النفس المطمئنة(1)

91
ﻋﺒﺎس آل ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻠﻮاﺗﻲ

Upload: taha

Post on 03-Aug-2016

242 views

Category:

Documents


13 download

DESCRIPTION

النفس المطمئنة

TRANSCRIPT

Page 1: النفس المطمئنة(1)

عباس آل حميد اللواتي

Page 2: النفس المطمئنة(1)

النفس املطمئنة

حقوق الطبع وامللكية الفكر�ة محفوظة

ع�� محمود عباس / للمؤلف

2016 يونيو – ��خة رقمية

صدر للمؤلف:

هم �� ال��وض باألمة كيف �سا –االس��اتيجية اإلسالمية

اإلسالمية

لتطو�ر محفظة أعمالكمدخل –طر�قك امل�ي

رواية -رحلة �ادح

الرؤ�ة اإلسالمية ل�حياة

أو �عليقك ع�� مالحظاتك أو إلرسالللتواصل مع املؤلف،

الكتاب

+96895385151

Page 3: النفس المطمئنة(1)

3 النفس املطمئنة

نبذة عن املؤلف

الفر�دة ت�املةامللك��ونية اإلنصة ملا، CSLمؤسس ورئيس شركة عما�ي،

من خالل من نوعها �� العالمملنح التدر�ب واملؤهالت املهنية املعتمدة دوليا

.www.csl.academy برامج الك��ونية تفاعلية جذابة

ثم .1992 وح�ى 1986درس العلوم الدينية �� ا�حوزة العلمية �� الف��ة من

مارس ما استفاد من املعرفة الدينية �� حياتھ املهنية الطو�لة �� االستشارات

اإلدار�ة، واالس��اتيجيات، وقيادة املؤسسات. وعمليات التغي�� الشاملة.

�� مجال االستشارات اإلدار�ة من قبل واحد من قلة من املؤهل�ن عامليا

)، ا�خاضع لألمم ICMCIار�ة" ("ا�جلس الدو�� �جمعيات االستشارات اإلد

املتحدة، واملؤسسة املهنية الوحيدة �� العالم ا�خولة بتنظيم مهنة

، املمنوح ألقل من Fellowاالستشارات اإلدار�ة، وتطو�ر معاي��ها. منح لقب

ح�ى سنة .2009ألف �خص عامليا

لكة ) باملمCMIمن قبل "جمعية اإلدارة القانونية" ( 2010تم تخو�لھ ��

املتحدة �واحد من ب�ن اثن�ن فقط من ا�خ��اء، خارج اململكة املتحدة لتعي�ن،

" العال�ي (مدير ن ل�حصول ع�� لقب "زمالة اإلدارة، املؤهل�املدراءوتقييم

مجاز) الذي �عد أق�ىى وسام دو�� يمكن للمدراء ا�ح��ف�ن ا�حصول عليھ.

لعاملية، مثل "محاسب معتمد العديد من املؤهالت األ�اديمية واملهنية ا نال

) "" (CPAقانونيا

) من CMC) من أمر��ا، و"مستشار إداري معتمد قانونيا

) من بر�طانيا، و"محقق اختالسات معتمد" CMgrبر�طانيا، و"مدير مجاز" (

)CFEجمعية االستشارات" وزمالة ،) من أمر��ا"(FIC) ،وزمالة ال��يطا�ي

)، باململكة املتحدة، و�� العديد من FCMI"جمعية اإلدارة القانونية" (

املؤسسات املهنية الدولية.

Page 4: النفس المطمئنة(1)

4 النفس املطمئنة

الفهرست

مقدمة 5

من أنت؟ 9

ما �� رؤ�تك �� ا�حياة؟ 11

� ا�حياةالواقعية � 15

ما �� أهدافنا �� ا�حياة؟ 22

كيف تتش�ل أنفسنا؟ 28

الطر�ق نحو هللا 31

مغالطات شائعة 35

نحو هللا الس�� مبادئ 44

نحو هللا العم�� السلوك 53

ا�خاتمة 89

Page 5: النفس المطمئنة(1)

5 النفس املطمئنة

مقدمة

ف��ا، وما املتسارع التغ��و ، إيقاعهاان �عقد حياتنا املعاصرة وسرعة

املادة وال��ف، وا�جنس والشهوات ومستمر نحو مكثفتحو�ھ من توجيھ

�ل ذلك ، ترهل ا�حياة اإلجتماعية واألسر�ة ، و�� املقابلوالغرائز ا�حيوانية

!�� عاملنا اليوم ، وازديادها املضطرددى ا�� انتشار االضطرابات النفسيةأ

اإلحصائيات أن =) 1( الشر�ي�ي زعبد العز�د. لطفي يذكر الدكتور

العاملية �ش�� إ�� تزايد هائل �� انتشار الصادرة من منظمة ال�حة

تصيب ، وأ��ا الم نتيجة لعوامل كث��ة ومتداخلةاالضطرابات النفسية �� الع

ومن مختلف املستو�ات العمر،أعدادا كب��ة من الناس �� مختلف مراحل

وتتسبب �� تدهور ومعاناة يمتد تأث��ها من املر�ض واالجتماعية،االقتصادية

.�جتمعواإ�� األسرة

أك�� تصيب ضطرابات النفسية و�� هذا الصدد يذكر الدكتور أن اال

% 1االكتئاب النف�ىي و% 7يعا�ي ثلث البشر من القلق، ومن نصف العالم، و

اإلكتئابأعداد املنتحر�ن �سبب بلغ بينما ت القهري،% الوسواس 3الفصام و

!!!ألف حالة انتحار �ل عام 800ما يقرب من �� إ

لواقع تبدو كتب تطو�ر الذات، وكيفية التخلص من القلق إزاء هذا ا

ساعدة الناس �ش�ل عام ا عاجزة عن معا�جة الوضع ومهواإلكتئاب وأشباه

1Z=http://www.almostshar.com/web/Subject_Desc.php?Subject_Id=1055&Cat_Id=5 ،

2016يونيو 14

Page 6: النفس المطمئنة(1)

6 النفس املطمئنة

�� أن يجدوا ف��ا العالج الناجع! هم ال��م عل��اإقبالبالرغم من أمال

لقد قدم هؤالء الكتاب �ل ما وصلوا إليھ من معرفة ملساعدة البشر،

ع�� جح �� �عض األحاي�ن إرشادا��م، و�ساعد �عض الناسو�صدف أن تن

معا�جة مشا�لهم، و�غي�� مصائر هم، ولك��م �� ��اية املطاف يبقون �شرا

ومحدودي املعرفة ��ذا ال�ائن البشري املعقد و�روحھ.

إنك إذا اش��يت سيارة ثم لم تراع �� إن املنطق البسيط يقول لك

فإنك أنت من املصنع لك �� دليل السيارة، حددهاال�ي خدامها الطر�قةاست

ولكن ح�ى �� هذه ا�حالة فإنك ت�ون السبب �� إتالف السيارة وليس املصنع.

وكيلھ املعتمد إلصالح السيارة، وتتبع ما يقولونھ عمليا ��رع إ�� املصنع أو إ��

لك.

من ذلك �سؤال املستخدم�ن أمثالك للسيارة، واتباع أما إذا قمت بدال

إلرشادات املصنع، فإنك ستعد �� نظر مايوصونك بھ، مع �ونھ مخالفا

غ�� م��ن، كما وأنك ستتحمل �امل املسؤولية ألي تلف يقع العقالء �خصا

ع�� السيارة �سبب ذلك.

إن من صنعنا وخلقنا هو هللا، وهو من �علم بخصائصنا وما وهكذاف

نما �� �ل العوالم ال�ي �سعدنا ويشقينا، ليس �� عالم الدنيا هذا وحسب وإ

يھ من ﴿تليھ رب إل

ق

حن أ

سھ ون

ف

وسوس بھ ن

م ما ت

عل

و�

�سان

ا اإل

ن

ق

ل

د خ

ق

ول

ور�د ، وهو عز وجل لم ي��كنا سدى ألنفسنا لنتخبط يمنة ويسرى ﴾حبل ال

�ك سدى﴿ ي�

ن

أ

�سان

يحسب اإل

، حدد فيھ كيفية ، وإنما﴾أ

وضع لنا دليال

م �عم�ي ﴿ صيانة أنفسنا واستخدامها

يك عل

ممت

ت

م وأ

ك

م دين

ك

ل

ت

مل

ك

يوم أ

ال

ام دين

سال

م اإل

ك

ل

�ل هذا حذرنا من مغبة عدم مراعاة هذا وفوق . ﴾ورضيت

بمشا�ل ال حصر لها ع�� �نا أننا سنصاب الدليل �� استخدامنا ألنفسنا، ون�

Page 7: النفس المطمئنة(1)

7 النفس املطمئنة

رح ﴿واالجتما��، فقال عز وجل: ين الفردي الصعيد

ن ��ديھ �ش أ من يرد ا�

ف

د �� ع ما يصن

أ

ا حرجا �

ق ي

ھ يجعل صدره ض

ن يضل

م ومن يرد أ

سال

صدره لإل

لك يجعل ا�

ذ

ماء ك الس

ونمن

يؤ

ذين ال

� ال

: ﴾ الرجس ع�

ومن ﴿، وقال أيضا

ع�ىقيامة أ

ره يوم ال

حش

ون

ن�ا

ض

ة

ھ معيش

إن ل

ري ف

عرض عن ذك

.﴾أ

لكننا ومع �ل هذا التنبيھ والتأكيد ممن صنعنا وخلقنا، ن�جأ لبشر من

أتينا إ�� الدنيا ومن خلقنا، بل ور�ما �عتقد أمثالنا ال �عرفون ح�ى كيف

لنسألهم عن وأن الطبيعة �� املتحكمة �� ال�ون �عضهم أننا خلقنا صدفة

؟!! ألستم م�� بأن األمر يبدو غر�ورعاي��ا كيفية صيانة أنفسناطع ﴿ !با

وإن ت

إن يت

وك عن سبيل ا�رض يضل

� من �� األ

ك

أ

هم إال

ن وإن

الظ

إال

بعون

رصون

.﴾يخ

حينما بدأت بمواجهة ا�حياة وتحديا��ا لم أكن قد أطلعت ع�� أي من

–كما ذكرت �� مقدمة رواي�ي رحلة �ادح –كتب التطو�ر هذه، وإنما واجه��ا

مية رائعة، مبثوثة �� النصوصھ من قيم ومفاهيم وتقنيات إسال تبما أدرك"

ا�حدود يالشرعية، متجسدة �� �عاليمنا وعقيدتنا اإلسالمية حسب فه�

و"لقد مكنت�ي هذه القيم والتقنيات بأن أ�عم بالسعادة "والقاصر لها

، �لما وعنفا

والطمأنينة، �� حياة أشبھ ما ت�ون ببحر عاصف يزداد هيجانا

." ازددت أنت قوة واستقرارا

هذه تطو�ر الذاتكتب من مجموعة عندما قمت باإلطالع ع��و الحقا

وجدت أن ما ف��ا ال �عدو أن ي�ون �سيطا

ملا هو شيئا

�� اإلسالم عندناجدا

وقيمها �شذ تقنيا��اأن �عض من ذلك أواألسو ومفاهيم رائعة. بل من تقنيات

عما دعانا هللاب�� ﴿ إليھ تماما

خ

ا�

طيف

ق وهو الل

ل

م من خ

�عل

ال

.﴾أ

التقنيات و هذه املفاهيم والقيم عرضهذا الكتاب هو �� إليھ أهدفما

Page 8: النفس المطمئنة(1)

8 النفس املطمئنة

وال�ي بممارس��ا - ا�حدود والقاصر لها يحسب فه� -اإللهية اإلسالمية

�� حياتنا �� الدنيا واآلخرة.�ستطيع أن �عيش السعادة والطمأنينة اهكار دإو

–البدء أود التأكيد قبلولكن ثناء قراءة الكتاب أ سوء فهم ألي تجنبا

هو إنما ، ال يدعونا للعزوف عن ا�حياة، بل بالعكس من ذلكأن اإلسالم –

اك��ا﴿ إل��ايدعونا وا �� من

امش

ف

وال

ل

رض ذ

م األ

ك

ذي جعل ل

وا من هو ال

ل

و�

ور

شيھ الن

قھ وإل

ز ن عزوفنا عن ممارسة ا�حياة إنما يحرمنا من حيث أ ﴾ر

سول ﴿ فرصة السمو بأنفسنا وتزكي��ا وللرجيبوا �

وا است

ذين آمن

�ا ال �

يا أ

م إذ

ا يحييك

م مل

الستمتاع بالطيبات ، كما يدعونا سبحانھ و�عا�� إ�� ا﴾ا دعاك

ل ﴿من الرزق ق ق

ز بات من الر ي

رج لعباده والط

خ

�ي أ

ال

ا�ة

م ز�ن ل من حر

ق

قيامة يوم ال

الصة

يا خ

ن حياة الد

وا �� ا�

ذين آمن

.﴾�� لل

وفق أوهام عي��ا وليس مر أنھ يدعونا أن نمارس ا�حياة بواقأل�ل ما �� ا

��ا لنا شيطاننا.و�ز� ورغباتنا شهواتنالنا ترسمها

، من ا�جيد أن ترفھ نفسك �� �عض أوقات فراغك، فتلعب فمثال

، و�ستمتع بإحراز أك�� ك �� �عض ألعا��اأصدقاء البالي ستيشن، وتنافس

ذا أن �سيطر عليك اللعبة، فال �عود لك هم سواها، وإدرجة ممكنة، ولكن

ت ) ظل

اضطررت لفعل �ىيء آخر غ��ها (�أن تذهب ل�جامعة أو الدوام مثال

عليك وع�� تفك��ك وأحاسيسك، فهذه �� ا�حماقة وا�خسارة �عي��ا، مسيطرة

وهذا ما ي��انا هللا عنھ.

، ولتمام الفائدة من هذءتھ �عد قراءة فإن�ي أن�ح بقراا الكتاب وأخ��ا

بأن�ي ولتشابك هذا الك"رحلة �ادح"رواية تاب �� �عض مقاطعھ مع ، علما

شارة ، من دون اإل �� الكتاب البسيطة الرواية قمت باقتباس �عض مقاطعها

.إل��ا

Page 9: النفس المطمئنة(1)

9 النفس املطمئنة

أنت؟ن م

؟ أو باألحرى ما أنت؟نتهل �عرف من أبداية دع�ي أسألك

أعظم ولكن هل �علم ماذا �ع�ي اإل�سان؟ اإل�سان هو .أنت إ�سان

د جعلھ هللا خليفتھ، ملا يتم�� بھ خلوقات ع�� االطالق، فهو محور ال�ون، وقا�

�� هذا املقام الذي لم �عطھ ح�ى من إرادة وإدراك، وصفات جعلتھ أوحدا

، بل جعلها هللا وجعل جميع ال�ائنات خاضعة بالرغم من رغب��ا فيھ املالئكة

ي ج ﴿ للس�� نحو هللا والقرب إليھك ملساعدت لك ة إ�

ئك

مال

ك لل ال ر�

ق

اعل وإذ

حن ماء ون سد ف��ا ويسفك الد

جعل ف��ا من يف

ت

أ

وا

ال

، ق

ة

ليف

رض خ

�� األ

مونعل

م ما ال

عل

ي أ

ال إ�

ك ، ق

س ل د

ق

ح بحمدك ون سب

�﴾.

مھ هللا ف أنت اإل�سانوما ، ھمالئكتھ ��جدون لجعل جميع الذي عظ

ھمنحع�� املقام الذي ه، وحسدھنھ رفض ال�جود لأإال الشيطان ذنب �ان

ك ﴿ بدينآلهللا عليھ إ�� أبد ا لعنةبذلك هللا إياه، فاستك�� واستحق ال ر� ق

إذ

من ط�ن (را

الق �ش

ي خ

ة إ�

ئك

مال

و�� 71لل فيھ من ر

ت

خ

ف

ھ ون

�ت ا سو

إذ

) ف

عوا

قھ ساجدين (ف

(72ل

جمعون

هم أ

ل

ة

ئك

ال

�جد امل

إبليس 73) ف

) إال

افر�ن �

من ال

ان

�� و�

ك

.﴾است

ه من ب�ن ؤ وإنما أنت ا�ختار الذي تم اصطفا! لست أي فرد أنتوأنت!

افست ح�ى ال�ي تن ال�ائنات ا�حية من ا�حيوانات املنو�ة والبو�ضاتترليونات

فكنت أنت املصطفى م��ا.املم سو�ا

ات لتصبح إ�سانا

فما أنت سوى ذات الفقر والنقصأنت �� ذاتك ال �ىئ، ولكن مهال..

ل�ونك عبده بھ هللا والتصاقك إ��نما عظمتك �ستمدها من �سبتك إو ، والعدم

Page 10: النفس المطمئنة(1)

10 النفس املطمئنة

�ستطيع االتصال ول�ونك، ومخلوقھ وهو ر�ك وخالقك ومالكك وسيدك

دائم االتصال بك �ش�ل مطلق، ول�ونھ كنت، ھ م�ى ما شئت وكيفما ب املباشر

.أقرب إليك من حبل الور�دول�ونھ

وخياراتك، ليست حتمية، وإنما �� رهن بك و�قراراتك تكعظم نإ

تحط من قدر نفسك لتصبح �ستطيع أن كما ، من �ستطيع أن تضاعفهافأنت

طالق، إلال�ائنات ع�� احقر أ، بل ور�ما وحقارتھدناءتھ للشيطان �� مساو�ا

أحقر منھ.

من بنظرتك لل�ون وا�حياة وطر�قة تفك��ك: بمحور�نمر مرهون ألا

جهة منف��ا يجابيةاإل وحركتك �� هذه ا�حياة ، و�سلوكك"العقيدة" جهة

العقيدة بقىتن �ش�ل كب��، ولكن ان ا�حور اهذ ي��ابط و�تداخل. أخرى

ب ﴿ فقري والعمود ال ساسألاهم و ألا ��والنظرة يلم الط

يھ يصعد ال

إل

عھ ا�ح يرف عمل الص

.﴾وال

��سنم�ىي فيما ي�� .تفاصيلهما وفهماستكشاف هذين ا�حور�ن معا

Page 11: النفس المطمئنة(1)

11 النفس املطمئنة

؟حلياةهي رؤيتك يف ا ما

بحثك عن �� الغالب فإن السبب الرئي�ىي لقراءتك الكتاب سي�ون هو

وفق الدليل ف اال�ساناهدهذه �� أهل ولكن السعادة والطمأنينة والسكينة.

تجليات الهدف الذي �س�� �ا ال �عدو أن ت�ون مجرد �عض�أم أ ؟اإلل�ي للبشر

�� ذلك مثل ا�جنة؟ ا، مثله، والذي خلقنا هللا ألجلھلھ

، فأنت عندما ترغب �� اقتناء سيارة فإنك ر�ما تبحث ف��ا عن خذمثال

هذه �لها ليست الهدف من اقتنائك السيارة، ، ولكنالسعةاألمان والرفاهية و

لو �ان بيتك �� وإنما الهدف هو أن تنقلك من م�ان آلخر، وعليھ فمثال

ال�حراء، فإنك لن تقت�ي ح�ى أك�� السيارات أمانا

ورفاهية

، إذا لم تكن وسعة

ر�ا��!ذات دفع

" هذا ما يردده البعض منا حينما يفكر ناجحا

�� هدفھ "أن أ�ون إ�سانا

، أ�� ا�حياة، وهو �حيح �سبيا

تحقيق النجاح والفوز لن الس�� و�حيح أيضا

�� مع�ى ا نولك، ساس حركة اال�سانأ ماه لنجاح سنجد أنلو تأملنا قليال

ن تنجح �� أ ��دفبما نما يرتبط و�تحددإمستقل و النجاح ليس لھ مع�ى

!تحقيقھ

املغلوطة واملكتسبات الذهنية وهنا يأ�ي الوهم والكث�� من املوروثات

يتح�ن �لالذي الشيطانناهيك عن خاطئ، ا�حياة �ش�ل لنا ال�ي تصور

النجاح.معيار باعتبارها األوهام والتفاهاتن لنا و�ز�س و ليوس فرصة

" كتاب يذكر أك��وهو من -" قحل

مقيا�ىي نأ - �� العالم الكتب مبيعا

ما�� ثقافاتنا املعوملة �� الوقت املعاصر ه النجاح �� املع�ى الكالسي�ي الرا�خ

Page 12: النفس المطمئنة(1)

12 النفس املطمئنة

نا أن - ا�خاصة قد اكتشفت بتجر���ا -أي املؤلفة – وأ��ا والنفوذ، ال��وة

وهو يت�ون من أر�عة أعمدة: -النجاح ليستقيم لنانحتاج ملقياس ثالث أيضا

والعطاء!!السعادة وا�حكمة وحب املعرفة

ال��وة والنفوذ هما م �ع�ي ذلك إذ االقياسان للنجاح؟ ولكن هل فعال

ا

أن معظم العظماء ممن استطاعوا �غي�� مص�� البشر�ة، وم��م العلماء

و�� املقابل أليس الكث�� من الفقراء والعباقرة وأنبياء هللا هم أناس فاشلون؟

ذوي الذكر املنعدم هم أك�� سعادة وطمأنينة من الكث�� من األغنياء وأ�حاب

النفوذ؟!

اال�سان ن السعادة ال�ي ال أتصور أن يختلف اثنان ع�� أ بل وح�ى

وا�جائع مأه�س�� ل��وى ظمآن الذي ظمثل ال - هابطبيعتھ للس�� نحو مجبول

من األوهام البشر�ة والشيطانية �� دخلت كث�� -�س�� ليسد جوعتھ الذي

و�� كيفية تحققها؟ �شو�ھ معناها!

السعادة والنجاح لك متمثلة �عضنا أن األمر �س�ي فقد ت�ون يظنقد

�� ال��وة وت�ون آلخر �� الشهرة، ولثالث �� املعرفة، ولرا�ع �� العطاء و�خامس

. �� النفوذ، وهلم جرا

األمر هو هكذاولكن هل ص وهل النجاح مع�ى �س�ي من �خ؟ فعال

آلخر؟ أم أن هناك حقيقة

ت�و�نية

صارمة

تحدد كيف يمكن تحقيق واقعية

ة السعادحقيقة أن مثل من �ان هذا اإل�سان؟ مثلها �� ذلك لإل�سان، �ائنا

بأي �ىيء آخر غ�� شرب املاء، وأن ا�جائع ال بد لھ من األ�ل آن ال يرتوي مظال

ليشبع.

االنتشار املهول لالضطرابات النفسية ب�ن البشر، ظاهرة �� الواقع فإن

قيق السعادة �� ليست أن كيفية تح بوضوحيدل وجود السعداء هو أمر وقلة

Page 13: النفس المطمئنة(1)

13 النفس املطمئنة

مسألة

�سبية

، وإنما هناك حقيقة

خارجية

، وغفلتنا ع��ا �� ما �سبب واقعية

و�� ما �سبب انتشار االضطرابات النفسية.الذي �عيشھ، التخبط هذا لنا

�� قاطع إن هللا خالق هذا اإل�سان وخالق ا�حياة وال�ون يخ��نا �ش�ل

و�� واحدة خارجية ا تكمنان �� حقيقة القرآن أن النجاح والسعادة إنم

.مطلق وفشل االستقامة والسلوك �� درب هللا، أما ما عداه فهو خسارة

وزا عظيما ومن﴿ �عا��:انظر لقولھ ف

از

د ف

ق

ھ ف

ورسول ﴾يطع ا�

و ﴿ولقولھ �عا��: وف

ما ت

وت وإن

امل

ة

ائق

س ذ

ف

ل ن

من �

قيامة ف

م يوم ال

جورك

أ

ن

رور غ

اع ال

مت

يا إال

ن الد

حياة

وما ا�

از

د ف

ق

ف

ة

جن

دخل ا�

ار وأ

حزح عن الن

﴾ز

عصر ﴿سورة العصر: و�� املقابل إقرأ قولھ �عا�� �� في *وال

ل

�سان

إن اإل

سر

*خ ال

ا�حات إال وا الص

وا وعمل

واصوا *ذين آمن

حق وت

واصوا با�

وت

�� .﴾بالص

األمر ال يتعلق بالسعادة والنجاح �� عالم اآلخرة فحسب، وإنما هو

ھ ﴿كذلك ح�ى �� عالم الدنيا، أنظر لقولھ �عا��: إن ل

ري ف

عرض عن ذك

ومن أ

ن�ا

ض

ة

ع�ى معيش

قيامة أ

ره يوم ال

حش

من يرد ﴿وتأمل �� قولھ �عا��: ،﴾ون

ف

ا

ق يھ يجعل صدره ض

ن يضل

م ومن يرد أ

سال

رح صدره لإل

ن ��ديھ �ش

أ ا�

لك يجعل

ذ

ماء ك د �� الس ع ما يصن

أ

حرجا �

ذين ال

� ال

الرجس ع� ا�

ونمن

.﴾يؤ

إن الغاية من سلوك درب هللا هو الهدف الذي خلق هللا اإل�سان من

أجلھ، و�ل ما عداه من خ�� وسعادة وسكينة وطمأنينة ورضا وجنة إنما �� من

نتائج هذا الهدف وتجلياتھ.

Page 14: النفس المطمئنة(1)

14 النفس املطمئنة

يھ ﴿ والرجوع إليھ هذا الهدف هو القرب من هللا عز وجلا إل

وإن

ا �إن

. تأمل قولھ سبحانھ و�عا�� عندما يتحدث عن الغرض من ا�خلق:﴾راجعون

﴿

رجعون ت

ا ال

ين

م إل

ك

ن

ا وأ

م عبث

اك

ن

ق

ل

ما خ

ن

م أ

حسبت

ف

.﴾أ

، س��اتيجية لإل�سان �� هذه ا�حياةيمثل الرؤ�ة اإل ""القرب من هللا إن

.من الصعو�ة بم�ان قياسھ �ش�ل موضو��يث أنھ ح

وهذا يتطلب منا �سليط الضوء ع�� هذه الرؤ�ة االس��اتيجية لفهم

�� ا�حياة، بما تقودنا نحو هذه أك�� موضوعية، ل�ي نحدد أهدافنا ك��ها �ش�ل

الرؤ�ة.

عدم قبول ن هذا الكتاب من املسلم�نو ين يقرؤ معظم الذ ال �سعر�ما

تبقى ولكن قل ع�� املستوى النظري،ألاالس��اتيجية، ع�� اهذه الرؤ�ة

كما قالتالذهنية تؤمن �غ�� ذلك، و لرا�خة �� وجداننا وخرائطناا قناعاتنا

ق" أر�انا هافينغتون النجاح �� املع�ى الكالسي�ي مقيا�ىي ن"إ :�� كتا��ا "حل

"، ال سيما فوذوالن ال��وة ماالرا�خ �� ثقافاتنا املعوملة �� الوقت املعاصر ه

ال�ي –ن أ�حاب ال��وات والنفوذ لد��م �ل امللذات أ نرى بوضوح وأننا جميعا

-ال نملكها نحن

ع�� ذلك ��م من أن ي�ونوا سعداء، كما يبدووال�ي تمك

الكث��ين م��م.

هذه القناعات الرا�خة �� ما تتحكم بنظرتنا ل�حياة، و�سلوكياتنا

ا فمن األهمية بم�ان أن سعادتنا وشقائنا، ولذد بالتا�� مقدار ف��ا، وتحد

، مدى تداخل الوهم مع الواقع ��ش قنناخرائطنا الذهنية، �شكيل أوال

اقشة وتحليل نس��سال �� مز�د من مقبل اإل مستو�ات الواقع ا�حيط بنا، و

"القرب من هللا". س��اتيجيةالرؤ�ة اإل

Page 15: النفس المطمئنة(1)

15 النفس املطمئنة

لواقعية يف احلياةا

الوهم والواقع: .1

من حاجاتنا ا�حقي�� ال�ي تدفعنا �� ا�حياة �� مجرد امل�حة قة إن كث��ا

ومز�فة باألوهام، سواء �انت هذه ا�حاجات مرتبطة أوهام، أو حقائق مشوهة

�شهواتنا أو بمشاعرنا وانفعاالتنا.

فعل النفس األمارة بالسوء، ومن تز��ن ن م إنما هوهذا ال��ييف

لرب العامل�ن: . تأمل �� قول الشيطانعدوا ولذا أمرنا هللا أن نتخذه ،الشيطان

عبادك م��م ﴿

إال

جمع�ن�م أ و��

غ

رض وأل

هم �� األ

ن ل

ن �

ز

�ي أل

و�ت

غ

ال رب بما أ

ق

ص�نل

خ

، ﴾ا�

ن ﴿ وتأمل �� قول هللا عز وجل:

خذت ال أل

وق ھ ا�

عن

من عبادك ل

روضا

ف صيبا معام ) 118( ن

� األ

ان

ن آذ

ك

يبت

ل

�م ف مر�

�م وآل ي�

من

�م وأل �

ضل

وأل

ق ا�

ل

خ

�ن �يغ

ل

�م ف مر�

سر وآل

د خ

ق

ف

ن دون ا� ا م ولي�

انيط

خذ الش

ومن يت

ابين ا م

سران

رورا) 119( خ

غ

إال

ان

يط

��م وما �عدهم الش

.﴾�عدهم و�من

نا �ست�خف األطفال واملراهق�ن عندما نجدهم �ستميتون �� إن

يي ستال �� الب - األلعاب�� تحصيل الدرجة األع��، و�أ��ا �� �ل - شن مثال

، ثم نمجد املليادير الذي يضاعف رصيده �� البنك!!ا�حياة

ستماتة لز�ادة رصيده �� منا لإل صاحب ال��واتالوهم هو ما يدفع إن

عملي فهوالبنك، قيمة من قيمة أك��فهو ليس و�ذلك هذا الرصيد، ال يملك ا

.ي ستيشن"�� لعبة "بال األطفالا الدرجة ال�ي يحققه

Page 16: النفس المطمئنة(1)

16 النفس املطمئنة

قائنا ��خصية عامة معروفة �وز�ر الوهم هو ما يجعلنا �شعر عند ل

للبس املار�ات وللبذخ بدا�� يدفعناالوهم هو الذي و !!!بالعظمة و رئيس دولةأ

والشعور بقيمة الذات!!!املباهاة واملفاخرة

��ا من ﴿ نزل ا�ا أ م م

ك

م وآباؤ

نت

موها أ

يت سماء سم

أ

�� إال

إن

�م �ن ر د جاءهم م

ق

س ول

نف

�وى األ

ن وما �

الظ

إال

بعون

ان إن يت

ط

سل

هدى .﴾ال

بل وح�ى أحاسيسنا بالشهوات إنما �� مشوهة باألوهام، فمثال

بالشهوة ا�جنسية إنما هو مضاعف �سبب الوهم الرا�خ �� ناإحساس

أعماقنا �ون ا�جنس رمز ذعان الداخ�� رجولة والقوة، و�سبب التسليم واإل لل ا

�� أنفسنا بأن ا�جنس �سبب لذة

عظيمة

ال تضاه��ا لذة. جدا

تأمل منھ،وهذا ما يحذرنا هللا ھ، هذا ما ير�دنا الشيطان أن نقع في

سر�ن ﴿ قولھ �عا��:

خ م باأل

ك

ئ ب

ن

ل هل ن

عماال

حياة أ

ل سع��م �� ا�

ذين ض

ال

عا صن

ون

�م يحسن �

أ

يا وهم يحسبون

ن ما ﴿ و�� قولھ �عا��:، ﴾الد

ن

موا أ

اعل

ن الد

حياة

ل ا�

مث

والد ك

موال واأل

ر �� األ

�اث

م وت

ك

ر بين

فاخ

وت

ة

هو وز�ن

عب ول

يا ل

خرة

و�� اآل حطاما

ون

م يك

ا ث ر�

�اه مصف

م ��يج ف

ھ ث

بات

ار ن

ف

ك

�جب ال

يث أ

غ

ور من ا�

فرة

ديد ومغ

رور عذاب ش

غ

متاع ال

يا إال

ن الد

حياة

.﴾ضوان وما ا�

تكمن أهمية إدراك هذه ا�حقيقة �� �ون الواقع هو الواقع وأن الوهم

بمجرد تصورنا لھ كذلك. أنت يمكنك أن تتخيل بقدر وواقعا

ال يصبح حقيقة

، وإذا وضعت ف��ا يدك، ولك��ا ستبقى حارقة

ستحرقها، ما �شاء أن النار باردة

ح�ى لو أوهمت نفسك �غ�� ذلك!

Page 17: النفس المطمئنة(1)

17 النفس املطمئنة

الواقع: مستو�ات .2

للواقع كما هو يمكننا من التعامل معھ بحكمة ومعرفتنا إن إدراكنا

واتزان، لتعظيم منافعنا واستمتاعتنا �� ا�حياة، وتقليص آالمنا.

–غ�� أن الواقع ليس مستوى -مع �ونھ واقعا

واحدة، وإنما هو ودرجة

�ستطيع أن نضاعف مستو�ات سعادتنا �ي ت والدرجات، ولمتعدد الطبقا

علينا أن ندرك هذه املستو�ات لنتعامل معها كما �� ا�حياةواستمتاعاتنا

ينب��.

لتوضيح الفكرة تخيل أنك مستلق ع�� سر�رك الوث�� �� غرفتك ��

ستلق . الفراش الذي أنت ماألطل�ىيسفينة بحر�ة سياحية �� عرض ا�حيط

سعادتك در�ما ي�ون أقرب واقع مادي لك، وتتحد ثار الذي تدثر بھعليھ، والد

ع�� هذا املستوى بمدى �عومة فراشك ودثارك.

ر�ما ي�ون املستوى الواق�� املادي الثا�ي لك هو غرفتك، وفخام��ا

لو حيث أ��ا ونظاف��اتؤثر �ش�ل مباشر ع�� سعادتك واستمتاعك، فمثال

لن �ستطيع االستمتاع ح�ى وإن كالغرفة، فإن فرضنا أن هناك رائحة نتنة ��

�ان فراشك ودثارك وث��ين.

املستوى الثالث من الواقعية هو السفينة ال�ي أنت ف��ا، ور�ما ي�ون

املستوى الرا�ع هو البحر الذي تمخر �� عبابھ السفينة، واملستوى ا�خامس

. هو الكرة األرضية، وهلم جرا

السفينة األك�� –� سفينة تايتنك واآلن تخيل أن هذه السفينة �

، ال غاية السعادة واألمان��شعر كوأن –واألفخم من نوعها �� العالم حينذاك

حي��ا بأن سفينة !ال يمكن إغراقها تايتنك سيما مع الوهم الذي �ان سائدا

Page 18: النفس المطمئنة(1)

18 النفس املطمئنة

سفينة ال ال�ي يمكن أن �شعر ��ا �� هكذا �ل هذه السعادة أراهن أن

� ح�ى �ساوي منمقدارا

األلم الذي يمكن أن �شعر بھ وأنت �عا�ي مص�� سيطا

�� مياه ا�حيط وغرقا

عندما ، وذلكاألغلبية الساحقة لراكب��ا باملوت تجمدا

اصطدمت السفينة بجبل جليدي!

لم ينتبھ طاقم السفينة لهذا ا�جبل ا�جليدي ألنھ �ان �� املستوى

بھ السفينة)، وذلك �سبب الوهم عبا �� الرا�ع من الواقعية (البحر الذي تمخر

ع�� تفك��هم، بأنھ ال يمكن إغراق هذه السفينة!! ومتحكما

الذي �ان سائدا

لذلك الوهم لو �ان ل�انالطاقم حاضر الذهن ولم يكن خاضعا

نتباه لوجود ا�جبل ا�جليدي، و�التا�� استطاع تجنبھ.. إن تمي�� استطاع اإل

ان يحفظ �ل تلك األرواح الوهم �ان من من الطاقم الواقع املمكن جدا

ال��يئة، و�حافظ ع�� سعاد��ا واستمتاعها أنذاك!

أن هرها او ذا ما حصل، وأن السفينة واصلت مشواآلن لنف��ض جدال

�سعادة �� ا�حيط من دون أن �غرق، ألم يكن من ا�حتمل أن تصادف

ينشأ �سبب إنفجارات تحدث تحت سطح املاء السفينة إعصار �سونامي مثال

؟أو سقوط مذنبات �� املياه (أحداث ع�� املستوى ا�خامس من الواقع)

أنت ال �ستطيع إدراك هذا املستوى من الواقع واالستعداد لھ �سهولة.

،هذا �حيح بك و�ؤثر عليك فهو ،ولكنھ ال �غ�� من املسألة شيئا

واقع محيط

�ش�ل مباشر شئت ذلك أم أبيت.

تحديد مستو�ات الواقع ا�حيطة بنا مع نوع من واآلن لنتوسع ��

التسامح والبساطة. املستوى السادس هو ا�جموعة الشمسية، والسا�ع هو

�ل هذه املستو�ات من الواقع أنت .. مجرة درب التبانة والثامن هو ال�ون �لھ

، ولذا فمن األجدى تجاهل هذه املستو�ات من الواقع. ال تملك حيالها شيئا

Page 19: النفس المطمئنة(1)

19 النفس املطمئنة

املستوى التا�� من الواقع (وهو متش�ل من عدة مستو�ات، نغ�� أ

وألغراض هذا الكتاب سأعد ) بالرغم من أنھ ه مستوى لكن�ي �سامحا

واحدا

يحيط بال�ون �لھ، إال أن تأث��ه مباشر عليك بدرجة هائلة وعظيمة، و�ش�ل

آخر من تملك التأث�� ف��ا أك�� من أي �ىيء مستمر �� حياتك �لها، وأنت

بك ح�ى من املستوى األول من الواقع! حولك، ف�ي أقرب إليك وأشد التصاقا

ب "عالم الغيب" �سميھهو ما من الواقع هذا املستوى

إنما �� عوالم -ال��زخ، واآلخرة -ال�ي سننتقل إل��ا الغيب عوالم إن

تنا واقعية وموجودة اآلن ومحيطة بنا، ونحن من �ش�ل مص��نا ف��ا بإراد

.. هذا واقع ال مباشر، ونحن عما قر�ب متجهون لهاوحركتنا �� الدنيا �ش�ل

! وأيمكنك تجاهلھ �سيانھ، وإال ستعد أحمقا

أن يركب أحدنا طائرة متجها أال يأخذ جواز تصور مثال

لبلد ما متعمدا

مح هذا ال�خص أحمق، ألنھ سرعان ما سيصل لوجهتھ، ولن �س معھ. سفره

��ا من دون ا�جواز.لھ للدخول ف

شئناأم أبينا سنصل إ�� وجهتنا، ونحن كذلك متجهون ل�جنة، وقر�با

.إل��اسوف لن �سمح لنا بالدخول ھإن لم نكن نحمل جواز املرور فإن اهوعند

األك�� واقعية من �ل ذلك، وال يخلو منھ زمان أو م�ان، بل هو فوق

حن ﴿هو هللا عز وجل فسنامن أنح�ى هو أقرب إلينابل الزمان وامل�ان، ون

ور�د يھ من حبل ال

رب إل

ق

.﴾أ

فكيف هللا واقع، بل هو الواقع، وما نحن سوى تجلياتھ ومخلوقاتھ،

اإلمام ما روي عنأن �ع�ى بصائرنا عنھ سبحانھ و�عا��؟ تأمل إذا يمكن

�� وجوده إل�ي كيف �ستدل عليك بما هو "ا�حس�ن (ع) �� دعاء يوم عرفة:

Page 20: النفس المطمئنة(1)

20 النفس املطمئنة

أيكون لغ��ك من الظهور ما ليس لك ح�ى يكون هو املظهر إليك؟مفتقر

وم�ى �عدت ح�ى تكون اآلثار عليك؟م�ى غبت ح�ى تحتاج إ�� دليل يدل لك؟

.إليك؟"�� ال�ي توصل

ندرك قيمة أجمل وأعظم ال هو ما يجعلنا إن عدم انتباهنا لهذا الواقع

من أن �ستطعم لذ��ا وعظم��ا، ولذا نبتعد ع��ا األشياء املتاحة أمامنا و�حرمنا

�ش�ل تلقائي!!!

اتصال لنا �شعر بمدى عظمة وروعة أن ي�ون أالكيف يمكننا وإال ف

(وليس وهم حقيقي مع القوة املطلقة وا�جمال املطلق ومستمر ) مباشر يا

؟"هللا جل جاللھ" والعظمة املطلقة

�، بل واتصال هللا الدائم بنا اتصالنا الدائم با�سبب لنا كيف ال و

هو الوجود بذاتھ وهو ا�جمال هللا نأبالسعادة والقوة والطمأنينة مع الشعور

لقنا وخلق �ل �ىئ وهو يحبنا ئ وهو من خيوهو العظمة وهو القادر ع�� �ل ش

ع�ن ال تراك عل��ا إل�ي،"؟ جدا

،عميت

عبد لم رقيبا

صفقة

تجعل وخسرت

لھ من ح ك نصيبا ."ب

كيف ال نلتذ وال �شعر بروعة عالقتنا مع الرسول األعظم (ص) وأهل

بيتھ (ص) الذين جعلهم هللا لنا السبيل اليھ!!

واقعقع، و�عاملنا معھ ع�� أساس �ونھ إن إدراكنا وفهمنا لهذا الوا هو ا

وآخرة، و�جعل لها مع�ى ما �غ�� حياتنا �لها دنيا

وطعما

مختلفا

فوق ي وجميال

اللهم ... "وهذا هو ما يدعونا إليھ الرسول األكرم (ص) �� دعائھ: �ل وصف.

وهذا ما يدعونا إليھ اإلمام ع�� ، "وال مبلغ علمنا همنا،وال تجعل الدنيا أك��

آل لدنياك �أنك �عيش ابدا، واعمل عملا" (ع): ."خرتك �أنك تموت غدا

Page 21: النفس المطمئنة(1)

21 النفس املطمئنة

ليس سوى قدرتنا ع�� -ن �لھ إن لم يك -إن الطر�ق نحو هللا �� معظمھ

من عرف نفسھ "معها ع�� هذا األساس والتعاملتمي�� هذه الواقعية وفهمها

.فقد عرف ر�ھ"

إن اآللية األك�� فاعلية لتطو�ر قدرتنا ع�� تمي�� الواقعية هو التفكر

للعالقات االجتماعية واإل�سانية وأوالتأمل املستمر سواء لل�ون من حولك،

�� داخل نفسك وما �عتمل ف��ا من مشاعر وانفعاالت وسلوكيات من حولك أو

وما تصل إليھ من نتائج وقرارات.

، بل ويش�ل الغيب لكن و ألن الواقعية ا�حيطة بنا تمتد للغيب أيضا

﴿معظمھ، وألن اإل�سان محدود املعرفة والقدرة

م إالعل

ن ال م م

وتيت

وما أ

ليالتمي�� الواقعية من دون التأمل �� القرآن العظيم، لنافال يمكن ﴾ق

واألدعية الواردة إلينا من مصادرها ال�حيحة عن أئمة أهل البيت (ع).

هذه ستعرضأملناقشة ما هو هدفنا �� ا�حياة، الرجوعواآلن وقبل

عندما �� لوحة مع� تطرح مفهوم الواقعيةاآليات القرآنية الرائعة ال�ي �ة جدا

صة قارون:تح�ي عن ق

﴿

يتيا يا ل

ن الد

حياة

ا�

ذين ير�دون

ال ال

تھ ق

ومھ �� ز�ن

� ق

رج ع�

خ

ف

عظيم و حظ

ذ

ھ ل

إن

ارون

و�ي ق

ل ما أ

ا مث

ن

ا (79) ل

م وق

عل

وا ال

وت

ذين أ

ل ال

اها إال

ق يل

ن آمن وعمل صا�حا وال

�� مل

خواب ا�

م ث

ك

و�ل

ابرون ھ من (80) الصة ينصرون

ھ من فئ

ل

ان

ما �

رض ف

ا بھ و�داره األ

ن

سف

خ

ف

صر�ن نت

من امل

ان

وما �

مس (81) دون ا� ھ باأل

ان

وا م�

من

ذين ت

صبح ال

وأ

ن ا� ن م أ

وال

در ل

اء من عباده و�ق

ن �ش

مل

ق

ز الر

يبسط ن ا�

أ

و��

ون

ول

يق

ا بن

سف

خ

ا �

ين

عل

افرون

�ح ال

يف

ھ ال

ن

أ

ها (82) و��

جعل

ن

خرة

ار اآل ك الد

تل

ير�دون

ذين ال لل

ق�ن

مت

لل

عاقبة

سادا وال

ف

رض وال

ا �� األ و�

.﴾ عل

Page 22: النفس المطمئنة(1)

22 النفس املطمئنة

؟أهدافنا يف احلياة هيما

تحقيق الرؤ�ة �� األهداف ال�ي تقودنا نحو االس��اتيجية إن األهداف

أن نحتاج�� ا�حياة س��اتيجيةاإل أهدافنا فلتحديدس��اتيجية، وعليھ اإل

.""القرب من هللا لهيةإلس��اتيجية ااإل لرؤ�ة ا نتعمق قليال �� فهم

ت�و��ي إنما هو قرب هنامن هللا سبحانھ قرباملقصود من الن ال شك أ

جل �تنا عبوديقرب ، و�ذلك فهو ال �سعھ أن ي�ون سوى واق�� حقيقي

وال أو فقل �ع�ي ،وعال وشعور�ا

ونفسيا

ومعرفيا

مدى إدراكنا وتفاعلنا سلوكيا

�عبوديتنا � عز وجل، إ�� أن نصل إ�� مرحلة من العبودية والفناء �� شعور�ا

غ�� هللا، وهو ما �ع�� ع��ا اإلمام ع�� (ع): وحبھ هللاما رأيت " ال نرى معها شيئا

إال ورأيت هللا: قبلھ، و�عده، ومعھ، وفيھ ."شيئا

، ومن �ل العبودية � �ع�ي أن تتحرر من �ل األغالل ال�ي تحيط بكإن

الظلمات والطواغيت، واملشاعر السلبية، �اإلحباط وا�خوف والقلق، ومن

�� الدنيا مهما ود لشيئ الضعف وا�خور، بل ومن عبوديتك لنفسك، فال �ع

عظم أو صغر أثر فيھ عليك، وإنما ت�ون خاضعا

ب�لك � ومتفانيا

منصاعا

عز وجل.

﴿تأمل �� قولھ �عا��، �� آية الكر�ىي: و�� ال

نا� رجهم م

يخوا

ذين آمن

ور ن الن �م م

رجو�

يخ

وت

اغ

هم الط

وليآؤ

أ

روا

ف

ذين ك

ور وال

� الن

مات إ�

لالظ

مال� الظ

، وهللا هو نور السماوات واألرض،﴾ت إ�

�� إ�� هللا" كمال اإلنقطاع ـ "ب ع)هذا الفناء هو ما �ع�� عنھ اإلمام ع�� (

."اليك االنقطاع كمال �� هب إل�ي" املناجاة الشعبانية

Page 23: النفس المطمئنة(1)

23 النفس املطمئنة

ھإلي االنقطاع كمال حالة عيش� أن هو ليس الهدفف تبھولكن ان

!محرابك �� وتتعبد خلوة، �� وأنت ،سبحانھ

�عيش وأنت سبحانھ، إليھ االنقطاع كمال حالة �عيش أن الهدف وإنما

معها، فتتفاعل وتحديا��ا، وتناقضا��ا مفردا��ا ب�ل وا�حياة الناس وسط

عبوديتك وغ�� ر�ك، غ�� ترى ال ذلك �ل من بالرغم لكنك وتدفعك، فتدفعها

ف��ا، ما ب�ل ا�حياة، عن هذه االنقطاع حالة �شغلك ال الذي الوقت ��! لھ

إل��ا تدفعك وإنما !تصور �ل تفوق إلهية و�طاقة اإليجابية، �غاية دفعا

ا�خطيب البغدادي، والفخر و مستدرك ال�حيح�ن، ما نقلھ لنتأملف

(ص) ، عن الرازي �� تفس��ه الكب��

ملبارزة ع�� بن أ�ى طالب "قولھ: رسول ا�

ا�� يوم يم�أ عليھ السالم لعمرو بن عبد ود يوم ا�خندق أفضل من أعمال

."القيامة

ع�� أن ما �عادل أعمال الثقل�ن إ�� يوم القيامة ليس هو صالة تأمل

يوم من سيفھ لعمرو بن ود (ع) �� الليل، أو صومھ �� ال��ار وإنما ضر�ة

ل�جهاد �� سبيل هللا!، أثناء ممارستھ ا�خندق

-و�ل فعلھ عظيم -(ع) ع�� ما عظمھ هللا �� قرآنھ من فعل وتأمل أن

ھ ﴿، �� قولھ �عا��: هو ممارستھ للعطاء أثناء صالتھ ورسول م ا�

ك ما ولي

إن

وهم اة

� الز

ون

ت

و�ؤ

ة

ال الص

ذين يقيمون

وا ال

ذين آمن

وال

.﴾راكعون

(ع) لم يمنعھفيطلب انقطاعھ لر�ھ �� صالتھ أن يدرك أن هناك فق��ا

أ، ولم يمنعھ صدقة

ھ ، خص عظيم من أن يتصدق عليھ با�خاتم.. سلوك يضا

دي بھ �� حياتنا، ولندرك مع�ى لنقت ،بمع�ى الواليةور�طھ هللا بالذكر �� كتابھ

.نقطاع � عز وجلاإل

Page 24: النفس المطمئنة(1)

24 النفس املطمئنة

تدرس وأنت وتنام و�شرب تأ�ل وأنتنقطاع اإل حالة �عيش أن الهدف

اليومية حياتك تمارس وأنت أصدقائك، مع وتمزح أطفالك، مع وتلعب و�عمل،

�شغلك وال ا�حياة،ممارسة عن إ�� هللانقطاع اإل �شغلك فال تفاصيلها، ب�ل

فهما بي��ما، �عارض من هناك ليس ألنھ ،إ�� هللانقطاع اإل عن ا�حياةممارسة

هللا أمر ما وفق ل�حياة وممارستك! واحد طول �� وإنما واحد، عرض �� ليسا

.� عبوديتك ��

��ائيات مبار�ات الع�ي كرة القدم أثناء لع��ممن �شهدهمر �شبھ ما ألا

.العالم �أس

والفوز بحماس ودافعية األهداف ��جيل و�حاولون يلعبون �مإ�

.العالم ب�أس بالفوز حلمهم �� مستغرقون تماما �م�أل ،منقطعة النظ��

مشاعرهم جميع ع�� امسيطر يجعلھ إن استغراقهم �� حلمهم هذا،

مستوى من و�رفع وال��ك��، والقوة بالنشاط و�مدهم �لهمهمو وأف�ارهم،

.أدا��م

�� ممارسة اللعبة ب�ل استغراقهم ب�ن �عارض من هناك فليس إذن

ا�حرك و�ونھ العالم، أسب� للفوز استغراقهم �� حلمهم و��ن ،وجدا��م

.و�شاطهم عز�م��م اشتداد �� والسبب لهم، األسا�ىي

مر تماما عندما �ستغرق ب�لك �� هللا وتف�ى فيھ فال ترى ألوهكذا هو ا

ذلك يمنحك دافعية إنفغ��ه سبحانھ، وال �عنيك سوى الفوز بحبھ ورضاه،

�ل طلقة منحر�ة مو تامة بإيجابية منقطعة النظ�� لتمارس ا�حياةلهية إ

ند�اك �� عبودية هللا سبحانھ و�عا��.العبوديات والظلمات لإل

Page 25: النفس المطمئنة(1)

25 النفس املطمئنة

م ﴿ املباحة ومتعها الدنيا بلذائذ �ستمتع أن ير�دنا هللا إن ل من حرق

وا �� ذين آمن

ل �� لل

ق ق

ز بات من الر ي

رج لعباده والط

خ

�ي أ

ال

ا�ة

ز�ن

قيامة ا� يوم ال

الصة

يا خ

ن م ﴿ لها �س�� وأن بل ،﴾حياة الد

ك

ذي جعل ل

هو ال

ور

شيھ الن

قھ وإل

ز وا من ر

ل

اك��ا و�

وا �� من

امش

ف

وال

ل

رض ذ

ولكن ،﴾األ

﴿ وتوازن بإيجابيةوا إن

سرف

ر�وا وال

وا واش

ل

و�

سرف�ن

يحب امل

�� ألن ،﴾ھ ال

ك ﴿ هللا، من وقر�نا وت�املنا تطورنا يكمن نحوها سعينا إن

�سان

�ا اإل �

يا أ

قيھ

مالدحا ف

ك ك � ر�

ادح إ�

ومتع أهواؤنا وتأسرنا تقيدنا أال هو والتحدي ﴾�

.الدنيا هذه

دون من ��ا �ستمتع أن هللا دناير� ال�ي �� فحسب الدنيا ليست ولكن

أن ير�دنا وجل عز هللا أن فرغم أنفسنا، ح�ى وإنما بنا، وتتحكم تأسرنا أن

!ذرة بمقدار ولو فينا تتحكم أن ير�دها ال ولكنھ ونرعاها، ونفهمها نح��ا

لنا ت�ون فال و�عا��، سبحانھ فيھ نف�ى أن ير�دنا هللا إن آخر و�تعب��

!وجل عز لھ لعبوديتنا لتاما إدراكنا غ�� كينونة

ولكن، كيف يمكننا تطو�ر أنفسنا إ�� هذا املستوى من العبودية

؟� عز وجل ال�املة

من هذا الفهم للقرب من هللا، �ستطيع أن ندرك أن قر�نا إ�� انطالقا

، أولهما مختلف�ن، ولكن م��ابط�ن بدرجة كب��ة هو محصلة عنصر�نإنما هللا،

مقدار عبوديتنا �، معرفيا

والشعور�ا

، وثان��ما مدى إدراكنا التام شعور�ا

لهذه العبودية. وسلوكيا

وعاطفيا

يمكنك التفك�� ��ذه الطر�قة.. إذا �ان مقدار عبوديتك ا�حقيقية �

% فإن محصلة إدراكك 60هو ألف، ومقدار استشعارك ��ا وإدراكك لها هو

للعبودية ست�ون ستمائة!

Page 26: النفس المطمئنة(1)

26 النفس املطمئنة

"مقدار عبوديتنا �"؟ العنصر األول �ع�يولكن ماذا

إن مقدار عبوديتنا � مطلق، ومساو لتمام وجودنا بأكملھ ب�ل ذرة

فيھ، ومن �ل حيثية من حيثياتھ، بل إن عبوديتنا � ما �� إال نفس وجودنا

املفاض من هللا �عا�� علينا.

قنديل فإن عبوديتنا � نحن البشر أشد وأعظم من عبودية وعليھ،

) و�قية ال�ائنات األخرى. البحر (مثال

و ، واكتسبنا الصفات ا�خ��ة مثل املعرفة �لما ازداد وجودنا قوة

وكماال

وا�حكمة واإلرادة، وأبرزنا ال�امن من طاقاتنا وقدراتنا ال�ي وهبنا هللا إياها، �ان

للعبودية الذاتية �، ح�ى وإن لم نلتفت لذلك. ذلك مظهرا

عمل اإل�سان ع�� تطو�ر مل�اتھ وقدراتھ ومواهبھ إذا من هنا ف

واكتساب املز�د من الصفات النبيلة مثل الكرم وال�جاعة وا�حكمة وصفاء

زداد باملقدار نفسھ، أما إذا خسر تالنفس والعز�مة وغ��ها، فإن عبوديتھ �

مل�اتھ وقدراتھ، فخسر معرفتھ، وفطرتھ، و�جاعتھ، وصفاء نفسھ، فإنھ

حسن ﴿ ن هللا عز وجلع يبعدم أ

ك ي

م أ

وك

ليبل

حياة

وا�

وت

ق امل

ل

ذي خ

ال

.﴾عمال

(وهو �� ذاتھ أحد لعنصر الثا�ي، فإن مدى إدراكنا لعبوديتنا �اوأما

تناإنما هو مرهون بمدى ممارستنا لها �� حيا أهم املل�ات والصفات الوجودية)

نا لتعاليم هللا عز وجل، ومدى تفاعلنا اإليجا�ي معها الدنيا، من خالل خضوع

(إيجابيتنا �� ا�حياة).

Page 27: النفس المطمئنة(1)

27 النفس املطمئنة

�� هذه ا�حياة ينب�� لنا أن �س��دفھ ما و ن ه�ن العنصر يهذتحقيق

ليس �� عالم الدنيا ،لنجاح والسمو والسعادة ال�ي �س�� لهانحقق ال�ي

ب�ل عواملها.وإنما �� ا�حياة بأسرها ،وحسب

�� – هما ما سنناقشهذان الهدفان كيفية تحقيقهما -الكتاب الحقا

اليومي املزدحم لإل�سان ال�ادح �� هذه الواقع �ش�ل ليس فقط ين�جم مع

.ھ، و�حقق لھ السعادة والطمأنية والسكينةئا�حياة، بل و�رتقي بھ و�أدا

Page 28: النفس المطمئنة(1)

28 النفس املطمئنة

؟أنفسناشكل تت كيف

، العبودية � ي قبل الدخول �� مناقشة كيف يمكننا تحقيق عنصر

أن نفهم كيفية �ش�ل أفسنا وذواتنا، وهذا ما سنستعرضھ �� نمن املهم جدا

هذا العنوان.

را من ط�ن ﴿يقول سبحانھ و�عا��:

الق �ش

ي خ ة إ�

مالئك

ك لل ال ر�

ق

إذ

ھ ساجدين 71(عوا ل

ق

و�� ف فيھ من ر

ت

خ

ف

ھ ون

�ت ا سو

إذ

.﴾) ف

نأ�ي إ�� الدنيا ونحن نملك �عدين اثن�ن، �عدا حيوانيا جسمانيا، و�عدا

روحيا نفسيا. لون البشرة، والشعر والطول، والصفات ا�جسمية األخرى،

وجميع الصفات النفسية األخرى، ودرجة الذ�اء، ومستوى املرح، وال�جاعة،

واالستعدادات ال�امنة لكال البعدين فينا موروثة ومحددة بطقم ا�جينات

ل �ل الوراثية ل�حيوان املنوي ا�ختار والبو�ضة ا�ختارة، اللذين م��ما �ش�

واحد منا.

ولكن ليست الصفات واالستعدادات ال�امنة فقط �� ال�ي نأ�ي ��ا إ��

بطقم من املعاي�� والقيم املوحدة املغروسة هذه الدنيا، وإنما نأ�ي إل��ا أيضا

، وال�ي �شمل فيما �شمل معرفة هللا والتعلق بھ وحبھ وعبوديتھ. فينا جميعا

هذا الطقم �سميھ "الفطرة".

ر�ما ت�ون الصفات ا�جسدية صعبة وأحيانا مستحيلة التغ��، أما

�� عالم الدنيا، واالستعدادات الصفات النفسية، وال�ي �ش�ل أساس حركتنا

،ال�امنة فينا، والقيم واملعاي�� "الفطرة" املغروسة فينا ف�ي ليست ثابتة أبدا

Page 29: النفس المطمئنة(1)

29 النفس املطمئنة

بل تظل تتغ��، وتنمو أو تضمحل بحسب حركتنا وإراداتنا واملعرفة ال�ي

كتس��ا، والعقائد ال�ي نؤمن ��ا.ن

ن ندرس، تتغ�� بنظرتنا ل�حياة و�سلوكياتنا اليومية البسيطة، ونح

ونحن �عمل، ونحن نلعب وننام ونتعامل مع األصدقاء، ونتعامل مع أفراد

األسرة، ونتعامل مع ا�جتمعات ا�حيطة بنا، ونتعامل مع جميع مفردات ال�ون

ال�ي ندركها، ونحن نفكر، ونحن �شعر، و�اختصار ونحن �عيش ا�حياة ب�ل

النفسية من علم وإرادة تفاصيلها، و�أ��ا األحرف ال�ي تكتب وترسم صفاتنا

وعز�مة وحكمة وحب وتقوى وجمال وخ�� و�جاعة و�ق�ن، إ�� آخر القائمة،

ال�ي ر�ما ��جز عن تحديدها، ألن عالم الدنيا بطبيعتھ املادية أقل من أن تظهر

وت��ز فيھ جميع صفاتنا النفسية، إال أن أهم هذه الصفات، وأولها وآخرها،

ز وجل.هو إدراكنا لعبوديتنا � ع

بحاجاتنا، الناشئة من كال البعدين فينا الروح وا�جسد، نأ�ي إ�� الدنيا

ن �شرب وأن نلبس، وأن نمرح وأن نحب وأن نفكر وأن أفنحتاج أن نأ�ل و

. نتعلم، وأن نتفاخر، وهلم جرا

وراء سد هذه نتفاعل مع الدنيا بم�ونا��ا، وموجودا��ا، سعيا

ث، و�عمل ونصنع ونكدح ف��ا، فنسد ا�حاجات، فندرس، ونتعلم، ونبح

حاجاتنا، و�� املقابل تنشأ لدينا حاجات وحاجات أخرى، ونظل �� س�� دائم

منذ طفولتنا وح�ى مماتنا لسد هذه ا�حاجات ال�ي ال تنت�ي .أبدا

وأمان، ولتستطيع أن تمارس حياتك ل�ي تكسب لقمة عيشك بكرامة

س وتتعلم لسنوات طو�لة، ثم باطمئنان من دون ذل ا�حاجة، عليك أن تدر

والعملية أنت ، و�� جميع هذه املراحل الدراسيةعليك �عدها أن �عمل وتكدح

تواجھ الكث�� من املواقف اليومية، و��ون عليك اتخاذ العديد من القرارات

Page 30: النفس المطمئنة(1)

30 النفس املطمئنة

واملواقف، وهذه �� ال�ي تحدد صفاتك أو قل مل�اتك، ثم �ش�ل وت�ون ذاتك

��ا.

ل�جاعة ورثتھ من والديك، واآلن �� هذه لديك رصيد من مستوى ا

الدنيا أنت تب�ي عليھ، فإذا �عودت أن تأخذ مواقف متخاذلة خائفة، فأنت

من ل وت�ون �� ذاتك ا�خوف وا�ج�ن إ�� أن يصبح ا�خوف وا�ج�ن جزءا

�ش�

ل وت�ون �� ذاتك كيانك النف�ىي، بينما لو اتخذت مواقف �جاعة، فانت �ش�

من كيانك النف�ىي، وإن تضار�ت ال�جاعة، إ�� أن تصبح ال�جاعة جزءا

مواقفك وسلوكياتك، فتارة جبانة خائفة، وأخرى جر�ئة �جاعة، فأنت تز�د

وتنقص من رصيد ال�جاعة لديك وفق قراراتك ومواقفك.

ي��دوإن ال�� ،إ�� ال�� يإن الصدق ��د"عن الرسول األكرم (ص):

عند هللا بوإن الرجل ليصدق ح�ى يكت ،إ�� ا�جنة

وإن الكذب .اصديق

وإن الرجل ليكذب ح�ى يكتب ،إ�� النار ي��دوإن الفجور ،إ�� الفجور ي��د

النفسية األخرى �العلم واألمر ذاتھ يحدث مع جميع الصفات "اكذاب عند هللا

والتقوى واليق�ن وا�حكمة وا�حلم، وغ��ها. واإلرادة

Page 31: النفس المطمئنة(1)

31 النفس املطمئنة

حنو اهللا الطريق

جد سبل "ع) �� دعاء أ�ي حمزة الثما��: عن اإلمام ال�جاد (ي أ

هم إ�

الل

رعة

يك مش

طالب إل

ا�� بموضع إجابة ...امل ك للر

ن

م أ

عل

احل ...، وأ وان الر

حج��م ت

ن

أ

قك إال

ل

جب عن خ

حت

ك الت

ن

ة، وأ

ساف

ر�ب امل

يك ق

عمال إل

اال

ك ".دون

بداية ��ك نأ شعرتس فيھت مشي و�لما ينت�ي، ال هللا نحو الطر�ق نإ

الوقت بمرور أنك� غ�، �عد الطر�ق سلك� لمك نأ شعر� ور�ما بل الطر�ق،

�شعر تبدأ قليال

صواتألا وتبدأ أعماقك، إ�� �سري والسكينة بالهدوء قليال

ما أفضل �عطيك ذاتك وتبدأ دأ،�� حولك من ألفتھ الذي الدنيا و�جيج

من يتفجر طمئنانإلوا وا�حب والقوة بالسعادة �شعر تبدأ مث عندها،

ال�ي السعادة �� تفكر وال ح�ى بل أمامك، هللا غ�� ترى �عود ال وهنا أعماقك،

�لھ عز شأنھ. نى مور�ى حب بنظرة �ستبدلها أنك وترغب ��ا، �شعر صبحتأ

وقطعت س��ك، واصلت أنك لو بالك فما �قك،طر بداية �� زلت ال وأنت هذا

فيھ؟ شوطا

لست ال�خص املناسب للتحدث عن طر�ق هللا، ولك�ي سأحاول

ولكن قبل ذلك سأتناول والناقصة، معرف�ي ا�حدودة بما تمكن�ي إياهوصفھ

وي التا��:يناملثال الد

ر�ال ألف إياها يمنحنا ال�ي واللذة الراحة مستوى ي�ون ر�ما شهر�ا

ر�ال مائة اهاإي ا يمنحن ال�ي واللذة الراحة مستوى أضعاف ة �عشر يفوق

) واللذة الراحة ز�ادة مستوى ( ا�حدية املنفعة تبدأ ذلك �عد ولكن ،شهر�ا

Page 32: النفس المطمئنة(1)

32 النفس املطمئنة

تصبح أن إ�� ر�ال لفألا فوق نكتسبھ ر�ال ل�ل تتناقص مع�ن رقم عند صفرا

ر�ال فالآ عشرة أنھ لنف��ض(و استمتاعنا مستوى �ديز ال و�عدها) شهر�ا

.مدخولنا حجم بازدياد ولذتنا

مليون نصف يتقا�ىى من أخرى و�عبارة حجم ي�ون ي�اد شهر�ا

يتقا�ىى �ان عندما ولذتھ استمتاعھ مقدار نفس ا�حقيقية ولذتھ استمتاعھ

.ألفا خمس�ن

بالقرب يتعلق فيما كذلك ليس مرألا ولكن الدنيا، �عم حال هو هذا

هللا، من بالقرب ستمتاعالا ملقدار حد أو سقف من اكهن فليس هللا، من

بد تتعاظم منھ القرب لز�ادة ةي �حد ا واملنفعة وصل فمن تتناقص أن من ال

� ال��ليون ملستوى مرة ألف من بكث�� أك�� تفوق ولذة براحة ستمتعمثال

.املليار مستوى وصل من مع املقارنةب

إ�سان من هناك ليس، بل ليس هناك من موجود �افر أو �ان مسلما

ا

ا�خط هذا ع�� �س�� وهو الإ نزو أو صعودا

نحو ا�حركة فهذه أ�ى، أم شاء ،ال

�� هللا حركة

، طبيعي ت�و�نية

" هللا نحو الس��بـ " هنا نحن �عنيھ فما وعليھة

ا�جهد و�ذل ،و�عا�� سبحانھ رضاه وطلبمنھ، والقرب نحوه الس�� قصد هو

.كذل سبيل ��

هللا نحو الصعود خط إن هناك أن غ�� ��اية، ال ما إ�� مستمر خط

�� نو�� بتطور ستشعر ا م��لواحدة وصلت �لما ا�خط هذا ع�� محطات

وستتطور خلكدا ال�ي والسعادة اللذة نوعية وستتطور �حياة،ل رؤ�تك لھ تبعا

.��ا ستشعر

حسب( ينقسم ا�ختلفة بمحطاتھ هللا نحو املستمر ا�خط هذا إن

أساسيت�ن، هما: مرحلت�ن إ��) القاصر ه�يف

Page 33: النفس المطمئنة(1)

33 النفس املطمئنة

ف��ا الس�� من و��ألا ملرحلةا حركة

كمية

فنحن هللا، نحو وكيفية

والقدرات واملل�ات، الفاضلةواألخالق املعارف ونكتسب، أنفسنا ف��ا نجاهد

�باواالستشعار ،بالدينلالل��ام ا�جهد ونبذل ف��ا، ما ب�ل الدنيا �� نزهدو

طلبإ�� ووجودنا كياننا لب� و�س��واالرتباط بأولياء هللا الصا�ح�ن والعلماء،

.ا�حياة �� مرادنا غاية هو يصبح ح�ىعز وجل هللا رضا

ذكرتھ ما يحدث املرحلة هذه �� �شعر تبدأ الوقت بمرور أنھ من آنفا

الدنيا و�جيج صواتألا وتبدأ أعماقك، إ�� �سري والسكينة بالهدوء تدر�جيا

تبدأ ثم عندها، ما أفضل �عطيك ذاتك وتبدأ ��دأ، حولك من ألفتھ الذي

�عودال وهنا أعماقك، من ريتفج طمئنانإلوا وا�حب والقوة بالسعادة �شعر

��ا، �شعر صبحت�ي أال السعادة �� تفكر ال ح�ى بل أمامك، هللا غ�� ترى

ياهاجاللھ إ جل كفيمنح منھ،ى ور�ى حب بنظرة �ستبدلها نك�� أ وترغب

فال إليھ، تجذبك النظرة هذه أن غ�� ا�حب، ر و بن تح��ق ال ل�ي بقدر ولكن

لك �ع�ي مصائ��ا أو مبا�جها ب�ل الدنيا �عود من بالعذاب �شعر وتبدأ ،شيئا

هو العذاب هذا ولكن لذلك، وتتلوى ا�حبوب، رضا غ�� �� تضيعها �حظة �ل

.الدنياعالم �� بھ �شعر أن يمكنشعور �ل من وأر�� وأروع أجمل

وتصبح ا�حالة، هذه لديك �ستقر وعندما رى فال ت فيك، ذاتية

جنة

نار الو الو ا

.الكر�م وجهھ سوى رى ت ال، وشقاء الو سعادة

تبدأ وهنا�، و�ألا املرحلة قطعت قد ت�ون ا�حالة لهذه تصل عندما

كهنا توجد ال حيث هللا، نحو العروج مرحلة، الثانية املرحلة كمي حركة

ة

�� وإنما ،سبحانھ حوهن حركة

كيفية

هذه و��، �عا�� سبحانھ نحوه قلبية

ك ﴿ البعض �عضهم عن ن و واملعصوماألنبياء يتمايز املرحلةسل تل ا الر

ن

ل ض

ف

هم � �عض

��م �عض ع� ن م م م

ل

� ع ا�

هم ورف

﴾.درجات �عض

Page 34: النفس المطمئنة(1)

34 النفس املطمئنة

الدنيا، عالم �� نفهمھ حسبما املرحلة هذه �� مجاهدة من هناك سلي

هللا نحو س��ك يتحدد وإنما باملرة، وعقلك قلبك ��هللا غ�� هناك ليس نھأل

لك. جذبھ قبول ع�� وقدرتك سبحانھ لھ عشقك بقوةو�عا�� سبحانھ

أخرى لنتأمل، فالثانية املرحلة هذه لنفهممستدرك ما نقلھ مرة

أفضل من يوم ا�خندق (ع) بارزة ع�� أن م (ص) قول الرسول عن ن، ال�حيح�

.ا�� يوم القيامة أم�يأعمال

من لكث�� يمكن عادي شبھ عمل هواإلمام ع�� (ع) نفسھ عملفإن

أمة محمد (ص) أعمال ع�� و�فوق مختلفا يجعلھ ما ولكن بھ، القيام املؤمن�ن

.ة�ضر ه الهذ اكتنف الذي قوالعش والعمق النية هو�لها إ�� يوم القيامة

Page 35: النفس المطمئنة(1)

35 النفس املطمئنة

شائعة مغالطات

تحمل �� طيا��ا الكث�� من السائدةمما يؤسف لھ هو ان ثقافتنا

السمو والس�� نحو عناملغالطات الذائعة الصيت، ال�ي �عيق اإل�سان عمليا

هللا، وتحبطھ عن ذلك.

جميع عن أنفسنا نصم أن بحانھهللا س نحوولذا علينا لإلنطالق

وأن ،أن ينف��ا �� صدورنا الشيطان يحاول ال�يوالوساوس السلبية ف�ارألا

.آخر �ىي أي متجاهل�ن ليھ،إ متجهون ونحنعز وجل نحوه نطلقن

واجتثا��ا من ملعا�جة هذه املغالطات الشائعة والوساوس الشيطانية

"، كما أق��ح ال�جوء للتأمل الذا�ي يحاءإلا" طر�قة استخدام ق��حأ أعماقنا

والتدبر �� القرآن والنصوص الشرعية.والتفكر

:الشائعة فيما ي�� �عض هذه املغالطات

النقية البيئة املؤمنةوجود .1

أن� �مة �� الثقافة العامة و هناك مغالطة شائعة وت�اد ت�ون مسل

ي�ون إنما هللا نحو السلوك من خالية شبھ نقية مؤمنة بيئة �� اكن إذا ممكنا

.ات ا�ا�حوز املغر�ات لعلمية مثال

!!مستح ي�ون ي�ادفهو بيئاتنا مثل بيئة �� هللا نحو السلوك أما يال

شهواتنا تكبلنا ف��ا حيث وملذا��ا، الدنيا ب��ارج املزدحمة بيئاتنا

عل��ا، �عودنا ال�ياملادية الدنيو�ة ممارساتنا وتحكمنا وأوهامنا، وغرائزنا

Page 36: النفس المطمئنة(1)

36 النفس املطمئنة

رسم تصوراتنا وخرائطنا وت تناالوانفعا مشاعرنا ع�� �سيطر وأصبحت

.الذهنية

ا، ذواتن ع�� ف��ا تغلبأن نة وانتباه ظ�� �حظة يق حاولنا وإن ح�ىو

وأسرنا وأطفالناأزواجنا ومتطلبات وأعرافنا جتما��الا النسق علينا ضغطي

الدوام لنا أبقى إن هذا ،لنعود �حياتنا اليومية املادية الرتيبة اليومية

وصراعاتھ مراتھاومؤ تھبمتطلبا اليومي (الوظيفة) بقية

نفوسنا �� باقية

قلألا ع�� أو ا،نظلم ممن لالنتقام ��دف �اسرة لوحوش يحولنا ولم الطاهرة،

.ذي��مأل تفرح

�� هكذا بيئة �لما تطمح إليھ أن تحافظ فيھ ع�� ا�حد األد�ى من

دينك، عل هللا �غفر لك وتدخل ا�جنة!!

ح�ى قبل بدء ا�حاولة، والفشل �مةللهز نال إع هو السل�ي التفك�� هذا

أساسها ع�� فينا والتحكم القناعة هذه مع بالتجاوبعقلنا الباطن يبدأحيث

ت�ون النتيجة ا�حتمية �� الفشل. و��ذا

هو العكس وإنما ،�حيح غ�� مال الك هذا أن فقط يسل ا�حقيقة��

أك�� ن ي�و بيئاتنا مثل عادية بيئة �� ينشأ الذي �سانإلفا ال�حيح، مناعة

الفساد والشهوات. جراثيم من معقمة بيئة �� �شأ ممن و�حة

�سانإلا لتطور النموذجية البيئات �� هذه بيئاتنا أن هو ال�حيح

البشر نحن نناأل هللا، نحو وسلوكھ تحقيق �� نرغب عندما انھ ع�� نار ط ف

ما أفضل ديونؤ نتحفز فإننا واملصاعب التحديات وتواجهنا علينا ي�ح هدف

�� �غوص وإنما يأسن ال ا�حيلة ��جزنا وعندما لھ، �س�� ما لتحقيق عندنا

استخدامها �ستطيع وقدرات جمال من ياهإ هللا وهبنا ما لنكتشف أعماقنا

Page 37: النفس المطمئنة(1)

37 النفس املطمئنة

ئاتنا،بي مع مستمر حيوي تفاعل �� هكذا ونبقى اليھ، نصبو ما لتحقيق

.إليھ نصبو ما لتحقيق

الطر�ق هو املستمر والكدح والصراع اعلالتف هذا ماذا؟ �عرفأ ولكن

�ا ﴿ �شعر أن دون من ح�ى سبحانھ نحوه ونر�� �سمو فنحن هللا، نحو �يا أ

قيھ

مالدحا ف

ك ك � ر�

ادح إ�

ك �

إن

�سان

.﴾اإل

ما هو � وا�خضوع ا�خشوع بمدى إحساسك ليس أنھ هو هنا الفكرة

�ان وإن – هللا من قر�ك مدى يحدد هو وليس -املعاي�� أهم من واحدا

حتما

من تملكھ ما مدى هو وإنما الدنيا، عن ابتعادك مدى هو وليس فقرك، مدى

وتطور كسمو هو وإنما ،وقوة العز�مة واإلرادة واملعرفة والن�ج ا�حكمة

وغ��ها. با�جمال حساس إو وحب همة من ووجوداتك قدراتك

صورة رسمت إنما ونتنفسها نتغذاها ال�ي ميةاليو الثقافة أن املش�لة

مما علمائية، رهبانية بطر�قة ودواخلنا لناو عق �� هللا نحو والسالك العارف

ولسنا علماء لسنا نناأل املقامات لتلك الوصول و��ن بيننا ا�حواجز وضعت

.الفادح ا�خطأ يكمن وهنا، رهبانا

ولك�ي ملهما، ليسة العلمي ا�حوزة إن جو أقول أن أقصد ال هنا أنا

وا�خوض وملذا��ا ومغر�ا��ا ومرار��ا بواقعي��ا ا�حياة هذه معالتعامل إن أقول

جل جاللھ وضعناه إن بحانھ،س هللا نحو طر�ق أسرع هو وعبا��ا تحديا��ا ��

.سبحانھ إليھ وسعينا أعيننا نصب

واجهنا �لما البيئة هذه �� أننا ع�� ناهيك طبعا

مشك وأ تحديا

ناأ�ج ال

وهذا العبودية �� وهذه، عنا وللتفر�ج ملساعدتنا بصدق و�عا�� سبحانھ ليھإ

داخلنا يجعل ما ارتباط مرتبطا

ا

وثيقا

.املطلقة والرحمة القوة بصاحب و�قينيا

Page 38: النفس المطمئنة(1)

38 النفس املطمئنة

بأفضل �عيشها ال�ي طر�ةضامل والبيئة التحديات ذهه من �ستفيد ل�ي

فبد إل��ا، نظرتنا طر�قة �غ�� أن اعلين ،و�عا�� سبحانھ نحوه للسلوك طر�قة ال

وحجب ومغر�ات معوقات �عت��ها أن من طرقنا أ��اع�� إل��ا فلننظر هللا، عن ا

لنا هللا وضعھ الذي الت�و��ي ال��نامج م�ونات وأ��ا هللا، نحو س��نا وأدوات

تحاش��ا، ع�� ليسسبحانھ نحوه فالطر�قا�� و�الت ،عز وجل نحوه للسلوك

.نفعل أن هللا ير�دنا كما يجا�ي إ �ش�ل معها التفاعل ع�� وإنما

عبادة األحرار .2

إنما �عبد هللا و هذه املغالطة �ع�ي بالدين نل��مأننا نحن البشر عموما

إما أو (عبادة العبيد) العقاب من خوفا

وأنھ، (عبادة التجار) وابالث �� طمعا

يندر هللا �عبد منبيننا يوجد أن جدا

، و�� ما �سم��ا اإلمام أم�� لھ حبا

"!حرارألا عبادة" املؤمن�ن (ع) ب

ح�ى من املغالطة األو�� وتكمن . ر�ما ت�ون هذه املغالطة أك�� شيوعا

، هللا نحو ع�� سلوكناسل�ي شديد خفي ي نف�ى تأث�� من لهافيما خطور��ا

�شبھ تأث�� املغالطة األو��.

هللا دعب� إنما معظمنا نأ هو الواقعلن�ي والسر �� حبنا ا بل لھ، حبا

رجال هللا ��مأل هو (ع) وأولياء هللا الصا�ح�ن البيت أهلاألكرم (ص) وأئمة

.و�عا�� سبحانھ

هكذا نانألسبب ذلك هو

ناق ل خ

ل وخ

هللا حب نألو كبشر، فطرتنا ت ق

ا�جمال وا�جالل اإلل�ي الذي يجسده خالل من وعروقنا أعماقنا �� استشرى

.(ص) ��ممحب(ع)، ومن خالل شراي�ن البيت أهلاألكرم (ص) وأئمة الن�ي

Page 39: النفس المطمئنة(1)

39 النفس املطمئنة

�� ومتجذر نفسياتنا �� ومتوغل أعماقنا �� را�خ هللا حب إن �عم

وسلوكياتنا، حاسيسناأو ومشاعرنا دواخلنا ع�� كب��ة لدرجة سيطر قلو�نا، وم

من تمنعناو �، ناحب من النيل تحاول ال�ي السلبية املغالطة هذه من بالرغم

و�عا��. سبحانھ نحوهاإلنطالق

ع�� هذه غ�� أن اند�اكنا �� ا�حياة املادية وال��ف قد �ش�ل حجبا

ا�حبة ويغلفها بأغطية سميكة تحجب نوره �� حياتنا، و�ل ما علينا هو أن

و�رفق. نز�ل هذه ا�حجب تدر�جيا

الس�� نحو هللا وإتيان الذنوب .3

ئعة االنتشار هو أنك ال �ستطيع السلوك نحو هللا من املغالطات الشا

! ، وتتخ�� عن جميع الرذائلما لم تتوقف عن ارت�اب جميع املعا�ىي

ح�ى �� التفك�� �� الس�� امن الغالبية العظ�ى منعت ر�ماهذه املغالطة

رتكبھ من ذنوب وآثام.نبما �� درب هللا، ملعرفتنا

خالقألا و�عضل ب، بالذنو مر ليس كذلك، فبعضألغ�� أن ا

�عيقنا ال وهناك هنا السيئة �انت إذا ،و�عا�� سبحانھ نحوهلالنطالق مطلقا

والصالح. هللا نحو ومتجهة مؤمنة العامة النفسيةتنا بيئ

إننا يمكننا أن نتدرج �� مدارج الكمال ونق��ب منھ سبحانھ و�عا��

ه أمور معينة، ملراتب عالية ح�ى مع الضعف وا�خور الذي �سيطر علينا تجا

إن العبد ليبلغ بحسن خلقھ "بادتنا، فقد ورد عن الرسول (ص): وضعف ع

."عظيم درجات اآلخرة، وشرف املنازل، وإنھ لضعيف العبادة

Page 40: النفس المطمئنة(1)

40 النفس املطمئنة

ي�ون وقد با�، والعياذ الغيبة أو الكذب داء من �عضنا �عا�ي قد

ببعض اآلفات ا�خلقية األخرى.. تحد حجبا�و مراضاأل هذه أن شك المصابا

ال ولك��ا نطالق نحوه سبحانھ،لال وس��نا نحو هللا، وتبطئ سرعتنا حركتنا نم

!جلعز و هللا نحو الس��عن تمنعنا

بل �ع��ينا الذي الضم�� عذابيؤدي فر�ما ذلك، من بالعكس أحيانا

و�عا�� سبحانھ نحوهلالنطالق دافعيتنا ��تحفإ�� الذنوب هذه ارت�ابنا نتيجة

.واملغفرة للراحة وطلبا سبحانھ نھملالعتذار

�� النصوص الواردة عن أهل البيت (ع) أن املؤمن �� حال كث��ة

املعاناة، وحرارة االندفاع، وا�حرقة �� التوجھ أفضل ح�ى مع الذنب، منھ وهو

إن هللا علم "اتھ! ورد عن اإلمام الصادق (ع): �� حال االستقامة وال�جب بذ

أن الذنب خ�� للمؤمن من�� املؤمن بذنب أبدا

."ال�جب، ولوال ذلك ما ابت

يا رسول "ورد �� ا�حديث الشر�ف أن أ�حاب الرسول (ص) قالوا:

ولم تخافون ذلك؟ قالوا: إذا كنا ):فقال (ص ،"هللا، نخاف علينا النفاق

ا �عاين اآلخرة بتنا، وجلنا و�سينا الدنيا، وزهدنا ح�ى �أن

رتنا ورغ

عندك فذك

هذه البيوت عندك، ودخلنا من خرجنا والنار ونحن عندك. فإذا وا�جنة

وشممنا األوالد، ورأينا العيال واألهل، ي�اد أن نحول ع�� ا�حال ال�ي كنا

ا لم نكن ع�� �ىئأفتخاف علينا أن يكون ذلك .عل��ا عندك، وح�ى �أن

؟ فقال لهم الرسول (ص الشيطان. ف��غبكم �� هذه خطواتكال إن ):نفاقا

لصافحتكم ��ا، أنفسكم الدنيا. وهللا لو تدمون ع�� ا�حالة ال�ي وصفتم

هللا هللا �خلق فتستغفرون تذنبون، ولوال أنكم .املاء ع�� ومشيتم املالئكة،

فيغفر لهم. إن املؤمن مفت�ن تواب. أما خلقا ح�ى يذنبوا ثم �ستغفروا هللا،

وقال: ،"املتطهر�ن حبو� التواب�ن يحب هللا إن"سمعت قول هللا عز وجل:

."إليھ تو�وا ثم ر�كم استغفروا"

Page 41: النفس المطمئنة(1)

41 النفس املطمئنة

نزداد فنحن منھ واق��بنا سبحانھه نحو اتجهنا �لما فإننا الواقع �� قوة

وصفاء وطهرا

وعز�مة

من كث�� من التخلص منببساطة يمكننا مما وفهما

.بذلك �شعر أن دون من ر�ما ح�ى وذنو�نا، سلبياتنا

نحتاج ما وهعز وجل نحوهواالنطالق سبحانھ منھ القربو�ذلك ف

حظواال .إرادتنا أعيتنا إذا ضعفنا، نقاط من للتخلص حيانألا من كث�� �� إليھ

اء ﴿ سبحانھ قولھ

حش

ف�ى عن ال

ن

ت

ة

ال إن الص

ة

ال قم الص

ر وأ

نك

.﴾وامل

نصل أن �ستطيع الو�عا�� سبحانھ منھ للقرب عالية مراتب هناك �عم

�� تصورها ح�ى يمكننا ال املراحل هذه لكن ذنو�نا، من نتطهر أن قبل إل��ا

املراحل تلك عتابأل نصل عندما نناأ نع فضال العادية، يمانيةإلا مستو�اتنا

.خلقنا وسوء ذنو�نا من تخلصنا قد وطبي�� تلقائي �ش�ل ن�ون

اإلند�اك �� ذات هللا .4

عسلب تؤثر ال�ي الشائعة الثقافية خطاءألا من هللا نحو طالقناان�� ا

رأيت ما": )ع( املؤمن�ن أم�� يصفها ال�ي اليقينية املرحلة لهذه ننظر أننا هو

ا شيئ

البشري الكمال منت�ى باعتبارها "وفيھ ومعھ و�عده قبلھ هللا ورأيت إال

عد � -تختص املرحلة هذه وأن �عا��، سبحانھ منھ للقرب القصوى والغاية

).ع( النبوة بيت أهلن و املؤمن� بأم�� – ص)رم (كألالن�ي ا

ونحن هللا نحو مس��تنا نبدأ أننا هو التفك�� لهذا السل�ي ثرألا يأ�ي

ن و متيقن� هذه املرحلة اليقينية إ� وصولنا أن ن و ومعتقد بل فشلنا، بمسبقا

تلقائيا الباطن العقل بدأي �التا��، و )ع( املؤمن�ن م��أل تقديرنا مع يتعارض

نا ��بتوج .تحقيقھ مننعنا وم الهدف هذا عن �عيدا

Page 42: النفس المطمئنة(1)

42 النفس املطمئنة

قالھ ما يقل لم(ع) املؤمن�ن فأم�� �حيح، غ�� التفك�� ذاه أو تفاخرا

مھال ك نم ھب املؤمن�ن نحن لنتخذ قالھ وإنما إيمانھ، شدة ليظهر لنا، ن��اسا

ونجعلھ هدفا

عال ونقتدي بھ.ف نحبھ كنا إن �حياتنا وغاية

و�� ألا املرحلة ��اية الإ هو ما واليقي�ي يما�يإلا املستوى هذا نإ

نحوه العروج مرحلةرحلة الثانية "امل و�داية و�عا��، سبحانھ نحوه قال نطلال

.هللا اصطفاهم ومن الصديقون ف��ا يتمايز�ي لا "سبحانھ

و�حتاج صعب هو بل ،سهل أمر املرحلة لهذه قيقناإن تح أقول ال

.دج مكنم ولكنھ ا�جهد من والكث�� الت�حيات من للعديد ا

ي�ون الوكيف ﴿ ؟!الهدف لهذا الإ يخلقنا لم وهللا ممكنا

ت

ق

ل

وما خ

ليعبدون

�س إال

جن واإل

.﴾ا�

بلوغ هذه املرحلة ممكن ع�� القدرة �سانإلا �� خلق هللا نأل ليس جدا

وإنماوحسب، ،سبحانھ وعشقھ محبتھ فطرتھ �� وأودع ،لكذ هللا نأل أيضا

.لنا �حبھ إليھ يجذبنا

�غلب فإذا اليق�ن، وضعف الدنيا هو هللا عن �سانإلا يحجب ما إن

فإنھ الصعو�ة �غاية ليس أمر و، وههذين ع�� نھأل هللا، نحو يتجھ تلقائيا

. يروى عن اإلمام غ��ه يرى فال �لھ عليھ و��يمن ل�يإلا ا�جمال لھ ينكشف

احل وان "ال�جاد (ع): قك الرل

جب عن خ

حت

ك الت

ن

ة، وأ

ساف

ر�ب امل

يك ق

إل

ك عمال دون

حج��م اال

ت

ن

أ

".إال

أ" ):(ع ا�حس�ن مامإلاما روي عن في تأملوا

ون

��ك يكهور من لغ

الظ

يس ماك، ل

ى ل

ح�

ون

هر هو يك

ظ

ك؟ امل

م�ى ل

غبت

حتاج ىح�

دليل ا�� ت

وم�ى عليك؟ يدل

ى �عدت ح�

ون

ك

ثار ت

�ى �� اال

وصل ال

يك؟ ت

".ال

Page 43: النفس المطمئنة(1)

43 النفس املطمئنة

�سانإلا قلب عن هللا تحجب أن ف��ا ما ب�ل للدنيا يمكن كيف فكروا

وقد وجمالھ هللا نور عنواحدة ل�حظة ولو ينشغل أن يمكن وكيف بل املؤمن،

�ىيء؟! �ل مأل

املستوى لهذا املؤمن �سانإلا يصل أن الغر�ب ليس الواقع �� نإذ

!!!يصل ال أن الغر�ب ولكن يما�ي،إلا

ازداد �لما املرء إن املوضوع؟ ���ىيء لطفأ هو ما �عرفون أ ولكن قر�ا

!!بالذنب إحساسھ إزداد و�التا�� هللا عن لبعده إدراكھ إزداد هللا من

أنھ من بالرغم وهللا هللا، إ�� ينظر إنما السالك نأل وذلك الو بنا محيط

��اية الو أبدية نحوه سلوكنا حيث من و�ينھ بيننا املسافة لكن م�ان منھ يخلو

املرء ازداد و�لما لها، قر�ا

إزداد و�قينا

با�جمال �علقھ وإزداد البعد، لهذا إدرا�ا

بفسر ، وهذا ما التقص��و بالذنب إحساسھ ف��داد بص��تھ، �ع�ن راهي ملا ل�يإلا

إحساسهم بالذنب والتقص�� �� حق هللا سلوك أولياء هللا الصا�ح�ن وازدياد

�لما ازدادوا قر�ا من هللا.

Page 44: النفس المطمئنة(1)

44 النفس املطمئنة

حنو اهللا السريمبادئ

نحو هللا "حب هللا والشوق للس�� املبدأ األول: الدافعية .1

إليھ"

نأ�ي إ�� مر علينا �� فصل "كيف تتش�ل أنفسنا؟" من هذا الكتاب أننا

اجاتنا الناشئة من كال البعدين فينا الروح وا�جسد، فنحتاج الدنيا بحأن مثال

نتعلم، وأن نتفاخر، ن �شرب وأن نلبس، وأن نمرح وأن نحب وأن أنأ�ل و

وهكذا.

هذه ا�حاجات �� ما تحفز فينا الدوافع لتحر�كنا وتحر�ك سلوكنا نحو

تحقيق هذه ا�حاجات.

ي هذهتؤدمنا �� حياة �ل فرد �خطورةشديد األهمية واالدوافع دورا

. و�قدر قوة دافع ما ا�حياتية ناونتائج �شاطات ناتحدد ش�ل سلوك�� ما أل��ا

�شتد عز�متنا ع�� تحقيقھ، والتغلب ع�� التحديات ال�ي تمنعنا �� أعماقنا

عنھ، بل وعندما ي�ون لدينا دافع �� غاية القوة، وتواجهنا صعو�ات جسيمة

ذلك يجعلنا �غوص �� أعماقنا ونبدع �� إيجاد أفضل ما لدينا تمنعنا عنھ، فإن

تحقيقھ للوهلة األو��. لتحقيق هذا الدافع، بالرغم من أنھ قد يبدو مستحيال

، هللاحب هو لديناالدوافع الفطر�ة الداخلية أعظم وأشد أحدإن

ولكن و�سبب نقص قدرتنا ع�� تمي�� الواقعية �� والتوجھ نحوه وعبوديتھ،

ل العالم املادي ا�حيط بنا، و�سبب تحكم شهواتنا وغرائزنا ا�حيوانية، ظ

ووسوسة الشيطان، فإننا ال �ستطيع تلمس هذه الدافعية �ش�ل مباشر

Page 45: النفس المطمئنة(1)

45 النفس املطمئنة

�ل صور عديدة أك�� مادية س �� أعماقنا و�تج�� لنا �� شكنما ينعإووا�ح، و

� � شدة حبنا من حبنا وعشقنا للكمال والقوة وا�خ�� وا�جمال، و�تج�� أيضا

و�علقنا �� أولياء هللا، �سبب قر��م منھ سبحانھ و�عا��.

، إنما العظ�ىللدافعية "يةانلروحبل وح�ى هذه التجليات املادية "ا

تتحول وتتجسد �� ش�ل دوافع أك�� مادية �الس�� وراء املادة واملال واملنصب

تبقى النفوس م �ش�ل أك�� مع املستوى املادي لنفوسنا، بينمالتتالء وغ��ها

متعلقة بتلك الدوافع املادية –باختالف أديا��م –الراقية من البشر

ة.انيالروح

هنا تتج�� بوضوح أهمية قدرتنا ع�� تمي�� الواقعية �� حياتنا،

ا�، وإدراك واقعيتھ، و�ونھ مصدر �ل غ�ى وجمال وكمال ب تنافبمقدار معرف

اس ﴿ قص والفقر بذاتھوقوة ووجود، بينما نحن وال�ون �لھ هو الن�ا الن �

يا أ

حميد

�ي ا�غ

هو ال وا�

� ا�راء إ�

ق

ف

م ال

نت

تتوقد �� أعماقنا الدافعية نحو ﴾أ

األقنعة املادية (من حب هذه الدافعية ليھ، و�سقط عنإهللا والتوجھ تدر�جيا

وا�جمال) ح�ى �غدو حب هللا من حب الكمال( يةانوالروحاملال واملنصب)

أوالس�� إليھ اإلمام ورد عن، وكما �� توجيھ سلوكنا ومشاعرنا �� ا�حياة وحدا

إال ورأيت هللا قبلھ و�عده ومعھ"أم�� املؤمن�ن (ع): ."ما رأيت شيئا

ين "): ع( املؤمن�ن أم��اإلمام عن ل الد وھ (سبحانھأ

ت

)،و�عا�� معرف

مال م

تھ وكصديق عرف

صديق بھ،الت

مال الت

وحيده،بھ وك

وحيده ت

مال ت

وك

ھ ص ل

ال

خ

...".اإل

لس�� نحو هللا سبحانھ و�عا�� علينا هو أنھ ل من هنا فإن املبدأ األول

. والشوق إليھ استشعار حب هللا �� قلو�نا، واستشعار عظمتھ وجمالھ

Page 46: النفس المطمئنة(1)

46 النفس املطمئنة

كون ك، فبمقدار شغفنا وقوة دافعيتنا تاإلس��ادة من ذل وعلينا ما أمكن

النتائج ال�ي نحصدها.

طلب العلم من خالل يمكننا تحقيقها هذه املعرفة با� والشوق إليھ

، كما سنفصلھ املعرفة والتأمل وممارسة ا�حياة بإيجابية وفق املن�ج اإلسالميو

�� فصل "ا الحقا ".السلوك نحو هللا عملي�

أود وأخ�� فصل "ما �� أهدافنا �� شرحتھ ��ن وأسبق ع�� ما التنبيھا

دافعية التوجھ نحو هللا ليست �� نحو عرض واحد مع بقية من أن" ؟ا�حياة

�عارضها، وإنما �� أوو�التا�� ف�ي ال تنافسها ،ملمارسة ا�حياة الدوافع األخرى

وجھ نحو هللا من ، بحيث ال يمكن تحقيق دافعية التمعها واحد �� نحو طو��

و�شريعا

.دون ممارسة الدوافع ا�حياتية األخرى ال�ي س��ا هللا للبشر ت�و�نا

:الثقة �� هللا الثا�ي/املبدأ .2

وإنماباتجاه واحد من قبلنا نحو هللا، عملية ليست هللا نحونا س�� إن

دد �� �� عملية تفاعلية تبدأ من هللا عز وجل الذي يبدأنا بالهداية وا�جذب. نر

ك "إلمام ال�جاد (ع): املروي عن ادعاء أ�ي حمزة الثما�� ت

بك عرف

ت

ن

وأ

ي �ي عل

ت

ل

كدل

ت

ن

در ما أ

م أ

ل

ت

ن

أ

و ال

يك، ول

�ي إل

هذا ا�جذب �قابلو "، ودعوت

فوق يوجذب ة ف��د هللا علينا ��داي و�عا�� سبحانھ نحوه سلوكنامن هللا لنا

ذين جاهدوا ﴿بمرارات ومرات مقدار ومستوى جهدنا وسلوكنا نحو هللا وال

حسن�نع ا�

ا وإن هللا مل

ن

�م سبل ��دي�

ا ل

.﴾فين

كب�� �ش�ل يحددما هو � حبنا مدىذا �ان إفسلوكنا مستوى جدا

حب ﴿ و�عا�� سبحانھ نحوهم ت

نت

ل إن ك

ق م ا�

بعو�ي يحببك

ات

ف ا�

ن إف ﴾ون

إخالصنا � هو ما يحدد �ش�ل كب�� مقدار جذب هللا وهدايتھ لنا، دىم

Page 47: النفس المطمئنة(1)

47 النفس املطمئنة

هذه قبول وقدرتنا ع�� استعدادنا مدى كب��ة بدرجة هللا�� ثقتناوتحدد

���� �عض األحاي�ن يتمثلقد ، والذي عز وجلهللاوهذا ا�جذب من الهداية

وف ﴿أسبا��ا ش�ل ابتالءات ومصائب ��جز عن فهم

خ

يء من ا�

م ��ى

كون

بل

ن

ول

ا ذين إذ

ابر�ن * ال ر الص

مرات و�ش

س والث

ف

ن موال واأل

ص من األ

ق

جوع ون

وا�

ي ا إل

وإن

ا �وا إن

ال

ق

صاب��م مصيبة

وات من أ

��م صل

ئك عل

ول

* أ

ھ راجعون

دونهت

ئك هم امل

ول

وأ

�م ورحمة .﴾ر�

ثقتنا مستوى ز�ادة �� الرئيس الدور ان يلعب هنا واليق�ن املعرفةإن

، ال با� نثق ليجعلنا �اف عام �ش�ل با� املعرفة من نملكھ ما غ�� أن با�،

.��ا نمر ال�ي زماتألا ثناءأ توازننا ع�� وحافظنا ترك��نا استخدمنا ذاإ سيما

وأن هللا قر�ب منا يجيب دعوتنا إذا دعوناه، الغيب دراكنا لواقعيةإن إ

والسكينة. والهدوء االطمئنان يمنحنا

أتذكر كيف أ صغ�� ن�ي عندما كنت طفال

ا

كنت جبانا

خاف من أ، جدا

ما ، ولذا كنتما �� الليلال سي وغ��ها الزوم�ي و ا�جن و الوحوش من أهب كث��ا

النوم خائفا

تقرأ سورة ا�حمد مرة وسورة اإلخالص مي، وعندها �انت أمرعو�ا

وصا�� أالطمأنينة �سري �� �ل األمان و ب مرات ثم تنفخ ع��، فيشعر�ي ذلك 3

العتقادي بأن هللا م�� وأنھ هو من سيحمي�ي!

�ي بقرب هللا م�ي، ومعرف�ي أنھ م��، وال �غفل ع�ي وهكذا �سبب إطمئنا

�حظة

ن ﴿، وأنھ واحدة

ا ل

ن

ل ب ا�

ت

ما ك

ا إال

يصيبن

� ا�

ا وع�ن

هو موال

ل و�

يت

ل

ف

ون

من

ؤ

استطعت أن أتخلص ﴾امل

من عقد ا�خوف ال�ي ظلت متحكمة

ر أيام صباي.�� ح�ى أواخ

ل �غ�� هللا؟ حاشاه سبحانھ و�عا��..؟ هما الذي �غ��عندما ك��ت ن واآل

ع�� نف�ىي إنما أنا من ك��ت وازددت قوة

، فنسيت ر�ي، وقو�ي وما أملك وات�اال

Page 48: النفس المطمئنة(1)

48 النفس املطمئنة

وغفلت عن إحسانھ الدائم املستمر ��، وهكذا حرمت نف�ىي من الطمأنينة

سواك إل�ي كيف ير��والهدوء ورميت نف�ىي �� ظلمات ا�خوف والقلق "

وكيف يطلب من غ��ك وأنت ما بدلت عادة اإلحسان؟وأنت ما قطعت

".االمتنان

يجب أن نثق �� هللا وأن نصدقھ عندما يقول لنا أنھ معنا وأنھ يحبنا

و�ر�د خ��نا وسعادتنا، فهو الكمال وا�جمال والقوة املطلقة ال�ي ال حدود لها.

ال�ي تحاول أن �شككنا �� علينا أن نرمي �عرض ا�حائط �ل وساوس الشيطان

ألجل سعادتنا، مهما بدت �لھ وخلق ال�ون غ�ي عنا نا وهوهللا ر�نا الذي خلق

هذه الوساوس منطقية ومعقولة!!

ال�ي - قل �� هل ستصدق أي دليل مهما �ان ع�� أن أمك ،با� ر�ك

تحاول اإلساءة إليك - ر�تك ورعتك وأعطتك �ل ما عندها منذ طفولتك

فكيف إذا تصدق �� هللا وساوس الشيطان وهو أرأف بإراد��ا ورغب��ا؟، عامدة

ل " إهلي بك من أمك؟ م

ؤ أ

يف

ھ بيدك؟! وك

ل

� ��

خ

��ك وا�

رجو غ

أ

يف

ك

ل

سأ

م أ

�ي ما ل

يت

ول

د أ

ك وق

ع رجآئي من

ط

ق

أ

ك؟! أ

مر ل

ق واأل

ل

خ

ھ من سواك وا�

صم بحبلك؟عت

ا أ

ن

�� وأ

قر�ي إ�� مث

ف

م ت

ضلك؟! أ

"!ف

هو لب يخذلنا لن سوف هللا بأنعلينا أن نثق ليمد لنا يد عنا مدائما

غ�� ،ذلك ع�� منا أحرص هوة.. والقو والصفاء وللت�املالعون للسلوك نحوه

ومعاناة! بالء ش�ل �� كث��ة أحيان �� تتج�� قد هللا من وا�جذب الهداية هذه أن

من حرماننا �� تكمن مص�حتنا أن بنا ا�خب��اللطيف وهو هللا يرى قد

تكمن مص�حتنا أن يرى وقد منھ، فيحرمنا الدنيا بمعاي�� �ستحقھ مما �عض

Page 49: النفس المطمئنة(1)

49 النفس املطمئنة

إياه فيمنحنا باملعاي�� الدنيو�ة �ستحقھ ال ما منحنا �� ة!!ورأف منھ تكرما

ال

﴿أ

ب�� �ع

خ

ا�

طيفق وهو الل

ل

م من خ

.﴾ل

�� بوابألا سدت أو عانينا ومهما تالا�حا هذه �ل �� علينا ولكن

�علم وأن با� ثقتنا نفقد ال أن علينا طبي��، وغ�� منطقي غ�� �ش�ل أوجههنا

نھأل عنا، يتخ�� أن يمكنھ ال سبحانھ وأنھ بل عنا، يتخ�� لن سبحانھ أنھ يقينا

ت

﴿ك

حمة سھ الر

ف

� ن

م ع�

ك .﴾ب ر�

هو أساس وروح مفهوم التو�ل سبحانھ إن الثقة با� والتسليم ألمره

ا�جهد بذل عدموال �ع�ي بأي حال من األحوال التوا�ل، بمع�ى ع�� هللا،

، و�حميك من ، فالثقة �� هللا هو ما يحفظ لك توازنك وهدوءكوالتخطيط

و�التا�� يمكنك من اإلنطالق �� ا�حياة بمعرفة وحكمة را�خوف والقلق والتوت

. وإيجابية

:التوازن الثالث/ املبدأ .3

مية جسده بتمار�ن تقو�ة عضالت الذراع نبت ن يقوم �خص أتصور

من أن يصبحف��ة من الزمن ال شك أنھ �عد مرور فقط! سيتشوه جسمھ بدال

، ور�اضيا

كما � رشيقا

بينما ست�ون ذراعھ ،انحيث سيبقى جسمھ م��هال

معضلة مشدودة!!

، فل�ي يت�امل عليھ أن يطور و�ن�ي جميع هكذا هو ا�حال مع اإل�سان

معقول، ال أن يركز ع�� جانب ويغفل بتوازن و�مارس حياتھ اإل�سانية قدراتھ

.عن ا�جوانب األخرى من �خصيتھ

Page 50: النفس المطمئنة(1)

50 النفس املطمئنة

من أعمال �حيح ولكن أخرى، أن هناك �عض األعمال أك�� استحبابا

* ﴿زن ب�ن مختلف مفردات ا�حياة �شرط التوا

ان

��

ع املعها ووض

ماء رف والس

ان

��

وا �� املغ

ط

ت

ال

.﴾أ

ما ن�حظ هذا ا�خلل لدى كث�� الشديد لألسف�� واقعنا ا�خار�� كث��ا

بال��ك�� ع�� الدراسة وطلب العلم باعتباره من أك�� يقوم فبعضنامنا.

الصفات اإل�سانية قوة

ومطلو�ية

من هللا، وجماال

تزكية نفسھ مهمال

وإصالحها، . ممارسة اإلصالح االجتما�� ودوره الرسا�� ومهمال

مثال

و�عضنا ينصب محور اهتمامھ ع�� ممارسة اإلصالح �� ا�جتمع مهمال

يقوم نفسھ والعناية بأفراد أسرتھ وتر�ي��م ورعاي��م كما ينب��، و�عضنا

بقية ا�جوانب األخرى، و�عضنا يصب بال��ك�� ع�� طوره الوظيفي وامل�ي مهمال

�ل اهتمامھ ع�� رعاية أسرتھ وإصالح نفسھ وتزكي��ا، مهمال ا�جوانب األخرى.

جانب أو جوانب وتطو�ر سبب قيامنا بال��ك�� ع�� ممارسة يا ترى فهل

ذه ا�جوانب ال�ي نمارسها حياتنا إنما هو �سبب ميلنا ال�خ�ىي لهمحددة من

وسهولة ممارستنا ��ا؟

من هللا ا�حصول إن �ان كذلك فال بأس، ولكن ال �ستطيع أن نتوقع

نفس الفضل الذي يحصل عليھ من يقوم بممارسة حياتھ وتطو�ر ع��

لوجھ هللا. ھ�خصيت خالصا

بحاجاتنا الناشئة من كال البعدين نأ�ي إ�� الدنيا من جهة أخرى فنحن

ن �شرب وأن نلبس، وأن نمرح وأن أا الروح وا�جسد، فنحتاج أن نأ�ل و فين

نتفاخر، وللس�� نحو هللا نحن نحتاج أن �س�� نحب وأن نفكر وأن نتعلم، وأن

تفر�ط، ولذا ندد هللا �شدة إلشباع حاجات كال البعدين فينا من دون إفراط و

دعوها نية �� الدين: بالرهبا ابت

ة ��م ﴿ورهباني

اها عل

بن

ت

وقال عز وجل: ﴾ما ك

Page 51: النفس المطمئنة(1)

51 النفس املطمئنة

ذين ﴿ل �� لل

ق ق

ز بات من الر ي

رج لعباده والط

خ

�ي أ

ال

ا�ة

م ز�ن ل من حر

ق

قيامة يوم ال

الصة

يا خ

ن حياة الد

وا �� ا�

.﴾آمن

، وهو سوف لن يمكنك ممارسة مختبالطبع لف مفردات ا�حياة يوميا

كذلك، ولكن املطلوب هو أن تحرص ما أمكن ع�� ممارستك مطلو�ا

ليس أمرا

�ختلف مفردات حياتك (بما ف��ا ال��فيھ عن نفسك) وتطو�ر جميع منا��

�خصيتك اإل�سانية �ش�ل دوري ومستمر، ولكن حسب طبيعة �خصيتك

وقدراتك وظروفك.

ج��دوا �� أن يكون زمانكم أر�ع "اع): ( إلمام مو�ىى ال�اظمعن ا

، وساعة ألمر املعاش، وساعة ملعاشرة اإلخوان ساعات: ساعة ملناجاة ا�

والثقات، وساعة تخلون ف��ا للذاتكم �� غ�� محرم. و��ذه الساعة تقدرون

."ع�� الثالث ساعات

اإلخالص �: الرا�ع/املبدأ .4

م بتطو�ر �خصيتھ اإل�سانية يمكن لإل�سان أن يمارس حياتھ، و�قو

بأية نية أو غرض �ان –فيما عدا العبادات – وليس ،مدفوعا

مادام حسنا

، وسوف يحصل ع�� أجر ذلك من هللا، وسوف يرتقي نحو هللا، ولكن هذا سيئا

أجر وقرب من األجر وهذا القرب لن ي�ون ع�� اإلطالق مثل أو ح�ى قر�با

من أجل هللا. عمليقوم بنفس الاإل�سان الذي خالصا

األمر ال يقتصر فقط ع�� ذلك، وإنما إخالص النية � هو العامل

�� جذب هللا لنا وفيوضاتھ علينا لتقر�بنا منھ سبحانھ و�عا��، ولذا األشد تأث��ا

فإن قيامنا �عمل �سيط مع إخالص النية � ي�ون تأث��ه أك�� بكث�� �� تقر�بنا

Page 52: النفس المطمئنة(1)

52 النفس املطمئنة

. عن الرسول عمل جبار وعظيم نقوم بھ بنية عادية حسنة من هللا سبحانھ من

"نية املؤمن خ�� من عملھ".األعظم (ص):

:الرفق بالذات ا�خامس/املبدأ .5

ھ، وال "عن الرسول األعظم (ص): زان

ع ع�� �ىيء إال

الرفق لم يوض

إن

ھ شان

زع من �ىيء إال

."ن

عن �عض الكرامات ال�ي وأنت متجھ إ�� هللا، ر�ما �غر�ك ما �سمعھ

يتلقاها �عض أولياء هللا الصا�ح�ن، أو ر�ما تبدأ �شعر بلذة السعادة وا�حب

اإلل�ي فيدفعك ذلك إ�� إرهاق نفسك بالعبادات وأعمال ا�خ�� وال��،

، فهذا خطأعن جوهري قد يرتد عليك بقوة، فتنكفئ ولكن مهال

! عن الن�ي الس�� نحو هللا، بل ور�ما ترجع ع�� ما مواصلة كنت عليھ سابقا

وحوا القلوب ساعة �عد ساعة، فإن القلوب إذا �لت "ر األعظم (ص):

، فأتوها من "ع): اإلمام ع�� (، وعن "عميت وإدبارا

إن للقلوب شهوة وإقباال

كره .ع�ي"قبل شهو��ا وإقبالها، فإن القلب إذا أ

ا �ع�ي أنك ال فهذا ر�م ، ولم تراع مبدأ الرفق بالذات،إذا فعلت ذلك

زلت لم تفهم عملية الس�� نحو هللا! إن الس�� نحو هللا إنما يتم من خالل

وإيجابية توازن و ا، ببساطة ورفق ممارستك ا�حياة بمختلف مناح��ا ومفردا��

بحبك ، وفق �عليمات وقوان�ن الشريعة اإلسالميةوشغف وانفتاح ، مدفوعا

وإخالصك �.

يا ع��، إن هذا الدين مت�ن فأوغل فيھ برفق، "): صرسول هللا ( عن

ال ظهرا أبقى وال )ع�ي املفرط(�ة ر�ك، إن املنبت وال تبغض إ�� نفسك عباد

."أرضا قطع

Page 53: النفس المطمئنة(1)

53 النفس املطمئنة

العملي حنو اهللا السلوك

�عد أن مررنا بجولة سريعة �� مجموعة من املفاهيم ا�خاصة بالس��

تطو�ر أنفسنا إ�� مستوى يمكننا كيف نحو هللا، نرجع مرة اخرى إ�� سؤالنا:

� عز وجل؟ ال�املةالعبودية

ةمارسم من تحقيق هذا الهدف �� ال�ي تمكننالقد حدد هللا املن�جية

بھي أمر الذ بالتوازن اإلسالمية التعاليم وفق الطبيعية، اليومية ناحيات

�شمولية األخالق وم�ارم �سانيةاإل القيم جميع نالدي تنموث حيب اإلسالم،

، زانوات �ل و�� نا�حظات من �حظة �ل �� أعيننا نصب وحبھ ورضاه هللا واضعا

وا ننا وس�و اتنا حر�ل

اك��ا و�

وا �� من

امش

ف

وال

ل

رض ذ

م األ

ك

ذي جعل ل

﴿هو ال

ور﴾

شيھ الن

قھ وإل

.من رز

اعتمده، لتطو�ر إن الشريعة اإلسالمية �� برنامج تدر��ي، ارتضاه هللا و

�ل من الفرد وا�جتمع والر�� ��ما نحو هللا �� حركة طبيعية وسلسة، توائم

ي مع املعطيات الفطرة اإل�سانية وتن�جم مع الطبيعة البشر�ة، وتلتق

يوم ﴿ والقوان�ن ال�ونية ال

ت

مل

ك

م أ

ك

م ل

ك

دين

ممت

ت

م وأ

يك

�عم�ي عل

ورضيت

م

كم ل

سال

ا اإل

﴾.دين

لقد حدد اإلسالم �حركتنا الت�املية نحو هللا أر�عة محاور متداخلة،

�سلوكنا إياها بجدية واتزان وفق الفطرة و�عاليم اإلسالم وإرشادات العقل

نظل نق��ب إ�� هللا إ�� أن نصل إ�� مرحلة العبودية املطلقة لھ سبحانھ.

اجاتنا ا�جسمانية والنفسية ) الس�� إلشباع ح1هذه ا�حاور �� (

) إن�ار الذات ألجل 3، و(ذواتنا ومعارفنا وقدراتنا) تطو�ر 2بتوازن واعتدال، و(

Page 54: النفس المطمئنة(1)

54 النفس املطمئنة

هللا من خالل غرس ثقافة العطاء، وحمل رسالة ا�خ�� والصالح للبشر�ة

) ذكر هللا وعبادتھ.4جمعاء، و (

من لكن هللا سبحانھ لم يكتف بدفعنا نحو هذه ا�حاور األر�عة نظر�ا

خالل التشريعات، وإنما أسس العديد من اآلليات واملمارسات ال�ي تقودنا نحو

هذه ا�حاور، بل وقبل ذلك �لھ خلقنا وخلق ال�ون بالش�ل الذي يقودنا تلقائيا

ما لم يخ�� اإل�سان بإرادتھ أن ينحرف عن درب هللا ،سبحانھ و�عا�� هنحو

".اللطف اإلل�ي"

الطرق "� ع��ا ع� م، وأما تطبيقاتھ، أو كما � هذا من حيث املن�ج العا

�سان لھ تركيبتھ ا�خاصة منإف�ل أنفاس ا�خالئق، �عدد ف�ي "املوصلة �

�سان إن �ل أكما ،االستعدادات والصفات ال�ي ور��او نقاط القوة والضعف،

ي أحداث ال�ي يواجهها عن التحديات واأل وتختلف ،بھ ا�حيطةتختلف بيئتھ

.خر�سان آإ

و�التا�� تختلف املمارسات ال�ي يحتاج الفرد منا للقيام ��ا لتقر�ھ من

�خصائصھ ال�خصية وخصائص بيئتھ، والتحديات ال�ي يواجهها هللا، وفقا

﴿ � والدي وأ

� وع�

ع�

عمت

�ي أ

ك ال

ر �عمت

ك

ش

أ

ن

وزع�ي أ

عمل رب أ

أ

ن

رض

.﴾اه صا�حا ت

وإنو هللا نح الس�� أن �� إل��ا شارةإلاد أو ل�يا ساسألا الفكرة نغ�� أ

صعب ليس لكنھالنفس مجاهدة تطلب هو بل باملرة، ا

حق وممتع لذيذ

وا�خوف القلق �شو��ا منا الكث��ين حياة أن نالحظ فإننا قابل�� امل

املشاعر منكث�� وال واالستسالم واليأس حباطإلاو كتئابإلوا والهم ا�حزن و

واملشاعر اآلفات هذه من �سانإلا يخلص هللا نحو والس�� ،األخرى السلبية

.ةخر آلا و�� الدنيا �� والسعادة والقوة بالطاقة و�ملؤه السلبية

Page 55: النفس المطمئنة(1)

55 النفس املطمئنة

شبيھ هو هللا إ�� الس�� �عضنا يمارسها ال�ي البدنية بالر�اضة جدا

طلبا

أ��ا �شعر لها ممارستك بداية �� فالر�اضة، واللياقة لل�حة لكن ،صعبة

أ��ا و�شعر عل��ا تتعود ما سرعان �ستطيع ال أنك وترى ، ممتعة

نفسيا

�و��ا من بالرغم ع��ا، ستغناءإلاذي ذا من إل�ي ، نردد مجهدة

ذاق ال

حالوة

تك رام محب منك ف

ذي ذا ومن بدال

�س ال

ابت�� بقر�ك أ

، ك عن ف

حوال

ال�حية املشا�ل من العديد من تخلصنا الر�اضة ممارسة أن وكما

هللا نحو الس�� فكذلك ا�جسدية، مآلالوا وا�خور بالضعف حساسإلوا

و�ملؤنا وأنواعها بأش�الها والعقلية النفسية مآلالا من يخلصنا سعادة

.وحبورا

نقوم كمسلم�ن أنناو ههنا املب�جاألمر ا�جهد من ك��األ با�جزء فعال

،املطلوب منوالعديد الدينية والشعائر والصدقة والصومصالة ال �� متمثال

إضا�� جهد هو منا املطلوب ف�ل ولذا .اليومية الدينية ممارساتنا مع �سيط

الدينية املمارسات هذه ونتائج آثار مضاعفةمن سيمكننا الذياالنتباه من نوع

��ا نقوم ال�ي .فعال

اآلن لسؤالنا ا�حوري: كيف يمكننا تطو�ر أنفسنا إ�� مستوى نأ�ي

العبودية ال�املة � عز وجل؟

تطو�ر أنفسنا إ�� ل " هو أننا؟ذكرنا �� فصل "ما �� أهدافنا �� ا�حياة

نحتاج للعمل ع�� تطو�ر عنصر�ن � عز وجل ال�املةالعبودية مستوى

أولهما مقدار عبوديتنا �اثن�ن، �� املل�ات والقدرات واملواهب (متمثال

والصفات الوجودية ال�ي نملكها)، وثان��ما مدى إدراكنا التام شعور�ا

لهذه العبودية. وسلوكيا

وعاطفيا

، معرفيا

والشعور�ا

Page 56: النفس المطمئنة(1)

56 النفس املطمئنة

كيفية تحقيق هذين العنصر�ن، ليس فقط �ش�ل فيما ي�� سنناقش

هذه ا�حياة، بل و�رتقي قع اليومي املزدحم لإل�سان ال�ادح �� اين�جم مع الو

بھ و�أداءه، و�حقق لھ السعادة والطمأنية والسكينة.

العنصر األول/ تطوير وجودنا وملكاتنا

ومل�اتنا قدراتنار �طو ت .1

(وأعظمها إدراك القيم واملل�ات اإل�سانية اكتساب ع��تك در ق نإ

،الرغبةلديك: األول هو عناصرثالثة وجود�عتمد ع�� مدى عبوديتنا �)

ما تمتلكھ النفس من ب نفسيةال تكبيئوالثالث هو طبيعة املمارسة،والثا�ي هو

ومدى �و��ا القدرات واملل�ات واملهارات والتصورات وا�خرائط الذهنية،

�حية وإيجابية.

النفسية بطبيع��ا متحركة ومتغ��ة باستمرار. إ��ا �� الواقع تكبيئ

ث��ات ال�ي تتعرض لها �� حياتك، وامل محصلة جميع استجاباتك، ل�ل املن��ات

مهما بلغت من الصغر، سواء علمت ��ا أو لم �علم.

إن البيئة النفسية ألي إ�سان �� العدسة ال�ي من خاللها ينظر للعالم،

و�تفاعل معھ ع�� مستوى ا�حياة اليومية..

قد ترى البحر ف��ى فيھ ا�جمال وا�خ��، و�سمع �� أمواجھ موسيقى

لها نفسك وتطلق العنان �خيلتك.رائعة �سكن

، وتملؤك غامضا

مرعبا

ور�ما ع�� العكس من ذلك، ترى فيھ عمالقا

منھ الرهبة وا�خوف، و�سمع �� أصواتھ �شيج ا�حزن والن�� ع�� �ل من غرقوا

�� خضمھ، وكتم أنفاسهم بج��وتھ.

Page 57: النفس المطمئنة(1)

57 النفس املطمئنة

آخر.. هذا �عتمد ع�� طبيعة بيئتك النفسية، ور�ما ترى فيھ شيئا

صوراتك وخرائطك الذهنية.وت

صدرك �لما وألم، فينقبضقد �ع�ي لك غروب الشمس مصدر ضيق

رأيتھ، ور�ما �ع�ي لك الهدوء والسكينة والراحة وا�جمال!

قد ت�ون �� م�ان ما فتسمع جوال أحدهم يرن برنة �انت رنة هاتفك

نبأ فيما م�ىى، فتشعر با�حزن الشديد إذا �انت �� رنة هاتفك عندما تلقيت

وفاة �خص عز�ز عليك، أثر فيك فقده، وقد �شعر بالراحة والسعادة إذا

�انت هذه رنة هاتفك �� ف��ة تلقيت ف��ا الكث�� من األخبار السارة. �ل هذا

مرتبط بتصوراتك وخرائطك الذهنية.

ليس ذلك فحسب، بل إن بيئتنا النفسية �� ال�ي تحدد بتلقائية طبيعة

�ستطيع بإرادتنا القيام غ�� أننا ،ضايا ا�حياة اليوميةا �� مختلف قاستجاباتن

. أو إيجابا

بممارسات مغايرة ملا تمليھ علينا بيئتنا النفسية، سواء سلبا

رادةاإل وقوة الصفاء من النفسية بيئتك �انت ذاإ خالصة األمر أنھ

معوقات وجود عدم معومن�جمة مع الفطرة، عالية، بدرجة ا�خ�� وحب

إ��ا وال�ي قلنا -القيم واملل�ات اإل�سانية اكتساب يمكنك لديك يةنفس وعقد

ال��ا، وااللتفات، ما صفة أو لديك لقيمة الشوق وجود بمجرد –� الطر�ق

�شتد ��ا� أغ� بتملكها، رادتكإو مارس��ا �لما رسوخا

.عمليا

ما (إيجابية �انت أو صفة أو كما �سبب ممارستك املستمرة لقيمة

لبية) اكتسابك لها، ح�ى وإن لم ترغب ف��ا، ولكن بالطبع تزداد هذه الصفة س

منك، وتتحد مع نفسك بحيث �ستحيل فيك، بل وقد تص�� جزءا

رسوخا

، إذا رغبت �� هذه الصفة، و�انت بيئتك النفسية مساعدة. انف�اكهما عمليا

Page 58: النفس المطمئنة(1)

58 النفس املطمئنة

دعية، القرآن الكر�م، وكتب األ من خالل �عمل ولهذا نجد أن اإلسالم

تصوراتنا وخرائطنا ت�حيحع�� والتشريعات ومختلف العبادات ال�ي نمارسها

الذهنية، وجعلها إيجابية �حية، تتسم بوحدانية العبودية � عز وجل، ونبذ

يحرص كما والقلق! جميع أنواع املشاعر السلبية، ومصادر ا�خوف والضعف

بثقة من هذه التصورات ع�� جعل ممارساتنا اليومية الفردية وا�جتمعية من

.بوحدانية العبودية �املتسمة

اليومية ا�حياة ممارسةن م �سانلإل تتأ�ى نماإ الثالثة العناصر هذهإن

مر�حة و�يوت و�ن�ن موالأ من لز�ن��ا والس�� ف��ا الكدحبإيجابية من خالل

الشريعة رشاداتإ ووفق الفطرة، مع ين�جم بما لكن ومعنو�ة، مادية وراحة

.اإلسالمية

نسموف ا�حكمة ونكتسب ونتعلم نن�جإننا بممارسة ا�حياة بإيجابية

و�شعر وجمالھ، وجاللھ صفاتھ ونحب هللا، فنحب رواحنا،أو خالقناأ و�سمو

ا�حياة، �� يجابيةإ ك���سبب الفطرة املغروسة فينا، فنغدو أ تجاهھ �عبوديتنا

للعبودية تجاه هللا فنقابل اليومية، يلالتفاص مستوى ع��وممارسة

�لها �سانيةواإل نفسناأو ومجتمعاتنا عملنا لامحو سرناأ تجاه لياتناو مسؤ

ن�دادف ال�ون، مفردات �لول بل البشر، �لل حبنا و�زداد وارتياح، يجابيةإب

واستعداد وصفاء سموا

وتزول الفاضلة، األخالقو وا�جالل ا�جمال لقبول ا

لھ عشقنا و�زداد، �وتزداد معرفتنا با ،نفوسنا من درانأل ي اتلقائ �ش�ل

يء �ى �ل ونرى غ��ه، ال�ون �� نرى فال، فيھ ونف�ى فنخشع، لنا و�حبھ �جمالھ،و

يحبنا نھأو وخلقھ، تجلياتھ نناأ ندرك عندما ماسي ال و�عا��، سبحانھ خاللھ من

بنا ويعت�ي فردا

.فردا

وعزائمنا راداتناإ تخداماسع�� –�� حياتنا اليومية –كما أننا بتعودنا

.هللا يحب كما قل و، أنحب كما و�شكيلها نفسناة أمجاهد ع�� قدرتنا �شتد

Page 59: النفس المطمئنة(1)

59 النفس املطمئنة

، وتفرغنا ال�امل زهدنا �� الدنيا، وعزوفنا عن ممارسة ا�حياة إن

، و�التا�� القرب للصالة والصوم إنما يحرمنا من فرصة السمو بأنفسنا وتزكي��ا

من هللا سبحانھ.

لطلب الرزق قدرات من وتيتأ بما الدنياتكدح �� ناالختبار هو أ

املدارس، حسن�� أ والدكو��جل أ هلك،أ ع�� توسعا�حالل لتستمتع بھ، و

ثم، األول، من دون ترف الطراز من سيارة وتقود ومر�ح، واسع بيت �� و�سكن

أ تقع ال فيك يؤثر فال ف��ا، تزهدبل ،هذه املتع واللذائذل س��ا

،��افقد ذا إنفسيا

هذه املتع فقدل تأثرك عدم يؤديولكن �شرط أال الفقر، �عيش نأ واضطررت

ة، املالي ظروفك لتحس�ن يجا�يواإل ا�حثيث سعيك منالنيل ��واللذائذ إ

وتحقيق أهدافك الدنيو�ة (�� رضا هللا).

من دون طول ممارسة ومران، ولهذا خلق هللا لإل�سان هذا ال يتأ�ىإن

ت�ونا ميدان التدر�ب لنا.األرض والدنيا، ل

املعرفة .2

أعظم الصفات الوجودية واملل�ات املش�لة لإل�سان وال�ي املعرفة �عد

، وال�ي يحتاج اإل�سان أن يتم�� ��ا عن �ل ال�ائنات وا�خلوقات األخرى

يطورها إذا أراد السعادة والقرب من هللا عز وجل.

ركن اإلساس �� الهدف من ولذا نالحظ أن تطو�ر املعرفة اإل�سانية �انت ال

م ﴿�عثة األنبياء (ع) بجانب تزكية النفس. الحظ قولھ �عا��:

ا فيكن

رسل

ما أ

ك

م

مك ويعل

مة

حك

اب وا�

كت

م ال

مك

م ويعل

يك

ا و�زك

م آياتن

يك

و عل

ل

م يت

نك م

رسوال

مونعل

وا �

ون

ك

م ت

ا ل .﴾م

Page 60: النفس المطمئنة(1)

60 النفس املطمئنة

وأعظم املعارف ع�� اإلطالق هو معرفتنا با� وتوحيده ا�حقيقي،

.حقيقة عبوديتنا املطلقة والتامة � عز وجلو ومعرفتنا بأنفسنا

غ�� أن املعرفة ال�ي نتحدث ع��ا هنا ليست �� املعرفة النظر�ة وإنما

املعرفة التامة الوجدانية ال�ي �ستو�� ع�� عقلك الباطن، و�سري �� أعماقك

ع�� املستوى النظري. و�ستشري �� جميع شرايينك، وإال فالشيطان �ان عاملا

ين "اإلمام أم�� املؤمن�ن (ع): ما ورد عنتأمل ل الد وھ (سبحانھ)،أ

ت

معرف

تھ مال معرف

صديق وك

صديق بھ،الت

مال الت

وحيده،بھ وك

وحيده ت

مال ت

وك

ھ اإلص ل

ال

...".خ

�� �� الس�� نحو هللا عز وجل، بل و املعرفة الركن األساس من هنا �انت

نقوم ��ا �� ا�حياة. �ل حركة

وأنت "ورد �� وصية أم�� املؤمن�ن (ع) لصاحبھ كميل: ما من حركة إال

(ع): ، وعنھ "محتاج ف��ا إ�� معرفة "أيضا

� .. علم من أين، و�. رحم هللا امرأ

�� بص��ة "الصادق(ع): جعفر اإلمام وعن. "أين، وإ�� أين� غ

عامل ع�

ال

��� غ

ائر ع� الس

ر�ق،�

الط

�عدا

�� إال الس

يز�ده سرعة

."ال

تيل القرآن الكر�م إنما بدأولذا نالحظ أن مس��ة البعثة النبو�ة وتن�

�� نحو هللا إنما يبدأ أن خط الس حقيقة يان وتأكيدر�ما لتب، ﴾إقرأ﴿بآية

باملعرفة.

املعرفة النظر�ة �� ما �ش�ل القالب النظري لتصوراتنا وخرائطنا

الذهنية، و�لما استحكم فينا اإليمان ��ذه املعرفة تر�خت �� أعماقنا

ووجداننا وعقلنا الباطن، وش�لت خرائطنا وتصوراتنا الذهنية.

Page 61: النفس المطمئنة(1)

61 النفس املطمئنة

النظر�ة، مع التأمل والتفكر هو ما نحتاجھ لتمي�� كما أ��ا املعرفة

الواقعية �� ا�حياة وإدراكها، كما ناقشنا ذلك �� بداية الكتاب.

أن املعرفة ال�ي نتحدث ع��ا �� ليست املعرفة وهنا من املهم جدا

الدينية وحسب، وإنما بوجھ عام �ل معرفة تفتح آفاقك وتوسع مداركك،

قعك ا�حيط بك، وذلك ي�اد �شمل �ل وتمكنك من فهم نفسك ووا

التخصصات اإل�سانية واملعرفية.

�عم تبقى معرفة هللا والعقيدة والنفس والفقھ �� من أعظم املعارف

ع�� اإلطالق أل��ا �� أساس س��ك نحو هللا.

ف��ا، وإنما يكفيك م��ا ع�� غ�� أنك ال تحتاج أن ت�ون متخصصا

ما تصديق هذه أو ، ب نحو هللا �� إطاره النظري املستوى النظري ما ين�� لك الدر

املعرفة، ومدى تر�خها �� أعماقك ووجدانك وعقلك الباطن، إنما هو ره�ن

وممارسة ا�حياة بإيجابية وواقعية، وفق بمدى ممارستك للتأمل والتفكر،

هذه املعرفة النظر�ة.

وى توجد �� مكتباتنا العديد من الكتب ا�جيدة ال�ي تمدك ��ذا املست

وأنا أن�ح باقتناء �عض م��ا ع�� األقل، واإلطالع عل��ا.، النظر�ة من املعرفة

كما أن�ح باملداومة ع�� قراءة القرآن والتدبر �� معانيھ ما أمكن وفهم

تفس��ه من إحدى التفاس�� املوثوقة ال�ي ت�جأ إل��ا عادة، وأق��ح �خصيا

بأن كالن �� ش�ل ا التفس��ين متوفر تفس�� امل��ان أو تفس�� األمثل، علما

تطبيق إلك��و�ي، و�مكن تن�يلهما ع�� هاتفك النقال.

أن�ح باملداومة ع�� الركن األساس لتش�ل املعرفة التصديقية وأخ��ا

التأمل والتفكر سواء �� ذاتك وما �عتمل ف��ا من أف�ار عند اإل�سان أال وهو

Page 62: النفس المطمئنة(1)

62 النفس املطمئنة

طة بك، وما يجري ف��ا من ومشاعر واضطرابات، أو الدوائر ا�جتمعية ا�حي

�� ا�خلقة، أو �� ، وال��ابط ب�ن هذه األحداثأحداث، أو �� ال�ون �لھ متفكرا

هللا ووحدانيتھ وصفاتھ ا�جاللية وا�جمالية.

الحظ أنك ال تحتاج لتفريغ وقت محدد للتأمل والتفكر وإنما يمكنك

ليومي املزدحم. القيام بذلك �� أوقات فراغك القليلة هنا وهناك �� جدولك ا

سيشعرك هذا األمر بالراحة والهدوء، كما سيساعدك ع�� تنضيج ممارستك

ل�حياة ة واتخاذ القرارات الصائبة.

واإلقتداء ��م محبة أولياء هللا .3

أهم القيم أحد(ع) هو ھأهل بيت الرسول األعظم (ص) وحب إن حب

إ�� هللا سبحانھ و�عا��، اإلسالمية (مثلھ مثل املعرفة وقوة اإلرادة) ال�ي تقر�نا

وتحقق لنا السعادة والرضوان.

كما أن حبنا �� الصفات والقيم �شدةإياهم (ع) يجعلنا نرغب تلقائيا

و�دافعون ع��ا، فاإل�سان بطبيعتھ وفطرتھ ميال �حا�اة من ال�ي يجسدو��ا

أع�� لھ. يح��م، ويعتقد ��م مثال

ودفاعهم املستميت عن القيم إن تفاعلنا و�عاطفنا معهم �� مواقفهم

اإللهية والذود ع��ا وتجسيدها �� حيا��م، رغم �ل اآلالم والقتل والس�ي

�� والتشر�د الذي يواجهونھ �� سبيل ذلك، �غرس هذه القيم، ال شعور�ا

وتنطلق م��ا. ، و�جعل نظرتنا ل�حياة تصطبغ ��اوجداننا مباشرة

نرتقي نحو هللافاعلنا معهم، وت ولذا، فبقدر حبنا ألهل البيت (ع)

فو�سمو بأنفسنا. "أن رسول هللا (ص) أخذ �� �حيح ال��مذي: قد ورد مثال

Page 63: النفس المطمئنة(1)

63 النفس املطمئنة

بيد ا�حسن وا�حس�ن عل��ما السالم، فقال: من أحب�ي، وأحب هذين،

.وأباهما وأمهما، �ان م�� �� درج�ي يوم القيامة"

ت النبوة ولهذا اتفق املسلمون �افة ع�� أن هللا أوجب مودة أهل بي

ل ال ﴿(ع)، فقد تواترت النصوص الشرعية ع�� ذلك، ومنھ قولھ �عا��: ق

� ة ود

جرا إال امل

يھ أ

م عل

ك

ل

سأ

ر�ىأ

ق

أن ذلك إنما هو ملنفعة الناس ﴾� ال

مبينا

﴿أنفسهم � هللا ق

ع�

جري إال

أ

م إن

ك

هو ل

جر ف

ن أ م م

ك

ت

ل

حيث أن ﴾ل ما سأ

ن ﴿ح��م يقرب اإل�سان نحو هللا اء أ

من ش

جر إال

يھ من أ

م عل

ك

ل

سأ

ل ما أ

ق

ھ سبيال � ر� إ�

خذ

.﴾يت

�� حياتنا ھأهل بيتص) و نحتاج أن �عيش محبة الرسول األعظم (

(ع)اليومية هو من أج�� تجليات محبتنا ألن محب��م إنما ،وتجسيدها عمليا

إن تجسيد هذه ا�حبة يؤدي إ�� �عظيمها، وإ�� �، باعتبارهم األقرب إ�� هللا.

.�عظيم محبة هللا عز وجل

تجسيد محبتنا للرسول األعظم من ب�ن الوسائل ال�ي يمكننا من خاللها

ة املستمرة عل��م �� أوقات فراغنا وأوقات العبادة، ولذا الصال ،(ص) وأهل بيتھ

�� الصلوات ا�خمس اليومية، وتبطل من دو��ا واجبا

﴿جعلها هللا جزءا إن ا�

� الن

ع�

ون

ھ يصل

ت

ئك

موا ومال

يھ وسل

وا عل

وا صل

ذين آمن

�ا ال �

�ي يا أ

سليما�﴾.

�عظيم هذه ا�حبة من خالل االستذ�ار املستمر سواء �� يمكننا أيضا

مجتمعاتنا ا�حلية �� محيط أواألسر�ة اجتماعاتنا قراءاتنا الفردية او ��

قصصهم و�طوال��م والت�حيات ال�ي قدموها �خ�� البشر�ة وترسيخ القيم

، اإللهية �� األرض، وأعظم هذه القصص والبطوالت �� م�حمة عاشوراء

ع�� مر التار�خ اإل�سا�ي. الفر�دة من نوعها ،امل�حمة اإل�سانية ا�خالدة

Page 64: النفس المطمئنة(1)

64 النفس املطمئنة

يمها من خالل ز�ارة قبورهم كما يمكننا تجسيد هذه ا�حبة و�عظ

وأضرح��م، مع استحضارنا للقيم ال�ي دافعوا ع��ا، و�حوا �� سبيلها.

للس�� نحو هللا مدخل –طر�قك امل�ي .4

�لما تمكنا ندرك أنھ فهمنا لكيفية تطور وجوداتنا وقدراتنامن انطالقا

ا، والتحديات رات ال�ي نتخذهامن ممارسة ا�حياة وأ�شط��ا، و�لما ازددات القر

دت فرصنا للر�� نحو هللا عز وجل اإزد ،والصعو�ات ال�ي نواجهها �ش�ى أنواعها

﴿والقرب منھ

رجعونا ت

ين

وإل

ة

ن

�� فت

خ

ر وا�

م بالش

وك

بل

.﴾ون

� الواقع ي، والس�� فيھ �� ا�حياة املعاصرة هو �إن طر�ق التطور امل�

من أجمل ما حدث لإل�سان �� هذا الصدد.

جميلة ملمارسة ا�حياة تفاعلية فالطر�ق امل�ي يوفر منصة عملية

العديد من بتوف�� زخم هائل من الدافعية، وتوف��بإيجابية وفاعلية، و�تم��

من جوان��ا وحيثيا��ا، مع وجود األهداف املوضوعية لتطو�ر الذات من كث��

، ونظام ثواب وعقاب مادي تلقائي ومحكم مؤشرات وا�حة لقياس األداء

بدرجة كب��ة.

ما يم�� حياتنا الوظيفية واملهنية �� هذا العصر عن �ل العصور

املاضية أ��ا لم �عد �� معظمها يدو�ة، وإنما ذهنية، أو ذهنية يدو�ة، و�ذلك

ل اإل�سان ومعارفھ ونظرتھ فإن ممارس��ا تؤثر � ع�� �ش�

ش�ل كب�� جدا

ل�حياة.

،�عت�� ا�حياة الوظيفية واملهنية ا�حور األهم �� حياة األفراد عموما

حيث نق�ىي ف��ا معظم ردهات حياتنا، ف�ي �ستغرق أك�� من نصف يومنا

Page 65: النفس المطمئنة(1)

65 النفس املطمئنة

الوا��، وفوق ذلك ف�ي تن�ج خيوطها ل��سم بقية معالم وتفاصيل حياتنا،

ة أسرنا سواء االجتماعية، أو الثقافية، أو املادية، أو التعليمية، أو غ��ها.وحيا

ذا دخل محدود الي�اد يكفيھ �سيطا

�� مصنع أو موظفا

أن ت�ون عامال

لشركة أو تنفيذيا

أل�سط ضرورات ا�حياة اليومية، أو أن ت�ون رئيسا

ألعمالك ا�خاصة، أو�� أي موقع آخر �� مجموعة شر�ات مرموقة، أو مال�ا

، ال هذا السلم الوظيفي، فإن هذا األمر لم �عد �� موروثا

رهن أوعصر أمرا

ا

�ل ما تحتاجھ هو ت من تحدده بمسارك �� هذه ا�حياة، و با�حظ، وإنما أن

تخطيط طموح وفعال وواق�� �حياتك، وإرادة ��خرها لتنفيذ خططك!

أن تقوم بالتخطيط بحذر شديد من هنا �ان من الضروري جدا

�حياتك املهنية الوظيفية، ألن هذا التخطيط يؤثر �ش�ل مباشر ع�� جميع

يؤثر ع�� س��ك وقبل �ل ذلك، مفردات حياتك األخرى وحياة أفراد أسرتك

نحو هللا.

إن تخطيطك الطموح، الواق��، ا�ح��ف �حياتك املهنية، �ساعدك

ع�� النجاح والسعادة واال ستقرار �� حياتك املهنية، و�� �ش�ل كب�� جدا

، ألن ا�حياة �� حياتك االجتماعية و�� حياتك األسر�ة، و�� حياتك عموما

الواقع ما�� إال سلسلة واحدة، ذات حلقات م��ابطة.

نيا للراغب�ن �� معرفة كيفية االستفادة عمليا من الطر�ق امل�ي �خ�� الد

.مدخل لتطو�ر محفظة أعمالك" –"طر�قك امل�ي كتابب أن�حهم واآلخرة

ل البشرحمل رسالة الصالح وا�خ�� ل� .5

عصر (سر (1﴿وال

في خ

ل

سان

ا�حات 2) إن اإل� وا الص

وا وعمل

من

ذين آ

) إال ال

�� واصوا بالصحق وت

واصوا با�

.﴾وت

Page 66: النفس المطمئنة(1)

66 النفس املطمئنة

إ�سانلصا�ح ااملؤمن ص ال�خ اإلل�ي �عد التقدير �� ا

إذا تقوقع فاشال

�ش��ط ألن ي�ون اإلوتمحور حول ذاتھ! إذ ��تم با�جتمعات أن �سان ناجحا

، "التوا�ىي با�حق"ل��شدهم ملا فيھ الصالح وا�خ�� ھاإل�سانية من حول

من خالل عملية التوا�ىي بالص�� ع�� ا�حق.يساعدهم و عمليا

ال أن هللا من دون أي ش��ة، إ صدق وحق كالم هللاو�الرغم من أن �ل

من أدوات التأكيد لتبيان هذا، وأفرد املع�ى أقسم بالعصر، واستخدم عددا

لھ سورة �املة، مما يدل ع�� عظم خطورة وأهمية هذه ا�حقيقة.

هو اإل�سان الرسا�� الذي يحمل اإلل�يإن اإل�سان الناجح �� املفهوم

� ﴿ . يقول سبحانھ:لبشررسالة ا�خ�� ل�ل من حولھ من ا

م خنت

ك

رجت

خ

ة أ م

� أ

اس للن

با�

ون

من

ؤ

ر وت

نك

عن امل

��ون

عروف وت

بامل

مرون

أ

.﴾ت

�عيش خارج تجعل اإل�سان حمل رسالة الصالح وا�خ�� للبشرإن

محور ذاتھ، و�حمل هموم غ��ه، فتحميھ من التقوقع ع�� ذاتھ، وتؤد ي تلقائيا

.ال�ي يدعوا إل��اوالفضائل واملل�ات اإل�سانية إ�� تقمصھ قيم ا�خ��

غ�� أن املن�جية اإلسالمية ال تكتفي بممارسة الفرد ا�خارجية لعملية

أن ت�ون وإنما �س��دف اإلصالح وتطو�ر ا�جتمعات اإل�سانية من حولھ،

.ة ذاتية فينا، نا�عة من أعماقناحركتنا اإلصالحي

�� ترسيخ الوالء النف�ىي والعم�� �� اإل�سان تجاه إ دعا اإلسالمومن هنا

�� ترسيخ ال��اءة والرفض النف�ىي إ، و ورموزها النبيلة قيم اإل�سانيةال�ل

ى ولو �انوا أقرب ح�والعم�� تجاه �ل قيم الفساد وأنواع الظلم ورموزها

الناس إلينا من حاد ا�

ون خر يواد

يوم اآل وال

با�

ونمن

وما يؤ

جد ق

ت

﴿ال

�م و عش���

�م أ

وا�

و إخ

اءهم أ

بن

و أ

وا آباءهم أ

ان

و �

ھ ول

.﴾ورسول

Page 67: النفس المطمئنة(1)

67 النفس املطمئنة

س ممارسة سلبية عنيفة كما لي�� اإلسالم غ�� أن ممارسة اإلصالح

�� ثقافة وا�جتمعات اإلسالمية، وإنما �عودنا أن نراها �� �عض البلدان

إيجابية و�ناءة، ملؤها الرحمة، والرغبة �� ا�خ�� لآلخر�ن بما رحمة من ا�

﴿ف

وا من حول ض

فن

ب ال

ل

ق

ال

ليظ

ا غ

�ظ

ف

ت

ن

و ك

هم ول

ل

ت

، و�قول �عا�� ك﴾لن

: أيضا

حسن

ة ا�

وعظ

مة وامل

حك

ك با� � سبيل ر�

�ي ��﴿ادع إ�

هم بال

ة وجادل

حسن﴾ .أ

ألرجع هنا ا �� مقدمة الكتاب و�� أن�ي ذكر��ال�ي لفكرة لأتوقف قليال

ئعة اإلنتشار �� الذاتطو�ر الذات كتب مجموعة من عندما قمت باإلطالع ع��

مجتمعاتنا العر�ية واإلسالمية وجدت

عما أن �عض تقنيا��ا وقيمها �شذتماما

!دعانا هللا إليھ

ما قرأتھ �� ال��جمة العر�ية لكتاب وكنموذج لذلك أذكر هنا مثال

"القوان�ن الروحانية السبعة للنجاح"، وال�ي �عت��ها مؤلف الكتاب "ديباك

لروحانية السبعة ل�حياة!شو�را" القوان�ن ا

"ثمة ثالثة عناصر �� القانون الرا�ع: -من ب�ن ما يذكر –يذكر الكتاب

–لقانون ا�جهود األقل ثالثة أشياء يمكنك القيام ��ا لتضع مبدأ "افعل قليال

" �� ح�� التطبيق. أول عنصر هو القبول، والقبول �ع�ي التعهد وأنجز كث��ا

قبل الناس كما هم واألوضاع والظروف واألحداث كما واإلل��ام: "اليوم سأت

تجري." وهذا �ع�ي أن�ي سوف أعرف أن هذه ال�حظة �� كما يجب أن ت�ون،

ال�ي تمارسها اآلن –ألن ال�ون �لھ هو كذلك، كما يجب أن ي�ون. هذه ال�حظة

�� تنا�� جميع ال�حظات ال�ي مارس��ا �� املا�ىي، فال�حظة هذه �� كما �� –

ن ألن ال�ون هو كما هو.اآل

Page 68: النفس المطمئنة(1)

68 النفس املطمئنة

ال�ون �لھ هذه ال�حظة، فإنك ت�افح مخاصما

عندما ت�افح مخاصما

بأنك �� هذا اليوم لن ت�افح مخاصما

من ذلك أن تأخذ قرارا

. يمكنك بدال

فعليا

هذه ال�حظة. ما �ع�ي أن قبولك هذه ال�حظة ال�ون بأكملھ بكفاحك مخاصما

شياء كما �� وليس كما تتم�ى أن ت�ون �� هذه هو جامع وتام. فأنت تقبل األ

ال�حظة...

�مھ. إنھ املمر الذي يفتح ذ�اء �عهد باتباعك طر�ق (الالمقاومة) وال�

من خاللھ، من دون احت�اك أو مجهود. عندما تملك هذا الطبيعة تلقائيا

ب الفر�د من القبول واملسؤولية وعدم املدافعة، تمارس جر�ان ا�حياة

املرك

�سهولة ال عناء ف��ا."

الذي يدعونا لقبول الواقع كما هو االستسالم لھ الكالم و�� قبال هذا

﴿تأمل �� قولھ �عا��: وعدم �غي��ه وما ا� ق

ون

عظ

م��م لم �

ة م

أ

ت

ال

ق

وإذ

إ وا معذرة

ال

ديدا ق

ابا ش

��م عذ

و معذ

هم أ

مهلك

ون

ق

هم يت

عل

م ول

ك � ر�

� (164)

موا لذين ظ

ا ال

ن

ذ

خ

وء وأ عن الس

ذين ي��ون

ا ال

جين

ن

روا بھ أ

ك

سوا ما ذ

ا � م

ل

ف

ون

سق

وا يفان

اب بئيس بما �

.﴾�عذ

�انوامتق�ن �� أنفسهم، إن هللا يخ��نا �� هذه اآليات املباركة أن قوما

وتر�وا الن�ي عن –حسب قانون ا�جهود األقل –لك��م قبلوا الواقع كما هو

املنكر، ف�انت نتيج��م العذاب البئيس، ولم ينجهم تقواهم �� ذوا��م.

﴿يقول �عا��: ة اص

م خ

موا منك

لذين ظ

صي�ن ال

ت

ال

ة

ن

وا فت

ق

وات

ن موا أ

اب واعل

عق

ديد ال

ش أم نصدق غ�� هللا؟ فهل نحن مصدقون هللا ﴾ ا�

أود التنبيھ إ�� أن رسالةن يف��ض علينا أال�ي ا�خ�� والصالح وأخ��ا

عروف والن�ي عن املنكر، وتتجاوز أنحملها ل�ل البشر تتجاوز األمر بامليضا

مرغو�ا

�شدة) ليشمل �ل معا�ي الدعوة إ�� اإلسالم (وإن �ان �� ذاتھ أمرا

Page 69: النفس المطمئنة(1)

69 النفس املطمئنة

الصالح وا�خ�� للبشر�ة، و�ل أنواع التخلص من الظلمات �ا�جهل والتخلف

بودية والفقر واألمراض والفسادوالع .، وهلم جرا

ملن أراد معرفة املز�د عن أهداف الرسالة اإلسالمية لإل�سانية جمعاء،

مة �� صالح و�عض املق��حات ا�حددة ملا يمكننا القيام بھ من أجل املساه

."االس��اتيجية اإلسالمية"كتاب قراءة البشر�ة أق��ح

العطاء واإليثار .6

إن سعينا وراء إشباع حاجاتنا ا�حيوانية الغرائز�ة مثل األ�ل

وتقو���ا وتزكي��ا، إنما والشهوة، وسعينا لتطو�ر ذواتنا وأرواحنا بطلب العلم،

�عزز حبنا لذواتنا وأنفسنا، وتمحورنا حولها، وتحكمها بنا!

ولكن هللا ير�دنا أن نفلت من ذلك، لكيال ت�ون ذواتنا من حيث ال

يحجبنا عن هللا، كما حصل مع الشيطان اللع�ن، ولذا يأمرنا هللا �شعر حاجبا

و نفسنا نحب أل باإليثار والعطاء، وأن نحب لغ��نا ماسهم ول

نف

� أ

ع�

ثرون

﴿و�ؤ

�حون

ف ئك هم امل

ول

أ

سھ ف

ف

ح ن

ومن يوق

صاصة

��م خ

ان

�.

لقضاء حاجة امرىء مؤمن أحب "وقد ورد عن اإلمام الصادق (ع):

ة ينفق ف��ا صاح��ا مائة ألف ة �ل حج ."إ�� (هللا) من عشر�ن حج

أليام عديدة، ونق��بإن ف��ا نا عندما نحج نمارس عبادة عظيمة جدا

من هللافإن ذلك قد ال �ستغرق منا ، ولكن عندما نق�ىي حاجة مؤمن كث��ا

ولكن أهمي��ا وقيم��ا عند هللا أعظم ح�ى من عشر�ن أك�� من دقائق معدودة،

حجة!

Page 70: النفس المطمئنة(1)

70 النفس املطمئنة

إن للعطاء واإلنفاق واإليثار دور كب�� ا

�� جلب ا

السعادة لإل�سان جدا

فهو يلعب ومجتمعا

والر�� بھ نحو هللا فردا

رئيسدورا

ا

�� مساعدتنا ع�� جدا

وا ﴿نا �� هللا عز وجل ؤ التخلص من تمحورنا حول ذواتنا، و�التا�� فنا

نفقوأ

�حون

ف ئك هم امل

ول

أ

سھ ف

ف

ح ن

م ومن يوق

سك

نف

��ا أل

.﴾خ

�� حياتنا املعاصرة هناك الكث�� من القنوات ا�جميلة واملؤسسات و

ا�خ��ية ال�ي �عمل ع�� ترشيد وتنضيج عملية اإلنفاق، و�التا�� ففي الغالبية

العظ�ى ي�ون انفاقنا ع�� تحو�ل حسابات بنكية.

�� حد ذاتھ، لكنھ من ا�جهة السلبية يحرمنا من هذا األمر جميل جدا

العطاء والشعور بھ.االستمتاع بلذة

لذا أق��ح ان نقوم إ�� جانب تلك اإلنفاقات بممارسة عملية جميلة

، تقوم �عمل مم�� �� تطه�� جدا

اإل�سان والر�� بھ. هذه املمارسة مستوحاة

سول ﴿يامن حكم شرعھ هللا �� قولھ �عا��: م الراجيت

ا ن

وا إذ

ذين آمن

�ا ال �

أ

م د

ق ف إن ا�

جدوا ف

م ت

إن ل

هر ف

ط

م وأ

ك

�� ل

لك خ

ذ

ة

م صدق

جواك

يدي ن

وا ب�ن

ور

ف .ثم ��خھ فيما �عد رحيم﴾غ

املمارسة ال�ي اق��ح القيام ��ا هو أن تل��م بأسرة فق��ة ممن �عرفها

، ثم تتفق مع رب تلك األسرة الفق��ة بأن �ستلم الصدقة ال�ي �خصيا

عنھ، بحيث �سلمھ املبلغ ا�جموع �� ذلكستخرجها أنت �لما رغبت و�الة

. مثال

لديك شهر�ا

واآلن و�ينما أنت تمارس حياتك العملية وغارق �� خضم صراعا��ا

أو تحد ما فاتجهت تدعو اليومية وا�شغال��ا، �لما حصل وأن واجهتك مش�لة

من هللا للتفر�ج عنك وقضلذلك محفظتك اء حاجتك أخرج قبل ذلك صدقة

Page 71: النفس المطمئنة(1)

71 النفس املطمئنة

عنھ وضعها �� ا�جيب اآلخر أو ا�جانب اآلخر من الفق�� واستلمها و�الة

ا�حفظة.

بإخراج أشكر هللا قلبك، إ��و�لما حصل لك أمر جميل أدخل السرور

عنھ. لذلك الفق��، صدقة واستلمها و�الة

قة الذي تخرجھ، فمبلغ الصد ك��ال ��م الصدقة فضلها عظيم جدا

﴿و عند هللا وإن �ان املبلغ صغ��ا

ال ا�

ف

ل

وسعهاي�

سا إال

ف

.﴾ ن

الفكرة �� أنك تر�ط حياتك بتحديا��ا ونجاحا��ا با�، و�العطاء ��

نحو هللا، سبيلھ، وهذا ما �عمل ت ع�� تطه�� نفسك واإلرتقاء ��ا كث��ا

در�جيا

ح�ى وإن لم �شعر بذلك.

، لكن تأث��ه �� كث�� وهناك نوع آخر من اإلنفاق الذي ال ي�لفك شيئا

أال و�� الصدقة بال�لمة الطيبة. عن من األحوال ي�ون أعظم من صدقة املال،

": الرسول األكرم (ص) �� وصيتھ أل�ي ذر يا أ

ة

صدق

بة ي

الط

لمة

، ال ر

."با ذ

ال�ي تكتنفھ والصعو�ات �� خضم واقعنا املعاصر والصراعات

�� أمس –جميع الناس –واألمراض النفسية املتفشية فيھ أصبح الناس

ل�ي �شعر بالراحة طيب محب مخلص من قلب صادرة طيبة ا�حاجة ل�لمة

ونوع من الهدوء.

�� حل مش�لتھ أنك ب�لمتك الطيبة ر�ما ال �ساعد أي أحد �حيح

مباشر، لكن هذه ال�لمة الطيبة ا�خلصة الصادرة من قلبك تدخل �� �ش�ل

و ن الراحة بنوع م هليھ لتمد إا �وجدان من تلق�القوة، بل ور�ما البص��ة احيانا

مما قد تمكنھ من حل مش�لتھ.

Page 72: النفس المطمئنة(1)

72 النفس املطمئنة

م ل

﴿أ رب ا�

ض

يف

ر ك

ي ت

جرة ط

ك

بة ي

ط

لمة

ال

ابت مث

ها ث

صل

بة أ

رعماء (وف ال 24ها �� الس

مث

األ �ا و�ضرب ا� ن ر�

ل ح�ن بإذ

ها �

ل

�ي أ

ؤ

) ت

)

رون

ك

ذهم يت

عل

اس ل

ج 25للن

ة ك

بيث

لمة خ

ل �

من ) ومث

ت

ث

ة اجت

بيث

رة خ

رار ها من ق

رض ما ل

وق األ

.﴾ف

�� مجال و ما يحتاجھ الناس، و�� هذه ا�حالة ر�ما ت�ون متخصصا

) من وقتك يمكنك أن تتصدق بجزء �� األسبوع أو �� الشهر مثال

�� (يوما

ن يدفعوا لقاء هذه خدمة ا�جتمع والناس، وال سيما أولئك الذين ال يمل�ون أ

ا�خدمات التخصصية االستشار�ة - إن أمكن -، واجعل ذلك �� امل�جد مثال

ل��بط عطاءك ونفسك والناس الذين �ستفيدون من خدماتك ا�جانية با�

عز وجل.

، وهو األمر وأخ��ا

د �� صدقة ال�لمة الطيبة، وهو �عو األشد صعو�ة

أحسن السيئة با�حسنة، فإذا أسأن تدرء اء أحدهم إليك ب�لمة جارحة مثال

اهم ﴿إليھ ن

ق

ا رز وا مم

ق

نف

وأ

الة اموا الص

ق

�م وأ آء وجھ ر�

ذين ص��وا ابتغ

ال

�ى

هم عقئك ل

ول

ا

ة

ئ ي

ة السحسن

با�

و�درءون

نية

وعال

ار سرا .﴾الد

ها، لنفس، والتخلص من هيمن��ا وأناني��ا و�ح لترو�ض إ��ا عملية

لتستطيع أن تنطلق نحوه سبحانھ و�عا�� من دون أن ت�ون مكبال

ومقيدا

بذاتك ونقصها و�جزها.

تأمل كيف أن هللا يصف من �ستطيع أن يحقق ذلك بأ��م أ�حاب

﴿ حظ عظيم، أفال نر�د أن ن�ون م��م؟ة

حسن

وي ا�

ست

ع وال

ادف

ة

ئ ي

الس

وال

ھ و�� حميم ن

أ

ھ عداوة

ك و�ين

ذي بين

ا ال

إذ

حسن ف

�ي �� أ

اها (34) بال

ق

وما يل

عظيم و حظ

ذ

اها إال

ق

ذين ص��وا وما يل

ال

.﴾إال

Page 73: النفس المطمئنة(1)

73 النفس املطمئنة

ة هللادراكنا بالعبوديإتطوير /الثاينالعنصر

إن الطر�ق الوحيد لتطو�ر إدراكنا لعبوديتنا املطلقة وال�املة � هو

بمساعدة الوجودات واملل�ات ال�ي طورناها �� – ارستنا ل�حياةمأن ننطلق �� م

وذكره من خالل نظرة التوحيد املطلقة �، والتسليم لھ عز وجل -أنفسنا

وس�ون. تنا لھ ور�و�يتھ لنا �� �ل حركةيواستحضار عبود

ولكن كيف يمكن ذلك عمليا �� هذه ا�حياة املزدحمة؟

الشعور �عظمة الذات .1

شائع خاطئ مفهومجابة ع�� هذا السؤال أود إإلشارة إ�� اية وقبل اإل بد

�� ثقافتنا املعوملة املعاصرة، وهو من لس�� ل املا�عةالعوائق وا�حجب أشد جدا

وال بد لنا من ت�حيحھ � عز وجل، دراكنا لعبوديتناإومن نحو هللا عز وجل،

ع�� املستوى العم��. ثم تدر�جيا

�� أذهاننا ع�� املستوى النظري بداية

من كتب تطو�ر الذات (إن لم يكن معظمها) اإل�سانتدعوا إن كث��ا

لإل حساس �عظمة ذاتھ واعتبار ذلك ركنا

للتفك�� االيجا�ي، املوجب اساسيا

.اإل�سانلسعادة

هذا خطولكن ال �ىئ سوى ذات الفقر ھذات ، فاإل�سان ��جسيم أ

ھبھ ل�ون ھإ�� هللا والتصاق ھستمدها من �سبت� ھنما عظمتإو ، والعدم والنقص

وعظمتھ إنما تكمن �� �ون هللا ر�ھ (ذات الغ�ى ة اإل�سانفعز ،عبده ومخلوقھ

والوجود) و�ون اإل�سان عبد ا

عز ن قبل هللا�ش�ل مباشر م عنھ ومسؤوال

وجل.

Page 74: النفس المطمئنة(1)

74 النفس املطمئنة

�� مقابل اإل�سان هو ما جعلھ يصل إن شعور الشيطان �عظمة ذاتھ

ك ﴿إ�� ما وصل إليھ من اإلنحطاط والتعاسة مرت

أ

�جد إذ

ال

عك أ

ال ما من

ق

ھ من ط�ن ت

ق

ل

ار وخ

�ي من ن

ت

ق

ل

ھ خ

ن �� م

ا خ

ن

ال أ

ما (12) ق

م��ا ف

اهبط

ال ف

ق

اغر�ن ك من الصرج إن

اخ

� ف��ا ف �

ك

ت

ن ت

ك أ

ل

ون

.﴾يك

سقطوا الذين الكث��ين من العظماء عنإن التار�خ البشري يحدثنا كما

.هم �عظمة ذوا��مإ�� ا�حضيض عندما سيطر عل��م شعور

ولهذا فاملن�ج اإلسالمي يأمرنا دائما إ�� استصغار أنفسنا �� أنفسنا،

. تأمل مناجاة أم�� واستشعارنا �عظمة أنفسنا من حيث عبوديتنا � عز وجل

"): املؤمن�ن (ع إل�ي كفى �ي عزا

أن أكون لك عبدا

أن تكون �� وكفى �ي فخرا

."حبأنت كما أحب فاجعل�ي كما ت ر�ا

ع�ي " خالق:ألامام ال�جاد (ع) �� دعاء م�ارم إلادعاء الحظو ـرف

وال ت

�� إال

اهرا

ظ

حدث �� عزا

ها، وال ت

ي مثل ف�ى

�ي عند ن

طت

حط

إال

اس درجـة

الن

��

حدثت باط أ

ة

درهاذل

ي بق ف�ى

عند ن

ة

."ن

تنا �عبودي� نااستشعار .2

ن مواجهات ا�حياة وصعو�ا��ا وتحديا��ا ال تم�� ب�ن اإل�سان أشك ال

وما تفرضھ ع�� اإل�سان من -بأن هذه التحديات املؤمن وغ��ه، وال شك أيضا

إنما -سيطرة ع�� مزاجھ وعقلھ وروحھ البال ��ا و الوا�شغال واضطراب توتر

ض نفسها عليھ تبعد اإل�سان عن هللا وعن ذكره �ش�ل طبي��، بل وقد تفر

ح�ى وهو واقف يص�� ب�ن يدي هللا، فال ينتبھ للصالة إال �عد أن يفرغ م��ا،

.دعيةألوهكذا يفعل عند تالوتھ للقرآن وترديده لألذ�ار وا

Page 75: النفس المطمئنة(1)

75 النفس املطمئنة

من استخدام إرادتھ بتوفيق من هللا –زاء هذا الواقع إ -يتمكن �عضنا

هللا وذكره، ولألسف لعبادة -ولو �سبيا -لتخفف من أعباء الدنيا، والتفرغ ل

قد يصل ببعض هؤالء ح�ى إ�� تجنب املشاركة �� األ�شطة األمر الشديد فإن

.االجتماعية واإل�سانية عموما

بينما ينخرط الغالبية العظ�ى منا �� مشاغل ا�حياة وصراعا��ا ال�ي ال

��دأ، ر�ما ليس طمعا �� زخرفها وز�رجها وإنما بحثا عن لقمة العيش الكر�مة

� ا�حياة�حياة العز�زة.. ننخرط �وا وألسرنا ألنفسنا ح�ى ال ن�اد نجد وقتا

وأطفالنا فضال عن ر�نا، فإذا صلينا فإنما هو واجب نؤديھ، ح�ى وإن كنا

ساه�ن شاردي الذهن أثناء تأدي��ا.

فإذا حاول أحدنا �� �حظة يقظة وعز�مة أن ينتشل نفسھ من هذا

�ي تطحنھ يجدالضياع ومن دوامة هذه الر�� ال�ا بقيود النسق �نفسھ مكبال

واألسوءاالجتما�� ومعادالتھ ال�ي نحن من ش�لها، من ذلك يجد نفسھ مكبال

��ا بقيود األوهام والقناعات ا�خاطئة وا�خرائط الذهنية املشوهة الرا�خة ��

عماقنا ووجداننا.أ

�تمثل �� �� ا�حياة باهظ جدا و االنخراطلكن الثمن الذي ندفعھ لهذا

التوتر والتشنج والضغط النف�ىي والقلق واالكتئاب وكث�� من االمراض

امراض وآالم عضو�ة، �تجسد كث�� م��ا �� ش�لو النفسية ال�ي �عا�ي م��ا

مراض االجتماعية والتفكك األسري.. والقائمة تطول.أل ناهيك عن ا

كيف السبيل للتخلص من الضغوط واألمراض إذا فما هو العالج؟

؟الستشعار عبوديتنا � �� �ل �حظةلنفسية ا�ختلفة؟ وكيف السبيل ا

وهو أن �عتاد االرتباط ،لكال األمر�ن�� الواقع فإن العالج هو نفسھ

وأنت �عيش وسط الناس عبوديتك لھ سبحانھ� واالستشعاربا� وذكره

Page 76: النفس المطمئنة(1)

76 النفس املطمئنة

وا�حياة ب�ل مفردا��ا وتناقضا��ا وتحديا��ا، فتتفاعل معها، فتدفعها

تدفعك، وتنخرط �� مشاغلها وصراعا��ا ب�ل جدية واهتمام فتبدع ف��ا و

وتتفوق، ولكنك �� �ل ذلك مطم�ن النفس، هادئ القلب، مرتاح البال، ال ي�اد

�عنيك ما يحصل من حولك فأنت �� سكينة من أمرك مهما �انت النتائج،

هذه السكينةالعبودية و غ�� أن حالة ! فأنت ال ترى غ�� ر�ك، وغ�� عبوديتك لھ

�غاية ال �شغلك عن ممارسة ا�حياة ب�ل ما ف��ا، وإنما تدفعك إل��ا دفعا

ر ﴿ اإليجابية، و�طاقة إلهية تفوق �ل تصور!

و��م بذكل

م�ن ق

ط

وا وت

من

ذين آ

ال

وب ل

ق

م�ن ال

ط

ت

ر ا�

بذك

ال أ

.﴾ا�

، ال غامضة منا وصفة عالج ي�ون لكث�� ولكنھ أشبھ ما جميل كالم

تنفعك ألنك ال �عرف كيفية تركي��ا!!!

فأن نمارس ا�حياة وننخرط �� مشاغلها كيف �ستطيع عمليا

وخبث ونحن تومؤامراوصراعا��ا املقرفة واملؤذية ب�ل ما ف��ا من دسائس

كينة با� ب�ل ما �عنيھ ذلك من س االرتباط�عيش بل و�سيطر علينا حالة

وطمأنينة وهدوء وراحة، بل وسعادة مفرطة، ليس لها مثيل؟

ن ذكر "هللا" ال يقصد بھ ذكر �لمة "هللا" وإنما ذكر هللا ا�جواب هو أ

بذاتھ جل جاللھ ب�ل ما يكتنفھ ذلك من حقيقة الوحدانية � ع�� مستوى

.�� ا�حد األد�ىفهمنا النظري

الك �ل ذرة �� هذا ال�ون، تذكر واستشعر أن هللا هو ر�ك ومالكك وم

مره إذا أراد شيئا ان أ، وأن ةبقبضتھ، وأنھ ال تخفى عليھ خافي �ىيء وأن �ل

يقول لھ كن في�ون..

تذكر واستشعر أنك عبده وخلقھ الذي يحبھ جل جاللھ، وأنھ أرأف

عليك، وأن ما يصيبك إنما هو �علمھ وملص�حتك.. أمكبك من

Page 77: النفس المطمئنة(1)

77 النفس املطمئنة

نھ ال ينقطع طرفة أحانھ مباشر و تذكر أن التواصل بينك و�ينھ سب

ع�ن، وأنك أنت من �غفل عن هذا التواصل، وإال فإنك �ستطيع التحدث مع

هللا بما �شاء وم�ى ما �شاء وكيفما كنت كما و�ستطيع ان تدعوه م�ى ما �شاء،

نجواك فيسمعك وي�خر لك ال�ون �خدمتك..و وأن تبثھ سرك

لغوي إطار�ى من دون إن تذكرنا واستشعارنا ل�ل هذه ا�حقائق ح

محدد، وتصديقنا لها وإيماننا ��ا، وتركنا إياها تتسلل ��دوء بمرور الوقت إ��

أعماقنا ل�ي كفيلة بأن تطرد من أعماقنا األوهام والقناعات ا�خاطئة

�لما استحكمت هذه املبادئ و وا�خرائط الذهنية املشوهة الرا�خة فينا..

�داد إحساسك بالطمأنينة والسكينة والقيم اإللهية منك ومن وجدانك س�

�ائنا ما �ان يجري من حولك.

وضوحا، ولكن يبقى السؤال هو أك�� أصبحتاآلن اف��ض أن املسألة

كيف يمكن عمليا ترسيخ هذه القيم اإللهية �� وجداننا؟

يحسب ﴿ ال نحتاج أن نبتكر ا�حلول، فا� لم ي��كنا سدىنحن أ

�ك ي�

ن

أ

�سان

ما يضمن لنا ل واملمارسات بل شرع لنا من ا�حلو ﴾ سدىاإل

ما نحتاجھ هو االنتباه لها. النجاح والطمأنينة، و�ل

ن من املمارساتأو فلنقل سلتا ن من ا�حلول ا�ش�ل عام هناك مستو�

:لنا هللا وشرعهما وضعهما

الواجب من املمارساتا�حد سلة:

بما �شمل الصلوات ا�خمسة الواجبة، واألذ�ار العباداتوتتمثل ��

اإل�سانهذا ا�حد هو أك�� من �اف �� نفسھ ليجعل وغ��ها. سعيدا

ومطمئنا

والتأمل. واإلدراك�� حياتھ، ولكن �شرط أن يؤد��ا بنوع من االنتباه

Page 78: النفس المطمئنة(1)

78 النفس املطمئنة

) منكليس املطلوب فتص�� بخشوع أولياء هللا الصا�ح�ن، وال أن (مثال

تك، ولكن وأنت تص�� استشعر ولو أن تفهم مع�ى جميع ما تقولھ �� صال

نھ هو من دعاك إليھ،أبمقدار �سيط أنك ب�ن يدي هللا و

الذكر وغ��ها مما السابقةثم تذكر واستشعر �ل تلك القيم اإللهية

�علمھ من رحمة وعظمة هللا،

حاول أن ت

�� سماء حبك �.. تذكر أن حبھ سبحانھ و�عا�� ق حل

سبحانھ من غرس فينا حبھ، ولذا ال �ست�� ودع مغروس فينا بالفطرة وأنھ هو

ا�جال لهذا ا�حب ا�جميل أن يظهر إ�� عقلك الظاهر ثم استمتع واستلذ بھ..

خاطب هللا من أعماق قلبك بما �شاء وانطلق �� وصف ما تر�د فهو

�سمعك و�راك وهو معك، وال �غفل عنك وإن أنت غفلت عنھ.

ا بالل�ن هها ع�� ذلك، وإنما خذهولكن مهال.. ال �عنف نفسك وال تكر

ال فإن نفسك ستتمرد عليك.إو جامح صغ�� ��ا طفل أوالرقة واللطف، كما لو

إ�� عالم الدنيا وصراعا��ا وملذا��ا.. ال بأس بذلك سيشرد ذهنك مرارا

إ حال �ل الناس، فال تقس فهذا طبي�� ومتوقع وهو تقر�با

ع�� نفسك وال ذا

عن ذكر و�لهيكالشيطان يبذل غاية جهده ليوسوس لك ن أن��ا خاصة و ؤ ت

﴿هللا ر ا�

ساهم ذك

أ

ف

ان

يط

��م الش

عل

حوذ

نما عد مرة أخرى إو ،﴾است

، وهكذا دواليك.بناواستشعر عظمة هللا وحبھ لنا ورحمتھ لوعيك

ة نت تص�� �عض من األف�ار الدنيو�ة الن�� أر�ما ستخطر ع�� بالك و

وقدوا�حلول لبعض املشا�ل العصية، عن ذكر �ستغرق �� التفك�� ف��ا ساهيا

االن��اءهللا، وح�ن من الصالة سيؤنبك الشيطان و�قنعك بأن الدنيا متحكمة

بالدنيا!! فيك وأنھ ال أمل لك ل�ي تنطلق نحو هللا وانت مرتبط

Page 79: النفس المطمئنة(1)

79 النفس املطمئنة

ن هذه أإن الشيطان يتعامل معك بمكر وخبث، فكن أذ�ى منھ واعت��

األف�ار الن��ة ال�ي راودتك �� الصالة إنما �� إلهام وه من هللا، ولذا ا�جد � بة

شكرا

الشيطان اللع�ن، و�رده ع�� عقبھ. أ، وهو ما سيخسوامتنانا

، وستشعر أنك ع�� بالصالةنت ��م أستتذكر �ل مشاغل الدنيا و

و أ، ابنك الصغ��تر�� ن أمرك للقيام ببعض مشاغلك الكث��ة، �أ�جلة من

أتقابل املقاول، ،و تلتقي بأصدقائك القادم�ن لز�ارتك وهلم جرا

همية األمر الذي تخطط للقيام بھ �عد صالتك ال أمهما �ان ولكن،

الغرفة وانزعها باب �ست�جل �� صالتك.. دع الدنيا و�ل ا�شغاال��ا عند عتبة

وا ﴿ة من عقلك كما تن�ع النعل من قدميك عندما ��م بالصال ذين آمن

�ا ال �

يا أ

لك عل ذ

ومن يف

ر ا�

م عن ذك

دك

وال أ

م وال

ك

موال

م أ

هك

ل

ت

هم فأولئكال

اسرون

خ

.﴾ا�

البطءامنح نفسك وق��ا لتستمتع بالصالة، ولكن ال تج��ها أيضا ع��

تحتاجھ للصالة. ذي�� الصالة، وإنما اسمح لها الوقت ال

ن مضامي��ا وهكذا �عامل مع �ل عبادة، بتأمل وهدوء ح�ى تمك

ن من فرضها أإ�� أعماقك ووجدانك، وال تن�ىى من التسللوأهدافها ومعان��ا

. تأمل كيف أن هو هللا عز وجل صا�ع اإل�سان والعليم بما يص�حھ و�فسده

.﴾عن الفحشاء واملنكر إن الصالة تن�ى﴿هللا يخ��نا:

أ�حاب الطموحسلة:

بما �شمل صالة الليل وغ��ها. املستحبة، واألذ�ار العباداتوتتمثل ��

لهؤالء ، و فضللأل وطموح إن هللا الذي خلقنا �علم أن �عضنا أ�حاب همة

.ذه السلةوضع هللا ه

Page 80: النفس المطمئنة(1)

80 النفس املطمئنة

بالطبع ي�اد ي�ون من ا�حال أن تأ�ي بجميع ما ورد �� هذه السلة من

وقدراتك وظروفك نفسيتك م��ا املز�ج الذي يالئماملمارسات، ولكن خذ

وهمتك وحاجاتك.

، ولكن ما ه السلةلست ال�خص املناسب لعرض م�ونات هذأنا حتما

�عض املمارسات البسيطة ال�ي تناسب جدا أ�حاب عرض أنا بصدده هنا هو

تاملسؤوليايذكر وال الكث��ة وا�جداول املزدحمة، حيث أ��ا ال �ستغرق وقتا

�لما اال�سان، و�� الوقت ذاتھ تزداد فعالي��ا ونتائجها الرائعة ع�� جهد �حتاج ت

ازدادت همومھ ومشاغلھ وزحمة ا�حياة من حولھ.

ال�جود � قبل النوم لدقيقة أو اثنت�ن .1

�جد بصمت، لتستغرق بقدر ما �ستطيع �� استشعارك �عبوديتك ا

كدحك نحوه وس��ك إليھ.. � جل جاللھ، ور�و�يتھ لك، وأن ال حقيقة سوى

استشعر �عظمة ذلك واستلذ بھ، بما قد يجعلك ت�حك من فرط السعادة.

باستمرار لهذا ممارستك لن تصل إ�� هذه النتيجة من املرة األو�� ولكن

نت ساجد أاالستشعار و ومن دون � قبل النوم، سيبدأ هذا الشعور تلقائيا

ك، وحي��ا ستجد نفسك ت�حك من بالتسلل إ�� أعماقك و�ل وجدان كراه إ

فرط السعادة.

تفعلھ �ىيء أن ت�ون هذه ال�جدة �� آخر �ل ا�حرص احرص ولكن

يحملها عقلك الظاهر لعقلك الباطن قبل النوم، قبل النوم، لت�ون آخر رسالة

ت�حو عل��افل تتقلب �� أعماقك ووجدانك وأنت نائم �� حفظ هللا، ظلت

أيضا.

Page 81: النفس المطمئنة(1)

81 النفس املطمئنة

رتياح من هذه ال�جدة يمكنك أن تز�د ا�جرعة إذا بدأت �شعر باإل

مباشرة بالقيام ��جدة مشا��ة صباحا

، أو مثال

بإطالة ال�جود قليال

قليال

قبل ذهابك للعمل.

الذكر املستمر � .2

﴿ *

صيال وأ

رة

حوه بك ث��ا * وسب

را ك

ذك روا ا�

ك

وا اذ

ذين آمن

�ا ال �

يا أ

هو

انور و�

� الن

مات إ�

لم من الظ

رجك

ھ ليخ

ت

ئك

م ومال

يك

� عل

ذي يص�

ال

ر

من�ن

ؤ .﴾حيمابامل

�� خضم حياتك اليومية املزدحمة، أنت تواجھ الكث�� من التحديات

واإلحباطات والنجاحات واملفاجآت وتضطرم �� داخلك مختلف املشاعر

، وت�ون �� أمس ا�حاجة ملن تتحدث إليھ وتناجيھ وتبثھ ما �� حاسيسواأل

سرك. ولكن يصعب عليك أن تجد من �سمعك، وإن سمعك أن �عينك.

و�عود أن تح�ي � وأن تناجيھ وتبثھ �ل ما ،استفد من هذه الفرصة

روا ﴿إ�� هللا عز وجل ما أمكنك �و �شقيك.. الت�أأهمك و�ل ما �سعدك

كاذ

ف

م آا�

رك

ذك

را ك

د ذك

شو أ

م أ

.﴾باءك

هناك الكث�� من أوقات الفراغ ، فإنو�الرغم من أن جدولك مزدحم

لديك ب�ن م�ونات جدولك املزدحم، مثال عندما تم�ىي من مكتبك لقاعة

االجتماعات، وعندما تقود من م�ان عملك لبيتك، وعندما تنتظر �� ردهة

ماو ملقابلة عميل أمديرك االستقبال ملقابلة .، وهلم جرا

فأنت أحوج ،بل استفد م��ا �� مناجاة هللا هذه األوقات هباء تضيعال

جدولك وألن ،لتبثھ مخاوفك ومشاعرك، وتطلب منھ العون ،ما ت�ون لذلك

مزدحم وم�� جدا

ل�ي تنا�� بھ هللا عز بالتحديات فأنت لديك الكث�� جدا

Page 82: النفس المطمئنة(1)

82 النفس املطمئنة

ا ﴿، وتح�ي لھ وجلاع إذ الد

جيب دعوة

ر�ب أ

ي ق

إ�

ي ف

ك عبادي ع�

ل

ا سأ

وإذ

دون

هم يرشعل

�ي ل

وا

من

يؤ

�� ول

جيبوا

يست

ل

.﴾دعان ف

ر�ما �شعر بنوع من الت�لف �� البداية فنحن لم نتعود ع�� مخاطبة

ستتعود ع�� �سيطة دة، ولكنك و�� ف��ة هللا سبحانھ �غ�� عبارات األدعية الوار

ومن ثم ستتفاعل معھ، وتلتذ بھ. ،وستن�جم معھ ،ذلك

مع هللا خالق فأنت متصل ،سيمدك ذلك بالطمأنينة والسكينة والقوة

�ىيء �ل ، ورو�دا

ستبدأ باالعتماد والتو�ل عليھ والثقة فيھ، وااللتذاذ رو�دا

، ومحبة هللا عز االلهيةاملبادئ والقيم بمناجاتھ، وهكذا ستتعمق �� وجدانك

وجل.

، ولو لبضع دقائق فقط .3 قراءة القرآن يوميا

اقرأ ما تيسر لك من الذكر ا�حكيم، ح�ى لو �انت آيت�ن أو ثالث، م�ى

ي�ون فيھ ذهنك أقل ما ما يناسبك خالل يومك، ولكن احرص أن ي�ون وقتا

ي�ون الة الفجر مثبأمور الدنيا، �أن ي�ون �عد ص ا�شغاال

، ال

إن استصعب األمر عليك �عود أن تفتح الراديو ع�� إذاعة القرآن

آليات الذكر ا�حكيم ولو لبضع أنصتالكر�م وأنت تقود من بيتك للدوام، ثم

دقائق فقط.

�سمعھ ونحن وأتواجهنا مش�لة و�� أننا �عودنا أن نقرأ القرآن

دة بإرادة �سيطة تبذلها باالنتباه هائمون �� عواملنا األخرى.. اكسر هذه العا

التام للذكر ا�حكيم ولو لبضع دقائق فقط �� يومك،

اقرأ القرآن أو أنصت لھ وأنت مقبل عليھ، متأمل �� معانيھ، مصدق

لھ، وإذا استطعت متفاعل معھ.. دع املعا�ي واملفاهيم القرآنية ال�ي �سمعها أو

Page 83: النفس المطمئنة(1)

83 النفس املطمئنة

، و�لطف لعقلك الالوا�� وم��ا تتسلل تلقائي -تقرأها تدخل وعيك وتدر�جيا

صغ�� تتعلم من أستاذ عظيم، أو طفل صغ�� �سمع ألبيھ.. ال

و�أنك تلميذ

ت�ابر.

�� مع�ى ما ال تجده �� حياتك، وصر�حة

وا�حة

وإذا مرت عليك آية

عندما يقول صدق القرآن، وغالط نفسك، ألن هللا ال يقول غ�� ا�حق. فمثال

م ﴿: لك هللا

كجب ل

ست

أنك إذا دعوت ﴾ادعو�ي أ

ال تفلسف األمور، وثق تماما

يستجيب لك، وإن ظهر لك غ�� ذلك.هللا فإنھ س

فيعتقداألمر أشبھ ما ي�ون عندما يرى إ، ولكنك وأنت ماء هبنك سرابا

العارف باألمر تطلب منھ أن �غالط عينيھ و�ثق �� كالمك بأن ما رآه هو سراب

ول وليس ماء، مع أنك مجرد إ�سان معرض ل�خطأ، بينما هللا ال يخطئ وال يق

أن شرع هللا قول غ�� ا�حق، ولذا صدق هللا "الع��" "لم يكن اعتباطا

�عد الفراغ من قراءة القرآن. العظيم"

تتاح ي فرصة فراغ أأن نتعود ع�� قراءة القرآن من هواتفنا �� أق��ح

لنا.. �� صالونات اال ، نتظار مثال، أو عندما تحمر إشارة املرور مثال وهلم جرا

أو التفس�� الذي تطبيق "تفس�� امل��ان"النقالة ل �� هواتفنا ح أن نن� ق�� كما أ

و السورة ال�ي نقرأها، وعندما أ، وأن نبقيھ دائما مفتوحا ع�� ا�جزء نرجع لھ

لتفس�� �� هواتفنا نفتح ا ال نفهمھ أو يث�� فضولنا نقرأ القرآن و�مر علينا مقطع

ونقرأ تفس��ه.

محاسبة النفس .4. 10إ�� 5ملدة يوميا

دقائق يوميا

وهو التقييم الذا�ي لإل�سان، وهو من أهم التقنيات ال�ي ترتقي

باإل�سان، وتمده بالسعادة والراحة، وتحسن من أداءه.

Page 84: النفس المطمئنة(1)

84 النفس املطمئنة

ليس منا من لم يحاسب نفسھ �ل يوم فإن"عن أم�� املؤمن�ن (ع):

استغفر ا� اس��اده وإن عمل شرا

."عمل خ��ا

إن املقصود بمحاسبة النفس ليس تقريع الذات وجلدها، وإنما

مراجعة موضوعية وتقييم ذا�ي يقوم بھ اإل�سان لنفسھ �� �ل ليلة قبل النوم

ليحدد مواطن ضعفھ وقوتھ، و�قيم ممارساتھ وإنجازاتھ ليحدد خطة مثال

وأنت محتاج "إلمام أم�� املؤمن�ن (ع): ا عنتحركھ وتطوره. ما من حركة إال

".ف��ا إ�� معرفة

بمحاسبة النفس وأنت تنا�� هللا، ك يمكنك القيام نأروع ما �� األمر أ

كمن الطاقة السلبية ال�ي ت��اكم �� قلبك لھ أك�� األثر �� تفريغو�ذلك ي�ون

ا ومواجها��ا وتحديا��ا يوميا من جراء ممارسة ا�حياة اليومية، ب�ل صراعا��

.املقرفة، كما أ��ا تمدك بطاقة إيجابية هائلة �شعرك بالسعادة والطمأنينة

ساجد توأن كقوم ��ا �� يوميمكنك أن تح�ي � األشياء ا�جميلة ال�ي ت

�� �جدتك األخ��ة قبل النوم، أو وأنت جالس قبل ال�جدة األخ��ة، وهذا �

بالغبطة الصغ�� الطفل ك �� ذلك مثل، مثلوالسرورما سيسبب لك شعورا

ما يفخر بفعلھ. الذي يح�ي ألبيھ جذال

، كالقيام بھ أو تركھ �� يوم كما ساء و�عا�� �لح�ي لھ سبحانھ ثم ا

�� حد ذاتھ. ح�ى لو لمعاهده و لذلك عتذر منھ سبحانھتأسف وايكن خطأ

�� املرة القادمةتس كأنع�� .�ون أك�� حرصا

لتقنيات واملمارسات البسيطة السريعة، وإال فهناك الكث�� هذه �عض ا

م��ا، ملن أراد بلوغ مستو�ات أع�� من السعادة والكمال، ور�ما ي�ون من جدا

ع�� �عظيم سعادة اإل�سان وإحساسھ بالطمأنينة هو أفضلها وأشدها تاث��ا

Page 85: النفس المطمئنة(1)

85 النفس املطمئنة

ك ع�ى ﴿ل صالة اللي ل

ة

افل

د بھ ن �ج

ت

يل ف

ومن ال

اما

ك مق ك ر�

يبعث

ى أن

.﴾محمودا

العظيمةاأليام ألماكن و ا .3

ما يحتم عليناالرفق بالذات من مبادئ الس�� نحو هللا أ مبدذكرنا أن

، "مام الرضا (ع): إلمضمون قول ا وفتورا

، و�شاطا

وإدبارا

إن للقلوب إقباال

ت، ت ومل

فخذوها عند إقبالها فإذا أقبلت بصرت وفهمت، وإذا أدبرت �ل

".واتركوها عند إدبارها وفتورهاو�شاطها،

ال�ي عظمها األيام �� غ�� املشاهد املقدسة، و�� غ�� هذا هوغ�� أن

لذا و ، والعيدين، وشهر رمضان وليا�� القدر عرفة هللا، وال�ي من أهمها يوم

هذه خاللعمال الصا�حة والعبادة الذكر ألس��ادة ما استطعنا من االعلينا ا

، ح�ى وإن كنا نجد أنفسنا �� حالة إدبار ونفور.األيام واألماكن العظيمة

.إنما �� ت�و�نية، وليست �شريعية يامألن عظمة هذه املشاهد وهذه اإ

فماذا �ع�ي ذلك؟

، لذا املسألة �� بالضبط كمثل �ون القطب�ن �� غاية ال��ودة ت�و�نا

عندما ت�ون هناك فإنك تتجمد من ال��ودة �شري��، و�� بأمر س، وليت�و�نا

املقابل فإن السودان ( مثال

أيضا. ) �� غاية ا�حرارة ت�و�نا

و��ذا الفهم فإن الدعاء والذكر والعمل الصا�ح بأنواعھ وأش�الھ

ا�ختلفة لوف ألبمئات ا تتعاظم قيمتھ وتأث��ه �� تقر�ب العبد من هللا ت�و�نا

العادية، ح�ى وإن كنت �شعر با�خشوع �� يام واملشاهد ألمن املرات أك�� من ا

كنت دبار إلماكن سواء أليام واأل�شعر با�خشوع �� هذه اال اليوم العادي و

أو ما شابھ. �حية �عا�ي منھ أو وعكة

Page 86: النفس المطمئنة(1)

86 النفس املطمئنة

�ورقة جوكر ��بنا هللا العظيمةماكن أليام واأل�ستطيع تصور هذه ا

ياها لتقر�بنا إليھ.إ

�نا إذا �حسرة �عتصر قلو نشعر باسمر، ألإذا استطعنا تصور هذا ا

، اثناء وجودنا �� هذه األيام أضعنا ح�ى �حظة واحدة �� غ�� طلب رضا هللا

واألماكن العظيمة.

أن نلتفت إ�� من ليس الدعاء والذكر فحسب هما ما ھأناملهم جدا

أطفالنا، اللعب معبما ف��ا ،عمال املستحبةألهللا، وإنما �ل ا يقر�اننا من

نية دون ، ح�ى لو أتينا ��ا (�� غ�� العبادات) منة الرحمطلب العلم وصلو

ث��ها الت�و��ي �� أو�ل هذه األعمال يتضاغف فضلها وثوا��ا وت التقرب إ�� هللا.

تقر�بنا من هللا سبحانھ و�عا�� �� هذه األماكن واأليام العظيمة.

غ�� أننا ما زال بإم�اننا بتقنية �سيطة وسهلة أن �عظم فضل هذه

ر�ما ألضعاف لوف من املرات، وإنما ألال ال�ي نقوم ��ا ليس مئات اعمألا

أضعاف ذلك.

قر�ة إ�� هللا �عا��، ومن أجل طلب عمال أل��ذه ا إتيانناهذه التقنية ��

فم محبتھ ورضاه.قر�اء والتواصل معهم، ونحن نحاول ما ألنقوم بز�ارة ا ثال

نقوم ��ذا إنما بھ، وأننا أن نخ�� هللا أننا نح -خرى ألب�ن الفينة وا -مكن أ

هل ل�ي ير�ىى عنا و�حبنا.ألل مع االتواص

لك الشيطان أن هذا كذب، وأنك إنما تقوم بالتواصل مع وسسيوس

أقر�ائكجتماعية الن الروابط األوع�� ذلك، نك متعود أل يومي العيد مثال

!! لھتحتم عليك فعل ذلك ح�ى وإن كنت �ارها

Page 87: النفس المطمئنة(1)

87 النفس املطمئنة

تك��ث لھ، ال ، ولكن الشيطان �حيح ر�ما �شعر أن ما يوسوس لك بھ

، بل إن استطعت لنفسك وتجاهل وسوستھ، واستمر �� خداعك الرائع هذا

أفرط فيھ!!

؟هل �علم ملاذا

�غي�� بنائك -ف��ة ليست بالطو�لة خالل -نك ��ذه الطر�قة �ستطيع أل

الداخ�� وتصوراتك الذهنية ليصبح رضا هللا هو الباعث ا�حقيقي لك للقيام

عمال،ألا ��ذه

نك ألهم من ذلك، هو ألولكن ا فعال

وواقعا

ولكن من دون ،وحقيقة

ألإنما تأ�ي ��ذه ا ،أن تدرك ذلك �عقلك الظاهر عمال طلبا

لرضا هللا والتماسا

للقرب منھ.

تن إذا كنآلوا هذه األيام واملشاهد املباركةستفادة من الر�د ات حقا

لت�ون ق�ىى درجة، أل ر�ما نقلة

، للقرب منھ سبحانھ و�عا�� كل نوعية

ولتمنحك قوة

وإطمئنانا

ال داخليا

ي�اد يضاهيھ اطمئنان هناك ممارسة

، سهلة

هذه األيام واملشاهد خاللفلنمارسها بما �ستطيع عليھ من اهتمام وجدية

املباركة.

قوم �ش�ل مستمر (قل ملدة دقيقة أو دقيقت�ن تهذه املمارسة �� أن

ونصف�� �ل ساعة أو ساعة استشعار با�، و عالقتك) باستشعار مثال

، وعظمتھ وقدرتھ جاللھجل كملكھ، واستشعار ر�و�يتھ ل ك� وأن كعبوديت

ولطفھ بنا.

Page 88: النفس المطمئنة(1)

88 النفس املطمئنة

استشعر أنھ هو املسؤول املباشر عنك، �� �ل �حظة من �حظات

ستشعر ا. ولطفھ.�غفل عنك ح�ى �حظة واحدة بحبھ وحنانھ ال حياتك، وأنھ

.أدائك، وأنھ من سي�افئك وسيحاسبكاملباشر عن أنھ هو املسؤول

وعالقةعبوديتك لھ سبحانھ عالقة ھاستشعر ب�ل ذلك و��ل ما �عني

كراه إ أي ن دون وم ، واستلذ ��ذه املشاعر، ودعها بلطف جاللھر�و�يتھ لك جل

تتسلل إ�� أعماقك ووجدانك.

ا، بر�ك، وستستمتع �� عالقتكستبدأ �شعر بدفء ،إذا فعلت ذلك

ال�عيش هذا ا أن مما قد يدفعك إ��طوال عمرك، ب�ل ما �عنيھ ستشعار دائما

من هللا. وقرب وسعادة وروعة ذلك من جمال

هذه األيام واملشاهد خالل، إذا قررت القيام ��ذه املمارسة عمليا

، أو ساعة �ل ساعة خاللاستخدم هاتفك النقال لين��ك لذلك مرة العظيمة

ونصف.

Page 89: النفس المطمئنة(1)

89 النفس املطمئنة

متةخلاا

مراضواأل الضعف أنواع جميع من يخلصنا هللا نحو الس�� إن

وا�حر�ة والطمأنينة والقوة السعادة إ�� لينقلنا" الظلمات" وا�جهل النفسية

."النور " واالنطالق

ظاهره لنا ابد ومهما الغ�� هذا �ان مهما هللا، لغ�� اتباعنا بينما، جميال

﴿ ةواملعانا واأللم الظلمات إ�� بنا يرمي ذين و�� ا�وا ال

رجهم آمن

من يخ

مات ل� الظ

ور إ�

ذين الن

روا وال

ف

هم ك

ولياؤ

أ

وت

اغ

�م الط

رجو�

ور من يخ

الن

�مات إ�

لئك الظ

ول

�حاب أ

ار هم أ

ف��ا الن

الدون

.﴾خ

يا فهل والنعيم، ل�جنة يدعونا.. وسعادتنا خ��نا فيھ ملا يدعونا هللا إن

�ا﴿ يحيينا ملا و�عا�� سبحانھ لدعوتھ �ستجيب ترى �ذين ياأ

وا ال

جيبوا آمن

است

سول � ا وللر

م إذ

ا دعاك

م مل

وا﴿ ممن ن�ون أم ﴾يحييك حب

ع�ى است

� ال

ع�

هدى � ال

ذ

خ

أ

�م ف

ة

اب صاعق

عذ

هون ال

وا بما ال

ان

سبون

؟﴾يك

منا و�طلب منا قر�ب أنھ و�خ��نا بنا، ورحمة لنا حبا اليھ يدعونا هللا إن

ا﴿ بھ ونؤمن نتمسك انك وإذ

ل

ي عبادي سأ

ي ع�

إ�

ر�ب ف

جيب ق

أ

اع دعوة الد

اجي دعان إذ

يست

ل

وا �� بواف

من

يؤ

هم �ي ول

عل

ل

دون

�سلوك بل ويغر�نا ، ﴾يرش

﴿ در�ھ ا�

انخرة و�

يا واآل

ن واب الد

ث

د ا�عن

يا ف

ن واب الد

ير�د ث

ان

من �

م �عده ﴿ يخدعنا إنما الشيطان من أن علينا و�حذرنا شفقة ،﴾سميعا بص��ا

��م �عدهم وما و�من

ان

يط

الش

رورا إال

.﴾غ

Page 90: النفس المطمئنة(1)

90 النفس املطمئنة

قواما هما واالرادة العقل ألن االختيار حر�ة �سلبنا ال هللا أن اال

﴿ �سانيةإلا

راه ال

ين �� إك د الد ق

ن ب�

د ت

ش � من الر

من ال

ر ف

ف

وت يك

اغ

بالط

من

با و�ؤد �

ق

مسك ف

عروة است

ى بال

ق

وث

ال

ها انفصام ال

.﴾ل

فإذا الطر�ق لنا وأو�ح ا�حجج، علينا أقام قد هللا أن لنعلم ولكن

قعر �� وترمينا تكبلنا والشهوات علينا �سيطر وهامألا ندع أن بإرادتنا قررنا

نتائجھ عن املسؤولية �ل ونتحمل وقرارنا اختيارنا سي�ون هذا فإن الظلمات

ل ﴿حق وق

م من ا�

ك �

من راء ف

من ش

يؤ

ل

اء ومن ف

ر ش

ف

يك

ل

ا ف

ا إن

دن

عت

أ

�ن املارا للظ

ن

حاط

ها ��م أ

وا وإن سرادق

غيث

وا �ست

اث

هل بماء �غ

امل

وي �

�ش

وجوه س ال

راب ا بئ

لش

ا وساءت

ق

ف

.﴾مرت

�� ينحصر ال هللا خط �� االستقامة عدم من الناتج البؤس أن ولنعلم

عرض ومن ﴿ الدنيا عالم �� يبدأ وإنما اآلخرة،ري عن أ

إن ذك

ھ ف

ل

ة

معيش

ان�

ره ض

حش

قيامة يوم ون

ع�ى ال

.﴾أ

م " هليإل

ر ف

�� مو أ

ر�ما

ص�� ك

� أ

ئيم عبد ع�

ك ل

� من

، يا ع� رب

ك دعو�ي إن

� ت

و�

أ

ك، ف

ب عن حب

ت

� وت

ض إ�

بغ

ت

أ

يك، ف

د إل ود

ت

� وت

ال إ�

بل ف

ق

أ

ك،ن من

أ

ل �� � و

ط

يك، الت

م عل

ل

عك ف

ل يمن

حمة من ك ذ ، واإلحسان ،�ي الر �

إ�

ل ض

ف� والت

رمك بجودك ع�

."وك

Page 91: النفس المطمئنة(1)