقريب منه عند أيب يعلي عن حذيفة انظر ) . ٥/١٦٢(ضعيف اجلامع الصغري لأللباين : انظر . رواه احلاكم عن ابن عباس بسند ضعيف أيضا )١٠(

قال اهليثمي . حتقيق أمحد شاكر ) ١/١٦٥(املسند . جمهول ، لكنه ضعيف ألن يف سنده ٢١ ، وحنوه يف املسند عن أيب بكر ح ١٤٦٥٣ح) ٦/١٩(العمال ) .٥/٢٣٢(رواه أمحد وفيه رجل مل يسم جممع الزوائد :

١٦٨

–لو علمت أن أحدا من الناس أقوى عليه مين : ( ومنها ما روي عن عمر بن اخلطاب رضي اهللا تعاىل عنه أنه قال ) ٢ ( .)١() لكنت أقدم فتضرب عنقي أحب إىل من أن أليه –يعين الوالية

وإذا كان هذا يف )٢() إين ألحترج أن أستعمل الرجل وأنا أجد من هو أقوى منه : ( أنه قال ما روي عن عمر أيضا) ٣ ( . اإلمارة ففي اإلمامة من باب أوىل

ومن األدلة على ذلك أيضا أن الصحابة قد عقدوا اإلمامة لألفضل فاألفضل ، فاخللفاء األربعة مرتبون على حسب ) ٤ ( . رمحه اهللا تعاىل )٣(بو بكر مث عمر مث عثمان مث علي ، وقد احتج ذا أبو احلسن األشعري األفضلية ، أفضلهم أوهلم أ

. أما الرافضة فال يسلمون بذلك ، بل يدعون أن األفضل هو علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه .اء على متابعته ومن األدلة أيضا أن األفضل من كان أقرب إىل انقياد اجلماهري له واجتماع اآلر) ٥ (واستدلوا أيضا على ذلك بأن العقل يقضي بقبح تقدمي املفضول على األفضل يف إقامة أحكام الشريعة وحفظ حوزة ) ٦ (

حضور - رمحه اهللا -فإن من ألزم الشافعي : ( امللة ، وهذا الدليل قد احتجت به الشيعة ، وضرب اإلجيي لذلك مثاال فقال .)٤() والعمل بفتواه عد سفيها قاضيا بغري قضية العقل درس آحاد العلماء

:القائلون جبواز إمامة املفضول زيد بن علي رضي اهللا عنه ، والبترية من : ذهب أكثر أهل السنة واجلماعة وأكثر املعتزلة وأكثر اخلوارج ومن الشيعة

ذلك راجع إىل مصلحة املسلمني فإن كانت املصلحة تقتضي الزيدية ، إىل جواز إمامة املفضول مع وجود الفاضل ، وأن مدارتقدمي املفضول قدم ، وإن كانت تقتضي تقدمي الفاضل قدم ، وألنه رب مفضول يف علمه وعمله هو بالزعامة أعرف

بن حنبل وقال اإلمام أمحد )٦() اإلمجاع قد انعقد على جواز إمامة املفضول : ( وذكر ابن حزم أن . )٥(وبشرائطها أقوم : ( صاحل ضعيف ، مع أيهما يغزى ؟ قال : قوي فاجر ، واآلخر : حينما سئل عن الرجلني يكونان أمريين يف الغزو وأحدمها

أما الفاجر القوى فقوته للمسلمني وفجوره على نفسه ، وأما الصاحل الضعيف فصالحه لنفسه وضعفه على املسلمني ، فيغزى .)٧() مع القوي الفاجر

هم على جواز إمامة املفضولأدلت : استدلوا على ما ذهبوا إليه باألدلة التالية

يف أمرائه ورؤساء أجناده ، فلم يكن خيتار أفضلهم فيوليه اإلمارة ، بل وىل اإلمارة أناسا فيهم من هو r فعل النيب) ١ (وعلى عمان عمرو بن . ري ، وخالد بن الوليد أفضل منهم ، فاستعمل على أعمال اليمن معاذ بن جبل ، وأبا موسى األشع

) .٣/٢٧٥(الطبقات الكربى البن سعد )١( ) .٣/٣٠٥(نفس املرجع )٢( ) .٢٩٣ص (أصول الدين للبغدادي )٣( ) .٤١٣ص (املواقف لإلجيي )٤( ) .١/٢٧١(اجلامع ألحكام القرآن : ، وانظر) ٤١٣ص(املواقف )٥( ) .٤/١٦٤(الفصل )٦( ) .١٦ص(السياسة الشرعية البن تيمية )٧(

١٦٩

وعلى البحرين العالء بن . وعلى الطائف عثمان بن أيب العاص . وعلى مكة عتاب بن أسيد . وعلى جنران أبا سفيان . العاص ، أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبري: وال خالف يف أن . احلضرمي ، وغريهم رضي اهللا عنهم أمجعني

وعبد الرمحن بن عوف ، وسعد بن أيب وقاص ، وسعيد بن زيد ، وعمار بن ياسر ، وأبا عبيدة ، وابن مسعود ، وأبا ذر رضي فصح يقينا أن الصفات اليت يستحق ا اإلمامة واخلالفة ليس منها : ( قال ابن حزم . ذكر اهللا عنهم أمجعني أفضل ممن

وعلى هذا سار خلفاؤه )٢(تولية األنفع للمسلمني وإن كان غريه أفضل منه r ن من هديه لذا فقد كا)١() التقدم يف الفضل والذي : ( الراشدون رضي اهللا عنهم يف توليتهم األمراء فهم ال يشترطون األفضل ، قال ابن حجر عن عمر رضي اهللا عنه

فقط ، بل يضم إليه مزيد راعي األفضل يف الدين يظهر من سرية عمر يف أمرائه الذين كان يؤمرهم يف البالد أنه كان ال ياملعرفة بالسياسة مع اجتناب ما خيالف الشرع فيها ، فألجل هذا استخلف معاوية ، واملغرية ابن شعبة ، وعمرو بن العاص مع

.)٣() وجود من هو أفضل من كل منهم يف أمر الدين والعلم كأيب الدرداء يف الشام وابن مسعود يف الكوفة

األفضلية ، بل قد روي عنه رضي اهللا عنه فهذا وإن كان يف اإلمارة الصغرى فإنه يقاس عليه اإلمامة الكربى فال تشترط .)٤() إين ألحترج أن أستعمل الرجل وأنا أجد أقوى منه : ( قوله فبايعوا - يعين أبا عبيدة وعمر -الرجلني قد رضيت لكم أحد هذين : ( قول أيب بكر رضي اهللا عنه يوم السقيفة ) ٢ (

ومن املعلوم أن أبا بكر أفضل من عمر ، وعمر أفضل من أيب عبيدة ، فدل على أبا بكر يرى إمامة املفضول )٥() أيهما شئتم .مع وجود األفضل

أجاز أن يعقد عهد عمر رضي اهللا عنه إىل الستة ، والبد أن لبعضهم على بعض فضال ، فدل ذلك على أن عمر قد) ٣ ( )٦( مصلحتهم يف توليته ، وهذا يدل على أنه ال يشترط أن يكون اإلمام أفضل الناس -لواحد منهم إذا اجتمعوا عليه ، ورأوا

. إمجاع الصحابة رضوان اهللا تعاىل عليهم على إمامة معاوية رضي اهللا عنه بعد تسليم احلسن رضي اهللا عنه األمر إليه ، ) ٤ (

اجلماعة ، ويف بقايا الصحابة من هو أفضل منهما بال خالف ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل ، قال ابن العام عامذلك ومسي يقصد ما سبق من كالم أيب -فكلهم أوهلم عن آخرهم بايع معاوية ورأى إمامته ، وهذا إمجاع متيقن بعد إمجاع : ( حزم

فدل إمجاعهم عليه على جواز إمامة من غريه أفضل بيقني - الصحابة بكر وعهد عمر إىل الستة فلم خيالف يف ذلك أحد من )٧() ال شك فيه ، إىل أن حدث من ال وزن له عند اهللا تعاىل فخرقوا اإلمجاع بآرائهم الفاسدة بال دليل نعوذ باهللا من اخلذالن

.

) .٤/١٦٥(الفصل )١( ) .١/١٠٧(إعالم املوقعني البن القيم )٢( ) .١٣/١٩٨(فتح الباري )٣( ) .٣/٢٨٤(طبقات ابن سعد )٤( ) .١٣٦ص(سبق خترجيه يف مبايعة أيب بكر )٥( ) .٩ص(ر الصواعق احملرقة انظ )٦( ) .٤/١٦٤(الفصل )٧(

١٧٠

ذه ممتنعة اآلن فال يدري أحد فضل إنسان على ومن أدلتهم أيضا أنه ال سبيل إىل معرفة األفضل إال بنص أو إمجاع وه) ٥ ( )٢( ﴿ إن نظن إال ظنا وما نحن بمستيقنني ﴾ لقوله تعاىل ذاما لقوم )١(غريه ممن بعد الصحابة إال بالظن واحلكم بالظن ال حيل

.وحنوها من اآليات مبا ال يستطاع ، وهذا باطل ال حيل ، وذلك ألن قريشا مفترقون يف ومن األدلة أيضا أنه تكليف مبا ال يطاق وإلزام) ٦ (

البالد فمعرفة أمسائهم ممتنع فكيف معرفة أحواهلم فكيف معرفة أفضلهم ؟ وأيضا فالناس متباينون يف الفضائل فيكون الواحد .)٣(أزهد ، ويكون اآلخر أورع ، ويكون الثالث أعلم ، وهكذا فكيف يبني التفاوت بينهم ؟

مناقشة األدلة : وبعد هذا العرض والنظر يف أدلة كل من الطرفني نرى رجحان أدلة ايزين ملا يأيت

إخل احلديث ، وكذلك حديث ابن عباس فهما » ... أميا رجال استعمل رجال « : نه قال أ r أما ما روي عن النيب .حديثان ضعيفان ال تقوم ما حجة

ذكر ضعفه أيضا يف ضعيف : والثاين )٤(عفه الشيخ ناصر الدين األلباين يف خترجيه للجامع الصغري للسيوطي ض: األول وال عربة بتصحيح احلاكم له ألنه معروف بتساهله رمحه اهللا يف ذلك ، ورمبا صحح ما ال يصح ، وميكن أن )٥(اجلامع الصغري

ضل غشا للمسلمني وحماباة ألحد ، أما من وىل املفضول ملصلحة املسلمني حتمل هذه األحاديث وما شاكلها على من ترك األف .واهللا أعلم ... فهذا قد نصح هللا ولرسوله وقام مبا أوجبه اهللا عليه

أما احلديث الثالث فإن صح فهو حجة ألصحاب الرأي الثاين ، ألنه مل يشترط األفضل بل األصلح ، وكذلك قويل عمر على سياسة الناس والقيام بأعباء هذا املنصب فال حجة هلم : ه مل ينص على األفضل بل قال األقوى ، أي رضي اهللا عنه فإن

.فيها وإمنا مها حجة للقائلني بالقول الثاين أما استدالهلم بترتيب اخلالفة للخلفاء الراشدين على حسب أفضليتهم فهذا صحيح ومسلم به ، إال أنه ليس فيه داللة على

. تولية املفضول ، بل هناك الشواهد من أقواهلم تدل على خالف ذلك كما مر يف ذكر أدلة اآلخرين منع أما قوهلم إن األفضل أقرب إىل انقياد اجلماهري له فهذا غري مسلم به ، إذ رمبا يكون املفضول أقدر على القيام مبصاحل

. دفاع الفتنة حال الرعية وأوثق يف ان اإلمامة ، ونصبه أوقع النتظام

أما كون العقل يقبح تقدمي املفضول على األفضل فغري مسلم به ، ألن اهلدف من إقامة اخلالفة هو حتقيق مقاصدها ، .فاألقدر على حتقيق هذه املقاصد هو األوىل بالتنصيب سواء كان هو األفضل أم املفضول

) .٤/١٦٥(نفس املرجع )١( .٣٢ آية اجلاثيةسورة )٢( ) .٤/١٦٥(الفصل )٣( ) .٢/٢٦٥(ضعيف اجلامع الصغري )٤( ) .٢/٢٦٢(نفس املرجع )٥(

١٧١

:الرأي الراجح قدر على حتقيق أهداف اإلمامة هو األوىل بالتنصيب سواء كان فاضال أو مفضوال ، ألنه أن األ: فالذي يترجح عندي هو

إذا كان صاحلا يف نفسه ضعيفا يف تدبري األمور أثر هذا الضعف على مجيع األمة ، أما إذا كان قويا يف سياسته وحسن تدبريه على نفسه دون األمة ، فهو أوىل بالتقدمي ، ولذلك منع وعنده شيء من التقصري يف الطاعة فإن هذا التقصري ترجع مضرته

قلت يا رسول اهللا أال : أبا ذر رضي اهللا عنه من التولية وبني له السبب يف منعه ، فعنه رضي اهللا عنه قال r رسول اهللا القيامة خزي وندامة ، يا أبا ذر إنك ضعيف ، وإا أمانة ، وإا يوم« : فضرب بيده على منكيب مث قال : تستعملين ؟ قال

ما تقل الغرباء وال تظل اخلضراء على « : r هذا أبو ذر الذي قال فيه النيب)١(» إال من أخذها حبقها وأدى الذي عليه فيها فقام عمر بن اخلطاب فقال يا نيب : على نبينا وعليه السالم قال . » ذي هلجة أصدق وأوىف من أيب ذر شبيه عيسى بن مرمي

.)٢(» نعم فاعرفوا له « : أفنعرف ذلك له ؟ قال : اهللا أما إذا اجتمع الفضل والصالح يف شخص واحد فهو األوىل بالتقدمي بال شك ، وإمنا يصار إىل الثاين ألجل املصلحة العامة

كما قال مالك رمحه وخوف وقوع الفتنة ، وهذا ما حدا بعمر بن عبد العزيز رضي اهللا عنه أن ال يويل رجال صاحلا بعده ، : ( قال مالك ) . ال أدري : ( قال العمري ) أتدري ما الذي منع عمر بن عبد العزيز أن يويل رجال صاحلا ؟ : ( اهللا للعمري

لكين أنا أدري ، إمنا كانت البيعة ليزيد بعده فخاف عمر إن وىل رجال صاحلا أن ال يكون ليزيد بد من القيام فتقوم هجمة فظاهر هذه الرواية أنه إذا خيف عند خلع غري املستحق : ( قال الشاطيب تعليقا على هذه الرواية )٣() ا ال يصلح فيفسد م

.)٤() وإقامة املستحق أن تقع فتنة وما ال يصلح ، فاملصلحة يف الترك

ا ، فإن الوالية هلا ركنان كما قال علما بأن الصالح هذا خيتلف من والية أخرى ، فينبغي أن جيعل يف كل والية األصلح هل إن خير من استأجرت القوي األمني ﴾ ﴿: ، أخذا من اآلية الكرمية ... ) القوة ، واألمانة : ( شيخ اإلسالم ابن تيمية ومها

اخلربة باحلروب واملخادعة فيها فالقوة يف والية احلرب ترجع إىل شجاعة القلب ، وإىل. والقوة يف كل والية حبسبها : ( قال . والقوة يف احلكم بني الناس ترجع إىل العلم بالعدل الذي دل عليه الكتاب والسنة ، وإىل القدرة على تنفيذ األحكام .

فالواجب يف كل والية األصلح حبسبها ، فإذا تعني رجالن: ( قال )٥() وترك خشية الناس ... واألمانة ترجع إىل خشية اهللا وقد سبق كالم املاوردي )٦() قدم أنفعهما لتلك الوالية ، وأقلهما ضررا فيها . أعظم قوة : واآلخر . أعظم أمانة : أحدمها

فإذا كانت احلاجة إىل فضل الشجاعة أدعى النتشار الثغور وظهور البغاة ، كان ( وأيب يعلي يف أنه يراعى ما يقتضيه العصر

.من هذا الفصل ) ٢٢٦ص(رواه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وأمحد وسبق خترجيه )١(، ورواه ابـن ) ٥/٦٦٩(حديث حسن : وقال ٣٨٠١مناقب أيب ذر ، ح : ب . املناقب : إخل يف » ... ما أظلت اخلضراء « رواه الترمذي بلفظ )٢(

) .٥٦٠ص(، وابن حبان يف صحيحه ) ٤/١٦٨(، وابن سعد ) ٢/١٦٣( ، وأمحد ١١: ماجة يف املقدمة ب .الال على العمل باملصاحل املرسلة وذكرها استد) ٢/١٢٨(االعتصام للشاطيب ) ٣( .وذكرها استدالال على العمل باملصاحل املرسلة ) ٢/١٢٨(االعتصام للشاطيب )٤( ) .١٥ ، ١٤ص(السياسة الشرعية البن تيمية )٥( ) .١٦ص(نفس املرجع )٦(

١٧٢

وهذا هو مذهب أهل)١() جة إىل فضل العلم لسكون الدمهاء وظهور البدع كان األعلم أحق األشجع أحق ، وإن كانت احلاأهل السنة يقولون ينبغي أن يوىل األصلح للوالية إذا أمكن إما وجوبا عند : ( السنة كما قرره شيخ اإلسالم ابن تيمية فقال

ته هلواه فهو ظامل ومن كان عاجزا عن توليته األصلح مع أكثرهم ، وإما استحبابا عند بعضهم ، وإن عدل عن األصلح مع قدر .)٢() حمبته لذلك فهو معذور

:أسباب العدول عن األفضل إىل املفضول العدول عن إمامة الفاضل إىل املفضول )٣( أما القاضي عبد اجلبار من املعتزلة فقد حدد أسبابا معينة تقتضي يف رأيه جواز

: األسباب وهي إذا وجد أحد هذه أن يكون يف األفضل علة خترجه من أن يصح كونه إماما ، حنو أن تكون بعض الشرائط اليت حيتاج إليها اإلمام مفقودة -١

.، كالعلم وكاملعرفة بالسياسة . قريش أن يكون األفضل من غري قريش فيقدم املفضول من قريش عليه لثبوت السمع الدال على أن اإلمامة يف-٢ أن يقترن إىل حال املفضول ما جيعله بالتقدمي أحق وإن كان األول سليم احلال ، وذلك حبق شهرة فضله وصالحه عند -٣

اخلاص والعام دون األفضل فيكون بالتقدمي أوىل ، ألن النفوس إليه أسكن ، وألن الفضل املطلوب يف اإلمامة إمنا يراد ملا يعود .حة على الكافة من املصل

كذلك القول يف من يعرف أن انقياد الناس له أكثر واستقامتهم إليه أمت وشكواهم إليه أعظم ، فهو بالتقدمي أحق ممن -٤ .هو أفضل منه إذا مل يكن هذا حاله

ومست إذا كان يف حال العقد عارض يقتضي تقدمي املفضول ، حنو أن يكون املفضول يف البلد الذي مات فيه اإلمام-٥ احلاجة إىل نصب آخر ،

.وإن أخر نصب املفضول أدى إىل فتنة أو ما شاكلها ، أو أن يكون الفاضل غائبا أو مريضا أو حنو ذلك أما إذا مل يوجد هناك أي سبب يؤدي إىل تقدمي املفضول على الفاضل فاألوىل تقدمي األفضل ألنه األصلح قطعا ، وإذا بايع

. املفضول ومل لكن هناك أي سبب فاإلمامة له منعقدة وطاعته واجبة أهل احلل والعقد .واهللا أعلم ... وذا ننتهي إىل أن األفضلة ليست شرطا يف اإلمامة ، وال جيب أن يكون أفضل أهل زمانه

* * * * *

) .٢٤ص(، وأليب يعلي ) ٧ص(األحكام السلطانية للماوردي )١( ) .١/١٤٧(منهاج السنة )٢( ) .باختصار ) ( ٢٢٨ ، ٢٢٧ص(قسم أول ) ٢٠(املغين يف أبواب التوحيد والعدل ح )٣(

١٧٣

مبحث

يف

املفاضلة بني اخللفاء الراشدين

١٧٤

مبحث يف

راشديناملفاضلة بني اخللفاء ال بعد احلديث عن املفاضلة ، وهل األفضلية شرط من شروط اإلمامة أم ال ، وبعد ذكرنا أن اخللفاء الراشدين مرتبون يف

فنذكر مذهب السلف أهل السنة واجلماعة ، اخلالفة حسب ترتيبهم يف األفضلية ، أحببنا زيادة بيان وتدليل على هذه القضية :فرق الضالة وموقفهم من ذلك فنقول مث نذيل باختصار آلراء ال

.مذهب السلف أهل السنة واجلماعة يف الفاضلة بني اخللفاء الراشدين اتفق أهل السنة واجلماعة على تفضيل أيب بكر وعمر على عثمان وعلى رضي اهللا عنهم أمجعني ، قال شيخ اإلسالم ابن

شهورين باإلمامة يف العلم والدين من الصحابة والتابعني وتابعيهم ، وهو مذهب فهذا متفق عليه بني أئمة املسلمني امل: ( تيمية مالك وأهل املدينة ، والليث بن سعد وأهل مصر ، واألوزاعي وأهل الشام ، وسفيان الثوري ، وأيب حنيفة ، ومحاد بن زيد ،

)١() اق ، وأيب عبيد وغري هؤالء من األئمة ومحاد بن سلمة وأمثاهلم من أهل العراق ، وهو مذهب الشافعي ، وأمحد ، وإسح.

. ) ٢() ما أدركت أحدا ممن يقتدى به يشك يف تقدمي أيب بكر وعمر : ( وحكى مالك إمجاع أهل املدينة على ذلك فقال

ضلية أيب بكر مث عمر أمجع الصحابة وأتباعهم على أف: ( ونقل البيهقي يف االعتقاد بسنده إىل أيب ثور عن الشافعي أنه قال .)٣() مث عثمان مث علي

:واألدلة على ما ذهبوا إليه مستفيضة منها على سبيل املثال كنا خنري بني الناس يف زمن : ( قال ما رواه البخاري وغريه عن نافع عن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا تعاىل عنهما ) ١ ( .)٤() طاب ، مث عثمان بن عفان رضي اهللا عنهم فنخري أبا بكر ، مث عمر بن اخل r النيب r أفضل أمة النيب: حي r ورسول اهللا كنا نقول : ( إن عبد اهللا بن عمر قال : ويف رواية قال سامل بن عبد اهللا ) ٢ (

.)٥() عنهم رضي اهللا بعده أبو بكر مث عمر مث عثمان . وكال احلديثني نص يف املسألة

: ( وقد روي آثار مستفيضة عن علي رضي اهللا تعاىل عنه نفسه ففي صحيح البخاري عن حممد بن احلنفية أنه قال ) ٣ (عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : مث من ؟ قال : أبو بكر ، قلت : قال ؟ r أي الناس خري بعد رسول اهللا: قلت أليب

) .٤/٤٢١( جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ) ١( ) .٤/٤٢١( نفس املصدر )٢( .بنحوه ) ١/٤٣٣(، ومناقب الشافعي ) ١/١٦٨(منهاج السنة : وانظر ) . ٧/١٧(فتح الباري )٣(يف التفضـيل ، عـون : باب . كتاب السنة : ، وأبو داود يف ) ٧/١٦(فتح الباري . ٤: باب . فضائل الصحابة : يف - واللفظ له -اري رواه البخ )٤(

.، والترمذي وغريهم ) ٨/٣٨٠(املعبود ) .٨/٣٨١(باب يف التفضيل ، عون املعبود . كتاب السنة : رواه أبو داود يف )٥(

١٧٥

وروي هذا عن علي بن أيب طالب من حنو مثانني : ( قال ابن تيمية . )١( )لمني ما أنا إال رجل من املس: قال مث أنت ؟: ال أوتى بأحد يفضلين على أيب بكر وعمر إال جلدته حد املفتري ، فمن : وجها ، وأنه كان يقول على منرب الكوفة ، بل قال

.)٢() مثانني سوطا -فضله على أيب بكر وعمر جلد مبقتضى قوله رضي اهللا عنه

ويف هذا أكرب حجة على بطالن قول الرافضة بأنه مل يبايع إال تقية وكان مكرها وإال فهو أفضل منهما ، ولو كان : قلت .األمر كذلك ملا أعلنه على رؤوس األشهاد على املنرب ، وملا جلد من يقول ذلك حد االفتراء

إين لواقف يف قوم ندعوا اهللا لعمر بن : ( ضي اهللا تعاىل عنهما قال ومنها ما رواه البخاري أيضا وغريه عن ابن عباس ررمحك اهللا إن كنت ألرجو أن : اخلطاب وقد وضع على سريره ، إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكيب يقول

وأبو بكر وعمر ، كنت وأبو بكر وعمر ، وفعلت : يقول r جيعلك اهللا مع صاحبيك ألين كثريا ما كنت أمسع رسول اهللا .)٣() وانطلقت وأبو بكر وعمر ، فإن كنت ألرجو أن جيعلك اهللا معهما ، فالتفت فإذا هو علي بن أيب طالب

من زعم أن عليا كان أحق بالوالية منهما فقد خطأ أبا بكر وعمر واملهاجرين : ( وروي عن سفيان الثوري أنه قال ) ٤ (فقد أزرى على اثين عشر ( ... ويف رواية )٤() عهم وما أراه يرتفع له مع هذا عمل إىل السماء واألنصار رضي اهللا عن مجييف كل منهم من r هذا باإلضافة إىل ما روي عن النيب)٥() إخل احلديث ... ، وما أراه r ألفا من أصحاب رسول اهللا

: الفضائل

من فضائل أيب بكر الصديق رضي اهللا عنه، ومن هذه r يف فضائل أيب بكر الصديق أحاديث كثرية صحيحة صرحية يف تفضيله على األمة بعد نبيها فقد ورد

:األحاديث لو كنت متخذا خليال الختذت أبا بكر ، ولكن أخي « : قال r عن ابن عباس رضي اهللا تعاىل عنهما أن النيب) ١ (

.)٦(» أفضل لكن أخوة اإلسالم ... « ويف رواية . » وصاحيب ومنها ما ورد يف الصحيح أيضا أنه كان بني أيب بكر وعمر رضي اهللا تعاىل عنهما كالم ، فطلب أبو بكر من عمر أن ) ٢ (

، مث إن عمر ندم ) ثالثا ( اجلس يا أبا بكر يغفر اهللا لك : فذكر ذلك فقال r يستغفر له فلم يفعل ، فجاء أبو بكر إىل النيبيا : فجعل وجه النيب يتمعر حىت أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال r ىل مرتل أيب بكر فلم جيده ، فجاء إىل النيب، فجاء إ

) .٧/٢٠( ، فتح الباري ٤رقم : باب . صحابة البخاري كتاب فضائل ال )١( ) .٤/٤٢٢(جمموع الفتاوى )٢( ٢٣٨٩مـن فضـائل عمـر ، ح : ب . فضائل الصحابة : ومسلم يف ك ) . ٧/٢٢( ، الفتح ٤باب . رواه البخاري يف فضائل الصحابة . متفق عليه )٣()٤/١٨٥٨. ( ) .٨/٣٨٢( ، عون املعبود يف التفضيل: باب . كتاب السنة : رواه أبو داود يف ) ٤( ) .١٦ص (انظر الصواعق احملرقة البن حجر اهليتمي : وصحح النووي أسانيده عن سفيان ) ٥٥(املسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل خمطوط ورقة ) ٥(: ، ومسلم عن ابن مسـعود يف ) ٧/١٨(اري فتح الب » لو كنت متخذا خليال « قول النيب : باب . فضائل الصحابة : رواه البخاري يف . متفق عليه ) ٦(

) ٣٦٥٥(باب مناقـب أيب بكـر حـديث رقـم . كتاب املناقب : ، والترمذي يف ) ٤/١٨٥٥ (٢٣٨٣من فضائل أيب بكر ، ح : فضائل الصحابة ب .وغريهم ) . ٥/٦٠٦(

١٧٦

إن اهللا بعثين إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر صدق « : r فقال النيب) مرتني ( رسول اهللا واهللا أنا كنت أظلم .)١(» فما أذوي بعدها ) مرتني ( ا يل أصحايب وواساين بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو

، قلت من » عائشة « : أي الناس أحب إليك ؟ قال r ما روي عن عمرو بن العاص رضي اهللا عنه أنه سأل النيب) ٣ ( . )٢(» عمر بن اخلطاب « : مث من ؟ قال : ، قلت » أبوها « : الرجال ؟ قال

يصعب استقصاؤها ، وقد سبق احلديث عن بعض األدلة على أفضليته واستحقاقه اإلمامة إىل غري ذلك من األحاديث اليت وجب أنه أفضل املسلمني r وإذا وجبت إمامة أيب بكر بعد الرسول: ( قال أبو احلسن األشعري )٣(عند الكالم على النصية

لقد رضي الله عن المؤمنني إذ يبايعونك تحت ﴿: وقد استدل على إمامته بعده آيات من القرآن الكرمي منها قوله تعاىل)٤() وقد أمجع هؤالء الذين أثىن اهللا عليهم ومدحهم ، على إمامة أيب بكر الصديق رضي اهللا عنه ومسوه : ( فقال )5( الشجرة ﴾

اجلماعة يف مجيع اخلصال اليت يستحق ا اإلمامة من خليفة رسول اهللا وبايعوه وانقادوا له ، وأقروا له بالفضل وكان أفضل .)٦() العلم والزهد وقوة الرأي وسياسة األمة وغري ذلك فروق عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنهمن فضائل ال

r نيب أما فضائل عمر فباإلضافة إىل أنه من العشرة املبشرين باجلنة هو وأبو بكر ، وعثمان ، وعلي ، فقد ورد فيه عن ال :أحاديث كثرية منها

.)٧(» لقد كان فيمن قبلكم حمدثون ، فإن يكن يف أميت أحد فإنه عمر « : قال r ما رواه أبو هريرة عن النيب) ١ (

والذي نفسي بيده ما لقيك « : قال خماطبا عمر رضي اهللا عنه r ومنها ما رواه سعد بن أيب وقاص ، عن النيب) ٢ ( .)٨(» ا فجا إال سلك فجا غري فجك الشيطان سالك

.)٩(» لو كان بعدي نيب لكان عمر « : أنه قال r ومنها ما روي عن النيب) ٣ (

) .٧/١٨( فتح الباري »... لو كنت متخذا خليال « قول النيب : باب . فضائل الصحابة : صحيح البخاري يف ) ١( ٢٣٨٤من فضائل أيب بكـر ، ح : ب . ، ومسلم يف فضائل الصحابة ) ٧/١٨(، فتح الباري » لو كنت متخذا خليال « : ب . البخاري ك الفضائل ) ٢(باب مناقب أيب بكر حديث . ناقب كتاب امل: انظر . وقريب منه عند الترمذي عن عائشة إال أا مل تذكر نفسها رضي اهللا عنها تواضعا منها ) ٤/١٨٥٦(

.حسن صحيح : وقال ) ٥/٦٠٧) (٣٦٥٧(رقم .فما بعدها ) ١١٨ص(انظر )٣( .فوقية حسني حممود . حتقيق د ) ٢٥٥ص(اإلبانة )٤( .١٨سورة الفتح آية )٥( ) .٢٥٢ص (اإلبانة )٦() ٤/١٨٦٤ (٢٣٩٨مناقب عمر ، ح : ، ومسلم عن عائشة يف ) ٧/٤٢(الفتح فضائل عمر ، : باب . رواه البخاري يف فضائل الصحابة . متفق عليه ) ٧(

) .٥/٦٢٢) (٣٦٩٣(مناقب عمر ، رقم احلديث : باب . املناقب : ، ورواه الترمذي يف ) . ٤/١٨٦٣( ٢٣٩٦فضائل عمـر ، ح : ، ومسلم يف ) ٧/٤١(فضائل عمر ، فتح الباري : باب . فضائل الصحابة : رواه البخاري يف . متفق عليه ) ٨(

) .٥/٦٢٢(وقريب منه عند الترمذي حسن : وقال ) ٣٦٨٦(مناقب عمر ، حديث رقم : باب . املناقب : ورواه الترمذي يف ) ٣/٨٥(رواه احلاكم يف املستدرك وصححه ، ووافقه الذهيب ) ٩(

) .٥/٦١٩(غريب

١٧٧

: وقد ورد له فضائل أخرى مقرونا مع أيب بكر منها العال لرياهم من حتتهم إن أهل الدرجات « : r قال رسول اهللا: عن أيب سعيد اخلدري رضي اهللا تعاىل عنه قال ) ١ (

. )١(» كما ترون النجم الطالع يف أفق السماء ، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما

أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل اجلنة من « : r قال رسول اهللا: ومنها ما روي عن علي رضي اهللا تعاىل عنه قال ) ٢ ( .)٢(» األولني واآلخرين إال النبيني واملرسلني عثمان وعلي رضي اهللا تعاىل عنهمافاضلة بني امل

فإن سفيان الثوري : ( أما املفاضلة بني عثمان وعلي فهذه دون تلك ، وقد حصل فيها نزاع بني السلف قال ابن تيمية ان وعلي وطائفة من أهل الكوفة رجحوا عليا على عثمان ، مث رجع عن ذلك سفيان وغريه ، وبعض أهل املدينة توقف يف عثم

وهي إحدى الروايتني عن مالك ، لكن الرواية األخرى عنه تقدمي عثمان على علي كما هو مذهب سائر األئمة كالشافعي .)٣() وأيب حنيفة وأصحابه ، وأمحد وأصحابه ، وغري هؤالء من أئمة اإلسالم

: ( ء يف السري الكبري حملمد بن احلسن الشيباين وجا)٤() تقدمي علي على عثمان ( أما أبو حنيفة رمحه اهللا فقد روي عنه أن تفضل أبا بكر وعمر ، : سألته عن مذهب أهل السنة فقال : روى نوح بن أيب مرمي عن أيب حنيفة رضي اهللا عنه أنه قال

نطق يف اهللا بشيء وال تكفر أحدا من أهل القبلة ، وتؤمن بالقدر ، وال ت)٥(وحتب عليا وعثمان ، وترى املسح على اخلفني ، قبل اخلالفة كان عليا مقدما على عثمان ، وبعد اخلالفة عثمان أفضل من : ومن الناس من يقول : ( مث قال الشارح ... ) ومل يرد أبو حنيفة رضي اهللا عنه مبا ذكر تقدمي علي على عثمان : ( مث اعتذر الشارح عن كالم اإلمام السابق بقوله )٦() علي .)٧() ولكن مراده أن حمبتهما من مذهب أهل السنة فالواو عنده ال توجب الترتيب ،

وأفضل الناس بعد النبيني عليهم الصالة والسالم أبو : ( بل قد صرح يف الفقه األكرب بتقدمي عثمان على علي فقال : قلت ، مث علي بن أيب طالب املرتضى رضي اهللا تعاىل عنهم بكر ، مث عمر بن اخلطاب الفاروق ، مث عثمان بن عفان ذو النورين

مـن فضـائل : ب . ، ورواه ابن ماجة يف املقدمـة ) ٥/٦٠٧(يث حسن حد: وقال . ٣٦٥٨مناقب أيب بكر ، ح: ب . رواه الترمذي يف املناقب ) ١(

، ورواه ابن حبان يف صحيحه كلهم عن أيب سعيد اخلدري ، ورواه الطـرباين ) ٣/٢٦(، ورواه اإلمام أمحد يف املسند ) ١/٣٧ (٩٦ ، ح rأصحاب النيب رجاله رجال الصـحيح : اهليثمي قريب منه عند الطرباين عن أيب هريرة قال و) . ٧٧ص (الصواعق احملرقة : عن جابر ، وابن عساكر عن أيب هريرة انظر

) .٩/٥٤(جممع الزوائد . ثقة : غري سلم بن قتيبة وهو ١٠٠ ، حrمن فضائل أصحاب النيب : ب . ، ورواه ابن ماجة يف املقدمة ) ٥/٦١٠(حسن غريب : ، وقال ٣٦٦٤املناقب ، ح : رواه الترمذي يف ) ٢(إسـناده صـحيح ، ورجالـه ثقـات : وقال صاحب الفتح الرباين . ، ورواه أمحد ) ٥٣٨ص ( ورواه ابن حبان يف صحيحه موارد الظمآن ،) ١/٣٨()٢٢/١٨٤. ( ) .٤/٤٢٦(جمموع الفتاوى ) ٣( ) .٤٨٦ص (شرح العقيدة الطحاوية ) ٤( ولذلك درج علماء السلف على ذكر هذه املسألة الفرعية يف عقائـدهم للداللـة خمالفة للرافضة ، ألم ال يرون املسح على اخلفني وال الصالة فيها ، ) ٥(

.على خمالفتهم للرافضة ) .١/١٥٨(شرح السري الكبري ) ٦( ) .١/١٥٨(شرح السري الكبري )٧(

١٧٨

فأما املذهب عندنا أن عثمان أفضل من علي رضوان اهللا عليهما قبل : ( وهو ظاهر املذهب قال السرخسي . )١() أمجعني .) ٢() اخلالفة وبعدها

:أدلة تفضيل عثمان على علي رضي اهللا عنه العظمى من أهل السنة واجلماعة على تقدمي عثمان على علي ، ومل خيالف إال القليل ، ويدل ومما سبق يتضح أن الغالبية :على صحة ما ذهبوا إليه ما يلي

أفضل األمة بعد نبيها أبو بكر : ( حيr كنا نقول ورسول اهللا: ما تقدم من قول عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما ) ١ ( . )٣() نهم مث عمر مث عثمان رضي اهللا ع

أنه ملا مل يبق يف الشورى إال عثمان ، وعلي ، واحلكم - كما مر -وكذلك يف قصة بيعة عثمان الثابتة يف الصحيح ) ٢ (عبد الرمحن بن عوف ، وبقي عبد الرمحن بن عوف ثالثة أيام بلياليها يشاور املهاجرين واألنصار والتابعني هلم بإحسان ،

حىت قال عبد الرمحن - عمر وشهدوا موته ع فإم كانوا باملدينة حجوا م- ، ويشاور أمراء األمصار ويشاور أمهات املؤمننيبعد هذا كله وبعد أخذ املواثيق منهما على أن يبايع من بايعه ، أعلن النتيجة بعد هذا ) إن يل ثالثا ما اغتمضت بنوم : (

)٤(فبايعه علي وعبد الرمحن وسائر املسلمني بيعة رضى واختيار ) بعثمان إين رأيت الناس ال يعدلون : ( االستفتاء وهي قوله وملا سأل )٥() وهذا إمجاع منهم على تقدمي عثمان على علي : ( فدل ذلك على تقدميه يف األفضلية عليه ، قال ابن تيمية ، وقال عبد اهللا بن ) )٦(محن بن عوف ك عبد الراقد كفانا ذ: ( رجل عبد اهللا بن املبارك أيهما أفضل علي أو عثمان قال

.)٧() أمرنا خري من بقي ومل نأل ( مسعود رضي اهللا عنه حينما ويل عثمان اخلالفة ويفسر ابن )٨() من قدم عليا على عثمان فقد أزرى باملهاجرين واألنصار : ( وهلذا قال أيوب وأمحد بن حنبل والدارقطين

لو مل يكن عثمان أحق بالتقدمي وقد قدموه كانوا إما جاهلني بفضله ، وإما ظاملني بتقدمي املفضول من غري ( : تيمية ذلك بأنه .)٩() ترجيح ديين ، ومن نسبهم إىل اجلهل والظلم فقد أزرى م

: قال اإلمام أمحد والسلف وإن كان بعضهم يرى التوقف بعد ذكر عثمان ، ال يقدمون على علي أحدا بعد الثالثة ، كما وإمنا من قال بالتوقف يف التفضيل عند عثمان يريد اإلقتداء حبديث ابن عمر )١٠() من مل يربع بعلي فهو أضل من محار أهله (

.من الفقه األكرب مع شرحه للمال علي القاري ) ١٦٨ص (منت الفقه األكرب أليب حنيفة : انظر ) ١( ) .٤٨٦ص (شرح العقدية الطحاوية : ، وانظر ) ١/١٥٨(ري الكبري شرح الس) ٢( ) .٣٩٩ص (متفق عليه وسبق خترجيه قريبا ) ٣(، ومن البداية والنهايـة ) ١٣/١٩٣( ، فتح الباري ٤٣: باب . ٩٣: وهذه الرواية من البخاري ك ، )١٤٣ص (طرق االنعقاد : انظر تفصيل ذلك ) ٤( .بتصرف يسري ) ٧/١٤٦( ) .٤/٤٢٨(جمموع الفتاوى )٥( ) .٥٧(املسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل ورقة ) ٦( ) .٥٧(وذكره اخلالل يف املسند من مسائل اإلمام أمحد ورقة ) ٩/٨٨(رواه الطرباين بأسانيد ، ورجال أحدها رجال الصحيح : قال يف جممع الزوائد ) ٧( ) .٤٨٦ص (لعقيدة الطحاوية شرح ا: وانظر ) . ٤/٤٢٨(جمموع الفتاوى )٨( ) .٤/٤٢٨(جمموع الفتاوى )٩( ) .٢/٢٠٨(منهاج السنة ) ١٠(

١٧٩

السابق ، فيذكرون الثالثة مث جيملون بقية أصحاب الشورى كما هي رواية عن اإلمام أمحد نفسه فقد ذكر عنه الاللكائي قوله نقدم هؤالء الثالثة كما قدمهم . ، أبو بكر الصديق، مث عمر بن اخلطاب ، مث عثمان بن عفان r األمة بعد نبيهاوخري: (

علي بن أيب طالب ، وطلحة ، : مل خيتلفوا يف ذلك ، مث بعد هؤالء الثالثة أصحاب الشورى اخلمسة r أصحاب رسول اهللاكنا نعد ورسول ( م يصلح للخالفة وكلهم إمام ، ونذهب إىل حديث ابن عمر والزبري ، وعبد الرمحن بن عوف ، وسعد كله

.) ١() حي وأصحابه متوافرون أبو بكر ، مث عمر ، مث عثمان r اهللا .)٢( وبنحوه متاما عن علي بن املديين

من مل يربع بعلي فهو أضل : ( لسابقة وإن كان ورد عنه نفسه رمحه اهللا روايات ينص فيها على التربيع بعلي منها الرواية اأبو بكر ، وعمر بعد أيب بكر ، : r وخري األمة بعد نبيها: ( ومنها رواية اإلصطرخي حيث قال فيها ) . من محار أهله

. )٣() وعثمان بعد عمر ، وعلي بعد عثمان ، ووقف قوم على عثمان

أبو بكر : من قال : ( هي من قوله - على ما يراه اخلالل - التفضيل ولذلك كانت خالصة رأي اإلمام أمحد رمحه اهللا يفأبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي اهللا عنهم فصحيح أيضا : وهو الذي العمل عليه ، ومن قال . وعمر وعثمان فقد أصاب

.)٤() جيد ال بأس به وباهللا التوفيق وخري : ( إىل التوقف عند عثمان فقال يف رواية حممد بن عوف احلمصي لكنه ورد عنه رمحه اهللا تكذيبه ملن نسبه: قلت

إنك وقفت على : أبو بكر مث عمر ، مث عثمان ، مث علي ، فقلت له يا أبا عبد اهللا ، فإم يقولون : r الناس بعد رسول اهللاال ختايروا بعد هؤالء : r يقل النيب ومل- وذكر احلديث -كذبوا واهللا علي ، إمنا حدثتهم حبديث ابن عمر : عثمان ؟ فقال

.)٥() بني أحد ، ليس ألحد يف ذلك حجة ، فمن وقف على عثمان ومل يربع بعلي فهو على غري السنة يا أبا جعفر فاحلاصل أن من نص على التربيع على علي ، ومن توقف عن التنصيص عند عثمان ، كلهم ال يقدمون على علي بعد

فليس يف أهل السنة من : ( وال يلزم من عدم التنصيص عليه بعد عثمان أم يقدمون عليه أحدا ، قال ابن تيمية الثالثة أحدا ، أحدا غري الثالثة ، بل يفضلونه على مجهور أهل بدر ، وأهل بيعة الرضوان ، وعلى السابقني األولني - أي علي -يقدم عليه

إن طلحة والزبري وسعدا وعبد الرمحن بن عوف أفضل منه ، بل غاية : نة من يقول من املهاجرين واألنصار ، وما يف أهل السخللفاء يف وقد حكى احلافظ ابن حجر اإلمجاع على أن ترتيب ا)٦() ما يقولون السكوت عن التفضيل بني أهل الشورى

األفضلية كترتيبهم يف

) .١٥٧ص (شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة ) ١( ) .١٦٣ص (نفس املرجع ) ٢( ) .١/٣٠(طبقات احلنابلة البن أيب يعلى ) ٣( ) .٦٢(املسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل ورقة )٤( ) .١/٣١٣( احلنابلة طبقات )٥( ) .٢/٢٠٦(منهاج السنة )٦(

١٨٠

.)١() اخلالفة اخلالل ، فقد قال بعد ذكره لعدة روايات مبتدع أم ال ؟ وعلى هذا السؤال جييب لكن من قدم عليا على عثمان هل هو

فاستقر القول من أيب عبد اهللا أنه يكره هذا : ( مسنده عن إمام أهل السنة أمحد بن حنبل فيمن قدم عليا على عثمان قال .)٢() التوفيق هو مبتدع مل ينكر عليه وباهللا: القول ومل جيزم يف تبديعه ، وإن قال قائل

من فضائل عثمان رضي اهللا عنه : واآلن نورد بعض األحاديث الواردة يف فضل ذي النورين عثمان بن عفان رضي اهللا عنه منها

من جهز جيش العسرة فله اجلنة ، « : r فحفرها عثمان ، وقال. » فله اجلنة )٣( ةمن حيفر بئر روم« : r قول النيب- زاد الترمذي)٤(» ان فجهزه عثم .)٥(. مرتني » ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم « : r فقال النيب

أال أستحي من رجل تستحي منه املالئكة يعين « : أنه قال r ومنها ما روته عائشة رضي اهللا تعاىل عنها عن النيب-٢ .)٦(» عثمان

:ه اليت شارك فيها أبا بكر وعمر رضي اهللا تعاىل عنهما ما يلي ومن األحاديث الدالة على فضائله رضي اهللا عنأحدا ومعه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، فرجف م r صعد النيب: ما رواه أنس بن مالك رضي اهللا تعاىل عنه قال ) ١ ( .)٧(» فليس عليك إال نيب وصديق وشهيدان - أظنه ضربه برجله -أسكن أحد « : r فقالدخل حائطا وأمرين حبفظ باب احلائط فجاء رجل r ومنها ما رواه أبو موسى األشعري رضي اهللا تعاىل عنه أن النيب) ٢ (

، فإذا» إئذن له وبشره باجلنة « : ، فإذا أبو بكر ، مث جاء آخر يستأذن فقال » ائذن له وبشره باجلنة « : يستأذن ، فقال

) .٧/٣٤(فتح الباري )١( ) .٥٦(املسند من مسائل اإلمام أمحد للخالل ورقة )٢(بلغ ذلـك شراؤها بعني يف اجلنة ؟ فقال يا رسول اهللا ليس يل وال لعيايل غريها ، فrكانت عينا لرجل من غفار يبيع منها القربة مبد فعرض عليه النيب )٣(

. قد جعلتها للمسلمني : ، قال » نعم « : أجتعل يل ما جعلت له ؟ قال : فقال rعثمان رضي اهللا عنه فاشتراها خبمس وثالثني ألف درهم ، مث أتى النيب فتح الباري : انظر . نسب حفرها إليه وإن كانت أوال عينا فال مانع أن حيفر فيها بئرا ، ولعل العني كانت جتري إىل بئر فوسعها وطواها ف : قال ابن حجر

)٥/٤٠٨. ( ووصلهما يف قصة عثمان ملا حوصر رضي اهللا عنه ) ٧/٥٢(مناقب عثمان ، فتح الباري : باب . فضائل الصحابة : ذكرمها البخاري تعليقا يف كتاب )٤( ) .٥/٤٠٦(نفقة القيم للوقف ، فتح الباري : باب . الوصايا : انظر . ) .٥/٦٢٦) (٣٧٠١(مناقب عثمان ، حديث رقم : باب . املناقب : مذي يف سنن التر )٥( ) .٤/١٨٦٦ (٢٤٠١من فضائل عثمان ، ح: ب . فضائل الصحابة : رواة مسلم يف ك )٦( مناقب عثمان ، رقم :باب . املناقب : من الفتح ، والترمذي يف ) ٧/٥٣(مناقب عثمان ، : باب . يف كتاب الصحابة - واللفظ له -رواه البخاري )٧(

.حسن صحيح : وقال ) ٥/٦٢٤) (٣٦٩٧(احلديث

١٨١

، فإذا عثمان بن عفان وعند » ائذن له وبشره باجلنة على بلوى تصيبه « : مث قال عمر ، مث جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة .)١(» اللهم صربا أو اهللا املستعان « : فقال : مسلم

من فضائل علي بن أيب طالب رضي اهللا عنهالة على فضله وكثرة مناقبه أيب طالب رضي اهللا عنه كثري من األحاديث الصحيحة الد ورد يف حق أمري املؤمنني علي بن

: ومن هذه األحاديث ما يلي )٢(حىت قيل إنه مل يرد يف حق أحد من الصحابة باألسانيد اجلياد أكثر مما جاء يف علي أختلفين « : خرج إىل تبوك واستخلف عليا ، فقال r ما رواه البخاري ومسلم عن سعد بن أيب وقاص أن رسول اهللا) ١ (

.)٣(» أال ترضى أن تكون مين مبرتلة هارون من موسى إال أنه ال نيب بعدي « : قال » النساء ؟ يف الصبيان و وهذا احلديث مما تعلقت به الروافض يف أن اخلالفة كانت حقا لعلي وأنه وصى له ا وال حجة هلم فيه ، بل غاية ما يف

رض احلديث لكونه أفضل من غريه أو مثله ، وليس فيه أية داللة األمر إثبات فضيلة من فضائل علي رضي اهللا عنه ، ومل يتعويؤيد هذا أن . إمنا قال هذا تطييبا خلاطره حني استخلفه على املدينة يف غزوة تبوك r على استخالفه بعده ، ألن النيب

ان نبيا مع أخيه موسى عليهما هارون املشبه به مل يكن خليفة بعد موسى عليهما السالم بل تويف يف حياته ، كما أن هارون كعلما بأنه ال يلزم من التشبيه املساواة يف كل األحوال . ربه للمناجاة واهللا أعلم . السالم ، وإمنا استخلفه حينما ذهب مليقات

.

من فضائل عثمـان : ب . الفضائل : من الفتح ، ورواه مسلم يف ) ٧/٥٣(مناقب عثمان ، : باب . الفضائل : رواه البخاري يف كتاب . متفق عليه )١( ) .٥/٦٣١ ()٣٧١٠(مناقب عثمان ، حديث رقم : ، ورواه الترمذي يف ) ٤/١٨٦٧ (٢٤٠٣حذكر ذلك احلافظ ابـن . ، وروي هذا القول عن اإلمام أمحد ، وعن إمساعيل القاضي ، والنسائي ، وأيب علي النيسابوري ) ٣/١٠٧(املستدرك : انظر )٢(

شار مناقبه من كثـرة تأخر ووقع االختالف يف زمانه ، وخروج من خرج عليه ، فكان ذلك سبب النت : ( وعلل ذلك بأنه ) ٧/٧١(حجر يف فتح الباري من كان بينها من الصحابة ردا على من خالفه ، فكان الناس طائفتني لكن املبتدعة قليلة جدا ، مث كان من أمر علي ما كان فنجمت طائفة أخرى حـاربوه

ذلك منهم إىل عثمـان فصـار . ه مضموما ووافقهم اخلوارج على بغضه ، وزادوا حىت كفرو . ، مث اشتد اخلطب فتنقصوه ، واختذوا لعنه على املنابر سنة السنة ، واملبتدعة من اخلوارج ، واحملاربني له من بين أمية وأتباعهم ، فاحتاج أهل السنة إىل بث فضائله فكثر الناقل لذلك أهل : الناس يف حق علي ثالثة

) . إذا حرر مبيزان العدل ال خيرج عن قول أهل السنة واجلماعة أصـال لكثرة من خيالف ذلك ، وإال فالذي يف نفس األمر أن لكل من األربعة من الفضائل وقد يكون من هذه األسباب أيضا ظهور بعض التشيع له الـذي : فال يلزم من ذلك أفضليته على الثالثة الذي سبقوه باخلالفة ، قلت ) ٧/٧١(فتح الباري

على حقيقته ، لكن األسـباب السـابقة rنة إىل إيضاح وتبيني ما ورد يف الرجل عن النيب قد يؤدي ببعضهم إىل وصفه مبا ليس فيه ، وهذا أدى بأهل الس .أعلم تؤدي إىل كثرة طرق هذه األحاديث ال كثرة األحاديث نفسها واهللا

يف ذلـك ، ولكـن هـذا ال شك أم قد وضعوا الشيء الكثري: هذا وقد يعترب بعض العلماء أن السبب هو وضع الروافض للحديث يف فضائله قلت معروف عند أهل السنة وال يندرج عليهم ، ألن اهللا قد هيأ هلذه السنة جهابذة العلماء والنقاد فبينوا الصحيح من الضعيف من املوضوع فكـل األحاديـث

ذلك من بعدهم من السـند ، واحلمـد هللا املوضوعة من الروافض معروفة عند علماء السنة فال يدرجوا يف كتبهم ، وإن أدرجوها بينوا ما فيها أو عرف تأملت ما وضعه أهل الكوفة يف فضائل علي وأهل بيته فزاد على ثالمثائة ألف : قال بعض احلافظ : الذي حفظ لنا ديننا ، وإال فقد قال اخلليلي يف اإلرشاد

) .١/٤٠٧(ق ترتيه الشريعة املرفوعة عن األخبار الشنيعة املوضوعة البن عرا: انظر . واهللا أعلم ، والترمذي ) ٤/١٨٧٠ (٢٤٠٤من فضائل علي ، ح : ب . الفضائل : ومسلم يف ) ٨/١١٢(باب غزوة تبوك ، فتح الباري . املغازي : البخاري يف )٣(

.وغريهم ) ٥٤٣ص (وابن حبان ، موارد الظمآن ) ٥/٦٤١) (٣٧٣١(مناقب علي ، رقم : يف

١٨٢

على يديه ألعطني هذه الراية رجال يفتح اهللا« :قال يوم خيرب r أن رسول اهللا: ( ومنها ما روي عن سهل بن سعد ) ٢ (فلما أصبح الناس غدوا : قال . ليلتهم أيهم يعطاها )١(فبات الناس يدركون : ، قال » وحيبه اهللا ورسوله ، حيب اهللا ورسولههو يا رسول اهللا يشتكي عينيه ، : فقالوا » أين علي بن أيب طالب ؟ « : كلهم يرجوا أن يعطاها ، فقال r على رسول اهللا

... يف عينيه ودعا له وبرأ حىت كأن مل يكن به وجع ، فأعطاه الراية r ، فأيت به فبصق رسول اهللا» ه فأرسلوا إلي« : قال .)٢() احلديث

األحاديث غيض من فيض األحاديث الصحيحة الواردة يف مناقب اخللفاء الراشدين رضي اهللا عنهم أوردت بعضها ه فهذ . فيها جملدات منوذجا ال استقصاء وإال فمناقبهم قد صنف

هذا وبعض أهل السنة قد مخس باخللفاء الراشدين ، ولكن اختلفوا يف اخلامس ، فمنهم من جعله عمر بن عبد العزيز ، ومنهم من جعله احلسن بن علي خلالفته اليت مدا ستة . أيضا )٤( وروي عن الشافعي )٣(وروي ذلك عن سفيان الثوري

وقد عدوا هذه . احلديث » ... اخلالفة بعدي ثالثون سنة « لوا على ذلك حبديث سفينة السابق أشهر قبل الصلح ، واستد .)٥(األشهر الستة متام الثالثني سنة

وهذا القول أقوى من سابقه ، ألن معاوية رضي اهللا عنه أفضل من عمر بن عبد العزيز ومل يعد منهم ، ويكفيه فضال وإمنا اشتهر فضل عمر بن عبد العزيز ألنه أتى بعد سنوات من الظلم )٦( وغريمها هابته الوحي بني يديوكت rصحبة رسول اهللا

أما معاوية رضي اهللا عنه فقد جاء بعد أفضل األمة بعد األنبياء ، وهم اخللفاء . والعسف ، فرفع املظامل ورد األمانات إىل أهلها مجعني ، ومع ذلك فقد كان له من الفضل واألمانة وحسن سياسة الرعية وحمبتهم له األربعة الراشدون رضي اهللا تعاىل عنهم أ

كنا عند األعمش فذكروا عمر بن العزيز وعدله فقال األعمش : الشيء الكثري ، روى األثرم بسنده إىل أيب هريرة املكتب قال اتفق : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية . )٧() عدله ال واهللا بل يف: ( قالوا يف حلمه ؟ قال ) فكيف لو أدركتم معاوية ؟ : (

أحاديث يف فضله رضي اهللا عنه ، هذا من ناحية r وقد روي عن النيب . )٨() العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه األمة .اخللفاء ، أما أفضل الصحابة عموما بعد األربعة فهم بقية أهل الشورى

) .١٥/١٧٨( شرح النووي لصحيح مسلم :انظر . أي خيوضون ويتحدثون يف ذلك )١(، ورواه البخاري خمتصرا عن سلمة بن األكـوع ) ٤/١٨٧٢ (٢٤٠٦من فضائل علي ، ح: ب . فضائل الصحابة : والفظ له يف كتاب . رواه مسلم ) ٢(

.وغريمها ) ٧/٢٧٠(مناقب علي ، فتح الباري : باب . الفضائل : يف كتاب ) .٧/٣٣٢ (ء، وحلية األوليا) ١٢/٣٨٣( ، عون ٧ ب .السنة : سنن أيب داود ك ) ٣( ) .١/٤٤٨(، ومناقب الشافعي للبيهقي ) ١٨٩ص (آداب الشافعي ومناقبه البن أيب حامت ) ٤( ) .٩ص (تاريخ اخللفاء للسيوطي ) ٥( .بعدها فما ) ١٥١ص (العواصم من القواصم وحاشيته : من شاء االستزادة يف هذا املوضوع فلريجع إىل كتاب ) ٦( rمعاوية أفضل ، لسنا نقيس بأصحاب رسـول اهللا : أميا أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز فقال : وقد سئل اإلمام أمحد ) ٣/١٨٥(منهاج السنة ) ٧(

ن ستمائة مثل عمر بن عبـد كان معاوية أفضل م : احلديث متفق عليه ، ويف رواية قال » خري القرون قرين مث الذين يلوم « : rأحدا ، قال رسول اهللا ) ٤/١٩٦٣ (٢٥٤٠ح. فضائل الصحابة : رواه مسلم يف . »... لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم وال نصيفه « : العزيز واستدل حبديث

) .٦٨(املسند من مسائل اإلمام أمحد ورقة : ، انظر ) .٤/٤٧٨(جمموع الفتاوى ) ٨(

١٨٣

فاء الراشدينمن السنة املفاضلة بني اخللاألوىل أن حنب : هذا ومبناسبة حديثنا عن التفضيل بني اخللفاء الراشدين رضي اهللا تعاىل عنهم قد يعترض معترض فيقول

السنة املفاضلة بينهم على ما جاءت به األحاديث الصحيحة : مجيعا وال نفاضل بينهم ، وهلذا املعترض نقول r أصحاب النيبف الصاحل من تفضيل أيب بكر مث عمر مث عثمان مث علي رضي اهللا تعاىل عنهم أمجعني على سائر الصحابة ، ، وسار عليه السل

السنة أن : ( وال يفضل بعضهم على بعض وهو حيبهم قال r وقد سئل اإلمام أمحد عن رجل حيب أصحاب رسول اهللا .)١() يفضل أبا بكر وعمر وعثمان وعلي من اخللفاء

ذي ذموا التحدث فيه والتعرض له هو ما شجر بني الصحابة من قتال وفنت بعد مقتل الشهيد عثمان رضي اهللا عنه ، وإمنا ال .)٢(مث الرتاع الذي حصل بني علي ومعاوية رضي اهللا عنهما ومن معهما من الصحابة

موقف بعض الفرق اإلسالمية من التفضيلعموما قليلة جدا ، ولذلك ) اإلمامة ( ، بل خمالفتهم ألهل السنة يف باب األشاعرة مع أهل السنة يف هذا املوضوع وهناك فرق أخرى خالفت يف هذه املسألة نستعرض آراءهم باختصار ومن )٣(ينتحلون السنة وينحلوا يف مثل هذا املوضوع

:هذه الفرق :املعتزلة ) ١ (

ع الصحابة والترحم عليهم وعلى صحة إمامة اخللفاء األربعة على الترتيب ، وعلى ووافقت املعتزلة أهل السنة يف تويل مجيأن أبا بكر أفضل من عمر ، وعمر أفضل من عثمان ، ولكنهم اختلفوا يف أيهما أفضل أبو بكر ، أم علي رضي اهللا عنهما على

:أقوال ثالثة وكذلك يف الفضل وهذا قول قدماء . ، فعليكر ، فعمر ، فعثماناخلالفة أبو ب منهم من يرتب اخللفاء الراشدين يف -١

.)٤(البصريني ، ومنهم عمرو بن عبيد والنظام اجلاحظ ومثامة بن أشرس والفوطي والشحام وغريهم ... ومنهم من قال بفضل أيب بكر فعمر فعثمان ولكنه توقف يف أمر علي ونسبة فضله إىل فضل أيب بكر أيهما أفضل -٢

. وأبو هذيل العالف )٥(فمنهم من فضل عليا على عثمان وتوقف يف التفضل بينه وبني أيب بكر ومن هؤالء واصل ابن عطاء . يف أول حياما )٦(وتبعهم من املتأخرين أبو هاشم بن أيب علي اجلبائي وأبو احلسني حممد بن علي بن الطيب البصري

وذهب هذا املذهب من متأخري ( على أيب بكر وهذا مذهب املعتزلة البغداديني ، ومنهم من ذهب إىل تفضيل علي -٣ وكذلك أبو )٧() البصريني أبو علي اجلبائي بعد أن كان متوقفا ، والتزم التوقف يف مصنفاته ، مث اعتنق تفضيل علي عند وفاته

) .٥٤(ورقة ) خمطوط ( مام أمحد للخالل املسند من مسائل اإل) ١( .من الفصل الثالث ) ٥٢٧ص ( انظر من أقواهلم يف ذلك ) ٢( ) . ١٦ص (نقض املنطق البن تيمية : انظر ) ٣( ) .٥١٦ص (حممد عمارة . اإلسالم وفلسفة احلكم د ) ٤( ) .٧٦٧ص (شرح األصول اخلمسة للقاضي عبد اجلبار ) ٥( ) .٥١٦ص (كم اإلسالم وفلسفة احل) ٦( ) .٥١٦ص (اإلسالم وفلسفة احلكم ) ٧(

١٨٤

، وممن ذهب إىل )١() أفضل اجلماعة - أي عليا -منني ألنه يقطع أن أمري املؤ( احلسني حممد بن علي البصري يف آخر حياته أي أفضل الصحابة أمري املؤمنني علي مث احلسن مث : فأما عندنا : ( تفضيل علي على أيب بكر القاضي عبد اجلبار حيث قال

.)٢() احلسني عليهم السالم :اخلوارج

كر وعمر وعثمان حىت انقضاء الست السنوات األوىل من حكمه ، مث علي أما اخلوارج فهم يقولون بأفضلية وإمامة أيب ب .)٣() إكفار علي وعثمان ( حىت قبوله التحكيم ، ومما يجمع عليه اخلوارج كما قال األشعري

: الروافض .)٤(أفضل منه r وعلى أنه ليس بعد النيب r أما الروافض فهم جممعون على تفضيل علي على سائر أصحاب رسول اهللا

r ومجيع هذه الفرق الضالة املخالفة ألهل السنة واجلماعة ليس عند أحد منها دليل صريح من كتاب اهللا أو سنة رسوله .الصحيحة اليت ميكنها أن تقابل األحاديث السابقة الدالة على مذهب احلق يف هذه املسألة ، وهو مذهب أهل السنة واجلماعة

ض معهم يف جمادالت عقلية ال تركز على أساس ، وال تصل إىل قرار فهذا حيتاج إىل حبث أوسع ومدة زمنية أما أن خنو مذهب أهل السنة -أطول ، ولو أردنا استقصاء كل مبحث يف هذه الرسالة لبلغت الدات ، لكن نبني مذهب احلق

تصرة إىل من خالف من الفرق على حسب ما يسمح لنا به وندلل عليه باألدلة الصرحية الصحيحة ونشري إشارة خم-واجلماعة .الوقت وحجم الرسالة ، واهللا املستعان

) .٢١٦ ، ص ١ ، ق ٢٠جـ ( املغين يف أبواب التوحيد والعدل ) ١( ) . ٧٦٧ص (شرح األصول اخلمسة ) ٢( ) .١/١٦٧(املقاالت : وانظر ) . ٧٣ص (الفرق بني الفرق ) ٣( ) .١/١٥٠ (مقاالت اإلسالميني) ٤(

١٨٥

الفصل الثاين

واجبات اإلمام وحقوقه

واجبات اإلمام: املبحث األول

١٨٦

الفصل الثاين

واجبات اإلمام وحقوقه واجبات اإلمام: املبحث األول

: متهيد الم تبعة ومسؤولية ، مل يشرع إال لتحقيق أهداف وبلوغ مقاصد ، وحتقيق هذه األهداف وبلوغ هذه احلكم يف نظر اإلس

.املقاصد مسؤولية مشتركة بني احلكام واحملكومني وهم مسؤولون عنها مجيعا يا ، وأن تكون وحيث كان مقصود مجيع الواليات يف اإلسالم أن يكون الدين كله هللا ، وأن تكون كلمة اهللا هي العل

العبادة هللا وحده ، فإن اهللا سبحانه وتعاىل إمنا خلق اخللق لذلك ، وبه أنزل الكتب وبه أرسل الرسل ، ومن أجله جاهد ومجاع الدين ومجيع الواليات هو األمر . )١( ﴾ وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون﴿ : واملؤمنون ، قال تعاىل r الرسول

هو األمر باملعروف والنهي عن املنكر ، وهو نعت املؤمنني يف كتاب اهللا تعاىل ﴿ r النهي ، والذي بعث اهللا به رسولهو .)٢(﴾ ... والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر

عن األمة يف حتقيق هذه املقاصد الشرعية ، وقد أعطته زمام السلطة للسري ا إىل )٣(ام هو النائب أو الوكيل وحيث إن اإلمله ، لذلك كان عليه من الواجبات ما ليس على غريه ، وألن مناط الوجوب فيها هو القدرة حتقيق هذه املقاصد عند بيعتها

.م ذا الواجب الثقيل وقد حصلت له بعد مبايعتهم له ، فلزمه القياوالفطنة ، لذلك أوجب اإلسالم على لكنه ال يستطيع وحده القيام بتحقيق هذه املقاصد مهما بلغ من القوة والذكاء

احملكومني أيضا واجبات وحقوقا لإلمام مقابل تلك الواجبات امللقاة على عاتقه ، وعن طريق هذه احلقوق تكمل له القدرة يف .ا أوجبه اهللا عليه من حتقيق هلذه املقاصد القيام مب

وجريا على القاعدة اإلسالمية يف تقدمي الواجب على احلق فإين سأحتدث أوال عن الواجبات امللقاة على عاتق اإلمام ، مث عاتقه ؟ أم أتبع ذلك باحلديث عن حقوقه على الرعية ، مث احلديث عن الشورى ، وهل هي واجب من الواجبات امللقاة على

.أا حق من حقوقه على رعيته واجبات اإلمام

حمل اإلمامة ثقيل ، وواجباا كبرية ال تستطيع القيام ا على وجهها األكمل إال أولو العزم من الرجال ، لذلك كانت سبعة يظلهم اهللا حتت ظله « : r من أعظم القربات عند اهللا ملن احتسب القيام ا ، وقصد التقرب إليه تعاىل ، ولذلك قال

.)١(» ... إمام عادل « : وذكر منهم » ... يوم ال ظل إال ظله

.٥٦الذاريات آية ) ١( .٧١التوبة آية ) ٢( .مكتبة الكليات األزهرية . ن . هـ ١٣٩٢أوىل . ط ) ١١٦ص (القواعد البن رجب : على خالف بني الفقهاء هل هو ويل أو كيل ؟ انظر ) ٣(

١٨٧

: قال له يف اإلمارة r ومما يدل على ثقل هذا احلمل ما رواه مسلم يف صحيحه عن أيب ذر الغفاري رضي اهللا عنه أن النيبوعن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا . )٢(» أخذها حبقها وأدى الذي عليه فيها إا أمانة ، وإا يوم القيامة خزي وندامة إال من«

أال كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فاإلمام األعظم الذي على الناس راع وهو « : قال r عنهما أن رسول اهللا بيت زوجها وهي مسؤولة مسؤول عن رعيته ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته ، واملرأة راعية على أهل

.) ٣(» عنهم ، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ، أال كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته : ومن أهم هذه الواجبات ما يلي

:واجبات أساسية : أوال حتقيق مقاصد اإلمامة اليت من أجلها السعي إىل : الواجب األول واألساسي واجلامع لكثري من الواجبات الشرعية هو

وقد أفردت فيما سبق للحديث عن هذه املقاصد فصال ) إقامة الدين وسياسة الدنيا به : ( شرعت ، وهي بعبارة خمتصرة .كامال ، وال مانع هنا من إعادة خمتصرة للنقاط اليت حبثتها هناك يف هذا الفصل

:تمثل يف وت: إقامة الدين : املقصد األول :حفظه وذلك مبا يلي : أوال

. نشره والدعوة إليه بالقلم واللسان والسنان -١ . دفع الشبه واألباطيل وحماربتها -٢ . محاية البيضة وحتصني الثغور حىت يكون املسلمون يف أمن على دينهم وأنفسهم وأمواهلم وأعراضهم -٣

:ا يلي تنفيذه وذلك مب: ثانيا وذلك يشمل جباية الزكاة ، وتقسيم الفيء ، وتنظيم اجليوش ااهدة ألجل : إقامة شرائعه وحدوده وتنفيذ أحكامه -١

رفع راية اإلسالم ، وإقامة قضاة الشرع للحكم بني الناس مبا أنزل اهللا ، وتنفيذ هذه األحكام واحلدود اليت شرعها اهللا لعباده .إخل ... .محل الناس عليه بالترغيب والترهيب -٢

احلكم مبا أنزل اهللا يف مجيع شؤون هذه احلياة ، وينتج عن هذا املقصد : وهو . سياسة الدنيا ذا الدين : املقصد الثاين :بعض املقاصد الفرعية منها

. العدل ورفع الظلم -١ . مجع الكلمة وعدم الفرقة -٢

فضـل : ب . زكاة ال: ، ومسلم يف ك ) ٢/١٤٣(من جلس يف املسجد ينتظر الصالة ، فتح الباري : ب . األذان : رواه البخاري يف ك . متفق عليه ) ١(

، وأمحـد ) ١٤( ، واملوطـأ يف الشـعر ٢: ب . ، والنسائي يف القضـاة ٥٣: ب . الزهد : ، والترمذي يف ك ) ٢/٧١٥ (١٠٣١إخفاء الصدقة ، ح )٢/٤٣٩. ( ) .٣/١٤٥٧ (١٨٢٥كراهة اإلمارة بغري ضرورة ، ح: ب . اإلمارة : رواه مسلم يف صحيحه ك ) ٢( ) .٢٦ص (رجيه يف التعريف وسبق خت. متفق عليه ) ٣(

١٨٨

وقد سبق بسط هذه املوضوعات . رة األرض واستغالل خرياا فيما هو صاحل لإلسالم واملسلمني القيام بعما-٣ .)١(ومناقشتها فال داعي لإلعادة

:واجبات فرعية : ثانيا لكن باإلضافة إىل هذه الواجبات الرئيسة هناك بعض الواجبات الالزمة على اإلمام وإن مل يكن بعضها من األهداف

ما ال يتم الواجب إال به فهو ( ، وبناء على القاعدة األصولية رئيسة لإلمامة ، وإمنا هي وسائل إىل حتقيق هذه األهدافال :ومن هذه الواجبات ما يلي ... فهي واجبه على اإلمام إذا ) واجب

:استيفاء احلقوق املالية لبيت املال وصرفها يف مصارفها الشرعية : أوال جباية الفيء ، : ( واجبات اإلمام ومسؤولياته اجلسام استيفاء احلقوق املالية أو املوارد أو كما يقول أبو يعلى من

وكذلك املصروفات والنفقات والعطاءات ، وعلى حد )٢() والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غري عسف تحق من بيت املال من غري سرف وال تقصري ، ودفعه يف وقت ال تقدمي فيه وال تقدير العطاء وما يس: ( قول القاضي أيب يعلى

.)٣() تأخري إال أنين ) تنفيذ اإلسالم ( والواقع أن هذا الواجب وإن كان من مقاصد اإلمامة ومن الواجبات األساسية وداخل يف مقصد

يما ال نص فيه من تقدير العطاءات وحنوها ، كما ذكرته لزيادة ذكرته هنا مفردا ومفصال ملا لإلمام فيه من دور اجتهادي ف .تفصيل ما سبق جممال

. ويف هذا املقام حيسن بنا أن نأخذ حملة سريعة يف احلديث عن موارد بيت املال ومصارفه ووجوه صرفها :موارد بيت املال : الزكاة -١

م ، ثابتة بالكتاب والسنة واإلمجاع ، جتب على كل مسلم ومسلمة ملك نصابا الركن الثاين من أركان اإلسال: وهي .وقد حددت الشريعة اإلسالمية نصاب كل صنف من أصناف األموال املزكاة . وحال عليه احلول فيما يشترط فيه ذلك

عها معتقدا وجوا وقدر اإلمام على وقد اتفق الصحابة على قتال مانعيها ، وعلى هذا فمن أنكر وجوا كفر ، ومن منكما فعل أبو بكر الصديق رضي ، أخذها منه أخذها منه جربا وعزره على امتناعه ، وإن كان خارجا عن قبضة اإلمام قاتله

) لقاتلتهم عليه r كانوا يؤدونه إىل رسول اهللا- ويف رواية عناقا -واهللا لو منعوين عقاال : ( اهللا عنه ، وقال قولته املشهورة )٤(.

.فما بعدها ) ٧٠ص ( انظر فصل مقاصد اإلمامة من الباب األول )١( ) .٢٨ص (األحكام السلطانية ) ٢( ) .٢٨ص (نفس املرجع ) ٣( األمر بقتال الناس حىت باب. اإلميان : ، ومسلم يف كتاب ) ١٣/٢٥٠( ، فتح الباري rاإلقتداء بسنة الرسول : باب . االعتصام : البخاري كتاب ) ٤(

) .١/٥١ (٢٠ال إله إال اهللا ، ح: يقولوا

١٨٩

وهي ليست حقا موكوال لألفراد يؤديه منهم من شاء ويدعه من أراد ، وإمنا هي حق عام يتواله اإلمام ووالته فيقومون .جببايته ممن جتب عليه ، ويصرفونه إىل من جتب له

: واألدلة على ذلك كثرية منها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمني وفي الصدقات للفقراء والمساكني والعاملني عليهاإنما ﴿ : قول اهللا تعاىل -١

كيمح ليمع اللهالله و نة مبيل فريضن الساببيل الله و١( ﴾ س(.

دلت هذه اآلية على أن هذه الزكاة يتوىل : ( ﴾ قال الفخر الرازي يف تفسريه العاملني عليها و فالشاهد من اآلية قوله ﴿ أخذها وتفرقتها اإلمام ومن يلي من قبله ، والدليل عليه أن اهللا جعل للعاملني سهما فيها ، وهذا يدل على أنه ال بد يف أداء

ه اإلمام ألخذ الزكوات فدل هذا النص على أن اإلمام هو الذي يأخذ هذه الزكوات من عامل ، والعامل هو الذي نصب .)٢() الزكوات

كما يدل ذلك أيضا أن بعض املصارف املذكورة ال ميكن أن يصرفها إال اإلمام ، مثل مصرف املؤلفة قلوم ، فهذا ال تنظيم ذلك إال العدة والعدد للجهاد يف سبيل اهللا فال ميكن ومثل إعداد . يقوم به إال اإلمام ، فدل على استحقاق دفعها إليه

.بتصرف اإلمام .)٣( ﴾ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صالتك سكن لهم والله ﴿: قوله تعاىل -٢

.) ٤(ولكل من يلي أمر املسلمني من بعده كما فهم الصحابة رضوان اهللا عليهم بذلك r ﴾ للنيب خذ ﴿ فاخلطاب فقوله أعلمهم أن اهللا ... « : حني بعث معاذا إىل اليمن قال له r ومنها ما رواه ابن عباس يف الصحيحني وغريمها أن النيب-٣

» ... أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أمواهلم د على فقرائهم ، فإن همافترض عليهم يف أمواهلم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتر .)٥(احلديث

فبني احلديث أن الشأن فيها أن يأخذها ويردها راد ، » تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم « : من احلديث قوله والشاهد .)٦() ال أن تترك الختيار من وجبت عليه

استدل به على أن اإلمام هو الذي يتوىل قبض الزكاة وصرفها ، إما بنفسه وإما بنائبه فمن امتنع : ( حجر قال احلافظ ابن .)٧() منهم أخذت منه قهرا

. الذين بعثهم إىل األمصار ، وكذلك سار على جه خلفاؤه من بعد r ومعروف يف السرية النبوية والتاريخ سعاة النيب جيب على اإلمام أن يبعث السعاة ألخذ الصدقة ألن النيب: ( ، وهلذا قال العلماء )١( يف هذا املوضوع وللصحابة فتاوى كثرية

.٦٠سورة التوبة آية ) ١( .ثانية . ط ) ١٦/١١٤(التفسري الكبري للرازي )٢( .١٠٣سورة التوبة آية ) ٣( ) .٤/١٤٥(تفسري القرآن العظيم البن كثري : انظر )٤( ) .٣/٣٥٧(صدقة من األغنياء وترد يف الفقراء ، فتح الباري أخذ ال: باب . الزكاة : البخاري يف كتابه ) ٥( ) .٢/٧٤٩(فقه الزكاة للقرضاوي )٦( ) .٣/٣٦٠(فنح الباري )٧(

١٩٠

r واخللفاء من بعده كانوا يبعثون السعاة ، وألن يف الناس من ميلك املال وال يعرف ما جيب عليه فيه ، ومنهم من يبخل .)٢(.... ) فوجب أن يبعث من يأخذ

:فعها لإلمام احلكمة يف د : ولقيام اإلمام جبمعها مث توزيعها دون قيام املالك بتوزيعها بنفسه على مستحقيها حكم كثرية منها

. أن كثريا من األفراد قد متوت ضمائرهم أو يصيبها السقم واهلزال فال ضمان للفقري إذا ترك حقه ملثل هؤالء -١ ال من الغين نفسه حفظ لكرامته ، وصيانة ملاء وجهه أن يراق بالسؤال ، ورعاية يف أخذ الفقري حقه من احلكومة-٢

.ملشاعره أن جيرحها املن واألذى أن ترك األمر لألفراد جيعل التوزيع فوضى فقد ينتبه أكثر من غين إلعطاء فقري واحد ، على حني يغفل عن آخر ال -٣

.)٣(يفطن له أحد ، ورمبا كان أشد فقرا كل ما سبق يدل على أن على اإلمام أن يطلب الزكاة وجيبيها من أصحاا ، مث يقوم بتوزيعها على مستحقيها الذين

.وعلى األمة أن تدفعها إليه أو إىل عماله الذين يرسلهم جلبايتها . ذكرم اآلية السابقة فها ، أو كان اإلمام غري عادل ، ويصرفها يف غري وجوهها أما إذا مل يطلبها أو زعم املالك أنه قد دفعها بنفسه وصر

.املستحقة فهل جيوز أن يوزعها املالك بنفسه ؟ يف مثل هذه احلال حيتاج األمر إىل تفصيل :أضرب األموال املزكاة

... وع والثمار واملواشي ما ال ميكن إخفاؤه من الزر: األموال املزكاة ضربان ، ظاهرة ، وباطنة ، فاألموال الظاهرة هي ما أمكن إخفاؤه من الذهب والفضة وعروض التجارة وحنو ذلك ، واختلف يف زكاة الفطر فمن الفقهاء : والباطنة هي . إخل

...من جعلها من األموال الظاهرة ، ومنهم من جعلها من الباطنة : األموال الظاهرة -أ

خذ من أموالهم ﴿بيد إىل أنه ال يفرق األموال الظاهرة إال اإلمام ، لقول اهللا تعاىل ذهب اإلمام مالك وأبو حنيفة وأبو عووافقه الصحابة على هذا ، وألن ما لإلمام قبضه حبكم الوالية ... وألن أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتل مانعيها عليها صدقة ﴾

والقدمي ال جيوز - جيوز -أظهرها وهو اجلديد : ( ، وللشافعي قوالن يف املذهب )٤(ال جيوز دفعه إىل املوىل عليه كويل اليتيم أما صدقة األرض فيعجبين دفعها إىل السلطان : ( وروي عن اإلمام أمحد قوله )٥() ، بل جيب صرفها إىل اإلمام إن كان عادال

) .٢/٧٥٤(راجع بتوسع فقه الزكاة للقرضاوي )١( .للنووي ) ٢/٢١٠(والروضة ) ٦/١٦٧(اموع )٢( ) .٢/٧٥٦(فقه الزكاة للقرضاوي : انظر )٣( ) .٢/٥٠٨( والشرح الكبري البن قدامة املغين )٤( ) .٢/٢٠٥(الروضة : انظر )٥(

١٩١

الشعيب وحممد بن : لعادل أفضل ، وممن قال بدفعها إىل اإلمام دفع الزكاة إىل اإلمام ا: ( قال أبو اخلطاب من احلنابلة )١(... ) .)٢() وأبو رزين واألوزاعي - الباقر -علي

وهذا عندنا هو قول أهل السنة والعلم من أهل احلجاز والعراق وغريهم يف الصامت ، ألن املسلمني : ( قال أبو عبيد واشي واحلب والثمار فال يليها إال األئمة ، وليس لرا أن يغيبها عنهم ، وإن مؤمتنون عليه كما ائتمنوا على الصالة ، وأما امل

.)٣() فرقها ووضعها مواضعها فليست قاضية عنه ، وعليه إعادا إليهم فرقت بني ذلك السنة واآلثار : األموال الباطنة -ب

الفقهاء يف أا إذا دفعت زكاا إىل اإلمام أجزأت ، أما األموال الباطنة من نقود وعروض جتارة فلم يظهر خالف بني :ولكن هل جيب عليه أخذها ؟ وهل عليه أن جيرب الناس على دفعها إليه أم ال ؟ ولإلجابة على ذلك نقول

لظاهرة ألنه مل يرد يف األدلة تفريق بني األموال ا-مث خليفتيه من بعده r قد كانت يف األصل تدفع لإلمام يف زمن النيب ، فكان منهم من يدفعها إليهم ، ومنهم من يقسمها )٤( لكنه اختلف يف أدائها إليهم بعد مقتل عثمان رضي اهللا عنه -والباطنة

لو علم السلطان من أهل بلدة : ( ، فصار أرباب األموال كالوكالء عن اإلمام وإن مل يبطل ذلك حقه يف أخذها ، وهلذا قالوا .)٥() كاة األموال فإنه يطالبهم ا على أم ال يؤدون ز

ليس لوايل الصدقات نظر يف زكاة املال : ( وممن ذهب إىل أا مفوضة إىل أرباب األموال احلنفية والشافعية ، قال املاوردي )٦() يقها عونا هلم الباطن ، وأربابه أحق بإخراج زكاته منه ، إال أن يبذهلا أرباب األموال طوعا فيقبلها منهم ، ويكون يف تفر

يستحب لإلنسان أن يلي تفرقة الزكاة بنفسه ، ليكون على يقني من وصوهلا إىل مستحقها : ( أما احلنابلة فقد قال ابن قدامة ) أعجب إيل أن خيرجها ، وإن دفعها إىل السلطان فهو جائز : ( قال اإلمام أمحد . سواء كانت من األموال الظاهرة أو الباطنة

- وقال أبو يعلي )٧() يضعها رب املال يف موضعها : وقال احلسن ومكحول ، وسعيد بن جبري ، وميمون بن مهران : ل قا. وليس لوايل الصدقات نظر يف زكاة املال الباطن ، وأربابه أحق بإخراج زكاته منه إال أن يبذهلا أرباب : ( -من احلنابلة

تفرقتها عونا هلم ، ونظره خمصوص بزكاة املال الظاهر ، يؤمر أرباب األموال بدفعها األموال طوعا فيقبلها منهم ، ويكون يف سألت أيب عن الزكاة تدفع إىل : ( ويف رواية عبد اهللا بن اإلمام أمحد قال )٨(إليه إذا طلبها ، فإن مل يطلبها جاز دفعها إليه

: ( ى جواز إخراجها بنفسه ما رواه أبو سعيد املقربي قال ومما يدل عل)٩() يقسمها هو : السلطان أو يقسمها هو ؟ قال

) .٢/٥٠٨(املغين والشرح الكبري ) ١( ) .٢/٥٠٨(املغين والشرح الكبري )٢( ) .٥٠٩ص (األموال أليب عبيد )٣( ) .٥٠٤ص (املرجع السابق : انظر )٤( . هـ ١٣٩٨عام ) ٢/١٦٢(ويف طبعة احلليب . ١٣١٥نة بوالق س. ط ) ١/٤٨٧(شرح فتح القدير للكمال بن اهلمام )٥( ) .١١٣ص (األحكام السلطانية )٦( ) .٢/٥٠٧(املغين والشرح الكبري )٧( ) .١١٥ص (األحكام السلطانية أليب يعلي )٨( . حتقيق زهري الشاويش ) ١٥٢ص (مسائل اإلمام أمحد برواية ابنه عبد اهللا )٩(

١٩٢

وقد عتقت يا كيسان ؟ قال : جئت عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه مبائيت درهم ، فقلت يا أمري املؤمنني هذا زكاة مايل ، قال ... يوم ال ظل إال ظله سبعة يظلهم اهللا حتت ظله« : كما يدل على ذلك حديث )١() ا أنت فاقسمها : نعم قال : قلت : . وهذا عام يف صدقة التطوع والزكاة الواجبة )٢(» ورجل تصدق بيمينه حىت ما تعلم مشاله ما أنفقت ميينه « : وذكر منهم »

فالذي يظهر مما سبق أن اإلمام العادل إذا طلب الزكاة وجب دفعها إليه سواء كانت ظاهرة أو باطنة ، أما إذا مل يطلبها يرسل عماله جلبايتها ، ففي هذه احلال ألصحاب املال احلق يف توزيعها على من يرون أنه من أهلها ، وإن دفعها إىل اإلمام ومل

جاز ذلك وأجزأ عنهم ، كما أا ال تسقط بعدم مطالبة اإلمام هلا ، فهي حق يف عنق كل مسلم وإن رفض اإلمام أخذها أو .ام فيه توزيعها أو كان الناس يف زمان ال إم

:دفعها إىل أئمة اجلور هذا إذا كان اإلمام عادال ، أما إذا مل يكن كذلك فهل جيب دفعها إليه عند طلبها أم ال ؟ وهل جتزئ إذا أخذها وإن كان

يضعها يف غري موضعها ؟ما يوجب الدفع ومنها ما مينع ذلك ، والواقع أننا عند استعراض األدلة والفتاوى والنصوص الواردة يف املسألة جند منها

: فلنستعرضها ونرى الراجح منها :األدلة املوجبة لدفع الزكاة ألئمة اجلور

جباة الصدقة ( إن أناسا من املصدقني : فقالوا r جاء ناس من األعراب إىل رسول اهللا: ( عن جرير بن عبد اهللا قال -١ .)٣(. ) » أرضوا مصدقيكم « : r يأتوننا فيظلموننا ، فقال رسول اهللا)

إذا أديت الزكاة إىل رسولك فقد برئت منها إىل اهللا : r وعن أنس بن مالك رضي اهللا عنه أن رجال قال لرسول اهللا-٢ .)٤(» بدهلا إذا أديتها إىل رسويل فقد برئت منها إىل اهللا ورسوله ، ولك أجرها وإمثها على من. نعم « : ورسوله ؟ قال

: كما يدل على ذلك فتاوى الصحابة والتابعني ، وكالم الفقهاء من ذلك - ٣ فسألت - يعين بلغت نصاب الزكاة -اجتمع عندي نفقة فيها صدقة : ( ما روي عن سهل بن أيب صاحل عن أبيه قال - أ

قسمها أو أدفعها إىل السلطان ؟ فأمروين مجيعا أن أدفعها إىل سعد بن أيب وقاص وابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد اخلدري أن أ - كان هذا يف عهد بين أمية -هذا السلطان يفعل ما ترون : ( ويف رواية فقلت هلم ) . السلطان ، ما اختلف علي منهم أحد

.)٥() نعم فادفعها : فأدفع إليهم زكايت ؟ فقالوا كلهم

) .٣/٣٤٢( وحسنه األلباين يف إرواء الغليل ) . ٥٠٧ص ( وأبو عبيد يف األموال ،) ٤/١١٤(رواه البيهقي )١( ) .٣٢٠ص (متفق عله وسبق خترجيه يف هذا الفصل )٢(، والنسـائي ) ٤/٤٧٣(إرضاء املصدق ، عون : ب . الزكاة : وأبو داود يف ك ) ٢/٦٨٦ (٩٨٩إرضاء السعاة ، ح: ب . الزكاة : رواه مسلم يف ك )٣( ) .٤/٣٦٢(، وأمحد يف املسند ) ١٤. (الزكاة : يف ) .٢/١٧٤(ختليص احلبري . ، وعزاه ابن حجر يف ختليص احلبري إىل احلارث بن أيب أسامة وابن وهب ) ٣/١٣٦(رواه أمحد ) ٤(: قال األلبـاين ) . ٥٠٤ص ( األموال ، وأبو عبيد يف ) ٤/١١٥(السلفية ، والبيهقي . ط ) ٣/١٥٦(رواه سعيد بن منصور يف مسنده وابن أيب شيبة )٥(

) .٣/٣٨٠(إرواء الغليل . وهذا سند صحيح على شرط مسلم

١٩٣

) أمركم ، فمن بر فلنفسه ومن أمث فعليها ادفعوا صدقاتكم إىل من واله اهللا : ( ما قال وعن ابن عمر رضي اهللا عنه- ب .)٢() ادفعوا إليهم وإن شربوا ا اخلمر : ( ويف رواية عن قزعة موىل زياد بن أبيه أن ابن عمر قال . )١(

منها ما : كيف تصنع يف صدقة مايل ؟ قال ( – وهو على أمواله بالطائف - وعن املغرية بن شعبة أنه قال ملوىل له - جـإم يشترون : فقال - أنكر عليه أن يفرقها بنفسه -وفيم أنت من ذلك ؟ : أتصدق به ، ومنها ما أدفع إىل السلطان ، قال

: قال ابن قدامة . )٣() إليهم أمرنا أن ندفعها r ادفعها إليهم ، فإن رسول اهللا: فقال . ا األرض ويتزوجون ا النساء ادفعها إليهم ، قال : الكالب ، ويشربون ا اخلمور ، قال إم يقلدون ا : قيل البن عمر : روي عن اإلمام أمحد أنه قال ( . من اخلوارج )٤() وكان ابن عمر يدفع زكاته إىل من جاءه من سعاة ابن الزبري أو جندة احلروري :

قال . جيوز ، وال جيب : أحدمها . للشافعية يف دفع األموال الظاهرة إىل اإلمام اجلائر وجهان ف: أما أقوال الفقهاء - د .)٥() وأصحها جيب الصرف إليه لنفاذ حكمه وعدم انعزاله : ( النووي

أو غري عادل ، ال خيتلف املذهب أن دفعها إىل اإلمام جائز سواء كان عادال: ( أما احلنابلة فقد قال ابن قدامة يف املغين .)٦() وسواء كانت يف األموال الظاهرة أو الباطنة ويربأ بدفعها إليه

:القائلون بعدم جواز دفعها إىل أئمة اجلور ويف املقابل جند من الصحابة والتابعني والفقهاء من أفىت بعدم جواز دفعها إىل أئمة اجلور إذا علم أم ال يضعوا يف

:نهم مواضعها فم : يروى رجوع ابن عمر عن فتاواه السابقة وإفتاؤه بعدم دفعها إليهم يدل على ذلك -١ ) ادفعها إليهم : ( سألت ابن عمر عن الزكاة ؟ فقال : قال ة ما رواه عبد اهللا بن اإلمام أمحد بسنده عن أبيه إىل خيثم- أ

.)٧() أضاعوا الصالة ال تدفعها إليهم ، فقد : ( ، وسألته مرة أخرى فقال ما ترى يف الزكاة فإن : إن صديقا البن عمر أخربين أنه قال البن عمر : وروى أبو عبيدة بسنده عن ميمون قال - ب

أرأيت لو أخروا الصالة عن وقتها أكنت تصلي معهم ؟ قال : فقلت : ادفعها إليهم قال : هؤالء ال يضعوا مواضعها ؟ فقال .)٨() لبسوا علينا لبس اهللا عليهم : ( هل الصالة إال مثل الزكاة ؟ فقال : فقلت ال ، قال :

) .٥٠٥ص (رواه أبو عبيد يف األموال )١(إرواء : وصحح األلبـاين إسـناده ) . ٥٠٦ص (وحنوه عند أيب عبيد ) . ٦/١٦٣(قاله النووي يف اموع . بإسناد صحيح ) ٤/١١٥(رواه البيهقي ) ٢(

) .٣/٣٨٠(الغليل ) .٤/١١٥(رواه البيهقي يف السنن الكربى )٣( ) .٢/٥٠٨(املغين والشرح الكبري )٤( .مكتبة اإلرشاد جبدة . املدين : ط ) ٦/١٠٧(اموع )٥( ) .٢/٥٠٩(املغين والشرح الكبري )٦( ) .١٥٢ص (مسائل اإلمام أمحد برواية ابنه عبد اهللا )٧( ) .٥٠٨ص (يد األموال أليب عب )٨(

١٩٤

: ( وروى أبو عبيد بسنده إىل حبان بن أيب جبله عن ابن عمر أنه رجع عن قوله يف دفع الزكاة إىل السلطان وقال - جـ .)١() ضعوها يف مواضعها

.)٢() ال تعطهم : ( وقال ) ذم وال تعطهم شيئا إذا مل يضعوها مواضعها احلف هلم واك: ( وقال الثوري -٢ أنه ال يعطيهم إذا مل يكونوا كذلك : ( فمفهومه كما قال ابن قدامة ) ( أعطهم إذا وضعوها مواضعها : ( وقال عطاء -٣ ()٣(.

) .ضعها يف أهل احلاجة إذا رأيت الوالة ال يعدلون ف: ( وقال الشعيب وأبو جعفر -٤ ال تؤدوا الزكاة ملن : ( وروي عنه قوله . )٤() ضعوها يف مواضعها فإن أخذها السلطان أجزأك : ( وقال إبراهيم -٥

.)٥() جيور فيها وجيوز ( عها دف) حرم ( مواضعها –وإن مل يكن يضعها أي اإلمام : ( ومن أقوال الفقهاء ما ذهب إليه البهويت بقوله -٦ .)٦() وهذا قول القاضي يف األحكام السلطانية ) كتمها إذن ( وعبارة األحكام السلطانية وكثري من النسخ وجيب )

:القول الراجح وعند النظر يف هذه األدلة يتضح رجحان قول القائلني جبواز دفع الزكاة إىل سالطني اجلور وإجزائها إذا طلبوها وخيفت

ة عمال باألحاديث املذكورة وبعموم األحاديث املوجبة لطاعتهم وإن جاروا ، وأن عليهم ما حملوا وعليكم ما محلتم ، الفتن .اهللا واليت ستأيت مفصلة عند احلديث عن حق الطاعة إن شاء . وحنوها . وأدوا إليهم حقهم وسلوا اهللا حقكم

يا رسول اهللا إن قوما من أصحاب الصدقة يعتدون علينا أفنكتم من أموالنا : قلنا : وقد روي عن بشري بن اخلصاصية قال أما إذا مل يلحوا يف طلبها وأمنت الفتنة ، أو أمكن إخفاؤها ، فعلى صاحبها . )٧(» ال « : بقدر ما يعتدون علينا ؟ فقال

.واهللا أعلم ... حتري األحق ا من أهلها ودفعها إليه :اجلزية ) ٢(

املال املقدر املأخوذ من الذمي ، يلتزم إذا ما دخل يف ذمة : وهي . املورد الثاين من موارد بيت مال املسلمني هو اجلزية وال باليوم اآلخر يؤمنون باللهقاتلوا الذين ال ﴿: قال تعاىل . املسلمني بأدائها إىل الدولة اإلسالمية إذا أحب البقاء على دينه

) .٥٠٨ص (األموال )١( ) .٥٠٨ ، ٢/٥٠٧(املغين والشرح الكبري البن قدامة ) ٢( ) .٥٠٨ ، ٢/٥٠٧(املغين والشرح الكبري البن قدامة )٣( مركـز البحـث .ن ) . ٣١٨ص (حممد رواس قلعة جي الكتاب الثاين . د . موسوعة إبراهيم النخعي الفقهية : وانظر ) . ٢/٥٠٨(املرجع السابق )٤(

.العلمي جامعة أم القرى ) .٣١٨ص (املوسوعة أيضا : وانظر ) . ٤/٤٨(مصنف عبد الرزاق )٥( ) .٢/٣٠٢(كشاف القناع للبهويت )٦(اود واملنذري أخرجه أيضا عبد الرزاق وسكت عنه أبو د: قال الشوكاين ) ٤/٤٧٠(رضاء املصدق ، عون املعبود : ب . الزكاة : رواه أبو داود يف ك )٧(وهـو يف ) ٢/٢٩(وترمجته يف امليزان ) . ٤/٧٦(نيل األوطار . مقبول : وقال يف التقريب . ذكره ابن حبان يف الثقات . ديسم السدوسي : ويف إسناده .

) . ارضوا مصدقيكم ( من هذا الفصل ) ٣٣١ص (معىن حديث مسلم السابق

١٩٥

وال يحرمون ما حرم الله ورسوله وال يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ﴾)١(.

ت الدولة عن محايتهم ، وهلذا رد أبو عبيدة بن اجلراح رضي اهللا عن وتسقط اجلزية بعد وجوا إذا أسلم الذمي ، أو عجز .اجلزية إىل الذميني يف بعض مدن الشام عند عجز اجليش اإلسالمي عن محايتهم

.)٢( وال جتب اجلزية يف السنة إال مرة واحدة :اخلراج ) ٣(

ركت بيد أصحاا ، وأول من فعل ذلك اخلليفة الراشد عمر بن وهو ما ضرب على أراضي الكفار املغنومة عنوة اليت تاخلطاب رضي اهللا عنه ، إذ فرض على أرض العراق اخلراج وتركها بيد أصحاا بعد مشاورة منه للصحابة رضي اهللا عنهم

رواية حممد بن داود وقد نص عليه أمحد يف)٣(وموافقتهم له على رأيه ، وأما قدر اخلراج املضروب فيعترب مبا حتتمله األرض هو شيء موصوف على الناس ال يزاد ) الكرم كذا وعلى جريب كذا كذا )٤(وضع على جريب : ( سئل عن حديث عمر

وقال هو بين يف . عليه أو عن رأى اإلمام غري هذا زاد ونقص ؟ قال بل هو على رأي اإلمام إن شاء زاد وإن شاء نقص .)٥() األرض إمنا نظر عمر إىل ما تطيق ) عليهم كذا أال جيهدهم ؟ إن زدت : ( حديث عمر

:العشور ) ٤( وهي ضريبة تؤخذ من الذميني واملستأمنني على أمواهلم املعدة للتجارة إذا دخلوا بالد املسلمني ، ومقدارها نصف العشر

أما الذميون فألم صوحلوا )٦( املسلمني مثله إذا قدموا بالدهم على الذمي ، والعشر على احلريب ، ألم يأخذون على جتارأول من وضع العشر يف اإلسالم : ( وقد روى أبو عبيد بإسناده إىل الشعيب قال )٧(على ذلك ، قاله أبو عبيد ومالك بن أنس

.)٨() عمر .)١٠(ك فلم يشترط ذلك واحلنفية ، أما مال)٩( ويشترط فيه النصاب كما ذهب إىل ذلك احلنابلة

.٢٩سورة التوبة آية )١( ) .١٦٥ص (نية للفراء األحكام السلطا )١( ) .١٤٥ص (األحكام السلطانية للماوردي )٣( ) .١٤٨ص (األحكام السلطانية للماوردي )٤(مكسرة ، وهو أيضا وحدة كيل كبرية ومسـاحة الوادي ، واستعري ليكون امسا ملساحة مربعة من األرض ، فهو وحدة قياس مربعة أو : اجلريب لغة )٤(

مركز البحث العلمي وإحيـاء . اإليضاح والتبيان يف معرفة املكيال وامليزان البن الرفعة األنصاري ط : انظر . ٢ م ١٣٦٦,٠٤١٦ تعادل اجلريب العمرية ) ٨٧ص : (غراما من القمح انظـر ) ١٠٤٤٨(أما جريب الكيل فيعادل ) ٨١ ، ٨٠ص (احلاشية للدكتور اخلاروف . التراث اإلسالمي جبامعة أم القرى

. املرجع واملراد هنا وحدة املساحة نفس ) .٤٧٣ص (األموال أليب عبيد )٦( ) .٤٦٧ص (نفس املرجع )٧( ) .٤٦٧ص (نفس املرجع )٨( ) .١٠/٥٩٩(املغين والشرح الكبري )٩( ) .٤٧٨ص (األموال )١٠(

١٩٦

:الغنائم ) ٥( أربعة : وهي )١(وقد مساها اهللا تعاىل أنفاال ألا زيادة يف أموال املسلمني . الغنيمة هي املال املأخوذ من الكفار بالقتال

.أسرى ، وسيب ، وأرضون ، وأموال منقولة ، وهذه هي الغنائم املألوفة : أصناف :الفيء ) ٦(

وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من ﴿: وهو كل ما أخذه املسلمون من الكفار بغري قتال ، قال اهللا تعاىل .)٢( دير ﴾خيل وال ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء ق

أن اهللا تعاىل إمنا خلق األموال إعانة على ( وسمي فيئا ألن اهللا تعاىل أفاءه على املسلمني ، أي رده عليهم من الكفار لـ بادته ، عبادته ، ألنه إمنا خلق اخللق لعبادته ، فالكافرون به أباح أنفسهم اليت مل يعبدوه ا وأمواهلم اليت مل يستعينوا ا على ع

. )٣() لعباده املؤمنني الذين يعبدونه :املوارد األخرى ) ٧(

ومن موارد بيت املال األموال اليت ليس هلا مالك معين مثل من مات من املسلمني وليس له وارث معين ، وكالغصوب ، ها الدولة أو تؤجرها ، واملعادن اليت تستخرجها الدولة اليت تعذر معرفة أصحاا ، واألراضي اليت تستغل. والعواري ، والودائع

املعادن املستخرجة من باطن األرض ، كالذهب والفضة والنحاس وامللح وحنوها : وهي . من باطن األرض ، ومخس الركاز ورة وعجز بيت املال ومنها ما يفرضه اإلمام على األغنياء عند الضر. أما إذا استخرجتها الدولة فهي لبيت مال املسلمني ...

.لصرفه على شؤون الدولة والرعية الضرورية مثل نفقات اجلند والسالح وسد حاجات احملتاجني وحنو ذلك

) .٣٢ص (السياسة الشرعية البن تيمية )١( .٦سورة احلشر آية )٢( ) .٤٠ص (ة البن تيمية السياسة الشرعي )٣(

١٩٧

مصارف بيت املال :الزكاة ) ١( عاملني عليها والمؤلفة قلوبهم إنما الصدقات للفقراء والمساكني وال ﴿: وتصرف ملن مساهم اهللا يف كتابه يف قوله تعاىل

﴾ كيمح ليمع اللهالله و نة مبيل فريضن الساببيل الله وفي سو ارمنيالغقاب وفي الر٦٠التوبة آية . ( و. ( إن الصدقة ال تنبغي آلل حممد ، إمنا هي « : r ملواليهم لقوله وال جيوز صرفها لغري هؤالء الثمانية ، وال إىل بين هاشم وال

. )١(» أوساخ الناس ، واسـتدل املـانعون )٢(أبو حنيفة أما بنوا املطلب ففيهم روايتان عن اإلمام أمحد باملنع وباجلواز ، وإىل اجلواز ذهب

إنا وبنوا املطلب ال نفترق يف جاهلية وال إسالم ، وإمنا « :rرسول اهللا قال : حبديث جبري بن مطعم رضي اهللا عنه قال فصح أنه ال جيوز أن يفرق بني حكمهم يف شيء أصال ، ألم شيء واحـد : ( قال ابن حزم . )٣(» حنن وهم شيء واحد

.)٤() بنص كالمه عليه الصالة والسالم ، فصح أم آل حممد ، وإذ هم آل حممد فالصدقة عليهم حرام :اجلزية واخلراج والعشور وحنوها ) ٢(

فهذه تدخل إىل بيت مال املسلمني ، وتصرف يف العطاءات والنفقات املستحقة ومصروفات بيت املال األخرى على .وحنو ذلك وحنوها موارد بيت املال اخلاصة بالدولة كاألراضي املؤجرة واألموال اليت ال صاحب هلا . حسب ما يراه اإلمام

:الغنائم ) ٣( واعلموا ﴿: وقوله . )٥ (﴾ ... والرسول يسألونك عن األنفال قل األنفال لله ﴿: وهذه تصرف كما قال تعاىل

فالواجب يف . )٦( اآلية ﴾ ... واليتامى والمساكني وابن السبيلأنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربىبن اخلطاب رضي اهللا تعاىل ااملغنم ختميسه ، وصرف اخلمس إىل من ذكره اهللا تعاىل ، وقسمة الباقي بني الغامنني ، قال عمر

.)٧() قاتلوا أو مل يقاتلوا الغنيمة ملن شهد الوقعة ، وهم الذين شهدوها للقتال سواء : ( عنه ففي . وخلفائه من بعده r وجيب قسمها بالعدل ، فال حياىب أحد ال لرياسة ، وال جلاه ، وال لفضل ، كما فعل النيب

: r صحيح البخاري أن سعد بن أيب وقاص رضي اهللا عنه رأى له فضال على من دونه ، فقال النيب

) .٢/٧٥٢) (١٠٧٣(ترك استعمال آل النيب على الصدقة حديث رقم : باب . الزكاة : رواه مسلم يف كتاب )١( ) .٢/٥٢٠(املغين والشرح الكبري )٢( إمنا بنوا املطلب وبنوا «: ري بلفظ ، ورواه البخا ) ٨/٢٠٢(بيان مواضع اخلمس وسهم ذوي القرىب عون : ب . اإلمارة : رواه أبو داود يف سننه ك )٣(

، ورواه النسائي ، وابـن ماجـة ) ٦/١٤٤(فتح الباري . الدليل على أنه اخلمس لإلمام : ب . فرض اخلمس : عن جبري نفسه يف ك »هاشم شيء واحد .أيضا

) .٦/٢١٠(احمللى البن حزم )٤( .١سورة األنفال آية )٥( .٤١سورة األنفال آية ) ٦( ) .٣٣ص (السياسة الشرعية البن تيمية )٧(

١٩٨

r والعدل يف القسمة أن يقسم للرجل سهم وللفرس سهمان ، كما فعل النيب)١(» بضعفائكم هل تنصرون وترزقون إال « .) ٢(» عام خيرب

أما إن رأى اإلمام أن يف تفضيل بعض ااهدين على بعض مصلحة دينية يعلمها هو ، ال هلوى النفس ، فله ذلك كما فعل .)٣(غري مرة r النيب .الفيء ) ٤(

ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ﴿: ا يقسم على من ذكرهم اهللا يف سورة احلشر قال تعاىل وهذو اء منكماألغني نيولة بكون دال ي بيل كين الساباكني وسالمى وامتاليى وبلذي القرو اكمها نمو ذوهول فخسالر اكما آتم

للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضال من الله * عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب نصيانا وورضادقونوالص مه لئكأو ولهسرو ون اللهال * رو همإلي راجه نون محبي لهمان من قباإلميو اروا الدؤوبت الذينو

ورهمدون في صجدكان ي لوو لى أنفسهمون عثرؤيوا وا أوتمة ماجح مه لئكفسه فأون حش وقن يمة واصصخ بهموالذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا وإلخواننا الذين سبقونا باإلميان وال تجعل في قلوبنا غال للذين * المفلحون بوا رنآم حيمر وفؤر كا إن١٠ : ٧احلشر ( ﴾ ن. (

كانت أموال بين النضري مما أفاء اهللا على رسوله مما مل يوجف املسلمون عليه من : ( وعن عمر بن اخلطاب رضي اهللا قال تهم وجيعل ما بقي حيبس ألهله قوت سن: ( ويف لفظ ) . فكان ينفق على أهله نفقة سنته r خيل وال ركاب ، فكانت للنيب

.)٤() يف الكراع والسالح عدة يف سبيل اهللا يف مجيع مصاحل املسلمني ، ومنها االتفاق على ذوي احلاجات ودفع األرزاق r وعلى هذا فيصرف الفيء بعد وفاة النيب

ملأثور عن اخللفاء الراشدين للجند والعلماء والقضاء وسائر موظفي الدولة ، كما يعطي منه إىل عموم املسلمني ، وهذا هو اواهللا ما أحد أحق ذا املال : ( رضي اهللا تعاىل عنهم يف سريم وهديهم ، ولذلك قال عمر بن اخلطاب رضي اهللا تعاىل عنه

من أحد ، واهللا ما من املسلمني أحد إال وله يف هذا املال نصيب إال عبدا مملوكا ، ولكنا على منازلنا من كتاب اهللا تعاىل بالؤه يف اإلسالم ، والرجل وقدمه فالرجل و r وقسمنا من رسول اهللا

ورواه أمحد يف ) . ٦/٨٨(فتح الباري : انظر ) وترزقون(بدون . ، من استعان بالضعفاء والصاحلني يف احلرب ٧٦: باب . اجلهاد : رواه البخاري يف )١(

، ٧٠. اجلهـاد : ، وأبو داود يف ) ٤/٢٠٦ (١٧٠٢ني ، ح يف االستفتاح بصعاليك املسلم : باب . اجلهاد : وروى حنوه الترمذي يف ) . ١/١٧٣(مسنده ) .٥/١٩٨( ، وأمحد يف مسنده ٤٣. اجلهاد : والنسائي يف

١٧٦٢كيفية قسم الغنيمة بني احلاضرين ، ح : باب . اجلهاد : ، ومسلم يف ) ٦/٦٧( ، فتح الباري ٥١. سهام الفرس : باب . اجلهاد : البخاري يف )٢( ) .٢/٦٢(، وأمحد يف مسنده ) ٧/٤٠٤(سهام اخليل ، عون املعبود : باب يف . اجلهاد : ود يف ، وأبو دا) ٣/١٣٨٣( ) .٣٥ص (السياسة الشرعة )٣(: بـاب . اجلهـاد : ، ورواه مسلم يف ) ٦/٩٣(الفتح : انظر . ٨٠ان ومن يترس بترس صاحبه ، : باب . اجلهاد : رواه البخاري يف . متفق عليه )٤(

) . ٣/١٣٧٦ (١٧٥٧ء ، ححكم الفي

١٩٩

.)١() يف اإلسالم ، والرجل وغناؤه يف اإلسالم ، والرجل وحاجته .)٢() واهللا لئن بقيت هلم إىل قابل ليأتني الراعي جببل صنعاء حظه من هذا املال وهو يرعى مكانه : ( وقد روى عنه أيضا

.هم من هذا كله أن عموم املسلمني هلم نصيب من مال الفيء ، فيعطون منه بعد سد النفقات الضرورية للدولة ويفويلحق بالفيء ويكون مصرفه مصرف الفيء األموال اليت ليس هلا مالك معني ، مثل من مات من املسلمني وليس له ) ٥ (

، أو اليت ال )٣() أموال املسلمني اليت تعذر معرفة أصحاا وارث ، وكالغصوب ، والعواري ، والودائع وغري ذلك من .صاحب هلا

وجوه صرف األموال الواجب على اإلمام عند صرف األموال أن يبتدئ يف القسمة باألهم فاألهم من مصاحل املسلمني ،كعطاء من حيصل

:للمسلمني منهم منفعة عامة أو احملتاجني فمن هؤالء وهم أهل النصرة واجلهاد ، وهم أحق الناس بالفيء ، فإنه ال حيصل إال م ، حىت اختلف الفقهاء يف مال : ة املقاتل) ١ (

على قولني للشافعي ووجهني يف مذهب أمحد ، لكن املشهور يف ( الفيء هل هو خمتص م أو مشترك يف مجيع املصاحل ؟ كما سبق ذكره ، وكذلك إذا )٤() قاتلة بل يصرف يف املصاحل كلها أنه ال خيتص به امل: مذهبه وهو مذهب أيب حنيفة ومالك

.)٥(قتل أو مات من املقاتلة فإنه ترزق امرأته وأوالده الصغار حىت يكربوا وقسمة ، ومجع القائمني على مصاحل ذوو الواليات كالوالة والقضاة والعلماء والسعاة على املال مجعا وحفظا ) ٢ (

.املسلمني كذلك يصرف يف األمثان واألجور ملا يعم نفعه من سداد الثغور بالكراع والسالح ، وعمارة ما حيتاج إىل عمارته من ) ٣ (

.طرقات الناس كاجلسور والقناطر وطرقات املياه واألار وحنو ذلك على غريهم -لصدقات من الفيء وحنوه فإن الفقهاء قد اختلفوا هل يقدمون يف غري ا: ومن املستحقني ذوو احلاجات ) ٤ (

باإلسالم ، فيشتركون فيه املال أستحق: ؟ على قولني يف مذهب اإلمام أمحد وغريه منهم من قال يقدمون ، ومنهم من قال كان يقدم ذوي احلاجات كما r والصحيح أم يقدمون ، فإن النيب: ( كما يشترك الورثة يف املرياث ، قال ابن تيمية

ليس أحد أحق ذا : ( قدمهم يف مال بين النضري ، وقال عمر رضي اهللا عنه

حممـد بـن إسـحاق : ، ويف سنده ) ١/٢٨١(خترجيه للمسند : من اجلزء األول وصححه أمحد شاكر انظر ) ٢٩٢(رواه أمحد يف مسنده حتت رقم )١(

حتسني حديثه إذا انفرد بـه مجهور احملدثني على : قلت ) ١/١٩٣(ختريج املسند : انظر . ثقة تكلم فيه بغري حجة : قال فيه أمحد شاكر . صاحب السرية والرجـل : ( بزيـادة ) ٨/١٦٦(عون املعبود : انظر . ما يلزم اإلمام من أمر الرعية : باب . اإلمارة : كما روى احلديث أبو داود يف كتاب . واهللا أعلم

. يزيد عن السائب بن) ٣/٢٩٩(ورواه ابن سعد يف الطبقات . حممد ابن إسحاق أيضا : ويف إسناده ) وعياله .جزء من األثر السابق )٢( .املرجع من نفس ) ٢٨/٥٦٨(وقريب منه يف ) . ٢٧٧ ، ٨/٢٧٦(جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية )٣( ) .٢٨/٥٦٥(جمموع الفتاوى )٤( ) .٢٨/٥٨٢(نفس املرجع )٥(

٢٠٠

.)٢(وذكر كالم عمر اآلنف الذكر . )١(... ) املال من أحد اإلعطاء لتأليف من حيتاج إىل تأليف قلبه ، وإن كان ال حيل له أخذ ذلك ، كما خصص اهللا - بل جيب -كما جيوز ) ٥ (

من الفيء وحنوه فقد أعطى األقرع بن حابس ، وعيينة r با للمؤلفة قلوم من الصدقات ، وكما كان يعطيهميف القرآن نصي .)٣(» لتألفهم إين إمنا فعلت ذلك « : بن حصن الفزاري ، وعلقمة العامري ، وزيد اخلري الطائي وقال

إن كان ظاهره إعطاء الرؤساء وترك الضعفاء كما يفعل امللوك وهذا النوع من العطاء و: ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية وخلفائه ، وإن كان املقصود r فاألعمال بالنيات ، فإذا كان القصد بذلك مصلحة الدين وأهله ، كان من جنس عطاء النيب

.)٤ ()العلو يف األرض والفساد كان من جنس عطاء فرعون نه يقسم بينهم ، لكن مذهب الشافعي وبعض أصحاب أمحد أنه ليس لألغنياء الذين ال أما ما فضل عن منافع املسلمني ، فإ

منفعة فيهم حق ، كما فعل عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه ملا كثر املال أعطى منه عامة املسلمني فكان جلميع املسلمني فرض ء على األغنياء الذين المنفعة فيهم ، فال يعطي ومع هذا فاجلواب تقدمي الفقرا... يف ديوان عمر بن اخلطاب غنيهم وفقريهم

ويدل على ذلك قوله . )٥(هذا مذهب اجلمهور كمالك وأمحد يف الصحيح من الروايتني عنه . شيئا حىت يفضل عن الفقراء ) .٧: احلشر آية ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ﴾ ﴿: تعاىل

كان إذا أتاه مال أعطى اآلهل قسمني والعزبr أن النيب( تساوي يف العطاء أم ال ؟ ورد يف السنن لكن هل جيب ال .فيفضل املتأهل على األعزب ) )٦(قسما

أما عمر فمذهبه يف قسمة الفيء هو التفضيل يف العطاء بالفضائل الدينية وحاجات الرعية ، يدل على ذلك كالمه اآلنف ، أما أبو بكر الصديق رضي اهللا عنه فقد كان مذهبه التسوية يف العطاء إذا استووا يف احلاجة ، وإن كان بعضهم )٧(الذكر

) .إمنا أسلموا هللا وأجورهم على اهللا ، وإمنا هذه الدنيا بالغ : ( أفضل يف دينه وقال فأعطيهم لذلك ال للسابقة والفضيلة يف - واحدة يعين أن حاجتهم يف الدنيا-استوى فيهم إميام : ( وروي عنه أنه قال

.)٨() الدين ، فإن أجرهم يبقى على اهللا ، فإذا استووا يف احلاجة سوى بينهم يف العطاء

) .٥١ص (السياسة الشرعية )١( ) .٣٤٢ص (سبق ختريج هذا األثر قريبا )٢(فـتح البـاري : وغـريه انظـر تعرج الملائكة والروح إليـه ﴾ ﴿قوله تعاىل : باب . التوحيد : متفق عليه عن أيب سعيد رواه البخاري يف كتاب )٣(: ب . السـنة : اب ، ورواه أبو داود يف كت ) ٢/٧٤١) (١٠٦٤(ذكر اخلوارج وصفام ، حديث رقم : باب . الزكاة : ، ورواه مسلم يف ) ١٣/٤١٥( .٧٩: ب . الزكاة : والنسائي يف . ٢٨

) .٥٥ص(السياسة الشرعية )٤( ) .٢٨/٥٦٧(جمموع الفتاوى )٥() ٦/٢٥(من عون املعبود ، عن عوف بن مالك األشجعي ، ورواه أمحد يف مسـنده ) ٨/١٦٩(يف أرزاق الذرية ، : باب . اإلمارة : رواه أبو داود يف )٦(

) .٢٨/٥٨٤(وحسنه ابن تيمية يف جمموع الفتاوى . حبان يف صحيحه ، ورواه ابن . من هذا الفصل ) ٣٤٢ص ) (٧( .وما بعدها ) ٢٨/٥٨٣(يراجع بتوسع وتفضيل جمموع فتاوى ابن تيمية )٨(

٢٠١

أما عن حقوق العاملني يف الدولة فعلى الدولة تأمني الزواج للموظف واملسكن واخلادم واملركب ، كما يف احلديث الذي من كان لنا عامال فليكتسب « : يقول r د بإسناده إىل جبري بن نفري عن املستورد بن شداد قال مسعت النيبرواه أبو داو

أخربت : قال أبو بكر : ، قال » زوجة ، فإن مل يكن له خادم فليكتسب خادما ، فإن مل يكن له مسكن فليكتسب مسكنا .)١(» رق من اختذ غري ذلك فهو غال أو سا« : قال r أن النيب

وكذلك من مات وعليه دين ، وليس له مال يفي بدينه ، أو له أوالد قصر فإن اإلمام يؤدي ما عليه من دين من بيت مال ويف رواية عن » من ترك ماال فلورثته ، ومن ترك كال فعلينا « : r قال املسلمني ، كما يف احلديث الذي رواه أبو هريرة

.)٢(» فلورثته أنا أوىل بكل مؤمن من نفسه فأميا رجل مات وترك دينا فإيل ، ومن ترك ماال « : هللا عبد ا جابر بن : ومن واجبات اإلمام باإلضافة إىل ما سبق

:اختيار األكفاء للمناصب القيادية : ثانيا يام بتدبريها مجيعا ، ولذلك كان ال بد له من والة ومعاونني نظرا لثقل األعباء املنوطة باإلمام فإنه ال يستطيع وحده الق

مبساعدته ويوليهم بعض املهام وبعض اجلهات ، فيكونون فيها نوابا عنه ، يوافونه بأخبارها ، ويقومون بتدبريها نيابة يقومون ذمته ، ألنه املسئول األول عن كل عنه على حسب ما يأمرهم به ، لذلك كان لزاما عليه أن خيتار من الوالة من تبرأ م

.مظلمة أو خطأ يقع منهم على الرعية وأول وأقرب هؤالء هم الوزراء واملستشارون والبطانة ، فيجب أن يكون حصيفا يقظا يف اختيارهم ، قال اهللا تعاىل حكاية

وقال )٣( ﴾ وأشركه في أمري *اشدد به أزري * أخيهارون * واجعل لي وزيرا من أهلي ﴿: عن موسى عليه السالم واصبر نفسك ﴿: تعاىل وقال )٤(﴾ اآلية ... يا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا بطانة من دونكم ال يألونكم خباال﴿ : تعاىل

ون رعدي الذين عن مع ها قلبأغفلن نم طعال تا ويناة الدية الحزين ريدت مهنع اكنيع دعال تو ههجون وريدي شيالعاة ودم بالغهب .)٥( ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ﴾ما استخلف خليفة إال له بطانتان ، بطانة تأمره باخلري « : قال r سعيد اخلدري عن النيب وروى البخاري بسنده عن أيب

.)٦(» وحتضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وحتضه عليه ، واملعصوم من عصم اهللا

نذري كما قال صاحب عون املعبـود واحلديث سكت عنه امل. من عون املعبود ) ٨/١٦١. (يف أرزاق العمال : باب . اإلمارة : سنن أيب داود كتاب )١(. من ترك مـاال : باب . الفرائض : عن أيب هريرة ، ورواه مسلم يف ) ١٢/٢٧( ، فتح الباري ١٥: باب . الفرائض : متفق عليه رواه البخاري كتاب )٢(

، ) ٢/٨٠٧ (٢٤١٥اعا فعلى اهللا ورسوله ، ح ، من ترك دينا أو ضي ١٣: باب . الصدقات : وابن ماجه يف ) ١٦١٩(حديث رقم ) ٣/١٢٣٧(فلورثته ، .٦٧اجلنائز : والنسائي يف

. ٣٢ - ٢٩سورة طه اآليات )٣( .١١٨سورة آل عمران )٤( .٢٨سورة الكهف )٥() ٣/٣٩(، ) ٢/٢٨٩ ( وأمحد يف مسنده،) ٣٨ (البيعة : ، ورواه النسائي يف كتاب ) ١١/٥٠١( ، فتح الباري ٨: باب . القدر : البخاري كتاب )٦(.

٢٠٢

، إن نسي ذكره ، إذا أراد اهللا باألمري خريا جعل له وزير صدق« r قال رسول اهللا: وعن عائشة رضي اهللا عنها قالت .)١(» وإن ذكر أعانه ، وإذا أراد اهللا به غري ذلك جعل له وزير سوء ، إن نسي مل يذكره ، وإن ذكر مل يعنه

بطانة تأمره باملعروف وتنهاه عن املنكر ، وبطانة ال تألوه خباال ، . إن اهللا مل يبعث نبيا إال وله بطانتان « : قال r وعنه .)٢(» ة السوء فقد وقي ومن يوق بطان

. ويدخل يف احلكم الوزراء والبطانة مجيع الوالة الذين يقوم بتوليتهم ، كالقضاة ، ووالة احلرب ، واحلسبة ، واملال فيجب على ويل األمر أن يويل على كل عمل من أعمال املسلمني أصلح من جيده : ( وغريهم ، قال شيخ اإلسالم ابن تيمية

.) ٣() لذلك العمل من ويل من أمر املسلمني شيئا فوىل رجال وهو جيد من هو أصلح للمسلمني منه ، فقد « : أنه قال r كما روي عن النيب

من قلد رجال عمال على عصابة ، وهو جيد يف تلك العصابة أرضى منه ، فقد خان اهللا « : ويف رواية . » خان اهللا ورسوله من ويل من أمر املسلمني شيئا فوىل رجال ملودة : ( وقال عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه . )٤(» وخان رسوله وخان املؤمنني

فليس على اإلمام إال أن يستعمل أصلح املوجود ، وقد ال يكون يف )٥() أو قرابة بينهما ، فقد خان اهللا ورسوله واملسلمني ثل يف كل منصب حبسبه ، وإذا فعل ذلك بعد االجتهاد التام وأخذه موجوده من هو صاحل لتلك الوالية فيختار األمثل فاألم

.الوالية حبقها ، فقد أدى األمانة وقام بالواجب يف هذا وصار يف هذا املوضع من أئمة العدل املقسطني عند اهللا ك إىل وجوب اإلعداد مل يقصر واجب ويل األمر على تولية األصلح فقط ، بل تعدى ذل- رمحه اهللا - هذا وابن تيمية

:والتأهيل ليتوفر ألعمال الدولة من يتوالها من القادرين على القيام ا ، حيث يقول ومع أنه جيوز تولية غري األهل للضرورة إذا كان أصلح املوجود ، فيجب مع ذلك السعي يف إصالح األحوال ، حىت (

ارات وحنوها ، كما جيب على املعسر السعي يف وفاء دينه ، وإن كان يف يكمل يف الناس ما ال بد هلم من أمور الواليات واإلم .)٦() احلال ال يطلب منه إال ما يقدر عليه

: كما استنبط رمحه اهللا شروط التوظيف األساسية من اآليات القرآنية التالية ﴿ الأمني القوي ترأجتن اسم ريصاحب مصر ليوسف عليه السالم وقول )١(﴾ إن خ : ﴿ أمني ا مكنينيلد موالي كإن ﴾

وهذه )٣( ﴾ مطاع ثم أمني * ذي قوة عند ذي العرش مكني *إنه لقول رسول كرمي﴿ : وقوله تعاىل يف صفة جربيل )٢( .)٤(العلم ، واخلربة يف العمل املوكل إليه والقدرة عليه ، واخلشية هللا ال للناس : نيان القوة ، واألمانة ، وتع: هي الشروط

: ورواه النسائي يف ) . واحلديث سكت عنه املنذري : ( قال الشارح . عون املعبود ) ٨/١٥٠(يف اختاذ الوزير ، : باب . اإلمارة : رواه أبو داود يف )١(

.من املسند ) ٦/٧٠( ، وأمحد ٣٣. البيعة حتفة : انظر . ، وابن حبان ، واحلاكم ، والنسائي ) ٤/٥٨٥ (٢٣٦٩، ح r ب النيب معيشة أصحا : ب . الزهد : رواه الترمذي يف حديث طويل ك )٢(

) .٧/٣٩(األحوذي ) .٦ص (السياسة الشرعية )٣( ) .٢٨٧ص (رواه احلاكم وصححه وروى بعضهم أنه من قول عمر البنه وسبق خترجيه )٤( ) .٧ص (السياسة الشرعية )٥( ) .٢١ص (السياسة الشرعية )٦(

٢٠٣

إنا واهللا ال نولي « : r هذا وال يقدم الرجل لكونه طلب الوالية أو سبق يف الطلب ، بل ذلك سبب يف املنع ، لقول النيبيا عبد الرمحن ال تسأل اإلمارة فإنك إن « : قال لعبد الرمحن بن مسرة و . )٥(» هذا العمل أحدا سأله أو أحدا حرص عليه

.)٦(» أعطيتها عن غري مسألة أعنت عليها ، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها فإن عدل عن األحق األصلح إىل غريه ألجل قرابة بينهما أو صداقة أو موافقة يف بلد أو مذهب أو طريقة أو جنس

الفارسية والتركية والرومية وحنو ذلك ، أو لرشوة يأخذها من مال أو منفعة أو غري ذلك من األسباب ، أو لضغن كالعربية ويا أيها ﴿: األحق ، أو عداوة بينهما ، فقد خان اهللا ورسوله واملؤمنني ودخل فيما ى اهللا عنه يف قوله تعاىل يف قلبه على

لذلك تعترب تولية الوالة واالستعانة باألعوان )٧( ا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ﴾الذين آمنوا ال تخونومسؤولية جسيمة جيب أال تسلم إال ألرباا الذين يقدرون عليها ، وإا من أعظم األمانات ، ومن أخطر األمور توسيدها لغري

إذا « : قال r من عالمات الساعة ، روى البخاري يف صحيحه عن أيب هريرة رضي اهللا عنه عن النيبأهلها ، بل ذلك» إذا وسد األمر إىل غري أهله فانتظر الساعة « : يا رسول اهللا وما إضاعتها ؟ قال : قيل . » ضيعت األمانة ، انتظر الساعة

)٨(. وروي عن عمران بن سليم عن عمر بن اخلطاب . )٩(احلديث » ... عن رعيته كلكم راع وكلكم مسؤول « : r وقال

.)١٠(» من استعمل فاجرا وهو يعلم أنه فاجر فهو مثله « : رضي اهللا عنه قال :حماسبتهم

م ، وحماسبتهم هذا مع أن من واجب اإلمام حسن اختيار والته والتدقيق والتحري يف ذلك ، فإن عليه أيضا تتبع أخباره -استعمل ابن اللتبية r على كل صغرية وكبرية ، فقد روى البخاري رمحه اهللا يف صحيحه عن أيب محيد الساعدي أن النيب

هذا لكم وهذه هدية أهديت يل ، فقال : وحاسبه قال r على صدقات بين سليم ، فلما جاء رسول اهللا-ويف رواية األتبية r مث قام رسول اهللا» جلست يف بيت أبيك وبيت أمك حىت تأتيك هديتك إن كنت صادقا ؟ فهال « : r رسول اهللا

فإين أستعمل رجاال منكم على أمور مما والين اهللا ، فيأيت أحدكم : أما بعد « : فخطب يف الناس فحمد اهللا وأثىن عليه مث قال وبيت أمه حىت تأتيه هديته إن كان صادقا ؟ فواهللا ال يأخذ فهال جلس يف بيت أبيه . هذا لكم وهذه هدية أهديت يل : فيقول

. ٢٦سورة القصص آية )١( .٥٤سورة يوسف آية )٢( . ٢١ : ١٩سورة التكوير اآليات )٣( ) .١٤ص (السياسة الشرعية )٤( ) .٢٥٢ص (متفق عليه وسبق خترجيه يف الشروط )٥( ) .٢٥٢ص (متفق عليه وسبق خترجيه يف الشروط )٦( .٢٧: سورة األنفال آية )٧( ) .١٤٢ ، ١/١٤١(املنت على فتح الباري : انظر . ٢: باب . العلم رواه البخاري يف كتاب )٨( ) . ٢٦ص (سبق خترجيه )٩( ) .٧٨ص (مناقب عمر البن اجلوزي )١٠(

٢٠٤

أال فألعرفن ما جاء اهللا رجل ببعري له رغاء ، أو . إال جاء اهللا حيمله يوم القيامة -بغري حقه : قال هشام -أحدكم منها شيئا .)٢(» أال هل بلغت ؟ - مث رفع يديه حىت رأيت بياض إبطيه - )١(ببقرة هلا خوار ، أو شاة تيعر قدمت على عمر بن اخلطاب رضوان اهللا عليه : قال - وكان أحد والة عمر رضي اهللا عنه - وعن األحنف بن قيس

يا أحنف قد بلوتك وخربتك ، فرأيت أن عالنيتك حسنة ، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل : فاحتبسين عنده حوال ، فقال .)٣() إمنا يهلك هذه األمة كل منافق عليم ( نحدث عالنيتك ، وإنا كنا ل

:اإلشراف بنفسه على تدبري األمور وتفقد أحوال الرعية : ثالثا كما قلنا إن اإلمام هو املسئول األول عن كل صغرية وكبرية يف الدولة ، ومع أنه يشرع له اختاذ الوزراء واألعوان على

أنه جيب عليه أن يشرف بنفسه على هؤالء الوزراء واألعوان ، وأال يتكل عليهم ، فعليه أيضا أن يقوم تدبري األمور ، إالحمتاجهم ، وينصر مظلومهم باإلشراف على أحوال الرعية ويتفقد أحواهلم ، وأال حيتجب عنهم حىت يعرف أوضاعهم ، فيعني

أن يباشر بنفسه مشارفة األمور ، وتصفح األحوال ، : العاشر : ( إلمام ، ويقمع ظاملهم ، قال أبو يعلى يف تعداده لواجبات اليهتم بسياسة األمة وحراسة امللة ، وال يعول على التفويض تشاغال بلذة أو عبادة ، فقد خيون األمني ويغش الناصح ، وقد قال

فلم يقتصر سبحانه على )٤( كم بين الناس بالحق وال تتبع الهوى ﴾إنا جعلناك خليفة في األرض فاح يا داوود ﴿: تعاىل .)٥(» كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته « : r التفويض دون املباشرة ، وقد قال

اه أبو داود والذي يدل على ما سبق ذكره من وجوب مباشرة اإلمام بنفسه وعدم االحتجاب عن رعيته والنصح هلم ما رومن واله اهللا عز وجل شيئا من أمر املسلمني فاحتجب دون « : يقول r بإسناد إىل أيب مرمي األزدي قال مسعت رسول اهللا

.)٦(» حاجتهم وخلتهم وفقرهم ، احتجب اهللا دون حاجته وخلته وفقره للحاكم أال يتخذ حاجبا ، وذهب آخرون إىل فقال الشافعي ومجاعة ينبغي ( واختلف يف مشروعية احلاجب للحكام

بل يستحب : وقال آخرون . جوازه وحمل األول على زمن سكون الدمهاء واجتماعهم على اخلري ، وطواعيتهم للحاكم .)٧(ذلك حينئذ لريتب اخلصوم ومينع املستطيل ويدفع الشرير

: قل : السالم عليك أيها األجري ، فقالوا : ي اهللا عنه فقال ودخل أبو مسلم اخلوالين على معاوية بن أيب سفيان رضالسالم عليك : السالم عليك أيها األمري ، فقال : قل : السالم عليك أيها األجري ، فقالوا : السالم عليك أيها األمري ، فقال

)٥/٣٠١) (يعر ( لسان العرب مادة . الشديد من أصوات الشاء : صوت املعزى ، وقيل هو : وقيل . واليعار صوت الغنم . تصيح : أي : شاة تيعر )١(. ) .١٣/١٨٩(حماسبة اإلمام عماله ، فتح الباري : ب . األحكام : رواه البخاري يف ك )٢( ) .١١٧ص (مناقب عمر البن اجلوزي )٣( .٢٦سورة ص آية )٤( ) .٢٦ص (واحلديث سبق خترجيه يف التعريف ) ٢٨ص (األحكام السلطانية أليب يعلى )٥(إسناده : وقال ابن حجر ) . ٥/٢٣٩(، ورواه الترمذي ، وأمحد بن حنبل يف املسند ) ٨/١٦٥( ، عون املعبود ١٣ : باب. اإلمارة : رواه أبو داود يف )٦(

) .١٣/٢٣٣(فتح الباري : جيد انظر ) .١٣/١٣٣(فتح الباري )٧(

٢٠٥

إمنا أنت أجري ، استأجرك رب : فقال . قول دعوا أبا مسلم فإنه أعلم مبا ي: األمري ، فقال معاوية : قل : أيها األجري ، فقالوا هذه الغنم لرعايتها ، فإن أنت هنأت جرباها ، وداويت مرضاها ، وحبست أوالها على أخراها ، وفاك سيدها أجرك ، وإن

.)١(... ) أنت مل نأ جرباها ، ومل تداو مرضاها ، ومل حتبس أوالها على أخراها ، عاقبك سيدها احذر : ( ب القاضي أبو يوسف إىل أمري املؤمنني هارون الرشيد حيذره من مغبة إمهاله للرعية وتضييع حقوقها ، فقال وكت

أجرك ، وإمنا يدعم البنيان قبل أن يتهدم ، وإمنا لك من - مبا أضعت -أن تضيع رعيتك فيستويف را حقها منك ، ويضيعك ، وعليك ما ضيعت منه ، فال تنس القيام مبا والك اهللا أمره فلست تنسى ، وال تغفل عملك ما عملت فيما والك اهللا أمره

.)٢(... ) عنهم فليس يغفل عنك فمىت شعر األئمة ذا الشعور ، وقاموا ذا الواجب حازوا رضى اهللا عز وجل ورضى الناس ، واستقام هلم أمرهم ، ومىت

.نيا واآلخرة وذلك هو اخلسران املبني تنكبوا هذا الطريق خسروا الدفهذا عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه روى . ، فلنأخذ منوذجا من ذلك r وممن قام ذا الواجب خري قيام خلفاء الرسول

ين ، أما ولئن عشت إن شاء اهللا ألسرين يف الرعية حوال ، فإين أعلم أن للناس حوائج تقطع ع: ( عنه احلسن رمحه اهللا قوله فأسري إىل الشام فأقيم ا شهرين ، مث أسري إىل مصر فأقيم ا شهرين ، مث . هم فال يصلون إيل ، وأما عماهلم فال يرفعوا إيل

وعن . )٣() أسري إىل البحرين فأقيم ا شهرين ، مث أسري إىل الكوفة فأقيم ا شهرين ، مث أسري إىل البصرة فأقيم ا شهرين ال : قال . نعم : أرأيتم إن استعملت عليكم خري من أعلم مث أمرته بالعدل أقضيت ما علي ؟ قالوا : ( وس أن عمر قال طا

.)٤(... ) حىت أنظر يف عمله أعمل مبا أمرته أم ال

:الرفق بالرعية والنصح هلم وعدم تتبع عورام : رابعا

الرعية اليت استرعاه اهللا أمرها ، والنصح هلم ، وعدم تتبع سوءام عورام ، وقد ورد كما أن من واجبه أيضا الرفق ذه :يف هذا الواجب أحاديث وآثار كثرية منها

اللهم من « : يقول يف بييت هذا r مسعت رسول اهللا: ما رواه مسلم يف صحيحه بسنده عن عائشة رضي اهللا عنها قالت .)٥(» ق عليهم فاشقق عليه ، ومن ويل من أمر أميت شيئا فرفق م فارفق به ولي من أمر أميت شيئا فش

هذا من أبلغ الزواجر عن املشقة على الناس ، وأعظم احلث على الرفق م ، وقد تظاهرت األحاديث ذا : ( قال النووي .)٦() املعىن

) .١٢ص (نقال عن السياسة الشرعية )١( ) .٥ص (اخلراج أليب يوسف )٢( ) .١٢١ ص(مناقب عمر البن اجلوزي )٣( .١٤٣٢٨ح) ٥٧٦٨(رواه البيهقي يف سننه وابن عساكر ، قاله صاحب كرت العمال )٤( ) .٣/١٤٥٨) (١٨٢٨(فضيلة اإلمام العادل ، رقم احلديث : باب . اإلمارة : مسلم كتاب )٥( ) .١٢/٢١٣(شرح النووي لصحيح مسلم )٦(

٢٠٦

هللا بن زياد زار معقل بن يسار يف مرضه الذي مات فيه ، فقال له إن عبيد ا: ما رواه البخاري بسنده إىل احلسن قال اومنه ما من عبد يسترعيه اهللا رعية من املسلمني « : يقول r مسعت النيب r إين حمدثك حديثا مسعته من رسول اهللا: معقل

أمر املسلمني مث ال جيهد هلم ما من عبد يلي« : r وعند مسلم قال . )١(» فيموت وهو غاش هلم إال حرم اهللا عليه اجلنة .)٢(» وينصح هلم إال مل يدخل اجلنة معهم

إين مسعت : أي بين : بن زياد فقال ادخل على عبيد اهللا r وعن احلسن أن عائذ بن عمرو كان من أصحاب رسول اهللااجلس إمنا أنت من خنالة أصحاب : قال له ، ف» ، فإياك أن تكون منهم )٣(إن شر الرعاء احلطمة « : يقول r رسول اهللا

.)٤(وهل كانت هلم خنالة ؟ إمنا كانت النخالة بعدهم ويف غريهم : ، فقال r حممد

.)٥(» إذا ابتغى األمري الريبة يف الناس أفسدهم « : قال r إن رسول اهللا: ومنها ما رواه أبو داود بسنده عن أيب أمامة قال » إنك عن تتبعت عورات الناس أفسدم ، أو كدت تفسدهم « : يقول r مسعت النيب: هللا عنه قال وعن معاوية رضي ا

)٦(. :أن يكون قدوة حسنة لرعيته : خامسا

من طبيعة النفس البشرية أا دائما مولعة بتقليد األقوى سواء كان يف اخلري أو الشر ، وحيث إن اإلمام هو الذي يف يده السلطة والتدبري ، فإن نفوس الرعية تكون مولعة فيما يذهب إليه ، لذلك وجب عليه أن يكون قدوة حسنة ألتباعه حىت زمام

يسريوا على جه ، ويقلدوه يف سنته احلسنة ، ألن عيوم معقودة به وأبصارهم شاخصة إليه ، فإن أي صغرية تبدوا منه . ينفذون منها إىل االحنراف ، وقل أن يردهم بعد ذلك نصح أو ختويف تتجسم لدى العامة ، ويتخذون منها ثغرة

كم تركوا ﴿ : ولذلك ملا دخل قائد جيش املسلمني سعد بن أيب وقاص رضي اهللا عنه قصر كسرى وهو يتلوا قوله تعاىل أرسل سعد كل )٧( ﴾ كذلك وأورثناها قوما آخرين *يها فاكهني ونعمة كانوا ف * وزروع ومقام كرمي *من جنات وعيون

إن قوما أدوا : ما يف قصر كسرى إىل أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب ، وأخذ عمر رضي اهللا عنه يقلب هذه النفائس ويقول مث قسم عمر على ) عفت رعيتك ، ولو رتعت لرتعت لقد عففت ف: ( فقال علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه . هذا ألمناء

.ذلك يف املسلمني

) .١٣/١٢٦(ح هلا ، فتح الباري من استرعى رعيته فلم ينص: ب . األحكام : البخاري ك )١( ) .١/١٢٥ (١٤٢استحقاق الوايل الغاش لرعيته النار ، ح: ب . اإلميان : مسلم ك )٢( ) .١٢/١٣٩) (حطم ( لسان العرب مادة : انظر . العنيف املتعسف قليل الرمحة : احلطمة )٣( ) .٥/٢٥(، وأمحد ) ١/١٢٦ (١٤٢استحقاق الوايل الغاش رعيته النار ، ح: ب . اإلميان : مسلم ك )٤(حـديث : هـو : ، وقال حمقق جامع األصول ) ٦/٤(وأمحد يف املسند ) . ١٣/٢٣٢(النهي عن التجسس ، عون : ب . األدب : سنن أيب داود ك )٥(

) .٤/٨٣(جامع األصول . حسن وعزاه صاحب كرت العمـال ) . ٣٥٩ص ( حبان يف صحيحه ، ورواه ابن ) ١٣/٢٣٢(النهي عن التجسس ، عون : ب . األدب : سنن أيب داود ك )٦(

.١٤٣٥٩ح) ٥/٧٩٧(الكرت : لعبد الرزاق يف املصنف انظر . ٢٨ : ٢٥سورة الدخان اآليات من )٧(

٢٠٧

ما بقاء هذا األمر الصاحل الذي جاء : ملا سألته ة وقد روى البخاري رمحه اهللا عن أيب بكر رضي اهللا عنه يف حديثه لألمحسي .)١() أئمتكم ما استقامت بكم : اهللا به بعد اجلاهلية ؟ قال

: ( ، وقال )٢() إن الناس مل يزالوا مستقيمني ما استقامت هلم أئمتهم وهدام : ( بن اخلطاب رضي اهللا عنه وقال عمر .)٣() الرعية مؤدية إىل اإلمام ما أدى اإلمام إىل اهللا ، فإن رتع اإلمام رتعوا

كان عمر إذا أراد أن ينهى الناس : ( ل كما ذكر ذلك سامل بن عبد اهللا عن أبيه قا- لذلك كان من سريته رضي اهللا عنه .)٤() ال أعلمن أحدا وقع يف شيء مما يت عنه إال أضعفت له العقوبة : عن شيء تقدم ألهله فقال

وينبغي أن يعرف أن أويل األمر كالسوق ما نفق فيه جلب إليه ، هكذا قال عمر : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا العزيز ، فإن نفق فيه الصدق والرب والعدل واألمانة جلب إليه ذلك ، وإن نفق فيه الكذب واجلور واخليانة جلب إليه بن عبد .)٥() ذلك

وتاريخ املسلمني ناطق مبا لألسوة الطيبة يف احلكام من أثر يف األمة ، ففي أيام عمر بن اخلطاب شاع الزهد والتقشف تنافس الناس يف إنشاء املساجد وإقامة املالجئ للمرضى والعجزة جماراة مليول )٦(م الوليد بن عبد امللك إقتداء به ، ويف أيا

اخلليفة يف ذلك ، ويف أيام عمر بن عبد العزيز شاعت روح العدالة يف اتمع ، وأقبل الناس على إقامة شعائر الدين أسوة ذا .اخلليفة العادل

.)٧() ناس على دين ملوكهم ال: ( هذا وقد قيل إىل أن ظفرت به يف )٩() أعمالكم عمالكم كما تكونوا يوىل عليكم : مل أزل أمسع الناس يقولون ( )٨(: قال الطرطوشي

.)١١( ، )١٠( وكذلك نولي بعض الظالمني بعضا بما كانوا يكسبون ﴾ ﴿: قوله تعاىل

بـاب . ٢٣: املقدمة : ، ورواه الدارمي يف مسنده يف ) ٧/١٤٧(فتح الباري : انظر . أيام اجلاهلية : باب . مناقب األنصار : رواه البخاري يف كتاب )١( .يف كراهية أخذ الرأي : .، والبيهقي يف سننه ) ٣/٢٩٢(طبقات ابن سعد )٢( .١٤٣١٨ح) ٥/٧٦٥(قاله صاحب كرت العمال . ، والبيهقي يف السنن الكربى ، وابن أيب شيبة ، والنسائي ) ٣/٢٩٢(طبقات ابن سعد )٣( ) .٣/٢٨٩(الطبقات الكربى )٤( ) .٣٢ص (ة السياسة الشرعي )٥( ) .٩/١٦٥(البداية والنهاية : انظر )٦( .دار الكتب العلمية بريوت : ن . ١٣٩٩أوىل . ط . ١٢٣٦ح) ٤٤١ص (املقاصد احلسنة : انظر . ال أعرفه حديثا : قال السخاوي )٧( ) .٥/٢٣١(النجوم الزاهرة : انظر . أبو بكر حممد بن الوليد من علماء املالكية : هو )٨( ، ١٤٩٧٢ح) ٦/٨٩(عن أيب إسحاق السبيعي مرسال قاله صاحب كـرت العمـال . شعب اإلميان : رواه الديلمي يف مسند الفردوس ، والبيهقي يف )٩(

بدون شك وحبذف أيب بكـر فهـو ) يؤمر عليكم : ( رواه احلاكم ومن طريقه الديلمي عن أيب بكرة مرفوعا وأخرجه البيهقي بلفظ : ( وقال العجلوين كشـف ... ) بدون شك ويف سنده جماهيل ، ورواه الطرباين مبعناه عن احلسن ) يوىل عليكم ( مجيع والقضاعي عن أيب بكرة بلفظ نقطع ، وأخرجه ابن م

) .٤/١٦٠(ضعيف اجلامع الصغري : واحلديث ضعفه األلباين يف ) . ٢/١٨٤(اخلفا ومزيل اإللباس .١٢٩سورة األنعام آية )١٠( .املطبعة األزهرية املصرية . ن . هـ ١٣١٩أوىل . ، ط ) ١٠١ص (لوك للطرطوشي سراج امل )١١(

٢٠٨

مناطة باألئمة أو من يولونه مكام ، مثل والية من ال ويل له ، وإقامة اجلمع - غري ما ذكر -اك أعمال أخرى هذا وهن .واألعياد وقيادة اجليوش وحنو ذلك

٢٠٩

املبحث الثاين حقوق اإلمام

م ذه الواجبات خري قيام ، ومن هذه إذا قام اخلليفة بالواجبات السابقة ثبت له بإزائها كثري من احلقوق اليت تعينه على القيا :احلقوق :حق الطاعة : أوال

الطاعة دعامة من دعائم احلكم يف اإلسالم وقاعدة من قواعد نظامه السياسي ، وهي من األمور الضرورية لتمكني اإلمام افها وحتقيق أغراضها ، ورضي اهللا عن عمر من القيام بواجبه امللقى على عاتقه ، وضرورية أيضا لتمكني الدولة من تنفيذ أهد

) .ال إسالم بال مجاعة ، وال مجاعة بال أمري ، وال أمري بال طاعة : ( بن اخلطاب حيث يقول وإن من أهم ما مييز نظام اإلسالم عن غريه من النظم األرضية اليت وضعها البشر هو ذلك الوازع الديين يف ضمري املؤمن ،

أن اهللا سبحانه وتعاىل قد أجب عليه الطاعة هلذا اإلمام ، فيؤنبه ضمريه ويردعه -ند قيام اإلمام بواجبه ع-فهو يستشعر وازعه الديين عن اإلخالل بنظام الدولة أو التمرد والعصيان على أي أمر من أمور الدولة اليت وضعتها لصاحل األمة ، وإن غابت

ه يشعر بأن الرقيب حي قيوم ال تأخذه سنة وال نوم ، وهو مطلع عليه عامل بأحواله عنه عني الرقيب واحلارس هلذا النظام ، ألنوهذا ما ال وجود له يف النظم األرضية ، فكل منهم يراقب عني الرقيب وحارس النظام ، وهو بشر . يف كل حلظة وأوان

حارس وال وازع ديين أو خلقي يردعه من مثلهم ، ومن طبيعة البشر الضعف والغفلة والتقصري ، فإن غاب عنه فال رقيب وال .التمرد على هذا النظام املراد حفظه

كذلك املؤمن إذا اختذ هذه الطاعة قربة هللا سبحانه وتعاىل وعبادة ، فله عليها األجر اجلزيل ، ألنه يطيعهم امتثاال ألمر اهللا النظم األخرى فال رجاء وال أجر إال ما يصيبه يف هذه أما. فريجو من اهللا الثواب على ذلك . ورسوله بذلك ال ألشخاصهم

.﴿ وما الحياة الدنيا في اآلخرة إال متاع ﴾احلياة الدنيا من حطامها ، ومن النتائج املترتبة على حفظ هذه النظام ، عة والة األمور واجبة ألمر اهللا بطاعتهم ، فطاعة اهللا ورسوله واجبة على كل أحد ، وطا: ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية

فمن أطاع اهللا ورسوله بطاعة والة األمر هللا فأجره على اهللا ، ومن كان ال يطيعهم إال ملا يأخذه من الوالية واملال فإن أعطوه .)١() أطاعهم و إن منعوه عصاهم فماله يف اآلخرة من خالق

ثالثة ال يكلمهم اهللا يوم القيامة وال « : قال r هريرة رضي اهللا عنه عن النيب وقد روى البخاري ومسلم وغريمها عن أيبرجل على فضل ماء بالفالة مينعه من ابن السبيل ، ورجل بايع رجال بسلعة بعد : ينظر إليهم ، وال يزكيهم وهلم عذاب أليم

إماما ال يبايعه إال لدنيا العصر فحلف له باهللا ألخذها بكذا وكذا فصدقه وهو غري ذلك ، ورجل بايع

) .١٧ ، ١٦/ ٣٥(جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية )١(

٢١٠

.)١(» فإن أعطاه منها وىف وإن مل يعطه مل يف لذلك فالسمع والطاعة خللفاء املسلمني وأئمتهم من أجل الطاعات والقربات عند اهللا تعاىل ، ومن الواجبات امللقاة على

..عاتق كل مسلم الذين إن مكناهم ﴿: مسعت عمر بن عبد العزيز خيطب وهو يقول : وقال الصياح بن سوادة الكندي : ( قال ابن كثري

أال إا ليست على الوايل وحده ولكنها على الوايل واملواىل عليه ، أال أنبئكم مبا لكم : ( مث قال . )٢( اآلية ﴾... في الأرض من ذلكم أن يؤاخذكم حبقوق اهللا عليكم ، وأن يهديكم على الوايل من ذلك ؛ ومبا للوايل عليكم منه ؟ إن لكم على الوايل

.)٤() وال املستكرهة وال املخالف سرها عالنيتها )٣(إىل اليت هي أقوم ما استطاع ، وإن عليكم من ذلك الطاعة غري املبزوزة أدلة وجوا

عية له ، وقد دل على ذلك الكتاب السمع والطاعة لإلمام من أهم حقوقه الواجبة له ، ومن أعظم الواجبات على الر :والسنة

:فمن الكتاب يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ﴿: قوله تعاىل .)٥( تم تؤمنون بالله واليوم اآلخر ذلك خير وأحسن تأويال ﴾والرسول إن كن

إن الله يأمركم أن تؤدوا ﴿: فلما أمر اهللا تعاىل الرعاة والوالة بأداء األمانات إىل أهلها واحلكم بالعدل يف اآلية السابقة هلا ات إلى أهانل ﴾األمدوا بالعكمحاس أن تالن نيم بتكمإذا حا وأمر الرعية من اجليوش وغريهم بطاعة أويل األمر الفاعلني له

. )٦() لذلك يف قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغري ذلك ، إال أن يأمروا مبعصية اهللا ، فال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق األئمة والسالطني والقضاة وكل من كانت له والية شرعية ال والية : ( ة هم كما قال الشوكاين وأولو األمر يف هذه اآلي

.)٧() طاغوتية ، واملراد طاعتهم فيما يأمرون به وينهون عنه ما مل تكن معصية

غلظ حتـرمي : باب. اإلميان : ، ومسلم يف ) ١٣/٢٠١(فتح الباري : ، من بايع رجال ال يبايعه إال للدنيا ، انظر ٤٨: باب . األحكام : البخاري يف )١(

، وابن ماجـه يف ) ٤/١٥٠) (١٥٩٥(ما جاء يف نكث البيعة ، رقم : باب . السري : ، والترمذي يف ) ١/١٠٣) (١٠٨(إسبال اإلزار واملن بالعطية ، رقم ) .٢/٧٤٤) (٢٢٠٧(باب كراهية األميان يف الشراء والبيع ، رقم احلديث . التجارات : ك .٤١سورة احلج آية ) ٢( ) .ال ألزمكم الطاعة قسرا : (وبز الشيء انتزعه يقول . غلبه وغصبه : زه يبزه بزا ب )٣( ) .٥/٤٣٤(تفسري ابن كثري )٤( .٥٩ آية النساءسورة )٥( ) .٥/٣٥٣(حماسن التأويل للقامسي )٦( ) .١/٤٨١(فتح القدير للشوكاين )٧(

٢١١

مل يكن باملدينة أحد و- أي عن أويل األمر يف هذه اآلية -سألت زيد بن أسلم عنها : قال ابن عيينة : ( وقال ابن حجر إن الله يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى ﴿: اقرأ ما قبلها تعرف ، فقرأت : فقال -يفسر القرآن بعد حممد بن كعب مثله

.)١() هذه يف الوالة : فقال . ﴾ اآلية أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل .)٢( وتشمل أيضا العلماء كما رواه الطربي بإسناده عن ابن عباس وابن أيب جنيح واحلسن وجماهد وعطاء وغريهم

وذووه ، وهم الذين يأمرون الناس ، وأولو األمر أصحابه : ( فالصواب إذا مشوهلا كما قال شيخ اإلسالم ابن تيمية فإذا صلحوا . العلماء ، واألمراء : وأهل العلم والكالم ، فلهذا كان أولو األمر صنفني وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة .)٣() صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس

:من السنة : ثانيا : أما من السنة فاألحاديث كثرية يف وجوب السمع والطاعة لألئمة يف غري معصية نأخذ منها ما يلي

من أطاعين فقد « : r قال رسول اهللا: البخاري ومسلم وغريمها عن أيب هريرة رضي اهللا تعاىل عنه قال ما رواه ) ١ ( .)٤(» أطاع اهللا ، ومن عصاين فقد عصى اهللا ، ومن أطاع أمريي فقد أطاعين ومن عصى أمريي فقد عصاين

امسعوا وأطيعوا وإن « : قال r رسول اهللاومنها ما رواه البخاري بسنده عن أنس بن مالك رضي اهللا عنه أن) ٢ (امسع « : ذر قال أليب r ويف رواية إن رسول اهللا. » استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب اهللا

.)٥(» وأطع ولو حلبشي كأن رأسه زبيبة

« : r قال رسول اهللا: ي اهللا تعاىل عنه قال ومنها ما رواه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد اهللا بن مسعود رض) ٣ (تؤدون احلق الذي « : كيف تأمر من أدرك ذلك منا ؟ قال ! يا رسول اهللا : قالوا » إا ستكون بعدي أثرة وأمور تنكروا

.)٦(» عليكم وتسألون اهللا الذي لكم على السمع r بايعنا رسول اهللا( : هللا عنه قال ومنها ما رواه البخاري ومسلم وغريمها عن عبادة الصامت رضي ا) ٤ (

والطاعة يف العسر واليسر واملنشط واملكره ، وعلى أثرة علينا ، وعلى أال ننازع األمر أهله ، وعلى أن نقول احلق أينما كنا ال .)٧(» رهان إال أن تروا كفرا بواحا عندكم من اهللا فيه ب« : ويف رواية ملسلم ) . خناف يف اهللا لومة الئم

) .١٣/١١١(فتح الباري )١( .قيق آل شاكر حت) ٧/٥٠٠(تفسري الطربي )٢( ) .١١٨ص(احلسبة البن تيمية )٣( ) .٣٠ص(وسبق خترجيه يف فصل التعريف . متفق عليه )٤(وحنوه عند مسلم عن أم احلصني األمحسـية ) ١٣/١٢١( ، السمع والطاعة لإلمام ما مل تكن معصية ، فتح الباري ٤: باب . البخاري كتاب األحكام )٥(

.الترغيب يف طاعة اإلمام : باب . البيعة : يف ) ٧/١٥٤(، والنسائي ) ٣/١٤٦٨ (١٨٣٨ طاعة األمراء يف غري معصية ، حوجوب: باب . اإلمارة : يف : باب . اإلمارة : ، ومسلم يف ) ١٣/٥(، فتح الباري » سترون بعدي أثرة وأمورا تنكروا « : ، قوله عليه السالم ٢: باب . الفنت : البخاري يف )٦(

) . ٤/٤٨٢(ما جاء يف األثرة ، : باب ) . ٢١٩٥(رقم . الفنت : ، والترمذي يف ) ٣/١٤٧٢ (١٨٤٣وفاء ببيعة اخللفاء ، حوجوب ال. اإلمارة : ، ومسلم يف ك ) ١٣/٥(، فتح الباري » سترون بعدي أمورا تنكروا « : r قول النيب : ب . الفنت : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )٧(

) .٣/١٤٧٠ (١٧٠٩طاعة األمراء يف غري معصية ، حوجوب : ب

٢١٢

إىل غري ذلك من األحاديث الكثرية املوجبة لطاعة األئمة يف غري معصية وإن جاروا ، روى أبو عبيد القاسم بن سالم حيق على اإلمام ( : قال علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه كلمات أصاب فيهن احلق ، قال : بن سعد قال ابسنده إىل مصعب

.)١() وأن يؤدي األمانة ، فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا وجييبوه إذا دعا أن حيكم مبا أنزل اهللا ،

طاعة اإلمام ليست مطلقة حينما أوجب اهللا عز وجل على الرعية أن تطيع والة األمور املسلمني مل جيعل هذه الطاعة مطلقة من كل قيد ، وذلك ألن

عز وجل ، واجب عليهم طاعته وامتثال أوامره ، ألنه هو احلاكم وحده ، فإذا قصرت الرعية احلاكم واحملكوم كلهم عبيد هللايف حق من حقوق اهللا تعاىل فعلى احلاكم تقوميها بالترغيب والترهيب حىت تستقيم على الطريق ، وكذلك احلاكم إذا أمر

عي بكل وسيلة إىل إرجاعه إىل احلق شريطة أال يكون مبعصية فال مسع وال طاعة له ، وإمنا على األمة نصحه وإرشاده ، والس .هناك مفسدة أعظم من مصلحة تقوميه ، وإال فعلى الرعية الصرب حىت يقضي اهللا فيه بأمره ويرحيهم منه

ولة يف لقد أقيم بني الفرد والد: ( يقول األستاذ املودودي رمحه اهللا يف شأن تقييد سلطة احلاكم والفرد يف احلكم اإلسالمي هذا النظام توازن ال هو جيعل الدولة سلطانا مطلق اليد ، فتصبح السيد صاحب السطوة والسلطة واهليمنة على كل شيء فتجعل من اإلنسان عبدا مملوكا هلا ال حول له وال طول ، وال هو يعطي الفرد حرية مطلقة ويترك له احلبل على الغارب ،

اعة ، وإمنا أعطى األفراد حقوقهم األساسية ، وألزم احلكومة بإتباع القانون األعلى والتزام فيصبح عدوا لنفسه وملصلحة اجلمالشورى ، وهيأ الفرص التامة لتربية وتنشئة الشخصية الفردية وحفظها من تدخل السلطة دون وجه من ناحية ، مث من جانب

وفق قانون اهللا وشرعته ، والتعاون معها يف اخلري آخر ربط الفرد بضوابط األخالق وفرض عليه طاعة احلكومة اليت تسريواملعروف ومنعه من إيقاع اخللل يف نظامها وبث الفوضى يف أرجائها والتقاعس عن التضحية بالروح واملال والنفس يف سبيل

.)٢() محايتها واحلفاظ عليه

:أدلة تقييد سلطة احلاكم : ال طاعة له يف معصية كثرية جدا نأخذ منها بعض النماذج واألدلة على تقييد سلطة احلاكم وأنه

:من كتاب اهللا : أوال يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه ﴿: يقول اهللا تعاىل ) ١ ( .)٣( لى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم اآلخر ذلك خير وأحسن تأويال ﴾إ

﴾ إشارة إىل استقالل الرسول بالطاعة ، وأطيعوا الرسول﴿ : أعاد الفعل يف قوله : ( قال الطييب : قال احلافظ ابن حجر أويل األمر إشارة ومل يعده يف

، ورواه زيد بن علي يف ) ٥(حتقيق شاكر ، واخلالل يف املسند من مسائل اإلمام أمحد ورقة ) ٨/٤٩٠(، ورواه الطرباين يف تفسريه ) ١٢ص (األموال )١(رجه الفريايب ، وسعيد بن منصور ، وابن أيب شيبة ، وابـن زجنويـه يف أخ: وقال الشارح ) . ٥/١٥(تتمة الروض النضري : انظر . جمموع الفقه الكبري :

) .٥/١٦(تتمة الروض النضري : انظر . األموال ، وابن جرير ، وابن أيب حامت .أمحد إدريس : تعريب ) ٣٦ ، ٣٥ص(اخلالفة وامللك للمودودي )٢( .٥٩: اآلية النساءسورة )٣(

٢١٣

فإن مل يعملوا باحلق فال : ﴾ كأنه قيل فإن تنازعتم في شيء﴿ : إىل أنه يوجد فيهم من ال جتب طاعته ، مث بني ذلك يف قوله .)١() ورسوله تطيعوهم وردوا ما ختالفتم فيه إىل حكم اهللا

﴾ ؟ وأولي األمر منكم﴿ : ألستم أمرمت بطاعتنا يف قوله : ( لك قال وعن أيب حازم سلمة بن دينار أن مسلمة بن عبد امل .)٢(﴾ ... أليست قد نزعت عنكم إذا خالفتم احلق بقوله ﴿ فردوه إىل اهللا والرسول : قال

أنه إذا وقع خالف فالشاهد من اآلية أن اإلمام املطاع جيب أن يكون من املسلمني كما سبق بيانه عند ذكر الشروط ، وبينه وبني رعيته فاحلكم يف ذلك هو كتاب اهللا وسنة رسوله ال هواه وبطشه ، فدل ذلك على تقييد سلطته بإتباع الكتاب

.والسنة ال جيوزون طاعة اإلمام يف كل ما يأمر به ، - أي أهل السنة واجلماعة -إم : ( قال الشيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا

يوجبون طاعته إال فيما تسوغ طاعته فيه يف الشريعة ، فال جيوزون طاعته يف معصية اهللا وإن كان إماما عادال ، فإذا بل ال. أمرهم بطاعة اهللا أطاعوه ، مثل أن يأمرهم بإقام الصالة ، وإيتاء الزكاة ، والصدق ، والعدل ، واحلج ، واجلهاد يف سبيل اهللا

عوا اهللا ، والكافر والفاسق إذا أمر مبا هو طاعة هللا مل حترم طاعة اهللا ، وال يسقط وجوا ألمر ذلك فهم يف احلقيقة إمنا أطا .) ٣() الفاسق ا ، كما أنه إذا تكلم حبق مل جيز تكذيبه وال يسقط وجوب إتباع احلق لكونه قد قاله فاسق

﴿ أطيعوا الله : كما قال تعاىل r الرسول وم يف ضمن إطاعة ال يطيعون والة األمور مطلقا إم يطيع: قال فأهل السنة ر منكملي األمأوول وسوا الرأطيع٥ ( ،)٤(﴾ اآلية ... و(.

بالله شيئا وال يسرقن ولا يزنني وال يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن ال يشركن﴿ : ومنها قوله تعاىل) ٢ ( غفور إن الله الله نله فرغتاسو نهايعوف فبرعفي م كصينعال يو لهنجأرو ديهنأي نيب هرينفتان يتهبب أتنيال يو نهالدأو لنقتي

﴾ حيم٦( ر(. وال ﴿ : ﴾ روى ابن جرير بسنده عن ابن زيد يف قوله وال يعصينك في معروف﴿ : والشاهد من اآلية قوله تعاىل

ال نبيه وخريته من خلقه ، مث مل يستحل له أمر إال بشرط ، مل يقل ﴿ r إن رسول اهللا: ﴾ قال يعصينك في معروف ﴾ فكيف ينبغي ألحد أن يطاع يف غري معروف وقد اشترط اهللا هذا على نبيه في معروف﴿ : حىت قال . ﴾ ويترك ينك يعص

()٧(.

) .١٣/١١٢(فتح الباري )١(وذكرها أيضا صاحب بـدائع السـلك ) . ١٣/١١١(والقصة ذكرها احلافظ ابن حجر بدون ذكر األمساء يف الفتح ) ١/٥٣٥(شاف للزخمشري الك )٢()١/٧٨. ( ) .٢/٧٦(منهاج السنة )٣( .٥٩ سورة النساء آية )٤( ) .٢/٧٦(منهاج السنة )٥( .١٢سورة املمتحنة آية )٦( ) .٨/١٢٧(حنوه يف تفسري ابن كثري و) . ٢٨/٨٠(تفسري الطربي ) ٧(

٢١٤

نبه بذلك على أن طاعة : ( باملعروف مع أنه ال يأمر إال باملعروف r وقال الزخمشري مفسرا سبب تقييد طاعة الرسول .) ١() ة بالتوقي واالجتناب املخلوق يف معصية اخلالق جدير

: قال ) ... أنه ال طاعة ألحد يف غري معروف وال يعصينك في معروف ﴾ ﴿: يؤخذ من قوله : ( وقال الكيا اهلراسي .)٢() مل يكن إال مبعروف وإمنا شرطه يف الطاعة لئال يترخص أحد يف طاعة السالطني r وأمر النيب

حاكمهم وحمكوميهم مقيدة بأن تكون باملعروف ، واملعروف هو ما عرف : ا أن طاعة املخلوقني مجيعهم فيؤخذ من هذمن الشارع والعقل السليم حسنه أمرا كان أو يا ، واحلكم يف ذلك هم العلماء الذين يستنبطون احلكم من الكتاب والسنة

إذا مل يكن اإلمام عاملا . )٣(﴾ إلى أولي األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴿ ولو ردوه إلى الرسول و: كما قال تعاىل ﴾ العلماء أيضا ، وألننا ﴿ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم وكما مشلت اآلية السابقة- مع أنه من شروطه -لذلك كله تكون . نا عند التنازع بالتحاكم إىل كتاب اهللا وسنة رسوله وهذا ما حيمله علماء الشرع ويتعلمونه ويعلمونه أمر

أمروا )٤(] إذا [ والتحقيق أن األمراء إمنا يطاعون : ( طاعة احلكام تبعا لطاعة العلماء ويف هذا يقول ابن القيم رمحه اهللا لطاعة العلماء ، فإن الطاعة إمنا تكون يف املعروف وما أوجبه العلم ، فكما أن طاعة العلماء تبع مبقتضى العلم ، فطاعتهم تبع

لطاعة الرسول ، فطاعة األمراء تبع لطاعة العلماء ، وملا كان قيام اإلسالم بطائفيت العلماء واألمراء ، وكان الناس كلهم تبعا صنفان : ( ، وفساده بفسادمها كما قال عبد اهللا بن املبارك وغريه من السلف هلم ، كان صالح العامل بصالح هاتني الطائفتني

وكما قال عبد اهللا بن )٥() امللوك والعلماء : من الناس إذا صلحا صلح الناس ، وإذا فسدا فسد الناس ، قيل من هم ؟ قال :املبارك

) .٥/٢١٦(وحنوه يف فتح القدير ) . ٤/٩٥(الكشاف )١( ) .١٦/١٣٧(حماسن التأويل : نقال عن )٢( .٨٣سورة النساء آية )٣( ) .إذ ( يف األصل ) ٤( ) .١/١٠(إعالم املوقعني ) ٥(

٢١٥

رأيت الذنوب متيت القلوب ا ويورث الذل إدمانه (

) وترك الذنوب حياة القلوب

وخري لنفسك عصياا ()

وهل بدل الدين إال امللوك وأحبار سوء ورهباا (

) وباعوا النفوس فلم يرحبوا

ومل تغل يف البيع أمثاا ()

لقد رتع القوم يف جيفة )١(يبني لذي العقل إنتاا (

)

:من السنة : ثانيا : أما األدلة على تقييد سلطة اإلمام من السنة فكثرية جدا نأخذ منها ما يلي

على املرء السمع والطاعة فيما « : قال r أن رسول اهللاما رواه اخلمسة وأمحد عن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما ) ١ ( .)٢(» أحب أو كره إال أن يؤمر مبعصية فال مسع وال طاعة ويف هذا احلديث دليل على أن من أطاع والة األمر يف معصية اهللا كان : ( قال ابن القيم رمحه اهللا تعليقا على هذا احلديث

را عند اهللا ، بل إمث املعصية ال حق به ، وإن كان لوال األمر مل يرتكبها ، وعلى هذا يدل هذا عاصيا ، وأن ذلك ال ميهد له عذ .)٣() احلديث وهذا وجهه وباهللا التوفيق

r بعث النيب: ومسلم وغريمها عن علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه قال - واللفظ له -ومنها ما رواه البخاري ) ٢ (: أن تطيعوين ؟ قالوا r أليس قد أمر النيب: يها رجال من األنصار ، وأمرهم أن يطيعوه ، فغضب عليهم وقال سرية ، وأمر عل

عزمت عليكم ملا مجعتم حطبا وأوقدمت نارا مث دخلتم فيها ، فجمعوا حطبا وأوقدوا نارا ، فلما مهوا بالدخول فقام : بلى ، قال فرارا من النار أفندخلها ؟ فبينما هم كذلك إذ مخدت النار ، r إمنا تبعنا النيب: ينظر بعضهم إىل بعض ، فقال بعضهم

.)٤(» لو دخلوها ما خرجوا منها ، إمنا الطاعة يف املعروف « : فقال r وسكن غضبه ، فذكر للنيبا فيه دعابة ، ومل يكن من ورويت هذه القصة أيضا وجاء فيها أن أمريها كان عبد اهللا بن حذافة السهمي وكان امرء

.األنصار بل كان مهاجريا

دار الباز للنشـر والتوزيـع . ن . هـ ١٣٩٨. ط ) ١٦٦ ، ١٦٥ص (بيان العلم وفضله ذكرها ابن عبد الرب بسنده إىل ابن املبارك يف كتاب جامع )١(

.مبكة وجوب طاعـة : ب . اإلمارة : ، ومسلم يف ) ١٣/١٢٢(السمع والطاعة لإلمام ما مل تكن معصية ، فتح الباري : ب . األحكام : رواه البخاري يف ) ٢(

، وأبو داود ) ٤/٢٠٩ (١٧٠٧ما جاء ال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق ، ح : ب .اجلهاد : رمذي يف ، والت ) ٣/١٤٦٩ (١٨٣٩اإلمام يف غري معصية ، ح .حتقيق أمحد شاكر ) ٦/١١١ (٤٦٦٨، وأمحد يف املسند ح) ٧/١٦٠(البيعة ، : ، والنسائي يف ) ٧/٢٩٠(الطاعة ، عون املعبود : ب . اجلهاد : يف

) .٧/٢٩٠( املطبوع مع عون املعبود شرح ابن القيم لسنن أيب داود: انظر ) ٣(: ب . ، ومسلم يف اإلمـارة ) ١٣/١٢٢(السمع والطاعة لإلمام ما مل تكن معصية ، فتح الباري : ب . األحكام : رواه البخاري يف ك . متفق عليه ) ٤(

: ب . اجلهـاد : شاكر ، وأبـو داود يف حتقيق أمحد ) ٢/٤٧) (٦٢٢(، ومسند أمحد رقم ) ٣/١٤٦٩ (١٨٤٠وجوب طاعة اإلمام يف غري معصية ، ح ) .٧/٢٨٩(الطاعة ، عون املعبود

٢١٦

عصيانه ، فما بالك بالذين يأمرون بدخول نار اآلخرة r فهذا قد أمرهم بدخول نار الدنيا ، وقد أوجب الرسول .فكيف تكون طاعتهم ؟ ! بارتكاب املعاصي

امسعوا وأطيعوا وإن استعمل « : قال r سول اهللاومنها ما رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي اهللا عنه أن ر) ٣ ( .)١(» عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ، ما أقام فيكم كتاب اهللا

فهذا احلديث قيد الطاعة لإلمام الذي يقود بكتاب اهللا وبناء على ذلك فال جتوز طاعة حاكم حيكم بغري ما أنزل اهللا يف ألنه يف كلتا احلالتني عاص ال يأمر باملعروف ، - كما سبق بيانه -ا له من امللة أوال حكمه هذا ، سواء كان هذا احلكم خمرج

.وال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق إنه سيلي « : r قال رسول اهللا: قال ومنها ما رواه اإلمام أمحد بسنده إىل عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا تعاىل عنه ) ٤ (

كيف يب إذا : ، قال ابن مسعود » طفؤون السنة وحيدثون البدعة ، ويؤخرون الصالة عن مواقيتها أمركم من بعدي رجال ي .)٢(قاهلا ثالث مرات . » طاعة ملن عصى اهللا - يا ابن أم عبد -ليس « : أدركتهم ؟ قال

ا تنكرون ، وينكرون عليكم ما سيليكم أمراء بعدي ، يعرفونكم م« : وحنو ما رواه عبادة بن الصامت رضي اهللا عنه قال .)٣(تعرفون ، فمن أدرك ذلك منكم فال طاعة ملن عصى اهللا

اتخذوا ﴿ : بل إن الطاعة املطلقة من كل قيد جتر إىل الشرك باهللا وعبادة الرجال بعضهم لبعض كما قال عز وجل ) ٥ (والمسيح ابن مريم وما أمروا إال ليعبدوا إلـها واحدا ال إلـه إال هو سبحانه عما له أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ال

.)٤( ﴾ يشركونفقلت : ال وهو نصراين فسمعه يقرأ هذه اآلية ، ق r ويف حديث عدي بن حامت رضي اهللا عنه ، وكان قد قدم على النيب

بلى ، : فقلت : قال » حلونه ؟ يأليس حيرمون ما أحل اهللا فتحرمونه ، ويحلون ما حرم اهللا ف« : إنا لسنا نعبدهم قال : له أما إم يصلوا ، ولو أمروهم أن يعبدوهم من : ( )٦(وكذلك قال أبو البختري : قال ابن تيمية . )٥(» فتلك عبادم « : قال

. )٧() دون اهللا ما أطاعوهم ، ولكن أمروهم فجعلوا حالل اهللا حرامه ، وحرامه حالله ، فأطاعوهم ، فكانت تلك الربوبية كانت الربوبية أم وجدوا يف : كيف كانت تلك الربوبية يف بين إسرائيل ؟ قال : قلت أليب العالية : وقال الربيع بن أنس ونا عنه انتهينا لقوهلم ، : وا عنه ، فقالوا كتاب اهللا ما أمروا به و لن نسبق أحبارنا بشيء ، فما أمرونا به ائتمرنا وما

: ، ومسلم عن أم احلصني يف ك ) ١٣/١١١(السمع والطاعة لإلمام ما مل يأمر مبعصية ، فتح الباري : ب . األحكام : متفق عليه رواه البخاري يف ك ) ١(

) .٣/١٤٦٨( ١٨٣٨وجوب طاعة األمراء يف غري معصية ، ح: ب . اإلمارة إسناده جيد على شرط مسـلم : ورواه ابن ماجة ، والطرباين قال األلباين ) ٥/٣٠١(إسناده صحيح : ، حتقيق أمحد شاكر وقال ٣٧٩٠مسند أمحد ح )٢( ) .٢/١٣٩(سلسلة األحاديث الصحيحة . ) .٢/١٣٨ (٥٩٠ الصحيحة حسلسلة األحاديث. ، وصححه األلباين ) ٣/٣٥٦(، واحلاكم وصححه ) ١/٣٩٩( رواه أمحد )٣( . ٣١سورة التوبة آية ) ٤( ) . ٩٨ص (وسبق خترجيه يف املقاصد . وحسنه ابن تيمية واأللباين . رواه أمحد ، والترمذي وغريمها ) ٥( ) .١٠/١١٤(ورد يف بعض أسانيد الطربي عن أيب البختري عن حذيفة التفسري ) ٦( ) .٦٤ص (اإلميان البن تيمية ) ٧(

٢١٧

أن عبادم إمنا كانت يف حتليل احلرام وحترمي احلالل ، r فاستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب اهللا وراء ظهورهم ، فقد بين النيب تعس« : يقصد حديث )١() ن اهللا ، فهذه عبادة للرجال وتلك عبادة لألموال ال أم صلوا هلم وصاموا هلم ودعوهم من دو

﴾ ... يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون اللهوال﴿ : وروى الطربي بسنده إىل ابن جريج عند قوله تعاىل . » عبد الدينار .)٣() اهللا ال يطع بعضنا بعضا يف معصية : ( قال . )٢(اآلية

لذلك فمن أطاع العلماء واألمراء فيما فيه معصية هللا فقد اختذهم أربابا من دون اهللا عز وجل ، وهذا شرك وعبادة هلم من .دون اهللا ، وأي ذنب أكرب من أن يتخذ اإلنسان اآلخر ربا مشرعا يطيعه يف معصية اهللا ، وحيرم عليه ما أحل اهللا له

واملطاع يف معصية اهللا واملطاع يف إتباع غري : ( اعة يف املعصية طاعة للطاغوت ، وقد أمرنا بالكفر به ، قال ابن تيمية والط . )٤() اهلدى ودين احلق سواء كان مقبوال خربه املخالف لكتاب اهللا أو مطاعا أمره املخالف ألمر اهللا هو طاغوت

مقيدة مبا ليس فيه معصية هللا ورسوله ، أما ما كان كذلك فال طاعة هلم فيه كما نصت من كل ما سبق يتبني أن طاعة األئمة ويتبني لنا كذلك أن الطاعة لألئمة اليت أمرنا اهللا ا وأوجبها على الرعية إمنا هي طاعة مبصرة ال طاعة عمياء كما . األدلة

يها بعض الطرق الصوفية من إجياب الطاعة العمياء على تنص عليها املصطلحات العسكرية يف النظم الوضعية ، وكما تنص علكما مر معنا يف قصة أصحاب السرية وأمريهم وتوجيه » إمنا الطاعة يف املعروف « الشخص أمام مريده ، أما اإلسالم فال

.هلم r النيب . )٥() الشارع شيئا مث يوجبه ولو أجيزت الطاعة يف املعصية لكان هناك تناقض يف اإلسالم ، إذ ال يعقل أن حيرم

مث قيد هذا : ( ... بقوله » إخل ... السمع والطاعة على املرء فيما أحب وكره « : ويعلق األستاذ أمحد شاكر على حديث بقيد صحيح دقيق ، جيعل للمكلف احلق يف تقديره ما كلف به ، فإن أمره من له األمر عليه - واجب الطاعة -الواجب

صية فال مسع وال طاعة ، ال جيوز له أن يعصي اهللا بطاعة املخلوق ، فإن فعل كان عليه من اإلمث ما كان على من أمره ، ال مبع .يعذر عند اهللا بأنه أتى هذه املعصية بأمر غريه ، فإنه مكلف مسئول عن عمله ، شأنه شأن آمره سواء

ملأمور أال يطيع فيها اآلمر هي املعصية الصرحية اليت يدل الكتاب والسنة على ومن املفهوم بداهة أن املعصية اليت جيب على ا .)٦() حترميها ، ال املعصية اليت يتأول فيها املأمور ويتحايل حىت يوهم نفسه أنه إمنا امتنع ألنه أمر مبعصية مغالطة لنفسه ولغريه

مروا ا ، فيقولون اإلمث على من أمرنا ال علينا ، واحلق أن اإلمث على فهذا رد على الذين يرتكبون املعاصي حبجة أم قد أ .اآلمر وعلى الفاعل ، وكل ما سبق من أحاديث وأقوال للعلماء رد على زعمهم وخمادعتهم أنفسهم

) .٦٤ص (ميان البن تيمية اإل) ١( .٦٤سورة آل عمران آية ) ٢( ) .٣/٣٠٤(تفسري الطربي ) ٣( ) .٢٨/٢٠١(جمموعة الفتاوى ) ٤( ) .٧٣ص (عبد القادر أبو فارس . النظام السياسي يف اإلسالم د ) ٥( .ألمحد شاكر ) ٦/٣٠١(حاشية املسند : انظر ) ٦(

٢١٨

ناته ، ويتجاوز عن هذا وقد خرجت طائفة من أهل الشام زمن األمويني يرون الطاعة املطلقة لإلمام ، وأن اهللا يتقبل حسإن اهللا إذا : وأما غالية الشام أتباع بين أمية فكانوا يقولون : ( ... سيئاته ، يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية عن هذه الطائفة

إنه ال حياسبه ، وهلذا سأل الوليد بن عبد امللك : استخلف خليفة تقبل منه احلسنات ، وجتاوز له عن السيئات ، ورمبا قالوا يا داوود إنا جعلناك خليفة في األرض ﴿ : يا أمري املؤمنني أنت أكرم على اهللا أم داود ؟ وقد قال له : ذلك العلماء فقالوا عن

عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم فاحكم بين الناس بالحق وال تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون )٢() وكذلك سؤال سليمان بن عبد امللك عن ذلك أليب حازم املدين يف موعظته املشهورة فذكر له هذه اآلية )١( ﴾ الحساب

أم كانوا يطيعون الوالة طاعة : من جهة . لكن غلط من غلط منهم من جهتني : ( مث بين رمحه اهللا تعاىل غلطهم فقال إن اهللا إذا استخلف خليفة تقبل منه احلسنات وجتاوز : قول من قال منهم : الثانية . إن اهللا أمر بطاعتهم : مطلقة ، ويقولون

.)٣() له عن السيئات طاعة اإلمام اجلائرفيه شيء من اجلور والفسق على نفسه ، كأن يكون هذه الطاعة ليست مشروطة بكون اإلمام عادال ، بل حىت ولو كان

فيه تقصري يف حق اهللا تعاىل ، أو بعض حقوق اآلدميني ، ألن العادل اخلائف واملراقب هللا عز وجل قل أن يأمر مبعصية وهو يعصى يف معصية اهللا ، ما يعلم أا معصية ، أما الذي قد يأمر مبعصية هللا تعاىل فهو اجلائر والفاسق ، فهذا يطاع يف طاعة اهللا و

- وسيأيت بيان ذلك وأقوال العلماء وأدلتهم يف فصل قادم إن شاء اهللا -مل يصل به جوره وفسقه إىل احلد الذي يوجب عزله :والذي يدل على ذلك ما يلي

« : r ال رسول اهللاق: ما رواه البخاري ومسلم والترمذي وغريهم عن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا تعاىل عنه قال ) ١ (تؤدون احلق الذي « : يا رسول اهللا كيف تأمر من أدرك ذلك منا ؟ قال : قالوا ، » إا ستكون بعدي أثرة وأمور تنكروا

.)٤(» عليكم وتسألون اهللا الذي لكم إنكم « : تستعملين ، قال يا رسول اهللا ، استعملت فالنا ومل: فقال r وعن سعيد بن حضري أن رجال أتى النيب) ٢ (

.)٥(» احلوض سترون بعدي أثرة فاصربوا حىت تلقوين على يا نيب اهللا أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ، ومينعونا حقنا فما تأمرنا : ومنها حديث سلمة بن يزيد أنه قال ) ٣ (

.)٦(» عوا وأطيعوا فإن عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم امس« : إىل أن قال ... ؟ فأعرض عنه ، مث سأله فأعرض عنه

.٢٦سورة ص آية ) ١( ) .١/٢٣٢(منهاج السنة ) ٢( ) .١/٢٣٣(نفس املراجع ) ٣( .من هذا الفصل ) ٢٤٤ص (متفق عليه وسبق خترجيه ) 4( ١٠٥٩ح. ، ومسـلم يف الزكـاة ) ١٣/٥(الفـتح . » سترون بعدي أمورا تنكروـا « : r قول النيب: ب . متفق عليه رواه البخاري يف الفنت ) ٥( ) .٨/٢٢٤( ، ٤: ب . آداب القضاة : ، والنسائي يف ) ٤/٤٨٢ (٢١٨٩ح. الفنت : ، والترمذي يف ) ٢/٧٣٣( ) .٣/١٤٧٤ (١٨٤٦يف طاعة األمراء وإن منعوا احلقوق ، ح: ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك ) ٦(

٢١٩

إنا كنا بشر فجاء اهللا خبري فنحن فيه ، : يا رسول اهللا : قلت : ومنها ما رواه مسلم عن حذيفة رضي اهللا عنه قال ) ٤ (فهل وراء هذا : ، قلت » نعم « : قال وهل وراء هذا الشر خري ؟: ، قلت » نعم « : فهل من وراء هذا اخلري من شر ؟ قال

يكون بعدي أئمة ال يهتدون دي ، وال يستنون بسنيت ، وسيقوم « : كيف ؟ قال : ، قلت » نعم « : قال اخلري شر ؟ « : كيف أصنع يا رسول اهللا إن أدركت ذلك ؟ قال : قلت : ، قال » فيكم رجال ، قلوم قلوب الشياطني يف جثمان إنس

.)١(» طيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فامسع وأطع تسمع وت فهذه األحاديث وما يف معناها تدل يف مجلتها على أن الطاعة يف املعروف واجبة على املسلم لإلمام ، وإن منع بعض

ه من األمور احلقوق واستأثر ببعض األموال ، بل ولو تعدى ذلك إىل الضرر باجلسم كالضرب ، أو إىل أخذ املال وحنو ، فعلى املؤمن القيام مبا أوجبه اهللا عليه من الطاعة يف املعروف ، وأن حيتسب حقه عند اهللا عز وجل ، فعند اهللا )٢(الشخصية

.جتتمع اخلصوم ، وذلك سدا لفتح باب الفنت واالختالف املذموم أن (:كما يف الصحيح r ، ال لنفسه أسوة بالرسول كما تدل على أن املؤمن ينبغي أال يغضب وال ينتقم إال هللا عز وجل

فإذا قصر اإلمام يف حق من حقوق الدنيا ألحد الرعية فعليه )٣() ما انتقم لنفسه قط إال أن تنتهك حرمات اهللا r رسول اهللاسه ، وعنده تقصري يف أن يطيعه يف طاعة اهللا ، وال يعصيه بسبب منعه هذا احلق ، وإن كان يرتكب شيئا من املعاصي يف نف

أداء بعض الواجبات ، ففي هذه احلال على املؤمن نصحه وطاعته يف طاعة اهللا ، أما إن تطرق األمر إىل ما ميس الدين كأن يأمره مبعصية هللا عز وجل فهنا ال مسع وال طاعة ، بل جيب عليه العصيان وإن ترتب على ذلك ما ترتب ، ورضى اهللا عن

) أطيعوين ما أطعت اهللا ورسوله ، فإذا عصيت اهللا ورسوله فال طاعة يل عليكم : ( يقول يف خطبته املشهورة الصديق حيث يف نفس ) وأن نقول كلمة احلق ، وال خناف يف اهللا لومة الئم : ( ، وكما يف حديث عبادة بن الصامت اآلنف الذكر وفيه )٤(

وال شك أن من قام باحلق ودعا إليه فإن أمراء اجلور سيتصدون له ، . إخل .. .مبايعتهم على السمع والطاعة يف العسر واليسر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر وأمر﴿ : فعليه حينئذ أن يصرب ويثبت ويستمر وحيتسب ذلك عند اهللا تعاىل ، قال تعاىل

» كلمة حق عند سلطان جائر « : أي اجلهاد أفضل ؟ قال r وملا سئل النيب)٥( ﴾ مورعلى ما أصابك إن ذلك من عزم الأ : وروى احلاكم عن عبد الرمحن بن بشري األنصاري قال . )٦(

) .٣/١٤٧٦(وجوب مالزمة مجاعة املسلمني عند ظهور الفنت ، : ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك ) ١( ) .٤٠ص (الشريعة لآلجري : انظر ) ٢(: ب . الفضـائل : ، ومسلم يف ك ) ١٠/٥٢٤(فتح الباري . » يسروا وال تعسروا « r قول النيب: ب . األدب : رواه البخاري يف ك . متفق عليه ) ٣(

) .٤/١٨١٣ (٢٣٢٧لآلثام ، ح r مباعدته ) .٤/٦٦١(سرية ابن هشام ) ٤( .١٧سورة لقمان آية ) ٥(يف : قال يف الزوائـد ) . ٢/١٣٣٠ (٤٠١٢ ، ٤٠١١األمر باملعروف والنهي عن املنكر ، ح : ب . الفنت : يف ك وابن ماجة ) ٥/٢٥١(رواه أمحد ) ٦(

هـذا : وقال ) ٤/٤٧١ (٢١٧٤أفضل اجلهاد ، ح : ب . وباقي رجال اإلسناد ثقات ، ورواه الترمذي يف الفنت ... خمتلف فيه : أبو غالب وهو : إسناده إسـناده صـحيح ، : قال األرنـاؤوط ) . ٧/١٦١(، والنسائي )٣١٤(/ ه ، وروي عن طارق بن شهاب عند أمحد حديث حسن غريب من هذا الوج

وصححه األلباين لطرقه وقد مجعهـا ) . ١٠/٦٦(واحلديث حسنه البغوي شرح السنة ) . ١٠/٦٦(خترجيه لشرح السنة : وصححه النووي واملدري انظر ) .١/٢٦٢ (٤٩١السلسلة الصحيحة ح: حفظه اهللا انظر

٢٢٠

إذا كانت عليك أمراء إذا : يا أبا عبد الرمحن مىت أضل وأنا أعلم ؟ قال : أتى رجل فنادى ابن مسعود فأكب عليه ، فقال فمثل هؤالء خمالفتهم إذا أمروا مبعصية واجبة وإن حصل لإلنسان أذى منهم )١() هم أدخلوك النار ، وإذا عصيتهم قتلوك أطعت

. ومع تقرير هذا جيب أن ننبه إىل أنه ليس متفقا على وجوب الصرب على األذى الشخصي عند السلف ، فقد خالف يف

:هم ، عمال بأدلة أخرى مثل ذلك ناس منذ عصر الصحابة رضي اهللا عن .)٢( ﴾ والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون قوله تعاىل ﴿ -١ وما شاها دون تفريق بني وقوع الظلم والبغي من حاكم أو غريه ، من )٣(» من قتل دون ماله فهو شهيد « حديث -٢

وهي أرض لعبد اهللا بن عمرو بالطائف ، فبلغ ذلك عبد اهللا بن -عامل له أن يأخذ الوهط ذلك ما روي أن معاوية أرسل إىل .)٤(» من قتل دون ماله مظلوما فهو شهيد « يقول r إين مسعت رسول اهللا: عمرو فلبس سالحه هو ومواليه وغلمته وقال

الذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع مما ذكر ( : لكن هذه األدلة عامة وتلك أخص فتخصص العموم ، قال ابن املنذر إذا أريد ظلما بغري تفصيل ، إال أن كل من حيفظ عنه من علماء احلديث كامعني على استثناء السلطان لآلثار الواردة باألمر

.)٥() بالصرب على جوره وترك القيام عليه احزم له موقف متشدد يف هذه املسألة ، فهو يرى أن الصرب على اإلمام إذا أخذ ومما جتدر اإلشارة إليه أيضا أن اإلمام ابن

بالصرب r أما إن كان ذلك بباطن فمعاذ اهللا أن يأمر رسول اهللا: ( املال وضرب الظهر إمنا هو إذا تولى ذلك حبق ، وقال .هذا بعد منه رمحه اهللا وقد انتهى به األمر إىل القول بأن هذه األحاديث منسوخة و)٦() على ذلك

. وسيأيت زيادة بيان هلذه املسائل وملوقف أهل السنة من أئمة اجلور عند مناقشة العزل إن شاء اهللا :النصرة والتقدير : ثانيا

وهذه جتعله يف امللقاة على عاتقه ، ومنها حماربته للفساد واملفسدين ،ة اتضح لنا عند ذكر واجبات اإلمام عظم املسئوليخطر منهم ، لذلك فعلى األمة أن تقوم جبانبه وتساعده على نوائب احلق ، وال تسلمه ألعدائه املفسدين سواء كانوا داخل

:الدولة اإلسالمية أو خارجها ، يدل على ذلك ما يلي وال شك أن )١(﴾ اآلية ... عاونوا على اإلثم والعدوانوتعاونوا على الرب والتقوى وال ت﴿ : قول اهللا عز وجل ) ١ (

.معاضدة اإلمام احلق ومناصرته من الرب الذي يترتب عليه نصرة اإلسالم واملسلمني

.صحيح : وقال الذهيب ) ٤/٤٦٢(املستدرك ) ١( .٣٩سورة الشورى آية ) ٢( ١٤١ح. اإلميان : ، ومسلم يف ك ) ٥/١٢٣(من قاتل دون ماله فهو شهيد ، فتح الباري : ب . املظامل والغصب : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )٣( ) .١/٧٩( ، وأمحد يف املسند ٢١: ب . الديات : ، والترمذي يف ٢٢: ب . والنسائي يف حترمي الدم ، ٢٩: ب . السنة : ، وأبو داود يف ك ) ١/١٢٤(زيادة بيان للقصـة يف فـتح البـاري : وعامل معاوية هو أخوه عنبسة بن أيب سفيان وانظر ) ١/١٢٤ (١٤١ح. اإلميان : أصل القصة يف مسلم ك ) ٤()٥/١٢٣. ( ) .٥/١٣٤(فتح الباري ) ٥( ) .٤/١٧٣(الفصل يف امللل والنحل ) ٦(

٢٢١

ده من بايع إماما فأعطاه صفقة ي« : قال r يدل على ذلك أيضا ما رواه عمرو بن العاص رضي اهللا عنهما أن النيب) ٢ ( .)٢(احلديث » ... ومثرة قلبه فليطعه ما استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة اآلخر

وإذا قام اإلمام حبقوق األمة وجب له عليهم حقان الطاعة والنصرة ما مل يوجد من جهته ما خيريج به عن : ( قال أبو يعلي .)٣() اإلمامة

على املسلمني أن يقفوا متحدين وراء احلكومة الشرعية يؤيدوا ويؤازروا ويضحون من إن : ( وقال األستاذ حممد أسد .)٤(... ) أجل هذه الوحدة بكل متعهم وملذام وما ميلكون من الدنيا وحبيام أيضا

﴿ : ة يف قوله تعاىل ولذلك شرع قتال أهل البغي إذا بدؤوا بقتال اإلمام العادل بدون تأويل سائغ ، كما شرع حد احلراب خالف أو نم ملهجأرو ديهمأي قطعت وا أولبصي لوا أوقتادا أن يض فسن في األروعسيو ولهسرو ون اللهاربحي اء الذينزا جمإن

) . ٣٣املائدة ( ﴾ اآلية ... ينفوا من األرض السلطان أو نوابه إلقامة احلد بال عدوان فامتنعوا - أي احملاربني -إذا طلبهم : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا

.)٥(عليه ، فإنه جيب على املسلمني قتاهلم باتفاق العلماء حىت يقدر عليهم كلهم أما قتال أهل البغي فسيأيت له زيادة بيان إن . مقام تفصيلها وللموضوع تفصيالت كثرية مذكورة يف كتب الفقه ليس هذا

.شاء اهللا تعاىل كما أن على املسلمني احترام اإلمام العادل وتقديره والدعاء له وعدم إهانته حىت يكون له مهابة عند ضعاف النفوس ،

:فريتدعون عما متليه عليهم عواطفهم وشهوام يدل على ذلك ما يلي حتت منرب ابن عامر وهو خيطب - رضي اهللا عنه -كنت مع أيب بكرة : ما روي عن زياد بن كسيب العدوي قال -١

r اسكت مسعت رسول اهللا: انظروا إىل أمرينا يلبس ثياب الفساق ، فقال أبو بكرة : وعليه ثياب رقاق ، فقال أبو بالل .)٦( »من أهان سلطان اهللا يف األرض أهانه اهللا « : يقول

إن من إجالل اهللا تعاىل إكرام ذي الشيبة املسلم ، وحامل « : r قال رسول اهللا: وعن أيب موسى األشعري قال -٢ .)٧ (»القرآن غري الغايل فيه واجلايف عنه ، وإكرام ذي السلطان املقسط

.)١() ألرض ليذلوه إال أذهلم اهللا قبل أن ميوتوا قوم إىل سلطان اهللا يف ا ما مشى: ( وقال حذيفة بن اليمان رضي اهللا عنه

.٢املائدة آية ) ١( ) .٢٠٤ص (رواه مسلم ، وأبو داود وغريمها وسبق خترجه )٢( ) .٢٨ص(األحكام السلطانية أليب يعلى )٣( ) .١٣٢ص (منهاج اإلسالم يف احلكم )٤( ) .٨٥ص(السياسة الشرعية )٥(، ورواه الطيالسـي ) ٥/٤٢(، وروى اإلمام أمحد حنوه عـن أيب بكـرة ) ٤/٥٠٢( ، ٤٧: ب . نت الف: ك . حسن غريب : رواه الترمذي وقال )٦()٢/١٦٧. ( التبيان يف آداب محلـة القـرآن : انظر . وهو حديث حسن : قال النووي ) . ١٣/١٩٢(إنزال الناس منازهلم ، عون : ب . رواه أبو داود يف األدب )٧( ) .١٢ص(

٢٢٢

) لو أن يل دعوة مستجابة جلعلتها لإلمام ألن به صالح الرعية ، فإذا صلح أمنت العباد والبالد : ( وقال الفضيل بن عياض )٢(.

، فإن عظموا هذين أصلح اهللا دنياهم ال يزال الناس خبري ما عظموا السلطان والعلماء : ( وقال سهل بن عبد اهللا رمحه اهللا .)٣() وأخراهم ، وإن استخفوا ذين أفسدوا دنياهم وأخراهم

هذا بشرط أن يكون اإلمام من أئمة العدل ، أما أئمة اجلور والفسق فال يعانون على فسقهم وظلمهم ، وقد قال مالك كان اإلمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه والقتال إن: ( أنه قال )٤(رمحه اهللا فيما رواه عنه ابن القاسم

.)٥() معه ، وأما غريه فال ، دعه وما يراد منه ينتقم اهللا من الظامل بظامل ، مث ينتقم من كليهما م ، وترك الدخول بل إذا رأى املسلم أنه ال فائدة من الدخول عليهم ومناصحتهم أو خاف على نفسه فتنتهم فعليه اعتزاهل

:عليهم ، واحلذر من موافقتهم على باطل ، يدل على ذلك ما يلي سيكون بعدي أمراء ، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذم « : قال r حديث كعب بن عجرة رضي اهللا عنه عن النيب-١

م على ظلمهم فليس مين ، ولست منه ، وليس بوارد عليل عليهم ومل يعنهم على ظلمهم ، احلوض ، ومن مل يدخ، وأعام ، فهو مين وأنا منه ، وهو وارد علي٦(» احلوض ومل يصدقهم بكذ(.

فال يصدقهم على كذم ، ومن الذي )٧(ليت شعري من الذي يدخل إليهم اليوم : ( قال أبو سليمان اخلطايب رمحه اهللا من الذي ينتصح منهم ؟ إن أسلم لك يا أخي يف هذا الزمان وأحوط يتكلم بالعدل إذا شهد جمالسهم ، ومن الذي ينصح و

.)٨() لدينك أن تقل من خمالطتهم وغشيان أبوام ونسأل اهللا الغىن عنهم والتوفيق هلم !!!هذا يف القرن الرابع اهلجري فما بالك باخلامس عشر : قلت

من بدا جفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أيت « : r ول اهللاقال رس: ما روي عن أيب هريرة رضي اهللا عنه قال -٢ .)١(» أبواب السلطان افتنت ، وما ازداد عبد من السلطان قربا إال ازداد من اهللا بعدا

.حتقيق األرناؤوط ) ١٠/٥٤(شرح السنة للبغوي )١( ) .١٠/١٩٩(البداية والنهاية )٢( ) .٥/٢٦٠(تفسري القرطيب )٣(. صحب مالكا عشرين سنة ، وانتفع به أصحاب مالك بعد موتـه . هـ ١٩١ وتويف ١٣٣هو أبو عبد اهللا عبد الرمحن بن القاسم بن خالد ولد سنة )٤(

. ن ) . ٤٧٠ص(ترمجته يف اجلزء السادس من املدونة : انظر . رو أحد املوطأ عن مالك أثبت من ابن القاسم مل ي : قال عنه النسائي . وهو صاحب املدونة .دار صادر

) .٤/١٧٢١(وأحكام القرآن البن العريب . بريوت . دار صادر . ن ) ٨/٦٠(شرح اخلرشي على خمتصر خليل )٥(، وابـن حبـان يف ) ٧/١٦٠( ، ٣٥: ب . البيعـة : ، والنسائي ك ) ٤/٥٢٥( ، ٧٢: ب با. الفنت : يف . صحيح غريب : رواه الترمذي وقال )٦(

صحيح : وقال أمحد شاكر ) . ٥٧٠٢(، ورواه أمحد عن ابن عمر رقم ) ٢/١٦٥(، والطيالسي بدون ذكر احلوض ) ٣٧٨ص (صحيحه ، موارد الظمآن .من املسند ) ٨/٦٢(اإلسناد

.هـ ٣٨٨ هـ وتويف سنة ٣١٧ولد اخلطايب رمحه اهللا سنة )٧( ) .٩٢ص(العزلة للخطايب )٨(

٢٢٣

.)٢(» وإن أبغض القراء إىل اهللا الذي يزورون األمراء ... « : قال r وعن أيب هريرة رضي اهللا عنه عن النيب-٣ أبواب األمراء يدخل أحدكم : وما هي ؟ قال : إياكم ومواطن الفنت ، قيل : ( وروي عن حذيفة رضي اهللا عنه قال -٤

.)٣() فيه على األمري ، فيصدقه بالكذب ويقول ما ليس إذا رأيتم القارئ : (قال عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه : يقول - الباقر -مسعت حممد بن علي : وقال خالد بن زيد

.)٤() حيب األغنياء فهو صاحب دنيا وإذا رأيتموه يلزم السلطان فهو لص يا سلمة ال تغش أبواب السالطني ، فإنك ال تصيب من دنياهم شيئا إال أصابوا من دينك أفضل : ( وقال أبو ذر لسلمة

.)٥() منه .)٦() أعوان الظلمة إال باإلنكار بقلوبكم لكي ال حتبط أعمالكم الصاحلة ال متلئوا أعينكم من: ( وقال سعيد بن املسيب

ثالث ال تبلون نفسك : ( وروى اإلمام أمحد عن معمر بن سليمان الرقي عن فرات بن سليمان عن ميمون بن مهران قال أعلمها كتاب اهللا ، وال تصغني ن ، ال تدخل على سلطان وإن قلت آمره بطاعة اهللا ، وال تدخل على امرأة وإن قلت

.)٧() بسمعك إىل ذي هوى فإنك ال تدري ما يعلق بقلبك من هواه واملراد من كل ما سبق هم سالطني اجلور والظلم ، والنهي عن خمالطتهم وإتيام بقصد التقرب إليهم وحصول شيء من

.دنياهم م ، وقد تكون بتربير أخطائهم ، بل قد تكون بالسكوت عنهم وعدم وإعانتهم على ظلمهم قد تكون مبجالستهم ومؤازر

.)٨() من دعا لظامل بالبقاء ، فقد أحب أن يعصى اهللا يف أرضه : ( إنكار املنكر عليهم ، وتكون بالدعاء هلم كما قيل . هلم دواة أو برى هلم قلما أعوان الظلمة من أعام ولو أنه الق : وقد قال غري واحد من السلف : ( قال ابن تيمية

.)١() بل من يغسل ثيام من أعوام ، وأعوام هم أزواجهم املذكورون يف اآلية : ومنهم من كان يقول

، ) ١/٣٥٧(لكن يف إسناده رجل مل يسم ، ورواه أيضا عن ابن عباس ) ٢/٤٤٠(ورواه أيضا من طريق أخرى عن أيب هريرة نفسه ) ٢/٣٧١(املسند )١(واحلديث حسنه األلباين وذكـره ) . ٦٠٠٠(رقم احلديث ) ٥/٢٦٤(غري صحيح اجلامع الص : انظر . وعزاه السيوطي إىل الطرباين يف الكبري عن ابن عباس

ومـا ( واحلديث رواه أيضا الترمذي عن ابن عباس بدون زيـادة . ، وعزاه أيضا إىل ابن عدي ) ٣/٢٦٧) (١٢٧٢(يف سلسلة األحاديث الصحيحة رقم حسن صحيح غريب من حديث ابن عباس ال نعرفه إال من حـديث : قال و) ٤/٥٢٣) (٢٢٥٦( ، رقم احلديث ٦٩: باب . الفنت : يف ... ) ازداد عبد

.أيضا . ٢٤: ب . الصيد : ، والنسائي يف ٢٤: ورواه أبو داود يف األضاحي باب . الثوري ) .١/٩٤ (٢٥٦ ، ح٢٣: ب . رواه ابن ماجة يف املقدمة )٢( ) .١/٢٧٧(حلية األولياء )٣( ) .٩/٣١٠(البداية والنهاية )٤( ) .٢/١٤٢(إحياء علوم الدين )٥( ) .٩/١٠٠(البداية والنهاية )٦( ) .٩/٣١٥(البداية والنهاية )٧(: انظـر . مل أجده مرفوعا ، وإمنا رواه ابن أيب الدنيا يف كتاب الصمت من قول احلسـن : وال يصح ، قال العراقي ) ٢/٨٧(رفعه الغزايل يف اإلحياء )٨(

.حاشية اإلحياء نفس الصفحة

٢٢٤

.)٢(﴾ اآلية ... احشروا الذين ظلموا وأزواجهم﴿ : يقصد قوله تعاىل رهم باملعروف ويهم عن املنكر فهذا باب آخر كما سيأيت يف النصح هلم ، أما الدخول عليهم على سبيل النصح هلم وأم

كما أن خلفاء املسلمني العدول جتب مناصحتهم ومؤازرم ومشاركتهم يف الرأي ، وقد كان القراء هم أصحاب جملس عمر .)٣(رضي اهللا عنه ومشاورته

من خمالطة السالطني الظلمة وما حيرم ، وحكم غشيان جمالسهم وقد عقد الغزايل يف إحياء علوم الدين بابا فيما حيلشرها : وهي ) احلالة األوىل ( اعلم أن لك مع األمراء والعمال الظلمة ثالثة أحوال : ( فقال . والدخول عليهم واإلكرام هلم

أن تعتزل عنهم فال تراهم وال األسلم: وهي ) والثالثة . ( دوا أن يدخلوا عليك : وهي ) والثانية . ( أن تدخل عليهم .)٤(... ) يرونك

:وال جيوز الدخول إال بعذرين : ( قال عليهم طاعة الرعية )٥() فسد ( أن يكون من جهتهم أمر إلزام ال أمر إكرام ، وعلم أنه لو امتنع أوذي أو : أحدمها

.بل مراعاة ملصلحة اخللق حىت ال تضطرب الوالية واضطرب عليهم أمر السياسة ، فيجب عليه اإلجابة ال طاعة هلم ةأن يدخل عليهم يف دفع ظلم عن مسلم سواه أو عن نفسه ، إما بطريق احلسبة ، أو بطريق التظلم فذلك رخص: والثاين

.)٦() بشرط أال يكذب وال يثين وال يدع نصيحة يتوقع هلا قبوال ، فهذا حكم الدخول :ما سبق أمر آخر وهو ويضاف إىل : قلت

أفضل اجلهاد « : الدخول عليهم بقصد مناصحتهم وأمرهم باملعروف ويهم عن املنكر ، كما دل عليه احلديث : الثالث .وغريه وسيأيت قريبا زيادة بيان هلذه النقطة إن شاء اهللا . )٧(» كلمة حق عند سلطان جائر

ن اهللا عليهم أن وا عن الدخول عليهم ولو لألمر باملعروف والنهي عن املنكر وقد كان من شدة ورع بعض السلف رضواوقد كان كثري من السلف ينهونه : ( يقول احلافظ بن رجب احلنبلي رمحه اهللا - وسبق ذكر بعض اآلثار الدالة على ذلك -

ى عن ذلك عمر بن عبد العزيز ، وابن وممن. عن الدخول على امللوك ملن أراد أمرهم باملعروف ويهم عن املنكر أيضا ليس اآلمر الناهي من اعتزهلم ، وسبب هذا ما خيشى من فتنة : وقال ابن املبارك . املبارك ، والثوري وغريهم من األئمة

ا عنهم أنه يأمرهم وينهاهم ويغلظ عليهم ، فإذا شاهدهم قريبا مالت الدخول عليهم فإن النفس قد ختيل لإلنسان إذا كان بعيد

) .٦١ص (كتاب اإلميان البن تيمية )١( .٢٢سورة الصافات آية )٢( ) .١٣/٢٥٠(فتح الباري : انظر . ٢: ب . االعتصام : رواه البخاري يف ك )٣( ) .٢/١٤٢(إحياء علوم الدين )٤( ) .فسدت ( كذا ولعلها )٥( ) .٢/١٤٥(إحياء علوم الدين )٦( ) .٣٥٦ص(سبق خترجيه )٧(

٢٢٥

النفس إليهم ، ألن حمبة الشرف كامنة يف النفس له ولذلك يداهنهم ويالطفهم ورمبا مال إليهم وأحبهم وال سيما إن ال طفوه .)١() وأكرموه وقبل ذلك منهم

يان وقد جرى ذلك لعبد اهللا بن طاوس مع بعض األمراء حبضرة أبيه طاوس فوبخه على فعله ذلك ، وكتب سف: ( قال إياك واألمراء أن تدنو منهم أو ختالطهم يف شيء من األشياء ، وإياك أن ختدع : ( الثوري إىل عباد بن عباد وكان يف كتابه

لتشفع وتدرأ عن مظلوم أو ترد مظلمة ، فإن ذلك خديعة إبليس ، وإمنا اختذها فجار القراء سلما ، وما كفيت : ويقال لك نم ذلك وال تنافسهم ، وإياك أن تكون ممن حيب أن يعمل بقوله ، أو ينشر قوله أو يسمع قوله ، فإذا عن املسألة والفتيا فاغت

باب : ترك ذلك منه عرف فيه ، وإياك وحب الرياسة ، فإن الرجل يكون حب الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة ، وهو مل بنية ، واعلم أنه قد دنا من الناس أمر يشتهي الرجل أن غامض ال يبصره إال البصري من العلماء السماسرة فتفقد بقلب واع

.)٢() ميوت والسالم :املناصحة : ثالثا

سبق أن قلنا إن اإلمام بشر ، يعتريه ما يعتري البشر من الضعف واخلطأ والنسيان ، ولذلك شرعت النصيحة له لتذكريه حقوقه على الرعية ، فعلى الرعية القيام بأدائها إليه سواء طلبها أم ال ، واألدلة وتبيني ما قد خيفى عليه من األمور ، وهذه من

:على هذا كثرية منها ملن : قلنا - قاهلا ثالثا -ويف رواية . »الدين النصيحة « : ال ق r ما رواه مسلم يف صحيحه عن متيم الداري أن النيب) ١(

.)٣(» سلمني وعامتهم هللا ولكتابه ولرسوله وألئمة امل« : ؟ قال وأما ما قاله مجاعة من العلماء أنه أحد أرباع اإلسالم : ( ، قال النووي r وهذا من األحاديث العظيمة ومن جوامع كلمه

.)٤() أحد األحاديث األربعة اليت جتمع أمور اإلسالم فليس كما قالوا بل املدار على هذا وحده : أي أن معناها منصرف إىل اإلميان به ، ونفي الشريك : ( ما نقله النووي عن اخلطايب وغريه من العلماء ومعىن النصيحة هللا ك

عنه ، وترك اإلحلاد يف صفاته ، ووصفه بصفات الكمال ، واجلالل كلها ، وترتيهه سبحانه وتعاىل من مجع النقائص ، والقيام ...بطاعته ، واجتناب معصيته ، واحلب فيه والبغض فيه

فاإلميان بأنه كالم اهللا تعاىل وترتيله ال يشبهه شيء من كالم اخللق ، وال يقدر على : وأما النصيحة لكتابه سبحانه وتعاىل .مثله أحد من اخللق ، مث تعظيمه وتالوته حق تالوته وحتسينها واخلشوع عندها

. اجلزء الثالـث : ضمن جمموعة الرسائل املنريية الد الثاين ) ١٣ص (إخل البن رجب ... ما ذئبان جائعان أرسال يف غنم : رسالة شرح حديث من )١(

.الرسالة األوىل ) .١٣ص(املرجع السابق )٢(، ورواه ) ١/١٣٧(ووصله ابن حجر يف الفـتح . ي تعليقا ، ورواه البخار) ١/٧٤ (٩٥بيان أن الدين النصيحة ، ح: ب . اإلميان : رواه مسلم يف ك )٣(

) .١/٣٥١( ، وأمحد يف املسند ٤١الرقائق : ، والدارمي يف ٣١: ب . البيعة : ، والنسائي يف ) ٤/٣٢٤ (١٧: ب . الرب : الترمذي يف ) .١/٣٧(شرح صحيح مسلم للنووي )٤(

٢٢٦

ع ما جاء به ، وطاعته يف أمره ويه ، ونصرته حيا وميتا ، فتصديقه على الرسالة ، واإلميان جبمي r وأما النصيحة لرسوله ...ومعاداة من عاداه ومواالة من وااله ، وإعظام حقه وتوقريه ، وإحياء سنته وبث دعوته ونشر شريعته

مهم مبا فمعاونتهم على احلق وطاعتهم فيه ، وأمرهم به وتذكريهم برفق ولطف ، وإعال: وأما النصيحة ألئمة املسلمني .غفلوا عنه ومل يبلغهم من حقوق املسلمني ، وترك اخلروج عليهم ، وتألف قلوب الناس لطاعتهم

وأمرهم باملعروف ... فبإرشادهم إىل مصاحلهم يف آخرم ودنياهم : وأما النصيحة لعامة املسلمني وهم من عدا والة األمر .)١() ويهم عن املنكر

من وجيز األمساء ، : ويقال هو : حيازة احلظ للمنصوح له ، قال : كلمة جامعة معناها : ( اخلطايب والنصيحة كما قال .)٢() وخمتصر الكالم ، وليس يف كالم العرب كلمة مفردة يستويف ا العبارة عن هذه الكلمة

.)٣() ح له بوجوه اخلري إرادة وفعال كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصو: النصيحة : ( وقال أبو عمرو بن الصالح نضر اهللا امرءا مسع « : باخليف من مىن فقال r قام رسول اهللا: ومنها ما رواه جبري بن مطعم رضي اهللا عنه قال ) ٢ (

خالص إ: مقاليت فبلغها ، فرب حامل فقه غري فقيه ، ورب حامل فقه إىل من هو أفقه منه ، ثالث ال يغل عليهن قلب مؤمن .)٤(» العمل هللا ، والنصيحة لوالة املسلمني ، ولزوم مجاعتهم ، فإن دعوم حتيط من ورائهم

مما سبق نستنتج أن النصيحة أصل عظيم من أصول اإلسالم ولذلك عدها ابن بطة من أصول السنة عند السلف رضوان اهللا .)٥(عليهم

بايعت : ( قال جرير بن عبد اهللا رضي اهللا عنه . شترط عليه النصح لكل مسلم عندما يبايع أحدا ، ي r وقد كان النيب .)٦() على النصح لكل مسلم r النيب

وقد دأب الصحابة رضوان اهللا عليهم على أداء هذا احلق ألئمتهم ، فقد روى اإلمام أمحد بسنده إىل حممد بن عبد اهللا أن : خرجنا من عند األمري مروان ، قال : من أين جاء هؤالء ؟ قالوا : عند مروان فقال عبد اهللا بن عمر لقي ناسا خرجوا من

ال واهللا ، بل يقول ما ينكر فنقول قد : وكل حق رأيتموه تكلمتم به وأعنتم عليه ، وكل منكر رأيتموه أنكرمتوه عليه ؟ قالوا

.خمتصرا ) ٣٩ ، ١/٣٨(شرح النووي لصحيح مسلم )١( ) .١/٣٧(املصدر السابق )٢( ) .٧٦ص(جامع العلوم واحلكم )٣(حممد بن إسـحاق : هذا إسناد فيه : قال يف الزوائد ) . ٢/١٠١٥(اخلطبة يوم النحر : باب . املناسك : كتاب ) ٣٠٥٦(رواه ابن ماجة حديث رقم )٤(

وابن إسحاق خمتلف فيه فمنـهم ) ٤/٨٠(د من طريق ابن إسحاق نفسه أيضا ورواه أمح : قلت . مدلس وقد رواه بالعنعنة واملنت على حاله صحيح : وهو ، ) ١/٨٤ (١٨باب . املقدمة : يف ) ٢٣٠(من يصحح حديثه ومنهم من حيسنه ، وقد رواه ابن ماجة من طريق أخرى ليس فيها ابن إسحاق حديث رقم

) .٥/١٨٣(ن يزيد بن ثابت وأيضا ع) ٣/٢٢٥(ورواه عبد اهللا بن اإلمام أمحد يف املسند عن أنس .رسالة ماجستري مقدمة من الطالب رضا معطي نعسان جبامعة أم القرى ) ١٧٩ص (الشرح واإلبانة عن أصول السنة والديانة : انظر )٥( ) .٦(البيعة : ، والنسائي يف ) ١/٧٥) (٩٨(بيان أن الدين النصيحة ، حديث رقم : باب . اإلميان : رواه مسلم كتاب )٦(

٢٢٧

نعد هذا r كنا بعهد رسول اهللا: قال عبد اهللا . لمه وأفجره قاتله اهللا ما أظ: أصبت أصلحك اهللا ، فإذا خرجنا من عنده قلنا .)١( ملن كان هكذا انفاق

يف أن يؤدي املؤمن هذه النصيحة إىل أئمة اجلور وإن خاف منهم اهلالك وعد ذلك من أفضل اجلهاد r وقد رغب النيب :يدل عليه األحاديث التالية

أي اجلهاد أفضل ؟ ورسول اهللا يرمي اجلمرة األوىل ! يا رسول اهللا : رجال قال عن أيب أمامة رضي اهللا عنه أن-١ أين السائل ؟ : فأعرض عنه ، مث قال له عند اجلمرة الوسطى فأعرض عنه ، فلما رمى مجرة العقبة ووضع رجله يف الغرز قال

.)٢( » أفضل اجلهاد كلمة حق عند سلطان جائر« : قال . أنا ذا يا رسول اهللا : قال إمنا كان هذا أفضل اجلهاد ألن من جاهد العدو كان على أمل الظفر بعدوه وال يتيقن العجز عنه ، ألنه ال : ( قال اخلطايب

.)٣(يعلم يقينا أنه مغلوب ، وهذا يعلم أن يد سلطانه أقوى من يده ، فصرات املثوبة فيه على قدر عظيم املئونة خري الشهداء محزة بن عبد املطلب ، ورجل قام إىل رجل فأمره « : قال r اهللا عنه عن النيب وعن جابر بن رضي -٢

.)٤(» واه يف ذات اهللا فقتله على ذلك إذا رأيتم أميت اب الظامل أن تقول له « : يقول r مسعت رسول اهللا: وروى أمحد بسنده إىل عبد اهللا بن عمرو قال -٣

ع منها إنك أنت ظامل فقد تد٥(» و(. ، فهذا أبو بكر رضي اهللا وقد كان اخللفاء الراشدون رضي اهللا عنهم يحثون أقوامهم على نصحهم وتقوميهم إذا أخطئوا

)٦() متبع ، ولست مببتدع ، فإن أحسنت فأعينوين ، وإن زغت فقوموين أيها الناس إمنا أنا : ( عنه يقول يف خطبته املشهورة .

ورواه البخاري قريبا من عبد اهللا بن عمر عن أبيـه يف ) . ٧/١٩٨(إسناد صحيح : بتحقيق أمحد شاكر وقال عنه ) ٥٣٧٣(رواه أمحد يف مسنده رقم )١(

) ١٦٦ ، ٨/١٦٥(وروى حنوه البيهقي يف سـننه ) . ١٣/١٧٠(باب ما يكره من ثناء السلطان وإذا خرج قال غري ذلك ، فتح الباري . األحكام : كتاب .حنوه

قـال ) ٢/١٣٣٠) (٤٠١٢ و ٤٠١١(األمر باملعروف والنهي عن املنكر ، حديث رقم : باب . الفنت : ، ورواه ابن ماجه يف ) ٥/٢٥١(رواه أمحد )٢(وراشد . ال بأس به : قال ابن عدي و. خمتلف فيه ، ضعفه ابن سعد ، وأبو حامت ، والنسائي ، ووثقه الدارقطين : أبو غالب وهو : يف إسناده : يف الزوائد

أفضل اجلهاد ، رقم : باب . الفنت : ورواه الترمذي عن أيب سعيد اخلدري يف كتاب . صدوق ، وباقي رجال اإلسناد ثقات : بن سعد قال فيه أبو حامت ) . ٧/١٦١(، والنسائي ) ٤/٣١٤(أمحد هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ، ورواه عن طارق بن شهاب عند : وقال ) ٤/٤٧١) (٢١٧٤(احلديث

) . ١٠/٦٦(، واحلديث حسنه البغوي شرح السنة ) ١٠/٦٦(خترجيه لشرح السنة : انظر . وصححه النووي ، واملنذري . قال األرناؤوط وإسناده صحيح ) .٤٩١(حديث رقم ) ١/٦٢(السلسلة الصحيحة : وصححه األلباين لطرقه وقد مجعها حفظه اهللا انظر

) .٩٢ص (العزلة ) ٣(وقد ذكر األلبـاين هـذا ) . ٣/١٩٥(الصفار ال يدري من هو : قلت : صحيح اإلسناد ومل خيرجاه قال الذهيب : أخرجه احلاكم يف املستدرك وقال ) ٤(

. ، الد األول ٣٧٤السلسلة الصحيحة ح: احلديث يف ، وعزاه السيوطي إىل الطرباين يف الكبري ، واحلاكم يف املستدرك ، ) ١٠/٣٠(سناد صحيح اإل : وقال أمحد شاكر ) ٦٥٢٠(رواه أمحد يف مسنده رقم ) ٥(

) .١/١٨٢) (٦٠٠(ضعيف اجلامع الصغري وزيادته حديث رقم : انظر . وضعفه األلباين . والبيهقي يف الشعب ) .٣/١٨٣(الطبقات الكربى البن سعد ) ٦(

٢٢٨

.)١() إين قد وليت عليكم ولست خبريكم ، فإن أحسنت فأعينوين وإن أسأت فقوموين : ( وقال رضي اهللا عنه وكذلك بقية )٢() وأحب الناس إيل من إيل رفع عيويب : ( وهذا عمر رضي اهللا عنه يقول فيما رواه سفيان بن عيينة عنه

.اخللفاء يدل على ذلك حديث عياض بن غنم األشعري . للسلطان أن يراعي مكانته حبيث ال خيرق هيبته كما أنه ينبغي للناصح

من كان عنده نصيحة لذي سلطان فال يكلمه ا عالنية ، وليأخذ بيده فليخل به ، فإن قبلها « : r قال: رضي اهللا عنه قال .)٣(» ، قبلها ، وإال كان قد أدى الذي عليه والذي له

. والغيبة والسعاية حىت تكون خالصة هللا تعاىل )٤( كما أنه جيب على الناصح أن حيذر التأنيب والتعيري وقد كان علماء السلف رضوان اهللا عليهم يصدعون بقول احلق والنصح ألئمة اجلور يف وجوههم ، وإن توقعوا أو تيقنوا

م ، ألم يعلمون أن من قتل بسبب ذلك فهو شهيد ، والشهادة أغلى أماين اإليذاء بسبب ذلك ، ال خيشون يف اهللا لومة الئاملؤمن املصدق بوعد اهللا ، لذلك قدموا على ذلك موطنني أنفسهم على اهلالك وحمتملني ألوان العذاب ، وصابرين عليه يف

.ذات اهللا تعاىل ، وحمتسبني ملا يبذلونه من مهجهم عند اهللا :كثرية نأخذ منها على سبيل املثال واألمثلة على ذلك

يا أمري املؤمنني قد تفانوا : ائتوين برجل من الصحابة ، فقيل : قدم هشام بن عبد امللك حاجا إىل مكة فلما دخلها قال - أاملؤمنني ، ولكن فأيت بطاوس اليماين ، فلما دخل عليه خلع نعليه حباشية بساطه ، ومل يسلم عليه بإمرة . من التابعني : ، فقال

كيف أنت يا هشام ؟ فغضب هشام غضبا شديدا حىت هم : وقال . السالم عليك يا هشام ، ومل يكنه ، وجلس بإزائه : قال : يا طاوس ما الذي محلك على ما صنعت ؟ قال : فقال . أنت يف حرم اهللا وحرم رسوله ، وال ميكن ذلك : فقيل له . بقتله

خلعت نعليك حباشية بساطي ، ومل تقبل يدي ، ومل تسلم على بإمرة املؤمنني : قال . غضبا وغيظا وما الذي صنعت ؟ فازدادأما ما فعلت من خلع نعلي حباشية بساطك فإين : كيف أنت يا هشام ؟ قال : ومل تكنين ، وجلست بإزائي بغري إذين ، وقلت

وال يغضب علي ، وأما قولك مل تقبل يدي فإين مسعت أمري أخلعهما بني يدي رب العزة كل يوم مخس مرات ، وال يعاتبين املؤمنني علي

.رواه ابن إسحاق بإسناد صحيح : قال ابن كثري ) . ٥/٢٤٨(البداية والنهاية ) ١( ) .٣/٢٩٣(الطبقات الكربى ) ٢( ) .٢/٣١٨(احلاشية : انظر . اإلسناد صحيح : وقال . أخرجه احلاكم يف املستدرك : قال العراقي يف خترجيه ألحاديث إحياء علوم الدين )٣( . جنم عبد الرمحن خلف ونشرا املكتبة القيمة ألف ابن رجب احلنبلي رسالة قيمة يف الفرق بني النصيحة والتعيري حققها) ٤(

٢٢٩

وأما قولك ) . شهوة ، أو ولده من رمحة ال حيل لرجل أن يقبل يد أحد إال امرأته من : ( بن أيب طالب رضي اهللا عنه يقول اما قولك مل تكنين فإن اهللا تعاىل مسى مل تسلم علي بإمرة املؤمنني فليس كل الناس راضني بإمرتك فكرهت أن أكذب ، وأ

جلست بإزائي : ، وأما قولك تبت يدا أبي لهب وتب ﴾ ﴿: يا حيىي يا عيسى ، وكىن أعداءه فقال : أنبياءه وأولياءه فقال ر إىل رجل جالس وحوله إذا أردت أن تنظر إىل رجل من أهل النار فانظ: ( فإين مسعت أمري املؤمنني عليا رضي اهللا عنه يقول

.فانظر إىل عزة املؤمن كيف تفعل أمام السالطني . )١() قوم قيام أرسل عمر بن : مسعت بعض أصحابنا قالوا : وروى أبو سليمان اخلطايب بسنده إىل عبد اهللا بن بكر السهمي قال - بء الكوفة ، وكان ممن أتاه من فقهاء البصرة احلسن ، إىل فقهاء من فقهاء البصرة وفقهاء من فقها- وهو على العراق -هبرية

: إن أمري املؤمنني يزيد يكتب إيل يف أمور أعمل ا فما تريان ؟ قال : ومن أهل الكوفة الشعيب ، فدخلوا عليه ، فقال هلم ؟ قد قال هذا ، قل أنت ما تقول: أصلح اهللا األمري أنت مأمور والتبعة على من أمرك ، فأقبل على احلسن فقال :فقال الشعيب

اتق اهللا يا عمر فكأنك مبلك قد أتاك فاستزلك عن سريرك هذا ، وأخرجك من سعة قصرك إىل ضيق قربك ، إن اهللا : ، قال تعاىل ينجيك من يزيد ، وإن يزيد ال ينجيك من اهللا سبحانه ، فإياك أن تعرض هللا تعاىل باملعاصي ، فإنه ال طاعة ملخلوق يف

محلين عليه ما أخذ اهللا تعاىل : أيها الشيخ ما محلك على ما استقبلت به األمري ؟ قال : مث قام فتبعه اآلذن فقال . لق معصية اخلاذوه وراء ظهورهم وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال تكتمونه فنب ﴿: على العلماء يف علمهم مث تال

.)٣( ، )٢ ( اآلية﴾...

. إىل غري ذلك من األثلة اليت ال حصر هلا فهذه كانت سرية العلماء وعادام يف األمر باملعروف والنهي عن املنكر والنصح ألئمة املسلمني وعامتهم ، وقلة مباالم

بأداء ما أوجبه اهللا عليهم وسعوا يف الطريق املوصل إىل الشهادة ، فلما بسطوة السالطني ، لكنهم اتكلوا على اهللا وقاموا أخلصوا هللا النية أثر كالمهم يف كثري من القلوب القاسية فلينها وأزال قسوا ، أما اآلن فقد قيدت األطماع ألسنة العلماء

وا رضا اهللا يف ذلك وأخلصوا له النية فسكتوا ، وإن تكلموا مل تساعد أقواهلم أعماهلم فلم ينجحوا ، ولو صدقوا وقصد وفساد العلماء باستيالء حب املال واجلاه - كما مر -ألفلحوا ، ففساد الرعايا بفساد امللوك وفساد امللوك بفساد العلماء

كلم مل واملنصب ، ومن استوىل عليه ذلك مل يقدر على اإلنكار أو النصح ألراذل الناس ، فكيف على امللوك واألكابر ، ولو ت !يسمع له ألنه مل ينصح نفسه فيصلحها فكيف يصلح غريه

لذلك ركز أعداء اإلسالم على هذه النقطة وهي إغراق العلماء بالدنيا وفتحها عليهم بدون حساب حىت ينشغلوا ا عن .نكر واجبهم احلقيقي ، وهو مرياث األنبياء ، الذي هو العلم املستلزم لألمر باملعروف والنهي عن امل

) .٢/١٤٦(إحياء علوم الدين للغزايل )١( .١٨٧ آل عمران)٢( ) .٩٦ص(العزلة للخطايب )٣(

٢٣٠

كما . وهذه أخطر وسيلة إلفساد العلماء ألن جماتهم ومواجهتهم وإهانتهم تؤدي إىل ازدياد قوة إميام وثبام على احلق ما أخاف من إهانتهم يل ، وإمنا : ( تؤدي إىل انتصار العامة هلم وبغضها ملن أهام ، ولذلك قال سفيان الثوري رمحه اهللا

. )١ () فيميل قليب إليهم أخاف من إكرامهم وهو االنشغال بالدنيا والسكوت - إال ما شاء ربك - وبالفعل ولألسف عند تطبيقهم هلذه الوسيلة حصل هلم مطلوم

.عنهم وعما يرتكبونه من معاص يف حقوق اهللا وحقوق العباد ماهلم وهو حمسوب على العلماء ، ويتكلم بامسهم بل وصل األمر إىل أن وجدوا هلم من يعينهم على ظلمهم ويربر هلم أع

كثرة ثناء الناس : وهذا من أسباب متاديهم يف غيهم وإعجام بآرائهم مهما كان بعدها عن احلق ، وهو . وباسم اإلسالم اهم عليهم خاصة العلماء فقد وجدوا من علماء الدنيا من يربر هلم أعماهلم مهما كان خطؤها ، وقصده من ذلك حصول رض

.والتقرب إليهم ، وبلوغ شيء من حطام هذه الدنيا الفانية اليت بأيديهم ولو أن العلماء قاموا بتبيني ما أوجبه اهللا عليهم ، وأخلصوا ذلك هللا وترفعوا وترتهوا عن الدنيا وحطامها ، ووقفوا يف وجه

ة اهللا ال رتدعت السالطني الظلمة عن كثري من كل ظامل فدلوه على احلق ونصحوه ، وحذروه مغبة ما أقدم عليه من معصي .غيها ، وألبصروا احلق ومل خيف عليهم شيء من أمرهم

احلسن ، وطاوس ، وسفيان الثوري ، وسعيد بن املسيب ، وسعيد بن جبري ، وأيب حنيفة ، ومالك : ولكن من هم بأمثال ، وابن تيمية ، وأمثاهلم من العلماء األعالم ااهدين املخلصني )٢(، والشافعي ، وأمحد ، والبخاري ، والعز بن عبد السالم

مهما كان منصب هذا الظامل ، ومهما كان إغراؤه هلم بالدنيا ، ومهما ) أنت ظامل ( الذين يقفون يف وجه الظامل فيقولون له كرامتها ويردع الظاملني عن غيهم ترتب على مواقفهم هذه من أذي يصيب أجسادهم ، ولكنه يبقي لإلسالم هيمنته ، ولألمة

.واهللا املستعان ... :حق املال : رابعا

واجبات اإلمام كثرية كما سبق تستدعي التفرغ التام لتدبري شؤون الرعية ، وهو كغريه من الناس يف حاجة إىل املال ملأكله مال املسلمني يأخذ منه ما يكفيه ومن يعول ، وقد ومشربه وخدمه وعياله وحنو ذلك ، لذلك فقد جعل اإلسالم له حقا يف

فقد روى ابن سعد يف الطبقات بسنده عن عطاء بن السائب . أخذ أبو بكر وعمر رضي اهللا عنهما ما يكفيهما من بيت املال ن اخلطاب ، وأبو ملا استخلف أبو بكر رضي اهللا عنه أصبح غاديا إىل السوق وعلى رقبته أثواب يتجر ا ، فلقيه عمر ب: قال

: تصنع ماذا وقد وليت أمر املسلمني ؟ قال : قاال . السوق : أين تريد يا خليفة رسول اهللا ؟ قال : عبيدة ابن اجلراح فقال له انطلق حىت نفرض لك شيئا فانطلق معهما ، ففرضوا له كل يوم شطر شاة وكسوة يف الرأس : فمن أين أطعم عيايل ؟ قاال له

.)٣() والبطن

) .١٢٢ص(تلبس إبليس )١( .لعبد العزيز البدري ) اإلسالم بني العلماء واحلكام ( مواقفهم من احلكام يف كتاب : انظر )٢( ) .٣/١٨٤(الكربى البن سعد الطبقات )٣(

٢٣١

لقد علم : ملا استخلف أبو بكر الصديق قال : ( وروى البخاري وابن سعد بسنديهما عن عائشة رضي اهللا عنها قالت أهلي ، وشغلت بأمر املسلمني ، فسيأكل آل أيب بكر من هذا املال ، واحترف قومي أن حرفيت مل تكن تعجز عن مئونة

. )١ () للمسلمني فيه بن اخلطاب أمر املسلمني بعد أيب بكر مكث زمانا ال يأكل من املال حىت دخلت عليه يف ذلك خصاصة ، وملا ويل عمر

قد شغلت نفسي يف هذا األمر فما يصلح يل فيه ؟ فقال عثمان : فاستشارهم يف ذلك فقال r وأرسل إىل أصحاب رسول اهللا: ما تقول أنت يف ذلك ؟ قال : وقال عمر لعلي . نفيل وقال ذلك سعيد بن زيد بن عمرو بن: كل وأطعم قال : بن عفان

.)٢() غداء وعشاء ، فأخذ عمر بذلك ال « : يقول r يا ابن زرير إين مسعت رسول اهللا: وروى أمحد بسنده إىل عبد اهللا بن زرير عن علي بن أيب طالب قال

.)٣( » وقصعة يضعها بني الناسحيل للخليفة من مال اهللا إال قصعتان ، قصعة يأكلها هو وأهله ،إين أنزلت نفسي : ( قال عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه : وروى أيضا ابن سعد وابن أيب شيبة عن حارثة بن مضرب قال

أشار بذلك إىل قوله تعاىل: قلت . )٤() من مال اهللا مرتلة مال اليتيم ، إن استغنيت استعففت ، وإن افتقرت أكلت باملعروف :﴿ن كان غنيمو ن كان فقريمو ففعتسأكل ا فليوف ا فليرعوتساءل بعض املسلمني عما حيل ألمري املؤمنني . )٥( ﴾بالم

يه وما أحج عل. حلة يف الشتاء ، وحلة يف القيظ : أنا أخربكم مبا أستحل منه ، حيل يل حلتان ( : من املال فقال عمر وأعتمر من الظهر، وقويت وقوت أهلي كقوت رجل من قريش ليس بأغناهم وال بأفقرهم ، مث أنا بعد رجل من املسلمني

.)٦() يصيبين ما يصيبهم

مما سبق يتضح أن لإلمام أن يأخذ من مال املسلمني راتبا معينا يسد به حاجته ومن يعول من غري إسراف وال تقتري ، وقدهذا احلق ملن ويل والية من إمارة أو غريها وإن كان موسرا ، فقد روى البخاري بسنده إىل حويطب بن عبد r أثبت النيب

أمل أحدث أنك تلي من أعمال الناس : العزى أخربه أن عبد اهللا بن السعدي أخربه أنه قدم على عمر يف خالفته فقال له عمر إين يل أفراسا وأعبدا وأنا خبري ، : ما تريد ذلك ؟ قلت : بلى فقال عمر : كرهتها ؟ فقلت )٧(أعماال فإذا أعطيت العمالة

) .٣/١٨٥(، وابن سعد يف الطبقات ) ٤/٣٠٣(كسب الرجل وعمله بيده الفتح . ١٥: البيوع باب : البخاري كتاب )١( ) .٣/٣٠٧(طبقات ابن سعد )٢(عيفه ، وعزاه صاحب كرت العمـال ابن هليعة واألكثرون على تض : وإن كان يف إسناده ) ٢/٢٦(وقد صححه أمحد شاكر ) ٥٧٨(املسند حديث رقم )٣(

.١٤٣٤٩ح) ٥/٧٧٤(الكرت : إىل ابن عساكر انظر ) .١٣/١٥١. (فتح الباري : انظر . سنده صحيح : قال احلافظ ابن حجر ) . ٣/٢٧٦(ابن سعد يف الطبقات )٤( .٦: سورة النساء آية )٥(كنا بباب عمر فذكر قصة وفيهـا مـا : قال : بسند صحيح عن األحنف ، قال وأخرجه الكاربيسي : وقال ابن حجر ) . ٣/٢٧٦(طبقات ابن سعد )٦(

) .١٣/١٥١(فتح الباري . سبق ) .١٣/١٥٢(أجرة العمل ، وأما العمالة بفتح العني فهي نفس العمل فتح الباري : وختفيف امليم أي . العمالة بضم املهملة : قال ابن حجر ) ٧(

٢٣٢

يعطيين r ال تفعل فإين كنت أردت الذي أردت فكان رسول اهللا: وأريد أن تكون عماليت صدقة على املسلمني ، قال عمر خذه فتموله وتصدق « : r أعطه أفقر إليه مين ، فقال النيب:العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مين ، حىت أعطاين مرة ماال فقلت

قال : قال احلافظ ابن حجر . )١(» به فما جاءك من هذا املال وأنت غري مشرف وال سائل فخذه وإال فال تتبعه نفسك . )٢() ذلك يف حديث عمر الدليل الواضح على أن من شغل بشيء من أعمال املسلمني أخذ الرزق على عمله: ( الطربي

لكن عليه أن يتقي اهللا فيه ، فإنه أمانة يف يده فعليه أن يأخذ ما يكفيه بال إسراف وال تقتري ، وال يعبث بأموال املسلمني اليت .ائتمنه اهللا عليها

:احلكم مدة صالحيته لإلمامة : خامسا له وقت حمدد ينتهي إليه ، حىت ينتهي أجله ، أو تنتهي ومن حقوق اإلمام أن يبقى حاكما ما دام صاحلا لإلمامة وليس

وللخليفة احلق يف أن حيكم مدى احلياة ، حىت يأمن امللق : ( قدرته وطاقته يف القيام ا ، يقول الدكتور حممد الصادق عفيفي : أن تكون نظرته شاملة ، أي والنفاق ، وحىت ال يستكني ألحد طمعا يف جتديد انتخابه مرة ثانية ، واحلاكم عندما ينظر جيب

ينظر إىل الشعب يف جمموعه دون تفرقة بني طائفة وأخرى ، وأن يعمل على أساس أنه باق مدى احلياة طال الزمن أو قصر ، .)٣() حىت يكون عمله خالصا من الشبهات

مث بعدها ينتخب انتخابا ثانيا ، ويف هذه احلالة وهذا مما خيالف فيه اإلسالم النظم الدميقراطية اليت حتدد فترة معينة للرئيس ،يكون همه مجع أكرب عدد من األصوات املرشحة له ، فيخص أعضاء حزبه ومرشحيه باملصلحة دون غريهم من الناس لكسب

.واهللا أعلم ... رضاهم * * * * *

، ) ٢/٧٢٣) (١٠٤٥(حديث . الزكاة : يف ، ورواه مسلم ) ١٣/١٥٠(رزق احلاكم والعاملني عليها ، الفتح : باب . األحكام : رواه البخاري يف ) ١(

) .١/٧١(، وأمحد ) ٨/١٦١(أرزاق العمال ، عون املعبود : باب . اإلمارة : ، وأبو داود يف ) ٣/١٠٥(الزكاة : والنسائي يف ) .١٣/١٥٤(فتح الباري ) ٢( ) .١٩٥ص (إلسالمي وأصول احلكم اتمع ا) ٣(

٢٣٣

املبحث الثالث

الشورى سن أن أفرد مبحثا للحديث عن الشورى ومكانتها يف اإلسالم ، ومل أجعله بعد احلديث عن واجبات اإلمام وحقوقه حي

داخال يف مبحث واجبات اإلمام وال يف حقوقه ، ألن املسألة خالفية ، فهناك من يعتربها من واجبات اإلمام وبعدها عند ، وهذا هو مفهوم عامة السلف من عرضه للواجبات ، أما الذين يروا من املندوبات فهم ال جيعلوا من واجبات اإلمام

.الفقهاء وغريهم ويف هذا املبحث سأحتدث عن تعريف الشورى اللغوي واالصطالحي ، مث احلديث عن مشروعيتها وأدلة ذلك ، مث عن

آراء كل حكمها وهل هي واجبة أو مستحبة ونعرض أدلة الرأيني مث الرأي الراجح ، وأخريا احلديث عن مدى إلزام اإلمام ا و .فريق ، مث نذيل ذلك بالرأي الراجح يف املسألة

واحلقيقة إين سأستعرض كل ما سبق بشيء من اإلجياز ألن هذه املسألة من املسائل الشائكة ، والكالم فيها طويل ، وقد . ورسائل علمية )١(هذا البحث بعض العلماء األفاضل وألفوا فيها كتبا مستقلة كفانا مئونة

. صفحة ، ومبدأ الشورى يف اإلسـالم د ) ٤٧٠(الشورى وأثرها يف الدميقراطية للدكتور عيد احلميد إمساعيل األنصاري يف : انظر على سبيل املثال ) ١(

.صفحات وغريهم كثري ) ٣٠٤(يعقوب املليجي يف

٢٣٤

تعريف الشورى :يف اللغة ) ١(

شار العسل يشوره شورا ، وشيارة ومشارا : يقال : مصادر للفعل شاور قال يف اللسان : الشورى املشاورة واملشورة اشرين : ويقال ... شرت العسل واشترته اجتنيته وأخذته من موضعه : ومشارة استخرجه من الوقبة واجتباه ، وقال أبو عبيد

.)١() إخل ... على العسل أي أعين ، وشرت الدابة شورا عرضتها على البيع أقبلت ا وأدبرت وبسكون ) بفتح امليم وضم املعجمة ( فأصل الشورى إذن االستخراج واإلظهار واإلعانة على ذلك واملصدر مشورة

.)٢(أرجح األوىل : لغتان ، قال ابن حجر ) مشورة ( املعجمة وفتح الواو :يف االصطالح ) ٢(

.)٣() استطالع الرأي من ذوي اخلربة فيه للتوصل إىل أقرب األمور للحق : ( أما يف االصطالح فهي هذا وقد ذهب بعض املحدثني إىل التفريق بني الشورى واملشورة فجعل الشورى هي أخذ الرأي مطلقا ، واملشورة أخذ

، مث حاول االستدالل على رأيه هذا ، ولكن الذي يظهر أنه ال فرق بينهما ، واألدلة اليت أوردها )٤(يل اإللزام الرأي على سب .غري مقنعة

مشروعيتها مشروعية الشورى ثابتة بالكتاب والسنة وسرية اخللفاء الراشدين رضي اهللا تعاىل عنهم ، فقد رغب اإلسالم فيها يف أكثر

لها من األمور اليت ال غىن لطالب احلق عنها ، سواء كانت يف األمور اهلامة كتدبري شؤون األمة ، أو يف من موضع ، وجع .وقد محلت هذا االسم إحدى سور كتاب اهللا املرتل . األمور اخلاصة باألفراد والشؤون الشخصية

: واألدلة على مشروعيتها كثرية منها :من الكتاب ) ١( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك فاعف عنهم ﴿ : اهللا عز وجل قول- أ

.)٥( ﴾ متوكلنيواستغفر لهم وشاورهم في األمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب ال: وأوىل األقوال بالصواب يف ذلك أن يقال : ( قال ابن جرير الطربي بعد سرده لعدة آثار عن السلف يف تفسري هذه اآلية

إن اهللا عز وجل

) .٤٣٦ - ٤/٤٣٤) (شور ( لسان العرب مادة ) ١( ) .١٣/٣٤١( فتح الباري )٢( .الدار السلفية ودار القلم . ن . م ) ١٩٧٥. (ط ) ١٤ص (الشورى يف ظل نظام احلكم اإلسالمي لألستاذ عبد الرمحن عبد اخلالق ) ٣( .حممود عبد ايد اخلالدي . د ) ١٧٣ص (قواعد نظام احلكم يف اإلسالم ) ٤( .١٥٩سورة آل عمران آية ) ٥(

٢٣٥

سالم البصرية اليت مبشاورة أصحابه فيما حزبه من أمر عدوه ومكايد حربه ، تألفا منه بذلك من مل تكن بصريته باإل r أمر نبيهيؤمن عليه معها فتنة الشيطان ، وتعريفا منه أمته مأتى األمور اليت حتزم من بعده ، ومطلبها ليقتدوا به يف ذلك عند النوازل

جوه ما فإن اهللا كان يعرفه مطالب و r يفعله ، فأما النيب r اليت ترتل م ، فيتشاورا فيما بينهم كما كانوا يرونه يف حياته أخني بفعله يف ذلك على تصادق ، تم إذا تشاوروا مستن١(حزبه من األمور بوحيه أو إهلامه إياه صواب ذلك ، وأما أمته فإ (

.)٢() للحق وإرادة مجيعهم للصواب من غري ميل إىل هوى ، وال حيد عن هدى فاهللا مسددهم وموفقهم .)٣() وقد علم اهللا أنه ما به إليهم حاجة ولكن أراد أن يسنت به من بعده : ( قال وقد أخرج ابن أيب حامت عن احلسن

.)٤() باملشورة إال ملا علم فيها من الفضل r ما أمر اهللا نبيه: ( وعن الضحاك بن مزاحم قال ة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى فما أوتيتم من شيء فمتاع الحيا﴿ : قوله تعاىل يف سورة الشورى - بهمبكلون روتون * يفرغي موا ها غضبإذا مو احشالفواإلثم و ائرون كبنبتجي الذينوا ال * وأقامو همبوا لرابجتاس الذينالة وص

.)٥( ﴾ وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقونفقد بني اهللا سبحانه وتعاىل يف هذه اآليات الصفات األساسية اليت متيز املؤمنني ومدحهم ا ، وذكر من ضمن هذه

الصفات أن ﴿ ومهنيى بورش مهرح اهللا املشاورة يف األمور مبدح القوم الذين كانوا ميتثلون ذلك فمد: ( القرطيب ﴾ قال أم (إذا أرادوا أمرا تشاوروا فيه مث عملوا r كانت األنصار قبل قدوم النيب: ( إا نزلت يف األنصار ، قال النقاش : قيل )٦(

اليت مل تكن قبل اإلسالم مثل إقام الصالة لكن هذا بعيد ، ألا ذكرت يف ثنايا أوصاف املؤمنني)٧() عليه فمدحهم اهللا به .واإلنفاق ، وهذه مل تشرع إال بعد جميء اإلسالم ومل يكونوا يعرفون الصالة قبل أن يسلموا

وهنا يف هذه اآليات يصور خصائص هذه األمة اليت تطبعها ومتيزها ، ومع أن هذه : ( قال األستاذ سيد قطب رمحه اهللا وأمرهم شورى بينهم ( بل قيام الدولة املسلمة يف املدينة ، فإننا جند فيها أن من صفة هذه اجلماعة املسلمة اآليات مكية نزلت ق

مما يوحي بأن وضع الشورى أعمق يف حياة املسلمني من جمرد أن يكون نظاما سياسيا للدولة ، فهو طابع أساسي ) ... .)٨() من اجلماعة إىل الدولة للجماعة كلها ، يقوم عليه أمرها كجماعة ، مث يتسرب

:من السنة : ثانيا ويف سرية اخللفاء الراشدين r العملية حافلة بالترغيب يف الشورى واحلض عليها وكانت مسة بارزة يف سريته r سنة النيب

.من بعده لذلك فقد دل على مشروعيتها جانب السنة العملي أكثر من القويل

.تأخيت األمر : حتراه وقصده وميمه ، مث تقلب واوه ألفا فيقال توخي األمر) ١( .حتقيق أمحد شاكر وأخيه ) ٧/٣٤٥(تفسري الطربي ) ٢( .إسناده حسن : قال ابن حجر ) . ١٣/٣٤٠(فتح الباري ) ٣( ) .٧/٣٤٥(تفسري الطربي ) ٤( .٣٨ - ٣٦سورة الشورى اآليات ) ٥( ) .١٦/٣٧(تفسري القرطيب ) ٦( ) .١٦/٣٧(نفس املرجع ) ٧( . هـ ١٣٩٦. دار الشروق . ط ) ٥/٣١٦٠(يف ظالل القرآن ) ٨(

٢٣٦

:ولية السنة الق-أ نعم قد . عند التتبع والتقصي لالستدالل على مشروعية الشورى بالسنة القولية مل أعثر على نص صريح سليم من مقال

روي عدة أحاديث ولكن عند متحيصها ووضعها حتت جمهر النقد مل أجد فيها شيئا ليس فيه مقال يف إسناده فضربت عن :يلي ولعل من أحسنها ما )١ (أكثرها صفحا

لو أنكما تتفقان على أمر واحد ما عصيتكما يف « : قال أليب بكر وعمر r ما روي عن عبد الرمحن بن غنم أن النيب-١ . )٢ (» مشورة أبدا

فهذا وإن مل يكن فيه ترغيب صريح يف الشورى ، إال أنه إخبار مبعىن الطلب ملن )٣(» املستشار مؤمتن « أما حديث -٢ .ري أن يكون أمينا يف أداء مشورته ، وقد روي من عدة طرق عن أيب هريرة وابن مسعود وعائشة وابن عمر وأم سلمة استش .)٤() r ما رأيت أحد أكثر مشورة ألصحابه من النيب: ( حديث أيب هريرة رضي اهللا عنه قال -٣ : أما السنة الفعلية -ب

فهو مع جاللة قدره وعظيم مرتلته وتأييده r الشورى باإلضافة إىل ما سبق هو فعل النيب فيما يؤكد ترغيب اإلسالم يف بالوحي اإلهلي ، مع ذلك فقد كان كثري املشاورة ألصحابه ، كما مر يف حديث أيب هريرة ،

.فما بعدها ) ٦٥ص(كتاب الشورى وأثرها يف الدميقراطية : انظر األحاديث الواردة يف هذه املسألة يف )١( عن عبد الرمحن بن غنم وهـو - ال بأس به -يان بسند ذكر ابن حجر أن هذا احلديث يف فضائل الصحابة ألسد بن موسى واملعرفة ليعقوب ابن سف )٢(

وفيه عبد احلميد بن مهران عـن ) . ٤/٢٢٧(وقد رواه أمحد يف املسند عن عبد الرمحن بن غنم أيضا يف : قلت ) ١٣/٣٤٠(خمتلف يف صحبته فتح الباري أحاديثه عن شـهر : أحاديثه عن شهر صحاح ، وقال أمحد : بو حامت شهر بن حوشب ، فعبد احلميد هذا وثقه حيىي بن معني وأبو داود الطيالسي ، وقال أ

) .٢/٥٣٨(ميزان االعتدال : انظر . مقاربة ، وهناك من طعن فيه ي ال بأس به ، وقال النسائي وابن عـد : وقال أبو حامت ليس هو بدون أيب الزبري وال حيتج به ، وقال أبو زرعة . ثقة : وشهر بن حوشب قال ابن معني

.، وقد طعن فيه بعضهم أيضا ) ٢/٢٨٣(ميزان االعتدال . ليس بالقوي : إسناد حديث ابـن : قال يف الزوائد . املستشار مؤمتن : يف باب ) . ٣٧٤٦ ، ٣٧٤٥(األدب رقم : رواه ابن ماجة عن أيب هريرة وعن أيب مسعود يف )٣(

ورجاله رجال الصـحيح جممـع الزوائـد : قال اهليثمي . عن عبد اهللا بن الزبري يرفعه ، ورواه الطرباين ) ٢/١٢٣٣(السنن : مسعود صحيح رجاله ثقات ويف : قـال . مؤمتن أن املستشار : باب . األدب : كتاب ) ٢٨٢٢(هذا حديث حسن حديث رقم : وقال . ورواه الترمذي عن أيب هريرة ) . ٨/٩٧(

. حتقيق أمحد شاكر وآخـرين ) ٥/١٢٦(هذا غريب من حديث أم سلمة : ن أم سلمة وقال الباب عن ابن مسعود وأيب هريرة وابن عمر وروي بنحوه ع وأمحـد يف املسـند ) ١٣(عن أيب هريرة ، ورواه الـدارمي يف السـري ) ١٤/٣٦(باب يف الشورى ، عون املعبود . األدب : ورواه أبو داود يف سننه يف

)٥/٢٧٤. ( يعين بـدون -ويروى عن أيب هريرة فذكره : وقد أشار إليه الترمذي فقال ) ١٣/٣٤٠(فتح الباري . نه منقطع رجاله ثقات إال أ : قال فيه ابن حجر )٤(

، والسـيوطي يف الـدر املنثـور ) ١٠/١٠٩(، ورواه البيهقي يف سـننه ) ٧/٩٥(، ورواه الشافعي يف األم ) ٤/٢١٤( ، ٣٤: باب . يف اجلهاد -إسناد )٢/٩٠. (

٢٣٧

:ألصحابه r والسرية حافلة باألمثلة الكثرية ملشورته .)١( فقد شاورهم يوم بدر يف التوجه إىل قتال املشركني - . ؟ )٢( وشاورهم قبل معركة أحد أيبقى يف املدينة أم خيرج إىل العدو - . )٣ ( وشاورهم يف أسرى بدر - على بعض مثار يوم اخلندق فأشارا عليه بترك مصاحلة العدو- سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة - وشاور السعدين -

.)٤(املدينة مقابل انصرافهم عنها فأخذ برأيهما .)٥( وشاورهم عام احلديبية - .)٦( وشاورهم يف حصار الطائف - .)٧(عليا وأسامة رضي اهللا عنهما يف أمر عائشة يف قصة اإلفك r واستشار- .)٨(» ... يف قوم يسبون أهلي ما تشريون علي« : فقال واستشار يف عقوبة املنافقني الذين آذوه يف أهله-

.ألصحابه r إىل غري ذلك من الصور الكثرية من استشارته : سرية اخللفاء الراشدين وآثار السلف -٣

واقف احلامسة لقد ظلت الشورى مسة واضحة يف عهد اخللفاء الراشدين رضي اهللا عنهم ، وال يكاد خيلو م موقف من امل ومجع - كما مر -قصة السقيفة وعهد عمر إىل الستة للتشاور بينهم : واألمثلة على ذلك ال حتصى أمهها . إال تشاوروا فيه

املصحف وتوحيد املسلمني على مصحف واحد وحنو ذلك ، بل قد كانوا يأمرون والم بأن ال يربموا أمر إال بعد التشاور فيه واستشر من معك من أكابر : ( ضي اهللا عنه يكتب إىل خالد بن الوليد حني وجهه إىل حرب املرتدين ، فهذا أبو بكر ر . )٩ () فإن اهللا تعاىل موفقك مبشورم r أصحاب رسول اهللا

) .٢/٦١٤(، وسرية ابن هشام ) ٣/١٤٠٣) (١٧١٧(يف غزوة بدر حديث رقم : باب . اد والسري اجله: مسلم كتاب )١( ) .٣/٦٣(سرية ابن هشام )٢( ) .٣/٢٤٣(، واملسند ) ٣/١٣٨٤) (١٧٦٣(حديث رقم . اجلهاد : مسلم كتاب )٣( ) .٤/١٠٤( والبداية والنهاية .املكتب اإلسالمي حتقيق عبد الرمحن األعظمي . ط ) ٥/٣٦٨(املصنف لعبد الرزاق )٤( ) .٤/١٦٤(، والبداية والنهاية ) ١٠/١٠٩(، وسنن البيهقي ) ٥/٣٣٠(املصنف )٥(، ) ٦/٢٦٨(حتيق أمحد شاكر ) ٤٥٨٨( ، واملسند حديث رقم ) ٣/١٤٠٢) (١٧٧٨(باب غزوة الطائف ، حديث . اجلهاد والسري : مسلم كتاب )٦(

) .٢/١٥٩(وطبقات ابن سعد ) .٢/١٢٦(، وزاد املعاد ) ١٣/٣٣٩(فتح الباري ) وأمرهم شورى بينهم ( ، ٢٨: باب . االعتصام : بخاري كتاب ال )٧() ٢٧٧٠ - ٥٨(التوبة ، حديث رقم : من الفتح ، ومسلم كتاب ) ١٣/٣٤٠) ( وأمرهم شورى بينهم ( ، ٢٨: باب . االعتصام : البخاري كتاب ) ٨()٤/٢١٣٧. ( ) .٢٦٨ص (ق السياسية جمموعة الوثائ )٩(

٢٣٨

ى كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه أمر نظر يف كتاب اهللا ، فإن وجد فيه ما يقضي به قض: وعن ميمون بن مهران قال قضى به ، وإن مل يعلم خرج فسأل املسلمني عن السنة ، فإن أعياه ذلك دعا رؤوس r بينهم ، وإن علمه من سنة رسول اهللا

. )١ (املسلمني وعلماءهم واستشارهم د مشورة عمر كهوال كانوا أو شبابا وكان قافا عن كان القراء أصحاب( وعلى هذا سار عمر رضي اهللا تعاىل عنه فقد

.)٢() كتاب اهللا عز وجل

وكانت األئمة بعد : ( قال البخاري . وقد سبق كالم عمر يف الشورى يف اخلالفة ، وعلى هذا سار األئمة من بعدهم يستشريون األمناء من أهل العلم يف األمور املباحة ليأخذوا بأسهلها ، فإذا وضح الكتاب والسنة مل يتعدوه إىل غريه r النيب .)٣() r بالنيب اء إقتد

ا آثار السلف الدالة على الترغيبأم :يف الشورى فكثرية منها

: ( ويف لفظ ) ما تشاور قوم قط بينهم إال هداهم اهللا ألفضل ما حيضرهم : ( ما روي عن احلسن رمحه اهللا تعاىل قال ) ١ ( .)٤() إال عزم اهللا هلم بالرشد أو بالذي ينفع

.)٥() ما تشاور قوم يبتغون وجه اهللا إال هدوا ألرشد أمرهم : ( ل قتادة قا) ٢ ( .)٦() وإن القوم إذا شاروا بعضهم بعضا وأرادوا بذلك وجه اهللا عزم هلم على رشده : ( ... وأسند الطربي عنه قوله

:احلكمة من مشروعية الشورى وشيء من فوائدها .عنها بالنسبة لسائر األئمة r وعية الشورى بالنسبة للنيب ختتلف احلكمة من مشر

:فقد قيل عن احلكمة من مشروعيتها ما يلي : r أما بالنسبة للرسول- أقد علم أنه ما به إليهم حاجة ، ولكن أراد أن يسنت به : ( إمنا ذلك ليستن به من بعده ، سبق كالم احلسن رمحه اهللا -١

.) ٧() من بعده هي للمؤمنني أن يتشاورا فيما مل يأم عن : ( ﴾ قال وشاورهم في األمر ﴿: وروى الطرباين عن سفيان بن عيينة قوله

.)٨() يف أثر r النيب

) .١٣/٣٤٢(أخرجه البيهقي بسند صحيح قاله احلافظ ابن حجر يف الفتح )١( ) .١٣/٣٣٩(﴾ الفتح وأمرهم شورى بينهم ، قول اهللا تعاىل ﴿ ٢٨باب . االعتصام : ذكره البخاري يف كتاب ) ٢( .من الفتح ) ١٣/٣٣٩(رهم شورى بينهم ، وأم٢٨: باب . االعتصام : البخاري يف صحيحه كتاب ) ٣() . ٧/٣٤٤(وقد رواه الطربي عنه أيضـا : قلت . وابن أيب حامت بسند قوي عن احلسن . األدب املفرد : أخرجه البخاري يف : قال احلافظ يف الفتح ) ٤(

.لكنه ال يصح r حتقيق أمحد شاكر وروي مرفوعا إىل النيب ) .٢٣٥ص (، والوابل الصيب البن القيم ) ٧١ص (يق األلباين الكلم الطيب البن تيمية حتق) ٥( ) .٧/٣٤٤(تفسري الطربي ) ٦( ) .١٣/٣٤٠(فتح الباري . أخرجه ابن حامت بسند حسن )٧( .حتقيق أمحد شاكر ) ٧/٣٤٥(تفسري الطربي )٨(

٢٣٩

.)١() املشاورة يف r وكانت هذه فائدة ملن بعده ليسنت بالنيب: ( قال أبو بكر ابن العريب بل هو لتطييب نفوس أصحابه رضوان اهللا عليهم ولتألف قلوم ، ولريوا أنه يسمع منهم ويستعني م ، يدل : وقيل -٢

أمر اهللا : ( ﴾ فقد روى الطربي عن الربيع أنه قال ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك ﴿على ذلك أول اآلية أمر اهللا عز : ( وعن قتادة قوله )٢() األمور ، وهو يأتيه الوحي من السماء ألنه أطيب ألنفسهم نبيه أن يشاور أصحابه يف

كانت سادات : قيل . )٣(... ) أن يشاور أصحابه يف األمور وهو يأتيه وحي السماء ، ألنه أطيب ألنفس القوم r وجل نبيه .)٤(مبشاورة أصحابه ، لئال يثقل عليهم استبداده بالرأي دوم r هالعرب إذا مل يشاورا يف األمر شق عليهم ، فأمر اهللا رسول

وشاورهم ﴿: فليبني له الرأي وأصوب األمور يف التدبري ، فقد روي عن الضحاك بن مزاحم قوله: أما القول الثالث -٣ .)٥() من الفضل باملشورة إال ملا علم فيها r ما أمر اهللا عز وجل نبيه: ﴾ قال في األمرإن « : وقوله . )٦(» أنتم أعلم بأمور دنياكم « : هذا ال يكون إال يف األمور احلربية واألمور الدنيوية اليت قال فيها : قلت

در والستجابته لرأي احلباب بن املنذر يوم ب . )٧(» كان شيئا من أمر دنياكم فشأنكم به ، وإن كان شيئا من أمر دينكم فإيل أما أمور التشريع فهو وإن كان جيتهد إذا مل يرتل عليه وحي ولكن اهللا عز وجل . وسلمان الفارسي يوم اخلندق وحنو ذلك

يقره على ذلك االجتهاد إن أصاب احلق ويرشده ويرده إىل الصواب إن جانبه ، كما ورد يف قصة أسرى بدر حينما أخذ .)٨( ﴾... ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في األرض ﴿الفدية من األسرى فرتل العتاب من السماء

أمر باملشاورة ألنه يف غزوة أحد كان معظم الصحابة قد أشاروا عليه r أن الرسول: ( وهو : وهناك قول رابع -٤ اخلروج والتحصن باملدينة ، فلما خرج بناء على يرى عدم r وكان الرسول-باخلروج خاصة الذين مل يقاتلوا يوم بدر

ترك مشاورم بعد ذلك العتقدوا أن يف قلبه منهم بسبب r رأيهم وقع ما وقع من ازام املسلمني ، فلو أن الرسول) لك الواقعةمل يبق يف قلبه أثر من ت r مشاورم بقية أثر ، فأمره اهللا سبحانه باملشاورة بعد غزوة أحد حىت يدل ذلك على أنه

)٩(.

) .١/٢٩٨(أحكام القرآن )١( ) .٧/٣٤٤(تفسري الطربي )٢( .نفس املرجع )٣( ) .١/٤٧٥(شاف للزخمشري الك )٤( ) .٧/٣٤٤(تفسري الطربي )٥() ٢٣٦٣(حـديث رقـم . باب وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الـرأي . الفضائل : رواه مسلم عن أنس يف )٦( ) .٩٢ص(وسبق خترجيه يف مقاصد اإلمامة ) . ٤/١٨٣٦( .عن عائشة أيضا ) ٦/١٢٣(، واملسند ) ٢٤٧١( ، تلقيح النخل ، حديث رقم ١٥: باب . رهون ال: رواه ابن ماجة يف كتاب )٧( . ٦٧ آية األنفالسورة )٨( ) .٩/٦٧(، والتفسري الكبري للرازي ) ١/٥٠١(يف ظالل القران )٩(

٢٤٠

. والواقع أنه ال منافاة بني هذه احلكم مجيعا فقد تكون مجيعها من حكم أمر اهللا سبحانه وتعاىل رسوله مبشورة أصحابه .واهللا أعلم : احلكمة من مشروعيتها بالنسبة للخلفاء ولسائر األمة - ب

وقد سبق احلديث عن ضعف النفس البشرية غري املعصومة ، -تلف أما بالنسبة لألئمة واألمراء وسائر البشر فالوضع خيوأا معرضة للهوى واخلطأ والنسيان لذلك فهي يف حاجة ماسة إىل استشارة غريها ، واالستعانة م يف الوصول إىل الصواب

. : ومن الفوائد واحلكم اليت من أجلها شرعت الشورى ما يلي

) ١ (ا إحراز الصواب غالب: ألنه إذا طرح األمر للشورى فإنه سيجتهد كل من املستشارين يف استخراج الوجه األمثل يف تلك الواقعة اليت يستشار بشأا ، فتصري األرواح بذلك متطابقة متوافقة على حتصيل أصلح الوجوه وأمثلها ، وتطابق األرواح الطاهرة على الشيء

شك أن الرأي الصادر من جمموعة خملصة يكون أقرب إىل الصواب من رأي الفرد وال الواحد من أعظم أسباب حصوله ،غالبا ، وقد خيتص بعضهم مبعرفة املصلحة والصواب فيكون يف االستشارة كشفا هلذا املستور فتعم الفائدة ، وقال ابن األزرق

مينع املزيد ، ومن أعطي التوبة مل مينع القبول ، ومن أعطي من أعطي أربعا مل مينع أربعا ، من أعطي الشكر مل: كان يقال (( .)١()) االستخارة مل مينع اخلرية ، ومن أعطي املشورة مل مينع الصواب

ولكن هذا ليس على اإلطالق فرمبا ينفرد الفرد أو األقلية برأي هو عني الصواب ، ورأي اجلماعة هو خطأ ، كما سـيأيت .لإلمام عند احلديث عن مدى إلزامية الشورى تقريره

:األمن من ندم االستبداد بالرأي الظاهر خطؤه ) ٢(والذي قد يولد يف النفوس ما ال حتمد عقباه ، وقد رأينا ذلك يف احلكمة من مشروعية الشورى بالنسبة للنيب ص فبالنسبة إىل

: (( وروي مرفوعـا إىل الـنيب ص أيضـا . )٢()) من استشار ما خاب من استخار ، وال ندم : (( غريه أوىل ، وقد قيل . )٣()) استرشدوا العاقل ترشدوا ، وال تعصوه فتندموا

: ازدياد العقل ا واستحكامه ) ٣( )٤()) املستشري وإن كان أفضل رأيا من املستشار فإنه يزداد برأيه رأيا كما تزداد النار بالسليط ضوء : (( قال الطرطوشي

وقـال . )٥()) املشاورة لقاح العقل ورائد الصواب ، ومن شاور عاقال أخذ نصف عقله : وقد قيل : (( وقال ابن األزرق .

) .١/٣٠٤(بدائع السلك )١(وقـال ) ٤/٢٥٠) (احلاشـية ( انظر تفسري القـرطيب ( ي عن أنس وحسنه السيوطي روي مرفوعا إىل النيب ص رواه الطرباين يف أوسطه ، والقضاع )٢(

) .٢/٢٦٠(انظر كشف اخلفاء ومزيل اإللباس )) يف سنده ضعيف جدا : (( العجلوين ) .٦/١٠(الدر املنثور ( أخرجه اخلطيب من رواية مالك عن أيب هريرة مرفوعا )٣( .٦٨سراج امللوك للطرطوشي ص )٤( ) .١/٣٠٤(بدائع السلك )٥(

٢٤١

)) حق على العاقل احلازم أن يضيف إىل رأيه آراء العقالء ، فإذا فعل أمن من عثاره ، ووصل إىل اختياره : (( بعض احلكماء )١(. ألنه إذا نوقشت املسألة االجتهادية من جانب أهل الشورى : األمة عند اخلطأ وإقامة احلجة على املعترض األمن من عتب) ٤(

ومـن : وقيل . ، فلو حصل خطأ بعد ذلك فإن اللوم ال يكون على اإلمام وحده ، وال يكون هناك حجة ملعترض بعد ذلك .)٣()) اذرا وعند اخلطأ ع)٢(أكثر املشورة مل يعدم عند الصواب قادحا

:التجرد ا عن اهلوى والبعد عن الوقوع يف شباكه ) ٥(إمنا حيتاج اللبيب ذو التجربـة إىل : قال بعض احلكماء . ألن النفس البشرية معرضة دائما إىل ذلك إال من عصمه اهللا لذلك

ألن رأي : من رأي املستشري ؟ فقال فضل مل يكن رأي املستشار أ (( : وسئل أحدهم . املشاورة ليتجرد له رأيه من هواه ، :وما أحسن ما قاله بشار بن برد . )٤(املستشار معرى من اهلوى

إذا بلغ الرأي النصيحة فاستعن برأي نصيح أو نصيحة حازم وال جتعل الشورى عليك غضاضة مكان اخلوايف قوة للقوادم ( .)٥() بنائم وخل اهلوينا للضعيف وال تكن نؤما فإن احلزم ليس

يا أبا سعد : يعين هذه األبيات فقال -يا أبا معاذ إن الناس يتعجبون من أبياتك يف املنشورة : قلت لبشار : قال األصمعي .)٦(أنت يف قولك هذا أشعر منك يف شعرك : فقلت له . إن املشاور بني صواب بفوز بثمرته أو خطأ يشارك يف مكروهه

:رمحة والربكة استمناح ال) ٦( املشورة واملناظرة بابا رمحة ، ومفتاحا بركة ، ال يضل معهما رأي وال يفقد معهما : ( كما قال عمر بن العزيز رمحه اهللا

املشورة عني اهلداية وقد خاطر من استغىن : ( كما يدل العمل ا على اهلداية والسداد قول علي رضي اهللا عنه )٧() حزم ما شقي قط عبد مبشورة ، وما سعد باستغناء « : قال r وروي عن سهل بن سعد الساعدي عن رسول اهللا. )٨() برأيه .)٩(» رأي

) .١/٣٠٤(بدائع السلك )١( )) . مادحا (( كذا والصواب )٢( ) .١/٣٠٤(بدائع السلك )٥( ) .٣٠٥ ، ١/٣٠٤( بدائع السلك )٤( .قاهرة جلنة التأليف والترمجة والنشر ال. ن . حممد الطاهر بن عاشور : شرح وتعليق . ١٣٧٦. ط ) ١٧٣ ، ٤/١٧٢(ديوان بشار بن برد )٥( ) .١/٣١٠(بدائع السلك )٦( .ثالثة . ط ) ٢٨٩ص (أدب الدنيا والدين للماوردي : ، وانظر ) ١/٣٠٥(نفس املرجع )٧( .نفس املراجع )٨(حكـام األحكام يف أصول األ: انظر . فيه عيسى الواسطي غري معروف : قال أمحد شاكر . مرسل : واحلديث ضعيف قال ابن حزم . تفسري القرطيب )٩(

) .٦٩ص ( م نقال عن املشورة وأثرها يف الدميقراطية ١٩٧٠. ط ) ٧٧١ص(حتقيق أمحد شاكر

٢٤٢

كما أن من فوائد الشورى أا خري وسيلة للكشف عن الكفاءات والقدرات وا يظهر األكفاء ، وتستفيد األمة من ) ٧ (ضل الشورى أا تكشف لك طباع الرجال ، فمىت طلبت اختيار رجل فشاوره من ف: ( كفاءام ، قال صحاب العقد الفريد

.)١() يف أمر من األمور ، يظهر لك رأيه وفكره وعدله وجوره وخري وشره )فيم تكون ؟ ( جماالت الشورى

ا على ختصيص عموم قوله من املعلوم بداهة واملتفق عليه بني العلماء أن الشورى ال تكون فيما نزل فيه وحي ، كما اتفقو ﴾ مبا مل يرتل فيه وحي ، إال أم اختلفوا يف مدى هذه وأمرهم شورى بينهم ﴾ و ﴿ وشاورهم في األمر﴿ : تعاىل

:اخلصوصية على أقوال ثالثة ، )٢(ابن حجر إىل الداودي إنه خاص يف أمور احلرب مما ليس فيه حكم ، وقد نسب هذا القول : فمنهم من قال ) ١ (

املراد به االستشارة يف احلرب ، وال شك يف ذلك ، ألن األحكام مل يكن هلم فيها : قال علماؤنا : ( وقال أبو بكر ابن العريب .)٣() على من جيوز له االجتهاد r رأي بقول ، وإمنا هي بوحي مطلق من عند اهللا عز وجل ، أو باجتهاد من النيب

يف أمر احلرب وحنوه مما : ( فقط احلربية وغري احلربية قال الزخمشري )٤(ومنهم من قال بأنه خاص يف األمور الدنيوية ) ٢ ( .)٥() مل يرتل فيه وحي

هو للمؤمنني أن : ( ﴾ وشاورهم يف األمر﴿ : قال سفيان بن عيينة يف قوله تعاىل : أنه يف كل أمر ليس فيه نص ) ٣ (يا : قلت : ويؤيده ما روي عن علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه قال . )٦() فيه أثر r اوروا فيما مل يأم عن النيبيتش

امجعوا له العابد من أميت واجعلوه « : األمر يرتل بنا بعدك مل يرتل فيه قرآن ، ومل يسمع منك فيه بشيء ، قال ! رسول اهللا وليستخرج منهم : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف ذكره لفوائد الشورى . )٧(» د بينكم شورى ، وال تنقضوه برأي واح

وملا مل خيص اهللا تعاىل : ( وقال اجلصاص . )٨(... ) الرأي فيما مل يرتل فيه وحي من أمر احلروب واألمور اجلزئية وغري ذلك وبناء على هذا فال تكون الشورى إال يف األمر )٩( ) وجب أن يكون ذلك فيهما مجيعا r أمر الدين من أمور الدنيا يف أمره

.القاهرة . هـ ١٣٠٦مطبعة الوطن سنة . ط ) ٤٣ص(العقد الفريد أليب سامل حممد بن طلحة القرشي النصييب )١( ) .١٣/٣٤٠(فتح الباري )٢( ) .١/٢٩٧(أحكام القرآن )٣( ) .١٣/٣٤٠( الباري فتح: انظر )٤( ) .١/٤٧٤(الكشاف )٥( ) .٧/٢٤٥(تفسري الطربي )٦( .، والدارمي عن أيب سلمة ) ٦/١٠(الدر املنثور : انظر . أخرجه اخلطيب من رواية مالك )٧( ) .١٥٨ص (السياسة الشرعية البن تيمية )٨( ) .٢/٣٣٠(أحكام القرآن )٩(

٢٤٣

الذي ال نص فيه فهي يف األمور اليت فيها مسرح للعقل الستخالص الرأي الذي يؤدي إىل رعاية شؤون املسلمني على جهة وما واجب على الوالة مشاورة العلماء فيما ال يعلمون ،: ( اخلري والصالح والسداد ، كما قال ابن خويرز منداد

٢٤٤

فيما يتعلق باملصاحل ، ووجوه الوزراء أشكل عليهم من أمور الدين ، ووجوه اجليش فيما يتعلق باحلروب ، ووجوه الناس .)١() وعمارا والكتاب والعمال فيما يتعلق مبصاحل البالد

:الرأي املختار . ابه جندها ليست حمصورة يف األمور املتعلقة بشؤون احلرب فيها أصح r بعد النظر واستعراض ااالت اليت شاور النيب

كانت يف أمور احلرب ولكنها مل تقتصر على ذلك بل مشلت أيضا rصحيح أن أكثر حاالت الشورى اليت متت يف عهده جتهادية اليت مل يرد كثريا من األمور الدنيوية األخرى ذات األمهية واخلطر بالنسبة للجماعة ومستقبلها ، واألمور الشرعية اال

ومن األمثلة على ذلك ما . فيها نص ، أو يف اليت ورد فيها نص بعد االجتهاد يقرر هذا االجتهاد أو يقومه ويصلح اعوجاجه :يلي ناجيتميا أيها الذين آمنوا إذا ﴿ملا نزلت : ( ما رواه الترمذي وحسنه عن علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه قال ) ١ (

ال : قلت » فنصف دينار ؟ « قلت ال يطيقونه ، قال . » ما ترى دينار ؟ « : r قال يل النيب)٢( اآلية ﴾ ... الرسولفيب خفف اهللا . اآلية ﴾... أأشفقتم ﴿: فرتلت . » إنك لزهيد « : شعرية ، قال : قلت » فكم ؟ « يطيقونه ، قال حتديد ما وذلك يف: قلت . )٤() ففي هذه احلديث املشاورة يف بعض األحكام : ( قال ابن حجر . )٣( ) عن هذه األمة

.مثل مقدار الصدقة هنا r أوكل إىل اجتهادهوكذلك ما ورد يف قصة أسرى بدر ، وهي من األمور الشرعية االجتهادية قبل نزول النص ، فرتل النص يقوم خطأ ) ٢(

.بني احلق يف هذه املسألة والنماذج يف مثل هذا كثرية وي r اجتهاده وكذلك الصحابة رضوان اهللا عليهم قد تشاوروا يف بعض األحكام ، مثل مرياث اجلدة ، وحد شرب اخلمر وعدده ، ويف

.إمالص املرأة ، وقتال ما نعي الزكاة ، وغريها من األمور الشرعية ، وذا يتبني رجحان الرأي الثالث لكن مما ينبغي التنبه له أن مشاورم يف األمور الشرعية هو البحث عن النص واستطالع الرأي ، ألنه رمبا يكون يف املسألة نص خفي على بعضهم دون بعض ، أو تكون مشاورم بقصد الوصول إىل فهم صحيح لنص معني اختلفت األنظار يف فهمه

ولذلك كان من سنة . بعد ذلك بل التسليم املطلق واالنقياد ألمر اهللا ورسوله ، فإذا وضح النص وصح فال جمال للتشاور عند إرادة طرح وجهات نظرهم يف مسألة ما هل هو أمر مرتل ال جمال فيه للرأي أم r الصحابة رضوان اهللا عليهم سؤال النيب

وحنو كالم السعدين يوم ) . احلرب واملكيدة ؟ هل هو مرتل أنزلكه اهللا ؟ أم هو الرأي و: ( ال ؟ حنو قول احلباب بن املنذر .اخلندق وغريمها

. )٢/٤١(ح القدير للشوكاين ، وفت) ٢٥١ ، ٤/٢٥٠(أحكام القرآن )١( .١٢سورة اادلة آية )٢(حديث حسن غريب ال نعرفه إال من هـذا الوجـه : وقال ) ٥/٤٠٦ (٥٩تفسري سورة اادلة ، : باب . التفسري : رواه الترمذي يف سننه يف كتاب )٣(

) .١٣/٣٤٠(الفتح . ورواه ابن حبان وصححه : وقال احلافظ ابن حجر ) .١٣/٣٤٠(لباري فتح ا )٤(

٢٤٥

ال كما يدار اليوم يف برملانات الطواغيت هل نطبق شرع اهللا أم شرع فرنسا وإيطاليا ؟ وهل نطبق هذا احلد الثابت يف الكتاب والسنة أم ال ؟

ألن اإلسالم هو االستسالم هللا بإتباع أمره . ياذ باهللا فهذه ليست شورى ، بل كفر وردة عن دين اهللا وعن اإلسالم والعفال وربك ال يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ال يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ﴿ووحيه واالنقياد لذلك

. املستعان واهللا . )١( تسليما ﴾ ويسلموا حكم الشورى

مث ملن بعده ، r لقد اختلف العلماء قدميا وحديثا يف حكم الشورى ، هل هو للوجوب أو للندب ، وذلك بالنسبة للنيب .فمن باب أوىل والة األمر من بعده ، وإذا مل تكن واجبة عليه مل تكن واجبة على الوالة من بعده r فإذا وجبت عليهعراض أقوال العلماء قدميا وحديثا جند أن عامة علماء السلف على أا للندب ال للوجوب ، وهناك منهم من قال وعند است

.بأا للوجوب كما سيأيت : أما الكتاب احملدثون فأكثرهم على وجوب الشورى ، وحنن ال نريد اخلوض يف أعماق املسألة ألا مسألة حبثت قدميا ،

العصر احلديث ، وإمنا سنستعرض أهم األدلة اليت يستند إليها هؤالء وأولئك ، مث نبني ما يترجح يف آخر وأشبعت حبثا يف . البحث

:القائلون بالوجوب :إن عامة الفقهاء احملدثني يرون وجوب الشورى بالنسبة لإلمام ، وإىل ذلك ذهب بعض الفقهاء األقدميني منهم : قلنا

.٦٥ آية النساء)١(

٢٤٦

وغري جائز أن يكون األمر باملشاورة على جهة تطييب : ( بكر اجلصاص يف كتابه أحكام القرآن حيث يقول أبو ) ١ (نفوسهم ورفع أقدارهم ولتقتدي األمة به يف مثله ، ألنه لو كان معلوما عندهم إم إذا استفرغوا جمهودهم يف استنباط ما

ذلك كذلك معموال عليه وال متلقى منهم بالقبول بوجه ، مل يكن يف شاوروا فيه وصواب الرأي فيما سئلوا عنه ، مث مل يكنفهذا تأويل . ذلك تطييب نفوسهم وال رفع ألقدارهم بل فيه إحياشهم وأعالمهم بأن آراءهم غري مقبولة وال معمول عليها

.يقصد صرف األمر من الوجوب إىل الندب . )١() ساقط ال معىن له .)٣() واجب على الوالة مشاورة العلماء : ( حيث نقل القرطيب عنه قوله : )٢( ابن خويز منداد) ٢ (إن الشورى من قواعد الشريعة وعزائم األحكام ، ومن ال : ( فقد نقل عنه القرطيب أيضا قوله : )٤(ابن عطية املالكي ) ٣ (

.)٥() يستشري أهل العلم والدين فعزله واجب ﴿ فاعتبروا يا أولي : والتحقيق يف القول إنه تعاىل أمر أويل األبصار باالعتبار فقال : ( زي حيث يقول فخر الدين الرا) ٤ (

وكان أكثر ﴾ لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴿: وكان عليه السالم سيد أويل األبصار ، ومدح املستنبطني فقال الأبصار ﴾ء ، وهذا يدل على أنه كان مأمورا باالجتهاد إذا مل يرتل عليه وحي ، واالجتهاد يتقوى باملناظرة واملباحثة ، الناس عقال وذكا

.)٦() يقتضي الوجوب ﴾ شاورهم ﴿ظاهر األمر للوجوب فقوله : ( مث قال ...فلهذا كان مأمورا باملشاورة

.)٧() قد ذهبت اهلادوية إىل وجوب استشارة اإلمام ألهل الفضل و: ( هذا وقد نسب هذا الشوكاين للهادوية فقال ، وأبو زهرة )٩( ، واألستاذ عبد القادر عودة )٨(حممد عبده ورشيد رضا : أما احملدثون فغالبيتهم كما قلنا ، ومن أشهرهم

، وضياء الدين الريس )١٣(ألنصاري عبد احلميد إمساعيل ا. ، ود )١٢(عبد الكرمي زيدان . ، ود )١١( ، وحممود شلتوت )١٠( . ، وغريهم )١٥(يعقوب املليجي . ، ود )١٤(

.دار املصحف . ن . حتقيق حممد الصادق قمحاوي ) ٢/٣٣٠(أحكام القرآن للجصاص )١( ) .٢/٢٢٩(الديباد املذهب البن فرحون . هـ ٤٠٠أبو عبد اهللا الفقيه األصويل املالكي تويف سنة )٢( ) .٤/٢٤٩(تفسري القرطيب )٣( ) .١/٢٦٠(طبقات املفسرين للداودي . هـ ٥٤١القاضي املالكي تويف سنة عبد احلق املفسر و )٤( ) .٤/٢٤٩(تفسري القرطيب )٥( .٢. ط ) ٩/٦٧(التفسري الكبري املسمى مفاتيح الغيب )٦( ) .٧/٢٥٦(نيل األوطار )٧( .٣. ط ) ٤/٤٥(تفسري املنار )٨( . صفة الزمة للمسلم ال يكمل إميانه إال بتوفرها هي: حيث قال ) ١٩٤ص (اإلسالم وأوضاعنا السياسية )٩( ) .٢٥٢ص (ابن حزم )١٠( .ثامنة . فما بعدها ط ) ٤٣٨ص (اإلسالم عقيدة وشريعة )١١( ) .٢٠٧ص (أصول الدعوة )١٢( ) .١٠٨ص (الشورى وأثرها يف الدميقراطية )١٣( ) .٣٣٣ص (النظريات السياسية يف اإلسالم )١٤( ) .١٠٠ص (إلسالم مبدأ الشورى يف ا )١٥(

٢٤٧

:أدلتهم : استدل القائلون بالوجوب على ما ذهبوا إليه بالتايل

لهم ولو كنت فبما رحمة من الله لنت ﴿ :أهم وأقوى دليل على إجياب الشورى عند من قال بإجياا هو قوله تعاىل ) ١ ( ففاع لكوح وا منفظا غليظ القلب النفض لى الله إن اللهكل عوفت تمزر فإذا عفي األم مهاورشو مله فرغتاسو مهنع

﴾ كلنيوتالم حب١( ي(. فهو يف حق من هو r وجوب وال قرينة تصرفه عن ذلك ، فدل على أنه واجب يف حق النيبفهذا أمر ظاهره ال: قالوا

.)٢(دونه أوىل والذين استجابوا لربهم وأقاموا ﴿: إىل قوله ﴾... فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا ﴿: ومنها قوله تعاىل ) ٢ ( .)٣( ينفقون ﴾ ة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهمالصال

. ذلك ، ومن هذه الصفات الشورى فقد بني اهللا سبحانه وتعاىل صفات املؤمنني األساسية واملميزة هلم ومدحهم على ضع الشورى بني إقام الصالة وأداء الزكاة من وقد ذكرها اهللا بعد صفة الصالة اليت هي عماد الدين وقبل صفة الزكاة ، فو

أكرب األدلة على وجوا ، ودل هذا على أنه إذا كانت الصالة فريضة عبادية ، والزكاة فريضة اجتماعية ، فإن الشورى فريضة .)٤(سياسية

- ألصحابه كان كثري املشاورة. على جاللة قدره ، وعظيم مرتلته r كما استدلوا على ذلك بأن الرسول) ٣( .فبالنسبة لوالة األمر بعده ألزم وأوجب r وسردوا كثريا من األمثلة على ذلك وسبق ذكر أمهها وإذا كان ذلك بالنسبة للنيب

وسبق ذكر أمهها علما بأين مل أجد فيها ما ينهض لدرجة احلسن )٥( r واستدلوا ببعض األحاديث املنسوبة إىل النيب) ٤ ( .ا لالحتجاج فآثرت الصفح عنها ، حىت يكون صاحل

واستدلوا كذلك بنماذج من سنن اخللفاء الراشدين وسريم كتولية اإلمام وما يتعلق باحلروب وتولية األمراء على ) ٥ (األقاليم وغريها من املشاكل الطارئة واليت تتطلب حال غري مقرر يف القرآن والسنة كجمع القرآن ومجع األمة على مصحف

.)٦(د وغري ذلك واح :القائلون بالندب

أما من ذهب إىل القول بأا للندب وأا من السنن املؤكدة اليت دل الكتاب والسنة على مشروعيتها وإن كانت ال تصل إىل حد الوجوب هم كما

.١٥٩ آل عمرانسورة )١( ) .٥٧ص (، والشورى وأثرها يف الدميقراطية ) ٣٦ص (، والشورى يف ظل نظام احلكم اإلسالمي ) ١٩٤ص (اإلسالم وأوضاعنا السياسية : انظر )٢( .٣٨ - ٣٦سورة الشورى اآليات )٣(الشورى يف ظـل نظـام : وانظر ) . ٢٥٤ص (على جريشه . ن املشروعية اإلسالمية العليا د نقال ع ) ٥٣ص (الشورى وأثرها يف الدميقراطية : انظر )٤(

) .٣٨ص (احلكم اإلسالمي ) .٩٥ص (، ومبدأ الشورى يف اإلسالم للمليجي ) ٦٥ص (الشورى وأثرها يف الدميقراطية : انظر )٥( ) .٧٧ص (الشورى وأثرها يف الدميقراطية : انظر بالتفصيل )٦(

٢٤٨

ة ، والربيع ، وسفيان بن عيينة وقد سبق معنا تعليل األمر باملشورة وأقوال احلسن، وقتاد. سبق معظم السلف وبعض اخللف .)١(، والضحاك

ما أحسن : ( رمحه اهللا ، واإلمام أمحد حيث يقول )٢( وممن ذهب إىل أن األمر الوارد للندب ال للوجوب اإلمام الشافعي وال : ( ابن قدامة لكن يالحظ أنه يريد القضاة ، قال)٣() لو كان احلكام يفعلونه يشاورون وينتظرون - أي املشاورة -هذا

.)٥(املشورة بالنسبة للقضاة : أي )٤() خمالف يف استحباب ذلك ال غىن لويل األمر عن املشاورة ، فإن اهللا تعاىل أمر ا نبيه: ( وقد أشار إىل االستحباب شيخ اإلسالم ابن تيمية حيث قال

r )ا ليست للوجوب - ومما يعضد هذا الفهم )٧(تاب وهذه العبارة ال يفهم منها الوجوب كما فهمه بعض الك)٦أي أ - واملقصود هنا أن اهللا ملا محدهم على هذه الصفات من : ( ﴾ قال وأمرهم شورى بينهم﴿ : قوله عند تفسري قول اهللا تعاىل

كان هذا دليال على أن ضد هذه ... أمرهم لصالة ، واإلشتوار يفاإلميان والتوكل وجمانبة الكبائر ، واالستجابة لرم ، وإقام اوألن محدها والثناء عليها طلب . الصفات ليس حممودا بل مذموما ، وعدم احملمود ال يكون حممودا إال أن خيلفه ما هو حممود

اإلميان : لوجوب وهي واملالحظ أن الصفات اليت ذكرها كلها جممع على أن األمر ا ل)٨() هلا وأمر ا ولو أنه أمر استحباب وليس فيها ما حيتمل االستحباب إال صفة املشاورة ، فدل على . ، والتوكل ، وجمانبة الكبائر ، واالستجابة هللا ، وإقام الصالة

.أنه يقصد بأمر االستحباب األمر باإلشتوار واهللا أعلم : عداده للفوائد الفقهية املستنبطة من قصة احلديبية قال وقد صرح باالستحباب تلميذه ابن القيم رمحه اهللا فقال يف معرض ت

ومنها استحباب مشاورة اإلمام رعيته وجيشه استخراجا لوجه الرأي واستطابة لنفوسهم ، وأمنا لعتبهم وتعرفا ملصلحة ( .)٩(. ) ﴾ وشاورهم في األمر﴿ : خيتص بعلمها بعضهم دون بعض وامتثاال ألمر الرب يف قوله

اختلفوا يف : ( وممن قال باالستحباب أيضا احلافظ ابن حجر ، ونسب ذلك إىل البيهقي وأيب نصر القشريي أيضا فقال .)١٠() وجوا فنقل البيهقي يف املعرفة االستحباب وبه جزم أبو نصر القشريي يف تفسريه وهو املرجح

.فما بعدها من هذا البحث ) ٤١٧ص : (نظر ا )١( .١٣٩٣ثانية . ط ) ٥/١٨(األم )٢( ) .١١/٣٦٩(املغين والشرح الكبري )٣( ) .١١/٣٦٩(املغين والشرح الكبري )٤(إن القاضـي وإن : ( ال ق) . ١٦/٧١(، والسرخسي يف املبسوط ) ١١/١٤٢(روضة الطالبني : النووي يف : ممن قال باستحباا للقاضي من الفقهاء )٥(

حاشـية الدسـوقي : مصطفي البايب وانظر . ن . هـ ١٣٧٧. ط ) ٤/٣٩١(، والشربيين يف مغين احملتاج ) كان عاملا فينبغي له أال يدع مشاورة العلماء .وغريهم ) ٤/١٢٥(على الشرح الكبري

) .٢٨/٣٨٦(جمموعة الفتاوى : ، وانظر ) ١٥٧ص (السياسة الشرعية )٦(الشورى يف ظل : انظر . إن ممن قال بالوجوب شيخ اإلسالم ابن تيمية مث ذكر هذا النص : كما ذهب إىل ذلك األستاذ عبد الرمحن عبد اخلالق فقال )٧(

) .١٣٠ص (نظام احلكم اإلسالمي ) .١٦/٣٧(جمموعة الفتاوى )٨( ) .٤/٢٥٦(إعالم املوقعني : ، وانظر ) ٢/١٤١(زاد املعاد )٩( ) .١٣/٣٤١(تح الباري ف )١٠(

٢٤٩

بو يعلى ألما ملا عدوا واجبات األئمة مل يذكروا منها الشورى ، وإمنا ذكراها ويظهر أن هذا هو ما ذهب إليه املاوردي وأكما أن الفقهاء عند مناقشتهم هلا مل يناقشوها على أساس أا من وظائف اإلمام بل . )١(من وظائف أمري احلرب الالزمة له

ناقشوها بالنسبة للقاضي كما مر. وفيه التشاور يف : ( استحباا بالنسبة لألمة فقال عند شرحه حلديث بدء األذان يف مسلم وقد حكى النووي اإلمجاع على

.)٢() األمور ال سيما املهمة ، وذلك مستحب يف حق األمة بإمجاع العلماء واختلف : (مستحبة يف حق األمة ، فالنووي رمحه اهللا يقول r وهناك من العلماء من يقول بأا واجبة يف حق النيب

والصحيح عندهم : ( ، قال ) كما يف حقنا r أم كانت سنة يف حقه r أصحابنا هل كانت املشاورة واجبة على رسول اهللا ﴾ واملختار الذي عليه مجهور الفقهاء وحمققو األصول أن األمر وشاورهم في األمروجوا ، وهو املختار ، قال اهللا تعاىل ﴿

.)٣() للوجوب بوجوب املشاورة عليه لذوي r واختص: قال يف اخلصائص وشرحها للمناوي : ( ويف البجريمي على اخلطيب قوله

.)٤() هو ما صححه الرافعي والنووي - r أي بالنسبة للنيب-وجوب املشاورة : األحالم والعقالء يف األمر ، قال ا على غريه من باب أوىل ، لكن يظهر أن الذي جعلهم يقصرون فوجو r والواقع أنه لو ثبت وجوا بالنسبة للنيب

دون غريه r ﴾ على النيبوشاورهم في األمر﴿ : دون غريه هو ختصيصهم اخلطاب يف قوله تعاىل r الوجوب على النيب: ( يرد قرينة ختصصه ، ويستأنس بقوهلم أوال ، مث لسائر األمة بطريق التبع ما مل r من سائر األمة ، والواقع أن اخلطاب للنيب يا أيها النبي اتق الله﴿ : واألمثلة على ذلك يف القرآن الكرمي كثرية مثل قوله تعاىل ) . العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب

... ﴿ ، ﴾افقنينالمو اهد الكفارج بيا النها أياءو ﴿ . آلية ﴾ ا ... يسالن مإذا طلقت بيا النها أيفقد . ﴾ وحنوها ... ي .واحلكم عام له وألمته r يكون اخلطاب خاصا بالنيب

: األدلة : يستدل القائلون بأن الشورى للندب ال للوجوب مبا يلي

﴾ ولكن هذا األمر للندب ال وشاورهم في األمر﴿ : تعاىل ليس هناك دليل يدل على الوجوب إال األمر يف قوله) ١ ( :للوجوب يدل على ذلك مما يلي

ليس حباجة للشورى فقد أغناه اهللا بتوفيقه للصواب وبالوحي عن الشورى ، ولذلك روي عن بعض كبار r أن النيب- أ . ، وكلها دالة على الندب ال على الوجوب )٥(يات التابعني يف املعىن املقصود واحلكمة من هذا األمر عدة روا

) .٤٥ص (، وأليب يعلى ) ٤٣ص (األحكام السلطانية للماوردي )١( ) .٤/٧٦(شرح النووي لصحيح مسلم )٢( ) .٤/٧٦(نفس املرجع )٣( .مصطفى البايب احلليب . ن . هـ ١٣٧٠أخرية . ط ) ٤/٣٢٧(البجريمي على اخلطيب )٤( .عدها من هذا البحث فما ب) ٤١٧ص (سبق ذكر هذه الروايات )٥(

٢٥٠

واالستدالل باآلية على الوجوب : ( قال الشوكاين r ومع التسليم بأن هذا األمر يقتضي الوجوب فهو خاص بالنيب- بئمة وذلك خمتلف فيه ، أو بعد تسليم أن اخلطاب اخلاص به يعم األمة أو األ r إمنا يتم بعد تسليم أا غري خاصة برسول اهللا

. r وقد سبق كالم الرافعي والنووي من الشافعية يف أن األمر خاص به)١() عند أهل األصول .وقياس األئمة على النيب قياس مع الفارق r إن كان هناك وجوب فهو خاص بالنيب: فاملقصود

جابوا لربهم وأقاموا الصالة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم والذين است﴿ : أما اآلية الثانية وهي قوله تعاىل ) ٢ (فال داللة فيها ألبتة على وجوب الشورى ، وإمنا هي مدح من اهللا سبحانه وتعاىل ملن اتصف ذه ) ٣٨الشورى ( ﴾ ينفقونإا أمر مطلوب ومرغب فيه ، لكن ليس هناك ما يدل : وقلنا -يتها كما مر تقرير ذلك عند احلديث على مشروع-الصفة

.على الوجوب أما كوا وقعت بني الصالة والنفقة ومها فرضان ولذلك تأخذ حكمهما ، فهذا مبين على القول بأن كل معطوف يأخذ

فرض أن النفقة املذكورة هي الزكاة حكم املعطوف عليه من ناحية اإلجياب أو التحرمي ، وهذا ليس بصحيح ، هذا على املفروضة ، أما أن تكون عامة شاملة للمفروضة والتطوع فهذا أقرب ألن السورة مكية ، والزكاة مل حتدد أنصبتها ويف أي

بل ومما يدل على أن املعطوف ال يأخذ حكم . شيء تكون إال يف السنة الثالثة من اهلجرة ، وهذا مما يؤكد ما ذهبنا إليه هو أنه قد ذكر يف هذه الصفات ما ليس بواجب بل هو من حماسن األخالق املندوبة ، - الشرعي ال اللغوي -عطوف عليه امل

﴾ فال أحد يقول أنه جيب على املسلم املغفرة عند الغضب ملن أغضبه ، بل وإذا ما غضبوا هم يغفرون﴿ : وهي قوله تعاىل اعتدى عليكم فاعتدوا عليه فمن﴿ : ﴾ ال من واجبتها ، وقال صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمورولمن ﴿ : قد قال تعاىل

كمليى عدتا اعبمثل م ... ﴾. ة ، وهذا يقتضي مدح الفعل فاملقصود أن هذه اآلية ليس فيها داللة على وجوب الشورى ، بل مدح ملن اتصف ذه الصف

.، وهذا ما نقول به كما مر تقريره واآلثار مجلة ليس فيها داللة على الوجوب -أما األحاديث واآلثار الواردة يف ذلك فاألحاديث ضعيفة ) ٣ (

.بل على الترغيب واحلث ، وهذا مما ال خالف فيه ال يدل على - كما يظهر -اورهم يف مواقف كثرية كما مر فهذا كان يشاور أصحابه ، وقد ش r أما كون النيب) ٤ (

.)٢( r وجوا بل على مشروعيتها ، وأا من فضائل األعمال ومستحباا ، وينبغي للعاقل أن يأخذ ا أسوة بالنيب: ( ل على ذلك بقوله بأا للندب ال للوجوب ، واستد: هذا وقد رجح الدكتور حممود عبد ايد اخلالدي قول من قال

إن األمر الوارد يف القرآن قد اقترن بقرينة تدل على عدم اجلزم الالزم لتعيني احلكم يف الوجوب ، وذلك ظاهر يف كون الشورى ال تكون يف فرض وال مندوب وال مكروه وال حرام ، ألن احلكم قد عين يف كل منها فالشرع يلزم األمة بأخذه كما

وكون الشورى ال تكون إال يف املباحات يدل على أا ليست فرضا إال أن الذي رجح كوا : ( إىل أن قال ... ) عين

) .٧/٢٥٦(نيل األوطار )١(هذا وقد رد أصحاب القول على هذه االعتراضات ردودا طويلة وال نريد أن نتوسع يف هذه القضية الشائكة فهي حتتاج إىل رسائل خاصة وقد كفينـا )٢(

.ما بعده ف) ٥٢ص (الشورى وأثرها يف الدميقراطية : عناء ذلك وهللا احلمد ، انظر بالتفصيل

٢٥١

والذين ﴿ : مندوبة وليست مباحة ثناء اهللا تبارك وتعاىل على املسلمني الذين جيعلون إبرام أمورهم شورى بينهم بقوله تعاىل همبوا لرابجتعلى تعيني حكم فاملدح هنا قرينة على أن فعلها مرجح على عدم فعلها ، فكان كذلك قرينة﴾ اآلية ... اس

.)١() الندب يف الشورى :الرأي الراجح

الذي يترجح يل بعد النظر والتدقيق يف األدلة واالعتراضات عليها ، أنه ليس هناك دليل صريح على الوجوب إال قوله تعاىل : ﴿هاورشروفي األم معنا ذكر ما يصرف هذا األمر إىل الندب واالستحباب م أما غريه - خاصة يف حق األمة - ﴾ وقد مر

من األدلة فال تصل إىل حد اإللزام واإلجياب ، وإمنا فيها احلث على فعلها ، والترغيب يف ذلك وأا من عزائم األمور .ومستحباا

األمور املشروعة واملستحبة اليت حث عليها اإلسالم أنه من السهل تركها والتهاون ا ، وليس معىن قولنا إا من وصحابته على التمسك مبثل هذه األمور وإن كانت ليست من الفروض r وخصوصا وقد علمنا مبلغ حرص النيب

لصالة والوتر وركعيت الفجر ، فلم يكن والواجبات فقد كانوا ال يدعون األمور املستحبة كقيام الليل والسنن الرواتب بعد ا وكذلك األئمة -بأا من السنن املؤكدة ال من الواجبات : وهذا على قول من قال -ال يف سفر وال حضر r يدعمها النيب

إخل فمن ... الذين نتحدث عنهم فهم كما عرفت من ذكر الشروط الواجب توفرها فيهم من العلم والعدل والورع واألمانة ت فيه هذه الشروط الواجب فمن املؤكد أنه لن يتأخر عنها ساعة خاصة يف مهمات األمور ، بل هو الذي سيطلب كان

.االستشارة من تلقاء نفسه دون أن تفرض عليه ملا هلا من الفضل وسداد الرأي وأا أقرب طريق للوصول إىل احلق ادة يكونون من أجهل الناس النشغاهلم بامللذات وشهوات أنفسهم ، أما إذا كانوا من جبابرة السالطني املتغلبة فهؤالء ع

: وهؤالء جيب عليهم السؤال واملشاورة لذوي اخلربة والعلم عما جيهلونه إلكمال ما نقص فيهم من شروط اإلمامة قال تعاىل ن جيهل النص يف قضية من القضايا وهو يظن وجوده وكذلك م ) ٤٣: النحل ( ﴾ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون﴿

.ففي هذه احلال عليه أن يسأل ويستشري العلماء وإن كان جمتهدا والذي يلفت االنتباه حقا يف هذا املقام هو تشدد أكثر الكتاب املحدثني يف هذا املوضوع مع أنه من املعروف عنهم يف

الطرف عن كثري من املسائل اإللزامية الواجبة بالنصوص الصرحية الغالب التساهل وتتبع الرخص وغض . ليس هو بسبب قوة الدليل وثبوته عندهم ، فالسلف أكثر فهما هلا - كما يبدو يل واهللا أعلم - فالذي حدا م إىل ذلك

فالسبب الذي دعا -هم قلة وقد يكون سببا عند بعضهم لكن- منهم وأحرص على العمل ا والتمسك ا - أي األدلة - :إىل ذلك يف نظري هو أحد األمور الثالثة التالية

هو بسبب ما ابتلوا به من حكام جهلة ظلمة ، ال علم سديد عندهم يدلهم على اخلري والصواب ، وال خوف من اهللا ) ١ (ون الظلم واالستبداد ، والتعسف عمن وورع جيعلهم حيرصون على إصابة احلق واالهتمام بشؤون رعاياهم ، وجيعلهم يرفع

حتت أيديهم ، فهم حياولون احلد من ذلك عن طريق إجياب الشورى ، ومن مث إنشاء جمالس للشورى تدافع عن حقوقهم .املهضومة

) .١٥٣ ، ١٥٢ص(قواعد نظام احلكم يف اإلسالم )١(

٢٥٢

ثنية ، كما أن من دوافع بعض الكتاب إىل التشدد يف مثل هذا املوضوع هو التأثر واالنبهار بدميقراطيات الغرب الو) ٢ ( دميقراطية( فهم حياولون أن يثبتوا مثل هذا املوضوع حىت يقال إن ما عندكم يف الدميقراطية هو عندنا يف اإلسالم أو يف

!!كما حيلوا لبعضهم أن يسميها )اإلسالم .وشتان بني الشورى يف اإلسالم والدميقراطية عند الغرب !! ومن مث فال فرق بيننا وبني الغرب

كما أن من أسباب االهتمام عند بعض الباحثني يف هذا املوضوع والتشدد فيه هو للرد على اام املستشرقني لإلسالم ) ٣ (ليس صحيحا أن اإلسالم دين : بأنه دين االستبداد والتعسف فحىت يردوا مثل هذا االام يوجبون مثل هذا املوضوع حىت يقال

.الشورى ويلزم ا احلكام االستبداد والتعسف بدليل أنه يوجب ولكين . كالذين دفعهم إىل ذلك السبب األول ، والثالث . هذه هي األسباب يف نظري فمنها ما يدل على حسن نية

أخالفهم يف العالج ، فالعالج ليس هو أن نؤول النصوص ونوجب شيئا مل يوجبه اهللا ورسوله حىت نسلم من هذه البلوى أو غياب اإلسالم : وإمنا نرجع أوال إىل سبب نشوء هذه الباليا، وتصديق ضعاف العقول ذه التهم ، وهو . ندفع هذه التهمة

فالعالج الصحيح إذا هو السعي إىل قيام اخلالفة اإلسالمية الصحيحة النظيفة اليت متثل اإلسالم متثيال . عن التطبيق يف الواقع تبداد والظلم وستسد كل باب لالام واالفتراء على اإلسالم وتلقم املعاند احلجر صادقا ، ومن مث فإا سترفع مشكلة االس

.وتقنع طالب احلق بالواقع ال بالكالم أما ما دام اإلسالم يف طيات الكتب على الرفوف ، فالظلم واالستبداد سيبقى وإن أنشئ هناك جمالس صورية للشورى

كما أن الشبه واالامات ستبقى ألنه ال يدفع مثل . ن كما هو واقع اليوم ووذي يهتنتظر اإلشارة من رؤسائها فقط فتقر الولن يردع الظلمة عن ظلمهم القول بأن الشورى واجبة فعليكم العمل ا ، ألم قد . هذا االام احلرب الذي على الورق

. ل ما هو كفر والعياذ باهللا كتحكيم غري شرع اهللا استحلوا ما هو من أعظم الكبائر وأشد الذنوب اليت ال شك يف حرمتها ، ب .إن الشورى واجبة عليكم ، فعليكم العمل ا : فكيف ينصاعون إىل قول القائل

إنه من طلب املستحيل وإنه مطلب صحيح ولكنه بعيد : وقد يستغرب كثري من الناس هذا احلل وهو العالج ويقولون فلو أصلح كل منا نفسه ومن حتت يده . األمر كما تفهمون بل هو وارد وواقع إن شاء اهللا ليس : وحنن نقول هلم . املنال

لصلحت بذلك الشعوب وإذا صلحت واستقامت على منهج اهللا فلن يبقى لظامل أو متعسف مكان بني هذه الشعوب ، وإمنا اديث النبوية تدل طلوب وبشائر األحوهذا هو امل) وكما تكونوا يول عليكم ( سيتوىل القيادات من صاحلي هذه الشعوب

.اهللا مثل فتح روميه وقتال يهود على جانيب النهر وغري ذلك كثري وهو قريب إن شاء اهللا على ذلك إن شاء

٢٥٣

أما دعاة الدميقراطية وحماكاة الغرب يف كل شيء وحماوالت التقريب بني اإلسالم والكفر املتمثل يف وثنيات الغرب املعاصرة هذا هو طلب املستحيل حقا ، ألنه لن جيتمع احلق مع الباطل أبدا وإن التقيا يف بعض اجلوانب وتلك سنة اهللا يف خلقه ، ف

فاإلسالم شرع اهللا ومنهجه ومضمونه عبادة اهللا وحده ال شريك له ، أما الدميقراطية فشرع الكفار ومنهجهم ومضموا عبادة : وهلؤالء نقول . وشتان بني الكفر واإلميان . فصل الدين عن واقع احلياة العملي : البشر بعضهم لبعض ووسيلتها األوىل

- وهللا احلمد -فإن يف شريعتنا . صححوا إميانكم ومعرفتكم باهللا وشرعه أوال مث بعد ذلك تعالوا لتعاجلوا مثل هذه القضايا .)١(﴾ من الله حكما لقوم يوقنون ومن أحسن الغناء كل الغناء ، واالكتفاء كل االكتفاء ﴿

.٥٠سورة املائدة آية )١(

٢٥٤

هل الشورى ملزمة أو معلمة ؟ كما سبق أن بينا أن العلماء على ضربني يف حكم الشورى ، فهم كذلك هنا فمنهم من يرى أن الشورى ملزمة لإلمام

الصواب ، فعندما يشاور اإلمام أهل الرأي ينظر وعليه االنقياد للغالبية منهم ، ومنهم من يرى أا فقط معلمة يستخرج ا .على آرائهم مث خيتار منها ما يظنه أقرب للصواب سواء كان رأي األغلبية أم رأي األقلية أم رأيه هو وحده

: واآلن نستعرض أدلة كل من الفريقني بإجياز ، مث نرى الرأي الراجح :أدلة القائلني بأن الشورى ملزمة هو األخذ برأي : فالعزم : قالوا . ﴾ إذا عزمت فتوكل على الله فوشاورهم في األمر﴿ : استدلوا بقوله تعاىل ) ١ (

يف احلديث الذي رواه أمري املؤمنني علي رضي r ويدل على ذلك قوله . )١(األكثرية أو هو دال على األخذ برأي األكثرية .)٢(» مشاورة أهل الرأي مث إتباعهم « : عن العزم فقال r سئل رسول اهللا: ال اهللا عنه ق

أن تشاور ذا « : يا رسول اهللا ما العزم ؟ قال : وما روي عن خالد بن معدان وعبد الرمحن بن أيب حسني أن رجال قال .)٤() اللة على أا صدرت عن املشورة ويف ذكر العزمية عقيب املشاورة د: ( اجلصاص قال . )٣(» رأي مث تطيعه

اآلية تفيد الوجوب ، ولو كان أخذ الشورى مبجرد : ( ﴾ فقالوا وأمرهم شورى بينهم﴿ : كما استدلوا بقوله ) ٢ ( . وملا كان للمشورة فائدة )٥() الرأي فقط دون التقيد برأي األكثرية ملا كان األمر شورى حقا

» على أمر واحد ما عصيتكما يف مشورة أبدا - يعين أبا بكر وعمر -لو أنكما تتفقان « : r ما استدلوا بقولهك) ٣ ( .)٧(فاحلديث دال على رجحان رأي االثنني على الواحد ، ومن مث رجحان رأي األكثرية على األقلية : قالوا . )٦(

شاور أصحابه مث أعرض عن رأي الغالبية ، قال r ه مل يثبت أن النيبإن: كما استدلوا بالسنة الفعلية حيث قالوا ) ٤ ( .)٨() متسك برأيه يف أمر شورى r حادثة واحدة تدل على أن الرسول( إنه مل ترد : األستاذ عبد الرمحن عبد اخلالق

.)٩(م وحنو ذلك كما استدلوا بآراء وحجج عقلية وأحاديث عامة يف األمر بلزوم اجلماعة والسواد األعظ :أدلة القائلني بعدم إلزامية الشورى لإلمام وإمنا هي معلمة

: استدلوا على ذلك باآليت

) .١٩٣ص (الشورى وأثرها يف الدميقراطية )١( .ومل يذكرا له سند ومل حيكما عليه ) ٢/٩٠(، وكذلك السيوطي يف الدر املنثور ) ٢/١٢٩(عزاه ابن كثري يف تفسريه البن مردويه )٢( .مرسل : وهو ) ٢/٩٠(، ورواه السيوطي يف الدر املنثور ) ١٠/١١٢(آداب القاضي : لبيهقي كتاب سنن ا )٣( ) .٢/٣٣١(أحكام القرآن )٤( ) .١٩٣ص (الشورى وأثرها يف الدميقراطية )٥( ) .٤١٢ص (سبق خترجيه )٦( ) .١٩٦ص (الشورى وأثرها يف الدميقراطية )٧( ) .١٠٦ص (سالمي الشورى يف ظل نظام احلكم اإل )٨( .فما بعدها ) ١٠٧ص (وما بعدها ، والشورى يف ظل نظام احلكم اإلسالمي ) ٢٠٦ص ( الشورى وأثرها يف الدميقراطية: راجع إن شئت )٩(

٢٥٥

، بدأت r خطاب موجه إىل النيب: ﴾ فاآلية إذا عزمت فتوكل على الله فوشاورهم في األمر... ﴿ : قوله تعاىل ) ١ (فكيف ( الستغفار للصحابة الذين أشاروا عليه باخلروج يوم أحد ملالقاة العدو ، وأصام ما أصام يف ذلك اليوم بالعفو وا

فإذا : ( قال الطربي )١() بآراء من يفترقون إىل عفوه واستغفاره ، فهو يف احملل األعلى وهم يف احملل األدىن rيلزم الرسول لك فيما نابك وحزبك من أمر دينك ودنياك فامض ملا أمرناك على ما أمرناك به ، وافق صح عزمك بتثبيتنا إياك وتسديدنا

) على اهللا ( فيما تأيت من أمورك أو تدع وحتاول أو تزاول ) وتوكل ( ذلك آراء أصحابك وما أشاروا به عليك أو خالفها ، ﴾ وهم الراضون إن الله يحب المتوكلني فـ ﴿ فثق به يف كل ذلك وارض بقضائه يف مجيعه دون آراء سائر خلقه ومعونتهم

.)٢() بقضائه ، واملستسلمون حلكمه فيهم ، وافق ذلك منهم هوى أو خالفه .)٣( وقد سرد الدكتور عبد احلميد إمساعيل األنصاري أقوال مخسة عشر مفسرا كلها تدور حول هذا املعىن

يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم فإن تنازعتم في ﴿ : بقوله تعاىل كما استدلوا أيضا ) ٢ ( .)٤(اآلية ﴾ ... شيء فردوه إلى الله والرسول

مر والرعية ، فإنه جيب الرد إىل كتاب اهللا وسنة نبيه ، فإذا وجد احلكم فاآلية تدل على أنه إذا حصل خالف بني أويل األفينبغي أن يستخرج من كل ( وجب إتباعه ، وال طاعة ألحد يف خمالفته وإن مل يكن احلكم صرحيا ، وقد تنازع املسلمون فيه

ألكثرية وال باألقلية ، أما يف املسائل املباحة ال بقول ا . )٥() منهم رأيه ، فأي اآلراء أشبه بكتاب اهللا وسنة رسوله عمل به .)٦(! ) فكيف يأمرنا اهللا بطاعة اخلليفة ، وتقضي الشورى مبخالفته ( االجتهادية فنحن ملزمون بطاعتهم بنص اآلية

وكذلك )٧( برأي األغلبية ، مثل بعض املواقف يف صلح احلديبية r كما استدلوا حبوادث من السرية مل يلتزم الرسول) ٣ (اخللفاء الراشدين من بعده ، مثل موقف أيب بكر من حروب الردة ، وإصرار أيب بكر رضي اهللا عنه على رأيه ، ويف تنفيذه جليش أسامة ، وقد كان الصحابة يشريون عليه بعدم إنفاذه خلطورة املوقف ، وقاسم عمر رضي اهللا عنه والته نصف أمواهلم

.)٨(ريرة وعمرو بن العاص ، وابن عباس ، وسعد بن أيب وقاص بغري شورى كأيب ه: وهم كبار الصحابة ومل يأخذ عثمان رضي اهللا عنه مبشورة الصحابة الذين أشاروا عليه باستعمال الشدة مع أصحاب اإلشاعات ، وكذلك

الصحابة بأن ال يتعجل برتعهم علي رضي اهللا عنه فقد سارع بعد توليه اخلالفة إىل عزل والة األمصار ، ومل يسمع ملشورة .)٩(حىت يتم له أمره ويستقر حكمه

) .٨ص (حسن هويدي . الشورى يف اإلسالم د )١( .حتقيق أمحد شاكر وأخيه ) ٧/٣٤٦(تفسري الطربي ) ٢( ) .١١٦ ، ١١٥ص (قراطية الشورى وأثرها يف الدمي) ٣( .٥٩ ةسورة النساء آي) ٤( ) .١٥٨ص (السياسة الشرعية ) ٥( ) .١٩ص (حسن هويدي . الشورى يف اإلسالم د ) ٦( ) .٩ص (نفس املرجع ) ٧( ) .١٨ص (نفس املرجع ) ٨( ) .١٢٦ ، ١٢٥ص (مبدأ الشورى يف اإلسالم للمليجي ) ٩(

٢٥٦

ومن األدلة أيضا أن اخلليفة مكتمل الشروط يكون يف الغالب جمتهدا ، واتهد حيرم عليه التقليد ، فإن رأى رأيا ) ٤ (الصواب فيقلدهم يف رأيهم الذي يراه خطاء صوابا وخالفه فيه األكثرية من أهل الشورى فهل جيوز له شرعا أن يرجع عن رأيه

كما أن اإلمام مسئول مسئولية كاملة عن أعماله فال جيوز إلزامه بتنفيذ رأي غريه إن مل يقتنع بصوابه ، ألن كون )١(؟ ره له غري اإلنسان مسئوال عن عمله يعين أنه يعمله باختياره ورأيه ، ال أن يعمل وينفذ رأي غريه على وجه اإللزام وهو كا

وقد دلت نصوص الكتاب والسنة وإمجاع سلف : ( مقتنع به ، مث يسأل هو عن هذا الرأي ونتائجه ، قال شارح الطحاوية األمة أن ويل األمر وإمام الصالة واحلاكم وأمري احلرب وعامل الصدقة يطاع يف مواضع االجتهاد وليس عليه أن يطيع أتباعه

.)٢() طاعته يف ذلك وترك رأيهم لرأيه يف موارد االجتهاد ، بل عليهمإن الكثرة ليست مناطا للصواب وال دليال قاطعا أو راجحا عليه ، إذ أن صواب الرأي أو خطأه يستمدان من ذات ) ٦ (

قراطيات احلديثة ، فاإلسالم ال جيعل كثرة العدد ميزانا للحق والباطل كما تفعله الدمي . )٣() الرأي ال من كثرة أو قلة القائلني فإن من املمكن يف نظر اإلسالم أن يكون الرجل الفرد : ( املودودي قال األستاذ )٤() ومبدأ األكثرية هذا مبدأ غري إسالمي (

.)٥() أصوب رأيا وأحد بصرا يف مسألة من املسائل من سائر أعضاء الس

ولكن أكثر الناس ال ﴿ : الكثرة غالبا على خالف احلق حنو قوله تعاىل وقد ورد يف القرآن كثري من اآليات تدل على أن )٨( ﴾ وما يتبع أكثرهم إال ظنا﴿ : وقوله عز وجل )٧( ﴾ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنني﴿ : وقوله )٦( ﴾ يؤمنون . وغريها كثري واهللا أعلم )٩( ﴾ طع أكثر من في األرض يضلوك عن سبيل اللهوإن ت﴿ : تعاىل وقوله

الرأي الراجحإن الشورى : بعد النظر يف األدلة والتحقيق جند أن من اخلطأ إصدار حكم عام على مسائل خمتلفة مثل هذه ، ونقول

كن األمر حيتاج إىل تفصيل نذكره باختصار ، ألن منها ما هو ملزم ، ومنها ما ملزمة لإلمام أو غري ملزمة على اإلطالق ، ول :هو غري ملزم وهي كالتايل

إذا كان يف األمر املطروح للمشاورة حكم شرعي ، ومل يعرف اإلمام حكمه فحينئذ جيب عليه املشاورة فيه وسؤال ) ١ (وما كان لمؤمن ﴿ : له الدليل وجب عليه االلتزام به ، كما قال تعاىل أهل العلم حىت يتبني له الدليل فيحكم به وإذا اتضح

رهمأم ة منرالخي مكون لهرا أن يأم ولهسرو ى اللهة إذا قضمنؤال م١( ﴾ و(.

) .٢٢ص (الشورى يف اإلسالم ) ١( .ثالثة . ط ) ٣٦٢ص (شرح العقدية الطحاوية ) ٢( ) .٢١٣ص (عبد الكرمي زيدان . أصول الدعوة د ) ٣( ) .١٧٢ص (الشورى وأثرها يف الدميقراطية ) ٤( ) .٥٩ص (نظرية اإلسالم وهديه للمودودي ) ٥( .٥٩سورة غافر آية ) ٦( .١٠٣سورة يوسف آية ) ٧( .٣٦سورة يونس آية ) ٨( .١١٦عام آية سورة األن) ٩(

٢٥٧

رأيه ، مث يعرضها على الكتاب والسنة ، فما كان أما إذا مل يكن يف املسألة دليل صريح فإنه يف هذه احلال يأخذ من كلمرياث اجلدة ، : أشبه ما أخذ به ، ووجب على الناس طاعته ، كما كان اخللفاء رضي اهللا عنهم يفعلونه ، مثل ما حصل يف

.وهو يف هذه احلال غري ملزم برأي معني من هذه اآلراء سواء كان عليه األكثر أم األقل . وإمالص املرأة أما األحكام والقضايا االجتهادية اليت مل يرد فيها دليل وال شبهة دليل وإمنا هي من مسائل االجتهاد املفوضة ففي هذه ) ٢ (

املسألة على اإلمام أن يعمل رأيه ، مث يعزم على ما يؤديه إليه اجتهاده ، وينبغي له يف مثل هذا احلال أن يستنري بآراء العلماء يستشريهم ، ويف مثل هذه احلال ال يلزم برأي معين من آراء املستشارين قلوا أو كثروا ، بل يكون اجتهاده وذوي اخلربة و

وهذا ال يكون إال )٢(﴾ .... أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم﴿ : الذي عزم عليه واجب الطاعة لقوله تعاىل .يت ال نص فيها يف األمور ال

أما القضايا الفنية اليت خيتص مبعرفتها ذوو اخلربات واالختصاصات فهذه ينبغي لإلمام أال يشاور فيها إال ذوي ) ٣ (االختصاص ، وأن يتبع الصواب ولو من واحد ، إذا اتضح له أو ترجح عنده أن هذا هو الصواب ، وال يعرج على الكثرة أو

- بلغة العصر -يوم بدر عندما أراد الرتول فأخربه صاحب اخلربة واالستراتيجية العسكرية r ما فعل النيبالقلة ، وذلك كعلى رأيه ، وحنوه قصة سليمان الفارسي وحفر r احلباب بن املنذر رضي اهللا عنه باملكان املناسب للرتول ، فوافقه النيب

.اخلندق

ة ، فإنه ينبغي لإلمام أن يستشري فيها ويكثر من ذلك كما دلت على ذلك النصوص أما ما سوى ذلك من األمور العام) ٤ (يوم أحد حينما أحل عليه باخلروج الصحابةة الذين مل r السابقة ، وال بأس أن جيعل املرجح هو رأي األغلبية كما فعل النيب

كبار الصحابة ، وكما حصل عند حصاره للطائف ملا يشاركوا يف بدر طلبا للشهادة ، وقد كان يرى عدم اخلروج هو وبعض r هم بالرجوع واالنسحاب ، فرأى القوم يكرهونه فتركهم حىت اتضح له منهم الرغبة يف االنسحاب ، فضحك منهم النيب

.)٣(وأمر بالرحيل فما الفائدة إذا من الشورى ؟ أما إذا أصر على رأيه فعلى الرعية الطاعة واالنقياد له يف غري معصية ، وقد يقال

أن فائدة الشورى تظهر يف ظهور الرأي الصواب ، واملظنون يف اخلليفة مكتمل الشروط أن يأخذ بالصواب وما : واجلواب فيه مصلحة ال واه وشهوته ، وليس معىن وجود كثري من احلوادث يف السرية وفيها يرجع اإلمام عن رأيه ويأخذ برأي

ما يدل على إلزاميتها له ، فهذا ال حجة فيه بل املفروض يف اخلليفة وغريه من أهل النصيحة أن يتبع احلق حيثما املستشارينظهر ، وذلك كثري يف تارخينا وهو من مثرات الشورى الطيبة فقد يرجع عن رأيه إىل رأيهم ، وقد يرجعون عن رأيهم إىل رأيه

.يعها عبثا ، لذلك فتلك احلوادث ال تدل على إلزامية الشورى لإلمام واهللا أعلم ، وإال فال فائدة للشورى أصال ويكون تشر

.٣٦سورة األحزاب آية ) ١( . ٥٩سورة النساء آية ) ٢( ) .٤٢٨ص (رواه مسلم ومر خترجيه ) ٣(

٢٥٨

تنبيه

احلديث عن الشورى يف هذا املبحث املقصود ا الشورى بني اإلمام ورعيته أي يف حالة وجود اإلمام ، وهذه األحكام .خاصة بالشورى يف مثل هذه احلال

العقد الختيار اإلمام فهي ختالف وتغاير ما هنا ، وقد سبق أن بينا أا هي الطريق الشرعي أما الشورى بني أهل احلل ووتلك هلا أحكامها اخلاصة املغايرة للشورى املذكورة يف هذا املبحث ، فهي ) االنتخاب ( األول لتعيني اإلمام ، وهي املسماة

من بايع إماما من غري مشورة املسلمني فال : ( عمر رضي اهللا عنه واجبة إذا مل يكن هناك عهد من اخلليفة السابق ، كما قال كما أن تلك الشورى ملزمة للناس إذا اختاره أهل احلل )١() هو وال الذي بايعه تغره أن يقتال ) يتابع : ( ويف رواية . يبايع

.واهللا أعلم . والعقد وبايعوه كما سبق

* * * * *

.من فصل طرق االنعقاد ) ١٣٧ص (خترجيه : وانظر ) . ١٢/١٤٤(فتح الباري ) ٣١(رجم احلبلى رقم : باب . احلدود : البخاري كتاب ) ١(

٢٥٩

الفصل الثالث

ام واخلروج على األئمةعزل اإلم

٢٦٠

الثالث الفصل

عزل اإلمام واخلروج على األئمة ذكرنا يف الفصل السابق الواجبات املنوطة باألئمة واحلقوق املترتبة على تلك الواجبات ، ومن قبله ذكرنا الشروط اليت

أو قصر اإلمام يف واجب من هذه تشترط يف اإلمام حىت يكون أهال هلا املنصب ، لكن لو نقص شرط من هذه الشروط الواجبات فما احلكم ؟

هلذا جاء اإلسالم بعالج شاف يعاجل به هذه املشكلة اخلطرية ، وهذا العالج خيتلف باختالف الداء ، فقد يكون هذا ل السليمة وقد يكون العالج هو النصح والتذكري والتقومي ، وقد يكون اهلجر واخلذالن واملقاطعة ، وقد يكون العزل بالوسائ

.يف بعض احلاالت باخلروج عليه وسل السيوف ونظرا ألمهية هذا املوضوع وخطورته ، ولقلة التفصيل الوارد فيه من علمائنا األقدمني واحملدثني ، واختالف وجهات النظر

لواجب على جتزئة املوضوع وتفصيله قدر فيه قدميا وحديثا ، ولكل وجهة أدلتها الشرعية اخلاصة ا ، لذلك كله رأيت من ااملستطاع حىت يتكون عندنا صورة واضحة هلذا القضية ، لذلك كان ال بد من تبيان املسببات املوجبة للعزل وآراء العلماء فيها

وفسق ، مث احلديث عن وسائل العزل وآراء العلماء يف كل وسيلة ، مث احلديث عن أحوال األئمة املخروج عليهم من عدالة وكفر ، مث أحوال اخلارجني على أولئك من خوارج وحماربني وبغاة وأهل حق ، وذلك لكي تتضح الصورة ويزول اللبس عن

:هذه القضية فأقول

٢٦١

املبحث األول مسببات العزل

ى االستمرار يف تدبري شؤون من املتفق عليه بني العلماء أن اإلمام ما دام قائما بواجباته امللقاة على عاتقه ، مالكا القدرة علرعيته ، عادال بينهم فإنه ال جيوز عزله وال اخلروج عليه ، بل ذلك مما حذر منه اإلسالم وتوعد الغادر بعذاب أليم يوم القيامة

خري ، كما أن األخطاء اليسرية ، ال جتوز عزل اإلمام ، ألن الكمال هللا وحده واملعصوم من عصمه اهللا ، وكل ابن آدم خطاء واخلطابني التوابون ، لكن هناك أمور عظيمة هلا تأثري على حيات املسلمني الدينية والدنيوية ، منها ما يؤدي إىل ضرورة عزل

واآلن نستعرض هذه . ما هو خمتلف فيه : ومنها . ما هو متفق عليه بني العلماء : اإلمام املرتكب هلا ، وهذه األمور منها :ء فيها األسباب لنرى آراء العلما

:الكفر والردة بعد اإلسالم : األول أول األمور وأعظم األسباب املوجبة لعزل الوايل وخلعه عن تدبري أوامر املسلمني هو الردة والكفر بعد اإلميان ، فإذا ما

املسلمني ، وال يكون له والية ارتكب اإلمام جرما عظيما يؤدي إىل الكفر واالرتداد عن الدين فإنه ينعزل بذلك عن تدبري أمر وأي سبيل أعظم من سبيل اإلمامة ؟ )١( ﴿ ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنني سبيال ﴾: على مسلم حبال ، قال تعاىل

لى السمع والطاعة يف ع- r أي رسول اهللا-بايعنا ( : ويف احلديث الذي رواه عبادة بن الصامت رضي اهللا تعاىل عنه قال ) برهان وأثرة علينا ، وأال ننازع األمر أهله إال أن تروا كفرا بواحا عندكم من اهللا فيه ويسرناوعسرنا منشطنا ومكرهنا

)٢(.

« )٣() أظهره يريد ظاهرا باديا من قوهلم باح بالشيء يبوح بوحا وبواحا إذا أذاعه و» بواحا « معىن : ( قال اخلطايب وقال النووي . )٤() نص آية أو خرب صحيح ال حيتمل التأويل : أي ( : قال احلافظ ابن حجر » وعندكم من اهللا فيه برهان

املراد بالكفر هنا املعصية ، ومعىن احلديث ال تنازعوا والة األمور يف واليام ، وال تعترضوا عليهم إال أن تروا منهم منكرا : ( ومن مفهوم هذا احلديث أنه ال يشترط أن يعلن هذا احلاكم الردة عن اإلسالم أو . )٥() ا تعلمونه من قواعد اإلسالم حمقق

أيضا على هذا أن أهل - أي هذا احلديث -ودل : ( الكفر ، بل يكفي إظهاره لبعض املظاهر املوجبة للكفر قال الكشمريي

.١٤١النساء آية )١(. اإلمارة : ، ورواه مسلم يف ك ) ١٣/٥( فتح الباري » سترون بعدي أمورا تنكروا « r قول النيب : ب . الفنت : رواه البخاري يف ك . يه متفق عل )٢(

.١٧٠٩ح) ٣/١٤٧٠(وجوب طاعة األمراء يف غري معصية ، : ب ) .١٣/٨(فتح الباري )٣( ) .١٣/٥(نفس املصدر )٤( ) .١٢/٢٢٩(صحيح مسلم بشرح النووي )٥(

٢٦٢

ن القبلة ، وأنه قد يلزم الكفر بال التزام وبدون أن يريد تبديل امللة ، وإال مل حيتج الرائي القبلة جيوز تكفريهم وإن مل خيرجوا ع .)١() برهان إىل

فظاهر احلديث أن من طرأ عليه الكفر فإنه جيب عزله ، وهذا أهون ما جيب على األمة حنوه ، إذ الواجب أن يقاتل ويباح .)٢(» من بدل دينه فاقتلوه « : احلديث الذي رواه ابن عباس يف r لقوله دمه بسبب ردته امتثاال

وقد سبق عند ذكر الشروط أن الكافر ال والية له على املسلم حبال وهذا السبب يف عزل اإلمام حمل اتفاق بني العلماء ، إميانه فقد خرج عن اإلمامة ، إن حدث منه ما يقدح يف دينه ، نظرت فإن كفر بعد : ( وجممع عليه عندهم ، قال أبو يعلي

.)٣() وهذا ال إشكال فيه ألنه قد خرج عن امللة ووجب قتله أمجع العلماء على أن اإلمامة ال تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه كفر وتغيري للشرع أو بدعة : ( وقال القاضي عياض

عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك ، فإن خرج عن حكم الوالية وسقطت طاعته ، ووجب على املسلمني القيام ينعزل بالكفر - أي اإلمام -أنه : ( وقال احلافظ ابن حجر . )٤() مل يقع ذلك إال لطائفة وجب عليهم القيام خبلع الكافر

ن عجز وجبت إمجاعا ، فيجب على كل مسلم القيام يف ذلك فمن قوي على ذلك فله الثواب ، ومن داهن فعليه اإلمث ، وم .)٥(عليه اهلجرة من تلك األرض

.)٦() أمجعوا على أن اخلليفة إذا دعا إىل كفر أو بدعة يثار عليه : ( وقال السفاقسي :ترك الصالة والدعوة إليها : الثاين

ر ويدخل يف السبب اآلنف كما أن من األسباب املوجبة لعزل اإلمام ترك الصالة والدعوة إليها ، إما جحودا فهذا كفالذكر ، وإما اونا وكسال فعلى رأي بعض العلماء أنه معصية وكبرية من الكبائر ، وعلى الرأي اآلخر أنه كفر ، وهناك

وغريه . )٧(» العهد الذي بيننا وبينهم الصالة ، فمن تركها فقد كفر « : r أحاديث صحيحة تشهد هلذا الرأي منها قولهفعلى أي احلالني جيب عزل اإلمام الذي يترك الصالة عمال باألحاديث . وليس هذا حمل حبث هلذه املسألة من األحاديث

:الواردة يف ذلك واليت ت عن منابذة األئمة اجلورة ونقض بيعتهم وعن مقاتلتهم بشرط إقامتهم الصالة ومن األحاديث خيار أئمتكم الذين « : يقول r مسعت رسول اهللا: عنه قال ما رواه مسلم عن عوف بن مالك رضي اهللا تعاىل -١

. » حتبوم وحيبونكم ، وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضوم ويبغضونكم ، وتلعنوم ويلعنونكم

.الس العلمي يف كراتشي . ن ١٣٨٨. للكشمريي ط ) ٢٢ص (إكفار امللحدين )١(عون املعبود : انظر . ٣٥: ب . احلدود : ك ورواه أبو داود يف . من الفتح ) ٦/١٤٩(ال يعذب بعذاب اهللا ، : ب . اجلهاد : رواه البخاري يف ك )٢( .والنسائي ، وأمحد ) ٢/٨٤٨( ، ٣: ب . احلدود : ، وابن ماجة يف ك ) ١٢/٣( ) .٢٤٣ص (املعتمد يف أصول الدين )٣( ) .١٢/٢٢٩(صحيح مسلم بشرح النووي )٤( ) .١٣/١٢٣(فتح الباري )٥( ) .١٠/٢١٧(إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري )٦( ٨ب . الصـالة : ، ورواه النسائي يف ك ٢٦١٨ح ) ٥/١٤. (ب حسن صحيح غري: وقال . ، ترك الصالة ٩: ب . اإلميان : رواه الترمذي يف ك )٧(

) .٥/٣٤٦(، وأمحد يف مسنده ) ١/٣٤٢( ، فيمن ترك الصالة ٧٧: باب . اإلقامة : ، ورواه ابن ماجة يف ) ١/٢٣١(، احلكم يف تارك الصالة

٢٦٣

» ... قاموا فيكم الصالة ال ما أقاموا فيكم الصالة ، ال ما أ« : أفال ننابذهم عند ذلك ؟ قال : قلنا يا رسول اهللا : قال .ومن مفهوم احلديث أنه مىت تركوا إقامة الصالة فإم ينابذون ، واملنابذة هي املدافعة واملخاصمة واملقاتلة . )١(احلديث

قال r إن رسول اهللا: كما يدل على ذلك أيضا احلديث الذي رواه مسلم وغريه عن أم سلمة رضي اهللا عنها قالت -٢ ، قالوا » ه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن كره فقد برئ ، ومن أنكر فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع إن« : .)٢(» ال ما صلوا « : أفال نقاتلهم ؟ قال :

كما وهذا احلديث فيه التصريح مبقاتلة األمراء الذين ال يصلون ، ومعلوم أن املقاتلة هي آخر وسيلة من وسائل العزل .سيأيت

.)٣() لو ترك إقامة الصالة والدعوة إليها ( وقد سبق ذكر كالم القاضي عياض وادعاؤه إمجاع العلماء على عزل اإلمام :ترك احلكم مبا أنزل اهللا : الثالث

من اإلسالم ، وكذلك وهذا السبب أيضا كالذي قبله تستوي فيه الصور من احلكم بغري ما أنزل اهللا املخرجة لفاعلها .الصور اليت ال خترجه من امللة ، وقد سبق حبث هذه الصور وتفنيدها

والذي يدل على أن هذا السبب موجب لعزل اإلمام جبميع صوره املكفرة واملفسقة هو ورودها مطلقة يف األحاديث :النبوية الصحيحة اآلتية

امسعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن « : قال r رسول اهللا عن أنس بن مالك رضي اهللا تعاىل عنه أن-١ .)٤(» رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب اهللا

: إىل أن قالت ... حجة الوداع r حججت مع رسول اهللا: ( وعن أم احلصني األمحسية رضي اهللا تعاىل عنها قالت -٢ ويف رواية . » يقودكم بكتاب اهللا فامسعوا له وأطيعوا -أسود : حسبتها قالت -إن أمر عليكم عبد جمدع « : مث مسعته يقول

يا أيها الناس اتقوا اهللا وإن أمر عليكم عبد حبشي جمدع فامسعوا له وأطيعوا ما أقام فيكم « : الترمذي والنسائي مسعته يقول : .)٥(» كتاب اهللا

أما إذا مل حيكم فيهم . للسمع والطاعة أن يقود اإلمام رعيته بكتاب اهللا فهذه األحاديث واضحة الداللة على أنه يشترطشرع اهللا فهذا ال مسع له وال طاعة وهذا يقتضي عزله ، وهذا يف صور احلكم بغري ما أنزل اهللا املفسقة ، أما املكفرة فهي

.توجب عزله ولو باملقاتلة كما سبق بيانه يف السبب األول واهللا أعلم

.١٨٥٥ح ) ٣/١٤٨٢(خيار األئمة وشرارهم ، : ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك )١(: ب . الفـنت : ، ورواه الترمذي يف ك ١٨٥٤ح ) ٣/١٤٨٣(وجوب اإلنكار على األمراء فيما خيالف الشرع ، : ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك )٢(، ورواه أمحـد يف ) ١٣/١٠٦(يف قتل اخلوارج ، عون املعبـود : ب . السنة : ، ورواه أبو داود يف ك ٢٢٦٥ح) ٤/٥٢٩(حسن صحيح : وقال . ٧٨ ) .٦/٣٩٥(سنده م ) .١٢/٢٢٩(صحيح مسلم بشرح النووي )٣( ) .٢٢٩ص(السمع والطاعة لإلمام ما مل تكن معصية ، وغريه وسبق خترجيه يف الشروط : باب . األحكام : رواه البخاري يف )٤(ما جاء يف طاعـة : ب . اجلهاد : رمذي يف ك ، والت ) ٣/١٤٦٨ (١٨٣٨وجوب طاعة األمراء يف غري معصية ، ح : ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك )٥(

) .٧/١٥٤(احلض على طاعة اإلمام : ب . يف البيعة : ، والنسائي ك ) ٤/٢٠٩ (١٧٠٦اإلمام ، ح

٢٦٤

:الفسق والظلم والبدعة : ابع الر ال خالف بني األمة أنه : ( قال القرطيب . سبق احلدث على أن من املتفق عليه بني العلماء أن اإلمامة ال تعقد لفاسق ابتداء

.وسبق تفصيل األدلة الواردة يف ذلك عند احلديث عن شرط العدالة . )١(ال جيوز أن تعقد اإلمامة لفاسق انعقدت اإلمامة لعادل مث طرأ عليه الفسق فما احلكم ؟ هنا حصل اخلالف بني العلماء فمنهم من قال يستحق لكن لو

العزل وتنتقض بيعته ، ومنهم من قال باستدامة العقد ما مل يصل به الفسق إىل ترك الصالة أو الكفر ، وفصل آخرون القول يف :ذلك على ما سيأيت

:طلقا القائلون بالعزل م) ١( وهؤالء يرون أن طروء الفسق كأصالته يف إبطال العقد وذلك النتفاء الغرض املقصود أصال من اإلمامة ، ونسب القرطيب

إنه تنفسخ إمامته ، وخيلع بالفسق الظاهر املعلوم ، ألنه قد ثبت أن اإلمام إمنا : قال اجلمهور : ( هذا القول للجمهور فقال وحفظ أموال األيتام واانني ، والنظر يف أمورهم ، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام ، واستيفاء احلقوقيقام إلقامة احلدود

... ) .ذه األمور والنهوض ا .)٢() فلو جوزنا أن يكون فاسق أدى إىل إبطال ما أقيم له ، وكذلك هذا مثله : ( قال

. وهو املشهور عن أيب حنيفة )٤() ، وإليه ذهب بعض أصحابه )٣( يف القدمي ونسب الزبيدي هذا القول إىل الشافعيفأما األحداث اليت خيرج ا من كونه : ( وهو مذهب املعتزلة واخلوارج ، أما املعتزلة فقد قال عنهم القاضي عبد اجلبار

ال فرق بني الفسق بالتأويل ، وبني : ( ... قال ) ته إماما فظهور الفسق سواء بلغ حد الكفر أو مل يبلغ ألن ذلك يقدح يف عدالوكذا ( وهذا مما ال خالف فيه ، ألم أمجعوا أنه يهتك بالفجور وغريه ... الفسق بأفعال اجلوارح يف هذا الباب عند مشاخينا

.)٥() أنه ال يبقى على إمامته ) تكبه من اإلميان قالوا بانعزال اإلمام إذا فسق ألنه حينئذ ليس مؤمنا وأما اخلوارج فإم ملا كانوا يقولون بأن الفسق خيرج مر

.)٦() اخلروج على األئمة ( وغري املؤمن ال يصلح أن يكون إماما ، ومما أمجعت عليه اخلوارج هو - على مذهبهم - :القائلون بعدم العزل بالفسق مطلقا ) ٢(

وقال مجهور أهل السنة من الفقهاء واحملدثني واملتكلمني ال ينعزل بالفسق : ( ياض وهم مجهور أهل السنة ، قال القاضي ع .)٧() والظلم وتعطيل احلقوق وال خيلع وال جيوز اخلروج عليه بذلك بل جيب وعظه وختويفه

) .١/٢٧٠(اجلامع ألحكام القرآن )١( ) .١/٢٧١(اجلامع ألحكام القرآن )٢( ) .٢/٢٣٣(إحتاف السادة املتقني بشرح إحياء علوم الدين )٣( ) .١/٧٢(مآثر اإلنافة )٤( .٢ق ) ٢٠/١٧٠(املغين يف أبواب التوحد والعدل )٥( ) .٧٣ص(الفرق بني الفرق )٦( ) .١٢/٢٢٩(شرح النووي لصحيح مسلم )٧(

٢٦٥

شيخنا أبو عبد اهللا يف ذكر: ( وقال أبو يعلى يف املعتمد )١() إن اإلمام ال ينعزل بالفسق على الصحيح : ( وقال النووي كتابه عن أصحابنا أنه ال ينخلع بذلك ، أي بفسق األفعال كأخذ األموال وضرب األبشار ، وال جيب اخلروج عليه ، بل جيب

.)٢() وعظه وختويفه ، وترك طاعته يف شيء مما يدعو إليه من معاصي اهللا تعاىل

ال مينع من استدامة اإلمامة سواء كان متعلقا بأفعال اجلوارح وهو ( لفسق إىل أن ا) األحكام السلطانية ( وذهب يف كتابه املتأول لشبهة تعرض يذهب فيها إىل : ارتكاب احملظورات وإقدامه على املنكرات إتباعا لشهوة ، أو كان متعلقا باالعتقاد وهو

.)٣() خالف احلق املنع من اخلروج على األئمة ملا يف ذلك من إحياء الفتنة ، وباألحاديث مث استدل على ما ذهب إليه بكالم اإلمام أمحد يف

.اآلمرة بالصرب على جور األئمة وسيأيت ذلك موضحا فيما بعد لكن مما ينبغي التنبيه إليه يف هذا املقام هو أن املراد هنا هل الفسق جيعله مستحقا للعزل أم ال ؟ أما عن اخلروج واملقاتلة

هذه سيأيت الكالم عليها ، علما بأن هناك طرقا للعزل غري السيف ، سيأيت إيضاحها قريبا ، وليس كل من استحق بالسيف فكما ال جيوز . العزل يعزل ، وإمنا ينظر إىل ما سيترتب على هذا العزل ، فإن ترتب عليه فتنة أكرب مل جيز العزل واخلروج عليه

إذا أمنت الفتنة وقدر على عزله بوسيلة ال تؤدي إىل فتنة ففي هذه احلال يقوم أهل احلل إنكار املنكر مبنكر أعظم منه ، أما .والعقد بعزله ألم الذين أبرموا معه عقد اإلمامة ، فهم الذين ميلكون نقضه

:ومنهم من فصل يف ذلك ) ٣ ( .من جهة ماهية الفسق ، ومن جهة زمان العزل : وهذا التفصيل من جهتني

:فقد ذكر املاوردي الشافعي أن الفسق املانع لعقد اإلمامة واستدامتها على ضربني : فأما ما يتعلق مباهية الفسق - أارتكابه احملظورات ، وإقدامه على املنكرات ، حتكيما : فسق اجلوارح ، وهو : وهو . ما تابع فيه الشهوة :أحدمها

فهذا فسق مينع من انعقاد اإلمامة ومن استدامتها ، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج ( : قال . للشهوة وانقيادا للهوى .)٤() منها فذهب فريق ( باالعتقاد واملتأول لشبهة تعترض فيتأول هلا خالف احلق ، فقد اختلف العلماء فيها :الثاين منهما متعلق

إنه ال مينع من انعقاد : وقال كثري من علماء البصرة ... امتها وخيرج حبدوثه منها منهم إىل أا متنع من انعقاد اإلمامة ومن استد .)٥() اإلمامة وال خيرج به منها ، كما ال مينع والية القضاء وجواز الشهادة

: أما ما يتعلق بزمان العزل ففيها ثالثة أوجه وهي كالتايل - ب .ات كما لو م... ينخلع بنفس الفسق :أحدها

) .١٠/٤٨(روضة الطالبني )١( ) .٢٤٣ص(املعتمد يف أصول الدين )٢( ) .٢٠ص( )٣( ) .١٧ص(األحكام السلطانية للماوردي )٤( ) .١٧ص(حكام السلطانية األ )٥(

٢٦٦

ال ينخلع حىت حيكم خبلعه ، كما إذا فك عنه احلجر مث صار مبذرا ، فإنه ال يصح أن يصري حمجورا عليه إال :والثاين .باحلكم

.)١( إن أمكن استتابته وتقومي اعوجاجه مل خيلع وإن مل ميكن ذلك خلع :والثالث والواجب إن وقع شيء من اجلور وإن قل : ( ليه ابن حزم الظاهري فقال وذهب إ)٢( وهذا الوجه هو الذي رجحه اجلويين

أن يكلم اإلمام يف ذلك ومينع منه ، فإن امتنع وراجع احلق وأذعن للقود من البشرة أو األعضاء وإلقامة حد الزنا والقذف فاذ شيء من هذه الواجبات عليه ومل إمام كما كان ال حيل خلعه ، فإن امتنع من إن: وهو . واخلمر عليه فال سبيل إىل خلعه

.)٣() يراجع وجب خلعه وإقامة غريه ممن يقوم باحلق فكذلك هنا ، : قالوا - وسبق ذكرها - وقد استدل القائلون بالعزل باألدلة الدالة على اشتراطه يف عقد اإلمامة ابتداء

العدل ، فإذا انتفت هذه اخلصال انتفى مقصود اإلمامة وألن الغرض من املنصب هو محاية جناب الدين ورفع الظلم وحتقيق .واإلمامة واجبة شرعا كما مر فدل على أنه ال بد أن يكون اإلمام عادال

واستدل املانعون باألحاديث الصحيحة الكثرية يف األمر بالصرب على جور األئمة وعدم نزع اليد من الطاعة ، ومبا يترتب ة الدماء وقد جيلب دفع هذا املنكر منكرا أكرب منه وهذا ال جيوز ، وسيأيت زيادة بيان وتفصيل هلذه على العزل من فنت وإراق .األدلة قريبا إن شاء اهللا

:نقص التصرف : اخلامس ء إىل ومن مسببات العزل أيضا نقص التصرف ، وذلك بأن يطرأ على اإلمام ما يقيد تصرفاته أو يبطلها ، وقد قسمه العلما

:حجر وقهر .)٤() أن يستويل عليه من أعوانه من يستبد بتنفيذ األمور من غري تظاهر مبعصية وال جماهرة مبشاقه : هو : ( فاحلجر - أ

ال خترج عن : فهذا ال يقتضي عزله وخروجه من أحكام اإلمامة ، وإمنا ينظر إىل أفعال من استوىل على أموره وهي .صورتني

إقراره عليها تنفيذا هلا وإمضاء ( أما أن تكون جارية على أحكام الدين ومقتضى العدل ، ويف هذه احلالة جيوز -١ .)٥() ألحكمها ، لئال يقف من األمور الدينية ما يعود بفساد على األمة

إقراره عليها ، ولزمه أن مل جيز ( وإما أن تكون أفعاله خارجية عن حكم الدين ومقتضى العدل ففي هذه احلال -٢ .)٦() يستنصر من يقبض يده ويزيل تغلبه

) .١٧/٥٢٠(تكملة اموع للمطيعي : انظر )١( ) .٨٨ص(و ) ٧٦ص: (، وانظر ) ٩٢ص(غياث األمم )٢( ) .٤/١٧٦(الفصل )٣( ) .٢٢ص(، وأليب يعلى ) ١٩ص(األحكام السلطانية للماوردي )٤( ) .٢٣ص(، أليب يعلى ) ٢٠ص(نفس املرجع للماوردي ) ٥( ) .٢٠ص(، وللماوردي ) ٢٣ص(السلطانية أليب يعلى األحكام )٦(

٢٦٧

: أما الفهر فله صورتان -ب :األسر : األوىل

أن يصري مأسورا يف يد عدو قاهر ال يقدر على اخلالص منه ، سواء كان هذا العدو مشركا أو مسلما باغيا ، وهذا : وهو : كما سيأيت املسألة حتتاج إىل تفصيل

وهو على إمامته ما كان : ( أن يكون مرجو اخلالص من هذا األسر فهو يف هذه حال باق على إمامته ، قال املاوردي -١ . وعلى كافة األمة استنقاذه ملا أوجبته اإلمامة من نصرته )١() مرجو اخلالص مأمول الفكاك إما بقتال أو بفداء

:الصه ، ويف هذه احلال ينظر إىل اآلسر أن يكون ميئوسا من خ-٢ .فعلى أهل احلل والعقد استئناف بيعة غريه على اإلمامة : فإن كانوا املشركني - أ :فلن خيلو حاهلم من أمرين : وإن كانوا بغاة - ب

اإلمام املأسور يف ( حلال يكون إما أن يكونوا قد نصبوا ألنفسهم إماما دخلوا يف بيعته ، وانقادوا لطاعته ففي هذه ا-١ أيديهم خارجا من اإلمامة باإلياس من خالصه ، ألم قد احنازوا بدار تفرد حكمها عن اجلماعة وخرجوا ا عن الطاعة ، فلم ن يبق ألهل العدل م نصرة وللمأسور معهم قدرة ، وعلى أهل االختيار يف دار العدل أن يعقدوا اإلمامة ملن ارتضوا هلا فإ

.)٢() خلص املأسور مل يعد إىل اإلمامة خلروجه منها

اإلمام املأسور يف أيديهم ( وإما أن يكونوا مل ينصبوا هلم إماما ، بل كانوا فوضى ال إمام هلم ففي هذه احلالة يكون -٢ ذا صار حتت احلجر ، وعلى على إمامته ، ألن بيعتهم له الزمة وطاعته عليهم واجبة ، فصار معهم كمصريه مع أهل العدل إ

)٣() عنه ناظرا خيلفه إن مل يقدر على اإلستنابة ، فإن قدر عليها كان أحق باختيار من يستنيبه منهم أهل االختيار أن يستنيبوا.

:أن خيرج عليه من يستويل على اإلمامة بالقوة : الصورة الثانية ، وهو ما يسمى بالقهر والغلبة ، ويف هذه احلال إذا متكن هذا القاهر وهذا أحد طرق انعقاد اإلمامة كما سبق ذكره

وغلب على اإلمام األول ، واستوىل على تدبري األمور ، فإن اإلمام السابق يف هذا احلال يكون معزوال ، وتنعقد اإلمامة هلذا ساد ، وقد صلى ابن عمر املستويل اجلديد للضرورة ، وحىت ال يقع الناس يف الفوضى والفتنة ، ويعم الف

) .نفس الصفحات(املصدر السابق ) ١( ) .٢٠ص(، وللماوردي ) ٢٣ص(األحكام السلطانية أليب يعلي )٢( ) .٢٣ص(، وأليب يعلي ) ٢٠ص(األحكام السلطانية للماوردي )٣(

٢٦٨

ال أقاتل يف الفتنة ، وأصلي : ( وقال . )٢() حنن مع من غلب : ( وقال )١(رضي اهللا تعاىل عنهما بأهل املدينة يوم احلرة .)٣() وراء من غلب

رج عليه من يطلب امللك ، يف اإلمام خي: ( وذهب اإلمام أمحد رمحه اهللا إىل بطالن إمامة السابق كما يف رواية أيب احلارث .)٤() مع من غلب : ( فيفتنت الناس فيكون مع هذا قوم ومع هذا قوم ، مع من تكون اجلمعة ؟ قال

وقد سبق احلديث عن هذه الطريقة ، وأدلة ثبوا ، وأقوال العلماء فيها وأا ليست من الطرق املشروعة وإمنا للضرورة ، .واهللا أعلم . ذلك وألن مصلحة املسلمني تقتضي

:نقص الكفاءة : السادس وهذه منها ما مينع عقد اإلمامة ابتداء ومينع استدامتها ، ومنها : وذلك بعجز عقلي أو جسدي له تأثري على الرأي أو العمل

كما سبق بيانه عند احلديث على الشروط -ما مينع عقدها ابتداء فقط

ابتداء وال مينع من استدامتها ، وحنن يف هذا املقام سنقتصر على ما مينع من عقد اإلمامة ابتداء ومن ومنها ما ال مينع العقد ال- .استدامتها ، ألن ذلك هو املوجب للعزل فقط

وا فلو مل ينصب( إذا كان دائما ال ينفك ، ألن اجلنون ميتد عادة )٥(جبنون وحنوه ، وهذا مما ال خالف فيه : زوال العقل - أ وأيضا )٦(؟ ) إماما آخر ألدى ذلك إىل اختالل األمور ، وألن انون جيب ثبوت الوالية عليه ، فكيف يكون وليا لكافة األمة

.)٧() مينع املقصود الذي هو إقامة احلدود واستيفاء احلقوق ومحاية املسلمني ( ألن ذلك كان يتخلله إفاقة يعود فيها إىل حال السالمة ففي هذه الناحية حيتاج األمر إىل هذا إذا كان مطبقا ال يتخلله إفاقة ، أما إذا

وإن كان أكثر زمانه اإلفاقة - أي مينع ابتداء العقد واستدامته -فإن كان أكثر زمانه اخلبل فهو كما لو كان مطبقا ( تفصيل استدامتها كما مينع من ابتدائها ، ألن يف ذلك إخالال مينع من: مينع من عقدها ، وهل مينع من استدامتها ؟ فقيل : فقد قيل

ال مينع من استدامتها وإن منع من عقدها ، ألنه يراعى يف ابتداء عقدها سالمة كاملة ويف : بالنظر املستحق فيه ، وقد قيل ابتداء ، ومن مث ال مينع أما إن كان عارضا يرجى زواله كاإلغماء وحنوه فهذا ال مينع العقد)٨() اخلروج منها نقص كامل

.استدامتها من باب أوىل

اليت حصلت بني يزيد ابن معاوية وبني أهل املدينة ملا خلعوه ملا أخذوا عليه مـن فسـق ، احلرة موضع قريب من املدينة ، ووقعة احلرة هذه هي الوقعة ) ١(

) . ٨/٢٣٢(البداية والنهاية : انظر ... فبعث إليهم من يردهم إىل الطاعة ، وأنظرهم ثالثة أيام ، فلما رجعوا قاتلهم واستباح املدينة ثالثة أيام ) .٤/١١٠(الطبقات الكربى البن سعد ) ٢(إرواء الغليـل : انظـر . وإسناده صحيح إىل سيف املازين ، أما هو فأورده ابن أيب حامت ومل يذكر فيه جرحا وال تعديال ) . ٤/١٤٩(الطبقات أيضا ) ٣()٢/٣٠٤. ( ) .٢٣ص (األحكام السلطانية أليب يعلى ) ٤( ) .٩٣ص (غياث األمم : انظر . حكى اجلويين اإلمجاع على ذلك )٥( ) .١/٦٧(مآثر اإلنافة ) ٦( ) .٢١ص (األحكام السلطانية أليب يعلى ) ٧( ) .١٨ص (، وللماوردي ) ٢١ص (األحكام السلطانية أليب يعلى ) ٨(

٢٦٩

: فقد بعض احلواس املؤثرة يف الرأي أو العمل مثل - ب - على رأي اجلمهور -فهذا مينع من عقدها ومن استدامتها ، ألنه يبطل القضاء ومينع من جواز الشهادة : العمى -١

.ى العني وضعف البصر فال مينع من االستدامة أما عش . )١(فأوىل أن مينع من صحة اإلمامة :ففي انعزاله بطروئهما عليه ثالثة مذاهب حكاها املاوردي وهي : الصمم واخلرس -٢ ، وعليه اقتصر الرافعي )٢( ينعزل بذلك كما ينعزل بالعمى لتأثريمها يف التدبري والعمل ، ورجح هذا القول :األول

.)٣(والنووي . ال ينعزل لقيام اإلشارة مقام السمع ، واخلروج من اإلمامة ال يكون إال بنقص كامل :ثاين ال .)٤( إن كان حيسن الكتابة مل يعزل ، وإن كان ال حيسنها انعزل ، ألن الكتابة مفهومة واإلشارة موهومة :الثالث

لذي مينع إدراك الروائح ، وفقد الذوق الذي يعرف به الطعوم أما ما ال يؤثر ذهابه يف الرأي والعمل كاخلشم يف األنف افإما ال يوجبان العزل بال خالف ، وكذلك ال ينعزل بتمتمة اللسان وحنوها ألن نيب اهللا موسى عليه السالم مل متنعه عقدة

.)٥(لسانه من النبوة فأوىل أال مينع اإلمامة

ء من ال يشترط هذه األمور يف اإلمامة عند ابتداء العقد ، ومن باب أوىل بعد هذا وقد سبقت اإلشارة إىل أن من الفقها .العقد كابن حزم وغريه لكنه رأي مرجوح كما سبق تبيان ذلك

: فقد بعض األعضاء املخل فقدها بالعمل أو النهوض - جـأما . عجزه عن كمال القيام حبقوق األمة فإذا طرأ على اإلمام شيء من ذلك انعزل ل. وذلك كذهاب اليدين أو الرجلني

:ما يؤثر يف بعض العمل دون بعض كذهاب إحدى اليدين أو إحدى الرجلني ففيه وجهان أنه ال يؤثر وإن كان ذلك مينع عقد اإلمامة ابتداء ، ألن املعترب يف عقدها كمال السالمة ، فيعترب يف اخلروج منها :األول

.لراجح كمال النقص ، وهذا هو ا يؤثر لنقص احلركة ، فلو كان ذلك ال يؤثر فقده يف عمل وال وض كقطع الذكر أو األنثيني ، فهذا ال مينع من :والثاين

وقد استدلوا على ذلك بوصف اهللا ليحىي بن زكريا عليهما ... اإلمامة وال من استدامتها ، ألن ذلك مؤثر يف التناسل فقط أنه ( وقد روي عن ابن عباس رضي اهللا عنهما )٦( ﴾ وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحني ﴿: ل تعاىل السالم وثنائه عليه فقا

.)١() فلما مل مينع ذلك من النبوة ، فأوىل أن ال مينع من اإلمامة : ( قالوا )٧(... ) مل يكن له ذكر يغشى به النساء

.نفس املصدر والصفحة ) ١( ) .١٨ص (األحكام السلطانية للماوردي ) ٢( ) .١/٦٨(مآثر اإلناقة ) ٣( ) .١٨ص (األحكام السلطانية ) ٤( ) .١/٦٩(مآثر اإلناقة : ، وانظر ) ٢١ص ( السلطانية أليب يعلى األحكام) ٥( .٣٩سورة آل عمران آية ) ٦(ورواه موقوفـا r عن النيب - ال يدري عبد اهللا أو عمرو -روي عن ابن عباس وغريه هذا القول ورواه ابن أيب حامت مرفوعا بسنده إىل ابن العاص ) ٧(

تفسري ابـن كـثري : انظر . ووصفه بأنه غريب جدا . وهو أقوى إسنادا من املرفوع ، بل ويف صحة املرفوع نظر : ري قال ابن كث. على سعيد بن املسيب

٢٧٠

. وجدع األنف واألذن ألن ذلك ال تأثري له على احلقوق واهللا أعلم وحنو ذلك مسل إحدى العينني املبحث الثاين وسيلة العزل

بعد احلديث عن األسباب املسببة لعزل أئمة اجلور بقي النظر يف الوسيلة اليت ميكن أن يعزل ا اإلمام املستحق لذلك وهنا :ثالث وسائل هي

:أن يعزل اإلمام نفسه ) ١ ( وقد اتفق العلماء على أن اإلمام إذا أحس من نفسه عدم القدرة على القيام بأعباء اإلمامة فإن له عزل نفسه ، قال القرطيب

وكذلك إذا كان يف عزله إمخاد لفتنة قد تزداد )٢() جيب عليه أن خيلع نفسه إذا وجد يف نفسه نقصا يؤثر يف اإلمامة : ( ، بل هو حممود يف مثل هذه احلالة إذا عزل نفسه ، ولذلك أثىن مجيع املسلمني على سبط رسول وتستمر إذا أصر على منصبه

احلسن بن علي رضي اهللا عنهما حينما عزل نفسه وتنازل عن اإلمامة ملعاوية رضي اهللا عنه ، بعد أن بايعه أهل العراق r اهللاإن ابين هذا سيد ، ولعل اهللا أن يصلح به بني فئتني : ( حينما قال r حقنا لدماء املسلمني ، بل قد أثىن عليه قبل وقوعه جده

.)٣() من املسلمني : أما إذا مل يكن هناك عذر شرعي للعزل ، بل طلبا للتخفيف يف الدنيا واآلخرة فللفقهاء يف هذه املسألة رأيان

وألنه كما مل تلزمه اإلجابة إىل املبايعة ال )٤(ته ودنياه ألن إلزامه باالستمرار قد يلحق الضرر به قي آخر: ينعزل :األول .)٦( ، وألنه وكيل للمسلمني وللوكيل عزل نفسه )٥(يلزمه الثبات

واستدلوا على ذلك مبا روي أن أبا بكر رضي اهللا تعاىل عنه طلب من املسلمني أن يقيلوه من منصب : ال ينعزل :الثاين ) ال واهللا ال نقيلك وال نستقيلك ، رضيك رسول اهللا لديننا أفال نرضاك لدنيانا : يلوين أقيلوين ، قالوا أق: ( اخلالفة حينما قال

)٧(.

.)٨( فلو كان عزل نفسه مؤثرا ملا طلب منهم اإلقالة

وهو أقـوى : ( املرفوع واملوقوف وقال ) ٢/٢٢(حتقيق أمحد شاكر ، والسيوطي يف الدر املنثور ج ) ٦/٣٧٨(وكذلك رواه الطربي يف التفسري ) ٢/٣١(التفسـري : معصوما من الذنوب كما رجح ذلك القاضي عياض يف الشفاء ، وابن كـثري يف : أي ) حصورا ( ولعل الراجح يف تفسري ) إسنادا من املرفوع

) .٢/٣١(انظر التفسري . وليس كما ورد ) .٢١ص (األحكام السلطانية أليب يعلى )١( ) .١/٢٧٢(اجلامع ألحكام القرآن للقرطيب ) ٢( ) .١٣/٦١(فتح الباري : ، انظر ٢٠: ب . الفنت : حديث أيب بكرة يف ك رواه البخاري من) ٣( ) .١/٦٦(مآثر اإلنافة ) ٤( ) .١/٦٥(نفس املرجع ) ٥( ) .٢٤٠ص (املعتمد يف أصول الدين ) ٦(: انظـر . متنا ، منقطع سـندا هو منكر : قال . رواه الطالقاين يف السنة من طريق شبابة بن سوار عن شعيب بن ميمون : قال ابن حجر . ضعيف ) ٧(

) .٤/٥٢(تلخيص احلبري ) .١/٦٥(مآثر اإلنافة )٨(

٢٧١

يه البقاء ، وإن كان واحلق أن ذلك راجع إىل مصلحة املسلمني العامة ، فإن كان يف بقائه مصلحة كإمخاد فتنة وحنوها فعليف بقائه مفسدة أكرب من املصلحة املترتبة على بقائه فعليه االستقالة ، كما فعل احلسن رضي اهللا عنه ، وإن كان األمران

.متساوين فهو باخليار واهللا أعلم ) :القتال والثورة املسلحة ( السيف ) ٢(

ومن أجله - )٢( ومجيع اخلوارج )١( وهو الذي يراه مجيع فرق الزيدية وهذا هو أخطر الطرق وبسببه تنشأ الفنت عادة ، ومجيع املعتزلة ألن األمر باملعروف والنهي عن املنكر أحد أصوهلم اخلمسة وكثري من املرجئة وبعض األشاعرة -مسوا خوارج

إال أم . ئمة اجلور والفسق العزل وبعض أهل السنة كما تقدم ، وإن كان فيمن سبق أن ذكرنا أنه مع القائلني باستحقاق أليسوا جممعني على هذه الطريقة يف كل وقت وهي سل السيوف ، ملا يترتب عليها من مفاسد أعظم من املصلحة املرجوة من

.عزله ائما ، ألن فاملقصود أنه ال يلزم من قول القائل إن اإلمام اجلائر الظامل يستحق العزل ويرى اخلروج عليه أنه يرى اخلروج د

كما أن كثريا ممن ذكرناه ال يرى اخلروج على . هناك طرقا للعزل غري هذه الطريقة وال يترتب عليها ما يترتب على هذه األئمة ومينع من ذلك وهم الغالبية من أهل السنة ، أم يقصدون هذه الطريقة دون غريها ، يدل على ذلك مقاطعتهم

.وتبيني فسادهم وحتذير الناس منه ، وهذا هو الذي تدل عليه األدلة املانعة من اخلروج وانعزاهلم عن أئمة اجلور ، إذا : فقال بعض الزيدية ( هذا وقد اختلف القائلون بالسيف والثورة يف حتديد العدد الذي ينبغي اخلروج عنده إذا اجتمع

أي عدد : وكان الغالب فينا أنا نكفي خمالفينا ، وقال آخرون إذا كنا مجاعة ،: اجتمع عدد مثل أهل بدر ، وقالت املعتزلة .) ٣() إذا كان مقدار أهل احلق نصف مقدار أهل البغي : اجتمع ، وقال قائلون

:الطرق السلمية األخرى ) ٣ (ه البيعة وينصحونه وينذرونه وهناك طرق غري ما تقدم ، منها أن يتقدم إىل اإلمام اجلائر أهل احلل والعقد الذين عقدوا ل

مغبة احنرافه ، وميهلونه ويصربون عليه فترة من الزمن لعله يرجع أو يرعوي عما هو عليه من ظلم وطغيان ، فإن أصر على املرجو إزالتها ، ألن ذلك فعليهم أن يعملوا لعزله بكل الوسائل املمكنة ، بشرط أال يترتب على ذلك مفسدة أكرب من املفسدة

.عزله من النهي عن املنكر ، واملنكر ال يرفع مبا هو أنكر منه إذا شعرت : ( وهذه الطريقة تكون على النحو التايل )٤( ومن هذه الوسائل ما يسمى يف العصر احلديث بالعصيان املدين

أىب واستكرب ، فما عليها إال أن األمة بأن هذا اإلمام فاسق مستهتر وجائر ال يصلح لإلمامة ، وتقدمت إليه بالنصيحة ولكنه .)٥() تقاطعه وتقاطع من له به أية عالقة ، وحينئذ جيد نفسه منبوذا من أمته فإما اعتدل وإما اعتزل

) .١/١٥٠(مقاالت اإلسالميني ) ١( ) .١/٢٠٤(نفس املرجع ) ٢( ) .١٥٨ ، ٢/١٥٧(املقاالت : انظر ) ٣( ) .٢٧٣ص (النظام السياسي يف اإلسالم أليب فارس ) ٤( .نفس املرجع ) ٥(

٢٧٢

يكون يف آخر الزمان أمراء ظلمة ، « : قال r وهذه هلا مستند من الشرع ، وهو ما جاء يف الطرباين عن النيب: قلت واهللا . )١(» ة خونة ، وفقهاء كذبة ، فمن أدرك منكم ذلك فال يكونن هلم جابيا وال عريفا وال شرطيا ووزراء فسقة ، وقضا

.أعلم املبحث الثالث

اخلروج على األئمة اخلروج يف العرف الشرعي كلمة تطلق على أحوال متفاوتة ، وتسري عليها أحكام خمتلفة ، فقد يكون املراد باخلروج هو

رار بإمامة اإلمام ، وقد يكون بالتحذير منه ومن طاعته ومساعدته والدخول عليه ، وقد يراد به املقاتلة واملنابذة عدم اإلق .بالسيف ، وهذا األخري هو املراد يف أكثر عبارات السلف حينما ينصون على حترمي اخلروج والنهي عنه عند ذكر عقائدهم

نه تعتريه األحكام اخلمسة نظرا الختالف األسباب واملالبسات ، فقد يكون حمرما وبناء على تفاوت هذه األحوال ، فإوكبرية من الكبائر ، وقد يكون مكروها ، وقد يكون مباحا ، وقد يكون مندوبا ، وقد يكون واجبا ، لذلك فمن اخلطأ

، وهلذا فإنه عند إرادة إطالق احلكم الشرعي إطالق القول فيه حبكم خاص دون مراعاة لألسباب واملالبسات الداعية إىل ذلك .على هذه القضية فإنه جيب أن ينظر إىل مجيع أطرافها باملنظار الشرعي ومن مث يتبني احلكم

: والذي يظهر يل أن أطراف هذه القضية اليت هلا تأثري مباشر على احلكم ثالثة هي . اخلارجون - أ . املخروج عليهم - ب . وسيلة اخلروج - جـ

وقد سبق احلديث عن وسيلة العزل مبا فيه الكفاية ، فيبقى الطرفان اآلخران ، ولذلك كان لزاما علينا يف هذا املبحث أن :خنصهما بشيء من التفصيل ، حىت تكون الرؤية أمامنا واضحة فنقول

: أوال اخلارجون

مل يروه عن قتادة إال ابن أيب عروبة ، وال عنه إال ابن املبارك تفرد به داود بن سليمان وهو شيخ ال : وقال ) ١/٢٠٤( يف املعجم الصغري رواه الطرباين ) ١(

) .٥/٢٤٠(جممع الزوائد : انظر . وبنحوه عند أيب يعلى ، ورجاله رجال الصحيح خال عبد الرمحن بن مسعود وهو ثقة . بأس به

٢٧٣

: ئمة إىل أربعة أقسام وهم قسم العلماء اخلارجني على األ

: اخلوارج -١ وهم أصحاب املذهب املعروف ، وهم الذين خرجوا على أمري املؤمنني علي أيب طالب رضي اهللا تعاىل عنه يوم التحكيم

وأصحاب اجلمل ومن رضي بتحكيم احلكمني . مث صار هلم آراء ومعتقدات خاصة م ، منها إكفار عثمان وعلي واحلكمني ، ويسمون باحلرورية )١(رضي اهللا عنهم أمجعني ، ومنها اإلكفار بارتكاب الذنوب ووجوب اخلروج على اإلمام اجلائر

.)٢(والشراة واملارقة واحملكمة وهم يصلون إىل عشرين فرقة ضي اهللا تعاىل عنه قال يف األمر مبقاتلتهم ، فعن أمري املؤمنني علي بن أيب طالب ر r وهؤالء قد ورد نص صريح من النيب

يقولون من قول خري الربية . سيخرج قوم يف آخر الزمان حداث األسنان ، سفهاء األحالم « : يقول r مسعت رسول اهللا: ، ال جياوز إميام حناجرهم ، ميرقون من الدين كما ميرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن يف قتلهم أجرا ملن

األحاديث الصحيحة الكثرية اليت أمرت بقتاهلم ، ووعدت من قتلهم أو قتلوه باألجر وغري ذلك من . )٣(» م القيامة قتلهم يو .اجلزيل عند اهللا يوم القيامة

: احملاربون -٢ كن منهم أن إذا مت- وهم قطاع الطرق املفسدون يف األرض إذا كان هلم منعة وسالح واستعرضوا الناس ، فإن على اإلمام

إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في األرض فسادا أن يقتلوا أو ﴿: تعاىل -يقيم فيهم حكم اهللا يف قوله األر ا مننفوي خالف أو نم ملهجأرو ديهمأي قطعت وا أولبصوكما فعل النيب)٤ ( اآلية ﴾...ض ي r بالعرنيني ، أما إذا مل

.يتمكن اإلمام منهم بعسكره فإن على باقي الرعية أن تقاتل معه حىت يقيم احلد عليهم إذا استوجبوا ذلك : البغاة -٣

ويف حكمهم من خرج على اإلمام ، )٥( وهم الذين خيرجون على اإلمام العادل طلبا للملك بتأويل سائغ ، أو غري سائغ

) .٧٣ص(الفرق الفرق بني )١( .وغريه من كتب الفرق وامللل ) ٢٦٤ص(الفرق اإلسالمية للغرايب : انظر لزيادة تفصيل عنهم )٢(التحريض : ب . الزكاة : ، ومسلم يف ك ) ١٢/٢٨٣(، فتح الباري ... ، قتل اخلوارج ٦: ب . استتابة املرتدين : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )٣(

، والنسائي ، وابن ماجة ، والـدارمي ، ٢٤: ب . الفنت : ، والترمذي ك ٨: ب . السنة : وأبو داود يف ك ) ٢/٧٤٦ (١٠٦٦، ح على قتال اخلوارج .وأمحد ، وغريهم

.٣٣ آية املائدةسورة )٤(ائهم هو اتفاق احلنفيـة واملالكيـة وقد اختلف أصحاب املذاهب يف حتديد البغي ، ولكن الذي يستخلص من مجيع آر ) ١٢/٢٨٦(فتح الباري : انظر )٥(

والظاهرية على أن البغي هو اخلروج على اإلمام العادل مع اشتراط املنعة والتأويل ، كما يتبني أن الشافعية واحلنابلة يعتربون البغي هو اخلـروج بالتأويـل رسـالة . فيما بعـدها ) ١/٤٠(للدكتور خالد رشيد اجلميلي . حملاربني أحكام البغاة وا: انظر تفصيل املسألة يف كتاب . واملنعة على اإلمام العادل واجلائر

.دار احلرية للطباعة والنشر ، بغداد ، وقد ساعدت جامعة بغداد على نشره : ن . م ١٩٧٧. دكتوراه من جامعة القاهرة ط

٢٧٤

احلق انتقاما أو عصبية ، أو قبلية ، أو لغرض دنيوي ، وحنو ذلك ، فهؤالء ال يقاتلون ابتداء ، وإمنا يسعى يف الصالح بينهم ه ، وبني اإلمام ، فإن كان هلم مظلمة رفعت عنهم ، وإن كان هلم شبهة بني هلم وجه احلق فيها ، وإن كان هلم حق أعطوا إيا

وإن طائفتان من ﴿: تعاىل فإن مل ينصاعوا بعد ذلك إىل اإلصالح وبدأوا يف القتال ففي هذه احلالة يقاتلون عمال بقوله تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا المؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى

﴾ قسطنيالم حبي أقسطوا إن اللهل ودا بالعمهنيولقوله . )١( بr : » من أتاكم وأمركم مجيع على رجل واحد يريد أن .)٢(» يشق عصاكم أو يفرق مجاعتكم فاقتلوه

ثة أوجزنا احلديث عنها ألن حمل استكمال احلديث عنها كتب الفقه ملن شاء التفصيل والزيادة على وهذه األقسام الثال :خالف بني الفقهاء يف أحكامهم ، أما الذي يلزم بيانه يف هذا الفصل فهم أهل القسم الرابع التايل

: أهل احلق -٤ قسم خرجوا غضبا للدين من أجل جور : ( فظ ابن حجر وهم أهل عدل خرجوا على إمام جائر ، أو هم كما قال احلا

الوالة وترك عملهم بالسنة النبوية ، فهؤالء هم أهل حق ، ومنهم احلسني بن علي وأهل املدينة يف احلرة والقراء الذين خرجوا مام جائر أراد الغلبة وأما من خرج عن طاعة إ: ( فهؤالء ال جتوز مقاتلتهم على الصحيح ، قال احلافظ )٣() على احلجاج

وقد أورد على هذا ) . على ماله أو نفسه أو أهله فهو معذور وال حيل قتاله ، وله أن يدفع عن نفسه وماله وأهله بقدر طاقته علي - عن )٤(قد أخرج الطربي بسند صحيح عن عبد اهللا بن احلارث عن رجل من بين نضر : ( القول ما يدل عليه فقال

.)٥() إن خالفوا إماما عادال فقاتلوهم ، وإن خالفوا إماما جائرا فال تقاتلوهم ، فإن هلم مقاال : ( فقال -ارج وذكر اخلو

وأما اجلورة من غري قريش فال حيل أن يقاتل مع أحد منهم ، ألم كلهم أهل منكر إال أن يكون : ( وقال ابن حزم .)٦() جور منه أحدهم أقل جورا فيقاتل معه من هو أ

وعلى هذا فإنه إذا كان اإلمام جائرا وخرج عليه عادل فال جتوز مقاتلة العادل ، أما إذا كان اإلمام عادال وخرج عليه أو كان جائرا وخرج عليه جائر مثله ، ففي مثل هذه احلالة يكون القتال قتال فتنة ، واألوىل ترك القتال فيها )٧(عادل مثله . وستأيت قريبا إن شاء اهللا -الواردة للنصوص

.٩ احلجراتسورة )١( ) .٣/١٤٨٠ (١٨٥٢ح حكم من فرق أمر املسلمني ، : ب . اإلمارة : رواه مسلم يف ك )٢( ) .١٢/٢٨٦(فتح الباري ) ٣( !ال حظ أن يف السند جهالة وقد حكم بصحته فكيف يكون ذلك ؟) ٤( ) .١٢/٣٠١(فتح الباري ) ٥( ) .١٠/٥٠٨(احمللى ) ٦(ل ظلم وفسق كبرية من الكبائر كمـا العادل ال خيرج على العادل عادة ، وخروجه على العادل يشهد بأنه ليس بعادل ، ألن اخلروج على اإلمام العاد ) ٧(

.سبق بيانه

٢٧٥

إذ طاعته إمنا جتب فيما مل يعلم املأمور أا معصية بالنص ، ( كما ال جتب طاعة اإلمام وإن كان عادال إذا أمر مبقاتلتهم حاديث الناهية أي األ-فمن علم أن هذا هو قتال الفتنة الذي تركه خري من فعله مل جيب عليه أن يعدل عن نص معني خاص

إىل نص عام مطلق يف طاعة أويل األمر ، والسيما وقد أمر اهللا تعاىل عند التنازع بالرد إىل اهللا والرسول -عن القتال يف الفتنة إن الفتنة أصلها االبتالء ، وإنكار املنكر واجب على كل من قدر عليه ، فمن أعان : والصواب أن يقال : ( قال الطربي )١(

.)٢() صاب ، ومن أعان املخطئ أخطأ ، وإن أشكل األمر فهي احلالة اليت ورد النهي عن القتال فيها احملق أ هذا فيما خيص مقاتلة أهل احلق أما مقاتلة الكفار واملرتدين فهذا واجب مع مجيع األئمة سواء كانوا عدوال أم فجارا ،

هذه األمور كلها أمور تعبدية طاعة هللا تعاىل جتب إقامتها ، سواء كان كما جتب الصالة خلفهم يف اجلمعة واجلماعات ، ألن هناك إماما أم ال ، سواء كان هذا اإلمام صاحلا أم فاجرا ، ألن صالحه وفجوره يف هذا املقام على نفسه ، وهذا حمل اتفاق

يه عادة عند ذكر عقائدهم ، قال اإلمام بني أهل السنة واجلماعة ، ومل يشذ عنهم إال بعض أهل البدع ، وكانوا ينصون علال يبطله جور جائر ، وال عدل عادل ، واجلمعة والعيدان واحلج مع . اجلهاد ماض قائم مع األئمة بروا أو فجروا : ( أمحد

.)٣(... ) السلطان وإن مل يكونوا بررة عدوال أتقيا هذه األقسام أحكامه اخلاصة به يف القتال ، وكل واحد منها ولكل قسم من . هذه هي أقسام الذين خيرجون على األئمة

يغاير اآلخر ، ولذلك فقد عاب شيخ اإلسالم ابن تيمية على كثري من الفقهاء من أصحاب أيب حنيفة والشافعي وأمحد وغريهم خلوارج ، وقتاله ألهل اجلمل فإم قد جيعلون قتال أيب بكر ملانعي الزكاة ، وقتال علي ا) قتال أهل البغي ( من املصنفني يف

أما مجهور أهل العلم فيفرقون بني : ( قال )٤(وصفني ، إىل غري ذلك من قتال املنتسبني إىل اإلسالم من باب قتال أهل البغي ، املعروف عن وبني أهل اجلمل وصفني وغري أهل اجلمل وصفني ممن يعد من البغاة املتأولني ، وهذا هو) اخلوارج املارقني (

واملصنفون يف األحكام يذكرون قتال : ( وقال يف موضع آخر ) واملتكلمني الصحابة ، وعليه عامة أهل احلديث والفقهاء إال حديث كوثر بن حكيم عن نافع وهو موضوع ، وأما )٥(يف قتال البغاة حديث r البغاة واخلوارج مجيعا ، وليس عن النيب

صحيح البخاري والسنن فليس فيها إال قتال أهل الردة واخلوارج ، وهم أهل األهواء وكذلك كتب احلديث املصنفة مثل كتب مالك وأصحابه ليس - والكالم البن تيمية -كتب السنة املنصوص عليها عن اإلمام أمحد وحنوه ، وكذلك فيما أظن

و األصل الثابت بكتاب اهللا وسنة رسوله ، وهو الفرق وهذا ه: ( فيها باب قتال البغاة وإمنا ذكروا أهل الردة واألهواء ، قال ، وأما القتال ملن مل خيرج إال عن طاعة إمام معني فليس r بني القتال ملن خرج عن الشريعة والسنة ، فهذا الذي أمر به النيب

: مث بني ما نتج عن هذا اخللط فقال )٦() بذلك يف النصوص أمر

) .٤/٤٤٣(جمموعة فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ) ١( ) .١٣/٣١(فتح الباري ) ٢( .وغريها ) ١/١٢٩(عقيدة السلف وأصحاب احلديث أليب عثمان الصابوين ضمن جمموعة الرسائل املنريية : وبنحوه انظر ) ١/٢٦(طبقات احلنابلة ) ٣( ) .٣٥/٥٣(وعة الفتاوى جمم) ٤(وال عن اخللفـاء r وأحكامهم ، ليس عن النيب - أي البغاة - الذي سن قتاهلم - أي علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه -وهو : ( قال اإلمام أمحد ) ٥(

) .١/٤٥١(مناقب الشافعي للبيهقي ) غريه فيه سنة ) .٤/٤٥١(جمموعة الفتاوى ) ٦(

٢٧٦

:ر فارتكب األولون ثالثة حماذي( قتال من خرج عن طاعة ملك معني ، وإن كان قريبا منه أو مثله يف السنة والشريعة لوجود االفتراق ، واالفتراق :األول

.هو الفتنة . التسوية بني هؤالء وبني املرتدين عن بعض شرائع اإلسالم :ثانيا قني من اإلسالم كما ميرق السهم من الرمية ، وهلذا جتد تلك الطائفة التسوية بني هؤالء وبني قتال اخلوارج املار:والثالث

يدخلون يف كثري من أهواء امللوك ووالة األمور ويأمرون بالقتال معهم ألعدائهم بناء على أم أهل العدل وأولئك البغاة ، وهم لى نظرائهم مدعني أن احلق معهم ، أو أم أرجح يف ذلك مبرتلة املتعصبني لبعض أئمة العلم أو أئمة الكالم أو أئمة املشيخة ع

وى قد يكون فيه تأويل بتقصري ال باالجتهاد ، وهذا كثري يف علماء األمة وعبادها وأمرائها وأجنادها ، وهو من البأس الذي .هـ . أ . )١() مل يرفع من بينها ، فنسأل اهللا العدل فإنه ال حول وال قوة إال به

:اخلارجني وأحكام مقاتلتهم ، أما عن أحكام خروجهم وقتاهلم هذه أقسام ميرقون من الدين « : r من فعل فعلهم واعتقد عقائدهم فهو مشكوك يف إسالمه ، خصوصا وقد قال: فالقسم األول

.)٣( ، وقد اختلف أهل السنة يف تكفري اخلوارج)٢(» مروق السهم من الرمية .حد احلرابة . فمن فعل فعلهم فهو عاص هللا تعاىل مستحق إقامة احلد املذكور : أما القسم الثاين

وهذا . فال جيوز فعلهم ملا سبق أن ذكرنا من حترمي اخلروج على أئمة العدل والوعيد الوارد يف ذلك : أما القسم الثالث .حمل اتفاق بني أهل السنة واجلماعة

.نظر وهو جمال البحث يف هذا الفصل وستتبني لنا النتيجة آخر الفصل إن شاء اهللا فهو حمل : أما القسم الرابع :ثانيا املخروج عليهم

إما أن يكون عادال : فأحواهلم متباينة من شخص آلخر ، وواحدهم ال خيرج عن أحد ثالثة ) األئمة ( أما املخروج عليهم إما أن يكون حاله مترددا بني هذين وهو الفاسق أو الظامل ، وهذا قد يكون فسقه مسقطا ، وإما أن يكون كافرا جمرما ، و

ولكل . وظلمه على نفسه ويف أعماله اخلاصة ، وقد يتعدى ذلك إىل الرعية إما يف أمواهلم وأنفسهم أو يف دينهم وأعراضهم .واحد من هؤالء حكم خاص

: اإلمام العادل املقسط -١ روج عليه مطلقا وباتفاق العلماء ، يدل على ذلك اآلية واألحاديث اآلمرة بالطاعة ألويل األمر من املسلمني فهذا حيرم اخل

ويدل على ذلك أيضا اآليات واألحاديث الواردة يف - وقد سبق تفصيلها عند احلديث على احلقوق مبا يغين عن اإلعادة -

) .٢/٤٥٢(جمموعة الفتاوى ) ١( ) .٤٩٢ص (سبق خترجيه قريبا ) ٢( وكـذلك – القاضي عياض -اإلمام البخاري ةالقاضي أبو بكر والسبكي والقرطيب ، ونقله أيضا عن صاحب الشفاء : ممن ذهب إىل تكفري اخلوارج )٣(

علي بن أيب طالب وعمر بن عبـد العزيـز والشـافعي وممن قال بعدم تكفريهم اإلمام ) ١٢/٣٠٠(انظر فتح الباري )) اإلمام النووي –صاحب الروضة واالعتصـام ) ٦٢ ، ٣/٦٠(، ومنهاج السـنة ) ١٢/٣٠٠(انظر فتح الباري . واخلطايب وابن بطال واجلويين وأكثر أهل األصول ، وابن تيمية والشاطيب

) . ١١/٣٢٠(، وكرت العمال ) ٢/١٨٦(

٢٧٧

حىت ولو وجد بعد إبرام - )١( وسبق تفصيلها أيضا -ير من نكثها يف ذلك النهي والتحذ وجوب الوفاء بالبيعة ، وما ورد من بل جتب مناصرته - )٢( كما سبق بيانه عند احلديث عن اشتراط األفضلية -العقد واملبايعة ملن هو أفضل وأكمل شروطا

.)٣(ومقاتلة من ناوأه وبغى عليه إذا مل يفيء إىل أمر اهللا ا من كان هذا اخلارج ال تقتضي أن هذا وقد سبق أن بيا حيرم اخلروج عليه كائن ا أن العدالة املطلوبة اليت باتصاف اإلمامن

يكون معصوما يف أقواله وأفعاله ، بل كل بشر عرضة للوقوع يف اخلطأ ويف بعض الذنوب ، لكن إذا كان حريصا على التحرز غفر ويتوب إىل اهللا عما بدر منه ، ويرجع حقوق اآلدميني إىل أصحاا إذا من ذلك ويرجع عن خطئه إذا تبني له ذلك ويست

فهو ذه الصفات من أئمة العدل الواجب طاعتهم واحملرم اخلروج عليهم بكل . ظهر له اخلطأ يف تصرفه فيها إذا أمكن ذلك من خطأ وهلم ثواب االجتهاد الذي بذلوه يف وهلؤالء األئمة نرجو من اهللا املغفرة هلم فيما يقعون فيه. صور اخلروج املختلفة

.سبيل الوصول إىل احلق سواء أصابوه أم خالفوه ، والتائب من الذنب كمن ال ذنب له : اخلروج على احلاكم الكافر املرتد -٢

م قدرة عليه متفق على وجوب اخلروج عليه ومنابذته بالسيف إذا قدر على ذلك ، أما إذا مل يكن هل- أيضا - وهذا فعليهم السعي إىل سلوك أقرب طريق لإلطاحة به ، وختليص املسلمني من تسلطه عليهم مهما كلف ذلك من جهد ، يدل على

.)٤(» وأال ننازع األمر أهله إال أن تروا كفرا بواحا عندكم من اهللا فيه برهان ... « ذلك حديث عبادة اآلنف الذكر

وإذا وقع من السلطان الكفر الصريح فال جتوز طاعته يف ذلك ، بل جتب جماهدته ملن قدر عليها : ( قال احلافظ بن حجر .)٥() يعين حديث عبادة اآلنف الذكر ... كما يف احلديث

ينعزل بالكفر إمجاعا ، فيجب على كل مسلم القيام يف ذلك ، فمن قوي - أي احلاكم -إنه : ( وقال يف موضع آخر .)٦() لك فله الثواب ، ومن داهن فعليه اإلمث ، ومن عجز وجبت عليه اهلجرة من تلك األرض على ذ

، وعلى وجوب العزل ملن )٧( وقد سبق الكالم على أنه ال والية لكافر على مسلم حبال عند احلديث عن شرط اإلسالم .دة واهللا أعلم مبا يغين عن اإلعا)٨(ارتد عن اإلسالم عند احلديث عن أسباب العزل

: اخلروج على اإلمام الفاسق -٣ وبناء على ذلك االختالف اختلفوا أيضا . سبق احلديث عن اختالف العلماء يف الفسق هل هو من مسببات العزل أم ال ؟

الشرعية يف اخلروج على أئمة اجلور وسالطني الظلم ، والذي يظهر يل أن سبب اختالفهم هو اختالف أفهامهم للنصوص

.فما بعدها ) ٢٠١ص (فصل طرق االنعقاد : انظر ) ١( .فما بعدها ) ٢٨٤ص (فصل شروط اإلمام : انظر ) ٢( . فما بعدها ) ٣٨٣ص(فصل واجبات اإلمام وحقوقه : لالستزادة انظر )٣( .من هذا الفصل ) ٤٥٤ص (وسبق خترجيه . متفق عليه ) ٤( ) .١٣/٧(فتح الباري ) ٥( ) .١٣/١٢٣(فتح الباري ) ٦( .فما بعدها ) ٢٢٢ص (ول الشرط األ: فصل شروط اإلمام : انظر ) ٧( .من هذا الفصل ) ٤٥٣ص : (انظر ) ٨(

٢٧٨

الناهية عن اخلروج ، واألخرى املؤيدة له ، كما أن أحوال أولئك السالطني غري منضبطة وغري ثابتة ، فمنهم القريب إىل العدل ، ومنهم القريب إىل الكفر ، ومنهم الغامض ، ومنهم من يكون يف عصر يندر فيه األخيار ، ومنهم من يكون خبالف ذلك ،

ر إىل احلسنات ويقتصر على نصوص الطاعة ، ومنهم من حيصر نظره على السيئات ويستشهد مث إن من العلماء من ينظبأحاديث اخلروج ، ومن ناحية ثالثة ينظر بعض الفقهاء إىل كون اخلارج مساويا للمخروج عليه أو أظلم منه بينما يرى

.اآلخرون أنه أعدل وأحق ابتة هلذا الصنف املتذبذب يف حقيقته ويف نظرة الناس إليه ، ولكن قد لذلك فمن الصعب أن يكون هناك قاعدة منضبطة ث

جيمعهم مذهبان ، مذهب ال يرى اخلروج على أئمة الظلم وال جييزه ، ومذهب آخر يرى ذلك ويوجبه ، واآلن نستعرض :هذين املذهبني وأدلة كل منهما حىت يتضح لنا وجه احلق إن شاء اهللا املذهب األول

:جواز اخلروج على األئمة الظلمة دم القائلون بع ذهب غالب أهل السنة واجلماعة إىل أنه ال جيوز اخلروج على أئمة الظلم واجلور بالسيف ما مل يصل م ظلمهم وجورهم

بقة يف إىل الكفر البواح ، أو ترك الصالة والدعوة إليها أو قيادة األمة بغري كتاب اهللا تعاىل كما نصت عليها األحاديث السا .)١(أسباب العزل

سعد بن أيب : وهم . وهذا املذهب منسوب إىل الصحابة الذين اعتزلوا الفتنة اليت وقعت بني علي ومعاوية رضي اهللا عنهما مذهب : وهو . ، وأبو بكرة رضي اهللا تعاىل عنهم أمجعني )٢(وقاص ، وأسامة بن زيد ، وابن عمر ، وحممد بن مسلمة

وهلذا ( ... قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا . واملشهور عن اإلمام أمحد بن حنبل وعامة أهل احلديث )٣(ي احلسن البصركان مذهب أهل احلديث ترك اخلروج بالقتال على امللوك البغاة والصرب على ظلمهم إىل أن يستريح بر ، أو يستراح من فاجر

( ...)٤(. )٦( وكابن جماهد البصري الطائي )٥( ذلك بعض العلماء كالنووي يف شرحه لصحيح مسلم هذا وقد ادعى اإلمجاع على

: ولكن دعوى اإلمجاع فيها نظر ، ألن هناك من أهل السنة من خالف يف ذلك كما سيأيت )٧(فيما حكاه عنه ابن حزم : األدلة

:باألدلة التالية استدلوا على مذهبهم وهو ترك اخلروج على أئمة الظلم بالسيف

.من هذا الفصل ) ٤٥٧ - ٤٥٣ص : (انظر ) ١( ) .٤/١٧١(الفصل يف امللل واألهواء والنحل البن حزم ) ٢( ) .٩/١٣٥(البداية والنهاية البن كثري ) ٣( ) .٤/٤٤٤(جمموعة الفتاوى ) ٤()١٢/٢٢٩) (٥. ( .شيخ الباقالين : من كبار األشاعرة وهو . اهللا حممد بن أمحد بن جماهد البصري الطائي املتكلم أبو عبد : هو ) ٦( ) .١٩٩ص (مراتب اإلمجاع البن حزم ) ٧(

٢٧٩

. األحاديث الواردة يف األمر بالطاعة وعدم نكث البيعة واألمر بالصرب على جورهم وإن رأى اإلنسان ما يكره :أوال :أمهها . رمحه اهللا ) ١(وهي أحاديث كثرية بلغت حد التواتر املعنوي كما ذكر ذلك الشوكاين

على السمع والطاعة يف العسر واليسر r بايعنا رسول اهللا: ( ىل عنه قال حديث عبادة بن الصامت رضي اهللا تعا-١ ويف رواية ) . واملنشط واملكره ، وعلى أثرة علينا وعلى أال ننازع األمر أهله إال أن تروا كفرا بواحا عندكم من اهللا فيه برهان

قال ابن تيمية بعد ذكره هلذا . )٢() اف يف اهللا لومة الئم وعلى أال ننازع األمر أهله ، وعلى أن نقول احلق أينما كنا ال خن: ( فهذا أمر الطاعة مع استئثار ويل األمر ، وذلك ظلم منه ، وي عن منازعة األمر أهله وذلك ي عن اخلروج عليه : ( احلديث

()٣(. تعمل عليكم أمراء ، فتعرفون وتنكرون إنه يس« : قال r إن رسول اهللا: حديث أم سلمة رضي اهللا تعاىل عنها قالت -٢

.)٤(» ال ما صلوا « : أفال نقاتلهم قال : ، قالوا » ، فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع

من رأى من أمريه شيئا يكرهه فليصرب فإنه من فارق « : قال r حديث ابن عباس رضي اهللا تعاىل عنهما عن النيب-٣ .)٥(» مات ميتة جتاهلية ... عة شربا فمات اجلما

حتبوم الذين أئمتكم خيار «: يقول rمسعت رسول اهللا : حديث عوف بن مالك األشجعي رضي اهللا عنه قال -٤ : قال . » ويلعنونكم وتلعنوم، ويبغضونكم تبغضوم الذين أئمتكم وشرار . عليكم ويصلون عليهم وتصلون، وحيبونكم

من ويل عليه وال فرآه يأيت شيئا من معصية اهللا أال، الصالة فيكم أقاموا ما ال «: قال؟ ننابذهم أفال اهللا رسول يالنا ق .)٦( » طاعة من ايد يرتعن والفليكره ما يأيت من معصية اهللا ،

خلع يدا من طاعة لقي اهللا يوم من« : r قال رسول اهللا: حديث عبد اهللا بن عمر رضي اهللا تعاىل عنهما قال -٥ .)٧(» القيامة وال حجة له ، ومن مات وليس يف عنقه بيعة مات ميتة جاهلية

فيهم وسيقوم، بسنيت يستنون وال ييد يهتدون ال أئمة بعدي يكون « : r قال رسول اهللا: حديث حذيفة قال -٦ تسمع «: قال؟ ذلك أدركت إن اهللا رسول يا أصنع كيف: لتق: قال» إنس جثمان يف الشياطني قلوب قلوم رجالقال فإن مل يكن هلم . » تلزم مجاعة املسلمني وإمامهم « : ويف رواية » وأطع فامسع مالك وأخذ ظهرك ضرب وإن وتطيع

) .٧/١٩٩(نيل األوطار ) ١( .من هذا الفصل ) ٤٥٤ص (وسبق خترجيه قريبا . متفق عليه ) ٢( ) .٢/٨٨(منهاج السنة ) ٣( .من هذا الفصل ) ٤٥٧ص(وسبق خترجه . مذي وأبو داود وغريهم رواه مسلم والتر )٤(مالزمـة مجاعـة : ب . اإلمـارة : ، ومسلم يف ك ) ١٣/٥(سترون بعدي أمورا تنكروا ، فتح الباري : ب . رواه البخاري يف الفنت . متفق عليه )٥(

) .١/٢٧٥(، وأمحد يف املسند ) ٣/١٤٧٧( ، ١٨٤٩ح... املسلمني ) . ٤٥٦ص (مسلم وسبق خترجيه رواه )٦( .عن البيعة ) ٢٠٤ ، ٤٤ص (وسبق خترجيه . رواه مسلم )٧(

٢٨٠

» على ذلك فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة ، حىت يدركك املوت وأنت « : مجاعة وال إمام ؟ قال )١(.

إىل غري ذلك من األحاديث الكثرية يف هذا املعىن ، وهي مجيعها صرحية يف النهي عن اخلروج على األئمة ، وإن رأى .اإلنسان ما يكره ، وصرحية كذلك يف األمر بالصرب على جورهم وعدم نزع اليد من الطاعة

:لمني فيما بينهم ، وعلى النهي عن القتال يف الفتنة األحاديث الدالة على حترمي اقتتال املس: ثانيا ومن األدلة على عدم جواز اخلروج على األئمة الفساق األحاديث الدالة على حترمي االقتتال بني املسلمني ، وهذا يقع عادة

هناك ما يدل على غلظ حترمي عندما خترج طائفة عن طاعة إمامها ، ألنه يستنجد جبنده من املسلمني فيحصل االقتتال بينهم ، و :قتل املسلم أخاه املسلم ، وعلى النهي عن االقتتال بني املسلمني ، ومن هذه األدلة

: وأصحابه وهو يوصيهم فقالوا )٤( وجندبا )٣(شهدت صفوان : بسنده إىل طريف أيب متيمة قال )٢( ما رواه البخاري -١ عليه اهللا قشق شاق ومن« : قال. » القيامة يوم به اهللا مسع مسع من« : عته يقول شيئا ؟ قال مس r هل مسعت من رسول اهللا

استطاع ومن فليفعل اطيب إال يأكل ال أن استطاع فمن بطنه اإلنسان من يننت ما أول إن فقال. أوصنا: فقالوا . »القيامة يوم .فليفعل ) ٥( هراقه دم من كف مبلء اجلنة وبني بينه حيال ال أن

.)٦() وهذا وإن مل يرد مصرحا برفعه لكان يف حكم املرفوع ، ألنه ال يقال بالرأي : ( قال احلافظ ابن حجر .)٧(» سباب املسلم فسوق وقتاله كفر « : قال r وعن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا عنه أن النيب-٢ - يعين على بن أيب طالب رضي اهللا عنه -هبت ألنصر هذا الرجل ذ: وعن األحنف بن قيس رضي اهللا تعاىل عنه قال -٣

إذا التقى « : يقول r ارجع فإين مسعت رسول اهللا: أنصر هذا الرجل ، فقال : فلقيين أبو بكرة فقال أين تريد ؟ فقلت إنه كان حريصا « : قتول ؟ قال يا رسول اهللا هذا القاتل فما بال امل: فقلت . » املسلمان بسيفيهما فالقاتل واملقتول يف النار

.)٨(» على قتل صاحبه

) .٣/١٤٧٥ (١٨٤٧ح. اإلمارة : ، ومسلم يف ) ١٣/٣٥(الفتح . كيف األمر إذا مل تكن مجاعة : باب . الفنت : رواه البخاري يف . متفق عليه )١( ) .١٣/١٢٨(الفتح ) ٧١٥٢(اق شق اهللا عليه ، حديث رقم ، من ش٩: باب . األحكام : رواه يف كتاب )٢( ) .١٣/١٢٩(ابن حمرز بن زياد التابعي الثقة املشهور من أهل البصرة عن الفتح : هو )٣( .ابن عبد اهللا البجلي الصحايب املشهور : هو )٤( .صبه : أي : هراقه )٥( ) .١٣/١٣٠(فتح الباري )٦(: ب . اإلميان : ، ومسلم يف ك ) ١/١٠٨(الفتح . ، خوف املؤمن أن حيبط عمله وهو ال يشعر ٣٦: ب . األميان : ي يف ك رواه البخار . متفق عليه )٧(

) .١/٨١ (١١٦ح . »سباب املسلم فسوق« : r قول النيبالفـنت : ، ورواه مسـلم يف ك ) ١/٨٥(لفـتح ا... ) وإن طائفتان من املؤمنني اقتتلـوا ( ، ٢٢: ب . اإلميان : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )٨( ) .٢/١٣١١) (٣٩٦٤(، ورواه أبو داود ، والنسائي ، وأمحد ، ورواه ابن ماجة عن أيب موسى بنحوه يف الفنت رقم ) ٤/٢٢١٣ (٢٨٨٨ح.

٢٨١

ال ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم « : استنصت الناس فقال : قال له يف حجة الوداع r وعن جرير أن النيب-٤ .)١(» رقاب بعض

ا ال شك يكون عند اخلروج على األئمة فهذه األحاديث وما يف معناها تدل على حترمي اقتتال املسلمني فيما بينهم ، وهذ .بالسيف ، فدل على حترمي ذلك اخلروج

:أحاديث النهي عن القتال يف الفتنة : كما أن مما يدل على ذلك األحاديث الواردة يف النهي عن القتال يف الفتنة ، وهي أحاديث كثرية منها

ستكون فنت القاعد فيها خري من القائم ، والقائم خري من « : أنه قال r عن أيب هريرة رضي اهللا تعاىل عنه عن النيب-١ من وجد : أي . )٢(» املاشي ، واملاشي فيها خري من الساعي ، من تشرف هلا تستشرفه ، ومن وجد فيها ملجأ فليعذ به

.)٣(عاصما وموضعا يلتجئ إليه ويعتزل فيه فليعتزل خري مال املسلم غنم يتبع ا شعف يوشك أن يكون « : r قال رسول اهللا: عاىل عنه قال وعن أيب سعيد رضي اهللا ت-٢

.)٤(» اجلبال ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفنت

. وهذا يدل على فضل اعتزال الفنت عند وقوعها ، وأا مفسدة للدين الذي هو أول ما جيب على املسلم صيانته وحفظه خري فيها القاعد فتنة تكون مث أال. فنت ستكون إا« : r قال رسول اهللا: ر رضي اهللا تعاىل عنه قال وعن أيب بك-٣ له كانت ومن، بإبله فليلحق إبل له كان فمن وقعت أو نزلت فإذا أال. إليها الساعي من خري فيها واملاشي، فيها املاشي من وال إبل له يكن مل من أرأيت اهللا رسول يا: رجل فقال: قال . » بأرضه فليلحق أرض له كانت ومن، بغنمه فليلحق غنم . » - ثالثا - بلغت هل اللهم. النجاء استطاع إن لينج مث، حبجر حده على فيدق سيفه إىل يعمد «: قال؟ أرض وال غنم أو بسيفه رجل فضربين الفئتني حدىإ أو الصفني أحد إىل يب ينطلق حىت أكرهت إن أرأيت اهللا رسول يا: رجل فقال: قال .)٥( » النار أصحاب من ويكون وإمثك بإمثه يبوء «: قال ؟فيقتلين سهم جيئ

) .١/٢١٧(الفتح . ، اإلنصات للعلماء ٤٣: ب . العلم : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )١(

ال ترجعوا : باب . الفنت : ورواه الترمذي يف . »... ال ترجعوا بعدي كفارا «: بيان معىن قول النيب : باب ) . ١/٨٢ (١١٨اإلميان ، ح : ومسلم يف ك ) .٤/٤٨٦ (٢١٩٣بعدي كفارا ، ح

، وروى ٢٨٨٦لفنت كمواقع القطر ، ح نزول ا : ب . الفنت : ، ومسلم يف ك ) ١٣/٣٠( ، الفتح ٩: ب . الفنت : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )٢( ) .١/١٦٩(، وأمحد يف املسند ) ٤/٤٨٦ (٢١٩٤ح. الفنت : حنوه الترمذي عن سعد بن أيب وقاص يف ك

.بتصرف يسري ) ١٣/٣٠(فتح الباري : انظر )٣(: ب . اإلميان : ، والنسائي يف ) ١١/٣٤٩( ، عون ٤ :ب . ، وأبو داود يف الفنت ) ١٣/٤٠(التغرب يف الفتنة الفتح : ب . الفنت : رواه البخاري يف )٤( ) .١٣١٧ (٣٩٨٠، ح١٣: باب . الفنت : ، وابن ماجة يف ٣٠

) .٣/٢٢١٢ (٢٨٨٧ح. نزول الفنت كمواقع القطر : ب . اإلمارة : رواه مسلم يف )٥(

٢٨٢

جاء علي بن أيب طالب إىل أيب فدعاه للخروج معه ، فقال له أيب : وعن عديسة بنت إهبان بن صيفي الغفاري قالت -٤ قالت ... أن اختذ سيفا من خشب فقد اختذته فإن شئت خرجت به معك إن خليلي وابن عمك عهد إىل إذا اختلف الناس: .)١(فتركه :

وقطعوا أوتاركم واضربوا بسيوفكم احلجارة ، كسروا فيها سيوفكم« : قال يف الفنت r وعن أيب موسى أن النيب -٥ .)٢(» فإن دخل على أحدكم فليكن كخري ابين آدم

على النهي عن القتال يف الفتنة وال شك أن اخلروج على األئمة مما يؤدي إىل الفتنة ، فدل ذلك فهذه النصوص مجيعها تدلهو ما ينشأ عن : واملراد بالفتنة يف هذا الباب : ( قال احلافظ ابن حجر . على النهي عن اخلروج على األئمة الظلمة

.)٣() االختالف يف طلب امللك حيث ال يعلم احملق من املبطل :األحاديث الدالة على أن اهللا يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر : ثالثا

.)٥(» بأقوام ال خالق هلم ... « ويف رواية . )٤(» إن اهللا يؤيد هذا اليدين بالرجل الفاجر « : r فقد قالخلروج على األئمة الفجرة رد فإذا كان الدين قد يؤيد وينصر بسبب رجل فاجر ، وال يضر الدين فجوره فال جيوز ا

فجورهم ، ألن فجور الفاجر منهم ال يضر هذا الدين وإمنا ضرره على نفسه ، وقد جير هذا اخلروج إىل فنت وويالت ال حتمد .عقباها

السلف أيام ومن األدلة على عدم اخلروج أيضا موقف الصحابة الذين توقفوا عن القتال يف الفتنة ، وموقف علماء :رابعا حكم بين أمية وبين العباس وكان يف بعضهم فسوق وظلم ، ومنهم احلجاج بن يوسف الثقفي الذي كفره بعضهم ، وكان

إن احلجاج عذاب اهللا فال تدافعوا عذاب اهللا بأيديكم ولكن عليكم اإلستكانة والتضرع فإن اهللا : ( احلسن البصري يقول .)٧( ) )٦( م بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ﴾﴿ولقد أخذناه: تعاىل يقول

:كنت حيث يقول الشاعر : ( أين كنت يا عامر ؟ قال : )٨( وقيل للشعيب يف فتنة ابن األشعث

، ورواه ابن ) ٤/٤٩٠(عرفه إال من حديث عبد اهللا بن عبيد حسن غريب ال ن : وقال . ٢٢٠٣ ، ح ٣٣: ب . الفنت : يف . رواه الترمذي واللفظ له )١( .بنحوه ) ٥/٦٩(مسند اإلمام أمحد : وانظر ) . ٢/١٣٠٩ (٣٩٦٠ ، ح١١: ب . الفنت : ماجة يف

حسـن هذا حديث: وقال . ٢٢٠٤ ، ح٣٣: ب . ، والترمذي يف الفنت ) ٢/١٣١٠ (٣٩٦١ ، ح ١١: ب . الفنت : رواه ابن ماجة خمتصرا يف ك )٢( ) .١٢/٣٣٧( ، عون املعبود ٢: ب . الفنت : ، وأبو داود يف ) ٤/٤٩١(غريب صحيح

) .١٣/٣١(فتح الباري )٣( ) .٢/٢٤١(سنن الدارمي )٤(غلظ حترمي : ب. اإلميان : ، ومسلم يف ) ٦/١٧٩(فتح الباري ... ، إن اهللا ليؤيد هذا الدين ١٨٢: ب . اجلهاد : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )٥(

.وقال عنه إنه من أهل النار ، وظهر بعد ذلك أنه قتل نفسه r وذلك يف قصة الرجل الذي قاتل مع النيب) . ١/١٠٥ (١٧٨قتل اإلنسان نفسه ، ح .٧٦ آية املؤمنونسورة )٦( ) .١/٢٤١(منهاج السنة )٧(على اجليش حملاربة رتبيل ملك الترك ، وكان كل منهما يكره اآلخر ، فمضى ابـن كانت سنة إحدى ومثانني حينما بعث احلجاج ابن األشعث قائدا )٨(

األشعث ، وفتح كثريا من البالد ، ورأى التوقف يف فصل الشتاء حىت يذهب الربد ، ويتقوى املسلمون ، فعاتبه احلجاج ، وكتب إليه بكالم بذيء ، فلـم ه ، وجعل الناس يلتفون حوله ، فسري إليه اخلليفة عبد امللك بن مروان جيشا بقيادة احلجاج ، فهزمهم حيتمله ابن األشعث فشاور أصحابه يف خلعه ، فوافقو

٢٨٣

عوى الذئب فاستأنت بالذئب إذ عوى )١(وصوت إنسان فكدت أطري (

)

.)٢() أصابتنا فتنة مل نكن فيها بررة أتقياء وال فجرة أقوياء وهلذا استقر رأي أهل السنة على ترك القتال يف الفتنة ، لألحاديث الصحيحة : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا

.)٣(ة وترك قتاهلم وصاروا يذكرون هذا يف عقائدهم ، ويأمرون بالصرب على جور األئم r الثابتة عن النيبوال يكاد أحد من علماء السلف يذكر عقيدته إال وينص على هذه املسألة ذاا ، ومن األمثلة على ذلك ما ذكره : قلت

وال حيل قتال السلطان وال اخلروج عليه ألحد من الناس فمن فعل : ( اإلمام أمحد يف عقيدته يف أكثر من رواية حيث قال وبنحو كالم اإلمام أمحد هذا . وسيأيت تقرير مذهب اإلمام أمحد قريبا إن شاء اهللا )٤(لى غري السنة والطريق ذلك فهو مبتدع ع

، وأيب عثمان )٧(كالطحاوي : ، وغريهم كثري )٦( ، وعلي بن املديين )٥(نص على ذلك أبو زرعة ، وابن أيب حامت الرازيان . .وغريهم )٨(الصابوين

من األدلة على النهي عن اخلروج على األئمة صالة الصحابة رضوان اهللا عليهم خلف أئمة اجلور واملبتدعة ، و:خامسا .وهذا يقتضي اإلقرار بإمامتهم

إذا ظهر من املصلي بدعة أو فجور وأمكن الصالة خلف من يعلم أنه مبتدع أو : ( يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا : الصالة خلف غريه ، فأكثر أهل العلم يصححون صالة املأموم ، وهذا مذهب الشافعي وأيب حنيفة وهو فاسق مع إمكان

أحد القولني يف مذهب مالك وأمحد ، وأما إذا مل ميكن الصالة إال خلف املبتدع أو الفاجر كاجلمعة اليت إمامها مبتدع أو ر عند عامة أهل السنة واجلماعة ، وهذا مذهب الشافعي وأيب فاجر وليس هناك مجعة أخرى فهذه تصلى خلف املبتدع والفاج

.)٩() حنيفة وأمحد بن حنبل وغريهم من أئمة السنة بال خالف عندهم والذي يدل على ذلك اجلواز فعل الصحابة رضوان اهللا عليهم حيث كانوا يصلون خلف من يعرفون فجوره ، كما صلى

عبد اهللا بن

ابن األشعث ودخل البصرة ، مث رأى أن خيلع اخلليفة أيضا ، فوافقه مجيع من يف البصرة من الفقهاء والقراء والشيوخ والشباب ، مث أخذت تـدور بينـهم

.فما بعدها ) ٩/٣٥(البداية والنهاية : انظر بتوسع . املشهورة ، وراح ضحية هلذه الفتنة خلق كثري من الصاحلني ) ر اجلماجم دي(املعارك ، منها معركة ورواه ابن قتيبـة يف الشـعر . هـ ١٤٠٢حتقيق سليمان العايد رسالة دكتوراه من جامعة أم القرى ) ٧٣٢ص (هذا البيت يف غريب احلديث للحريب )١(

.فقد رواه بسنده إىل الشافعي وعزاه إىل تأبط شرا ) ٥٦ص (العزلة للخطايب : ، وعزاه لألحيمر السعدي ، وانظر كتاب ) ٧٨٧ (والشعراء ) .٢/٢٤١(منهاج السنة )٢( ) .٢/٢٤١(منهاج السنة )٣( ) .١٥٨ص (جامعة أم القرى . هـ ١٤٠١ام دكتوراه عةرسال: شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة للاللكائي حتقيق أمحد سعد محدان )٤( ) .١٧٩ص (و) ١٦٧ص (نفس املرجع )٥( ) .١٦٤ص (نفس املرجع )٦( .٣. ط ) ٣٦٦ص (شرح العقيدة الطحاوية )٧( ) .١/١٢٩(رسالة عقيدة السلف وأصحاب احلديث أليب عثمان ضمن جمموعة الرسائل املنريية )٨( .جلنة التراث العريب . ن . تعليق حممد رشيد رضا ) ٥/١٩٨(الة األخرية جمموعة الرسائل واملسائل الرس )٩(

٢٨٤

ابة خلف الوليد بن عقبة بن أيب معيط ، وقد كان يشرب اخلمر ، وصلى مرة الصبح أربعا ، وجلده مسعود وغريه من الصح ، وكان )١(عثمان رضي اهللا عنه على ذلك ، وكان عبد اهللا بن عمر وغريه من الصحابة يصلون خلف احلجاج بن يوسف

أن ابن عمر : ( أسلم ، وأخرج ابن سعد عن زيد بن )٢(الصحابة والتابعون يصلون خلف ابن أيب عبيد وكان متهما باإلحلاد .)٣() كان يف زمان الفتنة ال يأيت أمريا إال صلى خلفه وأدى إليه زكاة ماله

ومن األدلة على عدم جواز اخلروج على األئمة الفسقة مراعاة مقاصد الشريعة إذ أن من أهداف الشريعة :سادسا وال شك أن الضرر يف الصرب . تني بتفويت أدنامها ، ودفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما اإلسالمية حتقيق أكمل املصلح

على جور احلكام أقل منه يف اخلروج عليهم ملا يؤدي إليه من اهلرج واملرج ، فقد يرتكب يف فوضى ساعة من املظامل ما ال ان إال كان ما تولد على فعله من الشر ، أعظم وقل من خرج على إمام ذي سلط: ( قال ابن تيمية . يرتكب يف جور سنني

.)٤() مما تولد من اخلري .)٥() مصرا فال يهدم أصل املصلحة شغفا مبزاياها ، كالذي يبين قصرا ويهدم( ولذلك

رء أعظم داللة وجوب د: الثاين : ( وذكر ابن األزرق يف معرض استدالله أن جور اإلمام ال يسقط وجوب الطاعة قال : املفاسد عليه ، إذا ال خفاء أن مفسدة عصيانه تربو على مفسدة إعانته بالطاعة له كما قالوا يف اجلهاد معه ، ومن ثم قيل

كما أن يف الصرب على جورهم واحتساب ذلك عند اهللا تكفري السيئات ومضاعفة األجور )٦() عصيان األئمة هدم أركان امللة سلطهم علينا إال لفساد أعمالنا ، واجلزاء من جنس العمل فعلينا االجتهاد يف االستغفار والتوبة وإصالح فإن اهللا تعاىل ما(

وذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية أن احلكمة اليت راعاها الشارع يف النهي عن اخلروج على األمراء وندب إىل ترك . )٧() العمل وإن كان الفاعلون لذلك يرون أن : ( قال . وس بال حصول للمصلحة املطلوبة القتال يف الفتنة ملا يف املقاتلة من قتل للنف

قال )٨(... ) مقصودهم األمر باملعروف والنهي عن املنكر كالذين خرجوا باحلرة وبدير اجلماجم على يزيد واحلجاج وغريمها كرا ، وإذا مل حيصل املعروف إال مبنكر ، لكن إذا مل يزل املنكر إال مبا هو أنكر منه صارت إزالته على هذا الوجه من: (

مفسدته أعظم من مصلحة ذلك املعروف ، كان حتصيل ذلك املعروف على هذا الوجه منكرا ، وذا الوجه صارت اخلوارج

إرواء الغليـل : انظر . سنده صحيح على شرط الستة : وقال عنه األلباين . حديث كان ابن عمر يصلي خلف احلجاج ذكره ابن أيب شيبة يف املصنف )١()٢/٣٠٣. ( ) .٥/١٩٩(جمموعة الرسائل واملسائل : انظر )٢( ) .٢/٢٠٤(إرواء الغليل : انظر . سنده صحيح : قال األلباين )٣( ) .٢/٢٤١(منهاج السنة )٤( ) .٢/٢٣٣(إحياء علوم الدين على هامشه إحتاف السادة املتقني للزبيدي )٥( ) .١/٧٨(بدائع السلك )٦( ) .٣٦٨ص (شرح العقيدة الطحاوية )٧( ) .٢/٢٤٣(منهاج السنة )٨(

٢٨٥

وغريه من املسلمني ، وكذلك من وافقهم يف - رضي اهللا تعاىل عنه -يستحلون السيف على أهل القبلة حىت قاتلت عليا .)١() وج على األئمة بالسيف يف اجلملة من املعتزلة والزيدية والفقهاء وغريهم اخلر

شرع ألمته إجياب إنكار املنكر ليحصل بإنكاره من r إن النيب: ( ويقرر تلميذه ابن القيم رمحهما اهللا هذه املسألة فيقول

هو أنكر منه وأبغض إىل اهللا ورسوله فإنه ال يسوغ إنكاره وإن املعروف ما حيبه اهللا ورسوله ، فإذا كان إنكار املنكر يستلزم ماكان اهللا يبغضه وميقت أهله ، وهذا كاإلنكار على امللوك والوالة باخلروج عليهم ، فإنه أساس كل شر وفتنة إىل آخر الدهر ،

ال ، « : أفال نقاتلهم ؟ فقال : وا يف قتال األمراء الذين يؤخرون الصالة عن وقتها ، وقال r وقد استأذن الصحابة رسول اهللاومن تأمل ما جرى على . » ومن رأى من أمريه ما يكرهه ، فليصرب وال يرتعن يدا من طاعة « : ، وقال » ما أقاموا الصالة

أكرب اإلسالم يف الفنت الكبار والصغار ، رآها من إضاعة هذا األصل وعدم الصرب على منكره ، فطلب إزالته فتولد منه ما هويرى مبكة أكرب املنكرات وال يستطيع تغيريها ، بل ملا فتح اهللا مكة وصارت دار إسالم عزم على r منه ، فقد كان رسول اهللا

خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش -تغيري البيت ورده على قواعد إبراهيم ، ومنعه من ذلك مع قدرته عليه عهد بكفر ، وهلذا مل يأذن يف اإلنكار على األمراء باليد ملا يترتب عليه من م وكوم حديثيلذلك ، لقرب عهدهم باإلسال

:فإنكار املنكر أربع درجات : ( إىل أن قال )٢(... ) وقوع ما هو أعظم منه . أن يزول ، وخيلفه ضده :األوىل . أن يقل وإن مل يزل جبملته :الثانية

.ن يتساويا أ:الثالثة [ ) .أن خيلفه ما هو شر منه : )٣( ] الرابعة

مث ضرب األمثلة على كل درجة ، )٤() فالدرجتان األوليان مشروعتان ، والثالثة موضع اجتهاد ، والرابعة حمرمة : ( قال مررت أنا وبعض : ( ر ضرحيه يقول مسعت شيخ اإلسالم ابن تيمية قدس اهللا سره ونو: ( ومنها قوله يف التمثيل على الرابعة

إمنا حرم اهللا اخلمر : أصحايب يف زمن التتار بقوم منهم يشربون اخلمر ، فأنكر عليهم من كان معي ، فأنكرت عليه وقلت له .)٥() ألا تصد عن ذكر اهللا وعن الصالة ، وهؤالء تصدهم اخلمر عن قتل النفوس وسيب الذراري وأخذ األموال فدعهم

ومن األدلة على عدم جواز اخلروج على األئمة أننا عند استعراضنا للفنت اليت قامت يف التأريخ اإلسالمي األول :سابعا جند أا مل تؤت الثمار املرجوة من قيامها ، بل بالعكس قد أدت إىل فنت وفرقة بني املسلمني ال يعلم عظم فسادها إال اهللا ،

:ب املسلمون اخلروج فلم يروا منه إال الشر وقد جر: ( يقول املعلمي . خرج الناس على عثمان يرون أم يريدون احلق -١

.ع نفس املرج )١( ) .٣/٤(إعالم املوقعني ) ٢( .ما بني القوسني ليس يف املطبوعة ، لكن السياق يقتضيه ، ولعله سقط عند الطبع ) ٣( ) .٣/٤(إعالم املوقعني ) ٤( ) .٣/٥(نفس املرجع ) ٥(

٢٨٦

مث خرج أهل اجلمل يرى رؤساؤهم ومعظمهم أم إمنا يطلبون احلق ، فكانت مثرة ذلك بعد اللقيا ، واليت أن انقطعت -٢ .خالفة النبوة وتأسست دولة بين أمية

.ر احلسني بن علي إىل ما اضطر إليه فكانت تلك املأساة مث اضط-٣ . مث خرج أهل املدينة فكانت وقعة احلرة -٤ مث خرج القراء مع ابن األشعث فماذا كان ؟-٥ ا مث كانت قضية زيد بن علي ، وعرض عليه الروافض أن ينصروه على أن يتربأ من أيب بكر وعمر ، فخذلوه ، فكان م-٦

.)١() كان ومل يكتب ألحد منهم نصيب يف )٢(وقد عد أبو احلسن األشعري مخسة وعشرين خارجا كلهم من آل البيت : قلت

وقل من خرج على إمام ذي سلطان إال كان ما تولد على فعله من الشر ، أعظم : ( اخلروج ، وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية .)٣(... ) مما تولد من اخلري

فإذا كان هذا مآل اخلارج ، وإن كان قصده حسنا ، وال يريد إال اخلري وإصالح األوضاع ، فكيف جيوز اخلروج ؟ املذهب الثاين

ن باخلروج على أئمة اجلور والظلمالقائلوجئة إىل اخلروج على أئمة وكثري من املر)٥( والزيدية )٤( ذهبت طوائف من أهل السنة وبعض األشاعرة واملعتزلة واخلوارج

قال ابن . اجلور ، وسل السيول واستخدام القوة يف تغيري املنكر إذا مل ميكن دفع املنكر إال بذلك ولو مل يصلوا إىل درجة الكفر قول ونسب هذا ال)٦() إن سل السيوف يف األمر باملعروف والنهي عن املنكر واجب إذا مل ميكن دفع املنكر إال بذلك ( حزم

وهذا قول علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه وكل من : ( فقال . إىل بعض الصحابة وغريهم من التابعني وتابعيهم ومن بعدهم وقول . من كان معهم من الصحابة وكل . معه من الصحابة ، وقول أم املؤمنني عائشة رضي اهللا عنها ، وطلحة والزبري

قول عبد اهللا بن الزبري : وهو . وغريهم ممن معهم من الصحابة رضي اهللا عنهم أمجعني معاوية ، وعمرو ، والنعمان بن بشري ، وقول . ، وحممد بن احلسن بن علي ، وبقية الصحابة من املهاجرين واألنصار القائمني يوم احلرة رضي اهللا عن مجيعهم أمجعني

وكل من كان ممن ذكرنا . كأنس بن مالك : مجيعهم كل من قام على الفاسق احلجاج ومن وااله من الصحابة رضي اهللا عن كعبد اهللا بن عبد العزيز بن عبد اهللا بن عمر ، : مث من بعد هؤالء من تابعي التابعني ومن بعدهم ... من أفاضل التابعني

وراق ، ومن وكعبد اهللا بن عمر ، وحممد بن عجالن ، ومن خرج مع حممد بن عبد اهللا بن احلسن ، وهاشم بن بشر ، ومطر الكأيب حنيفة ، واحلسن بن حي وشريك ، ومالك ، : خرج مع إبراهيم بن عبد اهللا ، وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء

.باكستان ، الهور . هـ ١٤٠١. أوىل . ط ) ١/٩٤(التنكيل مبا يف تأنيب الكوثري من األباطيل لعبد الرمحن بن حيىي املعلمي ) ١( ) .١٦٦ - ١/١٥١(مقاالت اإلسالميني : انظر ) ٢( ) .٢/٢٤١(منهاج السنة ) ٣( ) .١/٢٠٤(مقاالت اإلسالميني : انظر ) ٤( ) .١/١٥٠(نفس املرجع ) ٥( ) .٤/١٧١(الفصل يف امللل واألهواء والنحل ) ٦(

٢٨٧

فإن كل من ذكرنا من قدمي وحديث إما ناطق بذلك يف فتواه ، وإما فاعل لذلك بسل سيفه . والشافعي ، وداود وأصحام .)١(. هـ . أ ... ) يف إنكار ما رأوه منكرا

: األدلة : استدل القائلون باخلروج على أئمة اجلور وإن مل يصلوا إىل حد الكفر باألدلة التالية

: أوال من القرآن الكرمي ت إحداهما على األخرى فقاتلوا التي تبغي وإن طائفتان من المؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغ﴿ : قال اهللا تعاىل -١

.)٢(﴾ اآلية ... حتى تفيء إلى أمر الله إذ ليس من شرطه أن يكون مع - ففي هذه اآلية أمر اهللا عز وجل بقتال الفئة الباغية سواء كان اإلمام معها أم مع العادلة

.بل وصفت باإلميان . أن هذه الفئة الباغية اليت جيب أن تقاتل مل توصف بالكفر البواح هذا مع-العادلة دائما وبناء على هذا فلو خرجت طائفة حمقة على إمام جائر وجب على املسلمني نصرا وقتاله وإن مل يكن كفر كفرا بواحا ،

عظمهم أيد عبد اهللا بن الزبري رضي اهللا عنه يف خروجه وعليه جرى العمل زمن الصحابة رضي اهللا عنهم والتابعني حيث أن م .)٣(على بين أمية وقتاهلم

قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال ال ينال ﴿ : كما استدلوا ملذهبهم بقوله تعاىل إلبراهيم عليه السالم -٢ دي الظالمنيهاإلمامة عهد اهللا فال جيوز أن ينال هذا العهد ظامل ، وإن ناله وجب اخلروج عليه وإرجاعه عن و . )٤( ﴾ ع

.ظلمه أو طرده عن منصب اإلمامة فعدم : الوا ق . )٥( ﴾ وتعاونوا على الرب والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان ﴿ : واستدلوا أيضا بقوله تعاىل -٣

اخلروج على اإلمام الظامل والسكوت عنه من التعاون على اإلمث والعدوان املنهي عنه ، وإنكار املنكر وجماهدة الظلمة والفسقة .من الرب الذي أمر اهللا تعاىل بالتعاون عليه

كما ستدلوا باآليات واألحاديث على وجوب األمر باملعروف : ثانيا

) .١٧٢ ، ٤/١٧١(الفصل ) ١( .١٩سورة احلجرات آية ) ٢(واهللا أعلـم . خالفة ابن الـزبري : وقد اختلف الناس يف هذه املسألة فمن قائل فتنة ابن الزبري ، ومن قائل ) . ٢٣٨(البداية والنهاية البن كثري : انظر ) ٣(

.بالصواب .١٢٤سورة البقرة آية ) ٤( .٢ سورة املائدة آية )٥(

٢٨٨

:ر فمنها والنهي عن املنكولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولـئك هم ﴿ : قول اهللا عز وجل -١

لى لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا لعن الذين كفروا من بني إسرائيل ع﴿ : وقوله عز وجل )١( ﴾ المفلحون .)٢( ﴾ كانوا ال يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون * وكانوا يعتدون

يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ال ﴿ : ومنها ما ورد عن أيب بكر الصديق رضي اهللا تعاىل عنه عند قوله تعاىل -٢ متيدتل إذا اهن ضكم مرض٣( ﴾ ي( ا فحمد اهللا وأثىن عليه مث قالحينما قام خطيب ) : أيها الناس إنكم تقرؤون هذه اآلية-

إن الناس إذا رأوا املنكر وال يغريونه أوشك « : قال r وإنكم تضعوا على غري موضعها ، وإين مسعت رسول اهللا-وتالها إن الناس إذا رأوا الظامل فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم اهللا بعقاب « : ويف رواية . » اهللا عز وجل أن يعمهم بعقابه

.)٤(» منه ه ، فإن مل يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف فليغريه بيده ، فإن مل يستطع فبلسانامن رأى منكم منكرr : » ومنها قوله-٣

.)٥(» اإلميان

إن أول ما دخل النقص على « : r قال رسول اهللا: ومنها ما روي عن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا تعاىل عنه قال -٤ لقاه من الغد وهو على يا هذا اتق اهللا ودع ما تصنع فإنه ال حيل لك ، مث ي: بين إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول

: حاله فال مينعه أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب اهللا قلوب بعضهم ببعض ، ونزل فيهم القرآن فقال ﴿ ميرن مى ابعيسو وداوان دلى لسائيل عرني إسوا من بكفر الذين وكان- ﴾ نفاسقو ﴿ إىل قوله ﴾ ... لعن r متكئا مث

أطرا ، كال واهللا لتأمرن باملعروف ولتنهون عن املنكر ، مث لتأخذن على يد الظامل ولتأطرنه على احلق « : مث قال -جلس فإنكار املنكر واجب : قالوا . )٦(» ولتقصرنه على احلق قصرا ، أو ليضربن اهللا قلوب بعضكم ببعض ، مث يلعنكم كما لعنهم

ى كل مسلم سواء صدر هذا املنكر من أمري أو حقري ، أو شريف أو وضيع ، ومل يرد يف اآليات واألحاديث اآلمرة بذلك عل .استثناء لألمراء ، فدل على وجوب إنكار املنكر عليهم ، وإزالته ولو بالقوة عند االستطاعة

.١٠٤سورة آل عمران آية ) ١( .٧٩ ، ٧٨سورة املائدة آية ) ٢( .١٠٥سورة املائدة ) ٣(ما حاء يف نزول العذاب إذا : ب . الفنت : ك وقال أمحد شاكر إسناده صحيح ، ورواه الترمذي يف ) ١(حديث رقم ) ١/١٥٣(رواه أمحد يف املسند ) ٤(

: ، وابن ماجـة يف ) ١١/٤٨٩(مر والنهي ، عون األ: ب . املالحم : ، ورواه أبو داود يف ) ٤/٤٦٧(حديث صحيح : وقال . ٢١٦٨مل يغري املنكر ، ح .، ورواه النسائي ، وابن حبان يف صحيحه وغريهم ) ٢/١٣٢٧ (٤٠٠٥األمر باملعروف والنهي عن املنكر ، ح: ب . الفنت

ما جاء يف األمر بـاملعروف : ب . الفنت : يف ، ورواه الترمذي ) ١/٦٩ (٤٩كون النهي عن املنكر من اإلميان ، ح: ب . اإلميان : رواه مسلم يف ك )٥( ) .١١/٤٩١(عون املعبود : انظر . األمر والنهي عن أيب سعيد : ب . املالحم : ك ، ورواه أبو داود يف ) ٤/٤٧٠ (٢١٧٢والنهي عن املنكر ، ح

) ٥/٢٥٢ (٣٠٤٨ ، ٣٠٤٧ح . التفسري: بورواه الترمذي وحسنه يف كتا، ) ١١/٤٨٧( عون ،األمر والنهي : ب . املالحم : رواه أبو داود يف ك )٢( قال ابن – أي الترمذي وابن ماجة – ا مرسال وروياه أيض . بألفاظ متقاربة ) ٢/١٣٢٣(، ) ٤/٤٠٠٦(. األمر باملعروف : باب . الفنت : وابن ماجة يف ،

) .١/١٩٣( الشرعية داباآل :ر انظ. هم د وأبو عبيد مل يسمع من أبيه عن.وإسناد هذا اخلرب ثقات : مفلح احلنبلي

٢٨٩

عن ظلمهاألحاديث الدالة على عزل الظامل واخلروج عليه وكفه: ا ثالث : كما أن هناك أحاديث دالة على وجوب جماهدة الظلمة وكفهم عن ظلمهم منها

من له كان إال قبلي أمة يف اهللا بعثه نيب من ما «: r قال رسول اهللا: حديث ابن مسعود رضي اهللا تعاىل عنه قال -١ ماال ويفعلون يفعلون ماال يقولون خلوف بعدهم من ختلف إا مث. بأمره ويقتدون بسنته يأخذون وأصحاب حواريون أمته

ذلك وراء وليس مؤمن فهو بقلبه جاهدهم ومن، مؤمن فهو بلسانه جاهدهم ومن، مؤمن فهو بيده جاهدهم فمن. يؤمرون .)١( » خردل حبة اإلميان من

.ح يف املسألة وهو نص صري)٢() وهذا يدل على جهاد األمراء باليد : ( قال ابن رجب احلنبلي إنك : إذا رأيتم أميت اب الظامل أن تقول له « : يقول r مسعت رسول اهللا: ومنها حديث عبد اهللا بن عمرو قال -٢

.)٣(» أنت ظامل فقد تودع منهم اهللا طاناأع الذي اخلري هذا أرأيت اهللا رسول ياقلت : - يف حديث طويل - وعن حذيفة رضي اهللا تعاىل عنه قال -٣

اهللا رسول يا: قلت ، » السيف «: قال؟ ذلك من العصمة فما: قلت ، » نعم «: قال؟ قبله كان كما شر بعده أيكون جبذل عاض وأنت فمت وإال، فأطعه مالك وأخذ، ظهرك فضرب األرض يف خليفة هللا كان إن «: قال؟ يكون ماذا مث

، » السيف «: قاليا رسول اهللا ؟ العصمة فما: قلت: ويف رواية . »... الدجال « : قال؟ ماذا مث: قلت ، » شجرةمث ماذا ؟ : قلت : ، قال » نعم ، تكون أمارة على أقذاء وهدنة على دخن «: وهل بعد هذا السيف بقية ؟ قال : قلت: قال .) ٤( »... تنشأة دعاة الضاللة «: قال فلما اسيف منهم رجال تمفسل سرية rرسول اهللا بعث: اهللا تعاىل عنه من رهطه قال وعن عقبة بن مالك رضي -٤ ميضي من مكانه جتعلوا أن ألمري ميض فلم رجال بعثت إذا أعجزمت «: قال ؟ rلو رأيت ما المنا رسول اهللا : قال رجع .)٥( » ألمري

وحاد عنها ، فإنه يعزل وجيعل مكانه من r ميض على سنة النيببأن اإلمام إذا مل r وهذا احلديث يدل على أمر النيب . يتبع السنة ويسري على منهاجها

) .١/٧٠ (٥٠ح، النهي عن املنكر من اإلميان : ب . اإلميان : رواه مسلم يف ك )١( ) .٣٠٤ص ( جامع العلوم واحلكم )٢( ) .١٠/٣٠) (٦٥٢١(حديث رقم . خترجيه املسند : انظر . وقد صحح األستاذ أمحد شاكر هذا احلديث ) . ٢/١٦٣(مسند اإلمام أمحد )٣(وحسنه ) . ٤٠٤ ، ٥/٤٠٣(ورواه اإلمام أمحد بعدة أسانيد يف املسند ) . ١١/٣١٢(ذكر الفنت ودالئلها ، عون املعبود : ب . واه أبو داود يف الفنت ر )٤(

. ) .٣/٥٤ (٢٩٩٢األلباين يف اجلامع الصغري حذكر أبو عمر : إسناده حسن ، قال املنذري : القادر األرناؤوط وقال الشيخ عبد ) . ٧/٢٩١(عون . يف الطاعة : ب . اجلهاد : رواه أبو داود يف ك ) ٥(

.حديثا واحدا rالنمري وغريه أن عقبة هذا روى عن النيب ، وعزاه صاحب كرت العمال إىل اخلطيب البغـدادي يف املتفـق ) ٧/٢٩١(، وكالم املنذري يف عون املعبود ) ٤/٧١(جامع األصول البن األثري : انظر

.١٤٤١٥ح) ٥/٢٩٧(

٢٩٠

. يفعلون ال مبا يأمرونكم أمراء عليكم سيكون« : r اهللا قال رسول: وعن ابن عمر رضي اهللا تعاىل عنهما قال -٥ .)١( » احلوض على ردي ولن منه ولست مىن فليس ظلمهم على وأعام ذمبك صدقهم فمن

أيها الناس إين قد : ( هذا وقد قال أبو بكر الصديق رضي اهللا تعاىل عنه يف خطبته املشهورة ملا انعقدت له اخلالفة -٦ فهذا أمر منه رضي اهللا عنه للصحابة )٢(... ) وليت عليكم ولست خبريكم ، فإن أحسنت فأعينوين وإن أسأت فقوموين

.)٣(ول االحنراف يف رعايته هلم وهو أبو بكر الصديق ، فأوىل بالتقومي من يأيت من بعده ، وحييد عن الطريق بالتقومي عند حص :األحاديث الدالة على خطر األئمة املضلني : رابعا

ك جيب عدة أحاديث حتذر من األئمة املضلني ، وأم خطر كبري على األمة وعلى دينها ، لذل r وقد ورد عن النيبالسعي إىل إبعاد خطرهم عن هذه األمة ، اليت جتب محايتها على كل مسلم إذا غزيت أرضها أو بت أمواهلا فكيف إذا غزي

دينها ؟

: ومن هذه األحاديث ما يلي .)٤(» ... إمنا أخاف على أميت األئمة املضلني « : r قال رسول اهللا: عن ثوبان رضي اهللا تعاىل عنه قال -١ ... زويت يل األرض حىت رأيت مشارقها ومغارا « : قال r وعن ثوبان رضي اهللا عنه يف احلديث الطويل عن النيب-٢ .)٥(» ... وإمنا أختوف على أميت أئمة مضلني « : إىل أن قال »

.)٦(» أخوف ما أخاف على أميت األئمة املضلني « : ويف رواية عند الطيالسي -٣ رجل قتله : أشد الناس عذابا يوم القيامة « : قال r إن رسول اهللا: وروى أمحد بسنده إىل عبد اهللا بن مسعود قال -٤

: أين أسألك عن أمر فال تكتمين قال : ولذلك فقد قال عمر لكعب )٧(» نيب ، أو قتل نبيا ، وإمام ضاللة ، وممثل من املمثلني

إبراهيم بن قعيس : وفيه ... رواه أمحد والبزار : وقال يف جممع الزوائد ) . ٨/٦٢) (٥٧٠٢(وصححه أمحد شاكر حديث رقم . رواه أمحد يف املسند )١(، ورواه ) ٣/١٥٠(الترهيب ، ويف املسند أيضا عن جابر وهو يف الترغيب و ) ٥/٢٤٧(ضعفه أبو حامت ، ووثقه ابن حبان ، وبقية رجاله رجال الصحيح .

حديث صحيح غريب ال نعرفه من حديث مسهر إال مـن هـذا الوجـه : وقال ) ٢٢٥٩( ، رقم ٧٢: باب . الفنت : الترمذي عن كعب بن عجرة يف )٤/٥٢٥. ( . إسناده صحيح : قال ابن كثري ) ٦/٣٠١(، والبداية والنهاية ) ٤/١٦١(سري ابن هشام : انظر )٢(ولكين آثرت الصفح عنـها . وحنوها » ... فضعوا سيوفكم على عواتقكم فأبيدوا خضراءهم ... « ديث أخرى كثرية يف هذا الباب منها وهناك أحا )٣(

.ألا ال تسلم من مقال عليقه على مشـكاة وصححه األلباين يف ت) . ٤/٥٠٤( حسن صحيح : وقال . ٢٢٢٩ما جاء يف األئمة املضلني ، ح : ب . الفنت : رواه الترمذي يف )٤(

) .٣/١٤٨٤(املصابيح ، ورواه اإلمام أمحـد يف ) ٢/١٣٠٤ (٣٩٥٢ ، ح ٩: ب . الفنت : ، وابن ماجة يف ) ٣٢٣ ، ١١/٣٢٢( ، عون ١: ب . الفنت : رواه أبو داود يف ) ٥(

) . ٤/٢٢١٥ (٢٨٨٩ح. لفنت ا: يف مسلم يف ك »... وإمنا أختوف « عن شداد بن أوس ، وأصل احلديث بدون زيادة) ٤/١٢٣(املسند ) .٥/٢٣٩(رجاله رجال الصحيح : قال يف جممع الزوائد . وبنحوه يف املسند عن شداد بن أوس ) . ٢/١٦٥(مسند الطيالسي )٦(قات وكـذلك رواه ورجاله ث.. قال اهليثمي رواه البزار ) . ٥/٣٣٢(إسناده صحيح : وقال أمحد شاكر ) . ٣٨٦٨(رواه اإلمام أمحد يف املسند رقم )٧(

) .١/٣٣٥(واحلديث حسنه األلباين يف صحيح اجلامع الصغري ) . ٥/٢٣٦(اإلمام أمحد جممع الزوائد

٢٩١

صدقت ، قد : ، قال عمر » أئمة مضلني « : ؟ قال r أخوف شيء ختوفه على أمة حممد: ه قال واهللا ال أكتمك شيئا أعلم .)١() r أسر ذلك إيل وأعلمنيه رسول اهللا

يهدمه : ال ، قال : هل تعرف ما يهدم اإلسالم ؟ قلت : قال يل عمر : ( وروى أبو شامة بسنده إىل زياد بن حدير قال .)٢() بالكتاب ، وحكم األئمة املضلني زلة عامل وجدال منافق

. فإذا كانت هذه خطورم فمجاهدم واجبة متليه املصلحة الشرعية :ومن األدلة على حترمي اخلروج على أئمة الضاللة : خامسا

قتاهلا باتفاق املسلمني هو إمجاع العلماء على قتال أي طائفة امتنعت عن شريعة من شرائع اإلسالم ، فهذه جيب جهادها ووأميا طائفة انتسبت إىل اإلسالم وامتنعت عن بعض شرائعه الظاهرة املتواترة فإنه : ( قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهللا .

فثبت بالكتاب والسنة وإمجاع األمة أنه يقاتل من خرج عن شريعة اإلسالم وإن : ( قال ... ) جيب جهادها باتفاق املسلمني م بالشهادتني ، وقد اختلف الفقهاء يف الطائفة املمتنعة لو تركت السنة الراتبة كركعيت الفجر هل جيوز قتاهلما ؟ على قولني تكل

فهذه الطائفة جيب جهادها سواء كان اإلمام معها . )٣(، فأما الواجبات واحملرمات الظاهرة واملستفيضة فيقاتل عليها باالتفاق اخلروج على أئمة اجلور إذا امتنعوا عن شريعة من شرائع اإلسالم ، أو تركوا شيئا من الواجبات ، أو فدل على وجوب . أم ال

.فعلوا احملرمات الظاهرة ال تزال « : ويف رواية )٤(» ال تزال طائفة من أميت ظاهرين حىت يأتيهم أمر اهللا وهم ظاهرون « : r وقد قال رسول اهللا . )٥(» ق ظاهرين ال يضرهم من خيذهلم حىت يأيت أمر اهللا طائفة من أميت على احل

: هذا وقد جاء تفسري هذا الظهور بأنه النصر يف القتال كما يف الروايات التالية .)٦( » لن يربح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من املسلمني حىت تقوم الساعة «: حديث جابر بن مسرة -١ ويف رواية . )٧(» ال تزال طائفة من أميت يقاتلون على احلق ظاهرين إىل يوم القيامة « : ابر بن عبد اهللا رواية ج-٢

.)٨(» يقاتلون على احلق ظاهرين على من ناوأهم حىت يقاتل آخرهم املسيح الدجال ... « : عمران بن احلصني

) .١/٢٨٢(وحسن األستاذ أمحد شاكر إسناده ) . ٥/٢٣٨(رجاله ثقات : قال يف جممع الزوائد ) . ٢٩٣(مسند اإلمام أمحد حديث رقم )١( ) .١٥ص (وادث أليب شامة الباعث على إنكار البدع واحل )٢( ) .٣٥٨ ، ٢٨/٣٥٧(جمموعة الفتاوى )٣(كالمها عن املغرية ) ٣/١٥٢٣ (١٩٢ح. اإلمارة : ، ورواه مسلم يف ك ) ١٣/٢٩٣( ، الفتح ١٠: ب . االعتصام : رواه البخاري يف ك . متفق عليه )٤(

.بن شعبة حسـن : وقـال . ٢٢٢٩ما جاء يف األئمة املضلني ، ح : ب . الفنت : والترمذي يف . ) ٣/١٥٢٣ (١٩٢٠ح. اإلمارة : رواه مسلم عن ثوبان يف )٥(

) .١١/٣٢٤(عون املعبود . ١: يف باب . الفنت : ، وأبو داود يف ) ٤/٥٠٤(صحيح .عن جابر نفسه ) ٥/٩٢(، وقريب من هذا اللفظ يف املسند ) ٣/١٥٢٤) (١٩٢٢(مسلم يف اإلمارة حديث رقم ) ٦( ) .٣/٣٤٥(، وأمحد ) ٣/١٥٢٤) (١٩٢٣(رقم . اإلمارة : ، ويف ) ١/١٣٧) (١٥٦( اإلميان رقم مسلم يف) ٧( ) .٧/١٦٢(عون املعبود . ، يف دوام اجلهاد ٤: باب : أبو داود يف اجلهاد ) ٨(

٢٩٢

لون على أمر اهللا قاهرين لعدوهم ، ال يضرهم من خالفهم حىت ال تزال عصابة من أميت يقات« : رواية عقبة بن عامر -٣ .)١ (»تأتيهم الساعة وهم على ذلك

فهذه الطائفة املنصورة تقاتل قطعا وليس قتاهلا خاصا بالكفار الصرحاء فحسب ، بل تقاتل كل من خيذهلا وخيالفها ، يما إذا كانوا أخطر على الدين من الكفار الصرحاء ، فدل على أن وأعظمهم األئمة املضلون كما يف األحاديث السابقة الس

.اهللا قد وعد اخلارج لنصرة دينه بالنصر والتمكني ، وهذا يدل على مشروعية مثل هذا اخلروج :ومن األدلة أيضا فعل الصحابة والسلف رضوان اهللا عليهم أمجعني : سادسا

ليت وقعت بني علي وأصحاب اجلمل رضي اهللا عنهم أمجعني مل يكونوا يرون أن املربر فالصحابة الذين عاصروا الفتنة ا :الوحيد للخروج هو الكفر يدل على ذلك أن الصحابة كانوا يف زمن علي ثالثة أقسام

. من كان مع علي :األول .)٢( من كان مع معاوية :الثاين .ة رضي اهللا عنهم أمجعني الذين توقفوا ، وهم القل:الثالث

فأما علي ومن معه فلو أم يعلمون أنه ال يصح اخلروج إال يف حالة الكفر لكان هذا وحده كافيا يف االحتياج على من ( خالفهم ، وال اشتهر ذلك عنهم ، وأفحموا خصومهم ، وال سيما أصحاب اجلمل ، فإن من الثابت أن أصحاب اجلمل

بايعوا عليا ، مث خرجوا عليه ، ومع ذلك مل ينقل عن علي وأصحابه أم احتجوا عليهم بأن عليا ) ، وعائشة طلحة ، والزبريمل يكفر فال جيوز لكم اخلروج بل كل ما احتجوا به أم خرجوا عن الطاعة دون سبب وجيه ، يدل على ذلك ما رواه

عمار بن ياسر : بعث علي . سار طلحة ، والزبري ، وعائشة إىل البصرة ملا : ( عن عبد اهللا بن زياد األسدي قال )٣(البخاري ، واحلسن بن علي ، فقدما الكوفة فصعدا املنرب فكان احلسن بن علي فوق املنرب يف أعاله ، وقام عمار أسفل من احلسن ،

جة نبيكم يف الدنيا واآلخرة ، ولكن إن عائشة قد سارت إىل البصرة ، واهللا إا لزو: ( فاجتمعنا إليه ، فسمعت عمارا يقول بايعاين باملدينة وخالفاين : ( أما علي نفسه فما زاد أن قال يف حق طلحة والزبري ) اهللا ابتالكم ليعلم إياه تطيعون أم هي

ية اليت روت وكل الروايات احلديثية والتأرخي)٤() عمر بالبصرة ، ولو أن رجال ممن بايع أبا بكر خالفه لقاتلناه ، وكذلك احملاورات واحلجج اليت حصلت بني الطرفني مل تذكر أحدا منهم احتج بأنه ال جيوز اخلروج على اإلمام إال أن يكفر ، فدل

.على أم ال يرون ذلك

) .٣/١٥٢٥) (١٩٢٤(حديث رقم . اإلمارة : مسلم يف ) ١( تقتلهم أدىن الطـائفتني «: عن اخلوراج r وعلي أقرب إىل احلق لقوله »... عمار تقتله الفئة الباغية « r أهل الشام هم الفئة الباغية لقول الرسول ) ٢(

.واهللا أعلم . »... إىل احلق ) .١٣/٥٣( ، فتح الباري ١٨: ب . الفنت : اجلامع الصحيح ك )٣(بدال من ) خلعاين (بلفظ ) ٣/٣٩١(تاريخ اإلسالم للذهيب : وانظر ) . ١٣/٥٣(فتح الباري : أخرجه إسحاق بن راهويه من طريق سامل املرادي انظر )٤( ) .خالفاين (

٢٩٣

يعلمون أن أما طلحة والزبري وأهل الشام وفيهم معاوية والنعمان بن بشري واملغرية بن شعبة رضي اهللا عنهم أمجعني فلو أمسبب اخلروج هو الكفر وحده مث خرجوا وقاتلوا املسلمني لكان معىن هذا أم متعمدون استحالل مقاتلة اإلمام وإراقة دماء

-املسلمني ، وليسوا جمتهدين خمطئني ، وهذا ال جيوز يف حقهم قطعا ، ولو أم يعلمون ذلك ومل خيرجوا حىت كفر علي فدل على أم يرون اخلروج على -جوا به وأظهروه ، ومل يعللوا خروجهم باملطالبة بدم عثمان ال حت-حاشا هللا أن يكفر .اإلمام ولو مل يكفر

زيد ، وحممد بن مسلمة ، وأبو موسى أما الذين توقفوا ، وأشهرهم عبد اهللا بن عمر ، وسعد بن أيب وقاص ، وأسامة بن أن أحدا من الفئتني مل يكفر فال جيوز اخلروج عليه ، بل الثابت أن توقفهم كان ، فهؤالء مل ينقل عنهم أن سبب توقفهم هو

عن القتال يف الفتنة ، والذي يدل على أن هذا r عن اجتهاد ووجهة نظر إذ رأوا أا فتنة مل يتبني هلم األمر فيها وقد ى النيب :هو سبب توقفهم ما يلي

ما : أرسلين أسامة إىل علي وقال إنه سيسألك اآلن فيقول : ( اري أن حرملة قال أما أسامة بن زيد فقد روى البخ-١ لو كنت يف شدق األسد ألحببت أن أكون معك فيه ، ولكن : يقول لك : فقل له - أي الذي أخره عنا -خلف صاحبك ؟ .)١() هذا األمر مل أره

اديث النهي عن القتال يف الفتنة ، ومثله سعد ، وحممد بن أما عبد اهللا بن عمر فقد كان يرى الكف ، عمال بأح-٢ فقد روي عن عبد اهللا بن . مسلمة ، إال أن ابن عمر وسعدا نقل عنهما الندم على أما مل يقاتال الفئة الباغية اليت قتلت عمارا

ما أجد يف : ( وروي عنه أنه قال )٢() ا من هي الفئة الباغية ؟ ولو علمنا ما سبقتين أنت وال غريك على قتاهل( :عمر أنه قال ندمت على تركي قتال : ( أما سعد فقد روي عنه أنه قال )٣() نفسي شيئا إال أين مل أقاتل الفئة الباغية مع علي بن أيب طالب

.)٤() الفئة الباغية

ما رأيناك أتيت أمرا : يستنفرهم فقاال أما أبو موسى وأبو مسعود فقد دخال على عمار حني بعثه علي إىل أهل الكوفة -٣ ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره عندي من إبطائكما : أكره عندنا من إسراعك يف هذا األمر منذ أسلمت ، فقال عمار

ثة الكفر أو فاملالحظ أن كال من الطرفني قد عاب اآلخر بالنسبة ملا يعتقده ، ومل يذكر واحد من الثال)٥(... ) عن هذا األمر .عدمه

: ( يقول -عن الشر ليجتنبه r الذي اشتهر بروايته ألحاديث الفنت ، ألنه كان يسأل النيب- وهذا حذيفة رضي اهللا عنه عن اخلري ، وكنت أسأله عن الشر ، أفال تسألون عن ميت r يا أيها الناس أال تسألوين ؟ فإن الناس كانوا يسألون النيب

فدعا الناس من الضاللة إىل اهلدى ، ومن الكفر إىل اإلميان ، فاستجاب من rإن اهللا تعاىل بعث حممدا : ال األحياء ؟ فق

) .١٣/٦١( ، فتح الباري ٢٠: ب . الفنت : صحيح البخاري يف ك )١( ) .٤/١٧١(الفصل )٢( ) .٣/٢٣٢( سري أعالم النبالء :انظر . ، وروي عنه أن الفئة الباغية يعين ا احلجاج وإسناده صحيح ) ٣/٢٣٢(سري أعالم النبالء )٣( ) .١٦/٣١٩(اجلامع ألحكام القرآن للقرطيب )٤( ) .١٣/٥٣(فتح الباري : ، انظر ١٨: ب . الفنت : رواه البخاري يف صحيحه يف ك ) ٥(

٢٩٤

استجاب ، فحي باحلق من كان ميتا ، ومات بالباطل من كان حيا ، مث ذهبت النبوة فكانت اخلالفة على منهاج النبوة ، مث ، ويده ، ولسانه ، واحلق استكمل ، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه ، كافا يكون ملكا عضوضا ، فمن الناس من ينكر بقلبه

يده وشعبة من احلق ترك ، ومنهم من ينكر بقلبه كافا يده ولسانه ، وشعبتني من احلق ترك ، ومنهم من ال ينكر بقلبه ولسانه .)١() فذلك ميت األحياء

، الصحابة رضوان اهللا عليهم يرون جواز اخلروج واملقاتلة فيما دون الكفر إن أكثر : من كل ما سبق نستطيع أن نقول فقاتلوا ﴿: ومستندهم آية احلجرات - أي لألمر باملعروف والنهي عن املنكر -وهو ما يسمى باخلروج لتصحيح األوضاع

بقتال الفئة الباغية مع وصفها باإلميان ، وقد تكون طائفة اإلمام حيث أمر الشارع )٢( التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ﴾إن حكمة اهللا تعاىل يف حرب الصحابة التعريف منهم : ( هي الباغية وذلك إذا جتاوزت حدود الشرع ، ولذلك قال العلماء

.)٣( ) وفعله r ألحكام قتال أهل التأويل ، إذ كان أحكام قتال أهل الشرك قد عرفت على لسان الرسول موقف السلف من غري الصحابة

أما من جاء بعد الصحابة رضوان عليهم من أهل القرون املفضلة وغريهم من السلف ، فقد كان يرى كثري منم اخلروج على األئمة الفسقة الظلمة ، وقد قام بعضهم فعال على بعض األمراء الظلمة ، فمن الصحابة احلسني بن علي ، وعبد اهللا بن

وقام مجع عظيم من التابعني والصدر األول على احلجاج بن يوسف الثقفي مع ابن . لزبري ، ومن معهم رضي اهللا عن مجيعهم ا مجيع من يف - أي احلجاج وعبد امللك بن مروان - على خلعهما - أي ابن األشعث -ووافقه : ( قال ابن كثري . األشعث

إنه خرج معه ثالثة وثالثون ألف فارس ومائة وعشرون ألف : اب ، حىت قيل البصرة من الفقهاء والقراء والشيوخ والشب ، وطلق )٦(هؤالء أيضا كبري التابعني سعيد بن جبري ومن . )٥( هـ ٨٢ووقعت بينهم وقعة دير اجلماجم سنة . )٤() راجل

) قتلوه امللك ملا رأوا فسقه وحاصروه مثكما خرج الناس على الوليد بن يزيد بن عبد . ( )٨( ، وقتبية بن مسلم )٧(بن حبيب أما . )١٠() مل يصح عن الوليد كفر وال زندقة ، بل اشتهر بشرب اخلمر والتلوط ، فخرجوا عليه لذلك : ( قال الذهيب . )٩(

ا يدل وهذ)١١() أمر بضرب من مسى يزيد بن معاوية أمري املؤمنني عشرين سوطا ( فقد روي عنه أنه : عمر بن عبد العزيز .على أنه ال يقر له بإمامة

) .٢٧٥ ، ١/٢٧٤(حلية األولياء أليب نعيم مسندا ) ١( .٩ آية احلجراتسورة )٢( ) .١٦/٣١٩(طيب اجلامع ألحكام القرآن للقر )٣( .) ٩/٣٦(البداية والنهاية ) ٤( ) .٩/٩٦(نفس املرجع )٥( ) .٩/٤٩(نفس املرجع )٦( ) .٩/١٠١(نفس املراجع )٧( ) .٩/١٦٧(البداية والنهاية )٨( ) .٤٥٠ص(حممد عبد القادر أبو فارس . د . القاضي أبو يعلي وكتابه األحكام السلطانية : انظر )٩( ) .٢٥١ص (فاء للسيوطي تاريخ اخلل )١٠( ) .٢/١٩٠(وانظر الروض الباسم ) . ٢٢٤ص (الصواعق احملرقة )١١(

٢٩٥

قوهلم كان يرى السيف ، : ( وقال احلافظ ابن حجر يف ترمجة احلسن بن صاحل يف الرد على التهم اليت وجهت إليه قال وهذا مذهب للسلف قدمي ، لكن استقر األمر على ترك ذلك ملا : قال ... يعين كان يرى اخلروج بالسيف على أئمة اجلور

.)١(... ) د أفضى إىل ما هو أشد منه رأوه ق :آراء أئمة املذاهب األربعة

ممن يرى سل السيوف يف األمر باملعروف : بأم . أبا حنيفة ، ومالكا ، والشافعي - سبق أن عد ابن حزم األئمة الثالثة .والنهي عن املنكر ، وإنكار منكرات األئمة الظلمة

ه اهللا تعاىل فقد كان يرى اخلروج على أئمة اجلور ، وهو ظاهر مذهبه على قول أيب بكر اجلصاص ، فقد أما أبو حنيفة رمحومن الناس من يظهر أن مذهب أيب حنيفة جتويز إمامة الفاسق وخالفته ، وأنه يفرق بينه وبني احلاكم فال جييز حكمه : ( قال

ق عند أيب حنيفة بني القاضي واخلليفة يف أن شرط كل منهما العدالة وال فر: ( قال .. ) . ، وذكر ذلك عن بعض املتكلمني وكان مذهبه رمحه اهللا مشهورا يف : ( قال ... ) . ، وأن الفاسق ال يكون خليفة ، وال يكون حاكما ، كما ال تقبل شهادته

يعين قتال الظلمة -ىت جاءنا بالسيف احتملنا أبا حنيفة على كل شيء ح: ( قتال الظلمة وأئمة اجلور ، ولذلك قال األوزاعي وقضيته يف أمر زيد بن علي مشهورة ، ويف محله املال إليه وفتياه الناس سرا يف وجوب نصرته : ( قال ... ) فلم حنتمله -

.)٢() . ) والقتال معه ، وكذلك أمره مع حممد وإبراهيم ابين عبد اهللا بن حسن أنه كما لو : ما اتقيت اهللا حيث حثثت أخي على اخلروج مع إبراهيم ، فقال : ( نيفة وقال أبو إسحاق الفزاري أليب ح

لو أرادوا بناء مسجد : ( وكان يقول يف املنصور وأشياعه )٣() واهللا هلي عندي بدر الصغرى : قتل يوم بدر ، وقال شعبة .)٤() وأرادوين على عد آجره ملا فعلت فقيل - هـ ٤٥ خرج سنة -بن جرير عنه أنه أفىت الناس مببايعة حممد ابن عبد اهللا بن حسن أما اإلمام مالك فقد روى ا

إمنا كنتم مكرهني ، وليس ملكره بيعة ، فبايعه الناس عند ذلك عن قول مالك ، : فقال : فإن يف أعناقنا بيعة للمنصور : ( له . )٥() ولزم مالك بيته

إمنا يقاتل مع اإلمام العدل سواء كان األول أو اخلارج عليه ، : ال علماؤنا يف رواية سحنون ق: ( وقال ابن العريب من املالكية وقد روى ابن : ( قال ... فإن مل يكونا عدين فأمسك عنهما إال أن تراد بنفسك أو مالك أو ظلم املسلمني فادفع ذلك

مثل عمر بن عبد العزيز ، فأما غريه فدعه ينتقم اهللا إذا خرج على اإلمام العدل خارج وجب الدفع عنه ، : القاسم عن مالك بأس شديد فجاسوا فإذا جاء وعد أوالهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي ﴿: من ظامل مبثله ، مث ينتقم من كليهما ، قال اهللا تعاىل

) .٢/٢٨٨(ذيب التهذيب )١( ) .١/١٥٨(امللل والنحل للشهرستاين : وانظر . دار الكتاب العريب . ن . هـ ١٣٣٥ط ) ١/٧٠(أحكام القرآن للجصاص )٢( ) .١٣/٣٨٤(وحنوه يف تاريخ بغداد ) . ١/٢١٤(شذرات الذهب البن العماد احلنبلي )٣( ) .١/٣٠٩(الكشاف للزخمشري )٤( ) .١٠/٨٤(البداية والنهاية )٥(

٢٩٦

إذا بويع لإلمام فقام عليه إخوانه قوتلوا إذا كان األول عدال ، فأما : قال مالك . )١( خالل الديار وكان وعدا مفعوال ﴾ .)٢() هؤالء فال بيعة هلم إذا كان بويع هلم على اخلوف

ومشهور يف التاريخ أن سبب جلد اإلمام هو قوله بعدم انعقاد أميان البيعة ، ألن البيعة عنده والء قليب ، وليست مواثيق )٣(كان على أهل املدينة اهلامشي : مسعت الشافعي قال : ؤخذ على االستكراه ، فقد روى ابن أيب حامت بسنده إىل حرملة قال ت

أنت الذي تفيت يف اإلكراه وإبطال البيعة ؟ فضربه جمردا مائة ، حىت أصاب كتفه خلع ، وكان ال يزر : فأرسل إىل مالك وقال .)٤() إزاره بيده

، ونسبه إىل ذلك الزبيدي من )٥(اإلمام الشافعي رمحه اهللا فقد نسبه إىل هذا القول التفتازاين يف شرحه للعقائد النسفية أما .)٦(أنه رأيه يف القدمي من مذهبه : أصحابه ، وقال

محه اهللا وهو تعدد الروايات كما هو الغالب على مذهبه ر- أما اإلمام أمحد رمحه اهللا فالروايات عنه يف هذه القضية خمتلفة واملشهور عنه هو القول بعدم جواز اخلروج على األئمة الفسقة ، فقد نقل عنه ابن أيب يعلى يف طبقات احلنابلة من رواية -

واالنقياد إىل من واله اهللا أمركم ، وال ترتع يدا من طاعته ، وال خترج عليه بسيفك حىت جيعل اهللا : ( قوله )٧(اإلصطخري . )٨() فرجا وخمرجا ، وال خترج على السلطان ، وتسمع وتطيع وال تنكث بيعة ، فمن فعل ذلك فهو مبتدع خمالف للجماعة

ومن غلبهم بالسيف حىت صار خليفة ومسي أمري املؤمنني ال حيل ألحد يؤمن باهللا : ( وقال يف رواية عبدوس بن مالك القطان .)٩() ما ، برا كان أو فاجرا ، فهو أمري املؤمنني واليوم اآلخر أن يبيت وال يراه إما

سألت أبا عبد اهللا يف أمري كان : أخربين حممد بن أيب هارون وحممد بن جعفر أن أبا احلارث حدثهم قال : ( وقال اخلالل لقوم ؟ فأنكر ذلك عليهم يا أبا عبد اهللا ما تقول يف اخلروج مع هؤالء ا: حدثهم ببغداد ، وهم قوم باخلروج معه ، فقلت

سبحان اهللا ، الدماء ، الدماء ال أرى ذلك وال أمرته ، الصرب على ما حنن فيه خري من الفتنة ، تسفك فيها : وجعل يقول : ، أما علمت ما كان الناس فيه ؟ يعين أيام الفتنة ، قلت )١٠() احلرمات ( الدماء ، وتستباح فيها األموال ، وتنتهك فيها

.٥ء آية اإلسراسورة )١( ) .٨/٦٠(، وبعضه يف اخلرشي على خمتصر خليل ) ٤/١٧٢١(أحكام القرآن البن العريب )٢( ) .٤٤ص (النتقاء البن عبد الرب ا: انظر . جعفر بن سليمان ابن عم املنصور : هو )٣( ) .٢٠٣ص (آداب الشافعي ومناقبه للرازي )٤( ) .٣٣٩ص (نقال عن النظريات السياسية اإلسالمية ) ١٤٥ص ( )٥( ) .٢/٢٣٣(إحتاف السادة املتقني شرح إحياء علوم الدين )٦( ) .١/٢٤(طبقات احلنابلة : انظر . اإلمام أمحد وممن روى عنه أمحد بن جعفر بن يعقوب بن عبد اهللا أبو العباس اإلصطخري أحد تالميذ )٧(ص (شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة للاللكـائي : ، وانظر ) ١٧٦ص (وحنوه يف مناقب اإلمام أمحد البن اجلوزي ) . ١/٢٦(طبقات احلنابلة )٨(

. هـ١٤٠١رسالة دكتوراه إعداد أمحد سعد محدان جامعة أم القرى ) . ١٥٨ ) .٢٠ص (األحكام السلطانية أليب يعلى )٩( .األصل مطموس والسياق يقتضيه )١٠(

٢٩٧

فإمنا هي فتنة خاصة ، فإذا وقع السيف عمت الفتنة وانقطعت السبل ، . وإن كان : اليوم يف فتنة يا أبا عبد اهللا ، قال والناس .)١() الصرب على هذا ويسلم لك دينك خري لك

يعنون إظهار خلق -هذا أمر قد تفاقم وفشا : اجتمع فقهاء بغداد إىل أيب عبد اهللا وقالوا : ( وقال حنبل يف والية الواثق عليكم النكرة بقلوبكم ، وال ختلعوا يدا من طاعة ، وال : ( نشاورك يف أنا لسنا نرضى بإمرته وال سلطانه فقال -القرآن

.)٢() تشقوا عصا املسلمني .)٣() كان يرى السيف وال نرضى مبذهبه : ( وقال يف رواية املروزي وذكر احلسن بن صاحل فقال

ا سبق يدل على أن اإلمام أمحد رمحه اهللا كان ال يرى اخلروج على األئمة وإن ظلموا وجاروا ، وارتكبوا بعض كل م :البدع ، لكن جند هناك روايات معارضة ملا سبق منها

ة السنة وأي بالء كان أكرب من الذي أحدث عدو اهللا ، وعدو اإلسالم من إمات: ( ما ورد يف رواية حنبل قال عن املأمون .)٤(... ) ؟ : قال اإلمام أمحد فيما رأيته على ظهر جزء من كتب أخي رمحه اهللا ، حدثنا أبو الفتح بن منيع قال : ( وقال أبو يعلي

( وقال يف رواية األثرم يف امرأة ال ويل هلا . )٥() كان ال مأمون : كان أمحد إذا ذكر املأمون قال : ( مسعت جدي يقول أنا ال أقول على ما : ( فقال . تقول السلطان وحنن على ما ترى اليوم ؟ وذلك وقت ميتحن فيه القضاة : ، فقيل له ) السلطان

.)٦() السلطان : نرى ، إمنا قلت كتابا ذكر فيه بالسند - طبقات احلنابلة -بل قد صرح باخللع للمبتدع عند االستطاعة فذكر ابن أيب يعلى يف ذيل كتابه من دعا منهم إىل بدعة فال جتيبوه وال كرامة ، وإن قدرمت على خلعه : ( وكان يقول : ملتصل اعتقاد اإلمام أمحد قال فيه ا

.فهذا تصريح منه رمحه اهللا بأن صاحب البدعة إن قدر على خلعه فللمسلمني ذلك . )٧() فافعلوا إن الفسق واجلور والبدعة خمتلفة ، : ع بينهما إال إذا قلنا وهذا ال شك معارض للروايات السابق ذكرها ، ويصعب اجلم

فمنها ما ال جيوز معه اخلروج ، وحتمل عليه تلك الروايات القائلة باملنع ، ومنها ما هو أعظم فيجوز اخلروج بشرط االستطاعة ضعفهم وأم سيحدثون فتنا أو أنه منع من اخلروج ألنه يشك يف نوايا اخلارجني ، أو يعلم. وحتمل عليه هذه الروايات

.ومالحم بني املسلمني ، وأجاز ملن سوى ذلك ، واهللا أعلم )٢( ، وخالف يف ذلك ابن رزين وابن عقيل وابن اجلوزي )١( أما مذهب احلنابلة فهو عدم جواز اخلروج على اإلمام اجلائر

.فهم يرون اخلروج

) .٩(ورقة ) خمطوط(املسند من مسائل اإلمام أمحد )١( ) .٢١ص (األحكام السلطانية )٢( .نفس املرجع والصفحة )٣( ) .٢(وحنوه يف املسند من مسائل اإلمام أمحد ورقة ) . ٢٠ص(نفس املرجع )٤( ) .٢٠ص (األحكام السلطانية )٥( .نفس املرجع والصفحة )٦( ) .٢/٣٠٥(طبقات احلنابلة )٧(

٢٩٨

: قصة أمحد بن نصر اخلزاعي ق اخلروج فعال على السلطان املبتدع الواثق باهللا القائل خبلق القرآن أمحد بن نصر اخلزاعي الذي وصفه ابن كثري وممن طب

من أهل العلم والديانة ، والعمل الصاحل ، واالجتهاد يف اخلري ، وكان من أئمة السنة اآلمرين باملعروف والناهني عن : ( بأنه .)٤() رمحه اهللا ما أسخاه لقد جاد بنفسه له : ( مام أمحد والذي قال عنه اإل . )٣() املنكر

إنه قد ساءه ما رآه من احنراف اخلالفة وإظهار البدعة ، فقام بدعوة سرية إىل األمر باملعروف والنهي عن املنكر ، : وقصته ثالثني ومائتني انتظمت البيعة له ونشط هو وأصحابه يف مجيع األلوف من أهل بغداد ، فلما كان شهر شعبان من سنة إحدى و

يف السر على القيام باألمر باملعروف والنهي عن املنكر واخلروج على السلطان لبدعته ودعوته إىل القول خبلق القرآن ، وملا هو تفق عليه عليه هو وأمراؤه وحاشيته من املعاصي والفواحش وغريها ، ولكن اخلطة اكتشفت يف ايتها بسبب خلل يف امليعاد امل

.)٥() وذهب أمحد بن نصر شهيدا ، وحزن عليه أهل بغداد سنني طويلة ال سيما اإلمام أمحد رمحه اهللا وهذه أدلتهم واآلن نناقش هذه اآلراء ، ونرى الراجح . وأخريا فهذه آراء العلماء يف هذه املسألة ، وهذه أقوال كل طائفة

.منها

مناقشة أدلة الطرفني :وهو عدم اخلروج: مناقشة أدلة املذهب األول : وال أ

: عند النظر يف األدلة الدالة على حترمي اخلروج على األئمة الظلمة نالحظ ما يلي أما األحاديث الناهية عن اخلروج . مقيدة باملعروف ، ومبا مل يكن فيه هللا معصية : أما األحاديث اآلمرة بالطاعة فهي -١

وما قادوكم بكتاب ... وما أقاموا الصالة ... رة بالصرب ، وإن رأى اإلنسان ما يكره فهي مقيدة مبا تروا كفرا بواحا ، واآلم .وهي حبق أحاديث صرحية يف املسألة جيب العمل ا . اهللا فهذا وارد فيما إذا مل يتبني أما االستدالل باألحاديث الناهية عن االقتتال بني املسلمني ، وعن القتال يف الفتنة ،-٢

لإلنسان وجه احلق يف القتال ففي هذه احلالة عليه أن يعتزل ، أما إذا تبين له وجه احلق فعليه أن ينصر احلق كما فعل الصحابة يتبين له أيام الفتنة ، فمنهم من رأى أن احلق مع علي فقاتل معه ، ومنهم من رأى أن احلق مع معاوية فقتل معه ، ومنهم من مل

.وجه احلق فتوقف أما االستدالل باألحاديث الدالة على أن اهللا يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ، فليس كل فاجر مؤيدا للدين ، بل -٣

فجرة ، وإمنا معىن احلديث أم يف بعض املواقف قد يكون هلم مواقف الغالب منهم حرب على الدين ، وإال مل يكونوا

) .١٠/٥٢(املغين والشرح الكبري : انظر ) ١( ) .١٠/٣١١(اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف )٢( ) .١٠/٣٠٣(البداية والنهاية )٣( ) .١٠/٣٠٤(نفس املرجع )٤( ) .٣٠٦ - ١٠/٣٠٣(داية والنهاية البالقصة خمتصرة من )٥(

٢٩٩

فلما أصابه جرح r سبب احلديث وهو الرجل الذي كان يقاتل مع الرسوليد الدين وتنصره ، كما يدل على ذلك حسنة تؤ .قتل نفسه

- املانعني وايزين - أما االستدالل بفعل الصحابة رضوان اهللا عليهم أمجعني فالذي يتضح من سياق أدلة الفريقني -٤ أن هناك من تبين له وجه احلق مع علي فقاتل معه ومنهم من تبني له وجه احلق -ابة ألن كال منهما يستدل بفعل بعض الصح

مع معاوية واملطالبة بدم عثمان فقاتل معه ، ومنهم من مل يتبني له وجه احلق مع أحد منهما فتوقف واعتزل ، وكلهم جمتهدون ، وليس لنا إتباع أحد منهم مع اختالفهم إال إذا تبين ، فاملصيب منهم مأجور واملخطئ معذور ، وله أجر اجتهاده إن شاء اهللا

.لنا وجه احلق من ذلك بدليل من كتاب أو سنة صحيحة فعلينا إتباع الدليل اإلمساك عما جرى بينهم ، وعدم االحتجاج بفعلهم وقت اخلالف ، ونتبع ما ورد عن السلف وموقفهم من : واألوىل

وغبنا ، وعلموا وجهلنا ، r قتال شهده أصحاب رسول اهللا: ( رمحه اهللا عن قتاهلم فقال ذلك ، فقد سئل احلسن البصريفنحن نقول كما قال احلسن ، ونعلم أن القوم كانوا أعلم مبا دخلوا : ( قال احملاسيب )١() واجتمعوا فاتبعنا ، واختلفوا فوقفنا

يه ، وال نبتدع رأيا منا ، ونعلم أم اجتهدوا وأرادوا اهللا عز وجل ، فيه منا ، ونتبع ما اجتمعوا عليه ، ونقف عندما اختلفوا ف .وحنن نقول كما قالوا رمحهم اهللا تعاىل ورضي عنهم : قلت . )٢() إذ كانوا غري مهتمني يف الدين ، ونسأل اهللا التوفيق

دث يف زمام من اختالف اآلراء ، فإنه أما ما شجر بني الصحابة من األمور ، وح: ( هذا وقد قال أبو سليمان اخلطايب باب كلما قل التسرع فيه والبحث عنه كان أوىل بنا وأسلم ، ومما جيب علينا أن نعتقده يف أمرهم أم كانوا أئمة علماء ،

كل منهم معذور ، وقد تعلق وقد اجتهدوا يف طلب احلق ، وحتروا جهته ، وتوخوا قصده ، فاملصيب منهم مأجور ، واملخطئ .)٣(... ) حبجة ، وفزع إىل عذر ، واملقايسة عليهم ، واملباحثة عنهم ، اقتحام فيما ال يعنينا

تلك دماء طهر اهللا : ( ما تقول يف أهل صفني ؟ قال : قيل لعمر بن عبد العزيز : وروى رمحه اهللا بسنده إىل الشافعي قوله تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما ﴿ : ونقول كما قال تعاىل . )٤() يدي منها ، فال أحب أن أخضب لساين ا

.)٥( ﴾ كسبتم وال تسألون عما كانوا يعملونإمامها أما االستدالل بصالة الصحابة خلف املبتدعة ، فهذه ال تقتضي اإلقرار بإمامتهم ، وألن الصالة ال يلحق ضرر

.واهللا أعلم . وليست يف حمل اإلشكال )٦(املأموم ، بل هو عليه وحده ، وهذا ال منازع فيه عند أهل السنة أما االستدالل بأن املصلحة يف ترك القتال فهذه متوقفة على غالب الظن ، وقوة اخلارج واملخروج عليه ، وما حييط -٥

لى الظن حصول منكر أكرب مما سعى إىل دفعه فالواجب املنع ، وإن كان الغالب على باملسألة من أحوال ، فإذا كان الغالب ع

) .١٦/٣٢٢(اجلامع ألحكام القرآن للقرطيب ) ١( .املصدر السابق ) ٢( ) .٢٣ص (العزلة للخطايب ) ٣(، ورواه ) ١/٤٤٩(مناقب الشافعي : ، وكذلك البيهقي يف ) ٣١٤ص (آداب الشافعي ومناقبه : ، ورواه أبو حامت الرازي يف ) ٤٤ص ( نفس املرجع ) ٤( ) .٩/١١٤(بو نعيم يف احللية أ .١٣٤سورة البقرة آية ) ٥( .وخالف هذا القول بدعة حمدثة : قال ) ٤/١٧٦(الفصل : انظر ) ٦(

٣٠٠

فالراجح املصلحة العامة . الظن أن املصلحة يف اخلروج ، وأنه قد يترتب على تركه مفسدة أعظم من ذلك ، فالواجب اخلروج .على كل حال

هم خري ، ومل يؤمر بسببهم مبعروف أو ينه عن منكر ، وما هذا وإن كان فيما سبق أن غالبية من خرج مل يتم على أيديومل حيرزوا النصر فهذه ال تصلح دليال قاطعا وإمنا ترد لالستئناس فقط وترجيح كفة أن . حصل من الشر والفتنة كان أعظم

.واهللا أعلم . املنع من اخلروج فيه من املصلحة أكثر مما يف اخلروج :القائلني باخلروج مناقشة أدلة : ثانيا

: إذا سربنا أدلة القائلني باخلروج وسل السيوف على أئمة اجلور وإزالة منكرام نالحظ ما يلي أما االستدالل باآليات السابق ذكرها يف هذا املقام فغري مسلم به ، إذ هي ضعيفة الداللة على هذه املسألة ، وذلك -١

﴾ تبني احلكم عند حصول القتال ومعرفة الفئة الباغية من العادلة ، ... إن طائفتان من المؤمنني اقتتلواو﴿ : ألن اآلية األوىل أما اآليتان الثانية والثالثة فهي من العموميات املخصصة . بل أمرت باإلصالح . ومل تأمر اآلية باخلروج والقتال ابتداء

ج على األئمة الظلمة ، كما أما ليستا صرحييت الداللة على هذه املسألة ، فاألوىل قد يستفاد منها باألحاديث الناهية عن اخلروالنهي عن تولية الظامل ابتداء ال على اخلروج عليه بعد توليته ، والثانية يستفاد منها التعاون على الرب والتقوى عموما ، وليس

ملأمور بالتعاون عليه ، بل قد يكون من اإلمث والعدوان املنهي عنه يف نفس اآلية ، كل خروج على األئمة الظلمة يعترب من الرب ا .املترتبة على اخلروج وهذا راجع إىل املصلحة واملضرة

أما االستدالل باآليات واألحاديث اآلمرة باملعروف والناهية عن املنكر على اخلروج فهذا وارد إذا توافرت شروط -٢ والنهي عن املنكر ، ومن هذه الشروط أال يترتب على إنكار املنكر منكر أعظم منه ، كما أن من شروطها األمر باملعروف

ال ينبغي « : r قال رسول اهللا: عن أن يذل املؤمن نفسه ، فعن حذيفة رضي اهللا عنه قال r االستطاعة ، وقد ى النيب .)١(» يتعرض من البالء ملا ال يطيق « : كيف يذل نفسه ؟ قال : ، قالوا » للمؤمن أن يذل نفسه

وهي عامة ، أما . وعلى كل حال فاألمر باملعروف والنهي عن املنكر واجب عل كل حال بشروطه ودرجاته املعروفة .فهي أخص ، فيقدم اخلاص على العام . األحاديث الناهية عن اخلروج على األئمة

لى عزل الظلمة وجماهدم فهذه قد ترد على وسائل العزل غري السيف ، وليس فيها أما االستدالل باألحاديث الدالة ع-٣ كما أا عامة يف كل ظامل والسابقة خاصة » ... فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن « ما يدل على السيف إال احلديث األول

.بأئمة اجلور فيستثنون من العموم األئمة املضلني على اخلروج ، فهو استدالل ضعيف ، فاألحاديث تبني ماهلم من أما االستدالل باألدلة الدالة على خطر-٤

خطورة ، ولذلك ينبغي أال يولوا أمور املسلمني ابتداء ، أما إذا تولوا فال يعانون وال يقربون ، وقد تدل على العزل بالوسائل .السلمية ، أما السيف فليس يف تلك األحاديث أي داللة عليه

) . ٥/٤٠٥(، ورواه أمحد يف املسند ) ٤/٥٢٣(حسن غريب : وقال . ٢٢٥٤ ح٦٧: ب . رواه الترمذي يف الفنت )١(

٣٠١

عن بعض الشرائع اإلسالمية ، فهذا استدالل وارد بشرط ةا االستدالل بإمجاع العلماء على قتال الطائفة املمتنع أم-٥ االستطاعة ، وإال فال ، ألن جهاد الكفار يشرط فيه غالبية الظن على النصر ، فكذلك هنا ، أما التهور وتعريض األمة للفنت

.ز املرجوة فهذا ال جيوةمع عدم حصول النتيج أما استدالهلم بفعل الصحابة والسلف ، فهذا يرد عليه ما ورد على استدالل أصحاب املذهب األول على الدليل نفسه -٦ .

يجةالرأي الراجح والنت مما سبق يتضح لنا قوة أدلة أصحاب املذهب األول ، وأا صرحية يف املسألة ، وإن كان يف أدلة أصحاب املذهب الثاين ما

عند الطرفني ، وهو )١(يرد عليه اعتراض ، وهو قوي الداللة يف بابه لذلك فيمكننا اجلمع بني األدلة الساملة من االعتراض مل :الذي يترجح عندنا ، ونستنتجه من هذا الفصل ، وذلك كالتايل

ال جيوز إنكار : واالستطاعة ، وأنه القدوة: أن األمر باملعروف والنهي عن املنكر واجب باليد وباللسان وبالقلب بشرط -١ .املنكر مبنكر أكرب منه

وجوب إقامة احلج واجلهاد واجلمعة والعيدين مع األئمة وإن كانوا فسقة ألنه حق هللا ، ال مينعه جور جائر ، وال عدل -٢ .عادل

ن ذلك مما ى عنه اإلسالم أشد النهي وأمر حترمي اخلروج على اإلمام العادل سواء كان اخلارج عادال أم جائرا ، وإ-٣ .بطاعتهم ، ومن خرج عليهم فهو باغ ، وعليه حتمل األحاديث املطلقة يف السمع والطاعة

أما اإلمام املقصر وهو الذي يصدر منه خمالفات عملية ، أو تساهل يف االلتزام بأحكام الشرع ، فهذا جتب طاعته ونصحه -٤ وما يف معناها ، وأن اخلروج عليه حرام ، . » فليكره ما يأيت من معصية اهللا وال يرتعن يدا من طاعة ... « وعليه حتمل أحاديث

.وإذا كان باجتهاد فهو خطأ وهو املرتكب للمحظورات والكبائر دون ترك الصالة ال سيما ظلم احلقوق أو دعوة إىل : أما الفاسق والظامل واملبتدع -٥

عدا - يف طاعة اهللا ويعصى مع اإلنكار عليه يف املعصية ، وجيوز عزله إن أمكن بإحدى الطرق السلمية السابقة بدعة فهذا يطاع بشرط أال يترتب على ذلك مفسدة أكرب ، فإن مل يكن ذلك وجب املبالغة يف اإلنكار عليه والتحذير من ظلمه وبدعته -السيف

والتعرض ألذاه بشرط أال يكون سبب ذلك حقا شخصيا ، وعلى هذا حتمل حىت لو أدى األمر إىل االعتزال عن العمل معهوما يف معناها . » ... من دخل عليهم وأعام على ظلمهم « : وحديث . » ... من جاهدهم بنفسه فهو مؤمن « : أحاديث

ربعة وحنوهم وأفعاهلم ، وما وعلى هذا حتمل أيضا أقوال األئمة األ. » ... فاصرب وإن جلد ظهرك وأخذ مالك « : مع حديث .أصام بسبب ذلك من حمن

احلاكم الكافر واملرتد ، ويف حكمه تارك الصالة وحنوه ، فهؤالء جيب اخلروج عليهم ولو بالسيف إذا كان غالب الظن -٦ ما ... « و » ... فيكم الصالة ال ما أقاموا « و » ... ال إال أن تروا كفرا بواحا ... « : القدرة عليهم ، عمال باألحاديث

رة بالصرب على جور األئمة وعلى الكف عن قتاهلم منسوخة بآيات وأحاديث األمر باملعروف والنهي عن ذهب ابن حزم إىل دعوى أن األحاديث اآلم )١(

وقد أبعد النجعة يف هذه الدعوى ألنه ال يصار إىل النسخ إال إذا وقع التعارض التام ، ومل ميكن اجلمع بني األدلة ، وعلم ) . ٤/١٧٣(الفصل : املنكر انظر .ولكن كل هذا غري وارد يف هذه املسألة ، ألنه ال تعارض فيما بينها ولكل داللته يف بابه وميكن العمل ا مجيعا . املتقدم من املتأخر

٣٠٢

أما إذا . واألحاديث اآلمرة مبجاهدة الكفار واملنافقني لتكون كلمة اهللا هي العليا وحنوها مع اآليات. » اهللا قادوكم بكتاب .مل يكن هناك قدرة على اخلروج عليه فعلى األمة أن تسعى إلعداد القدرة والتخلص من شره

:فإنه ميكننا أن نستنبط ضوابط ملشروعية العزل يف النقاط التالية وبناء على ما سبق -٧ . قيام السبب املقتضي للعزل - أ . رجحان املصلحة العامة على املضرة - ب أن يصدر العزل عن أهل احلل والعقد يف األمة ، ألم هم الذين أبرموا العقد معه ، فلهم وحدهم حق حله إذا - جـ

. شرعا استوجب ذلك يالحظ تشديد السلف رضوان اهللا عليهم يف النهي عن اخلروج على أئمة اجلور بالسيف واألمر بالصرب عليهم ، وذلك -٨

:ملا يلي . عمال باألحاديث الواردة يف ذلك كما سبق - أ . حرصا على جتنب الفنت وتعرض األمة هلا ، وإراقة الدماء يف غري حملها - ب

. وحمافظة على هذا املنصب اجلليل يف األمة الذي مىت ضعف استهانت م أعداؤهم ، ومىت قوي خافتهم وهابتهم -جـ وال ينبغي أن يفهم من ذلك أنه اإلجالل ألولئك العصاة واحترامهم ، وال خوف منهم ، وال الطمع فيما يف أيديهم

قونه بسببهم من احملن ، وهي مشهورة منشورة ، ومدونة يف بطون سريم معهم ، وما يل وكسب رضاهم ، يدل على ذلك .واهللا أعلم . الكتب

* * * * *

٣٠٣

الفصل الرابع موقفهم من تعدد األئمة

٣٠٤

موقف أهل السنة من تعدد األئمةن األحكام ومىت يستحقون العزل وما إىل ذلك مم سبق احلديث يف الفصول السابقة عن شروط األئمة وحقوقهم وواجبا

. هل يوجب اإلسالم على األمة اإلسالمية أن تكون : وبقي هناك موضوع يف غاية األمهية ، وجدير بالبحث واملعاجلة وهو

دولة واحدة بإمام واحد ؟ أو جييز لألمة اإلسالمية أن تكون دويالت عديدة ، كل واحدة مستقلة عن األخرى ، هلا إمامها ليت قد تتعارض مع أختها ااورة ، كما كان قائما يف فترة من الفترات املاضية ، وكما هو حاصل اآلن وهلا سياستها املستقلة ا

.يف احلاضر من انقسام األمة اإلسالمية إىل دويالت طائفية صغرية تتناحر وتتنافر فيما بينها ؟ ن الواجب علينا الكشف عن هذا الدواء ، وإظهاره الواقع أن إلسالم قد جاء بالدواء الشايف هلذا الداء العضال ، ولذلك فم

عون إىل احلق ، ويرجعون إىل رشدهم جبمع كلمتهم ، وتوحيد صفهم ، ووقوفهم أما أعدائهم صفا عللمسلمني لعلهم ير :واحدا ، بدال من هذه الفرقة والضعف واهلوان ، وهو ما أراده هلم أعداؤهم ، فنقول

:ة وناقشوها وبينوا وجه احلق فيها ، ومن خالل هذه الدارسة اتضح أن يف املسألة مذهبني درس علماؤنا هذه املسأل املذهب األول

ال جيوز تعدد األئمة يف زمن واحد : وهو مذهب مجاهري املسلمني من أهل السنة واجلماعة وغريهم قدميا وحديثا وهو أنه إلمامة إلمامني يف بلدين مل تنعقد إمامتهما ، ألنه ال جيوز أن يكون لألمة إذا عقدت ا: ( ويف مكان واحد ، قال املاوردي

.)١() إمامان يف وقت واحد ، وإن شذ قوم فجوزوه .)٢(... ) اتفق العلماء على أنه ال جيوز أن يعقد خلليفتني يف عصر واحد : ( وقال النووي

: وهؤالء القائلون باملنع على مذهبني باملنع مطلقا سواء اتسعت رقعة الدولة اإلسالمية أم ال ، وإىل هذا القول ذهب أكثر أهل السنة واجلماعة ، قوم قالوا- أ

.)٣(وبعض املعتزلة حىت زعم النووي اتفاق العلماء عليه دد ، ففي وهناك من قال باملنع إال أن يكون هناك سبب مانع من اإلحتاد على إمام واحد ، ويقتضي هذا السبب التع- ب

منها اتساع اخلطة ، وانسحاب اإلسالم : ( وذكر إمام احلرمني اجلويين أهم هذه األسباب يف قوله . هذه احلالة جيوز التعدد على أقطار متباينة ، وجزائر يف احلج متقاذفة ، وقد يقع قوم من الناس نبذة من الدنيا ال ينتهي إليهم نظر اإلمام ، وقد يتوجل

فإذا اتفق : ( قال ... ) فر بني خطة اإلسالم ، وينقطع بسبب ذلك نظر اإلمام عن الذين وراءه من املسلمني خط من ديار الك .)٤(ما ذكرناه فقد صار صائرون عند ذلك إىل جتويز نصب إمام يف القطر الذي ال يبلغه أثر نظر اإلمام

) .٩ص (األحكام السلطانية )١( ) . ١٢/٢٣٣(شرح النووي لصحيح مسلم )٢( .نفس املرجع )٣( ) .٢٨ص (غياث األمم )٤(

٣٠٥

، وهو وجه لبعض أصحاب )١(تاذ أيب إسحاق األسفراييين وعزا اجلويين هذا القول إىل شيخه أيب احلسن األشعري ، واألسلكن إذا تباعدت األقطار ، : ( ، وإىل ذلك ذهب القرطيب يف تفسريه فقال )٣( ، ورجحه أبو منصور البغدادي )٢(الشافعي

.)٤() وتباينت كاألندلس وخراسان ، جاز ذلك منا ذلك بسبب الضرورة ، وإال فإن وحدة اإلمامة هي األصل ، وإن لكن يالحظ من أقوال ايزين عند اتساع الرقعة ، إ

التعدد إمنا أبيح على سيبل االستثناء احملض ، ولضرورات جتيزه ، والضرورة تقدر بقدرها وإذا زالت الضرورة زال حكمها .وبقي األصل

املذهب الثاين القائلون جبواز التعدد مطلقا

الذي . )٦( وعلى رأسهم حممد بن كرام السجستاين )٥(كاجلاحظ ، وبعض الكرامية وإىل ذلك ذهب بعض املعتزلة ، وغرض الكرامية من ذلك هو إثبات إمامة كل من علي ومعاوية رضي اهللا )٧(ينتسبون إليه وكذلك أبو الصباح السمرقندي

.)٨(عنهما أيام الفتنة كل فاطمي عامل شجاع سخي خرج ( الشيعة حيث جوزوا لـ ، والزيدية من)٩( وهو مذهب احلمزية من اخلوارج

باإلمامة أن يكون إماما واجب الطاعة ، وجوزوا خروج إمامني يف قطرين يستجمعان هذه اخلصال ، ويكون كل واحد منهما .)١٠() الطاعة واجب

أن احلسني بن : وزعموا . واآلخر ناطق .صامت : أحدمها . جيوز أن يكون إمامان يف وقت واحد : ( وقالت الرافضة ) . رضي اهللا عنهما مث نطق بعد موته )١١(علي كان صامتا يف وقت احلسن

دلةاأل : واآلن نورد أدلة كل مذهب لنرى وجه احلق فيهما ، ونناقش منها ما يستحق النقاش فنقول

:دد وهم القائلون مبنع التع: أدلة أصحاب املذهب األول : أوال

) ٤/٢٥٦(، وطبقات الشافعية ) ١/٢٨(وفيات األعيان . هـ ٤١٨فقيه جليل وعامل أصويل تويف سنة . مهران إبراهيم بن حممد بن إبراهيم بن : هو )١( ) .١/٥٩(، واألعالم

) .١/٤٦(مآثر اإلنافة للقلشندي )٢( ) .٢٧٤ص (أصول الدين )٣( ) .١/٢٧٣(اجلامع ألحكام القرآن )٤( ) .٢٧٤ص (أصول الدين )٥( ) .٢٢٣ص (لفرق بني الفرق ، وا) ٤/٨٨(الفصل )٦( ) .٤/٨٨(الفصل )٧( ) .١/١٤٤(منهاج السنة : انظر )٨( ) .أكرك) . (٩٨ص (وهم أتباع محزة بن أدرك ، ويف الفرق بني الفرق ) . ١/١٣٠(امللل والنحل )٩( ) .١/١٥٥(امللل والنحل )١٠( ) .٢٧٤ص (، وأصول الدين ) ٢/١٥٠(مقاالت اإلسالميني )١١(

٣٠٦

: استدلوا على ما ذهبوا إليه بأدلة من الكتاب والسنة واإلمجاع واملعقول : من الكتاب -١

فقد ورد يف القرآن الكرمي العديد من اآليات اليت تدعو املسلمني وتأمرهم باإلمجاع والتآلف ، وتنهى عن التفرق واعتصموا بحبل الله جميعا وال تفرقوا واذكروا ﴿: يات قوله تعاىل واالختالف املؤديني إىل التنازع والفشل ، فمن هذه اآل

.)١(﴾ اآلية ... نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا .)٢( تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولـئك لهم عذاب عظيم ﴾وال ﴿: ومنها قوله تعاىل

)٣( بروا إن الله مع الصابرين ﴾وأطيعوا الله ورسوله وال تنازعوا فتفشلوا وتذهب رحيكم واص ﴿: ومنها قوله عز من قائل .إىل غري ذلك من اآليات الكثرية يف هذا املعىن .

ووجه الداللة من هذه اآليات أا مجيعا جاءت متفقة على األمر بالوحدة والتضامن ، والنهي عن التشتت واالفتراق ملمقوت ، وكلها تدل على وجوب وحدة األمة اإلسالمية واالختالف ، ملا ينجم عن ذلك عادة من التنازع والفشل ا

وتضامنها ، وذلك ال يتأتى إال إذا كان إمامها واحدا ال ينازعه أحد ، إذ إن وجود إمامني فأكثر يؤدي إىل غرية أحدمها من ى اإلسالم عنه ، فدل على اآلخر ، ومنافسته له ، وحماولة التعايل عليه ، ومن مث إىل الشقاق والتناحر ال حمالة ، وهذا مما

.وجوب أن يكون إمام املسلمني واحدا ، ألن ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب : من السنة -٢

أحاديث صحيحة صرحية يف هذه تدل على وجوب منع تعدد األئمة يف الزمن الواحد r أما من السنة فقد ورد عن النيب :ومن هذه األحاديث

. )٤( » منهماإذا بويع خلليفتني فاقتلوا اآلخر « : قال r واه أبو سعيد اخلدري رضي اهللا تعاىل عنه عن النيب ما ر- ألذلك فال . فاألمر بقتل اآلخر يدل على حترمي نصب إمامني يف آن واحد ، ألن القتل ال يكون إال عن كبرية يتفاقم خطرها

.جيوز عقد البيعة خلليفتني يف زمن واحد .)٥(أول بعض العلماء القتل هنا باخللع واالعتراض عليه ال بالقتل احلقيقي و

: ولكن هذا التأويل ال حمل له ومردود باحلديث التايل من بايع إماما فأعطاه صفقة « : يقول r ما رواه عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا تعاىل عنهما أنه مسع النيب- ب

.)٦(احلديث » ... فليطعه ما استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة اآلخر يده ومثرة قلبه

.١٠٣ آل عمران آية سورة )١( .١٠٥ آية آل عمرانسورة ) ٢( .٤٦ آية ألنفالسورة ا )٣( ) .٣/١٤٨٠) (١٨٥٣(حديث رقم . إذا بويع خلليفتني : باب . اإلمارة : رواه مسلم يف كتاب )٤( ) .١٢/١٥٦(فتح الباري : انظر )٥( ) .٢٠٤ص (رواه مسلم وغريه وسبق خترجيه يف فصل واجبات اإلمام وحقوقه )٦(

٣٠٧

كانت بنو إسرائيل « : قال r قاعدت أبا هريرة مخس سنني فسمعته حيدث عن النيب: ما رواه أبو حازم قال - جـفوا « : فما تأمرنا ؟ قال : كثر ، قالوا تسوسهم األنبياء ، كلما هلك نيب خلفه نيب ، وأنه ال نيب بعدي ، وستكون خلفاء فت

.)١(» ببيعة األول فاألول ، وأعطوهم حقهم ، فإن اهللا سائلهم عما استرعاهم من أتاكم وأمركم مجيع على رجل واحد ، « : يقول r مسعت رسول اهللا: ومنها ما رواه عرفجة بن شريح قال - د

.)٢( » يريد أن يشق عصاكم أو يفرق مجاعتكم فاقتلوه : اإلمجاع -٣

فإن الصحابة رضي اهللا عنهم قد اتفقوا على أنه ال جيوز أن يلي إمامة األمة أكثر من واحد ، ودليل ذلك أن املهاجرين مل ي يوافقوا األنصار يف طلبهم أن يكون منهم أمري ، ومن املهاجرين أمري حينما طلبوا ذلك يف سقيفة بين ساعدة ، وكان مما رو

عندئذ رضي األنصار بذلك ، فصار )٣() هيهات أن جيتمع سيفان يف غمد : ( يف ذلك املوقف قول أيب بكر رضي اهللا عنه : ذلك منهم إمجاعا على عدم جواز تعدد األئمة ، بل روى البيهقي يف اخلطبة نفسها عبارة أكثر تصرحيا من السابقة وهي قوله

أمريان ، فإنه مهما يكن ذلك خيتلف أمرهم وأحكامهم ، وتتفرق مجاعتهم ويتنازعون فيما أنه ال حيل أن يكون للمسلمني ( .)٤() بينهم ، هنالك تترك السنة ، وتظهر البدعة ، وتعظم الفتنة ، وليس ألحد على ذلك صالح

، والقاضي عبد اجلبار )٧(يب ، والقرط)٦( ، وإمام احلرمني اجلويين )٥( أما من بعدهم فقد نقل اإلمجاع على ذلك النووي واتفقوا أنه ال جيوز أن يكون على املسلمني يف وقت واحد يف مجيع الدنيا إمامان ، : ( وابن حزم حيث قال ) من املعتزلة ( )٨(

: وخالفه يف ذلك شيخ اإلسالم ابن تيمية فقال )٩(ال متفقان وال مفترقان ، وال يف مكانني وال يف مكان واحد لرتاع يف ذلك معروف بني املتكلمني يف هذه املسألة كأهل الكالم والنظر ، فمذهب الكرامية وغريهم جواز ذلك ، وأن ا (

عليا كان إماما ومعاوية كان إماما ، وأما أئمة الفقهاء فمذهبهم أن كال منهم ينفذ حكمه يف أهل واليته كما ينفذ حكم لكن نفاذ حكم الثاين كنفاد حكم اإلمام )١٠(... ) فهذا ال يفعل مع اتفاق األمة اإلمام الواحد ، وأما جواز العقد هلما

املتغلب على حد سواء ، فال ينايف هذا احلكم امع عليه ، وليس الكالم إال حكم الشرع ، أما األمور الطارئة فلها جمال آخر .، وتأخذ أحكام الضرورة

) .٣٦ص (رواه الشيخان وسبق خترجيه )١( ) .٣/١٤٨٠) (١٨٥٢(حديث رقم . حكم من فرق أمر املسلمني : باب . اإلمارة : رواه مسلم يف )٢( .وهو عند البزار وغريه . إنه من قول عمر : وقيل ) . ١٢/١٥٣(فتح الباري : انظر )٣( . إسحاق عن ابن) ٨/١٤٥(السنن الكربى للبيهقي )٤( ) .١٢/٢٣٢(شرحه لصحيح مسلم )٥( .علما بأنه من القائلني جبواز التعدد عند وجود السبب املؤدي إىل ذلك كما مر ) ١٢/٢٣٢(نفس املرجع )٦( ) .١/٢٧٣(اجلامع ألحكام القرآن )٧( .١ق ) ٢٠/٢٤٣(املغين يف أبواب التوحيد والعدل )٨( ) .١٤٤ص (مراتب اإلمجاع البن حزم )٩( .بذيل كتاب مراتب اإلمجاع البن حزم ) ٢١٦ص (نقد مراتب اإلمجاع البن تيمية )١٠(

٣٠٨

مجاع الصحابة وسلف هذه األمة ، وإال فقد سبق أن ذكرنا من خالف يف هذه املسألة إ: واملراد باإلمجاع املذكور هنا هو من الكرامية وغريهم من أهل األهواء ، ولكن خمالفتهم ال تؤثر يف إمجاع أهل السنة واجلماعة على ذلك ، ألن اإلمجاع

.واهللا أعلم ... إمجاعهم ال إمجاع مجيع الناس : املقصود : املعقول -٤

أما الدليل باملعقول فإن تعدد األئمة لألمة اإلسالمية الواحدة يؤدي إىل االختالف والشقاق واخلصومات وحصول الفنت وبناء على ذلك فال جتوز اإلمامة ألكثر من واحد يف . واالضطرابات والقالقل ، واختالف أمر الدين والدنيا ، وهذا ال جيوز

.زمن واحد العامل إمامان جلاز أن يكون ثالثة وأربعة وأكثر ، فإن منع من ذلك مانع كان متحكما بال برهان ، وكذلك لو جاز يف الباطل الذي ال يعجز عنه أحد ، وإن جاز ذلك األمر حىت يكون يف كل عام إمام ، أويف كل مدينة ومدعيا بال دليل ، وهذا

.)١(خليفة يف مرتله ، وهذا الفساد احملض وهالك الدين والدنيا إمام ، أو يف كل قرية إمام ، أو يكون كل واحد إماما و

:أدلة القائلون باجلواز : ثانيا : استدل القائلني جبواز تعدد األئمة مبا يلي

ر إن املقصود من نصب اإلمام إمنا هو حتقيق مصاحل الرعية ، وهذا إمنا يتحقق بانضباط ودقة أكثر إذا كان هناك أكث) ١ (من إمام ، فكلما كان يف كل قطر إمام كان كل واحد منهم أقدر على القيام بأعباء منصبه ومتابعة رعيته ، وما حيتاجون إليه ، ومراقبة من يعينهم من الوالة والقضاة والعمال وغريهم ، وذلك بسبب قلة املشاكل واحلوادث الناشئة من ضيق املساحة اليت

.)٢(حتت يده ملا جاز أن يوجد أكثر من نيب يف زمن واحد ، ومل يفض ذلك إىل إبطال النبوة ، اليت هي األصل ، جاز ذلك يف إنه ) ٢ (

.)٣() اإلمامة من باب أوىل ، ألا فرع النبوة

) .٢٧٥ص (، وأصول الدين ) ١/١١٣(، وامللل والنحل ) ٤/٨٨(الفصل : انظر )١( ) .٢٤٩ص (نقال عن رئاسة الدولة ) . ٢٢٣ص (منهاج اليقني شرح أدب الدنيا والدين ألويس وفا بن حممد )٢( .املرجع السابق : وانظر ) . ١/٢٧٣(اجلامع ألحكام القرآن )٣(

٣٠٩

اجلواب على هذه األدلةتقابل r تاب اهللا وال سنة رسوله أول ما يالحظ على استدالهلم على هذه املسألة ، أا أدلة عقلية ، ليس فيها أدلة من ك

:وهي مع ذلك ضعيفة الداللة ، مردودة وجماب عليها مبا يلي . تلك األدلة السابقة أن منصب الرئاسة مل جيعل لتحقيق املصاحل الدنيوية فحسب كما : فاجلواب عنه يتلخص يف : أما الدليل األول ) ١ (

افظة على املصاحل الدينية إىل جانب املصاحل الدنيوية اليت أشرمت إليها ، وهذا ال زعمتم ، بل جعل أيضا حلراسة الدين ، واحمليتأتى مع تعدد األئمة ، بل بالعكس إذا كان اإلمام واحد أمكنه السيطرة على مجيع أقطار املسلمني وأصبحوا يدا واحدة

.شري ، وأصبحوا قوة عظيمة على من ناوأهم متحدين يف أمورهم الدينية والدنيوية ، وأمكنهم التكامل االقتصادي والب كما أنه إذا تباعدت األقطار فيمكن التغلب على ذلك عن طريق الوالة والنواب الذين يعينهم اإلمام ، ويقومون هم

.بدورهم بتنفيذ أوامره الصادرة إليهم املسلمني ، رمبا كانت أكثر ضررا من يضاف إىل ذلك ما ينجم عن التعدد من مفاسد ، ومن فنت وحروب وقطيعة بني

املصاحل املشار إليها فهؤالء قد نظروا إىل بعض وجوه املصلحة وأغفلوا النظر عن وجود املفسدة اليت تتضاءل أمامها هذه .املصلحة

نبياء معصومون من أن قياس اإلمامة على النبوة قياس مع الفارق فهو قياس باطل ، ألن األ: وجوابا على الدليل الثاين ) ٢ (حمالة ملا جبلت عليه النفس دد ، سيكون هناك اختالف وشقاق العداوة بعضهم لبعض بعكس حال األئمة ففي حال التع .البشرية من حب العلو واالعتداء والسيطرة على اآلخرين

ية رضي اهللا عنهما فال شك عند أهل أما ما دعا الكرامية إىل القول جبواز التعدد ، وذلك إلثبات إمامة كل من علي ومعاوعلي بن أيب طالب رضي اهللا عنه اخلليفة الراشد الرابع ، ومعاوية رضي اهللا عنه مل خيرج : السنة أن اإلمام يف ذلك الوقت هو

عليهم ملا وعلي معذور يف تأخري إقامة احلد -عليه طلبا لإلمامة ، وإمنا طلبا للثأر من قتلة عثمان الذين دخلوا يف صف علي وقد كان معاوية واليا لعمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه على -هم من شوكة ومنعة وألن األمور مضطربة ومل تستقر له بعد

بايعوه على الطلب ( الشام ، مث لعثمان بن عفان رضي فأراد البقاء على واليته تلك ، ولذلك فأهل الشام أول ما بايعوا معاوية ومل يدع معاوية اخلالفة إىل بعد تنازل احلسن ومبايعته ، ومبايعة املسلمني له . )١() يطمع يف اخلالفة بدم عثمان أمريا وال

.واألوىل عدم اخلوض فيما شجر بينهم رضي اهللا عنهم مجيعا وأرضاهم . باخلالفة :الترجيح

املسألة من نصوص شرعية حيرم على املسلم ختطيها يتبني لنا مما سبق أن احلق مع أصحاب املذهب األول ، ملا ورد يف هذه :ويعضد ما سبق األمور التالية . ، وال معارض هلا عند الطرف املنازع

) احلاشـية ( املسألة يف العواصم من القواصم : وانظر . هـ ١٤٠١الطبعة الثالثة . حتقيق عبد السالم هارون ) ٨٢ص (وقعة صفني لنصر بن مزاحم )١( ) .٣/٣٢٤(، وتاريخ اإلسالم له ) ٣/١٤٠(ذهيب ، وسري أعالم النبالء لل) ٢١٦ص (، والصواعق احملرقة للهيتمي ) ١٢٧ص (

٣١٠

أن التعدد يؤدي إىل االختالف والتحاسد والتناحر ، كما هو طبيعة النفس البشرية ، وحالة احلكومات اليوم خري ) ١ (ط له من قبل أعداء املسلمني هو من أكرب األسباب اليت أدت إىل ضعف املسلمني وهذا التشتت املخط. شاهد على ذلك

.وإذالهلم وتسلط أعدائهم عليهم ال سيما يف عصرنا احلاضر ، أن االدعاء بأن تعدد الرؤساء يسهل مهمة اإلشراف وحتقيق املصاحل للرعية غري مسلم به ) ٢ (

يف مجيع أجهزة املواصالت واالتصاالت ، وهذا مما ال يدع جماال للشك يف حتقيق ، بسبب ما أحرز من تقدم هائل يبهر العقولاملتابعة واإلشراف بكل يسر وسهولة ، وإذن فمن املمكن إسناد األعمال وتصريف شؤون األمة يف كل قطر إىل والة أكفاء ،

.يقومون ا حتت إشراف اإلمام ومتابعته إلسالمية قد حتققت فعال يف العصور األوىل ، على الرغم من اتساع رقعة الدولة اإلسالمية أنه ما دامت وحدة األمة ا) ٣ (

وصعوبة املواصالت واالتصاالت بالنسبة لذلك الوقت ، ومع ذلك رمست أنصع صفحات التأريخ هلذه األمة من القوة وحسن .ذلك فال يبقى للمحتجني بالضرورة حجة بعد اليوم اإلدارة ، فمن املمكن اليوم حتقيقها من باب أوىل بكل يسر وسهولة ، ول

حلكم لو وقع بيعتان يف زمن واحدا هذا هو احلكم الشرعي يف منع تعدد األئمة ، وأن ذلك ال جيوز ، ولكن لو حصلت بيعتان إلمامني يف زمن واحد ، ففي

:هذه احلالة العلماء فيها ثالث طوائف وهي .يف البلد الذي مات فيه اإلمام السابق إلمامة الصحيحة تسلم لإلمام الذي عقدت إمامتهذهبت طائفة إىل أن ا) ١ (وذهبت طائفة ثانية إىل أنه جيب على كل واحد من اإلمامني أن يتخلى عن اإلمامة لصاحبه ، وعندئذ خيتار أهل احلل ) ٢ (

.والعقد منهما من تتوفر فيه هذه الشروط املطلوبة بيعة األول بفوا « : وهذا هو الصواب املؤيد بالدليل السابق )١(هبت طائفة ثالثة أن اإلمامة تنعقد ألسبقهما بيعة وذ) ٣ (

.)٣() ما عليه الفقهاء احملققون أن اإلمامة ألسبقهما بيعة وعقدا ووالصحيح يف ذلك : ( قال املاوردي . )٢(» فاألول لم السابق أما إذا جهل أو بويع هلما يف حلظة واحدة فللعلماء فيها ثالثة أقوال هي هذا إذا ع:

.القرعة بينهما ) ١ ( .إبطال العقدين ، واستئناف عقد جديد ألحدمها أو لغريمها ) ٢ ( باغ جيب فاإلمام من انعقدت له البيعة من أكثر اخللق ، واملخالف لألكثر: ( وحكي عن الغزايل أنه قال باألكثرية ) ٣ (

.)٤() رده إىل االنقياد إىل احلق هو إبطال العقدين واستئناف اخليار من جديد وذلك ألن أحدمها باطل وال ميكن متييز الباطل - واهللا أعلم - والذي يظهر

.واهللا أعلم . منهما فيبطالن ، ويعقد ملن خيتاره أهل احلل والعقد من جديد

) .٩ص (األحكام السلطانية للماوردي : انظر )١( ) . ٣٦ص (رواه مسلم ، وسبق خترجيه )٢( ) .١٠/٥٠٤(احمللى : وانظر ) . ٩ص (األحكام السلطانية )٣( .ثانية . ط ) ١٧٠ص (املسامرة شرح املسايرة )٤(

٣١١

اخلامتة

ونتيجة البحث بعد هذا االستعراض الطويل ، والدراسة املستفيضة لتلك املوضوعات الكثرية ميكننا أن حندد بعض النقاط املستنتجة مما سبق

:وهي أن اإلسالم جاء بنظام كامل للحكم ، وهذا يدلنا على مشول اإلسالم ، وصالحه لكل زمان ومكان ، فهذه الرسالة ) ١ (

.صاحلة للتطبيق إىل قيام الساعة ، وأنه لن يصلح آخر هذه األمة إال مبا صلح به أوهلا . والباقية هي الرسالة اخلالدة وهو وجوب كفائي ، متوجه إىل أهل . أن اإلمامة ثابتة الوجوب بالكتاب ، والسنة ، واإلمجاع ، والقواعد الشرعية ) ٢ (

وإذا تقاعس أهل احلل والعقد فإن اإلمث يلحق . ن عنها يف هذه املهمة اخلطرية احلل والعقد باعتبارهم املمثلون لألمة ، النائبو .كل من له قدرة واستطاعة ، حىت يسعى إلقامة هذا الواجب بقدر ما أويت من قوة واستطاعة

.مية متميزة بطالن دعوى من قال بأن اإلسالم مل يأت بنظام للحكم ، وأنه مل يوجب على املسلمني إقامة دولة إسال) ٣ (أن اإلمامة يف حد ذاا وسيلة ال غاية ، وسيلة إىل إقامة أمة تقف نفسها على اخلري والعدل ، حتق احلق وتبطل الباطل ) ٤ (

.أمة تأمر باملعروف وتنهى عن املنكر وتؤمن باهللا ، أمة تقوم بأداء رسالتها السماوية على منهاج اإلسالم الذي رمسه اهللا هلا أن من أهداف اإلمامة هو حفظ الدين ، وسياسة الدنيا به ، وأن ذلك أهم الواجبات امللقاة على عاتق اإلمام ، وكفر ) ٥ (

.من فرق بني الدين وساس الدنيا بغري هذا الدين وسنة رسوله ، والسعي إىل أنه ال عز ، وال رفعة ، وال قيام لألمة اإلسالمية إال بالرجوع إىل التحاكم إىل كتاب اهللا ) ٦ (

.إقامة اخلالفة اإلسالمية اليت حتفظ الدين وتعيد للمسلمني عزم وكرامتهم أن خالفة أيب بكر الصديق رضي اهللا عنه ثبتت باختيار املسلمني له ، ومبايعتهم له مع وجود الكثري من النصوص اليت ) ٧ (

. r رضى اهللا ورسوله بذلك ، وأنه أفضل األمة بعد نبيهاتدل على أن املسلمني لن خيتاروا غريه ، وعلى ) ٨ ( أن خالفة أمري املؤمنني علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه تثبت باختيار املسلمني ومبايعتهم له ، وأنه ليس هناك نص

.ة إليه عليه باخلالفة ، ومل يدع هو شيئا من ذلك ، وأنه بريء من كل ما تنسبه الرافض r من النيب .ثبوت شرعية الطرق اليت تمت ا مبايعة وتولية اخللفاء الراشدين ، وأننا مأمورون بإتباعهم يف ذلك ) ٩ (وال دخل للعامة ، والدمهاء يف ) أهل احلل والعقد ( أن الذي يقوم باختيار اإلمام هم عقالء األمة ، وعلماؤها ) ١٠ (

قالء عادة إال األعقل ، واألصلح هلذا املنصب اخلطري ، ولذلك فال جمال للدعاية والتلميع وبذل االختيار ، ولذلك فال خيتار الع .األموال الباطلة لكسب األصوات الرخيصة كما يف الدميقراطيات احلديثة

.مشروعية االستخالف ، مع ضرورة موافقة أهل احلل والعقد ، ومبايعتهم للمستخلف ) ١١ ( .ريق االختيار من طريق االستخالف يف أن كال منهما يشترط فيه رضى أهل احلل والعقد ومبايعتهم جيتمع ط) ١٢ ( .أن اإلمامة ال تورث ) ١٣ (

٣١٢

.حترمي نكث البيعة ، وأا واجبة يف عنق املسلم مىت وجد اإلمام املستحق هلا ) ١٤ (ة ، وإمنا تنعقد اإلمامة ا نظرا ملصلحة املسلمني ملا قد جير ذلك عادة طريقة القهر والغلبة ليست من الطرق الشرعي) ١٥ (

.من الفنت لإلمام شروط ال بد من توفرها ، حىت يكون أهال هلذا املنصب العظيم ، أما عند القهر والغلبة فال تشترط مجيع تلك ) ١٦ (

.الشروط م ال جيوز صرفها إىل غريهم ، وأن ذلك ليس من العصبية املذمومة يف شيء ثبوت إشتراط القرشية ، وأن اإلمامة فيه) ١٧ (

.تشريف ، ألن اإلمامة يف نظر اإلسالم تكليف ال .عدم اشتراط أن يكون اإلمام أفضل أهل زمانه ، وإمنا األوىل اختيار األصلح واألنفع للمسلمني ) ١٨ (يف اخلالفة على ترتيبهم يف األفضلية ، وأنه ليس من السلف أحد يقدم على أيب اخللفاء الراشدون األربعة مرتبون ) ١٩ (

بكر مث عمر وغريمها ، أما املفاضلة بني عثمان ، وعلي رضي اهللا عنهما فهي دون تلك ، وقد اختلفوا يف تبديع من قدم عليا .ثار على عثمان يف الفضل ، وأن من السنة التفضيل بينهم على ما جاءت به اآل

.على اإلمام واجبات كثرية ، جيب عليه القيام ا ، كما أن له حقوقا أخرى تعينه على القيام بتلك الواجبات ) ٢٠ (طاعة اإلمام واجبة فيما وافق الشرع ، وحمرمة فيما خالف الشرع ، وأن سلطات األئمة مقيدة بكوا موافقة ) ٢١ (

ا هو هللا طاعة ، ويعصون فيما هو هللا معصية ، وال طاعة ملخلوق يف معصية اخلالق ، ومن للكتاب والسنة ، فيطاعون فيم .أطاعهم يف معصية فاإلمث على اآلمر واملأمور

مشروعية الشورى ، وأا واجبة عند اختيار اإلمام ، أما يف تدبري شؤون الرعية فهي مستحبة ، ينبغي لإلمام أن ) ٢٢ (بة عليه ، كما أنه لو استشار فإنه ليس ملزما بإتباع مستشاريه ، ألنه املسئول األول عن تصريف األمور يشاور ، وليست واج

.فيحتمل وحده تبعات خطئه .حترمي اخلروج على أئمة العدل وإثارة الفنت ، وأن ذلك من أكرب الذنوب ) ٢٣ (ة املسلمني ، أما إذا فقد هذه الصالحية ، وارتكب شيئا من أن بقاء احلاكم يف منصبه منوط بصالحيته لتويل قياد) ٢٤ (

مسببات العزل فلألمة ممثلة يف أهل احلل والعقد أن تطلب منه أن يعزل نفسه ، فإن أيب فلها أن تعلن عزله عن منصبه إذا أمنت ر الكفر البواح ، واخلطر املتيقن كما ال جيوز هلا إقصاؤه عن احلكم بقوة السالح إال يف أضيق نطاق عند ظهو. وقوع الفتنة

.على املسلمني يف دينهم ، فإذا كان ذلك فليقدم املسلم دمه دون دينه وجوب احتاد املسلمني فيما بينهم ، وأن يكون إمامهم واحد مهما اتسعت رقعة ديار اإلسالم ، وحترمي البيعة ألكثر ) ٢٥ (

.من إمام يف زمن واحد ظام احلكم يف اإلسالم عن مجيع أنظمة احلكم الوضيعة ، القدمي منها واحلديث ، وأن اخلالف بينه وبينها يف متيز ن) ٢٦ (

.فهو نظام متميز ال ينطبق عليه أي وصف من األوصاف املعهودة لنظم احلكم الوضيعة . الغاية والوسيلة واألهداف رب العاملنيأن احلمد هللا انتهى وهللا احلمد واملنة وآخر دعوانا

٣١٣

الفهارس العامة .فهرست اآليات : أوال .فهرست األحاديث واآلثار : ثانيا .فهرست األعالم املترجم هلم : ثالثا .قائمة املراجع واملصادر : رابعا

.فهرست املوضوعات العامة : خامسا

تنبيه واعتذارث جاءت غري مطابقة ملكان املوضوعات يف داخل الكتاب وحنن إذ نعتذر من القراء الكرام وقع يف ترتيب الفهارس حي

.نرجو االنتباه إىل التعديل التايل يف أرقام صفحات الفهرس وذلك للحصول على األرقام الصحيحة

٣١٤

:أوال

فهرست اآليات القرآنية

٣١٥

فهرست اآليات القرآنية )أ(حرف األلف

الصفحة اآليةورنكر أمن المع هانوف ورعبالم كابا أصلى مع براص٢١٩ ........و ٣١ ...........................بالله ورسوله النبي األمي منوافآ

مالهوى أمامتوا اليآت١٣٤ ...................................و ٢٤ ......تبعوا ما تتلوا الشياطني على ملك سليمانوا

٢١٥ ، ٥٩ .اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ١٨ .واجعلنا للمتقني إماما

١٣٧ يماجعلني على خزآئن األرض إني حفيظ عل ٢٠٠ واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي

مهاجوأزوا وظلم وا الذينرش٢٢٣ .اح قالح من اءكا جمع ماءهوأه بعتال تو ل اللها أنزم بمهنيكم ب٢٨ .فاح

كونال تو كبإلى ر عادوركنيشالم من ٤٥ ن ١١٠ وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات

٦١ وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ٢٩٥ .فإذا جاء وعد أوالهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد

١٩ ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خليفةوإذ قال قلوبكم نيب اء فألفدأع مإذ كنت كمليالله ع تموا نعاذكر٦٤ و

٢٥٠ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون ٢٠٠ ين يدعون ربهم بالغداة والعشيواصبر نفسك مع الذ

٣٠٦ وأطيعوا الله ورسوله وال تنازعوا فتفشلوا ٣٠٦ ، ٦٤ واعتصموا بحبل الله جميعا وال تفرقوا

٢٤٤ األبصار فاعتبروا يا أولي

وا أنلماعى وامتاليى وبلذي القرول وسللرو هسمء فأن لله خين شم متا غنمم والمساكني

١٩٦

٤٦ إال تنفروا يعذبكم عذابا أليما ٤٤ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون

٣١٦

٨٠ نا التوراة فيها هدى ونور إنا أنزل ٤٤ بينهم بما أنزل الله وال تتبع أهواءهم عما جاءك من الحقفاحكم

قاكمالله أت عند كمم١٥٤ ، ٦٥ ...................................إن أكر ،١٥٧

كم٥٢ ............................................. إال للهإن الح ٥٩ إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى

ون اللهايعبا يمإن كونايعبي ١٢١ ، ٣١٣ إن الذين ٦١ عدل واإلحسان وإيتاء ذي القربىإن الله يأمر بال

، ٢٠٩ ، ٦١ إن الله يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها٢١٠

١١٢ إن الله اشترى من المؤمنني أنفسهم وأموالهمهادزو كمليع طفاهاص مإن اللهالجسطة في العلم وس١٣٧ ب

، ٧٥ ، ٥٢ ، ٣ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول٢٥٢، ٢١٠، ٢٠٨

١٣٥ أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما األخرىع ضلوكض ين في األرم أكثر طعإن تبيل اللهو٢٥٤ ن س

الأمني القوي ترأجتن اسم ري٢٠١ ، ١٧٠ إن خ ٢٩٨ ، ٢٨٥ ، ٢٧٢ وإن طائفتان من المؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهما

٦٤ انفروا خفافا وثقاال ٢٠١ منيإنك اليوم لدينا مكني أ ٣٢ .إنك ميت وإنهم ميتون

مهنيب كمحوله ليسروا إلى الله وعإذا د مننيؤل الما كان قوم٥٩ .إن ٦٤ .إنما المؤمنون إخوة

١٠٩ نما أموالكم وأوالدكم فتنة أ\

اكنيإنسالماء وللفقر قاتدا الص١٩٦ ، ١٨٨ م ٢٧١ ، ٢٢٠ .إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في األرض فسادا

١٦٢ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم اآلخرظنإن نقننييتسبم نحا نما و١٦٩ إال ظن

١٦ وإنهما لبإمام مبني

٣١٧

٦٤ إن هذه أمتكم أمة واحدة ٢٠١ إنه لقول رسول كرمي

١١٧ وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤوال ١١٧ الله إذا عاهدتموأوفوا بعهد

)ت (حرف التاء ٢٨٥ ، ٢٢٠ وتعاونوا على الرب والتقوى

متبا كسلكم مو تبا كسا مله لتخ ة قدأم ٢٩٧ تلك )ج (حرف اجليم

١٨ وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ١٨ .هم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرونوجعلنا

١٦٢ .أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله ) خ(، واخلاء ) ح( حرف احلاء *****

مون وغبة ياهليالج كمون أفحوقنم يكما لقوالله ح من نسأح ٥٩ ، ٣ .ن ١٨٩ ، ١٨٨ خذ من أموالهم صدقة

)ذ(حرف الذال ١١٧ .والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من واليتهم من شيء حتى يهاجروا

كنإن م الة الذينوا الصض أقامفي الأر م٢٠٩ ، ٤٤ .......... اه ٢١٩ ...........والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون

)ر(حرف الراء ١٣٥ ، ٩١ .الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض

بدي رعب ند مغي لأحنبلكا ال يلي م بهلي و ١٤٦ ... اغفر )س(السني حرف

الحنيالص نا مبينورا وصحدا ويس٢٦٧ .......و )ش(الشني حرف

١٣٧ ........وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب )ف ( الفاء حرف

وا منفظا غليظ القلب النفض كنت لوو مله الله لنت نة ممحا رفبملكوح....................

٣٤٥ ، ٢٣٣

٣١٨

.................. فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا٢٤٥ ، ٢٣٤

)ق(القاف حرف***** ١٨ ..............اتلوا أئمة الكفر إنهم ال أيمان لهمفق

١٣٠ ......قاتلوا الذين ال يؤمنون بالله وال باليوم اآلخر ٤٦ .وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ويكون الدين لله ٢٤ . وعلمه مما يشاء وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة

١٣٧ .........قال اجعلني على خزآئن األرض قال ومن ذريتي قال ال ينال عهدي قال إني جاعلك للناس إماما

الظالمني....... ١١٠ ، ١٧ ، ٢٨٥ ، ١٤٠

١٣٧ ... لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا الوق وتكنين في بقر١٣٦ .............و

ن ومحقل إن كان للرابدينل العا أوفأن ١٣٤ ....لد ٤٥ ...قل هـذه سبيلي أدعو إلى الله على بصرية أنا ومن اتبعني

١٣٧ ...... قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون )ك(حروف الكاف

٣٩ .......ه الرحمة كتب على نفسلكم هكر وهال والقت كمليع ٤٦ .......... كتب

٦٢ ..وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ٢٠٦ .. وكذلك نولي بعض الظالمني بعضا بما كانوا يكسبون

٢٠٥ ..وزروع ومقام كرمي كم تركوا من جنات وعيون اء منكماألغني نيولة بكون دال ي ١٩٩، ١٩٧ ............ كي

)ل(حرف الالم ١٨٦ .......... منكم أمة يدعون إلى الخير ولتكن

٢٨٦ ، ٥٠ ...........ذين كفروا من بني إسرائيل عن الللقدون وعرضتا يمو همبوا لركانتا اسذاب فمم بالعاهذن٢٨٠ .أخ

٢٨ ...................لقد أرسلنا رسلنا بالبينات ١٧٥ ، ١١٣ ..مؤمنني إذ يبايعونك تحت الشجرة لقد رضي الله عن ال

لكنون ومنؤاس ال يالن ٢٥٤ .............أكثر

٣١٩

٣١ ...................فلما قضى زيد منها وطرا ٥٦ ..نزل إليك ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أ

٢٤٨ ....صبر وغفر إن ذلك لمن عزم األمور ولمن، ٩٠ ، ٢٥ ....يجعل الله للكافرين على المؤمنني سبيال ولن

١٣٠، ١٢٦ ، ٢٥٩

هر منلي األمإلى أوول وسإلى الر وهدر لوومهمن هنبطونتسي الذين هلملع ٢١٣ ، ٩٠ م )م(حرف امليم

٧٦ ..............اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله وما ١٩٧، ٣١ .....آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وما ١٩٥ ...ء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل وال ركابأفا وما

١٩٧ ...ما أفاء الله على رسوله من أهل القرىمننيؤبم تصرح لواس والن ا أكثرم٢٥٤ .و

اتمنؤالمون ومنؤالمض وعاء بليأو مهضع١٨٥ .ب ١٨٥ ، ٥٦ .وما خلقت الجن والإنس إال ليعبدون

٥٢ ......... ما فرطنا في الكتاب من شيء ٣٩ ............ما قدروا الله حق قدره

٤٧ ...........آفةوما كان المؤمنون لينفروا ك مكون لهرا أن يأم ولهسرو ى اللهة إذا قضمنؤال ممن وؤا كان لممو

رهمأم ة منرالخي ٢٥٤

٢٣٨ .ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في األرض ٣٢ .... رسول قد خلت من قبله الرسلوما محمد إال

٢٥٤ ....................وما يتبع أكثرهم إال ظنا ٢٥١ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون

٢٤٨ ....ى عليكماعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتد فمن ٥٧ ...ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولـئك هم الظالمون ٥٧ ...ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولـئك هم الفاسقونالكافر مه لـئكفأو ل اللها أنزكم بمحي ن لمم٥٨ ، ٥٧ ....ونو ،

١١٦

٣٢٠

مهمن هفإن نكمم ملهوتن يم١٢٠ ....و ٥٦ ...فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله

)ن( حرف النون *****ارثنيالو ملهعجنة وأئم ملهعجن١٨ ...و

ابالكت كليا علنزنءويانا لكل شي٥٢ ... تب )هـ(حرف اهلاء ٦٧ ...هو أنشأكم من األرض واستعمركم فيها )ال( حرف

١٢٣ ...وال تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامارفنيسالم روا أمطيعال تونال ولحصال يض وون في األرفسدي ١٤٠ ...ذين

٣٠٤ ، ٦٤ ...وال تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ٣٨ .. وال تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

٦٤ ...وال تنازعوا فتفشلوا ، ٥٧ ، ٥٤ ...نون حتى يحكموك فيما شجر بينهمفال وربك ال يؤم

٢٤٣ ١٣٠ ...المؤمنون الكافرين أولياء ال يتخذ

٢١٦ ...وال يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ٦١ ... تعدلوا اعدلواوال يجرمنكم شنآن قوم على أال ٣٩ ...ال يسأل عما يفعل وهم يسألون

)ي(حرف الياء متيدتل إذا اهن ضكم مرضال ي كمأنفس كمليوا عنآم ا الذينها أي٢٨٦ ..........ي

وا اصنآم ا الذينها أيوايابرصوا و٤٨ .............بر ر منكملي األمأوول وسوا الرأطيعو وا اللهوا أطيعنآم ا الذينها أيي

............ ٩٠ ، ٢٨ ، ٣ ،

٢٠٩ ، ١٣٠ ، ٢٥٣، ٢١١

ول فقدسالر متياجوا إذا ننآم ا الذينها أيقةيدص اكموجن يدي نيوا ب٢٤٢ ..م ١٤٠ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا

١١٧ .يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقودأو خذوا الكافرينتوا ال تنآم ا الذينها أييمننيؤون الماء من د١٣٠ ..لي

٣٢١

١٣١، ١٣٠ ..يا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا اليهود والنصارى أولياءونكمن دة مخذوا بطانتوا ال تنآم ا الذينها أي٢٠٠ ...ي

٢٠٢ ... تخونوا الله والرسوليا أيها الذين آمنوا ال ٦٥ ...يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى

ق اللهات بيا النها أي٢٤٧ ...ي كنايعبي اتمنؤالم اءكإذا ج بيا النها أي٢١٢ ، ١١١ ...ي

٢٤٧ ، ١٢ ...النبي إذا طلقتم النساءيا أيها افقنينالمو اهد الكفارج بيا النها أي٢٤٧ ... ي

\

قاس بالحالن نيكم بض فاحليفة في األرخ اكلنعا جإن وداوا د٢٠٣ ، ٦١ ...ي ، ٢١٧

١٩٦ .. األنفال قل األنفال لله والرسوليسألونك عن ٣٩ ...يضل من يشاء ويهدي من يشاء

كمدين لكم لتأكم موالي .... ٥٣ ، ٥٢

٣٢٢

ثانيا فهرست األحاديث واآلثار

٣٢٣

فهرست األحاديث واآلثار )أ(حرف األلف

الصفحة طرف احلديث ١٨٠،١٨١ .ن له وبشره باجلنة إئذ

١١٥ قول عبد الرمحن بن عوف (أبايعك على سنة اهللا ورسوله واخلليفتني من بعده ٥٩ .أبغض الناس إىل اهللا ثالثة

١٧٦ .أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل اجلنة من قول عبد ( نعم : أجتعلونه إيل واهللا علي أن ال آلو عن أفضلكم ؟ قالوا

.ن بن عوف الرمح٨٤

٢٤٢ .امجعوا له العابد من أميت مث اجعلوه بينكم شورى ٢٢٨ ) .من قول عمر ( أحب الناس إيل من رفع إيل عيويب

) .من قول الثوري ( احلف هلم وأكذم وال تعطهم شيئا

١٩٤ ٢٨٧ .أخوف ما أخاف على أميت األئمة املضلني

١٠٣ ، ٧١ .كتابا ادعي يل أباك وأخاك حىت أكتب ١٩١ ) .من قول ابن عمر ( ادفعوا صدقاتكم إىل من واله اهللا أمركم

من قول املغرية بن ( أمرنا أن ندفعها إليهم r ادفعها إليهم فإن رسول اهللا ) .شعبة

١٩٣

٢٠٢ .إذا أراد اهللا باألمري خريا جعل له وزير صدق ٢٠٦ .هم إذا ابتغى األمري الريبة يف الناس أفسد

٢٧٩ . إذا التقا املسلمان بسيفيهما فالقاتل واملقتول يف النار

٣٠٦ ، ١١٥ .إذا بويع خلليفتني فاقتلوا اآلخر منهما

٢٩ .إذا خرج ثالثة يف سفر فليؤمروا أحدهم إذا رأيتم القارئ حيب األغنياء فهو صاحب دنيا ، وإذا رأيتموه يلزم السلطان

) .ر من قول عم( فهو لص ٢٢٣

٢٨٩ ، ٢٢٧ .إذا رأيتم أميت اب الظامل أن تقول له إنك أنت ظامل فقد تودع منها ٢٠٣ .إذا ضيعت األمانة فانتظر الساعة

٤٢هامش ) من قول عمر ( فإذا مت فتشاورا ثالثة أيام ، وال يأتني اليوم الرابع إال وعليكم أمري منكم ٢٠٥ ) .من قول عمر (أعلم مث أمرته بالعدل أقضيت ما علي؟أرأيتم إن استعملت عليكم خري ما

٣٢٤

١٥٤ .أربع من أميت من أمر اجلاهلية ال يتركون ١٢١ .ارجع فقد بايعتك ١٩٢ .أرضوا مصدقيكم

٢٤٠ .استرشدوا العاقل ترشدوا وال تعصوه فتندموا ١٥٨ .استقيموا لقريش ما استقاموا لكم

، ١٥٣ ، ١٤٣ .عمل عليكم عبد حبشي امسعوا وأطيعوا وإن است٢١٦ ، ٢١١ ،

٢٦٢ ٣٣ أسرعوا باجلنازة

٢١١ .امسع وأطع ولو حلبشي كأن رأسه زبيبة ١٨٠ .اسكن أحد فليس عليك إال نيب وصديق وشهيدان

٢٩٠ .أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نيب أو قتل نبيا ، ١١٥ ، ٨١ ) .ول أيب بكر من ق( أطيعوين ما أطعت اهللا ورسوله

٢١٩ ١٨٩ .أعلمهم أن اهللا افترض عليهم يف أمواهلم صدقة

١٥٦ أفعن معادن العرب تسألوين ؟ خيارهم يف اجلاهلية خيارهم يف اإلسالم إذا فقهوا ٧٢ ، ٦٩ . اقتدوا باللذين من بعدي

يا أبأن٧٠هامش ) .من قول عمر ( أقر ٤٨ . اهللا يف القريب والبعيد أقيموا حدود

٢٦٧ ) من قول أيب بكر (ال واهللا ال نقيلك وال نستقيلك : أقيلوين أقيلوين قالوا ١٥١ ، ١٨ .األئمة من قريش

١٣٤ .فإن أمرت قريش فيكم عبدا حبشيا جمدعا فامسعوا له وأطيعوا . األئمة من قريش ١٤٩ ليهم حقا ، ما إن استرمحوا رمحوا األئمة من قريش إن هلم عليكم حقا ولكم ع

١٨٥ ، ١٨ .اإلمام األعظم الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته ٦٤ .الناس سواسية كأسنان املشط

: أليسوا حيرمون ما أحل اهللا فتحرمونه وحيلون ما حرم اهللا فتحلونه قال .فتلك عبادم : قلت بلى ، قال

٢١٤، ٥٨

٩٧ من قول العباس ( ايعك فيقول الناس عم رسول اهللا بايع ابن أخيه امدد يدك أبمن قول أيب ( أمروين مجيعا أن أدفعها إىل السلطان ما اختلف علي منهم أحد

) .صاحل ١٩٠

٣٢٥

١١٤ ) .من قول عمر ( امهلوا فإن حدث يب حدث فليصل بالناس صهيب ١٥٢ ) . قول عمر من( إن أدركين أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته ١٠٣، ٨٨، ٧٣ ) .من قول عمر ( إن أستخلف فقد استخلف من هو خري مين

٦١ .إن اهللا ليملي للظامل حىت إذا أخذه مل يفلته ١٥٣ ، ٦٤ .إن اهللا أذهب عنكم عبية اجلاهلية وفخرها باآلباء

قول أيب من( إن الناس تشاطوا يف اآلذان يوم القادسية ، فأقرع بينهم سعد ) .شربمه

٩٤

١٣٠ .إنا ال نستعني مبشرك ١٣١ .إن القلم رفع عن ثالثة

١٥٦ ، ١٤٧ .إن اهللا اصطفى كنانة من ولد إمساعيل ،١٦٢

٢٠١ ، ١٤٥ .إنا ال نويل هذا من سأله وال من حرص عليه ١٧٤ .إن اهللا بعثين إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق

العلى لرياهم من حتتهم كما ترون النجم الطالع يف أفق إن أهل الدرجات .السماء

١٧٥

١٩٥ .إن الصدقة ال تنبغي آلل حممد إمنا هي أوساخ الناس إمنا حنن وهم شيء . إنا وبنوا املطلب ال نفترق يف جاهلية وال إسالم

.واحد ١٩٥

، ومن أنا أوىل بكل مؤمن من نفسه ، وأميا رجل مات وترك دينا فإلي .ترك ماال فلورثته

١٩٩

٢٠٠ .إن اهللا مل يبعث نبيا إال وله بطانتان إن القوم إذا شاور بعضهم بعضا وأرادوا بذلك وجه اهللا عزم هلم على

) .من قول قتادة ( رشدهم ٢٣٦

١٢٥ .إن أمر عليكم عبد فامسعوا له وأطيعوا ما قادكم بكتاب اهللا ٢٦٧ .هللا أن يصلح به فئتني متقاتلني من املسلمني إن ابين هذا سيد ولعل ا

٢٧٩ .إن اهللا ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر أو بأقوام ال خالق هلم ٢٨٥ .إن الناس إذا رأوا املنكر وال يغريونه أوشك اهللا عز وجل أن يعمهم بعقابه

٢٨٥ .إن الناس إذا رأوا الظامل فلم يأخذوا على يديه

٣٢٦

٢٨٥ .خل النقص على بين إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل إن أول ما د ٤٩ .إن بين إسرائيل ملا وقع فيهم النقص كان الرجل يرى أخاه على الذنب

٢٣٧ ، ٥٥ .أنتم أعلم بأمور ديناكم ٨٨ ، ٧٤ .إن تؤمروا أبا بكر جتدوه أمينا زاهدا يف الدنيا راغبا يف اآلخرة

عهد إلي إذا اختلف الناس أن أختذ سيفا من إن خليلي وابن عمك ) .من قول اهبان بن صيفي ( خشب

٢٧٩

٢١٧ . ما انتقم قط إال أن تنتهك حرمات اهللا rإن رسول اهللا ٢٠٤ .إن شر الرعاء احلطمة

إن عائشة قد سارت إىل البصرة واهللا إا لزوجة نبيكم يف الدنيا واآلخرة ) .من قول عمار (

٢٨٩

٢٤ ، ٢٣ ) قول سلمان ( ن عمر بن اخلطاب سأل عن الفرق بني اخلالفة وامللك إ ٧٨ .إن عليا بايع أبا بكر بعد وفاة فاطمة

، ٢٠٩ .إنكم سترون بعدي أثرة وأمور تنكروا ٢١٦

٢١٦ .إنكم سترون بعدي أثرة فاصربوا حىت تلقوين على احلوض م به ، وإن كان شيئا من أمر دينكم إن كان شيئا من أمور دنياكم فشأنك

.فإلي ٢٣٧

٢٠٤ .إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدم أو كدت تفسدهم ٧٠ .إن مل جتديين فأيت أبا بكر

١٦٢ .إن للقرشي مثلي قوة الرجل من غري قريش ٢٨٧ .إمنا أخاف على أميت األئمة املضلني

٢٠٢ .إمنا يهلك هذه األمة كل منافق عليم ٦٢ .إمنا أهلك من كان قبلكم أم كانوا إذا سرق الشريف تركوه

٢١٩ .إن من إجالل اهللا تعاىل إكرام ذي الشيبة املسلم وحامل القرآن غري الغايل فيه واجلايف ٢٢١ .إن من أبغض القراء إىل اهللا الذين يزورون األمراء

رها فتنة املسيح أي حادثة استشهاد عثمان وآخ-إا كانت أول الفنت من قول حذيفة (

٨٥

٢٧٨ .إا ستكون فنت أال ثم تكون فتنة القاعد فيها خري من املاشي

٣٢٧

١٤٨ .إن هذا األمر يف قريش ال يعاديهم أحد إال كبه اهللا يف النار ٢١٤ .إنه سيلي أمركم من بعدي رجال يطفئون السنة وحيدثون البدعة

ى اختالفا كثريا فعليكم بسنيت وسنة اخللفاء إنه من يعش منكم فسري .الراشدين من بعدي

٢٩

إنه قد نزل يب ما ال ترون ، وال أظنين إال ملأتي وقد أطلق اهللا أميانكم من ) .من قول أيب بكر ( بيعيت

٨١

فمن كره فقد بريء ومن . إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون .أنكر فقد سلم

١٤١ ، ٦٠ ، ٢٦٠

، ١٤١ ، ٦٠ .إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ٢٦٠

١٢٠ ، ١١٤ )من قول ابن عمر(إين أقر بالسمع والطاعة لعبد اهللا عبد امللك بن مروان ٢٢٩ ) .من قول عمر ( إين أنزلت نفسي من مال اهللا مرتلة اليتيم

١٩٨ .-حابس وصحبه ملا أعطى األقرع بن -إين إمنا فعلت ذلك لتألفهم ٣٢ .إين ألرى طلحة قد حدث فيه املوت فآذنوين به وعجلوا

٦٢ ) .من قول عمر ( إين مل أبعث عمايل ليضربوا أبشاركم ١٢٠ .إين ال أصافح النساء

١٦٦ )من قول عمر(إين ألحترج أن استعمل الرجل وأنا أجد من هو أقوى منه فإن أحسنت فأعينوين وإن أسأت إين قد وليت عليكم ولست خبريكم

) .من قول أيب بكر ( فقوموين ٢٦٦

١٣٣ . أوصيكم بتقوى اهللا والسمع والطاعة وإن عبد حبشي ٢٩٨ .إال أن تروا كفرا بواحا

٢٧٦ .أال من ويل عليه وآل فرآه يأيت شيئا من معصية اهللا فليكره ما يأيت من معصية اهللا ١٧٨ منه املالئكة أال أستحي من رجل تستحي

\ ١٧٩ أال ترضى أن تكون مين مبرتلة هارون من موسى

١٧٤ قلت ومن الرجال ؟ قال أبوها . عائشة rأي الناس أحب إليك ؟ قال ٢٢٢ ، ٢١٧ . كلمة حق عند سلطان جائر . أي اجلهاد أفضل ؟ قال

قول من ( أبواب األمراء : إياكم ومواطن الفنت قيل وما هي ؟ قال ) .حذيفة

٢٢١

٣٢٨

٧٦ ) من قول علي( مل يعهد يف هذه اإلمارة شيئا rأيها الناس إن رسول اهللا ٢٨٧ ، ٨٠ ) .من قول أيب بكر ( أيها الناس أين قد وليت عليكم ولست خبريكم

أيها الناس إمنا أنا متبع ولست مببتدع فإن أحسنت فأعينوين وإن أسأت .)من قول أيب بكر ( فقوموين

٢٢٥

)ب(حرف الباء ١١١ . على شهادة أال إله إال اهللا rبايعت رسول اهللا

١١٩ .بايعهن واستغفر هلن اهللا ٢٠٩ ، ١١٣ .بايعنا رسول اهللا على السمع والطاعة يف العسر واليسر

،٢١٧ ، ٢٧٦

٢٢٤ ) .جرير بن عبد اهللا ( على النصح لكل مسلم rبايعت النيب ١١١ . أن متنعوين مما متنعون منه نساءكم وأبناءكم أبايعكم على

٢٨٩ ) .من قول علي ( بايعاين باملدينة وخالفاين بالبصرة ٧١ أن سله إىل من ندفع صدقتنا ؟ rبعثين بنو املصطلق إىل رسول اهللا

)ت(حرف التاء ١١٩ .تأخذون مبا تعرفون وتدعون ما تنكرون

٢١٧ ، ٣٩٤ .وأخذ مالك فامسع وأطع تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك ،٢٧٦

٢٣٨ .تعوذوا باهللا من رأس السبعني ومن إمارة الصبيان ٣٨ ، ٣٧ .تكون النبوة ما شاء اهللا فيكم أن تكون مث يرفعها إذا شاء أن يرفعها

٢٩٩ . أدىن الطائفتني إىل احلق - أي اخلوارج -تقتلهم )ث(حرف الثاء

يوم القيامة وال ينظر إليهم وال يزكيهم وهلم عذاب ثالثة ال يكلمهم اهللا .أليم

٣٧٧ ، ٣٧٦

)ج(اجليم حرف: فجاء سيده يريده فقال -على اهلجرة فبايعه r جاء عبد يبايع النيب

.بعنيه ١٦٦

)ح(حرف احلاء

٣٢٩

٩٠ .حد يعمل به يف األرض خري من أن ميطروا أربعني صباحا )ح(حرف اخلاء

فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا املال وأنت غري مشرف له ، خذه .وال سائل فخذه وإال فال تتبعه نفسك

٢٣٥

٢٩٣ ، ٢٣ .خالفة النبوة ثالثون سنة ٢٨٥ ، ٢٦٦ .خيار أئمتكم الذين حتبوم وحيبونكم )د(الدال حرف

ال : ال فق-قلت ابن عمة رسول اهللا ؟ : دعا أبو بكر بالزبري فقال تثريب يا خليفة رسول اهللا ؟

٧٨

هللا ولرسوله ولكتابه وألئمة املسلمني : الدين النصيحة قلنا ملن ؟ قال .وعامتهم

٢٢٨

)ذ(حرف الذال ١١٤ .ذهب أهل اهلجرة مبا فيها

)ر(الراء حرف ٤٨ .رباط يوم يف سبيل اهللا خري من الدنيا وما فيها

٤٨ . صيام شهر وقيامه رباط يوم وليلة خري من) من قول علي ( كنت ألرجو أن جيعلك اهللا مع صاحبيك رمحك اهللا إن

. ١٧٦

٧٧ ) .من قول علي ( لديننا r رضينا لدنيانا من رضي رسول اهللامن ( الرعية مؤدية إىل اإلمام ما أدى اإلمام إىل اهللا فإن رتع اإلمام رتعوا

) . قول عمر

٢٠٩

)ز(الزاي حرف ٢٩٧ .زويت يل األرض حىت رأيت مشارقها ومغارا

)س(حرف السني ٢٥٥ .مشاورة أهل الرأي مث إتباعهم : عن العزم فقال r سئل النيب ٢٥١ .أن تشاور ذا رأي مث تطيعه : عن العزم فقال r سئل النيب

٢٨٦ .سباب املسلم فسوق وقتاله كفر

٣٣٠

، ١٨٧ ، ٣٦ . ظله سبعة يظلهم اهللا يوم ال ظل إال١٩٣

٢٣ .ستكون اخلالفة من بعدي ثالثون مث يكون امللك ٢٨٢ .ستكون فنت القاعد فيها خري من القائم

) .فيه أحاديث كثرية ( حديث السقيفة سيخرج قوم يف آخر الزمان حداث األسنان سفهاء األحالم يقولون من

.قول خري الربية ٢٧٤

٢٢٣ .ن دخل عليهم فصدقهم بكذم سيكون بعدي أمراء فم ٢٩٢ .سيكون عليكم أمراء يأمرونكم مبا ال يفعلون فمن صدقهم

٢١٧ سيليكم أمراء بعدي يعرفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون )ض(حرف الضاد

١٩٥ )من قول ابن عمر ( - أي الصدقة -ضعوها يف مواضعها

)ع(حرف العني ٢٨٦ ذا بعثت رجال فلم ميض ألمري أن جتعلوا مكانه من ميض ألمري أعجزمت إ

٢١٦ .على املرء السمع والطاعة فيما أحب وأكره إال أن يؤمر مبعصية من . على املوت :يوم احلديبية قال r على أي شيء بايعتم رسول اهللا

) .قول سلمة بن األكوع ١١٤

٢٩٢ .عمار تقتله الفئة الباغية اإلمام العادل يف رعيته يوما أفضل من عبادة العابد يف أهله مائة عام لعمل

.أو مخسني عاما ٦١

١٠٦ ، ٧٢ .عهد أيب بكر لعمر ٢٦٣ .العهد الذي بيننا وبينهم الصالة فمن تركها فقد كفر

١٦٧ ، ١٠٥ .عهد عمر باألمر إىل الستة )غ(حرف الغني

١٩٨ ) .قول عمر من ( الغنيمة ملن شهد الوقعة )ف(الفاء حرف

، ١٢٠ ، ٢٤ . فوا ببيعة األول فاألول ٣١٢ ، ٣٠٩

٣٣١

)ق(القاف حرف ٧٦ ) من قول أيب بكر . ( قد اخترت لكم هذين الرجلني فبايعوا أيهما شئتم

١٢٠ ) .من كالم النجاشي ( وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأصحابه من قول . ( ا أنت فأقسمها : قال . نعم :وقد عتقت يا كيسان ؟ قال

) .عمر ١٩٠

١٥٧ .قدموا قريشا وال تقدموها ١٦١ .قريش والة الناس يف اخلري والشر إىل يوم القيامة

١٥٣ ، ١٤٩ .صدقت حنن الوزراء وأنتم األمراء : فقال سعد . قريش والة هذا األمر . ( فأستخلف r اهللاما استخلف رسول : استخلف قال : قيل لعلي

) .من قول علي ٧٧

)ك(حرف الكاف ، ١١٧ ، ٢٣ .كانت بنوا إسرائيل تسوسهم األنبياء

٣٠٤ ٢٨٣ .كسروا فيها سيوفكم وقطعوا أوتاركم

١٤٥ .كل ابن آدم خطاء وخري اخلطاءين التوابون ٢٠٨ .كما تكونوا يوىل عليكم من قول عبد . ( ملن كان هكذا نعد هذا نفاقا r كنا بعهد رسول اهللا

) .اهللا بن عمر ٢٢٨

. ( على السمع والطاعة يقول لنا فيما استطعت r كنا نبايع رسول اهللا ) .من قول ابن عمر

١١٣

. ( فنخري أبا بكر مث عمر مث عثمان r كنا خنري بني الناس يف زمن النيب ) .من قول ابن عمر

١٧٥

٨٢ )من قول عمر . ( حىت يدبرنا r اهللاكنت أرجو أن يعيش رسول

)ل(حرف الالم ألعطني هذه الراية رجال يفتح اهللا على يديه حيب اهللا ورسوله وحيبه اهللا

. ورسوله ١٨٠

١٩١ ) .من قول ابن عمر . ( لبسوا علينا لبس اهللا عليهم ١٩ ) .قول أيب بكر . ( لست خليفة اهللا ، ولكين خليفة رسول اهللا

٣٣٢

٧٦ .لعن اهللا من ذبح لغري اهللا ٢٠٤ ) .من قول علي . ( لقد عففت فعفت رعيتك ولو رتعت لرتعوا

١٧٤ .لقد كان فيمن قبلكم حمدثون من . ( لكين أكره أن أبايع أمريين قبل أن جيتمع الناس على أمري واحد

) .قول ابن عمر ١١٨

١٩٦ .للرجل سهم وللفرس سهمان من . ( لقاتلتهم عليه r نعوين عقاال كانوا يؤدونه لرسول اهللاواهللا لو م

) .قول أيب بكر ١٨٦

١٩ .اللهم أنت الصاحب يف السفر ١٩٦ ) .من قول عمر . ( واهللا ال أحد أحق ذا املال من أحد

١٢٠ .يد امرأة قط r واهللا ما مست يد رسول اهللا ٢٠٣ .يهم فأشقق عليه اللهم من ويل من أمر أميت شيئا فشق عل

٧٧ )من قول علي ( إال شيئا عهده إىل الناس r واهللا ما عهد إيل رسول اهللا ٣٨ .إن رمحيت تغلب غضيب .. ملا قضى اهللا اخللق كتب يف كتابه

١١٢ )عن جابر(على املوت ، وإمنا بايعناه على أال نفر r مل نبايع رسول اهللا r ﴾ قال يل النيب... آمنوا إذا ناجيتم الرسول ملا نزلت ﴿ يا أيها الذين

ما ترى ؟ :

٢٤١

٢٨٨ . لن يربح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من املسلمني \

١٣٤ ، ٩٠ .لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة من قول . ( لو أدركين أحد هذين الرجلني مث جعلت هذا األمر إليه لوثقت به

) .عمر ١٥٢

١٢٥ .استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب اهللا فامسوا وأطيعوا لو ١٨٠ . لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم وال نصيفه

٢٥١ ، ٢٣٤ .لو أنكما تتفقان على أمر واحد ما خالفتكما ٢٥١ .لو دخلوها ما خرجوا منها إمنا الطاعة يف املعروف

١٤٩ . األنصار وشعبها لو سلك الناس واديا لسلكت واديلو علمت أحدا من الناس أقوى عليه مين لكنت أقدم فتضرب عنقي

) .من قول عمر . ( أحب إىل من أن أليه ١٦٦

٣٣٣

١٧٤ .لو كان بعدي نيب لكان عمر لو كنت يف شدق األسد ألحببت أن أكون معك فيه ، ولكن هذا األمر

) .من قول أسامة لعلي . ( مل أره ٢٩٠

١٧٣ . كنت متخذا خليال الختذت أبا بكر لو ٦١ .ليس من وال أمة قلت أو كثرت ال يعدل فيها إال كبه اهللا يف النار

٢٩ .لينقض عرى اإلسالم عروة عروة ٥٨ أليسوا حيلون لكم ما حرم اهللا فتحلونه ؟ )م(حرف امليم

من قول ابن . ( علي ما أجد يف نفسي شيئا إال أين مل أقاتل الفئة الباغية مع ) .عمر

٢٩٠

١٩٩ .ما استخلف خليفة إال له بطانتان ١٧٣ ) .من قول علي . ( ما أنا إال رجل من املسلمني

ما : (ما بقاء هذا األمر الصاحل الذي جاء اهللا به بعد اجلاهلية ؟ قال ) . من قول أيب بكر ) . ( استقامت بكم أئمتكم

٢٠٥

٧٤ ) .من قول ابن عباس . ( ومل يوص r مات رسول اهللا ٢٣٦ ) من قول احلسن . (ما تشاور قوم قط إال هداهم اهللا ألفضل ما حيضرهم

من قول . (ما تشاور قوم قط يبتغون وجه اهللا إال هدوا ألرشد أمرهم ) قتادة

٢٣٦

١٦٩ .ما تقل الغرباء وال تظل اخلضراء على ذي هلجة أصدق وأوىف من أيب ذر ٢٣٨ .ا خاب من استخار وال ندم من استشار م

٧٦ ) .من قول علي . ( بشيء مل يعم به الناس r ما خصنا رسول اهللامن قول أيب هريرة ( . r ما رأيت أحدا أكثر مشورة ألصحابه من النيب

. ( ٢٣٤

من قول . ( ما رأيناك أتيت أمرا أكره عندنا من إسراعك يف هذا األمر ) .يب مسعود أيب موسى وأ

٢٩٠

٢٣٩ .ما شقي قط عبد مبشورة ، وما سعد باستغناء رأي من . ( ما مشى قوم إىل سلطان اهللا ليذلوه إال أذهلم اهللا قبل أن ميوتوا

) . قول حذيفة ٢١٩

٣٣٤

ما من أمري عشرة إال يؤتى به يوم القيامة مغلوال ال يفكه إال العدل أو .يوبقه اجلور

٦١

سترعيه اهللا رعية من املسلمني مث ميوت وهو غاش هلم إال مل ما من عبد ي يدخل اجلنة معهم

٢٠٤

ما من عبد يلي أمر املسلمني مث ال جيهد هلم وينصح هلم إال مل يدخل اجلنة .معهم

٢٠٤

٢٨٦ . ما من نيب بعثه اهللا قبلي إال كان له من أمته حواريون

١١١ .يبها املدينة كالكري تنفي خبثها ، وتنصع ط ٦٩ .مروا أبا بكر فليصل بالناس

٢٣٤ .املستشار مؤمتن ٦٣ .املسلم أخو املسلم

١١٥ .املسلمون على شروطهم ٢٣٩ ) . من قول علي . ( املشورة عني اهلداية وقد خاطر من استغىن برأيه

٦١ .املقسطون على منابر من نور ٣٠٤ ، ٢٧١ د أن يشق عصاكم فاقتلوه من أتاكم وأمركم مجيع على رجل منكم يري

٢٠٩ ، ٢٠ .من أطاعين فقد أطاع اهللا ومن عصاين فقد عصى اهللا من أراد حببوحة اجلنة فليلزم اجلماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من

.االثنني أبعد ٩٩

١٠٨ ) .من قول عمر . ( من استخلف ؟ لو كان أبو عبيدة ابن اجلراح على عصابة وفيهم أرضى اهللا منه فقد خان اهللا من استعمل رجال .ورسوله واملؤمنني

١٦٥

٢١٩ . من أهان سلطان اهللا يف األرض أهانه اهللا من بايع إماما فأعطاه صفقة يده ومثرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء

.آخر ينازعه فأضربوا عنق اآلخر ٢١٩ ، ١١٧ ٣٠٣، ٢٥٥

شورة املسلمني فال يتابع هو وال الذي بايعه تغرة من بايع رجال من غري م ) .من قول عمر . ( أن يقتال

٨٨ ، ٨٠ ، ١١٤، ٦٠

٢٢٠ .من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل ٢٥٩ .من بدل دينه فاقتلوه

٣٣٥

٩٠ من حالت شفاعته دون حد من حدود اهللا فقد ضار اهللا من أمره

٥٨ ) من كالم احلسن البصري . ( ية من حكم بغري ما أنزل اهللا فحكم اجلاهل ٢٢١ .من دعا لظامل بالبقاء فقد أحب أن يعصى اهللا يف أرضه

٤٨ من رابط يف شيء من سواحل املسلمني ثالثة أيام أجزأت عنه رباط سنة ٢٨٢ ، ٢٧٦ .من رأى من أمريه شيئا يكرهه فليصرب

٢٨٥ .من رأى منكم منكرا فليغريه بيده عليا أحق بالوالية فقد خطأ أبا بكر وعمر واملهاجرين من زعم أن

) .من قول سفيان الثوري . ( واألنصار ١٧٣

٢٧٧ .من مسع مسع اهللا به يوم القيامة ، ومن شاق شقق اهللا عليه يوم القيامة ٦٤ .من قتل حتت راية عمية يدعوا إىل عصبية

٢١٨ .من قتل دون ماله فهو شهيد من قول . ( أبو بكر : هللا مستخلفا لو استخلف ؟ قالت من كان رسول ا

) .عائشة ٧٣

٢٢٦ .من كان عنده نصيحة لذي سلطان فال يكلمه ا عالنية ١٩٩ .من كان لنا عامال فليكتسب زوجة

٤٩ .من مات ومل يغز ومل حيدث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية ، ١١٧ ، ٢٨ .ة من مات وليس يف عنقه بيعة مات ميتة جاهلي

٢٧٦ ٢٠٢ .من واله اهللا شيئا من أمور املسلمني فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم

. من هي الفئة الباغية ؟ لو علمنا ما سبقتين أنت وال غريك على قتاهلا ) .من قول ابن عمر (

٢٩٠

١٧٨ . من حيفر بئر رومة فله اجلنة

)ن(حرف النون ١٤٦ .باس بن عبد الطلب وربيعة بن احلارث ناسبوا ذا النسب الع

الناس تبع لقريش يف هذا الشأن مسلمهم تبع ملسلمهم ، وكافرهم تبع .لكافرهم

١٥٠ ، ١٤٩

٢٠٥ .الناس على دين ملوكهم ٢٠ ) . r قول بعض أصحاب رسول اهللا. ( حنن املؤمنون وعمر أمرينا

٣٣٦

٢٢٣ ) .من قول ابن عمر . ( حنن مع من غلب ٢٩٠ ) .من قول ابن عمر . ( ندمت على تركي قتال الفئة الباغية

٢٢٤ .نضر اهللا امرأ مسع مقاليت فبلغها فرب حامل فقه غري فقيه ١٩٠ .نعم إذا أديتها إىل رسويل فقد برئت منها )هـ(حرف اهلاء

وعلى قومك r هات يدك أبايعك على اإلسالم فبايعه فقال الرسول ) .عن ضماد ( قومي وعلي : قال

١١١

٢٠٤ .فهال جلست يف بيت أبيك أو بيت أمك حىت تأتيك هديتك ١٩٦ .هل تنصرون وترزقون إال بضعفائكم

)ال(حرف الال ١٠٨ ) من قول علي . ( ال آمركم وال أاكم أنتم أبصر

١١٦ ) .من قول سعيد بن املسيب . ( ال أبايع اثنني ما اختلف الليل والنهار

٢٦٥ ) .من قول بن عمر . ( ال أقاتل يف الفتنة وأصلي وراء من غلب من . ( ال أوتى بأحد يفضلين على أيب بكر وعمر إال جلدته حد املفتري

) .قول علي ١٧٣

٢٢ .ال بل عبدا رسوال ١٩١ ) .من قول ابن عمر . ( ال تدفعها إليهم فقد أضاعوا الصالة

٢٨٢ .را يضرب بعضكم رقاب بعض ال ترجعوا بعدي كفا ٨٥ ) . من قول علي . ( ال تريدوين ، إين لكم وزير خري مين لكم أمري

٢٩٣ .ال تزال طائفة من أميت على احلق ظاهرين حىت يأتيهم أمر اهللا ٢٩٣ .ال تزال طائفة من أميت يقاتلون على احلق

١٤٨ . بعصاه ال تقوم الساعة حىت خيرج رجل من قحطان يسوق الناس ٤٩ .ال حىت تأطروهم على احلق أطرا

٣٧ .ال ضرر وال ضرار ١٦٠ ، ١٢٥ . ال ما أقاموا فيكم الصالة

،١٧٦ ، ٢٩٨

٣٣٧

١١٢ .ال نربح حىت نناجز القوم ١٠٨ ) .من قول علي ( . r ال وإمنا أترككم كما ترككم رسول اهللا ٧٠ .ال يبقني باب إال سد إال باب أيب بكر

٢٨ .ال حيل لثالثة يكونون بفالة من األرض إال أمروا أحدهم ٢٢٩ .ال حيل للخليفة من هذا املال إال قصعتان

١٥٨، ١٤٨ . ال يزال هذا األمر يف قريش ما بقي منهم اثنان

٣٠٢ .ال ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه )ي(حرف الياء

١٦٩ ،١٤٢ .يا أبا ذر إنك ضعيف وإا أمانة إذا كانت عليك أمراء إذا : ل وأنا أعلم ؟ قال ضيا أبا عبد الرمحن مىت أ

) .من قول ابن مسعود . ( أطعتهم أدخلوك النار ، وإذا عصيتهم قتلوك ٢١٨

عن اخلري r يا أيها الناس أال تسألوين ؟ فإن الناس كانوا يسألون النيب ) .من قول حذيفة . ( وكنت أسأله عن الشر

٢٩٠

٦٤ .يا أيها الناس إن ربكم واحد من قول ( .ذن ، إن هذا أمركم ليس ألحد فيه حقإ ويا أيها الناس عن مأل

)علي ٨٦

١٣٧ ، ٧٠ .يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اهللا ٣٨ .يا عبادي إين حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم حمرما

٢٠١، ١٤٥ .يا عبد الرمحن بن مسره ال تسأل اإلمارة يا رسول اهللا أرأيت هذا اخلري الذي أعطانا اهللا أيكون بعده شر كما كان

.السيف : ما العصمة ؟ قال: نعم ، قلت : قبله ؟ قال ٢٨٦

يا رسول اهللا إن القوم من أصحاب الصدقة يعتدون علينا أفنكتم من .ال : أموالنا بقدر ما يعتدون علينا ؟ قال

١٩٢

عن زينب . ( هو صغري فمسح رأسه ودعا له r فقاليا رسول اهللا بايعه ) .بنت جحش

١١٣

يا معشر قريش إنكم أهل هذا األمر ما مل تعصوا اهللا فإذا عصيتموه بعث .عليكم من يلحاكم

١٥٧

١٣٤ .يا معشر النساء تصدقن

٣٣٨

١٩٦ .حيبس ألهله قوت سنتهم وجيعل ما بقي يف الكراع ٢١٠ )من قول علي. (ا أنزل اهللا وأن يؤدي األمانة حيق على اإلمام أن حيكم مب

\ ٢٤ . عشر خليفة كلهم من قريش اثنايكون

٢٧٦ ، ٢١٧ .ي وال يستنون بسنيت ييكون بعدي أئمة ال يهتدون د ١١٨ .يكون دعاة على أبواب جهنم من أجام إليها قذفوه فيها

٢٧٨ .يوشك أن يكون خري مال املسلم غنم أي اإلسالم ، زلة عامل وجدال منافق بالكتاب ، وحكم األئمة يهدمه

) .من قول عمر . ( املضلني ٢٨٨

* * * * *

٣٣٩

:ثالثا فهرست األعالم املترجم هلم

٣٠٢ .أبو إسحاق األسفراييين .. إبراهيم بن حممد ٢٤٣ .ابن خويز منداد

٢٤٣ .ابن عطية املالكي ٢٦ .أبو بكر عبد الرمحن األصم

٣٤ .أبو جعفر حممد بن عوف احلمصي ٢٧٧ .جندب بن عبد اهللا

١٣٥ ) .اخلارجي ( شبيب بن يزيد الشيباين ٢٧٧ صفوان بن حمرز

٢٢٠ .عبد الرمحن بن القاسم بن خالد ٣٦ .عمرو بن حبر اجلاحظ

١٧ .حممد جنيب املطيعي ٤٨٨ .حممد بن جماهد

٦٥ .مصطفى كمال أتاتورك ٣٩ .هشام بن عمرو الفوطي

:ملحوظة .اقتصرت على ذكر الصفحة اليت وردت فيها الترمجة فقط

٣٤٠

: رابعا قائمة املراجع واملصادر

٣٤١

:رابعا

قائمة املراجع واملصادر . القرآن الكرمي -١ هـ ١٣٩٧أوىل : ط . حممود فوقيه حسني. حتقيق د ) هـ ٣٢٤: ت ( اإلبانة عن أصول الديانة أليب احلسن األشعري -٢ . القاهرة -دار األنصار : ن . .دار الفكر العريب : ن . هـ ١٣٧٣ط . حياته وعصره وآراؤه الفقهية ، حملمد أيب زهرة - ابن حزم -٣: ن . ون بد: ط . حملمد بن حممد احلسيين الزبيدي الشهري مبرتضى . إحتاف السادة املتقني بشرح أسرار إحياء علوم الدين -٤

. لبنان -دار إحياء التراث العريب ، بريوت دار : ن . هـ ١٣٩٢. ثالثة : ط . هـ ١٤٠٣: حممد حممد حسني ت . د . االجتاهات الوطنية يف األدب املعاصر -٥

.النهضة املصرية . الثانية : ط . بحي الصاحل ص. د : حتقيق ) هـ٧٥١ -٦٩١( أحكام أهل الذمة أليب عبد اهللا حممد بن أيب بكر ابن القيم -٦

. لبنان -بريوت . دار العلم للماليني : ن . هـ ١٤٠١دار احلرية : ن . م ١٩٧٧: خالد رشيد اجلميلي رسالة دكتوراه من جامعة القاهرة ط . أحكام البغاة واحملاربني د -٧

. وقد ساعدت جامعة بغداد على نشره . للطباعة والنشر شركة : ن . هـ ١٣٩٣الثالثة : ط . هـ ٤٥٠: ة والواليات الدينية لعلي بن حممد املاوردي ت األحكام السلطاني-٨

. القاهرة -مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب : ط . حممد حامد الفقي : حتقيق . هـ ٤٥٨: األحكام السلطانية للقاضي أيب يعلي حممد بن احلسني الفراء احلنبلي ت -٩

. مصر -القاهرة . شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب : ن . هـ ١٣٨٦ثانية

٣٤٢

. علي حممد البجاوي : حتقيق ) هـ٥٤٣ - ٤٦٨( أليب بكر حممد بن عبد اهللا املعروف بابن العريب - أحكام القرآن -١٠ .مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه : ن . ١٣٩٢ثالثة : ط طبع . هـ ١٣٣٥األوىل : ط ) هـ٣٧٠ - ٣٠٥(أيب بكر الرازي املعروف باجلصاص أحكام القرآن ألمحد بن علي -١١

. لبنان -دار الكتاب العريب بريوت : ن . مبطبعة األوقاف اإلسالمية يف دار اخلالفة العلية . القاهرة -ن دار املصحف . الثانية : ط . حممد الصادق قمحاوي : نسخة أخرى بتحقيق -دار املعرفة للطباعة والنشر : ن . بدون : ط ) هـ٥٠٥: ت (دين أليب حامد حممد بن حممد الغزايل إحياء علوم ال-١٢

. لبنان -بريوت .دار العلم للجميع . ن . م ١٩٧٢: ط ) هـ٨٨٤: ت ( اآلداب الشرعية إلبراهيم بن حممد بن مفلح احلنبلي -١٣عبد الرمحن : حتقيق وتعليق ) هـ٣٢٧ - ٢٤٠( أيب حامت الرازي آداب الشافعي ومناقبه أليب حممد عبد الرمحن ابن-١٤

. هـ ١٣٧٣: ط . عبد اخلالق .ثالثة : ط ) هـ٤٥٠: ت ( أدب الدنيا والدين أليب احلسن علي بن حممد بن حبيب املاوردي -١٥حممد يوسف موسى وعلى : ق حتقي) هـ٤١٩: ت ( اإلرشاد إىل قواطع األدلة يف أصول االعتقاد أليب املعايل اجلويين -١٦

.مكتبة اخلاجني مبصر : ن . هـ ١٣٦٩: ط . عبد املنعم عبد احلميد إرشاد الساري شرح صحيح البخاري لشهاب الدين أمحد بن حممد بن اخلطيب القسطالين وامشه منت صحيح مسلم -١٧

.مصر . لكربى األمريية ببوالق باملطبعة ا. هـ ١٣٢٣سنة . سابعة : ط ) هـ٩٢٣ - ٨٥١(وشرح النووي عليه املكتب : ن . هـ ١٣٩٩أوىل . إرواء الغليل ختريج أحاديث منار السبيل للشيخ حممد ناصر الدين األلباين ط -١٨

. اإلسالمي

االستيعاب يف معرفة األصحاب أليب عمر يوسف بن عبد اهللا بن حممد بن عبد الرب على هامش كتاب اإلصابة البن -١٩ .مكتبة الكليات األزهرية القاهرة . ن . هـ ١٣٩٠أوىل : ط. حجر . مصر -القاهرة . مكتبة النهضة املصرية . ن . م ١٩٧٩سادسة : ط . أمحد شليب . اإلسالم د -٢٠ .املكتبة العلمية باملدينة املنورة . ن . م ١٩٦٦: ط . اإلسالم بني العلماء واحلكام لعبد العزيز البدري -٢١ .دار الشروق : ن . هـ ١٣٩٥ثامنة : ط . سالم عقيدة وشريعة حملمود شلتوت اإل-٢٢ .بريوت . دار مكتبة احلياة : ن . حممود حقي : تعليق د . م ١٩٧٨: ط . اإلسالم وأصول احلكم لعلي عبد الرازق -٢٣ .بريوت . رسالة مؤسسة ال: بدون ن : ط . اإلسالم وأوضاعنا السياسية لألستاذ عبد القادر عودة -٢٤ هـ ١٣٩٣أوىل : ط . ضياء الدين الريس . اإلسالم واخلالفة يف العصر احلديث نقد كتاب اإلسالم وأصول احلكم د -٢٥ . لبنان -منشورات العصر احلديث بريوت : ن . . لبنان - بريوت. دار بريوت للطباعة والنشر . م ١٩٦٩: ط . علي حسين اخلربوطلي . اإلسالم واخلالفة د -٢٦ .دار املؤسسة العربية للدراسات والنشر : ن . م ١٩٧٩: ط . اإلسالم وفلسفة احلكم د حممد عمارة -٢٧

٣٤٣

حممد : حتقيق ) . هـ٨٥٢ - ٧٧٣( اإلصابة يف متييز الصحابة للحافظ أمحد بن علي العسقالين املعروف بابن حجر -٢٨ .يات األزهرية وامشه االستيعاب البن عبد الرب مكتبة الكل: ن . هـ ١٣٩٠األوىل : ط . الزيين . مكتبة املنار اإلسالمية : ن . هـ ١٣٩٦ثالثة : ط . أصول الدعوة لعبد الكرمي زيدان -٢٩

دار : ن . هـ ١٤٠٠ثانية : ط ) هـ٤٢٩: ت ( أصول الدين أليب منصور عبد القادر بن طاهر التميمي البغدادي -٣٠ . لبنان -الكتب العلمية بريوت

دار الكتب اإلسالمية : ن . ثالثة : ط ) هـ٣٢٨: ت ( أصول الكايف أليب جعفر حممد بن يعقوب بن إسحاق الكليين -٣١ .طهران . طبع على نفقة حممد بن -حملمد األمني بن حممد املختار اجلكين الشنقيطي . أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن -٣٢

.حلب . مكتبة التراث اإلسالمي : ن . هـ ١٤٠٠الثانية : ط . عوض بن الدن رمحه اهللا. املكتبة التجارية الكربى . هـ ١٣٢٣: ط ) هـ٧٩٠: ت ( االعتصام أليب إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطيب -٣٣

.مصر ١٣٩٨: ط ) . هـ٦٠٦ - ٥٤٤(لفخر الدين حممد بن عمر اخلطيب الرازي . اعتقادات فرق املسلمني واملشركني -٣٤

.مكتبة الكليات األزهرية : ن . هـ . لبنان -دار العلم للماليني بريوت : ن . م ١٩٧٩الرابعة : ط . اإلعالم قاموس التراجم ، خلري الدين الزركلي -٣٥راجعه ) هـ٧٥١: ت (إعالم املوقعني عن رب العاملني لشمس الدين أيب عبد اهللا حممد بن أيب بكر املعروف بابن القيم -٣٦

. لبنان -دار اجليل للنشر والتوزيع بريوت : ن . م ١٩٧٣: ط . طه عبد الرؤوف سعد : وعلق عليه : ن . هـ ١٣٩٣: ط . حممد مصطفى أبو العال : حتقيق ) هـ٥٠٥: ت ( االقتصاد يف االعتقاد أليب حامد الغزايل -٣٧

.مكتبة اجلندي بالقاهرة الس : ن . هـ ١٣٨٨: ط ) هـ١٣٥٢: ت (يات الدين حملمد نور شاه الكشمريي إكفار امللحدين يف ضرور-٣٨

. باكستان -العلمي بكراتشي

ثانية : ط . ونسخة ثانية . مكتبة الكليات األزهرية : ن . هـ ١٣٨١أوىل : ط . حملمد بن إدريس الشافعي . األم -٣٩ .دار املعرفة : ن . هـ ١٣٩٣ .بريوت . املكتب العاملي : ن . ثانية : ط . ني آلياسني اإلمامة حملمد حس-٤٠ .مصر . دار املعارف : ن . بدون : ط . أمحد حممود صبحي . د . اإلمامة لدى الشيعة اإلثىن عشرية -٤١ .مكتبة اهلالل . م ١٩٨١: ط . مصطفى غالب . د . اإلمامة وقائم القيامة -٤٢. مكتبة الكليات األزهرية . ن . حممد خليل هراس : حتقيق ) هـ٢٢٤: ت (الم أليب عبيد القاسم بن س. األموال -٤٣

.القاهرة . دار الفكر

٣٤٤

: ت (أليب عمر يوسف بن عبد اهللا بن عبد الرب . االنتقاء يف فضائل الثالثة أئمة الفقهاء مالك والشافعي وأيب حنيفة -٤٤ ) . هـ٤٦٣حممد : حتقيق ) هـ٤٠٣: ت ( اجلهل به للقاضي أيب بكر بن الطيب الباقالين اإلنصاف فيما جيب اعتقاده وال جيوز-٤٥

.مؤسسة اخلاجني للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة : ن . هـ ١٣٨٢ثانية : ط . زاهد الكوثري ه صححه وحقق) هـ٨٨٥ - ٨١٧( اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف على مذهب اإلمام املبجل أمحد بن حنبل -٤٦ .بدون : ن . هـ ١٣٧٤األوىل : ط . حممد حامد الفقي : . د : حتقيق ) هـ٧١٠: ت ( اإليضاح والتباين يف معرفة املكيال وامليزان أليب العباس جنم الدين بن الرفعة األنصاري -٤٧

.مركز البحث العلمي جبامعة أم القرى : ن . هـ ١٤٠٠: ط . حممد أمحد امساعيل اخلاروف . املكتب اإلسالمي . هـ ١٣٩٩الثالثة : ط ) هـ٧٢٨ - ٦٦١(ميان لشيخ اإلسالم ابن تيمية اإل-٤٨

٣٤٥

)ب(حرف الباء ) . هـ٦٦٥ - ٥٩٩( الباعث على إنكار البدع واحلوادث أليب حممد عبد الرمحن بن إمساعيل املعروف بأيب شامة -٤٩

.اهلدى للنشر والتوزيع دار : ن . هـ ١٣٩٨أوىل : ط . عثمان أمحد عنرب : حتقيق حممد : البجريمي علي اخلطيب للشيخ سليمان البجريمي املسماه حتفة احلبيب على شرح اخلطيب ، واخلطيب هو -٥٠

.مصطفى البايب احلليب مصر : ن . هـ ١٣٧٠أخرية : ط . الشربيين اخلطيب : ن . د علي سامي النشار : حتقيق وتعليق ) هـ ٨٩٦: ت ( بدائع السلك يف طبائع امللك أليب عبد اهللا بن األزرق -٥١

.عالم اجلمهورية العراقية وزارة اإل لبنان -مكتبة املعارف بريوت : ن . م ١٩٧٩ثالثة : ط ) هـ٧٧٤:ت ( البداية والنهاية للحافظ عماد الدين ابن كثري -٥٢

. )ت(حرف التاء

. لبنان -بريوت . دار مكتبة احلياة : ن . بدون : ط . تاج العروس من جواهر القاموس حملمد مرتضى الزبيدي -٥٣. هـ ١٣٩٩الثانية : ط . أمحد عبد الغفور عطار : حتقيق . إلمساعيل بن محاد اجلوهري . تاج اللغة وصحاح العربية -٥٤ .بريوت . دار العلم للماليني : ن حسام : حتقيق ) هـ٧٤٨: ت (د بن عثمان الذهيب تاريخ اإلسالم وطبقات املشاهري واإلعالم للحافظ حممد بن أمح-٥٥

. مطبعة القدس : ن . الدين القدسي

.م ١٩٧٠بغداد : ط . لعبد اهللا فياض . تاريخ األمامية وأسالفهم من الشيعة -٥٦. لعريب دار الكتاب ا: ن ) ٤٦٣: ت (للحافظ أيب بكر أمحد بن علي اخلطيب البغدادي . تاريخ بغداد أو مدينة السالم -٥٧

. لبنان -بريوت . حممد حمىي الدين عبد احلميد : حتقيق ) هـ٩١١: ت ( تاريخ اخللفاء جلالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي -٥٨ .املكتبة التجارية الكربى مبصر : ن . هـ ١٣٧١أوىل : ط حممد : حتقيق ) هـ٣١٠ - ٢٢٤(ير الطربي أليب جعفر حممد بن جر) تاريخ الرسل وامللوك ( تاريخ الطربي املسمى -٥٩

.القاهرة . دار املعارف : ن . الرابعة : ط . أبو الفضل إبراهيم .دار الفكر العريب : ن . بدون : ط . تاريخ املذاهب اإلسالمية اجلزء األول يف السياسة والعقائد حملمد أيب زهرة -٦٠

حممد مصطفى : حتقيق ) هـ٥٠٥: ت (حممد بن حممد بن حممد الغزايل الترب املسبوك يف نصيحة امللوك أليب حامد -٦١ .القاهرة . مكتبة اجلندي : ن . شركة الطباعة الفنية املتحدة : ط . أبو العال .توزيع مكتبة املعارف بالرياض . بدون : ط . ليحي بن شرف الدين النووي . التبيان يف آداب محلة القرآن -٦٢مطابع الثقافة مبكة : ن . هـ ١٣٨٠: ط ) هـ١٣٨٩: ت ( للشيخ حممد بن إبراهيم آل الشيخ حتكيم القوانني-٦٣

.املكرمة

٣٤٦

) هـ١٣٥٣ - ١٢٨٣( حتفة األحوذي شرح جامع الترمذي أليب العلى حممد عبد الرمحن بن عبد الرحيم املباركفوري -٦٤ . لبنان -بريوت . ار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع د: ن . هـ ١٣٩٩ثالثة : ط . عبد الرمحن حممد عثمان : مراجعة الثانية : ط ) هـ٩١١ - ٨٤٩(جلالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي . تدريب الراوي شرح تقريب النووي -٦٥

. املكتبة السلفية : ن . هـ ١٣٨٥

منشأة املعارف : هـ ١٣٩٧: ط . اد حممد حممد عبد اجلو. د . التطور التشريعي يف اململكة العربية السعودية -٦٦ .اإلسكندرية

.الثالثة : ط . تفسري القرآن احلكيم الشهري بتفسري املنار حملمد رشيد رضا -٦٧. حممد أمحد عاشور . حممد إبراهيم البنا . د : حتقيق ) هـ٧٧٤ - ٧٠٠( تفسري القرآن العظيم لعماد الدين ابن كثري -٦٨

.دار الفكر العريب : ن : .... ط . عبد العزيز غنيم دار : ن . هـ ١٣٦٨ثانية : ط ) هـ٥٩٧: ت (جلمال الدين أيب الفرج عبد الرمحن بن اجلوزي . تلبس إبليس -٦٩

. لبنان -بريوت . الكتب العلمية حممد بن حجر تلخيص احلبري يف ختريج أحاديث الرافعي الكبري للحافظ أيب الفضل شهاب الدين أمحد بن علي بن -٧٠

.مكتبة الكليات األزهرية : ن . هـ ١٣٩٩: ط . شعبان حممد إمساعيل : حتقيق وتعليق ) هـ٨٥٢: ت (العسقالين ) هـ٩٦٣ - ٩٠٧(أليب احلسن علي بن حممد بن عراق الكناين . ترتيه الشريعة املرفوعة عن األخبار الشنيعة املوضوعة -٧١

لبنان -بريوت . دار الكتب العلمية : ن . هـ ١٣٩٩أوىل : ط . عبد اهللا حممد الصديق عبد الوهاب عبد اللطيف و: حتقيق . باكستان -الهور . هـ ١٤٠١أوىل : ط . لعبد الرمحن بن حيىي املعلمي . التنكيل مبا يف تأنيب الكوثري من األباطيل -٧٢

. أوىل : ط ) هـ٨٥٢: ت ( حجر العسقالين ذيب التهذيب للحافظ شهاب الدين أيب الفضل أمحد بن علي بن-٧٣

. اهلند - الدكن -مطبعة دار املعارف النظامية يف حيدر أباد . هـ ١٣٢٥

٣٤٧

)ج(حرف اجليم ٦٠٦: ت . ( جامع األصول يف أحاديث الرسول لإلمام جمد الدين أيب السعادات املبارك بن حممد بن األثري اجلزري -٧٤ .مكتبة احللواين ومطبعة املالح ومكتبة دار البيان : ن . اؤوط حتقيق عبد القادر األرن) هـ: ط ) هـ٣١٠ - ٢٢٤(أليب جعفر حممد بن جرير الطربي ) تفسري الطربي ( جامع البيان عن تأويل آي القرآن -٧٥

ط . مود شاكر نسخة أخرى حتقيق أمحد شاكر وحم. القاهرة . مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب : ن . هـ ١٣٨٨الثالثة .دار املعارف مبصر : ن . ثانية : ) هـ٤٦٣: ت (أليب عمر يوسف بن عبد الرب النمري القرطيب . جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي يف روايته ومحله -٧٦ .دار الباز للنشر والتوزيع مبكة : ن . هـ ١٣٩٨: ط تأليف زين الدين أيب الفرج عبد الرمحن بن شهاب . الكلم جامع العلوم واحلكم يف شرح مخسني حديثا من جوامع-٧٧

-بريوت . دار املعرفة للطباعة والنشر : ن . بدون : ط ) من علماء القرن الثامن اهلجري ( الدين بن أمحد بن رجب احلنبلي .لبنان دار الكتاب العريب : ن . هـ ١٣٨٧ ثالثة: ط . اجلامع ألحكام القرآن أليب عبد اهللا حممد بن أمحد األنصاري القرطيب -٧٨

.القاهرة . للطباعة والنشر حتقيق عبد السالم ) هـ٤٥٦ - ٣٨٤( مجهرة أنساب العرب أليب حممد علي بن أمحد بن سعيد بن حزم األندلسي -٧٩

. دار املعارف مبصر : ن . الرابعة : ط . هارون

* * * * *

)ح(حرف احلاء

والشرح الكبري أليب . احلاشية للعالمة مشس الدين حممد بن عرفة الدسوقي . شرح الكبري حاشية الدسوقي على ال-٨٠ .دار الفكر : ن . املكتبة التجارية الكربى : ط . الربكات سيدي أمحد الدردير

.القاهرة . دار الكتب احلديثة : حتقيق السيد سابق ن . لشاه ويل اهللا الدهلوي . حجة اهللا البالغة -٨١ .دار الشعب : ن . م ١٩٧٦أوىل : ط . صالح عزام : حتقيق . احلسبة لشيخ اإلسالم ابن تيمية -٨٢ .دار الكتاب اإلسالمي : ن ) هـ١٢٤٣ - ١١١٨(لعبد اهللا شرب . حق اليقني يف معرفة أصول الدين -٨٣مطبعة : ن . هـ ١٣٩٤: ط ) هـ٤٣٠: ت ( حلية األولياء وطبقات األصفياء أليب نعيم أمحد بن عبد اهللا األصبهاين -٨٤

.القاهرة . السعادة

٣٤٨

) خ(حرف اخلاء املطبعة السلفية . هـ ١٣٩٢الرابعة : ط ) هـ١٨٢ - ١١٣( للقاضي أيب يوسف يعقوب بن إبراهيم - اخلراج -٨٥

.القاهرة . ومكتبتها دار التحرير للطبع : ن . هـ ١٢٧٠بوالق : ط . لتقي الدين أمحد بن علي بن عبد القادر املعروف باملقريزي . اخلطط -٨٦

.القاهرة . والنشر : ن . التاسعة : ط . اخلطوط العريضة لألسس اليت قام عليها دين الشيعة اإلمامية اإلثىن عشرية حملب الدين اخلطيب -٨٧

.القاهرة . املطبعة السلفية ومكتبتها عثمان . إشراف د . للطالب غالب بن علي عواجي ) سالم منها االعتقادية وموقف اإلمتارخيهم وآراؤه( اخلوارج -٨٨

. هـ ١٣٩٩/ ٩٨جامعة امللك عبد العزيز مبكة عام . لنيل املاجستري يف العقيدة . عبد املنعم عيش

.هـ ١٣٤١مطبعة املنار سنة . اخلالفة أو اإلمامة العظمى حملمد رشيد رضا -٨٩ .الكويت . دار العلم : ن . هـ ١٣٩٨أوىل : ط . تعريب أمحد إدريس . ودي واخلالفة وامللك أليب األعلى املود-٩٠ .مطبعة اهلالل .هـ ١٣٤٢: تعريب عبد الغين سين ط . اخلالفة وسلطة األمة جلماعة من األتراك -٩١ .مؤسسة الثقافة اجلامعية : ن . بدون : ط . صالح الدين دبوس . د . اخلليفة توليته وعزله -٩٢

) د(ل حرف الدا . هـ ١٣٨٥ثانية : ط . مجع عبد الرمحن بن قاسم العصامي القحطاين . الدرر السنية يف األجوبة النجدية -٩٣: ن . بدون : ط ) هـ٩١١ - ٨٤٩(جالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي . الدر املنثور يف التفسري باملأثور -٩٤

. لبنان -بريوت . حممد أمني دمج .دار ثابت القاهرة : ن . هـ ١٤٠١أوىل : ط . لة يف اإلسالم خلالد حممد خالد الدو-٩٥ .مصر . دار املعارف : ن . رابعة : ط . الدميقراطية يف اإلسالم لعباس حممود العقاد -٩٦ .دار الكتب العلمية : ن . ديوان األفوه أألودي ضمن جمموعة الطرائف األدبية للميمين -٩٧. جلنة التأليف والترمجة والنشر : ن . شرح وتعليق حممد الطاهر بن عاشور . هـ ١٣٧٦: ط . ر بن برد ديوان بشا-٩٨

. القاهرة

)ر(حرف الراء

.دار الكتاب اجلامعي : ن . مصر . مطبعة السعادة : ط . حممد رأفت عثمان . رئاسة الدولة يف الفقه اإلسالمي د -٩٩ .مكتبة دار التراث : ن . هـ ١٣٩٩ثانية : إدريس الشافعي حتقيق أمحد شاكر ط الرسالة لإلمام حممد بن -١٠٠

٣٤٩

للحافظ عبد الرمحن بن شهاب الدين بن أمحد بن . إخل ».. ما ذئبان جائعان أرسال يف غنم « رسالة شرح حديث -١٠١بإدارة الطباعة . هـ ١٣٤٦: ط . وىل ضمن جمموعة الرسائل املنريية الد الثاين الرسالة األ) هـ٧٩٥: ت (رجب احلنبلي

.املنريية رسالة يف العقل والروح لشيخ اإلسالم ابن تيمية ضمن جمموعة الرسائل املنريية الرسالة الثانية من اجلزء الثاين من الد -١٠٢

. لبنان -بريوت . حممد أمني دمج : ن . إدارة الطباعة املنريية . هـ ١٣٤٣: ط . األول : ط ) هـ٨٤٠ - ٧٧٥(أليب عبد اهللا السيد حممد بن إبراهيم الوزير . ض الباسم يف الذب عن سنة أيب القاسم الرو-١٠٣ .القاهرة . املطبعة السلفية ومكتبتها : ن . هـ ١٣٨٥ .املكتب اإلسالمي : ن ) هـ٦٧٦ - ٦٣١( روضة الطالبني ليحىي بن شرف الدين النووي -١٠٤: ط ) هـ٦٢٠ - ٥٤١(ملوفق الدين عبد اهللا بن أمحد بن قدامة املقدسي . ظر يف أصول الفقه روضة الناظر وجنة املنا-١٠٥

.القاهرة . املطبعة السلفية ومكتبتها : ن . هـ ١٣٩٧الرابعة مع التتمة للسيد العباس بن ) هـ١٢٢١ - ١١٨٠( الروض النضري للقاضي شرف الدين احلسني بن أمحد السياغي -١٠٦

. مكتبة املؤيد بالطائف : ن . هـ ١٣٨٨الثانية : ط. أمحد احلسين

)ز( الزاء فحر

) هـ٧٥١ - ٦٩١( لشمس الدين أيب عبد اهللا حممد بن أيب بكر املعروف بابن القيم - زاد املعاد يف هدى حري العباد -١٠٧ .القاهرة . يب شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلل. هـ ١٣٩٠: ط . طه عبد الرؤوف طه : راجعه وقدم له

)س(حرف السني .دار الفكر : ن ) هـ١١٨٢ - ١٠٥٩( سبل السالم شرح بلوغ املرام حملمد بن إمساعيل األمري اليمين الصنعاين -١٠٨: ن . هـ ١٣١٩أوىل : ط ) هـ٥٢٠: ت (أليب بكر حممد بن حممد بن الوليد الفهري الطرطرشي . سراج امللوك -١٠٩

.القاهرة . دار األنصار ن . هـ ١٣٩٩الثانية : سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها لألستاذ حممد ناصر الدين األلباين ط -١١٠

. املكتب اإلسالمي : الرابعة : ط . سلسلة األحاديث الضعيفة واملوضوعة وأثرها السيئ يف األمة لألستاذ حممد ناصر الدين األلباين -١١١ . اإلسالمي املكتب: ن . هـ ١٣٩٨املطبوع على منت عون املعبود بشرح أيب داود ) هـ٢٧٥ - ٢٠٢( سنن أيب داود لسليمان بن األشعث بن إسحاق -١١٢

.املكتبة السلفية : ن . هـ ١٣٩٩الثالثة : ط . أليب الطيب حممد مشس احلق العظيم أبادي : حقق نصوصه ورقمه ) هـ٢٧٥ - ٢٠٧(ابن ماجة سنن ابن ماجة للحافظ أيب عبد اهللا حممد بن يزيد القزويين -١١٣

.دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع : ن . بدون : حممد فؤاد عبد الباقي ط

٣٥٠

: حتقيق وشرح ) هـ٢٧٩ - ٢٠٩(أليب عيسى حممد بن عيسى بن سوره ) اجلامع الصحيح ( سنن الترمذي املسمى -١١٤ . القاهرة . شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب : ن . هـ ١٣٩٨الثانية : ط . أمحد حممد شاكر وغريه

دار إحياء السنن : ن ) هـ٢٢٥: ت ( سنن الدارمي أليب حممد عبد اهللا بن عبد الرمحن بن الفضل بن رام الدارمي -١١٥ .النبوية جلوهر النفيس لعالء الدين بن ويف ذيله ا) هـ٤٥٨: ت ( السنن الكربى أليب بكر أمحد بن احلسني بن علي البيهقي -١١٦

. لبنان -بريوت . دار الفكر : ن . بدون : ط ) هـ٧٤٥: ت (علي بن عثمان املارديين الشهري بابن التركماين ومعه ظالل اجلنة يف ختريج السنة ) هـ٢٨٧: ت (أليب بكر عمر بن أيب عاصم الضحاك من خملد الشيباين . السنة -١١٧

.املكتب اإلسالمي : ن . هـ ١٤٠٠األوىل : ط . األلباين لألستاذ حممد ناصر الدين .بريوت . دار الكتاب العريب : ن . م ١٩٦٩رابعة : ط . السياسة الشرعية لشيخ اإلسالم ابن تيمية -١١٨: ط . ف السياسة الشرعية أو نظام الدولة اإلسالمية يف الشؤون الدستورية واخلارجية واملالية للشيخ عبد الوهاب خال-١١٩ .القاهرة . دار األنصار : ن . هـ ١٣٧٠: ط . شعيب األرناؤوط : حتقيق ) هـ٧٤٨: ت ( سري أعالم النبالء لشمس الدين حممد بن أمحد بن عثمان الذهيب -١٢٠ .مؤسسة الرسالة : ن . هـ ١٤٠٢ثانية

إبراهيم األبياري وعبد احلفيظ . السقا مصطفى: حتقيق . سرية ابن هشام أليب حممد عبد امللك بن هشام املعافري -١٢١ . مصر . مكتبة ومطبعة مصطفي البايب احلليب : ن . هـ ١٣٧٥الثانية : ط . شليب

)ش(حرف الشني

دار : ن . بدون : ط ) هـ١٠٨٩: ت ( شذرات الذهب يف أخيار من ذهب أليب الفالح عبد احلي بن العماد احلنبلي -١٢٢ . لبنان -ت بريو. اآلفاق اجلديدة

الثالثة : ط . حتقيق عبد الرمحن حممد عثمان . شرح ابن القيم لسنن أيب داود املطبوع على هامش عون املعبود -١٢٣ .املكتبة السلفية : ن . هـ ١٣٩٩: حتقيق . أليب القاسم هبة اهللا بن احلسني بن منصور الطربي الاللكائي . شرح أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعة -١٢٤

طبع . هـ ٤٠١عثمان عبد املنعم عيش عام . إشراف د . رسالة دكتوراه من جامعة أم القرى . أمحد بن سعد محدان .استانسل دكتور عبد : أمحد بن احلسني بن أيب هاشم حتقيق : تعليق : شرح األصول اخلمسة للقاضي عبد اجلبار بن أمحد -١٢٥

.القاهرة . تبة وهبة مك: ن . هـ ١٣٨٤أوىل : ط . الكرمي عثمان .املكتب اإلسالمي : ن . أوىل : ط . زهري الشاويش : حتقيق . شرح ثالثيات املسند للشيخ حممد السفاريين احلنبلي -١٢٦

٣٥١

. دار صادر : بدون ن : ط . وامشه حاشية الشيخ علي العدوي . شرح اخلرشي على خمتصر خليل حملمد اخلرشي -١٢٧ . لبنان -بريوت .املكتب اإلسالمي : ثالثة ، ن : ط . حممد ناصر الدين األلباين : شرح العقيدة الطحاوية البن أيب اعز احلنفي ختريج -١٢٨ط ) هـ٧٩٢: ت (والشارح سعد الدين سعود بن عمر . شرح السعد على العقائد النسفية لنجم الدين عمر النسفي -١٢٩

.شركة الصحافة العثمانية : ن . هـ ١٣٢٦: . هـ ١٣٩٤أوىل : ط . األرناؤوطحتقيق وختريج شعيب . شرح السنة أليب حممد احلسني بن مسعود الفراء البغوي -١٣٠

. املكتب اإلسالمي : ن

) من علماء القرن اخلامس اهلجري ( إمالء حممد بن أمحد السرخسي . شرح السري الكبري حملمد بن احلسني الشيباين -١٣١. مطبعة شركة اإلعالنات الشرقية بالتعاقد مع معهد املخطوطات العربية : ن . م ١٩٧١: ط . املنجد صالح الدين : حتقيق

.القاهرة .هـ ١٣٩٨احلليب : ط . هـ نسخة ثانية ١٣١٥بوالق سنة : ط . للكمال بن اهلمام . شرح فتح القدير -١٣٢: ت (ن علي الفتوحي احلنبلي املعروف بابن النجار تأليف حممد بن أمحد بن عبد العزيز ب. شرح الكوكب املنري -١٣٣من منشوارت مركز البحث العلمي واحياء . هـ ١٤٠٠أوىل : ط . نزيه محاد . حممد الزحيلي ، ود . حتقيق د ) هـ٩٧٢

.التراث اإلسالمي جبامعة أم القرى . الفكر دار. بدون : ط ) هـ٩٧٢: ت ( شرح منتهى اإلرادات البن النجار احلنبلي -١٣٤. مطبوعات السعادة : ن . هـ ١٣٢٥أوىل : ط ) هـ٨١٦: ت (شرح املواقف للسيد علي بن حممد اجلرجانب -١٣٥ .مصر املطبعة األزهرية : ن . هـ ١٣٢٥أوىل : ط . تأليف حممد بن عبد الباقي الزرقاين . شرح املواهب اللدنية للقسطالين -١٣٦

.املصرية املطبعة املصرية ومكتبتها : ن ) هـ٦٧٦ - ٦٣١(ليحىي بن شرف الدين النووي . مسلم شرح النووي على صحيح-١٣٧

. دار إحياء الكتب : ن . هـ ١٣٧٨أوىل : ط . حممد أبو الفضل إبراهيم : حتقيق . شرح ج البالغة البن أيب احلديد -١٣٨

.مصر . عيسى البايب احلليب وشركاه . العربية صول أهل السنة والديانة البن بطة العبكري رسالة ماجستري يف العقيدة مقدمة من الطالب رضى الشرح واإلبانة عن أ-١٣٩

.معطي نعسان جبامعة أم القرى ن . هـ ١٣٦٩أوىل : ط . حتقيق حممد حامد الفقي ) هـ٣٦٠: ت (أليب بكر حممد بن احلسني اآلجري . الشريعة -١٤٠

. مطبعة السنة احملمدية :

٣٥٢

) هـ٧٥١: ت (أليب عبد اهللا حممد بن أيب بكر بن القيم . ليل يف مسائل القضاء والقدر واحلكمة والتعليل شفاء الع-١٤١ .القاهرة . دار التراث : ن . الثانية : احلساين حسن عبد اهللا ، ط : حترير .ويت الك. مكتبة املنار اإلسالمية : ن . هـ ١٣٩٥: ط . حسن هويدي . د . الشورى يف اإلسالم -١٤٢. الدار السلفية ودار القلم : ن . م ١٩٧٥: ط . عبد الرمحن عبد اخلالق . الشورى يف ظل نظام احلكم اإلسالمي -١٤٣

.الكويت املطبعة السلفية : ن . هـ ١٤٠٠األوىل : ط . عبد احلميد إمساعيل األنصاري . د . الشورى وأثرها يف الدميقراطية -١٤٤

.القاهرة . ومكتبتها )ص(ف الصاد حر

.مصورة عن الطبعة األمريية ) هـ٨٢١: ت ( صبح األعشى يف صياغة اإلنشا أليب العباس أمحد بن علي القلقشندي -١٤٥املطبوع ) هـ٢٥٦ - ١٩٤(أليب عبد اهللا حممد بن إمساعيل البخاري ) اجلامع الصحيح ( صحيح البخاري املسمى -١٤٦

املكتبة : ، ن ..... حممد فؤاد عبد الباقي ط : البن حجر العسقالين ترقيم على منت فتح الباري بشرح صحيح البخاري .السلفية أوىل : ط . حممد ناصر الدين األلباين : حتقيق . صحيح اجلامع الصغري وزياداته للحافظ جالل الدين السيوطي -١٤٧ .القاهرة . دار إحياء الكتب العربية : ن . هـ ١٣٧٤حممد فؤاد : ترقيم وحتقيق ) هـ٢٦١ - ٢٠٦( احلسني مسلم بن احلجاج القشريي النيسابوري أليب. صحيح مسلم -١٤٨

. القاهرة . دار إحياء الكتب العربية : ن . هـ ١٣٧٤أوىل : ط . عبد الباقي

الثانية : ط ) . هـ٩٧٤ - ٨٩٩(ألمحد بن حجر اهليتمي املكي . الصواعق احملرقة يف الرد على أهل البدع والزندقة -١٤٩ .مصر . مكتبة القاهرة : ن . هـ ١٣٨٥

)ض(حرف الضاد هـ ١٣٩٩ثانية : ط . حتقيق وترتيب وختريج الشيخ ناصر الدين األلباين . ضعيف اجلامع الصغري وزياداته للسيوطي -١٥٠

.املكتب اإلسالمي . ن . )ط(حرف الطاء

على وذيله أليب الفرج عبد الرمحن بن شهاب الدين بن رجب طبقات احلنابلة للقاضي أيب احلسني حممد بن أيب ي-١٥١ . لبنان -بريوت . دار املعرفة للطباعة والنشر : ن . بدون : ط ) هـ٧٩٥ - ٦٣٦(احلنبلي ) هـ٧٧١ - ٧٢٧(لتاج الدين أيب نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكايف السبكي . طبقات الشافعية الكربى -١٥٢

.القاهرة . عيسى البايب احلليب : ن . هـ ١٣٨٣أوىل : ط . حممود الطناحي . حممد احللو ود عبد الفتاح: حتقيق دار : ن . هـ ١٣٩٨: ط ) هـ ٢٣٠ - ١٦٨( الطبقات الكربى أليب عبد اهللا حممد بن سعد بن منيع البصري -١٥٣

. لبنان -بريوت . بريوت للطباعة والنشر

٣٥٣

دار الباز للنشر : ن ) هـ٧٥١: ت (الشرعية لشمس الدين حممد بن أيب بكر ابن القيم الطرق احلكمية يف السياسة -١٥٤ .مكة املكرمة . والتوزيع

)ع(حرف العني

. هـ ١٣٧٤: ط . عبد السالم هارون : حتقيق ) هـ٢٥٥ - ١٥٠(أليب عثمان عمرو بن حبر اجلاحظ . العثمانية -١٥٥ .بريوت . دار الكتاب العريب : ن

: ن . هـ ١٣٩٩ثانية : ط ) هـ٣٨٨ - ٣١٧( العزلة أليب سليمان محد بن حممد بن إبراهيم اخلطايب البسيت -١٥٦ .املطبعة السلفية ومكتبتها القاهرة

مؤسسة األعلمي للمطبوعات : ن . هـ ١٣٩٣ثانية : عقائد اإلمامية اإلثىن عشرية ، إلبراهيم املوسوي الزجناين ط - ١٥٧ .لبنان -بريوت .

١٣٧٢ثانية : حممد سعيد العريان ط : حتقيق ) هـ٣٢٨: ت . ( العقد الفريد ألمحد بن حممد بن عبد ربه األندلسي -١٥٨ .املكتبة التجارية الكربى مبصر : ن . هـ زء األول اجل-الد األول . أليب عثمان الصابوين ضمن جمموعة الرسائل املنريية . عقيدة السلف وأصحاب احلديث -١٥٩

. لبنان -بريوت . حممد أمني دمج : ن . إدارة الطباعة املنريية . هـ ١٣٤٣: ط . الرسالة السادسة -. دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع : ن . هـ ١٣٩٨الثانية عشرة : ط . لعبد الوهاب خالف . علم أصول الفقه -١٦٠

.الكويت أوىل : ط . رها يف احلياة اإلسالمية املعاصرة لألستاذ سفر بن عبد الرمحن احلوايل العلمانية نشأا وتطورها وآثا-١٦١ .منشورات مركز البحث العلمي وإحياء التراث اإلسالمي جبامعة أم القرى . هـ ١٤٠٢ بن تأليف القاضي أيب بكر حممد بن عبد اهللا . r العواصم من القواصم يف حتقيق مواقف الصحابة بعد موت النيب -١٦٢

ن . بدون : ط . حممود مهدي استانبويل : راجع أحاديثه . حمب الدين اخلطيب : حتقيق وتعليق ) هـ٥٤٣ - ٤٦٨(العريب . لبنان -بريوت . دار املعرفة :

املكتبة : ن . هـ ١٣٩٩الثالثة : ط . عون املعبود شرح سنن أيب داود أليب الطيب حممد مشس احلق العظيم آبادي -١٦٣ .لفية الس ١٣٨٣(املؤسسة املصرية العامة للتأليف : ن . عيون األخبار البن قتيبة الدينوري نسخة مصورة عن طبعة دار الكتاب -١٦٤ ) .هـ

٣٥٤

)غ(حرف الغني املكتب : ن . هـ ١٤٠٠أوىل : ط . للشيخ حممد ناصر الدين األلباين . غاية املرام يف ختريج أحاديث احلالل واحلرام -١٦٥

.إلسالمي اسليمان : حتقيق ودراسة . الدة اخلامسة ) هـ٢٨٥: ت (أليب إسحاق إبراهيم بن إسحاق احلريب . غريب احلديث -١٦٦

. هـ ١٤٠٢رسالة دكتوراه مقدمة جلامعة أم القرى عام . حممود حممد الطناحي : إشراف الدكتور . إبراهيم العابد عبد الكرمي : حتقيق ) هـ٣٨٨ - ٣١٧( حممد بن إبراهيم اخلطايب البسيت غريب احلديث أليب سليمان محد بن-١٦٧

.جبامعة أم القرى : من منشورات مركز البحث العلمي وإحياء التراث اإلسالمي . هـ ١٤٠٢: ط . إبراهيم العزباوي فؤاد . مصطفى حلمي ، د . د : ق حتقي. أليب املعايل إمام احلرمني عبد امللك اجلويين . غياث األمم يف التياث الظلم -١٦٨

.اإلسكندرية . دار الدعوة : ن . هـ ١٤٠٠أوىل : ط . عبد املنعم * * *

)ف(حرف الفاء

تصحيح ) هـ٨٥٢ - ٧٧٣( فتح الباري بشرح صحيح اإلمام البخاري للحافظ أمحد بن علي بن حجر العسقالين -١٦٩ورقم أبوابه وأحاديثه حممد فؤاد عبد . حمب الدين اخلطيب : على طبعه أشرف-عبد العزيز بن عبد اهللا بن باز : وتعليق .املكتبة السلفية : ن . الباقي كالمها : الفتح الرباين لترتيب مسند اإلمام أمحد بن حنبل الشيباين ومعه كتاب بلوغ األماين من أسرار الفتح الرباين -١٧٠

.دار إحياء التراث العريب : ن . ثانية : ط . ايتتأليف أمحد بن عبد الرمحن البنا الشهري بالساع ١٢٥٠: ت (تأليف حممد بن علي بن حممد الشوكاين . فتح القدير اجلامع بني فين الرواية والدراية من علم التفسري -١٧١ .مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب وأوالده مبصر : ن . هـ ١٣٨٣ثانية : ط ) هـ. حممد حمي الدين عبد احلميد : حتقيق ) هـ٤٢٩: ت (بد القادر بن طاهر بن حممد البغدادي الفرق بني الفرق لع-١٧٢

. لبنان -بريوت . دار املعرفة للطباعة والنشر : ن . بدون : ط علي سامي . د : حتقيق وتعليق ) هـ٤١٥: ت ( فرق وطبقات املعتزلة تأليف القاضي عبد اجلبار بن أمحد اهلمذاين -١٧٤ .دار املطبوعات اجلامعية : ن . م ١٩٧٢: ار واألستاذ عصام الدين حممد علي ط النشمصور عن طبعة . تأليف ميزرا حسن حممد النووي الطربسي . فصل اخلطاب يف إثبات حتريف كتاب رب األرباب -١٧٥

. هـ ١٢٩٨إيران : ط . ن حزم الظاهري وامشه امللل والنحل للشهرستاين الفصل يف امللل واألهواء والنحل أليب حممد علي بن أمحد ب-١٧٦ . بريوت . دار املعرفة للطباعة والنشر : ن . هـ ١٣٩٥ثانية

٣٥٥

. مؤسسة دار الكتب الثقافية : ن . أوىل : ط . عبد الرمحن بدوي : حتقيق . أليب حامد الغزايل . فضائح الباطنية -١٧٧ .الكويت دار : ن . هـ ١٣٩٩: ط . يفة النعمان بن ثابت الكويف مع شرحه للمال علي القاري احلنفي الفقه األكرب أليب حن-١٧٨

. لبنان -بريوت . الكتب العلمية لبنان -بريوت . دار اإلرشاد للطباعة والنشر والتوزيع : ن . هـ ١٣٨٩أوىل : ط . فقه الزكاة ليوسف القرضاوي -١٧٩

. -القاهرة . مكتبة وهبة : ن . هـ ١٣٩٥الثامنة : ط . حممد البهي . د . عمار العريب الفكر اإلسالمي وصلته باالست-١٨٠ .مصر .دار الشروق : ن . هـ ١٣٩٦: ط . يف ظالل القرآن لألستاذ سيد قطب -١٨١

)ق(حرف القاف دار : ن . بدون : ط . ال حتقيق حممد مصطفى أبو الع. د الدين حممد بن يعقوب الفريوز أبادي . القاموس احمليط -١٨٢

. لبنان -اجليل بريوت رسالة دكتوراه يف السياسة الشرعية . حممد عبد القادر أبو فارس . د . القاضي أبو يعلي وكتابه األحكام السلطانية -١٨٣

-عمان . ية وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية واملقدسات يف اململكة األردنية اهلامش: ن . هـ ١٤٠١: ط . من األزهر .األردن .دار الشروق : ن . هـ ١٤٠٠سابعة : ط . حممد قطب / قبسات من الرسول لألستاذ -١٨٤تقدمي وحتقيق ) هـ١٢٥٠: ت (حملمد بن علي الشوكاين ) والية اهللا والطريق إليها ( قطر الويل على حديث الويل أو -١٨٥

. الكتب احلديثة مصر دار: ن . هـ ١٣٧٠: ط . إبراهيم هالل . د : راجعه وقدم له ) هـ٧٩٥ - ٧٣٦( القواعد يف الفقه اإلسالمي للحافظ أيب الفرج عبد الرمحن بن رجب احلنبلي -١٨٦

. مصر -القاهرة . مكتبة الكليات األزهرية : ن . هـ ١٣٩٢أوىل : ط . طه عبد الرؤوف سعد : وعلق عليه

. دار البحوث العلمية : ن . هـ ١٤٠٠أوىل : ط . حممود عبد ايد اخلالدي . د. قواعد نظام احلكم يف اإلسالم -١٨٧ )ك(حرف الكاف

املطبعة السلفية : ن . هـ ١٣٤٤ثانية : كتاب حكم هيئة كبار العلماء يف كتاب اإلسالم وأصول احلكم ط -١٨٨ .ومكتبتها القاهرة

تأليف أيب القاسم جار اهللا حممود بن عمر الزخمشري . جوه التأويل الكشاف عن حقائق الترتيل وعيون األقاويل يف و-١٨٩ط . حتقيق حممد الصادق قمحاوي . وكتاب اإلنصاف البن املنري األسكندري . ومعه حاشية اجلرجاين ) هـ٥٣٨ - ٤٦٧( . مصر -شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب وأوالده : ن . هـ ١٣٩٢أخرية :

٣٥٦

: ن . هـ ١٣٩٤: ط ) هـ١٠٥١ - ١٠٠٠(القناع عن منت اإلقناع ملنصور بن يونس بن إدريس البهويت كشاف -١٩٠ .مطبعة احلكومة مبكة املكرمة

: ت (للشيخ إمساعيل بن حممد العجلوين . كشف اخلفا ومزيل اإللباس عما اشتهر من األحاديث على ألسنة الناس -١٩١ .مكتبة التراث اإلسالمي حبلب ودار التراث بالقاهرة : ن . بدون : ط . ش أمحد القال: أشرف على طبعه ) هـ١١٦٢والشرح للحسني بن يوسف املطهر احللي ) هـ٦٧٢: ت (لنصري الدين الطوسي . كشف املراد شرح جتريد االعتقاد -١٩٢

. لبنان -بريوت . مؤسسة األعلمي للمطبوعات : ن . هـ ١٣٩٩أوىل . ط ) هـ٧٢٦(

) هـ٩٧٥: ت (لعمال يف سنن األقوال واألفعال لعالء الدين علي املتقي بن حسام الدين اهلندي الربهان فوري كرت ا-١٩٣مكتبة : ن . هـ ١٣٨٩أوىل : ط . صححه ووضع فهارسه صفوت السقا . الشيخ حسن رزوق : ضبطه وفسر غريبه

.التراث اإلسالمي حبلب حتقيق وختريج حممد ناصر الدين ) هـ٧٢٨ - ٦٦١(د احلليم بن تيمية احلراين الكلم الطيب لشيخ اإلسالم أمحد بن عب-١٩٤

.املكتب اإلسالمي . ن . هـ ١٣٩٧الثالثة : ط . األلباين )ل(حرف الالم

دار صادر ودار : ن . هـ ١٣٨٨: ط ) . هـ٧١١ - ٦٣٠( لسان العرب جلمال الدين حممد بن مكرم بن منظور -١٩٥ . لبنان -بريوت . بريوت للطباعة والنشر

)م(حرف امليم ثانية : ط . حتقيق عبد الستار أمحد فراج ) هـ٨٢٠ - ٧٥٦( مآثر االنافة يف معامل اخلالفة ألمحد بن علي القلقشندي -١٩٦ . لبنان -بريوت . عامل الكتب : ن . هـ ١٣٨٠ .منشأة املعارف باإلسكندرية : ن . هـ ١٣٧٤ثانية . ط . لعبد احلميد متويل . مبادئ نظام احلكم يف اإلسالم -١٩٧ .مؤسسة الثقافة اجلامعية باإلسكندرية : ن . بدون : ط . يعقوب حممد املليجي . د . مبدأ الشورى يف اإلسالم -١٩٨ -بريوت . دار املعرفة للطباعة والنشر والتوزيع : ن . ثانية : ط . املبسوط لشمس الدين حممد بن أيب سهل الرضى -١٩٩ .لبنان . الكويت -دار األرقم : ن . هـ ١٤٠٠أوىل : ط . اتمع اإلسالمي حملمد أمني املصري -٢٠٠

. القاهرة -دار االعتصام : ن . هـ ١٤٠٠أوىل : ط . حممد الصادق عفيفي . د . اتمع اإلسالمي وأصول احلكم -٢٠١: ن . هـ ١٤٠٢ثانية : ط ) هـ٨٠٧: ت ( بن أيب بكر اهليثمي جممع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين علي-٢٠٢

. لبنان -بريوت . دار الكتاب العريب مع التكملة حملمد ) هـ٦٧٦: ت (أليب زكريا حمي الدين حيىي بن شرف الدين النووي . اموع شرح املهذب -٢٠٣

. مصر -مطبعة اإلمام . زكريا علي يوسف : ن . جنيب املطيعي .املكتبة العلمية بالفجالة . ن . أوىل : ط . خة أخرى نشر مكتبة دار اإلرشاد جبدة التكملة نس-

٣٥٧

. الرياض - هـ ١٣٨٦أوىل : ط . مجع عبد الرمحن بن قاسم وابنه . جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية -٢٠٤ .جلنة التراث العريب : ن . د رضا تعليق حممد رشي. جمموعة الرسائل واملسائل لشيخ اإلسالم ابن تيمية -٢٠٥ . هـ ١٣٨٩ثالثة : ط . حممد محيد اهللا آبادي . د . جمموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي واخلالفة الراشدة -٢٠٦حممد : وقف على طبعه ورقمه ) هـ١٣٣٢ - ١٢٨٣(حملمد مجال الدين القامسي ) تفسري القامسي ( حماسن التأويل -٢٠٧

. لبنان -بريوت . دار الفكر : ن . هـ ١٣٨٩ثانية : ط . باقي فؤاد عبد ال. هـ ١٣٩٠: ط . حسن زيدان طلبة : تصحيح ) هـ٤٥٦: ت ( احمللى أليب حممد علي بن أمحد بن سعيد بن حزم -٢٠٨

.مكتبة اجلمهورية مبصر : ن . اختصره الشيخ حممد بن املوصلي . بن القيم خمتصر الصواعق املرسلة على اجلهمية واملعطلة تأليف حممد بن أيب بكر-٢٠٩

. مكتبة الرياض احلديثة : ن . بدون : ط

إدارة : ط . املدخل إىل مذهب اإلمام أمحد للشيخ عبد القادر بن أمحد بن مصطفى املعروف بابن بدران الدمشقي -٢١٠ .وأعاد طبعه ونشره دار إحياء التراث العريب . الطباعة املنريية

. لبنان -دار صادر بريوت : ن . مبطبعة السعادة مبصر : ط . ملدونة الكربى لإلمام مالك بن أنس ا-٢١١ -دار اآلفاق بريوت : ن . هـ ١٩٧٨أوىل : ط . مراتب اإلمجاع البن حزم وبذيله نقد مراتب اإلمجاع البن تيمية -٢١٢ .لبنان .املكتب اإلسالمي : ن . هـ ١٤٠١أوىل : ط . زهري الشاويش : يق حتق: مسائل اإلمام أمحد برواية ابنه عبد اهللا -٢١٣: ن . هـ ١٣٤٧ثانية : ط . املسامرة للكمال بن أيب شريف يف شرح املسايرة للكمال بن اهلمام يف علم الكالم -٢١٤

. مصر -مطبعة السعادة بريوت . دار الكتاب العريب : ن ) هـ٤٥٥ : ت( املستدرك على الصحيحني للحافظ أيب عبد اهللا احلاكم النيسابوري -٢١٥

. لبنان -ن . وامشه منتخب كرت العمال يف سنن األقوال واألفعال ) هـ٢٤١ - ١٦٤( مسند اإلمام أمحد بن حممد بن حنبل -٢١٦

. لبنان -املكتب اإلسالمي ودار صادر بريوت : صورة منه يف ) خمطوط ( حممد بن هارون بن يزيد اخلالل رواية أيب بكر أمحد بن . املسند من مسائل اإلمام أمحد -٢١٧

:مكتبة اجلامعة اإلسالمية واألصل يف املتحف الربيطاين حتت رقمOrder SCH 4849 Catologue oriental : 2675

) هـ٢٣٥: ت (لعبد اهللا بن حممد بن أيب شيبة . مصنف ابن أيب شيبة املسمى الكتاب املصنف يف األحاديث واآلثار -٢١٨ . اهلند -بومباي . طبع ونشر الدار السلفية

أوىل : ط . حبيب الرمحن األعظمي : حتقيق ) هـ٢١١ - ١٢٦( املصنف أليب بكر عبد الرزاق بن مهام الصنعاين -٢١٩ . الس العلمي بكراتشي : ن . هـ ١٣٩١

٣٥٨

مجاعة : ن . بدون : ط . حافظ بن أمحد حكمي معارج القبول بشرح سلم الوصول إىل علم األصول يف التوحيد للشيخ-٢٢٠ .مصر . إحياء التراث

.الثانية :ط )هـ٢٧٦ -٢١٣( املعارف أليب حممد عبد اهللا بن مسلم بن قتيبة الدنيوري -٢٢١. لشرق دار ا: ط . وديع زيدان حداد . د : حتقيق ) هـ٤٥٨: ت ( املتعمد يف أصول الدين أليب يعلي حممد بن احلسني الفراء -٢٢٢

. لبنان -بريوت . املكتبة الشرقية : ن : ط . ونستك . ي . أ . د . رتبه ونظمه لفيف من املستشرقني ونشره - املعجم املفهرس أللفاظ احلديث النبوي -٢٢٣ .مكتبة بريل يف مدينة ليدن . م ١٩٣٦ لبنان -بريوت . دار إحياء التراث العريب : ن .وضعه حممد فؤاد عبد الباقي . املعجم املفهرس أللفاظ القرآن الكرمي -٢٢٤

. ومعه الشرح الكبري أليب عمر حممد بن أمحد بن قدامة ) هـ٦٢٠: ت ( املغين أليب حممد عبد اهللا بن أمحد بن حممد بن قدامة -٢٢٥

.ف ومكتبة املؤيد بالطائ. املكتبة السلفية باملدينة املنورة : ن . بدون : ط ) هـ٦٨٢: ت (املقدسي من أعيان علماء الشافعيني يف القرن العاشر اهلجري ( مغين احملتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج للشيخ حممد الشربيين اخلطيب -٢٢٦

.املكتبة اإلسالمية لصاحبها احلاج رياض الشيخ : ن . بدون : ط . على منت املنهاج للنووي ) . مصر -القاهرة . بعة مصطفى البايب احلليب وأوالده هـ شركة مكتبة ومط١٣٧٧: ط . نسخة أخرى -

. د : حتقيق ) هـ٤١٥: ت ) (املعتزيل ( للقاضي أيب احلسن عبد اجلبار األسد أبادي . املغين يف أبواب التوحيد والعدل -٢٢٧الدار املصرية : ن . م ١٩٦٦ : ط. طه حسني . د . إشراف . رإبراهيم مدكو. سليمان دنيا ، مراجعة د . ود . عبد احلليم حممود . للتأليف والترمجة

٥٤٤(أليب عبد اهللا حممد بن عمر بن حسني القرشي امللقب بفخر الدين الرازي ) التفسري الكبري ( مفاتيح الغيب املشهور بـ -٢٢٨ \. مؤسسة املطبعة اإلسالمية بالقاهرة : ن . بدون : ط ) هـ٦٠٦ - . دار الكتب العلمية طهران : ن . ثانية : نسخة أخرى ط -

ط . حممد حمي الدين عبد احلميد : حتقيق ) هـ٣٣٠: ت ( مقاالت اإلسالميني أليب احلسن على بن إمساعيل األشعري -٢٢٩ .مكتبة النهضة املصرية : ن . هـ ١٣٨٩. ثانية :

.مكة املكرمة . التوزيع دار الباز للنشر و: ن . هـ ١٣٩٨الرابعة : ط . البن خلدون . املقدمة -٢٣٠حممد : حتقيق ) هـ ٥٤٨ - ٤٧٩( أليب الفتح حممد بن عبد الكرمي بن أيب بكر أمحد الشهرستاين . امللل والنحل -٢٣١

. لبنان -بريوت . دار املعرفة : ن . هـ ١٣٩٥ثانية : ط . سيد كيالين ١٣٩١أوىل : ط . السيد أمحد صقر : حتقيق ) ٤٥٨ - ٣٨٤( مناقب الشافعي أليب بكر أمحد بن احلسني البيهقي -٢٣٢ .مكتبة دار التراث : ن . هـ زينب . د : حتقيق ) ٥٩٧ - ٥٠٨( مناقب عمر بن اخلطاب أليب الفرج عبد الرمحن بن علي بن حممد بن اجلوزي -٢٣٣

.دار الباز للنشر والتوزيع مبكة املكرمة: ن . هـ ١٤٠٠أوىل : ط . إبراهيم القاروط

٣٥٩

املنتقي من منهاج االعتدال يف نقض كالم أهل الرفض واالعتزال لشيخ اإلسالم ابن تيمية اختصره احلافظ أبو عبد اهللا -٢٣٤ .بدون : بدون ن : ط . حمب الدين اخلطيب : حتقيق ) هـ٧٤٨ - ٦٧٣(حممد بن عثمان الذهيب

د عبد الرمحن البنا الشهري بالساعايت ، واملسند أليب داود سليمان منحه املعبود يف ترتيب مسند الطيالسي أيب داود ألمح-٢٣٥ .املكتبة اإلسالمية : ن . ثانية : ط ) هـ٢٠٤: ت (بن داود بن اجلارود املعروف بالطيالسي

دار العلم : ن . م ١٩٧٨خامسة : ط . نقله إىل العربية منصور حممد ماضي . منهاج اإلسالم يف احلكم حملمد أسد -٢٣٦ . بريوت لبنان . للماليني

كالم الشيعة القدرية وامشه بيان موافقة صريح املعقول لصحيح املنقول كالمها لشيخ ض منهاج السنة النبوية يف نق-٢٣٧ . لبنان -بريوت . دار الكتب العلمية : ن ) هـ٧٢٨: ت (اإلسالم ابن تيمية

حتقيق حممد عبد ) هـ٨٠٧: ت (لدين علي بن أيب بكر اهليثمي موارد الظمآن إىل زوائد ابن حيان للحافظ نور ا-٢٣٨ . القاهرة -املطبعة السلفية ومكتبتها : ن . بدون : ط . الرزاق محزة

. لبنان -بريوت . عامل الكتب : ن . للقاضي عضد الدين عبد الرمحن بن أمحد اإلجيي . املواقف يف علم الكالم -٢٣٩ . دمشق -مكتبة سعد الدين و. القاهرة -ومكتبة املتنيب

مركز : ن . هـ ١٣٩٩أوىل : ط . حممد رواس قلعة جي الكتاب الثاين . د . موسوعة إبراهيم النخعي الفقهية -٢٤٠ . جامعة أم القرى -البحث العلمي وإحياء التراث اإلسالمي

دار إحياء : ن . بدون : ط . باقي صححه ورقمه وخرج أحاديثه حممد فؤاد عبد ال. املوطأ لإلمام مالك بن أنس -٢٤١ .الكتب العربية عيسى البايب احلليب وشركاه

) شيخ اإلسالم للدولة العثمانية سابقا ( موقف العقل والعلم والدين من رب العاملني وعباده املرسلني ملصطفى صربي -٢٤٢ . املكتبة اإلسالمية لصاحبها احلاج رياض الشيخ : ن . هـ ١٣٦٩: ط علي حممد : حتقيق ) هـ٧٤٨: ت (ميزان االعتدال يف نقد الرجال أليب عبد اهللا حممد بن أمحد بن عثمان الذهيب -٢٤٣

. لبنان -بريوت . دار املعرفة للطباعة والنشر : ن . هـ ١٣٨٢أوىل : ط . البجاوي * * * * *

٣٦٠

) ن(حرف النون . ليقي بروفنال . أ : حتقيق ) هـ٢٣٦ - ١٥٦( املصعب الزبريي نسب قريش أليب عبد اهللا املصعب بن عبد اهللا بن-٢٤٤

.مصر . دار املعارف : ن . ثانية : ط يف املكتبة املركزية جبامعة أم القرى حتت رقم ) خمطوط ( نشأة السالفة يف معرفة اخلالفة لعبد القادر أمحد الطربي -٢٤٥

.١٨١٨ رقم تسجيل ١٢٢٥تسلسل . لبنان -بريوت . دار الفكر : ن . هـ ١٤٠٠ثالثة : ط . حممد املبارك / لألستاذ ) كم والدولة احل( نظام اإلسالم -٢٤٦ .دار املعرفة بالقاهرة : ن . م ١٩٦٤ثانية : ط . حممد يوسف موسى . د . نظام احلكم يف اإلسالم -٢٤٧ .دار السياسة : ن . وعات جامعة الكويت هـ مطب١٣٩٤: ط . حممد فاروق النبهان . د . نظام احلكم يف اإلسالم -٢٤٨ -دار النفائس بريوت : ن . هـ ١٣٩٧ثانية : ط . ظافر القامسي . د . نظام احلكم يف الشريعة والتأريخ اإلسالمي -٢٤٩ . لبنان . مصر -القاهرة . دار األنصار : ن . بدون : ط . مصطفى حلمي . د . نظام اخلالفة يف الفكر اإلسالمي -٢٥٠ .القاهرة . دار التراث : ن . م١٩٧٩سابعة : ط . النظريات السياسية اإلسالمية للدكتور ضياء الدين الريس -٢٥١. مؤسسة الرسالة : ن . هـ ١٣٨٩: نظرية اإلسالم وهديه يف السياسة والقانون والدستور أليب األعلى املودودي ط -٢٥٢

. لبنان -بريوت دار اآلفاق : ن . م ١٩٧٨أوىل : ط . خ اإلسالم ابن تيمية بذيل مراتب اإلمجاع البن حزم نقد مراتب اإلمجاع لشي-٢٥٣

. لبنان -بريوت . اجلديدة مكتبة املثىن : ن . بدون : ط ) هـ٥٤٨ - ٤٧٩(حملمد بن عبد الكرمي الشهرستاين . اية اإلقدام يف علم الكالم -٢٥٤

. ببغداد

حممود : حتقيق ) هـ٦٠٦: ت (األثر أليب السعادات املبارك بن حممد بن األثري اجلزري النهاية يف غريب احلديث و-٢٥٥ .دار الفكر : ن . هـ ١٣٩٩ثانية : ط . حممد الطناحي وطاهر أمحد الزاوي

هـ ١٣٥٧: ط ) هـ١٠٠٤: ت ( اية احملتاج إىل شرح املنهاج أليب العباس أمحد بن محزة بن شهاب الدين الرملي -٢٥٦ . مصر -القاهرة . شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب : ن. . مصر -مصطفى البايب احلليب . ن . هـ ١٣٨٦. أخرية : ط . نسخة أخرى -

: ت (تأليف حممد بن علي بن حممد الشوكاين . نيل األوطار شرح منتقى األخبار من أحاديث سيد األخيار -٢٥٧ .ة ومطبعة مصطفى البايب احلليب وأوالده مبصر مكتب: ن . األخرية : ط ) هـ١٢٥٠

٣٦١

)و(حرف الواو

إمساعيل : حتقيق وتعليق ) هـ٧٥١ - ٦٩١( الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب أليب عبد اهللا حممد بن القيم -٢٥٨ .ربية السعودية رئاسة إدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد يف اململكة الع. بدون ن : ط . األنصاري ) هـ٦٨١ - ٦٠٨( وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان أليب العباس مشس الدين أمحد بن حممد بن أيب بكر بن خلكان -٢٥٩ . لبنان -بريوت . دار الثقافة : ن . بدون : ط . إحسان عباس : حققه : ن . هـ ١٤٠١ثالثة : ط . هارون عبد السالم: حتقيق ) هـ٢١٢: ت ( وقعة صفني لنصر بن مزاحم املنقري -٢٦٠

.مكتبة احلاجني مبصر

* * * * *

٣٦٢

خامسا

فهرست املوضوعات العامة

٣٦٣

فهرست املوضوعات العامة

الصفحة املوضوع ٥ املقدمة

٨ منهج البحث ٩ خطة البحث

١١ صلة املوضوع بالعقيدة الباب األول الفصل األول مةتعريف اإلما

١٦ .التعريف اللغوي ١٦ .التعريف االصطالحي

١٧ .التعريف املختار وسبب االختيار ١٧ .يف الكتاب والسنة ) اإلمام ( لفظ

١٩ .اإلمام ، اخلليفة ، أمري املؤمنني : الترادف بني ألفاظ ٢٠ .استعماالت لفظي اإلمامة واخلالفة

٢٠ .الفرق بني اخلالفة وامللك ٢٣ . إطالق لفظ خليفة على غري الراشدين جواز

الفصل الثاين وجوب اإلمامة

٢٦ .وجوب اإلمامة ثابت بالكتاب والسنة واإلمجاع والقواعد الشرعية ٢٧ .................................................................األدلة

٣٦٤

٢٧ . األدلة من القرآن الكرمي :أوال ٢٨ . من السنة :يا ثان ٢٨ . السنة القولية -أ ٢٩ . السنة الفعلية -ب

٣١ . اإلمجاع :ثالثا ٣٣ ) .ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب ( القاعدة الشرعية :رابعا

٣٤ . دفع أضرار الفوضى :خامسا ٣٥ . كوا مما تقتضيه الفطرة وعادات الناس :سادسا

٣٦ .املخالفة مناقشة اآلراء ٣٦ . القائلون بوجوا عقال ال شرعا والرد عليهم -١ ٣٨ ) .الرافضة ( على القائلون بوجوا عقال على اهللا تعاىل والرد-٢ ٣٩ . القائلون بعدم وجوا مطلقا -٣ ٣٩ . القائلون بأن اإلسالم مل يأت بنظام للحكم وإمنا هو دين فقط -٤

٤١ .ا الواجب املكلف بإقامة هذ الفصل الثالث مقاصدها

٤٣ مقاصد اإلمامة ٤٣ : إقامة الدين ويتمثل يف :املقصد األول

٤٣ :وذلك يكون باألمور التالية : حفظه :أوال ٤٤ . نشره والدعوة إليه بالقلم واللسان والسنان -١ ٤٦ . دفع الشبه والبدع واألباطيل وحماربتها -٢ ٤٧ . يضة وحتصني الثغور محاية الب-٣

٣٦٥

٤٨ :تنفيذه وذلك باألمور التالية : ثانيا ٤٨ . إقامة الشرائع واحلدود وتنفيذ األحكام -١ ٤٩ . محل الناس عليه بالترغيب والترهيب -٢

٥١ . سياسة الدنيا به :املقصد الثاين ٥١ .عموم الرسالة احملمدية ومشوهلا جلميع متطلبات احلياة

٥٣ .وانب احلياة البشرية ج ٥٥ .حكم سياسة الدنيا بغري الدين

٥٦ .كالم الشيخ حممد بن إبراهيم رمحه اهللا ٥٨ .املراد باجلاهلية

٥٩ .كالم األستاذ أمحد شاكر ٦٠ :املقاصد الفرعية الناجتة عن هذا املقصد

٦٠ . العدل ورفع الظلم -١ ٦٣ . مجع الكلمة وعدم الفرقة -٢ ٦٦ . القيام بعمارة األرض واستخراج خرياا -٣

٦٧ الفصل الرابع طرق االنعقاد

٦٨ .شرعية الطرق اليت انعقدت ا اخلالفة للخلفاء األربعة الراشدين ٦٩ .الكالم يف النصية على أيب بكر

٧٠ .املذهب األول ١٣٠ .املذهب الثاين

٧٢ .رأي شيخ اإلسالم ابن تيمية ٧٣ .أي الراجح وأدلته الر

٧٤ .دعوى النصية على علي

٣٦٦

٧٦ .اآلثار املروية عن علي والدالة على عدم النصية ال عليه وال على غريه ٧٧ . r النيبثبوت مبايعة علي والزبري أليب بكر رضي اهللا عنهم قبل دفن

٧٩ .استعراض تأرخيي لطرق تولية اخللفاء الراشدين ٧٩ .اخلالفة رضي اهللا عنه تولية أيب بكر

٨١ .النتائج املستخلصة ٨١ .تولية عمر رضي اهللا عنه

٨٣ .النتائج املستخلصة ٨٣ .تولية عثمان رضي اهللا عنه

٨٤ .النتائج املستخلصة ٨٤ .تولية علي رضي اهللا عنه

٨٦ .الطرق الشرعية لتولية اإلمام املستنبطة مما سبق ٨٦ . االختيار :الطريقة األوىل ٨٧ .أمهية االختيار

٨٨ .أدلة مشروعيته ٨٩ .أهل احلل والعقد

٨٩ .شروطهم ٩٢ هل ألهل العاصمة مزية على غريهم ؟

٩٢ .وظائفهم ٩٥ .عددهم وفيه عدة مذاهب

٩٥ .األول ٩٦ .الثاين

٩٩ .الثالث ١٠٠ .الرأي الراجح وأدلة الترجيح

١٠٢ ) . العهد ( االستخالف :ة الطريقة الثاني

٣٦٧

١٠٢ .تعريفه ١٠٢ .أدلة مشروعيته

١٠٤ .البيعة للمعهود له ١٠٦ .شروطه

١٠٧ .العهد لآلباء واألبناء وفيه ثالثة مذاهب ١٠٧ .املذهب األول ١٠٧ .املذهب الثاين

١٠٧ .املذهب الثالث ١٠٧ .الرأي الراجع وأدلة الترجيح

١١٠ .البيعة ١١٠ .تعريفها ١١٠ .أنواعها

١١٣ .شروط صحتها ١١٦ .حكم نكثها ١١٩ من يأخذها ؟

١١٩ .صورها ١٢١ :أقسامها

١٢١ . بيعة االنعقاد -أ ١٢١ . البيعة العامة -ب

١٢٢ .أسباا ١٢٣ .طريق القهر والغلبة وآراء العلماء فيه

* * * * *

٣٦٨

الباب الثاين صل األولالف

١٢٧ شروط اإلمام ١٢٨ :شروط اإلمام ١٩٢ .اإلسالم : الشرط األول ١٣١ .البلوغ : الشرط الثاين

١٣١ .العقل : الشرط الثالث ١٣٢ .احلرية : الشرط الرابع

١٣٤ .أن يكون ذكرا : الشرط اخلامس ١٣٦ .العلم : الشرط السادس

١٣٦ .هل يشترط االجتهاد ؟ على قولني ١٣٦ . قالوا باشتراط بلوغ درجة االجتهاد :األول

١٣٦ .األدلة على ذلك ١٣٧ . قالوا بعدم اشتراطه :الثاين ١٣٧ :األدلة

١٣٨ .القول الراجح ١٣٨ .العدالة : الشرط السابع ١٤٢ .الكفاءة النفسية : الشرط الثامن ١٤٣ .الكفاءة اجلسمية : الشرط التاسع

١٤٥ .عدم احلرص على اإلمامة : ط العاشر الشر ١٤٥ .القرشية : الشرط احلادي عشر

١٤٦ من هم قريش ؟ ١٤٨ .أدلة اشتراط هذا الشرط

١٥١ .القائلون بعدم اشتراط القرشية ١٥٢ . أدلتهم

٣٦٩

١٥٣ .مناقشة هذه األدلة ١٥٧ .تقييد سلطة قريش والتوعد خبروج األمر عنهم

١٥٨ خلو قريش ممن هو صاحل لإلمامة ؟هل جيوز ١٥٨ .احلكمة من اشتراط القرشية

١٥٩ .رأي ابن خلدون ١٦٠ .مناقشة هذا الرأي

١٦٠ .رأي ويل اهللا الدهلوي ١٦٠ .رأي حممد رشيد رضا ١٦١ .مناقشة هذين الرأيني

١٦٢ .الرأي الراجح ١٦٤ .الكالم يف اشتراط األفضلية

١٦٤ .باشتراط األفضلية القائلون ١٦٥ .أدلتهم

١٦٦ .القائلون جبواز إمامة املفضول ١٦٦ .أدلتهم

١٦٨ .مناقشة األدلة ١٦٩ .الرأي الراجح

١٧٠ .أسباب العدول عن األفضل إىل املفضول ١٧١ .مبحث يف املفاضلة بني اخللفاء الراشدين

١٧٢ .م مذهب أهل السنة واجلماعة يف املفاضلة بينه ١٧٢ أدلتهم

١٧٣ .من فضائل أيب بكر الصديق رضي اهللا عنه ١٧٤ .من فضائل الفاروق رضي اهللا عنه

١٧٥ .املفاضلة بني عثمان وعلي رضي اهللا عنهما ١٧٦ .أدلة تفضيل عثمان على علي

١٧٨ . من فضائل ذي النورين رضي اهللا عنه

٣٧٠

١٧٨ .كر وعمر من فضائله اليت شارك فيها أبا ب ١٧٩ .من فضائل علي رضي اهللا عنه

١٨١ هل من السنة املفاضلة بينهم كما سبق أم األوىل أن حنبهم وال نفاضل بينهم ؟ ١٨١ .موقف بعض الفرق اإلسالمية من التفضيل

١٨١ .األشاعرة ١٨١ .املعتزلة

١٨٢ .اخلوارج ١٨٢ .الروافض

الفصل الثاين ١٨٣ ام وحقوقهواجبات اإلم

١٨٤ .متهيد :املبحث األول ١٨٤ .واجبات اإلمام

١٨٤ . واجبات أساسية وتتمثل يف :أوال ١٨٥ .مقاصد اإلمامة وسبق الكالم عليها

١٨٦ . واجبات فرعية وتتمثل يف :ثانيا ١٨٦ . استيفاء احلقوق املالية وصرفها يف مصارفها الشرعية :أوال

١٨٦ . املال موارد بيت ١٨٦ . الزكاة -١

١٨٧ .أدلة كوا من واجبات اإلمام وأنه املختص بصرفها ١٨٨ .احلكمة يف دفعها لإلمام ١٨٨ . أضرب األموال املزكاة

٣٧١

١٨٨ . األموال الظاهرة -أ ١٨٩ . األموال الباطنة -ب

١٩٠ .دفعها إىل أئمة اجلور ١٩٠ .األدلة على ذلك

١٩١ .ن بعدم جواز دفعها إىل أئمة اجلور وأدلتهم القائلو ١٩٢ .القول الراجح

١٩٢ . اجلزية -٢ ١٩٣ . اخلراج -٣ ١٩٣ . العشور -٤ ١٩٤ . الغنائم -٥ ١٩٤ . الفيء -٦ ١٩٤ . املوارد األخرى -٧

١٩٥ .مصارف بيت املال ١٩٥ . الزكاة -١ ١٩٥ . اجلزية واخلراج والعشور وحنوها -٢ ١٩٥ . الغنائم -٣ ١٩٦ . الفيء -٤ ١٩٧ . املصارف األخرى -٥

١٩٧ .وجوه صرف األموال ١٩٩ . اختيار األكفاء للمناصب القيادية :ثانيا

٢٠١ .حماسبتهم ٢٠٢ . اإلشراف بنفسه على تدبري األمور وتفقد أحوال الرعية :ثالثا ٢٠٣ .تبع عورام الرفق بالرعية والنصح هلم وعدم ت:رابعا

٢٠٤ . أن يكون قدوة حسنة لرعيته :خامسا ٢٠٧ . حقوق اإلمام :املبحث الثاين

٢٠٧ . حق الطاعة :أوال

٣٧٢

٢٠٨ .أدلة وجوا ٢١٠ .طاعة األئمة ليست مطلقة

٢١٠ .أدلة تقييد سلطة احلاكم ٢١٦ .طاعة اإلمام اجلائر

٢١٨ . النصرة والتقدير :ثانيا ٢٢٣ . املناصحة :ثالثا ٢٢٨ . حق املال :رابعا

٢٣٠ . احلكم مدة صالحيته لإلمامة :خامسا ٢٣١ .الشورى : املبحث الثالث

٢٣١ .حمتويات املبحث ٢٣٢ .تعريف الشورى

٢٣٢ . يف اللغة -١ ٢٣٢ . يف االصطالح -٢

٢٣٢ .أدلة مشروعيتها ٢٣٢ . من الكتاب -١ ٢٣٣ .ن السنة م-٢ ٢٣٤ . السنة القولية -أ ٢٣٤ . السنة الفعلية -ب ٢٣٥ . سرية اخللفاء الراشدين -٣

٢٣٦ .آثار السلف الدالة على الترغيب فيها ٢٣٦ .احلكمة من مشروعيتها وشيء من فوائدها

٢٣٦ .r بالنسبة للرسول-أ ٢٣٨ . بالنسبة للخلفاء ولسائر األمة -ب

٢٤٠ ) .فيم تكون ؟ ( لشورى موضوعات ا ٢٤١ .الرأي املختار

٢٤٢ . حكم الشورى

٣٧٣

٢٤٢ .القائلون بالوجوب ٢٤٤ .أدلتهم

٢٤٤ .القائلون بالندب ٢٤٦ .أدلتهم

٢٤٨ .الرأي الراجح ٢٤٨ .أسباب اهتمام أغلبية احملدثني بالقول بوجوا

٢٥١ الشورى ملزمة أو معلمة ؟ ٢٥١ .لني بأن الشورى ملزمة أدلة القائ

٢٥١ ) . ةمعلم( أدلة القائلني بأن الشورى غري ملزمة لإلمام وإمنا هي ٢٥٣ .الرأي الراجح

٢٥٥ .تنبيه الفصل الثالث

٢٥٦ العزل واخلروج على األئمة :فيه ثالث مباحث

٢٥٨ :مسببات العزل : املبحث األول ٢٥٨ .سالم الكفر والردة بعد اإل:األول ٢٥٩ . ترك الصالة والدعوة إليها :الثاين

٢٦٠ . ترك احلكم مبا أنزل اهللا :الثالث ٢٦١ : الفسق والظلم والبدعة وهذا فيه ثالث مذاهب :الرابع ٢٦١ . القائلون بالعزل مطلقا -١ ٢٦١ . القائلون بعدم العزل مطلقا -٢ : ومنهم من فصل يف ذلك -٣ ٢٦٢ .هة ماهية الفسق من ج-أ ٢٦٢ . من جهة زمان العزل -ب

٣٧٤

٢٦٣ :وهو على ضربني : نقص التصرف :اخلامس ٢٦٣ . احلجر –أ ٢٦٤ . القهر وهو على صورتني -ب

٢٦٤ . األسر :األوىل ٢٦٤ . أن خيرج عليه من يستوىل على اإلمامة بالقوة :الثانية

٢٦٥ : نقص الكفاءة وذلك بـ :السادس ٢٦٥ . زوال العقل -أ ٢٦٦ . فقد بعض احلواس املؤثرة يف الرأي والعمل -ب ٢٦٦ . فقد بعض األعضاء املخل فقدها بالعمل أو النهوض -جـ

٢٦٧ :وسائل العزل : املبحث الثاين ٢٦٧ . أن يعزل اإلمام نفسه -١ ٢٦٨ ) .القتال والثورة املسلحة ( السيف -٢ ٢٦٨ . األخرى الطرق السلمية-٣

٢٦٩ :اخلروج على األئمة : املبحث الثالث ٢٧٠ .وهم أربعة أقسام : اخلارجون :أوال ٢٧٠ . اخلوارج -١ ٢٧٠ . احملاربون -٢ ٢٧٠ . البغاة -٣ ٢٧١ . أهل احلق - ٤

٢٧٣ : املخروج عليهم وهم ثالثة أقسام :ثانيا ٢٧٣ . اإلمام العادل -١ ٢٧٤ .لكافر املرتد احلاكم ا-٢ ٢٧٤ : اإلمام الفسق وفيه مذهبان -٣

٣٧٥

٢٧٥ . القائلون بعدم جواز اخلروج على األئمة الظلمة :املذهب األول ٢٧٥ :وهي : األدلة ٢٧٦ .جوره رب على أحاديث األمر بالطاعة وعدم نكث البيعة واألمر بالص:أوال تتال املسلمني فيما بينهم وعن القتال يف األحاديث الدالة على حترمي اق:ثانيا .الفتنة

٢٧٧

٢٧٩ . الفاجر رجل األحاديث الدالة على أن اهللا يؤيد هذا الدين بال:ثالثا ٢٧٩ . موقف الصحابة الذين وقفوا عن القتال يف الفتنة :رابعا

٢٨٠ . صالة الصحابة خلف أئمة اجلور واملبتدعة :خامسا ٢٨١ .أكمل املصلحتني بتفويت أدنامها حتقيق :سادسا ٢٨٢ . جتارب السابقني تدل على أن الفنت ال تأت خبري :سابعا

٢٨٣ :املذهب الثاين ٢٨٣ .القائلون باخلروج على أئمة اجلور والظلم

٢٨٤ .األدلة ٢٨٤ . من القرآن الكرمي :أوال ٥٢٠ . املنكر هي عنوف والن األحاديث الدالة على وجوب األمر باملعر:ثانيا ٢٨٦ . الظلم فه عن األحاديث الدالة على عزل الظامل واخلورج عليه وك:ثالثا ٢٨٧ . األحاديث الدالة على خطر األئمة املضلني :رابعا

شرائع يعة من إمجاع العلماء على قتال أي طائفة امتنعت عن شر:خامسا .اإلسالم

٢٨٨

٢٨٩ .ة والسلف رضوان اهللا عليهم أمجعني فعل الصحاب:سادسا ٢٩١ .موقف السلف من غريهم ٢٩٢ : آراء أئمة املذاهب األربعة

٣٧٦

٢٩٢ .اإلمام أبو حنيفة ٢٩٢ .اإلمام مالك

٢٩٣ .اإلمام الشافعي ٢٩٣ .اإلمام أمحد بن حنبل

٢٩٥ .قصة أمحد بن نصر اخلزاعي ٢٩٥ :مناقشة أدلة الطرفني

٢٩٥ . مناقشة أدلة املذهب األول وهو عدم اخلروج :ال أو ٢٩٧ . مناقشة أدلة املذهب الثاين وهم القائلون باخلروج :ثانيا

٢٩٨ .الرأي الراجح والنتيجة ٣٠٠ الفصل الرابع

موقفهم من تعدد األئمة :املذاهب يف هذه املسألة مذهبان

٣٠١ :ى مذهبني املنع من تعدد األئمة وهم عل:األول ٣٠١ . قوم قالوا باملنع مطلقا وهو مذهب أكثر أهل السنة واجلماعة -أ ٣٠١ . قوم قالوا باملنع إال أن يكون هناك مانع كاتساع الرقعة -ب

٣٠٢ . القائلون جبواز التعدد مطلقا :الثاين ٣٠٢ .األدلة ٣٠٢ . أدلة القائلني مبنع التعدد :أوال ٣٠٣ .اب من الكت-١ ٣٠٣ . من السنة -٢ ٣٠٤ . اإلمجاع -٣ ٣٠٥ . املعقول -٤

٣٧٧

٣٠٥ . أدلة القائلني باجلواز :ثانيا ٣٠٦ .اجلواب على هذه األدلة

٣٠٦ .الترجيح ٣٠٧ .احلكم لو وقع بيعتني يف زمن واحد

٣٠٨ :اخلامتة ونتيجة البحث :الفهارس العامة

٣١١ . القرآنية فهرست اآليات:أوال ٣١٩ . فهرست األحاديث النبوية واآلثار :ثانيا ٣٣٦ . فهرست األعالم املترجم هلم :ثالثا

٣٣٧ . قائمة املراجع واملصادر :رابعا ٣٥٩ . فهرست املوضوعات العامة :خامسا

* * * * *

٣٧٨

ملحق فهرس اآليات واألحاديث الشبكةبترتيب جلنة تبع الناشر على

:بني يدي الفهرس .فلفظ الناس جتد يف حرف النون . التعريف بعني االعتبار ) ال ( مل ننظر إىل -١ . أيضا مل ننظر للحرف املشدد باعتباره حرفني ، بل اعتربناه حرفا واحدا -٢ .اعتربناه يف حرف األلف مث الالم ، وكذا اللهم ، والذي والذين) اهللا ( لفظ اجلاللة -٣ اهلمزة اليت على الواو أو الياء مل نعتربها مهزة يف حرف اهلمزة بل اليت على الواو جتدها يف الواو ، واليت على اليـاء -٤

.جتدها يف الياء

٣٧٩

أوال فهرست اآليات القرآنية

)أ(حرف األلف الصفحة اآلية

٢١٥ ، ٥٩ ........................اللهاتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ١٦٢ ..........أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله

ليمفيظ عي حض إنآئن األرزلى خلني عع١٣٧ ..........................اج ٢٢٣ .....................................ن ظلموا وأزواجهم احشروا الذي

٥٩ ، ٣ ........أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ٤٦ ............... ........................إال تنفروا يعذبكم عذابا أليما

٢٠٩ ، ٤٤ ........................... الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصالة كا أنزل إليوا بمنآم مهون أنمعزي إلى الذين رت ٥٦ ...................ألم

، ١٥٤ ، ٦٥ .........................................له أتقاكمإن أكرمكم عند ال١٥٧

٥٩ ..............إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدىون اللهايعبا يمإن كونايعبي ٣١٣ ، ١٢١ ...................... ............إن الذين

١١٢ .........................إن الله اشترى من المؤمنني أنفسهم وأموالهم ١٣٧ .................إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم

أمي ىإن اللهباء ذي القرإيتان وساإلحل ودبالع ٦١ ......................ر ٢٠٩ ، ٦١ .......................... إن الله يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها ١٣٥ ................... ........أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما األخرى

٥٢ ................................................... إن الحكم إال للهالأمني القوي ترأجتن اسم ري٢٠١ ، ١٧٠ ............................... إن خ

يتسبم نحا نما وإال ظن ظنإن ن١٦٩ .................................قنني ٦٤ .........................................إن هذه أمتكم أمة واحدة

ورنى ودا هاة فيهروا التلنا أنز٨٠ .......................................إن ٤٤ ..................................... الذكر وإنا له لحافظونإنا نحن نزلنا

٦٤ .................................................. انفروا خفافا وثقاال

٣٨٠

٣٢ .............................................إنك ميت وإنهم ميتونأمني ا مكنينيلد موالي ك٢٠١ ..........................................إن

١٠٩ .........................................نما أموالكم وأوالدكم فتنةأ ٢٧١ ، ٢٢٠ ...... في األرض فساداإنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون

١٩٦ ، ١٨٨ ................................... إنما الصدقات للفقراء والمساكنيمهنيب كمحوله ليسروا إلى الله وعإذا د مننيؤل الما كان قوم٥٩ ........إن

مةإنوون إخمنؤ٦٤ ................................................ا الم ١٦٢ .....................إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم اآلخر

٢٠١ ...... .........................................إنه لقول رسول كرمي )ت (حرف التاء

متبا كسلكم مو تبا كسا مله لتخ ة قدأم ٢٩٧ ....................تلك )خ(حرف اخلاء

١٨٩ ، ١٨٨ .............................................. خذ من أموالهم صدقة )ر(حرف الراء

١٤٦ .................ر لي وهب لي ملكا ال ينبغي لأحد من بعدي رب اغف ١٣٥ ، ٩١ ...........الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض

٣٨١

)ف ( الفاء حرف

٣١ .....................................ميبالله ورسوله النبي األ فآمنواقالح من اءكا جمع ماءهوأه بعتال تو ل اللها أنزم بمهنيكم ب٢٨ ......فاح

٢٩٥ ... .......فإذا جاء وعد أوالهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ٢٥٠ ...............................فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون

٢٤٤ ............................................األبصار فاعتبروا يا أولي، ٧٥ ، ٥٢ ، ٣ ........................فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول

٢٥٢، ٢١٠، ٢٠٨

وا منفظا غليظ القلب النفض كنت لوو مله الله لنت نة ممحا رفبملكوح............................................................

٣٤٥ ، ٢٣٣

فقاتلوا أئممان لهمال أي مه١٨ .................................ة الكفر إن مهنيب رجا شفيم وككمحي ىتون حمنؤال ي كبر٥٧ ، ٥٤ .................فال و ،

٢٤٣ ٥٤ ................... ........................فلما قضى زيد منها وطرا

..............................فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا٢٤٥ ، ٢٣٤

٢٤٨ ...............اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فمن ٥٦ ...................................وت ويؤمن باللهفمن يكفر بالطاغ

)ق(القاف حرف

١٣٠ ..........................قاتلوا الذين ال يؤمنون بالله وال باليوم اآلخر ١٣٧ ..... ...............................قال اجعلني على خزآئن األرض

قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال ال ينال عهدي الظالمني..........................................................

١١٠ ، ١٧ ، ٢٨٥ ، ١٤٠

١٤٦ .............حد من بعدي رب اغفر لي وهب لي ملكا ال ينبغي لأقال ابدينل العا أوفأن لدن ومح١٣٤ ...........................قل إن كان للر

٤٥ .............قل هـذه سبيلي أدعو إلى الله على بصرية أنا ومن اتبعنيتسل يون قل هلمعال ي الذينون ولمعي ١٣٧ ......................وي الذين

٣٨٢

)ك(حروف الكاف

٣٩ ......................................كتب على نفسه الرحمة لكم هكر وهال والقت كمليع ٤٦ ...... .............................كتب

٢٠٥ .....................وزروع ومقام كرمي كم تركوا من جنات وعيون اء منكماألغني نيولة بكون دال ي ١٩٧ ............................... كي

)ل(حرف الالم

١٣٠ ............................ ياءالمؤمنون الكافرين أول ال يتخذ ٣٩ .....................................ال يسأل عما يفعل وهم يسألون

٢٨٦ ، ٥٠ ...................................عن الذين كفروا من بني إسرائيل للنسا رلنسأر ات لقدني٤٨ ..........................................ا بالب

١٧٥ ، ١١٣ ................لقد رضي الله عن المؤمنني إذ يبايعونك تحت الشجرة )م(حرف امليم

)هـ(حرف اهلاء

٦٧ .............................هو أنشأكم من األرض واستعمركم فيها )و(حرف الواو

آومالهوى أمامتوا الي١٣٤ ...............................................ت باتانومليلك سلى مع اطنييلوا الشتا توا م٢٤ .......................... ع

٢٠٠ ..............................واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي ١٨ ........ .......................................واجعلنا للمتقني إماما

ركنيشالم من نكونال تو كبإلى ر عاد٤٥ ............................و ١١٠ ......................................وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات

ىمل القرأه وله منسلى رع ١٩٧ ..................... .........ا أفاء الله ٢٣٨ ................ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في األرض

٥٢ ...................................... ما فرطنا في الكتاب من شيء ٣٩ ................................. ...........ما قدروا الله حق قدره

٣٨٣

١٩ ..................رض خليفةوإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األ ٦١ ..................................وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى

قلوبكم نيب اء فألفدأع مإذ كنت كمليالله ع تموا نعاذكر٦٤ ...........و فسن براصوشيالعاة ودم بالغهبون رعدي الذين عم ٢٠٠ .................ك

٣٠٦ ............................وأطيعوا الله ورسوله وال تنازعوا فتفشلوا ٣٠٦ ، ٦٤ ........... .............واعتصموا بحبل الله جميعا وال تفرقوا

واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ................................................والمساكني واليتامى

١٩٦

١١٧ ..م من واليتهم من شيء حتى يهاجروا والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لك ٢١٩ ............................... والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون

رأمنكر ون المع هانوف ورعبالم كابا أصلى مع براص٢١٩ ...............و بيل اللهون سع ضلوكض ين في األرم أكثر طع٢٥٤ ...................إن ت

٢٩٨ ، ٢٨٥ ، ٢٧٢ .....................وإن طائفتان من المؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهما ١٦ ................................... ..............وإنهما لبإمام مبني

مدتاهد الله إذا عهفوا بعأو١١٧ .........................................و ١١٧ ................................وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤوال

لى الربوا عناوعتىوقوالت٢٨٥ ، ٢٢٠ .......................................... و ١٨ ...............وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون

١٨ ....... ................................وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا الحنيالص نا مبينورا وصحدا ويس٢٦٧ .................................و

١٣٧ .......................وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب كون الدية ونكون فتى ال تتح مقاتلوهللهو ٤٦ ........................ين

١٣٧ ....................لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا وقال ٢٤ ....... وعلمه مما يشاء وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة

وتكنين في بقر١٣٦ ...................................................و ٦٢ .......................وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة

٢٠٦ ................لمني بعضا بما كانوا يكسبون وكذلك نولي بعض الظارفنيسالم روا أمطيعال تون ولحصال يض وون في األرفسدي ١٤٠ ......الذين

٣٨٤

٣٠٤ ، ٦٤ . .................................وال تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ٣٨ .......................................وال تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

٦٤ ................................................وال تنازعوا فتفشلوا ل اللهعالتي ج الكمواء أمفهوا الستؤال تاماوقي ١٢٣ ...................لكم ٢١٦ ............................وال يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله

٦١ .......................وال يجرمنكم شنآن قوم على أال تعدلوا اعدلوا ١٨٦ .................................. أمة يدعون إلى الخير منكم ولتكنلقدون وعرضتا يمو همبوا لركانتا اسذاب فمم بالعاهذن٢٨٠ .............أخ

لكنون ومنؤاس ال يالن ٢٥٤ ........................................أكثر ٢٤٨ ...........................صبر وغفر إن ذلك لمن عزم األمور ولمن ١٢٦ ، ٩٠ ، ٢٥ .........................يجعل الله للكافرين على المؤمنني سبيال ولن

،٢٥٩ ، ١٣٠ إلى الر وهدر لوومهمن هنبطونتسي الذين هلملع مهر منلي األمإلى أوول و٢١٣ ، ٩٠ س

١٩٧، ٣١ .....................آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وما ٧٦ ............................الله اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى وما ١٩٥ ...أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل وال ركاب وما

مننيؤبم تصرح لواس والن ا أكثرم٢٥٤ ...............................و ١٨٥ ، ٥٦ ................................لجن والإنس إال ليعبدونوما خلقت ا

مكون لهرا أن يأم ولهسرو ى اللهة إذا قضمنؤال ممن وؤا كان لممورهمأم ة منرالخي ..................................................

٢٥٤

٤٧ ..................................... وما كان المؤمنون لينفروا كآفة ٣٢ ........................وما محمد إال رسول قد خلت من قبله الرسل

٢٥٤ .......................... ..................وما يتبع أكثرهم إال ظنا ٢٥١ ..............................ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون

٥٧ ..................ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولـئك هم الظالمون ٥٧ ..................لله فأولـئك هم الفاسقونومن لم يحكم بما أنزل ا

، ٥٨ ، ٥٧ ..................ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولـئك هم الكافرون١١٦

مهمن هفإن نكمم ملهوتن يم١٢٠ . .......................................و

٣٨٥

اتمنؤالمون ومنؤالمض وعاء بليأو مهضع١٨٥ ...........................ب ارثنيالو ملهعجنة وأئم ملهعجن١٨ ....................................و

٥٢ ................................ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ٢٤٢ ..يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة

٤٨ ..................................يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابرواا أيير منكملي األمأوول وسوا الرأطيعو وا اللهوا أطيعنآم ا الذين٩٠ ، ٢٨ ، ٣ .......ه ،

٢٠٩ ، ١٣٠ ، ٢٥٣، ٢١١

١٤٠ .......................يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ١١٧ .....................................لذين آمنوا أوفوا بالعقوديا أيها ا

متيدتل إذا اهن ضكم مرضال ي كمأنفس كمليوا عنآم ا الذينها أي٢٨٦ ......ي ٢٠٠ .......................من دونكميا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا بطانة

مننيؤون الماء من دليأو خذوا الكافرينتوا ال تنآم ا الذينها أي٢٣٤ ........ي ١٣٠ .... .............يا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا اليهود والنصارى أولياء

٢٠٢ ...........................يا أيها الذين آمنوا ال تخونوا الله والرسول ٦٥ .............................يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى

ق اللهات بيا النها أي٢٤٧ ...................................... ..........ي كنايعبي اتمنؤالم اءكإذا ج بيا النها أي٢١٢ ، ١١١ .............................ي

٢٤٧ ، ١٢ ........................................يا أيها النبي إذا طلقتم النساءيافقنينالمو اهد الكفارج بيا النه٢٤٧ .................................ا أي

قاس بالحالن نيكم بض فاحليفة في األرخ اكلنعا جإن وداوا د٢٠٣ ، ٦١ ........ي ، ٢١٧

١٩٦ ........................ال لله والرسوليسألونك عن األنفال قل األنف ٣٩ .....................................يضل من يشاء ويهدي من يشاء

كمدين لكم لتأكم مو٥٣ ، ٥٢ ........................................... الي

٣٨٦

%

ثار فهرس األحاديث واآل )أ(حرف األلف

الصفحة طرف احلديث قول عبد الرمحن بن (أبايعك على سنة اهللا ورسوله واخلليفتني من بعده

عوف ١١٥

١١١ .أبايعكم على أن متنعوين مما متنعون منه نساءكم وأبناءكم ٥٩ .أبغض الناس إىل اهللا ثالثة

١٧٦ .أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل اجلنة من قول ( نعم : نه إيل واهللا علي أن ال آلو عن أفضلكم ؟ قالوا أجتعلو

.عبد الرمحن بن عوف ٨٤

٢٤٢ .امجعوا له العابد من أميت مث اجعلوه بينكم شورى ٢٢٨ ) .من قول عمر ( أحب الناس إيل من رفع إيل عيويب

) .من قول الثوري ( احلف هلم وأكذم وال تعطهم شيئا

١٩٤ ٢٨٧ .أخوف ما أخاف على أميت األئمة املضلني

١٠٣ ، ٧١ .ادعي يل أباك وأخاك حىت أكتب كتابا من قول املغرية ( أمرنا أن ندفعها إليهم r ادفعها إليهم فإن رسول اهللا

) .بن شعبة ١٩٣

١٩١ ) .من قول ابن عمر ( ادفعوا صدقاتكم إىل من واله اهللا أمركم ٢٠٦ . الريبة يف الناس أفسدهم إذا ابتغى األمري

٢٠٢ .إذا أراد اهللا باألمري خريا جعل له وزير صدق ٢٧٩ . إذا التقا املسلمان بسيفيهما فالقاتل واملقتول يف النار

٣٠٦ ، ١١٥ .إذا بويع خلليفتني فاقتلوا اآلخر منهما ٢٩ .إذا خرج ثالثة يف سفر فليؤمروا أحدهم

٢٨٩ ، ٢٢٧ .ب الظامل أن تقول له إنك أنت ظامل فقد تودع منها إذا رأيتم أميت اإذا رأيتم القارئ حيب األغنياء فهو صاحب دنيا ، وإذا رأيتموه يلزم السلطان

) .من قول عمر ( فهو لص ٢٢٣

٣٨٧

٢٠٣ .إذا ضيعت األمانة فانتظر الساعة من ( ما علي؟أرأيتم إن استعملت عليكم خري ما أعلم مث أمرته بالعدل أقضيت

) .قول عمر ٢٠٥

١٥٤ .أربع من أميت من أمر اجلاهلية ال يتركون ١٢١ .ارجع فقد بايعتك ١٩٢ .أرضوا مصدقيكم

٢٤٠ .استرشدوا العاقل ترشدوا وال تعصوه فتندموا ١٥٨ .استقيموا لقريش ما استقاموا لكم

٣٣ أسرعوا باجلنازة ١٨٠ .صديق وشهيدان اسكن أحد فليس عليك إال نيب و

٢١١ .امسع وأطع ولو حلبشي كأن رأسه زبيبة ، ١٥٣ ، ١٤٣ .امسعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي

٢١٦ ، ٢١١ ، ٢٦٢

٢٩٠ . أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نيب أو قتل نبيا ، ١١٥ ، ٨١ ) . من قول أيب بكر ( أطيعوين ما أطعت اهللا ورسوله

٢١٩ ٢٨٦ أعجزمت إذا بعثت رجال فلم ميض ألمري أن جتعلوا مكانه من ميض ألمري

١٨٩ .أعلمهم أن اهللا افترض عليهم يف أمواهلم صدقة أفعن معادن العرب تسألوين ؟ خيارهم يف اجلاهلية خيارهم يف اإلسالم إذا

فقهوا ١٥٦

٧٢ ، ٦٩ . اقتدوا باللذين من بعدي ٧٠هامش ) .من قول عمر ( أبي أقرأنا

٢٦٧ ) من قول أيب بكر (ال واهللا ال نقيلك وال نستقيلك : أقيلوين أقيلوين قالوا ٤٨ .أقيموا حدود اهللا يف القريب والبعيد

١٧٨ أال أستحي من رجل تستحي منه املالئكة ٢٩٨ .إال أن تروا كفرا بواحا

١٧٩ هارون من موسى أال ترضى أن تكون مين مبرتلة أال من ويل عليه وآل فرآه يأيت شيئا من معصية اهللا فليكره ما يأيت من

.معصية اهللا ٢٧٦

٣٨٨

١٩ .اللهم أنت الصاحب يف السفر ٢٠٣ .اللهم من ويل من أمر أميت شيئا فشق عليهم فأشقق عليه

: نه قال أليسوا حيرمون ما أحل اهللا فتحرمونه وحيلون ما حرم اهللا فتحلو .فتلك عبادم : قلت بلى ، قال

٢١٤

٥٨ أليسوا حيلون لكم ما حرم اهللا فتحلونه ؟ ١٨٥ ، ١٨ .اإلمام األعظم الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته

٩٧ من قول العباس ( امدد يدك أبايعك فيقول الناس عم رسول اهللا بايع ابن أخيه من قول أيب ( السلطان ما اختلف علي منهم أحد أمروين مجيعا أن أدفعها إىل

) .صاحل ١٩٠

١١٤ ) .من قول عمر ( أمهلوا فإن حدث يب حدث فليصل بالناس صهيب ٤٨٧ .إن ابين هذا سيد ولعل اهللا أن يصلح به فئتني من املسلمني

١٥٢ ) .من قول عمر ( إن أدركين أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته ١٠٣، ٨٨، ٧٣ ) .من قول عمر ( استخلف من هو خري مين إن أستخلف فقد

١٥٣ ، ٦٤ . إن اهللا أذهب عنكم عبية اجلاهلية وفخرها باآلباء ١٥٦ ، ١٤٧ .إن اهللا اصطفى كنانة من ولد إمساعيل

،١٦٢ ١٧٤ .إن اهللا بعثين إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق

٦١ .ذه مل يفلته إن اهللا ليملي للظامل حىت إذا أخ ٢٠٠ .إن اهللا مل يبعث نبيا إال وله بطانتان

٢٧٩ .إن اهللا يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر أو بأقوام ال خالق هلم ١٢٥ .إن أمر عليكم عبد فامسعوا له وأطيعوا ما قادكم بكتاب اهللا

ق إن أهل الدرجات العلى لرياهم من حتتهم كما ترون النجم الطالع يف أف . السماء

١٧٥

٢٨٥ .إن أول ما دخل النقص على بين إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل ٤٩ .إن بين إسرائيل ملا وقع فيهم النقص كان الرجل يرى أخاه على الذنب

٢٥١ أن تشاور ذا رأي مث تطيعه ٨٨ ، ٧٤ .إن تؤمروا أبا بكر جتدوه أمينا زاهدا يف الدنيا راغبا يف اآلخرة

إن خليلي وابن عمك عهد إلي إذا اختلف الناس أن أختذ سيفا من ) .من قول اهبان بن صيفي ( خشب

٢٧٩

٣٨٩

٢١٧ . ما انتقم قط إال أن تنتهك حرمات اهللا rإن رسول اهللا ٢٠٤ .إن شر الرعاء احلطمة

٣٥٣ .إن الصدقة ال تنبغي آلل حممد إمنا هي أوساخ الناس إىل البصرة واهللا إا لزوجة نبيكم يف الدنيا واآلخرة إن عائشة قد سارت

) .من قول عمار ( ٢٨٩

٧٨ .إن عليا بايع أبا بكر بعد وفاة فاطمة ٢٤ ، ٢٣ ) قول سلمان ( إن عمر بن اخلطاب سأل عن الفرق بني اخلالفة وامللك

١٣١ .إن القلم رفع عن ثالثة دوا بذلك وجه اهللا عزم هلم على إن القوم إذا شاور بعضهم بعضا وأرا

) .من قول قتادة ( رشدهم ٢٣٦

إن كان شيئا من أمور دنياكم فشأنكم به ، وإن كان شيئا من أمر دينكم .فإلي

٢٣٧

٢٦٢ .إن للقرشي مثلي قوة الرجل من غري قريش ٧٠ .إن مل جتديين فأيت أبا بكر

٢٢١ .األمراء إن من أبغض القراء إىل اهللا الذين يزورون إن من إجالل اهللا تعاىل إكرام ذي الشيبة املسلم وحامل القرآن غري الغايل

.فيه واجلايف ٢١٩

٢٨٥ .إن الناس إذا رأوا الظامل فلم يأخذوا على يديه إن الناس إذا رأوا املنكر وال يغريونه أوشك اهللا عز وجل أن يعمهم

.بعقابه ٢٨٥

من قول أيب ( ان يوم القادسية ، فأقرع بينهم سعد إن الناس تشاطوا يف اآلذ ) .شربمه

٩٤

١٤٨ .إن هذا األمر يف قريش ال يعاديهم أحد إال كبه اهللا يف النار أنا أوىل بكل مؤمن من نفسه ، وأميا رجل مات وترك دينا فإلي ، ومن

.ترك ماال فلورثته ١٩٩

١٣٠ .إنا ال نستعني مبشرك ،١٤٥ . هذا من سأله وال من حرص عليه إنا ال نويل

٢٠١ إنا واهللا ال نولي هذا العمل أحدا سأله أو أحدا حرص عليه

٣٩٠

إمنا حنن وهم شيء . إنا وبنوا املطلب ال نفترق يف جاهلية وال إسالم واحد

١٩٥

٢٣٧ ، ٥٥ .أنتم أعلم بأمور ديناكم ٢٠٤ .سدهم إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدم أو كدت تف

٢١٦ .إنكم سترون بعدي أثرة فاصربوا حىت تلقوين على احلوض ٢٠٩ .إنكم سترون بعدي أثرة وأمور تنكروا

٢٨٧ .إمنا أخاف على أميت األئمة املضلني ٣٢ .إمنا أهلك من كان قبلكم أم كانوا إذا سرق الشريف تركوه

٢٠٢ .إمنا يهلك هذه األمة كل منافق عليم ٢١٤ .إنه سيلي أمركم من بعدي رجال يطفئون السنة وحيدثون البدعة

إنه قد نزل يب ما ال ترون ، وال أظنين إال ملأتي وقد أطلق اهللا أميانكم من ) .من قول أيب بكر ( بيعيت

٨١

إنه من يعش منكم فسريى اختالفا كثريا فعليكم بسنيت وسنة اخللفاء . الراشدين من بعدي

٢٩

فمن كره فقد بريء ومن . نه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون إ . أنكر فقد سلم

١٤١ ، ٦٠ ، ٢٦٠

٢١٦ ، ٢٠٩ إا ستكون بعدي أثرة وأمور تنكروا ٢٨٢ .إا ستكون فنت أال ثم تكون فتنة القاعد فيها خري من املاشي

( رها فتنة املسيح أي حادثة استشهاد عثمان وآخ-إا كانت أول الفنت من قول حذيفة

٨٥

من قول ابن ( إين أقر بالسمع والطاعة لعبد اهللا عبد امللك بن مروان ) عمر

١٢٠ ، ١١٤

٢٢٩ ) .من قول عمر ( إين أنزلت نفسي من مال اهللا مرتلة اليتيم ١٩٨ .- ملا أعطى األقرع بن حابس وصحبه -إين إمنا فعلت ذلك لتألفهم

وليت عليكم ولست خبريكم فإن أحسنت فأعينوين وإن أسأت إين قد ) .من قول أيب بكر ( فقوموين

٢٦٦

١٢٠ .إين ال أصافح النساء

٣٩١

من قول ( إين ألحترج أن استعمل الرجل وأنا أجد من هو أقوى منه ) .عمر

١٦٦

٣٢ .إين ألرى طلحة قد حدث فيه املوت فآذنوين به وعجلوا ٦٢ ) .من قول عمر ( يل ليضربوا أبشاركم إين مل أبعث عما

١٣٣ . أوصيكم بتقوى اهللا والسمع والطاعة وإن عبد حبشي ٢٢٢ ، ٢١٧ . كلمة حق عند سلطان جائر :أي اجلهاد أفضل ؟ قال

١٧٤ قلت ومن الرجال ؟ قال أبوها . عائشة rأي الناس أحب إليك ؟ قال من قول (أبواب األمراء : إياكم ومواطن الفنت قيل وما هي ؟ قال

) حذيفة ٢٢١

١٨١، ١٨٠ .إئذن له وبشره باجلنة ١٥١ ، ١٨ .األئمة من قريش

١٥١ األئمة من قريش ، أبرارها أمراء أبرارها ١٤٩ األئمة من قريش ما فعلوا ثالثا ، ما إن استرمحوا

استرمحوا األئمة من قريش إن هلم عليكم حقا ولكم عليهم حقا ، ما إن رمحوا

١٤٩

فإن أمرت قريش فيكم عبدا حبشيا جمدعا فامسعوا له ...... األئمة من قريش وأطيعوا

١٣٤

من قول ( يف هذه اإلمارة شيئا إلينا مل يعهد rأيها الناس إن رسول اهللا ) علي

٧٦

أيها الناس إمنا أنا متبع ولست مببتدع فإن أحسنت فأعينوين وإن أسأت ) .من قول أيب بكر ( وموين فق

٢٢٥

٢٨٧ ، ٨٠ ) .من قول أيب بكر ( أيها الناس أين قد وليت عليكم ولست خبريكم

٣٩٢

)ب(حرف الباء

٢٨٩ ) .من قول علي ( بايعاين باملدينة وخالفاين بالبصرة ١١١ . على شهادة أال إله إال اهللا rبايعت رسول اهللا

٢٢٤ ) .جرير بن عبد اهللا ( كل مسلم على النصح لrبايعت النيب ، ١١٣ .بايعنا رسول اهللا على السمع والطاعة يف العسر واليسر

٢٠٩ ، ٢١٧ ، ٢٧٦

١١٩ .بايعهن واستغفر هلن اهللا ٧١ أن سله إىل من ندفع صدقتنا ؟ rبعثين بنو املصطلق إىل رسول اهللا

)ت(حرف التاء

١١٩ .رون تأخذون مبا تعرفون وتدعون ما تنك ، ٣٩٤ .تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فامسع وأطع

٢١٧ ، ٢٧٦

٢٣٨ .تعوذوا باهللا من رأس السبعني ومن إمارة الصبيان ٢٩٩ . أدىن الطائفتني إىل احلق - أي اخلوارج -تقتلهم

٣٨ ، ٣٧ .تكون النبوة ما شاء اهللا فيكم أن تكون مث يرفعها إذا شاء أن يرفعها )ث(حرف الثاء

ثالثة ال يكلمهم اهللا يوم القيامة وال ينظر إليهم وال يزكيهم وهلم عذاب .أليم

٣٧٦ ، ٣٧٧

)ج(اجليم حرف

١٦٦ بعنيه : فجاء سيده يريده فقال -على اهلجرة فبايعه r جاء عبد يبايع النيب

٣٩٣

)ح(حرف احلاء

٩٠ . صباحا حد يعمل به يف األرض خري من أن ميطروا أربعني ، ٥٦ ) . فيه أحاديث كثرية ( حديث السقيفة

١٢٦ ، ١٣٣ ، ١٤٣ ، ١٥٤ ، ١٧٥ ، ١٧٩ ، ٢٧٣ ، ٢٧٦

)ح(حرف اخلاء

خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا املال وأنت غري مشرف له ، وال .سائل فخذه وإال فال تتبعه نفسك

٢٣٥

، ٢٣ .خالفة النبوة ثالثون سنة ٢٩٣

، ٢٦٦ .خيار أئمتكم الذين حتبوم وحيبونكم ٢٨٥

)د(الدال حرف

ال تثريب : فقال -قلت ابن عمة رسول اهللا ؟ : دعا أبو بكر بالزبري فقال يا خليفة رسول اهللا ؟

٧٨

هللا ولرسوله ولكتابه وألئمة املسلمني : الدين النصيحة قلنا ملن ؟ قال .وعامتهم

٢٢٨

)ذ(حرف الذال

١١٤ .ذهب أهل اهلجرة مبا فيها

٣٩٤

)ر(الراء حرف

٤٨ .رباط يوم يف سبيل اهللا خري من الدنيا وما فيها ٤٨ .رباط يوم وليلة خري من صيام شهر وقيامه

١٧٦ ) .من قول علي ( رمحك اهللا إن كنت ألرجو أن جيعلك اهللا مع صاحبيك ٧٧ ) . قول علي من( لديننا r رضينا لدنيانا من رضي رسول اهللا

من ( الرعية مؤدية إىل اإلمام ما أدى اإلمام إىل اهللا فإن رتع اإلمام رتعوا )قول عمر

٢٠٩

)ز(الزاي حرف

٢٩٧ .زويت يل األرض حىت رأيت مشارقها ومغارا )س(حرف السني

٢٨٦ .سباب املسلم فسوق وقتاله كفر ، ٦٣ .سبعة يظلهم اهللا يوم ال ظل إال ظله

١٨٧ ، ١٩٣

٢٣ .ستكون اخلالفة من بعدي ثالثون مث يكون امللك ٢٨٢ .ستكون فنت القاعد فيها خري من القائم

سيخرج قوم يف آخر الزمان حداث األسنان سفهاء األحالم يقولون من .قول خري الربية

٢٧٤

٢٢٣ .سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذم ٢٩٢ .اء يأمرونكم مبا ال يفعلون فمن صدقهم سيكون عليكم أمر

٢٥٥ .مشاورة أهل الرأي مث إتباعهم : عن العزم فقال r سئل النيب ٢١٧ سيليكم أمراء بعدي يعرفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون

)ض(حرف الضاد

١٩٥ )من قول ابن عمر ( - أي الصدقة -ضعوها يف مواضعها )ع(حرف العني

من . على املوت : يوم احلديبية قال r على أي شيء بايعتم رسول اهللا ) .قول سلمة بن األكوع

١١٤ ، ١١٥

٣٩٥

٢١٦ .على املرء السمع والطاعة فيما أحب وأكره إال أن يؤمر مبعصية ٢٩٢ .عمار تقتله الفئة الباغية

، ٧٢ . عهد أيب بكر لعمر ١٠٦

٢٦٣ .صالة فمن تركها فقد كفر العهد الذي بيننا وبينهم ال، ١٠٥ .عهد عمر باألمر إىل الستة

١٦٧ )غ(حرف الغني

١٩٨ ) . من قول عمر ( الغنيمة ملن شهد الوقعة )ف(الفاء حرف

فإذا مت فتشاورا ثالثة أيام ، وال يأتني اليوم الرابع إال وعليكم أمري منكم ) من قول عمر (

٤٢هامش

٢٠٤ .ت أبيك أو بيت أمك حىت تأتيك هديتك فهال جلست يف بي ، ٢٤ .فوا ببيعة األول فاألول

١٢٠ ، ٣٠٩ ، ٣١٢

)ق(القاف حرف

٧٦ ) . من قول أيب بكر . ( قد اخترت لكم هذين الرجلني فبايعوا أيهما شئتم ١٥٧ .قدموا قريشا وال تقدموها

١٦١ .قريش والة الناس يف اخلري والشر إىل يوم القيامة ، ١٤٩ .صدقت حنن الوزراء وأنتم األمراء : فقال سعد . قريش والة هذا األمر

١٥٣ من . ( فأستخلف r ما استخلف رسول اهللا: استخلف قال : قيل لعلي ) .قول علي

١٤١

٣٩٦

)ك(حرف الكاف

، ٢٣ .كانت بنوا إسرائيل تسوسهم األنبياء ١١٧ ، ٣٠٤

٢٨٣ .أوتاركم كسروا فيها سيوفكم وقطعوا ١٤٥ .كل ابن آدم خطاء وخري اخلطاءين التوابون

٢٤ .كلهم من قريش ٢٠٨ .كما تكونوا يوىل عليكم من قول عبد اهللا . ( نعد هذا نفاقا ملن كان هكذا r كنا بعهد رسول اهللا

) .بن عمر ٢٢٨

. على السمع والطاعة يقول لنا فيما استطعت r كنا نبايع رسول اهللا ) .من قول ابن عمر (

٢٠٥

. فنخري أبا بكر مث عمر مث عثمان r كنا خنري بني الناس يف زمن النيب ) .من قول ابن عمر (

١٧٥

٨٢ )من قول عمر . ( حىت يدبرنا r كنت أرجو أن يعيش رسول اهللا )ل(حرف الالم

١٠٨ ) من قول علي . ( ال آمركم وال أاكم أنتم أبصر ١١٦ ) .من قول سعيد بن املسيب . ( ال أبايع اثنني ما اختلف الليل والنهار

٢٦٥ ) .من قول بن عمر . ( ال أقاتل يف الفتنة وأصلي وراء من غلب من . ( ال أوتى بأحد يفضلين على أيب بكر وعمر إال جلدته حد املفتري

) .قول علي ١٧٣

٢٢ .ال بل عبدا رسوال ١٩١ ) .من قول ابن عمر . ( ها إليهم فقد أضاعوا الصالة ال تدفع

٢٨٢ .ال ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ٨٥ ) . من قول علي . ( ال تريدوين ، إين لكم وزير خري مين لكم أمري

٢٩٣ .ال تزال طائفة من أميت على احلق ظاهرين حىت يأتيهم أمر اهللا ٢٩٣ . يقاتلون على احلق ال تزال طائفة من أميت

١٤٨ .ال تقوم الساعة حىت خيرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه

٣٩٧

٤٩ .ال حىت تأطروهم على احلق أطرا ٣٧ .ال ضرر وال ضرار

، ١٢٥ .ال ما أقاموا فيكم الصالة ١٦٠ ، ١٧٦ ، ٢٩٨

١١٢ .ال نربح حىت نناجز القوم ١٠٨ ) .من قول علي ( . r ل اهللاال وإمنا أترككم كما ترككم رسو

٧٠ .ال يبقني باب إال سد إال باب أيب بكر ٢٨ .ال حيل لثالثة يكونون بفالة من األرض إال أمروا أحدهم

٢٣٢ .ال حيل للخليفة من مال اهللا إال قصعتان ١٦١ . ال يزال هذا األمر يف قريش ما بقي من الناس اثنان

١٥١ . قريش ما بقي منهم اثنان ال يزال هذا األمر يف ٣٠٢ .ال ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه

ألعطني هذه الراية رجال يفتح اهللا على يديه حيب اهللا ورسوله وحيبه اهللا ورسوله

١٨٠

١٩١ ) .من قول ابن عمر . ( لبسوا علينا لبس اهللا عليهم ١٩ ) . بكر قول أيب. ( لست خليفة اهللا ، ولكين خليفة رسول اهللا

لعمل اإلمام العادل يف رعيته يوما أفضل من عبادة العابد يف أهله مائة عام .أو مخسني عاما

٦١

٧٦ .لعن اهللا من ذبح لغري اهللا ٢٠٤ ) .من قول علي . ( لقد عففت فعفت رعيتك ولو رتعت لرتعوا

١٧٤ .لقد كان فيمن قبلكم حمدثون من قول . ( ن قبل أن جيتمع الناس على أمري واحد لكين أكره أن أبايع أمريي

) .ابن عمر ١١٨

٣٥٥ .للرجل سهم وللفرس سهمان عن جابر . ( على املوت ، وإمنا بايعناه على أال نفر r مل نبايع رسول اهللا

. ( ١١٢

٣٩٨

٣٨ .إن رمحيت تغلب غضيب .. ملا قضى اهللا اخللق كتب يف كتابه ، r ﴾ قال يل النيب... ن آمنوا إذا ناجيتم الرسول ملا نزلت ﴿ يا أيها الذي

ما ترى ؟

٢٤١

٢٨٨ . لن يربح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من املسلمني ، ٩٠ .لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة

١٣٤ من . ( لو أدركين أحد هذين الرجلني مث جعلت هذا األمر إليه لوثقت به

) .قول عمر ١٥٢

١٢٥ .ستعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب اهللا فامسوا وأطيعوا لو ا ١٨٠ . لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم وال نصيفه ، ٢٣٤ لو أنكما تتفقان على أمر واحد ما عصيتكما يف مشورة أبدا

٢٥١ ٢٥١ .لو دخلوها ما خرجوا منها إمنا الطاعة يف املعروف

١٤٩ . لسلكت وادي األنصار وشعبها لو سلك الناس واديالو علمت أحدا من الناس أقوى عليه مين لكنت أقدم فتضرب عنقي أحب

) .من قول عمر . ( إىل من أن أليه ١٦٦

١٧٤ .لو كان بعدي نيب لكان عمر لو كنت يف شدق األسد ألحببت أن أكون معك فيه ، ولكن هذا األمر مل

) .من قول أسامة لعلي . ( أره ٢٩٠

١٧٣ .لو كنت متخذا خليال الختذت أبا بكر ٦١ .ليس من وال أمة قلت أو كثرت ال يعدل فيها إال كبه اهللا يف النار

٢٩ .لينقض عرى اإلسالم عروة عروة

٣٩٩

)م(حرف امليم

من قول ابن . ( ما أجد يف نفسي شيئا إال أين مل أقاتل الفئة الباغية مع علي ) .عمر

٢٩٠

١٩٩ .ما استخلف خليفة إال له بطانتان ١٧٣ ) .من قول علي . ( ما أنا إال رجل من املسلمني

ما : (ما بقاء هذا األمر الصاحل الذي جاء اهللا به بعد اجلاهلية ؟ قال ) .من قول أيب بكر ) . ( استقامت بكم أئمتكم

٢٠٥

٢٣٦ ) من قول احلسن ( . ما تشاور قوم قط إال هداهم اهللا ألفضل ما حيضرهم ٢٣٦ من قول قتادة . (ما تشاور قوم قط يبتغون وجه اهللا إال هدوا ألرشد أمرهم

١٦٩ .ما تقل الغرباء وال تظل اخلضراء على ذي هلجة أصدق وأوىف من أيب ذر ٢٣٨ .ما خاب من استخار وال ندم من استشار

٧٦ ) .من قول علي . ( بشيء مل يعم به الناس r ما خصنا رسول اهللا ٢٣٤ ) من قول أيب هريرة ( . r ما رأيت أحدا أكثر مشورة ألصحابه من النيب

من قول أيب . ( ما رأيناك أتيت أمرا أكره عندنا من إسراعك يف هذا األمر ) .موسى وأيب مسعود

٢٩٠

٢٣٩ .ما شقي قط عبد مبشورة ، وما سعد باستغناء رأي من قول . ( ن اهللا ليذلوه إال أذهلم اهللا قبل أن ميوتوا ما مشى قوم إىل سلطا

) .حذيفة ٢١٩

ما من أمري عشرة إال يؤتى به يوم القيامة مغلوال ال يفكه إال العدل أو يوبقه .اجلور

٦١

ما من عبد يسترعيه اهللا رعية من املسلمني مث ميوت وهو غاش هلم إال مل يدخل اجلنة معهم

٢٠٤

يلي أمر املسلمني مث ال جيهد هلم وينصح هلم إال مل يدخل اجلنة ما من عبد .معهم

٢٠٤

٢٨٦ . ما من نيب بعثه اهللا قبلي إال كان له من أمته حواريون ٧٤ ) .من قول ابن عباس . ( ومل يوص r مات رسول اهللا

١١١ .املدينة كالكري تنفي خبثها ، وتنصع طيبها ٦٩ .مروا أبا بكر فليصل بالناس

٤٠٠

٢٣٤ .املستشار مؤمتن ٦٣ .املسلم أخو املسلم

١١٥ .املسلمون على شروطهم ٢٣٩ ) . من قول علي . ( املشورة عني اهلداية وقد خاطر من استغىن برأيه

٦١ .املقسطون على منابر من نور ، ٢٧١ من أتاكم وأمركم مجيع على رجل منكم يريد أن يشق عصاكم فاقتلوه

٣٠٤ ن أراد حببوحة اجلنة فليلزم اجلماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من م

.االثنني أبعد ٩٩

١٠٨ ) .من قول عمر . ( من استخلف ؟ لو كان أبو عبيدة ابن اجلراح من استعمل رجال على عصابة وفيهم أرضى اهللا منه فقد خان اهللا ورسوله

.واملؤمنني ١٦٥

، ٢٠ .ن عصاين فقد عصى اهللا من أطاعين فقد أطاع اهللا وم٢٠٩

٢١٩ .من أهان سلطان اهللا يف األرض أهانه اهللا من بايع إماما فأعطاه صفقة يده ومثرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر

.ينازعه فأضربوا عنق اآلخر ٢٥٥ ، ٣٠٣

من بايع رجال من غري مشورة املسلمني فال يتابع هو وال الذي بايعه تغرة ) .من قول عمر . ( أن يقتال

٨٠ ، ٦٠ ،٨٨ ، ١١٤

٢٢٠ .من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل ٢٥٩ .من بدل دينه فاقتلوه

٩٠ من حالت شفاعته دون حد من حدود اهللا فقد ضار اهللا من أمره ٥٨ ) .من كالم احلسن البصري . ( من حكم بغري ما أنزل اهللا فحكم اجلاهلية

٢٢١ . بالبقاء فقد أحب أن يعصى اهللا يف أرضه من دعا لظامل ٤٨ .من رابط يف شيء من سواحل املسلمني ثالثة أيام أجزأت عنه رباط سنة

، ٢٧٦ من رأى من أمريه شيئا يكرهه فليصرب ٢٨٢

٤٠١

٢٨٥ .من رأى منكم منكرا فليغريه بيده اجرين واألنصار من زعم أن عليا أحق بالوالية فقد خطأ أبا بكر وعمر وامله

) .من قول سفيان الثوري ( ١٧٣

٢٧٧ .من مسع مسع اهللا به يوم القيامة ، ومن شاق شقق اهللا عليه يوم القيامة ٦٤ .من قتل حتت راية عمية يدعوا إىل عصبية

٢١٨ .من قتل دون ماله فهو شهيد ٢٢١ من قتل دون ماله مظلوما فهو شهيد

٢٠٣ عصابة ، وهو جيد يف تلك العصابة أرضى منهمن قلد رجال عمال على من قول . ( أبو بكر : من كان رسول اهللا مستخلفا لو استخلف ؟ قالت

) .عائشة ٧٣

٢٢٦ .من كان عنده نصيحة لذي سلطان فال يكلمه ا عالنية ١٩٩ .من كان لنا عامال فليكتسب زوجة

٤٩ . ميتة جاهلية من مات ومل يغز ومل حيدث نفسه بالغزو مات ، ٢٨ .من مات وليس يف عنقه بيعة مات ميتة جاهلية

٢٧٦ ، ٢١٦ من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية

٢١٧ من . ( من هي الفئة الباغية ؟ لو علمنا ما سبقتين أنت وال غريك على قتاهلا

) .قول ابن عمر ٢٩٠

٢٠٢ .ون حاجتهم وخلتهم من واله اهللا شيئا من أمور املسلمني فاحتجب د ١٧٨ . من حيفر بئر رومة فله اجلنة

)ن(حرف النون

١٤٩ الناس تبع لقريش الناس تبع لقريش يف هذا الشأن مسلمهم تبع ملسلمهم ، وكافرهم تبع

.لكافرهم ١٥٠

٦٤ .الناس سواسية كأسنان املشط ٢٠٥ .الناس على دين ملوكهم ١٤٦ .اس بن عبد الطلب وربيعة بن احلارث ناسبوا ذا النسب العب

٤٠٢

٢٢٣ ) .من قول ابن عمر . ( حنن مع من غلب ٢٠ ) . r قول بعض أصحاب رسول اهللا. ( حنن املؤمنون وعمر أمرينا

٢٩٠ ) .من قول ابن عمر . ( ندمت على تركي قتال الفئة الباغية ٢٢٤ .فقيه نضر اهللا امرأ مسع مقاليت فبلغها فرب حامل فقه غري

١٩٠ .نعم إذا أديتها إىل رسويل فقد برئت منها )هـ(حرف اهلاء

: وعلى قومك قال r هات يدك أبايعك على اإلسالم فبايعه فقال الرسول ) .عن ضماد ( وعلي قومي

١١١

١٩٦ .هل تنصرون وترزقون إال بضعفائكم )و(حرف الواو

١٩٦ ) .من قول عمر ( . واهللا ال أحد أحق ذا املال من أحد من . ( لقاتلتهم عليه r واهللا لو منعوين عقاال كانوا يؤدونه لرسول اهللا

) .قول أيب بكر ١٨٦

٧٧ ) من قول علي . ( إال شيئا عهده إىل الناس r واهللا ما عهد إيل رسول اهللا ١٢٠ .يد امرأة قط r واهللا ما مست يد رسول اهللا

١٢٠ ) .من كالم النجاشي ( بن عمك وأصحابه وقد بايعتك وبايعت امن قول . ( ا أنت فأقسمها : قال . نعم : وقد عتقت يا كيسان ؟ قال

) .عمر ١٩٠

١٢٩ .وال يبقني باب إال سد إال باب أيب بكر ٢٨٠ ومن مات وليس يف عنقه بيعة مات ميتة جاهلية

)ي(حرف الياء

، ١٤٢ .انة يا أبا ذر إنك ضعيف وإا أم١٦٩

إذا كانت عليك أمراء إذا : ل وأنا أعلم ؟ قال ضيا أبا عبد الرمحن مىت أ ) .من قول ابن مسعود . ( أطعتهم أدخلوك النار ، وإذا عصيتهم قتلوك

٢١٨

عن اخلري r يا أيها الناس أال تسألوين ؟ فإن الناس كانوا يسألون النيب ) .يفة من قول حذ. ( وكنت أسأله عن الشر

٢٩٠

٤٠٣

٦٤ .يا أيها الناس إن ربكم واحد من . ( ذن ، إن هذا أمركم ليس ألحد فيه حق إ ويا أيها الناس عن مأل

) .قول علي ٨٦

يا رسول اهللا أرأيت هذا اخلري الذي أعطانا اهللا أيكون بعده شر كما كان .السيف : ما العصمة ؟ قال: نعم ، قلت : قبله ؟ قال

٢٨٦

اهللا إن القوم من أصحاب الصدقة يعتدون علينا أفنكتم من أموالنا يا رسول .ال : بقدر ما يعتدون علينا ؟ قال

١٩٢

عن زينب . ( هو صغري فمسح رأسه ودعا له r يا رسول اهللا بايعه فقال ) .بنت جحش

١١٣

٣٨ .يا عبادي إين حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم حمرما ، ١٤٥ . ن مسره ال تسأل اإلمارة يا عبد الرمحن ب

٢٠١ يا معشر قريش إنكم أهل هذا األمر ما مل تعصوا اهللا فإذا عصيتموه بعث

.عليكم من يلحاكم ١٥٧

١٣٤ . يا معشر النساء تصدقن ١٩٦ .حيبس ألهله قوت سنتهم وجيعل ما بقي يف الكراع ٢١٠ )من قول علي . ( انة حيق على اإلمام أن حيكم مبا أنزل اهللا وأن يؤدي األم

٢٤ .يكون اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ٢٢٠ .يكون بعدي أئمة ال يهتدون دي وال يستنون بسنيت

١١٨ .يكون دعاة على أبواب جهنم من أجام إليها قذفوه فيها يهدمه أي اإلسالم ، زلة عامل وجدال منافق بالكتاب ، وحكم األئمة

) . قول عمر من. ( املضلني ٢٨٨

٢٧٨ .يوشك أن يكون خري مال املسلم غنم ١٣٧، ٧٠ ١٢٨. يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اهللا

* * * * *