المملكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي

جامعة أم القرى كلية الدعوة وأصول الدين

قسم العقيدة

على الشاهد لدى الفالسفة واملتكلمني وآثاره عرضا ونقدا بقياس الغائ

على ضوء منهج أهل السنة واجلماعة

تيررسالة مقدمة لنيل درجة الماجس

:إعداد الطالب كمال سالم الصريصري

:بإشراف األستاذ الدكتور

احمد بن سعد بن حمدان الغامدي

م٢٠٠٠/ هـ ١٤٢١

ـ أ ـ بسم اهللا الرمحن الرحيم

املقدمة

احلمد هللا الذي ميز عباده املؤمنني باإلميان بالغيب بدون شك والريب ، وأكمـل هلم الدين فال حيتاجون إىل فلسفة حمرية ، وال أهواء مضللة ، والصالة والسالم على نبينـا

مـن إىل متييز احلق حممد وعلى آله وصحبه والذي بني ألتباعه الطريق الصحيح وأرشدهم .علما وعمال الباطل وبعد فإن اهللا سبحانه وتعاىل ميز بين آدم بالعقل وجعله مناط التكليـف فبفقـده

.إال بهحياة اإلنسان يف كل جماالا العملية والعلمية نه التستقيم يرتفع التكليف وذلك ألنـسان عمـارة ومن خالل هذا العقل الذي من اهللا به على بين آدم استطاع اإل

األرض وذلك من خالل االستفادة من ميزته وهو معرفة األمور املتماثلة واحلكم عليهـا .عرفة األمور املختلفة واحلكم عليها باالختالف مبالتماثل و

ومن خالل معرفة خصائص األشياء اليت متيزها عن غريها فكل شئ له خـصائص .اص به وعلى خمالفه خبالف هذا احلكم متيزه عن غريه وحيكم على كل مثيل له حبكمه اخل

اآلخرين الميكنه االستفادةمن علوم ولكن اإلنسان باعتماده فقط على عقله دون حبال اإلنتاج أو القيام بعمارة األرض ألن اإلنسان مرتبط حبواسه وهي اليت تنقل مايكون

كم علىماغاب عنه ، يف حميطه إىل عقله والذي يعطي هلا أحكاما كلية يستفيد منها يف احل ون ضئيال لفردية التجربة ، ولكن مع هذا الطريق كولكن هذا الكم من املعلومات سوف ي

.البد أن ينضم إليه طريق آخر وهو اخلرب والذي أيضا مييز العقل بني صحيحه وسقيمه ني ماتدركه احلواس واألخبار املستفادة من اآلخرين بفتتكون املعلومات يف العقل عن ذلك أحكام كلية تكمن فائدا ليس يف احلكم على األمر املأخوذ عنه احلكـم فينتج

.وهو مايكون مشاهدا سواء كان حسا أو خربا بل إلصدار احلكم على ماكان غائبا مبا امره اهللا ل اإلنساين استطاع اإلنسان عمارة األرض قفمن خالل هذه امليزة للع

صوص الشرعية واليت ايضا حيكم على صحتها مـن مبا صح من الن وأيضا سبجانه وتعاىل ، ، ))اس الغائب علـى الـشاهد يق: (( يسميها الفالسفة واملتكلمون خالل هذه امليزة اليت

العقـالء الفـرق يف كل يعلمه ق ي ألن هذا الطر جعلوه طريقا ظنيا اليوصل اىل اليقني ، وكل انسان مطالب بدليل على ، ف الناس ي من عامال بني العامل اجلهبذ منهم و االستدالل به

مايقول والبد من استدالله باملعلومات السابقة لديه ولدى املتلقي منه ،فالفالسفة ومن

ـ ب ـسار على جهم ردوا قياس الغائب على الشاهد وذلك من خالل متييز صور االستدالل به

.لك بعضها عن بعض مما يشعر باالختالف بينها ، مع أن حقيقة االمر ليست كذ ومما يدلل على أن الفالسفة يطلبون التميز عن االخرين حىت لو كان االمر الـذي

ومن -وهو السبب يف تضعيف مجيع العلوم اليت يعلمها عامة الناس -يراد التميز عنه منقبة اذا رضي بأن يقال له انـه جمنـون :يكمل عقل الرجل ،قال ذلك انه قيل ألفالطون ميت

مايبكيك وقد مـدحك ؟ ،قـال : سقراط وقد مدحه بعض العوام فبكى ،وكذلك قيل ل مامدحين اال وقد وافق شئ من اخالقه اخالقي ، وانا اكره ذلك ، فلو ذمين لكان احـب إيل، ويقول احدهم قولك إنك التفهمين مديح الاستحقه أنا وإهانة لـك التـستحقها

. مل يفهموك ، فدليل العبقرية هو التميز عن الناس وان)١(أنت بعد االنتهاء من السنة املنهجية وعلى ماجرت به العادة ةوقد قمت وهللا احلمد واملن

هـذا موضوع يقوم الطالب بالبحث فيه لنيل درجة املاجستري ، يف اختيـار اختيار من :املوضوع ألمهيته واليت تكمن فيما يلي

رعي استخدمه القـرآن أن قياس الغائب على الشاهد امر فطري وطريق ش -١الكرمي والسنة النبوية ، وذلك من خالل ضرب االمثال وذكر الصفات املميزة لكل شئ عن غريه ، وقد رد الفالسفة واملتكلمون هذا القياس وهذا رد خلاصية العقل اليت ميز اهللا

مـن ا بين ادم وهى امليزان الذي حيتكم اليه بعد الوحي ، وكذلك رد ألدلة الشرع اليت سهولتها عرفها العريب والعجمي ، والبدوي واحلضري، وألجل ذلك رأيـت أنـه مـن

. الواجب جتليته وفق منهج اهل السنة واجلماعةأن كل من خالف اهل السنة واجلماعة ضعف هذا الطريق الفطـري ورأه -٢

طريقا ظنيا ـ حبسب زعمهم ـ حىت يكون العلم حكرا على اناس معينني ، ويـصبح ماتقول به االشخاص المايكون حقيقة يف نفسه ، والدليل على ذلك املـصطلحات احلق

اليت يصطلحون عليها فمن اليتكلم ا فهو حشوي ، وجاهل كما يزعمون مع أنـه يف .احلقيقة الميكنهم إختاذ إي دليل عقلي اليكون من هذا القياس

الميـة تأثر كثري ممن كتب يف العصر احلاضر باملنـاهج الفلـسفية والك -٣ واالعتماد على مصطلحام يف قضايا الفكر، وكأن تقسيمام ومصطلحام حقيقة

)١٢١-١١٨ص (نظر حكماء لكن ظرفاء ا) ١(

ـ ج ـالمرية فيها، فيوافقون على تقسيمهم للقضايا العقلية وخاصة يف أنواع األدلة وإن خالف

:تقسيمهم الواقع ، والدليل على ذلك صورة من صـور أن من كتب يف هذا املوضوع جعل قياس الغائب على الشاهد

االستدالل العقلي ، ال أنه يعم مجيع صور االستدالل وممن كتـب يف هـذا املوضـوع الدكتور النشار يف مناهج البحث ، وحسن الشافعي يف املدخل لدراسة علم الكـالم ، وسامل يافوت يف كتابه ابن حزم ، وحممد اجلابري يف نقد العقل العـريب وغريهـم، مل

ن أقوال الفالسفة واملتكلمني من جعله صورة من صور االستدالل خيرجوا فيما قرروه ع .العقلي وأنه طريق ظين

قياس الغائب : (( واكرب حبث حبث كتب يف هذا املوضوع هو رسالة علمية بعنوان عبدالعزيز املرشدي تقدم ا لنيـل : للدكتور)) على الشاهد وأثره على الفكر االسالمي

. جامعة االزهردرجة الدكتوراه من والرسالة تقرر هذا املوضوع من خالل املذهب االشعري ويبدو أن كاتبها مل يتيسر له الوقوف على مذهب السلف حيث جعل كالمهم يف عدة قضايا هو نفس مـذهب ايب احلسن األشعري إضافة اىل عزو بعض املسائل اليهم وليست من أقواهلم كما جعل ابـن

لصفات وهوخمالف هلم فيه، ولكن يشكر له مدحه لـشيخ األسـالم حزم منهم يف باب ا .وأثباته لصحة بعض أقواله رمحه اهللا

ـ وتكمن امهية هذا املوضوع يف انه اليوجد ضالل يف العقيدة ، أو خطأ إلطالق أي ٤حكم سواء تعلق احلكم يف امر دنيوي او امر ديين ، االوكان اخللل من خالل القصور يف

.االستخدام فالعيب ليس يف القياس بل العيب يف ذا القياس ،االستدالل أن صحة االحكام على االشخاص والفرق واالشاء تعتمد على قياس الغائـب علـى -٥

الشاهد ، فحكمنا على شخص أنه مسلم أو كافر ، او انه فيلسوف او اشعري اومعتـزيل .على كل شئ مبا يستحق اخل ، تقوم على معرفتنا السابقة اليت حيكم من خالهلا ..

حىت يف العلوم الدنيوية والتطور اهلائل الذي يقع فيها إمنا يعتمد على ما صح مـن معلومات سابقة تكون قاعدة ملا يراد الوصول اليه ، فالطب واهلندسة والعلـوم بـشىت

.انواعها تعتمد يف اثباتاا وتطورها اىل قياس الغائب على الشاهده من األسباب وقع االختيار على هذا املوضوع والذي سوف غريوفألجل ذلك

يتبني لنا من خالل البحث فيه ـ إن شاء اهللا ـ أن مذهب اهل السنة واجلماعة هو

ـ د ـاملذهب الذي يوافق املعقول واملنقول ، املفهوم لكل احد ، فال حيتاج للعلم به إال معرفـة

.ناس يف افهامهم ماصح من األخبار ، مع مالحظة تفاوت الواما املخالفون ملذهب اهل السنة واجلماعة فهم يف احلقيقة خمالفون للعقل والنقل ، وعلومهم حتتاج اىل تعلم لصعوبتها مع قلة فائدته ، فكأن الدين مل يرتل للناس كافة ، بل نزل الصحاب املذاهب ، وألجل ذلك اليكون هلم عامة لصعوبة كالمهم ولعـدم تعلـق

ذا الكالم عمل . :واما منهج البحث فهو مايلي

ابدأ عند عرض أي قضية باراء املخالفني من فالسفة او متكلمني مث اعقـب - أ .بعد ذلك مبنهج اهل السنة واحلماعة

عند عرضي ألي مذهب خمالف ابني القياس فيه وارد بقدر االستطاعة على - ب .ماخالف فيه بواسطة منهج اهل السنة واجلماعة

.واطن اآليات وأخرج االحاديث من مصادرها اذكر م - تقمت بعمل فهارس لآليات واالحاديث واملوضوعات وملحـق بـاالعالم - ث

.غرياملشهورين التزمت كثريا بأراء ابن تيمية ألنه اكثر اهل السنة واجلماعة تاليفا يف الـرد - ج

.على الفالسفة واملتكلمني والرد عليهم مبصطلحامي، وباب نظـري متهيدثالثة ابواب،باب إىل مقدمة و وقد قمت بتقسيم البحث

. وخامتة وباب تطبيقي .أما املقدمة فقد حتدثت فيها عن أمهية املوضوع وخطورته وخطة البحث . فقد اشتمل على فصلني يالتمهيدالباب وأما

فذكرت تعريف كل منـهما . التعريف بأهل السنة واملتكلمني والفالسفة : الفصل األول .يزه عن غريه من الطوائف األخرى ومامي

العالقة بني األدلة العقلية واألدلة النقلية ، والذي بينت فيه تعريف : الفصل الثاين كل من الدليل والعقل والنقل والعالقة بينهما وبينت أن للعقل حدودا الميكن جتاوزهـا ،

.على صحته من عدمها قبوله أو رده وأما النقل فيتوقف الفالسفة واملتكلمني دو مفهوم قياس الغائب على الشاهد عن فهاب األول وأما الب

.وأهل السنة :سمته إىل مخسة فصول قوالذي

ـ هـ ـ .مفهوم قياس الغائب على الشاهد : الفصل األول

مفهومه عند الفالسفة واملتكلمني وأم جعلوه صورة مـن صـور هيوذكرت ف ند أهل السنة وبينت أنه خاصية العقل وأم يدخلونه يف االستدالل ، مث عقبت مبفهومه ع

.مجيع صور االستدالل االحتجاج بقياس الغائب على الشاهد عند الفالسفة واملـتكلمني : الفصل الثاين و

.وأهل السنة واملتكلمني خيتلف كالم أوائلهم ا ظني وبينت فيه أن الفالسفة يردونه ويرونه دليال

هليات اليستخدم منه إال ا أهل السنة واجلماعة فيحتجون به ولكن يف اإل عن متأخريهم ، أم .دليل اآليات وقياس األوىل

الفصل الثالث ضوابط وجوامع قياس الغائب على الشاهد لدى املتكلمني وأهـل و .السنة

وبينـت أن . وبينت فيه اجلوامع عند املتكلمني وهي العلة والدليل والشرط واحلد .والرد عليهمئف استخدمته ذه اجلوامع مجيع الطوا

.أما أهل السنة فضوابطهم فيه هي الضوابط يف تقرير أي عقيدة من العقائد .أسباب اخلطأ والضالل يف قياس الغائب على الشاهد : الفصل الرابع و عن طريق القرآن يف تقريـر الـيقني ، بتعادوقد ذكرت فيه ستة أسباب وهي اال م باملنطق اليوناين ، والدخول بالقياس حبسب القول الحبسب مايستحقه القيـاس وااللتزا

العقلي وردود األفعال وتقسيم اللغة إىل حقيقة وجماز ودفع األمور الضرورية وجعلها أمورا .استداللية .استخدام قياس الغائب على الشاهد وجماالته : الفصل اخلامس و الفالسفة واملـتكلمني د قياس الغائب على الشاهد عن وبينت فيه كيفية استخدام

.وبينت أنه يستخدم يف مجيع جماالت العلم هو تطبيقات قياس الغائب على الشاهد علـى أمـور العقيـدة فوأما الباب الثاين

:وقسمته ستة فصول .إثبات وجود اهللا : الفصل األول أدلتهم سـواء فالسـفة أو وبينت كيف استخدموا قياس الغائب على الشاهد يف

.متكلمني ورددت على استخدامهم مث بينت استخدام أهل السنة له يف هذا الباب .إثبات وحدانية اهللا : الفصل الثاين

ـ و ـ .كذلك فعلت فيه مافعلت يف السابق .صفات اهللا سبحانه وتعاىل : الفصل الثالث .اىل أفعال اهللا سبحانه وتع: الفصل الرابع .النبوات : الفصل اخلامس .املعاد : الفصل السادس

.مث اخلامتة واليت ذكرت فيها النتائج اليت توصلت إليها من خالل هذا البحث جامعة ام القرى وكلية الدعوة واصول الدين وقسم العقيدة وأخريا اليفوتين شكر

شيخي وأستاذي الكرمي ستري ،واشكر فيها لتمكينهم يل من مواصلة تعليمي يف مرحلة املاج الغامدي الذي لن اوفيه حقه مهما تكلمت أوفعلت ، الدكتور أمحد سعد محدان االستاذ

لوقوفه معي وتقديره لظرويف اليت مررت ا ،حيث كان له اكرب االثر يف امتـامي هلـذه ـ توجيهاته القيم الرسالة من خالل صربه علي ومن خالل زاه اهللا ه وارشادته السديده فج

.خريا عىن وبارك اهللا له يف علمه وولده حممد حسان كـسبة ، : كما اتقدم بالشكر للمناقشني الفاضلني االستاذ الدكتور

واالستاذ الدكتور امحد بن عبداللطيف العبد اللطيف على تفضلهم بقبول تقيـيم هـذا .البحث ومناقشته

ملواقفه السابقة معي ، وملا حصلته على يديه من واشكر الدكتور عبداهللا الدميجي علم فجزاه اهللا عين خريا ، وكذلك اليفوتين شكر الدكتور بركات دويدار الذي بث يف نفسي الثقة الختيار هذا املوضوع واملشجع يل عند اختياره فأسال اهللا لـه التوفيـق وأن

لـذين نفعـين اهللا بعلمهـم يوفقه للخري ،كما اشكر مجيع مشاخيي يف جامعة ام القرى ا . وتتلمذت على ايديهم

واشكر والديت العزيزة اليت قامت بدور مشترك حتملـت بـه مـسؤولية االب واالم ، وكانت اكرب معني يل بعد اهللا يف تأدييب ومواصليت تعليمي ، وانا اهدي هلا اليوم بـاكورة

عىن خريا وامدها بطول عملى حىت تسعد بصربها علي وترى حصيلة جهدها فجزاها اهللا .العمر وصالح العمل

وكذلك اشكر اخواين الذين كانوا خري معني يل بعد اهللا يف هذه احلياة ، واسـأل اهللا .هلم التوفيق يف الدنيا واالخرة ، واشكراهل بييت على صربهم ومعانتهم معي

ـ ز ـ ، واخص بالذكر األخ العزيز واشكر مجيع زمالئي على مواقفهم معي فجزاهم اهللا خريا

امحد بن سليم احلريب واألخ العزيز سعود بن سعد العتبييب، حيث كان هلم األثر يف امتـام هذه الرسالة فبذال معي من وقتهم الكثري ودفعاين غلى امتام الرسالة بكل ما ستطاعوا فعله،

عين خريا وكثر اهللا وليس هلماى عندي إال الدعاء وأن اهدي هلما هذا البحث فجزامها اهللا .من امثاهلم يف هذا الزمان الذي قل فيه املعني

واشكر األخ العزيز حيىي درويش ال عمر على حرصه على مساعديت ألجنـاز هـذا البحث، واشكر األخ حسني الغامدي وخالد الزهراين وعبداهللا املالكي على ما بذاله معي

. فجزاهم اهللا خريا رب العاملني على منه وتوفيقه علي يف امتام هذا البحث فما كـان مـن واحلمد هللا

صواب فلله احلمد واملنة وماكان من خطأ فمن نفسي والـشيطان ، وارجـو ارشـادي .وتنبيهي على ماوقع من اخلطأ

. سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسالم على املرسلني ، واحلمد هللا رب العاملني

١

يالتمهــــــيدالباب

التعريف بأهل السنة واجلماعة واملتكلمني : الفصل األول .والفالسفة

.األدلة العقلية وعالقتها باألدلة النقلية: الفصل الثاين

٢

الفصل األول

. التعريف بأهل السنة واجلماعة واملتكلمني والفالسفة

:وفيه ثالثة مباحث

.التعريف بأهل السنة واجلماعة: املبحث األول

.التعريف باملتكلمني:املبحث الثاين

.التعريف بالفالسفة: املبحث الثالث

٣

كل من أهل السنة واجلماعة وخمالفيهم يف استخدام قياس قبل البدء يف بيان مذهب

.يفا بكل مذهب وذكر خصائصه ومميزاته للتفريق بينهماورد تعر ،الغائب على الشاهد :التعريف بأهل السنة واجلماعة : ملبحث األول ا

: سنعرض يف تعريفنا ألهل السنة لثالثة امور هي . التعريف بالسنة لغة واصطالحا:اوال . التعريف باجلماعة لغة واصطالحا:ثانيا .اعة لقبا ومىت نشأ هذا اللقب التعريف بأهل السنة واجلم: ثالثا

.ومن خالل هذه املسائل سيتضح لنا املقصود بأهل السنة واجلماعة ومبا يتميزون به : تعريف السنة :اوال السني والنون أصل ،ن س :" يقول ابن فارس ،ـ السنة يف اللغة تأيت مبعىن السرية والطريقة ١

ومما اشتق منه السنة وهي السرية، …ة طراده يف سهول اواحد مطرد وهو جريان الشيء و : قال اهلذيل ،وسنة رسول اهللا عليه السالم سريته

فأول راض سنة من يسريها فال جتز عن من سنة أنت سرا .)١("منا مسيت بذلك ألا جتري جرياإو

وكل من ابتدأ أمرا عمل بـه … والسنة السرية حسنة كانت أو قبيحة :"ويقول ابن منظور : قال نصيب،بعده قيل هو الذي سنهقوم

.)٢("من الناس إذ أحببت من بينهم وحدي كأنين سننت احلب أول عاشق السرية ومسيت بذلك جلرياا جريا ومما يفسر معناها السابق قول النيب صـلى :فمعىن السنة

عمل ا بعده مـن يف اإلسالم سنة حسنة فله أجرها وأجر من نن س م" اهللا عليه وسلم وقد تكـرر يف احلـديث ذكـر :" ويقول ابن األثري ،)٣("أجورهم شيئا أن ينقص من غري .)٤("وما تصرف منها واألصل فيها الطريقة والسرية) السنة( .تبني لنا بأن معىن السنة يف اللغة السرية والطريقةيمما سبق و

).٤٧٤ ص( أليب احلسني أمحد بن فارس اللغة يفقاييساملمعجم )١( ). ١٣/٢٢٥ ( إلبن منظور لسان العرب )٢(، والنسائي كتاب الزكاة بـاب التحـريض )١٠١٧( اب الزكاة باب احلث على الصدقة برقم رواه مسلم يف كت ) ٣(

. )٥/٧٦( على الصدقة ) .٢/٢٢٣ (النهاية مادة سنن) ٤(

٤

:ـ السنة اصطالحا ٢ تعريف السنة يف اصطالح أهل الفنون كاحملدثني والفقهاء واألصوليني حبسب ختلف يف ا

ليست هذه التعاريف هي املقصودة هنـا ،وإمنـا ما يقتضيه تقسيمهم للعلوم أو األحكام و .املقصود هو الشريعة بكاملها

ى فمن خالل األحاديث الوارد فيها ذكر السنة أتت فيما يقابل البدعة يقول الرسول صل عليكم بسنيت وسنة اخللفاء الراشدين املهديني من بعدي عضوا عليهـا :" اهللا عليه وسلم

.)١("…بالنواجذ وأياكم وحمدثات األمور فإن كل حمدثة بدعةفقد جعل النيب صلى اهللا عليه وسلم سنته وسنة اخللفاء الراشدين يف مقابـل حمـدثات

ة تأيت مبعىن ما كان عليه الرسول صلى اهللا عليـه األمور واليت حكم عليها بأا بدعة فالسن .وصحابته رضوان اهللا عليهم وما خالف ذلك فهو بدعه

يف مقابلة البدعه فيقال فالن علـى سـنة إذا أيضا ويطلق :" رمحه اهللا يبيقول الشاط ـ عليه عمل على وفق ما عمل عليه النيب صلى اهللا عليه وسلم كان ذلك مما نص اب يف الكت

ويقال فالن على بدعه إذا عمل خالف ذلك وكأن هذا االطالق إمنا أعترب فيه عمل ،أوال. كان العمل مبقتضى الكتـاب نإصاحب الشريعة فأطلق عليه لفظ السنة من تلك اجلهة و

ذلك يف الكتاب أو الـسنة أو مل دج و ،ويطلق أيضا لفظ السنة على ما عمل عليه الصحابة ت عندهم مل تنقل إلينا أو اجتهادا جمتمعا عليه منـهم أو مـن تبثتباعا لسنة يوجد لكونه ا

.)٢(..."خلفائهم :ناأراد رمحه أن يبني أن السنة املقصود ا أمر

ما كان عليه الرسول صلى اهللا عليه وسلم سواء كان األمر املروي عنه ورد يف القـرآن -١ .ل صاحب الشريعة واملخالف مبتدعأم مل يرد ألن اطالق لفظ السنة اعترب فيه عم

د عملهم يف الكتاب أو السنة أو مل يـرد رما عليه الصحابة رضوان اهللا عليهم سواء و -٢ .أو كان اجتهادا جممعا عليه عندهم. لديهمتبتثألم ما عملوا ذلك إال لسنة

يف فالسنة هي ما كان عليه النيب صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه رضوان اهللا علـيهم .العبادات والعقائد واملخالف هلم مبتدع

والترمذي كتـاب ، ) ٤٦٠٧ برقم (، وأبو داود كتاب السنة باب يف لزوم السنة ) ١٢٧ـ٤/١٢٦( املسند ) ١(

) .٢٦٧٦برقم ( سنة واجتناب البدع العلم باب ما جاء يف األخذ بال ) .١/٤٢٨( لوسي ألماين األوانظر يف نفس املعىن غاية ا، ) ٤/٤(املوافقات ) ٢(

٥

ـ يقول ابن تيمية ولفظ السنة يف كالم السلف يتنـاول : " موضحا الكالم السابق وإنه كان كثري ممن صنف يف السنة يقصدون الكالم يف ،السنة يف العبادات ويف االعتقادات

اقتـصاد (ي اهللا عنهم بن كعب وأيب الدرداء رض وهذا كقول ابن مسعود وأيب ،االعتقاداتالسنة طريقة الـنيب " : ويقول ابن رجب رمحه اهللا ،)٢(")١() بدعه يفيف سنة خري من اجتهاد

مث صار ،صلى اهللا عليه وسلم اليت كان عليها هو وأصحابه الساملة من الشبهات والشهوات ما سلم من يف عرف كثري من العلماء املتأخرين من أهل احلديث وغريهم معىن السنة عبارة ع

الشبهات يف االعتقادات خاصة يف مسائل اإلميان باهللا ومالئكة وكتبه ورسله واليوم اآلخـر .)٣("وكذلك مسائل القدر وفضائل الصحابة

:ن أن تعريف السنة مر مبرحلتني جب رمحه اهللا بيرفابن ني مـن األصل الذي يرجع إليه وهو طريقة النيب صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه الـسامل ) أ

أي أن األمر يتعلق بأصل الدين وكيف قام به سلف هـذه األمـة يف ،الشبهات والشهوات .االعتقادات والعبادات

يف عرف املتأخرين ما تعلق بالعقائد وسلم من الشبهات املثارة وخاصة يف اركان السنة ) ب .اإلميان كلها وفضائل الصحابة

ي تعود إليه وهو طريقة النيب صـلى اهللا عليـه ومعرفة سالمة املعتقد تعرف باألصل الذ وسلم فإذن من هذا القول يتبني لنا أن السنة هي الرجوع ألصل الدين الذي كان عليه النيب

.صلى اهللا عليه وسلم وصحابته وإن بعد الزمن

).١/٢٠٨( للبغوي، شرح السنة ،)١٤برقم ١/٥٥( واجلماعة لاللكائي شرح أصول اعتقاد أهل السنة )١( ).٧٧ص ( األمر باملعروف والنهي عن املنكر )٢( ).١٨ص ( ةكشف الكرب )٣(

٦

تعريف اجلماعة لغة واصطالحا:ثانيا :ـ تعريف اجلماعة لغة١

يم وامليم والعني أصل واحد يدل على تضام الـشيء يقـال اجل : "يقول ابن فارس .)١("مجعت الشيء مجيعا

ع الشيء عن تفرقة جيمعه مجعا مجو، )٢("تأليف املفترق : اجلمع :"ويقول الفريوز آبادي اجلماعة ضد الفرقة واالجتمـاع ضـد ، ف )٣(ومجعه وأمجعه فاجتمع واالجتماع ضد التفرق

.االفتراق :جلماعة يف االصطالح ـ تعريف ا٢

يف األحاديث الواردة عن النيب صـلى اهللا تال بد من معرفة معىن اجلماعة كما ورد :عليه وسلم فقد وردت عدة أحاديث ذكرت فيها اجلماعة وهي تدور على معنني

وقد ورد بذلك ،من االجتماع على أمري من املسلمني والتزام السواد األعظم : األول من رأى من امريه شيئا يكرهه فليصرب عليه فإنه مـن " :نيب صلى اهللا عليه وسلم حديث ال

.)٤("ةيفارق اجلماعة شربا فمات إال مات ميتة جاهلوقد ورد ذا ، ن قل الناصر أو العدد إمن االجتماع على احلق علما وعمال و : الثاين

وسلم افتراق األمة وذكر الفرقـة الناجيـة املعىن احلديث الذي ذكر فيه النيب صلى اهللا عليه .)٥(هي اجلماعة و

يف سنة النيب صلى اهللا عليـه وسـلم ذكرمها فهذان املعنيان مها معاين اجلماعة الوارد .من القولني قال مجاعة من أهل العلمواحد وبكل ذكره ابن حجر وقد . وهو االجتماع على أمري من املسلمني والتزام السواد االعظم : فاألول حيث اورد هذا املعىن عن ابن بطال بأنه لزوم مجاعة املسلمني وترك اخلـروج ،)٦(يف الفتح

. وعن الطربى بأنه لزوم اجلماعة الذين يف طاعة من اجتمعوا على تأمريه،على أئمة اجلور

).٢٢٤ص ( اللغة يف قاييس امل معجم )١( )٩١٧ص هـ ١٤٠٧ سنة ٢ط ( للفريوز آبادي، نشر الرسالة القاموس احمليط )٢( )٨/٥٣( لسان العرب انظر )٣( ).١٨٤٩رقم ح ٣ج( ومسلم ، ) ٧٠٥٤ رقم ح١٣ج ( مع الفتح البخاري )٤(السنة البن أيب و، ) ١٨ ص ( لآلجري لشريعةا و ، ) ٤٥٩٧رقم ( داود أيبسنن و ،) ٤/١٠٢ (أمحدانظر مسند )٥(

).٣٩٩٣رقم ( األمم وابن ماجه كتاب الفنت باب افتراق )٣٥ـ٣/٣٤( عاصم ).٤١ـ١٣/٤٠( انظر الفتح ) ٦(

٧

فـسر ن قل الناصر والعدد وقد إهو االجتماع على احلق علما وعمال و : وعلى املعىن الثاين :مبعاين تعود هلذا املعىن

ففسر معـىن اجلماعـة ؛)١(" املراد باجلماعة الصحابة دون من بعدهم : "ـ يقول ابن حجر بالصحابة ألم أحق الناس ذا اللتزامهم بالشرع وما نـزل على الرسول على الرسـول

.صلى اهللا عليه وسلملك عن االمام أمحد عندما سئل عن ـ وقد فسر بأم أهل العلم أو أهل احلديث وقد ورد ذ

وأهل احلديث هم الـذين ،)٢("ن مل يكونوا أهل احلديث فال أدري من هم إ ":اجلماعة فقال ألن رواية به نييطبقون ما ورد عن النيب صلى اهللا عليه وسلم وليس املقصود رواته أو املهتم

.وهو من أهل البدعدراسة ورواية من رواة احلديث من أهتم به ن إتباعـه و اوحيث جاء األمر بلزوم اجلماعة فاملراد به لزوم احلق و : " يقول أبو شامة

قليال واملخالـف كثريا ألن احلق الذي كانت عليه اجلماعة األوىل من احلقسك ب تمكان امل ثرة أهـل الباطـل وال نظر إىل ك عهد النيب صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه رضي اهللا عنهم

.)٣(" بعدهم وعدم الذي كانت عليه اجلماعة األوىل د باجلماعة التزام احلق وقصفهذا القول يبني أن امل

إمنا اجلماعة ما وافق طاعة اهللا ":بن مسعود رضي اهللا عنه االتفرق فيه فاجلماعة كما قال .)٤("ن كنت وحدكإو

التعريف بأهل السنة واجلماعة لقبا ومىت نشأ هذا اللقب:ثالثا الـذي ؟ مىت نشأ هذا اللقـب باعتباره لقبا اذكر التعريف بأهل السنة واجلماعة قبل

.ميزهم عن غريهم وما املراد به عند نشوء التسمية ال كما هو يف عرف املتأخرينفأول نشوء هلذا اللقب كان يف عهد الصحابة رضوان اهللا عنهم والذي يدل علـى

يكونوا يسألون عن االسناد فلما وقعت الفتنـة مل ":ن سريين رمحه اهللا بذلك هو قول ا أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إىل أهل البدع فـال إىل مسوا لنا رجالكم فينظر :قالوا

فكالم ابن سـريين ظهوره،هذا النص من أقدم ما ورد يف اللقب و . )٥("يؤخذ حديثهم

).٢/٧٧٣( واالعتصام ، ) ١٣٤ رقم ( وانظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة، ) ٤٠ ص ١٣( الفتح )١( ).٢٥ص ( شرف أصحاب احلديث ) ٢( ).٩١ص ( الباعث على اإلنكار والبدع واحلوادث ) ٣( ).١/١٠٨( شرح أصول اعتقاد أهل السنة )٤( ).١/١٥( مقدمة مسلم )٥(

٨

عنه لتميز أهل احلـق اللقب كان بعد فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي اهللا نشوء بني أن ن إعن أهل الباطل وأهل السنة عن أهل البدعة ألن كل صاحب بدعه يريد نصر بدعته و ـ كان ذلك على حساب حديث رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فأهل السنة واجلماعة

هم الباقون على ما كان عليه الرسول صـلى اهللا عليـه :على قول ابن سريين رمحه اهللا .ون ألهل البدع الذي نشأوا بعد فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي اهللا عنهوسلم املخالف

ما املقصود ذا اللقب ةعرفحان الوقت مل اللقب ظهورن بعد أن تبني لنا وقت واآل :)١(نيفأبن تيمية رمحه اهللا بني أن له إطالق

لسنة ذا املعىن هم خني وغريمها من الصحابة فأهل ا يـ ما يقابل الرافضة الذي يسبون الش ١املعتزلة ا من يقدم الشيخني أبا بكر وعمر على غريمها فيدخل يف ذلك االشاعره ومتقدمو

.واخلوارجـ ما يقابل أهل البدع فأهل السنة هم الذين على ما كان عليه الرسول صلى اهللا عليـه ٢

.وسلم وأصحابه يقول الـسجزي ،علماءتعريف ال له وهذا االطالق الثاين هو املقصود والذي يشهد

أهل السنة هم الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصاحل رمحهم اهللا عـن ":رمحه اهللا الرسول صلى اهللا عليه وسلم أو عن أصحابه رضي اهللا عنهم فيما مل يثبت فيـه نـص يف

ـ باقتالكتاب وال عن الرسول صلى اهللا عليه وسلم ألم رضي اهللا عنهم أئمة وقد أمرنا اء ف .)٢(" أثارهم واتباع سننهم

ولعل التعريف السابق للسنة واجلماعة يدل على هذا املعىن فأهل السنة هم امللتزمون ملـا .جاء به الرسول صلى اهللا عليه وسلم وكان عليه الصحابة رضوان اهللا عليهم

الم ومـا هم امللتزمون باحلق الذي كان عليه الرسول اهللا عليه الصالة والـس : واجلماعة .كان عليه الصحابة رضوان اهللا عليهم

فعند اجتماع السنة واجلماعة يزيد األمر توكيدا بأن املقصود هو هذا وليس املعىن اجلزئي .بتقدمي أيب بكر وعمر على غريمها

:فعلى ما سبق يتضح لنا ة الرسول ن انتساا لسن إـ أن أهل السنة واجلماعة ليسوا فرقة تنتسب إىل مؤسس هلا بل ١

.صلى اهللا عليه وسلم وصحابته رضوان اهللا عليهم

).٤/١٥٥( والفتاوى ، ) ٢/٢٢١( منهاج السنة انظر ) ١( ).٩٩ص ( الرد على من أنكر احلرف والصوت )٢(

٩

ـ ال تطور يف مذهبهم فإن مذهبهم ثابت اللتزامهم مبا كان عليه الرسول صلى اهللا عليـه ٢وسلم وصحابته رضوان اهللا عليهم فال تغري وال تطور يف عقائدهم من عصر النبـوة إىل

.عصرنا هذا وهللا احلمد واملنه ما كان عليه الرسول صلى اهللا عليـه ةوافقمبإال عندهم لقول أحد بول والقـ ال عصمة ٣

.وسلم وصحابتهل ـ خصوصية انتسام للسنة دليل على تطبيق الدين كامال علما وعمال ألن خري من مث ٤

.الدين هو الرسول صلى اهللا عليه وسلم وهؤالء يقتفون أثرهن طال الزمان ومن خالف األصل ال يؤخذ ـ عدم تفرقهم لثبات أصلهم الذي هم عليه وإ ٥

.كالمه فيما خالف ويرد عليهفأهل السنة واجلماعة هم املتمسكون دي الرسول صلى اهللا عليه وسـلم وصـحابته

.رضوان اهللا عليهم يف أي زمان ومكان

١٠

املتكلمنيالتعريف ب:املبحث الثاين م والذي من خالله يتم التعرف على املتكلمني يف هذا املبحث عرض خلصائص علم الكال

الكالم لم عألم هم املتصفون ذا العلم فخصائصه تقوم م، فعلماء الكالم قد عرفوا .)١(بعدة تعريفات منها ما هو حبسب املوضوع ومنها ما هو باعتبار الغاية والثمرة

: ما عرف علم الكالم بأنـه وذلك مثل تعريف التفتازاين عند : تعريفه حبسب املوضوع وكـذلك تعريـف ،)٢("العلم بالقواعد الشرعية االعتقادية املكتسبة من أدلتها اليقينيـة "

علم يبحث فيه عن ذات اهللا تعاىل وصفاته وأحوال املمكنـات مـن : الكالم :" اجلرجاينـ على قانون اإلسالمـ والقيد األخري ء واملعاد على قانون اإلسالم،ابدامل إلخراج العلـم

.)٣("الكالم هو العلم بالقواعد الشرعية االعتقادية املكتسبة عن األدلة..اإلهلي للفالسفةفمن خالل هذه التعريفات يتضح موضوع علم الكالم عند املـتكلمني وأنـه خـاص

.بالعقائد الدينية كلها فيخرج منه الفقهلم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية ع:" هتعريفه حبسب الغاية فيعرفه اإلجيي بأن وإما

علم يقتدر معه على إثبـات العقائـد :" ويعرفه التهانوي بأنه،)٤("بإيراد احلجج ودفع الشبه علم يتـضمن " :ويعرفه ابن خلدون بأنه ، )٥("الدينية على الغري بإيراد واحلجج ودفع الشبه والرد على املبتدعة املخرفني يف االعتقادات عـن احلجاج عن العقائد اإلميانية باألدلة العقلية

.)٦ ("مذاهب السلف وأهل السنةويتضح من هذه التعريفات غاية علم الكالم هو إثبات العقائد الدينية اليت يعتقدها بأدلة

وكذلك مـن .على الذوق والكشف الصويف الوعقلية غري معتمدة على النصوص الشرعية، .احلجج والرد على شبه املخالفنيمثار هذا العلم إيراد

:مايليوهذه التعريفات مكررة وال زيادة يف تعريف على آخر إال

).٤٣ـ٤٢ ص (علم التوحيدانظر )١( ).١٦٥ـ١( شرح املقاصد )٢( ).١٦٢ص ( التعريفات للجرجاين )٣( ).٧ ص ( واقفامل) ٤( ).١/٢٢( للتهانوي كشاف اصطالحات الفنون)٥( ).٣٦٣ ص( ابن خلدون مقدمة )٦(

١١

وأخرج بذلك دفاع أهل األديان األخرى عن ) بقانون اإلسالم ( تعريف اجلرجاين قيده ـ ١دينهم بعلم الكالم واحلقيقة غري ذلك فعلم الكالم ليس خاصا باملتكلمني من أمة حممد صلى

أنه ال فـرق ب )١( عبدالرمحن بدوي ذكرههللا عليه وسلم بل كل دين له علماء كالم وهذا ما ا .)٢(بني علم الكالم وعلم الالهوت املسيحي وكذلك أمحد صبحي بني أنه مقابل له

القيد خمالف للواقع مـن اهذو) مبذهب السلف وأهل السنة ( تعريف ابن خلدون قيده ـ ٢ :ينأمرم ليسوا متكلمني مـع اقـرار إمتكلمني ومل يقل أحد هناك فرق تنسب لل - أ

.األشاعرة بأم خمالفون ألهل السنة واجلماعة كاملعتزلة وغريهمن ملذهب أهل الـسنة و متاما علم الكالم فكل املتكلمني خمالف يأنه بذلك يلغ - ب

.واجلماعة :الفرق بني الفلسفة وعلم الكالم : اثاني

:منها وعلم الكالم فعلى سبيل املثال هناك عدة فروقات بني الفلسفةأن الفلسفة ال ختتص بعلم دون آخر بل الفلسفة تدخل يف مجيع العلوم وإمـا -١

.)٣(علم الكالم فإنه خيتص بالعقائد فقطأن علم الكالم يعتمد على الدين ويكون مهه إثبات عقائده أو نفيهـا وإمـا -٢

.الفلسفة تكون جمردة عن الدين .)٤(مث يستدل والفيلسوف يستدل أوال مث يعتقد املتكلم يعتقد أوال -٣الفالسفة عمدم العلوم العقلية الكلية وهي أصح من احلسيات عندهم وإمـا -٤

أصول علمهم جزئية وهي احلـسيات مث يـستدلون ـا علـى فاملتكلمون .)٥(العقليات

:نشأة علم الكالم وأسباب ظهوره : اثالثيف زمن الرسول صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه رضـي اهللا بدأت بوادر الكالم املذموم

عنهم ولكن هذه البوادر كانت فردية ورد عليها منذ حلظتها األوىل وسلم املتكلم ا طاعـة

).١٤ ص (مذاهب اإلسالمينيانظر )١( ).٢٠٤ص ( وانظر تاريخ الفكر العريب،)١٥ص(حي ألمحد صبعلم الكالم انظر يف )٢( .)٢٢ـ١ص ( انظر موقف املتكلمني من نصوص الكتاب والسنة)٣( ).٤٤ ص (علم التوحيدانظر )٤( ).١١٠٢ـ٢( النبوات انظر )٥(

١٢

هللا ورسوله وهذه البوادر كانت يف الكالم باملتشاة من القرآن واجلدل واخلصومة يف فهـم لرسول صلى اهللا عليه وسلم واآلخر يف عهـد أدلته ونضرب لذلك مبثالني أحدمها يف عهد ا

.عمر بن اخلطاب خرج رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ذات :عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال -١

وكأمنا تفقأ يف وجهه حب الرمان من الغـضب : قال ،يوم والناس يتكلمون يف القدر "ك من كان قـبلكم مالكم تضربون كتاب اهللا بعضه ببعض ذا هل " : فقال هلم :قال فما غبطت نفسي مبجلس فيه رسول اهللا مل أشهده مبا غبطت نفسي بذلك الس :قال .)١(ين مل أشهدهأعن سليمان بن يسار أن رجال يقال له صبيغ قدم املدينة فجعل يسأل عن متشابه القران -٢

ـ : قال ؟ من أنت :فأرسل إليه عمر وقد أعدله عراجني النخل فقال بيغ أنا عبـداهللا ص أنا عبداهللا عمر فجعل له ضربا حىت :فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجني فضربه وقال

.)٢( يا أمري املؤمنني حسبك فقد ذهب الذي كنت أجد يف رأسي:دمى رأسه فقالفهذه البوادر حسمت وانتهى الكالم يف متشابة القران حىت اتسعت الفتوح ومات كثري من

ا يف دين اهللا مع جهلهم بدين اهللا فبدا الكالم يعود مرة أخـرى الصحابة ودخل الناس أفواج ظهرت هي تكفري أهل الذنوب من أهل عةفنشأت الفرق وأصوهلا اخلمسة املعروفة وأول بد

، مث ظهرت بدعة )٤(رباء منهم الصحابة رضي اهللا عنهم ت، وحدث كالم القدرية و )٣(التوحيد .)٥(عد بن درهم واجلهم بن صفوانإنكار الصفات والكالم يف ذلك على يد اجل

ىمث بعد ذلك انتشرت البدع وابتعد الناس عن عصر النبوة فبدأ الكالم يـربز ويقـو على يد املعتزلة الذين يعدون أول من أنشأ علم الكالم يف اإلسالم وخاضوا بـه يف ةخاص

.)٦(مباحث العقيدة

).٨٥حـ١ج( وابن ماجه ، ) ١٧٨ـ٢( رواه أمحد )١( ).١١٣٧رقم ( ٤ شرح أصول اعتقاد أهل السنة )٢( ).١٣/٣١( الفتاوى انظر )٣( ).٢٧ـ٢٥( من الفرق بني الفرق انظر )٤( ).٥/٢٤٤( درء تعارض العقل والنقل انظر )٥( ).١/٤٤( وانظر موقف املتكلمني من نصوص الكتاب والسنة ٣/١٨٤الفتاوى انظر ) ٦(

١٣

ب النشأة والشيوع فهي ال ختتلف أبـدا باختصار نشأة علم الكالم وشيوعه أما أسبا ههذ غريب على ألن علم الكالم واليت سيأيت ذكرها بعد هذا املبحث ، عن أسباب نشأة الفلسفة

.)١(ا واحدةمأسباف املسلمني

:أسباب التسمية: رابعاهـذه التفتـازاين قـد ذكر تعددت أسباب تسمية علم الكالم ذا االسم عند أهله و

: وهي )٢(سفيةن شرح العقائد اليفاالسباب .ألن عنوان مباحثه كان قوهلم فيها الكالم يف كذا وكذا -١ .ألن مسألة الكالم كانت أشهر مباحثه وأكثرها نـزاعا وجداال -٢ .ألنه يورث قدرة على الكالم يف حتقيق الشرعيات وإلزام اخلصوم كاملنطق للفلسفة -٣م وتتعلم بالكالم فأطلق عليه هذا االسم لذلك ألنه أول ما جيب من العلوم اليت إمنا تعل -٤

. خص به ومل يطلق على غريه متييزامث .ألنه إمنا يتحقق باملباحثة وإدارة الكالم من اجلانبني -٥ .ألنه أكثر العلوم خالفا ونـزاعا فيشتد افتقاره إىل الكالم مع املخالفني والرد عليهم -٦من العلوم كمـا يقـال لألقـوى مـن لقوة أدلته صار كأنه هو الكالم دون ما عداه -٧

.الكالميني هذا هو الكالمألنه إلبتنائه على األدلة القطعية املؤيدة أكثرها باألدلة السمعية أشد العلـوم تـأثريا يف -٨

بالكالم املشتق من الكلم وهو اجلرحي القلب وتغلغال فيه فسم . ذا االسم،يتضح من خالهلا أن تسمية علم الكالم لهذه األسباب اليت ذكرها املتكلمون

املتكلمني يعترفون بأن هذا العلم مبتدع مل يكن من أصل هذا الدين وذلك ألن أسبام اليت يف كذا الكالم ألن عنوان مباحثة كان قوهلم : فمثال السبب األول وهو ،ذكروها تبني ذلك

صحابة بل كان الكالم وكذا وهذا مل يكن يف عهد النيب صلى اهللا عليه وسلم وال يف عهد ال دون هذه املقدمة،مث يف السبب الثاين وضحوا أن السبب حادث يف بدعة املعتزلة،ويف السبب

واكتفى ذه . الثالث هو مقابل للمنطق ودخول املنطق متأخر وهو مبتدع ليس من دين اهللا . عنهماألقوال اليت تبني أم يقرون بأنه مبتدع حادث مل يكن من علوم السلف رضي اهللا

).١/٤٤( موقف املتكلمني من نصوص الكتاب والسنة انظر ) ١( ).٣٢ـ١/٢٨( مذاهب اإلسالميني ، ) ٩ـ٨ص ( واملواقف ،) ١١ـ١٠ص(سفية نلعقائد الشرح اانظر ) ٢(

١٤

السبب الثاين هو أوجهها والصحيح أن ذلـك غـري )١(وقد جعل عبدالرمحن بدوي صحيح فابن تيمية رمحه اهللا بني أن لقب الكالم وأهل الكالم أطلقه السلف يف وقت مل يكن الناس اختلفوا يف مسألة الكالم كما كانوا يقولون عن واصل بن عطاء أنه متكلم ويصفونه

)٢(.بالكالم وهذا غري صحيح أيضا ، الثالث والسادس ان فقد بني أن أوالها السبب )٣( البعض وأما

ن متـأخريهم إألن القدرة على الكالم ال تعتمد عليه بل إن واقع املتكلمني يرد ذلك حيث .هذا العلم لعلمهم عدم كفايتهالفلسفة يف أدخلوا

سنة بأن أول واجب من العلوم السبب الرابع فغري صحيح ألنه مل يقل به كتاب وال وإما هو علم الكالم،والسبب اخلامس جندهم ال يقولون بأن أهل السنة يف جـداهلم وتقريـرهم

السبب السابع فإن من العلوم ما أدلته قوية ومل يقـل وإما للعقيدة يستخدمون علم الكالم، ألن العلوم السبب الثامن فكذلك وإما نه علم الكالم كاحلساب والطبيعيات والطب، إأحد

.ن صدق تأثريهإاليت تؤثر يف القلب كثريه ومل يكن علم الكالم هو الوحيد املؤثر ولكن ما هو السبب الرئيس يف تسمية هذا العلم ذا االسم ؟

خيتلف السبب يف التسمية باختالف املسمى فأهل السنة واجلماعة أطلقوه على الكالم يف شرية املخالفة للنصوص الكتـاب والـسنة مـع بلى العقول الالعقائد اإلسالمية باالعتماد ع

:تفصيلهم ملا أمجل يف تلك العقائد والدليل على ذلك عدة أدلة أن أهل السنة واجلماعة أطلقوا على واصل بن عطاء أنه متكلم ومن أهل الكالم عندما -١

)٤(.تكلم يف مسألة املنـزلة بني املنـزلتني دون النصوص الشرعية أهـل : قال ؟ يا أبا عبداهللا وما البدع : قيل ،إياكم والبدع " :ن مالك أنه قال ما روي ع -٢

البدع الذين يتكلمون يف أمساء اهللا وصفاته وكالمه وعلمه وقدرته وال يسكتون عمـا فالكالم املخالف أو الذي مل يكـن يف ، )٥("سكت عنه الصحابة والتابعون هلم بإحسان

.ذموماملكالم هو الهم دون األخذ بأقواهلم عهد الصحابة والتابعني رضي اهللا عن

).٣٢( مذاهب اإلسالميني انظر )١( ).٣/١٨٤( الفتاوى انظر )٢( ).١/٤٥( موقف املتكلمني من نصوص الكتاب والسنة انظر )٣( ).٣/١٨٤( الفتاوى انظر )٤( ).٣٠ص ( مذاهب اإلسالمينيانظر )٥(

١٥

لعن اهللا عمرو بن عبيد فإنه ابتدع هذه البدعة من الكالم :" أنه قال ما روي عن مالك -٣ولو كان الكالم علما لتكلم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا يف األحكام والشرائع

.)١("ولكنه باطل يدل على باطل الكالم يف الدين أكرهه ومل يزل أهل بلدنا يكرهونه ":لأنه قا أيضا ما روي عن مالك -٤

وينهون عنه حنو الكالم يف رأي جهم والقدر وما أشبه ذلك وال أحب الكالم إال فيما فهو يوضح هنا كالمه السابق بأن الكالم يف العقيدة ال حرج فيه وفق ،)٢("..حتته عمل

ككالم جهم والقدر والـذي ال ولكن املكروه هو الكالم املخالف ه،كالم اهللا ورسول دليل عليه من النصوص الشرعية واليت ال توجب حتتها أي عمـل ال قلـيب وال عمـل

ـ بون بالنعالضرعندما أخرب بأم يـ وأيضا قول الشافعي . جوارح هذا جزاء من " : ."ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكالم

م الذي ذمه السلف يذم ألنـه باطـل فالكال:" كالم شيخ اإلسالم رمحه اهللا حيث قال -٥وألنه خيالف الشرع ولكن لفظ الكالم ملا كان جممال مل يعرف كثري من الناس الفـرق

فطائفة تظن أن الكالم الذي ذمه السلف هو مطلـق …بني الكالم الذي ذموه وغريه والقرآن فيـه منـاظرة الكفـار .. وهؤالء أيضا غالطون .. النظر واالحتجاج واملناظرة

واملقصود هنا أن املبتدعني الـذين ابتـدعوا .. واالحتجاج عليهم ما فيه شفاء وكفاية كالما وأصوال ختالف الكتاب وهي أيضا خمالفة للميزان وهو العدل فهي خمالفة للسمع

فبني رمحه اهللا أن السلف ذموا الكالم املخالف للكتاب والسنة أما األدلـة ،)٣("والعقل فقدمسوه ذا وأما املتكلمون .ثبات العقائد الشرعية فلم يذمها أحد والطرق العقلية يف إ

وقضاياه ـ واهللا أعلم ـ ألم وجدوا يف علوم اليونان ما يسمى بعلم الكالم، االسم .)٤(تشبه قضايا علم الكالم يف اإلسالم

ا يوافقها مـن مب االسالميةلوم اليونان وتسمية العلوم بع انبهارإال فاملسألة ال تعدو .اليونانيةالعلوم

).٢٩٤ص ( للهروي ذم الكالم وأهله)١( ).٢/٩٤١( بيان العلم وفضله و ، ) ٣٠ص ( مذاهب اإلسالميني انظر ) ٢( ).١٣/١٤٧ ( وانظر جمموع الفتاوى، ) ١٥٧ـ١٥٦ص ( النبوات ) ٣( ).٢٠٤ص ( تاريخ الفكر العريب انظر) ٤(

١٦

:م الكالم وأبرز صفااءعلم: خامسالباطل طرق خمتلفـة ل واحلق طريق واحد و ، عن احلق يؤدي للوقوع يف الباطل االبتعادإن

وألجل ذلك كان لعلم الكالم خطورة على من تكلم به وجعله هـو ،يكذب بعضها بعضا ا وهذه اخلطورة هي الصفات اليت يتميز ا هـذا األساس يف أخذ أصول دينه اليت يعتقد

.العلم عن غريه : ما يلي )١(نوفأهم هذه الصفات اليت يتصف ا علم الكالم واملتكلم

.قلة التعظيم للنصوص الشرعية وتعظيم العقل وجعله مصدرا للتلقي -١ :يتمثل فيما يلي فقلة التعظيم للنصوص الشرعية أما

.لنصوص تابعة له جعل العقل هو األصل وا - .أن املتواتر من النصوص ال يفيد اليقني من جهة الداللة حىت جيتاز عشر عقبات - .إذا تعارض العقل مع النقل يقدم العقل عليها -من خالل جداهلم مع الفالسفة وجعلوها حاكمـة التزموهاأصوال عقلية علوا هلم أم ج -

.)٢(الف هذه األصول املبتدعةأوا من خقوا وخطروا وفسعلى الكتاب والسنة وكف مث خيالفه ويقرر قول وجيـزم بـه مث الوقوع يف التناقض فتجد الواحد منهم يقول قوال -٢

.ن شاء واهللاإينقضه وهذا ما سيتضح من خالل الرسالة يقول شيخ اإلسـالم ،جهلهم بالكتاب والسنة والسبب يعود إىل اعتمادهم على العقل -٣

أحدا نقل مذاهب السلف كما يذكره فإما أن يكـون فإن فرض أن " :عن املتكلمني ن اخلطيب وأمثاهلم ممـن مل بقليل املعرفة بأثار السلف كأيب املعايل وأيب حامد الغزايل وإ

ايكن هلم من املعرفة باحلديث ما يعدون به من عوام أهل الصناعة فضال عن خواصـه باحلديث ويبني احلـديث وال مييزون بني احلديث الصحيح املتواتر عند أهل العلم … .)٣(".. املكذوب وكتبهم أصدق شاهد بذلك ففيها عجائبفترىامل واالضطرابةالشك واحلري -٤

وقد اعترف أكثر أئمة أهل الكالم والفلسفة من األولـني " :يقول ابن تيمة رمحه اهللا ال قيسة اليت ضربوها ألواالخرين بأن أكثر الطرائق اليت سلكوها يف أمور الربوبية با

). ٣٦ـ٣٤( هج األشاعرة يف العقيدة ومن، ) ٨٩٠ـ٢٥/٨٨١( انظر موقف أبن تيمية من األشاعرة ) ١( ).٢٧٧ـ٢٧٦ /١ (انظر درء تعارض العقل والنقل) ٢( ).٧٢ـ٤/٧١( الفتاوى ) ٣(

١٧

والدليل على ذلك رجوع بعضهم إىل منهج السلف ،)١("تفضي م إىل العلم واليقني )٣( وأبو احلسن االشعري)٢(ولو كان باجلملة كنعيم بن محاد

قرأت مخسني ألفا يف مخسني يف مخـسني ألفـا مث :"ذكر عن اجلويين رمحه اهللا ومات البحر اخلضم وغصت يف الذي خليت أهل اإلسالم بإسالمهم فيها وعلوهم الظاهره وركب

ى عنه أهل اإلسالم كل ذلك يف طلب احلق وكنت أهرب يف سالف الدهر مـن التقليـد دين العجائز فإن مل يدركين احلق بره فأموت على بت إىل كلمة احلق عليكم عواآلن فقد رج

ن فالويل الب ال إله إال اهللا : دين العجائز وخيتم عاقبة أمري عند الرحيل على كلمة االخالص .)٤("اجلويين

:)٥(قدامألوكذلك اعتراف الشهرستاين يف مقدمة اية ا وسريت طريف بني تلك املعامل لقد طفت يف تلك املعاهد كلها على ذقن أو قارعا سن نــادم فلم أر إال واضعا كف حائـر .والغزايل كذلك والرازي وغريهم كثري

ودرء تعارض العقل والنقل ، ) ٦٧٠ـ٢/٦٦٣( رسله وانظر الصواعق امل، ) ١/٧٩( قامةاالست) ١(

).١٦٢ـ١/١٦١( ).١٠/٥٩٧(سري أعالم النبالء انظر ) ٢( ).٤٠٩ـ١/٣٦١( من األشاعرةموقف ابن تيميةانظر ) ٣( ).١/١٥٩( و درء تعارض العقل والنقل ، ) ١٨/٤٧١( سري أعالم النبالء ) ٤( ).٤ـ٣ (اية األقدام) ٥(

١٨

ومميزاا لفلسفةاتعريف :املبحث الثالث اليت أطلقت فيها،فأول من وجد البيئة تطور مفهوم الفلسفة حبسب املعرف هلا وحبسب

ـا ، مث إ )النجار البارع ( ويقصد ا ذةمريوس يف االليا هو كلمة فيلسوف هو قأطالعنده تعرف ويعين ا ال هريودوت، مث ورد اطالقها عند )١( على كل بارع يف فن ما طلقاصبحت ت

، مث أصبحت تطلق على العلوم الطبيعية حىت اتسع يف األخريمدلوهلا ليـشمل )٢(على الشيء .)٣(اإلنسانيةمجيع املعارف

:تعريف الفلسفةإال لست حكيما فإن احلكمة ال تضاف لغري االهله وما أنا :" بقوله فيثاغورس لقد عرفها

بأا معرفة املثل مبا : أفالطونكمة ، وعرفها ،فالفلسفة حمبة احل )٤(أي حمب للحكمة " فيلسوفا . )٥( وكليااهياا

ومن بعده أم استعظموا أن يسموا أحدهم صـوفوس فيثاغورسات فريتع والسبب يف أي صـديق ) سفوفيلـو صـو ( عليه فأطلقواألنه اليصدق اال على االهله ،)حكيماأي (

ـ:ا يلي من هذه التعريفات يتضح مف، )٦(احلكمةـ تطور مسمى الفلسفة وأنه اعتمد يف تطوره على التطور يف العلوم الطبيعية والقـدرات ١

الشخصية فبداية اعتمد على اإلتقان للحرف اليت كانت منتشرة يف ذلك الوقـت، مث بعـد رف على البلدان، مث بعد ذلك ع عند اليونان أطلقت على املسافر املت األسفارذلك عند انتشار

.الهتمام بالعلوم الطبيعية وهلم جرا الىع على التميز وهو ما يسعون إليه وألجل ذلك يف بدايـة األمـر أطلقـ أن اسم الفلسفة ٢

اعتمد على الرباعة يف احلرف اليت كانت من امسي األشياء عند اليونان مث تطور مفهومها طلبا هذا ما يتـضح مـن تعريـف للتميز فجعل مقابال للعلوم الطبيعية املعتمدة على احلواس و

.أفالطون

).٢ص ( ، وتاريخ الفلسفة اليونانية ليوسف كرم ) ١٩ص ( انظر تاريخ الفكر العريب ) ١( ).١٢ص ( تاريخ الفلسفة انظر املنهج يف) ٢( ).١٧ص ( انظر تاريخ الفكر العريب ) ٣( ).٢٢ص ( تاريخ الفلسفة ) ٤( ).١٢ص( املنهج يف تاريخ الفلسفة) ٥( ).١٦ص( تاريخ الفكر العريب ) ٦(

١٩

خيتلف تعريفها باختالف الزمان والعلوم حبيث تعرف مبا يكون خافيا على اغلـب ـ ٣ . الناس، فال طريق ملعرفتها االمن خالهلم وهذا ليتميزوا عن االخرين

هذا ما يتعلق بالفلسفة اليونانية أما الفلسفة فقد عرفها الفالسـفة االسـالميون بعـدة ، وهذا التعريف نقـل )١("العلم باملوجودات مبا هي موجودة :" بأا الفارايب اتعريفات فعرفه صناعة نظر يستفيد منها اإلنسان حتصيل :" ، وعرفها ابن سينا بأا )٢(أرسطوحريف لتعريف

ما عليه الوجود كله يف نفسه وما عليه الواجب مما ينبغي أن يكسبه فعله لتـشرف بـذلك عاملا معقوال مضاهيا للوجود وتستعد للسعادة القـصوى بـاآلخرة صريل وت نفسه وتستكم

النظر يف املوجودات مـن : " رشد بأا ابن، وقد عرفها )٣("اإلنسانية الطاقة حبسبوذلك الطاقة البشرية حبسب آللهالتشبه با : " ها اجلرجاين بقوله ف،وعر)٤("عصانجهة داللتها على ال

: يتضح اآليت ات التعريفه، فمن هذ)٥("ةاألبديلتحصيل السعادة .ـ التأثر بالفلسفة اليونانية١ن عن أواخرهم فأوائلهم نقلة للفكر اليوناين بدون تدخل يذكر، وـ أوائل الفالسفة خمتلف ٢

ما ليس منها حىت يتمكنوا ـكما يدعونـ من التوفيق بني ا فيهاخلودن فهم قد أوأما املتأخر .الفلسفة والدين

فقـط دون غـريه مـن اإلهلي أو اجلانب اإلهليةاصبحت الفلسفة خاصة بالفلسفة ـ ٣ .اجلوانب

. يف الفلسفةاألساسـ االهتمام باملوجودات بأا موصلة إىل املعرفة الكلية وهي ٤ .هذا املفهوم الفلسفي وحتويلها إىلاإلسالميةـ النظر يف اجلانب اجلزائي يف العقيدة ٥

).١٧ص ( تاريخ الفكر العريب ) ١( .) ٢٠/١٦٠ ( الفلسفي املعجم) ٢( .) ١٨ـ١٧ (تاريخ الفكر العريب ص ) ٣( ).١٨ص ( تاريخ الفكر العريب ) ٤( ).١٢٠ص( التعريفات ) ٥(

٢٠

:فة أقسام الفلس

يقسم الفالسفة الفلسفة إىل قسمني؛ نظري وعملي وهذا التقسيم للفلسفةـ أو كمـا احلكمة ": مالك اإلمامقال . سائر األمم دالفالسفة بل هذا عن بتسمى احلكمةـ ليس خاصا

.)١("احلكمة عند العرب العلـم والعمـل " :ولذلك قال ابن تيمية "معرفة الدين والعمل به كل قسم من أقسام الفلسفة ينقسم إىل ثالثة أقسام،فالقسم العلمي أو النظري ينقـسم إىل و

وهو العلم اإلهلي والعلم األوسطالعلم الطبيعي وهو العلم األسفل والعلم الرياضي وهو العلم .)٢(األعلى

: عن القسم اآلخر متيزهولكل قسم من هذه األقسام حقيقة يتجرد عن املادة ال يف الذهن واليف اخلـارج، وموضـوعه فالعلم الطبيعي هو الذي ال -١

.اجلسم . يف الذهن ال يف اخلارجاملادةوالعلم الرياضي وهو جمرد عن -٢ا وموضوعه الوجود املطلق بلواحقه الـيت م وهو علم يتجرد عن املادة فيه اإلهليوالعلم -٣

ا وهـذ )٣(ضتلحقه من حيث هو وجود،كانقسامه إىل واجب،وممكن،وجوهر وعـر أعلى العلوم والرياضي يليـه وأقلـها علـى فاإلهليالترتيب للعلوم من حيث أمهيتها؛

. الطبيعياإلطالق، ألن العلـم )٤(ب للحقائق بالنـسبة لعلـومهم قل ولكن ابن تيمية يرى أن ذلك

ـ باألجسامرف علومهم ألنه العلم شالطبيعي يف احلقيقة أ ه املوجودة يف اخلـارج أي أن الطبيعية على اختالف أنواعهـا األجساموضوعات هلا وجود حقيقي وهي يبحث يف م

ومبدأ حركاا وحتوالا من حال إىل حال وما فيها من الطبائع، فهو لذلك أشرف من العلم الرياضي، إذ إن موضوعه جمرد التصورات الرياضية ملقادير جمردة فليس يف هندسة

من ذا العلم ال تكمل به نفس وال تنجو كلها علم مبوجود يف اخلارج وه قليدسإ، بل أمهيته تكمن يف تفريح النفس ولذة عقلية مشروعة ورياضة للعقل والبحث )٥(عذاب

).١٦٠/ ١( ، وانظر املعجم الفلسفي ) ٤٢٥ـ٤٢٤ص ( الرد على املنطقيني ) ١( ).٢/١٦٠( انظر املعجم الفلسفي ) ٢( ).١٢٣ص ( انظر الردعلى املنطقيني ) ٣( ).١٣٣ص( املصدر السابق انظر ) ٤( ).١٣٥ـ١٣٣ص ( الرد على املنطقيني ) ٥(

٢١

عند الفالسفة فهو يف نظرهم جمرد عن املادة يف اإلهلي، وأما العلم )١(يف األمور الغامضة ا هو علـم بـأمور كليـة الذهن ويف اخلارج، فليس له وجود والمعلوم يف اخلارج وإمن

فهذا العلم يف األعيان ال يف األذهانمطلقة، واألمور الكلية املطلقة إمنا تكون كذلك يف علم ال بشيء يف اخلارج بل علم مشترك بني مجيع املوجودات لـيس علمـا ال تهحقيق

.)٢(خبالق وال مبخلوق ضـي علم األسـفل والريا والسبب ـ واهللا أعلم ـ يف أم جعلوا العلم الطبيعي ال

وأن علومهم ال تثبت إال باختـاذ اآلخرين األعلى هو طلب التميز عن واإلهلي األوسططرقهم والسري عليها وهذا يتضح من معرفة خصائص كل علم، فالطبيعيـكما ذكرــ

وال يف اخلارج، وهذا ممكن أخذه عن غـري طـريقهم ذهانال يتجرد من املادة ال يف اال ي ما أثبتوه أو نفوه و التفوق يف هذا اال عليهم وهو العلم املشاهد الذي أو نف وإثبات

.ميكن تعلمه وإثباته من خالل الواقعن املادة ذهنا ال يف اخلارج فهو متيز من ناحية الذهن ع وإما العلم الرياضي فهو جمرد

يف سهل بكـثري ممـا أوهذا حيصل فيه التميز بني الناس جليا وإما الذي يف اخلارج فهو .الذهن

وهذا أشرف علومهمـ بالنسبة وخارجا املادة ذهنا عن فهو جمرد اإلهلي وإما العلم هر به من ال يعلـم بهلم ألم يقولون ما يريدون وجيعلون من املصطلحات ما خيصهم فين

اإلهلـي وخاصة أم جعلوه نقيض العلم الطبيعي، فما يف العلم الطبيعي نقيضه يف العلم .وهنا يكمن قياس الغائب على الشاهد

يقوم على النفي وهذا النفي يكون نفيا للعلم الطبيعي فمـا اإلهليات فعلمهم يف ا هلذه احلقائق غائبا فتكون خصائص هذا إثبات يكون إثباته غائبا ألن ال يثبت كان شاهدا

.الغائب كما هو معلوم من العلم الطبيعيأوهلا سياسة الرجل نفسه ويسمى بعلم : القسم العملي فينقسم إىل ثالثة أقسام وأما

األخالق، والثاين سياسة الرجل أهله ويسمى تدبري املنـزل، والثالث سياسـة املدينـة .)٣(واألمة وامللك

).١٦٥ـ١٦٤ص ( ، ابن تيمية لعبدالفتاح فؤاد ) ٢٥٩ـ٢٥٥ص ( انظر الرد على املنطقيني ) ١( ).١٣١ـ١٣٠ص ( انظر الرد على املنطقيني ) ٢( ).٤٢٥ـ٤٢٤ص ( ، والرد على املنطقيني ) ٢/١٦٠( انظر املعجم الفلسفي )٣(

٢٢

:)١(وهذه الفلسفة العملية هلا فروع ثالثة .اللذات والشهوات) أ .الفضائل) ب .يلهاالسعادة وحتص) ج

.فسنرجئه ملكانهوهذا القسم سنتكلم عليه يف فصل النبوات واملعاد :الفرق بني الفلسفة والعلم

يف بداية األمر مل يكن هناك فرق بني الفلسفة والعلم عند اليونان فكل علم من العلوم ، ولكن بعد أن أراد الفالسفة التميز عن غريهم من العلمـاء )٢(يكون البحث فيه فسلفة

:)٣(ة وميكن تلخيصها فيما يليلسفأصبحت هناك فروق بني العلم والفمادة العلم هي الظواهر احملسوسة كاألبعاد والطبائع وعالقة تلك الظـواهر ببعـضها ـ ١

ة فهي طبيعة تلك الظواهر ارتقاء إىل املعقـوالت والقـضايا لسفوحتوالا، أما مادة الف .اردة

.لتأمل، وإما العلم فهو موضوعي مقياسه التجربة نظرية منهجها اـ الفلسفة٢ فتبحث يف العلل الشاملة والنهائيـة الفلسفةالعلم يهتم باألسباب القريبة امللموسة، أما ـ ٣

.وصوال إىل علة العلل اليت هي واجب الوجودالعقل هو سبيل العلم إىل قوانينه ومبادئه، يف حني أن الفلسفة تبحث يف العقل نفـسه ـ ٤

.دى قدرته على اكتشاف تلك القوانني واملبادئومالعلم مقدمة للفلسفة حبيث يوصل للنتائج التجريبية اخلاصة، وإما الفلسفة فتبين القوانني ـ ٥

.العامة اليت جتمع بني التجارب اخلاصةالعلم يتطور وتتسع دائرته بازدياد احلقائق اليت حيصل عليها ألن موضوعه هو ما يقـع ـ ٦

، وإما الفلسفة فتظل حمصورة يف دائرة واحدة من احلقائق وإن كانت الصور حتت احلس .اليت تعرب ا عن هذه احلقائق خمتلفة ومتقاربة

).٤٦٠ص ( ، و ) ٤٤٧ص( ، و ) ٤٢٧ص ( ، و ) ٤٢٥ـ٤٢٤ص ( انظر الرد على املنطقيني ) ١( ).١٩ص ( انظر املنهج يف الفلسفة العربية ) ٢( ).١٦٨ص ( الفلسفي، واملعجم ) ١٩ص( ، وتاريخ الفكر العريب ) ٢٠ص ( املنهج يف تاريخ الفسلفةانظر ) ٣(

٢٣

:صفات الفيلسوف من اتصف ببعض الصفات اليت متيزه عن اآلخـرين على ال يطلق اسم فيلسوف إال

:وهي ما يلي ،فالفلسفة اليونانية )١(لسفة تكون يف مقابل الدين ـ البحث ارد البعيد عن الدين، ألن الف ١

كانت ردة فعل للدين الوثين الذي كان حيكم الناس،وبقدر ما يبتعد الناس عن الدين أو إن الفلسفة اليونانية :"خفروه عليهم كانت الفلسفة أقوى وأكرب، يقول عمر أثرييقل ت

اليونانية على السواحل الغربية مل تنشأ يف شبه جزيرة اليونان نفسها بل يف املستعمرات اآلهلـة املتعددة فلم تكن باآلهلةمن آسيا الصغرى حيث كان السكان قليلي االحتفال

ت باخلرافامتلك عليهم عواطفهم أو تصرفهم عن التفكري فما إن خطر هلؤالء أن يضربوا .)٢("هم حركة فكرية فتحت أمامهم جمال التفلسفنعرض احلائط حىت نشأت بي

ويتبني لنا ذلك أيضا من أن اليونان اهتموا بالعلوم الطبيعية نفرة من الدين الـوثين الذي يعلل الطبيعة بتعاليل خاطئة،فاصبحت منذ ذلك الوقت الفلسفة منعزلة عن الـدين

)٣(.وتستخدم علومها للطعن يف االديان ال يكـون اهتمامـه يف )٤(ـ أن يكون البحث فيها نظريا شامال ملظاهر الوجود كلها ٢

جانب دون أخر وال يكون جتريبيا مما يقع حتت التجربة ألن ما يقع حتت التجربة يكون .جزئيا، مبعىن أنه يسري وفق قواعدهم )٥(ـ أن جيري حبثه على أسس من املنطق املؤيد بالرباهني ٣

. )٦(يف املنطق الذي هو مفتاح للفلسفة فمن مل يتكلم من خالله فليس بفيلسوفـ وأن يوجد نظاما متماسكا خاصا به مث يستطيع أن يفسر لنا ذا النظـام مظـاهر ٤

.)٧(الوجود

).١٩ص ( ظر تاريخ الفكر العريبان) ١( ).٢١ص ( تاريخ الفكر العريب ) ٢( ).٥٩ص ( انظر املصدر السابق ) ٣( ).١٦ص ( املصدر السابق انظر ) ٤( ).١٦ص ( انظر تاريخ الفكر العريب ) ٥( ).١٥٤ص (لعبدالفتاح فؤاد انظر ابن تيمية) ٦( ).٢٠( انظر تاريخ الفكر العريب ص) ٧(

٢٤

منها فهو لـيس أنقص شيئا فهذه الصفات إذا اتصف ا أي شخص كان فيلسوفا وإذا .كذلك

: الفلسفة اإلسالميةةنشأ :مل منها بسبب عدة عواه يف اتمع اإلسالمي وهي غريبة علينشأت الفلسفة

:املسلمنيبعض العامل البيئي وضعف الوازع الديين عند ) أ العامل البيئي بطبيعة البالد اليت دخلتها الفتوحات اإلسالمية حيث كانت هذا منكي حصلواسا وصابئة وعندهم علومهم اليت ر من مجيع الطوائف يهودا ونصارى وف فيهاالبيئات

نية اليت كانت مدرسة اإلسـكندرية أحـد نالفلسفة اليو خالل ا من واعليها إما من أديام بني وغريها يوالرها و نص مصادر التأثري يف هذه البيئات مع ما انتشر يف بعض البلدان مثل إن

ـ ط فأدي االختال )١( كانت تم ذه العلوم الفلسفية اليت البالد نم ـ بني أهل هـذه البالدمعهم يف جدال انام وبني املسلمني الذين دخلوا وا على أفكارهم و آرائهم و دي زال ما ينذال

الستدالالت املنطقية الـيت با هاربن االستماع إىل العلوم اليونانية و اال ـإىلةيعقدونقاشات الـيت لـديهم جعلهم يتعلمون هذه العلوم ويطلعون على الكتب مما العلوم هتقوم عليها هذ

سي إال وهو ضعف متسك املسلمني بدينهم ال يكون مؤثرا فيهم إال من خالل عامل نف وهذا .)٢(اه دينا و دنيت الشعور بكفايعدمو ن من اد عن حقائق الدين مك تع البيئات املختلطة مع العامل النفسي و االب بأهل فاالختالط

ولكـن ، الفلسفة ولكن على نطاق ضيق مل ميكنه من االنتشار إال يف دائرة ضيقة هذهنشؤه . والنشأة هو العامل اآلخرريتشار ولقوة التأث لالنهنمكالذي : عامل الترمجة)ب

ويفرحلـة شخـصية موهو عامل ترمجة الكتب اليونانية و اليت كانت يف بدايتـها فكانت مرحلة واسعة مجعت العلوم حىت العلوم اإلهلية مما الثانية وإما املرحلة ،جماالت معينة

. )٣( مجيعها العلومهأدى إىل االهتمام ذ ل هلا مبىن جع العباسية و خاصة من املأمون الذي ة كانت بدعم من الدول الترمجة هوهذ وراسل ملوك الروم مهبتك عن حبث و احلكمة و أعطى املبالغ الطائلة علي الترمجة بيتمساه

ـ الترمجة فانتشرتما عندهم من كتب اليونان له حىت يبعثوا سفة وازدهر االهتمـام بالفل

).١٥٦ـ١٥٢ص ( انظر تاريخ الفكر العريب )١( ). ١٥٥ـ١٥٤ ( وتاريخ الفلسفة العربية ،) ٢٧٠( تاريخ الفكر العريب انظر ) ٢( ).٣٠٠ص ( وانظر الفهرست ، ) ٦٦ـ٦٥ص ( انظر مقدمة يف الفلسفة ) ٣(

٢٥

لم مـن العلـوم ع مربزا يف كان و خاصة أن غالبهم اخللفاءوأصبح للمترمجني مكانة عند .)١(الطبيعية اليت حيتاج إليها الناس

هار بعلومهم و نببالنقص يف جمادلتهم واال ر هذا االختالط بأهل البيئات و الشعو خالل فمن، فكانت الترمجة سببا يف إجياد لةوم من الدو عكذلك الترمجة اليت وسعت االهتمام األكرب املد

.مرجع هلذه الضالالت :أسباب تأثري الفلسفة يف الفكر اإلسالمي

ة يف الفكر اإلسالمي واالهتمام ـا سفالفليف تأثري مل األساسية ا أسباب هي العو ة عد هناك :منها ما يلي

بعض نهذا أل للدين والدنيا و تهكفايبنقص التمسك بالدين اإلسالمي و الشعور ضعف -١، )٢( من غري املـسلمني يتعلم شيء ى أن شريعة اإلسالم و معرفتها موقوفة عل ااملسلمني ظنو

وأنه يسد نقـصه فيؤخـذ نه مكمل لدين اهللا أ اإلعجاب و االنبهار مبا ظنوا هذا يبىن ىوعلاسـي ذلك أن اخلليفـة العب ىومما يدلل عل مجيع ما يف هذه العلوم وإن كان خمالفا لدين اهللا

باحلاجة إليها ملعرفة عقىب ه التنجيم وذلك العتقاده صحتها وشعور علمنصور ترجم كتب امل .)٣(ربحكل

نحرفة ذه العلوم وهذا مبين أيـضا علـى أهل امللل و الطوائف امل ى الرد عل حماولة ـ ٢ وملة بتعلم هذه العلوم يؤدي إىل افحام املخالفني من كل دين السابق وهو ظنهم أنه السبب

.)٤(ترمجتهافكان هلذا السبب األثر األكرب يف االهتمام ذه الفلسفة واملهـتم وهذا قد بينه ابن تيمية رمحـه اهللا بـأن : ـ صحة بعض علومهم واحلاجة إليها ٣

ا كما علوم اليونان الطبيعية واحلسابية عندما يرى صحة بعض هذه العلوم يفتنت واملنشغل ب لدين فتكون النتيجة أن كل ما يقولونه يصبح ل من اجلهال املخالفني رهميفتنت ا أيضا أنصا

، وكان الواجب ـ كمـا ذكـر )٥(يف نظر هؤالء اجلهال حق وال مييزون بينه وبني الباطل تؤخذ ويستفاد منها يف بلة ال ينبغي الطعن فيها فع بعض العلوم النا ت صح إنةـ و يابن تيم

).٩ص (ر األنواولوامع ) ٢/٦١( و ) ١/١٩٣( وضحى االسالم ) ٣٢٩ ص (الفهرست انظر) ١( ).٢٦٠ـ٢٥٥ص( ني يعلى املنطقانظر الرد ) ٢( ).١٥٦ـ١٥٥ص ( انظر دراسات يف الفلسفة ) ٣( ).١٥٥ـ١٥٤ص ( ، ودراسات يف تاريخ الفلسفة ) ٢٧٠ص( انظر تاريخ الفكر العريب) ٤( ).١٥٠ـ١٤٨ص ( ، واملنقذ من الضالل ) ١٦٧ص ( انظر ابن تيمية وموقفه من الفكر الفلسفي ) ٥(

٢٦

يف جمال الدين ألن كل ما يتعلق بأمر الدين غري مفتقر إىل إقحامهاجماهلا ولكن ال ينبغي أيضا . )١( والسنةتستمد من الكتاب أمور هي وإمنا طبيعية أو رياضية أحباث : قولنا هذا أمرانوالسبب يف، )٢(ـ الظن بأن الدين هو ما يقوله املتكلمون٤وكذا طرقهم اليت اثبتوا ـا مي الدين اإلسالالبدعية إىلغلط املتكلمني يف نسبة عقائدهم ) أ

ـ تلك العقائد مما الذين ظنوا أن أقوال املتكلمني هـي ديـن أدى إىل رد الفالسفة عليهم ـ جوانب النقص واخلطأ يف مناهج املتكلمني مما جعل املطلع على ردودهم فبينوااملسلمني

.مر الثاينيظنهم على حق فيسلك طريقهم ويتكلم مبصطلحام وهذا ينقلنا إىل األم من مصطلحام ممـا أدى بهت ك أن املتكلمني ساروا على مصطلحات الفالسفة ومالؤ ) ب عدم التفريق بني كتب الفالسفة واملتكلمني إال فيما ـ إىلوخاصة عند املتأخرين منهم ـ .ندر

.بني من أسباب أدت إىل تأثري الفلسفة يف الفكر اإلسالميتهذا ما

).٢٦٠ـ٢٥٥ص( انظر الرد على املنطقيني ) ١( ).٣١١ص( ، والرد على املنطقيني ) ٢٧٥ص( انظر الصفدية ) ٢(

٢٧

عالقة الدليل العقلي بالدليل النقلي: الفصل الثاين

:وفيه ثالثة مباحث

.مصادر املعرفة العقلية: املبحث األول

.عمل العقل: املبحث الثاين

.عالقة الدليل العقلي بالدليل النقلي: املبحث الثالث

٢٨

نقليعالقة الدليل العقلي بالدليل ال: الفصل الثاين على بين آدم بنعمة العقل اليت من خالهلا يستفيد اإلنـسان قد من إن اهللا سبحانه وتعاىل

العقـل هـذا و، ويقوم بعمارة األرض والوصول إىل ما ينفعه يف حياته الدنيوية واألخروية ؟وسنعرض لكالم اهـل أم هو عرض قائم بغريه ؟ )١(اختلف فيه هل هو جوهر قائم بنفسه

:)٢(والذي يوضحه شيخ اإلسالم رمحه اهللا تعاىل بأنه يشمل أربعة أمور ذكر ماهيته،يفلسنة ا .علوم ضرورية يفرق فيها بني انون والعاقل وهي مناط التكليف -١ .علوم مكتسبة تدعو اإلنسان إىل فعل ما ينفعه وترك ما يضره -٢ .العمل بالعلم وهذا يدخل يف اسم العقل املمدوح -٣ .يعقل اإلنسانالغريزة اليت ا -٤

فعندما يطلق العقل يراد به عقل التكليف،وهو ما به التمييز واالستدالل على مـا وراء من خالله و. وخيرج به صاحبه عن حد املعتوهني، والعقل املقيد يتناول جنس العلم ،احملسوس

فإذارأى من لـه ،إذ قد استقر عنده ما يدرك باحلس السليم يعرف غلط احلس وفسـاده، )٣(.قل حسا يدرك به خالف ذلك علم فسادهع

قيس ما غاب عن احلس تني األشياء واليت متيز بفالعقل كما بني رمحه اهللا هو آله التميز .على ما عرف باحلس

الذي من اهللا سبحانه وتعاىل على بين آدم به له مصادر تزوده باملعرفة واليت وهذا العقل طرق ومدارك له ومن املعلوم أن العلم :" يقول ابن تيمية رمحه اهللا ،من خالهلا تكون داللته

مث يتخيلها ويتومهها ويضبطها ،يشهدهاوفإنه حيس األشياء يف اإلنسان، ة وظاهر ة باطن ىقو، والذي يناله اإلنسان ذه األسباب قد يكون علمـا ، بعقله،ويقيس ما غاب على ما شهد

له ويعتقده وحيسه ويتخيله قد يكون حقا وقـد يكـون وما يقو ،وقد يكون ظنا ال يعلمه .)٤("باطالـ املستمدةاملعلومات واليت تقوم على العقل عمل فهذه طبيعة ه، ولبيـان من مصادر تغذي

:سنعرض لثالثة مباحث العالقة بني العقل والنقل

).٢/٨٦ (املعجم الفلسفي )١( ).٢٦٠ ص ( ، لشيخ االسالم ابن تيمية ادتبغية املرانظر )٢( ).٢٦٨ـ٢٦٤ص ( د املرتاانظر بغية )٣( ).١٣٦ص ( بيان تلبيس اجلهمية )٤(

٢٩

.مصادر املعرفة العقلية: املبحث األول عمل العقل: املبحث الثاين

.األدلة العقلية وعالقتها باألدلة النقلية: الثالثاملبحثوسوف يكون التعرض للمبحثني األولني بأجياز ألن الكالم ما مفصال ال يكفيـه هـذا

.ضهما بإجيازر بعي بل قدمت ما رسائل جامعية فأكتف،الفصل

٣٠

:ر املعرفة العقلية مصاد: املبحث األول ضـروري ومكتـسب، :كما بني ابن تيمية يف كالمه عن العقل أنه يقوم على علمني

،وهذه مصادر املعرفة للعقل فمنها أمور ضرورية يف النفس االنسانية ومبادئ أولية للعقـل رفة التقسيم فاملصادر للمعاما حسية أو خربية،وال خيرج األمر عن هذإوكذلك أمور مكتسبة

:هي العقلية .ةياملبادئ األولية أو الضرورية أو البده -١ .احلس -٢ .اخلرب -٣

:املبادئ األولية :املصدر األول املبادئ األولية هي املبادئ العقلية أو املقومات الضرورية لالستدالل العقلي وهـي

تها للغريزة املقتضى املباشر للغريزة العقلية حبيث ال ميكن االستدالل عليها إال من جهة مطابق )١(.العقلية ولذلك ال حتتاج إىل وسط بل هي أساس كل استدالل عقلي

:منـزلة املبادئ األولية يف االستدالل ن ينتهي إىل أ الربهان الذي ينال بالنظر فيه العلم ال بد "بن تيمية رمحه اهللا بقوله ايوضح ذلك

هي إىل علم ضـروري إذ مقدمات ضرورية فطرية فإن كل علم ليس بضروري ال بد أن ينت املؤثرات يف حمل ظرية لزم الدور القبلي أو التسلسل يف ناملقدمات النظرية لو أثبتت مبقدمات

هلا بتداء وكالمها باطل بالضرورة واتفاق العقالء فال بد من علوم بدهية أولية يبتدؤها اهللا يف .)٢("قلبه وغاية الربهان أن ينتهي إليها

من بأا القاعدة اليت يستند عليهـا كـل اسـتدالل وإال كية ت فأمهية املبادئ األول والقضايا األولية ليست استداللية بل ، يثبت أي دليل ألنه حيتاج إىل دليل وهلم جرا ولن مل

مما يضعف الدليل،ولذلك يبني أبن تيمية رمحه اهللا أن من املتكلمني او نفيها االستدالل عليها دهم على الفالسفة يف قضية الوجود اخلـارجي للكليـات ممـا ر من مل يوافق أصحابه عند

.)٣( لضرورة بطالنهأضعف دليلهم يقول ابن تيمية رمحه ، الغريزة العقلية اليت فطر الناس عليها ىفهذه القضايا هي مقتض ا ن يدفع هذه القضايا عن نفسه وال يقاوم نفسه يف دفعها تبني أ أ فإذامل ميكن اإلنسان :"اهللا

).٣٣٤ـ٣٣٠ص( للزنيدي مصادر املعرفة ، و) ٣٠٥ص ( للدكتور عبداهللا القرين ، املعرفة يف اإلسالمانظر ) ١( ).٣٠٨ص ( املعرفة يف األسالم ، وانظر ) ٣/٣٠٩ (درء تعارض العقل والنقل ) ٢( ).٨ ص (انظر بيان تلبيس اجلهمية )٣(

٣١

ويقول ابن حزم ،)١("ضرورية وأن الدافعني هلا يريدون تغيري فطرة اهللا اليت فطر الناس عليها ما كان مدركا باول العقل أو احلواس فليس عليه استدالل أصال بل من قبل هذه :"رمحه اهللا

زم ن ح اب ف ،)٢("اجلهات يبتدئ كل أحد باالستدالل وبالرد إىل ذلك فيصح استدالله أو يبطل ويبني ابن تيمية رمحه اهللا بأن طعـن النظـار ،يبني أا أصل كل استدالل وال استدالل هلا

بأدلة بعضهم ومبقدماا دليل على أن دليلهم ال يقوم على أمور ضرورية ألن الضروريات ال على أنه لـيس دليل فألجل ذلك يتبني أن الطعن يف مقدمات أي دليل ،)٣(ميكن القدح ا

ولكن هذا األمر جيرنا إىل مسألة وهي أنه قد يكون من التقسيمات العقلية ما خيالف اضروري، تيمية بنالعلوم الضرورية فهل تؤخذ هذه القسمة أم ينتفى ما خيالف الضرورة العقلية؟ يبني أ

ألنه ال ميكن أن خيالف الضروري نفس األمـر ، ح يف الضروري بالنظر درمحه اهللا أنه ال يق وهو ما يبني لنا شرط . بل هذا يدل على فساد التقسيم املخالف للضروري ،)٤(واقعالثابت ال

يس من شرطها أن تكون مفرداا بينة لكـل ل :"ويوضحه ابن تيمية بقوله القضايا الضرورية أحد بل شرطها أن تكون مفرداا إذا تصورت جزم العقل ا وتصور الواحد نصف االثنني

بني من غريه وهلذا مل يكن هذا يف العقل كبيان هلا التصديق التابع بني لكل أحد فلهذا كان .)٥("نصف مائة وعشرة ونصف وربع وكالمها ضـروري : أن مخسة ومخسني وربعا ومثنا

واملقـصود "ه عبداهللا القرين األمر وضوحا بأا ختتص بالتعميم والـضرور الدكتورويزيد ة ال ختتص مبوجود عن موجود بل تعم الشاهد احملسوس وغري بالتعميم أا أحكام كلية مطلق

خمالفة تلك األحكام بـإطالق دل علـى أن إمكان ةالاستح فلما حتققنا من …احملسوس وإما خاصية الضرورة للمبـادئ العقليـة …طري فالتعميم يف املبادئ األولية حكم عقلي

.)٦("هاتصورمبجرد فاملقصود أن العقل يسلم ا بال برهان بل :)٧(وهذه املبادئ األولية هلا أسس تقوم عليها

.مبدأ عدم التناقض أي عدم اجتماع النقيضني أو ارتفاعهما) أ

. )٦/١٠٦ ( درء تعارض العقل والنقل) ١( ).٣٠٨ ص( املعرفة يف األسالم ، وانظر ) ٥/١٠٩ ( ، البن حزم الفصل) ٢( .) ١/١٠( انظر بيان تلبيس اجلهمية ) ٣( ).١/١٤( انظر بيان تلبيس اجلهمية ) ٤( ).١/١٢( بيان تلبيس اجلهمية ) ٥( ).٣١٧ص( املعرفة يف األسالم) ٦( ).٣٠٦ـ٣٠٥ص ( املعرفة يف األسالمانظر ) ٧(

٣٢

السببية وأن لكل حادث سبب إذ ال ميكن أن يكون وجود احلادث ذاتيا وإال للـزم إال ) ب .يسبق وجوده عدم كما ال ميكن أن يكون وجوده من غري سبب

:احلس : املصدر الثاين االنطباع باملعطيات احلسية اليت هي غاية ما تدركه مـن ياإلحساس قوة فطرية تقتض

.)١(األشياء يف حاالت اإلدراك الطبيعيفـاإلدراك "فاإلحساس قوة فطرية ال ميكن منعها وال ميكن إنكارها أو االستدالل عليها

األشياء يف الواقع اخلارجي إىل العقـل احلسي لألشياء يقوم على نقل املعطيات احلسية عن ليؤلف بني تلك املعطيات حبيث من جمموعها تصور للشيء احملسوس وتقل هذه املعطيـات احلسية من الواقع اخلارجي إىل العقل هي وظيفة احلواس وتصور تلك املعطيات والتـأليف

لألشياء مبجرد كما يقوم اإلدراك احلسي لألشياء على إدراكنا .…بينها هي خاصية العقل اء موانع إدراكها ألن كل موجود بالقوة ال بد أن يتحقق مع وجود شـرطة فوجودها وانت

.)٢("وانتفاء ما مينع حتققهفالـسمع ينقـل ،فاحلس مهمته نقل هذه املعطيات من الواقع كـل حاسـة حبسبها

، وإمـا الروائح واألنف، واجللد اإلحساس ، واللسان الطعوم ، والعني املشاهدات ، األصواتوأيضا يفرق بني ، يف اخلارج قائمة به ةموجودهي العقل فيجمع هذه األمور ويصورها كما

احلـس الـسليم لىويعرف بواسطة العقل غلط احلس بقياسه ع ، عمل كل حاسة وغريها على األمور اخلارجية فما هو إال ناقل ملـا هـو موجـود يف افاحلس مصدر وليس حاكم

.)٣(اخلارجاذا متت شـروطه احلس ولكن الفرق بينهما أن ما يعرف بالوهم والتخيل احلس ويتبع

اخليال والوهم فهو مـن حنـو ، وإما يوجب العلم الصحيح واصله اإلبصار وانتفت موانعه حقيقـة يف له فقد يتوهم ويتخيل ما ال يكون ، االعتقاد الذي يكون حقا تارة وباطال تارة

وقـد ، من جنس الكـذب بل هو اقوت وهذا ال يكون مطابقا اخلارج كما يتخيل جبل ي يتخيل ويتوهم ماله حقيقة يف اخلارج وهذا قد يكون مطابقا صادقا مثل ما يتخيل اإلنـسان

).٣٤١ص ( املعرفة يف األسالمانظر )١( ).٣٤٩ـ٣٤٥ص ( املعرفة يف األسالم) ٢( ).٣٤٨ـ٣٤٥ ص (وانظر املعرفة يف األسالم ، ) ٢٦٨ـ٢٦٧ ص (انظر بغية املرتاد) ٣(

٣٣

وقد يكون غري ذلك إما خمالف أو مطابق مـن ، يف نفسه ما أدركه بصره وغريه من احلواس .)٤(نام فإا موافقة لالعتقادوجه دون وجه كتفسري رؤيا يوسف ورؤية اهللا يف امل

املسألة هو ما دفع املتكلمني والفالسفة من رد نصوص هلذهتعرضالوالسبب يف ألن ،وأن ذلك من باب الوهم والتخييل واليت يف أساسها حسية ، أو تأويلهاالكتاب والسنة

احلس والتخيل، بنيطابقة فال يشترط املسه ال حياإلنسان ال ميكن أن يتخيل أو يتوهم ماقصد يف ذلك أن اإلنسان قد يتوهم جبال من الياقوت فاجلبل مشاهد والياقوت كذلك أو

.ه وحيكم ببطالنه وألجل ذلك يعلم فساد،ولكن جبال من الياقوت غري مطابق :اخلرب: املصدر الثالث

مـن أوسـع رب خلا، ف العالقة بني العقل والنقل عند ذكر هذا املصدر سيفصل الكالم يف أما ما غاب عن ،للعقل،ألن اإلحساس واملبادئ العقلية على أمهيتها حمدودة املعرفة مصادر

ال ميكنه حبال أن يتقصاها بنفسه فيحتاج يف ذلـك إىل فاإلنسان من أمور خارجية موجودة أما ،والذي من خالله يستطيع االستزادة يف معارفه ومصادره للمعرفة العقلية ، اخلرب الصادق

ال ميكنه حبال جتاوز فا وصله من العلوم السابقة يف أي جمال إذا رفض هذا الطريق ومل يقتنع مب خبـار ال أـا حقـائق إلفاللغة اليت يتعلمها مأخوذة با إال قليال، أي شيء وال تعلم شيء

بأن هذا اللفظ هلذا املعـىن، له خبار الناس إحمسوسة باخلارج يستطيع كل أحد تعلمها دون وألجل ذلك فما غاب وما أراد اإلنسان تعلمه فيما ال يعلمه ال ميكنه ذلك إال من خـالل

وألجل ذلك كان املنهج اإلسالمي فيما يتعلق بالعوامل الغيبية هو أن يتلقى العقـل ،اإلخبار .)١(ن مل تكن يف دائرة األوليات الفطريةإعلمها من الوحي بصفته مصدرها الوحيد

).٧٥ـ١/٦٦( انظر بيان تلبيس اجلهمية ) ٤( ).٣١٦ص ( مصادر املعرفةانظر )١(

٣٤

عمل العقل : بحث الثاين امل عمل العقل يقوم على وظيفتني رئيستني ومها جتريد األشياء عـن حقائقهـا املاديـة يف

.اخلارج واحلكم على األشياء وال ميكن أن تنفك إحدى الوظيفتني عن األخرى التجريد العقلي : اوال واقع اخلارجي فال ميكـن يتوقف التصور العقلي على املدركات احلسية اليت حتصل من ال

ن اإلدراك احلـسي ال إيف اخلارج، وكما قلنا يف مصادر املعرفة له حبال تصور ما ال حقيقة يكون باحلواس فقط بل ال بد مع ذلك من الغريزة العقلية اليت حيصل ا اإلدراك للـصورة

.)١(العقلية للشيء احملسوسل حيـصل مـن خالهلـا التـصور العقلـي والتجريد العقلي لألشياء قوة فطرية للعق

:للمحسوسات وهي تتم على مرحلتني لألمر احملسوس املشاهد عند غيابه فيتـصور املرحلة األوىل التجريد اجلزئي أو الشخصي

فهذه املرحلة مرحلة أولية للتجريد العقلي ، انالعقل فالنا من الناس مشخصا فيه أو جبال معي .)٢(شيء املوجود يف اخلارجوحتصل مبجرد اإلحساس بال

والعقل يف هذه املرحلة يصور ومييز هذا املتصور عن غريه فال تشتبه الصور إال ببعد الزمن وهذا ليس موضوعنا بل املقصود أن اإلنسان مىت رأى شيئا تصوره عند أو بضعف الذاكرة،

.الغياب عنهـ ريد العقلي وهي املرحلة املهمة يف التجـ املرحلة الثانية وإما ، وهو التجريد للكليـات

بل يعتمد على متييز كل نوع على حده بالقدر ةوهذا ال يعتمد على متييز كل فرد على حد .)٣(املشترك بينهما

صور الكلي ضروري ال بد من حتققه مع وجود شروطه كالتصور اجلزئي وبيان ذلك توال ارج تابعة لوجودها حبيث ال ميكن تـصور أنه إذا كانت تصوراتنا اجلزئية لألشياء يف اخل

الشيء ما مل يكن موجودا فكذلك إذاكانت األشياء موجودة مع سالمة احلواس والغريـزة .العقلية فال بد من تصورها

).٣٧٣ص ( املعرفة يف األسالم انظر )١( ). ٣٧٤ص ( املعرفة يف األسالمانظر ) ٢( ).٣٧٥ص ( املعرفة يف األسالمانظر ) ٣(

٣٥

وإذا كان تصورنا للجزئي ضروريا على هذا األساس فال بد أن يكون التصور الكلـي .)١(لتشابه بني التصورات اجلزئيةنه متعلق بإدراك اإضروريا كذلك إذ

هذا بالنسبة للوظيفة األوىل للعقل وهي خاصـية التجريـد والـيت تعتمـد عليهـا .اخلاصية الثانية للعقل وهي احلكم على األشياء

ااحلكم على األشياء قد يكون كذلك جزئي فاحلكم اجلزئي إما باحلكم جبزئي ا، أوكلي

فمثال من خالل التجريد العقلي اجلزئي للشخص املعـني ، بكلي على جزئي على جزئي أو حتكم بأن هذا هو فالن أو أن هذا هو اجلبل الفالين فهذا التصور اجلزئي حكم بـه علـى

.الشيء املعني اجلزئي باحلكم على أن هذا الشيء جبل وليس بنهر مثالريد العقلي يف أساسه حكم للعقـل وكذلك ال بد من ايضاح أمر معني أال وهو أن التج

بأن هذا الشيء مثل هذا الشيء مث أخذ العقل األمر املشترك وجعله األساس يف معرفة هـذا من أعظم صفات العقـل معرفـة :" يقول ابن تيمية رمحه اهللا تعاىل،الشيء ومتييزه عن غريه

جيعل حكمهما واحـدا التماثل واالختالف فإذارأى الشيئني املتماثلني علم أن هذا مثل هذا كما إذا رأى املاء واملاء والتراب والتراب واهلواء واهلواء مث حكم باحلكم الكلي على القـدر

.)٢("املشتركفاحلكم بالتشابه واالختالف وإدخال األمور املتشاة حتت كلي معني هو جتريد لألشياء

. يف نفس الوقتاوحكم عليه ما ا أن منه اليت بني و، وهي قضية الوهم والتخيل اال ةابقس اإلشارة إىل قضية ال بد من و

فما هو خمالف باطل ، ما هو مطابق من وجه دون وجه ا ما هو مطابق ومنه اهو خمالف ومنه وأما املطابق فهو إما ختيل شخـصي أو ، له يعرف العقل بطالنه من خالل الواقع املخالف

ـ ن وجه دون وجه وإما املطابق م،صدق كلي متاما على اجلزئي وهذا هو الذي حيـصل وإن مل يكن مماثال ،فهذا حق يف مرتبته ـ عنده له غالبا فيما غاب عن اإلنسان فيما ال مثال

للحقيقة اخلارجة،مثل ما يراه الناس يف منامهم،وقد يرى يف اليقظة من جنس مـا يـراه يف بة حلقائق خارجية،كما رأى يرى صورا وأفعاال ويسمع أقواال وتلك أمثال مضرو هفإن،منامه

).٣٧٥ص ( املعرفة يف األسالمانظر ) ١( ).٣٧١ص ( الرد على املنطقيني ) ٢(

٣٦

يوسف سجود الكواكب والشمس والقمر فال ريب أن هذا متثله وتصوره يف نفسه وكانت .)١(خوتهإحقيقته سجود أبويه و

وأيضا اإلنسان قد يتخيل الشيء وهو يعلم أن ما يتخيله خبالف ذلك وهو كما ذكرنا، ،ولكنه خبالف احلقيقة الواقعية أن ذلك لعلم العلوم التطبيقية تقوم على هذا التخيل مع ا بل إن

فمثال اإلنـسان ،التصور املأخوذ من القدر املشترك مهم ملعرفة املعىن الذي يكون من خالل ،بل لكترون وحركته فيتمثل يف نفسه هذه احلركة مع يقينه بأا خمالفة حلقيقتها إليسمع عن ا

ات اخللية تكون إلفهام املتعلم املـراد، الرسوم التقريبية يف هذه العلوم وغريها،كرسم مكون .فيتقبلها اإلنسان مع العلم أا غري يقينية

).٧٥ـ١/٦٦( انظر بيان تلبيس اجلهمية ) ١ (

٣٧

عالقة الدليل العقلي بالدليل النقلي: املبحث الثالث خاصية الدليل ال بد من توضيح قبل الكالم عن العالقة بني الدليل العقلي والدليل النقلي،

مث بعد ، أقسامه حبسب هذه اخلاصية بيانو، طلق على هذا دليال من عدمه ي خالهلا واليت من أن يكون مستلزما للمـدلول وهي ة يخاص له فالدليل. العالقة بني هذين الدليلني تبيني ذلك

داللـة له ، وتعلم ان مستلزما كفكل ما استلزم شيئا كان دليال عليه وال يكون دليال إال إذا علم لزوم الالزم للملزوم وهذا ال بد أن يعلم بالضرورة أو بـدليل ينتـهي إىل يالدليل كما .)١(الضرورة

ة لكل دليل وليس لدليل دون آخر،فال نطلق على أي دليل أنه كذلك إال إذا يوهذه اخلاص :)٢(اتصف ذه اخلاصية ومن خالل هذه اخلاصية ميكن تقسيم الدليل إىل نوعني

:ن أحدا جعله دليال وهذا النوع ينقسم إىل قسمنيأن مل يعلم إنفسه و ةلـ ما يدل بدال١ما هو ملزوم مدلول عليه بذاته ال ميكن وجود ذاته دون وجود الزمه املدلول - أ

.عليه مثل داللة املخلوقات على اخلالقمثل جنوم ،فتدل عليه تلك املدة ، مدة طويلة أو قصرية له ومنها ما هو مستلزم - ب

ه يستدل ا على اجلهات واألمكنة وعلى غريها من النجوم وعلى السموات فإن .)٣(الزمان ماضية وغابرة مادام العامل على هذه الصورة

.)٤(ـ ما يدل بقصد الدال به كالكالم وكالعقد باليد واإلشارة ا أو بالعني٢ :وهذا النوع ينقسم إىل قسمني

كما يتفق الرجل مع وكيله على ما يكون باالتفاق واملواطأة بني اثنني فصاعدا - أ .)٥(عالقة ملن يرسله إليه مثل وضع خنصره يف خنصره

أن يقصد الدال الداللة من غري مواطأة مع املستدلني على أنه دليل لكن هـم - بيعلمون قصد الداللة من ذلك لعلمهم بأحواله مثل ما يرسل الرجل شيئا مـن

.)٦(أرسله ها عالمة على أنه مع شخص فيعلمون أنه أرسلاتص خيمالبسه اليت

).٣٥٠(، ) ٣٤٨( ، ) ٢٢٦( وانظر الرد على املنطقيني ص ، ) ٢/٧٧٣( النبوات انظر ) ١( ).٥٤٣ـ٥٣٩ص / ١ و٧٨٤ـ٢/٧٣٧ (انظر النبوات) ٢( ).٧٣٩ـ٢/٧٣٧ (النبواتانظر) ٣( ).٢/٧٦٨( النبوات انظر ) ٤( ).٧٦٨ـ٧٦٣/ ٢( النبوات انظر ) ٥( ).٧٦٩ /٢( النبوات انظر ) ٦(

٣٨

واألجود أن يقال الدليل قد يدل مبجرده وقد :"شيخ اإلسالم هذه األقسام بقوله وضح ي ون إ ةيدل بقصد الدال على داللته فاألول ال حيتاج إىل قصد الداللة كمـا يقـول النحـا

كاء وحنـو والسعال والب ةاألصوات تدل بالطبع وتدل بالوضع فالذي يدل بالطبع كالنحنح ذلك من األصوات وهذا ليس كالما وحينئذ فما يدل بقصد الدال أحق بالداللـة وداللتـه

.)١("..أكمل : تعريف األدلة حبسب طريقها ولكل ، لقد قسمت األدلة حبسب الطريق الذي حيصل به الدليل إىل شرعي وعقلي ومسعي

بحث إىل التفريق بينـهم مـن امل ا وسنعرض يف هذ ،منهم تعريف خاص به مييزه عن اآلخر .خالل كالم السلف دون غريهم

بأنه ما أخرب به الشارع،وما دل عليه الـشارع،وما دل )٢(فقد عرف الدليل الشرعي مجيع ما حيتاج إىل علمه بالعقل ومجيع األدلة والرباهني وأصول الدين فيه عليه الشارع ينتظم

فهذا يدخل فيه كل علـم ، عي على ما شرع علمه وقد يطلق الدليل الشر ، ومسائل العقائد وقد يدخل فيه املباح، وأصول الدين على هذا من العلـوم الـشرعية ، مستحب أو واجب

.وكذلك ما علم بالعقل وحده فهو من الشرعية إذا كان علمه مأمورا به يف الشرع .)٣(الدليل العقلي فهو الدليل الذي إذا نظر فيه العقل علم مدلوله وإما فقد يكون خربا من الشارع أو من غريه،ولكـن الـذي )٤(هو اخلرب فالدليل السمعي وإما

يهمنا هو األخبار اليت وردت يف الشرع فذكرنا هذا التقسيم لألدلة لإلحاطة جبميع األدلـة .اليت يستخدمها اإلنسان ويتحصل عليها فال ختلو من األقسام الثالثة

:عقلي والدليل النقلي العالقة بني الدليل ال العقل إليها حبال يفهناك جماالت للسمع ال يهتد،العالقة بني العقل والنقل عالقة تكامل

ـ ،وال ميكن العلم ا إال من خالل اخلرب هوهذه تكمل اجلانب الذي ينقص العقـل وال ميكنـ ،التوصل إليه صناعات، ومن األمور ما يعلم بالعقل فقط كمرويات الطب واحلـساب وال

وهناك من األمور ما يعلم ما مجيعا وهذه إما أن يكون الشارع قد هدى إىل داللتها كمـا ا فقط فهذه فإن كان األول فهي عقليات الشرعيات وإما أن يكون قد أخرب ، ال وأخرب ا أ

.عقلية من غري الشارع

).١/٥٣٩( النبوات ) ١( ).٢٣٣ـ١٩/٢٣٢( الفتاوى انظر ) ٢( ).٢/٧٣٩ (النبواتانظر ) ٣( ).٢٣٣ـ١٩/٢٢٨( انظر الفتاوى ) ٤(

٣٩

أن ميكن علمـه بالعقـل وهذا الذي يكون خربا وال يعلم إال من خالله فهذا ال خيلو إما ن أمكن علمه بالعقل فهل إو، خبار الشارع إمل ميكن فهذا يعلم مبجرد ، فإن أيضا أو ال ميكن

خرب الشارع به وعلمه ممكن بالعقل أيضا ومل يـدل أيوجد مثل هذا ؟ وهو أن يكون أمرا نه إذا فإ،فهذا ممكن وال نقص إذا وقع مثل هـذا يف الـشريعة ، عقلي له الشارع على دليل

.)١(عرف صدق املبلغ جاز أن يعلم خبربه كل ما حيتاج إليهوقد بني شيخ اإلسالم أن من البدع جعل أمر من أمور العقيدة الغيبية ال يدل إال مبجـرد

وأن الواجب هو تصور ذلك فاشترك العقـل ، السمع دون تصور العقل هلا كاليوم اآلخر .)٢(والسمع يف إثبات ذلك

فإن ،رمحه اهللا أن مجيع األدلة عقلية، مبعىن أن العقل إذا تصورها علم أـا تـدل وبني وإمنا يكـون النظـر ، الدليل هو ما يكون النظر الصحيح فيه مفضيا إىل العلم باملدلول عليه

وبني رمحه اهللا أن العقل شرط يف مجيع العلوم اليت ختتص ، )٣(الصحيح ملن يعقل داللة الدليل .)٤(بالعقالء جوانب ال ميكـن اإلنـسان لوحـده ،تكامل فهناك بني العقل والنقل عالقة فالعالقة

فمثال يف أي جمـال مـن واخلرب حيتاج إىل العقل يف معرفة صحته، ،الوصول إليها دون اخلرب ااالت العلمية يذكر أي كشف علمي وهو خرب من األخبار حىت ولو كان فرضا ويدرس

فمثال الذرات ومكوناا وعدد ،العقل ال يستطيع وحده اإلحاطة بكل شيء ويستفاد منه ألن وأمساء املـدن ،ه وعالجه أعراضكل مرض و وخصائصمكوناا،لية احلية و خلوا،لكترونااإ

خربا من األخبار والعقل يتقبل للمتعلم تكون ، و إىل غري ذلك من العلوم والفنون ،وأوصافهافكل جمال من جماالت العلـم ـ إن شاء اهللا ـ ضح قريبايتوهذا ما سه، ذلك إذا علم صدق

،فالعالقة عالقة تكامل ال تضاد وال تعارض ، حيتاج العقل فيه إىل السمع والسمع إىل العقل صحة أي دليل منـهما يعتمـد علـى الواقـع املـشاهد ن إثبات أ ومما يبني هذه العالقة

دلة النقلية فأن صحته تعتمد على مطابقـة ،وهذا يف الدلة العقلية واضح وأما يف األ احملسوسهذا اخلرب للواقع، وأما ما ال ميكن معرفة تطابقه للواقع يعتمد صدقه علىمعرفة صدق قائله

فمثال الدليل السمعي إذا مل يكن مطابقا فهو كـذب من األخبار السابقة له املطابقة للواقع،

).٢٣١ـ١٩/٢٣٠( الفتاوى انظر ) ١( ).٢٥٢ـ١٦/٢٥١( لفتاوى انظر ا) ٢( ).١/٥٣٩ (النبواتانظر) ٣( ).١/٥٤٠( النبوات انظر) ٤(

٤٠

عليه وسلم عندما أخربه أبو سـفيان كما ذكر عن النيب صلى اهللا .)١(وإن مل يتعمد الكذب اليوم تستحل احلرمة قال النيب صـلى اهللا ةاليوم يوم امللحم : بقول سعد بن عبادة يوم الفتح

)٢("كذب سعد ولكن هذا يوم يعظم اهللا فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة " :عليه وسلم وتـارة ال ، خالل الواقـع وهذا يعلم صدقه من ، ان مطابقا ملخربه فهو الصدق كفاخلرب إذا

ومعرفة صدق اخلـرب .وتارة ال يعلم صدقه من كذبه ، يكون مطابقا كالكذب املعلوم كذبه :)٣(تعرف من خالل أمرين

كمن أخربنا بأمور يعلم أا حق بـدون ،أن يعلم أنه مطابق ملخربه من غري جهة املخرب -١ .تقر بعقله وهو ما يعلمه وهذا يعلمه اإلنسان من خالل واقعه أو من خالل ما اس،خربه

.أن يعلم أن املخرب به صادق فيه -٢ . وقد جيتمع األمران بأن يعلم ثبوت ما أخرب به ويعلم أنه صادق فيه ومعرفة ذلك يعتمد على العقل أو على الواقـع ، التحقق من صحته من اخلرب ال بد افهذ

.امللموس أو املعلومفإذا خالف فهو إما مردود أو ، من خالل مطابقته للواقع الدليل العقلي فاحلكم بقطعه وإما ال جيوز أن يصدق خبرب منقـول عـن وألجل هذه العالقة الوثيقة بني العقل والسمع، ،ظين

وال جيوز أن يكذبـه إال ، الرسول صلى اهللا عليه وسلم أو غريه إال بداللة تدل على صدقه ألجل ذلك تكلم العلماء وصنفوا كتبـا و ، وعلى هذا العلم والدين ،بداللة تدل على كذبه

.)٤(كثرية يف اجلرح والتعديل وال ، أن النصوص الثابتة يف الكتاب والسنة ال يعارضها معقول قـط "ال بد من معرفة و

ن إ : بل نقول قـوال عامـا كليـا ،يعارضها إال ما فيه اشتباه واضطراب وما علم أنه حق ليه وسلم مل يعارضها قط صريح معقول فضال عـن النصوص الثابتة عن الرسول صلى اهللا ع

ن يكون مقدما عليها وإمنا الذي يعارضها شبه وخياالت مبناها على معان متشاة وألفاظ أ .)٥("جمملة

).٢/٨١٥( النبوات انظر ) ١( ).٤٢٨٠(،ح رقم ٧فتح الباري ج) ٢( ).٤٥٤ـ٦/٤٥٢( اجلواب الصحيح انظر) ٣( ).٤٦٣ـ٦/٤٦٢( اجلواب الصحيح انظر) ٤( ).١٥٦ـ١/١٥٥( درء تعارض العقل والنقل ) ٥(

٤١

ني فـال ين قوله إذا تعارض النقل والعقل، إما أن يريد به القطع إ :"يقول شيخ اإلسالم و به الظنيني فاملقدم هو الراجح مطلقا وإما أن يريد نسلم إمكان التعارض حينئذ وإما أن يريد

أحدمها قطعي فالقطعي هو املقدم مطلقا وإذا قدر أن العقلي هو القطعي كان تقدميـه به ما قطعيا ال لكونه عقليا فعلم أن تقدمي العقلي مطلقا خطأ كما أن جعل جهة التـرجيح لكونه

.)١("كونه عقليا خطأ ينفي الشيء قدأال وهي أن املعارض تبقى مسألة واحدة،تالقة ولكن بعد عرض هذه الع

إن النايف للشيء عليه الدليل :" فريد شيخ اإلسالم على ذلك بقولهعنده،لعدم قيام دليل عليه شتبه عليهم النايف ا وهؤالء …على ما ينفيه كما أن املثبت للشيء عليه الدليل على ثبوته

أنا ال أعلم هذا وال أوافقك عليه وال أسلمه :خر آئا فقال لهباملانع املطالب فإن من أثبت شيلك حىت تأيت بالدليل كان هذا مصيبا ومل يكن على هذا املانع املطالب بالدليل دليل وإمنا

قولك خطأ والصواب نقيض :الدليل على املثبت خبالف من نفى ما أثبته غريه فقال له وهلذا كان من أثبت شيئا أو نفاه …ليل على نفيهقولك ومل يكن هذا كذا فإن هذا عليه الد

.)٢("وطلب منه احلجة فلم يأت ا كان منقطعا يف املناظرة ال جيوز القطع يف النفي إال بدليل قطعي على النفي فلما مل خيرب أن نثبت إال " :ويقول أيضا

هذه املسائل : قال هؤالء،والنايف عليه الدليل كما على املثبت الدليل. لمبعلم فال ننفي إال بعمبناها على القطع فإنه ال جيوز لنا التكلم فيها ال لظن فإذامل يقم القاطع قطعنا بالنفي فقيل هلم هذا حجة عليكم فإنكم إذا نفيتم ما مل تعلموا نفيه تكلمتم بالظن وإذا قطعتم من غري

وليس يعلم يف ، نفيا كان الكالم أو إثباتا،كلمتم يف القطعيات بال قاطعقاطع كنتم قد تاألدلة الشرعية أو العقلية أن كل ما مل يقم دليل مسعي أو عقلي على إثباته فإنه جيب نفيه

.)٣("…والقطع بنفيه بل تكلمكم هذا بال علموالنقل ونفي اإلنسان مـا ال مث يبني رمحه اهللا السبب يف الغلط يف فهم العالقة بني العقل

وهذا مما يغلط فيه كثري مـن " : فيقول رمحه اهللا ،يعلم وجعل هذا النفي عمدة إلثبات قوله الناس ينظرون يف أنفسهم ومبلغ علمهم فإذامل جيدوا عندهم ما يوجب العلم بذلك األمـر

قد يقيمـون جعلوا غريهم كذلك من غري علم منهم بانتظار أسباب العلم عند ذلك الغري و حججا ضعيفة على غريهم ال يعلم ذلك مثل ما يفعله كثري من الناس بالنظر واالسـتدالل

.) ٨٧ـ١/٨٦( درء تعارض العقل والنقل ) ١( .) ٤٦٨ـ٦/٤٥٨( اجلواب الصحيح ) ٢( .) ٤٧٠ـ٦/٤٦٨( جلواب الصحيح ) ٣(

٤٢

ومن مل يساوهم يف نظرهم وأدلتهم وقوة أذهام ال يعلم ما علموه وكثري مـن ،واالعتبارالناس يعلم باألخبار والنقل واالستدالل بذلك أمورا كثرية ومن مل يشاركهم فيما مسعـوه

عرفوه من أحوال املخربين واخلرب وكمال معرفتهم بذلك ال يعلم ما علموه فلهذا كان وفيما ألهل النظر العقلي طرق ال يعرفها أهل األخبار وألهل األخبار السمعية طـرق ال تعـرف

فأجناس العلوم وطرقها منها ما هو خمتص ومنها ما هو مشترك واملشترك …مبجرد العقول .)١(".. آدم ومنه ما يشترك فيه نوع منهم وطائفةمنه ما يشترك فيه جنس بين

تيمية يوضح من الكالم السابق أن السبب يف الغلط يف فهم العالقة بني العقل والنقـل ابنفيعود إىل جعل اإلنسان نفسه وما يعلمه هو الدليل على ثبوت أو نفي الشيء فما يعلمه هو

.العلم وما ينفيه فهو غري موجود

.) ٤٨٠ـ٦/٤٧٧( اجلواب الصحيح )١(

٤٣

الباب األول

مفهوم قياس الغائب على الشاهد وجوامعه لدى الفالسفة

واملتكلمني وبيان أسباب ضالهلم فيه على ضوء منهج أهل السنة واجلماعة

.مفهوم قياس الغائب على الشاهد: الفصل األول

.االحتجاج بقياس الغائب على الشاهد: الفصل الثاين

. وجوامع قياس الغائب على الشاهدضوابط: الفصل الثالث

أسباب اخلطأ والضالل يف قياس الغائب على : الفصل الرابع . الشاهد

. استخدام قياس الغائب على الشاهد وجماالته: الفصل اخلامس

٤٤

الفصل األول

مفهوم قياس الغائب على الشاهد

:متهيد .على الشاهد يف اللغةتعريف قياس الغائب

:املبحث األول

.مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند الفالسفة واملتكلمني

.مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند الفالسفة : املطلب األول .مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند املعتزلة: املطلب الثاين .عند األشاعرةمفهوم قياس الغائب على الشاهد : املطلب الثالث الفرق بني قياس الغائب على الشاهد و قياس التمثيل : املطلب الرابع

.عند املتكلمني

:املبحث الثاين .مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند أهل السنة واجلماعة

قياس الغائب على الشاهد هو خاصية العقل : املطلب األول .وضرورته مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند أهل السنة : املطلب الثاين

.واجلماعة الفرق بني قياس الغائب على الشاهد وتصور : املطلب الثالث

.االستدالالت العقلية

٤٥

متهيد

هل السنة واجلماعة لقيـاس يتضمن هذا الفصل عرضا لفهوم الفالسفة واملتكلمني وأ .الغائب على الشاهد،وقبل البدء يف عرض األقوال أورد املعىن اللغوي هلذا املصطلح

:القياس لغة قـست الـشئ قـسته ":يقول ابن سيده . واملقدار مقياس . )١( الشئ مبثله تقدير

لقياس وهو يقتاس وقايست بني األمرين مقايسة وقياسا، ويقال قايست فالنا إذا جاريته يف ا : ،سواء كانت األمور حسية أو معنوية،فهو يتطلـب أمـرين )٢("الشئ بغريه أي يقيسه به .مقيس ومقيس عليه أو به

:الغيب لغة : يتعلق بأمرين

يتعلق باحلواس وحضور الشئ وغيابه عنها وإن كان الغيب نسبيا أو مطلقا ما )١( .)٣(غاب عن العيون وتستر فهو ما

.)٤(مايتعلق بالعلم فهو يأيت مبعىن الشك )٢( إن :ويأيت مبعىن تغيب األمر عنك وأنه بطن عليك، ويف احلديث ملا هجا حسان قريشا قالت

هذا لشتم ماغاب عنه ابن أيب قحافة أرادوا أن أبا بكر كان عاملا باألنساب واألخبار فهـو . )٥(الذي علم حسان

:الشاهد لغة .)٦(ل أصل يدل على حضور وعلم وإعالم فال خيرج من هذه األشياء أبداالشني واهلاء والدا

:الشهادة تدور على معنيني و .من احلضور واملعاينة )١( .ومعرفتهمن علم الشئ )٢(

ــــــــــــــ ). ٥٥٩ص (خمتار الصحاح )١( ).٨٦٨ص( انظر معجم املقاييس يف اللغة )٢( ).٨٠٨ص(اللغة يف قاييس امل معجم )٣( ).١٥٥ص( القاموس احمليط ) ٤( ).٣/٤٩٨( تاج العروس ) ٥( . )٥٣٩ص ( اللغة يف قاييس املمعجم )٦(

٤٦

حـضور فيـه الغيـب ال فخيتص باحلواس، أطلقا يراد ما ما فالغيب والشهادة إذا فالشهادة تكون بالشئ ومعرفته، العلم قد يرادما و ذلك،ما الشهادة فعكس أرؤية، و وال

لعدم العلم حبكم الـشئ وإن كـان أو جهالاشكيكون على علم والشاهد علم، والغائب .حمسوسا :وعلى ذلك فيكون تعريفه من اللغة أي تعريف قياس الغائب على الشاهد هو املقدار املوجود يف الشاهد املعلوم وإرجاع الغائب غري املوجود أو غري املشاهد

.وم إليهأو غري املعل

٤٧

مفهوم قياس الغائب على الشاهدعند الفالسفة واملتكلمني:األول املبحث لقد اختلف الفالسفة واملتكلمون يف تعريف قياس الغائب على الشاهدـ كما هو حاهلم

يف كتبهم تطبيقـا، يف كثري من القضايا اليت يتكلمون فيها ـومع ذلك فقدأخذ حيزا كبريا .فكل العقائد اليت يثبتوا أو ينفوا يعتمدون يف تقريرها على هذا القياس

وتعريفهم هلذا القياس يعتمد على تعريفهم للغائب والشاهد وعلى حسب ذلك يتم فمن عرفه بأنه احملسوس واالنتقال من معني إىل معني كما هـو حـال ،تعريف هذا القياس

املتكلمني، فالدليل عندهم ظين، وهو من باب التمثيل الذي اليؤخذ يف الفالسفة ومتأخري .اليقينياتومن عرفه بتعريف أوسع كحال متقدمي املتكلمني فإنه يأخذ به فيما يثبته ويرد بـه

.يلزم نفسه ال فيما ينفي ويضعف دليل املنازع بأنه من هذا القياس فهو يلزم غريه ماظرون هلذا القياس من خالل قرم أو بعدهم عن منهج وكل طائفة من املتكلمني ين

ضطرب من بعدهم بني األخذ ـا االفالسفة، وألجل ذلك فإن أوائلهم يعرفونه بتعريفات سريا على املذهب، وبني العلوم اليت حصلها عن طريق الفلسفة، وألجـل ذلـك اختلـف

. كما سيأيت إن شاء اهللا تعاىلهمأوائلتعريفهم هلذا القياس عن

مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند الفالسفة:املطلب األول بذكر اكتفي م يف هذا املطلب مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند الفالسفة، اورد

.أقوال علمني من أعالمهم مها ابن سينا وابن رشد احملل يوجد الشئ يف ضد احلضور والشهود وهو أن ال :"بأنهالفالسفة الغياب عرف

.)١("الذي يعد وجوده فيه طبيعيا أو سويا أو عاديا إخبار املرء مبا رأى أو إقراره مبا علم عن يقني، وتطلق أيضا ":عرفوا الشهادة بأا و

.)٢(" شهادة احلواس:على جمموع مايدركه احلس كقولناهد أمر ن الغائب والشا أهذا هو تعريف الغياب والشهادة عند الفالسفة ومنه يتضح

جزئي معني، وهذا صحيح ولكن يقرر الفالسفة أن العلم باجلزئيات واختاذها سبيال إىل العلم .يوصل إىل اليقني بل ال بد من قضية كلية جتمع شتات هذه اجلزئيات ال

ــــــــــــــــــــ ). ٢/١٣٠ (املعجم الفلسفي )١( .بحث حيث تطلق الشهادة على الشاهد واملشهود من هذا ال٦٢ وانظر ص) ١/٧٠٩ (املعجم الفلسفي )٢(

٤٨

ومن خالل هذا املعىن عرفوا قياس الغائب على الشاهد بأنه قياس متثيل،يقول ابـن ويوضح شـارح اإلشـارات ،)١("ما التمثيل فهو الذي يسميه أهل زماننا قياسا أ و ":سينا

ـ ا:ما املتكلمون ففي مثل قوهلمأ و":مقصده من هذه العبارة بقوله لكوـا ةلـسماء حمدثيقوم مقامه شاهدا، والسماء غائبا، واملتشكل معـىن متشكال كالبيت ويسمون البيت وما

جامعا واحملدث حكما، وال بديف التمثيل التام مـن أربـع والفقهـاء الخيـالفوم إال يف .)٢("االصطالحات

تكلمون بقيـاس فهذا القياس الذي يتكلم عنه ابن سينا هو القياس الذي يعرب عنه امل ويشتمل النص السابق على أربع قـضايا هـي كما وضحه الطوسي، الغائب على الشاهد،

: احلكـم واخريا وهو املتشكل، : اجلامع و وهو السماء، : الغائب و وهو البيت، : الشاهد :: وهو احملدث،فقاس السماء على البيت جبامع التشكل فاستنتج من ذلـك احلكـم وهـو

تها للبيت احملدثحدوث السماء ملشا. هو احلكم على شـيء معـني ":ويوضح ابن سينا هذا القياس يف كتاب آخر بقوله

لوجود ذلك احلكم يف شيء اخر معني أو أشياء أخرى معينة على أن ذلك احلكم كلي على املعىن املتشابه فيه فيكون احملكوم عليه هو املطلوب واملنقول منه احلكم هو املثـال واملعـىن

ن العامل أاملتشابه فيه هو اجلامع واحلكم هو احملكوم به على املطلوب املنقول من املثال ومثاله .)٣("حمدث ألنه جسم مؤلف فشابه البناء

)هو املثال :( أي الغائب،وبقوله )فيكون احملكوم عليه هو املطلوب :( فهو أراد بقوله .ال للمطلوب ومساه اجلامعالشاهد، وأن هناك معىن نقل هذا احلكم من املث

وهو الطريق وكذلك ابن رشد يرى أن قياس الغائب على الشاهد هو قياس التمثيل، .الذي يفهمه اجلمهور وملصلحتهم ال أنه الطريق الصحيح

الطريقة اليت سلكها الشرع يف تعليم اجلمهور حدوث العـامل مـن ":يقول ابن رشد مثال يف الـشاهد، له عند اجلميع وواجب إن كان حدوثه ليس الطريق البسيطة املعترف ا

.)٤("ةأن يكون الشرع استعمل يف متثيل ذلك حدوث األشياء املشاهد

ــــــــــــــ ). ١/٣٦٨ (، اإلشارات والتنبيهات اليب علي بن سينا )١ ( ). ٣٦٩ـ١/٣٦٨ (اإلشارات )٢( ). ٥٨ص (، اليب علي بن سينا،إلهلية النجاة يف احلكمة املنطقية والطبيعية وا )٣( ). ١٩٥ـ١٩٤ص (البن رشد ،مناهج األدلة يف عقائد امللة )٤(

٤٩

فهو يبني هنا أن حدوث العامل غائب عن اإلنسان معرفته حيث مل يـشاهده لعـدم يف الشاهد ولكن الشرع استخدم يف الدليل على حدوثه التمثيـل بـاألمور له وجود مثال

. احلوادث اليت يشاهدها اإلنسان على الغائب وهو حدوث العاملاملشاهده وهيما الطريق اليت سلك باجلمهور يف تصور هذا املعىن فهو التمثيل بالشاهد أ و ":مث قال

مثال يف الشاهد إذ ليس ميكن يف اجلمهور أن يتصور على كنهه ماليس له له وإن كان ليس .)١("مثال يف الشاهد

ن هذا النوع من التمثيل يف خلق العامل هو املوجود يف القرآن ويف فإ ":ويقول أيضا هذا املعىن أن التمثيل الذي جاء يف الشرع يفالتوراة ويف سائر الكتب املنـزلة، ومن العجب

.)٢("يف خلق العامل يطابق معىن احلدوث الذي يف الشاهدشاهد مثال وكان مقدار مايدرك وملا كانت هذه احلال ليس هلا يف ال ":ويقول أيضا

اختلفت الشرائع ،بالوحي منها خيتلف يف حق نيب نيب لتفاوم يف هذا املعىن، أعين يف الوحي يف متثيل األحوال اليت تكون ألنفس السعداء بعد املوت وألنفس األشقياء، فمنها مامل ميثـل

.)٣("ةمشاهدمايكون هنالك للنفوس الزكية من اللذة وللشقية من األذى بأمور فهو يبني أن الوحي املنـزل من اهللا وإبالغ الرسل ألممهم ألمور املعاد إمنا كان مـن

.قياس الغائب على الشاهد، وخيتلف التفصيل يف هذه األمور من شرعية إىل أخرى وأن مـاليس مبتخيـل ، اجلمهور يرون أن املوجود هو املتخيل واحملـسوس ":ويقول أيضا

ن إ،يريد أن يبني أن اجلمهور الينفكون عن هذا القيـاس، بـل )٤(" فهو عدم مبحسوس والحكمهم للشئ بأنه موجود ال بد أن يكون إما حمسوسا بأحد احلواس أو هو متخيل، وهـو

.)٥ ()تصور األعيان احملسوسة يف الباطن( أو اخليـال هلـذه ةفعلمهم مصدره احلواس اليت تتعامل مـع اجلزئيـات املـشاهد

يعترف مبوجود وإمنا سكت الشرع عن هذه الصفة ألنه ال":الصور،ويقرر هذا القول بقوله

ــــــــــــــ ). ٢٠٦ص (مناهج األدلة )١ ( ). ٢٠٦ص (مناهج األدلة )٢( ). ٢٤٣ص (مناهج األدلة )٣( ).١٧٢ص(مناهج األدلة )٤(الشئ يكون حمـسوسا عنـدما ” :نا املتخيل بقوله يعرف ابن سي ، و ) ٦/٢٣ (درء تعارض العقل والنقل )٥(

).٢/٣٤٣( اإلشارات . ” يشاهد مث يكون متخيال عند غيبته مبثل صورته يف الباطن

٥٠

يف الغائب أنه ليس جبسم إال من أدرك برهان أن يف الشاهد موجودا ـذه الـصفة وهـي كن اجلمهور مل ميكن فيهم النفس، وملا كان الوقوف على معرفة هذا املعىن من النفس مما ال مي

أن يعقلوا وجود موجود ليس جبسم فلما حجبوا عن معرفة اليقني علمنا أم حجبوا عـن .)١("معرفة هذا املعىن من الباري سبحانه

يريد ابن رشد أن يوضح أن نفي اجلسمية عن اهللا ال بد فيها من دليل يبني أن هناك ال يعلم شيئا إال من خالل ـ كما قرر سابقاـموجودا يف الشاهد ليس جبسم، ألن اجلمهور

مثال يف الشاهد يعلم به الغائب،ولكن معرفة هذا املوجود وهو النفس وأـا غـري جـسم .يستطيع اجلمهور التوصل إليه فقد حجبهم اهللا عن علم ذلك ال

. فمما سبق يتضح أن قياس الغائب على الشاهد عند الفالسفة هو قياس التمثيل

:مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند املعتزلة:املطلب الثايننعين بذلك أول فرقة كالمية تطرقت إىل تعريف قياس الغائب على الشاهد، وال املعتزلة

أم أول من استخدم هذا القياس، فالقياس فطري ضروري لـيس متعلقـا بطائفـة دون رف قياس الغائب على الشاهد،فقد عرفه أبو هاشم األخرى،فاملراد توضيحه أم أول من ع

إنه إمنـا يكـون االسـتدالل ": بقوله ـكما ذكر ذلك عنه القاضي عبداجلبارـ اجلبائي وكان أبو هاشم جيعل ذلك اسـتدالال بـاملعلوم علـى ... بالشاهد على الغائب بوجهني

.)٣( "اك يف العلة االشتراك يف الداللة واالشتر"واشترط هلذا القياس ،)٢("مااليعلما شامال جلميع صـور ن اجلبائي يرى هذا القياس عام أمن خالل هذا التعريف يتضح

.االستدالالت العقلية، فهو يعم كل معلوم الستدالله به على اهول ولكـن هـذا ":والقاضي عبداجلبار يرى أن هذا التعريف جامع غري مانع فيقول

دالل أنه استدالل بالشاهد على الغائب، ألن الدليل أبدا معلوم اإلطالق يقتضي يف كل است صوا بذلك بعض ضروب االستدالل دون خشبهة يف أن العلماء قد وال واملدلول غري معلوم،

.)٤("بعض

ــــــــــــــ ). ١٧٧ـ١٧٦ص (مناهج األدلة ) ١ ( ). ١٦٧ص (، للقاضي عبداجلبار ،احمليط بالتكليف )٢( ). ١٦٧ص (بالتكليف احمليط ) ٣( . ) ١٦٧ص (بالتكليف احمليط ) ٤(

٥١

االستدالل باملعلوم فيما بيننا على ما هو ":مث وضع له تعريفا يرى أنه جامع مانع هو .)١("غائب عنا إذا كان الغائب ال ميكن معرفته ابتداء إال بطريقة البناء على الشاهد

، فـال طريـق ناولكنه قيده باملعلوم فيما بين واملالحظ أنه مل خيرج عن تعريف اجلبائي .ناللوصول إىل اهول إال من خالل معرفة املعلوم بين

فعلى تعريفهم هذا قياس الغائب على الشاهد يشمل مجيع االسـتدالالت العقليـة، فالغائب ليس فقط هو الغائب عن احلواس، بل الغائب هو ماليس مبعلوم مطلقا دون حـده

.د هو املعلوم مطلقاباحلواس والشاهولكن عند استخدامهم هلذا القياس يتضح أم يعنون به مااختص بـاحلواس وفـق

.ألزموا أنفسهم من إلزامات منهجهم يف االستدالل ووفق ما :مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند األشاعرة:طلب الثالثامل

فوا يف تعريفه، فتعريـف األشاعرة أكثر الطوائف كالما يف هذا الدليل، ولكنهم اختل مؤسـس املـذهب مـن األشـاعرة وأول من تكلم فيه أوائلهم خيالف تعريف أواخرهم،

ن اختلف تعريف املتأخرين عن تعريـف األوائـل ولك صحابه بعد ذلك، أتبعه و ،األشعريين بالفلسفة ونظـرم باملنظـار الفلـسفي بالنـسبة لألدلـة ملتأخروذلك يعود إىل تأثر ا

:فاملذهب األشعري يف تعريفه هلذا القياس انقسم إىل قسمني ، تواالستدالال وميثلهم مؤسس املذهب األول أبو احلسن األشعري، واملؤسس الثاين املتقدمونـ ١ تعريفات عامة تشمل مجيع صور االستدالالت العقلية، بل كانوا يرونه وقد عرفوه . الباقالين

.دليل سواه ، وال)٢(الدليل العقلييل ماوجد العلم به فيه السـتوائهما إ رد ماغاب عن احلس ": عرفه بأنه األشعري ـ أ

.)٣("يف املعىن واجتماعهما يف العلة ـــــــــــــ

). ١٦٧ص (احمليط بالتكليف )١( قال فإن) : يف نص الدليل واالستدالل (، باب ) ٣٩ص( يف الرد على امللحدة يقول الباقالين يف التمهيد )٢(

فال دليـل .مث ذكر التعريف الذي ذكره لقياس الغائب على الشاهد ... قائل فما معىن الدليل عندكم قيل له وأيضا عند تعريفه للعلم النظري، أي األدلة العقلية ،عقلي عند األشاعرة األوائل إال قياس الغائب على الشاهد

فهذا تعريـف قيـاس .” لعلم بصحته عليهما هو مابين على علم احلس والضروري أو على مابين ا ” :قال ).٣٣ـ٣١ص ( وانظر متهيد األوائل .الغائب على الشاهد عندهم

ـ الذي ينقـل ) ٢٢ص( ، وعن رسالة الدكتور املرشدي ) ٢٠ص ( عن نظرية العلم عند األشعري للطيب )٣( .لى الكتابعن الطيب ـ نقال عن ابن فورك يف جمرد مقاالت األشعري، وذلك لعدم حصويل ع

٥٢

الغائب ماغاب عن احلواس، والشاهد بفاألشعري رمحه اهللا يبني أن املقصود .ما اجلامع فهو العلةأ، وابعكسه واحلكم هو استواء املعىن بينهم

إن املستدل إمنا يطلب باستدالله علم مامل يعلم بأن يـرده إىل مـاعلم ":ويقول أيضا أن إصدار احلكم على شيء إمنا يكون برد الـشئ إىل يوضح هنا ، )١("وينـزع حكمه منه

.ماعلم سابقا فيأخذ حكمه معىن الشاهد هو املعلوم باحلس أو باالضطرار وإن مل يكن حمسوسا، ":ويقول أيضا

ومعىن قولنا غائب ماغاب عن احلواس وإن مل يكن يف شيء من احلـواس أو الـضروريات .)٢("طريق إىل العلم به

وإن مل يكن ( : اتضح يف كالمه األخري فقدنا زيادة توضيح ملعىن الغائب والشاهد، ه ، أنه يقصد هنا بالغيب الغيـب الـذي )شيء من احلواس أو الضروريات طريق إىل العلم به

.اختص به اهللا أو الذات اإلهلية، وجعل الطريق إىل العلم ا هو الدليل العقليراد بالغيبة البعد واحلجاب وإمنا املراد به غيبة العلم وذهاب ليس امل":مث قال رمحه اهللا

العامل عن العلم به، ومعىن الشاهد أن ذلك يرجع إىل املعلومات اليت هي األصـل يف بـاب حيث جعل الغائب ماغاب ، ويتبني من هذا التعريف سعة مفهوم هذا القياس، )٣("االستدالل

ال من خـالل إن باب االستدالل ال يكون أضح عن العلم ومل يقيده باحلواس فقط فهو يو . من الشاهد ورد الغائب الذي غاب العلم به إىل الشاهدةاملعلومات احلاصل

فطريق االستدالل واحد وهو طريق قياس الغائب على الـشاهد، فهـو حيـدد أن .املعلومات اليت يستدل ا هي الشاهد، وهي األصل الذي يستدل به على ماجهل

هو املرشد إىل معرفة الغائب عن :" فقد عرف الدليل العقلي بأنهالباقالين ب ـ وإما .)٤("احلواس ومااليعرف باضطرار

مث بينه ، )٥("ميكن التوصل به إىل معرفة ماغاب عن الضرورة واحلس ما ":وقال أيضا وصفأن جيب احلكم والوصف للشئ يف الشاهد لعلة ما فيجب القضاء على أن من":بقوله

ــــــــــــــ

). ٢٠ص (نفس املصدر )١ ( ). ٢١ص (نفس املصدر )٢( ). ٢١ص (نفس املصدر )٣( ). ٣٩ص ( ، اليب بكر الباقالين ،التمهيد يف الرد على امللحدة )٤( ). ٣٩ص (السابق )٥(

٥٣

اهد، بتلك الصفة يف الغائب فحكمه يف أنه مستحق هلا لتلك العلة حكم مستحقها يف الش ،يـبني )١("ألنه يستحيل قيام دليل على مستحق الوصف بتلك الصفة مع عـدم مايوجبـها

الباقالين أن الشاهد والغائب إذا اتفقا يف العلة فحكمهما واحد ألنه ميتنـع أن احلكـم يف .حيكم به على الغائب الذي تعلقت به نفس العلة الشاهد يتعلق ذه العلة وال

، وأنه هو الـدليل عندمها هذا القياس مفهوم شعري والباقالين سعة األ يتضح من تعريفي ، ةاملعلوم من احلس والضرور :العقلي الذي ميكن االستدالل به فعلى تعريفهما جعلوا الشاهد

.وماقابل ذلك فهو الدليل النقلية،ماغاب عن احلس والضرور: والغائب بني ماقاله مؤسسوا هذا املذهب األشاعرة فإم ترددوا امتأخرواجلويين و ما أـ و ٢

.وبني ماأخذوه من الفلسفة، فتجدهم يثبتون الكالم السابق يف مكان وينفونه يف مكان آخر :هين الذين تكلموا على هذا القياس ياألشاعرة املتأخراجلويين ووأبرز أقوال اعتبار شيء بشئ ووقوف نظر يف غائـب ":فقد عرفه بقوله : اجلويينأ ـ أقوال

القضاء على الغائب حبكـم الـشاهد : "بأنه وعرفه أيضا ،)٢("على استثارة معىن يف شاهد .)٣("جلامع

فإن من قال يقضي على الغائب حبكم الشاهد من ":ويبني ملاذا اشترط اجلامع بقوله غري مجع لزمه أن حيكم بكون الباري تعاىل جسما ممدودا من حيث مل يـشاهد فـاعال إال

زم منه القضاء بتعاقب احلوادث إىل غري أول من حيث مل يشاهدها إال متعاقبـة كذلك، ويل .)٤("إىل غري ذلك من اجلهاالت

قيس الغائب على الشاهد بدون جـامع هذا الكالم يبني فيه اجلويين أمهية اجلامع، فإذا : منه لوازم باطلة مثل تلزم لكان اهللا كذلك ) اهللا(دودا، فلو قاس الغائب ن اإلنسان يف الشاهد مل ير فاعال إال جسما مم أ

يـرى واإلنسان ال يرى احلوادث إال متعاقبة ال يعلم أوهلا وال ـ تعاىل اهللا عما يقولونـ أول لكان هناك حوادث ال ) احلوادث السابقة (ايتها كلها، فيقتضي لو قاس الغائب عليها

أمهيـة ل هذه اللوازم وغريها يتـضح فألج هلا ، والذي حبسب مذهبهم يقتضي قدم العامل، .اجلامع هلذا القياس

ــــــــــــــ ). ٣٨ص (السلبق )١ ( ). ٢/٧٥١ (المام احلرمني أيب املعايل اجلويين ،الربهان يف أصول الفقه )٢( ). ٨٣ص (المام احلرمني اجلويين ،اإلرشاد إىل قواطع األدلةيف أصول االعتقاد )٣( ). ٨٣ـ٨٢ص (اإلرشاد )٤(

٥٤

اعتبار الغائب بالشاهد والتحكم بذلك من غري مجع جير إىل الدهر :"ويزيده توضيحا .)١("والكفر وكل جهالة تأباها العقول

مث بني جوامع هذا القياس واليت حيكم فيها على الغائب مبا يف الشاهد فمـن هـذه قق اطردت يف مثله غائبا مهما حتققت حقيقة شاهدا يف حم :"اجلوامع احلقيقة ويوضحها بقوله

.)٢("وذلك حنو حكمنا بأن حقيقة العامل من قام به العلم وهو ،فيتضح من كالمه األول أن قياس الغائب على الشاهد ما هو إال قياس التمثيل

يبني هنا أنه دليل يستدل به وفقا ملا عليه املذهب، بل ال بد من جوامع بني الغائب والشاهد ولكنه بعد ذلك يرد هذا القياس ويضعفه، ويرد هذه الضوابط ، الشاهد ليحكم للغائب حبكم

ثر الفلسفة علـى أواجلوامع واحدا واحدا، فال يبقى من كالمه السابق شيء مما يدلل على .متأخري األشاعرة

واملعىن بالغائب هو ماغاب عن علمك فترده :"يعرفه يف املنخول بقوله : الغزايلـ ب تعريفه هذا عام يشمل مجيع العلوم، فهو رد ماجهله إىل ماعلم دون التقيد ،)٣("إىل ماعلمته

.بصورة معينة من صور االستدالل العقلي والصنف السادس :" يرد هذا القول ويعرفه بتعريف الفالسفة فيقول بعد ذلك هولكن

يف جزئي التمثيل وهو الذي يسميه املتكلمون رد الغائب إىل الشاهد ومعناه أن يوجد حكم .)٤(" آخر يشاه بوجه مائيمعني واحد فينقل حكمه إىل جز

فيتضح هنا أنه قيد قياس الغائب على الشاهد بصورة من صور االستدالل العقلـي والسبب يف ذلك يعود إىل أنه ال يرى قياس الغائب على الشاهد بأنـه وهي قياس التمثيل،

.دليل عقلي يوصل إىل اليقنيمفردات ت مفرداته عن الغزايل، فعرفه يف البداية بتعريف عام وافق تلفمل خي:اآلمديج ـ

يف إثبات حكم له مـا أو محل جمهول على معلوم :"أوائل األشاعرة يف تعريفهم، فعرفه بأنه نفيه عنهما بأمر جامع بينهما كاحلكم بأن الباري مشار إليه و إىل جهته لكونه موجودا كما

.)٥("يف الشاهد ــــــــــــــ

). ٨٢ص (اإلرشاد )١ ( ). ٨٤ص (اإلرشاد )٢( ). ٥٣ص (املنخول )٣( . )١٣٩ـ١٣٨ ( ،اليب حامد الغزايل ،معيار العلم يف فن املنطق )٤( ). ١/١٣١ (أبكار األفكار )٥(

٥٥

فمـن ،)١(" إعطاء حكم شيء لشئ آخر الشتراكهما يف علته ": بقوله وعرفه أيضا وذلـك بـالنظر إىل قياس متثيل قياس الغائب على الشاهد عنده هو خالل تعريفه يتضح أن

املثال الذي ذكره سابقا املخالف لعقيدم يف نفي اجلهة عن اهللا ومن اثبت اجلهة عنـدهم .مشبه تعريف املتأخرين على أنه قياس فأصبح فاألشاعرة اختلف تعريف متأخريهم عن أوائلهم،

.التمثيل :املتكلمني بني قياس الغائب على الشاهدوقياس التمثيل عندالفرق:املطلب الرابع

أن بعض املتكلمني عرف قياس الغائب علـى الـشاهد يف افراد هذا املطلب السبب ، ألن تعريفهم لقياس الغائب على الـشاهد بذلك الباقون م هلم بقياس التمثيل، ولكن مل يسل

بقياس التمثيل الظين سوف جيعلـهم ـ لعقائدالذي متتلئ به كتبهم يف استدالهلم على ا ـ مترددين فيما احتوته كتبهم بني

:هي امورأو التوقف عما يف كتبهم وصياغة عقائـدهم إما رد هذا التعريف وأنه قياس متثيل،

هـذه التـسوية و ن عقائدهم مثبتة ذا القياس، مع نفي أ التسوية بينهما وإما مرة أخرى، .ن قياس الغائب على الشاهد وحجيته عندهمعرض هلا يف موقفهم مسن

:وهين التسوية غري صحيحة ألمور أفمن رد التسوية بينهما يرى ما قياس الغائب على الشاهد ال يكون أ أن قياس التمثيل قد يكون بني شاهدين "ـ١ ، أوائلهم عندخمالف تعريف له الشاهد والغائب ، ألن ن هذا التفريق ضعيف ك ول )٢("كذلك

مقـصورا علـى علوم والغائب هو اهول وقياس الغائب على الشاهد ليس املاهد هو الشفقد يكونان غـري فعلى هذا غريه أو يساويه حكم له بأنعلى الشئ بل هو احلكم احملسوس فقـد ، واالخر ليس كذلك امشاهد حدمهاأن وقد يكون ي وقد يكونان مشاهد ،نيمشاهد

هو غائب، ليس عن احلواس بل غائب حكمـه فـال يكون الشئ املشاهد جمهول احلكم ف .يصدق هذا التفريق

ــــــــــــــ

.) ٣/١٦٧ (األحكام )١( ). ١٣٤ص (البصائر النصريية )٢(

٥٦

ـ أن قياس التمثيل يقوم على التشابه، أما قياس الغائب على الشاهد فيقـوم علـى ٢قل احلكم من األصل إىل ن ن فإ ":اليقني، ألن له جوامع وضوابط، ال على جمرد التشابه

يصح اعتباره يف رد الغائـب إىل ال امالفرع يف التمثيل األرسطي للتشابه بينهما بوجه الشاهد، بل ال بد يف ذلك من وجه مقتض لنقل احلكم وهو مايعترب عند املـتكلمني يف ذلك من جوامع العلة والشرط والداللة واحلقيقة وهي الوجوه املقتضية لـصحة هـذا

.)١("سالقيا واملالحظ أن من فرق ذا التفريق أخذ ذلك من كالم الغزايل الـسابق مـسلما

.بصدق هذا التفريق :التفريق عليه مأخذ منهاوهذا

ميلك اليقني والظن بل مواده إن كانت ظنية فهو أ ـ أن الدليل يف نفسه وصورته ال لتمثيل البد فيه من جامع مشترك بني ، والصحيح أن قياس ا ظين، وإن كانت يقينية فهو يقيين

. ما يراد قياسه كما اتضح من كالم شيخ االسالمب ـ أن هذه اجلوامع ردوها وترددوا فيها فكيف توصل إىل اليقني، ويكون هـذا

.القياس يقيين ألن له جوامع،وجوامعه متشكك فيهاهم فهم يردوا أو يردهـا فال صحة هلذا التفريق ألن املتكلمني مل يسلما بصحة جوامع

. بعضهم أو يرد بعضها ولو كاىن التفريق صحيحا مل حصل هذا االختالفيتضح من هذه التعاريف هلذا القياس أن التعاريف العامة واليت كانت يف أول املراحل

قبل االنغماس يف الفلسفة والتأثر الكلي ا حيث مازالت الفطر أقرب للغة العربيـة، فهـي الواقع اإلسالمي البعيد عن التعقيد، والذي مييل إىل األمـور البدهيـة، مث بعـد أقرب إىل

االنغماس يف املنطق والفلسفة اليونانية بدأوا بعمـل تـضييق وتقييـد للعلـوم الـسابقة . واالستدالالت العقلية السابقة وتصعيب الطرق العقلية املوصلة إىل احلق

ــــــــــــــ ). ١١٤ص ( للدكتور امحد عبداللطيف ، يينمنهج اجلو )١(

٥٧

املبحث الثاين مفهوم قياس الغائب على الشاهدعند أهل السنة واجلماعة

فلهذا ،السلف رضوان اهللا عليهم مل يتكلموا مبصطلحات علم الكالم العتقادهم بطالنه لـه مهمادواسـتخ ، منهم قد تعرض لقياس الغائب على الشاهد ذا املسمى احدأجند ال

.واضح لبداهته وألنه مقتضى الضرورة العقلية وألنه ،عتمد غالبا على كالم شيخ االسالم رمحه اهللا ملا قلته سابقا أ ويف هذا البحث س

على فهم نصوص الشرع وأقوال علمـاء الـسلف ةعتمداملرمحه اهللا ميثل املدرسة السلفية لسنة واجلماعة قد ارتضى ماقالـه يف عقائـد وكذلك ألن من أتى بعده من اهل ا ،املأثورة

.سلف األمة ووافقه عليهومن خالل هذا املبحث سيتضح مفهوم هذا القياس عند أهل السنة واجلماعة، وأنه

الضرورة العقلية اليت تقتضي متاثل املتماثالت واختالف املختلفـات فهـي فطـرة العقـل ال أـا ة من صور االستدالل العقلـي، املواد األساسية العقلية لكل صور يوخاصيته، وه

.صورة من صور االستدالل العقلي هو امليزان العقلي وضرورته قياس الغائب على الشاهد:املطلب األول

عقال، بل يعتمدون على النصوص الـشرعية ا وال خيالفون نص أهل السنة واجلماعة ال . صحيحااليت هي حق بذاا، واليت ال ميكن أن ختالف عقال

فمنهجهم هو املنهج الفطري الذي مىت ماعلمه اإلنسان دون تعصب أو شبهة أذعن له مباشرة، فأهل السنة واجلماعة انطالقهم دائما من نصوص شرعية ولـيس مـن خـالل

.خياالت عقلية: يعتقدون بأن اهللا سبحانه وتعاىل أنـزل مع القرآن امليزان حيث قال تعـاىل همف ـزل الكتاب باحلق وامليزان اهللا الذي أن ]،وقال تعاىل ]١٧الشورى ، : لقد أرسـلنا

يقول ،]٢٥احلديد،[رسلنا بالبينات وأنـزلنا معهم الكتاب وامليزان ليقوم الناس بالقسط وامليزان يفسره السلف بالعدل ويفسره بعضهم مبـا ":ابن تيمية بعد أن عرض هاتني اآليتني

أخرب أنه أنـزل ذلك مع رسله كما أنـزل معهـم الكتـاب يوزن به ومها متالزمان، وقد .ليقوم الناس بالقسط

فما يعرف به متاثل املتماثالت من الصفات واملقادير هو مـن امليـزان، وكـذلك فمعرفة أن هذه الدراهم أو غريها من األجسام الثقيلة بقدر . مايعرف به اختالف املختلفات

٥٨

ا الزمان مثل هذا الزمان يعرف مبوازينه اليت يقدر ـا هذه تعرف مبوازينها، ومعرفة أن هذ .األوقات ما يعرف به الظالل، وكما جيري من ماء ورمل وغري ذلك

فالبد لكل متماثلني من قدر مشترك كلي يعرف به أن أحدمها مثل اآلخر، فكذلك ينهما وهي الفروع املقيسة على أصوهلا يف الشرعيات والعقليات تعرف باملوازين املشتركة ب

، فإنا إذا علمنا أن اهللا حـرم مخـر )احلد األوسط (الوصف اجلامع املشترك الذي يسمى العنب ملا ذكره من أا تصد عن ذكر اهللا وعن الصالة، وتوقـع بـني املـؤمنني العـداوة

وغري ذلك مياثلها يف املعنىـالكلي والرز والبغضاء، مث رأينا نبيذ احلبوب من احلنطة والشعري ملشترك الذي هو علة التحرمي، كان هذا القدر املشترك الذي هو العلة هـو امليـزان الـيت ا

أنـزهلا اهللا يف قلوبنا لنـزن ا هذا أو جنعله مثل هذا، فال تعرف بني املتماثلني والقيـاس .الصحيح هو من العدل الذي أمر اهللا به تعاىل

زان فقط واملقصود ا وزن األمـور ومن علم الكليات من غري معرفة املعني فمعه املي املوجودة يف اخلارج، وإال فالكليات لوال جزئياا املعينات مل يكن ا اعتبار كما أنه لـوال

.املوزونات مل يكن إىل امليزان من حاجةوالريب أنه إذا حضر أحد املوزونني واعترب اآلخر بامليزان كان أمت يف الوزن من أن يكون

لوصف املشترك الكلي يف العقل أي شيء حضر من األعيان املفردة وزن ا فإن امليزان وهو ا .ذا أيضا وزن صحيح، وذلك أحسن يف الوزنه

فإنك إذا وزنت بالصنجة قدرا من النقدين مث وزنت ا نظريه واألول شاهد والناس أحـدمها يشهدون أن هذا وزن به هذا فظهر مثله أو أكثر أو أقل كان أحسن من أن يوزن

يف مغيب اآلخر فإنه قد يظن أن الوازن مل يعدل يف الوزن كما يعدل إذا وزما معا، فإن .)١("هذا يعترب بأن يوزن أحدمها باآلخر بال صنجة، وهكذا املوزونات العقلية

جيوز أن خيتلفـا، ومـىت واهللا هو الذي أنـزل الكتاب وامليزان فال ":ويقول أيضا إما فساد داللة ما احتج به من النص إما بأن ال : ظان فأحد األمرين الزم تعارضا يف ظن ال

أو فساد داللة مااحتج به من القيـاس . يكون ثابتا عن املعصوم أو ال يكون داال على ماظنه سواء كان شرعيا أو عقليا بفساد بعض مقدماته أو كلها ملا يقع يف األقيسة مـن األلفـاظ

.)٢("املة املشبهة ـــــــــــــــــــ

). ٣٧٣ـ٣٧١ص (الردعلى املنطقيني )١(

.بتصرف) ٣٧٣ص (الرد على املنطقيني )٢(

٥٩

هـي ميـزان عادلـة …فامليزان اليت أنـزهلا اهللا مع الكتاب ” :ويقررذلك بقوله مبا جعله اهللا يف تتضمن اعتبار الشئ مبثله وخالفه فيسوي بني املتماثلني ويفرق بني املختلفني

إذا كان هذا مما يعرف بالعقل :فإن قيل . فطر عباده وعقوهلم من معرفة التماثل واالختالف .فكيف جعله اهللا تعاىل مما أرسلت به الرسل؟

ألن الرسل ضربت للناس األمثال العقلية اليت يعرفون ا التماثل واالخـتالف : قيل إىل مابه يعرفون العدل ويعرفون األقيسة العقلية الصحيحة فإن الرسل دلت الناس وأرشدم

اليت يستدل ا على املطالب الدينية فليس العلوم النبوية مقصورة على جمرد اخلرب كما يظـن ذلك من يظنه من أهل الكالم وجيعلون مايعلم بالعقل قسيما للعلوم النبويـة، بـل الرسـل

ضربت األمثال عمال، و و اليت ا يتم دين الناس علما صلوات اهللا عليهم بينت العلوم العقلية عنه، أو كانت الفطرة قد ةفكملت الفطرة مبا نبهتها عليه وأرشدا مما كانت الفطرة معرض

فسدت مبا حصل هلا من اآلراء واألهواء الفاسدة، فأزالت ذلك الفساد وبينـت ماكانـت .ان اليت أنـزهلا اهللا وبينها رسلهالفطرة معرضه عنه حىت صار عند الفطرة معرفة امليز

هذا، يبني اهللا احلقائق باملقاييس العقلية واألمثال املضروبة مملوء من والقرآن واحلديث ويبني طريق التسوية بني املتماثلني والفرق بني املختلفني، وينكر على من خيرج عن ذلـك

منوا وعملوا الـصاحلات أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن جنعلهم كالذين آ : كقوله وإمنـا ... والقرآن مملوء من ذلـك …]٢١اجلاثية،[سواء حمياهم وممام ساء ماحيكمون

ا حق كما ذكر اهللا سبحانه وتعاىل يف كتابـه، أاملقصود التنبيه على جنس امليزان العقلي و وليست هي خمتصة مبنطق اليونان وان كان فيه قسط منها، بل هـي األقيـسة الـصحيحة

ملتضمنة التسوية بني املتماثلني والفرق بني املختلفني سواء صيغ ذلك بقيـاس الـشمول أو ابقياس التمثيل وصيغ التمثيل هي األصل، وهي أكمل وامليزان القدر املشترك وهو اجلـامع

.وهو احلد األوسطان وإنـزاله تعاىل امليزان مع الرسل كإنـزاله اإلميان ـ وهو األمانة ـ معهم، واإلمي

وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ماكنت تـدري : مل حيصل إال م كما قال تعاىل ماالكتاب وال اإلميان ولكن جعلناه نورا دي به من نشاء من عبادنا وإنـك لتهـدي إىل

، ويف الصحيحني عن حذيفة بن اليمان قال حدثنا رسـول ]٥٢الشورى،[صراط مستقيم ن األمانـة أ" يثني قد رأيت أحدمها وأنا أنتظر اآلخر، حـديثنا حد صلى اهللا عليه وسلم اهللا

وحدثنا عـن رفـع " قلوب الرجال فعلموا من القرآن وعلموا من السنة رذنـزلت يف ج ،، مث ينام تك ينام الرجل النومة فتقبض األمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الو ":األمانة قال

٦٠

كجمر دحرجته على رجلك فنفط لمجظل أثرها مثل أثر ال الرجل فتقبض األمانة من قلبه في .)١("فتراه منتربا وليس فيه شيء

فقد بني هذا احلديث أن األمانة اليت هي اإلميان أنـزهلا اهللا يف أصل القلوب، فـإن ذلك فأهلم اهللا اجلذر هو األصل وهذا إمنا كان بواسطة الرسل ملا أخربوا مبا أخربوا به فسمع

.القلوب اإلميان وأنـزله يف القلوبيوزن وكذلك أنـزل اهللا سبحانه وتعاىل امليزان يف القلوب ملا بينت الرسل العدل وما

به عرفت القلوب ذلك فأنـزل اهللا على القلوب من العلم ماتزن به األمور حـىت تعـرف لك، كما وضعت موازين التماثل واالختالف، وتصنع من اآلالت احلسية ماحيتاج إليه يف ذ

والسماء رفعها ووضـع : قال تعاىل . وهذا من وصفه تعاىل للميزان ،النقدين وغري ذلك ، قال ]٩ـ٧الرمحن،[امليزان أال تطغوا يف امليزان وأقيموا الوزن بالقسط والختسروا امليزان

. )٢("نكثري من املفسرين هو العدل، وقال بعضهم مايوزن به ويعرف العدل ومها متالزمافأخص خصائص العقل البشري التسوية بني املتماثالت والتفريق بني املختلفات، فاهللا

من خـالل ، و االنسانألمور احمليطة ب فهي الناقلة ل عندما خلق احلواس جعلها طريقا للمعرفة املشترك الكلي بني األمور املتشاة وحيكم علـى بأخذالعقل املعلومات املأخوذة منها يقوم

.مبا يوافقه ويناسبها الشئ هذ ،نستطيع حنن الوقوف عليـه ال واخلرب من وسائل املعرفة، بل من أقواها وخاصة ما ن كان من الغيب النسيب فيعرف صدقه من الواقع وان كان من الغيب املطلق فيعتمد إفاخلرب

قـل بـه على صدق املخرب فإن صدق أخذنا خربه وأصبح عندنا من املعلوم يقينا فيأخذ الع .ويقيس به غريه

وابن تيمية رمحه اهللا بني أن هذا القياس أمر فطري عقلي يف اإلنسان وأنـه يـشمل إذا عدلوا عن املعرفة الفطرية العقلية للمعينات إىل أقيسة ":مجيع االستدالالت العقلية فيقول

هو ضد كلية وصفوا ألفاظها وصارت جمملة تتناول حقا وباطال حصل ا من الضالل ما

ــــــــــــــــــ، ومـسلم يف ) ٧٠٨٦( ح ١٣ رواه البخاري ، يف كتاب الفنت ، باب إذا بقي يف حثالة الناس ، انظر الفتح،ج )١(

). ٢٣٠(،ح١كتاب االميان ، باب رفع االمانة واالميان من بعض القلوب وعرض الفنت على القلوب،ج ). ٣٨٤ـ٣٨٢ص (الرد على املنطقيني )٢(

٦١

عادلة وكانوا فيه من املطففني الذين إذا صود من املوازين وصارت هذه املوازين عائلة ال املق .)١("اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم خيسرون

:فكالمه رمحه اهللا اشتمل على عدة نقاط هي مـن املاديـات أن اهللا عز وجل أنـزل القرآن وامليزان، وامليزان كل مايوزن بـه )١(

.والعقلياتأحدمها حاضرا واآلخر غائبا ال بد أن كان أن كل متماثلني سواء كانا حاضرين أو )٢(

.يكون فيهما قدر مشترك يعرف به املماثلة .القياس الصحيح من العدل الذي أمر اهللا به )٣(ـ واليعلـم صـدقه حتصل فائـدة امليـزان فالبامليزان، شبه الكليات )٤( ود إال بوج

.بوجود اجلزئيات إالا وال صدقها حتصل فائد الوكذلك الكلياتاملوزونات، .يتعارض مع امليزان وهو القياس الصحيح القرآن وهو نقل ال )٥(أن القرآن والسنة نبهت الناس إىل األقيسة العقلية وبينت ماحيتاجه النـاس يف أمـر )٦(

.دينهمن حياته ويعرف دينـه وربـه، فمعرفـة فاإلنسان من خالل هذا القياس يستفيد م

العقل، فاحلواس تعمل يف اينكره وكذلك معرفة املختلفات ال العقل، اينكره املتماثالت ال كلـي الشترك املمر األعلى العقل صل مث حي املشخصات،من املعلومات معرفة األشياء وتنقل

.فيصبح معلوما لديهإليها قيس ماغاب عنه بينهما مث ي مفهوم قياس الغائب على الشاهدعند أهل السنة:ثايناملطلب الأن مفهوم هذا القياس عند أهـل ـ إن شاء اهللا ـ ضح يتمن خالل هذا املطلب س

شامل جلميع مايكون يف العقل من علوم حتصل عن طريق احلس والسنة واجلماعة مفهوم عام ي،وذلك النطالقه من معرفة الفطرهو االستخدام العقلي اليقيين له وأن استخدامهم ، أو اخلرب

من خـالل قـضايا الوتكوين القضايا الكلية املعتمدة يف صدقها عليها،اجلزئيات واملعينات .معرفة جزئيااجمردة دون كلية

وأهل السنة واجلماعة ركزوا كثريا على املعرفة احلسية وبينوا أن اهللا سبحانه وتعاىل املتخالف منها و املتماثل فيفرق بني قل باملعلومات، أعطانا هذه احلواس لنستطيع أن نغذي الع

.فيحكم للمتماثل مبا يناسبه وللمتخالف مبا يناسبه ــــــــــــــ

). ٣٨١ص (الرد على املنطقيني ) ١ (

٦٢

، والمنعـه أمر فطري ضروري ال ميكن دفعه فهذا القياس عند أهل السنة واجلماعة . العقول ختتلف من شخص آلخرمداركمع األخذ يف االعتبار أن

جعلوا مـن ضـمن القـضايا الـيت عن غريهم بأم أهل السنة واجلماعة خيتلف و ولكن يستخدموا األخبار املتواترة واملشهورة الصادقة سواء كان طريقها األنبياء أو غريهم،

.طريق األنبياء هو أشرف الطرق وأعالها وأكثرها يقينا نعرف حكمـه، األمر الواقع الذي ال به على حكم يهلا حصل من علم من خال يفما

.كإنـزال أحاديث الفنت على األحداث املشاهدة اهـول يدخل فيهما بل فقط الشاهد والغائب احملسوس وضده ليس املقصود من ف .د االستدالل عليه أو تعليمهار يد معرفته، أو ماار يأو ما

ميكن تطبيقه على الواقع، وأما ما ال ميكن فصدق اخلرب يعرف من خالل الواقع فيما تطبيقه فيعتمد يف معرفة صدقه،ويف استخدامه على الصدق الثابت لقائله، وهذا أيضا مـن

.قياس الغائب على الشاهدوقبل الكالم على مفهوم هذا القياس عند أهل السنة واجلماعة، ال بد من معرفة معىن

وفـصل ":قول ابن تيمية رمحـه اهللا بني ذلك يماعة، الغيب والشهادة عند اهل السنة واجل اخلطاب بني الطائفتني أن اسم الغيب والغائب من األمور اإلضافية يراد به ماغاب عنا فلـم ندركه ويراد به ماغاب عنا فلم يدركنا، وذلك ألن الواحد منا إذا غاب عن اآلخر مغيبا

نه وتعاىل شهيد على العباد، رقيب علـيهم، مطلقا مل يدرك هذا هذا والهذا هذا واهللا سبحا يف السماء فليس هو غائبا وإمنا ملـا مل يعزب عنه مثقال ذرة يف األرض وال مهيمن عليهم ال

يره العباد كان غيبا، وهلذا يدخل يف الغيب الذي يؤمن به وليس هو بغائب، فإن الغائـب مصدر ما الغيب فهو أئب، و اسم فاعل من قولك غاب يغيب فهو غائب، واهللا شاهد غري غا

غاب يغيب غيبا وكثريا مايوضع املصدر موضع الفاعل كالعدل والصوم والزور، وموضـع .املفعول كاخللق والرزق والدرهم ضرب األمري

وهلذا يقرن الغيب بالشهادة وهي أيضا مصدر فالشهادة هي املشهود أو الـشاهد، نقيض الشهادة، وإما مبعىن الغائب الذي غاب يشهد والغيب هو إما املغيب عنه فهو الذي ال

عنا فلم نشهده فتسميته باسم املصدر فيه تنبيه على النسبة أي الغري أي ليس هو بنفسه غائبا، .وإمنا غاب عن الغري أو غاب الغري عنه

قد يقال اسم الشهادة والغيب جيمع النسبتني، فالشهادة ماشهدنا وشهدناه والغيب ماغاب و عنه فلم نشهده، وعلى كل تقدير فاملعىن يف كونه غائبا هو انتفاء شهودنا له وهذا عنا وغبنا

٦٣

قياس الغيب على الشهادة لكانت العبارة موافقة، أما قياس : فلو قالوا تسمية قرآنية صحيحة، .)١( "موافقة يف املعىن، فلهذا حصل يف إطالقه التنازع الغائب ففيه خمالفة يف اللفظ ولكن

شهادة أمر نسيب إضايف فقد يكون الشئ موجودا مدركا ومشاهدا ومعلوما لشخص فال دون اآلخر،والغيب كذلك كما قال ابن تيمية هو ماغاب عنا وغبنا عنه، أي قد يكون األمر منه واالمتناع منه أو األمر يعود إلينا لعجز أو تفريط فهو من األمور النسبية اإلضافية الـيت

طلق دون قيد أو حصر، بل األمر إضايف فهو مشاهد وشاهد لشخص وغيـب ال ميكن أن ت .لآلخر

يقتضي عدم وجـود وفرق ابن تيمية رمحه اهللا بني لفظ الغيب والغائب، فالغيب ال وشهود الغائب لألمر بل األمر يعود إىل الغري يف حضوره وغيابه، ولكن الغائب فهو غائـب

.بنفسه أو غاب الغري عنه من األفضل التمسك مبا وردت به النصوص لسالمته من اخللـل أنرمحه اهللا فهويرى

.فمن االفضل أن يقال إنه غيب وال يقال غائبوخاصة فيما يتعلق باهللا ـ وسيأيت مزيد بيان ـ إن شاء اهللا يف فصل االحتجاج بقياس الغائب على الشاهد،

التوصل حبواسه ومبا يستطيعه هو فقط دون االعتماد على وهو أن اإلنسان لو أراد هو بنفسه ملا استطاع أن يتعلم إال قليال بقدر ماحسه وعلمـه فيفقـد ،اآلخرين وعلومهم وأخبارهم

.الكثري من العلوموهذا يدلل على أمهية اخلرب حلصول العلم سواء كان اخلرب نصا شرعيا أو خربا مـن

بات أو احلدسيات أو غريها من األخبار، فهذا سبيل قوي للتعلم وهو األخبار العقلية أو ار .ماضل فيه من خالف مذهب أهل السنة واجلماعة

خيلو منه جمتمع بل مما سبق يتبني أن هذا القياس أمر فطري فطرت عليه العقول ال اموا بنقلها خيلو منه إنسان، وملا كان اليونان قد سجلوا طريقة تفكريهم يف مصنفات وق ال

هم أو غريهم ظن بعض الناس أن هذا مما تفردوا به دوناألمم فكان سببا لضالل كثري مـن فيعتقد بعض الناس أن هذه الطرق العقلية مل يعرفها الناس إال من خالل منطـق . املسلمني

اليونان، والصحيح أن الناس تستخدمها دون اعتمادهم على منطق اليونان أو تسميتهم هلـا .طلحاممبص

ــــــــــــــــــ ).٥٣ـ١٤/٥٢( جمموع الفتاوى )١(

٦٤

ـ ـومن خالل النظر يف كتب أهل السنة واجلماعة ـ وخاصة كتب شيخ اإلسالم ابن تيمية :فإن قياس الغائب على الشاهد ميكن أن يعرف بأنه

املختلفات الضرورة العقلية اليت من خالهلا يدرك اإلنسان متاثل املتماثالت واختالف ـ .بالتشابه أو االختالف اليت من خالهلا حيكم على األشياء ةكليالىن اعاملواستخراج

. معرفته ت قياس مامل يعلم مبا ثبت:أوـ معرفة اجلامع املشترك الكلي بني األمور املشاهدة واملعلومة وقياس األمور الغائبة :أوـ .عليها

:فمفهومه يدور حول ثالثة أمور .ظر يف األمور املشاهدة أو املعلومة املعينة واملقارنة بينها ومعرفة املختلف من املتفقالن )١( . هذا األمر وهذا خبالفهيشبهمعرفة اجلامع املشترك الذي جعلنا حنكم بأن هذا األمر )٢(حتديد الغائب الذي يراد معرفته وقياسه على ماعلمناه من خـالل تـوافر اجلـامع )٣(

. له حبكم الشاهداملشترك بينهما حكم يرى اإلنسان تـشاا ،ومن خالل هذه التعاريف الثالثة لقياس الغائب على الشاهد

بني هذه التعاريف وتعريف أوائل املتكلمني عندما مل ينغمسوا يف العلوم الفلسفية، ال تطابقا :ا يلييتبني فيمولكن مع ذلك هناك فرق بني تعريف أهل السنة واجلماعة وتعاريفهم

حكم للغائـب شابه أهل السنة واجلماعة يرون هذا القياس ضروري مىت مارأى الت -١أما املتكلمني . الضرورة العقلية اهد، ومىت رأى التخالف حكم بالفرق بينهما، فهو شكم ال حب

العلم النظري هو مابين على علم احلـس :"فهم يرونه من العلم النظري كما يقول الباقالين .)١("لى مابين العلم بصحته عليهماوالضرورة أو ع

وهو نفس تعريف قياس الغائب على الشاهد فالعلم النظري هو قياس الغائـب علـى جيـب أن نه ال إ" :الشاهد،وقال القاضي عبداجلبار بعد تعريفه هلذا القياس وذكر ضوابطه

ة النظـر وهو مانسميه طريق ":، مث قال )٢("يكون لكل علم مكتسب أصل ضروري يرد إليه . )٣("له حاال أخرى أو حكما هو ممـا يوصـل إىل العلـم ألن النظر يف حال الشئ لنعرف

افاملقصد أن هذا القياس نظري وليس ضروريا ـ عندهم عقلي. ــــــــــــــ

). ٣٦ص (التمهيديف الرد على املعطلة )١ ( ). ١٦٩ص (احمليط بالتكليف )٢( ). ١٦٩ص (احمليط بالتكليف )٣(

٦٥

هذا القياس مما جاء يف القرآن والـسنة وأنـه بينوا أن ـ أن أهل السنة واجلماعة ٢ ويعتمد عليها أيضا يف االستدالل، فاألمر ال خيتص باحملـسوس او يستفاد من األدلة الشرعية،

ـ إن شاء اهللا ـ وهذا ماسيتضحمايعرف بالضرورة، فالشاهد قـد . يف الفصل الثاين جليا .يا وحيكم به على غائب حسا أو علمايكون أمرا شرع

وهذا ماجعل ابن تيمية يبني أن املتواترات واملشهورات والتجريبيات هي من جـنس ن فجعلوه قسيما وأما املتكلم ، احملسوسات فكلها توصل إىل اليقني وحيصل القياس ا كذلك

.للشرع، وهذا هو النظر كما وضح من كالمهم السابق وصور االستدالالت العقلية بني قياس الغائب على الشاهدالفرق:الثالثاملطلب

من خالل هذا املطلب سيتضح أن قياس الغائب على الشاهد هو الضرورة العقليـة .بالتماثل واالختالف بني األشياءا اليت حيكم

وسيتضح أيضا أنه مادة لكل صورة من صور االستدالل العقلي،فليس قياس الغائب صور االستدالالت العقلية، بل كل صور االستدالل العقلي هـي قيـاس على الشاهد من

كل صورة مـن صوراالسـتدالالت تغائب على الشاهد، ولكن بسبب االصطالح جعل العقلية ختالف الصور األخرى، ال أن املواد اليت تستخدم يف هذه الصورة ختتلف عن املـواد

.اليت تستخدم يف الصورة األخرىاملطلب سيتم الرد على الفالسفة القائلني بأن هذا القياس هـو قيـاس ذاومن خالل ه

واليستخدمون إال قياس الشمول الذي هو يف حقيقته قيـاس التمثيل فقط،فهوظين عندهم، .متثيل،ومعتمد عليه،وكالمها قياس غائب على شاهد

وسا على قول القاضي عبداجلبار يالالت صوا صور االسـتد خن العلماء إ :"رد أيض .هي قياس غائب على شاهديف احلقيقة فجميع صور االستدالل ” بعضها عن بعض

فاإلنسان عندما يريد االستدالل على شيء أو يريد إتيان أمر يقره ويعتقده يضطر إىل استخدام املعلومات اليت لديه ليثبت صحة مايريد، ويكون ذلك من خالل عبارات يرتبـها

يوصـل ـا اللغة الـيت من خالل فالعبارات اليت يتكلم ا .ومعلومات موجودة يف ذهنه .وجيادل من خالهلا معلومة سابقاعقله،املعلومات اليت يف

األحرف واألصوات والكلمات اليت ركبت لتطلق على شيء مكونة من اللغة هذه و ـ و معني، وهذا اللفظ يطلق على كل ما يكون فيه املعىن الذي يتضمنه اللفظ، ومثال ذلك ل

يتصور الذهن مايكون مدخال لشيء ويفهم الذهن ذلك دون أن يـرى هـذا ) باب (:قلنا .الباب املراد املوجود على الواقع من خالل هذه اللغة اليت أطلقت على أمور معينة معروفة

٦٦

ـ سبحانه وتعاىل ـ فاهللا ذه اللغة اليت من خالهلا مييز هو الذي من على اإلنسان على املعاين هى من هذا القيـاس أللفاظنـزال ا إ لديه من علوم فاللغة يف مااختلف وخيرب مبا

.من خالل لغة يتكلم ا الإن يستدل اإلنسان أوال ميكن يستطيع أن يلم بالعلم فقط من خالل حواسه، فهو يـضطر إىل وكذلك اإلنسان ال

عنـه مـن معلومـات اليت تنقل ماغاب نقل مايعلمونه من األخبار، يف هاالعتماد علىغري فيتكون لديه من املعلومـات الـشيء وجتارب فتزيد حصيلته العلمية من هذا اخلرب أو ذاك،

التعلم ومعرفـة ليتمكن من هذه املعلومات يستفيد منها ويقيس عليها ماغاب عنه . الكثري وهذا ،اأمره اهللا به سواء كان األمر عقليا أو شرعي ايستخدمه مب و ،حييط به أسرار الكون وما

مثال يعتمد علـى أقـوال العلمـاء ءن يتعلم الفيزيا أراد أمعمول به علميا فمن االستخدام ة ويبين عليها مالحظاته ومـن هنـا حتـصل السابقني ويقيس عليها مايأتيه من علوم جديد

.االكتشافات العلمية مـن تتكون فيه املعلومات من نفسه،بل ال بد فيتضح مما سبق أن العقل البشري ال

وكذلك يستفيد مـن هـذه املعلومـات ،رابألخا من وأ من احلواس، ،مصادر يعتمد عليها ليحكم على الغائب عنه باحلكم املناسب،فتكمن أمهية العقل يف أخذ هذا األمر املشترك من

.يقيس ا ماغاب عنه) موازين(قواعد يؤلف منها املعينات الكثرية ون خالل املعلومات اليت تكونت عنده ومن خالل فاالستدالل العقلي ال يكون إال م .يوصل ا هذه املعلومات إىل غريهاليت ألفاظ

فاللغة ال بد فيها من االشتراك املعنوي الذي ال ميكن االنفكاك عنه، ويسمى هـذا الشيء ذا االسم بل تسمى األشياء احملدثة واليت مل تعرف قدميا مبا يوافق هذا املعىن املشترك

. يصدق على اللفظ اللغوي السابقالذيللمعرفـة، ـ اإلنـسان سبحانه وتعاىل ـ واحلس هو من اآلالت اليت أعطاها اهللا

فاإلنسان من خالل حواسه يستطيع التعرف على األشياء وتكون معرفته هلا معرفة يقينيـة شاهدة أو األمور امل إال درك أن ي يستطيع واحلس ال .مىت ما حتققت شروطه وانتفت موانعه .األحاسيس الباطنة وهي جزئيات معينة

يعرف األمر املشترك الكلي ومهمته نقل املعطيات احلسية إىل الذهن ولكن احلس ال فقياس الغائب على الشاهد هو عمـل العقـل .الذي يأخذ املعىن املشترك من األشياء املعينة

منطق الذي عقد األمور السهلة، البشري، وهو أمر فطري فطر اهللا الناس عليه دون احلاجة لل .خيتلف كثريا عن أقوال الفالسفة، فاألمر أسهل مما رأوه أو كالم املتكلمني الذي ال

٦٧

خترج عنه ولكـن جميع االستدالالت العقلية ترجع إىل قياس الغائب على الشاهد وال ف .ى شاهدهي يف احلقيقة قياس غائب علفكل صورة تسمى باسم لتفريقها عن غريها وإال

من خالل صـدقها الإحيكم بصدقها ذا استخدم اإلنسان القضية الكلية واليت ال إف ما أو.اا وهي الشاهد فإذاصدقت حكم على الغائب حبكمها وهذا قياس الشمول يعلى جزئ

أيـضا إذا استخدم االستدالل باجلزئي على اجلزئي من خالل اجلامع املشترك بينهما فهـذا .علوم شاهدلديه وهذاقياس التمثيلمن الشاهد فامل

هـذا الغائب بنتيجـة ىوحيكم عل الشاهد ىيقوم عل وإذا قام بالسرب والتقسيم فهو . التقسيم و أالسرب

ذلك من وإذا احتج باملعلومات املتفق عليها فهذا قياس غائب على شاهد، إىل غري .ةالصور العقلية، ولبيان ذلك نأخذ كل دليل على حد

.ياس الشمول وهو الربهان عند املناطقة وهو الطريق الصحيح للعلم عندهمق )١(يتكون قياس الشمول من قضيتني وال بدمن قضية كلية واليت من خالهلا حيكم على

:القضية الصغرى وخترج النتيجة، فمثال العامل حادث إذنالعامل متغري، وكل متغري حادث الشمول، أما القضية األخرى فهي إما جزئية أو فالقضية الكلية هي األساس يف قياس

.مهملة يف مقام اجلزئية وهي معينةفهي حباجة ليست قضية بدهية بل هي نظرية والقضية الكلية هي خاصية العقل ولكنها

اا املأخوذة منها ي،والبد عند التدليل على صدقها من ذكر جزئ )١(إىل الربهان إلثبات صدقها بالصدق وعلى ذلك فالعلم حيصل بدوا ويف ذلك يقول ابن تيمية رمحـه اهللا للحكم عليها

ن أ اإلنسان يعلم أنه حساس متحرك باإلرادة قبل أن يعلم أن كل انسان كذلك، ويعلـم ":بـأن غـريه مـن … فلم يبق علمه ،ن كل حيوان كذلك أن يعلم أكل انسان كذلك قبل

لربهان، وإذا علم حكم سائر الناس وسـائر احليوان حساس متحرك باإلرادة موقوفا على ا احليوان فالنفس حتكم بذلك بواسطة علمها أن ذلك الغائب مثل هذا الشاهد أو أنه يساويه

.)٢("متحركا باإلرادة وحنو ذلك من قياس التمثيل يف السبب املوجب لكونه حاسا ـــــــــــــــ

). ١٠٧ص (انظر الرد على املنطقيني )١( ). ١١٦ص (ابق الس )٢(

٦٨

مل حتصل بالذهن مباشرة، بل ) كل حديد يتمدد باحلرارة (ولتوضيح ذلك مثال قضية من خالل التجربة على هذا احلديد، وهذا احلديد ووجدانه يتمدد باحلرارة، والعقـل مـن خالل خاصية معرفة التماثل واالختالف،رأى التماثل وأصدر هذا احلكم بأن كل حديـد

. فأي معدن يثبت أنه حديد فهو يتمدد باحلرارةيتمدد باحلرارة،هذه القضية يستدل القاضي عبداجلبار ليثبت صحتها ) حمدث له كل حادث (ومثال يدل عليه تصرفاتنا يف الشاهد فإا حمتاجة إلينا ومتعلقة بنا وإمنا احتاجـت إلينـا ":بقوله

اج إىل حمـدث وفاعـل حلدوثها فكل ماشاركها يف احلدث وجب أن يشاركها يف االحتي .)١("واألجسام قد شاركتها يف احلدوث فيجب احتياجها إىل حمدث وفاعل

وهؤالء يزعمون أن ذلك القياس إمنا يفيد الظن وقياسهم ":ويقول ابن تيمية رمحه اهللا ية وإمنا خيتلف اليقني والظن حبسب املواد فاملادة املعينة إن كانت يقين .. هو الذي يفيد اليقني

،)٢("يف أحدمها كانت يقينية يف اآلخر، وإن كانت ظنية يف أحدمها كانت ظنية يف اآلخـر : فإذاقال يف مـسألة النبيـذ :"مث أورد مثاال يرد فيه قياس الشمول إىل التمثيل فقال

.فال بدله من إثبات املقدمة الكربى وحينئذ يتم الربهان) كل نبيذ مسكر وكل مسكر حرام( النبيذ مسكر فكان حراما قياسا على مخر العنب جبـامع :كنه أن يقول وحينئذ فيم

مايشتركان فيه من اإلسكار، فإن اإلسكار هو مناط التحرمي يف األصل، وهـو موجـود يف .الفرع .)٣("اط التحرمي بطريق األوىلنفما يقرر فيه أن كل مسكر حرام يقرر أن السكر م

وعقـب ـ وغريه من صور الدليل العقلي ـ مول مث بني ابن تيمية حقيقة قياس الش وبأى صورة ذهنية أو لفظية صور الدليل فحيقيقته واحدة، وأن مايعترب كونه ":عليه بقوله

مستلزما للحكم الزما للمحكوم عليه، فهذا من جهة داللته سواء صور قياس دليال هو كونه .ن مل يعرب عنه اللسانمشول ومتثيل أو مل يصور كذلك، وهذا أمر يعقله القلب وإ

وهلذا كانت أذهان بين آدم تستدل باألدلة على املدلوالت وإن مل يعربوا عن ذلـك بالعبارات املبينة ملا يف نفوسهم وقد يعربون بعبارات مبينة ملعانيهم وإن مل يسلكوا اصطالح

ــــــــــــــــــــــــــــ ). ١١٨ص (، جلبارللقاضي عبدا ،شرح األصول اخلمسة )١ ( ). ١١٦ص (الرد على املنطقيني )٢( ). ١١٧ـ١١٦ص (الرد على املنطقيني )٣(

٦٩

غريهم، فالعلم بذلك امللزوم ال بد أن يكون بينا املنطق وال طائفة معينة من أهل الكالم وال .)١("بنفسه أو بدليل آخر

لتمثيل وقياس الـشمول ن قياس اإ ":وبني تالزم قياس الشمول وقياس التمثيل بقوله متالزمان وإن ماحصل بأحدمها من علم أو ظن حصل باآلخر مثله إذا كانـت املـادة

.واحدةوحد هذا من أظهر األمثلة إذا قلت هذا إنسان ... بصورة القضية واالعتبار مبادة العلم ال

فإن شئت صورت الدليل على هذه الـصورة … وكل إنسان خملوق أو حيوان أو حساس هـذا إنـسان :أو إن شئت قلت … هو إنسان فهو خملوق أو حساس :وإن شئت قلت …

فهو متصف اإن كان إنسان:وإن شئت قلت.واإلنسانية مستلزمة هلذه األحكام فهي الزمة له إما أن يتصف ـذه الـصفات وإمـا أن :ذه الصفات الالزمة لإلنسان وإن شئت قلت

.)٢("يتصور وجوده بدوا ن هذه الزمة لإلنسان الاليتصف والثاين باطل فتعني األول أليريد ولكن طريق دالالته علىما تفهو يريد أن يبني أن اإلنسان يصوغ معلوماته واس

حصول هذه املعلومات واضح وأن العقل الينفك عن قياس الغائب على الشاهد وأن كـل صطالح ولكـن ذكـر ة يف اال صورة من هذا القياس العقلي أمسوها باسم معني فال مشاح

.األصل الذي قيس عليه أوضح وأبني للعقلمث رد عليهم شيخ اإلسالم مبا يبني سعة قياس الغائب على الشاهد وأن قياسهم مـا

مجيع ماتذكره أنت وأصحابك املتكلمون ": بقوله يف الرد على ابن رشد ههو إال من صور ئب والشاهد ولوال مايوجد يف الشاهد من يف هذا الباب ال بد فيه من مقدمة كلية تتناول الغا

.)٣("ذلك ملا تصور الغائب أصال فضال عن معرفة حكمه فإن بطل هذا بطل مجيع كالمكفمعىن هذا الكالم أن القضايا الكلية اليت يراها الفالسفة يقينية إمنا هي مـن قيـاس

.باطل) ابن رشد (ه هذا الطريق فجميع كالمفعض الغائب على الشاهد، فإذا واخلالصة أن األقيسة اليت يعتقد ا الفالسفة إمنا هي أمثلة ":ويقول حممد حسين الزين

يستندون فيها إىل صفات األمور اخلاضعة للمشاهدة مث يقيسون الغائب على الشاهد باجلامع .ماملشترك الذي يصبح عندهم كليا، فإذامل يكن هذا القياس صحيحا تفقد الثقة جبميع العلو

ــــــــــــــ ). ١٦٨ص (الرد على املنطقيني )١ ( ). ٢٠١ـ٢٠٠ص (الرد على املنطقيني )٢( ). ٩/٣٩٣ (درء تعارض العقل والنقل )٣(

٧٠

ن اخلبز يشبع واملاء يروي استند العقل يف إدراكه على قياس الغائب على إوحىت القول ضا، فعندما يعلم احلس يـصبح مـن الشاهد واملشاهد عادة جزئي معني كما هو حسي أي

.)١("الكليات اليقينية اليت يعترف ا اإلنسان :قياس التمثيل أيضا هو من قياس الغائب على الشاهد )٢(

ـ ومتأخري املتكلمني كالفالسفةـ ولعله قد أشكل على بعضهم فجعلوه نفـس لـيس لكن الشاهد، و الشيء وهذا حق من جهة أن قياس التمثيل هو من قياس الغائب على

صورة معينة كما لقياس الشمول صورة ختـصه، فحقيقـة له فقياس التمثيل . كل صوره نقل "أن قياس التمثيل قد قيل بالتفريق بينهما وذلك من خالل االستدالالت العقلية واحدة و

يه احلكم من األصل إىل الفرع للتشابه بينهما بوجه ما وإن قياس الغائب على الشاهد ال بد ف لنقل احلكم وهو مايعترب عند املتكلمني يف ذلك من جوامع العلة والـشرط من وجه مقتض

.)٢("والداللة واحلقيقة وهي جوامع هذا القياسـ كما يقول ابن تيمية ـ ن قياس التمثيلأوالصحيح ال بد فيه من جامع مـشترك

ن قياس الغائب على إألة تشابه و كلي لنقل احلكم من الفرع إىل األصل، فاملسألة ليست مس كـان إذا :" يقول ابن تيمية رمحه اهللا ضوابط وجوامع، فاألمر هنا هو األمر هنا، له الشاهد

بد يف برهام من قضية كلية فالعلم بتلك القضية الكلية ال بد له من سبب فإن عرفوهـا ال .)٣("بقياس التمثيلهذا استدالل …باعتبار الغائب بالشاهد وان حكم الشيء حكم مثله

قياس الغائب علـى الـشاهد منقياس التمثيل احلكم بأن الحظ من هذا الكالم املف اال أنه خيتلف عن الصور األخـرى إذا حكـم ةوالفرق بينهما ألن مواد االستدالل واحد

.باملثلية بينهما كما ذكر ابن تيميةن قياس الغائب أثيل يعتمد على التشابه و يل قول من فرق بينهما بأن قياس التم إ ةوعود

حقيقة املعرفة كلها تقوم على غري صحيح ألن ، للحكم على الشاهد يعتمد على وجه مقتض أن يقال قوله فيسبق ":رده على الرازي ىل ىف االتشابه ويف ذلك يقول ابن تيمية رمحه اهللا تع

ه األحياء القادرين، أتريد بذلك أنه إىل الوهم أن من يدعو حيا عاملا قادرا على مايشاهد علي يسبق إىل الوهم أنه مثله مطلقا حبيث جيوز عليه ماجيوز عليه وميتنع

ــــــــــــــ ). ١٤٩ـ١٤٨ص (منطق ابن تيمية )١ ( ). ١٤٤ص (منهج اإلمام اجلويين )٢( .) ١١٥ص (الرد على املنطقيني )٣(

٧١

ه؟ عليه وجيب هلا و أنه يشاه من بعض الوجوأما األول فأنت وسائر العلماء يعلمون أن هذا مل يقله أحد قط وقد ذكرت ذلك يف

وإن كان هذا مل يقله أحـد مل ،كتبك واعترفت بأن أحدا من العقالء مل يقل باملماثلة هكذا أحد من قله مل ي هجيز أن جيعل هذا اعتقاد الداعني الذين يرفعون أيديهم إىل اهللا مع العلم بأن

.من غريهم ة والاملشبهوأما إن كان مقصوده أم يثبتون املشاة من بعض الوجوه فهذا حق، وقد ذكر هو إمجاع املسلمني على ثبوت املشاة من بعض الوجوه، فإن ذلك ممـا ال ميكـن )١(يف ايته

.)٢("النـزاع فيهوصفاما كانا من نوع واحد فتختلف مقاديرمها كاإلنسانني ملا " :وكذلك يف قوله

حبسب اختالف ذاتيهما ويتشابه ذلك حبسب تشابه ذلك، كذلك إذا قيل بـني اإلنـسان والفرس تشابه من جهة أن هذا حيوان وهذا حيوان و اختالف من جهة أن هذا ناطق وهذا صاهل وغري ذلك من األمور، كان بني الصفتني من التشابه واالختالف حبسب مابني الذاتني

ردة عن الصفة التوجد اال يف الذهن، والذهن يقدر ذاتا جمـردة عـن ن الذات ا أوذلك ميكن فيها وجود ذات جمـرد ما املوجودات يف أنفسها فال أيتعني و ويقدر مطلقا ال ، الصفة

.)٣("يتخصص يتعني وال وجود مطلق ال عن كل صفة والاس كله يدور على التشابه فاملسألة قائمة على التشابه ولكن ليس التشابه الشكلي فالقي

يعين التماثل يف كل شيء وإالمل حيصل ولكن جبامع مشترك يدور معه ولكن هذا التشابه ال .التفاضل بني الشاهد وبني الغائب ولكان الغائب شاهدا

:دليلهم الذي يعربون عنه االستدالل باملتفق عليه على املختلف فيه )٣( هو يف األصل قياس غائب علـى شـاهد، وأنـه فاملقصود هنا بيان أن دليلهم هذا

التوجد صورة من صور االستدالل إال وهي قياس غائب على الشاهد،فاملتفق عليـه هـو املعلوم وهو الشاهد كما عرفوا الشاهد،واملختلف فيه هو مامل يعلم وهو الغائب، كما عرفوا

.الغائب،فال فرق بني الدليلني

ــــــــــــــ . ول ودالئ األصول للرازياية العق )١ ( ). ٢/٤٩٢ (، لشيخ االسالم ابن تيمية ،بيان تلبيس اجلهمية )٢( ). ٨ـ٧ص ( ،لشيخ االسالم ابن تيمية ، شرح حديث النـزول )٣(

٧٢

يف آخر حتليل ":ن الدكتور النشار أشار بذلك يف كتابه مناهج البحث بقوله إحىت .)١("له ليس إال قياس الغائب على الشاهد

. فهذا الدليل من صور قياس الغائب على الشاهد،فال فرق :السرب والتقسيم واالستقراء )٤(

هذا الطريق يف حقيقته االنتقال من الشاهد حىت يتم احلصول على اجلامع املـشترك هو إال صورة وما الذي يقاس عليه الغائب، فال فرق بينه وبني قياس الغائب على الشاهد،

قياس الغائـب ( وهو يرتبط بالطريق السابق ":يقول حسن الشافعي ، لقياسمن صور هذا ا .)٢("حدا يف بعض املسائل الكالميةاورمبا كونا معا دليال و) على الشاهد

فراد االستقراء هي املعينات أو اجلزئيات اليت تنطبق عليها مجيعا صفات مـشتركة اف مـا أ و ":يقول ابـن تيميـة ، لذي جيمعها تكون الزمة هلا وحيكم عليها مجيعا ذا القدر ا

خباص على عام بـل اسـتدالل بأحـد ليس استدالال جبزئي على كلي وال …االستقراء .)٣("املتالزمني على اآلخر

فهو استدالل باألمر الالزم للشيء مىت وجد حكم على اآلخر به فهو قياس الغائب على اآلخر هو بالوصف املشترك بينهما، يقول على الشاهد، ألن االستدالل بأحد املتالزمني

وسط هو بيان تـأثري الوصـف كرب لأل أل فالقضية الكربى املتضمنة لزوم احلد ا ":رمحه اهللا .)٤("سط هو لزوم احلكم للمشتركوكرب لألفلزوم األ …صل والفرعاملشترك بني األ

محد الزين أم،ويبني فالوصف املشترك وهو التالزم بني الشيئني هو الذي يستلزم احلك فاملتالزمان مها الالزم وامللزوم والعالقة بينهما هي عالقـة ":رأي ابن تيمية يف ذلك بقوله

اشتراك يف قدر واحد مشترك أو علة أو دليل علة، ولتأكيد العلة أو دليل العلة أن نلجـأ إىل قياس الغائب على من فاالستقراء، )٥("نص أو إمجاع أو سرب أو تقسيم أو املناسبة أوالدوران

معني على معـني، الشاهد فليس املقصد من االستقراء هو االستدالل جبزئي على جزئي وال موجزة استدالل على وجود الوصف املشترك يف جزئياته ومن خالل إثباـا بل هو بعبارة

.يقاس هذا األمر على ماغاب ــــــــــــــ

). ١٣٧ص (مناهج البحث ) ١ ( ). ٢٣٥ص (علم الكالم دراسة املدخل إىل )٢( ). ٢٠١ص (الرد على املنطقيني )٣( ). ٢١١ص (الرد على املنطقيني )٤( ). ١٦٧ص (منطق ابن تيمية )٥(

٧٣

:إنتاج املقدمات للنتائج )٥(املقدمات ماهي إال املعلومات السابقة يف العقل، واملقدمات إما جزئية وهـذا أمـر

اس غائب على شاهد أو أن إحدامها جزئية واألخرى كلية كما سبق أـا يف واضح بأنه قي .أصلها أخذ احلكم العام من خالل النظر يف اجلزئيات

.وأما النتائج فهي احلكم على الغائب حبكم الشاهد، فال فرق :دليل عليه جيب نفيه ال ما )٦(

هو يف احلقيقة إال قياس الغائـب وهذا املبدأ ما وهذا املبدأ أول من قال به الباقالين، .على الشاهد، وذلك من خالل معرفة معىن الدليل عنده

فما معـىن : باب يف معىن الدليل واالستدالل فإن قال قائل ":يقول الباقالين يف التمهيد يعـرف ال هو املرشد إىل معرفة الغائـب عـن احلـواس أو مـا : له الدليل عندكم؟ قيل

.لدليل العقلي عنده هو قياس الغائب على الشاهد،فا)١( "باضطرارـ بل عند تعريفه للعلم النظري ـ أي األدلة العقلية هو مابين على علم احلس ": قال

ذا هو تعريف قيـاس الغائـب علـى ، فه )٢("والضرورة أو على مابين العلم بصحته عليهما .الشاهد عند الباقالين

مامل يكن هناك دليل من الشاهد يصدق عليه فيجب دليل عليه جيب نفيه، أي فما ال .الدليل الذي يقصده الباقالين قياس الغائب على الشاهد فنفيه وعدم األخذ به،

أن مجيع صـور االسـتدالل الـيت ما سبق ـ من خالل عرض ـ بيانه قصود وامل .أنكروا ذلكهي إال قياس غائب على شاهد وإن يستدلون ا ما

وذلك حينما اضطر هذا املـتكلم ": اجلابري يف رده على الباقالين يقول حممد عابد دليل عليه جيب نفيه والذي يقتضي بإبطـال كـل ال األشعري إىل القول ملبدئه املعروف ما

.)٣("شيء يف الغائب ليس عليه دليل من الشاهدغري، فقط ال فرق بني االستدالالت العقلية إال من خالل الصور ويتضح مما سبق أنه ال

.فاملادة اليت تستخدم واحدة واأللفاظ واحدة يف املعىن ولكن تنسيقها وترتيبها خيتلفيـستعملون هم الغائب على الشاهد ولكن معتمد على قياس الم الفالسفة واملتكلمني فك . صوره ويروا يقينية وغريها ظنيةىاحد

ــــــــــــــ ). ٣٩ص (التمهيد )١ ( ). ٣٦ص (التمهيد )٢(

٧٤ ). ٤٤٢ص ( العقل العريب للجابري بنية )٣(

٧٥

حدهم قياس الشمول وهذا يسميه أل إن الفالسفة واملتكلمني يستدلون بالدليل فيسميه ب دليل عليه جيب نفيه، وذلك يسميه إنتاج املقدمات للنتائج، بل إن البـاحثني يف هـذا ماال

بصورة ختالف املسمى الذي يسميه العصر كذلك يعرضون الدليل وكل واحد منهم يسميه .اآلخر

:قياس األوىل )٧( وهو يف حقيقتـه ـ عز وجلـوهذا هو القياس الصحيح الذي يستخدم يف حق الله

جزء من قياس الغائب على الشاهد ولكن له صفة معينة تفصله عن سائر صور قياس الغائب .على الشاهد

يعتريه نقص من وجه من الوجوه، الفقياس األوىل هو كل كمال اتصف به املخلوق .)١(فاخلالق أوىل به فواهب الكمال أوىل بالكمال من غريه

كل كمال للمخلوق وهذا شاهد بل مشاهد حمسوس، وعدم وجود الـنقص مفقوهل يف هذا الكمال مشاهد وحمسوس، واخلالق سبحانه وتعاىل هو الغيب الذي نريد إثبات هـذا

على شاهد بل إثباته هو قياس غائب على شـاهد، فواهـب ، فهو قياس غائب له الكمال .الكمال أوىل بالكمال

)٢(بعض الباحثني وابن تيمية رمحه اهللا صرح بأنه قياس غائب على شاهد، وقد ادعى بأن ابن تيمية يرى بأن قياس الغائب على الشاهد قياس متثيل، وابن تيمية يرد أن يوصف اهللا

تمثيل الذي حيمل فيه الفرع علـى التتساوى أفراده، أو قياس سبحانه بقياس الشمول الذي بقياس األوىل، مث أثبت أن مجيع الصور العقليـة اليقاس إال هاألصل لتماثلهما، بل أثبت أن

تعود إىل قياس الغائب على الشاهد ؟فكيف يقول بأن ابن تيمية يرى أن قياس الغائب على الشاهد هو التمثيـل فقـط

:لربهانوإليك ا كل برهان قطعي يستعملونه يف حق اهللا فال بدأن يتضمن نوعـا ":يقول ابن تيمية

من قياس الغائب على الشاهد، فإم إمنا ميكنهم استعمال القياس الشمويل الذي هو القياس .)٣("املنطقي الذي ال بد فيه من قضية كلية ــــــــــــــ

). ٥٤ص (الرسالة األكملية )١ (

) ٧٩ص (قياس الغائب على الشاهد للمرشدي )٢( ). ٧٣\٢ (بيان تلبيس اجلهمية )٣(

٧٦

ومامن أحد يدخل الغائب والشاهد يف قياس مشول حتت قضية كليـة إال ":مث يقول وإذا كان كذلك ":ويقول أيضا ، )١("أن يشرك بينهما ويشبه أحدمها باآلخر يف ذلك وال بد

بد فيها من قضية كلية، والقضية الكلية العلم اإلهلي أصال إال وال مل يكن له حجة عقلية يف ال بد فيها من قياس الغائب على الشاهد فإن كان هذا باطال بطل مجيع كالمهـم باألدلـة

.)٢("العقلية يف العلم اإلهلي مايدل بطريق قياس التنبيه واألوىل وقـد صلى اهللا عليه وسلم نيب له ال فذكر ":ويقول

قدمنا غري مرة أن مثل هذا القياس يف قياس الغائب على الشاهد هو ممـا ورد يف الكتـاب مث بعـد ، )٤(")٣()أليس كلكم يرى القمر خمليا به ليلة البدر فاهللا أعظم وأجل : (والسنة فقال

جيوز أن يقاس بقياس قياس األوىل هو من قياس الغائب على الشاهد بني أن اهللا ال بني أن أنجيعل قياس الغائب علـى الـشاهد يل أو مشول، بل بقياس األوىل، وهذا دليل على أنه ال متث

.قياس التمثيل فقط بل هو يشمل مجيع الصور واالستدالالت العقليةـ صلوات اهللا علـيهم وسـالمه ـ وهلذا كانت طريقة األنبياء ":يقول ابن تيمية

ملوا يف ذلك القياس استعملوا قياس األوىل االستدالل على الرب تعاىل بذكر آياته وإن استع وال له مثيل مشول تستوي أفراده والقياس متثيل حمض، فإن الرب تعاىل ال مل يستعملوا قياس

نقص فيه فثبوته لـه جيتمع هو وغريه حتت كلي تستوي أفراده بل ماثبت لغريه من كمال ال عنه بطريق األوىل، وهلذا كانـت تنـزه عنه غريه من النقائص فتنـزهه بطريق األوىل وما

.)٥("األقيسة العقلية الربهانية يف القرآن من هذا الباب كما يذكره يف دالئل ربوبيته وألوهيته فمما سبق تبني أن مجيع األدلة العقلية يف حقيقتها قياس غائب على شاهد، حىت الـدليل

يقوم على هذا القيـاس، ألنـه اآلخر الذي يستخدمه اهل السنة واجلماعة وهودليل اآليات يستدل بالشاهد احملسوس املعني،او باملعلوم على الغائب، فوجود املخلوقات دليل على وجود اخلالق، ووجود العناية يف الشيء يدل على احلكمة وغري ذلك من األدلة، فمما سبق يتضح

. اغتهأن قياس الغائب على الشاهد هو الدليل العقلي ولكن ختتلف صوره حبسب صي ــــــــــــــــــ

). ٧٤\٢ (بيان تلبس اجلهمية )١ ( ). ٤٩٧\٢ (بيان تلبيس اجلهمية )٢(، ومسلم كتاب ) ٥٥٤( ، ح ٢رواه البخاري ، يف كتاب مواقيت الصالة ، باب فضل صالة العصر ، الفتح،ج ) ٣(

).٦٣٣( ح،١ج.املساجد ، باب فضل صاليت الصبح والعصر واحملافظة عليهما .) ٤١٤|٢ (بيان تلبيس اجلهمية يف ) ٤( ). ١٥٠ص (الرد على املنطقيني ) ٥(

٧٧

الفصل الثاين

االحتجاج بقياس الغائب على الشاهد عند الفالسفة واملتكلمني وأهل السنة

:وفيه مبحثان

:املبحث األول

.احتجاج الفالسفة واملتكلمني بقياس الغائب على الشاهد

:املبحث الثاين .احتجاج أهل السنة واجلماعة بقياس الغائب على الشاهد

٧٨

املبحث األول قياس الغائب على الشاهد باحتجاج الفالسفة واملتكلمني

يتضح حكم استخدام قياس الغائب على الشاهد عند كـل سمن خالل هذا املبحث األمـر نظـري نظري وتطبيقي أم أن له ، وهل ردهم ؟، وهل يأخذون به أم يردونه ةطائف .تطبيقي؟ ال

وهل هناك قاعدة مطردة عندهم يف إثباته أو نفيه؟ مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند كل طائفـة يتـضح لنـا من خالل معرفة ف

.حكمهم عليه من خالل هذا التعريف املـتكلمني أوائلفالفالسفة عرفوه بأنه قياس التمثيل الذي هو صورة عقلية ظنية، و ه بتعاريف عامة وهو عندهم الدليل العقلي الوحيد فهو يقيين ولكنهم مل يلتزموا فيـه عرفو

.بقاعدة مطردة .وأما متأخروهم فقد عرفوه بقياس التمثيل فهو عندهم ظين والعقائـد ـولكن هل التزم الفالسفة واملتكلمون املتأخرون بأن هذا القياس ظين

ـ من دليل يقيين هلا حقائق ال بد ب عدم اسـتخدامه؟ أم أـم اسـتخدموه؟ هـذا فيج .ماسيتضح يف هذا املبحث إن شاء اهللا

موقف الفالسفة من قياس الغائب على الشاهد: املطلب األولـ كما هو معلوم عنهم ـ الفالسفة يرون االستدالل العقلي اليقيين إال من خالل ال

ل والذي ال بد فيه من قضية كلية قياس الشمو مسوها والذي له صورة معينة ،الربهان القطعي .تكون هي أساس القياس أو مايقاس عليها

أما إذا كان االستدالل باجلزئي على اجلزئي وباملعني على املعني، فهذا الطريق ضعيف . مايسمونه قياس التمثيلووه

ـ والعقيـدة ،يؤخذ ا ألا ظنية فقياس التمثيل عندهم حجة واهية ال أو كمـا ـ احلقائقيسموا من باب اليقينيات اليت ال ميكن معرفتـها إال بالعقـل دون النظـر إىل

.اجلزئيات أو اإلخبارقياس الغائـب له قياس التمثيل هو نفس النقد الذي يتعرض له والنقد الذي يتعرض

.على الشاهد ألما جنس واحد عندهماحلكـم يف إحـدى ما قياس الفقهاء فظين أيضا ألن ثبـوت أ و ":يقول الطوسي

يدل على أن علة ذلك الثبوت هو األمر املشترك، ولو ثبت أن املـشترك علـة الصورتني ال

٧٩

لذلك الثبوت فمن اجلائز أن يكون علة خاصة بتلك الصورة، أعين يكون خصوصية تلـك ن ثبت أن عليته للحكم عام حيث كان رجع هذا القـسم إىل إالصورة شرطا يف علتها، أما

، أعين االستدالل بالكلي على جزئياته وصار ذكر الصورة بكون احلكم فيه هلا القسم األول .)١("تأثري له أصال ثابتا حشوا ال

:فكالمه هذا يشتمل على أمور مهمة قد قرر سابقا أن قياس الفقهاء وقياس الغائب على الشاهد مها : )قياس الفقهاء (قوله )١(

. إمنا يقصدهم مجيعا فبأي صورة يعرب ـ عندهم ـقياس متثيلاحلكم عليه أنه ظين والسبب أن اإلنسان قد يظن أن املشترك بني اجلزئيات هو العلة )٢(

للحكم، ولكن األمر قد يكون غري ذلك فقد يكون هذا املشترك علة هلذه الصورة، .أو أن وجود هذا الشيء على هذه الصورة هو الشرط لعلتها

مة للحكم العام كان هذا القياس يقينيا، ألنـه اسـتدالل إذا كانت العلة هي املستلز )٣( .بكلي على جزئي

فائدة فيه، بل هو حشو وزيادة يف إذا كانت العلة للحكم العام كان ذكر الشاهد ال )٤( .الكالم

كالمه السابق مبين على تقسيمه للقياس إىل مشول ومتثيل والتزامهم بأن تلك الصورة فرق بني القياسني، فاملواد واحدة ولكـن لذي اتضح سابقا أنه ال يقينية وهذه ظنية، وهذا ا

.خيلف احلقائق االختالف يف الصور واختالف الصور ال بصورة دون غريهـا امث إن كالمه بني أن األمر املشترك بني األشياء قد يكون خاص

أي أساس قال فسيكون احلكم ظنيا ولكن إذا كان للحكم العام انتقل احلكم إىل اليقني فعلى عترافه ذا اهذا؟ فثبوت العلة للحكم العام ال يكون اال بإدراك املشترك بني األمور اجلزئية ف

.األمر املشترك دليل عليهصيغ الـدليل علـى صـورة فإذا، اصحابههو التزامه بطريقة هذا والسبب يف قوله

.التمثيل كان ظنياصورة غ على يالشمول كان يقينيا وإذا صوقد فرقوا بني علوم الفالسفة وغريهم حيث جعلوا الفالسفة يعلمون بالرباهني مـن

.)١(و املعرفة بالتمثيلأما متابعة الفالسفة إطريقان ما غريهم فليس له االأ و،عند أنفسهم ــــــــــــــ

). ٧٥ص (لفخر الدين الرازي ،احملصل افكار املتقدمني واملتأخرين )١( .)١٣٥ـ١٣٣ص (وانظر مناهج األدلة ، ) ١٤٣ص (اليب نصر الفارايب ،ل املدينة الفاضلة انظرآراء أه)٢(

٨٠

ذلك يف أدلتهم ظنية ال تكون إال بالتخييل وضرب األمثلة احلسية املعينة ألن فاجلمهور .صالحهمال إ يـصلح وابن سينا كذلك بني أن متثيل األمور الغيبية باحملسوس إمنا هذا ال

.)١(تلزم غريهم للعوام، وأا أمثلة ضربت هلم فهي هلم والوكذلك حينما عرف هذا القياس قال بأنه من باب التمثيل، وهو الذي يسميه أهل

.)٢(زمانه قياسا أن األشعرية ردوا قـول املعتزلـة باسـتعمال :"ويذكر الطوسي يف شرحه للمحصل

ستعملون القياس يف علم األصول الذي يستعمل يف الفقه القياس، فإن القدماء من املتكلمني ي أنه السبب يف احلكم باألصـل عونوهو إحلاق فرع ألصل يف حكم بسبب جامع له ما يد

.وهو موجود بالفرع، فيجب أن يكون مسببه هو احلكم موجودا أيضا يف الفرعصحته اليفيـد يعتمدون عليه بل يقولون هذا القياس على تقدير وطالب اليقني ال

.)٣("اليقني بل يوقع ظنا فقطفقياس الغائب على الشاهد ظين وليس يقينيا، فال يؤخذ يف باب احلقائق اليت ال بـد

.ليها يقينياعأن يكون الدليل ولكن هل التزم ابن سينا ومن هم على شاكلته ذا التنظري يف عدم استخدام هـذا

القياس أم استخدمه؟ن هذا ألاستخدمه يف مجيع أبواب العقيدة اليت أراد أن يستدل هلا والسبب الصحيح أنه

.يستطيع اإلنسان مهما كان أن ينفك منه القياس أمر فطري يف عقول الناس، ضروري الفمثال يف دليله على وجود اهللا وتقسيم الوجود إىل ممكن وواجب فتقسيمه للوجود هو

د، فالقسمة الثنائية للوجود ال تكون إال من هذا القيـاس من باب قياس الغائب على الشاه .وإال مل يصح له شيء من علمه

دليله يف الوحدانية وهو أن اهللا واحد بسيط ألنه لو كان هناك آهلة أخرى حلصل يف .التعريف تركيب، ألن هذا ماحيصل يف التعريف لألمور املشاهدة

.قام يف عقله من املماثلةوألجل ارتباط هذا األمر يف ذهنه نفي ملا ــــــــــــــ

.) ٣٠٥ص (انظر النجاة )١ ( ). ١/٣٦٨ (اإلشارات )٢(

). ٦٧ص (احملصل )٣(

٨١

يصدر عنه وكذلك قوله بقدم العامل والتسلسل وصدور العام عن اهللا، وأن الواحد ال يد إثباا أو نفيها مل يستطع إال واحد، ويف النبوات والقوى الثالثة وغريها من العقائد اليت ير

االستدالل على قوله إال ذا القياس وإن أتى به بصورة قياس الشمول العتماده على القضية . ستخدمة بني الغائب والشاهدالكلية امل_ سيتـضح من الشاهد وهذا ما ةبل إن ابن رشد رد عليه بأن قضاياه هذه مستفاد

. يف الباب التطبيقي ـإن شاء اهللاـ ابن رشد وإما ـ املوفق بني الشريعة واحلقيقة ظين قياسهذا القياس أن يرى فهو

ألنه من قياس التمثيل، ويف كتابه مناهج األدلة حني يرد على األشاعرة دائمـا بـأن هـذه .)١(القضية من قياس الغائب على الشاهد

ن الفقيه عنده قياس ظين فإ"ويبني أيضا أن هذا الطريق ظين كما هو القياس الفقهي .)٢("والعارف عنده قياس يقيين

إمنا أتى هذا الغلط من باب قياس الغائب على الشاهد، وقد عـرف ":ويبني بقوله .)٣("فساد هذا القياس

ولكن هل ابن رشد التزم مبا قاله وهو أن هذا القياس ظين وأن أغلب الغلط حـصل .؟من هذا الباب، أم أنه استدل به

الصحيح أنه مل يستطع أن ينفك من هذا القياس الضروري،وقد دلل على أقواله سواء ـ حيتضنفي ذا القياس،وهذا ماسليف اإلثبات أو ا ـ إن شاء اهللا ولكن . يف الباب التطبيقي

.ضح استخدامه هلذا القياساليت تو بعض األمثلة هذه ومها يف )٤(ليليه الصحيحني دليل العناية واالختراع ففي إثبات وجود اهللا اعتمد على د

األصل من باب قياس الغائب على الشاهد،ويف الوحدانية اعتمد على اآليات القرآنية الـيت .)٥(استدل ا على دليل التمانع

ــــــــــــــــــ

). ١٦٦ـ١٦٢ص (انظر مناهج األدلة )١( ). ٩٨ص ( البن رشد ،احلكمة من االتصال فصل املقال يف تقرير مابني الشريعة و )٢( ). ٣٨ص (ضميمةاملسألة العلم القدمي ) ٣( ). ١٥٣ـ١٥١ص (انظرمناهج األدلة )٤( .) ١٦٠ـ١٥٦ص (انظر مناهج األدلة) ٥(

٨٢

واحلياة اليت بني فيها أن الشرط جيب أن ينتقـل يف )١(العلمكلصفات بعض ا وإثبات ،وكـذلك )٤( والكالم والسمع والبصر )٣(اإلرادة والقدرة ، و )٢(احلكم من الشاهد إىل الغائب

.)٥(ةن اجلسمية والنوم والسىيف التنـزيهات، فنفكمـل أفان كل ذات استكملت بصفات صـارت ـا " :ويف نفيه للصفات قال

.)٦("واشرف فذاا متقومة بتلك الصفاترف أن كل األجـسام إالعند من ع اجلسم عن اهللا ال يكون ينفذكر أن وكذلك على أن األول يسمى جبسم إال من طريق أنه قد صح عنـده أن له دليل ال ": فقال حمدثة

فكل صفة يتصف ا املخلوق ينفى عن فاعتمد يف النفي على الشاهد )٧("كل جسم حمدث ال ماخيص املخلوق فقاس الغائب علـى الـشاهد إمن معىن الصفة يعرف اهللا معناها ألنه مل

.ا اضطره لنفيهامم موقف املعتزلة من قياس الغائب علىالشاهد:الثايناملطلب

جعلوا مفهومه يشمل مجيـع ف ، قياس الغائب على الشاهد عرفت املعتزلة أول فرقة لتعصم من الـضالل والوقـوع يف ضوابط وجوامع ولكن وفق صور االستدالالت العقلية،

. سعة مفهوم هذا القياس دليل على حجيته لديهمهذه الضوابط واجلوامع معهم ، فجعلاخلطأ يف املسألة املتنازع ردهم ولكنهم ردوا هذا القياس عند استخدام املخالف له وانصب

.فيها على أن الدليل من قياس الغائب على الشاهد فـاألول هـو ":ومن أشهر من احتج به من املعتزلة القاضي عبداجلبار حيث يقول

ـ الداللة على صفاته ألنه إمنا جيب كونه قادرا لثبوت الطريق فيه وهو صـحة ـ جل وعز .)٨("الفعل، وهذا حال كثري من صفاته تعاىل وأكثر مسائل التوحيد جتري على هذا احلد

ــــــــــــــ ). ١٦٠ص (انظر مناهج األدلة) ١( ). ١٦٢ص (انظر مناهج األدلة )٢( ). ١٦٣ص (انظر مناهج األدلة )٣( ). ١٦٥ـ١٦٤ص ( مناهج األدلةانظر )٤( ). ١٧٦ـ١٦٩ص (انظر مناهج األدلة )٥( ). ١٨٨ص (، البن رشد ، انظر افت التهافت )٦( ). ٢٢٨ص (التهافت افت )٧( ).١٦٨ ص (احمليط بالتكليف )٨(

٨٣

:ويشتمل كالمه على أمور تراك يف طريق معرفـة من جوامع قياس الغائب على الشاهد جامع الداللة وهو االش )١(

.احلكم .هذا اجلامع يستخدم يف كثري من صفات اهللا تعاىل ومسائل التوحيد) ٢(ـ حكم على اهللا أنه قادر إال من خالل هذا الطريق وهو جامع الداللة ي ال )٣( قـد هألن

أي احلكم بكونه ) جيب كونه قادرا (وقوله . صحة الفعل منه وهذا يدل على أنه قادر ثبتت .طريق آخرال من خالل قأي من خالل هذا الطري) لثبوت الطريق فيه(درا قا

صفات وهي فهو هنا يثبت استخدامه هلذا القياس، بل استخدمه يف أشرف املسائل .اهللا وتوحيده

نه أفإنك تبني )االشتراك يف العلة ( على ذلك نبينيمن مسائل العدل "مث يذكر أن كثريا هللا فاعال للقبيح لعلمه بقبحه وبغناه عنه، وبرده إىل الشاهد تبني لنـا أن جيوز أن يكون ا ال

.)١("العلة يف أن أحدنا الخيتار القبيح حاصلة فيه تعاىل :ويشتمل كالمه على أمور

.من جوامع هذا القياس جامع العلة وهي مطردة شاهدا وغائبا )١( ).عال اهللاأف(أن هذا اجلامع هو املستخدم يف مسائل العدل )٢( .يفعل القبيح لعلمه بقبحه وبغناه عنه أن اهللا ال )٣(

وهذا السبب األول والسبب الثاين من خالل الشاهد أن الذي مينعنا عن فعل القبيح ا الذي يدل علـى صـحة أم و ":بل ويدلل على قوله ذا القياس فيقول ، حاصل فيه تعاىل

الشاهد مجلتني إحدامها صح منه الفعل كالواحد ا نرى يف الفعل داللة على كونه قادرا فهو أن منا واآلخر تعذر عليه الفعل كاملريض املدنف، فمن صح منه الفعل فارق من تعذر عليه بأمر من األمور وليس ذلك إال صفة ترجع إىل اجلملة وهي كونه قادرا وهذا احلكـم ثابـت يف

فـصرح )٢("غائبا تلف شاهدا والخت ن يكون قادرا ألن طرق األدلة ال أاحلكيم تعاىل فيجب .هنا أن طرق األدلةالختتلف شاهدا والغائبا

يـسرفون يف ـم ال إمن اإلنـصاف أن نقـول و" :وأما قول حسن الشافعي بأنه . )٣("استخدامه يف جمال الصفات إسراف األشاعرة

ــــــــــــــ ). ١٦٨ص (احمليط بالتكليف )١ ( ). ١٥٢ـ١٥١ص (شرح األصول اخلمسة ) ٢(

٨٤ .) ١٧٧ ص (علم الكالم دراسة املدخل إىل)٣(

إال مـن بالدليل العقلـي ميكن أن يستدل على أية صفة الألنه مردود عليه القول فهذا فالقاضي يف نفس املوقع الذي ذكر فيـه الكـالم ، خالل هذا القياس سواء أثبتها أو نفاها

لك أنه استدل بالشاهد على الغائب فيما ولعل كثريا ممن ضل كان سبب ذ ":السابق يقول .)١("هو خارج عن الباب فيه

:وكالمه هذا يشتمل على أمور .أن سبب الضالل هو االستدالل بالشاهد على الغائب )١(قال قبل املستدل عما قاله املعتزلة يف هذا الباب، ألن القاضي وذلك من خالل ابتعاد )٢(

اعلم أن هذا باب كبري وقـد . شاهد على الغائب باب االستدالل بال ":هذا الكالم وأليب حسني اخلياط رمحه اهللا فيـه كتـاب وللـشيخني ..... كثر كالم الناس فيه

، مث ذكر جوامع القياس )٢("..رمحهما اهللا فيه أيضا كالم متفرق وقد ذكر أبو هاشم .تداللفمن خالف قول املعتزلة يف هذا الباب وقع يف الضالل يف هذا االسعندهم،

هو استخدام هـذا القيـاس، فاملعتزلـة من ضل فهو هنا يرى أن السبب يف ضالل يوجد مبحث من مباحث العقيدة يستخدمون هذا القياس ويطبقونه على أبواب العقيدة فال

. إال واستدلوا له ذا القياس سواء يف إثبات عقائدهم أو بنفي قول املخالف وسبب ،لشيء وهذا يتضح فيه القياس جليا، أو تكون نفيا وعقائدهم قد تكون إثباتا

يعين إال املماثلة يف حالة النفـي هذا القياس الذي ال من استقر يف ذهنهم هم يعود إىل ما نفي .يقتضي ذلك عندهم إذا اثبت مانفوه، أما يف حالة اإلثبات فإنه ال

من قياس الغائب على الشاهداألشاعرةموقف :ملطلب الثالثاضوابط وجوامع ويصرحون باسـتخدامه له فمرة جيعلون شنيعا، ضوا فيه تناقضا قنات

.يردون قول املخالف ألنه من قياس الغائب على الشاهد نه الدليل العقلي، وتارةأوفاألشعري رمحه اهللا تكلم يف هذا القياس وأثبته، ولكنه نفاه عندما تكلم يف أفعال اهللا

وكذلك الباقالين رمحه اهللا أثبت هذا القياس، ولكنه . ذا القياس ورد على املعتزلة استدالهلم ـ ـ بأن قوهلم معتمد علـى هـذا خاصة يف أفعال اهللا وصفة العلم عند رده على املعتزلة

واجلويين يف اإلرشاد يثبته وينفيه يف الربهان، واآلمدي يثبته وينفيه يف أبكار األفكار، ، القياس :معيار عندهم فمثال فال، القسطاس ومعيار العلموالغزايل يثبته ويرده يف

ـــــــــــــــ ). ١٦٧ص (احمليط ) ١(

٨٥

).١٦٧ص(السابق )٢(

:األشعري املؤسس )١(والذي جعله الدليل العقلي واستدل على الصفات به يرده عند كالمه يف أفعـال اهللا يعجز بعضهم ببعض وهو ال مائه منا يزين إليس من خلى بني عبيده وبني أفيقال هلم ":فيقول

ـ عزوجل ـ ورب العاملني عن التفريق بينهم يكون سفيها؟ مائه يزين إ قد خلى بني عبيده و راد السفه منا كـان أيقدر على التفريق بينهم وليس سفيها وكذلك من بعضهم ببعض وهو

.)١("سفيها ورب العاملني يريد السفه وليس سفيها :وهذا الكالم يشتمل على أمور

.على اهللا وتعليل أفعاله على قياس الغائب على الشاهداحلكم يعتمد يف اليزعم بأنه )١( لو كان األمر يعود إىل قياس الغائب على الشاهد لقلب دليل املعتزلة عليهم )٢( .ذكر املثال )٣(

يقاس الغائب على الـشاهد يف ال كالم األشعري هنا منصب على أفعال اهللا وأنه ا الباب،وهو تعليل يف أفعال اهللا ولكنه مع ذلك استخدم هذا القياس يف النفي ألنـه هذ

يفعل لغـرض :مارأى إال التماثل يف تعليل األفعال بني اخلالق واملخلوق، فلو عللنا وقلنا منه فالنفي قام لكان مثل املخلوق الضعيف فيجب نفي ذلك فهو يف احلقيقة وقع فيما فر

الحقيقة فعل املخلوق فيجب إالغائبه على أفعال املخلوق ومل يثبت اهللاعلى قياس أفعال .نفي الغرض عن اهللا

:الباقالين )٢( ا يعروهو أيض ا وجعل له ضوابط وجوامع يسري عليها من ف هذا القياس تعريفا عام

فإن كنتم علـى :" ومع ذلك فهوعند رده على املعتزلة بقوله ،أراد أن يستخدم هذا القياس الشاهد تعتمدون وعليه تعولون فأوجبوا إذا كان الباري عاملا أن يكون ذا علم وهذا أوجب

كل عامل منا فهو ذو علم وكل ذي علم فهو عـامل، ألنه غري منتقض من أحد طرفيه، ألن فإن جاز إثبات عامل ليس بذي علم وإن كان ذلـك فهو علم، … وليس كل حمدث عرضا

ليس بعرض حمدث حال غري العامل وإن كان ذلك خـالف خالف املعقول جاز إثبات علم .)٢("املعروف يف الشاهد

ــــــــــــــ .) ٧٠ص (اليب حسن االشعري ،اإلبانةعن أصول الديانة ) ١( ). ١٥٦ص (التمهيد يف الرد على املعطلة )٢(

٨٦

اسبا، بل ألزمهم فهنا يرد على املعتزلة يف استخدامهم هلذا القياس، ويستدل هو فيه مبا يراه من إن هم قالوا هذه األوصاف هي شروط يف كون العلم علما وليس بعلة لكونـه ":فيه بقوله مل إال بـأم مل قلتم ذلك؟ فال جيدون إىل تصحيح ذلك سـبيال :قيل له م له حد علما وال

.)١("جيدوا علما ينفك من ذلك، فالباقالين يرد على املعتزلة يف هذا ولكن األشاعرة يردون هذا القياس يف باب أفعال اهللا

… منا ظاملا …أنكرمت أن يكون فاعل الظلم ما" :ن فاعل الظلم ظامل بقوله إقالوا الباب فيما لنفسه لغريه ال …ألنه منهي عنه وفاعل له يف نفسه ولنفسه والقدمي تعاىل خيلق الظلم واجلور

مث إن وجـب أن فبطل مـاقلتم خمالف بفعله مطالب بتركه وال …غري..وال يف نفسه وهو مريدا، يكون الباري بفعل الظلم ظاملا قياسا على الشاهد وجب أن يكون بفعل اإلرادة لغريه

مريد مؤذيا،مؤذ ذى والفساد منا مفسدمفسدا ألن فاعل اإلرادة واأل…وبفعل فساد الزرع .)٢("فإن مروا على ذلك فارقوا الدين وإن أبوه لعلة ماتركوا التعلق بالوجود

:فهنا يرد عليهم استخدامهم هلذا القياس وكالمه يشتمل على أمور فهو يريـد هنـا . له مسي الظامل شاهدا ألنه منهي عن الظلم، أما الغائب فال ناهي _ أ

.ينفى الظلم عن اهللاتنـزيه اهللا عن الظلم ولكن ليس ذه احلجة هل كل مـن لـه إرادة : ومنها ،منهاينفك لو تنـزل مع اخلصم أللزمه إلزامات ال _ ب

.؟يكون مريدا، وكل من يفسد الزرع يسمى مفسدا .يكفرهم لو قالوا ذا القول_ ج .لو ذكروا علة ال ميكن أن ينفكوا من الشاهد_ د

فالباقالين يرد هذا القياس يف باب أفعال اهللا وقد استخدم هذا القياس يف الرد علـيهم .تعلل، ألن اهللا يفعل ال لغرض ىل أن أفعال اهللا الوالسبب يعود إ

:اجلويين )٣ (وهو أكثرهم اضطرابا، فبعد أن ذكر يف اإلرشاد الضوابط ورده يف الربهان وقد رد

هو يثبـت يف موضـع مـسايرة ؛ ف على مجيع هذه الضوابط ومل يسلم أي ضابط من نقده استقر عنده من يف العلوم الفلسفية وماعرفه منه مث ينقضه عندما يتعمق أكثر للمذهب وما

ـــــــــــــــــــ

.) ١٥٦ص (السابق )١ ( ). ٢٤٨ص( اليب بكر الباقالين ،متهيد األوائل وتلخيص الدالئل )٢(

٨٧

)١(قياس فيه علومها،بل صرح يف الربهان أن املعقول اليسري على ي ال فهو يذكر قياس الغائب على الشاهد ويذكر ضوابطه، ويبني أن الذ

.هذه الضوابط يقع يف الضاللن من قال يقضى على الغائب حبكم الشاهد من غري مجع لزمه أن إ ":يقول اجلويين

حيكم بكون الباري تعاىل جسما ممدودا من حيث مل يشاهد فاعال إال كذلك، و يلزم منـه إىل غري ذلـك مـن القضاء بتعاقب احلوادث إىل غري أول من حيث مل يشاهدها إال متعاقبة

.)٢("اجلهاالت لكن وفق هذه حجية قياس الغائب على الشاهد عند اجلويين، كالم يتضح من هذا ال

:هل سلمت هذه الضوابط واجلوامع؟ف ،اجلوامع والضوابطبالعلة واجلمع":جامع العلة الذي قرره عند ذكره لضوابط هذا القياس يرده بقوله أ ـ

فهو ينفي العلـة )٣("معلول عندنا وكون العامل عاملا هو العلم بعينه علة وال ال له إذ أصل الواملعلول شاهدا وغائبا وهذا على مذهبهم، مث يبني أن كون العامل عاملا هو ثبوت العلم له ،

.ال أن العلم علة كونه عاملان يف احلقيقة مع العلم احلادث خمالف للعلم القدمي فكيف جيتمعا ":جامع احلقيقة قال ب ـ

.)٥(" واجلمع باحلقيقة ليس بشيء":، بل قال )٤("اختالفهما يبني اجلويين يف كالمه السابق ضعف جوامع دليله وهذا بعد تقريره السابق له ما، وسبب

والقـول " :هقولمث ذكر سببا يف رده هلذه اجلوامع ب تضعيفه هلما قياس الغائب على الشاهد، أثـر لـذكر وال إذا قام دليل على املطلوب يف الغائب فهو املقصود اجلامع يف ذلك أنه

وليس يف املعقول له معىن الغائب فذكر الشاهد ال الشاهد وإن مل يقم دليل على املطلوب يف .)٦("قياس وهذا جيري يف الشرط والدليل

لـى فائدة من ذكر الشاهد، فإذاقام الـدليل ع فهنا يبني ضعف هذا الطريق وأنه ال .معىن له الغائب فال حاجة لذكر الشاهد وإذا مل يقم الدليل فذكر الشاهد ال

ــــــــــــــ ). ١/٣٤ (الربهان )١ ( ). ٨٤ص (اإلرشاد )٢( ). ١/١٣٠ (الربهان )٣( ). ١/١٣٠ (الربهان )٤( .)١/١٣٠ (السابق )٥( ). ١/١٣٠ (الربهان )٦(

٨٨

احملصل سابقا وهو كالم الغزايل يف معيار العلم، وهذا الكالم يشبه كالم الطوسي يف كلما قربوا من العلوم الفلسفية ردوا هذا القياس ألم يرون أن العلم اليقيين يؤكد وهذا ما

.ماجاءت به الفلسفة لو جاز املصري إىل حمض الشاهد جـاز للمجـسمة أن يقولـوا :" ويرد على املعتزلة

يستخدم قياس الغائب وقد بني أنه ال. )١("زم القضاء بذلك غائبااال إال جسما فلمل نشاهد فع إننا مل نقتصر يف قياسنا للغائب على الشاهد على جمرد الشاهد، بـل ":على الشاهد بقوله

أقمنا الداللة مثال على كون العلم علة يف كون العامل عاملا مث من شأن العلة أن تطرد غائبـا .)٢("وشاهدا ن من قام به العلم فهو عامل، أني أنه مل يستدل بالشاهد احملسوس من فهو يريد أن يب

ـ : والصحيح ـ عنده ـ أن يقال حل يف جسم، فالعلم يف الشاهد عرض كـون ةالعلم عل .وهو أمر معنوي وهي تطرد غائبا وشاهداالعامل عاملا،

ـ ضطربة ولكنه رد على نفسه يف كالمه السابق حينما نفى العلة واملعلول، فأقواله م .فهو يف أول األمر أثبت مث نقض، وهـذا مـن الـشك ليست مستقيمة على أمر معني،

) وقد اعترف بذلك يف اخر حياته( :الغزايل )٤(

تكلم يف هذا القياس وأثبته يف أول األمر ولكنه بعد ذلك نفى هذا القياس يف كتابـه ،ذا القياس من قياس التمثيل الظـين أن ه فيهما يرى الذى معيار العلم والقسطاس املستقيم،

.يقنيالذي يقوم على الباب العقائد فال يستخدم يف وهذا … نقول السماء حادث ألنه جسم قياسا على النبات واحليوان ":يقول الغزايل

ن النبات كان حادثا ألنه جسم وإن جسميته هـي احلـد أن يتبني أغري سديد مامل ميكن ك فقد عرفت أن احليوان حادث ألن اجلسم حـادث فهـو األوسط للحدوث، فإذاثبت ذل

حكم كلي وينتظم منه قياس على هيئة الشكل األول، وهو أن السماء جسم وكل جـسم حادث نتج أن السماء حادث فيكون احلكم من الكلي إىل جزئي داخال حتته وهو صـحيح

.)٣("وسقط أثر الشاهد املعني ــــــــــــــ

). ٤١٤ص (الشامل )١ ( ). ٤٢٠ص (الشامل )٢( ). ١٣٩ص (معيار العلم )٣(

٨٩

السماء حادث ألنه مقارن للحوادث كاحليوان فيجـب : فإنك تقول ":وقال أيضا احليوان حادث مبجرد كونه مقارنا للحـوادث : ألنه يقال لك ،عليك إطراح ذكر احليوان

.)١("كان حادثافقط فاطرح احليوان وقل كل مقارن للحوادث حادث والسماء مقارن ف :مل أمورا عدة هي توكالم الغزايل السابق يش

يوصل إىل اليقني ألنك أو السماء واحليوان ال ،أن قياس التمثيل بني السماء والنبات ـحكمت من هذا اجلزئي على هذا اجلزئي، فالنبات حادث ألنـه جـسم فكـذلك

أن اجلسم هو سـبب السماء حادثة ألا جسم، واحليوان كذلك،فال ميكن اجلزم ب .احلدوث من خالل النظر يف هذا اجلزئي

وهي أن كـل جـسم ،أن الدليل لو صيغ بصورة أخرى من خالل القضية الكلية ـيقينيا ألنه على هيئـة الدليل يصبح ، فعند استخدام القضية الكلية يف القياس حادث

.الشكل األول من القياس الشمويل أن صورة الدليل هي الـيت حتـدد للفالسفة يف فمن خالل كالمه يتضح أنه موافق

.يقينيته وظنيته .فائدة فيها من باب الزيادة اليت الو فهيؤثر يف املعىنأثر للشاهد ال ـ

خري يف رد الغائب إىل الشاهد إال بشرط مهما حتقق سـقط أثـر ال ":ويقول الغزايل فائدة يف تعيني شـاهد معـني يف حوال ال فعلى مجيع األ ":ويبني أيضا . )٢("الشاهد املعني

.)٣("العقليات ليقاس عليهسوف وكالم الطوسي يف احملصل و كالم اجلويين السابق، الخيتلف هذا الكالم عن

يرعلى قوهلم بعد هذا املطلب د. أثر يف ذكر الشاهد يف القياس، بل هو مـن بـاب وقد بني الغزايل ملاذا قال بأنه ال

علـة ال يكون ، ألن الشاهد قد ادمن ذكر احلكم الكلي ليكون الدليل يقيني الفضلة، فال ب ومل قلـت إذا : له فقيل ألستغين: إذا قيل إلنسان مل ركبت البحر؟ فقال ":احلكم يقول

وأنت لست : فيقال، ألن ذلك اليهودي ركب البحر فاستغىن:ركبت البحر استغينت؟ فقالت احلكم فيه ثبوت احلكم فيكيلزم من ثبو فالايهودي.

ــــــــــــــــــــ

). ١٤٠ص (معيار العلم )١ ( ). ١٤٠ص (معيار العلم )٢( .) ١٤٠ص (معيار العلم ) ٣(

٩٠

، بل ألنه ركب البحـر تـاجرا ، هو مل يستغن ألنه يهودي :ه إال أن يقول صفالخيل كب البحر أيسر فأنـا كل من ر : بل طريقك أن تقول ،ذن فذكر اليهودي حشو إ :فنقول

ثـر أل على سقوط يدلمن هذا املثال التيريد ، )١("أركب البحر ألوسر، ويسقط أثر اليهودي املعني أو الشاهد، وأن اإلنسان حينما يصوغ استدالله بقياس الشمول يقبل وعندما يقيـسه

.رد عليه سابقاقد وهذا ،يقبل بالتمثيل الـ كل من ركب البحر أيسر املثال ـ املذكورة يفوالقضية الكلية ليست صـادقة،

وهي أضعف من استشهاد الرجل السابق، وال ميكن تعميمها إال من خالل صدق جزئياها، وهـذا ا؟يهودييف اإليسار كونه ومن قال لك أن السبب : له لرجل أن يقول ميكن هلذا ا و كل يهودي ركب البحر فقـد :لكليةنفيته يف قضيتك الكلية، فلماذا مل تقل يف قضيتك ا ما

ن إالكلية فيلزمين مايلزمك وأنـا مل أقـل به قضيتك فما ترد به قياسي السابق أرد ؟أيسرالسبب هو أنه يهودي، كما أنك استخرجت القضية الكلية من قويل مع معرفتك أنـين مل

اأقصد أن السبب يف ذلك هو كونه يهودي. نعـم : اجلـواب الغـزايل أم ال؟ استخدمه هل بعد هذا الرفض هلذا القياس ولكن

: بعض األمثلةهذهاستخدمه، وخيلو عن احلركة يف حيزه أو لو كان متحيزا لكان ال ":يقول يف نفي التحيز عن اهللا

.)٢("خيلو عن احلوادث فهو حادث ال السكون فيه وما نفاها عن اهللا؟ اليت من أين أتى ذه القضايا

.لو عن احلركة أو السكونخي املتحيز ال )١( .خيلو عن احلوادث فهو حادث ال ما )٢(

األجسام واألعـراض وجودهـا :"ويقول حينما نفى اجلواهر واألعراض واألجسام إما أن يكـون : " لذلك جلهةا ىوقد نف ، )٣("حيتاج إىل إثباا إال احلس معلوم باملشاهدة وال

جوهر، فاجلوهر حتيزه بنفسه وحتيز العرض تـابع يف حاالجوهرا قائما بنفسه وإما أن يكون دام قد نفى عن اهللا اجلوهرية والعرضية فذلك يستلزم نفي اجلهة، فإن أراد لتحيز اجلوهر وما

.)٤("اخلصم أحدمها دل على بطالنه مادل على بطالن كونه جوهرا أو عرضا ــــــــــــــــــ

). ١٣٩ص (العلم معيار) ١ ( ). ٢٠ص (يف االعتقاد االقتصاد )٢( ). ٣٦ص (االقتصاد )٣( ). ٤٤ص (االقتصاد )٤(

٩١

:وكالمه هذا يشتمل على أمور يشبه احملسوسات أن األجسام واجلواهر واألعراض معلوم صورا من احلس واهللا ال )١(

.فيجب نفيها عن اهللا يمنف ال فيه تابعا لتحيزه، وهذا أو يكون حا ،أن اهللا إما أن يكون جوهرا قائما بنفسه )٢(

عن اهللا، ألنه حكم على اهللا حقيقة مبا حكم على األشياء املوجودة فهي إما قائمـة ،فهـو مل يعـرف إال قيـام بنفسها،أو حالة مبا هو قائم بنفسه،فنفى التمثيل املتوهم

.احملسوسات .بد أن تنفي وهذا مما يرد االستدالل باجلهة فال )١(

ليس يف ذكر هذا وـ إن شاء اهللا ـ لباب التطبيقي يف ا األقوال رد على هذهيوحنن يستطيع أن يستدل أنه املكان الوحيد الذي استدل به الغزايل فهو الاملثال فقط دليل على

.إال من خالل قياس الغائب على الشاهد على أي قضيةبقيـاس له عندما عرض ردهوقبله، مع بقياس الشمول ه اليهودي صاغ مثال مثالف

.العمدة يف األمر املادة وليس الصورة فالصحيح أن التمثيل، وهذا حتكم، التعقيب على من رد هذا القياس:املطلب الرابع

هذا القياس ألنه من قياس التمثيل، ولو صيغ الـدليل يردون سابقا أن الفالسفة تقرر ةهد وإمنا هو فـضل فائدة يف ذكر الشا بصيغة الشمول لكان أوىل وأحرى، وصرحوا بأنه ال

.يف الدليل .واملعتزلة أثبتوه يف استدالالم وردوه يف استدالالت اخلصوم واألشاعرة كذلك ولكن متأخريهم اضطربوا بني إثباته ونفيه، والـذين ردوا هـذا

:مهها مايليأالقياس ردوه بشبه يكون ظنيا ألم ان صياغة الدليل بقياس الشمول يكون يقينيا وقياسه بقياس التمثيل )١(

رد عليه يف مفهوم قد سبق ال ايل وهذ ثمتجعلوا قياس الغائب على الشاهد هو قياس ال .قياس الغائب على الشاهد

.قال به الفالسفة ومتأخرو املتكلمني ، وهذا ماةأثر لذكر الشاهد فهو فضل أنه ال )٢( غري معرفـة املعـني ومن علم الكليات من ":يرد ابن تيمية رمحه اهللا تعاىل هذابقوله

فمعه امليزان فقط واملقصود ا وزن األمور املوجودة يف اخلارج، وإال فالكليات لوال جزئياا ريب وال ،املعينات مل يكن ا اعتبار، كما أنه لوال املوزونات مل يكن إىل امليزان من حاجة

٩٢

وزن من أن يكـون امليـزان أنه إذا أحضر أحد املوزونني واعترب اآلخر بامليزان كان أمت يف ال .وهو الوصف املشترك الكلي يف العقل أي شيء حضر يف األعيان املفردة وزن ا

فإن هذا أيضا وزن صحيح وذلك أحسن يف الوزن، فإنك إذا وزنت بالصنجة قـدرا من النقدين مث وزنت ا نظريه واألول شاهد والناس يشهدون أن هذا وزن به هذا فظهـر

و أكثر أو أقل كان أحسن من أن يوزن أحدمها يف مغيب اآلخر فإنه قـد يظـن أن مثله أ الوازن مل يعدل يف الوزن كما يعدل إذا وزما معا، فإن هذا يعترب بأن يوزن أحدمها باآلخر

. )١("بال صنجة،وهكذا املوزونات بالعقل اس ألن اإلنسان مـىت فهو يبني يف هذا املوضع أن ذكر الشاهد مهم حلصول اليقني للن قاسه باألمر الكلي يف العقل فإنه يـوقن شاهد األمر املعني وقاس به أمرا معينا مشاهدا أو ما

مبا حصل عنده من علم، ألن عدم ذكر الشاهد قد جيعله يظن ويـشكك يف يقينيـة هـذه .املسألة

رك بـني هـذا أيضا يذكر رمحه اهللا أن يف ذكر الشاهد تنبيه للعقل الغافل عن املشت الشاهد وذاك الكلي الذي هو امليزان، فذكر الشاهد للتيقن وللتنبيه على املعىن املشترك بـني

.األشياء املتشاةمن أسباب اضطرام وضالهلم يف هذا الباب أم جعلوا هذا القياس الذي هو مـن )٣(

.الضرورة العقلية جعلوه نظريا فـإذامل ميكـن ":يقول فلضرورية مغري للفطر ويوضح ابن تيمية أن الدافع لألمور ا

اإلنسان أن يدفع هذه القضايا عن نفسه واليقاوم نفسه تـبني أـا ضـرورية وأن .)٢("يريدون تغيري فطرة اهللا اليت فطر الناس عليها الدافعني هلا

دلـة أمن أسباب اضطرام الدخول يف هذا القياس بقول مسبق واالبتعـاد عـن )٤(دى إىل الـضالل يف أل القياس حبسب األقوال ال بصدق القياس وكذبه الشرع،فقبو

ىاستخدامه، وهذا أيضا انساق على األحاديث النبوية يقبل منها مايوافق أقواهلم وينف . خيالفها منها ما

واملتكلمون والفالسفة كلهم على اختالف مقالتهم هم ":يقول ابن تيمية رمحه اهللا لشاهد مضطربون كل منهم يستعمله فيما يثبته ويرد على منازعهيف قياس الغائب على ا

ــــــــــــــــــــــ ).٣٧٣ص ( الرد على املنطقيني ) ١( ). ٦/١٠٦ (درء تعارض العقل والنقل )٢(

٩٣

مااستعمله يف ذلك وإن كان قد استعمل هو يف موضع آخر ما هو دونه وسبب ذلك أـم يـستحقه حبسب مـا ار قبوله ورده حبسب األقوال ال مل ميشوا على صراط مستقيم بل ص

.القياس العقلي كما جندهم أيضا يف النصوص النبوية كل منهم يقبل منها مايوافق قوله ويـرد منـها

األخبار املقبولة باتفاق أهل العلم باحلديث والذي قبله ماخالف قوله وإن كان املردود منأهل العلم واحلديث فحاهلم يف األقيسة العقلية كحـاهلم يف من األحاديث املكذوبة باتفاق

. حيصيه إال رب األربـاب ال النصوص السمعية، فهم يف ذلك من التناقض واالضطراب ما امة وموافقة املعقول الصريح واملنقول قما السلف واألئمة فكانوا يف ذلك من العدل واالست أو

ومجيع ماتذكره أنت وأصحابك املتكلمون يف :"على ابن رشد ويرد، )١("الصحيح حبال آخر ولوال مايوجد يف الشاهد هذا الباب ال بد فيه من مقدمة كلية تتناول قياس الغائب والشاهد،

من ذلك ملا تصور من الغائب شيء أصال فضال عن معرفة حكمه فإن أبطلت هذا بطل مجيع .)٢("كالمكمد اجلميع عن أدلة القرآن كان خطأ من ابتعا مث إن ":ويقول الدكتور بركات دويدار هي وصف أدلتهم باليقني مع أم أول من كان يهدمها وأا لو : الناحية األوىل :ناحيتني

.كانت يقينية كما قالوا التفقوا عليهاهي انشغاهلم ذه األدلة عن تفهم مايف أدلة القرآن من قوة وأم لو : الناحية الثانية

.وفهمه ألتوا بأدلة تفرض نفسها على مجيع العقول يف مجيع األزمنةانشغلوا بالقرآن وإن من شـيء : لنقرأ قول اهللا تعاىل : نستطرد يف هذا املوضوع بل نقول وحنن ال

.]٢١احلجر،[ نـزله إال بقدر معلومنإال عندنا خزائنه وماإن احمليط لو كان أعمق (: مث نقرأ كتابا مثل كتاب العلم يدعو لإلميان لنجده يقول

والغازات اليت باهلواء منظم بعـضها .. نباتات مما هو بضع أقدام ملا كان لدينا أكسجني وال من احملال إذا أن رب مـن القـول بـأن ... ن أقل تغري فيها يكون قتاال إبالنسبة لبعض و

ئم الطبيعة، مطابقات الطبيعة حىت توائم اإلنسان هي أعجب كثريا من مطابقات اإلنسان ليال قاطعة على أن هناك تصميما وقـصدا يف كـل وأن استعراض عجائب الطبيعة ليدل داللة

.)٣()شيء، وأن مثة برناجما ينفذ حبذافريه طبقا ملشيئة اخلالق جل وعز ــــــــــــــ

). ١/٣٢٦ (بيان تلبيس اجلهمية )١ ( ). ٩/٣٩٣ (درء التعارض )٢ (

٩٤ ). ١٨٥ـ١٨٤ص (العلم يدعو لإلميان )٣(

ـ ن وأن زمـانني، يقول إن املتكلمني لو مل ينشغلوا باجلوهر الفرد والعـرض اليبقوأن اجلميع لو مل ينشغلوا بالصفات . لومل يشتغلوا بأدلة أرسطو وباملمكن والواجب الفالسفة

جـزات، وكيفياا، لو مل ينشغلوا مجيعا مبثل هذه ورجعوا إىل القرآن ألخرجوا منه هذه املع ننـا لـو إق املفكرين الخيرج عن كونه تلميذا هلم ومن هنا يتضح لنا أن نقول ذولكان أح

كما اتضح هذا اخلطأ حني ناقشناهم من ناقشناهم من ناحية العقل املستقل التضح خطؤهم .)١("املسلم وجهة نظر

نة ن االبتعاد عن نـصوص الكتـاب والـس أمن سابقا ذكر فقول الدكتور بركات يبني ما قاله شيخ اإلسالم ابـن م وقوله يدلل على ما الاخللل يف استدال دى إىل أودالئلهما العقلية

.تيمية

ــــــــــــــ ). ١٨٦ـ١٨٤ص (، بركات دويدار ابن رشد منهجا وعقيدة )١ (

٩٥

بحث الثاينامل احتجاج أهل السنة واجلماعةبقياس الغائب على الشاهد

لسنة واجلماعة عندما نظروا إىل هذا القياس وشاهدوا ضالل الطوائف فيه اضطروا أهل ا للكالم فيه وبيان املوقف منه،فبينوا أن هذا القياس خاصية العقل الفطرية الـيت وهبـها اهللا لإلنسان، ولكن هؤالء املتكلمني والفالسفة حرفوا الفطرة السليمة وجعلـوا مـن العلـوم

.اللية مما أوقعهم يف الضاللالضرورية علوما استدقياس حيتج به ويؤخذ به ـ سلمت الفطرة ـ إذا فأهل السنة يرون بأن هذا القياس

يف مجيع نواحي العلم، سواء كان فيما يتعلق بالعقائد والشرائع أو مايتعلق باألمور الدنيويـة .البحتة

ل عليها إمنا يثبت ذلك يتعلق باهللا واليوم اآلخر واالستدال ولكن يف باب العقائد وما ـ ىلاعتسبحانه وـ من خالل النصوص الشرعية اليت أنـزهلا اهللا صلى اهللا على عبده حممد

.واليت ال ميكن للعقل الصريح ردها أو مناقضتهاعليه وسلم : واليستخدم يف االستدالل على هذه القضايا يف حق اهللا سبحانه وتعاىل إال طريقي

.ألما مها الطريقان اللذان وردا يف الكتاب والسنةاآليات وقياس األوىل ومما يدلل على حجية هذا القياس عند أهل السنة واجلماعة استخدامهم لـه وإن مل

.يصرحوا بامسه، و ذكر ابن تيمية له صرحيايقول اإلمام أمحد رمحه اهللا يف إبطاله لدعوى احللولية وإثبات علـوه علـى خلقـه

قد عرف املسلمون أماكن كثرية ليس فيها عظمة فقالوا ":ع مباينته هلم وعموم علمه خللقه م أي مكان قلنا أجسامم وأجواف اخلنازير واحلشوش واألماكن القذرة ليس فيها من عظـم

ومن االعتبار يف ذلك لو أن رجـال ... ووجدنا كل شيء أسفل منه مذموما .. الرب شيء صاف كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقـدح كان يف يده قدح من قوارير صاف وفيه تراب

وهللا املثل األعلى قد أحاط جبميع خلقه مـن غـري أن ،من غري أن يكون ابن آدم يف القدح وخصلة أخرى لو أن رجال بىن دارا جبميع مرافقها مث أغلق باـا .يكون يف شيء من خلقه

يت مـن غـري أن وخرج منها كان ابن آدم الخيفى عليه كم بيت يف داره وكم سعة كل ب يكون صاحب الدار يف جوف الدار، فإن اهللا وله املثل األعلى قد أحاط جبميع ماخلق وقـد

.)١("هو من غري أن يكون يف شيء مما خلق علم كيف هو وما ــــــــــــــــــــــــــ

). ٥٢ـ ٥٠ ص (لالمام امحد بن حنبل ،الرد على اجلهمية والزنادقة )١(

٩٦

صريح ولكن استخدم فيه قياس األوىل وهو طريق القرآن، وقد صرح ابن والقياس هنا يدل بطريـق ماصلى اهللا عليه وسلم فذكر النيب ":تيمية رمحه اهللا حبجية هذا القياس بقوله

قياس التنبيه واألوىل وقد قدمنا غريه مرة أن هذا القياس يف قياس الغائب على الشاهد هو مما .)١("ورد يف الكتاب والسنة

والقضية الكلية ال بد فيها من ":بل رد على الفالسفة حني ردوا هذا القياس بقوله ،فهـذه )٢("قياس الغائب على الشاهد، فإن كان باطال بطل مجيع كالمهم باألدلة العقليـة

النصوص مما توضح استخدام أهل السنة واجلماعة هلذا القياس وأنه حجة عندهم يف صـورة .قياس األوىل

:أسباب حجية قياس الغائب على الشاهد: طلب األولاملقبل الكالم يف هذه األسباب نعيد القول مرة أخرى أن أهل السنة يرون أن مجيـع

صور االستدالل العقلي تعود إىل هذا القياس، ولكن من هذه الصور ما هـو صـحيح يف يستطيع العقل الغيبية اليت ال اليت هلا نظري أو شبيه، أما األمور ةاستخدامه يف األمور املشاهد

ال ميكن استخدامه كما يف قياس الشمول والتمثيل، وإما الصور الـيت فوحده الوصول إليها إن ـ ذكر يف آخر هذا املبحث يس تستخدم فهي صورة قياس األوىل ودليل اآليات، وهذا ما

. العقليةا من الصور غريمه الصورتني دوننيذكر السبب يف قبول هاتـ مع شاء اهللا وأما األسباب اليت جعلت هذه الصور من هذا القياس حجة عند أهل السنة واجلماعة

:ثالثة أسباب فهي .ورود هذا القياس يف الكتاب والسنة النبوية )١( .أن خاصية العقل تقتضي ذلك )٢(

.مهيته للمعرفةأالتشابه و )٢( :ونشرع اآلن يف تفصيل كل سبب منها

ــــــــــــــ .) ٤١٤|٢ (بيان تلبيس اجلهمية ) ١ ( .) ٣٩٣|٩ (درء تعارض العقل والنقل ) ٢(

٩٧

:ورود هذا القياس يف القرآن والسنة النبوية : السبب األول ـ سبحانه وتعاىلـ فاهللا ضرب األمثال يف القرآن للداللة على وجوده ووحدانيته

ومها غيب حمض ولكن لتقريب ،اجلنة والنار ونعيمها وأمسائه وصفاته وأفعاله، وعلى البعث و هذه األمور للناس وملعرفتها ال بد من ضرب األمثال هلم حىت يصلوا إىل املعرفة اليقينية واليت

.ختاطب العقول السليمة الفطرةعلى وجوده بالقضية البدهية عند اإلنسان يف ـ سبحانه وتعاىل ـ فمثال استدل اهللا

أم خلقـوا مـن غيـر شـيء أم هـم : كل شيء سببا، فيقول تعاىل فطرته وهي أن ل .]٣٥الطور،[الخالقون من أين أتى؟ من خلقه؟،فيسأل نفسه فاإلنسان يرى نفسه ويرى غريه هل هو خلق نفسه؟ أم هل خلقه أبواه؟ أم مل خيلقه أحد؟ الوالدان ااملوجودة يف اخلارج ومه فهو يعلم أنه مل خيلق نفسه ضرورة، وأن األسباب

، وكـذلك األوالد هـم عـدم اآلن مث يوجـدون اكانا عدما قبل أن يوجدا وسوف ميوت ، وكذلك نرى أزواجا مل يرزقوا أوالدا وأزواجا رزقوا، مع ؟ويعدمون، فمن الذي أوجدهم

ليل على أن ن األسباب موجودة يف كلتا احلالتني ولكن النتائج ليست متحققة دائما، فهذا د أهناك أمرا خارجا عن هذه األسباب وأا ليست خالقة وإال مل تتخلف فثبت أن هناك خالقا

.هلا :خيلو األمر من واحدة من ثالث حاالت بالتقسيم الصحيح ال":يقول الشنقيطي رمحه اهللا

.أن يكونوا خلقوا من غري شيء أي بدون خالق أصال: األوىل . خلقوا أنفسهمأن يكونوا: والثانية .والثالثة أن يكون خلقهم خالق غري أنفسهم شك أن القسمني األولني باطالن وبطالما ضروري كما ترى، فال حاجة إىل وال

ـ جـل وعـال ـ إقامة الدليل عليه لوضوحه، والثالث هو احلق الذي الشك فيه، وهـو .)١("جل وعالـ خالقهم املستحق منهم أن يعبدوه وحده

إذا ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إلـه :ويقول تعاىل يف الداللة على وحدانيته .]٩١املؤمنون،[لذهب كل إله بما خلق ولعال بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون

ــــــــــــــ

). ٤/٣٦٨ (أضواء البيان )١(

٩٨

قل لو كان معه آهلة كما يقولون إذا البتغـوا إىل ذي العـرش : ويقول تعاىل .]٩٢اإلسراء،[سبيال

لطلبوا مع اهللا منازعة وقتاال كمـا : قال ابن عباس رضي اهللا عنهما ":يقول القرطيب طلبوا طريقا املعىن إذا ل :يفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض، وقال سعيد بن جبري رضي اهللا عنه

.)١("إىل الوصول إليه ليزيلوا ملكه ألم شركاؤهون باآلخرة مثل السوء وهللا نللذين اليؤم : وقال تعاىل يف الداللة على صفاته وأفعاله

فجعل سبحانه وتعاىل مثل السوء املتضمن للعيـوب والنقـائص ".]٦٠النمل،[املثل األعلى وأخرب أن املثل األعلى املتضمن إلثبات الكمال ،موسلب الكمال ألعدائه املشركني وأوثا

.)٢("كله هللا وحده .]٨٥النحل،[أفمن يخلق كمن ال يخلق أفال تذكرون: وقال تعاىل أبت لم تعبد ما ال يسمع وال يبصر إذ قال ألبيه يا : وقال تعاىل على لسان إبراهيم

ئاويش كنني عغال ي]،٤٢مرمي[. ويثبت العبادة ، من خالل النظر يف هذا املصنوع الضعيف اهللا وهنا يدلل على صفات

.املنفية عن هذا املخلوق التصافه ذه الصفات هللاـ سبحانه وتعاىلـ واستدل ومن ءاياته أنك : على البعث ذا القياس يقول تعاىل رة فإذا تاشعخ ضى ى الأرتويي المحا لماهيإن الذي أح تبرو تزتاء اها المهليا عأنـزلن

ء قديريلى كل شع هإن]،٣٩فصلت[. حياة فيها مث بعد املطر فهو هنا ينبه اإلنسان على البعث برؤية األرض اليابسة اليت ال

سلبت أرواحهم يعودون إىل احلياة كما عادت احلياة هلذه نت، فكذلك إحياء املوتى الذي تنب .األرضاوليس الذي خلق السموات واألرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو : ل تعاىل وويق

ليمالع القالخ]،ادة الضعيف عليه أسهلفالذي خلق العظيم يكون إع، ]٨١يس. :وأما األحاديث فكثرية منها صـلى اهللا عليـه كنا جلوسا عند النيب ":حديث جرير البجلي رضي اهللا عنه وفيه نكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمرإ : ننظر إىل القمر ليلة أربع عشرة فقالوسلم

ــــــــــــــ ). ١٠/٢٦٩(اجلامع ألحكام القرآن )١( ). ٨٥ص (الطحاوية شرح )٢(

٩٩

١٠٠

وهذا يدلل الرؤية بالرؤية، صلى اهللا عليه وسلم فشبه النيب ،)١("تضامون يف رؤيته ال .يف السنةاستخدام هذا القياس على

:صلى اهللا عليه وسـلم قال رسول اهللا : وحديث عدي بن حامت رضي اهللا عنه قال )٢(".. له ترمجان يترجم وليس بينه وبينه حجاب حيجبه، وال أحدكم يوم يلقاه وليلقني اهللا "

أي ليس بـني ")حجاب حيجبه ( يف احلديث صلى اهللا عليه وسلم أنه قال : ووجه الداللة مينع رؤيته ومشاهدته وهذا ظاهر الداللة على رؤية املؤمن ربه يوم حياسبه العبد وبني ربه ما .)٣("وعلى مساع كالمه

فـاهللا ،)٤(" وفيه دليل على أن هللا تعاىل حجابا حيتجب به عن خلقـه ":غنيمانالويقول هذا كما هو يف فوجود احلجاب حيجب الرؤية،و رى يف الدنيا ألن هناك حجابا حيجبه، ال ي

دم الرؤية فع ،)٥("كشف احلجاب فينظرون إليه يف"للحديث روايات تبني ذلك منها والشاهد، .يف الدنيال ذلك ال يرى سبحانه وتعاىل ، وألجسببها وجود احلجاب

هللا أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضـل " :صلى اهللا عليه وسلم ويقول الرسول راحلته بأرض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه فطلبها فلم جيدها فقال حتت شجرة ينتظـر

ة عبـده مـن هـذا املوت فاستيقظ فإذاهو بدابته عليها طعامه وشرابه فاهللا أشد فرحا بتوب .)٦( "براحلته

والفرح إمنـا يكـون حبـصول ":ووجه الداللة من هذا احلديث يبينه ابن تيمية رمحه اهللا اآلبق من مواله الفار منه فإذاتاب فهو كالعائد إىل مـواله و إىل واملذنب كالعبد ،احملبوب

وفرحه بتوبة العبد ومن من حمبة اهللا صلى اهللا عليه وسلم طاعته، وهذا املثل الذي ضربه النيب اآلبق، فإن اإلنسان إذا فقد الدابـة كراهته ملعاصيه مايبني أن ذلك أعظم من التمثيل بالعبد

اليت عليها طعامه وشرابه يف األرض املهلكة فإنه حيصل عنده مااهللا به عليم من التأذي مـن طلبها منها، وإذا جهة فقد الطعام والشراب واملركب وكون األرض مفازة ال ميكن اخلالص

ميكن ال فلم جيدها يئس واطمأن إىل املوت، وإذا استيقظ فوجدها كان عنده من الفرح ما ــــــــــــــ

. )٥٥٤( ، ح ) ٢( كتاب مواقيت الصالة ، باب فضل صالة العصر ، الفتح ج ، البخاريرواه )١( ).٣٥٩٥( ، ح ) ٦( االسالم ، الفتح ج كتاب املناقب ، باب عالمات النبوة يف ، البخاريرواه )٢( ). ٢/٤٦ (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري )٣( ). ٢/٤٧ (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري )٤( ). ٢/٥٠ (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري )٥( ). ٦٠٣٨ (البخاري، باب الدعوات )٦(

١٠١

د املنايف لذلك، وهذا يبني مـن حمبـة اهللا الفق التعبري عنه بوجود ماحيبه ويرضاه بعد .)١("للتوبة املتضمنة لإلميان والعمل الصاحل، ومن كراهته خلالف ذلك

ففرح اهللا بتوبة عبده ألنه أتى ماحيبه ويرضاه أعظم من فرح صاحب الدابة بدابته اليت .أضلهاطرة فأبواه يهودانه كل مولود يولد على الف :" صلى اهللا عليه وسلم وكذلك حديث النيب

.)٢( "أو ينصرانه أو ميجسانه كما تنتج البهيمة يمة مجعاء هل حتسون فيها من جدعاءقد شبه املولود يولد على الفطرة بالبهيمة صلى اهللا عليه وسلم ووجه الداللة أن النيب

كما شبه االحنراف عـن الفطـرة يف ،تولد مجعاء أي جمتمعة اخللق وهذه صفة كمال فيها أن تكون اخللقة ، فال بد املولود جبدع البهيمة وهي صفة نقص عن الكمال الذي كانت عليه

وهي ال تكون كذلك إال إذا ولد على مايقتضي اإلسالم اليت يولد عليها املولود صفة كمال والتهويد والتنصري والتمجيس صفة ، )٣(فال بدأن يولد كل مولود على خلقة مقتضية لإلسالم

انقص يلحق. .كتفي مبا عرض سابقايوهناك أحاديث أخر ذكر القياس فيها ولكن

:أن هذا القياس هو خاصية العقل الفطرية : السبب الثاين سابقا أن العقل مييز بني متاثل املتماثالت واختالف املختلفات، فمن رأى كما ذكر

. حبكم هذاهذا التماثل عرف هذا القدر املشترك وحيكم ملن كان فيه هذا القدر فالتصور الكلي ضروري ال بد من حتققه مع وجود شروطه كالتصور اجلزئي وبيان "

ذلك أنه إذا كانت تصوراتنا اجلزئية لألشياء يف اخلارج تابعة لوجودها حبيث ال ميكن تصور الشيء مامل يكن موجودا، فكذلك إذا كانت األشياء موجودة مع سالمة احلواس والغريـزة

. بدمن تصورهاالعقلية فالبد أن يكون التصور الكلي وإذا كان التصور للجزئي ضروريا على هذا األساس فال

.ضروريا كذلك، إذ أنه متعلق بإدراك التشابه بني التصورات اجلزئية .وإدراك التشابه بني املتشاات والفرق بني املختلفات خاصية فطرية للعقل

ــــــــــــــ

). ٣٢٤ـ٣/٣٢٣ (منهاج السنة )١ ( ). ١٣٥٩ (، ح ) ٣( انظر الفتح ج ، اجلنائز كتاب، البخاريرواه )٢( ). ٢٣١ص (املعرفة يف األسالم، عبداهللا القرين )٣(

١٠٢

واملفهوم العام الذي يقوم بالعقل إمنا يتحقق باإلدراك الضروري للتشابه بني اجلزئيات .)١("اليت صدق عليها ذلك املفهوم

.رد هذه اخلاصية الفطرية ألنه ال ميكن دفعهافال ميكن فإذامل ميكن لإلنسان أن يـدفع هـذه ":وهي كما يقول ابن تيمية رمحه اهللا تعاىل

القضايا عن نفسه واليقاوم نفسه تبني أا ضرورية وأن الدافعني هلا يريدون تغيري فطرة اهللا .)٢("اليت فطر الناس عليها

أن مجيع العلوم الكلية والعقلية هي من هذا القيـاس، ـ عليه رمحة اهللاـ بل وضح وأن إدراك هذا القياس فطرة جعلها اهللا يف عقول الناس، وأن الغلط يف هذا القياس كـالغلط

.يف اإلحساسفمن القياس ما هو صواب ومنه ما هو خطأ، ومنه اليقيين ومنه الظين، ولكن معرفة

.لعلم الصحيحهذا يتم من خالل إرجاع األمور إىل اـ بل أثبت ـ عليه رمحة اهللا أن العلوم األولية الضرورية يف العقل ال تكون إال بتوسط

:هذا القياس، أي مبعىن حتققها حىت عدم اجتماع النقيضني أو ارتفاعهما، أو كمـا نقـول نه رأى يرتفعان، هذه القضية الكلية ال تكون إال بتوسط القياس أل جيتمعان وال النقيضان ال

جيتمع فعندما نظر يف املشخصات رأى أنه ال. م ذلك على كل جسم ولون مذلك وأحسه فع بل وجود أحـدمها يرفـع ، أبيض ورأى فيه أنه ال يكون أبيض وال ،فيه أنه حي والحي

اآلخر، هذا رآه يف معني أو يف معينات حمدودة مث عمم ذلك العقل،فلوال توسط هذا القياس .علومة األوليةماحتقق من هذه امل

إن العلوم الكلية والعقلية لبين آدم مجيعها من هذا البـاب، فـإن ":يقول ابن تيمية ـ اإلنسان يشهد حبسه الباطن والظاهر أمورا معينة جزئية على صفات مث يعقل مبا جيعله اهللا

ـ يف عقله من العربة والقياس تلـك أن األعيان اليت مل يشهدها هي كاألعيان املشهودة يف الصفات، وعلم عقله بالتماثل واالختالف كإحساسه باألعيان قد يكون علما قطعيا، وقـد يكون ظنه غالبا وقد يكون صوابا وقد يكون خطأ، وكل من احلس والعقل يعرض له الغلط ألسباب، والناس متنازعون أي اإلدراكني أكمل؟ إدراك احلس أو العقل، وأيهمـا الـذي

يقوم بنفسه قضية كلية عقلية ضرورية أو غري ضرورية ل حال فاليرجح على اآلخر؟ وبك ــــــــــــــ

.بتصرف) ٣٥٥ص (املعرفة يف األسالم، لعبداهللا القرين )١( ). ٦/١٠٦ (درء تعارض العقل والنقل )٢(

١٠٣

إال بتوسط قياس واعتبار حىت مثل علمه بأن الواحد نصف االثنني وأن اجلسم ال يكون يف وأن الضدين الجيتمعان، هو يف ذلك كله قد أدرك حبسه ذلك يف بعض األجـسام مكانني،

يفتـرق به مثل ماأحسه يف ذلك، وأن احلكـم ال واألجساد واأللوان وعقل أن مامل حيس اواحدا وواحدا، وجسما وجسما، ولونا ولونا، وضدا وضدا كليا حيكم بذلك حكما عام.

حجة عقلية يف العلم اإلهلي أصال إال وال بـدفيها مـن ه ل وإذا كان كذلك مل يكن قضية كلية والقضية الكلية ال بد فيها من قياس الغائب على الشاهد، فإن كان باطال بطـل مجيع كالمهم باألدلة العقلية يف العلم اإلهلي، وحينئذ فيبطل ماذكروه يف نفي اجلسم وغـريه

إن مل يكن باطال مل يكن له إبطال هذه احلجـة فاليكون هلم جواب عما احتج به املنازع، و .)١("مبا ذكره من أن مضموا قياس الغائب على الشاهد

كل برهان قطعي يستعملونه يف حق اهللا فال بدأن يتضمن نوعا من قياس ":ويقول رمحه اهللا .)٢("الغائب على الشاهد

ـ فذكر "صلى اهللا عليه وسلم مث بني أن هذا القياس قد استخدمه الرسول نيب لـه المايدل بطريق قياس التنبيه واألوىل وقد قدمنا غري مرة أن مثـل هـذا صلى اهللا عليه وسلم

أليس كلكم يرى ( :القياس يف قياس الغائب على الشاهد هو مما ورد يف الكتاب والسنة فقال .)٤(")٣ ()إمنا هو خلق من خلق اهللا: فاهللا أعظم وأجل، وقال : قال؟القمر خمليا به ليلة البدر

ينفك من هذا القياس، فكل املخـالفني وهذه األقوال لشيخ اإلسالم تبني أن اإلنسان ال وأهل السنة واجلماعـة اسـتخدموه ألن املـشرع ، استخدموه وال ميكنهم إال استخدامه

ميكنها إال االستدالل به، فال ميكن لإلنسان رد هذا القياس، وقد استخدمه، وأيضا العقول ال جاءت به النصوص الشرعية، وإن خاصية عقل اإلنسان حىت املبادئ األولية ال ميكن حتققها

.إال من خالل هذا القياسوأهل السنة واجلماعة عندما علموا ذلك أخذوا ذا القياس فيما يوافـق النـصوص

.الشرعية واليت أتت بصورة معينة منه وهي قياس األوىل

ــــــــــــــــــ ). ٤٩٧ـ٢/٤٩٦ (بيان تلبيس اجلهمية )١ (

).٧٣/ ٢( السابق ) ٢( ). ٢/٧٣ (بيان تلبيس اجلهمية )٣( ). ٢/٤١٤ (بيان تلبيس اجلهمية )٤(

١٠٤

:التشابه وأمهيته للمعرفة : السبب الثالث كما اتضح سابقا أن أهل السنة يستدلون ذا القياس يف العقيدةولكن مـن خـالل

لة، أم فهل هذا يعين أن أهل السنة واجلماعة ممث ) ت، وقياس األوىل اآليا(صورتني من صوره .يقتضي التشابه يف الذوات؟ أن التشابه يف املعاين ال

سيتضح يف هذا املبحث أنه لوال هذا التشابه يف معاين األمساء ملا وصل اإلنـسان إىل أو السمعية ال بـد أن فإن اإلنسان حينما يستخدم أي دليل من األدلة العقلية معرفة شيء،

تكون هذه األدلة بألفاظ وهذه األلفاظ ختتلف داللتها على األشياء، فمنها ما هو متـواطئ ، واملشكك هو ماتفاوت يف )١(فرادهأومنها ما هو مشكك، واملتواطئ هو مااستوى معناه يف

.أفراده بالقوة والضعف قبيل املشكك أن الذوات متماثلة، فيظن اإلنسان حينما يرى أن هذه األلفاظ متشاة من

.وألجل ذلك حصل ماحصل من الضالليلزم من اتفاق االمسني ومتاثل مسمامها واحتـاده عنـد فال" :يقول ابن تيمية رمحه اهللا

نـد اإلضـافة عمتاثـل املـسمى اإلطالق والتجريد عن اإلضافة والتخصيص اتفاقهما وال ).٢(" عند اإلضافة والتخصيصوالتخصيص فضال عن أن يتحد مسمامها

ميكن أن ينفي وأهل السنة واجلماعة يبينون أن نفي التشبيه من كل وجه تعطيل،وال التشبيه من كل وجه بل ال بد للمعرفة من وجود الشبه يف وجه دون وجه، وهو الذي مـن

ألن املماثلـة ولكنهم ينفون املماثلة، . راد معرفته تتم معرفة الغائب أو اهول الذي تخالله ، فالتماثل يعرف له تعين التشبيه من كل وجه، فهذا ال ميكن يف الغيب احملض الذي المثال

.بالشيء نفسه أو بنظريهالشبه يقع يف املعىن الكلي العام الذي يف الذهن جمردا دون إضافته خلالق أو كذلك و

.كل حبسبهخملوق، ولكن عندما يقوم اإلنسان بتخصيص هذا اللفظ أو يضيفه ف فإن نفي التشبيه من كل وجه هـو التعطيـل ":رمحه اهللا تعاىل ـ يقول ابن تيمية

واجلحود لرب العاملني كما عليه املسلمون متفقون، كما أن إثباته مطلقا هو جعل األنـداد يعتقد أن لفظ التشبيه يدل على التمثيـل يفهم هذا وال لرب العاملني لكن من الناس من ال

ومن هنا ضل فيه أكثر الناس إذ ليس له حد ... نفي، إذ لفظ التشبيه فيه عموم وخصوصامل ــــــــــــــ

). ١٥ص (تسهيل املنطق )١ ( ). ٢١ص (رية مدالت )٢(

١٠٥

هو منتف باالتفاق بني املسلمني، بل بني أهل امللل كلهم بل بني مجيع العقـالء حمدود وما .قلاملقرين باهللا معلوم بضرورة الع

هو ثابت باالتفاق بني املسلمني، بل بني أهل امللل كلهم، بل بـني مجيـع ومنه ما جيب إثباته العقالء املقرين بالصانع، فلما كان لفظ التشبيه يقال على ماجيب انتفاؤه وعلىما

.يف اإلثبات يف النفي وال مل يرد الكتاب والسنة به مطلقا ال .)١("يم والند والسءاملثل والكفولكن جاءت اآليات يف النفي بلفظ خيلو إما أن يكون النفي من ذلك خمتصا باملماثل مـن فال":ابن تيمية ـ رمحه اهللا ويقول

كل وجه وهو املكافئ له من كل وجه فقط واملساوي واملعادل واملكافئ له من كل وجه أو وال ن بعض الوجـوه، يكون النفي عاما يف املماثل ولو يف بعض الوجوه واملكافئ ولو م

جيوز أن يكون النفي خمتصا باألول، ألن هذا مل يعتقده أحد من البشر وهو سبحانه ذم وي ماشاء اهللا وشـئت :رجل له قالصلى اهللا عليه وسلم عما هو موجود يف البشر، وألن النيب

ءفية تعم املثل والكـف ا بل ماشاء اهللا وحده، فثبت أن هذه األمساء املنت أجعلتين هللا ند :فقالوالند والشريك والعديل ولو من بعض الوجوه، وهذا هو احلق وذلك ألن املخلوقـات وإن

ثلـه مما ليسفوجود واحلي والعليم والقدير كان فيها شبه من بعض الوجوه يف مثل معىن امل ـ مكافئه بل هو بوجه من الوجوه وال لـه ثل األعلى يف كل ماثبت ـ له امل تعاىل سبحانه

مـن لـه نفيه بل املثبت مياثله غريه يف إثبات شيء وال ولغريه، وملا ينفى عنه وعن غريه ال الصفات الوجودية املختصة باهللا اليت تعجز عقول البشر عن معرفتها، وألسنتهم من صفتها ما

ال بد أن واملنفي عنه . علموه من األمر املشتبه املشترك إليه نسبة إىل ما يعلمه إال اهللا مما ال الررنا يف غري هذا املوضع ومنافاته لذلك املنفي وبعده عنه، ومنافاة قيستلزم وصفا ثبوتيا كما

يعلمه أيضا إال هـو ال يشركه فيه أحد ما فيه من االختصاص الذي ال له صفاته الوجودية خبالف لفظ التشبيه، فإنه يقال على مايشبه غريه لو من بعض الوجوه البعيدة وممـا جيـب القول به شرعا وعقال باالتفاق، وهلذا ملا عرف األئمة ذلك وعرفوا حقيقة قول اجلهمية وأن

هم لذلك من كل وجه مستلزم لتعطيل الصانع وجحوده كانوا يبينون مايف كالمهم مـن ينفالنفاق والتعطيل وميتنعون عن إطالق لفظهم العليل ملا فهموه من مقصودهم وإن مل يفهمـه

.)٢("تضليلأهل اجلهل وال ــــــــــــــ

). ٩٦٥ـ٣/٩٦٢ (عن موقف ابن تيمية من األشاعرة ) ٢٦١ـ٣/٢٥٨ (نقض التأسيس )١ ( . السابق )٢(

١٠٦

فقالوا هو شيء ال كاألشياء، فقلنـا ":رمحه اهللا تعاىلـ ويقول اإلمام أمحد للناس أم ال فعند ذلك تبني شيء إن الشيء الذي ال كاألشياء قد عرف أهل العقل أنه ال

.)١("يؤمنون بشيء ولكن يدفعون عن أنفسهم الشنعةمبا يقرون يف العالنية كما يقال للصورة املرسومة ،فالتشابه ميكن أن حيصل بدون متاثل يف شيء من احلقيقة

.)٢( وإن كانت حقيقة الصورة خمتلفة عن حقيقة احليوان،ا تشبه احليوانإعلى احلائط وذلك من خالل استنباط املعىن الكلي املشترك ،ذا التشابه ليعرف مايراد فالبد من ه

.بني األمساء،وإال ملا استطاع اإلنسان تعلم شيء وهلذا كان احلذاق خيتارون أن األمساء املقولة عليه وعلـى غـريه ":يقول ابن تيمية

اك اللفظـي مقولة بطريق التشكيك الذي هو نوع من التواطؤ العام ليست بطريق االشـتر بطريق االشتراك املعنوي الذي تتماثل أفراده، بل بطريق االشتراك املعنوي الذي تتفاضل وال

كبياض الثلج وعلى مادونـه كبيـاض أفراده كما يطلق لفظ البياض والسواد على الشديد العاج، فكذلك لفظ الوجود يطلق على الواجب واملمكن وهو يف الواجب أكمل وأفضل من

.ا البياض على هذا البياضفضل هذمينع أن يكون أصل املعىن املـشترك كليـا لكن هذا التفاضل يف األمساء املشككة ال

املشككة يف معىن كلي مشترك وإن كان ذلـك ال يكـون إال يف مساءبينهما فال بدمن األ .)٣ ("..الذهن

حرج فيـه، فكما يتضح من النصوص السابقة أن الشبه يف املعىن الكلي املشترك ال .ولكن عند التخصيص والتقييد فال

فإن اإلنسان يعرف معىن احلي والعليم ولكن عند إضافة األمر هللا أو للمخلوق فكل حبسبه، وكما قال ابن عباس يف فاكهة اجلنة أن الشبه ما هو إال يف األمسـاء دون احلقـائق،

.)٤(فكل حبسبهفاملعىن الكلي املشترك معروف وحصل فيه الشبه، أما احلقائق

ــــــــــــــــــ وهذا النص يرد على من زعم بأن قول االمام امحد موافق لقـول ، ) ٦٨ص (الرد على الزنادقة واجلهمية )١ (

.االشعري ). ١/٤٧٧ (بيان تلبيس اجلهمية )٢ ( ). ١٥٥ص (الرد على املنطقيني )٣( ) . ٥٧ـ٤٧ص (التدمرية : انظر )٤(

١٠٧

يف الغيبياتالصور املستخدمة من هذا القياس: لثاملطلب الثاإال باآليات الـيت هـي باألدلة العقلية يستدلون على العقائد أهل السنة واجلماعة ال

وتعريفه ، وبقياس األوىل الذي ورد يف الكتاب والسنة ،عالمة وهي دليل يستلزم عني املدلول وهـو أوىل بـصفة . ت هللا بطريق األوىل نقص فيه فإنه ثاب أن مايثبت لغري اهللا من كمال ال

يتنـزه غري اهللا عنه من النقائص واآلفات، فإن التنـزه هللا أوىل عن الكمال من اجلميع وما .)١(كل النقائص واآلفات

:واألسباب اليت أدت إىل سلوك السلف هلذه الصور من قياس الغائب على الشاهد . القرآن الكرمي والسنة النبويةدليل اآليات و قياس األوىل يف ـ وروداوال .ـ أنه عند استخدام قياس األوىل يكون احلكم يف الفرع أقوى منه يف األصل ثانياحمدث تام على فنحن مل نشهد حمدثا تاما مطلقا إذ ال":رمحه اهللا ـ يقول ابن تيمية

ا يعرف أن احملدث يفتقر فظن من ظن من املعتزلة أنه إمنـ سبحانه وتعاىل ـ احلقيقة إال اهللا إىل حمدث إال بالقياس على أحداث اآلدميني غلط وذلك أن حكم األصل أضعف من حكم الفرع، فإن اإلنسان وإن زعموا أنه حيدث تصرفاته فال ريب أنه يفتقر فيما يبنيه وينسجه إىل

حكـم آلة خارجة عن قدرته فليس هو نظري حكم الفرع بل يستعمل قياس األوىل ليعلم أن .)٢("الفرع أقوى وأحق

:فكالم شيخ اإلسالم يشتمل على أمور ـ أن أهل السنة مل يستخدموا يف حق اهللا قياس التمثيل ـ ويف هذا رد على مـن ١

ن ابن تيمية يرى أن قياس الغائب على الشاهد قياس متثيل ـ الخـتالف احلقـائق، إقال .قفحقيقة الصفة يف اهللا ختالف حقيقتها يف املخلو

.ـ تغليط من يظن أن قياس األوىل هو قياس متثيل٢هذا املثال أنه مثل ذلك كما يف ـ قياس التمثيل يؤدي إىل اخلطأ يف العقيدة، والسبب يف ٣

باهللا الذي ليس كمثله شيء وحكـم األصـل ـ وهو األصل يف مثاله ـ الشيء الضعيف واملخلوق،فقدرة اإلنـسان بني اخلالق أضعف من حكم الفرع، والختالف حقائق الصفات

.،واهللا ليس كذلكةلآحتتاج إىل

ــــــــــــــ . بتصرف) ١٥٠ص (الرد على املنطقيني )١( ). ٢/٤٧٥ (بيان تلبيس اجلهمية )٢(

١٠٨

يكون ) وهو اهللا (ـ السبب يف استخدام قياس األوىل أن احلكم يف الفرع ٤ .أقوى وأحق ذه الصفة من األصل

يـدخل يف املعـاين ـ كما هو واضح من املثال السابق ـ قياس األوىل أن ـثالثا .يدخل يف الكيفيات الختالف احلقائق ويستخدم يف إثبات الوجود وال

ولعل قصة إسحاق بن راهويه يف جملس عبداهللا بن طاهر تدلل على مانقول حينمـا رفة الكيفية تتوقف ألن مع . )١(؟كيف ينـزل اهللا؟ قال له إسحاق كيف هو : سأله اجلهمي

.على معرفة الذات ومشاهدا أو معرفة نظريها واهللا منـزه عن ذلك ـ أن هذا القياس يتم من خالله وصف اهللا بالكمال املطلق وذلك كما يقـول رابعا فالكمال الذي هو كمال للموجود من حيث هو موجود ممتنع أن يكون نقصا ":ابن تيمية

ا يف بعض هو كمـال لنـوع مـن ماكان نقصا يف بعض الصور تام يف بعض الصور، ألن .املوجودات دون نوع، فال يكون كماال للموجود من حيث هو موجود

أحدمها متصف ذا واآلخـر : أن نقدر موجودين : ومن الطرق اليت ا يعرف ذلك وهذا أنقـص مـن وإذا قيل هذا أكمل من وجه ، بنقيضه، فإنه يظهر من ذلك أيهما أكمل

.)٢("وجه مل يكن كماال مطلقاوهنا يتضح كيف يتم معرفة الكمال املطلق وهو من خالل إنـزال معىن هذه الـصفة

إذا احتمـل اعلى املوجودات، فمن اتصف به كان كماال ومن اتصف بضده كان نقصا أم .لق أوىل بهفهذا ليس كماال مطلقا فمىت ثبت الكمال املطلق للمخلوق كان اخلا

ـ أنه من خالل هذا القياس تثبت الصفات هللا سبحانه وتعاىل ألنه ينظر يف خامسا يتصور ذاتا جمردة كمال املخلوق ويثبته هللا فاملخلوق ال بد أن يتصف بصفات، فإن العقل ال

مـن له بد كان صفة فال بد له من صفة، وما فما هو قائم بنفسه فال " عن مجيع الصفات، .)٣("نفسه متصف اقائم ب

نقيـصة أو كمـال ،فـأي النقائص عن اهللا ىـ من خالل هذا القياس تنف سادسا أما صفات النقص "الكمال من املخلوق ؛ خمصوص بالنوع فاخلالق ينـزه عنه، اخلالق أوىل ب

.)٤("تأخذه سنة والنوم فمثل النوم فإن احلي اليقظان أكمل من النائم والوسنان واهللا ال ــــــــــــــ

).٤٩ص( حديث النـزول شرح )١( ). ٧٣ص (الرسالة األكملية )٢( ). ٢٥ص (األكملية )٣( ). ٣٩ص (األكملية )٤(

١٠٩

ـ أن قياس األوىل ودليل اآليات مدلوهلما معني وهو اهللا سبحانه وتعاىل فـال سابعا ات يف جزئياا وأخـذ حيدث تشابه أو اضطراب أو تشكيك، والدليل هو معرفة هذه الصف

املتماثل الذي يعلم به صدق هذه الصفة، ومعلوم أن العقل جيزم باجلزئي املشترك املتشابه ال .)١(ويعلم صدقه، فالقضايا املعينة اجلزئية يف الذهن أقرب من الكليات

. يف الغيب احملض يؤدي إىل الضالل واحلريةىخرأـ أن استخدام أي طرق ثامنا ملا سلك طوائف املتفلسفة واملتكلمة مثل هذه األقيسة يف ":يمية رمحه اهللا يقول ابن ت

املطالب اإلهلية مل يصلوا ا إىل اليقني، بل تناقضت أدلتهم وغلـب علـيهم االضـطراب .)٢("واحلريةاستخدموا قياس الشمول الذي يدخل فيه اهللا يف قضية كليـة واملتكلمون فالفالسفة

، يدخل حتت قضية كليـة مـع غـريه ال ميكن الختالف الذوات، فاهللا ال مع غريه، وهذا واستخدموا قياس التمثيل الذي يسوي بني أفراده، فهذا مما يوقع يف احلرية فاهللا ليس كمثلـه

.شيء .وهذا الذي جعلهم ينفون مانـزل يف النصوص الشرعية

ــــــــــــــ ). ١٥١ص (الرد على املنطقيني )١ ( ). ١/١٥ (درء تعارض العقل والنقل )٢(

١١٠

الفصل الثالث

ضوابط وجوامع قياس الغائب على الشاهد واجلماعةلدى املتكلمني وأهل السنة

:وفيه مبحثان

:املبحث األول .جوامع قياس الغائب على الشاهد لدى املتكلمني

:املبحث الثاين

.أهل السنة واجلماعةضوابط قياس الغائب على الشاهد عند

١١١

الفصل الثالث ضوابط وجوامع قياس الغائب على الشاهد لدى املتكلمني وأهل السنة واجلماعة

حيتاج اإلنسان يف كالمه على ماجيهله،او ما ال يقع حتـت حواسـه مباشـرة، إىل ي االعتماد على معىن يف الشاهد يشبه ذلك املعىن الذى يريد إثباته أونفيه، ولكن قد يعتـر

احلكم على الغائب حبكم الشاهد اخلطأ أو الضالل، مما يستدعي جعل ضوابط متنـع مـن .وقوع الضالل يف اطالق احلكم على الغائب

وألجل ذلك جعل املتكلمون جوامع جتمع بني الغائب والشاهد،وأهل السنة جعلوا لـه . من الوقوع يف الضاللضوابط يسريون عليها عند كالمهم يف األمور الغيبية الدينية،لتمنع

وأما الفالسفة فردوا هذا القياس فال حاجة عندهم لذكر جوامع له ، ولكن مع ذلـك . نراهم قد استخدموا مجيع اجلوامع اليت قال ا املتكلمون

يقـول ،جعل هلذا القياس جوامع جتمع بني الغائـب و الـشاهد من املعتزلة أول ف يكون االستدالل بالشاهد على الغائب يف وجهني أحـدمها لالشـتراك يف إمنا ": هاشم أبو

.)١("الداللة، والثاين لالشتراك يف العلة :فجعل اجلبائي هلذا القياس جامعني

.الداللة )١( .العلة )٢(

وإمـا أن ... ن يكون االشتراك يف الداللـة أ ماإ ":وأضاف القاضي عبداجلبار بقوله أن يتعلـق ... ك يف العلة وإما أن يكون فيما جيري جمرى العلة، وإما يكون من باب االشترا

.)٢("احلكم يف الشاهد بأمر مث يوجد يف الغائب ما هو أبلغ من ذلك األمرالداللـة، :هى أربعة ضوابط ـالقاضي عبداجلبار جوامع هذا القياس ـ كما ذكر ف

د بأمر مث يوجد يف الغائب ما هـو جيري جمرى العلة، وأن يتعلق احلكم يف الشاه والعلة، وما .أبلغ من ذلك األمر

ــــــــــــــ

). ١٦٧ص (احمليط بالتكليف )١( ). ١٦٨ص (احمليط بالتكليف )٢(

١١٢

ولعل كثريا ممن ضـل ": اجلوامع هلذا القياس بقوله أمهية مث ذكر القاضي عبداجلبار .)١("رج عن البابكان سبب ذلك أنه استدل بالشاهد على الغائب فيما هو خا

:مراحلهذه اجلوامع إىل ثالث كالمهم على وأما األشاعرةفإم انقسموا يف جامع واحد هـو صرحوا بذكر وأقصد م األشعري والباقالين، : ـ املتقدمون ١

جامع العلة، فاألشعري يبني يف تعريفه للنظر بأنه املقايسة ورد ماغاب عن احلس إىل ماوجد وعند كالمه عن أية صفة اليذكر . )٢(ستوائهما يف املعىن واجتماعهما يف العلة العلم به فيه ال

.إال العلةإن جيب احلكم والوصـف للـشيء يف ": وكذلك الباقالين يف تعريفه للقياس يقول

الشاهد لعلة ما فيجب القضاء أن من وصف بتلك الصفة يف الغائب فحكمه يف أنه مستحق .)٣("ا يف الشاهدهلا لتلك العلة حكم مستحقه

. مل يصرحوا بغري العلة،ومع ذلك استخدموا اجلوامع األخرى دون تصريحو هو أول من توسع يف ذكر هذه اجلوامع، وجعل له أربعة جوامـع و: ـ اجلويين ٢ با ئرادها غا ، وأتى بأدلة علىكل جامع وقرر اط )٤()العلة، احلقيقة، والشرط، والدليل : (هي

.عد ذلك ينقضها متاماولكن ب وشاهدا،، ولكنـهم ا يف كتبهم متشيا مع املذهب ذكرويوهؤالء : ـ األشاعرة املتأخرون ٣

مثل الغـزايل والـرازي بل يردون هذا القياس بالكلية، يروا جوامع، ينفوا وال بعد ذلك .واآلمدي، وهذا لتعمقهم بالعلوم الفلسفية

ع، فأوائلهم يثبتوا، وأواسطهم يثبتون وينكـرون، فاألشاعرة اضطربوا يف هذه اجلوام .ومتأخروهم ينفوا متاما

بناء الغائب على الشاهد الجيوز التحكم به من " األشاعرة بينوا أمهية هذه اجلوامع،ألن و .)٥("غري جامع عقلي ومن التحكم به شبهت املشبهة وعطلت املعطلة وعميت بصائر الزنادقة

ــــــــــــــ

). ١٦٧ص (احمليط بالتكليف )١( ). ٢٠ص (نظرية العلم )٢( ). ٣٨ص (التمهيد )٣( ). ٨٦ـ٨٣ص (، اإلرشاد ) ١٢٨ـ١/١٢٧ (الربهان )٤( ). ١/١٢٧ (الربهان )٥(

١١٣

.فأمهية هذه اجلوامع عصمة اإلنسان من الوقوع يف الضالل ة اسـتخدموا هـذه ن مجيع الطوائف من فالسفة ومعتزلة وأشاعر أن ذكر موالبد

اجلوامع اليت ذكرها األشاعرة مع رفض الفالسفة هلذا القياس جبوامعه ورفض املعتزلة لـبعض .جوامعه واضطراب األشاعرة فيها

م يرون أن من قياس الغائب على الشاهد ما هو حـق إف وأما أهل السنة واجلماعة ونقصد حبـق . الصور األخرى وهو قياس األوىل ودليل اآليات ومنه ما هو باطل وهو سائر .وباطل أي يف القضايا املتعلقة باهللا سبحانه وتعاىل واليوم اآلخر

مبثوثة يف أقواهلم ال جيمعهـا ولذلك جعل أهل السنة واجلماعة هلذا القياس ضوابط، ولكن من خالل استقراء مذهبهم تتضح هذه الضوابط واليت تـدور حـول مكان واحد،

ها واستدالل العقول بداللة النصوص ومعرفة اللغة العربيـة الـيت النصوص الشرعية وداللت .نـزل ا القرآن وأحكامها وأساليبها

فأهل السنة مل جيعلوا هلذا القياس جوامع بني الغائب والشاهد،ألن هذه اجلوامع،وإدراك مايعتريه التشابه يف املعىن بني الغائب والشاهد أمر فطري ال نظري، ولكن قد يعتري العقل

. فال بدمن ضوابط تضبطه عن الوقوع يف الضالل

١١٤

املبحث األول جوامع قياس الغائب على الشاهد عند املتكلمني

تقدم أن الفالسفة مل يهتموا ذا القياس، ولكن االهتمام ذا القياس وضبطه كر فيما ذ

من تكلم به املعتزلة،الذين جعلوا وأول ،كان من املتكلمني وفق جوامع بني الغائب والشاهد القياس جوامع لتعصم اإلنسان من الوقوع يف اخلطأ والضالل، وذكروا أربعة جوامـع، هلذا

مث أتى من بعدهم األشاعرة وجعلوا هلذا القياس أربعة جوامع كذلك وأسـهبوا يف التـدليل .عليها، ولكنهم بعد ذلك نقضوها

مع اليت ذكرها األشـاعرة سـارت مجيـع أن اجلوا سيتضح من خالل هذا املبحث مـن ةالطوائف عليها سواء صرحوا بذلك أم مل يصرحوا، وهو دليل على أن هؤالء النفـا

،أم مثلوا اهللا خبلقه وألجل ذلك نفوا عن اهللا مـانفوا نفوا فالسفة ومعتزلة وأشاعرة فيما وهو حق ولكنـهم مل يثبتون معىن خمالفا للمخلوقني ـ وخاصة األشاعرة ـ وحني اإلثبات

.يسريوا على منهج واحد يف مسائل العقيدة : ألا أمشل وهي اجلوامع اليت ستعرض هي جوامع األشاعرة و .ـ العلة١ .ـ الشرط٢ .ـ الدليل٣ .ـ احلد واحلقيقة٤

١١٥

جبامع العلة قياس الغائب على الشاهد: املطلب األول هذا القياس ولكن املعتزلة مل يفصلوا فيـه، املعتزلة واألشاعرة جعلوا العلة من جوامع

. قليلة من كتبهم)١(بل ذكروا الكالم جممال يف مواطنوأما األشاعرة فقد أسهبوا يف هذا القياس وذكر جوامعه، وألجل ذلـك سـيكون .كالم يف هذه اجلوامع من كالم األشاعرةالأغلب

:تعريف العلة لغة واصطالحا :تعريف العلة لغة

العني والالم واهلاء أصل صحيح يشتمل على حرية وتلدد وتسرع ":ابن فارس يقول .)٢(" وذهابيءوجم

.)٣(املرض: والعلة بالكسر وهلذا مسيت العلة يف القياس ذا االسم ألا معىن ":يقول الدكتور عبدالكرمي النملة

ـ كما قلنا ـ ألن املـرض حيل باحملل فيتغري به حال احملل بال اختيار، ومنه مسي املرض علة .)٤("إذا حل بشخص تغريت حاله من النشاط إىل الضعف

فعندما تأيت وحتصل حيصل معلوهلـا وإذا ) وذهابيء جم(وهي علىكالم ابن فارس أي أن اإلنسان يتردد وحيتاج يف بعض األوقـات ) تلدد وحرية (ذهبت ذهب معلوهلا، وفيها .إىل إعادة النظر ملعرفة الشيء

.)٥("عن اختيار العلة اسم لعارض يتغري به وصف احملل حبلوله ال":لوقي :تعريف العلة يف اصطالح الفالسفة واملتكلمني

.يتوقف عليه وجود الشيء ويكون خارجا ومؤثرا فيه ما:"يعرفها الفالسفة يتقوم به املاهيـة ما: األول : وعلة الشيء مايتوقف عليه ذلك الشيء وهي قسمان مايتوقف عليه اتصاف املاهية املتقومـة بأجزائهـا : والثاين . زائها ويسمى علة املاهية من أج

.)٦("بالوجود اخلارجي ويسمى علة الوجود ــــــــــــــ

). ١٦٧ص (احمليط بالتكليف )١( ). ٦٨٩ص ( الفلسفي املعجم )٢( ). ٥٢٧ص (، املنجد ) ١٣٣٨ص ( احمليط القاموس )٣( ). ٥/٢٠١٤ (علم أصول الفقه املقارن املهذب يف )٤( ). ١٥٤ص (التعريفات )٥( ). ١١١ص (، التعريفات ) ١/٩٥ (املعجم الفلسفي )٦(

١١٦

.وتعريفهم هذا للعلة سريا على مذهبهم يف االختالف بني املاهية والوجود ، )١(" يكون ذلك احلكم له تاثري يف احلكم، حىت لواله كان ال :" بأا ما ويعرفها املعتزلة

أوجبت معلوهلا عقيبها على االتصال ما" فهي،)٢(فهم يروا موجبة للحكم بذاا ال جبعل اهللا .)٣("يتوقف على جعل جاعل وهي مؤثرة بذاا إن مل مينعه مانع فهي وصف ذايت ال

ة وصفات ذاتية هي املـؤثرة، وألجـل ذلـك يفاملعتزلة يرون أن هناك أسبابا حقيق .ستخدموا العلة وجامعها يف باب العدلا

:هاأشهرويعرفها األشاعرة بتعريفات من ، وذلك عنـد )٤("حاال له يوجب… كل معىن قام مبحل ":يعرفها اجلويين بقوله

.كالمه على احلال املعللة .)٥(" العلة صفة توجب حمللها حكما":وكذلك اإلجيي يف قوله

:شروط العلة تبع لكتب املتكلمني مل أجد عندهم شروطا للعلة إال شرطني مها الطرد من خالل الت العلة ليست بأكثر من أن يثبت احلكم بثباا ويـزول ":يقول القاضي عبداجلبار والعكس، .)٦("بزواهلا

العلة العقلية مطردة أي كلما وجـدت وجـد احلكـم، وهـذا ":ويقول اإلجيي اعلم أن كل علـة …عكسه أي كلما انتفت العلة انتفى احلكم خالف فيه أصال ومن مما ال

.)٧("مطردة منعكسة وليس كل مطرد منعكس علة كاملعلول واملتضايفني :ولكن األصوليني جعلوا هلا شروطا أخرى لضبط العلة عن غريها هي .)٨(ـ أن تكون منضبطة أي غري نسبية١

ــــــــــــــ

)١٧/٢٨٥( املغين ) ١( )٣٠٨( رشاد الفحول ا) ٢(

).٥/١٥٥ (البحر احمليط )٣ ( ). ٨٠ص (اإلرشاد )٤( ). ٩٢ص (املواقف )٥( ). ٣٠٣ص ( شرح األصول اخلمسة)٦( ). ٩٤ـ٩٣ (املواقف )٧( ). ٢١٢ص (يف أصول الفقة التأسيس انظر )٨(

١١٧

وـا أن تكون العلة مؤثرة يف احلكم فإن مل يكن هلا تأثري فيه خرجت عن ك ـ ٢ .)١(علة

هو أن يغلب على ظن اتهد أن احلكم حاصل ":بقوله ويبني الباقالين معىن تأثريها .)٢("ثبوا دون شيء سواها عند

.)٣(ـ أن تكون وصفا ظاهرا غري طردي٣ .استطعنا إدراكها لتحقيقها يف الفرع ألن العلة لو كانت خفية ما حلكمة مقصودة للشارع ال حلكمة جمـردة أي أن يكون تأثريها ":يقول الشوكاين .)٤(" فال يظهر إحلاق غريها اخلفائهاأي ال يكون من الوصف الذي اليترتب عليه مـصلحة إذا علـق : ومعىن غري طردي

.)٥(احلكم به كالطول والقصر والبياض والسوادـ ف املتكلمني، عند ابقاسوقد ذكرناه : ـ الطرد والعكس ٤ ني العلـة هناك تالزم ب

.واملعلول عند املتكلمني :مذاهب الفالسفة واملتكلمني يف العلة

:مذهب الفالسفة يف العلة ) أ( الفالسفة يثبتون العالقة بني األسباب واملسببات ويرون عدم انفكاكها، فمىت وجدت

.العلة وجد املعلول وهكذا .، وغائيةمادية، صورية، فاعلة: وقد قسموا العلة إىل أربعة أنواع :العلة املادية ـ ١ يلزم عن وجودها بالفعل وحدها حصول الشيء بالفعل، بل رمبا كـان هي اليت ال

.)٦(بالقوة كاخلشب واحلديد بالنسبة إىل السرير فالعلة املادية تكون بالقوة فاليلزم من وجودها وجود املعلول، بـل هـي مادتـه

.آخر كالعامل مثالوال ميكن أن حيدث إال ا مع شيء ــــــــــــــــــــــــــــ

). ٣٠٨ ص (ارشاد الفحول )١ ( . )٥/١٥٥( البحر احمليط )٢( ). ٢١٢ص ( يف أصول الفقه التأسيس )٣( ). ٣٠٨ص (إرشاد الفحول )٤( ). ٢١٢ص ( يف أصول الفقة التأسيس )٥( ). ٢/٩٦ (املعجم الفلسفي )٦(

١١٨

:العلة الصورية ـ ٢ وهي اليت جيب عن وجودها بالفعل وجود املعلول هلا بالفعل كالشكل والتـأليف .)١(للسرير :العلة الفاعلة ـ ٣

.)٢(وهي ماتكون مؤثرة يف املعلول موجودة له كالنجار الذي يصنع السرير .فالعلة الفاعلة تعتمد على العلة املادية السابقة وهي السبب للعلة الصورية :لعلة الغائية اـ ٤ .)٣(وهي اليت يكون وجود الشيء ألجلها كاجللوس على السرير

ومن البني أن الـشيئية ":يقول ابن سينا فكل علة لغاية، )٤(والعلة الغائية هي املقدمة عندهم . وجود يف األعيان، ووجود يف النفس وأمر مـشترك له غري الوجود يف األعيان، فإن املعىن

الشيئية والغاية مبا هي شيء فإا تتقدم سائر العلل وهي علة العلل يف أا فذلك املشترك هو وذلك ألن العلل إمنا تصري علال بالفعل ألجل ... علل ومبا هي موجودة يف األعيان قد تتأخر

الغاية وليست هي ألجل شيء آخر وهي توجد أوال نوعا من الوجود فتصري العلـل علـال صل عند التمييز هو أن الفاعل األول واحملرك األول يف كل شيء بالفعل ويشبه أن يكون احلا

.)٥("هو الغايةفهو يبني هنا أن العلة الغائية هي األساس لكل علة، وهي تسبق العلـل يف الـشيئية

أمر مشترك فالغاية واهلـدف ووهي وجود ذلك املعني يف النفس ) الغاية مبا هي شيء (وهي .تسبق الوجود الفعلي

.تكون بعد وجود العلل السابقة فهي متقدمة ذهنا متأخرة وجودا ولكن العلة الغائية فالعلل عندهم متالزمة، ومنها مايكون بالقوة، ومنها مايكون بالفعل، ومنها مايتقـدم

: يتقدم زمانا ال زمانا، ومنها مايتأخر زمانا،فما يتقدم زمانا العلة الغائية واملادية والفاعلة،وما .الصورية

ــــــــــــــ ). ٢/٩٦ (املعجم الفلسفي )١ ( ). ٢/٩٦ (املعجم الفلسفي )٢( ). ٢/٩٦ (املعجم الفلسفي )٣(

.) ٩٦|٢ ( املعجم الفلسفي )٤(

.) ٢١٢ص (النجاة ) ٥(

١١٩

فإذا وجدت العلـة وجـد "فالعلة عندهم توجب املعلول، فالعالقة بينهما ضرورية .)١("ولاملعل

والعقل ليس هو شيء أكثر من إدراكه املوجودات باسباا وبـه ":يقول ابن رشد .)٢("يفترق من سائر القوى املدركة فمن رفع االسباب فقد رفع العقل

فالفالسفة يثبتون أسبابا حقيقية وصفات ذاتية لألشياء، وهم يفضلون استخدام لفظ هم املؤثر والسبب مايتوصل به إىل احلكم من غري أن يثبت العلة على السبب، ألن العلة عند

.به، والعلة مايثبت به احلكم فهم يقدمون لفظ العلة على السبب ا يؤدي إىل معرفة األشياء وحدـ بل إن الفالسفة يرون أن هذه العلل وإثبا هها ألن

.ال بد من معرفتهاف، التفريق بني األشياءبدون معرفة األسباب ال ميكن ن لالشياء ذوات وصفات هي اليت اقتضت األفعال اخلاصة مبوجود إ ":يقول ابن رشد

ها وحدودها فلو مل يكن له طبيعة ؤمساأموجود وهي اليت من قبلها اختلفت ذوات األشياء و .)٣(" وكانت األشياء كلها شيئا واحداحد ختصه ملا كان له أسم خيصه وال

ما إنكـار أ ":ر هذه العالقة الضرورية بني العلل ومعلوالا يقول مث بني أسباب إنكا وجود االسباب الفاعلة اليت تشاهد يف احملسوسات فقول سفسطائي واملتكلم إمـا جاحـد

يف ذلك ومن ينفي ذلك فليس له بلسانه ملا يف جنانه وإما منقاد لشبهة سوفسطائية عرضت .)٤("عليقدر ان يعترف أن كل فعل ال بد له من فا

ذامل تفعل فعلها يف اجلسم فإن ذلك يرجع إن التأثري قد يتخلف فمثال النار أوبني أيضا له إضافة إذا ماقارنت اجلسم صار غري قابل لالحتراق وهـذا إىل أن هنالك موجودا يوجد

.)٥(يعين سلب النار صفة اإلحراق ال ةشبه ما إىل اجلحد واملكابرة ملا يف القلب أو فهو يرد األسباب إىل إنكار هذه العالقة إ

.سوفسطائية ــــــــــــــــ

.) ٢٩ص (تلخيص مابعد الطبيعة )١ (

.) ٢٩٢ (افت التهافت ) ٢( ). ٢٩١ص (افت التهافت )٣(

). ٢٩٠ص (افت التهافت ) ٤ (

). ٣٠٠ص (افت التهافت انظر ) ٥(

١٢٠

بل هنـاك ، توجد علل صفة من صفات األشياء فال يعين أنه ال بني أنه إذا ختلفت وأيضا ينحرق فال يعين أن النـار ال ال مانع منع حصول أثر هذه العلة، فالنار حمرقة ولكن هناك ما

لوجـوده له أسباب فكل شيء يف الوجود .حترق بل نثبت للشيء املقابل عدم احنراقه بالنار ـ مىت حصلت حصل وإذا ختلف األمر املعلـوم ـتمييز بني األشياء نستطيع ال وبدوا ال

.دائما فهو ألمر خارج :مذهب املعتزلة يف العلة )ب (

ـ وأصلهم الثاين،رادهاطااملعتزلة من مثبيت العلة ويرون ـ العدل إثبات يقوم على وأن هناك أسبابا ذاتية توجب وصف الفعل بالقبح واحلسن، وألجل ذلـك يـرون ،العلة

.لعالقة بني العلة ومعلوهلاضرورة ا، إذا مل مينعها وتكفي إلجياد معلوهلا مباشرة بعد حصوهلا ،وصف ذايت عندهم فالعلة

.)١(حتتاج إىل غريه فهي مؤثرة بنفسها والمانع والثاين هو االشتراك يف العلة كنحو مانقولـه يف حاجـة ":يقول القاضي عبداجلبار

.)٢("س الغائب عليه فنجعل أفعاله حمتاجة إليه حلدوثهااحملدث منا إلينا حلدوثه مث يقا يعرف احلكم يف الشاهد ضرورة وحيتاج إىل الداللة على التعليـل مث يـرد ":مث قال

.)٤(" احلكم يف الغائب إال ذا التعليل)٣(الغائب إليه للمشاركة يف العلة وملا عرفتتاج إىل دليل، فمىت ثبتـت حيلة العإثبات ولكن ،فإن احلكم يف الشاهد يعلم ضرورة

فما يكون علة "كم بأن هذه علته، له احليقاس عليه الغائب الذي ثبت ؟ العلة للحكم شاهدا .)٥("اليفترق احلال فيه بني الغائب والشاهد

:مذهب األشاعرة يف العلة ) ج( ن ضمن مي جعلوا األشاعرة اضطربوا يف إثبات العلة،فعند كالمهم على الدليل العقل

واعتمدوا يف إثبات الصفات ،ن هذه العلة مطردة شاهدا وغائبا أ وبينوا ة،جامع العل جوامعه . فاطردوها غائبا وشاهدا،هللا علىإثبات العلة للحكم شاهدا ــــــــــــــ

). ٥/١٥٥ (البحر احمليط انظر )١( ). ١٦٨ص ( بالتكليف احمليط) ٢(يط بالتكليف حيث فرق بني االشتراك يف احلكم ، واالشتراك يف العلة ، ويعين القاضي بأنـه هكذا موجود يف احمل ) ٣(

.لوال االشتراك يف العلة ملا عرفنا احلكم يف الغائب لغيابه عنا ). ١٦٨ص (بالتكليف احمليط )٤( ). ٢٥ص (التوحيد رسائل العدل وكتاب )٥(

١٢١

سبحانهـ املطلقة هللا القدرة عتمدوا فيه علىاحيث يف باب القدر ولكنهم اضطربوا .اعتقدوه يف هذا الباب مبا التزاماوتعاىل، فردوا العلة

اليت خالف فيها حني ذكر األشياء العلة،إنكار وقد ذكر الغزايل االسباب الرئيسة يف ب واملسببات ن هذا االقتران الشاهد يف الوجود بني االسباأ حكمهم ب:"فذكر منها الفالسفة

يف اإلمكان إجياد السبب دون املسبب والوجود اقتران تالزم بالضرورة فليس يف املقدور والمنايلزم النـزاع يف إ و:"فقال مث بني سبب النـزاع يف هذه املسألة .)١("سبب دون السببامل

ثعبانا املعجزات اخلارقة للعادة من قلب العصاإثباتنه ينبين عليها إ من حيث )٢(األوىلحال مجيع أحياء املوتى وشق القمر ومن جعل جماري العادات الزمة لزوما ضروريا إو

هذه العالقة الضرورية بني السبب واملسبب يعود إىل تناقضها مع إنكارفالسبب يف ،)٣("ذلك .إثبات معجزات االنبياء وعموم قدرة اهللا سبحانه وتعاىل

وجه التعارض عندهم بني :"كالم الغزايل السابق بقوله ويوضح الدكتور عبداهللا القرين ن االطراد بني احلوادث يقتضي أإثبات قانون االطراد واعتقاد عموم القدرة هللا تعاىل فأصله

ضرورة التالزم بني االسباب واملسببات ألنه ال ميكن تصور االطراد مع إمكان عدم التالزم ن تتعلق به أه مستحيال وماكان كذلك مل ميكن ذا كان االطراد ضروريا كان ختلفإبينها و

فهذاهو السبب احلقيقي ،)٤("املمكنوتتعلق باملستحيل القدرة اإلهلية ألن قدرة اهللا تعاىل ال .يف نفي العالقة الضروريةبني السبب واملسبب

فلزم اخلوض يف هذه " :ن يف هذا القول نصرة لدين اهللا حيث يقولأبل وضح الغزايل ىلن اهللا تعاأطبق عليه املسلمون من أخر وهو نصرة ماآمر ملسألة إلثبات املعجزات،وألا

.)٥("قادر على كل شيءقـدرة اهللا إثبات عارض مع يتوألجل ذلك نفوا الصفات الذاتية لألشياء ألن إثباا

.الصفات الذاتية لالشياءتعاىل وحده فلزم نفي

ــــــــــــــــــ .) ٢٣٦ (السفة افت الف) ١(

.ي العالقة الضرورية بني السبب واملسببأ)٢ (

).٢٣٦ص(السابق ) ٣(

.) ٤٧٦ص (املعرفة يف األسالم ) ٤(

.) ٢٣٨ص (افت الفالسفة ) ٥(

١٢٢

يف املقدور خلق الشبع دون األكل، وخلق املوت دون جز الرقبـة، :"يقول الغزايل .)١("يع املقترناتوإدامة احلياة مع جز الرقبة، وهلم جرا إىل مج

إذا ثبت أن الفاعل خيلق االحتراق بإرادته عند مالقاة القطنة النار أمكن يف ":مث يقول .)٢("العقل أال خيلق االحتراق مع وجود املالقاة

واعتمد نفيهم للعلة على قوهلم بالتحسني والتقبيح الشرعي دون العقلي ألم لو أثبتوا أغلب اعتقادهم كالقول بالقدرة املطلقة واملعجزات والعالقـة بـني التحسني العقلي لنفوا

.اخلالق واملخلوق، والقول بالقدر فهم يثبتوا يف جانب وينفوا يف جانـب ،فاألشاعرة تناقضوا مناقضة قوية يف العلة

.آخر، أو يثبتون ماتستلزمه العالقة بني العلة واملعلول يف جانب وينفونه يف اآلخر إذ العلة توجب حكمهـا ": األشعري يثبت اطراد العلة غائبا وشاهدا، يقول فمثال

إثبات احلكم مع نفي العلة أي اليصح يصح إثبات العلة مع نفي احلكم وال حمالة حبيث ال النفي أحدمها مع إثبات اآلخر وإال فقدت العلـة حكمهـا إثبات أحدمها مع نفي اآلخر وال

.)٣("العقلي امع عليهقدرة له بل إمنا وهو بعد ذلك ينفي قدرة العبد وأن اهللا هو الفاعل ألفعال العبد إذ ال

، )٤("يشاء اليكون ال ماشاء اهللا أن يكون كان وما :"هو كاسب لفعله وهذا اعتمادا على أنه فهو يرى منافاة بني عموم املشيئة وإثبات القدرة للعبـد، ألن تفـسريهم ةأي بعموم املشيئ

. واملشيئة خمالف ألهل السنة واجلماعةلإلرادةفال معىن إلثبات العلة هنا يف التنظري مث نفيها يف جوانب من التطبيق، فإذامل يسلم يف

مجيع القضايا بالعلة رد عليه يف القضايا اليت سلم ا، فمثال إثبات قدرة اهللا اعتمد فيها على . اآلخر ينفيهابه قدرة العبد ويف املوطن ثبتوا أالشاهد، وهوما

فنفيه يف باب القدر لقدرة العبد يقتضي منه بطالن الدليل الذي استدل به على قدرة .اهللا سبحانه وتعاىل

ـــــــــــــــــ

). ٢٣٩ص (افت الفالسفة )١ ( ). ٢٤٣ص (افت الفالسفة )٢( . )٢٦ص ( عن نظرية العلم عند األشعري)٣( ). ٤٤ص (اإلبانة )٤(

١٢٣

احلكم العقلي املستحق لعلة الجيوز أن يستحق مـع عـدمها وال ":باقالين يقول وال و يقول بعد ذلـك وه،)١("لوجود شيء خيالفها، ألن ذلك خيرجها عن أن تكون علة للحكم

.فريد عليه مايرد على االشعريباملسائل اليت قال ا األشعري علة وأا جامع يف كتابه اإلرشاد وأما اجلويين فإنه قد تناقض يف العلة،فهو قد أثبت ال إذا ثبت كون حكم معلوال بعلة شاهدا وقامت الداللة عليه لزم القضاء بارتبـاط ":فيقول

،فهنـا )٢("العلة باملعلول شاهدا وغائبا حىت يتالزما وينتفي كل واحد منهما عند انتفاء الثاين ، بل إن اجلويين نفى أن به األشعري يثبت التالزم بني العلة واملعلول ولكنه أيضا يقول مبا قال

واجلمع بالعلة الأصل لـه ، إذ ال علـة :"تكون العلة جامعا ناقضا ماقرره سابقا حيث قال .)٣("وال معلول عندنا

وهـذا مالحـظ يف األشـاعرة ،وأما الغزايل فقد نفى العلة واقتضاء السبب للمسبب ود إىل االنتقادات اليت تعـرض هلـا املـذهب املتأخرين، والسبب ـ واهللا أعلم ـ أنه يع

جوامع يسريون عليها ملعرفة له األشعري من خصومه، فالدليل العقلي الذي التزموه وجعلوا احلق من الباطل خالفت جوامعه عقائدهم اليت يعتقدوا، فاخللل يكمن إما يف الدليل العقلي

.مجيعافيهما وأأو يف العقائد ) قياس الغائب على الشاهد(رفض هذه اجلوامع أسهل مـن تعـديل فمرية فيه، حق ال مذهبهم وهم يعتقدون أن

.تتفق مع العقائد اليت قال ا األئمة العقائد، فاجلوامع يف مكان واحد ميكن تضعيفها حىتوألجل ذلك نرى متأخريهم عند تعمقهم يف الفلسفة ردوا هذه اجلوامع كلها مبا فيهـا

.ع الذي نتكلم فيههذا اجلامغزايل عالقة بني األسباب واملسببات يراها األشاعرة من قبيل العادة، ويبني ذلك ال فال

إن االقتران بني مايعتقد يف العادة سببا وبني مايعتقد مسببا ليس ضـروريا عنـدنا، ":هلوقبتـضمنا إثبات أحدمها متضمنا إلثبات األخرى والنفيه م ذاك هذا، وال فليس هذا ذاك وال

من ضرورة نفي أحدمها لنفي األخرى، فليس من ضرورة وجود أحدمها وجود اآلخر، وال عدم اآلخر مثل الري والشرب، والشبع واألكل، واالحتراق ولقاء النار، والنـور وطلـوع

الشمس، واملوت وجز الرقبة، والشفاء وشرب الدواء، وإسهال البطن واستعمال املسهل، ــــــــــــــــــ

). ٣٢ص (التمهيد )١( ). ٨٣ص (اإلرشاد )٢( ).١/١٣٠( الربهان )٣(

١٢٤

.)١("وهلم جرا إىل كل املشاهدات من املقترنات يف الطب والنجوم والصناعات واحلرفذكره الغزايل هنا من أن العالقة بني السبب واملسبب ليست عالقـة تطـابق أو وما

كون العالقة غري ضرورية، فعالقة الـتالزم بـني يلزم من ذلك أن ت تضمن صحيح، لكنه ال السبب واملسبب ضرورية مبعىن أن مالحظته لتكرار االقتران بني األسباب ومسبباا ال تكون

.بد أن يكون التالزم بينهما ضروريا وإال مل يكن معقوال صدفة بل هذا التكرار مستمر فاللضرورة العقلية والضرورة التجريبية وأساس اخلطأ عند األشاعرة أم مل يفرقوا بني ا

:)٢(والفرق بينهما من وجوه منهاـ الضرورة العقلية الحتتمل النقيض لذاا واملستحيل استحالة عقليـة ال ميكـن ١

.وجوده والتتعلق به القدرة اإلهلية .وأما الضرورة التجريبية فإن نقيضها ليس مستحيال استحالة عقلية .طلقة والضرورة التجريبية مرتبطة خبواص األشياءـ الضرورة العقلية م٢ فيتضح مما سبق أن األشاعرة اضطربوا يف العلة لنصرة مذهبهم كما ذكـر الغـزايل

.ذلك،ظنا منهم أن يف ذلك نصرا لدين اهللا :طرق إثبات العلة

.السرب والتقسيم )١( .الدوران )٢(

:السرب والتقسيم :أوال أن ينقسم الشيء يف العقل إىل قسمني أو أقسام :"السرب والتقسيم مبا يلي يبني الباقالين

مني فيقضي العقل على سبطل الدليل أحد الق يستحيل أن جتتمع كلها يف الصحة والفساد في .)٣("حمالة صحة ضده، وكذلك إن أفسد الدليل سائر األقسام صحح العقل الباقي منها ال

صفات عدة قد تدل على أا علته ولكـن هـذا ال له فمعىن قوله أن الشيء تكون ال يـصح ومـا بد من تقسيمها ورؤية ما ميكن ألن اجتماعها كلها يدل على خطأ منا فال

حصر األوصاف اليت توجد يف :" بأنه ويعرفه اجلويين ، فما بطل مردود وضده صحيح يصح .)٤("منها للعلية فتعني الباقييصلح ال ية يف بادئ األمر مث إبطال مااألصل واليت تصلح للعل

ــــــــــــــ ). ٢٣٩ص (افت الفالسفة )١( .بتصرف) ٤٧٩ـ٤٧٨ص (املعرفة يف األسالم )٢( ). ٣٢ص (التمهيد )٣( ). ١/١٣١ (الربهان )٤(

١٢٥

امتناع كون الباري سبحانه وتعاىل مريدا ":ويضرب اجلويين مثال هلذه الطريق بقوله أن يستند إىل وجوب تعليل هذا احلكم غائبا كما ثبت تعليله شاهدا فـإن خيلو إما لنفسه ال

من مضمونه تعليل كونه تعاىل عاملا طردا للعلة املقررة شاهدا وإن يءكان األمر كذلك فيج كان ماذكرناه يف حكم اإلرادة يستند إىل ماهذوا به من أنه لو كان مريدا لنفسه لكان مريدا

يبقـى معلوهلم يف منع كون الباري تعاىل مريـدا لنفـسه فـال فإذابطل... لكل املرادات ذكرناه وليس جيري كون املريد مريدا جمرى كون الفاعل فاعال فإن للمريد بكونـه إال ما

.)١("مريدا حكما وحاال على التحقيق وليس للفاعل بكونه فاعال حال فهذه طريقة قاطعة صفة مريد جيب إرجاعها إىل الشاهد فننظر إىل فهو يبني هنا أن علة اطالقنا على اهللا

.التزم به األشاعرة ردها كلها إال مان ميكن أن تكون علة يف الشاهد ف األوصاف اليت إن علة كون الشيء مرئيا إما وجوده أو كونه ":ويضرب شارح املواقف مثال آخر بقوله

.)٢("د واهللا موجود فتصح رؤيتهسودا والكل باطل سوى الوجوأعرضا أو حمدثا أو لونا أو .فذكر عدة أوصاف وردها مجيعا إال الوجود وهو املصحح للرؤية :الدوران : ثانيا

العلة ليست بأكثر من :"فه القاضي عبداجلباربقوله عر وهو الطرد والعكس، وهو ما .)٣("أن يثبت احلكم بإثباا ويزول بزواهلا

كلما أيومنعكسة …لما وجدت وجد احلكم ك أي العلة مطردة ":ويقول اإلجيي .)٤("انتفت انتفى احلكم

جيوز تقدير واحد منهما دون والعلة العقلية مع معلوهلا يتالزمان وال ":ويقول اجلويين فلو جاز تقدير كون العامل عاملا دون العلم جلاز تقدير العلم من غري أن يتـصف … اآلخر

اب العلم حكمه إال أنه يالزمه فإنه اليثبتـه إثبـات القـدرة معىن إلجي حمله بكونه عاملا وال دون العلة لوجوبه جلـاز وجـود العلـة دون حكمهـا مقدورها، فلو جاز ثبوت احلكم

)٥("لوجوا

ــــــــــــــ

). ٥٨ص (اإلرشاد ) ١( ). ٢/٣٢ (شرح املواقف )٢ ( ). ٣٠٣ص (األصول )٣( ). ٩٣ ( املواقف )٤( ). ٨٩ـ٨٨ص (د اإلرشا )٥(

١٢٦

:مكانة جامع العلة واستخدامه لدى الفالسفة واملتكلمني يرون هذا القياس دليال يقينيا فهم يردونه وجيعلونـه مـن الفالسفة كما مر معنا ال

جبوامعه ولكن حني استدالهلم علـى العقائـد قياس التمثيل، وألجل ذلك مل يهتموا به وال .استدلوا ذا القياس

لمون فقد اختلفوا يف هذا اجلامع اختالفا كبريا، فمرة يرونه أقوى اجلوامع وأما املتك :يلي بيان لذلك ومرة يردونه بل يردون حىت طرق إثباته وفيما

:الفالسفة )١( الطريق ولكنهم استخدموا قياس الغائب على الشاهد هكما تقرر سابقا مل يعتنوا ذ

حدا ألن اغلب الصفات واألفعـال الـيت اال و جبامع العلة يف عقائدهم، وسوف نضرب مثا ينفوا تعتمد يف ذلك على العلة لوجود هذه العلة يف الشاهد فيجب نفي معىن ذلك عن اهللا

.ن شاءاهللاـ إوهذا سيتضح يف الباب الثاين ،)١("ينقصه شيء يريـده ن املختار املريد هو الذي ينقصه املراد واإلله ال إ ":يقول ابن رشد

.ينقصه شيء، إذن اهللا غري مريد ختيار واإلرادة هي النقص هلذا املراد، واهللا الفعلة اال : املعتزلة )٢ (

يرونه ألنه وقد استخدموا هذا اجلامع يف باب العدل، أما يف باب التوحيد فال .)٢(جيوز عندهم تعليل الواجب ال

نفيه للصفات معتمد علـى وذلك ألن يف باب التوحيد م استخدموا العلة ولكنه بأن اهللا عامل بعلم ألن علة ذلك أن إثباا يكون للشاهد فيجب نفيها عن اهللا فمثال نفوا

وهذا على مذهبهم عامل )٣(يف الشاهد ختتلف عن علته غائبا الختالف الذوات واحلاجات .إن شاء اهللاـ بال علم قادر بال قدرة، وسيأيت بيان هذا يف الباب التطبيقي

عندما تـصوروا أن فلصفات هو قياسهم للغائب على الـشاهد، ل هميف نفي لسبب فا .إثبات الصفة هللا يقتضي مماثلتها لصفة املخلوق نفوها

ن إ ":مهم هذا اجلامع يف باب العدل فمثال ذلك قول القاضي عبداجلبار اما استخد أو عـامل وهو … االخر حدمها كالنفع يف أحدنا لو خري بني الصدق والكذب وكان النفع يف أ

ذلك بقبح الكذب مستغن عنه عامل باستغنائه عنه فانه قط الخيتار الكذب على الصدق ال ــــــــــــــ

). ٩٨ص (افت التهافت ) ١( ). ١٦٨ص (حمليط بالتكليف انظر ا)٢( .) ١٨٠ص (و ، ) ١٧٨ـ١٧٣ص (انظر احمليط بالتكليف ) ٣(

١٢٧

خيتـاره ه العلة بعينها قائمة يف القدمي تعاىل فيجب أن ال وهذ…بعلمه بقبحه وغناه عنه الإ .)١("، ألن طرق األدلة الختتلف شاهدا والغائباةالبت

فمما سبق يتبني أن املعتزلة يستخدمون جامع العلة،وقد صرحوا باستخدامها يف باب .العدل، ولكنهم استخدموها يف الكثري من مسائلهم

:األشاعرة )٣(ولكنهم ،)٢( هذا القياس جبامع العلة وجعلوا العلة من جوامع قياس الغائب على الشاهدأثبتوا

.بعد ذلك نقضوا هذا اجلامع .)٣("معلول عندنا علة وال أصل له إذ ال واجلمع بالعلة ال":فاجلويين يقول

العلة ن ماينسب لإلنسان ينسب إىل اهللا فنقول ألن إقلت مـ ل ":ويقول الغزايل يف ذلك يلزم فال فإن كان كونه إنسانا عاملا ...العلة كونه إنسانا عاملا أو كونه عاملا : جامعة فيقال

وإن كانت كونه عاملا فقط فاطرح اإلنسان وقل كل عامل فهو عامل بعلـم .يف حق اهللا مثله .)٤("والباري عامل فهو عامل بعلم

الغائب والسبب أنه يرى أن قيـاس فهو يرد أن تكون العلة يف الشاهد هي العلة يف شتماله عن قضية كلية، يقينا إال بقياس الشمول ال الغائب على الشاهد من قياس التمثيل وال

ن أ فهل ميكن كون املعىن اجلامع علة للحكم بـأن نـرى : فإن قيل :"وقد أورد سببا آخر اء العلـة وشـروطها، ال فإن احلكم يرتفع بارتفاع بعض أجز :احلكم يرتفع بارتفاعه ؟ قلنا

ولكن األمر بالضد من هذا وهو أنه مهما وجد احلكـم … يوجد بوجود ذلك البعض والما أن يدل وجود املعىن على وجود احلكم مبجـرد كـون أدل على وجود املعىن اجلامع، ف

.)٥("احلكم مرتفعا بارتفاعه فالو علة احلكم، ولكن الصحيح أنه ن األمر هذا ه له إ فهو يبني هنا أن اإلنسان قد يظهر تكون العلة نه يدل على وجود هذه العلة وقد يرتفع احلكم جبزء العلة فال إن وجد احلكم ف إ

.مبجموعها علة له

ــــــــــــــ ). ٣٠٣ص (شرح األصول اخلمسة )١ ( ). ٨٨ـ٨٣ص (اإلرشاد : انظر )٢( ). ١٣٠|١ (الربهان )٣( ). ١٤١ص (معيار العلم )٤( ). ١٤١ص (معيار العلم )٥(

١٢٨

ن السرب غري مفيد لليقني، إ ": إىل العلة عندهم بقوله ةبل أن اآلمدي رد الطريق املوصل .بل حاصله أين حبثت فلم أطلع على غري املذكور

يؤثر علمـا يف حـق مث إن أفاد علما للسابر فليس حبجة على غريه إذ حبث زيد ال .)١ (" وإن أفاده ذلك ظناعمرو

احتمال كون العامل يف الشاهد معلال بالعلم أو مشروطا به لكونـه ":ويقول اآلمدي .)٢("جائزا وهذا املعىن غري موجود يف الغائب فال يلزم التعدية

وهذا القول مما يدلل على أن متأخري األشاعرة ابتعدوا عن مذهبهم وأصبحوا معتزلـة واملتقدمون كاألشعري والباقالين يردون على املعتزلة بعض ،)٣(ألن هذا القول هو قول املعتزلة

.)٤(أدلتهم، ألن العلة اليت ذكروها غري صحيحة، مث يذكرون هم علة أيضا غري صحيحة .على استخدامهم هلذا القياس ذا اجلامعاليت تدل مثلة هذه بعض األو

قلي املستحق لعلة الجيوز أن يستحق ألن احلكم الع ":يقول الباقالين بعد أن أثبت العلم .)٥("لوجود شيء خيالفها، ألن ذلك خيرجها عن أن تكون علة للحكم مع عدمها وال

إذا ثبت كون حكم معلوال بعلة شاهدا وقامت الداللة عليه لـزم ":واجلويين يقول عند انتفاء القضاء بارتباط العلة باملعلول شاهدا وغائبا حىت يتالزما وينتفي كل واحد منهما

.)٦("الثاينا سبق من أقوال الطوائف من فالسفة ومتكلمني أن الكالم ـذا القيـاس ممفتبني

القياس كلية كالفالسفة ورأوا أنه دليل ظـين وام منهم، فمن نف وباألخص جبامع العلة حتك ـ ردويه يف جانـب و نستخدموهم ي حتكموا ف فقد ما املعتزلة أاستخدموه ذا اجلامع، و ه يف ن

.جانب دون دليل على هذا التفريق

ــــــــــــــ ). ١٢٢ص ( ،غاية املرام يف علم الكالم )١ ( ). ١/١٤١ (أبكار األفكار )٢( ). ٢٠٤ص (شرح األصول اخلمسة انظر )٣( ). ٢٣٤ص (، التمهيد ) ٥٠ص (اإلبانة : انظر )٤( ). ٣٢ص (التمهيد )٥( ). ٨٣ص (اإلرشاد )٦(

١٢٩

ـ خيالف أغلب أصـوهلم هو وهم أكثر من تكلم يف هذا اجلامع وـ شاعرة أما األ ـ ، أبواب االعتقاد بعض فاضطربوا فيه، فمن أثبته هنا ناقض نفسه يف ى أن يكـون ومن نف

. فقد خالف أوائل األشاعرةجامعا امع الشرطقياس الغائب على الشاهد جب: ملطلب الثاينا

قياس الغائب على الشاهد،واستدلوا به على من جوامع االشرط جامع جعل األشاعرة لكنهم استخدموه يف إثبات عقائدهم ما املعتزلة فلم جيعلوه جامعا هلذا القياس، و أ و عقائدهم،

.مع رفضه جامعا :تعريف الشرط لغة واصطالحا

:الشرط لغة .)١(قارب ذلك من علم الشني والراء والطاء أصل يدل على علم وعالمة وما .)٢(" هو إلزام الشيء والتزامه يف البيع وحنوه":لفريوزآباديويقول ا

:والشرط اصطالحا .)٣(يتم الشيء إال به وال يكون داخال يف حقيقته ال ما: عند الفقهاء .)٤("يتوقف عليه الشيء من حيث الوجود واملعرفة ما":وعند الفالسفة .)٥(وهو عندهم قسم من العلة هو تعليق شيء بشيء حبيث إذا وجد األول وجـد الثـاين ":وعرفه اجلرجاين بقوله يتوقف عليه وجود الشيء ويكون خارجا عن ماهيته وال يكون مـؤثرا يف الشرط ما :وقيل

.)٦(" الشرط مايتوقف ثبوت احلكم عليه:وجوده، وقيل .)٧(وقيل الشرط مايتوقف عليه املؤثر يف تأثريه ال يف ذاته

ــــــــــــــ

). ٥٥٥ص (معجم املقاييس اللغة نظر ا)١( ). ٨٦٩ص ( احمليط القاموس )٢( .)٢٥٢ص (، والتأسيس يف اصول الفقه ) ١/٦٩٦ (املعجم الفلسفي انظر )٣( ). ١/٦٩٦ (املعجم الفلسفي )٤( ). ١/٦٩٦ (جم الفلسفي عامل انظر )٥( ). ٩١ص (التعريفات )٦(

). ١/٦٩٧ (املعجم الفلسفي انظر ) ٧(

١٣٠

يلزم أن يوجـد الـشيء يوجد الشيء بدونه وال ال الشرط هو ما :"ويقول الغزايل .يلزم أن يوجد عنده بدونه وال

.)١("هو مايتوقف عليه تأثري املؤثر الوجوده: ويقول الرازي :تضح صفات الشرط تالكالم السابق من و .ـ أنه خارج عن املاهية غري داخل فيه١ .)٢(دوث والوجود ال أنه املوجب له اضطراراـ أنه املهيئ ألسباب احل٢ يؤدي الشرط يقتضي ذلك أنه وجود وال الشرط ـ ال بد من وجود الشيء وجود ٣

.)٣(عكسية إىل وجود الشيء، فالعالقة طردية ال :)٤(أنواع الشروط

).عقلي، شرعي، طبيعي، لغوي(:أربعة وهي يوجـد ي حيكم بـأن العلـم ال العقلي فكاحلياة للعلم فإن العقل هو الذ أما ـ ١

.إال حيث توجد احلياة .الشرعي فكالوضوء للصالةوأما ـ ٢ .الطبيعي فكتوافر خبار املاء يف اجلو له طول األمطاروأما ـ ٣ . إن دخلت الدار فأنت حر:اللغوي مثل قولناوـ ٤

:الفرق بني العلة والشرط :وهيوالشرط من وجوه ذكر اإلجيي يف املواقف الفرق بني العلة .يطرد كاحلياة للعلم ـ العلة مطردة والشرط قد ال١ .ـ العلة وجودية والشرط قد يكون عدميا كانتفاء الضد٢ .مركبا ـ قد يكون متعددا أو٣ .ـ الشرط قد يكون حمل احلكم والعلة صفته٤ .األخرتتعاكس خبالف الشرط، إذ قد يشترط وجود كل من األمرين ب ـ العلة ال ٥

.ولكن بعد ذلك جوزه إن مل يوجب تقدم الشرط كقيام كل من اللبنتني باألخرى ــــــــــــــ

). ١/٦٩٧ (املعجم الفلسفي )١( ). ١/٦٩٧ (املعجم الفلسفي انظر )٢( ). ١/٦٩٨ (املعجم الفلسفي انظر )٣(

).١/٦٩٨( انظر املعجم الفلسفي ) ٤ (

١٣١

. ويبقى املشروط كتعلق القدرة للحادثيبقى ـ الشرط قد ال٦ .ـ الصفة هلا شرط وليس هلا علة٧ .ـ الواجب مل يتفق على عدم شرطه٨ ـ العلة مصححة اتفاقا ويف الشرط خالف قال به القاضي كاحلياة للعلم ومنعـه ٩

.)١(احملققون جلواز توقفه على شروط أخرا كما يقـول صـاحب املعجـم ن الفرق بني الشرط والعلة صعب جد أوالصحيح ألن حلدوث الشيء شروطا كثرية يصعب يف بعض األحيان حتديد مايكون منها ":الفلسفيوأن العلة يف حقيقة األمر هي الشرط الضروري والكايف حلـدوث ، يكون علة ال علة وما

ا أم. الشيء، واملقصود بالشرط الضروري والكايف مايستلزم وجوده وجود الشيء ونفيه نفيه .)٢("يستقيم االستدالل إال به يستغىن عنه وال ال الشرط الضروري فهو ما

فرد العلة إىل نوع من أنواع الشرط ومساه الشرط الضروري الكايف لصعوبة التفريق .بني الشرط والعلة

:مكانة جامع الشرط واستخدامه لدى الفالسفة واملتكلمني :مكانته واستخدامه عند الفالسفة )أ( ستخدم الفالسفة قياس الغائب على الشاهد جبامع الشرط، ومما يدلل علـى ذلـك ا

.استدالهلم ذا اجلامع على أقواهلمما صفة أ و ":فمثال ابن رشد يستخدم قياس الغائب على الشاهد جبامع الشرط فيقول

ة احلياة فظاهر وجودها من صفة العلم وذلك أنه يظهر يف الشاهد أن من شرط العلم احليـا قالوه يف ذلـك والشرط عند املتكلمني جيب أن ينتقل فيه احلكم من الشاهد إىل الغائب وما

.)٣("صواب :وقوله هذا يشتمل على أمور .ـ أن صفة احلياة ثابتة هللا١ .ـ أن طريقها هو الشرط للعلم ألن العلم ال بد أن يقوم حبي٢ ط ال بد من انتقاله من الشاهد ـ انتقال احلكم من الشاهد إىل الغائب، ألن الشر ٣

.الغائب إىل ــــــــــــــ

). ٩٥ص (املواقف انظر )١( ). ١/٦٩٧ (املعجم الفلسفي )٢(

١٣٢ ). ١٦٢ص (األدلة مناهج )٣(

١٣٣

ما صفة اإلرادة فظاهر اتصافه ا إذ كان من شرط صدور الـشيء أ و":ويقول أيضا .)١("من شرطه أن يكون قادراعن الفاعل العامل أن يكون مريدا له وكذلك

:يشتمل هذا الكالم على أمور .ـ ثبوت صفة العلم واإلرادة والقدرة هللا١ .ـ أن صدور الشيء يف الشاهد عن الفاعل العامل مشروط باإلرادة والقدرة٢ .طراد ذلك شاهدااـ ٣ مدركا كل وملا كان الصانع من شرطه أن يكون ":بل يقول يف صفيت السمع والبصر

كان فواجب أن يكون عاملا مبدركات البـصر اهذان اإلدر له مايف املصنوع وجب أن يكون وهذه كلها منبهة على وجودهـا للخـالق له وعاملا مبدركات السمع، إذ هي مصنوعات

.)٢("سبحانه يف الشرع من جهة تنبيهه على وجود العلم له :فيشتمل هذا النص على أمور .العلم والسمع والبصرـ إثبات صفة ١ .ـ من شروط العلم إدراك املرئيات والسمعيات٢ فوجودها دليل . ـ أن هذه املصنوعات هي املوصلة إىل أن اهللا متصف بصفة العلم ٣

.على اهللا وعلى علمه . هلذا القياس مع تضعيفهم له يف التنظريةفيتضح مما سبق استخدام الفالسف

:املعتزلة )٢(تزلة جامع الشرط من جوامع قياس الغائـب علىالـشاهد ولكنـهم مل يذكر املع

استخدموه يف باب رؤية اهللا سبحانه وتعاىل وهذا نصوا عليه وكذلك يف باب التوحيد ولكن .أللفاظبا الإيبدلون كلمة شرط بكلمة داللة وعند التحقيق يتضح أم مل خيالفوا األشاعرة

قد ثبت أن اهللا تعاىل عـامل وقـادر، ":ارففي باب التوحيد يقول القاضي عبداجلب والعامل القادر ال يكون إال حيا وبأي واحدة من الصفتني استدللت جاز إال أنا مجعنا بينهما

.اقتداء بالشيوخ وتربكا بكالمهم

ــــــــــــــ ). ١٦٣ص ( األدلة مناهج )١ ( ). ١٦٦ص ( األدلة مناهج )٢(

١٣٤

:ني وهذه الداللة مبنية على أصل .أن اهللا تعاىل عامل قادر: أحدمها .أن العامل القادر ال يكون إال حيا: والثاين .فقد تقدم: األول امافهو أنا نرى يف الشاهد ذاتني احدامها صح أن يقدر ويعلم كالواحـد : وأما الثاين

يصح مـن يصح أن يقدر ويعلم كاجلماد، فمن صح من ذلك فارق من ال منا، واآلخر ال ثبت هذا يف الشاهد األمور، وليس ذلك األمر إال صفة ترجع إىل اجلملة وهي كونه حيا فإذا

.)١("ختتلف شاهدا وغائبا ثبت يف الغائب، ألن طرق الداللة ال :وكالمه هذا يشتمل على أمور .ـ إثبات أن اهللا عامل قادر ١ .ـ أن العامل القادر ال يكون إال حيا٢ ىخرألعلم، وا تقدر و تمها احدإاحلياة يف الشاهد يعتمد على تقدير ذاتني ـ إثبات ٣

علم، فمن صح أنه يقدر ويعلم فارق اآلخر، والفرق يعود إىل صفة كونه تقدر و تصح أن ي ال .حيا

.ختتلف شاهدا وغائبا ـ طرق الداللة ال٤ .الشرطظ بلفالداللةبتبديل لفظ الإوهذا الكالم مل يبتعد عن دليل األشاعرة

ويتضح استخدامهم هلذا اجلامع يف باب رؤية اهللا سبحانه وتعاىل ويف ذلك يقول القاضـي جيب أن تكون املقابلة أو مايف حكمها شرطا يف الرؤية، ألن ذه الطريق يعلـم ":عبداجلبار

.)٢("تأثري الشرطرائي واآلخر يرجع إن أحدنا إمنا يرى الشيء عند شرطني أحدمها يرجع إىل ال ":مث يقول

يرجع إىل املرئي هو أن يكون للمرئي مايرجع إىل الرائي فهو صحة احلاسة، وما . إىل املرئي .)٣("مع الرائي حكم وذلك احلكم هو أن يكون مقابال أو حاال يف املقابل أو يف حكم املقابل

:وهى فيتضح من كالمه السابق شروط الرؤية

ـــــــــــــــ ). ١٦١ص (ول اخلمسةشرح األص )١( ). ٢٤٩ص (شرح األصول اخلمسة )٢( ). ٢٥٠ص (شرح األصول اخلمسة )٣(

١٣٥

.ـ سالمة احلاسة

.ـ أن يكون املرئي مقابال .ن يكون حاال يف املقابل أو أـ .ن يكون يف حكم املقابلأو أـ

غائبـا ختتلـف ال مث يبني منعه ونفيه لرؤية اهللا اعتمادا على هذه الشروط الـيت ال يف حكم املقابل حاال يف املقابل وال جيوز أن يكون مقابال وال إنه تعاىل ال ":شاهدا فقال وال

جيوز أن فاملقابلة واحللول إمنا تصح على األجسام واألعراض واهللا ليس جبسم والعرض فال .)١("ابل واليف حكم املقابلقحاال يف امل يكون مقابال وال

:على أمرين كالمها من قياس الغائب على الشاهد معتمدا اهللا فهو ينفي رؤية .ـ أن شروط الرؤية مطردة١ .ـ أن إثبات شروط الرؤية يف اهللا يقتضي أنه جسم وعرض كالشاهد٢

و األشاعرة يقولون بأن املعتزلة اعتمدوا على جامع الشرط ويف ذلـك يقـول وغائبا وحكموا بأن كون العامل عاملا مشروط بكونـه إم طردوا الشرط شاهدا ":اجلويين

.)٢("حيا مث قضوا بذلك يف كون البارئ عاملا قادرافهنا يصرح اجلويين أم طردوا الشرط غائبا وشاهدا يف صفات اهللا، وهذا مامل يقله

قـد ثبـت أن ":بل إن القاضي عبداجلبار رد على هذا القول بقوله ، املعتزلة يف هذا الباب صحح لغريه قد يصح أن يكون تصحيحه مطلقا وقد يصح أن يكون مشروطا بـشرط أو املوعلى حنو هذا يصحح كون ... فعلى حسب وجود شرطه يثبت تصحيحه وهذا ظاهر ،ديزأ

أحدنا حيا كونه عاملا بشرط القلب وسالمته، ويصحح كونه قـادرا مـع وجـود البنيـة ... يوجب كونه عاملـا جاهال إال بشرط أن ال يصحح كونه فكون احلي حيا ال ... الزائدة

جيوز يف املصحح أن يصحح أمـرا ال وال احملأال ترى أنه لو صححه مطلقا لكان قد صحح ـ ضدها مستحيلة عليه الشهوة و كان العجز واجلهل و مستحيال، فإذا ـ جل وعز فيجب

ا علـى ماظنـه يقدح هذا يف كونه حي أن ال يكون كونه حيا مصححا لذلك أصال وأن ال .)٣("السائل

ــــــــــــــ ). ٢٤٩ص (شرح األصول اخلمسة )١ ( ). ٨٧ص (اإلرشاد )٢(

١٣٦ ). ١٣٥ـ١٣٤ص (احمليط بالتكليف )٣(

١٣٧

فهو يبني هنا أن احلي يف الشاهد ليس شرطا للعامل والقادر، بل هناك شرط زائـد ماكان شرطا لشيء كـان شـرطا ال ميكن أن ينقل إىل الغائب أال وهو البنية، وكذلك أن

.فهو احلي الكاملـ سبحانه وتعاىل ـ لضده، وهذا منـزه عنه اهللا وهذا ماجعل الشهرستاين يرد فيه على األشاعرة عندما ألزموا املعتزلة بأم يقولـون

هذا الزم للمعتزلة غري أن هلم ولغريهم طريقـا ":يقول الشهرستاين . بالشرط يف صفات اهللا ن احلياة مبجردها مل تكن شرطا يف الشاهد مـامل إف .ثبات كونه حيا بدون الشرط آخر يف إ

. ينضم إليها شرط آخر، فإن البنية على أصلهم شرط يف الشاهد مث مل جيب طرده يف الغائب ... وانتفاء األضداد شرط حىت يتحقق العلم وجيوز أن يكون املعىن الواحد شرطا ملعان كثرية

.)١(" بني الشرط والعلة فال يلزم الشرط على القوموذا يتحقق التمايزفهذا الكالم توضيح للسابق، والشهرستاين يريد بيان أن املعتزلة مل يستخدموا هـذا

.يلزمهم يف الشرط يلزمهم يف العلة ال اجلامع يف صفات اهللا سبحانه وتعاىل وأن مالهم دون ذكر أن هـذا ولكن الذي أشكل على األشاعرة استخدام املعتزلة لنفس دلي

شرط هلذا، بل استخدموا كلمة الداللة عوضا عنها، فاألشاعرة نظروا للنتيجة وأا واحـدة فرق من ناحية االسـتخدام فمـا مسـاه واملعتزلة التزموا بألفاظهم، ولكن عند التحقيق ال

.األشاعرة شرطا مساه املعتزلة داللة :األشاعرة )٣(

امع هذا القياس، ويوضح اجلويين اسـتخدامهم هلـذا الشرط من جو جعل األشاعرة تبني كون احلكم مشروطا بشرط شاهدا مث ثبت مثل ذلك احلكم غائبـا فإذا ":اجلامع بقوله

وذلك مثل حكم بأن كـون ، فيجب القضاء بكونه مشروطا بذلك الشرط اعتبارا بالشاهد .)٢("هدا اطرد غائباالعامل عاملا مشروط بكونه حيا يف الشاهد، فلما تقرر ذلك شا

:ويبشتمل كالمه على أمور .ـ أن الشرط مطرد يف الغائب والشاهد١ .ـ النظر يف الشاهد ومعرفة الشرط الذي أوجب له احلكم٢ .ـ إذا كان الغائب له نفس احلكم فشرط احلكم شاهدا هو شرطه غائبا٣ .ـ أبرز صفة يستدلون ا على هذا اجلامع هي صفة احلياة٤

ــــــــــــــ ). ١٨٧ـ١٨٦ص (اية األقدام )١ ( ). ٨٣ص (اإلرشاد )٢(

١٣٨

فجامع الشرط من اجلوامع اليت يعتمد عليها األشاعرة كثريا، فهل سلم هذا اجلـامع .؟من انتقاد عندهم

مل يسلم، فاألشاعرة املتأخرون ماتركوا جامعا من هذه اجلوامع إال وضعفوه وهـذا أدى إىل رد هذه اجلوامع، بـل ورد فلعلوم الفلسفية للرد على اخلصم، توغلهم يف ا بعد كما

.الدليل العقلي عند أوائل األشاعرةأثـر لـذكر إن قام دليل على املطلوب يف الغائب فهو املقصود وال :"يقول اجلويين

معىن له وليس يف املعقول الشاهد وإن مل يقم دليل على املطلوب يف الغائب فذكر الشاهد ال .)١("ياسق

فائدة يف ذكـر بني أن الدليل ال يفهو هنا يرد هذا القياس كله جبوامعه اليت حددها و .دل على الغائب فهذا هو املطلوب وإن مل يدل فال فائدة الشاهد فيه فإذا

) .وليس يف املعقول قياس(مث جعل قاعدة كبرية ىل حيـا، وأيـضا ذات إن كون الواحد منا حيا خيالف كون اهللا تعا ":يقول الرازي

يلزم من ثبوت حكم يف ماهيـة ثبـوت مثلـه يف الواحد منا خمالفة لذات اهللا باملاهية وال .خيالف تلك املاهية ما

وعلى فرض أن احلياة صفة مشتركة بني الشاهد والغائب، إال أنه المينع أن يكـون ا يف حق اهللا تعاىل وحينئذ ميتنـع إجياب احلياة لصفة املدركية موقوف على شرائط متتنع ثبو

.)٢("حصول ذلك احلكم يف الغائب لفوات تلك الشروطوهنا يتضح تأثر الرازي باملعتزلة فأراد أن يهرب من أن إثبات صفة احلياة بأا شرط

:، وذلك ألمور غري متحققة يف حق اهللاللعامل والقادر .ـ خمالفة ذات اهللا لذوات املخلوقني١ .زم من ثبوت حكم ملاهية ثبوته يف ماهية خمالفة له يل ـ ال٢ يعتمد على احلياة فقط بل على شرائط أخرى كمـا ـ أن اإلدراك يف الشاهد ال ٣

. قالت املعتزلة .دام األمر كذلك فال يكون هذا طريقا إلثبات هذه الصفة ـ وما٤

ــــــــــــــ

). ١/١٣٠ (الربهان )١ ( ). ٣/١٩٣ (املطالب العالية )٢(

١٣٩

احتمال كون العامل يف الشاهد معلال بالعلم أو مشروطا به لكونـه ":يقول اآلمدي .)١("جائزا، وهذا املعىن غري موجود يف الغائب فال يلزم التعدية

:وهو على نفس طريقة الرازي فكالمه السابق يشتمل على أمور .ـ اختالف الذوات بني اخلالق واملخلوق١ .علة وشرطا للشاهد يناسبه ألنه ممكن وجائز عليه ذلكيكون ـ ما٢ .ـ ال ميكن أن ينتقل حكم اجلائز إىل حكم الواجب٣

، يقول عيسى بـن بل إن بعضهم رأى أن استدالهلم على احلياة جبامع الشرط ضعيف ع والثاين مج ... فابن السبكي اعترض على متثيل اإلمام للجمع بالعلة واجلمع بالشرط :"منون

وذكر أيضا مثاال صحيحا للجمع بالشرط وهو قول املعتزلة شرط ... باملشروط ال بالشرط .)٢("يف الغائب صحة كون الشيء مرئيا يف الشاهد كونه مقابال أو يف حكم املقابل فكذا

بن فهو يرى أن األوىل أن يكون اجلامع املشروط وليس الشرط، ويبني ذلك عيسى عتراضه على مثال اجلمع بالشرط فوجهه أن املقيس فيه الغائب واملقيس ما ا أ و ":منون بقوله

عليه الشاهد واجلامع كون كل منهما له علم وإرادة واحلكم اتصافهما باحلياة، فاجلامع وهو ن املقيس الغائب واملقيس عليـه إاالتصاف بالعلم واإلرادة مشروط الشرط ولك أن تقول

ا واحلكم اتصاف كل منهما بالعلم واإلرادة، فاجلمع فيه الشاهد واجلامع كون كل منهما حي يلزم من وجود الشرط وجود املشروط فهذا القياس الذي باملشروط، وفيه أنه ال بالشرط ال

أن املعقول يف اجلامع القياس، أن احلكم يف األصل والفرع ... مجع فيه بالشرط ضعيف جدا يعدوها إمنا يظهر ذكروا أن اجلامع يف القياس الناشئ عنه ومترتب عليه واألمور األربعة اليت

وذلك ألنه إن كان معىن كونـه لكشه جامعا م لعجأما الشرط ف .. ماقلناه يف ثالثة منها جامعا أن يكون حكم األصل مشروطا بشرط وذلك الشرط موجود يف الفرع فيلحق به يف

يلزم من وجود الـشرط ياس ألنه ال فال يسلم هذا الق ... حكمه وهو املشروط كما صورناه يلزم من وجوده وجـود وجود املشروط كما سبق، بل اجلمع باملشروط هو املعقول ألنه ال

وإن كان معىن كونه جامعا أن كال من األصل والفـرع ... ابن السبكي هالشرط كما صور ويـكونكمانتفى الشرط اليوجد احل يتحقق إال بشرط، فإذا اشتركا يف أن احلكم فيهما ال

ــــــــــــــ

). ١/١٤١ (أبكار األفكار )١ ( ). ٢٠٦ـ٢٠٥ص (نرباس العقول )٢(

١٤٠

.)١("القصد من القياس االستدالل على نفي املشروط النتفاء شرطه :منون السابق تتضح أمور بن من كالم عيسى .شرطلسبكي بأن الواجب هو اجلمع باملشروط ال بالبن اـ موافقته ال١ بالشرط اعتمدوا فيه على دليل املعتزلـة يف ـ االستدالل على اجلمع باملشروط ال ٢

ـ نفي الرؤية عن اهللا ـ سبحانه وتعاىل ن متأخري األشاعرة مالوا كـثريا يؤكد أ وهذا ما .إىل االعتزال

:ـ أن االستدالل جبامع الشرط ضعيف ألمرين٣ ولكن االستدالل باملشروط هو . شروطيلزم من وجود الشرط وجود امل أ ـ أنه ال

.املعقول ألنه يلزم من وجوده وجود الشرطيوجد احلكم، وهذا موجـود حـني ب ـ أن غاية ما فيه هو إذا انتفى الشرط ال

.استخدامنا جلامع املشروطجامع الشرط ألنه يطرد وينعكس ليس مثل األوىل استخدام جامع املشروط ال ـ٤

.جامع الشرطذ يقررون إاعرة أثبتوا هذا اجلامع مث نفوه، فعلى ماذا يعتمدون يف استدالالم فاألش

. مر مث ينفونه؟األ امع الدليلقياس الغائب على الشاهد جب: املطلب الثالث

وهذا اجلامع من أكثر اجلوامع استخداما لدى الفرق لسهولته، فقد استخدمه املعتزلة ، واستخدمه األشـاعرة يف أغلـب )٢(قاضي عبداجلبار يف باب التوحيد كما صرح بذلك ال

.أبواب العقيدة :تعريف الدليل لغة واصطالحا

:الدليل لغة ، أحدمها إبانة الشيء بأمارة تتعلمها، واآلخر اضطراب يف الشيء : الدال والالم أصالن

.)٣(لداللةفاألول قوهلم دللت فالنا على الطريق، والدليل األمارة يف الشيء وهو بني ا .تبينهفهو يدور حول اإلبانة للشيء وذلك بأمارة

ــــــــــــــ ). ٢٠٧ـ٢٠٦ص (نرباس العقول )١ ( ). ١٦٧ص (بالتكليفاحمليط انظر )٢( ). ٣٤٩ص (معجم املقاييس اللغة انظر )٣(

١٤١

:والدليل اصطالحا :عند األصوليني له معنيان .يه إلىمطلوب خربيـ ماميكن التوصل بصحيح النظر ف١ .وهو يشمل القطعي والظين ـ ٢ تصـ ماميكن التوصل بصحيح النظر فيه إىل العلم مبطلوب خربي، وهـذا خي .)١(بالقطعيهو الذي يلزم من العلم به علم بشيء آخر وغايته أن : الدليل ويف اصطالح الفالسفة

.)٢(هيتوصل العقل إىل التصديق اليقيين مبا كان يشك يف صحت وقد يكون الدليل قياسا وذلك باالنتقال من الكلي إىل اجلزئي، أو يكون اسـتقراء "

.أو متثيال،وقد يكون الدليل مرشدا كداللة العامل على الصانعوقد يكون أمارة كما يف داللة احلمرة على اخلجل، وهو ذا املعـىن جتريــيب ألن

.)٣("ل ا إىل العلم باملطلوباألمارات واإلشارات أشياء مادية يتوصميكـن التوصـل بأن القياس هو ما :"وقد فرق بعضهم بني القياس والدليل وذلك

بصحيح النظر فيه إىل العلم بالعالقة الضرورية بني املقدمات والنتائج، على حني أن الـدليل .)٤("قد يقوم على إيراد حادثة أو وثيقة أو شهادة تزيل الشك يف صحة املطلوب

أرادوا أن يفرقوا بينهما بأن القياس تتضح فيه العالقة الـضرورية بـني املقـدمات ـ أو املطلـوب ـ والنتيجة، فهو ينظر يف املقدمات ويصل إىل النتيجة، أما الدليل فالنتيجة

.معروفة ولكن الدليل يزيل الشك يف صحتهااملطلوب، أو هـو مايكون النظر الصحيح فيه موصال إىل ":ويف اصطالح املتكلمني

.)٥("مايكون النظر الصحيح فيه موصال إىل علم أو إىل اعتقاد راجح .فهو عندهم مايوصل إىل العلم أو الظن الراجح

ــــــــــــــ

). ١/٥٦٤ (املعجم الفلسفي انظر )١ ( ). ١/٥٦٤ (املعجم الفلسفي انظر )٢( ). ١/٥٦٤ (املعجم الفلسفي )٣( ). ١/٥٦٥ (املعجم الفلسفي )٤( ). ١٦٥ص (الرد على املنطقيني )٥(

١٤٢

الدليل هو الذي يلزم من النظر فيه العلم باملدلول، فإن من املدلول :"ويقول الطوسي .)١("وجود له ويستدل عليه كنفي العلم الذي يستدل عليه بنفي احلياة ال ما

ل قد يكون معدوما فالدليل موصل إىل العلم باملدلول دون إثبات وجوده، ألن املدلو .فيكفي الدليل االستدالل على ذلك

ن الطريق املوصل إىل املقصود بالنظر إذا كان املطلوب تصورا إ ":ويقول شارح املواقف سالطريق معرفامي .

وإن كان تصديقا سالطريق دليال، والدليل يشمل الظن كالغيم املوصل إىل ظـن مي .وقوع املطر

وقد خيـص الـدليل ... العامل املوصل إىل العلم بوجود الصانع والقطعي كحدوث بالقطعي ويوالدليل إما أن يكون االستدالل فيه بالكلي على اجلزئـي ... مارةأى الظين سم

ويسم ى قياسا، أو باجلزئي على الكلي ويسى استقراء، أو باجلزئي على اجلزئي ألمر مشترك م .)٢("وهو التمثيل

:مه السابق أمور فيتضح من كال ـ أراد أن يفرق بني املوصل إىل املطلوب إذا كان املطلوب تصورا أو تـصديقا، ١

فإذاكان املطلوب تصورا سوإذا كان املطلـوب تـصديقا ). من التعريف( الطريق معرفا ميسالطريق دليالمي .

.ـ قسم الدليل حبسب اليقني والظن٢ . القطعي هو الدليل والظين هو األمارةفبني أن منه ظنيا وقطعيا، مث جعل أقـوال ـ ذكر صور الدليل وهذا حبسب قول الفالسفة، وهو مايتضح دائما يف ٣

:كما يلي متأخري األشاعرة أم مالوا إىل الفلسفة .وهو استدالل بكلي على جزئي: أ ـ القياس .وهو استدالل جبزئي على كلي: ب ـ االستقراء .هو استدالل جبزئي على جزئي ألمر مشتركو: ج ـ التمثيل

ــــــــــــــ

). ٧١ص (احملصل )١( ). ٢/٣ (شرح املواقف )٢(

١٤٣

الدليل هو الذي يلزم من العلم به العلـم ":فرق بني الدليل واألمارة بقوله والرازي . )١(" يلزم من العلم ا ظن وجود املدلوليت الهيمارة بوجود املدلول واأل

.مارة ظنيةليل هو القطعي، واألفالد يلزم من العلم به العلم (: وقد عارض الطوسي الرازي على هذا التعريف ألنه قال

يريد أن يبني أن العلم بوجه داللة الدليل على املـدلول ": ، فقال الطوسي )بوجود املدلول ر متوقف على العلم باملـضافني ليس هو عني العلم باملدلول، فبني أن العلم بإضافة أمر إىل أم

وهذا يكفيه،مث إنه أراد أن يبني أن األمر اإلضايف ليس هو املستلزم للعلم باملدلول واحتج بأنه واعلم أن هذه املسألة جتـري بـني ... متوقف على وجود املدلول فال يكون مستفادا منه

جيوز أن يكـون لون ال املتكلمني عند استدالهلم بوجود ماسوى اهللا على وجوده تعاىل فيقو وجه داللة وجود ماسوى اهللا على وجوده مغايرا هلما فإن املغاير لوجوده داخل يف وجـود

.ماسواه واملغاير لوجود ماسواه هو وجوده فقطأن العلم بوجه داللة الدليل على املدلول الذي هو مغاير له ما هو أمر : واجلواب عنه

.)٢("جاعتباري عقلي ليس مبوجود يف اخلار :أمرانيتضح من رده السابق على الرازي فاملتكلمون ،ـ أن السبب يف تعريف الرازي للدليل ذا القول هو مسألة وجود اهللا ١

ولكن يف احلقيقة ، وجود اهللا ووجود ماسواه ؛يوجد إال وجودان نظروا لألمر اخلارج وأنه ال جود اهللا ووجود املخلوقات، فوجه الداللـة هناك أمر يف الذهن مشترك بينهما وهو مغاير لو

.على وجود اهللا هو الوجود الذهين والذي خيتلف باختالف املضافـ أن الدليل يستلزم املدلول والعلم به وإن مل يكن وجود املدلول مستفادا من هـذا ٢

ل فاملعلول مع فال يعين ذلك عدم التالزم بني الدليل واملدلو ) الوجود هللا مثال (األمر اإلضايف .أنه مستفاد من العلة مستلزم هلا

ــــــــــــــ ). ٧٠ص (احملصل )١ ( ). ٧٠ص (احملصل )٢(

١٤٤

:مكانة جامع الدليل عند الفالسفة واملتكلمني واستخدامهم له ولقد استخدم املعتزلة جعلوا جامع الدليل من اجلوامع اليت تستخدم يف هذا القياس،

اجلامع يف باب التوحيد، وهو مقدم عندهم على اجلوامع الباقيـة، ألن األصـل املعتزلة هذا األول عندهم هو التوحيد والدليل على هذا األصل هو قياس الغائب على الـشاهد جبـامع

.الدليل أو الداللةواألشاعرة كذلك استخدموه وله مكانة عندهم ألم جيعلونه من ضمن اجلوامع اليت

.س منهاال بد هلذا القيا :الفالسفة )١(

استخدموا قياس الغائـب فإم مجلة وتفصيال، هذا القياس يردون الفالسفة مع أن .على الشاهد جبامع الداللة

اسـتخدم ـ سبحانه وتعاىل ـ فهذا ابن رشد حني أراد االستدالل على وجود اهللا .ومها دليل العناية واالختراع: )١(يف ذلك دليلني

طريق الوقوف على العناية باالنسان وخلق مجيع املوجودات ":لعناية بقوله ن دليل ا وبي :تنبين على أصلني … هذه دليل العناية مسنلجلها وأمن

.أن مجيع املوجودات اليت ههنا موافقة لوجود اإلنسان: األول .)٢("أن هذه املوافقة هي ضرورة من قبل فاعل قاصد لذلك مريد: الثاين فيها من عناية واتساق يدل على أن يبني ابن رشد أن النظر يف خملوقات اهللا وما فهنا .سبحانه وتعاىلـ ا فاعال مريداهلا خالق

أحدمها أن هـذه املوجـودات ":ويقول يف دليل االختراع وأنه يقوم على أصلني ن الذين تـدعون مـن إ: خمترعة وهذا معروف بنفسه يف احليوان والنبات كما قال تعاىل

فإنا نرى أجساما مجادية مث حتـدث . ]٧٣احلج،[ له دون اهللا لن خيلقوا ذبابا ولو اجتمعوا ـ تبارك وتعاىلـ احلياة فنعلم قطعا أن ههنا موجدا للحياة ومنعما ا وهو اهللا افيه مـا أ و

ـ السموات فنعلم من قبل حركاا اليت ال ا ومـسخرة لنـا تفتر أا مأمورة بالعناية مبا ههن .واملسخر واملأمور خمترع من قبل غريه ضرورة

ــــــــــــــــــ

). ١٥٥ـ١٥١ص (مناهج األدلة )١( ). ١٥١ص ( األدلةمناهج )٢(

١٤٥

ع، فيصح من هـذين األصـلني أن خترع فله م ختراألصل الثاين فهو أن كل م وأما ١("عا له خترللموجود فاعال م(.

ننا جنـد أجـساما مجاديـة أ املوجودات خملوقة وهذا معلوم ضرورة، و فهو يبني أن .مث حتدث فيها احلياة فيعلم أن هناك من أوجد هذه احلياة) ةكاحلبة والنوا(

أـا مـأمورة مما يدلل علـى ولو نظرنا للعامل السماوي لرأيناه حمافظا على اتساقه خملوق ضرورة من غـريه فمـا دام أن هلم، واملسخر بالعناية ملا على األرض وأا مسخرة

.سبحانه وتعاىلـ الكون أرضه ومساه خملوقة فهذا يدل على أن هناك خالقا خلقها وهو اهللا لو كان فيهما آهلة إال اهللا لوجد العامل ":وكذلك حني استدالله على الوحدانية يقول

.)٢("إله واحدفاسدا يف اآلن، مث استثىن أنه غري فاسد فواجب أال يكون هناك إال فهنا يبني أن العامل لو كان فاسدا غري منتظم لكان هذا يدل على أن هناك عدة آهلة

.ولكنه عندما كان ذا االنتظام دل على أن هناك إهلا واحدا فقط .ا سبق مبىكتفيوأمثلته اليت يستخدم ا هذا اجلامع كثرية ولكن

:املعتزلة )٢( ا اجلامع من املتكلمني وذلك من خالل أقـوال اجلبـائي واملعتزلة أول من تكلم ذ إمنا يكون االستدالل بالشاهد على الغائب يف وجهني أحدمها لالشـتراك يف ": يقول حيث

.)٣("الداللة والثاين لالشتراك يف العلةأمـر دل شيء يف الشاهد علـى فهنا يبني ضابطني ومها ضابط الداللة والعلة، فإذا

.لى الغائبيكون هذا دليال عالداللـة فاألول هو ": بعد أن ذكر الضوابط هلذا القياس ـويقول القاضي عبداجلبار

ألنه إمنا جيب كونه قادرا لثبوت الطريق فيه وهو صحة الفعل، ـ جل وعز ـ على صفاته .)٤("ري على هذا احلدجتوهذا حال كثري من صفاته تعاىل وأكثر مسائل التوحيد

:مور ويشتمل كالمه على أ .ـ الدليل يطرد شاهدا وغائبا١ .ـ أن الداللة تستخدم يف باب التوحيد٢

ـــــــــــــــــــــ ). ١٥٢ص (مناهج األدلة )١( ). ١٦٠ص (مناهج األدلة )٢( ). ١٦٧ص (احمليط بالتكليف )٣( ). ١٦٨ص (احمليط بالتكليف )٤(

١٤٦

.ـ أكثر مسائل الصفات يستدل عليها ذا اجلامع٣ .ـ إثبات أن اهللا قادر ألنه صح منه الفعل وهذا من دليلنا على الشاهد٤ .وقد استدل املعتزلة ذا اجلامع على املسائل االعتقادية ـ تعاىلـ ن الفعل ملا دل فينا على أنا قادرون دل فيه إ ":يقول القاضي عبداجلبار

.)١("غائباختتلف شاهدا و على مثله، وكذلك سائر األدلة ألن األدلة الفهو يبني أن األدلة مطردة شاهدا وغائبا، وأنه ماثبت يف الشاهد يدل على ماثبت يف نه قد صح منه الفعل احملكم وصحة الفعـل إ ":ويستدل على كونه تعاىل عاملا بقوله .الغائبصح منه الفعل احملكم فهو نه تعاىل قد أأما الذي يدل على …كم داللة على كونه عاملا احمل …داراته لألفالك وتركيب بعضها على بعـض إقه للحيوانات مع مافيها من العجائب و خل

ا وجـدنا يف الـشاهد هو أن .كم داللة كونه عاملا وأما الذي يدل على أن صحة الفعل احمل قادرين أحدمها قد صح منه الفعل احملكم

ولـيس … خر تعذر عليه كاألمي فمن صح منه ذلك فارق من تعذر عليـه كالكاتب واآل فصح ذا أن صحة الفعل احملكـم …ذلك األمر إال صفة ترجع إىل اجلملة وهي كونه عاملا

ذا ثبت ذلك يف الشاهد ثبت يف الغائب ألن طريق الداللـة إداللة كونه عاملا يف الشاهد، و .)٢("ختتلف شاهدا وغائبا ال

:فكالمه هذا يشتمل على أمور .ـ إثبات صفة العلم هللا١ ليل على إثبات أنه عامل يف الشاهد صحة الفعل احملكـم وضـرب املثـال ـ الد ٢

.بالكاتب واألمي .ـ أنه تعاىل صح منه الفعل احملكم وذلك من خالل النظر يف خملوقاته فثبت أنه عامل٣

.ختتلف شاهدا وغائبا ـ طرق الداللة ال٤ لشاهد جبـامع الـدليل فيتضح مما سبق أن املعتزلة يستخدمون قياس الغائب على ا

ويردون على املخالفني من خالله، ويردون قياس الغائب على الشاهد جبـامع الـدليل إذا .استخدمه خمالفوهم يف نقض قضاياهم

ــــــــــــــــ

). ٦/٢٠٢ (املغين ) ١( ). ١٥٧ـ١٥٦ص (شرح األصول اخلمسة )٢(

١٤٧

:األشاعرة )٣( . قياس الغائب على الشاهدجعلوا جامع الدليل من ضمن جوامع واجلمع بالدليل كقولنا احلدوث والتخصيص واإلحكام تدل علـى ":فيقول اجلويين

.)١("القدرة واإلرادة والعلم شاهدا فيجب طرد ذلك غائبافهنا يستخدم اجلويين هذا اجلامع ويطرده شـاهدا وغائبـا، مث بـني أن احلـدوث

. القدرة واإلرادة والعلم، فكذلك يف الغائـب والتخصيص واألحكام تدل يف الشاهد على دل دليل على مدلول عقال مل يوجد غري دال شاهدا وغائبا، وهذا كداللة فإذا ":ويقول أيضا

. )٢("اإلحداث على احملدثفهنا يبني أن الدليل العقلي مطرد يف الغائب والشاهد، واسـتدل علـى وجـود اهللا

.أن له حمدثا وهذا غائبا وشاهدا علىباإلحداث، فإن اإلحداث دليل أفعالـه ":والرازي أيضا استخدم هذا اجلامع عند استدالله على أن اهللا عامل بقولـه

. )٣("حمكمة متقنة فكل من كان كذلك فهو عامل واملقدمة األوىل حسية والثانية بديهيةمة اليت تطرد غائبا وشاهدا فهو هنا يبني أن سبب كونه عاملا هي األفعال املتقنة احملك

شاهدا كان أو غائبـا، وهـذا ) كل من كان كذلك فهو عامل (ألنه صرح بالقضية الكلية .ماوضحه بعد قوله السابق

فاألشاعرة يرون هذا اجلامع من جوامع قياس الغائب على الشاهد، ولكن مل يسلم .من النقد كما مل يسلم أي جامع من اجلوامع األخرى

األشاعرة املتأخرون يردون هذا القياس كله مبا فيه هذا اجلامع، فمن اسـتدراكام ف يتصور فيها اإلجياد خبالفهـا يف فإن القدرة يف الشاهد ال ":على هذا اجلامع يقول اجلرجاين

ال يف باقي الصفات فإذاماوجد احلختصص خبالف إرادة الغائب،وكذا الغائب واإلرادة فيه ال .)٤(" يوجد يف اآلخر فال يصح القياس أصاليف أحدمها مل

ــــــــــــــ ). ٢/١٢٨ (الربهان )١ ( ). ٨٤ص (االرشاد ) ٢( ). ٢٣٩ص (احملصل ) ٣( ). ٧٩ـ٥/٧٨ (شرح املواقف )٤(

١٤٨

فهنا يرد هذا اجلامع، جامع الدليل ألن األوائل استدلوا على القدرة باإلجيـاد وعلـى تثبت قدرة يف الشاهد وكذلك اإلرادة ة بالتخصيص، ولكن هذا خيالف أصوهلم اليت ال اإلراد

.)١("ختصص إجياد أحد املقدورين ألن القدرة غري مؤثرة ال" .)٢("الختالف مقتضى الصفات شاهدا وغائبا"فال قياس هنا

فهـو إن قام دليل على املطلوب يف الغائـب ":واجلويين أيضا رد هذا اجلامع بقوله أثر لذكر الشاهد وإن مل يقم دليل على املطلوب يف الغائب فـذكر الـشاهد املقصود وال

.)٣("معىن له وليس يف املعقول قياس الدل على الغائب فال فائدة مـن ذكـر أثر للشاهد فيه، فإذا فهنا يبني أن الدليل ال

عامة وهـي قولـه قاعدة فائدة من ذكر الشاهد، مث جعل الشاهد، وإن مل يدل فكذلك ال .فهو يرد القياس يف املعقول) وليس يف املعقول قياس(

إذا دل قبول احلـوادث علـى : "وكذلك اآلمدي بعد أن نقل كالم األشاعرة قال فهنا يبني )٤("استحالة تعري القابل هلا عنها لزم مثله يف الغائب ألن من شرط الداللة االطراد

د أن من يقبل احلوادث ال ميكن أن يتعرى القابل هلا ، والداللـة أن األشاعرة رأوا يف الشاه .مطردة فوجب ذلك يف الغائب

على تقدير أن يكون ذلك لكونه قابال للحوادث فال حاجة إىل إحلاق الغائب ": مث قال .)٥("بالعكس لتساوي الداللة بالنسبة إليهما بالشاهد وال

ذه الصفات لكونه قابال للحـوادث فـال فهو يبني على فرض أن الشاهد اتصف فائدة من ذكر الـشاهد فيكفـي حاجة إىل إحلاق الغائب بالشاهد، ألن الداللة مطردة فال

.القضية الكلية كل ماكان قابال للحوادث اتصف ا أو بأي صورة وصفوها .وهذا مما يدلل على أن متأخري األشاعرة تأثروا بالفلسفة

ــــــــــــــــــــــــــ ). ٥/٧٩ (شرح املواقف )١( ). ٥/٧٨ (شرح املواقف )٢( ). ١/١٣٠ (الربهان )٣( ). ١/١٤١ (أبكار االفكار )٤( ). ١/١٤٢ (أبكار االفكار )٥(

١٤٩

):احلقيقة( امع احلد قياس الغائب على الشاهد جب : املطلب الرابع الطوائف املختلفة،فأغلب استدالالت أكثر اجلوامع استخداما من ) احلقيقة( احلد جامع

الفالسفة تعود إىل هذا اجلامع، ألم قد جعلوا هلم مصطلحات يسريون من خالهلـا أثنـاء .تقريرهم لعقائدهم،وقد عرفوها مبا خيالف لغة العرب،مما أوقعهم يف الضالل

الـيت ظلفـا املتكلمون فقد استخدموا هذا القياس ذا اجلامع من خـالل األ وأما اصطلحوا عليها وجعلوا هذا االصطالح حقيقة اللفظ فكان ذلك هو السبب يف وقوعهم يف

.اخلطأ يف أبواب العقيدةالغائب على يقاس من خالهلا حدوها مبعاين )األلفاظ املة (اصطلحوا على ألفاظ ف ـ جبامع احلد واحلقيقة الغائب على الشاهد قياس هو حقيقة ا وهذالشاهد وا عـدم ،وإن ادع

.استخدامهم لقياس الغائب على الشاهد :تعريف احلد لغة واصطالحا

:احلد لغة .)١(احلاء والدال أصالن األول املنع والثاين طرف الشيء .)٢(وقيل احلد احلاجز بني شيئني ومنتهى الشيء

:احلد اصطالحا ، وهو تعريف كامل، هو القول الدال على ماهية الشيء : ـ يف اصطالح الفالسفة ١

.)٣(أو حتليل تام كتعريف اإلنسان باحليوان الناطق .فاحلد عندهم هو حقيقة الشيء وهو الدال على ماهية الشيء

تعريفهم للحد عـن أيب ـ رمحه اهللا تعاىل ـ نقل ابن تيمية فقد ،ما املتكلمونأـ و٢

التعرف خلاصـة الـشيء : رمني قال إمام احل ":القاسم األنصاري يف شرح اإلرشاد فقال :لو قال قائـل : وحقيقته اليت يقع ا الفصل بينه وبني غريه، مث ذكر قوال آخر للجويين وهو

كـان حد الشيء حقيقته أو خاصـته : أو قال ، واقتصر عليه كان سديدا ،معناه:حد الشيء .حسنا

ــــــــــــــــــــــــــ ). ٢٣٩ص (معجم املقاييس اللغة )١( ). ٣٥٢ص (القاموس احمليط )٢( ). ١/٤٤٧ (املعجم الفلسفي ) ٣(

١٥٠

.حد الشيء معناه الذي ألجله كان بالوصف املقصود بالذكر: بقوله)١(وعرفه األستاذ .أن احلد قول احلاد املنبئ عن الصفة اليت تشترك فيها آحاد احملدود: ويعرفه الباقالين .)٢("ومعناه راجعان إىل صفة دون قول القائلووافق األصحاب يف أن حقيقة الشيء

.خيتلف شيئا وأما متأخروا املتكلمني فتعريفهم كتعريف الفالسفة الوضح وأوائل املتكلمني تعريفهم للحد أصوب من تعريف الفالسفة، وهذا ألمور ست .إن شاء اهللاـ لفصل القادم يف ا

وحيدونه مبا " ؛ييز الشيء عن غريه هو مت ألوائلفيتضح أن فائدة احلد عند املتكلمني ا ما الفالسفة أو. )٣("فرق عندهم بني مايسمى فصال وخاصة يالزم احملدود طردا وعكسا وال

بوا احلد وجعلـوا املعرفـة ومن تبعهم من املتكلمني وخاصة متأخريهم كالغزايل فهؤالء صع .يوصل إىل علم مستحيلة ألن تتبع األشياء وحدها باجلنس والفصل ال

:املذاهب يف احلد وأقسامه وشروطه :أ ـ مذهب الفالسفة

فاحلد عندهم ال يكـون ،هو القول الدال على ماهية الشيء؛ تعريف الفالسفة للحد .)٤("من الذاتيات املشتركة واملميزة وهو ماتعارف عليه املناطقة باجلنس والفصل" :إال

.)٦("لعلم بالتصوراتفاحلدود تفيد ا"، )٥ ("هو قمة العلم"واحلد عندهم :ن اوأقسام احلد عندهم قسم

وهو ماكان باجلنس والفصل القريبني كتعريف اإلنسان بـاحليوان : ـ احلد التام ١ .الناطق

كمـا ـ ومسي حدا ملنعه من دخول غري احملدود وتاما الشتماله على مجيع الذاتيات .)٧(زعموا

ــــــــــــــ

. يعين االسفرائيين )١ ( . بتصرف) ١٦ص (الرد على املنطقيني )٢( . ) ١٥ص (الرد على املنطقيني )٣( ). ٤٢ص (تلخيص مابعد الطبيعة )٤( ). ٤٢ص (تلخيص مابعد الطبيعة )٥( .السابق) ٦( ). ٣٥ص (تسهيل املنطق )٧(

١٥١

.ـ احلد الناقص وهو ماكان باجلنس البعيد والفصل القريب٢ .ان باجلسم الناطق، أو بالناطق فقطأو بالفصل وحده كتعريف اإلنس

.)١(ومسي ناقصا حلذف بعض الذاتيات عنه ولكن أكثر احلدود رسوم لعسر درك الذاتيات ومل يعتربوا يف التعريف بالعرض العام

.لعدم إفادته التمييز وإمنا يذكرونه من باب الكليات استيفاء ألقسام الكليات اه اجلنس بالعرض العام واشتباه الفصل باخلاصـة ا الشتب والتحديد احلقيقي عسري جد

يفارق الشيء يف الوجود والوهم من أغمض األمور والتمييز بني الذايت وبني الالزم الذي ال فرق عندهم يف ذلك بـني يعرف أهل الكالم إال مبا يالزم املعرف طردا وعكسا وال ذا ال لف

.)٢(حملدود من غريهمايسمى فصال وبني مايسمى خاصة اصطالحا مما مييز االفالسفة يف احلد على الذاتيات، وهذا صعب ألنه ال ميكن الفصل بـني الـذايت يعتمد

.والالزم، وألجل ذلك ترك املتكلمون هذا الطريق ومل يتابعوا الفالسفة فيه :ب ـ مذهب املتكلمني

علمـون أن احلـد احملققون من النظار ي:"بقولهـ رمحه اهللا تعاىل ـ يبينه ابن تيمية … فائدته التمييز بني احملدود وغريه، كاالسم ليس فائدته تصوير احملدود وتعريف حقيقتـه

سائر طوائف النظار من مجيع الطوائف املعتزلة واألشعرية والكرامية والشيعة وغريهم ممـن فهم فعندهم إمنا تفيد احلدود التمييز بني احملدود وغريه، بـل أكثـر ... صنف يف هذا الشأن

جيوز أن يذكر يف احلد مايعم احملدود وغريه وال ،اليسوغون احلد إال مبا مييز احملدود عن غريه سواء سمي فـرق ا، وإمنا حيدون مبا يالزم احملدود طردا وعكـسا، وال جنسا أو عرضا عام

مث ذكر أئمة ... عندهم بني مايسمى فصال وخاصة وحنو ذلك مما يتميز به احملدود عن غريه إن حد الشيء وحقيقته خاصتة : فإم إذا تكلموا يف احلد قالوا :ن أئمة املذاهب مث قال م

.)٣("اليت متيزه، مث ذكر الكالم السابق الذي ذكرناه يف التعريفعـن طـرق ـ يف فائدة احلد ـ ضح اختالف طرق أوائل املتكلمني ويذا النص فه ألن فيه يبني أن قوهلم أسدـ رمحه اهللا ـ ة بل إن ابن تيمي، أصابوا يف ذلكقد و،الفالسفة

مييز بل التمييز خلل تعريفهم، فاجلنس والعرض العام مشترك البيان كشفا هلراء الفالسفة و ــــــــــــــ

). ٣٦ص (تسهيل املنطق )١( ). ٣٦ص (تسهيل املنطق )٢( . بتصرف) ١٥ـ١٤ص (الرد على املنطقيني )٣(

١٥٢

يف التعريف لعدم متييزه ال حاجة لذكراجلنس مادام األمر كذلك صة ف بالفصل واخلا عندهم .للمعرف عن غريه

ثالثة أقساماحلد إىلالشهرستاين م وقس : .هو املوجود حد الشيء : كمن يقول،وهو شرح االسم احملض: ـ حد لفظي ١ حد اجلـوهر : كمن يقول ،وهو تعريف الشيء بعوارضه ولوازمه : ـ حد رمسي ٢

.القابل للعرض بذاتيات ، اليت ا هو ماهو ته وخاص ،وهو تعريف حلقيقة الشيء : ـ حد حقيقي ٣

تعمهه وغريه وبذاتيات ختص. يأخذون إال باحلد اللفظي وهو تبـديل ولكنه بعد هذا التقسيم يرى أن املتكلمني ال .)١(لفظ بلفظ

:شروط احلد .ايعربون عنه بالطرد والعكس جامعا مانعا، وهو ماحلدـ أن يكون ١ مىت صدق املعرف على شيء صدق عليه املعـرف فـال يتنـاول : معىن كونه مانعا

.املعرف شيئا مما ليس من أفراد املعرفمىت مل يصدق املعرف على شيء مل يـصدق عليـه املعـرف : ومعىن كونه جامعا

أوائللشرط الوحيد عند وهذا ا )٢(فالخيرج عما يصدق عليه املعرف شيء من أفراد املعرف .املتكلمني .)٣(يعرف الشيء بنفسه كتعريف احلركة بأا نقل من مكان إىل مكان ـ ال٢ يعرف إال به كتعريف اإلنسان بأنه ابن آدم، مث يقال ابن يعرف الشيء مبا ال ـ ال ٣

.)٤(آدم هو اإلنسان فهذا دور كتعريف احلركة مبا ليس بسكون يعرف الشيء مبا يساويه يف املعرفة واجلهالة ـ ال ٤

.)٥(فهما يعلمان معان وجيهالن معا

ــــــــــــــ ). ١٩٠ـ١٨٩ص (اية األقدام انظر )١( ). ٣٥ص (تسهيل املنطق انظر )٢( ). ٩٦ص (القطيب تسهيل انظر )٣( ). ٩٦ص (القطيب تسهيل انظر )٤( ). ٩٦ص (القطيب تسهيل انظر )٥(

١٥٣

:لفظية جيب اجتنااـ هناك عيوب ٥ .سطقساتسطقس فوق األأ النار :أ ـ استعمال ألفاظ غريبة حنو . مثل اخلري مادة احلياة فاخلري ليس مادة حقيقية:ب ـ استعمال ااز بأس من ذكر ااز واملشترك إذا وجـدت ج ـ استعمال اللفظ املشترك، ولكن ال .)١( على املرادةقرينة دال

:د واحلقيقة عند الفالسفة واملتكلمني واستخدامه مكانة جامع احلهذا اجلامع من أكثر اجلوامع اليت استخدمتها الفرق من فالسفة ومتكلمني، فإثبام

ألي صفة أو قضية عقدية تبىن على معرفة معىن هذه الصفة أو القضية عندهم ومن خالهلـا م جعلوا ملصطلحاهلـا لغة العرب، فالتزموا لذلك مبا ل م معاين خمالفة تقبل أو ترفض، أل

.من لوازم و اضطروا إىل إثبات هذا الشيء ونفي مثيله أو شبيهه :الفالسفة )١(

هم أكثر الطوائف حتديدا لأللفاظ اليت يريدون أن يثبتوها أو ينفوها، وحنـن لـسنا جامع احلد بصدد إثبات خطأ قوهلم فيها بل حنن بصدد إثبات أم استخدموا هذا اجلامع أي

.أو ماغاب عنهم على الشاهدـ سبحانه وتعاىل ـ وقاسوا به اهللا مثال حينما أراد ابن رشد نفي اإلرادة عن اهللا فإنه عرفها بتعريف واطرد التعريف غائبا ف

اإلرادة هـي ":وشاهدا، ولوجود معىن باطل يف هذا التعريف نفي اإلرادة عن اهللا فيقـول املختار هو الذي : "وأيضا عرفها ، )٢("بحانه منـزه عن االنفعال والتغري انفعال وتغري واهللا س

.)٣("ة فاضلةيعوزه حال خيتار أحد األفضلني لنفسه واهللا الخمري بني أمرين إمـا إثبـات أصبح ف ،فهنا اطرد حد اإلرادة واالختيار ونقله للغائب

ل، أو رد تعريفه لإلرادة، وهذا من معىن باطـ على تعريفه ذلك ـ يستلزم اإلرادة هللا وما .جامع مانعـ كما يراه ـ ال ميكن ألن تعريفه

نفوا الصفات عـن اهللا ، وألجل ذلك جلسم والتركيب طردوه شاهدا وغائبا اومعىن صفة لكـان له لو كان ":بأنهوميكن تقرير شبههم تقوم إال يف جسم أو مما يتركب ألا ال

.)٤("ه، وأجزاؤه غريه واملفتقر إىل غريه ال يكون واجبا بنفسهمركبا واملركب يفتقر إىل أجزائ ــــــــــــــ

). ٩٧ص ( القطيب تسهيل انظر )١( ). ٩٨ص (التهافت افت )٢( ). ٩٨ص (التهافت افت )٣( ). ١/١٨٨ (السنة منهاج )٤(

١٥٤

تقـر إىل فهم جعلوا إثبات الصفة تركيبا شاهدا وغائبا واملركب يف الشاهد هو املف ن اهللا له صفات القتضى ذلك أنه مركب إ لو قلنا :أجزائه، هذا حده فطردوا هذا احلد فقالوا

واملركب مفتقر إىل أجزائه، واألجزاء غري الذات، فاحلل نفي الصفات ألم يرون أن حدهم .هذا جامع مانع

:املعتزلة )٢(هد مل جيعلوا مـن ضـمن املعتزلة عندما تكلموا يف ضوابط قياس الغائب على الشا وردوا على غريهم من خالله بأن هذا ولكنهم مع ذلك استخدموه، ) احلد واحلقيقة (اجلوامع

.حقيقة الشاهد وال ميكن إحلاقها بالغائب واطردوا هذه املعاين فيثبتون فيها مايريدون إثباته لفاظفهم اصطلحوا على معاين لأل

.وينفون ا مايريدون نفيه ،)١("من صح منه الفعـل :"وهولقادر هم ل حدتوا أن اهللا قادر اعتمادا على فمثال أثب

ما الذي يدل على أن صحة الفعل داللة على كونه قادرا فهـو أ و ":يقول القاضي عبداجلبار أنا نرى يف الشاهد مجلتني أحدمها صح منه الفعل كالواحد منا واألخرى تعذر عليه الفعـل

الفعل فارق من تعذر عليه الفعل بأمر من األمور، ولـيس فمن صح منه .كاملريض املدنف ذلك إال صفة ترجع إىل اجلملة وهي كونه قادرا، وهذا احلكم ثابت يف احلكيم فيجـب أن

.)٢("بائختتلف شاهدا أو غا يكون قادرا ألن طرق األدلة ال .جعلوا حدا للقادر وطردوه غائبا وشاهداقد فهم

.)٣("من صح منه الفعل احملكم" :بأنهوكذلك العامل فقد حدوه :وكذلك الكالم عرفوه بأنه ـ هو احلروف املنظومة واألصوات املقطعة، أو هو ماانتظم من حرفني فـصاعدا، ١

.)٤(أو ماله نظام من احلروف خمصوصـوعرفوا املتكلم بأنه هو فاعل الكالم، أو أنه الذي يوجد الكـالم مـن جهتـه ٢

.)٥(هوحبسب قصده وإرادت ــــــــــــــ

). ١٥١ص (شرح األصول اخلمسة )١( ). ١٥٢ـ١٥١ص (شرح األصول اخلمسة )٢( ). ١٥٦ص (شرح األصول اخلمسة )٣( ). ٥٢٩ص (شرح األصول اخلمسة انظر )٤(

). ٥٣٦ـ٥٣٥ص (شرح األصول اخلمسة انظر )٥(

١٥٥

ك أنكروا صفة الكالم ولذل ،الكالم عندهم صفة فعل منفصل عن املوصوف ال صفة ذات .سبحانه وتعاىلـ ن يكون الكالم قائما باهللا أن كالم اهللا خملوق، ومنعوا إ :الثابتة هللا وقالوا

وكذلك التزامهم بالنفي وأن التوحيد يقتضي ذلك، وذلك من خالل أن املوصوف . فيه سابقا عند الفالسفةمبصفة يقتضي التجسيم أو التركيب، وهذا قد تكل

ب والشاهد فأثبتوا ونفوا من ئعقائد املعتزلة جعلوا فيها حدودا طردوها يف الغا اغلب .خالهلا

:األشاعرة )٣(جامع احلد واحلقيقة وبينـوا أن هـذا الغائب على الشاهد قياس من جوامع جعلوا

ه ذو علم والقادر ذو ن حد العامل يف الشاهد أ ":يقول الشهرستاين اجلامع يطرد غائبا وشاهدا، .)١("ختتلف شاهدا وغائبا درة واملريد ذو إرادة فيجب طرد ذلك يف الغائب واحلقيقة الق

فمهما تقررت حقيقة شاهدا يف حمقق اطردت يف مثله غائبا وذلـك ":ويقول اجلويين .)٢("و حكمنا بأن حقيقة العامل من قام به علمحن

لى الشاهد، وأنه مىت تقررت فهنا يتبني أن احلقيقة جامع من جوامع قياس الغائب ع .احلقيقة يف الشاهد طردت يف الغائب

.)٣( معىن االستواء أنه االستيالء والقهر:وكذلك عرفوا بعض املسميات وطردوه كقوهلم . ـ الذي جعلوه حقيقة اللفظفنفوا صفة االستواء عن اهللا وأثبتوا هذا املعىن الباطل لذات واملقصود من ذكره التأكيد واملبالغة فإنه يقال املراد منه ا ":وعرفوا الوجه بأن

ووجه هذا الدليل هو كذا وكذا، واملراد منه هو نفس ذلك الشيء ،وجه هذا األمر كذا كذا .)٤("ونفس ذلك الدليل فكذا هذا

وهذه األقوال يف االستواء والوجه وغريها من الصفات اخلربية إمنا نفوها ملـا تقـرر .رى وهي التجسيم والتركيب اليت طردوها غائبا وشاهداعندهم من حقيقة أخ

ن احلد واحلقيقة عندهم تعتمد على اللغة ألم عرفوا احلد مبا يتميز إ :وقد يقول قائل به الشيء والصحيح أن من حدودهم ماعرفوه من اللغة، ومن حدودهم ماليس كذلك

ــــــــــــــ ). ١٩٠ص (اية األقدام )١( ). ٨٤ص (اإلرشاد )٢( ). ٢٤٦ـ٢٤٣ص(، اإلشارة إىل اإلجياز) ١٧٨ـ ١٧٦ ص ( أساس التقديس انظر)٣( ). ١٣٤ص (أساس التقديس )٤(

١٥٦

م عرفوها مبا هو يف الشاهد دون الرجوع إىل إ كالكالم يف الصفات االختيارية واخلربية ف ل كـل شـيء، وأول والوجه لغة مستقب . )١(فاالستواء لغة العلو واالرتفاع . اللغوي امعناه

.)٢( ووجه كل شيء حبسبه فهو يدل على املقابلة،مايواجه منه فوجه الشيء ماواجه به وأقبلفحدودهم منها ما هو مأخوذ من اللغة وألجل ذلك أثبتوا الصفات السبع ومنها ما

حلاقها حبقائق املشاهد وهـذا الـذي إهو مأخوذ على مصطلحام بالتجسيم والتركيب و .)٣(ن احلد عندهم مأخوذ من اللغةإون ماينفون، وهذا يرد على من قال جعلهم ينف

إن اعتماد احلد عند املتكلمني على االشتقاق اللغوي جيعلنا يف ": قال منومل يصب حل من القول بأن هذا الدليل يبعده عن أن يكون عقليا ميكن إلزام غري العرب به، هذا

مني أنفسهم قد قرروا أن احلد وظيفته التمييز بني من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن املتكل يصل دام احلد ال وما،رسطو موصال إىل تصور احلقيقة أاحملدود وغريه، وليس كما يقول

املـستمع دلي باإلنسان إىل تصور حقيقة احملدود فإن احلد من باب األلفاظ واللفظ ال .)٤("على معناه وحقيقته

:وكالمه يشتمل على أمور دام أن احلـد عنـد رده هلذا الضابط ألنه يرى أنه ال ميكن تصور الشيء مـا ـ ١

.املتكلمني يعتمد على التمييز فقط ،ـ أن هذا احلد عند املتكلمني يعتمد على اللغة مما خيرجه عن الـدليل العقلـي ٢ .يدل املستمع إىل معناه وحقيقته واللفظ الع اوائل املتكلمني وليس مع متـأخريهم الكالم مردود فاحلق يف هذه املسألة م وهذا

كما ذكر ذلك ابن تيمية رمحه اهللا بأن الغاية من احلد هو متييز احملدود عن غريه، وأن فائدته املعاين اليت يف العقل ال بد هلا من لغة لتحديدها، كفائدة األمساء للمسميات، والصحيح أن

ـ إن شاء اهللا ـ بني يف املبحث القادم و اللفظ يدل على املعىن الذي يف الذهن وهذا ماسيتومـن . فال يوجد دليل عقلي دون ألفاظه . وهوأن اللغة العربية أعلى اللغات يف إيصال املعىن

.خالل معرفة اللغة اليت يتخاطب ا يرد العقل هذا اللفظ إذا خالف معناه، فهو عمل عقلي ــــــــــــــ

). ٢/١٢٦،١٢٧ (خمتصر الصواعق انظر )١( ). ١٠٨٣ص ( انظر معجم مقاييس اللغة )٢(

). ٩٠ص (قياس الغائب على الشاهد انظر ) ٣( ). ٩٠ص (قياس الغائب على الشاهد )٤(

١٥٧

لكالم غري املكلـف ،فـا هذا ال يكون إال من فيفهم ما أن اإلنسان يتكلم مبا ال أو ولكـن ،املـتكلم وإخراج األلفاظ وداللة األلفاظ على معانيها وانضباطها يدل على عقل

السبب يعود إىل التأثر بالفلسفة وألجل ذلك رد قول أصحابه يف تعريف احلد وفائدتـه، و به القدرة وإن ت ليس معىن العامل من قام به العلم والقادر من قام ":استدل بقول حممد عبده

وت هنا أوهم الكالم أهل كالم العربية ذلك حيث يقولون العامل من ثبت له العلم وليس الثب .على وجه القيام

فإن أهل العربية كثريا مايعربون مبثل هذا واليقتضي قياما كقوهلم الواحد من ثبت له .الوحدة واملضاف ماثبت له اإلضافة واليستلزم قياما بل هي ألفاظ تعليمية

ن بل إن معىن العامل يف الفارسية ـ بدانا ـ ومبرادفه من سائر اللغات وليس يفهم م شيء على الوجه له ال أهل تلك اللغات من قام به العلم بل يفهمون من لفظ عامل املنكشف

.)١("اخلاصال خيتلف عمن سـبقه مـن متـأخري فمحمد عبده وهو من معاصري األشاعرة

يتكلم بالكالم السابق، ولكن ماذكره يرد عليه جعله وهذا ما ،ةعتزلاملوا رباقاألشاعرة والذين . وجوهمن

.؟ دليل فمن أين أتى بهاكالمه هذا دعوى ليس عليه: وال فأ أن كل أهل لغة خياطبون مبا يفهمون فمادام أن الفرس اليفهمون من العـامل : ثانيا

ـ فكذلك العرب ال يعلمون من معىن العلم البداءـ ذلك إال فيؤخذ املعىن احلق املنــزل عىن احلق ألهل اللغات األخرى ال أن يترجم من اهللا واملوجود يف لغة العرب، ويترجم هذا امل

.اللفظ إذا كان اليفهم منه إال الباطلوالعامل من ثبت (،والقول بأن )العامل من قام به العلم ( فرق بني القول بأن ما ال : ثالثا حممد عبده قارب املعتزلة الذين يقولون بأنه عامل بال علم فأراد هذا يدل على أن و) له العلم .سبحانه وتعاىلـ قيام العلم باهللا أن ينفي

شيء علـى له الاملنكشف(: عندما فسر لفظ عامل ـ وليس لفظ علم ـ قال : رابعا فهل يريد أن معاين اللغة ال تؤخذ إال منهم ؟ وتتـرك هذا تصعيب للمعىن، ) الوجه اخلاص

.معانيها يف لغة العرب، وهذا ما يتضح من كالمه

ــــــــــــــ ). ٩٧ص (حاشية على شرح العقائد العضدية )١ (

١٥٨

ادعى أن معىن العامل هو ما ذكره وأن هذا هو معناه يف مجيع اللغات،والصحيح : خامساغري ذلك فمعىن عامل باللغة اإلجنليزية هو من يعلم العلوم أو يعمل ا،فعامل يف اللغة اإلجنليزية

)scientist ( يعـين)some who studies science( أومبعـىن)work with science() فلم يطلقوا بأنه عامل اال بعد قيام العلم به وتعليمه، ال أنه انكشف )١ ،

.له األمر على وجه معني فهذا املعىن املذكور للعامل يدلل على أن األشاعرة املتأخرين واملعاصرين قاربوا : سادسا

هو قول الرافضة، وكما هو معلوم أن متأخري الرافضة املعتزلة كثريا، ألن القول ذا املعىن .معتزلة أن انكشاف الشيء على وجه ما، يدل على اجلهل قبل ذلك، وال يثبت العلـم : سابعا

مطلقا، واهللا سبحانه منـزه عن هذا املعىن، بل من انكشف له أمرال يدل على انكشاف كل ية،وهذا منـزه عنه اهللا،بـل هـو ال يقبلـه أمر، فهذا يدل على اجلهل أو على معرفة جزئ

.علىنفسه، وفيه أيضا متثيل اهللا خبلقهبني أن األشاعرة أيضا ردوه بعد أن أثبتوه احلد واحلقيقة أ ى ضابط ة للكالم عل ودعو

.وخاصة املتأخرين منهمالعلم احلـادث "، ألن )٢(" واجلمع باحلقيقة ليس بشيء":رمحه اهللاـ يقول اجلويين

وهذا هو السبب الـرئيس . )٣("لف للعلم القدمي فكيف جيتمعان يف احلقيقة مع اختالفهما خماــ فهم ،ونفي بعض األمور األخرويةـ سبحانه وتعاىل ـ يف رد أغلب الصفات عن اهللا

نظروا حلقيقة الشيء يف الشاهد وجعلوه هو احلقيقة اليت حتـصل يف ـ كما صرح اجلويين و ال ميكن يفهم إال من خالل خصائص الشاهد، ي املشترك الذي ال املعىن الكل وهي ،الذهن

إن املعىن الكلي الذي يف الذهن ليس هو خصائص اخلالق أو :يقال له وصف اهللا ا، ولكن .املخلوق، بل هو املشترك بينهما دون التخصيص، فالتخصيص ال يكون إال يف اخلارج

ــــــــــــــــــــــــــ)١( oxford dictionary (p.219) ). ١/١٣٠ (الربهان )٢( ). ١/١٣٠ (الربهان )٣(

١٥٩

ويطلق القول بأن كل ":ن الغزايل قال أواستمرت الشبهة يف متأخري األشاعرة حىت : لـه فيقال ،فاعل فهو جسم وكان احلق أن يقول كل فاعل شاهدته وتصفحته فهو جسم

وهذا هو كالم اجلويين الـسابق، ويقـول . )١("احلكم عليه مل نشاهد فاعل العامل وال ميكن .)٢("يقاس العلم القدمي باحلديث وال":الغزايل فال يلزم ثبوت حكم يف حقيقة ثبوت مثل ذلك احلكم يف حقيقـة ":ويقول الرازي

يلزم من حصول حكم يف شـيء خمالفة للحقيقة األوىل،مث إن نفوسنا خمالفة ملاهية ذاته، وال .)٣(" مثل ذلك احلكم فيما خيالفهحصول .طراد احلقيقة شاهدا وغائبا ألن لكل منهما حقيقة خاصة بهافهو يبني السبب يف عدم

فيتضح مما سبق أن مجيع الفرق قد تكلمت ذه اجلوامع ،وغريها من األقوال اليت تكلموا ا بت هذه اجلوامع نفاها مع أنه حىت وإن ادعوا عدم االستدالل ذا القياس وجوامعه، ومن أث

.؟ستقر هلمافماذا يف احلقيقة يستخدمها، فمرة يثبتوا ومرة ينفوا فإذا كان العلم باهللا واليوم اآلخر يعتمد يف ذلك على مصطلحام والـيت ينفـون

.!؟مايثبتونه ويستخدمون ماينفونه، فمىت حيصل احلق ومىت نصل إىل اليقني

ــــــــــــــ ). ١٤٣ص (معيار العلم )١( ). ٩٩ص (افت الفالسفة )٢( ). ٢/١٢٣ (املطالب العالية )٣(

١٦٠

املبحث الثاين

نقد اهل السنة واجلماعة جلوامع املتكلمني وبيان ضوابط قياس الغائب على الشاهد عند أهل السنة واجلماعة

يقعوا ع يسريون عليها حىت ال اتضح فيما سبق أن املتكلمني جعلوا هلذا القياس جوام من السري على ـ سبحانه وتعاىل ـ يف التجسيم أو التشبيه، وأنه ال بد يف إثبات صفات اهللا

.هذه اجلوامعاستخدامهم هلـذه اجلوامـع مل أن ـ إن شاء اهللا ـ يف هذا املبحث يتضح ولكن س

م جعلوها امورا نظرية و يسلم من نقد اهل السنة واجلماعة، ملخالفته املعقول واملنقول، أل أوساطا يطلق من خالهلا احلكم على املتصف ا، وال ميكن إثباا اال نظريا وهذا الواضـح

.من كالمهم واحلقيقة أن هذه اجلوامع أمور فطرية يدركها كل أحد، وليست أوسـاطا إلثبـات

وامع خمـالف للواقـع حكمها للمتصف ا، مع مالحظة أن ما ذكره املتكلمون يف هذه اجل .امللموس واحلقيقة الثابتة املعلومة

وأهل السنة عندما رأوا هذا اخللل يف كالم املخالفني، ومنافاته للحقيقة مل يعتمدوا على أقوال املتكلمني وغريهم، بل انطلقوا من نصوص الشرع ومن األمور العقلية اليقينيـة الـيت

.يعلمها من له عقلذلك ردوا جوامع املتكلمني وطريقة استخدامهم هلا لبداهتها،ولكنهم جعلوا وألجل

. لنقل حكم الشاهد للغائب ـ يف حق اهللا ـ ضوابط لتمنع من الضالل يف اطالق احلكم وأعرض يف هذا املبحث ـ إن شاء اهللا ـ نقد أهل السنة واجلماعة جلوامع املتكلمني

ة هلذا القياس مث اعرض لضوابط اهل السن .نقد أهل السنة واجلماعةجلوامع املتكلمني لقياس الغائب على الشاهد: ملطلب األولا

قـد هم بل نقدوها،ونقـدهم عأهل السنة واجلماعة مل يوافقوا املتكلمني على جوام . أو لطريقة استخدامه للجامع نفسه،يكون

:جامع العلة : اجلامع األول ن الصفة علة كون املوصوف متصفا إبقوهلم ـ محه اهللا تعاىل رـ مل يسلم ابن تيمية

ذكـروه مـن وما ": يقول ابن تيمية رمحه اهللا ا،ا كما قالوا بأن العلم هو علة كونه عامل اقتران العلة العقلية ملعلوهلا كالعلم والعاملية فجوابه أنه عند مجاهري العقالء ليس هنـا علـة

١٦١

، وهذا مذهب مجهور نظار أهل السنة والبدعة، وهـو نفـي ومعلول بل العلم هو العاملية اخلرب عنـه بكونـه (و) احلكم بكونه عاملا (معلول وإن جعلت املعلول األحوال فال علة وال

، فهذا قد يتأخر عن العلم وعلى قول من أثبت احلال هو يقول إـا ليـست نظـري )عاملا .)١("املعلوالت الوجودية

:فكالمه يشتمل على أمور .معلول بأن العامل متصف بالعلم بل مها متالزمان علة وال ـ أنه ال١ هذا إذا جـاراهم ـ ـ أن يف احلكم على هذا بأنه عامل متأخر عن اتصافه بالعلم ٢

.وسوف يتبني خطأ هذا القول يف النص القادمـ على أصلهم ةموجـود الـ أن مثبتة األحوال خيالفون أنفسهم ذا القول، إذ احلال عنـدهم ٣

، ألن معرفتنا بأن هذا عامل متأخرة عن العلم، فإذن تكون احلـال معدومـة يف ةمعدوم وال . موجودة يف وقت آخر،وقت

ميتنع أن يكون كل من الشيئني علة لآلخر، ألن العلـة متقدمـة ":ويقول ابن تيمية ليه وتـأخره عنـه للمعلول فيلزم أن يكون كل منهما علة لآلخر ومعلوال له فيلزم تقدمه ع

وذلك يلزم تقدمه على نفسه بدرجتني وتأخره عن نفسه بدرجتني، ويستلزم كونـه علـة .)٢("لنفسه ومعلوال لنفسه ألنه يكون علة علته ومعلول معلوله مجيعا

يبني ابن تيمية رمحه اهللا بأن كون الشيء علة لآلخر يلزم منه تقـدم العلـة علـى نه يلزم تقدم العلم على العاملية والعاملية على العلم، وهذا ممتنع إ ف املعلول، مثال العلم والعاملية

إثبات العلم والعلم ن العاملية علة إألنه جيب أن يتأخر العلم على نفسه درجتني مبعىن إذا قلنا علة إثبات العاملية، فهاتان درجتان وهذا ال ميكن أبدا فتقدم الشيء على نفسه ميتنع، واألمر

العلم علة العاملية والعامليـة :كون علة لنفسه ومعلوال هلا ألننا أثبتناه علة يف قولنا الثاين أنه ي . ميكن أيضا علة العلم، فأصبح العلم علة العلم والعلم معلول العلم، وهذا ال

وكذلك أحد املعلولني مالزم للمعلول اآلخر كاألبوة والبنوة ":رمحه اهللاـ ويقول ود أحدمها علة لآلخر بل كالمها معلول علة أخرى وكذلك مجيـع مها متالزمان وليس وج

إحدىت كالناطقية لإلنسان وصفات الرب تعاىل كعلمه وقدرته متالزمة وليستاملتالزما

ــــــــــــــ ). ٣٧٩ص (الرد على املنطقيني )١( ). ٣٩٢|٢ (بيان تلبيس اجلهمية )٢(

١٦٢

وهي مجيـع خملوقاتـه ـ جل جالله ـ الصانع الصفتني علة لألخرى واألدلة الدالة على .)١("ماجيوز أن يقال أنه علة له ـ والعياذ باهللا ـ ملزومة لوجوده وليس فيها

ال أا علة لبعضها، وال أن القدرة علة أنه له بني هنا رمحه اهللا أن صفات اهللا الزمة .منيقادر بل هي من األمور املتالزمة، وهذا هو خطأ الفالسفة واملتكل

السبب الرئيس يف أم جعلوا الصفة علة كون الشيء موصوفا ـ رمحه اهللا ـ ويبني فجعلـوا الوسـط ":، مث قال )٢(" زعموا أن الوسط الذهين هو وسط خارجي : "فقال ا

لماهية، وأيضا لالذهين هو الوسط اخلارجي واخلارجي هو الذي ذكروه هنا وجعلوه معلوال .)٣(" الالزم البني والالزم غري البنيفإم فرقوا بني

يف اخلـارج، والوسـط فهو يبني أن السبب الرئيس أم جعلوا مايف الذهن هو ما يوجد يف اخلارج ويفصل الـذهن ال الذهين هو الوسط اخلارجي، ألن الذهن قد يتصور ما

وسـط فـاألمور ما يف اخلارج فإنه ال أبني الالزم وملزومه، ويفصل بني العلة ومعلوهلا، و .ن يوجد هذا إال بوجود هذاأمتالزمة وال ميكن

نسلم أن يف املوصوفات ما هو علة فاعلة بصفته أصال بل ال ":رمحه اهللاـ ويقول واملوصوف إن كان هو رب العاملني فال فاعل لـصفاته كمـا ،هو حمل لصفاته القائمة به

لفاعل لصفاته، أما كون ذاته علة فاعلـة الفاعل لذاته وإن كان خملوقا، فالفاعل لذاته هو ا .لصفاته فهذا باطل قطعا

يتصور أن يكـون تفارقه وال ومما يبني بطالنه أن الكالم يف صفاته الالزمة وتلك ال ومة فتلك عندهم هـي قما صفاته امل أفاعال إال بعد وجودها فيمتنع كونه هو املوجد هلا ، و

الالزمة علـة لذاتـه ة هلا وهي كالعلة فجعلوا بعض صفاته املقومة لذاته ليست ذاته السابق .وهي الصفات املقومة وبعضها معلولة وهي الالزمة غري املقومة والقسمان خطأ

معلول للذات، بـل هـي فليس يف صفات املوصوف الالزمة ما هو علة للذات وال .)٤("ات املفعولةصفات قائمة بالذات وفاعل الذات فاعل صفاا إن كان الذات من الذو

أن املوصوف ليس فاعال لصفاته بل هو حمل هلا ، ويـبني أن ـ رمحه اهللا ـ فهو يبني .الصفات الالزمة ال تكون علة للذات أو معلولة هلا

ــــــــــــــــــــــــــ ). ٤٠٤ص (الرد على املنطقيني )١( ). ٤٠٢ص (الرد على املنطقيني ) ٢( ). ٤٠٥ص (نطقيني لرد على املا) ٣( ). ٤٠٦ص (الرد على املنطقيني )٤(

١٦٣

وكما وضح سابقا بأن السبب يف هذا القول ـ أي قول املتكلمني بأن الصفة علة ـ .هو أم جعلوا مايف الذهن هو مايف اخلارج وهو ممتنع

ت وصفات الرب تعاىل كعلمه وقدرته متالزمة وليس ":مث بني األمر الصحيح بقوله .)١("حدى الصفتني علة لألخرىإ

.توجد الذات إال ا أي أن الصفات مالزمة للذات ال فقوله وجود الشيء إما أن . والميتنع أن يكون كل من الشيئني مقارنا لآلخر ":وقال

ـ دا ويتوقف على وجود مايشاه إن أراد بالتوقف توقف العلل حبيث يكون كل منهما موج .)٢("؟ ممتنعن هذاإمع اآلخر فلم قال

.فهنا يبني أن الصفة مالزمة ومقارنة للذات وليست علة :الشرط : نقد اجلامع الثاين

على هذا اجلامع كما تكلم على سابقه، وبـني أن ـ رمحه اهللا ـ تكلم ابن تيمية السبب يف اخلطأ فيه هو نفس اخلطأ يف السابق وهو أم جعلوا الوسط الذهين املتصور فيـه

. اخلارجي، وأن مايتصوره الذهن هو حقيقة مايف اخلارجهو الوسطنسلم افتقار شيء من اللوازم إىل وسط يف نفس األمر، بل مجيع ال ":يقول رمحه اهللا

اللوازم يلزم امللزوم نفسه إن كان بعض امللزومات شرطا يف البعض، كما أن العلم مشروط . )٣(هعيتشرط وسطا ملزوما لالزم الثاين كما ادباحلياة، واإلرادة مشروطة بالعلم، فليس ال

يتحقق شيء منها إال مـع بل الذات مستلزمة للجميع ومىت حتققت حتقق اجلميع وال يتحقـق الذات وبعضها اليتحقق إال مع بعض، بل قد تكون متالزمة كصفات اهللا تعاىل ال

درته ومشيئته وكذلك قدرته مالزمة لعلمه لعلمه وق ةشيء منها إال مع األخرى، فحياته الزم وحياته فهي كلها متالزمة، وهي أيضا الزمة للذات، والذات الزمة هلا ، وليس شيء مـن الصفات هو وسطا لألخرى كما ادعيته من أن بعض اللوازم الزم للـذات وبعـضها الزم

.متالزمةالالزم، وبعضها الزم الزم الالزم، بل مجيعها الزمة للذات وهي أيضا كان هو اخلالق أو كـان امللـزوم خملوقـا الصفات الالزمة للموصوف مطلقا سواء ف

وإن كانت متالزمة وبعضها شـرطا يف بعـض ... كصفات اإلنسان الالزمة كلها متالزمة امتنع أن يكون الشرط هو الوسط الذي به يثبت املشروط كما ادعوه، ألن ذلك مستلزم أن

ــــــــــــــ ). ٤٠٤ص (الرد على املنطقيني )١( ). ١/٣٩٢ (بيان تلبيس اجلهمية )٢(

١٦٤ . يقصد الرازي يف جعله الوسط الذهين هو الوسط اخلارجي )٣(

١٦٥

يكون كل صفة الزمة وسطا لألخرى وأن يكون ليس شيء من الصفات الالزمة يلزم بنفسه يقتضي كوا ألخرى ال فيلزم اجلمع بني النقيضني، فعلم أن كون إحدى الصفات شرطا يف ا

يلزم بنفـسه ال انقسام اللوازم إىل ما مينع وسطا يف الثبوت كما ادعوه، وإذا كان املنازع وبوسط وبرهانك مبين على أخذ هذا التقسيم مسلما كنت مصادرا على املطلـوب مثبتـا

.)١("للشيء بنفسه :على أمور رمحه اهللا يشتمل كالمه و .طا لبعضها بل كل صفة الزمة لألخرىـ الصفات ليست وس١ منـها شيء تتحقق إال معها وكلها متالزمة وال ـ الذات مستلزمة للصفات وال ٢

.وسط لألخرىيعين أن هذه وسط هلذه بـل ن الصفة هذه شرط للصفة هذه ال إـ أنه مع قولنا ٣

.املراد أا متالزمة ال تكون هذه إال مع هذهفهذا مجع بني نقيضني خاصـة يف الـصفات ) وسط الشرط(ـ على قوهلم بأن ٤

ن تكون الصفة أن تكون كل صفة الزمة وسطا لألخرى، و أالالزمة، ألن هذا القول يستلزم تلزم بنفسها بل حتتاج إىل وسط فكيف تكون الزمة وحتتاج إىل وسط يوجـب الالزمة ال

.تلزم بنفسها بل بغريها لزومها فهي الم جعلوا الصفات املتالزمـة أطأ يف أقوال الفرق املخالفة فعلم مما سبق أن سبب اخل

يقتـضي وسطا لبعضها، والصحيح أن الصفات الالزمة وإن كان بعضها شرطا لبعض فال .تنفك من بعضها البعض ذلك أا وسط لبعضها، بل يدل ذلك على تالزمها وأا ال

شرطا يف وجـود اآلخـر فابن تيمية رمحه اهللا يبني أن كون وجود كل من األمرين يوجد إال معه فهذا جائز ليس مبمتنع، وضرب مثاال بـاألبوة والبنـوة فكالمهـا حبيث ال

.يعين أن أحدمها وسط لآلخر متالزمان، وكالمها شرط يف اآلخر، وال :احلد واحلقيقة : نقد اجلامع الثالث

االعتقاد يعود إىل يبني ابن تيمية رمحه اهللا يف كتبه أن غالب ضالل الفرق يف أبواب ذلك املعىن غائبا وشاهدا هي حقيقة اللفظ وطردوا لفاظهذا اجلامع، ألم جعلوا معاين لأل .للنص الشرعي للعقل وال وهو غري موافق للغة العرب، وال

ــــــــــــــ

). ٤٠٨ـ٤٠٧ص (الرد على املنطقيني )١ (

١٦٦

دوا أن اهللا أطلق على نفـسه والسبب يعود إىل أم نظروا يف نصوص الشرع ووج أمساء وصفات توافق أمساء وصفات املخلوقني إذا قطعت عن اإلضافة والتخصيص فاضطروا ملا استقر يف الفطر من مباينة اخلالق للمخلوق معرفة حقيقة الصفة يف املخلوق ونفيها عن اهللا

جعلوا القدر املشترك مما جعلهم ينفون الصفة الواجبة الثبوت هللا ألم ـ سبحانه وتعاىل ـ .سبحانه وتعاىلـ للصفة هو حقيقة صفة املخلوق فنفوا الصفة عن اهللا

إن مذهب عامة الناس بل عامة اخلالئق مـن ":رمحه اهللا تعاىلـ يقول ابن تيمية فقـط )١(الصفاتية كاألشعرية والكرامية وغريهم أن الوجود ليس مقوال باالشتراك اللفظـي

ا وقد يكون خللقه اسم كذلك مثل احلي والعليم والقدير مياهللا اليت س وكذلك سائر أمساء فـإن )٣( وهي أيضا مـشككة )٢(فإن هذه ليست مقولة باالشتراك اللفظي فقط بل بالتواطؤ

ن مايستحقه اهللا تعاىل من إمعانيها يف حق اهللا أوىل وهي حقيقة فيهما ومع ذلك فال يقولون مثل مايستحقه غريه، وال أنه يف وجوده وحياته وعلمه وقدرته مماثال هذه األمساء إذا مسي ا

و لغريه يف اخلارج وجودا غري حقيقتهم املوجودة يف اخلارج، هلا يقولون أيضا إن خللقه، وال .)٤("بل اللفظ يدل على قدر مشترك إذا أطلق وجرد عن اخلصائص اليت متيز أحدمها

أا من باب االشتراك صفاته من باب املتواطئ واملشكك ال فهو يبني أن أمساء اهللا و :رمحه اهللاـ بقول ابن تيمية والسبب يف أنه ليس من باب االشتراك اللفظي يتبني اللفظي،

فإم إذا جعلوا أمساء اهللا كاحلي والعليم والقدير واملوجود وحنو ذلك مـشتركة اشـتراكا "هللا إال أن يعرف ما هو ذلك املعىن الذي يـدل عليـه لفظيا مل يفهم منها شيء إذا مسي ا ا

سيما إذا كان املعىن املفهوم منها عند اإلطالق ليس هو املراد إذا مسي ـا إذامسي به اهللا ال مينعون إطالق اللفظ إذا تظاهروا بالـشرع ومعلوم أن املالحدة يكفيهم هذا فإم ال ... اهللا

. باالشتراك اللفظي يؤدي إىل موافقة املالحدة والقرامطةالقول،)٥("وإمنا مينعون أن نفهم معىن ـــــــــــــــــ

اللفظ الواحد الذي يطلق على أشياء خمتلفة باحلد واحلقيقة اطالقا متساويا كالعني تطلق على : االشتراك اللفظي )١( .) ٢/٣٧٦ (، املعجم الفلسفي ) ٥٥ ـ ٥٤ص (انظرمعيار العلم . آلة البصر والينبوع واجلاسوس

. يدل على أعيان متعددة مبعىن واحد مشترك بينهما كداللة اسم اإلنسان على زيد وعمرو: املتواطئ )٢( ). ١٤٠ص (، التعريفات ) ٢/٣٣٤ (، املعجم الفلسفي ) ٥٥ص (انظر معيار العلم

. على التفاوت بل ءاملشكك هو مايدل على أشياء ألمر عام مشترك بني أفرادها ال على السوا )٣( ). ٧١ص (، املبني لآلمدي )٢/٣٧٨(املعجم

). ٢/٣٧٨ (بيان تلبيس اجلهمية )٤( ). ٢/٣٢٦ (منهاج السنة )٥(

١٦٧

أمساء اهللا وصفاته هلا معاين تعرف من اللغة، ولكن املعىن يؤخذ بعد جتريـده مـن فواطئ والذي يعرف مـن اإلضافة والتخصيص باملخلوق، فهناك معىن عام معروف وهو املت

فهي من املشككة ألا يف حق اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ اللغة، ولكن عند إنـزاهلا على اهللا .أوىل وهو أحق ا

والريـب أن ": الفرق بني املتواطئ واملشكك بقولهـ رمحه اهللا ـ ويبني ابن تيمية صيص هذا القسم بلفـظ املعاين الكلية قد تكون متفاضلة يف مواردها بل أكثرها كذلك وخت

هو نوع من املتـواطئ ألن واضـع :املشكك أمر اصطالحي، وهلذا كان من الناس من قال وباجلملة ... بإزاء القدر املشترك اللغة مل يضع اللفظ العام بإزاء التفاوت احلاصل ألحدمها بل

تتساوى معانيها ما املتواطئة اليت أ املشككة و اولفالنـزاع يف هذا لفظي فاملتواطئة العامة تتن فهي قسيم املشككة وإذا جعلت املتواطئة نوعني متواطئا عام ـ ا كما جعـل اإل ا وخاص ان مي

نوعني عامبأن املتواطئ له ـ رمحه اهللا تعاىل ـ فهنا يبني ابن تيمية ،)١("ا زال اللبسا وخاص :معنيان مـن اإلضـافة يدخل فيه املشكك وهو القدر املـشترك اـرد : ـ معىن عام ١

.والتخصيصوهو املتواطئ على حقيقة تتساوى يف اإلضافة والتخصيص فهي قـسم : ـ معىن خاص ٢

.يتساوى بل يتفاضل آخر مقابل للمشكك، فاملشكك الأن يبني أن احلد واحلقيقـة تكـون ـ رمحه اهللا ـ وعلى كل حال يريد ابن تيمية

عامة اليت مل تنـزل على املخلوقني أي مبعىن أن معرفتها من اللغة العربية وتؤخذ من املعاين ال تؤخذ حقيقة الصفة اخلاصة باملخلوق، ولكن الذي يؤخذ املعىن العام ارد من اإلضـافة ال

.والتخصيصفقط حقيقة اجلسم والتركيب عنـدهم والـيت اذكر ولبيان خطئهم يف هذا اجلامع

.ألجلها ردوا مجيع صفات اهللا أو بعضهاوا اجلسم هو املركب من اجلوهر الفرد، وهذا كما تقولـه املتكلمـة أو فهم جعل "

اجلسم هو املركب من املادة والصورة كما تقوله الفالسفة، أو املوجود أو القائم بنفـسه أو .)٢("ماميكن أن يشار إليه

ـــــــــــــــــ ). ٣/٥٨٦ (نهاج السنة م)١( ). ٢/٢١٤ (منهاج السنة )٢(

١٦٨

هو هو حق وفيه ما فيه ما حدهم للجسم اجلسم عندهم أو حقيقته أو حده، و هذا معىن ال ميكن رده مجلة أو قبوله مجلة، بل ال بد من التفصيل، وهو خمالف ملا هو معـروف فباطل

ما قوهلم الذي عرفوا به أو. عن اهللا ى، وهذا ينف )١(يف لغة العرب، فاجلسم هو البدن واجلسد قبوله كله فوجب ترك الباطل وأخذ احلق، فتعريف اجلسم بأنه و ال اجلسم ال ميكن رده كله

.)٢(ما أنه القائم بنفسه فهذا حقأاملركب من املادة والصورة أو من اجلواهر فهذا باطل، و فوقعوا يف له يوجد يف لغة العرب نفوا عن اهللا ما هو واجب فعندما حدوا اجلسم مبا ال

ا سنتكلم عن شبهتهم هذه يف باب الصفات، ولكـن الـذي ونكتفي ذا ألنن . الضاللخذهم املعىن من لغة أيهمنا هنا أم التزموا ألجل هذا اجلامع معاين باطلة وردوا احلق لعدم

.العرببعاض خمتلفـة له ا املركب ما :كان مفترقا فركبه غريه وقيل ما" :وكذلك التركيب

واالنفصال، وقد املركب مايقبل التفريق :ا، وقد يقال لق ذلك جمتمع خ كأعضاء اإلنسان وإن يعلم منه شيء دون شيء كما يعلم كونه قادرا قبل أن يعلم كونه مسيعـا املركب ما :يقال .)٣("بصريا

.ويف اللغة معىن التركيب أو املركب هو ماركبه غريه نفون عن فالقول يف هذا كالقول يف اجلسم، فإن احلد الذي حدوه للمركب جعلهم ي

الصحيح أنه يقبل ف ما الباقي فمردود وال أيستحقه، فاملعىن األخري حق ال ميكن رده، و اهللا ما لغـة به كما هو معروف من كلم يت والحىت يوضح معناه أي مصطلح قبل ي رفض وال ي ال

.ليس منه العرب ألم يذكرون يف اللفظ ما :جامع الدليل : نقد اجلامع الرابع

الذي وجه إىل جوامع املتكلمني السابقة يندرج حتته هذا اجلامع أيضا، فهم قد النقد جعلوا األمور الفطرية نظرية، فجعلوا هذه اجلوامع أوساطا يستدل ا للحكم على الغائـب

.والشاهد فالدليل باتفاق العقالء أعم من العلة، بـل ":اخللل بقوله رمحه اهللا ويبني ابن تيمية

يفرق يف هذا بني الزم والزم ستلزم غريه ميكن االستدالل به عليه مطلقا والكل ملزوم ي ــــــــــــــ

.املعجم ملقاييس اللغة )١(

). ٣/٢١٤ (منهاج السنة )٢( ). ١٤٦ـ٥/١٤٥ (، وانظر درء تعارض العقل والنقل ) ١٠٦ـ١/١٠٥ (الصفدية )٣(

١٦٩

لعلم به إال بعد ذلك الوسـط، بـل ميكـن يلزم بوسط فال ميكن ا يقال من اللوازم ما وال االستدالل به عليه كما ميكن االستدالل بكل ملزوم على الزمه، فإن شرط ذلـك العلـم

.)١("بامللزوم مىت علم أن هذا الزم، هلذا استدل بامللزوم على الالزم :ويشتمل كالمه على أمور .ـ نفي الوسط يف األمور املتالزمة١ يمكن االستدالل بالالزم على امللزوم وبامللزوم على فلشيء ء لزوم شي ـ إذا ثبت ٢ .الالزم

.ـ أن الدليل والداللة أعم من العلة٣ ن لزومه بي ريب أن الصفات الالزمة للموصوف تنقسم إىل ما وال": ويقول رمحه اهللا

غري بني ليس ا، بل يفتقر ملزومه إىل دليل وكونه بينا لإلنسان و ليس هو بين لإلنسان و إىل ما له فهو إخبـار عـن هو صفة الشيء يف نفسه وإمنا هو إخبار عن علم اإلنسان به وتنبيهه

موجودا يف ذهنه مل حيتج فيـه له ا لإلنسان معلوما الوجود الذهين ال اخلارجي، فما كان بينمـة يعود إىل صفة الز فإن هذا الفرق ال... مل يكن كذلك احتاج فيه إىل دليل إىل دليل وما

للقضية كما ادعاه من أن الالزم البني ماثبت للموصوف بال وسط يف نفس األمر والـالزم غري البني ماكان ثبوته بوسط يف نفس األمر، بل مجيع اللوازم للموصوف ليس بينها وبـني

وإن احتاج اإلنسان يف علمه بثبوا إىل دليل فلـيس . املوصوف وسط أصال يف نفس األمر زومه للموصوف إال بدليل ال يكون ثبوته إال بوسط كما تقدم بيانه، فـإن يعلم ل ال كل ما

املعلول الزم لعلته املعينة ال ميكن ختلف املعلول عن علته التامة اليت دخل فيهـا وجـود بأن يستدل مبعلـول ؛ الشروط وانتفاء املوانع، ومع هذا فقد ال يعلم ثبوت املعلول إال بوسط

علة على املعلول كما يستدل بالرائحة اليت يف التراب على أنه مـسكر آخر على العلة مث بال .)٢("...ويستدل باملسكر على التحرمي

:وكالمه رمحه اهللا يشتمل على أمور حتتاج إىل وسط بل هي الزمة لبعـضها سـواء علـم ـ أن الصفات الالزمة ال ١

.اإلنسان أم مل يعلم

ــــــــــــــ .) ٤٠١ص (ني الرد على املنطقي )١( ). ٤٠١ـ٣٩٩ص (الرد على املنطقيني )٢(

١٧٠

من حقيقة الصفة، فالبيان وعدمـه ـ الالزم البني وغري البني من عمل اإلنسان ال ٢ .نسيب فال ينسب إىل الصفة

اختالف الناس يف االستدالل، فالبعض يستدل بالعلة على املعلـول، والـبعض ـ٣ .البني ال ضابط للزوم البني وغرياالخر يستدل باملعلول على العلة ف

تؤخذ بل فيتضح مما سبق أن اجلوامع اليت جعلها املتكلمون لقياس الغائب على الشاهد ال هي مردودة عليهم، بل هذه اجلوامع وتسميتها كان سببا من أسباب تسلط املالحدة عليهم،

.يأخذ أهل السنة ا وألجل ذلك العل املالحدة يستدلون على قدم العامل بأن العلـة مقارنـة ج ةفمثال قوهلم جبامع العل

.للمعلول فهي مالزمة له زمانا، وذلك ألم جعلوا الصفات علال فتسلط هؤالء عليهموكذلك جامع احلد واحلقيقة وجامع الشرط جعلهم يشترطون يف ثبوت الـصفات

يل الذي من خالله استدلوا لثبوا للمخلوق، وكذلك جامع الدل االيت أثبتها املتكلمة شروط .البوسطإيثبتوا للصفات اليت أثبتوها هللا بصفات املخلوقني اليت ال

عند أهل السنة واجلماعة ضوابط قياس الغائب على الشاهد: املطلب الثايناملقصود يف هذا املطلب ذكرضوابط قياس الغائب على الشاهد يف األمور العقديـة

نة واجلماعة عندما نظروا هلذا القياس وجدوه ضرورة عقلية ال وليس على إطالقه، فأهل الس يكون يف العقل منه ما هو حق ومنه ما هو باطل، ومنـه مـا ميكن االنفكاك منه، ولكن ما

علىامور خمتلفة لتشابه بينها مـن ومنه مايصح لتماثل خصائصها، يصح على أمور متماثلة يكون باطال يف حق اهللا واألمـور ن حقا وما يكو بني ما وجه دون آخر، فال بد من التمييز

.الغيبية فأهل السنة التزموا هلذا القياس ضوابط حىت ال يقع الضالل يف العقيدة، فهذا القيـاس تتكون من خالله قضايا كلية من األمور املشاهدة واملعلومة، وهذه القـضايا تـستخدم يف

من وجه دون آخر، ولتمييز ما يصح مـن اطالق احلكم على املشابه هلذه األمور، وإن كان .هذه الوجوه يف اطالقه على اهللا ال بد من ضوابط متنع من توهم املماثلة من كل وجه

ولقلة الكالم حول هذا القياس عند أهل السنة واجلماعة والتعرض له كما تعرض له كتابا أو مبحثا يذكرون من املتكلمون وعدم إفراد أهل السنة واجلماعة هلذا القياس فصال أو

خالله ضوابط وقواعد لقياس الغائب على الشاهد، فاجتهدت من خالل النظر يف نصوصهم وكتبهم عند استخدامهم هلذا القياس بصوره املستخدمة عندهم فوجدم يـسريون وفـق

:ضوابط معينة أوجزها مبا يأيت

١٧١

.يف األحاديث الصحيحة وسلم صلى اهللا عليهإثبات ماأثبته اهللا عز وجل ورسوله )١( .االلتزام بلغة العرب ومنطقهم )٢( .االلتزام بقياس األوىل ودليل اآليات دون الصور األخرى من القياس )٣( .عدم خمالفة ماثبت يف الكتاب والسنة يف األمور اليت مل يرد ا نص )٤( .تقريرهم بأن التشابه حيصل يف املعاين الكلية دون احلقائق )٥(

:ابط األول الض يف صـلى اهللا عليـه وسـلم وأثبته رسـوله ـ عز وجل ـ إثبات ماأثبته اهللا

:األحاديث الصحيحة ميكن للعقل البـشري أن يـصل إليـه دون فأصل الدين هو اإلميان بالغيب مبا ال

.النصوص الشرعية الدالة عليهنة والنار وأهـوال احملـشر وأمساؤه واملالئكة واجلـ سبحانه وتعاىل ـ فصفات اهللا

وغريها من املغيبات ال ميكن معرفتها استقالال وتفصيال، ولكن ميكن الوصول إىل بعض ذلك بالعقل وحده فانه قد ليس و، حبسب دالالت النصوص أما املعرفة التفصيلية فتكون و مجلة،

.بل يف أكثرها يعرف بعضها وخيطئ يف بعضهاجهلـوا رسله للناس ليبينوا هلم مـا ـ وتعاىل سبحانهـ وألجل ذلك أرسل اهللا

.يراد منهم وحيصلوا من خالله على اجلزاء األوىف ويعلموهم دينهم الذي ـ كما ذكر سابقا ـ واخلرب ان املخرب ك مصدر من مصادر العلم جيب األخذ به إذا

عارفه ويستفيد صادقا، أو اخلرب صادقا يف ذاته، فاإلنسان من خالل تسليمه ذا اخلرب تزداد م .منها يف حياته وعمارة األرض

فاإلميان بالغيب ضرورة يف كل جماالت احلياة، وأقوى مثال يف ذلك العلوم الطبيعية لكترون مع أنـه ال ميكـن إلا" :والتطور اهلائل فيها إمنا نتج من خالل هذه القضية، فمثال كرار واإلعادة وال ميكن تفسري تلك رؤيته إال أن له آثارا نشاهدها يف صورة جتارب قابلة للت

لكترون يف ذاته فرض إال أنه يـستند إللكترونيا، فا إالتجارب إال بأن نسلم بأن هناك نظاما .)١("إىل جتربة غري مباشرة ولذلك يسلم العلم بوجوده

لكترونات والعناصر وخصائص املواد ومكوناا كل هذه غيب علـى فالذرات واإل فلو أن. العلماء مل يروا كثريا من هذه األشياء ولكن حكموا بآثارهاعموم الناس، بل حىت

ــــــــــــــ ). ١٢ص (الدين يف مواجهة العلم )١(

١٧٢

.اته علم كثريف اإلنسان مل يأخذ ذه العلوم ممن سبقه لوكذلك اللغات واألنساب واألقوال املنسوبة لألئمة لو مل يسلم اإلنسان ا لبقـي .جاهال

الغيب احملض ال ميكن التوصل مثال اخلرب مصدر مهم من مصادر املعرفة لإلنسان، ف ف وهـذا الغيـب إليه من خالل العقل ولكن من خالل الوحي الذي نـزل على أنبياء اهللا،

يطلـب مـن الوحي، ولكن الوحي ال معلومة املعاين من اللغة اليت نـزل ا ألفاظيذكربت الغيب ولكن املطلوب هو إثبات وجوده من خالل املعاين املعلومـة اإلنسان معرفة كيفيا

. لتفاوت بني الغائب والشاهدلعقل معانيها مع إدراكه يمن اللغة واليت نه ليس مثله شـيء مـن أمسائه وصفاته وأفعاله مث بني أخرب عن ـ أعز وجل ـ فاهللا

فالغيب .مثل ما يعرفه يف حق املخلوق خلقه لئال يعتقد ان تلك األمساء والصفات واألفعال الإميكنه معرفة ذلـك احملض ال ميكن معرفته اال من خالل نصوص الوحي ألن اإلنسان ال

.يقع حتت مدارك احلس ال خبرب وهو وأن حممدا رسول "فإن اإلنسان إذا علم أنه ال أصدق من اهللا قيال والأحسن حديثا،

يقينية مث وجد يف عقله ماينازعه يف خربه كان عقله يوجب عليه اهللا بالعقل والنقل والرباهني ال يقدم رأيه على قوله ويعلم أن عقله أن يسلم موارد النـزاع إىل من هو أعلم به منه، وأن ال

قاصر بالنسبة إليه، وأنه أعلم باهللا وأمسائه وصفاته واليوم اآلخر منه، وأن التفـاوت الـذي التفاوت الذي بني العامة وأهل العلم بالطب، فإذاكان عقله بينهما يف العلم بذلك أعظم من

يوجب عليه أن ينقاد لطبيب يهودي فيما أخربه به من مقدرات مـن األغذيـة واألشـربة واألضمدة واملسهالت واستعماهلا على وجه خمصوص مع مايف ذلك من الكلفة واألمل لظنـه

علمه أن الطبيب خيطـئ كـثريا، وأن أنه أعلم منه وأنه إذا صدقه أقرب حلصول الشفاء مع يشفى مبا يصفه الطبيب، بل يكون استعماله ملا يصفه سببا له الكه، ومع كثريا من الناس ال

هذا يقبل قوله ويقلده وإن كان ظنه واجتهاده خيالف وصفه، فكيف حال اخللق مع الرسل خربهم على ونجيوز أن يك والرسل صادقون مصدقون ال! ـ ؟عليهم الصالة والسالم ـ

.)١("خالف ماأخربوا به قط

ـــــــــــــــــــ ). ٢٦ص (، للسلمانالكواشف اجللية )١(

١٧٣

فالواجب أن ينظر يف هذا الباب فما أثبته اهللا ورسـوله ":يقول ابن تيمية رمحه اهللا ثبات والنفي أثبتناه ومانفاه اهللا ورسوله نفيناه، واأللفاظ اليت ورد ا النص يعتصم ا يف اإل

.)١("ه النصوص من األلفاظ واملعاين وننفي مانفته النصوص من األلفاظ واملعاينثبتتفنثبت ماأفيجب االلتزام مبا أثبته اهللا ورسوله ونفي مانفاه اهللا ورسوله، ألن الكالم يف هذا الغيب

ـ علـم، واهللا احملض الذي ال يعلمه إال اهللا بتخرصات وظنون إمنا هو قول على اهللا بغـري قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر : حذر من ذلك، يقول اهللا تعاىل ـ سبحانه وتعاىل

منها وما بطن واإلثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينـزل بـه سـلطانا وأن .]٣٣األعراف،[على الله ما ال تعلمونتقولوا

وال تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك : ويقول تعاىل .]٣٦اإلسراء،[كان عنه مسئوال

الـذنوب هـو فاآلية األوىل رتبت الذنوب فبدأت باألصغر وانتهت باألكرب وأكرب .القول على اهللا بال علم

يف هذا الباب التقيد بالنصوص الشرعية وإثبات ماأثبتتـه كل مسلم فإذن الذي يلزم له ، مبعىن أن النصوص الشرعية نـصوص مفهومـة ونفي مانفته دون التعرض ملا مل تتعرض

بهمات الـيت ال معلومة من اللغة العربية وليست النصوص الشرعية يف هذا الباب من قبيل امل تعرف، بل هي معروفة املعاين جمهولة الكيفيات، فاملعىن املذكور معلوم ولكن حقيقة املعـىن

االستواء ":نعلمه ومل نطالب مبعرفته، يقول اإلمام مالك رمحه اهللا وكيفيته يف ذلك الغيب ال فاالسـتواء . )١(" بدعـة الكيفية والسؤال عن ، واإلميان به واجب، والكيف جمهول معلوم،

، والسؤال عن كيف هو بدعة مل يقل بـه انعلمه ال ة جمهول همعلوم من لغة العرب، وكيفيت .صلى اهللا عليه وسلمأحد من صحابة حممد

إن أصول الدين احلق الذي أنـزل اهللا به كتابه وأرسل ":رمحه اهللاـ ويقول ابن تيمية ه على ذلك قد بينها الرسول أحسن بيان، وأن به رسوله وهي األدلة والرباهني واآليات الدالة

اهم إىل األدلة العقلية والرباهني اليقينية اليت ا يعلمون املطالب اإلهليـة وـا د الناس وه دليعلمون إثبات ربوبية اهللا ووحدانيته وصفاته وصدق رسوله واملعاد وغري ذلك مما حيتاج إىل

ن الذين أعرضوا عما يف القرآن من الدالئل العقليةوهؤالء الغالطو.. .معرفته باألدلة العقلية ـــــــــــــــ

). ١/٣٤٩ (منهاج السنة )١ ( ).٤٣ص ( التدمرية )٢(

١٧٤

.والرباهني اليقينية صاروا إذا صنفوا يف أصول الدين أحزاباحزب يقدمون يف كتبهم الكالم يف النظر والدليل والعلم وأن النظر يوجب العلـم

قد اختلط فيـه ويتكلمون يف جنس النظر وجنس الدليل وجنس العلم بالكالم، وأنه واجب احلق بالباطل، مث إذا صاروا إىل ما هو األصل والدليل للدين استدلوا حبدوث األعراض على

. يف العقللحدوث األجسام وهو دليل مبتدع يف الشرع وباطالفة الكتاب والسنة وعنه واحلزب الثاين عرفوا أن هذا الكالم مبتدع وهو مستلزم خم

ينشأ القول بأن القرآن خملوق وأن اهللا ال يرى يف اآلخرة وليس فوق العرش وحنو ذلك مـن بدع اجلهمية فصنفوا كتبا قدموا فيها مايدل على وجوب االعتصام بالكتاب والـسنة مـن

حيحة القرآن واحلديث وكالم السلف وذكروا أشياء صحيحة ولكنهم قد خيلطون اآلثار الص يدل على املطلوب وأيضا فهم إمنا يستدلون بالقرآن من جهة بضعيفها، وقد يستدلون مبا ال

أخباره ال من جهة داللته فال يذكرون ما فيه من األدلة على إثبات الربوبيـة والوحدانيـة والنبوة واملعاد وأنه قد بني األدلة العقلية الدالة على ذلك وهلذا مسوا كتبهم أصـول الـسنة والشريعة وحنو ذلك وجعلوا اإلميان بالرسول قد استقر فال حيتاج أن تـبني األدلـة الدالـة

والطائفتان يلحقهما املالم لكوما أعرضتا عن األصول اليت بينها اهللا بكتابه فإـا ... عليها .)١("أصول الدين وأدلته وآياته

:ويشتمل كالمه رمحه اهللا على أمور هي أكملـه، ـ سبحانه وتعاىل ـ كمل، وأن اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ هللا ـ أن دين ا١

صلى اهللا عليه وسلم بينه أحسن بيان، وأنه مامل يأت به حممد صلى اهللا عليه وسلم وأن النيب .من الدينهو فليس

بني رمحه اهللا أن مسائل الدين وردت ا نصوص شرعية تتضمن أدلة عقليـة، ـ ٢ ال بد أن يرد يف ين قد يصل إليها العقل استقالال، وهذا النوع أيضا ولكن بعض مسائل الد

وال بدمن تبيني هذه األدلة العقلية الواردة بالشرع ألن اهللا أوردها ذه ،الوحي مايدل عليه .الصورة ولتعلم أا ليست أخبارا حمضة

لة الوحي ليها لوحده ولكن تعلم بدال إميكن للعقل الوصول ال ومن مسائل الدين ما ألا من الغيب احملض ولكن مع ذلك ميكن االستدالل عليها بعد معرفتها، وهذا كـثري يف

.شرع اهللا ــــــــــــــ

). ١٦٢ـ١٩/١٥٩ (جمموع الفتاوى )١(

١٧٥

دون آخذ ا وأتارك هلا إما : مام النصوص الشرعية إىل قسمني أـ انقسام الناس ٣ :اما يلي بياي يف امور عدة ف اخطأاألدلة العقلية، وكال الفريقني

أهل الكالم التاركون لالستدالل بنصوص الشرع واالعتماد على قواعدهم : القسم األول يف األدلة على املسائل العقدية وأدلتهم يف ذلك أدلة عقلية ـ كما يزعمون ـ اختلط فيهـا

:مل على ضاللتني تاحلق بالباطل، وأدلتهم تش .شرع ـ ابتداع يف ال . ـ بطالن يف العقل أخذوا بنصوص الوحي لعلمهم بضالل السابقني ولكنهم وقعـوا يف : القسم الثاين

أخطاء فادحة نسبت ألهل السنة وهم منها بريئون مما جرأ الفالسفة واملتكلمني على أهـل :السنة منها

استدالهلم بالنصوص الشرعية من قرآن وحـديث وآثـار ولكنـهم مل مييـزوا يف ) أ(هو صحيح فيثبتون الصفات الـيت وردت هو ضعيف وما ألحاديث واآلثار بني ما ا

ولـيس ،أساسا ويستدلون عليها باألحاديث واآلثار الضعيفة اليت يردها أهل السنة . هنا تتبع هذه األحاديثاهلدف

تصلح لالستدالل بداللتها العقلية على مسائل أم جعلوا نصوص الشريعة أخبارا ال ) ب( .ن ربوبية ووحدانية ونبوة ومعادالدين م

أم جعلوا مسائل الدين مسلما ا فال حتتاج إىل أدلة سوى النصوص الشرعية كخرب )ج( وهذا غري صحيح ألا لو كانت من األمور ،حمض دون ذكر وجه الداللة من هذه النصوص

ف هذا الدليل العقلـي وأيضا اإلنسان عندما يصر ،مة ملا أتى اهللا ا بصورة دليل عقلي املسل .أو وجه داللة النصوص على املسألة يكون ذلك أمت معرفة وأقوى تصديقا

فيتضح مما سبق أن الواجب التقيد بالنصوص الشرعية وبيان داللتها علـى املـسائل .االعتقادية وبيان اتفاق األدلة العقلية والنقلية على أصول االعتقاد

:العرب ومنطقهم االلتزام بلغة : الضابط الثاين

يبني هلم مايريـد اهللا لمن رسول إال بلسان قومه اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ مايرسل .معرفته وأجيب عليهم عمله منهم وما

١٧٦

فكل قوم يتكلمون بلغة يتفامهون بينهم ا ويتنـاقلون املعلومـات مـن خالهلـا مـن لـه د منهم مايقالويوضحون مايريدون وخيربون مبا يبطنون، وباملقابل يفهم كل واح

.احلق من الباطلهى الوسيلة إىل إيصال العلم ومعاين اخلطاب ليميز خالل هذه اللغة، فاللغة وكل لغة من اللغات هلا خصائصها اليت متيزها عن اللغة األخرى فال تنـزل قواعد

.أساليبها على أساليبها لغة على لغة، والـ اليت نـزل ا القرآن الكرمي من عنـد اهللا فاللغة العربية هي أشرف اللغات وهي

ـ صلى اهللا عليه وسلمـ على نبيه حممد ـ عز وجل للعرب بلغتهم ففهمـوا ة الذي بلغ أشرف اللغات اجلامعة ألكمل مراتب البيان املبينة ملا "اخلطاب وآمنوا به وعرفوا حقيقته،فهي

.)١(" لفظ وأكمل تعريفهجوأتتصوره األذهان ب واحلاجة إمنا تدعو إىل تعلم اللغة العربية ألن املعاين فطرية عقلية ":ويقول رمحه اهللا

حتتاج إىل اصطالح خاص خبالف اللغة املتقدمة اليت حيتاج إليها يف معرفة ماجيب معرفتـه الث من املعاين فإنه ال بد فيها من التعلم وهلذا كان تعلم العربية اليت يتوقف فهم القرآن واحلدي

. )٢("عليها فرضا على الكفاية خبالف املنطقتاج إىل لغة ختـرج هـذه حتوإمنا منطق اليونان، حيتاج فيها إىل املعاين فطرية عقلية ال ف

ن أن وبي ،يناسبها ال يناسبها وتدع ما املعاين الفطرية وتبينها غاية البيان وتأخذ من املعاين ما .لغة القرآن وا يعرف وتعرف السنة النبويةاللغة العربية جيب تعلمها ألا

:ويتضمن الكالم يف هذا الضابط ثالثة امور هي .جماز فيها ـ اللغة العربية كلها حقيقة ال أ .هل ظاهر النص مراد؟ ـ ب .ج ـ املوقف من األلفاظ املة

:وفيما يلي بيان كل أمر على حدة

ــــــــــــــــــــــــــــ ). ١٧٨ص (لرد على املنطقيني ا )١( ). ١٧٨ص (الرد على املنطقيني )٢(

١٧٧

:احلقيقة واجملاز )أ( ما التفصيل يف ذلـك فـسيكون يف أوسيكون الكالم هنا بإجياز عن هذه املسألة و

.إن شاء اهللاـ الفصل الرابع :اخلالف يف احلقيقة وااز مشهور، وأشهر األقوال فيه ثالثة .ده يف اللغة والقرآن، وهو قول كثري من املتأخرينـ قيل بوجو١ ـ وقيل بوجوده يف اللغة دون القرآن، وهذا قول داود الظاهري وابنه حممد وابن ٢

حامد وأيب احلسن اجلزري وأيب الفضل التيمي وحممد بن خويزمنداد ومنـذر بـن سـعيد .البلوطي وغريهم

.)١(ل أيب إسحاق اإلسفراييين وغريهـ وقيل بعدم وجوده يف اللغة والقرآن،وهو قو٣ : والقول األخري هو الذي ارتضاه شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحـه اهللا وذلـك ألمـور

كـن ليس ملن فرق بينهما فرق معقـول مي له إذ حقيقة ـ أن التقسيم إىل حقيقة وجماز ال .)٢(التمييز به بني النوعني والتعريفات اليت ذكروها لكل منهما غري دقيقة

ـ أن التقسيم حادث يف كالم املتأخرين بعد القرون الثالثة مل يتكلم به أحد من الـصحابة وال التابعني وال األئمة املشهورين، وأن الغالب أن هذا حادث من جهة املعتزلة وحنوهم من

.)٣(املتكلمني جعل عامة القرآن جمازا كما ":ملا يف هذا التقسيم من مفاسد،واليت يبينها رمحه اهللا بقوله ـ

صنف بعضهم جمازات القراءات وكما يكثرون من تسمية القرآن جمازا، وذلك يفهم ويوهم ذكروه من املعاين صحيحا فكيف وأكثر هـؤالء جيعلـون املعاين الفاسدة، هذا إذا كان ما

أثبته اهللا من املعاين الثابتة ويلحدون يف أمساء اهللا وآياته كمـا جمازا وينفون ما ماليس مبجاز .)٤("وجد ذلك للمتوسعني يف ااز من املالحدة أهل البدع

وهذا التفريق اصطالح حـادث مل اذا كان الرتاع لفظيا " : رمحة اهللاـ ويقول عليه لفاظ كان املتكلم باأل:صحابة والتابعون وال السلفاألمم وال ال يتكلم به العرب وال أمة من

ــــــــــــــ

). ٨٥ص (اإلميان : انظر )١( ). ٩٢ص (اإلميان : انظر )٢( ). ٨٤ـ٨٣ص (اإلميان : انظر )٣( ). ٢٠/٤٥٨ (، ضمن الفتاوىاحلقيقة وااز )٤(

١٧٨

اصطالح حادث لو مل املوجودة اليت تكلموا ا ونـزل ا القرآن أوىل من التكلم ب يكن فيه مفسدة وإذا كان فيه مفاسد كان ينبغي تركه لو كان الفرق معقوال، فكيـف إذا

كان الفرق غري معقول وفيه مفاسد شرعية وهو إحداث يف اللغة كان باطال عقال وشـرعا ع متييز فيه هذا عن هذا، وإما الشرع فإن فيه مفاسد يوجب الـشر ولغة، أما العقل فإنه ال

.إزالتها، وإما اللغة فألن تغري األوضاع اللغوية غري مصلحة راجحة بل مع وجود املفسدة من املفاسد أن لفظ ااز املقابل للحقيقة سواء جعل من : وما املفاسد؟ قيل :فإن قيل

ة قعوارض األلفاظ أو من عوارض االستعمال يفهم ويوهم نقص درجة ااز عن درجة احلقي ن اهللا تعاىل لـيس بـرحيم إ: المات ااز صحة إطالق نفيه، فإذاقال القائل سيما من ع ال

:والبرمحن الحقيقة بل جماز إىل غري ذلك مما يطلقونه على كثري من أمسائه وصفاته، وقـال ومعلوم أن ... حقيقة كما ذكر هذا اآلمدي من العموم املخصوص جماز إله إال اهللا جماز ال ال

املنكرات يف الشرع وقائله يستتاب فإن تاب وإال قتل أقرب منه إىل أن هذا الكالم من أعظم .)١("سلمني املجيعل من علماء

ففي اللغـة فهو يبني رمحه اهللا أن هذا االصطالح فيه مفاسد يف اللغة والعقل والشرع، .تفهم إال وفق مرادهم فتصبح لغة خاصة ري ألوضاعها مما جيعلها اليتغ

بني احلقيقـة واـاز ـ على تفريقهم ـ مييز العقل فإن العقل الد يف أما املفاسو ملا ثبت يف الكتاب والسنة ذه الدعوى، همنفيف الشرع وأما املفاسد يف فال يستقر علم فيه،

ل إىل الكفر املستحل لدم صاحبهبل قد توص. ميكن نفيها، ولكـن فيجب االلتزام بأن اللغة العربية مجيع عباراا على احلقيقة ال

ساليب والسياق مث إن اللغة تتنوع فيها األ ميكن نفي اخلرب الوارد ال نفي املعىن مع صحة اخلرب .و املوقف يدل على مراد املتكلمأ

ــــــــــــــ ). ٤٥٦ـ٢٠/٤٥٤ ( الفتاوى ضمن، احلقيقة وااز )١(

١٧٩

:األخذ بظاهر النص )ب( فال بـد فيها ال ميكن األخذ بظاهر اللفظ كثريا من النصوص يرى أن اازمن قال ب

.ال ميكن محله على احلقيقة فيحمل على املعىن اازي ألنهمن تأويل النص يعتمد علـى املعىن من النص كامال وال والصحيح أن اللغة العربية لغة تعبريية يؤخذ

ظ املفرد، بل ال بد من مجلة يفهم فيها عن طريق اللف ةاأللفاظ املفردة فال ميكن إيصال املعلوم .املراد

وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص املتنـازع يف ":يقول ابن تيمية رمحه اهللا معناها من جنس ظاهر النصوص املتفق على معناها والظاهر هو املراد يف اجلميع، فـإن اهللا

، واتفق أهل السنة وأئمة املسلمني تعاىل ملا أخرب أنه بكل شيء عليم وأنه على كل شيء قدير كان من املعلوم أم مل يريدوا ذا الظاهر أن ،على أن هذا على ظاهره وأن ظاهر ذلك مراد

حيبـهم : فكذلك إذا قالوا يف قولـه تعـاىل ... يكون علمه كعلمنا وقدرته كقدرتنا مث استوى علـى : وقوله ، ]١١٩املائدة،[رضي اهللا عنهم ورضواعنه ، ]٥٤املائدة،[وحيبونه أنه على ظاهره مل يقتض ذلك أن يكون ظاهره اسـتواء كاسـتواء ،]٥٤األعـراف، [العرش

.املخلوق، والحبا كحبه، والرضا كرضاهفإذا كان املستمع يظن ظاهر الصفات متاثل صفات املخلوقني لزمه أن ال يكون شيء

يليق باخلالق وخيتص به مل يكن لـه من ظاهر ذلك مرادا، وإن كان يعتقد أن ظاهرها هو ما وبيان هذا أن صفاتنا منها ماهي أعيان وأجسام وهي أبعاض لنا كالوجه ... نفي هذا الظاهر

.واليد، ومنها ماهي معان وأعراض وهي قائمة بنا كالسمع والبصر والكالم والقدرةـ ،مث إن من املعلوم أن الرب ملا وصف نفسه بأنه حي عليم قدير ن إسلمون مل يقل امل

فإذاكانـت نفـسه ... ظاهر هذا غري مراد ألن مفهوم ذلك يف حقه مثل مفهومه يف حقنا املقدسة ليست مثل ذوات املخلوقني فصفاته كذلك ليست مثل صفات املخلوقني، ونـسبة

املنـسوب إليـه صفة املخلوق إليه كنسبة صفة اخلالق إليه، وليس املنسوب كاملنسوب وال ترون ربكم كما تـرون الـشمس ( : صلى اهللا عليه وسلم قال النيب كاملنسوب إليه كما

.)٢(" فشبه الرؤية بالرؤية ال املرئي باملرئي)١ ()والقمر

ــــــــــــــــ .سبق خترجيه )١( ). ٧٨ـ٧٦ص (التدمرية : انظر )٢(

١٨٠

:على أمور يشتمل كالمه واؤه هللا وذلك من خالل املعىن ينكر بل جيب إبق ـ أن ظاهر النصوص مراد وأنه ال ١

الكلي املشترك دون أخذ حقيقة املعىن يف املخلوق، ألن اإلنسان إذا توهم أن الظـاهر هـو .حقيقة املعىن يف املخلوق جيب أن ال يكون الظاهر مرادا عنده

.يقال بالتماثل ـ مع إثبات أن الظاهر مراد ولكن ال٢ .ده التمثيل فاضطر إىل ردهن رد الظاهر دليل على أن الظاهر عنأـ ٣ ـ أن الصفة حبسب املوصوف فكل صفة تناسب املوصـوف ـا وإن متاثلـت ٤

.أمساؤها فصفة املخلوق تناسبه وصفة اخلالق تناسبه الختالف ذات اخلالق عن املخلوقـ استدل حبديث الرؤية وأن التشبيه احلاصل يف الرؤية ليس يف املرئي حىت يدفعون ٥

.نهالظاهر ويردو .مث يبني رمحه اهللا موطن اخلطأ فيمن رد الظاهر وكيفية تعاملهم مع النصوص ، يغلطون من وجهـني )١(ذلك والذين جيعلون ظاهرها" : رمحة اهللاـ يقول عليه

تارة جيعلون املعىن الفاسد ظاهر اللفظ حىت جيعلوه حمتاجا إىل تأويل خيالف الظاهر وال يكون .ه باطلنعىن احلق الذي هو ظاهر اللفظ العتقادهم أوتارة يردون امل. كذلكـ الوا يف قولـه قفاألول كما عبـدي جعـت فلـم (: لى اهللا عليـه وسـلم ـ ص

: ، وقوله )٣ ()...احلجر األسود ميني اهللا يف األرض ( : ويف األثر األول )٢(احلديث)...تطعميناحلجـر (: يث الواحـد فقولـه أما احلد... )٤()صبعني من أصابع الرمحن اقلوب العباد بني (

صـريح يف أن )األسود ميني اهللا يف األرض فمن صافحه وقبله فكأمنا صافح اهللا وقبل ميينـه : وقـال )ميـني اهللا يف األرض (هو نفس ميينه ألنه قال احلجر األسود ليس هو صفة اهللا وال

شبه به ففي نـص ومعلوم أن املشبه غري امل )فمن قبله وصافحه فكأمنا صافح اهللا وقبل ميينه (احلديث بيان أن مستلمه ليس مصافحا هللا وأنه ليس هو نفس ميينه فكيف جيعـل ظـاهره

وهذا صريح يف أن اهللا مل ميرض ومل ... ما احلديث اآلخر فهو يف الصحيح مفسرا أو... كفرا :جيع ولكن مرض عبده وجاع عبده فجعل جوعه جوعه ومرضه مرضه مفسرا ذلك بأنك

ــــــــــــــــــــــــــــ . أن ظاهر النصوص التمثيل )١( ). ٢٥٦٩ (رقم ) ٤/١٩٩٠ (،كتاب الرب والصلة واالداب ، باب فضل عيادة املريض مسلمرواه )٢(وضعفه االلباين ) ٦/٣٩٧( ضعفه ابن تيميه انظر جمموع الفتاوى ) ٣/٤١٠ (فيض القدير ذكره املناوي يف )٣(

).٢٢٣( قم ،ر١يف السلسلة الضعيفة ج ). ٢٦٥٤ (رقم ) ٤/٢٠٤٥ ( كتاب القدر ، باب تصريف اهللا تعاىل القلوب كيف شاء ، ، مسلمرواه )٤(

١٨١

:ما قوله أو. فلم يبق يف احلديث لفظ حيتاج إىل تأويل )...لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ( ل باألصابع فإنه ليس يف ظاهره أن القلب متص )صبعني من أصابع الرمحن اقلوب العباد بني ( .يقتضي مباشرته ليديه يف قول القائل هذا بني يدي ما مماس هلا وال أا يف جوفه، وال والمل يقـتض أن يكـون ،]١٦٤البقرة،[والسحاب املسخر بني السماء واألرض وإذا قيل مل ومما يشبه هذا القول أن جيعل اللفظ نظريا ملا ليس مثله كما قي …ا للسماء واألرض ماس

اومل ، فقيل هو مثل قولـه ]٥٥ص،[مامنعك أن تسجد ملا خلقت بيدي : يف قوله تعاىل ، فهذا ليس مثل هذا ألنه هنـا أضـاف ]٧١يس،[يروا أنا خلقنا هلم مما عملت أيدينا أنعاما

، وهناك أضاف ]٣٠الشورى،[فبما كسبت أيديكم : الفعل إىل األيدي فصار شبيها بقوله وأيضا فإنه هناك ذكر نفسه املقدسـة ىديب مث قال تقلا خ م ل :الفعل إليه فقال

ــه ــة كمــا يف قول ــدين ذكــر لفــظ التثني ــرد ويف الي ــصيغة املف ــداه : ب ــل ي بجتـري : ،وهنا أضاف األيدي إىل صيغة اجلمـع فـصار كقولـه ]٦٤املائدة،[مبسوطتان .)١("...]١٤القمر،[بأعيننا

: مايأيت ويتضح من الكالم السابق :ـ خطأ من ظن أن ظاهر النصوص يقتضي التمثيل من وجهني ١ .أ ـ جعل هذا املعىن الفاسد هو ظاهر اللفظ فيحتاج إىل تأويل .هو ظاهر اللفظالذي ب ـ رد املعىن احلق م ينظرون إىل األلفاظ مفردة دون النظر إىل النص كامال، ألن معىن اللفـظ أـ ٢

.ر وكالمها حقخيتلف من نص إىل آخـ جيب النظر إىل النص كامال حىت يعرف ظاهره ال االعتماد على األلفاظ املفردة ٣

.مما يبني عدم اقتضاء اللفظ للمعىن الفاسد .ـ الرجوع يف معرفة النصوص وظواهرها إىل اللغة العربية وأساليبها واستخداماا٤

هر النصوص وذلك من خالل فمما سبق يتضح أن أهل السنة واجلماعة يأخذون بظا النظر يف النص كامال وفق أساليب اللغة العربية وإنـزال األلفاظ منازهلا، وأن االشتراك يف ظاهر النصوص يكون يف املعاين الكلية دون ماخيص املوصوف عند اإلضافة والتخـصيص،

ـ ى املخلـوق فظاهر اللفظ إذا خص به اهللا فهذا معىن يليق به وإن أطلق نفس اللفظ علفاللفظ الكلي ارد من اإلضافة والتخصيص ال حرج فيه يف املشاة ولكن عنـد تقييـده

.خيتلف كل منهما حبسب ذاته ــــــــــــــ

١٨٢ ). ٧٦ـ٦٩ص (التدمرية : انظر )١(

:األلفاظ اجململة )ج( :األلفاظ نوعان .ناهـ لفظ ورد يف الشرع وهذا جيب اإلميان به وإن مل يفهم مع١ ـ ت وق ثبـ لفظ مل يرد الشرع به فهذا يعرف مراد قائله فإن كان حقا أ ٢ ل، وإن ب

كان باطال رد١(في ون(. من أكرب أسباب الـضالل يف يـ وه املة لفاظوالنوع الثاين وهو مايسمى باأل :مبا يوافق مقاصدهم وهذا يتضمن ثالثة امور ـ يفسروا العقيدة .إثباتا نفيا وال حمدثة مل ترد يف الشرع الألفاظخدام است ـ أـ تفسريهم هلذه األلفاظ مبا خيالف اللغة العربية، فمن هذه األلفـاظ يف اللغـة ب

ـ اهللا حق تصح يف العربية مايرد مطلقا كاجلسم والتركيب فإن هلا معاين يف لغة العرب ال تدخل يف هذا املصطلح ةلوا هناك معاين حقولكنهم ملا خالفوا اللغة وجعـ سبحانه وتعاىل

.توقف أهل السنة يف اإلثبات والنفيسواء كان هذا الـالزم له يلزم ـ نظروا حلقيقة اللفظ يف املخلوق وشروطه وما ج

اتصف به املخلوق جيب نفيه عن اهللا،فمثال اجلسم جيوز فكل ما م ال أجيوز إطالقه على اهللا منها أنه ماتركب من غريه أو ماركبه غريه أو مايشار إليـه أو ؛لة وباط ةله معاين حق جعلوا

ما األوالن فال أالقائم بنفسه، وهذان املعنيان األخريان صحيحان يف حق اهللا سبحانه وتعاىل و .جيوز إطالقهما على اهللا

لـى قبل ع ترد وال ت الف ا يريدو يتىن ال اععن امل إذن األلفاظ املة جيب أن يستفصل ومما يدل علىهذا املعىن قاحلرد يباطل منهم أو القبل ي قد ه يف لغة العرب، ألن وفرعاملعىن امل

لفظ اجلهة قد يراد به شيء موجود غري اهللا فيكون خملوقا كما إذا ":قول ابن تيمية رمحه اهللا كمـا إذا ليس مبوجود غري اهللا أريد باجلهة نفس العرش أو نفس السموات، وقد يراد به ما

نفيه كمـا فيـه ومعلوم أنه ليس يف النص إثبات لفظ اجلهة وال ، أريد باجلهة مافوق العامل فيقال ملن نفى اجلهة أتريد باجلهة ... إثبات العلو واالستواء والفوقية والعروج إليه وحنو ذلك

فال ريب أا شيء موجود خملوق فاهللا ليس داخال يف املخلوقات أم تريد باجلهة ماوراء العامل .)٢ ("...أن اهللا فوق العامل بائن من املخلوقات

ــــــــــــــــــ ) . ٦٥ص (التدمرية : انظر ) ١(

١٨٣

). ٦٦ـ٦٥ص (التدمرية )٢(

:االلتزام بقياس األوىل ودليل اآليات : الضابط الثالث نـا فيه يف باب االحتجاج بقياس الغائب على الشاهد وذكر الكالم عليه وهذا سبق

.اتني الصورتني فريجع إليههناك السبب يف التزامهم :عدم خمالفة ماثبت يف الكتاب والسنة يف األمور اليت مل يرد فيها نص:الضابط الرابع

وهذا الضابط تابع للضوابط السابقة وخاصة الضابط الثالث وذلك أن من األلفـاظ ولكن مل تـرد يف الكتـاب أو ـ سبحانه وتعاىل ـ ماتكون معانيها صحيحة يف حق اهللا

خيالف املعاين الثابتة يف الكتاب والـسنة، وإذا كانـت السنة، وأيضا إثبات هذه املعاين ال بل يثبت احلق وينفـى الباطـل تنفى مطلقا وال تثبت مطلقا األلفاظ تشتمل حقا وباطال ال

.منهايطلق عليه مـن وقيفي وما يطلق عليه يف باب األمساء والصفات ت ما" : يقول ابن القيم

.)١("جيب أن يكون توقيفيا كالقدمي والشيء واملوجود والقائم بنفسه األخبار ال .فهو يبني رمحه اهللا تعاىل أن باب األخبار واسع فيطلق على اهللا مايكون معناه صحيحا

يف اللغة ى اهللا مبا صح معناه سموالناس متنازعون هل ي " : ويقول ابن تيمية رمحه اهللا يطلق إال ما أطلق نص أو إمجاع؟ والعقل والشرع وإن مل يرد بإطالقه نص وال إمجاع، أم ال

نص يف إطالقه وال إمجاع كلفظ القـدمي ال على قولني مشهورين وعامة النظار يطلقون ما خيرب به عند عى ا وبني ما دوحنو ذلك ومن الناس من يفصل بني األمساء اليت ي … والذات

مـا إذا أو) وهللا األمساء احلـسىن (:حلاجة فهو سبحانه إمنا يدعى باألمساء احلسىن كما قاله ا.. ذات قائمة بنفـسها موجود وال احتيج إىل اإلخبار عنه مثل أن يقال ليس هو بقدمي وال

وحنو ذلك فقيل يف حتقيق اإلثبات بل هو سبحانه قدمي وموجود وهو ذات قائمـة بنفـسها .)٢("… قيل بل هو شيء فهذا سائغ ،ءوقيل ليس بشي

).شيء(فمثال األمساء اليت جيوز اإلخبار ا عن اهللا دون تسميته ا لفظة يريد ذا أنه يطلق على اهللا مقال أنه شيء وكذلك صفاته وليس معىن ذلك ":يقول الغنيمان

عن صفاته بأـا أن الشيء من أمساء اهللا احلسىن ولكن خيرب عنه تعاىل بأنه شيء وكذا خيرب .)٣("نه شيءإشيء ألن كل موجود يصح أن يقال ــــــــــــــ

). ١/١٦٢ (بدائع الفوائد )١( ). ٣٠١ـ٩/٣٠٠ (الفتاوى )٢(

١٨٤ ). ١/٣٤٣ (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري )٣(

يعرف عـامل ال":رمحه اهللا تعاىلـ يقول ابن تيمية ،صفة اجلنبومما ينفى عن اهللا

طائفة مشهورة من طوائف املسلمني أثبتوا هللا جنبا نظري جنـب مشهور عند املسلمني وال حسرتا على مافرطت يف أن تقول نفس يا : اللفظ جاء يف القرآن يف قوله اإلنسان، وهذا

فليس يف جمرد اإلضافة مايستلزم أن يكون املضاف إىل اهللا صفة له بل ،]٥٦الزمـر، [جنب اهللا اخللق كقوله ليس بصفة له باتفاق ه من األعيان املخلوقة وصفاا القائمة ا ما قد يضاف إلي

ويف القرآن مايبني أنه ليس املراد باجلنب ما هو نظري جنب اإلنسان فإنه ... ناقة اهللا تعاىل والتفريط ليس يف شيء مـن حسرتا على مافرطت يف جنب اهللا أن تقول نفس يا :قال

يريد به أن فالن قد فرط يف جنب فالن أو جانبه ال :واإلنسان إذا قال صفات اهللا عز وجل .)١ ("...نه فرط يف جهته ويف حقه له أ بل يريدهالتفريط وقع يف شيء من نفس

والتفريط فعل أو ترك فعل وهذا ال يكون قائما بذات " : بقوله هذا الكالم ابن القيم ويبني .)٢(" منفصال عن اهللا وهذا معلوم باحلس واملشاهدةيف غريه بل يكون يف جنب وال اهللا ال

جيـب يثبت هللا ألن فيه أن غري اهللا يفعل يف اهللا أو يترك ما فهنا يتبني أن اجلنب ال .جيوز، واآلية تبني أن هذا منفصل عن اهللا وصفات اهللا مالزمة له غري مفارقة فعله وهذا ال

ومما مل يرد ": اهللاـ رمحهيقول ابن عثيمني . وكذلك لفظ اجلهة ومجيع األلفاظ املة نفيه لفظة اجلهة، فلو سأل سائل هل نثبت هللا تعاىل جهة؟ قلنا له لفظ اجلهة مل يرد إثباته وال

مـا أثبت فيهما من أن اهللا تعاىل يف السماء و ه ما نيف الكتاب والسنة إثباتا والنفيا ويغين ع . علو حتيط باهللا أو جهة علو الحتيط بهمعناه فإما أن يراد به جهة سفل أو جهة

اطل ملنافاته لعلو اهللا تعاىل الثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة واإلمجاع، بفاألول والثالث حـق والثاين باطل أيضا ألن اهللا تعاىل أعظم من أن حييط به شيء من خملوقاته،

.)٣("يء من خملوقاتهحييط به ش اهللا تعاىل العلي فوق خلقه وال ألن أن السبب يف رفضنا للمعىن األول والثاين ملعىن اجلهـة ـ ه اهللا ـ رمحفهو يوضح

مـا أخمالفته ملا ثبت يف النصوص بل والعقل والفطرة من إثبات علو اهللا وأنه مباين خللقـه و هـو هو حق ويترك مـا فيثبت ماـ سبحانه وتعاىل ـ الثالث فهو صفة كمال تثبت هللا

.وهكذا يف كل معىن صحيح ورد يف الكتاب والسنة أم مل يرد باطل،

ــــــــــــــ

١٨٥ ). ١٤٦ـ٣/١٤٥ (اجلواب الصحيح )١( ). ١/٢٥٠ (الصواعق املرسلة )٢( ). ٤٠ص (القواعد املثلى )٣(

١٨٦

: الضابط اخلامس :االقرار بأن التشابه حيصل يف املعىن املشترك دون احلقائق والكيفيات

التشابه يف املعىن حلصول املعرفة فإن املعاين كما تقدم يف الفصل السابق بأمهية وجود اليت تدل عليها وخيتلف معناها لفاظفطرية عقلية يف العقل واللغة تستخدم من هذه املعاين األ

.عند إضافتها وختصيصهاـ القدر املشترك الكلي ال " :ويقصد باملعىن املشترك أنه ارج إال معينـا يوجد يف اخل

مقيدا وأن معىن اشتراك املوجودات يف أمر من األمور هو تشاها من ذلك الوجه، وأن ذلك املعىن العام يطلق على هذا وهذا ال أن املوجودات يف اخلارج يشارك أحدها اآلخر يف شيء

.)١("موجود فيه بل كل موجود متميز عن غريه بذاته وصفاته وأفعالهما يف اخلارج فهذا املعـىن يتميـز أ يكون إال ذهنيا و عىن املشترك ال فهذا يبني أن امل

حبسب املضاف إليه، فالتشابه يف املعىن الكلي وليس مبا يتميز به عند اإلضافة وقد يظن الظان حجة فيما ينفيه من الصفات حـذرا مـن له أن هذا من باب التشبيه الباطل فيجعل ذلك

نه ال بد من إثبات هذا على كل تقدير فيجيب به فيما يثبت ملزومات التشبيه وتارة يتفطن أ .)٢(من الصفات ملن احتج به من النفاة

فال مانع كان حقا وكماال فأهل السنة واجلماعة ينظرون إىل املعىن الكلي املشترك فإذا ـ أثبته اهللا من األمور الغيبية وال من وصف اهللا به أو إثبات ما ـا ينظـرون إىل كيفياا أل

.حجبت عنهمن القدر املشترك هو مسمى الوجود أو املوجود أو احليـاة إ" : يقول ابن تيمية رمحه اهللا

أو احلي أو العلم أو العليم أو السمع والبصر أو السميع والبصري أو القدرة أو القدير والقدر اشتراك ال فيما خيتص خيتص بأحدمها دون اآلخر فلم يقع بينهما املشترك مطلق كلي ال

به أحدها ميتنـع اشـتراكهما باملمكن احملدث والفيما خيتص بالواجب القدمي فإن ماخيتص صفةكمال كالوجود واحلياة والعلم والقـدرة فيه،فإذا كان القدر املشترك الذي اشتركا فيه

يدل على شـيء مـن يدل على شيء من خصائص املخلوقني كما ال ومل يكن يف ذلك ما ص اخلالق مل يكن يف إثبات هذا حمذور أصال بل إثبات هذا من لوازم الوجود فكـل خصائ

... ومن نفى هذا لزمه تعطيل وجود كل موجود،موجودين ال بد بينهما من مثل هذا

ـــــــــــــــــ . ) ١٢٨ص (التدمرية )١( . ) ١٢٩ص (التدمرية : انظر )٢(

١٨٧

عنها ليست من لوازم ذلك أصال بل تلك من ربجيب تنـزيه ال وخصائص املخلوق اليت ـ سـبحانه وتعـاىل ـ لوازم ماخيتص باملخلوق من وجود وحياة وعلم وحنو ذلك واهللا

.)١("منـزه عن خصائص املخلوق وملزومات خصائصهكان املعىن خيص املخلوق أو اخلالق فإذا يف املعىن العام الكلي دون ما يكون فاالشتراك

.إىل اهللا سبحانه مبا يستحقه وإذا أضيف إىل املخلوق أيضا يضاف مبا يستحقهحقا أضيف املشترك هذا يف باب أمساء اهللا وصفاته بل حىت يف املخلوقات الغيبية فإنه لوال هذا القدر

املعاين دون الكيفيات، وهذا الـذي يهـم املطلوب معرفته و، شيئا منها اإلنسان ملا عرف . ه يف الدنيا واآلخرةفيه سعادتهو ما واإلنسان أخربنا عما يف اجلنة من املخلوقـات ـ سبحانه وتعاىل ـ فإن اهللا ": يقول ابن تيمية

من أصناف املطاعم واملشارب واملالبس واملناكح واملساكن فأخربنا أن فيها لبنـا وعـسال .ومخرا وماء وحلما وفاكهة وحريرا وذهبا وفضة وحورا وقصورا

ليس يف الدنيا شيء مما يف اجلنة إال األمساء : رضي اهللا عنهما ـ ن عباس وقد قال اب فإذاكانت تلك احلقائق اليت أخرب اهللا عنها هي موافقة يف األمساء للحقائق املوجودة يف الدنيا

سبحانه وتعـاىل ـ ال يعلمه إال اهللا تعاىل فاخلالق وليست مماثلة هلا بل بينهما من التباين مافالسلف واألئمة وأتباعهم آمنوا ... باينة للمخلوقات من مباينة املخلوق للمخلوق أعظم م ـ

يف يف الدنيا وبني ما مبا أخرب اهللا به عن نفسه وعن اليوم اآلخر مع علمهم باملباينة اليت بني ما )٢("اآلخرة وأن مباينة اهللا خللقه أعظم

علم لنا ـا، ألن إثبـات حلقائق اليت ال فهنا يتضح أن الكالم يف املعاين لألمساء دون ا بد أن يدل على قدر مشترك نثبته من األمساء والصفات فال كل ما :"ـالقدر املشترك مهم ف

اختص اهللا به وامتاز عن تتواطأ فيه املسميات ولوال ذلك ملا فهم اخلطاب ولكن نعلم أن ما .)٣("خلقه أعظم مما خيطر بالبال أو يدور يف اخليال

األمساء اليت أوردها الشارع يف اليوم اآلخر أو يف أمساء اهللا وصفاته هي حـق فكل تتدخل يف كيفيتها مثل الصراط وامليزان واحلوض واجلنة والنار معانيها ولكن ال وتثبت هلا

نستطيع وغريها، فكل من هذه األمساء معلومة املعىن، بل أن مما يرد فيه النايف هلذه األشياء ما .ل عليه وخاصة يف هذا الزماناالستدال

ــــــــــــــــــــــــــــ ). ١٢٧ـ١٢٥ص (التدمرية )١( ). ٤٧ـ٤٦ص (التدمرية )٢(

١٨٨ ). ٤٣ـ٤٢ص (التدمرية )٣(

١٨٩

كيف تنقلب األعراض أعيانا أو كيف توزن : وقال ،فمثال عندما نفى البعض امليزان والرطوبة أليست أعراضا وهي مع ذلك توزن احلرارة والربودة واليبوسة : له يقالاألعراض؟

فما دام هذا األمر حق يف الدنيا فهو من باب أوىل يف اآلخـرة دون ؟وهلا موازين خاصة ا .تعرض للكيفية ال

له قدر مشترك معروف ولكن الزمان خيتلف بـاختالف اإلضـافة، ) الزمان(بل إن لزمن، بل خيتلف ألن زماننا نقيسه فالزمن الذي خلقت فيه السموات واألرض ليس هو هذا ا

ما قبل خلقهما فال نعرف مباذا يقاس ولكن نثبت الزمان، بـل إن أبدورة الشمس والقمر و الزمان املوجود اآلن بني املخلوقات خيتلف باختالفها فلكل خملوق زمان خيصه وقدر مهم له

وهـذا مـا يء بالبط، فالزمان لإلنسان هو املرتبط بدورة الشمس والقمر ليس بالسريع وال يفيده وجيعله يستفيد من وقته، أما الكائنات الصغرية فيختلف زماا وتغرياته، هذا الكـالم أثبته مؤخرا الدكتور أمحد زويل احلاصل على جائزة نوبل يف هذه القضية والـذي ميكـن

واخللية إننا نعلم أن املادة من جزيئات واإلنسان يتنفس جزيئات ":مبا يلي تلخيص اكتشافه اليت يتكون منها جسم اإلنسان عبارة عن جزيئات والعامل مهووس ذا العلم اخلطري منـذ

.سنوات طويلة ٢+ يتكون من ذرة أكسجني يء واجلز يءوأضرب مثاال نقطة املاء تتكون من جز

ملح الطعـام ، ذرة كلوريد + ذرة هيدروجني، وملح الطعام مثال يتكون من ذرة صوديوم من ملح الطعـام هـذا يءيستطيع أن يعيش بدونه، لو شطرت اجلز ن اإلنسان ال شك أ ال

له هذا يءفاجلز... وجعلت ذرة صوديوم مثال بدون ذرة الكلوريد وأعطيتها اإلنسان ملات حياة طبيعية كاملة .. حياة كاملة ويتزوج بعضه البعض وينفصل وله حركة ويصاب باملرض

نشعر ـذه يأخذ وقتا من الزمن ولكننا ال يءم به اجلز مثل حياة اإلنسان، وأي نشاط يقو .. يشعر حبركة األشياء إال يف زمن معني، فزمن اإلنـسان سـاعات احلياة ألن اإلنسان ال

ثوان لكن هذه اجلزيئات تعيش نفس احلياة اليت نعيشها حنن البشر لكن بوقت سريع .. دقائق .)١("...، هذا وقت زمين البشر مل يعرفوهجدا وهو واحد على مليون من املليون من الثانية

املعىن الكلي وهو املقدار فقط ال من خالل يعرف إال ا زمن على ظاهر األرض ال ذفه أن أهل قصود من هذا املبحث إثبات فاملخللق الشمس والقمر، غري، فكيف بالزمان السابق

.هللا أعلموا. ق هذه الضوابطفالسنة واجلماعة يتكلمون ذا القياس و ــــــــــــــ

). ٩ص ( هـ ، ١٦/٧/١٤٢٠يف ) ١٤١( العدد األسبوع صحيفة )١(

١٩٠

الفصل الرابع يف قياس الغائب على الشاهد أسباب اخلطأ والضالل

:وفيه ستة مباحث

االبتعاد عن معرفة طريق القرآن يف قياس الغائب : املبحث األول على الشاهد

.واستخداماته

.االلتزام مبنطق اليونان : الثاين املبحث

.الدخول يف القياس بفكرة مسبقة : املبحث الثالث

.ردود الفعال: املبحث الرابع

.تقسيم اللغة إىل حقيقة وجماز: املبحث اخلامس

. دفع األمور الضرورية وجعلها أمورا استداللية: املبحث السادس

١٩١

الفصل الرابع يف قياس الغائب على الشاهد لأسباب اخلطأ والضال

ومن خـالل هـذه أن اإلنسان يتلقى معلوماته من خالل احلس واخلرب، سابقا تقدم ن خالل إنـزاهلا علـى مكذا أودقها اليت حيكم على ص و لية،الك اياقضاملعلومات يكون ال

.و خمالفتها له أالواقع ومعرفة مدى موافقتها هلذا الواقع بـد مـن هو باطـل، وال هو صحيح ومنه ما الشاهد منه ما وقياس الغائب على

. االعتماد على الشاهد إلثبات حكم يف الغائبواألقيسة اليت يستعملها الفالسفة يف علومهم وجيعلوا كلية كلها " : يقول ابن تيمية

علموه من صفات األمور الشاهدة مث قاسـوا يعتضدون فيها باألمثلة وليس مع القوم إال ما لغائب على املشاهدة به باجلامع املشترك الذي جيعلونه كليا فإن مل يكن هذا صـحيحا مل ا

اخلبز ” :غاب عنه حىت قوله يكن مع أحد من أهل األرض علم كلي يشترك فيه ماشهده وما ن أ وحنو ذلك فإنه مل يعلم حبسه إال أمورا معينة فمن أيـن لـه ” واملاء يروي ” ،” يشبع

لشاهد إال ذه الطريق؟ اإلنسان قد ينكر أمرا حىت يرى واحدا من جنـسه الغائب مبنـزلة ا .)١("فيقر بالنوع ويستفيد بذلك حكما كليا

مـن أعظـم "،ألنهألي انسان االنفكاك منه ميكن قياس الغائب على الشاهد ال ف ـ صفات العقل معرفة التماثل واالختالف فإذا ذا رأى الشيئني املتماثلني علم أن هذا مثل ه

.)٢("فجعل حكمهما واحداليت او فالعقل يعتمد على احلس يف تكوين القضية الكلية اليت حيصل من خالهلا العلم،

لوالها الحتاج اإلنسان أن يرى اجلزيئات كلها وهذا متعذر،وحىت لو مت ذلك فـإن العلـم حيصل ألن العلم احلقيقي هو معرفة احلكم العام املعتمد على ال

والذي من خالله يتم العلم واحلكم ” احلد األوسط ” صف املشترك بني األشياء الو .على األشياء مبا يناسبها والتوصل إىل املراد بأقصر طريق

يأخذ حكما واحدا بل منه ما من خالل ذلك يتضح أن قياس الغائب على الشاهد ال .هوباطل ولكن األمر حبسب املستخدم له هو حق ومنه ما

ــــــــــــــ

.) ٣٦٩ص (الرد على املنطقيني )١( .) ٣٧١ (الرد على املنطقيني ) ٢(

١٩٢

ألسباب الرئيسة اليت أدت إىل ذلك مـن خـالل علـوم عرض ل يف هذا الفصل و : يف أمور اليت تتمثل و. ايقينية وأن غريها ظينأاملخالفني اليت يرون

.رمي يف قياس الغائب على الشاهد واستخداماتهاالبتعاد عن معرفة طريق القرآن الك )١( .االلتزام باملنطق اليوناين )٢(ياس ورده حبـسب القـول ال قشوا على صراط مستقيم بل صار قبول ال أم مل مي )٣(

.حبسب مايستحقه القياس العقلي، أي الدخول يف القياس بفكرة مسبقة .ردود األفعال )٤( أل.زتقسيم اللغة إىل حقيقة وجما )٥()٦( استدالليةادفع األمور الضرورية وجعلها أمور .

١٩٣

املبحث األول يف قياس الغائب على الشاهد واستخداماته االبتعاد عن معرفة طريق القرآن الكرمي

ليعرفوا احلق من الباطـل ،نـزهلا اهللا إىل عباده أالقرآن الكرمي هو احلجة البينة اليت ورد ذكره يف القـران ،حدأفالعلم مطلب لكل ة دون تعقيد، نية الواضح يدلته العقلية اليق أب

يضف مبعناه املطلق إىل يف ذلك جند أن العلم مل إنعام النظر مثامنائة مرة، وعند من مايقارب .سبحانه وتعاىلـ اإلنسان وإمنا أضيف مقيدا، وأضيف مطلقا هللا

يتم مـن العلـم إال قلـيال أوت وما : فأضيف إىل اإلنسان مقيدا مرة بأنه قليل "،وأحيانا جاء مقيدا ]١١٣النساء،[وعلمك مامل تكن تعلم :وأحيانا بأنه من اهللا ،]٨٥االسراء،[

.)١(]"٧الروم،[يعلمون ظاهرا من احلياة الدنيا: بأنه يتعلق بظواهر األشياء فقط قال تعاىل ولكنها مل تـضف إىل اهللا ال أضيفت إىل اإلنسان مطلقة غري مقيدةـ فقد وأما املعرفة

ـ مقيدة وال فلعرفتهم بسيماهم : يقول تعاىل،مقرونة بعالمتها وموضوعها احلسي مطلقة مبعىن العالمات ) سيماهم(،فاملعرفة تأيت مقرونة بدليلها ]٣٠حممد،[ولتعرفنهم يف حلن القول

األشياء، أما العلـم مارات الظاهرة الواضحة، فاملعرفة تتعلق باألمور احملسوسة وظواهر واأل .فيتجاوز ذلك إىل بواطن األشياء ودقائقها

فاملعرفة قصر اهللا استعماهلا على الظواهر احملسوسة فقـط ولـذلك أضـافها إىل "اإلنسان مقرونة بدليل صدقها وهي األمارات املشاهدة احملسوسة يف الـشيء الـذي هـو

إلدراك احلسية يف اإلنسان، بينما مل تـضف يتناسب مع أدوات ا كموضوع املعرفة، ألن ذل قتصر على ظواهر األشياء فقط وإمنا يتجاوزهـا إىل بواطنـها ي إىل اهللا تعاىل ألن علم اهللا ال

.)٢("ودقائقهابني حرص القرآن على حترير املصطلحات وإثبات أـا وإن كانـت تفهذه املقدمة

كاملة على بعضها، مث أيضا اليضاح أن اإلنسان قد خيتلف ةتدل دالل متقاربة املعىن فهي ال .ضعفها ويف استنباطاته الختالف قوة احلواس

احلقائق "وكما هو معروف أن املعرفة نسبية وليست عامة يتساوى فيها أفرادها،ألن خذ التدرج يف األ يكتشفها العقل دفعة واحدة، بل تأيت على سبيل تكشف عن نفسها وال ال

مبقدمات صحيحة إن كانت املعرفة تتعلق بالعقليات اردة، وكذلك األمر بالنسبة لألشياء خصائصها مهايا األشياء وال هلا تنكشف واحملسوسات، فإن وسائل اإلدراك احلسية ال

ــــــــــــــ .) ١٢ص (منهج القران يف تأسيس اليقني )١( .) ١٤ـ١٣ص (السابق ) ٢(

١٩٤

.)١( "وعمليات ذهنية تشترك فيها احلواس والعقل معا عاناةإال بعد مفالناس متفاوتون يف املعرفة الختالف الوسائل اليت حتصل ا واخـتالف ظـروف

ذلك من األمور اليت تسبب االختالف يف إدراك الشيء من شخص غري، و وبيئات االنسان .رخآل

ـ واالنسان بطبعه يريد جتاوز معرفة مايقع حتت احل س ـوهي األشياء احلالية واملاضية خيضع لعامل الزمان ال واليت ميكن التثبت من وجودها بواسطة احلواس املدركة، إىل معرفة ما

او معرفة األمور املستقبلية وهذه املعرفه املستقبلية تعتمـد وال احلواس كمعرفتنا بوجود اهللا، . ظواهر الشاهدءعلى استقرا

من االعتماد على الشاهد ملعرفة له وصول إىل تلك املعرفة ال بد لانسان إلا إذا أراد ف الـيت تتكـون مـن كلية،الن العقل القضايا وألجل ذلك يكو مر ضروري، أالغائب،وهذا

. من خالل احلواساملأخوذةجزئياا فال يستطيع العقل أن يدرك شيئا مما أخرب به القرآن عن عامل الغيب مامل يكن قد أدرك مسليس يف الدنيا مما يف اجلنة إال األمساء (:ه يف عامل الشهادة، وألجل ذلك قال ابن عباس ي (

.فقط، وهذا مما يدل على ارتباط الغائب يف الشاهدجيوز ألحد أن يهمل العامل احلسي وال املعرفة احلسية ألن ذلك آية للعقل ووسيلة فال "

وظيف أدوات املعرفة الظاهرة والباطنة يف الكشف عن فإذاأحسن ت،له إىل إدراك عامل الغيبعامل الشهادة وعن قوانينه وخصائصه وبدايته وايته وعالقته باخلالق يستطيع العقل أن

.)٢("يتجاوز مرحلة الظواهر واحملسوسات إىل التساؤل عن املاورائيات الغيبيةعرفة هو أن القرآن ركـز ولعل مما يؤكد أمهية الشاهد واالعتماد على احلواس يف امل على احلواس وبالذات السمع والبصر ألما أكرب احلواس اليت يعتمد عليها اإلنـسان كثريا

.” شهيد” كثريا، ومما يدلل أيضا على أمهية الشاهد يف املعرفة هو تكرير القرآن ملادة وأوصافه، فتزود العقل خبصائصه وكما هو معروف أن لكل حاسة عاملها اخلاص ا،

فيقوم العقل بعد ذلك بالتعامل مع هذه املعطيات ليكتشف قوانني األشـياء وخصائـصها، والقرآن الكرمي مل يغفل هذا التدرج يف املعرفة بل قد حرض العقـل البـشري للتأمـل يف

ال واسعا ليقوم بوظيفته يف اكتشاف قوانني هذا له ااجلزئيات والظواهر الكونية ليفسح ــــــــــــــ

.) ١٤ص (السابق )١( .) ١٧ص (السابق )٢(

١٩٥

أمساء سور القرآن متثل أمساء وظواهر كونيـة بعض العامل ومافيه، ومما يدلل على ذلك أن .وأشياء حمسوسة كالرعد والنحل والنمل

هذا الكالم يبني جمال العقل يف العامل الشاهد وهو احللقة املوصلة إىل جماله يف عـامل فالعقل يقوم بالتعرف على مايف العامل احملسوس من قوانني وخصائص، ألن أشياء هذا الغيب،

ميكن معرفة قوانينه وخصائـصه وال ما عامل الغيب فحقائقه غري حمسوسة، أالعامل حمسوسة و .فالبحث يف حقائقه مستحيل وهو أيضا مضيعة للوقت لعدم خضوعها حتت احلس،

تستحقه دون البحث خربنا به وإثبات ما أ بوجود ما ن نؤمن أمرنا اهللا أجل ذلك وأل فنحن مأمورون بأن نؤمن بوجود اهللا واملالئكة واليوم اآلخر وغـري يف احلقائق والكيفيات،

.حقائقها، لعلمه سبحانه أن ذلك فوق مدارك العقول مبعرفة مأمورين ، ألن اإلميان بوجود وفرق كبري بني املوقفني، بني اإلميان بوجود اهللا ومعرفة حقيقته "

اهللا شيء ومعرفة حقيقة ذاته شيء آخر، فاألول مطلوب موجود، والثاين مطلوب العمـوم .)١("]١١٠طه،[حييطون به علما وال:كما قال تعاىل

بل املطلوب هـو ، وألجل ذلك مل يطلب من اإلنسان أن يكلف نفسه فوق طاقتها إثبات حقائقها وكيفياا ولتقرير هذا املعىن الإثبات وجود هذه األشياء واستحقاقها لصفاا

براهيم عليه السالم تبني هذا املنـهج يف ثالثـة إبينا أنـزل كتبه وقصة أرسل اهللا رسله و أ :)٢(مواقف

كيف حيىي املوتى وهو ـ سبحانه وتعاىل ـ بأن يريه اهللا ـ عليه السالم ـ ـ قصة طلبه ١وإذ قال إبراهيم رب أرين كيـف : تعاىل ، قال اهللا اطمئنانسؤا ل بل ليس سؤال شك،

قال فخذ أربعة من الطري فـصرهن يبحتيي املوتى قال أومل تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قل إليك مث اجعل على كل جبل منـهن جـزءا مث ادعهـن يأتينـك سـعيا واعلـم أن اهللا

.]٢٦٠البقرة،[عزيزحكيمأو مل ( بل بسؤال اهللا تعاىل لـه سؤال إبراهيم عن كيفية البعث وهو أمر غيـيب قو ؟ ألن املطلوب هو اإلميان باملعاين دون الكيفيات يف األمور الغيبية، ولكـن ألمهيـة ) تؤمن

.التجربة احلسية أجابه اهللا تعاىل على سؤاله

ــــــــــــــــ .) ٣٠ (السابق )١( .) ٣٧ـ٣٢ص (انظر السابق) ٢(

١٩٦

ـ وأيضا حماجته مع النمرود كانت يف ا قضايا حمسوسة إلثبات أن النمرود لـيس ربومل يثبت حقيقته وكنهه، والقـضايا ـ سبحانه وتعاىل ـ الرب ـ عليه السالم ـ وأثبت

إثباتا قبـوال أو و أ يتزعزع، نفيا احلسية املشاهدة ال بد أن يصل فيها اخلصمان إىل يقني ال .رفضا

مد يف حواره معهم تعبادة اهللا، فهو يعمع قومه إىل ـ عليه السالم ـ ـ تدرجه ٢ عتمد على أمـور عقليـة يعلى أمور حمسوسة يف حيام اليومية يف صباحهم ومسائهم، وال

أوهام يتخيلها العقل ويبين عليها أصـوال عتمد على ظنون و يوال صلة هلا بالواقع، جمردة ال مستقر يف فطرة اإلنسان هو يعتربها مقياسا للكفر واإلميان، بل كان يركز يف حواره على ما

أثبت قد ف ،هو باطل والنفور منه ما اإلقبال عليه والرغبة فيه ورد من قبول كل ما هو حق و عاجزة أن متنع نفسها من عدم االحتجـاب، مث إذا آهلتهم باملشاهدة احلسية أن عليه السالم

. وتعاىلسبحانهـ احتجبت فمن نعبد وهذا يبطل إالهيتها ويثبت إهلية اهللا ـ وأيضا يف قصة األصنام حينما حطمها وسؤاهلم له هل هو الذي حطمها فقـال ٣

فهذه أمور حسية . ]٦٣االنبياء،[قال بل فعله كبريهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون : هلم ف لكم وملا أيضركم ال ينفعكم شيئا وال أتعبدون من دون اهللا ما: يقررهم عليها، مث قال

فنفى عنهم صفة العقل ألم عطلـوه أو . ]٦٧ـ٦٦االنبياء،[من دون اهللا أفال تعقلون تعبدون فهو يثبت استحقاق ألغوه بالكلية وأصروا على موقفهم من العناد والتردي يف أودية الضالل،

ـ على الشاهد وما فيه من نقص ومل يبني كيفيـة ذاتـه الإ ومل يعتمد يف ذلك ةاهللا للعباد . سبحانه وتعاىل

فنخرج بأن ربط الشاهد بالغائب ليس من ربط األشياء حبقائقها وخصائصها، بـل ن هذا الشيء وجـد أدام فما ة،لغائب واستحقاقه لصفاته املعلوم للوجود اإثبات من باب مع مالحظة اختالف العاملني واملطلوب منها يف عامل املشاهدة "مينع وجوده غائبا شاهدا فال

ا وكيفا بقدر استطاعة العقـل ليتحقـق مايا األشياء وخصائصها ك مطلوب فيه معرفة مه لإلنسان توظيف هذه األشياء وتسخريها لعمارة الكون، أما إذا تعلقت املعرفة بعامل الغيـب فليس مطلوب معرفة املهايا وال اكتشاف اخلصائص كما يف عامل الشهادة، بـل املطلـوب

قرآن عنها فقط عن طريق قيـاس الغائـب علـى حينئذ هو إثبات الوجود كما أخرب به ال .)١("الشاهد

ــــــــــــــــــ

.) ٢٠( السابق )١(

١٩٧

فالقرآن يبني أن احلديث عن حقيقة الذات اإلهلية أو كنهها وكيفيتها غري مطلـوب مرغوب فيه، والدليل على ذلك يف قصة موسى عليه السالم مع فرعون عنـدما قـال وال

].٢٣الشعراء،[رب العاملنيوما :فرعون

أنه مل الصحيح و والكيفية، ن بيان احلقيقة قد يفهم أن املراد منه السؤال ع هذا سؤال رب : قالـ ورد عليه مبا يبني مقصده، فعليه السالم ـ موسى ما فهمه وهذا ،يرد ذلك

لـه وذكرة احلقيقفموسى أعرض عن جواب ،]٢٤الشعراء،[بينهما السموات واألرض وما فعقـول البـشر ـ سبحانه وتعاىل ـ الربوبية ألن احلقيقة ال يعلمها إال اهللا أخص صفات

.قاصرة عن اإلحاطة خبالقها أو إدراك ذاته، ألن القصور والتقصري من طبائع العقول البشريةانقضى عصر الصحابة والتابعني من الـسلف " : يقول ابن القيم موضحا هلذا القول

لى التسليم املطلق خاصة مبا جاء يف الكتاب والسنة عن الذات اإلهلية وصفاا ومل واألئمة ع نطـق بـه يتنازعوا يف مسألة واحدة من مسائل الصفات واألفعال بل كلهم على إثبات ما

.آخرهم الكتاب العزيز والسنة النبوية كلمتهم واحدة من أوهلم إىل مواضعها تبديال ومل يبدوا لشيء منها إبطاال وال فلم يسموها تأويال ومل حيرفوها عن

يقل واحد منهم جيب صرفها عن ضربوا هلا أمثاال ومل يدفعوا يف صدورها وإعجازها ومل .)١("حقائقها ومحلها على جمازها بل تلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها باإلجالل والتعظيم

ن القران الكرمي عند حتدثه عن القـضايا أيها فمن خالل األمثلة السابقة واليت اتضح ف ا ليست أ و ةالغيبيه يربطها ويستدل عليها من القضايا املشاهدة من باب إثبات القضايا الغيبي

.قضايا مثالية يف العقل بل مما يؤكد ذلك، ما اكتشفه األستاذ سيد قطب ـ رمحه اهللا ـ ومساه التصوير الفين يف

فيه أن القران يقوم يف إيصال احلقائق على شكل صور حمسوسة، يـشعر القران، والذي بني القارئ هلا بتجدد احلياة فيها، ويعلم يقينيتها ألا ليست صورا خيالية ال ميكن إثباـا، أو

.أا ختاطب نوعية معينة من الناس

ــــــــــــــ .) ٤٩|١( اعالم املوقعني )١ (

١٩٨

ة يصورها القران بالتصوير احلسي، كما يذكر عن ربـط فـؤاد بل حىت األمور املعنوي أم موسى عليه السالم، فالقران ـ كما بني رمحه اهللا ـ ما هو إال تصوير حلقائق موجـودة وحمسوسة، ويضرب اهللا األمثال للناس ليعلموا ماغاب عنهم بواسطة هذا املثال، فاإلنـسان

شياء من خالهلا، وألجل ذلك صـور اهللا األمـور مرتبط حبواسه ولغته اليت يتعرف على األ . )١(الغيبية بالصور احملسوسة ليعلم أا واقعة وليفهم معانيها

ــــــــــــــ( و ) ١/٢٧( ، ويف ظالل القران ) ومابعدها٢٠٠–ومابعدها ٦٠ص ( انظر التصوير الفين يف القران ) ١(

. الصفحات وغري ذلك من ) ٤/٢٤١١

١٩٩

االعتماد على املنطق اليوناين:املبحث الثايناملتكلمني تركوا منهج السلف يف االستدالل متأخري كما هو معروف أن الفالسفة و

أما أوائل املتكلمني فلم يلتزموا بـاالثنني به، مبنطق اليونان وألتزموا وأخذوا، على العقائد زال ما" :رمحه اهللاـ ويف ذلك يقول ابن تيمية ل به معا، فهم قد ردوا املنطق وعابوا االشتغا

يلتفتون إىل طريقتهم بل األشعرية واملعتزلة والكراميـة والـشيعة وسـائر نظار املسلمني ال الطوائف من اهل النظر كانوا يعيبون فسادها وأول من خلط منطقهم بأصول املسلمني أبو

.)١("حامد الغزايلقد السابقون له ف ما أو دخل املنطق يف أصول املسلمني، أ من أول هوالغزايل ف

ينفرون ممن يتلبس ذه العلـوم يقـول ابـن وكانوا ،)٢(فوا يف نقضه الكتب لأرفضوه بل نه دنس نفـسه أحدمها أ عنه نفرة ألمرين ةكان للهامش " :املرتضى عن أيب احلسني البصري قاموا مكانه منطقا هلم أ هذا الرفض ملنطق اليونان ومع ،)٣("بشيء من الفلسفة وعلوم األوائل

ـ رمحه اهللا ـ يقوم على دالئلهم العقلية كما صرح بذلك ابن تيمية وكان للغزايل :" فقال خر مبنيا علـى طريقـة أيب آما أبو بكر بن العريب فقد وضع قانونا أقانون هو املنطق و

.)٤("املعايلن املـسلمني مل يأخـذوا إ" :كما يقول ابن خلـدون ـ لسبب يف ذلك وا

"قـد فما املتأخرون من املـتكلمني أو )٥("قيسة ملالبستها للعلوم الفلسفية املباينة للعقائد باأل. )٦("ن مزجوه ببعض العناصـر األخـرى إو رسطي منهجا وطريقا اختاروا مجيعا املنطق األ

.السفة ومتأخري املتكلمني دون متقدميهمكالم يف هذا املبحث يناقش الفالف

ــــــــــــــــــ ). ٣٣٣ص (صون املنطق ) ١(

). ٩٤ص (مناهج البحث ) ٢(

.) ٩٦ص (املنية واالمل) ٣(

.) ٢٦٤ص (صون املنطق ) ٤(

). ٣٣٦ص (مقدمة ابن خلدون ) ٥(

.) ١٩٩ص (املدخل لعلم الكالم ) ٦(

٢٠٠

: تيمية رمحه اهللا بني ان فساد املنطق يكمن يف ثالثة امورأبنو .باحلد الإتنال قوهلم باحلد وأن التصورات غري البدهية ال )١( . قوهلم بقطعية قياس الشمول وظنية قياس التمثيل )٢( .خبار من املشهورات ومتواترات ردهم لأل )٣(

قوهلم باحلد:اواللـه أهـل وهذا القول مل يسلم ،)١(يقة الشيء ر حق ين الفائدة منه تصو أ املناطقة يرون

السنة بل ردوه باألدلة والرباهني ومن أقوال املناطقة أنفسهم ملا حيمله هذا القول من خطورة مور تشترك يف الغائـب والـشاهد أوذلك من خالل جعل حقائق لصفات على دين اهللا،

ي احلقيقة اليت تطلق على معىن كمعاين أمساء اهللا وصفاته فهي أمساء تطلق على املخلوق فما ه باحلد إىل تقسيم اللغة ر القول ج أيضاو. ؟يقوم باخلالق يقوم باملخلوق او ما ؟ هل ما ةالصف

ينايف الواقع والعلـم التطبيقـي لعـدم القـدرة مع هذه اخلطورة فهو إىل حقيقة وجماز،و .علىالتفريق بني الصفات الذاتية والالزمة

ملقصود به التمييز فقط ال التصور ومعرفة حقيقة الشيء ألن هـذا أن احلد ا الصحيح و نه األداة أر و يوالدليل على عدم فائدة احلد للتصو وخاصة على مصطلح املناطقة، األمر متعذر األمم وأهل الصناعات يعرفون األمور اليت حيتاجون إىل معرفتها مـن ، أن مجيع له الوحيدة

مفردات علمهم تصورا عن طريق اإلدراك احلاصل هلـم غري تكلم يف احلد، فهم يتصورون ولو توقف العلم على احلـد ملـا باملعرفة احلسية لألشياء، وذا التصور يستغنون عن احلد،

تـوفرت حبد أو بدون حد مىت ماحيصل حدوث التصور فحصل لإلنسان أي علم إال باحلد .عاين املفردةلنا املعرفة املسبقة مبفردات األلفاظ وداللتها على امل

ن أن األمور العقلية ويفرق ابن تيمية رمحه اهللا بني األمور العقلية واألمور احلسية وبيحباجة إىل أدلة إلثبات صحتها، ألن األمر العقلي حيتمل الصواب واخلطأ، ومن العجـب أن

دليل، ومـع املناطقة يعتربون أن احلدود طرق عقلية يقينية وهي أساس العلم مع أا تقام بال يقبلون خرب الواحـد ذلك فاحلد خرب واحد عن أمر عقلي ال حسي وهم يف نفس الوقت ال

.يفيد العلم اليقيين يصل بنا إىل العلم اليقيين ولو كان به من القرائن احلسية ما ويرون أنه ال

ــــــــــــــــــ .) ٩١ص (تسهيل القطيب )١(

٢٠١

ال إذا عرف اإلنسان الـشيء إحصول التصور به ويرى ابن تيمية أن احلد ال ميكن عروف سـابقا لالنـسان املو عرف مثله قبل ورود احلد فتصور الشيء املفرد غري أاحملدود

:ال ميكن حصوله من خالل احلد لسببني .ـ إذا كانت التصورات حاصلة لإلنسان سلفا فال يكون احلد هو سبب حصوهلا١ يعرفها يوجب تصور املسميات ملن ال الذهن فإن احلد ال ـ إذا مل تكن حاصلة يف ٢

.ألن اإلنسان ال ميكنه ذلك طعن أبن تيمية على اشتراطهم الذاتيات يف احلد

أقوى نقد يقوم به ابن تيمية يف رد فائدة احلد هو تفريقهم بني الذايت والعرضي واشتراط

اسهم الغائب على الشاهد، ألن تعريفهم أدى إىل اخلطأ يف قي وهو ما الذاتيات يف التعريف، .ةجيب أن يكون هو حقيقة احملدود وغريه ليس حقيق

ألن جتريد املاهية عن الصفات الالزمة هلا له حقيقة ن التفريق بني الذايت والالزم ال إ فالزوجية والفردية ومها صفتان الزمتان للعدد مثل احليوانية والناطقية يضيع حقائق األشياء،

يتقدم يف الذهن هو فهم للذايت بأنه ما ينستطيع إدراك العدد بدوما، لذلك فتعر نسان ال لإل .يسمونه ذاتيا عداد على ماألن الذهن قد يتقدم فيه الالزم كحال األ قول باطل،

لفظ يدل ؛ وكذلك اكتفاؤهم يف احلد بلفظني":رمحه اهللا تعاىلـ ويقول ابن تيمية حيتـاج إىل حيصل إال ذا ال ى املميز وزعمهم أن احلد التام ال على املشترك ولفظ يدل عل

الصفات الذاتيـة علـى حيصل بدونه فإنه يقال إن أريد باحلد التام مايصور زيادة عليه وال حيصل ذلك وإن أريد مبا يدل التفصيل مشتركها ومميزها فمن اجلنس القريب مع الفصل ال

فالفصل بل اخلاصة يدل على ذلك، وإذا عارضهم من على الذاتيات ولو بالتضمن وااللتزام يوجب ذكر مجيع األجناس أو حيذف مجيع األجناس مل يكن هلم عنه جـواب إال أن هـذا

.وضعهم واصطالحهمذكروه هو ختتلف باختالف األوضاع فقد تبني أن ما ومعلوم أن العلوم احلقيقية ال

حلقائق الذاتية واملعارف، وهـذا عـني من باب الوضع واالصطالح الذي جعلوه من باب ا هذا مؤمنا وهذا كافرا وهذا عاملا إىل شخصني متماثلني جيعل يءالضالل واإلضالل كمن جي

وهذا جاهال وهذا سعيدا وهذا شقيا من غري افتراق بني ذاتيهما وصفاما، بل مبجرد وضعه

٢٠٢

ت ويـسوون بـني فهم مع دعواهم القياس العقلي يفرقون بـني املتمـاثال واصطالحه، .)١("املختلفات

اإلنسان يف العلوم البدهية وجعلها علوم نظريـة لخدن ت أفيتضح من الكالم السابق .يؤدي إىل خمالفة العقل والواقع امللموس

دخل املنطق يف أمع الغزايل حيث أنه ميثل املتكلمني املتأخرين وهو أول من هذه وقفة و ن رد إ فـالغزايل ـ و .يف كتاب الرد على املنطقيني له ن تيميةوكذلك لتعرض اب األصول،

ـ على املنطق اليوناين ن ينفـي عـن أراد أباملنطق واعتمد عليه يف تقريراته ولعله تأثرفقد يف استعصاء احلد على القـوة البـشرية :" فيقول. ة القوم انفسه مة عدم قدرته على جمار

ن أذكرناه يف مثارات االشتباه يف احلد عـرف ن عرف ما عند غاية التشمري واجلهد فم الإعصاها على أال على الندور وهي كثرية و إتقوى على التحفظ عن كل ذلك القوة البشرية ال

:ربعة امورأالذهن …يغفل عنه ن الأقرب فمن أين للطالب ن نأخذ اجلنس األأنا شرطنا أ :حدهاأ

يفارق يف الوجـود الـوهم تية والالزم الذي ال ن تكون الفصول كلها ذا أناشرطنا أ :الثاين …مشتبه بالذايت

خنل بواحد ومن أين نأمن من ن نأيت جبميع الفصول الذاتية حىت ال أنه إذا شرطنا أ :والثالث …شذوذ واحد عنه

خذ يف القـسمة أذا مل يراع شرط التقسيم إن الفصل املقوم للنوع ومقسم للجنس و أ:الرابع . ..لجنس وهو عسري غري مرضي يف احلدفصوال ليست أولية ل

فيلزم عليه االكتفاء بذكر اخلواص فيقال … ولذلك ملا عسر ذلك اكتفى املتكلمون باملميز وذلك يف غاية البعد عن غرض التعرض لذات احملدود وألجل . ..نه الصهال إيف حد الفرس

حتصل الدربة بكيفيـة ن أحدامها إلفائدتني …ن نورد مجلة من احلدود أعسر التحديد رأينا ذا مل إ. ..طلقها الفالسـفة أن يقع االطالع على معاين أمساء أوالثاين …حترير احلد وتأليفه

.)٢(."..ال بلغتهم وعلى حكم اصطالحهمإميكن مناظرم

ــــــــــــــــ .) ٧٥ـ٧٤ص (الرد على املنطقيني )١(

.) ٢٦٢ـ٢٥٨ص (معيار العلم )٢(

٢٠٣

اعترافه بصعوبة احلد على القواعد : هيمورأتضح ت الغزايل السابق من خالل كالم ن بيالذاتيات يف احلد، وكذلك هم اشتراطوهىمور اليت جتعل احلد صعبا ألل هذكر، واملنطقيةاملتكلمني هي متييز احملدود عن غريه وهذا ضعف يف منهجهم وردة فعل احلد عند أن فائدة .ن منهج املتكلمني والرد على الفالسفة من خالل منطقهمحاول رفع الضعف ع،مث للفالسفة

قر بقوله يف صعوبة احلد ولكنه رد أشيخ االسالم بعد أن عرض كالم الغزايل السابق و مبجرد احلد تصوير احملـدود نه ميتنع إذكروه يف احلد باطل ف لكن ما " :بقي بقوله على ما املقومة الداخلة يف املاهية والـصفات اخلارجـة ذكروه من الفرق بني الصفات الذاتية وما

... له حقيقة مر باطل الأالالزمة وكذلك :فيقال )ن ذلك يف غاية البعد عن غرض التعريف لذات احملدود إ (: ما قوله أو

.وما ذكره من الوجوه حجة عليهم …سائر احلدود هي غري حمصلة لتصوير ذات احملدودخذ البعيد أنه إذا أمر اصطالحي وذلك أخذ اجلنس القريب أ من لزوم ذكروه ن ما إف

سـواء . ..فالناطق يدل على احليوان …و االلتزام أكان الفصل يدل على القريب بالتضمن ن إالتزام فإن كانوا يكتفون مبثل هذه الداللة كان الفصل كافيا و وأجعلوا هذا داللة تضمن

الذاتيات باملطابقة مل يكن ذكر اجلنس القريـب وحـده مبا يدل على الإيكتفون كانوا ال ...كافيا

يفارق يف الوجود والوهم يشتبه بالذايت غايـة ما الوجه الثاين فقوله الالزم الذي ال أو أم يف هذا الوضع املنطقي واالصطالح املنطقي …كما قد بني …االشتباه كالم صحيح

نه يشترط مجيع الفصول فهذا إما قوله الثالث أو …ختلفنيفرقوا بني املتماثلني وسووا بني امل خذ البعيد بدل القريب فإن تقـسيم اجلـنس أنه من جنس إما الرابع ف أو.كاشتراط اجلنس .خريةجناس األولية دون األخرية دون األولية مثل تقومي النوع باألبالفصول األ

)صناعة احلد وهو يف غاية العـسر رعاية الترتيب يف هذه األمور شرط للوفاء ب (: وقوله ـ . ..ة العلمية ي هذه صناعة وضعية اصطالحية ليست من األمور احلقيق :فيقال ن األمـور إف

تقف على ميزان وضعي لشخص سباب اإلدراك ال أالعقلية تعلم مبا فطر اهللا عليه بين آدم من .)١("..ال بالسماعإرف تع ا عادة لقوم الإحد خبالف العربية فأيقلد يف العقليات معني وال

ــــــــــــــــــــــــــــ

.) ٣٠ـ٢٢ص (الرد على املنطقيني )١(

٢٠٤

:السابق يتضح التايلابن تيمية فمن كالم ساس العلـم فعلـى أتأكيد صعوبة احلد من أقوال املقرين به واحلد عندهم هو ـ١ .علم ذلك فال :جلها يرد قوهلم باحلد وهى مايليأاألمور اليت من ـ اهللا رمحه ـ نبي ـ٢ .تتوقف علىاحلد ن معرفة احملدود ال أـ أ .املقومة الداخلة يف املاهية واخلارجة الالزمة تفريقهم بني الصفات ـ ب .حقيقة علمية ال مر اصطالحيأاشتراط الفصل واجلنس ـ ج

.يلزم املتكلمني يف املتكلمني يلزمه والن كالم الغزايلأن بي ـ ٣ .جيب على اإلنسان عدم التقليد يف العقليات ـ ٤ .بالعقل أن العربية تعرف بالسماع ال ـ ٥

بن تيمية أن السبب يف تفريق املناطقة بني الذاتيات والالزم للماهية ا وبعد ذلك وضح فهم نظروا للشيء احملدود فوجدوا أن له صفات كثرية الوجوديعود إىل تفريقهم بني املاهية و

يف الوجود اخلارجي والذهن يتصوره بدون بعضها فظنوا أن مايتصوره الذهن دائمـا هـو ما غري ذلك فال يدخل ضمن املاهية بل هو وجود ذلك الشيء أماهية الشيء وهو حقيقته و

نه ليس بني الذايت للماهية والالزم إ :"رمحه اهللا ـ ومن لوازمه وألجل ذلك يقول ابن تيميةذا كانت مثة فروق اعتبارية تتبع اختيار الواضع وما يفرضه إهلا فرق حقيقي خارج الذهن و

. )١("يف ذهنهواملاهية عند ابن تيمية مبنـزلة املدلول عليه باملطابقة وجزؤها املقوم هلا الداخل فيها

لة املدلول عليه بالتضمن والالزم هلا اخلارج عنها مبنــزلة هو وصف ذايت هلا يكون مبنـز . )٢(املدلول عليه بااللتزام

ويبني ابن تيمية أن هناك اختالف ملا يف األذهان عن مايف األعيان، فالصورة اليت يف ن املاهية هلا حقيقة إ قوهلم ":الذهن ليس هلا وجود يف اخلارج غري وجود الشيء فيقول

وسائر الكليات …نواع املطلقةبتة يف اخلارج غري وجودها وهذا هو قوهلم بأن حقائق األثاوهذا من … يشبه من بعض الوجوه قول من يقول املعدوم شيء يف األعيان وهو موجودة

. فسد مايكونأ ــــــــــــــــــــــــــــ

.) ٢٤ص (السابق )١(

.) ٢٥ص (السابق انظر )٢(

٢٠٥

م رأوا الشيء قبل وجوده يعلم ويراد ومييز بني املقدور عليه واملعجوز أصل ضالهلم أمنا إونا نتكلم يف حقائق األشياء اليت هـي أكما فقالوا ولو مل يكن ثابتا ملا كان كذلك، …عنه

مـر موجـود أوالتحقيق أن ذلك كله …ماهياا مع قطع النظر عن وجودها يف اخلارج ن أفالتفريق بني الوجود والثبوت مـع دعـوى …يف خارج الذهن ال الذهن،وثابت يف

.)١("كليهما يف اخلارج غلط عظيم وكذلك التفريق بني الوجود واملاهيةويبني ابن تيمية أن احلد أقل فائدة من األمساء ألنه يكون مبثابـة معرفـة األشـياء احلد التمييـز كفائـدة بل فائدة صور،يفيد الت ن احلد أ قول الفالسفة من ، ال على بنظائرها

:يكون بأمور االسم والتمييز بني األشياء .من خالل املعاين الراسخة يف الذهن واليت من خالهلا يعرف معىن األلفاظ ـ١ .وبالتعيني واملثال ـ٢ .وبالصفات ـ٣ .وباحلدود اللفظية كاملرادف واملكافئ ـ٤

كاحلدود لألعيان باجلهات، ،نواع بالصفات وعلى هذا فإن احلدود عند ابن تيمية لأل مـع كـل أنه يكون جب أي فاتباع املنهج هذا يف التعريف يوصل إىل التعريف اجلامع املانع،

الصفات املوجودة يف هذا اجلسم ومينع اخللط بينه وبني غريه من األجسام كما مينع دخـول .تغري يف صفاته األساسيةأن صفات جديدة عليه من شأا

من الـزمن ا وإن بقيت ردح لالشياء،احلدود عدم ثبات كل القول ب من هنا ميكن و تنكشف بعض خصائصها اليت مل وأيغريها ويبدل من خواصها صحيحة فقد يطرأ عليها ما

.تكن معلومة يف السابق لى الطرد والعكس فإن صدق فهو صحيح، ع يعتمد هد معرفة صحة حد فإن يأر فإذا واألدلة على صدقه منها مايستند إىل الشرع ومنها مايـستند .يقوم على الدليل وصدق احلد

.إىل وسائل اإلقناع والقرائن، وأقوى القرائن هي القرائن احلسيةالطريق األول ويعتمد على التصور "وتعريف احملدود حبد لتمييزه عن غريه يتم بطريقني

للمعىن فإنه حيتـاج ا يكن متصور ملق الثاين هو إذا الذايت للمعاين الراسخة يف الذهن، والطري :إىل شيئني

.ـ تصور املعىن٢ ـ ترمجة اللفظ ١ ـــــــــــــــــ

.) ٦٥ـ٦٤ص (الرد على املنطقيني )١(

٢٠٦

تكفي بل ال بد من التعيني أو الصفة، والتعيني هو تعيني جزئي له والترمجة وحدها ال .)١("وإما الصفة هو أن يوصف له

أن ترمجة اللفظ قد تكون باحلدود اللفظية إذا كان متصورا ـ رمحه اهللا ـ مث وضح هو إيـراد فالتعريف باملرادف ، يعرف باملرادف واملكافئ وقسم هذه احلدود إىل ما للمعىن،

يدل على الـذات ماهو فما التعريف باملكافئ أيف املعىن، و له صفة مرادفة هلذا احلد ومطابقة .تعريفه باملكافئ بالصراط املستقيمو صفة أخرى ومثال ذلك اإلسالم واملعىن مع

.)٢(نه يتصور ذلك املعىن باملثال بأن يرى مثاال له إذا مل يكن متصورا للمعىن فإو :مث بني ان احلدود اللفظية يف الكتاب والسنة ثالثة أصناف .يعرف حده يف اللغة كالشمس والقمر ـ ما١ " . يف الشرع، كأمساء الواجبات الشرعية واحملرمات الشرعيةيعرف حده ـ ما٢ .)٣("يعرف بالعرف العادي كالبيع والقبض والنكاح ـ ما٣

شتراطهم الـذاتيات الاملنطقية وذلك سباب الضالل هي احلدود أأهم يتضح أن فمما سبق .املتماثالتاليت ال ميكن التوصل إليها مما يؤدي إىل اجلمع بني املختلفات والتفريق بني

الشتمال الشمولا وقياس التمثيل ظنيا جعلهم قياس الشمول قطعي:ثانيا

لى قضية كلية ع

اشتماله السبب يف تركيز ابن تيمية على الطعن يف استخدام املناطقة لقياس الشمول هو ،هليـات ني اخلالق واملخلوق عنـد اسـتخدامه يف اإل على القضية الكلية اليت فيها التسوية ب

وكذلك لردهم الصور األخرى لالستدالل العقلي لعدم اشتماله علـى القـضية الكليـة، ردت اجلزئيات فمن من خالل النظر يف جزئياا فإذا الإوالصحيح أن القضية ال تكون كلية .عليها باب أوىل رد القضيه الكليه املعتمدة

ــــــــــــــــ

. بتصرف) ٥٥ـ٤٨ص (الرد على املنطقيني )١(

. بتصرف) ٥١ص (السابق )٢(

). ٥٣ص (السابق )٣(

٢٠٧

فابن تيمية ينكر القول بضرورة القضية الكلية لتحصيل العلوم كما ينكر تـسميتها .)١("بالواجب قبوهلا سواء كانت حسية أو ظاهرة أو باطنة"

نطلـق منـها إىل يتعترب قاعـدة مات وال الكلية ليست من املسل فهو يرى أن القضية نفسها حباجة إىل إقامة الدليل علـى فالقضية الكلية ل إىل نتائج صحيحة، وصلواجلزئيات ل

.؟ا كلية فقطأصحتها فكيف تكون طريقا صاحلا لإلنتاج بصفة للقياس بعد التجربـة بل إن ابن تيمية يركز على ضرورة اختاذ القضية اجلزئية منطلقا

يصبح لدينا قضية كليـة ئذ فعند ،احلسية والتحقق من صحتها بكافة األدلة املؤدية للحقيقة وإذا كانت القضية الكلية صادقة فال وجوب للقياس ألن مجيع عناصرها تكـون "؛صادقة .)٢("صادقة

من فال بدإذا كان ال بد يف كل مايسمونه برهانا من قضية كلية " : ويقول ابن تيمية ن كـان بـديهيا إوالعلم بتلك القضية … العلم بكوا كلية إيالعلم بتلك القضية الكلية

ن كان نظريا احتاج إىل علم إفرادها بديهيا بطريق األوىل و أن يكون كل واحد من أمكن أالعلم بكون ضوء القمر مـستفادا مـن …وهكذا يقال يف سائر القضايا الكلية …بديهي

ومثل العقليات احملضة … حماذياته للشمس أى اختالف أشكاله عند اختالف الشمس إذا ر لـشيء الواحـد لواألشياء املساوية والكل أعظم من اجلزء، كقولنا الواحد نصف االثنني، والعلـم ال إ …فما من قضية من هذه القضايا الكليـة … متساوية، والضدان الجيتمعان . )٣("بالنتيجه بدون توسط برهان

أن يكون ن ابن تيمية نفى إ بل ةيعىن ذلك نفي فائدة القضية الكلية الصادق الولكن إن العلم احلقيقي هو العلم الكلي اليقـيين :"قا أو على اإلطالق فقال لالعلم اجلزئي علما مط

ـا إ فليس العلم حصل من كون )٤("الذي نصل إليه بالربهان ألن نتائجه ال تكون إال كلية .وا مع ذلك صادقةكلية فقط بل من ك

ن القضايا احلسية ال تكـون إال إ ولتأكيد فكرته عن العلم اجلزئي يقول ابن تيمية " جزئية وحنن ندرك مثال إحراق النار بواسطة احلواس، مث ندرك بعد

ــــــــــــــ ). ١٠٧ص (الردعلى املنطقيني )١( ). ٨٦ص (منطق ابن تيمية )٢( ). ١٠٨ـ١٠٧ص (طقيني الرد على املن) ٣(

). ٢١٦ (انظر مناهج البحث ) ٤(

٢٠٨

ذلك أن كل نار حمرقة، ولكن القضية أن كل نار حمرقة هل نستطيع اعتبارها قـضية كليـة .استفدناها منها بالربهان احلسي علما يقينيا

وجييب ابن تيمية على ذلك بأن العلم احلاصل عن طريق القضية اجلزئيـة اليـصبح يا إال عن طريق الربهنة وإجراء التجارب وتكرار نفس التجـاربويفرق يف أن القـضايا يقين

.)١("اجلزئية تكون يف األعيان بينما القضايا الكلية تكون يف األذهان .)٢("إن القضية الكلية نفسها هي حباجة إىل الربهان إلثبات صدقها" : ويقول ابن تيمية

الوصول إىل القضية الكلية من خالل قياس الغائـب ويرى ابن تيمية أنه ال بد من ـ هو األقرب إىل الفطرة اإلنسانية، وأسبق من العلم بالكليات ويـبني هعلى الشاهد، ألن

يعلم اإلنسان أنه :"ن قياس الغائب على الشاهد هو الذي يطور املعارف فيقولـ أرمحه اهللا ن اإلنسان كذلك قبـل أويعلم ذلك، قبل أن يعلم أن كل انسان ك ةرادحساس متحرك باإل

بأن غريه من احليوان حـساس متحـرك … أن يعلم أن كل حيوان كذلك، فلم يبق علمه باإلرادة موقوفا على الربهان، وإذا علم حكم سائر الناس وسائر احليوان فالنفس حتكم بذلك

ب لكونـه بواسطة علمها أن ذلك الغائب مثل هذا الشاهد أو أنه يساويه يف السبب املوج .)٣("متحركا باإلرادة وحنو ذلك من قياس التمثيل واألصويل الذي حيتج به الفقهاء

.الرد على كالمهم يف القضايا املشهورة واملتواترة:ثالثا

يقوم املتواترات ال " :نواع القضايا ألم يقولون بأن أالسبب يف الرد عليهم يف قوهلم يف

.نبياء صلوات اهللا عليهم فيدخل يف ذلك ماتواتر عن األ)٤("نازعا الربهان على املعظم من تواتر أنبياء ومعرفة ذلك ألهل االرض ن تواتر ظهور األ أوبني ابن تيمية رمحه اهللا

ن إبل .نبياء ومل تؤرخ بظهور الفالسفة األمم تؤرخ بظهور األ وجود الفالسفة كلهم بل ان ن علومهم فرديةإتواتر عند الناس بل معرفة الفالسفة مل تكن مما

ــــــــــــــ

.) ٨٧ص (منطق ابن تيمية ) ١( .) ١٠٨ـ١٠٧ص (انظر الرد على املنطقيني ) ٢(

). ١١٦ص (الرد على املنطقيني )٣(

). ٣٩١ص (السابق )٤(

٢٠٩

) هذا مما جربته انـا (:ويقول جالينوس ، )هذا مما رصده فالن (:جتريبية كما قال بطليموس تواتر عندهم يف القضايا نه اليقوم ا برهان أل فقوهلم بأن التواترات ال،فالتواتر عزيز عندهم .فقوهلم مردود، مون ا ويريدون إلزام الناس بقضاياهم اليت يسل،اليت يتكلمون ا

ه ن يقيم على غري أنبياء كيف ميكنه يقوم عليه برهان مبا تواترت عن األ نه ال أ فمن زعم نه علم عقلي معلوم الربهان، أ والفلسفة ويدعي ة ويعظم علم اهليئ كالم الفالسفة؟ برهانا مبثل

عن عرفوهلزموا الناس مبا أنبياء تواتر عن األ م عندما ردوا ما أن يبني أراد أفشيخ االسالم .؟تواتر له يعرف ال تواتر حقيقة ويؤخذ ما فكيف يرد ما،الفالسفةم يـرون املتـواترت القضية ألـ هلذهرمحه اهللا ـ ابن تيمية تعرض فالسبب يف

.)١(خيتص ا من علمها دون غريه، وال تكون حجة حيتج ا على الغري وليست يقينية أن هذا أصل من أصول اإلحلاد والكفر، فإذاـ رمحه اهللا تعاىل ـ ويبني ابن تيمية

اتر ليس حجة فإن املنقول عن األنبياء بالتواتر من املعجزات أخذنا ذا الكالم يف أن املتوتقوم به حجة ويؤدي هذا إىل إنكار كثري من أهل البدع لآلثار النبوية، فهؤالء وغريها ال

.ا غري معلومة لناإيقولون القضايا اليقينية واليت تنتج منها القضايا ـ رمحه اهللا تعاىل ـ وقد قسم ابن تيمية

:كلية إىل قسمنيال .ـ احلسيات واربات١ .ـ األخبار املتواترة واملشهورة وخاصة أخبار األنبياء صلوات اهللا وسالمه عليهم٢ ختتلـف يف ودليل صدق القضايا املتواترة عند ابن تيمية هو أن هـذه القـضايا ال

ة معلومةلبعض النـاس فهناك الكثري من القضايا احلسي " حقيقتها عن القضايا احلسية واربة بطريقة مرئية ومعلومة للبعض اآلخر بطريق اخلرب دون املعاينة ومع ذلك حيصل ا التصديق

.ألا أصبحت من القضايا املشهورة ونفس الشيء يقال عن املنقول عن األنبياء بالتواتر فليس من الضروري أن يعاينها كل

.)٢("الناس ليحصل ا التصديق

ــــــــــــــــ ). ٩٩ـ٩٧ص (انظر الرد على املنطقيني ) ١ (

). ٣٩٤ـ٣٩١ص (انظر الرد على املنطقيني ) ٢(

٢١٠

شتركة بينهم كمعرفـة امل األمور ولكن ،بني الناس اإلدراك متفاوتة كما نعلم واحلواس ثابـت والشبع مكة، وأن املاء يروي واخلبز يشبع مع اختالف اللذة له بأن هناك بلد يقال

قد تكون حسية لشخص دون آخر، ومع ذلك تنتقل املعلومـات بـني هذه األمور ولديهم، .وتصدق ويعمل االناس

فخالصة الكالم السابق أن القضايا الكلية اليت قام بوضعها املخالفون ألهل الـسنة إثبـات فعليهم احلس واللغة، تخالفأو به الرسل ت اءجمردودة إذا خالفت ما ،واجلماعة

.صحة قضاياهمما املشهورات فهم يرون بأا من القضايا غري اليقينية،وفرقوا بينها وبني األوليات وقـالوا أو

.)١(تصدق وقد تكذب بأا قدواملشهورات هي القضايا العلمية مثل العدل حسن والكذب قبيح وغري ذلـك مـن

هلم هذا الذي ردوا بسببه بابا من أبواب قد رد عليهم قوـ رمحه اهللا ـ القضايا وابن تيمية .)٢(والقدر وتعاىل سبحانه الدين وهو معرفة حسن األشياء وقبحها والقائم عليه أفعال اهللا

حـد أطالق عند كـل أولية على اإل ةن هذه القضي أ و ة وتفريقهم بني القضايا العقلي املعلومة بأا من املـشهورات ورد غري ذلك من القضايا له حقيقة وهذه ليست كذلك ال

.)٣(مر نسيبحمض حتكم فاحلقيقة أن األعظم اليقينيات ألن اإلنسان أن القضايا املشهورة من أبني ـ رمحه اهللا ـ وابن تيمية

ن العدل حمبوب للفطرة حتصل هلا بوجـوده لـذة أفهو يعين )العدل حسن (:عندما يقول عظم من أكثر قضايا الطب ألناس هلا بالفطرة وبالتجربة فهذه القضايا هي يف علم ا .وفرح

ن الفالسـفة إعظم من اتفاقهم على العقليات بل أوأيضا اتفاق الناس على هذه املشهورات مسوه مشهورات فإذامل تكن من اليقينيات فال دليـل قروا باللذة العقلية وهي مبنية على ما أ

.)٤(لقوهلم

ـــــــــــــــــ ). ٥٥ـ٥٣ص (ب اإلشارات انظر لبا )١(

). ٤٢٢ص (انظر الرد على املنطقيني ) ٢(

). ٣٩٩ص (السابق ) ٣(

.) ٤٢٦ـ٤٢٢ص (انظر السابق ) ٤(

٢١١

ضـالل يف ماجره مـن ،ملنطق اليوناين ونقضه يف رد ا سبب الن أ فمما سبق يتضح ثبت هللا الـنقص أيستحقه و هللا ما فمن تكلم يف العقيدة من خالل املنطق نفى عن ا العقيدة،

.ورد معظم قضايا الدينكان يف واليت جعل حقيقتها ما فاحلدود عرفوا ا الصفات والقضايا الشرعية اإلهلية،

.ه وصفاتهءمساأ فنفوا عن اهللا املخلوق ،ما هلا ا فردوا صفات اهللا واثبتو، فيما خيتص به املخلوقجعلوهاوالقضايا الكلية

.واملمتنعات أوشبهوه باملعدومات، أبعض صفاته،مما وما اشتهر عند الناس نبياء خبار األأجلها رد أل واملشهورة، والقضايا املتواترة،

.سبب خلال يف باب القدر .فساد احلقإ وألجل هذا وغريه كثرت الطعون على املنطق ملا حيمله من الباطل و

٢١٢

الدخول يف القياس بفكرة مسبقة:ث الثالثاملبحعندما استخدمت الطوائف هذا القياس استخدمته ويف عقوهلم أحكام مسبقة يريدون

مبعىن أم تعاملوا مع هذا وافق،غري م إثباا سواء كان ذلك احلكم موافقا للقياس العقلي أم مطـابق أو رورة العقليـة، صدروه يوافق الـض أأن احلكم الذي القياس مبا خيدم أقواهلم ال

:ويتضح ذلك فيما يلي للحقيقة، :)١()إذا تعارض العقل والنقل قدم العقل مطلقا(التزامهم بقانوم العام )١(

ـ فهم يتركون نـصوص ـ التزمته مجيع الفرق، ن صاغه األشاعرةإو هذا القانون وتقـسيم وص الـشرعية، رد النص وا ألجله الفت عقوهلم، وهذا القانون التزم خالشرع إذا

. إىل غري ذلك من االلتزامات واألحاديث إىل آحاد ومتواتر،و يف هذا املبحث بيان عالقة هذا القانون باخلطأ باالستدالل العقلي،ويبني ذلك ابـن

القول بتقدمي اإلنسان ملعقوله على النصوص النبويـة قـول ال ":بقولهـ رمحه اهللا ـ تيمية كـل ، أهل الكالم والفلسفة اخلائضني املتنازعني فيما يسمونه عقليـات ينضبط وذلك ألن

نه يعلم بضرورة العقل أو بنظره مايدعي اآلخر أن املعلوم بـضرورة العقـل أو إمنهم يقول هـم النفي واإلثبات فيهم من الذكاء والعقل واملعرفة ما وكل من طائفيت ... بنظره نقيضه

وهذا يقول إن العقل الصريح دل على النفي، واآلخر يقول متميزون به على كثري من الناس، .)٢(العقل الصريح دل على اإلثبات

ما أوهم متنازعون يف املسائل اليت دلت عليها النصوص كمسائل الصفات والقدر، و كمسألة اجلوهر الفرد ومتاثل األجسام وبقاء األعراض وغري ذلك ففيها مـن ةاملسائل املولد

مث كل من كان عن يطول استقصاؤه وكل منهم يدعي فيها القطع العقلي بينهم ما النـزاعالسنة أبعد كان التنازع واالختالف بينهم يف معقوالم أعظم فاملعتزلة أكثر اختالفـا مـن

.)٣("يطول ذكره متكلمة اإلثبات وبني البصريني والبغداديني منهم من النـزاع مانـه أوص الشرعية عرضوها على عقوهلم فردوا منها مـايظنون فهم عندما نظروا للنص

فمثال نفوا الصفات عن اصطلحوا عليه، ويقصدون باملعقول ما،خمالف للمعقول

ــــــــــــــ ). ١٩٤ـ١٩٣ص (أساس التقديس : انظر )١( ). ١٤٥ـ١/١٤٤ (درء تعارض العقل والنقل : انظر لألمثلة )٢( ). ١٥٧ـ١/١٥٦ ( نقل درء تعارض العقل وال )٣(

٢١٣

مة عن اهللا اعتمادا على نفي كوكذلك يف أفعال اهللا نفوا احل ، اهللا ألن إثباا يقتضي التجسيم . و إىل غري ذلك من املسائل الغرض عن اهللا ألنه يستلزم استكماله به،

الواحـدة ويف ةاالختالف بني الفرق بل بني الفرق تقدمي العقل على النقل إىل أدىو ما إذا نظرت إىل أهل األهواء والبدع رأيتهم متفرقني أ و":رمحه اهللاـ ام السنة لك قال قوذ

.)١("خمتلفني أو شيعا أو أحزابان االلتزام ذا القانون جعل الطوائف تتناقض أميا تناقض، والسبب يف ذلك يعود إبل

.عقل من نقدموالعقول يعلوها اهلوى والغفلة والسهو، ف إىل أن العقول متفاوتة،الطوائف يف بعض املسائل، ألن املقام ليس مقام عرض هلـذه ات بعض تناقض هذه و

التناقضات، بل مقام توضيح ارتباط اخللل يف العقيدة بالدخول بفكرة مسبقة وخاصة القانون .العام الذي قدموه

قـل وعاقـل فمثال الفالسفة قالوا بأن الوصف يقتضي التركيب مث قالوا بـأن اهللا ع مث قالوا بأن العقل العاشر فاض ا، واحد الإ الواحد اليصدر عنه أن وكذلك قوهلم ب ،ومعقول

مث اسـتدلوا ،تؤخذ من الشرع هليات تؤخذ من العقل وال ن اإل أ وكذلك قوهلم ب ،عنه العامل .ن لعدم وجود دليل عقلي ملا يقولونآملراتب النفوس من القر

للنفيـضني يف وكذلك رفعهم ،تتضمنه من صفات األمساء دون ما واثبتفأما املعتزلة أ و وكذلك قوهلم على مرتكـب ،ن عدم رفع النقيضني من بدايه العقول أعلو اهللا مع جعلهم

.نه يف منـزلة بني املنـزلتني مث حكموا بأنه يف االخرة يف النارأالكبرية بك كنفيهم بأن اهللا يفعل لغـرض مث وكذل ،جلهة مع إثبات الرؤية ا وانففما األشاعرة أ و

قوهلم بقانوم العام مث ردوا حتـسني وكذلك،على يد نيب الإجيري املعجزة قالوا بأن اهللا ال .ا عن موضوع الرسالة بنخلرجفيها وغري ذلك من األمثلة الكثرية واليت لو استرسل .العقل

:التزامهم باأللفاظ اجململة )٢(

يف العقيدة التزام الفرق مبصطلحات يـسريون عليهـا يف سباب الضالل أعظم من أ نفيها معلومة ومعاين هذه األلفاظ اليت يريدون إثباا أو القياس إلثبات العقائد،

ــــــــــــــ

). ٢٢٦ـ٢/٢٢٥ (احلجة يف بيان احلجة )١ (

٢١٤

عليـه صطلحوا ا مسبقا كلفظ اجلسم واجلهة وغري ذلك،فقد فهموا هذه األلفاظ حبسب ما ولكن هؤالء عمدوا إىل ":رمحه اهللاـ ابن تيمية قال فجعلوا القياس يسري وفق هذه املعاين، األمم معاين متعددة وصاروا يدخلون فيها من املعـاين ألفاظ جمملة مشتبهة حتتمل يف لغات

األمم مث ركبوها وألفوها تأليفا طويال بنوا بعـضه علـى ليس هو املفهوم منها يف لغات ماريب أن فيه دقة وغموضا ملا بعض، وعظموا أقواهلم وهولوه يف نفوس من مل يفهمه، وال

.فيه من األلفاظ املشتركة واملعاين املشتبهة لـه دخل معهم الطالب وخاطبوه مبا تنفر عنه فطرته فأخذ يعترض عليهم قالوا فإذا

س من األنفة واحلمية حيملها على أن يف النفو يصلح لك فيبقى ما تفهم هذا وهذا ال نت ال أم تلك األمور قبل حتقيقها عنده وعلى ترك االعتراض خشية أن ينسبوه إىل نقص العلم تسل

.)١("والعقلأن املبتدعة هؤالء ركبوا يف األلفاظ املوجودة يف اللغة معاين ـ رمحه اهللا ـ فهنا يبني

أيت من يريد الـتعلم منـهم يكلمونـه باطل،وعندما ي هو كثرية منها ما هو حق ومنها ما عندهم وعدم الفهم فيضطر ألخذ ما فيتهمونه بالغباء، ،بعقائدهم ولكن فطرته تنفر من ذلك

غلبهم مقلدة فهم يستدلون على أوهذا يبني أن ه،ئوااللتزام به قبل التحقق من صحته أو خط . تضيه القياس العقلييستدلون مبا يق والـ ساس القياس عندهم أوهذا ـ همخيأقوال مشا

أن من أسباب عدم فهم داللة النصوص الشرعية االلتزام ذه ـ رمحه اهللا ـ ويبني ومن أعظم أسباب الغلـط ":رمحه اهللاـ األلفاظ اليت ختالف يف معناها مجيع اللغات، يقول

يف فهم كالم اهللا ورسوله أن ينشأ الرجل على اصطالح حادث فرييد أن يفسر كـالم اهللا .)٢("بذلك االصطالح وحيمله على تلك اللغة اليت اعتادها

وهنا يكمن اخلطـأ ةفاإلنسان الذي ال يعلم معاين مصطلحام يرد معانيها إىل اللغ .ألنه سينفي بذلك من قوهلم ما هو حق أو يثبت ما هو باطل

وا هـذه فجعل...) اجلسم، التركيب، اجلهة، احليز، احلد، (فمثال من ألفاظهم املة األلفاظ هي احلاكمة على نصوص الكتاب وإنـزال آيات الصفات على هذه األلفاظ فترد

.الصفات وتنفى ألجل هذه األلفاظ اليت تشمل حقا وباطال

ــــــــــــــــــــــــــــ ). ١/٢٩٥ (درء تعارض العقل والنقل )١( ). ١٠٧ـ١٢/١٠٦ (الفتاوى )٢(

٢١٥

ىهذه األلفاظ، فكل من اتصف بصفة فهو مركب وهـو فالقياس يعتمدون فيه عل ـ سبحانه وتعاىلـ فيجب نفيه عن اهللا ،جسم فكل صفة تثبت تقتضي إثبات اجلـسمية

فال ميكن أن يصلوا إىل احلق والسبب يعود إىل التزامهم ـذه والتركيب حبسب تعريفهم، فـي بعـض الـصفات نفي لصفات اهللا أو ن األلفاظ، وألجل ذلك جعلوا حقيقة التوحيد

.عضبوإثبات اعتمدوا على النـصوص لغة القران و فلو أم تركوا هذه املصطلحات ورجعوا إىل ـ وهذا يقرره ابن تيمية ـ بأذن اهللاـ واستدلوا بعقل صحيح لوصلوا إىل احلق الشرعية،ـ رمحه اهللا نا أن نؤمن أما الشرع فإن علي؛ نافع يف الشرع والعقل)١( واعلم أن هذا": بقوله

قاله فعلينا أن نصدق بـه صلى اهللا عليه وسلم ثبت أن الرسول مبا قاله اهللا ورسوله فكل ما .يقول على اهللا إال احلق وإن مل نفهم معناه ألنا قد علمنا أنه الصادق املصدوق الذي ال

ر والعرض تنازع فيه األمة من األلفاظ املة كلفظ املتحيز واجلهة واجلسم واجلوه وما وأمثال ذلك فليس على أحد أن يقبل مسمى اسم من هـذه األمسـاء ال يف النفـي وال يف

. يتبني له معناه اإلثبات حىت ا، أراده حق فإن كان املتكلم بذلك أراد معىن صحيحا موافقا لقول املعصوم كان ما

يبقى النظر يف إطـالق أراده باطال، مث وإن كان أراد به معىن خمالفا لقول املعصوم كان ما ميتنع من إطالق اللفظ ملـا ذلك اللفظ ونفيه وهي مسألة فقهية فقد يكون املعىن صحيحا و

فيه من مفسدة، وقد يكون اللفظ مشروعا ولكن املعىن الذي أراده املتكلم باطل كما قـال ريد ا كلمة حق أ:”الحكم إال هللا” ن اخلوارج املارقنيمملن قال ـ رضي اهللا عنه ـ علي ...باطل ل قوله ومل يـرد قبما نفع هذا االستفسار يف العقل فمن تكلم بلفظ حيمل معاين مل ي أ و

حىت نستفسره ونستفصله حىت يتبني املعىن املراد ويبقى الكـالم يف املعـاين العقليـة ال يف ومـن كـان ن أكثر اختالف العقالء من جهة اشتراك األمساء إاملنازعات اللفظية، فقد قيل

.)٢("متكلما باملعقول الصرف مل يتقيد بلفظ بل جيرد املعىن بأي عبارة دلت عليه

ــــــــــــــ . ال عما فيه إمجالفصيقصد االست )١( ). ٢٩٩ـ١/٢٩٦ (درء تعارض العقل والنقل )٢(

٢١٦

:يبني ابن تيمية رمحه اهللا أمور ـصلى اهللا عليه وسلم ـ ورسوله ـ سبحانه وتعاىلـ أثبته اهللا أنه جيب إثبات ما ـ١

.وااللتزام باملصطلحات الشرعية :قسمني األلفاظ املة تنقسم إىل ـ٢

حكم ال(أ ـ ألفاظ وردت يف الشرع ولكن ختتلف باختالف قصد املتكلم ككلمة . ولكن ال بد من معرفة مقصد املتكلم واملعىن الذي يريده طالقها صحيحة، إب) إال هللا . جممل من حيث قصد املتكلم ال من حيث املعىن العام للفظفاللفظ

ولكن وردت يف اللغة مع زيادات يف املعىن ال تكون ب ـ ألفاظ مل ترد يف الشرع، إما قيـدوها ب االستفصال عن املعىن الذي يريده ألم جي األلفاظ يف اللغة، وهذه

.ختالف اللغة معاين ببعض معانيها، أو أوردوا هلا :يبني ابن تيمية أن اخللل قد يكون يف ـ٣

.أ ـ معاين األلفاظ، فاللفظ له عدة معاين فيسأل عن املعىن الذي يريده ذا اللفظ ب ـ قد يكون يف املعاين العقلية حىت وإن ابتعد عن اللفظ الذي حيمل احلق والباطل

.فاملهم سؤاله عن املعىن الذي يريدهها ألا تقتضي التركيب والتجسيم وقالوا بقدم العامل فالفالسفة ردوا الصفات ونفو

واملعتزلة نفوا الصفات ألن إثباـا يقتـضي . ألن العلة تستلزم املعلول وغريها من عقائدهم .يفعل القبيح وغريها من عقائدهم وأنكروا خلق اهللا ألفعال العباد ألن اهللا ال التركيب،وأنكروا العلل والـصفات الذاتيـة ،اقي ونفوا الب بعض الصفات أثبتوا واألشاعرة

.لألشياء لعموم قدرة اهللا ومشيئته :االلتزام بالقضايا الثنائية )٣(

دموا القياس ويف اذهام فكرة مسبقة أن هذه املسألة ثنائية مبعىن أن القول ذه خاست ـ حد القولني ينفي االخر،وال أ إىل قسمني فإثبات ماملسألة ينقس ث خمـالف يوجد قول ثال

:للقولني ويتضح ذلك فيما يلي فمن وصـف اهللا ،جعلوا إثباا يقتضي التجسيم والتركيب واملماثلة :الصفات ) أ(

فقد مثله خبلقه وأثبت أنه مركب وجسم، وهذا مـن خـصائص املخلـوقني، وجعلوا مقابله التوحيد وهو نفي الصفات عن اهللا للمعاين السابقة وغالبيتـهم

٢١٧

في، والبعض منهم أثبت ونفى، وكل ذلك بناء علـى هـذه التزموا جبانب الن القسمة الثنائية، وهذا الذي جعلهم يؤولون الصفات الـواردة يف النـصوص

.الشرعية :القدر ) ب(

يوجد قول ثالث، فإن قلت خمري فهو غري مسري، ما خمري أو مسري، وال إفاإلنسان نفي فعل اهللا أو فعل العبـد، فمـن واضطرهم ذلك إىل وإن قلت مسري فهو غري خمري،

.أثبت فعال للعبد نفى فعل اهللا، ومن أثبت فعل اهللا نفى فعل العبد، وهكذا :اإلميان ) ج(

والكبرية ،نمول مؤ قن ت أما إف واحلكم على مرتكب الكبرية هل هو مؤمن أو كافر؟ لـه اعمأينظـر يف يفرق بني عمل وعمل وال وال ،ن تقول أنه كافر أميانه، وإما إالتنقص

يثبت له ميان وال ينفى عنه اإل فال يوجد قول ثالث يف املسألة بأنه مؤمن عاص األخرى، وال .كماله

:وكذلك أفعال اهللا )د (فأنه جعل مع اهللا ،)اجلنس واالفراد ( فمن اثبت قدمها ، هي إما قدمية أو حمدثة :قالوا

.وذلك يثبت قدم العامل قدميا غريه، .ةفأنه جعل لفعل اهللا بداي ،ةا حمدثإومن قال

ـ آيوجد يف املسألة قول ثالث بأن جنسها قدمي و ال وكأنه جل هـذا ،وألةحادها حمدث .هامدقوقال الفالسفة ب ،ةالتقسيم قال املتكلمون بأا حادث

:التأثر باألديان واملوروثات السابقة )٤(

ا على ـ سبحانه وتعاىل ـ اهللا ل الفتوحات اليت مندى انتشار اإلسالم من خالأ ولكن دخوهلم يف الدين ليس علـى درجـة األمم يف دين اهللا أفواجا، املسلمني إىل دخول سلم وتبقى شيء مـن موروثاتـه أ فمنهم من حسن اسالمه ومنهم من ،واحدة من التسليم

ذان الصنفان األخريان نقلوا هذه بطن الكفر،وه أسالم و ظهر اإل أالسابقة يف ذهنه ومنهم من ثر الكبري يف زعزعة عقائد بعض الناس والقول علـى له األ املوروثات إىل املسلمني، مما كان

ومـن وألجل ذلك كانت غالب العقائد املخالفة لدين اهللا منشؤها من هؤالء، اهللا بال علم، ومما يبني ذلك قول و نفيها، أ اس بفكرة مسبقة يريد إثباا يراد االستدالل هلا يدخل يف الق أ

٢١٨

األمم فأخذوا إن بين إسرائيل مل يزل أمرهم معتدال حىت نشأ فيهم مولدون سبايا ":الشاطيب . )١("فيهم بالرأي فضلوا وأضلوا

فهؤالء السبايا محلوا موروثام معهم ودخلوا يف دين اهللا شكال فأضلوا النـاس ملـا ، ونضرب هنا بعض األمثلة اليت تبني التأثر ـؤالء ممـا حيملونه من اآلراء املخالفة لدين اهللا

.جعلهم يضلون يف باب العقائدفمن أكثر الطوائف دخوال يف دين اهللا هم النصارى وخاصة أتباع النسطورية، فقـد

.)٢(كانوا يعيشون يف العراق والشام عند دخول اإلسالم لتلك البلدانلقدر قدرية ينفون خلق اهللا لفعل العبد،ومما والنسطورية يف باب الصفات نفاة ويف ا

ومن النسطورية من ينفـي التـشبيه ":رمحه اهللاـ ثرهم على الفرق قول الشهرستاين أيبني .)٣("ويثبت القول بالقدر خريه وشره من العبد كما قالت القدرية

:فهنا يبني رمحه اهللا أن النسطورية أثرت يف املعتزلة بعقيدتني .اتـ نفي الصف١ .ـ ونفي القدر وهو إثبات فعل العبد وأن اهللا ليس خبالق لفعل العبد٢ فشت القدرية بالبصرة حىت فشا مـن أسـلم مـن ما ":بن أيب هند ايقول داود و .فهنا يبني أثر هؤالء النصارى يف القدرية ،)٤("النصارىأهل العراق يقال له أول من نطق يف القدر رجل من ":رمحه اهللاـ ويقول األوزاعي

.)٥("اجلهين وأخذ غيالن عن معبد سوسن كان نصرانيا فأسلم مث تنصر فأخذ عنه معبديتكلمون إال يف علي وعثمان حىت أدركت الناس وما":رمحه اهللاـ ويقول ابن عون .)٦("هنا حقري يقال له سنسويه البقال نشأ ها

ـ ليس من دين اهللا الذي نـزل على حممـد أنه تبني فهذه السلسلة للقول بالقدر .واالستدالل عليه خمالف شرعا وعقالـ صلى اهللا عليه وسلم

ــــــــــــــ

). ٢/٣٣٤ (االعتصام )١( ). ١/٩٧ (نشأة الفكر الفلسفي )٢( ). ٢٢٦ص (امللل والنحل )٣( ). ٢/٣٠٠ (اإلبانة الكربى )٤( ). ٢/٢٩٨ (اإلبانة الكربى )٥( ). ٢/٧٤٩ (أصول السنة اعتقاد شرح )٦(

٢١٩

وكذلك القول بالرجعة فأصلها مأخوذ من اليهودية، فهم يعتقدون بأن النيب اليـاس .)١(صعد إىل السماء وسيعود فيعيد الدين والقانونـ عليه السالم ـ

وكذلك مقالة التعطيل مأخوذة عن تالمذة اليهود واملشركني وضالل الصابئة وأول ٢(ا اجلعد بن درهم وأخذها عنه اجلهم بن صفوانمن تكلم(.

ام أخذ عن هشام بن احلكم الذي أخذ عن الثنوية والـسمنية إبراهيم النظ وكذلك يتجزأ، مث بىن عليه قوله بالطفرة اليت مل يسبقه ومالحدة الفالسفة قوله بإبطال اجلزء الذي ال

يقدر على فعل اجلور والكـذب، عدل ال ليها أحد وأخذ أيضا عن الثنوية قوله بأن فاعل ال إوأخذ عن هشام بن احلكم قوله بأن األلوان والطعوم والروائح واألصوات أجسام وبىن على

.)٣(هذه البدعة قوله بتداخل األجسام يف حيز واحدمأخوذ عن ضالالت أهـل فهوعقائدهم من خالف فيه املتكلمون أهل السنة فكل ما

جعلهم يضلون يف قياس الغائب على الشاهد ألم دخلوا بأفكار وهذا ما املقاالت السابقني، .تقبل اجلدل وعسفوا هذا القياس لالستدالل على بدعهم مسبقة يقينية عندهم ال

ــــــــــــــ ). ٢٧٠ـ٢٦٩ص (فجر اإلسالم )١ ( ). ١/٢٦ (، ميزان االعتدال ) ٦/٢٦ (سري أعالم النبالء )٢( ). ٣١ص (الفرق بني الفرق للبغدادي )٣(

٢٢٠

ردود األفعال: املبحث الرابعتكاد توجد عقيدة من عقائد الفرق الضالة املخالفة ملنهج أهل السنة واجلماعة إال ال

.وهي ردة فعل مل ترجع إىل معيار الشرع فعل للخوارج، واألشاعرة ردة فعل للمعتزلـة، واجلربيـة ردة فعـل ةفاملرجئة رد

ونريد أن نبني يف هذا املطلب . وهكذا يف مجيع العقائد . درية، واملمثلة ردة فعل للمعطلة للق ا موافقة للعقل بل هي املعقولة وغريها ليست كذلك هـي يف أن هذه العقائد اليت يدعون أ .احلقيقة ردود أفعال

.هور احلقالتعصب للمذهب مع ظ ويف املناظرات، :وتتضح ردود األفعال من ناحيتني :يف املناظرات )١(

وهذه غالبا يضطر فيها الشخص لالستدالل على عقيدته مبا يستطيعه مـن احلجـج املناظرة قد يضطر إما إىل االلتزام بقول اخلصم، أو اإلتيـان ببدعـة إذا أفحم يف و، واألدلة

يدتـه أو ينـاظر لعقأحدهم يناظر أن ألم يف الغالب عند املناظرة إما خمالفة لبدعة اخلصم، ظهار احلق بقدر إألن اهلدف ليس لبيان فساد عقيدة اخلصم فيضطر إىل الوقوع يف الضالل،

. ما هو االنتصار على املخالف .وسأكتفي بذكر أربعة مناذج للداللة على ذلك

قصة اجلهم بن صفوان مع السمنية واليت أصبحت أساسا لتعطيل أمساء اهللا وصفاته، ) أ( : "ـ رمحه اهللامحد أناقال قصة اجلهم مع السمنية عن االمام ـ رمحه اهللا ـ يقول ابن تيمية

وكان مما بلغنا من أمر اجلهم عدو اهللا أنه كان من أهل خراسان من الترمذ وكان صـاحب خصومات وكالم وكان أكثر كالمه يف اهللا تعاىل فلقي ناسا من املـشركني يقـال هلـم

نكلمك فإن ظهرت حجتنا عليك دخلـت يف ديننـا وإن : له السمنيةفعرفوا اجلهم فقالوا .أظهرت حجتك علينا دخلنا يف دينك

نعم، : ألست تزعم أن لك إهلا ؟، قال اجلهم : له فكان مما كلموا به اجلهم أن قالوا له فشممت : ال، قالوا : فهل مسعت كالمه ؟، قال : ال، قالوا :هل رأيت إهلك ؟، قال :فقالوا

ال، :جمسا؟، قـال له فوجدت : ال، قالوا :قال، حسا؟ له فوجدت : ال، قالوا :الرائحة ؟، ق . فما يدريك أنه إله؟:قالوا

مث إنه استدرك حجة مثل حجة الزنادقة فتحري اجلهم فلم يدر من يعبد أربعني يوما ـ م عليه السالـ من النصارى وذلك أن زنادقة النصارى يزعمون أن الروح اليت يف عيسى

أراد أن حيدث أمرا دخل يف بعـض خلقـه هي من روح اهللا تعاىل ومن ذات اهللا تعاىل فإذا

٢٢١

،فتكلم على لسان حاله فيأمر مبا يشاء وينهى عما يشاء وهو روح غائب عـن األبـصار ، نعم : ألست تزعم أن فيك روحا؟ قال :فاستدرك اجلهم حجة مثل هذه احلجة فقال للسمين

فوجـدت هلـا : ال، قال : مسعت كالمها ؟، قال : ال، قال :قال ؟ فهل رأيت روحك :قال له تشم صوت وال له يسمع وجه وال له فكذلك اهللا ال يرى : ال، قال :حسا أو جمسا ؟، قال

.رائحة وهو غائب عن األبصار وال يكون يف مكان دون مكان: وقوله تعـاىل ، ]١١الشورى،[ليس كمثله شيء :قوله تعاىل ك مث استدل باآليات يف السموات واألرض]،وقوله تعاىل ]٣االنعام ، : التدركـه األبـصار وهـو يـدرك

.)١("...]١٠٣االنعام،[األبصار :هىفكالم اجلهم السابق اشتمل على أمور خمالفة

وكـذلك ":يقول ابـن تيميـة . يقصده السمنية ومل يعرف مذهبهم أنه مل يعرف ما ـ ١سوى احلسيات حىت ينكروا املتواترات السمنية قوم ينكرون من العلوم ما يذكرونه أن يف ما

حيسونه ال ميكن اإلحساس به مل ينكروا وجود ما ال غلط على القوم فإم أنكروا وجود ما ... فال يتصور أن أحدهم ينكر ماكان قبل مولده فال ينكر وجود البالد... هم بهغاب عنهم علموه شاهدوه علموه باملشاهدة وما أن ما بل بنو آدم كلهم متفقون على

. )٢("باألخبار فال يتصور أن كل طائفة من الطوائف تتفق على جحد جنس األخبار .حيسونه هم مل يكن له دليل عليهم بالروح ال فلو كانوا ينكرون وجود ما

م ورؤيـة ـ التزام لذلك عقائد باطلة منها إنكار صفات اهللا تعالىكالوجه والكال ٢ .املؤمنني هللا وإنكار علوه والقول باحللول وحتريف كالم اهللا عن مواضعه

قصة يوحنا الدمشقي يف كالم اهللا واليت أجربت املعتزلة إىل القول بأن القرآن ) ب( .خملوق

أنـه كلمـة اهللا مث : له تقول يف املسيح؟ فقل ما : إذا قال لك املسلم ":يقول يوحنا وليسكت فال يتكلم بشيء حـىت جييبـه مب مسي املسيح يف القرآن ؟ :سلميسأل النصراين امل

هل: كلمة اهللا ألقاها إىل مرمي وروح منه فإن أجاب بذلك فاسأله:املسلم قائال

ـــــــــــــــــــــــــــــ .)١٠٤ـ١٠٢ص( وانظر الرد على اجلهمية،)٣٢٢ـ٣١٧|١(وانظر، ) ٣٥١ـ٣٥٠|٢(بيان تلبيس اجلهمية )١( . ) ٣٣٠ـ٣٢٩ص (الرد على املنطقيني )٢(

٢٢٢

ذن ومل إ كلمة اهللا وروحه خملوقة أم غري خملوقة ؟، فإن قال خملوقة فريد عليه بأن اهللا كـان فإن قلت ذلك فسيفحم املسلم ألن من يرى هذا الرأي :يوحنا قال ،له كلمة والروح تكن

.)١("زنديق يف نظر املسلمني، وألجل ذلك وجدوا أنه ليس أمامهم يف صفة الكالم )٢(ةلشبهواملعتزلة تأثرواذه ا

:حد طريقني أإال يف ـ إثبات أن كالم اهللا غري خملوق ويقتضي ذلك ألوهية املسيح وهذا منتـف ١ .العقول

ـ إثبات أن كالم اهللا خملوق ويقتضي ذلك عبوديته فوقعوا يف قضية خلق القرآن ٢ . سنةمام أهل الإاليت امتحن ألجلها

.قصة األشعري مع اجلبائي) ج( مؤمن وكافر وصيب، ؛ ماقولك يف ثالثة :سأل األشعري أستاذه اجلبائي "وذلك عندما

املؤمن من أهل الدرجات والكافر من أهل املهلكات والصيب من أهل النجاة، :فقال اجلبائي :، قـال اجلبـائي ميكن ؟ فإن أراد الصيب أن يرقى إىل أهل الدرجات هل :فقال األشعري

فإن قال :األشعري ن املؤمن قد نال هذه الدرجة بالطاعة وليس لك مثلها، قال إله يقال، ال يقول :ين كنت عملت من الطاعات كعمل املؤمن، قال اجلبائي حييتنالتقصري ليس مين فلو أ

ـ م كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت ولعوقبت فراعيت مصلحتك وأ :له اهللا أن ك قبـل ترب علمت حاله كما علمـت فلو قال الكافر يا : تنتهي إىل سن التكليف، قال األشعري

وهذه املناظرة جعلت من ، )٣("ين صغريا فانقطع اجلبائي حايل فهال راعيت مصلحيت مثله فأمتيفعل شيئا لشيء يبعثه عليه بـل جيب عليه شيء وال نه تعاىل ال أ" أصول املذهب األشعري

، فنفي األشعري للحكمة )٤("سأل عما يفعل وهم يسألون ي لك ورب العاملني ال هو مالك امل والتعليل انبىن على ردة فعل يف مناظرة كان الواجب عليه الرجوع إىل كتـاب اهللا وسـنة

.سيتضح يف القصة الرابعة ما رسوله وهو

ــــــــــــــ ). ٣١|١ (يف علم الكالم ) ١( )١٢٤ـ١٢٣ص(انظر الرد على اجلهمية ، الشبهه عند نقاشهم لالمام امحد رمحه اهللاحتجاجهم ذه رد وا) ٢(

). ٢٥١ـ٢٥٠|٢ (انظر طبقات الشافعية للسبكي )٣(

. السابق من قول السبكي) ٤(

٢٢٣

.قصة األشعري يف أمساء اهللا تعاىل) د( ، ال : هل جيوز أن يسمى اهللا عاقال؟ فقال اجلبـائي : دخل رجل على اجلبائي فقال "

،ألن العقل مشتق من العقال والعقال مبعىن املانع واملنع يف حق اهللا تعاىل حمال فامتنع اإلطالق حكيما ألن هذا االسـم ـ سبحانه وتعاىل ـ يسمى اهللا فعلى قياسك ال:فقال األشعري كمشتق من حن ممشتقا اللجام وهي احلديدة املانعة للدابة عن اخلروج، فإن كان اللفظ ةم

فلم حيـر ـ سبحانه وتعاىل ـ املنع واملنع على اهللا حمال لزمك أن متنع إطالق حكيما عليه عاقال وأجزت أن ـ سبحانه وتعاىل ـ فلم منعت أنت أن يسمى اهللا :له جوابا إال أنه قال

يسمى حكيما، قال األشعري ألن طريقي يف مأخذ أمساء اهللا السماع الـشرعي ال القيـاس حكيما ألن الشرع أطلقه ومنعت عاقال ألن الشرع منعه ولو أطلقه الشرع اللغوي فأطلقت

.)١("ألطلقته :يف التعصب للمذهب وإن ظهر احلق )٢(

التعصب يغطي العقل وجيعل اإلنسان ينتصر لنفسه دون النظر إىل احلق والباطل،والواجب ما وافق الكتاب والسنة أخذ عليه أن ينظر إىل احلق ويأخذ به دون التعصب لرأيه أو مذهبه ف

.خالف ترك وما، وجعلوا )٢(فالفالسفة تعصبوا ملذهبهم ومصطلحام وقسموا الناس إىل عوام وخواص

يؤخذ ا بل مهمتها إصالح العلوم تنقسم بانقسام الناس فما كان للعوام فهذه أمور ظنية ال هـذه بعـض و عليهم االلتزام ا، وأما احلقائق فهذه علوم اخلواص وهي اليت جيب العوام،

لفالسفة ملذاهبهم مع تبني ان احلق ضد ذلك وإقرارهم بـه ولكنـهم األمثلة تبني تعصب ا .يأخذون به ال

أن مـن ":فابن سينا عندما قسم القضايا من حيث الظن واليقني وقبوهلا وردها ذكر هات بغريهـا ومتخـيالت و معها ومشب مات واملظنونات وما أصناف القضايا وهي املسل

الواجـب قبوهلـا ؛نافها ثالثـة أصأيضا ا معتقدات وإمامأخوذات واملعتقدات إممات املسلراء لو خلي اإلنـسان آ له إال الشهرة وهي ةعمد ذ ال إاملشهورة ... واملشهورات والومهيات

... مل يقض ا اإلنسان طاعـة لعقلـه أو ومهـه أو حـسه ... وعقله ارد وومهه وحسه واملشهورات إما من الواجبات وإما من التأديبات

ـــــــــــــــــ ).٢/٢٥١( السابق )١( . ول ابن سينا علىقياس التمثيل بأنه مايسميه اهل زمانه قياساقوكذلك ، ) ١٣٤ص (ناهج األدلة مانظر )٢(

٢٢٤

.)١("تتطابق عليها الشرائع اإلهلية الصالحية وما ،جاء يف الـشرائع ن العدل حسن والظلم قبيح وما أمثل رات،فهو هنا ينفي املشهو

من أسباب رد الكتاب والسنة ـ رمحه اهللا ـ فهو يريد أن يرد هذا وهذا كما بينه ابن تيمية .وهذا ماذكرناه سابقاعندهم غري يقينية األن قضايامه

مث يعترف بعكس احس وال اومه عقال وال حيكم ا ال فهو هنا يبني أن املشهورات ال اجلوع والعطـش أن كبري النفس يستصغر "ذلك ولكن مذهبه األساسي رفضها فهو يذكر

ملا يتوقعه من لذة احلمد ولـو بعـد ... عند احملافظة على ماء الوجه ويستحقر هول املوت نة كانت اللذات الباط بان أن اللذات الباطنة مستعلية على اللذات احلسية فإذا فقد... املوت

فهنا يبني أن القـبح واحلـسن . )٢("أعظم من الظاهرة وإن مل تكن عقلية فما ظنك بالعقلية بعد هذا الكالم يـرد عليـه ـ رمحه اهللا ـ واالستلذاذ يكون باحلس والعقل، فابن تيمية

يدركـه إن استحسان احلسن واستقباح القبيح ال (: هذا كله حجة عليك يف قولك ":بقولهوأنت قد ذكرت أن اإلنسان بل احليوان يلتذ باحلمد ) بومهه بعقله وال والحبسه اإلنسان ال

ومعلوم أن لذة األكل والشرب مما يعلم باحلس الظاهر فهذه اللذة الباطنـة يعلـم ... والثناء ن احلس والوهم والعقل ال يعلم به حـسن احلـسن إباحلس الباطن وبالوهم فكيف تقول

من التذاذ اإلنسان باإليثار وتركه الطعام الشهي مراعاة احلشمة ذكرته قبح القبيح؟ وما وال .)٣("وحنو ذلك إمنا هو لكونه يرى ذلك قبيحا وهذا مجيال

والسبب يف هذا التناقض هو أم اعتمدوا يف إثبات عقيدم يف املعاد علـى اللـذة وها ردوا عقيـدم العقلية فأثبتوها هنا مع نفيهم حلصول القضية املشهورة يف العقل فإن رد

.)٤(تعلم إال من خالل القضايا املشهورة باملعاد واليت ال

ــــــــــــــــــــــــــ ). ٣٥٣ـ٣٤١|١ (اإلشارات ) ١ (

). ٧٥١ـ٧٥٠|٣ (إلشارات ) ٢(

). ٤٣٢ص (الرد على املنطقيني ) ٣(

). ٤٢٤ص (السابق ) ٤(

٢٢٥

زايل قوله بأن الفالسفة ينكرون البعـث واملثال الثاين أن ابن رشد عندما رد على الغ احلق الذي نـزلت بـه اجلسماين بني أن ذلك غري صحيح وأن الفالسفة يثبتون ذلك وهو

جعلته روحانيا ومنها ا عاد بعد ذلك وبني أن الشرائع اختلفت يف املعاد فمنها م ،)١(الشرائعيف كتابه مناهج األدلـة ، وهوكذلك يثبت قضايا كثرية )٢(جسام والنفوس معا جعلته لأل ما

.ويقرر أا حق ولكنها للعوام مث يذكر طرق اخلاصة اليت ختالف هؤالءوأما املعتزلة فلعل قصص اجلبائي مع األشعري فيها الكفاية، فهو مل يعرف عنه

.الرجوع عن هذه املسائل يف الوعد والوعيد وأمساء اهللا سبحانه وتعاىلن ظهر احلـق إلتدليل على تعصبهم ملذهبهم و لمثال واحد بذكر ىكتفياألشاعرة ف وأما ن والقبح من صفات األفعال، ولكنه مع سأن احل إقراره الف األشاعرة يف خفالرازي :خالفه

ذلك نفى التحسني والتقبيح العقليني، وأثبت التحسني والتقبيح الشرعي، فهو قد بني بـأن يـرون يف نايف أقوال األشاعرة فإم اللألفعال صفات كمال أو نقص ـ وهذا كما قلنا ي

ـ وهذا صحيح ولكنه رجع بعد ذلـك متـسكا )٣(األفعال صفات حسنة أو قبيحة ذاتيةباملذهب إىل نفي التحسني والتقبيح العقلي فبني أن ذلك يقتضي كون الفعل موجبا للثواب

ن صـفات العبـد والعقاب واملدح والذم يف العاجل واآلجل، وبىن هذا القول على قوهلم بأ .)٤(دامت كذلك فال توصف مبدح أو ذم اضطرارية وليست اختيارية وما

وكالمه األخري سريا على املذهب ولكنه بقوله هـذا يـرد ،فكالمه األول صحيح .)٥(قبح شرعا يوصف حبسن وال مذهبه ويلزم منه أن فعل الباري ال

ـــــــــــــــــ .) ٣٢٤ص (افت التهافت انظر) ١(

.) ٢٤١ص (انظر مناهج األدلة ) ٢(

). ٢٦٧ـ٢٥٧ص (، اإلرشاد ) ٣٧٠ص (، اية األقدام ) ١/٦٤ (انظر األحكام لآلمدي )٣( ). ٣٤٧ـ٣٤٦ص (، األربعني ) ٣٣٣ـ٣/٣٣٢ (املطالب العالية انظر )٤( ). ١/٢٠٣ (خمتصر ابن احلاجب انظر )٥(

٢٢٦

وجمازتقسيم اللغة إىل حقيقة :املبحث اخلامسكرب اسباب الضالل يف الدين حيث خص أ لقد كان تقسيم اللغة إىل حقيقة وجماز من

ما بقية املعىن املستخدم يف اللغة فهـو أو وه حقيقة، أاملقسمون من املعىن العام لكل لفظ مار وه بأنه حقيقة هو املعىن الذي يصدق علـى املـشاهد خص ومن املالحظ أن غالب ما جماز، كان يف الشاهد واملعـىن اـازي فاملعىن احلق عندهم ما ، ومن هنا كان الضالل وس،احملس أولوهـا، وأوألجل ذلك نفوا الصفات املذكورة للغيـب يف الـشرع كان يف الغائب، ام

.ن شاءاهللا تعاىلإبحث املهذا ه تقسيمهم هذا من الضالل من خالل جر وسيتضح ما : ونشوء القول ما تعريف احلقيقة واجملاز )١(

:تعريف احلقيقة لغة .)١(من احلق وهو الثابت

:تعريف احلقيقة اصطالحا يف أصل االصطالح الذي وقـع له وضعت ما ، و أفيد ا ما:بقولهيعرفها الرازي

.)٢(التخاطب به .)٣(متثيل فاحلقيقة الكالم املوضوع موضعه الذي ليس باستعارة وال: ويقول ابن فارس

.)٤(أقر يف االستعمال على أصل وضعه يف اللغة ما: بأايعرفها ابن جين :تعريف اجملاز لغة

.)٥(العبور واالنتقال والتعدي :واصطالحا

اصطلح عليه يف أصـل أفيد به معىن مصطلح عليه غري ما هو ما : بأنهيعرفه الرازي .)٦(ني األول اليت وقع التخاطب ا لعالقة بينه وبةتلك املواضع

ــــــــــــــ

). ٤/١٤٦١ (الصحاح )١( ). ٢١٥ص (الصاحيب )٢( .) ١/٣٠٠ (، مجع اجلوامع ) ٢/٤٤٢ ( اخلصائص البن جين )٣( ). ٢/٨٧٠ (الصحاح )٤( .) ٨٧٠\٣ (الصحاح) ٥(

).٣٩٧ـ٣٩٥\١ (احملصول )٦(

٢٢٧

وقيل ااز اللفظ املستعمل بوضـع ،)١(ن ااز ضد احلقيقة إ: بقولهويعرفه ابن جين .)٢(ثان لعالقة

.)٣(وضع له ملناسبة بينهما وتسمى العالقة وقيل اللفظ املستعمل يف غري ما فمن خالل هذه التعاريف يتبني أن احلقيقة وااز من عوارض األلفاظ، فاحلقيقة هي

غري ذلك فهو جماز،وأوضـحوا اللفظ الذي وضع واستعمل يف موضعه، أما إذا استعمل يف .)٤(أيضا أن اللفظ عند نقله من احلقيقة إىل ااز ال بد من عالقة ومناسبة يسموا قرينة

ـ وقد جلعوا لكل قسم من أقسام ااز أنواعا من القرائن حىت يصرف اللفـظ ن م .احلقيقة للمجاز

ااز املرسل جعلوا وياق،له قرينة لفظية أو معنوية تعرف من الس جعلوا :فاللغوي منه )٥(ة والكلية واجلزئيةيله قرائن كثرية منها السببية واملسبب

.)٦(جعلوا له قرائن كثرية منها املكانية والزمانية: وااز العقلي :القسام الثالثةأفمنهم من قسم ااز إىل هذه لعالقة مع قرينة مانعة مـن له وضع وهو اللفظ املستعمل يف غري ما : اللغوي ) أ (

.إرادة املعىن احلقيقي هو كلمة استعملت يف غري معناها األصلي لعالقة غري املشاة مع :ااز املرسل )ب(

.قرينة مانعة من إرادة املعىن األصلييف معناه إىل غري ما هو له لعالقة مع قرينة هو إسناد الفعل أو ما : ااز العقلي )ج( .)٧( إرادة اإلسناد احلقيقيمانعة من

ولكـن .فااز اللغوي واملرسل يف األلفاظ واألمساء وااز العقلي يف األفعال واإلسناد إليها إىلومن قسم ااز": يقول اجلرجاين؛هناك من رد هذا التقسيم

ــــــــــــــ

). ٢/٤٤٢ (اخلصائص )١( ). ١/٣٠٠ (مجع اجلوامع )٢( ). ١٨٠ص ( ختريج الفروع على األصول التمهيد يف )٣( ). ١٤٦ص (خمتصر املعاين )٤( ). ١٤٧ـ١٤٦ص (خمتصر املعاين )٥( .االيضاح للقزويين )٦( ). ٢٣٦ـ٢٣٠ص (، املراغي علوم البالغة )٧(

٢٢٨

لغوي وعقلي فذلك مبين على أصله الفاسد، وهو أن داللة املركب على معناه بالعقـل أو .)١("اده يف أول الكتاب، بل يقسم إىل اإلفرادي والتركييبالوضع وقد عرفت فس

يدخل يف فهو يقسم ااز إىل إفرادي وتركيبيب، أي أنه ال يكون إال يف األلفاظ وال ن اـاز ال إ :"وبني يف أول الكتاب ملاذا حصر ااز يف هذين القسمني فقال . املعاين العقلية

مناه املفردات ال بد أن نعلمه الكالم ا أثناء التركيـب يكون عقليا ألن األعجمي إذا عل ال يف إفاجلرجاين ال يرى ااز .)٢("وهذا ليس استنادا على قصد املتكلم ولكن بالوضع ملعناه

.التراكيب اللغويه فقط لنقـل اشـروط ـ رمحه اهللا تعاىل ـ ومن باب التنـزل مع اخلصم ذكر ابن تيمية

: ااز يف النصوص الشرعية ال ميكن توفرها فيما يقولون وهياملعىن من احلقيقة إىل .ـ أن ذلك اللفظ مستعمل باملعىن اازي ـ أن يكون معه دليل يوجب صرف اللفظ عن حقيقته إىل جمـازه، وإال فإذاكـان

دليـل يستعمل يف معىن بطريق احلقيقة ويف معىن بطريق ااز مل جيز محله على اازي بغري .يوجبه العرف بإمجاع العقالء

.ـ أنه ال بد أن يسلم ذلك الدليل عن معارض ـ أن الرسول إذا تكلم بكالم ال بد أن يوضح هل يريد حقيقتـه أم جمـازه وإذ مل

.)٣(يوضح مل يبلغ مـن وجـود قيل بوجود ااز فال بد نه لوأيريد بيان ـ رمحه اهللا ـ ابن تيمية ف

. ة يثبت شيء من اللغ ال ملإراد أن يتكلم يف اللغة، وأابط يسري عليها من ضو :املذاهب يف احلقيقة واجملاز )٢(

: ثالثة أقوال ـ كما أشرنا آنفا ـ إىلانقسم الناس يف وقوع ااز يف اللغة والقرآن )٤(علماءونسبه البعض إىل أنه قول مجهور ال :أن ااز واقع يف اللغة والقرآن )أ(

فمقصدهم بالعلماء علماءهم ومن سار. وهذا كالم املتكلمني ومن تابعهم

ــــــــــــــ ). ٢٠٢ص (اإلشارات والتنبيهات يف علم البالغة )١ ( ). ٢٢ص (اإلشارات والتنبيهات يف علم البالغة )٢( .بتصرف) ٣٦١ـ٦/٣٦٠ (الرسالة املدينة، الفتاوى )٣( ). ٢٢ص (، إرشاد الفحول ) ١/٤٥ (مدي األحكام لآل )٤(

٢٢٩

ة وهـم رون املفضلة هم العلماء احلقيقيون هلذه األم فالصحابة والتابعون والق . على مذهبهم فكلمة مجهور العلماء ال بد فيها من تقييد وهو ،ة ومل يقولوا مبا قاله هؤالء مجع كثري من األم

.مجهور علماء املتكلمنيوهذا قول من تكلم به من علماء السلف بعد القرون : اللغة والقرآن إنكار ااز يف )ب(

وممن أنكره شيخ االسالم وابن ال بعد القرون الثالثة املفضلة، إالثالثة، ألنه مل يظهر ويشتهر .)١(علي الفارسيبو القيم وكذلك قال به من املتكلمني أبو إسحاق اإلسفراييين وا

وقال به داود الظاهري وابـن خويزمنـداد :ده دون اللغة إنكار ااز يف القرآن وح )ج( .)٢(وغريهم

القـول مع بيـان دلة كل قول دون توسع أ بعض و هذه املذاهب يف احلقيقة وااز .الراجح استدلوا بأن اللغة تطلق ألفاظا على عدة معاين مثل األسد على احليوان :القول األول

.)٣(نصرف عند اطالقه على احليوانوعلى اإلنسان الشجاع، والذهن ي فكالمهم يدور حول انصراف الذهن عند اطالق اللفظ ملعىن دون اآلخر .)٤(والقرآن متكلم بلغة العرب فيأخذ حكمها .هذا يف اللغة

)٥(نصوص شرعية على يف قوهلم اعتمدوا :يف اللغة والقرآن له قول املنكرين : القول الثاين عقل، وهو قد حصل بعـد شرع وال حمدث مل يعرف ال يف لغة وال ازوعلىأن القول با

يعقل أن يكون هناك زمان حصل اجتماع لقوم واصطلحوا وأنه ال ،)٦(القرون الثالثة املفضلة .)٧(على هذه األلفاظ فيجب عليهم إثبات هذا االجتماع والوضع

ــــــــــــــ ). ٢٣ـ٢٢ص (، إرشاد الفحول ) ٥٦٤ص (، املسودة ) ٨٩ص (اإلميان )١ ( ). ٢٣ـ٢٢ص (، إرشاد الفحول ) ٥٦٤ص (، املسودة ) ٨٩ص (اإلميان )٢( ). ١/٤٥،٤٦ (األحكام )٣( ). ١/٤٦٢ (احملصول )٤( . سنذكرها عند ترجيحنا له ذا القول )٥( ). ٥ـ٢/٣ (، خمتصر الصواعق ) ٨٨ص (اإلميان )٦(

). ٧٠ـ٢/٦٩ (، خمتصر الصواعق ) ٩٢ـ٩٠ص (اإلميان ) ٧(

٢٣٠

أن تكلموا بألفاظ مفردة مطلقا، بل بألفاظ مقيـدة مواألمر اآلخر أن العرب مل يعهد عنه .، إىل غري ذلك من األدلة)١(وتراكيب مقيدة

:املانعني له يف القرآن : القول الثالث ما يف أ القران جماز و ن يكون يف أبأن ااز كذب واهللا منـزه عنه فال ميكن أستدلوا

يهم تتبعها يف هذا دلة اخرى ال أوهلم .)٢(هل القول األول أدلة أاللغة فهو موجود واستدلوا ب يف بيان عالقة هذا التقسيم هذا املبحث وذلك ألن يهم تتبع أدلة كل قول، املبحث كما ال

.بالوقوع يف اخلطأ يف هذا القياسو قول منكري ااز يف اللغة والقرآن وترجيح قوهلم القول الثاين وه : والقول الراجح

:ارات بيعود إىل عدة اعت :منهاواألدلة الشرعية اليت تدل على هذا القول :االعتبار األول

وعلم ءادم األمساء كلها ثم عرضهم على المالئكة فقال أنبئـوني : قول اهللا تعاىل )أ( .]٣١البقرة،[هؤالء إن كنتم صادقنيبأمساء

أن اهللا علمه أمساء كل شيء وأن هذا هو قـول :"رمحه اهللا تعاىلـ يبني ابن تيمية األمساء (قال ـ سبحانه وتعاىل ـ األكثرين كابن عباس وأصحابه، فالسبب يعود إىل أن اهللا

له احلـديث يشهد: واألمر الثاين وهذا لفظ عام مؤكد فال جيوز ختصيصه بالدعوى، ) كلهاأنت أبو البشر خلقك اهللا بيده ونفخ آدم الناس يقولون يا نإ” الصحيح يف حديث الشفاعة

.)٤(")٣(” فيك من روحه وعلمك أمساء كل شيءن املعىن باق على عمومه أي أن اهللا علمه إ ":ويقول القرطيب . فاآلية شاملة لكل اسم

بن عباس وعكرمة وقتادة وجماهد وسعيد بـن جـبري ورجحـه وبه قال ا يء،أمساء كل ش ومل خيصص فجميع اللغة من اهللا ألن اهللا علم آدم األمساء كلها .)٥("احملققون من أهل التفسري .شيء منها يقوم به ادم

ــــــــــــــ

). ٩٩ـ٩٨ص (اإلميان )١( ). ٤/٢٩ (، األحكام البن حزم ) ٤٦٣/ ١ (احملصول )٢(، ١٣، الفتح ، ج ) وكلم اهللا موسى تكليما ( يف كتاب التوحيد ، باب ماجاء يف قوله تعاىل ، البخاريواه ر )٣(

).٧٥١٦( ح . بتصرف) ٧/٩٤ (الفتاوى )٤( . )١/١٩٤ (تفسري القرطيب )٥(

٢٣١

م ومن ءاياته خلق السموات واألرض واخـتالف ألـسنتك : قوله تعاىل )ب( المنيات للعآلي إن في ذلك انكمألوو]،٢٢الروم[.

فجميع املفسرين يبينون أن من آيات اهللا اختالف األلسن، فمنهم العرب والعجـم .)١(والترك

هلا أيضا ـ أن اهللا سبحانه والذي يظهر من اآلية ـ واهللا أعلم ـ واآليات السابقة ا، بل هي من خلق اهللا ورمحته وليس لإلنـسان ال اوتعاىل ذكر فيها أمور دخل لإلنسان

تصرف فيها، فجعل يف أول اآليات خلق السموات واألرض، وعقب بعد األلسن بـاأللوان يتحكم بلونه، وقـرن اهللا حتكم لإلنسان ا األبيض واألسود واألمحر، فاإلنسان ال اليت ال

أن األلوان من اهللا فكذلك اللغات، مث ختم ذلك األلسن باأللوان فتأخذ حكم بعضها فكما .بأن يف هذا آية وداللة وحكمة للعاملني خبلق اهللا واملتفكرين فيه

ن املتكلمني إجمال للوضع البشري فيها بل هلي ال إهلام إذن تقرير على أن اللغة إفاالية مل يقولـوا بأنـه لسن هو اختالف اللغات و ية قالوا بأن اختالف األ هلذه اآل عند تفسريهم

ملا جعلها اهللا من آياتـه الـيت ا بشري ا وأيضا لو كانت اللغة وضع ،اختالف صفات اللسان . ينسبها لنفسه

اختالف لغات الناس واخـتالف طبائعـاألمم ": ويف ذلك يقول حممد حممد حسني مة جيب وألوام وأذواقهم وشرائعهم ومناهجهم من سنن اهللا اليت جتري على علم قدمي حلك

.)٢("أن تكون موضع التسليم من كل مؤمن :هناك أدلة عامة استدل ا على هذا املوضوع )ج(

، وقـال ]٤ـ١الرمحن،[الرمحن علم القرآن خلق اإلنسان علمه البيان : يقول تعاىل الذي خلـق فـسوى : ، وقال ]٢١فصلت،[قالوا أنطقنا اهللا الذي أنطق كل شيء تعاىل

.)٣( فهو سبحانه يلهم اإلنسان املنطق كما يلهم غريه،]٣ـ٢االعلى،[والذي قدر فهدىـ سبحانه وتعاىلـ فتبني اآليات السابقات أن تعليم البيان من اهللا وأن اهللا أنطـق

.النطق به وأسنده إليهـ سبحانه وتعاىل ـ أنطقه اإلنسان، فربط اهللا اكل شيء وأشهر م

ــــــــــــــــــ ).١٤/١٣( امع الحكام القران انظر اجل )١( ). ٦٧ص (مقاالت يف األدب واللغة )٢( .ومابعدها ) ٧/٩٢ (الفتاوى انظر )٣(

٢٣٢

ن املؤمنني يعتقدون أن الكالم ككل األشياء من خلـق إ" : يقول حممد حممد حسني موسى اهللا واهتداء كل أمة إىل لغة خاصة ا داخل يف قول اهللا تبارك وتعاىل حكاية عن نبيه

يعين أكثـر والتوقيف ال ،]٥٠طه،[ ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه مث هدى عليه السالم .)١("من ذلك

نفي ادعاء الوضع وأن العرب تواضعوا على معاين اللغة وألفاظها وذلك :االعتبار الثاين

:ملا يلي

ـ أأ ـ عوا ا دعوى حتتاج إىل دليل فال بدمن ذكر الزمان واألشخاص الذين تواض .)٢(عليها

كيف تواضعوا على هذه اللغة؟ هل هي باإلشارات واإلحياءات؟ :ب ـ هناك سؤال أم هل هو تقليد األصوات املبثوثة يف الكون؟ أم أن هناك لغة سابقة تواضعوا ا علـى مـا

يريدون؟ .)٣(هذه االحتماالت كلها مذاهب قال ا من قال بالوضع

هل هذا الكالم يقال ألهل األديان السماوية؟ :د سؤال ريلقولني األولني ف سلم ل لو و حياء يان السماوية يردون بأن اصل اللغة طريقه اإل دهل األ أأم ألهل األديان الوضعية الوثنية؟ ف

وذلك ملا يعلمون من أن آدم هو أبو البشر وهو الذي كلمه اهللا تعاىل بكالم مفهوم وكلـم هل الديانات الوضعية أما أوـ عليهم السالم ـ املالئكة والشيطان كما حكى ذلك رسلهم

اشتركوا مع اهل االديان السماوية يف كوم بشرا وهم مجيعا ابناء آدم الـذي تكلـم قدف .بكالم مفهوم

ومع ذلك كله فإن هنالك امورا تدل على بطالن كـون اللغـة مـن اإلشـارات :واالحياءت البشرية وهي

ــــــــــــــ ). ٧٣ص (االت يف األدب مق )١ ( ). ٧/٩١ (الفتاوى انظر )٢( ). ٧٣٩ـ٢/٧٣٢ (ااز يف اللغة والقرآن )٣(

٢٣٣

ننا نعلم أن من األمور ما هو مشاهد وحمسوس ومتعني، ومنها ما هـو غـري أـ ١ جيول يف ذلك، ومنها ما هو متخيل فكيف يستطيعون التواضع على البواطن واملتخيالت وما

نـزلونه ويتواضعون عليه؟ ألنه يعلـم أن اإلحـساس البـاطين ال ميكـن الذهن؟ كيف ي عن معىن الرضا هل مبعىن كيف يعرب اإلنسان مثال ،االستشهاد مبعانيه من اإلحساس اخلارجي

فلو ام تواضعوا على املعاين اخلارجيـة .ميكن أن يشري إليه أو حياكيه ؟ هناك من اخلارج ما .يوجد هلا مثال يف الشاهد واطن واملتخيالت اليت الال ميكنهم التواضع على الب

األمم ألن األصوات واحـدة ـ لو كان األمر حماكاة أو إشارات لتساوت لغات ٢ .يقول به عاقل األمم يف لغاا وهلجاا وهذا ال واإلشارات واحدة فتتساوى

ـ ٣ ل ـ هذا القول يصدق على من يؤمن بنظرية دارون بأن اإلنسان متطـور يف ك .مناحي حياته حىت يف خلقه

هي نسأهلم ما فإننا وأما إذا قيل املعىن الثالث وهو أم تواضعوا من خالل لغة سابقة هل هي لغة آدم القدمية وهذه أول لغة لـبين .؟هذه اللغة اليت تواضعوا على اللغة من خالهلا

.غة؟ وآدم من أين حصل على هذه الل:قيل هلم ، نعم:اإلنسان؟ فإن قالوا نعم هـي أسـاس :أو قد يكون أبناء نوح الثالثة الذين جنوا بعد الطوفان، فإن قالوا .؟ واللغة اليت تكلموا ا ما هو أساسها :لي ق،اللغات وذلك ألن اللغة سوف تكـون ،مم ال هل هلم أا األساس لكان هذا حجة علي س ولو

ثة فهم قد علموا أوالدهم وأوالدهم علموا أوالدهم ذا كان الناقل ثال إتتعدد ألنه واحدة وال .ولو كان كذلك التصلت

أن اهللا قد علـم آدم توقيفية و عندما يقول أهل السنة ومن وافقهم بأن اللغة :االعتبار الثالث

األمساء كلها هل يعنون أن اهللا علم آدم مجيع لغات الناس إىل يوم القيامة؟

نعلم أنه مل يعلم آدم مجيع اللغات اليت يتكلم ":سالم جييب على هذا السؤال شيخ اإل ا مجيع الناس إىل يوم القيامة وأن تلك اللغات اتصلت إىل أوالده فال يتكلمون إال ا فـإن

.دعوى هذا كذب ظاهرفإن آدم إمنا ينقل عنه بنوه وقد أغرق اهللا عام الطوفان مجيع ذريته إال من يف السفينة،

تكلمت بـه نقطعت ذريتهم إال أوالد نوح، ومل يكونوا يتكلمون جبميع ما وأهل السفينة ا األمم بعدهم، فإن اللغة الواحدة كالفارسية والعربية والرومية والتركية فيها من االخـتالف

٢٣٤

يفهمها غريهـم فكيـف حيصيه إال اهللا، والعرب أنفسهم لكل قوم لغات ال ال واألنواع ما أولئك الذين كانوا يف السفينة، وأولئك مجيعهم مل يكن هلـم يتصور أن ينقل هذا مجيعه عن

نسل، وإمنا النسل لنوح ومجيع الناس من أوالده وهم ثالثة سام وحام ويافث كما قال تعاىل وجعلنا ذريته هم الباقني]،فلم جيعل باقيا إال ذريته،]٧٧الصافات .

رواه أمحد وغريه، ” ده ثالثة أن أوال ” وكما روي ذلك عن النيب صلى اهللا عليه وسلم ومعلوم أن الثالثة ال ميكن أن ينطقوا ذا كله وميتنع نقل ذلك عنهم فإن الذين يعرفون هذه

يعرفون هذه واذا كان الناقل ثالثة فهم قد علموا أوالدهم وأوالدهم علموا أوالدهم اللغة ال تعرفهـا بيلة منهم بلغة ال ولو كان كذلك التصلت وحنن جند بين األب الواحد يتكلم كل ق

نه علم أحد ابنيه لغة وابنه اآلخر لغة، فإن األب قد ال يكون إيقال األخرى واألب واحد ال .له إال ابنان واللغات يف أوالده أضعاف ذلك

والذي أجرى اهللا عليه عادة بين آدم أم إمنا يعلمون أوالدهم لغتهم اليت خيـاطبوم خيلق اهللا من يتكلم ا فال يعلموا أوالدهم وأيضا فإنه يوجد بنـو ا غريهم فأما لغات مل .)١("مسعوها قط من غريهم آدم يتكلمون بألفاظ ما

:وهذا الكالم املهم يشتمل على أمور يقولون بأن اهللا علم وأهل السنة من قبله الـ رمحه اهللا تعاىل ـ ـ أن ابن تيمية ١

.الناس إىل يوم القيامة، وأن أبناءه أخذوا عنه هذه اللغاتآدم مجيع اللغات اليت تكلم ا ـ أن اهللا أغرق كل من يف األرض إال أهل السفينة ومل يبـق إال أوالد نـوح ومل ٢

.يتكلموا جبميع لغات األمماهللا ـ أن السبب يف هذا القول أننا نرى أن اللغة الواحدة فيها من االختالف ما ٣

إنسان بأن أوالد نوح كانوا يعلمون مجيع هذه االختالفات اليت ال به عليم، فكيف يفكر أي .ميكن حصرها

ـ األمر الطبيعي يف بين آدم أن اآلباء يعلمون أبناءهم لغتهم، ولو كـان كـذلك ٤ .لكانت اللغة واحدة اآلن يف األرض ألنه مل يبق إال أوالد نوح يف السفينة

ــــــــــــــ ). ٩٣ـ٧/٩٢ (الفتاوى )١(

٢٣٥

ومـع ، جند أن األب الذي يعلم األبناء واحدأننا األمر اهلام هذاـ ومما يدلل على ٥ هلم لغة خاصة خمتلفة، فهـل االخـتالف ذلك جند هؤالء األبناء عندما تكثر ذريتهم تكون

تنا بالدليل وأيضا اعمـل ائ :له فلو قال ذلك أحد لقلنا . حصل من اآلباء الذين علموا اللغة اللغـات املوجـودة أو اآلخر من غـري لغة نائك فعلم كل ابن منهم لغة ختالف هذا مع أب

.؟املوجودة هل ميكنه ذلك ٦ م ال يا أحد أل ـا، علـ أن الناس ال ميكن أن يعلموا أبناءهم لغة مل يتكلممو اعلفكيف يفمثال نعلم أن يأجوج ومأجوج يتكلمون بلغة فهل يستطيع أحد أن يعلـم ؟مو

. علىوجه االرض ، وهذه لغة يتكلم ا أناس؟اءه لغتهمأبن وأن اهللا ةن لكل أمة على حـد وـ يتبني للباحث من الكالم السابق أن اإلهلام يك ٧

يلهم الناس من األلفاظ واملعاين مما يستفيدون منه يف عمارة األرض وعبـادة اهللا فـأهلم آدم .لغتهم وحفظها عليهم ألا لغة القرآن ومن بعده وأهلم العرب ايفيده،وأهلم نوح ما

تصطلح على إطالق بعض األلفاظ علـى بعـض السابق أن الناس ال ال يعين القول و املعاين، بل ذلك جائز وواقع كما هو مشاهد يف الصناعات والعلوم احلادثة حىت يف األعالم

.كتسمية األوالد واملدن والكتب بأمساء معينة قبلهم يعرفـه ننعم قد يضع الناس االسم ملا حيدث مما مل يكن م " : يقول ابن تيمية

فيسميه كما يولد ألحدهم ولد فيسميه امسا إما منقوال وإما مرجتال وقد يكون املسمى واحدا وكذلك قد حيدث للرجل آلة من صناعة أو ، وقد يستوون فيما يسمونه ،مل يصطلح مع غريه

.)١("ك فيسمي ذلك باسميصنف كتابا أو يبين مدينة وحنو ذل :ولكن ال بد بعد هذا القول من التنبيه على أمرين ـ أن هذا ليس قوال بااز فأمساء األعالم واآلالت أو تسمية الكتب أو املدن، هذا ١

يدخلونه يف احلقيقة وااز ـ أعين القائلني ا ـ فـال ألم ال،خيتلف باختالف األزمان فهذا جماز، فهذا ال ميكن أو ينفي عنك اتسمي ابنك مثال حممد ول ال ميكن أن يأيت أحد ويق

تسمية مؤلفك باسم تريده وهكذا، أو أي آلة من اآلالت فهذا القول ليس فيه حقيقـة أو .جماز عندهم بل هو حقيقة فيما أطلق عليه

ـــــــــــــــ

). ٦٨ص (يدة اإلسالمية جناية التأويل الفاسد على العق وانظر، ) ٧/٩٢ (الفتاوى )١(

٢٣٦

وكذلك املذاهب اليت حدثت مثل األشاعرة الذين أطلق عليهم هذا املصطلح ملن قـال ؟ تستخدم هذا اللفظ فهذا جمـاز بأصول معينة من دين اهللا هل ميكن أن يأيت أحد ويقول ال

علـى احلقيقـة أو معتزلة أو غريها من املذاهب احملدثة كالدميقراطية والعلمانية فكل هـذا .يدخله جماز عند أهل السنة واملبتدعة ال .)١(خترج عن اشتقاقات اللغة التوقيفية أصال أن تلك األمساء ال )٢(

تـدخل صـلها ال أإىل حقيقة وجماز حمض حتكم فاللغة يف اللغة تقسيم أن فمما سبق يتضح تقسيمها إىل حقيقة وجماز ويصح ـ سبحانه وتعاىل ـ لالنسان ا وامنا هي تفضل من اهللا

.لو كانت اللغة من وضع البشر :األسباب الداعية إىل القول باجملاز

من خالل البحث وجدت أن هناك أسبابا رئيسة للقول بااز ترجـع إىل أربعـة :أسباب

الشك أن للغة العربية مكانة عظمى يف العلوم الشرعية، كيـف :اجلهل بلغة العرب )١(لشريعة وامللة احملمدية، فيجب على كل من أراد أن يتكلم بالعلوم الشرعية أن ال وهي لسان ا

.يلتزم باللغة اليت نـزل ا الشرع احملمديبه جتـري إن تعلم العربية اليت ا يتوصل إىل تعلم ما":رمحه اهللاـ يقول األزهري

تقـوم بكفايـة الصالة من تنـزيل وذكر فرض على عامة املسمني، وأن على اخلاصة اليت العامة فيما حيتاجون إليه لدينهم االجتهاد يف تعلم لسان العرب ولغاا اليت ا متام التوصـل

.)٢("يف الكتاب والسنن واآلثار وأقاويل املفسرين من الصحابة والتابعني إىل معرفة ما إن العلم بلغة العرب واجب على كل متعلق من العلم بـالقرآن ":ويقول ابن فارس

ن الذي يلزمه من ذلك اإلحاطة بكل ماقالته العـرب، ألن إولسنا نقول ... والسنة والفتيا بل الواجب علم أصول اللغة والسنن اليت بأكثرها نـزل القـرآن ... ذلك غري مقدور عليه

.)٣("وجاءت السنة

ــــــــــــــ ). ٩٨ص (جناية التأويل الفاسد )١ ( ). ١/٢٦(ذيب اللغة لألزهري )٢( ). ٥٠ص (الصاحيب )٣(

٢٣٧

ينقل صديق حسن خان القنوجي بيتني من الشعر عن بعض أهل العلم يف وجوب و :تعلم اللغة مها

رض كفرض الصالةـف ناـغات عليـحفظ الل )١(إال حبفـظ اللغــات فليس يضبط ديــن

، وهـو الـذي تابعهمضالل املتكلمني ومن من أكرب أسباب جلهل بلغة العرب كان ا .اضطرهم إىل تقسيم الكالم إىل حقيقة وجماز

على غري ) أي القرآن(ولونه أ يتةمج أهلكتهم الع":رمحه اهللاـ يقول احلسن البصري السبب الذي يذكره احلسن البصري لتأويل القرآن هو العجمـة، ومعلـوم أن ف ،)٢("تأويله

.ليعتمد على هذا التقسيم يف تأويالم إىل القول باحلقيقة واازدى بعد ذلك أالتأويل جهل الناس وال اختلفوا إال لتركهم لـسان العـرب ما": ويقول الشافعي رمحه اهللا

كـرب اسـباب أ فهو يبني رمحه اهللا أن اجلهل باللغة من )٣("وميلهم إىل لسان أرسطو طاليس .الضاللفهذا التقسيم هو اصطالح حادث بعد انقضاء القرون " : اهللارمحهـ ويقول ابن تيمية .)٤("والغالب أنه من جهة املعتزلة وحنوهم من املتكلمني... الثالثة

وكان منشؤه من جهة املعتزلة واجلهمية ومن سلك طريقهم من " : ويقول ابن القيم .)٥("املتكلمنيوذكرا أن الكالم بـه ملتكلمون، يبينان أن أول من قال به ا شيخ االسالم وتلميذه ف

:كان يف املائة الرابعة فيتبني مما سبق حقيقتني .وسأذكر مثالني فقط. وال ـ جهل املتكلمني األوائل بلغة العربأ

جاء عمرو بن عبيد إىل أيب عمرو بـن " :ـ ينقل البيهقي عن األصمعي أنه قال أ لـن : أبا عمرو آهللا خيلف وعده؟ قال يا :له العالء يناظره يف وجوب عذاب الفاسق فقال

أين؟ فذكر آية وعيد مل حيفظها أبو : قال أبو عمرو . فقد قال : قال عمرو . خيلف اهللا وعده :، الوعد غري اإليعادمث إنشد يتتعمرو فقال أبو عمرو من العجمة أ ــــــــــــــ

). ٦٠ـ٥٩ص (البلغة يف أصول اللغة )١ ( .) ٢/٥٥ (االعتصام )٢( ). ١٥ص (صون املنطق )٣( ). ٧/٨٨ (اإلميان )٤( ). ٢/٥ (خمتصر الصواعق )٥(

٢٣٨

. )١("سأخلف إيعادي وأجنز موعدي وإين وإن أوعدته أوعدته .فهذا رأس من رؤوس املعتزلة ويؤخذ عنه العلم مل يفرق بني الوعد واإليعاد صة اخلليل عليه السالم، واستدل بق )٢(ما الرازي فلقد عرف األفول باحلركة أـ و ب

. مما يدلل على جهله بلغة العربثانيا ـ أن هؤالء املتكلمني غالبيتهم موايل أعاجم ليسوا عربا ومن كان منهم عربيا

.وذلك لنشأته بينهم، أو تعلمه على يديهم مة على لسانه جقد طغت العإما ف ...العالفوالنظام، ول بن عطاء، واصواملعتزلة كعمرو بن عبيد، اغلب فانظر إىل . وليسوا عربااعاجم اخل كلهم

اخل كذلك ليـسوا ...األشاعرة كالباقالين، والغزايل، واجلويين، واجلرجاين اغلب و .عربا

ال يقبل منهم الكالم يف ولكن لم ال يؤخذ عن األعاجم، ع ولكن اليفهم من قولنا أن ال بـل علـى هذا جناية على اللغة ف، بل هو اجتهاد منهم اليس منه لغة العرب ومعانيها مبا

.الدين، إال من فقه اللغة منهم وأتقنها بالزيادة أونقص وصار إماما فيها فهذا يستثىنويبني علماء املسلمني أن السبب يف ضالالألمم السابقة هو دخول املولدين يف دينهم

منها دون الرجوع إىل اللغة اليت نـزل ا فهموه مع تفسريهم للنصوص الشرعية حبسب ما إن بين إسرائيل مل يزل أمرهم معتدال حىت نشأ فيهم مولدون ":يقول هشام بن عروة .الدين . )٣("األمم فأخذوا فيهم بالرأي فضلوا وأضلوا سبايا

:هم إىل أمرين رجع ضاللأف .ـ جهلهم بلغة الدين اجلديد وذلك لكوم من املولدين١ .أم محلوا معتقدام السابقة معهمـ ٢ وقد جـرى ":عند كالمه عن أيب اهلذيل العالفـ رمحه اهللا ـ ويقول البغدادي

.)٤("على منهاج أبناء السبايا لظهور أكثر البدع منهم

ــــــــــــــ ). ١٠٥ـ٢/١٠٣ (اجلامع لشعب اإلميان )١ ( . )٤/٧٧( مفاتيح الغيب )٢( ). ٢/٣٣٤ (االعتصام )٣( ). ١٢٢ص (الفرق بني الفرق )٤(

٢٣٩

ن السبب كافهذا دليل آخر على أن هؤالء املعتزلة وغريهم من رؤوس املتكلمني :وكان سفيان الثوري رمحه اهللا كما ينقل عنه الفريـايب .فأظهروا البدع يف ضالهلم العجمة

أبا عبداهللا أراك إذا رأيـت هـؤالء يا :له إذا رأى النبط يكتبون العلم تغري وجهه فقلت " كان العلم يف العرب ويف سادات الناس، فإذاخرج عنـهم : فقال !يكتبون العلم يشتد عليك

يف احنراف النـبط ـ رمحه اهللا ـ وفعال صدق ظن الثوري . )١("ر الدينيوصار إىل هؤالء غقـوم " هتـا أه عن العقيدة الصحيحة واشتهار ذلك عنهم فينقل عن أيب مصعب الزهري أن

.)٢(" هذا كالم خبيث نبطي: فقال، إن قبلنا ببغداد رجال يقول لفظه بالقرآن خملوق:فقالوا ال مبا هو معروف مـن ،هلهاأخذ عن ن الكالم يف أي لغة يكون باأل أفيتضح مما سبق

.راد منهاهلها يسبب اخللل يف فهم امل بغري معانيها املعروفة ألة فالكالم يف أي لغ،لغة قومه :ترمجة اللغة العربية وتعلمها )٢(

صل اللغة على ترمجتها ملن يريـد أسباب قول القائلني بالوضع يف اللغة قياسهم أمن عاجم وينسحب ذلك على مفردات املعاجم اللغوية ويتضح ذلك من خـالل تعلمها من األ

.أقواهلم ااز ال يكون عقليـا ":قلي ألن نواع ااز مل يقبل ااز الع أفاجلرجاين عندما ذكر

ألن األعجمي إذا علمناه املفردات ال بد أن نعلمه الكالم ا أثناء التركيب وهـذا لـيس .)٣("استنادا على قصد املتكلم

فتعليمه يبدأ من تعلم معـاين ،فالسبب يف رد ااز العقلي يعود إىل تعليم األعجمي صبحت هذه القضية دليال على قوهلم وعمموا أو ل،املفردات مث يعلم تركيب األلفاظ يف مج

.هلها ا سليقةأ يتكلم يتنتيجة هذا التعليم على لغة العرب الجماز، بل يطلق يقال عليه حقيقة وال و استدل املطعين على أن اللفظ قبل استخدامه ال

الإتـستخدم وال توجد يف املعاجم اناك ألفاظ ه أن وكذلك نظر إىل ذلك عند االستخدام، وقـول ":جماز،فيقول حقيقة وال لى أن األلفاظ قبل استخدمها ال تكون ال عنادرا مما يدلل

ألم نظروا إىل ) جماز حقيقة وال يقال عليه ال بأن اللفظ قبل استخدامه ال ( األقدمني صحيح تصلنا مناذجهااحلشد اللغوي الذي حوته املعاجم اللغوية، فهذه الكثرة الكاثرة من األلفاظ مل

ــــــــــــــــ ). ٥٦ـ٥٥ص (البدع )١( ). ١/٩٧ (نشأة الفكر الفلسفي )٢( ). ٢٢ص (اإلشارات والتنبيهات يف علم البالغة )٣(

٢٤٠

قدمون فاأل )قدمني صحيح وقول األ (فقول املطعين .)١(" اليت كان العرب قد استعملوها فيها كان من ا لغتهم يعلموا ويتكلمون ا وما با أل عر ن يكونوا أو عجم وال ميكن أما عرب إ

قدمني الذين قصدهم عجـم وذلـك ن األأغريبها فهو قليل بالنسبة الستخدامهم فيظهر لنا :لسببني

ن املعاجم وضـعت للغـة مل أال ، ن املعاجم وضعت للغة سابقة على وضعها أ أـ . جماز قيقة والح ن اللفظ قبل استخدامه الإيتحدث ا حىت نقول

أم قالوا ذا القول ألجل أم نظروا إىل املعجم فرأوا ب ـ نسب للقائلني بااز هل النطق به والكالم للعرب أم هلؤالء؟ فـإن فجماز، حقيقة وال أن اللفظ قبل الكالم به ال

ن كان للعرب فهذا غري صحيح ألن العرب حتدثوا باأللفاظ قبل وجود املعـاجم، وإن كـا للعجم فيمكن قبول كالمه فهل نأخذ كالما عمن ال يعلم كالمنا إال من خـالل املعـاجم

فهو يتحـدث عـن جماز، حقيقة وال ؟وحيكم على نفسه أن هذا اللفظ قبل أن أتكلم به ال .ذلك نفسه وإرادته للكالم وليس كالمه يف اصل اللغة إن وجد من يقول

ن املعـىن أيعين ختصيص بعض املعىن، تقريب املعىن وال والصحيح أن الترمجة تكون ل اغري النطق ل اول تقريب املعىن حين تتطابق وألجل ذلك أاملتبقي جماز، ألن اللغات ال ميكن

ـ خص من املعىن ويف ذلك يقول ابـن تيميـة مايأن حقيقة اللفظ ه ال قدر االستطاعة، م املؤلف التام، وإن كان كثري من الترمجـة ال والترمجة تكون للمفردات وللكال ":رمحه اهللا

هلا يف اللغة األخرى يأيت حبقيقة املعىن اليت يف تلك اللغة بل مبا يقاربه، ألن تلك قد ال تكون . )٢("سيما لغة العرب فإن ترمجتها يف الغالب تقريب ألفاظ تطابقها على احلقيقة ال

كون بالتقريب ال باملعىن العام ألنه ال ميكن فالترمجة وتعليم الغري بلغة من اللغات إمنا ي كما كان علمـاء ، ختالف خصائص اللغات فتؤخذ اللغة عن أهلها توصيل املعىن كامال ال

.معاجم العربية األوائل يأخذون اللغة العربية عن اهلها من االعراب حيث ال :التأثر بعلوم اليونان )٣(

ن إو ال وكانت أصوهلا من علوم اليونان، إ اهللا بدعة عقلية دخلت دين ال تكاد جتد اكتشفه وهذا ما ا حقيقة قائمة بنفسها،أو أادعى املتكلمون بأا نتيجة حبث علمي

ــــــــــــــ

). ٢/٧٤٤ (ااز يف اللغة والقرآن )١( ). ٤٩ـ٤٨ (الرد على املنطقيني )٢(

٢٤١

ما:"ذكر هذه احلقيقة بقولهـ محه اهللا رـ فالشافعي نا السابقون رمحهم اهللا مجيعا،ؤعلما )١(" رسـطا طـاليس ألتركهم لسان العرب وميلهم إىل لسان الإاختلفوا جهل الناس وال

: كان من ناحيتني الذيفهذا النص يثبت التأثر بعلوم اليونان وة بـني فيـه التـزام الفالسـف له مبحثا خاصا، وهذا قد أفرد :التأثر باملنطق اليوناينأ ـ

خطورة هذا االلتزام وخاصة كالم اليونـان يف فيه وذكر واملتكلمني املتأخرين ذا املنطق، خالل أم جعلوا لكل لفظ معـىن إىل القول باحلقيقة وااز وذلك من وهو ماجر احلدود،

.فهوجمازـ من املعىن املعروف يف اللغة ـ خرج عن هذا املعىن هوحقيقته وماال تقليد لليونان وليست إهي وهذا مما يثبت أن أقواهلم ما :ليونان باازالتأثر بقول اب ـ

ولقد تصدى ":ويف ذلك يقول الدكتور السامرائي ،ة الفعلي ةو إثبات للحقيق أاجتهادا منهم ” اليونان قبل املسلمني لظاهرة التعبري اازي بالبحث والدراسة فرجال الفلسفة الفيثاغورثية

رمزا للكائنات بدال من جعلها نفس ذواا، وهكذا أولت األعداد جمازيا بأا جعلوا األعداد .)٢(”متثل كائنا أو وجودا خيتلف عنها

يصل إليها العقل وليست األساطري عندهم إال وسيلة جمازية للتعبري عن أفكار فلسفية ال األساطري لتـتلمس أنه جيب على الفلسفة أن تلجأ إىل ” بيسر، ولذلك كان أفالطون يرى

.)٣(”منها العون يف املسائل اليت ال ميكن أن يصل العقل فيها إىل معرفة احلقيقة التامةسكندرية قريبا من عصر فيلون وقد كانت الطريقة اازية يف التأويل مستعملة يف اإل

تنـزع صيغة تنـزع إىل الدين أكثر مما ” وقد اختذت هذه الطريقة حتت تأثري عوامل خمتلفة وكان فيلون من أكرب من ينـزع يف التأويل اازي نـزعة دينية فلقـد . )٤(”إىل الفلسفة

من أغراض ااز األساسية حتويل أشخاص قصص التوراة حنو أحـسن أو ” كان يرى أن وااز نقـل ” :ولقد أشار أرسطو إىل ااز وعرفه بقوله . )٥(”من أحناء وجود النفس يء س

.)٧(")٦(” شئ إىل شيء آخراسم يدل على ــــــــــــــ

). ١٥ص (صون املنطق )١ ( .) ٧٠ص (اآلراء الدينية والفلسفية لفيلون االسكندري )٢( ). ٦٧ص (السابق )٣( ). ٧٠ص (السابق )٤( .) ٧٠ص (السابق ) ٥( ). ٧٥ص (فن الشعر، ترمجة البدوي )٦( ). ص (ة العربية تأثري الفكر الديين يف البالغ )٧(

٢٤٢

اليونان قد سبقوا املتكلمني يف تقسيم اللغة إىل حقيقة وضح أن أفالدكتور السامرائي ـ من فيثاغورس إىل أرسطوـ وجماز ة ان أن السبب يف هذا التقسيم يعـود إىل معـاد وبي

الدين الوثين الذي يقوم علىاألساطري، فالسبب الرئيس هو تصادم علوم الفلسفة مع الـدين .صرح به فيلون فاحتاجوا إىل تأويل لغة الدين إىل كالم يوافق الفلسفة وهذا ما

قالوه ومعلوم أن تراث اليونان قدس لدى املتكلمني والفالسفة اإلسالميني، فكل ما .من تطبيقه يؤخذ وال بد

ر يف بأن ألرسطو حبثا قدميا يف ااز حتت عنوان االبتكا ":ويصرح حممد عبداملطلب األسلوب إذ كان يرى أن الكاتب أو الشاعر إمنا يلجأ كل منهما إىل ااز ليدل على أفكار

.)١("جديدة حىت يف ذلك وبني أن السبب ،فهنا يثبت القضية السابقة بأن أرسطو قد تكلم بااز

.)٢(يأيت بأفكار جديدة من خالل األلفاظ املعروفةأن ااز من وسائل اإلحيـاء " : بالقول يف ااز ويبني حممد غنيمي هالل أن السبب

باحلقيقة عن طريق املثال ويتعامل فيها مع اجلماهري الذين يتعاملون مبشاعرهم ال مع عقوهلم .)٣("وإمنا مع الصفوة يقتصد ا وكذلك حني يكون املرء بصدد تلقني حقائق خالصة

صلح مع العوام الذين يتعاملون مبشاعرهم، فااز ليس حقيقة بل هو إحياء هلا، وهذا ي .ولعل هذا يتوافق مع قول الفالسفة اإلسالميني بنصوص العقيدة وخاصة املعاد

بعد الترمجة لكتب إال إذن القول باحلقيقة وااز دخيل على العرب ولغتهم وما حصل مل يكن معروفا لدى القرون اليونان، وهذا مما يقوي قول ابن تيمية رمحه اهللا بأن تقسيم اللغة

.بل أن أول من تكلم به املتأثرون بعلوم اليونان من املتكلمني لنصرة مذاهبهم املفضلة،

ـــــــــــــــــــــــــــ ). ٥٧ص (البالغة االسلوبية )١ ( . راجع تعريفه السابق للمجاز من الفقرة السابقة )٢( ). ٢٣٦ص (النقد األديب احلديث )٣(

٢٤٣

:االنتصار للمذاهب )٤(أن أول من تكلم ذا التقسيم هم املتكلمون انتصارا ـ رمحه اهللا ـ ابن تيمية ذكر

ملذاهبهم كما هو مدون يف كتبهم اليت أولوا فيها النصوص الشرعية ومما يشهد لذلك قـول )١(اـاز ن أن هذا إن عبدالقاهر بي " : شوقي ضيف الدكتور يقول ،حد الدارسني يف اللغة أواملنبـت هـو اهللا، ) البقل أنبت الربيع (:يتناول األلفاظ بل يتناول اإلسناد كقول املسلم ال

يضل به كثريا ويهدي بـه وأخذ عنه الزخمشري ذلك وطبقه على مذهبه كاستدالله بأنه اهللا وإسـناد اإلضـالل إىل :قال الزخمشري . ]٢٦البقرة،[يضل به إال الفاسقني كثريا وما

تعاىل إسناد الفعل إىل السبب ألنه ملا ضرب املثل فضل به قوم واهتدى بـه قـوم تـسبب .)٣(")٢(لضالهلم وهداهم

ومما .ينصر مذهبهم فهو يبني أن أهل البدع يأخذون من بعضهم بدعهم ويتلمسون ما العلـوي يف احتج به حيـىي يدلل على أن هذا التقسيم للغة كان لنصرة املذاهب املخالفة ما

م إذا علقوا الكلمة مبا يستحيل عقال تعلقها به علم إ ":اليء ق تأويله لصفة اا يف أصل أ فهو انتصر ملذهبه من خالل تقـسيم اللغـة إىل )٤("اللغة غري موضوعة هلا فيعلم كوا جمازا

اقدروا اهللا حق وم(:ورد قوله تعاىل أوالقزويين عندكالمه على ااز املركب .وجماز حقيقة وكـذلك العـز بـن . )٥(جعله جمازا عن التصرف )قدره واالرض مجيعا قبضته يوم القيامة

ن يكون هذا من جماز احلذف وتقـديره أوجيوز " :ورد آيات ائ قال أعبدالسالم عندما .مثلة على ذلك كثرية وهذا بعضهاواأل.)٦("وبأس ربكأو عذاب ربك أربك مرأوجاء

ــــــــــــــ . العقلي )١ ( ). ١/٢٠٦ (لكشاف ا)٢( ). ٢٤٢ص (لدكتور شوقي ضيف ل، البالغة تطور وتاريخ) ٣( .) ١٤٥|١ (ليحى العلوي ، الطراز املتضمن إلسرار البالغة وعلوم حقائق االعجاز) ٤( ). ٤٣٩ص ( االيضاح يف علوم البالغة،للقزويين، )٥( ). ١٠٧ـ١٠٦ص (، للعز بن عبدالسالم ض انواع ااز اإلشارة إىل االجياز يف بع) ٦(

٢٤٤

: يف رده على شيخ اإلسالم )١(رد على املطعينالفراد هذا الرد بعنوان مستقل هو ماورد يف كالم املطعين من مغالطات يف إالسبب يف

ب د ملـذه الرافض لتقسيم اللغة إىل حقيقة وجماز، واملقعـ رمحه اهللا ـ رده على ابن تيمية هـل الـسنة أيعتقد القارئ لردود املطعين بأن أقوال وكذلك حىت ال هل السنة واجلماعة، أ

.دلتهم متناقضةأو واجلماعة يف ااز مضطربة املتتبع لكالم املطعين يف كتابه ااز يف اللغةوالقرأن والذي يرد فيه على منكري ااز

:يلحظ مايأيت خيرج أقوال اخلصوم بصورة تظهر للوهلة األوىل صحة مـا أن الرجل أويت ذكاء حبيث ـ١

. ذلكيقول، ولكن األمر خبالف عند تعرضه ألقـوال الإنه مل يبني معاين املصطلحات البالغية كالوضع وااز املرسل، أـ ٢ ئمة البالغة بل عرفها مبا أولكنه مل يعتمد يف بيان معانيها على أقوال ئمة املخالفني لقوله، األوالسبب يف تعريفه هلذه املصطلحات من عند نفسه غري معتمد على أقـوال الف أقواهلم، خي

تساعده على أقواله تعريفات السابقني ال أن السابقني ألنه عند رده على املخالفني له وجد . فعرف هذه املصطلحات بتعريفات ختدم أقواله

ثناء الرد عليه ألنه يكفي أن نشري يصادر على املطلوب، وهذا لن نتعرض له أ ما ـ كثريا ٣اليه لرده، فمثال يأيت لكالم األئمة كالشافعي وابن تيمية وغريهم ويقول هذا مل يبق فيـه إال

يسميه اخل، فما ... وهذا من ااز العقلي :أن يذكر أنه جماز، ويعلق على بعض األقوال بقوله فهل يريد من األئمـة . لى هذا املعىن ن العرب تكلموا به واستعملوه ع إاألئمة يقولون جمازانـزل مصطلحاته على أفاملطعين ليهم القول بااز، إينسب حىت ال بلغة العرب؟ ايتكلمو الأ

اليفرق املنكرون للمجـاز جمازا، صحاب ااز أوالصحيح أن ما يسميه أقوال املنكرين هلا، .من لغة العربيقولون هذا ليس يسميه املقسمون حقيقة وال بينه وبني ما

نه بيان منه لكشف ضعف قول ابن تيمية يف إنكار ااز أعض مايزعم املطعين بن واآل :وذلك من خالل مايلي

ــــــــــــــ

للمطعين جهود مشكورة يف الذب عن دين اهللا من خالل منافحته للعلمانيني يف مـصر فجـزاه اهللا عـن ) ١(

. ن هذا المينع من بيان احلق له فيما اخطأفيه االسالم واملسلمني خريا ، ولك

٢٤٥

:زعمه أن ابن تيمية رمحه اهللا يقول بالوضع :اوالحظ أنه من شدة سيطرة فكرة احلقيقة وااز على فكر املطعين وحماولة إثباا من املال

ي أ لم يتـرك بأي طريقة وجد أن أكرب عقبة جعلها يف طريقه ابن تيمية هى إنكار الوضع ف إال وقال إن ابن تيمية يقول بالوضع ويتناقض كلمة يذكر ا ابن تيمية كلمة وضع ومشتقاته

.مع ما قرر يف نفي احلقيقة وااز وفيما يلي بعض النصوص اليت نقلها املطعين من كالم ابن تيمية مستشهدا ا على قوله

:بني عدم سالمة استدالل املطعين اأبالوضع مث وهو أن يكون الرجل قد قال كلمة منظومـة أو … ":قل عن ابن تيمية قولهأ ـ ن

أشبه ذلك املعىن منثورة لسبب اقتضاه فشاعت يف االستعمال حىت يصار يعرب ا عن كل ما األول وإن كان اللفظ يف األصل غري موضوع هلا فكأن تلك اجلملة املثلية نقلت بالعرف من

نقل األلفاظ املفردة، فهذا نقل يف اجلملة مثل قوهلم يداك أوكتا املعىن اخلاص إىل العام كما ت أنت جنيت هذا ألن هذا املثل قيل ابتداء ملن كانت جنايتـه : وهو مواز لقوهلم خوفوك نف

معـىن ما :"مث سأل املطعين سؤاال بعد هذا النص فقال .)١("عاما والنفخ فصار مثال ءيكاباإل .)٢(")ن اللفظ غري موضوع هلان كاإو (:رمحه اهللاـ مام قول اإليفصل عن سياقه، فابن تيمية رمحه خذ الكالم مجلة واحدة وال أ قول جيب أيلفهم

فيضعه هلذه احلالة مث ة حلاجة أو لواقع املثل اإلنسان يقول ف ،اهللا يتكلم يف هذا النص عن املثل .تأخذه الناس وتتكلم به يف حوادث مشاة

ن الرجل قد يقول الكلمة لـسبب إ :قال قبل هذه العبارةـ ه اهللا رمحـ فابن تيمية مث ) لمة منظومة أو منثـورة ك (:كقوهلم لغة العرب تعين اجلملة املفيدة يف والكلمة اقتضاها،

،)فكأن تلك اجلملة املثلية نقلت بالعرف من املعىن اخلاص إىل العام (:ذكر بعد النص املقتطع ل وليس على األلفاظ املفردة، والوضع املذكور يف النص هو وضع ذن على مجلة املث إفالكالم

.املثل املوضوع على حادثة معينة

ــــــــــــ ). ٦٤ـ١٤/٦٣ (الفتاوى )١( ). ٧٤٦ص (ااز يف اللغةوالقرآن )٢(

٢٤٦

فهذا املثل وضع حلادثـة ) وفوك نفخ يداك أوكتا (:واستدل ابن تيمية بقول القائل يستطيع مبا أويت من إحاطة بلغة العـرب أن يـأيت بـاملعىن يعلم قصة املثل ال معينة ومن مل

).وهو مواز لقوهلم أنـت جنيـت هـذا (اازي الذي يدعيه املطعين وهو قول ابن تيمية ن ابـن أنه يدل على أ )صل غري موضوع هلا اللفظ يف األ (:ن قول ابن تيمية أفاملطعين زعم

حيحا فإن اللفظ يطلق ويراد به امللفوظ أي الكالم ويطلق تيمية يقول بالوضع وهذا ليس ص ويراد به األلفاظ املنظومة وليس اللفظ املفرد، وابن تيمية رمحه اهللا كما قلنا سابقا جعل هذه

.يريد العبارة بني عبارتني توضح ما،وهـذا مـردود )١(مث زعم املطعين أن الوضع يكون يف األلفاظ وكذلك يف التركيب واضع اللغة مل يضع اجلمل كما وضع املفردات، بل ترك :"دليل على ذلك قول السيوطي وال

اجلمل إىل اختيار املتكلم يبني ذلك لك أن حال اجلمل لو كانت حـال املفـردات لكـان ا كانت املفـردات كـذلك ماستعمال اجلمل وفهم معانيها متوقفا على نقلها عن العرب ك

.)٢("ا اجلمل ويودعوها كتبهم كما فعلوا ذلك باملفرداتولوجب على أهل اللغة أن يتبعو فاملثل الذي استدل فيجب على املطعين إثبات أن اجلمل أيضا موضوعة من العرب،

ليس اجلملة الوحيدة يف لغة العرب بل قال العرب من اجلمل )…يداك أوكتا (به ابن تيمية فهل هذه معاين جمازيـة ) يداك شلتا (وقالت ) يداك محلتا (وقالت ) يداك ضربتا (غري ذلك

.،ولو مل تكن كذلك فيجب عليه نقل وضع العرب هلا وهكذا يف سائر اجلمل!؟يقـال ولو كان وضع املثل ال ،بالوضع وضع املثل على بدء فابن تيمية يقصد وعود

ثـل امل ايطلق عليه فكم تتكرر احلوادث حىت حقيقة إال على احلادثة اليت وضع املثل ألجلها يقوله املطعين فلو ال جمازا وتصبح اللغة كلها جمازا وهذا ما الإيذكر حقيقة؟ ولكان املثل ال

ا لنقل مجيع أقواهلم على احلوادث ملعرفة وجانقلته والحت مل جتد العرب فائدة يف وضع املثل ما .احلقيقة من ااز

املواقف املشاة للحدث األول به يف ربعاملثل كامال وأنه ي )باللفظ(فابن تيمية يقصد .وضع املثل عليه يقال فقط على ما ألنه يشاه وال

ــــــــــــــ

). ٤١ـ١/٤٠ (املزهر يف علم اللغة )١ (

). ٧٤٦|٢ (يف اللغة والقرآنااز ) ٢(

٢٤٧

مل يقل بالوضع األول ومعلوم أن املثل يقال بألفاظ فهل ـ رمحه اهللا ـ وابن تيمية فرد يف املثل قبل املثل غري معلوم حىت وضع املثل حىت يقال بأن ابن تيميـة قـال كل لفظ م

، أو أنه يقصد أن ابن تيمية يقول بالوضع األول للجمـل ؟ ؟بالوضع األول لأللفاظ املفردة وكذلك العرب مسته مثال ليكون مثاال ملا شاه ويكفينا يف الرد عليه قول السيوطي السابق،

.ةه حادثته املعينوليس املقصود منهذا مصادرة على املطلوب، فما الدليل فوأما قوله بأن هذا النص فيه استعارة متثيلية

يتكلم بلغة العرب الأن هذا استعارة متثيلية؟ أم جيب على ابن تيمية إعلى أن ابن تيمية قال وهذا ال ميكـن ن ابن تيمية يقول بااز، إيقال حىت ال مساه املقسمون حقيقة، إال وفق ما

.كان مثبتا للمجاز الإفالنتيجة عدم التكلم باللغة و ن أغلب اللغة جماز،إألم يقولون مه استخدجيب ا تكلمت به العرب سواء مسوه حقيقة أو جمازا،و والصحيح أن هذا ما

ورد فيه ولكن االختالف يف االساليب واللفظ ليس أحقيقة فيما أن اللفظ كما قالته العرب،و .منا املقصود املعىن الدال عليهأملقصود من الكالم وهو ا

وكذلك االستثناء وإن كان يف " : عن ابن تيمية رمحه اهللا قوله)١(ب ـ ينقل املطعين واللفظ يـصري ... األصل لإلخراج من احلكم فإنه صار حقيقة عرفية يف مناقضة املستثىن منه

!ضع؟كان يقتضيه أصل الو باالستعمال له معىن غري ماوكذلك يكون يف األمساء املفردة تارة ويكون يف تركيب الكالم تـارة ويكـون يف

فيتغري االسم املفرد بعرف االستعمال عما كان عليـه . اجلمل املنقولة كاألمثال السائرة مجلة يف األصل إما بالتعميم وإما بالتخصيص وإما بالتحويل كلفظ الدابة والغائط والرأس ويتغري

االستعمال عما كان يقتضيه نظائره كما يف زيادة حرف النفي يف اجلمل السلبية، التركيب ب وزيادة النفي يف كاد وبنقل اجلملة من معناها األصلي إىل غريه كاجلمل املتمثل ا يف قوهلم

. )٢("يداك أوكتا وفوك نفخمال فاملطعين يزعم أن ابن تيمية من خالل هذا النص يقول بالوضع األول واالسـتع

له ويتضح ذلك مـن يسلم صل اللغة وهذا ال ينقله من أصل اللغة إىل معىن جديد خمالف أل :خالل بيان عدة امور

ـــــــــــــــ

). ٧٤٧ص (ااز يف اللغة والقرآن )١( ). ٤٣٠ـ١٤/٤٢٩ (الفتاوى )٢(

٢٤٨

على خالف ـ يتعلق املطعين عند عرضه لنصوص ابن تيمية باأللفاظ اليت يفهمها ) ١ ( : والدليل من قول ابن تيمية مايليـ رمحه اهللا ـ يريد شيخ االسالم ما ويتضح ذلـك مـن ،مجلة االستثناء ) …واللفظ يصري (يقصد ابن تيمية بقوله ـ أ

فلو كـان ..)وكذلك يكون يف األمساء املفردة (وتعقيبه بقوله السياق السابق هلذه اجلملة، فرد فما معىن العطف؟ حيث عطف األمساء املفردة على اللفـظ، اللفظ امل )باللفظ(املقصود

املفردة ( فابن تيمية يريد أن يبني أن التغري يف معىن األلفاظ ،افال ميكن أن يكون معنامها واحديقـصد الـ رمحه اهللا ـ وأيضا مما يبني أن ابن تيمية حبسب االستعمال العريف، )واملركبة

ال يف اجلمل اليت يكون فيها تركيب يف لغة إمل يذكر الوضع أنه ،يقصدونه بكلمة الوضع ما وضع وطريقة تعرف من خالل معرفة لغة العرب كاالستثناء واملثال فهي حتتاج إىل العرب،

ما األلفاظ املفردة فيذكر أا خمالفة ألصل اللغة حبـسب االسـتعمال أو وطرق استخدامها، .ا خمالفة ألصل الوضعإواليقول

له حقيقة لغوية )املفرد واملركب(له فاللفظ بق وموضحاب ـ وهذا معتمد على الس العرفيـة والعالقة بينهما ليست عالقة ختالف بل أن احلقيقة ،)ليست جمازية (ة ة عرفي قوحقي

فاحلقيقة العرفية هي يف حقيقتها من اللغة ومل تأت وحتوهلا،أوختصصها أتعمم احلقيقة اللغوية صـل أ(معىن قوله اآلن بني يتو )صل الوضع أ(وقد بني معىن قول ابن تيمية .الف هلا مبعىن خم به احلقيقة اللغوية املأخوذة من كالم العرب ال أا اصل الوضع الذي فأصل اللغة يعين ) اللغة

تشمل كل املعىن اللغوي بل تشمل بعضه فقد يظـن فاحلقيقة العرفية ال يتكلم به البالغيون، سـباب التقـسيم وهـو أمن ـ علم أواهللا ـ يتداوله الناس وهذا للغة هي ماالظان أن ا

.صرح به املطعين عندماتكلم عن املعاجم وقد ذكر سابقا ماـ رمحه اهللاـ ج ـ ابن تيمية يقـصد ـ يف النص السابقـ عندما قال بالوضع

فاالسـتثناء مـن " : قوله والدليل على ذلك ،وضع االستثناء وطريقته ومعناه يف لغة العرب كان يقتضيه أصل له معىن غري ما النفي إثبات ومن اإلثبات نفي واللفظ يصري باالستعمال

املـذكور يف ) أصل الوضع ( فالكالم ليس يف الوضع األول بل يف االستثناء، وأن ."الوضعـ هذا القول هو وضع الكالم بصيغة االستثناء، فمثال قوله تعاىل سني ألـف سـنة إال مخ

هذا أصل الوضع مبعىن هذا هو الكالم الذي تكلم به وليس أنـه أول ،]١٤العنكبوت،[عاماله معىن غري املعىن املوضوع له، فاملعىن املوضوع له أنه مرة يتكلم به فأصبح عند استخدامه

له معـىن يف االسـتعمال وهـو من األلف عام،ولكن أصبح ) مخسني عاما (يريد إخراج ليس الوضع ) أصل الوضع( فكلمة ـ وإن كانت النتيجة واحدة ـ سون عاما تسعمائة ومخ

٢٤٩

يتكلم بلغة العرب فهـل حيـرم عليـه إذا ـ رمحه اهللا ـ فابن تيمية االصطالحي عندهم،أن يتكلم بأن هذا وضع وموضوع، أو أن يقـول هـذا رفض القول بالتقسيم أو بالوضع ؟

ن يقول بااز، فالعرب تـستخدم كلمـة وضـع الكالم على احلقيقة حىت اليتهم بأنه مم وكلمته هنا أصل الوضع أي عند يقصد به اازيون، وموضوع يف لغتها وتقصد ا غري ما

كلمة لفظ الكالم به، أي عند وضع الكلمات يف تركيب معني، والكالم هنا عن االستثناء و

.اليقصد به اللفظ املفرد يف لغة العربهلـا وهي األمثال وتراكيب الكـالم ،لفاظ املفردة واجلمل املنقولة ن األ إوأما قوله

بل بـني ن املعىن اآلخر املتبقي من املعىن اللغوي جماز، إ ومل يقل شيخ اإلسالم ،حقيقة عرفية مـشتق منـه كله بل هو املعىن اللغوي ال يشمل يف عرف الناس هذا اللفظ املفرد ه اصبح نأخيـرج مـن للغة هو املطمئن من األرض مث أطلق عرفا على مـا فالغائط يف ا ،له خمالف ال

اإلنسان، ألن الناس كانت تقضي حوائجها يف األماكن املنخفضة فسموا اخلارج باملكـان الذي يميشي على يدب مث قيدت يف العرف على ما ى به، وكذلك الدابة معناها كل ما قض

ولكن تعارف الناس على ذلك ومل يقـل خيالفه أربع من ائم األنعام، وهو مشتق منه وال .م تواضعوا على هذا املعىن ومن قال ذلك فليثبتهإأحد

يقول باحلقيقة وااز والصحيح أن ـ رمحه اهللا ـ فاملطعين يريد إثبات أن ابن تيمية يف هذه النصوص يبني أن احلقيقة العرفية مـن احلقيقـة اللغويـة ـ رمحه اهللا ـ ابن تيمية .فالجمال للمطعين هنا ا جمازا،إا حقيقة ومل يقل ـ أرمحه اهللا ـ ف فهويعترهلام والـسبب الـذي ـ تعريف املطعين للوضع وقوله بالتالزم بني الوضع واإل ) ٢ (

:دعاهم إىل القول ذا املطعين يعر حد ممن سبقه، أتى بتعريف مل يقل به أ و ،فه أصحابه ف الوضع بغري مايعر

يستطيع الرد على أقوال ابن تيمية رمحه اهللا وليتمكن من إثبات أن ابـن تيميـة وذلك حىت .يقول باحلقيقة وااز

هو النطق أول مرة باللفظة داال على معناه سواء كان : فيعرف املطعين الوضع بقوله .)١(مصدره اإلهلام أو احملاكاة أو التوقيف

.)٢(يص شيء بشئختص: والصحيح أن علماء البالغة عرفوه بأنه ــــــــــــــــ

). ٧٤٢|٢ (ااز يف اللغة والقرآن )١( ). ٣٨ ص ( املزهر يف علم اللغة)٢(

٢٥٠

ومل أجد أحدا يعرف الوضع بتعريف املطعين ومل يورد من قال به، فكالمه يـشتمل :على أمور

.ـ مل ينسبه ألحد من أهل اللغة١ يلزم من ” هو النطق باللفظ داال على معناه ن الوضع إ” :عندما قال هذا القول ـ٢

م جمموعة من الناس؟ فلو كان الناطق واحدا فمن هو هـذا أ هل الناطق واحد :قوله سؤال يتعلـق يف يريده من هذا اللفظ وخاصـة فيمـا ال الناطق أول مرة؟ وكيف ينقل للناس ما

ال املعىن على هذا نـزإيف وكيف يفهم الناس منه ذلك؟ وأيضا حدوث اخلطأ احملسوسات؟ وأيضا هل اللفظ والنطق به سابق علـى ،خر حىت لو سلمنا بقوله النطق حاصل من فرد آل

يعرف املقصود مث إذا ن املعاين العقلية كثرية قد حيصل فيها االشتباه ملن ال أواملعروف املعىن ؟ هل بنطق يسبقه؟ ن هذا النطق يصدق على هذا املعىن؟ أكان النطق قبل املعىن فكيف يعرف نطق به أول لن هذا اللفظ وا أم أ؟ فيلزم التسلسل ةاي ال وهذاالنطق يعلم بنطق يسبقه إىل ما

ن هذا املعىن من أول تبادر إىل الذهن عند النطق ذا اللفظ الذي أو دل على هذا املعىن؟ ةمرهم صـامتون مث ن أول ناطق به مجاعة اجتمعوا على صعيد واحد و أم أ. يناسبه فيلزم الدور

حد أوهذا مل يقل به نـزلوه على معىن معني؟ أو مجيعهم ذا اللفظ أول مرة و أحدهم أنطق .يلزم من السابق ويلزم منه ما ولكن تعريف ،هلام يف اللغة فالوضع عملية انسانية كما يقولون الوضع خيالف اإل مث إن ختصيص شيء بشئ فاأللفاظ حتتاج إىل فالوضع هو كما قيل ،تدخل لالنسان فيه املطعين ال

ما على تعريفه فإن الناطق ـا أ و ،هلا والناطق ا حيتاج إىل هذه املعرفة مسبقا حتديد معان الوضع وبذلك يتـضح نقـضه هلام ال يعرف معناها دون احلاجة إىل ختصيص وهذا هو اإل .للوضع من خالل التعريف العجيب هلذا املصطلح

هو أبونـا آدم من البشر ن أول من نطق بلفظ دال على معناه أ املسلمني واملعلوم عند بينا آدم موجودة حيت أوهل لغة بينا ادم؟أفهل يقصد باول نطق هو نطق ـ عليه السالم ـ

صل اللغـات أا أ كذلك فعلى تعريفك يذا مل تكن موجوده وه إمنيز احلقيقة من ااز؟ و حقيقة فيها فال حقيقة حينئذ لتقسيمكم اللغـة إىل از وال ن مجيع اللغات جم أفهذا دليل على

.حقيقة وجماز الن اللغة اصبحت كلها جمازافما معىن الوضـع إذا ) سواء كان مصدره اإلهلام أو احملاكاة أو التوقيف (:ما قوله أو

ت كان مصدره اإلهلام أو احملاكاة أو التوقيف فالوضع على ماذا؟ إذا كان مصدره ذلك نقض .الوضع الذي تقوله فالوضع مقابل هلذه املصادر

٢٥١

يستحيل استعمال لفظ مبعزل عن ":مث بعد ذلك قال بتالزم الوضع واالستعمال فقال .)١("حيل وضع لفظ مبعزل عن االستعمالتاللفظ نفسه كما يس

” :التالزم بني قوله بإثبات الوضع وبني هذا القول وهو استعمال اللفظ فهو يقول الستعمال اهل السنة يقولون ب أومل يقل مبعزل عن الوضع و ” يستحيل استعمال اللفظ نفسه

فالنــزاع ن تستعمل اإلشارات؟ أدري هل فهم من االستعمال أ وال ،لأللفاظ والتكلم ا هل السنة ليـسوا عجمـا أ فعلماء ،األلفاظ كما استعملها العرب استعمال على الوضع ال

ما قولـه أو. بل هم يستخدمون ألفاظها ويستعملوا دون القول بالوضع يفهمون لغتهم الهنا حـذف كلمـة اللفـظ ”ن يكون مبعزل عن االستعمال أ الوضع يستحيل إن” :الثاين

ال إن الوضع ال ميكن االستفادة منـه أيفيد فكما قرر السابقه ووضع كلمة الوضع وهذا ال علم كيف اسـتعملت ألفاظهـا دون ية العرب و نظر إىل لغ الواجب عليه أن ي ف ،باالستعمال

قسمه واستعمال العرب لأللفاظ يدخلون فيه ما ،وجمازاأاحلاجة جلعل بعض كالمها حقيقة ي حال ومل يصل من إميكن إثبات الوضع األول ب وال يفرقون، هؤالء إىل حقيقة وجماز وال

بالتالزم بني ه والسبب يف قول ،جب متابعة استعماهلم وترك التخرصات ت ف ،ال استعماهلا إاللغة الوضع واالستعمال ليسهل الرد على ابن تيمية الرافض للوضع القائل باالسـتعمال ولـيس

.السبب يف هذا القول هو نتيجة حبث او حقيقة قائمة بنفسها فوضع الشئ غري استعماله

ـــــــــــــــــ ). ٧٤٢|٢ (ااز يف اللغة والقرآن)١(

٢٥٢

:تأيت مطلقة تأيت إال مقيدة وال رده على ابن تيمية بأن األلفاظ ال:ثانيامقيدة وينقل عن الإتأيت بأن األلفاظ الـ رمحه اهللا ـ يرد املطعين على ابن تيمية

مث هؤالء الذين يقولون هذا جند أحدهم يـأيت إىل ألفـاظ مل يعلـم أـا ":ابن تيمية قوله ردة عن مجيع القيود مث يدعي أن ذلك هو حقيقتها من غري استعملت إال مقيدة فينطق ا جم

وضعت جمردة مثل أن يقول حقيقة العني هو العضو املبصر مث أن يعلم أا نطق ا جمردة وال ن هذا من إمسيت به عني الشمس والعني النابعة وعني الذهب للمشاة لكن أكثرهم يقولون

فيمثل بغريه مثل لفظ الرأس يقولون هو حقيقـة يف باب املشترك ال من باب احلقيقة وااز وأمثال ... رأس اإلنسان مث قالوا رأس الدرب الوله ورأس العني ملنبعها ورأس القوم لسيدهم

جيدون قط أن لفظ الرأس استعمل جمردا بل جيدون أنه استعمل ذلك عن طريق ااز وهم ال .)١("بالقيود يف رأس اإلنسان :)٢(وجه هيأة مث عقب عليه من عد

:تت جمردةأا أ ادعاء والدليل على ةأن قوله بأن اللغة مل تأت جمرد )١(بـاب : أ ـ املعاجم وجتريدهم فيها لألفعال فاخلليل بن أمحد يف كتابه العني يقول

.)عكد، دعك، دكع(العني والكاف والدال رأس كل شـيء : رأس ":ب ـ أن الرأس جاء جمردا من القيود ففي اللسان يقول .)٣("أعاله

أضيف فيه الشئ ملا حقه أن يضاف إليـه أنه ساوى بني نوعني من اإلضافة بني ما )٢( .)٤(ليس كذلك كرأس اجلبل وجيري عليه كرأس اإلنسان وما

:واستدل على ذلك :أن الطفل لو سأل أباه عن الرأس لوقفه على حقيقتها بوضع يده عليها قـائال بأ ـ

.هذا هو الرأس فالن أزاح رأس اجلبل عن جسده فماذا كان يقول؟ :أنه لو قيل البن تيميةوب ـ

.هل يقتص منه إلزاحة رأس اجلبل

ــــــــــــــــ ). ٩٨ص (االميان )١( ). ٧٦٨ـ٧٥٣ص (ااز : انظر )٢( ). ٣/١٥٣٣ (اللسان )٣( ). ٢/٧٥٤ (ااز يف اللغة والقرآن )٤(

٢٥٣

مل،]٤٥املائـدة، [وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعني بالعني: ج ـ قوله تعاىل .)١(يفهم املسلمون من العني إال العضو الباصر

:الرد على املطعين فيما ذكره سابقا تأيت جمردة واستدالله لـذلك مبعـاجم ـ رده على قول ابن تيمية أن األلفاظ ال ١ يـتكلم يتكلم عن لغة العرب واستخدامها والـ اهللا رمحه ـ ابن تيمية واحلقيقة أن ،اللغة

.عن كيفية وضع املعاجمفالكالم يف لغة العرب وأم مل يستخدموا األلفاظ جمردة لوحدها بل يـستخدموا

مقيدة،واملطعين مل يأت بدليل إال هذه املعاجم اليت جتمع شتات اللغة فهل العـرب تعلمـت ستخدمت لغتها كما هي يف املعجم؟ وأقصد بـذلك أنـه اللغة من املعاجم؟ أم أن العرب ا

فلم يوجد على مر التاريخ أنه ةيلزمه يف ذلك أن يستخدم األلفاظ كما هي يف املعجم مقطع بعدها بكالم أو قال عكد وسـكت دون أن رجع وسكت ومل يعقب : حد وقال أأتى

ن إمث .نطق به شيء آخـر يقيده بكالم فالكالم يف املعاجم شيء والكالم يف االستعمال وال معرفة املفردات طلب ليها عند إسهل العودة ت ملعاين مفردات اللغة ل ةتعليمي هذه املعاجم كتب

غـري نلف حبسب الوضع فاالستدالل إذ أنه أحد أورتبت حبسب ترتيب احلروف ومل يزعم .سليم

تـى جمـردا ، بأن الـرأس أ )بأن الرأس اليأيت إال مضافا (مث يرد علىابن تيمية قوله وهذا دليـل ” عالهأرأس كل شيء :الرأس ” واستدل على ذلك مبا ورد يف لسان العرب

عاله، فلماذا خيـالف أفأبن منظور مل يقل الرأس هو رأس احليوان بل رأس كل شيء ، عليه فهذه املعاجم تقول الرأس هو أعلـى .أدلته والتزامه باملعاجم وليس بلغة العرب املستخدمة

.ل هو الكتلة اليت بني كتفي اإلنسان فيطلب منه االلتزام بدليلهالشئ ومل تقن إـاملطعين يرد على تسوية ابن تيمية بني نوعي اإلضافة وأن ابن تيميـة يقـول ٢

من االشتراك املتواطئ وهذا صحيح ألنه ،وهو حقيقة فيهما الرأس يضاف لإلنسان وللجبل ي حقيقة رأس اجلبل وكالم ابن تيمية يتفـق يعين ذلك أن حقيقة رأس اإلنسان ه بينهما وال

:مع كالم صاحب اللسان مث استدل مبا يأيت

ــــــــــــــ ). ٧٥٧|٢ (ااز يف اللغة والقرآن )١ (

٢٥٤

أ ـ أن الطفل لو سأل أباه عن الرأس لوضع يده عليه وقال هذا، وللحقيقة أن هذا يف كيفية تعليم األطفال اللغة، وعلـى فالكالم عن املعاين يف لغة العرب وليس ،مثال غريب

ألن هذا ا؟صبع رأس ولأل ؟ ام ابنه بأن للجبل رأس األب بعد ذلك هل عل سأل ملاذا مل ي :مثاله؟ مث إنه لو سأل ابنه أيـن رأس مما يعلمه األب ابنه، ويعرف االبن أن رأس كل شيء حبسبه

أيـن :ن قيده بقولـه إما أو ماذا؟ رأس :ن جييبه بشئ بل سيقول أوسكت ملا استطاع ابنه فقيده باآللف والالم عندئذ يفهم االبن أن املقصود رأس اإلنسان ولو سأله أين رأس ؟الرأس .ألخربه ابنه بذلك كذلك القلم ؟

نرجعها لفهم األطفال ألن الطفل يف طور التعلم لكن لـو فقضية لغوية مثل هذه ال أظنـه ال وغريه هذا ما أ بوضع يده على رأس نفسه هل جييبه أين رأس ؟ :سأل انسانا كبريا .من زعم املطعين

نه يلزم أ ،ب ـ املطعين فهم من كالم ابن تيمية بأن الرأس حقيقة يف اإلنسان واجلبل لزمه نفس اإللزام إذا يمنه القصاص ملن قطع رأس اجلبل ألن حقيقته كحقيقة رأس اإلنسان ف

ـ علـى قـول ن يأخذها من اللغة أراد أاب والسنة ومن الكت حكام الشرعيةمل يأخذ األزاح رأس أي حيـوان أفالرأس عنده رأس احليوان فعلى ذلك يقتص ممن املقسمني خاصة ـ

واألمر اآلخر أن القطـع ال يكـون يف هو حقيقة يف االنسان، ألنه حقيقة يف احليوان كما .الرأس ولكن يكون يف الرقبة

ـ هموا أن العني هي العني الباصرة ج ـ وعلى قوله أن املسلمني ف ني فهـل هـي ع؟، ه فلو فقأت عني محار هل تفقأ عين ؟ فهل كل من فقأ عينا تفقأ عينه ؟اإلنسان أم احليوان

أم أن هذه أحكام شرعية أخذت من الشرع وعرف أن املخصوص ا اإلنـسان ٠ ذا ت بذلك ألزمت ابن تيمية ألزم غري فإذا ال

وأيضا من األمساء ": بنص البن تيمية يراه حجة عليه، يقول ابن تيمية مث أتى املطعين تكلم به أهل اللغة مفردا كلفظ اإلنسان وحنوه مث قد يستعمل مقيدا باإلضـافة كقـوهلم ما

وبتقدير أن يكون يف اللغة حقيقة وجماز فقد ادعـى ،برة الذراع وحنو ذلك إإنسان العني و له وهنا مل وضع لط فإن ااز هو اللفظ املستعمل يف غري ما بعضهم أن هذا من ااز وهو خ

.)١("يستعمل اللفظ، بل ركب مع لفظ آخر فصار وضعا آخر باإلضافة

ــــــــــــــ ). ٩٥ص (اإلميان )١(

٢٥٥

قد أثبت التجريد عن القيود هنا وكان ـ رمحه اهللا ـ أال تراه ":بعده بقوله مث عقب نه أراد من األفراد هنا معىن غـري إيقال هو مذهب اإلمام ومعتقده وال قد نفاه قبال فأيهما

مث قد يستعمل مقيدا باإلضافة دليل قاطع على ” التجريد من القيود ألننا نقول أن قوله بعده يريد إثبات فهو .)١(" يفيد يف ذلك نـزاع نالتجريد من القيود ول ” مفردا” أنه أراد من قوله

معىن قوله يساوي حيث نفى اإلطالق أوال مث أثبته هنا وأن قوله مفرد ناقض تن تيمية م بأن ا .مطلق

يقول ابن وقبل الرد على هذا القول ال بد من إكمال سياق الكالم حىت يتضح املعىن إن عين بذلك القرائن اللفظية مثل كون االسـم يـستعمل مقرونـا ":رمحه اهللا ـ تيمية

فعل والحـرف يوجد قط يف كالم تام اسم وال جلملة ال ففي ا ... باإلضافة أو الم التعريف وهلذا كان لفظ الكالم والكلمة يف لغة العرب بل ويف ... طالقإال مقيدا بقيود تزيل عنه اإل

إن تستعمل إال يف املقيد وهو اجلملة التامة امسية كانت أو فعلية أو ندائيـة ال لغة غريهم .)٢("ا قسم ثالثإقيل

والتقييـد يف قطالالني كالم ابن تيمية هذا والكالم األول فالكالم يف ا فهنا فرق ب تتكلم بألفاظ مطلقة دون املقيد هلا وهو اجلمل فال ميكن أن تتكلم العرب إال جبمل تامة وال

طالق فاإل) التستعمل إال يف املقيد وهو اجلملة التامة االمسية (: اجلمل، وقد ذكر ذلك بقوله خالل اجلملة فلغة العرب تعبريية يفهم الكالم على حقيقته مـن خـالل والتقييد يكون من .اجلملة كاملة تامة

يستعمل قط مطلقا ال يكون إال مقيدا ن اللفظ الإ ":رمحه اهللاـ ويقول ابن تيمية .)٢("ما يف مجلة امسية أو فعلية من متكلم معروفإفإنه إمنا تفيد بعد العقد والتركيب

فإن األلفاظ اليت يقال إا متواطئة كأمساء ":السابق، ويقول أيضا وهو نفس الكالم قد يراد ا املعىن العام وقد يراد ا ما هو أخص منه مما يقترن ... األجناس مثل لفظ الرسول فهو يبني أن األلفاظ يف اجلمل قد يراد ا املعىن العام هلـذه . )٤("ا تعريف اإلضافة أو الالم

.ص ا معني وذلك يعرف من خالل النصاأللفاظ أو خي ــــــــــــ

). ٧٦٣ص (ااز يف اللغة والقرآن )١( ). ٩٦ص (اإلميان )٢( ). ٢/٤١٢ (الفتاوى )٣( ). ٢/٤٢٨ (الفتاوى )٤(

٢٥٦

أي مطلقا جمـردا مـن ) مفردا(القول الذي استشهد به املطعين بأن قول ابن تيمية ف : بعدة أمور يتضحمجيع القيود

يوجد استخدام ـ بينا أن قول ابن تيمية مطلق ومقيد من خالل اجلمل التامة فال ١ .لفظ مطلقا بدون قيد، بل ال بد من تقييد املعىن وتوضيحه من خالل اجلملة

وهى مقيدة .)١(ـ ذكر املطعين أن ابن تيمية يرى من القرائن األلف والالم لالسم ٢ .للفظ املفرد

تأيت إال مقيدة رمحه اهللا كان كالمه قبل هذا القول يف األلفاظ اليت ال ـ ابن تيمية ٣ جند أحدهم يأيت : " يقول ابن تيمية ،نص عليه يف كالمه الذي يرى املطعين أنه نقضه وهو ما

تـأيت فابن تيمية يذكر هنا أن هناك ألفاظ ال . )٢("إىل ألفاظ مل يعلم أا استعملت إال مقيدة ولكن هناك من ،نسب إليها خل فتأيت حبسب ما إ... مثل لفظ ظهر ورأس إال مقيدة ومضافة

األلفاظ مايأيت مفردا لوحده كلفظ إنسان ويأيت بعض األوقات مقيدا باإلضافة، وهذا قـول اابن تيمية أي أنه يأيت لفظ اإلنسان دون أن يضاف إليه شيء من األمساء، ويـأيت مـضاف

: وذلك ألمور ،لك أن هذا اللفظ مطلقيقصد من ذ وال. كإنسان العني وهكذا .أ ـ ذكر سابقا أنه اليوجد كالم مطلق .أقر به املطعين ب ـ بني أن من القيود األلف والالم وهذا ما دون أن يضاف إليه اسم آخر فيصبح مركبا ) اإلنسان(ج ـ قصد مبفرد أي وحده

يف اجلمل تكون األمساء أنبني فيها مفردا ويأيت مقيدا باإلضافة ي :فعندما قال ) إنسان العني ( مقيد اإلنـسان مقيـد ، والدخل هنا لالطالق والتقييد بل كال اللفظني ةومضافأ ة مفرد إما

.يف اجلمليكون االطالق والتقييد فنسان العني مقيد باإلضافة، إبالأللف والالم وـ الل اللغـة واملطعين اعترف بأنه عندما تكلم باحلقيقة وااز مل يتكلم ا مـن خفالتعريف باأللف والـالم وإن صـحت " : تستحقه، بل من خالل االصطالح، يقول وما

.)٣("تسميته قرينة من حيث اللغة واللفظ فليس هو قرينة من حيث االصطالح

ــــــــــــــ ). ٧٧٥ص (ااز يف اللغة والقران )١ ( ). ٩٨ص (اإلميان )٢( ). ٧٧٦ص (رآنااز يف اللغة والق )٣(

٢٥٧

إذن الكالم ليس يف اللغة فال حاجة لكتاب املطعين ألنه يتكلم وفـق مـصطلحات فمن خالل ذلك يتضح أن ليست من أصل اللغة بل من خالل املصطلحات املتواضع عليها،

ـ هو ماتواضعوا عليه من مصطلحات ال أن حقيقتـه يف اللغة الوضع مقصده ـ بأن أصل على نفسه هنا فالواجب أن يكون عنوان الكتاب ااز يف االصطالح ، فهو يرد اللغة هكذا

.دخل للغة والقرآن فيه وال وكذلك يتضح من خالل النص السابق أن ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ ال يقول أبدا عند خمالفة اللفظ املفرد بعرف االستعمال للمعىن يف اللغة بأنه خمالف أصل الوضع ألنه ذكـر يف

فقد ادعى بعضهم أن هذا من ااز وهو خلط فإن اـاز هـو اللفـظ ” :ص السابق الناملستعمل يف غري ما وضع له، وهنا مل يستعمل اللفظ بل ركب مع لفظ آخر فصار وضـعا

فكلمة وضع اليت يستخدمها أبن تيمية تعين تركيب األلفاظ كما هي يف لغة ” آخر باإلضافة . ال يف التركيبالعرب وألجل ذلك ال يذكره ا

٢٥٨

. قوله بأن ابن تيمية يقول باجملاز ويرى النـزاع نـزاعا لفظيا:ثالثا والشبهة تنشأ يف مثل هذا من جهة أن بعض : "ويستدل على ذلك بقول ابن تيمية رأيت الـشمس :يفرق بني املطلق من الكالم واملقيد، مثال ذلك أن اإلنسان يقول الناس ال

رآه بغري واسطة، وهذه الرؤية املطلقة وقد يراه يف ماء أو مرآة فهذه رؤية والقمر واهلالل إذا رأيته محل على مفهوم اللفظ املطلق، وإذا قال لقد رأيت أطلق قوله رأيته أو ما مقيدة، فإذا

الشمس يف املاء أو املرآة فهو كالم صحيح مع التقييد واللفظ خيتلـف معنـاه بـاالطالق يغري معناه كالشرط واالستثناء وحنومها مـن التخصيـصات لكالم ما وصل با والتقييد، فإذا

كان هذا اموع داال على تسعمائة ومخـسني ألف سنة إال مخسني عاما املتصلة كقوله ن هذا جماز فقد غلط، فإن هذا اموع إسنة بطريق احلقيقة عند مجاهري املسلمني، ومن قال

اللفظ من القرائن اللفظية املوضوعة هي مـن متـام يقترن ب مل يستعمل يف غري موضعه وما .الكالم

جيوز نفي مفهومهما خبالف استعمال لفـظ حيتمل الكالم معها معنيني وال وهلذا ال األسد يف الرجل الشجاع مع أن قول القائل هذا اللفظ حقيقة وهذا جماز نـزاع لفظي وهو

.)١("مستند من أنكر ااز يف اللغة أو يف القرآن ومل ينطق ذا أحـد مـن :"وعقب املطعين أيضا بقول ابن تيمية بعد القول السابق

مث إن هذا كان عند األولني مما جيوز ...رف لفظ ااز يف كالم أحد من األئمة عالسلف ومل ي وجائز وكـثري يف اللغة ويسوغ فهو مشتق عندهم من اجلواز كما يقول الفقهاء وعقد الزم

من املتأخرين جعله من اجلواز الذي هو العبور من احلقيقة إىل معىن اازمث إنه الريـب أن .)٢("ااز قد يشيع ويشتهر حىت يصري حقيقة

ن ابن تيمية يقول بااز وذلـك مـن أبط من هذا القول مسائل واستدل على نواست :يلي خالل مابهة تنشأ والش” والدليل قوله يقول بالوضع واالطالق ـ استدل على أن ابن تيمية ١

” :،ويقـول ” يف مثل هذا من جهة أن بعض الناس اليفرق بني املطلق من الكالم واملقيـد . وهذا يناقض كالمه األول،” واللفظ خيتلف معناه باالطالق والتقييد

ــــــــــــــ

). ٣/١٨٩ (، دقائق التفسري ) ١٢/٢٧٦ (الفتاوى )١( . السابقاملصدر )٢(

٢٥٩

:من خالل أقواله وهي أقر بااز يرى بأن ابن تيمية ـ ٢ .” مع أن قول القائل هذا حقيقة وهذا جماز نـزاع لفظي” أ ـ .” ريب أن ااز قد يشيع ويشتهر حىت يصري حقيقة نه الإمث ” :ب ـ قوله :نا وقفات مع هذه األدلةهو يف اللغة ضد املقيـد ، فاملطلق آخر؟يف علم اللغة أم يف علم هل املطعين يتكلم : اوال

، فابن تيمية عندما قال املطلق واملقيـد )١(وهو من التخلية واإلرسال واملقيد هو موضع القيد ما إذا قيدت يف شيء فتكون مـن أيقصد يف اللغة فالرؤية إذا أطلقت فال تعين إال املباشرة، و

خيصـصه ما يوجد مبعىن أنه ال ول ابن تيمية مطلق ق كذلكخالله وكالمها حقيقي، و الكالم مايغري معناه بفإذاوصل ” :عرب عنه سابقا وأيضا يف نفس النص أو ينضم إليه، وهذا ما

بطريق احلقيقة عند ... داال …انك…كالشرط واالستثناء وحنومها من التخصيصات املتصلة يضاف إليه شيء خيصصه، يد بل املراد به أنه ال يعين التجر طالق ال ، فاإل ”مجاهري املسلمني

كان ذلك معلوما أن رؤية القمر ال تكون إال يف الـسماء، ، رأيت القمر :قال اإلنسان فإذاخيصها فلـو زاد يف املـرآة فـاملعىن وهذا إذا أطلق قوله ومل يقيد بعد هذه اجلملة التامة ما

ريية تشمل اجلملة كاملـة وليـست لغـة اختلف، وهذا دليل على أن اللغة العربية لغة تعب ولو استخدموا تقسيمهم ، مما يضيع املعىن واجلهد ةمصطلحات تقف عند كل لفظ على حد .حدث فعال يف حيام الضطربوا وضلوا، وهذا ما

، لعـل ” وهذا نــزاع لفظـي ” :ـ يقول بأن ابن تيمية أقر بااز وهو قوله ٢ هل قال ، ونـزله على فهمه ،ينتبه لكالم ابن تيمية ال التعصب يف إثبات ااز جعل املطعين

: وإليك الدليل؟ هذا يف مجيع التقسيمات للحقيقة وااز، أم أنه خص مثاال معيناابن تيمية كان هذا امـوع داال ألف سنة إال مخسني عاما كقوله ":أ ـ يقول ابن تيمية

عند مجاهري املسلمني، ومن قال هذا جماز غلـط على تسعمائة ومخسني سنة بطريق احلقيقة فإن هذا اموع مل يستعمل يف غري موضعه ومايقترن باللفظ من القرائن اللفظية املوضـوعة

جيوز نفي مفهومهمـا خبـالف وال هي من متام الكالم وهلذا الحيتمل الكالم معها معنيني ذا اللفظ حقيقة وهـذا جمـاز استعمال لفظ األسد يف الرجل الشجاع مع أن قول القائل ه

.)٢("نـزاع لفظي ــــــــــــــ

).٨٦٩ص ( ، و ) ٦٢٣ص ( انظر معجم املقاييس اللغة )١( ). ١٢/٢٧٦ (الفتاوى )٢(

٢٦٠

، فإن اموع البـاقي ايغري معناه أنه إذا التحق باجلملة ما بني فابن تيمية رمحه اهللا ي ن املعىن هو تسعمائة إ بأننا اذا قلنا مخسني عاما ألف سنة إال على احلقيقة واستدل مبثال

هـي ألف سنة إال مخسني عامـا بأن لو قال املخالف ومخسون عاما على احلقيقة، و فهذا اللفظ مل يستعمل ولوتنـزلنا معه غلط، قد تسعمائة ومخسون عاما جماز ف احلقيقة، و

ملعىن هو تسعمائة ومخسون عامـا دل على أن ا وإال يف موضعه ومع القرينة وهي االستثناء في مفهوم أي من وال ميكننا ن ألف سنة إال مخسني عاما يوجد معىن آخر لكلمة وهلذا ال

ألن املعىن واحد وال يوجـد معـىن أو تسعمائة ومخسون، ) ألف سنة إال مخسني (الكلمتني احليوان وعلى آخر، وهذا خمالف للكلمة اليت يكون هلا أكثر من معىن مثل األسد يطلق على

اإلنسان الشجاع فلو فصل املخالف بينهما لكان النـزاع بيننا حقيقي وهـذا مـا قالـه .ابن تيمية رمحه اهللا

على املثال الذي ذكره ولكن لسوء الفهم فـسر ) نـزاع لفظي (إذن قول ابن تيمية .بأنه يعم كل جماز وحقيقة

. )١("أن ااز قد يشيع ويشتهر حىت يصري حقيقةريب نه الإ مث : "ب ـ قول ابن تيمية هنـا املقصود ولكن ذلك ، يريد لفعل بعكس ما ل ستدالااللو أراد املطعين قطع كالمه و

نصرة احلق، فابن تيمية قال هذا الكالم عندما ذكر أنه ورد عن السلف كلمة ااز وبني أن ل الفقهاء عقد الزم وجائز، مث اسـتدل أنه مما جيوز يف اللغة ويسوغ واستدل بقو ذلكمعىن

ااز قد يشيع ويشتهر حىت يصري حقيقة فهـم نإبقول املتأخرين القائلني بااز ويقولون إن ااز قد يشيع ويشتهر (ن هذا قد أصبح حقيقة كما قال السابقون، فكلمة إأيضا يقولون

أخرين جعله من اجلواز الذي وكثري من املت ” كالم للمتأخرين وإليك النص مرة أخرى ) …ريب أن ااز قد يشيع ويشتهر حـىت مث إنه ال هو العبور من معىن احلقيقة إىل معىن ااز،

منا حيكي هنا مذهبهم الغري ويدل على صـحة هـذه إفابن تيمية رمحه اهللا .” يصري حقيقة ملت فيـه كانـت يف من الصيغ اليت نعتربها اآلن حقيقة فيما استع " :املطعىن قول احلكاية

. )٢("األصل جمازا مث كثر استعماهلا فتنوسي أصلها اازي وصارت حقيقة

ــــــــــــــ . السابق )١( ). ٢/٨٦٩ (ااز يف اللغة والقرآن )٢(

٢٦١

فابن تيمية يريد أيضا أن يلزمهم أن قوهلم بأن ااز يشتهر ويصبح حقيقة هذا قريب ألم مل يستطيعوا أن ينــزلوا قواعـدهم يف ،ز مما جيوز يف اللغة من قول األولني بأن اا

بل قالوا هو حقيقة لألمر الواقع، أي مما جيوز يف ،احلقيقة وااز على هذه األلفاظ املشتهرة فكيف يقولون بأن األلفاظ املتداولة اآلن حقيقة وهي ختالف ،وإال فأصل اللغة خيالف . اللغة

م أن ذلك مما جيوز يف اللغة وألجل ذلك اعترفوا به فال يستطيعون ، فعل ؟أصل الوضع عندهم وقد استدل املطعين أيضا على هذه املسألة .حدمهاأالتفريق بينهما لعدم ذاتية الوصف للفظ ب

:بقولني آخرين أهل السنة جممعون على اإلقـرار : قال أبو عمر ":ـ ينقل عن ابن تيمية أنه قال ١

ا يف القرآن والسنة واإلميان ا ومحلها على احلقيقة ال على اـاز إال بالصفات الواردة كله .)١("يكيفون أم ال

:)٢(واستدالله من خالل مايلي .أ ـ أن علماء السلف كانوا يعرفون احلقيقة وااز ومل ينازعوا يف هذا التقسيم .ب ـ أم بناء على ذلك محلوها على احلقيقة ونفوا ااز وليس يف أصل ااز يكون ؟أن نـزاعهم يف الصفات هل هي حقيقة أم جمازج ـ

.وهذا اقرار منهم ذا التقسيمأو ال يكون :ذلك مايلي ىرد علالو ) أهـل الـسنة (:بل قـال ) علماء السلف(: من النص املذكور ابو عمرمل يقلأ ـ

علمه السلف وهذا غري صـحيح، أن يبني أن القول باحلقيقة وااز من ذلك يريد املطعين فل زمان يوجدون إىل قيام الساعة، فـال ك وأهل السنة يف )أهل السنة ( :فابن عبدالرب يقول

دليل على أن علماء السلف كانوا يعلمون باحلقيقة وااز ألم ليسوا هم فقط أي السلف .اهل السنةعلماء اهل السنة بل كل من سار بسريهم فيمن جاء بعدهم من القرون هو من

محلوا أمسـاء وهذا صحيح فأهل السنة ) …محلوها على احلقيقة … أم (ب ـ اهللا وصفاته على احلقيقة وأمسكوا عن التكييف وهم إذا ذكروا نفي محل الصفات على ااز

.املعطله وليس ذلك قبوال للتقسيم وأمنا ذلك بعد ظهور الفرق املؤولة إف

ــــــــــــــــــــــــــــ ). ٣/٢٢١ (جممل اعتقاد السلف من ضمن الفتاوى )١( ). ٨٧١ـ٨٧٠ص (ااز يف اللغة والقرآن )٢(

٢٦٢

حول الصفات ( يستدل املطعين على ذلك بأن نـزاع اهل السنة يف الصفات ج ـ وليس يف إمكان ااز أو رفضه وهذا أقرار منهم على هذا التقسيم، ) هل هي حقيقة أو جماز

األخري هو بني أهل السنة أنفسهم؟ أم بني أهل السنة وأهل البدعة؟ و النـزاع هل :يقال له عمر يف نفس املوضـع الصحيح أن النـزاع بني أهل السنة وأهل البدعه ألن باقي كالم أيب

حيمل شيئا منـها وال فكلهم ينكرها واخلوارج ما أهل البدع اجلهمية واملعتزلة أ و :"يقولفالنـزاع بني أهل السنة وغريهم والذي اضطرهم إىل القول بأن الصفات ،)١("على احلقيقة

على احلقيقة ألن املبتدعة من أشاعرة ومعتزلة يثبتون ألفاظ األمساء والصفات ويردون معانيها ـ إويقولون ةا جماز، وألجل ذلك اضطر أهل السنة املتأخرون عند كالمهـم مـع املبتدع

نه إيفهم أن كالمهم موافق للمبتدعة كما قالوا حنو ذلك يف القران بالتقييد ذا القيد حىت ال ذن يف هـذا إفال دليل للمطعين ، هل السنة واملبتدعة أ غري خملوق بعد الفتنة اليت حدثت بني

.القول أضافته إليه فإذا فإن العرب إمنا وضعت لإلنسان ما" : ـ ينقل عن ابن تيمية قوله ٢

وإذا قيـل مسـع اهللا . فما خيص به يتناول ذلك خصائص العبد ... قالت مسع العبد وبصره يدخل يف ذلك شـيء مـن خـصائص كان هذا متناوال ملا خيص به الرب ال ... وبصره

.املخلوقنيكان حقيقة يتناول شيئا من صفات املخلوقني مع كون النص فمن ظن االستواء إذا

واستدل بأن ابن )٢("حلقيقة وااز قد خصه باهللا كان جاهال جدا بدالالت اللغات ومعرفة ا إمنا وضـعت لإلنـسان (:تيمية يقول باحلقيقة وااز من الكالم السابق حيث أخذ كلمة

:)٣(مث شنع على ابن تيمية بثالث شنائع ) ومعرفة احلقيقة وااز (:وقوله...) ماأضافته إليهزم أن العـرب وضـعت فكيف يقول ابن تيمية بـاجل أ ـ أننا جنهل الوضع ومىت كان ؟

خل إ...ذلكب ـ لو كانت الدعوى صحيحة لكان العرب على عقيدة صحيحة ويغايرون بني صفات

.اهللا وغريه فما الذي صنعه اإلسالم .؟الرسول وملاذا أرسل هلم؟ج ـ لو كانوا ذا الصفاء العقدي فلماذا مساهم اإلسالم ضالني

ــــــــــــــ ). ٣/٢٢١ (فتاوى، من الجممل االعتقاد )١( .) ٥/٢٠٨ (الفتاوى )٢(

) .٨٧٣ـ٨٧١ص ( انظر ااز يف اللغة والقرآن) ٣(

٢٦٣

رد على زعمه أن ابن تيمية يقول مـن الن ال بد م ،رد على الكالم األخري القبل أن :خالل الكالم السابق باحلقيقة وااز

يتكلم عن األلفاظ املتواطئة والـيت كالمه، فابن تيمية يوضح قول ابن تيمية من أوله فيكون يف خارج الذهن ال يكون مشتركا بينهما بل كـل باإلضافة خيص أحد املسمني وما

له خصائصه، وأن اهللا واملخلوق يسمون بأمساء من األمساء املتواطئة حقيقة علـى اهللا منهمالكلي العام، وحنـن فيما خص به وحقيقة يف املخلوق فيما خص به مع اشتراكهم يف املعىن

نعلم أن املخلوقات قد تسمى بأمساء متواطئة مع الفرق بينهما يف احلقيقة عند ختصيص املعىن .)١(بأحدمها كفواكه اجلنة وفواكه الدنيا

ص ـا خفابن تيمية يتكلم عن األمساء املتواطئة ومعانيها العامة يف الذهن واليت إذا .اسبهأحد كان له من املعىن املشترك ماين

فهذا يوضحه ” فإن العرب إمنا وضعت لإلنسان ماأضافته إليه ” قول ابن تيمية ماأو :يلي ما

ليست كما يعتقد املطعين على املعىن االصطالحي وهو قد صرح يف : وضعت : اوال املطلق واملقيد أن ابن تيمية يتكلم ذه األلفاظ حبسب اللغة وليس حبسب املصطلح فوضعت

.عند التركيب عندما تتكلم باأللفاظ ال مبعىن وضعت أي الوضع األولمبعىن جعلت معىن كالمه أن العرب تضع لإلنسان حني استخدام اللفظ والتعبري به من املعىن : اثاني

لـه مـن املعـىن ضافته لإلنسان من األلفاظ فنجعل لعام الذي يف الذهن وهو املتواطئ ماأ ا ليس يف الوضع اللغوي بل هو يف األمساء املتواطئة وتـسمية فالكالم. خيصه من خصائصه ما

.اخلالق واملخلوق اكان جاهال جدا بدالالت اللغات ومعرفـة ” : وأيضا حني استدل بقول ابن تيمية

فمن ظن أن هذا االستواء إذا كان ” : قوله وهويوضحه الكالم الذي قبله ” احلقيقة وااز ت املخلوقني مع كون النص قد خصه باهللا كان جاهال بدالالت حقيقة يتناول شيئا من صفا .” اللغات ومعرفة احلقيقة وااز

ــــــــــــــ ) . ٢٠٨ـ٥/٢٠٤ (الفتاوى )١ (

٢٦٤

خيص صفات يفهم من االستواء على احلقيقة إال ما إذن الكالم مع من يعتقد أنه ال از وجيعل اللغة قسمني، فابن تيمية يقـول املخلوقني، وهذا قول من يفرق بني احلقيقة وا:

هذا جاهل يف دالالت اللغة ومعرفة احلقيقة وااز اليت يقول ا ألن النص قد خصه بـاهللا وهم يقولون بالقرينة، فإذاقال ذلـك رد قولـه ؟،يفهم منه إال حقيقة املخلوقني فكيف ال

از وكان جاهالالكالم األخري إلزام ملن جعل معـاين ا وبدالالت اللغة، إذن مباحلقيقة وا .يكون فقط يف صفات املخلوقني وخصائصهم الصفات وحقائقها ما

وأما تشنيعه على ابن تيمية بالكالم األخري املتضمن للشنائع الثالث فريد عليها مبـا :يلي

دام أن وقت الوضع جمهول فما ههذا دليل علي ) أن الوضع جمهول وقته (الفقرة األوىل كم على أن هذا اللفظ وضع على هذا املعىن قبل هذا املعـىن؟ حييعلم مىت كان فكيف وال

.حاول وإن حاول ماهفهذا ليس حجة له بل حجة علي :هذا التهكم بابن تيمية يدل على أمرين : الفقرة الثانية .أ ـ جهل املطعين حبقيقة قول ابن تيمية .ائل العقيدةب ـ جهله بواقع العرب قبل اإلسالم ومبس :جهله حبقيقة قول ابن تيمية ماأف ن بل بي ،أن عقيدم كانت صافية وال ،فابن تيمية مل يقل بأن العرب وضعوا لغتهم

.ومعروفة حىت عند املشركنيأن املباينة بني اخلالق واملخلوق مغروزة بالفطر :جهله بواقع العرب ومبسائل العقيدة )ب(

: يقـول تعـاىل . ت مقرة بوجود اهللا وأنه خالق السموات واألرض فإن العرب كان ولئن سألتهم من خلق السموات واألرض ليقولن اهللا]،وأنه فاعل مبـشيئته ،]٢٥لقمان

مع أبرهة، تبني ذلك وهـو صلى اهللا عليه وسلم وقدرته ولعل قصة عبدامللطب جد النيب : هللا ليقربوهم إىل اهللا زلفى، يقـول تعـاىل بل كانوا يعبدون غري ا ) للبيت رب حيميه (قوله لفىا إىل الله زونبقرإال لي مهدبعا ناء مونه أوليد ذوا منخات الذينو]،٣الزمر[.

٢٦٥

فيجيـب اهللا عند اهللا مبعىن أم يدعون اهللا هلـم هلم نبل ويتخذوم شفعاء يشفعو ويعبدون من دون الله ما ال يضرهم وال ينفعهم ويقولون هؤالء : قال تعاىل . )١(دعاءهم

.]١٨يونس،[شفعاؤنا عند اللهفلم يأته أحـد صلى اهللا عليه وسلم بل إن آيات الصفات كانت تنـزل على النيب

ينازعه يف معانيها وإنـزاهلا على اهللا، ومل يحجت أن يقول هلم صلى اهللا عليه وسلم النيب: إنتتومهـوا اعلموا أن مسع اهللا جماز وليس على احلقيقة حىت ال ]. ١/اادلة [ اهللا مسيع بصري

.التمثيلميكن الوصول إليها ال ومن جهله يف العقيدة عدم علمه أن من الصفات الثابتة هللا ما

خل فهذه صـفات إ ...باللغة كاالستواء والنـزول ما معناه فمعروف أإال بالنص الشرعي، و ال ميكن ألي إنسان أن يصل إليها دون نص شرعي ولكن عندما نـزل الشرع ا عرفهـا

تومهه املتكلمة وهم كانوا يف حاجة إلىالطعن يف دين اهللا، وأيضا أن العرب ومل يتومهوا ما هـو أصـل يف التوحيد العملي لالضالاإلنسان ال يكون ضاال فقط يف التوحيد العلمي بل

اهللا كمـا نالعملي ومل يكونوا يعبدو ، فالعرب كانوا ضالني يف التوحيد الضالل يف البشرية ـ سبحانه وتعاىلـ يريد اهللا وهذا دليـل ،الكتب اهللا الرسل وأنـزل ل وألجل ذلك أرس

رة مل ينكرهـا لى تأثره بكالم املتكلمني فالربوبية وبعض الصفات كالسمع والبصر والقد عـ عليه السالمـ أحد إال املكابرون، فإبراهيم يسمع وال ال ياأبت مل تعبد ما : يقول ألبيه

. فلو مل يكن أبوه يقر بذلك هل يقول له إبراهيم ذلك،]٤٢مرمي،[يغين عنك شيئا يبصر وال

ــــــــــــــ ). ١٠١ص ( على املنطقيني الرد )١(

٢٦٦

:لى املطلوب مصادرته ع )٤(ن أميكن جد يف كالمه ماأومل ـ رمحه اهللا ـ غلب كالمه على ابن تيمية أوهذا يف ن ابن تيمية أ فاملطعين يرى ،تبقى فهو مصادرة على املطلوب ما ما أشبهه السابقة الإيشكل

بل نـسب ،ال التصريح بتقسيم اللغة إىل حقيقة وجماز بل هو معترف ضمنا به إمل يبق عليه ورد أ وسـوف )١( يف كثري من آيات الصفات لنه أوأللمؤولة وـ رمحه اهللا ـ ن تيمية اب

:رمحه اهللا تعاىلـ مثالني فقط ملصادرته على املطلوب وبيان خمالفتها لكالم شيخ االسالم وهـذا " : قال املطعين)٢("وكل لفظ يف القرآن حقيقة" :أ ـ عندما قال ابن تيمية

ومن ... از ألن لكل معىن عام يف اللغة ضد ومقابل مثل الصحة واملرض اعتراف ضمين با .)٣("مبعىن عام أو كلي ليس له مقابل ينكر هذه املقابالت فليأتنا

ألنه مىت قاهلا فهذا دليل علـى ) حقيقة(يتكلم بكلمة هل تريد ابن تيمية ال :له لاقي ! ؟أنه يعترف بااز وأنه اعتراف ضمين

هـل هـذا ،]٢٧الفـتح، [لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق : عاىل يقول اهللا ت . تعاىل اهللا عن ذلك علوا كبريا؟،اعتراف ضمين بأن اهللا قد كذب

فهل هذا اعتراف ]١٦االحقـاف، [وعد الصدق الذي كانوا يوعدون : وقوله تعاىل . اهللا عن ذلك علوا كبريا تعاىل؟ضمين بأن هللا وعد كذب

ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مـصدق لـسانا : وقوله تعاىل سننيحى للمرشبوا وظلم الذين ذرنا ليبيرع]،ه،فهل هناك كتاب مكذب أنـزل ]١٢االحقاف

.لك علوا كبريا تعاىل اهللا عن ذ؟،اهللا فهل هذا اعتـراف ،]٥٢يس،[هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون : وقوله تعاىل

، نعوذ باهللا من هذا القول، ؟عليهم الصالة والسالم ـ ضمين بأن املرسلني كذبوا قبل ذلك ـ أظن املطعين يقول بذلك ألنه ال فهذه من املتقابالت وال فات اهللا املتـضمنة يقول يف ص

رادوا من أفليفهم كالم العلماء كما ـ سبحانه وتعاىلـ هلا ضدا يتصف به اهللا نأللكمال . حيتمل ال له ماحيم كالمهم فال

ــــــــــــــ

). ٨٦١ ـ٧٦٨ص (انظر )١( ). ١٠٣ـ١٠٢ص (اإلميان )٢( .بتصرف) ٧٩٩ـ٧٩٨ص (ااز يف اللغة والقرآن)٣(

٢٦٧

وكل األلفاظ املتقابلة الـيت له مقابل، وى بأن كل لفظ عام كلي ال بد مث ادعى دع مقابل كاحلجر، واجلـدار، ال هناك ألفاظ عامة :له لاقيف. ذكرها كالصحة واملرض صفات

ان يقصد باللفظ العـام ك إال إذا ؟فهل ميكن أن يأيت بضدها أو مقابلها . والشجر، والفاكهة . فهذا أمر آخر؟الصفات كما ذكره

،)١(ب ـ يقول بأن ابن تيمية يقول بااز العقلي وأن ااز يـدخل يف التراكيـب سابقا ولكن ال وهذا القول مع أنه مصادرة على املطلوب يرد عليه من قال بااز وقد ذكر

.مانع من ذكره هناز ال ن اـا إ : "يقول اجلرجاين يف رده للمجاز العقلي الذي يثبته املطعين البن تيمية

يكون عقليا ألن األعجمي إذا علمناه املفردات ال بد أن نعلمه الكالم ا أثناء التركيب وهذا .)٢("ليس استنادا على قصد املتكلم ولكن بالوضع ملعناه

.ويرد عليه السيوطي يف أن ااز ال يكون يف التركيب وقد ذكرناه سابقا

ــــــــــــــ .ومابعدها) ٨٤٦ص (اللغة والقران يف ااز )١( ). ٢٢ص (اإلشارات يف البالغة )٢(

٢٦٨

:تعلق مبحث احلقيقة واجملاز بقياس الغائب على الشاهد واملفاسد املترتبة على ذلك وذلك نصرا ،بني ابن تيمية وابن القيم أن أول من تكلم ذا التقسيم هم املتكلمون والـيت ،إال خصائص املخلـوقني ـ عز وجل ـ ن صفات اهللا م مل يعرفوا مإلعقائدهم ف

وعندما نظروا إىل النصوص وإثباا لصفات هللا ومثلوا هـذه ،قياس الشاهد هذا ال يف ىسمتالصفات بصفات املخلوقني يف الذهن اضطروا إىل نفي املعىن اخلاص باملخلوقني الذي يرونه

.ق اهللا فنفوا عن اهللا مايستحقه من الصفاتحقيقة له ذا اللفظ، وجعلوا اللفظ جمازا يف ح وذا الباطل توصل املعطلون إىل نفي صفات الكمـال ":يقول الشنقيطي رمحه اهللا

بدعوى أا جماز كقوهلم صلى اهللا عليه وسلم واجلالل الثابتة هللا تعاىل يف كتابه وسنة نبيه .)١("ات عن طريق ااز على ذلك غريه من نفيهم للصفسقاستوىل و: يف استوى

:فترتب على قوهلم باحلقيقة وااز مفسدتان :ـ القول بالتأويل الذي يف حقيقته نفي لصفات اهللا الثابتة له١

لتأويل املذموم فا ،معاين التأويل عند السلف واليقصد الذي يهم هنا التأويل املردود ، ويعرفـه يف )٢("ىل ماخيالف ظـاهره صرف الكالم عن ظاهره إ :"يعرفه ابن تيمية بأنه الذي يوجـد صرف اللفظ عن االحتمال الراجح إىل االحتمال املرجوح وهذا ال " : بأنه الصفدية

.)٣("اخلطاب به إال يف اصطالح املتكلمنيمحل ظاهر على حمتمل مرجوح بال دليل حمقق خييـل : " على انه ويعرفه ابن النجار

.)٤("لللسامع أنه دليل وعند التحقيق تضمح بعض األمثلة اليت تدل على أن القول بالتأويل سبب يف فساد استدالهلم بقيـاس هذهو

.الغائب على الشاهد ويف فساد العقيدة ":ن حتمل على ظواهرها أن الواجب يف نصوص الشرع أن بني أيقول التفتازاين بعد

باجلهة واجلـسمية وحنـو مامل يصرف عنها دليل قطعي كما يف اآليات اليت تشعر ظواهرها .)٥("ذلك

ــــــــــــــ ). ٥٨ص (مذكرة يف أصول اللغة )١( ). ١٣/٩٦ (الفتاوى )٢( ). ١/٢٨٩ (الصفدية )٣( ). ٣/٤٦١ (شرح الكوكب املنري )٤( ). ١/٢٠٤ ( شرح العقائد النسفية )٥(

٢٦٩

ورد يف الشرع يع ماأن مجـ أرشدكم اهللا وأسعدكم ـ فاعلموا " : ويقول السكوين من املشتبهات اليت يستحيل ظواهرها على اهللا ألجل استحالة التجسيم والتـشبيه يف حقـه

.)١("فتأويل ذلك كله واجب بالكتاب والسنة واإلمجاع... تعاىلوهذا يدل داللة واضحة أم جعلوا اللفظ حقيقة يف املخلوق وجمازا يف اهللا ويدل أيضا

. إمنا استقر يف نفسه قياس الغائب على الشاهد فيما يتعلق بصفات الشاهدعلى أن النايفإنه ورد يف القرآن ذكر الوجه وذكر العني وذكـر " :ويصرح بذلك الرازي فيقول

اجلنب الواحد وذكر األيدي وذكر الساق الواحدة فلو أخذنا بالظاهر يلزمنا إثبات شخص رية، وله جنب واحد وعليه أيد كثرية وله سـاق له وجه واحد، وعلى ذلك الوجه أعني كث

أعتقد أن عاقال نرى يف الدنيا شخصا أقبح صورة من هذه الصورة املتخيلة وال واحدة، وال .)٢("يرضى بأن يصف ربه ذه الصفة

:فكالمه هذا يتضمن أمورا هذه الصفات اليت ذكرها الوجه والعـني ) أعتقد أن عاقال وال(ـ كلمته األخرية ١

فهل نرد نـصوص ؟ أم أا من نصوص الوحي ؟،والساق هل حصلت باالستدالالت العقلية أم ننسب اهللا ـ تعاىل اهللا علوا كبرياــ إىل ؟ينسبنا الرازي إىل اجلهل ن الأألجل الوحي .ألنه هو الذي وصف نفسه؟ اجلهل :ـ هذه الصورة املتخيلة تبني أن الرازي تلزمه أمور ٢

هو العضو ولكـن ه بلغة العرب، فاجلنب الذي يف اآلية ليس صفة هللا والأ ـ جهل أرخـص الكـذب عنـدك ما": يقول الدارمي يف رده على املريسي . هذا من متثيله وتومهه

إمنـا .. وأخفه على لسانك فإن كنت صادقا يف دعواك فأشر ا إىل أحد من بين آدم قالـه ... وا يف اإلميان والفضائل اليت تدعو إىل ذات اهللا تفسريها عندهم حتسر الكافرين على مافرط

جيهل هذا املعىن كثري من عـوام املـسلمني جنب من اجلنوب فإنه ال :فمن أنبأك أم قالوا .)٣("فضال عن علمائهم

ــــــــــــــ ). ١٤٢ص (حلن العوام فيما يتعلق بعلم الكالم )١ ( ). ٩١ص (أساس التقديس )٢( ). ٥٤٠ـ٥٣٩ص ( املريسي من ضمن عقائد السلف الرد على )٣(

٢٧٠

ين يف ظاهر القرآن أنه ليس أ و":جهله بذلك بقولهـ رمحه اهللا ـ ويبني ابن تيمية ولكن قد يقال القرآن فيه إثبات جنب اهللا تعاىل وفيـه إثبـات ؟هللا جنب واحد مبعىن الشق

يوجب ثبوت التوسع والتجوز التفريط فيه فثبوت نوع من التوسع والتجوز فيما جعل فيه ال اليد وكون امللك فيها وهلذا : فإن هناك شيئني ،]١امللك،[بيده امللك فيه كما يف قوله تعاىل

فكالم الرازي على أصلهم باحلقيقة وااز وأن احلقيقة . )١("تنازعوا يف إثبات ذلك صفة هللا .له باازيوتأيجب فثبته يباجلنب العضو املعروف وألجل ذلك ال ميكن أن

ن اللغة العربية ال تكون إال مجلة تامة يعـرف مـن إوأما قول شيخ اإلسالم فيقول خالهلا الكالم فذكر اهللا اجلنب وذكر التفريط فهل يستطيع أحد أن حيدث شـيئا يف اهللا ـ

.عليه رمحة اهللاـ ولكن دل على أن اجلنب هنا كما ذكره الدارمي ؟تعاىل اهللا ـ امل يذكروا أن هللا أعين فالسلف؛ب السلفب ـ جهله مبذه ا وساقا واحدة وجنب

.واحدا وأيد كثرية وإمنا هذا فهمه هو ليس فهم السلف لج ـ هذا دليل على أن الذي استقر يف ذهنه هو التمثيل، وألجل ذلك أو.

ية منـزه عن اجلهة واجلـسم ـ سبحانه وتعاىل ـ ملا ثبت بالدليل أنه ":ويقول أيضا وجب علينا أن نضع هلذه األلفاظ الواردة يف القرآن واألخبار حممال صحيحا لئال يصري ذلك

.)٢("سببا للطعن فيها .)٣("جيوز التمسك بالدالئل اللفظية يف املطالب اليقينية ال":ويقول أيضا يفهم منـها الكـالم علـى فهو يبني يف النصوص السابقة أن النصوص الشرعية ال يطعن فيها واحململ اآلخر عندهم جماز، ، بل ال بد من محلها على حممل آخر حىت ال احلقيقة

.يراها يقينية بل ويرد الدالئل اللفظية وال لتوقفـه . ال :قيل الدالئل النقلية هل تفيد اليقني؟ " : بل يصرح بذلك اإلجيي ويقول

وأصوهلا تثبـت ،رفصو وال على العلم بالوضع واإلرادة، واألول إمنا يثبت بنقل اللغة والنح . وكالمها ظنيان، وفروعها باألقيسة،برواية اآلحاد

والتخـصيص،والتقدمي ، واإلضمار ،وااز على عدم النقل واالشتراك، والثاين يتوقف .جيزم بانتفائه بل غايته الظن ال والكل جلوازه،،والتأخري

ــــــــــــــ ). ١١٤ص (نقال عن موقف ابن تيمية من األشاعرة خمطوط ) ٣/١١ (نقض التأسيس )١( ). ٩٥ص (أساس التقديس )٢( ).٢٠٥ص ( ، وانظر اساس التقديس ) ٩/١١٨ (املطالب العالية )٣(

٢٧١

إذ لو وجد لقدم على الـدليل ،مث بعد األمرين ال بد من العلم بعدم املعارض العقلي .)١("النقلي قطعا

، تأويل أمساء اهللا وصـفاته قيقة وجماز ركيزة ودعامة ل اصبح تقسيم اللغة إىل ح إذن أيضا يتضح من كالم اإلجيي صعوبة اثبات الوضع األول الذي يدل على حقيقة اللفـظ،ألن

وأقيسة الفروع على األصول، وكل هذا غري متـوفر ألنكـم ةواتاج إىل أسانيد ور ذلك حي .حدتستطيعون أن تأتوا بسند لكل لفظ بل للفظ وا ال

فائدة من األلفاظ بل نعمل العقل ونرد إذن ال ااز جيوز نفيه فهو أيضا ظين، أيضا و .النقل

إذن أدى القول باحلقيقة وااز إىل حتريف كالم اهللا عن مواضعه، ولو أم قالوا كالم واستعماالم هلام من اهللا مل يستطيعوا الطعن فيه، ألن هذه لغة العرب إالعرب على احلقيقة ب

. ولكن عندما تتدخلوا يف لغة العرب أصبح األمر سهال ملن أراد أن يطعن،هلاوينفيها عـن ) الشاهد(يتوهم من النصوص إال التمثيل وخصائص املخلوقني ألنه ال

.اهللاوتومهوا أيضا أن هذا هو مذهب السلف وهذا غري صحيح، فأهل السنة كما بينـا

هلذه الصفة كما هو معلوم من لغة العرب، وبالتايل يثبتون الصفة هللا دون سابقا يثبتون املعىن أن يطرأ على باهلم التمثيل بصفات املخلوقني ألن كل صفة عند إضافتها لشئ فهي حبـسب

.خصائصه إىل يكيفون صفات اهللا فمعرفة الكيفية للـصفة حيتـاج وأهل السنة صرحوا أم ال

.معرفة كيفية الذات

ــــــــــــــ ). ٤٠ص (املواقف )١ (

٢٧٢

:تسلط املالحدة واملنحرفني على نصوص الكتاب والسنة وعلى املتكلمني )٢( وسوف ،من خالل القول باحلقيقة وااز تسلط الفالسفة قدميا وحديثا على دين اهللا

تكلمـون أشري إىل بعض األقوال القدمية واحلديثة واليت اعتمدت على التقسيم الذي ذكره امل وأا تقتضي ،قالوه ففي القدمي مثال عندما قال املتكلمون يف نصوص الكتاب ما ،وتأويلهم

، فاملعتزلة أثبتـت أدى ذلك إىل نفي شيء من دين اهللا االتشبيه وال ميكن محلها على ظاهره ،األمساء ونفت الصفات واألشاعرة أثبتوا األمساء وبعض الصفات اعتمادا على توهم التمثيل

نفوا األمساء والصفات حىت فيقتضيه فأتىالفالسفة ال رأوه يقتضي ذلك وأثبتوا ما فأولوا ما . التحقيقدوحدانية اهللا نفوها متاما ومل جيعلوا هللا إال الوجود الذهين عن

لو التأم ذات واجب الوجود من شيئني أو أشياء جتتمع لوجب ا ":يقول ابن سينا واحد منها قبل واجب الوجود ومقوما لواجب الوجود فواجب ولكان الواحد منها أو كل

.)١("يف الكم ينقسم يف املعىن وال الوجود الفال يوصف بالصفات الذاتية يف الكم، ينقسم يف املعىن وال ال عندهم فواجب الوجود

. عنهوجود اهللا بأنه وجود بسيط فنفوا صفات اهللاوأدى ذلك إىل تأويل بالصفات اخلربية أويعترفـون ن هذا القول أرسطي حمض ومعناه أن القائلني به ال إ ":يقول حممد لطفي

لواجب الوجود بصفة مطلقة والصفات املطلقة هي املميزة عن الذات وكان أرسطو حقيقة ينكر الصفات ويقول بأا والذات شيء واحد وهذا القصد من قـوهلم ببـساطة واجـب

.)٢("الوجودم لو مسوه أو وصفوه أم نفوا األمساء والصفات ألـ رمحه اهللا ـ مية ويبني ابن تي

.)٣(لشبهوه باملوجودات به املتكلمون أقر أدى القول بالتأويل املعتمد على التقسيم إىل حقيقة وجماز إىل نفي ما ف

.سبحانه وتعاىلـ ه ؤبأنه ثابت هللا أال وهي أمسا

ــــــــــــــ ). ٤٧٣ـ٣/٤٧٢ (اإلشارات )١( ). ٤ص (االسالمينيسفة الفالتاريخ )٢( ).١٧ص (التدمرية انظر )٣(

٢٧٣

ن هذه الصفات هي صفات معنوية وهـي إفإن األشعرية يقولون " :ويقول ابن رشد ويلزمهم على هذا أن يكون اخلالق جسما ألنه يكون هناك صفة ...صفات زائدة على الذات

ـا إ ذلك أن الذات ال بد أن يقولـوا ، هي حال اجلسم وموصوف وحامل وحممول وهذه ، )١("أو يقولوا إن كل واحد منها قائم بنفسه فاآلهلة كثرية قائمة بذاا والصفات قائمة ا،

فما دام أم التزموا هذه القواعد وهذا التقسيم فهم لن يثبتوا شيئا ألن غريهم يـرى أـم ن الفالسفة أيضا نفوا البعث إمث .؟اذا يبقى من دين اهللا م؟ ف جيب نفيه أدخلوا فيما أثبتوه ما

اجلسمانيونعيم اجلنة وعذاب النار وأولوها بناء على هذا القول ألن املتكلمني فتحـوا هلـم لـه ن الباطنية أولوا كـالم اهللا وجعلـوا إالباب فدخلوا يف التأويل من أوسع أبوابه، وحىت

.ظاهرا وباطنا : بذكر مثالني ىفكتيفيف احلديث وأما

:احلداثيون وتسلطهم على اللغة وعلى الدين )١(احلداثيون هم املتأثرون بالفلسفات الغربية كسابقيهم من الفالسفة والباطنية يف القرن

فهم تأثروا ذه الفلسفات وأخذوها وأصبحت هي احلق املنـزل ،بعده الثالث اهلجري وما لذي يرجع إليه، ولكن مع ذلك أرادوا أن يتلمسوا هلم يقبل اجلدال وهي املصحف ا الذي ال

جماال خصبا كمجال البالغة وتـشقيقاا وخاصـة أصال وأساسا من لغة العرب ومل جيدوا .تقسيم اللغة إىل حقيقة وجماز

وعودة منهم لتربير الغموض تشبثوا بنصوص بالغية أساءوا فهمهـا ": يقول املطعين رجاين قاله مبناسبة احلديث عن املعىن ومعىن املعىن حيث جـاء منها نص لإلمام عبدالقاهر اجل

تصل منه إىل الغرض بداللة اللفظ وحده ولكن بداللة اللفـظ وضرب آخر أنت ال ” : فيهاللة ثانية تصل ا إىل الفرض د يف اللغة مث جتد لذلك املعىن هعلى معناه الذي يقتضيه موضوع

عارة والتمثيل، وإذ قد عرفت هذه اجلملة فهاهنا عبارة ومدار هذا األمر على الكناية واالست املعىن ومعىن املعىن تعين باملعىن املفهوم من ظاهر اللفظ والذي تصل :خمتصرة وهي أن تقول

إليه من غري واسطة ومبعىن املعىن أن تعقل من اللفظ معىن مث يفضي بك ذلك املعىن إىل معىن .)٢("...”آخر

ــــــــــــــ

). ١٦٧ـ١٦٦ص (اهج األدلة من )١( ). ٧٢ص (احلداثة سرطان العصر ) ٢(

٢٧٤

،ااز يف اللغـة فيقولـون الكـالم بإذن استدل احلداثيون على الغموض يف الشعر .فهمت حنن نقصد غري ما:ويقولون ...اهللا يف مدينيت اليهود: كقول البيايت ن أملعىن املـراد وزعمـوا يفهم الكالم على ظاهره بل جيب أن يعرف ا فعللوا أنه ال

.)١(املقصود بذلك أن الناس يتالعبون بدين اهللا حىت أصبح اليهود يتحكمون باملسلمنيوثانيا وهذا ال يكون إال ملعني،) أنه قواد(قوهلم هذا غري صحيح فقد ذكر يف قصيدته

صدت دين اإلسالم ؟ فهل إذا قلت اهللا ق ؟دليل على معىن الدين ) اهللا(مىت عرف يف اللغة أن .ذه األقوال يف البيئة العربية كالم املتكلمني باحلقيقة وااز ولكن الذي مكن هلم

تقدم جند أسرى الشعر الغموضي يسرفون يف و إىل جانب ما ":ويقول املطعين أيضا ت يقرب منه من كنايات وتشبيهات والعبث الداليل يف املفـردا اجلناس والتكرار وااز وما

.وهذا تصريح من املطعين بأم استفادوا من القول بااز. )٢("والتراكيب معاعن الغذامي عن روالن بن بارت أن العرب كانوا :"وبني الدكتور عبداحلميد إبراهيم

وهذا متواتر يف كتب البالغيني ونقل عن ... حيتفون بالشكل ويشبهون األدب باجلسد األديب ا تعود إىل اللفظ دون املعىن مث تكلم عن علم البيان وأنه يتعلق بالعبارة القزويين أن البالغة إمن

.)٣("يسميه هو بالداللة العقلية يف مقابل الداللة الوضعية األدبية أو مافالقول باحلقيقة وااز مكن هلؤالء احلداثيني أن يستدلوا على مذهبهم مـن كـالم

) مبوت املؤلف (دللوا على مذهبهم وهو مايسمى العرب، بالكالم السابق ألم يريدون أن ي واليت تعين زحزحة ) موت اإلله (وهذه الفكرة ترجع إىل جذور فلسفية أعلنها نيتشه ومساها

يؤخذ إال العلوم اإلنسانية البحتة، مث نقل هذا املصطلح إىل األدب ومسوه موت الغيبيات وال تمام بالنص كما هو والتركيز عليـه ويقصدون مبوت املؤلف االه ،الشخصية وموت املؤلف

ولكن النص يصبح مرنا كلدائن الزجاج احملمي فيشكله القارئ كيف يشاء، ، أو نسيج ةكبنيختضع لقوالب قد أعدت يف حلظة سابقة بل هي تتهيأ للقالب الـذي يـصيغه فالنصوص ال

فتؤخـذ مبعىن أن معاين النصوص متروكة لفهم القارئ ال إىل قـصد املؤلـف . )٤(القارئ .النصوص الشرعية أيضا ذا الفهم والذي يؤدي بنا إىل أقوال الباطنية

ــــــــــــــ .بتصرف) ٦٠ص (احلداثة يف اإلسالم )١( ).٣٠ص ( احلداثة سرطان العصر )٢( ). ٧١ـ٦٦ص ( نقاد احلداثة وموت القاري )٣( ). ٢٣ ـ٨ ص (نقاد احلداثة : انظر )٤(

٢٧٥

:عليه السالم ـ يف قصة آدم ـ هداه اهللا ـ بدالصبور شاهني تأويالت ع )٢( .سأكتفي بعرضها ألن عرضها يبني فسادها دون احلاجة إىل الرد عليها أما اإلنسان فال يطلق مبفهوم القـرآن إال ":يقول. أ ـ فرق بني لفظ البشر والناس

دأ بوجود آدم عليه السالم غري وهو الذي يب على ذلك املخلوق املكلف بالتوحيد والعبادة ال وآدم على هذا هو أبو اإلنسان وليس أبو البشر والعالقة بني آدم والبشر الذين بادوا قبلـه

ال ) اإلنـسانية (والتكليف الديين منوط بصفة … دمي اجلديد متهيدا لظهور ذلك النسل أآل لقـول يكفـي فهذا ا )١("فلم يعد للبشر وجود منذ ظهر آدم عليه السالم ) البشرية(بصفة

قل إنما أنا بشر مـثلكم يـوحى : ية واحدة من كتاب اهللا تعاىل هي قوله تعاىل آطاله بإلإلي]،١١٠الكهف[.

مث قـضى أجـال وأجـل مـسمى : ب ـ فسر األجـل املـسمى يف قولـه تعـاىل لسابقة علـى العهـد هو أجل احلياة البشرية ا ) النكرة( األجل األول :"،قال]٢االنعام،[عنده

) اإلنـسان ( يقصد باملكلفني )٢("اإلنساين وإما األجل املسمى فهو أجل كل فرد من املكلفني .على تعريفه السابق

بأال يأكلوا من الشجرة اليت حرمها ":ج ـ فسر الشجرة اليت أكل منها آدم بقوله يهم إىل أن يـرث اهللا عليهم شجرة املعصية اليت حرمت على أبويهم يف اجلنة وهي حمرمة عل

.)٣("األرض ومن عليها الضلع جمرد رمز لطبيعة املرأة وفطرـا، ":د ـ فسر خلق حواء من ضلع آدم بقوله

.)٤("و أن خلق حواء من نفس آدم مؤول على أا من نوعه وجنسهب لقد كان البشر خالل األحقا : "بقوله. )٥( تفسريه للبشر أم سابقون لإلنسان هـ

والعهود املتطاولة جمرد خملوقات متحركة حيوانية السلوك ولكنها تزداد يف كل مرحلة تعديال .)٦("فتعجبت املالئكة من استخالف هؤالء املفسدين املتوحشني... يف سلوكها

ــــــــــــــ

). ٩٩ـ٩٨ص (أيب آدم )١ ( ). ٨٩ص (أيب آدم )٢( ). ٩٦ص (أيب آدم )٣( ). ٧٧ـ٧٦ص (أيب آدم )٤( ). ١٤٥ص ( وسبق الوجود البشري قال به العرفانيون من اليونان انظر تاريخ الفكر العريب ) ٥( ). ١٠١ص (يب آدم ا)٦(

٢٧٦

إىل غري ذلك من زخرفة الشيطان اليت زخرفها لعبدالصبور شاهني والذي يظهر من :خالل كتابه

.عهايرابواب التأويل على مصتأثره باملذهب الكالمي والذي فتح له أ )١(وجـد أتأثره بنظرية دارون وذلك من خالل قوله بالتطور يف اجلنس البشري فكأنه )٢(

.احللقة املفقودة عند دارون .رده لنصوص الكتاب والسنة وتناقضه يف قضاياه )٣(

٢٧٧

املبحث السادس دفع األمور الضرورية وجعلها نظرية استداللية

ة هي األساس لكل علم ألن األمر الضروري لو فرض عدم وجوده األمور الضروري

.. للزم أن كل علم نظري حمتاج إىل علم نظري، وهذا أيضا حيتاج إىل علم نظري وهكـذا لزم أحد األمرين إما الدور ـ وهو الرجوع يف حتصيل العلم األخـري إىل العلـم األول، أو

ىل غري اية وكال األمرين فاسد، أمـا األول التسلسل وهو السري يف االكتسابات النظرية إ مبرتبـة افألن الدور معناه توقف الشئ على شيء آخر يتوقف على الشئ األول سواء كان

.)١(واحدة أو مبراتب ويلزمه أن يكون الشئ الواحد متقدما على نفسه ومتأخرا يف آن واحدل عليهـا بـل يكفـي حيتاج فيها إىل دلي والسبب يف ذلك أن األمور الضرورية ال

تصورها من احلكم عليها، وأيضا يكفي فقط يف بيان أا ضرورية هو الكشف عن ضرورا .)٢(ال االستدالل لضرورا، ألن يف ذلك إخراجا هلا من الضرورة إىل النظرية

الربهان الذي ينال بالنظر فيه العلم ال بد أن ينتـهي إىل ":يقول ابن تيمية رمحه اهللا ضرورية فطرية فإن كل علم ليس بضروري ال بد أن ينتهي إىل علم ضروري، إذ مقدمات

املقدمات النظرية لو أثبتت مبقدمات نظرية لزم الدور القبلي أو التسلسل يف املؤثرات يف حمل من علوم بديهية أولية يبتدؤها فال بد . ..له ابتداء وكالمها باطل بالضرورة واتفاق العقالء

.)٣("وغاية الربهان أن ينتهي إليهااهللا يف قلبه .وهذه القضايا مهمة لالستدالل النظري وال ميكن جعلها نظرية يقاوم نفسه فإذامل ميكن اإلنسان أن يدفع هذه القضايا عن نفسه وال ":يقول ابن تيمية

.)٤("ناس عليهايف دفعها تبني أا ضرورية وأن الدافعني هلا يريدون تغيري فطرة اهللا اليت فطر ال

ــــــــــــــ ). ١٣ص (تسهيل القطيب )١( ). ص (املعرفة يف اإلسالم )٢( ). ٣/٣٩ (درء تعارض العقل والنقل )٣( ). ٦/١٠٦ (درء تعارض العقل والنقل )٤(

٢٧٨

فيتضح من الكالم السابق أن هذه القضايا الضرورية مهمة يف املعرفة وأيـضا مـن .قضايا نظرية فقد غري فطرة اهللا وأصابته احلرية والشكحاول دفعها وجعلها

وقد اتضح من الكالم على مفهوم قياس الغائب على الشاهد أن معرفة متاثل األشياء يعلم هو كيف حصلت واختالفها قضية فطرية ضرورية ال ميكن لإلنسان االنفكاك منها وال

.)١(ر مشترك بينهما حيكم به أما جنس واحدله، فلو نظر إىل ماء و إىل ماء فهو حيكم بقد األمور الضرورية الفطريـة بعضفجميع الطوائف يف استدالهلا على العقيدة جعلوا : ومنها على سبيل املثالنظرية،

ـ التفريق بني االسم واملسمى أو أن االسم هو املسمى والذي ترتب عليه أمـور ١ قالوا ليس هو نفس املسمى ولكن يراد به ":محه اهللارـ يقول ابن تيمية . باطلة يف االعتقادنه غريه مبعىن أنه جيب أن يكو مباينا فهذا باطل فإن املخلوق قـد يـتكلم إاملسمى وإذا قيل

ه من كالمه وليس كالما بائنـا عنـه ئبأمساء نفسه فال تكون بائنة منه فكيف باخلالق وأمسا الرجل غريه باسم أو يتكلم بامسـه فهـذا ولكن قد يكون االسم نفسه بائنا مثل أن يسمي

االسم نفسه ليس قائما باملسمى لكن املقصود به املسمى فإن االسم مقصوده إظهار املسمى .)٢("وبيانه

فقبل أقواهلم بأن االسم للمسمى أو غري املسمى مل يتصور إنسان ذلك، فإن اإلنسان ىن أنه بائن عنه فعندما يطلق اإلنـسان علـى إذا تكلم باالسم فال يقصد أنه غري املسمى مبع

أن هذا االسم قائم وال له ذات مستقلة شخص اسم حممد فال يتصور أن هذا االسم بائن عنه فاهلدف مـن باملسمى ولو كان كذلك ملا جهلنا اسم أحد ألنه قائم به فيتضح لكل أحد،

.طالق االسم هو تبيني وتوضيح املسمى وهذا أمر ضروريإ األول بأن االسم غري املسمى هو الذي جعل اجلهمية والفالسفة يتمكنون من والقول

ضروري استدالليا ألم عنـدما ال، واعتمدوا يف النفي على جعل هذا األمر )٣(نفي أمساء اهللا له ذاتا قائمة نفوا االسم عن اهللا ألن االسـم له وجعلوا االسم غري املسمى مبعىن أن استدلوا

.)٤(غري اهللا خملوق غري اهللا وكل ما

ــــــــــــــ ). ٣٧١ص (الرد على املنطقيني )١ ( ). ٦/٢٠٧ (الفتاوى )٢( ). ١/٢٥٢ (مقاالت االسالميني لألشعري )٣( ).١/٢٥٢( انظر السابق ) ٤(

٢٧٩

الصفات زائـدة :ـ قوهلم بأن الصفات غري املوصوف أم هي املوصوف؟ وقوهلم ٢ لذات؟ ونفيهم لقيام الصفات بالذات والصحيح عند أهل السنة ال بـد على الذات أم هي ا

ألن لفظ غري قد يـراد بـه املبـاين ) هي(وكلمة ) غري(من االستفصال ماذا يقصد بكلمة .)١(جاز العلم بأحدمها دون اآلخر ليس هو عني الذات ويعرب عنه بأنه ما املنفصل أو ما

وهو أن املوصـوف األمر الضروري نظري وهذا جعلهم يضطربون ألم جعلوا هذا ا ذات ال ميكن أن تكون موجودة إال بصفاا الالزمـة والـصفات لفا تنفك عنه صفاته، ال

.)٢(غريها ذا املعىن ليست زائدة على الذات وال .ن توجد الذات إال بصفاا وصفاا غري منفصلة عنهاأفال ميكن حبال إىل الذات فإنه من البدهي أن اإلنسان إذا قيل له فالن ن يعود معىن الصفة أوال ميكن

ـ منفـصلة جبانـب ذات اطويل علم معىن الصفة وعلم أنه ال ميكن أن تكون الـصفة ذات مبعىن أنه لو قلنا فالن طويل أبيض ال ميكن تصور ثالثة ذوات بل يتـصور ذات ،الشخص

.ناواحدة قائم ا وصفني والفالسفة يردون الصفات أو بعضها لتـومههم وهذا األمر هو الذي جعل املتكلم

.بأا تقتضي التركيب او تعدد القدماءـ ظنهم بأن االشتراك يف االسم يقتضي متاثل الذوات ويـستدلون لنفـي ذلـك ٣

مبايستدلون به وهذا أمر فطري يف نفوس الناس أن االسم إذا أضيف إىل شيء فبحسبه فمثال يفهم اإلنسان متاثلها بل يفهـم د اإلنسان ويد احلمار ويد النملة مل لو قلنا ي :يف املخلوقات

.)٣(املعىن املشترك الذي خيص كل واحد منهم حبسبه أنفي عن اإلنسان صفة اليد ألنه اشـترك افال ميكن أن يأيت أحد من الناس ويقول أن

.يف امسها مع يد احلمار وهذا من باب التنـزيه لإلنسان

ــــــــــــــ ). ١/٢٨١ (درء تعارض العقل والنقل انظر )١( ). ١٠٩ـ١/١٠٨ (الصفدية انظر)٢(

). ١/٢٥٧ (الفتاوى انظر ) ٣(

٢٨٠

فعندما يرى اإلنسان )١(وأيضا اإلنسان يعلم عندما يرى املاء أن هذا املاء مثل هذا املاء ماء النهر ومـاء البئـر أي ماء حيكم عليه أنه ماء مبعىن إذا رأى ماء البحر مساه ماء وكذلك

والبحر خل فال ميكن أن يأيت إنسان وينفي عن النهر إ ...واملياه املختلط ا الطني واملياه اآلسنة .صفة املاء ألنه خمتلف يف احلقائق

ـ رفع النقيضني وهذا ممتنع ضرورة ولكنهم وقعوا فيه ولنضرب على ذلك مثـاال ٤ والفالسـفة ، واجلهمية ،واملعتزلة ،)٢( من احللول ان العلو ونوع فالساملية يثبتو ، بصفة العلو هللا فـوق العـامل شـيء نه ليس إ : وغريهم كمتأخري األشاعرة يقولون ، والباطنية ،والقرامطة

:)٣(وينقسمون قسمنيليس يف مكان من األمكنـة حاال فيه و خارجا عنه وال أ ـ ليس داخل العامل وال

.ونظارهموهذا قول طوائف من متكلميهم ب ـ أنه يف كل مكان بذاته كما يقول ذلك طوائف من عبـادهم ومتكلمـيهم

.وصوفيتهم وعامتهم خارج أو يقـول داخل وال فال ميكن أن يتصور ذلك أحد أنه ينفي عن الشئ أنه ال

خارج ولكنه حال فيه وعندما أرادوا االستدالل على نفي العلـو املـستقر يف داخل وال الطر قالوا ذه األقوال اليت إذا استدلوا عليها صعبوها، وأقواهلم هذه معتمدة على أصوهلم الف

.ن القول بإثبات الصفات مستلزمة التجسيم والتركيبأ ةاملتضمن .ـ نفي املعلوم باالضطرار يف النفس٥

:ونكتفي بذكر مثالني منها فقط يقضيها عند احلاجات اليت الاستقر يف فطر بين آدم وهو قصدهم لرم أ ـ نفي ما

إال هو، وهذا ال يكون اال إىل جهة العلو فكما أم مضطرون إىل دعائه فهم مضطرون إىل )٤(يتوجهون إىل غريه من اجلهات أن يوجهوا قلوم إىل العلو ال

ــــــــــــــ ). ٣٧١ص (الرد على املنطقيني )١( ). ١٠/٢٨٧ (درء تعارض العقل والنقل )٢( ). ١٢٣ـ٥/١٢٢ (الفتاوى )٣( ). ١/١١٠ (بيان تلبيس اجلهمية )٤(

٢٨١

ولكنهم نفوا ذلك وأتوا بأقوال ال ميكن تصورها ويصعب على اإلنسان تـصورها .وهو ماقلناه يف الفقرة السابقة

.ب ـ التحسني والتقبيح أو صفات الكمال والنقص يف األفعال إثباته ـ أي احلسن والقـبح ـ ضـرورة يف فهذا أمر فطري تقر به النفوس فنفيه و

.)١(النفس كما تفرق بني احللو واحلامض وغريها من األذواق والطعومفمن نفى التحسني والتقبيح، وأن األفعال فيها صفات كمال ونقص ذاتيـة، فقـد

.، لذلك اضطر األشاعرة لنفي تعليل أفعال اهللا)٢(خالف الفطرة

ــــــــــــــ ). ١/٢٣٠ (املدارج )١( ). ٤٣٦ـ٨/٤٣٤ (الفتاوى )٢(

٢٨٢

الفصل اخلامس قياس الغائب على الشاهد وجماالتهالصور املستخدمه يف

:وفيه مخس صور

إلرجاع ) مهملة(استخدام قضية كلية أو عامة :الصورة األوىل

.املنفية إليها املثبتة أو القضية

تخدام التمثيل وذكر األمثلة اليت تدخل حتتها اس :الصورة الثانية .اليت يراد إثباا أو نفيها القضية

ذكر نتيجة القول ذه القضية أو نفيها والزمها :الصورة الثالثة مة لدى الطرفني سابقة مسل وهذه مبنية على قضية .ى الصورة األوىلعل وهي غالبا تبىن

ذكر أمور وتقسيمات على أا قواطع عقلية أو :الصورة الرابعة

.سواءكانت صائبة أو خاطئة حقيقة ضرورة عقلية

.إبطال كالم اخلصم : الصورة اخلامسة

٢٨٣

الفصل اخلامس قياس الغائب على الشاهد وجماالتهه يفستخدمملاالصور

:ناي حىت يتضح لنا أمرلنظروقد رأيت أن أختم ذا الفصل الباب ا قررنـاه مـا ـ أن مجيع الطوائف املقرة والرافضة هلذا القياس استخدمته، وهذا ١

ويبني كيفية استخدامهم هلذا القيـاس حـىت سابقا، ولكن هذا االستخدام جيب أن يوضح .إن شاء اهللاـ نستفيد أثناء الرد عليهم

ـ بيان أن جماالت تطبيق هذا القياس تشمل مجيع أنواع العلوم، وال ميكن لعلم من ٢ . وذلك باختصار ألن حبثنا يف املسائل االعتقاديةالعلوم االنفكاك منه،

ه قد سبق إيضاح موقفهم مـن نة، وذلك ألنأهل السلن أتكلم عن و يف هذا الفصل ما يف حق اهللا تعاىل أوز صياغته بأي طريقة و جتالدليل العقلي الذي فهم يرونه القياس، هذا

داعـي الذا القياس، فجعلوها هلالضوابط اليت فق ، وفال جيوز من الصور إال ما قررناه سابقا .لذكر طرق استخدامهم له

٢٨٤

اس الغائب على الشاهد قيالصور املستخدمه يف

مما سبق يتضح أن قياس الغائب على الشاهد هو خاصية العقل واليت ال ميكـن ألي

.عقل االنفكاك منهافمهما حاول اإلنسان إنكار استخدام قياس الغائب على الشاهد فال ميكنـه ذلـك

.سوى أنه يغري اسم دليله دون حقيقتهتكلمني عدة طرق يستخدمون فيها حقيقة تضح أن للفالسفة وامل يومن خالل البحث

قياس الغائب على الشاهد، وقد ختفى بعض الشئ على من جعل قياس الغائب على الشاهد صورة من صور االستدالل العقلي وذلك من خالل أقوال الفالسفة واملتكلمني دون معرفـة

.حقيقة هذا القياسوا أن هذا القياس صورة مـن وقد سبق أن ذكرت أن الفالسفة واملتكلمني إمنا ادع

يتصف صور االستدالل العقلي، وأنه دليل ضعيف ألم أرادوا التميز عن عامة الناس بأن ما يستدلون به ما هو إال طريق ضعيف، أما هم فلهم طرق خمالفة لطريق استدالل به الناس وما

.الناس بالشاهد على الغائبياس بعدة صور حىت تبدو خمالفة ملـا ستخدمون هذا الق يواتضح يل من البحث أم

:مسوه بقياس الغائب على الشاهد وهي .إلرجاع القضية املثبتة أو املنفية إليها) مهملة(ـ استخدام قضية كلية أو عامة ١ .ـ استخدام التمثيل وذكر األمثلة اليت تدخل حتتها القضية اليت يراد إثباا أو نفيها٢ لقضية أو نفيها والزمها وهذه مبنية على قضية سـابقة ـ ذكر نتيجة القول ذه ا ٣ .مة لدى الطرفني وهي غالبا تبىن على الصورة األوىلمسل

ـ ذكر أمور وتقسيمات على أا قواطع عقلية أو ضرورة عقلية سـواء كانـت ٤ .صائبة أو خاطئة حقيقة

. ـ إبطال كالم اخلصم٥ ولكن قبل التعرض لصور االستخدام هلذا القياس أبني بأجياز، أنه ال ميكن حبال ألي علم أن ينفك عن هذا القياس، والميكن له التطور إالمن خالله، فالعلوم الشرعية تقوم على

د عامة ليقاس عليها ما غـاب ويأخـذ حكمهـا،والعلوم هذا القياس فعلوم اآللة مثال قواع

٢٨٥

األصلية ال يستفاد منها وال يلزم املخالف إال من خالل هذا القياس فالنـصوص الـشرعية . حباجة أن تنـزل على الواقع وهذا يكون من خالل هذا القياس

يها ما يريدون وكذلك العلوم األخرى، فالعلوم الطبيعية تسري على قواعد سابقة ويقاس عل اكتشافه، فمثال الفيزياء تضع قوانني للحركة ملعرفة مقدار حركة ما غاب عنهم كما يقررون حركة الكواكب، والكيمياء جعلت املواد يف جدول دوري ويذكر فيه عدده الذري ووزنه اجلزئي ومن خالل ذلك تعرف خصائصه وتقاس عليه أي مادة توجد، واألحيـاء صـنفت

ممالك وشعب ولكل خصائص، ويصنف الكائن من خالهلا فيقاس اهول على الكائنات يف .املعلوم

وكذلك الطب فهو يقوم على التشريح وعلم وظائف األعضاء وعلم األدوية وعلـم األمراض وهذه امور معلومة سابقة وما حيدث يقاس عليها، وكذلك سائر العلـوم بـل إن

ورة املعلوماتية ما كان إال من خالل هذا القيـاس فاملعلومـات ما يعيشه العامل اليوم من الث السابقة املتراكمة استفيد منها إلجناز مانراه اآلن، فمن خالل معرفة خـصائص الكهربـاء، وخصائص املوجات الصوتية، واملرئية، ومعرفة خصائص اهلواء، استطاعوا التوصل إىل ما نراه

ورة ملحة واكتشافا جيري للقرن العشرين وهو ما يـسمى اليوم، بل ما يعتربه العامل اليوم ضر باستشراف املستقبل ما هو إالهذا القياس، فهم قد أشغلوا العامل االسالمي مبا قعـدوه مـن قواعد وأدلة وجعلوها يف اذهان املستغربني من املسلمني أا احلق وما عداها باطل وها هـم

.لعلوم والتمكني حلضارم يف االرضيستفيدون من خصائص العقل البدهية لتطوير ا وبعد هذا العرض املختصر لدخول هذا القياس يف كـل العلـوم نـبني اآلن الـصور املستخدمة هلذا القياس لنعلم أن نفي فائدة هذا القياس ماهي إال دعوى وال حقيقة هلـا يف

:أرض الواقع، وفيما يلي عرض هلذه الصور

٢٨٦

:الصورة األوىل :إلرجاع القضية املثبتة أو املنفية إليها أو مهملة استخدام قضية كلية

ومن خالهلا يـدللون علـى ، عليها اصطلحواوهذا يتضح جليا يف املصطلحات اليت

.أو نفيهاالقضايا اليت يريدون إثباا ، فهى هذه املصطلحات يف حقيقتها أحكام ينـزلوا على القضايا إما إثباتا أو نفيا ف

.معلومات سابقة شاهدة لديهمالتركيب، التجسيم، االفتقار، التحيز، التـشبيه، التمثيـل، : صطلحاتومن هذه امل وإن ،ا مبا يوافق عقائدهم ال كما هو معروف يف اللغـة والواقـع ه عرفو اليت خل، إ ...املتغري

.وافقت الواقع جعلت خصائصه هي خصائص الغائبعلى أا يريدون إثباته يستدلون ا على ما خاصة،فمعلومة وقد يأتون بقضايا وصور

وفيما يلي عرض لبعض األمثلـة ا، أم خاطئ اصائبتعميمها سواء كان قضايا أو صور عامة، :علىذلك :الفالسفة )أ( البحث فيها، مصطلحات يسريون عليها أثناء تقرير العقائد أو أثناء حدث الفالسفة أ

كـون تحات من عمل اليونان قبلهم، وقد تكون من عملهم وقـد وقد تكون هذه املصطل بعضها ألفاظا شرعية لكنهم قصدوا ا غري حقيقتها الشرعية كما قال عنهم شيخ اإلسـالم

.)١("فأخذوا مخ الفلسفة وكسوه حلاء الشريعة" : رمحه اهللاـ ها، ومـن قواعد عامة يسريون علي لتكوناملصطلحات يبدأون كتبهم وأقواهلم ذه ف

.خالهلا يتم البحث واإلثبات والنفي والواحد من كل وجه التركيب فيه بوجه ":فمثال يقول ابن سينا يف رسالته العرشية

.)٢("من الوجوهبـأي صـفة، واجب الوجود عندهم، وألجل ذلك ال يصفون فهذا تعريف الواحد ته وصفته وهذا مـن من ذا مركبا واجب الوجود فقد جعل اه أو مس همن وصف و ،واحدفهو

.خصائص املمكن ـــــــــــــــ

). ٥/٩١ (جمموعة الرسائل )١( ). ٣ص (الرسالة العرشية )٢(

٢٨٧

جيوز أن يكون لذاته مبـادئ واجب الوجود ال " : ويقرر ابن سينا مذهبه ذلك بقوله .)١("أجزاء احلد أجزاء الكمية وال جتتمع فيقوم منها واجب الوجود ال

من شأنه التركيب ـ على تعريفهم ـ حـىت يف التعريـف جيب نفي كل مافإذن .واحلد

فالتركيب جعلوه من خصائص املمكنات املعلومة واملشاهدة، فأساس هذا املصطلح .وغريه من املصطلحات اليت اعتمدوا عليها هو قياس الغائب على الشاهد

مرادف للتأليف، وهو أن جتعل والتركيب عند فالسفتنا القدماء " : يقول مجيل صليبا .)٢("األشياء املتعددة حبيث يطلق عليها اسم الواحد

فهذا هو معىن التركيب عند الفالسفة واهللا سبحانه وتعاىل مل يشاهدوه وهو خـالق طر فيجب نفي فكما هو مقرر يف ال خمالف للشاهد اهللا العامل أو العلة األوىل كما يقولون، و

.نه لن حقيقة املعىن عندهم هو ما جعلوه يف الشاهداسم او صفة عكل وتعريفام اليت اعتمدوا عليها كثرية ولكن أكتفي مع املثال السابق مبثال آخر وهـو

.تعريف اللذة واألمل واليت انبىن عليها نفي البعث اجلسماين وأحوال أهل اجلنة والناردرك واألمل إدراك ملا هو شر عنـد اللذة إدراك ملا هو خري عند امل " : يقول ابن سينا

.)٣("املدرك وقد خيتلف اخلري والشر حبسب القياس، وألجل وقد بني أنواعا من اللذة املعروفة ولكن بني أعلى اللذات وهي اللذة العقلية

.وهذا سنتركه لوقتهذلك نفوا املعاد اجلسماين ـ :املعتزلة )ب(

سفة يف مواطن واصطلحوا على أخرى كذلك املعتزلة ساروا على مصطلحات الفال فقد جعلوا هلم قاعـدة ـ أو مـصطلح لتوافق أقواهلم يف أبواب العقيدة اليت تكلموا فيها،

، )٤("ينفك عن احلوادث فهو حـادث ال أن ما:"اصطلحوا عليه ـ يف تعريف احلادث وهو .سبحانه وتعاىل ـ وردوا من خالل هذه القاعدة مجيع صفات اهللا

ــــــــــــــ ). ٢٢٧ص (النجاة )١( ). ١/٢٦٩ (املعجم الفلسفي )٢( ). ١٨٣ص (لباب اإلشارات ) ٣(، مذاهب ) ١/٣٣٩ (، أمحد حممد صبحي ، علم الكالم ومابعدها) ٩٤ص (األصول اخلمسة شرح : انظر ) ٤(

). ٣٩٧ص (، عبدالرمحن بدوي اإلسالميني

٢٨٨

هد والذي ال ميكن أن ينفك عن احلوادث، واخلـالق أخذت من الشا وهذه القاعدة . سبحانه وتعاىلـ اهللا ىالصفات عن نفمباين للمخلوق كما هو مستقر يف الفطر إذن ت

عن ما يراه نقصا يمن خالهلا نف يريد وكذلك جعل القاضي عبداجلبار قضية كلية، وحترير الداللـة " : اجلبارقال القاضي عبد ،ألنه من صفات األجسام املقررة لديه مسبقا اهللا

واحلاجة إمنا جتوز على من جـازت ...جتوز عليه احلاجة على أنه تعاىل غين هو أنه حي ال عليه الشهوة والنفار، والشهوة والنفار إمنا جتوز على من جازت عليه الزيـادة والنقـصان،

.)١("والزيادة والنقصان إمنا جتوز على األجسام واهللا تعاىل ليس جبسم الزيادة والنقصان إمنا جتوز على األجسام، فهذه قاعدة وضعها لينفي عـن جعل قدف

.احلاجة، وألجل ذلك نفى الصفات عن اهللاهللا والـصالح ومابنوا عليه من قضايا وتعريف اللطف )٢(وكذلك عندما عرفوا العدل .إىل آخر مصطلحام اليت قالوها.. )٣(واألصلح

:األشاعرة )ج(اعرة جعلوا قضايا كلية وعامة يسريون عليها ويذكروا يف قـضاياهم كذلك األش

.اليت يريدون إثباا أو نفيها ":، وكذلك قـول البـاقالين )٤(" ومامل يسبق احملدث حمدث :"مثال على ذلك قوهلم

اجلـواهر :"يريد نفيه، وكذلك قول اجلـويين لينفي عن اهللا ما )٥("تبقى زمانني األعراض ال .)٦("و عن حوادث مستندة إىل أوليةختل ال

وهذه املصطلحات وغريها إمنا هي تتكلم عن املعلوم املشاهد فاحملـدث والعـرض اتصفت به عن اهللا فجعلوا حقائق صفاا هي ويريدون نفي ما ةواجلواهر كلها أمور مشاهد

.حقائق الصفة نفسها

ــــــــــــــ ). ٢١٣ص (األصول اخلمسة شرح )١( .ومابعدها) ٣٠١ص (شرح األصول اخلمسة )٣( . ومابعدها) ٥١٩ص (شرح األصول اخلمسة )٣( ). ٤١ص (التمهيد للباقالين )٤( ). ٣٨ص (التهيد )٥( ). ١/١٢٨ (الربهان )٦(

٢٨٩

دون ذكر هذه املصطلحات ةوكذلك استعمل األشاعرة وغريهم أمورا عامة مشاهد

ن إمل قلتم : فإن قال القائل":رمحه اهللاـ كقول األشعري ،لقياسوهي واضحة جدا يف هذا ا متنعه مـن إدراك املـسموعات ةفآ يكن موصوفا ب مل ألن احلي إذا :له اهللا مسيع بصري؟ قيل

مـن ةذوخا مـأ ضح أ اذه القاعدة العامة و وه،)١("واملبصرات إذا وجدت فهو مسيع بصري .الشاهد ألن األفعـال :لـه ن اهللا تعاىل عامل؟ قيل إ قلتم مل :فإن قال قائل " : وكذلك قوله فإن قـال ": رمحه اهللاـ وكذلك قال الباقالين ،)٢("تنسق يف احلكمة إال من عامل احملكمة ال الدليل على ذلك أنه فاعل عامل قادر :له فما الدليل على أن صانع األشياء حي؟ قيل :القائل

ا علـى و إىل غريذلك )٣("اوالفاعل العامل القادر ال يكون إال حي فهذه أمور عامة استدل ،يعـرف مايريده، فالعامل عرف من الفعل احملكم املشاهد واحلي علم من أنه يف الـشاهد ال

.الشئ فاعل عامل قادر إال وهو حي

:الصورة الثانية : للقضية املراد إثباا أو نفيهااستخدام التمثيل

يقولون وخاصة يف العقائـد أو يع الطوائف يف تقرير ما ستخدمها مج توهذه الطريقة األقوال اليت يقع فيها اخلالف أو األقوال اخلاصة يف املسائل واليت مل تقـل ـا الطوائـف

:األخرى فمن ذلك :الفالسفة )أ(

يستخدمون التمثيل يف علومهم ألنه طريق ظين ولكنـهم مل ادعىالفالسفة أم ال ه، بل إم استخدموه وخاصة يف عقائدهم املخالفة لطوائف املـسلمني يستطيعوا أن يتجنبو .وهذا عرض خمتصر لبعض األمثلة املضروبة عندهم ليثبتوا صحة كالمهم،

بينوا أمثلة هذا التركيـب، ـ سبحانه وتعاىل ـ فمثال حينما نفوا التركيب عن اهللا وقد،كالعناصر للمركباتالتركيب قد يكون من أجزاء تتقدم املركب ":يقول الطوسي

ـــــــــــ

). ٢٦ص (اللمع )١ ( .)٤٢ص (اللمع )٢(

٢٩٠ ). ٤٦ ـ ٤٥ص (األوائلمتهيد )٣(

وجزء آخر حلقه فيحصل املركب مع ،يكون من جزء أصل يتقدم املركب كخشب السرير ،)١("وال يكون وجود اجلزء الالحق متقدما على وجـود الـسرير ، حلوقه كصورة السرير

.املثال ليتضح قولهأورد وسي فالط :ومثال آخر يف النبوات التجربة والقياس متطابقان على أن للنفس اإلنسانية أن تنال مـن ":يقول ابن سينا

يف حال النوم فال مانع من أن يقع مثل ذلك النيل يف حال اليقظة إال ماكـان الغيب نيال ما أن يبني إمكانية النبوة وأن الغيب ينال جزء فهو يريد ،)٢("إىل زواله سبيل والرتفاعه إمكان

. فما مينعه يف حال اليقظة منه يف حال النومبني أن النبوة ممكن احلصول عليها بواسطة الرياضة وشبه ذلك باملرآه عنـد وكذلك

حماذيـا ـا ةعرب الرياضة إىل النيل صار سره مرآة جملو فإذا ":قال ابن سينا مقابلة الشمس .)٣("رت عليه اللذات العلىشطر احلق ود

بالشمس إذا طلعت على مرآة فانعكس الشعاع الذي على "الشفاعةوكذلك مثلوا ة وحـصل آله مبقابلة املر بذلك الشعاع فذلك الشعاع حصل املرآة على موضع آخر فأشرق

وهم حيضون على زيارة القبور والتوسل ـا حلـصول هـذه ،)٤("ة مبقابلة الشمس آللمر .)٥(الشفاعةوأما ابن رشد فهو كذلك استخدم التمثيل وذكر األمثلة، وهذا يتـضح بأدلتـة يف

.وجود اهللا العناية واالختراع ودليل الوحدانية وهو دليل التمانع :املعتزلة )ب(

ونفيها وفيما يلي أيريدون إثباا استخدم املعتزلة املثال والتمثيل للتدليل على قضايا : قاسوا فيها الغائب على الشاهد بعض األمثلة اليت

ما الذي يدل على أن صـحة أو" :كون اهللا قادرا يقول القاضي عبداجلبار يف إثبات :الفعل داللة على كونه قادرا فهو أنا نرى يف الشاهد مجلتني

ــــــــــــــ . )٤٧٣ـ٣/٤٧٢ (شرح اإلشارات )١(

). ٨٦٢ـ٣/٨٦١ (شرح اإلشارات )٢ ( ). ٢/٨٣٣ ( رح اإلشارات ش) ٣( ). ١٠٤ص (الرد على املنطقيني )٤(

٢٩١

عن مقارنه بني الغزايل وابن تيمية للدكتور حممد رشـاد ، دار )٤٨ـ٤٤ص( انظر رسالة الزيارة ألبن سينا ) ٥(

.هـ ١٤٠٠العلم،الكويت ، ط

٢٩٢

.)١(" املدنفأحدمها صح منه الفعل كالواحد منا، واألخرى تعذر عليه الفعل كاملريض .فهذا مثال يريد أن يوضح به قضيته اليت يريد إثباا ما الذي يدل على أن صحة الفعل احملكم داللـة أو" :وكذلك يف إثبات كونه عاملا

كونه عاملا فهو أنا وجدنا يف الشاهد قادرين أحدمها قد صح منه الفعل احملكـم كالكاتـب .)٢("واآلخر تعذر عليه كاألمي

ها من األمثلة اليت ليس هذا مكان تقصيها، وإمنا اهلدف من ذكر بعضها هو إىل غري .إثبات هذا الطريق يف قياس الغائب على الشاهد

:األشاعرة )ج(وكذلك األشاعرة استخدموا التمثيل يف أبواب العقيدة، وهذه بعض األمثلة اليت تبني

.استخدامهم هلذا الطريق يف قياس الغائب على الشاهد يف قتنـس ألن األفعال احملكمة ال ":قول األشعري رمحه اهللا يف إثبات أن اهللا عامل ي

جيوز أن حيول الديباج بالتصاوير ويصيغ دقائق الصناعة من احلكمة إال من عامل وذلك أنه ال .)٣("يعلمه حيسن ذلك وال ال

.فهنا يبني باملثال قضيته اليت يريد إثباا يف احلجر الكبري قد يعجز ":دادي إثبات الكسب األشعري قالوأيضا عندما أراد البغ

عن محله رجل ويقدر آخر على محله منفردا به إذا اجتمعا مجيعا على محله كـان حـصول يقـدر علـى رج أضعفهما بذلك عن كونه حامال، كذلك العبـد ال خياحلمل بأقوامها وال

،كسب للعبد قدر عليه ووجد مقـدوره االنفراد بفعله ولو أراد اهللا االنفراد بإحداث ما هو خيرج مع ذلك املكتسب من كونه فاعال وإن وجد فوجوده على احلقيقة بقدرة اهللا تعاىل وال

.)٤("الفعل بقدرة اهللا تعاىل إىل غري ذلك من األمثلة الكثرية اليت يصعب حصرها ولكن األمثلة السابقة تكفـي

.لبيان املطلوب ــــــــــــــ

). ١٥١ص (ألصول اخلمسةشرح ا )١( ). ١٢٠ص (ليف كاحمليط بالت )٢( ). ١٠ص (اللمع )٣( ). ١٣٤ـ١٣٣ص (أصول الدين للبغدادي )٤(

٢٩٣

: الصورة الثالثة :تفسريهم لنتائج القول بقضية ما نفيا وإثباتا

يبىن هذا املطلب على املطلب األول ولكن هنالك فرق بني املطلبني فاملطلب األول فيه املصطلحات أو القضايا الكلية معرفا هلا ،ومن خالل هذه املصطلحات يصل إىل يذكر

.النتائج اليت يريد إثباا أو نفيها أما هذا املطلب ففيه تفسريه لقضاياه املثبتة أو املنفية اعتمادا منها على مـا قـرره يف

:املطلب األول من مصطلحات وقضايا كلية وباملثال تتضح العبارة :الفالسفة ) أ

عندما أرادوا أن ينفوا عن اهللا صفاته، وأنه ال يوصف ألن الصفات تنايف الوحدة اليت ال تكون إال بنفي صفات، والصفات ال تكون إال فيما كان جسما فمثال ابن سينا عندما أراد

رة إن واجب الوجود ليس جبسم وال مادة جسم وال صـو " :أن يصف اهللا بالبساطة قال . إذن السبب يف وصفه بالبساطة اهلرب من أوصاف اجلسم)١(..."جلسم

وحتقيق هذا :"وعندما أراد أن يبني ابن سينا صدور العامل عن اهللا وأنه علة تامة قال وإذا صدر فال بد من . أن الذات إذا مل يصدر منه شيء وبقي على ما كان فال يصدر عنه إذا

والسبب إما أن يكون ... بع أو شيء مما يشبه هذا وهذا حمال تغيري لذاته حبدوث إرادة أو ط .)٢(..."وإن كان داخال فيه فيكون تغيري وانفعال يف ذاته... داخال أو خارجا

فنفى خلق العامل اعتمادا منه على أن ذلك يقتضي التغيري على اهللا، وهذا قد قرروه . وهو منفي عن اهللاسابقا حيث بني أن التغيري ال يكون إال جلسم

اعلم أن الشيء الذي إمنا حيسن بـه أن :"وأيضا عندما قرر ذلك يف اإلشارات قال يكون عنه شيء آخر ويكون ذلك أوىل واليق من أن ال يكون فإنه إذا مل يكن عنه ذلـك مل يكن ما هو أوىل وأحسن به مطلقا وأيضا مل يكن ما هو أوىل وأحسن بـه مـضافا فهـو

.)٣("ال ما، يفتقر فيه إىل الكسبمسلوب كم فهو نفى عن اهللا القصد بالفعل ألن ذلك يقتضي استكماله به واالفتقار إليه وهذا على ما

.تقرر يف القاعدة األوىل

).٢٢٨ص ( النجاة )١( ).١٣ص ( الرسالة العرشية ) ٢( ).٣/٥٥٢(اإلشارات )٣(

٢٩٤

:املعتزلة ) بويتضح استخدامهم لقياس الغائب على الشاهد ذه الـصورة جليـا، يف نفـيهم

فمثال بني القاضي عبداجلبار السبب يف رد صفات اهللا ـ للصفات وغريها من أمور العقيدة،سبحانه وتعاىل ـ وتأويلها إىل أن الصفات ال تكون إال جبسم كما تقدم سابقا فاحتاجـت

.هذه الصفة إىل تأويل :" فاملقصود بصفة االستواء ـ عندهم ـ االستيالء والغلبة، والسبب أن املعترض يقول

االنتصاب، واالنتصاب والقيام من صفات األجسام فيجب أن يكون اهللا االستواء هو القيام و ذو : أي إذا أثبتنا االستواء وكذلك صفة العني جيب تأويلها ألن املعترض يقـول )١("جسما

.)٢ (العني ال يكون إال جسما فاملعتزلة ينفون عن اهللا ماينفون اعتمادا على ما استقر عندهم من مصطلحات، ولكـن

.لفرق عن الصورة األوىل أم هنا ذكروا قوهلم واثبتوا أن خمالفته تؤدي إىل القول بالتجسيما

األشاعرة) جـكذلك استخدموا هذا الطريق عند تدليلهم على قضاياهم فهذا الباقالين عندما أثبات

م اليد والوجه صفتان هللا وأن ذلك ال يقتضي التجسيم استدل على قاعدة متفق عليها بينـه كما ال جيب إذا مل نعقل حيا عاملا قادرا إال جسما أن نقضي حنن وأنتم علـى اهللا " :بقوله

تعاىل بذلك وكما ال جيب مىت كان قائما بذاته أن يكون جوهرا أو جسما إلنا وأيـاكم مل فهو يستدل بقاعدة عدم التماثـل واسـتقرارها )٣("جند قائما بنفسه يف شاهدنا إال كذلك

فاقهم عليها مع إثبات أمور يف الشاهد يصدق عليها ذلك ونفيت عـن اهللا ـ سـبحانه وات .وتعاىل ـ فكذلك غريها

إن :"وكذلك عندما استدل اجلويين بتأويل بعض الصفات ومن ذلك االستواء بقوله رام السائل إجراء االستواء على ما يبىن عنه يف ظاهر اللسان، وهو االستقرار، فهـو التـزام

. فالسبب يف إنكار هذا املعىن هو اقتضاء التجسيم)٤("جسيمللت

).٢٢٦ص ( األصول اخلمسة )١( ).٢٢٧ص (األصول اخلمسة )٢( ).٢٩٨ص ( متهيد األوائل )٣( ).٤١ص ( اإلرشاد )٤(

٢٩٥

:الصورة الرابعة استخدام التقسيم للقضايا على أن ذلك من القواطع العقلية،أوالضرورة العقلية، سواء

.كانت صائبة أو خاطئة حقيقةفأي تقسيم تقول به أي طائفة يعتمد على أمور معلومة أو مشاهدة وهو يعـود إىل

.الغائب على الشاهد وإن مل يصرح بذلكقياس وكذلك إذا قال هذا من الضرورة العقلية أو ضرورة أو فطرة أو بداهة أو غريها من

األقوال فهذه أمور معلومه لدى البشر كلهم يقيسون األمور إليها وفيما يلي بيان ذلك عند .الطوائف

:الفالسفة ) أ وهـذا التقـسيم )١(بذاته أو ممكن الوجود بذاته قسموا املوجود إىل واجب الوجود

الذي قال به ابن سينا، أما ابن رشد فقسمه تقسيما أخر وهو أن املوجود يقسم إىل املمكن .)٢(والضروري والضروري يقسم إىل ما له علة و إىل ما ليس له عله

شاهد وإال فما معىن وهذا واضح جدا كما قلنا فالتقسيم نظر فيه إىل الواقع احلاصل ال تقسيمه كما ذكر ابن سينا إىل ممكن وممتنع إال لعدم وجوده إما دائما أو وقت دون آخر،

.وأيضا هو قسم املوجود واملوجود إما مشاهد أو معلوم بآثاره اليت تشاهد وحتس ذلك وكذلك عندما أراد ابن سينا أن ينفي عن اهللا القصد إىل الفعل كخلق العامل ألن

والسبب إما أن يكون داخال أو خارجا وال جائز أن يكون : " يقتضي أن هناك سببا داعيا له وهذا التقسيم أيضا )٣(..."وإن كان داخال فيه فيكون تغري ... خارجا ألنه ال موجود إال هو

من الشاهد ألنه عندما قسم السبب إىل خارجي وداخلي رد اخلارجي ألن اهللا عنده قـدمي بالذات ال بالزمان، فلم يسبقه غريه فال وجود لسبب خارجي يف وقت إجياد العامل، ألنه من املعلوم من هذا العامل املشاهد ال ميكن أن يكون الالحق سببا للسابق، ورد السبب الداخلي

.ألن ذلك تشبيه هللا باملخلوق الذي يقتضي لديه التغري واالنفعال إلمتام ما يريد .لك يف مجيع تقسيمام األخرى وقس على ذ

).٤٤٧/ ٣( انظر اإلشارات )١( ).٢٧٩ـ٢٧٨ص ( انظر مناهج األدلة )٢( ).١٣ص ( الرسالة العرشية )٣(

٢٩٦

:املعتزلة ) بكذلك استخدموا هذا الطريق فمثال عندما أرادوا إجياب النظر وحترمي التقليد قـال

املقلد ال خيلو إما أن يقلد أرباب املذاهب مجلة أو ال يقلـد واحـدا " :القاضي عبداجلبار ضية، وعندما أراد أن يستدل على أن وهنا استخدم السرب والتقسيم لرد هذه الق )١(..."منهم

اجلسم اتمع إذا افترق فما كان فيه من االجتماع ال خيلـو " :العرض جيوز عليه العدم قال إما أن يكون باقيا فيه كما كان أو زائال عنه وال جيوز أن يكون باقيا فيه كما كـان، وإذا

قال او بطريقة العدم، وال جيوز أن يكون كان زائال فال خيلو إما أن يكون زائال بطريقة االنت فلم يبق إال أن يكون زائال بطريقـة . زائال بطريقة االنتقال ألن االنتقال حمال على األعراض

وهذا واضح أيضا يف إثبات ما يريد، واجلزم بأنه ال جيوز على العرض االنتقال هو )٢("العدم . إال من الواقعمن قياس الغائب على الشاهد وال يكون التحقق منه

. إىل غري ذلك من التقسيمات اليت يوردوا :األشاعرة ) جـ

قد علمت أن العـامل " :كذلك عندما أرادوا أن يستدلوا على إثبات وجود اهللا قالوا فاستدلوا علـى )٣(.."إما جوهر أو عرض وقد يستدل على إثبات الصانع بكل واحد منها

.ا التقسيم وأن كل ما يف الكون يعود إليهاقضيتهم اليت يريدون إثباا ذلو كان القرآن خملوقا لكان ال خيلـو أن يكـون " :وعندما نفوا خلق القرآن قالوا

ويستحيل أيضا ... جسما قائما بنفسه أو عرضا مفعوال يف غريه ويستحيل أن يكون جسما .)٤(..."أن يكون عرضا

تقسيم املستمد من الشاهد وردوا كال القسمني ألن مجيع فنفوا خلق القران اعتمادا على ال .املخلوقات تعود إىل هذين القسمني

. واألمثلة كثرية ولكن نكتفي مبا يفي الغرض

).٦١ص ( شرح األصول اخلمسة )١( ).١٠٥ـ١٠٤ص ( شرح األصول اخلمسة )٢( ).٨/١( شرح املواقف )٣( ).٢٦٩ـ٢٦٨ص ( التمهيد )٤(

٢٩٧

:الصورة اخلامسة : استخدامه يف أبطال كالم املخالف

ه عند رده وهذا املطلب قد يستخدم فيه كل ما سبق، ولكن يتميز بأمر زائد وهو أن على اخلصم يتضح السبب يف قوله جليا فإما يرجعه إىل مصطلح اصطلحوه، أو إىل املثال أو

.إىل تقسيم األمور الواقعة واملعلومة، ونفي بعضها وإثبات بعضها، أوبالضرورة العقليةفقد ينفي أحدهم استخدام قياس الغائب على الشاهد ولكن عند رده على خـصمه

ـ:بت القول يف القضية اليت يرد ا على اخلصم وفيما يلي عرض لذلكيوضح ملاذا أث :الفالسفة ) أ

أبن رشد عندما رد على األشاعرة الذين اثبتوا زيادة الصفات على الذات بني السبب ويلزمهم على هذا أن يكون اخلالق جسما ألنه يكون هناك صفة " :يف نفي ذلك حيث قال

)١("...وموصوف وهذا حال اجلسمفهنا يتبني لنا السبب يف نفي الصفات أال وهو أن إثباا حال األجسام واهللا منـزه .عن ذلك

على القول بالصفات :"رد على األشاعرة إثبام للصفات وأا زائدة على الذات بقوله و أن يكون هنا ذات مركبة قدمية فيكون هنا تركيب قدمي وهو خالف ما تضعه األشعرية من

ـ ي فهو مع بيانه لتناقض األشعرية ورده عليهم )٢("… كل تركيب حمدث أن هبني دليل مذهب .والسبب يف قوله مبا خيالف قول األشاعرة

شرعيني بني بطـالن ال التقبيح و التحسنيقوهلم ب وكذلك عندما رد على األشاعرة ظلما إال من جهة يكون الشرك باهللا ليس يف نفسه جورا وال " : أن نه يلزم منه ألهذا القول

د مبعـصية روو له لكان عدال وكذلك ل د الشرع بوجوب اعتقاد الشريكروو الشرع وأنه ل )٣("لكان عدال

خـالف امليتضح من ذلك قوله الواقع وأيضا على رده عليهم اعتماده يف بني من قوله يتف . من خالل تقريره ورده عليهملقول األشاعرة وذلك

).١٦٦ـ١٦٥ص ( مناهح األدلة )١( ).٢١٩ص ( افت اهلافت )٢( ).٢٣٤ـ٢٣٣ص ( مناهج األدلة )٣(

٢٩٨

:املعتزلة) بخل بني أن هذا إ.. ن اهللا حي حبياة إالقاضي عبداجلبار عندما أراد أن يرد على من قال

حبياة واحلياة ال يصح اإلدراك ـا إال انه تعاىل لو كان حي إ " :قالحيث يقتضي التجسيم بعد استعمال حملها يف اإلدراك ضربا من االستعمال لوجب أن يكون القدمي تعاىل جـسما

فهو يرد القول بأنه تعاىل حي حبياة ويثبت أنه حي فقط ألنه لو قال باألول )١("..الوذلك حم . التجسيمىالقتض

جسم أو عرض واهللا ليس إما أن املرئي ب برؤية اهللا وكذلك عندما رد على من يقول ال يري الشيء ةما الكالم يف أن الرائي باحلاس أ و " :يف ذلك يقول القاضي عبداجلبار ،كذلك

ما الكالم يف أنه تعاىل ال جيوز أ و …ال إذا كان مقابال أو حاال يف املقابل أو يف حكم املقابل إأن يكون مقابال وال حاال يف املقابل وال يف حكم املقابل فهو أن املقابلة واحللول إمنا تـصح

.)٢("…ضعلى األجسام واألعراض واهللا تعاىل ليس جبسم وال عر . و إىل غري ذلك من األمثلةوبني السبب يف نفي ذلك وهو التجسيم،فهنا بني الزم قوهلم

:األشاعرة ) جـمـن أن هقولن اليت ذكرناها سابقا تبني ما )٣(لعل مناظرة األشعري مع شيخه اجلبائي

شعري رمحه اهللا بني من خـالل رد فاألالطوائف تستخدم القياس أثناء الرد على املخالفني، يف األمساء احلسىن هللا بطالن منهجه القائم على العقل يف النفي واإلثبات والذي منهج اجلبائي

. فيـة يقهو قائم يف حقيقة األمر على قياس الغائب على الـشاهد وبـني أن أمسـاء اهللا تو اإلجياب على اهللا ورد على من يقول به ـ رمحه اهللا ـ عندما نفي اجلويين وكذلك

يته بوجوبه نملن اعتقد وجوب شيء على اهللا تعاىل ما الذي ع نقول : "بقولهبني سبب النفي .)٤("ا ألنه اآلمر وال يتعلق به أمر غريهعفإن قال أردت توجه أمر عليه كان ذلك حماال إمجا

.ونكتفي ذا القدر من هذه األمثلةلني حىت يظهروا بأن هلـم اسـتدالالت مفمما سبق تبني لنا أن الفالسفة واملتك

جعلوا قضايا كليـة ومـصطلحات ة ال تقوم على الشاهد ومن خالله يقاس الغائب، عقلي يرجعون إليها عند تقريرهم أو يتكلمون من خالهلا ومـا ، وأمثلة ، وضرورات عقلية ،علمية

).٢٠١ـ٢٠٠ص ( اخلمسة شرح األصول )١( ).٢٤٩ـ٢٤٨ص ( اخلمسة شرح األصول )٢( ).٢٢٩ـ٢٢٨ص ( ناظرات وعيون امل، ) ٣٥٨ـ٣/٣٥٧( عية فطبقات الشاانظر )٣( ).٢٧١ص ( اإلرشاد )٤(

٢٩٩

على ما مسوه قياس الغائب على الشاهد اهي يف احلقيقة إال طريق يريدون االلتفاف من خالهل .الواقع فسموه بغري امسهري االسم يغري يفكأن تغ

٣٠٠

אא

بني أهل العقيدة قياس الغائب على الشاهد يف ابواب استخدامات .السنة واملخالفني

:فصول ستة وفيه

. وجود اهللا إثبات : األول الفصل

. وحدانية اهللاإثبات : الثاين الفصل

.الصفات : الثالث الفصل

. اهللاأفعال: الرابع الفصل

.النبوات: اخلامس الفصل

. اآلخراليوم: السادس الفصل

٣٠١

: األول الفصل

اهللا ـ سبحانه وتعاىلوجود إثبات

:مباحث ثالثة وفيه

.إثبات وجود اهللا عند الفالسفة: األول املبحث

:هللا عند املتكلمنيإثبات وجود ا : الثاين املبحث

:مطلبان وفيه

.إثبات وجود اهللا عند املعتزلة: األول املطلب

. إثبات وجود اهللا عند األشاعرة: الثاين املطلب

.إثبات وجود اهللا عند أهل السنة واجلماعة : الثالث املبحث

٣٠٢

األول الفصل א

الذي تقوم عليه مجيع أبواب الدين، الدينجود اهللا تعاىل أصل أصول اإلميان بو يعترب

على ما سواه، ويف هـذا الفـصل الطوائفوألجل ذلك يكون الكالم فيه مقدما عند مجيع إثبات وجود اهللا سبحانه، واملعتمدة علىعرض للطرق اليت استدل ا الفالسفة واملتكلمون

وقع يف دليلهم مما ألـزمهم إلزامـات الذيالضالل على قياس الغائب على الشاهد، وبيان إثبات وجود اهللا عنـد الفالسـفة فأدلةفاسدة جرت عليهم اخللل والضالل يف عقائدهم،

املـسلك : يف إثبات الصانع، وفيه مسالك األول املقصد:" واملتكلمني يوضحها اإلجيي بقوله وقد يستدل بكل واحد منـهما جوهر أو عرض، إماقد علمت أن العامل : األول للمتكلمني

فإن ا،وهو أن موجود : املسلك الثاين للحكماء ... أربعةإما بإمكانه أو حبدوثه، فهذه وجوه احتاج اىل مؤثر وال بد من اإلنتهاء اىل الواجب، وإال لزم ممكناوإن كان . كان واجبا فذاك

.)١("التسلسلالدور أو واعتربوها هي األدلة املوصلة إىل إثبـات األدلةذه أخذ الفالسفة واملتكلمون وقد

النظر يف هذا الدليل هو النظر الواجب علـى وجيعلونوجود اهللا، وهي أصل الدين واإلميان .كل مكلف

ـ إن شاء اهللا ـ قول كل فرقة على حدة مـع بيـان سيتضح يف هذا الفصل و ل فيه من خالل الواقع ، ومن خالل على الشاهد فيه، ومواطن اخلل الغائباستخدامهم قياس

. اهللا ـ إن شاء اهللاوجود الذي سلكه أهل السنة واجلماعة يف إثبات الدليل

ــــــــــــــ ).٨/١(، وشرح املواقف )٢٦٦ص (املواقف) ١(

٣٠٣

אאא א

اهللا هو دليل اإلمكان والذي يـنص دوجو الذي اعتمد عليه الفالسفة يف إثبات الدليل من ذاته إليه من حيث التفت موجود إذا كل: "كما ذكره ابن سينا يف اإلشارات على أن

وجب فإنغري التفات إىل غريه فإما أن يكون حبيث جيب له الوجود يف نفسه أو ال يكون، إنه ممتنـع يقال أن فهو احلق بذاته الواجب وجوده من ذاته وهو القيوم وإن مل جيب مل جيز

صار ممتنعا، أو علتهقرن باعتبار ذاته شرطا مثل شرط عدم إن بذاته بعدما فرض موجودا بل له عدمها بقي والمثل شرط وجود علته صار واجبا وإن مل يقرن ا شرط ال حصول علة

.تنع جيب وال مياليف ذاته األمر الثالث وهو اإلمكان فيكون باعتبار ذاته الشيء الذي . حبسب ذاتهالوجود موجود إما واجب الوجود بذاته أوممكن فكل موجودا من ذاته فإنه ليس وجـوده يصريما حقه يف نفسه اإلمكان فليس ): إشارة(

أوىل، فلحضور شيء أو غيبته أحدمهاحيث هو ممكن فإن صار من من ذاته أوىل من عدمه .فوجود كل ممكن الوجود هو من غريه

كل واحد من آحاد السلسلة ممكنا فيكونا أن يتسلسل ذلك إىل غري النهاية أم: تنبيه . وجتب بغريها ونـزيد هذا بياناأيضايف ذاته واجلملة متعلقة ا فتكون غري واجبة

علة خارجة عن آحادها وذلك تقتضيكل مجلة كل واحد منها معلول فإا : شرح . وكيف يتأثر هذا وإمنا جيب بأدائهاممكنةة غري ألا إما ال تقتضي علة أصال فتكون واجب

لذاا فإن تلك اجلملة والكل معلولة أن يقتضي علة هي اآلحاد بأسرها فتكون وإما . اجلملةبهشيء واحد، وأما الكل مبعىن كل واحد فليس جيب

أوىل بذلك من بعـض إذا اآلحاد أن يقتضي علة هي بعض اآلحاد وليس بعض وإما علة خارجة عن اآلحـاد يقتضيحد منها معلوال ألن علته أوىل بذلك وإما أن كان كل وا

.كلها وهو الباقي من علل ومعلوالت كانت متناهية أو غري متناهية فقد ظهر أـا مترتبةكل سلسلة ):إشارة(

فـا تصل ا ال حمالـة طر تكنها ل معلول احتاجت إىل علة خارجة عنها الإإذ مل يكن فيها واية فكل سلسلة تنتـهي إىل واجـب ف طر و ما ليس مبعلول فه فيهان كان أنه إ وظهر

.)١("الوجود بذاته__________________________________

).٤٥٥ ـ ٣/٤٤٧(اإلشارات ) ١(

٣٠٤

تأمل كيف مل حيتج بياننا لثبوت تنبيه؛:"بقوله ابن سينا من أين أخذ هذا الدليل ويبني تأمل لغري نفس الوجود، ومل حيتج إىل اعتبار من إىلته عن الصفات، األول ووحدانيته وبراء

لكن هذا الباب يف االستدالل أوثق وأشرف، أي إذا عليه،خلقه وفعله وإن كان ذلك دليال على سائر ذلك حال الوجود، يشهد به الوجود من حيث هو وجود وهو يشهد بعد اعتربنا

يف اآلفـاق ويف آياتنـا سنريهم يف الكتاب الكرمي ما بعده يف الوجود وإىل مثل هذا أشري إن هذا حكم لقوم مث يقول يف الكتاب : أقول ]٥٣/فصلت [ أنفسهم حىت يتبني هلم أنه احلق

إن هذا حكم : أقول ]٥٣/فصلت [ أنه على كل شيء شهيد بربك مل يكف أو أيضا اإلهليرارا من أن يتهم باسـتدالله علـى ف ذلك يقول )١("للصديقني الذين يستشهدون به ال عليه

.وجود اهللا من خالل أدلة العامة حسب تقسميهم فترى فيه إشارات الـصنعة، ولـك أن اخللق أن تلحظ عامل لك:" الفارايب ويقول

بد من موجود بالذات وتعلـم كيـف التعرض عنه وتلحظ عامل الوجود احملض وتعلم أنه اخللق فأنت صاعد وإن اعتربت عامل عاملن اعتربت فإ. ينبغي أن يكون عليه املوجود بالذات

هذا ذاك وتعرف بالصعود أن هذا غري ليسالوجود احملض فأنت نازل تعرف بالنـزول أن . الكالم ال خيتلف عن كالم ابن سيناوهذا )٢("آياتنا سنريهمهذا

ألنه إن كان كل موجود ممكنـا الوجود بد من شيء واجب ال:" ابن سينا ويقول .فإما أن يكون مع إمكانه حادثا أو غري حادث

أو بذاته، فإن كان بذاته فهو واجب بعلة كان غري حادث فإما أن يتعلق ثبات وجوده فإن وكـل كالكالم يف األول وإن كان حادثـا فيهاال ممكن وإن كان بعلة فعلته معه والكالم

مع احلدوث ال يبقى زمانا، وإما أن يكون حادثا باطال إما خيلو فال حادث له علة يف حدوثه . بال فصل زمانا، وإما أن يكون بعد احلدوث باقيااحلدوثأن يكون إمنا يبطل بعد

أيضا حمال ألن اآلنـات ال تتـاىل الثاين األول حمال ظاهر اإلحالة والقسم والقسم ة يف مثل ال على سبيل االتصال املوجود العددوحدوث أعيان واحدة بعد األخرى متباينة يف

. العلم الطبيعييفوقد بطل ذلك . احلركة يوجب تتايل اآلنات فإن يف املوجودات موجودات كذلك ذلك فليس ميكن أن يقال إن كل موجود هو ومع

. له علة يف حدوثه وعلة يف ثباتهحادث كل إن: باقية بأعياا فلنفرض الكالم فيها فنقول ــــــــــــــــــــــــــــ

).٤٨٣ ـ ٣/٤٨٢(اإلشارات ) ١( ).١٣٩ص ( احلكم فصوص) ٢(

٣٠٥

يكونا ذاتا واحدة مثل القالب يف تشكيله املاء وميكن أن يكونا شيئني مثل أن وميكن أن جيـوز وال فإن حمدثها الصانع ومثبتها يبوسة جوهر العنصر املتخذة فيه الصنميةالصورة

كون إذا حدث فهو واجب أن يوجـد يكون احلادث ثابت الوجود بعد حدوثه بذاته حىت ي وال… فإنا نعلم أن ثباته ووجوده ليس واجبا بنفسه … ال بعلة يف الوجود والثبات ويثبت

وأمـا إذا معه،ثابتا بنفسه، ووجوب ثباته بعلة احلدوث إمنا كان جيوز لو كانت العلة باقية …ها فليست بعلة وجودها وعدمها يف وجود مقتضافسواء فقد عدم مقتضاها وإال عدمت

املمكنات إذا وجدت ألن وذلك الوجود اتضحت هذه املقدمات فال بد من واجب وإذا أن تكون هذه العلل علل احلوادث بعينها وجيوز ،وثبت وجودها كان هلا علل لثبات الوجود

ولكن مع احلادثات وتنتهي ال حمالـة إىل أخرىإن بقيت مع احلادث وجيوز أن تكون علال .)١(" إىل غري النهاية وال تدورتذهبالوجود إذ قد بينا أن العلل ال واجب نظر إىل هذا الوجود املمكن وال ميكن ألنه القياس واضح جدا يف هذا الكالم ولعل

ميكن أن تكون كل املوجودات ممكنة فال بد مـن الأن تستمر السلسلة إىل ما ال اية ألنه كـل :( وكذلك عند ذكره لقضايا كلية مثـل هلا،وجد وجود خيالف هذه املخلوقات هو امل

. القياس، وكذلك األمثلة اليت ضرا سابقاهذا، فهذا اليكون إال من خالل )حادث له علة فـرض غـري مىت الوجود الذي هو الوجود الواجب إن:" ابن سينا ذلك بقوله وبني

فرض غري موجود أو موجـودا وهو الذي مىت الوجود املمكن وإن ،موجود عرض منه حمال هو الضروري الوجود واملمكن الوجود هو الـذي ال الوجود والواجب مل يعرض عنه حمال

مث إن الواجب الوجود قد يكون واجبا ... وال يف عدمه وجودهضرورة فيه بوجه أي ال يف يء آخـر الذي هو واجب الوجود بذاته فهو الذي لذاته ال لش أمابذاته وقد ال يكون بذاته وأما الواجب الوجود ال بذاته فهو الذي لـو … فرض عدمه منأي شيء كان يلزم حمال

إن األربعة واجبة الوجود ال بذاا ولكن مثال الوجود، واجبوضع شيء مما ليس هو صار عند فرض التقـاء القـوة ولكن واالحتراق واجب الوجود ال بذاته واثنني،عند فرض اثنني

.)٢("القوة املنفعلة بالطبع أعين احملرقة واحملترقة وبالطبعالفاعلة ألمر دون آخر وكذلك األمثلـة باالستحالة القياس من قوله السابق يف حكمه ويتضح

. ال بذاتهالوجوديف التفريق بني واجب الوجود بذاته وواجب ــــــــــــــ

). ٢٣٩ ـ ٢٣٦ص (النجاة) ١( ).٢٢٥ ـ ٢٢٤ص (النجاة) ٢(

٣٠٦

والقائم على تقسيم الوجـود الوجود هذا العرض لقول الفالسفة يف إثبات واجب وبعد عن اآلخر ومن خالل ذلـك واحدإىل واجب وممكن، وجعلوا لكل منهما صفات متيز كل

.عليهمتسهل معرفة اخللل ومعرفة أين حصل القياس وكيفية الرد :" ـ كما ذكر الرازي ـ هي ما يلـي املمكن اليت يتميز ا الواجب عن فالصفات . معاولغريه الواحد ال يكون واجبا لذاته الشيء

.الواجب لذاته ال يتركب عن غريه: مسألة .الواجب لذاته ال يتركب عنه غريه: مسألة على ماهيته، واستدل الطوسي على ذلك زائداالواجب بذاته ال يكون وجوده : مسألة على ماهيته هو استحالة وقوع الكثرة فيه زائدااستحالة كون وجوده والدليل على ”:بقوله

.” ال يكون فيه كثرة بوجه من الوجوه أصالفمبدأبوجه فإن كل كثرة حمتاجة إىل مبادئ . زائدا عليهوجوبهالواجب لذاته ال جيوز أن يكون : مسألة .اثننيالواجب بالذات ال يكون مشتركا بني : مسألة . بالغري باالشتراك اللفظيوالواجبوقوع لفظ الواجب على الواجب بالذات : ألةمس

. لذاته واجب من مجيع جهاتهالواجب: مسألة .الواجب لذاته ال يصح عليه العدم: مسألة )١(" ذاتهتستلزمهاالواجب لذاته جيوز أن تفرض له صفات : مسألة هو مشاهد ومعلوم فكل صفة يتصف ملاا واجب الوجود عندهم خمالفة متام فصفات

ال يفهم إال ما يكون مـن صـفات ألنها املمكن ينفى عن الواجب معناها العام املشترك من معاين صفات الواجب إال ما اختص يعرفوااملمكن، والقياس واضح جدا يف هذا، فهم مل

ىن املعلوم لديهم هو ما به املمكن ألن املع يوصفبه املمكن وألجل ذلك نفي عنه كل معىن .خيص املمكن

الواجب، وصفات املمكن استدلوا صفات املمكن فقد جعلوا له صفات ختالف وأما اليت مل يروا هلا مثـاال علـى املمكناتعليها من الواقع املشاهد وقاسوا ما غاب عنهم من

:عندهماملمكنات املعلومة لديهم فمن صفات املمكن

ــــــــــــــ ).١٠٠ ـ ٩٥ص (احملصل) ١(

٣٠٧

. يعدم إال بسبب منفصلوال ال يوجد املمكن" . املمكن لذاته متساوي الطرفنيـ . رجحان املمكن لذاته مسبوق بوجوب وملحوق بوجوبـ . علة احلاجة إىل املؤثر اإلمكان ال احلدوثـ .)١(" املمكن حال بقائه ال يستغين عن املؤثرـ ذا الدليل على وجود اهللا االستدالل دليل اإلمكان والوجوب وكيفية باختصار هذا

. واملمكن الواجبعند الفالسفة وبيان الصفات اليت يتصف ا الشاهد، وموطن اخللل يف دليلهم منـة على ابني كيفية استخدام قياس الغائب واآلن

.خالل هذا القياس أيضا : من خالل النقاط التاليةالدليلد يف هذا قياس الغائب على الشاهفيتضح

القـسمة؟ إن مل هذه الوجود بأنه ممكن وواجب وممتنع أو مستحيل من أين هلم تقسيمـ ١ ويريدون االسـتدالل اهوليكن هذا من خالل الشاهد املعلوم والذي قاسوا عليه الغائب وزال أو عدم فهو ممكـن وجدعليه، فمن خالل هذا الواقع حيكم على الشيء أنه ممكن إن

ذلك، وهذا ما يكون علـى إمكانحلدوثه يف زمن دون آخر، واملمتنع لعدم حدوثه أو عدم لعدم زوال أشـياء منـه ـ العاملهذا الواقع املشاهد وألجل ذلك أشكل عليهم قدم هذا

.وخاصة يف االفالك ـ منذ خلق اهللا البشر ورأوا أا ممكنة حيث تظهر وختتفي ورأوا الكون عندما رأوا األشياء اليت يف فالفالسفة

حدث املسبب وصوروا هلا صورة ذهنية جعلوها السببأا موافقة ألسباا وأنه مىت حدث . يف الواقع مايكونحقيقة ماهية الشيء، وليست حقيقته

الفة له، فال بد أن تكون صفاته خم املشهود واجب الوجود فهو خمالف هلذا العامل وأما واملمكن وبني أن ذلك حصل من خـالل الواجبوقد سبق من كالم ابن سينا التفريق بني

بأن هذا هو طريق الصديقني ألنه خمـالف أكدمالحظة الوجود، واستدل باآلية القرآنية بل . اآليات يف األنفس واآلفاقيفلطرق استدالل العامة املعتمدة على النظر

ــــــــــــــ ).١١٥ ـ ١٠١ص (حملصلا) ١(

٣٠٨

يف الوجود من حيث هـو وجـود، بالنظر كالم ابن سينا بأن طريق اليقني هو وأما وال ميكن معرفة تقـسيم الوجـود املوجوداتكالم متهافت ألنه ال ميكن قطع الوجود عن

وهو ال ميكنه ذلك وألجل ذلك يستدل التقسيم،دون وجود املوجودات اليت ينـزل عليها . السابقةأقواله هذه املوجودات وهو ما ذكر من من خالل

ويتضح القياس من أقواهلم الصرحية السابقة وأمثلتهم، واليت يعتمدون فيها على ـ ٢ : ومن هذه األقوالالشاهد، بذاته فهو الذي لو وضع شيء مما ليس ال واجب الوجود وأما:" ـ قول ابن سينا أ

ال بذاا ولكن عند فرض اثنني اثنني الوجودعة واجبة هو صار واجب الوجود، مثال إن األرب .)١("إخل... واالحتراق واجب الوجود ال بذاته

.)٢("إخل... فترى فيه أمارات الصنعةاخللق أن تلحظ عامل لك:" ـ يقول الفارايبب قطع النظر عن متعلقاته، هـو مع ـ السبب الذي جعلهم يعتمدون على الوجود ٣

رأوا الشيء قبل وجوده يعلـم إم:" ذلكوجود واملاهية، يقول ابن تيمية يف تفريقهم بني ال ولو مل يكن ثابتا ملـا كـان : وحنو ذلك فقالوا عنهويراد ومييز بني املقدور عليه واملعجوز

اليت هي ماهياا مع قطع النظر عن وجودهـا يف األشياءكذلك، كما أنا نتكلم يف حقائق .)٣(" واملاهيات أمور ثابتة يف اخلارجاحلقائق هذه اخلارج فتخيل الغلط أن

إىل الوجود دون متعلقاته ـ غري النظر الذي يرونه موصال إىل اليقني ـ وهو فالطريق على الشاهد يف حقيقته كما بني ابـن معتمدصحيح ألم فرقوا بني الوجود واملاهية، وهو

. الواقعيةقيقةللحتيمية ـ رمحه اهللا ـ مع خمالفة ما ذكروه والتدليل عليها، واحلكم واملمكن، ـ يتضح القياس أيضا بذكر صفات الواجب ٤

هو ممتنع، كل هذا يـدل ماعلى كل منهما بأن له صفات ختالف اآلخر، وأن هناك علـى الغائـب على استخدام القياس وإن ذكر بصورة يرون أا ليست من قياس

.الشاهد على واجـب الوجـود ال استدالهلم ملرجح يرجح أحد طرفيه عند املمكن فاحتياج

.ميكن أن يكون إال من خالل هذا القياس ــــــــــــــ

).٢٢٥ ـ ٢٢٤ص (النجاة )١(

).١٣٩ص( احلكم فصوص )٢(

).٦٤ص (املنطقيني على الرد )٣(

٣٠٩

قياس الغائب علـى الـشاهد وإال خالل الصفات ألي نوع ال ميكن إال من فإثبات . هذا النوع دون اآلخرختصن حمض حتكم، وإال من أين يقرر بأن هذه الصفات كا

ذلك إىل أم جعلوا حقيقة ما يتصف يعود. وصفوا واجب الوجود ذه الصفات؟ ملاذا الفطر من خمالفة اخلالق للمخلوق، نفيـت يفبه املمكن هو حقيقة معىن الصفة، وملا ارتكز

.عن الواجبمجيع معاين أوصاف املمكن على الشاهد يف إثبات وجـود اهللا ـ الغائب تقدم يتبني استخدام الفالسفة لقياس مما

واليت تتضح من خالل قياس الغائب علـى دليلهمسبحانه وتعاىل، وأما مواطن الضعف يف :الشاهد أيضا، فيمكن إجيازها مبا يلي

يصدق على شيء واحد،والميكن امعين ا هو الوجود املطلق، ال وجوديثبتونها م ـ إن غاية ١ يتصف ذه الصفات ألم نفوا حقيقة معاين الصفات ومنـها صـفة معنيإثبات موجود

جعلوا الوجود الواجب وجودا مطلقا ليس له إم:" شيخ اإلسالم يقولالوجود، ويف ذلك ع أم يقولون الوجود، وإنه إمنا يتميز عن غريه بأمور سلبية أو إضافية، م مطلق سوى قةحقي

األمور السلبية واإلضافية ال متيز بني املشتركني يف أمر كلي وجودي، وإمنـا إن: يف منطقهم الثبوتية بعكس ما باألمورفمن خالل الواقع التمييز ال يكون إال . )١(" بأمور ثبوتية التمييزيقع

األرض، وإمنـا للسموات و املبدعجعلوه لواجب الوجود، فحقيقة قوهلم عدم إثبات اخلالق . )٢( والدهرية احملضةكفرعونفيه أن الوجود وجود واجب، وهذا يسلمه منكروا الصانع

يف اخلطأ هو تفريقهم بني الوجود واملاهية، وهذا قد سـبق وقوعهم ـ إن أكرب سبب يف ٢ .الكالم فيه

يظن أو وجود أي شيء بالتقسيم العقلي، وذلك ألن العقل قداهللا ـ فساد إثبات وجود ٣ أنه بإمكان هـذا ظنوا:" يقول يف ذلك ابن تيمية ـ رمحه اهللا الواقع،أمرا وهو غري ممكن يف

.يستدل على إمكان وجود كل من األقسام يف اخلارج، وهذا غلطأن العقليالتقسيم على يدلمن التقسيمات اليت يقدرها الذهن، ومعلوم أن هذا ال ... هذا التقسيم فإن

أـم واملقصود هنا … د موجود، ال واجب وال ممكن، وال قدمي وال حادث إمكان وجو أذهـام، يفكثريا ما يدعون يف املطالب الربهانية من األمور العقلية ما يكونوا قد قدروه

ما ذكروه يف بتحقيقفيطالبون … ويقولون حنن نتكلم يف األمور الكلية والعقليات احملضة يقولونه هو أمـر ماأي شيء هو؟ فهنالك يظهر جهلهم، وأن بينوا هذا، : اخلارج، ويقال

.مقدر يف األذهان، ال حقيقة له يف األعيان

_______________________________________ ).١/١٢٠(الصفدية ) ١( ). ١٨٣ص ( ابن تيمية وموقفه من الفكر الفلسفي انظر) ٢(

٣١٠

ذلك، واملثال أمر جزئي، فإن عجزوا عن التمثيل هلم اذكروا مثال يقال مثل أن وهذا فاعلم أم يتكلمون بال علم، وفيما ال يعلمـون لـه . يف األمور الكلية نتكلمحنن : وقالوا

وفيما قد ميتنع أن يكون له معلوم ... اخلارج، بل فيما ليس له معلوم يف اخلارج يفمعلوما كليا كان له معلومات ثابتة يف اخلارج كان وإال فالعلم باألمور املوجودة إذا اخلارج،يف الباري، وقد يكون معدوما وإمنا يقدره الـذهن كشريكمث قد يكون ممتنعا يف اخلارج …

.)١("كما يقدر عنـز أيل يف احلكم على األشياء هو وجودها يف العمدة من كالم ابن تيمية السابق أن فيتضح

يتصور ما ال وجود له، فالتقسيم العقلي الذي قدالذهن اخلارج ال فيما يقدره الذهن، ألن الواقعية، بل الطريق الصحيح بعد النـصوص احلقيقةهو العمدة عند الفالسفة ال يوصل إىل

.الشاهدالشرعية هو قياس الغائب على للواقع، وذلك معتمـد علـى مناقضة ـ كالمهم على املمكن ـ وهو الشاهد ـ فيه ٤

الوجود بأن ماهيته هى حقيقة واجبود واملاهية، والذي جعلهم يصفون تفريقهم بني الوج ماهيته ختالف وجوده ملعرفـة مثـال الذيوجوده، ألم يريدون التفريق بينه وبني املمكن التفريق مستمد من الشاهد، وليس يف هذا يفسابق له، وختيل الذهن له دون وجوده، وقوهلم

. استدالهلم قائم على الشاهد يف حقيقة األمرأنكن لبيان القول إثبات مطابقته للواقع، ول املمكن الذي هو الطريق إلثبات وجود يف ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ حقيقة قوهلم يبني

: وميكن إجياز ذلك فيما يلي. فيهاهللا ـ واجب الوجود عندهم ـ وقصور قوهلم رن باعتبار ذاته شرط صار واجبا أو ممتنعا قول ابن سينا يف الدليل أن املمكن إن قأن ـ أ" هلـذا مل يقرن ا شرط بقي له من ذاته األمر الثالث وهو اإلمكان يقتضي إثبات ذات وإن

وأن لوجـوده املمكن تكون تارة واجبة وتارة ممتنعة وهذا يقتضي أن لكل ممكن ذاتا مغايرة أريد به قول سواء، وهذا باطل تلك الذات ميكن اتصافها بالوجود تارة وبالعدم تارة أخرى

يف اخلارج مغايرة النوعيةمن جيعل املعدوم شيئا من املعتزلة وحنوهم وقول من جيعل املاهيات .للوجود يف اخلارج كما يقوله من يقوله من الفالسفة

ذكره من التقسيم يدل على وجود ما مل يذكر هنا دليال على صحة ذلك وجمرد وهو .املقدماتثة يف اخلارج فيبقى دليله غري مقرر األقسام الثال

).٣٢٦ ـ ٣٢٢ص ( على املنطقيني الرد) ١(

٣١١

خمالف للعقل والواقع فال توجـد هذاقلت يتضح من خالل هذا الكالم أن كالمهم ( هلا أحد الوصفني يف اخلـارج، فالذاتذات موجودة معدومة وهلا حال خاصة هي اإلمكان

). احلقيقة كالم ال يقوم على دليليفي أتى به ويرى أنه هو احلق هو أما هذا الكالم الذ قول نظار أهل السنة الـذين على ـ أن هذا القول باطل على كل مذهب، أما ب

بأن املعدوم شيء الذين القائلنيجيعلون وجود كل شيء عن حقيقة فظاهر، وأما على قول املعدوم وال يقولون إن املوجـود يفك إال يفرقون بني الوجود والثبوت فإم ال يقولون ذل

ماهية مستلزمة للوجود تقبل الوجـود عندهمالقدمي ثبوته يقبل الوجود والعدم، وال يتصور .والعدم

وجود املمكنات زائدا على ماهياا، جيعلون على قول متأخري الفالسفة الذين وأما ردها من الوجود فال يتصور أن يكون وال ميكن جت الوجودفتلك املاهيات إمنا تتحقق يف حال

. وهي مع ذلك مستلزمة للوجود مل يقله أحدوالعدمعندهم ماهية تقبل الوجود امتنع أن تقبل العدم وإن كان للوجود ـ أن هذا باطل، فإا إذا كانت مستلزمة ج

مـع أنه ميكن وجودها وعدمها وأا املدعيعدمها ممكنا امتنع أن تستلزم الوجود فدعوى .املتناقضنيذلك تستلزم الوجود وال ميكن عدمها مجع بني

وأما باعتبار سببها فإنه جيب وجودها، وعدمها قيل هي باعتبار ذاا ميكن وجودها وإذا وجودها وعدمها ليس معناه أنه جيب وجودهـا أو ميكنقول القائل هي باعتبار ذاا : قيل

ال تستحق وجودا وال عدما بل ال بد هلا من أحدمها باعتبار ذااعدمها بل معناه أا باعتبار موجود فيكون الوجود هلا من غريها واجب والوجود الواجب ولو بالغري أاغريها والتقدير

. فهذه الذات الواجبة بغريها ال ميكن عدمها بوجه من الوجوهعدمهال ميكن بههذا تقدير ممتنع فإن الـسبب واجـب لكن أنه لوال السبب املوجب هلا لعدمت و

.)١(" ميتنع عدمه فال يكون عدمه ممكنابذاتهالوجود بذاته وهي من لوازمه وال زم الواجب خيالف قوهلم وهذا اعتمـادا منـه ـ الواقع ذكر ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ بأن فكما

هم للواقع بني حقيقـة بعد أن ذكر خمالفتبلرمحه اهللا ـ على قياس الغائب على الشاهد، إمكان ذهين وإمكـان خـارجي، : على وجهني يستعمل اإلمكان: " األمر يف الواقع بقوله

ميكن هـذا، ال : فال يعلم امتناعه، بل يقول الذهنفاإلمكان الذهين أن يعرض الشيء على . مع أن ذاك الشيء قد يكون ممتنعا يف اخلارجبامتناعه،لعلمه بإمكانه، بل لعدم علمه

ـــــــــــــــــــــ

٣١٢ ٣٢٣ص (املنطقـيني ، والرد علـى )٣٧٩ ـ ١/٣٧٤(، وانظر منهاج السنة )٧٩ ـ ٧٧ص( تيمية السلفي ابن) ١(

).ومابعدها

يف اخلارج، وهذا يكون بـأن يعلـم الشيء اإلمكان اخلارجي فأن يعلم إمكان وأما ن الوجود منه فإذا علم األبعـد أبعد ع هووجوده يف اخلارج، أو وجود نظريه، أو وجود ما

. )١(" إىل الوجود منه أوىلفاألقربعن قبول الوجود موجودا، ممكن الوجود، ويبني أيضا موطن اخللـل يف الشاهد، ـ ومما يبني استدالهلم بقياس الغائب على ٥

ابن سينا يف استدالله على وجود الواجب لكن:" قوهلم ما ذكره الدكتور حممد البهي بقوله من ذاته، ألن ما ل استدالله يف نظرتـه إىل البذاته من نفس الوجود استدل عليه من غريه

. على وجود واجب الوجوددليالالوجود وحده، أن جيعل من ممكن الوجود واجب الوجود، وهو طريق العامل وجود الذي مل يؤثره يف االستدالل على والطريق

منهما يلجأ إىل غري الواجب بذاته يف كالتضاه أيضا يف أن املشاهد، يشارك طريقه الذي ار اآلخر يف آن واحد منـهما يعمـد إىل عنواختالف أحدمها .. االستدالل على وجوده هو

احملس، قبل وقوعه، وهو يف دائـرة املشاهداملشاهد احملس، وأن ثانيهما يستند إىل أصل هذا اآلن يعمدون يف االستدالل على وجود منراهوفالسفة املسلمني … التصور الذهين فحسب

.واجب بذاته إىل نفس الوجود املطلوب يف اجلملة، وإما كله نوعـا يثبتإما إىل واجب ممكن وهنا : منوعا فيفرضونه

عقال إىل وجود واجب بذاته ضرورة أنـه أمرهواحدا وهو املمكن، وعندئذ ال بد أن ينتهي هؤالء الفالسفة إذ يتخذون … وعدم الوقوع الوقوعوي يف أخذ يف مفهوم املمكن أنه املتسا

احلادث بالفعل من العامل ـ دليال على وجود عنمن الوجود وتصوره عقال ـ بغض النظر ساروا فيه هو طريق اخلواص مـن النـاس الذيالواجب بذاته وهم يرون فقط أن طريقهم

.وطريق الصديقني من املؤمنني حيث هو واختاذه سلما للوصول إىل من أن نتصور الوجود أنه عند التأمل يتبني على

فطبيعة هذا العامل: ويؤول إىل اعتبارهاملشاهد،واجب بذاته يرتكز يف واقع األمر على العامل

ــــــــــــــ ).٣١٨ص ( على املنطقيني الرد) ١(

٣١٣

يتوقف حتمـا غري شك عن أنه متطور وصائر، وبالتايل تفضي إىل أن نوعه من تنبئ .)١(" على ما ليس مبتطور، وال صائر، وذلك هو الواجب بذاتهوحدوثهيف وقوعه

الشاهد هو استدالهلم بالقرآن علـى على يدل على استخدام الفالسفة لقياس الغائب ومما إن هذا الشيء : قومقال:" قال ابن سيناـدليلهم ـ وهذا من إضفاء نوع من القوة لدليلهم

ما قيل يف شرط واجب الوجود تذكرت إذاود لذاته وأجيب بنفسه ولكنك احملسوس موج فإن اهلوى ] ٧٦األنعام [اآلفلني الأحب هذا احملسوس واجبا وتلوت قوله تعاىل جتدومل

.)٢("حظرية اإلمكان أقول ما ذه االية على إثبات وجود اهللا، يستدل أن إبراهيم ـ عليه السالم ـ مل والصحيح ما سوى اهللا ألن قومه كانوا مقـرين عبادة يستدل ا على نفي الشريك، وإبطال بل كان

بأن األفول هو اإلمكان ليـدعموا واستدالهلمبالصانع لكن كانوا يشركون يف عبادته غريه، .دليلهم املتهافت

باآلية أكثر فـسادا مـن قـول االستدالل ابن سينا لألفول باإلمكان جيعل فتأويل سوى اهللا ممكنا مل يزل فيكـون أفـول مانه فسر األفول باإلمكان وجعل كل املتكلمني أل

ممكنة مل تزل مبعىن أا آفلـة مل تــزل أاالشمس والقمر والكواكب وصفا الزما هلا أي وإبراهيم ملـا ... وأفلت بعد أن مل تكن آفلة غابتوقول إبراهيم يناقض ذلك ألنه يبني أا

ال أحب اآلفلني، وكذلك الشمس فلما : أفل القمر قالفلماهذا ريب، : رأى القمر بازغا قال من ذلك أن هذه الكواكب أفلت بعد أن مل تكن آفلـة، فتبنيال أحب اآلفلني : أفلت، قال

وجيعل اإلمكان وصفا الزما هلا ال حيدث ا بعـد أن مل باإلمكان،وابن سينا يفسر األفول ينف حبها ألفوهلا بعد أن كانت فما استدل به ابن سينا عبادا ومل يرفضتكن وإبراهيم مل

.)٣( به إبراهيماستدليناقض ما

ــــــــــــــ ).٤١٩ ـ ٤١٣ص( اإلهلي اجلانب) ١( ). ٥٣٢ ـ ٣/٥٣١ (اإلشارات) ٢( ). ١٩٧ ـ ٢/١٩٣، و٢٠٤ ـ ١/٢٠١( منهاج السنة انظر) ٣(

٣١٤

א:אא א حدوث العامل، والعامل هو ما سـوى إثبات املتكلمون يف إثبات وجود اهللا على اعتمد

ـ سبحانه وتعاىل، فالعامل مكـون مـن هللاهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ وكل ما فيه خمالف واألعراض حمدثة بعد أن مل تكن فلـها واجلواهرجواهر وأعراض، ولكل صفات يتميز ا،

أول هلا، فهذه احلوادث ال بد هلا من حمدث ال ذلك ال توجد حوادث وقت ابتداء، وألجل . هذا باختصار دليلهم يف إثبات وجود اهللاـواحملدث هلا هو اهللا ـ سبحانه وتعاىل

العامل إما جوهر أو عرض وقد يـستدل أن:" حصر صاحب املواقف أدلتهم يف وقد وقد وضح شارح املواقـف . )١(" أربعة وجوه بكل واحد منهما إما بإمكانه أو حبدوثه فهذه

وهو أن العـامل … أربعة، األول االستدالل حبدوث اجلوهر وجوه هذه:"هذه الوجوه بقوله من رأى بنـاء رفيعـا فإن كما تشهد به بديهية العقل حمدثوكل حادث فله .. حادث..

.. ممكن ألنـه مركـب االستدالل بإمكاا وهو أن العامل : الثاين.. حادثا جزم بأن له بانيا االستدالل حبدوث : الثالث.. ممكن فله علة مؤثرة وكل .. كثرة والوالواجب ال تركيب فيه

نشاهد من انقالب النطفة علقة مث مضغة مث حلما ودما إذ ال بـد هلـذه ما مثل.. األعراض.. ضاالستدالل بإمكان األعرا : الرابع.. على النطفة من مؤثر صانع حكيم الطارئةاألحوال

يف كل من األجسام مبا له من الصفات جائز فال بـد فاختصاص.. أن األجسام متماثلة هو الوجـود مدبر العامل إن كان واجب : نقول.. بعد هذه الوجوه مث التخصيص من خمصص له

وأما االنتهاء والتسلسلفهو املطلوب وإال كان ممكنا فله مؤثر ويعود الكالم فيه ويلزم الدور .)٢("الثاينفتعني .. اجب الوجود لذاته واألول بقسميه باطلإىل مؤثر و

على الشاهد وذلك مـن خـالل الغائب الكالم السابق يتضح استخدام قياس فمن يعلمونه فقاسوا عليـه مـا مل ملاتقسيمهم للعامل أنه مكون من جواهر وأعراض فهذا حكم

خـالل ة املضروبة سابقا، وكذلك من خالل األمثل منيشاهدوه ويعلموا حقيقته، وأيضا وقـت إثبات أن موجد هذا العامل هو واجب الوجود ألنه لو كان ممكن الوجود لكان لـه

أوجد الذيابتداء، وال حتجنا إىل سلسلة غري منتهية، فلم يبق أمامنا إال أنه واجب الوجود أين فمنممكن هذا الوجود كله، وكذلك يتضح القياس عند تقسيمهم الوجود إىل واجب و

.هلم هذا التقسيم؟___________________________________

).٢٨ص(، واالرشاد )٤٣ص(األوائل، ومتهيد )٣٦ص(، وانظر احمليط بالتكليف )٢٦٦ص ( املواقف )١(

).٧ ـ ٥/٥ (املواقف شرح )٢(

٣١٥

يف هذا الدليل فسوف نعرض ألقـوال أقواهلم باختصار جممل أدلتهم ونظرا لتشابه هذا بعد ذلك يف الرد عليهم مجيعا ونبني قياس ونعقباملعتزلة مقتضبة مث نعرض ألقوال األشاعرة

.الغائب على الشاهد يف دليلهم المعتزلة: األولالمطلب

ال تنفـك عـن األجـسام :" أمور هي أربعة املعتزلة دليلها على وجود اهللا على تبين ما كل: ئلة واألكوان متغرية وهذا حادث، والثالثة زا األعراض: والثانية ،األعراض واألكوان

األجسام حادثة ألا ال تنفك عن احلوادث ومل : والرابعة ، حادث فهوال ينفك عن احلوادث واللتان يف الوسط ال ترتيـب .. واألوىل متقدمة واألخرية جيب أن تكون متأخرة ..تتقدمها األجسام متماثلة، بأنفك عن األكوان استدل القاضي على أن األجسام ال تن وقد )١("فيهما

دون آخر، فلو كانـت زمانوجند منها ما هو متفرق وما هو جمتمع ومنه ما هو جمتمع يف .)٢(تنفك عن األكوان لوجدت دائما جمتمعة

والقدمي ال جيوز عليه العدم وال جيوز العدم على حدوث األعراض أنه جيوز عليه واستدل يكون حمدثا ألن املوجود يتردد بـني هـذين أن مل يكن قدميا وجب أن يكون قدميا، وإذا

.)٣(الوصفني إذا مل خيل اجلسم:" احلوادث بقوله من على حدوث األجسام بأا ال تنفك واستدل

يف الوجود كحظها، وحظ هذه املعاين حظهمن هذه احلوادث ومل يتقدمها وجب أن يكون فوجب يف اجلـسم أن يكـون حمـدثا تكن،ئنة بعد أن مل يف الوجود أن تكون حادثة وكا

لآلخر عـشر يكون معا وكان ألحدمها عشر سنني فإنه جيب أن ولدا إذا كالتوامني..أيضا . السابقاملثال فيتضح القياس يف قوله من خالل ضرب ،)٤("سنني

ا من حمدث أن األجسام حمدثة فال بد هل ثبت إذا:" على أن لألجسام حمدث بقوله واستدل واألجسام قد ..حلدوثها.. فإا حمتاجة إليناالشاهد يدل عليه تصرفاتنا يف فالذي.. وفاعل

_______________________________________________ .بتصرف ) ٩٥ص (اخلمسةانظر شرح األصول ) ١(

). ١١٢ ـ ١١١ص(انظر السابق ) ٢(

).١٠٤ص (انظر السابق ) ٣(

).١١٤ ـ ١١٣ص (السابق ) ٤(

٣١٦

ويتضح االستدالل بالـشاهد علـى . )١(" احتياجها إىل حمدث فيجب يف احلدوث شاركتها . قوله السابقمنالغائب

األشاعرة: الثانيالمطلب األشعري و اجلويين ـ فالباقالين يعرض عن خيتلف قوهلم عن املعتزلة ـ إال ما ورد ال

قدمي مل يزل وحمدث لوجوده أول مث قسم احملدثات ضربني على املوجدات بأن )٢(هذا الدليل منها، مث استدل على حدوث العامل وحدوث هـذه كالإىل جسم وجوهر وعرض وعرف واألعـراض ال خيرج عن اجلواهر واألعـراض، والسفلياألصناف بأن العامل مجيعه العلوي

بطـل لوجـب أن مل ت ولو ، عند جميء السكون احلركةحادثة والدليل على حدوثها بطالن والـدليل علـى حـدوث ، معلوم الفساد ضرورة وذلكيكون اجلسم متحركا ساكنا معا

. مل يسبق احلـوادث حمـدث مثلـها وما قبلها، توجداألجسام أا ال تسبق احلوادث ومل على احلدوث قائم علـى إثبـات األعـراض فاالستداللوالقياس واضح جدا من كالمه حكم للعامل العلوي بأنه مثل العامل السفلي وهذا وأيضاهدة، كاحلركة والسكون وهذه مشا

.من القياس كالكتابـة احلادث ال بد له من حمدث ألن ،)٣( أراد أن يثبت أن هذا العامل له حمدث مث

له من حمدث، وهذا احملدث ال بد أن يكون قـدميا بد العامل ال فكذلكال بد هلا من كاتب غريه فيلزم التسلسل وهو حمال، ألنه يستحيل وجود إىلاج يف حدوثه ألنه لوكان حمدثا الحت

شيئا قبـل احلوادث وجوده مشروطا بوجود ما ال غاية له من كانشيء من احلوادث إذا .شيء

الغائب على الشاهد ومثاله بالكتابـة قياس استدالله السابق يتضح اعتماده على فمن . الكالم على املعتزلةعند سبق توضيحه شاهد على ذلك، وأما الباقي فقد

حوادث ال أول هلا، ألن ذلـك وجود استدلوا على نفي التسلسل والدور بعدم وقد :يقتضي وجود قدمي مع اهللا، وأدلتهم يف ذلك ما يلي

ـــــــــــــــــــــــــ ).١١٨ص ( األصول اخلمسة شرح )١(

).٤٢ ـ ٣٦ص (األوائل متهيد انظر )٢(

).٢١ ـ ١٧ص(، واالرشاد )٢٩٠ ـ ٢٨٨ص(، والفرق بني الفرق )٤٥ ـ ٤٣ص (األوائلد متهيانظر )٣(

٣١٧

ال أعطيـك : خياطبـه ملن إثبات حوادث ال أول هلا قول القائل مثال:" ـ يقول اجلويين ١ درمها، فال يتـصور أن قبلهدرمها إال وأعطيك قبله دينارا، وال أعطيك دينارا إال وأعطيك

هنا وقد رد ابن تيمية هذا املثالواضحوالقياس .)١("نارا وال درمهايعطي على حكم شرطه دي فأطلق حكم املخلوق علـى اهللا ـ والتمثيل أن اجلويين ما زال أسريا للشاهد ووضح

ليست صحيحة بل املوازنة الـصحيحة أن واملوازنة التمثيل وهذا:"سبحانه وتعاىل ـ بقوله درمها فتجعل ماضيا قبل ماض كما جعلت هنـاك قبله تقول ما أعطيتك درمها إال أعطيتك

أعطيك حىت أعطيك فهو نفي للمـستقبل حـىت المستقبال بعد مستقبل وأما قول القائل املستقبل حىت يوجد املستقبل وهـذا ممتنـع مل نفىحيصل مثله يف املستقبل ويكون قبله فقد ستقبل ابتـداؤه مـن املعطـى ممكن والعطاء امل هذاينف املاضي حىت يكون قبله ماض فإن

قبله ماال اية له فإن وجود ماال اية لـه فيمـا يكونواملستقبل الذي له ابتداء وانتهاء ال .)٢("ممتنع يتناهى سلسلتني مـن بفرض:" بدليل التطبيق والذي يتلخص بالصورة التاليةاستدلوا ـ كذلك ٢

يطبقجرة إىل ما ال اية له يف القدم أيضا، مث ما ال اية يف القدم وسلسلة من اهل إىلالطوفان عن خترجبينهما فكلما طرح من السلسلة األوىل طرح من السلسلة الثانية مقابله وهكذا فال

:أحد ثالثة احتماالت . للواقعمناقض أن يفرغا معا وهذا ـ . أاليفرغا وهذا فيه مساواة بني متخالفنيـ على األخرى والزائد على الـشيء زائدةفتكون إحدامها أن تفرغ إحدامها قبل األخرى ـ

واضح هنا، ولكن ابن تيمية ـ رمحـه اهللا ـ رد فالقياس )٣("بقدر متناه يكون متناهيا أيضا يف املستقبل وذلك ألن الزمان من الطوفان إىل ما ال اية جيوزعلى هذا املثال بأن التفاضل

، وشـرح املقاصد )٩٠ص(، والـمواقف)٩/١٨٦(رء تعارض العقل والنقل دوانظر، )٢٧ ـ ٢٦ص (االرشاد ) ١(

)٢/١٢١ .(

). ١٨٨-١٨٥/ ٩(، وانظر درء تعارض العقل والنقل )١/٤٣٥(منهاج السنة ) ٢(

).١/١٢١(شرح املقاصد ) ٣(

٣١٨

إىل ما ال اية له يف املستقبل، وهذا أمر جائز فوجود التفاضل اهلجرة املستقبل أعظم من يف فيما ال يتناهى ال حمذور فيه، فال بد أن يكون التطبيق بني متماثلني ال بـني الا يتناهى فيم

إىل أن التنبيـه وال بد أيضا أن يكون التطبيق يف املوجود ال املعدوم، وال بد من ، متخالفنيال ما يقال عليه إنه كلاالشتراك يف عدم التناهي ال يقتضي التساوي يف املقدار إال إذا كان

حمدود وال مقدار معني بـل حديتناهى له قدر حمدود وهذا باطل، فإن ما ال يتناهى ليس له واملائة واأللف يف التـضعيف والعشرةهو مبنـزلة العدد املضعف فكما أن اشتراك الواحد

الذي ال يتناهى ال يقتضي هللا ـ استخدم يف فيتضح مما سبق أن ابن تيمية ـ رمحه ا ،)١ (هذا مقاديرمها فكذلك تساوي

. التطبيق قياس الغائب على الشاهدمثالرده على عليه على دليلهم وذلك بأن اخلليل السالم استدل املتكلمون بقصة اخلليل عليه وقد ،)٢( ألا متحركة وهذا دليل على حدوثها والكواكب نفى الربوبية عن الشمس إمنا السالم

رشد بأن قوهلم هذا غري صحيح ألم قاسوا السماء الغائب ابن هذاوقد تعقبهم على قوهلم فهم مل يشاهدوا حدوثها والحـدوث أعراضـها وكـان الشمسعنهم حدوثها حبدوث

والصحيح أن قول املتكلمني والفالسفة غـري ،)٣( الفالسفة قالهالواجب عليهم االستدالل مبا ىن احلركة والتحرك، وإال ملاذا انتظر األفول مبعىن املغيب واالحتجاب ال مبع اللغةصحيح ففي

عليه السالم إىل مغيب الشمس إذا كان يريد أن يستدل حبركتها؟ فهي تتحرك مـن اخلليل النهار، واخلليل عليه السالم ال يستدل مبغيب الشمس والكواكب على الربوبيـة بـل أول

.)٤( على ألوهية اهللا سبحانه وتعاىليستدل اعتمادا على قياس الغائـب وذلكن الضعف يف دليل احلدوث اذكر بعض مواط واآلن

:على الشاهد ـ بإذن اهللا

____________________________________________ ).٤٣٥ ـ ١/٤٣١( منهاج السنة انظر )١(

).٤/٧٧(، ومفاتيح الغيب )٦١ص (احملصل انظر )٢(

).١٤٠ص (األدلة مناهج انظر )٣(

، وشرح حديث النـزول )٦/٢٥٦(، وجمموع الفتاوى )٣٢٠ ـ ١/٣١٠( العقل والنقلتعارض درء انظر )٤(

).١٦٣ ـ ١٦٢ص(

٣١٩

كيف عرفوا أن هنـاك ولكن: " ـ يرد الدكتور حممود قاسم إثبام للجوهر الفرد بقوله ١ أن نظرية اجلوهر الفرد ليست مثالجوهرا فردا وأنى هلم مبعرفة حقيقة هذا اجلوهر؟ أيعلمون

احلـديث قـد كـشف عـن العلم املتكلمني أن حيتج بأن وليس ألحد من … إسالمية؟ يقوم عليه دليلهم ال ميكن إثباته وقوهلم يف اجلوهر الفرد ال يتوافق مع قـول فما )١("الذرات . عصرنا يف الذراتعلماء

والتفرق أمر وجودي أم عدمي؟ مبعىن السكونهل : ـ قوهلم يف األكوان يرد عليه سؤال ٢ أم أن اجلسم يعرف ساكنا إذامل سكونا؟دي حيل يف األجسام يسمى هل هناك أمر وجو

احلركة وهذا من خالل املشاهدة وهم متنـازعون يف ذلـك، عدمي متحركا؟ أي أنه يكن من العامل ما ال يرى أو مـا هناك وأيضا ،)٢( جعلوه دليال على احلدوث متنازعون فيه فما .كم عليه حبكم املعلوم حركته وسكونه؟ ساكنا وال حركة فيه مشهودة فكيف حييرى

)٣( راى أنه بدعة يف الدينفاألشعري ـ أنه قد اتضح لبعض علمائهم ضعف هذا الطريق ٣ اجلويين استدل جبواز هذا العـامل بـأن وكذلك ،)٤( خبلق اإلنسان على وجود اهللا واستدل

فيتضح مما سبق . هد من قياس الغائب على الشا الدليلني وكال ،)٥(يكون على صورة أخرى . يف دليلهم على وجود اهللا ـ سبحانه وتعاىلالقياسأن املتكلمني استخدموا هذا

____________________________________________________________________

). ١٣ ـ ١٢ص( األدلة مناهج )١(

).٤٥ ـ ٤٤ص ( احمليط بالتكليف انظر )٢( ).١٨٥ص ( رسالته ال هل الثغر انظر )٣( ).١٥١ـ ١٤٤ص (، ورسالته ألهل الثغر )١٩ ـ ١٧ص ( اللمع انظر )٤( ).١٣ص( النظامية انظر )٥(

٣٢٠

أدلة أهل السنة واجلماعة يف إثبات وجود اهللا: الثالث املبحث على أدلة الشرع، والشرع كله تقوم أهل السنة على وجود اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ أدلة

يف األنفس واآليات املبثوثـة يف النظر ـ ويرشد إىل يدل على وجود اهللا ـ سبحانه وتعاىل األدلة اليت جعلـها اهللا يف الـنفس بعضالكون كلها حيث إا تدل على وجود اهللا، وهذه

:البشرية ويف الكون ومنها ما يلي على وجود اهللا، فا لفطرة قوة علمية السنةـ دليل الفطرة من األدلة اليت يستدل ا أهل ١

حق هو اهللا ـ سـبحانه وتعـاىل ـ ومعرفتـه وأكرباحلق والباطل وتعتقد احلق، متيز بني من املعتقدات واإلرادات اليت فيها احلق والباطل كثريمغروزة يف الفطر فاإلنسان حيصل لديه

رأي على رأي آخر جتده مدفوعا بفطرته إىل ترجيح مـا ترجيحويف جمال . والضار والنافع .تهينفعه ودفع ما فيه مضر

هذا دليل على أن يف فطرة كـل ويف الصدق على الكذب واحلق على الباطل، فريجح مفطورة على االعتراف بالصانع نفسإنسان اعتقاد احلق وإرادة النافع، ومن هنا كانت كل

.)١( ما هو حق واالعتراف بهكلواإلقرار به استجابة ملا هي مركوزة عليه من طلب ذلك وإذا مل تكن يف كل نفس قوة من من العلوم حبسب ما تكتسبه حيصل هلا فالنفوس

منها ولعل أكرب دليل على ذلك أننـا شيئاتقتضي معرفة هذه العلوم ملا استطاعت أن تعلم من العلوم ما حيصل لبين آدم مع أن الـسبب يف هلالوقمنا مبحاولة تعليم احليوانات ملا حصل

.)٢(املوضعني واحد يولد ويف فطرته ما يقتضي ذلك احلق ولكنه حني والدته ال يكون لديه تعقل فلفالط

حبسب ما يستطيع حتصيله من العلوم النافعـة الطفلوتطلبه وتزداد هذه القوة الفطرية لدى .)٣( معرفة خبالقهازدادوكلما ازداد الطفل علما وإرادة

___________________________________________ ).٤٥٨ـ٨/٤٥٦( درء تعارض العقل والنقل انظر )١(

).٨/٤٦١ (السابق انظر )٢(

).٤٦١ـ٨/٤٦٠ (السابق انظر )٣(

٣٢١

ـ على أن معرفة اهللا فطرية، وهذا يقوم على صفات النفس اهللا ابن تيمية ـ رمحه استدل ميكن االنفكاك عنها حبال فأن النفس ال ميكن أن تكون خالية مـن الالبشرية الفطريه اليت

اإلحساس بوجوده وذلك ألن كل نفس ال بد أن تكون مريدة وشاعرة وعنور خبالقها الشع تكون إال مريدة فال بد هلا من مراد حتسه وتطلبه وحتـاول الوقـوف الوما دامت النفوس مرادات كثرية ومتنوعة غري أا على كثرا وتنوعها ال بد أن تنتهي إىل هلاعليه، وكل نفس

دا له لذاته ال لغريه، وهذا ال يكون إال اهللا وهو الذي تريده القلـوب إرا تكونمراد واحد يشترك كلية أمر يعم مجيع اخللق وألجل ذلك ذكر على هيئة قضية وهذا )١( النفوس وتطلبه

.فيها اجلميع الشاهد من اخللق والغائب منهم زمون باألدلة الشرعية واجلماعة ملت السنةالنظر يف آيات اهللا يف الكون واألنفس، فأهل _ ٢

أكرب شاهد على وجود اهللا هـو مـا يـراه أنواألدلة العقلية الفطرية وألجل ذلك وجدوا واآلفاق، وألجل ذلك أقـروا باألدلـة الـيت األنفساإلنسان وحيسه من اآليات املبثوثة يف سـتدالل اال: " اهللا؛ يقول ابن تيميه ـ رمحه اهللا وجوداستخدمها ابن رشد يف الداللة على

غاية احلسن واالستقامة وهي طريقة عقلية صحيحة وهي شرعية يفعلى اخلالق خبلق اإلنسان هذا مل يعلم مبجـرد … كون اإلنسان حادثا بعد أن مل يكن نفسفإن … دل القرآن عليها

فهو … لكن الرسول أمر أن يستدل به … كلهم بعقوهلم الناسخرب الرسول بل هذا يعلمه .)٢(" االستدالل بالسحاب واملطرمثل… وكذلك… عقليوهو … دليل شرعي

أهل السنة يقرون بأن كل حادث ال بد له من حمدث وهو أمـر فطـري، وكذلك ما ضربك أحد، مل يصدق عقلـه أن الـضربة : من ضربين؟ فقيل له : فقال لوضربفالصيب

حمدث لكـان وهذا لو جوز جموز أن حيدث كتابة أونساجة من غري فاعل،حدثت من غري إثبات الصانع ممكن بطرق كثرية منها إن: " ذلك يقول ابن تيميه ويف ،)٣(جمنونا أو مسفسطا

على احملدث وهذا يكفيه حدوث اإلنسان نفسه أو حدوث ما يشاهدباحلدوثاالستدالل بضرورة أن احملدث ال بد لـه مـن يعلم احملـدثات كالنبات واحليوان وغري ذلك مث إنه من

.)٤("حمدث ).٤٥٩ـ٨/٤٥٧( درء تعارض العقل والنقل انظر )١( ).١/٣٦١ (النبوات )٢( ).٢/٦٢( الصحيح اجلواب انظر )٣( .السابق )٤(

٣٢٢

يف النفس واآلفاق موصل إىل معرفة اهللا ـ النظر غري ذلك من األقوال اليت تبني أن إىل واجلماعة لسنةا وتعاىل ـ دون احلاجة إىل أدلة عقيمة تصعب على الناس، فأدلة أهل سبحانه

واالستدالل الشاهدفطرية سليمة يفهمها كل أحد وهي متالزمة، وأدلتهم قائمة على معرفة القرآن العقلية اآلمـرة أدلةبه على الغائب كما صرحوا يف أقواهلم السابقة والعتمادهم على

. بالنظر يف النفس واآلفاق

٣٢٣

الثاينالفصل سبحانه وتعاىل ـ اهللا وحدانية

:مباحث ثالثة هوفي

.إثبات وحدانية اهللا عند الفالسفة: األول املبحث

:إثبات وحدانية اهللا عند املتكلمني : الثاين املبحث

. اهللا عند أهل السنة واجلماعةحدانيةإثبات و : الثالث املبحث

٣٢٤

אא אא

مبعىن عدم مـشاركة الغـري لـه يف واحدالسفة على أنه تعاىل املتكلمون والف اتفق

الوحدة له تعاىل تبعـا الخـتالفهم يف إثباتالربوبية ولكنهم اختلفوا يف الطرق املؤدية إىل .خصائص الربوبية

مبعىن أـم ال يريـدون إال بالذات عند الفالسفة هي وجوب املوجود فخصائصها أخص صـفات الربوبيـة هـي فعندهمو، أما املتكلمون إثبات أنه ال واجب الوجود إال ه

. ولذلك اعتنوا بإثبات الصانع الذي ال شريك لهباخللق االنفراد

٣٢٥

א:אא א אا ابن تيميةـ دليلهم ـ قبل عرضه ـ على حجتني كما يصورمهيدور الفالسفة

كان والثانية لالختصاص ونفي الوجوب عن الواجب إذا لتركيب،ارمحه اهللا ـ وهي رد هؤالء الفالسفة يف توحيدهم وعمدة: " هناك أمور مشتركة بينه وبني غريه، فيقول ابن تيمية

:الذي هو تعطيل حمض يف احلقيقة حجتان صهخي أنه لو كان واجبان الشتركا يف الوجوب وامتاز أحدمها عن اآلخر مبا إحدامها

إىل مفتقر واجب الوجود مركبا واملركب يكونوما به االشتراك غري ما به االمتياز فيلزم أن .أجزائه وأجزاؤه غريه واملفتقر إىل غريه ال يكون واجبا بنفسه

يكون أن أما إذا اتفقا يف الوجوب وامتاز كل منهما عن اآلخر مبا خيصه لزم والثانية اآلخر عن كما إذا اشترك اثنان يف اإلنسانية وامتاز كل منهما املشترك معلوال للمختص

.بشخصه إن واملختص فاملشترك معلول للمختص وهذا باطل هنا وذلك ألن كال من املشترك

وعلىكان أحدمها عارضا لآلخر لزم أن يكون الوجوب عارضا للواجب أو معروضا له .لواجب وهذا حمالالتقديرين فال يكون الوجوب صفة الزمة ل

غري واجب وإن كان أحدمها الزما لآلخر مل جيز يكون ألن الواجب ال ميكن أن وجدت العلة وجد املعلول فيلزم أنه حيث وجد حيثأن يكون املشترك علة للمختص ألنه

.املشترك وجد املختص هذاما خيتص ذا يف يف هذا وهذا فيلزم أن يكون ما خيتص ذا يف هذا وواملشترك

.)١("وهذا حمال يرفع االختصاص الوحدانية ـ واليت أثبتوها من خالل يف عندهم بسيط ال كثرة فيه، ويتضح قوهلم فاهللا

: سيناابنقياس الغائب على الشاهد ـ من أدلتهم عليها، يقول الواحـد أو أشياء جيتمع لوجب ا ولكان يئني ذات واجب الوجود من ش التأم لو"

قـسم ين قيل واجب الوجود ومقوما لواجب الوجود فواجب الوجود ال واحدمنها أو كل .)٢("الكم ال يف ويف املعىن

ــــــــــــــ

).٢٩٩ـ٣/٢٩٨( السنة منهاج )١( ).٤٧٣ ـ ٣/٤٧٢ (اإلشارات) ٢(

٣٢٦

الوجـود ال واجـب :" فيقول حياول أن يوضح مقصده بوحدة واجب الوجود بل

ملا سواه مقتضية إل مكـان ماهية كل ألنيئا من األشياء يف ماهية ذلك الشيء، يشارك ش . الوجود ماهية شيء، أعين األشياء الـيت هلـا منوأما الوجود فليس مباهية لشيء، وال جزء الوجود ال يشارك شـيئا فواجب يدخل الوجود يف مفهومها بل هو طارئ عليها، ال ماهية،

فال حيتاج إذن إىل أن ينفصل عنها مبعـىن فـصل أو ،معىن جنسي وال نوعي يف األشياءمن .)١(" بل هو منفصل بذاته، فذاته ليس هلا حد، إذ ليس هلا جنس وال فصلعرضي، ألنه ال يدخل حتت جـنس أو رسم بسيط ال ميكن وصفه أو إدخاله يف حد أو فهو

يفر عن ذلك فخشي أن يقـال أن فصل ألنه رأى ما يف اخلارج ميكن إدخاله يف ذلك فأراد االنفكاك عنه فأراد نفي هـذا يستطيععنه مشبه فنفى ما يكون عادة يف اخلارج وهو ما ال

.عقلياملعىن الذي ال ميكن أن ينفى مهما عمل ألنه عمل ال الوجود أيضا إن واجب ونقول:" ويوضح ابن سينا هذا القول يف كتاب آخر بقوله

وال أجـزاء الكمية أجزاء اللذاته مبادئ جتتمع فيقوم منها واجب الوجود جيوز أن يكون آخر بأن تكـون أجـزاء وجه أو كانت على ، كانت كاملادة والصورة سواء ،احلد والقول

غري اآلخر بذاته وذلك الوجودالقول لشارح املعىن امسه فيدل كل واحد منها على شيء هو فإمـا أن . وال ذات اتمع اآلخره ليس هو ذات كل ما هذا صفته فذات كل جزء من ألن

ال يصح للمجتمع وجود دوا فـال لكنهيصح بكل واحد من جزئية مثال وجود متفرد به .يكون اتمع واجب الوجود

وجود دونه فما مل يصح له مـن للمجتمع يصح ذلك لبعضها ولكنه ال يصح أو ومل يكن واجب الوجـود إال الوجود،رد فليس واجب اتمع واألجزاء األخرى وجود منف

يف الوجود وال للجملة مفارقة اجلملةالذي يصح له، وإن كان ال يصح لتلك األجزاء مفارقة فليس شيء منها بواجب الوجود بالذاتاألجزاء وتعلق وجود كل باآلخر وليس واحد أقدم

جسم وال صورة جسم وال مادة وال الوجود ليس جبسم واجبفقد اتضح من هذا أن … وال له قسمة ال يف الكممعقولةمادة معقولة لصورة معقولة وال صورة معقولة يف مادة

ــــــــــــــ

).٣/٤٧٧ (اإلشارات )١ (

٣٢٧

.)١(" الثالثاجلهات يف املبادئ وال يف القول فهو واحد من هذه وال الكنـدي حاول:" فيقول املوضوع هذا الدكتور حممود قاسم رأي الكندي يف وبني

لو سلمنا جدال بوجود عدة آهلة للعامل : فقالأن يربهن على وحدانيته تعاىل بطريقة منطقية، وهي أا تستطيع اخللق مجيعها، ولوجـب أن واحدة،لوجب أن تشترك هذه اآلهلة يف صفة

ـ ألن متيزه عن غريه من اآلهلة، خاصةحيتوي كل منها على صفة من صفات وع أفـراد الن تتفق أفراد اإلنـسان يف فمثال ، يف الصفات الشخصية وختتلفالواحد تتفق يف صفة واحدة،

ولذا ، العاقل، وخيتلفون فيما بينهم من حيث اللون والشكل واحلجم احليوانأم من جنس بأن كل إله حيتوي على نوعني من الصفات كان ذلك تسليما بوجود الكثرة فيـه قلنامىت يشترك معه فيه غريه، ومن شيء خاص ينفرد به وحده، وعندئذ عاميء من ش مركبألنه

على العلة يف وجود هذا التركيب يف كل إله من هذه اآلهلة املتعـددة، فـإذا نقفجيب أن على سبيل الفرض وجب البحث عن علة هلذه العلة وهكذا دواليك، لكـن ال علةوجدنا القـول يلزمنا أياية له فوجب الوقوف عند حد يف سلسلة العلل إىل ما ال االنتقالميكن

كـل بوجود إله بريء من كل كثرة أو تركيب، حبيث يكون خمالفا خللقه، ألن الكثرة يف .)٢(" اخللق وليست فيه البتة

وضح الدكتور حممود قاسم السبب وقد القياس من تعميمه ملا يقول لكل نوع، يتضح الوصف أال وهو وجود الكثرة يف ذافهم وحدانية اهللا الذي دفعهم إىل نفي الصفات ووص .كل اخللق فهذا السبب الدافع هلم

فوجدوا الكثرة فيه ـ ويقصدون العامل خالل أقواهلم هذه يتضح أم نظروا إىل فمن هذا من خـالل نفـي معـاين الوجودعناتصافه بصفات ـ وأرادوا أن مييزوا واجب

خمالف خمالفة تامة يف كل شيء ألنهلعامل عن واجب الوجود الصفات املوجودة يف هذا ا .عن هذا العامل حىت االشتراك اللفظي مينعونه عنه

تعاىل ـ يف أن الفالسفة اشتبه عليهم اهللا اخللل كما بني ابن تيمية ـ رمحه ويكمن .)٣( العقلية أمورا موجودة يف اخلارجاألمورما يف األذهان مبا يف األعيان وتومهوا

ــــــــــــــ

).٢٢٨ ـ ٢٢٧ص (النجاة) ١(

). ٢٩ص (مناهج األدلة ) ٢(

).٦٤ـ٦٣ص (املنطقينيانظر الرد على ) ٣(

٣٢٨

يوجد إال يف العقل من خالل إعمـال ال سبق بيان أن املعىن املشترك الكلي أمر وقد ـ يوجبالعقل يف األعيان واخلروج حبكم مشترك بينهم ن الـرد هذا الشيء أو ينفيه وميك

:)١(عليهم من وجوه وكل واحد من الوجـودين وواجب ـ الوجود نفسه وتقسيمه عندهم إىل ممكن ١

االشتراك ومما به االمتياز وأن به مما اميتاز عن اآلخر خبصوصية فيلزم أن يكون الواجب مركب .يكون واجب الوجود معلوال فوقعوا فيما فروا منه

واجبني أو ممكنني وسـواء قـدر كاناارج سواء ـ أن الشيئني املوجودين يف اخل ٢ أو غري ذلك مل يشترك أحدمها مع حيواننيالتقسيم يف موجودين أو جوهرين أو جسمني أو

وال يف ماهيتـه يف اخلارج يف شيء من خصائصه ال يف وجوبه وال يف وجوده وال يف اآلخر فيه إال يف الذهن مشتركايكون غري ذلك، وإمنا شاه يف ذلك املطلق الذي اشتركا فيه وال

.وهو يف اخلارج ليس بكلي عام مشترك فيه عاما مشتركا فيه إال يف الذهن وال يكون يوجد عاما وخاصا، والعام ال فالوجوب

يف اخلارج شيء واحد مشترك فيه بل هو يبقيكون يف اخلارج إال خاصا ال اشتراك فيه فلم ٠مميز عن غريه

وهو الوجود، فعلى قوهلم ال بد من مشترك الوجود إىل واجب وممكن فيه فتقسيم فهم عندما تكلموا يف حـق اهللا أرادوا هلم،نفي ذلك املشترك فال يثبت هلم شيء وال حجة مجيع معاين صفاته عنه، فقـوهلم بأنـه نفياهلروب من املعاين املوجودة يف الشاهد فأرادوا

مثله مثل العـامل، فالـسبب فيكونفه فيكون صاحب صفات وص من واحد بسيط فرار الصورة هو قياس الغائب علـى ذهاحلقيقي يف إثبام لوحدانية اهللا ـ واجب الوجود ـ

فنفوا مجيع على املعاين اليت ختص اهللا معانيهاالشاهد ألم ما فهموا إال معاين الشاهد وقاسوا .الصفات

ــــــــــــــ ).٤٢ـ٨/٢٧( السنة منهاجانظر )١(

٣٢٩

المتكلميندليل الوحدانية عند : الثانيالمبحث اهللا ويقصدون بالوحدانية بأنه واحد وحدانية دليل التمانع هو دليل املتكلمني على يعترب

به مجيع املتكلمة وألجل ذلك لن نفصل بينـهم يف قالتيف ربوبيته ويف أفعاله وهذا الدليل . هذا املبحث

فال بد أن يكونا قادرين ومريدين إذ املقتضي إهلانأنه لو وجد : )١(ذا الدليل هي ه وصورة أحدمها أمرا كتحريك جسم وأراد اآلخر ضده فال خيلو من أرادللقدرة واإلرادة ذاما، فإذا

: ثالث حاالت مرادمها، فيجتمع يف اجلسم احلركة والسكون، وهذا حمال ألنـه ويقعأن تنفذ إرادما _ ١

.مجع بني الضدين منهما البتة فال يكون اجلسم متحركا وال ساكنا وهذا حمال ألن واحدأن ال يقع مراد _ ٢

. وكذلك يستلزم ارتفاع الضدين وهو حمالبالعجز،يف ذلك وصف هلما ألنه يستلزم ترجيح أحدمها على اآلخـر . دون اآلخر، وهذا حمال أحدمهاأن يقع مراد _ ٣

عجز من فرض قادرا حيث مل يقع مراده واإلله ال يتصور أن يكون زمويستلبدون مرجح، وقوع أحد هذه احلاالت الثالث فقد ثبت بطالن وجود إهلـني مـدبرين امتنععاجزا فإذا

. أن اخلالق املدبر للعامل واحد فال ميكن أن يتعدد أبداذاللعامل، وثبت مشكلة يف هذا الـدليل وهـي ديهمل واضح يف هذا الدليل، ولكن أصبحت فالقياس

هذا االحتمال، فاجلويين يـبني رداحتمال اتفاق اإلهلني وألجل ذلك اجتهد متأخروهم يف اختالف إراديت القدميني، فبم تنكرون على علىرتبتم هذه الداللة : قيل فإن:" بطالنه بقوله

لداللة تطرد على تقدير هذه ا : يريده اآلخر؟ قلنا مامن يعتقد قدميني يريد كل واحد منهما على تقدير االتفاق، فإن إرادة حتريك اجلسم مـن أيضااالختالف كما قررناه وهى مطردة

غري مستحيلة، وكل ما دل وقوعـه علـى العجـز ممكنةأحدمها مع إرادة الثاين تسكينه والدليل عليه أن من اعتقـد جـواز قيـام مثله،واالتصاف ببعض القصور دل جوازه على

حبدوثه نازل منـزلة من يعتقد قيام احلوادث به احلكمادث بالقدمي، ملتزم ما يفضي إىل احلو . وقوعا وحتققا

_______________________________________________

).٥٩ ـ ٥٢ص(، واالرشاد )٤٥ص(، ومتهيد األوائل)٢٨٦ ـ ٢٨٥ (اخلمسةانظر شرح األصول ) ١(

٣٣٠

عما كاملصدود عرضة للنقص، مينع تنفيذ إرادته املتصدي ألن احملدثني يف أحدواجلاري من واضح مـن كـالم فالقياس. )١("يريده حقا بتسوية بني من جيوز ضده وبني من اتفق رده

فيكتفـي بـالعرض الـدليل اجلويين السابق، ولعدم وجود أدلة عقلية يستدلون ا غري هذا .السابق له

حيث استدلوا ،)٢( ما مسوه بدليل التمانع علىقرآن الكرمي استدل املتكلمون من ال وقد :ذلك بقولـه تعـاىل ـ، وك ]٩١املؤمنون، [ ، كل اله مبا خلق لذهب إذا: بقوله تعاىل إال اهللا لفسدتا فيهمااهلة لوكان ،] ،ويف ذلـك يقـول الـشهرستاين ]٢٢االنبيـاء ،: :بت خالقا من دون اهللا ـ سبحانه وتعاىل،قال تعـاىل القرآن على من يثيف التمانع وداللة" مبا خلقإله كل إذالذهب ")٣(.

عن داللة التمانع ملـا ذكرنـاه، وهـي املعتزلة أضرب شيوخ وقد:" ويقول اجلويين .)٤(" اهلة إال اهللا لفسدتافيهما كان لو: املنصوصة يف نص قوله تعاىل

برهان عقلي صحيح، وهويدل علـى التمانعرمحه اهللا ـ بأن دليل بني ابن تيمية ـ وقد توحيد اهللا ال يكون يف الربوبية فقط بل يكون يف أن ولكن املشكلة تكمن يف ،)٥(مقصدهم

يف إثبات الوحدانية على هذا الدليل ضلوا يف باب اعتمادهمجوانب التوحيد كلها، وبسبب على دليلهم علما بـأن اآليات فيه هو إنـزال هذه اآلخر الذي وقعوا اخلطأالقدر، وأيضا

.اآليات تتكلم على توحيد األلوهية املتضمن لتوحيد الربوبية

_______________________________________ ). ٥٤ ـ ٥٣ص (االرشاد ) ١(

).٢٩ص (، وشرح العقائد النسفية )٤/٣٦(، وشرح املقاصد )٤٩ص(انظر االنصاف ) ٢(

).٩١ص(اية االقدام ) ٣(

).٥٥ص(االرشاد ) ٤(

).١٩ص (، وانظر شرح الطحاوية )٣٧٨ ـ ٩/٣٤٤( والنقل العقلانظر درء تعارض ) ٥(

٣٣١

دليل الوحدانيه عند أهل السنة والجماعة : الثالث المبحثأمسائه يف ربوبيته فقط بل واحد يف ألوهيته و واحد السنة واجلماعة ال يثبتون أن اهللا أهل

والفالسفة اضطروا إىل بيان احلق يف هـذا املتكلمنيوصفاته ولكنهم عند تعرضهم ألقوال كان معه من وما اختذ اهللا من ولد ما: بقوله تعاىل واجلماعةفقد استدل أهل السنة . القول

ولعال بعضهم على بعـض سـبحان اهللا عمـا يـصفون خلق كل إله مبا لذهبإله إذا يكون مـستقال أنوذلك من خالل أنه لو فرض إله آخر مع اهللا فال بد ]. ٩١/ ملؤمنون ا[

اآلخر، مفعوليف الفعل، وإن كان كذلك فإن مفعول كل واحد منهما سيكون متميزا عن مرتبط بغريه من وهوفيذهب كل إله مبا خلق، وهذا غري واقع، فإنه ليس يف العامل شيء إال

كل إله مبا خلق يدل على بذهابذا فإن انتفاء الالزم وهو تفكك العامل أجزاء العامل وعلى ه . )١(والتدبريانتفاء امللزوم وهو وجود إله آخر مع اهللا يف اخللق

مل يفعال شيئا ال اتفاقا وال اختالفا، ويف القدرة ألنه لو قدر إهلان متكافئان يف وكذلك بد حينئذ إذا قدر إهلان أن يكون أحدمها أقدر مـن فال "اهللاذلك يقول ا بن تيميه ـ رمحه

على من دونه يف القدرة بالضرورة، فلو كان ثم آهلـة لوجـب علـو عالاآلخر، واألقدر عال بعضهم على بعض مل يكن املستقل بالفعل إال العايل وحده فإن ولوبعضهم على بعض،

ان عاجزا بدون اإلعانة، وكانت قدرته من يف فعله إىل إعانة األول ك حمتاجااملقهور إن كان واهللا تعاىل مل جيعل من خملوقاته إهلـا فـامتنع أن . كان هكذا مل يكن إهلا بنفسه وماغريه، إذا العايلوإن كان املقهور يستقل بفعل بدون اإلعانة من العايل مل ميكن . املقهور إهلا يكونجزا عن منع املقهور، فال يكون عاليا وقد فرض العايل عا فيكون مينعه مما هو مستقل به، أن

.)٢(" بني النقيضنيمجعأنه عال هذا خلف وهو الشرعي العقلي املتمثل يف النظـر إىل الدليل أن دليل أهل السنة مستفاد من فاملالحظ

اخلالق وهذا من قياس الغائب على الـشاهد وحدانيةاتساق اخللق والعناية به مما يدلل على . و واضح يف كالمهموه

ــــــــــــــ ).٣٢٢ ـ ٣/٣١٥( منهاج السنة انظر) ١( ).٣٢٤ ـ ٣/٣٢٣ (السابق) ٢(

٣٣٢

الثالث الفصل الصفات

:مباحث ثالثة وفيه

.إثبات الصفات عند الفالسفة: األول املبحث

:إثبات الصفات عند املتكلمني : الثاين املبحث

:مطلبان وفيه

.صفات عند املعتزلةال: األول املطلب

.الصفات عند األشاعرة: الثاين املطلب

.إثبات الصفات عند أهل السنة واجلماعة : الثالث املبحث

٣٣٣

אאא

أهم املشكالت الكالمية على اإلطالق وأكثر املسائل اليت الصفات مشكلة تعترب . بني الفرقوالتنازعحصل فيها االختالف

الشاهد من خالل أدلة الفرق علـى على هذه املسألة يتضح متاما قياس الغائب يفو . وال يف النفىاإلثباتمقوالا فإم ال ينفكون منه أبدا ال يف

تقصيه يف هذا الفصل ولكـن ميكن هو معروف أن هذا الباب باب كبري ال وكما مقوالت الفرق، وعرض بعـض يفسيقتصر فيه على عرض الشبه الكبرية اليت كانت سببا

.أقواهلم يف الصفات وذكر بعض لوازم أقواهلم وصف ا نفسه هي شبهتا التركيب اليت أكرب الشبه اليت يردون ا صفات اهللا ولعل .والتجسيم اليت جيب أن تنفـى عـن اهللا ـ احلوادث هاتني الشبهتني عندهم هو مشاة وأصل

.سبحانه وتعاىل ـ حسب زعمهم املخلوقات املشاهدة ومعرفة معاين يف أقوال هذه الطوائف مجيعها هي النظر يقةفحق

استقر يف الفطر أن اهللا ال يشبه خملوقاتـه وقد هلا وما ال جيب، جيبصفاا اخلاصة ا وما املوىل ـ سبحانه وتعاىل ـ عندما يوصف بالـصفة أنوأنه منـزه عن الشبه واملثيل فظنوا

له مبخلوقاته ألم فهموا أن إطالق الصفة علـى تشبيهاخلوق أن يف ذلك اليت تطلق على امل . يف حقيقة الصفة وحقيقة الذات املتصفة ذه الصفةالتشابهاخلالق واملخلوق يقتضي

ينفكوا عن احلكم على الشيء الغائب مبا حتصل عندهم من العلـم سـابقا مل فهم اخلرب الصادق ومن التجريد العقلي هلذه املعلومات أو األمور الفطرية أو احلواسواملستمد من

. أصبحت لديهم شاهدا يرجع إليه يف حكمهم على الغائبواليت

٣٣٤

אאא

واجب الوجود واحد بسيط ال كثرة فيه ال أن" يف الصفات هو الفالسفة مذهب م واحد هو نفس ذاته مع وكل ما يعرب به عنه من أمساء فمرجعه إىل مفهوخارجاذهنا وال .)١(" واإلضافةالسلبمالحظة على مذهبهم يف إثبات وجود اهللا وتقسيم الوجود إىل واجب وممكن مستند وهذا

املوجودات إما واجبة أو ممكنة فإن كانت ممكنة فإا حمتاجة لوجودها أنوالذي يتلخص يف خلها النتقل من اإلمكان إىل من داخلها أو من خارجها ولو كانت من داإمالعلة توجدها

.)٢( وإذا كان من خارجها فهذا هو املطلوبتناقض،الوجوب وهذا قد شهد قالوا: " الشهرستاين ملاذا قسموا الوجود إىل هذين القسمني فقالبني وقد ذاته الصريح بأن الوجود ينقسم إىل ما يكون واجبا يف ذاته وإىل ما يكون ممكنا يف العقل

.)٣("منا يترجح جانب الوجود منه على جانب العدم مبرجحوكل ممكن فإ به وجود اهللا ووحدانيته التزموا به يف باب الصفات، فقد ذكروا أن أهم أثبتوا فما وواجب: " ا الرب ـ سبحانه وتعاىل ـ أنه واحد بسيط، قال ابن سينايتصفصفة

الطوسي ذلك ويعلل. )٤("كثرة ال كثرة يف ذاته بوجه وال ميكن أن تصدر عنه واحدالوجود .)٥(" الواحد ال يصدر عنه إال واحدإن: "بقوله

قوهلم أنه واحد، ولكن ما هو دليلهم على وصف اهللا بأنه واحد بسيط؟ معىن فهذا جيوز أن يكون نوع واجب الوجود لغري ذاته ألن وجود نوعه له بعينه وال: "قال ابن سينا

قتضيه ذات نوعه بل تقتضيه علة فإن كان معىن نوعه له ذات نوعه أو ال تتقتضيهإما أن . واجب الوجودوليس كان لعلة فهو معلول ناقصوإنله ال نوعه مل يوجد إمعىنلذات بسببن املادة لذاتني والشيئان إمنا يكونان اثنني إما ع أن تكون املاهية اردة ميكن وكيف

والزمانوضع واملكان أو بسبب الوقت املعىن وإما بسبب احلامل للمعىن وإما بسبب ال وكل غري املعىن بشيءوكل اثنني ال خيتلفان باملعىن فإمنا خيتلفان . لعلة من العللوباجلملة

).٩٤ص ( السلفي تيمية ابن) ١( ).٤٤٠ ـ ٤٣٩ص (والنحل امللل انظر) ٢( ).٩٩ص (األقدام اية) ٣( ).٣٧٦ص( ، وامللل والنحل )٦٤٧ ـ٣/٦٤٢(، وانظر اإلشارات )٣٦٩ ص( النجاة) ٤( ).٣٧٩ص( ، وامللل والنحل )٣/٦٤٦ ( اإلشارات) ٥(

٣٣٥

مما ذكرناه من العلل ولواحقبشيء موجود بعينه لكثريين خمتلفني فهو متعلق الذات معىنليس اختالفه ملعىن وال جيوز أن كل ما إن: فليس بواجب الوجود، وأقول قوال مرسالالعلل

فال يكون إذن له مثل ألن املثل خمالف بالعددبالعدديتعلق إال بذاته فقط فال خيالف مثله ضد ألن األضداد متفاسدة وال بذاته ال ند له وال مثل الوجود من هذا أن واجب فبني

.)١(" وواجب الوجود بريء من املادةاملوضوعومتشاركة يف املعىن ( عندما نفى االثنينية عن اهللا بني األمور اليت يشترك فيها االثنان سينا ابن وهنا سؤال من أين أخذ هذه األمور املشتركة؟ ) للمعىن واملوضوع والوقت والعلةواحلمل مأخوذة من الشاهد فكل هذه األمورتنفى عن اهللا ألا مشاهدة وهذا مبـين فهي

.املخلوق فنفي املعىن احلق عن اهللا حقيقة املعىن ما كان يف علىجعلهم شيء بني بأن واجب الوجود ال يكون له مثيل أو ضد ألنه بريء من املادة واملادة مث فالضدونفي الضد عن اهللا اعتمدوا فيه على تعريفهم للضد واملأخوذ من الشاهد . حمسوس

هو الضد يساويه شيء، وإما هو إما املساوي يف القوة املمانع وكل ما سوى اهللا معلول فال فال بشيءواألول ال تعلق له ) كاحلركة والسكون(املشارك يف املوضوع معاقب غري جامع

.)٢(ضد له ابن سينا ملاذا ال بد أن يكون واجب الوجود بسيطا ال كثرة فيه أي أنه ال بني مث أشياء جتمع التأم ذات واجب الوجود من شيئني أو لو: " شيء فأكثر فيقولمنيتركب ولكان الواحد منها أو كل واحد منها واجب الوجود ومقوما لواجب الوجود الوجب .)٣(" ال يستقيم يف املعىن وال يف الكمالوجودفواجب التركيب: " شارحا كالم ابن سينا يف التركيب الذي يستحيل على اهللالطوسي يقول

كبات وقد يكون من جزء أصل يتقدم من أجزاء تتقدم املركب كالعناصر للمريكونقد السرير وجزء آخر يلحقه فيحصل املركب مع حلوقه كصورة السرير وال كخشباملركب

. الالحق متقدما على وجود السريراجلزءيكون وجود يكون حبسب الكمية كما للمتصل إىل أجزائه املشاة وقد يكون قد واالنقسام

والصورة وقد يكون حبسب املاهية كما للنوع إىل إىل اهليويلللجسمحبسب املعىن كما .اجلنس والفصل

).٢٣٠ص ( النجاة) ١( ).٤٨١ـ٣/٤٨٠ ( اإلشارات انظر) ٢( ).٤٧٣ـ٣/٤٧٢ ( اإلشارات) ٣(

٣٣٦

من التركيب واالنقسام يقتضي أن يكون ذات الشيء املركب أو واحد وكل .)١( " هو جزء له مما ليس هو به فإن اجلزء ليس هو الكلمبااملنقسم إمنا جيب

كيب عندهم شرح من الطوسي تبني أن نفيهم اعتمد على مفهوم الترال هذا بعد ما ليس منه، وأيضا كما هو معلوم يف فطر الناس من مباينة اخلالق معناهوالذي ادخلوا يف

وصفاته، مل يفهموا من معاين الصفات إال ماتصوروه يف أذهام من ذاتهللمخلوق يف . أجربهم على نفي الصفات الختالف الذواتمماخصائص املخلوق

د بسيط ال كثرة فيه وال جيوز أن يوصف ألن ذلك تقريرهم أن اهللا واحبعد ولكن مل يلتزموا ذا بل دفعهم العلم الضروري على أنه ال توجد ذات بدون تركيبا،يقتضي ألن النفس البشرية والعقل البشري ال تستسيغ وجود شيء دون أوصافه فوصفوه،صفات ). الشاهدقياس الغائب على ( بالعلم الضروري هو واملقصود

وصفهم لواجب الوجود الميكن عقله، وسبب وصفهم له مبا وصفوه به هروبا ولكن . تومهته عقوهلم من التشبيه فأدى ذلك إىل تعطيل اهللا عن صفاته الثابتة لهمما

مع قوهلم ببساطة واجب الوجود وعدم الكثرة فيه قالوا بأنه خري حمض وكمال فهم عاقل ومعقول وعقل بل أثبتوا له العلم والقدرة واإلرادة وأنه عاشق ومعشوق وعشق وحمض دون معانيها ـ وزعموا أن هذه ال تقتضي التركيب ألا تدل على شيء واحد هو نفس ـ

. وإليك كالمهم. الذاتهو الوجود احملض، واحلق احملض، واخلري احملض، والعلم : ذاتهو: " سيناابن يقول اة احملضة من غري أن يدل بكل واحد من هذه األلفاظ على والقدرة احملضة، واحلياحملض، . )٢("معىن واحد وذات واحدة: مفرد على حدة بل املفهوم منها عند احلكايةمعىن

سينا أول صفة هللا ـ سبحانه وتعاىل ـ وهم الذين ينفون الصفات عن ابن ويبني ن وموجود، مث الصفات إ تكون الصفة األوىل لواجب الوجود أنه حققت فإذا: "اهللا فيقول

فيه هذا الوجود مع إضافة وبعضها هذا الوجود مع السلب املتعنياألخرى يكون بعضها فاللوايت ختالط السلب أنه لو قال . ذاته كثرة البتة وال مغايرةيفواحد منها موجبا و الوليس

ه الكون يف حتاش إنه جوهر مل يعن به إال هذا الوجود وأنه مسلوب عنبالقائل يف األول أوالقوله واحد مل يعن به إال الوجود نفسه مسلوبا عنه القسمة بالكم ل قال وإذا. املوضوع

).٤٧٣ـ٣/٤٧٢ ( اإلشارات) ١( ).٣ص ( الفريوزية الرسالة) ٢(

٣٣٧

هذا أن إالوإذا قيل عقل ومعقول وعاقل مل يعن باحلقيقة . الشارح أو مسلوبا عنه الشريك . )١("الوجود مسلوبا عنه جواز خمالطة املادة وعالئقها مع اعتبار إضافة ما

يعقل ذاته ويعقل فاألول: " سينا بعض الصفات هللا وقام بشرحها فقالابن بتوأث املوجود يف الكل وأنه كيف يكون فذلك النظام ألنه يعقله هو مستفيض كائن اخلرينظام

معلوم الكون وجهة الكون عند مبدئه وهو خري غري مناف وتابع خلريته ذات وكلموجود ليس مراد األول هو على حنو لكنما فذلك الشيء مراد املعشوقني لذاتيهوكماهلااملبدأ قد علمت استحالة هذا وستعلم بل هو فكأنك حىت يكون له فيما يكون عنه غرضمرادنا .)٢(" مريد هذا النحو من اإلرادة العقليةلذاته

أن له إرادة ولكـن ليـست ويبني هنا يشرح إرادة اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ فهو صفة العلم، فهـو سـبحانه إىلي حقيقة معىن اإلرادة عن اهللا وأرجاعها كإرادتنافيجب نف

يف هذا الوجود وهو ال يكـره اخلريعندما علم ذاته وأنه ال يصدر منها إال اخلري وهي مبدأ وأرجع اإلرادة ـ كما قـال ـ إىل إرادتهفعلم هو . صدور هذا اخلري منه فهو كمال لذاته

قيل مريد مل يعن وإذا: " بعد ذلك فقال وضحهام الكراهة وقد اإلرادة العقلية أي العلم وعد النظام اخلري كلـه وهـو مبدأ عقال أي مسلوبا عنه املادة كونه الوجود مع واجبإال كون

. )٣(" مؤلفا من إضافة وسلبهذايعقل ذلك فيكون واهللا ـ واليت ال تكون إال لغـرض املخلوق الرئيس هو التباس معىن إرادة فالسبب

املعىن احلقيقي لإلرادة عنـد اإلطـالق فنفىمنـزه عن الغرض عندهم ـ عليه بإرادة اهللا، تعود يف حقيقتها إىل علم اهللا سبحانه وتعاىل على اليتوقرر أن إرادة اهللا هي اإلرادة العقلية

.أصلهمليت عنـدنا احلياة ا فإن هذا أيضا بعينه حاهلا وحياته: " أراد أن يشرح احلياة فقال مث

صح أن نفس مدركة وهو وقد عن قوتني خمتلفتني ينبعثانتكمل بإدراك وفعل هو التحريك احلياة منـه فمعىن بعينه مبدأ فعله وذلك إجياد الكل وهوما يعقله من الكل هو سبب الكل

تـتم حىت اإلجياد فاحلياة منه ليست مما تفتقر إىل قوتني خمتلفتنيإىلواحد، هو إدراك وسبيل .)٤(" احلياة منه غري العلم واإلدراك وكل ذلك له بذاتهفالبقوتني

).٢٥١ص (النجاة) ١( ).٢٥٠ ـ ٢٤٩ص (النجاة) ٢( ).٢٥١ص (النجاة) ٣( ).٢٥٠ص ( النجاة) ٤(

٣٣٨

نفسه من معىن الـصفة اخلـاص يف للصفات مع إثبات بعضها ألجل ما تقرر فنفيه . صفات اهللا سبحانه وتعاىلتعطيلباملخلوقني فنفى معىن الصفات عن اهللا مما أدى إىل

املخلوقني، فجعل للحياة وصفا خاصا ياةحب يفهم من معىن احلياة إال املعىن اخلاص فلم علم وفعل وهذا تركيب، وأما حياة اهللا فهي علم اخللقال خيرج معىن احلياة عنه، فاحلياة عند

واجب الوجود هي الوجود الفعلي لألشياء مع العلم فحياةوإدراك وهو ما حصل به االجياد، قيل له حـي مل وإذا: " احلياة بقوله عنه، مث أمت وصف الكائناتالكلي ألنه سبب يف صدور

الفعلي مأخوذا مع اإلضافة إىل الكل املعقول له أيضا بالقصد الثـاين إذ الوجوديعن إال هذا .)١(" اإلدراك الفعالهواحلي

القدرة اليت له هي كون ذاته عاقلة للكـل أن قد تبني وكذلك: " بني القدرة بقوله مث . )٢(" بذاته ال متوقف على وجـود شـيء ومبدأخوذا عن الكل عقال هو املبدأ للكل ال مأ

املعقولة اليت حتدث فينا فتصري سببا للـصورة الصورة إن: " يف ذلك يوضحه بقوله والسبب تتكون منها الصور الـصناعية بـأن ألن كافية وجودهااملوجودة الصناعية لو كانت بنفس

لـيس ولكن املعقول عندنا هو القدرة كان هي له صور ملاتكون صورا هي بالفعل مبادئ من قوة شـوقية منبثقة إىل إرادة متجددة حيتاج يكفي يف ذلك لكن ال وجودهاكذلك بل

معا القوة احملركة فتحرك العصب واألعضاء اآللية مث حترك اآلالت اخلارجية مث فيهما يتحرك القدرة عسى بل ة وال إرادة املادة فلذلك مل يكن نفس وجود هذه الصورة املعقولة قدر حترك

.احملركفينا بعد املبدأ احملرك وهذه الصورة حمركة ملبدأ القدرة فتكون حمركة مغايرة ملفهوم العلم فقد بينا أن وال لعلم واجب الوجود ليست إرادته مغايرة الذات لكن

هـو ما نفى عن اهللا والنص السابق يبني ملاذا . )٣("العلم الذي هو له هو بعينه اإلرادة اليت له يـراه من صفات اهللا إذ نفي حقيقة الصفة مع إثبات لفظها نفي هلا فهو ما فهـم إال مـا

بإرجـاع ويشاهده وقاس عليه اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ مث أراد أن يبني أن قوله الـسابق صفات عقلت فإذا: "الصفات كلها إىل العلم وأن الصفة عني األخرى أا ال توجب الكثرة

مـن بوجـه األول احلق على هذه اجلهة مل يوجد فيها شيء يوجب لذاته أجزاء أو كثـرة .)٤("الوجوه

).٢٥١ص (النجاة) ١( ).٢٥٠ص ( النجاة) ٢( ).٢٥٠ص ( النجاة) ٣( ).٢٥١ص ( النجاة) ٤(

٣٣٩

فما هو العلم اإلهلي الذي يقولـه العلم كالمه السابق أرجع الصفات كلها إىل ففي هذا القياس الذي يفر منه ابن سينا؟متاماابن سينا ويثبته هللا وهو الذي يتضح فيه

أن تكون القوة اليت فإما لنا قوة نعقل ا األشياء، أن نعلم يقينا فإنا: " ابن سينا يقول نفسها فتكون هي بعينها تعقل ذاا فيثبت املطلوب أو تعقل القوةتعقل هذا املعىن هي هذه

لنا قوتان قوة تعقل ا األشياء وقوة تعقل ا هذه القوة مث يتسلسل فتكونذلك بقوة أخرى . النهاية وتكون فينا قوى تعقل األشياء بال اية بالفعل ولكن هذا حمال غريإىلالكالم يتبني أنـه لـيس وذا شيء آخر معقول بان أن املعقول ال يوجب أن يكون فقد

له املاهية اردة فهو عاقل وكل ما يوجديقتضي العقل أن يكون عاقل شيء آخر بل كل ما كانت هذه املاهية تعقل ولذاا أيضا تعقل وإذال هو ماهيته متجردة توجد لشيء فهو معقو

. فهي بذاا عاقل ومعقولتفارقهاكل ماهية جمردة تتصل ا وال أن نفس كونه معقوال وعاقال ال يوجب أن يكون اثنان يف الـذات وال فهمت فقد .)١("رة البتةفقد بان أن كونه عاقال ومعقوال ال يوجب فيه الكث. أيضااالعتباراثنان يف مبا يراه معلوما عند اخلصم وأورده استدل سينا عندما أراد أن يدلل على قضيته فابن

به على اخلالق وأن القوة اليت حيصل ا واستدلعلى قضيته فأشار إىل ما يعقل عند املخلوق إثبات أنه على نفسها فال تسلسل وال كثرة فيها فإالعقل األشياء ال تعتمد يف عقلها لألشياء

عندما وصفه بأنه عقل وعاقل ومعقول فإن هذا ال وكذلكعقل اعتمد يف ذلك على الشاهد إثبات ذلك إال أنه اعتمد على ما هو معلوم لديه وإن خالف صعوبةيستلزم الكثرة يف اهللا مع

. استخدام هذا القياس على قضاياهإثباتهالواقع والذي يراد مع كثرا وتغايرها توجب التركيـب فهلن املعلومات كثرية كما هو معلوم أ ولكن

املعقوالت ال تتحد بالعاقل وال بعضها مـع كانت تقول إن لعلك: "والكثرة؟ قال ابن سينا يعقل كل شيء فليس واحدا حقا بل هناك الوجودبعض ملا ذكرت مث قد سلمت أن واجب

يلزم قيوميته عقال بذاته لذاته أن يعقل الكثـرة مث بذاتهإنه ملا كان يعقل ذاته : كثرة، فنقول . ال داخلة يف الذات مقومة ا وجاءت أيضا على ترتيبمتأخرة الكثرة الزمة جاءت ال تثلم الوحدة واألول تعرض له كثـرة مباينة اللوازم من الذات مباينة أو غري وكثرة

تأثري لذلك يف ال ة األمساء ولكن ذلك كثر وبسببلوازم إضافية وغري إضافية وكثرة سلوب الكثرة يف الواجـب ألـا توجب يستدل على أن كثرة املعلومات ال فهو )٢("وحدانية ذاته

).٢٤٥ ـ ٢٤٤ص ( النجاة) ١( ).٧١٦ـ٣/٧١٢ ( اإلشارات) ٢(

٣٤٠

وكذلك ألا جاءت علـى الذاتمتأخرة عن الذات ومادام األمر كذلك فهي ال تدخل يف ه القضية الترتيب وهذ علىترتيب ولو كانت تدخل يف تقومي الذات ملا تأخرت أو حصلت

. كان بالذات ال يتأخرماقائمة على القياس فهو أتى بالقضية املسلمة لديهم بأنه . لذلك؟دفعهم لصفة العلم تقوم على نفي علم اهللا باجلزئيات فما الدافع الذي وإثبام

ئيات أن اهللا سبحانه وتعاىل يدرك اجلز الستحالة سينا يوضح نفيهم علم اهللا باجلزئيات فابن وذلك ألن اإلدراك عبارة عن صورة مقـررة بالزمانمثلنا من حيث هي مشخصة ومقترنة

.)١( فلو تغري ذلك املعلوم لتغريت تلك اإلضافةمعنيعند العامل تستلزم إضافة إىل معلوم جيوز أن يكون واجب الوجود يعقل األشياء من األشـياء وليس: "سينا ابن فيقول

مبا يعقل فيكون تقومها باألشياء وإما عارض هلا أن تعقل فال تكـون إما متقومة فذاته وإال أو ال تكون حبال لوال أمور من خارج مل يكن هو إذ الوجود من كل جهة وهذا حمال واجبة

مبدأ كـل سبق كما وألنه. تلزم عن ذاته بل عن غريه فيكون لغريه تأثري ال يكون هلا حال واملوجـودات بأعياـا وهو مبدأ للموجودات التامة من ذاته ما هو مبدأ له فيعقل وجود

.الكائنة الفاسدة بأنواعها أوال ويتوسط بذلك بأشخاصها حيث هي متغرية من جيوز أن يكون عاقال هلذه املتغريات مع تغريها ال آخر، وبوجه

وتارة جيوز أن يكون تارة يعقل منها أا موجودة غري معدومة ال مشخصا فإنه زمانياعقال واليعقل منها أا معدومة غري موجودة ولكل واحد من األمرين صورة عقلية على حـدة

.واحدة من الصورتني تبقى مع الثانية فيكون واجب الوجود متغري الذات إن علقت باملاهية اردة ومبا يتبعها مما ال يشخص مل تعقل مبـا هـي الفاسدات مث

ادة وعوارض مادة ووقت وتشخص مل تكن معقولة بل أدركت مبا هي مقارنة مل وإنفاسدة كل صورة حمسوسة وكل صورة خيالية أن وحنن قد بينا يف كتب أخرى متخيلةحمسوسة أو

من حيث هي حمسوسة وتتخيلها بآلة متجزئة وكما أن إثبات كثري من األفاعيل ندركهافإمنا .)٢(" الوجود نقص كذلك إثبات كثري من املتعقالتللواجب

نفي علم اهللا للجزئيات وقد اعتمد يف نفيه على الشاهد وقاس عليـه يف تقريره اهذ باجلزئيات ألن العلم باجلزئيات ال خيتلف حكمه شاهدا وغائبا فـرأى أن العلمالغائب فنفى

وأا نقصا هللا فنفاه، فهو قد بني ـ كما قال ـ أن العلم باجلزئيات يلحقها الزمان إثباتهيف أا تـدرك وأيضاهذا حيصل فيه التغري للمعلوم وهو تغري للعلم ويستلزم تغري العامل متعاقبة و

.٢٤٩، وانظر النجاة ص)٢/٢٥٩ (الشفاء انظر) ١(

).٢٤٧ ـ ٢٤٦ص ( النجاة) ٢(

٣٤١

اهللا وأيـضا أن اهللا عنهابآلة تصل بني املدرك واملدرك ويقتضي هذا اجلهة واملسافة املنـزه يعتمد على الـصور باجلزئيات ال يدرك احملسوس وحنن عند علمنا عقلليس جسما بل هو

باجلزئيات فيجب نفي هـذا العلماج ختيل بآلة وهذه تقتضي التغري فهذا حال احملسوسة وحتت .احلال عن اهللا ـ سبحانه وتعاىل

اهللا باجلزئيات يبينون العلم الذي يثبتونه هللا والـذي يتـضح فيـه لعلم نفيهم وبعد واجب الوجود إمنا يعقل كـل بل: " الغائب على الشاهد فيقول ابن سينا بقياساستدالهلم

وجه كلي ومع ذلك فال يعزب عنه شيء شخصي فال يعزب عنه مثقـال ذرة يف علىيء ش ذاته وعقل أنه مبدأ كل موجـود عقل يف األرض فأما كيفية ذلك فألنه إذا والالسماوات

شيء من األشياء يوجد إال وقد صـار مـن والعقل أوائل املوجودات عنه وما يتولد عنها . مبصادقها إىل أن توجد عنها األمور اجلزئيةتتأدىه األسباب جهة ما واجبا بسببه فتكون هذ

األزمنـة بينها من وما األسباب ومطابقاا فيعلم ضرورة ما تتأدى إليه يعلم فاألول لألمـور مـدركا هلا من العودات ألنه ليس ميكن أن يعلم تلك وال يعلم هذه فيكون وما

فباإلضـافة ت وإن ختصصت ا شخصا اجلزئية من حيث هي كلية أعين من حيث هلا صفا مبنـزلتهاإىل زمان متشخص أو حال متشخصة لو أخذت تلك احلال بصفاا كانت أيضا

. شخصيةأمورلكنها لكوا مستندة إىل مبادئ كل واحد فما نوعه يف شخصه فيستند إىل ها فإن ا علي ر هذا اإلسناد ماقد جيعل للشخصيات رمسا ووصفا مقصو من قلنا إن وقد

هو عند العقل الشخصي أيضا كان للعقل إىل ذلك املرسوم سـبيل مماكان ذلك الشخص هو واحد يف نوعه ال نظري له ككرة الشمس أو كاملشتري وأما إذا الذي هو الشخص وذلك الشيء سـبيل إال أن يـشار إليـه ذلك منتشرا يف األشخاص مل يكن للعقل إىل رسم كانيتضح من أنه جعل علم اهللا كعلمنا فهو يقول بأن اهللا يعلم ذلك ضرورة فالقياس )١("ابتداء

وكذلك عندما بني أن اهللا . تستخدم يف العلم احلادث فلماذا أنـزله على اهللا ضرورةفكلمة يعلـم وال ميكن أن يعلم تلك ليس:" الكليات وما ينبين عليها من العلم باجلزئيات قال يعلم الشاهد وألـزم منقضية إذا مل تكن قضية شاهدة عنده استقاها أين استقى هذه ال من" هذه

بني أن العلم بالكلي عندماوكذلك . ا يف الغائب؟ وإال فال معىن هلذا القول حىت يدلل عليه واملشتري وقد ال بالشمسقد يكون على أمر جزئي لعدم وجود نظريله واستدل على ذلك

.نسان مثالميكن معرفة الكلي إال مبعرفة مثاله كاإل

).٢٤٨ ـ ٢٤٧ص ( ةالنجا) ١(

٣٤٢

دليل ابن سينا دليال على العلم على وجـه كلـي دون العلـم مرشان سامل وبنيوميكن . سينا مثال لذلك فيوضح به مقصوده يف هذه املسألة ابن ويضرب: "بقوله. باجلزئيات

أن اإلنسان إذا علم قوانني األفالك أدرك كل كسوف وكـل املعلوممن : تلخيصه فيما يلي على حنو كلي وذلك كقوله يف الكسوف اجلزئي إنه حيصل يف وكانجزئي اتصال وانفصال

بينه وبني الكسوف السابق بنسبة كذا ويستمر زمـن كـذا ويكونيوم كذا يف ساعة كذا اجلزئية ال توجب تغريا يف عقل العامل ألنه يتوصـل معهـا إىل باألمورفهذه املعرفة الكلية

فإنه يتضح جليا أن اإلنسان هناومن . )١(اطته بأسباا اجلزئية إلح الكسوفاتاإلحاطة جبميع اجلزئيات عن طريق الكليات ومل يوجب تغريا يف ذاته فمن بـاب أوىل واجـب أدركإذا

أن غـري فإنه يعلم األشياء وأحواهلا ونتائجها إىل التفصيل الذي ال تفصيل بعده من الوجودن اتضح أن نفيه العلم باجلزئيات بناه على قياس اآلفلعله )٢("حيدث تغريا يف ذاته ـ عز وجل

.الغائب على الشاهد : أن الفالسفة جعلوا نفي الصفات مرجعه إىل بدعتني مهاسبق مما فيتضح

إذا وصفناه كان مركبا ألن : فقالوا ـ بدعة التركيب واليت أخذوها من الشاهد ١ غائـب فات حىت ال يتـشبه ال الص فنفواالشاهد كذلك فيجب تنـزيهه عن مشاة الشاهد

.شاهد بال كان له صفة لكان مركبا واملركـب مفتقـر إىل لو: " شيخ اإلسالم قررها كما أو

.)٣(" واملفتقر إىل غريه ال يكون واجبا بنفسهغريهأجزائه وأجزاؤه . الصفة هي األخرىإن وصفوا اهللا وجعلوا الصفات هي عني الذات بل أم ـ ٢

الغائب على الشاهد، ميكن الرد عليهم قياس وأدلتهم القائمة على بيان مذهبهم وبعد :يليوبيان موطن اخلطأ والضالل يف أقواهلم مبا

: جممل فال بد من تبيني ما يراد به فمعىن التركيب يف اللغةلفظأن لفظ التركيب : أوال . ما ركبه غريهأي )٤( هو املركبالتركيب ـ أ

.)٥(واالنقسامو يقبل التفريق واالنفصال له أبعاض خمتلفة وهما ـ ب

).٢/٣٦٠(، والشفاء )٧٢٠ـ٣/٧١٧( ، واإلشارات )٢٤٩ـ٢٤٨ص (النجاة انظر) ١( ). ١٥١ص ( عند ابن سينا، سامل مرشان اإلهلي اجلانب) ٢( ).١/١٨٨ (السنة منهاج) ٣( ).١/٥٠٤(، وبيان تلبيس اجلهمية )١/١٠٥(، والصفدية )١/٢٨٠( العقل والنقل تعارض درء انظر) ٤( ).٢/١٦٤(، ومنهاج السنة )٢/٦٢(، والصفدية )١/٢٨٠( العقل والنقل تعارضانظر درء ) ٥(

٣٤٣

بصفة فهو املركب فهذا مل يقـل اتصف إذا ال يقال على اهللا أما أن املوصوف فهذا . أبدا يف لغة العربأحدبه

والصحيح أن وصف الـذات الوحدة، عندهم من الذات والصفات ينايف فالتركيب ملا وصـفنا اهللا : اجلهميةقالت: " ـ يقول فاإلمام أمحد ـ رمحه اهللا . الوحدةنفي يقتضي ال النـصارى الصفات إن زعمتم أن اهللا ونوره واهللا وقدرته واهللا وعظمته فقد قلتم بقول ذه

.حني زعمتم أن اهللا مل يزل ونوره ومل يزل وقدرته ولكن نقول مل يزل اهللا بقدرته ونورهال نقول إن اهللا مل يزل وقدرته ومل يزل : قلنا

. مىت قدر وال كيف قدرونوره ال تكونون موحدين أبدا حىت تقولوا كان اهللا وال شيء، قلنا حنن نقول قـد ال: فقالوا

أليس إمنا نصف إهلا واحـدا جبميـع كلها مل يزل بصفاته قلنا شيء ولكن إذا والكان اهللا جذع وكـرب عن هذه النخلة أليس هلا أخربوناوضربنا هلم يف ذلك مثال فقلنا هلم . صفاته

جبميع صفاا فكذلك اهللا وله املثـل خنلةوليف وسعف وخوص ومجار اسم واحد ومسيت رجال كـافرا امسـه اهللا مسى وقد:" مث قال ـ رمحه اهللا . )١("األعلى جبميع صفاته إله واحد

كان هذا الذي مساه وحيدا وقد) ذرين ومن خلقت وحيدا (الوليد بن املغرية املخزومي فقال فقد مساه اهللا جبميع صـفاته كثريةعينان وأذنان ولسان وشفتان ويدان ورجالن وجوارح له

.)٢(" إله واحدصفاتهوحيدا فكذلك اهللا وله املثل األعلى هو جبميع من أهل السنة واجلماعة السهل املعلوم بالضرورة وال حيتاج إىل كثري جدال الرد فهذا

واهلوى تسلم به مباشرة ففي الواقع ما لـه صـفات البشرية الساملة من التعصب النفسبل واحدا وال يضر ذلك وال ينقله من وصفه واحدا إىل أنه أكثر من ذلك حبسب تعدد يسمى . صفاته أي مبعىن أن احلياة هـي العلـم الذات جعلهم الصفة هي األخرى أو الصفة عني وأما

. هي احليواحلياةوقالوا بأن العلم هو العامل . والعلم هو القدرة : تيمية بردود طويلة موجزهاابن عليهم فرد الصفة هي األخرى فهذا معلوم البطالن ببداءة العقول فهذه حقـائق بأن قوهلم أن

هي األخرى كان ذلك مبثابة قولنا إن حقيقة السواد هي حقيقـة إحداهامتنوعة فإن جعلت

) .٩٠ص ( اجلهمية لإلمام امحد، ضمن عقائد السلف على الرد) ١( ).٩٢ص ( السابق) ٢(

٣٤٤

بذلك عاقل؛ فنحن من خالل يقول فهل ،)٣( هي حقيقة اللون وهكذا الطعمالطعم وحقيقة أن تكون هي بل كل صـفة ميكنما نراه ونشاهده نعلم أن هذه الصفة ليست األخرى وال

ما يشاهده وهذا هو جممل خاللهلا حقيقة خمالفة للصفة األخرى واإلنسان يعرف ذلك من .رد ابن تيمية رمحه اهللا

ية بأنه معلوم ببـداءة العقـول أن تيم ابن قوهلم بأن الصفة هي الذات، رد عليهم مث هو الصفة فليس العلم مثال هو العـامل أو ليسالقائم بنفسه ليس هو القائم بغريه واملوصوف

بل التمييز بني مسمى املصدر واسم الفاعل واسم املعقولاملعلوم وليس العقل هو العاقل وال .)١(خر منتهى السفسطة األمم فجعل أحدها هو اآلولغاتاملفعول مستقر يف فطر العقول

أثبتوا صفات هللا ـ سبحانه صفاا أنه ال ميكن أن تكون هناك ذات دون ولفطرية قيامها باهللا مثل وصفهم أنه عقل وعاقل ومعقول وأنه عشق وعاشق وأثبتواوتعاىل ـ فهل هذه تقتضي التركيب أم ال وال وجه . وأن له إرادة وعلم وقدرة وحياةومعشوق تقدموأما ما ادعوه بأا عني الذات أو أا ترجع لصفة واحدة فقد . من إلزامهمهاإلخراج

.الرد على ذلك

). وما بعدها١/٢٨٥( العقل والنقل تعارض درء أنظر) ٣( ).ا ومابعده١/٢٨٥( العقل والنقل تعارض درء انظر) ١(

٣٤٥

א:אא א

:א:אא لو أا" األمساء ونفوا الصفات، وحجتهم اليت نفوا ا الصفات أثبتوا هؤالء فقد أما فإما أن تكون حمدثة فيلزم قيام احلوادث بذاته تعاىل وإما أن تكون على الذات زائدةكانت من أكثروقد كفر النصارى لقوهلم بقدماء ثالثة فكيف مبن أثبت . فيلزم تعدد القدماءقدمية .)١("ذلك

اهللا تعاىل لو كان عاملا بعلم فإما أن يكون أن: " ذلك صاحب االنتصاربقولهبني وقد اثننييكون حمدثا، وال ميكن أن يكون قدميا ألن هذا يوجب وجود العلم قدميا أو ذلك

يكون كذلكقدميني وهو تعدد وهو قول فاسد وال ميكن أن يكون علما حمدثا ألنه لو كان أصبح حمال نفسهقد أحدثه اهللا إما بنفسه أو يف غريه أوال يف حمل فإن كان أحدثه اهللا يف

كان ذلك غريهوإذا أحدثه يف . ث فهو حادث وهذا حمالللحوادث وما كان حمال للحواد غريه وال يعقل أن دونالغري عاملا مبا حله من دونه كما أن من حله اللون فهو املتلون به

إال حال واحد هو أن يبقىيكون أحدثه ال يف حمل ألن العلم عرض ال يقوم إال يف جسم فال . )٢("اهللا عامل بذاته

صاحب االنتصار السابق على ماهو مستقر يف عقله من أن حقيقة معىن كالميشتمل : الغائب هي حقيقة معناها يف الشاهد ويتضح ذلك فيما يلييفالصفة

هذين القسمني؟ هل إىلمن أين له أن العلم ينقسم ) العلم إما قدمي أو حمدث: (قال -١ وعليه دليل معلومر هذا أمر معلوم وعليه دليل أم هو حمض خيال؟ والصحيح أن األم

.مبا هو مستقر يف الفطر ومبا هو معلوم من الشاهد وهو يلزم قدمينيوال ميكن أن يكون قدميا ألن هذا يوجب وجود اثنني (وقوله -٢

رأى يف ألنهمن أين له هذا اجلزم؟ ومن أين له هذه القضية اليت ادعاها؟ ) التعدد ألن مع خمالفة قوله للواقع حقيقة وجود شيء ومثيله يستلزم التعددإن املشاهدات

. العلم صفة واهللا موصوف وفرق يف الشاهد بني الصفة واملوصوففمن ). أو ال يف حملغريهلو كان العلم حمدثا فهو إما أحدثه بنفسه أو يف : ( قولهمث -٣

بالشخص أو يقوم يقومأين له هذا التقسيم؟ فهونظر إىل العلم يف الشاهد فهو إما أن

).٢/٥٩ (املقاصد شرح) ١( ).٨٣ ـ ٨٣ص (االنتصار) ٢(

٣٤٦

إال يف جسم يقومإن العلم عرض ال : ما االحتمال الثالث فقد رده هو فقالبغريه أ . وهذا يوضح أن أساس الشبهة هو إعطاء معىن صفة اهللا حكم معىن صفةالشاهد

أن القدمي لفظ جممل حيتاج إىل تفصيل إن كان يعين أن الصفة ذاتا الصحيح ولكن الصفة ال بد أن تكون يف موصوف ال فهذا منفي وهذا أيضا ال ميكن ألنمستقلةمنفصلة .)١(وإن كان يقصد أنه ال ابتداء هلا فال ما نع فهذه صفات اهللا كذلك. عنهمستقلة

إن الصفة هي عني الذات ـ وهذا قد رد عليه عند الكالم عند قالوا إم بل .)٢(" علم وال عامل سواهال: " قوهلم هذا قول حيىي بن احلسنييبنيالفالسفة ـ ومما

على املعتزلة ما ورد يف القرآن من صفات، وما هو معلوم يف النفس أشكل مث أنه ال ميكن أن يكون شيء دون أن تكون له صفات فاختلفت عبارام والفطروالعقول

العبارات يف املسألة الواحدة وهم ينتمون إىل فرقة واحدة يدلل على أن اختالففيها ولعل وفيق بني ما يقولون وما هو معلوم يف بداءة العقول وهذا ال تستطيع التأصبحتعقوهلم

املنهج وفساد يف التصور فلهذا اختلفت عبارام وذلك ملخالفة ما يقولونه ملا يفاضطراب عامل تعاىل الباري إن: "فقال أبو اهلذيل العالف. فمثال اختلفوا يف الصفات. ومعلومواقعهو

. )٣("ة ذاته، حي حبياة وحياته ذاتهبعلم وعلمه ذاته، قادر بقدرة وقدرت كان" نقل اخلياط أن أبا اهلذيل بل )٤(..." علما هو هوهللا: " موضع آخريف ويقول

.)٥("يقول إن اهللا هو اهللا صفة العلم لكن هذه الصفة ال ختتلف عن الذات بل هي الذات والعالف يثبت فهو

عامل بذاته بال علم ـ وهذا نفي للصفة ـ اآلخرين الذين قالوا إن اهللا املعتزلةوإن خالف . قوهلم واحدة وهي نفي حقيقة الصفةفنتيجة

أبو هاشم أن ينفي الصفات وهو أمر ال ميكن عقال ولذلك احتال لألمر أراد وقد . بدال من تسمية الصفات، كأن املسألة هي مسألة ألفاظأحواالومساه

عامل لذاته مبعىن أنه ذو حالة هو: "قال الشهرستاين قوله وعقب عليه حيث نقل وقد . هي صفة معلومة وراء كونه ذاتا موجودا وإمنا تعلم الصفة على الذات ال بانفرادهاخاصة

).٢/١٣٠ (السنة منهاج انظر) ١( ).٢/١٣٨( والتوحيد العدل رسائل) ٢( ).١/٤٩ (والنحل امللل) ٣( ).١/٢٦٥ (األسالميني مقاالت) ٤( ).٨٠ص (االنتصار) ٥(

٣٤٧

.)١(" أحواال هي صفات ال موجودة وال معدومة والمعلومة وال جمهولة فأثبت اليقول يف األحوال إا إنه": البغدادي األحوال اليت يقول ا أبو هاشم فقالوضح وقد

إا يقول و ال إا معدومة وال إا قدمية وال حمدثة وال معلومة وال جمهولة، وال موجودة .)٢("مذكورة مع ذكره هلا

أجلأه إىل القول باألحوال سؤال اصحابنا قدماء املعتزلة عن الذي: "البغدادي يقول كوما مع، أو لعلة؟ وأبطلوا مفارقته إياه لنفسه منا هل فارق اجلاهل مبا علمه لنفسهالعامل

حينئذ يكونوبطل أن تكون مفارقته إياه ال لنفسه وال لعلة ألنه ال ... من جنس واحد ما ووجب أيضا أن ملعىنمبفارقته له أوىل من آخر سواه فثبت أنه إمنا فارقه يف كونه عاملا

أنه إمنا فارقه حلال كان فزعم ا فارقه معىن أو صفةاهليكون هللا تعاىل يف مفارقة اجل . القياس واضح وجلي هناولعل )٣("عليها

احلركة... عرض قام مبحل فإمنا يقوم به ملعىن أوجب القيام بهكل: " فقالمعمر وأما أوجب املخالفة وكذلك مغايرة املثل املثل ومماثلته، مبعىن خالفت السكون ال بذاا بل إمنا

.)٤(" مبعىنعندهضد كل ذلك وتضاد الضد ال وجد معمر جسمني ساكنني ملا: " أراد شرح قول معمر فقالاالنتصار وصاحب

مث وجد أحدمها قد حترك دون صاحبه كان ال بد عنده من معىن حله دون اآلخرأحدمها يلي حترك وإال مل يكن بالتحرك أوىل من صاحبه فإذا كان هذا حكما صحيحا أجلهصاحبه من

من معىن حدث له حلت من أجله احلركة يف أحدمها دون صاحبه وإال مل يكن أيضاد فال ب أحدمها أوىل من حلوهلا يف اآلخر وكذلك إن سئل عن ذلك املعىن مل كان عليه يفحلوهلا يف أحدمها دون صاحبه قال ملعىن آخر وكذلك أيضا إن سئل عن ذلك املعىن احلركةحللول .)٥("وابه فيما قبله جوابه فيه كجكاناآلخر

هنا والسبب يف قول معمر ـ كما قال صاحب االنتصارـ النظر يف واضح فالقياس من أن للشيء صفة وأراد أن يوافق أصحابه بأن الصفات تنفى االنفكاكالشاهد فلم يستطع

. فهذا القياس الضروري أجربه على هذا القولمعاين،عن اهللا فسماها

).١/٨٢ (والنحل امللل) ١( ).٢٠٥ص( الفرق بني الفرق) ٢( ).٢٠٥ص ( السابق) ٣( ).١/٦٧( والنحل امللل )٤( ).٥٥ص (االنتصار) ٥(

٣٤٨

هلم يف بعض صفات اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ يتضح عرض بعض أقواخالل ومن .القياساستخدامهم هلذا

كالمه ـ عز وجل ـ ال خيلو إما أن يكون إن: " الكالم، يقول القاضيصفة: أوال جيوزفإن كان مثال لكالمنا فال جيوز أن يكون قدميا ألن املثلني ال . أو اللكالمنامثال

هذا الذي هو كان خمالفا لكالمنا فال يعقل ألن الكالم ذاوإ. افتراقهما يف قدم أو حدوث يكون هناك أننسمعه فلو جاز أن يكون يف الغائب كالم خمالف ال نسمعه فيما بيننا جلاز

قد صح يف : يقولون أم اعلم: "ويقول يف موضع آخر. )١("لون آخر خمالف هلذه األلوان فيه يستمر على واحلالكتا كان متكلما أحدنا أنه إذا خرج عن أن يكون أخرسا أو سا

كان تعاىل قد زال عنه فإذا. وجب يف الشاهد وجب مثله يف الغائبوما .طريقة واحدة ما نقوله من إثباته ذلكويف . اخلرس والسكوت مل يزل فيجب أن يكون متكلما مل يزل

.)٢("متكلما لنفسه أو بكالم قدمي إن قياس الغائب على الشاهد ال يصح قلنا: "قال على من أثبت صفة الكالم فرد مث

احلكم بل ال بد من علة لذلك احلكم معلومة يف الشاهد فيما يقع التوفيق بينهما جمرديف يفوعندنا أن العلة اليت اقتضت هذا احلكم يف الشاهد غري ثابتة . يفرق بينهماوبعدمها

اختصتتكلم إال بآلة فهي إذا الغائب بل هي مقصورة على الشاهد وذلك أن أحدنا ال يفإذا كان … كانت صحيحةوإنبآفة وضرب من ضروب املنع وصف احلي بأنه أخرس منع وال آفة وال كان قد كفها اآللةالقدمي ممن يتكلم ال بآلة وجارحه فيقال إذا مل يكن يف نظمها الشاهد لزوال العلة اليت تعلىعن الكالم فيجب كونه متكلما بطل قياس الغائب

.)٣(" تعاىل متكلما بفم ولسانأثبتهوليس تكاد تستمر هذه الطريقة إال على قول من ،)٤(" املنظومة واألصوات املقطعة احلروف: " عن حقيقة الكالم بأنهالقاضي وقال

. )٥(" فصاعدا أو ماله نظام من احلروف خمصوصحرفني ما انتظم من هو: "وعرفه بأنهحد حدوث كالمه الذي ثبت أنه كالم له أن الكالم على ما يدل على والذي: "ويقول جبواز ال يكون إال حروفا منظومة وأصواتا مقطعة وقد ثبت يف صرف حاله أنه حمدث قدمناه

).٥٥٠ص( اخلمسة األصول شرح) ١( ).٣٣٣ص( بالتكليف احمليط) ٢( ).٣٣٤ ـ ٣٣٣ص (بالتكليف احمليط) ٣( ).٥٢٨ص( اخلمسة األصول شرح) ٤( ).٥٢٩ص( اخلمسة األصول شرح) ٥(

٣٤٩

فمن خالل هذه النصوص يتبني اعتمادهم . )١("العدم عليه على ما بيناه يف حدوث األعراضغائب على الشاهد فنفوا الصفة لتومههم صفة الكالم ـ كما صرحوا ـ على قياس النفييف يكون من لوازم الصفة وحقيقتها يف الشاهد هي حقيقة للصفة على اإلطالق أو حىت ماأنه

. للغائب فاحلقيقة شاهدا هي احلقيقة غائبا دون التمييز بينهما يف احلقيقةختصيصهاعند م نفوا هذا احلكم ادعائهم أم ال يقيسون الغائب على الشاهد وذلك ألومع فهم

. على الذي يف الغائب ولذلك فهم ال يقيسونالشاهدالذي يف أن األمر غري ذلك فالدافع للنفي هو القياس؛ فهم مثلوا الغائب الصحيح ولكن

. األمر مث نفوا ذلك ألم مل يفهموا من األمر إال ذلكبادئبالشاهد يف ن مل تثبت هللا إال عندما ورد حقيقة الكالم حبرف وصوت صحيحة ولكأن فقوهلم

أمر غري مستبعد بل هذا ما يدل عليه العقل فال ميكن أن يكون ألنها النص، وكذلك ولكن صوت اهللا ال يشبه أصوات املخلوقني كما أن أصوات وصوت،متكلما إال حبرف . البعضبعضهااملخلوقني ال تشبه

يقول البخاري . م املخلوقني اهللا وكالمه ختالف حقيقة أصوات وكالصوت فحقيقة ـ عز وجل ـ ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب اهللا وإن: "ـ رمحه اهللا

ويف هذا دليل أن صوت اهللا ال يشبه أصوات اخللق ألن . جل ذكرهاهللافليس هذا لغري من صوته من بعد كما يسمع من قرب وإن املالئكة ليصعقونيسمعصوت اهللا جل ذكره

.)٢(" مل يصعقوااملالئكةفإذا تنادى القدرةصفة :ثانيا الفعل تدل على كونه قادرا، وأما الذي يدل على أنه صحة: " فيهاالقاضي يقول

ولو مل . منه الفعل فهو أنه وقع منه الفعل وهو أجسام العامل وكثري من األعراضصحتعاىل علىصحة وأما الذي يدل على أن صحة الفعل داللة مل يقع إذ الوقوع أمر زائد على اليصح

واألخرىكونه قادرا فهو أنا نرى يف الشاهد مجلتني إحدامها صح منه الفعل كالواحد منا بأمر من الفعلفمن صح منه الفعل فارق من تعذر عليه . تعذر عليه الفعل كاملريض املدنف

ثابت يف احلكيم احلكموهذا . قادرااألمور وليس ذلك إال صفة ترجع إىل اجلملة وهي كونه

).٧/٨٤ (املغين) ١( ) .٥/٣٥٥(، وأنظر فتح الباري)١٩٢ص (ري ضمن عقائد السلف العباد للبخاأفعال خلق) ٢(

٣٥٠

فيها واضح فالقياس )١("غائبا أن يكون قادرا ألن طرق األدلة ال ختتلف شاهدا أو فيجب . القاضي بهصرحكما صفة العلم: ثالثا

وأما: " العلم استخدموا القياس فيها واضحا قال القاضي عبداجلبارصفة وكذلك كم داللة على كونه عاملا فهو أنا وجدنا يف الشاهد أن صحة الفعل احملعلىالذي يدل

قد صح منه الفعل احملكم كالكاتب واآلخر تعذر عليه كاألمي فمن صح منه أحدمهاقادرين من تعذر عليه بأمر من األمور وليس ذلك األمر إال صفة ترجع إىل اجلملة وهي فارقالفعل .)٢(" عاملاكونه

: " عتزلة يؤولون السمع والبصر بأنه العلم فيقول بأن كالما للمالشهرستاين وينقل عامل ذهب ومن تابعه من البغداديني إىل أن معىن كونه تعاىل مسيعا بصريا أنه الكعيب

الذي جيده اإلنسان من ) ونقل عن الكعيب شرحه لقوله هذا(…باملسموعات واملبصرات ويسمعه باملبصر بل حيس املبصر إدراكه للمسموع واملبصر بقلبه وعقله فال حيس بصرنفسه

بصره بوسائطولكن ملا مل حيصل له ذلك العلم إال . ذان وذلك هو العلم حقيقةهالسامع ال على والدليل. وإال فاملدرك هو العامل وإدراكه ليس زائدا على علمه. مسي البصر حاسة

تللك التفرقة أن إال ذلك أن من علم شيئا باخلرب مث رآه بالبصر وجد تفرقة بني احلالتني وإطالقليست تفرقة جنس وجنس ونوع ونوع بل تفرقة مجلة وتفصيل وعموم وخصوص

.)٣("وتعيني وإال فشعور النفس ما يف احلالتني واحد هو معروف يثبتون األمساء دون الصفات، فهم يقولون أنه عامل وقادر كما فاملعتزلة

هذا ما يرونه هروبا من قياس اهللا . أن له قدرة يصفوه بأن له علما أو أنولكن ال ميكن ومل أمساء اهللا ألم ال ميكن أن يهربوا من إثباا ألن القرآن أتى ا صرحية أثبتوافهم . خبلقه

إخل وهذا .. ورمحةجيدوا مناصا من إثباا، وأما الصفات فمنها ما يتعلق باملخلوقني من إنعام لوازم ختصهم فظنوا وهلاا املخلوقون وهلا حقيقة فيهم من آثار الصفات، ومنها ما اتصف

.وتعاىلأن هذه حقيقة الصفة فنفوا الصفات لذلك عن اهللا ـ سبحانه ) وأن القادر هو من يصح منه الفعل: ( قول القاضي عبداجلبار يف كونه قادراعلى وللرد أنه قادر أما إذا مل يقع نفسي ال ميكن التحقق منه إال حبصول القدرة اليت تبنيأمرفهو

).١٥٢ـ١٥١ص( اخلمسةاألصول شرح) ١( ).١٢٠ص (بالتكليف احمليط) ٢( ).٣٤٣ ـ ٣٤٠ص( األقدام اية) ٣(

٣٥١

قادر؟ أنه أو مثيله أو ماهو أكرب منه فال تثبت القدرة وال يكون قادرا فمن أين أثبت املقدور خبلقه للعامل ألنه قادرفهو عندما أثبت أن اهللا . فهو يف احلقيقة أثبت أنه قادر لفظا ال حقيقة

فاستدل بصحة الفعل خالق من ال يستطيع إال أن يثبت ذلك ألن العامل حمدث وال بد له ألن النفس والعقل ال ميكن الفعلبالوقوع مث أراد أن يهرب بأن الوقوع أمر زائد على صحة

إال بوقوع ما ميكن إثبات هذا الفعلأن يقررا ويثبتا أن هذا يصح منه الفعل أو ميكن منه .احلكم لهن يثبت أنه عامل إال بإحكام نفى صفة العلم واثبت أن اهللا عامل مل يستطع أعندما مث كما يقول فأثبت ذلك بالنظر إىل الشاهد فرأى رجال يكتب وآخر ال يكتب فعرف الفعل

ومل حيكم عليه إال بعد الفعل وكتابته حصلت من العلم الذي تعلمه . عامل وهذا أميهذاأن العلمر هذا مل يستطع أن يستدل على ذلك، وأما إثباته كونه عاملا دون أن تظهر آثاوإال

حلقيقةبالفعل فال عربة باألمساء دون إثبات ما حتمله من صفات ومعان ألن يف ذلك نفي الغائب قياساألسم ، وأيضا استدل علىكونه عاملا بكونه قادرا وذلك أيضا اعتمد فيه على

.على الشاهدفالعلم . الفعل احملكم يدل على العلم هذا ليس ما يدل علىالعلم فقطبأن وكالمهم

. )١( علمته وخربته فهو علم وإن مل يظهر منه فعل وعلم بالشيء شعر بهفمانقيض اجلهل تعلمه من املاضي واحلاضر وما ال يقف على إحكام الفعل بل يدخل فيه األخبار فالعلم

فال يقف ذلك على إحكام العلوم واملستقبل وما تعلمه من اآليات واألحاديث وغريها من . فقطالعلمالفعل فقط فهذا جزء أو أثر يدل على العلم وليس هو

: اخلربيةالصفات يتضح منهجهم فيها من خالل أقوال القاضي عبداجلبار، فهو عندما شديد باختصار

ية عن اخلربية نفاها ألن إثباا يؤدي إىل أن اهللا جسم واجلسمية منفالصفاتتكلم عن بعض وتعاىل ـ وأورد الشبه العقلية والنقلية اليت استدل ا من يثبت اجلسمية، مث سبحانهاهللا ـ ورد بعض الصفات اليت ال ميكن اتصاف اهللا ا مثل صفة العني والوجه واليد والساق ذكر

يلزمه الذي القول يف ذلك أن ومجلة: "ليس جسما مث عقب بقوله) اهللا(عليهم بأن املقصود جيوز أن والأن يعلم أنه تعاىل مل يكن جسما فيمامل يزل وال يكون كذلك فيما ال يزال

استحالة علىوالذي يدل على ذلك هو أن ما دل . يكون على هذه الصفة حبال من األحوال

).٤/٣٠٨٢(، واللسان )٣/٢٩٢ ( النهاية أنظر) ١(

٣٥٢

احلاالت سائركونه جسما اآلن ثابت يف مجيع احلاالت فيجب استحالة كونه جسما يف .)١("ذلكفهذه طريقة القول يف

نفي هذه الصفات اا تقتضي اجلسمية واألجسام متماثلة واهللا ال يشبه يف فالسبب يف النفي هو قياس الغائب على الشاهد فقد جعلوا حقيقة الصفة هي فالسبباملخلوقني،

املخلوقني وملا استقر يف الفطر من املباينة بني اخلالق واملخلوق نفوا عن اهللابهحقيقة ماخيتص . أن فيه مساواة بني اخلالق واملخلوقماظنوا :األشاعرة: الثايناملطلب خيتلفون يف الصفات عمن سبقهم إال بإثبات الصفات السبع فقواعدهم ال فاألشاعرة

ا الصفات ال ختلو من شبه السابقني هلم بل إن متأخريهم خالفوا أوائلهم وينفوناليت يثبتون لكنعض الصفات، فأواخر األشاعرة تأثروا باملعتزلة فنجدهم يثبتون الصفة يثبتون بالذين

.ينفون حقيقتها فأصبحوا نفاة الصفات السبع وقالوا إا زائدة على الذات وليست هي الذات أثبتوا فاألشاعرة

.)٢( ـ سبحانه وتعاىل ـ وإا قدمية أزال وأبداباهللاوإا قائمة وجيعلون الصفات السبع املعنوية مقابل . سية ومعنوية وفعلية إىل نفالصفات وقسموا بني فرقوا والذين: " رمحه اهللا ـ بقولهـ يف هذا التقسيم يوضحه ابن تيمية والسببالنفسية

خبالف النفسيةالقيام بالنفس والقدم وحنو ذلك من الصفات : الصفات النفسية واملعنوية قالوا تقديره فجعلوه من بدون ما ال ميكن تقدير الذات يف الذهن العلم والقدرة فإم نظروا إىل

يعقل موجود قائم بنفسه الوال ريب أنه . النفسية وما ميكن تقديرها بدونه فجعلوه معنويا . ذاته بدون علمتقديرليس قائما بنفسه خبالف ما يقدر أنه عامل فإنه ميكن

ففي نفس األمر مجيع صفات الرب عاد إىل ما قدروه يف أنفسهم وإالالتقدير وهذا صفات نفسية ذاتية فهو عامل بنفسه وذاته وهو عامل بالعلم وهو قادر بنفسه هيالالزمة له

قادر بالقدرة فله علم الزم لنفسه وقدرة الزمة لنفسه وليس ذلك خارجا عن وهووذاته وقاسوا عليه ) هدالشا( يرونه يف أنفسهم مافالسبب يف التفريق هو . )٣(" نفسهاسممسمى

.الغائب وهو اهللا ـ سبحانه وتعاىل

).٢٢٧ص ( وانظر املسألة من ) ٢٣٠ص ( اخلمسة األصول شرح) ١( ).٦٠ص (االنتصار نظرا) ٢( ).٢٢ ـ ٣/٢( العقل والنقل تعارض درء) ٣(

٣٥٣

يف النفي فهي كشبه السابقني تقوم على نفي التجسم والتركيب وحلول شبههم أما .احلوادث : للصفات السبع اعتمدوا فيه على قياس الغائب على الشاهد فمثالاألشاعرة فإثبات األحياء يف الشاهد منهم من يأيت منه الفعل إن: " يف إثباااملكاليت يقول :صفة القدرة: أوال

فإذا ميزنا مجلة صفات احلي ورمنا العثور على املعىن الذي ألجله . يأيت منه ذلكالومنه من صحح التعذر وحتقق التأثر والتيسري مل جند إال صفة القدرة وكونه قادرا فكان الذي ارتفع

. )١("الفعل من احلي هو كونه قادرا األشاعرة يف إثبات هذه الصفة املاتريدي والخيالفهم يف إستدالهلم فيقول قواف وممن

ولكن . )٢(" يوجد يف الشاهد قادر غري ممنوع ال فعل له والشاهد دليل الغائبال: "إثباايف . )٣( الفاعل يف احلقيقةينفوناستدرك عليهم املعتزلة بأم

الشاهد إال أنا يف وإن مل نثبت إجيادا وإبداعا ابأن: " اآلمدي على املعتزلة بقولهفرد حركة املرتعش عن امتازتحنس من أنفسنا تيسرا وتأتيا ومتكنا من الفعل وبذلك الوجه

أهو إجياد أم اكتساب احلادثةحركة املختار وهذا أمر ضروري مث إن وجه تأثري القدرة .)٤("فرقتموحنن ذا الوجه مجعنا ال بذلك الوجه الذي . نظرتان . وأن املخلوق فاعل حقيقةباالختيار هذا الكالم فرارا من اإللزام قال

على قياس الغائب على الشاهد فإثبات القدرة هللا ـ سبحانه وتعاىل ـ معتمد فكالمهم يف الشاهد أوال مث أخذ احلكم العام أو القضية الكلية وقيس ا الغائب إثبااهي من خالل

. صدر منه هذا احلكم واحلق بالشاهدلذيا العلة ال ختتلف حكمها وكذلك: " يف إثبات هذه الصفةاألشاعرة قال: صفة العلم: ثانيا

صادفنا إحكاما وإتقانا يف األفعال وسربنا ما ألجله يصح اإلحكام وكذلكشاهدا وغائبا، . )٥(" فلم جند إال كونه عاملا الفاعلواإلتقان من

).٢٠٦ص ( العقول لباب) ١( ).٤٦ص (للماتريدي التوحيد) ٢( ).١٧١ص( اية األقدام انظر) ٣( ).٤٧ص (املرام غاية) ٤( ).٢٠٦ص( ، وأنظر لباب العقول )١٧١ص ( األقدام اية) ٥(

٣٥٤

فعله متقن وكل من كان فعله متقن فهو عامل أما األول إن: " املواقفصاحب ولويق . )١("فضروريوأما الثاين ... ملن نظر يف اآلفاق واألنفسفظاهر

عند وجود له )٢( بد من إيضاح أمر هنا وهو أن األشاعرة يرون أن اهللا ال يتجددال ولكن م حللول احلوادث ألنه يلزم من ذلك التغري يف مبين على نفيهوهذااملعلومات نعت وال صفة

التجدد من عدمه وهل هناك اختالف بني العلم السابق والعلم عند يفذات اإلله، والكالم . عرض منهج أهل السنة واجلماعةعندسيتبني . حدوث املعلوم

إثبات هذا املنوال ال خيرجون عنعلى متضي األشعرية بإثبات الصفات املعنوية وهكذا . على ما يروناحلكماحلكم شاهدا وإحلاق الغائب الذي صدر منه نفس

أثبتوا الصفات املعنوية أرادوا أن يثبتوا صفات املعاين أي معىن كونه عاملا أنه أن وبعد .إخل، وهنا أيضا يتضح جليا هذا القياس... علم ومعىن كونه قادرا أنه ذو قدرةذو

العامل عاملا شاهدا معلال بالعلم والعلة العقلية مع معلوهلا ثبت كونقد: "فيقولون الصفة وال جيوز تقدير العلم من غري أن يتصف حمله بكونه عاملا فاقتضاء الوصف يتالزمان

وجبكاقتضاء الصفة الوصف فمن ثبت له هذه الصفات وجب وصفه ا كذلك إذا .)٣("وصفه ا وجب إثبات الصفة له

الذي يقتضي العلم شاهدا حكما يقتضيه غائبا وإن اختلف العلمان الوجه ":ويقولون حكم االختالف حلكميهما من الوجه الذي يقتضي العلة معلوهلا ألجله فإن العلم يثبتفال والعلم ك خيالف العلم القدمي عندنا بكونه حادثا عرضا خمتصا مبتعلق واحد إىل غري ذلشاهد

ثابتون العامل عاملا وإمنا يوجبه من حيث يكون علما وذلك ذا الوجود ال يوجب ك .)٤("شاهدا وغائبا

تقررت حقيقة شاهدا يف حمقق اطردت يف مهما: " جعلوا قاعدة كبرية هيإم بل خالل هذه القاعدة ومن ،)٦(" ال ختتلف شاهدا وغائبااحلقيقة إذ: "ويقولون )٥("غائبامثله

. اثبتوها ونفوا مانفوهأثبتوا الصفات اليت

).٢٨٥ص (املواقف) ١( ).٩٨ص (داإلرشا) ٢(

).٢٢٨ص (العقول لباب) ٣( ).٩٠ـ٨٩ص ( اإلرشاد) ٤( ).٨٤ص (اإلرشاد) ٥( ).١٩٠ص (األقدام اية) ٦(

٣٥٥

إىل الكتاب من غريهم من الفرق يف إثبام لبعض الصفات مما سبب هلم أقرب فهم فهم يقرأون القرآن وجيدون فيه أخبارا عن أمساء اهللا وصفاته مث ينظرون يف االضطرابهذا

فقط عقوهلم العقلية اليت ألزموا أنفسهم ا فسبب هلم اضطرابا فهم مل يعتمدوا على القواعد كما السليمةكما يفعل الفالسفة ومل يعتمدوا على الكتاب والسنة اليت ال ختالف العقول

.فعل السلف فأصام ما أصام . األخرى اليت نفوها فهم ال خيالفون السابقني يف شيء أبداالصفات وأما أرجعوه إىل ما نفوه تومها بأن هذا يستلزم معىن باطال يف حق اهللا لوأن والصحيح قرروا بأن علم اهللا خيالف علم موا ذلك يف الصفات السبع فهتكما أثبملا نفوه احلقاملعىن

معناها يف اهللا خيالف املعىن الصفات يد اهللا ووجه اهللا وغري هذه من فكذلك )١(املخلوقني .املوجود يف املخلوقني

).٩٨ص ( اإلرشاد) ١(

٣٥٦

:واجلماعةالصفات عند أهل السنة : الثالث املبحث

احلق املوافقون للكتاب أهل عرض منهج أهل السنة واجلماعة يتبني أم هم عند املبحث على شكل قواعد هي هذاوالسنة والعقل الصريح، ولعدم اإلطالة سيكون الكالم يف

:املقدمات للدليل العقلي الذي يستخدمونه اهللا عليه وسلم ـ من صلىه ـ ما أثبته اهللا لنفسه يف كتابه أو أثبته له رسوليثبتون )١(

أوونفي ما نفاه اهللا عن نفسه يف كتابه . )١(غري حتريف وال تعطيل ومن غري تكييف وال متثيل .)٢(نفاه عنه رسوله ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ مع اعتقاد ثبوت كمال ضده هللا تعال

اجلماعة ال يعتمدون فأهل السنة و. من خلقه ورسوله أعلم الناس بربهبنفسه أعلم فاهللا إثبات صفات اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ بل يثبتون ما أثبته اهللا يف كتابه وعلى يفعلى العقل

وأما االستدالل عليها فيمكن هلم . ه وصفاتهئ ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ من أمسانبيهلسان .قع األدلة العقلية املوافقة ملا جاء يف الكتاب والسنة املطابقة للواخاللمن

نفي ملا ختتص به املخلوقات فال تستعمل حقيقة ما تتصف به للتمثيل فردهم استعمال قياس الغائب على الشاهد، وردهم للتكييف من باب منع تعميم اثناءاملخلوقات يف

على املعىن العام للصفة، ألن معرفة الكيفية معتمدة على معرفة املخلوقاتخصائص صفات هذا رد هلذا اجلانب من قياس التمثيل، وكذلك ردهم للتحريف ويفاملوصوفذات

معرفتهم ملعىن الصفات وأم اليتكلمون إال فيما يعرفونه وليست علىوالتعطيل يدل . عندهم ألفاظ دون معانيهاوالسنةنصوص الكتاب

هللا يثبتون صفة فال )٣( لنفسهاهللا اهللا توقيفية فال يثبت منها إال ما أثبته صفات )٢( يف الكتاب والسنة، وأما باب اإلخبارعنه ـ سبحانه وتعاىل ـ فواسع ماوردإال

املعىن املخرب به عنه ـ سبحانه وتعاىل ـ عن املعاين الثابتة له من خيرجشريطة أال . والسنةالكتاب

لكن ال بد من ظواهرها، أهل السنة واجلماعة حيملون النصوص على إن )٣( من العبارة كاملة فلم معناه أن لغة العرب تعبريية مبعىن أن اللفظ يؤخذ إيضاح أمر مهم هو

على معىن لوحده، بل ال بد يدليعرف عن العرب أم قاموا بتقطيع الكالم، وأن كل لفظ

).٣/٣( الفتاوى) ١( ).٥٧ص (التدمرية : انظر) ٢( ).١/٢٧٠(، وشفاء العليل )١/١٧٠( بدائع الفوائد انظر) ٣(

٣٥٧

وااز كان ذلك بسبب التأثر احلقيقةمن أخذ العبارة كاملة؛ فاملبتدعة عندما تكلموا يف فهموا من طور التعليم أو الكالم وكذلك. لومهم على اللغة العربيةبعلوم اليونان وإنـزال ع

أن يتعلم العربية بأن األلفاظ يف أول ما يتعلم يريدباللغة سواء من الطفل أو غري العريب الذي جمازا والواجب القياس على ما مت وكمل ال على ما يكونتكون هي احلقيقة مث ما بعدها

.ابتدأالعبارة كاملة حىت ال يتوهم متوهم أن أهل السنة واجلماعة يؤلون من يؤخذ فالظاهر

.)١( تللك الصفةأوذلك أللفظ مـا تنـازع فيـه إن: " ابن تيمية قول ملعاين األلفاظ املة احملدثة يوضحه وقبوهلم )٤(

له أن يوافق على إثبات لفظه أو نفيـه حـىت والاملتأخرون نفيا وإثباتا فليس على أحد بل أراد باطال رد وإن اشتمل كالمه على حق وباطـل مل وإنفإن أراد حقا قبل . ف مراده يعر

درل مطلقا ومل يقب٢(" معناه بل يوقف اللفظ ويفسر املعىنمجيعي(. لفظـا مسع فيجب على اإلنسان إذا الفكر من أكرب أبواب الوقوع يف الزلل يف فهذا أثبتـه، منها الباطل أن يوقف املتكلم على مراده فإن كان حقا عدة معان منها احلق و حيتمل

ما التزمـوه املبتدعةوألجل ذلك التزم . وإن كان باطال رده، ولكن ال يرده وال يثبته مطلقا البحث يف املعـىن دونمن الكالم يف أبواب العقيدة من خالل قبوهلم ملصطلحات الفالسفة

.احلق واملعىن الباطل اجلسم وواجلهة واحليز دون التمييز االلفاظلطوائف املخالفة ألهل السنة ذه ا فكالم

علم من النصوص الشرعية إثباته وبنوا عليـه مابني الوجه احلق والباطل أجربهم على نفي .والسنةأقواال وأدلة ختالف نصوص الكتاب

.يل اآليات األوىل أو دلقياس يستخدمون حبق اهللا ـ سبحانه وتعالىـ إال ال )٥( قياس الغائب على الشاهد ولكنهما من سبق بيان أن قياس األوىل ودليل اآليات وقد

.خيالفان الصور األخرى بأمور ذكرت سابقا . األوىل يقتضي املماثلة؟لقياس يعين ذلك أن استخدام أهل السنة واجلماعة فهل بل . ته وال صفاته وال أفعاله ال يف ذا خلقه قياس األوىل ينفي مماثلة اهللا لشيء من إن

ثالثة فللصفة:" دون تقييدها خبالق أو خملوق املطلقةإنه حيصل من االسم املشترك أو الصفة إىل الرب وتارة تعترب مضافة إىل العبد وتارة مطلقة ال ختـتص مضافةاعتبارات، تارة تعترب

).٢٣٦ ـ ٥/٢٣٥( العقل والنقل تعارض درء) ١( ).٢٦ص ( التدمرية) ٢(

٣٥٨

جممل مطلق ال يقال عليه كله فهذا والكالم العلم والقدرة قلنا أما إذا …بالعبدبالرب وال املوصوف فإن كان املوصوف هو اخلالق فصفاته تتبعفالصفة . إنه خملوق وال إنه غري خملوق

.)١(" فصفاته خملوقةالعبدغري خملوقة وإن كان املوصوف هو ينظر إىل املخلوق وما يتصف به من فعندما األوىل يكون بأخذ الصفة املطلقة فقياس

املتعلقة باملخلوق الراجعة إىل ذاته بل اعتباراا معىن هذه الصفات دون صفات معينة يؤخذ . يف اإلثبات أو النفيعليهنأخذ املعىن العام للصفة ويقاس

اصطلح عليه املبتدعة فال ينظر إليه ما معىن الصفة يؤخذ من لغة العرب وأما ومعرفة الصفة قد أخذ من لغة العرب الـدال ألن معىن املبتدعة،واليلزم أهل السنة واجلماعة مايلزم

. الذهينعلى املعىن العام املشترك ال نقص فيه من وجه من الوجـوه للمخلوق كيفية قياس األوىل فهو كل كمال وأما

.)٢(فاخلالق أوىل به العقل على صفات الفاعل واليت مييز من داللة يوضح الدكتور عبداهللا القرين كيفية و

فما يثبت من نقص ينفى عن اهللا وما يثبـت النقصا بني صفة الكمال وصفة خالل معرفته النفس البشرية تعلم ماللخالق من فـضل علـى ألنمن كمال النقص فيه فيثبت هللا معناه

ـ داللة العقـل ١ العقلية على ثالثة أصول هي بالدالئل الصفات مدار: "املخلوق، فيقول ـ ما يقتـضيه اتـصاف ٣ بني الكمال والنقص، لالتقاب ـ داللة ٢على صفات الفاعل،

.)٣(" اهللا ااتصافاملخلوق ببعض صفات الكمال من وجوب يعرف من خالل اللغة ومن خـالل املخلوق الكمال للصفة اليت اتصف ا ومعرفة

يف نفس كل إنسان فاإلنسان يعلم أن هذا فطريانالتحسني والتقبيح العقليني وهذان أمران .هذا كمالنقص وأن

قد يكون الكمال هذا من صفات ألنه) ال نقص فيه ( أهل السنة واجلماعة واشتراط . الثابتة هللا ـ سبحانه وتعاىلالكمالاملخلوق اخلاصة به أو قد خيالف صفة من صفات

واضحة بينة فإذا أراد اإلنـسان أن القرآن األمساء والصفات اليت نـزلت يف ومعاين االنتباه ملا ثبت له من األمساء والـصفات عليهس يف الكتاب والسنة جيب خيرب عن اهللا ما لي

.وال خيرج عن معانيها

).١٢/٦٦( بتصرف وانظر الفتاوى ٢/٥٤ واملسائل الرسائل جمموعة) ١( ).٥/٤٦( والسائل الرسائل) ٢( .بتصرف ) ٥٤٦ ـ ٥٤٥ص( األسالم يف املعرفة) ٣(

٣٥٩

األوىل فإم قبل إنـزاله واالستدالل قياس أهل السنة واجلماعة عندما يقيسون أيضا يف مكان واحد ويعرفون ما أثبتـه اهللا ـ وجيمعوابه ينظرون يف نصوص الكتاب والسنة

ملعناه احلق من الشاهد الذي يثبت كمال هـذا ويستدلونعاىل ـ لنفسه ويثبتونه سبحانه وت . املعىن لكل صاحب عقل

املخالفني مما جعلهم ينفون عن اهللا مـا على قضية أثبتها اهللا لنفسه وأشكلت وتتبقى .ـ سبحانه وتعاىلهللا الصفاتهو ثابت له أال وهي قضية حدوث متعلقات

العلم ورفض املبتدعة التجدد فيها وأن ذلك يقتضي الـتغري، فعنـدما صفة فمثال بأن ذلك ال يقتضي معىن باطال واستدلوا بالشاهد وأن اإلنـسان يعلـم السنةاستدل أهل . زاد على ذلكبل )١( ولكن وقوعه وعلمه به ليس العلم األولوقوعهالشيء قبل

عند وقوفنا كعلمنالمني يف أي مكان يف العامل ليس علمنا أن هناك تقتيال للمس فمثال .على ذلك احلدث

هـذا بأنوعلمنا . بأن الشمس تطلع كل يوم ليس كعلمنا بأا طالعة اآلن وعلمنا . الدواء عالج هلذا الداء ليس كعلمنا عند استخدامه

، وأهـل الـسنة وإن والرؤية بالسماع دون السماع والرؤية ليس كعلمنا وعلمنا على قياس الغائب على الـشاهد اعتمادااستدلوا بذلك فهم مل يأتوا بذلك من أنفسهم أو ال أم حصلوا العلم ذه املسألة من القياسفقط بل هم استدلوا على ما أتاهم من رم ذا

لة كثرية بل متضافرة علـى هـذه املـسأ والنصوصهذا الطريق بل الطريق الصحيح اخلرب .االستداللوالسبب يف إيرادها تبيني املنهج ال

اليت كنت عليها إال لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب القبلة جعلنا وما: يقول فاهللا تدخلوا اجلنة وملا يعلم اهللا الذين جاهـدوا أن حسبتم أم وقال ،]١٤٣البقـرة، [ على عقبيه

نداوهلا بني الناس ولـيعلم اهللا األيام وتلك وقال ،]١٤٢ال عمران، [ منكم ويعلم الصابرين . إىل غريها من اآليات،]١٤٠ال عمران،[ منكم شهداءويتخذالذين ءامنوا

) إال لـنعلم ( الواردة يف هذا املعىن كقوله اآليات من يستشكل وعامة" ابن تيمية يقول هل، فإن القـرآن قـد السابق بأن سيكون، وهذا ج علمهيتوهم أن هذا ينفي ) حىت نعلم (و

بل أبلغ من ذلك أنه قدر مقادير اخلالئـق كلـها موضعأخرب بأنه يعلم ما سيكون يف غري سيخلقه علما مفصال وكتب ذلك وأخرب مبا أخـرب مافقد علم . وكتب ذلك قبل أن خيلقها

املتقدم على وجوده مث ملا خلقه علمه كائنـا مـع بعلمهبه من ذلك قبل أن يكون قد أخرب

).٤٦٤ص( املنطقيني على الرد) ١(

٣٦٠

هو الكمال وبذلك جاء القرآن يف غري موضع بل وبإثبات فهذاعلمه الذي تقدم أنه سيكون اهللا عملكـم ورسـوله فـسريى اعملوا وقل: قال تعاىل كمارؤية الرب له بعد وجوده

.)١(" أنه سريى أعماهلمفأخرب ،]١٠٥ /التوبة[ واملؤمنون

).٤٦٥ ـ ٤٦٤( املنطقيني على الرد) ١(

٣٦١

اهللاأفعال : الرابع الفصل :مباحث ثالثة وفيه

.أفعال اهللا عند الفالسفة: األول املبحث

:أفعال اهللا عند املتكلمني : الثاين املبحث

:مطلبان وفيه

.افعال اهللا عند املعتزلة: األول املطلب

.أفعال اهللا عند األشاعرة: الثاين املطلب

.واجلماعة أهل السنة عندأفعال اهللا : الثالث املبحث

٣٦٢

أفعال اهللا : الرابع الفصل

الناس، وأعظمها شعبا وفروعا، وأكثرها فيها املسألة من املسائل الكبار اليت تكلم هذه اهللا تعاىل وبأمسائه وأفعاله وأحكامه من األمـر بصفاتشبها وحمارات، وذلك ألن هلا تعلقا

لقه وأمره، فكل ما يف الوجود متعلق ذه املسألة، يف خ داخلةوالنهي والوعد والوعيد، وهي سبحانه، وكذلك الشرائع كلها األمر والنهي والوعـد والوعيـد باخلالقوهي أيضا متعلقة )١(. أيضا مسائل القدر واألمر ومسائل الصفات واألفعالامتعلقة ا، ويتعلق

فأصل ضالل الفرق يقوم على عة،والشري هذه املسألة تقوم مجيع مسائل العقيدة فعلى هذه املسألة، وسـبب ضـالل عرضكالمهم يف هذه املسألة، وهذا ما سيتضح من خالل

:)٢(الفرق يف هذه املسألة يعود إىل سببني مها . األفعال االختيارية باهللا قيام جتويز عدم -١ .مفعوله تفريقهم بني فعل اهللا القائم بنفسه وفعل اهللا الذي هو عدم -٢

هذا الفصل ـ إن شاء اهللا ـ سيتم عرض مذاهب املخالفني يف أفعـال اهللا خالل فمن . لقياس الغائب على الشاهد وبيان مواطن اخللل يف استدالهلم استخدامهممع بيان على النصوص الشرعية واألدلة العقلية القائم يتم عرض مذهب أهل السنة واجلماعة مث

.اليت الخترج عن هذا القياس

).٥/٢٨٥( واملسائل الرسائل جمموعة انظر )١( ).٣١٩ ـ ٥/٣١٧( واملسائل الرسائل جمموعة انظر )٢(

٣٦٣

أفعال اهللا عند الفالسفة: األولاملبحث

تقـوم ال ألا بذات اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ تقوم يرون أن احلوادث ال الفالسفة صفات مجيعإال يف األجسام واهللا ـ الواحد البسيط من كل وجه ـ ليس جسما فينفى عنه

.األجسامادثة فال يوصف اهللا بذلك، بل أنكـروا ألا ح ينفوا الفعلية االختيارية فالصفات

ال يكون إال متغريا تبعـا العلم سبحانه وتعاىل ـ باجلزئيات املتغرية ألن ـلذلك علم اهللا .لتغري املعلومات

عن اهللا سبحانه وذهبوا إىل أنـه موجـب اإلرادة ذلك نفى أغلب الفالسفة وألجل اهللا فأفعـال . )١( الذات وعدم جتدد أمر فيها متامية علىبالذات ال فاعل بالقصد حمافظة منهم

يف أفعال اهللا عند قوهلماالختيارية املتعلقة بإرادته ومشيئته يردوا ألجل هذه احلجة، ويتضح .حديثهم عن صدور العامل عن اهللا

الشاهد، وهوأول خلق اهللا عندهم، وهو هو ما سوى اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ فالعامل ووجود اهللا األزيل دليل على قدمه، فـال يقولون، قدمي قدما زمانيا ال ذاتيا كما وهذا العامل

. فيه تغري واهللا منـزه عن ذلكحيصلميكن للفاعل أن يصدر عنه فعل دون ان املوجودات من املادة وتتكون )٢( ومها جوهران وصورة عندهم مكون من مادة والعامل

منها، والفرق بني املـادة يكونل ال بد أن تسبقه مادة والصورة، فال يوجد شيء من عدم ب )٣(. وجود الشيء بالقوةفهيوالصورة، أن الصورة وجود الشيء بالفعل أما املادة

جوهر يف اجلسم قابل ملا يعـرض لـذلك : وهي اهليويل من يطلق على املادة وهناك :)٥( أقسامأربعة وهي )٤(ية والنوعيةم اجلسللصورتنياجلسم من االتصال واالنفصال حمل

لذلك اجلسم من االتصال يعرضاهليويل األوىل وهي جوهر غري جسم قابل ملا ) ١ .واالنفصال حمل للصورة اجلسمية

.النوعيةاهليويل الثانية وهي جسم قام به صورة كاألجسام بالنسبة إىل صورها ) ٢

).٢٥٠ص( النجاةانظر) ١( ).٨٢ص ( رسالة احلدود نظرا) ٢( ).٨٢ص ( رسالة يف احلدود انظر) ٣( ).١٧٣ص( التعريفات انظر) ٤( ).٢/٥٣٦( الفسلفيانظراملعجم) ٥(

٣٦٤

حمال لصور أخرى كاخلشب صارت اليتاهليويل الثالثة وهي األجسام مع الصورة النوعية ) ٣ .لصورة السرير

للصورة كاألعـضاء ولـصورة حمالاهليويل الرابعة وهي أن يكون اجلسم مع الصورتني ) ٤ .البدن

مكون من مادة وصورة ـ حكم منهم على كـل الشاهد السابق على أن فكالمهم ام الـيت يعتقـدون هذه املواد إىل هذه األقسوقسموااملخلوقات الغائبة عنهم ذا احلكم ـ

وكـذلك . باملثال لقياس ما غاب على هذا املثال بينهماصدقها حىت إن الشارح بني الفرق .)١( بينهاوفرقواالصورة قسموها إىل أقسام

العرضية) ٤( اجلوهرية) ٣( النوعية) ٢( الصورة اجلسمية) ١( دونه حمللهل ال وجود بني الصورة اجلسمية والنوعية، بأن اجلسمية جوهر بسيط متص وفرقوا

جوهر بسيط ال يتم فهيقابل لألبعاد الثالثة املدركة من اجلسم يف بادي النظر، وأما النوعية .وجوده بالفعل دون وجود ما حل فيه

بأن الصورة اجلوهرية هي ما يتميز به وجود والعرضية، بني الصورة اجلوهرية وفرقوا أما . م التعني إىل حالة التعيني إال بالصورة املالبسة هلا عد حالةالشيء، ألن املادة ال تنتقل من

ما يطرأ على الشيء من كيفيات تبدل أوضاعه وأحواله دون تبـديل فهيالصورة العرضية . أمور مشاهدة يقاس عليها غريهاأيضاطبيعته، وهذه

ته مبدأ هي ذايت وزماين، فالقدم الذايت ما ليس لذا إىل واحلدوث عندهم ينقسم والقدم أول لزمانه، واحلدوث الذايت هو الذي لذاته مبدأ هي بـه البه موجودة، والزماين هو الذي

.)٢( ابتداءلزمانهموجودة، والزماين هو الذي . القدمي الذايت وأما هذا العامل فهو قدمي زماينهو أن اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ وعندهم

ـ املادة والـصورة ـ قدميـة والـسبب يف العاملهذا ابن سينا أن مكونات ويبني حصل لـه إذن وقد فإمكان الوجود ، كل حادث فهو قبل حدوثه ممكن الوجود أن:" ذلك

ال يـستطيع الفاعلقبل وجوده، وليس املقصود بإمكان وجوده هو أن الفاعل قادر عليه بل فسه غري معىن كونه ن يفأن يقدر عليه إذا مل يكن هو نفسه ممكنا، فمعىن كون الشيء ممكنا

. موجدهباعتبارمقدورا عليه فاإلمكان باعتبار ذاته وكونه مقدورا عليه

).١/٧٤٢( الفلسفي املعجم) ١( ).٢١٨ص ( النجاة نظرا) ٢(

٣٦٥

ال قوام له بنفسه بل هو حمتاج إىل موضوع يقوم به الوجود تقرر هذا قلنا إن إمكان فإذا الكيفيات عليه وحنن نسمي إمكان الوجود قوة الوجـود، لتعاقبوهذا املوضوع هو القابل

أو مادة، وال ميكن أن تكون هذه املادة حادثة ألا لـو موضوعاي حامل قوة الوجود ونسم فإذن اإلمكان قائما بنفسه ولكان وجودها متقدما على وجودها إمكان لكان كانت كذلك )١(" تقدمته املادةفقدكل حادث

: االستدالل بالشاهد من كالمه السابق يف مواطن منهاويتضح .ث فهو قبل حدوثه ممكن الوجود وهذه القضية مأخوذة من الشاهدأن كل حاد) ١ يقدر عليه إذا مل يكن هو نفسه ممكنا أي أن األمر املستحيل ال أنالفاعل ال يستطيع ) ٢

. أمر مأخوذ عن الشاهدوهذايستطيعه الفاعل ينشأ الوجود ال بد له من موضوع يقوم به أي أن الوجود ال بد له من مادةإمكانأن ) ٣

. أمر من الشاهد أيضاوهذامنها من كالم ابن تيمية أم يعتمدون على قياس الغائب بالشاهد قال ـ رمحـه ويتضح

مركب عندهم جوهر عقلي، وكذلك الصورة اردة جوهر عقلي، ولكن اجلسم املادة: "اهللا حمال، أو أوحاال، من املادة والصورة، وهلذا قسموا املوجودات فقالوا إما أن يكون املوجود

واحملل هو املـادة، الصورةمركبا من احلال واحملل، أو ال هذا وال هذا، فاحلال يف غريه هو فهو النفس، وإال فهـو باجلسمواملركب منهما هو اجلسم، وما ليس كذلك إن كان متعلقا

.)٢("العقلـ رمحه اهللا ـ أن املادة على هذا القياس وبني معتمد كما يبني شيخ اإلسالم فكالمهم

وليس بني اجلسمني يف اخلارج شيء اشتركا فيه بعينـه الذهناملشتركة اليت أثبتوها هي يف العيب يف قوهلم حيث قاسـوه من وهذا )٣( يف جوهر عقلي مشتركةفهؤالء جعلوا األجسام

ن أن الواقـع ألـم يعتقـدو يف ليسعلى الشاهد فال يوجد هذا االشتراك إال يف الذهن و .األجساماألجسام مكونة من املادة وهي باقية وأصل يف مجيع

تقول أيضا إن مادته باقية مل واملتفلسفة: " بقولهقوهلم ـ رمحه اهللا ـ أيضا أصل وبني لكن يقولون إنه أحدث صورة جوهرية، وهم قد خيلطـون الصناعية،تفسد كمادة الصورة

وهرية، فإم يسمون صورة اإلنسان صـورة يف مـادة واجل العرضيةوال يفرقون بني الصور

).٢٢٠ـ٢١٩ص (، وأنظر النجاة )١٩٨ ـ ١٩٥ص ( األهلي عند ابن سينا اجلانب) ١( ).١/٣٠٩ (النبوات) ٢( ).١/٣١١( النبوات) ٣(

٣٦٦

فيكون خلق اإلنسان عند هؤالء وهؤالء من جنس ما حيدثـه مادة،وصورة اخلامت صورة يف ويكون خلقه مبنـزلة تركيب احلائط من اللنب، وهلذا قال مـن املواد،الناس يف الصور من

شـيخ فكـالم )١("احلائط عن البناء عن اخلالق بعد اخللق كما يستغين يستغينقال منهم إنه وأا قدمية باقية بأنه مستمد من اخلارج وهو خمالف خللق باملادةاإلسالم السابق يوضح قوهلم

.اهللا هلذا العامل وكيفية صدوره عن اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ بأدلـة العامل استدلوا على قدم هذا وقد

فتعلم أن مجيع ما سواه هو فعله وأنه صدر عنه لذاته عرفت هذا فإذا: "يبينها ابن سينا بقوله أن يسبقه عدم وزمان ألن الزمان تابع للحركات وهو من فعلها نعم يشترط يشترطوأنه ال

لذاته والذي الذايت ألن كل شيء هالك ومنعدم يف نفسه وإمنا وجوده منه تعاىل العدمسبق علـى العدمء سوى الباري تعاىل يسبقه كل شي فإذا يكون سابقا على ما يستفيد من غريه

وأجل من الذي يفعـل أشرف الذي يفعل لذاته والفاعلالوجود سبقا ذاتيا الزما ال زمانيا .لسبب طارئ أو عارض

، يصدر منه شيء وبقي على ما كان ال يـصدر عنـه إذا مل الذات إذا أن هذا وحتقيق وهو أو طبع أو شيء مما يشبه هذا وهذا حمال إرادهوث صدر فال بد من تغيري لذاته حبد وإذا

عنه فيعلم أنه ال يتوقف على زمان واستعالم وقت هـو أوىل صادرة واألفعالكامل يف ذاته منه شـيء وكـان يصدر مل الذات إذا فإن وباعث وحامل غائيةبالفعل فيه وحدوث علة

. إال بسببطرفيهيترجح أحد يعرض أن يصدر فهو يف فاعليته ممكن الفعل واملمكن ال فاعال فإمنا يكون بسبب والسبب إما أن يكون داخال صار كل من مل يكن فاعال مث فإذا

وإن جائز أن يكون خارجا ألنه ال موجود إال هو فال جيوز أن يؤثر فيه غريه وال أو خارجا وهو الذي واالنفعال للتغيري كان داخال فيه فيكون تغيري انفعال يف ذاته وكيف يكون قابال

.)٢("ميحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب قول الفالسفة بقدم العامل واعتماده علـى قيـاس جليا ابن سينا السابق يوضح فكالم

: منهابأمورالغائب على الشاهد والذي يتضح ). عنه إذا شيء وبقي على ما كان فال يصدرمنه يصدر ملإن الذات إذا : ( قوله) ١

. مجلة ال فائدة منها ولكنها مأخوذة من الشاهدوهذه ). لذاته حبدوث إرادة أو طبع أو شيء مما يشبه هذاتغيري فال بد من صدرإذا : ( وقوله) ٢

).١/٣١٨ (النبوات) ١( ).١٣ص (الرسالة العرشية ) ٢(

٣٦٧

. قياسا على الشاهدوهذا .الشاهدأن من مل يكن فاعال مث صار فاعال ال بد لذلك من سبب، وهذه أيضا من ) ٣ عـن اهللا التعليلإما أن يكون داخال أو خارجا وهذه أيضا من الشاهد، مث نفي والسبب ) ٤

. اهللا عـن ألن ذلك يقتضي الغرض وإرادة الغرض من صفات املخلوقني فينفـي الغـرض وضح أمرا أنهوالرازي عندما حل مشكالت اإلشارات مل يبعد كثريا عن تقرير ابن سينا إال

يف العامل يقصد ا اآللة الباري اليت ا تتم مؤثرية األمور: "قولههو ما يهمنا يف قضيتنا وهو )١(.."املانعواملادة واملعادن والوقت وحصول الداعي وزوال

قضيتهم، بل حىت ابن رشد ذكر أم اعتمـدوا على كلها من الشاهد ليستدلوا وهذه اإلسالم كأيب نـصر وابـن الفالسفة من أهلوأما: " على قياس الغائب على الشاهد بقوله

عسر عليهم كيفية … يف الغائب كالفاعل يف الشاهد الفاعلسينا فلما سلموا خلصومهم أن )٢(.."وجود الكثرة عنه

،)٣( أيضا حبركة املتحرك فهما مرتبطان بالزمان سويا العامل ابن سينا علىقدم ويستدل ا إن العامل فاض عن اهللا بدون إرادة منـه قالو ذلكفال زمان بني الفاعل واملتحرك، وألجل

: أمههاواعتمدوا أيضا على حجج أخرى من كونه فاعال إن كانت موجودة يف األزل لزم وجود املفعول يفإن مجيع األمور املعتربة : اوال

. ال يتأخر عنها معلوهلاالتامةيف األزل ألن العلة فعول يف األزل فعند حصول املفعول بعد ذلك فـال امل وجود مل تكن األمور املعتربة يف وإذا

بال مرجح، وإذا كان هناك سبب حـادث فـالقول يف ترجيحبد من جتدد سبب وإال لزم التسلسل فقالوا بأن القول بانتفـاء العلـة التامـة ويلزمحدوثه كالقول يف احلادث األول،

.)٤( وإما الترجيح بال مرجحالتسلسلاملستلزمة للمعلول يوجب إما : الشاهد وذلك من خالل ما يليعلى هذا معتمد على قياس الغائب وقوهلم .الشاهدقوهلم إن العلة التامة هي مىت وجدت وجد معلوهلا فال يتأخر عنها، قضية من ) أ

).٣٥١ص(حل مشكالت اإلشارات ) ١( ).١١٣ص(افت التهافت ) ٢( ).٢٥٦ص (انظر النجاة) ٣( ). وما بعدها٢٥٦ص (انظرالنجاة ) ٤(

٣٦٨

إال بعد تكملوقوهلم إذا ما اكتملت شروط العلة التامة يف األزل وجد معلوهلا، وإذا مل ) ب مـردود، وهذا لسبب وتستمر السلسلة حىت ال نصل إىل النهاية، ذلك فهذا لسبب والسبب .وهذا أيضا من الشاهد

بالعلة التامة واليت فاض عنها هذا العامل وقد اعتمـد قوهلم رد عليهم شيخ اإلسالم وقد ـ إن شـاء اهللا، فـبني ـ سيتضح اهللا ـ على قياس الغائب على الشاهد كما رمحهـ

)١(:مبا يأيترمحه اهللا ـ ذلك وأن كل ما حدث يف العامل حدث بغري شيء إنه علة تامة يستلزم أن ال حيدث قلنا إذا) ١

وهذا معلوم البطالن وهو أبني من بطالن التسلسل وبطالن الترجيح بال حمدث إحداث .مرجح

ها، ولكن ملعلوهلا فال يتأخر عن مستلزمةيوضح شيخ اإلسالم قوله السابق بأن العلة التامة ) ٢ عن العلة التامـة ألن ذلـك حتدثال جيوز أن : هناك حوادث حتدث ـ وعلى قوهلم

باطل ألما معلوما وكالمهايستلزم إما عدم هذه احلوادث ـ وهي حادثة ـ أو قدمها قـضية بدهيـة وهـذه فإذا مل يصدر عنه احملدثات فقد وجدت بال حمدث . احلدوث

.بينهمالعامل نفي كل حادث ألنه ال فرق خالفوها، بل ألزمهم يف نفي حدوث ا :لو قيل إن غريه أحدثها فله احتماالن) ٣ .أنه واجب بنفسه فالقول فيه كالقول يف الواجب األول) أ إىلغري واجب بنفسه ـ أي كان ممكنا ـ فهو مفتقر إىل موجب جيب به، واحتجنـا ) ب

وعلىاحلوادث هو حركة الفلك، الكالم يف املوجب األول، ولتوضيح ذلك أم قالوا سبب . تامةعلةقوهلم ال تكون إال من علة تامة لزم أال يتأخر معلوهلا واملشاهد التأخر فال

يف ذلـك إالبل إنه بني أم قالوا إن احلوادث اليومية علتها تامة ال تستويف شـروطها ) ٤ .حادثةالعلة الوقت، فبني أن هذا مما يدل على حدوثها ألا حدثت يف ذلك اليوم ف

بأم تناقضوا حيث مسوا العامل خملوقـا ومعلـوال أيضا عليهم شيخ اإلسالم ويستدل مع ذلك قدميا أزليا واجب الوجود بغريه حبيث ميتنع عدمـه وقدروهمفعوال ومقدورا مرادا

ارنـا للفاعـل يف مقدورا مرادا أو معلوال وبني كونه قدميا أزليا مق الشيءفإن العلم بكون .)٢( مجع بني النقيضنيالزمان

).١٣٤ ـ ١/١٣١(ومن)٢٢ ـ ١/١٧ (الصفدية انظر) ١( ).١/١٦٥( السنةمنهاجانظر ) ٢(

٣٦٩

بني الفاعل واملفعول بالزمان واسـتدالهلم باملقارنة عليهم شيخ اإلسالم قوهلم ورد يف مجيع ما مثلوا به علة فاعلـة قارنـت ليس: " بقوله واخلامتحبركة التحرك كحركة اليد

امت، بل احملرك هلما واحد ولكن اليد ليست هي الفاعلة حلركة اخل فحركةمفعوهلا يف الزمان التصال اخلامت باليد كحركة بعض اليد مع بعض وكما يقـال حركـت متالزمةحركتهما

فليس هنا حركتان إحدامها سبب األخرى فضال عـن أن تكـون . …اخلامتيدي فتحرك سببا لـبعض ذلكفمن رفع يد ميت أو نائم وفيها خامت مل تكن حركة بعض . … هلا فاعلة .)١("اجلميع موجود يف زمان واحد لفاعل واحد وسبب واحدبل

بل وجودها بسبب فاعل أو هو الـسبب يف األخرى ليست فاعال للحركة فاحلركة . وجودمها مع الفاعل يف زمن واحديعينذلك وإن وجدت حركتان يف زمان واحد فال

مان بل ال يكون يف الوجود سبب يقارن مسببه يف الز يكون أن فبطل: " أيضا ويقول الذي يقارن الشيء يف الزمان شرطه وتقدم الواحـد وإمناإال قبله، فكيف بالفاعل املستقل؟

وحركة اخلامت مع اليد ط من باب تقدم الشرط على املشرو العلى االثنني هو من هذا الباب .)٢(" ليست من باب املفعول مع الفاعلالشرطهي من باب املشروط مع

عنه إال يصدرية صدور العامل عن اهللا اعتمدوا فيها على قوهلم إن الواحد ال يف كيف وحجتهم صفة زائـدة لهواحد، ويبني ذلك ابن سينا بأنه ما دام الباري واحدا من كل وجه وليست

أن يكون الصادر بدعلى ذاته تقتضي األفعال املختلفة بل كان الفعل من آثار كمال ذاته فال خمتلفـتني إذ أن جهـتني نه لو صدر عنه اثنان لكان ذلك الصدور من األول عنه واحدا أل

ذلك ال ميكن أن يكـون الـصادر وألجل… االثنينية يف الفعل تقتضي االثنينية يف الفاعل والصورة ومها حمتاجان إىل علتني أو إىل علة اهليويلاألول جسما ألن كل جسم مركب من

فال يكون الصادر عنه إال جوهرا جمردا وهـو أصال فيهذات اعتبارين والواجب ال تركب .)٣(العقل األول

: على الشاهد وهذا يقرره ابن رشد حيث يقول الغائب هذا معتمد على قياس قوهلم كأيب نصر وابن سينا فلما سلموا خلصومهم أن الفاعـل يف اإلسالم الفالسفة من أهل وأما"

ل الواحد ال يكون منه إال مفعول واحد وكان األول وأن الفاع الشاهدالغائب كالفاعل يف

).٣٨٠ ـ ٣٧٩ص (الرد على املنطقيني ) ١( ).٣٨٠ص (املنطقيني على الرد) ٢( ).٥ص (العرشية أنظرالرسالة) ٣(

٣٧٠

عسر عليهم كيفية وجود الكثرة عنه حىت اضطرهم األمـر أن ال بسيطاعند اجلميع واحدا .)١(" احلركة اليوميةحمركجيعلوا األول هو

واحد يف الشاهد من كل وجه صدر عنه شيء وما يعلم عليهم ابن تيمية أنه ال ويرد والتربيد عن املاء باطل فإن تلك اآلثار ال تـصدر إال النارمن صدور التسخني عن ميثلون به

. صحيحةغري أن الواحد ال يصدر عنه إال واحد فقضية )٢(عن شيئني قابل وفاعلل األول إال واحد ق ال جيب أن يصدر عن الع قاعدم أنه صدر عنه واحد فعلى ولو

. الكونيفوهلم جرا وهذا يرده الكثرة اليت .)٣( حلدوث هذه الكثرةتفسريام إن ابن رشد مل يرتض حىت

الشاهد على سبق اتضح أن الفالسفة يف هذه القضية اعتمدوا على قياس الغائب فمما . حللهاصلواولكنهم مل يفلحوا يف حل هذه القضية اليت لو سلموا فيها ملنهج القرآن لو

).١١٣ص(افت التهافت ) ١( ).٣٧٠ص(و)١٩٧ص ( على املنطقينيلرداانظر) ٢( ).١٣٨ص( افت التهافت ) ٣(

٣٧١

أفعال اهللا عند املتكلمني: الثاين املبحث على قياس الغائب على الشاهد وكان اهللا اعتمدوا يف تقريرهم ألفعـال املتكلمون

.استدالهلماعتمادهم على هذا الواقع املشاهد واضحا يف فاملعتزلة ،)١( هو اعتقادهم أن الفعل هو املفعول الباب ضالل املتكلمني يف هذا وسبب

أـم تيميـة القبح يف األفعال يعود إىل املفعوالت، وألجل ذلك ذكر ابن جعلوا احلسن و منـهم ماحيـسن مشبهة يف األفعال معطلة يف الصفات، وذلك ألم قاسوا أفعال اهللا على وإن كان قبيحا هللا،ويقبح، فهم قد جعلوا الفعل هو املفعول، فإن كان املفعول حسنا أثبت

،)٢ ( هللا إال ما خيلقه يف العاملفعال ما يرونه حسنا، فهم مل يثبتوا نفي عن اهللا، فاهللا ال يفعل إال . معتمد على الواقع املشهودوهذا

هذه املفعوالت يعود حكم كل منها إىل الفاعل ال وحسن االشاعره ظنوا أن قبح وأما شياء، يقول والقبح العقليني، ونفوا الصفات الذاتية لأل احلسنإىل املفعول، وألجل ذلك نفوا

الذين يقيسون الغائب على الشاهد يف معظم املسائل على وجه هؤالء: " عنهم حممود قاسم القياس يف معظم أبواب العقيدة وان كان الـصحيح هلذا وهو يبني استخدامهم ،)٣("التقريب

ويذكر حممود قاسم السبب يف أقوال املـتكلمني يف العقيدة،أم يستخدمونه يف كل أبواب تفسري هذه البدعة بأن األشاعرة واملعتزلة رمبا قالوا إن هـذه وميكن: "ات األفعال بقوله صف

باألشياء احلادثة فلو كانت صفات األفعال قدمية لوجب أن توجد األشـياء تتعلقالصفات والدافع احلقيقي الذي حفز األشاعرة واملعتزلة ... معناه التسليم بقدم العامل وهذامنذ األزل

العبـد قول حبدوث صفات األفعال وهو أم وقفوا يف التشبيه بني أفعال اهللا وأفعـال ال إىل )٤(..."التاليةفخيل إليهم أن األفعال األوىل ختضع للشروط اليت تتطلبها األفعال

يف هذه األقوال يتضح أن املتكلمني استخدموا قياس الغائب على الشاهد يف حبثهم فمن :وسيتضح ذلك عند عرض بعض أقواهلم يف أهم مسألتني ومهاأفعال اهللا تعاىل،

. صدور العامل عن اهللا سبحانه وتعاىل، ومسألة احلكمة والتعليل والقدرمسألة

).٥/٣٢٢(انظر جمموعة الرسائل واملسائل ) ١( ).٥/٣٢١(انظر جمموعة الرسائل واملسائل ) ٢( ).٥٧ص ( األدلة مناهج) ٣( ).٤٩ص (مناهج األدلة ) ٤(

٣٧٢

:املعتزلة: األولاملطلب يف أفعال اهللا، ألم قاسوا أفعال اهللا على أفعال مشبهة ذكرسابقا من أن املعتزلة كما

بنفسه ألن إثباا يؤدي إىل جتويز قيام احلوادث بذاته وهو منـزه ائمةالقالبشر، فنفوا أفعاله . وإمنا يثبتون له أفعاال ال تقوم به، بل يثبتون أفعاله املنفصلة عنهمذهبهم،عنه على

حادث حدوثا زمانيا واستدلوا على ذلـك ـ عنـد العامل مجيعا يرون أن فاملتكلمون مكون من جواهر وأعراض، واستدالهلم بقاعدم أن بأنههللا ـ كالمهم على إثبات وجود ا

فمسألة حدوث العامل وصدوره عن اهللا هـي أصـل حادث،ما ال خيلو من احلوادث فهو .مسألة إثبات وجود اهللا

الوجود حادث بعد أن كان عدما فال بد من موجد وحمدث له من العدم إىل فالعامل .)١( العامليكون إال من قادر ال موجب بالذات وإال للزم قدم ودللوا على أن ذلك ال

يردون على الفالسفة قوهلم بقدم العامل، ومـن فهم متفقون على ذلك، فاملتكلمون صدور العامل عـن اهللا ـ سـبحانه وتعـاىل ـ مسألةخالل تلك الردود يتضح قوهلم يف

عليها مبا يراه مناسبا وهـذه بعـض العامل ورد بقدمفالقاضي عبداجلبار ذكر شبه القائلني . جليافيهاردوده عليهم واليت يتبني القياس

وذلك بأن الفاعل ال يكـون الفاعلني،إن حدوث العامل يستلزم تسلسل ( ـ ذكر قوهلم ١ حمدثا احتـاج إىل غـريه كان إذا املعىنفاعال بعد أن مل يكن إال حبصول معىن، وهذا

تـرى أن أال: "يهم برد يؤخذ منه موطن الشاهد وهو قولـه فرد عل ) بال اية وهكذا يف الشاهد حيصل فاعال بعد أن مل يكن فاعال وال جيب أن يكون هنـاك معـىن أحدنا

.)٢("مسألتناكذلك إىل فاعل وهذا الفاعل يفعـل الحتاجبأن العامل لو كان حمدثا ( ـ ورد عليهم يف قوهلم ٢

يكون داعي احلاجة فال يبقـى أن جيوز الاحلكمة و لغرض وهو ال خيلو من احلاجة أو ).العاملإذن إال داعي احلكمة وهذه تكون فيما مل يزل فوجب قدم

داعي احلكمة ال يوجب الفعل أال ترى الواحد منا مع كونه عاملـا حبـسن إن: " فقال يف قد يتصدق يف وقت وال يتصدق يف وقت ويتصدق يف وقت بدرهم وال يتصدق الصدقة

.ومابعدها) ١٧٠ص (السلفي ابن تيمية انظر) ١( ).١١٦ ـ ١١٥ص (مسةشرح األصول اخل) ٢(

٣٧٣

. يرد على القول بقدم العامل، فثبت حدوثهوذا ،)١(..." بدرهموقت أساس مسألة أفعال اهللا وهو الـذي جـر علـيهم العامل يف إثبات حدوث فدليلهم

فعل اهللا عندهم قائم على هذه املسألة، فالعامل هو فإثباتالضالل يف أغلب أبواب العقيدة، .خلوق املنفصل املعندهمأول خلق اهللا، ففعل اهللا

وخلق مجيع املخلوقات على صفة اإلرادة وهي اهللا، إثبات صدور العامل عن ويعتمد . من الصورصورةعندهم تتعلق باملعدوم وتوجد على

الكره ضد وهي ،)٢( ذات بل هي فعل من األفعالصفة ـ عند أغلبهم ـ ليست واإلرادة .)٣(وحمبتهون وجه هو إرادة هذا الشيء أي أا مبعىن احملبة، فحصول الشيء على وجه د

على الشاهد، وذلك ألن اإلرادة تعلم إما ضرورة فيما جيده قياسا أثبتوها هللا واإلرادة وال خمصص هلذا الفعل من ،)٥( أو مبا حصل من فعل يف وجه دون وجه ،)٤(اإلنسان من نفسه إلرادة بأمور من الشاهد كاإلخبار اإلرادة، واستدلوا على أن املخصص ا إالوجه دون وجه

رسول اهللا، فلو مل يكن هناك خمصص أن املقصود فالن دون فالن ملا اسـتطعنا حممد: بقولنا .)٦( وكذلك ملا استطعنا أن نفرق بني اخلرب واألمراملراد،أن حندد

الشـاعرة كما قالـت ا وليس ،)٧( بإرادة حادثة ال يف حمل يريد املعتزلة أن اهللا إمنا بني يبني ذلك املعلـق علـى الشاهد،باإلرادة القدمية والسبب يف هذا القول هو اعتمادهم على

إرادة اهللا حمدثة موجودة ال يف حمل ما بأن قول املعتزلة وسبب: "شرح األصول اخلمسة بقوله إىل جتويز التغري عليـه ألن املوجـودات تتعلـق سيؤديظنوه من أن القول بإرادة قدمية هللا

وبـني . )٨(" اإلرادة قدمية لوقع التغري يف ذات اهللا كانتة وهي متجددة ومتغرية فلو دارباإل صـفات من ارتضت هذه الفرقة أن جتعل اإلرادة صفة لقد: "ذلك أيضا حممود قاسم بقوله

).١١٦ص (شرح األصول اخلمسة ) ١( ).٤٣١ص (انظر شرح األصول اخلمسة) ٢( ).٤٣٣ ـ ٤٣١ص ( انظر شرح األصول اخلمسة) ٣( ).٤٣٣ص (اخلمسة شرح األصول انظر) ٤( ).٤٣٣ص (انظر شرح األصول اخلمسة ) ٥( ).٤٤٢ ـ ٤٣٤ص (انظر شرح األصول اخلمسة ) ٦( ).٤٤٩ص ( اخلمسةاألصولانظر شرح ) ٧( ).٤٤٠ص (شرح األصول اخلمسة ) ٨(

٣٧٤

فمـن وإذناألفعال ولذا نصت على حدوثها ألن أفعال اهللا تتصل مبخلوقاته وهذه حادثـة .)١(" اإلرادة حادثة حبدوثهاالضروري أن تكون

هو الشاهد وما دام الشاهد حادث فإرادة الغائب هلـذا احلادثة القول باإلرادة فسبب فمن خالل هذه األقوال يتضح استخدام املعتزلـة لقيـاس الشاهد،الشاهد حادثة حلدوث . املسألةهذهالغائب على الشاهد يف

أيضا أثناء ردهم على األشـاعرة القـائلني القياس يتضح استخدامهم هلذا وكذلك :)٢(باإلرادة القدمية وذلك بأمور

لكان املراد واحـدا، والواقـع قدمية ـ االستدالل بكثرة املرادات هللا ولو كانت اإلرادة ١ . إرادة واحدة قدميةلهخمالف لذلك لكثرة املخلوقات، فال ميكن أن تكون

لألشـياء كلـها واحـدة، أو اهللات، فإما أن تكون إرادة ـ استخدموا التقسيم لإلراد ٢ لكانت املرادات منحصرةوهي منحصرةمنحصرة، أو ال اية هلا، فلو قلنا إا واحدة أو

بأا ال اية هلا فهذا ال ميكن قلناليست كذلك لكثرة املرادات وعدم اإلحاطة ا، ولو من الشاهد، والسبب يف قوهلم هذا ستمدةمألنه ال يوجد ما ال يتناهى، وهذه األقوال

إىل احملدثات وقالوا بأـا ال ميكـن أن نظرواهو ما ذكره حممود قاسم من أن املعتزلة كثرية، وأما قـوهلم بأـا ال يف حمـل أيضاتصدر عن إرادة قدمية مع كون احملدثات ،)٣(ال يف حمـل ومع ذلك فهو يوجد األعراضفاستدلوا عليه بالفناء الذي هو من مجلة

. قوهلم الذي استخدموا يف إثباته قياس الغائب على الشاهدهذا : والقدروالتعليل احلكمة

للمسائل العقدية، ومن خالهلا نشأ االضـطراب يف العقد القضية تعترب واسطة هذه . تنبين مجيع أبواب العقيدةاملسألةمجيع أبواب العقيدة فعلى هذه

مجيع ما قيل يف هذه القضية من مسائل، بـل املبحثرك يف هذا ميكن أن يستد وال على الشاهد، وإن أمكن وضح اخللل الذي الغائبسيتم عرض وإثبات استخدامهم لقياس

.األخرىجره قوهلم يف أفعال اهللا على املسائل وتعاىل ـ وهل يفعل اهللا حلكمة أم فعلـه بـال سبحانه تعليل أفعال اهللا ـ فمسألة

. إليهاتطرقواحكمة؟هي من أهم املسائل اليت

).٥٦ص (مناهج األدلة ) ١( ).٤٤٨ ـ ٤٤٠ص (انظر شرح األصول اخلمسة ) ٢( ).٤٥٠ص ( شرح األصول اخلمسة نظرا) ٣(

٣٧٥

اهللا، ويأمر باملأمورات حلكمة حممودة، ولكن هـذه أفعال تثبت احلكمة يف فاملعتزلة يف وجود اخللق هـو احلكمة فيقولون مثال إن ،)١( إليه ترجعاحلكمة خملوقة منفصلة عنه ال

.)٢(اإلحسان إليهم أفعال اهللا، ولكنها منفصلة عنه، ألا متعلقة باملخلوقات يفكمة يثبتون احل فاملعتزلة

عن خالقها، فاحلكمة يف أصلها ال تعود إىل اهللا بل تعود إىل وجـود منفصلةاليت هي بالتايل . وما فيه من حكمةاملخلوقهذا

اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ وأن أفعاله تعلل ملا تدل أفعال استدلوا على احلكمة يف وقد . عاملا ـ سبحانه وتعاىلكونهعليه من أحكام عند إثبام

العدل، فعدل اهللا ـ سـبحانه وتعـاىل ـ هـو يف على هذا القول كالمهم وانبىن .)٣( يقتضيه العقل من احلكمة وهو إصدار الفعل على وجه الصواب واملصلحةما

حسني والتقبيح العقليني فعل األصلح على اهللا والت بوجوب انبىن عليه قوهلم وكذلك وجه االستدالل بقياس الغائب على الشاهد فيها عنـد سيتبنيوخلق األفعال، وهذه القضايا

.عرضهاألن اهللا ـ سـبحانه : اهللا ـ سبحانه وتعـاىل على يف وجوب فعل األصلح وقالوا

خيل مبا هـو وال يفعل القبيح بعباده والحسنة،وتعاىل ـ عدل فيجب أن تكون كل أفعاله وميكن إجيـاز اسـتدالهلم الشاهد واستدلوا على ذلك بقياس الغائب على ،)٤(واجب عليه

.بدليلني فعلـه، األول مبين على العلم ـ وال داعي إلعادة ذلك ـ فهو يعلم القبيح وغين عـن ) أ

ضـرورة يف نعلـم "واستدلوا على عدم اختيار اهللا سبحانه للقبيح ـ كما يعرفونه ـ بأنا عاملا بقبح القبيح مستغنيا عنه عاملا باستغنائه عنه فإنه ال خيتـار كانالشاهد أن أحدنا إذا

علـى ومن أين أن العلة يف ذلك ما ذكرمتوه حىت تقيسوا الغائـب : فإن قيل ... البتة القبيحاك هن وليسألن العلة ليست بأكثر من أن يثبت احلكم بإثباا ويزول بزواهلا : الشاهد؟ قلنا

،)٥("ما تعليق احلكم عليه أوىل

).٩٣ ـ ١/٩٢( ، و)٦/٤٨(انظر املغين ) ١( ).٥/٣٢٢(انظر جمموعة الرسائل واملسائل) ٢( ).٢١٢ص (مانظر مدارس الكال) ٣( ).٣٠١ص (، وشرح األصول اخلمسة )٢١٢ص ( انظر مدارس الكالم ) ٤( ).٣٠٣ـ٣٠٢ص (شرح األصول اخلمسة ) ٥(

٣٧٦

.)١( القاضي أن اجلامع لكل أفعال اهللا احلسنويبني ومنــزه واألمر اآلخر مبين على قوهلم بالتوحيد وذلك من خالل أن اهللا واحد كامل، ) ب

ينبغي الفعلعن كل الشرور واآلفات وغريها، فال جيب أن يصدر عنه إال فعل واحد، وهذا عن اهللا تصدراب واملصلحة واخلري فحسب، وأما غري ذلك من أفعال فال أن يكون هو الصو

قـوهلم إن اهللا خمـالف للمخلوقـات، وفعـل فمعىن ،)٢(وال ينبغي أن تنسب إليه سبحانه . اهللا إال جانب واحد هو فعل األصلحلفعلاملخلوقات له جانبان، فألجل ذلك ليس

قليني، فاحلسن والقبح صفتان ذاتيتـان والتقبيح الع التحسني األصلح مبين على وفعل الفعل بأنه حسن أو قبيح ال على واحلكم ،)٣( والقبح هو العقل باحلسنيف األشياء، فاحلاكم : بد فيه من شرطني

.أن يترتب عليه غرض) أ .كونه خاليا من وجود القبح) ب

ما له حيسن هو وقوعه على وجه خيرج عن حكـم يكون أن: " القاضي جيب يقول ارد كنحو فعل الساهي وأن ينتفي عنه وجه بالوجوداملعدوم واملوجود الذي ال خيتص إال عن وجه القبح حـسن ومـىت تعلقـت اإلرادة وخالالقبح ألنه مىت حصل الصدق صدقا

.)٤(" أبدا يف سائر احلفظكذلكباحلسن وانتفى عنها وجه القبح حسنت مث يف األفعال بتعريفهم لكل واحد منـهما وقاسـوا احلسن ميز املعتزلة القبيح من وقد

ما إذا وقـع إنه: " التعريف، فيقولون يف تعريف القبيح هذاأفعال اهللا الغائبة عنهم من خالل كذلك من جهته، املخلي بينه وبينه، أن يستحق الذم إذا مل بوقوعهعلى وجه من حق العامل

أنه ملا علم اعلم: " تعريف احلسن يفقول وي ،)٥(" مستمر يف كل قبيح وهذامينع ذلك ما نع، الذم ـ عليه علمه فاعله بفعله ـ إذا يستحقباضطرار أن يف األفعال ما يقع على وجه ال

فهـو ،)٦("وكل ما وصفنا به احلسن يستعمل يف أفعاله تعاىل .. على وجه وصف بأنه حسن من ذلك بعد أن ذكر عليه الغائب، بل صرح أكثر يقاسيصرح هنا أن األصل الشاهد الذي

).١٤/٥٣ (املغىنانظر ) ١( ).١/٤٦٤( الفكر ونشأة، )٢١٣ص (، ومدارس الكالم )٣٠١ص( األصول اخلمسةشرحانظر ) ٢( ).٢٥٢ص ( والقدر للمحمود القضاءانظر ) ٣( ).٦/٧٢ (غىنامل) ٤( ).٦/٢٦ (املغىن) ٥( ).٦/٣١ (املغىن) ٦(

٣٧٧

ال ختتلف باختالف الفاعلني وأن حكم أفعال القدمي القضية وهذه: "كالما قريبا من السابق وأما الشرع فما هو العقليني، فقوهلم يعتمد على التحسني والتقبيح ،)١("يف ذلك حكم أفعالنا

.)٢(إال كاشف حلسنه أو قبحهعقليني، وقضية التحسني والتقبـيح العقلـيني ال والتقبيح بإجياز قوهلم بالتحسني فهذا

والرضا عند املعتزلة، فـاإلرادة عنـدهم ضـد للمحبةتنبين عليها قضية اإلرادة واستلزامها اليت سببت اخللل يف باب القضاء والقـدر، يقـول األمورالكراهة، وهذا القول من أقوى

فة سوى كونه مريدا لوجب أن احملب لو كان له بكونه حمبا ص أن اعلم: "القاضي عبداجلبار إىل ذلك بدليل ويف بطالن ذلك داللة على أن حال احملب هو حال يصليعلمها من نفسه أو

الشيء أحبه ومىت أحبه أراده ولو كان أحدمها غري اآلخر المتنع كونه أراداملريد وذلك مىت قال إن احملبـة غـري يصح أن ي وال… أو مريدا ملا ال حيب على بعض الوجوه يريدحمبا ملا أن … فثبـت … وإمنا استحال ما ذكرناه ألن كل واحد منهما حيتاج إىل صاحبه اإلرادة

فيجب كونه مريدا كونه صح عليه احملبة وأنه تعاىل إذا جازتكل من جازت عليه اإلرادة .)٣(" إرادتهقبححمبا وكل ما صح أن يريده صح أن حيبه وكل ما أوجب قبح حمبته أوجب

ما أدى م إىل اخللل يف القضاء والقدر وأفعـال وهو واضح يف هذا الكالم، والقياس فاإلرادة عندهم تستلزم احملبة والرضا، ولكن من األفعال ما ال؟العباد وهل هي خملوقه هللا أم

اهللا وال يرضاها فهو ال يريدها، وهي ال تقع حتت مقـدوره، حيبهاهو كفر وفسق وهذه ال بالقضاء والقدر، ومأمورين بسخط األفعال القبيحـة وبغـضها بالرضانا ما مورين فلما ك

بقضاء اهللا إذ الرضا والقضاء ومتالزمان، كما أن احملبة واملـشيئة واقعةوكراهتها، فليست .)٤(متالزمان يف القضاء والقدر، وعليه ينبين قوهلم يف أفعـال قوهلم القول هو املدخل إىل فهم هذا سبحانه وتعاىل ـ فأصل الشبهة عندهم يف أفعال العباد يبينها ـوعالقتها بأفعال اهللا العباد

الفعل البشري واحد وهو مقدور لإلنسان ومن مث فإن إن: " بقولهـابن حزم ـ رمحه اهللا فعل اإلنسان وهو مـشاهد وهـو يثبتون فاملعتزلة ،)٥(" احلقيقة علىاإلنسان فاعل ألفعاله

).٦/٦٠ (املغىن) ١( ).٦/٦٤ (املغىنانظر ) ٢( ).٦/٥١ (املغىن) ٣( ).٦٧ ـ ٦٦ص ( االحتجاج بالقدرأنظر) ٤( ).٥/١٩٢ (الفصل) ٥(

٣٧٨

علة واحدة، ولكل مقـدور معلولصح أن يوزع بني قادرين، ألن لكل مقدور واحد ال ي الوجود هي القدرة الفاعلة علـى حيزقادر واحد، والقدرة اليت حتقق هذا الفعل وخترجه إىل

.)١(احلقيقة له واهللا ليس له أي خلق يف ذلك باألدلة الثابتة اليت اخلالق فعل اإلنسان وهو فالفعل

: يليما ومنها استدلوا عليها حبـسب يدل على أن هذه التصرفات جيب وقوعهـا الذي: " القاضي عبداجلبار يقول -١

إىل القيام حصل منه القيام على طريقـة الداعي دعاهقصدنا وداعينا هو أن أحدنا إذا أماره كونه موقوفـا علـى وهذه… فيه احلالواحدة ووترية مستمرة حبيث ال خيتلف

.)٢("دواعينا ويقع حبسبها إن خلـق اهللا ال يـستطيعه العبد القاضي عبداجلبار يف الفصل بني فعل اهللا وفعل يقولـ ٢

واملسيء وبني حسن الوجـه احملسن بني نفصل: "اإلنسان وألجل ذلك ال لوم فيه ألنا جتوز هذه الطريقة يف والوقبيحه فنحمد احملسن على إحسانه ونذم املسيء على إساءته

أن نقول للطويل مل مناحه وال يف طول القامة وقصرها حىت ال حيسن حسن الوجه وقبي ظلمـت؟ ملطالت قامتك؟، وال للقصري مل قصرت؟، كما حيسن أن تقـول للظـامل

أحدمها متعلق بنا وموجود جهتنا خبالف اآلخر وإال ملا أن مل كذبت؟ فلوال وللكاذبصرها كاحلال يف الظلم والكذب وقد طول القامة وق يفوجب هذا الفصل ولكان احلال

.)٣("عرف فساده واجلور والقبح فلـو كـان اهللا بالظلمـ وبني القاضي عبداجلبار أن أفعال العباد متصفة ٣

.)٤(خالقها اتصف ا ويذم بعضها ويثيب ويعاقـب العبادـ أيضا استدلوا على ذلك بأن اهللا ميدح بعض أفعال ٤

كان هو الفاعـل ولو: "الرسيصرف اخلطاب؟ يقول فلو كان هو الفاعل فعلى من ين على ما كان منهم من تقصري ومل يلمهمألعماهلم اخلالق هلا مل خياطبهم ومل يعظهم ومل .)٥("ميدحهم على ما كان منهم من مجيل وحسن

).٢٠٦ص ( مدارس علم الكالم انظر) ١( ).٣٣٧ص ( األصول اخلمسة شرح) ٢( ).٣٣٢ص ( األصول اخلمسةشرح) ٣( ). ٣٣٤ص ( األصول اخلمسة شرحانظر ) ٤( ).١/١١٨( العدل رسائل) ٥(

٣٧٩

على أن العبد هو اخلالق لفعل نفـسه وهـذا يثبـت يستدلون غري ذلك من أدلتهم اليت إىل . يف هذه املسألةالشاهدلقياس الغائب على استخدامهم .األشاعرة: الثايناملطلب

السبب يف ذلك ـ كما ذكر حممود قاسـم ـ هـو وأن يثبتون حدوث األفعال األشاعرة . هذه األفعال جيب أن تنساق على األخرىشروطتشبيه أفعال اهللا بأفعال العبد، وأن

فعله هي اخللق والرزق والعدل واإلحـسان فاتوص: "األفعال الباقالين يف صفات ويقول والعقاب واحلشر والنشر وكل صفة كان موجودا قبل فعله هلا غري أن والثوابوالتفضل واإلنعام

: خالل هذا الكالم يتضح اآليتومن ،)١("… جبميع ذلك قدميلنفسهوصفه . للغري فقطمتعديا جعل صفات الفعل ما كان أنه -١

على الشاهد االعتماد كانت موجودة قبل فعله هلا وهنا يتضح صفة الفعل هي ماأن -٢ . األوقاتمنوكذلك يتضح أن يف ذلك تعطيال للذات اإلهلية من الفعل يف وقت

. األفعال وأا كائنة بعد أن مل تكنحدوث -٣ : عن اهللالعامل صدور

إثبات وجود اهللا، أن العامل حادث بعد أن مل يكن، وهذا أصل دليلهم يف األشاعرة يرى وحدانية دليال على حدوث العامل سموه دليل التمانع، والذي أثبتوا من خالله ذكرواوقد

. وتعاىلسبحانهاهللا وكيفية صدور العامل عن اهللا، وهذا الدليل يعتمد على إثبات اإلرادة هللا هد لقياس الغائب عليه، اليت حصل ا العامل اعتمدوا يف إثباا على الشااإلرادة وهذه

على حدوث هذه احلوادث املشاهدة اليت يدل وجودها على إرادة من موجدها، واستدلوا األفعالوجود : فما الدليل على أنه مريد؟ قيل له: قال قائلفإن: " يقول الباقالينذلكويف

قصد أنهمنه وتقدم بعضها على بعض يف الوجود وتأخر بعضها عن بعض يف الوجود فلوال ختصيص الشيء فاإلرادة )٢("…إىل إجياد ما أوجد فيها ملا وجد وال تقدم من ذلك ما تقدم

توجب للحي حاال يقع صفة اإلرادة: "يف وقت دون وقت، أو كما عرفها اجلرجاين بقوله إال باملعدوم فإا صفة دائمامنه الفعل على وجه دون وجه ويف احلقيقة هى ما ال يتعلق

إرادة فكل فالقياس واضح يف مجيع هذه التعريفات، ،)٣("ا ما حلصوله ووجودهختصص أمر .تثبت غائبا وشاهدا هذه خصائصها

).٢٩٩ص (التمهيد) ١( )١٠٥ ـ ١٠٢ص (وانظر أصول الدين ) ١٣٤ ـ ٨/١٣٣( وأنظر شرح الواقف ) ٤٧ص (التمهيد) ٢( ).١٦ص ( التعريفات) ٣(

٣٨٠

سبحانه وتعاىل ـ هل هي قدمية أم حمدثة؟ـ هللا هذه اإلرادة اليت هي ولكن يف والسبب )١(. يف هذا األمر إا إرادة قدمية قائمة بذاته ال جتدد فيهااألشاعرة يقول

ودليلهم على هذه اإلرادة ذه الصفة يعتمد على القول،هذا القول يوضحه دليلهم على هذا من خصائص احملدثات، ويتضح دليلهم على هذه اإلرادة ذه هيرفض الصفة املقابلة، واليت

:)٢( احلادثة وذلك بأمرينباإلرادةالصفة عند ردهم على قول املعتزلة .كل إرادة حتتاج إىل إرادة ذلك يقتضي التسلسل وأن -١ ـ كما سبق الشاهد هذا يقتضي قيام احلوادث باهللا وهذا من قياس الغائب على أن -٢

من منع قيام عندهمبيانه ـ وألجل ذلك ال ميكن أن تكون إرادة اهللا حادثة ملا استقر ، وهذا عن إرادة قدميةناتجاحلوادث باهللا، فال تكون إرادة اهللا إال قدمية، فصدور العامل

.ما اعتمدوا عليه يف دليل التمانع : والتعليل والقدراحلكمة

األشاعرة يف تعليل أفعال اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ يعتمد على قوهلم باإلرادة كالم حاله هللا ـ سبحانه وتعاىل ـ فما شاء اهللا كان وما مل يشأ مل يكن، ومن كان هذا املطلقة

كل من أن: " بسببوذلك )٣(اهللا منـزه عن الغرض والعلة فال يفعل لغرض وال لعلة، ف يتضح وهنا )٤(" مستكمال بفعل ذلك الشيء واملستكمل بغريه ناقص لذاتهكانكان كذلك

يدخل حتت عمومها اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ وأيضا الكليةالقياس حيث جعل هذه القضية عجات واخلواطر واألغراض إمنا تكون الدواعي املزإن: "الباقالينيوضح ذلك جليا قول

احملركة الباعثة على األفعال إمنا حترك املزعجة األسباب وكذلك… احلاجةوجتوز على ذي وال ممن يلزمه االنقياد والطاعة فلم جيز أن يقاس على حاجةوالقدمي تعاىل ليس بذي .. الغافل أا لو أثبتت لكان حكمه اهللاأفعال السبب احلقيقي يف نفي احلكمة يف إذن )٥("فاعلنا

وذلك من خالل أم جعلوا مفهوم جداكحكم الشاهد، فيجب نفيها عنه، فالقياس واضح . اهللاعناحلكمة ما يتعلق باملخلوق فنفوا هذا املعىن

).٩٦ ـ ٩٤ص(رشاد واال) ١٠٥ ـ ١٠٢ص(، أصول الدين )١٣٦/ ٨( شرح املواقف نظرا) ١(، ومناهج )١٠٥ ـ ١٠٢(، أصول الدين )٩٦ ـ ٩٤ص (، االرشاد )١٣٩ ـ ١٣٦/ ٨( املواقف شرحانظر ) ٢(

).٥٨ ـ ٥٧ص (األدلة ).٥٠ص (، التمهيد )٢٩٦ص (احملصلانظر ) ٣( ).٢٩٦ص (احملصل) ٤( ).٥١ ـ ٥٠ص (التمهيد) ٥(

٣٨١

يوجبون ال فاألشاعرة: اهللاعلى ردهم على املعتزلة يف إجيام فعل األصلح وأما أيب بقصةح وذلك اعتمادا على قوهلم بأن اهللا ال يفعل لغرض، ويستدلون على اهللا فعل األصل

إخوة عاش ثالثةما ذا تقول يف : احلسن األشعري مع اجلبائي عندما قال األشعري للجبائي باجلنةجيازى األول : أحدهم يف الطاعة وأحدهم يف معصية ومات أحدهم صغريا؟ فقال

يا رب لو الثالثفإن قال : يثاب وال يعاقب، قال األشعريويعاقب الثاين بالنار والثالث ال كنت أعلم أنك لو الربيقول : عمرتين فأصلح فأدخل اجلنة كما دخلها األول، قال اجلبائي

متتين صغريا لئال مليا رب مل : فيقول الثاين: عمرت لفسقت وأفسدت فدخلت النار، قالوالقياس واضح جدا يف هذه القصة، . )١(ئيأذنب فال أدخل النار كما أمت أخي فبهت اجلبا

األصل وهو مل توجبوا فعل األصلح شاهدا إذا: " يف ردهم على املعتزلةيذكرون وأيضا .)٢(…املرجوع إليه فيما يناقش فيه غائبا فقد نقضتم دليلكم

: اقف بالتحسني والتقبيح الشرعيني، يقول شارح املويقولون فهم: والتقبيح التحسني وأما االشياء وقبحها وليس ذلك ـ أي حسن االشياء ووقبحها ـ حسن حكم للعقل يف وال"

يف العقل قبل الشرع يكشف عنه الشرع كما تزعمه املعتزلة بل حاصلعائدا إىل أمر حقيقي فال حسن وال قبح لألفعال قبل ورود الشرع ولو عكس الشارع واملبنيالشرع هو املثبت له وقبح ما حسنه مل يكن ممتنعا وأنقلب األمر فصار القبيح حسنا قبحهالقضية فحسن ما

.)٣(" يف النسخ من احلرمة إىل الوجوب ومن الوجوب إىل احلرمةكماواحلسن قبيحا القول السابق يتضح أم قاسوا التقبيح والتحسني بالنسخ فاألمر قد يكون هذا ومن

أمور معلومة واقعة استندوا عليها لرد التحسني ينسخ إىل احلرام والعكس، وهذهمثواجبا املعتزلة العقليني والقياس واضح يف قوهلم، وكذلك يظهر القياس أثناء ردهم على والتقبيح

حيسن تارة ويقبح تارة الذي )٤(القائلني بالتحسني والتقبيح العقليني، كاستدالهلم بالكذب . القبح واحلسن هلا ملا حصل هذا التردد بنيالزمةفلو كان صفة

الشاهد من العادات تكون قبيحة، ولكن ال ميكن يف أمورا )٥( استدلوا بأن هناكوأيضا العبيد واإلماء يفجرون ببعض مبرأى من السادة ختليهأن ينتقل احلكم إىل اهللا فيها، مثل

).٢٦٨ ـ ٤/٢٦٧( األعيان وفياتانظر ) ١( ).٢٨٩ص (اإلرشاد) ٢( ).٢٦٨ص ( املواقف شرح) ٣( ).٢٦٣ص (احملصلانظر ) ٤( ).٢٦٧ ـ ٢٥٨ص ( االرشاد انظر) ٥(

٣٨٢

كان بعض، فإذا تركوهم سدى واحلالة هذه عنومسمع وهم متمكنون من حجز بعضهم بأن ذلك ال يقبح يف حكم اإلله، فهم القطعلك مستقبحا على الطريقة اليت مهدوها مع ذ

لو رجعا للعقل لوصف اهللا ـ سبحانه والتقبيحنوا أن التحسني ييستدلون ذا القول ليب .الشاهدوتعاىل ـ مبا ال يليق، وهذا معتمد على

. الغائب على الشاهد إثباتا أو نفيا يريدون إثباته مل يسعفهم فيه إال قياسهمالذي فكالمهم يقولون باستلزام األشاعرة أغلب جيرنا إىل سؤال هو هل اإلرادة تستلزم احملبة؟وهذا

والتحسني والقبيح، ويبني قوهلم اهللاإلرادة احملبة، وهذا معتمد على قوهلم يف تعليل أفعال أن واعلم… شيئة واالختيار والرضا واحملبة واملاإلرادة أن ال فرق بني اعلم: "الباقالين بقوله

يزل راضيا عنه ال يسخط عليه ملاالعتبار يف ذلك كله باملآل واحلال فمن رضي سبحانه عنه عليه وال يرضي عنه أبدا وإن ساخطاأبدا وإن كان يف احلال عاصيا ومن سخط فال يزال

.)١("كان يف احلال مطيعا يطلق ذلك إطالقا عاما وال يطلقه تفصيال وإذا من: "ن األشاعرة أن ماجلويين وبني عن كون الكفر مرادا هللا تعاىل مل خيصص يف اجلواب ذكر تعلق اإلرادة به وإن كان سئل يريده ما ولكنه جيتنب إطالقه ملا فيه من إيهام الزلل إذ قد يتوهم كثري من الناس أن يعتقده

مبا فيه هللا العامل: ليه ورب لفظ يطلق عاما وال يفصل فإنك تقولاهللا تعاىل يأمر به وحيرض ع ومن حقق من أئمتنا تعاىلتعاىل وإن فرض سؤال يف ولد وزوجة مل تقل الزوجة والولد هللا

أن من أئمتهم من يبني فهو )٢("…أضاف تعلق اإلرادة إىل كل حادث معمما وخمصصا غري ذلك فيخرب بغري يكونبكل حادث، ومنهم من يكون واضحا فيقول بأن اإلرادة متعلقة

. فيهاالتفصيلما يعتقد، واستدل على ذلك بقضية لغوية عند التحقيق جيب ويف هذا يتضح القياس . )٣( إطالق احملبة والرضا على الكفر فقد حتزبوا حزبنيوأما

الكفر والفسق اضطروا إىل تستلزم الرضا واحملبة، ونظروا إىل ما يقع من اإلرادةفعندما جعلوا ذلك فكيف تستلزم اإلرادة الرضا، والكفر مكروه ومع ذلك يقع؟ فخرجوا ذلك بأن تبيني يريد اهللا منهي عنه، ولكن هذا القول ال حيل املسألة، فقالوا بأن الواحد منا يقول بأن الكفر

يف فقوهلمد، كل شيء وهناك من األمور ماتنفى عنه عند االستفصال عنها كالزوجة والول

).٤٥ ـ ٤٤ص (اإلنصاف) ١( ).٢٨٤ص (، وانظر شرح املواقف )٢٣٨ص (اإلرشاد) ٢( ).٢٣٩ ـ ٢٣٨ص (اإلرشادانظر ) ٣(

٣٨٣

وقد لإلرادةهذه املسألة معتمد على قياس الغائب على الشاهد، ويتبني ذلك من تفسريهم :فسروا اإلرادة مبا يلي

. عنها باإلنعام واإلفضال ألما من صفات األفعاليعربون -١ رضا وإذا تعلقت كانت من محل الرضا واحملبة على اإلرادة فإذا تعلقت بنعيم ومنهم -٢

ومن هنا ،)١(عليه سخطا وألجل ذلك قالوا بأن اهللا حيب الكفر معاقبا بنقمة كانت الشيء بإرادته، ومعرفة الرضا والسخط يعتمد على أوقعيكون القياس فاهللا سبحانه فمعرفة . الرضا، وإن كان نقمة كان سخطا من اهللادليلالشاهد فما كان نعيما فهو

خالق األشياء كلها ملا مر ألنه: "ذا القول هيفالغائب أعتمدت على الشاهد، والسبب الشيء بال إكراه مريد له ق تعاىل ابتداء وخالقدرته مجيع احلوادث إىل دناتمن اس

فهو غري مكره عليه وكل من الشيءوهنا تبني القياس فدليل أن اهللا خلق . )٢("بالضرورةة ـ كما يقولون، فهم وهذا ضرورحيبهفعل شيئا غري مكره عليه فهو يريده، مبعىن أنه

بينهما وهو ما جر عليهم الضالل يف فساووايستدلون باملشيئة العامة على اإلرادة الدينية .باب القدر

بأن اهللا خالق أفعال يقولون فاألشاعرة: العباد على كالمهم السابق قوهلم خبلق أفعال فانبىن إنا: " عقلي يقول األشعريدليلبالعباد، وهم بذلك خمالفون للمعتزلة ويستدلون على ذلك

خالف ووجدنا الكافر يقصد وجيهد نفسه ملاوجدنا الكفر قبيحا فاسدا باطال متناقضا خالفا ووجدنا اإلميان لو شاء املؤمن أن ال قصدهإىل أن يكون الكفر حسنا حقا فيكون خبالف

لمنا أن الفعل ال مشيئته وإرادته وقد عحسبمل يكن ذلك كائنا على ...يكون متعبا مؤملا فقد وجب أن يكون هكذا كان هذا وإذا… عليهاحيدث على حقيقته إال من حمدث أحدثه

أن يكون احملدث له جيوزللكفر حمدث أحدثه كفرا باطال قبيحا وهو قاصد إىل ذلك ولن على خالف ذلك وكذلك فيكونهو الكافر الذي يريد أن يكون الكفر حسنا صوابا حقا

على لإلميان مل جيز أن يكون احملدث للكفر على حقيقته الكافر وال احملدث وإذا… اإلميان ذلك ألنه القاصدحقيقته املؤمن فقد وجب أن يكون حمدث ذلك هو اهللا تعاىل رب العاملني )٣(" غريها شيئايفال جيوز أن يكون ذلك جسم من األجسام ألن األجسام ال جيوز أن تفعل

ا يف هذا القول فهو يدور حول أن اإلنسان لو كان هو الفاعل ألتت واضح جدوالقياس

).٢٨٤ص ( املواقف شرح) ١( ).٢٨٤ص (قف املواشرح) ٢( ).٣٩ ـ ٣٨ص (معالل) ٣(

٣٨٤

على ما يشتهي ويقصد، ولكن الذي يقع غري ذلك فال بد أن يكون هناك فاعل أفعاله )١(. غري اإلنسان وهذا الفاعل هو اهللاآخرحقيقي

يف جرهم القول خبلق أفعال العباد إىل القول بالكسب، والذي اضطربوا كثرياوقد ولكن سيذكر ما ـ )٢( ومل يستقر قوهلم يف مسألة أفعال العباد على قول واحد سريه،تف

بالكسب األشعري ـ فهم جعلوا األفعال االختيارية واقعة يسمىاشتهر عن املذهب والذي تأثري فيها، بل اهللا أجرى عادته بأنه يوجد يف العبد قدرة العبدبقدرة اهللا وليس لقدرة

هناك مانع أوجد فيه فعله املقدور مقارنا هلما فيكون الفعل خملوقا هللا يكنإذا مل ، فاواختيار .)٣( ومكسوبا للعبدوإحداثاإبداعا

بالكسب ولكن اختلفوا بتعريف هذا الكسب، وألجل صعوبة فهم هذا يقولون فهم )٤(. يؤدي إىل اجلرب قال العلماء بأنه ال حقيقة لهحقيقتهالكسب الذي يف

يف احلجر الكبري قد يعجز الرجل عن محله ويقدر آخر مبثال" الكسب؛ هلذا واستدلوا خرج ما كان حصول احلمل بأقوامها ومحله مجيعا على اجتمعا منفردا به إذا محلهعلى

على االنفراد بفعله ولو أراد اهللا يقدرن كونه حامال، كذلك العبد ال عأضعفهما بذلك مقدوره، فوجوده على احلقيقة بقدرة ووجداث ما هو كسب للعبد قدر عليه االنفراد بإحد

.)٥(" فاعال وإن وجد الفعل بقدرة اهللا تعاىلكونهاهللا تعاىل وال خيرج مع ذلك املكتسب من

).٥٥٦ ـ ٥٥٥ص (اإلسالميني مذاهب أنظر) ١( ).٧٨ ـ ٧٢ص (، واية األقدام )٩٩ ـ ١/٩٦ (والنحل املللانظر ) ٢( ).٢٣٧ص (املواقف شرح أنظر) ٣( ).١٢٨ص (٠تيمية ابن القدرانظر ) ٤( ).١٣٣ص ( الدينأصول) ٥(

٣٨٥

اهللاأفعالمذهب أهل السنة واجلماعة يف : الثالثاملبحث الناس، وأعظمها شعبا وفروعا، وأكثرها فيهاتكلم املسألة من املسائل الكبار اليت هذه

اهللا تعاىل وبأمسائه وأفعاله وأحكامه من األمـر بصفاتشبها وحمارات، وذلك ألن هلا تعلقا يف خلقه وأمره، فكل ما يف الوجود متعلق ذه املسألة، داخلةوالنهي والوعد والوعيد، وهي

لك الشرائع كلها األمر والنهي والوعـد والوعيـد سبحانه، وكذ باخلالقوهي أيضا متعلقة .)١( أيضا مسائل القدر واألمر ومسائل الصفات واألفعالامتعلقة ا، ويتعلق

فأصل ضالل الفرق يقوم علـى والشريعة، هذه املسألة تقوم مجيع مسائل العقيدة فعلى املسألة، وسـبب ضـالل هلذه عرضناكالمهم يف هذه املسألة، وهذا ما سيتضح من خالل

:)٢(الفرق يف هذه املسألة يعود إىل سببني مها ).وهذا سبق التعرض له( األفعال االختيارية باهللا قيام جتويز عدمـ ١ . بني فعل اهللا القائم بنفسه وفعل اهللا الذي هو مفعولهتفريقهم عدمـ ٢، ومن خالله سـيعرف أفعال اهللا يف يف هذا املبحث مذهب أهل السنة واجلماعة وسنعرض

.مواطن اخللل عند الفرق املخالفة صدور العالم عن اهللا: األولالمطلب

واجلماعة أن مجيع من تكلم يف هذه املسألة بعيـدا عـن نـصوص السنة أهل يرى . حقيقة هذه املسألةعنالكتاب والسنة قد ضل

اهللا، كائن بعد أن يرون أن هذا العامل املشهود، ومجيع ما سوى واجلماعة السنة فأهل اهللا وقدرته، فما شاء اهللا كان وما مل يشأ مل يكن، وأن اهللا ـ سـبحانه مبشيئةمل يكن واقع أفعاله الحاد ملشيئته، وال مانع لقدرته، ففعله مستمر أزال وأبدا، وأن كل فعل من وتعالىـ

اليت يعرضون منهجهم من خالل عرض أقواهلمويتضح سبحانه وتعاىل ـ متعلق مبشيئته، ـ )٣(. املسألةحقيقةفيها ألقوال الفرق املنحرفة عن

يف هذه املسألة يتبني أن أهل السنة واجلماعة قد عرفـوا مكمـن البحث خالل من الفرق اليت تكلمت يف هذه املسألة، واليت اعتمدت على قياس الغائـب عنداخلطأ والضالل

سنة أن اخللل انطلق منها، واليت هـي يف املسائل اليت رأى أهل ال بعضعلى الشاهد، وهذه . على الشاهدالغائبحقيقتها من قياس

).٥/٢٨٥(ئل واملساالرسائل جمموعة انظر )١( ).٣١٩ ـ ٥/٣١٧( واملسائل الرسائل جمموعة انظر )٢( ).١٤٨ ـ ١/١٤٤( اجلهمية تلبيس بيان انظر )٣(

٣٨٦

. اهللا حق قدرهتقديرعدم : األوىلاملسألة بقدم العامل النافون لصفات اهللا وأفعاله، مل يقدروا اهللا حق قدره، القائلون فالفالسفة

معناه العام، فلـذلك على هذا القياس، فكل ما يتصف به املخلوق ينفى عن اهللا واعتمدوا وأمـا اهللا هو الوجود املطلق، وجعلوا الفعل مقارنا للمفعول زمانا خمالفة للـشاهد، جعلوا

الفعـل، عـن املتكلمون فإم نفوا دوام فعل اهللا أزال، فيجعلون هناك زمانا اهللا معطل فيه ذلـك ويف فقوهلم هذا وصف له ـ سبحانه ـ بالنقص يف األزل وأن الكمال قد جتدد له،

.)١(تشبيه هللا ـ سبحانه ـ باملخلوق الذي ينتقل من النقص إىل الكمال فهم ال يشبهون اهللا خبلقه، بل يثبتون فعل اهللا أزال وأبدا وال جيعلون السنة أهل وأما

. أول خلق لهالعاملهذا )٢( املسألة ثنائية التقسيمجعلهم: الثانيةاملسألة

وجد قسم ثالث فيها، فإما أن تقول العامل قدمي، وجنس ثنائية، وال ي املسألة فجعلوا وإما أن تقول العامل حادث وجنس احلوادث حادث، وال يوجد رأي آخـر قدمي،احلوادث

. الكتاب والسنة ويشهد له العقلعلىصحيح يقوم التقسيم للمسألة معتمد أيضا على قياس الغائب على الشاهد وذلك هذا يف والسبب

ال يعقل أن يكون جـنس : مسمى احلركة واحلدوث، فالفالسفة قالت يف من خالل غلطهم حادثا، وأن يكون مبدأ كل حركة وكل حادث صـار فـاعال واحلوادثاحلركة والزمان

يكون الزمان حادثا بعد أن مل يكن حادثا مع أن قبل وبعـد ال وأنلذلك بعد أن مل يكن، ية وال تصدق معينة، مث ظنـوا أن احلركـة إمنا تصدق كل القضايايكون إال يف زمان، وهذه . أزلية، وزماا قدمي فضلوا ضالال بعيداقدميةاملعينة وهي حركة الفلك

فظنوا أنه ال ميكن أن يكون جنس احلركة واحلـوادث والفعـل إال املتكلمون وأما طريف الفعل ـ وإال كان فاعل اجلميع مل يزل معطـال مث حـدثت بنيحادثا ـ لتسويتهم

الفعل من االمتناع إىل اإلمكان بال سبب، وصار قادرا بعد وانتقلوادث بال سبب أصال، احل .)٣( الشيء بعد ما مل يكن يف غري زمانوكانأن مل يكن بال سبب،

يف هذا الضالل هو قياس الغائب على الشاهد، حيث إم جعلـوا احلقيقي فالسببخلقه، وألجل ذلـك مـن رأى حـدوث واحملسوس هو أول فعل اهللا و املشهودهذا العامل

).٥/٣٦٦( الرسائل جمموعة انظر )١( ).٣٥٨ ـ ٥/٣٥٧( الرسائل جمموعة انظر )٢( ).٥/٣٧٣( جمموعة الرسائل انظر) ٣(

٣٨٧

شيئا بعد شيء خاصة يف احلاضر واملستقبل قاس ما غاب علـى هـذا حادثةاألشياء وأا وأما الفالسفة رأوا أن هذا العامل هو أول اخللق، واإلنسان ال يرى املتكلمون،الشاهد وهم

.)١( الفعل فكما ال حد له يف املستقبل فال حد له يف املاضياستمرارإال إىل الزمان فالفالسفة رأوا أن احللقة مستمرة الطرفني وجودا وزمانـا، نظروا وأيضا

ما علموه من هذا الزمان احملدد بطلوع الشمس وغروا وكذلك رأي هووالزمان املقصود .)٢(املتكلمني

كذلك بل جنس احلوادث قدمي وأما ليست أهل السنة واجلماعة فرأوا أن املسألة وأما الفعـل جنس بل )٣( بعينه قدمي خملوقادها فحادثة، وكل ما سوى اهللا خملوق، وال يوجد آح

: قدمي والسبب يف قوهلم هذا أمور هي ما يلي وأبدا ال حاد له وال مانع، وهذا الفعل معلق مبشيئة اهللا، يقول أزال فعل اهللا مستمر أن -١

شيء ودائما وكون الفاعل يفعـل يفرق بني كون املتكلم بشيء بعد العقل إن: "ابن تيمية وبني آحاد الفعل والكالم فيقول كل واحد من أفعاله ال بد أن يكـون دائماشيئا بعد شيء

وأما وأن يكون مسبوقا بالعدم وميتنع كون الفعل املعني مع الفاعل أزال وأبدا بالفاعلمسبوقا يتقدم على كل الفاعلف… كون الفاعل مل يزل يفعل فعال بعد فعل فهذا من كمال الفاعل

.)٤("خملوقفعل من أفعاله وذلك يوجب أن كل ما سواه حمدث أن العقل مييـز بـني الفعـل بني واضح من كالمه ـ رمحه اهللا ـ حيث فالقياس

ما يليق باهللا مـن الكمـال، علىاملستمر والفعل الواحد، وهذا مشاهد، وقاس هذا املعىن . من الشاهدأيضام فعله ال يكون معه وهذه وكذلك بني أن كل فاعل يتقد

الضالل عدم التفريق بني مىت تأخذ اجلملة حكم الفرد ومىت ختالف؟أسباب ـ من ٢ الفرد إىل غريه إما أن يوجب ثبوتا أو خيالف حكـم انضمام: " ـ رمحه اهللا تيمية ابن يقولفراد كان حكم احملكوم األفراد وإما ال يوجب فإن مل يوجب ثبوت أمر خيالف حكم األ تلك األفراد وإن أوجب ثبوت أمر خيالف حكم األفراد مل جيب أن يكون حكم امـوع حكم

األول املعدوم مع املعدوم فإن انضمام أحدمها إىل اآلخـر ال خيرجـه أن األفراد،مثالحكم الثاين ومثال… معدوما، وكذلك انضمام الواجب إىل الواجب واملمكن إىل املمكن يكون

).٣٦٠ص (و) ٥/٣٥٦(، وانظر ) ٣٥٢ ـ ٥/٣٥٠( جمموعة الرسائل انظر) ١( ).١/١٥٣(بيان تلبيس اجلهمية ) ٢( ).٥/٣٦٢( جمموعة الرسائل انظر) ٣( ).٥/٣٦١( جمموعة الرسائل نظرا) ٤(

٣٨٨

وحنو ذلك فـإن انـضمام واملدينةأبعاض اإلنسان وغريه من احليوان وأبعاض الدار والبيت باالجتمـاع فإنه … ومدينةبعض ذلك إىل بعض يوجب للمجموع أن يصري حيوانا وبيتا

.)١(" له من التركيب ما ال حيصل باألفرادحيصلمثال خلق اإلنسان حمدث حمدثة، ف اجلملة شرطا أن الفرد إن كان حمدثا أن تكون فليس

. اخللق ـ فعل اهللا ـ غري حمدثة مجلةوخلق احليوان حمدث وخلق العامل حمدث، ولكن لذلك بأبعاض اإلنـسان توضيحيافال زمان لذلك ميكن الوقوف عنده، وضرب مثاال

يف كالم ابـن تيميـة جدافيختلف حكم جمموعها عن حكم أفرادها، فالقياس واضح .السابق

)٢( بني ما حدث يف املاضي وما حيصل يف املستقبلالتفريق: الثالثةلةاملسأ فعل اهللا يف األزل هوخلق العامل وهو أول خلق اهللا، وأما املتكلمون جعلوا فالفالسفة

يف األزل، فكال الطائفتني ترى أن العامل هو أول خلق اهللا فالفالسفة قـالوا فعلهفقد منعوا حلوادث يف احلاضر واملستقبل، أما العامل فهو غري حادث بـل مع اعترافهم حبدوث ا بقدمه وجعلوا وأما املتكلمون فجعلوا احلوادث مستمرة يف املستقبل، ولكن منعوها يف األزل قدمي،

حمدودا يقـف شيئا ليس األزل"بداية احلوادث هو خلق هذا العامل املشهود، والصحيح أن ذلك بال غاية حمـدودة قبل تقدير الفعل إال واألزل عنده العقل بل ما من غاية ينتهي إليها

ما ميلؤها وقدر اخلردلحىت لو فرض وجود مدائن أضعاف مدائن األرض يف كل مدينة من فما مـن … مل ينته واألزلأنه كلما مضت ألف ألف سنة فنيت خردلة، فين اخلردل كله

قبل ذلك ممكنا، وإذا كان وقت إال واألزل قبل ذلك، وما من وقت صدر فيه الفعل إال وقد . ذلك فيما ال يتناهى؟قبلكان ممكنا فما املوجب لتخصيص حال الفعل باخللق دون ما

معناه عدم األولية، وليس األزل شيئا حمدودا، فقولنا مل يـزل قـادرا األزل وأيضاالظـان أن وإذا ظن … هو قادر دائما، وكونه قادرا وصف دائم ال ابتداء له قولنامبنـزلة

خالق كل شيء فكل مـا كان قدم شيء معه كان من فساد تصوره، فإنه إذا يقتضيهذا قيل مل يزل خيلق خملوقا بعـد وإذاسواه خملوق مسبوق بالعدم، فليس معه شيء قدمي بقدمه،

احلـوادث مـن )٣()فيفين ما يفنيـه (خملوقخملوق كما ال يزال يف األبد خيلق خملوقا بعد

).٢٦ ـ ١/٢٥ (الصفدية) ١( ).٣٧٢ ـ ٥/٣٧١( الرسائل واملسائل جمموعة انظر )٢( . ولعل الصواب ما أثبته)ننفي ما ننفيه( املطبوع يف )٣(

٣٨٩

مـن مفعـوال شيئا بعد شيء، وليس يف ذلك إال وصفه بدوام الفعل ال بأن معه واحلركات . املفعوالت بعينه مل يزل معه فهذه املعية مل ينفها شرع وال عقل بل هي من كماله، نوعها قدر أن وإن

، واخللق ال يزالون معه، ]١٧النحل، [ خيلق كمن ال خيلق أفال تذكرون أفمن : قال تعاىل املستقبل ما ينايف كماله، وبني األزل يف املستقبل مع أنه يف يفكوم ال يزالون معه وليس يف

أن يكون له انتهاء، جنزم كل خملوق فله ابتداء، وال كان يكن إذا ملاملاضي حدث بعد أن من النـاس النـوع كثريوهذا فرق يف أعيان املخلوقات وهو فرق صحيح لكن يشتبه على

. مبا يالحظ ويشاهد على ما هو ماض غائب فال فرق بينهماحصلس فالقيا.)١("بالعني : بني الفعل القائم بذاته تعاىل واملنفصل عنهالتفريقعدم : الرابعةاملسألة

.)٢( به مسمى املصدريراد يطلق ويراد به نفس الفعل وتارة الفعل ذلك احتجوا على قدم العامل بـأن ومع بنفسه، نفوا عن اهللا الفعل القائم فالفالسفة

أو أنه مل يزل للمادة مادة، فغاية حجتهم قـدم مدة،الفاعل مل يزل فاعال، أو مل يزل لفعله .)٣(ك الفعل املعني وهي حركة األفالأونوع الفعل، وجروا ذلك على احلركة

هو هذا العامل، اهللا املتكلمون فهم أيضا ال يرون قيام الفعل باهللا، وجعلوا أول فعل وأما اهللا معطل عن صـفة بأنوهو خملوق واملخلوق له زمن خلقه اهللا فيه، وألجل ذلك حكموا

.)٤(اخللق حىت خلق: القائم بنفسه، كما يقـول القائـل الفعل الصواب فهو أن الفعل يراد به نفس وأما

كصالة اإلنسان وصـيامه املنفصل عنه فعلهفعلت هذا وأفعله ويقصد ما قام به، وقد يريد .)٥(فالعمل هنا املعمول

له فعل يقوم بنفسه وهو عمله الذي يقوم به ومفعول منفصل عنه وهو النجار فمثال .العملنتيجة

).٥/٣٧١(، وانظر جمموعة الرسائل )٢٤٠ ـ ١٨/٢٣٨ (ىجمموع الفتاو)١( ).٣١٨ ـ ٥/٣١٧( واملسائل الرسائلانظر جمموعة ) ٢(

).٥/٣٦٧( جمموعة الرسائل واملسائل انظر )٣( ).٥/٣٦٦ (واملسائل جمموعة الرسائل انظر ) ٤( ).٥/٣١٧( الرسائل واملسائل جمموعة )٥(

٣٩٠

وتعاىل ـ له فعل يقوم بنفسه أزيل أبدي متعلق مبشيئته، وله مفعول سبحانه ـ فاهللا قـدمي الفعل أن أهل السنة يقولون سبق وقد ،)١( كائن بعد أن مل يكن خملوقمنفصل عنه

. حادث اآلحادالنوع : والقدر عند أهل السنة واجلماعةوالتعليلاحلكمة : الثايناملطلب

: والقدر والسبب يعود إىل أمرينوالتعليل ضل الفالسفة واملتكلمون يف باب احلكمة لقد االختيارية باهللا تعـاىل ولقـد األفعال قيامجعلهم الفعل هو املفعول، والثاين منعهم : األول

قـال القائل إذا إن: " ـ رمحه اهللا ـ فقال تيميةأشار إىل هذين السببني شيخ اإلسالم ابن فهذا باطـل املصدرهذه التصرفات فعل اهللا أو فعل العبد فإن أراد بذلك أا فعل اهللا مبعىن

مفعولـة خملوقـة هللا أابه باتفاق املسلمني وبصريح العقل ولكن من قال هي فعل اهللا أراد .كسائر املخلوقات

فال فرق عنده بني فعله ومفعوله وخلقـه به من هؤالء من قال إنه ليس هللا فعل يقوم مث هذه خملوقة هللا مفعولة ليـست : وهذا فيقولون هذاوخملوقه وأما اجلمهور الذين يفرقون بني

املفعـول بالفعل أريدأيضا مفعولة له إذا به وهي القائمهي نفس فعله وأما العبد فهي فعله تعاىل وليس ملـسمى اهللافمن مل يفرق يف حق الرب تعاىل بني الفعل واملفعول قال إا فعل

مـن وأما… له بطريق األوىل مفعولةفعل اهللا عنده معنيان وحينئذ فال تكون فعال للعبد وال قال إن أفعال العباد خملوقة كـسائر ملخلوقاته ليس هو نفس خملوقاته تعاىلقال خلق الرب

للرب كسائر املفعوالت ومل يقل إا نفس فعل الرب وخلقه بل قال إا ومفعولةاملخلوقات الكذب والظلم وحنو ذلك من القبـائح : العبد وعلى هذا تزول الشبهة، فإنه يقال فعلنفس لهف ا من كانت خملوقة ا من كانت فعال له كما يفعلها العبد وتقوم به وال يتص يتصف

ال يتصف مبا خلقه يف غريه مـن الطعـوم سبحانه قد جعلها صفة لغريه كما أنه كانإذا .)٢(" وغري ذلكواحلركاتواأللوان والروائح واألشكال واملقادير

على الشاهد هنا يظهر جليا من خالل ضربه ملثال فعل العبد وتفريقه الغائب وقياسكون فعال له وبني ما هو صفة لغريه، فكذلك اهللا ـ جل جالله ـ يفرق به وييقومبني ما

ـ سبحانه وتعاىل ـ بني فعله الذي يقوم به وبني ما خيلقه صفة لغريه من الطعـوم حقهيف . واحلركات وغري ذلكواأللوان

).٣٥٤( الرسائل واملسائل جمموعة) ١( ).٣١٩ ـ ٥/٣١٨( الرسائل واملسائل جمموعة) ٢(

٣٩١

واألشاعرة واملعتزلة من قضية احلكمة الفالسفة أهل السنة واجلماعة من موقف :فعال اهللايف أ :واألشاعرة الفالسفة من موقفهم: أوال

وذلك لزعمهم أن إثبات احلكمة يف اهللا الفالسفة واألشاعرة احلكمة يف أفعال أنكر فهو مستكمل بغريه، وهذا نقـص يف لغرضأفعال اهللا يستلزم أنه يفعل لغرض، ومن يفعل

ـ على دعـواهم بـأم ال رمحه اهللاـالباري سبحانه، ولقد رد شيخ اإلسالم ابن تيمية كان قبل ذلك ناقصا إن : القائل قول: "يعقلون يف الشاهد فاعال إال مستكمال بفعله، بقوله

ذلك الوقت الذي اقتضت احلكمة وجوده فيـه قبلأراد به عدم ما جتدد فال نسلم أن عدمه م الشيء يف الوقت ذلك فهو ممنوع بل يقال عد غرييكون نقصا وإن أراد بكونه ناقصا معىن كما أن وجوده يف وقت اقتضاء احلكمـة الكمال،الذي مل تقتض احلكمة وجوده فيه من

كل زيادة يقدرها الذهن من الكمال وليس… وجوده كمال، فليس عدم كل شيء نقصا يف كمال املزيد كما يعقل مثـل ذلـك يف كـثري مـن نقصابل كثري من الزيادات تكون

أشياء يف وقت نقصا وعيبا يف حقه ويف وقت آخـر وجود قد يكون املوجودات واإلنسان .)١("كماال ومدحا يف حقه

إال ما هو مستكمل بغريه مع التنبيه الشاهد الشيخ ـ رمحه اهللا ـ إننا ال نرى يف فقول ما يتصف به ويفعله يف وقت كمال ميدح به يكونإىل أن كثريا من املوجودات واإلنسان قد

نقصا يذم به هذا كله من قياسه الغائـب ويكون يفعل هذا الفعل نفسه يف وقت آخر وقد .على الشاهد

:موقفهم من املعتزلة: ثانيا لكنهم يقـصرون إثبـات احلكمـة يف اهللا املعتزلة احلكمة والتعليل يف أفعال يثبت

ه، وزعمـوا أن وجل ـ القائمة بنفـس عزمفعوالت اهللا تعاىل، وال ينسبوا إىل أفعاله ـ .احلكمة يف ذلك إحسانه إىل اخللق

إىل الغري حممود اإلحسان: " دعواهملنقض شيخ اإلسالم ـ رمحه اهللا ـ يف بيانه قال لتكميل نفسه بذلك وإما لقصده احلمـد إمالكونه يعود منه على فاعله حكم حيمد ألجله ـ يدفعوالثواب بذلك وإما لرقة وأمل جيده يف نفسه سان األمل وإمـا اللتـذاذه بذلك اإلح

وتسر وتلذ باخلري الذي حيصل منها إىل تفرحوسروره وفرحه باإلحسان فإن النفس الكرمية وعدمه بالنسبة إىل الفاعل سواء مل يعلم أن مثـل اإلحسان أن وجود قدر إذا أما… غريها

).٣٣٨ ـ ٥/٣٣٧(جمموعة املسائل والرسائل ) ١(

٣٩٢

لـيس فيـه يعد عبثا يف عقول العقالء وكل من فعل فعال هذاهذا الفعل حيسن منه بل مثل بوجه من الوجوه ال عاجلة وال آجلة كان عبثا ومل يكـن منفعةلنفسه لذة وال مصلحة وال

أفعاله فرارا من العبث فوقعتم يف العبث فإن العبث هو الفعـل عللتمحممودا على هذا وأنتم .)١(" منفعة وال فائدة تعود على الفاعلوالالذي ليس فيه مصلحة

هللا ـ لقياس الغائب على الشاهد هنا ال خيفى على أحد ـ رمحه ا الشيخ واستخدام على إثبات احلكمة يف فعل الشاهد من استكماله بذلك احلمـد استداللهوذلك من خالل

. لإلحسان أو لقصد الثواب أو لغري ذلكفعلهالذي يلحق به على : من قضية وجوب فعل األصلح على اهللاواجلماعة أهل السنة موقف األصلح على اهللا تعاىل، ولقد نقد أهل فعلسبق أن مذهب املعتزلة هو إجيام فيما ذكر

املثبتـون وأمـا : " ابن تيمية ـ رمحه اهللا اإلسالمالسنة واجلماعة املعتزلة يف ذلك، قال شيخ على أن اهللا تعاىل ال يقاس خبلقه يف أفعاله كمـا ال فمتفقونللقدر من أهل السنة والشيعة

فليس كمثله شيء ال يف ذاته وال يف صفاته وال يف أفعاله وليس ما وصفاتهته يقاس م يف ذا وجب مثله على اهللا تعاىل وال ما حرم على أحدنا حرم مثلـه علـى اهللا أحدناوجب على

)٢(.."تعاىل الشاهد على هو قياس غائب ” …أحدناوليس ما وجب على ” : ـ رمحه اهللا فقوله

لكل صفة بأنصلح على اهللا، وهذا معتمد على قوهلم يف الصفات استخدمه لنفي وجوب األ للمخلـوق األصلحمعىن عام ومعىن خاص إما باخلالق أو املخلوق فقول املعتزلة يف وجوب

.وهذا الجيوز تعميمه على اهللا ـ سبحانه وتعاىل :والتقبيح أهل السنة واجلماعة من قضية التحسني موقف

بالتحسني والتقبيح العقلي، وبـني القائلنينة واجلماعة بني املعتزلة توسط أهل الس لقد فقالوا بأن التحسني والتقبيح منه مـا هـو الشرعي،األشاعرة القائلني بالتحسني والتقبيح

ثبت باخلطـاب وقد: " ابن تيمية ـ رمحه اهللا اإلسالمقال شيخ . شرعي ومنه ما هو عقليأن يكون الفعل مشتمال على مصلحة أو : أحدها: ثة أنواع ثال الشرائعواحلكمة احلاصلة من

بذلك كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العـامل والظلـم الشرعمفسدة ولو مل يرد هو حسن وقبيح وقد يعلم بالعقل والشرع قبح ذلك ال أنـه النوعيشتمل على فساده فهذا

أن يكون فاعلـه معاقبـا يف ال يلزم من حصول هذا القبح لكنأثبت للفعل صفة مل تكن

).٥/٢٩١( الرسائل واملسائل جمموعة) ١( ).٤٤٨ ـ ١/٤٤٧( السنة النبوية للشيخ ابن تيمية منهاج) ٢(

٣٩٣

فإم )١( بالتحسني والتقبيح القائلني يرد الشرع بذلك وهذا مما غلط فيه غالة ملاآلخرة إذا خـالف وهـذا إن العباد يعاقبون على أفعاهلم القبيحة ولو مل يبعث اهللا إليهم رسوال : قالوا

]. ١٠٣الصافات، [ كنا معذبني حىت نبعث رسوالوما : النص، قال تعاىل بشيء صار حسنا وإذا ى عن شـيء صـار قبيحـا أمرأن الشارع إذا : الثاين النوع

. صفة احلسن والقبح خبطاب الشارعواكتسب العبد هل يطيعه أم يعصيه وال يكون بهأن يأمر الشارع بشيء ليمتحن : الثالث والنوع

، ]١٥االسراء، [ أسلما وتله للجبني فلما : ابنهاملراد فعل املأمور به كما أمر إبراهيم بذبح .حصل املقصود ففداه بذبح عظيم

من سأهلم الصدقة فلما أجاب إليهم حديث أبرص وأقرع وأعمى ملا بعث اهللا وكذلك )٢( عنك وسخط على صـاحبيك فرضيأمسك عليك مالك فإمنا ابتليتم : األعمى قال امللك

نفس املأمور به وهذا النوع والذي قبله مل يفهمـه منشؤها من نفس األمر ال من فاحلكمة وزعمت أن احلسن والقبح ال يكون إال ملا هو متصف بذلك بدون أمـر الـشارع، املعتزلة

ادعوا أن مجيع الشريعة من قسم االمتحان وأن األفعال ليست هلا صـفة ال قبـل واألشعرية . )٣("م الثالثة وهو الصواب وال بالشرع وأما احلكماء واجلمهور فأثبتوا األقساالشرع املعتزلة واألشاعرة أخطأوا يف فهم ذلك فإن ما خيص احلسن والقبح يف أفعال اهللا وأما

أثبتت احلسن يف أفعال اهللا تعاىل واملعتزلة: " فيقولاخلطأويبني ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ هذا وا أن ال حسن وال قبح إال ما عاد إىل من أفعاله ومنازعوهم ملا اعتقد إليهال مبعىن حكم يعود

حكم نفوا ذلك وقالوا القبيح يف حق اهللا تعاىل هو املمتنع لذاته وكل ما يقـدر منهالفاعل من األفعال فهو حسن إذ ال فرق بالنسبة إليه عندهم بني مفعول ومفعـول وأولئـك ممكنا وصفذ عندهم ال يقوم بذاته حسنا وقبحا ال يعود إىل الفاعل منه حكم يقوم بذاته إ أثبتوا

مـن وال فعل وال غري ذلك وإن كانوا قد يتناقضون مث أخذوا يقيسون ذلك على ما حيسن . )٤(.."العبد ويقبح

. املعتزلة ومن وافقهموهم) ١(، ومسلم )٣٤٦٤، ح ٦ج ( وأقرع، الفتح وأعمى أبرص يثرواه البخاري، كتاب أحاديث االنبياء، باب حد) ٢(

).٢٩٦٤(يف كتاب الزهد والرقائق، برقم ).٤٣٦ ـ ٨/٤٣٤(جمموع الفتاوى ) ٣( ).٥/٢٩٢( الرسائلجمموعة) ٤(

٣٩٤

اهللا يعود إىل أن كل فريق أخـذ أفعال يف فهمهم اخلاطئ للحسن والقبح يف فالسبب ل هو املفعول املنفصل فال جيب أن الفع جعلواجبانب من جوانب الفعل وعليه سار، فاملعتزلة

اهللا بالقبيح، وأما األشاعرة فنظروا إىل احلكم وصفيصدر عن اهللا إال كل ما هو حسن وإال . فلم يفرقوا بني مفعول ومفعولللمفعول،العائد إىل الفاعل مع عدم النظر

به الفعل القـائم السنة يف أفعال اهللا أم يثبتون جانيب الفعل، فتارة يراد أهل ومذهب املخالفني وتارة يراد به املفعول، وقد ذكر ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ اخللل يف أقوال بالذات، فعال له كمـا كانت يقال الكذب والظلم وحنو ذلك من القبائح يتصف ا من إنه: "بقوله

فة لغـريه جعلها ص قديفعلها العبد وتقوم به، وال يتصف ا من كانت خملوقة له إذا كان والروائح واألشكال واأللوانكما أنه ـ سبحانه ـ ال يتصف مبا خلقه يف غريه من الطعوم

مل يكن هو املتلون بـه وإذا اإلنسانواملقادير واحلركات وغري ذلك فإذا كان قد خلق لون ذلك مما هو مكروه مذموم مستقبح مل وحنوخلق رائحة منتنة أو طعما مرا أو صورة قبيحة

املكروهة واألفعال القبيحة ومعىن قبحهـا املذمومةهو متصفا ذه املخلوقات القبيحة يكن وجالبة ألمله وعذابه وهذا أمر يعود علـى الفاعـل وعقابهكوا ضارة لفاعلها وسببا لذمه

من قول شيخ اإلسالم ما فيتضح )١(.." خلقها فعال لغريه الذيالذي قامت به ال على اخلالق :يلي . القائم بالنفس والفعل القائم بالغري املفعول للفاعلالفعلبني تفريقه -١ مل يصفوا اهللا بصفات خملوقاته من روائح وأشكال ومقادير وهم يثبتون املخالفني أن بني -٢

خلقه سبحانه، فلماذا يفرقون بني أفعال اهللا؟، فهذه الصفات ال يثبتـون أن اهللا منأا اهللا، وبعض أفعاله لو أثبتوا خلقـه هلـا ألخـذ ا مع اعترافهم أا من خلق متصف فاملعتزلة جعلوا القول يف املخلوقات من حيث حسنها وقبحها هـي أسـاس حكمها، يف أفعال اهللا، واألشاعرة كذلك عندما فهموا أن احلكم علـى احلـسن والقبحاحلسن

، ألم لـو اهللا يكون من جهة املخلوقات، نفوا القبح واحلسن العقليني أفعالوالقبح يف للزمهم ـ على قوهلم ـ أن اهللا يفعل القبيح، فال يكون احلسن والقبح إال بذلكقالوا

. فرق عندهم بني مفعول وآخر إال مبا أثبته الشرعفالشرعيني بني املفعول املذموم، واملفعول املمدوح والفعـل املـذموم والفعـل الشاهد يف التفريق -٣

. ضرورةمعلوماملمدوح، وهذا . كل فاعل خاصة به وال يأخذ اخلالق حكمها ألا مل تقم بهأفعال أن بني -٤

).٥/٣١٩( الرسائل جمموعة) ١(

٣٩٥

تستلزم الرضا والمحبة؟اإلرادة هل: ذلك إىل سؤال هووجيرنا نوعان مـراد املراد: " واحملبة وذلك ألن الرضا بني أهل السنة أن اإلرادة ال تستلزم قد

اته وما فيه من اخلري فهـو مـراد إرادة حمبوب لذ مطلوبلنفسه ومراد لغريه فاملراد لنفسه قد ال يكون مقصودا ملا يريد وال فيه مصلحة له بـالنظر إىل لغريهالغايات واملقاصد واملراد

يتنافيـان ال مقصوده ومراده فيجتمع فيه األمران بغضه وإرادتـه و إىلذاته وإن كان وسيلة ل أن فيه شفاءه وقطع العضو املتآكل كالدواء الكريه إذا علم املتناو وهذاالختالف متعلقهما

العاقل يكتفي يف إثبات هذا املكروه وإرادته بالظن بل… أن يف قطعه بقاء جسده علمإذا عنه عاقبته فكيف ممن ال خيفى عليه خافية فهو سبحانه يكره الشيء وال خفيتالغالب وإن قيـاس فمن )١(..."ن فوقه ألجل غريه وكونه سببا إىل أمر هو أحب إليه م إرادتهينايف ذلك

. قد يكون مكروها ولكن يراد ألجل غريهاملرادالغائب على الشاهد اتضح أن . مسألة واحدة أال وهى خلق أفعال العبادوتتبقى

أا خملوقة هللا وهي فعل للعبد قائمة به العباد أهل السنة واجلماعة يف خلق أفعال مذهب ـ رمحه اهللا ـ الفرق بني الفعل القـائم بالـذات يميةتال يوصف اهللا ا وقد وضح ابن

هذا فعل وفعل هذا لفظ فيه إمجال فإنه تـارة : القائل قول: "والفعل القائم بالغري حيث قال فعلت هذا أفعله فعال، وعملت : وتارة يراد به مسمى املصدر فيقول الفعليراد بالفعل نفس

الذي هو مسمى املصدر كـصالة اإلنـسان فإذا أريد بالفعل نفس العمل عمالهذا أعمله فالعمل هنا هو املعمول وقد احتد هنا مسمى املصدر والفعل وإذا أريـد ذلكوصيامه وحنو

… بعمله كنساجة الثوب وبين الدار وحنو ذلك فالعمل هنا غري املعمـول حيصلبذلك ما أراد بذلك أا مبعـىن نفإ أن القائل إذا قال هذه التصرفات فعل اهللا أو فعل العبد واملقصود

هي فعل اهللا أو أراد به أا قالاملصدر فهذا باطل باتفاق املسلمني وبصريح العقل ولكن من .)٢("مفعولة خملوقة هللا كسائر املخلوقات فهذا حق

كسائر املخلوقات ومفعولة للرب كسائر خملوقة أفعال العبد إن: " وضح ذلك بقوله مث بل قال إا نفس فعل العبد وعلى هذا تزول وخلقهإا نفس فعل الرب املفعوالت ومل يقل

ذلك من القبائح يتصف ا من كانت فعال له كما وحنوالكذب والظلم : الشبهة فإنه يقال لغـريه صفة قد جعلها كان من كانت خملوقة له إذا ايفعلها العبد وتقوم به وال يتصف واملقـادير ه من الطعوم واأللوان والـروائح واألشـكال كما أنه ال يتصف مبا خلقه يف غري

).٢٥٣ ـ ٢٥٢ (ص الطحاوية )١( ).٣١٨ ـ ٥/٣١٧( الرسائل جمموعة انظر )٢(

٣٩٦

خلق رائحة وإذاواحلركات وغري ذلك فإذا كان قد خلق لون اإلنسان مل يكن هو املتلون به مل يكـن هـو مستقبحمنتنة أو طعما مرا أو صورة قبيحة وحنو ذلك مما هو مكروه مذموم

واضح يف والقياس )١(.."القبيحةاألفعال متصفا ذه املخلوقات القبيحة املذمومة املكروهة و .الصورة السابقة

أي سبب من األسباب، يقول ابن تيمية ـ مثل مسألة تأثري قدرة العبد يف الفعل فهي وأما الفعل من العدم إىل الوجود وكان بتوسـط القـدرة خروج أريد بالتأثري أن إن: "رمحه اهللا

سبب وواسطة يف خلق اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ الفعل هي املخلوقةاحملدثة مبعىن أن القدرة باملاء وكما خلق الغيث بالسحاب وكما خلق مجيع املسببات النباتذه القدرة كما خلق فهو حق وهذا شأن مجيع األسباب واملسببات وليس إضـافة وأسبابواملخلوقات بوسائط

.)٢("ثبات مجيع األسباب شركا قدرة العبد شركا وإال فيكون إإىلالتأثري ذا التفسري ال فرق كاملـاء للنبـات كاألسباب واضح وهو أنه جعل قدرة العبد سببا فالقياس

. حيتاج إىل قدرته يف إخراجهالعبدفالنبات يف منوه حيتاج إىل املاء لينمو فكذلك فعل

).٥/٣١٩(ل الرسائجمموعة) ١( ).٣٩٠ ـ ٨/٣٨٩(الفتاوى) ٢(

٣٩٧

اخلامس الفصل

نة واجلماعة الفالسفة واملتكلمني وأهل السعند النبوات

: هذا الفصل ثالثة مباحثيف . عند الفالسفةالنبوات: األول بحثامل . عند املتكلمنيالنبوات: الثاين بحثامل : مطلبانوفيه

. املعتزلةعندالنبوات : األولاملطلب

. عند األشاعرةالنبوات: الثاين املطلب

. عند أهل السنة واجلماعةالنبوات : الثالثبحثامل

٣٩٨

اخلامس الفصل الفالسفة واملتكلمني وأهل السنة واجلماعةعند النبوات

يف األساس يقوم على أمور مشاهدة ومعلومة حيث األنبياء وعلومهم الفصل هذا مما تعرفه البشرية ومما شاهدته إىل بعثة حممد ـ صلى اهللا عليه ومعجزاموخصائصهم

فالكالم يف النبوات يقوم على هذه األمور املشاهدة . األنبياء ختم اهللا بهوالذيوسلم ـ السنةفالقياس يف مجيع مباحثها واضح وال حيتاج إىل كثرة بيان ولكن متيز أهل . واملعلومة

النصوصواجلماعة عن اآلخرين باعتمادهم يف تقريرهم لعقيدم أم ينطلقون أساسا من إىل هذه ويشاهدونهية ختاطب العقول ويردون ما يعلمونه الشرعية واليت يف حقيقتها أدلة عقل

. أن ختالف الواقعحبالالنصوص اليت هي مبثابة القواعد اليت يسريون عليها واليت ال ميكن : ـ إن شاء اهللا ـ يف هذا الفصل ثالثة مباحثأورد وسوف

. عند الفالسفةالنبوات -١ . عند املتكلمنيالنبوات -٢ .واجلماعة عند أهل السنة النبوات -٣

٣٩٩

األول املبحث الفالسفةعند النبوات

هم كذبوا م تكذيب املكذبني الذين كذبوا ال: " من األنبياء أمالفالسفة موقف آمن مطلقا، وال صدقوهم تصديق املؤمنني الذي آمنوا م مطلقا بل كانوا كمن بالنبوات

.)١("ببعض وكفر ببعضا ا ولكن إقرارا خيالف ما عليه أقوال األمم وما عليه النبوات وأقروأثبتوا فالفالسفة وسنة رسوله ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ فهم جعلوا النبوة اكتسابا ال اصطفاء من اهللاكتاب تعلقها دون )٢(" صفة قائمة بنفس النيبجمرد: " ـ سبحانه وتعاىل ـ فجعلوا النبوةاهللا

ل خالفوا ما عليه مجيع األمم املثبتة للنبوات ومن قالوا بأقواذلكوألجل . خبطاب اهللا للنيب . اجلن واملالئكة فجعلوها قوى نفسية ليستقيم قوهلم باملعجزاتوجودذلك إنكار حقيقة

: بقوهلم يف النبوات أمور كما بينها شيخ اإلسالم وهيالضالل وأصل .ا هو إال علة تامة اهللا وإنكارهم لقدرته ومشيئته وأن اهللا مأفعالـ يعود إىل قوهلم يف ١ . وأسباب الوجود فيما علموه ونفي ما ال يعلمونهاملعرفةـ وهو يعود إىل حصرهم ٢

وأسبابه فيما علموه وال علم عندهم الوجود قوم حصروا فهؤالء: " شيخ اإلسالميقول وهم الشيء النتفاء دليل معني وهذا غاية اجلهل ينفيبانتفاء ما مل يعلموه وغاية أحدهم أن

عدم : بكثري من أنواع املوجودات وأحواهلا، والثاينالعلمعدم : أحدمها: جهال من وجهني ملا مل يثبتوا قدرة الرب على تغيري العامل ونفوا مشيئته اليت ا فإمالعلم بأسباب احلوادث

صاروا منكرين خلرق العادات فاحتاجوا يف إثبات الغرائب إىل إجرائها على احلوادثحتدث .)٣(" الباطلالقانونذلك هي أصل النبوة وأبطلوا ما وجعلها لألمور املشتركة بني األنبياء وغريهم نظرهم ـ ٣

اهللا ومشيئته ونفوا وجود املالئكة قدرةفأبطلوا ألجل ذلك . امتازت به األنبياء عن غريهمبني املسلمني العارفني املعرفة املشتركة جنسواجلن ليستقيم قوهلم وجعلوا األنبياء من

الغائب على قياسومن هذا يتضح أم استعملوا . إخل.. )٤(واليهود والنصارى واوس .الشاهد ونفوا ما ال يدخل حتت معلومهم

).١/٢٠٣ (الصفدية) ١( ).١/٢٢٥ (الصفدية) ٢( ).١٧٠ص/١ (الصفدية) ٣( ).٢٣٣ص/١(الصفدية) ٤(

٤٠٠

السابق أن أصل الضالل عندهم أن ما هو معلوم لديهم هو احلق وما ال من ويتبني ألسباب جعلتهم يقولون يف وقد ذكر شيخ اإلسالم أن هذه ا. وينفونهباطليعلمونه فهو

.يقولونالنبوات ما : يف هذا املبحث القضايا التاليةأعرض وسوف . للنبواتالناس حاجة : األولاملطلب . النبوة عند الفالسفة وخصائصهامفهوم : الثايناملطلب .الفالسفة الوحي : الثالثاملطلب . عند الفالسفةاملعجزة: الرابعاملطلب للنبواتالناسجة حا: األولاملطلب عند كالمهم على حاجة الناس للنبوات يثبتون أا ضرورية اإلسالميون الفالسفة

معاش الناس وانتظام حيام كضرورة أن يكون للناس حاكم وأن الستقامةولكن ضرورا . ذلكوحنويكون هلم طبيب

ناس للنبوة فزعم يف مدينته الفاضلة بني أمورا تدل على احتياج الالفارايب فمثال ـ أن كل إنسان مفطور على أنه حمتاج يف قوامه ويف أن يبلغ أفضل ١: "هيمزاعم

أشياء كثرية ال ميكنه أن يقوم ا كلها هو وحده بل حيتاج إىل قوم يقوم له كل إىلكماالته فلذلك ال ميكن أن يكون اإلنسان ينال الكمال الذي … منهم بشيء مما حيتاج إليهواحد أن فطرة اإلنسان يبنيفهو . )١("متعاونني جعلت الفطرة الطبيعية إال باجتماعات كثرة جلهأل

.تقتضي االجتماع، وهذا أمر مشاهد وواقع املدينة الفاضلة بأا اليت تنال ا السعادة واليت تكون بالتعاون على خصائص بني ـ ٢

. )٢( باالختيار واإلرادةاألشياءاضلة بالبدن الصحيح التام الذي تتعاون أعضاؤه كلها على تتميم حياة الفاملدينة شبه ـ ٣

والبدن فيه رئيس واحد وهو القلب واألعضاء األخرى تعمل ما . واحملافظة عليهااحليوان ذلك الرئيس وتتفاوت درجات األعضاء حبسب اتصاهلا بالقلب وكذلك رئيس املدينة يريده .)٣( أن يكون واحداجيب

).١١٢ص( أهل املدينة الفاضلة آراء) ١( ).١١٣ص( أهل املدينة الفاضلة آراء) ٢( .بتصرف) ١١٤ص( أهل املدينة الفاضلة آراء) ٣(

٤٠١

حياا واحملافظة عليها كالقلب وهذا لتتميمبه رئيس املدينة اليت حتتاجه هو يشفها .واضح جدا فيه القياس

أن يكون إنسانا استكمل عقله املنفعل : الرئيس هلذه املدينة وهيصفات ذكر ـ ٤ وصار عقال بالفعل ومعقوال بالفعل وحصل هذا يف قوته الناطقة النظرية كلهاباملعقوالت

.)١( مث يف قوته املتخيلة كان هذا اإلنسان هو الذي يوحى إليهيةوالعمل .إىل غري ذلك من الشرائط اليت ذكرها. فيه صالح الناس هو النيبالذي فالرئيس كالمه السابق وغريه يبني أن النيب للناس كالقلب للبدن فصالح البدن من فالفارايب

.النيب املتصل بالعقل الفعال وكذلك صالح الناس بوجود ووجوده،بصالح القلب وابن رشد مل يبتعدا عن قول الفارايب يف أن احلاجة إىل الرسل ضرورة سينا وابن

. )٢( لرفع الظلم وإقامة العدل وسن الشرائع والسنن والقوانني اليت تكفل سعادمالناسحلياة أنه"ىل الرسل بني ابن رشد عندما بني احلاجة إإنوهذا مبين على أمور مشاهدة ومعلومة بل

األمور املتواترة كوجود سائر األنواع اليت مل وجودليس ينكر وجودهم إال من ينكر الناس واستدل أيضا على احلاجة سعادة أن فعل األنبياء واحلاجة إليهم هو وبني )٣("نشاهدها

ل الوحي العلم املتلقى من قبإن: " فقالاألمورإىل األنبياء بقصور العقل البشري عن بعض أن كل ما عجز عنه العقل أفاده اهللا تعاىل اإلنسان من قبل أعينإمنا جاء متمما لعلوم العقل

الضروري علمها يف حياة اإلنسان ووجوده منها ما هو عجز املداركوالعجز عن . الوحي العقل أن يدرك مبا هو عقل ومنها ما هو عجز حبسب طبيعة طبيعةبإطالق أي ليس من

إما أن يكون يف أصل الفطرة وإما أن يكون ألمر عارض من العجزلناس وهذا صنف من ا .)٤(" الوحي رمحة جلميع هذه األصنافوعلمخارج من عدم تعلم،

ولكن ال بد من تبيني أمر أال العقلية يبني أن احلاجة إىل الرسل يف تتميم العلوم فهو فما كان حاجة للجمهور ال يكون حاجة واخلاصة،وهو التفريق عند ابن رشد بني اجلمهور الضرورية ألن من طبيعة منهجه ومنهج املداركللخاصة وأقصد كالمه يف العجز عن

الشرائع من األلفاظ وينـزلوا على معاين غري بهالفالسفة اآلخرين أم يأخذون ما جاءت

.بتصرف) ١٢١ ـ ١١٨ص(دينة الفاضلة أهل املآراء) ١( ).٣٠٤ ـ ٣٠٣ص( النجاة انظر) ٢( ).٢١٦ص( األدلة مناهج) ٣( ).١٥٠ص( التهافت افت) ٤(

٤٠٢

ز عنه العقول يتكلم به تعجممافما يتكلم به الشرع . )١(الشرعاملعاين الشرعية اليت يريدها . القادمة ـ إن شاء اهللاملطالبالفالسفة بألفاظه دون معانيه وهذا ما سيتبني يف

احلاجة إىل األنبياء ضرورية ويستدلون بذلك على األمور املعلومة يرون فالفالسفة الناس إىل ما يضبط حيام ويدهلم على السعادة وال بد أن يتميز من وحاجةاملشاهدة

. وصفات توجب له تلك املكانة وكذلك يضبطهم بقوانني تصلحهمبقوىبطهم يض ليست فقط إلصالح معاشهم وإقامة العدل بني الناس ولكن للرسلواحلقيقة أن احلاجة

. اهللا ـ يف مبحث النبوة عند أهل السنة واجلماعةشاءبأمور أخرى ستذكر ـ إن صائصها عند الفالسفة وخالنبوةمفهوم : الثايناملطلب عند الفالسفة مبنية على أصلهم يف العالقة بني اخلالق واملخلوق وهو النبوة مفهوم )٣( النبوة حالة نفسيةفجعلوا. )٢( الفيض واليت تنفي عن اهللا القدرة واملشيئةبقضيةالكالم . النيب ليست وحيا من اهللا إىل عبادهبنفس قائمة

: حتققت معها النبوةحتققتمور إذا النفسية يشترط فيها ثالثة أاحلالة وهذه وخالصة هذا األمر هو أن هذا اإلنسان املوصوف بالنبوة . بالقوة القدسيةيسمونه ما ـ ١

ويبينها ابن سينا بأن يكون شخص من الناس مؤيد . أن يكون أذكى من غريهفيهيشترط ا أعين قبوال هلا من الصفاء وشدة االتصال باملبادئ العقلية إىل أن يشتغل حدسبشدةالنفس الوسطى احلدود الفعال إما بدفعه أو بال دفعه اتساقا ال تقليدا بل بترتيب يشتمل على العقل

النبوة بل هي منفإن التقليدات باألمور إمنا تعرف بأسباا ليس ضرورة عقلية فهذا ضرب .)٤(لةبسهوفخالصة هذه املرتبة أن حيصل به العلم . أعلى املراتب اإلنسانية

وخالصة هذه املرتبة أن يتمثل له ما يعلمه يف نفسه فرياه ويسمعه . التخيلية القوة ـ ٢ صورا نورانية هي عندهم مالئكة اهللا من جنس ما حيصل للنائم يف منامه ومن نفسهفريى يف

.)٥( حيصل لبعض أهل الرياضةماجنس

.وما يليها) ١/١٧٠( الفتاوى انظر) ١( .وما بعدها) ١/١٧٠ (الصفدية) ٢( ).١/٢٢٥ (الصفدية) ٣( ).١/٦ (الصفدية) ٤( ).١/٦ (الصفدية) ٥(

٤٠٣

مل كما أن العائن له قوة نفسانية يؤثر يف اليت يتصرف ا يف هيويل العاالنفسانية القوة ـ ٣ .)١(املعي

مىت اكتملت كان اإلنسان نبيا واستدلوا على كل قوة بأدلة ليثبتوا القوى فهذه سابقا دليل ابن سينا على القوة األوىل وأن هناك أشخاصا ال حيتاجون ذكرتصحتها وقد

.ذكى من غريهم بل مباشرة يصلون إىل النتيجة فهم أاألوسطإىل احلد لقوة التخيل ـ واليت من خالهلا يريد إثبات الوحي وأنه أمرمشترك بني استدل وقد : يليمبا يف أمر ال مينع من حصوله يف األمر اآلخر ـ فحصولهالناس

صورا حمسوسة ظاهرة حاضرة وال واملمرورين يشاهد قوم من املرضى قد: " ـ ذكر أنهأ من سبب باطن أو سبب مؤثر يف سبب إذنيكون انتقاشها نسبة هلا إال حمسوس خارج ف

يف معدن التخيل والتوهم كما اجلائلةواحلس املشترك قد ينتقش أيضا من الصور . باطن لوح احلس املشترك وقريبا مما جيري بني منكانت هي أيضا تنتعش يف معدن التخيل والتوهم

.)٢("املرايا املتقابلةقصد بالسبب الباطن القوة املتخيلة والسبب املؤثر يف سبب الطوسي أنه يبني وقد

استدالله حبالة املمرورين أم يشاهدون منوبني أيضا أن اهلدف . )٣(النفسباطن يعين مرتسمة يف قوة باطنة وهي املسماة باحلس فهيصورة ليست مبعدومة ألن املعدوم ال يشاهد

.)٤(املشتركإلنسان ألمور غائبة يف كل حالة من أحواله مادام أنه يريد جتويز رؤية اسينا فابن

. بعض األحوال حتت ظروف معينةيفيراها جدا حيث قاس حالة املمرور املشاهد باحلالة اليت يريد إثباا وهي واضح والقياس

. يريد إثباا وهي النبوة ورؤية الوحياليتالقضية الغائبة يقول . )٥(حالة نومه يرى أحواال يف حكم املشاهدة فإنه يف بالنائم، ـ واستدل كذلكب

على أن للنفس اإلنسانية أن تنال من الغيب نيال ما يف متطابقان والقياس التجربة: "ابن سينا أن يقع فعل ذلك النيل يف حال اليقظة إال ما كان إىل زواله سبيل منحال النوم فال مانع

.)٧ (/الصفدية) ١( ).٨٧٢ ـ٤/٨٧١ (اإلشارات) ٢( ).٤/٨٧٢ (اإلشارات) ٣( ).٤/٨٧١ (اإلشارات) ٤( ).٧٨٥ ـ ٧٨٤ص( اإلشارات) ٥(

٤٠٤

تعارف يشهدان به وليس أحد من الناس إال وقد التجربة والسماع والأما. والرتفاعه مكان أهلمته التصديق اللهم إال أن يكون أحدهم فاسد املزاج نائم قوى جتاربجرب ذلك نفسه

لقياس الغائب على الشاهد للتدليل استخدامه دليل واضح على فهذا )١("والتذكرالتخيل حلس الظاهر فإذا سكن فإن فيها ما يشغل ايسكنفهو يتكلم عن احلالة اليت . على مسألته

والنوم أشبه باملرض وألجل ذلك يكون احلس شاغلللنفس اجنذابا إىل مظاهرة الطبيعة .)٢( مشاهدةاملتخيلةاملشترك معطال فتنتقش فيه النقوش

. )٣(" قلما خيلو النوم من رؤيافلهذا: " اإلشارات بعد هذا القول بقولهشارح وعقب أن يكون يقظة فما دام أنه حتصل حالة لإلنسان ميكنعلى ما فهو يستدل مبا يراه النائم

. املوانعاجتنبت يف كل حال إذا حصولهحيصل ا ذلك فما املمانع من على قوة املخيلة بالرياضة وهي مزيلة للموانع الشاغلة عن التخيل استدل وأيضا ـ ج

،)٤( الذين يقومون بالرياضة يف احلس املشترك وهذا ما حيصل لكثري من الناسقواوانتقاش . الذي يريد إثباتهالغائبفهو يستدل باملشاهد املعلوم على

وإمنا أن ما ذكروه ال يفيد اجلزم مبا قالوه معلوم: " ـ رمحه اهللا تعاىل، يقولتيمية وابن غائبة أمورغايته إمكان ذلك وجوازه بأن يقال إذا جاز أن يرى اإلنسان مناما يدل على

ال يدل هذاومن املعلوم أن … كن أن يكون العلم جبميع األمور الغائبة من هذا البابأم .)٥("على نوع هذا املمكن بال ريب فلم قلتم إن هذا هو الواقع

. جزم فيها فاألنواع خمتلفة فالنائم غري املستيقظ واملمرور غري السليم وهكذاال فاملسألة : قوة النفسانية بالعائن وتأثريه يف املعني فقد زعم أن سينا أيضا على الابن واستدل

كا يف تؤثر بالعني يكاد أن تكون من هذا القبيل واملبدأ فيه حالة نفسانية معجبة غإلصابة" .)٦("…املتعجب منه خباصيتها

أمر مشاهد معلوم ـ ولكن سيترك الرد على هذه القوة عند الكالم على العني وأثر . من طرق إثبات املعجزة عندهم ـ وهياملعجزة

).٨٦٢ـ٤/٨٦١(اإلشارات ) ١( ).٨٧٥ (اإلشارات) ٢( ).٤/٨٧٥ (اإلشارات) ٣( ).٨٨١ ـ ٤/٨٧٦( اإلشارات انظر) ٤( ).١٨٠ ـ ١/١٧٩ (الصفدية) ٥( ).٨٩٩ ص٤ (اإلشارات) ٦(

٤٠٥

تيمية ـ رمحه اهللا ـ أن قوهلم بأن األنبياء هلم قوى نفسية ميتازون ا عن ابن بني صحيح، ولكن ليست هي فقط النبوة أو موجبتها بل إنه استدل بأن بعض الصاحلني غريهم

إن قال إن لقائلفا: "فيقول ـ رمحه اهللا. هلم بعض أجزاء النبوة وال يكونون أنبياءحيصلقد وال اجلمهورالنيب خص بقوى يف نفسه ميتاز ا عن غريه يف علمه وعمله فهذا مما يقر به

فقد أراد به بالفضائلريب يف تفضيل اهللا لألنبياء بفضائل يف أنفسهم وأن من خصه اهللا م بأمور ال يقر بأن األنبياء هلم فضائل متيزوا ا عن غريهم ولكن زادوا عنهفهو )١("خريا نفس الوصول إليها إال للنيب فبني ـ رمحة اهللا ـ أن النبوة ليست فقط صفة قائمة يف ميكن

ـ رمحة اهللا ـ أنه مع هذه الفضائل وبني )٢(.النيب بل هي أيضا تعلق خطاب اهللا بالنيبشيئته إحياء إهلي خيتص به من خيصه بذلك من عباده مبمن بد يف النبوة ال: "املختص ا النيب

. الفالسفة ـ وحيا من اهللاكقول وليس القول ا ـ بد مع قوى النفس فال )٣("وقدرته قامت به هذه القوى ليس إقرارا من رمحه اهللا ـ أن إقرارهم بأن النيب ـ بني مث

الذين فيهم فضيلة علمية وعملية الناسبالنبوة بل إن هذه القوى حيصل أعلى منها آلحاد إىل األنبياء من جنس أهل الرؤيا الصادقة نسبتهم واإلميان بالرسل يعلمون أن لكن أهل العلم

من ستة وأربعني جزءا من النبوة، وإذا كان بعض أجزاء جزءاإىل األنبياء فإن الرؤيا الصادقة وليس هو نبيا تبني أن ما يذكره هؤالء من احلق هو جزء من املؤمننيالنبوة حيصل آلحاد

.)٤( يذكرونه من الباطل مردود عليهموماة أجزاء النبو الوحـــي: الثالثاملطلب عندهم إىل ما يسمونه بالقوة التخيلية وخالصة القول فيها أن هذا يرجع وهو

ومساع بأصوات ليست يف اخلارج وذلك يعود لقوة ختيله فهو يسمع رؤىاإلنسان حيصل له معون كالم اهللا حقيقة وال يرون املالئكة وإمنا الواقع؛ فاألنبياء ال يسيفويرى أمورا ليست

،)٥( هلم نظرا لقوم يف هذه املرتبة وأن جربيل عليه السالم هو العقل الفعاليقعذلك خيال وكالم اهللا هوما يوجد يف نفس النيب كالذي اخلياليةوهو ما يتخيل يف نفس النيب من الصور

).٢٢٥ص (لصفديةا) ١( ).٢٢٥ص (الصفدية) ٢( ).٢٣٠ص (الصفدية) ٣( ).٢٣٦ ـ ٢٣٣ص( الصفدية انظر) ٤( ).٣ص( املدنية للفارايب والسياسات، )١١٤ص( العلوم العقلية ابن سينا أقسام) ٥(

٤٠٦

إما ـ كما يقولون بالوحيه اهللا على األنبياء فجربيل الذي أنـزل؛)١(يوجد يف نفس النائم وسلم ـ غري منفصل وهو عليهـ هو العقل الفعال أو هو متعلق يف نفس النيب ـ صلى اهللا

خمالف إلثبات املسلمني وهذا عندهموإثبات املالئكة . ما يتخيله يف نفسه كما يتخيل النائم وإنـزاهلا على معان عندهم خمالفة يف ةوالسنعلى أصلهم بأخذ األلفاظ املوجودة يف الكتاب

.حقيقتها نفي وجود املالئكة وأم إما القوى العاملة يف النفس، أو كما قالوا يف يف والسبب

الفعال، وكذلك نفي اجلن والشياطني وأا قوى نفسية، هذا من أجل العقلجربيل إنه أمر حمسوس مادي يفعلها وما يرونه يف الشاهد من أعمال وال يوجد النفسإثبات قوى

إن عدم الدليل : بأا قوى نفسية وهذا ـ كما قال ابن تيمية رمحه اهللاقالواوألجل ذلك . يدل على عدم املدلول فهم ينفون وجودها مع إثبات مجيع الطوائف هلذه القوىالاملعني

. فيها الرتباطها باملعجزةالكالمولكن يؤخر رة اليت تقع للنائم وكذلك جعلوا جربيل بأنه إما جعلوا للوحي ذه الصوقد فهم

: أو العقل الفعال، ومن خالل هذا القول يتضح القياس حيث أمنفسجمرد قوة إمكان العلم باملغيبات حال اليقظة حبالة النائم وهذا أمر معلوم فاستدلوا على استدلوا ـ ١ . األمر الغائب أال وهو حال اليقظةعلىبه أن املالئكة ال ميكن ان يقعوا حتت احلس جعلوهم من ضمن األمور اليت أوار عندما ـ ٢

وهي ال حتس بذواا فجعلوهم إما قوة نفسية وقوى النفس معلومة ومشاهدة آثارتكون هلا الفعال فقاسوا املالئكة على آثار هذه القوى أو على ما يفيض من العقل الفعال العقلأو .ملالئكة الوجود احلقيقي عن افنفوا

القضية األوىل أنه ما دام حصل أمر معني يف حالة معينة يقتضي حصوهلا على فالكالم .)٢( صحيح وإمنا يفرض جواز ذلك جوازا عقليا ال أنه يقعغرييف حالة أخرى

حباالت الضعف اإلنساين من نوم ومرض على أعلى احلاالت استدلوا وأيضا اس بينهما، وأما القضية الثانية مبا خيتص جبربيل ـ عليه وجه للقيفالاإلنسانية وأشرفها

تيمية ـ رمحه اهللا ـ أن األنبياء الذين يقر م الفالسفة خيربون عن ابنالسالم ـ فبني وأم أحياء ناطقة قائمة بنفسها ليست أعراضا تقوم بغريها، وأم يفعلون واجلن،املالئكة :دل بأدلة كثرية منهاواست. ال يقدر عليها البشرأمورا

).١٢ص( العرشية الرسالة) ١( ).١٨٠ ـ ١/١٧٩( الصفدية انظر) ٢(

٤٠٧

إبراهيم مث ذهام إىل لوط، فهذا الذهاب ال يكون لقوة نفس قائمة املالئكة إتيان ـ ١ .)١( معلوم حىت عند أهل الكتابوهوبالغري بصور آدميني ورآهم األنبياء وغريهم مثل سارة أمراة اخلليل ـ عليه تشكلوا أم ـ ٢

ل ـ عليه السالم ـ ومرمي ـ عليها السالم ـ رأوا جربيعندماالسالم ـ والصحابة اليت تكون يف نفس النيب وغري النيب ال يراها احلاضرون وال يكون النفسانيةومعلوم أن القوى

.)٢( واألقوال واألفعالاألحوالمنها هذه الذي نـزل على نبينا حممد ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ لو أخرب قريشا الوحي أن ـ ٣

النائم أو مثله، مل ينكروه فهم يثبتون ذلك ولكن كذبوه بنـزول ملك راهيبأن هذا مما .)٣(نفسوليس قوة

: الفعال مبا يلي العقل رد عليهم ـ رمحه اهللا ـ جبعلهم جربيل هو مث . العقل ال يتصور بصورة البشرأن ـ أ العرش مكني مطاع مث امنيذي قوة عند ذي: اهللا قالأن ـ ب

مث وغايته عندهم أن يتحرك الفلك األسفل مطاعا الفعال ليس والعقل ]٢١-٢٠/التكوير [ .)٤( تأثري له فيهفالتشبها به ال طاعة له وأما فوق ذلك

املنتهى وأن له ستمائة سدرة النيب ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ رآه عند أن ـ ج .)٥( العقل الفعالعلى تنطبق جناح إىل غري ذلك من األوصاف املخالفة واليت ال

جربيل اليت ذكرها اهللا ورسوله ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ وهي أوصاف فهذه عرف مذهبهم وعرف ما قالته الرسل علم بالضرورة أن ما فمن "هؤالءخمالفة ملا يقوله يب يقوله الرسل ال موافق له فيلزم إما تصديق الرسل وتكذيبهم وإما تكذملايقولونه خمالف

فها هو ابن ،)٦("وهم يؤمنون بالرسل من وجه ويكفرون م من وجه. وتصديقهمالرسل من الشاهد ألن األوصاف املذكوره للمالئكة أوصاف عليهمتيمية ـ رمحه اهللا ـ يستدل

.ذلكحسية وأما العقل وأوصافه فغري

).١٩٦ ـ ١/١٩٣( الصفدية انظر) ١( ).١/٩٦(انظر الصفدية ) ٢( ).١/٢٠١( الصفدية انظر) ٣( ).١/٢٠١ (الصفدية) ٤( ).١/٢٠٢ (الصفدية) ٥( ).١/٢٠٣ (الصفدية) ٦(

٤٠٨

املعجــزة: الرابعاملطلب يعترفوا باملعجزات الكونية الكبرية املعجزات إىل قوى النفس وملالفالسفة أرجع

. وغريها من املعجزاتالقمركانفالق تعود إىل القوة الثالثة القوة النفسانية واليت ضربوا هلا مثاال بالعائن عندهم فاملعجزات . يف املعني ومل يفرقوا بني معجزات الرسول وحيل السحرةوتأثريه نفسية واليت من أجلها نفوا وجود اجلن مجيع معجزات الرسل إىل قوىفأرجعوا .واملالئكة : كالمهم يف هذا املوضوع هومضمون و

.)١( للنفوس قوى تؤثر يف األشياء كالعائن وتأثريه يف املعنيأن ذكروا ـ ١ الغريبة تنبعث يف األمور: " سينا أن املعجزات تعود إىل ثالثة أشياء فقالابن ذكر ـ ٢ مثلئ ثالثة أحدها اهليئة النفسية وثانيها خواص األجسام العنصرية الطبيعة من مبادعامل

أرضيةجذب املغناطيس للحديد بقوة ختصه، وثالثها قوة مساوية بينها وبني أمزجة أجسام والسحر من قبيل القسم األول بل املعجزات والكرامات … خمصوصة يئات وضعية

فالقياس واضح . )٢("ن قبيل القسم الثالث من قبيل القسم الثاين والطلسمات موالنريجنات يراه هو ـ من الواقع فاألمر الذي يرى غريبا له إحدى هذه كماجدا يف هذا التقسيم ـ . وما غاب من األمور الغريبة يعود إىل هذه األقسام املعلومةبالفعلاالحتماالت اليت وقعت

صل بقوى النفس وقد سبق واملالئكة إلثبات أن مجيع املعجزات حتاجلن أنكروا ـ ٣ .ذكرها )٣(: ابن سينا أسبابا للخوارق وهي ما يأيتجعل

سبب التمكن يف ترك الغذاء مرة وهو أن النفس تشتغل مبا يعرض هلا من معرفة ـ أ . وحنو ذلك حىت ال جتوع بسبب أن القوى اهلاضمة مشتغلة عن حتليل الغذاءوخوفأو حمبة ن يترك األكل مرة بسبب خوف أو فساد هضم فالعارف ابن سينا أن اإلنسابني فقد

استدل بالقضية املعلومة وهي ترك األكل بأنه والقياس واضح جدا ،)٤( قوتهباخنفاضأوىل . دون خوف أو جوع وهذا خارق للعادةالطعامألمر غري معلوم أو يراد إثباته وهو ترك

).٨٩٩ص( اإلشارات انظر) ١( ).٩٠١ـ٤/٩٠٠ (اإلشارات) ٢( ).١٧٧ ـ ١/١٧٦ (الصفديةانظر ) ٣( ).٨٥٧ ـ ٤/٨٥٣ اإلشارات انظر) ٤(

٤٠٩

العارف فعال أو حركة يطيق سبب التمكن من األفعال الشاقة مثل أن يف ـ ب هلا غضب وفرح أو انتشاء ما بسكر حصلخترج عن وسع مثله وهذا كما أن النفس إذا

هلا من أحوال العارفني ما حصل وأمثاله حصل هلا قوة مل تكن قبل وكذلك إذا معتدل .)١(يقويها

ا من عمل واضح فيه القياس فقاس حالة الغضب والسكر وما حيصل هلأيضا وهذا . اإلنسان يف حالة اعتداله فال مانع من حصوله لبعض الناسيستطيعهأمر ال

أنه قد يعلم الغيب يف ومضمونه سبب التمكن من اإلخبار عن الغيوب ويف ـ ج .)٢(اليقظة كما يعلمه يف النوم

ول ابن يق. بني معجزات األنبياء والسحر وإمنا استدلوا بالسحر على اخلارقيفرقوا مل ـ ٥ من معجزة يقع له هذا يف جبلة النفس ويكون رشيدا مزكيا لنفسه فهو ذو فالذي: "سينا

الشر فهو يفاألنبياء وكرامة من األولياء والذي يقع له هذا مث يكون شريرا ويستعمله .)٣("الساحر اخلبيث

يتضح فيه القياس فجعل قاعدة وهي أن من صارت على يديه املعجزةأيضا وهذا . نيب ومن صارت له وهو شرير فهو ساحرفهووكان رشيدا

: أقواهلمعلى الرد تعليل ميكنهم: " أنهإىل قوهلم أن املعجزات إمنا تعود إىل قوى نفسية يعود يف السبب :أوال فيكذبون اخلوارق بعلل طبيعية فعللوها مث جهاهلم ظنوا هذا يطرد فطردوا وأما حذاقهم بعض

أو شهراة عن القانون الطبيعي عندهم وذلك مثل كون بعض الناس يبقى باخلوارق اخلارج أن عارفا مكث مدة ال يأكل بلغكإذا : شهرين ال يأكل فأخذ ابن سيناء يقول يف إشاراته

.)٥("إخل.. )٤( بالتصديق فإن يف الطبيعة عجائبفاسجحوال يشرب وهذا (بالعلل الطبيعية يف املعجزات ووجدوا أن بعضها ميكن تعليله نظروا فقد فكالمهم ال يتعدى هذا وذلك على قانوم . عليه ما تبقى أو نفوا ما خيالفوقاسوا) الشاهد إن اهلواء يقولون املعتاد بأنه ال يتصور أن يفعل املؤثر يف املواد إال ما هي قابلة له فقد الطبيعي

).١/١٧٦(، والصفدية ) ٨٦٠ ـ ٤/٥٥٨( اإلشارات انظر) ١( ) .٨٩٠ ـ ٤/٨٨٤( ، واإلشارات) ١٧٧ ـ ١٧٦ ص١ (الصفدية) ٢( ).٨٩٩ ـ ٤/٨٩٨ (اإلشارات) ٣( ).٨٥٧ ـ ٤/٨٥٣( اإلشارات انظر) ٤( ).١٣٧ ـ ١/١٣٦ (الصفدية) ٥(

٤١٠

. حىت يصري اهلواء ما ء فينـزل املطر أن يؤثر املؤثر فيه أمكنملا كان قابال ألن ينقلب ماء ذلك من األمور اليت خترج عن قوى النفس والطبيعة فال ميكن حبال أن يثبتوها سوىولكن أنوألجل ذلك التزموا هلا تأويل اآليات الكربى كقلب عصا موسى . هذا القانونملخالفتها

ا أراد أن يبني أن هذه سينوابن. )١(العصا عصا العلم وأا ابتلعت حبال اجلهل وعصيه أسبابا من أسرار الطبيعة وأن ذلك هلااخلوارق مثل الطوفان أو خشوع السباع أو غريها أن

.)٢(كله من قوى النفس أنه ما دام أن النفس تؤثر يف نفسها أو يف شيء صغري جاز أن تقلب كالمه وغاية الرئيس لقوهلم هو فالسبب. )٣( وهذا ال يدل على نوع هذا املمكن بال ريباألشياءحقائق

ما ال يستطيعون إثباته من األمور ونفواما استقر يف أذهام وما تعلموه من العلوم الطبيعية .املوجودة ليستقيم قانوم

. ما لديهم إثبات قوى النفسغاية أن :ثانيابه أو غريها من األعيان جعل اهللا فيها من القوى والطبائع ما حيصل النفوس فكون .)٤( ال ينكر ال يف الشرع وال يف العقلاآلثاربعض

املراد إثباا هي معجزات األنبياء وهي ليست كما يقولون بأا قوى القضية ولكن . إثباتنا للقوى النفسيةمعنفسية، وغريمها ممن يتصرف بقوى األنفس يفعل يف املنفصل ما يفعله والعائن فالساحر

.)٥(ن أفعال العباد املعروفة واملقدورة مفهذاالقادر يف املتصل أن لقوى النفس تأثريا ال ميكن أن يثبت تأثري هذه القوى يف احلوادث إثبات ولكن .)٦(العظيمة يريدون إثباته قوى النفس، وأهل السنة يثبتوا ولكن هناك أمور عظيمة ما فغاية

واإلثبات . يها بقوى النفس والبحر وقلب العصا حية ال ميكن أن يؤثر علالقمركانشقاق . على قياس الغائب على الشاهد فإثبات قوى النفس ذا القياس ونفيه كذلكيقوموالنفي

).١/١٣٨ (الصفديةانظر ) ١( ).٩٩٦ ـ٤/٨٩٢ (اإلشاراتانظر ) ٢( ).١/١٨٠ (الصفديةانظر ) ٣( ).١/١٣٦( الصفدية رنظا) ٤( ).١/١٣٨ (الصفديةانظر ) ٥( ).١/١٦٢ (الصفديةانظر ) ٦(

٤١١

املعجزات بأمور يروا خارقة وهي ما يفعله العائن والساحر وأا من على استدلوا :ثالثا .قوى النفس

الغائب على الشاهد والساحر على املعجزات دليل على قياس بالعائن واستدالهلم إثبام وإثبات معجزام بالعائن والساحر الثابت تأثريهم، ولكن هل املرادفهم قاسوا األنبياء

. والعائن يعملون أمورا خارقة وهي تكون يف مقام املعجزات النبوية؟الساحرفعال أفعال الساحر والعائن ليست من معجزات النبوة أو من جنسها أن واجلواب :باب التاليةلألس األمور اليت استدلوا ا هي من األمور املعتادة كاألسباب اليت حيصل ا هذه أن ـ ١

.)١( وحنو ذلكواملوتاملرض ذكروه أمر معتاد وكثري ليس من خوارق العادات وال من جنس ما فجميع د وحيصل من كثري بل هو أمر معتاخارقا فالعائن الذي يؤثر يف املعني ليس أمرا ،)٢(املعجزات

.من الناس وليس من أشخاص قليلني وكذلك السحربل السحرة مستعينون بأرواح مقارنة هلم . من قوى النفس غري صحيحالسحر جعل ـ ٢

ليس يف ذلك خرق للعادة وكذلك. )٣( من األمم مملوءة بذكر ذلكاملوروثةوكتب السحر ٤( على كذبه وفجورهيدلا مبا بل هذا مما اعترب أنه حيصل بالشياطني لكن مقرون(.

النفس والتدليل عليها احتاج الفالسفة فيه إىل قياس الغائب على قوى فإلثبات الرد على الفالسفة احتيج إىل قياس الغائب على الشاهد فمن الواقع عندالشاهد وكذلك

. كالمهميردواملعلوم ما . أن املعجزات قوى نفسيةعلى الرد :رابعا

يهم شيخ اإلسالم بعشرة أوجه ليثبت هلم أن هذه املعجزات ليست من علرد لقد : تقوم على قياس الغائب على الشاهد ولكن يكتفى هنا مبا يفي بالغرضوكلهاقوى النفس

.)٥( هلم بكون هذه اآلثار من قوى النفسدليل ال ـ ١

).٦/١٨٢ (الصفديةانظر ) ١( ).١/١٧٨ (الصفديةانظر ) ٢( ).١٧٤ ـ ١/١٧١ (الصفديةانظر ) ٣( ).١/١٨٢ (الصفديةانظر ) ٤( ).١/١٨١ (الصفديةانظر ) ٥(

٤١٢

س وألجل ذلك قوى النفمن بأن من هذه املعجزات ما ال ميكن أن يكون اعترافهم ـ ٢ . يؤولوا: سينا يف إثبات هذه األمور املعجزة اليت ال ميكن أن تكون من خرق العادةابن يقول

هذه األشياء ليس سبيل القول ا والشهادة هلا إمنا هو ظنون إمكانية صري إليها من أن اعلم". أسباابتت طلبت عقلية فقط، وإن كان ذلك أمرا معتمدا لو كان ولكنها جتارب ملا ثأمور

ويشاهدوهاومن السعادات املتفقة حمليب االستبصار أن يعرض هلم هذه األحوال يف أنفسهم وداعيا وصحةمرارا متوالية يف غريهم حىت يكون ذلك جتربة يف إثبات أمر غريب له كونا

األسبابفإذا اتضح جسمت الفائدة واطمأنت النفس إىل وجود تلك . إىل طلب سببه وأعظمخضع الوهم فلم يعارض العقل فيما يربأه ربأه منها وذلك من أجسم الفوائد و

طال صدقناهاملهمات مث إين لو اقتصصت جزئيات هذا الباب فيما شاهدناه وفيما حكاه من .)١("الكالم ومن ال يصدق اجلملة هان عليه أن ال يصدق أيضا التفصيل

ذكر من أسباب الغرائب اإلخبار باملغيبات اإمن: " بعد ذلك ابن تيمية بقولهعقب وقد باملشاهدة يذكره رد كونه ظنا ممكنا علم إمكانه بأدلة عقلية بل ملا علمت هذه الغرائب مل

باملشاهدة ثبوتهواخلرب الصادق فطلبت حينئذ أسباا وهذا بعينه يقال له فيما علم غريه .)٢("واألخبار الصادقة

وانقالب العصا فهذه األمور وأمثاهلا ال يصدر جنسها عن سبب البحر انفالق فمثال .)٣( للعادة خبالف ما يكون خارقا للعادة يف قدره، ال يف جنسهخارقةمعتاد فهذه

وجود اجلن واملالئكة وجعلوها من قوى النفس حىت حيافظوا على أصلهم نفوا قد ـ ٣كن الواقع ال يشهد هلم فاجلن ثابتة واملالئكة من الكشف النفساين ولاجلنوجعلوا أخبار

وخترب الناس كالكهان والناس يسمعون من املصروع أنواع الكالم واألخبار األممعند مجيع لذلك واللغة الغريبة اليت يعلمون باضطرار أا ليست من قوى اإلنسان وال ميكن الغائبة

.الشخص أن يتكلم الغائبة قد حيصل باألسباب النفسانية وقد ذلك وهو أن اإلخبار باألمور اثبت فإذا األخرى كالشياطني واملالئكة فإم قد أثبتوا لألنبياء أضعف الطرق أال باألسبابحيصل

).٤/٨٩١ (اإلشارات) ١( ).١٦٨ ـ ١/١٦٧ (الصفدية) ٢( ).١٨٢ ـ ١/٨١ (الصفديةانظر ) ٣(

٤١٣

النفسانية فكان غاية إميام بالنبوة جعلهم النيب مبنـزلة رجل من أضعف صاحلي القوىوهو .)١(الناس فعلها كحمل إنسان يف اهلواء والسري به تفعل أمورا ال تستطيع قوى النفساجلن أن ـ ٤

.)٢( آلخر فهذا االنتقال ال تستطيعه قوى النفس مهما فعلتمكانمن معجزات األنبياء ما ال يكون شاعرا به فكيف تكون من قوى النفس ألن من أن ـ ٥

أن تكون بإرادا وهناك أمور من معجزات األنبياء مل تكن بإرادم؛ بدقوى النفس ال صلى اهللا عليه وسلم ـ كانت من معجزاته قبل والدته ـ وهو معدوم غري ـالنيب حممد ف

فيه ـ قصة أصحاب الفيل وكذلك احلوادث اليت حصلت حني مولده لقوتهموجود فال أثر وأمورا بعد وفاته كمحبة الناس له جيال بعد جيل وهذا أمر خارج . بأمورهوإخبار الكهان

.)٣(األنبياءعن قوى مع االعتراف بأنه اختص خبصائص نفسية مميزة ولكن هذه الفضائل ليست النيب أن ـ ٦

فهناك من الناس . بل ال بد أن يرافق ذلك اصطفاء من اهللا بوحيه وكالمهبالنبوةالسبب ألن من تكون له فضائل بل وحتصل له بعض أجزاء النبوة ومع ذلك ال يصبح نبيا الصاحلني

.)٤(هللا ـ سبحانه وتعاىلالنبوة اصطفاء من ا : األقوالهذهما التزموه من االلتزامات الفاسدة بسبب : خامسا

. )٥( بني النيب وغريه من السحرة ومل يفرقوا إال بأن هذا بر وهذا فاجرالتفريق عدم ـ ١ أا من قوى النفس فمن أتى ذا اخلارق فهو نيب فجعلوا من األنبياء ما اآليات جعل ـ ٢

.)٦( وأخرجوا منهم من هو نيبنهممليس . اجلن واملالئكة وإرجاعهما إىل أما قوى نفسوجود إنكار ـ ٣ اكتسابا وليست اصطفاء وهذا ما جعل ابن سبعني وابن عريب وأمثاهلم النبوة جعلهم ـ ٤

.)٧(عنهايبحثون

).١٨٩ ـ ١/١٨٣ (الصفديةانظر ) ١( ).١٩٢ ـ ١/١٩٠ (الصفديةانظر ) ٢( ).٢٢٥ ـ ١/٢١٩(انظر الصفدية ) ٣( ).٢٣٥ ـ ١/٢٢٥ (الصفديةانظر ) ٤( ).١/٥٠٦ (النبواتانظر ) ٥( ).١/٥٠٧ (النبواتانظر ) ٦( ).٢٣١ ـ ١/٢٣٠ (الصفديةانظر ) ٧(

٤١٤

الثاني المبحث املتكلمنيعند النبوات

كلمني على مذاهبهم يف أفعال اهللا والقدر واليت جرت يف النبوات عند املتالقول يبىن على الضالل يف النبوات وإن كانوا يقرون ا ويثبتوا ويؤمنون باملعجزات الدالة عليهم

.والكراماتالنبوة ولكن خالفوا أهل السنة يف بعض تفاصيل مسائل النبوات واملعجزات ة واجلماعة حىت ال يتكرر عليهم فسيكون عند عرض مذهب أهل السنالرد وأما . الكالم ـزلةاملعتـ: األولاملطلب املعتزلة مسألة من مسائل العدل وليست أصال مستقال بذاته فالكالم يف عند النبوة يف النبوات ينطلقون من واملعتزلة. )١( عن الكالم يف باب العدل ومتصل بهفرعالنبوات

. يقتضيه قوهلم يف باب أفعال اهللامااروا على كالمهم يف أفعال اهللا والقضاء والقدر فس : تعرض هلا املعتزلة يف باب النبوات تدخل حتت ثالث مسائلاليت واملسائل

. إىل إرسال الرسلاحلاجة -١ وكرامات السحر وداللتها على صدق النيب، ويتفرع عنها الكالم يف املعجزات -٢

.األولياء . لألنبياء وماذا تقتضيهالعصمة -٣

احلاجة إىل إرسال الرسل: األوىل ألةاملس النبوة ضرورة وهي واجبة على اهللا وبنوا هذا القول على أصلهم يف بأن يقولون

. والصالح واألصلح واللطفوالتقبيحالتحسني عبداجلبار لتقرير حاجة الناس إىل إرسال الرسل حني رده على القاضي يقول وجوب دفع الضرر عن النفس وثبت أيضا أن ما تقرر يف عقل كل عاقل قد إنه: "الربامهة

عن القبيح فإنه واجب ال حمالة وما يصرف عن الواجب ويدعو ويصرفيدعو إىل الواجب كنا فعلناه يف األفعال ما إذا يكون هذا وكنا جنوز أن صحإذا . حمالةالإىل القبيح فهو قبيح

كنا بالعكس من فعلناه وفيها ما إذا أقرب إىل أداء الواجبات واجتناب املقبحاتذلكعند ما يصرف به ذلك ويفصل بني ما هو مصلحة ولطف وبني ما العقلذلك ومل يكن يف قوة

اهللا تعاىل حال هذه األفعال كي ال يكون عائدا بالنقص يعرفناال يكون كذلك فال بد أن

).٤٠٦ص( بني املعتزلة والشيعة اإلمامية للمناعي يدةالعق أصول )١(

٤١٥

ينا رسوال مؤيدا بعلم إليبعث كان ال ميكن تعريفنا ذلك إال أن وإذا )١(على غرضه بالتكيف . )٢(" بهاإلخاللمعجز دال على صدقه فال بد أن يفعل ذلك وال جيوز

من خالل هذا النص يبين احلاجة إىل إرسال الرسل على كالمهم عبداجلبار فالقاضي تكلمنا فيه سابقا ويقيسون فيه اهللا ـ سبحانه وتعاىل ـ على املخلوق فما مايف العدل وهو

على املخلوق فهو واجب على اهللا ـ تعاىل اهللا عما يقولون ـ وهذا من باب واجباكان . على الشاهد بقياس التمثيلالغائبقياس

: إىل مسائل معلومة ـ وهو ما سبق تقريره يف باب العدل ـ مثل قولهيعود فهو أيضا أن ما يدعو إىل الواجب ويصرف عن وثبت: "وأيضا" … عقل كل عاقليف تقرر قد"

كنا فعلناه إذا جنوز أن يكون يف األفعال ما وكنا: "وقوله" … فإنه واجب ال حمالةالقبيح . فالفعل ال بد أن يظهر أثره وإال مل يسم فعالتصريح وهذا" …عند ذلك أقرب

: عند رده على الربامهة يف إثبات احلاجة للرسل استشهد مبثالنيإنه حىت ولكن يندرج مسبقاإن أتى مبا ال تعرفه العقول الطبيب يف قبول قوله وهو وحبال -١

. قاعدة أن دفع الضرر عن النفس واجبحتت )٣(التعامل مع الطبيب وقبول قوله من سلوك ذلك االجتناب أن خمربا أخربنا بأن يف الطريق سبعا فإنا نعلم وجوب لو -٢

. )٤(ك احلال يف األنبياء فكذلأوالالطريق وال ميكن اشتراط أن ما يقوله القائل يوافق العقل . الناس إىل إرسال الرسل وقبول قوهلمحاجة يتضح القياس يف وهنا

الرسولاملعجزات وداللتها على صدق : الثانيةاملسألة جيعلوا دليال على صدق الرسول إال املعجزات ولذلك يقول القاضي مل املعتزلة فال بد أن يدعي النبوة ويظهر عليه العلم إلينا رسوال ليعرفنا املصاحلبعث إذا: "عبداجلبار

فصل القول يف املعجزات وداللتها على مث. )٥(" على صدقه عقيب دعواه للنبوةالدالاملعجز )٦(: وهيالرسولصدق الرسول فجعل هناك شروطا تدل على صدق

).بالتكليف( يف األصل ولعل الصواب هكذا) ١( ).٥٦٤ص( األصول اخلمسة شرح) ٢( ).٥٦٥ص( اخلمسة األصولانظر ) ٣( ).٥٦٦ ـ ٥٦٥ص( األصول اخلمسة انظر) ٤( .)٥٦٨ص( اخلمسة األصول) ٥( ).٥٧١ ـ ٥٦٩ص( اخلمسة األصولانظر )٦(

٤١٦

من جهة اهللا تعاىل أو يف احلكم كأنه من جهته ـ عز وجل ـ والسبب يف يكون أن ـ ١ما ال يدخل جنسه حتت مقدور القدر ) أ:( عنده ينقسم إىل قسمني املعجزا القول أن هذ

والقرآن .. ما يدخل جنسه حتت مقدور القدر وذلك حنو قلب املدن) ب.. (املوتىكإحياء فإن جنسه وهو الصوت داخل حتت مقدور القدر وهلذا فإنا لو خلينا وقضية القبيلمن هذا

يكون من جهة الرسول ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ أعطاه اهللا تعاىل زيادة جنوز أنكناالعقل . أمكنه معه اإلتيان بهعلم واقعا عقيب دعوى النبوة وإن تأخر عليها مثل إخبار النيب ـ صلى اهللا يكون أن ـ ٢

ـ لبعض الغيوب كقتل عمار ولكن ما كان قبل دعوى النبوة فهو إعالم للنبوة وسلمعليه . ككالم عيسى يف املهداصإرهأو . مطابقا لدعواه ولو كان العكس لدل على كذبه مثل مسيلمة الكذابيكون أن ـ ٣ ناقضا لعادة من بني ظهرانيه ألنه لو مل يكن كذلك مل يكن ليدل على يكون أن ـ ٤

. نقض العادة كمن قال إن عالمته خروج الشمس من املشرقبعدمواستدل . صدقه احتاج يف إثباا قياس الغائب على الشاهد وليس هذا إقرارا منا رائطالش وهذه

يستطع إثباا إال من قياس الغائب على املشاهد ولكن قوله يف هذه مللشروطه ولكن : عليه ألموريوافقالشرائط ال

أو يف حكمه وهذا مبين على قوهلم اهللا ـ تقسيمه للمعجز بأن منه ما يكون من جهة أوال .املخلوقلصفات ونفيهم للصفات اليت يتصف ا يف ا

يف القضية كالمه يف القرآن وجعل إعجازه يف الصوت الذي خيرج وهذا ما وأهم فقد أدخل القرآن يف حكم أنه من جهة اهللا . قد سبق الكالم فيهاالقرآنغري صحيح وقضية

. ألنه هذا الصوت الذي خيرج من الفم خملوقفالقرآن عنده سبحانه ـ التقسيم للمعجزة فغري صحيح فاملعجزة كلها من جهة اهللا ذاه وأما

األمم ورفع اجلبال وغريها فال يوجد مانع من كإهالكوتعاىل ـ وإن قام ا خلق من خلقه الذي يقولون بإعجازه ولكن عقيدم فيه خمالفة القرآنذلك ولكن حترزهم حصل إلخراج

.لعقيدة أهل السنة واجلماعةقبلها ـ أن تكون املعجزة عقيب دعوى النبوة ال اثاني.

: هذا األمر من جهتنيعلى الرد الرسول ال تكون فقط باملعجزة حىت يقال إن املعجزة ال تكون إال عقيب معرفة أن ـ أ

فالنيب ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ دعى الناس إىل دين اهللا ومل يقل هلم إين نيب النبوةدعوى

٤١٧

املعجزة فقط ولكن عرف من أحواله أنه صادق وما جاء به أنه من عند صدق هذهودليلي .اهللا معجزات األنبياء ما تكون قبل نبوم وهذه آية هلم كما حصل قبل نبوة النيب من أن ـ ب

. صلى اهللا عليه وسلم ـ وعد ذلك من معجزاته ـ عليه الصالة والسالمـحممد : ـ أن يكون ناقضا للعادةثالثا

يف أن تكون اآلية حجة أن تكون نقضا لعادة من كانت اآلية حجة املعترب: لواقا له فلو قال آية صدقي أن ينبت اهللا خنيال يف خراسان لكان ذلك آية عادةعليهم والعادة

أمر إضايف فقد يعتاد قوم ما مل يعتده العادة إن: "ويقول ابن تيمية ـ رمحه اهللا. )١(معجزة له .)٢("غريهم

: قوهلم ذلك من وجهنيعلى لردوا األنبياء خصائص ختتلف عن خرق العادة ـ علىتعريفهم ـ فآيات ملعجزات أن ـ أ

أن يأيت به أحد من الناس وهو خارق للجميع ملن كانت عادم هذه أو ميكناألنبياء مما ال قهم وتصبح وال ميكن أن حتصل إال لنيب مثله وقد حتصل ملن سار على طريالزمانال على مر

. للنيبمعجزةأيضا العادة غري منضبط ألن هذا أمر نسيب وقد يكون األمر خارقا يف مكان خرق أن ـ ب

وزمان آخر وهذا مالحظ يف زماننا هذا من التطور العجيب الذي يعترب مكانوزمان دون . السابقة كالطريان مثالاألزمنةخارقا يف اء والسحرة ألن السحرة قد يأتون مبا يكون خارقا االشتباه بني األنبيحيصل وأيضا فال ضابط للمعجزة عندهم وهي اليت تدل على صدق النيب . بأمر مل يتعودوهويأيتللناس . هذا االضطراب مما يستلزم االضطراب يف النبوةفيهاويقع

املعتزلة لذلك نفي أعمال السحرة وكرامات األولياء حىت يستقيم كالمهمالتزم وقد . ألمر معلوم مشاهدنفيوهذا عصمة األنبياء: الثالثةاملسألة

أن عصمة األنبياء من الذنوب مطلقة إال الصغائر اليت الحظ هلا إال يف املعتزلة يرى مما ال الثواب الثواب دون التنفري فإا جموزة على األنبياء وال مانع مينع منه ألن قلة تقليل

).٤٣٩ص (انظر اية األقدام ) ١( ).١/٨٦٧ (النبوات) ٢(

٤١٨

بعدها وال وأما الكبائر فال جتوز ال قبل البعثة ،)١( القبول منهميقدح يف صدق الرسل وال يف كما كبائرهاألن النفوس مطبوعة على القبول ممن مل يتدنس باملعاصي وال ارتكب شيئا من

وهومل )٢(احلسنفمعلوم أن الناس إىل قبول قول . هي مطبوعة على أن ال تقبل ممن يتعاطاهانهم إىل قبول قول احلجاج وكان يرتكب من الفواحش ما قط أقرب ممبعصيةيتدنس عندهم .)٣(كان يرتكبه

أن املعتزلة عند نفيهم لذلك اعتمدوا على قياس الغائب على الشاهد يتضح وذا . املضروب باحلسن واحلجاجباملثالوصرحوا بذلك

األشاعرةعندالنبوات : الثايناملطلبنبوات والذي يتبني فيه استخدامهم املطلب عرض ملذهب األشاعرة يف الهذا يف

. الشاهد يف إثبات قضاياهم اليت يثبتوا من خالل هذا القياسعلىلقياس الغائب : الكالم يف هذا املطلب يف ثالث مسائليكون وسوف

. إىل إرسال الرسلاحلاجة -١ . وداللتها على صدق األنبياءاملعجزات -٢ . األنبياء من الذنوبعصمة -٣

حلاجة إىل إرسال الرسلا: األوىلاملسألة أن إرسال الرسل جائز ممكن مبعىن أنه ليس ضروريا يف ذاته وميكن أن األشاعرة يرى )٤(" جواز بعثة الرسل وتكليف العبادباب" يف كتابه أصول الدين البغداديبوب . يتخلف حممد ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ فإننبوة إثبات: " األجيي وحجتهم على قوهلم هذاوكذلك

فال واضح بقياس الغائب على الشاهد فاستدالهلم )٥("الدال على الوقوع دال على اإلمكان ال يقع، فالنبوة املستحيلدليل لديهم على هذه املسألة إال بأا وقعت وما وقع فهو جائز ألن النبوات عند أهل مبحثعندهم جائزة وهذا خمالف للنصوص الشرعية وسيتضح ذلك يف

.ة ـ إن شاء اهللا السنة واجلماع

).٥٧٤ص( األصول اخلمسة شرحانظر ) ١( . احلسن البصرييقصد) ٢( ).٥٧٤ ـ ٥٧٣ص( شرح األصول اخلمسة انظر) ٣( ).١٥٤ص( الدين أصول) ٤( ).٣٤٢ص (املواقف) ٥(

٤١٩

النيباملعجزات وداللتها على صدق : الثانيةاملسألة . املعجزات هي دليل صدق الرسول الوحيد وهذا كما تقوله املعتزلةجعلوا األشاعرة يقول . هذه املعجزات ال بد هلا من شروط وهي تتضح من تعاريفهمأن وبينوا .)١("بالتحدي سامل من املعارضة أمر خارق للعادة مقرون هي املعجزة: "الرازي

األشاعرة على كل أمر اشترطوه باملعجزة أدلة من الواقع؛ فشروط املعجزة دلل وقد :هيلديهم

آية رساليت أن : قالفلوأي لعادة القوم الذين نـزلت إليهم اآلية؛ : خارق للعادةأمر -١ املشي على املاء يتآي: وكذلك لو قال. ميتنع على أهل هذا اإلقليم القيام مدة ضرا

أتى مبا خيالف عادة قوم وأشار إىل أا آيته فهي فمن.. )٢(والتصعد يف اهلواء لكان . على شاهدغائبمعجزة وضرب املثال هو قياس

ذلك ـ قالوافلو ظهرت على يديه وهو ساكت مل تكن معجزة وإمنا : االتحدي -٢ أن التصديق بالقول فلو على زعمهم ـ ألن املعجزة تدل من حيث تنـزل منـزلة

رجال ادعى أنه رسول امللك مبرأى ومسمع منه إن كنت رسولك فقم واقعد ففعل ذلك باملثال الذي يوضح علىفاستدلوا . )٣( ذلك مبثابة قوله صدقتكانامللك .املقصود

أن آييت: "فلو قال. املعجزةألنه لو عارضها أحد ملا أمكن معرفة : من املعارضةساملة -٣صاحبكم هذا : ذلق فقاللسان اهللا هذا امليت فأحياه اهللا تعاىل فقام وله حييي

ـ رضي اهللا القاضيمتخرص وقد بعثين اهللا تعاىل ألفضحه مث خر صعقا فقد قال .كذلك استدلوا باملثال على قضيتهم.)٤("هذه آية مكذبة ال تدل: عنهت اليت ال تكون إال هو ما تقول به األشاعرة عند إثبات املعجزاالكالم وهذا

التعرض لشرطهم يف خرق العادة والتحدي باملعجزة ولكن يبقى الشرط سبقوقد . للرسولهذا الفرق خيالفه الواقع . من املعارضة مع جرياا على مدعي النبوةالسالمةاألخري وهو

ولو أتى واألسود العنسي وغريمها مل يعارضوا فهل حيكم عليهم بأم أنبياء الكذابفمسيلمة

. صالنبوات)١( ).٣٠٩ص (اإلرشادانظر )٢( ).٣١٣ص (اإلرشادانظر )٣( ).٣١٥ص (اإلرشاد)٤(

٤٢٠

وبني بالسحر والكهانة وادعى النبوة ومل يعارض فهل هو نيب؟ فما الفرق بني ما أتوا به أحد .)١(معجزة األنبياء؟ . يف التفريق بني الكرامات واملعجزات وأعمال السحرةاضطربوا ذلك وألجل

عصمة األنبياء: الثالثةاملسألة . عصمة األنبياء من الذنوب كلهااألشاعرة يرى أصحابنا على وجوب كون األنبياء معصومني بعد النبوة عن أمجع: " البغدادي يقول .)٢(" كلهاالذنوب لو ارتفعت بطلت الداللة وتناقضت الدعوى خصوصا العصمة: "الشهرستاين ويقول

به إليهم وكلف الناس تصديقه يف أقواله ومتابعته يف أفعاله واألصح أم أرسلوافيما صارت باالتفاق توالتصغائر عصمتهم عن الكبائر؛ فإن الصغائر إذا عن المعصومون

عقال وشرعا مثل ترك األوىل من عليهمكبائر وما أسكر كثريه فقليله حرام لكن اوز التشديد عليهم يف ذلك القدر يوازي ولكناألمرين املتقابلني جوازا وجوازا وحظرا وحظرا

.)٣(" سيئات املقربنياألبراراألمور وحسنات التشديد على غريهم يف كبائر : يتضح أن األسباب اليت دعتهم إىل قوهلم هذاكالمهم فمن

. الذنب ينايف الكمال، والنبوة هي أعلى درجات الكمالأن -١ . النيب قدوة ولو صدر منه الذنب ملا كان قدوة يتأسى بهأن -٢

عند الكالم على العصمة عند الرد عليهما ـ إن شاء اهللا ـ أيت سياملسألتان وهاتان .واجلماعةأهل السنة

).٢٨٣ ـ ٢٨٢ص (النبواتانظر ) ١( ).١٦٨ص( الدين أصول) ٢( ).٤٤٥ص( األقدام اية) ٣(

٤٢١

الثالث املبحث السنة واجلماعة يف النبواتأهل مذهب

السنة واجلماعة يف تقريرهم للنبوات من مذهبهم والذي يعتمدون فيه أهل ينطلق وإثبات ما أثبته اهللا ورسوله ونفي ما نفاه اهللا ورسوله وبنوا قوهلم يف والسنةعلى الكتاب

وتعاىل ـ يصطفي اهللا من يشاء من سبحانه ـ على أن النبوة اصطفاء من اهللا لنبواتا . اآلخرين استحقوا ألجلها الرسالةاخللقرسله الذين فضلهم بفضائل وميزهم مبيزات عن

. النبوات مبين على إثبات أن اهللا فاعل خمتار يفعل ما يشاء ويقدريف وقوهلم ث قضايا مهمة يف الكالم على النبوات، ويتضح يف هذا املبحث ثالأعرض وسوف

يعتمدون يف عقائدهم على الكتاب والسنة ويأخذون باألدلة العقلية اليت السنةفيها أن أهل ثبت لديهم من العقائد ويستخدموا مع أدلة الكتاب والسنة يف الرد على ماتدل على :والقضايا هي. يف إثبات عقائدهمأواملخالفني

.ناس إىل إرسال الرسل الحاجة -١ . النبوةدالئل -٢ .العصمة -٣

إىل إرسال الرسلالناسحاجة : األولاملطلبفإذا . السنة واجلماعة أن النبوة ضرورية لكن ال على أا واجبة على اهللاأهل يرى

خرج قول من يقول مستحيلة وممكنة وخرج قول من يقول إا واجبة أوغري ضرورةقلنا .ى احلكمة والرمحة فاهللا هو الذي أوجبها على نفسه ال حنن من مقتضفهي. واجبة

حىت معذبني وماكنا: عليه سبحانه وتعاىل ـ يف إجياب الرسالة ـ اهللا يقول كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا ميشي أومن : تعاىل وقال]١٠٣/الصافات[ نبعث رسوال

وصف املؤمن كان فهذا ]١٢٢/األنعام[ ها يف الظلمات ليس خبارج منمثلهبه يف الناس كمن فأحياه اهللا بروح الرسالة ونور اإلميان وجعل له نورا ميشي به يف الناس اجلهلميتا يف ظلمة

فقد فقدت عدمومسى اهللا رسالته روحا والروح إذا . فميت القلب يف الظلماتالكافروأما .)١("احلياة

من حاجة املريض إىل الطب فإن أضرار ما إىل الرسالة أعظم بكثريالعبد فحاجة نور الرسالة وحياا مات قلبه موتا للعبد حيصل مل موت األبدان، وأما إذا الطبيقدر بعدم

.ال ترجى احلياة معه أبدا

).٩٥ ـ ٩/٩٣( الفتاوى انظر) ١(

٤٢٢

: الضرورةهذه وجه ميكن معرفة ذلك إال من جهة وال سبحانه وتعاىل ـ بأمسائه وصفاته ـ اهللا معرفة ـ ١

بد للناس من معرفة الصفات فالفالوحي هو الطريق الذي يعرف الناس به اهللا الرسل القصص اليت قصها على عباده وهيوالتوحيد والقدر وذكر أيام اهللا يف أوليائه وأعدائه

.واألمثال اليت ضرا هلم الشرائع واألمر والنهي واإلباحة وبيان ما حيبه اهللا وما يكرهه؛ تفصيل معرفة ـ ٢ إىل الشرع فإنه بني حركتني حركة جيلب ا ما ينفعه وحركة يدفع ا ما مضطرنسان فاإل . والضر املقصودان هنا التمييز بني األفعال اليت تضر فاعلها يف معاشه ومعادهوالنفع. يضره . والدار اآلخرة وتفاصيل املعادباملصري العلم ـ ٣

والسعادة والفالح موقوفة عليها وال مدار اخللق واألمر، الثالثة هذه األصول وعلى من جهة الرسل فإن العقل ال يهتدي إىل تفاصيلها ومعرفة حقائقها وإن إالسبيل إىل معرفتها

الضرورة إليها من حيث اجلملة كاملريض الذي يدرك وجه احلاجة إىل وجهكان قد يدرك يتضح القياس يف . )١(يه وال يهتدي إىل تفاصيل املرض وتنـزيل الدواء عليداويهالطب ومن

لآليات السابقة حيث بينوا أن الناس بدون نور النبوة كامليت تفسريهمقول أهل السنة عند وكذلك شبهت النبوة بالنور وعدمها بالظلمة وكذلك كما أن الناس كاحليومن التزم ا

. حتتاج النيب لسعادة الدنيا واآلخرةفهيحتتاج الطبيب ألبداا .النبوةدالئل : ين الثااملطلب عندما يأيت وخيرب والرسول سبحانه وتعاىل ـ ال يرسل رسوال إال بشرا، ـ اهللا

هناك دالئل وبراهني تثبت صدقه وهي معلومة كانالناس مبا يوحى إليه ال يصدقوه إال إذا ال وإذا مل تكن هناك دالئل وبراهني لكان لكل أحد أن يدعي أنه نيب وهذه الرباهنيعندهم

بد أن تكون ظاهرة لكل أحد ألن النيب يكون للجميع ال خيتص ألحد دون أحد ويكون . حىت يكون حجة على الناسظاهرا

: الدالئل ال خترج عن ثالثة أمورهذه ومتعلقات على يدل من عند اهللا واملرسل يؤيد رسوله الذي يرسله بدليل فالرسالة -١

.ى يدي النيبوهي اآليات اليت جيريها اهللا عل. نبوته . حبد ذاا ال بد أن تدل بنفسها أا حقالرسالة -٢ . ال بد أن يكون حاله داال على أنه رسول فعالالرسول -٣

).١٠٥ ـ ١/٩٦ (الفتاوى انظر )١(

٤٢٣

رسلهاآليات اليت يؤيد اهللا ا : األوىلاملسألة

يسميها املتكلمة واملتفلسفة املعجزات، وعدل عن كلمة معجزة لعدم اليت وهذه . )١(أو السنة النبوية إمنا جاء ذكر آيات وبراهني القرآين النصوجودها يف

آيات األنبياء، مث كرامات الصاحلني مث خوارق الكفار والفجار : ثالثاخلوارق مراتب فال بد من متييز كل صنف على حدة . ومعلوم وهذا أمر مشاهد ،)٢(والكهانكالسحرة

.حىت ال يلتبس احلق بالباطل :ء األنبياآيات خصائص ـ أ

فما اختص به . جنسان جنس يف نوع العلم وجنس يف نوع القدرةاخلارقة اآليات عن قدرة اإلنس واجلن، وما اختص به من املقدورات خارج عن قدرة خارجالنيب من العلم .)٣(اإلنس واجلن

ال بد أن تكون خارقة للعادة مبعىن أا ليست معتادة لآلدميني وليس معىن النيب آية ـ ١ .)٤( كل خارق آية فالكهان والسحر هو معتاد للسحرة وهو خارق بالنسبة لغريهمأن هذا

معتادا لطائفة غري األنبياء ال يعترب خارقا ألنه ميكن أن يتعلم وهذا من كان فما .القياس

آيات األنبياء أن ال يعارضها من ليس بنيب فكل ما عارضها ممن ليس من يف جيب ـ ٢ فليس من آيام وهلذا طلب فرعون أن يعارض ما جاء به موسى ملا ادعى أنه األنبياءجنس فجمع السحرة ليفعلوا مثل ما يفعل موسى فال تبقى حجته خمتصة بالنبوة وأمرهم ساحر أن أن يأتوا أوال خبوارقهم فلما أتت وابتلعتها العصا اليت صارت حية علم السحرة موسى

.)٥(هذا ليس من جنس مقدورهم يف آيات األنبياء التحدي ا فإن الرسول ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ نبع شرطا ليس ـ ٣

يديه وكثر الطعام وغري ذلك،كلها من دالئل النبوة ومل يكن يظهرها لالستدالل بنياملاء من .)٦( يتحدى مبثلها، بل حلاجة املسلمني إليهاوالا

). اهللا لكم آيةناقةهذه (وقال ) فذنك برهانان من ربك( تعاىل قال) ١( ).١/١٤١ (النبواتانظر ) ٢( ).١/١٥٠( النبوات رانظ) ٣( ).١٦٩ ـ ١٦٤ص (النبواتانظر ) ٤( ).١٧٠ ـ ١/١٦٩ (النبواتانظر ) ٥( ).١/٤٩٨ (النبواتانظر ) ٦(

٤٢٤

ثري الطعام والطعام أمامه ومل يأت ال يقدر عليها إنس وال جن فتكاألنبياء آيات -٤ .)١( كما تفعل اجلنالغيببه من

األنبياء ما كان قبل والدم وقبل إنبائهم وما يكون بعد موم فإن اآلية آيات من ـ ٥ على صدق اخلرب بأنه رسول اهللا وهذا الدليل ال خيتص ال مبكان وال زمان وال دليلهي قدر عليه اإلنس كلهم وال اجلن فال بد أن يكون جنسه هذا الدليل إال من جنس ال ييكون .)٢( أعجز اإلنس واجلنمعجزا : إىل قسمنيتنقسم ـ آيات األنبياء ٦

. م ال تكون لغريهمخمتصةكانشقاق القمر واإلتيان بالقرآن وهذه : كربى .القدرقد تكون للصاحلني ولكن ال متاثلها يف : صغرىاآليات فال يكون ملثلهم كاآليات الكربى وإما بقدرها إما جبنس خمتصون فاألنبياء

.)٤( األنبياء ال نظري هلا كغريهمآيات ولكن ،)٣( وأيب مسلم اخلوالناخلليلوكيفيتها كنار وقد خيتلفون ويتميزون كالقرآن وناقة . آيات األنبياء كإحياء املوتىتتماثل قد ـ ٧

.)٥(صال .)٦(؛ كحال السحر ومعرفة العلم الطبيعي ال يتوصل إليها بسبباألنبياء آيات -٨ معلومة ومشاهده فكل فمعجزات اخلصائص اخذت من قياس الغائب على الشاهد فهذه

.الكالم السابق هو من هذا القياس وتطبيقه أيضا منه :األولياء كرامات ـ ب

لشرع فإذا ال خيرج الويل عن طريق النيب وال خيرج عن ان على النبوة وجيب أداللة هي أيضا األولياء هي كرامات: "يقول شيخ اإلسالم. له كرامة فهي من معجزات النيبحصلت

هلم الشاهدمن آيات األنبياء فإا إمنا تكون ملن يشهد هلم بالرسالة فهي دليل على صدق . )٧(" فوق ذلكاألنبياءبالنبوة وأيضا فإن كرامات األولياء معتادة من الصاحلني ومعجزات

).٥٢٥ (/النبواتانظر ) ١( ).١/٧٩٤ (النبواتانظر ) ٢( ).٨٠٤ ـ ٢/٨٠١ (النبواتانظر ) ٣( ).٢/٨٠٧ (النبواتانظر ) ٤( ).٢/٨٣٠ (النبواتانظر ) ٥( ).٢/١٠٧٣ (واتالنبانظر ) ٦( .بتصرف) ٨٠٢ ـ ٢/٨٠١ (النبوات) ٧(

٤٢٥

بالرسالة وسائر على طريقهم والفرق يف هلم يشهد كان يف دالئل األنبياء إذا داخلةفهي . األنبياءاآليات الكربى واملقدار كما سبق يف آيات

.السحرة أفعال ـ ج )١(: أفعال السحرة مبا يليتتميز

. ما خيربون به ال بد فيه من الكذبأن -١ الفواحش،على اخللق، وفعل بد هلم من الظلم فيدخلون يف العدوان ال -٢

.والشرك .التعلم ما يفعلونه معتاد جلنسهم من السحرة والكهان وممكن أن -٣ .عبيد إمنا حتصل هلم مع الكذب واإلمث كحال املختار بن أيب خوارقهم -٤ . فعلهم مقدور لإلنس واجلنأن -٥ .الباب معارضته مبثله وأقوى منه كما هو الواقع ملن عرف هذا ميكن -٦. ذلكوغريال بأفعاهلم كعبادم ودعائهم وشركهم وفجورهم تنخوارقهم -٧

.فاخلوارق اليت ليست آيات تارة تكون بدعاء العبد وتارة بسعيه يف أسباا . خصائص كل طائفة من هؤالء يقاس عليها غريهمباختصار هذه

:)٢(منهأحوال النيب وعدم إمكان الكذب : الثانيةاملسألةفطرهم ملعرفة الصادق من الكاذب ألن الصادق عليه يدركه الناس يف أمر هذا

دالالت وكذلك الكاذب فاملخرب الصادق يكون يف حاله مستقيما ويف خربهدالالت وعلى . ويف أحواله ما جيعل خربه صادقا والكاذب عكس ذلكالصدقخربه يتحرى

ني أن بني الصادق والكاذب مطلقا يعرف من أحواله، فقول املتكلمفالتفريق إذن منه حمصورة باملعجزة غري مسلم به ألن اإلنسان قد يرى النيب ويصدقه وقد يرى النبوةداللة

:خطأينفاملتكلمون أخطأوا يف هذا القول . بعض األحوال فيتبعه ولو مل ير بعض املعجزات . للداللة على النبوة باملعجزة فقطحصرهم -١ . املعجزة وكيفية داللتها على صدق النيبتفسري -٢

النبوة أعم من املعجزة ومنها هذا املسلك وهو النظر إىل حال النيب على الداللة إن .املسلك الشخصي) ب(املسلك النوعي، ) أ( جهتني منوالنظر يكون

).١١٠٠ ـ ٢/١٠٧٤ (النبواتانظر ) ١( ).١٥٦ ـ ١٤٦ص(، و) ١٠٥ ـ ٨٨ص( خملوف حتقيقشرح األصفهانية : الكالم اآليت مأخوذ منمجيع) ٢(

٤٢٦

وفيه ينظر إىل ما جاء به النيب فاألنبياء جاءوا بأمر واحد يتفقون : النوعي املسلك ـ أ وترك الشرك فإذا جاء به علم صدقه وكذلك إخباره جاء به صدق وهو التوحيدفإذاعليه واحدة بأخبار أخرب ا األنبياء قبله وأا سوف تقع يجزم بصدقه ألن أخبار األنبياء أتىإذا

الرسولوهلذا ملا ذهبت خدجية ـ رضي اهللا عنها ـ إىل ورقة بن نوفل ختربه مبا جرى على . قومه الناموس الذي كان يأيت به موسى هذا هو: ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ قال ورقة

وإمنا البشرفورقة يعرف التوراة واإلجنيل مث ملا جاء القرآن عرف أن هذا ال يكون من كالم .يكون مما أنـزله اهللا

. النوعي فيه قياس ما أيت به النيب على ما أتى به األنبياء اآلخروناملسلك فهذا ندما هاجر الصحابة إىل احلبشة وحصلت تثبت هذا املسلك النوعي عأخرى وقصة

ـ عليها السالم ـ قال النجاشي إن هذا والذي جاء به موسى يأيت من مرمياملناظرة يف فهذا هو املسلك النوعي الذي ال . الذي يأيت به النيب ال يكون إال وحياوإنمشكاة واحدة

.لسالم بالقياس على ما أتى به األنبياء السابقون ـ عليهم اإاليكون فالنيب . فبالنظر إىل حال النيب يف نفسه يثبت لنا صدقه من كذبه: الشخصي املسلك ـ ب

حاله فال بد أن يكون على أقوم حال فال يكون كالناس اآلخرين ولكن معروفقبل البعثة عنهم كما كان الرسول ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ قد متيز بالصدق واألمانة يتميزال بد أن

. أتى مبا جاء به من الوحي ما اموه بالكذب ولكن قالوا رمبا جاءه مس من اجلنملاوأنه ليس له حد وال حصر لذلك يتضح جليا يف قصة أيب سفيان مع هرقل املسلك وهذا

النيب ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ وحكم على أن هذا الذي خيربون عنه أنه عنعندما سأله قاس على بعضها ويتضح صدق النيب من خالل هذه األنبياء تفأحوال. رسول فعال .األوصاف .النيبمضمون الرسالة يدل على صدق : الثالثةاملسألة

إىل اخلرب بنفسه يدل على صدقه وكذبه فالنظر إىل القرآن دون النظر فيمن النظر إن : من أنـزله يدل على صدقه ويبني الصدق يف ثالثة أمورهيوعلىأرسله

. اخلرب من اإلعالم بالغيوبمنيتض ما ـ ١ عليهم السالم ـ ينذرون ذا اخلرب من وجود األشياء اليت مل توجد بعد ـ فالرسل

على الصفة اليت أنذروا ا ويف الوقت الذي أنذروا فيه ومبا يأمرون به الوجودفتخرج إىل ليت تدرك بتعلم وينبهون عليه من العلوم اليت ليست تشبه املعارف واألعمال ااألفعالمن املعرفة بوضع الشرائع دل على أن وضعها مل يف خارقا كان أن اخلارق للمعتاد إذا وذلك

٤٢٧

ميكن الفهناك من األخبار ما . )١( نبوةاملسمىيكن بتعلم وإمنا كان بوحي من اهللا وهو ىت يعلم النيب شيئا منها حالمعرفته إال من طريق الوحي، ولذلك ـ كما قال ابن رشد ـ

من الرسل وما أدري ما يفعل يب وال بكم إن أتبع بدعا ما كنت قل: تعاىلقال . يعلمه اهللا الغيب من أنباء تلك: تعاىلوقال ]٩/األحقاف[ مبنينذيروما أنا إال إال ما يوحى إيل

]٤٩/هود[. نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت وال قومك من قبل هذاحي باألخبار سواء أخبار األمم أو اجلنة أو النار ال يدري أن يأيت الوقبل فالرسول

.وهذا أيضا فيه قياس ما جاء به النيب على ما جاء به األنبياء من قبل. شيئاعنها :الشرائع ـ ٢

جيد أا ال تكون إال من التأمل اإلنسان حق تأملها يف كتاب اهللا إذا تكون اليت سبحانه ـ ال يعرفه إال اخلالق وذلكالتامة ملصاحل البشر طريق الوحي ألن فيها املراعاة

.وتعاىل يستطيع عمل الشرائع مبا يوافق اجلزئيات لكل الناس بل إمنا هذه الشرائع ال فالرسول .اهللامن عند إىل حال نبينا حممد ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ وهو النيب األمي نظرالشخص فلو

تركت جانبا من جوانب السعادة والشقاوة إال بينته ووضحته اليت ماالشريعةوقد أتى ذه . معرفة تامة مبا يسعد البشر ويشقيهم لعرف أن هذا اليكون إال بوحي من اهللاعلىمما يدل السابقون وجد إم إمنا يأتون مبا األنبياء ما جاء به على ما جاء به قيس إذا وكذلك

.)٢(يكفل السعادة للجنس البشري عصمة األنبياء: الثالث لباملط

املطلب سيتم إيضاح قول أهل السنة واجلماعة يف عصمة األنبياء بعد البعثة هذا يف التبليغ ويف العصمة من الذنوب ـ إن شاء اهللا ـ ألمهيتها وهو املطلوب إثباته خيصوفيما : دون ما قبل البعثة أو العوارض البشريةلألنبياء :بالتبليغ يتعلق فيما العصمة :أوال

ال شك يف أن األنبياء معصومون يف التبليغ وهذا هو األصل عند الكالم األمر هذا ما نطق به الرسول فكل ].٣/النجم[ ينطق عن اهلوىوما: ولذلك قال اهللالعصمةعن وال ]٤٤/احلاقة[. ... ألخذنا منه باليمنياألقاويل تقول علينا بعض ولو: وقال تعاىلوحي،

).٢١٨ ـ ٢١٧ص( األدلة، انظر مناهج) ١( ).٢٢٧ ـ ٢١٨ص( مناهج األدلة انظر) ٢(

٤٢٨

أنـزل أيها الرسول بلغ ما يا: يقول تعاىلوأيضان يتقول النيب ما ال يوحى إليه، ميكن أفال ميكن أن خيفي النيب شيئا ] ٦٧/املائدة [..إليك من ربك وإن مل تفعل فما بلغت رسالته

اهللا إليه وإالمل يكن قائما بوظيفة البالغ والرسالة وحنو ذلك من اآليات اليت أوحاهمما .لتبليغيف اما يتعلق فين النيب معصوم أتتضمن الثابتة لألنبياء هي اليت حيصل ا مقصود النبوة والرسالة فإن النيب هو العصمة وهذه عن اهللا والرسول هو الذي أرسله اهللا تعاىل وكل رسول نيب وليس كل نيب رسوال املنبئ

.)١(تفاق املسلمني فيما يبلغونه عن اهللا ثابتة فال يستقر يف ذلك خطأ باوالعصمة أرسلنا من قبلك وما : أعترض البعض على العصمة بالتبليغ بقوله تعاىلقد ولكن

الشيطان مث حيكم يلقي ألقى الشيطان يف أمنيته فينسخ اهللا ما متىنمن رسول وال نيب إال إذا .)٢( قصة الغرانيقوذكروا ]٥٢/احلج [ اهللا آياته واهللا عليم حكيم

العلماء يف معىن هذه اآلية وما يتعلق ا من العصمة يف التبليغ ولكن فهم اختلف وقد .معىن اإللقاء) ب(معىن التمين ) أ: ( يتوقف على أمريناآلية

:ذكر العلماء له معنيني: التمين معىن )أ( . الذي هو األمنية أو مبعىن التالوة والقراءةالنفس حديث .)٣(يث النفس أيضاالتمين التالوة وحد: الفراء يقول ال بد أن يكون بأحد هذين املعنيني ال ما كليهما وبكل منهما قال اآلية فتفسري .العلماءبعض

أن التمين باآلية مبعىن القراءة والتالوة كما قال حسان عن عثمان الصحيح لكن :رضي اهللا عنهما

را القى الحمام املقـــدوآخرها كتاب اهللا أول ليلــــةمتىن . هنا تالمتىن فمعىن وهذا التأويل والقراءة التالوة أي إذا متىنإال: جريرأن معىن قوله تعاىلابن وبني

يلقي الشيطان مث حيكم اهللا آياتهما اهللا فينسخ: أشبه بتأويل الكالم بداللة قوله تعاىل حيكم مث وعقب لشيطان يلقي اما اهللا فينسخ أن املعىن القراءة ألن اآلية ذكر فيها فبني

. ال يكون إال يف الكالموهذا اهللا آياته

).٢٩١ ـ ١٠/٢٨٩(وى الفتاانظر) ١( .وما بعدها) ١٠/٢٩١( الفتاوى انظر) ٢( .)٥/٤٤١( املسريزاد، و) ٣/٤٦٨( انظرفتح القدير )٣(

٤٢٩

. األمنية فهذا ال ميكن أن يكون يف حق النيب ـ صلى اهللا عليه وسلممبعىن أما : وله معنياناإللقاء معىن )ب( فيسمع الناس الشيطان إلقاء من الشيطان للنيب فيتكلم النيب مبا ألقاه إليه أنه -١

.)١(ن أنه وحيكالم النيب ويظنو دون أن النيب يكون الشيطان ألقى إىل أمساع الناس ما ظنوا أنه كالم أن -٢

.)٢(يتكلم به النيب ـ صلى اهللا عليه وسلم غري صحيح ألن اآلية فرقت بني قراءة النيب ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ األول املعىن

وكذلك . إلقاء الشيطان وكلها ظاهرة مسموعة وبني اهللا أن النسخ حصل يفالشيطانوإلقاء . ذه الصورة يعارض عصمة النيب ـ صلى اهللا عليه وسلماإللقاءتفسري

ـ رمحه اهللا ـ عندما ذكر هذا القول بني أن النيب ـ صلى اهللا عياض والقاضي القرآن قراءة متأنية وكان الشيطان يتحني تلك السكتات فيتغىن يقرأعليه وسلم ـ كان لى اهللا عليه وسلم ـ فسمعها املشركون وحسبوها من قول صـكما يقرأ الرسول

.)٣(الرسول النوع أدل على صدق الرسول ـ صلى وهذا: " ـ رمحه اهللا تعاىلتيمية ابن يقول

يأمر بأمر مث يأمر خبالفه كان ـ وبعده عن اهلوى من ذلك النوع فإنه إذا وسلماهللا عليه عن نفسه إن الثاين هو الذي من عند قالإذا وكالمها من عند اهللا وهو مصدق يف ذلك، ف

ليس كذلك كان أدل على اعتماده اهللاهللا وهو الناسخ وإن ذلك املرفوع الذي نسخه عنها ـ لو كان حممد كامتا شيئا اهللاللصدق وقوله احلق، وهذا كما قالت عائشة ـ رضي

ى الناس واهللا أحق أن ما اهللا مبديه وختشنفسك يف وختفي: من الوحي لكتم هذه اآلية أن ينصر كل ما قاله ولو يريدأال ترى أن الذي يعظم نفسه بالباطل .]٣٧/األحزاب [ ختشاه

أحكم آياته ونسخ ما ألقاه اهللافبيان الرسول ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ أن . كان خطأ فإنه هو املقصود بالرسالةوهذاالشيطان هو أدل على حتريه للصدق وبراءته من الكذب،

تكذيبه كفرا حمضا بال كانالصادق املصدوق ـ صلى اهللا عليه وسلم تسليما ـ وهلذا النوع من العصمة ثابت لألنبياء ـ عليهم السالم ـ فالنيب يقاس على غريه فهذا )٤("ريب

).٢٤٨ـ ١٠/٢٤٤( تفسري ابن جرير انظر) ١( ). ومابعدها٢/٧٥٠( للقاضي عياض الشفاءانظر ) ٢( ).١٠/٢٩١ (الفتاوى) ٣( ).١٠/٢٩٢ (الفتاوى) ٤(

٤٣٠

وقد ذكر ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ يف النص السابق الداللة . يف هذه العصمةاألنبياءمن " … ترى أن الذي يعظم نفسهأال: "مة يف هذا اجلانب باستخدام القياس فقال العصعلى

. ثابتة لألنبياء ـ عليهم السالمالتبليغ يف فالعصمة العصمة من الذنوب: الثالثاملطلب

معصومون من الكبائر دون الصغائر ولكنهم األنبياء السنة واجلماعة يرون أن أهل يتداركون ذلك بالتوبة واإلنابة فريتقون إىل منـزلة بياءواألنمعصومون من اإلقرار عليها

. كانوا عليها من قبلاليتأعلى من املنـزلة سبحانه وتعاىل ـ مل يذكر ذنب نيب ـ اهللا إن: " شيخ اإلسالم ـ رمحه اهللايقول

لوا يقوأنإما : األنبياء إال ذكر توبته منه وهلذا كان الناس يف عصمة األنبياء على قولنيمن بتبليغ يتعلقبالعصمة من فعلها وإما أن يقولوا بالعصمة من اإلقرار عليها ال سيما فيما

.)١("الرسالة فإن األمة متفقة على أن ذلك معصوم أن يقر فيه على خطأ سبحانه وتعاىل ـ ذكر ـ اإلقرار على الذنب ال من عدم فعله فاهللا من فالعصمة

وهذا يتضح فيه القياس الذنوبولكن يذكر توبتهم من هذه يف كتابه ذنوب بعض األنبياء أم ال يقرون على خطأ يف الدين على متفقون هم: "ويقول ـ رمحه اهللا ـ عن أهل السنة

يف نبوم وتبليغهم عن اهللا فهم يقدحأصال وال على فسوق وال كذب ففي اجلملة كل ما عليهم الصغائر يقولون إم جيوزونمتفقون على تنـزيههم عنه وعامة اجلمهور الذين

كما جاء يف األثر كان داود بعد يضرهممعصومون من اإلقرار عليها فال يصدر عنهم ما .)٢("التوبة خريا منه قبل اخلطيئة

العصمة تكون يف عدم اإلقرار على أن مما سبق مذهب أهل السنة واجلماعة فيتبني . درجة التائب أعلى من درجته قبل التوبةترفعنب قد الذنب والتوبة منه بل إن التوبة من الذ

: من فعل الذنب واستدلوا بقضيتنياألنبياء تعرض شيخ اإلسالم للقائلني بعصمة وقد النيب ميكن أن يقع بأن الذنب ينايف الكمال والنبوة هي غاية الكمال فإذا قلنا أن -١

لألنبياء الكمالألن يف الذنب فيلزم من ذلك أال تتحقق درجة الكمال لألنبياء . مع الذنبيتناىف

).١٥/١٤٧ (الفتاوى) ١( ).١/٤٧٢( السنة منهاج) ٢(

٤٣١

النتفت منهم األنبياء هم متعلق القدوة واألسوة فلو كان الذنب واقعا أن -٢ منالقدوة، وقد يكون النيب فتنة للناس فيضلون عن دين اهللا، وظنهم أن هذا

.دين اهللا : على ذلك بردود منهااإلسالم رد شيخ وقد

البقاء على ذلك وعدم معال وتوجب التنفري إال الذنوب ال تنايف الكمأن ـ أ . والثالثة الذين خلفواالغامديةكقصة .)١(الرجوع

النصوح اليت يقبلها اهللا يرفع ا صاحبها إىل أعظم مما كان عليه، كما قال التوبة أن ـ ب . السلف كان داود ـ عليه السالم ـ بعد التوبة خريا منه قبل اخلطيئةبعضهللا ( اهللا عليه وسلم ـ صلى التوبة أحب األشياء إىل اهللا وقد قال الرسول ـ أن ـ ج

.)٣(إخل )٢()أفرح بتوبة عبده من رجل نـزل منـزال من أجل حمبته لتوبة عباده فإذا كان التائب عبده يدل على أن اهللا يفرح بتوبة فهذا

.ية منافية للكمال من ذلك أن تكون املعصيلزمحمبوبا وكانت معصيته مغفورة مل وعمل عمالصاحلا فأولئك يبدل اهللا سيئام وآمن من تاب إال: اهللا قالأن ـ د

يف الصحيح حديث الذي يعرض اهللا صغار ذنوبه وخيبئ ثبتوقد .] ٧٠/الفرقان [ حسناتإين قد غفرا لك وأبدلتك : ( أن تظهر فيقول اهللا لهكبارهاعنه كبارها وهو مشفق من

تبديل السيئات رأى إذا) إن يل سيئات مل أرها: أي رب: فيقولن كل سيئة حسنة مكا الكبار اليت كان مشفقا منها أن تظهر ومعلوم أن حاله هذه الذنوبباحلسنات طلب رؤية

.)٤(" من حاله لو مل تقع السيئات وال التبديلأعظممع هذا التبديل بالتوبة واالستغفار كقول آدم مقرونانبوا ولكن اهللا ذكر يف كتابه أن األنبياء أذأن ـ ه

]٢٣/األعراف[ وإن مل تغفر لنا وترمحنا لنكونن من اخلاسرينأنفسنا ظلمنا ربنا: وزوجه .)٥( غري ذلك من القصصإىل

من األنبياء السابقني وجاز عليهم وجوزه حصل أيضا يتضح القياس فقاس ما وهنا النبوات من أوضح األبواب يف قياس الغائب بابولعل . معلى النيب الذي يأيت من بعده

).١٠/٢٩٣ (الفتاوى) ١( سبق خترجيه ) ٢( ).١٠/٢٩٤ (الفتاوى) ٣( ).١٠/٤٩٤ (الفتاوى) ٤( ).٤٢٨ ـ ١/٤٢٦(، ومنهاج السنة ) ٣١٦ ـ ١٠٣١٤(، وانظر ) ٣٠٠ ـ ١٠/٢٩٥( الفتاوى انظر) ٥(

٤٣٢

يقاس على األنبياء الثابتة نبوم ال ينازع فيهم نبوتهعلى الشاهد ألن النيب الذي يراد إثبات وألجل ذلك كان التناقض يف املذاهب ـ . باألخبارمنقولةوهذه أمور مشاهدة ومعلومة

ا يف هذا الباب مع ما أثبتوه يف اإلهليات اليت يتضح جليـغري مذهب أهل السنة واجلماعة ما هو معلوم يف الشهادة وباب النبوات متعلق يف الشهادة كلاعتمدوا فيها على نفي

. من أصوهلم اليت استقروا عليها يف باب اإلهلياتكثريافالكالم فيه خيالف

٤٣٣

السادس الفصل

. السنة واجلماعةوأهلالسفة واملتكلمني اآلخر عند الفاليوم

:مباحث ثالثة وفيه

.اليوم اآلخر عند الفالسفة : األول املبحث

.اليوم اآلخر عند املتكلمني: الثاين املبحث

: مطلبانوفيه

.اليوم اآلخر عند املعتزلة: األولاملطلب

.اليوم اآلخر عند األشاعرة: الثايناملطلب

.واجلماعةاليوم اآلخر عند أهل السنة : الثالثاملبحث

٤٣٤

السادس الفصل السنة اآلخر عند الفالسفة واملتكلمني وأهل اليوم

قوهلم يف مسألة أفعال علىهب املختلفة ا الكالم يف اليوم اآلخر عند املذ يقوم األخبـار قبـول اهللا سبحانه وتعاىل ، وتعلق ذلك مبشيئته ، وكذا تقـوم علـى

. الشرعية من الكتاب والسنة والنصوص املسألة وخمالفة الكثري هذه ذلك سوف نرى اضطراب الفرق جليا ، يف وألجل

.من كالمهم يف العقائد للنصوص الشرعية اليوم اآلخر، مع بيـان يف هذا الفصل عرض ألقوال الفالسفة واملتكلمني ويف

إن أمكن ـ إن فيهواطن اخللل استخدامهم قياس الغائب على الشاهد، وإيضاح م .شاء اهللا ـ ومن ثم عرض ملذهب أهل السنة واجلماعة

٤٣٥

األولاملبحث اآلخرعند الفالسفةاليوم

الفالسفة يف املعاد األخروي على حقيقة قوهلم يف النفس وصفاا اليت مذهب يقوم .ختالف صفات وخصائص األجسام وخصائصها اليت ختتص ا واليت ايصفوا النفس وخمالفتها لألجسام يقوم عندهم على أدلة التأمل يف ذات وجود وإثبات

لو علق يف اهلواء وهو ال يرى شيئا من أعضائه فإنه ال يعرف اإلنساناإلنسان وذلك بأن عر بوجوده ولكنه مدرك لذاته وشا. وال الباطنة لعدم متكن حواسه منهاالظاهرةشيئا منها ال

.)١( املدركة خمالفة ألعضاء بدنه وهي النفس املخالفة للبدنذاتهفتكون .)٢( السبب يف احلياة للبدن وهو كاآللة هلا وليست جسما وال عرضاهي فالنفس كماالت البدن مع مفارقتها له وذلك مثل املالح يف السفينة والصانع يف من وهي

هذه أقوال الفالسفة . )٣( كاآللة للنفس فهي هيئة مفارقة ا فإن كان البدنيفعلاآللة اليت صفاا اليت تتصف ا فيتضح يف أقواهلم السابقة قياس الغائب على وذكريف إثبات النفس

دلل عليه باملثال والصفات بالتشبيه وأقواهلم السابقة ما هي إال مقدمة فإثبااالشاهد : ا ما يلي من خالهلا إىل مسائل عقدية منهلالنتقال

اهللا املخالفة لصفات األجسام وذلك بإثبات صفات النفس املخالفة صفات إلثبات ـ ١ ال تتحرك وال تسكن وال داخل العامل وال خارجه وغري ذلك من فهيلصفات األجسام

)٤(. سبحانه وتعاىلـ النفس وعلى اهللا علىالصفات اليت ينـزلوا ي الباقية فاملعاد هلا وليس لألجسام كما سيتضح بعد النفس هي األصل وهأن لبيان ـ ٢

. اهللاشاءقليل ـ إن . بالعقول العشرة وحتكمها يف األفالك مع خمالفتها هلا يف الكنهقوهلم إلثبات ـ ٣

أن النفس ليست جسما وإمنا هي روحانية وأا عقل واستدلوا لذلك بأدلة بينوا وقد :لقياس الغائب على الشاهد فمن ذلك ما يلي خالهلا استخدامهم منكثرية يتضح

).١/٢٨٢(، والشفاء )٣٤٦ـ٢/٣٤٣( اإلشارات واهلنات انظر) ١( ).٥٦٧ص( التهافت افتر انظ) ٢( ).١١٤ص( افت التهافت انظر) ٣(، ومناهج ) ١٣٢ص( ، وآراء أهل املدينة الفاضلة للفارايب بعدهاوما ) ١٠/٢٩١( درء تعارض العقل والنقل انظر) ٤(

).٢٤٥ص(األدلة

٤٣٦

تدرك ذاا وهذا يدل على ال تدرك ذاا وغريها خبالف احلواس فإا فالنفس )أ ( .)١(روحانيةمباينتها للحواس فهي إذا

بني النفس واحلواس فإن احلواس ال تدرك الشيء الضعيف بعد اإلدراك اختالف )ب( يدرك فإنه )٢( يكاد يبصر الضوء الضعيف بعكس العقل القوي الالضوءالقوي كالبصر بعد

لديهم ليست جسما بل هي روحانية والذي فالنفس ،)٣(الضعيف بعد القوي بسهولة .يهدفون إليه هو القول خبلود النفس

جوهر بسيط والبسائط ال تنعدم مىت وجدت وهي جوهر بسيط عندهم فالنفس . )٤(ا استعداد للفناء وال أن تقبل الفساد حبال أن يكون فيهميكنوحياا بفطرا فال

: على بقائها وخلودها باألدلة اآلتيةاستدلوا وقد ]٤٢/الزمر[ ،.. حني موا واليت مل متت يف منامهااألنفس يتوىف اهللا: بقوله تعاىل) ١( فلو كان . بني النوم واملوت يف تعطيل فعل النفسفيها الداللة يف هذه اآلية أنه ساوى ووجه"

ال بتغري آلة النفس لكان جيب أن يكون تعطل النفستعطل فعل النفس يف املوت لفساد ذلك كذلك ملا عادت عند االنتباه على هيئتها فلما كانفعلها يف النوم لفساد ذاا ولو ال يعرض هلا ألمر حلقها يف جوهرها وإمنا هو شيء التعطلكانت تعود عليها علما أن هذا

واملوت هو النفس اآللة أن تتعطل تعطلت ليس يلزم إذا وأنهمن قبل تعطل آلتها حلقها لو وجد عينا الشيختعطل فواجب أن يكون لآللة كاحلال يف النوم وكما يقول احلكيم إن

.)٥("كعني الشاب ألبصر كما يبصر الشابنوم فساد للبدن بقوله هذا أن يبني أن النفس خمالفة للبدن وأا خالدة فاليريد وهو ولو كانت النفس عرضا يف البدن أوجزءا منه لطرأ عليها الفساد وميكن . املوتوكذلك بعدوضرب مثاال لكمال قوى النفس . له يف الصفات ويف البقاء فهي خترج وتعودملخالفتها

. املوت بعني الشاب وما حيصل هلا يف وقت النوم كحال الشيخ والقياس واضح

).٥٦٣ص( التهافت افتانظر ) ١( ).٥٦٧ص( التهافت افتانظر ) ٢( .عقل والنفس يفرقوا بني المل) ٣( ).١٨٧ص( يف النفس الناطقة وأحواهلا رسالةانظر ) ٤( ).٥٥٧ص(، وانظر افت التهافت ) ٢٤٥ص( األدلة مناهج) ٥(

٤٣٧

. )١( تفىن بفنائهالم على أن اجلسم كاآللة للنفس وأا استدالهل) ٢( . باختصار أقواهلم يف النفس وصفااوعلى ذلك بنوا قوهلم يف املعادهذه

يف معاد وهلم: " يف املعاد فقد ذكره عنهم ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ بقولهقوهلم أما وتارة هذاسه أنه كان يقول تارة هذا وتارة ثالثة أقوال والثالثة تذكر عن الفارايب نفالنفوس

من يقول إمنا تعاد النفوس العاملة دون ومنهم )٢(هذا منهم من يقر مبعاد األنفس مطلقا ببقاء معلومها واجلاهلة اليت ليس هلا معلوم تبقى العاملة تبقى بالعلم، فإن النفس فإن )٣(اجلاهلة

طوائف قول وهو )٤(ينكر معاد األبدان كما األنفسومنهم من ينكر معاد … باق تفسد .)٥("منهم وكثري منهم يقول بالتناسخ

يثبتون إال معاد األنفس دون معاد البدن مع اختالفهم يف األنفس اليت تعاد بل ال فهم . م إىل القول بالتناسخاألمرأدى

: الكالم يف املعاد على مذهب الفالسفة يف مطلبنييكون وسوف .وإثبات املعاد الروحاين سماين البعث اجلإنكار -١ لذائذ إثبات ما يكون من جزاء وحساب وجنة ونار ولذائذ حسية مع إنكار -٢

.الروح والعقل وإثبات املعاد الروحاين إنكار البعث اجلسماين: األول املطلب كالمهم يف العقائد جيعلون ما تتكلم فيه الشريعة وتثبته من قبيل ما عند الفالسفة واجلمهور وأما ما يتكلم به الفالسفة من خالل قواعدهم اليت قعدوها فإا ال العوام يكلم به إال للخواص وألجل ذلك قد يظهرون للمسلمني عند كالمهم يف أي عقيدة على أم تكون

بعض للمسلمني يف عقائدهم ولعل أبرز مثال لذلك قوهلم يف البعث اجلسمانيوتردد موافقون .لورود إثباته يف قوهلم أم ينكرون البعث اجلسماينالباحثني من إثبات

).٥٥٧ص( التهافت انظر) ١( ).١٢١ص( أهل املدينة الفاضلة راءانظر آ) ٢( ).٥٣ص( املدنية السياسةانظر ) ٣( . أجدهمل) ٤( .)٤٥٨ص( على املنطقيني الرد) ٥(

٤٣٨

اجلسمانيعندهم مقبول من الشرع وأما املعاد الروحاين فهو مدرك املعاد وإثبات حقيقة قوهلم هي إنكار ولكن ،)١( وهو ما يبحث عنه احلكماء اإلهليونوالقياسبالعقل

.البعث اجلثماين :)٢(شبه منها على إنكار البعث اجلسمانيباستدلوا وقد

لك أن الغالب على ظاهر التربة ظهر وتدبرت تأملت إذا وأنت: " سيناابن يقول )١( منها األغذية وتغذى باألغذية وتكوناملعمورة جثث املوتى املتربة وقد حرث فيها وزرع

يف قوتني هلا مجيعا يف وقت إنساننيجثث أخرى فأىن ميكن بعث مادة كانت حاملة لصوريت ".ال قسمةواحد بفمن الشاهد أن اجلثث . خالل تقريره السابق قياس الغائب على الشاهدمن يتضح

ويتغذى عليها النبات ويأكل اإلنسان النبات، فيكون فيه من وتتحللتوضع يف األرض أكل ـ حسب زعمه ـ فال بد أن حيصل نقص يف السابق فال مااإلنسان السابق حبسب

. اصلحبعث للبدن ألن نقص مادته عليه شيخ اإلسالم بالرد الوايف حيث بني أن خلق اهللا لألجسام يقلبها رد وقد

إىل جسم كما خلق اهللا آدم من طني فقلب حقيقة الطني إىل عظام وحلم جسموحييلها من عظاما وغري عظام فاإلنسان إذا صار ترابا ونبت من ذلك التراب نبات قلبهاوكذلك املضغة

واإلنسان الذي أكله حيوان وأكل ذلك احليوان إنسان آخر . هلم جرا آخر وإنسانأكله قد عدم هذا اإلنسان وهذا اإلنسان وصار كل منهما ترابا كما كان قبل أن كلهففي هذا هذا ويعاد هذا من التراب فإذا استحال يف القرب الواحد ألف ميت وصاروا يعادخيلق مث ذلك القرب وينشئهم اهللا تعاىل بعد أن كانوا عدما فإم يعادون ويقومون منتراباكلهم . كما أنشأهم أوال بعد أن كانوا عدما حمضاحمضا

ألف إنسان ترابا يف قرب أنشأ اهللا هؤالء من ذلك القرب من غري أن حيتاج أن صار وإذا مضغةن كما خلقهم يف النشأة األوىل اليت خلقهم منها أي من نطفة مث من علقة مث مخيلقهم

ما أحدهموجعل نشأم مبا يستحيل إىل أبدام من الطعام والشراب كما يستحيل إىل بدن . النشأة األوىلايأكل من نبات وحيوان أي أن النشأة الثانية ال تتم بنفس الكيفية اليت متت

ن فقد استحالت إىل أبدااليتفمن ظن أن إعادة األبدان يف اآلخرة حتتاج إىل إعادة األغذية

.وما بعدها) ٢٩٨ص( النجاة انظر) ١( ).٥٧ص(انظر الرسالة األضحوية يف املعاد ) ٢ (

٤٣٩

األغذية وهو ال حيتاج إىل كسائرغلط وحينئذ فإذا أكل إنسان إنسانا فإمنا صار غذاء له .)١(إعادة األغذية

ـ رمحه اهللا ـ مع استخدامه للنصوص الشرعية استدل عليهم بقياس تيمية فابن فمن الشاهد ال يسمى النبات الذي تغذى على جثة إنسان بأنه ذلك الشاهدالغائب على

أكل إنسان آخر ملا استطعنا متييز املأكول من بدن اآلكل وكذلك لونسان وكذلك اإل فكل مرحلة هى متحولة من األخرى ال يوجد فيها جزء من ـاستدل باخللق ـ الشاهد . ختالف حقيقة العظام املخلوقة منهاالطنياملرحلة السابقة هلا فحقيقة

التغري واالستحالة واالنتقال من طور إىل سينا على أنه من طبيعة اجلسمابن حيتج )٢( .فعلى أية صورة يكون البعث؟. إىل الشباب إىل النضج مث الشيخوخةالطفولةطور من . عليه ابن تيمية هذه الشبهة املأخوذة من قياس الغائب على الشاهدرد وقد رمحه اهللا ـ أن من رأى شخصا وهو شاب مث رآه وهو شيخ علم أن هذا ـ فبني

وكذلك سائر احليوان والنبات فال خيطر ببال أحد من العقالء . االستحالةهو ذاك مع هذه أو منو أن ينكر أنه هو نفسه استحالة ما حلق بأحد الكائنات احلية من تغري أو الحظإذا

ذكره الفالسفة من االستحالة ال ينايف مافعلم بذلك أن . ذلك الكائن الذي رآه قبل التغري . هو هذا البدنالثانيةالبدن الذي يعاد يف النشأة أن يكون

اليت كانت موجودة عند املادة ابن سينا أيضا بأم لو قالوا بأن النفس تعود إىل حيتج )٣(. يف سبيل اهللا على صورته تلكيدهاملوت ألدى هذا إىل وجوب أن يبعث ادوع واملقطوع

.وهذا يتناىف مع السعادة يف اآلخرةإذا كانت االستحالة غري : الشاهد بأنهمن ابن تيمية هذا االستدالل املأخوذ رد عليهوقد

كان وقت موته أو مسنه أو هزاله أو غري ذلك مامؤثرة فقول القائل أيعيده تعاىل على صورة ليست مماثلة لصفة هذه النشأة فإن أهل اجلنة إمنا الثانيةإمنا هو جهل منه فإن صفة النشأة

طول أحدهم ستون ذراعا كما ثبت يف الصحيحني وروي آدمورة أبيهم يدخلوا على ص وال يتغوطون وال يبصقون وال ميتخطون فليست تلك يبولونأن عرضه سبعة أذرع وهم ال

.النشأة مشاة هلذه النشأة ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ بيانه أن هذا القول الذي قال به الفالسفة هو يريد والذي كاكهم من حكم الشاهد فهذا مات وهو مقطوع اليد فال بد ـ إن كان انفعدمبسبب

فهم قاسوا اهللا على خلقه الضعيف . على هذه الصفة وهذا مناف للسعادةيعوديعود ـ أن

). ومابعدها١٧/٢٥٦(جمموع الفتاوى )١(

٤٤٠

ويبني ابن تيمية أن الناس عند . وال ميكنه إنشاءا وخلقا. إعادة إال ما عرفميكنهالذي ال .م يف هذه احلياة صفة خاصة مين اهللا عليهم ا اجلنة هلم صفة خاصة كما هلدخوهلم

من احملسوس املشاهد وهلذا ينفكوا سبق يتضح أن الفالسفة مل يستطيعوا أن ومما ستيضح من خالل املطلب الثاين والذي وهذاأنكروا البعث اجلسمانيوأثبتوا البعث الروحاين

.ذائذ العقلية إال الليثبتونينكرون فيه اللذة احلسية يف املعاد وال

قوهلم يف اجلزاء واحلساب والسعادة والشقاوة األخروية: الثاين املطلب سينا معىن املعاد ويرجع يف معناه إىل اللغة وأنه من العود وأنه يف حقيقته ابن يبني

مدة العود أو احلالة اليت يكون عليها الشيء يف هذا املكان بعد أن يكون قد باينه مكاناسم .)١( املوتبعدليها بعدها مث استعمل فيما بعد مبعىن املوضع الذي يصري إليه اإلنسان مث رجع إ مبين على حقيقة املعاد عنده وهو عودة األرواح إىل عاملها األول الذي القول وهذا . )٢( وفارقته مدة مصاحبتها البدنعنهصدرت مفارقتها للبدن كانت مرتبطة بالعقل الفعال وسوف تعود إليه بعدعنده فالنفس

: القول قصيدته العينية اليت يقول فيهاهذاوالذي يدل على ـــعورقاء إليك من احملل األرفـعهبطت )٣( ذات تعزز ومتن

احتادها بالبدن كانت يف هذا احملل األرفع وسوف تعود إليه بعد زوال قبل فالنفس .املشغل هلاجلزاء واحلساب واجلنة والنار واللذائذ احلسية أن كالم األنبياء يف املعاد وابينوا وقد لصالح وهذا ال ينفع إال اجلمهور الذين ال يردعهم إال هذا التمثيل باحملسوسات وهذا متثيل فالسبب يف هذا ،)٤(وأما اخلواص من احلكماء اإلهليني فهم يبحثون عن اللذائذ العقلية. الناس

استيالء بدنه على نفسه وختيل بدنه إليه أنه هويته أن: " ابن سينايقولالتمثيل للعوام ـ كما نفسه فظن غريه أنه هو وظن خرياته وشروره أا خريات وشرور ذاته وظن اإلنسانأنسى

).٣٧ ـ ٣٦ص(انظر األضحوية يف املعاد ) ١ ( ).٢٩٦ص( إىل فلسفة ابن سينا املدخل) ٢( ).٢٨ص) (املناوي( القصيدة العينية ال بن سينا شرح) ٣() ٢٤٥ص(وما بعدها، وانظر مناهج األدلة ) ٢/٤٢٥ (الشفاءوما بعدها، وانظر ) ٩٧ص( رسالة األضحوية انظر) ٤(

.وما بعدها

٤٤١

اخلري والشر باإلطالق فظن أن ال عن عن تلك اخلريات والشرور فقد خال خال إذاأنه .)١("ا مل يكن له األمل اجلسماين يكن له اللذة اجلسمانية وال شقاوة إذملسعادة له إذا

ما هو إال جزاء روحاين لعدم إمكان البعث اجلسمانيوالنفس خالدة األخروي فاجلزاء عندهم، أو ما معىن املعاد عندهم نبني ما معادها هلا فقط، ولكن قبل الكالم يف كيفية فاملعاد

ندهم وأا أشرف من اللذة العقلية ومنـزلتها عاللذةيستندون إليه يف قوهلم هذا بإثبات شهوة عويصا يهمك وعرضت عليك تأملت إذا تعلم وأنت: "يقول ابن سينا. اجلسمية

فإاوخريت بني الظفرين استخففت بالشهوة إن كنت كرمي النفس، واألنفس العامية أيضا غيري تأوتترك الشهوات املعترضة وتؤثر الغرامات واآلالم الفادحة بسبب افتضاح أو خجل

ويصرب هلا الطبيعيةوهذه كلها أحوال عقلية تؤثر هي وأضدادها على املؤثرات . أو سوء قالة .على املكروهات الطبيعية

فكيف يف . ذلك أن الغايات العقلية أكرم على النفس من حمقرات األشياءمن فيعلم اخلريات والشر وال العالية إال أن النفس اخلسيسة حتس مبا يلحق احملقرات من البهيةاألمور هنا يثبت اللذة العقلية وأا أشرف فهو )٢(" مبا يلحق األمور البهية ملا قيل من املعاذيرمتس . اللذة احلسية وهذا معلوم عند الناس ـ كما قالمن

كالمه من خالهلا وكلها ليفهم )٣( ابن سينا أصوال عامة ملعاد النفسجعل وقد أصوله اليت جعلها وقدم وإليك. اهد وليس له دليل سواهاستدالل بقياس الغائب على الش

.الشقاوةمقابال هلا تصوره للسعادة والشقاوة وكيفية إزالة هذه من خالل هذه األصول الكماالت اليت تكون يف الدنيا وما يقابلها من يبني وهو

هلا وطرق ويبني العوائق يف الدنيا للذة مع عدم شعور اإلنسان بفقدهاآلخرةالكمال يف : القيامة وهذه األصول هييومحتصيلها خيصها وأذى وشرا خيصها مثاله أن لذة وجزاءبيانه أن لكل قوة نفسانية لذة : األولاألصل

مالئمة من احلواس اخلمس ولذة الغضب حمسوسةالشهوة وخريها أن يتأدى إليها كيفية .ى كل واحد منهما ما يضاده وأذاملاضيةالظفر ولذة احلفظ تذكر األمور املوافقة

يكون يف اعتقاد الناس ولكنه يرى أن النفس الناطقة كماهلا اخلاص ا أن ما هذا الكل عقليا مرتسما فيها صورة الكل والنظام املعقول يف الكل مبتدئا من مبدأ عاملاتنقلب

).٩٧ص ( األضحوية الرسالة) ١( .بعدهاوما ) ٢٩٤ص(، وانظر النجاة )٢/٤٢٧ (الشفاء) ٢( ).٢٩٩ ـ ٢٩١ص( النجاة انظر) ٣(

٤٤٢

ما من التعلق نوعالقة فالروحانية املطلقة مث الروحانية املتع. وسالكا إىل اجلواهر الشريفة عاملا معقوال موازيا للعامل فتنقلبباألبدان مث األجسام العلوية يئاا وقواها مث تستمر كذلك

.املوجود كله مشاهدا التدرج يف النفس كانت روحانية مطلقة قبل تعلقها بالبدن مث ترجع إىل ما هو فهذا شهود وهذا مبين على قوهلم بالنفس وصفاا حىت تصبح موازية هلذا العامل املعليهكانت عما هو موجود وهو ما يلحظونه يف أنفسهم واختالفها عن البدن فال بد أن ميزوهاحيث . فقدانه يف مكان مواز هلذا العامل املشهودبعدتكون خمتلفة؛ من حيث دوام كماهلا احلقيقةبيانه أن هذه القوى مراتبها يف : الثايناألصل أما يف املعاد فإنه ال نسبة بني الكمالني املشهوديبني ابن سينا أن هذا يف العامل . وأكثريته

. دوام متغري فاسدوهذابوجه من الوجوه ألنه دوام أبدي يتوقف على تصور كيفية وال بقوة البيانه أن وجود الكمال والسعادة : الثالثاألصل

ومل ينـزع كالعنني متحقق لديه أن هإلياللذائذ فما مل حيصل وما مل يشعر به مل يشتق يتخيله وكذلك األكمه عند الصور اجلميلة والاجلماع له لذة ولكن ال يشتهيه وال حين إليه

.انواألصم عند األحل سينا أن السبب يف عدم إحساسنا باللذة يف عاملنا وبدننا النغماسنا بأبداننا ابن ويبني وأخواما فحينئذ رمبا ختيلنا منها خياال والغضبشهوة عنا ربقة الخلعنا إال إذا ورذائلنا

نسبة السعادة األخروية إىل السعادة يف الدنيا ـ ـوضرب مثاال لذلك . طفيفا ضعيفا اللذيذة إىل االلتذاذ بتطعمها بل أبعد من ذلك بعدا املذوقاتكااللتذاذ احلسي بشم روائح

.غري حمدود ولكن قد يؤثر ضده ملانع مثل كراهية الداركةل قد يتيسر للقوة بيانه أن الكما: الرابعاألصل

.بعض املرضى للطعم احللو ويشتهي املر ما هو كماهلا وال حتس به وال تنفر لضدبيانه أن النفس قد تكون مكتسبة : اخلامساألصل

حيس العائق تأذت كل األذى ورجعت إىل غريزا مثل املمرور فرمبا ال زالعنه حىت إذا يكون الذيمبرارة فمه إىل أن يصلح مزاجه فحينئذ ينفر عن احلال العارضة له ويبني الطريق

فيه من كانتفيه سعادة اإلنسان أال وهو مفارقة البدن وعند حصول ما تتمناه تعلم ما .شقاء

سبق اتضح قياس ابن سينا للذائذ العقلية املوجودة يف الدنياومايعتريها من مما إذن مامث فرقوا بني . اللذائذ العقلية يف اآلخرة وأا أشرف من اللذائذ يف الدنياوإثبات أضدادها

٤٤٣

أوفالعوام الذين يعتقدون يف وجود العقاب اجلسدي . حيصل لنفوس العامة ونفوس اخلاصة اآللة اليت وتكون تتخيل مجيع ما كانت اعتقدته من األحوال األخروية فإا"اللذة اجلسدية؛

يف الدنيا من أحوال هلاا التخيل شيئا من األجرام السماوية فتشاهد مجيع ما قيل ميكنها تشاهد العقاب املصور هلم يف أيضاالقرب والبعث واخلريات األخروية وتكون األنفس الرديئة بل تزداد عليها تأثريا وصفاء احلسيةالدنيا وتقاسيه فإن الصور اخليالية ليست تضعف عن

أعظم شأنا يف بابه من احملسوس على أن بهذلك يف املنام فرمبا كان احمللوم كما تشاهد حبسب قلة العوائق وجترد النفس وصفاء املناماألخروي أشد استقرارا من املوجود يف

فهنا )١("… يف النفس ال املوجد من خارجاملرتسموإمنا يلذ ويؤذى حلقيقة هذا … القابل أو النعيمي للنفس بالنسبة للعامة والذي يعتقدون فيه حصول قاس ابن سينا املعاد األخرو

وليسالعذاب احلسي مبا حيصل هلم يف نومهم من األحالم وعد ذلك من قبيل التمثيل .حقيقة

عن مثل هذه األحوال وتتصل بكماهلا بالذات تبعد" من اخلاصة فهؤالء غريهم وأما أخرب عنها هي اليت تصبح النفس عقال جمردا اليتاللذة وهذه )٢(" يف اللذة احلقيقيةوتنغمس

من خالهلا تكون درجات الناس واليت )٣( سينا طبقات للنفوسابنموازيا للمشاهد وقد جعل .يوم القيامة

جيد دليال عقليا على كالمه قام باالستدالل على هذه الطبقات باألدلة مل وعندما .)٤(الشرعيةصوص الشريعة وال فائدة فيه إال حماولة التميز عن السابق خمالف لنكالمهم ومجيع

منه شيء فاللذائذ العقلية معلومة عند الناس دون احلاجة إىل براهينهم يستفادالناس وال مل يستطيعوا إثبات ما يقولونه غالبا إال من خالل عرض نصوص شرعية أو أمويكفي . منها مع إخالف معانيهااالستفادةملعظمون للعقل مل يستطيعوا أن يثبتوا ما يقولونه بالدليل العقلي االفلسفة فأهل

. الدليل النقلي مع حتريف معناهإىلفاضطروا

).٢٩٨ص( النجاة انظر) ١( ).٢٩٨ص (النجاة) ٢( بعدها ، ورسالة يف معرفة النفس الناطقة وما) ٢/٤٢٨(، والشفاء ) ١٢٢ ـ ١٢٠ص( األضحوية انظر) ٣( ).١٨٦ص( ).٢٨٧( النفس أحوال) ٤(

٤٤٤

الثايناملبحث اآلخر عند املتكلمنياليوم

التتبع ألقوال املتكلمني يف املعاد يتضح اضطرام الشديد يف هذا الباب خالل من أصوهلم اليت بنوا عليها مذاهبهم فمثال جعلوا هذا يف هذا الباب ما يناقضاستعملواحيث من األبواب اليت تكون مساعية مأخوذة من السمع وحيتجون يف بعض األحيان الباب

ضعيفة أو خبرب الواحد من الصحيح فسلموا ا يف هذا الباب وأخذوها وإن كان بأحاديث مع تناقضواوأيضا ضعف مع ردهم ألحاديث صحيحة يف أبواب العقيدة األخرى فيها

يف بعض جزئيات هذا املعاد والذي من خالله ردوا عقوهلمقوهلم بأا مساعية بأن استعملوا وهذا ما سيتضح مذاهبهم، أصوهلم اليت بنوا عليها خالفوا وأيضاعلى أنفسهم بأا مساعية

.ـ إن شاء اهللا ـ يف هذا البحث :املعتزلــة )١(

عتزلة أغفلوا عند كالمهم يف املعاد احلديث عن البحث وجدت أن املخالل من وأثبتوا عذاب القرب والبعث وامليزان واحلساب والصراط ولكن والعرضاحلوض والكوثر معاين بعض النصوص فأوكلوا علم معانيها إىل اهللا فالعقل لديهم ال فوضواأولوا بعضها أو العقل يفهم تلك النصوص ومنها ما املعاين وفق أوصافها الشرعية مع أن تلكيستطيع إدراك

. ألهل الكبائر وايء اإلهلي والرؤية والكالمكالشفاعةأنكروه :القرب عذاب ـ أ

عبداجلبار أن املعتزلة متفقون على إثباته وأنه ما خالفهم يف ذلك إال القاضي بني . عمروبنضرار

يستخدم األدلة العقلية على عذاب القرب باآليات واألحاديث النبوية وملاستدل وقد عندما أثبت كيفية العذاب وأن ذلك يكون على حي فاستدل مبا هو معلوم إاليف ذلك

أن يعذم فإنه ال بد من أراد أن اهللا تعاىل إذا فاعلم: " األمر الغيـيب فقالهذامشاهد على م العقل ليحسن وال بد من أن خيلق اهللا فيه…يتصورأن حيييهم ألن تعذيب اجلماد حمال ال

أنه مظلوم وهلذا املعىن قلنا إن أهل النار ال بد أن يكونوا املعذبالتعذيب وإال اعتقد املعاقب من هذا الكالم أن إثبات العذاب ال فيتضح )١(" نعلمه من جهة العقلالذيعقالء هذا هو

).٧٣٢ص( األصول اخلمسة شرح) ١(

٤٤٥

عقل ـ كما وهذا توصل إليه من جهة الإحياءيكون إال بالسمع أما كيفيته فال بد فيه من أراد أن يثبت امللكني مل جيد له طريقا إال وعندما. قال ـ ومجيعها قياس الغائب على الشاهد

.)٢( من جهة العقل وإمنا الطريق إليه السمعإليهالسمع وبني أن هذا مما ال يهتدى أن حجة املنكرين لعذاب القرب إمنا تقوم على الشاهد وال دليل هلم سواه وذلك بني مث

: شبه أوردوها تتلخص فيما يليخالل من املصلوب وامليت وكذلك النباش للقرب ال يرى عذابا وال ثوابا وال أثر ضرب أن )١(

.)٣(الذي مل يدفن مل يسمع أنينه أو يشاهد اضطرابه فال يكون معذبا . )٤( منكر ونكري هذا فيه ذم ملالئكة اهللايهما امللكني وأمسإثبات )٢(

: رد عليهم مبا يليوقد .)٥(ني قد ال يعذبه يف وقت اطالع النباش وقد يكون وقت العذاب بني النفختاهللا أن ـ ١

أن السبب يف هذا القول هو قياس الغائب على الشاهد وألجل ذلك فر يتضح وهنا العذاب عنده يقع على البدن ولو قال يعذب وقت اطالع النباش لرآه ألنإىل هذا القول

بني النفختني النعدام النباش يف العذاب جعلعله يطلع عليه وأيضا اهللا جيأنوألجل ذلك رد .هذا الوقت

فمن املشاهد أن اإلنسان يسمي . االمسني وردا يف الشرع وال مانع من ذلكأن بني ـ ٢ .)٦( بالصخر والكلب وال يقتضي ذلك مدحا وال ذماوعزيزهابنه

مور مسعية استخدموا عقوهلم لرد هذه سبق أم مع التزامهم بأن هذه أمما فيتضح . قياس الغائب على الشاهد يف الرد على هذه الشبهةواستخدمواالشبهة

).٧٣٢ص( األصول اخلمسة شرح) ٢( ).٧٣٣ص( شرح األصول اخلمسة انظر) ٣( ).٧٣٤ ـ ٧٣٣ص(ل اخلمسة شرح األصوانظر) ٤( ).٧٣٣ص( األصول اخلمسة شرح) ٥( ).٧٣٤ص( األصول اخلمسة شرح) ٦(

٤٤٦

:امليــزان ) ب( كتب املعتزلة اليت بني أيدينا يثبت املعتزلة امليزان ويرجعون ذلك إىل خالل من

واخلفة فيه معىن ليس املقصود منه العدل ألنه لو فسر بالعدل ال يثبت للثقلوأنهالنصوص كما )١( أنه امليزان املعروف الذي يشتمل على ما تشتمل عليه املوازين فيما بينناعلىفدل

. قاله القاضي عبداجلبار هذا يف اإلثبات يتضح القياس جليا بالنتيجة اليت توصل إليها ولقد حكي قوهلم فمن

: يقول األشعري. كتبهم املوجودة إنكارهم للميزان ولكين مل أقف على ذلك يف املعتزلةعن البدع بإبطال امليزان وقالوا موازين وليس مبعىن كفان والسن ولكنها جمازات أهل وقال"

يستحيل وزن األعراض ألن : اهللا بأعماهلم وزنا بوزن وأنكروا امليزان وقالواجيازيهم . ؤالء املعتزلةويقصد )٢(" ال ثقل هلا وال خفةاألعراض امليزان فأنكره املعتزلة عن آخرهم ألن األعمال وأما: " ذلك بقولهاإلجيي وذكر للعلم فالوزن أمكن إعادا فال ميكن وزا إذ ال توصف باخلفة والثقل وأيضا وإنأعراض

. )٣(" فائدة فيه فيكون قبيحا تنـزه عنه الرب تعاىلفالمبقدارها وهي معلومة هللا تعاىل ب يف اإلنكار هو قياس الغائب على الشاهد وذلك يتبني فيما سبق أن السبمما فيتضح :يلي . من باب اازهذا ذكر كفتني والسن وهذه ال تكون إال ملوازين الدنيا ولكن أنه -١ ال ميكننا الدنيا األعمال أعراض فكيف توزن وتوصف بالثقل أو اخلفة وحنن يف أن -٢

.ذلك شيء فال فائدة من كلنا أن اهللا يعلم الوزن يكون للعلم مبقداره وقد استقر عندأن -٣

.الوزن يف كتبهم عن مذهب املعتزلة يف امليزان وأم ينكرونه علما األشاعرة ما أورده فهذا يثبته ورد أيضا على من أنكر وزن األعمال متعلال بأا أعراض فقد عبداجلباربأن القاضي

بيانه أن الطاعة تنقلب نورا يف رده أن وزن األعمال ممكن وذلك من خاللالقاضيبني

).٧٣٥ص( األصول اخلمسة شرح) ١( ).٢/١٦٤ (املقاالت) ٢( ).٣٨٤ص (املواقف) ٣(

٤٤٧

تنقلب ظلمة وإذا ترجح إحدامها على األخرى حكم على صاحبها مبا يناسبه وقد واملعصية .)١( الصحائف كل يف كفةتوزن

القاضي عبداجلبار السابق يتضح قياس الغائب على الشاهد يف جعله رد خالل فمنيزان ولكن ما زال إشكال من أنكر حمسوسة أو بوزن الصحائف يف املوظلمةلألعمال نورا مل جيب عنه القاضي فالنور والظلمة ال ميكن وزما يف الدنيا مبا هو معلوم باقياوزن األعمال

ميكن ولكن ميكن الرد عليهم وإزالة إشكاهلم مبا هو معلوم يف واقعنا من أن األعراض لديهم هو مماة والسرعة وغريها اءاإلضقياسها مبوازين خاصة ا كمقاييس احلرارة والضغط وشدة

.مشاهد لدينا يف الدنيا الوزن يكون للعلم مبقدار الوزن وهو معلوم هللا فال فائدة حينئذ من بأن قوهلم وأما يناقض مذهبهم يف العدل فمن عدل اهللا أن يبني لال نسان وزن أعماله أمام القولالوزن فهذا

. سبحانه وتعاىلـ ليعلم عدل اهللا ناظريه :احلسـاب ) ج(

ألم مل يفهموا من احلساب إثبات املعتزلة للحساب إال أم ينكرون صفة مع احلساب فمما ال وأما: "عبداجلباريقول القاضي . احلساب إال ما كان بني الناس يف الدنيا

كتابه بيمينه فسوف حياسب حسابا يسريا أويت من فأما: جيوز إنكاره فقد قال تعاىل حد ما علىغري أن حماسبته تعاىل إيانا ال جتري .] ٩-٧/االنشقاق [ له مسروراوينقلب إىل أه

األصابع أو ما بعقدجتري احملاسبة بني الشريكني واملتعاملني فإن ذلك فيما بيننا إمنا يكون العلم الضروري يف خبلقجيري جمراه، وليس هكذا حماسبة اهللا تعاىل عباده فإن ذلك يكون

وعلى هذا صح باألكثر من الثواب كذا ومن العقوبة كذا فيسقط األقل قلبه أنه يستحق . )٢("ذلك بسرعة

كما هو معلوم من قضية متاما يبني أن احلساب ثابت ولكن بصفة خمتلفة فهو وأما الرد . صرح بذلكوقداحلساب وهذا االختالف ناشئ عن قياس الغائب على الشاهد

. ذلكيفـ أثناء عرض مذهب أهل السنة على ذلك فسيتضح ـ إن شاء اهللا :الصــراط )د(

مجلة ما جيب ومن: " الصراط دون صفته فالقاضي عبداجلبار يقولاملعتزلة يثبت واعتقاده الصراط وهو طريق بني اجلنة والنار يتسع على أهل اجلنة ويضيق على بهاإلقرار

).٧٣٥ص( األصول اخلمسة شرح) ١( ).٧٣٦ص( األصول اخلمسة شرح) ٢(

٤٤٨

راط ما يقوله احلشوية من أن ذلك الصيففلسنا نقول … املرور عليهراموا إذا النارأهل فإن تلك الدار … اجتيازه واملرور بهيكلفونأدق من الشعر وأحد من السيف وأن املكلفني

املرور على ما هذا سبيله يف الدقة واحلدة وتكليفهليست بدار تكليف حىت يصح إيالم املؤمن .)١("يق بسبيل الطرمن ذكرنا أن الصراط هو الطريق وما وصفوه ليس فقدوأيضا خالل كالمه إنكاره للصفة اليت وردت يف بعض األحاديث وذلك من من فيتضح

ألن ما هذه صفته ال ميكن املرور عليه والصراط طريق وهذا الشاهدقياس الغائب على . يف الشاهدمعروفالوصف ليس وصف طريق

بل أو على ذلك من الشاهد فنحن نرى يف الشاهد من يسري على احلإثبات وأما والنوم عليها وذلك من خالل املمارسة وليس مجيع البشر يستطيعون السكاكنياملسامري أو

عليه حبسب األعمال الصاحلة واالجتياز سبحانه وتعاىل ـ جعل هذا الصراط ـ واهللاذلك .وليس كل البشر يستطيعون اجتيازه

.رؤية اهللا: هـ دليل عقلي مسوه دليل املقابلة، ولقد حرر علىنوا ذلك املعتزلة رؤية اهللا تعاىل، وبتنكر

هو أن الواحد منا رأى حباسة والرائي وحتريرها: "القاضي عبداجلبار هذا الدليل بقوله املقابل وقد ثبت حكم مقابال أو حاال يف املقابل أو يف كان إذاباحلاسة ال يرى الشيء إال

يف حكم املقابل وهذه الداللة وال حاال يف املقابل أن اهللا تعاىل ال جيوز أن يكون مقابال وال : مبنية على أصول

كـان أن الرائي باحلاسة ال يرى الشيء إال إذا : منا رأى حباسة، والثاين الواحد أن أحدهاأن القدمي تعاىل ال جيوز أن يكـون : والثالث املقابل، يف املقابل أو يف حكم المقابال أو حا

الكالم يف أنه تعاىل ال جيوز أن يكون مقابال وال حاال يف وأما… املقابل مقابال وال حاال يف واهللا واألعراض وال يف حكم املقابل فهو أن املقابلة واحللول إمنا تصح على األجسام املقابل

وال يف حكـم املقابـل تعاىل ليس جبسم وال عرض فال جيوز أن يكون مقابال وال حاال يف )٢(.."املقابل

السابق للقاضي عبداجلبار يظهر إنكار املعتزلة لرؤيـة اهللا تعـاىل النصالل خ فمن أنه ال يرى يف الشاهد إال ما هو جسم أو عرض واهللا تعاىل لـيس اإلنكاروالسبب يف هذا . يرى بأي حال من األحوالالكذلك فهو إذن

).٧٣٨ ـ ٧٣٧ص( األصول اخلمسة شرح) ١( ).٢٤٩ ـ ٢٤٨ص ( األصول اخلمسة للقاضي عبداجلبار رحش) ٢(

٤٤٩

. الشاهد قياس الغائب على على بعض العقائد اليت يقررها املعتزلة اعتمادا هذه عند األشاعرةاآلخراليوم : الثايناملطلب

اليوم اآلخر، ودليل األشـاعرة يف مسائل وافق األشاعرة أهل السنة واجلماعة يف جممل لقد اإلمجاع كما ذكر ذلك عنـهم شـيخ علىذلك اإلثبات هو السمعيات اليت اعتمدوا فيها يف السمعيات عمدم اإلمجاع وأمـا وهم:" اإلسالم ابن تيمية ـ رمحه اهللا تعاىل ـ بقوله للعقل واإلمجاع والعقل واإلمجاع مقدمان تبعااالحتجاج بالكتاب والسنة فأكثر ما يذكرونه

)١("عندهم على الكتاب والسنة : األشاعرة أهل السنة واجلماعة منها ما يليفيها هناك مسائل خالف ولكن : العرض على اهللاألشاعرة بعض إنكار -١ سبحانه وتعاىل ـ الذي ثبت يف الكتاب والسنة ـض األشاعرة العرض على اهللا بعينكر

تعرضون ال ختفى يومئذ : ينكر ذلك من األشاعرة الرازي، فعند تفسريه لقوله تعاىل وممن ذلك بعرض شبه العرض عبارة عن احملاسبة واملساءلة إن: "قال].١٨احلاقة، [منكم خافية

يعرضون على األماكن املعدة للحـساب إم: "وقال. )٢("حوالهالسلطان العسكر لتعرف أ يف املوضع الذي يسأهلم فيه عن أعماهلم وقوفهم تعاىل جعل بأنه: "وقال أيضا . )٣("والسؤال

تعاىل حيضر يف مكان ويعرضوا عليه لرياهم بعد أن أنهوحياسبهم عليها عرضا عليه، ال على .)٤(مل يكن يراهم

الغائب على الشاهد، ألن العـرض يف قياسهلرازي العرض على اهللا بناء على أنكر ا فهنا مكانا يتم فيـه العـرض ويكـون يتطلبالشاهد هو عرض العسكر على السلطان، الذي

بعد أن مل يكن يراهم، فالسبب يراهمالسلطان يف جهة من هذا العرض، وذلك يستلزم أنه . يف الشاهدذلك قيام يف نفي العرض مبعناه يف اللغة يعود إىل

:تعاىل اهللا رؤية -٢ تعاىل قوله سبحانه وتعاىل ـ فمن ذلك قول الرازي عند ـ األشاعرة رؤية العبد هللا أثبت

: ترى أنه لو كان يف يد رجل حجر فقال له أال]: "١٤٣االعراف، [ تراين لن : ملوسى

ومقدمة حقـق ) ٩٦ ـ ٨/٩٥( تعارض العقل والنقل درءوانظر ) ١/٤٧٧( لشيخ اإلسالم ابن تيمية النبوات) ١( ).١٠٠ ـ ٩٤ص ( اجلندي عبداهللارسالة أهل الثغر لألشعري، حتقيق

).٢١/١٣٣( و) ٣٠/١١٠( الكبري التفسري) ٢( ).١٧/٢٠٤(ري الكبري التفس) ٣( ).٢١/١٣٣( الكبري سريالتف) ٤(

٤٥٠

يده يفال تأكل، ولو كان : له هذا ال يؤكل وال يقول : ناولين هذا آلكله فإنه يقول له إنسان : تعـاىل قالهذا مما يؤكل ولكنك ال تأكله فلما : ال تأكلها أي : بدل احلجر تفاحة لقال له

تراينلن ١ (الرؤية يقل ال أرى، علمنا أن هذا يدل على أنه تعاىل يف ذاته جائز ومل(. اآلية من خالل قياسه الغائب على هذه تعليقه هنا أثبت الرؤية وقررها يف فالرازي

ملثال احلجر الذي يف يد اإلنسان وتفريقه بني ضربهعلى الشاهد وهذا يظهر جليا من خالل يؤكل كالتفاحة ولكن مينع من أكلها فكذلك الرؤيـة وفيماالصيغة اليت تقال فيما ال يؤكل

الدنيا دليل على جوازها مبثال التفاحة فمنع من الرؤية يف شبيهةاليت نفاها اهللا عن موسى هي .يف اآلخرة

وفسروها بالعلم وذلك اعتمادا على الرؤية، األشاعرة مل يلبثوا حىت نفوا حقيقة ولكن وذلك بأن يكون املرئى جسما أو عرضا أو الشاهد،الشروط اليت جيب توفرها يف املرئي يف

املصحح وجعلوا ،)٢(ى الشاهد على قياس الغائب عل اعتمادايف جهة وهذا كله منفي عن اهللا يرى واجلامع عرضلرؤية اهللا هو الوجود وذلك اعتمادا على الشاهد وهو أن كل جوهر أو

ـ فاألشاعرة وإن أثبتوا رؤية اهللا ،)٣(بينهما هو الوجود فكل موجود يرى غائبا أو شاهدا مـن خـصائص يرى يف جهة ألن ذلـك السبحانه وتعاىل ـ إال أم نفوا حقيقتها فهو

.املخلوق . على قياس الغائب على الشاهداعتمادا بعض العقائد الىت أثبتها األشاعرة هذه

"١٤/٢٣١” للرازيالكبري التفسري )١( ٣٠٨ ـ ٣٠٧ واملواقف لألحيى ٢٧٨ للرازي احملصل انظر )٢( ٢٧٣ واحملصل ٣٠٢ املواقف انظر )٣(

٤٥١

א:אא א א מ א األدلة الشرعية اليت تعرضت لقضايا اليوم اآلخر واستنبطوا منها واجلماعة أهل السنة استخدم : اليت تتضمن قياس الغائب على الشاهد وسأعرض لبعض هذه القضايايةالعقلأدلتهم

البعث: أوال : على الشاهد من خالل األدلة الشرعية التاليةالغائب فيه قياس استخدموا

: األوىل على النشأة الثانيةبالنشأة التنبيه -١ جديدا قـل أئذا كنا عظاما ورفاتا أءنا ملبعوثون خلقا وقالوا : ذلك قوله تعاىل فمن

أو حديدا أو خلقا مما يكرب يف صدوركم فسيقولون من يعيدنا قـل الـذي حجارةكونوا فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون مىت هو قل عسى أن يكون قريبا يوم . مرةفطركم أول

: تعـاىل وقوله] ٥٢ ـ ٤٩االسراء، [ وتظنون إن لبثتم إال قليالحبمدهيدعوكم فتستجيبون أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبني وضرب لنا مثال ونسي خلقـه اإلنسان مل ير أو

العظام وهي رميم قل حيييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي حيييقال من ].٨٠ ـ ٧٧يس، [ من الشجر األخضر نارا فإذا أنتم منه توقدونلكمجعل

العقلي، املعتمد على الواقـع دليلها اآليات يعرضها أهل السنة ويستخدمون هذه من ضده، ويرون التجدد يف هذا الضداحملسوس الذي يرى فيه اخللق من العدم وإخراج

كما حصل يف هـذه النـشأة العدماخللق، فكذلك النشأة األخرى يتم فيها اإلجياد من . )١(املعلومة واملشاهدة

إىل فـانظر :ملوتى؛ ومن ذلك قوله تعاىل التنبيه بإحياء األرض بعد موا على إحياء ا ـ ٢ رمحت اهللا كيف حييي األرض بعد موا إن ذلك حملي املوتى وهو على كل شـيء آثار السماء ما ء بقدر فأنشرنا به بلدة من نـزل والذي: ، وقال تعاىل ]٥٠الروم، [قدير

].١١الزخرف، [ميتا كذلك خترجون مل يـروا أو :ومن ذلك قوله تعاىل : على ما هو أصغر التنبيه خبلق املخلوقات الكبرية ـ ٣

أن حيي املوتى بلى أنـه علىأن اهللا الذي خلق السموات واألرض ومل يعي خبلقهن بقادر أم السماء بناها خلقا أنتم أشد أ:، وقال تعاىل ]٣٣االحقاف، [على كل شيء قدير

الىت يف هـذه العقلية األدلة وقد استفاد أهل السنة واجلماعة من هذه ]. ٢٧النازعات، [ .النصوص والتزموها

).١/١٨٨(، واعالم املوقعني )٢٥٢ ـ ١٧/٢٥١(انظر الفتاوى ) ١(

٤٥٢

ومن ذلك قوله ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ بعد استيقاظه مـن : البعث على النومقياس_ ٤ .)١(" هللا الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشوراحلمد: "نومه

سـتيقاظ صغرى، واستدلوا بالنوم واال موتة ذلك من النصوص اليت تبني أن النوم وغري .)٢(منه على البعث بعد املوت

الميزان: ثانيا واستنباط قياس الغائـب الشرعية إثبات أهل السنة واجلماعة للميزان عن طريق األدلة أما

بن العـاص رضـي اهللا عمروعلى الشاهد منها، فيظهر ذلك من خالل حديث عبداهللا بن املوازين يـوم القيامـة فيـؤتى توضع :"عنهما أنه قال قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

امليزان قال فيبعث به إىل النار قال بهبالرجل فيوضع يف كفة فيوضع ما أحصى عليه فتمايل فإنه قد بقي لـه تعجلواال تعجلوا ال : يصيح من عند الرمحن يقول صائحفإذا أدبر به إذا

.)٣(" مييل به امليزانحىتفيؤتى ببطاقة فيها ال إله إال اهللا فتوضع مع الرجل يف كفة أن للميزان كفـتني حقيقـتني إثبام الغائب على الشاهد هنا يظهر من خالل وقياس

ذلك، وملا هو معروف يف الـشاهد يفيوزن ما العامل وعمله، وهذا ملا ورد من النصوص هللا قال ابـن عبـاس رضـي ا . املعلوممن صفات امليزان فال منافاة بني النصوص والشاهد

للميزان ابن كثري أن ويثبت )٤("ولسانتوزن احلسنات والسيئات يف ميزان له كفتان ”عنهما مـن كفتني حسيتني ويستدل على هذا من السنة حبديث صاحب البطاقة املشهور وغـريه

)٥(.األحاديث الـيت توافـق الواقـع النـصوص املالحظ أن اهل السنة اعتمدوا يف قـوهلم علـى فمن

امليـزان املوافقـه لـصفات اقع يشهد لذلك فمما ردت به النصوص ـ املثبتة فالو.املشاهد وزا، وهذا مردود مبا ميكنلصفات املوازين املعلومة ـ أن االعمال أعراض واألعراض ال

. هو معلوم اآلن من موازين احلرارة والضغط والسرعة

).١١/١١٧( انظر الفتح نام،عوات، باب ما يقول إذا يف كتاب الدالبخلري رواه )١( ).٤/٨١(انظر تفسري البغوي ) ٢( ).٢/٢٢١ ( أمحدمسند االمام ) ٣( ).٣٧٨ص ( للقرطيب التذكرة) ٤(( ، وشرح الطحاوية ال بـن أيب العـز )٣٣( ال بن قدامة االعتقاد، وانظر ملعة )٢/٢٤( ال بن كثري النهايةانظر ) ٥(

).١١٢١ ـ ٣/١١٢٠( العواجي للدكتوراة اآلخرة واحلي) ٤٧٢

٤٥٣

:الصراط: ثالثا حتتوي على قياس الغائب علـى اليت إثبات الصراط من خالل النصوص الشرعية أما

أيب هريرة رضي اهللا عنـه حديثالشاهد فيستنبط أهل السنة ذلك من عدة أحاديث منها فذكر احلديث وهو حديث طويـل القيامة؟ إناس يا رسول اهللا هل نرى ربنا يوم قال: "قال

ـ هللا ـ جسر جهنم قال رسول اويضرب” وحمل الشاهد منه قوله ـ صلى اهللا عليه وسلم يومئذ اللهم سـلم سـلم وبـه الرسلصلى اهللا عليه وسلم ـ فأكون أول من جييز ودعاء

قال فإا مثل . بلى يا رسول اهللا قالواكالليب مثل شوك السعدان أما رأيتم شوك السعدان؟ اهللا فتخطف الناس بأعماهلم منـهم املوبـق إالشوك السعدان غري أا ال يعلم قدر عظمها

.)١("م املخردل مث ينجوبعمله ومنه جلـسر ” : عائشة رضي اهللا عنها أن رسول اهللا ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ قال عن وأيضا

.)٢(”جهنم أدق من الشعر وأحد من السيف عليه كالليب وحسك يأخذون من شاء على الشاهد ففي حديث أيب هريرة الغائب خالل احلديثني السابقني يظهر جليا قياس فمن

تكون على الصراط مبا يعرفه الـصحابة اليتهللا عنهما قاس رسول اهللا تلك الكالليب رضي ا عائشة فيه قياس الغائب على الـشاهد حديثويشاهدونه من شوك السعدان املعروف ويف

من السيف والشعر والسيف مما هو وأحدمن خالل صفات آخرى هى كونه أدق من الشعر عن أيب سعيد اخلدري رضي صحيحهآخرج مسلم يف معروف يف الشاهد لدى املخاطبني،

ال الـسنة واهـل . )٣(" واحد من السيف الشعرة أن اجلسر أدق من بلغين:" اهللا عنه أنه قال ومن ردصفات الصراط ،)٤(خيالفون هذه النصوص بل هي ما يثبتونه يف كتبهم ويلتزمون ا

يف االحاديث النبوية، وأيـضا يرد عليه بأن هذه األوصاف ذكرت عليهالصعوبة االجتياز يسري على احلبل أو على املسامري احملمـاة الدنيامن أن يرد من الواقع بأن من الناس يف ميكن

أن يكون وصف الصراط مبا هو معلوم من النصوص املانعاوعلى اجلمر وذلك بالتدريب فما . والسري عليه باالعمال؟

).١١/٤٥٣( كتاب الرقاق، باب الصراط جسر جهنم، الفتح البخاري) ١( ).٦/١١٠( اإلمام أمحد مسند) ٢( .بشرح النووي) ١/٤٤١ (مسلم) ٣(، )٢٧٩ ـ ٢/٢٧٢( القبول ومعارج، ) ومابعدها٢/١٩٠(، ولوامع االنوار )١٤٧ص(انظر شرح الواسطية ) ٤(

).١٢٦٠ ـ ٣/١٢٤٣(وانظر احلياة اآلخرة

٤٥٤

الحوض : رابعالنيب ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ ويستنبطون قياس الغائب على السنة حوض اأهل يثبت

كالمه ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ فمن ذلك أنه ـ صلى اهللا عليه وسلم خاللالشاهد من أشد بياضا : مقامي إىل عمان، وسئل عن شرابه فقال من:" فقال حوضهـ سئل عن عرض

نة أحدمها من ذهب واآلخر مـن العسل يغث فيه ميزابان ميدانه من اجل منمن اللنب وأحلى :" فيـه وقـال ،)٢(" يقعد كعدد جنوم السماء اآلبار فيه من وإن:" وقال فيه أيضا ،)١("ورق

.)٣(" رائحة من املسكوأطيب عليه وسلم ـ حوضه وفهمهـا عنـه اهللا الصفات اليت وصف ا النيب ـ صلى فهذه

الغائب على الشاهد من تشبيه قياس الصحابة رضي اهللا عنهم مجيعا متضمن لكثري من صور معروفيت املسافة وكذلك صـفات املدينتنيعرض حوضه باملسافة بني املدينة وعمان وكال

مذاقه الذي فاق حلى العسل وكـذلك وحلواحلوض كشدة بياضه الذي يفوق بياض اللنب بـاريق وكذلك تصويره ال نيتـه باأل منهماامليزابان اللذان يصبان يف احلوض وصفات كل ه ئ أبرد من الثلج املعروف وطيب رائحة ما هواملعروفة يف الشاهد وبرودة ما ء احلوض الذي

كل هذه الصفات تعترب من قيـاس الشاهدالذي هو أطيب من املسك الذي يتطيب به يف .الغائب على الشاهد

ود حملمد ـ احلوض املور: عرصه القيامةويف:" شيخ اإلسالم ابن تيمية ـ رمحه اهللا ـ قال من اللنب وأحلى من العسل آنيته عدد جنوم السماء بياضاصلى اهللا عليه وسلم ـ ما ؤه أشد ابـن أيب العـز وقال )٤(" شربة مل يظمأ بعدها أبدا منهطوله شهر وعرضه شهر من يشرب

أنه حـوض : احلوضصفة يتلخص من األحاديث الواردة يف الذي: " احلنفي ـ رمحه اهللا من اللنب وأبـرد بياضا كرمي ميد من شراب اجلنة من ر الكوثر الذي هو أشد عظيم ومورد

وعرضه وطوله االتساعمن الثلج وأحلى من العسل وأطيب رحيا من املسك وهو يف غاية )٥("… اخلالق الذي ال يعجزه شيء فسبحان… مسرية شهر زواياه كل زاوية من سواء

).٥/١٦١ ( مسلم) ١( ).٥/١٦١( ، ومسلم )١١/٤٦٤( مع الفتح البخاري) ٢( ).١/٣٦٠( ال بن كثري النهاية) ٣( ).٣/١٤٦ ( الفتاوى) ٤( ).١٩٧ ـ ٢/١٩٦( وانظر لوامع األنوار للسفاريين ،) ١٩٢( العقيدة الطحاوية ال بن أيب العز احلنفي شرح) ٥(

٤٥٥

وتعالىرؤية اهللا تبارك : خامسا خالل األدلة الشرعية وتـضمن بعـض من أهل السنة واجلماعة صفة الرؤية هللا تعاىل بتأث

فمن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الشاهدتلك األدلة استخدام الشارع لقياس الغائب على تـضارون يف هـل :" يوم القيامة؟ فقـال ربناناس يا رسول اهللا هل نرى أاهللا عنه قال قال

هل تضارون يف القمر ليلة البـدر : قال. اهللا رسول؟ قالوا ال يا الشمس ليس دوا سحاب )١("…فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك : قال. اهللاال يا رسول : ليس دوا سحاب؟ قالوا

يف الشارع رؤية اهللا تعاىل يوم القيامة من خالل قياس الغائب على الشاهد املتمثل أثبت فهنا فكذلك والقمر عندما ال يكون بينهما وبني الناس سحاب قياسه لوقوع رؤية الناس للشمس

دوا ليساهللا جل جالله يرى يوم القيامة فهنا قاس الشارع الرؤية للشمس والقمر اليت إثبات هذه ـسحاب على رؤية اهللا تعاىل يوم القيامة ولقد ذكر شيخ اإلسالم ـ رمحه اهللا

مستلزمة ألن الرؤية كون أن:" لك قولهالصفة من خالل قياس الغائب على الشاهد فمن ذ رمحه اهللا ـ حديث أيب ـ ذكرمث .. يكون اهللا جبهة من الرائي أمر ثبت بالنصوص املتواترة

:فهذا فيه مع إخباره أم يرونه يف جهة فهم من وجوه: بعدهوقالهريرة السابق رؤية ما ليس يف اجلهـة يكون جبهة فأما ماأن الرؤية يف لغتهم ال تعرف إال لرؤية : أحدها

. يدل عليهاللفظفهذا مل يكونوا يتصورونه فضال عن أن يكون هلم رؤيته برؤية الشمس والقمر وليس ذلك تـشبيها للمرئـي شبه… أنه : الثاين الوجه

والقمر وجب أن يرى يف جهـة الشمس رؤيته مثل رؤية كانت املعلوم أنه إذا ومنباملرئي يكن كذلك ال خـربهم برؤيـة مل الشمس والقمر كذلك فإنه لو من الرائي كما أن رؤية

…جهةمطلقة تناوهلاا على ما يتناول من يقول بالرؤية يف غري يكن مث حجاب منفصل عن مل رؤيته برؤية أظهر املرئيات إذا شبه… أنه : الثالث الوجه

…الرائي حيول بينه وبني املرئي مكان يكون ال إمنا… الضري ونفي… ”رؤيتهضارون يف ال ي ” أنه أخرب أم : الرابع الوجه يتـصور رؤية ما ليس جبهة من الرائي ال فوقه وال شيء من جهاته ال وهو… قه للرائي وحل

رؤية ما يواجه الرائي ويكون فوقه فإنه قـد يلحقـه خبالف ينفي ذلك حىت… فيها ضري كالـشمس وأمـا جلالئـه أما باالزدحام عليه أو كالل البصر خلفائه كاهلالل ضري… فيه

اشفع فيمد يل مث:" اهللا ـ حديث أنس يف الشفاعة وفيه رمحه ذكر الشيخ ـ مث… والقمر ادعو إليه الثانية فإذا رأيت ريب عز وجل وقعت أو خررت سـاجدا مثحدا فأدخلهم اجلنة

).١١/٤٤٥ (البخاري )١(

٤٥٦

احلديث قـال الـشيخ ـ فذكر" … يدعين مث يقال يل ارفع رأسك أنفيدعين ما شاء اهللا وهو النيب ـ صلى اهللا عليه وسـلم ـ يـراه الرائي فكون: "ه اهللا ـ بعد هذا احلديث رمح

مكان آخر ويعود إىل ذلك املكان دليل على أن املرئي يفوالرائي يف مكان وال يراه والرائي ال يكـون االختصاص الرائي يف مكان آخر وهذا كان إذايرى والرائي يف مكان وال يرى

ال ختصاص هلـا العلم من الرائي خبالف ما يسمونه رؤية فإا من جنس إال مبا يكون جبهة وسـلم ـ أن اهللا عليهفقد أخرب النيب ـ صلى اهللا … يكون الرائي يف مكان دون مكان

والداللة وهو ما يعلم به العالقةيرى يوم القيامة ملا سأله وسأله عن آية ذلك يف خلقه واآلية ـ ما يدل بطريقة قياس التنبيه وسلمالنيب ـ صلى اهللا عليه ويدل على جواز ذلك فذكر له

قياس الغائب على الـشاهد ممـا ورد يف يفواألوىل وقد قدمنا غري مرة أن مثل هذا القياس . )١(" …الكتاب والسنة

).٤١٤ ـ ٢/٤٠٩ (تيمية بيان تلبيس اجلهمية لشيخ اإلسالم ابن انظر )١(

٤٥٧

اخلامتة

والسالم على املبعوث خبامتة النبوات، والصالة هللا الذي بنعمته تتم الصاحلات، احلمد :وبعد

قياس الغائب على الـشاهد بعـدة يف انتهيت ـ وهللا احلمد واملنة ـ من حبثي فقد :نتائج أمهها

ميز اهللا به اإلنـسان وأن رده رد الذي أن قياس الغائب على الشاهد هو خاصية العقل ـ .للعقل وخاصيته

البحث عن عند الفرق الضالة ظنيا أن من أسباب جعل قياس الغائب على الشاهد دليال ـ من املخالفني، فيـتعلم املتلقـي الطعنالتميز عن اآلخرين فتصبح علومهم مسلمة والتقبل إىل عدم فهمه هلا ال أا ضـالة يف يردهعلومهم بنوع من التقديس وماكان فيها من ضالل

. حقيقتها . بل يف مستخدمهالشاهد أن السبب يف الضالل ليس يف قياس الغائب على ـ . العقليةاالستدالالتاس الغائب على الشاهد هو أصل مجيع صور أن قيـ . قياس األوىل ودليل اآلياتصورتني أن أهل السنة واجلماعة مل يقبلوا منه إال ـ . أن ضوابطه هي ضوابط العقيدة الصحيحةـ . ولغته واهلوىالقرآين أسباب الضالل تعود إىل البعد عن املنهج ـ . العلوم ال فرق بني علم وآخرأنواعى الشاهد يدخل يف مجيع أن قياس الغائب علـ الثابتة يف اخلـارج وإن مل تكـن احلقائق أن أمهية قياس الغائب على الشاهد هي إثبات ـ

.مشاهدة أو حمسوسة بذواا . أن مجيع أبواب العقيدة استخدم فيها قياس الغائب على الشاهدـ ل العقلية وجعل قياس الغائب على الـشاهد خطأ من تكلم عن صور االستدال ـ . من صورها موافقة للمتكلمني والفالسفةصورة

قد تناولتها يف طيات البحث فرعية رى هي أبرز نتائج البحث، وهناك نتائج أخ هذه .للصوابأرجو من اهللا العلي القدير أن أكون وفقت فيها

.واحلمد هللا رب العاملني املرسلني ربك رب العزة عما يصفون وسالم على سبحان

٤٥٨

تراجم األعالمملحق

)أ (

الدين السعادات جمد أبو اجلزري ، الشيباين بن حممد بن حممد بن عبد الكرمي املبارك )ابن أألثري (_ ١ عديدة منـها تصانيفكاتب ، له احملدث اللغوي األصويل ، وهو أخو ابن األثري املؤرخ ، وابن األثري ال

هـ وتويف ٥٤٤ ، ولد سنة وغريها" الرسول أحاديث األصول يف جامع "،" يف غريب احلديث النهاية" ) .٥/٢٧٢ (األعالم، ) ٢١/٤٨٨(السري . هـ ٦٠٦سنة ، تتلمذ على الشيخ عبدالرمحن بن ١٢٣٥ سنة شقراءامحد بن ابراهيم بن عيسى النجدي ، ولد يف _ ٢

، انظر ١٣٢٧ ، ومن كتبه شرح نونية ابن القيم ، تويف سنة بالتجارةابنه عبداللطيف ، اشتغل حسن ،و ) .٢٢٥ص ( االشاعرة منموقف ابن تيمية

ق م ، تأ ثرت بافكاره الفلسفة االسالمية ، مؤسـس ٣٨٤ ولد سنة ، يوناين فيلسوفارسطو ، _ ٣ ) .٣٤ص( ، املورد ٣٢٢ تويف سنة ،مذهب فلسفة املشائني

بن إبراهيم بن خملد احلنظلي التميمي املروزي ، أبو يعقـوب ابـن إسحاق):راهويهاسحاق بن (_ ٤تويف بنيسابور " . املسند" ، عامل خراسان يف عصره ، من كبار احلفاظ ، له مصنفات عديدة منها راهويه

) .١١/٣٥٨(، السري ) ١/٢٩٢(األعالم . ، االستاذ أبو اسحاق االسفراييين ،روى عنه البيهقي ابراهيممد بن بن حم ابراهيم )االسفراييين( _ ٥

) . ١٧/٣٥٣(، السري ٤١٨ وابن فورك ، تويف سنة الباقالينوالقشريي كان من معاصري عيهلة بن كعب العنسي املذحجي ، متنبئ مشعوذ من أهل الـيمن ، كـان ) : العنسي االسود( ـ ٦

).٥/١١١( هـ ، األعالم ١١سالم ، وادعى النبوة، تويف سنة جبارا ، أول من ارتد يف االبطاشاهـ ، من ٣٣٠ سنة وتويفهـ ٢٦٠علي بن إمساعيل اليماين ، ابو احلسن ، ولد سنة ): األشعري(ـ ٧

).١٥/٨٥( كتبه اإلبانة ، سري اعالم النبالء غوي ، تتلمذ على ، عامل ل ١٢٣ ، ولد سنة األصمعي سعيد عبدامللك بن قريب ابو )االصمعي( _ ٨

) .٢٠٥ -١٩٧/ ٢( ، إنباه الرواة ٢١٦ ، تويف سنة االضدادايب عمرو بن العالء ، من كتبه

وتعليما ق م ، كرس نفسه للفلسفة دراسة ٤٢٧ يوناين ، ولد يف اثينا سنة فيلسوف )افالطون ( _ ٩/ ٧( قصة احلـضارة انظر ، ق م ، ترك وراءه الكثري من االثار ٣٤٧، صاحب نظرية املثل ، تويف سنة

٤٩٠ -٤٦٨ . (

٤٥٩ بن أيب علي بن حممد الثعليب ، سيف الدين ، متكلم أشعري ، من كتبه يف علم علي )اآلمدي( _ ١٠سري أعالم . ( هـ ٦٣١هـ ، وتويف سنة ٥٥١، ولد سنة )غاية املرام (و ) أبكار األفكار : ( الكالم

) ٧/١٠٧نبالء ال

الشامية يف الفقه والزهد ، الديار الرمحن بن عمرو بن حيمد األوزاعي ، إمام عبد )األوزاعي ( _ ١١الـسري . هـ ١٥٧هـ وتويف يف بريوت سنة ٨٨ولد سنة " . املسائل" الفقه ، و يف" السنن"له كتاب

) .٣/٣٢٠(، األعالم ) ٧/١٠٧(بن حممد اإلجيي من أهل إيج بنواحي شرياز ، متكلم له يف الكالم بن عبدالرمحن حممد )اإلجيي( _ ١٢

)٦/١٩٥األعالم . ( هـ ٩٠٥هـ ، وتويف سنة ٨٣٢، ولد سنة )املواقف يف علم الكالم : ( )ب(

بكر ، قاضي ، متكلم أشعري ، أبو بن الطيب بن حممد بن جعفر الباقالين ، حممد )الباقالين (_ ١٣هـ وسكن بغداد ، له مـصنفات ٣٣٨ سنة البصرةة يف مذهب األشاعرة ، ولد يف انتهت إليه الرياس

. هـ ٤٠٣ تويف سنة ،" األوائل وتلخيص الدالئل متهيد "،" اإلنصاف "،" القرآن إعجاز"عديدة منها ) .١٧/١٠٩(السري ، فقيـه بالوالء ، أبو عبد الـرمحن العدوي بن غياث بن أيب كرمية عبد الرمحن املريسي بشر_ ١٤

القائلة باإلرجاء وقال برأي اجلهمية ، قيل كان أبوه املريسيةمتكلم معتزيل يرمى بالزندقة ، رأس الطائفة الـسري " . علـى بـشر املريـسي النقص" ، رد عليه اإلمام الدارمي بكتاب تصانيفيهوديا ، قيل له

) .٢/٥٥(، األعالم ) ١٠/١٩٩(ل البكري القرطيب ، ابو احلسن ، عامل باحلديث ، من كبار علي بن خلف بن بطا ): بطالابن ( ـ ١٥

).٤٧/ ١٨( هـ ، السري ٤٤٩ ، له شرح على البخاري ، تويف سنة املالكية

، أبو منـصور ، لـه اإلسفراييين القاهر بن طاهر بن حممد البغدادي التميمي عبد )البغدادي (_ ١٦ ،ت ويف يف إسـفرائني سـنة وغريهـا " الفـرق بني الفرق "،" الدين أصول: "مصنفات عديدة منها

) .٤/٤٨(، األعالم ) ١٧/٥٧٢(السري . هـ ٤٢٩ أبو حممد البغوي ، نـسبه إىل ، بن مسعود بن حممد ، الفراء ، أو ابن الفراء احلسني )البغوي ( _ ١٧

،" الـسنة شـرح " له مصنفات منها ،هـ ، فقيه حمدث مفسر ٢٣٦بغا من قرى خراسان ، ولد سنة هـ مبرو الروذ ٥١٠تويف سنة . ذلك وغري" السنة مصابيح" ، التفسري يف" باب التأويل يف معامل الترتيل ل

) .١٩/٤٣٩(السري . بكر ، من أئمة احلديث ، شـافعي ، ولـد سـنة أبو بن احلسني بن علي ، أمحد) البيهقي ( -١٨ السنن: "كثري من املؤلفات منها باالختالف ، صنف ال معرفةهـ ، أشعري ، واسع االطالع ، ذا ٣٨٤

٤٦٠

تويف سـنة . ذلك وغري" االعتقاد "،" املبسوط "،" والصفات األمساء "،" الصغرى السنن "،" الكربى ) .١٨/١٦٣(السري . هـ ٤٥٨

)ت(( له يف الكالم .حنفي بن عمر بن عبد اهللا ، سعد الدين ، متكلم ماتريدي مسعود )التفتازاين ( -١٩

األعـالم ( هــ ٧٩٢هـ ، و تويف سنة ٧٢٢، ولد سنة )شرح العقائد النسفية ( و )شرح املقاصد ٤١٠/ ١٠( بن علي بن القاضي حممد حامد بن حممد صابر الفاروقي ، حنفي ماتريـدي حممد )التهانوي ( -٢٠

). ٦/٢٩٥األعالم . ( هـ ١١٥٨تويف بعد ) كشاف اصطالحات الفنون ( صنف ،وباحث هندي

)ث( سعيد بن مسروق الثوري من بين ثور بن عبد مناه من مضر ، أبو عبد اهللا بن سفيان) لثوري ا( -٢١

وراودههــ ، ٩٧ يف احلديث ، سيد أهل زمانه ف يعلوم الدين والتقوى ، ولد سـنة املؤمنني، أمري مث واملدينـة مكةهـ ، فسكن ١٤٤املنصور العباسي على أن يلي احلكم ، فأىب وخرج من الكوفة سنة هـ ، كان آية ف يـاحلفظ ، ١٦١طلبه املهدي ، فتوارى وانتقل إىل البصرة فمات فيها مستخفيا سنة

ف كالمهـا " الصغرياجلامع "،" الكبرياجلامع: "ماحفظت شيئا فنسيته ، له من املصنفات : من كالمه ) .١٠٥-٣/١٠٤(، األعالم ) ٧/٢٢٩(السري " . الفرائض"ياحلديث ، وكتاب

)ج( األصول (( بن عبدالواهاب البصري ، شيخ املعتزلة ، صنف يف الكالم كتاب حممد )اجلبائي ( -٢٢ ) ١٤/١٨٣سري أعالم النبالء . ( هـ٣٠٣ سنةوغريمها ، تويف )) والصفات واألمساء(( و )) مـن ةاللغعبدالقاهر بن عبدالرمحن اجلرجاين ، واضع أصول البالغة وكان من ائمة ): اجلرجاين(ـ ٢٣

).٤/٣٢( هـ ، األعالم ٤١٧كتبه اسرار البالغة ،تويف سنة بن حممد بن علي ، أبو احلسن احلسيين ، يعرف بالسيد الـشريف ، حنفـي علي )اجلرجاين ( -٢٤

الالمـع الضوء ( تويف ومل يبلغ األربعني ، )) التعريفات (( و )) شرح املواقف (( ، له متكلمماتريدي ٣/٣٢٨ ( األشـارات حممد بن علي اجلرجاين ، يلقب بابن الشريف اجلرجاين ، له كتـاب ) : رجايناجل(ـ ٢٥

).٦/٢٨٨( األعالم ،هـ ٨٣٨والتنبيهات يف البالغة والرشاد يف شرح اإلرشاد ، تويف ومل درهم ، مؤدب مروان احلمار ، هو أول من ابتدع أن اهللا ما اختذ إبراهيم خليال ، بنـ اجلعد ٢٦

)٥/٤٣٣ النبالءسري أعالم . ( سى تكليما ، زنديق هالك ، قتله خالد النسري يوم النحريكلم مو

٤٦١ النحوي اللغوي ، من احـذق اهـل االدب املوصلي بن جين ، ابو الفتح عثمان ) جين ابن( _ ٢٧

/ ٢( ، انظر انباه الرواة يف أنبـاه النحـاة ٣٩٢ ، تويف النحوواعلمهم بالنحو ، من كتبه اخلصائص يف ٣٣٥. (

، أبو حمرز الراسيب ، من موايل بين راسب رأس اجلهمية ، قتله نصر السمرقندي جهم بن صفوان -٢٨ .، األعالم ) ٦/٢٦(السري . هـ ، وقيل قتله سلم بن أحور على شط ر بلخ ١٢٨ سنةبن يسار

وله" الصحاح"تاب محاد التركي اجلوهري ، أبو نصر إمام اللغة ، له ك بن إمساعيل)اجلوهري ( -٢٩ من خـشب جناحني يف النحو ، مات مترديا من سطح داره عندما صنع ومقدمة" العروض" يف كتاب

أن ماأصابه بسبب ويقال. هـ ٣٩٣وتأطبهما وض ما فخانه اختراعه فسقط إىل األرض قتيال سنة ) .١/٣١٣(، األعالم ) ١٧/٨٠(السري . السوداء

بن عبد اهللا بن يوسف بن حممد اجلويين ، أبو املعايل ، ركن الدين امللقب امللك عبد) اجلويين ( -٣٠ النظامية املدرسةهـ ، بىن له الوزير نظام الدين ٤١٩ احلرمني ، شافعي متكلم أشعري ، ولد سنة بإمام

النظاميـة يف األركـان العقيـدة : "وكان حيضر دروسه أكابر العلماء ، له العديد من املصنفات منها . هــ ٤٧٨تويف بنيسابور سنة . ذلك وغري" األمم والتياث الظلم غياث "،" اإلرشاد "،" سالميةاإل

) .٣/١٦٠(األعالم ) ١٨/٤٦٨(السري

)ح( الوراق ، شيخ احلنابلة وفقيههم ، ابو عبداهللا البغدادي بن حامد بن مروان احلسن ) حامد ابن( _ ٣١ ) .٢٠٤-٢٠٣/ ١٧( ، انظر السري ٤٠٣ احلج ، تويف سنة ويكثران يتقوت من النسخ ، ، ك ، حجر بن علي بن حممد الكناين العسقالين ، أبو الفضل ، شهاب الدين ، ابن أمحد )حجرابن ( -٣٢

املصنفات منها منهـ ، له العديد ٧٧٣من أئمة العلم والتاريخ ، حافظ اإلسالم يف عصره ، ولد سنة من وغريها" الباري فتح "،" التهذيب ذيب "،" امليزان لسان "،" الكامنة يف أعيان املئة الثامنة الدر: "

القرن التاسـع ألهلالضوء الالمع . هـ ٨٥٢ احلديثية والتارخيية النافعة ، تويف بالقاهرة سنة املصنفات ) .١/١٧٨(، األعالم ) ٢/٣٦(لشمس الدين حممد بن عبد الرمحن السخاوي

أبو سعيد ، تابعي ، كان إمام أهل البصرة وحرب األمة يف عصره ، ولد البصرياحلسن بن يسار _ ٣٣ شب يف كنف علي بن أيب طالب ، كان يدخل على الوالة فيأمرهم وينهاهم ، الخياف ،هـ ٢١سنة ) .٢/٢٢٦(، األعالم ) ٤/٥٦٣(السري . هـ ١١٠ لومة الئم ، تويف سنة احلقيف

٤٦٢ تـصفح ( بن علي بن الطيب ، متكلم معتزيل ، صنف يف الكالم حممد ) البصري احلسنبو أ ( -٣٤

سـري أعـالم . ( هـ ، وقد شاخ ٤٣٦ تويف سنة ،) املعتمد يف أصول الفقه ( ويف األصول ) األدلة ) ١٧/٥٨٧النبالء تدعى فرقةب إليه الرحيم بن حممد بن عثمان ، متكلم معتزيل ، تنسعبد ) اخلياط احلسنيأبو ( -٣٥

)١٤/٢٢٠سري أعالم النبالء . ( هـ ٣٠٠، وتويف سنة ) االنتصار ( ، صنف يف الكالم ) اخلياطية ( )خ(

وتويف بتونس، ٧٣٢ ، املؤرخ الكبري ، ولد سنة االشبيلي بن حممد عبدالرمحن ) خلدون ابن( _ ٣٦ ).٧٧-٧/٧٦( ،اشتهر مبقدمة تارخيه،انظر شذرات الذهب ٨٠٨سنة اليحمدي ، أبو عبد الرمحن ، من أئمة اللغة األزدي بن أمحد بن عمرو بن متيم الفراهيدي اخلليل_ ٣٧

هـ ، له كتـاب ١٠٠ سيبويه النحوي ولد يف البصرة سنة أستاذواألدب وواضع علم العروض ، وهو تسهله على العامة ، اباحلس يف ابتكار طريقة يف وفكر" العروض "،" احلروف معاين" ، اللغة يف" العني"

سبب وفاته ، وكان ذلـك سـنة فكانتفدخل املسجد وهو يعمل فكره ، فصدمته سارية وهو غافل ) .٢/٣١٤(، األعالم ) ٧/٤٢٩(السري . هـ ١٧٠ ولـه بن امحد بن عبداهللا بن خويزمنداد ،ابوبكر ، مالكي املـذهب ، حممد )خويزمندادابن (_ ٣٨

) .٧٨-٧/٧٧ (املداركن جيانب الكالم مجلة ، وينافر اهله ، انظر ترتيب اختيارات ختالف مذهبه،وكا )د(

سليمان ، امللقب بالظاهري ، تنسب أبو بن علي بن خلف األصبهاين ، داود )داود الظاهري ( -٣٩مسيت بـذلك . هـ ٢٧٠ ، وتويف يف بغداد سنة الكوفةهـ يف ٢٠١إليه الطائفة الظاهرية ، ولد سنة

، ) ١٣/٩٧(الـسري . عن التأويل والـرأي والقيـاس واإلعراض باألخذ بظاهر الكتاب والسنة لقوهلا ) .٢/٣٣٣(األعالم

)ر( بن عمر بن احلسني بن علي القرشي التيمي ، فخر الدين ، متكلم أشعري ، له حممد )الرازي( _ ٤٠ ، ولـد بالسحرغريها ، واشتغل و)) أساس التقديس (( ، و )) األربعني يف أصول الدين (( الكالميف

)٢١/٥٠٠سري أعالم النبالء .( هـ ٦٠٦هـ ، وتويف سنة ٥٤٤سنة بن امحد بن رجب احلنبلي ، صنف شرح البخـاري ، ووصـل إىل عبدالرمحن )رجبابن ( _ ٤١

ة يف شرح األربعني النووية وغريها ، تويف سـن )) جامع العلوم واحلكم (( ، وله يتمهكتاب اجلنائز ومل )١/٣٢٨البدر الطالع . ( هـ ٧٩٥

٤٦٣ بن امحد بن حممد بن رشد األندلسي الفيلسوف ، أبو الوليد ، ولـد سـنة حممد )رشدابن ( _ ٤٢يف الرد على الغـزايل ، وتـويف سـنة )) افت التهافت (( عن الفالسفة يف تصنيفه ودافعهـ ٥٢٠ )٢١/٣٠٧سري أعالم النبالء .( هـ ٥٩٥اعر حداثي ، صاحب نظرية موت املؤلف وموت القاري ، له تأثري يف افكـار ، ش بارتروالن _ ٤٣ ) .٦٠ص ( العرب من احلداثيني ، نقاد احلداثة النقاد

)ز ( هـ ، من مؤلفاته الكـشاف ، ٤٦٧ بن عمر ، معتزيل العقيدة ، ولد سنة حممود )الزخمشري( _ ٤٤

) ٢٠/١٥١ أعالم النبالء سري. ( هـ ٥٣٨ احلديث ، تويف سنة غريبوالفائق يف هــ نـزل ٥٠ بن عبيداهللا بن عبداهللا بن شهاب املدين ، ولد سنة لم بن مس حممد )الزهري( _ ٤٥

)٥/٣٢٦سري أعالم النبالء .( هـ ١٢٤ سنة وتويفالشام ، )س(

، ٦١٣ ان صوفيا على قواعد الفالسفة ،ولد سنة االشبيلي، احلق بن ابراهيم عبد ) سبعني ابن( _ ٤٦ ) .٤/٥١( الوضعية ، االعالم احلروف ، من كتبه ٦٦٨وتويف سنة

، قاضي القضاة ، املؤرخ نصر الوهاب بن علي بن عبد الكايف السبكي ، أبو عبد )السبكي ( _ ٤٧ يف الشام ، جرى عليه العديـد مـن القضاةهـ ، انتهى إىل قضاء ٧٢٧الباحث ، ولد يف القاهرة سنة

). ١٨٤ وغـري " اجلوامع مجع "،" النعم ومبيد النقم معيد "،" الشافعية طبقات"انيف احملن ، له من التص /٤(األعالم . هـ ٧٧١تويف سنة . ذلك سنةعلي بن عبدالكايف السبكي األنصاري ، ابو احلسن، والد التاج السبكي ، ولد ): السبكي( ـ ٤٨ ).٤/٣٠٢( عالم هـ من كتبه الكاقية يف األعتقاد ، األ٧٥٦هـ وتويف سنة ٦٨٣

بالوالء الكويف ، أبو عبد اهللا ، تابعي ، كان أعلمهم على اإلطالق وهو األسديسعيد بن جبري _ ٤٩ إذاهـ ، أخذ العلم عن عبد اهللا بن عباس وابن عمر ، كان ابن عبـاس ٤٥ ، ولد سنة األصلحبشي

مع عبد الرمحن بن خرج. ين سعيدا أتسألونين وفيكم ابن أم دمهاء؟ يع : أتاه أهال الكوفة يستفتونه قال ذهب سعيد إىل مكة فقبض عليـه الرمحنحممد بن األشعث على عبد امللك بن مروان ، فلما قتل عبد

هـ ، قال اإلمام أمحد قتل احلجاج سـعيدا ٩٥ سنةوأرسله إىل احلجاج فقتله ) خالد القسري (واليها ) .٣/٩٣(عالم األ. علمه إىلوماعلى وجه األرض أحد إال وهو مفتقر

ق م ، حمور فلسفته معرفة االنـسان نفـسه ، حـارب ٤٧٠ فيلسوف يوناين ، ولد ،سقراط _ ٥٠ ) . ٣٥٨ص ( ق م ،من تالميذه افالطون ، املورد ٣٩٩ بشرب السم سنة ماتالسفسطة ،

٤٦٤ يلي ، له السكوين ، التونسي املغريب االشب امحد على عمر بن حممد بن حممد بن ابو )السكوين (_ ٥١

) .١١٤-١١١ص ( حتقيق حلن العوام مقدمة ، انظر ٧١٧عدة مؤلفات ، تويف سنة بدعة زرع سوسن البقال ، كان نصرانيا فأسلم مث تنصر ، وهو الذي ويقال ) النصراين سوسن( _ ٥٢

) .٢٢٦/ ١٠ (التهذيبوذيب ) ٢٤٢ص (إنكار القدر يف عقل معبد اجلهين فنشرها ، الشريعة الضرير ، امام اللغة ، صاحب كتاب احملكم يف املري احلسن علي بن امساعيل ابو ) سيده ابن( _ ٥٣

) . ١٤٤/ ١٨( ، السري ٤٥٩ بذكائه ، تويف سنة املثللسان العرب ، واحد ممن يضرب

ين ، إمام وقته يف علوم الد بكر بن سريين البصري األنصاري بالوالء ، أبو حممد )ابن سريين ( _ ٥٤هـ ، تفقه وروى احلديث واشتهر بتعبري ٣٣ سنةبالبصرة ، تابعي من أشراف الكتاب ، ولد يف البصرة

له ، وليس" الكالم يف تفسري األحالم منتخب" وكذلك كتاب ،" الرؤيا تعبري"الرؤيا ، ينسب له كتاب ) .٦/١٥٤(، األعالم ) ٤/٦٠٦(هـ يف البصرة السري ١١٠ سنة تويف بن احلسن بن سينا ، املاقب بالشيخ الرئيس ، طبيـب عبداهللا علي احلسني بن ابو )نا سي ابن( _ ٥٥

االصل ، كان ابوه من دعاة االمساعيلية ،فنشأ نشأة باطنيـة وهوفارسي ، ٣٧٠وفيلسوف ، ولد عام يد اخلوارزمي واملسيحي عيسى بن حيـىي ، اعـتىن بارسـطو ، انظـر الـسري علىفلسفية ، تتلمذ

)٥٣٧-١٧/٥٣١ . ( جـالل بن ايب بكر بن حممد اخلضريي الطولوي املصري الـشافعي ، عبدالرمحن ):السيوطي( _ ٥٦

/ ١( الطـالع البدر ، ٩١١الدين السيوطي ، عامل مشارك يف انواع العلوم،من كتبه املزهر، تويف سنة ٣٢٨ . (

)ش( ، عامل أصويل ، صـنف يف املالكيطي بن مسعود بن حممد اللخمي الغرنا ابراهيم )الشاطيب( _ ٥٧

)١/٧١األعالم . ( هـ ٧٩٠تويف ) االعتصام ( العقيدة ، شهاب الدين ، ولد سـنة املقدسي بن امساعيل بن ابراهيم بن عثمان عبدالرمحن )شامةأبو ( _ ٥٨فـة ضوء الساري إىل معر ( ، و ) واحلوادثالباعث على إنكار البدع ( هـ ، صنف يف العقيدة ٥٩٩

)٥/١٦ الشافعيةطبقات . ( هـ ٦٦٥، تويف سنة ) رؤية الباري

الشنقيطي ، مفسر ، مدرس اجلكين األمني بن حممد املختار بن عبد القادر حممد )الشنقيطي ( _ ٥٩هـ واستقر باملدينـة املنـورة ١٣٦٧ عامهـ ، وحج ١٣٢٥من علماء شنقيط ، ولد وتعلم ا سنة

هــ ، لـه مـن ١٣٩٣ املنورة تويف مبكة سنة باملدينة اجلامعة اإلسالمية مدرسا مث الرياض وأخريا يف ذلك وغري" واملناظرة البحث آداب "،" جواز ااز منع "،" القرآن تفسري البيان يف أضواء: "املصنفات

) .٦/٤٥(األعالم .

٤٦٥

سفة اإلسـالم ، بن عبد الكرمي بن أمحد أبو الفتح الشهرستاين ، من فال حممد )الشهرستاين ( _ ٦٠ يف ولـد إماما يف علم الكالم وأديان األمم ومذاهب الفالسفة ، يلقب باألفـضل ، أشـعري ، كان

اإلقدام يف اية "،" والنحل امللل"هـ ، له من املصنفات ٤٧٩سنة ) بني نيسابور وخوارزم (شهرستان السري . صاحب التصانيف شيخ أهل الكالم واحلكمة و . هـ ٥٤٨ ذلك ، تويف سنة وغري" علم الكالم

) .٦/٢١٥(، األعالم ) ٢٨٨-٢٠/٢٨٦( جمتهد من كبار علماء اليمن فقيه بن علي بن حممد بن عبد اهللا الشوكاين ، حممد )الشوكاين ( _ ٦١

، ويل قضاء صنعاء سنة ) خوالن باليمن بالدمن (هـ جرة شوكان ١٧٣، من أهل صنعاء ، ولد سنة األوطار من أسرار منتقـى نيل" مؤلفا منها ١١٤ قرابة، له من املؤلفات هـ ومات حاكما ا ١٢٢٩ ،" املوضوعة األحاديث اموعة يف الفوائد "،" الطالع مبحاسن من بعد القرن السابع البدر "،" األخبار

) ٢/٢١٤(البدر الطالع . هـ ١٢٢٩تويف سنة . ذلك وغري" اجلرار املتدفق على حدائق األزهار السيل" ) .٦/٢٩٨(األعالم ،

)ص( عسل ، ويقال ابن سهل احلنظلي ،له إدراك ، وله قصة مشهورة مع عمر بن اخلطـاب بنصبيغ _ ٦٢

) ٢/١٩٨اإلصابة . ( عنه عندما كان يتبع املتشابه اهللارضي )ض(

عالماأل هـ، ١٩٠ عمرو الغطفاين ، من كبار املعتزلة ، وله طائفة تنسب إليه تويف حنو بنـ ضرار ٦٣)٣/٢١٥. (

)ط( له ،م ١٢٠١ الدين ابو عبداهللا حممد بن حممد الطوسي ،فيلسوف ، ولد سنة نصري )الطوسي( _ ٦٤

ص ( م ، املورد ١٢٧٣مؤلفات يف الفلسفة والطب وعلم اهليئة ، من كتبه شرح االشارات ، تويف سنة ٤٣٩ . (

)ع(

النمري القرطيب املالكي أبو عمر ، من الرب حممد بن عبد بن عبد اهللا بن يوسف )ابن عبد الرب ( _ ٦٥هــ ، ٣٦٨ يقال له حافظ املغرب ، ولد بقرطبة سنة ،كبار حافظ احلديث ، مؤرخ ، أديب ، حباثة

االستيعاب "،" يف اختصار املغازي والسري الدرر: " من املصنفات لهويل القضاء يف لشبونة وشنترين ، ذلك وغري" املوطأ من املعاين واألسانيد يف ملا التمهيد "،" بيان العلم وفضله امعج "،" أمساء الصحابة يف ) .٨/٢٤٠(، األعالم ) ٣/١٥٠( العلوم أجبدالسري ، . هـ ٤٦٣تويف بشاطبة سنة .

٤٦٦ ، متكلم معتزيل ، احلسني عبداجلبار بن امحد بن عبداجلبار ، أبو القاضي ) اهلمداين اجلبارعبد ( _ ٦٦

شرح األصول (( ، و )) والتوحيد العدلاملغين يف أبواب (( تزلة يف عصره ، صنف يف الكالم شيخ املع ) ٣/٢٧٣األعالم . ( هـ ٤١٥، تويف سنة )) اخلمسة

بن حممد االندلسي االشبيلي املالكي االمام العالمة عبداهللا بكر حممد بن ابو ) العريب ابن( _ ٦٧ ) .٢٠٤-١٩٧/ ٢٠( ، انظر السري ٥٤٣فنون ، تويف سنة عدةاحلافظ القاضي ، برع يف

عالمة صـاحب تواليـف ، الدين ابوبكر حممد بن علي بن حممد الطائي حميي ) ابن عريب ( _ ٦٨ ).٤٨/ ٢٣( ، السري ٦٣٨ سنة تويفكثرية ، من كتبه فصوص احلكم ابرز فيه عقيدة وحدة الوجود ،

، من كتبـه ١٩١٧ي مصري ، ومؤرخ للفلسفة ، ولد سنة بدوي ، فيلسوف وجود عبدالرمحن_ ٦٩ ) .٢٩٤/ ١( الوجودي ، موسوعة الفلسفة الزمان ، تتلمذ ٥٧٧ بن عبدالسالم السلمي الشافعي ، ولد سنة عبدالعزيز )العز بن عبدالسالم ( _ ٧٠

قواعدتبه عساكر وغريه ، ومن تالميذه ابن دقيق العيد ، لفب بسلطان العلماء ، من كابنعلى ) .٢/٣٥٠( ،انظر فوات الوفيات ٦٦٠االحكام، تويف سنة

عبد القيس ، أبـو اهلـذيل موىل بن اهلذيل بن عبد اهللا بن مكحول العبدي ، حممد )العالف ( -٧١" ميالس"هـ ، له من الكتب ٢٣٥ سنة بسامراءهـ ، من أئمة املعتزلة ، تويف ١٣٥العالف ، ولد سنة

، لـسان امليـزان )١/٤٨٠(وفيات األعيـان ، )٧/١٣١ (األعالم. م على يده اسم جموسي أسل على)٥/٤١٣. (

تويف ، بن طاهر ، ابو احلسني بن مصعب ، االمري العادل ، ابو العباس ، حاكم خراسان عبداهللا_ ٧٢ ) .٦٨٤/ ١٠السري ( سنة ، ٤٨ ، وله ٢٣٠سنة الناسين النحوي القاري ، ثقة ، كان من اعلم عمار العريان املازبن ) بن العالء عمروابو (_ ٧٣

) . ٤١٠-٦/٤٠٧( ، السري ١٥٤بالقران والعربية والشعر ، تويف سنة عثمان البصري ، معتزيل ضال ، صاحب واصل بن عطاء يف بدعه املرتلة أبو ) عبيد بنعمرو ( _ ٧٤

) ٦/١٠٤سري أعالم النبالء ( هـ ١٤٣ تويف سنة ،بني املرتلتني ، وتويف سنة ٤٧٦ موسى بن عياض اليحصيب األندلسي ، السبيت املالكي، ولد سنة بنعياض _ ٧٥ ) .٢٠/٢٢٢السري (، ٥٤٤ منون الشامي ، عامل أزهري ، درس يف االزهر وكان شيخا لرواق الشام ، ومن هيئـة بنعيسى _ ٧٦ـ كبار ، ١٣٧٦ول ، تـويف سـنة العلماء ، من كتبه نرباس العقول يف حتقيق القياس عند علماء االص

) . ١٠٩/ ٥( االعالم )غ(

حامد ، حجة اإلسالم ، فيلسلوف أبو بن حممد بن حممد الغزايل الطوسي ، حممد - )الغزايل ( _ ٧٧ افـت "،" علوم الدين إحياء" منها املصنفاتهـ ، له الكثري من ٤٥٠، ولد سنة ) أشعري(متصوف

٤٦٧

تويف يف . ذلك كثري وغري" الباطنية فضائح "،" من الضالل املنقذ "،" تقاد يف االع االقتصاد "،" الفالسفة ) .٣٤٦-١٩/٣٢٢(، السري ) ٧/٢٢(األعالم . هـ ٥٠٥الطابران خبرسان سنة

، أبو مروان ، كاتب من البلغاء تنسب إليه فرقة الغيالنية من القدرية الدمشقيـ غيالن بن مسلم ٧٨ بالقـدر القولعا إليه ، مل يسبقه سوى معبد اجلهين ، قيل أنه تاب عن من تكلم يف القدر ود ثاينوهو

امللك وأحضر األوزاعـي عبدعلى يد عمر بن عبد العزيز فلما مات عمر جاهر مبذهبه فطلبه هشام بن األعـالم . هــ ١٠٥ وذلك سـنة بدمشقملناظرته ، فأفىت األوزاعي بقتله فصلب على باب كيسان

) .٤/٤٢٤(ان ، لسان امليز) ٥/١٢٤(

)ف( ، فيلسوف، تتلمذ على ٢٦٠ ، ولد سنة الفارايب نصر حممد بن حممد بن طرخان ابو )الفارايب (_ ٧٩

املوسيقى ، اهتم بالفلسفة اليونانية ، من كتبه فصوص احلكم ، تـويف سـنة يفمىت بن يونس ، وبرع ) .١٥/٤١٦( السري انظر ، ٣٣٩ ابـو التصانيف ، صاحب النحوي العالمة الكويفسدي ، موالهم ، بن زياد األ حيىي )الفراء (_ ٨٠

) .١٢١-١١٨/ ١٠(، السري ٢٠٧زكريا ، تويف سنة التميمي البغدادي احلنبلي ، االمـام الفقيـه ، عبدالعزيز بن عبدالواحد ) الفضل التميمي ابو( _ ٨١

) .٢٧٣/ ١٧(، السري ٤١٠رئيس احلنابلة ، تويف سنة

حممد بن احلسن بن فورك األنصاري األصبهاين ، أبو بكـر ، فقيـه شـافعي - )رك ابن فو ( _ ٨٢كـان : هـ ، يقال قتله حممود بن سبكتكني بالسم ، لقولـه ٤٠٦ مقتله سنة وكانومتكلم أشعري

: منـها املـصنفات يف حياته فقط ، وإن روحه قد بطل وتالشى ، له العديد من رسوال Jرسول اهللا السري . ذلك وغري" احلدود" ألفه للنظام امللك ، الدين أصول يف" النظامي "،" ريبه احلديث وغ مشكل" ) .٦/٨٢ (األعالم، ) ١٧/٢١٤(

ورياضي يوناين،ولد يف القرن السادس قبل امليالد ، قال بتناسخ االرواح فيلسوف )فيتاغورس (_ ٨٣ ) . ٥٣٥ص ( حركة الكون على االرقام ، املورد وبقيام بن يعقوب الشريازي ، عامل لغوي ، ولـد سـنة حممد طاهر جمد الدين ابو ) ابادي فريوزال( _ ٨٤/ ٢( ، البدر الطالع ٨١٧ كتبه القاموس احمليط ، تويف سنة اشهر ، من مؤلفي قواميس اللغة ، من ٧٢٩٢٨٥ -٢٨٠ . (

٤٦٨

)ق(، فقيه شافعي مفسر، أشـعري سليمان بن ناصر بن عمران األنصاري ): األنصاريالقاسمابو ( ـ ٨٥

).٣/١٣٧( هـ، األعالم ٥١٢ ، وكان زاهدا متصوفا، من كتبه شرح اإلرشاد ، تويف سنة العقيدة

األندلسي أبـو عبـد اهللا اخلزرجي بن أمحد بن أيب بكر بن فرح األنصاري حممد )القرطيب ( _ ٨٦ل إىل مصر واستقر يف أسيوط وتويف ا ، رح قرطبةالقرطيب ، من كبار املفسرين ، صاحل متعبد من أهل

التذكرة "،" يف شرح أمساء اهللا احلسىن األسىن" " ألحكام القرآن اجلامع: "هـ ، من مصنفاته ٩٧١سنة ) .١/٣٢٢(السري ، األعالم . ذلك وغري" بأحوال املوتى وأحوال اآلخرة

اديب ، يعرف باخلطيـب ، ،ي بن عبدالرمحن ، جالل الدين ، فقيه شافع حممد )القزويين ( _ ٨٧ ) .٦/١٩٢( ، من كتبه االيضاح ، االعالم ٧٣٩تويف سنة

أبو القاسم صويف أشعري ، اخلرساين الكرمي بن هوازن بن عبد امللك بن طلحة عبد )القشريي (_ ٨٨ولد سـنة بالرسالة القشريية يف التصوف ، املعروفة" الرسالة "،" احلسىن األمساء"له من املصنفات شرح

).١٨/٢٢٧(السري . هـ ٤٩٥ سنة وتويفهـ ، ٣٧٥هـ ، ٥٣٥هـ وتويف سنة ٤٥٧امساعيل بن حممد القرشي االصبهاين ، ولد سنة ): السنةقوام ( ـ ٨٩ ).٣٢٣/ ١( احلجة يف بيان احملجة ،األعالم كتبهمن

عبد اهللا ، مشس ، أبو الدمشقي بن أيب بكر بن أيوب بن سعد الزرعي حممد )ابن القيم ( _ ٩٠ ، مولده ووفاته يف دمشق ، تتلمذ لـشيخ العلماءالدين ، من أركان اإلصالح اإلسالمي ، وأحد كبار

وأطلق بعد موت ابن تيمية ، له الكثري من املصنفات منها دمشقاإلسالم ابن تيمية وسجن معه يف قلعة العليل يف مسائل القضاء شفاء "،" اد العب املعاد يف هدي خري زاد "،" عن رب العاملني املوقعني إعالم: "

) .٦/٥٦(األعالم . ذلك كثري وغري" اللهفان إغاثة "،" والقدرة واحلكمة والتعليل

)ك(

مث الدمشقي ، أبـو البصروي بن عمر بن كثري بن ضو بن درع القرشي إمساعيل )ابن كثري ( _ ٩١ العديد من املصنفات النافعة منـها لههـ ، ٧٠١ء ، عماد الدين ، حافظ مؤرخ فقيه ، ولد سنة الفدا

صحيح شرح "،" احلديث علوم اختصار" " املسانيد جامع "،" والنهاية البداية "،" القرآن الكرمي تفسري" ) .١/٣٢٠(األعالم . هـ ٧٧٤تويف سنة . يكمله وغري ذلك ومل" البخاري

اليت بن امحد الكعيب البلخي اخلرساين ، أحد ائمة املعتزلة وكان رأس الكعبية عبداهللا): الكعيب( ـ ٩٢ ).٤/٦٥( هـ ، األعالم ٣١٩ هـ وتويف سنة ٢٧٣تنسب إليه ،ولد سنة

٤٦٩ ،فيلسوف العرب ١٨٥ ، ولد يف الكوفة سنة الكندي يوسف يعقوب بن اسحاق ابو )الكندي( _ ٩٣

) .١٢/٣٣٧( السري اليونانية،انظرة ، اهتم بالفلسف٢٦٠، تويف سنة )ل(

اهللا بن احلسن بن منصور الطربي الرازي ، أبو القاسم الاللكـائي ، حـافظ هبة )الاللكائي ( _ ٩٤ أهل اعتقاد أصول شرح" فقهاء الشافعية من أهل طربستان ، له العديد من املصنفات منها منللحديث

األعـالم . هــ ٤١٨ بالدينور سـنة تويف ذلك ، وغري" رجال الصحيحني أمساء "،" السنة واجلماعة )٨/٧١. (

)م(

تنسب ( ، من أئمة علماء الكالم املاتريدي بن حممد بن حممود ، أبو منصور حممد) املاتريدي ( _ ٩٥التوحيد ، تأويالت أهل السنة ، شـرح الفقـه : منها املصنفات، له العديد من ) إليه الطائفة املاتريدية

) .٧/١٩(األعالم . هـ ٣٣٣ سنةتويف . ، وغريها األكرب ، ومن كتبـه ٨٤٠ ، اول املهدية باليمن ، تويف سنة املرتضى بن حيىي بن امحد ) املرتضى ابن( _ ٩٦

) .١/٢٢٤( ، كشف الظنون واالملالبحر الزخار ، واملنية

هـ ٢٢٤تهد اإلمام ، ولد سنة املفسر ا املؤرخ بن جرير بن يزيد الطربي ، أبو جعفر ، حممد_ ٩٧ بتاريخ الطربي ، وله ويعرف" الرسل وامللوك أخبار: " منها املصنفاتيف آمل طربستان ، له العديد من

السري . هـ ٣١٠ يف بغداد سنة تويف ذلك ، وغري" الفقهاء اختالف" تفسري القرآن ، يف" البيان جامع")١٤/٢٦٧. (

هـ وتـويف سـنة ١٢٤٨جي البخاري ، ابو الطيب ، ولد سنة خان احلسيين القنو صديقحممد _ ٩٨ ).٦/١٦٨( كتبه الروضة الندية ، وعون الباري ، األعالم منهـ ١٣٠٧ اجلابري، استاذ يف الفلسفة والفكر االسالمي يف كليـة اآلداب بالرباط،ولـد عـام عابدحممد _ ٩٩

.العريبف كتابه بنية العقل م ، من كتبه تكوين العقل العريب ، انظر ترمجته على غال١٩٣٦ ، ولد مبـصر سـنة املصريةـ حممد عبده بن حسن بن خري اهللا من آل التركماين ، مفيت الديار ١٠٠هـ ١٣٢٣ العقلية احلديثة ، تويف سنة املدرسةهـ التلميذ البار جلمال الدين األفغاين ، من رواد ١٢٦٦

) . ٢٥٢/ ٦األعالم . ( م يف سوهاج ، كان ذكيا ومنافحا عن اللغـة العربيـة ، ١٩٢١لد عام حسني ، و حممدحممد _ ١٠١ ترمجته يف انظر م ، من كتبه االجتاهات الوطنية يف األدب املعاصر ، ١٩٨٢ اهلدامة ، تويف التيارتوضد

. مقدمة الكتاب املذكور

٤٧٠

ء وقلة دين ودها وشجاعةاملختار بن ايب عبيد ، الكذاب ، من كبار ثقيف ، ذو رأي وفصاحة _ ١٠٢ ) .٥٣٨/ ٣( ، السري ٦٧، كان يزعم أنه نيب ، تويف سنة

األعالم هـ ، تنسب إليه املعمرية ، ٢١٥ عباد السلمي، معتزيل من الغالة، تويف سنة بنـ معمر ١٠٣)٧/٢٧٢.(

د بن إسحاق بن حممد بن حيى ، ابن مندة ، أبو عبد اهللا العيدي نسبة إىل عب حممد )ابن منده ( _ ١٠٤ ،" علـى اجلهميـة الرد "،" اإلميان" األصبهاين ، من كبار حفاظ احلديث ، من مصنفاته كتاب ياليل

، ميـزان ) ٦/٢٩(األعـالم . هـ ٣٩٥هـ وتويف سنة ٣١٠ولد سنة . ذلك وغري" الصحابة معرفة" ) .٣/٢٦(االعتدال ، ٣٥٥ فقيها ، تويف سنة سعيد البلوطي ، كبري قضاة األندلس يف عصره ، كان عاملا بنمنذر _ ١٠٥ ) .١٧٨-١٧٣/ ١٦ ( السري

منظـور األنـصاري ابن بن مكرم بن علي ، أبو الفضل ، مجال الدين حممد ) ابن منظور ( _ ١٠٦هــ ٦٣٠ ، ولد مبصر سـنة األنصاريالرويفعي اإلفريقي ، إمام لغوي حجة ، نسل رويفع بن ثابت

هـ ، ٧١١ وعاد إىل مصر فتويف فيها سنة طرابلس يف قضاءلوخدم يف ديوان اإلنشاء بالقاهرة مث ويل ا . ذلـك وغـري " والنهار األزهار يف الليل نثار "،" األغاين خمتار "،" العرب لسان"من أشهر مصنفاته

) .٧/١٠٨(األعالم )ن(

ـ ، بن امحد بن عبدالعزيز الفتوحي حممد )ابن النجار ( _ ١٠٧ ي تقي الدين ابو البقاء ، فقيـه حنبل ) .٢/٨٥٣( ، كشف الظنون ٩٧٢ سنة تويفمصري ، من القضاة ، من كتبه منتهى االرادات ،

سـلفي ، رد علـى إمام بن سعيد بن حامت الوائلي البكري ، عبيداهللا ) السجزي نصرأبو ( _ ١٠٨سري أعالم النـبالء . ( هـ ٤٤٤تويف مبكة سنة ) احلرف والصوت أنكرالرد على من ( األشاعرة يف

١٧/٦٥٤.( ( ، طبقات الشعراء ١٠٠ ، تويف سنة واملدائح بن رباح ، شاعرفحل مقدم يف النسيب نصيب _ ١٠٩

) .٢٤٤ص ، إشتغل الضالني بن سيار بن هاين البصري ، أبو إسحاق ، أحد أئمة املعتزلة إبراهيم )النظام( ـ١١٠

)١/٦٧ن لسان امليزا. ( هـ ٢٣١بالفلسفة ، وكان سئ السرية ، تويف سنة ).١٠/٥٩٥السري ( ، ٢٢٨ محاد بن معاوية ، ابو عبداهللا اخلزاعي ، تويف بننعيم _ ١١١

، الـشافعي ، أبـو النووي بن شرف بن مري بن حسن احلزامي احلوراين ، حيىي )النووي ( _ ١١٢ ، له من )من قرى حوران بسورية ( نوا يفزكريا ، حميي الدين ، عالمة بالفقه والديث ، مولده ووفاته

٤٧١

ريـاض "،" يف شرح صحيح مسلم املنهاج" " الطالبني منهاج "،" واللغات األمساء ذيب: "املصنفات ، ) ٥/١٦٥(، طبقات الشافعية للسبكي ) ١/١٤٩(األعالم . ذلك وغري" الطالبني روضة "،" الصاحلني

) .٧/٢٧٨(النجوم الزاهرة ، ومن اعظم الفالسفة تأثريا يف القرن العشرين لقوةا املاين ، مؤسس فلسفة فيلسوف )نيتشه( _ ١١٣

) . ٥٠٨/ ٢(م، موسوعة الفلسفة ١٩٠٠م ، وتويف سنة ١٨٤٤، ولد سنة )هـ(

حممد ، متكلم شيخ اإلمامية يف وقتـه ، أبو بن احلكم الشيباين بالوالء ، الكويف ، هشام_ ١١٤ىي بن خالد الربمكي فكان القيم مبجالس إىل حي وانقطعولد بالكوفة ونشأ بواسط ، وسكن بغداد ،

الـرد "،" على املعتزلة يف طلحة والزبري الرد "،" القدر "،" اإلمامة"كالمه ونظره ، له من الكتب ) .٨/٨٥(، األعالم ) ١٠/٥٤٣(السري . هـ ١٩٠تويف سنة " . على شيطان الطاق

التاسعواالوديسة ، ولد يف القرن مريوس ، شاعر ملحمي يوناين ، من مؤلفاته االلياذة هو_ ١١٥ ) .٧٣٤ص ( قبل امليالد يف اسيا الصغرى، املورد

ق م ، مؤرخ ورحالة يوناين ، لقب بـايب التـاريخ ، زار العـامل ٤٨٤ ، ولد هريودوت_ ١١٦ ) . ٧٣٦ص ( آنذاك ، املورد املعروف

)و(االسالم ، وهو ابن عـم خدجيـة أم قبل األوثانـ ورقة بن نوفل، حكيم جاهلي ، اعتزل ١١٧

).٨/١١٥(ق هـ ، األعالم ١٢ وسلم مشهورة ، تويف حنو عليهاملؤمنني ، وقصته مع النيب صلى اهللا فصيحا عطاء املخزومي البصري ، الغزال ، أبو حذيفة ، كان يلثغ بالراء إال أنه كان بنـ واصل ١١٨

سري ( هـ ١٣١ سنةي من جملسه بسبب البدعة تويف مفوها ، متكلم معتزيل ضال ، طرده احلسن البصر )٥/٤٦٤أعالم النبالء

)ي( الرد احلسني بن القاسم احلسين العلوي الرسي الزيدي، فقيه عامل ورع ، له من الكتب بنـ حيىي ١١٩

).٨/١٤١(األعالم . هـ ٢٩٨هـ وتويف سنة ٢٢٠على اهل الزيغ، ولد سنة موت لنفسه بعد ودعا، ٦٦٩ ولد يف صنعاء سنة ، ، املؤيد باهللا حيي بن محزة بن علي العلوي_ ١٢٠

يف ذمار تويف، وله مؤلفات عديدة من كبار علماء الزيدية ، ٧٢٩االمام حممد بن املطهر سنة ) .٢/٣٣١البدر الطالع ، (، ٧٤٥سنة

وكان له دور يف اآلباء املسيحيني االغريق ، الفالسفة م ، اخر ٦٧٤يوحنا الدمشقي ، ولد عام _ ١٢١ ، كان كاتبا عند األمويني ، وكان ابوه خازنا لبيت املال يف املسلمنيظهور اجلدال العقلي بني

) .١٣٣-١٣/١٣٢( ،انظر قصة احلضارة ٧٤٩ مروان ، تويف سنة بنعهد عبدامللك

٤٧٢

طوائف الوارد ذكرها يف الرسالةل وااملصطلحات تعريف بعض ملحق

الرسالة واليت مل تعرف، وقد اعتمـدت علـى يفف ببعض املصطلحات الواردة التعري ويتضمن من كتاب اجلرجاين اذكر اسم الكتاب مع ذكر رقم التعريفكتاب التعريفات للجرجاين، وإذا مل يكن

:الصفحة على النحو اآليت

).١٧. (استمرار الوجود يف أزمنة مقدرة غري متناهية يف جانب املاضي: األزل )١( ).١٧.( حركة يف الكيف كتسخن املاء وتربده:ستحالةاال )٢( ).١٨ (احلكم على كلي بوجوده يف اكثر جزيئاتههو : االستقراء )٣( ).٣٤(هي الواسطة بني الفاعل واملنفعل يف وصول أثره إليه : اآللة )٤( ). ١١٨/ ١ (الفلسفياملعجم . من التزم الشيء أو العمل اوجبه على نفسه : االلتزام )٥( ).٣٦( اليت يلزم من العلم ا الظن بوجود املدلول هي : اماره )٦( ).٤٣(هو الذي ال يتوقف حصوله على نظر وكسب : البدهي األمر )٧( على املعىن البـاطن يعتمدهم الذين جعلوا لنصوص القرآن ظاهرا وباطنا ، ودينهم : الباطنية )٨(

).١١٣( املورد .فردوا مجيع الدين ومن طوائفهم القرامطة والدروز والنصريية مـن األجـسام مركبـا هو ما ال جزء له اصال كالباري، وعريف وهوما ال يكون : البسيط )٩(

).٤٥.( املختلفة الطبائع ).٤٦( اخلالء كأفالطون بوجودعبارة عن امتداد قائم باجلسم أو نفسه عند القائلني :البعد ) ١٠( ).٥٧(هو ترتيب أمور غري متناهية : التسلسل ) ١١( أمر إىل آخر اجيابا اسناد، وقيل )٥٩(ارك الصدق إىل املخرب هو أن تنسب باختي : التصديق ) ١٢(

).٢٧٧/ ١( املعجم الفلسفي . أو سلبا ).٥٩ (إثباتهو إدراك املاهية من غري أن حيكم عليها بنفي أو : التصور ) ١٣( من غري ختلل زمان بـني آخرعبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد املفارقة من بدن : التناسخ ) ١٤(

).٦٨(ق الذايت بني الروح واجلسد التعليقي للتعش ).٦٨(هو اختالف باإلجياب والسلب : التناقض ) ١٥( مثل األشعرية، وخالصة ال الفعلمتوسطة تثبت للعبد كسبا يف : تنقسم إىل قسمني : اجلربية ) ١٦(

).٧٤ ( يفاتالتعر. اجلهمية مثلتثبت

٤٧٣

سب اخلارج وال حبسب حب الجوهر ذو وضع ال يقبل االنقسام أصال : الذي ال يتجزأ اجلزء ) ١٧( ).٧٥(الوهم أو الفرض العقلي تألف األجسام من أفراده

).٧٦(جوهر قابل لألبعاد الثالثة : اجلسم ) ١٨( ).٧٨ (باألنواعاسم دال على كثريين خمتلفني : القريب والبعيد اجلنس ) ١٩(ـ واجلنةاتباع اجلهم بن صفوان، قالوا ال قدره للعبد أصال : اجلهمية ) ٢٠( د والنـار تفنيـان بع

).٨٠(التعريقات . دخوهلما ).٧٩(ماهية إذا وجدت يف األعيان كانت ال يف موضوع : اجلوهر ) ٢١( الكونيـة يف القلـب الصوركل ما يستر مطلوبك ، وهو عند أهل احلق انطباع : احلجاب ) ٢٢(

).٨٢(املانعة لقبول جتلي احلق ).٨٣(قول دال على ماهية الشيء : احلد ) ٢٣( فهي اجتاه عميل ضد قدمي،ه معاداة الدين وترك كل ما هو مصطلح اديب والقصد من : احلداثة ) ٢٤(

).٣(احلداثة سرطان العصر . تراث األمة ).٨٣( املشاهدة بتكررهي ما ال حيتاج العقل يف جزم احلكم فيه إىل واسطة : احلدسيات ) ٢٥( ).٨٤(اخلروج من القوة إىل الفعل على سبيل التدرج : احلركة ) ٢٦( فـاحلواس اخلمـسة احملـسوسة، رتسم فيها صور اجلزئيات هو القوة اليت ت : املشترك احلس ) ٢٧(

). ٨٦. (كاجلواسيس هلا ). ٩٤(هو الفراغ املتوهم الذي يشغله شئ ممتد كاجلسم : احليز ) ٢٨( ما مل يبلغ الشهرة والتواتر فصاعداهو احلديث الذي يرويه الواحد أو االثنان : الواحد خرب ) ٢٩(

)٩٦.( رضي اهللا عنه يف بدايـة طالبرجوا على علي بن ايب اقدم الفرق االسالمية ، خ : اخلوارج ) ٣٠(

بالكبرية، ومـن طـوائفهم التكفريامرهم ، ومن عقائدهم اليت استحلوا ا دماء املسلمني ).٢٧٤( املورد . االباضية واالزارقة

املغين . السلطات مصدرمعناها حكم الشعب ، فهي نظام سياسي جيعل الشعب : الدمقراطية ) ٣١( ).١٧٠( الوجيز

).١٠٥(هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه : لدورا ) ٣٢( ).١٠٧. (ما خيص الشيء ومييزه عن مجيع ما عداه : الذايت ) ٣٣(

٤٧٤

واخلاص كتعريـف القريبما يتركب من اجلنس : ينقسم إىل قسمني؛ الرسم التام : الرسم ) ٣٤(عيد أو ا وباجلنس الب وحدهاما يكون باخلاصة : الرسم الناقص . اإلنسان باحليوان الفاصل

)١١١.( ).١١٦( للعلية الباقيحصر األوصاف يف األصل وإلغاء بعض ليتعني : والتقسيم السرب ) ٣٥( ).١٢٠(هو عدم احلركة عما من شأنه أن يتحرك : السكون ) ٣٦(. وزعموا أن األرواح تتناسـخ ،من الفالسفة القائلني بقدم العامل ، وإنكار البعث : السمنية ) ٣٧(

).٢٥٣( الفرق بني الفرق تقوم على أنه لـيس ونظريتهممجاعة من اليونان ، زعيمهم برورتاجوراس، : ئيةالسوفسطا ) ٣٨(

).٦٥٨/ ١( املعجم الفلسفي . هناك وجود خارجي مستقل عما يف اذهاننا ).٤٠٠(املورد . اتباع حنلة تؤله الكواكب كان مقرهم حران: الصابئة ) ٣٩( ما بـه حيـصل الشيءما يؤخذ من الشيء عند حذف املشخصات ويقال صورة : الصورة ) ٤٠(

).١٣٥(الشيء بالفعل ).١٣٧.(للموضوعهي اليت حيكم فيها بضرورة ثبوت احملمول : الضرورة ) ٤١( ).١٤٠. (اجلبلة اليت خلق اإلنسان عليها: الطبائع ) ٤٢( ).١٤١(ما يوجب احلكم لوجود العلة وهو التالزم يف الثبوت : الطرد ) ٤٣( ).١٤٤. (هو االعتقاد الراجح مع احتمال النقيض: الظن ) ٤٤( ).١٤٨ (بهاملوجود الذي حيتاج يف وجوده إىل موضع ذي حمل يقوم : عرضال ) ٤٥( ).١٥٢( تغيب عنه الهو أن حتضر عنده النظريات اليت أدركها حبيث : املستفادالعقل ) ٤٦( ).١٥٣(هو التالزم يف االنتفاء : العكس ) ٤٧( .)٢٤( للحوايل العلمانيةتعين الالدينية ، وهي فصل الدين عن احلياة، : العلمانية ) ٤٨( واحلـساس كالنـاطق كلي حيمل على الشيء يف جواب أي شئ هو يف جـوهرة : الفصل ) ٤٩(

)١٦٧.( ).١٦٨.(اجلبلة املتهيئة لقبول الدين: الفطرة ) ٥٠( واستعداداا يف احلضرة األشياءهو عبارة عن التجلي احلسي الذايت املوجب لوجود : الفيض ) ٥١(

).١٦٩(العلمية مث العينية واملعاصي بتقـدير الكفرمون أن كل عبد خالق لفعله ، وال يرون هم الذين يزع : القدرية ) ٥٢(

).١٧٤(التعريفات . اهللا ).١٧٣. (هو كون الشيء غري حمتاج إىل الغري: الذايتالقدم ) ٥٣(

٤٧٥

).١٧٣.(هو كون الشيء غري مسبوق بعدم: الزماين القدم ) ٥٤(ىن املستنبط مـن عن املع عبارةهو عبارة عن رد الشيء إىل نظريه ويف الدين : التمثيل قياس ) ٥٥(

).١٨١(النص لتعديه احلكم من املنصوص عليه إىل غريه كاجلـسم التعليمـي متـصل هو العرض الذي يقتضي االنقسام لذاته ، وينقسم إىل : الكم ) ٥٦(

).١٨٧. (والزمان، وإىل منفصل وهو العدد فقطـ مثلهيئة قارة يف الشيء ال يقتضي قسمة وال نسبة لـذاته ، : الكيف ) ٥٧( . سوسة الكيفيات احمل

)١٨٨.( ).١٩٠( عن الشيء انفكاكهما ميتنع : الالزم ) ٥٨( ).١٩١(إدراك املالئم من حيث أنه مالئم : العقلية اللذة ) ٥٩( وهو احليوان الناطق مع قطع اإلنسانتطلق غالبا على األمر املتعقل مثل املتعقل من : املاهية ) ٦٠(

).١٩٥. (النظر عن الوجود اخلارج ).١٩٨. (واحدةال جيتمعان يف شيء واحد من جهة مها اللذان : املتقابالن ) ٦١( ).١٩٩. ( الكذبعلىهو اخلرب الثابت على ألسنة قوم ال يتصور تواطؤهم : املتواتر ) ٦٢( مرة بعد أخـرى املشاهدةهي مـا حيتاج العـقل فيه يف جزم احلكم إىل تكرار : اربات ) ٦٣(

)٢٠٢.( التعريفـات . الكفر طاعة معال ينفع قوم يقولون ال يضر مـع االميان معصية كما : املرجئة ) ٦٤(

)٢٠٨.( تواطؤهم على الكذب ، اليتصورهو ماكان من اآلحاد مث أشتهر فصار ينقله قوم : املشهور ) ٦٥(

). ٢١٤.(فيكون كاملتواتر بعد القرن األول ). ٢١٨(هي أن جيمع بني شيئني متوافقني وبني ضديهما : املطابقة ) ٦٦( قـالوا باألصـول البصرييل اعتزل يف جملس احلسن أصحاب واصل بن عطاء الغزا :املعتزلة ) ٦٧(

).٢٢٢(اخلمسة ).٢٢٠.(هو الصورة الذهنية : املعىن ) ٦٨( ).٢٣٢(آلة قانونية تعصم مراعاا الذهين عن اخلطأ والفكر : املنطق ) ٦٩( ).٢٣٦.( بهاملختصهو األمر املوجود يف الذهن ، وقيل حمل العرض : املوضوع ) ٧٠( ، يقولون بالقـدر نسطورباع بطريرك القسطنطينية يدعى طائفة من النصارى ات : النسطورية ) ٧١(

).٧٠٨(املورد . سكنوا ايران والعراق ).٢٤١(هو الذي يتوقف حصولة على نظر وكسب : النظري ) ٧٢(

٤٧٦

لـذلك اجلـسم مـن يعرضاألصل أو املادة ، وقيل هي جوهر يف جسم قابل ملا : اهليوىل ) ٧٣( ).٢٥٧.(وعيةاجلسمية والن: االتصال واالنفصال حملل للصورتني

).٢٤٩(هو املوجود الذي ميتنع عدمه امتناعا : الواجب ) ٧٤( ).٢٥٥ (حمسوسةهي قضايا كاذبة حيكم ا الوهم يف أمور غري :الومهيات )٧٥(

٤٧٧

الفهارس

فهرس اآليات القرآنية -١ فهرس اآلحاديث -٢ فهرس املراجع واملصادر -٣ فهرس املوضوعات -٤

٤٧٨

فهرس اآليات القرآنية

الصفحةاسم السورة ورقم اآلية اآليةيضل به إال يضل به كثريا ويهدي به كثريا وما

الفاسقني ٢٣٦ ].٢٦/البقرة[

الئكةلى المع مهضرع ا ثماألمساء كله مءاد لمعوالء إن كنؤبئوني بأمساء هفقال أنادقنيص مت

٢٢٣ ].٣١/البقرة[

وما جعلنا القبلة اليت كنت عليها إال لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه

٣٥١ ].١٤٣/البقرة[

والسحاب املسخر بني السماء واألرض ]١٧٦ ].١٦٤/البقرة وإذ قال إبراهيم رب أرين كيف حتيي املوتى ]١٨٨ .]٢٦٠/البقرة تلك األيام نداوهلا بني الناس وليعلم اهللا الذين و منوا ويتخذ منكم شهداءءا

٣٥١ ].١٤٠/آل عمران[

أم حسبتم أن تدخلوا اجلنة وملا يعلم اهللا الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين

٣٥١ ].١٤٢ /آل عمران[

وعلمك مامل تكن تعلم ]١٨٦ ].١١٣/النساء ١٧٤ ].٥٤/املائدة[ نهحيبهم وحيبو: تعاىل وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعني

بالعني ٢٤٦ ].٤٥/املائدة[

بل يداه مبسوطتان ]١٧٦ ].٦٤/املائدة من ربك وإن يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك

..مل تفعل فما بلغت رسالته ٤٢٠ ].٦٧/املائدة[

رضي اهللا عنهم ورضواعنه ]١٧٤ ].١١٩/ئدةاملا مث قضى أجال وأجل مسمى عنده ]٢٦٨ ].٢/األنعام يف السموات واألرض ]٢١٤ ].٣/األنعام الأحب اآلفلني ] ٣٠٥ ] .٧٦األنعام

٤٧٩

التدركه األبصار وهو يدرك األبصار ]٢١٤ .]١٠٣/األنعام الصفحةاسم السورة ورقم اآلية اآلية

ا فأحييناها ميشي به وجعلنا أومن كان ميتله نور يف الناس كمن مثله يف الظلمات ليس خبارج منها

٤١٣ ].١٢٢/األنعام[

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن مل تغفر لنا وترمحنا لنكونن من اخلاسرين

٤٢٣ ].٢٣/األعراف[

ـامـا وهمن را ظهم احشالفو يبر مرا حمقل إنثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما بطن واإل

لم ينـزل به سلطانا وأن تقولوا على اللـه مـا ال تعلمون

١٦٨ .]٣٣/األعراف[

مث استوى على العرش ]١٧٤ ].٥٤/األعراف لن تراين ]٤٤١ ].١٤٣/ األعراف ـ سريى اهللا عملكـم ورسـوله وقل اعملـوا ف

واملؤمنون ٣٥٢ ].١٠٥/التوبة [

مهفعنال يو مهرضا ال يون الله مد ون مندبعيو ويقولون هؤالء شفعاؤنا عند الله

٢٥٨ .]١٨/يونس[

أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها من تلك . قبل هذانت وال قومك منأ

٤١٩ ].٤٩/هود[

نــزله إال نوإن من شيء إال عندنا خزائنـه وما بقدر معلوم

٩٢ .]٢١/احلجر[

أفمن خيلق كمن ال خيلق أفال تذكرون ]٣٨١ ].١٧/ النحل فلما أسلما وتله للجبني ]٣٨٥ ].١٥/ اإلسراء مإن الس به علم لك سا ليم قفال تو رـصالبو ع

والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئوال ١٦٨ .]٣٦/اإلسراء[

وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أءنا ملبعوثون خلقا جديدا

]٥٢ ـ ٤٩/ اإلسراء[.

٤٤٣

أوتيتم من العلم إال قليال وما ]١٧٦ ].٨٥/اإلسراء

٤٨٠

البتغـوا إىل ذاقل لو كان معه آهلة كما يقولون إ ذي العرش سبيال

٩٧ .]٩٢/اإلسراء[

الصفحةاسم السورة ورقم اآلية اآليةى إليوحي مثلكم رشا با أنمقل إن ]٢٦٨ .]١١٠/الكهف اإذ قال ألبيه ي صربال يو عمسا ال يم دبعت ت لمأب

كنني عغال يئاويش ٢٥٨ ، ٩٧ .]٤٢/مرمي[

ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه مث هدى ]٢٥٥ ].٥٠/طه حييطون به علما وال ]١٨٨ ] .١١٠/طه لوكان فيهمااهلة إال اهللا لفسدتا / ]٣٢٢ ].٢٢/ األنبياء قال بل فعله كبريهم هذا فاسـألوهم إن كـانوا

ينطقون ١٨٩ .]٦٣/األنبياء[

ال يـنفعكم شـيئا وال ون من دون اهللا ما أتعبد ف لكم وملا تعبدون مـن دون اهللا أفـال أيضركم تعقلون

١٨٩ .]٦٧ـ٦٦/األنبياء[

إال إذا وما أرسلنا من قبلك من رسول وال نـيب فينسخ اهللا مـا يلقـي متىن ألقى الشيطان يف أمنيته

الشيطان مث حيكم اهللا آياته واهللا عليم حكيم

٤٢٠ ].٥٢/احلج [

إن الذين تدعون من دون اهللا لن خيلقوا ذبابا ولو له اجتمعوا

١٤٠ ].٧٣/احلج[

إلـه مـن هعا كان مملد ومن و ذ اللهخا اتإذا م لقا خكل إله بم بلذه

٣٢٢ .]٩١/املؤمنون[

. ـ عمالإال من تاب وآمن وعمل ك صاحلا فأولئ يبدل اهللا سيئام حسنات

٤٢٣ ] .٧٠/الفرقان [

ومارب العاملني ]١٩٠ ].٢٣/الشعراء بينهما رب السموات واألرض وما ]١٩٠ ] .٢٤/الشعراء ون باآلخرة مثل الـسوء وهللا املثـل نللذين اليؤم

األعلى ٩٧ ].٦٠/النمل[

٤٨١

ألف سنة إال مخسني عاما ]٢٤١ ].١٤/العنكبوت يعلمون ظاهرا من احلياة الدنيا ]١٨٦ ] .٧/الروم

الصفحةاسم السورة ورقم اآلية اآلية اخـتالفض واألرات وومالس لقاته خءاي منو

المنيات للعآلي إن في ذلك انكمألوو تكمألسن ٢٢٤ .]٢٢/الروم[

ت اهللا كيف حييي األرض بعد فانظر إىل آثار رمحموا إن ذلك حملي املوتى وهو على كـل شـيء

قدير

٤٤٣ ].٥٠/ الروم[

ولئن سألتهم من خلق السموات واألرض ليقولن اهللا

٢٥٧ ].٢٥/لقمان[

وختفي يف نفسك ما اهللا مبديه وختشى الناس واهللا أحق أن ختشاه

٤٢١ ]٣٧/األحزاب [

دعا وذا ملونهسرالم قدصو نمحالر ]٢٥٩ ].٥٢/يس اومل يروا أنا خلقنا هلم مما عملت أيدينا أنعاما ]١٧٦ ].٧١/يس أو مل ير اإلنسان أنا خلقناه من نطفة فـإذا هـو

خصيم مبني ٤٤٣ ].٨٠ ـ ٧٧/ يس[

لبقادر ع ضاألرات وومالس لقالذي خ سى اوليليمالع القالخ وهلى وب ممثله لقخأن ي

٩٧ ] .٨١/يس[

وجعلنا ذريته هم الباقني ]٢٢٧ .]٧٧/الصافات وما كنا معذبني حىت رسوال ]٤١٣ ،٣٨٥ ].١٠٣/ الصافات مامنعك أن تسجد ملا خلقت بيدي ]١٧٦ ].٥٥/ص وند ذوا منخات الذينإال و مهدبعا ناء مه أولي

ليقربونا إىل الله زلفى ٢٥٧ .]٣/الزمر[

ا والـيت مل متـت يفاهللا يتوىف األنفس حني مو ..منامها

٤٢٨ ].٤٢/الزمر[

حسرتا على مافرطت يف جنب أن تقول نفس يا اهللا

١٧٩ ].٥٦/الزمر[

٤٨٢

كل شيءقالوا أنطقنا اهللا الذي أنطق

٢٢٤ ].٢١/فصلت[

الصفحةاسم السورة ورقم اآلية اآلية ة فإذااشعخ ضى الأررت كاته أنءاي منا وأنـزلن

عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي ء قديريلى كل شع هى إنتوالم

٩٧ .]٣٩/صلتف[

سنريهم آياتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم حىت يتبني هلم أنه احلق

٢٩٦ ]٥٣/فصلت [

أو مل يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ] ٢٩٦ ].٥٣/فصلت ليس كمثله شيء ]٢١٤ ].١١/الشورى فبما كسبت أيديكم ]١٧٦ ].٣٠/الشورى كنـت وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنـا ما

تدري ماالكتاب وال اإلميان ولكن جعلنـاه نـورا دي به من نشاء من عبادنا وإنـك لتهـدي إىل

صراط مستقيم

٥٩ ].٥٢/الشورى[

والذي نـزل من السماء ما ء بقدر فأنشرنا بـه بلدة ميتا كذلك خترجون

٤٤٣ ].١١/ الزخرف[

أم حسب الذين اجترحوا الـسيئات أن جنعلـهموا وعملوا الصاحلات سـواء حميـاهم كالذين آمن

وممام ساء ماحيكمون

٥٩ . ]٢١/اجلاثية[

ا من الرسلوما أدري ما يفعل قل ما كنت بدع يب وال بكم إن أتبع إال ما يوحى إليوما أنا إال نذير

مبني

٤١٩ . ]٩/األحقاف[

ذا كهة ومحرا وامى إموسم ابله كتقب منو ابتمصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلمـوا وبـشرى

سننيحللم

٢٥٩ . ]١٢/األحقاف[

وندوعوا يق الذي كاندالص دعو ]٢٥٩ ].١٦/األحقاف

٤٨٣

أو مل يروا أن اهللا الذي خلق السموات واألرض املوتى ومل يعي خبلقهن بقادر على أن حيي

٤٤٣ ].٣٣/ األحقاف[

الصفحةاسم السورة ورقم اآلية اآليةفلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم يف حلن القول ]١٨٦ ].٣٠/حممد قا بالحيؤالر ولهسر الله قدص لقد ]٢٥٩ ].٢٧/الفتح القونالخ مه ء أمير شغي لقوا منخ أم ]٩٦ .]٣٥/الطور وما ينطق عن اهلوى ]٤١٩ ].٣/النجم جتري بأعيننا ]١٧٦ .]١٤/القمر الرمحن علم القرآن خلق اإلنسان علمه البيان ]٢٢٤ ].٤ـ١/الرمحن والسماء رفعها ووضع امليزان أال تطغوا يف امليزان

وأقيموا الوزن بالقسط والختسروا امليزان ٦٠ .]٩ـ٧/الرمحن[

لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنـزلنا معهم الكتاب وامليزان ليقوم الناس بالقسط

٥٧ ].٢٥/احلديد[

إن اهللا مسيع بصري ] ادلة٢٥٨ ].١/ا بيده امللك ]٢٦٣ . ]١/امللك يومئذ تعرضون ال ختفى منكم خافية ]٤٤١ ].١٨/ احلاقة ألخـذنا منـه ويـل ولو تقول علينا بعض األقا

. ...باليمني ٤١٩ ].٤٤/احلاقة[

أنتم أشد خلقا أم السماء بناها أ ]٤٤٣ .]٢٧/ النازعات ذي قوة عند ذي العرش مكني مطاع مث امني ] ٣٩٩].٢١-٢٠/التكوير

افأما من أويت كتابه بيمينه فسوف حياسب حساب يسريا وينقلب إىل أهله مسرورا

٤٣٩ ].٩-٧/قاق االنش[

الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ]٤٢٤ ].٣ـ٢/األعلى

٤٨٤

فهرس األحاديث الحديث

الصفحة

)أ ( ٤٤٦ أشد بياضا من اللنب وأحلى من العسل

٢٢٧ أن أوالده ثالث ٥٩ إن األمانة نزلت يف جذر قلوب الرجال

٩٧ إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر )ت (

١٧٤ ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر ٤٤٤ توضع املوازين يوم القيامة

)ح( ١٧٥ احلجر األسود ميني اهللا

)ع ( ١٧٥ عبدي جعت فلم تطعمين

٤ عليكم بسنيت وسنة اخللفاء الراشدين )ف (

٤٤٥ فأكون أول من جييز )ك (

٤٠ يه الكعبة كذب سعد ولكن هذا يوم يعظم اهللا ف ٩٩ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو ميجسانه

)ل ( ٤٤٥ جلسر جهنم أدق من الشعر وأحد من السيف

٤٢٣، ٩٨ هللا أفرح بتوبة عبده ٩٨ ليلقني اهللا أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه حجاب

٤٨٥

الصفحة الحديث )م (

١٢ هللا بعضه ببعض مالكم تضربون كتاب ا ٦ من رأى من أمريه شيئا يكرهه فليصرب

٣ من سن يف اإلسالم سنة حسنة فله أجرها ٤٤٦ من مقامي إىل عمان

)ي ( ٤٤٥ يضرب جسر جهنم

٥٩ ينام الرجل نومة فتقبض األمانة

٤٨٦

املصادر واملراجعفهرس من اهللا عبيد اهللا بن بطة العكربي احلنبلي ، حتقيق ودراسة كل ، لإلمام أبو عبد الكربى اإلبانة )١

الطبعةرضا نعسان معطي ، . هـ ، د ١٤١٥يوسف بن عبد اهللا الوابل ، الطبعة األوىل ، . د: الرايـة دارهــ ، ١٤١٥عثمان عبد اهللا األثيويب ، الطبعة األوىل ، . هـ ، د ١٤١٥الثانية ،

.للنشر والتوزيع . هـ١٤٠٠،جامعة االمام ،اليب حسن االشعري ، الديانة صولا عن اإلبانة )٢ . أمحد املهدي ، رسالة دكتوراة من جامعة األزهر / ، لسبف الدين اآلمدي ، تاألفكار أبكار )٣ بني األسطورة واحلقيقية ، لعبد الصبور شاهني ، دار الروافـد الثقافيـة ، اخلليقة آدم قصة أيب )٤

. القاهرةهـ ، دار ١٤٠٠ ، ١أمحد شاكر ، ط / األحكام البن حزم األندلسي ، ت أصول يف اإلحكام )٥

. ، بريوت اجلديدةاآلفاق األحكام لسيف الدين اآلمدي ، توزيع دار الباز ، طبعة دار الكتب العلمية أصول يف األحكام )٦

.، بريوت .م ١٩٥٢ القاهرةأمحد األهواين ، / سينا ، تالبن النفس أحوال )٧دار ، تعليق الدكتور علي بو ملحـم ،اليب نصر الفارايب ، الفاضلة ومضاداا ينةاملد أهل آراء )٨

.م ١٩٩٥ ،١ط، اهلاللومكتبة والفلسفية لفيلون االسكندري، اميل بريهية ، ترمجة ومراجعة حممد يوسف موسى الدينية اآلراء )٩

. وعبداحلليم النجار،نشر مصطفى البايب احلليب ، . اهلند ،، دار املعارف العثمانية ١للرازي ، ط يف أصول الدين األربعني ) ١٠حممد يوسف موسى / ، ت اجلويين إىل قواطع األدلة يف أصول االعتقاد إلمام احلرمني اإلرشاد ) ١١

. مكتبة اخلاجني مبصر . هـ ١٣٦٩، مؤسـسة ،حتقيق حممد سعيد ،حملمد بن على الشوكاين ، الفحول اىل حتقيق علم االصول إرشاد ) ١٢

بريوت ،فية الكتب الثقا . دار اجليل بريوت ،هـ ١٤١٣ عام ١امحد السقا، ط/ التقديس، للفخر الرازي ، تأساس ) ١٣ ، ١حممد رشـيد رضـا ، ط / تصحيح البالغة يف علم البيان ، لعبد القاهر اجلرجاين ، أسرار ) ١٤

. هـ ، دار الكتب العلمية بريوت ١٤٠٩دار املعـارف ، دنيا سليمانسي ؛حتقيق والتنبيهات أليب علي بن سينا مع شرح الطو اإلشارات ) ١٥

. ٢مبصر ط . ، دار البشائر اإلسالمية السالم إىل اإلجياز يف بعض أنواع ااز ، للعز بن عبد اإلشارة ) ١٦حـسني، دار عبـدالقادر / ت اجلرجاين، والتنبيهات يف علم البالغة، حملمد بن علي اإلشارات ) ١٧

.ضة مصر، القاهرة

٤٨٧ . ، بريوت العلميةهـ ، دار الكتب ١٤١٠ ، ٣ الدين أليب منصورالبغدادي ، طأصول ) ١٨هـ ، دار الثقافـة ، ١٤١٢ ، ١ط العقيدة بني املعتزلة والشيعة اإلمامية لعايش املناعي ، أصول ) ١٩

. الدوحة م ، دار املعـارف ، ١٩٤٩/ عـام سليمان دنيا ، طبع / يف أمر املعاد البن سينا ، ت األضحوية ) ٢٠

. القاهرة املختار الـشنقيطي ، املطـابع حممد البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن ، حملمد األمني بن أضواء ) ٢١

. هـ ١٤٠٣األهلية لألوفست ، الرياض ، الـسيد اجللنيـد، / ت باملعروف والنهي عن املنكر، لـشيخ اإلسـالم ابـن تيميـة، األمر ) ٢٢

.تمع ، جدةهـ، دار ا١٤٠٤/طم، ١٩٥٢ م عـا ١حممد ابوالفضل ، ط / أنباه النحاة، اليب احلسن القفطي، ت على الرواة إنباه ) ٢٣

. مصراملصرية،دار الكتب عماد الدين / ، ت الباقالين فيما جيب اعتقاده وال جيوز اجلهل به، للقاضي أيب الطيب اإلنصاف ) ٢٤

. هـ، عامل الكتب ١٤٠٧، ١حيدر ، ط مكتبة الكليات ، خفاجي املنعمالغة ،للقزويين ، شرح وتعليق حممد عبد يف علوم الب اإليضاح ) ٢٥

.االزهرية ،القاهرة هــ ، دار ١٤١٢ قاسم ، ابن ، لشيخ اإلسالم ابن تيمية ، ضمن جمموع الفتاوى مجع اإلميان ) ٢٦

. عامل الكتب ، الرياض .بطنطا ، مصر الصحابةهـ ، مكتبة ١٤٠٥ ، ٢ تيمية السلفي حملمد خليل هراس ، طابن ) ٢٧م ، دار الدعوة ١٩٨٧ ، ٢ ، ط فؤادعبد الفتاح أمحد . تيمية وموقفه من الفكر الفلسفي ، د ابن ) ٢٨

.، االسكندرية . دكتوراة يف األزهر رسالة رشد منهجا وعقيدة ، بركات دويدار ابن ) ٢٩هــ ، املكتـب ١٣٩٣ ، األلبـاين / بالقدر ، لشيخ اإلسالم ابن تيمية ، ختريج االحتجاج ) ٣٠

. إلسالمي ا .مصر ، دار اهلدىنشرم، ٢٠٠٠ عام ١حممد رشاد سامل، ط/ ، البن تيمية ، تاالستقامة ) ٣١ عـام ١ اهلـاليل ، ط سـليم / ، لإلمام ابن اسحاق إبراهيم بن موسى الشاطيب ،ت االعتصام ) ٣٢

. هـ، دار ابن عفان ،اخلرب١٤١٢ .م ، دار اجليل ، بريوت ١٩٧٣طه عبد الرؤوف ، / املوقعني ، البن القيم ، تعليق إعالم ) ٣٣ . الكتب العلمية بريوت دارهـ ، ١٤٠٣ ، ١ يف االعتقاد لإلمام حممد الغزايل ، طاالقتصاد ) ٣٤ حجازي ، مكتبة الثقافـة حممد/ والرد على ابن الراوندي امللحد ، للخياط ، تقدمي االنتصار ) ٣٥

. الدينية ، القاهرة

٤٨٨ بـشري / بأيب شـامة ، ت املعروفاسم املقدسي على إنكار البدع واحلوادث ، أليب الق الباعث ) ٣٦

.هـ ، مكتبة املؤيد ، الطائف ١٤١٢ ، ١عيون ، ط ، ٢عبد القادر العاين وعمر األشـقر ، ط / الزركشي ، حترير ومراجعة لإلمام ، احمليط البحر ) ٣٧

. األوقاف يف الكويت وزارةهـ ، ١٤١٣ . القاهرةية ، الفوائد ، البن قيم اجلوزية ، دار الطباعة املنريبدائع ) ٣٨هــ، دار ١٤٠٠ عام ٢حممد دمهان، ط / حملمد بن وضاح القرطيب، ت عنها، والنهي البدع ) ٣٩

.البصائر ، دمشقحتقيق الدكتور عبد العظيم الـديب ،إلمام احلرمني أيب املعايل اجلويين ، يف اصول الفقه الربهان ) ٤٠

.١ط،هـ املطبعة الكربى ١٣١٦، ١طمري ، النصريية يف علم املنطق ، لزين الدين عمر السا البصائر ) ٤١

. األمرية ٣موسى الدويش ، ط / تيمية ، ت البن املرتاد يف الرد على املتفلسفة والقرامطة والباطنية ، بغية ) ٤٢

.هـ ، دار العلوم واحلكم ، املدينة ١٤١٥، العامة للكتاب ، املصريةم ، اهليئة ١٩٨٤حممد عبد املطلب ، . األسلوبية ، دالبالغة ) ٤٣ .٥: ،ط،القاهرة تطور وتاريخ، للدكتور شوقي ضيف ،دار املعارف بالغةال ) ٤٤ نذير مكتيب ، دار البـشائر حتقيق يف أصول اللغة ، لإلمام حممد صديق خان القنوجي ، البلغة ) ٤٥

.م ١٩٨٨/ هـ١٤٠٨اإلسالمية ، بريوت ، الطبعة األوىل ، . دراسات الوحدة العربية مركزم ، ١٩٩٦ ، ٥ العقل العريب ، حملمد عابد اجلابري ، طبنية ) ٤٦ . بن قاسم عبدالرمحنتعليق حممد بن ،لشيخ االسالم ابن تيمية ، تلبيس اجلهمية بيان ) ٤٧هــ املكتـب ١٣٩٧ ، ١ ، ط السامري الفكر الديين يف البالغة العربية ، ملهدي صاحل تأثري ) ٤٨

.اإلسالمي ، بريوت هــ ١٤١٥ ، ٣صطفى سالمة ، ط على ضوء الكتاب والسنة ، مل الفقه أصول يف التأسيس ) ٤٩

.القاهرةمكتبة احلرمني ، دار الكتاب العـريب ، منشورات العروس من جواهر القاموس ، حملمد مرتضى الزبيدي ، تاج ) ٥٠

.بريوت . ، بريوت للمالينيم ، دار العلم ١٩٨٣ ، ٤ الفكر العريب ، لعمر فروخ ، طتاريخ ) ٥١ .ار القلم ، بريوت الفلسفة اليونانية ، ليوسف كرم ، دتاريخ ) ٥٢ . بريوت ، فالسفة االسالم ، حملمد لطفي مجعة ، املكتبة العلمية تاريخ ) ٥٣ شـركة العبيكـان ، طبع، ١٤٠٥، ١السعوي ، ط / ، لشيخ اإلسالم ابن تيمية ، ت التدمرية ) ٥٤

. الرياض . ، الرياض املكتبة السلفية، يف أحوال املوتى وأمور اآلخرة ، لإلمام حممد أمحد القرطيب التذكرة ) ٥٥

٤٨٩ ١٤١٦ ، ١ نـصر ، ط حممدنصر / حممد مشس الدين إبراهيم ، تصحيح . القطيب ، د تسهيل ) ٥٦

. هـ ، إدارة القرآن والعلوم اإلسالمية ، كراتشي . املنطق ، لعبد الكرمي بن مراد األثري تسهيل ) ٥٧ .تاريخ بدون ، الشروق دار قطب، لسيد القرآن، يف الفين التصوير ) ٥٨ . هـ ، دار الفكر ، بريوت ١٤١٨ ، ١جرجانيب ، ط ، للالتعريفات ) ٥٩م، ١٩٨٧ عـام ٢خالد العك، ط / معامل الترتيل، اليب حممد البغوي ،ت املسمى البغوي تفسري ) ٦٠

. بريوت،دار املعرفة . التراث العريب ، بريوت إحياء ، دار ٣ الكبري ، أليب عبد اهللا الفخر الرازي ، طالتفسري ) ٦١

. احلليب ، القاهرة مصطفىعثمان أمية ، طبع / البن رشد ، ت ما بعد الطبيعة ،تلخيص ) ٦٢، ١عماد حيـدر ، ط / ، ت الباقالين األوائل وتلخيص الدالئل أليب بكر حممد بن الطيب متهيد ) ٦٣

. هـ ، دار الكتب العلمية ، بريوت ١٤٠٧تعليـق ،ين اليب بكر البـاقال ،واملعتزلة يف الرد على امللحدة املعطلة والرافضة واخلوارج التمهيد ) ٦٤

.دار الفكر العريب ،حممود اخلضريي حممد حسني هيتو، / ت األسنوي، يف ختريج الفروع على األصول ، لإلمام مجال الدين التمهيد ) ٦٥

. هـ ، مؤسسة الرسالة ،بريوت١٤٠٤ عام ٣ط دار الفكر اللبناين بريوت ،م ١٩٩٣ ، ١ط،حممد الغرييب .د/تعليق ، البن رشد ، التهافت افت ) ٦٦

. . مصر املعارف، دار ٧سليمان دنيا ، ط/ الفالسفة ، للغزايل ، تافت ) ٦٧هـ، املؤسسة ١٣٨٤عبدالسالم هارون، عام / اليب منصور حممد األزهري، ت ، اللغة ذيب ) ٦٨

. والترمجة،مصرللتأليفاملصرية . بريوت ، لندن املشرقفتح اهللا خليفة ، دار / أليب منصور املاتريدي ، تالتوحيد ) ٦٩ العلميـة، الكتب دار هـ،١٤١٢ عام ١ط الطربي، جرير البن ، القرآن تأويل يف البيان اجلامع ) ٧٠

.بريوت . ، املدينة املنورة العلمية بيان العلم وفضله ، لإلمام ابن عبد الرب ، املكتبة جامع ) ٧١ .هـ ، دار الكتب العلمية ، بريوت ١٤١٣ ، للقرطيب ألحكام القرآن اجلامع ) ٧٢عبد العلـي . البيهقي ، حتقيق داحلسني، لإلمام احلافظ أيب بكر أمحد بن لشعب اإلميان اجلامع ) ٧٣

.هـ ١٤٠٦ الطبعة األوىل ،اهلند،عبد احلميد ، الدار السلفية ، بومباي ، . هـ١٤١٢ األوىل فتية،بريوت،الطبعة اإلهلي عند ابن سينا، سامل مرشان،دار اجلانب ) ٧٤ .الفكر م،دار١٩٧٢ عام ٥ط ، البهي حملمد ، االسالمي التفكري من األهلي اجلانب ) ٧٥

٤٩٠

، ضبطه وخـرج آياتـه احمللى اجلوامع بشرح احمللى ، لإلمام جالل الدين حممد بن أمحد مجع ) ٧٦ .هـ ١٤١٧ األوىل ، الطبعةالشيخ زكريا عمريات ، دار الكتب العلمية ، بريوت ،

ـ ١٤١٨ ، ١طحممد نوح ، . التأويل الفاسد على العقيدة اإلسالمية ، د جناية ) ٧٧ ـ ، دار ابـن ه .عفان ، اخلرب ، السعودية

عبدالعزيز العـسكر ، / ت ، الصحيح ملن بدل دين املسيح ، لشيخ اإلسالم ابن تيمية اجلواب ) ٧٨ .هـ ، دار العاصمة ، الرياض ١٤١٤ ، ١ط ،ومحد احلمدان

. القاهرة اخلريية ، املطبعة ١ على شرح العقائد العضدية ، حملمد عبده ، طحاشية ) ٧٩ بن حممد األصـفهاين ، إمساعيل يف بيان احلجة وشرح عقيدة أهل السنة ، أليب القاسم احلجة ) ٨٠

. حممد أبو رحيم ، دار الراية ، الرياض /ت وهبـه ، مطبعـة هـ ١،١٤١١ط ، املطعينعبدالعظيم إبراهيم . د ، سرطان العصر احلداثة ) ٨١

.القاهرة . الذهبية ، جدة العصريةكتبة هـ امل١٤٢١، ٢ اآلخرة للدكتور غالب عواجي ، طاحلياة ) ٨٢ . ، دار اهلدى بريوت ٢طحممد على النجار ، / البن جين ،تاخلصائص ) ٨٣ سامي النشار، وعمـار على أفعال العباد ، للبخاري ، ضمن عقائد السلف، مجع وحتقيق خلق ) ٨٤

. مجعة حممد ، جامعة اإلمام ١ ط ،حممد رشاد سامل / تعارض العقل مع النقل ، البن تيمية ، ت درء ) ٨٥

. بن سعود الشمايل دار صادر ، بريوت لعبده يف تاريخ الفلسفة العربية اإلسالمية وآثار رجاهلا ، دراسات ) ٨٦

.م ١٩٧٩/هـ١٣٩٩، الطبعة اخلامسة ، هـ ١٤٠٤ ، ٣ظفر اإلسالم خان ، ط / وحيد الدين خان ، ترمجة ، يف مواجهة العلم الدين ) ٨٧

.بريوت، دار النفائس ، ، حتقيق ودراسـة عبـد اهلرويله ، أليب إمساعيل عبد اهللا بن حممد األنصاري الكالم وأه ذم ) ٨٨

النبويـة ، الطبعـة األوىل ، املدينـة الرمحن بن عبد العزيز الشبل ، مكتبة العلوم واحلكـم ، .هـ ١٤١٦

دار اللـواء ، الرمحن عمـرية عبد. حتقيق د ،لإلمام امحد بن حنبل ، على اجلهمية والزنادقة الرد ) ٨٩ .م ١٩٨٢ ،٢ط،

علي سامي النشار ، وعمار مجعة / من ضمن عقائد السلف ، مجع وحتقيق ، على املريسي الرد ) ٩٠ ،.

. السنة ، الهور ترمجانهـ ، دار ١٣٩٧ ، ٣ على املنطقيني ، البن تيمية ، طالرد ) ٩١ ، ١ ، طبـاكرمي حممـد / على من أنكر احلرف والصوت ، أليب نـصر الـسجزي ، ت الرد ) ٩٢

. ر الراية ، الرياض هـ ، دا١٤١٤

٤٩١

.م ١٩٧١ اهلالل سنة مؤسسة العدل والتوحيد، ليحىي بن احلسني الزيدي وآخرين، رسائل ) ٩٣هــ ، مكتبـة العلـوم ١٤٠٩ ، ١طعبد اهللا اجلندي ، / ت لألشعري، ، الثغر أهل رسالة ) ٩٤

. واحلكم ، املدينة ابن قاسم ، طبعـة / ، مجع الفتاوى األكملية ، لشيخ اإلسالم ابن تيمية ، ضمن جمموع الرسالة ) ٩٥

.دار عامل الكتب ، الرياض .هـ ١٣٥٤ ، العرشية ، البن سينا ، ضمن جمموعة رسائل، حيدر أباد الرسالة ) ٩٦ . القاهرةم ، ١٩٠٨ الفريوزية ، ضمن رسائل للفيلسوف ابن سينا ، الرسالة ) ٩٧م، املطبعـة ١٩٠٨ ضمن تسع رسائل يف احلكمة والطبيعيات ، البن سينا ، احلدود يف رسالة ) ٩٨

. القاهرة ،اهلندية . م ، القاهرة ١٩٣٤ يف معرفة النفس الناطقة وأحواهلا ، لثابت الفندي ، رسالة ) ٩٩ هـ ، املكتب ١٣٨٧ ، ١ ، ط اجلوزي املسري يف علم التفسري ، أليب الفرج عبد الرمحن بن زاد ) ١٠٠

.اإلسالمي ، االسـالمي املكتـب ، هـ١٣٩٩ معا ٢ط األلباين، الدين لناصر الضعيفة، األحاديث سلسلة ) ١٠١

.بريوت

حممد ناصـر الـدين حتقيق ، للحافظ أيب بكر عمرو بن أيب عاصم الضحاك الشيباين ، السنة ) ١٠٢باسم اجلوابرة ، . هـ ، حتقيق د ١٤٠٥األلباين ، املكتب اإلسالمي ، بريوت ، الطبعة الثانية ،

.هـ ١٤١٩دار الصميعي ، الطبعة األوىل ، إعداد وتعليق عزت الدعاس ،، لإلمام أيب داود سليمان بن األشعث السجستاين أيب داود سنن ) ١٠٣

.م ١٩٧٣/هـ١٣٩٣ ، األوىل، وعادل السيد ، دار احلديث ، بريوت ، لبنان ، الطبعة حتقيق حممد فؤاد عبد البـاقي ، ، ابن ماجه ، للحافظ أيب عبد اهللا حممد بن يزيد القزويين سنن ) ١٠٤

.ريوت ، لبنان دار الكتب العلمية ، ب عبد الباقي ، دار إحياء فؤاد الترمذي ، أليب عيسى حممد بن عيسى الترمذي ، حتقيق حممد سنن ) ١٠٥

.التراث العريب ، بريوت عبد الفتاح أبو / ، ترقيم السندي النسائي بشرح احلافظ جالل الدين السيوطي مع حاشية سنن ) ١٠٦

.وتبري هـ ، دار البشائر اإلسالمية ، ١٤٠٩ ، ٢غدة ، ط . ، بريوت الكاثولكيةفوزي النجار ، امطبعة / املدنية ، للفارايب ، تالسياسة ) ١٠٧هـ ، ١٤٠٣ عام ١ ط األرنؤوط،شعيب / أعلم النبالء ، لشمس الدين حممد الذهيب ، ت سري ) ١٠٨

.مؤسسة الرسالة ، بريوتـ النشار،على سامي / يف أصول الدين ، لإلمام اجلويين ، ت الشامل ) ١٠٩ ارف وآخرون ، دار املع

. باالسكندرية

٤٩٢ .امحد سعد محدان ، دار طيبه . حتقيق د، أصول اعتقاد أهل السنة واجلماعه لاللكائي شرح ) ١١٠ الكتب احلديثة القاهرة دارحسني خملوف ، / أألصفهانية ، لشيخ اإلسالم ابن تيمية ، ت شرح ) ١١١

. كتبـة وهبـه م، عثمـان عبدالكرميحتقيق الدكتور ،للقاضي عبداجلبار ، األصول اخلمسة شرح ) ١١٢

.م ١٩٩٦ ،٣ط ،القاهرة ٢ ، دمشق طاإلسالميشعيب األرناؤوط ، املكتب / السنة للبغوي ، حتقيق شرح ) ١١٣ه ، املكتب اإلسالمي ، ١٤٠٤ ، ٨مجاعة من العلماء ، ط / الطحاوية البن أيب العز ، ت شرح ) ١١٤

.بريوت ، هـ١٤٠٧ عام ١ط ،السقا حجازي أمحد /ت التفتازاين، الدين لسعد ، النسفية العقائد شرح ) ١١٥

.القاهرة ، األزهرية الكليات مكتبة الناشر . ، القاهرة املوسوعاتم ،مطبعة ١٩٠٠ القصيدة العينية البن سينا املناوي ، شرح ) ١١٦حممد الزحيلي ونزيه محاد، مركز البحـث / البن النجار الفتوحي، ت املنري، الكواكب شرح ) ١١٧

. أم القرى مبكة املكرمةجبامعةالعلمي هـ ، عـامل الكتـب ، ١٤٠٩ ، ١عبد الرمحن عمرية ، ط / ملقاصد ، للتفتازاين ، ت ا شرح ) ١١٨

. بريوت . مكتبة األزهر ، القاهرة ،أمحد املهدي / املواقف يف علم الكالم ، لعلي اجلرجاين ، تشرح ) ١١٩ .٤طاملكتب االسالمي ،لشيخ االسالم ابن تيمية ، حديث الرتول شرح ) ١٢٠هـ ، مكتبة لينة ١٤١٣ ، ٢ البخاري ، لعبداهللا الغنيمان ، ط كتاب التوحيد من صحيح شرح ) ١٢١

.، دمنهور .النبوية السنة إحياء دار الناشر أوغلي، حممد /ت ، البغدادي بكر اليب احلديث، اصحاب شرف ) ١٢٢

، دار الكتب العلميـة ، الفقي ، لإلمام حممد بن احلسني اآلجري ، حتقيق حممد حامد الشريعة ) ١٢٣ .هـ ١٤٠٣ىل ، بريوت ، الطبعة األو

احلميد ، نشر دار عبدحسني / بتعريف حقوق املصطفى ، للقاضي عياض اليحصيب ، ت الشفا ) ١٢٤ .األرقم بن أيب األرقم ، بريوت

.القاهرةم، ١٩٥٢إبراهيم مدحور ، وغريه ، / ، البن سينا ، تالشفاء ) ١٢٥ ، العلمية الكتب دار رنش ، القيم البن ، والتعليل واحلكمة والقدر القضاء مسائل يف العليل شفاء ) ١٢٦

.بريوت

بن فارس ، حتقيق مصطفى أمحد يف فقه اللغة وسنن العرب يف كالمها ، أليب احلسني الصاحيب ) ١٢٧ .م ، بريوت ١٩٦٣الشوميي ، بدران للطباعة والنشر ،

٤٩٣

عطار دار العلم للماليني الغفور ، لإلمام إمساعيل بن محاد اجلوهري ، حتقيق أمحد عبد الصحاح ) ١٢٨ .م ١٩٨٤/هـ١٤٠٤ ، الطبعة الثالثة ، ، بريوت

العلمية ، بـريوت ، الكتب البخاري ، لإلمام حممد بن إمساعيل البخاري ، طبعة دار صحيح ) ١٢٩ .هـ ١٤١٢لبنان ، الطبعة األوىل ،

. ، دار القلم ، بريوت ١خليل امليس ، ط/ ، مراجعة النووي بشرح مسلم صحيح ) ١٣٠ هـ ، مكتبة ابن ١٤٠٦ ، ٢حممد رشاد سامل ، ط / ت ، لشيخ اإلسالم ابن تيمية ، الصفدية ) ١٣١

.تيمية ، القاهرة عـام ٢ط ، اهللا الدخيل على /ت ، اجلوزية القيم البن واملعطلة، اجلهمية على املرسلة الصواعق ) ١٣٢

.الرياض ، العاصمة دار هـ،١٤١٢

عبـاس ، نشر مكتبة ، السيوطي املنطق والكالم عن فن املنطق والكالم ، جلالل الدين صون ) ١٣٣ .الباز ، مكة املكرمة

. العاشرة الطبعة اإلسالم ، ألمحد أمني ، دار الكتاب العريب ، بريوت ، ضحى ) ١٣٤م ، املطبعة العربيـة ، ١٩٦٨مصطفى عمران ، / ملسألة العلم القدمي ، البن رشد ، ت ضميمة ) ١٣٥

. القاهرة ، ١ط احللـو، فتاحوعبدال الطناحي حممود /ت السبكي، الدين لتاج الكربى، الشافعية طبقات ) ١٣٦

.مطبعة احلليب ، مصر ،مطبعة املقتطف ،مبـصر العلوي املتضمن إلسرار البالغة وعلوم حقائق اإلعجاز ،ليحى الطراز ) ١٣٧

. هـ١٣٣٢ .مصر ، اللبنانية املصرية الدار عبدالصمد، كامل حملمد ، حكماء ولكن ظرفاء ) ١٣٨هـ ، دار املنـار ، ١٤٠٧ ،رب عبداحلميد على عز الع . التوحيد عند خلص املتكلمني ، د علم ) ١٣٩

. مصر . احلديثة ، القاهرة احلريةم ، مكتبة ١٩٨٩ ، ٢ الكالم ومدارسه ، فيصل بدير عون ، طعلم ) ١٤٠ . بريوت القلمم ، دار ١٩٨٠ ، ١٠ البالغة ، ألمحد مصطفى املراغي ، طعلوم ) ١٤١ .السلفية ، القاهرة م ، املطبعة ١٩١٠ املسائل ، للفارايب ، ضمن مبادي الفلسفة القدمية ، عيون ) ١٤٢ اجلامعـة منـشورات م ، ١٩٧٦سعد غراب ، / ، أليب على السكوين ، ت ملناظرات ا عيون ) ١٤٣

.التونسية هـ، املطبعة العربية ، ١٤٠٣ عام ١ الرد على النبهاين ، اليب املعايل األلوسي، ط يف األماين غاية ) ١٤٤

.الهور

٤٩٤ الـس ، عبـداللطيف حممودسن حتقيق ح ،لسيف الدين االمدي ، املرام يف علم الكالم غاية ) ١٤٥

ه ١٣٩١،مصر،االعلى للشؤن االسالمية هــ ، دار ١٤٠٩ ، ٢ البن حجر العـسقالين ، ط ، الباري يف شرح صحيح البخاري فتح ) ١٤٦

.الريان للتراث ، القاهرة . بريوت ، القدير ، لإلمام الشوكاين ، دار األرقم ابن أيب األرقم فتح ) ١٤٧ .م ١٩٧٥ احلادية عشرة ، الطبعةدار الكتاب العريب ، بريوت ، اإلسالم ، ألمحد أمني ، فجر ) ١٤٨هــ ، دار ١٤١٧ ، ٢ ، ط رمـضان إبراهيم / بني الفرق لعبد القاهر البغدادي ، تعليق الفرق ) ١٤٩

. بريوت ،املعرفة تقدمي الدكتور حممد عابد ،البن رشد، املقال يف تقرير مابني الشريعة واحلكمة من االتصال فصل ) ١٥٠

. ، بريوت العربيةم ، مركز دراسات الوحدة ١٩٩٧ ،١ط،اجلابري عبـدالرمحن عمـرية /ت. يف امللل واألهواء والنحـل ، البـن حـزم األندلـسي الفصل ) ١٥١

.هـ ، دار عكاظ ١،١٤٠٢،ط .هـ بغداد ١٣٩١ احلكم ، للفارايب ، مطبعة املعارف ، فصوص ) ١٥٢ . هرة ترمجة البدوي ، نشر مكتبة ضة مصر ، القا، الشعر، الرسطو فن ) ١٥٣ . ، بريوت املعرفة ، البن الندمي ، تعليق الشيخ إبراهيم رمضان ، دار الفهرست ) ١٥٤ .مصر الشروق، دار هـ،١٤٠٦ عام ١٢ط قطب، لسيد القرآن، ظالل يف ) ١٥٥أمحد حممود صبحي . الدين ، د أصول علم الكالم ، دراسة فلسفية آلراء الفرق اإلسالمية يف يف ) ١٥٦

. ية بريوت هـ ، دار النهضة العرب١٤٠٥ ، ٥، ط . ، دار الدعوة هـ ١٤١٧ ، ١حممود ماضي ، ط. فلسفة ابن سينا حتليل ونقد ، ديف ) ١٥٧ . املعرفة ، بريوت دارهـ ، ١٣٩١ ، ٢ القدير ، شرح اجلامع الصغري للمناوي ، طفيض ) ١٥٨ .الرسالة هـ ، ، نشر ١٤٠٧ سنة ٢ احمليط للفريوز أبادي ط القاموس ) ١٥٩ . ، الرياض الوطنهـ ، دار ١٤١٨ ، ٢احملمود ، ط والقدر ، لعبد الرمحن القضاء ) ١٦٠ ، ١ اهللا وأمسائه احلسىن ، للشيخ حممـد بـن صـاحل العثـيمني ،ط صفات يف املثلى القواعد ) ١٦١

. السنة ، القاهرة مكتبةهـ ١٤١١ . . جبامعة األزهر دكتوراة الغائب على الشاهد ، لعبد العزيز املرشدي ، رسالة قياس ) ١٦٢م ، اهليئـة ١٩٧٢ ، حسننيعبد البديع وعبد املنعم / ، للتهانوي ، ت اصطالح الفنون كشاف ) ١٦٣

.املصرية العامة للكتاب للطباعـة والنـشر ، املعرفةدار / عن حقائق التنـزيل ، للزخمشري املعتزيل ، طبع الكشاف ) ١٦٤

. بريوت، لبنان السلفية ، ، املكتبة العزيزحممد عبد / الكربة يف وصف حال أهل الغربة البن رجب ،ت كشف ) ١٦٥

. القاهرة . هـ ١٤١٠ ، ١٠ط .السلمان اجللية عن معاين الواسطية ، للشيخ عبد العزيز الكواشف ) ١٦٦

٤٩٥ املكتبة الناشر م،١٩٨٦ عام ١ط السقا، أمحد /ت الرازي، للفخر ، والتنبيهات األشارات لباب ) ١٦٧

.القاهرة للتراث، األزهريةفوقية / يوسف املكالين، ت احلجاج، اليب العقول يف الرد على الفالسفة يف علم األصول لباب ) ١٦٨

.م، دار األنصار ، القاهرة١٩٧٧ عام ١حممود، طم ١٩٧٦سـعد غـراب ، /ت العوام فيما يتعلق بعلم الكالم ، أليب علـي الـسكوين ، حلن ) ١٦٩

.،منشورات اجلامعة التونسية . العرب البن منظور ،طبعة دار صادر بريوت لسان ) ١٧٠ . م ، مطبعة مصر ١٩٥٥محود غرابة ، / يغ والبدع ، لألشعري ت على أهل الزالرد يف اللمع ) ١٧١ .،بريوت االسالمي املكتب هـ،١٣٩٥ عام ٤ط ، قدامة البن ، االعتقاد ملعة ) ١٧٢هـ ، املكتـب ١٤١١ ، ٣ ط، األنوار البهية وسواطع األسرار األثرية ، حملمد السفاريين لوامع ) ١٧٣

.اإلسالمي بريوت حسن الشافعي ، / ت ، اآلمديحلكماء واملتكلمني ، لسيف الدين يف شرح معاين ألفاظ ا املبني ) ١٧٤

.هـ ١٤٠٣ العظيم املطعين ، مكتبـة وهبـه ، عبد. يف اللغة والقرآن الكرمي بني اإلجازة واملنع ، د ااز ) ١٧٥

.القاهرة . الكتب ، الرياض عاملابن قاسم،دار / فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ، مجع جمموع ) ١٧٦ . هـ ، دار الكتب العلمية بريوت ١٤٠٣ ، ١ البن تيمية ، ط، واملسائل الرسائلجمموعة ) ١٧٧دار ،تعليقطه عبـدالرؤوف سـعيد ،لفخر الدين الرازي ، افكار املتقدمني واملتاخرين احملصل ) ١٧٨

.م ١٩٨٤ ،١ط ،الكتاب العريب هـ ، طبـع ١٣٩٩ ، ١ ، ط العلواينطه جابر / يف علم أصول الفقه ، للرازي ، ت احملصول ) ١٧٩

. بن سعود اإلسالمية حممدجامعة اإلمام .الدار املصرية للتأليف والترمجة ،حتقيق عمر السيد عزمي ،للقاضي عبداجلبار، بالتكليف احمليط ) ١٨٠ ، إخراج دائـرة املعـاجم يف الرازي الصحاح ، لإلمام حممد بن أيب بكر بن عبد القادر خمتار ) ١٨١

.م ١٩٨٨مكتبة لبنان ، بريوت ، طبعة هـ ، مكتبة الكليـات ١٣٦٣ احلاجب بشرح العضد نعيم شعبان حممد إمساعيل ، ابن خمتصر ) ١٨٢

.األزهرية ، ١سـيد إبـراهم ، ط /ت الصواعق املرسلة على اجلهمية واملعطلة ، البـن القـيم ، خمتصر ) ١٨٣

.هـ ، دار احلديث ، القاهرة ١٤١٢ ..ت بريوالعلمية هـ ، دار الكتب ١٤٠٨ ، ٢ السالكني ، البن القيم ، طمدارج ) ١٨٤ . مكتبة وهبة القاهرة ،هـ ١٤١١ ، ٢ إىل دراسة علم الكالم ، دزحسن الشافعي ، طاملدخل ) ١٨٥ . للماليني ، بريوت العلمم ، دار ١٩٩٦ ، ١ اإلسالميني ، عبد الرمحن بدوي ، طمذاهب ) ١٨٦ . ، املدينة املنورة السلفية يف أصول الفقه ، حممد أالمني الشنقيطي ، املكتبة مذكرة ) ١٨٧

٤٩٦ جاد املوىل بك، وآخـرون ، حممد/ غلم اللغة وأنواعها ، للسيوطي ، شرح وتعليق يف املزهر ) ١٨٨

. هـ ، املكتبة العصرية ، صيدا ١٤٠٨م ، دار الفكر ١٩٨٥ ، طبعة بريوت اإلمام أمحد بن حنبل الشيباين ، املكتب اإلسالمي ، مسند ) ١٨٩

.هـ ١٤١٤، طبعة حمي الدين عبد احلميـد ، حممد/ ده ، تقدمي يف أصول الفقه لشيخ اإلسالم ووالده وج املسودة ) ١٩٠

. مطبعة املدين ، القاهرة الـرمحن عبد. يف الفكر الديين الفلسفي دراسة نقدية يف ضوء اإلسالم ، د املعرفة مصادر ) ١٩١

. العاملي للفكر اإلسالمي ، أمريكااملعهدهـ ، ١٤١٢ ، ١الزنيدي ، ط هـ ، دار ١٤٠٧ ، ١ ، ط السقاأمحد حجازي /هلي ، للرازي ، ت العالية من العلم اإل املطالب ) ١٩٢

.الكتاب العريب بريوت . الفكر، بريوتدار القبول بشرح سلم الوصول، حلافظ احلكمي، بدون تاريخ ، معارج ) ١٩٣ . ، بريوت للكتابم ، الشركة العاملية ١٩٩٤مجيل صليبة ، . الفلسفي ، داملعجم ) ١٩٤ عـام ٢ ، بريوت ،ط الفكر احلسني أمحد بن فارس ، دار أليب ٤٧٤ املقاييس يف اللغة معجم ) ١٩٥

.هـ ١٤١٨ . الفوائد ، مكة املكرمة عاملهـ دار ١٤١٩ ، ١ يف اإلسالم ، عبد اهللا القرين ، طاملعرفة ) ١٩٦دار ومكتبـة ، علي بـو ملحـم الدكتورتعليق ،اليب حامد الغزايل ، العلم يف فن املنطق معيار ) ١٩٧

.م ١٩٩٣ ١ط، بريوت، اهلالل املصرية العامة للتـأليف املؤسسة يف أبواب العدل والتوحيد ، للقاضي عبد اجلبار ، نشر املغين ) ١٩٨

.والترمجة والنشر ، القاهرة

إمساعيل األشعري ، حتقيـق بن اإلسالميني واختالف املصلني ، لإلمام أيب احلسن علي مقاالت ) ١٩٩ .م ١٩٩٠/هـ١٤١١وت ، طبعة بري،حممد حميي الدين عبد احلميد ، املكتبة العصرية ، صيدا

. الرسالة، بريوت مؤسسةهـ، ١٤٠٥ عام ٢ يف األدب واللغة، حملمد حممد حسني، طمقاالت ) ٢٠٠ الكتـب العلميـة ، دارهـ ، ١٤١٣ ، ١ ابن خلدون ، عبد الرمحن ابن خلدون ، ط مقدمة ) ٢٠١

.بريوت . للكتاب العربيةعمر الشيباين ، الدار . يف الفلسفة اإلسالمية ، دمقدمة ) ٢٠٢هــ دار ١٤١٣ ، ٢ ط ،أمحد فهمـي / والنحل ، حملمد عبد الكرمي الشهرستاين ، ت امللل ) ٢٠٣

. الكتب العلمية ، بريوت لبنان مكتبـة االجنلـو ، حممود قاسم الدكتورتقدمي وحتقيق ،البن رشد ، األدلة يف عقائد امللة مناهج ) ٢٠٤

.٣القاهرة ط،املصرية بـريوت ، النهضه العربية دار، لى سامي النشار للكتور ع ، البحث عند مفكري االسالم مناهج ) ٢٠٥

.

٤٩٧ . ، دار املشرق ، بريوت ٢٥ يف اللغة واألعالم ، طاملنجد ) ٢٠٦حممد حسن هيتـو ، دار الفكـر ، / األصول ، أليب حامد الغزايل ، ت تعليقات من املنخول ) ٢٠٧

. بريوت ب اإلسالمي ، املكت ١٣٩٩ ، ١حممد حسني الزين ، ط . ابن تيمية ومنهجه الفكري ، د منطق ) ٢٠٨

.، بريوت . ، بريوت الثقافية من الضالل ، لإلمام أيب حامد الغزايل ، املكتبة املنقذ ) ٢٠٩ ، ١ رشـاد سـامل ، ط حممد/ السنة يف نقض كالم الشيعة القدرية ، البن تيمية ، ت منهاج ) ٢١٠

.هـ ، طبع جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية ١٤٠٦ ١ عبـد اللطيـف ، ط ألمحد عرض ونقد ، -ة اإلسالمية إمام احلرمني يف دراسة العقيد منهج ) ٢١١

.هـ ، مركز امللك فيصل ، الرياض ١٤١٤، . األشاعرة يف العقيدة، لسفر احلوايل، مكتبة العلم ، مصر منهج ) ٢١٢ . الزهراء ، مصرمكتبةهـ، ١٤١٠ القرآن يف تأسيس اليقني، حملمد اجللنيد، عام منهج ) ٢١٣ .هـ ، دار املراسم بريوت ١٤١٢ ، ١حسن عاجي ، ط. يف تاريخ الفلسفة العربية ، داملنهج ) ٢١٤م ، دار املعرفة ، ١٩٨٥ ، عليعصام الدين حممد / واالمل ، ألمحد بن حيي املرتضى ، ت املنية ) ٢١٥

.اجلامعة االسكندرية هـ ، مكتبة الرشد ١٤٢٠ ، ١طعبد الكرمي النملة ، . يف علم أصول الفقه املقارن ، د املهذب ) ٢١٦

. ، الرياض . يف أصول الشريعة ، للشاطيب ، دار املعرفة ، بريوت تاملوافقا ) ٢١٧ . ، بريوت الكتب يف علم الكالم ، لعبد الرمحن بن أمحد اإلجيي ، عامل املواقف ) ٢١٨هـ ، مكتبـة ١٤١٥ ، ١ ط ، أبن تيمية من األشاعرة ، لعبد الرمحن بن صاحل احملمود موقف ) ٢١٩

.الرشد ، الرياض لسليمان بـن صـاحل ،عرض ونقد -صوص الكتاب والسنة املتكلمني من االستدالل بن موقف ) ٢٢٠

. العاصمة ، الرياض دارهـ ، ١٤١٦ ، ١ ط،الغصن ، دار املعرفة ، بريوت احلاويعلي حممد / االعتدال يف نقد الرجال ، لإلمام الذهيب ، ت ميزان ) ٢٢١

. . ، دار الطباعة املنريية ، القاهرة ١ منون ، طلعيسى ، العقول نرباس ) ٢٢٢ ، دار أضواء الـسلف ، هـ ١٤٢٠ ، ١عبد العزيز الطويان ، ط / تيمية ، ت بن، ال النبوات ) ٢٢٣

.الرياض ٢ط،طبع حمي الدين الكـردي ،سينااليب علي بن ، يف احلكمة املنطقية والطبيعية واالهلية النجاة ) ٢٢٤

. م ١٩٣٨عام

٤٩٨ عرفـة ، م ، دار امل ١٩٧٧ ، ٧علي سامي النـشار ، ط . الفكر الفلسفي يف اإلسالم ، د نشأة ) ٢٢٥

.القاهرة . احملمدية ، مصر الطباعةم ، دار ١٩٩٧ ، ١أمحد الطيب ، ط. العلم عند األشعري ، دنظرية ) ٢٢٦هـ ، مطبوعات نادي القـصيم ١٤١٥عبد احلميد إبراهيم ، . د ، احلداثة وموت القاري نقاد ) ٢٢٧

.األديب . . ، مصر العربيةالنهضةم ، دار ١٩٦٩ األديب احلديث ، حملمد غنيم هالل ، النقد ) ٢٢٨الفرد جيوم ، مكتبة الثقافـة / تصحيح األقدام يف علم الكالم ، لعبد الكرمي الشهرستاين ، اية ) ٢٢٩

. الدينية ، مصر هـ ، دار الكتب ١٤٠٨، ١ ط ،أمحد الشافعي / يف الفنت واملالحم لإلمام ابن كثري ، ت النهاية ) ٢٣٠

.العلمية ، بريوت حممود الطناحي ، املكتبة اإلسالمية / ت،ات ابن األثري يف غريب احلديث ، أليب السعاد النهاية ) ٢٣١

.

إحسان عباس ، دار الدكتور األعيان ، أليب العباس أمحد بن حممد بن خلكان ، حتقيق وفيات ) ٢٣٢ .الثقافة ، بريوت

٤٩٩

املوضوعات فهرس

الصفحة املوضوع

أ املقدمة ٤٢ -١ التمهيد )٢٦ -٢( واملتكلمني والفالسفةواجلماعةبأهل السنة التعريف : األول : الفصل ٣ التعريف بأهل السنة واجلماعة : األول املبحث ٣ لغة واصطالحا السنة تعريف ٦ لغة واصطالحا اجلماعة تعريف ٧ السنة واجلماعة لقبابأهل التعريف ١٠ التعريف بعلم الكالم : الثاين املبحث ١١ وعلم الكالم الفلسفةبني الفرق ١١ الكالم وأسباب ظهوره علم نشأة ١٣ التسمية أسباب ١٦ الكالم وأبرز صفاته علم خطورة ١٨ تعريف الفلسفة ومميزاا : الثالث املبحث ٢٠ الفلسفة أقسام ٢٢ الفلسفة والعلم بني الفرق ٢٣ الفيلسوف صفات ٢٤ اإلسالمية الفلسفة نشأة ٢٥ الفلسفة يف الفكر اإلسالمي تأثري أسباب )٤٢ -٢٧( عالقة الدليل العقلي بالدليل النقلي : الثاين الفصل ٣٠ مصادر املعرفة العقلية : األول املبحث ٣٠ املبادئ األولية : األول املصدر ٣١ األولية يف االستدالل املبادئ مرتلة ٣٢ احلس : الثاين املصدر

٥٠٠

الصفحة املوضوع ٣٣ اخلرب : الثالث املصدر ٣٤ عمل العقل : الثاين املبحث ٣٤ العقلي التجريد عالقة الدليل العقلي بالدليل النقلي : الثالث املبحث

٣٧

األولالباب قياس الغائب على الشاهدمفهوم

٢٩١-٤٣

)٧٥-٤٤( الشاهدمفهوم قياس الغائب على : األول الفصل ٤٥ متهيد

٤٧ مفهوم قياس على الشاهد عند الفالسفة واملتكلمني : ولاأل املبحث ٤٧ مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند الفالسفة : األول املطلب ٥٠ مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند املعتزلة : الثاين املطلب ٥١ مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند األشاعرة : الثالث املطلبالفرق بني قياس الغائب على الشاهد وقياس التمثيل عند : ابعالر املطلب

املتكلمني ٥٥

٥٧ مفهوم قياس الغائب على الشاهد عند أهل السنة : الثاين املبحث ٥٧ قياس الغائب على الشاهد هو خاصية العقل وضرورته : األول املطلب ٦٠ مفهوم قياس الغائب على الشاهد : الثاين املطلبالفرق بني قياس الغائب على الشاهد وتصور : الثالث باملطل

االستدالالت العقلية ٦٥

الشاهد عند الفالسفة علىاالحتجاج بقياس الغائب : الثاين الفصل واملتكلمني وأهل السنة واجلماعة

)١٠٧-٧٦(

٧٧ احتجاج الفالسفة واملتكلمني بقياس الغائب على الشاهد : األول املبحث ٧٧ موقف الفالسفة من قياس الغائب على الشاهد : ولاأل املطلب ٨١ موقف املعتزلة من قياس الغائب على الشاهد: الثاين املطلب ٨٣ موقف األشاعرة من قياس الغائب على الشاهد: الثالث املطلب ٩٠ التعقيب على من رد هذا القياس : الرابع املطلب

٥٠١

الصفحة املوضوع ٩٤ الغائب على الشاهد بقياس واجلماعةجاج أهل السنة احت : الثاين املبحث ٩٥ أسباب حجية قياس الغائب على الشاهد : األول املطلب ٩٦ ورود هذا القياس يف الكتاب والسنة : األول السبب ٩٩ خاصية العقل تقتضي ذلك : الثاين السبب ١٠٢ التشابه وأمهيته للمعرفة : الثالث السبب ١٠٥ الصور املستخدمة من هذا القياس يف الغيبيات : ثاينال املطلب

على الشاهد لدى الغائبضوابط وجوامع قياس : الثالث الفصل املتكلمني وأهل السنة

)١٨٢-١٠٨(

١١٢ جوامع قياس الغائب على الشاهد لدى املتكلمني : األول املبحث ١١٣ قياس الغائب على الشاهد جبامع العلة : األول املطلب ١١٣ لغة واصطالحا العلة تعريف ١١٤ العلة شروط ١١٥ واملتكلمني يف العلة الفالسفة مذاهب ١١٥ يف العلة الفالسفة مذهب ١١٨ يف العلة املعتزلة مذهب ١١٨ يف العلة األشاعرة مذهب ١٢٢ العلة إثبات طرق ١٢٤ العلة واستخدامه لدى الفالسفة واملتكلمنيجامع مكانة ١٢٧ امع الشرط قياس الغائب على الشاهد جب : الثاين املطلب ١٢٧ لغة واصطالحاالشرط تعريف ١٢٨ الشروط أنواع ١٢٨ العلة والشرط بني الفرق ١٢٩ الشرط واستخدامه لدى الفالسفة واملتكلمني جامع مكانة ١٣٦ جامع الدليل : الثالث املطلب ١٣٦ طالحا لغة واصالدليل تعريف ١٤٠ الدليل عند الفالسفة واملتكلمني واستخدامهم له جامع مكانة ١٤٥ جامع احلد واحلقيقة : الرابع املطلب

٥٠٢

الصفحة املوضوع ١٤٥ لغة واصطالحا احلد تعريف ١٤٦ احلد وأقسامه وشروطه يف املذاهب ١٤٩ دامه احلد واحلقيقة عند الفالسفة واملتكلمني واستخجامع مكانةنقد أهل السنة واجلماعة جلوامع املتكلمني وبيان ضوابط : الثاين املبحث

عند أهل السنة واجلماعة الشاهدقياس الغائب على ١٥٦

نقد أهل السنة واجلماعة جلوامع املتكلمني لقياس الغائب : األول املطلب على الشاهد

١٥٦

١٥٦ العلة جامع نقد ١٥٩ الشرط جامع نقد ١٦٠ احلد واحلقيقة جامع نقد ١٦٣ الدليل جامع نقد

ضوابط قياس الغائب على الشاهد عند أهل السنة : الثاين املطلب واجلماعة

١٦٥

١٦٦ أثبته اهللا ورسوله ما إثبات ١٧٠ العرب بلغة االلتزام ١٧٨ ودليل اآليات األوىلبقياس االلتزام ١٧٨ لسنة مما مل يرد به نص ما ثبت يف الكتاب واخمالفة عدم ١٨٠ التشابه حيصل يف املعىن املشترك دون احلقائق والكيفياتبأن اإلقرار )٢٧٤-١٨٣( قياس الغائب على الشاهديفأسباب اخلطأ والضالل : الرابع الفصلاالبتعاد عن معرفة طريق القرآن الكرمي يف قياس الغائب : األول املبحث

على الشاهد١٨٦

١٩٢ االعتماد على املنطق اليوناين : الثاين بحثامل ٢٠٥ الدخول يف القياس بفكرة مسبقة : الثالث املبحث ٢٠٥ العام بقانوم التزامهم ٢٠٦ املة باأللفاظ التزامهم ٢٠٩ الثنائيةبالقضايا االلتزام ٢١٠ واملوروثات السابقة باألديان التأثر

٥٠٣

الصفحة املوضوع ٢١٣ ردود األفعال : الرابع ثاملبح ٢١٣ املناظرات يف ٢١٦ للمذهب وإن ظهر احلق التعصب يف

٢١٩ تقسيم اللغة إىل حقيقة وجماز : اخلامس املبحث ٢١٩ وااز ونشوء القول ا احلقيقة تعريف ٢٢١ احلقيقة وااز يف املذاهب ٢٢٩ إىل القول باحلقيقة وااز الداعية األسباب ٢٢٩ العرببلغة اجلهل ٢٣٢ العربية وتعلمها اللغة ترمجة ٢٣٣ اليونان بعلوم التأثر

٢٣٦ للمذهب االنتصار ٢٣٧ املطعين يف رده على شيخ اإلسالمعلى الرد ٢٣٨ ابن تيمية يقول بالوضع أن زعمه ٢٤٥ ابن تيمية بأن األلفاظ ال تأيت مقيدة وال تأيت مطلقةعلى رده ٢٥١ ابن تيمية يقول بااز ويرى الرتاع نزاعا لفظيا بأن لهقو

٢٥٩ املطلوب على مصادرته احلقيقة وااز بقياس الغائب على الشاهد واملفاسد املترتبة مبحث تعلق

على ذلك٢٦١

٢٧٠ دفع األمور الضرورية وجعلها نظرية استداللية : السادس املبحث )٢٩١-٢٧٥( اخلامس الفصل

٢٧٧ الغائب على الشاهد وجماالته قياسالصور املستخدمة يف ٢٧٩ كلية إلرجاع القضية املنفية أو املثبتة إليهاقضية استخدام ٢٨٢ التمثيل استخدام ٢٨٥ القول بقضية ما نفيا وإثباتالنتائج تفسريهم ٢٨٧ التقسيم استخدام إبطال كالم املخالفيف استخدامه

٢٨٩

٥٠٤

الصفحة ضوعاملو الثاينالباب

الغائب على الشاهد بني أهل السنة واملخالفنيقياس استخدامات )٤٤٩-٢٩٢(

)٣١٤-٢٩٣( إثبات وجود اهللا سبحانه وتعاىل : األول الفصل ٢٩٥ إثبات وجود اهللا عند الفالسفة : األول املبحث ٣٠٦ إثبات وجود اهللا عند املتكلمني : الثاين املبحث

٣١٢ إثبات وجود اهللا عند أهل السنة واجلماعة : الثالث حثاملب )٣٢٣-٣١٥( إثبات وحدانية اهللا سبحانه وتعاىل : الثاين الفصل ٣١٧ إثبات وحدانية اهللا عند الفالسفة : األول املبحث ٣٢١ إثبات وحدانية اهللا عند املتكلمني : الثاين املبحث ٣٢٣ عند أهل السنة واجلماعة إثبات وحدانية اهللا : الثالث املبحث )٣٥٢-٣٢٤( الصفات : الثالث الفصل ٣٢٦ الصفات عند الفالسفة : األول املبحث ٣٣٧ األمساء والصفات عند املتكلمني : الثاين املبحث ٣٣٧ املعتزلة : األول املطلب ٣٤٤ األشاعرة : الثاين املطلب ٣٤٨ سنة واجلماعة األمساء والصفات عند أهل ال :الثالث املبحث )٣٨٨-٣٥٣( أفعال اهللا : الرابع الفصل ٣٥٥ أفعال اهللا عند الفالسفة : األول املبحث ٣٦٣ أفعال اهللا عند املتكلمني : الثاين املبحث ٣٦٤ املعتزلة : األول املطلب ٣٧١ األشاعرة : الثاين املطلب ٣٧٧ أفعال اهللا عند أهل السنة واجلماعة : الثالث املبحث )٤٢٤-٣٨٩( النبوات : اخلامس الفصل ٣٩١ النبوات عند الفالسفة : األول املبحث عند املتكلمنيالنبوات : الثاين املبحث

٤٠٦

٥٠٥

الصفحة املوضوع ٤١٣ عند أهل السنة واجلماعة النبوات : الثالث املبحث )٤٤٨-٤٢٥( اليوم اآلخر : السادس الفصل ٤٢٧ اآلخر عند الفالسفةاليوم : األول املبحث ٤٣٦ اآلخر عند املتكلمنياليوم : الثاين املبحث ٤٤٨ واجلماعة اآلخر عند أهل السنة اليوم : الثالث املبحث ٤٤٩ اخلامتة ٤٥٠ األعالم تراجم ملحق ٤٦٤ املصطلحات الواردة يف الرسالة لبعض ملحق

٤٧٠ فهرس اآليات القرآنية ٤٧٦ فهرس اآلحاديث

٤٧٨ واملراجع املصادر فهرس ٤٩١ املوضوعات فهرس

٥٠٦

٥٠٧