النفس المطمئنة(1)
DESCRIPTION
النفس المطمئنةTRANSCRIPT
عباس آل حميد اللواتي
النفس املطمئنة
حقوق الطبع وامللكية الفكر�ة محفوظة
ع�� محمود عباس / للمؤلف
2016 يونيو – ��خة رقمية
صدر للمؤلف:
هم �� ال��وض باألمة كيف �سا –االس��اتيجية اإلسالمية
اإلسالمية
لتطو�ر محفظة أعمالكمدخل –طر�قك امل�ي
رواية -رحلة �ادح
الرؤ�ة اإلسالمية ل�حياة
أو �عليقك ع�� مالحظاتك أو إلرسالللتواصل مع املؤلف،
الكتاب
+96895385151
3 النفس املطمئنة
نبذة عن املؤلف
الفر�دة ت�املةامللك��ونية اإلنصة ملا، CSLمؤسس ورئيس شركة عما�ي،
من خالل من نوعها �� العالمملنح التدر�ب واملؤهالت املهنية املعتمدة دوليا
.www.csl.academy برامج الك��ونية تفاعلية جذابة
ثم .1992 وح�ى 1986درس العلوم الدينية �� ا�حوزة العلمية �� الف��ة من
مارس ما استفاد من املعرفة الدينية �� حياتھ املهنية الطو�لة �� االستشارات
اإلدار�ة، واالس��اتيجيات، وقيادة املؤسسات. وعمليات التغي�� الشاملة.
�� مجال االستشارات اإلدار�ة من قبل واحد من قلة من املؤهل�ن عامليا
)، ا�خاضع لألمم ICMCIار�ة" ("ا�جلس الدو�� �جمعيات االستشارات اإلد
املتحدة، واملؤسسة املهنية الوحيدة �� العالم ا�خولة بتنظيم مهنة
، املمنوح ألقل من Fellowاالستشارات اإلدار�ة، وتطو�ر معاي��ها. منح لقب
ح�ى سنة .2009ألف �خص عامليا
لكة ) باملمCMIمن قبل "جمعية اإلدارة القانونية" ( 2010تم تخو�لھ ��
املتحدة �واحد من ب�ن اثن�ن فقط من ا�خ��اء، خارج اململكة املتحدة لتعي�ن،
" العال�ي (مدير ن ل�حصول ع�� لقب "زمالة اإلدارة، املؤهل�املدراءوتقييم
مجاز) الذي �عد أق�ىى وسام دو�� يمكن للمدراء ا�ح��ف�ن ا�حصول عليھ.
لعاملية، مثل "محاسب معتمد العديد من املؤهالت األ�اديمية واملهنية ا نال
) "" (CPAقانونيا
) من CMC) من أمر��ا، و"مستشار إداري معتمد قانونيا
) من بر�طانيا، و"محقق اختالسات معتمد" CMgrبر�طانيا، و"مدير مجاز" (
)CFEجمعية االستشارات" وزمالة ،) من أمر��ا"(FIC) ،وزمالة ال��يطا�ي
)، باململكة املتحدة، و�� العديد من FCMI"جمعية اإلدارة القانونية" (
املؤسسات املهنية الدولية.
4 النفس املطمئنة
الفهرست
مقدمة 5
من أنت؟ 9
ما �� رؤ�تك �� ا�حياة؟ 11
� ا�حياةالواقعية � 15
ما �� أهدافنا �� ا�حياة؟ 22
كيف تتش�ل أنفسنا؟ 28
الطر�ق نحو هللا 31
مغالطات شائعة 35
نحو هللا الس�� مبادئ 44
نحو هللا العم�� السلوك 53
ا�خاتمة 89
5 النفس املطمئنة
مقدمة
ف��ا، وما املتسارع التغ��و ، إيقاعهاان �عقد حياتنا املعاصرة وسرعة
املادة وال��ف، وا�جنس والشهوات ومستمر نحو مكثفتحو�ھ من توجيھ
�ل ذلك ، ترهل ا�حياة اإلجتماعية واألسر�ة ، و�� املقابلوالغرائز ا�حيوانية
!�� عاملنا اليوم ، وازديادها املضطرددى ا�� انتشار االضطرابات النفسيةأ
اإلحصائيات أن =) 1( الشر�ي�ي زعبد العز�د. لطفي يذكر الدكتور
العاملية �ش�� إ�� تزايد هائل �� انتشار الصادرة من منظمة ال�حة
تصيب ، وأ��ا الم نتيجة لعوامل كث��ة ومتداخلةاالضطرابات النفسية �� الع
ومن مختلف املستو�ات العمر،أعدادا كب��ة من الناس �� مختلف مراحل
وتتسبب �� تدهور ومعاناة يمتد تأث��ها من املر�ض واالجتماعية،االقتصادية
.�جتمعواإ�� األسرة
أك�� تصيب ضطرابات النفسية و�� هذا الصدد يذكر الدكتور أن اال
% 1االكتئاب النف�ىي و% 7يعا�ي ثلث البشر من القلق، ومن نصف العالم، و
اإلكتئابأعداد املنتحر�ن �سبب بلغ بينما ت القهري،% الوسواس 3الفصام و
!!!ألف حالة انتحار �ل عام 800ما يقرب من �� إ
لواقع تبدو كتب تطو�ر الذات، وكيفية التخلص من القلق إزاء هذا ا
ساعدة الناس �ش�ل عام ا عاجزة عن معا�جة الوضع ومهواإلكتئاب وأشباه
1Z=http://www.almostshar.com/web/Subject_Desc.php?Subject_Id=1055&Cat_Id=5 ،
2016يونيو 14
6 النفس املطمئنة
�� أن يجدوا ف��ا العالج الناجع! هم ال��م عل��اإقبالبالرغم من أمال
لقد قدم هؤالء الكتاب �ل ما وصلوا إليھ من معرفة ملساعدة البشر،
ع�� جح �� �عض األحاي�ن إرشادا��م، و�ساعد �عض الناسو�صدف أن تن
معا�جة مشا�لهم، و�غي�� مصائر هم، ولك��م �� ��اية املطاف يبقون �شرا
ومحدودي املعرفة ��ذا ال�ائن البشري املعقد و�روحھ.
إنك إذا اش��يت سيارة ثم لم تراع �� إن املنطق البسيط يقول لك
فإنك أنت من املصنع لك �� دليل السيارة، حددهاال�ي خدامها الطر�قةاست
ولكن ح�ى �� هذه ا�حالة فإنك ت�ون السبب �� إتالف السيارة وليس املصنع.
وكيلھ املعتمد إلصالح السيارة، وتتبع ما يقولونھ عمليا ��رع إ�� املصنع أو إ��
لك.
من ذلك �سؤال املستخدم�ن أمثالك للسيارة، واتباع أما إذا قمت بدال
إلرشادات املصنع، فإنك ستعد �� نظر مايوصونك بھ، مع �ونھ مخالفا
غ�� م��ن، كما وأنك ستتحمل �امل املسؤولية ألي تلف يقع العقالء �خصا
ع�� السيارة �سبب ذلك.
إن من صنعنا وخلقنا هو هللا، وهو من �علم بخصائصنا وما وهكذاف
نما �� �ل العوالم ال�ي �سعدنا ويشقينا، ليس �� عالم الدنيا هذا وحسب وإ
يھ من ﴿تليھ رب إل
ق
حن أ
سھ ون
ف
وسوس بھ ن
م ما ت
عل
و�
�سان
ا اإل
ن
ق
ل
د خ
ق
ول
ور�د ، وهو عز وجل لم ي��كنا سدى ألنفسنا لنتخبط يمنة ويسرى ﴾حبل ال
�ك سدى﴿ ي�
ن
أ
�سان
يحسب اإل
، حدد فيھ كيفية ، وإنما﴾أ
وضع لنا دليال
م �عم�ي ﴿ صيانة أنفسنا واستخدامها
يك عل
ممت
ت
م وأ
ك
م دين
ك
ل
ت
مل
ك
يوم أ
ال
ام دين
سال
م اإل
ك
ل
�ل هذا حذرنا من مغبة عدم مراعاة هذا وفوق . ﴾ورضيت
بمشا�ل ال حصر لها ع�� �نا أننا سنصاب الدليل �� استخدامنا ألنفسنا، ون�
7 النفس املطمئنة
رح ﴿واالجتما��، فقال عز وجل: ين الفردي الصعيد
ن ��ديھ �ش أ من يرد ا�
ف
د �� ع ما يصن
أ
ا حرجا �
ق ي
ھ يجعل صدره ض
ن يضل
م ومن يرد أ
سال
صدره لإل
لك يجعل ا�
ذ
ماء ك الس
ونمن
يؤ
ذين ال
� ال
: ﴾ الرجس ع�
ومن ﴿، وقال أيضا
ع�ىقيامة أ
ره يوم ال
حش
ون
ن�ا
ض
ة
ھ معيش
إن ل
ري ف
عرض عن ذك
.﴾أ
لكننا ومع �ل هذا التنبيھ والتأكيد ممن صنعنا وخلقنا، ن�جأ لبشر من
أتينا إ�� الدنيا ومن خلقنا، بل ور�ما �عتقد أمثالنا ال �عرفون ح�ى كيف
لنسألهم عن وأن الطبيعة �� املتحكمة �� ال�ون �عضهم أننا خلقنا صدفة
؟!! ألستم م�� بأن األمر يبدو غر�ورعاي��ا كيفية صيانة أنفسناطع ﴿ !با
وإن ت
إن يت
وك عن سبيل ا�رض يضل
� من �� األ
�
ك
أ
هم إال
ن وإن
الظ
إال
بعون
رصون
.﴾يخ
حينما بدأت بمواجهة ا�حياة وتحديا��ا لم أكن قد أطلعت ع�� أي من
–كما ذكرت �� مقدمة رواي�ي رحلة �ادح –كتب التطو�ر هذه، وإنما واجه��ا
مية رائعة، مبثوثة �� النصوصھ من قيم ومفاهيم وتقنيات إسال تبما أدرك"
ا�حدود يالشرعية، متجسدة �� �عاليمنا وعقيدتنا اإلسالمية حسب فه�
و"لقد مكنت�ي هذه القيم والتقنيات بأن أ�عم بالسعادة "والقاصر لها
، �لما وعنفا
والطمأنينة، �� حياة أشبھ ما ت�ون ببحر عاصف يزداد هيجانا
." ازددت أنت قوة واستقرارا
هذه تطو�ر الذاتكتب من مجموعة عندما قمت باإلطالع ع��و الحقا
وجدت أن ما ف��ا ال �عدو أن ي�ون �سيطا
ملا هو شيئا
�� اإلسالم عندناجدا
وقيمها �شذ تقنيا��اأن �عض من ذلك أواألسو ومفاهيم رائعة. بل من تقنيات
عما دعانا هللاب�� ﴿ إليھ تماما
خ
ا�
طيف
ق وهو الل
ل
م من خ
�عل
ال
.﴾أ
التقنيات و هذه املفاهيم والقيم عرضهذا الكتاب هو �� إليھ أهدفما
8 النفس املطمئنة
وال�ي بممارس��ا - ا�حدود والقاصر لها يحسب فه� -اإللهية اإلسالمية
�� حياتنا �� الدنيا واآلخرة.�ستطيع أن �عيش السعادة والطمأنينة اهكار دإو
–البدء أود التأكيد قبلولكن ثناء قراءة الكتاب أ سوء فهم ألي تجنبا
هو إنما ، ال يدعونا للعزوف عن ا�حياة، بل بالعكس من ذلكأن اإلسالم –
اك��ا﴿ إل��ايدعونا وا �� من
امش
ف
وال
ل
رض ذ
م األ
ك
ذي جعل ل
وا من هو ال
ل
و�
ور
شيھ الن
قھ وإل
ز ن عزوفنا عن ممارسة ا�حياة إنما يحرمنا من حيث أ ﴾ر
سول ﴿ فرصة السمو بأنفسنا وتزكي��ا وللرجيبوا �
وا است
ذين آمن
�ا ال �
يا أ
م إذ
ا يحييك
م مل
الستمتاع بالطيبات ، كما يدعونا سبحانھ و�عا�� إ�� ا﴾ا دعاك
ل ﴿من الرزق ق ق
ز بات من الر ي
رج لعباده والط
خ
�ي أ
ال
ا�ة
م ز�ن ل من حر
ق
قيامة يوم ال
الصة
يا خ
ن حياة الد
وا �� ا�
ذين آمن
.﴾�� لل
وفق أوهام عي��ا وليس مر أنھ يدعونا أن نمارس ا�حياة بواقأل�ل ما �� ا
��ا لنا شيطاننا.و�ز� ورغباتنا شهواتنالنا ترسمها
، من ا�جيد أن ترفھ نفسك �� �عض أوقات فراغك، فتلعب فمثال
، و�ستمتع بإحراز أك�� ك �� �عض ألعا��اأصدقاء البالي ستيشن، وتنافس
ذا أن �سيطر عليك اللعبة، فال �عود لك هم سواها، وإدرجة ممكنة، ولكن
ت ) ظل
اضطررت لفعل �ىيء آخر غ��ها (�أن تذهب ل�جامعة أو الدوام مثال
عليك وع�� تفك��ك وأحاسيسك، فهذه �� ا�حماقة وا�خسارة �عي��ا، مسيطرة
وهذا ما ي��انا هللا عنھ.
، ولتمام الفائدة من هذءتھ �عد قراءة فإن�ي أن�ح بقراا الكتاب وأخ��ا
بأن�ي ولتشابك هذا الك"رحلة �ادح"رواية تاب �� �عض مقاطعھ مع ، علما
شارة ، من دون اإل �� الكتاب البسيطة الرواية قمت باقتباس �عض مقاطعها
.إل��ا
9 النفس املطمئنة
أنت؟ن م
؟ أو باألحرى ما أنت؟نتهل �عرف من أبداية دع�ي أسألك
أعظم ولكن هل �علم ماذا �ع�ي اإل�سان؟ اإل�سان هو .أنت إ�سان
د جعلھ هللا خليفتھ، ملا يتم�� بھ خلوقات ع�� االطالق، فهو محور ال�ون، وقا�
�� هذا املقام الذي لم �عطھ ح�ى من إرادة وإدراك، وصفات جعلتھ أوحدا
، بل جعلها هللا وجعل جميع ال�ائنات خاضعة بالرغم من رغب��ا فيھ املالئكة
ي ج ﴿ للس�� نحو هللا والقرب إليھك ملساعدت لك ة إ�
ئك
مال
ك لل ال ر�
ق
اعل وإذ
حن ماء ون سد ف��ا ويسفك الد
جعل ف��ا من يف
ت
أ
وا
ال
، ق
ة
ليف
رض خ
�� األ
مونعل
�
م ما ال
عل
ي أ
ال إ�
ك ، ق
س ل د
ق
ح بحمدك ون سب
�﴾.
مھ هللا ف أنت اإل�سانوما ، ھمالئكتھ ��جدون لجعل جميع الذي عظ
ھمنحع�� املقام الذي ه، وحسدھنھ رفض ال�جود لأإال الشيطان ذنب �ان
ك ﴿ بدينآلهللا عليھ إ�� أبد ا لعنةبذلك هللا إياه، فاستك�� واستحق ال ر� ق
إذ
من ط�ن (را
الق �ش
ي خ
ة إ�
ئك
مال
و�� 71لل فيھ من ر
ت
خ
ف
ھ ون
�ت ا سو
إذ
) ف
عوا
قھ ساجدين (ف
(72ل
جمعون
هم أ
ل
�
ة
ئك
ال
�جد امل
إبليس 73) ف
) إال
افر�ن �
من ال
ان
�� و�
ك
.﴾است
ه من ب�ن ؤ وإنما أنت ا�ختار الذي تم اصطفا! لست أي فرد أنتوأنت!
افست ح�ى ال�ي تن ال�ائنات ا�حية من ا�حيوانات املنو�ة والبو�ضاتترليونات
فكنت أنت املصطفى م��ا.املم سو�ا
ات لتصبح إ�سانا
فما أنت سوى ذات الفقر والنقصأنت �� ذاتك ال �ىئ، ولكن مهال..
ل�ونك عبده بھ هللا والتصاقك إ��نما عظمتك �ستمدها من �سبتك إو ، والعدم
10 النفس املطمئنة
�ستطيع االتصال ول�ونك، ومخلوقھ وهو ر�ك وخالقك ومالكك وسيدك
دائم االتصال بك �ش�ل مطلق، ول�ونھ كنت، ھ م�ى ما شئت وكيفما ب املباشر
.أقرب إليك من حبل الور�دول�ونھ
وخياراتك، ليست حتمية، وإنما �� رهن بك و�قراراتك تكعظم نإ
تحط من قدر نفسك لتصبح �ستطيع أن كما ، من �ستطيع أن تضاعفهافأنت
طالق، إلال�ائنات ع�� احقر أ، بل ور�ما وحقارتھدناءتھ للشيطان �� مساو�ا
أحقر منھ.
من بنظرتك لل�ون وا�حياة وطر�قة تفك��ك: بمحور�نمر مرهون ألا
جهة منف��ا يجابيةاإل وحركتك �� هذه ا�حياة ، و�سلوكك"العقيدة" جهة
العقيدة بقىتن �ش�ل كب��، ولكن ان ا�حور اهذ ي��ابط و�تداخل. أخرى
ب ﴿ فقري والعمود ال ساسألاهم و ألا ��والنظرة يلم الط
�
يھ يصعد ال
إل
عھ ا�ح يرف عمل الص
.﴾وال
��سنم�ىي فيما ي�� .تفاصيلهما وفهماستكشاف هذين ا�حور�ن معا
11 النفس املطمئنة
؟حلياةهي رؤيتك يف ا ما
بحثك عن �� الغالب فإن السبب الرئي�ىي لقراءتك الكتاب سي�ون هو
وفق الدليل ف اال�ساناهدهذه �� أهل ولكن السعادة والطمأنينة والسكينة.
تجليات الهدف الذي �س�� �ا ال �عدو أن ت�ون مجرد �عض�أم أ ؟اإلل�ي للبشر
�� ذلك مثل ا�جنة؟ ا، مثله، والذي خلقنا هللا ألجلھلھ
، فأنت عندما ترغب �� اقتناء سيارة فإنك ر�ما تبحث ف��ا عن خذمثال
هذه �لها ليست الهدف من اقتنائك السيارة، ، ولكنالسعةاألمان والرفاهية و
لو �ان بيتك �� وإنما الهدف هو أن تنقلك من م�ان آلخر، وعليھ فمثال
ال�حراء، فإنك لن تقت�ي ح�ى أك�� السيارات أمانا
ورفاهية
، إذا لم تكن وسعة
ر�ا��!ذات دفع
" هذا ما يردده البعض منا حينما يفكر ناجحا
�� هدفھ "أن أ�ون إ�سانا
، أ�� ا�حياة، وهو �حيح �سبيا
تحقيق النجاح والفوز لن الس�� و�حيح أيضا
�� مع�ى ا نولك، ساس حركة اال�سانأ ماه لنجاح سنجد أنلو تأملنا قليال
ن تنجح �� أ ��دفبما نما يرتبط و�تحددإمستقل و النجاح ليس لھ مع�ى
!تحقيقھ
املغلوطة واملكتسبات الذهنية وهنا يأ�ي الوهم والكث�� من املوروثات
يتح�ن �لالذي الشيطانناهيك عن خاطئ، ا�حياة �ش�ل لنا ال�ي تصور
النجاح.معيار باعتبارها األوهام والتفاهاتن لنا و�ز�س و ليوس فرصة
" كتاب يذكر أك��وهو من -" قحل
مقيا�ىي نأ - �� العالم الكتب مبيعا
ما�� ثقافاتنا املعوملة �� الوقت املعاصر ه النجاح �� املع�ى الكالسي�ي الرا�خ
12 النفس املطمئنة
نا أن - ا�خاصة قد اكتشفت بتجر���ا -أي املؤلفة – وأ��ا والنفوذ، ال��وة
وهو يت�ون من أر�عة أعمدة: -النجاح ليستقيم لنانحتاج ملقياس ثالث أيضا
والعطاء!!السعادة وا�حكمة وحب املعرفة
ال��وة والنفوذ هما م �ع�ي ذلك إذ االقياسان للنجاح؟ ولكن هل فعال
ا
أن معظم العظماء ممن استطاعوا �غي�� مص�� البشر�ة، وم��م العلماء
و�� املقابل أليس الكث�� من الفقراء والعباقرة وأنبياء هللا هم أناس فاشلون؟
ذوي الذكر املنعدم هم أك�� سعادة وطمأنينة من الكث�� من األغنياء وأ�حاب
النفوذ؟!
اال�سان ن السعادة ال�ي ال أتصور أن يختلف اثنان ع�� أ بل وح�ى
وا�جائع مأه�س�� ل��وى ظمآن الذي ظمثل ال - هابطبيعتھ للس�� نحو مجبول
من األوهام البشر�ة والشيطانية �� دخلت كث�� -�س�� ليسد جوعتھ الذي
و�� كيفية تحققها؟ �شو�ھ معناها!
السعادة والنجاح لك متمثلة �عضنا أن األمر �س�ي فقد ت�ون يظنقد
�� ال��وة وت�ون آلخر �� الشهرة، ولثالث �� املعرفة، ولرا�ع �� العطاء و�خامس
. �� النفوذ، وهلم جرا
األمر هو هكذاولكن هل ص وهل النجاح مع�ى �س�ي من �خ؟ فعال
آلخر؟ أم أن هناك حقيقة
ت�و�نية
صارمة
تحدد كيف يمكن تحقيق واقعية
ة السعادحقيقة أن مثل من �ان هذا اإل�سان؟ مثلها �� ذلك لإل�سان، �ائنا
بأي �ىيء آخر غ�� شرب املاء، وأن ا�جائع ال بد لھ من األ�ل آن ال يرتوي مظال
ليشبع.
االنتشار املهول لالضطرابات النفسية ب�ن البشر، ظاهرة �� الواقع فإن
قيق السعادة �� ليست أن كيفية تح بوضوحيدل وجود السعداء هو أمر وقلة
13 النفس املطمئنة
مسألة
�سبية
، وإنما هناك حقيقة
خارجية
، وغفلتنا ع��ا �� ما �سبب واقعية
و�� ما �سبب انتشار االضطرابات النفسية.الذي �عيشھ، التخبط هذا لنا
�� قاطع إن هللا خالق هذا اإل�سان وخالق ا�حياة وال�ون يخ��نا �ش�ل
و�� واحدة خارجية ا تكمنان �� حقيقة القرآن أن النجاح والسعادة إنم
.مطلق وفشل االستقامة والسلوك �� درب هللا، أما ما عداه فهو خسارة
وزا عظيما ومن﴿ �عا��:انظر لقولھ ف
از
د ف
ق
ھ ف
ورسول ﴾يطع ا�
و ﴿ولقولھ �عا��: وف
ما ت
وت وإن
امل
ة
ائق
س ذ
ف
ل ن
من �
قيامة ف
م يوم ال
جورك
أ
ن
رور غ
اع ال
مت
يا إال
ن الد
حياة
وما ا�
از
د ف
ق
ف
ة
جن
دخل ا�
ار وأ
حزح عن الن
﴾ز
عصر ﴿سورة العصر: و�� املقابل إقرأ قولھ �عا�� �� في *وال
ل
�سان
إن اإل
سر
*خ ال
ا�حات إال وا الص
وا وعمل
واصوا *ذين آمن
حق وت
واصوا با�
وت
�� .﴾بالص
األمر ال يتعلق بالسعادة والنجاح �� عالم اآلخرة فحسب، وإنما هو
ھ ﴿كذلك ح�ى �� عالم الدنيا، أنظر لقولھ �عا��: إن ل
ري ف
عرض عن ذك
ومن أ
ن�ا
ض
ة
ع�ى معيش
قيامة أ
ره يوم ال
حش
من يرد ﴿وتأمل �� قولھ �عا��: ،﴾ون
ف
ا
ق يھ يجعل صدره ض
ن يضل
م ومن يرد أ
سال
رح صدره لإل
ن ��ديھ �ش
أ ا�
لك يجعل
ذ
ماء ك د �� الس ع ما يصن
أ
حرجا �
ذين ال
� ال
الرجس ع� ا�
ونمن
.﴾يؤ
إن الغاية من سلوك درب هللا هو الهدف الذي خلق هللا اإل�سان من
أجلھ، و�ل ما عداه من خ�� وسعادة وسكينة وطمأنينة ورضا وجنة إنما �� من
نتائج هذا الهدف وتجلياتھ.
14 النفس املطمئنة
يھ ﴿ والرجوع إليھ هذا الهدف هو القرب من هللا عز وجلا إل
وإن
ا �إن
. تأمل قولھ سبحانھ و�عا�� عندما يتحدث عن الغرض من ا�خلق:﴾راجعون
﴿
رجعون ت
ا ال
ين
م إل
ك
ن
ا وأ
م عبث
اك
ن
ق
ل
ما خ
ن
م أ
حسبت
ف
.﴾أ
، س��اتيجية لإل�سان �� هذه ا�حياةيمثل الرؤ�ة اإل ""القرب من هللا إن
.من الصعو�ة بم�ان قياسھ �ش�ل موضو��يث أنھ ح
وهذا يتطلب منا �سليط الضوء ع�� هذه الرؤ�ة االس��اتيجية لفهم
�� ا�حياة، بما تقودنا نحو هذه أك�� موضوعية، ل�ي نحدد أهدافنا ك��ها �ش�ل
الرؤ�ة.
عدم قبول ن هذا الكتاب من املسلم�نو ين يقرؤ معظم الذ ال �سعر�ما
تبقى ولكن قل ع�� املستوى النظري،ألاالس��اتيجية، ع�� اهذه الرؤ�ة
كما قالتالذهنية تؤمن �غ�� ذلك، و لرا�خة �� وجداننا وخرائطناا قناعاتنا
ق" أر�انا هافينغتون النجاح �� املع�ى الكالسي�ي مقيا�ىي ن"إ :�� كتا��ا "حل
"، ال سيما فوذوالن ال��وة ماالرا�خ �� ثقافاتنا املعوملة �� الوقت املعاصر ه
ال�ي –ن أ�حاب ال��وات والنفوذ لد��م �ل امللذات أ نرى بوضوح وأننا جميعا
-ال نملكها نحن
ع�� ذلك ��م من أن ي�ونوا سعداء، كما يبدووال�ي تمك
الكث��ين م��م.
هذه القناعات الرا�خة �� ما تتحكم بنظرتنا ل�حياة، و�سلوكياتنا
ا فمن األهمية بم�ان أن سعادتنا وشقائنا، ولذد بالتا�� مقدار ف��ا، وتحد
، مدى تداخل الوهم مع الواقع ��ش قنناخرائطنا الذهنية، �شكيل أوال
اقشة وتحليل نس��سال �� مز�د من مقبل اإل مستو�ات الواقع ا�حيط بنا، و
"القرب من هللا". س��اتيجيةالرؤ�ة اإل
15 النفس املطمئنة
لواقعية يف احلياةا
الوهم والواقع: .1
من حاجاتنا ا�حقي�� ال�ي تدفعنا �� ا�حياة �� مجرد امل�حة قة إن كث��ا
ومز�فة باألوهام، سواء �انت هذه ا�حاجات مرتبطة أوهام، أو حقائق مشوهة
�شهواتنا أو بمشاعرنا وانفعاالتنا.
فعل النفس األمارة بالسوء، ومن تز��ن ن م إنما هوهذا ال��ييف
لرب العامل�ن: . تأمل �� قول الشيطانعدوا ولذا أمرنا هللا أن نتخذه ،الشيطان
عبادك م��م ﴿
إال
جمع�ن�م أ و��
غ
رض وأل
هم �� األ
ن ل
ن �
ز
�ي أل
و�ت
غ
ال رب بما أ
ق
ص�نل
خ
، ﴾ا�
ن ﴿ وتأمل �� قول هللا عز وجل:
خذت ال أل
وق ھ ا�
عن
من عبادك ل
روضا
ف صيبا معام ) 118( ن
� األ
ان
ن آذ
ك
يبت
ل
�م ف مر�
�م وآل ي�
من
�م وأل �
ضل
وأل
ق ا�
ل
خ
�ن �يغ
ل
�م ف مر�
سر وآل
د خ
ق
ف
ن دون ا� ا م ولي�
انيط
خذ الش
ومن يت
ابين ا م
سران
رورا) 119( خ
غ
إال
ان
يط
��م وما �عدهم الش
.﴾�عدهم و�من
نا �ست�خف األطفال واملراهق�ن عندما نجدهم �ستميتون �� إن
يي ستال �� الب - األلعاب�� تحصيل الدرجة األع��، و�أ��ا �� �ل - شن مثال
، ثم نمجد املليادير الذي يضاعف رصيده �� البنك!!ا�حياة
ستماتة لز�ادة رصيده �� منا لإل صاحب ال��واتالوهم هو ما يدفع إن
عملي فهوالبنك، قيمة من قيمة أك��فهو ليس و�ذلك هذا الرصيد، ال يملك ا
.ي ستيشن"�� لعبة "بال األطفالا الدرجة ال�ي يحققه
16 النفس املطمئنة
قائنا ��خصية عامة معروفة �وز�ر الوهم هو ما يجعلنا �شعر عند ل
للبس املار�ات وللبذخ بدا�� يدفعناالوهم هو الذي و !!!بالعظمة و رئيس دولةأ
والشعور بقيمة الذات!!!املباهاة واملفاخرة
��ا من ﴿ نزل ا�ا أ م م
ك
م وآباؤ
نت
موها أ
يت سماء سم
أ
�� إال
إن
�م �ن ر د جاءهم م
ق
س ول
نف
�وى األ
ن وما �
الظ
إال
بعون
ان إن يت
ط
سل
هدى .﴾ال
بل وح�ى أحاسيسنا بالشهوات إنما �� مشوهة باألوهام، فمثال
بالشهوة ا�جنسية إنما هو مضاعف �سبب الوهم الرا�خ �� ناإحساس
أعماقنا �ون ا�جنس رمز ذعان الداخ�� رجولة والقوة، و�سبب التسليم واإل لل ا
�� أنفسنا بأن ا�جنس �سبب لذة
عظيمة
ال تضاه��ا لذة. جدا
تأمل منھ،وهذا ما يحذرنا هللا ھ، هذا ما ير�دنا الشيطان أن نقع في
سر�ن ﴿ قولھ �عا��:
خ م باأل
ك
ئ ب
ن
ل هل ن
.ق
عماال
حياة أ
ل سع��م �� ا�
ذين ض
ال
عا صن
ون
�م يحسن �
أ
يا وهم يحسبون
ن ما ﴿ و�� قولھ �عا��:، ﴾الد
ن
موا أ
اعل
ن الد
حياة
ل ا�
مث
والد ك
موال واأل
ر �� األ
�اث
م وت
ك
ر بين
فاخ
وت
ة
هو وز�ن
عب ول
يا ل
خرة
و�� اآل حطاما
ون
م يك
ا ث ر�
�اه مصف
�
م ��يج ف
ھ ث
بات
ار ن
ف
ك
�جب ال
يث أ
غ
ور من ا�
فرة
ديد ومغ
رور عذاب ش
غ
متاع ال
يا إال
ن الد
حياة
.﴾ضوان وما ا�
تكمن أهمية إدراك هذه ا�حقيقة �� �ون الواقع هو الواقع وأن الوهم
بمجرد تصورنا لھ كذلك. أنت يمكنك أن تتخيل بقدر وواقعا
ال يصبح حقيقة
، وإذا وضعت ف��ا يدك، ولك��ا ستبقى حارقة
ستحرقها، ما �شاء أن النار باردة
ح�ى لو أوهمت نفسك �غ�� ذلك!
17 النفس املطمئنة
الواقع: مستو�ات .2
للواقع كما هو يمكننا من التعامل معھ بحكمة ومعرفتنا إن إدراكنا
واتزان، لتعظيم منافعنا واستمتاعتنا �� ا�حياة، وتقليص آالمنا.
–غ�� أن الواقع ليس مستوى -مع �ونھ واقعا
واحدة، وإنما هو ودرجة
�ستطيع أن نضاعف مستو�ات سعادتنا �ي ت والدرجات، ولمتعدد الطبقا
علينا أن ندرك هذه املستو�ات لنتعامل معها كما �� ا�حياةواستمتاعاتنا
ينب��.
لتوضيح الفكرة تخيل أنك مستلق ع�� سر�رك الوث�� �� غرفتك ��
ستلق . الفراش الذي أنت ماألطل�ىيسفينة بحر�ة سياحية �� عرض ا�حيط
سعادتك در�ما ي�ون أقرب واقع مادي لك، وتتحد ثار الذي تدثر بھعليھ، والد
ع�� هذا املستوى بمدى �عومة فراشك ودثارك.
ر�ما ي�ون املستوى الواق�� املادي الثا�ي لك هو غرفتك، وفخام��ا
لو حيث أ��ا ونظاف��اتؤثر �ش�ل مباشر ع�� سعادتك واستمتاعك، فمثال
لن �ستطيع االستمتاع ح�ى وإن كالغرفة، فإن فرضنا أن هناك رائحة نتنة ��
�ان فراشك ودثارك وث��ين.
املستوى الثالث من الواقعية هو السفينة ال�ي أنت ف��ا، ور�ما ي�ون
املستوى الرا�ع هو البحر الذي تمخر �� عبابھ السفينة، واملستوى ا�خامس
. هو الكرة األرضية، وهلم جرا
السفينة األك�� –� سفينة تايتنك واآلن تخيل أن هذه السفينة �
، ال غاية السعادة واألمان��شعر كوأن –واألفخم من نوعها �� العالم حينذاك
حي��ا بأن سفينة !ال يمكن إغراقها تايتنك سيما مع الوهم الذي �ان سائدا
18 النفس املطمئنة
سفينة ال ال�ي يمكن أن �شعر ��ا �� هكذا �ل هذه السعادة أراهن أن
� ح�ى �ساوي منمقدارا
األلم الذي يمكن أن �شعر بھ وأنت �عا�ي مص�� سيطا
�� مياه ا�حيط وغرقا
عندما ، وذلكاألغلبية الساحقة لراكب��ا باملوت تجمدا
اصطدمت السفينة بجبل جليدي!
لم ينتبھ طاقم السفينة لهذا ا�جبل ا�جليدي ألنھ �ان �� املستوى
بھ السفينة)، وذلك �سبب الوهم عبا �� الرا�ع من الواقعية (البحر الذي تمخر
ع�� تفك��هم، بأنھ ال يمكن إغراق هذه السفينة!! ومتحكما
الذي �ان سائدا
لذلك الوهم لو �ان ل�انالطاقم حاضر الذهن ولم يكن خاضعا
نتباه لوجود ا�جبل ا�جليدي، و�التا�� استطاع تجنبھ.. إن تمي�� استطاع اإل
ان يحفظ �ل تلك األرواح الوهم �ان من من الطاقم الواقع املمكن جدا
ال��يئة، و�حافظ ع�� سعاد��ا واستمتاعها أنذاك!
أن هرها او ذا ما حصل، وأن السفينة واصلت مشواآلن لنف��ض جدال
�سعادة �� ا�حيط من دون أن �غرق، ألم يكن من ا�حتمل أن تصادف
ينشأ �سبب إنفجارات تحدث تحت سطح املاء السفينة إعصار �سونامي مثال
؟أو سقوط مذنبات �� املياه (أحداث ع�� املستوى ا�خامس من الواقع)
أنت ال �ستطيع إدراك هذا املستوى من الواقع واالستعداد لھ �سهولة.
،هذا �حيح بك و�ؤثر عليك فهو ،ولكنھ ال �غ�� من املسألة شيئا
واقع محيط
�ش�ل مباشر شئت ذلك أم أبيت.
تحديد مستو�ات الواقع ا�حيطة بنا مع نوع من واآلن لنتوسع ��
التسامح والبساطة. املستوى السادس هو ا�جموعة الشمسية، والسا�ع هو
�ل هذه املستو�ات من الواقع أنت .. مجرة درب التبانة والثامن هو ال�ون �لھ
، ولذا فمن األجدى تجاهل هذه املستو�ات من الواقع. ال تملك حيالها شيئا
19 النفس املطمئنة
املستوى التا�� من الواقع (وهو متش�ل من عدة مستو�ات، نغ�� أ
وألغراض هذا الكتاب سأعد ) بالرغم من أنھ ه مستوى لكن�ي �سامحا
واحدا
يحيط بال�ون �لھ، إال أن تأث��ه مباشر عليك بدرجة هائلة وعظيمة، و�ش�ل
آخر من تملك التأث�� ف��ا أك�� من أي �ىيء مستمر �� حياتك �لها، وأنت
بك ح�ى من املستوى األول من الواقع! حولك، ف�ي أقرب إليك وأشد التصاقا
ب "عالم الغيب" �سميھهو ما من الواقع هذا املستوى
إنما �� عوالم -ال��زخ، واآلخرة -ال�ي سننتقل إل��ا الغيب عوالم إن
تنا واقعية وموجودة اآلن ومحيطة بنا، ونحن من �ش�ل مص��نا ف��ا بإراد
.. هذا واقع ال مباشر، ونحن عما قر�ب متجهون لهاوحركتنا �� الدنيا �ش�ل
! وأيمكنك تجاهلھ �سيانھ، وإال ستعد أحمقا
أن يركب أحدنا طائرة متجها أال يأخذ جواز تصور مثال
لبلد ما متعمدا
مح هذا ال�خص أحمق، ألنھ سرعان ما سيصل لوجهتھ، ولن �س معھ. سفره
��ا من دون ا�جواز.لھ للدخول ف
شئناأم أبينا سنصل إ�� وجهتنا، ونحن كذلك متجهون ل�جنة، وقر�با
.إل��اسوف لن �سمح لنا بالدخول ھإن لم نكن نحمل جواز املرور فإن اهوعند
األك�� واقعية من �ل ذلك، وال يخلو منھ زمان أو م�ان، بل هو فوق
حن ﴿هو هللا عز وجل فسنامن أنح�ى هو أقرب إلينابل الزمان وامل�ان، ون
ور�د يھ من حبل ال
رب إل
ق
.﴾أ
فكيف هللا واقع، بل هو الواقع، وما نحن سوى تجلياتھ ومخلوقاتھ،
اإلمام ما روي عنأن �ع�ى بصائرنا عنھ سبحانھ و�عا��؟ تأمل إذا يمكن
�� وجوده إل�ي كيف �ستدل عليك بما هو "ا�حس�ن (ع) �� دعاء يوم عرفة:
20 النفس املطمئنة
أيكون لغ��ك من الظهور ما ليس لك ح�ى يكون هو املظهر إليك؟مفتقر
وم�ى �عدت ح�ى تكون اآلثار عليك؟م�ى غبت ح�ى تحتاج إ�� دليل يدل لك؟
.إليك؟"�� ال�ي توصل
ندرك قيمة أجمل وأعظم ال هو ما يجعلنا إن عدم انتباهنا لهذا الواقع
من أن �ستطعم لذ��ا وعظم��ا، ولذا نبتعد ع��ا األشياء املتاحة أمامنا و�حرمنا
�ش�ل تلقائي!!!
اتصال لنا �شعر بمدى عظمة وروعة أن ي�ون أالكيف يمكننا وإال ف
(وليس وهم حقيقي مع القوة املطلقة وا�جمال املطلق ومستمر ) مباشر يا
؟"هللا جل جاللھ" والعظمة املطلقة
�، بل واتصال هللا الدائم بنا اتصالنا الدائم با�سبب لنا كيف ال و
هو الوجود بذاتھ وهو ا�جمال هللا نأبالسعادة والقوة والطمأنينة مع الشعور
لقنا وخلق �ل �ىئ وهو يحبنا ئ وهو من خيوهو العظمة وهو القادر ع�� �ل ش
ع�ن ال تراك عل��ا إل�ي،"؟ جدا
،عميت
عبد لم رقيبا
صفقة
تجعل وخسرت
لھ من ح ك نصيبا ."ب
كيف ال نلتذ وال �شعر بروعة عالقتنا مع الرسول األعظم (ص) وأهل
بيتھ (ص) الذين جعلهم هللا لنا السبيل اليھ!!
واقعقع، و�عاملنا معھ ع�� أساس �ونھ إن إدراكنا وفهمنا لهذا الوا هو ا
وآخرة، و�جعل لها مع�ى ما �غ�� حياتنا �لها دنيا
وطعما
مختلفا
فوق ي وجميال
اللهم ... "وهذا هو ما يدعونا إليھ الرسول األكرم (ص) �� دعائھ: �ل وصف.
وهذا ما يدعونا إليھ اإلمام ع�� ، "وال مبلغ علمنا همنا،وال تجعل الدنيا أك��
آل لدنياك �أنك �عيش ابدا، واعمل عملا" (ع): ."خرتك �أنك تموت غدا
21 النفس املطمئنة
ليس سوى قدرتنا ع�� -ن �لھ إن لم يك -إن الطر�ق نحو هللا �� معظمھ
من عرف نفسھ "معها ع�� هذا األساس والتعاملتمي�� هذه الواقعية وفهمها
.فقد عرف ر�ھ"
إن اآللية األك�� فاعلية لتطو�ر قدرتنا ع�� تمي�� الواقعية هو التفكر
للعالقات االجتماعية واإل�سانية وأوالتأمل املستمر سواء لل�ون من حولك،
�� داخل نفسك وما �عتمل ف��ا من مشاعر وانفعاالت وسلوكيات من حولك أو
وما تصل إليھ من نتائج وقرارات.
، بل ويش�ل الغيب لكن و ألن الواقعية ا�حيطة بنا تمتد للغيب أيضا
﴿معظمھ، وألن اإل�سان محدود املعرفة والقدرة
م إالعل
ن ال م م
وتيت
وما أ
ليالتمي�� الواقعية من دون التأمل �� القرآن العظيم، لنافال يمكن ﴾ق
واألدعية الواردة إلينا من مصادرها ال�حيحة عن أئمة أهل البيت (ع).
هذه ستعرضأملناقشة ما هو هدفنا �� ا�حياة، الرجوعواآلن وقبل
عندما �� لوحة مع� تطرح مفهوم الواقعيةاآليات القرآنية الرائعة ال�ي �ة جدا
صة قارون:تح�ي عن ق
﴿
يتيا يا ل
ن الد
حياة
ا�
ذين ير�دون
ال ال
تھ ق
ومھ �� ز�ن
� ق
رج ع�
خ
ف
عظيم و حظ
ذ
ھ ل
إن
ارون
و�ي ق
ل ما أ
ا مث
ن
ا (79) ل
م وق
عل
وا ال
وت
ذين أ
ل ال
اها إال
ق يل
ن آمن وعمل صا�حا وال
�� مل
خواب ا�
م ث
ك
و�ل
ابرون ھ من (80) الصة ينصرون
ھ من فئ
ل
ان
ما �
رض ف
ا بھ و�داره األ
ن
سف
خ
ف
صر�ن نت
من امل
ان
وما �
مس (81) دون ا� ھ باأل
ان
وا م�
من
ذين ت
صبح ال
وأ
ن ا� ن م أ
وال
در ل
اء من عباده و�ق
ن �ش
مل
ق
ز الر
يبسط ن ا�
أ
و��
ون
ول
يق
ا بن
سف
خ
ا �
ين
عل
افرون
�
�ح ال
يف
ھ ال
ن
أ
ها (82) و��
جعل
ن
خرة
ار اآل ك الد
تل
ير�دون
ذين ال لل
ق�ن
مت
لل
عاقبة
سادا وال
ف
رض وال
ا �� األ و�
.﴾ عل
22 النفس املطمئنة
؟أهدافنا يف احلياة هيما
تحقيق الرؤ�ة �� األهداف ال�ي تقودنا نحو االس��اتيجية إن األهداف
أن نحتاج�� ا�حياة س��اتيجيةاإل أهدافنا فلتحديدس��اتيجية، وعليھ اإل
.""القرب من هللا لهيةإلس��اتيجية ااإل لرؤ�ة ا نتعمق قليال �� فهم
ت�و��ي إنما هو قرب هنامن هللا سبحانھ قرباملقصود من الن ال شك أ
جل �تنا عبوديقرب ، و�ذلك فهو ال �سعھ أن ي�ون سوى واق�� حقيقي
وال أو فقل �ع�ي ،وعال وشعور�ا
ونفسيا
ومعرفيا
مدى إدراكنا وتفاعلنا سلوكيا
�عبوديتنا � عز وجل، إ�� أن نصل إ�� مرحلة من العبودية والفناء �� شعور�ا
غ�� هللا، وهو ما �ع�� ع��ا اإلمام ع�� (ع): وحبھ هللاما رأيت " ال نرى معها شيئا
إال ورأيت هللا: قبلھ، و�عده، ومعھ، وفيھ ."شيئا
، ومن �ل العبودية � �ع�ي أن تتحرر من �ل األغالل ال�ي تحيط بكإن
الظلمات والطواغيت، واملشاعر السلبية، �اإلحباط وا�خوف والقلق، ومن
�� الدنيا مهما ود لشيئ الضعف وا�خور، بل ومن عبوديتك لنفسك، فال �ع
عظم أو صغر أثر فيھ عليك، وإنما ت�ون خاضعا
ب�لك � ومتفانيا
منصاعا
عز وجل.
﴿تأمل �� قولھ �عا��، �� آية الكر�ىي: و�� ال
نا� رجهم م
يخوا
ذين آمن
ور ن الن �م م
رجو�
يخ
وت
اغ
هم الط
وليآؤ
أ
روا
ف
ذين ك
ور وال
� الن
مات إ�
لالظ
مال� الظ
، وهللا هو نور السماوات واألرض،﴾ت إ�
�� إ�� هللا" كمال اإلنقطاع ـ "ب ع)هذا الفناء هو ما �ع�� عنھ اإلمام ع�� (
."اليك االنقطاع كمال �� هب إل�ي" املناجاة الشعبانية
23 النفس املطمئنة
ھإلي االنقطاع كمال حالة عيش� أن هو ليس الهدفف تبھولكن ان
!محرابك �� وتتعبد خلوة، �� وأنت ،سبحانھ
�عيش وأنت سبحانھ، إليھ االنقطاع كمال حالة �عيش أن الهدف وإنما
معها، فتتفاعل وتحديا��ا، وتناقضا��ا مفردا��ا ب�ل وا�حياة الناس وسط
عبوديتك وغ�� ر�ك، غ�� ترى ال ذلك �ل من بالرغم لكنك وتدفعك، فتدفعها
ف��ا، ما ب�ل ا�حياة، عن هذه االنقطاع حالة �شغلك ال الذي الوقت ��! لھ
إل��ا تدفعك وإنما !تصور �ل تفوق إلهية و�طاقة اإليجابية، �غاية دفعا
ا�خطيب البغدادي، والفخر و مستدرك ال�حيح�ن، ما نقلھ لنتأملف
(ص) ، عن الرازي �� تفس��ه الكب��
ملبارزة ع�� بن أ�ى طالب "قولھ: رسول ا�
ا�� يوم يم�أ عليھ السالم لعمرو بن عبد ود يوم ا�خندق أفضل من أعمال
."القيامة
ع�� أن ما �عادل أعمال الثقل�ن إ�� يوم القيامة ليس هو صالة تأمل
يوم من سيفھ لعمرو بن ود (ع) �� الليل، أو صومھ �� ال��ار وإنما ضر�ة
ل�جهاد �� سبيل هللا!، أثناء ممارستھ ا�خندق
-و�ل فعلھ عظيم -(ع) ع�� ما عظمھ هللا �� قرآنھ من فعل وتأمل أن
ھ ﴿، �� قولھ �عا��: هو ممارستھ للعطاء أثناء صالتھ ورسول م ا�
ك ما ولي
إن
وهم اة
� الز
ون
ت
و�ؤ
ة
ال الص
ذين يقيمون
وا ال
ذين آمن
وال
.﴾راكعون
(ع) لم يمنعھفيطلب انقطاعھ لر�ھ �� صالتھ أن يدرك أن هناك فق��ا
أ، ولم يمنعھ صدقة
ھ ، خص عظيم من أن يتصدق عليھ با�خاتم.. سلوك يضا
دي بھ �� حياتنا، ولندرك مع�ى لنقت ،بمع�ى الواليةور�طھ هللا بالذكر �� كتابھ
.نقطاع � عز وجلاإل
24 النفس املطمئنة
تدرس وأنت وتنام و�شرب تأ�ل وأنتنقطاع اإل حالة �عيش أن الهدف
اليومية حياتك تمارس وأنت أصدقائك، مع وتمزح أطفالك، مع وتلعب و�عمل،
�شغلك وال ا�حياة،ممارسة عن إ�� هللانقطاع اإل �شغلك فال تفاصيلها، ب�ل
فهما بي��ما، �عارض من هناك ليس ألنھ ،إ�� هللانقطاع اإل عن ا�حياةممارسة
هللا أمر ما وفق ل�حياة وممارستك! واحد طول �� وإنما واحد، عرض �� ليسا
.� عبوديتك ��
��ائيات مبار�ات الع�ي كرة القدم أثناء لع��ممن �شهدهمر �شبھ ما ألا
.العالم �أس
والفوز بحماس ودافعية األهداف ��جيل و�حاولون يلعبون �مإ�
.العالم ب�أس بالفوز حلمهم �� مستغرقون تماما �م�أل ،منقطعة النظ��
مشاعرهم جميع ع�� امسيطر يجعلھ إن استغراقهم �� حلمهم هذا،
مستوى من و�رفع وال��ك��، والقوة بالنشاط و�مدهم �لهمهمو وأف�ارهم،
.أدا��م
�� ممارسة اللعبة ب�ل استغراقهم ب�ن �عارض من هناك فليس إذن
ا�حرك و�ونھ العالم، أسب� للفوز استغراقهم �� حلمهم و��ن ،وجدا��م
.و�شاطهم عز�م��م اشتداد �� والسبب لهم، األسا�ىي
مر تماما عندما �ستغرق ب�لك �� هللا وتف�ى فيھ فال ترى ألوهكذا هو ا
ذلك يمنحك دافعية إنفغ��ه سبحانھ، وال �عنيك سوى الفوز بحبھ ورضاه،
�ل طلقة منحر�ة مو تامة بإيجابية منقطعة النظ�� لتمارس ا�حياةلهية إ
ند�اك �� عبودية هللا سبحانھ و�عا��.العبوديات والظلمات لإل
25 النفس املطمئنة
م ﴿ املباحة ومتعها الدنيا بلذائذ �ستمتع أن ير�دنا هللا إن ل من حرق
وا �� ذين آمن
ل �� لل
ق ق
ز بات من الر ي
رج لعباده والط
خ
�ي أ
ال
ا�ة
ز�ن
قيامة ا� يوم ال
الصة
يا خ
ن م ﴿ لها �س�� وأن بل ،﴾حياة الد
ك
ذي جعل ل
هو ال
ور
شيھ الن
قھ وإل
ز وا من ر
ل
اك��ا و�
وا �� من
امش
ف
وال
ل
رض ذ
ولكن ،﴾األ
﴿ وتوازن بإيجابيةوا إن
سرف
�
ر�وا وال
وا واش
ل
و�
سرف�ن
يحب امل
�� ألن ،﴾ھ ال
ك ﴿ هللا، من وقر�نا وت�املنا تطورنا يكمن نحوها سعينا إن
�سان
�ا اإل �
يا أ
قيھ
مالدحا ف
ك ك � ر�
ادح إ�
ومتع أهواؤنا وتأسرنا تقيدنا أال هو والتحدي ﴾�
.الدنيا هذه
دون من ��ا �ستمتع أن هللا دناير� ال�ي �� فحسب الدنيا ليست ولكن
أن ير�دنا وجل عز هللا أن فرغم أنفسنا، ح�ى وإنما بنا، وتتحكم تأسرنا أن
!ذرة بمقدار ولو فينا تتحكم أن ير�دها ال ولكنھ ونرعاها، ونفهمها نح��ا
لنا ت�ون فال و�عا��، سبحانھ فيھ نف�ى أن ير�دنا هللا إن آخر و�تعب��
!وجل عز لھ لعبوديتنا لتاما إدراكنا غ�� كينونة
ولكن، كيف يمكننا تطو�ر أنفسنا إ�� هذا املستوى من العبودية
؟� عز وجل ال�املة
من هذا الفهم للقرب من هللا، �ستطيع أن ندرك أن قر�نا إ�� انطالقا
، أولهما مختلف�ن، ولكن م��ابط�ن بدرجة كب��ة هو محصلة عنصر�نإنما هللا،
مقدار عبوديتنا �، معرفيا
والشعور�ا
، وثان��ما مدى إدراكنا التام شعور�ا
لهذه العبودية. وسلوكيا
وعاطفيا
يمكنك التفك�� ��ذه الطر�قة.. إذا �ان مقدار عبوديتك ا�حقيقية �
% فإن محصلة إدراكك 60هو ألف، ومقدار استشعارك ��ا وإدراكك لها هو
للعبودية ست�ون ستمائة!
26 النفس املطمئنة
"مقدار عبوديتنا �"؟ العنصر األول �ع�يولكن ماذا
إن مقدار عبوديتنا � مطلق، ومساو لتمام وجودنا بأكملھ ب�ل ذرة
فيھ، ومن �ل حيثية من حيثياتھ، بل إن عبوديتنا � ما �� إال نفس وجودنا
املفاض من هللا �عا�� علينا.
قنديل فإن عبوديتنا � نحن البشر أشد وأعظم من عبودية وعليھ،
) و�قية ال�ائنات األخرى. البحر (مثال
و ، واكتسبنا الصفات ا�خ��ة مثل املعرفة �لما ازداد وجودنا قوة
وكماال
وا�حكمة واإلرادة، وأبرزنا ال�امن من طاقاتنا وقدراتنا ال�ي وهبنا هللا إياها، �ان
للعبودية الذاتية �، ح�ى وإن لم نلتفت لذلك. ذلك مظهرا
عمل اإل�سان ع�� تطو�ر مل�اتھ وقدراتھ ومواهبھ إذا من هنا ف
واكتساب املز�د من الصفات النبيلة مثل الكرم وال�جاعة وا�حكمة وصفاء
زداد باملقدار نفسھ، أما إذا خسر تالنفس والعز�مة وغ��ها، فإن عبوديتھ �
مل�اتھ وقدراتھ، فخسر معرفتھ، وفطرتھ، و�جاعتھ، وصفاء نفسھ، فإنھ
حسن ﴿ ن هللا عز وجلع يبعدم أ
ك ي
م أ
وك
ليبل
حياة
وا�
وت
ق امل
ل
ذي خ
ال
.﴾عمال
(وهو �� ذاتھ أحد لعنصر الثا�ي، فإن مدى إدراكنا لعبوديتنا �اوأما
تناإنما هو مرهون بمدى ممارستنا لها �� حيا أهم املل�ات والصفات الوجودية)
نا لتعاليم هللا عز وجل، ومدى تفاعلنا اإليجا�ي معها الدنيا، من خالل خضوع
(إيجابيتنا �� ا�حياة).
27 النفس املطمئنة
�� هذه ا�حياة ينب�� لنا أن �س��دفھ ما و ن ه�ن العنصر يهذتحقيق
ليس �� عالم الدنيا ،لنجاح والسمو والسعادة ال�ي �س�� لهانحقق ال�ي
ب�ل عواملها.وإنما �� ا�حياة بأسرها ،وحسب
�� – هما ما سنناقشهذان الهدفان كيفية تحقيقهما -الكتاب الحقا
اليومي املزدحم لإل�سان ال�ادح �� هذه الواقع �ش�ل ليس فقط ين�جم مع
.ھ، و�حقق لھ السعادة والطمأنية والسكينةئا�حياة، بل و�رتقي بھ و�أدا
28 النفس املطمئنة
؟أنفسناشكل تت كيف
، العبودية � ي قبل الدخول �� مناقشة كيف يمكننا تحقيق عنصر
أن نفهم كيفية �ش�ل أفسنا وذواتنا، وهذا ما سنستعرضھ �� نمن املهم جدا
هذا العنوان.
را من ط�ن ﴿يقول سبحانھ و�عا��:
الق �ش
ي خ ة إ�
مالئك
ك لل ال ر�
ق
إذ
ھ ساجدين 71(عوا ل
ق
و�� ف فيھ من ر
ت
خ
ف
ھ ون
�ت ا سو
إذ
.﴾) ف
نأ�ي إ�� الدنيا ونحن نملك �عدين اثن�ن، �عدا حيوانيا جسمانيا، و�عدا
روحيا نفسيا. لون البشرة، والشعر والطول، والصفات ا�جسمية األخرى،
وجميع الصفات النفسية األخرى، ودرجة الذ�اء، ومستوى املرح، وال�جاعة،
واالستعدادات ال�امنة لكال البعدين فينا موروثة ومحددة بطقم ا�جينات
ل �ل الوراثية ل�حيوان املنوي ا�ختار والبو�ضة ا�ختارة، اللذين م��ما �ش�
واحد منا.
ولكن ليست الصفات واالستعدادات ال�امنة فقط �� ال�ي نأ�ي ��ا إ��
بطقم من املعاي�� والقيم املوحدة املغروسة هذه الدنيا، وإنما نأ�ي إل��ا أيضا
، وال�ي �شمل فيما �شمل معرفة هللا والتعلق بھ وحبھ وعبوديتھ. فينا جميعا
هذا الطقم �سميھ "الفطرة".
ر�ما ت�ون الصفات ا�جسدية صعبة وأحيانا مستحيلة التغ��، أما
�� عالم الدنيا، واالستعدادات الصفات النفسية، وال�ي �ش�ل أساس حركتنا
،ال�امنة فينا، والقيم واملعاي�� "الفطرة" املغروسة فينا ف�ي ليست ثابتة أبدا
29 النفس املطمئنة
بل تظل تتغ��، وتنمو أو تضمحل بحسب حركتنا وإراداتنا واملعرفة ال�ي
كتس��ا، والعقائد ال�ي نؤمن ��ا.ن
ن ندرس، تتغ�� بنظرتنا ل�حياة و�سلوكياتنا اليومية البسيطة، ونح
ونحن �عمل، ونحن نلعب وننام ونتعامل مع األصدقاء، ونتعامل مع أفراد
األسرة، ونتعامل مع ا�جتمعات ا�حيطة بنا، ونتعامل مع جميع مفردات ال�ون
ال�ي ندركها، ونحن نفكر، ونحن �شعر، و�اختصار ونحن �عيش ا�حياة ب�ل
النفسية من علم وإرادة تفاصيلها، و�أ��ا األحرف ال�ي تكتب وترسم صفاتنا
وعز�مة وحكمة وحب وتقوى وجمال وخ�� و�جاعة و�ق�ن، إ�� آخر القائمة،
ال�ي ر�ما ��جز عن تحديدها، ألن عالم الدنيا بطبيعتھ املادية أقل من أن تظهر
وت��ز فيھ جميع صفاتنا النفسية، إال أن أهم هذه الصفات، وأولها وآخرها،
ز وجل.هو إدراكنا لعبوديتنا � ع
بحاجاتنا، الناشئة من كال البعدين فينا الروح وا�جسد، نأ�ي إ�� الدنيا
ن �شرب وأن نلبس، وأن نمرح وأن نحب وأن نفكر وأن أفنحتاج أن نأ�ل و
. نتعلم، وأن نتفاخر، وهلم جرا
وراء سد هذه نتفاعل مع الدنيا بم�ونا��ا، وموجودا��ا، سعيا
ث، و�عمل ونصنع ونكدح ف��ا، فنسد ا�حاجات، فندرس، ونتعلم، ونبح
حاجاتنا، و�� املقابل تنشأ لدينا حاجات وحاجات أخرى، ونظل �� س�� دائم
منذ طفولتنا وح�ى مماتنا لسد هذه ا�حاجات ال�ي ال تنت�ي .أبدا
وأمان، ولتستطيع أن تمارس حياتك ل�ي تكسب لقمة عيشك بكرامة
س وتتعلم لسنوات طو�لة، ثم باطمئنان من دون ذل ا�حاجة، عليك أن تدر
والعملية أنت ، و�� جميع هذه املراحل الدراسيةعليك �عدها أن �عمل وتكدح
تواجھ الكث�� من املواقف اليومية، و��ون عليك اتخاذ العديد من القرارات
30 النفس املطمئنة
واملواقف، وهذه �� ال�ي تحدد صفاتك أو قل مل�اتك، ثم �ش�ل وت�ون ذاتك
��ا.
ل�جاعة ورثتھ من والديك، واآلن �� هذه لديك رصيد من مستوى ا
الدنيا أنت تب�ي عليھ، فإذا �عودت أن تأخذ مواقف متخاذلة خائفة، فأنت
من ل وت�ون �� ذاتك ا�خوف وا�ج�ن إ�� أن يصبح ا�خوف وا�ج�ن جزءا
�ش�
ل وت�ون �� ذاتك كيانك النف�ىي، بينما لو اتخذت مواقف �جاعة، فانت �ش�
من كيانك النف�ىي، وإن تضار�ت ال�جاعة، إ�� أن تصبح ال�جاعة جزءا
مواقفك وسلوكياتك، فتارة جبانة خائفة، وأخرى جر�ئة �جاعة، فأنت تز�د
وتنقص من رصيد ال�جاعة لديك وفق قراراتك ومواقفك.
ي��دوإن ال�� ،إ�� ال�� يإن الصدق ��د"عن الرسول األكرم (ص):
عند هللا بوإن الرجل ليصدق ح�ى يكت ،إ�� ا�جنة
وإن الكذب .اصديق
وإن الرجل ليكذب ح�ى يكتب ،إ�� النار ي��دوإن الفجور ،إ�� الفجور ي��د
النفسية األخرى �العلم واألمر ذاتھ يحدث مع جميع الصفات "اكذاب عند هللا
والتقوى واليق�ن وا�حكمة وا�حلم، وغ��ها. واإلرادة
31 النفس املطمئنة
حنو اهللا الطريق
جد سبل "ع) �� دعاء أ�ي حمزة الثما��: عن اإلمام ال�جاد (ي أ
هم إ�
الل
رعة
يك مش
طالب إل
ا�� بموضع إجابة ...امل ك للر
ن
م أ
عل
احل ...، وأ وان الر
حج��م ت
ن
أ
قك إال
ل
جب عن خ
حت
ك الت
ن
ة، وأ
ساف
ر�ب امل
يك ق
عمال إل
اال
ك ".دون
بداية ��ك نأ شعرتس فيھت مشي و�لما ينت�ي، ال هللا نحو الطر�ق نإ
الوقت بمرور أنك� غ�، �عد الطر�ق سلك� لمك نأ شعر� ور�ما بل الطر�ق،
�شعر تبدأ قليال
صواتألا وتبدأ أعماقك، إ�� �سري والسكينة بالهدوء قليال
ما أفضل �عطيك ذاتك وتبدأ دأ،�� حولك من ألفتھ الذي الدنيا و�جيج
من يتفجر طمئنانإلوا وا�حب والقوة بالسعادة �شعر تبدأ مث عندها،
ال�ي السعادة �� تفكر وال ح�ى بل أمامك، هللا غ�� ترى �عود ال وهنا أعماقك،
�لھ عز شأنھ. نى مور�ى حب بنظرة �ستبدلها أنك وترغب ��ا، �شعر صبحتأ
وقطعت س��ك، واصلت أنك لو بالك فما �قك،طر بداية �� زلت ال وأنت هذا
فيھ؟ شوطا
لست ال�خص املناسب للتحدث عن طر�ق هللا، ولك�ي سأحاول
ولكن قبل ذلك سأتناول والناقصة، معرف�ي ا�حدودة بما تمكن�ي إياهوصفھ
وي التا��:يناملثال الد
ر�ال ألف إياها يمنحنا ال�ي واللذة الراحة مستوى ي�ون ر�ما شهر�ا
ر�ال مائة اهاإي ا يمنحن ال�ي واللذة الراحة مستوى أضعاف ة �عشر يفوق
) واللذة الراحة ز�ادة مستوى ( ا�حدية املنفعة تبدأ ذلك �عد ولكن ،شهر�ا
32 النفس املطمئنة
تصبح أن إ�� ر�ال لفألا فوق نكتسبھ ر�ال ل�ل تتناقص مع�ن رقم عند صفرا
ر�ال فالآ عشرة أنھ لنف��ض(و استمتاعنا مستوى �ديز ال و�عدها) شهر�ا
.مدخولنا حجم بازدياد ولذتنا
مليون نصف يتقا�ىى من أخرى و�عبارة حجم ي�ون ي�اد شهر�ا
يتقا�ىى �ان عندما ولذتھ استمتاعھ مقدار نفس ا�حقيقية ولذتھ استمتاعھ
.ألفا خمس�ن
بالقرب يتعلق فيما كذلك ليس مرألا ولكن الدنيا، �عم حال هو هذا
هللا، من بالقرب ستمتاعالا ملقدار حد أو سقف من اكهن فليس هللا، من
بد تتعاظم منھ القرب لز�ادة ةي �حد ا واملنفعة وصل فمن تتناقص أن من ال
� ال��ليون ملستوى مرة ألف من بكث�� أك�� تفوق ولذة براحة ستمتعمثال
.املليار مستوى وصل من مع املقارنةب
إ�سان من هناك ليس، بل ليس هناك من موجود �افر أو �ان مسلما
ا
ا�خط هذا ع�� �س�� وهو الإ نزو أو صعودا
نحو ا�حركة فهذه أ�ى، أم شاء ،ال
�� هللا حركة
، طبيعي ت�و�نية
" هللا نحو الس��بـ " هنا نحن �عنيھ فما وعليھة
ا�جهد و�ذل ،و�عا�� سبحانھ رضاه وطلبمنھ، والقرب نحوه الس�� قصد هو
.كذل سبيل ��
هللا نحو الصعود خط إن هناك أن غ�� ��اية، ال ما إ�� مستمر خط
�� نو�� بتطور ستشعر ا م��لواحدة وصلت �لما ا�خط هذا ع�� محطات
وستتطور خلكدا ال�ي والسعادة اللذة نوعية وستتطور �حياة،ل رؤ�تك لھ تبعا
.��ا ستشعر
حسب( ينقسم ا�ختلفة بمحطاتھ هللا نحو املستمر ا�خط هذا إن
أساسيت�ن، هما: مرحلت�ن إ��) القاصر ه�يف
33 النفس املطمئنة
ف��ا الس�� من و��ألا ملرحلةا حركة
كمية
فنحن هللا، نحو وكيفية
والقدرات واملل�ات، الفاضلةواألخالق املعارف ونكتسب، أنفسنا ف��ا نجاهد
�باواالستشعار ،بالدينلالل��ام ا�جهد ونبذل ف��ا، ما ب�ل الدنيا �� نزهدو
طلبإ�� ووجودنا كياننا لب� و�س��واالرتباط بأولياء هللا الصا�ح�ن والعلماء،
.ا�حياة �� مرادنا غاية هو يصبح ح�ىعز وجل هللا رضا
ذكرتھ ما يحدث املرحلة هذه �� �شعر تبدأ الوقت بمرور أنھ من آنفا
الدنيا و�جيج صواتألا وتبدأ أعماقك، إ�� �سري والسكينة بالهدوء تدر�جيا
تبدأ ثم عندها، ما أفضل �عطيك ذاتك وتبدأ ��دأ، حولك من ألفتھ الذي
�عودال وهنا أعماقك، من ريتفج طمئنانإلوا وا�حب والقوة بالسعادة �شعر
��ا، �شعر صبحت�ي أال السعادة �� تفكر ال ح�ى بل أمامك، هللا غ�� ترى
ياهاجاللھ إ جل كفيمنح منھ،ى ور�ى حب بنظرة �ستبدلها نك�� أ وترغب
فال إليھ، تجذبك النظرة هذه أن غ�� ا�حب، ر و بن تح��ق ال ل�ي بقدر ولكن
لك �ع�ي مصائ��ا أو مبا�جها ب�ل الدنيا �عود من بالعذاب �شعر وتبدأ ،شيئا
هو العذاب هذا ولكن لذلك، وتتلوى ا�حبوب، رضا غ�� �� تضيعها �حظة �ل
.الدنياعالم �� بھ �شعر أن يمكنشعور �ل من وأر�� وأروع أجمل
وتصبح ا�حالة، هذه لديك �ستقر وعندما رى فال ت فيك، ذاتية
جنة
نار الو الو ا
.الكر�م وجهھ سوى رى ت ال، وشقاء الو سعادة
تبدأ وهنا�، و�ألا املرحلة قطعت قد ت�ون ا�حالة لهذه تصل عندما
كهنا توجد ال حيث هللا، نحو العروج مرحلة، الثانية املرحلة كمي حركة
ة
�� وإنما ،سبحانھ حوهن حركة
كيفية
هذه و��، �عا�� سبحانھ نحوه قلبية
ك ﴿ البعض �عضهم عن ن و واملعصوماألنبياء يتمايز املرحلةسل تل ا الر
ن
ل ض
ف
هم � �عض
��م �عض ع� ن م م م
ل
� ع ا�
هم ورف
﴾.درجات �عض
34 النفس املطمئنة
الدنيا، عالم �� نفهمھ حسبما املرحلة هذه �� مجاهدة من هناك سلي
هللا نحو س��ك يتحدد وإنما باملرة، وعقلك قلبك ��هللا غ�� هناك ليس نھأل
لك. جذبھ قبول ع�� وقدرتك سبحانھ لھ عشقك بقوةو�عا�� سبحانھ
أخرى لنتأمل، فالثانية املرحلة هذه لنفهممستدرك ما نقلھ مرة
أفضل من يوم ا�خندق (ع) بارزة ع�� أن م (ص) قول الرسول عن ن، ال�حيح�
.ا�� يوم القيامة أم�يأعمال
من لكث�� يمكن عادي شبھ عمل هواإلمام ع�� (ع) نفسھ عملفإن
أمة محمد (ص) أعمال ع�� و�فوق مختلفا يجعلھ ما ولكن بھ، القيام املؤمن�ن
.ة�ضر ه الهذ اكتنف الذي قوالعش والعمق النية هو�لها إ�� يوم القيامة
35 النفس املطمئنة
شائعة مغالطات
تحمل �� طيا��ا الكث�� من السائدةمما يؤسف لھ هو ان ثقافتنا
السمو والس�� نحو عناملغالطات الذائعة الصيت، ال�ي �عيق اإل�سان عمليا
هللا، وتحبطھ عن ذلك.
جميع عن أنفسنا نصم أن بحانھهللا س نحوولذا علينا لإلنطالق
وأن ،أن ينف��ا �� صدورنا الشيطان يحاول ال�يوالوساوس السلبية ف�ارألا
.آخر �ىي أي متجاهل�ن ليھ،إ متجهون ونحنعز وجل نحوه نطلقن
واجتثا��ا من ملعا�جة هذه املغالطات الشائعة والوساوس الشيطانية
"، كما أق��ح ال�جوء للتأمل الذا�ي يحاءإلا" طر�قة استخدام ق��حأ أعماقنا
والتدبر �� القرآن والنصوص الشرعية.والتفكر
:الشائعة فيما ي�� �عض هذه املغالطات
النقية البيئة املؤمنةوجود .1
أن� �مة �� الثقافة العامة و هناك مغالطة شائعة وت�اد ت�ون مسل
ي�ون إنما هللا نحو السلوك من خالية شبھ نقية مؤمنة بيئة �� اكن إذا ممكنا
.ات ا�ا�حوز املغر�ات لعلمية مثال
!!مستح ي�ون ي�ادفهو بيئاتنا مثل بيئة �� هللا نحو السلوك أما يال
شهواتنا تكبلنا ف��ا حيث وملذا��ا، الدنيا ب��ارج املزدحمة بيئاتنا
عل��ا، �عودنا ال�ياملادية الدنيو�ة ممارساتنا وتحكمنا وأوهامنا، وغرائزنا
36 النفس املطمئنة
رسم تصوراتنا وخرائطنا وت تناالوانفعا مشاعرنا ع�� �سيطر وأصبحت
.الذهنية
ا، ذواتن ع�� ف��ا تغلبأن نة وانتباه ظ�� �حظة يق حاولنا وإن ح�ىو
وأسرنا وأطفالناأزواجنا ومتطلبات وأعرافنا جتما��الا النسق علينا ضغطي
الدوام لنا أبقى إن هذا ،لنعود �حياتنا اليومية املادية الرتيبة اليومية
وصراعاتھ مراتھاومؤ تھبمتطلبا اليومي (الوظيفة) بقية
نفوسنا �� باقية
قلألا ع�� أو ا،نظلم ممن لالنتقام ��دف �اسرة لوحوش يحولنا ولم الطاهرة،
.ذي��مأل تفرح
�� هكذا بيئة �لما تطمح إليھ أن تحافظ فيھ ع�� ا�حد األد�ى من
دينك، عل هللا �غفر لك وتدخل ا�جنة!!
ح�ى قبل بدء ا�حاولة، والفشل �مةللهز نال إع هو السل�ي التفك�� هذا
أساسها ع�� فينا والتحكم القناعة هذه مع بالتجاوبعقلنا الباطن يبدأحيث
ت�ون النتيجة ا�حتمية �� الفشل. و��ذا
هو العكس وإنما ،�حيح غ�� مال الك هذا أن فقط يسل ا�حقيقة��
أك�� ن ي�و بيئاتنا مثل عادية بيئة �� ينشأ الذي �سانإلفا ال�حيح، مناعة
الفساد والشهوات. جراثيم من معقمة بيئة �� �شأ ممن و�حة
�سانإلا لتطور النموذجية البيئات �� هذه بيئاتنا أن هو ال�حيح
البشر نحن نناأل هللا، نحو وسلوكھ تحقيق �� نرغب عندما انھ ع�� نار ط ف
ما أفضل ديونؤ نتحفز فإننا واملصاعب التحديات وتواجهنا علينا ي�ح هدف
�� �غوص وإنما يأسن ال ا�حيلة ��جزنا وعندما لھ، �س�� ما لتحقيق عندنا
استخدامها �ستطيع وقدرات جمال من ياهإ هللا وهبنا ما لنكتشف أعماقنا
37 النفس املطمئنة
ئاتنا،بي مع مستمر حيوي تفاعل �� هكذا ونبقى اليھ، نصبو ما لتحقيق
.إليھ نصبو ما لتحقيق
الطر�ق هو املستمر والكدح والصراع اعلالتف هذا ماذا؟ �عرفأ ولكن
�ا ﴿ �شعر أن دون من ح�ى سبحانھ نحوه ونر�� �سمو فنحن هللا، نحو �يا أ
قيھ
مالدحا ف
ك ك � ر�
ادح إ�
ك �
إن
�سان
.﴾اإل
ما هو � وا�خضوع ا�خشوع بمدى إحساسك ليس أنھ هو هنا الفكرة
�ان وإن – هللا من قر�ك مدى يحدد هو وليس -املعاي�� أهم من واحدا
حتما
من تملكھ ما مدى هو وإنما الدنيا، عن ابتعادك مدى هو وليس فقرك، مدى
وتطور كسمو هو وإنما ،وقوة العز�مة واإلرادة واملعرفة والن�ج ا�حكمة
وغ��ها. با�جمال حساس إو وحب همة من ووجوداتك قدراتك
صورة رسمت إنما ونتنفسها نتغذاها ال�ي ميةاليو الثقافة أن املش�لة
مما علمائية، رهبانية بطر�قة ودواخلنا لناو عق �� هللا نحو والسالك العارف
ولسنا علماء لسنا نناأل املقامات لتلك الوصول و��ن بيننا ا�حواجز وضعت
.الفادح ا�خطأ يكمن وهنا، رهبانا
ولك�ي ملهما، ليسة العلمي ا�حوزة إن جو أقول أن أقصد ال هنا أنا
وا�خوض وملذا��ا ومغر�ا��ا ومرار��ا بواقعي��ا ا�حياة هذه معالتعامل إن أقول
جل جاللھ وضعناه إن بحانھ،س هللا نحو طر�ق أسرع هو وعبا��ا تحديا��ا ��
.سبحانھ إليھ وسعينا أعيننا نصب
واجهنا �لما البيئة هذه �� أننا ع�� ناهيك طبعا
مشك وأ تحديا
ناأ�ج ال
وهذا العبودية �� وهذه، عنا وللتفر�ج ملساعدتنا بصدق و�عا�� سبحانھ ليھإ
داخلنا يجعل ما ارتباط مرتبطا
ا
وثيقا
.املطلقة والرحمة القوة بصاحب و�قينيا
38 النفس املطمئنة
بأفضل �عيشها ال�ي طر�ةضامل والبيئة التحديات ذهه من �ستفيد ل�ي
فبد إل��ا، نظرتنا طر�قة �غ�� أن اعلين ،و�عا�� سبحانھ نحوه للسلوك طر�قة ال
وحجب ومغر�ات معوقات �عت��ها أن من طرقنا أ��اع�� إل��ا فلننظر هللا، عن ا
لنا هللا وضعھ الذي الت�و��ي ال��نامج م�ونات وأ��ا هللا، نحو س��نا وأدوات
تحاش��ا، ع�� ليسسبحانھ نحوه فالطر�قا�� و�الت ،عز وجل نحوه للسلوك
.نفعل أن هللا ير�دنا كما يجا�ي إ �ش�ل معها التفاعل ع�� وإنما
عبادة األحرار .2
إنما �عبد هللا و هذه املغالطة �ع�ي بالدين نل��مأننا نحن البشر عموما
إما أو (عبادة العبيد) العقاب من خوفا
وأنھ، (عبادة التجار) وابالث �� طمعا
يندر هللا �عبد منبيننا يوجد أن جدا
، و�� ما �سم��ا اإلمام أم�� لھ حبا
"!حرارألا عبادة" املؤمن�ن (ع) ب
ح�ى من املغالطة األو�� وتكمن . ر�ما ت�ون هذه املغالطة أك�� شيوعا
، هللا نحو ع�� سلوكناسل�ي شديد خفي ي نف�ى تأث�� من لهافيما خطور��ا
�شبھ تأث�� املغالطة األو��.
هللا دعب� إنما معظمنا نأ هو الواقعلن�ي والسر �� حبنا ا بل لھ، حبا
رجال هللا ��مأل هو (ع) وأولياء هللا الصا�ح�ن البيت أهلاألكرم (ص) وأئمة
.و�عا�� سبحانھ
هكذا نانألسبب ذلك هو
ناق ل خ
ل وخ
هللا حب نألو كبشر، فطرتنا ت ق
ا�جمال وا�جالل اإلل�ي الذي يجسده خالل من وعروقنا أعماقنا �� استشرى
.(ص) ��ممحب(ع)، ومن خالل شراي�ن البيت أهلاألكرم (ص) وأئمة الن�ي
39 النفس املطمئنة
�� ومتجذر نفسياتنا �� ومتوغل أعماقنا �� را�خ هللا حب إن �عم
وسلوكياتنا، حاسيسناأو ومشاعرنا دواخلنا ع�� كب��ة لدرجة سيطر قلو�نا، وم
من تمنعناو �، ناحب من النيل تحاول ال�ي السلبية املغالطة هذه من بالرغم
و�عا��. سبحانھ نحوهاإلنطالق
ع�� هذه غ�� أن اند�اكنا �� ا�حياة املادية وال��ف قد �ش�ل حجبا
ا�حبة ويغلفها بأغطية سميكة تحجب نوره �� حياتنا، و�ل ما علينا هو أن
و�رفق. نز�ل هذه ا�حجب تدر�جيا
الس�� نحو هللا وإتيان الذنوب .3
ئعة االنتشار هو أنك ال �ستطيع السلوك نحو هللا من املغالطات الشا
! ، وتتخ�� عن جميع الرذائلما لم تتوقف عن ارت�اب جميع املعا�ىي
ح�ى �� التفك�� �� الس�� امن الغالبية العظ�ى منعت ر�ماهذه املغالطة
رتكبھ من ذنوب وآثام.نبما �� درب هللا، ملعرفتنا
خالقألا و�عضل ب، بالذنو مر ليس كذلك، فبعضألغ�� أن ا
�عيقنا ال وهناك هنا السيئة �انت إذا ،و�عا�� سبحانھ نحوهلالنطالق مطلقا
والصالح. هللا نحو ومتجهة مؤمنة العامة النفسيةتنا بيئ
إننا يمكننا أن نتدرج �� مدارج الكمال ونق��ب منھ سبحانھ و�عا��
ه أمور معينة، ملراتب عالية ح�ى مع الضعف وا�خور الذي �سيطر علينا تجا
إن العبد ليبلغ بحسن خلقھ "بادتنا، فقد ورد عن الرسول (ص): وضعف ع
."عظيم درجات اآلخرة، وشرف املنازل، وإنھ لضعيف العبادة
40 النفس املطمئنة
ي�ون وقد با�، والعياذ الغيبة أو الكذب داء من �عضنا �عا�ي قد
ببعض اآلفات ا�خلقية األخرى.. تحد حجبا�و مراضاأل هذه أن شك المصابا
ال ولك��ا نطالق نحوه سبحانھ،لال وس��نا نحو هللا، وتبطئ سرعتنا حركتنا نم
!جلعز و هللا نحو الس��عن تمنعنا
بل �ع��ينا الذي الضم�� عذابيؤدي فر�ما ذلك، من بالعكس أحيانا
و�عا�� سبحانھ نحوهلالنطالق دافعيتنا ��تحفإ�� الذنوب هذه ارت�ابنا نتيجة
.واملغفرة للراحة وطلبا سبحانھ نھملالعتذار
�� النصوص الواردة عن أهل البيت (ع) أن املؤمن �� حال كث��ة
املعاناة، وحرارة االندفاع، وا�حرقة �� التوجھ أفضل ح�ى مع الذنب، منھ وهو
إن هللا علم "اتھ! ورد عن اإلمام الصادق (ع): �� حال االستقامة وال�جب بذ
أن الذنب خ�� للمؤمن من�� املؤمن بذنب أبدا
."ال�جب، ولوال ذلك ما ابت
يا رسول "ورد �� ا�حديث الشر�ف أن أ�حاب الرسول (ص) قالوا:
ولم تخافون ذلك؟ قالوا: إذا كنا ):فقال (ص ،"هللا، نخاف علينا النفاق
ا �عاين اآلخرة بتنا، وجلنا و�سينا الدنيا، وزهدنا ح�ى �أن
رتنا ورغ
عندك فذك
هذه البيوت عندك، ودخلنا من خرجنا والنار ونحن عندك. فإذا وا�جنة
وشممنا األوالد، ورأينا العيال واألهل، ي�اد أن نحول ع�� ا�حال ال�ي كنا
ا لم نكن ع�� �ىئأفتخاف علينا أن يكون ذلك .عل��ا عندك، وح�ى �أن
؟ فقال لهم الرسول (ص الشيطان. ف��غبكم �� هذه خطواتكال إن ):نفاقا
لصافحتكم ��ا، أنفسكم الدنيا. وهللا لو تدمون ع�� ا�حالة ال�ي وصفتم
هللا هللا �خلق فتستغفرون تذنبون، ولوال أنكم .املاء ع�� ومشيتم املالئكة،
فيغفر لهم. إن املؤمن مفت�ن تواب. أما خلقا ح�ى يذنبوا ثم �ستغفروا هللا،
وقال: ،"املتطهر�ن حبو� التواب�ن يحب هللا إن"سمعت قول هللا عز وجل:
."إليھ تو�وا ثم ر�كم استغفروا"
41 النفس املطمئنة
نزداد فنحن منھ واق��بنا سبحانھه نحو اتجهنا �لما فإننا الواقع �� قوة
وصفاء وطهرا
وعز�مة
من كث�� من التخلص منببساطة يمكننا مما وفهما
.بذلك �شعر أن دون من ر�ما ح�ى وذنو�نا، سلبياتنا
نحتاج ما وهعز وجل نحوهواالنطالق سبحانھ منھ القربو�ذلك ف
حظواال .إرادتنا أعيتنا إذا ضعفنا، نقاط من للتخلص حيانألا من كث�� �� إليھ
اء ﴿ سبحانھ قولھ
حش
ف�ى عن ال
ن
ت
ة
ال إن الص
ة
ال قم الص
ر وأ
نك
.﴾وامل
نصل أن �ستطيع الو�عا�� سبحانھ منھ للقرب عالية مراتب هناك �عم
�� تصورها ح�ى يمكننا ال املراحل هذه لكن ذنو�نا، من نتطهر أن قبل إل��ا
املراحل تلك عتابأل نصل عندما نناأ نع فضال العادية، يمانيةإلا مستو�اتنا
.خلقنا وسوء ذنو�نا من تخلصنا قد وطبي�� تلقائي �ش�ل ن�ون
اإلند�اك �� ذات هللا .4
عسلب تؤثر ال�ي الشائعة الثقافية خطاءألا من هللا نحو طالقناان�� ا
رأيت ما": )ع( املؤمن�ن أم�� يصفها ال�ي اليقينية املرحلة لهذه ننظر أننا هو
ا شيئ
البشري الكمال منت�ى باعتبارها "وفيھ ومعھ و�عده قبلھ هللا ورأيت إال
عد � -تختص املرحلة هذه وأن �عا��، سبحانھ منھ للقرب القصوى والغاية
).ع( النبوة بيت أهلن و املؤمن� بأم�� – ص)رم (كألالن�ي ا
ونحن هللا نحو مس��تنا نبدأ أننا هو التفك�� لهذا السل�ي ثرألا يأ�ي
ن و متيقن� هذه املرحلة اليقينية إ� وصولنا أن ن و ومعتقد بل فشلنا، بمسبقا
تلقائيا الباطن العقل بدأي �التا��، و )ع( املؤمن�ن م��أل تقديرنا مع يتعارض
نا ��بتوج .تحقيقھ مننعنا وم الهدف هذا عن �عيدا
42 النفس املطمئنة
قالھ ما يقل لم(ع) املؤمن�ن فأم�� �حيح، غ�� التفك�� ذاه أو تفاخرا
مھال ك نم ھب املؤمن�ن نحن لنتخذ قالھ وإنما إيمانھ، شدة ليظهر لنا، ن��اسا
ونجعلھ هدفا
عال ونقتدي بھ.ف نحبھ كنا إن �حياتنا وغاية
و�� ألا املرحلة ��اية الإ هو ما واليقي�ي يما�يإلا املستوى هذا نإ
نحوه العروج مرحلةرحلة الثانية "امل و�داية و�عا��، سبحانھ نحوه قال نطلال
.هللا اصطفاهم ومن الصديقون ف��ا يتمايز�ي لا "سبحانھ
و�حتاج صعب هو بل ،سهل أمر املرحلة لهذه قيقناإن تح أقول ال
.دج مكنم ولكنھ ا�جهد من والكث�� الت�حيات من للعديد ا
ي�ون الوكيف ﴿ ؟!الهدف لهذا الإ يخلقنا لم وهللا ممكنا
ت
ق
ل
وما خ
ليعبدون
�س إال
جن واإل
.﴾ا�
بلوغ هذه املرحلة ممكن ع�� القدرة �سانإلا �� خلق هللا نأل ليس جدا
وإنماوحسب، ،سبحانھ وعشقھ محبتھ فطرتھ �� وأودع ،لكذ هللا نأل أيضا
.لنا �حبھ إليھ يجذبنا
�غلب فإذا اليق�ن، وضعف الدنيا هو هللا عن �سانإلا يحجب ما إن
فإنھ الصعو�ة �غاية ليس أمر و، وههذين ع�� نھأل هللا، نحو يتجھ تلقائيا
. يروى عن اإلمام غ��ه يرى فال �لھ عليھ و��يمن ل�يإلا ا�جمال لھ ينكشف
احل وان "ال�جاد (ع): قك الرل
جب عن خ
حت
ك الت
ن
ة، وأ
ساف
ر�ب امل
يك ق
إل
ك عمال دون
حج��م اال
ت
ن
أ
".إال
أ" ):(ع ا�حس�ن مامإلاما روي عن في تأملوا
ون
��ك يكهور من لغ
الظ
يس ماك، ل
ى ل
ح�
ون
هر هو يك
ظ
ك؟ امل
م�ى ل
غبت
حتاج ىح�
دليل ا�� ت
وم�ى عليك؟ يدل
ى �عدت ح�
ون
ك
ثار ت
�ى �� اال
وصل ال
يك؟ ت
".ال
43 النفس املطمئنة
�سانإلا قلب عن هللا تحجب أن ف��ا ما ب�ل للدنيا يمكن كيف فكروا
وقد وجمالھ هللا نور عنواحدة ل�حظة ولو ينشغل أن يمكن وكيف بل املؤمن،
�ىيء؟! �ل مأل
املستوى لهذا املؤمن �سانإلا يصل أن الغر�ب ليس الواقع �� نإذ
!!!يصل ال أن الغر�ب ولكن يما�ي،إلا
ازداد �لما املرء إن املوضوع؟ ���ىيء لطفأ هو ما �عرفون أ ولكن قر�ا
!!بالذنب إحساسھ إزداد و�التا�� هللا عن لبعده إدراكھ إزداد هللا من
أنھ من بالرغم وهللا هللا، إ�� ينظر إنما السالك نأل وذلك الو بنا محيط
��اية الو أبدية نحوه سلوكنا حيث من و�ينھ بيننا املسافة لكن م�ان منھ يخلو
املرء ازداد و�لما لها، قر�ا
إزداد و�قينا
با�جمال �علقھ وإزداد البعد، لهذا إدرا�ا
بفسر ، وهذا ما التقص��و بالذنب إحساسھ ف��داد بص��تھ، �ع�ن راهي ملا ل�يإلا
إحساسهم بالذنب والتقص�� �� حق هللا سلوك أولياء هللا الصا�ح�ن وازدياد
�لما ازدادوا قر�ا من هللا.
44 النفس املطمئنة
حنو اهللا السريمبادئ
نحو هللا "حب هللا والشوق للس�� املبدأ األول: الدافعية .1
إليھ"
نأ�ي إ�� مر علينا �� فصل "كيف تتش�ل أنفسنا؟" من هذا الكتاب أننا
اجاتنا الناشئة من كال البعدين فينا الروح وا�جسد، فنحتاج الدنيا بحأن مثال
نتعلم، وأن نتفاخر، ن �شرب وأن نلبس، وأن نمرح وأن نحب وأن أنأ�ل و
وهكذا.
هذه ا�حاجات �� ما تحفز فينا الدوافع لتحر�كنا وتحر�ك سلوكنا نحو
تحقيق هذه ا�حاجات.
ي هذهتؤدمنا �� حياة �ل فرد �خطورةشديد األهمية واالدوافع دورا
. و�قدر قوة دافع ما ا�حياتية ناونتائج �شاطات ناتحدد ش�ل سلوك�� ما أل��ا
�شتد عز�متنا ع�� تحقيقھ، والتغلب ع�� التحديات ال�ي تمنعنا �� أعماقنا
عنھ، بل وعندما ي�ون لدينا دافع �� غاية القوة، وتواجهنا صعو�ات جسيمة
ذلك يجعلنا �غوص �� أعماقنا ونبدع �� إيجاد أفضل ما لدينا تمنعنا عنھ، فإن
تحقيقھ للوهلة األو��. لتحقيق هذا الدافع، بالرغم من أنھ قد يبدو مستحيال
، هللاحب هو لديناالدوافع الفطر�ة الداخلية أعظم وأشد أحدإن
ولكن و�سبب نقص قدرتنا ع�� تمي�� الواقعية �� والتوجھ نحوه وعبوديتھ،
ل العالم املادي ا�حيط بنا، و�سبب تحكم شهواتنا وغرائزنا ا�حيوانية، ظ
ووسوسة الشيطان، فإننا ال �ستطيع تلمس هذه الدافعية �ش�ل مباشر
45 النفس املطمئنة
�ل صور عديدة أك�� مادية س �� أعماقنا و�تج�� لنا �� شكنما ينعإووا�ح، و
� � شدة حبنا من حبنا وعشقنا للكمال والقوة وا�خ�� وا�جمال، و�تج�� أيضا
و�علقنا �� أولياء هللا، �سبب قر��م منھ سبحانھ و�عا��.
، إنما العظ�ىللدافعية "يةانلروحبل وح�ى هذه التجليات املادية "ا
تتحول وتتجسد �� ش�ل دوافع أك�� مادية �الس�� وراء املادة واملال واملنصب
تبقى النفوس م �ش�ل أك�� مع املستوى املادي لنفوسنا، بينمالتتالء وغ��ها
متعلقة بتلك الدوافع املادية –باختالف أديا��م –الراقية من البشر
ة.انيالروح
هنا تتج�� بوضوح أهمية قدرتنا ع�� تمي�� الواقعية �� حياتنا،
ا�، وإدراك واقعيتھ، و�ونھ مصدر �ل غ�ى وجمال وكمال ب تنافبمقدار معرف
اس ﴿ قص والفقر بذاتھوقوة ووجود، بينما نحن وال�ون �لھ هو الن�ا الن �
يا أ
حميد
�ي ا�غ
هو ال وا�
� ا�راء إ�
ق
ف
م ال
نت
تتوقد �� أعماقنا الدافعية نحو ﴾أ
األقنعة املادية (من حب هذه الدافعية ليھ، و�سقط عنإهللا والتوجھ تدر�جيا
وا�جمال) ح�ى �غدو حب هللا من حب الكمال( يةانوالروحاملال واملنصب)
أوالس�� إليھ اإلمام ورد عن، وكما �� توجيھ سلوكنا ومشاعرنا �� ا�حياة وحدا
إال ورأيت هللا قبلھ و�عده ومعھ"أم�� املؤمن�ن (ع): ."ما رأيت شيئا
ين "): ع( املؤمن�ن أم��اإلمام عن ل الد وھ (سبحانھأ
ت
)،و�عا�� معرف
مال م
تھ وكصديق عرف
صديق بھ،الت
مال الت
وحيده،بھ وك
وحيده ت
مال ت
وك
ھ ص ل
ال
خ
...".اإل
لس�� نحو هللا سبحانھ و�عا�� علينا هو أنھ ل من هنا فإن املبدأ األول
. والشوق إليھ استشعار حب هللا �� قلو�نا، واستشعار عظمتھ وجمالھ
46 النفس املطمئنة
كون ك، فبمقدار شغفنا وقوة دافعيتنا تاإلس��ادة من ذل وعلينا ما أمكن
النتائج ال�ي نحصدها.
طلب العلم من خالل يمكننا تحقيقها هذه املعرفة با� والشوق إليھ
، كما سنفصلھ املعرفة والتأمل وممارسة ا�حياة بإيجابية وفق املن�ج اإلسالميو
�� فصل "ا الحقا ".السلوك نحو هللا عملي�
أود وأخ�� فصل "ما �� أهدافنا �� شرحتھ ��ن وأسبق ع�� ما التنبيھا
دافعية التوجھ نحو هللا ليست �� نحو عرض واحد مع بقية من أن" ؟ا�حياة
�عارضها، وإنما �� أوو�التا�� ف�ي ال تنافسها ،ملمارسة ا�حياة الدوافع األخرى
وجھ نحو هللا من ، بحيث ال يمكن تحقيق دافعية التمعها واحد �� نحو طو��
و�شريعا
.دون ممارسة الدوافع ا�حياتية األخرى ال�ي س��ا هللا للبشر ت�و�نا
:الثقة �� هللا الثا�ي/املبدأ .2
وإنماباتجاه واحد من قبلنا نحو هللا، عملية ليست هللا نحونا س�� إن
دد �� �� عملية تفاعلية تبدأ من هللا عز وجل الذي يبدأنا بالهداية وا�جذب. نر
ك "إلمام ال�جاد (ع): املروي عن ادعاء أ�ي حمزة الثما�� ت
بك عرف
ت
ن
وأ
ي �ي عل
ت
ل
كدل
ت
ن
در ما أ
م أ
ل
ت
ن
أ
و ال
يك، ول
�ي إل
هذا ا�جذب �قابلو "، ودعوت
فوق يوجذب ة ف��د هللا علينا ��داي و�عا�� سبحانھ نحوه سلوكنامن هللا لنا
ذين جاهدوا ﴿بمرارات ومرات مقدار ومستوى جهدنا وسلوكنا نحو هللا وال
حسن�نع ا�
ا وإن هللا مل
ن
�م سبل ��دي�
ا ل
.﴾فين
كب�� �ش�ل يحددما هو � حبنا مدىذا �ان إفسلوكنا مستوى جدا
حب ﴿ و�عا�� سبحانھ نحوهم ت
نت
ل إن ك
ق م ا�
بعو�ي يحببك
ات
ف ا�
ن إف ﴾ون
إخالصنا � هو ما يحدد �ش�ل كب�� مقدار جذب هللا وهدايتھ لنا، دىم
47 النفس املطمئنة
هذه قبول وقدرتنا ع�� استعدادنا مدى كب��ة بدرجة هللا�� ثقتناوتحدد
���� �عض األحاي�ن يتمثلقد ، والذي عز وجلهللاوهذا ا�جذب من الهداية
وف ﴿أسبا��ا ش�ل ابتالءات ومصائب ��جز عن فهم
خ
يء من ا�
م ��ى
كون
بل
ن
ول
ا ذين إذ
ابر�ن * ال ر الص
مرات و�ش
س والث
ف
ن موال واأل
ص من األ
ق
جوع ون
وا�
ي ا إل
وإن
ا �وا إن
ال
ق
صاب��م مصيبة
وات من أ
��م صل
ئك عل
ول
* أ
ھ راجعون
دونهت
ئك هم امل
ول
وأ
�م ورحمة .﴾ر�
ثقتنا مستوى ز�ادة �� الرئيس الدور ان يلعب هنا واليق�ن املعرفةإن
، ال با� نثق ليجعلنا �اف عام �ش�ل با� املعرفة من نملكھ ما غ�� أن با�،
.��ا نمر ال�ي زماتألا ثناءأ توازننا ع�� وحافظنا ترك��نا استخدمنا ذاإ سيما
وأن هللا قر�ب منا يجيب دعوتنا إذا دعوناه، الغيب دراكنا لواقعيةإن إ
والسكينة. والهدوء االطمئنان يمنحنا
أتذكر كيف أ صغ�� ن�ي عندما كنت طفال
ا
كنت جبانا
خاف من أ، جدا
ما ، ولذا كنتما �� الليلال سي وغ��ها الزوم�ي و ا�جن و الوحوش من أهب كث��ا
النوم خائفا
تقرأ سورة ا�حمد مرة وسورة اإلخالص مي، وعندها �انت أمرعو�ا
وصا�� أالطمأنينة �سري �� �ل األمان و ب مرات ثم تنفخ ع��، فيشعر�ي ذلك 3
العتقادي بأن هللا م�� وأنھ هو من سيحمي�ي!
�ي بقرب هللا م�ي، ومعرف�ي أنھ م��، وال �غفل ع�ي وهكذا �سبب إطمئنا
�حظة
ن ﴿، وأنھ واحدة
ا ل
ن
ل ب ا�
ت
ما ك
ا إال
يصيبن
� ا�
ا وع�ن
هو موال
ل و�
يت
ل
ف
ون
من
ؤ
استطعت أن أتخلص ﴾امل
من عقد ا�خوف ال�ي ظلت متحكمة
ر أيام صباي.�� ح�ى أواخ
ل �غ�� هللا؟ حاشاه سبحانھ و�عا��..؟ هما الذي �غ��عندما ك��ت ن واآل
ع�� نف�ىي إنما أنا من ك��ت وازددت قوة
، فنسيت ر�ي، وقو�ي وما أملك وات�اال
48 النفس املطمئنة
وغفلت عن إحسانھ الدائم املستمر ��، وهكذا حرمت نف�ىي من الطمأنينة
سواك إل�ي كيف ير��والهدوء ورميت نف�ىي �� ظلمات ا�خوف والقلق "
وكيف يطلب من غ��ك وأنت ما بدلت عادة اإلحسان؟وأنت ما قطعت
".االمتنان
يجب أن نثق �� هللا وأن نصدقھ عندما يقول لنا أنھ معنا وأنھ يحبنا
و�ر�د خ��نا وسعادتنا، فهو الكمال وا�جمال والقوة املطلقة ال�ي ال حدود لها.
ال�ي تحاول أن �شككنا �� علينا أن نرمي �عرض ا�حائط �ل وساوس الشيطان
ألجل سعادتنا، مهما بدت �لھ وخلق ال�ون غ�ي عنا نا وهوهللا ر�نا الذي خلق
هذه الوساوس منطقية ومعقولة!!
ال�ي - قل �� هل ستصدق أي دليل مهما �ان ع�� أن أمك ،با� ر�ك
تحاول اإلساءة إليك - ر�تك ورعتك وأعطتك �ل ما عندها منذ طفولتك
فكيف إذا تصدق �� هللا وساوس الشيطان وهو أرأف بإراد��ا ورغب��ا؟، عامدة
ل " إهلي بك من أمك؟ م
ؤ أ
يف
ھ بيدك؟! وك
ل
� ��
خ
��ك وا�
رجو غ
أ
يف
ك
ل
سأ
م أ
�ي ما ل
يت
ول
د أ
ك وق
ع رجآئي من
ط
ق
أ
ك؟! أ
مر ل
ق واأل
ل
خ
ھ من سواك وا�
صم بحبلك؟عت
ا أ
ن
�� وأ
قر�ي إ�� مث
ف
م ت
ضلك؟! أ
"!ف
هو لب يخذلنا لن سوف هللا بأنعلينا أن نثق ليمد لنا يد عنا مدائما
غ�� ،ذلك ع�� منا أحرص هوة.. والقو والصفاء وللت�املالعون للسلوك نحوه
ومعاناة! بالء ش�ل �� كث��ة أحيان �� تتج�� قد هللا من وا�جذب الهداية هذه أن
من حرماننا �� تكمن مص�حتنا أن بنا ا�خب��اللطيف وهو هللا يرى قد
تكمن مص�حتنا أن يرى وقد منھ، فيحرمنا الدنيا بمعاي�� �ستحقھ مما �عض
49 النفس املطمئنة
إياه فيمنحنا باملعاي�� الدنيو�ة �ستحقھ ال ما منحنا �� ة!!ورأف منھ تكرما
ال
﴿أ
ب�� �ع
خ
ا�
طيفق وهو الل
ل
م من خ
.﴾ل
�� بوابألا سدت أو عانينا ومهما تالا�حا هذه �ل �� علينا ولكن
�علم وأن با� ثقتنا نفقد ال أن علينا طبي��، وغ�� منطقي غ�� �ش�ل أوجههنا
نھأل عنا، يتخ�� أن يمكنھ ال سبحانھ وأنھ بل عنا، يتخ�� لن سبحانھ أنھ يقينا
ت
﴿ك
حمة سھ الر
ف
� ن
م ع�
ك .﴾ب ر�
هو أساس وروح مفهوم التو�ل سبحانھ إن الثقة با� والتسليم ألمره
ا�جهد بذل عدموال �ع�ي بأي حال من األحوال التوا�ل، بمع�ى ع�� هللا،
، و�حميك من ، فالثقة �� هللا هو ما يحفظ لك توازنك وهدوءكوالتخطيط
و�التا�� يمكنك من اإلنطالق �� ا�حياة بمعرفة وحكمة را�خوف والقلق والتوت
. وإيجابية
:التوازن الثالث/ املبدأ .3
مية جسده بتمار�ن تقو�ة عضالت الذراع نبت ن يقوم �خص أتصور
من أن يصبحف��ة من الزمن ال شك أنھ �عد مرور فقط! سيتشوه جسمھ بدال
، ور�اضيا
كما � رشيقا
بينما ست�ون ذراعھ ،انحيث سيبقى جسمھ م��هال
معضلة مشدودة!!
، فل�ي يت�امل عليھ أن يطور و�ن�ي جميع هكذا هو ا�حال مع اإل�سان
معقول، ال أن يركز ع�� جانب ويغفل بتوازن و�مارس حياتھ اإل�سانية قدراتھ
.عن ا�جوانب األخرى من �خصيتھ
50 النفس املطمئنة
من أعمال �حيح ولكن أخرى، أن هناك �عض األعمال أك�� استحبابا
* ﴿زن ب�ن مختلف مفردات ا�حياة �شرط التوا
ان
��
ع املعها ووض
ماء رف والس
ان
��
وا �� املغ
ط
ت
ال
.﴾أ
ما ن�حظ هذا ا�خلل لدى كث�� الشديد لألسف�� واقعنا ا�خار�� كث��ا
بال��ك�� ع�� الدراسة وطلب العلم باعتباره من أك�� يقوم فبعضنامنا.
الصفات اإل�سانية قوة
ومطلو�ية
من هللا، وجماال
تزكية نفسھ مهمال
وإصالحها، . ممارسة اإلصالح االجتما�� ودوره الرسا�� ومهمال
مثال
و�عضنا ينصب محور اهتمامھ ع�� ممارسة اإلصالح �� ا�جتمع مهمال
يقوم نفسھ والعناية بأفراد أسرتھ وتر�ي��م ورعاي��م كما ينب��، و�عضنا
بقية ا�جوانب األخرى، و�عضنا يصب بال��ك�� ع�� طوره الوظيفي وامل�ي مهمال
�ل اهتمامھ ع�� رعاية أسرتھ وإصالح نفسھ وتزكي��ا، مهمال ا�جوانب األخرى.
جانب أو جوانب وتطو�ر سبب قيامنا بال��ك�� ع�� ممارسة يا ترى فهل
ذه ا�جوانب ال�ي نمارسها حياتنا إنما هو �سبب ميلنا ال�خ�ىي لهمحددة من
وسهولة ممارستنا ��ا؟
من هللا ا�حصول إن �ان كذلك فال بأس، ولكن ال �ستطيع أن نتوقع
نفس الفضل الذي يحصل عليھ من يقوم بممارسة حياتھ وتطو�ر ع��
لوجھ هللا. ھ�خصيت خالصا
بحاجاتنا الناشئة من كال البعدين نأ�ي إ�� الدنيا من جهة أخرى فنحن
ن �شرب وأن نلبس، وأن نمرح وأن أا الروح وا�جسد، فنحتاج أن نأ�ل و فين
نتفاخر، وللس�� نحو هللا نحن نحتاج أن �س�� نحب وأن نفكر وأن نتعلم، وأن
تفر�ط، ولذا ندد هللا �شدة إلشباع حاجات كال البعدين فينا من دون إفراط و
دعوها نية �� الدين: بالرهبا ابت
ة ��م ﴿ورهباني
اها عل
بن
ت
وقال عز وجل: ﴾ما ك
51 النفس املطمئنة
ذين ﴿ل �� لل
ق ق
ز بات من الر ي
رج لعباده والط
خ
�ي أ
ال
ا�ة
م ز�ن ل من حر
ق
قيامة يوم ال
الصة
يا خ
ن حياة الد
وا �� ا�
.﴾آمن
، وهو سوف لن يمكنك ممارسة مختبالطبع لف مفردات ا�حياة يوميا
كذلك، ولكن املطلوب هو أن تحرص ما أمكن ع�� ممارستك مطلو�ا
ليس أمرا
�ختلف مفردات حياتك (بما ف��ا ال��فيھ عن نفسك) وتطو�ر جميع منا��
�خصيتك اإل�سانية �ش�ل دوري ومستمر، ولكن حسب طبيعة �خصيتك
وقدراتك وظروفك.
ج��دوا �� أن يكون زمانكم أر�ع "اع): ( إلمام مو�ىى ال�اظمعن ا
، وساعة ألمر املعاش، وساعة ملعاشرة اإلخوان ساعات: ساعة ملناجاة ا�
والثقات، وساعة تخلون ف��ا للذاتكم �� غ�� محرم. و��ذه الساعة تقدرون
."ع�� الثالث ساعات
اإلخالص �: الرا�ع/املبدأ .4
م بتطو�ر �خصيتھ اإل�سانية يمكن لإل�سان أن يمارس حياتھ، و�قو
بأية نية أو غرض �ان –فيما عدا العبادات – وليس ،مدفوعا
مادام حسنا
، وسوف يحصل ع�� أجر ذلك من هللا، وسوف يرتقي نحو هللا، ولكن هذا سيئا
أجر وقرب من األجر وهذا القرب لن ي�ون ع�� اإلطالق مثل أو ح�ى قر�با
من أجل هللا. عمليقوم بنفس الاإل�سان الذي خالصا
األمر ال يقتصر فقط ع�� ذلك، وإنما إخالص النية � هو العامل
�� جذب هللا لنا وفيوضاتھ علينا لتقر�بنا منھ سبحانھ و�عا��، ولذا األشد تأث��ا
فإن قيامنا �عمل �سيط مع إخالص النية � ي�ون تأث��ه أك�� بكث�� �� تقر�بنا
52 النفس املطمئنة
. عن الرسول عمل جبار وعظيم نقوم بھ بنية عادية حسنة من هللا سبحانھ من
"نية املؤمن خ�� من عملھ".األعظم (ص):
:الرفق بالذات ا�خامس/املبدأ .5
ھ، وال "عن الرسول األعظم (ص): زان
ع ع�� �ىيء إال
الرفق لم يوض
إن
ھ شان
زع من �ىيء إال
."ن
عن �عض الكرامات ال�ي وأنت متجھ إ�� هللا، ر�ما �غر�ك ما �سمعھ
يتلقاها �عض أولياء هللا الصا�ح�ن، أو ر�ما تبدأ �شعر بلذة السعادة وا�حب
اإلل�ي فيدفعك ذلك إ�� إرهاق نفسك بالعبادات وأعمال ا�خ�� وال��،
، فهذا خطأعن جوهري قد يرتد عليك بقوة، فتنكفئ ولكن مهال
! عن الن�ي الس�� نحو هللا، بل ور�ما ترجع ع�� ما مواصلة كنت عليھ سابقا
وحوا القلوب ساعة �عد ساعة، فإن القلوب إذا �لت "ر األعظم (ص):
، فأتوها من "ع): اإلمام ع�� (، وعن "عميت وإدبارا
إن للقلوب شهوة وإقباال
كره .ع�ي"قبل شهو��ا وإقبالها، فإن القلب إذا أ
ا �ع�ي أنك ال فهذا ر�م ، ولم تراع مبدأ الرفق بالذات،إذا فعلت ذلك
زلت لم تفهم عملية الس�� نحو هللا! إن الس�� نحو هللا إنما يتم من خالل
وإيجابية توازن و ا، ببساطة ورفق ممارستك ا�حياة بمختلف مناح��ا ومفردا��
بحبك ، وفق �عليمات وقوان�ن الشريعة اإلسالميةوشغف وانفتاح ، مدفوعا
وإخالصك �.
يا ع��، إن هذا الدين مت�ن فأوغل فيھ برفق، "): صرسول هللا ( عن
ال ظهرا أبقى وال )ع�ي املفرط(�ة ر�ك، إن املنبت وال تبغض إ�� نفسك عباد
."أرضا قطع
53 النفس املطمئنة
العملي حنو اهللا السلوك
�عد أن مررنا بجولة سريعة �� مجموعة من املفاهيم ا�خاصة بالس��
تطو�ر أنفسنا إ�� مستوى يمكننا كيف نحو هللا، نرجع مرة اخرى إ�� سؤالنا:
� عز وجل؟ ال�املةالعبودية
ةمارسم من تحقيق هذا الهدف �� ال�ي تمكننالقد حدد هللا املن�جية
بھي أمر الذ بالتوازن اإلسالمية التعاليم وفق الطبيعية، اليومية ناحيات
�شمولية األخالق وم�ارم �سانيةاإل القيم جميع نالدي تنموث حيب اإلسالم،
، زانوات �ل و�� نا�حظات من �حظة �ل �� أعيننا نصب وحبھ ورضاه هللا واضعا
وا ننا وس�و اتنا حر�ل
اك��ا و�
وا �� من
امش
ف
وال
ل
رض ذ
م األ
ك
ذي جعل ل
﴿هو ال
ور﴾
شيھ الن
قھ وإل
.من رز
اعتمده، لتطو�ر إن الشريعة اإلسالمية �� برنامج تدر��ي، ارتضاه هللا و
�ل من الفرد وا�جتمع والر�� ��ما نحو هللا �� حركة طبيعية وسلسة، توائم
ي مع املعطيات الفطرة اإل�سانية وتن�جم مع الطبيعة البشر�ة، وتلتق
يوم ﴿ والقوان�ن ال�ونية ال
ت
مل
ك
م أ
ك
م ل
ك
دين
ممت
ت
م وأ
يك
�عم�ي عل
ورضيت
م
كم ل
سال
ا اإل
﴾.دين
لقد حدد اإلسالم �حركتنا الت�املية نحو هللا أر�عة محاور متداخلة،
�سلوكنا إياها بجدية واتزان وفق الفطرة و�عاليم اإلسالم وإرشادات العقل
نظل نق��ب إ�� هللا إ�� أن نصل إ�� مرحلة العبودية املطلقة لھ سبحانھ.
اجاتنا ا�جسمانية والنفسية ) الس�� إلشباع ح1هذه ا�حاور �� (
) إن�ار الذات ألجل 3، و(ذواتنا ومعارفنا وقدراتنا) تطو�ر 2بتوازن واعتدال، و(
54 النفس املطمئنة
هللا من خالل غرس ثقافة العطاء، وحمل رسالة ا�خ�� والصالح للبشر�ة
) ذكر هللا وعبادتھ.4جمعاء، و (
من لكن هللا سبحانھ لم يكتف بدفعنا نحو هذه ا�حاور األر�عة نظر�ا
خالل التشريعات، وإنما أسس العديد من اآلليات واملمارسات ال�ي تقودنا نحو
هذه ا�حاور، بل وقبل ذلك �لھ خلقنا وخلق ال�ون بالش�ل الذي يقودنا تلقائيا
ما لم يخ�� اإل�سان بإرادتھ أن ينحرف عن درب هللا ،سبحانھ و�عا�� هنحو
".اللطف اإلل�ي"
الطرق "� ع��ا ع� م، وأما تطبيقاتھ، أو كما � هذا من حيث املن�ج العا
�سان لھ تركيبتھ ا�خاصة منإف�ل أنفاس ا�خالئق، �عدد ف�ي "املوصلة �
�سان إن �ل أكما ،االستعدادات والصفات ال�ي ور��او نقاط القوة والضعف،
ي أحداث ال�ي يواجهها عن التحديات واأل وتختلف ،بھ ا�حيطةتختلف بيئتھ
.خر�سان آإ
و�التا�� تختلف املمارسات ال�ي يحتاج الفرد منا للقيام ��ا لتقر�ھ من
�خصائصھ ال�خصية وخصائص بيئتھ، والتحديات ال�ي يواجهها هللا، وفقا
﴿ � والدي وأ
� وع�
ع�
عمت
�
�ي أ
ك ال
ر �عمت
ك
ش
أ
ن
وزع�ي أ
عمل رب أ
أ
ن
رض
.﴾اه صا�حا ت
وإنو هللا نح الس�� أن �� إل��ا شارةإلاد أو ل�يا ساسألا الفكرة نغ�� أ
صعب ليس لكنھالنفس مجاهدة تطلب هو بل باملرة، ا
حق وممتع لذيذ
.ا
وا�خوف القلق �شو��ا منا الكث��ين حياة أن نالحظ فإننا قابل�� امل
املشاعر منكث�� وال واالستسالم واليأس حباطإلاو كتئابإلوا والهم ا�حزن و
واملشاعر اآلفات هذه من �سانإلا يخلص هللا نحو والس�� ،األخرى السلبية
.ةخر آلا و�� الدنيا �� والسعادة والقوة بالطاقة و�ملؤه السلبية
55 النفس املطمئنة
شبيھ هو هللا إ�� الس�� �عضنا يمارسها ال�ي البدنية بالر�اضة جدا
طلبا
أ��ا �شعر لها ممارستك بداية �� فالر�اضة، واللياقة لل�حة لكن ،صعبة
أ��ا و�شعر عل��ا تتعود ما سرعان �ستطيع ال أنك وترى ، ممتعة
نفسيا
�و��ا من بالرغم ع��ا، ستغناءإلاذي ذا من إل�ي ، نردد مجهدة
ذاق ال
حالوة
تك رام محب منك ف
ذي ذا ومن بدال
�س ال
ابت�� بقر�ك أ
، ك عن ف
حوال
ال�حية املشا�ل من العديد من تخلصنا الر�اضة ممارسة أن وكما
هللا نحو الس�� فكذلك ا�جسدية، مآلالوا وا�خور بالضعف حساسإلوا
و�ملؤنا وأنواعها بأش�الها والعقلية النفسية مآلالا من يخلصنا سعادة
.وحبورا
نقوم كمسلم�ن أنناو ههنا املب�جاألمر ا�جهد من ك��األ با�جزء فعال
،املطلوب منوالعديد الدينية والشعائر والصدقة والصومصالة ال �� متمثال
إضا�� جهد هو منا املطلوب ف�ل ولذا .اليومية الدينية ممارساتنا مع �سيط
الدينية املمارسات هذه ونتائج آثار مضاعفةمن سيمكننا الذياالنتباه من نوع
��ا نقوم ال�ي .فعال
اآلن لسؤالنا ا�حوري: كيف يمكننا تطو�ر أنفسنا إ�� مستوى نأ�ي
العبودية ال�املة � عز وجل؟
تطو�ر أنفسنا إ�� ل " هو أننا؟ذكرنا �� فصل "ما �� أهدافنا �� ا�حياة
نحتاج للعمل ع�� تطو�ر عنصر�ن � عز وجل ال�املةالعبودية مستوى
أولهما مقدار عبوديتنا �اثن�ن، �� املل�ات والقدرات واملواهب (متمثال
والصفات الوجودية ال�ي نملكها)، وثان��ما مدى إدراكنا التام شعور�ا
لهذه العبودية. وسلوكيا
وعاطفيا
، معرفيا
والشعور�ا
56 النفس املطمئنة
كيفية تحقيق هذين العنصر�ن، ليس فقط �ش�ل فيما ي�� سنناقش
هذه ا�حياة، بل و�رتقي قع اليومي املزدحم لإل�سان ال�ادح �� اين�جم مع الو
بھ و�أداءه، و�حقق لھ السعادة والطمأنية والسكينة.
العنصر األول/ تطوير وجودنا وملكاتنا
ومل�اتنا قدراتنار �طو ت .1
(وأعظمها إدراك القيم واملل�ات اإل�سانية اكتساب ع��تك در ق نإ
،الرغبةلديك: األول هو عناصرثالثة وجود�عتمد ع�� مدى عبوديتنا �)
ما تمتلكھ النفس من ب نفسيةال تكبيئوالثالث هو طبيعة املمارسة،والثا�ي هو
ومدى �و��ا القدرات واملل�ات واملهارات والتصورات وا�خرائط الذهنية،
�حية وإيجابية.
النفسية بطبيع��ا متحركة ومتغ��ة باستمرار. إ��ا �� الواقع تكبيئ
ث��ات ال�ي تتعرض لها �� حياتك، وامل محصلة جميع استجاباتك، ل�ل املن��ات
مهما بلغت من الصغر، سواء علمت ��ا أو لم �علم.
إن البيئة النفسية ألي إ�سان �� العدسة ال�ي من خاللها ينظر للعالم،
و�تفاعل معھ ع�� مستوى ا�حياة اليومية..
قد ترى البحر ف��ى فيھ ا�جمال وا�خ��، و�سمع �� أمواجھ موسيقى
لها نفسك وتطلق العنان �خيلتك.رائعة �سكن
، وتملؤك غامضا
مرعبا
ور�ما ع�� العكس من ذلك، ترى فيھ عمالقا
منھ الرهبة وا�خوف، و�سمع �� أصواتھ �شيج ا�حزن والن�� ع�� �ل من غرقوا
�� خضمھ، وكتم أنفاسهم بج��وتھ.
57 النفس املطمئنة
آخر.. هذا �عتمد ع�� طبيعة بيئتك النفسية، ور�ما ترى فيھ شيئا
صوراتك وخرائطك الذهنية.وت
صدرك �لما وألم، فينقبضقد �ع�ي لك غروب الشمس مصدر ضيق
رأيتھ، ور�ما �ع�ي لك الهدوء والسكينة والراحة وا�جمال!
قد ت�ون �� م�ان ما فتسمع جوال أحدهم يرن برنة �انت رنة هاتفك
نبأ فيما م�ىى، فتشعر با�حزن الشديد إذا �انت �� رنة هاتفك عندما تلقيت
وفاة �خص عز�ز عليك، أثر فيك فقده، وقد �شعر بالراحة والسعادة إذا
�انت هذه رنة هاتفك �� ف��ة تلقيت ف��ا الكث�� من األخبار السارة. �ل هذا
مرتبط بتصوراتك وخرائطك الذهنية.
ليس ذلك فحسب، بل إن بيئتنا النفسية �� ال�ي تحدد بتلقائية طبيعة
�ستطيع بإرادتنا القيام غ�� أننا ،ضايا ا�حياة اليوميةا �� مختلف قاستجاباتن
. أو إيجابا
بممارسات مغايرة ملا تمليھ علينا بيئتنا النفسية، سواء سلبا
رادةاإل وقوة الصفاء من النفسية بيئتك �انت ذاإ خالصة األمر أنھ
معوقات وجود عدم معومن�جمة مع الفطرة، عالية، بدرجة ا�خ�� وحب
إ��ا وال�ي قلنا -القيم واملل�ات اإل�سانية اكتساب يمكنك لديك يةنفس وعقد
ال��ا، وااللتفات، ما صفة أو لديك لقيمة الشوق وجود بمجرد –� الطر�ق
�شتد ��ا� أغ� بتملكها، رادتكإو مارس��ا �لما رسوخا
.عمليا
ما (إيجابية �انت أو صفة أو كما �سبب ممارستك املستمرة لقيمة
لبية) اكتسابك لها، ح�ى وإن لم ترغب ف��ا، ولكن بالطبع تزداد هذه الصفة س
منك، وتتحد مع نفسك بحيث �ستحيل فيك، بل وقد تص�� جزءا
رسوخا
، إذا رغبت �� هذه الصفة، و�انت بيئتك النفسية مساعدة. انف�اكهما عمليا
58 النفس املطمئنة
دعية، القرآن الكر�م، وكتب األ من خالل �عمل ولهذا نجد أن اإلسالم
تصوراتنا وخرائطنا ت�حيحع�� والتشريعات ومختلف العبادات ال�ي نمارسها
الذهنية، وجعلها إيجابية �حية، تتسم بوحدانية العبودية � عز وجل، ونبذ
يحرص كما والقلق! جميع أنواع املشاعر السلبية، ومصادر ا�خوف والضعف
بثقة من هذه التصورات ع�� جعل ممارساتنا اليومية الفردية وا�جتمعية من
.بوحدانية العبودية �املتسمة
اليومية ا�حياة ممارسةن م �سانلإل تتأ�ى نماإ الثالثة العناصر هذهإن
مر�حة و�يوت و�ن�ن موالأ من لز�ن��ا والس�� ف��ا الكدحبإيجابية من خالل
الشريعة رشاداتإ ووفق الفطرة، مع ين�جم بما لكن ومعنو�ة، مادية وراحة
.اإلسالمية
نسموف ا�حكمة ونكتسب ونتعلم نن�جإننا بممارسة ا�حياة بإيجابية
و�شعر وجمالھ، وجاللھ صفاتھ ونحب هللا، فنحب رواحنا،أو خالقناأ و�سمو
ا�حياة، �� يجابيةإ ك���سبب الفطرة املغروسة فينا، فنغدو أ تجاهھ �عبوديتنا
للعبودية تجاه هللا فنقابل اليومية، يلالتفاص مستوى ع��وممارسة
�لها �سانيةواإل نفسناأو ومجتمعاتنا عملنا لامحو سرناأ تجاه لياتناو مسؤ
ن�دادف ال�ون، مفردات �لول بل البشر، �لل حبنا و�زداد وارتياح، يجابيةإب
واستعداد وصفاء سموا
وتزول الفاضلة، األخالقو وا�جالل ا�جمال لقبول ا
لھ عشقنا و�زداد، �وتزداد معرفتنا با ،نفوسنا من درانأل ي اتلقائ �ش�ل
يء �ى �ل ونرى غ��ه، ال�ون �� نرى فال، فيھ ونف�ى فنخشع، لنا و�حبھ �جمالھ،و
يحبنا نھأو وخلقھ، تجلياتھ نناأ ندرك عندما ماسي ال و�عا��، سبحانھ خاللھ من
بنا ويعت�ي فردا
.فردا
وعزائمنا راداتناإ تخداماسع�� –�� حياتنا اليومية –كما أننا بتعودنا
.هللا يحب كما قل و، أنحب كما و�شكيلها نفسناة أمجاهد ع�� قدرتنا �شتد
59 النفس املطمئنة
، وتفرغنا ال�امل زهدنا �� الدنيا، وعزوفنا عن ممارسة ا�حياة إن
، و�التا�� القرب للصالة والصوم إنما يحرمنا من فرصة السمو بأنفسنا وتزكي��ا
من هللا سبحانھ.
لطلب الرزق قدرات من وتيتأ بما الدنياتكدح �� ناالختبار هو أ
املدارس، حسن�� أ والدكو��جل أ هلك،أ ع�� توسعا�حالل لتستمتع بھ، و
ثم، األول، من دون ترف الطراز من سيارة وتقود ومر�ح، واسع بيت �� و�سكن
أ تقع ال فيك يؤثر فال ف��ا، تزهدبل ،هذه املتع واللذائذل س��ا
،��افقد ذا إنفسيا
هذه املتع فقدل تأثرك عدم يؤديولكن �شرط أال الفقر، �عيش نأ واضطررت
ة، املالي ظروفك لتحس�ن يجا�يواإل ا�حثيث سعيك منالنيل ��واللذائذ إ
وتحقيق أهدافك الدنيو�ة (�� رضا هللا).
من دون طول ممارسة ومران، ولهذا خلق هللا لإل�سان هذا ال يتأ�ىإن
ت�ونا ميدان التدر�ب لنا.األرض والدنيا، ل
املعرفة .2
أعظم الصفات الوجودية واملل�ات املش�لة لإل�سان وال�ي املعرفة �عد
، وال�ي يحتاج اإل�سان أن يتم�� ��ا عن �ل ال�ائنات وا�خلوقات األخرى
يطورها إذا أراد السعادة والقرب من هللا عز وجل.
ركن اإلساس �� الهدف من ولذا نالحظ أن تطو�ر املعرفة اإل�سانية �انت ال
م ﴿�عثة األنبياء (ع) بجانب تزكية النفس. الحظ قولھ �عا��:
ا فيكن
رسل
ما أ
ك
م
مك ويعل
مة
حك
اب وا�
كت
م ال
مك
م ويعل
يك
ا و�زك
م آياتن
يك
و عل
ل
م يت
نك م
رسوال
مونعل
وا �
ون
ك
م ت
ا ل .﴾م
60 النفس املطمئنة
وأعظم املعارف ع�� اإلطالق هو معرفتنا با� وتوحيده ا�حقيقي،
.حقيقة عبوديتنا املطلقة والتامة � عز وجلو ومعرفتنا بأنفسنا
غ�� أن املعرفة ال�ي نتحدث ع��ا هنا ليست �� املعرفة النظر�ة وإنما
املعرفة التامة الوجدانية ال�ي �ستو�� ع�� عقلك الباطن، و�سري �� أعماقك
ع�� املستوى النظري. و�ستشري �� جميع شرايينك، وإال فالشيطان �ان عاملا
ين "اإلمام أم�� املؤمن�ن (ع): ما ورد عنتأمل ل الد وھ (سبحانھ)،أ
ت
معرف
تھ مال معرف
صديق وك
صديق بھ،الت
مال الت
وحيده،بھ وك
وحيده ت
مال ت
وك
ھ اإلص ل
ال
...".خ
�� �� الس�� نحو هللا عز وجل، بل و املعرفة الركن األساس من هنا �انت
نقوم ��ا �� ا�حياة. �ل حركة
وأنت "ورد �� وصية أم�� املؤمن�ن (ع) لصاحبھ كميل: ما من حركة إال
(ع): ، وعنھ "محتاج ف��ا إ�� معرفة "أيضا
� .. علم من أين، و�. رحم هللا امرأ
�� بص��ة "الصادق(ع): جعفر اإلمام وعن. "أين، وإ�� أين� غ
عامل ع�
ال
��� غ
ائر ع� الس
ر�ق،�
الط
�عدا
�� إال الس
يز�ده سرعة
."ال
تيل القرآن الكر�م إنما بدأولذا نالحظ أن مس��ة البعثة النبو�ة وتن�
�� نحو هللا إنما يبدأ أن خط الس حقيقة يان وتأكيدر�ما لتب، ﴾إقرأ﴿بآية
باملعرفة.
املعرفة النظر�ة �� ما �ش�ل القالب النظري لتصوراتنا وخرائطنا
الذهنية، و�لما استحكم فينا اإليمان ��ذه املعرفة تر�خت �� أعماقنا
ووجداننا وعقلنا الباطن، وش�لت خرائطنا وتصوراتنا الذهنية.
61 النفس املطمئنة
النظر�ة، مع التأمل والتفكر هو ما نحتاجھ لتمي�� كما أ��ا املعرفة
الواقعية �� ا�حياة وإدراكها، كما ناقشنا ذلك �� بداية الكتاب.
أن املعرفة ال�ي نتحدث ع��ا �� ليست املعرفة وهنا من املهم جدا
الدينية وحسب، وإنما بوجھ عام �ل معرفة تفتح آفاقك وتوسع مداركك،
قعك ا�حيط بك، وذلك ي�اد �شمل �ل وتمكنك من فهم نفسك ووا
التخصصات اإل�سانية واملعرفية.
�عم تبقى معرفة هللا والعقيدة والنفس والفقھ �� من أعظم املعارف
ع�� اإلطالق أل��ا �� أساس س��ك نحو هللا.
ف��ا، وإنما يكفيك م��ا ع�� غ�� أنك ال تحتاج أن ت�ون متخصصا
ما تصديق هذه أو ، ب نحو هللا �� إطاره النظري املستوى النظري ما ين�� لك الدر
املعرفة، ومدى تر�خها �� أعماقك ووجدانك وعقلك الباطن، إنما هو ره�ن
وممارسة ا�حياة بإيجابية وواقعية، وفق بمدى ممارستك للتأمل والتفكر،
هذه املعرفة النظر�ة.
وى توجد �� مكتباتنا العديد من الكتب ا�جيدة ال�ي تمدك ��ذا املست
وأنا أن�ح باقتناء �عض م��ا ع�� األقل، واإلطالع عل��ا.، النظر�ة من املعرفة
كما أن�ح باملداومة ع�� قراءة القرآن والتدبر �� معانيھ ما أمكن وفهم
تفس��ه من إحدى التفاس�� املوثوقة ال�ي ت�جأ إل��ا عادة، وأق��ح �خصيا
بأن كالن �� ش�ل ا التفس��ين متوفر تفس�� امل��ان أو تفس�� األمثل، علما
تطبيق إلك��و�ي، و�مكن تن�يلهما ع�� هاتفك النقال.
أن�ح باملداومة ع�� الركن األساس لتش�ل املعرفة التصديقية وأخ��ا
التأمل والتفكر سواء �� ذاتك وما �عتمل ف��ا من أف�ار عند اإل�سان أال وهو
62 النفس املطمئنة
طة بك، وما يجري ف��ا من ومشاعر واضطرابات، أو الدوائر ا�جتمعية ا�حي
�� ا�خلقة، أو �� ، وال��ابط ب�ن هذه األحداثأحداث، أو �� ال�ون �لھ متفكرا
هللا ووحدانيتھ وصفاتھ ا�جاللية وا�جمالية.
الحظ أنك ال تحتاج لتفريغ وقت محدد للتأمل والتفكر وإنما يمكنك
ليومي املزدحم. القيام بذلك �� أوقات فراغك القليلة هنا وهناك �� جدولك ا
سيشعرك هذا األمر بالراحة والهدوء، كما سيساعدك ع�� تنضيج ممارستك
ل�حياة ة واتخاذ القرارات الصائبة.
واإلقتداء ��م محبة أولياء هللا .3
أهم القيم أحد(ع) هو ھأهل بيت الرسول األعظم (ص) وحب إن حب
إ�� هللا سبحانھ و�عا��، اإلسالمية (مثلھ مثل املعرفة وقوة اإلرادة) ال�ي تقر�نا
وتحقق لنا السعادة والرضوان.
كما أن حبنا �� الصفات والقيم �شدةإياهم (ع) يجعلنا نرغب تلقائيا
و�دافعون ع��ا، فاإل�سان بطبيعتھ وفطرتھ ميال �حا�اة من ال�ي يجسدو��ا
أع�� لھ. يح��م، ويعتقد ��م مثال
ودفاعهم املستميت عن القيم إن تفاعلنا و�عاطفنا معهم �� مواقفهم
اإللهية والذود ع��ا وتجسيدها �� حيا��م، رغم �ل اآلالم والقتل والس�ي
�� والتشر�د الذي يواجهونھ �� سبيل ذلك، �غرس هذه القيم، ال شعور�ا
وتنطلق م��ا. ، و�جعل نظرتنا ل�حياة تصطبغ ��اوجداننا مباشرة
نرتقي نحو هللافاعلنا معهم، وت ولذا، فبقدر حبنا ألهل البيت (ع)
فو�سمو بأنفسنا. "أن رسول هللا (ص) أخذ �� �حيح ال��مذي: قد ورد مثال
63 النفس املطمئنة
بيد ا�حسن وا�حس�ن عل��ما السالم، فقال: من أحب�ي، وأحب هذين،
.وأباهما وأمهما، �ان م�� �� درج�ي يوم القيامة"
ت النبوة ولهذا اتفق املسلمون �افة ع�� أن هللا أوجب مودة أهل بي
ل ال ﴿(ع)، فقد تواترت النصوص الشرعية ع�� ذلك، ومنھ قولھ �عا��: ق
� ة ود
جرا إال امل
يھ أ
م عل
ك
ل
سأ
ر�ىأ
ق
أن ذلك إنما هو ملنفعة الناس ﴾� ال
مبينا
﴿أنفسهم � هللا ق
ع�
جري إال
أ
م إن
ك
هو ل
جر ف
ن أ م م
ك
ت
ل
حيث أن ﴾ل ما سأ
ن ﴿ح��م يقرب اإل�سان نحو هللا اء أ
من ش
جر إال
يھ من أ
م عل
ك
ل
سأ
ل ما أ
ق
ھ سبيال � ر� إ�
خذ
.﴾يت
�� حياتنا ھأهل بيتص) و نحتاج أن �عيش محبة الرسول األعظم (
(ع)اليومية هو من أج�� تجليات محبتنا ألن محب��م إنما ،وتجسيدها عمليا
إن تجسيد هذه ا�حبة يؤدي إ�� �عظيمها، وإ�� �، باعتبارهم األقرب إ�� هللا.
.�عظيم محبة هللا عز وجل
تجسيد محبتنا للرسول األعظم من ب�ن الوسائل ال�ي يمكننا من خاللها
ة املستمرة عل��م �� أوقات فراغنا وأوقات العبادة، ولذا الصال ،(ص) وأهل بيتھ
�� الصلوات ا�خمس اليومية، وتبطل من دو��ا واجبا
﴿جعلها هللا جزءا إن ا�
� الن
ع�
ون
ھ يصل
ت
ئك
موا ومال
يھ وسل
وا عل
وا صل
ذين آمن
�ا ال �
�ي يا أ
سليما�﴾.
�عظيم هذه ا�حبة من خالل االستذ�ار املستمر سواء �� يمكننا أيضا
مجتمعاتنا ا�حلية �� محيط أواألسر�ة اجتماعاتنا قراءاتنا الفردية او ��
قصصهم و�طوال��م والت�حيات ال�ي قدموها �خ�� البشر�ة وترسيخ القيم
، اإللهية �� األرض، وأعظم هذه القصص والبطوالت �� م�حمة عاشوراء
ع�� مر التار�خ اإل�سا�ي. الفر�دة من نوعها ،امل�حمة اإل�سانية ا�خالدة
64 النفس املطمئنة
يمها من خالل ز�ارة قبورهم كما يمكننا تجسيد هذه ا�حبة و�عظ
وأضرح��م، مع استحضارنا للقيم ال�ي دافعوا ع��ا، و�حوا �� سبيلها.
للس�� نحو هللا مدخل –طر�قك امل�ي .4
�لما تمكنا ندرك أنھ فهمنا لكيفية تطور وجوداتنا وقدراتنامن انطالقا
ا، والتحديات رات ال�ي نتخذهامن ممارسة ا�حياة وأ�شط��ا، و�لما ازددات القر
دت فرصنا للر�� نحو هللا عز وجل اإزد ،والصعو�ات ال�ي نواجهها �ش�ى أنواعها
﴿والقرب منھ
رجعونا ت
ين
وإل
ة
ن
�� فت
خ
ر وا�
م بالش
وك
بل
.﴾ون
� الواقع ي، والس�� فيھ �� ا�حياة املعاصرة هو �إن طر�ق التطور امل�
من أجمل ما حدث لإل�سان �� هذا الصدد.
جميلة ملمارسة ا�حياة تفاعلية فالطر�ق امل�ي يوفر منصة عملية
العديد من بتوف�� زخم هائل من الدافعية، وتوف��بإيجابية وفاعلية، و�تم��
من جوان��ا وحيثيا��ا، مع وجود األهداف املوضوعية لتطو�ر الذات من كث��
، ونظام ثواب وعقاب مادي تلقائي ومحكم مؤشرات وا�حة لقياس األداء
بدرجة كب��ة.
ما يم�� حياتنا الوظيفية واملهنية �� هذا العصر عن �ل العصور
املاضية أ��ا لم �عد �� معظمها يدو�ة، وإنما ذهنية، أو ذهنية يدو�ة، و�ذلك
ل اإل�سان ومعارفھ ونظرتھ فإن ممارس��ا تؤثر � ع�� �ش�
ش�ل كب�� جدا
ل�حياة.
،�عت�� ا�حياة الوظيفية واملهنية ا�حور األهم �� حياة األفراد عموما
حيث نق�ىي ف��ا معظم ردهات حياتنا، ف�ي �ستغرق أك�� من نصف يومنا
65 النفس املطمئنة
الوا��، وفوق ذلك ف�ي تن�ج خيوطها ل��سم بقية معالم وتفاصيل حياتنا،
ة أسرنا سواء االجتماعية، أو الثقافية، أو املادية، أو التعليمية، أو غ��ها.وحيا
ذا دخل محدود الي�اد يكفيھ �سيطا
�� مصنع أو موظفا
أن ت�ون عامال
لشركة أو تنفيذيا
أل�سط ضرورات ا�حياة اليومية، أو أن ت�ون رئيسا
ألعمالك ا�خاصة، أو�� أي موقع آخر �� مجموعة شر�ات مرموقة، أو مال�ا
، ال هذا السلم الوظيفي، فإن هذا األمر لم �عد �� موروثا
رهن أوعصر أمرا
ا
�ل ما تحتاجھ هو ت من تحدده بمسارك �� هذه ا�حياة، و با�حظ، وإنما أن
تخطيط طموح وفعال وواق�� �حياتك، وإرادة ��خرها لتنفيذ خططك!
أن تقوم بالتخطيط بحذر شديد من هنا �ان من الضروري جدا
�حياتك املهنية الوظيفية، ألن هذا التخطيط يؤثر �ش�ل مباشر ع�� جميع
يؤثر ع�� س��ك وقبل �ل ذلك، مفردات حياتك األخرى وحياة أفراد أسرتك
نحو هللا.
إن تخطيطك الطموح، الواق��، ا�ح��ف �حياتك املهنية، �ساعدك
ع�� النجاح والسعادة واال ستقرار �� حياتك املهنية، و�� �ش�ل كب�� جدا
، ألن ا�حياة �� حياتك االجتماعية و�� حياتك األسر�ة، و�� حياتك عموما
الواقع ما�� إال سلسلة واحدة، ذات حلقات م��ابطة.
نيا للراغب�ن �� معرفة كيفية االستفادة عمليا من الطر�ق امل�ي �خ�� الد
.مدخل لتطو�ر محفظة أعمالك" –"طر�قك امل�ي كتابب أن�حهم واآلخرة
ل البشرحمل رسالة الصالح وا�خ�� ل� .5
عصر (سر (1﴿وال
في خ
ل
سان
ا�حات 2) إن اإل� وا الص
وا وعمل
من
ذين آ
) إال ال
�� واصوا بالصحق وت
واصوا با�
.﴾وت
66 النفس املطمئنة
إ�سانلصا�ح ااملؤمن ص ال�خ اإلل�ي �عد التقدير �� ا
إذا تقوقع فاشال
�ش��ط ألن ي�ون اإلوتمحور حول ذاتھ! إذ ��تم با�جتمعات أن �سان ناجحا
، "التوا�ىي با�حق"ل��شدهم ملا فيھ الصالح وا�خ�� ھاإل�سانية من حول
من خالل عملية التوا�ىي بالص�� ع�� ا�حق.يساعدهم و عمليا
ال أن هللا من دون أي ش��ة، إ صدق وحق كالم هللاو�الرغم من أن �ل
من أدوات التأكيد لتبيان هذا، وأفرد املع�ى أقسم بالعصر، واستخدم عددا
لھ سورة �املة، مما يدل ع�� عظم خطورة وأهمية هذه ا�حقيقة.
هو اإل�سان الرسا�� الذي يحمل اإلل�يإن اإل�سان الناجح �� املفهوم
� ﴿ . يقول سبحانھ:لبشررسالة ا�خ�� ل�ل من حولھ من ا
م خنت
ك
رجت
خ
ة أ م
� أ
اس للن
با�
ون
من
ؤ
ر وت
نك
عن امل
��ون
عروف وت
بامل
مرون
أ
.﴾ت
�عيش خارج تجعل اإل�سان حمل رسالة الصالح وا�خ�� للبشرإن
محور ذاتھ، و�حمل هموم غ��ه، فتحميھ من التقوقع ع�� ذاتھ، وتؤد ي تلقائيا
.ال�ي يدعوا إل��اوالفضائل واملل�ات اإل�سانية إ�� تقمصھ قيم ا�خ��
غ�� أن املن�جية اإلسالمية ال تكتفي بممارسة الفرد ا�خارجية لعملية
أن ت�ون وإنما �س��دف اإلصالح وتطو�ر ا�جتمعات اإل�سانية من حولھ،
.ة ذاتية فينا، نا�عة من أعماقناحركتنا اإلصالحي
�� ترسيخ الوالء النف�ىي والعم�� �� اإل�سان تجاه إ دعا اإلسالمومن هنا
�� ترسيخ ال��اءة والرفض النف�ىي إ، و ورموزها النبيلة قيم اإل�سانيةال�ل
ى ولو �انوا أقرب ح�والعم�� تجاه �ل قيم الفساد وأنواع الظلم ورموزها
الناس إلينا من حاد ا�
ون خر يواد
يوم اآل وال
با�
ونمن
وما يؤ
جد ق
ت
﴿ال
�م و عش���
�م أ
وا�
و إخ
اءهم أ
بن
و أ
وا آباءهم أ
ان
و �
ھ ول
.﴾ورسول
67 النفس املطمئنة
س ممارسة سلبية عنيفة كما لي�� اإلسالم غ�� أن ممارسة اإلصالح
�� ثقافة وا�جتمعات اإلسالمية، وإنما �عودنا أن نراها �� �عض البلدان
إيجابية و�ناءة، ملؤها الرحمة، والرغبة �� ا�خ�� لآلخر�ن بما رحمة من ا�
﴿ف
وا من حول ض
فن
ب ال
ل
ق
ال
ليظ
ا غ
�ظ
ف
ت
ن
و ك
هم ول
ل
ت
، و�قول �عا�� ك﴾لن
: أيضا
حسن
ة ا�
وعظ
مة وامل
حك
ك با� � سبيل ر�
�ي ��﴿ادع إ�
هم بال
ة وجادل
حسن﴾ .أ
ألرجع هنا ا �� مقدمة الكتاب و�� أن�ي ذكر��ال�ي لفكرة لأتوقف قليال
ئعة اإلنتشار �� الذاتطو�ر الذات كتب مجموعة من عندما قمت باإلطالع ع��
مجتمعاتنا العر�ية واإلسالمية وجدت
عما أن �عض تقنيا��ا وقيمها �شذتماما
!دعانا هللا إليھ
ما قرأتھ �� ال��جمة العر�ية لكتاب وكنموذج لذلك أذكر هنا مثال
"القوان�ن الروحانية السبعة للنجاح"، وال�ي �عت��ها مؤلف الكتاب "ديباك
لروحانية السبعة ل�حياة!شو�را" القوان�ن ا
"ثمة ثالثة عناصر �� القانون الرا�ع: -من ب�ن ما يذكر –يذكر الكتاب
–لقانون ا�جهود األقل ثالثة أشياء يمكنك القيام ��ا لتضع مبدأ "افعل قليال
" �� ح�� التطبيق. أول عنصر هو القبول، والقبول �ع�ي التعهد وأنجز كث��ا
قبل الناس كما هم واألوضاع والظروف واألحداث كما واإلل��ام: "اليوم سأت
تجري." وهذا �ع�ي أن�ي سوف أعرف أن هذه ال�حظة �� كما يجب أن ت�ون،
ال�ي تمارسها اآلن –ألن ال�ون �لھ هو كذلك، كما يجب أن ي�ون. هذه ال�حظة
�� تنا�� جميع ال�حظات ال�ي مارس��ا �� املا�ىي، فال�حظة هذه �� كما �� –
ن ألن ال�ون هو كما هو.اآل
68 النفس املطمئنة
ال�ون �لھ هذه ال�حظة، فإنك ت�افح مخاصما
عندما ت�افح مخاصما
بأنك �� هذا اليوم لن ت�افح مخاصما
من ذلك أن تأخذ قرارا
. يمكنك بدال
فعليا
هذه ال�حظة. ما �ع�ي أن قبولك هذه ال�حظة ال�ون بأكملھ بكفاحك مخاصما
شياء كما �� وليس كما تتم�ى أن ت�ون �� هذه هو جامع وتام. فأنت تقبل األ
ال�حظة...
�مھ. إنھ املمر الذي يفتح ذ�اء �عهد باتباعك طر�ق (الالمقاومة) وال�
من خاللھ، من دون احت�اك أو مجهود. عندما تملك هذا الطبيعة تلقائيا
ب الفر�د من القبول واملسؤولية وعدم املدافعة، تمارس جر�ان ا�حياة
املرك
�سهولة ال عناء ف��ا."
الذي يدعونا لقبول الواقع كما هو االستسالم لھ الكالم و�� قبال هذا
﴿تأمل �� قولھ �عا��: وعدم �غي��ه وما ا� ق
ون
عظ
م��م لم �
ة م
أ
ت
ال
ق
وإذ
إ وا معذرة
ال
ديدا ق
ابا ش
��م عذ
و معذ
هم أ
مهلك
ون
ق
هم يت
عل
م ول
ك � ر�
� (164)
موا لذين ظ
ا ال
ن
ذ
خ
وء وأ عن الس
ذين ي��ون
ا ال
جين
ن
روا بھ أ
ك
سوا ما ذ
ا � م
ل
ف
ون
سق
وا يفان
اب بئيس بما �
.﴾�عذ
�انوامتق�ن �� أنفسهم، إن هللا يخ��نا �� هذه اآليات املباركة أن قوما
وتر�وا الن�ي عن –حسب قانون ا�جهود األقل –لك��م قبلوا الواقع كما هو
املنكر، ف�انت نتيج��م العذاب البئيس، ولم ينجهم تقواهم �� ذوا��م.
﴿يقول �عا��: ة اص
م خ
موا منك
لذين ظ
صي�ن ال
ت
ال
ة
ن
وا فت
ق
وات
ن موا أ
اب واعل
عق
ديد ال
ش أم نصدق غ�� هللا؟ فهل نحن مصدقون هللا ﴾ ا�
أود التنبيھ إ�� أن رسالةن يف��ض علينا أال�ي ا�خ�� والصالح وأخ��ا
عروف والن�ي عن املنكر، وتتجاوز أنحملها ل�ل البشر تتجاوز األمر بامليضا
مرغو�ا
�شدة) ليشمل �ل معا�ي الدعوة إ�� اإلسالم (وإن �ان �� ذاتھ أمرا
69 النفس املطمئنة
الصالح وا�خ�� للبشر�ة، و�ل أنواع التخلص من الظلمات �ا�جهل والتخلف
بودية والفقر واألمراض والفسادوالع .، وهلم جرا
ملن أراد معرفة املز�د عن أهداف الرسالة اإلسالمية لإل�سانية جمعاء،
مة �� صالح و�عض املق��حات ا�حددة ملا يمكننا القيام بھ من أجل املساه
."االس��اتيجية اإلسالمية"كتاب قراءة البشر�ة أق��ح
العطاء واإليثار .6
إن سعينا وراء إشباع حاجاتنا ا�حيوانية الغرائز�ة مثل األ�ل
وتقو���ا وتزكي��ا، إنما والشهوة، وسعينا لتطو�ر ذواتنا وأرواحنا بطلب العلم،
�عزز حبنا لذواتنا وأنفسنا، وتمحورنا حولها، وتحكمها بنا!
ولكن هللا ير�دنا أن نفلت من ذلك، لكيال ت�ون ذواتنا من حيث ال
يحجبنا عن هللا، كما حصل مع الشيطان اللع�ن، ولذا يأمرنا هللا �شعر حاجبا
و نفسنا نحب أل باإليثار والعطاء، وأن نحب لغ��نا ماسهم ول
نف
� أ
ع�
ثرون
﴿و�ؤ
﴾
�حون
ف ئك هم امل
ول
أ
سھ ف
ف
ح ن
�
ومن يوق
صاصة
��م خ
ان
�.
لقضاء حاجة امرىء مؤمن أحب "وقد ورد عن اإلمام الصادق (ع):
ة ينفق ف��ا صاح��ا مائة ألف ة �ل حج ."إ�� (هللا) من عشر�ن حج
أليام عديدة، ونق��بإن ف��ا نا عندما نحج نمارس عبادة عظيمة جدا
من هللافإن ذلك قد ال �ستغرق منا ، ولكن عندما نق�ىي حاجة مؤمن كث��ا
ولكن أهمي��ا وقيم��ا عند هللا أعظم ح�ى من عشر�ن أك�� من دقائق معدودة،
حجة!
70 النفس املطمئنة
إن للعطاء واإلنفاق واإليثار دور كب�� ا
�� جلب ا
السعادة لإل�سان جدا
فهو يلعب ومجتمعا
والر�� بھ نحو هللا فردا
رئيسدورا
ا
�� مساعدتنا ع�� جدا
وا ﴿نا �� هللا عز وجل ؤ التخلص من تمحورنا حول ذواتنا، و�التا�� فنا
نفقوأ
�حون
ف ئك هم امل
ول
أ
سھ ف
ف
ح ن
�
م ومن يوق
سك
نف
��ا أل
.﴾خ
�� حياتنا املعاصرة هناك الكث�� من القنوات ا�جميلة واملؤسسات و
ا�خ��ية ال�ي �عمل ع�� ترشيد وتنضيج عملية اإلنفاق، و�التا�� ففي الغالبية
العظ�ى ي�ون انفاقنا ع�� تحو�ل حسابات بنكية.
�� حد ذاتھ، لكنھ من ا�جهة السلبية يحرمنا من هذا األمر جميل جدا
العطاء والشعور بھ.االستمتاع بلذة
لذا أق��ح ان نقوم إ�� جانب تلك اإلنفاقات بممارسة عملية جميلة
، تقوم �عمل مم�� �� تطه�� جدا
اإل�سان والر�� بھ. هذه املمارسة مستوحاة
سول ﴿يامن حكم شرعھ هللا �� قولھ �عا��: م الراجيت
ا ن
وا إذ
ذين آمن
�ا ال �
أ
م د
ق ف إن ا�
جدوا ف
م ت
إن ل
هر ف
ط
م وأ
ك
�� ل
لك خ
ذ
ة
م صدق
جواك
يدي ن
وا ب�ن
ور
ف .ثم ��خھ فيما �عد رحيم﴾غ
املمارسة ال�ي اق��ح القيام ��ا هو أن تل��م بأسرة فق��ة ممن �عرفها
، ثم تتفق مع رب تلك األسرة الفق��ة بأن �ستلم الصدقة ال�ي �خصيا
عنھ، بحيث �سلمھ املبلغ ا�جموع �� ذلكستخرجها أنت �لما رغبت و�الة
. مثال
لديك شهر�ا
واآلن و�ينما أنت تمارس حياتك العملية وغارق �� خضم صراعا��ا
أو تحد ما فاتجهت تدعو اليومية وا�شغال��ا، �لما حصل وأن واجهتك مش�لة
من هللا للتفر�ج عنك وقضلذلك محفظتك اء حاجتك أخرج قبل ذلك صدقة
71 النفس املطمئنة
عنھ وضعها �� ا�جيب اآلخر أو ا�جانب اآلخر من الفق�� واستلمها و�الة
ا�حفظة.
بإخراج أشكر هللا قلبك، إ��و�لما حصل لك أمر جميل أدخل السرور
عنھ. لذلك الفق��، صدقة واستلمها و�الة
قة الذي تخرجھ، فمبلغ الصد ك��ال ��م الصدقة فضلها عظيم جدا
﴿و عند هللا وإن �ان املبلغ صغ��ا
ال ا�
ف
ل
وسعهاي�
سا إال
ف
.﴾ ن
الفكرة �� أنك تر�ط حياتك بتحديا��ا ونجاحا��ا با�، و�العطاء ��
نحو هللا، سبيلھ، وهذا ما �عمل ت ع�� تطه�� نفسك واإلرتقاء ��ا كث��ا
در�جيا
ح�ى وإن لم �شعر بذلك.
، لكن تأث��ه �� كث�� وهناك نوع آخر من اإلنفاق الذي ال ي�لفك شيئا
أال و�� الصدقة بال�لمة الطيبة. عن من األحوال ي�ون أعظم من صدقة املال،
": الرسول األكرم (ص) �� وصيتھ أل�ي ذر يا أ
ة
صدق
بة ي
الط
لمة
�
، ال ر
."با ذ
ال�ي تكتنفھ والصعو�ات �� خضم واقعنا املعاصر والصراعات
�� أمس –جميع الناس –واألمراض النفسية املتفشية فيھ أصبح الناس
ل�ي �شعر بالراحة طيب محب مخلص من قلب صادرة طيبة ا�حاجة ل�لمة
ونوع من الهدوء.
�� حل مش�لتھ أنك ب�لمتك الطيبة ر�ما ال �ساعد أي أحد �حيح
مباشر، لكن هذه ال�لمة الطيبة ا�خلصة الصادرة من قلبك تدخل �� �ش�ل
و ن الراحة بنوع م هليھ لتمد إا �وجدان من تلق�القوة، بل ور�ما البص��ة احيانا
مما قد تمكنھ من حل مش�لتھ.
72 النفس املطمئنة
م ل
﴿أ رب ا�
ض
يف
ر ك
ي ت
جرة ط
�
ك
بة ي
ط
لمة
�
ال
ابت مث
ها ث
صل
بة أ
رعماء (وف ال 24ها �� الس
مث
األ �ا و�ضرب ا� ن ر�
ل ح�ن بإذ
ها �
ل
�
�ي أ
ؤ
) ت
)
رون
ك
ذهم يت
عل
اس ل
ج 25للن
�
ة ك
بيث
لمة خ
ل �
من ) ومث
ت
ث
ة اجت
بيث
رة خ
رار ها من ق
رض ما ل
وق األ
.﴾ف
�� مجال و ما يحتاجھ الناس، و�� هذه ا�حالة ر�ما ت�ون متخصصا
) من وقتك يمكنك أن تتصدق بجزء �� األسبوع أو �� الشهر مثال
�� (يوما
ن يدفعوا لقاء هذه خدمة ا�جتمع والناس، وال سيما أولئك الذين ال يمل�ون أ
ا�خدمات التخصصية االستشار�ة - إن أمكن -، واجعل ذلك �� امل�جد مثال
ل��بط عطاءك ونفسك والناس الذين �ستفيدون من خدماتك ا�جانية با�
عز وجل.
، وهو األمر وأخ��ا
د �� صدقة ال�لمة الطيبة، وهو �عو األشد صعو�ة
أحسن السيئة با�حسنة، فإذا أسأن تدرء اء أحدهم إليك ب�لمة جارحة مثال
اهم ﴿إليھ ن
ق
ا رز وا مم
ق
نف
وأ
الة اموا الص
ق
�م وأ آء وجھ ر�
ذين ص��وا ابتغ
ال
�ى
هم عقئك ل
ول
ا
ة
ئ ي
ة السحسن
با�
و�درءون
نية
وعال
ار سرا .﴾الد
ها، لنفس، والتخلص من هيمن��ا وأناني��ا و�ح لترو�ض إ��ا عملية
لتستطيع أن تنطلق نحوه سبحانھ و�عا�� من دون أن ت�ون مكبال
ومقيدا
بذاتك ونقصها و�جزها.
تأمل كيف أن هللا يصف من �ستطيع أن يحقق ذلك بأ��م أ�حاب
﴿ حظ عظيم، أفال نر�د أن ن�ون م��م؟ة
حسن
وي ا�
ست
�
ع وال
ادف
ة
ئ ي
الس
وال
ھ و�� حميم ن
أ
�
ھ عداوة
ك و�ين
ذي بين
ا ال
إذ
حسن ف
�ي �� أ
اها (34) بال
ق
وما يل
عظيم و حظ
ذ
اها إال
ق
ذين ص��وا وما يل
ال
.﴾إال
73 النفس املطمئنة
ة هللادراكنا بالعبوديإتطوير /الثاينالعنصر
إن الطر�ق الوحيد لتطو�ر إدراكنا لعبوديتنا املطلقة وال�املة � هو
بمساعدة الوجودات واملل�ات ال�ي طورناها �� – ارستنا ل�حياةمأن ننطلق �� م
وذكره من خالل نظرة التوحيد املطلقة �، والتسليم لھ عز وجل -أنفسنا
وس�ون. تنا لھ ور�و�يتھ لنا �� �ل حركةيواستحضار عبود
ولكن كيف يمكن ذلك عمليا �� هذه ا�حياة املزدحمة؟
الشعور �عظمة الذات .1
شائع خاطئ مفهومجابة ع�� هذا السؤال أود إإلشارة إ�� اية وقبل اإل بد
�� ثقافتنا املعوملة املعاصرة، وهو من لس�� ل املا�عةالعوائق وا�حجب أشد جدا
وال بد لنا من ت�حيحھ � عز وجل، دراكنا لعبوديتناإومن نحو هللا عز وجل،
ع�� املستوى العم��. ثم تدر�جيا
�� أذهاننا ع�� املستوى النظري بداية
من كتب تطو�ر الذات (إن لم يكن معظمها) اإل�سانتدعوا إن كث��ا
لإل حساس �عظمة ذاتھ واعتبار ذلك ركنا
للتفك�� االيجا�ي، املوجب اساسيا
.اإل�سانلسعادة
هذا خطولكن ال �ىئ سوى ذات الفقر ھذات ، فاإل�سان ��جسيم أ
ھبھ ل�ون ھإ�� هللا والتصاق ھستمدها من �سبت� ھنما عظمتإو ، والعدم والنقص
وعظمتھ إنما تكمن �� �ون هللا ر�ھ (ذات الغ�ى ة اإل�سانفعز ،عبده ومخلوقھ
والوجود) و�ون اإل�سان عبد ا
عز ن قبل هللا�ش�ل مباشر م عنھ ومسؤوال
وجل.
74 النفس املطمئنة
�� مقابل اإل�سان هو ما جعلھ يصل إن شعور الشيطان �عظمة ذاتھ
ك ﴿إ�� ما وصل إليھ من اإلنحطاط والتعاسة مرت
أ
�جد إذ
�
ال
عك أ
ال ما من
ق
ھ من ط�ن ت
ق
ل
ار وخ
�ي من ن
ت
ق
ل
ھ خ
ن �� م
ا خ
ن
ال أ
ما (12) ق
م��ا ف
اهبط
ال ف
ق
اغر�ن ك من الصرج إن
اخ
� ف��ا ف �
ك
ت
ن ت
ك أ
ل
ون
.﴾يك
سقطوا الذين الكث��ين من العظماء عنإن التار�خ البشري يحدثنا كما
.هم �عظمة ذوا��مإ�� ا�حضيض عندما سيطر عل��م شعور
ولهذا فاملن�ج اإلسالمي يأمرنا دائما إ�� استصغار أنفسنا �� أنفسنا،
. تأمل مناجاة أم�� واستشعارنا �عظمة أنفسنا من حيث عبوديتنا � عز وجل
"): املؤمن�ن (ع إل�ي كفى �ي عزا
أن أكون لك عبدا
أن تكون �� وكفى �ي فخرا
."حبأنت كما أحب فاجعل�ي كما ت ر�ا
ع�ي " خالق:ألامام ال�جاد (ع) �� دعاء م�ارم إلادعاء الحظو ـرف
وال ت
�� إال
اهرا
ظ
حدث �� عزا
ها، وال ت
ي مثل ف�ى
�ي عند ن
طت
حط
إال
اس درجـة
الن
��
حدثت باط أ
ة
درهاذل
ي بق ف�ى
عند ن
ة
."ن
تنا �عبودي� نااستشعار .2
ن مواجهات ا�حياة وصعو�ا��ا وتحديا��ا ال تم�� ب�ن اإل�سان أشك ال
وما تفرضھ ع�� اإل�سان من -بأن هذه التحديات املؤمن وغ��ه، وال شك أيضا
إنما -سيطرة ع�� مزاجھ وعقلھ وروحھ البال ��ا و الوا�شغال واضطراب توتر
ض نفسها عليھ تبعد اإل�سان عن هللا وعن ذكره �ش�ل طبي��، بل وقد تفر
ح�ى وهو واقف يص�� ب�ن يدي هللا، فال ينتبھ للصالة إال �عد أن يفرغ م��ا،
.دعيةألوهكذا يفعل عند تالوتھ للقرآن وترديده لألذ�ار وا
75 النفس املطمئنة
من استخدام إرادتھ بتوفيق من هللا –زاء هذا الواقع إ -يتمكن �عضنا
هللا وذكره، ولألسف لعبادة -ولو �سبيا -لتخفف من أعباء الدنيا، والتفرغ ل
قد يصل ببعض هؤالء ح�ى إ�� تجنب املشاركة �� األ�شطة األمر الشديد فإن
.االجتماعية واإل�سانية عموما
بينما ينخرط الغالبية العظ�ى منا �� مشاغل ا�حياة وصراعا��ا ال�ي ال
��دأ، ر�ما ليس طمعا �� زخرفها وز�رجها وإنما بحثا عن لقمة العيش الكر�مة
� ا�حياة�حياة العز�زة.. ننخرط �وا وألسرنا ألنفسنا ح�ى ال ن�اد نجد وقتا
وأطفالنا فضال عن ر�نا، فإذا صلينا فإنما هو واجب نؤديھ، ح�ى وإن كنا
ساه�ن شاردي الذهن أثناء تأدي��ا.
فإذا حاول أحدنا �� �حظة يقظة وعز�مة أن ينتشل نفسھ من هذا
�ي تطحنھ يجدالضياع ومن دوامة هذه الر�� ال�ا بقيود النسق �نفسھ مكبال
واألسوءاالجتما�� ومعادالتھ ال�ي نحن من ش�لها، من ذلك يجد نفسھ مكبال
��ا بقيود األوهام والقناعات ا�خاطئة وا�خرائط الذهنية املشوهة الرا�خة ��
عماقنا ووجداننا.أ
�تمثل �� �� ا�حياة باهظ جدا و االنخراطلكن الثمن الذي ندفعھ لهذا
التوتر والتشنج والضغط النف�ىي والقلق واالكتئاب وكث�� من االمراض
امراض وآالم عضو�ة، �تجسد كث�� م��ا �� ش�لو النفسية ال�ي �عا�ي م��ا
مراض االجتماعية والتفكك األسري.. والقائمة تطول.أل ناهيك عن ا
كيف السبيل للتخلص من الضغوط واألمراض إذا فما هو العالج؟
؟الستشعار عبوديتنا � �� �ل �حظةلنفسية ا�ختلفة؟ وكيف السبيل ا
وهو أن �عتاد االرتباط ،لكال األمر�ن�� الواقع فإن العالج هو نفسھ
وأنت �عيش وسط الناس عبوديتك لھ سبحانھ� واالستشعاربا� وذكره
76 النفس املطمئنة
وا�حياة ب�ل مفردا��ا وتناقضا��ا وتحديا��ا، فتتفاعل معها، فتدفعها
تدفعك، وتنخرط �� مشاغلها وصراعا��ا ب�ل جدية واهتمام فتبدع ف��ا و
وتتفوق، ولكنك �� �ل ذلك مطم�ن النفس، هادئ القلب، مرتاح البال، ال ي�اد
�عنيك ما يحصل من حولك فأنت �� سكينة من أمرك مهما �انت النتائج،
هذه السكينةالعبودية و غ�� أن حالة ! فأنت ال ترى غ�� ر�ك، وغ�� عبوديتك لھ
�غاية ال �شغلك عن ممارسة ا�حياة ب�ل ما ف��ا، وإنما تدفعك إل��ا دفعا
ر ﴿ اإليجابية، و�طاقة إلهية تفوق �ل تصور!
و��م بذكل
م�ن ق
ط
وا وت
من
ذين آ
ال
وب ل
ق
م�ن ال
ط
ت
ر ا�
بذك
ال أ
.﴾ا�
، ال غامضة منا وصفة عالج ي�ون لكث�� ولكنھ أشبھ ما جميل كالم
تنفعك ألنك ال �عرف كيفية تركي��ا!!!
فأن نمارس ا�حياة وننخرط �� مشاغلها كيف �ستطيع عمليا
وخبث ونحن تومؤامراوصراعا��ا املقرفة واملؤذية ب�ل ما ف��ا من دسائس
كينة با� ب�ل ما �عنيھ ذلك من س االرتباط�عيش بل و�سيطر علينا حالة
وطمأنينة وهدوء وراحة، بل وسعادة مفرطة، ليس لها مثيل؟
ن ذكر "هللا" ال يقصد بھ ذكر �لمة "هللا" وإنما ذكر هللا ا�جواب هو أ
بذاتھ جل جاللھ ب�ل ما يكتنفھ ذلك من حقيقة الوحدانية � ع�� مستوى
.�� ا�حد األد�ىفهمنا النظري
الك �ل ذرة �� هذا ال�ون، تذكر واستشعر أن هللا هو ر�ك ومالكك وم
مره إذا أراد شيئا ان أ، وأن ةبقبضتھ، وأنھ ال تخفى عليھ خافي �ىيء وأن �ل
يقول لھ كن في�ون..
تذكر واستشعر أنك عبده وخلقھ الذي يحبھ جل جاللھ، وأنھ أرأف
عليك، وأن ما يصيبك إنما هو �علمھ وملص�حتك.. أمكبك من
77 النفس املطمئنة
نھ ال ينقطع طرفة أحانھ مباشر و تذكر أن التواصل بينك و�ينھ سب
ع�ن، وأنك أنت من �غفل عن هذا التواصل، وإال فإنك �ستطيع التحدث مع
هللا بما �شاء وم�ى ما �شاء وكيفما كنت كما و�ستطيع ان تدعوه م�ى ما �شاء،
نجواك فيسمعك وي�خر لك ال�ون �خدمتك..و وأن تبثھ سرك
لغوي إطار�ى من دون إن تذكرنا واستشعارنا ل�ل هذه ا�حقائق ح
محدد، وتصديقنا لها وإيماننا ��ا، وتركنا إياها تتسلل ��دوء بمرور الوقت إ��
أعماقنا ل�ي كفيلة بأن تطرد من أعماقنا األوهام والقناعات ا�خاطئة
�لما استحكمت هذه املبادئ و وا�خرائط الذهنية املشوهة الرا�خة فينا..
�داد إحساسك بالطمأنينة والسكينة والقيم اإللهية منك ومن وجدانك س�
�ائنا ما �ان يجري من حولك.
وضوحا، ولكن يبقى السؤال هو أك�� أصبحتاآلن اف��ض أن املسألة
كيف يمكن عمليا ترسيخ هذه القيم اإللهية �� وجداننا؟
يحسب ﴿ ال نحتاج أن نبتكر ا�حلول، فا� لم ي��كنا سدىنحن أ
�ك ي�
ن
أ
�سان
ما يضمن لنا ل واملمارسات بل شرع لنا من ا�حلو ﴾ سدىاإل
ما نحتاجھ هو االنتباه لها. النجاح والطمأنينة، و�ل
ن من املمارساتأو فلنقل سلتا ن من ا�حلول ا�ش�ل عام هناك مستو�
:لنا هللا وشرعهما وضعهما
الواجب من املمارساتا�حد سلة:
بما �شمل الصلوات ا�خمسة الواجبة، واألذ�ار العباداتوتتمثل ��
اإل�سانهذا ا�حد هو أك�� من �اف �� نفسھ ليجعل وغ��ها. سعيدا
ومطمئنا
والتأمل. واإلدراك�� حياتھ، ولكن �شرط أن يؤد��ا بنوع من االنتباه
78 النفس املطمئنة
) منكليس املطلوب فتص�� بخشوع أولياء هللا الصا�ح�ن، وال أن (مثال
تك، ولكن وأنت تص�� استشعر ولو أن تفهم مع�ى جميع ما تقولھ �� صال
نھ هو من دعاك إليھ،أبمقدار �سيط أنك ب�ن يدي هللا و
الذكر وغ��ها مما السابقةثم تذكر واستشعر �ل تلك القيم اإللهية
�علمھ من رحمة وعظمة هللا،
حاول أن ت
�� سماء حبك �.. تذكر أن حبھ سبحانھ و�عا�� ق حل
سبحانھ من غرس فينا حبھ، ولذا ال �ست�� ودع مغروس فينا بالفطرة وأنھ هو
ا�جال لهذا ا�حب ا�جميل أن يظهر إ�� عقلك الظاهر ثم استمتع واستلذ بھ..
خاطب هللا من أعماق قلبك بما �شاء وانطلق �� وصف ما تر�د فهو
�سمعك و�راك وهو معك، وال �غفل عنك وإن أنت غفلت عنھ.
ا بالل�ن هها ع�� ذلك، وإنما خذهولكن مهال.. ال �عنف نفسك وال تكر
ال فإن نفسك ستتمرد عليك.إو جامح صغ�� ��ا طفل أوالرقة واللطف، كما لو
إ�� عالم الدنيا وصراعا��ا وملذا��ا.. ال بأس بذلك سيشرد ذهنك مرارا
إ حال �ل الناس، فال تقس فهذا طبي�� ومتوقع وهو تقر�با
ع�� نفسك وال ذا
عن ذكر و�لهيكالشيطان يبذل غاية جهده ليوسوس لك ن أن��ا خاصة و ؤ ت
﴿هللا ر ا�
ساهم ذك
�
أ
ف
ان
يط
��م الش
عل
حوذ
نما عد مرة أخرى إو ،﴾است
، وهكذا دواليك.بناواستشعر عظمة هللا وحبھ لنا ورحمتھ لوعيك
ة نت تص�� �عض من األف�ار الدنيو�ة الن�� أر�ما ستخطر ع�� بالك و
وقدوا�حلول لبعض املشا�ل العصية، عن ذكر �ستغرق �� التفك�� ف��ا ساهيا
االن��اءهللا، وح�ن من الصالة سيؤنبك الشيطان و�قنعك بأن الدنيا متحكمة
بالدنيا!! فيك وأنھ ال أمل لك ل�ي تنطلق نحو هللا وانت مرتبط
79 النفس املطمئنة
ن هذه أإن الشيطان يتعامل معك بمكر وخبث، فكن أذ�ى منھ واعت��
األف�ار الن��ة ال�ي راودتك �� الصالة إنما �� إلهام وه من هللا، ولذا ا�جد � بة
شكرا
الشيطان اللع�ن، و�رده ع�� عقبھ. أ، وهو ما سيخسوامتنانا
، وستشعر أنك ع�� بالصالةنت ��م أستتذكر �ل مشاغل الدنيا و
و أ، ابنك الصغ��تر�� ن أمرك للقيام ببعض مشاغلك الكث��ة، �أ�جلة من
أتقابل املقاول، ،و تلتقي بأصدقائك القادم�ن لز�ارتك وهلم جرا
همية األمر الذي تخطط للقيام بھ �عد صالتك ال أمهما �ان ولكن،
الغرفة وانزعها باب �ست�جل �� صالتك.. دع الدنيا و�ل ا�شغاال��ا عند عتبة
وا ﴿ة من عقلك كما تن�ع النعل من قدميك عندما ��م بالصال ذين آمن
�ا ال �
يا أ
لك عل ذ
ومن يف
ر ا�
م عن ذك
دك
وال أ
م وال
ك
موال
م أ
هك
ل
ت
هم فأولئكال
اسرون
خ
.﴾ا�
البطءامنح نفسك وق��ا لتستمتع بالصالة، ولكن ال تج��ها أيضا ع��
تحتاجھ للصالة. ذي�� الصالة، وإنما اسمح لها الوقت ال
ن مضامي��ا وهكذا �عامل مع �ل عبادة، بتأمل وهدوء ح�ى تمك
ن من فرضها أإ�� أعماقك ووجدانك، وال تن�ىى من التسللوأهدافها ومعان��ا
. تأمل كيف أن هو هللا عز وجل صا�ع اإل�سان والعليم بما يص�حھ و�فسده
.﴾عن الفحشاء واملنكر إن الصالة تن�ى﴿هللا يخ��نا:
أ�حاب الطموحسلة:
بما �شمل صالة الليل وغ��ها. املستحبة، واألذ�ار العباداتوتتمثل ��
لهؤالء ، و فضللأل وطموح إن هللا الذي خلقنا �علم أن �عضنا أ�حاب همة
.ذه السلةوضع هللا ه
80 النفس املطمئنة
بالطبع ي�اد ي�ون من ا�حال أن تأ�ي بجميع ما ورد �� هذه السلة من
وقدراتك وظروفك نفسيتك م��ا املز�ج الذي يالئماملمارسات، ولكن خذ
وهمتك وحاجاتك.
، ولكن ما ه السلةلست ال�خص املناسب لعرض م�ونات هذأنا حتما
�عض املمارسات البسيطة ال�ي تناسب جدا أ�حاب عرض أنا بصدده هنا هو
تاملسؤوليايذكر وال الكث��ة وا�جداول املزدحمة، حيث أ��ا ال �ستغرق وقتا
�لما اال�سان، و�� الوقت ذاتھ تزداد فعالي��ا ونتائجها الرائعة ع�� جهد �حتاج ت
ازدادت همومھ ومشاغلھ وزحمة ا�حياة من حولھ.
ال�جود � قبل النوم لدقيقة أو اثنت�ن .1
�جد بصمت، لتستغرق بقدر ما �ستطيع �� استشعارك �عبوديتك ا
كدحك نحوه وس��ك إليھ.. � جل جاللھ، ور�و�يتھ لك، وأن ال حقيقة سوى
استشعر �عظمة ذلك واستلذ بھ، بما قد يجعلك ت�حك من فرط السعادة.
باستمرار لهذا ممارستك لن تصل إ�� هذه النتيجة من املرة األو�� ولكن
نت ساجد أاالستشعار و ومن دون � قبل النوم، سيبدأ هذا الشعور تلقائيا
ك، وحي��ا ستجد نفسك ت�حك من بالتسلل إ�� أعماقك و�ل وجدان كراه إ
فرط السعادة.
تفعلھ �ىيء أن ت�ون هذه ال�جدة �� آخر �ل ا�حرص احرص ولكن
يحملها عقلك الظاهر لعقلك الباطن قبل النوم، قبل النوم، لت�ون آخر رسالة
ت�حو عل��افل تتقلب �� أعماقك ووجدانك وأنت نائم �� حفظ هللا، ظلت
أيضا.
81 النفس املطمئنة
رتياح من هذه ال�جدة يمكنك أن تز�د ا�جرعة إذا بدأت �شعر باإل
مباشرة بالقيام ��جدة مشا��ة صباحا
، أو مثال
بإطالة ال�جود قليال
قليال
قبل ذهابك للعمل.
الذكر املستمر � .2
﴿ *
صيال وأ
رة
حوه بك ث��ا * وسب
را ك
ذك روا ا�
ك
وا اذ
ذين آمن
�ا ال �
يا أ
هو
انور و�
� الن
مات إ�
لم من الظ
رجك
ھ ليخ
ت
ئك
م ومال
يك
� عل
ذي يص�
ال
ر
من�ن
ؤ .﴾حيمابامل
�� خضم حياتك اليومية املزدحمة، أنت تواجھ الكث�� من التحديات
واإلحباطات والنجاحات واملفاجآت وتضطرم �� داخلك مختلف املشاعر
، وت�ون �� أمس ا�حاجة ملن تتحدث إليھ وتناجيھ وتبثھ ما �� حاسيسواأل
سرك. ولكن يصعب عليك أن تجد من �سمعك، وإن سمعك أن �عينك.
و�عود أن تح�ي � وأن تناجيھ وتبثھ �ل ما ،استفد من هذه الفرصة
روا ﴿إ�� هللا عز وجل ما أمكنك �و �شقيك.. الت�أأهمك و�ل ما �سعدك
كاذ
ف
م آا�
رك
ذك
را ك
د ذك
شو أ
م أ
.﴾باءك
هناك الكث�� من أوقات الفراغ ، فإنو�الرغم من أن جدولك مزدحم
لديك ب�ن م�ونات جدولك املزدحم، مثال عندما تم�ىي من مكتبك لقاعة
االجتماعات، وعندما تقود من م�ان عملك لبيتك، وعندما تنتظر �� ردهة
ماو ملقابلة عميل أمديرك االستقبال ملقابلة .، وهلم جرا
فأنت أحوج ،بل استفد م��ا �� مناجاة هللا هذه األوقات هباء تضيعال
جدولك وألن ،لتبثھ مخاوفك ومشاعرك، وتطلب منھ العون ،ما ت�ون لذلك
مزدحم وم�� جدا
ل�ي تنا�� بھ هللا عز بالتحديات فأنت لديك الكث�� جدا
82 النفس املطمئنة
ا ﴿، وتح�ي لھ وجلاع إذ الد
جيب دعوة
ر�ب أ
ي ق
إ�
ي ف
ك عبادي ع�
ل
ا سأ
وإذ
دون
هم يرشعل
�ي ل
وا
من
يؤ
�� ول
جيبوا
يست
ل
.﴾دعان ف
ر�ما �شعر بنوع من الت�لف �� البداية فنحن لم نتعود ع�� مخاطبة
ستتعود ع�� �سيطة دة، ولكنك و�� ف��ة هللا سبحانھ �غ�� عبارات األدعية الوار
ومن ثم ستتفاعل معھ، وتلتذ بھ. ،وستن�جم معھ ،ذلك
مع هللا خالق فأنت متصل ،سيمدك ذلك بالطمأنينة والسكينة والقوة
�ىيء �ل ، ورو�دا
ستبدأ باالعتماد والتو�ل عليھ والثقة فيھ، وااللتذاذ رو�دا
، ومحبة هللا عز االلهيةاملبادئ والقيم بمناجاتھ، وهكذا ستتعمق �� وجدانك
وجل.
، ولو لبضع دقائق فقط .3 قراءة القرآن يوميا
اقرأ ما تيسر لك من الذكر ا�حكيم، ح�ى لو �انت آيت�ن أو ثالث، م�ى
ي�ون فيھ ذهنك أقل ما ما يناسبك خالل يومك، ولكن احرص أن ي�ون وقتا
ي�ون الة الفجر مثبأمور الدنيا، �أن ي�ون �عد ص ا�شغاال
، ال
إن استصعب األمر عليك �عود أن تفتح الراديو ع�� إذاعة القرآن
آليات الذكر ا�حكيم ولو لبضع أنصتالكر�م وأنت تقود من بيتك للدوام، ثم
دقائق فقط.
�سمعھ ونحن وأتواجهنا مش�لة و�� أننا �عودنا أن نقرأ القرآن
دة بإرادة �سيطة تبذلها باالنتباه هائمون �� عواملنا األخرى.. اكسر هذه العا
التام للذكر ا�حكيم ولو لبضع دقائق فقط �� يومك،
اقرأ القرآن أو أنصت لھ وأنت مقبل عليھ، متأمل �� معانيھ، مصدق
لھ، وإذا استطعت متفاعل معھ.. دع املعا�ي واملفاهيم القرآنية ال�ي �سمعها أو
83 النفس املطمئنة
، و�لطف لعقلك الالوا�� وم��ا تتسلل تلقائي -تقرأها تدخل وعيك وتدر�جيا
-ا
صغ�� تتعلم من أستاذ عظيم، أو طفل صغ�� �سمع ألبيھ.. ال
و�أنك تلميذ
ت�ابر.
�� مع�ى ما ال تجده �� حياتك، وصر�حة
وا�حة
وإذا مرت عليك آية
عندما يقول صدق القرآن، وغالط نفسك، ألن هللا ال يقول غ�� ا�حق. فمثال
م ﴿: لك هللا
كجب ل
ست
أنك إذا دعوت ﴾ادعو�ي أ
ال تفلسف األمور، وثق تماما
يستجيب لك، وإن ظهر لك غ�� ذلك.هللا فإنھ س
فيعتقداألمر أشبھ ما ي�ون عندما يرى إ، ولكنك وأنت ماء هبنك سرابا
العارف باألمر تطلب منھ أن �غالط عينيھ و�ثق �� كالمك بأن ما رآه هو سراب
ول وليس ماء، مع أنك مجرد إ�سان معرض ل�خطأ، بينما هللا ال يخطئ وال يق
أن شرع هللا قول غ�� ا�حق، ولذا صدق هللا "الع��" "لم يكن اعتباطا
�عد الفراغ من قراءة القرآن. العظيم"
تتاح ي فرصة فراغ أأن نتعود ع�� قراءة القرآن من هواتفنا �� أق��ح
لنا.. �� صالونات اال ، نتظار مثال، أو عندما تحمر إشارة املرور مثال وهلم جرا
أو التفس�� الذي تطبيق "تفس�� امل��ان"النقالة ل �� هواتفنا ح أن نن� ق�� كما أ
و السورة ال�ي نقرأها، وعندما أ، وأن نبقيھ دائما مفتوحا ع�� ا�جزء نرجع لھ
لتفس�� �� هواتفنا نفتح ا ال نفهمھ أو يث�� فضولنا نقرأ القرآن و�مر علينا مقطع
ونقرأ تفس��ه.
محاسبة النفس .4. 10إ�� 5ملدة يوميا
دقائق يوميا
وهو التقييم الذا�ي لإل�سان، وهو من أهم التقنيات ال�ي ترتقي
باإل�سان، وتمده بالسعادة والراحة، وتحسن من أداءه.
84 النفس املطمئنة
ليس منا من لم يحاسب نفسھ �ل يوم فإن"عن أم�� املؤمن�ن (ع):
استغفر ا� اس��اده وإن عمل شرا
."عمل خ��ا
إن املقصود بمحاسبة النفس ليس تقريع الذات وجلدها، وإنما
مراجعة موضوعية وتقييم ذا�ي يقوم بھ اإل�سان لنفسھ �� �ل ليلة قبل النوم
ليحدد مواطن ضعفھ وقوتھ، و�قيم ممارساتھ وإنجازاتھ ليحدد خطة مثال
وأنت محتاج "إلمام أم�� املؤمن�ن (ع): ا عنتحركھ وتطوره. ما من حركة إال
".ف��ا إ�� معرفة
بمحاسبة النفس وأنت تنا�� هللا، ك يمكنك القيام نأروع ما �� األمر أ
كمن الطاقة السلبية ال�ي ت��اكم �� قلبك لھ أك�� األثر �� تفريغو�ذلك ي�ون
ا ومواجها��ا وتحديا��ا يوميا من جراء ممارسة ا�حياة اليومية، ب�ل صراعا��
.املقرفة، كما أ��ا تمدك بطاقة إيجابية هائلة �شعرك بالسعادة والطمأنينة
ساجد توأن كقوم ��ا �� يوميمكنك أن تح�ي � األشياء ا�جميلة ال�ي ت
�� �جدتك األخ��ة قبل النوم، أو وأنت جالس قبل ال�جدة األخ��ة، وهذا �
بالغبطة الصغ�� الطفل ك �� ذلك مثل، مثلوالسرورما سيسبب لك شعورا
ما يفخر بفعلھ. الذي يح�ي ألبيھ جذال
، كالقيام بھ أو تركھ �� يوم كما ساء و�عا�� �لح�ي لھ سبحانھ ثم ا
�� حد ذاتھ. ح�ى لو لمعاهده و لذلك عتذر منھ سبحانھتأسف وايكن خطأ
�� املرة القادمةتس كأنع�� .�ون أك�� حرصا
لتقنيات واملمارسات البسيطة السريعة، وإال فهناك الكث�� هذه �عض ا
م��ا، ملن أراد بلوغ مستو�ات أع�� من السعادة والكمال، ور�ما ي�ون من جدا
ع�� �عظيم سعادة اإل�سان وإحساسھ بالطمأنينة هو أفضلها وأشدها تاث��ا
85 النفس املطمئنة
ك ع�ى ﴿ل صالة اللي ل
ة
افل
د بھ ن �ج
ت
يل ف
ومن ال
اما
ك مق ك ر�
يبعث
ى أن
.﴾محمودا
العظيمةاأليام ألماكن و ا .3
ما يحتم عليناالرفق بالذات من مبادئ الس�� نحو هللا أ مبدذكرنا أن
، "مام الرضا (ع): إلمضمون قول ا وفتورا
، و�شاطا
وإدبارا
إن للقلوب إقباال
ت، ت ومل
فخذوها عند إقبالها فإذا أقبلت بصرت وفهمت، وإذا أدبرت �ل
".واتركوها عند إدبارها وفتورهاو�شاطها،
ال�ي عظمها األيام �� غ�� املشاهد املقدسة، و�� غ�� هذا هوغ�� أن
لذا و ، والعيدين، وشهر رمضان وليا�� القدر عرفة هللا، وال�ي من أهمها يوم
هذه خاللعمال الصا�حة والعبادة الذكر ألس��ادة ما استطعنا من االعلينا ا
، ح�ى وإن كنا نجد أنفسنا �� حالة إدبار ونفور.األيام واألماكن العظيمة
.إنما �� ت�و�نية، وليست �شريعية يامألن عظمة هذه املشاهد وهذه اإ
فماذا �ع�ي ذلك؟
، لذا املسألة �� بالضبط كمثل �ون القطب�ن �� غاية ال��ودة ت�و�نا
عندما ت�ون هناك فإنك تتجمد من ال��ودة �شري��، و�� بأمر س، وليت�و�نا
املقابل فإن السودان ( مثال
أيضا. ) �� غاية ا�حرارة ت�و�نا
و��ذا الفهم فإن الدعاء والذكر والعمل الصا�ح بأنواعھ وأش�الھ
ا�ختلفة لوف ألبمئات ا تتعاظم قيمتھ وتأث��ه �� تقر�ب العبد من هللا ت�و�نا
العادية، ح�ى وإن كنت �شعر با�خشوع �� يام واملشاهد ألمن املرات أك�� من ا
كنت دبار إلماكن سواء أليام واأل�شعر با�خشوع �� هذه اال اليوم العادي و
أو ما شابھ. �حية �عا�ي منھ أو وعكة
86 النفس املطمئنة
�ورقة جوكر ��بنا هللا العظيمةماكن أليام واأل�ستطيع تصور هذه ا
ياها لتقر�بنا إليھ.إ
�نا إذا �حسرة �عتصر قلو نشعر باسمر، ألإذا استطعنا تصور هذا ا
، اثناء وجودنا �� هذه األيام أضعنا ح�ى �حظة واحدة �� غ�� طلب رضا هللا
واألماكن العظيمة.
أن نلتفت إ�� من ليس الدعاء والذكر فحسب هما ما ھأناملهم جدا
أطفالنا، اللعب معبما ف��ا ،عمال املستحبةألهللا، وإنما �ل ا يقر�اننا من
نية دون ، ح�ى لو أتينا ��ا (�� غ�� العبادات) منة الرحمطلب العلم وصلو
ث��ها الت�و��ي �� أو�ل هذه األعمال يتضاغف فضلها وثوا��ا وت التقرب إ�� هللا.
تقر�بنا من هللا سبحانھ و�عا�� �� هذه األماكن واأليام العظيمة.
غ�� أننا ما زال بإم�اننا بتقنية �سيطة وسهلة أن �عظم فضل هذه
ر�ما ألضعاف لوف من املرات، وإنما ألال ال�ي نقوم ��ا ليس مئات اعمألا
أضعاف ذلك.
قر�ة إ�� هللا �عا��، ومن أجل طلب عمال أل��ذه ا إتيانناهذه التقنية ��
فم محبتھ ورضاه.قر�اء والتواصل معهم، ونحن نحاول ما ألنقوم بز�ارة ا ثال
نقوم ��ذا إنما بھ، وأننا أن نخ�� هللا أننا نح -خرى ألب�ن الفينة وا -مكن أ
هل ل�ي ير�ىى عنا و�حبنا.ألل مع االتواص
لك الشيطان أن هذا كذب، وأنك إنما تقوم بالتواصل مع وسسيوس
أقر�ائكجتماعية الن الروابط األوع�� ذلك، نك متعود أل يومي العيد مثال
!! لھتحتم عليك فعل ذلك ح�ى وإن كنت �ارها
87 النفس املطمئنة
تك��ث لھ، ال ، ولكن الشيطان �حيح ر�ما �شعر أن ما يوسوس لك بھ
، بل إن استطعت لنفسك وتجاهل وسوستھ، واستمر �� خداعك الرائع هذا
أفرط فيھ!!
؟هل �علم ملاذا
�غي�� بنائك -ف��ة ليست بالطو�لة خالل -نك ��ذه الطر�قة �ستطيع أل
الداخ�� وتصوراتك الذهنية ليصبح رضا هللا هو الباعث ا�حقيقي لك للقيام
عمال،ألا ��ذه
نك ألهم من ذلك، هو ألولكن ا فعال
وواقعا
ولكن من دون ،وحقيقة
ألإنما تأ�ي ��ذه ا ،أن تدرك ذلك �عقلك الظاهر عمال طلبا
لرضا هللا والتماسا
للقرب منھ.
تن إذا كنآلوا هذه األيام واملشاهد املباركةستفادة من الر�د ات حقا
لت�ون ق�ىى درجة، أل ر�ما نقلة
، للقرب منھ سبحانھ و�عا�� كل نوعية
ولتمنحك قوة
وإطمئنانا
ال داخليا
ي�اد يضاهيھ اطمئنان هناك ممارسة
، سهلة
هذه األيام واملشاهد خاللفلنمارسها بما �ستطيع عليھ من اهتمام وجدية
املباركة.
قوم �ش�ل مستمر (قل ملدة دقيقة أو دقيقت�ن تهذه املمارسة �� أن
ونصف�� �ل ساعة أو ساعة استشعار با�، و عالقتك) باستشعار مثال
، وعظمتھ وقدرتھ جاللھجل كملكھ، واستشعار ر�و�يتھ ل ك� وأن كعبوديت
ولطفھ بنا.
88 النفس املطمئنة
استشعر أنھ هو املسؤول املباشر عنك، �� �ل �حظة من �حظات
ستشعر ا. ولطفھ.�غفل عنك ح�ى �حظة واحدة بحبھ وحنانھ ال حياتك، وأنھ
.أدائك، وأنھ من سي�افئك وسيحاسبكاملباشر عن أنھ هو املسؤول
وعالقةعبوديتك لھ سبحانھ عالقة ھاستشعر ب�ل ذلك و��ل ما �عني
كراه إ أي ن دون وم ، واستلذ ��ذه املشاعر، ودعها بلطف جاللھر�و�يتھ لك جل
تتسلل إ�� أعماقك ووجدانك.
ا، بر�ك، وستستمتع �� عالقتكستبدأ �شعر بدفء ،إذا فعلت ذلك
ال�عيش هذا ا أن مما قد يدفعك إ��طوال عمرك، ب�ل ما �عنيھ ستشعار دائما
من هللا. وقرب وسعادة وروعة ذلك من جمال
هذه األيام واملشاهد خالل، إذا قررت القيام ��ذه املمارسة عمليا
، أو ساعة �ل ساعة خاللاستخدم هاتفك النقال لين��ك لذلك مرة العظيمة
ونصف.
89 النفس املطمئنة
متةخلاا
مراضواأل الضعف أنواع جميع من يخلصنا هللا نحو الس�� إن
وا�حر�ة والطمأنينة والقوة السعادة إ�� لينقلنا" الظلمات" وا�جهل النفسية
."النور " واالنطالق
ظاهره لنا ابد ومهما الغ�� هذا �ان مهما هللا، لغ�� اتباعنا بينما، جميال
﴿ ةواملعانا واأللم الظلمات إ�� بنا يرمي ذين و�� ا�وا ال
رجهم آمن
من يخ
مات ل� الظ
ور إ�
ذين الن
روا وال
ف
هم ك
ولياؤ
أ
وت
اغ
�م الط
رجو�
ور من يخ
الن
�مات إ�
لئك الظ
ول
�حاب أ
ار هم أ
ف��ا الن
الدون
.﴾خ
يا فهل والنعيم، ل�جنة يدعونا.. وسعادتنا خ��نا فيھ ملا يدعونا هللا إن
�ا﴿ يحيينا ملا و�عا�� سبحانھ لدعوتھ �ستجيب ترى �ذين ياأ
وا ال
جيبوا آمن
است
سول � ا وللر
م إذ
ا دعاك
م مل
وا﴿ ممن ن�ون أم ﴾يحييك حب
ع�ى است
� ال
ع�
هدى � ال
ذ
خ
أ
�م ف
ة
اب صاعق
عذ
هون ال
وا بما ال
ان
�
سبون
؟﴾يك
منا و�طلب منا قر�ب أنھ و�خ��نا بنا، ورحمة لنا حبا اليھ يدعونا هللا إن
ا﴿ بھ ونؤمن نتمسك انك وإذ
ل
ي عبادي سأ
ي ع�
إ�
ر�ب ف
جيب ق
أ
اع دعوة الد
اجي دعان إذ
يست
ل
وا �� بواف
من
يؤ
هم �ي ول
عل
ل
دون
�سلوك بل ويغر�نا ، ﴾يرش
﴿ در�ھ ا�
انخرة و�
يا واآل
ن واب الد
ث
د ا�عن
يا ف
ن واب الد
ير�د ث
ان
من �
م �عده ﴿ يخدعنا إنما الشيطان من أن علينا و�حذرنا شفقة ،﴾سميعا بص��ا
��م �عدهم وما و�من
ان
يط
الش
رورا إال
.﴾غ
90 النفس املطمئنة
قواما هما واالرادة العقل ألن االختيار حر�ة �سلبنا ال هللا أن اال
﴿ �سانيةإلا
راه ال
ين �� إك د الد ق
ن ب�
د ت
ش � من الر
�
من ال
ر ف
ف
وت يك
اغ
بالط
من
با و�ؤد �
ق
مسك ف
عروة است
ى بال
ق
وث
ال
ها انفصام ال
.﴾ل
فإذا الطر�ق لنا وأو�ح ا�حجج، علينا أقام قد هللا أن لنعلم ولكن
قعر �� وترمينا تكبلنا والشهوات علينا �سيطر وهامألا ندع أن بإرادتنا قررنا
نتائجھ عن املسؤولية �ل ونتحمل وقرارنا اختيارنا سي�ون هذا فإن الظلمات
ل ﴿حق وق
م من ا�
ك �
من راء ف
من ش
يؤ
ل
اء ومن ف
ر ش
ف
يك
ل
ا ف
ا إن
دن
عت
أ
�ن املارا للظ
ن
حاط
ها ��م أ
وا وإن سرادق
غيث
وا �ست
اث
هل بماء �غ
امل
وي �
�ش
وجوه س ال
راب ا بئ
لش
ا وساءت
ق
ف
.﴾مرت
�� ينحصر ال هللا خط �� االستقامة عدم من الناتج البؤس أن ولنعلم
عرض ومن ﴿ الدنيا عالم �� يبدأ وإنما اآلخرة،ري عن أ
إن ذك
ھ ف
ل
ة
معيش
ان�
ره ض
حش
قيامة يوم ون
ع�ى ال
.﴾أ
م " هليإل
ر ف
�� مو أ
ر�ما
ص�� ك
� أ
ئيم عبد ع�
ك ل
� من
، يا ع� رب
ك دعو�ي إن
� ت
و�
أ
ك، ف
ب عن حب
ت
� وت
ض إ�
بغ
ت
أ
يك، ف
د إل ود
ت
� وت
ال إ�
بل ف
ق
أ
ك،ن من
أ
ل �� � و
ط
يك، الت
م عل
ل
عك ف
ل يمن
حمة من ك ذ ، واإلحسان ،�ي الر �
إ�
ل ض
ف� والت
رمك بجودك ع�
."وك