الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

علميوزارة التعليم العالي والبحث ال جامعة الجزائر

آلية اآلداب واللغات قسم اللغة العربية وآدابها

مذآرة لنيل شهادة الماجستير اسات اللغوية النظريةالدر: تخصص

:إعداد الـــــــطالـــبة الزهـــــــــــــــــراء مـــــــــــــــــني

السنة الجامعية م2008-2007/ ه 1428-1429

ظاهرة التضاد في لغة الضاد وأثرها في تفسير القرآن الكريم

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة الجزائر

كلية اآلداب واللغات قسم اللغة العربية وآدابها

مذكرة لنيل شهادة الماجستير

الدراسات اللغوية النظرية: تخصص

:إعداد الطالبة الزهـراء منـي

السنة الجامعية ه1428-1429 م2007-2008

ظاهرة التضاد في لغة الضاد وأثرها في تفسير القرآن الكريم

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة الجزائر

قسم اللغة العربية وآدابها كلية اآلداب واللغات

مذكرة لنيل شهادة الماجستير

الدراسات اللغوية النظرية: تخصص

:إشراف األستاذ: إعداد الطالبة

مةمحمد العيد رتي. الزهراء مني د

:السنة الجامعية م2007-2008

ظاهرة التضاد في لغة الضاد وأثرها في تفسير القرآن الكريم

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة الجزائر

كلية اآلداب واللغات قسم اللغة العربية وآدابها

مذكرة لنيل شهادة الماجستير

الدراسات اللغوية النظرية :تخصص

:إشراف األستاذ: إعداد الطالبة

محمد العيد رتيمة. الزهراء مني د

:أعضاء لجنة المناقشة رئيسا / د.أ

مقررا/ د.أ

عضوا/ د.أ

عضوا/ د.أ

السنة الجامعية

ه1428-1429 م2007-2008

ظاهرة التضاد في لغة الضاد وأثرها في تفسير القرآن الكريم

نى ألع نالجو سناإل تعمتاج نئل قل{ ولو هلثبم ونتأي ال نآرقا الذه لثوا بمتأي

}يراهظ ضعبل مهضعب انآ

اإلهداء

*إلى والدي *

شكر وعرفان

حني إجالال لله سبحانه وتعالى وشكرا على فضله وكرمه بأن أن

.أمدني بالعزيمة والصبر إلنجاز هذا البحث الذي أبغي به رضاه أوال و آخرا وأتوجه بعدها إلى من غرس في حب العلم وكان ومازال من أقوى الدوافع التي

يعجز قلمي عن شكر * ح منيراب*تحفزني على طلب العلم مثلي األعلى والدي أسأل اهللا أن يجزيه عني .كل ما قدمه لي سواء من الجانب المعنوي أو المعرفي أو المادي

. خير ما يجزي به عباده الصالحين

* محمد العيد رتيمة*كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى أستاذي الفاضل الدكتور ي بذله في قراءة ومراجعة البحثوعرفانا مني بفضله وتقديرا للجهد الذ

.وتصويب زالته أسأل اهللا له خير الدعاء وخير النجاح وخير العمل وخير الثواب الذي أكرمني باالستفادة * عبد الرزاق عبيد*كما أتقدم بشكري لألستاذ الدكتور أن من كتبه الخاصة، وشجعني على المضي قدما في إنجاز هذا البحث، أرجو من اهللا

.يجزيه الخير الكثيرالذي ال يبخل على طلبة العلم * محمد الحباس*وال يفوتني أن أشكر األستاذ الدكتور

.باإلعانة والتوجيه أسأل اهللا له خير األجر .كما ال أنسى أن أشكر كل من أعانني في إخراج هذا البحث ولو بكلمة

.حتراملهؤالء جميعا جزيل الشكر واالمتنان وخالص التقدير واال

الزهراء مني

مقـدمةإن الحمد هللا نحمده كثيرا ونستعين به ونسترشده، ونثني عليه بما هو أهلـه عرفانـا

إلى األمة العربية اإلسـالمية بإحسانه وآالئه وجميل عطائه فقد أنعم علينا بنعمة االنتماء

لـغة الضـاد، وأنـزل " اللغة العربية" الناطقة بأشرف اللغات، لغة تنزيل القرآن الكريم

علينا كتابه المعجز الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه فكان منهال للدراسات

.اللغوية ومصدرها األول

صحتها هي ريادة المكانة التي تحتلها اللغة في حياة والحقيقة التي اليمكن التشكيك في

الشعوب واألوطان، وكذا الدور الذي تلعبه في المسيرة البشـرية نحـو العلـم والتقـدم

والحضارة، لذلك شغلت الدراسات اللغوية قدرا كبيرا من اهتمام الباحثين القدامى مـنهم

يل تكشف عن جهود جمهرة من العلماء والمحدثين، ولعل إطاللة على تراثنا العربي األص

الذين كرسوا حياتهم لخدمة لغة الوحي فعالجوا أبرز القضايا اللغوية، وظل البحث قائمـا

حول بعضها إلى يومنا خصوصا تلك القضايا التي اختلفت وجهات النظر حولها وكانـت

نتباه وتثير االهتمام مثار جدل بين العلماء، وقد لفت انتباهنا موضوع ظاهرة لغوية تشد اال

وهي ظاهرة التضاد في اللغة العربية، ونقصد هنا ظاهرة األضداد في ضوء ما أشار إليه

القدامى من اللغويين العرب، أي ظاهرة تعبير اللفظ الواحد عن معنيين متضـادين، أمـا

عـن المفهوم الثاني للتضاد وهو تعبير لفظين مختلفين عن معنيين متضادين فهو خارج

. إطار اهتمامنا

ورغم أن هذا الموضوع ليس بجديد فقد طرق من قبل الدارسين القدامى والمحـدثين

إال أني أعتقد أننا مازلنا بحاجة إلى معاودة النظر في كل بحث يظن ظان أن األمر فيـه

! قد فصل وأن نقطة النهاية فيه قد وضعت

ألستاذي المشرف فضل في تحمسـي للبحـث فـي وال يفوتني هنا أن أعترف بأنه كان

الموضوع وذلك بتكراره على طلبة العلم فكرة أن ما درس ما يزال بحاجة إلى دراسـة،

وما نظر إليه من زاوية يمكننا النظر إليه من زاوية أخرى والمناهج متعددة في الدراسة،

لم يسبقهوكل باحث جاد يمكنه أن يكشف عن حقائق ويتوصل إلى نتائج ربما

أإليها غيره رغم وحدة موضوع البحث ذلك أن وجهات النظـر وطريقـة تحليـل اآلراء

.تختلف من باحث إلى آخر

ظاهرة التضاد فـي لغـة الضـاد " ومن ثمة كان البحث في هذا الموضوع تحت عنوان

" وأثرها في تفسير القرآن الكريم

ناولها من الناحية النظريـة حتـى يتحـدد فقد رأيت أن أفرد لهذه الظاهرة بحثا خاصا يت

القرآن الكريم الذي يظل أوثق وأرقى مصـدر، -وال بد أن أختار –المفهوم، ثم اخترت

وهو الصالح لكل زمان ومكان، فال يخفى أن االحتكام إلى القرآن الكـريم للفصـل فـي

.القضايا اللغوية هو من أنجح الطرق للوصول إلى نتائج دقيقة

:الواقع أنه دفعتني عدة أسباب للبحث في هذا الموضوع منهاو

الرغبة الملحة للبحث في موضوع يتعلق بخدمة القرآن الكريم ولو من جانـب بسـيط *

.عسى اهللا أن يكون قد وفقني فيما قصدت

موضوع هذه الظاهرة اللغوية من حيث اإلثبات واإلنكار محل خالف بين العلماء مثلها *

ادف واالشتراك اللفظي، ورأيت أني أميل كثيرا للبحث في هـذه الموضـوعات مثل التر

التي حدث فيها خالف، فكان أن اخترت ظاهرة التضاد في اللغة العربية نظرا لكونها من

. أكثر الظواهر اللغوية غموضا وأقلها دراسة

مقة خاصـة وقـد الموضوع من جوانبه المختلفة جدير بالدراسة العلمية المتأنية المتع*

المراجع الحديثة التي تتناول موضوع الظاهرة بشـكل –إن لم أقل ندرة –الحظت نقص

فغالبا ما يكون الحديث عن هـذه –فيما أعلم –معمق أو تعطيها حيزا كبيرا من الدراسة

الظاهرة في إطار الحديث عن ظاهرة االشتراك اللفظي باعتبارها نوعا منه، في حين نجد

تاأنببحـوث -في كثير مـن األحيـان -ظاهرتي الترادف واالشتراك اللفظي قد خص

. مستقلة

باإلضافة إلى كل هذا فموضوع األضداد من المواضيع اللغوية الشيقة لذلك عزمت علـى

. أن أخصص حيزا أكبر لدراسة هذا الموضوع واإللمام بجميع جوانبه بإذنه تعالى

:عبير اللفظ الواحد عن معنيين متضادين وتساءلتفقد أثارت اهتمامي ظاهرة ت

هل فعال هذه الظاهرة موجودة في اللغة العربية ويمكن للفظ واحد أن يعبر عن معنيـين

اثنين ومتضادين ؟ وإذا كانت هذه الظاهرة فعال موجودة، فما هي األسباب والعوامـل

ب

الظاهرة اللغوية هل تقبلوا وجـودها التي أوجدتها ؟ ثم ما هي مواقف اللغويين إزاء هذه

في اللغــة العربية أم رفضوها ؟

وإذا كان هناك من تقبلها وهناك من رفضها فمن مثل الفريق المجيز ومن مثل الفريـق

المعارض سواء من القدامى أو المحدثين ؟ وماهي حججهم في ذلك ؟

ن نحـدد أي المعنيـين هـو وإذا صادفنا لفظة من األضداد في نص معين فكيف يمكننا أ

المقصود ؟

وإذا افترضنا أن السياق هو المساعد الرئيس في تحديد المعنى المقصود للفظ، فهل يكفي

السياق وحده لتحديد معنى اللفظ أم أن هناك عوامل أخرى ؟

وإذا علمنا أن القدامى قد أثبتوا اشتمال القرآن الكريم على بعض األضداد، فكيف تعامـل

فسرون مع هذه األلفاظ ؟ وهل حدث خالف بينهم عند تفسير اآليات التي اشتملت على الم

األضداد ؟ثم هل تركت هذه األضداد أثرا في تفسير اآليات التي اشتملت عليها ؟

إذا كانت الظاهرة موجودة فعال في اللغة العربية فهل يعد وجودها عيبـا : وأخيرا نتساءل

ميزاتها ؟ من عيوب اللغة أم ميزة من

هذا وقد وضعت نصب عيني بعض األهداف للبحث في هـذا الموضـوع أذكرهـا

: فيما يلي

محاولة اقتراح تسميات تمكننا من التفريق بين مفهومي التضاد الموجودين فـي اللغـة *

العربية لعل هذا يغني الباحثين عن التقديم في بداية بحوثهم لتوضيح أي نوع من التضاد

.صدونيق

.الكشف عن إيجابيات الظاهرة على اللغة العربية وسلبياتها*

محاولة الحكم على الدراسة القديمة في ضوء الدراسة الحديثة لظاهرة التضاد في اللغة *

.العربية

. االحتكام إلى بيان القرآن الكريم لحسم الخالف حول ظاهرة التضاد*

يد معنى الكلمة داخل النص خاصة إذا كانـت الوقوف على دور السياق وأثره في تحد*

.من األضداد

.محاولة الوقوف على مدى تأثير األلفاظ األضداد على العملية التفسيرية *

ة مناهـج في الدراسـة إال أنهذا وقد اقتضت طبيعة موضوع البحث أن أتبع عد

جاألخرى فقد اسـتعنت بـالمنهج المنهج الوصفي كان هو المنهج السائد، أما بقية المناهج

التاريخي ألنني عرضت لمفهوم التضاد عند القدامى وآرائهم فيه، ثم عرضت لمفهومه

عند المحدثين وذكرت آراءهم أيضا، وكذلك المنهج المقارن حيث قارنـت بـين نظـرة

القدامى ونظرة المحدثين وكذا بين نظرة المثبتين لوجـود الظـاهرة ونظـرة المنكـرين

دها، كما قارنت بين ثالثة مفسرين عند دراسة أمثلة من األضداد في القرآن الكريم، لوجو

وقد استعنت أيضا بالمنهج التحليلي في تحليل مواقف اللغويين القدامى والمحدثين وكـذا

المفسرين، وأخيرا المنهج اإلحصائي فقد قمت بإحصاء بعض األضداد في القرآن الكريم

. لغرض الدراسة

قد رأيت أن أحصر هذه الدراسة في فصلين يسبقهما مدخل وتليهما خاتمة أعـرض ول

.فيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خالل هذا البحث

فقد مهدت من خالله للدخول في موضوع البحث وذلك بالوقوف عند قضـايا المدخلأما

: اء في مبحثينمتعددة بالتعريف اللغوي واالصطالحي لتحديد المفاهيم، وقد ج

عرضت فيه المفهوم اللغوي واالصطالحي للداللة كما تحدثت عن نشأة علم الداللة :األول

. ودوره، وذكرت فيه أيضا أنواع الداللة اللغوية

خصصته لتعريف ثنائية اللفظ والمعنى فوقفت عند كل عنصـر مـن عنصـري :الثاني

رضت ألهم العالقات الداللية القائمة بـين الثنائية بالتعريف اللغوي واالصطالحي، ثم ع

اللفظ والمعنى كالترادف واالشتراك اللفظي والتضاد، ووقفت بقليل مـن الشـرح عنـد

باإلشارة إليه ألنـه موضـوع ظاهرتي الترادف واالشتراك اللفظي، أما التضاد فاكتفيت

.البحث

للحديث عن مفهوم التضاد والذي جاء في ثالثة مباحث فقد خصصته الفصل األولأما

.في اللغة العربية وموقف اللغويين منه

منه عرفت فيه مصطلح التضاد لغة واصطالحا، وذكرت تفسير اللغويين فالمبحث األول

للعالقة بين التضاد واالشتراك اللفظي، ثم ذكرت أهم الشروط واألسباب التي

.ذكرها اللغويون لوقوع التضاد في اللغة

قمت بإيراد أقوال أهل العلم حول هذه الظاهرة من القائلين بوقوعها المبحث الثاني وفي

والمنكرين لها من القدامى والمحدثين، كما حاولت في هذا المبحث المقارنة بـين تلـك

. اآلراء وتحليلها، وعرضت أيضا لمفهوم التضاد في غير اللغة العربية

د للحديث عن أهمية التضاد ومكانتـه في الدرس اللغوي العربـي، المبحث الثالثوجاء

فذكرت فيه أهم من ألفوا في هذه الظاهرة من العرب والمستشرقين ، كما حاولت جمـع

بعض الجوانب اإليجابيـة والسـلبية للتضـاد وختمـت المبحـث بـالتعريف اللغـوي

م أنواعه باعتباره من أهم القرائن الداللية المساعدة علـى واالصطالحي للسياق وذكر أه

. تحديد معاني األلفاظ

وختمت الفصل األول بخالصة جمعت فيها أهم النتائج التي استخلصتها مـن المباحـث

.المتناولة في هذا الفصل

من هذا البحث فقد أردته أن يكون خاصا للحديث عن أثر الظـاهرة الفصل الثانيأما

:في تفسير القرآن الكريم، وقد جاء في مبحثين

منه للحديث عن مفهوم التفسير ونشـأته والفـرق بينـه وبـين المبحث األول خصصت

. التأويل، كما عرضت فيه ألهم مناهج التفسير القرآني ومدى توظيفها للغة

آن الكريم حيث فكان دراسة تحليلية مقارنة لجملة من األضداد في القرالمبحث الثاني أما

عرضت للمعنى اللغوي لكل لفظة ثم عرضت لمعناها عند ثالثة مفسرين ممثلين لثالثـة

المنهج اللغوي ممثال بأبي عبيدة، والمـنهج النقلـي ممـثال : مناهج تفسيرية معروفة هي

بالطبري، والمنهج العقلي ممثال بالزمخشري، ثم استخلصت مواقف هـؤالء المفسـرين

.هرة من خالل األمثلة المدروسةحيال هذه الظا

وذيلت هذا الفصل أيضا بخالصة ذكرت فيها أهم النتائج التي توصلت إليهـا فـي هـذا

.الفصل

. ثم ختمت البحث بخاتمة ذكرت فيها أهم النتائج واآلراء التي خلصت إليها الدراسة

ضـت لهـا، أما عن مصادر البحث ومراجعه فقد تنوعت بتنوع المباحث التـي عر

.فاعتمدت على كتب في علم الداللة وفي فقه اللغة وكتب في التفسير ودراسة القرآن

كتاب األضداد البن األنباري، وكتاب األضداد البـن السـكيت، –مثال -فمن المصادر

الخصائص البن جني،الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها

...ي علوم اللغة وأنواعها للسيوطي، الكتاب لسبويهالبن فارس، المزهر ف

بدراسة القرآن فقد استعنت بمجاز القرآن ألبـي عبيدة، قأما التفاسير القرآنية وما يتعل

مفردات ألفاظ القرآن للراغب األصفهاني، البرهان في علوم القرآن للزركشي، الكشاف ه

ويـل للزمخشري، اإلتقان في علـوم عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأ

... القرآن للسيوطي، جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري

علم الداللة ألحمد مختار عمر، نصوص في فقه اللغة العربية لبكر السـيد : ومن المراجع

يعقوب، التضاد في ضوء اللغات السامية لربحي كمال، فصول في فقه العربية لرمضان

...دور الكلمة في اللغة لستيفن أولمان عبد التواب،

جمهرة اللغة البن دريد، مقاييس اللغة البـن فـارس، : كما استعنت بالمعاجم اللغوية مثل

لسان العرب البن منظور، كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيـدي، القـاموس المحـيط

...للفيروز آباذي

وذلك ي نقل اآليات القرآنية الكريمةف" حفص"وأشير هنا إلى أني قد اعتمدت على قراءة

.لتوفر القرص المدمج في قراءة حفص حيث سهل علي نقل اآليات بشكلها

هذا والشك أن كل باحث تواجهه صعوبات أثناء البحث حتى وإن اضطر لتجاوزهـا

فإنه ستحز في نفسه مشكلة عدم الحصول على كل المراجع التي تخدم موضوع البحـث

مشكلة التي يواجهها أغلب الطلبة والتي واجهتها بدوري فقد كان بودي االطـالع وهي ال

على كل الكتب التي ألفت في هذا الموضوع ويشهد اهللا تعالى أني لم أدخـر جهـدا فـي

.تجري الرياح بما ال تشتهي السفن نالبحث عنها ولك

إلـى أسـتاذي المشـرف وفي الختام ال يسعني إال أن أقدم جزيل الشكر والعرفان

األستاذ الدكتور محمد العيد رتيمة الذي شجعني على المضي قدما في إنجـاز البحـث،

وعلى جميل صبره وتقديره لظروف سير العمل، وترك المجال مفتوحا إلبـداء الـرأي

. أرجو من من المولى عز وجل أن يجزيه خير ما يجزي به عباده الصالحين

للنقص والخطأ فإن -ال محالة–أن هذا جهد البشر، فهو معرض وال يخفى عن الذهن

أخطأت فمن نفسي، وأرجو من اهللا تعالى أن يغفر ما زل به قلمي، وإن أصبت فمـن اهللا

.سبحانه وتعالى

وأملي فيمن يتكرم بقراءته أن يكشف لي ما بدر فيه من الخطأ فأدعو اهللا لـه أن يجزيـه

.أخطائي خير الجزاء ويوفقني لتصحيح

نا ال تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والحمد هللا ربرب

. العالمين

و

لمعنىوا اللفظ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية: مدخل

مدخـــل )الداللة وثنائية اللفظ والمعنى(

I- مفهوم الداللة:

.تعريف الداللة لغة واصطالحا -1

.نشأة علم الداللة -2

.أنواع الداللة اللغوية -3

II- ثنائية اللفظ والمعنى:

.تعريف اللفظ -1

.تعريف المعنى -2

.أنواع العالقات الداللية القائمة بين اللفظ والمعنى -3

I- مفهوم الداللة:

منذ القدم، وذلك للمكانـة التـي ل التاريخ اهتمام العلماء والباحثين باللغة لقد سج

عن األفكار، والتواصل، والفهم واإلفهامفي حياة الشعوب، فهي وسيلة التعبير تحتلها

اتفاقه مع «لىيمتاز بالدقة والبساطة، باإلضافة إ للغة) ه392ت(يوقد كان تحديد ابن جن

ر بها كل قوم اللغة أصوات يعب «:دها بقولهحين حد )1(»كثير من التعريفات الحديثة للغة

اللغة قبل أن د أنح الطبيعة الصوتية للغة، و يؤكفهو بذلك يوض) 2( .»عن أغراضهم

ا لغوية مكتوبة،تكون رموز دة هي في األصل أصوات لغوية منطوقة، ذات دالالت محد

الوظيفة تكمن وهنانة، على معاني معي دليليستهدف كل فرد من وراء نطقها الت

.للغة في نقل األفكار وتبادلها ةاالجتماعي

مي بالذكر رغها ابن جنإذن األصوات هي الوسيلة األولى إلنتاج الداللة، لذلك خص

غة ليست محصورة في المستوى الصوتي، بل تمستويات الل أناه إلى مستويين آخرين تعد

:هما

).المستوى الصرفي، مستوى الكلمات أو األبنية(المستوى اإلفرادي -

). المستوى النحوي، مستوى التراكيب اللغوية أو الجمل(المستوى التركيبي -

األصوات لها دالالتها الخاصة وإذا قلنا أن ،فهذا ال يمنع بل يدفع إلى القول بأن

.خرى دالالتها الخاصةوالجمل لها هي األالكلمات

المستوى (الداللة ترافق جميع المستويات اللغوية الثالثة وبالتالي نخلص إلى القول بأن

كمستوى " الداللة"وال يمكن اعتبار، )ركيبيالصوتي، المستوى اإلفرادي، والمستوى الت

رابع و مستقل بذاته، فهذا خطأ فادح ألن» ا يضاف إلى اللغة، وإن كان الداللة ليست أمر

ا لما كانت شيئ ها لو لم تدلاللغة وأن" روح"ة عظيم، ولكن الداللة على جانب من األهمي

3( .»ا، فاللغة داللة أو ال تكون مذكور (

ــــــــــــــــــــ، )ط.د(، 2001 والتوزيع،رجب عبد الجواد إبراهيم، دراسات في الداللة والمعجم، دار غريب للطباعة والنشر ) 1(

.12ص، 1، ج)ط.د(،)ت.د(شر، بيروت، ابن جني، الخصائص، تحقيق محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والن) 2(

. 33ص .33، ص1، ط1995بنغازي، قا، منشورات جامعة قار يونس اللة دراسة وتطبينور الهدى لوشن، علم الد) 3(

2

والمعنى اللفظ ـــــــــــــــــــ الداللة وثنائيةـــــــــــــــــــــ: مدخل

أن يذكر في هذه الحالة ،كمستوى رابع) المستوى الداللي( لمن يريد إضافة لذلك كان البد

وليس " علم اللغة"أو مستويات " دراسة اللغة"ل مستويات المستويات األربعة تمث أن

كن ما من مانع أن لو تزيد،تنقص وال مستويات اللغة ثالثة ال ، ألن"اللغة"مستويات

ة على مستوى األصوات و الكلمات اللي من اللغة و تكون دراسة الداللندرس الجانب الد

تمثل أحد ) الداللة(ها لكن أن نفصل الداللة عن اللغة ونقول أن، التراكيب اللغويةو

غة في أصل هذا التقسيم لمستويات دراسة الل مستويات اللغة فهذا غير ممكن، ولعل

.وضعه كان الغرض منه تسهيل دراسة اللغة فقط وليس أكثر

من الوقوف عند هذا المصطلح بالتعريف لغة كان البد" الداللة"ولتوضيح مفهوم

.ااصطالحو

:تعريف الداللة -1

:الداللة لغة -أ

مها، واآلخر اضطراب تتعليء بأمارة أحدهما إبانة الش:م أصالنال والالالد" ل.د"

.. .لته فاندلده إليه، ودلسد فاندل وداللة ه داله على الشيء يدلدل « :ويقال) 1(.في الشيء

به، ليل ما يستدلعلى الطريق، والد يقول آلخر، أما يندل اسمعت أعرابي:قال أبو منصور

والده على الطال، وقد دلليل الده لريق يدداللة ودواالسم ...لولة والفتح أعلىاللة ود

الداللة والداللة ما جعلته للدوقال ابن دريدلالليل أو الد ، :الداللاللة بالفتح حرفة الد...«

)2( اللة لها صيغتانفالد):(و) عالةف(بالفتح على وزن ) اللةد(وزن ىبالكسر عل) اللةدعالةف( ،

.لون الفتحء يفضأغلب العلما أن إال

اإلرشاد والهداية إال«اللة في مجمل القول تعنيوالد أن من اإلرشاد معناها أعم

)3(.»يةوالهدا

ــــــــــــــــــ .259 ص، 2، مج1، ط1991بيروت، ،ابن فارس، مقاييس اللغة، تحقيق عبد السالم محمد هارون، دار الجيل) 1( ، )ل.ل.د(رجمة، طبعة مصورة عن طبعة بوالق، مادةار المصرية للتأليف والتب، الدابن منظور، لسان العر: انظر) 2(

.265وص 264، ص 13ل،حرف الالم،جاالد فصل، 2، ط1993أبو البقاء الكفوي، الكليات، تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسـة الرسـالة، بيـروت، ) 3(

. 439ص

3

والمعنى اللفظ ـــــــــــــ الداللة وثنائيةـــــــــــــــــــــــــــ: مدخل

:االداللة اصطالح -ب

هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به « الداللة في اصطالح علماء األصول

) 2(.»ل هو الدال، والثاني هو المدلولاألو )1(العلم بشيء آخر والشيء

معرفة الدال تأتي في مرحلة سابقة عن بمعنى أن العلم بالدال معرفة المدلول، فإذا ما تم

معرفة المدلول تستلزم معرفة الدال، والداللة وبالتالي فإن ).3(ترتب عليه العلم بالمدلول

على هذا األساس تمثل عالقة االستلزام بين الدال والمدلول بشرط أن يستلزم المدلول داال

:وليس العكس، ويمكن تمثيل هذه العالقة كما يلي

) أ()4(⇐) ب: (فإن، )ب( :والمدلول ،)أ(:إذا كان الدال

أن لم يشترطوا لعلماء األصو أن،" الداللة" ونالحظ من خالل هذا التحديد لمصطلح

وجود الدال بدون ما هذا راجع لكون اعتبارهم أنورب ،يستلزم الدال مدلوال بل العكس

لواقع ولكنره، فقد توجد أشياء في االمدلول أمر يمكن تصوا عن ها ال تحمل معنى إضافي

.وهنا ال مجال للحديث عن الداللة ،كونها حاملة لصفة الوجود

وجود ألن أن يكون للمدلول داال –إذا أردنا الحديث عن الداللة -لذلك هم اشترطوا

رهستبعد المدلول بدون الدال هو ما يتصو.

وفي التفكير اللساني الغربي على وجـه –ة الحديث أما مفهوم الداللة في علم اللغ«

مكانا عليا (Ferdinand de Saussure) فقد رفعته دروس فردينان دي سوسير -الخصوص

فالداللة عنده عبارة عن العالقة التي تربط الدال بالمدلول داخل العالمة اللسـانية، ومـن

التصال، وأن أحدهمـا يقتضيخواص هذه العالقة أن يكون بين الدال والمدلول كمـال ا

ـــــــــــــــــــ )1 (مكتبـة التهانوي، كشاف اصطالحات الفنون والعلوم، تحقيق علي دحـروج، [اللفظ وغيره، المراد بالشيء ما يعم

].787، ص1، ج1، ط1996ناشرون، لبنان

.104ص ،)ط.د( ،1995 بيروت، دار الكتب العلمية، التعريفات، ،)الشريف(الجرجاني ) 2(

،1987القاهرة، ،محمود توفيق محمد سعد، داللة األلفاظ عند األصوليين، دراسة بيانية ناقدة، مطبعة األمانة: انظر) 3(

.10، ص1ط

.رمز االستلزام ) 4(

4

والمعنى اللفظ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية: مدخل

منهما مرهون بصاحبه، فال يكون الدال داال حتى يكون له اآلخر ويؤذن به، فتصور كل

مدلول، وال يتسنى الكالم على المدلول حتى يكون له دال، إذ هو ال يوجد خارج العالقة

. )1(»التي تربطه بالدال

ونالحظ هنا أن مفهوم الداللة قد أخذ وجها مغايرا لمفهومها عند علماء األصول، فبعد أن

المدلول هي فقط المرهونة بمعرفة الدال، أصبحت معرفة الدال أيضا كانت معرفة

تستوجب معرفة المدلول، بل إن معرفة كليهما تتم في وقت واحد وال تسبق معرفة

أحدهما اآلخر، والداللة في هذه الحالة أيضا هي العالقة التي تربط الدال بالمدلول ولكن

حظة الزمنية نفسها، ويمكن تمثيل العالقة في هذه بشرط أن يستلزم كل منهما اآلخر في الل

: يلي الحالة كما

).ب()2(⇔) أ: (، فإن)ب( :والمدلول،)أ: (إذا كان الدال

وهنا ال يمكن بأي حال من األحوال أن نتصور داال بدون مدلول، وال مدلوال بدون دال

مفهومان من المحال أن نفكر في إذ أن فعال واحدا ينتج الدال والمدلول معا، فهما «

.)3(»أحدهما دون اآلخر

وإذا أردنا أن نقارن بين تعريف علماء األصول للداللة وتعريفها عند المحدثين

سيتضح لنا جليا أن الفرق يكمن في إضافة المحدثين لشرط استلزام الدال للمدلول أيضا

.عند علماء األصول بعد أن كان المدلول هو فقط الذي يستلزم الدال

وبالتالي نخلص إلى القول بأن كال التعريفين صحيح، إال أن تعريف المحدثين أكثر

تحديدا ودقة، ألن الدراسات اللغوية الحديثة تستفيد من علوم أخرى، وتعتمد على وسائـل

ــــــــــــــــــ . 27نور الهدى لوشن، علم الداللة دراسة وتطبيقا، ص) 1( .رمز التكافؤ )2(أزوولد تزيفان تودوروف، آدام شاف،ستروسن، فريحة، بيث، المرجع والداللة في الفكر اللساني الحديث، ترجمة ) 3(

.18، ص)ط.د( ،)ت.د(وتعليق عبد القادر قنيني، إفريقيا الشرق،

5

والمعنى ظاللف ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية: مدخل

حديثة ، وبالتالي تكون أكثر تخصصا ودقة، ولكن في مقابل هذا ال ينبغي أن ننفي دقة

علماء األصول في تعار يفهم فالفضل يعود إليهم أوال، ألنهم بنوا أفكارهم بجهودهم

اللغوية األولى، في حين نجد أن المحدثين يعودون دائما إلى ما قيل في التراث ويضيفون

.يجدونه مناسبا، ولهم أيضا الفضل في استقراء التراث اللغوي وتحليلهما

على الرغم من أن هذا ، و)1(ويرى فايز الداية أن الجدل قد طال في أمر الداللة

قد صبغ طابع الدراسات اللغوية، إال أنه بقي غير واضح المعالم ) الداللة(المصطلح

ذلك أن الداللة متعلقة بالمعنى و المعنى متعلق بكل وغير متفق عليه، وليس له حدود،

.)2( شيء في حياة اإلنسان

شارك فيه منـذ «،فاالهتمام بالمعنى شارك فيه العرب وغير العرب ومن ميادين مختلفة

القديم الفالسفة والمناطقة خاصة، وشـارك فيـه علمـاء الـنفس وعلمـاء االجتمـاع

ه علماء السياسة واالقتصاد، وجماعـات مـن الفنـانين واألنثروبولجيا حديثا، وأسهم في

.)3(»واألدباء والصحفيين

هنـاك نظـم ذفالداللة دخلت مجاالت عديدة وبالتالي فهي ليست مقصورة على اللغـة، إ

أخرى يصدق عليها ما يصدق على اللغة من حيث كونها عالمات اصـطالحية أيضـا،

.)4(سواء اتسعت دائرة هذا االصطالح أم ضاقت

ينبه دارسون دالليون محدثون إلى ضرورة تحديد المصطلح وتـأطيره بالداللـة «لذلك

دراسة الجانب الرمزي من اللغة هو في الواقع جـزء مـن عــلم «ألن )5(»اللغوية

أوسـع

ـــــــــــــــــــ، دار الفكر المعاصر، )تأصلية نقدية دراسة تاريخية(فايز الداية، علم الداللة العربي، النظرية والتطبيق : انظر) 1(

.17، ص2، ط1996بيروت، . 8نور الهدى لوشن، علم الداللة دراسة وتطبيقا، ص) 2( .213، ص2، ط1997، دار الفكر العربي، القاهرة، مقدمة للقارئ العربي، محمود السعران، علم اللغة) 3( .139، ص)ط.د(، 2000لمعرفة الجامعية، حلمي خليل، مقدمة لدراسة علم اللغة، دار ا: انظر) 4( - Mounin, Georges, La sémiotique, Seghers, paris, 1975, p9: انظر) 5(

Martinet, Janne, La sémiologie, Seghers, paris, 1975,p.p7-8 - .8، ص)اريخية تأصيلية نقديةدراسة ت( فايز الداية، علم الداللة العربي النظرية والتطبيق ): نقال عن(

6

والمعنى اللفظ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية: مدخل

وقد أدرك (la sémiotiques)أو السيميوتيك )1( (la sémiologie)وأشمل هو السيميولوجيا

ا تحـت مصـطلح الطبيعة الرمزية الداللية في هذه النظم جميعا فجمعه )ه255ت(الجاحظ

).2(» 'البيان'

اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى فبأي شيء بلغت « والبيان عند الجاحظ

بمعنى أن كل الوسائل المستعملة من )3(»اإلفهام، وأوضحت عن المعنى فذلك هو البيان

محـددة مما يمكن التدليل بها على معـاني ) رموز غير لغوية أو إشارات(لغة وغيرها

يدل على العدالـة، –مثال –تدخل في باب البيان ،ألن اإلفهام يتم عن طريقها، فالميزان

. واالحمرار داللة الخجل وغيرهما كثير

اصطلح عليه فيما بعد بالداللـة 'البيان 'مصطلح «هذا ما نفهمه من قول الجاحظ، إال أن

لة لفظية وداللة غير لفظية، فاألمر الذي شـغل اللفظية، ألن الداللة تنقسم إلى نوعين دال

)4(»علماء ذلك العصر هو البيان الذي أتى به القرآن

و نحن نعلم أن بيان القرآن جاء باأللفاظ، فماذا يقصد بالداللة اللفظية ؟

هي كون « :بقوله )5()الوضعية(الداللة اللفظية )ه816ت(يعرف الشريف الجرجاني

متى أطلق أو تخيل فهم منه معناه للعلم بوضعه، وهي المنقسمة إلى المطابقة اللفظ بحيث

)6(» والتضمن وااللتزام

ـــــــــــــــــــ

انظر محمود السعران، علم اللغة مقدمة [ ' علم العالمات'وهذه التسمية من اقتراح فردينان دي سوسير ويقصد بها ) 1( .] 58لعربي، صللقارئ ا

في دالئل نظام إشـاري ) العالمية(وهذا العلم يبحث في اإلشارات واألنظمة اإلشارية عامة، في حين تبحث السميوتك ، )ط.د(، 1981عدنان بن ذريل، اللغة والداللة، آراء ونظريات، منشورات اتحاد الكتاب العرب بدمشق : رانظ[. معين .]) 51-50(ص

).140-139(ة لدراسة علم اللغة، صحلمي خليل، مقدم) 2(، 1، ج)ط.د(، )ت.د(الجاحظ، البيان والتبيين، تحقيق وشرح عبد السالم محمـد هـارون، دار الجيـل، بيـروت ) 3(

.76ص، )ت.د(سالم علوي، مالمح علم الداللة عند العرب، دراسة لسانية، إشراف الزبير سعدي، دكتوراه دولـة، : انظر) 4(

. 22صحلمـي : انظر[ى الوضع، ويقصد به اصطالح واتفاق كل مجتمع على أن أصواتا معينة تمثل أشياء محددة نسبة إل) 5(

.] 139خليل، مقدمة لدراسة علم اللغة، ص .104، التعريفات، ص)الشريف(الجرجاني ) 6(

7

والمعنى اللفظ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية: مدخل لفظ البيت يدل على معنى البيت بطريق المطابقة، ويدل على السـقف وحـده « :فمثال

بطريق التضمن، ألن البيت يتضمن السقف، ألن البيت عبارة عن السـقف والحيطـان،

وكما يدل لفظ الفرس على الجسم إذ ال فرس إال وهو جسم، وأما طريق االلتـزام فهـو

.إذ ال يقوم السقف بال حيطان) 1(»حائط كداللة لفظ السقف على ال

وتعتبر الداللة اللفظية أهم أنواع الدالالت على المعاني على اإلطالق، فهي تلعـب

دورا هاما في فهم النصوص اللغوية بصفة عامة ،وفي تفسير وفهم النص القرآني العظيم

العـرب، لماء والباحثين اللغويين ، لذلك كانت الداللة اللفظية محل اهتمام العبصفة خاصة

وجميع أصناف الـدالالت «: الداللة اللفظية في المرتبة األولى بقوله 'الجاحظ'فقد صنف

) 3(» ... )2(على المعاني من لفظ وغير لفظ خمسة أشياء ال تنقص وال تزيد أولها اللفـظ

في باب بعنوان "الخصائص"يقر بأهمية الداللة اللفظية في كتابه' ابن جني'كما نجد أيضا

حيث رتب هذه الـدالئل حسـب القـوة "في الداللة اللفظية والصناعية والمعنوية باب"

)4(.والضعف، فقال أن أقواهن الداللة اللفظية

أن يتحـرى -بغرض فهم معانيـه –ولهذا كان البد لمن يريد تفسير القرآن الكريم

ألن الفهم الصحيح والدقيق لمدلوالت األلفـاظ يترتـب الدقة في تحديد مدلوالت األلفاظ،

.عليه الفهم الصحيح للنص بأكمله، وينبني عن هذا االستنباط الصحيح لألحكام الشرعية

وليس لغير العالم بحقائق اللغة، ومفهوماتها تفسير شيء من «: )ه794ت(يقول الزركشي

فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد الكتاب العزيز، وال يكفي في حقه تعلم اليسير منها

، فإذا كان المعنى المقصود هو المعنى الذي ال يعلمه قد يترتب عن ذلـك )5(»المعنيين

.الفهم الخاطئ للفظ حكما خاطئا

ـــــــــــــــــالعلميـة، أبو حامد الغزالي، المستصفى في علوم األصول، تحقيق محمد عبد السالم عبـد الشـافي، دار الكتـب ) 1(

.25، ص1، ط1993بيروت، في المرتبة الثانية، وتكون باليـد و الـرأس والعـين ) اإلشارة(الذي سيأتي الحديث عنه الحقا تأتي ) اللفظ(وبعد ) 2(

وهـو ) العقـد (ولذلك قالوا القلم أحد اللسانين، وفي المرتبة الرابعة ) الخط(ثم في المرتبة الثالثة ...والحاجب والمنكبوهي الحال الناطقـة بغيـر اللفـظ ) النصبة(دون اللفظ والخط، ويكون بأصابع اليدين، وفي المرتبة الخامسة الحساب

.والمشيرة بغير اليد، وذلك ظاهر في خلق السماوات واألرض .76، ص1الجاحظ، البيان والتبيين،ج) 3( .98، ص3ابن جني، الخصائص، ج: انظر) 4(، 2، ج)ط.د(، 1988رآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الجيل، بيـروت، الزركشي، البرهان في علوم الق) 5(

. 165ص

8

والمعنى اللفظ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية: مدخل

والداللة مهما كان مصدرها البد لها من علم يضبط ويوضح منهجها، وقـد احتـاج

الداللة خاصة اللغوية منها نظرا ألهميتها في المجـال المعرفـي العلماء إلى علم يدرس

.والعلمي، فكان أن نشأ علم الداللة

:نشأة علم الداللة -2

قد مر بمراحل قبل أن يظهر كعلم خاص ومستقل بذاتـه، ) 1(ال شك أن علم الداللة

أن علم الداللة مر بمرحلتين 'ية فايز الدا 'شأن بقية علوم اللغة، ويرى –في ذلك -شأنه

:أساسيتين يلخصهما فيما يلي

كان التناول الداللي ضمن اهتمامات لغوية أخـرى، أو علـى نحـو :المرحلة األولى*

مشتجر بضروب الثقافة األخرى من غير أن يحمل عنوانا مميزا له استقالله ومصـنفاته

.ومعاييره الموثقة، وقد امتد هذا قرونا

إلى التركيـز علـى قضـايا الداللـة ووضـع وهنا التفت الباحثون :ة الثانيةالمرحل*

)sémantique " )2 "المصطلح

أما إذا أردنا البحث عن سبب نشأة هذا العلم أو لنقل الدرس الداللي عند العرب ألنه

ريم لم يحمل آنذاك صفة العلمية، فال غرو في قولنا أن السبب الرئيس هو خدمة القرآن الك

كانت الحاجة إلى معرفة لغة القرآن وغريبـه «والحرص على فهمه بالدرجة األولى، فقد

سببا في خوضهم في بحوث لغوية عن المعنى والداللة، وأبو عمرو بن العالء أحد علماء

.)3(»العربية األولين كان يعتبر لغة القرآن ودراسة معاني ألفاظ القرآن هدفا لكل مسلم

ـــــــــــــــــــــ : وهو نوعان) 1( . والذي يتتبع المعنى من عصر إلى عصر ويرصد ما حدث لهذا المعنى من تغيير: علم الداللة التاريخي* رجب عبـد : رانظ[ .مراحل التاريخ اللغوي نوالذي يدرس المعنى في مرحلة زمنية معينة م: علم الداللة الوصفي*

. ]11د إبراهيم، دراسات في الداللة والمعجم، صالجوا . 7، ص)دراسة تاريخية تأصيلية نقدية ( فايز الداية، علم الداللة العربي، النظرية والتطبيق : انظر) 2( .173، ص3، ط1983إبراهيم السامرائي، فقه اللغة المقارن، دار العلم للماليين، بيروت، )3(

9

والمعنى اللفظ ـــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائيةـــــــــــــــــ: مدخل

أما إذا أردنا البحث عن سبب نشأة هذا العلم أو لنقل الدرس الداللي عند العرب ألنه

لم يحمل آنذاك صفة العلمية، فال غرو في قولنا أن السبب الرئيس هو خدمة القرآن الكريم

كانت الحاجة إلى معرفة لغة القرآن وغريبـه «قدوالحرص على فهمه بالدرجة األولى، ف

سببا في خوضهم في بحوث لغوية عن المعنى والداللة، وأبو عمرو بن العالء أحد علماء

.)1(»العربية األولين كان يعتبر لغة القرآن ودراسة معاني ألفاظ القرآن هدفا لكل مسلم

لقرآن عديد الكتب التـي ألفـت فـي وقد كانت أدلة اهتمام العرب بمعاني مفردات ا

إال أكبـر وما تأليفهم المبكر للمعـاجم ، )2(معاني الغريب في القرآن، والمجاز في القرآن

دليل على نشوء الدرس الداللي العربي، بل إن» في حقيقته ضبط المصحف بالشكل يعد

تغيير الضبط يؤدي إلى تغيير وظيفـة الكلمـة، وبالتـا اعمال داللي لي إلـى تغييـر ألن

)3(»المعنى

لذلك فإن من يرى أن أصول علم الداللة غربية يكون غير مدرك لحقيقة جلية، وهي

بال معنى ليست لغة، لذلك فـإن ةأن اللغة صفة خاصة بجميع البشر، وإذا قلنا اللغة فاللغ

االبتعاد عن حـد اهتمام العرب المبكر بالمعنى أمر وارد وال شك فيه، وبالتالي ال يجب

لـدى (sémantique)تبلور في صورته الفرنسية «القول بأن علم الداللة كمصطلح فقط

حيث قـام )4(» 1883 ةفي أواخر القرن التاسع عشر سن) بريال( Bréalاللغوي الفرنسي

Essais de) : بعنوان 1897ة عن المعنى والتي صدرت سنة بأول دراسة علمي) بريال(

sémantique) 5( .'محاوالت في علم الداللة ' أي(

ــــــــــــــــــــ .173، ص3، ط1983إبراهيم السامرائي، فقه اللغة المقارن، دار العلم للماليين، بيروت، ) 1( :من أشهر هذه المؤلفات) 2( ). ه209ت(غريب القرآن، ومجاز القرآن ألبي عبيدة *

.)ه345ت(زاهد محمد عبد الواحد غالم ثعلب غريب القرآن للمطرز أبي عمر ال*

محمد عبد المنعم خفاجي، فصيح ثعلب : انظر[ ).ه502ت(المفردات للراغب األصفهاني حسين بن محمد * والشروح

]. 3، ص1، ط1949التي عليه، المطبعة النموذجية، ، )3، ط1991(، )2، ط1988(، )1، ط1985(أحمد مختـار عمـر، علـم الداللـة، عـالم الكتـب، القـاهرة، ) 3( .20، ص)5،ط1998(، )4،ط1993( .6، ص)دراسة تاريخية تأصيلية نقدية(فايز الداية، علم الداللة العربي، النظرية والتطبيق) 4( .15طبيقا، صنور الهدى لوشن، علم الداللة دراسة وت: انظر) 5(

10

والمعنى اللفظ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية: مدخل

وقد حظي علم الداللة فيما بعد بتعريفات عدة تتفاوت فيما بينها أحيانا و لكنها فـي

.مجملها تدور حول فكرة واحدة، وهي أن علم الداللة يختص بدراسة المعنى

يعرفه بعضهم بأنه «:حاول أحمد مختار عمر أن يلم بأهم التعاريف لهذا العلم فقال وقد

ذلك الفرع من علم اللغة الذي يتنـاول '، أو'العلم الذي يدرس المعنى '، أو'دراسة المعنى'

ذلك الفرع الذي يدرس الشروط الواجب توافرها في الرمـز حتـى '، أو'نظرية المعنى

)1(».'حمل المعنى يكون قادرا على

فعلم الداللة موضوعه المعنى بغض النظر عما إذا كانت الرموز الحاملة للمعنـى

يركز على اللغة من بين أنظمة الرموز باعتبارهـا «رموزا لغوية أو غير لغوية إال أنه

)2(» .ذات أهمية خاصة بالنسبة لإلنسان

ذلك العلم الذي يدرس المعنى، سواء على مسـتوى «ه لذلك يعرف أيضا علم الداللة بأن

الكلمة المفردة، أم على مستوى التراكيب، وما يتعلق بهذا المعنى من قضايا لغويـة، أي

)3(» .أنه يدرس اللغة من حيث إنها أداة للتعبير عما يجول بالخاطر

خر بحاجة إلى هذه العلوم وهذا ما يفسر حاجة مختلف العلوم اللغوية لعلم الداللة، وهو اآل

)4( .ألداء وظيفته

إذن علم الداللة قد أخذ حيزه الخاص من الدراسات اللغوية، وباتت أهميته تذكر عند

يقـول أن علـم -مثال– 'محمود السعران'فهذا -خاصة- نجل العلماء والباحثين اللغويي

والنحوية والقاموسية، إنه قمـة هـذه ةهو غاية الدراسات الصوتية والفونولوجي «الداللة

)5(» .الدراسات

ـــــــــــــــــــــ .11أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص) 1( .12المرجع نفسه، ص) 2( .11رجب عبد الجواد إبراهيم، دراسات في الداللة والمعجم، ص) 3( .13أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص: انظر) 4( .213ن، علم اللغة، مقدمة للقارئ العربي، صمحمود السعرا) 5(

11

والمعنى اللفظ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية: مدخل

الدرس اللغوي على المسـتوى الـداللي هـو غايـة «أن 'عبده الراجحي'ويرى أيضا

)1(»ذه الدراسات صعوبةالدراسات السابقة عليه من صوتية وصرفية ونحوية وأنه أكثر ه

أن نواظب على االهتمام بهذا العلم وذلـك –كباحثين لغويين -لذلك كان لزاما علينا

ما يجد من أبحاث ونظريات تخص دراسة المعنى ىبالحرص على اإلطالع المستمر عل

على -ر إضافة إلى االهتمام بتلك النظريات التي عرفت في الدراسات اللغوية الحديثة نذك

النظريـة (،و) 3() نظرية الحقول الداللية(،و)2()نظرية السياق( -سبيل المثال ال الحصر

،ومحاولة وضع هذه النظريات في إطارها الصحيح من الدراسة، وأيضـا ) 4( )التحليلية

محاولة الموازنة بين وجهات النظر المتعددة والمختلفة، خاصة في ظل التوجه الفكـري

.الدراسات اللغوية، ليس بين العرب والغرب فحسب، بل بين العرب أنفسهم الذي تعرفه

ولعل نقطة االنطالق تبدأ بتحري الدقة في تحديـد المصـطلحات ومفاهيمهـا، وال

-خاصـة –يخفى أن ظاهرة فوضى المصطلحات التي تعرفها الدراسات اللغوية العربية

أغلب ما ألف «صا في مجال علم الداللة ألن ناتجة عن كثرة الترجمات واختالفها خصو

بغير العربية، فما ألف باللغة العربية قليل جدا خصوصا ما يتعلق بدراسة 'علم الداللة'في

).5(»المعنى من وجهة النظر اللغوية

ويقتضي مقام الحديث عن الخلط بين المصطلحات أن نشير إلى ذلك الخطأ الذي يقع فيه

علـم 'أن المرادف لعلم الداللة هـو «إذ 'بعلم المعاني 'تسميتهم لعلم الداللة بعضهم عند

).6(»وليس علم المعاني، ألن علم المعاني فرع من فروع علم البالغة 'المعنى

ـــــــــــــــــــ .201، ص)ط.د(، )ت.د(ات العربية في القراءات القرآنية، دار المعرفة الجامعية، عبده الراجحي، اللهج) 1(

أن معنى الكلمة ال ينكشف إال من خالل وضعها في سياقات مختلفة، ) firth( 'فيرث ' مرأسهيرى أصحابها وعلى ) 2( .وسيأتي الحديث عن هذه النظرية بالتفصيل

ـ 'مفادها أن مجموعة من الكلمات ترتبط دالالتها وتوضع عادة تحت لفظ واحد عام يجمعها مثال ذلك كلمـة ) 3( ونل .}...أحمر، أصفر، أخض، أزرق، أبيض{التي تضم 'مفادها أن معنى الكلمة يتحدد من خالل ما تحمله من مالمح ومكونات تميزه عن غيره، وهذه النظرية تجمع بـين ) 4(

ثم ينتقل نظريتي السياق والحقول الداللية، حيث ينظر في موقع الكلمة من السياق ثم في الحقل الداللي الذي تنتمي إليه .إلى تحديد المميزات الخاصة بالكلمة

.6أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص: انظر) 5( .13، ص)ط.د(، 2000محمد علي الخولي، علم الداللة، علم المعنى، دار الفالح للنشر والتوزيع، عمان، ) 6(

12

والمعنى فظالل ــــــــــــــــــ الداللة وثنائيةــــــــــــــــــــــ: مدخل

وتوضيح موضـوعه، ) علم الداللة(وبعد تعرضنا لمفهوم الداللة والعلم الذي يدرسها

نرى أنه من الضروري التعرض ألنواع الداللة، وتجدر اإلشارة إلـى أن العلمـاء قـد

اختلفوا في تقسيماتهم ألنواع الدالالت فذكروا أنواعا متعددة ومختلفة كل حسب توجهـه

).1()الجاحظ وابن جني(ي ومستواه الفكري، ونذكر على سبيل المثال العلم

على ذكر أنواع الداللة اللغوية نظرا لكونها تخدم موضـوع -في هذا المقام -وسنقتصر

.هذا البحث

:أنواع الداللة اللغوية -3

عني وتتحدد عند إحالل صوت محل آخر فيتغير المعنى، وهذا ي :الداللة الصوتية -أ

ومثال ذلك صوت الخاء وصوت القاف في ،)2( أن كل صوت منهما وحدة صوتية مستقلة

، والقضم للصـلب اليـابس نحـو والقثاء ، فالخضم ألكل الرطب كالبطيخخضم وقضم«

قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك، فاختاروا الخاء لرخاوتها للرطب، والقـاف لصـالبتها

، ومـن مظـاهر الداللـة )3(»على محسوس األحداث لليابس حذوا لمسموع األصوات

.) 5( )التنغيم(، و)4( )النبر(الصوتية

، معنى هذا أنـه يوجـد ) 6(وتستمد عن طريق الصيغ وبنيتها :الداللة الصرفية -ب

في العربية علـى 'فاعل 'ارتباط بين الصيغة اللغوية والداللة، ويتضح هذا من داللة وزن

وكل أوزان المشتقات في العربية لها ارتباطاتها الداللية، وكذلك المصادر من قام بالفعل،

وفعالة ...) كزكام وسعال(لها أوزانها ولكثير منها ارتباطات داللية، فمثال فعال للمرض

.)7(...)كزراعة وحياكة(للحرفة

ــــــــــــــــــــــ .كل منهمامن هذا المدخل أنواع الدالالت عند ) 7(ص: انظر) 1(، 1998محمود فهمي حجازي، مدخل إلى علم اللغة، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، عبده غريب، : انظر) 2( .142، ص)ط.د( ).158-157(، ص2ابن جني، الخصائص، ج) 3(انظر [ كلمة وهو ضغط يكون على مقطع معين من الكلمة أو الجملة، فقد تتغير الداللة باختالف موقعه من ال: النبر) 4(

].46،ص)ط.د(،1997إبراهيم أنيس، داللة األلفاظ، مكتبة األنجلو المصرية، نطقها للتحية يختلف عن نطقها لإلعراب عن الغضب، فاختالف " السالم عليكم " ومثاله في العربية عبارة : التنغيم) 5(

].142علم اللغة، صانظر محمود فهمي حجازي، مدخل إلى [التنغيم قد يؤدي إلى اختالف المعنى .47إبراهيم أنيس، داللة األلفاظ، ص) 6( .142محمود فهمي حجازي، مدخل إلى علم اللغة، ص: انظر) 7(

13

والمعنى فظالل ــــــــــــــــــ الداللة وثنائيةــــــــــــــــــــــ: مدخل

رتيب عناصر الجملة، فـإذا وهي الداللة التي تتحدد من خالل ت: الداللة النحوية -ج

كان ترتيبا يوافق النظام النحوي للغة أدت الجملة معناهـا، وإن اختـل الترتيـب اختـل

فالجملة الشرطية لها تراكيبها والجملة االستفهامية لها تراكيبها، فهناك عالقة بين «المعنى

. )1(» التركيب والداللة

لكلمة المدون بين دفتي المعجم ويسمى هـذا وتتمثل في معنى ا: الداللة المعجمية -د

بالمعنى األساسي أو األولي أو المركزي ويسمى أحيانـا المعنـى التصـوري «المعنى

، فـأول )2(»أوالمفهومي أو اإلدراكي، وهذا المعنى هو العامل الرئيس لالتصال اللغوي

أو االجتمــاعي كمـا ما يتبادر إلى أذهاننـا عند سمـاع الكلمة هو معناها المعجمـي

ثم تكتسب هذه الكلمة قدرا آخر من الداللة سواء أكانت داللـة «يسميـه إبراهيم أنيس،

.)3(»صوتية أم صرفية أم نحوية

تكتسب الكلمـة أبعـادا « وهي الداللة التي يعينها السياق، حيث: الداللة السياقية -ه

ية ب )4(»جديدة أو تحصر في إطار خاصذلك معنى خاصمؤد.

ـــــــــــــــــــ .142محمود فهمي حجازي، مدخل إلى علم اللغة، ص) 1( . 36أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص) 2( .48انظر إبراهيم أنيس، داللة األلفاظ، ص) 3( .22، ص)صيلية، نقديةدراسة تاريخية، تأ(فايز الداية، علم الداللة العربي، النظرية والتطبيق) 4(

14

والمعنى اللفظ ــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائيةــــــــــــــــــ: مدخل

II - ثنائية اللفظ والمعنى :

لغويين –والمحدثين من علماء ومفكرين عربا أو غربيين ال تكاد تخلو كتب القدماء

لمعنى، فقد عرفت هذه الثنائية أخـذا وردا من الحديث عن ثنائية اللفظ وا –وغير لغويين

. من قبل الباحثين، فمنهم من أولى األهمية للفظ، ومنهم من صب عنايته على المعنى

وبقدر أهمية جانبي اللفظ والمعنى في دراسة اللغة قامت دراسات كثيرة حـول

وايـا متعـددة، فتناولهـا هذا الموضوع وكان تناول هذه الثنائية من قبل الدارسين من ز

بالدراسة الفالسفة والمناطقة، والنحاة والصرفيين والبالغيين، والمشتغلين بالنقـد األدبـي

إن كل المجاالت المعرفية ذات الصلة بهذه القضية درست مـا «والمفسرين وغيرهم بل

ـ تركة فـي يخصها منها ولذلك نجد أن قضية اللفظ والمعنى في تراثنا مسألة أساسية مش

.)1(»العلوم والدراسات العربية التي تتصل بالكلمة واللغة

وسنحاول بدورنا أن نتوقف عند هذه الثنائية من وجهة النظر اللغوية الداللية بدءا بتعريف

.اللفظ، المعنى: عنصري الثنائية وهما

: تعريف اللفظ -1لفظت الشيء من فمـي : ، يقالأن ترمي بشيء كان في فيك، والفعل لفظ الشيء: لغة -أ

. )2( ألفظه لفظا رميته

﴾ مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴿ يز في التنزيل العزو . )4(ابن آدم ما يتكلم بكلمة إال ولها من يرقبها، معد لذلك يكتبها : أي

)5(واللفظ واحد األلفاظ وهو في األصل مصدر ،لفظت به أي تكلمت بهفلفظت بالكالم وت

ـــــــــــــــــــــــعبد السالم السيد حامد، الشكل والداللة، دراسة نحوية للفظ والمعنى، دار غريـب للطباعـة والنشـر والتوزيـع، ) 1(

. 11، ص)ط.د(، 2002القاهرة، .1410، ص2، موسوعة كشاف اصطالحات الفنون و العلوم،ج)د عليمحم(التهانوي) 2( .)18(سورة ق، اآلية) 3() 2،ط1975(، )1، ط1972(، مختصر تفسير ابن كثير، دار القـرآن الكـريم، بيـروت، )محمد علي(الصابوني ) 4( . 373، ص3، مج)4، ط1980(،)3، ط1978(، " بألمانيا الغربية" .342، ص9نظور، لسان العرب، جابن م) 5(

15

ــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنىــــــــــــــــ: مدخل

» ا، وما هـو حـرف واحـد مي وهو بمعنى المفعول فيتناول ما لم يكن صوتبمعنى الر

ا صـدر في عرف اللغة بم ا من الفم أو ال، لكن خصصادر أو مستعمال مهمال ،أكثرأو

، فـال أو مستعمال ا أو أكثر مهمالا واحدمن الفم من الصوت المعتمد على المخرج حرف

)1( » يقال لفظ اهللا، بل يقال كلمة اهللا

)2( .اللفظ هو المقابل الحسي أو المادي للمعنى ووسيلة أدائه :اصطالحا-ب

.أنه منطوق، فأهم ميزة في اللفظ ) 3(»الصوت هو آلة اللفظ « :ويقول الجاحظ

وتجدر اإلشارة أن هناك من الباحثين اللغويين من يجعل اللفظ مرادفا للكلمـة كـإبراهيم

.)4(» ال فرق بين أن يقال أحصينا ألفاظ اللغة أو كلمات اللغة « الذي يرى أنه أنيس

حـاة، فمـن تعريفـاتهم للكلمـة قـول أما الذين فرقوا بـين اللفـظ والكلمـة هـم الن

.)5(»الة على معنى مفرد بالوضع اللفظة الد« بأنها )ه538(مخشريالز

أخص من اللفظ، ألنها لفظ دال على معنى –في نظر النحاة –وبالتالي تكون الكلمة

ـ فة إلى ذلك فهم يستشعرون مع اللفظ عمليـة الن مفرد، باإلضا دور طـق وكيفيـة صـ

فـظ ففرق هذا عندهم بـين الل يستتبع هذا من حركات اللسان والشفتين، ـوت، وماالص

)6( .والكلمة

ــــــــــــــــــ .795الكفوي، الكليات، ص ءأبو البقا) 1( .24عبد السالم السيد حامد، الشكل والداللة، دراسة نحوية للفظ و المعنى، ص ) 2( .79، ص1الجاحظ، البيان والتبيين، ج) 3( .38إبراهيم أنيس، داللة األلفاظ، ص) 4( .6، ص)ط.د(، )ت.د(الزمخشري، المفصل في علم العربية، دار الجيل، بيروت، ) 5( .38إبراهيم أنيس، داللة األلفاظ، ص: انظر) 6(

16

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية الفظ والمعنى: مدخل

الكلمة أخـص مـن «: حيث قال )ه751ت(أي ابن القيم اللغويونجد من أصحاب هذا الر

)1(». دل على معنىألنها لفظ اللفظ

فرقـا « ن أن اام حسغويين المحدثين بآرائهم في هذه المسألة فرأى تمللأدلى بعض اكما

) مـن وحـداتها والكلمة وحـدة (غة ما بين الكلمة واللفظ هو فرق بين اللغة والكالم، فالل

ـ –فظفالل، )2(»محسوس ) فظ جزء من نسقهوالل(صامتة، والكالم -انحسب رأي تمام حس

مسموعا محسوسا، أما الكلمة نبه عنها فيكو يختلف عن الكلمة بسبب الصوت الذي يتميز

.هنإما في المعجم أو مختزنة في الذفهي صامتة

الفرق بين اللفظ والكلمة أن اللفظ يشير بوجـه خـاص إلـى « : لد المبارك فقامحمأما

)3(»الكلمة وأن الكلمة تشير إليها وإلى المفهوم المعنوي للفظ معا احية الصوتية من الن

ومعنى هذا أن الكلمة أعم من اللفظ، فقد يكون اللفظ مهمال أو مستعمال والكلمة هي لفـظ

.مستعمل فقط، وبالتالي ليس كل لفظ كلمة في حين يمكن أن تكون كل كلمة لفظا

ن واحتـواء قة بين اللفظ و الكلمة هي عالقة تضـم لذلك لعلنا نخلص إلى القول بأن العال

و بالتالي فال ترادف بين اللفظ والكلمة وال ينبغي المبادلة بينهما علـى .بعموم صلخصو

.أساس داللتهما على المعنى نفسه كما هو جاري عند بعض الباحثين المحدثين

:تعريف المعنى -2

، وقال مدتوع صدتنيت بالكالم كذا أي قاد، يقال عرد والمصمعنى هو القال« : لغة -أ

ربة إذا لم تحفظ الماء بـل أظهرتـه، الق تن، يقال ع"اإلظهار"من " المعنى"اشتقاق : قوم

ا إذا أنبتت نبات" عنت األرض بنبات حسن"مشتق من قول العرب " المعنى: "وقال آخرون

ـ "عنت، تعني"من " نعلم ت" :ى ابن السكيتـوحك...احسن رادـ، فإن كان هذا فـإن الم

.)4(»دفـن هذه األرض، أي لم تعلم ت: الشيء الذي يفيده اللفظ كما يقالبالمعنى

ــــــــــــــــ. 226، ص)ط.د(، )ت.د(أحمد ماهر البقري، ابن القيم اللغوي، منشأة المعارف، اإلسكندرية، ) 1( .317، ص3، ط1998تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، عالم الكتب، ) 2( .167، ص7، ط1981محمد المبارك، فقه اللغة وخصائص العربية، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ) 3(ومسائلها وسنن العرب في كالمهـا، منشـورات محمـد علـي ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة العربية : انظر) 4(

).145-144(ص 1، ط1997بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت ،

17

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنى: مدخل أي مـن ،المعنى هو الصورة الذهنية من حيث إنه وضع بإزائها اللفظ« :اصطالحا -ب

وذلك إنما يكون بالوضع، فإن عبر عنها بلفظ مفـرد يسـمى ،حيث إنها تقصد من اللفظ

معنى مفردا، وإن عبر عنها بلفظ مركب سمي معنى مركبا، فاإلفراد والتركيب صـفتان

)1(»لأللفاظ حقيقة ويوصف بهما المعاني تبعا

لمة المفـردة أي علـى مقابلهـا ويطلق البالغيون مصطلح المعنى على مدلول الك

2(ختزن إزاءها في ذهن الفرد أو في باطن المعجم اإلشاري الذي ي(

تبادلة بينبأنه عالقة م «أما تعريف المعنى لدى اللغويين المحدثين فلعل أوضح ما قيل فيه

ة في ولعل أهم ميز )3( »اللفظ و المدلول عالقة تمكن كل واحد منهما من استدعاء اآلخر

أنه يضع حدودا فاصلة بين مصـطلحي )4(-رغم أن تعاريف المعنى كثيرة-هذا التعريف

فالمدلول ليس معنى أي أنه ليس ممـا «وينفي فكرة الترادف بينهما " المعنى"و " المدلول"

يعنى أو يقصد في الكالم فهو بمثابة مادة أولية ال غنى للمتكلم عنها في التعبير عن معانيه

).5(»ومقاصده

فالمدلول هو معنى أولي، أو بعبارة أخرى هو أول ما يتبادر إلى الذهن عند سماع

ترتسم صورة أولية في ذهن السامع وهي ) شجرة(اللفظ، فمثال عندما ينطق المتكلم بكلمة

، ولكـن )ساق، وأغصان، وأوراق(صورة عامة لشكل الشجرة، هذه الصورة عبارة عن

نى الحقيقي والنهائي هو عبارة عن الصورة الحقيقية لتلك الشجرة المقصودة بكل مـا المع

شـجرة (، نوعها )صغيرة، متوسطة، كبيرة(تحمله من مميزات ومحددات كحجم الشجرة

...).في جميع المناطق، في الصحراء(، مكان تواجدها...)برتقال، شجرة زيتون

ـــــــــــــــــ

.1600، ص2موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم، جالتهانوي ، ) 1( .9، ص1، ط1998حسن طبل، المعنى في البالغة العربية، دار الفكر العربي، القاهرة، : انظر) 2(ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ترجمة وتقديم وتعليق كمال بشر، دار غريب للطباعـة والنشـر والتوزيـع، ) 3(

.79، ص12، ط)ت.د(القاهرة، .ما ال يقل عن ستة عشر تعريفا للمعنى (Ogden and Richards)فقد سجل أوجدن وريتشاردز ) 4(

علم الداللة إطار جديد، ترجمة صبري إبراهيم السيد، دار المعرفـة الجامعيـة، (Palmerf.r) )ر.ف(بالمر : انظر [ .] 76لمة في اللغة، ص، دور الك)Stephen Ulmann(، وستيفن أولمان 9ص ،) ط.د(، 1999

.9حسن طبل، المعنى في البالغة العربية، ص: انظر) 5(

18

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنى: مدخل

وهذه المحددات التي ينتقل بها السامع من المدلول إلى المعنى يستشفها ربما مـن سـياق

لم، أو ربما من بعض اإلشارات التي يستخدمها المتكلم، فأما مـن الكالم أو وضعية المتك

، وأمـا من وضعية المتكلم كأن "لقد كبرت شجرة الزيتون:" سياق الكالم نحو قول المتكلم

فيدرك " األشجار عندنا هذا العام لم تكن مثمرة :" يكون رجال من منطقة الصحراء ويقول

مـا من استخدام اإلشارات كأن يشير المتكلم بيده إلى السامع أنه يقصد أشجار النخيل، وأ

".ما أجمل هذه الشجرة " -مثال–شجرة معينة قائال

-حسـب رأي المحـدثين –ويمكننا أن نمثل للعالقة بين اللفظ والمدلول والمعنـى

:بالمخطط التالي

ط أن السامع يمكن أن يكون أمام ثالثة حاالت عند سـماع اللفـظ ونالحظ من هذا المخط

:وتتمثل هذه الحاالت فيما يلي

.أن يفهم السامع مباشرة من اللفظ المعنى المقصود): أ(الحالة •

أن يصل فهمه إلى المدلول فقط وهو كما سبق ليس المعنى المقصود ): ب(الحالة •

.بل هو معنى أولي

فهمه إلى المدلول ثم ينتقل إلى المعنـى عـن طريـق أن يصل): ج)+(ب(الحالة •

. المحددات التي سبق ذكرها مثال

19

امعالس المتكلم

السامع

المدلولاللفظ

المعنى

)ج(

)ب(

)أ(

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنى: مدخل

:أنواع العالقات الداللية القائمة بين اللفظ والمعنى -3

للفظ الواحد معنى واحد، ولكن قد تتغير المعادلة ال شك في أنه من البديهي أن يكون

وتعرف حاالت أخرى، كأن يكون للفظ الواحد أكثر من معنى وللمعنى الواحد أكثر مـن

لجميع هذه الحـاالت )ه170ت(لفظ، وهذه حقيقة واردة في لغتنا منذ القدم فقد أشار سبويه

من كالمهـم اخـتالف اللفظـين اعلم أن « :بقوله" باب اللفظ للمعاني"في " الكتاب" في

... الختالف المعنيين واختالف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختالف المعنيين

جلس وذهب، واختالف اللفظين والمعنـى : فاختالف اللفظين الختالف المعنيين هو نحو

ذهب وانطلق، واتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولـك وجـدت عليـه مـن : واحد نحو

)1(»وجدة، ووجدت إذا أردت وجدان الضالة، وأشباه هذا كثيرالم

أن للفظ مع معناه ثالثة أنواع من العالقات الداللية تتحـدد " سبويه " ويتضح لنا من قول

: فيما يلي

، وتسـمى )2(»وذلك أكثر الكالم « بالتباين أن يستقل كل لفظ بمعناه وهو ما يعرف -1

.)3(متباينة هذه األلفاظ باأللفاظ ال

، بـالترادف أن يشترك لفظان أو أكثر في الداللة على معنى واحد، وهذا ما يسـمى -2

.اسم المترادفات أو األلفاظ المترادفة ويطلق على هذه األلفاظ

وتسمى ، شتراك اللفظيباال أو أكثر، وهذا ما يسمى اللفظ الواحد على معنيين أن يدل -3

.ألفاظه بالمشترك اللفظي

وباإلضافة إلى هذه الحاالت الثالثة، فقد أشار بعض العلماء إلى وجود حالة رابعـة

وإن لم يصرح بها سبويه إال أن هناك من أقر بوجودها، وتتمثل هذه الحالة فـي داللـة

التضـاد، اللفظ الواحد على معنيين ليسا مختلفين فحسب بل متضادين، وسميت العالقة بـ

.األضدادا على األلفاظ التي تحمل المعنيين المتضادين مصطلح وأطلقو

ـــــــــــــــــــ .24، ص1، ج1، ط1991تحقيق وشرح عبد السالم محمد هارون، دار الجيل، بيروت، ، سبويه، الكتاب: انظر) 1( .59أحمد بن فارس، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسا ئلها وسنن العرب في كالمها، ص) 2( :واأللفاظ المتباينة عند األصوليين نوعان) 3(

. وهي التي يمتنع اجتماعها كالسواد والبياض: المتباينة المتفاضلة- وهي التي ال يمتنع اجتماعهما كاالسم والصفة نحو السيف والصارم، أو الصفة وصفة : المتباينة المتواصلة-

السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، شـرحه وضـبطه وعلـق : انظر[ صيح الصفة كالناطق والف .]368، ص3، ج3، ط)ت.د(محمد أحمد جاد المولى بك، محمد أبو الفضل إبراهيم،علي محمد البنجاوي، :حواشيه

20

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنى: مدخل

، وهو تلميذ سبويه، )ه206ت(علماء الذين أشاروا إلى ظاهرة التضاد نجد قطربومن بين ال

والوجه « :فعندما حلل قول سبويه السابق حول التقسيم العام لأللفاظ باعتبار دالالتها قال

و مـن ...الث أن يتفق اللفظ ويختلف المعنى، فيكون اللفظ الواحد عن معنيين فصاعداالث

ا في الشـيء وضـده يجيء على معنيين فصاعدا ما يكون متضاد هذا اللفظ الواحد الذي

«)1(

فـق لفظـه واختلـف معنـاه مـا ات "نقل عنه السيوطي من كتاب د الذيكما نجد المبر "

من كالم العرب اختالف اللفظين الختالف المعنيـين، واخـتالف اللفظـين « :قولــه

منه ما يقع على شـيئين متضـادين و...والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختالف المعنيين

)2( »...كقولهم جلل للكبير والصغير

من سنن العرب في األسماء أن « إلى القول بصريح العبارة أن) ه395ت(وذهب ابن فارس

ين باسم واحد، نحو الجون لألسود والجون لألبيض يسم3(»وا المتضاد(

اللفظ والمعنى هي أربع عالقات متمثلـة وبالتالي فأنواع العالقات الداللية القائمة بين

وتعد عالقـة التبـاين العالقـة األكثـر التباين، الترادف، اإلشراك اللفظي، والتضاد:في

.وضوحا بين اللفظ والمعنى والتي ال يمكن التشكيك في صحتها ولم تثر أي إشكال

وخـالف بـين أما عالقات الترادف واإلشراك اللفظي والتضاد فكلها كانت محل جـدل

.اللغويين القدماء وما تزال وجهات النظر تختلف عند الكالم عن هذه الظواهر اللغويـة

والواقع أن هذه الظواهر اللغوية كلها ذات أهمية في البحث اللغوي إال أنه ال يسـعنا

في هذا المقام تفصيل القول فيها ألن ذلك سيطول فكل ظاهرة جديرة ببحث يفـرد لهـا،

لذلك سنحاول إبداء وجهة نظر في قضيتي الترادف واإلشراك اللفظي أما التضاد فهـو و

.موضوع بحثنا الذي سنخصص له الحيز الكافي من الدراسة

ــــــــــــــــــــ .41أبو حاتم السجستاني، كتاب األضداد، ص: انظر)1( .388، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج: رانظ)2( .60ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها، ص) 3(

21

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنى: مدخل

اخـتالف ...اعلم أن مـن كالمهـم « :فقد أشار إليه سبويه في قوله: الترادففأما

)1(»لفظين والمعنى واحدال

هو أن يكون للمعنى الواحد عدة ألفاظ، بحيث « :كما عرفه محمد حسين آل ياسين بقوله

)2(»تنصرف جميعا للداللة عليه

وقد حدث خالف كبير حول هذه الظاهرة وانقسم العلمـاء بـين مؤيـدين ومعارضـين

من العرب والغربيين كمـا لوجودها في اللغة، وقد شمل هذا الخالف القدماء والمحدثين

وتشعبت لذلك أراء اللغويين فيه فمنهم من أيد وجـود هـذه )3(تشعبت مفاهيم الترادف

أن ابن خالويه كـان يحفـظ «الظاهرة في اللغة العربية وراح يجمع المترادفات، ويروى

ـ "القاموس"وأن الفيروزأباذى صاحب )4(»للسيف خمسين اسما ا ألف في المتـرادف كتاب

) 5(" الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف" سماه

في جمع المترادفات سببا في ظهور فريق من اللغويين الذين أنكـروا فكانت هذه المغاالة

وجود الترادف بهذا المفهوم ووضعوا شروطا للتقليص من المترادفـات وتتمثـل هـذه

: الشروط في

.المسمى الواحدأن تكون المفردات دالة بالتساوي على •

.أن يكون ورود المفردات في اللغة الواحدة •

وأبـو علـي ) ه395ت(وابـن فـارس ) ه291ت(ومن الذين مثلوا هـذا الفريـق، ثعلـب

، حيث ذهبوا إلى أن من بين تلك المترادفات اسم واحـد ومـا سـواه )ه377ت(الفارسي

.)6(صفات

ة نحو السيف، والمهند والحسام ويسمى الشيء الواحد باألسماء المختلف«:يقول ابن فارس

ــــــــــــــــــــــ .24، ص1سبويه، الكتاب، ج: انظر) 1(منشـورات دار مكتبـة الحيـاة، -إلى نهاية القرن الثالث–محمد حسين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب ) 2(

.414، ص1، ط1980بيروت، ، )413-402(،ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغـة وأنواعهـا، ج : لالستزادة في تفاصيل هذه الظاهرة انظر) 3(

).231-215(أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص: وانظر .405، ص1انظر السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 4( .407، ص1المصدر نفسه، ج: انظر) 5( .415محمد حسين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب، ص: انظر) 6(

22

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنى: مدخل

أن االسم واحد هو السيف، وما بعده من األلقاب صفات، ومـذهبنا : والذي نقوله في هذا

وهو مذهب شيخنا أبي العباس أحمد بـن ...أن كل صفة منها فمعناها غير معنى األخرى

) 1(»يحي ثعلب

وإلى مثل هذا ذهب أبو علي الفارسي فعندما كان ابن خالويه بمجلس سيف الدولة يفتخر

ما أحفظ له إال اسما واحدا وهو السـيف، : بأنه يحفظ للسيف خمسين اسما، قال أبو علي

)2(هذه صفــات: وعندما سأله ابن خالويه عن المهند والصارم وكذا وكذا، قال أبو علي

ينكر وجود الترادف في لغة واحدة ويجيزه في لغتـين، نمن اللغويي كما ظهر فريق آخر

ال يكون فعل وأفعل بمعنى واحد كما لم «: حيث قال) ه347ت(ومن هؤالء ابن درستويه

يكونا على بناء واحد إال أن يجيء ذلك في لغتين مختلفتين فأما من لغة واحدة فمحال أن

3(»كثير من اللغويين والنحويين يختلف اللفظان والمعنى واحد كما يظن (

وينبغي أن يحمل كالم مـن منـع « :رأيه إلى هذا الرأي بقوله) ت(ويضم األصفهاني

) 4(»على منعه في لغة واحدة فأما في لغتين فال ينكره عاقل

كلما كثرت األلفاظ على المعنـى الواحـد « :كما ذهب ابن جني المذهب نفسه حيث قال

)5(»ى بأن تكون لغات لجماعات اجتمعت إلنسان واحد من هنا ومن هناكان ذلك أول

وليس يجيء «: وقد أضاف ابن درستويه تفسير آخر لوقوع الترادف في اللغة حيث قال

شيء من هذا الباب إال على لغتين متباينتين كما بينا، أو يكون على معنيـين مختلفـين،

)6(»أوتشبيه شيء بشيء

أن يستعمل االسم استعماال مجازيا، ويكون ذلـك ) تشبيه شيء بشيء(رة وهو يقصد بعبا

من باب االستعارة أو التشبيه، فيشيع استعمال اللفظ بذلك المعنى حتى يصبح مع مـرور

.الزمن بمثابة االسم الحقيقي فيقوم مقامه

ـــــــــــــــــ .59ا وسنن العرب في كالمها، صابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائله: انظر) 1( .405، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج: انظر) 2( .384، ص1المصدر نفسه، ج) 3( .405، ص1المصدر نفسه، ج) 4( .374، ص1ابن جني، الخصائص، ج) 5( .385، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 6(

23

ــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنىــــــــــــــــــــ: مدخل

أما عند المحدثين فالقضية كانت «هذه أهم اآلراء التي قيلت حول الترادف عند القدماء ،

أكثر تشعبا وأشد إثارة نظرا الرتباطها بتعريف المعنى وأنواعه، كما ميـز كثيـر مـن

)1(»وأشباه الترادف المحدثين بين أنواع مختلفة من الترادف

سواء كان عند القدماء -حسب نظرنا–ولكن يبقى أصح اآلراء في قضية الترادف

أوالمحدثين، هو الرأي القائل بأن الترادف بمعناه التام أي الواقع بين لفظتـين فـي لغـة

الواحد، واحدة، وفي فترة زمنية معينة، بحيث تتساوى في الداللة على المعنى أو المسمى

ويمكن المبادلة بينهما في جميع السياقات دون أن نشعر بأي فـرق فـي المعنـى فهـذا

الترادف يستحيل وجوده في اللغة، ألنه يستحيل أن تكون هناك مطابقة داللية تامة بـين

.اللفظتين، فالفروق ال بد أن تكون موجودة سواء جليت أم خفيت

يمثـل نتيجـة حتميـة -برأينا-ن من لغتين مختلفتين فهو أما الترادف الواقع بين لفظتي

الختالف اللغات، ألنه من الضروري المقابلة بين ألفاظ لغتين مختلفتين حتى يتم التواصل

.اللغتين، فالترادف بهذا المفهوم موجود ال محالة نبين الناطقين بهاتي

ي الداللـة علـى المعنـى أما ما يسميه بعضهم بالترادف ويقصدون به تساوي لفظتين ف

الواحد في اللغة الواحدة فنفضل تسميته بالتقارب الداللي، ال الترادف النسـبي وال شـبه

غير موجود في اللغة الواحدة، ولكن يبقى هذا رأينا الخـاص الترادف التام الترادف، ألن

أن يكـون مـن يوشك « ويعجبنا هنا قول ستيفن أولمان بأنه. الذي نضمه إلى القائلين به

نافلة القول أن الترادف التام ظاهرة نادرة للغاية، وأنه ترف ال يمكن أن تسمح به اللغـة

أن ظاهرة كثرة الترادف قـد أصـبحت «في حين نجد إبراهيم أنيس يرى )2(»إطالقا

)3(» خاصية للغتنا العربية وال تكاد تشركها في هذا لغة أخرى

ــــــــــــــــــــ ).233-220(أحمد مختارعمر، علم الداللة، ص: انظر) 1( ,lyons John,linguistique général, traduction Françoise Dubois Charlier et David: انظر) 2(

robinson (collection langue et langage),librairie Larousse, paris,1970,p342. .211داللة األلفاظ، صإبراهيم أنيس، ) 3(

24

ـــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنىـــــــــــ: مدخل

الظاهرة وما دار حولها من خالف أكبـر هذه ألن انقاش نثير أن المقام هذا في نريد وال

.بكثير من أن يقال عنها في بضع صفحات

ترادف في اللغة ونحن نحترمه، ألنه في اللغة لـن فهذا رأي إبراهيم أنيس حول قضية ال

ذكر بأن من له رأي فليقله، ولكن ) ه175ت(نجد حكما نهائيا والخليل ابن أحمد الفراهيدي

في القرآن الكريم ال ينبغي ذلك، ألنه كالم اهللا المعجز الذي أعجز العرب فعجزوا عـن

.اإلتيان بمثله

س رأيه حول قضية الترادف في القرآن الكـريم، فهـو لذلك فنحن لن نفوت إلبراهيم أني

الترادف قد وقع بكثرة في القرآن رغم محاولة بعض المفسرين أن يلتمسـوا «يقول بأن

، وهذا رأي ) 1(»فروقا خيالية ال وجود لها إال في أذهانهم للتفرقة بين تلك األلفاظ القرآنية

لترادف في القرآن الكريم يؤول إلى القول نرى أن فيه مغالطة كبيرة، ألن القول بوجود ا

من أسرار اإلعجاز البياني أنه ما مـن «بعدم إعجاز القرآن العظيم، ومن المعروف أن

) 2(»لفظ في الكتاب العزيز يمكن أن يقوم مقامه لفظ غيره

ونحن ال نشك لحظة أن إبراهيم أنيس كان يقصد من وراء قوله نفـي إعجـاز القـرآن

فربما دفاعه عن ظاهرة الترادف في اللغة جعله يعمم القول ويصل برأيـه إلـى الكريم،

القرآن الكريم، لذلك يجب توخي الدقة والحذر في إطالق األحكام خاصة ما يتعلق منهـا

.بالنص القرآني العظيم

ـ ن وإذا كنا نرى أن الترادف يفقد اللغة دقتها ومكانتها فإننا ال نريد أن نقول هـذا ع

القرآن الكريم، حتى وإن وجدت بعض األلفاظ القرآنية التي تقاربـت معانيهـا وعجـز

فنقـول أن أبـواب -على حد تعبير إبراهيم أنيس–المفسرون عن اإلتيان بالفروق بينها

االجتهاد ال تزال مفتوحة وستبقى، وإذا عجز السابقون عن اإلتيان بتلك الفروق فسـيأتي

.تعالى، وإذا لم يرد اهللا أن يتوصل إليها فله في خلقه شؤون من سيصل إليها بإذنه

ا أنلكل لفظ من ألفاظ الكتاب العزيـز خصوصـية بالغيـة «ولكن يبقى أن نؤكد دائم

)3(»وداللية وأسلوبية ال يمكن أن يؤديها أي لفظ آخر يظن أنه يقوم مقامه

ـــــــــــــــــــــ .215ة األلفاظ، صإبراهيم أنيس، دالل) 1(، سطالب محمد الزوبعي، ظاهرة الترادف في ضوء التفسير البياني للقرآن الكريم، منشورات جامعـة قـار يـون ) 2(

.8، ص1، ط1995بنغازي، 25 .201المرجع نفسه، ص) 3(

ية اللفظ والمعنىــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائ: مدخل

ولعبد القاهر الجرجاني رأي صريح وواضح في قضية الترادف يحسن السـكوت عليـه

وكما أن كل إنسان مخالف لآلخر من حيث داللته على ذاته، فكـذلك كـل « : حيث قال

وإن الترادف علـى مسـتوى ...تركيب مخالف لآلخر من حيث داللة المبنى على المعنى

)1(»كذلك وإال لقلنا أن تفسير القرآن هو القرآنالتراكيب أمر مستحيل

فتعد أيضا من بين أهم القضايا اللغوية التـي شـغلت االشتراك اللفظي وأما ظاهرة

اللغويين العرب القدماء والمحدثين، فوقفوا على مفهوم المشترك اللفظي وبحثوا في أسباب

.وقوعه في اللغة

اعلـم أن مـن «: مشترك اللفظي كانت عند سبويه في قولـه وقد رأينا أن أول إشارة لل

)2(»اتفاق اللفظين واختالف المعنيين...كالمهم

وتسمى األشياء الكثيرة باالسم الواحـد «: كما ذكر ابن فارس المشترك اللفظي في قوله

)3(»السحاب نالمال، وعي نعين الماء، وعي: نحو

وقد حده أهل األصـول «: ند األصوليين فقالونقل السيوطي مفهوم المشترك اللفظي ع

بأنه اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر داللة على السـواء عنـد أهـل تلـك

)4(»اللغة

وقد أقر غالبية اللغويين العرب بوجود المشترك اللفظي في اللغة العربية، وأنكر بعضهم

) 5(» ...ألكثرون على أنه ممكن الوقوعواختلف الناس فيه فا «ذلك، حيث قال السيوطي

ولكن الخالف كان على مفهوم المشترك في نظر كل منهم، فبعضهم توسع فـي األخـذ

) 6(به،وبعضهم اآلخر ضيق مجاله وحدده

ـــــــــــــــــــ

، 1993ار المعارف، البدراوي زهران، ظواهر قرآنية في ضوء الدراسات اللغوية بين القدماء والمحدثين، د: انظر) 1( ).29-28(، ص2ط .24، ص1انظر سبويه، الكتاب، ج) 2( .59ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها، ص) 3( .369، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 4( .المصدر نفسه، والصفحة نفسها) 5(لم الداللة بين النظر والتطبيق، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيـع، بيـروت، أحمد نعيم الكراعين، ع) 6(

.115، ص1، ط1993

26

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنى: مدخل

لخليـل، وعلى رأس هؤالء األصمعي وا «فالذين توسعوا في األخذ به هم أكثر أهل اللغة

)1(»وسبويه وأبو عبيدة وغيرهم

قول ابن فارس في قضية االشتراك اللفظي، حيث " المزهر" وقد نقل السيوطي في كتابه

ألن المعاني غير متناهية واأللفاظ متناهيـة، : ومن الناس من أوجب وقوعه، قال « :قال

)2(»فإذا وزع لزم االشتراك، وذهب بعضهم إلى أن االشتراك أغلب

أن يكـون «ومن الذين اشتهروا بإنكارهم لالشتراك اللفظي ابن درستويه فهو ينكر

العثور على الشيء، والغضب : المعاني المختلفة التي ذكرها اللغويون ومنها) وجد(للفظ

فظن من لم يتأمل المعاني ولم يتحقق الحقائق أن هـذا لفـظ « :، حيث قال)3(»والعشق

مختلفة، وإنما هذه المعاني كلها شيء واحد، وهو إصـابة الشـيء واحد قد جاء لمعاني

، ويضيف ابن درستويه قوال آخر يتبين من خالله رأيه الصـريح )4(»خيرا كان أو شرا

فلو جاز وضع لفظ واحد للداللة على معنيـين «: في قضية االشتراك اللفظي، حيث قال

ـ لما كان ذلك إبانة بل تعمية وت... مختلفين هـذا نغطية، ولكن قد يجيء الشيء النادر م

وإنما يجيء ذلك في لغتين متباينتين أو لحذف واختصار وقع في الكالم حتى اشتبه ...لعلل

)5(»اللفظان وخفي سبب ذلك على السامع فتأول فيه الخطأ

، ويتضح لنا من هذا القول أن ابن درستويه ال ينكر وقوع االشتراك اللفظي إنكارا تامـا

:ولكنه يجيز وقوعه ولكن بندرة ومع وجود قيود معينة وتتمثل في

أن يدل اللفظ الواحد على معنيين مختلفين بشرط أن يكون المعنيـان مـن لغتـين •

.مختلفتين

ـــــــــــــــــــ .192، ص9، ط1995إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية، مكتبة األنجلو المصرية، : انظر) 1( ). 370-369(، ص1طي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، جالسيو) 2(، 1، ط2005حسين حامد الصالح، التأويل اللغوي في القرآن الكريم، دراسة داللية، دار ابـن حـزم، بيـروت، ) 3(

.294ص .384، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 4( .385، ص1المصدر نفسه، ج: انظر) 5(

27

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ والمعنى: مدخل

يصيبان أصوات اللفـظ «أن يتعرض اللفظ لحذف أو اختصار، وهذان األخيران •

أواأللفاظ تبعا للتطور الصوتي العام واعتبارات النطق والسماع، مما يجعل بعض

تفاظها بدالالتها المختلفـة وتـدخل فـي بـاب األلفاظ تتشابه في أصواتها مع اح

)1(»المشترك

والحقيقة أن هذين الشرطين يعدان سببين من أسباب وقوع المشترك اللفظي في اللــغة،

ابن درستويه مضي قا لوقوع المشترك اللفظي في اللغة لحصره أسباب لذلك يمكننا أن نعد

.أخرى وقوعه في سببين اثنين فقط رغم أن هنالك أسبابا

أنكر أن يكون االشتراك مقصودا في أصل الوضع وإنما «وأما أبو علي الفارسي فقد

)2(»سببه تداخل اللغات، أو االستعارة التي تشيع فتصير بمنزلة المعنى األول

ومن المحدثين الذين تشددوا في موضوع المشترك اللفظي إبراهيم أنيس حيث أخرج

األلفاظ التي يكون أحد معنييها أصال واآلخر مجازا لـه ويتضـح من باب االشتراك كل

وقد كان ابن درستويه محقا حين أنكر معظم تلك األلفـاظ التـي « :موقفه هذا من قوله

)3(»عدت من المشترك اللفظي واعتبرها من المجاز

ـ أة واالستعمال المجازي عده الدارسون المحدثون من األسباب التي تـؤدي إلـى نش

المشترك اللفظي في اللغة العربية، إضافة إلى السببين اللذين ذكرهمـا ابـن درسـتويه،

، كما حددوا أسبابا أخـرى وتوسـعوا )االستعارة(والسبب الذي أضافه أبو علي الفارسي

وسنتعرض لهذه األسباب بالتفصيل عند الحديث عن أسباب وقوع ظاهرة التضـاد . فيها

.ثير من األسبابنظرا الشتراكهما في ك

أما إذا أردنا الحديث عن ظاهرة االشتراك اللفظي في القرآن الكريم فهـي تعـد مـن

خصص السيوطي للمشـترك «الظواهر المهمة التي خصها المتقدمون بعناية كبيرة، فقد

وقد " معترك األقران في إعجاز القرآن"اللفظي في القرآن الكريم القسم األعظم من كتابه

ــــــــــــــــ .116أحمد نعيم الكراعين، علم الداللة بين النظر والتطبيق، ص) 1( .417محمد حسين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب، ص) 2( .214إبراهيم أنيس، داللة األلفاظ، ص) 3(

28

لمعنىــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الداللة وثنائية اللفظ وا: مدخل

عد من إعجاز القرآن ألفاظه المشتركة، بل عدها من أعظم إعجازه حيث كانـت الكلمـة

)1(»الواحدة تتصرف إلى عشرين وجها وأكثر وأقل وال يوجد ذلك في كالم البشر

، وقد )الوجوه والنظائر في القرآن الكريم(وقد درسوا هذا النوع من األلفاظ تحت اسم

الوجوه اللفظ المشترك الذي يستعمل «:هم الوجوه والنظائر فقالفرق الزركشي بين قول

)3(أو المترادفة )2(»، والنظائر كاأللفاظ المتواطئة )األمة(في عدة معان كلفظ

ـــــــــــــــــــــــــــ .148أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص) 1( .81، ص1في علوم القرآن، جالزركشي، البرهان ) 2( .149أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص) 3(

29

الفصل األول )مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منه(

:المبحث األول

.العربية مفهوم التضاد في اللغة

:المبحث الثاني

.موقف اللغويين من ظاهرة التضاد

:المبحث الثالث

.مكانة التضاد وأهميته في الدرس اللغوي العربي

المبحث األول

)التفسير نشأته وأهم مناهجه(

تمهيد

.تعريف التفسير -1

. الفرق بين التفسير والتأويل - 2

.اللغة وأهم مناهج التفسير القرآني -3

ـــــــــــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهالفصل

المبحث األول

مفهوم التضاد في اللغة العربية

: تمهيد

:ن أساسيين هماعند اللغويين العرب حول مفهومي" التضاد " يدور مصطلح

متضادان كالجون يدل على األبيض واألسود، والجلـل نوجود لفظ واحد له معنيا :أوال

.يدل على العظيم والحقير

وجود لفظين يختلفان نطقا ويتضادان معنى، كالصغير في مقابل الكبير، والضعيف : ثانيا

.في مقابل القوي

:يمكن طرحها نحو -بعد هذا –ولكن تساؤالت

ان تناول اللغويين القدامى لهذين النوعين من التضاد؟ وهل ركزوا اهتمامهم على كيف ك

أحدهما ، أم كان تركيزهم على النوعين معا؟

ثم ما مدى اتفاق أو افتراق المحدثين مع القدامى في نظرتهم لهذين النوعين من التضاد؟

تعـرض لمصـطلح ولمعرفة مقدار تبعية أو تعارض المحدثين مع القـدماء سـنحاول ال

.عند القدامى ثم عند المحدثين، وبعدها نجري مقارنة بينهما" التضاد"

:مفهوم التضاد عند القدامى -أ

-أي داللة اللفظ الواحد على معنيين متضـادين –لقد حظي التضاد بالمفهوم األول

لسكيت ، وابن ا)ه216ت(واألصمعي ) ه206ت (باهتمام القدامى من أئمة اللغة كقطرب

وغيرهم، حيث ألفوا كتبا في هذا النوع مـن التضـاد ) ه255ت(، والسجستاني)ه244ت(

بداية االهتمام بهذا النوع من التضاد )2(، وقد حدد محمد حسين) 1("األضداد "تحت عنوان

) ه2(بالقرن الثاني للهجرة

ا عنـه باأللفـاظ أما النوع الثاني من التضاد فقد عرفه اللغويون القدامى، وعبـرو «

ا عند أصحاب المعاجم فقد اعتبروا ونجد هذا واضح )3(»نقيض، ضد، خالف : التالية

ــــــــــــــــــــ .سيأتي ذكر أهم المؤلفات في األضداد في هذا الفصل) 1(ا المكتـب محمد حسين، مجلة اللسان العربي، مجلة دورية لألبحاث اللغوية ونشاط الترجمة والتعريب، يصـدره ) 2(

، 1، ج8، ، األضـداد فـي اللغـة،مج 1971التعريب في الوطن العربي بالرباط بالمملكة المغربية، يناير قالدائم لتنسي . 93ص

.61رجب عبد الجواد إبراهيم، دراسات في الداللة والمعجم، ص: انظر) 3(

32

ربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العـــــ: الفصل األول

المصطلحات بمعنى واحد وبادلوا بينها في شتى المواضع، ونذكر من ذلك ما جـاء هذه

)1(»البرودة ضد البارد، والحرارة نقيضالبرد، الحار ضدالحر « " لسان العرب"في

لسـان "وفـي ،)2(» عبـد وأسـير ضـد الحرة، والحر خالف األمة « "المنجد"وجاء في

)3(»العبد نقيض األمة، والحرنقيض الحرة «"عربال

ولكن ال يخفى مابين هذه المصطلحات من اختالفات دقيقة وإن كانت تبدو للوهلة األولى

الفرق بين النقيض والضد بمعنى واحد وسنأتي إلى ذكر الفرق بين الخالف والضد إال أن

.قد يكون دقيقا جدا نظرا لتقاربهما في المعنى

الطباق، المطابقـة، التطـابق، ( ا درس البالغيون هذا النوع من التضاد تحت أسماء كم

)4(...) التكافؤ، المقابلة

ويرى أحمد مختار عمر أن هذا النوع من التضاد لم يلق اهتماما كبيرا عند القدامى ولـم

)5(يخصوه بتأليف مستقل

تناول فيه ذكر محاسـن " واألضداد المحاسن " للجاحظ كتاب بعنوان -فيما نعلم–ولكن

يذكر محاسن الصمت ثم : الشيء ومساوئه، حيث تعتبر المساوئ أضدادا للمحاسن، فمثال

وهكذا فعل مع مجموعة أخرى من األلفاظ، فهو لـم ،)6(يذكر ضدها أي مساوئ الصمت

هـو و -تلك األلفاظ التي تحمل معنيين متضادين" األضداد"يقصد في كتابه هذا بمصطلح

ولكنه عنى بهذا المصطلح األلفاظ التي -المعنى المتعارف عليه عند القدامى كما الحظنا

.تختلف نطقا وتتضاد معنى

بهـذا -بابـا لألضـداد ) ه320ت(كما خصـص عبد الرحمان بن عيـسى الهمـذاني

لي حوا حيث ذكـر" األلفاظ الكتابية " في كتـابه -المفهوم الذي الحظناه عند الجاحظ

ــــــــــــــــــ ).250- 249(، ص5، فصل الحاء، حرف الراء، ج)حرر(ابن منظور، لسان العرب، مادة ) 1(، 1، ط2000صبحي حمودي، المنجد في اللغة العربية المعاصرة، تحرير أنطوان نعمة، دار المشرق، بيروت، ) 2(

.267و ص 45ص .253، ص5حاء، حرف الراء، ج، فصل ال)حرر(ابن منظور ، لسان العرب، مادة) 3(منى سليمان الساحلي، التضاد في النقد األدبي مع دراسة تطبيقية من شعر أبي تمام، دار الكتب الوطنية، : انظر) 4(

.193، ص)ط.د(، 1996بنغازي، سمنشورات جامعة قار يون .191أحمد مختار عمر، علم الداللة، هامش ص: انظر) 5( .9، ص)ط.د(، )ت.د(ن واألضداد، دار مكتبة الهالل، الجاحظ، المحاس: انظر) 6(

33

ـــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــــــ: فصل األولال

)1(...) كالفرح والغم، اليسار والفقر، المدح والثلب( تسعا وخمسين ثنائية متضادة

: مفهوم التضاد عند المحدثين -ب

أما اللغويون المحدثون وعلى الرغم من وجود ظاهرة استخدام اللفظ الواحـد فـي

معنيين متضادين، فإن االهتمام الذي القته هذه الظاهرة كان ضئيال، وربما لم تشغل مـن

.أو صفحات )2(اهتمامهم إال قدرا يسيرا، ولم تستغرق مناقشتهم لها إال بضعة أسطر

من أكثر العالقات الداللية « ن التضاد فقد خصوه باهتمامهم واعتبروه م النوع الثانيأما

أهمية بين األلفاظ لما له من دور كبير في تحديد معاني كثير من األلفاظ وتقريبهـا إلـى

)3(».الذهن

: وقد قسموا هذا النوع من التضاد إلى قسمين هما

ايتين لمعيار متدرج، أو بـين يقع بين نه« وهو الذي : (Gradable)التضاد المتدرج *

أزواج من المتضادات الداخلية، وإنكار أحد عضوي التقابل ال يعني االعتراف بالعضـو

.صغير، فإذا كان الوعاء ليس كبيرا فهذا ال يعني أنه صغير/كبير: مثل )4(»اآلخر

)التعاكس -التقابل (: (Non gradable)التضاد الحاد أو غير المتدرج *

يقسم عالم الكالم بحسم ودون « ميت، وهذا التضاد /أعزب، حي/أنثى، متزوج/ذكر: مثل

)5(»االعتراف بدرجات أقل أو أكثر، ونفي أحد عضوي التقابل يعني االعتراف بـاآلخر

أي أن الشيء «أن هذا المولود ليس ذكرا فهذا يعني بالضرورة أنه أنثى -مثال-فإذا قلنا

)6(» لعكس صحيح وا) ب(فهو ) أ(إذا لم يكن

ـــــــــــــــــــالهمذاني، األلفاظ الكتابية، ضبط وتصحيح األب لويس تشيخو اليسوعي، مطبعة اآلباء اليسوعيين، بيروت، : انظر) 1(

.296، ص8، ط1911 .191أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص: انظر) 2( .61م، صرجب عبد الجواد إبراهيم، دراسات في الداللة والمعج) 3( 102أحمد مختار عمر، علم الداللة ، ص: انظر) 4( John lyons, élements de sémantique, traduit par jaques Durand,collection"langue et: وانظر

langage", larouse université, paris, 1978, p219. .المرجعان نفسهما ، والصفحات نفسها: انظر) 5(ة، )6( ي، دراسة تطبيقي راث البالغي العرب ة والت ات الداللي ة (عبد الواحد حسن الشيخ، العالق ة العربي ة )سلسلة اللغ ، مكتب

.79، ص1، ط1999ومطبعة اإلشعاع الفنية،

34

اد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــ مفهوم التضــــــــــــــــــ: لفصل األولا

وتجدر اإلشارة أن هناك من اللغويين المحدثين من أضاف أقساما أخرى لهذا النوع مـن

مناقشة هذه التقسيمات، وإنما الـذي يعنينـا هـو -في هذا المقام-وال يهمنا )1(التضاد

.اكتشاف مدى اهتمام المحدثين بهذا النوع من التضاد

ا نالحظ بعد هذا العرض لمفهوم التضاد عند القدامى والمحدثين أنهم لم يتفقـوا ولعلن

في درجة االهتمام بنوعي التضاد الموجودين في اللغة، بل كانت نظرة المحدثين تعـاكس

نظرة القدامى، فبينما ركز القدامى اهتمامهم على ظاهرة تعبير اللفظ الواحد عن معنيـين

هتمامهم على النوع الثاني أي تعبير لفظـين مختلفـين عـن متضادين، ركز المحدثون ا

.معنيين متضادين

هنالك فرقا بين هذين النوعين من التضاد، ويتمثـل فـي أن ولعله من المالحظ أيضا أن

عالقة الضدية في النوع األول غير ظاهرة ألن هنالك لفظ واحد، بل هي كامنة في معنيي

.اللفظ الواحد

فعالقة الضدية تظهـر -سواء كان متدرجا أو غير متدرج–ي من التضاد أما النوع الثان

.مباشرة من اللفظين

التضـاد " لذلك يمكننا أن نعد هذا فرقا بين النوعين، وربما يمكننا أيضا أن نطلق اسـم

" التضاد اللفظي " على ظاهرة تعبير اللفظ الواحد عن معنيين متضادين، واسم " المعنوي

.آلخرعلى النوع ا

: ولتوضيح هذا الفرق أكثر نعرض المخطط التالي

ــــــــــــــــــ ).104- 102(أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص: انظر) 1(

35

ــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: الفصل األول التضاد

التضاد الثاني ألول التضاد ا

اللفظ الثاني ≠اللفظ األول لفظ واحد ) صغير) (كبير) (جلل(

المعنى الثاني ≠المعنى األول

)حقير( )عظيم(

يغني الباحثين عن التقديم في بداية بحوثهم -على األقل–اقتراح هذه التسميات ونعتقد أن

تحـت اسـم -على السواء–لتحديد أي نوع من التضاد يقصدون، فهم يتناولون النوعين

باعتبار تسمية األلفاظ، وتجدر اإلشـارة أن " األضداد"باعتبار تسمية العالقة، أو " التضاد"

بين هـذين النـوعين مـن التضـاد، -فيما بحثنا–حاولوا الفصل اللغويين المحدثين لم ي

أحمـد مختـار -مثال–فيضطر أغلبهم إلى الفصل بينهما بعبارات قد تطول أحيانا، فهذا

ال نعني باألضـداد «: يقول -قاصدا بها النوع األول–عمر في بداية حديثه عن األضداد

يختلفان نطقا ويتضادان معنى كالقصـير ما يعنيه علماء اللغة المحدثون من وجود لفظين

في مقابل الطويل، والجميل في مقابل القبيح، وإنما نعني بها مفهومها القديم، وهو اللفـظ

)1(»المستعمل في معنيين متضادين

-قاصدة بها النـوع الثـاني –كما نجد نور الهدى لوشن وفي بداية حديثها عن األضداد

لمعروفة في الكتب القديمة، أي داللة الكلمة علـى المعنـى ولم أقصد األضداد ا «: تقول

)2(»وضده، وإنما أحصيت التضاد من خالل العالقات الداللية العكسية

ـــــــــــــــــــ .191أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص) 1( .172نور الهدى لوشن، علم الداللة، دراسة وتطبيقا، ص) 2(

36

التضاد المعنوي التضاد اللفظي

ــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــــ: الفصل األول

يؤكدان الفكرة السـابقة، والمتمثلـة فـي أن -وهما نموذجان فقط–ولعل هذين القولين

القدامى ركزوا اهتمامهم على النوع األول من التضاد، أو بعبارة أخـرى أن مصـطلح

كانوا يقصدون به ظاهرة تعبير اللفظ الواحـد عـن أول ما أطلق عند القدامى" األضداد"

معنيين متضادين، وقد أطلق اللغويون المصطلح ذاته على النوع الثـاني مـن التضـاد،

التضاد وبالتالي وجد الباحثون المحدثون أنفسهم أمام تسمية مشتركة لنوعين مختلفين من

غرابة واألشد إثارة، أمـا المفهـوم إال أنه ال يخفى أن التضاد بالمفهوم األول هو األكثر

الثاني للتضاد فال يشكل أية غرابة إذ من الطبيعي أن نجد في اللغة ثنائيات من األلفـاظ

.التي تحمل معاني متضادة

لذلك يدفعنا الفضول دفعا للتوقف عند أهم النقاط المتعلقة بظاهرة تعبير اللفظ الواحد عـن

.لغة واصطالحا -األضداد–عريف التضاد معنيين متضادين، بداية بت

: األضداد –تعريف التضاد -1

)2(وضاده خالفـه وهمـا متضـادان )1(»ضد الشيء خالفه «يقال في اللغة : لغة -أ

)3(والنهار لالشيئان ال يجوز اجتماعهما في وقت واحد كاللي: والمتضادان

ضاد شيئا ليغلبه والسـواد ضـد الضد كل شيء: قول الليث« " لسان العرب"وجاء في

البياض، والموت ضد الحياة، والليل ضد النهار إذا جاء هذا ذهب ذلك، أما ابن سيدة فهو

يرى أن ضد الشيء وضديده وضديدته خالفه واألخيرة عن ثعلب، وضده أيضا مثله عنه

كفرون بعبادتهم ويكونون آلا سي { :وحده، والجمع أضداد، وفي التنزيل الحكيم قوله تعالى

)4( }عليهم ضدا

عون الرجل يضـاد عـدوه وينافيـه « بمعنى أن )5(»يكونون عليهم عونا : قال الفراء )6(»بإعانته عليه

ـــــــــــــــــــ .112، ص1، ج1، ط1987، ابن دريد، جمهرة اللغة، حققه وقدم له رمزي بعلبكي، دار العلم للماليين، بيروت،) 1(، نسخة مصورة عن الطبعة الثالثة للمطبعة 1977الفيروز أبادي، القاموس المحيط، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ) 2(

.307، ص1، ج)ه1301(األميرية .360، ص3ابن فارس، مقاييس اللغة، مج) 3( .82سورة مريم، اآلية ) 4( ).252-251(، ص4، فصل الضاد، حرف الدال، ج)ضدد(مادةابن منظور، لسان العرب، : انظر) 5( 37 .574أبو البقاء الكفوي، الكليات، ص) 6(

العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة ـــــــ: الفصل األول

: اصطالحا -ب

ومن سنن العرب في األسماء أن يسموا المتضادين باسم واحد، نحـو «: يقول ابن فارس

)1(»الجون لألسود، والجون لألبيض

هي -حسب قول ابن فارس–فظاهرة استخدام اللفظ الواحد للتعبير عن معنيين متضادين

.من سنن العرب في كالمها

هو أن تنصرف اللفظـة الواحـدة إلـى « : عرف محمد حسين آل ياسين التضاد بقولهوي

)2(»معنيين متضادين

أما األضداد فهي األلفاظ التي يدل الواحد منها على معنيين متضادين كالسـامد للحـزين

)3(والالهي، والجلل للعظيم واليسير، والقانع للراضي والسائل

.ع هي التي تسمى باألضدادفالسامد والجلل، والقان

أبـو حـاتم بالتعريف فـرأى " األضداد"وقد توقف اللغويون القدامى عند مصطلح

فأما المعروف فـي « : أن األضداد هي خالف الشيء، حيث قال) ه255ت(السجستاني

)4(»الضد في كالم العرب، فخالف الشيء

لغوي الذي ذكرناه، حيث فسر الضـد وكما نالحظ فهذا التعريف ينطبق على التعريف ال

.بالخالف

الحـروف التـي «فقد عرف األضداد بأنها ) 327ت(محمد بن القاسم بن األنباري أما

)5(»توقعها العرب على المعاني المتضادة

يفتح أمامنا بابا للنقاش خاصة وأن مبحث األضداد في -هذا–ولعل تعريف ابن األنباري

يشار به إلى ظاهرة تعبـير اللفظ الواحد عن معنيين متضـادين، فالقضيةالدرس اللغوي

ـــــــــــــــــــ .60ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها، ص) 1( .418محمد حسين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب، ص) 2(، )ط.د(، )ت.د(قه اللغة العربية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيـروت، بكر السيد يعقوب، نصوص في ف) 3( .103، ص2جأبو حاتم السجستاني، كتاب األضداد، حققه ووضع فهارسه محمد عودة أبو حري، راجعه وقدم له رمضان عبـد ) 4(

.41، ص)ط.د(، 1994التواب، مكتبة الثقافة الدينية، ، كتاب األضداد، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، )القاسممحمد بن (ابن األنباري) 5(

. 1، ص)ط.د(، 1991

38 ــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: الفصل األول

ن على التوقف عنـد لذلك نجد أنفسنا مجبري! تتعلق باأللفاظ وابن األنباري يقول الحروف

.تعريفه بغرض تحليله وتفسيره على الوجه الذي يزيل عنه كل غموض

هـذا كتـاب ذكـر « : إلى العبارة التي سبقت تعريفه المذكور حيث قال -بداية–فنعود

)1(»الحروف التي توقعها العرب على المعاني المتضادة

عها فيه والتي تعبر عن المعاني وإذا عدنا إلى كتابه لمعرفة ما هي تلك الحروف التي جم

" األلفاظ"و " الحروف"المتضادة، فنجد أن مادة األضداد التي اشتمل عليها كتابه تتنوع بين

وبالتالي نعتقد أن ابن األنباري يقصد ) آيات قرآنية وأبيات شعرية " ( التراكيب اللغوية"و

فهو ربما تعمد ذكر الحروف دون بالحروف هذه األصناف الثالثة التي توافرت في كتابه،

يصدق على اللفظ كما يصدق على التركيب اللغوي، فـال " الحروف"األلفاظ ألن مصطلح

يخفى أن الحرف هو أصغر وحدة لغوية يمكن أن تدل على معنى، كما يمكن أن تدل على

باإلضافة إلى ذلك فإن الحـرف هـو الوحـدة -حسب ابن األنباري–معنيين متضادين

التركيبية األساسية التي ال وجود للكلمة المفردة بدونها، إذ الكلمة هي اجتماع الحـروف

مع بعضها البعض وفق قوانين لغوية متواضع عليها من قبل الجماعة اللغوية الواحـدة،

وفـق -المركبة من الحـروف –والتركيب اللغوي هو اآلخر عبارة عن اجتماع الكلمات

.عند كل قوم أوضاع لغوية متعارف عليها

اإلفراديـة، : إذن فالحرف عنصر أساسي في اللغة يوجد في جميـع أشـكالها المكتوبـة

.والتركيبية، لذلك خصه ابن األنباري بالذكر

مـن ) الحـرف (« : وللتوضيح أكثر نعود إلى لسان العرب لبحث مفهوم الحرف، فنجـد

سمى الرابطة ألنهـا حروف الهجاء معروف واحد حروف التهجي، والحرف األداة التي ت

كل كلمة بنيـت : تربط االسم باالسم، والفعل بالفعل كمن وعلى ونحوهما، قال األزهري

أداة عارية في الكالم لتفرقة المعاني واسمها حرف وإن كان بناؤها بحرف أو فوق ذلـك

حتى وهل وبل ولعل، وكل كلمة تقرأ على الوجوه من القرآن تسمى حرفا، تقـول : مثل

.ف ابن مسعود أي في قراءة ابن مسعودهذا في حر

والحرف القراءة التي تقرأ على أوجه وما جاء في الحديث مـن قولـه عليـه :ابن سيدة

:السالم

ـــــــــــــــــــ 39 . المصدر السابق، والصفحة نفسها) 1(

لعربية وموقف اللغويين منهــــــــ مفهوم التضاد في اللغة اــــــــــــــــ: الفصل األول

نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف، أراد بالحرف اللغة، قال أبو عبيدة وأبـو

والحرف في األصل الطرف والجانـب ...نزل على سبع لغات من لغات العرب: العباس

)1(»وبه سمي الحرف من حروف الهجاء

مى له بعد واسع، فقد يكون الحرف ويتضح من هذا التعريف أن مفهوم الحرف عند القدا

حرفا من حروف الهجاء، وقد يكون الكلمة التي تقرأ على الوجوه من القرآن الكريم، كما

.يمكن أن يقصد بالحرف اللغة

ومن هنا يمكننا القول بأن ابن األنباري يشير بالحرف إلى هذا المفهوم الواسع، ومما يدل

فال يعرف المعنى المقصود منهـا إال ... « :ي قولهعلى ذلك إشارته بالحرف إلى اللفظ ف

حمل لولد الضأن مـن الشـاء : بما يتقدم الحرف ويتأخر بعده مما يوضح تأويله، كقولك

)2(»وحمل اسم رجل

، وهذا ما يدل على أن ابن )حمل(ويعطي مثاال عنه بلفظ " الحرف"فهو هنا يذكر مصطلح

.المفهوم الضيق الذي نعرفه في العصر الحديث األنباري ال يقصد بالحرف هذا

تفسير العبارة التي تلت قوله السـابق، حيـث -قبل االنتقال إلى نقطة أخرى–ويجدر بنا

)3(»فيكون الحرف منها مؤديا عن معنيـين مختلفـين ... هذا كتاب ذكر الحروف « :قال

جمعها في كتابـه، من حروف األضداد التي : أي) فيكون الحرف منها(وهو يقصد بقوله

هو " األضداد"منها ما يكون من قبيل المشترك اللفظي، بمعنى أن القصد من وضع كتابه

.ذكر كلمات األضداد ولكنه يعترف بما ورد في كتابه من بعض حروف المشترك اللفظي

كان صريحا منذ البداية في مسألة اشتمال كتابه على بعض حروف -إذن-فابن األنباري

سلوى "لفظي، وبالتالي فال مجال النتقاده في هذه النقطة بالذات كما فعلت ذلك المشترك ال

إن كان هذا التداخل بين المتضـاد والمشترك فـي كتـاب « حين تساءلت " محمد العوا

كان يراها ابن األنباري متضـادة ابن األنباري قد حدث عفوا، أم أن بعض تلك المعاني

ـــــــــــــــــــ ).386-385(، ص10، فصل الحاء، حرف الفاء، ج)حرف(ابن منظور، لسان العرب، مادة: انظر) 1( .4ابن األنباري، كتاب األضداد، ص: انظر) 2( .1المصدر نفسه، ص: انظر) 3(

40

هــــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منـــــ: الفصل األول

لسبب غير ظاهر لنا وراجع إلى مفهوم التضاد عنده، ذلك المفهوم الذي كان جمع األلفاظ

.)1(»يجري على أساس منه

حسب محمد حسـين آل –فيعرف مصطلح التضاد ) ه351ت(أبو الطيب اللغوي أما

وليس كل مـا خـالف ...واألضداد جمع ضد، وضد كل شيء ما نافاه« : بقوله -ياسين

يء ضدا له، أال ترى أن القوة والجهل مختلفان وليسا ضـدين، وإنمـا ضـد القـوة الش

)2(»الضعف، وضد الجهل العلم

ولعله من الواضح أن نظرة أبي الطيب اللغوي أدق من نظرة أبي حاتم السجستاني الذي

.فسر الضد بالخالف، فليس كل متخالفين متضادين

أن « ): ه395ت(ختلف والمتضاد يقول أبـو هـالل العسـكري وفي الفرق بين الم

المختلفين اللذين ال يسد أحدهما مسد اآلخر في الصفة التي يقتضيها جنسه مـع الوجـود

كالسواد والحموضة، والمتضادان هما اللذان ينتفي أحدهما عند وجود صاحبه، إذا كـان

والبياض، فكل متضاد مختلف وليس وجود هذا على الوجه الذي يوجد عليه ذلك كالسواد

كل مختلف متضادا، كما أن كل متضاد ممتنع اجتماعه، ولـيس كـل ممتنـع اجتماعـه

.)3(»متضادا

فالمختلفان ال مانع من ورودهما معا ألن كل منهما يحمل معنى إضافيا، وال يمكـن

فهذا المعنـى األول يفيـدنا أن يعوض أحدهما اآلخر، فمثال إذا وصفنا العنب بأنه أسود

هـي ) حامض(، فكلمة )حامض+أسود(بمعرفة لون العنب، ثم إذا أضفنا بأن هذا العنب

ليسـت ) حامض(، ألن كلمة )أسود(معنى جديد وإضافي بحيث ال يمكن أن يعوض كلمة

.فاألولى تعبر عن الذوق والثانية تعبر عن اللون) أسود(من جنس كلمة

ـــــــــــــــــــ، دار )بنـت الشـاطئ (سلوى محمد العوا، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، تقديم عائشة عبد الرحمـان : انظر) 1(

.84، ص1، ط1998الشروق، .419محمد حسين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب، ص: انظر) 2(، )ت.د(راهيم سليم، دار العلـم والثقافـة، القـاهرة، أبو هالل العسكري، الفروق اللغوية، تحقيق وتعليق محمد إب) 3( .157، ص)ط.د(

41 ـــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: الفصل األول

أما المتضادان فال يمكن ورودهما معا وإال لكان تناقضا، ألن كال منهما يحمـل معنـى

ى اآلخر، فبمجرد ذكر أحد الضدين ينتفي اآلخر، فإذا قلنا مثال أن هـذا منافيا تماما للمعن

.القميص أبيض فهذا يعني أنه ليس أسودا والعكس صحيح

وليس كل (، وأما قوله )كل تضاد ممتنع اجتماعه(وهذا ما يفسر قول أبي هالل العسكري

ن اجتماعها رغم أنهـا غيـر فهنالك أشياء كثيرة في الواقع اليمك) ممتنع اجتماعه متضاد

متضادة، فال يمكننا مثال أن نقول أن هذا القلم أسود وأزرق في الوقت نفسـه، ألن كـل

.مختلفين من جنس واحد اليمكن اجتماعهما أيضا

:عالقة التضاد باالشتراك اللفظي -2

أن -سابقا–ا ذكرنا أن التضاد هو داللة اللفظ الواحد على معنيين متضادين، ورأين

االشتراك اللفظي هو داللة اللفظ الواحد على معنيين مختلفين فأكثر، وإذا أردنا أن نقارن

بين هذين التعريفين سنالحظ أن وجه االتفاق يكمن في تعدد المعنى للفظ الواحد، أما وجه

ك اللفظي االفتراق فيتمثل في وجود معنيين اثنين فقط في ظاهرة التضاد، أما في االشترا

فالمعنى يتعدد إلى أكثر من معنيين، كما يفترق التضاد عن االشتراك اللفظي فـي نـوع

العالقة القائمة بين المعاني إذ هي عالقة تضاد في ظاهرة التضاد وعالقة اخـتالف فـي

.ظاهرة االشتراك اللفظي

-للفظ الواحـد أي تعدد المعنى –ولعل وجه االتفاق بين التضاد واالشتراك اللفظي

هو الذي جعل غالبية اللغويين يقرون بأن هنالك صلة وثيقة بـين التضـاد واالشـتراك

.اللفظي، وقد عبروا عن هذه الصلة بعبارات مختلفة ولكنها ترمي إلى معنى واحد

لنوع هذه الصلة عندما ذكر أوجه الكالم في ألفاظ لغة العرب ) ه206ت(فقد أشار قطرب

أن يتفق اللفظ ويختلف المعنى، فيكون اللفـظ الواحـد علـى : وجه الثالثال« : حيث قال

ومن هذا اللفظ الواحد الذي يجيء على معنيين فصـاعدا مـا يكـون ... معنيين فصاعدا

يفيد تضمين نوع المتضـاد لنـوع ...) ومن هذا(، فقوله )1(» متضادا في الشيء وضده

. المشترك اللفظي

ـــــــــــــــــــــمحمد حسين، األضـداد فـي اللغـة، ، ، ومجلة اللسان العربي41أبو حاتم السجستاني، كتاب األضداد، ص: انظر) 1(

.94، ص1، ج8مج

42

ـــــــــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منه: الفصل األول

لفاظ األضداد وألفاظ المشترك في مقدمة كتابـه أما ابن األنباري فقد أشار للعالقة بين أ

والتي عدها الدارسون بمثابة بحث نظـري حـول قضـية األضـداد، حيـث " األضداد"

ومجرى حروف األضداد مجرى الحروف التي تقع على المعاني المختلفة وإن لـم «:قال

)1(»تكن متضادة

هي ما يعرف بالمشترك اللفظي، فالحروف التي تقع على المعاني المختلفة غير المتضادة

) ه458ت(فإذا كانت هذه المعاني المختلفة متضادة عد اللفظ من األضداد، أما ابن سـيده

إذا جاز وقوع اللفظة الواحدة للشيء وخالفه جاز وقوعها للشيء وضـده، «فهو يرى أنه

)2(»إذ الضد ضرب من الخالف

بين التضاد واالشتراك اللفظي أن التضاد في بيان نوع العالقة )ه911ت(وقال السيوطي

المشترك « : الذي قال) إلكيا(تعليق " المزهر"كما ذكر في كتابه )3(»نوع من المشترك «

يقع على شيئين ضدين، وعلى مختلفين غير ضدين، فما يقع علـى الضـدين كـالجون،

)4(» وجلل، وما يقع على مختلفين غير ضدين كالعين

. ضه لهذا القول يؤكد ويدعم فكرته بأن التضاد نوع من االشتراك اللفظيوالسيوطي بعر

)5(أما اللغويون المحدثون فقد صرح أغلبهم بأن التضاد نوع من االشتراك اللفظي

من المشترك ما يكون أحد المعنيين فيه ضدا لآلخر، وهو ما يسمى « : يقول ربحي كمال

)6(» أ من بعض عللهبالتضاد، وهو نوع من االشتراك ينش

ـــــــــــــــــــ .1ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 1( .259، ص13، ج4، مج)ط.د(، )ت.د(ابن سيده، المخصص، دار الكتب العلمية، بيروت، ) 2( .387، ص1وطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، جالسي) 3( .المصدر نفسه، والصفحة نفسها) 4( .311، ص5، ط1973صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة، دار العلم للماليين، بيروت، * : انظر) 5(

.148، ص1، ط1997علي عبد الواحد وافي، فقه اللغة، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، * ر الثـروة اللغويـة، دار أحمد عبد الرحمان حماد، عوامل التطور اللغوي، دراسة في نمـو وتطـو *

ساألندل .77، ص1، ط1983بيروت،

،1، ط1982إميل بديع يعقوب، فقه اللغة العربية وخصائصها، دار العلم للماليين، بيروت، * .181ص

.122والتطبيق، صأحمد نعيم الكراعين، علم الداللة بين النظر * .318، ص)ط.د(، 1996أحمد محمد قدور، مبادئ اللسانيات، دار الفكر المعاصر، بيروت، *

ربحي كمال، التضاد في ضوء اللغات السامية، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية للطباعة والنشـر، بيـروت، ) 6( . 9، ص)ط.د(، 1975

43

ــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــ: لفصل األولا

االشتراك والتضـاد يجمعهمـا « : أما أحمد مختار عمر فقد عبر عن هذه العالقة بقوله

مفهوم واحد، هو داللة اللفظ على معنيين مختلفين، ومفهوم المشترك اللفظي يتضمن ألفاظ

وتتميز األضداد باختالف دالالتها على وجه التقابل أو التناقض ويكون عطـف التضاد،

) 1(»من باب عطف الخاص على العام " االشتراك"على " التضاد"

" داللة األلفاظ"أما إبراهيم أنيس فنجد أن أقواله متضاربة في هذا الموضوع فهو في كتابه

أما الكلمات التي « : اللفظي حيث قال حاول أن ينفي وجود عالقة بين التضاد واالشتراك

تسمى باألضداد فيقحمها بعض اللغويين في هذا المشترك اللفظي رغم ما نرى بينها مـن

صلة الضدية، وهي صلة وثيقة بين الدالالت، فلسنا نذكر األبيض إال ذكرنا معه األسود،

حمها بعض اللغويين فـي يق(، فهو بقوله )2(»... ولسنا نذكر الغبي إال ذكرنا معه الذكي

يعني أنه خارج عن دائرتهم وال يؤيد رأيهم في اعتبـار كلمـات ) هذا المشترك اللفظي

ومع هذا فحين نسلم جدال بأن « : األضداد نوعا من المشترك اللفظي، ولكنه يضيف قائال

يلـة األلفاظ التي وضحت الصلة بين معانيها يمكن أن تعد من المشترك اللفظي نراهـا قل

)3(»فهي ال تكاد تجاوز العشرات...العدد

ويقصد إبراهيم أنيس باأللفاظ التي وضحت الصلة بين معانيها ألفاظ األضداد وهذه الصلة

إلى عدم ارتياحه لفكرة اعتبـار ألفـاظ ) نسلم جدال(هي صلة الضدية، وهو يشير بقوله

ال بوجـود هـذه العالقـة األضداد نوعا من المشترك اللفظي، وهو يرى أنه حتى وإن ق

يعترف " في اللهجات العربية"فألفاظ األضداد قليلة ال تجاوز العشرات، ثم نجده في كتابه

عالقة الضدية من أوضح األشياء في « : بأن التضاد فرع من المشترك اللفظي حيث قال

فمن بـاب تداعي المعاني، فإذا جاز أن تعبر الكلمة الواحدة عن معنيين بينهما عالقة ما،

أولى جواز تعبيرها عن معنيين متضادين، ألن استحضار أحدهما في الذهن يستتبع عادة

)4(»استحضار اآلخر، فالتضاد فرع من المشترك اللفظي

ـــــــــــــــــــ .8، ص1، ط2003أحمد مختار عمر، االشتراك والتضاد في القرآن الكريم، دراسة إحصائية، عالم الكتب، ) 1( .214إبراهيم أنيس، داللة األلفاظ، ص) 2( .المرجع نفسه، والصفحة نفسها: انظر) 3( .208إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية، ص) 4(

44 ــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــ: الفصل األول

ي رأي إبراهيم أنيس يمكننا القول بأنه ربما وإذا أردنا أن نفسر سبب هذا التناقض ف

فـي اللهجـات "ثم ألف كتابه " داللة األلفاظ"قد غير وجهة نظره باعتباره ألف أوال كتابه

ومن هنا نعتقد أنه قد أعاد النظر في المسألة واعترف أخيرا بأن التضاد فرع من " العربية

.ب الباحثين كما رأيناالمشترك اللفظي، وهو الرأي الذي ذهب إليه أغل

وإذا استطعنا أن نفسر وجهة نظر إبراهيم أنيس يبقى أمامنا فريقين من الباحثين الذين

اليسـلمون «ينكرون الصلة بين التضاد واالشتراك اللفظي، فأصـحاب الفريـق األول

عا مـن بالمشترك إال إذا دل على معنيين الرابط بينهما، ويرى هؤالء أن التضاد ليس نو

ين تجمع بينهما صلة من نوع ما، فالجامع بين األسود واألبيض أنالمتضاد االشتراك ألن

وهكذا لوال هذه الصلة لما ... كالهما لون، والجامع بين الكبير والصغير أن كالهما حجم

) 1(»كان المتضادان ضدين، إذ أن الضدين شيئان اشتركا في صفة واختلفا في مقدارها

المشترك اللفظي ألنهـم أنكـروا أم ا أصحاب الفريق الثاني فقد أخرجوا التضاد من حد

وقوع األضداد بالمرة، ذلك بأنهم ال ينكرون وقوع المشترك، فإن عدوا األضداد منه فقـد

أثبتوا وقوعها بالتبعية، فلما أنكروا أن يكون للفظ الواحد معنيان متضادان أخرجوه مـن

.)2(حد المشترك

أما الرأي الذي نرتضيه هو القائل بأن التضاد نوع من المشترك اللفظـي العتبـار

تعدد المعنى للفظ الواحد، ولكنه نوع خاص وقائم بذاته ألنه يحمل خصوصية المضادة في

ل لنا القول مع القائلين بأناشتراك لفظي وليس كل اشتراك "المعاني، وهذا يخو كل تضاد

وهذا ما ذهب إليه األصوليون أيضا، بل إنهم عند حديثهم عن المشترك « ،" تضادالفظي

، فقـد )3(»اللفظي مثلوا له بما وقع فيه من قبيل التضاد، وما وقع فيه من قبيل المخالفة

مفهوما اللفظ المشترك إما أن يتباينا بأن ال يمكن اجتماعهما فـي «: نقل السيوطي قولهم

اجتماعهمـا زوال يجو) القرء(شيء واحد، كالحيض والطهر فإنهما مدلوال الصدق على

)4(» ...لواحد في زمن واحد، أو يتواصال

ـــــــــــــــــ .311، ص4، ط)ت.د(محمد األنطاكي، دراسات في فقه اللغة، دار الشرق العربي، بيروت، ) 1( .153، ص1، ط2002الشرق، محمد سعد محمد، في علم الداللة، مكتبة زهراء: انظر) 2( .154المرجع نفسه، ص: انظر) 3( .387، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 4(

45 ــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــ: الفصل األول

يف المشـترك اللفظـي ومما يدل على أن األضداد جزء من المشترك اللفظي صدق تعر

على األضداد، وقد سبق تعريفه لدى األصوليين بأنه اللفظ الواحد الـدال علـى معنيـين

مختلفين فأكثر، داللة على السواء عند أهل تلك اللغة ولم يشترطوا في المعنيين المختلفين

)1(التضاد أو عدمه، ومن ثم دخل التضاد حكما في المشترك اللفظي

: سباب وقوعه في اللغةشروط التضاد وأ -3

: شروط التضاد -أ

وضع بعض اللغويين شروطا محددة للقول بصحة التضاد في اللغـة، وقـد كـان

غرضهم من ذلك إخراج كل ما ليس له عالقة بالتضاد من دائرته، ولعل من أهـم تلـك

:الشروط ما يلي

وفي ذلك يقول ابـن دريـد .)2(أن يكون استعمال اللفظ في المعنيين في لغة واحدة : أوال

الشعب االفتراق، والشعب االجتماع وليس من األضداد، إنما هي لغة لقوم« ): ه321ت(

)3(»تعني االفتراق في لغة قوم، وتعني االجتماع في لغة قوم آخرين" الشعب"لفظة أي أن

.دمن باب األضدا" الشعب"وبالتالي فوجود المعنيين في لغتين مختلفتين أخرج لفظة

قال األزدي في كتاب « : فقال" وثب"وفي هذا أيضا يروي لنا السيوطي قصة حول لفظة

خرج رجل : ، قال )4(حدثنا عبد الرحمان عن عمه: أخبرنا أبو بكر بن دريد) الترقيص(

فأطلع على سـطح )5(من بني كالب، أو من سائر بني عامر بن صعصعة إلى ذي جدن

ثب أي اقعد، فقال ليعلم الملك أني سـامع : ختبره، فقال لهوالملك عليه، فلما رآه الملك ا

إن الوثـب فـي ! أبيت اللعن: ما شأنه؟ فقالو له: فقال الملك! مطيع، ثم وثب من السطح

من ظفر حمر، أي مـن أراد ليست عربيتنا كعربيتهم،: ، فقال الملك)6(كالم نزار الطمر

أن يقيم

ـــــــــــــــــــ .154في علم الداللة، ص محمد سعد محمد،) 1( .396، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 2( .343، ص1ابن دريد، جمهرة اللغة، ج) 3(حسن ظاظا، كالم العرب من قضايا اللغة العربيـة، دار النهضـة العربيـة للطباعـة : انظر(هو األصمعي: عمه) 4(

.114، ص)ط.د(، 1976والنشر، بيروت، .ملك اليمن: ذي جدن) 5( .القفز: الطمر) 6(

46

ــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــــ: الفصل األول

)1(»بظفار، فليتكلم بالحميرية

في لغة " جلس"تحمل معنيين متضادين ولكن من لغتين مختلفتين فهي بمعنى " وثب"فلفظة

.غة نزاراليمن، وبمعنى قفز في ل

الظلمـة، وفـي لغـة قـيس : فهي في لغة تمـيم « " السدفة"واألمر نفسه بالنسبة للفظة

.)2(»الضوء

من باب األضداد عند بعضهم ألنهما ) السدفة(و) وثب(فبهذا الشرط تخرج كل من لفظتي

.تحمالن معنيين متضادين من لغتين مختلفتين

ا أخرى تحمل معنيين متضادين من لغتين بهذه األمثلة رغم أن هنالك ألفاظ -هنا-ونكتفي

.مختلفتين وليس هذا موضع ذكرها كلها

.)3(أال تكون األضداد نتيجة توسع مجازي أو نحوه في التعبير: ثانيا

الصبح، سمي بـذلك، ألنـه : مالصري« وفي هذا ينقل لنا السيوطي قول القالي في أماليه

.)4(»م عن النهار، وليس هو عندنا ضدا ، ألنه انصرلانصرم عن الليل، والصريم اللي

ويتبين لنا أن أبا علي القالي ال يعتبر من األضداد ما كان معنييه من أصل واحد وهو هنا

وقال آخرون إذا وقـع « : القطع، وفي هذا ينقل لنا ابن األنباري رأي بعض العلماء فقال

الثنان على جهة االتساع، الحرف على معنيين متضادين فاألصل لمعنى واحد ثم تداخل ا

فمن ذلك الصريم، يقال لليل صريم، وللنهار صريم، ألن الليل ينصرم من النهار، والنهار

)5(»ينصرم من الليل، فأصل المعنيين من باب واحد وهو القطع

وكذلك الصارخ المغيث والصارخ المستغيث، سميا بذلك ألن المغيث يصرخ باإلغاثـة،

االستغاثة فأصلهما من باب واحد، وكذلك السدفة الظلمـة، والسـدفة والمستغيث يصرخ ب

الضوء، سميا بذلك ألن أصل السدفة الستر، فكأن النهار إذا أقبل ستر ضوءه ظلمة الليل،

)6(وكأن الليل إذا أقبل سترت ظلمته ضوء النهار

ـــــــــــــــــــ ).397-396(، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 1( ).390-389(، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج: انظر) 2( .115حسن ظاظا، كالم العرب من قضايا اللغة العربية، ص) 3( .397، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 4( .8ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 5( .401، ص1لغة وأنواعها، جالسيوطي، المزهر في علوم ال) 6(

47

ــــــــــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منه: لفصل األول

، )1(أن تكون الكلمة بعينها تستعمل في معنيين متضادين من غير تغيير يدخل عليها : ثالثا

ى بقولـه أن شـرط وقد وضع هذا الشرط أبو الطيب اللغوي، وقد أكد ذلك مـرة أخـر

أن تكون الكلمة الواحدة تنبئ عن معنيين متضادين من غير تغيير يدخل عليها «األضداد

بمعنـى " ترب الرجـل "وقد رفض ابن األنباري أن تكون )2(»وال اختالف في تصرفها

وهذا عندي ليس من األضداد، ألن « : استغنى، من األضداد فقال: بمعنى" أترب"افتقر، و

من األضداد، ألنه ال يقع إال علـى معنـى واحـد، " ترب"أترب، فال يكون ترب يخالف

)3(»" أترب"وكذلك

فابن األنباري هنا يشترط وحدة الصيغة للفظ الدال على معنيين متضادين، فـال يكـون

في المعنى اآلخـر، كمـا عبـر " أفعل"في أحد المعنيين، وبصيغة " فعل"بصيغة -مثال-

إننا نشترط اتحاد الكلمة ومتعلقاتهـا فـي « : واب عن هذا الشرط بقولهرمضان عبد الت

المعنيين، ألن أي تغيير فيها، أو في متعلقاتها، يخرجها عن كونها بذاتها تحتمل المعنيين

الزم مـن : بمعنـى " ظاهر عليك"زائل، و: بمعنى" ظاهر عنك: "المتضادين فال نعد لذلك

" راغ عـن "أقبـل و : بمعنى" راغ على: "ضداد كذلككلمات األضداد، كما أنه ليس من األ

.)4(»ولى : بمعنى

أن يكون المعنيان فصيحين ال من ابتكار العامة، وقد وضـع هـذا الشـرط ابـن :رابعا

الحرفة من األضداد، يقال أحرف الرجل إحرافا إذا : قال قطرب« : ، حيث قال األنباري

ى، قال والحرفة عنـد النـاس الفقـر وقلـة نما ماله وكثر، واالسم الحرفة من هذا المعن

.)5(»الكسب، وليست من كالم العرب إنما تقولها العامة

فابن األنباري هنا ال يوافق قطربا في اعتباره بعض األلفاظ من األضداد ألنهـا تحمـل

.معنيين غير فصيحين، أو أحدهما غير فصيح

ــــــــــــــــــــ .45ني، كتاب األضداد، صأبو حاتم السجستا: انظر) 1( .341، ص6، ط1999رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، مكتبة الخانجي، القاهرة، : انظر) 2( .380ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 3( .340رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص) 4( .366ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 5(

48 ـــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: ولالفصل األ

أن يكون المعنيان معروفين استعملهما العرب في حوارهم، وهذا الشرط أيضـا :خامسا

الهجر، يقـال هجـرت : من األضداد: قال قطرب«: حيث قال )1(من وضع ابن األنباري

لتعطفها -وهو حبل-لناقة، إذا شددت في أنفها الهجارإذا أعرضت عنه، وهجرت ا:الرجل

)2(»على ولد غيرها، وهذا القول عندي بعيد، ألن المعنى الثاني لم يستعمل في الناس

ويتفق بعض الدارسين المحدثين مع ابن األنباري في هذا الرأي، ومن هؤالء رمضان

، ما ترك اللغويون العرب ال يعد من األضداد« عبد التواب الذي يرى أنه يجب أن

االستشهاد على أحد معنييه، ألنه لم يثبت في كالم العرب أنه استعمل بهذا المعنى، مثـل

عدل، أو جار، فالمعنى األول ال دليل عليه، أما الثاني، فقد ورد : تعني" قسط" إن : قولهم

والقاسطـون هنـا )4( » )3( } طباوأما القاسطون فكانوا لجهنم ح{ : في قوله تعالى بمعنـى

وهذا ما نالحظه عند ابن السكيت الذي أورد اآلية سابقة الذكر كشاهد للفظ «، )5(الجائرون

على معنى جار ولكنه لم يأت بشاهد للفظ في معنى عدل، إنما أورد شاهدا " قسط"

)7(» )6( } ه يحب المقسطينإن الل { :، في قوله تعالى"أقسط"لمعنـى العدل من صيغة

وقد رأينا في الشرط الثالث كيف أخرج ابن األنباري وأبو الطيب اللغوي هذا النوع من

".أقسط"تختلف عن " قسط"األلفاظ من باب األضداد ألن

ـــــــــــــــــ .104، ص1ج ،8محمد حسين، مجلة اللسان العربي، األضداد في اللغة، مج: انظر) 1( .323ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 2( .15سورة الجن، اآلية ) 3( .341رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص) 4( .193، ص3، ج3، ط1983الفراء، معاني القرآن، عالم الكتب، : انظر) 5( .42سورة المائدة، اآلية ) 6( . 40، ص)ط.د(، )ت.د(رمضان عبد التواب، مكتبة الثقافة الدينية، ابن السكيت، كتاب األضداد، راجعه: انظر) 7(

49

ــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــ: الفصل األول

.)1(ال يكون من كلمات األضداد، تلك التي صحفها اللغويون، أو حرفوها: سادسا

حتى الكلمات المصـحفة « : أنيس على ابن األنباري فقال وبهذا الشرط اعترض إبراهيم

أصلح بين القـوم، : لها معنيان" سمل"إن : يتخذ منها ابن األنباري كلمات متضادة، فيقول

" شـمل "بمعنى أصلح بين القوم ليست في الحقيقـة إال " سمل"ويظهر أن ! وفقأ عين فالن

)2( »شواهدبالشين، وقد جاءت إلى المؤلف مصحفة في شاهد من ال

فال نوافق اعتراض إبراهيم أنيس على ابن األنباري فهو لم يجزم بأن " برد"أما في لفظة

وقـال « : من األضداد، فقط استعرض ما قاله بعض العرب فيها، حيث قـال " برد"لفظة

برد الشيء على المعنى المعروف، ويقال بـرد : بردت من األضداد يقال: بعض العرب

:خنه، واحتجوا بقول الشاعرالشيء إذا أس

عافت الشرب في الشتاء فقلنا برديه تصادفيه سخينا

قال ابن األنباري، وحكى لي بعض أصحابنا عن أبي العباس، أنه كان يقول في تفسـير

)3( »من الورود، فأدغم الالم في الراء، فصارتا راء مشددة " بل رديه: "هذا البيت

: التضاد في اللغة أسباب وقوع -ب

اجتهد لغويو العرب منذ القدم في البحث عن أسباب وقوع التضاد في اللغـة، وقـد

اتفق أغلب الباحثين على بعض األسباب، في حين استطاع بعضهم اآلخر إضافة أسـباب

أخرى، وهذا راجع لدرجة االجتهاد والمعطيات العلمية المتاحة لكـل باحـث، والعقليـة

السائدة في المجتمعات، وسنحاول هنا اإللمام بأهم األسباب التي ذكرت سواء االجتماعية

:عند القدامى أو المحدثين، وتتمثل تلك األسباب فيما يلي

:اختالف لغات القبائل العربية -1

يرى بعض اللغويين أن سبب نشأة بعض األضداد يعود إلى اختالف القبائل العربيـة

أن تستعير « د بأحد المعنيين المتضادين عند كل قبيلة، وقد يحدث في استعمال اللفظ الواح

كل لهجة المعنى الذي تستعمله لهجة أخرى، وهنا يجتمع معنيان متضادان عن طريق تلك

)4( »االستعارة

ـــــــــــــــــــ .341رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص) 1( .206عربية، صإبراهيم أنيس، في اللهجات ال) 2( ).64-63(ابن األنباري، كتاب األضداد، ص: انظر) 3( . 46أبو حاتم السجستانى، كتاب األضداد، ص) 4(

ــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــ: الفصل األول50

لقبائل، ثم يخصص معنـاه فـي وقد يكون المعنى األصلي للفظة عاما في لغة قبيلة من ا

وقال آخرون إذا وقع « :وفي هذا يقول ابن األنباري )1(اتجاه مضاد في لغة قبيلة أخرى

الحرف على معنيين متضادين، فمحال أن يكون العربي أوقعه عليهما بمساواة منه بينهما،

ـ ة ولكن أحد المعنيين لحي من العرب، والمعنى اآلخر لحي غيره، ثم سمع بعضـهم لغ

فالجون األبيض في لغة حـي : بعض، فأخذ هؤالء عن هؤالء، وهؤالء عن هؤالء، قالوا

)2( »من العرب، والجون األسود في لغة حي آخر، ثم أخذ أحد الفريقين من اآلخر

اتفاق اللفظين واخـتالف المعنيـين ... أما« :وفي هذه العلة أيضا قال أبو علي الفارسي

)3( »وضع وال أصال، ولكنه من لغات تداخلت فينبغي أن اليكون قصدا في ال

فابن األنباري وأبو علي الفارسي يشيران بقولهما إلى استحالة ورود المعنيين المتضادين

في لغة واحدة، وينفي أبو علي الفارسي أن تكون ألفاظ األضداد قد وضعت أصال للداللة

" وثـب "لفظة «هذا مثال على معنيين متضادين ولكنه فسر وجودها بتداخل اللغات ومن

)4( »التي تعني جلس في لغة حمير، وتعني قفز في لغة نزار

، قـال "لمق"وكذلك لفظة )5(في لغة بني تميم الظلمة، وفي لغة قيس الضوء " السدفة"و

يقال لمقت الشيء ألمقه لمقا إذا كتبته في لغة عقيل، وسائر العرب يقولون « :األصمعي

)6( »لمقته محوته

)7( »عند أهل الحجاز الطهر، وعند أهل العراق الحيض : القرء« :قال أيضا و

من أهم العلل التي ذكرها القدامى، واعتمـد عليهـا ) تداخل اللهجات العربية(وتعد علة

.أغلب اللغويين المحدثين في معالجتهم لموضوع األضداد

ــــــــــــــــــ ).343-342(ل في فقه العربية، صرمضان عبد التواب، فصو: انظر) 1( ).12-11(ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 2( .259، ص13، ج4ابن سيدة، المخصص، مج: انظر) 3( ).379-396(، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج: انظر) 4(ي، نشرها أوغسـت هفنـر، دار األصمعي، السجستاني وابن السكيت، ثالثة كتب في األضداد ويليها ذيل للصغان) 5(

189ص) ط.د(، )ت.د(الكتب العلمية، بيروت، .40المصدر نفسه، ص) 6( . 5المصدر نفسه، ص) 7(

51 ـــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــــ: الفصل األول

: االتساع -2

مال اللغة بطرق غير مألوفة ليبرهنوا على فقد عرف لغويو العرب بتمكنهم من استع

مهاراتهم اللغوية، وقد نقل ابن األنباري رأي بعض اللغويين حول نشوء األضداد نتيجـة

إذا وقع الحرف على معنيين متضادين فاألصل لمعنـى : وقال آخرون «: االتساع بقوله

)1( »واحد، ثم تداخل االثنان على جهة االتساع

:اد الناتجة عن طريق االتساع باأللفاظ التاليةثم مثل لبعض األضد

يقال لليل صريم، وللنهار صريم، ألن الليل ينصرم من النهار، ): لليل والنهار( الصريم *

.والنهار ينصرم من الليل، فأصل المعنيين من باب واحد وهو القطع

بذلك ألن فالصارخ المغيث، والصارخ المستغيث، سميا ): للمغيث والمستغيث(الصارخ *

.المغيث يصرخ باإلغاثة، والمستغيث يصرخ باالستغاثة، فأصلهما من باب واحد

فالسدفة الظلمة، والسدفة الضوء، سميا بـذلك ألن أصـل ): للظلمة والضوء( السدفة *

السدفة الستر، فكأن النهار إذا أقبل ستر ضوءه ظلمة الليل، وكأن الليل إذا أقبل سـترت

. ظلمته ضوء النهار

فالجلل اليسير، والجلل العظيم، ألن اليسير قد يكون عظيمـا ): لليسير والعظيم(الجلل *

.عند من هو أيسر منه، والعظيم قد يكون صغيرا عند من هو أعظم منه

فالبعض يكون بمعنى البعض والكل، ألن الشيء كله قد يكون ): للبعض والكل(البعض *

.بعضا لغيره

)2(يكون بمعنى الشك والعلم، ألن المشكوك فيه قد يعلم فالظن ) للشك والعلم(الظن *

بعض هذه األلفاظ قد استبعدها بعضهم من التضاد كما سبق ورأينا –والمال حظ هنا أن–

.إال أن ابن األنباري اعتبرها من األضداد الناتجة عن طريق االتساع

: االستعمال المجازي -3

يجة النتقال اللفظ من معناه األصلي إلى معنى آخر ينشأ التضاد في بعض الحاالت نت

مجازي، وقد أشار أبو علي الفارسي إلى العلة المجازية إلى جانب علة تداخل اللغــات

ــــــــــــــــــ .8ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 1( ).9-8(المصدر نفسه، ص: انظر) 2(

52 مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ ـــــــــــــــ: الفصل األول

لغات تداخلت، أو أن تكون كـل لفظـة تسـتعمل « :عندما قال بأن التضاد يكون نتيجة

)1( »بمعنى ثم تستعار لشيء فتكثر وتغلب فتصير بمنزلة األصل

ـ ة أو وغالبا ما يكون انتقال اللفظ من معناه األصلي إلى معنى آخر مجازي لنكتـة بالغي

لعالقة ما، فقد يكون اللفظ موضوعا ابتداءا عند حي لمعنى حقيقي ثم ينتقل إلـى معنـى

)2(مجازي عند هذا الحي أو عند غيره لعالقة الضدية

ولعل من أهم مظاهر االستعمال المجازي التعبير عن الشيء بضد معناه األصلي ألسباب

:نفسية واجتماعية من أبرزها

وهما من غرائز اإلنسان التي تسيطر على عاداته فـي التعبيـر « :لتشاؤمالتفاؤل وا -أ

إلى حد كبير، فإذا شاء المرء التعبير عن معنى سيء تشائم من ذكر الكلمة الخاصة بـه

وفر منها إلى غيرها، فجميع الكلمات التي تعبر عن المـوت واألمـراض، والمصـائب

)3( »ات حسنة المعنى قريبة إلـى الخيـر والكوارث يفر منها اإلنسان ويكني عنها بكلم

)4(ويكون التعبير بالضد هنا عمدا

مـن المقلـوب أن « : إلى هذا النوع من االستعمال بقوله) ه276ت(وقد أشار ابن قتيبة

يوصف الشيء بضد صفته للتطير والتفاؤل، كقولهم للديغ سليم تطيرا من السقم وتفـاؤال

)5( » ...سينهل، يعنون يروىبالسالمة، وللعطشان ناهل أي

ومعناها المنجـاة " المفازة: "ومن أمثلة استعمال األضداد في العربية بغرض التفاؤل أيضا

يؤكد أصالة المعنى األول، أما إطالقها على المعنى " الفوز"والمهلكة، واشتقاق الكلمة من

.الثاني فهو على سبيل التفاؤل

ر، وعلى األعمى، وأصل داللتها على المبصر ال تطلق على المبص" البصير"وكذلك كلمة

)6(تحتاج إلى دليل، أما إطالقها على األعمى، فهو من باب التفاؤل له بصحة البصر

ـــــــــــــــــــ .259، ص1، ج4ابن سيدة، المخصص، مج: انظر) 1( .11ربحي كمال، التضاد في ضوء اللغات السامية، ص: انظر) 2( ).209-208(في اللهجات العربية، ص إبراهيم أنيس،) 3( .112حسن ظاظا، كالم العرب من قضايا اللغة العربية، ص) 4( .185، ص2، ط1973ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، شرحه ونشره السيد أحمد صقر، دار التراث، القاهرة، ) 5( ).348-347(رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص: انظر) 6(

53

ــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــ: صل األولالف

ومما يشـبه األضـداد « :فقد أشار ابن األنباري إلى هذا فقال: التهكم واالستهزاء -ب

بفالن إذا أحبوا قربه، ومرحبا به إذا لم يريدوا قربه، فمعناه " مرحبا"قولهم في االستهزاء

)1( »ال مرحبا به : تأويلعلى ال

يـا : به ايا عاقل، وللجاهل إذا استهزؤو: ومما يشبه األضداد قولهم للعاقل« : وقال أيضا

على الثوب الخلق رغم أن أصلها للثوب الجديد، وقد " قشيب"، كما تطلق لفظة )2( »عاقل

)3(اطلقت على الثوب الخلق لضرب من التهكم

قد نلجأ إلى التضاد في لغتنا العامية الدارجة علـى سـبيل ويرى إبراهيم السامرائي أننا

على مجنون، ومثله " العاقل"على من يفتقر إلى النجابة، وقد نطلق " النجيب"التهكم فنطلق

" الصـالح "على الغبي، وكـذا " الذكي"وأيضا قد نطلق ، )4(على البخيل الشحيح " الكريم"

.على الفاسد وغيرها كثير

كثيرا ما يبتعد اإلنسان عن وصف الشيء الجيد بصفته األصلية : دالخوف من الحس -ج

فيلجأ إلى التعبير عنه بضد ما هو على حقيقته حتى ال تصيبه عين الحاسد، وهذه العقلية

وصفوا الفرس الجميل بلفظـة «االجتماعية سائدة في أغلب المجتمعات ومنذ القدم، فقد

، ولكن الخوف من "الفرس القبيح"ن تطلق على رغم أن األصل في هذه الكلمة أ" شوهاء"

)5( »الحسد جعل الناس يطلقون هذا اللفظ على الجميل من الخيل

على المرأة الكاملة العقل لدرء اإلصابة بالعين، ألن البلـه هـو " البلهاء"كما تطلق كلمة

)6(نقصان العقل، وفساد االختيار والتمييز

إلى نشوء األضداد في لغتنا العامية فمـثال إذا كـان وكثيرا ما يؤدي الخوف من الحسد

وذلـك حتـى ال يصـاب " صحيح"وال يقولون " مريض"الطفل بصحة جيدة يقولون عنه

.بالعين، أو يقولون عن الطفل الذكي بأنه غبي خوفا من الحسد

ــــــــــــــــــ .257ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 1( .257المصدر نفسه، ص) 2( .209إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية، ص: انظر) 3( .108إبراهيم السامرائي، التطور اللغوي التاريخي، ص) 4( .284ابن األنباري، كتاب األضداد، : انظر) 5( .351، ورمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص333، ص هالمصدر نفس: انظر) 6(

54 ـــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــ: الفصل األول

ويطلق على كل ما هو مقـدس )Taboo(وهو ترجمة لمصطلح ): الحظر(الالمساس -د

بسبب االعتقاد الخرافي -من األشياء وأسمائها–أو ملعون يحرم لمسه، أو االقتراب منه

)1(في سحر الكلمة

التي تفيد المنـع وتوصـف بهـا " حرم"فهي مشتقة من كلمة " الحرمة"ومثال ذلك كلمة

األشياء التي ال ينبغي االقتراب منها بل يمنع لقبحها وخبثها كحرمة الزنا والخمر، كمـا

إن للدين حرمته، وللكتـاب : توصف بها األشياء التي ال تقرب لكرامتها وقدسيتها، فتقول

)2(المقدس حرمته

أن الكلمة إذا اصطدمت بحظر االستعمال تحت ) Stephen ulmann(ويرى ستيفن أولمان

تأثير عامل الالمساس، حلت محلها كلمة أخرى خالية من فكرة الضرر واألذى، وأن هذه

العادة ليست مقصورة بحال من األحوال على المجتمعات البدائية، فهي معروفة في كـل

مختلفة، وتحريم استعمال الكلمات بتأثير البيئات، وفي كل أنواع الحضارات بمستوياتها ال

)3(فكرة الالمساس نتيجة طبيعية للخرافات اللغوية، وأثر من آثار االعتقاد في سحر الكلمة

وقد نجد في لغتنا العامية مثل هذا االعتقاد في سحر الكلمة فيسمى األطفال بأسماء قبيحة

ا تلجأ إلى هذه العـادة الخرافيـة ، وغالبا م...)شنوف، معيوف(لتبتعد عنهم الموت مثل

.النساء اللواتي يموت عدد ما من أطفالهن بعد فترة قصيرة من الوالدة

قد يلجأ المتكلم إلى استعمال اللفظ بضد داللته الحقيقية لضرب : زيادة القوة التعبيرية -ه

مع، من المبالغة في التعبير عن فكرة أو شيء ما لكي يحصل على وقع أكبر في نفس السا

على شخص يمتاز بالذكاء والمهارة رغـم أننـا " شيطان"إطالق كلمة « ومن ذلك مثال

: نستحسن هذا الشخص، في حين أن أصل الكلمة أن تدل على صفات غير مستحبة مثـل

في مجال االستحسان وهـي أصـال ال " فظيع"كما تطلق كلمة ... المكر والشر والخداع

)4( »تشير إال إلى الشناعة والهول

ــــــــــــــــــ .345رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص) 1( .199محمد المبارك، فقه اللغة وخصائص العربية، ص) 2( .203ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ص: انظر) 3( .209، وأحمد مختار عمر، علم الداللة، ص320أحمد محمد قدور، مبادئ اللسانيات، ص: انظر) 4(

55 ـــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــ: الفصل األول

فالنة رجل، أو فالنة كلها رجولة، : وقد يقال عن امرأة قامت بعمل يستشعر فيه الشهامة

المقصود ليس المعنى الحقيقي للكلمة، وإنما غرض المتكلم هنا الزيادة في القـو ة رغم أن

)1(التعبيرية عن شهامة تلك المرأة

يرى إبراهيم أنيس أن مجرد ذكـر : تداعي المعاني المتضادة وتصاحبها في الذهن -4

معنى من المعاني، يدعو ضد هذا المعنى إلى الذهن، وأن عالقة الضـدية مـن أوضـح

ستتبع عـادة األشياء في تداعي المعاني، واستحضار أحد المعنيين المتضادين في الذهن ي

الذي مثل لوقوع التضاد بسـبب )Giese(ونجد الرأي نفسه عند جيز )2(استحضار اآلخر

التي تفيد الفراق، كما تفيد الوصال وفقا " بين"تصاحب المعاني المتضادة في الذهن بكلمة

)3(لحالة الشخص الذي يكون إما مفترقا وحده عن جماعته، أو متصال بجماعة أخـرى

.يستدعي في الذهن ضده وهو الوصال فمعنى الفراق

كما ذهب محمود السعران إلى القول بأن سبب اتخاذ الكلمة نفسها للداللة علـى المعنـى

المضاد، وعدم اصطناع كلمة جديدة أو كلمة سواها، يعود إلى أننا نفكر في كل صفة بما

ضـد "وفـي " ألبـيض غير ا"فهو يفكر غير واع في " أبيض"يقابلها، فعندما يقول أحدنا

، فنحن ننحي الضد بينما نكون مـدركين لـه فـي "األسود"من األلوان، أي في " األبيض

)4(الوقت نفسه على أنه تعريف بالسلب

كل كلمة يتلفظ بها تستدعي ضدها في « : عن هذه الفكرة بقوله )Trière(وقد عبر تراير

»ذهن المتكلم والمتلقي

نالحظ أن تراير كغيره مـن « : عن هذا الرأي بقوله )John lyons(ويعلق جون ليونس

دائما حاضر في ذهن المتكلم -بكيفية أو بأخرى–االختصاصيين اآلخرين يزعم أن الضد

)5( »والمتلقي، وسواء كان هذا الزعم صحيحا أم خاطئا، فنحن أمام مشكلة نفسانية

ــــــــــــــــــ .170لم الداللة، صمحمد سعد محمد، في ع: انظر) 1( ).208-207(إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية، ص: انظر) 2( .293، ص2محمد ثابت الفندي وآخرون، دائرة المعارف اإلسالمية، مج: انظر) 3( . 232محمود السعران، علم اللغة، مقدمة للقارئ العربي، ص: انظر) 4( .John Lyons, Elements de sémantique, p218: انظر) 5(

56

ـــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــ: الفصل األول

فقد ينال األصوات األصلية للفظ ما بعض التغيـر أو الحـذف أو : التطور الصوتي -5

الزيادة وفقا لقوانين التطور الصوتي، فيصبح متحدا مع لفظ آخر يدل علـى مـا يقابـل

التي تطلق على الرفق والدعة، وعلى اإلفراط في التعـب، " األون"ومثال ذلك ،)1(معناه

سافر معنا فأسقطنا عنه األون، أي تكلفنا : هو تكلف المشقة، يقال" أون"واألصل في مادة

هو الداللة على الرفق والدعة، ويرى ربحـي كمـال أن " هون"نفقته، واألصل في مادة

إلى الضد، وهو الرفق والدعة، إال لما طـرأ مـن تطـور المعنى في األون لم ينصرف

امـش علـى : وذلك بإبدال الهاء همزة لتقارب المخرج، فيقال" الهون"صوتي على كلمة

هونك، أي على رسلك، وأحبب حبيبك هونا ما، أي أحببه حبا مقتصدا ال إفراط فيه، قلبت

وهكـذا . نفسك، أي ترفـق أن على ماشيتك، أي أرفق بها، وأن على : الهاء همزة، فقيل

)2(تدل على المعنى وضده " األون"أصبحت كلمة

ويرى أحمد مختار عمر أن اإلبدال يعد أحد أهم األسباب في إيجاد التضاد، وذكر كمثال

التي تعتبر أساسية فـي " جن"التي تعني األسود، وقد انحدرت عن المادة " الجون"له كلمة

أثير عامل المخالفة، فقلب أحد النونين إلـى صـوت معنى الظلمة ثم تطورت أصواتها بت

.يشابهه وهو الواو

بالجون الذي يعبر أصال عن ) بمعنى األسود" (جن"وبذلك التبس الجون المنحدر من مادة

)3() األبيض(معنى النور

قد ذهب إلى تفسير لفظة الجون بهذا المعنى، وقـد اعتبـر هـذا )4(وكان إبراهيم أنيس

ي الذي يطرأ على بعض الكلمات من المصادفات التي تلعـب دورا فـي التطور الصوت

ومن الكلمات التي يرى أحمد مختار عمر أنه حدث لها إبدال أيضا . تكون بعض األضداد

التي تأتي بمعنى أظهر وبمعنى كتم، فيمكن أن يرد اإلظهار إلـى األصـل " أسر"كلمة «

:الشيني

التي تأتي بمعنى كتم فكونـت معها" أسـر"ت مع كلمة ثم بإبدال الشين سينا تطابق" أشر"

ـــــــــــــــــــ .152علي عبد الواحد وافي، فقه اللغة، ص) 1( .)14-13(ربحي كمال، التضاد في ضوء اللغات السامية، دراسة مقارنة، ص: انظر) 2( . 210أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص: انظر) 3( ).214-213(، في اللهجات العربية، صإبراهيم أنيس: انظر) 4(

57 ــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــ: الفصل األول

)1( »والكلمة بالشين في العبرية والسريانية بمعنى النشر واإلظهار... تضادا

من أمثلـة ذلـك فـي و « :حيث قال" لمق"كما مثل رمضان عبد التواب لإلبدال بلفظة

أي " لمقت الكتـاب : "أي كتبته، وقول سائر قيس" لمقت الكتاب: "العبرية، قول بني عقيل

غير أننا إذا عرفنا أن هناك فعال آخر، بمعنى " لمق: "محوته، هكذا يبدو التضاد في الفعل

ت ، عرفنا أن بني عقيل، قد تطور هذا الفعل األخير في نطقهـا، فأبـدل "نمق"الكتابة، هو

النون الما، والنون والالم من األصوات المتوسطة في العربية، تلك األصوات التي يحدث

وتولد التضاد " محا"فتطابق مع نظيره بمعنى " لمق"فيها اإلبدال كثيرا، وبذلك صار الفعل

لمقتـه بعـدما : بين المعنيين عن هذا الطريق، وقد روي عن أعرابي أنه قال عن كتاب

)2( »بعد أن سطرته أي محوته . نمقته

هناك صيغ صرفية كثيرة فـي اللغـة العربيـة : احتمال الصيغة الصرفية للمعنيين -6

: تستعمل للفاعل أو للمفعول فتؤدي إلى نشأة ألفاظ األضداد ومن ذلك

فالن ذكـور، : يقال «"ذكور"ومثال ذلك لفظ ): فاعل(بمعنى ) فعول(استعمال صيغة / أ

ركوب للرجل الذي يركـب، : يقال" ركوب"، وكذلك )3( »رأي ذاكر، وذكور، أي مذكو

.)4(يكون الفاجع والمفجوع " الفجوع"وركوب للطريق الذي يركب، وأيضا

" الغـريم "ومثـال ذلـك ): مفعـول (وبمعنى ) فاعل(بمعنى ) فعيل(استعمال صيغة / ب

.ينأي الدائن والمد )5( »فالغريم الذي له الدين، والغريم الذي عليه الدين «

يكـون « " عائذ"ويمكن التمثيل لذلك بلفظ ): مفعول(بمعنى ) فاعل(استعمال صيغة / ج

ناقة عائـذ، أي : ، ويقال"فاعل"رجل عائذ بفالن، بمعنى : الفاعل، ويكون المفعول، يقال

)6( »، ألن ولدها يعوذ بها "مفعولة"حديثة النتاج، وهي

ــــــــــــــــــ .210عمر، علم الداللة، ص أحمد مختار: انظر) 1( ).352-351(رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص) 2( .57ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 3( .356المصدر نفسه، ص) 4( . 203المصدر نفسه، ص )5( ).126-125(ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 6(

58

مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــــــ ـــــــ: الفصل األول

كثيرا من هذه الصيغ اليمكن عدها من ألفاظ األضداد إذا أخذنا أن «ولكن هناك من يرى

شرط األضداد أن تتحد الكلمة ومتعلقاتها في المعنيين، فـإذا حـدث أي بعين االعتبار أن

التي تطلق على الرجل الذي يركـب " ركوب"تغيير خرجت عن األضداد ومن هذا كلمة

فهو الفاعل، وعلى الطريق الذي يركب، وهو مفعول، فالرجل ليس من جنس الطريـق،

التي تطلق علـى الرجـل الفاعـل، والناقـة " عائذ"وليس بينهما تضاد، وكذلك في كلمة

)1(. »المفعول، فهما مختلفان وليسا من جنس واحد، وهكذا في كثير من الصيغ

فقد يختلف األصل االشتقاقي للكلمـة : ف األصل االشتقاقي للمعنيين المتضاديناختال -7

في أحد معنييها المتضادين عن اآلخر، ويمكن أن يمثل لذلك بالفعـل ) رغم اتحاد شكلها(

ضـاع يضـيع مـن : بمعنى اختفى، وبمعنى ظهر وبدا، قال أبو الطيب اللغوي" ضاع"

ء، وقولهم ضاع إذا ظهر، األلف فيه منقلبة عـن واو، الضياع، إنما األلف منقلبة عن يا

)2(ضاع، يضوع : يقال

قد تكون الكلمة متشعبة من أصلين فتكون في داللتها على : رجوع الكلمة إلى أصلين -8

أحد الضدين منحدرة من أصل وفي داللتها على مقابله منحدرة من أصل آخر، وفي هذه

واحدة ويرجع هذا التأويل أو يحتمل الصدق في طائفة الحالة نكون بصدد كلمتين ال كلمة

بمعنى نام وسهر، فمن المحتمل أن تكـون فـي " هجد"كبيرة من األضداد فمن ذلك مثال

معنى النوم منحدرة من هدأ إذا سكن، وفي معنى السهر من جد إذا جهد، لما في السـهر

)3(.من االجتهاد في منع النوم

ــــــــــــــــــ .52أبو حاتم السجستاني، كتاب األضداد، ص) 1( ).210-209(أحمد مختار عمر، علم الداللة، علم الداللة، ص: انظر) 2( .152علي عبد الواحد وافي، فقه اللغة، ص: انظر) 3(

59

ــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــ: الفصل األول

: ب وقوع التضاد حسب رأي المستشرقينأسبا*

حاول بعض المستشرقين التعليل لورود ظاهرة التضاد في اللغة، فـذكروا أسـبابا

:مختلفة نوجزها فيما يلي

أن ظـاهرة )Abel(حيث رأى المستشـرق آبـل :أسباب تعود إلى التاريخ البشري -أ

البشري في سذاجته، فلم يكن يفطن األضداد تعود إلى العصور القديمة، عندما كان العقل

لما يعتريه من تناقض، فاألضداد في نظره هي البقية الباقية مما كان لألوائل من تناقض

في التفكير، ولكن هذا القول لم يلق رواجا حتى في أواسـط المستشـرقين، فـرد عليـه

ت مبالغ الذي أرجع األضداد إلى اشتقاقا )Leguest(ورفضه هو ورأي لجست )Weil(فيل

)1( ...فيها

أن العرب اقترضوا )Giese(حيث رأى جيز :أسباب تعود إلى التاريخ العربي القديم -ب

بعض األضداد من اللغات المجاورة لهم، ولما كان معناها األصلي قد تختلف إيحاءاتـه،

.فقد أدى ذلك إلى التضاد في العربية

يث اقتصر بعض المستشـرقين علـى ح :أسباب تعود إلى تاريخ الجماعة الواحدة -ج

النظر في تاريخ الجماعة الواحدة، فوجدوا فيه من التطور ما يؤدي إلـى التضـاد دون

.استعارة من الخارج

كما نجد فريقا آخر من المستشرقين لم يلتفت إلى التاريخ وبحث عن العلة فيمن يراه

غة، فذهب إلـى أن بعـض من جماعة وفرد، وما يسودهما من ظواهر ذات تأثير في الل

)2(المعاني المتضادة يرتبط بعضها ببعض، وتتداعى في الذهن فتؤدي إلى وجود األضداد

ـــــــــــــــــ .99، ص1، ج8محمد حسين، مجلة اللسان العربي، األضداد في اللغة، مج: انظر) 1(

.293، ص2و دائرة المعارف اإلسالمية، مج ).100-99(المجلة نفسها، المقال نفسه، ص:ظران) 2(

60 ـــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــ: الفصل األول

أهم األسباب التي ذكرت حول وقوع التضاد في اللغـة، وقـد -على العموم–هذه

غويون العرب القدامى لم تخرج عن اتضح من خالل عرضها أن األسباب التي ذكرها الل

اختالف لغـات القبائـل العربيـة، واالتسـاع، واالسـتعمال : (ثالثة أسباب رئيسة هي

الذين تناولوا ظاهرة التضاد –، ولكن الرأي الذي عليه أغلب اللغويين المحدثين )المجازي

وع التضاد في أن اللغويين القدامى لم يولوا عناية كبيرة بالبحث في أسباب وق -بالدراسة

اللغة، فقد كانت غايتهم األولى عندما الحظوا اشتمال لغتهم على بعض األضـداد جمـع

وتدوين كل ما هو من األضداد أو شبيه بها، وقد اعترف ابن األنباري بـذلك فـذكر أن

.)1(الذين صنفوا في الحروف المتضادة كتبا، أكثرهم أمسك عن االعتالل لها

أن مسألة األضداد عند علماء العرب هي مسـألة عمليـة، )Weil( ويرى المستشرق فيل

ذلك ألنهم يهتمون أشد االهتمام بوضع ثبت جامع بقدر الطاقة لجميع األضداد المتداولـة،

ورائدهم في األغلب اشتراك الكلمات في اللفظ، وأنهم يضعون البحث في أصـل الكلمـة

المستشرقين فهي مسألة علمية، بحيث ال يهتمـون وتفسيرها في المرتبة الثانية، أما عند

)2(.فقط بالكلمات المشتركة في اللفظ، بل يهتمون أيضا بأصول الكلمات

صـاحبه بـأن قـدامى -أو تناسـى –ولكننا نود إضافة تعديالت لهذا الرأي الذي نسى

لها، ولكن اللغويين العرب لم يعمدوا إلى جمع ألفاظ األضداد بنية تجاهل البحث في أصو

حال دون تمكن -الذي كان له دور كبير في نشوء األضداد–عامل تداخل لهجات العرب

اللغويين العرب من الوقوف على أصل كل الكلمات التي رأوا أنها من قبيل التضاد، لذلك

تركوا التحقيق في أصول معظم الكلمات ألن األمر استصعب عليهم، فتاريخ اللغة العربية

متعددة ومختلفة من حيث المفردات -أو لغات–بانشعابها إلى لهجات -نذ القدموم–يشهد

وقـد أدى احتكـاك ) صوتية، صرفية، نحوية(والقواعد وكذا من حيث الظواهر اللغوية

القبائل العربية ألغراض اجتماعية أو تجاريـة أو سياسية إلى اختالط اللهجـات

ــــــــــــــــــ .13ن األنباري، كتاب األضداد، صاب: انظر) 1( .295، ص2محمد ثابت الفندي وآخرون، دائرة المعارف اإلسالمية، مج: انظر) 2(

61 ـــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: الفصل األول

ية المشـتركة بمجـيء وعلى الرغم من سيادة اللغة العرب« واقتراض األلفاظ فيما بينها،

اإلسالم ونزول القرآن إال أن كثيرا من تلك اللهجات الخاصة ببعض القبائل العربية ظلت

)1( »موجودة إلى جانب اللغة الموحدة

لذلك كان من الصعب على الدارسين اللغويين الذين يتناولون مفـردات اللغـة العربيـة

ات وإن نجحوا في بعض األحيان في تلمـس بالدراسة معرفة األصل اللغوي لكل المفرد

.أصول بعض المفردات فإنهم غالبا ما كانوا يفشلون مع مفردات أخرى

وتجدر اإلشارة أن هذه المشكلة ليست خاصة باللغة العربية فكثير من لغات العالم تعرف

غة من المستحيل أن نضع حدودا دقيقة بين لهجات الل« : هذا اإلشكال، يقول ستيفن أولمان

الواحدة، فكل واحدة منها تنتمي إلى أكثر من مجموعة من هـذه المجموعـات اللغويـة

المتشابكة، ونحن إذ ننتقل من مجموعة إلى أخرى نحمل معنا الثروة اللفظية الخاصة بكل

)2( »منها

في قوله أن اللغويين العرب اهتموا بالدرجة األولى بوضع " فيل"ورغم أننا ال نخالف

اللغويين ثب هـوا لجمـع ت جامع لجميع األضداد المتداولة، إال أننا نضيف بأنالذين توج

لم يقفوا مكتوفي األيدي وحبيسـي -بعد أن صنفت فيها بعض الكتب–ودراسة األضداد

الفكر أمامها، بل حاولوا استقراء أمثلتها وإخراج كل ما ليس له عالقة بها، ومـنهم مـن

ل بالتضاد، وقد الحظنا ذلك عند ابن األنباري الذي أنكر ضدية وضع شروطا لصحة القو

-في كثير مـن األحيـان –بعض األلفاظ التي عدها قطرب من األضداد، وقد وافقــه

.أبوالطيب اللغوي

وبعد هذه الخطوة استطاع بعض اللغويين المحدثين أن يضيفوا أسبابا أخـرى لوقـوع

ألمثلـة المبثوثة فـي كــتب األضـداد هـي التــي التضـاد في اللغة، والواقع أن ا

ساعـدت

ــــــــــــــــــ .261حسين حامد الصالح، التأويل اللغوي في القرآن الكريم، ص: انظر) 1( .175ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ص) 2(

62

وموقف اللغويين منه ـــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربيةــــــــــــــــــ: الفصل األول

كالتطور الصـوتي، واحتمـال (على استنباط تلك األسباب، فوجدوا منها ما يتعلق باللغة

...) الصيغة الصرفية لمعنيين متضادين، واختالف األصل االشتقاقي للمعنيين المتضادين

ف مـن كالتفاؤل والتشاؤم، والتهكم، والخو(ومنها ما يتعلق بالجانبين النفسي واالجتماعي

وإن كان بعض اللغويين القدامى قد أشاروا إلى بعـض ...) الحسد، وزيادة القوة التعبيرية

هذه األسباب، إال أنه يحسب للغويين المحدثين حسن ترتيبها، والتعمـق فـي شـرحها،

.والتمثيل لها من اللغة العامية باإلضافة إلى اللغة الفصحى

عامل ال نراه من عوامل نشوء األضداد في اللغة، كما أشار بعض اللغويين المحدثين إلى

فـالواقع أن المتضـادين وإن " تداعي المعاني المتضادة وتصاحبها في الذهن"وهو عامل

امتنع اجتماعهما في سياق واحد، فإن اجتماعهما في الذهن وفي الوقت نفسه أمـر وارد،

ولكنه في األخير لن يختار إال معنـى فكثيرا ما تخطر المعاني المتضادة في ذهن المتكلم

.واحدا ليعبر عنه، ويحدده من خالل السياق الذي يورد فيه اللفظ

واستحضار المعاني المتضادة في الذهن ليس مقصورا على المتكلم فقط، فالمتلقي بـدوره

يستحضر المعنيين المتضادين في ذهنه عند مصادفته في سياق الكـالم للفظـة تحتمـل

.متضادين، إال أنه لن يختار في النهاية إال المعنى الذي يرجحه السياق معنيين

إذن فتداعي المعاني المتضادة في الذهن هو نتيجة لوجود األضداد وليس سـببا فـي

وجودها، ألن التضاد هو أن تعبر اللفظة فعال عن معنيين متضادين في سياقين مختلفـين

.ذهنال أن نستحضر المعنيين في ال

63

المبحث الثاني

)موقف اللغويين من ظاهرة التضاد(

:تمهيد

.القائلون بوجود التضاد في اللغة -1

.القائلون بعدم وجود التضاد في اللغة -2

.التضاد بين اإلثبات واإلنكار -3

. ير اللغة العربيةالتضاد في غ -4

ــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــ: الفصل األول

المبحث الثاني

موقف اللغويين من ظاهرة التضاد

منذ تنبه -خاصة–لغوية العربية شكلت ظاهرة التضاد نقطة استفهام في الدراسات ال

اللغويين لوجودها، وكان ذلك في القرن الثاني، فتباينت آراء اللغويين واختلفت حول مـا

إذا كانت هذه الظاهرة حقيقة واقعة في اللغة، أم أنها قضية لغوية مفتعلة من قبل بعـض

لهـا اختـار بعـض اللغويين لينشغلوا بها فقط، وبين قائل بوجود هذه الظاهرة ومنكـر

اللغويين عدم القول فيها، وما يهمنا هنا هو معرفة من مثل الفريق المؤيـد، ومـن مثـل

الفريق المنكر لوجود التضاد في اللغة سواء من القدامى أو المحدثين، وإن كانت هنالـك

حجج صالحة للتأييد أو اإلنكار ففيما تمثلت ؟

:القائلون بوجود التضاد في اللغة -1

ويجدر بنا التعرض للمؤيدين القدامى ثم المحدثين لنميز مدى اتفاق المحدثين مـع

القدامى، ونرى ما إذا كانت هنالك اجتهادات أو إضافات من قبل المحدثين، مـن حجـج

.وبراهين تدعم آراءهم

:المؤيدون القدامى -أ

سبق فـي الظهـور مـن يرى محمد حسين آل ياسين أن جماعة المؤيدين كانت أ

معارضتها، وكان منها أبو عمرو بن العالء، والخليل بن أحمد، ويـونس بـن حبيـب،

)1(. وتالميذهم

وسنحاول هنا التعرض لبعض اللغويين القدامى الذين توافرت لدينا األقوال التـي تثبـت

.تأييدهم لوجود التضاد في اللغة العربية

ـــــــــــــــــ .95، ص1، ج8د حسين، مجلة اللسان العربي، األضداد في اللغة، مجمحم: انظر) 1(

65 ـــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: الفصل األول

هذا من عجائب « ): الشعب(حيث قال في لفظة ):ه175ت(الخليل بن أحمد الفراهيدي*

أن يكون الشعب تفرقا ويكـون اجتماعـا، وقـد نطـق بـه الكالم ووسع اللغة العربية،

لهـا معنيـان ) الشـعب (وهذا اعتراف من إمام العربية، حيث ذكر أن لفظة ،)1(»الشعر

وهو وإن لم يسم هذه الظاهرة، واعتبرها من عجائب " االجتماع"و" التفرق"متضادان هما

. الشعرالكالم ووسع اللغة العربية، إال أنه أقر بوجودها في

اعلـم أن مـن « : حيث قـال ):ه170ت)(أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر(سبويه*

وتحت هذا المفهوم العام أدخـل العلمـاء )2(»اتفاق اللفظين واختالف المعنيين ...كالمهم

ا من المشترك اللفظي، لـذلك يمكننـا أن نعـدنوع المشترك اللفظي والتضاد الذي يعد

لوجود التضاد في اللغة رغم أنه لم يقل ذلك صراحة ولم يحدد لـه من المؤيدين" سبويه"

. تسمية

وهو تلميذ سبويه وأول مـن ألـف « ): ه206ت)(أبو علي محمد بن المستنير(قطرب*

وقد اعترف بوجود التضاد في اللغة عند تحليله ألوجـه ،)3(»كتابا في موضوع األضداد

ر الوجه الثالث وهو أن يتفق اللفظ ويختلف المعنـى، الكالم التي ذكرها سبويه، فعندما ذك

ومن هذا اللفظ الواحد الذي يجـيء علـى ... «:أضاف قطرب على قول أستاذه ما يلي

.)4(»معنيين فصاعدا ما يكون متضادا في الشيء وضده

ما اتفق "فقد نقل عنه السيوطي من كتابه ):ه285ت)(أبو العباس محمد بن يزيد(المبرد*

وهذا ... اتفاق اللفظين واختالف المعنيين... من كالم العرب« :قوله" واختلف معناهلفظه

الضرب كثير جدا، ومنه ما يقع على شيئين متضادين كقولهم جلـل للكبيـر والصـغير،

للقـوي ا، والجون لألسود واألبيض، وهو فـي األسـود أكثـر، والقـويوللعظيم أيض

.)5( »، وهو أيضا كثيروالضعيف، والرجاء للرغبة والخوف

ــــــــــــــــــالخليل بن أحمد الفراهيدي، كتاب العين، تحقيق مهدي المخزومي، وإبراهيم السـامرائي، دار ومكتبـة الهـالل، ) 1( .263، ص1، ج1، مج)ط.د(، )ت.د( .24، ص1سبويه، الكتاب، ج: انظر) 2( ).94- 93(، ص1، ج8د في اللغة، مجمحمد حسين، مجلة اللسان العربي، األضدا: انظر) 3( .94المجلة نفسها، المقال نفسه، ص: انظر) 4( .388، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج: انظر) 5(

66 ـــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــ: الفصل األول

يعد المبـرد مـن " بكر السيد يعقوب"حثين المحدثين وهو وتجدر اإلشارة هنا أن أحد البا

أنكر « المنكرين للتضاد آخذا رأيه هذا من قول أحد المستشرقين، يقول بكر السيد يعقوب

) أ185ص(وجود األضداد في كالم العرب، هكذا يقول قايل ) ه285ت(أبو العباس المبرد

)1(» 437من مخطوطة ليدن رقم 180مشيرا إلى ص

ل هناك أسباب عدة تجعلنا نأخذ بالرأي األول وهو ما ذكره السـيوطي، حيـث أورد ولع

ما اتفق لفظه واختلف "قول المبرد كامال وعنوان الكتاب الذي ورد فيه القول وهو كتاب

، في حين نجد أن بكر السيد يعقوب لم يأت بالدليل وهو النص الكامل الذي يثبـت "معناه

أشار إلى الصفحات التي يوجد بها القول وهذا غيـر كـاف، إنكار المبرد لألضداد، فقط

ضف إلى ذلك فإن بكر السيد يعقوب انفرد برأيه هذا، فجل الباحثين يأخذون بما جاء على

لسان السيوطي ألنه يظل أوثق من أي مستشرق مهما كانت مكانته وبالتالي نعد المبـرد

.في اللغة بكثرة من القائلين بوجود التضاد، بل من القائلين بوجوده

وقد عرف بين القدامى بدفاعـه ): ه327ت) (أبو بكر محمد بن القاسم(ابن األنباري *

الكبير عن ظاهرة التضاد في اللغة، فقد ألف كتابا في األضداد جمع فيه حوالي ثالثمائـة

مهمة الرد -هذا–من األضداد كما تولى في كتابه -حسب تعبيره–وسبع وخمسين حرفا

أن كالم « :شعوبية الذين عدوا األضداد مدعاة للبس والغموض في اللغة، فكان ردهعلى ال

العرب يصحح بعضه بعضا، ويرتبط أوله بآخره، وال يعرف معنـى الخطـاب منـه إال

باستيفائه، واستكمال جميع حروفه، فجاز وقوع اللفظة على المعنيين المتضـادين، ألنهـا

يدل على خصوصية أحد المعنيين دون اآلخر، وال يراد بها فـي يتقدمها ويأتي بعدها ما

)2(» حال التكلم واإلخبار إال معنى واحد

:في قول الشاعر" جلل"وضرب لذلك مثاال بلفظة

)3(كل شيء ما خال الموت جلل والفتى يسعى ويلهيه األمل

ــــــــــــــــــ

.110، ص2لسيد يعقوب، نصوص في فقه العربية، جبكر ا) 1( .2ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 2( ].3ابن األنباري، كتاب األضداد، هامش ص: انظر[ينسب هذا البيت إلى لبيد ) 3(

67

ــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــ: الفصل األول

كل شيء ما خال الموت يسير، : وتأخر بعده على أن معناه" جلل"ل ما تقدم قبل فد: وقال

م ذو عقل وتمييز أن1(" عظيم"ها هنا معناه " الجلل"وال يتوه(

:فذكر قول الشاعر" جلل"أما في المعنى الثاني للفظة

سهميقومي هم قتلوا أميم أخي فإذا رميت يصيبني

)2(فلئن عفوت ألعفون جلال ولئن سطوت ألوهنن عظمي

فلئن عفوت ألعفون عفوا عظيما، ألن اإلنسان ال يفخـر : فدل الكالم على أنه أراد: وقال

)3(بصفحه عن ذنب حقير يسير

ـ " جلل"فلفظة د أي تدل على العظيم واليسير وهما معنيان متضادان، وابن األنباري ال يج

حرج في ذلك، ألنه يرى أن ما تقدم اللفظة وما يأتي بعدها يحول دون وقوع اللبس، فهذا

الموقع الذي تتخذه اللفظة داخل التركيب اللغوي هو ما يعرف فـي الدراسـات اللغويـة

مـا يتقـدمها ويـأتي « :وهو ما عبر عنه ابن األنباري بقوله" السياق اللغوي"الحديثة بـ

يدل على خصوصية أحد المعنيين دون « كر أن أهمية هذا السياق تكمن في أنهوذ» بعدها

.»اآلخر

دافع عن األضداد من منطلق وجود السياق، ألن السياق يحدد معنى -إذن–فابن األنباري

واحد للفظ، وال يمكن أن يعبر اللفظ الواحد عن معنيين متضادين في الوقت نفسه أي في

.السياق الواحد

: قولـه " المخصـص "فقد روى عنه ابن سيدة في كتابه ): ه377ت(أبو علي الفارسي *

اتفاق اللفظين واختالف المعنيين فينبغي أن ال يكون قصـدا فـي الوضـع وال ... وأما«

) 4(»أصال

فهو هنا يدلي برأيه في قضية التضاد في اللغة، حيث يرى أن ألفاظ األضداد لم توضـع

ــــــــــــــــــ

.2ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 1( ].3ابن األنباري، كتاب األضداد، هامش ص: انظر[ينسب هذا البيت إلى الحارث بن وعلة ) 2( .3ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 3( .259، ص13، ج4ابن سيده، المخصص، مج: انظر) 4(

68 م التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــــ مفهوــــــــ: الفصل األول

أصال للداللة على معنيين متضادين، وإنما سبب وجود تلك األضداد يعود إلى عامليــن

أحدهما تداخل اللغات، واآلخر استخدام اللفظ على سبيل االستعارة فيكثـر « -كما رأينا-

)1(»ويغلب حتى يصير بمنزلة األصل

فأبو علي الفارسي باإلضافة إلى كونه مؤيدا لوجود األضداد فقد أسهم في التعليل وبالتالي

.لها بإضافته العلة المجازية بعد أن سبقه علماء آخرون إلى علة تداخل اللغات

ومن سنن العرب فـي األسـماء أن يسـموا « : حيث قال): ه377ت(أحمد ابن فارس *

ومن سـنن (فهو بقوله ،)2(»والجون لألبيض المتضادين باسم واحد نحو الجون لألسود،

يشير إلى وجود فئة من العرب اتبعت سنة استعمال اللفظ الواحد للتعبيـر عـن ) العرب

معنيين متضادين، ولكنه في مقابل هذا يصور لنا فئة أخرى من العرب رفضت إتباع هذه

)3(»احد لشيء وضدهوأنكر ناس هذا المذهب وأن العرب تأتي باسم و« : السنة بقوله

ثم اختار الرد على الفئة الرافضة لوجود األضداد ألنه من أصحاب الفئة المؤيدة لوجـود

وهذا ليس بشيء، وذلك أن الذين رووا أن العرب تسمي « : األضداد في اللغة، حيث قال

)4(»حدالسيف مهندا والفرس طرفا هم الذين رووا أن العرب تسمي المتضادين باسم وا

فالتسليم بالسماع عن العرب في الترادف « : ويحلل محمد حسين آل ياسين هذا القول قائال

يقتضي التسليم بالسماع عنهم في األضداد، والرواة أنفسهم في الحالتين، فينبغي تصديقهم

)5(»فيما رووه

ه إلى ونجد تحليال آخرا عند عبد الواحد حسن الشيخ حيث يرى أن ابن فارس يرمي بقول

ما دمنا قد اعترفنا بوجود المشترك ووروده عن العرب، فلـم ال نعتـرف بوجـود « أنه

)6(»األضداد

ــــــــــــــــــ .259، ص13، ج4ابن سيده، المخصص، مج: انظر) 1( .60ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها، ص) 2( .صفحة نفسهاالمصدر نفسه وال) 3( .المصدر نفسه والصفحة نفسها) 4( . 420محمد حسين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب، ص) 5( .81عبد الواحد حسن الشيخ، العالقات الداللية والتراث البالغي العربي، ص) 6(

69 لغويين منهــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف الـــــــــــ: الفصل األول

ونتساءل بعد هذين التحليلين من منهما فسر حقيقة ما كان ابن فارس يصبو إليه من قوله

التسليم (هذا، فنرى أن كليهما يوجد ما يقال فيه، فتحليل محمد حسين يستوقفنا أمام عبارة

كن ، ولو كان القول لغير ابن فارس لتجاوزنا األمر، ول)بالسماع عن العرب في الترادف

فكيـف يتخـذ -كما سبق ورأينا في المدخل–هذا ابن فارس الذي رفض الترادف بشدة

الترادف حجة إلثبات وجود األضداد ؟

إلى أكثر من بيان أصالة العرب الـذين -ذاك–ولكننا نعتقد أن ابن فارس ال يرمي بقوله

ت عصرهم، فهـو هم على دراية بألفاظ اللغة والمسميات والصفات التي تطلق على أدوا

-أيضـا –يرى بأن التسليم بالسماع عنهم في تلك المسميات يقتضي التسليم بالسماع عنهم

في األضداد، ألنهم أدرى بألفاظ عصرهم، والمعاني التي يمكن أن تدل عليها، ولعل مـا

قضية الترادف هو استرساله بعـد القـول -ذاك-يثبت أن ابن فارس ال يقصد من قوله

المائدة : من ذلك... «: ة في ذكر الفروق الداللية الموجودة بين بعض األلفاظ فيقولمباشر

ال يقال لها مائدة حتى يكون عليها الطعام، ألن المائدة من مادني، يميدني، إذا أعطـاك،

" قدح"، وكذلك الكأس ال تكون كأسا حتى يكون فيها شراب، وإال فهو "خوان"وإال فاسمها

)1(».. " .كوب"أو

أما إذا أتينا إلى التحليل الثاني وهو الذي ذهب فيه صاحبه إلى أن ابـن فـارس يقصـد

ظاهرة االشتراك اللفظي، فال نجد في قول ابن فارس أي مؤشر يحيل إلى هذا التفسـير،

هذا الباحث قد لجأ إلى ذلك التفسير انطالقا من منطقه الخـاص، باعتبـار أن ونعتقد أن

ه عالقة باالشتراك اللفظي، وبالتالي فالتسليم بالسماع عن العرب في االشـتراك التضاد ل

اللفظي يقتضي التسليم بالسماع عنهم في التضاد ألنه نوع من االشتراك اللفظي، ولكـن

ل ألن تحليل النص ينبغي أن يكون من النص نفسه ال من منطلقات خارجة هذا غير مقبو

.عنه

ا نخرج به من قول ابن فارس أنه دافع عن األضداد، وكانت حجته ولكن يبقى أهم م

حجة قد تبدو ضعيفة إال أن ابن فارس أشار من جهة السماع، وعلى الرغم من أن هذه ال

ـــــــــــــــــ .60ابن فارس،الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها، ص: انظر) 1(

70 ــــــــــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منه: صل األولالف

: إلى أنها ليست الوحيدة ، فقد ألف كتابا تناول فيه حجج المنكرين ورده عليها، حيث قـال

ولكن من )1(»وقد جردنا في هذا كتابا ذكرنا فيه ما احتجوا به، وذكرنا رد ذلك ونقضه «

مؤسف حقا أال يصلنا هذا الكتاب ألنه كان حتما سيلغي عدة إشكاالت ال زالـت قائمـة ال

.حول قضية التضاد في اللغة العربية

« حيث قال أن ظاهرة تسمية المتضادين باسم واحـد ): ه430ت(أبو منصور الثعالبي *

هي من سنن العرب المشهورة كقولهم الجـون لألبـيض واألسـود، والقـرء لألطهـار

)2(»... والحيض، والصريم لليل والصبح، والخيلولة للشك واليقين

.ونالحظ هنا أن حجة أبي منصور الثعالبي من جهة السماع

فقـد عنـى بقضـية األضـداد ): ه458ت) (أبو الحسن علي بن إسماعيل(ابن سيدة *

فصال دقيقـا وأقدم « : وفي التقديم لهذا الفصل قال" المخصص"في كتابه وخصها بفصل

اعلم أن مـن كالمهـم : نافعا في هذا الباب على ما ذكره سبويه في أول كتابه حيث قال

اختالف اللفظين الختالف المعنيين، واختالف اللفظين والمعنى واحد، واتفـاق اللفظـين

واختالف المعنيين، وأنا أشرح ذلك كله فصال فصال إن شاء اهللا تعالى، وأتحرى فيه أشفى

)3(»ط إلي من تعليل أبي علي الفارسي ما سق

يستند إلى تعليل أبي علي الفارسي لوجود ظاهرة التضاد في اللغة، وتجـدر -إذن–فهو

اإلشارة هنا أن اللغويين قد اختلفوا حول ما ورد في هذا الفصل فيما إذا كان ما جاء فيـه

ا أن ابن سيده قد اعترف بأنه من آراء وعلل هي البن سيده، أم أنها ألبي علي الفارسي بم

سيستند إلى ما سقط إليه من علل ألبي علي الفارسي، ورغم أننا نرجح هذا الرأي األخير،

إال أن هذا ال يمنعنا من ذكر ما جاء في الفصل من حجج تثبت وقوع التضاد فـي اللغـة

ط تبين وجهة نظره في هنا، ونحن بهذا الفعل ال ندعي نسبة القول البن سيدة ولكن نريد فق

موضوع األضداد بما أنه أورد القـول دون تفنيد فهو بمثـابة القائل له، وقد جاء القـول

ـــــــــــــــــ .60ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها، ص: انظر) 1( .247، ص)ط.د(، )ت.د(بية، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، أبو منصور الثعالبي، فقه اللغة وأسرار العر) 2( .259، ص13، ج4ابن سيده، المخصص، مج) 3(

71 ــــــــــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منه: الفصل األول

اللغة متفقتان هل يجوز عندك أن تجيء لفظتان في : قيل له« : بأسلوب جدلي منطقي فقال

لمعنيين مختلفين، فال يخلو في ذلك أن يجوزه أو يمنعه، فإن منعه ورده صار إلى رد ما

يعلم وجوده وقبول العلماء له، ومنع ما ثبت جوازه، وشبهت عليه األلفاظ، فإنها أكثر من

أن تحصى وتحصر، نحو وجدت الذي يراد به العلم والوجدان والغضب، وجلست الـذي

الف قمت وجلست الذي هو بمعنى أتيت نجدا، ونجد يقال لها جلس، فإذا لـم يكـن هو خ

سبيل إلى المنع من هذا ثبت جواز اللفظة الواحدة للشيء وخالفه، وإذا جاز وقوع اللفظة

)1(»الواحدة للشيء وخالفه جاز وقوعها للشيء وضده، إذا الضد ضرب من الخالف

أن ابن سيده يؤيد وجود التضاد في اللغة العربية، فهو يرى ويتبين لنا من خالل هذا القول

أنه ال مجال إلنكار ما ثبت جوازه عند العلماء، كما اتخذ من وجود االشتراك اللفظي حجة

من جهة السماع والقيـاس -إذن–لوجود التضاد، ألنه نوع من االشتراك اللفظي، فحجته

.معا

تمثل أهم اللغويين القدامى الذين أيدوا وجود التضاد فـي ونكتفي بهذه المجموعة التي

)2(اللغة العربية، فليس بوسعنا حصرهم كلهم ألنهم كثر

فـي موضـوع )3(كما يمكننا أن نظم إلى هذا الفريق المؤيد لوقوع التضاد كل المـؤلفين

.ة في اللغةاألضداد فما تأليفهم في ذلك الموضوع إال دليل على قبولهم لوجود الظاهر

ولعل ما يالحظ من خالل العينة المذكورة أن أولئك المؤيدين وعلى الرغم من اشـتراكهم

تمسك نفر منهم بالسماع والنقل « في تأييد الظاهرة إال أن حجج التأييد لم تكن واحدة حيث

وهو مذهب ابن فارس، واعتمد فريق آخر على فكرة الجمع بين القول بوجود األضـداد

محاولة تفسيرها ونجد هذا عند ابن األنباري، ودعم آخرون السماع بالعقل والقياس كابن و

)4(»سيده

ـــــــــــــــــــ

.259، ص13، ج4ابن سيده، المخصص مج) 1(أبو عبيد، أبو زيد، األصمعي، الكسائي، األموي، أبو عمرو، األحمـر، الفـارابي، الفيـروز (ذكر منهم السيوطي ) 2(السيوطي، المزهر فـي علـوم : انظر[ ، )دي، الجوهري، ابن قتيبة، ابن األعرابي، األندلسي، األزدي، ابن القوطيةآبا

) ].394-389(، ص1اللغة وأنواعها، ج .سيأتي ذكرهم في المبحث الالحق ) 3( .420محمد حسين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب، ص: انظر) 4(

72 ـــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: الفصل األول

:المؤيدون المحدثون -ب

سنحاول هنا التعرض لبعض اللغويين المحدثين الذين كانت لهم آراء واضحة حـول

تأييد وقوع التضاد في اللغة العربية، سواء من قالوا بوقوعه بكثـرة أو بقلـة، وتجـدر

ارة أن ترتيب اللغويين المحدثين لن يخضع للترتيب الزمني الذي انتهجناه عند عرض اإلش

آراء اللغويين القدامى، ولكن ترتيبهم سيكون حسب درجة التأييد لوقوع التضاد، أي مـن

.أكثرهم تأييدا إلى أقلهم، لنتبين مواطن التقارب أو التباعد في أفكارهم

وعلى الرغم « :اعي عن وجود التضاد في اللغة يقولوفي موقف دف: أحمد مختار عمر*

من وجود ظاهرة استخدام اللفظ الواحد في معنيين متضادين في كل اللغات، فإن االهتمام

) 1(»الذي القته هذه الظاهرة من اللغويين المحدثين كان ضئيال

اسـة لدر" علـم الداللـة "ولهذا قام بتخصيص حوالي أربعة وعشرين صفحة من كتابـه

حتى لو اعتدلنا في تفسير مفهـوم التضـاد، « : موضوع األضداد، وقال في موضع منها

وأسقطنا بعض األمثلة التي ال تعد منه، يظل عندنا قدر كبير من ألفاظ األضداد تتجـاوز

)2(»بكثير ما توقف عنده بعضهم وهو عشرون لفظا

عض اآليات التي اشتملت على كما تعرض لموضوع األضداد في القرآن الكريم، وتناول ب

ألفاظ من األضداد، وذكر أهم اآلراء التي قيلت فيها، سواء من قبل المفسرين أو اللغويين،

وما تزال قضية التضاد في القرآن الكريم فـي حاجـة إلـى دراسـة « :ثم أضاف قائال

ـ داد مستقصية تقوم على اإلحصاء الدقيق، والتتبع لكل ما قيل حولهـا فـي كتـب األض

االشتراك والتضاد في القرآن "وقد حاول تجسيد هذه الفكرة في كتابه ،)3(»والتفسير واللغة

فأحصى في قسم منه األلفاظ التي عدت من األضداد في القرآن الكريم في شـكل " الكريم

جداول إحصائية يعوزها الشرح والتعليل، كما عرض ألسباب الظـاهرة فـي الكلمـات

اط لبعض األضداد القرآنية على أسباب وقوع التضـاد فـي لحقيقة إسقالقرآنية، وهو في ا

.اللغة العربية

ومهما يكن فأحمد مختار عمر يعد من الباحثين المحدثين الذين أبدوا اهتماما بارزا بظاهرة

.التضاد في اللغة

ـــــــــــــــــــ .191أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص) 1( .204فسه، صالمرجع ن) 2( 73 .203المرجع نفسه، ص) 3(

ــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــ: الفصل األول

العالقات الداللية والتـراث البالغـي "حيث تناول في كتابه : عبد الواحد حسن الشيخ*

باعتبارها إحدى العالقات الداللية التي تلتقي مـع البالغـة فيمـا قضية التضاد " العربي

يعرف بالنكات البالغية، أو األلوان البالغية التي استخدم فيها الشـعراء بعـض ألفـاظ

.األضداد

هذا الموضوع على جانب كبير من األهمية، لـذا أثـاره « :ويقول في موضوع األضداد

)1(»يرهم ممن عنى بالتراث األسلوبي العربياللغويون والمفسرون للقرآن الكريم وغ

كما يرى أن من ينكر التضاد لم ينظر إلى القرينة ودورها في تحديد داللة اللفظة سـواء

في التضاد أو في بعض األلوان البالغية التي تلعب دورا أساسيا وهامـا فـي اخـتالف

أو الجناس التام، وما أشبه ذلك مضمونها، وتحديد داللتها كالمجاز أو التورية أو الكناية،

.)2(من األلوان البالغية

ونالحظ بأنه يكتفي بالقرينة كحجة واضحة لتأييد وقوع التضاد في اللغة، وهـو بـذلك

التضاد وجد في كثيـر مـن « كما صرح بأن.يجاري ابن األنباري في رأيه السابق ذكره

خالية من أي أثر للهجات العربيـة القديمـة اللغات، كما وجد في اللغة العربية الموحدة ال

وأننا نستعمله اليوم كما كان يستعمله أسالفنا باعتباره وسيلة من وسائل تنوع األسـاليب

العربية وثراء اللغة، فهي تمد المتكلم بكل ما يريد عند الخطـاب سـواء فـي اإلطالـة

)3(»واإلطناب، أو اإليجاز واالختصار

قوله حماسه في الدفاع عن وجود التضاد لدرجة نفي أي أثر للهجـات ونتبين من خالل

إنه يتوجب علينا « :العربية القديمة، وقد جعل هذا األمر كشرط لدراسة التضاد حيث قال

النظر إلى التضاد عند دراسته على أنه رافد من روافد لغة موحدة ال أثر فيهـا للهجـات

، وهو يقصد بقولـه هـذا أن )4(»بها القرآن الكريم هي اللغة العربية الفصحى التي نزل

نقتصر فيها على النظر إلـى اللغـة ) وصفية(دراسة التضاد ينبغي أن تكون دراسة آنية

لكننا نرى أن هذا األمر مستحيل ألن جل العلماء اتفقوا العربية في فترة زمنية محددة، و

ـــــــــــــــــ .75لعالقات الداللية والتراث البالغي العربي، صعبد الواحد حسن الشيخ، ا) 1( .90المرجع نفسه، ص: انظر) 2( .95المرجع نفسه، ص: انظر) 4(،)3(

74 ـــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــ: األولالفصل

من األسباب البارزة التي تؤدعلى أن ي إلى وجود التضـاد فـي االختالف اللهجي يعد

اللغة، صحيح أننا ننظر اليوم إلى اللغة العربية على أساس أنها لغة واحدة ولكن ال يمكننا

بأي حال من األحوال أن ننكر انتماء بعض ألفاظها إلى لهجات مختلفة حتى وإن عجزنـا

ي إلى لهجـات عن نسبة تلك األلفاظ إلى اللهجات التي انحدرت منها لكنها في الواقع تنتم

مختلفة ويؤدي التداخل بينها في كثير من األحيان إلى وقوع التضاد واالشتراك اللفظـي

.في اللغة

فقد خصص لموضوع األضداد فصال كامال جاء في حوالي أربعة : إبراهيم السامرائي*

وتتلخص فكرته حول التضاد في قوله " التطور اللغوي التاريخي"عشرة صفحة من كتابه

ر في االستعمال، ونتيجة الجديد في الداللة، ومن أجل هذا « أنالتضاد يكون نتيجة التطو

فدراســة األضــداد تؤلــف موضــوعا لغويــا تاريخيــا مــن حيــث علــم الداللــة

وبهذا التفسير يمكن أن نرد كثيرا مما اعتبـر مـن ، )Semantique historique(التاريخية

)1(»ور واالستعمال األضداد إلى هذه الحقيقة في التط

إلى حد –ويتضح لنا أن نظرة إبراهيم السامرائي لموضوع األضداد تتسم بالدقة والعقالنية

قد أحصى مـا يقـرب مـن مائـة « ولكنه ذهب إلى أبعد من هذا حين قال بأنه –اآلن

ويل وخمسين مادة حفلت بها كتب األضداد وهي ال تملك الضدية إال بوجوه بعيدة من التأ

والجدير بالذكر أن إحصـاءه لتلـك )2(»...) ظن، ند، قرء، وثب، زوج:( والتفسير منها

األلفاظ دون تقديم أدلة أو تبريرات بحيث تسمح لنا بإبعادها عن حيز األضداد ال يجـدي

نفعا، على أننا ال نؤاخذه على هذا ألنه اعترف في نهاية الفصل بـأن عرضـه لمـواد

ربية كان عرضا سريعا وأنه ركز على بيان مكانة األضداد فـي الدراسـات األضداد الع

. التاريخية اللغوية

ـــــــــــــــــ، 3، ط1983إبراهيم السامرائي، التطور اللغوي التاريخي، دار األندلس للطباعة والنشـر والتوزيـع، بيـروت، ) 1(

.98ص .107المرجع نفسه، ص: انظر) 2(

75

ــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــ: الفصل األول

وهو يرى أن قدرا من التضاد ولو كان ضئيال البد من التسـليم بـه، : صبحي الصالح*

وأنه على ضآلة مقداره أصبح وسيلة من وسائل التنوع في العربية، فكان بهـذا المعنـى

من خصائص لغتنا في مرانتها وطواعيتها في التنقل بـين السـلب واإليجـاب خصيصة

)1(والتعكيس والتنظير، وهو ما ليس له في اللغات الحية نظير

ولعل الفكرة التي أضافها صبحي الصالح والتي ال يوافقه عليها بعضهم هي نفي التضـاد

يزة وخاصة باللغـة العربيـة وال في غير اللغة العربية، فهو يرى أن التضاد ظاهرة مم

إال أنه ورغم اعتباره التضاد ضرب من المشترك . تشركها فيها أي لغة من اللغات الحية

ولسـنا « :اللفظي فهو ال ينفي وجود المشترك اللفظي في جميع اللغات الحية حيث قـال

ركة نزعم أن العربية تنفرد بالمشـترك اللفظـي، ففـي سـائر اللغـات ألفـاظ مشـت

"Homonymes"«)2( وهذا في الحقيقة ما يجعلنا نتساءل عن تلك األسباب التـي جعلـت ،

بعض اللغويين يصرون على نسبة ظاهرة التضاد للغة العربية دون غيرها من اللغـات،

.رغم أن أغلبهم لم يعلل لرأيه كما هو الحال عند صبحي الصالح

ضداد على قلتها في اللغة العربيـة فإنهـا حيث يرى أن األ: أحمد عبد الرحمان حماد*

موجودة، وأن استعمال األضداد في اللغة أمر ال يضير اللغة وال يسيء إليها إذا كان هذا

االستعمال عند الضرورة اللغوية، واستجابة لحاجة حقيقية في األسلوب، ال لمجرد الزهو

يوصل المتحدث المعنى إلى السامع بسعة المعرفة اللغوية، ولكنه في مقابل هذا يفضل أن

)3( .واضحا جليا، وأن ال يكون استعماله لألضداد إال عند الحاجة الضرورية لذلك

ويبدو أن الباحث هنا يشير ضمنا أن في استعمال األضداد غموض وإلباس على السامع،

ت الضـرورية، لذلك فهو ينوه إلى ضرورة التقليل من استعمال األضداد وتركها للحـاال

. حتى يضمن المتكلم فهم سامعه أو سامعيه بسهولة

ـــــــــــــــــ

.313صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة، ص: انظر) 1( .302المرجع نفسه، ص) 2( .84أحمد عبد الرحمان حماد، عوامل التطور اللغوي، دراسة في نمو وتطور الثروة اللغوية، ص: انظر) 3(

76 ـــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــــ: الفصل األول

إذا نحن حذفنا من قائمة األضداد التي ذكرهـا ابـن « :ويقول: علي عبد الواحد وافي*

األنباري، وأضرابه ممن بالغوا في إثبات التضاد ما يمكن أن يحذف على ضوء بعـض

، ومـع )1(»بما ال يبقى في باب التضاد بمعناه الصحيح إال مفردات قليلةالمالحظات، فر

من التعسف إنكار التضاد ومحاولة تأويل أمثلته جميعا تأويال يخرجهـا « هذا فقد رأى أنه

)2(»عن هذا الباب

وبالتالي فهو يرى أن القدامى قد بالغوا في نظرتهم لموضوع األضداد وأعطـوه حجمـا

يلزمه، كما أن المنكرين قد بالغوا أيضا في إنكاره، فهو إذن ينظر إلى قضـية أكبر مما

.األضداد نظرة معتدلة

عالقة الضدية من أوضـح « :قوله" في اللهجات العربية"جاء في كتابه : إبراهيم أنيس*

ا، األشياء في تداعي المعاني، فإذا جاز أن تعبر الكلمة الواحدة عن معنيين بينهما عالقة م

فمن باب أولى جواز تعبيرها عن معنيين متضادين، ألن استحضار أحدهما فـي الـذهن

يدعم فكرة وجود التضاد في اللغـة، -هذا–فهو بقوله .)3(»يستتبع عادة استحضار اآلخر

وحين نحلل أمثلة التضـاد فـي « :ولكنه يقلل من هذا الوجود في موضع آخر حيث قال

جميعا، ثم نحذف منها ما يدل على التكلـف والتعسـف فـي اللغة العربية، ونستعرضها

اختيارها، يتضح لنا أن ليس بينها ما يفيد التضاد بمعناه العلمي الدقيق إال نحو عشـرين

كلمة في كل اللغة ومثل هذا المقدار الضئيل من كلمات اللغة ال يستحق عناية أكثر مـن

نقراض من اللغة وذلك بأن تشتهر بمعنـى هذا السيما وأن مصير كلمات التضاد إلى اال

)4(»واحد من المعنيين مع مرور الزمن

ونفهم من قوله أنه ال يعتبر من التضاد كل ما ذكره اللغويون القدامى، فقد وصف أغلب

ما جمعوه في كتب األضداد بالتكلف والتعسف، وقد استثنى منهم ابن سيده والسيوطي

ــــــــــــــــــ . 151علي عبد الواحد وافي، فقه اللغة، ص) 1( .149المرجع نفسه، ص) 2( .208إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية، ص) 3( .215المرجع نفسه، ص) 4(

77 ــــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــ: الفصل األول

ر األضداد ولم يسرفا في تلمس العالقة بين الكلمـات، اعتدال في اختيا« قال أنهماحيـث

ولكننا نرى أيضا أن حصر كلمات األضداد في . )1(»فجاء ما أحصياه نحوا من مائة كلمة

عشرين كلمة تعسف هو اآلخر، وأن الحكم على مصير كلمات األضداد باالنقراض أمـر

ها قد تحيى بمجرد استعمالها مـن محتمل ولكنه غير محتم، فقد تهجر بعض األلفاظ، ولكن

.جديد

وقد الحظنا بأن إبراهيم أنيس ذكر قوال نراه حجة عليه في تقليله لنسبة وجود األضـداد

تصلح أيضا أن تكون ...وعوامل تكون المشترك اللفظي في اللغات« :في اللغة حيث قال

وال تتشـكل ألفـاظ ونتساءل كيف تتشكل ألفاظ االشـتراك بكثـرة )2(»عوامل األضداد

األضداد بكثرة بما أن العوامل صالحة لتشكل النوعين؟

األصل في وضع األلفاظ في اللغات المختلفة أن يكون لكـل « :حيث قال: حسن ظاظا*

معنى يجول بالخاطر لفظ يعبر عنه، أي أن يكون للفكرة الواحدة لفظة واحـدة وللكلمـة

لط واالضطراب بمجرد أن يوجد لفظان فأكثر لمعنى الواحدة معنى واحد أيضا، ويبدأ الخ

واحد أو معنيان فأكثر للفظ واحد، وإن كانت اللغات جميعا ال تنجو من هذه اإلصابة بقدر

، وقد عد المترادف والمشترك واألضداد من التضخم المنهـك للغـة، )3(»ما قل أو كثر

لغويين، وبالتالي هم أقـل معانـاة مـن ورأى أن المتكلمين الكتاب أقل اكتراثا بها من ال

)4(ثـقلها

فحسن ظاظا يؤمن بوجود ظاهرة التضاد في كل اللغات وإن كان يرى فيها إنهاكا للغـة

.وسببا للغموض

ـــــــــــــــــ .207إبراهيم أنيس، في اللهجات العربية، ص) 1( .208المرجع نفسه، ص) 2( .102ايا اللغة العربية، صحسن ظاظا، كالم العرب من قض) 3( .116المرجع نفسه، ص: انظر) 4(

78 ــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــــــ: لفصل األولا

ولعل التوقف عند هؤالء اللغويين المحدثين يكفي إلجراء مقارنة بين نظرة القـدامى

وجود ظاهرة التضاد في اللغة العربية، فيمكننا القـول بـأن عنايـة والمحدثين المؤيدين ل

القدامى بظاهرة التضاد فاقت بكثير عناية المحدثين الذين لم يظهروا حماسا في الدفاع عن

الـذين عرضـنا –الظاهرة، فقد الحظنا أن هنالك شبه إجماع بين اللغـويين المحـدثين

الذي بدا " أحمد مختار عمر"عربية، ونستثني منهم على قلة األضداد في اللغة ال -آلرائهم

متحمسا في معالجته لقضية األضداد في اللغة العربية، بل ذهـب إلـى القـول بوجـود

األضداد في كل اللغات، ولكنه لم يبرر لقوله هذا، كما نفى أن يكـون العـدد اإلجمـالي

بعضهم وهو عشرون لفظا، وقد لألضداد في اللغة العربية هو ذلك العدد الذي توقف عنده

عبد "دعا إلى ضرورة االهتمام بهذه الظاهرة خاصة في القرآن الكريم، وقد نستثني أيضا

الذي رأى أن موضوع األضداد على جانب كبيـر مـن األهميـة، " الواحد حسن الشيخ

في قولهما بوجود التضاد في كثيـر مـن " حسن ظاظا"و" أحمد مختار عمر"ويشترك مع

.غات وفي عدم التبرير أيضاالل

برأيه بين اللغويين المحدثين، فهو وبالرغم مـن قولـه بقلـة " صبحي الصالح"كما تميز

األضداد في اللغة إال أنه اعتبر الظاهرة خصيصة تنفرد بها اللغة العربية وأنهـا تلعـب

.دورا في التنوع األسلوبي العربي

ا عن حجج التأييد فلم يتمكن أيجج كتلك التي أمواحد من اللغويين المحدثين من إضافة ح

دافع بها ابن األنباري عن األضداد، والتي كان لها دور كبير في تفسير ومعالجة األضداد

.عند الباحثين الذين جاؤوا من بعده

كما نالحظ بأن اللغويين القدامى اكتفوا بطرح قضية األضداد في اللغـة العربيـة ولـم

ن مسألة وجودها في غير العربية، أما اللغويون المحـدثون فقـد أولـوا هـذا يتحدثوا ع

الموضوع أهمية ، فذهب بعضهم إلى القول بوجود التضاد في كل اللغات، ونفى بعضهم

. اآلخر وجوده في غير العربية، وسنعود لبحث الموضوع في حينه

79

هوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــــــــ مفـــــ: الفصل األول

:القائلون بعدم وجود التضاد في اللغة -2

ونرى أن نتبع المنهج نفسه الذي اتبعناه مع المؤيدين، حيث سنعرض آلراء المنكرين

.القدامى ثم المحدثين ليتسنى لنا الوقوف على أبرز نقاط التبعية أو االفتراق

:القدامىالمنكرون -أ

: حيث نقل ابن سيده عن أبي علي الفارسي قولــه :)1(أحد شيوخ أبي علي الفارسي*

وقد كان أحد شيوخنا ينكر األضداد التي حكاها أهل اللغة، وأن تكـون لفظـة واحـدة «

)2(»لشيء وضده

" شـرح أدب الكاتـب "فقد جـاء فـي ): ه291ت) (أبو العباس أحمد بن يحي(ثعلب*

المحققون من علماء العربية ينكرون األضداد ويدفعونها، قال « :قوله) ه539ت(للجواليقي

ليس في كالم العرب ضد، قال ألنه لو كان فيه ضـد لكـان : أبو العباس أحمد بن يحي

الكالم محاال، ألنه ال يكون األبيض أسود، وال األسود أبيض، وكالم العرب وإن اختلـف

فالجون هو األسود، وإذا اشتد بياض الشيء حتـى ...احداللفظ فالمعنى يرجع إلى أصل و

يعشى البصر رئي كاألسود، والصارخ المستغيث، والصـارخ المغيـث ألنـه صـراخ

والجلـل ...ويجوز أن يكون اإلهماد في لغة قوم اإلقامة وفي لغة قوم السـرعة ...منهما

ن لغتين والرهوة العظيم والصغير ألنه شيء يزيد في النفس وينقص، ويجوز أن يكونا م

االرتفاع واالنخفاض ألنه موضع، فمرة ينحدر فيه ومرة يعلى فيه ويكون من لغتين الظن

)3(»يقين وشك ألن الشك قد يزول فيصير يقينا

والغريب أن ابن األنباري وهو تلميذ ثعلب لم يذكر ذلك، « :ويقول محمد حسين آل ياسين

ــــــــــــــــــ

: قد ذهب بعض اللغويين المحدثين إلى اعتبار أن أحد شيوخ ابن سيده هو من كان ينكر األضداد، ومـن هـؤالء و) 1(، وذهب آخرون إلى أنه أحـد )148، وعلي عبد الواحد وافي، فقه اللغة، ص194أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص(

ان عبد التواب، فصـول فـي فقـه العربيـة، رمض: (شيوخ أبي علي الفارسي وهو الرأي الذي نرتضيه، ومن هؤالء، 2، وبكر السيد يعقوب، نصوص في فقه اللغـة العربيـة، ج 43، و أبو حاتم السجستاني، كتاب األضداد، ص337ص ). 114ص

.259، ص13، ج4ابن سيده، المخصص، مج) 2(، )ط.د(، )ت.د(لقـاهرة، الجواليقي، شرح أدب الكاتب، تقديم مصطفى صادق الرافعي، مكتبـة القـدس، ا : انظر) 3(

.251ص

80

ــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــ: الفصل األول

بل أكثر من الرواية في كتابه عنه إلى درجة تجعل المرء يوقن أن ثعلبـا مـن القـائلين

أن اللفظ قد يفيد مقابل معناه لعلة بوجود األضداد، وروى عنه ما يدل على أن ثعلبا أعلن

إنما جاز أن يقع الظن على : قال أبو العباس« :ومن ذلك قول ابن األنباري ،)1(»من العلل

الشك واليقين ألنه قول بالقلب، فإذا صحت دالئل الحق، وقامت أماراته كان يقينـا، وإذا

ذا اعتدلت دالئل اليقين والشك كـان قامت دالئل الشك، وبطلت دالئل اليقين كان كذبا، وإ

)2(»على بابه شكا، ال يقينا وال كذبا

والجدير بالذكر هنا أن ابن األنباري لم يكثر من الرواية عن ثعلب في ذكر ألفاظ األضداد

عن سلمة بن عاصم ألنه -أي ثعلب–وإنما أكثر من االستعانة ببعض رواياته التي نقلها

أما فيما يخص ما رواه عنه من كلمات األضداد فهي لم تتجاوز لفظين، .كان من أصحابه

سـمعت أبـا العبـاس « :الذي ذكرناه واللفظ الثاني جاء في قول ابن األنباري" ظن"لفظ

، ويبدو جليا )3(»يقال للساكن رهو، وللواسع رهو وللطائر الذي يقال الكركي رهو: يقول

.فهي تدل على ثالثة معاني مختلفة وغير متضادةأن هذه اللفظة ليست من األضداد

ولكننا إذا أردنا تفسير وجهة نظر أبي العباس ثعلب حول موضوع األضداد نعود إلى ما

فيتضح لنا أن أبا العباس يعترف بما قد تحمله بعض األلفاظ )4(جاء على لسان الجواليقي

الستعمال المجازي، ولكنه ال يعتبر من معاني متضادة نتيجة الختالف اللغات، أو نتيجة ل

هذا تضادا، فهو يرى أن معنى اللفظ وإن اختلف البد أن يرجع إلى أصل واحـد، ويفيـد

إنكـاره التـام ) ليس في كالم العرب ضد، ألنه لو كان فيه ضد لكان الكالم محاال(قوله

.عمال المجازيلمفهوم التضاد الذي ينشأ بسبب عاملي االختالف اللهجي واالست

أما عن سبب عدم ذكر ابن األنباري إلنكار شيخه ثعلب لوجود التضاد في اللغة، فنعتقـد

إذا وقــع : وقال آخرون« :حين قال -لعلة نجهلها–أنه قد أشار إليه دون أن يذكر اسمه

ــــــــــــــــــ .95، هامش ص 1، ج8محمد حسين، مجلة اللسان العربي، األضداد في اللغة، مج) 1( .16ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 2( .150المصدر نفسه، ص) 3(الفيروز آبـاذي، كتـاب : انظر".[ ال أدري: "وهو من أهل السنة، ال يقول الشيء إال بعد التحقيق، ويكثر من قول) 4(

ـ ، هـامش 1، ط2001روت، البلغة في تاريخ أئمة اللغة، راجعه بركات يوسف هبود، المكتبة العصـرية، صـيدا، بي ] .187ص

81

ـــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: الفصل األول

الحرف على معنيين متضادين، فاألصل لمعنى واحد، ثم تـداخل االثنـان علـى جهـة

ن المغيـث الصارخ المغيث، والصارخ المستغيث سـميا بـذلك أل ...االتساع، فمن ذلك

)1(»يصرخ باإلغاثة، والمستغيث يصرخ باالستغاثة، فأصلهما من باب واحد

ولعل هذه النظرة تتفق مع ما ذكره الجواليقي عن أبي العباس ثعلب كما تجدر اإلشـارة

« :بعض األضداد التي ذكرها ثعلب حيث قال" المزهر"هنا أن السيوطي قد نقل في كتابه

من األضداد مفازة مفعلة من فوز الرجل ": مجاز الكالم وتصاريفه"وقال ثعلب في كتاب

: القوة والضعف، والساجد: إذا مات، ومفازة من الفوز على جنس التفاؤل كالسليم، والمنة

)2(»... المنحنى، والمنتصب

التضاد والمالحظ أن السيوطي لم يذكر أبا العباس ثعلب مع الذين أنكروا أو ضيقوا وقوع

في اللغة، وبالتالي يبقى القول الوحيد الذي يفيد بإنكار ثعلب لألضـداد هـو مـا ذكـره

.الجواليقي

ويعد من أشهر المنكرين القدامى لوجود التضـاد ): ه347ت) (عبد اهللا(ابن درستويه *

في اللغة، وما يدل على رفضه لوجود األضداد في اللغة قوله الذي نقله السـيوطي مـن

االرتفاع بمشقة وثـقل، ومنه قيل للكوكب قد ناء : النوء« :حيث قال" شرح الفصيح"ه كتاب

إذا طلع، وزعم قوم من اللغويين أن النوء السقوط أيضا، وأنه من األضداد، وقد أوضحنا

)3(»الحجة عليهم في ذلك في كتابنا في إبطال األضداد

بن درستويه ممن ذهب إلى إنكار األضداد، فاستفدنا من هذا أن ا« :ويعلق السيوطي قائال

)4(»وأن له في ذلك تأليفا

لم يصل إلينا لسوء الحظ هذا الكتاب، ولذلك لم نقف على « :ويقول علي عبد الواحد وافي

)5(»وجه اليقين على األسس التي عليها ابن درستويه في مذهبه

ـــــــــــــــــ ).9-8(ضداد، صابن األنباري، كتاب األ: انظر) 1( .393، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج: انظر) 2( .396، ص1المصدر نفسه، ج) 3( .المصدر نفسه، والصفحة نفسها) 4( .148علي عبد الواحد وافي، فقه اللغة، هامش ص) 5(

82

موقف اللغويين منهـــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وــــــــ: الفصل األول

والحقيقة أن ابن درستويه ورغم حبه للغة العربية واشتغاله بالبحث في متعلقاتها، والمكانة

التي احتلها في الدرس اللغوي العربي إال أنه عرف بين اللغويين بموقفه السلبي حيال تلك

حـاولون تفسـير الظواهر اللغوية التي شغلت ومازالت تشغل الدارسين المحدثين الذين ي

موقفه هذا إال أنهم يعجزون عن ذلك نظرا لغياب الشواهد النصـية التـي دونهـا ابـن

درستويه في كتابه المفقود، ولعل ما يحز في أنفسنا أن نقتصر في تبين موقفه علـى مـا

للسيوطي والذي يكشف لنا جزءا من الحقيقة فقط، وقد ورد فيـه " المزهر"جاء في كتاب

إنما اللغة موضوعة « ":شرح الفصيح"ضافة إلى القول السابق، قول ابن درستويه في باإل

لإلبانة عن المعاني، فلو جاز وضع لفظ واحد للداللة على معنيين مختلفين، أو أحـدهما

ضد لآلخر لما كان ذلك إبانة بل تعمية وتغطية، ولكن قد يجيء الشيء النادر مـن هـذا

في لغتين متباينتين، أو لحذف واختصار وقع في الكـالم حتـى وإنما يجيء ذلك ...لعلل

)1(»اشتبه اللفظان وخفي سبب ذلك على السامع، وتأول فيه الخطأ

والواضح من هذا القول أن ابن درستويه ورغم اعتباره أن في استعمال األضداد تعميـة

فهو يعترف بوجود النـادر وتغطية على السامع إال أنه ال ينفي وجود األضداد نفيا تاما،

منها، كما ذكر سببين من األسباب التي تؤدي إلى وجود تلك القلة من األضـداد وهمـا

وقـد أيـد « :السبب اللهجي وقضية الحذف واالختصار، ويقول محمد حسين آل ياسـين

الدرس اللغوي الحديث هذا المنهج في االعتالل لنشأة األضداد في اللغة، ألن هذا الدرس

)2(»نكر أيضا أن يكون التضاد أصيال في الوضع أ

وهم الذين سماهم ابن األنباري بأهل البدع والزيغ واإلزراء بالعرب، فقد : الشعوبيون*

عدوا وجود األضداد في كالم العرب دليل على نقصان حكمتهم وقلـة بالغـتهم وكثـرة

جتهم في اإلنكار أن االسم االلتباس في محاوراتهم، وعند اتصال مخاطباتهم، وقد كانت ح

منبئ عن المعنى الذي تحته ودال عليه وموضح تأويله، فإذا اعتور اللفظة الواحدة معنيان

)3(مختلفان لم يعرف المخاطب أيهما أراد المخاطب

ــــــــــــــــــــــــ .385، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 1( .422ين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب، ص محمد حس) 2( .1ابن األنباري، كتاب األضداد، ص: انظر) 3(

83

ــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــ: الفصل األول

زعمهـم وقد نقلنا رد ابن األنباري عليهم عند عرضنا لرأيه وكانت له حجة قوية إلبطال

. تمثلت في دور السياق في تحديد معنى واحد للفظ بحيث ال يبقى أي لبس أو غموض

هذا وقد اعتبر محمد حسين آل ياسين هؤالء الشعوبية طائفة سـيئة النيـة فـي إنكـار

ال « : وقد فسر رمضان عبد التواب رأي الشعوبيين في إنكار األضداد بقولـه )1(التضاد

أعلم، في غير اللغة العربية من اللغات األخرى، ولهـذا نـرى وجود لهذه الظاهرة فيما

الشعوبيين يعيبون العربية بما فيها من كلمات األضداد النفرادها بهذه الظاهرة، وهم لـم

يتحدثوا عما فيها من ترادف واشتراك لفظي بخير أو بشر، ألن لغاتهم الفارسية وغيرها

)2(»ال تخلو من أمثلة لهاتين الظاهرتين

ينكرون األضداد، ألنهم لم يعرفوا لها مثيال في -حسب رمضان عبد التواب–فالشعوبيون

.لغاتهم

:المنكرون المحدثون -ب

ينبغـي أال « :ويعد من أبرز المحدثين المنكرين للتضاد حيث قـال : عبد الفتاح بدوي*

س فمن الصـعب يعزب عنا أن التضاد مناف لطبيعة اللغة، وأنه ال يسهل التفاهم بين النا

أن نقبل أن المعاني األولية المتضادة يتفاهم الناس عنها بلفظ واحد والصعوبة التي تنشـأ

من التضاد أكبر جدا من التي تنشأ من االشتراك وإذا قيل إن القرائن توضح المراد كـان

هذا تسليما حقا بمنافاة التضاد لطبيعة اللغة ألن االعتماد على القرائن ليس مـن طبيعـة

)3(»اللغات في سذاجتها، وإنما هو طور آخر فوق ذلك

تلك الحجة التي دافـع بهـا ابـن ) وإذا قيل إن القرائن توضح المراد(وهو يقصد بقوله

األنباري عن وجود األضداد في اللغة، والتي لقيت قبوال كبيرا من قبل المؤيدين لوجـود

يريد إبطال هذه الحجـة لينتصـر هذه الظاهرة في اللغة، والواضح أن عبد الفتاح بدوي

لرأيه الرافض لألضداد، وقـد عرض عشرة طوائف صنفهـا حسب أنواع األضداد التي

ـــــــــــــــــــ .421محمد حسين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب، ص: انظر) 1( .338رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، هامش ص) 2(ندي، أحمد الشنتاوي، إبراهيم زكي خورشيد، عبد الحميد يـونس، دائـرة المعـارف اإلسـالمية، محمد ثابت الف) 3(

.296، ص2، مج)ط.د(، )ت.د(الضدان، عبد الفتاح بدوي، انتشارات جهان،

84

ــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــ: الفصل األول

ن بوجود التضاد في اللغة، وذهب إلى إنكارها جميعا، وقد وصف التضـاد ذكرها القائلو

في كثير من الطوائف تارة بالمضحك وتارة بالتعسف ونفى التضاد فيها نفيـا تامـا دون

-على سبيل المثال-مبررات علمية، ولكن أغلبها حجج واهية قابلة للرد والنقض، ونختار

« :ف اللهجات والذي ذكره في الطائفة الثالثة حيـث قـال نفيه لوجود التضاد بسبب اختال

وما مثل اعتبار التضاد من لهجتين إال كمثل اعتباره بين لغتين مستقلتين ألن المدرك في

الجميع واحد، وهو تعدد الوضع المفيد لتعدد المعنى، فهل يسوغ لنا أن نقـول إن كلمـة

والفرنسية سواء ومعناهما مختلف، فهي فـي من األضداد ألنها تنطق في العربية ) رجل(

)1(»المسطرة أو القاعدة )Règle(العربية عضو من أعضاء اإلنسان وفي الفرنسية

) رجل(ولكننا نرى أن هذا المثال الذي ذكره الباحث ال يصلح أصال ليكون حجة فكلمتي

و)Règle( ين، باإلضافة إلى ذلك فلم يذهب وإن اشتركتا في النطق فمعنييهما ليسا متضاد

واحد من المؤيدين للقول بوجود التضاد بين لغتين مختلفتين تماما، بل إن اللغـويين قـد

: وضعوا شرطا هاما للقول بوجود التضاد الناتج عن اختالف اللهجات، يقول حسن ظاظا

ين باللغة، إن االشتراك والتضاد اآلتيين من تعدد الدالالت في مجاميع بشرية من الناطق«

لهما عند اللغويين شرط هام، وهو أن تكون هذه القبائل المتميزة ناطقة بلغة عامة واحـدة

وربما كانت لكل قبيلة فيها لهجة خاصة، ولكن كالم القبيلتين أو المجموعتين البشـريتين

ـ ي يدخل في نمط واحد من النحو والصرف واالشتقاق، أما إذا كان جرس الكلمة واحدا ف

هلغتين كل منهما أجنبية عن األخرى، أو في لهجتين متباعدتين بعدا شاسعا لم تعتبر هـذ

2(»الظاهرة لفظة واحدة ذات معنى مشترك أو متضاد(

وهـو –وبالتالي فال مجال للمقارنة بين التضاد الواقع بين لهجتين تنتميان إلى لغة واحدة

اد الواقع بين لغتين تختلفان تماما من حيث النظـام والتض -ما أيد وجوده أغلب اللغويين

.اللغوي

ــــــــــــــــــــــــ

.300، ص2محمد ثابت الفندي وآخرون، دائرة المعارف اإلسالمية، مج) 1( ).114-113(حسن ظاظا، كالم العرب من قضايا اللغة العربية، ص) 2(

85

هوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــ مفــــــــــــــ: الفصل األول

واألضداد الناجمة عن اختالف اللهجات ال تكون مهمة البتـة، « :قائال" بدوي"وقد أضاف

)1(»وال مفيدة شيئا من ناحية الضدية

ونستغرب حكمه هذا في نفي التضاد الناتج عن اختالف اللهجات فحتى ابن درستويه الذي

رين لوجود التضاد ذكر أنه قد يجيء الشيء النادر من األضداد لعلة اختالف يعد من المنك

اللهجات، كما أيد الدرس اللغوي الحديث هذه العلة في نشوء األضداد، ولكننا نعتقد أنـه

استقى فكرته هذه عن ثعلب أبو العباس الذي نفى أن يكون اختالف اللهجات سـببا فـي

.وجود التضاد

وإننا لنتحدى الذين « :إلى رفع التحدي على القائلين بوجود التضاد بقوله" بدوي"كما ذهب

يزعمون أن في اللغة أضدادا ونباهلهم بجميع كلمات اللغة العربية أن يأتونا بلفظ واحد له

)2(»فليس في اللغة تضاد -ولن يفعلوا–معنيان متقابالن بوضع واحد فإن لم يفعلوا

تيقنه التـام بأنـه ال ) ولن يفعلوا(هذا، وخاصة جملته االعتراضية ونتبين من خالل قوله

أحد يجرؤ على القول بوجود التضاد بوضع واحد، وقديما صرح أبو علي الفارسي بعدم

اتفاق اللفظين واختالف المعنيين ينبغي أن ال يكون « وقوع مثل هذا التضاد حينما قال بأن

)3(»قصدا في الوضع وال أصال

وبالتالي فعبد الفتاح بدوي يهدف من وراء قوله إلى نفي التضاد الذي أيده القدامى، فهـو

وبعـد « :يرى أن التضاد إذا لم يوجد بوضع واحد فلن يوجد أبدا، ويصرح برأيه قـائال

نجدنا صائرين في طريق إنكار وجود األضداد بالمعنى العلمي البحت المتجرد من ...هذا

اكيب ومالبساتها وال مفر من ذلك، وقديما أنكر كثير من العلمـاء وجـود اعتبارات التر

)4(»األضداد بهذا المعنى

يعبر اللفظ الواحد بوضع واحد عن معنيين هو أن -حسب بدوي–ى العلميفالتضاد بالمعن

ـــــــــــــــــــــــــ .301، ص2د الفتاح بدوي، الضدان، مجمحمد ثابت الفندي وآخرون، دائرة المعارف اإلسالمية، عب) 1( .302، ص2المصدر نفسه، مج) 2( .259، ص13، ج2ابن سيده، المخصص، مج) 3( .300، ص2محمد ثابت الفندي وآخرون، دائرة المعارف اإلسالمية، عبد الفتاح بدوي، الضدان، مج: انظر) 4(

86

د في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــ مفهوم التضاــــــــــــــــ: الفصل األول

متضادين خارج التراكيب اللغوية، ووجود مثل هذا التضاد مسـتحيل باتفـاق القـدامى

لم يضف جديدا بإنكاره لهذا التضاد، وبالتالي يمكننا القـول أن -إذن–والمحدثين، فبدوي

ألجدر بـه أن يحـاول هذا الباحث كمن يصر على إنكار شيء ال وجود له، وربما كان ا

إيجاد مبررات مقنعة لرفض التضاد الذي شاع في الدرس اللغوي العربي والذي ألفت فيه

.الكتب الخاصة

ويعد من الباحثين المحدثين الذين اختاروا االنضمام إلى الفريـق : أحمد نعيم الكراعين*

ن األضداد ظـاهرة المعارض لوجود التضاد في اللغة، فقد وافق ابن درستويه في قوله أ

)1(من الظواهر الداللية التي تسبب تعمية وتغطية

وعلق على قول صبحي الصالح الذي ذهب إلى أن التضاد خصيصة من خصائص لغتنا

ولست أدري كيف يكون التناقض الذاتي داخـل اللفـظ « :في مرانتها وطواعيتها، بقوله

نا نعاني من الغموض الداللي في األلفـاظ مرانا وطواعية وميزة في لغتنا؟ ونحن نعلم أن

العادية ونحتاج في داللتها وفهمها إلى النظر في السياق الذي وردت فيه وموقعهـا مـن

التركيب، وصيغتها الصرفية وصوتياتها فكيف بها إذا حفلت بالتناقض الذاتي؟ إنها عائق

)2(»ظ وفهمهاجديد يضاف إلى العوائق التي تقف في وجه تحديد دالالت األلفا

ونالحظ هنا أن الباحث ال يقلل من أهمية السياق الذي يلعب دورا مهما في تحديد معنـى

اللفظ، ولكنه يفصل ألفاظ األضداد عن بقية األلفاظ العادية وكأن السياق دوره محصـور

ـ -سابقا–تحديد معاني األلفاظ العادية دون ألفاظ األضداد، ورأينا يف ن كيـف دافـع اب

األنباري عن وجود األضداد بحجة وجود السياق الذي يحدد معنى واحد للفظ بحيث ينتفي

.اللبس والغموض

ومهما يكن فإن الذين أنكروا وقوع التضاد أو حصروه فـي « :قائال" أحمد نعيم"ويضيف

ألفاظ معدودة، هم أقرب في فهمهم للواقع الذي ينظر إلى اللغات البشرية بمنظار واحـد،

كيف تخلوا لغات العالم من هذه الظاهرة وتؤلف في العربية كتب تزخـر بـالكثير مـن ف

)3(»األلفاظ التي تمثل هذه الظاهرة ؟

ــــــــــــــــ . 128أحمد نعيم الكراعين، علم الداللة بين النظر والتطبيق، ص: انظر) 1(

.المرجع نفسه والصفحة نفسها) 2( .االمرجع نفسه والصفحة نفسه) 3(

87

ـــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: الفصل األول

ويبدو أن الباحث هنا يعترف باختياره مذهب اإلنكار لوقوع التضاد في اللغـة العربيـة،

يعد دلـيال علـى -حسب رأيه–وحجته في ذلك خلو لغات العالم من هذه الظاهرة، فهذا

.عدم وجود التضاد في اللغة العربية أيضا

أبرز اللغويين من القدامى والمحدثين الذين أنكروا وقوع التضاد فـي -إذن–هؤالء

اللغة العربية، وال يخفى أنهم قلة، وقد الحظنا أن هنالك وجها لالتفاق وآخر لالفتراق في

.محدثينآراء المنكرين القدامى وال

أما وجه االتفاق فيكمن في موقف اإلنكار لظاهرة التضاد باعتبارهـا مـدعاة للغمـوض

واللبس، وأما وجه االفتراق فيتمثل في درجة اإلنكار حيث تشدد المحدثون فـي إنكـار

الظاهرة أكثر من القدامى، فقد عمد عبد الفتاح بدوي إلى سد أي ثغرة يمكن أن يكشـف

سبب ما لوقوع التضاد في اللغة فرفض اعتبار عامل االختالف اللهجـي من خاللها عن

علة لوقوع التضاد، كما نفى أيضا أن يكون االستعمال المجازي سببا في نشوء األضداد،

في حين نجد أن ابن درستويه ورغم سبقه إلى مذهب اإلنكار إال أنه اعترف بوجود النادر

-أي االختالف اللهجي واالستعمال المجازي–من األضداد بسبب هذين العاملين

باإلضافة إلى هذا فقد رفض عبد الفتاح بدوي أن يكون التضاد أصيال في الوضع، ولـم

.يطرق القدامى هذه المسألة، فهي بالنسبة إليهم مسألة مفروغ منها

لذي رأى أما إذا أردنا أن نخص الشعوبيين بالرد فسنضم رأينا إلى رمضان عبد التواب ا

أن رأي الشعوبيين هو رأي باطل ال يرجع إلى حقيقة أو صواب بل يرجـع إلـى حقـد

ألنهم لو نظروا في قضية األضداد بفكر سليم بعيد عن الخلفيات النفسية فحتمـا .وضغينة

.سيرسي رأيهم إلى قبول قضية التضاد

ضاد ما نقله السيوطي عن هذا وقد عد الدارسون من أبرز ما احتج به المنكرون لوقوع الت

إن النقيضـين ال «:حيث قال) الحاصل(في كتابه ) ه653ت(تاج الدين محمد بن الحسين

يوضع لهما لفظ واحد ألن المشترك يجب فيه إفــادة التردد بين معنييـن، والتردد في

)1(»النقيضين حاصل بالذات ال من اللفظ

ـــــــــــــــــ .387، ص1في علوم اللغة وأنواعها، جالسيوطي، المزهر ) 1(

88

ـــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــ: الفصل األول

الذي رأى أن هـذا " محمد سعد محمد: "ونستحسن هنا تعليق أحد الباحثين المحدثين وهو

مرفوضة في الدراسات اللغوية ألنه ال الدليل تغلب عليه النزعة العقلية، وأن هذه النزعة

مجال للعقل في اللغات، هذا فضال عن عوامل التطور اللغوي لدالالت المفردات ال يمنع

)1(من ظهور األضداد في اللغة من الناحية المنطقية

:التضاد بين اإلثبات واإلنكار -3

ض لذلك الفريق الذي وقف موقفا متردا في قبول األضداد حينا ال نقصد هنا التعرد

وتلميذه أبو علي القالي، ) ه321ت(ورفضها حينا آخر، فلم يذكر من هؤالء إال ابن دريد

االزدحام، وكأنه من : التفريق، والبك: البك «" :جمهرة اللغة"حيث قال ابن دريد في كتابه

صبح، سمي بـذلك ال: الصريم« :، ونقل السيوطي عن أبي علي القالي قوله)2(»األضداد

)3(»الليل ألنه انصرم عن النهار، وليس هو عندنا ضدا: مألنه انصرم عن الليل، والصري

)4(»السائل والمعطي، وهو من األضداد: الحادي« :وقال

المقارنة بين موقفي اإلثبات واإلنكار لوقوع التضاد في اللغة العربيـة، -هنا–ولكننا نود

هم من أئمة اللغـة فقـد -من القدامى–بية المؤيدين لوقوع التضاد فنالحظ بداية بأن غال

اهتموا بجمع األضداد وتصنيفها، وقد اتجه معظم الباحثين المحدثين إلى هذا الـرأي وإن

أجمع معظمهم على قلة األضداد في لغتنا العربية، والواقع أن الذين دافعوا عـن وجـود

لى ذلك من فراغ، ولكنهم الحظـوا اشـتمال اللغـة األضداد في اللغة العربية لم يذهبوا إ

العربية على بعض األضداد، وكانت الحجة التي ذكرها ابن األنباري بمثابة األمر الفصل

في القضية حيث رأى بأن السياق يلعب دورا هاما في تحديد معنى واحد للفظ وبالتالي لن

ـــــــــــــــــ .156، في علم الداللة، صمحمد سعد محمد: انظر) 1( .74، ص1ابن دريد، جمهرة اللغة، ج) 2( .397، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 3( .392المصدر نفسه، ص) 4(

89

ــــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــ: الفصل األول

. عمال األضداد، وقد أجمع اللغويون على تلك األهمية للسياقيكون هنالك أي لبس في است

فإنهم يعـدون -سواء من القدامى أو المحدثين–أما الذين أنكروا وجود األضداد في اللغة

على األصابع، ولم يقف الدارسون على أقوالهم الصريحة حول إنكار الظاهرة، فأغلب ما

لنصوص أصحابها، فقد نقل السيوطي في كتابـه ذكر عنهم لم يكن من المظان األصلية

رأي أبـا " شـرح أدب الكاتـب "رأي ابن درستويه، ونقل الجواليقي في كتابه " المزهر"

يقلل من مصداقية الحكم على آراء هؤالء المنكرين، إال أن -برأينا–العباس ثعلب، وهذا

.مامناهذا ال يمنع من تحليل تلك الوجهة في اإلنكار ألنه ال بديل أ

ولعل ما يتبين لنا من أقوالهم سالفة الذكر أنهم أنكروا أصالة األضداد أي أن تدل الكلمـة

في وضعها األول وعند جماعة لغوية واحدة على معنيين متضادين، ولم ينكروا إمكانيـة

تعبير اللفظ الواحد عن معنيين من لغتين مختلفتين فقد اعترف ابن درستويه بمجيء النادر

أما أبو العباس ثعلب وبدوي فقد رفضا تسمية هـذا النـوع .من األضداد لتداخل اللهجات

باألضداد، ويبدو أنهما يصران على نفي أي وجود لألضداد حتى وإن كان ذلك الوجـود

.محتم بفعل عوامل التطور اللغوي الذي يصيب األلفاظ ودون سابق إنذار

لتضاد موجود ال محالة وباعتراف جل اللغويين كمـا وبالتالي نخلص إلى القول بأن ا

رغم إجماع المؤيـدين علـى –أننا لن نذهب إلى الحكم على عدد تلك األضداد في لغتنا

.فذلك بنظرنا يحتاج إلى دراسة مستقصية قائمة على الدليل والبرهان الحاسمين -قلتها

كال الفريقين قد تنكـب « ل بأنوالواقع أن علي عبد الواحد وافي وافق الصواب حينما قا

ألن المتأمل لكتاب ابن األنباري وهو الـذي الـذي عـده .)1(»جادة القصد فيما ذهب إليه

الدارسون المصدر المشتمل على معظم ألفاظ األضداد التي ذكرها سـابقوه، سـيجد أن

ها اآلخر ال أغلب الكلمات ال تمت للضدية بصلة فبعضها من قبيل المشترك اللفظي وبعض

.يوجد بين معانيها تضاد تام وإنما هو اختالف حاد ال يصل إلى درجة التضاد

كما ال يمكن أن نتجه إلى مذهب اإلنكار ألن عوامل نشوء األضداد صـالحة ألن توجـد

. عشرات األضداد

ــــــــــــــــ .149علي عبد الواحد وافي، فقه اللغة، ص) 1(

90

ــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــ: ألولالفصل ا

ولعل خير ما نختم به للفصل بين الرأيين قول فخر الدين الرازي الذي نقله السيوطي في

ال يجب أن يكون لكل : قال اإلمام فخر الدين الرازي وأتباعه« :حيث قال" المزهر"كتابه

ن المعاني التي يمكن أن تعقل ال تتناهى واأللفاظ متناهية ألنها مركبـة مـن معنى لفظ أل

الحروف، والحروف متناهية، والمركب من المتناهي متناه، والمتناهي ال يضـبط مـا ال

فالمعاني منها ما تكثر الحاجة إليه فال يخلو عن : قالوا.يتناهى، وإال لزم تناهي المدلوالت

ي إلى وضع األلفاظ لها حاصل، والمانع زائل، فيجب الوضـع، والتـي األلفاظ ألن الداع

)1(»تندر الحاجة إليها يجوز أن يكون لها ألفاظ وأال يكون

وبالتالي نرى أنه ال ضير في أن تحمل اللفظة الواحدة معنيين متضادين طالمـا هنالـك

. السياق الذي يدفع الغموض عن المتلقي

:العربيةالتضاد في غير اللغة -4

اختلفت آراء اللغويين العرب حول ما إذا كانت ظاهرة التضاد خاصة باللغة العربية،

.أم أنها موجودة في لغات أخرى

وقد رأينا أن اللغويين المحدثين هم أكثر من عنى بهذه القضية، فكان منهم من ذهب إلـى

، وعبـد الواحـد رختار عمأحمد م: (القول بوجود التضاد في جميع اللغات ومن هؤالء

، كما ذهب محمود السعران )2(وقد سبق ذكر أقوالهم في ذلك) حسن الشيخ، وحسن ظاظا

من المالحظات الصادقة على أكثر اللغات، إن لم يكن عليها جميعا « :إلى هذا الرأي فقال

استعمال كلمة للداللة على معنى، واستعمالها في الوقت نفسه للداللة علـى عكـس هـذا

)3(»المعنى

د األنطاكي بأنالتضاد أمر مسلم به في جميع اللغات سواء فـي ذلـك « كما رأى محم

)4(»العربية والفرنسية وغيرهما

ــــــــــــــــ .41، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج) 1( .من هذا الفصل) 73،69،68( ص: انظر) 2( . 232غة، مقدمة للقارئ العربي، صمحمود السعران، علم الل) 3( .312محمد األنطاكي، دراسات في فقه اللغة، ص) 4(

91

ــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــــ: الفصل األول

أن هذه الظاهرة ال تنفرد بها اللغة العربية، بل توجد في بعـض « وقد ذكر محمد حسين

)1(»ت السامية كما كشف بعض المستشرقين حديثااللغا

أما الفريق اآلخر فيرى أصحابه بأن التضاد ظاهرة تنفرد بها اللغة العربية، دون سـواها

من اللغات األخرى ونجد من هذا الفريق صـبحي الصـالح الـذي رأى بـأن التضـاد

.)2(»خصيصة من خصائص لغتنا «

وجود لظاهرة التضاد في غير اللغة العربية، والـدليل ويرى رمضان عبد التواب أنه ال

هو تحامل الشعوبيين على اللغة العربية بسبب ما فيها مـن كلمـات -برأيه –على ذلك

األضداد، فلو كانت الظاهرة موجودة في كل اللغات لما اهتمـوا بوجودهـا فـي اللغـة

.)3(العربية

التمثيـل -د في ضوء اللغات الساميةحين درس موضوع التضا–وقد حاول ربحي كمال

وهذه األلفاظ يمكن تأويلها على « :للظاهرة من اللغتين العبرية والسريانية، وقال بعد ذلك

)4(»وجه يخرجها من باب األضداد

أنه ليس في أمثلة ربحي كمال مثال « :ويعلق رمضان عبد التواب عن هذه الدراسة بقوله

)5(»هو ذاته أحس بذلكواحد يثبت للنقد، وأنه

لذلك يقال إن مفهوم األضداد على نحو ما هو في اللغة العربية تكاد تنفرد بـه بـين

لم ) Zgusta" (زجوستا"اللغات حتى إن أحد المشتغلين بدراسات المعاجم وصناعتها وهو

)6(يجد مثاال لتلك الظاهرة لكي يوضحها إال من العربية

مسألة فنقول أنه إذا أخذنا بعين االعتبار جميع األسباب التي ذكرناها في أما رأينا في ال

وقوع التضاد فيمكننا القول بأن جميع اللغات يمكن أن توجد فيها ظاهـرة تعبير اللفــظ

ــــــــــــــــــ .125، ص1، ج8ني، مجمحمد حسين، مجلة اللسان العربي، األضداد في اللغة، تحليل ونقد محمد إبراهيم الكتا) 1( .313صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة، ص ) 2( .338رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، هامش ص: انظر) 3( . 41ربحي كمال، التضاد في ضوء اللغات السامية، ص) 4( .338رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، هامش ص) 5(، )ط.د(، 2002اجم الموضوعات في ضوء علم اللغة الحديث، دار المعرفة الجامعيـة، محمود سليمان ياقوت، مع) 6(

.350ص

92

ــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــ: الفصل األول

الواحد عن معنيين متضادين إال أن ما ال نشك فيه أن درجة االهتمام بظـاهرة التضـاد

انت كبيرة جدا عند قدامى اللغويين العرب، في حين لم يول الغربيون عناية بالظـاهرة ك

فربما تنبهوا لوجود عدد من األضداد إال أنهم لم يخصوها باهتمامهم ولعل ما يدل علـى

من المعروف أن المعاني المتضـادة للكلمـة « :تنبههم لوجود التضاد قول ستيفن أولمان

د تعيش جنبا إلى جنب لقرون طويلة، دون إحـداث أي إزعـاج أو مضـايقة، الواحدة ق

وهذا مرجعـه إلـى ) مرتفع، أو منخفض(مثال قد يكون معناها " altus"فالكلمة الالتينية

هـي " sacer"اإلدراك النسبي للمدى، وهو إدراك تتحكم فيه وجهة نظر المتكلم، والكلمة

" secre"لعون، وكذلك الشأن في الكلمـة الفرنسـية األخرى قد يكون معناها مقدس، أو م

)1(») مقدس أو ملعون" (blessed"، والكلمة اإلنجليزية )مقدس أو ملعون(

ولعل اهتمام العرب بالظاهرة تشهد عليه الكتب التي ألفها القدامى في األضـداد، فـي

أن للغـربيين -نسواء كانوا عربا أو غـربيين أو مستشـرقي –حين لم يذكر الدارسون

. تواليف خاصة في األضداد بهذا المفهوم عندنا

وقد ذهب أحمد نعيم الكراعين إلى القول بأن ظاهرة األضداد ال وجود لها في الدراسـات

الداللية عند الغربيين بمفهومها االصطالحي في لغتنا العربية، وذكر بأنه لم يجد شـاهدا

التي ألفوها، وال فيما كتبـوه فـي " Linguistics"م اللغة واحدا عليها فيما قرأ من كتب عل

وجد مصطلح ولكنه" Semantics Teories"أو النظريات الداللية " Semantics"علم الداللة

"Incosistency " ذكر يسـتدعي اللفـظاللفظ عندما ي التناقض الذاتي، ومفهومه عندهم أن

)2(الموت وهكذا المطابق له دالليا، فذكر الحياة يثير معنى

فـي شـأن تـداعي المعـاني " تراير"ونرى أن هذا المفهوم للتضاد ينطبق مع ما ذكره

أن هذا النوع ال يعتبر تضادا ألن الكلمة -سابقا–وذكرنا .المتضادة وتصاحبها في الذهن

لذهن، ال تعبر بذاتها عن المعنيين المتضادين فهي تعبر عن أحدهما وتستثير اآلخر في ا

ـــــــــــــــــ .139ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ص) 1( ).124-123(أحمد نعيم الكراعين، علم الداللة بين النظر والتطبيق، ص: انظر) 2(

93

ــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــ: الفصل األول

تعبر دائما على ما هو أبيض رغم أنها تثير في الـذهن معنـى -مثال–فكلمــة أبيض

.السواد

لذلك نرى .ويبدو أن هذا المفهوم للتضاد عند الغربيين بعيد عن مفهوم التضاد عند العرب

أن هذه المسألة ال تزال بحاجة إلى دراسة فاحصة ومستقصية تقوم على التتبـع الـدقيق

ية، وما من شك أن مثل هذه الدراسة تحتاج إلى علم واسـع لدالالت ألفاظ اللغات األجنب

. باللغات الحية

94

الثالثالمبحث

)أهمية التضاد ومكانته في الدرس اللغوى العربي(

:تمهيد

.التأليف في ظاهرة التضاد -1

.الجوانب اإليجابية والجوانب السلبية للتضاد -2

.القرائن الداللية المساعدة على تحديد معاني ألفاظ األضداد -3

ــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــ: الفصل األول

المبحث الثالث

أهمية التضاد ومكانته في الدرس اللغوي العربي

:تمهيد

ام اللغويين منذ القدم فبذل لغويو العرب القـدامى جهـودا أثارت ظاهرة التضاد اهتم

وما جـاء -شعرا ونثرا –خاصة في جمع ما ورد من كلمات األضداد في كالم العرب

منها في القرآن الكريم والحديث الشريف، وأفردوا تلك األضداد بمصنفات خاصة، منهـا

دراسة الظاهرة ومنها ما غاب ما بقي محفوظا وتداوله الخلف عن السلف لغرض متابعة

.أثره ولم يصل سوى عنوان المؤلف واسم المؤلف

ويعد التأليف في ظاهرة التضاد من أهم الدالئل على اهتمام اللغويين العـرب بالظـاهرة

.لذلك سنقف عنده

:التأليف في ظاهرة التضاد -1

العرب ولكن حركـة لقد خصت ظاهرة التضاد بتصانيف مستقلة عند قدامى اللغويين

التأليف خفت فيما بعد عند اللغويين المحدثين الذين تناولوا موضوع األضداد في فصـول

أو أبواب ومنهم من أشار إليها في بضع صفحات، ولكن موضوع الظاهرة ظل قائما في

الدراسات اللغوية العربية، وسنحاول هنا ذكر أهم الكتب التي تناولت الموضـوع سـواء

.دامى أو المحدثينعند الق

مع تعليقات جمة )Hans kofler(وقد نشره كوفلر): ه206ت(كتاب األضداد لقطرب *

).1932ليبزج (، المجلد الخامس Islamicaفي مجلة

)August Haffner(نشره هافنر ): ه216ت(كتاب األضداد ألصمعي *

).ه223ت(وي كتاب األضداد والضد في اللغة ألبي عبيد القاسم بن سالم الهر*

.نشره هافنر): ه244ت(كتاب األضداد البن السكيت *

.نشره هافنر): ه255ت(كتاب األضداد للسجستاني *

96

ـــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــ: الفصل األول

) M.Th.Houtsma( انشره هوتسم): ه327ت(كتاب األضداد ألبي بكر بن األنباري *

ه، ثم حقق محمد أبو الفضل إبـراهيم 1325م، وطبع في مصر سنة 1881في ليدن سنة

على أساس مخطوطة ليـدن التـي اعتمـد عليهـا 1960الكتاب من جديد في الكويت

)1(هوتسما

وقـد حققـه ونشـره ): ه351ت(كتاب األضداد في كالم العرب ألبي الطيب اللغوي *

، ويمتاز هذا المؤلف بأنه رتب كتابه على 1963طبع في دمشق عام الدكتور عزة حسن و

حروف المعجم، ولم يسبقه أحد من المؤلفين في األضداد إلى ذلك، وقد قابل ما ورد فـي

الكتب السابقة وأخذ عنها أصح العبارات وأوثق الروايات، كما ضم إليها ما ثبت لديه من

وقد رفض أن تكون بعض األلفاظ التي ذكروهـا هذا الفن وأكثر الشواهد وبالغ في ذلك،

)2(من األضداد

نشـره ): ه569ت(األضداد في اللغة ألبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان النحوي *

وأعيد طبعـه ) 1952في النجف عام " (نفائس المخطوطات" محمد حسين آل ياسين في

.1963في بغداد عام

نشـره ): ه650ت(بن محمد بن الحسن الصغاني كتاب األضداد ألبي الفضائل الحسن*

.هافنر، وهو مختصر بوبه صاحبه على حروف المعجم

:ومن المؤلفات التي لم تصل إلى الباحثين

ذكـره ): ه230ت(كتاب األضداد ألبي محمد عبد اهللا بن محمد بن هـارون التـوزي *

. شبيلي في الفهرسالمبرد في الكامل، والقفطي في انباه الرواة، ورواه ابن خير األ

ذكره ابن النديم فـي ): ه210ت(وصنف في األضداد أيضا أبو عبيدة معمر بن المثنى*

.الفهرست

.جزء في األضداد كما ذكر ذلك ابن خير األشبيلي) ه291ت(وألبي العباس ثعلب *

كتابا في األضداد ذكر فيه ما احتج به المنكـرون ورد ذلـك ) ه395ت(والبن فارس *

.ونقضه

ــــــــــــــــــ ).106-103(، ص2بكر السيد يعقوب، نصوص في فقه اللغة العربية، ج: انظر) 1( .193أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص: انظر) 2(

97

ــــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــ: الفصل األول

:ا وفصوال خاصة باألضداد نذكر منهاكما عقدت بعض كتب اللغة أبواب

بـاب " وفيه باب خاص بموضوع األضداد وهـو ): ه276ت(أدب الكاتب البن قتيبة *

)1(" تسمية المتضادين باسم واحد

)2("باب المقلوب: "وتأويل مشكل القرآن البن قتيبة، وفيه باب عن األضداد عنوانه*

وفيـه ) ه430ت(د الملك بن محمد الثعالبيفقه اللغة وأسرار العربية ألبي منصور عب*

:فصلين قصيرين هما

فصل في سمية المتضادين "، و"فصل في تسمية المتضادين باسم واحد من غير استقصاء"

)3("باسم واحد

وفيه فصـل بعنـوان ): ه459ت(المخصص البن سيده أبي الحسن علي بن إسماعيل *

)4("األضداد"

فـي "وفيه فصل ): ه911ت(اعها، لجالل الدين السيوطي المزهر في علوم اللغة وأنو*

)5("معرفة األضداد

أما اللغويون المحدثون فلم يفردوا كتبا خاصة لألضداد سوى ربحي كمال الذي درس

التضاد في ضوء اللغات السامية،دراسة : "الموضوع في اللغات السامية في كتابه الموسوم

فصول في "اب فقد خص موضوع األضداد بفصل في كتابه أما رمضان عبد التو".مقارنة

، كما خصص بكر السيد يعقوب "علم الداللة"وكذا أحمد مختار عمر في كتابه " فقه العربية

، الجزء الثاني، ونشر محمد حسين "نصوص في فقه اللغة العربية"بابا لألضداد في كتابه

.جلة اللسان العربيفي م" األضداد في اللغة"آل ياسين مقاال بعنوان

ـــــــــــــــــ

، 3، ط1958ابن قتيبة، أدب الكاتب، تحقيق محمد محي الدين عبـد الحميـد، مكتبـة السـعادة، مصـر، : انظر) 1( ). 181-177(ص

).193-185(ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، ص: انظر) 2( .247وص 204ربية، صأبو منصور الثعالبي، فقه اللغة وأسرار الع: انظر) 3( .)265-258(، ص13، ج4ابن سيده، المخصص، مج: انظر) 4( ). 402- 387(، ص1السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ج: انظر) 5(

98

ـــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــ: الفصل األول

لغويين المحدثين لم يتجاوزوا في تنـاولهم للموضـوع بعـض في حين نجد أن بعض ال

وقد ذهب بعضهم إلى تفسير سبب اهتمام اللغويين القـدامى بجمـع ألفـاظ )1(الصفحات

:األضداد وتصنيفها في مؤلفات خاصة بما يلي

أن قلة األضداد وظرافتها كما يعبر قطرب هما الدافع الذي دفع اللغويين األوائل إلـى )أ(

)2(ا وتدوينها ولكن سرعان ما تطور وانقلب إلى المكاثرة والمنافسةجمعه

أن اعتبار الشعوبيين األضداد نقيصة من نقائص لغة العرب أدى إلى تحمس القائلين )ب(

باألضداد، فاندفعوا ينقبون في كالم العرب ولغـة التنزيـل، مستقصـين هـذه المسـألة

ي اإلعراب عن دقيق المعاني، فتتهيأ من ذلـك مـادة ومستدلين بها على مقدرة العربية ف

.ضخمة

أن ولع الرواة وعلماء اللغة بالتماس فرائد العربية ونوادرها وغريبها هو الذي دفعهم ) ج(

)3(إلى تسجيل األضداد والتوسع فيها

اللون أن التأليف في األضداد كان نمطا في تدوين اللغة وتصنيف مفرداتها، وأن هذا) د(

من التأليف أملته طبيعة اللغة العربية من حيث تفردها بوجود ألفاظ معينة يفيد كل منهـا

)4(معنيين متضادين مما ال نجده في سواها

أن جزءا من اهتمام اللغويين بالتأليف في األضداد يعود إلى ورود بعضها في القرآن ) ه(

)5(الكريم

األسباب على األخرى فقد يصعب األمر علينا، ألنها كلها وإذا أردنا ترجيح أحد هذه

قابلة الورود، ولكن الذي ال نشك فيه أن قضية وجود بعض األضداد في القرآن الكريم لم

كما ذكر ذلك أحمـد مختـار –تمثل جزءا فقط من اهتمام اللغويين بالتأليف في األضداد

في الظاهرة وذلـك بهـدف إبعـاد أي بل كانت من أبرز الدوافع وأهمها للتأليف -عمر

غموض عن الكلمات القرآنية التي هي أشرف من أن يشوبها الغموض واللبس، وليس هذا ـــــــــــــــــ

، علي عبد الواحد وافي )دراسات في فقه اللغة(، صبحي الصالح )في اللهجات العربية(إبراهيم أنيس : ومن هؤالء) 1( )...علم اللغة(، محمود السعران )التطور اللغوي التاريخي(رائي ، إبراهيم السام)فقه اللغة( .419محمد حسين آل ياسين، الدراسات اللغوية عند العرب، ص) 2( ).101-100(إبراهيم السامرائي، التطور اللغوي التاريخي، ص: انظر) 3( .6،ص1،ط2005عائدة دكرمنجي، قاموس األضداد الكبير، مكتبة لبنان ناشرون، ) 4( .199أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص) 5(

99

ـــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــ: الفصل األول

بغريب عن قدامى اللغويين العرب الذين عرفوا بتجنيد أقالمهم للدفاع عن لغـة القـرآن

.من ظاهرة تفشي اللحنالكريم وحفظها من االندثار والتالشي وحمايتها

ونشير هنا أن األسباب التي أوردناها ال تنطبق على كل مـن ألـف فـي األضـداد

خصوصا إذا علمنا أن هنالك من المستشرقين من أولوا عناية بالتـأليف فـي موضـوع

األضداد يجدر بنا ذكرهم، ومحاولة تفسير سبب اهتمامهم بظاهرة التضـاد فـي اللغـة

. العربية

:المؤلفون في األضداد من المستشرقين *

اهتم بعض المستشرقين بظاهرة التضاد في اللغة العربية، فأقاموا بحوثـا ودراسـات

لغرض تفسير هذه الظاهرة، وقد أقام بعضهم دراسته انطالقا مما كتبه اللغويون العـرب

لى أساس مـا ورد في موضوع األضداد وحاولوا أن يردوا بعض العلل، وبنو أفكارهم ع

.في كتب األضداد العربية من أمثلة

: ولعل أهم من كتب في موضوع التضاد في اللغة العربية من المستشرقين

:واسم كتابه ):Th.M.Redslob(ردسلوب *

Die arabischen worter mit entgegen-gesetzten Bedeutungen" "

م ، ويـرى هـذا 1873نجن سـنة ، وهو مطبوع في جـوت "كلمات األضداد العربية "

المستشرق األلماني أن اللغويين العرب قد وقعوا في الخطأ حين عدوا التطورات الصوتية

من عوامل نشوء األضداد، وكذلك حين عدوا من التضاد صيغتين من مادة واحدة، مثـل

.الحق أبلج، أي واضح ظاهر: بلج بشهادته إذا كتمها، وقولهم: قولهم

:كثرة األضداد في العربية إلى عدة عوامل منها" ردسلوب" كما يرجع

.ثراء اللغة غير العادي -أ

.المشروط للمعاني رالتطور غي -ب

.كثرة االشتقاق من األسماء -ج

.اختالف اللهجات -د

)1( .الصنعة والتكلف واالختراع الذي تم على يد اللغويين -ه

ــــــــــــــــ

).356-355(التواب، فصول في فقه العربية، ص رمضان عبد: انظر) 1(

100

ـــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــ: الفصل األول

إلى ضرورة استبعاد عدد كبير من األضـداد ألن مصـنفي " ردسلوب"وبالتالي فقد أشار

ن معظم الكلمات التي أوردوهـا كانـت وأل" أضداد"العرب توسعوا كثيرا في فهم كلمة

معروفة عند العرب أو شائعة بينهم بمعنى واحد فقط، أما المعنى المخالف فلم يرد إال في

ما كانت موضع الشكروايات نادرة ورب.

وذهب إلى القول بأنه لو كانت كل الكلمات التي ذكرها مؤلفو األضداد من األضداد فعال

)1(اورات الناس لكثر االلتباس في مح

:واسم كتابه: )F.Giese(جيز *

"Untersuchungen uber die Addad aufgrund von stellen in Altarabischen

Dichtern ".

وهو مطبـوع " دراسات في األضداد على أساس ما ورد منها في الشعر العربي القديم "

)2(م 1894في برلين سنة

ثيرا من كلمات األضداد التي ذكرها ابن األنباري في كتابه، ألنه وقد رفض هذا الباحث ك

أمـم، ودخلـل : لم يعثر لها على شواهد إال لواحد من المعنيين على كثرة ما قرأ، مثـل

)3(وغيرها مما ورد عند ابن األنباري

وقد اتفق ربحي كمال ورمضان عبد التواب على أن هذين البـاحثين همـا مـن أشـهر

رقين الذين عنوا بموضوع األضداد في اللغة العربية أما بكر السيد يعقـوب فقـد المستش

: أضاف عنهما بعض المستشرقين أمثال

وهـو مطبـوع فـي " األضـداد "، "Addad: "واسم كتابـه ): Th.Noldeke( نولدكـه *

.م1910ستراسبورغ سنة

لموضوع وهو يشمل ويرى بكر يعقوب أن هذا البحث أهم ما كتبه المستشرقون في هذا ا

.أيضا األضداد في اللغات السامية األخرى

ـــــــــــــــــ .292، ص2دائرة المعارف اإلسالمية، مج: انظر) 1( .109، ص2بكر السيد يعقوب، نصوص في فقه اللغة العربية، ج) 2( .357رمضان عبد التواب، فصول في فقه العربية، ص: انظر) 3(

101

ـــــــــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــ: الفصل األول

الطبعة الجديدة من النسخة .في دائرة المعارف اإلسالمية" أضداد"مادة ):G.Weil(قايل *

. اإلنجليزية، الجزء األول

ـ )Cahier(كراسة : كما ذكر أن هنالك ي تشتمل على أبحاث ومناقشات عن األضـداد ف

م، وقـد 1960سنة نالعربية وغيرها عقدتها المدرسة العملية للدراسات العليا بالسوربو

وكـان أول .)R.Blachère( هذه المناقشات، ورأسها بالشير) J.Berque(نظم جاك برك

محاولة لتصنيف األضداد "وكان موضوع حديثه )D.Cohen(المتحدثين فيها داود كوهين

"Essai de classification et d'explication des addàd"، "وتفسيرها

: بعنوان" Arabica"وقد نشر داود كوهين حديثه هذا موسعا في مجلة

"Addàd et ambiguitè linguistique en arabe"، " األضـداد والغمـوض اللغـوي فـي

)1( م، المجلد الثامن1961، وصدر المقال في يناير "العربية

األضداد كما أثبتها القدماء تصل في مجموعها إلى أكثر مـن أن« وقد ذهب كوهين إلى

ألنه يرجع إما " أضداد زائفة"أربعمائة كلمة إال أن أكثر من النصف يمكن اعتباره مباشرة

إلى تصحيفات أو تداخالت في الصور الصرفية، أو اختالفات في البنيات التركيبية كعدم

ـ ( ، أو)راغ علـى (،و)راغ عن(، أو)رغب عن(و) رغب في(التمييز بين ، )ىأغـار إل

أو تطورات لغوية، أو اختالف في المستويات اللغوية، ويصنف أهم مـا )...ىأغار عل(و

فرضـتها " أضـداد تأويليـة "ناتجة عن صور مجازية، وإلـى " أضداد بالغية"تبقى إلى

)2(»تأويالت النصوص الدينية، توافق العقيدة

تلك الدوافع التي جعلت المستشرقين يخصون ظاهرة التضاد ولعلنا بعد هذا نتساءل عن

خاصة في الموضوع، ورغم أننا ال ففي اللغة العربية باهتمامهم إلى درجة وضع توالي

نشك في أن دوافعهم مختلفة تماما عن تلك الدوافع المذكورة عند اللغويين العرب، إال أنه

يمنع من عد مثل هذا االهتمام من باب هواية التتبع ورغم جهلنا للدوافع الحقيقية فهذا ال

ــــــــــــــــــ ).110-109(، ص2بكر السيد يعقوب، نصوص في فقه اللغة العربية، ج: انظر) 1(، أبحاث ونماذج بإشـراف عبـد )سلسلة المعرفة اللسانية(محمد غاليم، التوليد الداللي في البالغة والمعجم، : انظر) 2(

)18-17(،ص1، ط1987الفاسي الفهري، دار توبقال للنشر، القادر

102

ــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــ: الفصل األول

لكل ما قيل في الدراسات اللغوية العربية، خاصة وأن المستشرقين ال يتوانون عن عرض

.مر بظاهرة لغوية محل غموض ومثار خالف بين اللغويينأفكارهم وآرائهم كلما تعلق األ

الذي هـو كشـف لإليجـابي –ومن الخطأ حقا أن نعد تدخالت المستشرقين بمثابة النقد

إذ ال يخفى أن أغلب المستشرقين الذين يتناولون القضـايا اللغويـة -والسلبي دون تحيز

-الذي هو إبطال ونفـي –قد، النقض العربية بالبحث والدراسة يكون غرضهم عوض الن

.ودون وجود حجج ومبررات علمية في أغلب األحيان

لذلك نرى أن المستشرق لن يكون بأي حال من األحوال أدرى بقضايا اللغـة مـن ابـن

اللغة،إال أننا ال نقلل من أهمية آراء كل الباحثين المستشرقين فكما يوجد منها ما هو بعيد

.وجد كذلك ما هو صواب أو قريب من الصوابعن الصواب قد ي

ولكن فيما يخص معالجة المستشرقين لموضوع األضداد في اللغة العربية، فقد تبين لنـا

من خالل ما عرضناه آلراء بعضهم، أنهم يضيقون كثيرا من مجال وقوع التضـاد فـي

. اللغة العربية، هذا إن لم نقل أن أغلبهم اختار مذهب اإلنكار

:الجوانب االيجابية والجوانب السلبية للتضاد -2

:الجوانب االيجابية -أ

يرى بعض اللغويين أن ظاهرة التضاد مثلها مثل الترادف واالشتراك اللفظي دليـل

التضاد وسيلة من وسائل التنوع « :على قدرة التنوع في األساليب، يقول صبحي الصالح

ع تنوع استعماله من دائرة التعبير في العربيـة، فكـان بهـذا في األلفاظ واألساليب ووس

المعنى خصيصة من خصائص لغتنا في مرانتها وطواعيتها فـي التنقـل بـين السـلب

)1(»واإليجاب والتعكيس والتنظير

ضـمن أسـاليب -ككل–ظاهرة تعدد المعنى للكلمة الواحدة " ستيفن أولمان"كما صنف

واآلثار المترتبة علـى تعـدد المعنـى للكلمـة « :ة حيث قالاالقتصاد اللغوي المحمود

الواحـدة بالنسبة للثروة اللفظية للغة آثار بعيدة المدى، من ذلك مثال وجود كلمة مسـتقلة

لكل شـيء

ـــــــــــــــــ .313صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة، ص) 1(

103

فهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــ مـــــــــــــــــــ: الفصل األول

من األشياء التي قد نتناولها بالحديث من شأنه أن يفرض حمال ثــقيال علـى الـذاكرة

اإلنسانية، وسوف يكون حالنا حينئذ أسوأ من حال الرجل البدائي الذي قـد توجـد لديـه

غسـل (، و)غسل رأسـه (و، )كغسل نفسه: (كلمات خاصة للداللة على المعاني الجزئية

)1(»)... شخصا آخر

فهو يرمي بقوله هذا إلى أن تعدد المعنى للكلمة الواحدة من شأنه أن يرفع الحمل الثقيـل

عن الذاكرة اإلنسانية ألن خاصية التعبير بلفظ واحد عن أكثر من معنـى هـي وسـيلة

.موجزة لإليحاء بمعاني مختلفة أو متضادة بلفظ واحد

استخدام اللفظ في معنى مجازي يجعله أكثر أدبية إذ يصبح « مختار عمر أن ويرى أحمد

وبخاصـة إذا –مليئا بالحيوية واإلشراق، قادرا على التأثير في النفس، فضال عما يثيره

)2(»من دهشة واهتمام -كان مجازا جديدا

:الجوانب السلبية -ب

ظاهرة التضاد تتمثل في كونها إحـدى أكثـر لعل من أهم الجوانب السلبية المسجلة ل

الظواهر اللغوية المثيرة للتناقض والغموض، فقد تحدث الكلمات التـي تحمـل معـاني

متضادة تشويشا على المتلقي خصوصا إذا لم يكن على علم بـأن اللفظـة تنتمـي إلـى

اسـب بـل األضداد فيقف مشدوها أمام استعمال المتكلم لتلك اللفظة في مقـام غيـر من

. ومناقض تماما لما يبدو من سياق الكالم

وهناك من رأى أنه ليس من الحكمة أن يعبر عن معنيين متضادين بلفظ واحد، قال ابـن

ليس من الحكمة أن تقـع الكلمـة : وقد طعن قوم في هذا الفن، وقالوا« ):ه569ت(الدهان

)3(»تقتضي غير ذلك على الشيء وضده، لما فيه من اللبس على السامع، والحكمة

ـــــــــــــــــ

.135ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ص) 1( .183أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص) 2(محمد حسين آل ياسين، نفائس المخطوطات، األضداد في اللغة البن الدهان البغدادي النحـوي، مكتبـة النهضـة، ) 3(

.92ص، )2ط -1963(، )1ط -1953(بغداد،

104

ــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــ: الفصل األول

:القرائن الداللية المساعدة على تحديد معاني ألفاظ األضداد-3

برزت في ميدان البحث اللغوي عدة نظريات تخص دراسة المعنى ولعل من أهمها

وهي من أحـدث النظريـات ) The contextual Theory of Meaning( "النظرية السياقية"

وقد أكد اللسانيون من أصحاب المدرسة االجتماعية « التي انتهجت لبيان معاني األلفاظ ،

على دور السياق في تحديد المعنى، واهتموا باالسـتعمال الفعلـي )Firth"(فيرث"ومنهم

فيرث بأن معنى الكلمة ال ينكشف إال مـن وقد صرح )1(»للكلمة في إطار مجتمع بعينه

)2(خالل تسييق الوحدة اللغوية، أي وضعها في سياقات مختلفة

". السياق"ويجدر بنا التوقف عند مفهوم األساس الذي إنبنت عليه هذه النظرية وهو

: مفهوم السياق -أ

ل ساقه، يسوقه السين والواو،والقاف أصل واحد، وهو حدو الشيء، يقا): سوق( «:لغة*

ما استيق من الدواب، ويقال سقت إلى امرأتي صداقها، وأسقته، والسوق : والسيقة. سوقا

)3( »...مشتقة من هذا، لما يساق إليها من كل شيء، والجمع أسواق

يبدو أن مصطلح السياق من المصطلحات التي خصها اللغويـون باهتمـام : اصطالحا*

السـياق هـو « بـأنJean Dubois( (س اللسانيات لجان ديبوا ورد في قامو بارز،حيث

)4(»المحيط وهو الوحدات التي تسبق والتي تلحق وحدة معينة

قد استعملت حديثا في عدة معان مختلفـة )Context(وكلمة السياق « :وقال ستيفن أولمان

أي النظم اللفظي للكلمة والمعنى الوحيد الذي يهم مشكلتنا في الحقيقة هو معناها التقليدي،

إن السياق على هذا التفسير ينبغـي أن .وموقعها من ذلك النظم بأوسع معاني هذه العبارة

بل والقطعة كلها والكتـاب -ال الكلمات والجمل الحقيقية السابقة والالحقة فحسب–يشمل

كل مـا يتصـل بالكلمـة مـن ظـروف -بوجه من الوجوه–كله، كما ينبغي أن يشمل

بسات، والعناصر غير اللغوية المتعلقة بالمقام الذي تنطق فيـه الكلمـة، لهـا هـي ومال

)5(»األخرى أهميتها البالغة في هذا الشأن

ــــــــــــــــــ، )ط.د(، 2000كريم زكي حسام الدين، التحليل الداللي إجراءاته ومناهجه،دار غريب للطباعة والنشر، القـاهرة، ) 1(

.95ص .68د مختار عمر، علم الداللة، صأحم: انظر) 2( .117، ص3ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 3()4 ( Jean Dubois et autres,Dictionnaire de linguistique,Context,Larousse,Paris,1989,p120. .68ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ص) 5(

105

وم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــ مفهـــــــــــ: الفصل األول

وقد تفطـن القـدامى )1(»كل كلمة مرتبطة بسياقها الذي يهبها المعنى« :وقال بيارغيرو

لدور السياق وأهميته في تحديد داللة األلفاظ خصوصا أولئك الذين اهتموا بتعيين داللـة

على النظر في سياق اللفظـة القرآنيـة األلفاظ القرآنية وهم علماء التأويل الذين اعتمدوا

.المراد تأويلها

السياق « :في بيان دور السياق وأهميته في تحديد المعنى) ه751ت(يقول ابن قيم الجوزية

يرشد إلى تبيين المجمل، وتعيين المحتمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصـيص

أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمنالعام، وتقييد المطلق، وتنوع الداللة، وهذا من

ز { :أهمله غلط في نظره وغالط في مناظرته، فانظر إلى قوله تعالى ت العزي ك أن ذق إن )3(»، كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير)2(}الكريم

ا في سياق معـين يكمن في تحديد معنى الكلمة من خالل استعماله -إذن -فدور السياق

.وهذا باتفاق القدامى والمحدثين

:أنواع السياق*

السياق اللغوي، وسـياق :(يحدد أصحاب النظرية السياقية أربعة أنواع من السياق هي

).الحال، والسياق العاطفي، والسياق الثقافي

ق الحـال السياق اللغوي وسيا: والذي يعنينا في هذه الدراسة من هذه األنواع، نوعان هما

على أنه ينبغي اإلشارة هنا إلى أن السياق اللغوي يعد أهـم تلـك األنـواع بـاعتراف

)4(»ألنه أكثر طواعية للمالحظة والتحليل«اللغويين

النظم اللفظي للكلمـة وموقعهـا مـن ذلـك « بأنه" أولمان"حدده : السياق اللغوي -أ

)5(»النظم

ــــــــــــــــــ .42، ص1، ط1986و، علم الداللة، ترجمة أنطوان أبوزيد،منشورات عويدات، بيروت،بيار غير) 1( .49سورة الدخان، اآلية) 2(ابن قيم الجوزية، بدائع الفوائد، تقريظ وتقديم وهبة الزحيلي، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه معروف مصطفى ) 3(

، 1، ط1994ير للطباعة والنتشر والتوزيع،بيروت،زريق، محمد وهبي سليمان، علي عبد الحميد بلطبحي،دار الخ . 9ص

.40محمد سعد محمد، في علم الداللة، ص) 4( .68ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ص) 5(

106 ـــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهــــــــــــــ: الفصل األول

حالة ورود كلمة واحدة في عدد من الجمل ويكون لها في ويبرز هذا النوع من السياق في

)1(كل جملة معنى مغايرا لمعانيها في الجمل األخرى

):يد(ويمكن التمثيل لذلك بكلمة

* م): يد(له عليتعني الفضل والتكر.

.مقبضها: الفأس) يد* (

.جناحه: الطائر) يد* (

)2( .مد زمانه: الدهر) يد* (

هو ذلك التالحم اللغوي الذي تصنعه اللفظة مع قريناتها من األلفاظ لتعبر فالسياق اللغوي

.عن معنى ما ويختلف ذلك المعنى كلما اختلفت سوابق اللفظة ولواحقها

وقـد وضـح « ويعد السياق اللغوي أهم أنواع السياق المعتمدة في التحليـل الـداللي

ا من نصوص ذكرت فيها الكلمـة، وأول أصحاب المعاجم العربية هذا النوع بما اختارو

)3(»مصادر النصوص هو القرآن الكريم

فالسياق اللغوي إذن يلعب دورا هاما في الكشف عن داللة األلفاظ وهي داخل التراكيـب

.اللغوية فيتحدد لها معنى واحدا في السياق اللغوي الواحد

):سياق الموقف( سياق الحال-ب

القرائن المهمة التي اعتمدها اللغويون في تحديد معـاني األلفـاظ يعد سياق الحال من

والتراكيب اللغوية والنصوص بصفة عامة واعتمدها علماء التأويل في اسـتنباط معـاني

.اآليات القرآنية

أوضح تعريف لسياق الحال أنه كل ما يحيط باللفظ من ظروف تتصل بالمكان « ولعل

أثناء النطق، فتعطي اللفظ داللته وتوجهها باتجاه معين، فهـو أو المتكلم أو المخاطب في

إذن مجموعة العوامل والعناصر المحيطة بالنص من خارجه، والتي تعين علـى فهمـه

)4(»وتفسيره

ـــــــــــــــــــ

.40محمد سعد محمد، في علم الداللة، ص: انظر) 1( .70أحمد مختار عمر، علم الداللة، ص: انظر) 2( .116محمد غاليم، التوليد الداللي في البالغة والمعجم، ص) 3( .128حسين حامد الصالح، التأويل اللغوي في القرآن الكريم، دراسة داللية، ص: انظر) 4(

107

ــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــ: الفصل األول

السياق اللغوي وسياق الحال فقد أطلق علماء البالغة عبـارتين ونظرا ألهمية كل من

لكـل : "شهيرتين أصبحتا شعارا يهتف به كل ناظر في المعنى، أما العبارة األولى فهـي

.)1("لكل كلمة مع صاحبتها مقام: "، والعبارة الثانية هي"مقام مقال

اللغوية التـي وردت فيهـا وعلى هذا فدراسة معاني الكلمات تتطلب تحليال للسياقات

.والمواقف التي قيلت فيها

ــــــــــــــــــ

.20تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، ص: انظر) 1(

108

ــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــــ: الفصل األول

خالصـة

يمكننا أن نوجز في هذه الخالصة أهم ما توصلنا إليه حول مفهـوم التضـاد عنـد

:اللغويين العرب في النقاط التالية

ظاهرة تعبير اللفظ الواحد عن معنيين متضادين من الموضـوعات اللغويـة المهمـة *

وم الثاني أي داللة لفظـين األولى التي شغلت اللغويين العرب القدامى، أما التضاد بالمفه

.مختلفين عن معنيين متضادين فقد نظروا إليه في ضوء التحسين والتنميق الكالمي

عالقة التضاد باالشتراك اللفظي هي عالقة خصوص بعموم ألن االختالف جنس عام *

د ألنواع العالقات بين األلفاظ وتندرج تحته عالقة التضاد، وعلى الرغم من أن التضاد يع

نوعا من المشترك اللفظي إال أن له خصوصية تبرز من خالل التأليف المسـتقل الـذي

.خصه به لغويو العرب القدامى

أغلب اآلراء التي شاعت عند اللغويين العرب حول األسباب الرئيسة لنشأة األضـداد *

ل المجـازي تعود إلى كثرة اللهجات التي ضمتها اللغة العربية الفصحى وإلى االسـتعما

.الذي هو خاصية مميزة في لغتنا العربية فقد لعب دورا في نشوء عدد من األضداد

على أن التضاد واقع فـي كـالم -وهم من أئمة اللغة -أكثر اللغويين العرب القدامى*

. الخليل بن أحمد، وسبويه، وقطرب وغيرهم: العرب، ومنهم

قبل اللغويين المحدثين إذا ما قارناهم باللغويين لم تحظ ظاهرة التضاد باهتمام كبير من *

القدامى، وقد أجمع بعض المحدثين على قلة األضداد في اللغة العربية وهناك من توقـف

الـذي " جيز"عند حدود اثنتان وعشرين لفظا، ويبدو أن هذا العدد مأخوذ عن المستشرق

. أقام دراسته على الشعر العربي القديم

رفضهم -سواء من القدامى أو المحدثين -وا وقوع التضاد في اللغة العربية الذين أنكر*

. كان غالبا بسبب اللبس والغموض الذي تثيره الظاهرة في اللغة

.القائلون بوجود التضاد لم يشترطوا أن يكون تعدد المعنى بالوضع األول*

في اللغة العربية وقـد ظاهرة التضاد وإن وجدت في لغات أخرى فإنها ملموسة أكثر*

.لعبت التواليف فيها دورا في استقطاب األنظار إليها

109

ــــــــــــ مفهوم التضاد في اللغة العربية وموقف اللغويين منهـــــــــــــ: الفصل األول

ا الرأي الذي نذهب إليـه وهـو أناألفكار المبثوثة في صفحات الفصل، أم هذه أهم

لتضاد كغيرها من الظواهر اللغوية المرتبطة بالعقليـة االجتماعيـة والظـروف ظاهرة ا

ونخلص إلى نقطة مهمـة وهـي أن . البيئية التي وجدت فيها، واألوضاع التي قيلت فيها

التضاد ظاهرة لغوية وليدة التطور اللغوي الذي يمس ألفاظ اللغة، وبالتـالي فالتضـاد ال

كمـا -ا ينشأ عفوا ونتيجة لعوامل لغوية واجتماعية ونفسـية ينشأ بتواضع اللغويين وإنم

ومن غير المعقول أبدا أن توضع كلمة واحدة في لغة واحدة لتـدل علـى -سبق ذكرها

معنيين متضادين في آن واحد، ولكن المعقول أن تكون قد وضعت ألحدهما ثـم وجـدت

.عوامل أدت إلى نشأة معنى آخر مضاد للمعنى األول

ا نرى بأن االستعمال اللغوي هو الذي يحدد ما إذا كانت اللفظة تنتمي إلى األضداد أم كم

ال، فإذا كان استعمال اللفظ بمعنيين متضادين وال نعلم من أي لهجة انحدر كـل منهمـا

هما مجاز هنا يمكننا أن نعتبر هذا اللفظ من األضداد، وإذا كنا نعلم بـأنهما حقيقة وأيوأي

يين المتضادين انحدرا من لهجتين مختلفتين ضمتهما اللغة العربية الموحدة واحتفظت المعن

.بذلك االستعمال المزدوج لمعنى اللفظ هذا أيضا يمكن اعتباره من األضداد

األمر في قضية األضداد إلى السياق الذي يفـرض -وليس آخرا–وأخير مرد نقول بأن

ن وجود التضاد إذا كانت ألفاظ األضداد شأنها شـأن بقيـة معنى واحد للفظ، فما المانع م

.ألفاظ اللغة بحيث ال يتحدد معناها إال من خالل السياق الذي ترد فيه

110

الفصل الثاني )أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم(

:المبحث األول

.التفسير نشأته وأهم مناهجه

:المبحث الثاني

.ريمدراسة تحليلية ومقارنة لبعض األضداد في القرآن الك

المبحث األول

)مناهجهأهم التفسير نشأته و(

تمهيد

.فسيرتعريف الت -2

. الفرق بين التفسير والتأويل - 2

.اللغة وأهم مناهج التفسير القرآني -3

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

المبحث األول

التفسير نشأته وأهم مناهجه

:تمهيد

كريم كتاب العربية األعظم وال خالف في ذلك، جاء بحروف العـرب ولـم القرآن ال

يخرج عن ذكر أخبارهم وأحوالهم وقوانين حياتهم، فكان مرشدا للعباد ومنظمـا ألمـور

كالم اهللا المعجـز، « حياتهم، وال عجب أن يحتل مكانة عظيمة في قلوب المؤمنين، وهو

ة األمين جبريل عليه السالم، المكتوب فـي المنزل على خاتم األنبياء والمرسلين بواسط

المصاحف، المنقول إلينا بالتواتر، المتعبد بتالوته، المبدوء بسورة الفاتحة، المختتم بسورة

)1(»الناس

وقد شد األسلوب القرآني انتباه العلماء وأثار اهتمامهم بروعة نظمـه ودقـة معـاني

ألفاظ القرآن هي لـب كـالم «:ب األصفهانيألفاظه وسمو دالالته، وفي هذا يقول الراغ

العرب وزبدته وواسطته وكرائمه، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم

وإليها مفزع حذاق الشعراء والبلغاء في نظمهم ونثرهم، ومـا عـداها وعـدا األلفـاظ

إلضافة إلى لبوب المتفرعات عنها والمشتقات منها هو باإلضافة إليها كالقشور والنوى با

)2(»الحنظة

لذلك أقبل العلماء بشغف كبير يتدارسون ألفاظ القرآن بغية الوصول إلى معانيه الدقيقـة،

وقد أولوا العناية في البحث عن معاني الغريب في القرآن، ولعله من الطبيعي بـل مـن

م العـرب، الضروري أن ينطلق الدارسون من ألفاظ القرآن لفهم معانيها أوال فـي كـال

ويكون ذلك بالعودة إلى المعاجم أو دواوين الشعر ليتسنى لهم فيما بعد فهم المعاني التـي

.جاءت بها في القرآن الكريم من خالل السياق الذي وردت فيه

ــــــــــــــــــ

.6محمد علي الصابوني، التبيان في علوم القرآن، ص) 1(، دار القلم، دمشق، الدراسات الشامية، بيروت، يقرآن، تحقيق صفوان داو ودالراغب األصفهاني، مفردات ألفاظ ال) 2(

.55، ص2، ط1997

113

ــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــــــــ: الفصل الثاني

حتاج إن أول ما ي«:وفي فائدة البدء بالبحث في ألفاظ القرآن يقول الراغب األصفهاني

أن يشتغل به من علوم القرآن العلوم اللفظية، ومن العلوم اللفظية تحقيق األلفاظ المفردة،

فتحصيل معاني مفردات ألفاظ القرآن في كونه من أوائل المعاون لمن يريـد أن يـدرك

معانيه، كتحصيل اللبن في كونه من أول المعاون في بناء ما يريد أن يبنيه، وليس ذلـك

)1(»م القرآن فقط، بل هو نافع في كل علم من علوم الشرعنافعا في عل

وباإلضافة إلى البحث في معاني مفردات القرآن احتاج العلماء إلى البحث في القرآن

من حيث النزول، والجمع، والترتيب، والتدوين، ومعرفة أسباب النزول والمكـي «الكريم

لمتشابه، وغير ذلـك مـن األبحـاث منه والمدني ومعرفة الناسخ والمنسوخ والمحكم وا

)2(»الكثيرة التي تتعلق بالقرآن الكريم أو لها صلة به وهي ما تعرف بعلوم القرآن

فالقرآن الكريم هو النبع الذي ال ينضب والمعين الذي نهتدي إليه، هو الوسيلة وهـو

قت عائشـة الغاية التي نكتشف بها ومن خاللها أسرار الكون بما فيه أسرار اللغة، وصد

إننا سنظل محجوبين عن أسرار لغتنا إذا لم نعد فنجتليها فـي «:عبد الرحمان حينما قالت

)3( ».القرآن الكريم

إن القرآن أمات الفوضى في اللغة العربية «:وصدق أيضا أحد الباحثين العرب عندما قال

)4(»وأجبرها لالنصياع لقانون بياني ثابت

ل بلغة العرب، ولكن هذا ال يعني أنهم استطاعوا أن يفهموا كـل وكلنا يعلم بأن القرآن نز

ما جاء فيه، فقد تعذر عليهم تحديد معاني كثير من اآليات الكريمة، واحتاجوا بالتالي إلى

.علم خاص لتفسيرها، فكان علم التفسير هو السبيل األول لفهم معاني اآليات الكريمة

؟ التفسيرفما هو

ـــــــــــــــــ .54المصدر السابق، ص) 1( .6، ص2، ط1980محمد علي الصابوني، التبيان في علوم القرآن، ) 2( .11، مجلة اللسان العربي، من أسرار العربية في البيان القرآني، القاهرة، ص"بنت الشاطئ"عائشة عبد الرحمان) 3( .138ربية، بيروت، صالمرجع نفسه، محمد يوسف نور الدين، التطور اللغوي ونشوء الع) 4(

114

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

:التفسير في اللغة واالصطالح-1

:التفسير في اللغة-ا

أسفر الصبح : هو مقلوب السـفر، تقول: ، وهو البيان والكشف، ويقال)تفعيل(التفسير

)1(مأخوذ من التفسرة وهي اسم لما يعرف به الطبيب المرض: إذا أضاء، وقيل

:وأما التفسير فإنه التفصيل، كذا قال ابـن عباس في قولـه جـل ثناؤه«:يقول ابن فارس، والفسر كلمة تدل )3(»تفصيال، وأما اشتقاقه فمن الفسر: أي )2( } وأحسن تفسيرا {

على )4( .فسرت الشيء وفسرته: لبيان الشيء وإيضاحه، تقو

البيان، يقال فسر الشيء وفسره، أي أبانه، : الفسر«: وجاء في لسان العرب البن منظور

.)5(»البيان، وهو كشف المراد عن اللفظ المشكل: والتفسير... كشف المغطى: والفسر

الشيء بلفظ االستبانة والكشف، والعبارة عن : التفسير«":الكليات"وقال اإلمام الكفوي في

التفسير هو أن يكون في الكالم لبس وخفاء : أسهل وأيسر من لفظ األصل، قال أهل البيان

)6(»فيؤتى بما يزيله ويفسره

.فالتفسير في اللغة إذن هو الكشف والبيان إلزالة اإلبهام

:التفسير في االصطالح -ب

لتفسير علم يعرف به فهم ا«:لعل أدق تعريف للتفسير ما ذكره الزركشي، حيث قال

كتاب اهللا المنزل على نبيه محمد صلى اهللا عليه وسلم، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه

وحكمه، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف، وعلم البيان وأصـول الفقــه،

ـــــــــــــــــ رج آياته محمد سالم هاشم، منشورات محمد علي بيضون، السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ضبطه وصححه وخ) 1( ). 569-568(، ص1، ط2004دار الكتب العلمية، بيروت، . 33سورة الفرقان، اآلية) 2( .145ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها، ص) 3( .504، ص4ابن فارس، مقاييس اللغة، ج: انظر) 4( .361، ص6ابن منظور، لسان العرب، ج: انظر) 5( .260أبو البقاء الكفوي، الكليات، ص) 6(

115

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

)1(»والقراءات ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ

لتفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القـرآن ومـدلوالتها ا«: وقال أبو حيان

وأحكامها اإلفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيـب وتتمـات لذلك،

هـو علـم ) يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القـرآن (جنس، وقولنا ):علم(فقولنا : قال

والت تلك األلفاظ، وهذا متن علم اللغة الذي يحتـاج مدل: أي) ومدلوالتها(القراءة، وقولنا

هذا يشـمل علـم التصـريف ) وأحكامها اإلفرادية والتركيبية(إليه في هذا العلم، وقولنا

يشمل ما داللته بالحقيقة ) ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب(وقولنا .والبيان والبديع

ظاهره شيئا ويصد عن الحمل عليه صـاد، وما داللته بالمجاز،فإن التركيب قد يقتضي ب

هو مثل معرفة النسـخ، وسـبب ) وتتمات لذلك(فيحمل على غيره، وهو المجاز، وقولنا

)2(»النزول وقصة توضح بعض ما أبهم في القرآن، ونحو ذلك

علم نزول اآليات وشؤونها وأقاصيصـها، واألسـباب « :وهناك من عرف التفسير بأنه

ثم ترتيب مكيها ومدنيها، ومحكمهـا ومتشـابهها، وناسـخها ومنسـوخها، النازلة فيها،

وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها، ومجملها ومفسرها، وحاللها وحرامهـا، ووعـدها

)3(». ووعيدها، وأمرها ونهيها، وعبرها وأمثالها

فكان التفسير وتجدر اإلشارة إلى أن التفسير نشأ في بداية أمره كفرع من فروع الحديث،

يختلف حسب اختالف معرفتهم بأساليب الكالم، وفنون القول، إال أننا ال نستطيع أن نغفل

نظرتهم التفسيرية، تلك التي تستمد طاقتها من السماع عن رسول اهللا صـلى اهللا عليـه

وسلم، أو عن صحابته، أو عن إعمال للفكر والنظر مهما كانت قليلة منتثرة في بطـون

)4(لعلميةالمراجع ا

ــــــــــــــــــ .22الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ص) 1( .570السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ص) 2( .المصدر نفسه، والصفحة نفسها) 3(فتحي أحمد عامر، بالغة القرآن بين الفن والتاريخ، دراسـة تاريخيـة فنيـة مقارنـة، منشـأة المعـارف : انظر) 4(

.11، ص)ط.د(،)ت.د(سكندرية، باإل

116

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

:الفرق بين التفسير والتأويل -2

اشتهر عند المفسرين للقرآن مصطلح آخر إلى جانـب التفسـير وهـو مصـطلح

الخاصة، لذلك فقد اجتهد بعض العلماء في تبيين ، وال شك أن لكل منهما مميزاته "التأويل"

.الفروق الدقيقة بينهما

وسنحاول بدورنا الوقوف عند مصطلح التأويل لتحديد مفهومه أوال لنعرض فيما بعد لتلك

.الفروق الموجودة بينه وبين التفسير

:التأويل في اللغة -أ

بتداء األمـر وانتهـاؤه، مـن ا: الهمزة والواو والالم أصالن" أول"« :يقول ابن فارس

األول، وهو مبتدأ الشيء، ومؤنثه أولى وجمعه أوائل ومـن : استعماله في االبتداء قولك

األيل، وهو الذكر من الوعول، وسمي أيال ألنه يـؤول إلـى : استعماله في انتهاء األمر

لى أهلـه، أول الحكم إ: آل أي رجع ولذلك قالوا: الجبل وينتهي إليه ليتحصن به، وقولهم

)1(»آل الرجل رعيته يؤولها إذا أحسن سياستها: أي أرجعه ورده إليهم، وقولهم

:التأويل في االصطالح -ب

الرجوع إلى : التأويل من األول أي« :للراغب األصفهاني" المفردات"جاء في

رادة منه األصل، ومنه الموئل للموضع الذي يرجع إليه وذلك هو رد الشيء إلى الغاية الم

وفي )2(}وما يعلم تأويله إال الله والراسخون في العلم{ علما كان أو فعال، ففي العلم نحو

)3( }هل ينظرون إال تأويله يوم يأتي تأويله{ : الفعل قوله تعالىسة التي تراعى مآلها وتالحظ السيا: واألول. بيانه الذي غايته المقصودة منه: أي

)4(»نهايتها

ــــــــــــــــــ ).160-158(، ص1ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مج: انظر) 1( .7آل عمران، اآلية) 2( .53األعراف، اآلية) 3( .99الراغب األصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص) 4(

117

ـــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــــــــــــــ: الفصل الثاني

وقد رأى بعض العلماء أنه ال يوجد فرق بين التفسير والتأويل وأنهما بمعنى واحـد

ومن هؤالء أبو عبيدة وطائفة من المفسرين وهذا هو الشائع عند المتقدمين مـن علمـاء

جرير الطبـري فقـد سـمى خير من يمثل هذه الطائفة من المفسرين ابن لالتفسير، ولع

القول في تأويل : "وكان عندما يفسر اآلية يقول" جامع البيان عن تأويل آي القرآن"تفسيره

اختلف أهل التأويل في تأويـل : "، وعندما يذكر أقوال العلماء في تفسير اآلية يقول"اآلية

)1( .فهو يقصد بكلمة التأويل التفسير" اآلية

المصطلحين نجد الراغب األصفهاني الـذي رأى أن التفسـير ومن الذين فرقوا بين

أعم من التأويل، وأكثر استعماله في األلفاظ ومفرداتها، وأكثر اسـتعمال التأويـل فـي

)2(غيرها المعاني والجمل، وأكثرما يستعمل في الكتب اإللهية، والتفسير يستعمل فيها وفي

ان راجعا إلى الرواية، والتأويل ما كـان ويرى محمد حسين الذهبي أن التفسير هو ما ك

راجعا إلى الدراية، وذلك ألن التفسير معناه الكشف والبيان، والكشف عن مراد اهللا تعالى

ال نجزم به إال إذا ورد عن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، أو عن بعض أصحابه الذين

لطوا رسول اهللا صـلى شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخا

.عليه وسلم، ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن الكريم اهللا

وأما التأويل فملحوظ فيه ترجيح أحد محتمالت اللفظ بالدليل، والتـرجيح يعتمـد علـى

االجتهاد، ويتوصل إليه بمعرفة مفردات األلفاظ ومدلوالتها في لغة العرب، واسـتعمالها

)3( .ومعرفة األساليب العربية، واستنباط المعاني من كل ذلكبحسب السياق،

ويمكننا أن نلخص أهم الفروق الموجودة بين التفسير والتأويل حسب األقوال سابقة الذكر

:في النقاط التالية

من التأويل وأكثر ما يستعمل التفسير في األلفاظ، في حـين يخـتص مأن التفسير أع*

.كتأويل الرؤيا مثالالتأويل بالمعاني

.أن التأويل يستعمل أكثره في الكتب اإللهية والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها*

.أن التفسير أكثره يستعمل في مفردات األلفاظ، والتأويل يستعمل أكثره في الجمل*

ـــــــــــــــــــ، 1، ط2002شاكر، دار ابن حـزم، بيـروت، الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق محمود : انظر) 1( ...). 344، 229، 213(، ص1، ج1مج) مثال( .569السيوطي، اإلتقان في علوم القرآن، ص: انظر) 2( . 24، ص1، ج)ط.د(، 2005محمد حسين الذهبي، التفسير والمفسرون، دار الحديث، القاهرة، : انظر) 3(

118 ــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــــــــــــــــ: الفصل الثاني

محمد علي الصابوني الذي ذهب إلى أن -برأينا -ولعل خير من فرق بين هذين العلمين

التفسير هو المعاني الظاهرة من القرآن الكريم التي هي واضحة الداللة علـى المعنـى «

ستنبط من اآليات الكريمة والتـي المراد هللا عز وجل، والتأويل هو المعاني الخفية التي ت

تحتاج إلى تأمل وتفكر واستنباط، والتي تحتمل عدة معان فيرجح المفسر منها مـا كـان

أقوى عن طريق النظر واالستدالل، وليس هذا الترجيح بقطعي بل هو ترجيح لألظهـر

)1(»واألقوى

لح الذي ينطبق على علم التفسير أشمل وأوسع باعتباره المصط -حسب رأينا-ولكن يظل

الغاية التي جاء من أجلها وهي الفسر الذي هو كشف وبيان للحقائق الواردة في القـرآن

. الكريم

ويمكننا القول أن كل تفسير تأويل، ولكن ال يمكننا الجزم إن كان العكس صحيحا أو غير

سـؤال هل كل تأويل تفسير؟ إذ نرى أن اإلجابة عـن هـذا ال : أو بعبارة أخرى.صحيح

تتوقف على درجة تمكن المؤول، والنظر فيما إذا كان ثقة وكانت شـروط " ال"أو " نعم"ب

المفسر تنطبق عليه كابن عباس مثال الذي دعا له رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم بـأن

.يفقهه اهللا في الدين ويعلمه التأويل، فأصبح بذلك ثقة يسبق تفسيره على بقية الصحابة

ـــــــــــــــــــــــــ .63محمد علي الصابوني، التبيان في علوم القرآن، ص) 1(

119

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

:اللغة وأهم مناهج التفسير القرآني -3

أن النص القرآني ليس نصا دينيا فقط، بـل بعد نزول القرآن الكريم أدرك المسلمون

هو إلى جانب ذلك نص أدبي معجز، وبعد أن حيرت الدهشة عقولهم ومـألت نفوسـهم

إعجابا لما في القرآن الكريم من خصائص فريدة وراقية يعجز اإلنسان عن اإلتيان بمثلها،

ن أولى المنـاهج التـي حاولوا أن يتكشفوا أسراره العميقة ويستنبطوا معانيه الدقيقة، فكا

انتهجوها في ذلك المنهج التحليلي لفهم دالالت النص القرآني، وهذا المنهج أدى بـدوره

إلى ظهور مناهج متعددة لتفسير القرآن، واختلفت تلك المناهج باختالف ثقافة كل مفسـر

)1(.وإمكاناته ونظرته للحياة

اريخ اللغة العربية فعرفت مرحلـة وال جدال في أن القرآن الكريم كان أعظم حدث في ت

النضج، وأصبحت لغة الفكر بعد أن كانت لغة التعبير عن مشـاغل الـنفس وأهوائهـا،

واتسمت بالعلمية فصارت تستنبط بها األحكام الشرعية، وزادها القـرآن الكـريم قيمـة

.جمالية تفخر بها أمام اللغات األخرى

هل وظف المفسرون اللغة ذاتها لتحليـل : روحوإذا اتفقنا على كل هذا يبقى السؤال المط

دالالت النص القرآني وما مقدار توظيفها عند أصحاب أهم المناهج التفسـيرية للقـرآن

الكريم؟

ماهو الدور الذي لعبته اللغة في تحديد مفاهيم األلفاظ القرآنية هـل كـان : أو بعبارة أدق

دورا أساسيا أم ثانويا؟

أحسوا ما كان بين القرآن وبين لغتهم من صلة فتداعى النـاس ال شك أن العرب قد

إلى الشعر العربي يدرسونه ويكشفون عن خصائصه رجاء أن يعينهم ذلك كله على فهـم

)2(النص فهما تتكشف لهم به معانيه وتتضح لهم به مقاصده

للغـة العربيـة لذلك كان البد لمن يريد تفسير القرآن الكريم تفسيرا دقيقا من العودة إلى ا

.لفهم أساليبها وخصائصها التعبيرية

ـــــــــــــــــــ

.106، ص)ط.د(، 1969السيد أحمد خليل، دراسات في القرآن، دار النهضة العربية للطباعة، بيروت، : انظر) 1( .31المرجع نفسه، ص: انظر) 2(

120 لتضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر ا: الفصل الثاني

وكما هو متعارف عليه فقد انطلقـت حركـة التفسـير مـن مدرسـتين كبيـرتين

وبدأ التفسير يأخذ اتجاهات عدة، ونهج العلمـاء مـن ) مدرسة النقل ومدرسة العقل:(هما

المفسرين مناهج تروق لهم وتتفق مع علمهم فيها، ونبوغهم في مجالها، فظهـر االتجـاه

غوي، واالتجاه البالغي، واالتجاه الفقهي، واالتجاه النحوي، واالتجاه الصوفي، وظهـر الل

. وهكذا...المهتمون بالمعاني كمجاز القرآن

وتلك االتجاهات تبين ثراء القرآن الكريم باالتجاهات العديدة التي يتسـع لهـا األسـلوب

)1(القرآني، وتحفل بها نصوصه

المتبعة في تفسير القرآن الكريم نظرا لتعـددها )2(المناهج وال يهمنا هنا الوقوف عند كل

.ولكن الذي يعنينا هو مدى توظيف أهم المناهج التفسيرية للغة العربية

:وتنقسم مناهج التفسير القرآني على هذا األساس إلى ثالثة أقسام وهي

.تفاسير لغوية محضة*

).التفسير بالمعقول-فسير بالمأثورالت(تفاسير اعتمدت على اللغة بدرجات متفاوتة *

).التفسير اإلشاري(تفاسير ال تستند إلى اللغة *

وسنحاول هنا الوقوف عند كل نوع من هذه األنواع بقليل من الشرح لتوضيح الصلة بين

.اللغة وأبرز مناهج التفسير القرآني

:التفسير اللغوي المحض-أ

ل الرسول صلى اهللا عليه وسـلم والصـحابة وهو تفسير ال يستند أصحابه إلى أقوا

والتابعين، وهو ليس بتفسير الفرق أو المذاهب فال صدى له فيه في الغالب فإن كان لـه

من مرجع يعتمده ويحيل عليه فهو من جهة كالم العرب وعاداتهم وهو من جهة أخـرى

قواعد اللغة تؤكدها اآلية، فاالقتصار على اللغة هو اختيار منهجي في حد ذاته، ذلـك أن

االكتفاء

ــــــــــــــــــــ

، 1، ط2002السيد أحمد عبد الغفار، النص القرآني بين التفسير والتأويل، دار النهضة العربيـة، بيـروت، : انظر) 1( .38ص

لبياني، المنهج المنهج القرآني، المنهج األثري، منهج الرأي، المنهج اللغوي، المنهج ا: (مناهج التفسير متعددة ومنها) 2( ...)الصوفي أو الباطني، المنهج العلمي، المنهج التاريخي، المنهج الموضوعي

محمد حسين علي الصغير، المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق، دار المؤرخ العربـي، : انظر[ ) ].129-92(، ص1، ط2000بيروت،

121

ـــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــــ: الفصل الثاني

باللغة يعني االكتفاء بالنص، وذلك يعني بعبارة أخـرى عـدم االكتـراث باالعتبـارات

)1(النص المتقدمة عليه، وهي اعتبارات في الغالب ذاتية مذهبية إيديولوجية الخارجة عن

إنما يهتم بما يقوله النص يتخذ منه مادة وال يهتم اللغوي في الغالب بما قيل حول النص، و

تحليله وتفكيره ال شريعة له إال شريعة الكالم في نظمه وصياغته، ولذلك يكاد المفسرون

)2(اللغويون يتجردون من الشارة المذهبية الدينية

وهـو " عبد اهللا بن عباس" ونشير هنا إلى أن صاحب هذا االتجاه اللغوي في التفسير هو

سول اهللا صلى اهللا عليه وسلم الذي خصه عليه الصالة والسالم بالدعاء حيـث ابن عم ر

".ترجمان القرآن"وهو كما يسمى ،»اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل«: قال

ويعتبر أبو عبيدة أول من صنف في معاني القرآن من أهل البصرة، وتبعـه قطرب

)3(يين الكسائي ثم الفراءبن المستنير، ثم األخفش، وصنف من الكوف

ألبي عبيـدة " مجاز القرآن"وسنختار لغرض الدراسة التطبيقية في هذا النوع من التفسير

، ويعد هذا الكتاب أول دراسة تصلنا في هذا الميدان اللغوي )4( )ه210ت(معمر بن المثنى

ين الثاني والثالث، في القرآن، وال يخفى أن أبا عبيدة علم من أعالم اللغة واألدب في القرن

وال يصح إغفال إنتاجه في دراسة متعلقة بالقرآن، فأبو عبيدة يعنى بـالنظرة التفسـيرية

اللغوية وقد كان يفسر بعض آيات السورة الواحدة، وأحيانا يكتفي بتفسير بعض المفردات

.والتراكيب من آية واحدة في وقفات سريعة

نت من الوقوف على معان وأسرار فيه ما كانت ورغم أن دراسة اللغة في القرآن قد مك«

ل المفسرين منهجا قائما بنفسـه مكتفيا لتدرك بدونها إال أن المنهج اللغوي لم يعتبره ج

ـــــــــــــــــــ

).57-55(المرجع السابق، ص: انظر) 1(ـ -التأويل-المنهج(الهادي الجطالوي، قضايا اللغة في كتب التفسير: انظر) 2( ، دار محمـد علـي الخـامي، )ازاإلعج

.49، ص1،ط1998صفاقس، الجمهورية التونسية، .54، ص1، ج)2، ط1981(، )1، ط1979(األخفش األوسط، معاني القرآن، تحقيق فائز فارس، : انظر) 3(النحـو والشـعر ) ه154ت(وتصنف المراجع أبا عبيدة في عداد علماء البصرة، أخذ عن أبي عمرو بـن العـالء ) 4(

) ه187ت(، والزم يونس بن حبيـب )ه154ت(، وعيسى بن عمر الثقفي)ه149ت(ريب، وعن أبي الخطاب األخفشوالغ، وفي عهده وضعت أسس )ه214ت(، وأبا زيد)ه216ت(زمنا طويال وكتب عنه، وقد عاصر من علماء اللغة األصمعي

محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخـانجي، أبو عبيدة، مجاز القرآن، عارضه بأصوله وعلق عليه: انظر.[ العلوم اإلسالمية ) ].10-9(، ص1القاهرة، ج

122

ـــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــ: الفصل الثاني

غير كاف، -وإن كان ضروريا -بذاته في خضم المناهج المعاصرة، بل رأوا أن التحليل

حل الشرح، أو مطية إلى المعنى يوجهها صـاحبها وهو ال يعدو أن يكون مرحلة من مرا

)1(»الوجهة المناسبة لمعتقده السياسي اإليديولوجي المسبق

:التفاسير التي تعتمد على اللغة بدرجات متفاوتة -ب

وتتفاوت هذه التفاسـير « تأتي هذه التفاسير في المرتبة الثانية من حيث توظيف اللغة

لغة تفاوتا كميا متعلقا بنسبة العناية بها، وتفاوتا موقعيـا متعلقـا في مدى التعويل على ال

)2(»بمواضع االستعانة باللغة ومناسباته ودواعيه

إذ البد أن نجد في هذه التفاسير عناية خاصة باللغة مهما كانت هـذه العنايـة كبيـرة أو

تعد اإلحاطـة صغيرة، حيث يمثل التحليل اللغوي مرحلة ضرورية من مراحل التفسير، و

بالعلوم اللغوية على اختالفها الصوتية منها والصرفية والنحوية، والبالغية من الشـروط

.الواجب توافرها في المفسر حتى يستقيم تفسيره

ويندرج ضمن هذا الصنف من التفاسير، تفاسير أهل السنة والمعتزلة أصحاب المنهجـين

.النقلي والعقلي على التوالي

. لي لعالقة كل منهج باللغة على حدةوسنعرض فيما ي

:اللغة والمنهج النقلي-1

قلنا أن أصحاب المنهج النقلي هم أهل السنة، ويعرف تفسيرهم بالتفسير بالمـأثور أو

إما أن يكـون : بالرواية، ويقوم هذا المنهج في تفسير القرآن الكريم على ثالثة أوجه هي

قرآن بالسنة النبوية، أو تفسير القرآن بالمـأثور عـن تفسير القرآن بالقرآن، أو تفسير ال

.الصحابة

ة، وكان يشغل في كتب التفسير كان يروى كما تروى األحاديث النبوي«والواقع أن

ـــــــــــــــــــ

.50الهادي الجطالوي، قضايا اللغة في كتب التفسير، ص: انظر) 1( .49المرجع نفسه، ص: انظر) 2(

123

ـــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــ: فصل الثانيال

الحديث أبوابا، ويخضع لما تخضع له نصوص األحاديث من تمحيص الرواية وتحقيـق

)1()ه310ت(السند، ولقد بقي كذلك زمنا طويال، وتجمعت رواياته في تفسـير الطبـري

.)2(»أوسع التفسيرات رواية للمأثور

ويعد من المصادر المهمة في تفسـير " جامع البيان عن تأويل آي القرآن"ويسمى تفسيره

القرآن الكريم، وإذا كان الطبري يمثل المنهج األثري في فهم النص فـذلك مـن حيـث

رواياته، أما الطبري نفسه فإنه ال يكتفي بالرواية بل يرجح ويصـنف ويـذكر أسـباب

ة التفسير األثري بعد أن تطـورت حيـاة المجتمـع اإلسـالمي الترجيح، ولم تنقطع حيا

واتصلت بثقافات أخرى، كان أخصها ما هو تصحيح للمنهج وتقويم للفكر، وهو الذي أدى

)3(بدوره إلى دراسة اللغة والكشف عن طاقاتها وما تعرضت له من تطور في دالالتها

:اللغة والمنهج العقلي -2

أثري يستند إلى الرواية عن الصحابة والتابعين تطور فيما بعـد بعد أن كان التفسير

حين دونت علوم اللغة والبالغة، فوجد إلى جانب التفسير األثري تفسير قام على الدراية،

ومع ذلك لم يخلص هذا التفسير من أثر التفسير األثري، بل بقيت للروايـات الصـحيحة

)4(آثارها في توجيه الفهم وإيضاح النص

ألن المفسر ) التفسير بالمعقول(أو) التفسير بالرأي(سمى هذا النوع عند علماء التفسير وي

لكتاب اهللا يعتمد فيه على اجتهاده، وينبغي أن يكـون هذا االجتهـاد مبني على أصـول

، )5(صحيحة، وقواعد سليمة متبعة، وليس المراد بالرأي هنا مجرد الرأي أو مجرد الهوى

ث تنهى عن تفسير القرآن بمجـرد الرأي، ومـن ذلك مـا روي عـنفقد وردت أحادي

ـــــــــــــــــــــــــبن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، اإلمام الجليل، صاحب التصانيف المشـهورة، دهو أبو جعفر محم) 1(

و ابن اثنتي عشرة سنة، وطـوف ، ورحل من بلده في طلب العلم وه)ه224(وهو من أهل آمل طبرستان، ولد بها سنةالطبري، جامع البيان عـن : انظر).[ ه310(في األقاليم فسمع بمصر والشام والعراق، ثم استقر ببغداد إلى أن مات سنة

]. 138، ص1، ج1تأويل آي القرآن، مجلعربية، بيروت، محمد عبد السالم كفافي وعبد اهللا الشريف، في علوم القرآن، دراسات ومحاضرات، دار النهضة ا) 2(

.156ص ).117-116(السيد أحمد خليل، دراسات في القرآن، ص: انظر) 3( .157محمد عبد السالم كفافي وعبد اهللا الشريف، في علوم القرآن، دراسات ومحاضرات، ص: انظر) 4( .153محمد علي الصابوني، التبيان في علوم القرآن، ص: انظر) 5(

124

ــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــ :الفصل الثاني

من قال في القرآن برأيه أو بما ال يعلـم « :ابن عباس أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قال

)1(»فليتبوأ مقعده من النار

أي أرض تقلـني، وأي سمـاء « :رضي اهللا عنه أنه قال قكما روي عن أبي بكر الصدي

)2(»ت في القرآن ما ال أعلم تظلني إذا قل

وهذه النصوص ال تمنع االجتهاد في التفسير إنما تمنع التصـدي للتفسير بغير علـم فقد وأنزلنا إليك الذآر لتبين {: دعا اهللا الناس إلى تفهم آياته وتدبر معانيها فقال عز وجل

.)3( }هم يتفكرونللناس ما نزل إليهم ولعلوينتسب المعتزلة إلى هذا المنهج في التفسير والمعروف أنهم فرقة تميـزت بخصـائص

تفردها عن بقية الفرق اإلسالمية ولن نخوض هنا في الحديث عن خصـائص المعتزلـة

.ولكن ما يهمنا هو مدى اعتماد المنهج الذي اتبعوه في تفسير القرآن الكريم على اللغة

أن التفسير لـدى المعتزلـة " التفسير والمفسرون"حسين الذهبي في كتابه دفقد ذكر محم

على لتفسير القرآن، وهذا المـبدأاعتمد على الطريقة اللغوية التي تعتبر عندهم المبدأ األ

اللغوي يظهر أثره واضحا في تفسيرهم للعبارات القرآنية التي ال يليق ظاهرهـا عنـدهم

وهية، أو العبارات التي تصادم بعض أصولهم فنـراهم يحـاولون أوال إبطـال بمقام األل

المعنى الذي يرونه مشتبها في اللفظ القرآني ثم يثبتون لهذا اللفظ معنى موجودا في اللغة

يزيل هذا االشتباه، ويتفق مع مذهبهم، ويستشهدون على ما يذهبون إليه من المعاني التي

)4( .ا بأدلة من اللغة والشعر العربي القديميحملون ألفاظ القرآن عليه

فقد حاولوا أن يفهموا القرآن على أساس من منطق اللغة وروحها في البيـان والتعبيـر،

وهم لذلك أقرب إلى اللغويين المفسرين أصحاب المعاني كأبي عبيدة والفراء ومن سـلك

)5(سبيلهم كالزجاج

ـــــــــــــــــــ .42، ص1، ج1يان عن تأويل آي القرآن، مجالطبري، جامع الب) 1( .43المصدر نفسه، ص) 2( .44سورة النحل، اآلية) 3( . 319، ص1محمد حسين الذهبي، التفسير والمفسرون، ج) 4( .118السيد أحمد خليل، دراسات في القرآن، ص: انظر) 5(

125

في تفسير القرآن الكريم ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد: الفصل الثاني

" الكشاف عن حقائق التنزيل وعيـون األقاويـل فـي وجـوه التأويـل "وسنختار تفسير

صاحب البصيرة النافذة والذوق الصقيل، والباع الطويـل فـي )1()ه538ت( للزمخشري

النظر إلى فنون البالغة ومقتضياتها، وطرائقها المختلفة فغطى هذا الجانب المفتقـد فـي

بقة في دراسته التفسيرية البالغية التي جاءت فريدة في لونها بـين الدراسـات دراسة سا

السابقة والالحقة وقد نحا نحوا يخالف ما نراه لدى محمد بن جرير الطبري وغيره مـن

)2(المفسرين الذين سبقوه

):الرمزي(اللغة والمنهج اإلشاري -ج

ت التي ال تستند إلى اللغة حيث يقـوم ويعد االتجاه الرمزي في التفسير من االتجاها

هذا االتجاه على معرفة قوامها الوجد أو الذوق إذ تتواجد دالالت خاصة لأللفاظ تبعد عن

.الدالالت المستقرة في الحقيقة اللغوية، والمجاز اللغوي

وأصحاب هذا االتجاه هم المتصوفة الذين يعتقدون أن للقرآن الكريم ظاهرا وباطنا، فكـل

آية لها عندهم وجهان، وجه يرونه في نفوسهم ووجه يرونه خارجا عنهم، ولما كان الذي

يرونه في أنفسهم يقوم على ما يسمى باإللهام، واإللهامات تـؤدي بألفـاظ تخـرج عـن

دالالتها الوضعية بل والمجازية أيضا فقد أصبح هذا الوجه محل اعتراض مـن علمـاء

.المسلمين

هؤالء المتصوفة ال تخضع للتطور اللغوي، وإنما يضيفون إليها معان لـيس والداللة عند

)3(لها في واقع حياة اللغة مكان

لذلك فقد رأينا أن هذا االتجاه في التفسير لن يجدي نفعا في دراسة متعلقـة باللغـة فـي

.القرآن الكريم، لذلك فلن نستند إلى هذا المنهج في الدراسة التطبيقية

ـــــــــــــــــــــــــ، وقد برع في )ه467(هو محمود بن عمر بن محمد بن عمر النحوي اللغوي المعتزلي الملقب بجار اهللا، ولد سنة) 1(

) الكشـاف (، وكتابه )ه538(اللغة، واألدب والنحو ومعرفة أنساب العرب، وقد تظاهر باالعتزال ودعا إليه، وتوفي سنةالزرقاني، مناهل العرفان : انظر[في التفسير من ناحية البالغة رغم نزعته االعتزالية من خير الكتب التي يرجع إليها

، 1، ط1988في علوم القرآن، خرج آياته وأحاديثه ووضع حواشيه أحمد شمس الدين، دار الكتب العلميـة، بيـروت، ].77، ص2ج .179فتحي أحمد عامر، بالغة القرآن بين الفن والتاريخ، ص) 2( ).57-55(السيد أحمد عبد الغفار، النص القرآني بين التفسير والتأويل، ص : انظر) 3(

126

المبحث الثـاني

)دراسة تحليلية مقارنة لبعض األضداد في القرآن الكريم(

تمهيد

.دراسة تطبيقية لبعض األضداد في القرآن الكريم -1

.ذكر المفردة واآلية التي وردت فيها -أ

.المعنى اللغوي للمفردة -ب

:معنى المفردة عند المفسرين -ج

).مجاز القرآن(المثنى نأبو عبيدة معمر ب*

)ل آي القرآنجامع البيان عن تأوي(ابن جرير الطبري *

الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل (الزمخشري *

).في وجوه التأويل

.خالصة المعنى -د

.موقف المفسرين الثالثة من ظاهرة التضاد -2

ــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم ــــــــــــ :فصل الثانيال

المبحث الثاني

دراسة تحليلية مقارنة لبعض األضداد في القرآن الكريم

:تمهيد

سبق وأن توقفنا عند مفهوم التضاد في الدراسات اللغوية العربية وموقـف اللغـويين

نتبين أثر هذه الظاهرة في تفسير القرآن الكريم، وال يتم ذلك برأينا إزاءها، وحري بنا أن

إال بعد الوقوف عند بعض األلفاظ التي قال أصحاب كتب األضداد أنهـا مـن األضـداد

الذي اعتمدنا على كتابه في استخراج العينة المدروسـة يالقرآنية، ومن بينهم ابن األنبار

ى مادة األضداد عند من سبقوه إلى جمعـها والتـأليف نظرا لتوفر هذا الكتاب، وألنه حو

.فيها

فاالحتكام إلى القرآن الكريم للوصول إلى الحقيقة في هذه القضية اللغوية هـو ضـرورة

حتمية، فالقرآن الكريم جاء بلسان العرب وهو الكتاب الذي ال يأتيه الباطل من بين يديـه

يؤخذ في الظواهر اللغويـة بـرأي إال بعـد وال من خلفه، لذلك نرى أنه من الواجب أال

. النظر في حالها في القرآن الكريم

أبو عبيـدة :ولمعرفة أثر ظاهرة التضاد في تفسير القرآن الكريم اخترنا ثالث مفسرين هم

).ه538ت(، والزمخشري)ه310ت(وابن جرير الطبري) ه210ت(معمر بن المثنى

:وقد دفعنا إلى اختيار هؤالء المفسرين

باعتباره أول تفسير لغوي حفظه التاريخ، وقد عنى " مجاز القرآن"أبو عبيدة وكتابه :أوال

فيه صاحبه بإثارة موضوع التضاد في القرآن الكريم باعتباره ظاهرة أسلوبية قرآنية لهـا

" معـاني القـرآن "أثرها في تحديد المعنى، ورغم أن كتابه يلتقـي تقريبـا مـع كتـاب

فرق بينهما برجحان كفة النحو على كفة اللغـة فـي « ال أن هناك من، إ)ه207ت(للفراء

أوفر، واهتمامـه " مجاز القرآن"كتاب الفراء، في حين كان حظ اللغة عند أبي عبيدة في

)1(»بالداللة أبرز

ـــــــــــــــــــ .55الهادي الجطالوي، قضايا اللغة في كتب التفسير، ص )1(

128

ـــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــ :الفصل الثاني

فضـال -الطبري باعتباره يمثل منهجا معروفا في تفسير القرآن وقد حوى تفسيره :ثانيا

مادة لغوية غنية ومتنوعة نقلها عن الصـحابة والتـابعين وعلمـاء –عن المادة النقلية

ويعتبر تفسيره مـن أقـوم التفاسـير )1(لمعانيالغريب والمجاز والمشكل واإلعراب وا

وأشهرها وقد أجمع العلماء على عظيم قيمته، فهو مصدر مهم ال غنى عنه فـي مجـال

.التفسير القرآني

من أهم التفاسير القائمة علـى اللغـة فـي " الكشاف"الزمخشري الذي يعد تفسيره :ثالثا

القرآن السورة بعد السورة، واآلية بعد استنباط المعنى، وقد عنى فيه الزمخشري بتفسير

اآلية واللفظ تلو اللفظ في انتظام نكاد ال نقف فيه على خلل أو اضطراب، واجتهاد صارخ

في أن يكون التعليق على اللفظ أو التركيب في غاية اإليجاز واالختصار دون اإلخـالل

.)2(بالوضوح واإلفادة

اهيم السامرائي الذي رأى أن ما اعتبر من مادة وقد انطلقت الفكرة في الواقع من قول إبر

األضداد في لغة القرآن عند جماعة من المفسرين لم يكن له هذا المعنى من التضاد عنـد

ولعل هذا الخالف بين المفسـرين يـوحي لنـا : جماعة أخرى من أهل التفسير، ثم قال

.)3(الخالف بين أهل السنة من المفسرين وبين المعتزلة منهم

ومن هنا أردنا أن نستجلي حقيقة األمر في هذا الخالف بين أهل السنة والمعتزلـة مـن

خالل معالجة إحدى أهم القضايا اللغوية التي شغلت اللغويين والمفسرين، ولنتبين أيضـا

.األثر الذي تركته تلك األضداد في تفسير اآليات القرآنية الكريمة

أللفاظ التي قيل بأنها من األضداد في القرآن الكريم قد وتجدر اإلشارة أوال إلى أن أغلب ا

جاءت بأحد المعنيين الضدين سواء وردت اللفظة مرة واحدة أو عدة مرات، فـي حـين

جاءت بعض األلفاظ وهي تحتمل المعنيين الضدين، وهذه األلفاظ قليلة بالمقارنة مع الحالة

.األولى

ة من األضداد لكلتا الحالتين نرتبها ترتيبا ألفبائيا وسنحاول التعرض بالدراسة لمجموع

وقد انتقيـنا حسب الصيغة التي جاءت بها األلفاظ األضداد وليس حسب جذرها اللغوي،

ــــــــــــــــــمحمد المالكي، دراسة الطبري للمعنى من خالل تفسيره جامع البيان، وزارة األوقاف والشؤون اإلسـالمية، : انظر) 1( .276، ص)ط.د(، 1996مملكة المغربية، ال .96الهادي الجطالوي، قضايا اللغة في كتب التفسير، ص: انظر) 2( ). 103-101(إبراهيم السامرائي، التطور اللغوي التاريخي، ص: انظر) 3(

129

ـــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــ :الفصل الثاني

األكثر دورانا عند اللغويين الذين اهتموا بمعالجة هذه الظاهرة في القرآن األلفاظ

البن " األضداد" الكريـم، وقد اعتمدنا على دراستين إحداهما قديمة، وتتمثل في كتاب

ألحمد " االشتراك والتضاد في القرآن الكريم"واألخرى حديثة وهي كتاب األنبــاري

. مختار عمر

:بعض األضداد في القرآن الكريمدراسة تطبيقية ل -1

: أخفى* ].15/طه[ }إن الساعة آتية أآاد أخفيها لتجزى آل نفس بما تسعى{ :قال اهللا تعالى

:المعنى اللغوي للمفردة

الخاء والفاء والياء أصالن متباينان متضادان، فاألول الستـر، ) خفى(« :يقول ابن فارس

فاألول خفي الشيء يخفى، وأخفيته، وهو في خفية وخفاء إذا . ثاني اإلظهاروال

سترتــه،

واألصل اآلخر، خفا البرق خفوا، إذا لمع، ويكون ذلك في أدنى ضعف، ويقـال خفيـت

)1(»الشيء بغير ألف، إذا أظهرته، وخفا المطر الفأر من جحرتهن أخرجهن

ضداد، يقال أخفيت الشيء إذا سترته، وأخفيته أخفيت حرف من األ« :ويقول ابن األنباريأكاد أسترها، : فمعناه }إن الساعة آتية أآاد أخفيها{ : :إذا أظهرته، قال اهللا عز وجل

من ): (من نفسي(، فتأويل )أكاد أخفيها من نفسي فكيف أطلعكم عليها(وفي قراءة أبي، ]116/المائدة[ }ا في نفسي وال أعلم ما في نفسكتعلم م{ :، كما قال)من غيبي(و) قبلي

حدثنا الكسائي، عن محمد : ، قال الفراء)إن الساعة آتية أكاد أظهرها:( ويقال معنى اآليةوقال أن ) بفتح همزة أخفيها" (أكاد أخفيها"بن سهل، عن وقاء، عن سعيد بن جبير أنه قرأ

)2(»أظهرها: معناهاخـاص وأظهر فه:ستر، أما المعنى اآلخر المضاد وهو: في اللغة معناها) أخفى(فلفظة

).خفى(، إال أنهما يتفرعان من جذر واحد وهو )خفا(بلفظة

:معنى المفردة عند المفسرين

له موضعان موضع كتمان وموضـع إظهـار كسـائر ) أكاد أخفيها: (قال :أبو عبيدة*

:سحروف األضداد، وذكر بيت إلمرىء القي

ـــــــــــــــــــ .202، ص2ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 1( 95، كتاب األضداد، صيابن األنبا ر) 2(

130

الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم

وإن تدفنوا الداء ال نخفيه وإن تبعثوا الحرب ال نقعد

)1(ال نظهره، ويقال خفيت ملتي من النار، أي أخرجتها منها: أي: ثم قال

إن الساعة التي يبعث اهللا فيها الخالئق من قبـورهم : يقول تعالى ذكره« :قال :الطبري*

قـراءة جميـع قـراء ) أخفيها(فعلى ضم األلف من ) أكاد أخفيها(لموقف القيامة جائية

نفسي، لئال يطلع عليها أحد، وبذلك جاء تأويل أكاد أخفيها من : أمصـار اإلسالم، بمعنى

ال أظهر عليهــا : يقول" أكاد أخفيها: "وذكر رواية عن ابن عباس قوله. أكثر أهل العلم

)2(»أحدا غيري

أكاد أخفيها فال أقول هي آتية لفرط إرادتي إخفاءها ولوال ما فـي « :قال :الزمخشري*

لما أخبرت به وقيل معناه أكاد أخفيهـا مـن اإلخبار بإتيانها مع تعمية وقتها من اللطف

نفسي وال دليل في الكالم على هذا المحذوف، ومحذوف ال دليل عليـه مطـرح والـذي

غرهـم منـه أن في مصحف أبي أكاد أخفيها من نفسي، وفي بعض المصـاحف أكـاد

بالفتح ) أخفيها(أخفيها مـن نفسي فكيف أظهركم عليها، وعن أبي الدرداء وسعيد بن جبير

، وقـد ]1/القمـر [ }اقتربت الساعة{ :من خفاه إذا أظهره أي قرب إظهارها كقوله تعالى

:جاء في بعض اللغات أخفاه بمعنى خفاه، وبه فسر بيت امرئ القيس

)3(»فإن تدفنوا الداء ال نخفه وإن تبعثوا الحرب ال نقعد

:خالصة المعنى }إن الساعة آتية أآاد أخفيها{: لفوا في معنى قوله تعالىنالحظ بأن المفسرين قد اخت

فرأى أبو عبيدة أنها تحتمل المعنيين المتضادين، ورأى الطبري أن اهللا تعالى يكاد يخفـي

الساعة حتى من نفسه لئال يطلع عليها أحد، أما الزمخشري فقد عبر عن رفضـه لهـذا

وقيل معناه أكاد أخفيها من نفسي وال دليـل فـي : (الطبري بقوله الرأي الذي ذهب إليه

). الكالم على هذا المحذوف

ال أصرح بوقت مجيئها، وأنه : أي) أكاد أخفيها(أما الزمخشري نفسه فقد رأى أن معنى

ــــــــــــــــــ .16، ص2أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج) 1( .190، ص16، ج9مج، ن تأويل آي القرآنالطبري، جامع البيان ع: انظر) 2( .429، ص2، ج)ط.د(، )ت.د(، دار المعرفة، بيروت، الزمخشري، الكشاف،) 3(

131

الكريم نــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآــــــــــــــ :الفصل الثاني

لمـا -د وقتهادون تحدي-سبحانه وتعالى لوال أنه رأى ضرورة في اإلخبار بأنها ستكون

)أخفـى(ورغم أن االختالف بين الطبري والزمخشري لم يكن حول معنى لفظة .أخبر به

ألنهما اتفقا على أنها تفيد معنى الستر والكتمان، ولكن االختالف كان حول معنى اآليـة

ككل ، ولعـل هذا التأويل الذي ذكره الزمخشري هـو الذي ترتاح إليه النفس وتطمئن،

في هذه اآلية من األلفاظ التي حدث خالف حول معناها بـين ) أخفى(ذلك تعد لفظة ومع

المفسرين، وبالتالي تعتبر هذه اللفظة من األضداد القرآنية رغم أن الرأي الـذي رجحـه

.غالبية المفسرين هو معنى الستر

*أسر: ].33/سبأ[، ]54/يونس[ } بعذاوأسروا الندامة لما رأوا ال {: قال اهللا تعالى ].3/األنبياء[ }الهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا{ : وقال تعالى

:المعنى اللغوي للمفردة

السين والراء بجمع فروعه إخفاء الشـيء، ومـا كـان مـن ): سر(« :يقول ابن فارس

أسررت الشيء : خالف اإلعالن، يقال: لسرخالصه، ومستقره ال يخرج شيء عن هذا، فا

)1(»إسرارا، خالف أعلنته

يكون أسررت بمعنى كتمت وهو الغالب علـى الحـرف، ويكـون « :يقول ابن األنباري

)2(»بمعنى أظهرت

في اللغة أن تدل على اإلخفاء والكتمان، إال أن أصحاب األضداد ) أسر(فاألصل في كلمة

.معنى آخر مضاد لمعناها األول وهو اإلظهاريرون أنها قد تدل على

:معنى المفردة عند المفسرين

سـورة (سواء فـي " مجاز القرآن"لم نقف على تفسير اآلية في كتابه :أبو عبيدة*

، ولكن بعض المؤلفين ذكروا تفسيره لهذه اآلية وقالوا بأنه )سورة سبأ(أو في ) يونس

قال أبـو «:من هؤالء ابن األنباري حيث قالأظهروا، و) أسروا(ذهب إلى أن معنى

)3(»وأظهروا الندامة عند معاينة العذاب: معناه: عبيدة وقطرب

ــــــــــــــــــــ .67، ص3ابن فارس، مقاييس اللغة، مج) 1( . 45، كتاب األضداد، صيابن األنبار) 2( .46، صالمصدر نفسه: انظر) 3(

132

ـــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــــ: الفصل الثاني

حدثني محمد بن هارون « :رواية عن أبي عبيدة حيث قال" المقاييس"ونقل ابن فارس في

أسررت: الثقفي، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي الحسن األثرم، عن أبي عبيدة قــال

ذا وأسروا{: الشيء أخفيته، وأسررته أعلنته، وقرأ ا رأوا الع أظهروها : قال }بالندامة لم وأنشد

-لو يسرون مقتلي - :قول امرئ القيس

ثم حدثني بعض أهل العلم عن أبي الحسن عبد اهللا بن سفيان النحـوي . لو يظهرون: أي

: أمـا التفسـير فقـال . أخطأ أبو عبيدة التفسير، وصحف في االستشهاد: قال الفراء: قال

)ا التصحيف فإنما قال امرؤ القيس) وا الندامةأسرأي كتموها خوف الشماتة، وأم :

)1(»لو يظهرون: أي -لو يشرون مقتلي -

قول السجستاني عن رأي أبو عبيدة في معنـى " ثالثة كتب في األضداد"كما ورد ضمن

يضا، وكان يقـول أسررت الشيء أخفيته وأظهرته أ: قال أبو عبيدة« :، فقال)أسر(كلمة

في

ذا { هذه اآلية ا رأوا الع ة لم روا الندام أظهروها، وال أثق بقوله فـي هـذا واهللا }بوأس

)2(»أعلم) أسـروا الندامـة (اجتمعت أقوال العلماء إذن على أن أبا عبيدة قد ذهب إلى أن معنى

.أظهروها

وأسروا مـن حـروف «:فقال" مجاز القرآن"كتابه أما تفسيره لآلية الثانية فقد أورده في

)3(»األضداد، أي أظهروا

وأخفت رؤساء هؤالء المشركين ): وأسروا الندامة:(القول في تأويل اآلية: قال :الطبري*

من وضعائهم وسفلتهم الندامة حين أبصروا عذاب اهللا قد أحاط بهم، وأيقنوا أنه واقع

.في هذه اآلية أخفى فهو يرى أن معنى أسر )4(بهم

وأسر هؤالء الناس « :فقال الطبري }وأسروا النجوى الذين ظلموا { :أما في قوله تعالى :اقتربت الساعة منهم، وهم في غفلة معرضون الهية قلوبهم، النجوى بينهم، يقول الذين

ـــــــــــــــــــ

.67، ص3ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 1( . 114األصمعي والسجستاني وابن السكيت، ثالثة كتب في األضداد، ص: انظر) 2( .34، ص2أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج) 3( .154، ص 11، ج7الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، مج: انظر) 4(

133

القرآن الكريمــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير : الفصل الثاني

إال "هل هذا الذي يزعم أنه رسول من اهللا أرسله إليكم : وأظهروا المناجاة بينهم، فقالوا

هل هو إال إنسان مثلكم في صوركم وخلقكم؟ يعنون بذلك محمد : ؟ يقولون" بشر مثلكم

)1(»صلى اهللا عليه وسلم

كفار لما رأوا العذاب بهتوا لرؤيتهم ما لم قال في تفسير اآلية األولى أن ال :الزمخشري*

يحتسبوه ولم يخطر ببالهم، ولم يطيقوا بعده بكاء وال صراخا وال ما يفعله الجازع سـوى

أسر : أظهروها من قولهم) أسروا الندامة(وقيل : ثم قال.إسرار الندم والحسرة في القلوب

.)2(الشيء وأشره إذا أظهره وليس هناك تجلد

أخفى وواضح أن معنى كلمة أسر رأيه يتجلى في أن .

النجوى، وهي اسم من التناجي ال تكـون إال ) فإن قلت: (أما في تفسير اآلية الثانية فقال

معناه وبالغوا في إخفائها أو جعلوها بحيث ال يفطن ) قلت(وأسروا : خفية، فما معنى قوله

في اآلية ) أسروا(أن الزمخشري يرى أن ويبدو )3(أحد لتناجيهم، وال يعلم أنهم متناجون

).أخفوا:(الثانية بمعنى

:خالصة المعنى

في اآلية القرآنية األولى حسب رأي الطبري والزمخشري جاءت بمعناها ) أسر(كلمة

، وهو المـعنى الذي يتالءم مع مضمون اآلية ألن )أخفى(اللغوي المعروف وهو

:وقد قال اهللا عز وجل –واهللا أعلم - يجدي نفعا الندامة يوم ال ينفع الندم الارإظهـ

وقد انفرد أبو ].52/غافر[ }يوم ال ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار{

وا(معنـى عبـيدة برأيـه في أنأظهروا إال أننا ال ندري إن كانت الروايات ): أسر

فإن ثبت قول أبي عبيدة ".مجاز القرآن"يفسر اآلية في كتابه عنه صحيحة فهو لم المنقولة

.فسنعتبرها من األضداد القرآنية) أظهروا(في أن معنى اللفظة في هذه اآلية هو

وا { :أما في قوله تعالى ذين ظلم وى ال فيبدو االخـتالف واضـح بيــن }وأسروا النج ،المفسرين

، )أظهروا النجوى): (أسروا النجوى(ذهب كل من أبي عبيدة والطبري إلى أن معنىحيث

.أخفوا: في حين كان رأي الزمخشري معارضا، حيث ذهب إلى أن معناها

ــــــــــــــــــ .6، ص17، ج10المصدر نفسه، مج: انظر) 1( .194، ص2ي وجوه التأويل، جالزمخشري، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل ف: انظر) 2( .3، ص3المصدر نفسه، ج: انظر )3(

134

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

ولعل هذا االختالف بين المفسرين حول معنى هذه اللفظة يجعلنا نصنفها ضـمن قائمـة

لفظة األضداد القرآنية، وتجـدر اإلشارة أن)قد جاءت في القرآن الكريـم بمعناها) أسر

، ولم يحدث اختالف حول معناها ألن السياق كـان حاسـما فـي )أخفى(المعروف وهو

:تحديد الداللة المقصودة، ونذكر تلك اآليات من باب اإلفادة

].77/يوسف[ }لهم ولم يبدهافأسرها يوسف في نفسه { :قال اهللا عز وجل ].10/الرعد[ }به جهرسواء منكم من أسر القول ومن { :وقال جل شأنه

الله نبأت به وأظهرهوإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما { :وأيضا في قوله تعالى ]3/التحريم[ }أعرض عن بعضبعضه و عليه عرف ].13/الملك[ }به إنه عليم بذات الصدور اجهرواوأسروا قولكم أو { :وقوله تعالى

:المسجور* ].6/الطور[ }والبحر المسجور{: قال اهللا تعالى ].6/التكوير[ } وإذا البحار سجرت{ :وقال جل شأنه

:المعنى اللغوي للمفردة

الملء، والمخالطة، واإليقاد، فأمـا : السين والجيم والراء أصول ثالثة« :يقول ابن فارس

: الملء فمنه البحر المسجور، أي المملوء، ويقال للموضع الذي يأتي عليه السيل فيملـؤه

)1(»ساجر ومن هذا الباب الشعر المنسجر ، وهو الذي يسترسل من كثرته

والمسـجور ءالمسـجور للمملـو : المسجور من األضداد، يقـال « :يويقول ابن األنبار

)2(»للفارغ

)3(بعضه في بعض من الماء: قال في تفسير اآلية األولى :أبو عبيدة*

.أما اآلية الثانية فلم يفسرها

قـد، المو: فقال بعضهم) البحر المسجور(اختلف أهل التأويل في معنى : قال :الطبري*

: وذكر بعض اآلراء ثم صرح برأيه في المسألة فقال.والبحر الموقد المحمى: وتأول ذلك

ـــــــــــــــــــ .134، ص3ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 1( . 54، كتاب األضداد، صيابن األنبار) 2( .230، ص2أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج) 3(

135

ـــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــ: الفصل الثاني

المجمـوع : والبحر المملـوء : وأولى األقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال معناه

اإليقاد، كمـا يقـال سجرت : ماؤه بعضه في بعض، وذلك أن األغلب من معاني السجر

)1(التنور، بمعنى أوقدت، أو االمتالء على ما وصفت

فقد ذكر أن أهل التأويـل قد اختلفوا في } وإذا البحار سجرت{ :أما في قوله تعالى تحديداشتعلت نارا وحميت، وقال آخرون أن معنى : فمنهم من رأى أن معناها) سجرت(معنى

بل عني بذلك أنه ذهب ماؤها ولم يبق فيها قطرة، ثـم : فاضت وقال آخرون: ذلك

ملئت وأتى بدليل من القرآن الكريم وهو قوله : لطبري الرأي القائل أن معناهارجـح ا

وأولى األقوال في ذلك « :حيث قال] 3/االنفطار[ }وإذا البحار فجرت{ :جل شأنه

ملئت حتى فاضت، فانفجرت وسالت كما وصفها : معنى ذلك: قول مـن قال: بالصواب

، والعرب تقول للنهر أو للركي )وإذا البحار فجرت( :فقال اهللا به في الموضـع اآلخر،

:ماء مسجور، ومنه قول لبيد: المملوء

فتوسطا عرض السري وصدعا مسجورة متجاورا قالمها

)2( ».المملوءة ماء: ويعني بالمسجورةوإذا { :تعـالى المملوء، وقيل الموقد من قولـه ) البحر المسجور(« :قال :الزمخشري*

جرت ، وروى أن اهللا تعالى يجعل يوم القيامة البحار كلهـا نـارا ]6/التكوير[ }البحار سنار جهنم، وعن علي رضي اهللا عنه أنه سأل يهوديا أين موضع النـار فـي تسجر بها

)3(»}المسجور والبحر{: كتابكم، قال في البحر، قال علي ما أراه إال صادقا لقوله تعالىقرئ بالتخفيف والتشديد من سـجر التنـور إذا ) سجرت(« :وفي تفسيره لآلية الثانية قال

مأله بالحطب أي ملئت وفجر بعضها إلى بعض حتى تعود بحرا واحـدا، وقيـل ملئـت

)4(»نيرانا تضطرم لتعذيب أهل النار، وعن الحسن يذهب ماؤها فال يبقى فيها قطرة

:ىخالصة المعن

في اآليـة ) المسجور(اتفق كل من أبي عبيدة والطبري والزمخشري على أن معنى

ـــــــــــــــــــ ). 26-25(، ص27، ج13الطبري، جامع البيان، مج) 1( ).88-86(، ص30، ج15المصدر نفسه، مج: انظر) 2( .33، ص4الزمخشري، الكشاف ، ج) 3( .188، ص4المصدر نفسه، ج) 4(

136

ـــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــ: الفصل الثاني

) سـجرت (الكريمة المملوء، وكذلك اتفق كل من الطبري والزمخشري على أن معنـى

ملئت رغم أن كال منهما ذكر االختالف القائم بين المؤولين حول تحديد معنى المفـردة،

ولعــل

ينة مرجحة إلحدى الداللتين المتعارضتين، وتردد الروايات حول معنى هذه عدم وجود قر

.المفردة يجعلنا نصنفها من األضداد القرآنية

:أمـة* ].213/البقرة[ }آان الناس أمة واحدة{ :قال اهللا تعالى

:المعنى اللغوي للمفردة

احد، يتفرع منه أربعة أبواب، وهـي وأما الهمزة والميم فأصل و) أم(« :يقول ابن فارس

األصل، والمرجع والجماعة، والدين، وهذه األربعة متقاربة، وبعد ذلك أصول ثالثــة،

)1(»األمة الدين: قال الخليل. وهي القامة، والحين ،والقصد

األمة للواحد الصالح الذي يؤتم بـه : يقال.األمة حرف من األضداد: يويقول ابن األنبارــه ت ــالىكقول رآين { : ع ن المش ك م م ي ا ول ه حنيف ا لل ة قانت ان أم راهيم آ }إن إب

، ]120/النحـل[قون { : ويقال األمـة للجماعـة، كقولـه عـز وجـل اس يس ن الن ة م ه أم د علي }وج

].23/القصص[تفسر تفسيرين متضادين، فهـي عنـد ) واحدة كان الناس أمة( في) أمة(ويرى أن لفظة

كان الناس : كان الناس مؤمنين كلهم، وعند بعضهم اآلخر بمعنى: بعض المفسرين بمعنى

)2(كفارا كلهم

:معنى المفردة عند المفسرين

)3(أي ملة واحدة ) أمة واحدة: (قال :ةأبو عبيد*

) النـاس (هذا الموضع، وفـي في) األمة(اختلف أهل التأويل في معنى : قال :الطبري*

هم الذين كانوا بين آدم ونوح وهم عشـرة : الذين وصفهم اهللا بأنهم كانوا أمة واحدة، فقال

.قرون، كلهم كانوا على شريعة من الحق، فاختلفوا بعد ذلك

تجتمع على دين واحد، ثم يكتفي بالخبر عن األمة من الخبر عن : الجماعة: وأصل األمة

ـــــــــــــــــ ). 27-21(، ص1ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 1( ).270-269(، كتاب األضداد، صيابن األنبار: انظر) 2( .72، ص1أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج) 3(

137 ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

دة { :قـال جـل ثناؤه الدين لداللتها عليه، كما / المائـدة [ }ولو شاء الله لجعلكم أمة واح48 ،

إلى الطاعـة ) األمة(نى ، يراد أهل دين واحد وملة واحدة، وهناك من وجه مع]93/النحلة إ{ :والدعاء إلى توحيده وإتباع أمره من قول اهللا عز وجلهللا ه ن إبراهيم آان أم ا لل قانت

.)1(إماما في الخير يقتدى به، ويتبع عليه) أمة: (يعني بقوله]. 120/النحل[ }حنيفا .)2( متفقين على دين اإلسالم: أي) كان الناس أمة واحدة: (قال :الزمخشري*

:خالصة المعنىـ ) األمة(نالحظ بأن المفسرين قد اتفقوا على أن معنى لفظة ان { : الىفي قولـه تع آ

دة ة واح اس أم ، أي كانوا مجتمعين ومتفقين على ملة واحدة، وبالتالي فال تضاد في } الن .هذه اللفظة

:بشر* ].58/النحل[ }وإذا بشر أحدهم باألنثى ظل وجهه مسودا وهو آظيم{ : قال اهللا تعالى

:ةالمعنى اللغوي للمفرد

الباء والشين والراء أصل واحد، ظهور الشيء مع حسـن وجمـال، « :يقول ابن فارس

ويقـال بشرت فالنا أبشره تبشيرا، وذلك يكون بالخير، وربما حمل عليه غيره من الشر،

وأظن ذلك جنسا من التبكيت، فأما إذا أطلق الكالم إطالقا فالبشارة بالخير والنذارة بغيره،

)3(»ح التي تبشر بالغيثوالمبشرات الريا

:معنى المفردة عند المفسرين

فقط، ولكن يمكننا أن نعتبر ) كظيم(لم يشرح اآلية كاملة، وإنما شرح كلمة :أبو عبيدة*

وهـو « : في قوله تعالى، حيث قال أبو عبيـدة " بشر"هذه الكلمة كقرينة دالة على معنى

هنا يتبين أن التبشير يقـع علـى ومن )4(»كظم أي يكظم شدة حزنه ووجده وال يظهره

. هؤالء المبشرين بالشر

ــــــــــــــــــــ ).446-445(، ص2، ج2الطبري، جامع البيان، مج: انظر) 1( . 129، ص1الزمخشري، الكشاف، مج) 2( ).252-251(، ص1ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 3( .321، ص1أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج: انظر) 4(

138

ــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــــــــــ: لفصل الثانيا

وإذا بشر أحد هؤالء الذين جعلوا هللا البنات بوالدة ما يضيفه إليه مـن «: قال :الطبري*

)1(»ذلك له، ظل وجهه مسودا من كراهته له

. )2( )بشر(لم يشرح الجزء الذي يحوي كلمة :الزمخشري*

:خالصة المعنى

كلمة بشر من اهللا تعالى في اآلية الكريمة هي تبشير بالخير ألن اإلسالم لم ينقص من

قيمة األنثى بل أعطاها مكانتها، وبالتالي فالتبشيــر بـاألنثى كالتبشـير بالـذكر،إال أن

.معنـاها في نفــوس الكفار والجهال هي تبشير بالشر

في اآلية المذكورة يطابق معناها اللغوي األصلي، وهو التبشير ) ربش(إذن فمعنى لفظة إنما تنذر من اتبع { :بالخير، وقد وردت بهذا المعنى في عدة آيات نذكر مثال قوله تعالى

].11/يس[ }الذآر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر آريمقد استعملت في القرآن الكريم بالمعنى المضاد وهـو ) بشر( أننـا نشير إلى أن لفظة إال

يم { :تعـالى هالتبشير بالشر في قول ذاب أل رهم بع ، 34/، التوبـة 21/آل عمـران [ } فبش ].24/االنشقاق

ذاب ـره بع ـفبش { :كما جاء التبشيـر بالعذاب بصيغة المفرد في قولـه تبـارك وتعـالى ].8/، الجاثية7/لقمان[ }مـأليوبالتالي يمكننا القول أن لفظة بشر من األضداد القرآنية ولم يحدث إشكال فـي تحديـد

داللتها في اآلية الواحدة، ولكنها جاءت بالمعنيين على سبيل التوزيع في اآليات القرآنيـة

.ديد الداللة المقصودةالكريمة، ألن السياق اللغوي كان كافيا لتح

:بالء* اءآم {: قال اهللا تعالى ذبحون أبن ذاب ي وء الع ومونكم س ون يس ن آل فرع اآم م وإذ نجين

].49/البقرة[ }ويستحيون نساءآم وفي ذلكم بالء من ربكم عظيم :دةالمعنى اللغوي للمفر

أحدهمـا إخالق الشيء، : الباء والالم والواو والياء أصـالن) بلوى(« :يقول ابن فارس

ــــــــــــــــــ .152، ص14، ج8الطبري، جامع البيان، مج) 1( .332، ص2الزمخشري، الكشاف، ج: انظر) 2(

139

ر القرآن الكريمــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسيــــــــــــ: الفصل الثاني

بلـي يبلـي : أما األول فقال الخليل.والثاني نوع من االختبار، ويحمل عليه اإلخبار أيضا

هو لغة، وأما األصـل اآلخـر : فهو بال، والبلى مصدره، وإذا فتح فهو البالء، وقال قوم

ويكون الـبالء فـي الخيـر .بلى اإلنسان وابتلي، وكم من كريم يبتلى ثم يصبر مفقولـه

)1(»الشر، واهللا تعالى يبلي العبد بالء حسنا وبالء سيئا و

.هذه اللفظة ضمن قائمة األضداد المذكورة في كتابه ولم يذكر ابن األنباري

:معنى المفردة عند المفسرين

)2(أن كلمة بالء في اآلية من ابتليته خيرا : قال :أبو عبيدة*

وفي الذي فعلنا بكم من إنجائنـاكم ممـا : ريمةالقول في تأويل اآلية الك: قال :الطبري*

كنتم فيه من عذاب آل فرعون إياكم على ما وصفت بالء لكم من ربكم عظيم ، ويعنـي

االختبــار واالمتحـان، : نعمة، ثم يذكر أن أصل البالء في كالم العرب: بالء: بقولـه

بـالخير كمـا يكـون وأنه يستعمل في الخير والشر ألن االمتحان واالختبار قد يكـون

بالشر، ويستشـهد

ون {: بقولــه تعــالى م يرجع يئات لعله نات والس اهم بالحس ]. 168/األعــراف[ }وبلون : يـقول

اختبرناهم، ويقول أن العرب تسمي الخير بالء والشر بالء، ورأى أن البالء الذي يكـون

)3(ء وبالءأبليته إبال: في الشر يقال فيه

والبالء المحنة إن أشير بذلكم إلى صنيع فرعون، والنعمة إن أشير : قال :الزمخشري*

)4(به إلى اإلنجاء

:خالصة المعنى

اتفق كل من أبي عبيدة والطبري على أن معنى البالء في اآلية الكريمة النعمـة فـي

د الزمخشري في تحديد المعنى المقصود ورأى أنا، حين تردالمفردة تحتمل المعنيين مع

إذ رأى أنها بمعنى المحنة إن أشير إلى صنيع فرعون، وأنها النعمة إن أشير بـه إلـى

.اإلنجاء فاللفظة إذن تعد من األضداد عند الزمخشري فقط إذ يرى أنها تحتمل المعنيين

ـــــــــــــــــــ

.292، ص1ابن فارس، مقاييس اللغة، مج) 1( .40، ص1أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج: ظران) 2( .361، ص1، ج1الطبري، جامع البيان، مج) 3( .68، ص1الزمخشري، الكشاف، ج) 4(

140

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

وإذ { :قوله تعالى ونشير إلى أن اآلية المدروسة قد تكررت بصيغ مختلفة نوعا ما فيفي أنجيناآم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءآم ويستحيون نساءآم و

ووردت هذه اآلية بصيغـة أخرى في ]. 141/األعراف[ }ذلكم بالء من ربكم عظيمن الكريم نرى أنها حسمت األمر في معنى كلمة بالء وهو قوله موضـع آخر من القرآ

وإذ قال موسى لقومه اذآروا نعمة الله عليكم إذ أنجاآم من آل فرعون { :تبارك وتعالىساءآم وفي ذلكم بالء من ربكم يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءآم ويستحيون ن

حيث يخبر موسى عليه السالم أن إنجاء اهللا تعالى المسلمين من ].6/إبراهيم[ }عظيم .عذاب آل فرعون هو نعمة من اهللا

:قد وردت في القرآن الكريم على ثالثة معان) بالء(وبالتالي نرى أن لفظة

نا جعلنا ما على األرض زينة لها لنبلوهم أيهم إ {:قوله تعالىك: االختبار أو االمتحان - ].7/الكهف[ }أحسن عمال

].33/الدخان[ }وآتيناهم من اآليات ما فيه بالء مبين { :كقوله تعالى: النعمة - :سامد*

].61/النجم[ }وأنتم سامدون {: قال اهللا تعالى :المعنى اللغوي للمفردة

السين والميم والدال أصل يدل على مضي قدما من غير ) سمد(« :يقول ابن فارس

سمدت اإلبل في سيرها إذا جدت ومضت على رؤوسها، ومن الباب السمود : تعريج، يقال

)1(»الذي هو اللهو، والسامد هو الالهي

ضداد، فهو في كالم أهل اليمن الالهي، والسامد في السامد من األ« :يويقول ابن األنبار

)2(»كالم طيء الحزين

:معنى المفردة عند المفسرين

.)3(الهون: سامدون أي: قال :أبو عبيدة*

ــــــــــــــــــ .100، ص3ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 1( .43ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 2( .239، ص2القرآن، جأبو عبيدة، مجاز ) 3(

141

ـــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــــــ: الفصل الثاني

وأنتم الهون عما فيه من العبر والذكر، معرضون عـن : وأنتم سامدون: قال :الطبري*

قلنــابنحـو الذي : آياته، يقال للرجل دع عنا سمودك، يراد به دع عنا لهوك، ثم قـال

غافلون، وقـال :في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه، فقال بعضهم

)1(مغنون، وقال بعضهم، مبرطمون: بعضهم

العبون، وقـال : شامخون مبرطمون، وقيل الهون): وأنتم سامدون(قال :الزمخشري*

)2(بعضهم لجاريته اسمدي لنا أي غني لنا

:خالصة المعنى

في اآلية الكريمة تعني الهون، ولم يوجـد أي ) سامدون(المفسرون على أن لفظة اتفق

إشكال فيها، ولم تخرج عن معناها اللغوي المعروف، وبالتالي ال نعتبر هذه اللفظة مـن

.األضداد القرآنية

: شرى*

].207/البقرة[ } هومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الل{ :قال اهللا تعالى :المعنى اللغوي للمفردة

أحدها يدل على تعارض : الشين والراء والحرف المعتل أصول ثالثة« :يقول ابن فارس

من االثنين في أمرين أخذا وإعطاء مماثلة، واآلخر نبت، والثالث هيج في الشيء وعلو،

: شريت: نه، وربما قالواشريت الشيء واشتريته، إذا أخذته من صاحبه بثم: فاألول قولهم

)3(»إذا بعت

اشتريت الشيء على معنى : اشتريت حرف من األضداد، يقال: يويقول ابن األنبار

شريت الشيء إذا بعته، : قبضته وأعطيت ثمنه، وهو المعنى المعروف عند الناس، ويقال

)4(وشريته إذا ابتعته

) شريت(أى ابـن فارس أن والفرق واضح بين قول ابن فارس وابن األنباري حـيث ر

ـــــــــــــــــ

.102، ص27، ج13الطبري، جامع البيان ، مج: انظر) 1( .43، ص4الزمخشري، الكشاف ، ج) 2( .266، ص3مقاييس اللغة، مج: ابن فارس) 3( .72، كتاب األضداد، صيابن األنبار: انظر) 4(

142 ـــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــــــــــــــــــ: الفصل الثاني

تستعمالن بمعنى واحد، وهو قبض الشيء وإعطاء ثمنه، ورأى أن التي قد ) اشتريت(و

أما ابن األنباري فقد اتفق مع ابـن فارس فـي أن.فقط) شريت(بعت هي: تستعمل بمعنى

: عمل بالمعنيين أيفرأى أنها تست) شريت(تستعمل بالمعنى المعروف فقط، أما ) اشتريت(

. الشراء والبيع

:معنى المفردة عند المفسرين

.)1(يبيعها: أي) ومن الناس من يشري نفسه: ( قال :أبو عبيدة*

ومن الناس من يبيع نفسه بما وعد اهللا المجاهدين في : يعني جل ثناؤه«: قال :الطبري* ن المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم إن الله اشترى م{ :سبيله وابتاع به أنفسهم بقوله

.»] 111/التوبة[ }الجنةيبيعها أي يبذلها في الجهاد، وقيل يأمر بالمعروف ) يشري نفسه: (قال :الزمخشري*

)2(وينهى عن المنكر حتى يقتل

:خالصة المعنى

يبيع، وقد وردت اللفظة : لكريمة هوفي اآلية ا) يشري(اتفق المفسرون على أن معنى م لو آانوا ــــــــــــه أنفسهــئس ما شروا بـولب{ :بهذا المعنى في آيات أخرى كقوله تعالى

فليقاتل في { :، وأيضا في قوله تعالى)باعوا به أنفسهم(أي ] 102/البقرة[}ونــــــــــيعلم، وكذلك في )يبيعون: (، أي]74/النساء[ }شرون الحياة الدنيا باآلخرةيذين سبيل الله ال

في قصة يوسف ) باعوه: (، أي]20/يوسف[ } وشروه بثمن بخس{ :قولــه جل شأنه . عليه السالم

نها تستعمل من األضداد في القرآن الكريم وال نعني بذلك أ" شرى"وبالتالي تعد لفظة

بالمعنيين الضدين في اآلية الواحدة ولكنها جاءت بالمعنيين المتضادين على سبيل التوزيع

في اآليات الكريمة، فلم يحدث خالف بين المفسرين في تحديد معنى اللفظة في اآلية

الواحدة نظرا لتوفر الشروط المساعدة على تحديد المعنى في كل آية وردت فيها سواء

.ئن اللغوية أو القرائن الحالية كأسباب النزولمن القرا

ــــــــــــــــــ .426، ص2، ج2الطبري، جامع البيان، مج) 1( .127، ص1الزمخشري، الكشاف، ج) 2(

143

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

في القرآن الكريم جاءت بمعنى البيع في اآليات ) شرى(ة وتجدر اإلشارة هنا إلى أن لفظ

، أما في بقية االستعماالت في القرآن الكريـم)شريت(األربعة المذكورة فقط وكلها بلفظة

.بمعنى االستبدال أي قبض شيء وإعطاء ثمنه) اشتريت(فقد جاءت بلفظة يشتري لهو الحديث ليضل عن ومن الناس من { :نذكر على سبيل المثال قوله تعالى

].6/لقمان[ }سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهينالله فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند { :وفي قوله جل شأنه

].79/البقرة[ }ليشتروا به ثمنا قليال فويل لهم مما آتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون :صريخ*

].43/يس[ }لهم وال هم ينقذون يخصر وإن نشأ نغرقهم فال{ :قال اهللا تعالى :مفردةالمعنى اللغوي لل

الصاد والراء والخاء أصل يدل على صوت رفيع، من ذلك ) صرخ(« : يقول ابن فارس

: المستغيث، والصارخ: الصراخ، يقال صرخ يصرخ وهو إذا صوت، ويقال الصارخ

ما أنا بمصرخكم وما :المغيث، ويقال بل المغيث مصرخ، لقوله تعالى في قصة من قال

رخصبم أنتم1(» ي(

أن الصريخ والصارخ من األضداد، يقال صارخ وصريخ للمغيث، يويرى ابن األنبارال مغيث :أي }لهم يخفال صر{ :صارخ وصريخ للمستغيث، ويرى أن معنى قوله تعالى

ما : أي] 22/إبراهيم[ }ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي { :لهم، وأن معنى قوله تعالى )2( .أنا بمغيثكم

:معنى المفردة عند المفسرين

)3(. ال مغيث لهم) ال صريخ لهم: (قال :أبو عبيدة*

ـــــــــــــــــ .348، ص3ابن فارس، مقاييس اللغة، مج) 1( .80، كتاب األضداد، صيابن األنبار: انظر) 2( .162، ص2أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج) 3(

144

ــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــ: الثاني الفصل

وإن نشأ نغرق هؤالء المشركين إذا ركبوا الفلك في : يقول تعالى ذكره« :قال :الطبري*

فال مغيث لهم، إذا نحن أغرقناهم يغيـثهم، فينجـيهم مـن : يقول) فال صريخ لهم(البحر

.)1(»الغرق

وال هـم (ال مغيث أو ال إغاثة، يقال أتاهم الصريخ ): ال صريخ(« :قال :الزمخشري*

.)2(»ال ينجون من الموت بالغرق) : ينقذون

:خالصة المعنى

ألن سياق " مغيث"في اآلية الكريمة هو " صريخ"اتفق المفسرون على أن معنى لفظة

، ألنها لم تأت .ضداد القرآنيةاآلية يقتضي هذا المعنى، وبالتالي ال نعد هذه اللفظة من األ

نالحظ هذا المعنى أيضا في ) المغيث: (في القرآن الكريـم إال بهذه الداللـة، أي

قولــه

، ولم تأت اللفظة بالداللة الثانية لها } ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي { :تعالـى : وهي

.في القرآن الكريم) المستغيث( : ريمص*

].20/القلم[ } فأصبحت آالصريم { :قال اهللا تعالى :المعنى اللغوي

الصاد والراء والميم أصل واحد صحيح مطرد، وهو القطع، والصريم : يقول ابن فارس

وكيف كان فهو من القياس ألن كل واحد منهما يصـرم .فيقال إنه اسم الصبح واسم الليلريم { : هللا تعالىصاحبه وينصرم عنه، قال ا بحت آالص ـ : يقول } فأص ودت احترقت فاس

ويرى ابن األنباري أن لفظة الصريم من األضداد، فيقال لليل صـريم وللنهـار )3(كالليلبحت { :صريم، ألن كل واحد منهما يتصرم من صاحبه، وذكر أن معنى قوله تعالى فأص

)4( .أي كالليل األسود }آالصريم على تدل"الصريم"قد اتفقا على أن لفظة يوبالتالي يكون كل من ابن فارس وابن األنبا ر

ـــــــــــــــــــ .17، ص23، ج12الطبري، جامع البيان، مج) 1( .288، ص3الزمخشري، الكشاف، مج) 2( ).345-344(، ص3ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 3( .84ري، كتاب األضداد، صابن األنبا: انظر) 4(

145

ـــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــــ: الفصل الثاني

".الليل"وأن معناها في اآلية القرآنية الكريمة هو ) الليل والنهار(معنيين متضادين هما

:معنى المفردة عند المفسرين

ل وهو الليل، وكل رملة انصرمت من معظـم الرمـل انصرم في اللي: قال :ةأبو عبيد*

)1(.فهي الصريمة

معنى ذلـك : اختلف أهل التأويل في الذي عني بالصريم، فقال بعضهم« :قال :الطبري*

: بل معنى ذلك: فأصبحت جنتهم محترقة سوداء كسواد الليل المظلم البهيم، وقال آخرون

)2( »فأصبحت كأرض تدعى الصريم معروفة بهذا االسم

كالمصرومة لهالك ثمرها وقيل الصريم الليل، ) فأصبحت كالصريم: (قال :الزمخشري*

أي احترقت فاسودت، وقيل النهار أي يبست وذهبت خضرتها أو لم يبق شيء فيها مـن

)3( حاصدين) صارمين(قولهم بيض اإلناء إذا فرغه، وقيل الصريم الرمال،

:خالصة المعنى

، )سورة القلـم (في القرآن الكريم إال في موضع واحد، وهو في )صريم(لم ترد لفظة

في اآليـة ) صريم(الحظنا أن أبا عبيدة هو الوحيد الذي حسم األمر في معنى لفظة وقد

الليل، في حين اكتفى الطبري بعرض االختالف القائم بين أهل : الكريمة، فذكر أن معناها

د المعنيين، وفعل الزمخشري األمر نفسـه إال التأويل حول معنى اللفظة دون ترجيح أح

أن االختالف بينهما يتمثل في أن المعنيين اللذين ذكرهمـا الطبـري غيـر متضـادين،

، أما المعنيين اللذين ذكرهما الزمخشري )الليل البهيم المظلم، أرض تدعى الصريم:(وهما

الطبري والزمخشـري فـي ، ونظرا لتردد كل من )الليل، النهار:(فهما متضادين، وهما

.تحديد معنى اللفظة في اآلية الكريمة نظم هذه اللفظة إلى األضداد القرآنية

:ظن* ].46/البقرة[ }الذين يظنون أنهم مالقو ربهم وأنهم إليه راجعون{ :قال اهللا تعالى

ـــــــــــــــــ .265، ص2ج أبو عبيدة، مجاز القرآن،) 1(الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق بشار عواد معروف، عصام فارس الحرشاني، مؤسسة ) 2(

).349-348(، ص7، ج1، ط1994الرسالة، بيروت، .128، ص4الزمخشري، الكشاف ، ج) 3(

146

القرآن الكريمــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير ــــــــــــــــــ: لفصل الثانيا

:المعنى اللغوي للمفردة

. يقين وشك: الظاء والنون أصل صحيح يدل على معنيين مختلفين: يقول ابن فارسقال الذين {:ثم قال أن معنى قوله تعالى. ظننت ظنا، أي أيقنت: اليقين فقول القائل فأمـا

يوقنون، وأن العرب تقول ذلك وهـو : أعلم، واهللا]249/البقرة[ }يظنون أنهم مالقو الله .القرآن كثير في

الشك، يقال ظننت الشيء، إذا لم تتيقنه، ومن ذلك الظنة التهمة، والظنين : واألصل اآلخر

)1(المتهم

أحـدهما : معنيـان متضـادان : تقع على معان أربعة" ظن"أن لفظة يويرى ابن األنبار

.فيهالذي ال شك نالشك، واآلخر اليقي

وأما معنى الشك فأكثر من أن تحصى شواهده، وأما معنى اليقين فمنه قول اهللا عـز ].12/الجن[ }وأنا ظننا أن لن نعجز الله في األرض ولن نعجزه هربا { :وجل

.علمنا): ظننا(فمعنى دوا ـــــــعوها ولم يجـم مواقــفظنوا أنه ورأى المجرمون النار{ :وأيضا في قوله تعالى

}رفاـــــــعنها مص .فعلموا بغير شك: معنى ذلك].53/الكهف[

)2(.أما المعنيان غير المتضادين فأحدهما الكذب واآلخر التهمة

:معنى المفردة عند المفسرين

يقين، وشك، ثم : نون، فالظن على وجهينيوق: معناها) الذين يظنون: (قال :أبو عبيدة*

" :دريد بن الصمة"استشهد بقول

فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المتسرد

)3(.أيقنوا: وقال أن ظنوا هنا بمعنى

وقد استخدم أسلوب جيد في اإلعراب عن معنى اآلية انظر كيف يوضح لنـا :الطبري*

وكيف أخبر اهللا جل ثناؤه عمن قـد : إن قال لنا قائل: ائع حيث قالمعنى اآلية في بيان ر

ـــــــــــــــــ ).463- 462(، ص3ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 1( ).15-14(ابن األنباري، كتاب األضداد، ص: انظر) 2( ).40-39(، ص1أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج) 3(

147

ــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــــ: الفصل الثاني

شك، والشاك في لقاء اهللا عندك : وصفه بالخشوع له بالطاعة أنه يظن أنه مالقيه، والظن

إن العرب قد تسمي اليقين ظنا، والشك ظنا، نظير تسميتـهم الظلمـة : باهللا كافر؟ قيل له

ا، والمستغيث صارخا، وما أشـبه ذلـك مــن سدفة، والضياء سدفة، والمغيث صارخ

األسماء التي يسمى بها الشيء وضده، ومما يدل على أنه يسمي به اليقين قول دريد بن

" ظن"الصمة السابق ذكره عند أبي عبيدة، ويستشهد بذكر آيـة أخرى استعملت فيها لفظة

سرين ثـم يبـدأ فـي ذكـر وبمثل الذي قلنا في ذلك جاء تفسير المف: ثم قال.بمعنى أيقن

)1(الروايات

أي يتوقعون لقاء ثوابه ونيل ما عنده ويطمعون فيـه، وفي مصحف: قال :الزمخشري*

عبد اهللا يعلمون، ومعناه يعلمون أن البد من لقاء الجزاء فيعملون على حسب ذلك ولذلك

)2(.فسر يظنون بيتيقنون

:خالصة المعنى

قد جاءت في القرآن الكريم ) ظن(ذكر أن لفظة الحظنا حسب األقوال سابقة ال

فقد ورد كثيرا ) الشك(، أما فيما يخص معنى )الشك واليقين: (بالمعنيين المتضادين وهما

وما لهم به من علم إن {:قوله تعالى –على سبيل المثال - في القرآن الكريم، ونذكر

{:وفي قوله جل شأنه]. 28/النجم[ }ظن ال يغني من الحق شيئايتبعون إال الظن وإن ال

].32/الجاثية[ } قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إال ظنا وما نحن بمستيقنين

مفسرين وقد أفادت اللفظة معنى اليقين في بعض اآليات، وقد تعرضنا لواحدة منهم عند الالذين يظنون أنهم {: الثالثة الذين اتفقوا على أنها أفادت معنى اليقين في قوله عز وجل

:، أما بقية اآليات فهي} مالقو ربهم وأنهم إليه راجعون }وها ولم يجدوا عنها مصرفاورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقع{ :قوله تعالى

].53/الكهف[ ].12/الجن[ }وأنا ظننا أن لن نعجز الله في األرض ولن نعجزه هربا{ :وقوله عز وجل ].20/الحاقة[ }إني ظننت أني مالق حسابيه { :وقوله جل شأنه

ــــــــــــــــــــ ).345- 344(، ص1، ج1الطبري، جامع البيان، مج: انظر) 1( ). 67-66(، ص1الزمخشري، الكشاف، ج )2(

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

].28/يامةالق[ }وظن أنه الفراق{ :وفي قوله تبارك وتعالىمن األضداد القرآنية حيث وردت بالمعنيين المتضادين ) ظن(وبالتالي يمكننا اعتبار لفظة

على سبيل التوزيع في اآليات القرآنية الكريمة، وقد لعب السياق دوره في تحديد إحدى

.الداللتين في كل آية

:عسعس* ].17/يرالتكو[ }والليل إذا عسعس{ :قال اهللا تعالى

:المعنى اللغوي للمفردة

العين والسين أصالن متقاربان أحدهما الدنو من ) عس(« ": المقاييس"يقول ابن فارس في

الشيء، وطلبه، والثاني خفة في الشيء، ويقال عسعس الليل إذا أقبل وعسعست السـحابة

س الليـل إذا إذا دنت من األرض ليال، وال يقال ذلك إال ليال في ظلمة، فأما قولهم عسـع

أدبر، فخارج عن هذين األصلين، والمعنى في ذلك أنه مقلوب من سعسع إذا مضى، وهذا

)1(») سع(من باب

)2(عسعس الليل إذا أدبر وأقبل، وهو من األضداد: وفي مجمل اللغة قال

فهو مـن بـاب ) اإلدبار(إذن األصل اللغوي في كلمة عسعس هو أقبل أما المعنى الثاني

).عسعس(وهو مقلوب سعسع

عسعس حرف من األضداد، يقال عسعس الليل إذا أدبر، وعسعس « :ويقول ابن األنباري

ل إذا عسعس {: إذا أقبل، وذكر أن الفراء قال في قول اهللا تعالى أجمع المفسرون } واللي

ظلـم، دنا من أوله وأ: عسعس: ادبر، وحكي عن بعضهم أنه قال" عسعس"على أن معنى

في اآلية فقال ) عسعس(وذكر رواية عن ابن عباس الذي سأله نافع بن األزرق عن معنى

: فهل كانت العرب تعرف هـذا ؟ قـال : أقبلت ظلمته، فقال له نافع: عسعس: ابن عباس

:نعـم، أما سمعت قول امرئ القيس

148

)3(عسعس حتى لو يشاء د نى كان له من ناره مقبس

ـــــــــــــــــ .42، ص4ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 1( .614، ص3ابن فارس، مجمل اللغة، مج: انظر) 2( ).33-32(ابن األنباري، كتاب األضداد، ص: انظر) 3(

149

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم : الفصل الثاني

:معنى المفردة عند المفسرين

)1(»قال بعضهم إذا أقبلت ظلماؤه، وقال بعضهم إذا ولى أال تراه« : قال :و عبيدةأب*

ونالحظ هنا أن أبا عبيدة لم يرجح أحد الرأيين على خالف ما ذكر ابن األنبـاري حيـث

.والفرق واضح بين القولين )2(» عسعس أدبر وأقبل جميعا: قال أبو عبيدة«:قال

: ، فقال بعضهم} ل إذا عسعســـــواللي {: ويل في قولهاختلف أهل التأ: قال :الطبري* عنى

) إذا عسعس(عنى بقوله : إذا أدبر وذكر من قال ذلك، وقال آخرون) إذا عسعس: (بقوله

وأولى : ثم رجح الطبري الرأي األول بقوله. إذا أقبل بظالمه، وذكر أيضا من قال ذلك

واسـتدل بقـول .إذا أدبر: قول من قال معنى ذلك التأويليـن في ذلك بالصواب عندي

وقال بأن هذا يدل على أن اهللا جـل ثناؤه ] 18/التكوير[ }والصبح إذا تنفس {:اهللا تعالى

عسعس الليل وسعسع الليل : أقسـم بالليل مدبرا، وبالنهار مقبال، وذكر أن العرب تقول

.)3(يرإذا أدبر، ولم يبق منه إال اليس

: عسعس الليل وسعسع إذا أدبر، واستشهد بقول العجاج: قال :الزمخشري*

حتى إذا الصبح لها تنفسا وانجاب عنها ليلها وعسعسا

إذا أقبـل ) قلـت (ما معنى تنفس الصبح ) فإن قلت(وقيل عسعس إذا أقبل ظالمه : ثم قال

)4(ز وقيل تنفس الصبحالصبح بإقباله روح ونسيم، فجعل ذلك نفسا له على المجا

:خالصة المعنى

ل إذا عسعس { :الحظنا أن أبا عبيدة لم يصرح برأيه في معنى قولـه تعـالى ،}واللي ولكنه

اكتفى بذكر كالم بعض أهل اللغة مما يدل على أنه متردد في تحديد داللة المفردة، أمـا

وذكر الطبـري . أدبر): عسعس(أن معنى الطبري والزمخشري فقد ذهب كل منهما إلى

أن أهل التأويل اختلفوا في معنى المفردة فمنهم من ذهب إلى أن معناها أدبر، ومنهم من

قال أن معناها أقبل بظالمه، ولكن الطبري رجح معنى اإلدبار مستندا في ذلك إلى قرينة

ـــــــــــــــــــ .614، ص2أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج) 1( . 33ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 2( .30، ج15الطبري، جامع البيان، مج: انظر) 3( ).190-189(، ص4الزمخشري، الكشاف، ج) 4(

150

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

بح إذ { :السياق وهي قوله تعالىمن نفس والص وتنفس الصبـح إقبـــاله، وهـو }ا ت تنبيه

الليل، والذي نرجحه قول الطبري إذ اعتمد على قرينة السياق في تحديـد معنـى بإدبار

.المفردة، وهو من أحسن القرائن المساعدة على تحديد الدالالت خاصة في القرآن الكريم

نظـرا الخـتالف وتـردد بعـض ولكن يمكننا اعتبار هذه اللفظة من األضداد القرآنية

. المفسرين حول داللتها وهي لم ترد إال في هذه اآلية

: قرء* ].228/البقرة[ }والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة قروء { :قال اهللا تعالى

:المعنى اللغوي للمفردة

صل صحيح يـدل علـى جمـع القاف والراء والحرف المعتل أ) قرى: (يقول ابن فارس

واجتماع، من ذلك القرية سميت قرية الجتماع الناس فيها، ومن هذا الباب القرو، وهـو

كل شيء على طريقة واحدة، تقول رأيت القوم على قرو واحد، وإذا همز هذا الباب كان

هو واألول سواء، يقولون ما أقرأت هذه الناقة سلى، كأنه يراد أنها مـا حمــلت قـط،

: وقـالوا

ومنه القرآن، كأنه سمي بذلك لجمعه ما فيه من األحكام والقصص وغير ذلك، فأما أقرأت

المرأة فيقال إنها من هذا أيضا، وذكروا أنها تكون كذا في حال طهرها كأنها قد جمعـت

خروجها من طهر إلى حـيض، : إنما إقراؤها: دمها في جوفها فلم ترخه، وناس يقولون

: وقت يكون للطهر مرة وللحيض مرة، ويقولـون : والقرء: إلى طهر، قالوا أومن حيض

وجملة هذه الكلمة أنها مشكلة، وذكر أن ناس مـن الفقهـاء : ثم قال. هبت لقارئها الرياح

.)1(زعموا أنها ال تكون إال في الطهر

الطهر عند أهـل أما ابن األنباري فقد رأى أن القرء حرف من األضداد، ألنه يدل على

الحجاز، ويدل على الحيض عند أهل العراق، ويقال في جمعه أقراء وقروء، وذكـر أن

قد أقرأت المرأة إذا دنا حيضها، وأقرأت إذا دنا طهرها، وذكر : األصمعي وأبو عبيدة قاال

أقرأت إذا حاضت، وأقـرأت : هذه رواية أبي عبيد عنهما، وروى غيره: أن أبا بكر قال

. )2(بغير ألف في المعنيين جميعا" قرأت: " رت، وحكى بعضهمإذا طه

ــــــــــــــــــــ ).79-78(، ص5ابن فارس، مقاييس اللغة، مج: انظر) 1( ).29-27(ابن األنباري، كتاب األضداد، ص: انظر )2(

151

لكريمــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن اــــــــ: الفصل الثاني

:معنى المفردة عند المفسرين

: والتربص أن ال تقدم على زوج حتى تقضي ثالثة قروء، واحـدها « :قال :أبو عبيدة*

، وكل قد أصاب ألنه خـروج مـن "الطهر"، وقال بعضهم "الحيضة"قرء، فجعله بعضهم

بل هو الطهر فخرجت مـن : شيء إلى شيء، فخرجت من الطهر إلى الحيض، ومن قال

)1(»قد أقرأت النجوم إذا غابت : ض إلى الطهر، وأظنه أنا من قولهم الحي

ذكر أن أهل التأويل قد اختلفوا في تأويل القرء الذي عنـاه اهللا فـي اآليـة :الطبري*

ثالثـة (هو الحيض، وذكر أربعة وثالثون رواية تفيد أن معنـى : الكريمة، فقال بعضهم

رء الذي أمر اهللا تعـالى ذكـره المطلقـات أن بل الق: ثالثة حيض، وقال آخرون) قروء

.)2(الطهر، وذكر ستة وعشرون رواية تفيد أن األقراء تعني األطهار: يعتددن به

والقروء في كالم العرب جمع قرء، « :في كالم العرب فقال" القرء"ثم ذكر الطبري معنى

ذات حـيض إذا صـارت : أقرأت المـرأة : وقد تجمعه العرب أقراء، يقال في فعل منه

الوقت لمجيء الشيء المعتاد : في كالم العرب" القرء"وأصل . وطهر، فهي تقرئ إقـراء

: لوقت معلوم، وإلدبار الشيء المعتاد إدباره لوقت معلوم، ولذلك قالت العـرب مجيئـه

إذا جاء وقت أفوله، وأقرأ إذا : دنا قضاؤها، وأقرأ النجم: قرأت حاجة فالن عندي، بمعنى

ثم بين أن محل اإلشكال في تفسير القرء في اآلية إنما هو راجع )3(»...عهجاء وقت طلو

ولما وصفنا من معنى القرء، أشكل تأويل قــول اهللا « :إلى كونه من األضداد حيث قال

ن على أهل التأويل ، فرأى بعضهم أ }المطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة قروء { :تعالـى

الذي أمرت به المرأة المطلقة ذات األقراء من األقراء أقراء الحيض، وذلك وقت مجيئـه

.لعادتـه التي تجيء فيه، فأوجب عليها تربص ثالث حيض بنفسها عن خطبة األزواج

ورأى آخرون أن الذي أمرت به من ذلك إنما هو أقراء الطهر، وذلك وقت مجيئه لعادته

.)4(»عليها تربص ثالثة أطهارالتي تجيء فيه، فأوجب

ــــــــــــــــــ .74، ص1أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج: انظر) 1( ).589-582(، ص2، ج2الطبري، جامع البيان، مج: انظر) 2( ).590-589(، ص2، ج2الطبري، جامع البيان، مج) 3( .590المصدر نفسه، ص) 4(

152

ـــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــــــــــــ: الفصل الثاني

تبين « : الطهر، حيث قال: في اآلية الكريمة هو" القرء"وقد ذهب الطبري إلى أن معنى

إذا إذ كان األمر على ما وصفنا أن القرء الثالث من أقرائها على ما بينا، الطهر الثالـث،

.)1(»ضاء عدتهاوأن بانقضائه ومجيء قرء الحيض الذي يتلوه انق

فإن ظن ذو غباء « :وقد عارض الرأي القائل بأن اللفظة قد تدل على المعنيين معا بقوله

إذ كنا قد نسمي وقت مجيء الطهر قرءا، ووقت مجيء الحيض قرءا، أنـه يلزمنـا أن

نجعل عدة المرأة منقضية بانقضاء الطهر الثاني، إذ كان الطهـر الـذي طلقهـا فيـه،

.)2(»ة التي بعده، والطهر الذي يتلوها، أقراء كلها، فقد ظن جهالوالحيض

وذلك أن الحكم عندنا في كل ما أنزله « :وقد دافع عن وجهة نظره من مبدأ أصولي فقال

اهللا في كتابه على ما احتمله ظاهر التنزيل ما لم يبين اهللا تعالى ذكره لعباده، أن مـراده

فـإذا . كتابه، أو على لسان رسوله صلى اهللا عليه وسـلم منه الخصوص، إما بتنزيل في

خص منه البعض، كان الذي خص من ذلك غير داخل في الجملة التي أوجب الحكم بها،

.)3(»وكان سائرها على عمومها

القروء جمع قرء أو قرء وهو الحيض بدليل قوله عليـه الصـالة «: قال :الزمخشري*

ولم، "طالق األمة تطليقتان وعدتها حيضتان: "وقوله" ئك دعي الصالة أيام أقرا"والسالم

ائكم إن {يقل طهران، وقوله تعالى ن نس يض م ن المح ن م ي يئس دتهن والالئ تم فع ارتب فأقام األشهر مقام الحيض دون األطـهار ألن الغـرض ] 4/الطالق[}أشهر ثالثة

العدة إستبراء الرحم والحيض هو الذي تستبرأ به األرحـام دون الطهـر، األصيل في

ولذلك كان االستبراء من األمة بالحيضة، ويقال أقرأت المرأة إذا حاضت، وامرأة مقرئ،

دفع فالن جاريته إلى فالنة تقرئها أي تمسكها عنـدها حتـى : وقال أبو عمرو بن العالء

.)4(» تحيض لالستبراء

:خالصة المعنى

من األمثلة المشهورة التي جرى الخالف حول معناها بين اللغـويين ) قرء(تعد لفظة روء { : والمفسريـن، فـي قولـه تعـالى حيـث }والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة ق

رأى ــــــــــــــــــ

.591، ص 2، ج2الطبري، جامع البيان، مج) 1( .صدر نفسه، والصفحة نفسهاالم) 2( .المصدر نفسه، والصفحة نفسها) 3( . 137، ص1الزمخشري، الكشاف، ج) 4(

153 ــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــــ: الفصل الثاني

أما ابن فارس بعد أن ذكر اآلراء المختلفة حول معنى القرء أن هذه اللفظة تعد مشكـلة،

.ابن األنباري فقد رأى أن اللفظة تدل على معنيين متضادين عند قبيلتين مختلفتين

أما المفسرون فقد رأينا أن أبا عبيدة بنى رأيه حول مفهوم القرء في اآلية الكريمة علـى

أساس لغوي محض، فرأى أن القرء يعني الوقت، في حين لم يتقيد الطبري بهذا المفهوم

بل بنى توجيهه لمعنى اآلية على اعتبارات أصولية وقرائن حالية، فقد رأى أنـه اللغوي

من الغباء والجهل أن نظن بأن اللفظة تدل على المعنيين معا وقد رجح معنى الطهر رغم

أن عدد الروايات التي ذهب أصحابها إلى أن القرء يفيد معنـى الحـيض فاقـت عـدد

.لى أن معنى القرء الطهرالروايات التي ذهب أصحابها إ

هو الحيض، وقد استدل علـى رأيـه ) القرء(أما الزمخشري فقد ذهب إلى أن معنى

.بحديث للرسول صلى اهللا عليه وسلم، وآية من القرآن الكريم

في حين نجد أن الطبري وهو سني وممثل للمنهج النقلي في القرآن الكريم لم يعتمد على

. واآلية القرآنية في توجيه معنى اللفظة هذا الحديث النبوي

الذي رأى أن القرء ال هو " محمد بدري عبد الجليل"ونجد رأيا ألحد الباحثين العرب وهو

تعالى بطهر، وال هو بحيض ألنه لو كان حيضا للزم لفظه نظما، وقد ورد قرآنا في قوله

،]222/البقرة[ }فاعتزلوا النساء في المحيض ويسألونك عن المحيض قل هو أذى { :جل شأنهوقوله

والالئي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثالثة أشهر والالئي لم يحضن{ ].4/الطالق[}

وال تقربوهن حتى يطهرن { :في قوله عز وجلولو كان طهرا للزم نظما وقد ورد قرآنا )1( ].222/البقرة[ }فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمرآم الله

:قد ذهب في تفسير قوله تعالى" المفردات"كما نجد أن الراغب األصفهاني في كتابه ثالثة دخول من ) ثالثة قروء(إلى أن معنى }فسهن ثالثة قروءوالمطلقات يتربصن بأن{

.أي أن القرء ليس هو الطهر وحده وليس هو الحيض وحده )2( .الطهر في الحيض

ــــــــــــــــ

،1986محمد بدري عبد الجليل، المجاز وأثره في الدرس اللغوي، دار النهضة العربية، بيروت، : انظر) 1( ).197-196(ص الراغب األصفهاني، المفردات في غريب القرآن، ضبط هيثم طعيمي، دار إحياء التراث العربي، بيـروت، : انظر) 2(

.418، ص1، ط2002

154

ـــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــــــــــــ: الفصل الثاني

للفظة في تفسير اآلية يدل على أنها تنتمي فعال ولعل هذا األثر العميق الذي تركته هذه ا

إلى األضداد القرآنية، وهي من أبرز األضداد التي حدث خالف بين المفسرين حول

.معناها

:قسط* ].15/الجن[ }وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا{ :قال اهللا تعالى :المعنى اللغوي

القاف والسين والطاء أصل صحيح يدل على معنيين متضادين ) قسط(« :يقول ابن فارسن الله يحب إ {:أقسط يقسط، قال اهللا تعالى: والبناء واحد فالقسط العدل، ويقال

: يقال.العدول عن الحق: ، والقسط بفتح القاف، الجور، والقسوط]42/المائدة[ }المقسطين )1(»إذا جار، يقسط قسطا : قسطقسط حرف من األضداد، يقال قسط الرجل إذا عدل، وقسط إذا « :ول ابن األنباريويق

وأما القاسطون فكانوا لجهنم { :، قال اهللا عز وجل"قسط"جار، والجور أغلب على :أقسط الرجل باأللف إذا عدل، ال غير، قال اهللا عز وجل: أراد الجائرون، ويقال }حطب

)2(» } الله يحب المقسطينن إ{ :معنى المفردة عند المفسرين

.لم يفسر هذه اآلية :أبو عبيدة*

توقد ) فكانوا لجهنم حطبا(أي الجائرون عن اإلسالم ) وأما القاسطون(« :قال :الطبري*

)3(.»بهم

بن الكافرون الجائرون عن طريق الحق، وعن سعيد ) القاسطون: (قال :الزمخشري*

ما تقول في قال قاسط عادل فقال : جبير رضي اهللا عنه أن الحجاج قال له حين أراد قتله

يا جهلة أنه سمـاني: ما أحسن ما قال سوا أنه يصفه بالقسط والعدل فقال الحجاج : القوم

وا ثم الذين آفر {:، وقوله تعالى)وأما القاسطون: (ظالما مشركا وتال لهم قوله تعالى وقد زعم من ال يرى للجن ثوابا أن اهللا تعالى أوعد قاسطيهم ،]1/ األنعام[ } بربهم يعدلون

ــــــــــــــــــــ

.85، ص5ابن فارس، مقاييس اللغة، مج) 1( .58كتاب األضداد، ص: ابن األنباري) 2(

.388، ص1، ط1994جامع البيان، : الطبري) 3(

155

ــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــــ :الفصل الثاني

، فذكر ]14/ الجن[ }فأولئك تحروا رشدا{: ومـا وعد مسلميهم، وكفى به وعدا أن قال )1(.سبب الثواب، وموجبه واهللا أعدل من أن يعاقب القاسط، وال يثيب الراشد

:خالصة المعنى

: في اآلية الكريمة هـو ) القاسطون(ن الطبري والزمخشري على أن معنى اتفق كل م

الجائرون، إال أن الزمخشري قد أشار إلى أن الخالف قد وجد بين الناس حـول معنـى

-ذكر ذلك في رواية عن الحجاج–" القاسط"

ابن األنباري ذكر أن قسط(ورأينا أن (ين همامن األضداد ألنها تدل على معنيين متضاد :

، ولكن إذا جئنا إلى القرآن الكريم وجدنا أن)قسط(، وأن الجور أغلب على )عدل، وجار(

وإن حكمت { :عدل هي األكثر ورودا، نذكر على سبيل المثال قوله تعالى: قسط بمعنى ، وفـي قولـه جـل ]42/المائدة[ } فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين

].3/النساء[ }وإن خفتم أال تقسطوا في اليتامى{ :شأنــهبمعنى جار فهي لم ترد سوى في موضعين هما اآلية المدروسة، واآلية التي ) قسط(أما

سلم فأولئك تحروا وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أ{ :تسبقها، وهي قوله تعالى ].14/الجن[ }رشدا

جاءت بالمعنيين المتضادين في القرآن الكريم إال أنه لم ) قسط(وبالرغم من أن لفظة

يحدث إشكال في تحديد الداللة المقصودة بين المفسرين ألنها جاءت في موضعين فقط

مكننا اعتبار هذه اللفظة من بمعنى الجور، وفي بقية المواضع جاءت بمعنى العدل، وي

األضداد القرآنية ألنها استعملت بالمعنيين المتضادين على سبيل التوزيع في اآليات

.القرآنية الكريمة

*ند: ].22/البقرة[ } فال تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون { :قال اهللا تعالى

:المعنى اللغوي للمفردة

النون والدال أصل صحيح يدل على شرود وفراق، وند البعير ندا) ند(« :فارسيقول ابن

ــــــــــــــــــــ .148، ص4الزمخشري، الكشاف، ج: انظر )1(

156

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

لند والنديد، الذي يناد في األمر، أي يأتي ذهب على وجه شاردا، ومن الباب ا: وندودا

)1(»برأي غير رأي صاحبه

الند يقع على معنيين متضادين، يقال فالن ند فالن إذا كان ضـده، «:ويقول ابن األنباريتم { :وفالن نده إذا كان مثله، وفسر الناس قول اهللا عز وجـل دادا وأن ه أن وا لل ال تجعل ف

)2(»على جهتين }علمونت :معنى المفردة عند المفسرين

:واحدها ند، ومعناها أضداد، قال حسان بن ثابت) أنداد: (قال :أبو عبيدة*

أتهجوه ولست له بند فشركما لخيركما الفداء

سابق -العدل والمثل، وذكر بيت حسان بن ثابت: واألنداد جمع ند، والند: قال :الطبري*

لست له بمثل وال عدل، وكـل شـيء كـان : ولست له بند: (يعني بقوله: ثم قال -ذكرال

ا فهو له ندا لشيء وله شبيها.(نظيرفاهللا ينهـى عبـاده أن .أي عدالء) فال تجعلوا هللا أنداد

)3(يشركوا به شيئا، أو يتخذوا له ندا وعدال في الطاعة

الند المثـل وال يقـال إال للمثـل المخـالف ال تتخذوا هللا شركاء، و: قال :الزمخشري*

)4( .المناوئ

:خالصة المعنى

نالحظ بأن أبا عبيدة ذهب إلى أن معنى أندادا أضدادا باعتبار أن اتخاذ شـركاء هللا فـي

الحقيقة هم أضداد له أي ال يرقون ألن يكونوا مثله في شيء فهو الواحد األحد الذي لـه

ا الطبري فإنه اعتمد على المعنى اللغوي للمفـردة وهـو ملكوت السموات واألرض، أم

أما الزمخشري فنالحظ أنه قيد إطالق كلمة ند على المثل المخالف .المثل والعدل والنظير

فقد يجعل الكفار هللا مثال في اعتقادهم الواهم الخـاطئ كجعلهـم ) المناقض(المناوئ أي

وهية الحقة ال تنطبق على الصـنم فهم ت األلالصنم إالها ولكنه في الواقع ضد ألن صفا

ــــــــــــــــــ .355، ص5ابن فارس، مقاييس اللغة، مج) 1( ). 24-23(ابن األنباري، كتاب األضداد، ص) 2( ).214-213(، ص1، ج1الطبري، جامع البيان، مج: انظر) 3( .47، ص1الزمخشري، الكشاف، ج) 4(

157

ـــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمـــــــ: الفصل الثاني

غير قادر على أي شيء واهللا قادر على كل شيء، والصنم مرئي ومعروف الماهية، واهللا

ال يرى وال تعلم ماهيته، فالواقع أن هذا المثل هو ضد في كل الصفات، هو مثل باالعتقاد

.فقط

قد وفق في تفسير اللفظة رغم أن أبـا عبيـدة وهـو -نابرأي-وبالتالي يكون الزمخشري

األضداد أيضا وانحرف به عن ) األنداد(معروف بالتفسير اللغوي فقد ذهب إلى أن معنى

المعنى اللغوي المعروف، وبالتالي يكون الطبري الوحيد الذي لم يعرج بمفهوم اللفظة ولم

. يبتعد عن مفهومها اللغوي

:وراء* ].79/الكهف[ }وآان وراءهم ملك يأخذ آل سفينة غصبا{ :تعالىقال اهللا

:المعنى اللغوي للمفردة

الواو والراء والحرف المعتل بناء على غير قياس، وكلمة ) ورى(« :يقول ابن فارس

يكون داء يداخل الجسم، وري جلده يري وريا، وأما قولهم وراءك فإنـه : أفراد، فالوري

أي أمامهم، ويقال }وآان وراءهم ملك { :من خلف، ويكون من قدام، قال اهللا تعالى »]71/هود[ }ومن وراء إسحاق يعقوب { :ولد الولد، أراد بذلك تفسير قوله تعالى:الوراء

)1( ، ووراءك أي وراء من األضداد، يقال للرجل وراءك، أي خلفـك « :ويقول ابن األنباري

)2(»يريد من ولد ولده ]10/الجاثية[ } من ورائهم جهنم { :أمامك، قال اهللا عز وجل :معنى المفردة عند المفسرين

: أي بين أيديهم وأمامهم، قال) وكان وراءهم ملك(قال :أبو عبيدة*

أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفالة ورائيا

)3(ماميأ: أي

وقد جعل بعض أهل المعرفة بكالم : وكان أمامهم وقدامهم ملك، ثم قال: قال :الطبري*

من حروف األضداد، وزعم أنه يكون لما هو أمامه ولما خلفه، واستشهـد " وراء"العرب

: لصحة ذلك بقول الشاعر

ــــــــــــــــــــ .104، ص6ابن فارس، مقاييس اللغة، مج) 1( .68ن األنباري، كتاب األضداد، صاب) 2( .412، ص1أبو عبيدة، مجاز القرآن، ج) 3(

158

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفالة ورائيا

: الصواب في ذلك، وإنما قيل لما بين يديه وقد أغفل وجه: ثم قال الطبري.أمامي: بمعنى

إذا كان مالقيك كأنه من : فأنت مالقيه كما هو مالقيك، فصار: هو ورائي ألنك من ورائه

وكان بعض أهل العربية من أهل الكوفة ال يجيز أن يقـال : ورائك، وأنت أمامه، ثم قال

إنما يجوز : و أمامي، ويقوله: هو ورائي، وال إذا كان وراءك أن يقال: لرجل بين يديك

وراءك برد شديد، وبين يـديك حـر : ذلك في المواقيت من األيام واألزمنة كقول القائل

شديد، ألنك أنت وراءه، فجاز ألنه شيء يأتي، فكأنه إذا لحقك صار من ورائك، وكأنـك

)1( .إذا بلغته صار بين يديك، قال فلذلك جاز الوجهان

وم { :أمامهم، كقوله تعـالى ) وراءهم(: قال :الزمخشري* ى ي رزخ إل م ب ن ورائه وم )2(.، وقيل خلفهم]100/المؤمنون[ }يبعثون

:خالصة المعنى

في اآلية الكريمة هو أمام، في ) وراء(اتفق كل من أبي عبيدة والطبري على أن معنى

إال أنه ذكر أن هناك من ذهب ) أمام(حين تردد الزمخشري وإن كان قد سبق ذكر معنى

على تردده وعدم تأكده، وبالتالي يمكننا عد - ربما–، وهذا يدل )خلف(إلى أن المعنى هو

بمعنى جاءت ) وراء(من األضداد في القرآن الكريم، ونشيـر إلى أن لفظة " وراء"لفظة

، ]16/إبراهيم[ }ويسقى من ماء صديد من ورائه جهنم { :أيضا في قوله تعالى) أمام( في كثير من اآليات، نذكر على سبيل ) خلف: (وقد استعملت أيضا بمعناها المعروف وهو

ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من { :المثال قوله تعالى ].101/البقرة[ } ظهورهم آأنهم ال يعلمون وراءلكتاب آتاب الله الذين أوتوا ا

حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وراءوإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من { :وقوله جل شأنه ].53/األحزاب[ }وقلوبهن

.ره في تحديد الداللة المقصودة في تلك اآلياتوقد لعب السياق دو

.هي من األضداد القرآنية على سبيل التوزيـع في اآليات الكريمة) وراء(وبالتالي فلفظة

ـــــــــــــــــــ ).11-10(، ص16، ج9الطبري، جامع البيان، مج: انظر) 1( .399، ص2الزمخشري، الكشاف، ج) 2(

159

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

:موقف المفسرين الثالثة من ظاهرة التضاد -2

:موقف أبي عبيدة -أ

الحظنا من خالل قائمة األلفاظ األضداد المدروسة في القرآن الكريم عند أبي عبيـدة

أللفاظ تنوع بين ثالثة مواقف نذكرها فيمـا أن موقفه حيال هذه ا" مجاز القرآن"في كتابه

:يلي

على األخرى، ونلمس ذلك اقد يكتفي بذكر الداللتين المتضادتين دون ترجيح إحداهم :أوال

).أخفيها، عسعس، قروء: ( في تفسيره لأللفاظ التالية

خـالف ال يتعرض مطلقا لتفسير اآلية التي حوت اللفظة، وربما يعود ذلك لشدة ال :ثانيا

بأي رأي، وقد يكون ذلك حيطة وحذرا منه، ونلمس ذلك في حولها، أو ربما لعدم اقتناعه

).سجرت، بشر، القاسطون: (عدم تفسيره لآليات التي شملت األلفاظ التالية

يذكر مباشرة المعنى الذي يراه صوابا مع التعليل أحيانا ببيت شـعري، وال يعلـل : ثالثا

ما يكتفي بذكر رأيه لينتقل مباشرة لآلية التي تليها، وتلك األلفاظ التـي أحيانا أخرى، وإن

: هـي -وإن كان مخالفا في بعض األحيـان للطبـري والزمخشـري –حسم فيها رأيه

).المسجور، أمة، بالء، سامدون، يشري، صريخ، صريم، يظنون، أندادا، وراءهم(

حيث ذكر ) أسر(حدة وهي لفظة باإلضافة إلى هذه المالحظات نخص بالذكر لفظة وا

:اللغويون أن أبا عبيـدة له رأي مخالف في معـناها مع بقية المفسرين في قوله تعـالى

مجاز "فلم يفسر أبو عبيدة هذه اآلية في كتابه }وأسروا الندامة لما رأوا العذاب{ وقد اتفق بقية المفسرين على ) أظهروا(وذكر اللغويون أنه ذهب إلى أن معناها "القرآن

وأسروا النجوى { :، ولكنه فسر اللفظة في قوله تعالى)كتموا وأخفوا الندامة: (أن معناها .أظهروا، وقد وافقه الطبري في ذلك وخالفه الزمخشري: بمعنى }الذين ظلموا

نا وحسب القائمة المنتقاة حسب اطالع- " األضداد"وقد أشار أبو عبيدة إلى مصطلح

وهي من حروف : (حيث قال) أخفى(في موضع واحد وبالضبط في لفظة - للدراسة

).األضداد

ويمكننا القول عموما أن أبا عبيدة قد التزم في كل مرة بتطبيق منهجه اللغوي، فال أثر

، وعنـد حضورظ المدروسة، فهو يحتكم إلى النص، أو اللغةللروايات في تفسيره لأللفا

160

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

القرائن اللغوية فإنه ال يتردد في ذكر المعنى الذي يرجحه السياق، واقتصاره على

ثيرا المعطيات اللغوية التي يعطيها مضمون النص جعل تفسيره مختصرا جدا، إال أنه ك

.ما وفق في تقريب وتوضيح معاني اآليات الكريمة

:موقف الطبري -ب

لعل ما ميز تفسير الطبري عن غيره تلك المادة التفسيرية الغزيرة التي حواها كتابه

والتي نقلها عن أئمة التفسير من الصحابة والتابعين، مثل ابن عباس، ومجاهـد وقتـادة

سيراتهم اللغوية القيمة، فكان الطبري أوال يشير إلى أن اآلية وغيرهم، حيث استفاد من تف

ثـم ) واختلف أهل التأويل في تأويل كذا: (أو اللفظة قد حدث اختالف حول معناها بقوله

يشرع في عرض أهم اآلراء التي قيلت حول معنى اللفظة، ثم يرجح بعد ذلك رأيا معينا

وأولى األقوال في ذلك عندي بالصـواب : (، أو بقوله)القول في تأويل اآلية كذا: ( بقوله

، وكثيرا ما كان ال يكتفي بالترجيح بل يعلل أحيانا وينقـد ويـرد )قول من قال معناه كذا

بعض الروايات أحيانا أخرى، فهو رغم أنه خير من يمثل المنهج النقلي في التفسـير إال

لروايات بل أعطـى للغـة حقهـا وذلـك أنه لم يقتصر في تفسيره على نقل األسانيد وا

باالعتماد على القرينة اللغوية في ترجيحه كما اعتمد في بعض الحاالت على قرينة الحال

وتتمثل هذه القرينة في ظروف أو أسباب نزول اآلية، كما كان للعقل جانبا مهمـا عنـد

وفـي لفظـة .اعتمد على دليل من القرآن الكريم) سجرت(الطبري فنجده مثال في لفظة

أيضا استدل بآية من القرآن الكريم، وال يخفى أن شرح القرآن بـالقرآن هـو ) عسعس(

. أقوى حجة

) ظـن (فقد ال حظنا إشارته في لفظـة " األضداد"أما عن إشارات الطبري لمصطلح

إن العرب قد تسـمي اليقـين : (وبدا متحمسا في الحديث عن ظاهرة األضداد عندما قال

ا، والشك ظنا نظير تسميتهم الظلمة سـدفة، والضـياء سـدفة، والمغيـث صـارخا ظن

، وكذلك )والمستغيث صارخا، وما أشبه ذلك من األسماء التي تسمى بها األشياء وضدها

مـن " وراء"وقد جعل بعض أهل المعرفة بكالم العـرب : ( عندما قال) وراء(في لفظة

).حروف األضداد

ظ اللغة في تفسير الطبري كان وافرا فكثيرا ما كان يذكر معنى اللفظة ويمكننا القول أن ح

، كما استدل في كثير من األحيان)مثال لفظة قرء(في كالم العرب قبل التطرق لتفسيرها

161

ــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريمــــــــــــ :الفصل الثاني

ي القديم، مما يجعلنا نؤكد على أن تفسير الطبري هو تفسير نقلـي بأدلة من الشعر العرب

. بالدرجة األولى ولغوي بالدرجة الثانية وعقلي بالدرجة الثالثة

:موقف الزمخشري -ج

إن دراسة مجموعة األمثلة المنتقاة من األلفاظ األضداد في تفسير الزمخشري كشفت

بي اعتزالي محض كما يـذكر الـبعض، ولكـن أن تفسير الزمخشري ليس بتفسير مذه

الزمخشري سار في بعض األحيان على نهج المفسرين األثريين النقليين فكان يورد بعض

الروايات وكان يعتمد على أسباب النزول إذا غمض عليه المعنى، فباإلضافة إلى اعتماده

ـ وي متبـع لمـذهب الكبير على العقل كانت اللغة األساس الذي قام عليه تفسيره فهو لغ

.اللغويين في التفسير ويظهر ذلك في كثير من المواضع

وقد الحظنا بالنسبة إلشارته إلى موضوع األضداد في تفسيره أنه لـم يـذكر مصـطلح

بصريح العبارة، ولكنه في كثير من األحيان كان يذكر أن اللفظة تحتمل معنيين " األضداد"

المعنى المقصود في بعض األلفاظ فكـان يـذكر أوال متضادين، وقد بدا تردده في تحديد

ويتضح ذلـك فـي األلفـاظ ).وقيل كذا(المعنى الذي اختاره ثم يذكر ما رآه غيره فيقول

وهذا إنما يـدل ) أسروا، المسجور، سجرت، سامدون، يشري، الصريم، وراءهم: (التالية

يـين متضـادين، أو بعبـارة على عدم معارضته الحتمال داللة اللفظة الواحدة على معن

.أخرى عدم رفضه لوجود ظاهرة التضاد في القرآن الكريم

أخفى، ظن، قرء، القاسطون، : (وقد حسم الزمخشري رأيه في معنى بعض األلفاظ، وهي

ند.(

وبالتالي يمكننا القول أن الزمخشري قد أسهم برأيه في تفسير بعض األضداد وإن كان في

حيـث رأى أنهـا ) بـالء (معنى معلقا، نالحظ ذلك مثال في لفظة بعض الحاالت يترك ال

.تحتمل المعنيين المتضادين في اآلية الواحدة

ورغم اعتماده في بعض األحيان على الروايات في توضيح المعاني إال أنه ال يتجاوز في

.نقله رواية واحدة، وهذا ما جعل تفسيره خال من الحشو والتطويل

162 ــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم ــــــــــــ: ثانيالفصل ال

خالصة

من خالل ما تم عرضه في هذا الفصل يمكننا القول أنه مهما كان الفرق الموجود بين

التفسير والتأويل فإن الغاية التي أوجدت كل منهما واحدة، وهي توضيح معـاني اآليـات

لكريمة إلزالة أي إبهام أو غموض على المسلمين، ليتسنى لهم فهم مـا نصـت القرآنية ا

عليه شريعتنا اإلسالمية، ومعرفة ما احتوت عليه آيات القرآن الكريم من أحكام وحكـم،

ونظرا لدقة وأهمية وظيفة المفسر والمؤول لكتاب اهللا عز وجل وضع العلمـاء شـروطا

وقد -لغة التنزيل-أهمها اإلحاطة بعلوم اللغة العربية ومقاييس لصحة التفسير، ولعل من

أدرك المفسرون أهمية هذا الشرط منذ ابن عباس رضي اهللا عنه الذي أولى عناية كبيرة

للغة في تفسيره لآليات القرآنية، وسار على نهجه المفسرون الذين جاؤوا من بعده، إال أن

خر حسب اختالف المناهج والمـذاهب التـي درجة العناية باللغة اختلفت من مفسر إلى آ

.اتبعوها في التفسير

باعتبارها ظـاهرة لغويـة أثارهـا اللغويـون -ومن خالل معالجة ظاهرة التضاد

في ظل المقارنة بين ثالثة مناهج تفسيرية تفاوتت في مدى التعويـل علـى -والمفسرون

لة مـن األمثلـة المختـارة مـن اللغة في العملية التفسيرية، وبعد تعرضنا بالدراسة لجم

موجودة فعال فـي األضداد التي قيل بأنها من األضداد القرآنية، تبين لنا أن هذه األضداد

أثرا مهما فـي تفسـير اآليـات -على قلتها–القرآن الكريم، ولكن على قلة، وقد تركت

األلفاظ ممـا القرآنية، حيث تردد بعض المفسرين في تحديد الداللة المقصودة في بعض

جعل وجهات النظر تختلف، حيث يرى أحدهم بأن اللفظة تدل على معنى معين، ويـرى

اآلخر بأنها تدل على المعنى المضاد، ويعجز اآلخر عن إسناد أحد المعنيين المتضـادين

بسـبب غيـاب -غالبـا –للفظة فال يرجح رأيا معينا ويترك المعنى معلقا، ويكون ذلك

ن اللغوية والحالية الكفيلة بتحديد معنى اللفظة في اآلية الكريمة، وقد يكـون ذلـك القرائ

بسبب حرص المفسر على عدم القول في لغة القرآن الكريم بما ال يعلم فيكتفي بعـرض

. اآلراء التي ذكرت عند غيره

ا مـن وقد توصلت الدراسة إلى حذف عدد من األلفاظ من قائمة األلفاظ التي قيـل بأنـه

163

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

األضداد القرآنية، حيث تبين لنا أنه لم يحدث خالف حول تحديد داللتها، بــل اتفــق

).أمة، سامد، صريخ : ( المفسرون الثالثة على معنى محدد، وهذه األلفاظ هي

شارة أننا اعتبرنا من األضداد تلك األلفاظ التي جاءت بـالمعنيين المتضـادين وتجدر اإل

بشر، بالء، شـرى، ظـن، : ( على سبيل التوزيع في اآليات القرآنية، وهذه األلفاظ هي

، وقد لعب السياق بنوعيه اللغوي والحالي دورا مهما في تحديد داللة اللفظة )قسط، وراء

.من القرآن الكريم في كل موضع وردت فيه

وهناك األلفاظ التي احتملت الواحدة منها معنيين متضادين في اآلية الواحدة، وهذا بسبب

غياب القرائن اللغوية والحالية في بعض األحيان، فيعتمد المفسرون على القرينة العقلية،

حسـب –فاظ لذلك نجد اآلراء تتردد بين المعنيين المتضادين في بعض األلفاظ وهذه األل

)أخفى، أسر، سجر، صريم، عسعس، قرء، ند، وراء : ( هي -دراستنا

وعلى العموم يمكننا القول بأن األضداد قد تركت أثرا عميقا في تفسير اآليـات القرآنيـة

الكريمة، ولعل ما ينبئ عن ذلك تردد المفسرين في تحديد معنى المفردة، فال مجـال إذن

.لنوع من األلفاظ في القرآن الكريمإلنكار وجود مثل هذا ا

164

خاتمة

الحمد هللا الذي بنعمته تتم الصالحات، فقد تم بعونه وفضله إنجاز هذا البحـث الـذي

صرفت فيه من الجهد الصادق والعمل المثابر ما يجعلني أقدر كل باحث علم يسعى لتقديم

.عطاءات علمية هادفة

:وبعد

فهذه دراسة يمكنني اعتبارها تجربة خضت من خاللها البحث في موضـوع لغـوي

شيق كان وما زال مثار جدل ومحل اهتمام بين اللغويين، وإليماني العميق بأن موضوع

الظاهرة مازال بحاجة إلى الدراسة فقد حاولت أن ألملم شتات هـذه الظـاهرة اللغويـة،

كنني من أقوال اللغويين القدامى والمحدثين حـول ظـاهرة فجمعت في دائرة واحدة ما أم

التضاد ألقف على حقيقتها في التاريخ اللغوي العربي، وذلك انطالقا من تحليل مواقـف

.اللغويين وكذا المفسرين حيال هذه الظاهرة اللغوية

ـ ذا وال يمنعني في هذه الخاتمة أن أكتفي بذكر أهم النتائج التي توصلت إليهـا فـي ه

البحث بعد أن ذيلت كل فل بخالصة ذكرت فيها ما استخلصته من المباحث المتناولة في

.كل فصل

في الدراسات اللغوية العربية هو مصطلح عام ألنه يطلـق " التضاد " إن مصطلح : أوال

على مفهومين مختلفين، أحدهما هو داللة اللفظ الواحد على معنيين متضادين، واآلخر هو

ظين مختلفين على معيين متضادين، لذلك رأيت أنه ربما من الضروري تقييد كل داللة لف

على المفهوم األول، واسـم " التضاد المعنوي " مفهوم بمصطلح خاص، كأن نطلق اسم

يزيل اللبس عن الباحثين عند تناول -برأيي -على المفهوم الثاني فهذا " التضاد اللفظي "

.سةهذه القضايا اللغوية بالدرا

إن ظاهرة تعبير اللفظ الواحد عن معنيين متضادين موجودة فعال في اللغة العربية، : ثانيا

وهذا الرأي الذي ذهب إليه أغلب اللغويين العرب القدامى، إال أن أهل اللغة مـنهم مـن

توسع كثيرا في مفهوم التضاد وبالغ في تصنيف قوائم األضـداد رغـم أن معظمهـا ال

تضاد الحقيقي، كما أن الفريق الرافض لوجود التضاد قد بالغ في رفضه يتضمن شروط ال

.وأبعد كثيرا من األضداد رغم أنها تنتمي حقا إلى األضداد

165

إن األلفاظ التي ثبتت ضديتها في القرآن الكريم تركت آثارا مهمة في تأويـل هنـا : ثالثا

ن في اآلية الواحدة كلفظة قرء، صريم، األلفاظ التي احتملت الواحدة منها معنيين متضادي

.عسعس

أغلب األلفاظ التي قيل بأنها من األضـداد القرآنيـة جـاءت بإحـدى الـداللتين : رابعا

التـي " صـريخ " المتضادتين في القرآن الكريم كله ولم تأت بالمعنى اآلخر مثل لفظـة

.فقطالتي جاءت بمعنى الهون " سامدون"جاءت بمعنى مغيث فقط، ولفظة

كشفت الدراسة التطبيقية لجملة من األمثلة التي قيل بأنها من األضداد القرآنية أن : خامسا

-على اختالف منـاهجهم –قرينة السياق اللغوي لعبت دورا هاما، وقد استغلها المفسرون

على أكمل وجه حيث ساعدت هذه القرينة على تحديد الداللة المقصـودة مـن األلفـاظ

.األضداد

لعبت قرينة سياق الحال دورا مهما أيضا في تعيين داللة اآليات القرآنيـة، فكانـت كما

قرينة مكملة لقرينة السياق اللغوي، وقد بدا استغالل المفسرين لهذه القرينة واضحا فـي

تفسير اآليات الكريمة ألن فهم النص يتجاوز االعتماد على اللغة فقط فيحتاج المفسـرون

.آليات في بعض األحيانلمعرفة أسباب نزول ا

وال ننسى قرينة العقل التي كثيرا ما يلجأ المفسرون إليها خصوصا عند غيـاب القـرائن

.اللغوية والحالية

تردد المفسرين حول تحديد معاني بعض اآليات القرآنية التـي اشـتملت علـى : سادسا

.ملية التفسيراأللفاظ األضداد يدل على األثر العميق الذي تركته هذه الظاهرة في ع

أود أن أؤكد نقطة هامة وهي أن من يرى أن أصول علم الداللة غربيـة يكـون : سابعا

بعيدا كل البعد عن تاريخ اللغة العربية وواقعها، ألن الكثير من مباحث هذا العلم ومسائله

قد أثيرت عند اللغويين األوائل، وقد تبين لنا من خالل دراستنا التطبيقية كيـف وظـف

.لمفسرون القرائن الداللية للكشف عن معاني اآليات القرآنيةا

إن صلة القرآن الكريم باللغة العربية قد أحدث فيها تطورا كبيرا في مجال الداللـة : ثامنا

.فذلك التطور جعلها نموذجا فذا جديرا بأداء مهمة تبليغ تعاليم ديننا اإلسالمي الحنيف

166

أن ظاهرة التضاد في اللغة العربية هي ظاهرة لغويـة -مومعلى الع –ويمكن القول

كما يرى صبحي –جديرة بالبحث واالهتمام، وهي ال تعد عيبا مطلقا بل يمكننا اعتبارها

خاصية مميزة من خصائص اللغة العربية، فال حرج من حمـل لفـظ واحـد -الصالح

لوقت نفسه أي فـي السـياق لمعنيين متضادين طالما أنه ال يعبر عن المعنيين معا في ا

الواحد، بل يعبر عن المعنيـين المتضـادين في سياق ما وعن المــعنى اآلخـر فـي

ال يشكل أي لبس أو غموض ألن القرائن اللغوية والحاليـة -برأيي–سيـاق آخر وهذا

.كفيلة بإزالة أي غموض عن المتلقي

ذه الخاتمة، أما بقيـة النتـائج فهـي هذه أهم النتائج التي أردت التركيز عليها في ه

.موجودة في خالصتي الفصلين

قد أفلح في إثارة موضوع التضاد فال يليق بأي -على األقل–وأملي أن يكون هذا البحث

مهما وصلت درجة الجدة واالجتهاد في بحثه أن يزعم أنـه قـد -حسب نظري–باحث

ما زال بحاجـة إلـى -أييبر–وصل إلى القول الفصل في موضوع بحثه، فالموضوع

دراسات أخرى متكررة، فقد يكشف كل باحث برؤيته الخاصة وقراءاته المتنوعـة عـن

.نقاط جديدة في الموضوع الواحد

هي ثمرة مفيدة تضاف إلى سلسلة البحـوث اللغويـة خاصـة -كما آمل–وهذه الدراسة

تتناول هذا الموضـوع المتعلقة منها بمباحث فقه اللغة خصوصا أني لم أقف على دراسة

.من جميع جوانبه بهذا التفصيل

أن أدعو إلـى ضـرورة -كغيورة على لغة الضاد–وفي الختام أرى أنه من واجبي

.معاودة النظر في جميع القضايا اللغوية والسير بها مع تقدم األزمان

يوفق كل مـن كما أتمنى أن يكون هذا البحث سبيال إلى دراسات أكثر عمقا، واهللا تعالى

.أخلص نيته له ولخدمة كتابه العظيم

نسأله تعالى أن يمأل قلوبنا إخالصا وحياتنا عمال في خدمة العلم والـدين ولغـة تنزيـل

.الكتاب العزيز لغة الضاد

.وآخر دعوانا أن الحمد هللا رب العالمين

167

فهرس اآليات القرآنية

الصفحة السورة والرقم اآلية

22البقرة }علوا لله أندادا وأنتم تعلمونفال تج {

156

ه { م إلي م وأنه و ربه م مالق ون أنه ذين يظن ال }راجعون

148-146 46البقرة

وء { ومونكم س وإذ نجيناآم من آل فرعون يسذبحو ذاب ي اءآم الع تحيون نس اءآم ويس ن أبن

}وفي ذلكم بالء من ربكم عظيم

139 49البقرة

ون { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولل يال فوي ا قل ه ثمن تروا ب ه ليش د الل ن عن هذا م

}لهم مما آتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون

144 79البقرة

ا { دق لم ه مص د الل ن عن ولما جاءهم رسول ماب اب آت وا الكت ذين أوت ن ال ق م ذ فري م نب معه

} م ال يعلمونظهورهم آأنه وراءالله

159 101البقرة

روا بـولب{ ا ش ـئس م ـه أنفسهـ و ـــــــــــ م ل }ونــــــــــآانوا يعلم

143 102البقرة

اة { اء مرض ه ابتغ ري نفس ن يش ومن الناس م } الله

142 207البقرة

137 213البقرة }مة واحدةآان الناس أ{

رن { إذا تطه رن ف ى يطه وهن حت وال تقرب }فأتوهن من حيث أمرآم الله

154 222البقرة

}والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة قروء {

151 228البقرة

147 249البقرة }يظنون أنهم مالقو الله قال الذين{

ي { خون ف ه والراس ه إال الل م تأويل ا يعل وم }العلم

117 7آل عمران

168

139 21آل عمران } فبشرهم بعذاب أليم{

156 3النساء }وإن خفتم أال تقسطوا في اليتامى{

ذين { ه ال بيل الل ي س ل ف اة يفليقات رون الحي ش }الدنيا باآلخرة

143 74النساء

وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب { } المقسطين

42المائدة

155-156

138 48المائدة }مة واحدةولو شاء الله لجعلكم أ{

130 116المائدة }تعلم ما في نفسي وال أعلم ما في نفسك{

155 1األنعام } ثم الذين آفروا بربهم يعدلون {

117 53األعراف }هل ينظرون إال تأويله يوم يأتي تأويله{

وء { ومونكم س وإذ أنجيناآم من آل فرعون يسي العذاب يقتلون أبناءآم ويستحيون نساءآم وف

}ذلكم بالء من ربكم عظيم

141 141األعراف

م { يئات لعله نات والس اهم بالحس وبلون }يرجعون

141-140 168األعراف

هم { ؤمنين أنفس ن الم ترى م ه اش إن الل }وأموالهم بأن لهم الجنة

} بوأسروا الندامة لما رأوا العذا {

111التوبة

54يونس

143

132

158 71هود }عقوبومن وراء إسحاق ي {

143 20يوسف } وشروه بثمن بخس{

169

135 77يوسف }فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم{

135 10الرعد }به جهرسواء منكم من أسر القول ومن {

روا { ه اذآ ى لقوم ال موس ه وإذ ق ة الل نعمومونكم ون يس ن آل فرع اآم م يكم إذ أنج علتحيون اءآم ويس ذبحون أبن ذاب وي وء الع س

}نساءآم وفي ذلكم بالء من ربكم عظيم

141 6إبراهيم

159 16إبراهيم }ماء صديد من ورائه جهنم ويسقى من {

144 22إبراهيم }ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي{

يهم { زل إل ا ن وأنزلنا إليك الذآر لتبين للناس م }ولعلهم يتفكرون

125 44النحل

دهم { ر أح ودا وإذا بش ه مس ل وجه األنثى ظ ب }وهو آظيم

138 58النحل

إن إبراهيم آان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من { }المشرآين

120النحل

137-138

وهم { ا لنبل ة له ى األرض زين ا عل ا م ا جعلن إن }م أحسن عمالأيه

141 7الكهف

170

ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها { }ولم يجدوا عنها مصرفا

53الكهف

147-148

79الكهف }وآان وراءهم ملك يأخذ آل سفينة غصبا{

158

82مريم }كفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداآلا سي {

37

إن الساعة آتية أآاد أخفيها لتجزى آل نفس { }بما تسعى

15طه

130

3األنبياء }الهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا{

132

100المؤمنون }ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون {

159

33الفرقان } وأحسن تفسيرا {

115

137 23القصص }وجد عليه أمة من الناس يسقون{

ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل { يل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك عن سب

}لهم عذاب مهين

144 6لقمان

139 7لقمان }مـذاب أليـره بعـفبش{

وراءوإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من { }وبهنحجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقل

159 53األحزاب

نما تنذر من اتبع الذآر وخشي الرحمن إ { }بالغيب فبشره بمغفرة وأجر آريم

139 11يس

لهم وال هم يخ صر وإن نشأ نغرقهم فال{ }ينقذون

144 43يس

فع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة يوم ال ين{ }ولهم سوء الدار

}وآتيناهم من اآليات ما فيه بالء مبين{

52غافر

33الدخان

134

141

10الجاثية } من ورائهم جهنم{

158

اعة إن نظن إال ظنا وما قلتم ما ندري ما الس { } نحن بمستيقنين

32الجاثية

148

18ق ﴾ مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴿

15

171

وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم { }فأولئك تحروا رشدا

14الجن

156

15الجن }وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطب{

155

28القيامة }وظن أنه الفراق{

149

136-135 6التكوير } ار سجرتوإذا البح{

149 17التكوير }والليل إذا عسعس{

6الطور }والبحر المسجور{

135

وإن وما لهم به من علم إن يتبعون إال الظن { }الظن ال يغني من الحق شيئا

28النجم

148

61النجم }وأنتم سامدون {

141

1القمر }اقتربت الساعة{

131

والالئي يئسن من المحيض من نسائكم إن { }الئي لم يحضنارتبتم فعدتهن ثالثة أشهر وال

154-153 4الطالق

وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما {بعضه عليه عرف الله نبأت به وأظهره

}وأعرض عن بعض

135 3التحريم

نه عليم بذات به إ اجهرواوأسروا قولكم أو { }الصدور

135 13الملك

145 20القلم } فأصبحت آالصريم {

}إني ظننت أني مالق حسابيه{

148 20الحاقة

وأنا ظننا أن لن نعجز الله في األرض ولن { }نعجزه هربا

148-147 12الجن

172

150 18التكوير }والصبح إذا تنفس {

136 3االنفطار }وإذا البحار فجرت{

173 :قائمة المصادر والمراجع

.فصرواية ح: القرآن الكريم*

:المصادر -أ

، كتاب األضداد، تحقيق محمد أبو الفضل إبـراهيم، )محمد بن القاسم(ابن األنباري -1

).ط.د( 1991المكتبة العصرية، صيدا، بيروت،

، كتاب األضداد، راجعه رمضان عبد التواب، مكتبـة الثقافـة الدينيـة، ابن السكيت -2

).ط.د(، )ت.د(

د علي النجار، دار الهـدى للطباعـة والنشـر، ، الخصائص، تحقيق محمابن جني -3

).ط.د(، )ت.د(بيروت،

).ط.د(، )ت.د(، المخصص، دار الكتب العلمية، بيروت، ابن سيدة -4

، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العـرب فـي كالمهـا، ابن فارس -5

.1، ط1997منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت،

، تأويل مشكل القرآن، شرحه ونشره السيد أحمـد صـقر، دار التـراث، ابن قتيبة -6

.2، ط1973القاهرة،

، أدب الكاتب، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة السعادة، مصر، // -7

.3، ط1958

ثـه ، بدائع الفوائد، تقريظ وتقديم وهبة الزحيلي، حققه وخرج أحاديابن قيم الجوزية -8

وعلق عليه معروف مصطفى زريق، دار الخير للطباعة والنشر والتوزيـع، بيـروت،

. 1، ط1994

، كتاب األضداد، حققه وقدم له رمضان عبد التـواب، مكتبـة أبو حاتم السجستاني -9

).ط.د(، 1994الثقافة الدينية،

م الشافي، ، المستصفى في علوم األصول، تحقيق محمد عبد السالأبو حامد الغزالي -10

.1، ط1993دار الكتب العلمية، بيروت،

، مجاز القرآن، عارضه بأصوله وعلق عليه محمد فؤاد سزكين، مكتبـة أبو عبيدة -11

).ط.د(، )ت.د(الخانجي، القاهرة،

174

، فقه اللغة وأسرار العربية، منشـورات دار مكتبـة الحيـاة، أبو منصور الثعالبي -12

).ط.د(، )ت.د(بيروت،

).2ط-1981(، )1ط-1979(، معاني القرآن، تحقيق فائز فارس، األخفش األوسط -13

، السجستاني، وابن السكيت، ثالثة كتـب فـي األضـداد، ويليهـا ذيـل األصمعي -14

).ط.د(، )ت.د(للصغاني، نشرها أوغست هفنر، دار الكتب العلمية، بيروت،

محمـد هـارون، دار الجيـل، الجاحظ، البيان والتبيين، تحقيق وشرح عبد السالم -15

).ط.د(، )ت.د(بيروت،

).ط.د(، )ت.د(، المحاسن واألضداد، دار ومكتبة الهالل، // -16

الجواليقي، شرح أدب الكاتب، تقديم مصطفى صادق الرافعـي، مكتبـة القـدس، -17

).ط.د) (ت.د(القاهرة،

اوودي، دار القلـم، ، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق صـفوان د الراغب األصـفهاني -18

.2، ط1997دمشق، الدراسات الشاميةن بيروت،

، المفردات في غريب القرآن، ضبط هيثم طعيمـي، دار إحيـاء // -19

.1، ط2002التراث العربي، بيروت،

، مناهل العرفان في علوم القرآن، خرج آياته وأحاديثه ووضـع حواشـيه الزرقاني -20

.1، ط1998دار الكتب العلمية، بيروت، أحمد شمس الدين،

، البرهان في علوم القرآن، تحقيق أبي الفضل الـدمياطي، دار الحـديث، الزركشي -21

).ط.د(، 2006القاهرة،

، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل في وجـوه التأويـل، دار الزمخشري -22

).ط.د(، )ت.د(المعرفة، بيروت،

).ط.د(، )ت.د(مفصل في علم العربية، دار الجيل بيروت، لبنان، ، ال// -23

، الكتاب، تحقيق وشرح عبد السالم محمد هـارون، دار الجيـل، بيـروت، سبويه -24

.1، ط1991

175

المزهر في علوم اللغـة وأنواعهـا، دار إحيـاء الكتـب ، )جالل الدين(السيوطي -25

.3ط) ت.د(العربية،

، اإلتقان في علوم القرآن، ضبطه وصححه وخرج آياته محمد // -26

.1، ط2004سالم هاشم، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت،

مختصر تفسي ابن كثير، دار القرآن الكـريم، بيـروت، ، )محمد علي(الصابوني -27

).4ط.1980(، )3ط، 1978(، "بألمانيا الغربية) "2، ط1975(، )1، ط1972(

، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق محمود شاكر، دار ابن حـزم، الطبري -28

بتحقيق بشار عواد معـروف، وعصـام فـارس ) طبعة أخرى(، و1، ط2002بيروت،

.فقط 7، ج1، ط1994الحرشاني، مؤسسة الرسالة،

.3، ط1983، معاني القرآن، عالم الكتب، الفراء -29

، كتاب البلغة في تاريخ أئمة اللغة، راجعه بركات يوسـف هبـود، يروز آباذيالف -30

.1، ط2001المكتبة العصرية صيدا، بيروت،

، أحمد الشنتاوي، إبراهيم زكي خورشيد، وعبد الحميد يـونس، محمد ثابت الفندي -31

).ط.د(، )ت.د(انتشارات جهان،

).ط.د(، 2005الحديث، القاهرة، ، التفسير والمفسرون، دارمحمد حسين الذهبي -32

:المراجع -ب

.3، ط1983فقه اللغة المقارن، دار العلم للماليين، بيروت، إبراهيم السامرائي، -1

، التطور اللغوي التاريخي، دار األندلس للطباعة والنشر والتوزيع // -2

.1، ط1983، بيروت،

التطور اللغوي، دراسة في نمو وتطـور الثـروة عوامل أحمد عبد الرحمان حماد، -3

.1، ط1983اللغوية، دار األندلس، بيروت،

).ط.د(، )ت.د(، ابن القيم اللغوي، منشأة المعارف، االسكندرية، أحمد ماهر البقري -4

176

).ط.د(، 1996مبادئ اللسانيات، دار الفكر المعاصر، بيروت، أحمد محمد قدور، -5

، 1991(، )2، ط1988(، )1، ط1985(، علم الداللة، عالم الكتب، عمر أحمد مختار -6

).5، ط1998(، )4، ط1993(، )3ط

، االشتراك والتضاد في القرآن الكريم، دراسة إحصائية، عالم الكتب، // -7

.1، ط2003

لدراسـات علم الداللة بين النظر والتطبيق، المؤسسة الجامعية ل أحمد نعيم الكراعين، -8

.1، ط1993والنشر والتوزيع، بيروت،

، فقه اللغة العربية وخصائصها، دار العلـم للماليـين، بيـروت، إميل بديع يعقوب -9

.1، ط1982

علم الداللة، إطار جديد، ترجمة صبري إبراهيم السيد، دار المعرفة ، )ر.ف(بالمر -10

).ط.د(، 1999الجامعية،

ي فقه اللغة العربية، دار النهضة العربيـة للطباعـة ، نصوص فبكر السيد يعقوب -11

).ط.د(، )ت.د(والنشر، بيروت،

، علم الداللة، ترجمة أنطوان أبو زيد، منشورات عويـدات، بيـروت، بيار غيرو -12

.1، ط1986

، ظواهر قرآنية في ضـوء الدراسـات اللغويـة بـين القـدماء البدراوي زهران -13

.2، ط1993والمحدثين، دار المعارف،

، آدام شاف، ستورسن، فريحة، بيث، المرجع والداللة في الفكـر تزيفان تودوروف -14

).ط.د(، )ت.د(اللساني الحديث، ترجمة وتعليق عبد القادر قنيني، إفرقيا الشرق،

.3، ط1998، اللغة العربية معناها ومبناها، عالم الكتب، تمام حسان -15

لغوي في القرآن الكريم، دراسة دالليـة، دار ابـن ، التأويل الحسن حامد الصالح -16

.1، ط2005حزم،

.1، ط1998، المعنى في البالغة العربية، دار الفكر العربي، حسن طبل -17

). ط.د(، 2000، مقدمة لدراسة علم اللغة، دار المعرفة الجامعية، حلمي خليل -18

177

راسة مقارنة، دار النهضة العربية ، التضاد في ضوء اللغات السامية، دربحي كمال -19

).ط.د(، 1975للطباعة والنشر، بيروت،

، دراسات في الداللة والمعجـم، دار غريـب للطباعـة رجب عبد الجواد إبراهيم -20

والنشر

).ط.د(، 2001والتوزيع، القاهرة،

، 1999، فصول في فقه العربية، مكتبة الخـانجي، القـاهرة، رمضان عبد التواب -21

.6ط

، دور الكلمة في اللغة، ترجمة وتقديم وتعليق كمال بشر، دار غريب ستيفن أولمان -22

.12، ط)ت.د(للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة،

، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، تقديم عائشة عبد الرحمان سلوى محمد العوا -23

.1، ط1998، دار الشروق، )بنت الشاطئ(

، دراسات في القرآن، دار النهضة العربية للطباعـة، بيـروت، ليـل السيد أحمد خ -24

).ط.د(، 1969

، النص القرآني بين التفسير والتأويل، دار النهضة العربية، السيد أحمد عبد الغفار -25

.1، ط2002بيروت،

.5، ط1973، دراسات في فقه اللغة، دار العلم للماليين، بيروت، صبحي الصالح -26

، ظاهرة الترادف في ضوء التفسير البياني للقـرآن الكـريم، مد الزوبعيطالب مح -27

.1، ط1995منشورات جامعة قار يونس، بنغازي،

، الشكل والداللة، دراسة نحوية للفظ والمعنى، دار غريـب عبد السالم السيد حامد -28

).ط.د(، 2002للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة،

العالقات الداللية والتراث البالغـي العربـي، دراسـة ،عبد الواحد حسن الشيخ -29

.1، ط1999، مكتبة ومطبعة اإلشعاع الفنية، )سلسلة اللغة العربية(تطبيقية،

، اللهجات العربية في القراءات القرآنية، دار المعرفـة الجامعيـة، عبده الراجحي -30

).ط.د(، )ت.د(

178

اء ونظريات، منشورات اتحاد الكتاب العـرب ، اللغة والداللة، آرعدنان بن ذريل -31

).ط.د(، 1981بدمشق،

، 1997فقه اللغة، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، علي عبد الواحد وافي، -32

.1ط

دراسـة تاريخيـة تأصـيلية، (، علم الداللة العربي، النظرية والتطبيق فايز الداية -33

.2ط ،1996، دار الفكر المعاصر، بيروت، )نقدية

، بالغة القرآن بين الفن والتاريخ، دراسة تاريخية فنية مقارنـة، فتحي أحمد عامر -34

).ط.د(، )ت.د(منشأة المعارف باإلسكندرية،

، )ت.د(، دراسات في فقـه اللغة، دار الشـرق العربي، بيـروت، محمد األنطاكي -35

.4ط

ه جـامع البيـان، وزارة ، دراسة الطبري للمعنى من خالل تفسـير محمد المالكي -36

).ط.د(، 1996األوقاف والشؤون اإلسالمية، المملكة المغربية،

، فقه اللغة وخصائص العربية، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، محمد المبارك -37

.7، ط1981

، المجاز وأثره في الدرس اللغوي، دار النهضة العربيـة، محمد بدري عبد الجليل -38

).ط.د(، 1986بيروت،

-إلى نهاية القرن الثالث–، الدراسات اللغوية عند العرب محمد حسين آل ياسين -39

. 1، ط1980منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت،

دي األضداد في اللغة البن الدهان البغدا(، نفائس المخطوطات، // -40

).2، ط19633(، )1، ط1953(، مكتبة النهضة، بغداد، )النحوي

، المبادئ العامة لتفسير القرآن الكـريم بـين النظريـة محمد حسين علي الصغير -41

.1، ط2000والتطبيق، دار المؤرخ العربي، بيروت،

.1، ط2002في علم الداللة، مكتبة زهراء الشرق، محمد سعد محمد، -42

179

، في علم القرآن دراسات ومحاضرات، مد عبد السالم كفافي وعبد اهللا الشريفمح -43

).ط.د(، )ت.د(دار النهضة العربية، بيروت،

، علم الداللة، علم المعنى، دار الفالح للنشر والتوزيع، عمـان، محمد علي الخولي -44

).ط.د(، 2000

، أبحاث )لسلة المعرفة اللسانيةس(، التوليد الداللي في البالغة والمعجم، محمد غاليم -45

.1، ط1987ونماذج باإشراف عبد القادر الفاسي الفهري، دار توبقال للنشر،

، 1997، علم اللغة، مقدمة للقارئ العربي، دار الفكـر العربـي، محمود السعران -46

. 2ط

، مطبعة األمانة، القـاهرة داللة األلفاظ عند األصوليين،محمود توفيق محمد سعد، -47

.1، ط1987

، معاجم الموضوعات في ضوء علم اللغـة الحـديث ، دار محمود سليمان ياقوت -48

).ط.د(، 2002المعرفة الجامعية،

، مدخل إلى علم اللغة، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيـع، محمود فهمي حجازي -49

).ط.د(، 1998عبده غريب،

مناهجه، دار غريب للطباعة والنشـر، ، التحليل إجراءاته وكريم زكي حسام الدين -50

).ط.د(، 2000القاهرة،

، التضاد في النقد األدبي مع دراسة تطبيقية من شـعر أبـي منى سليمان الساحلي -51

).ط.د(، 1996تمام دار الكتب الوطنية، منشورات جامعة قار يونس بنغازي،

معـة قـار يـونس ، علم الداللة، دراسة وتطبيقا، منشورات جانور الهدى لوشن -52

.1، ط1995بنغازي،

، دار )اإلعجاز -التأويل -المنهج(، قضايا اللغة في كتب التفسير الهادي الجطالوي -53

.1، ط1998محمد علي الخامي، صفاقس، الجمهورية التونسية،

، األلفاظ الكتابية، ضبط وتصحيح األب لويس تشيخو السسوعي، مطبعـة الهمذاني -54

.8، ط1911بيروت، اآلباء اليسوعيين،

180

:المعاجم اللغوية -ج

، جمهرة اللغة، حققه وقدم له رمزي بعلبكي، دار العلم للماليين، بيـروت، ابن دريد -1

).ط.د(، )ت.د(

، مقاييس اللغة، تحقيق عبد السالم محمد هارون، دار الجيـل، بيـروت، ابن فارس -2

.1، ط1991

مصرية للتأليف والترجمة، طبعة مصـورة عـن لسان العرب، الدار ال ابن منظور، -3

.طبعة بوالق

، الكليات، تحقيق عدنان درويـش ومحمـد المصـري، مؤسسـة أبو البقاء الكفوي -4

.2، ط1993الرسالة، بيروت،

كشاف اصطالحات الفنون والعلوم، تحقيق علي دحـروج، ، )محمد علي(التهانوي -5

.1، ط1996مكتبة لبنان ناشرون،

).ط.د(، 1995التعريفات، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ، )الشريف(ي الجرجان -6

، كتاب العين، تحقيـق مهـدي المخزومـي، وإبـراهيم الخليل بن أحمد الفراهيدي -7

).ط.د(، )ت.د(السامرائي، دار ومكتبة الهالل،

، المنجد في اللغة العربية المعاصرة، تحريـر أنطـوان نعمـة، دار صبحي حمودي -8

.1، ط2000المشرق، بيروت،

2005، قاموس األضداد الكبير، مكتبة لبنان ناشرون، عائدة دكرمنجي -9

).ط.د(، 1977، القاموس المحيط، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الفيروز آباذي -10

:الرسائل الجامعية -د

، إشراف )ولةدكتوراه د(، مالمح علم الداللة عند العرب، دراسة لسانية سالم علـوي -1

.1997الزبير سعدي،

:المجالت -ه

، مجلة دورية لألبحاث اللغوية ونشـاط الترجمـة والتعريـب، مجلة اللسان العربي -1

يصدرها المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي بالرباط بالمملكـة المغربيـة،

.1971يناير

181

:المراجع باللغة األجنبية -و

1- John lyons, Element de semantique, traduit par Jaque Durand,

Collection ( langue et langage ), Larousse

Université, paris, 1970.

2- // , Linguistique générale, traduction de Françoise Dubois

Charlier, et David Robinson, collection (langue et langage) Librairie

Larousse, paris, 1970.

3- Jean Dubois et autres, Dictionnaire de linguistique, Larousse,

paris,1989.

182

فهرس المحتويـات

و-أ.............................................................................:مقدمة

1...................................................نائية اللفظ والمعنىالداللة وث: مدخل

i. 2...................................................................:مفهوم الداللة

3......................................................الداللة لغة واصالحاتعريف -1

9..................................................................نشأة علم الداللة -2

13.............................................................داللة اللغويةأنواع ال -3

ii. 15...........................................................ثنائية اللفظ والمعنى

15....................................................................يف اللفظتعر -1

17..................................................................ريف المعنىتع -2

20.................................فظ والمعنىأنواع العالقات الداللية القائمة بين الل -3

30.................قف اللغويين منهمفهوم التضاد في اللغة العربية ومو: الفصل األول

31.......................................ضاد في اللغة العربيةمفهوم الت :المبحث األول

32...............................................................................تمهيد

37..................................................ف التضاد لغة وأصطالحاتعري -1

42.................................................باالشتراك اللفظيعالقة التضاد -2

46..........................................شروط التضاد وأسباب وقوعه في اللغة -3

64....................................موقف اللغويين من ظاهرة التضاد:المبحث الثاني

65.................................................لتضاد في اللغةالقائلون بوجود ا -1

65.................................................................المؤيدون القدامى -أ

73.............................................................لمؤيدون المحدثونا -ب

80.............................................د في اللغةالقائلون بعدم وجود التضا -2

80................................................................كرون القدامىالمن -أ

84.............................................................المنكرون المحدثون -ب

183

89.....................................................التضاد بين اإلثبات واإلنكار -3

91....................................................ةالتضاد في غير اللغة العربي -4

95.....................لغوي العربيأهمية التضاد ومكانته في الدرس ال: المبحث الثالث

96.......................................................ي ظاهرة التضادالتأليف ف -1

103....................................لسلبية للتضادالجوانب اإليجابية والجوانب ا -2

105......................األضداد القرائن الداللية المساعدة على تحديد معاني ألفاظ -3

109............................................................................خالصة

111.................................أثر التضاد في تفسير القرآن الكريم: الفصل الثاني

112.........................................التفسير نشأته وأهم مناهجه: المبحث األول

113..............................................................................تمهيد

115..................................................للغة واالصطالحالتفسير في ا -1

115................................................................اللغةالتفسير في -أ

115........................................................التفسير في االصطالح -ب

117....................................................التأويلالفرق بين التفسير و -2

117................................................................لغةالتأويل في ال -أ

117........................................................االصطالح التأويل في -ب

120..............................................لقرآنياللغة وأهم مناهج التفسير ا -3

121.........................................................التفسير اللغوي المحض -أ

123................................فاوتةالتفاسير التي تعتمد على اللغة بدرجات مت -ب

123............................................................اللغة والمنهج النقلي -1

124...........................................................اللغة والمنهج العقلي -2

126......................)........................الرمزي(اللغة والمنهج اإلشاري -ج

127............األضداد في القرآن الكريمدراسة تحليلية ومقرنة لبعض : المبحث الثاني

128..............................................................................تمهيد

130...............................قرآن الكريمدراسة تطبيقية لبعض األضداد في ال -1

130...........................................................................أخفى*

*132.............................................................................أسر

135........................................................................المسجور*

137.............................................................................أمة*

184

138............................................................................ربش*

139............................................................................بالء*

141............................................................................سامد*

142...........................................................................ىرش*

144..........................................................................صريخ*

145..........................................................................صريم*

146.............................................................................نظ*

149.........................................................................عسعس *

151.............................................................................قرء*

155............................................................................قسط*

*156...............................................................................ند

158............................................................................وراء*

160.....................................قف المفسرين الثالثة من ظاهرة التضادمو - 2

160...............................................................قف أبي عبيدةمو -أ

161................................................................موقف الطبري -ب

162.............................................................ريموقف الزمخش -ج

163............................................................................خالصة

165.............................................................................خاتمة

168..............................................................يةفهرس اآليات القرآن

174...........................................................قائمة المصادر والمراجع

183..................................................................فهرس المحتويات

.الفرنسية ملخص المذكرة باللغة

185

REPUBLIQUE ALGERIENNE DEMOCRATIQUE ET POPULAIRE

MINISTRE DE L'ENSENEMENT SUPERIEUR

ET DE LA RECHERCHE SIENTIFIQUE

UNIVERSITE D'ALGER FACULTE DES LETTRES ET LANGUES DEPARTEMENT DE LANGUE ET LETTRES ARABES

MEMOIRE DE L'OBTENTION DE DIPLOME DU MAGISTERE

SOUS LA DIRECTION DE: PRESENTEE PAR:

Pr. MOHAMED EL AID RTIMA MENNI ZOHRA

ANNEE UNIVERSITAIRE

1428-1429

2007-2008

RESUME:

GEUE ARABEPHENOMENE D'ANTONYMIE DANS LA LAN

PHENOMAINE D'ANTONOMIE DANS LA LANGUE ARABE ET SON IMPACTE SUR

L'INTERPRETATION DU CORAN

ET SON IMPACTE SUR L'INTERPRETATION DU CORAN

Le sujet de cette étude tourne autour du phénomène linguistique qui attire

l'attention; porte à préoccupation et qui n'est entre que le phénomène

D'antonymie dans la langue arabe, c'est-à-dire le phénomène de changement du

même terme pour donner sens contraires.

Malgré que le sujet a déjà été soulevé par des linguistes arabes anciens et

contemporains, les points de vue restent toujours différents, c'est la raison qui

m'a poussé à réfléchir sur la recherche du fait de l'antonymie dans le cour

grammatical arabe et sa portée quant à l'interprétation du Coran.

J'ai reparti l'étude entre un avant-propos, deux chapitres et une conclusion.

L'avant propose porte sur deux études, la première concernant le concept

linguistique conventionnel de la sémantique et son rôle y copris les styles

sémantiques linguistiques.

Quant à la seconde, elle a été consacrée au concept de l'antonymie dans la

langue arabe et l'attitude des linguistes, et s'articule en trois recherches. Ce

chapitre est composée de plusieurs réalités parmi lesquelles:

- Le phénomène de l'antonymie comme sujet linguistique de première

importance ayant préoccupés les anciens linguistes arabes tel que la polysémie,

sauf qu'elle possède une particularité qui fait relief lors d'une œuvre spécifiques

aux linguistes arabes anciens.

Il ressort aussi que la principale raison de l'antonymie en lange arabe

remonte à la pluralité de dialectes que réunit la langue arabe classique ainsi que

l'utilisation métaphorique.

1

Il est à observer aussi que la majorité des linguistes rabes anciens

soutiennent l'antonymie et ceux qui la dénigrent soit parmi les anciens ou les

contemporaines sont en qualité infime pur l'ambiguïté du phénomène

linguistique alors que les linguistes antonymistes évoquent l'évidence du

contexte qui ne crée nullement une ambiguïté lorsque le sens donne un seul

contexte.

Outre cela, certaines chercheurs, observent que l'antonymie existe en

d'autre langues alors que d'outres la considère comme spécifique à la langue

arabes et la prolifération des ouvres penche vers cette dernière considération.

Je suis arrivé en ce chapitre à dire que l'antonymie est un phénomène

linguistique issue du développement linguistique qui s'intéresse aux termes de

la langue et par conséquent n'est pas issu du positionnement de linguistes mais

émerge pare spontanéité et tel, que résultante de fait linguistiques, sociaux et

psychologiques.

Pour ce qui est du deuxième chapitre j'ai voulu m'arrêter sur l'effet de

l'antonymie dans l'interprétation du Saint Coran et j'ai réparti le chapitre en

deux volets: Le premier consacré au sens linguistique et conventionnel de

l'interprétation coranique et sa portée pur la langue.

Quant au deuxième volet, il réside en une étude analytique comparative

avec un ensemble de termes réputés comme antonymiques coraniques.

J'ai exposé le sens linguistique de chaque terme puis explique le sens chez

trois exégèses représentent trois écoles connues à savoir: La Méthode

linguistique représenté par ABO OUBAIDA, La méthode transmutive de

TABARI et la méthode rationnelle prise en la personne de ZAMAKHCHARI.

J'ai ensuite conclu la position de chacun d'eux quant à ce phénomène et ce, par

des exemples étudiés d’où il ressort en ce chapitre que les antonymies existent

effectivement dans le Saint Coran, mais par rareté ayant influencé grandement

2

dans l'interprétation de versets coranique, comme l'explique certains

considèrent que le terme a un sens précis, alors que ce dernier donne une

antonymie et certains ne se départagent pas et laissent le sens suspendu. Suite à

l'inexistence de présemptions linguistique actualisées aptes à aider la

détermination du sens du terme dans un verset coranique. Cela revient peut être

à la précaution de l'exégèse à ne pas dire la langue du Saint coran ce qui ne

connaît guerre et se contente d'exposer les avis exprimés par autrui.

L'Etude est arrivée a point de dire que la majorité des termes dits

antonymiques coraniques, existent dans tout le texte coranique par un des deux

sens sans le second, Que certains termes ont été considérés. Alors que d'autres

termes sont conçus comme antonymique, car exprimant les deux sens

ensembles dans le même verset, et par conséquent il y a assurément un profond

effet dans l'interprétation de versets coranique, confirmant l'hésitation d'exégèse

quant à l'interprétation du sens du verset contenant un des termes antonymique.

Enfin, l'on peut dire que le phénomène antonymique en langue arabe, est

linguistique méritant recherche et intéressement, et nullement une tare mais,

comme le déclare SOBHI SALAH, une caractéristique de la langue arabe et

n'empêche qu'un seul terme ait deux sens antonymique, tant qu'il ne les

exprimes pas ensembles, soit qu'il existe en uns seul contexte absolu et en selon

dans un autre contexte ce qui ne compose selon mon avis aucune ambiguïté, au

motif que les présemptions linguistiques et contemporains sont aptes à éloigner

toute ambiguïté chez l'acquéreur.

Je ne prétends nullement être arrivé à trancher par cette étude, mais selon

mon avis, le sujet a besoin d'autres études répétées et plus approfondies menant

chaque chercheur à découvrir de nouveaux points selon son propre point de vue

et ses différentes lectures.

3