ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا -...

36
اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺒﺎب اﻟﻘﺼـﺔ ﻧﻘـﺪ

Upload: others

Post on 27-Sep-2019

12 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

الباب الثاني

نقـد القصـة

Page 2: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٨٢-

Page 3: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٨٣-

Page 4: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٨٤-

ولالفـصـل األ

ادـر والصیــالبحـ • مـن حصــاد األدبیــات المحلیـة

نشرت هذه الدراسة في مجلة بحوث الجامعة اإلسالمية ، المجلد الثاني ، العـدد األول ، •

.م١٩٩٤يناير

Page 5: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٨٥-

األدبية يحاول هذا البحث لفت أنظار الدارسين والمهتمين بالحركة والفلسطينية إلى القيمة الفنية لبعض ما ينشر في الصحف المحليـة مـن األعمال األدبية ، وقد تناول الباحث مجموعة من القصص القصيرة التي

وقام بدراستها دراسة نقدية . نشرت في الصحف المحلية زمن االنتفاضة على مـا متوخيا من ذلك إظهار المستوى الفني لهذه القصص ، والتنبيه

أصاب القصة القصيرة المحلية من تغيـرات علـى ضـوء المتغيـرات وقد كشـف ٠٠السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي شهدتها المنطقة

Page 6: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٨٦-

البحث النقاب عن واقع شريحة من شرائح المجتمع الفلسطيني في ظـل االنتفاضة ، وذلك من خالل دراسة المضـامين الفنيـة واللغويـة لتلـك

.القصص والبحث في النهاية يقدم مقاربة نقدية لنتاج قصصي لكاتب لم يحظ

باالهتمام والرعاية ، وينبه على مكانته األدبية التي تجلـت فـي إبداعـه ٠٠القصصي

:أمـا قبــل

كنت قد كونت رأيا خاصا إزاء التجمعات األدبية ووسائل النشـر المقام الصفحات األدبية فـي المحلية ، والتي أخص منها بالذكر في هذا

صحفنا ومجالتنا المحلية ، وقد عبرت عن رأيي هذا في أكثر من دراسة واألمر هنا جد مختلف ، فلهذه الصحف والمجـالت ٠٠٠ومقال صحفي

يعود الفضل في التنبيه على السمين من خالل ما يحيط به مـن الغـث ،

Page 7: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٨٧-

س للمهتمين باألدب مبرر لذلك لي!! باألضداد تتضح األشياء: وقديما قالوا في إعراضهم عما ينشر في الصحافة المحلية ، سواء أكان أصنافا مـن الالأدب الذي ينبغي إظهار مبررات إخراجه من دائرة األدب ، ومحاربة انتشاره لكي ال يفسد الذوق العام ، أم من األعمال األدبية الجيـدة التـي

٠تستحق الجمع والدراسة متابعتي للحركة األدبية المحلية في السـنوات السـت ومن خالل

األخيرة وقفت على صنوف من المنشورات المتشبهة باألدب ، وأجريـت بعض الدراسات التي تهدف إلى إظهار أوجه قصورها ؛ ومبررات عليها

أما األدب الجيد الذي يستحق الدراسة فقد .) ١(إخراجها من دائرة األدب ٠اج إلى أكثر من جهد جمعت منه ألوانا تحت

ومما لفت نظري وأثار اهتمامي بعض ما نشر من أعمال الكاتب ، حيث جسد فيها واقع شريحة غير منكورة المكانة فـي ) ٢(عثمان خالد

مجتمعنا الفلسطيني عامة ، والغزي بصفة خاصة ، وهو واقـع الصـياد :هذه القصص من ...الغزي وعالقاته البرمائية

- ١٤٣العدد -نشرت في مجلة الكاتب ( ورس الخريفية هجرة الن - ٠)١٩٩٢مايو

٠)م١٧/٧/١٩٩٢ -البيارق ينشرت ف( الفنـــار -

.الباب األول ، الفصل الثاني من هذا الكتاب –مثال –انظر ) ١(كاتب غزي نشر العديد من القصص في الصحف والمجالت : عثمان خالد أبو جحجوح ) ٢(

، الريس أبو سمرة " مجلة الراصد"الزبد الوردي : األدبية ، ومن قصصه المنشورة مثال ، " جريدة القدس"هرجان في سوق الباذنجان ، م" مجلة الكاتب "، الحوت " مجلة الكاتب"

" جريدة القدس"، الوطن يودع أبناءه مكرها " غزة -مجلة صوت التربية "بيـاع اللوز

Page 8: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٨٨-

- ١٤٨العـدد -نشـرت فـي مجلـة الكاتـب ( السردين المـر - ٠)١٩٩٢أكتوبر

٠م٥/١٠/١٩٩٢ -نشرت في المنار ( آخر حقائق غرق البحار سعيد - ٠) م٨/١٠/١٩٩٢ -نهار نشرت في ال( الشــندر -

لماذا أقدم : عددا من التساؤالت ، قد يكون أهمها وتثير هذه القصص عثمان خالد على كتابة هذه القصص ؟

لعل الرغبة في إثبات الوجود األدبي تكون سببا مـن األسـباب ، ولكن الذي يمكن أن أستشفه من قراءة هذه القصص أن الكاتب لديه جديد

٠ى رصيد القصة الفلسطينية يمكن أن يضاف إلوبداية فإن الموضوع الذي تعالجه القصص بشكل عام هو المعاناة

اإلنسانية في صور شتى ، أما البيئة التي تصورها القصص لتجسيد هـذه ، والصياد هو الشريحة أو -بحرها ويابسها -المعاناة فهي البيئة الغزية

البيئة بكـل موروثهـا األنموذج الذي تنعكس صورته على صفحات تلكومكوناتها ، وذلك بهدف إظهار أثر القوى والعوامل ، الثابتة والمتغيرة ،

، ومعرفة مدى تأثيرها علـى تصـرفاته -أي الصياد -التي تحيط به ٠الحياتية في إطار زماني محدد هو عصر االنتفاضة

وإذا كانت القصة بشكل عام ، والقصة القصيرة بشكل خاص قـد فإن القاص عثمان خالد لم - أدب البحر -ت لهذا اللون من األدب افتقر

يكن تناوله لهذه الشريحة العريضة من شرائح المجتمع الفلسطيني ضربا من التطفل ، خاصة إذا ما بحثنا عن دالالت هذه القصص في الظـروف التاريخية السياسية واالقتصادية واالجتماعية للكاتب ، وفي تكوينه النفسي

Page 9: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٨٩-

الثقافي ، وتفاعل هذا التكوين مع المالمح الجديدة لبيئة الصياد ومعاناته وإن تراث البحر الفلسطيني ال يمكن أن يمسح من ذاكرته مأساة . اليومية

عثمان خالد أبو جحجوح ، فهي من أدق الخصوصيات التاريخيـة التـي ـ . تختزن إلى جانب مثيالتها في ذاكرة الصياد الفلسطيني ذه قد تكون ه

المأساة من خصوصيات الكاتب ، وقد يكون الستشهاد عمه على شـاطئ م على تلك الصورة المروعة أثره فـي توجيـه ١٩٤٨بحر عسقالن عام

الكاتب هذه الوجهة ، وقد يكون الستشهاد والده في المهجر الغزي عـام ، ولكن الوشائج ودالئل االنتماء ) ١(٠٠م دور في تفعيل ذلك األثر ١٩٥٦فهو يعمل فـي سـلك -تفائها ظاهريا بين الكاتب وهذه الشريحة رغم انتعكس لنا عالقة جدلية ومقدرة فائقة على سبر أغـوار البحـر -التعليم

٠والنفس البشرية المرتبطة به

: )٢(ة ـرة النورس الخريفيـهج ـ

ففي هذه القصة تتجسد مأساة الكاتب الخاصة من خالل مأساة بحرية -في بيئة زمانية مغـايرة -االحتالل -ها الظروف نفسها عامة أفرزت

، وما رفوف النورس المهاجرة إال دليل على حالة القلق -زمن االنتفاضة وعدم االستقرار التي تعيشها تلك الشريحة من شرائح المجتمع الفلسطيني التي عانت كغيرها من شرائح المجتمع ، وما زالت تعاني من آثار هجرة

، دار المعارف، مصر ٢األسس النفسية لإلبداع الفني، ط : سويف ، مصطفي : راجع ) ١(

٠ ٨٠م ، ص ١٩٩٥، ٠وما بعدها ١٠٤ م ، ص١٩٩٢، مايو ١٤٣مجلة الكاتب ، العدد ) ٢(

Page 10: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩٠-

م ، فالبحار الذي فقد معظم بحره ما زال يعيش معركة قـد ال ١٩٤٨عام تكون من أجل استرجاع المسلوب ، وإنما للمحافظة على الباقي المتـردد بين القيد وبين السلب ، ومن هنا اقترنت الهجرة بالخريف وما يحمل من

٠) ١(٠٠٠رموز وايحاءات -تناقضـاتها لذلك ففي ظني أن الكاتب قد أفلح في ربط الطبيعة ب

مع الحالة النفسية للصياد ، وقد تداخلت المشاهد بكثافتهـا -كما صورها ، وكأنها تجتاز بالقارئ أعماق النفس ي وسرعتها المذهلة وإيجازها الموح

البشرية لتكشف ما يعتمل بها من المشاعر التي شكلها الماضي الجـريح النورس الحلزونية، والواقع المعاش ، فنسمات الهواء الخريفية ، ورفوف

وموج البحر بزرقته وبياضه، وقرص الشمس بحمرته ، وطيـف والـده ـ يالذي سقط شهيدا على شاطئ البحر ، والمناظر الساحرة للنوارس وه

كل ذلك تجلـى من خالل استرجاع تفاصيل ...تشارك الصيادين صيدهم كيفيـة ، وتبرير وقوعه ، وشرح -استشهاد والد الصياد سعيد -الحدث

وفي خضم هذا كله تبدو براعة ...وقوعه ، وبيان مكان وقوعه وزمانه الكاتب في استقصاء عناصر القصة القصيرة والتزام إرشـادات النقـاد ، فالقصة موجزة كما ينبغي أن يكون اإليجاز ، وهى فـي قـوة تأثيرهـا

لقد سن المحتل الكثير من القوانين الجائرة التي تحول بين الصياد وممارسة حرفته التي ) ١(

، ومنع الصـيادين يرتزق منها ، حيث قلص أكثر من مرة الرقعة المسموح الصيد فيهاضربوا عن دخول أ، و وقد احتج الصيادون على ذلك.. من دخول البحر لفترات طويلة

جريدة : نظر مثال ا ٠ر وممارسـة حرفـة الصيد أكثر من مرة ولكن دون جدوى البح ٠م ٣١/٥/١٩٨٠الفجر المقدسية ، الصادرة بتاريخ

Page 11: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩١-

بظاللها علـى وجـدان القـارئ يوغزارة معانيها تبدو واقعا وحياة تلق ٠) ١(، وتترك الباب مفتوحا أمام عين خياله رهـفكو

لقد برع الكاتب في دمجنا مع عالم الصياد حيث عشنا معه رحلة صيد بحرية ، وتعرفنا على أدوات الصيد وطريقتـه ، وعايشـنا حالـة الصياد النفسية وما يكابده ، فسرت في عروقنا حمية ال تختلف كثيرا عن

ر قوانين االحتالل التي تحول بينـه وبـين حمية الصياد الذي يعاني جومعشوقه المعطاء ، وتجلت من جبروت وطغيان المحتل أشـكال تعكـس تسلطه في اختراع القوانين وتسليطها على رقاب الصـيادين ومقـدرات

. ممنوع دخول البحر شهرا كـامال .. اسمع .. اسكت .. بس : "حياتهم وعة وسط حراسه المدججين قال ذلك مسئول حراسة البحر وهو يقف بمي

بصنوف العذاب، يلوك القرار ببرود شديد أغاظ البحر فـانفجر كبركـان ٠" ٠٠هائج

وإذا كان االسترجاع الذهني للماضي قد بعث في القـارئ دالالت واضحة حول الممارسات اإلسرائيلية ، فإنه أيضا يضع القارئ في صورة

، ١٠٩١مقومات القصة القصيرة، مجلة الرسـالة، العـدد : الزيات ، لطيفة -: راجع ) ١(

٠ ١٩م ، ص ١٩٦٤ديسمبر ١٠في مصر ، معهد البحوث والدراسات العربية، القصة القصيرة: عياد ، شكري -

٠ ٣٧م ، ص ١٩٦٧م ، ١٩٧٠، مكتبة األنجلو المصـرية، ٣فن القصة القصيرة ، ط: رشدي ، رشاد -

٠وما بعدها ١١ص ، دار المعـارف ١دراسـة ومختـارات، ط -القصة القصيرة : مكي ، الطاهر -

٠وما بعدها ٩٦م ، ص ١٩٧٧القاهرة

Page 12: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩٢-

حياة الحاضر ، وال تثنيه عن البطل من الداخل ، فمأساة الماضي ال تسلبه: مواجهة تلك الحياة ، فإذا كان والده قد واجـه القـرار قـوال وفعـال

ودفع .."في مذهبكم شهرا يثالثون يوما يا ظالم ، ساعة من التأخير تعن": حياته ثمنا لتلك المواجهة ، فإن البحار سعيد يعلن اسـتمرارية الحيـاة

ى البحر ، وقف ، ود لو يدفن آالمه فيـه ، لكنـه مسح عينيه ، مشى إل" ٠" أقعى وغسل وجهه ومضى صوب قرص الشمس

: قد يكون هدف القاص في هذه القصة واضحا على المسـتويين المعنى المباشر ، والمعنى اإليحائي ، فهي تسعى إلى تأليب المشاعر ضد

الشـكل المحتل وممارساته التعسفية، كما تشير إلى عدم جـدوى ذلـك التقليدي من أشكال المواجهة مع المحتل ، حيث أمات القاص األب الذي يمثل الشكل التقليدي ، ووهب االبن الحياة ليـدلل علـى سـمة التفـاؤل واإلصرار على مواصلة التغيير الذي يغلف وجدان الفلسطيني ، وما حياة

لشعب هذا االبن واستمراريتها، إال ضرب من ضروب التدليل على حياة ا ٠٠الفلسطيني واستمرار نضاله

: )١(الفنــــار ـ

أسلوبا واقعيـا ال يكتنفـه " الفنار"قد يبدو أسلوب عثمان خالد في عـالم " الفنار"الغموض واإللغاز ، وال يميل إلى التجهيل والتعتيم ، فعالم

واضح بشريا إيجابيا واقعي ، بسيط ومألوف ، وأشخاصها ليسوا إال نمطاخصائص والسمات ، يرتبط بالواقع ارتباطا تاريخيا وتراثيا ، ويتصرف ال

. ١٤ - ١٣م ، ص ١٧/٧/١٩٩٢البيارق ، الصادرة بتاريخ ) ١(

Page 13: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩٣-

من خالل هذا االرتباط مع ما يستجد من أحداث الحياة اليوميـة ، فتـأتي أفعاله مبررة بعمق هذا االرتباط ومصداقيته حيث تعكس سـلوكا عاديـا

٠يتجانس مع ما يحدث على أرض الواقع تظهر براعة الكاتب الفائقة في بنـاء ومع ذلك فالقراءة الفاحصة

الجملة القصصية ، فكثافة المعاني تكاد تحجب الشح في استخدام الكلمات، واعتماد التصوير على تعدد مستويات المعنى وأبعاده الرمزية يكاد يحجب

فما يبدو واقعا مألوفا في بناء ذلك ٠) ١(ذلك الوضوح والمباشرة المألوفةحر، يتحول في رحلة البحث عن األصول إلى رمز الكوخ على شاطئ الب

منها الكوخ هي البقية الناجية يمتعدد المعاني واألبعاد ، فاأللواح التي بنالتي اهتدت إلى شاطئ يجتمع عليه شملها بعد التشتت ورحلة المعاناة التي نتجت عن الدمار والخراب الذي أصاب عالمها السابق، وإذا كان البحر ال

الميت ، فهي في حكم الميت في انفصالها عن جذورها وبعـدها يقذف إالفي واقعها الجديد رغم جدواها كالميت الذي يحلم يعن بنات جنسها ، وه

بالحياة ، وما وقوفها على شاطئ البحر إال كمن يقف على باب الحياة في ، وفـي -البحر –تحد وعناد ليرقب من كان مرتعا لحياته ثم أداة لقتله

المأسـاة –) ٢(هذا كله ينبغي أال نغفل التبرير الرائع لوقوع الحدث خضمقـد عصـفت بـك : "الذي وضع األلواح في مواجهة هذا المصير القاتم

األنواء ، أو غالب النعاس قائد الدفة وقد أعياه السـهر أو هـده الشـوق

الخصائص البنائية لألقصوصة ، مجلـة فصـول ، المجلـد : صبري ، حافظ : راجع ) ١(

٠ ٢٤، ص ١٩٨٢الثاني، العدد الرابع ، ٠ ١١فن القصة القصيرة ، ص : رشدي ، رشاد : راجع ) ٢(

Page 14: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩٤-

، والحنين فكانت تلك اللحظة الهائمة التي تبلغ أجزاء مقتطعة من الثانيـة فكانت المصيبة والكارثة ، وكان االصطدام بصخرة عمياء حولت المركب إلى شظايا من ألواح هائمة تتقاذفها األمواج ، ومن ثم تتلقفهـا الشـطآن

وهي في واقعها الجديد بعد الشتات ورحلة الضيـاع ، مـا ."..الجائعة زال لها دور تؤديه ، دور مستمد من تجربة ومعانـاة ، فهـي المرشـد

هي الكوخ والرمز الـذي ٠٠، هي الفنار الذي تهتدي به السفن دـوالقائتتشابك حوله األحداث وتتدرج في تحولها إلى كابوس مزعج يضعنا وجها

هذا بعد شـوية مـش الزم : " لوجه أمام قرار قهري يلغى وجود الكوخ ." ..أنت بتسمع ..أنت فاهم ! يكون هون

طة التنوير التي نجد فيها تفسـير مـا وهنا نكون قد اقتربنا من نق ٠حدث ، والتي نصل معها إلى ما يريد الكاتب اإلفصاح عنه

فإذا كانت هجرة النوارس في القصة السابقة إشارة واضحة إلـى أكثر عمقا وبراعة في " الفنار"م ، فإن ١٩٤٨هجرة الشعب الفلسطيني عام

ب هذا الشعب في طريـق التعبير عن هذه الهجرة ، وأكثر إيحاء بما أصاهجرته ، ثم هي في النهاية أشمل تصويرا لواقع هذا الشعب بعد سـنوات هجرته الطويلة ، وما يتعرض له من محاوالت مستمرة القتالعـه مـن جذوره ، فالموازنة قائمة بكل أبعادها بين أصالة هـذا الكـوخ وواقعـه

بحر فقد تأهل في أما ال ٠المأساوي ، ومعاناة هذا الشعب وما يتعرض له خضم األحداث ألخذ أبعاد رمزه التقليدية بتناقضاتها التي تشير إلى البعيد الالمتناهي بمجاهله وأهواله فترسم الصورة السوداوية وتبـرز النزعـة

، فترسـم المأساوية ، كما تشير من جانب آخر إلى العطاء الالمحـدود

Page 15: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩٥-

شبكته لتعانق عبء طرح : " صورة لغد مشرق يقوم على األمل والتفاؤل. الموج الذي أدمنها ، وحين سحبها ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهه

أما صورة المواجهة التي رسـمها ". ..كانت األسماك تتقافز على الرمل كانت العربات قد أطلت : "الكاتب ببراعة لتصنع النهاية المفتوحة لقصته

، جماعـات من بعيد ، خنافس تزحف على الرمـل ، الهـدير يقتـرب الصيادين تتوافد ، كثر الحشد ، أحاطوا الكوخ من كـل اتجـاه، حمـوه بأجسادهم التي لوحتها الشمس وصبغتها بالصـبر والسـمرة ، العربـات

، األجساد صارت أكثر التصاقا ، صارت جسدا واحدا ارت قريبة جداس ، فقد عبرت عن الوجدان وتوحده في رفض" الفنار"يلتف ويحضن الكوخ

ممارسات المحتل وتدخله المفاجئ بقوانينه المبتدعة وقراراته الصـارمة والمدمرة ، وبهذه الصورة الدرامية شرح الكاتب واقع اإلنسان الفلسطيني

الصيادين العـزل للـدفاع عـن يفي سنواته الست األخيرة ، وما تصداقـع بأجسادهم العارية إال تفسير لو -الوطن ، القائد ، المرشد -كوخهم

٠الشعب المقاوم رتأى محاربة الخوف في اإلنسـان افإذا كان القاص قد ٠٠وبعد

الفلسطيني وبعث الشجاعة فيه ، بحيث يتصدى بصدره العاري لزحـف العربات العسكرية ، فإنه قد وفق في ذلك ، كما وفق في قصته السابقة ،

حة التي أبقت وإن كانت هذه القصة قد امتازت عن سابقتها بنهايتها المفتو ٠) ١(نافذة األمل مفتوحة لكي يراها من ال يرتدى نظارة سوداء

القصـة القصـيرة ، : مكي ، الطـاهر : صيرة في أهمية إحكام نهاية القصة الق: راجع ) ١(

٠ ٦٨ - ٦٥ص

Page 16: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩٦-

:ار ـعلـى ھامش الفنإن القصة غنية بأبعادها ومضامينها ، فهي تعكس البعد التراثـي

والحضاري للبحر الفلسطيني ، كما تحرص على إظهار إنسانية الحضارة يبدأ نهاره باسترجاع " ن ـسجميل ح" الفلسطينية بشكلها العام ، فالصياد

وما المسـافات التـي ؟من أي المراكب أتيت " هموم اإلنسانية ومعاناتهاوهى أيضا ٠".. قطعتها ؟ وما مصير الصيادين الذين كانوا على ظهرك

تعكس الصورة المشرقة لواقع المرأة االجتماعي ، ذلك الواقع المدلل الذي وقـد انتسـب بفخـر " األب " جابية الصـياد نرى من بين إيحاءاته اإلي

٠" حـسن " واعتزاز إلى ابنته والقصة تصور مشهدا آخر من مشاهد حياة الصياد، وتقدم أسلوبا

مختلفا من أساليب الصيد ، فهي قصة برمائية إن جازت التسمية ، فعلى الشاطئ نرى الصياد وقد بات يحرس بحره ، ثم أصبح يتفقد محروسـه

ح ما فسد في أثناء نومه ، وفي البحر نرى شبكة الصياد وهى تعانق ويصل ٠"شبكة الطرح" الموج لتقدم أسلوبا آخر من أساليب الصيد،

وكانت األمثال البحرية الفلسطينية األداة السحرية لالختزال ، حيث يـوم : "كثفت المعاني ، وقدمت الكثير من الدالالت بالقليل من األلفـاظ

لـو هجـرك "، " هي الميه الصافية بتجيب سمك"، "بعشرة شط )١(الغمقةفالمثل األول يحرض علـى المغـامرة، ٠"عدش عنه يومبالبحر دوم ما ت

٠مياه البحر العميقة ، يقدر عمقها بمائة قامة بحرية تقريبا: الغمقة ) ١(

Page 17: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩٧-

ومن ) ١..(والثاني يغري بها ، أما الثالث فيجعل اآلمال تنعقد على نتائجهاهنا تظهر براعة القاص في توظيف هذه األمثال وتبيان أثرها في تشكيل

٠الصيادين سلوك وأخيرا فإن هذه القصة تظهر التحول الكبير في نظرة الفلسطيني

إلى قوة المحتل وجبروت أدواته الحربية ، حيـث دللـت علـى كسـر خنـافس "االنتفاضة حاجز الخوف ، فظهرت العربات العسكرية بصورة

، األمر الذي برر سلوك الصيادين العــزل الـذين " تزحف على الرمل ٠دي وتصدوا بأجسادهم العارية قبلوا التح

: )٢(ن المــــرـالســـردي ـ

تصور القصة حادثة استشهاد طفل من أطفال المخـيم لـم يبلـغ السابعة من عمره ، وهى حادثة مألوفة في بيئة االنتفاضة ، أمـا غيـر

فالطفـل الـذي ٠المألوف فهو إصرار الكاتب على تبرير وقوع الحدث والده الصياد المعدم ، والذي يركض خلف بائع من) الشيكل(حصل على

الفيشار المتجول من حارة إلى أخرى ومن زقاق إلى زقاق رغم زخـات الرصاص التي أصبحت مألوفة لسكان المخيم بمن فيهم األطفال ، يلتقـي

فـي أحـد -الذي لم تواته الفرصة للهـرب -في النهاية بائع الفيشار " أحمد"قنبلة الصوت الذي يخرج الطفل األزقـة ، وعندها يحدث انفجار

الفنون الشعبية في فلسطين ، مركز األبحـاث ، بيـروت ، : عرنيطة ، يسرى : راجع ) ١(

٠ ١٨٧م ، ص ١٩٦٨ ٠وما بعدها ٩٤م ، ص ١٩٩٢، أكتوبر ١٤٨مجلة الكاتب ، العدد ) ٢(

Page 18: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩٨-

من دائرة المألوف فيقع الشيكل من يده قبـل أن يصـل -ولو للحظة -ليـد البائع ، ومع انحناء الطفل اللتقـاطه تحدث الكارثة ، حيث يطلـق

وهنا نصل مع القـاص .. جنود االحتالل النار على الطفل فيردوه قتيال قـتـل أحمد ؟إلى نقطة تبرير الحدث ، لـم

قتـل -رغم حرص القاص على تصويـر بشاعـة الحــدث إال أنه لم يوفق حينما جعل الطفل متهما ولو من وجهـة -براءة الطفولة

نظر جنود االحتالل ، فإقدام الجنود على قتل الطفل مبرر بانحناء الطفل لم ال يكون هذا الشـيء هـو الحجـر ؟؟ ! اللتقاط شيء ما عن األرض

م أن الكاتب سعى جاهدا إلى تصوير بشاعة فعل المحتل حيث جعل ورغالغاية من قصته هي تبرئة الطفل ، ومن ثم كشف الزيف وإظهار مـدى

إال .. تزوير الحقائق عند المحتل ، فاألمر مرتبط بالشيكل وليس بالحجر للمحتل فيما أقدم عليـه ، -بغير قصد -أنه لم يوفق حيث التمس العذر

تبس عليه األمر؟؟ألم يللتزم في قصته المذهب المادي الذي اوهنا نالحظ أن الكاتب الذي

، قـد ) ١(يقوم على الوقائع المحسوسة ، ويستمد مادته من الحياة المحيطةخرج عن محيط هذا المذهب في تبرير الحدث ، فعلى أرض الواقع برر

ي هذه القصة فقد المحتل أفعاله الهمجية بالالواقعي من المبررات ، أما فحاول الكاتب أن يمنطق تبرير الحدث مع أن المنطق ال يقبله على أرض

وبالتالي تخفق القصة في الوصول إلى الغايـة التـي أرادهـا .. الواقع القـاص ، فهو يسعى إلى فضح ممارسات المحتل ، ثم يدلل على أن هذه

٠ ٨٢، ص )ت.د(األدب ومذاهبه ، طبعة دار نهضة مصر : مندور ، محمد : راجع ) ١(

Page 19: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-١٩٩-

أثارها سلوك الممارسات جاءت نتيجة خطأ في التقدير حيث الشبهة التي ٠ذلك الطفل

ومع ذلك يمكن القول إن القاص أراد أن يثبت من خـالل هـذه القصة بطالن الذريعة التقليدية التي يتذرع بها المحتل بعـد كـل عمـل إجرامي يقدم عليه ، وهى تعرض أفراد جيشه للخطر ، وبالتـالي فـإن غفلته في تبرير الحدث ال تحـول دون وصـول القصـة إلـى الغايـة المنشـودة ، وخاصة أن الكاتب قد أصر بأكثر من وسيلة على تصـوير صغر عمر الطفل ، مما يدلل على زيف ذلك االدعاء التقليدي أمام براءة

٠الطفولة وأيـا كان األمر فإن القصة ال ترقى إلـى مسـتوى القصـتين

، ) ١(السابقتين ، فهذه القصة في شكلها العام قصة قريبة مـن التسـجيلية ور فيها الكاتب مشاهد مختلفة من حياة الصياد وبيئته الخاصة والعامة ص

زمن االنتفاضة تصويرا واقعيا دقيقا ، مما جعلها تبدو وكأنها مجموعـة من التقارير الوصفية كتبت بأسلوب تقريري ولغة مباشرة، األمر الـذي

٠جردها من بعض خصائصها الفنية يكاد يكون أهم ما تتميز به القصة الذي -مثال -فعنصر التركيز

القصيرة يختفي بين غياهب االستقصاء وشرح جميع التفاصيل الالزمـة وغير الالزمة ، وفي المشاهد الثمانية التي تتألف منها القصة دليل واضح

:على ذلك

، دار المعـارف ، ٣تطور فن القصة القصيرة في مصر ، ط : النساج ، سيد : راجع ) ١( ٠ ١٣٢م، ص ١٩٨٤مصر ،

Page 20: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠٠-

٠سخونة الموقف صوب بائع الفيشار رغم " أحمد"اتجاه الطفل -وهربه من أمه للعب فـي .. ترك فراش النوم إرغام أحمد على -

٠الحارة ٠وإبراز هيئته كصياد .. عودة والد أحمد من ليلة صيد بحرية -عودة أحمد من الحارة وحصوله على شيكل من والده ثـم -

٠خروجه ثانية ٠البحر استرجاع والد أحمد لممارسات جنود االحتالل داخل - ٠حمد لبائع الفيشار ووقوع المأساة تتبع أ - ٠" إنه شيكل وليس حجرا " مشهد جنائزي ثم كشف الحقيقة - ٠عودة حزينة للبحر والصيد وإعالن استمرارية الحياة والتحدي -

إن قارئ المشاهد الثمانية التي تتألف منها القصة يالحظ أنه بإمكـان ر للمشهد الذي بدأ بـه قصـته دون أن القاص أن يبدأ من أي مشهد مغاي

يغير ذلك من األمر شيئا كما يالحظ أن القاص ينتقل من مشهد إلى آخر ٠٠انتقاال ال تحكمه ضرورة

لقد أفلح الكاتب في اجتناب المزالق التي وقع فيها غيره ٠٠وبعد من الكتاب الذين تناولوا أطفال االنتفاضة في أعمالهم القصصـية حـين

م بصور مفتعلة كأبطال ال تتناسب أفعالهم الخارقة مـع حداثـة أظهروهسنهم وما يترتب عليها من مالمح التكوين النفسـي وصـفات الضـعف

فالكاتب عثمان خالد كان أصدق تعبيرا عن واقع الطفل حيث ٠الجسدي ربطه في قصته بتكوينه وواقعه كطفل جبل على عشق اللهو واللعـب ،

عاله بالسذاجة التي تتجـافى مـع خبـرة الكبـار وكذلك كطفل تتصف أف

Page 21: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠١-

، فبينما نتابع الطفل وهو يركض من زقاق إلى آخر باحثـا ) ١(وحذرهمعن بائع الفيشار المتجول نلحظ البائع وقد احتمى خلف جدار فـي أحـد

٠األزقة وقد جاءت نهاية القصة متجانسة مع الغاية التي أشرنا إلى حرص

" مناقشة القصة األولى ، فإذا كان فـي قصـته الكاتب على تحقيقها عندقد قتل األصل وأبقى الفرع لـيعلن الصـمود " هجرة النورس الخريفية

واستمرارية الحياة ، فإنه في هذه القصة يعلن استمرارية الحياة بصـورة على التحدي حيث قتل -وبأية وسيلة -مغايرة تدلل على المقدرة الحتمية

لح الغاية نفسها علـى وجـدان القـارئ وتعلـن الفرع وأبقى األصل لت -استمرارية الثورة من خالل استمرارية الحياة المتمثلة في مقدرة األصل

٠على المواصلة والعطاء -األب بقى أن نقول لم تنفلت القصة من شراك البحر رغم امتداد جميـع

ـ اة خيوط الحدث على يابسة المخيم ، فهي تقدم مشهدا آخر من مشاهد حيالصياد الغزي ، ففي ركن من أركان المشهد نـرى اللـنش والشـباك ،

وفي ركن آخـر نـرى ٠ونتعرف على أسلوب آخر من أساليب الصيد الواقع االقتصادي المتردي للصياد ، وتكفي الموازنة الرائعـة والعجيبـة التي أقامها الكاتب بين تأثير صوت الرصاص ورائحة الغاز من جانـب،

الشيكل ومن ثم بائع الفيشار من جانب آخر على مشاعر والحصول علىالطفل ووجدانه الذي ألف قسوة المحتل وعنفه بحكم االستمرار والديمومة

عمـان بعـة عيـة ، ط التربية الصحية واالجتما: شحادة ، كليمنص وآخرون : راجع ) ١(

٠ ٢٣٢، ص م ١٩٦٨،

Page 22: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠٢-

ولم يألف الشيكل والفيشار بحكم الندرة واالنقطاع ، للداللة على مـرارة في منتهى العادية ، حيـث -أي ممارسات المحتل -فاألمر "ذلك الواقع عتادها ، اقف ذهابا وإيابا ، من وإلى المدرسة في كل يوم حتى يعيش المو

٠" أما الحصول على الشيكل وبائع الفيشار فهذا هو األمر غير العادي وفي زاوية هذا الركن من أركان المشهد نرى الصورة المشـرقة

للمرأة الفلسطينية ، صورة القناعة متجسدة في زوجة الصياد ، تلك المرأة تعاضت عن العطور برائحة السردين ، وفضلت رائحة الحياة على التي اس

نني أنتعش بهذه الرائحة أكثر من إ : "زخرفها ، وهى في خطابها لزوجها تبدو وكأنها تردد ما قالته سالفتها في تفضيل شظف " ٠٠٠رائحة العطور

العيش في مضارب عشيرتها وبين أهلها علـى العـيش فـي القصـور ):١(ةـالفاره

أحب إلى من لبس الشفوف بس عباءة وتقـر عينيول ل الرغيفـأحب إلي من أك وأكل كسيرة في كسر بيتي

: )٢(خـر حقـائق غـرق البحار ســعيدآ ـقصة متميزة بعمق تجربتها وقوة جاذبيتها ، فهي تسـيطر علـى

خيـرة مـن القارئ منذ الجملة األولى حتى نهايتها ليصل إلى الحقيقة األحقائق غرق البحار سعيد ، والكاتب منذ بداية قصته يضعنا في مواجهـة

م، ص ١٩٣٤، المكتبـة األهليـة، بيـروت ، ١شاعرات العرب ، ط : يموت ، بشير ) ١(

ميسون بنت بحدل ، زوج معاوية وأم ولـده " وهى من قصيدة للشاعرة ١٥٨-١٥٧ ٠"يزيد

٠ ١٤م ، ص ٥/١٠/١٩٩٢المنار ، الصادرة بتاريخ ) ٢(

Page 23: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠٣-

دبـت الفاجعـة فـي وسـط : " الحدث األساسي فيها مباشرة فيبدأ بقولهالصيادين ، وسرى في مفاصلهم الوجع ، وأصابهم هلع شديد، ضـربهم كعاصفة هوجاء زلزلت الصغير والكبير بعد سماع الخبر الـذي انتشـر

ر الريح ، ال بل البرق ، فخطف األبصار وذهب بالعقول ، فـراح انتشاالجميع وقد تلبستهم حالة من الذهول الشامل بين صارخ ونائح ، وجـوال على غير هدى ، وعالمات االستغراب المتسائلة تمأل األفواه ، حتى البحر

٠!" كيف حدث ذلك ؟ ٠والفضاء كيف حدث ذلك ؟ - وقبل أن يشرع القاص في اإلجابة عن سؤاله

يبدأ في رسم مالمح شخصية البحار سعيد ، تلك المالمح التي سـوف -تؤكد على الدوافع التي مهدت لوقوع الحدث ، وبطريقة بارعـة تـوحي بالعفوية بدأ القاص في استحضار مالمح تلك الشخصية من خالل استنكار

دم وقوعـه الصيادين وقوع الحدث وذلك للقرائن الكثيرة التي تستدعي عوكل ذلـك ٠والتي تظهر أوجه البطولة الخارقة لتلك الشخصية اإليجابية

بطريق االسترجاع الذهني الذي يبقى معلقا على استنكار وقوع الحدث ، فالبحار سعيد هو منقذ الشاطئ ، وهو المخلص لكل ما يعلق من شباك أو

مرة حينما شراك أو ما يختفي في قعر البحر ، والصيادون يذكرون آخر أنقذ ثالثة غرقى دفعة واحدة من دوامة يعجـز عـن اجتيازهـا أعتـى

تندلق " الصيادين عوما وغطسا ، ومع استمرار إحساسهم بجسامة الحدث من خلص الشنشولة عندما علقت عـن : الذكرى صورا شتى فيتساءلون

ومن ينسى يوم الغربة ؟ حين جمع البحار سـعيد عشـرة ٠٠آخرها ؟ بين ذراعيه وأنقذهم بحنكته من الغرق؟ صيادين

Page 24: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠٤-

والقاص عثمان خالد الذي يبـرهن علـى تمكنـه مـن أدواتـه القصصيـة ، ووعيه بتكنيك كتابة القصـة ، ال يبخـل علـى القـارئ بالتفاصيل التي تمكنه من التعرف على الشخصية األساسية في قصـته ،

لتعـاطف مـع وكأني به يسعى لتوطيد العالقة وبناء أواصر المحبـة وا شخصية البحار سعيد ، تلك األواصر التي ستجعل الفاجعة تجـرى فـي عروق القارئ أيضا ، فهو بعد أن يقدم السمات السلوكية اإليجابية لتلـك الشخصية يعود ويقدم تفصيالت أخرى عن المالمح المميزة لبنيـة تلـك

ني ، هي على الصعيد الجسـما )١(الجسماني والنفسي: الشخصية ببعديها شاب يـافع ممشـوق القـوام ؛ بسواعــد فتيــة فتلتهـا " شخصية

، وهى على الصعيد النفسـي شخصـية صـلبة .." عواصـف البحـر اإلرادة ، قوية الشكيمة ، فهو الذي يقرر يوم الغربة قبول تحـدى أنـواء

لن أتركهم يهلكون، إما أن نخرج : " البحر وأمواجه المتالطمة حين يقول ، يقبل التحـدي رغـم " وت جميعا ، سأكون معهم في الحالتين معا أو نم

ومع إصـراره .. علمه بجهل الصيادين المستجدين العشرة بفنون العوم وصالبته في التحقيق هي التي جعلـت المحقـق يلجـأ .. تتحقق النجاة

ورغم اضطراب القوة الجسمانية بعـد تجربـة ٠٠ألساليب غير إنسانية ية ، إال أن قوة اإلرادة وصالبة البنية النفسية جعلته يقـدم البحار االعتقال

على إنقاذ الغريق األخير رغم علمه بحقيقة مرضه وما قد ينتظـره مـن ..!جراء القيام بهذا الواجب

األنجلو بعةتذوق األدب ، ط: ذهني ، محمود : ومستوياتها في بناء الشخصية : راجع ) ١(

. ١٥٤-١٤٦المصرية، ص

Page 25: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠٥-

وهكذا نالحظ أن القاص ببراعة متناهيـة حـرص علـى تقـديم ية شخصية حية تدب على أرض الواقع مع أن الشواهد توحي بأنها شخص

أسطورية ، فالشواهد التي برهنت على أهليتها للحياة على أرض الواقـع ..هي عين الشواهد التي تبرهن على أسطوريتها

وبالرغم مما هو معروف عن اجتهاد النقاد في الفصل بين صفات الشخصية في القصة القصيرة ، والشخصية في األسطورة األولى ، إال أن

فمالمح الشخصية في القصة القصيرة كما القاص برع في دمج الصفات ،كتمـل احددها النقاد تتجلى في هذه القصة بوضوح ، فهي الشخصية التي

بناؤها للقيام بالدور المحدد لها في حدود الخصائص الجسـمية والنفسـية التي تدلل على العالقة بين الحدث وبين تلك الخصائص ، وهـى أيضـا

ات البطل األسطوري األول ، ذلـك الشخصية التي تحمل الكثير من صفالبطل الخارق الصفات واألفعال ، وهو المنقذ الوحيد ، والذي يأتي الخير

ولوال عودة .. على يديه ، وهو البطل الذي يعيش للجماعة وفي الجماعة لمواجهة نفس المصير الذي يواجه طبقـة -في النهاية -تلك الشخصية

ولة مقلوبة تجسد الصـبر والمعانـاة الصيادين المقهورة ، وظهورها كبط ٠) ١(واحتمال الشدائد ، لبقيت تحلق في عالم األساطير

أما بناء القصة فيتكون من أربعة أجزاء متتابعة ومتداخلة ، وسبب تداخلها أن القصة بدأت بالحدث وانتهت به ، وبين البداية والنهاية تشابكت

:البساته ، واألجزاء هي تلك األجزاء في رحلة البحث عن كنه الحدث وم

م، ص ١٩٩٥، القـاهرة ، ١البطل في األدب واألساطير، ط : عياد ، شكري : راجع ) ١(٠ ١٦٩

Page 26: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠٦-

كتمل الحدث اويتمثل في غرق البحار سعيد ، وقد : الحدث الرئيسي -١مع بداية القصة ، ومع ذلك لم تفقد القصة عنصر التشـويق الـذي يجعل القارئ يلهث في البحث عن سبب وقوع الحدث مما يكسـب

ل القصة ترابطها ويجعل لكل كلمة داللتها منذ البداية حتى الوصـو ٠إلى آخر الحقائق

ويتجسد في االسترجاع الذهني للصـيادين ، : استنكار وقوع الحدث -٢حيث تتجلى أوجه البطولة الخارقة للبحار سـعيد ، ويتبعهـا تبيـين

٠مقومات تلك البطولة التي تجعل غرق البحار سعيد أمرا ال يصدق ي نتجـت إن حالة الصرع الت: أسباب وقوع الحدث وكيفية وقوعه -٣

عن األساليب غير اإلنسانية للمحقق داخل السجن هي السـبب الـذي أدى لوقوع الحدث ، أما كيفية وقوعه فنراها في نوبة الصرع التـي

٠داهمت البحار سعيد وهو يحاول إنقاذ صبي كادت تفترسه األمواج وتتمثل في المشـهد الجنـائزي الـذي " : Motif"الخاتمة والموتيف -٤

شراع الفلوكـة -لف جثمان البحار سعيد بعلم الصيادين يتجسد في هـذه الخاتمـة ٠، ثم تشابك أيدي الصيادين المتعاهـدة -األبيض

المأساوية التي جسدت موقفا سلوكيا هادفا، والتي أصبحت عند عثمان ..خالد موتيفا يتكرر في ختام كل قصة

تـرك خلفـه وكما برع الكاتب في إحكام خاتمة قصته بحيث لم ي ثغرات أو يدع مجاال ألية إضافات أو تفاصيل جديدة ، كذلك بـرع فـي اختيار عنوان قصته ، ذلك العنوان الذي يثير في نفس القارئ الكثير من دالالت األفكار التي تصطرع في ذهن الكاتب ، وكأنه من خـالل هـذا

Page 27: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠٧-

لتي جرت إن هنالك الكثير من الشائعات ا: العنوان أراد أن يقول للقارئ مجرى الحقائق في تبرير غرق البحار سعيد ، ولكن الحقيقة األخيرة هي

٠) ١(الحقيقة التي جهدت حتى أعرفها وأخبرك بهاوبين العنوان والخاتمة نرى براعة القاص عثمان خالد في إثـراء

قصته بالكثير من التفاصيل التي تعكس أصداء الواقع الفلسطيني بشـكل د الغزي بشكل خاص ، دون أن ينزلق فـي متاهـات عام ، وواقع الصيا

عتمد االختـزال والتكثيـف ااالستطراد أو يقع في سذاجة المباشرة حيث :".. -مـثال -ففي قوله ٠٠وسيلة ، واإلخبار عن طريق اإليحاء أسلوبا

حيث كان باب العمل في الداخل قد أغلق ، فاتجه الكثيـر مـن الرجـال يعكس أصـداء " ٠٠مارسة أو خبرة سابقة يسترزقون من البحر بدون م

ـرض بسياسـة الواقع السياسي واالقتصادي لمجتمع االنتفاضة ، حيث عالعقاب الجماعي التي تتبعها سلطات الحكم العسكري ، وبيـن أثر تلـك السياسة على حياة العامل الفلسطيني ، فإغالق باب العمل داخـل الخـط

لذي ال تؤمن غوائله لكي يكسب قوت األخضر جعل العامل يرتاد البحر ا ٠عياله مع أنه ال يعرف مجاهله ولم يزاول حرفة الصيد من قبل

ضمته قضبان االعتقال بتهمة تهريب رجال اتهموا : ".. وفي قوله البحـار -يعطى بعدا آخر لصورة البطل المنقـذ .." بخلخلة األمن العام

فلسطيني ، ذلك األسلوب الذي ويبين أسلوبا من أساليب النضال ال -سعيد يعتمد سياسة الكر فالفلسطيني الذي تطارده قوات المحتل ، والذي والفر ،

، ١٩٨٢مجلة فصول ، المجلد الثاني ، العدد الرابع، : راجع في براعة العنوان وداللته ) ١(

٠ ٨٢ص

Page 28: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠٨-

لم تعد أرضه قادرة على حفظ أسراره وحمايته تمتد إليه أيادي الصيادين ..لتحمله عبر البحر بعيدا عن بطش المحتل

ليب غير صالبته في التحقيق جعلت المحقق يلجأ ألسا: "وفي قوله لخص الكاتب واقع السجين الفلسطيني .." إنسانية أورثته حالة من الصرع

وما يتعرض له من أساليب القمع الوحشية وبيـن اآلثار الناجمـة عنهـا وفي محاولته التغلغل . عليه في نهاية المطاف يوالتي تالزمه حتى تقض

هـو في أعماق البحار سعيد ، ورصد همسات روحه وخلجات وجدانه وماذا لو طلب الريس مني الغطس على الشنشوله : "يناقش موضوعا صعبا

؟ أو فاجأتني الحالة وأنا بين الصيادين ، أو أمام ابنة عمي التي مـا زال أي األطباء يا ترى أجد عنده الحل؟ ومـاذا ! القلب يعشقها لوال الظروف

هاء القاص في نلمح قدرا غير يسير من د" لو رأيت غريقا تطويه اللجة ؟تكثيف المأساة والتسلل من خالل براعة تصوير الصراع النفسـي إلـى وجدان القارئ ، وإثارة مشاعر الحزن والشفقة على ذلك البحار الذي يقف أمام الحقيقة العارية باستسالم ينم عن الطيبة ووداعة تدلل على الكبريـاء

٠المكلوم رعة اإليحاء والداللـة وفي المشهد الجنائزي نرى ثالث لوحات با

تتعانق لتكثيف الحزن وتعميق المأساة ، ففي اللوحة األولى يـدلل علـى ينتقل مع تيـارات البحـر : "أواصر الترابط والمحبة بين البحر والبحار

، فالبحار الذي لم يمض على تحرر جسـده .." يودع صخوره وطحالبه تحرر من جسده فـي من قيود السجن إال يوم واحد ، تأبى روحه إال أن ت

حضن المحبوب في لحظة مفاجئة ال تحمل بين طياتها تـردد التخييـر ،

Page 29: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢٠٩-

لذلك كانت داللة الموت في هذه القصة قريبة إلى حد ما من داللته فـي األساطير القديمة حيث نجد الموت المفاجئ ألبطال األساطير هو النهايـة

لك لثقته بأنه سيظل الطبيعية التي يقدم عليها البطل بشجاعة واطمئنان وذ، وهذا هو الحال بالنسبة للبحار سعيد الـذي ) ١(حيا في وجدان الجماعة

٠أقدم على إنقاذ الغريق في اللحظة التي كان يتأمل فيها خطورة حالته أنزل الجثمان الملفوف بشراع الفلوكـة ".. وجاءت اللوحة الثانية در بطولة هذا البحـار ، لتعبر عن الوجدان الجماعي الذي يق.." األبيض

وما لف جسده بالشراع إال إيماءة إلى بطولته التي تشبه إلى حـد بعيـد بطولة العسكريين الذين يسقطون على أرض المعركة ، لذلك اسـتحق أن

مجتمع الصيادين ، إنه الراية والعلم ، رمز هيلف جسده بأشرف رمز عرف ٠٠الشموخ والنقاء

لة من بين دالالت ذلك الشـراع ، فـإن وإذا كانت قوة الدفع دال تدلل على إصرار الصيادين " تشابكت األيدي متعاهدة : " اللوحة األخيرة

" الفلوكة"على مواصلة المسيرة ، وتعلن استمرارية قوة الدفع التي ستقود ٠إلى شاطئ الحرية يوما

وببراعة متناهية حرص القاص على تضمين هذه القصة الغايـة إلى تحقيقها في قصصه السابقة ، وهى إثارة المشـاعر ضـد التي سعى

المحتل وممارساته التعسفية ، ألم يكن هالك البطل بسبب تلك الممارسات !التي أورثته حالة من الصرع

. ١٦٩البطل في األدب واألساطير ، ص : د ، شكري عيا) ١(

Page 30: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢١٠-

: )١(الشــندر ـ

تجسد هذه القصة البعد األخالقي لمجتمع الصيادين ، وذلـك مـن خصية التي تدور حولها القصة ، حيث خالل تصوير السلوك الواقعي للشويبـين كيفيـة تفاعلـه مـع " الشندر " يرقب القاص عثمان خالد سلوك

٠مغريات الحياة المادية التي تهبه فرصة قد ال تتكرر لتحقيق أمانيه ورغم بساطة الحدث الذي بنيت عليه فكرة القصة ، وهو أمـاني

كامل يعكس مالمـح البنـاء الشندر ، إال أن القاص قد حوله إلى نسيج متالفني للقصة القصيرة ، فالحدث مبرر بمرارة الواقع الالإنسـاني لقطـاع

: الصيادين ، ذلك الواقع الذي نرى صداه في أحـالم الشـندر وأمانيـه ٠.." سيكون من اللنشات النادرة "

قد يعكس هذا الحلم االستجابة للرغبات المكبوتة لتلك الشريحة من ع الفلسطيني ، فهو في ظاهره يشير إلـى فقـدان أبسـط شرائح المجتم

ضرورات الحياة ، كما أنه في داللته ال ينفصل عن عالم عثمـان خالـد يحاءاته في القصص السابقة ، فإذا إالقصصي ، الذي تعرفنا على رموزه و

قد مثلت الشكل التقليدي " هجرة النورس الخريفية"كانت الفلوكة في قصة لت على عجز ذلك الشكل عن اجتياز المرحلة ، وذلك من للمقاومة ، ودل

فإن ٠خالل رتابة حركتها التي لم تمكن البحار من وصول شاطئ األمان كان اسـتجابة لمتطلبـات " السردين المر " ظهور اللنش في نهاية قصة

المرحلة الجديدة ، وإعالنا عن قبول التحدي بشـكله الجديـد ، ومبشـرا لنوعي المطلوب حيث التحول من بدائية الحجر إلى آلية السالح، بالتغيير ا

٠" الصفحة األدبية " م ، ٨/١٠/١٩٩٢النهار ، الصادرة بتاريخ صحيفة ) ١(

Page 31: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢١١-

فبعد أن كانت الفلوكة تتجنب المواجهة وتؤثر السالمة ، رأينا اللنش يسعى ..ليقبره -الطراد -للمواجهــة ، ويبحــث عن الزورق اللعين

وما اللنش في أحالم الشندر وأمانيه إال تعميق لداللة ذلك الرمـز ير عن الرغبة الملحة في تواصل العطاء، لذلك نجد القاص قـد في التعب

وجعلـه مـن -عشرين صيادا -حشد جيشا من الصيادين على ظهره اللنشات النادرة لكي يفي بالمتطلبات المنظورة ، ثم جعل ندرته المطلوبة

٠تبرر مقدرته على افتتاح الشطآن التي رأيناها مغلقة في قصصه السابقة لداللة هذا الرمز جاء البيت في المرتبة الثانية من أحالم واستجابة

الشندر ، وكأن تحقيق األمنية في ذلك اللنش يكفل بالضرورة وجود البيت دميته المسلوبة كما يكفل تحقيق األمنية الثالثـة مـن آالذي سيعيد للصياد

وهنا نالحـظ أن أمـاني -الزوجات الحسناوات لألبناء -أماني الشندر ندر جاءت منطقية في ترتيبها ، فوجود القوة القادرة على تغيير الواقع الش

ستحقق األمان واالستقرار الذي نراه في البيت الوطن ووجـود األمـان ..االستمرارية والنماء -األبناء -واالستقرار سيكفل للجيل الثاني

فقـد -التي يبدو بها أمام الناس -أما شخصية الشندر الظاهرية أ الكاتب في رسم مالمحها منذ الجملة األولى ، وما نكاد نمضـي مـع بد

القصة قليال حتى نتعرف على معظم سماتها وخصائصها فهي شخصـية اجتماعية مرحة ، حازمة في اتخاذ القرارات الصعبة ، على درجة كبيرة

..من التوتر والقلق ال تستسلم إلى ضجرها بالحياة

Page 32: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢١٢-

الخاص -ل للشخصية بمستواها الثاني ويفسح محك االختبار المجا ، ) ١(للظهور –أو السري الذي ال يظهر إال حين يخـلو اإلنسان بنفسه

فبين الفقر المدقع والفرصة السانحة للثراء الفاحش يختبر القاص أخالقيات فينشأ الصراع الذي يكشف عن جوهر األشياء، فتحقـق " الشندر"الصياد

األماني في األكياس تبتسم لنا، سنشترى اللنش ها هي "األمنية بات وشيكا ٠.."ونبني البيت ، وسنتزوج

وهنا تبدأ مالمح أصالة تلك الشخصية فـي الظهـور ، إن األرق والقلق النفسي يشكالن البداية الجنينية للقرار الحاسم والسلوك المرتقب ،

ه ، ودع الشندر جلسـت ٠٠: "ويوحيان بعدم سالمة وسيلة تحقيق األمنية إلى منامه ، تطارده مع تقلباته ، وأخيرا غلبه النوم ، لكن هواألحالم ترافق

ديكة العزبة أيقظت عيونا شاهدت صنوف األحالم والهواجس ، تنحنح ، ٠.."ر ، افترش األرض عطس ، تنخع ، كب

بظالله يثم يتطور هذا القلق ليتحول إلى صراع نفسي عنيف يرخ ي تجسد ضمير الصياد ، ومن ثم تبدأ إرهاصات على عناصر الطبيعة الت

حسم هذا الصراع تتضح من خالل تلك الطبيعـة الرافضـة أوال حيـث ، ثـم " ٠٠، وانتفض البحر ، واهتزت السقيفة بما فيها اختلطت األلوان"

من خالل التناقضات السلوكية للشخصيات الثانوية التي جسدت ضـعف بل عراقة الخير وقوته ، فمثل االبنان الشر الدخيل على تلك الشريحة مقا

اإلحسـاس -، ومثلت المـرأة .. صوت الرغبة الطائشة وأداة تحقيقها لكن صدر األم الذي دب فيه االرتيـاب : ".. الصادق في استشعار الخطر

. ١٤٧تذوق األدب ، ص : ذهني ، محمود : راجع ) ١(

Page 33: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢١٣-

، كما مثلت الموقف اإليجابي في رفض ذلك الخطـر .." ضاق بالصورة حيب األم الهارع للخـارج ولكن صوت ن ٠٠: " والتحريض على دفعه

٠.."ال وألف ال : كان أقوى ومع احتدام الصراع الداخلي ، الذي هو فـي حقيقتـه صـراع

الرغبات المكبوتة على القيم والمبادئ الراسخة ، تتجلى مقـدرة القـاص على التحليل الصادق للنفس البشرية حيث يطلعنا على كل ما يدور فـي

تأتيك ، والفرصة ال تأتي في العمر إال ها هي الفرصة: " داخل الصياد لكنه السم ، كم شابا سيدمر ؟ وكـم .. مرة واحدة، أحالمك كلها ستتحقق

٠!"أسرة ستتقوض أركانها ، كل هذا من أجل ماذا ؟ بيت ولنش ومع بلوغ األحاسيس واالنفعاالت ذروتها يبدأ القاص في التلمـيح

: لذي ينسجم مع رموزه وإيحاءاتـه إلى البعد اآلخر للمعنى ، ذلك البعد امن خالل تشابك تلك األحاسـيس "–أي اللنش -لكنه الخاتم المنشود "..

قل الجحيم القاتل ، األماني التي طال انتظارها ، بل الضياع " ،" وتقابلها األبدي ، إنه تطلع الصيادين ، كال إنه قتل الولد ، إنه عطاء البحر ، لكن

يقذفه للرمل لكي تلتهمه الشمس ، إذن فلـتكن يـا البحر يلفظ كل خبيث " ...شندر بحرا

لقد توصل الشندر من خالل تلك المقابالت إلى منطقية القـرار ، حيث تيقن من أن الحصول على اللنش والبيت بتلك الوسيلة غير الشريفة والمدمرة لن يجدي نفعا ، إنه لن يصل إلى الغاية المنشودة مـن اللـنش

فما فائـدة اللـنش بعـد .. إذا هدم الجيل الذي تعقد عليه اآلمال والبيت الضيـاع األبـدي ، ومن سيعتـلي ظهره ويفتـتح بـه الشـطآن إذن ؟

Page 34: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢١٤-

لذلك كان !! بعد قتل الولد ، ومن سيعمره ؟ -الوطن -وكيف يبنى البيت أول سقيفة بنيت "حرق السقيفة آخر قرارات الشندر المبررة ، أليست هي

، لقد فقدت داللتها الروحية وأصالتها " بة ، وولد فيها الحب األولفي العزإن حرق السقيفة داللة واضحة علـى رفـض ٠) ١(حينما دنستها السموم

الواقع األليم ، فهي ال تدلل على الثبات الذي تمناه في البيت األسـمنتي ، مكانـه لذلك فلتحرق السقيفة بما فيها وليبق للحلم ثباته بعد أن وضع في

!الصحيح ؟ولكي تتجلى حقيقة مشاعر الشندر وهو يرى السـقيفة تحتـرق ،

عتمد القـاص عنصـر اوتحترق معها الفرصة الطائشة لتحقيق الحلم ، المفارقة الذي يستخدم لقتل العاطفية المفرطة وللقضـاء علـى المظهـر

ذلك ، وب) ٢(الزائف ، كما يستخدم لتعميق المعنى وخدمة ازدواجية الداللةتمكن من التنبيه على رموزه وشرح داللتها دون أن يقـدم علـى ذلـك صراحة بل رأينا الشيء يقال دون أن يقال ، إذ يكفي تأمل الشندر وهـو يشوى السمك ويستعد لتناول وجبة اإلفطار دون اكتراث بفـزع سـكان العزبة الذين هرعوا إلخماد النيران المشتعلة في السقيفة ، ويكفي رصـد

مباالة الهادفة إلى إظهار قناعة الشندر فيما أقدم عليه حيث رأيناه يشير الالومن بين حجر الطـين الملتهـب ، وحـزن : " بيده لتناول طعام اإلفطار

، ص م١٩٨٢، العدد الرابـع ، مجلة فصول ، المجلد الثاني: راجع في داللة المكان ) ١(

إشارة إلـى قدسـية المكـان "أول سقيفة بنيت في العزبة " الكاتب وفي قول ٠ ١٨٦إن أول بيت وضـع للناس للذي ببكــة مباركـا وهـدى : " واستلهام لقوله تعالى

٠ ٦٩: آل عمران" للعالمين ٠ ١٤٤السابق ، ص ) ٢(

Page 35: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢١٥-

الصيادين ، وقهقهات الشندر التي ارتفعت بارتفاع عمود الدخان ، بـدأت فارقـة ، وقد تجلى الجانب اإليجـابي للم .." السقيفة تبث صورا وألوانا

حينما رأينا السخرية وقهقهات الشندر قد ولدت من رحم البؤس والمعاناة، ووجدنا الشندر من خالل الموقف الهزلي يعود ألحالمه بعد أن وضـعها " في موضعها الصحيح دون أن يأبه بمواساة الصيادين وتعـاطفهم معـه

ربنا يعوض عليـك ، ضـربة تخطـئ : "وقف الصيادون يهونون عليه بـس لـو "سليمة ، فيرد وعيناه تغازالن البحر ؛ والفلوكة تجري الرأس ٠.." اللـه

إننـي ال : وكأني بلسان حال الشندر وهو في هذا الموقف يقول وما !! بما حدث ألنه كان ينبغي أن يحدث اال تأبهو ٠٠أستحق التعاطف

ك الحلم لذلك ال أريد لذل ٠٠نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غالبا أن يتحقق بتلك السهولة المرفوضة ، ينبغي أن تمـوت الوسـيلة غيـر

وقد -الشريفة وتبقى الغاية النبيلة التي يمكن أن تتحقق بالصبر والمثابرة ظهرت أدلة ذلك في نهاية القصة مع الفلوكة التي تحتاج في حركتها إلى

٠٠قوة السواعد إلـى عـالم البحـر فقد انتمت هذه القصة بصدق وقوة ٠٠وبعد

والصياد ، كما انتمت للواقع الذي يتعامل معه ويتأثر به ذلـك العـالم ، ورغم عدم تعرضها الصريح لممارسات جنود االحتالل في تصوير معاناة

كما هو الحـال فـي -تلك الشريحة من شرائح المجتمع زمن االنتفاضة ـ -القصص السابقة اة تحـت وطـأة إال أنها تتناول أشكاال أخرى للمعان

االحتالل ، فهي أوال تعالج مشكلة الفقر وتقـدمها بطريقـة بارعـة دون

Page 36: ﻲﻧﺎﺜﻟا بﺎﺒﻟا - site.iugaza.edu.pssite.iugaza.edu.ps/nali/files/2010/06/u_6.pdf · -١ ٨٩-ﻪﺘﺎﻨﺎﻌﻤﻭ ﺩﺎﻴﺼﻟﺍ ﺔﺌﻴﺒﻟ ﺓﺩﻴﺩﺠﻟﺍ

-٢١٦-

افتعال أو تصنع كما رأينا في أحالم الشندر الذي يتمنى أن يمتلك منـزال تتوفر فيه أبسط مقومات المنزل من مطبخ وحمام ودورة مياه تحافظ على

تعـرض لتهريـب وهي ثانيا وبالطريقة نفسـها ت .. عفاف من يستعملها المخدرات عبر البحر واالتجار بها ، ثم بطريقة منطقية رأينا الفقر يرتبط بتلك السلبية من سلبيات المجتمع التي ظهرت في ظل غياب رقابة السلطة الوطنية ، فالفقر قد يقود إلى األنانية ، ويؤدى إلى التفكير فـي اقتـراف

..الرذيلة هذه القصة هو إظهـار أصـالة وكأن القصد النهائي المباشر في

البحار الفلسطيني وصدق انتمائه رغم تعاسته التي بدت كحالة طبيعية ال تقبل التبديل ما لم تتغير الظروف المحيطة به والعوامـل المـؤثرة فـي

وهو في المعنى اإليحائي يعكس الحاجـة إلـى تغييـر تلـك .. مجتمعه قد تـوهم بجـدواها الظروف والعوامل ويبرهن على زيف الوسيلة التي

بضرورة العمل الصادق وتبشـر يتغر ومقدرتها على التغيير ، وأخيرا ..بجدواه

:أما بعـد فإنني ال أزعم في هذه الرؤية النقدية أنني قد تناولت هذه القصص

من جميع الجوانب الموضوعية والفنية ، فالقصص مليئـة باإليحـاءات ـ ن أن يقـال فـي بنائهــا الفنـي والدالالت ، وهنالك الكثير الذي يمك

ن هدف هذه الدراسة هو التنبيه إلى مـا إوحيث .. وبنيويتهـا اللغويـة ٠ينشر في مجالتنا وصحفنا المحلية ، فإن العجالة هي سمة هذه الدراسة