العقيدة الصحيحة 4sustech.edu/staff_publications/20110428080329157.pdf4 ﻥﻭـﻜﻴ...

1

مـن و، أثر وثمار العقيدة الصحيحة علـى الفـرد ثم، واصطالحا معنى األثر والعقيدة لغة نت هذه الدراسةبي

فينال حرية تامـة ، التحرر من الشهوات والشبهاتوام الشجاعة واإلقدوالتوكل على اهللا تعالى حسن، أبرزهاتصحيح المفاهيم والتصورات عن آثارهاومن ، وحقيقية ال عالقة لها بالحريات المبتذلة عند بعض المعاصرين

التردد والحيرة فيه وحصل، هذا العصر اختلطت فيه المفاهيم والتصورات نأل، وهو أمر مهم، الكون والحياةمفتاح العالج لكل هذه المشكالت يبدأ من العقيدة الصـحيحة ثـم تـأتي فإن كما بينت الدراسةو عند اإلنسان

.األسباب األخرىة أثر العقيدة في حياة كذلك نت الدراسةبية ر ذلك استقاللثومن أ، األممن التبعية الفكرية والحضـارية األم

ويتمكن من تطوير ، الىيجعل اإلنسان يحسن التعبد هللا تع حصول األمن التام الذي أيضا اومنه، لألمم األخرىوجمـع ، وتماسـكها األمة توحد منهاو ،وأن يحفظ نفسه وماله وعرضه، وحسن إدارة الدنيا، خيرات األرض

.األمةمنها حسن الصالت بين أفراد المجتمع وو، كلمتها واجتماع صفها الذي هو أبرز مظاهر قوتها وعزهاأوضحتو، عاقبة األمم التي تتخلى عن مثل هذه المعاني أيضا راسةنت الدوبي أن ة كونيـة ثابتـة ال نذلك س

والتربية علـى ، كما أشارت الدراسة إلى زيادة البركات وحلول الخيرات بسبب هذه العقيدة. تتغير وال تتحول .حسن الخلق والبعد عن الخلق الذميم والرزيل

ورفعة الدرجات وتكفير ، دخول الجنة والنجاة من النار: من أهمها، قدية في اآلخرةختمت الدراسة باآلثار العثـم جـاءت الخاتمـة التـي تضـمنت النتـائج - صلى اهللا عليه وسلم –ونيل شفاعة المصطفى ، السيئات

.ثم الفهارس، والتوصياتAbstract: This study demonstrates the idiomatic and literal meaning of faith and its impact on the lives of the individual Muslim. In other words, the strong commitment to the Islamic faith results in trust in Allah, courage and freedom from lust for life and suspicions. These benefits lead to the true meaning of rights, unlike the worn-out ones of the western culture, and then enlighten the way of certainty and correct misconceptions about the universe and life. This matter is very crucial nowadays because concepts and notions are mixed up causing a state of uncertainty. Thus, the key answer to this problem begins in the first place with purifying faith. The study has also shown the importance of faith in the lives of the Muslim nation to free its people from the exploitation of other nations .Thus, the Islamic faith represents the shield against the individual and societal decedance and degeneration. In conclusion, the study confirms the commitment to the Islamic faith in order to berewarded the pleasures of the lifeafter and getting the intercession of the prophet Mohamed, God's peace and blessing be upon him.

PDF created with pdfFactory trial version www.pdffactory.com

http://www.pdffactory.com

2

وأشهد أن ال إله اال اهللا وحده ال شريك له الملك وله ، الهادي إلى الصراط المستقيم، الحمد هللا رب العالمين ،صلى اهللا عليه وعلى أله وصحبه وسلم ، عبد اهللا ورسوله اأشهد أن محمدو، الحمد وهو على كل شيء قدير

: وبعدوحقوقه ، وصفاته، وأسمائه، ة من أشرف العلوم وأجلها؛ ألنه العلم باهللا تعالى وآياتهاإلسالميفإن علم العقيدة

.خ إل. . . وكل ما يتعلق بأمور اآلخرة من بعث وجنة ونار، وكذلك العلم بالنبوات، على عبادهالذي ، خاصة في هذا العصر، يدة الصحيحةوالعق، ولذا كان من أعظم الواجبات الدعوية والدينية بيان التوحيد

عتقاد االومن أعظم مظاهر ذلك أن نسعى في تحبيب هذا ، الصحيح إال من رحم اهللا باالعتقادكثر فيه الجهل للناس من خالل الحديث عن فضائله وبيان ثمراته وآثاره وأخبار األنبياء عليهم الصالة والسالم والصالحين

نأبل على الحياة بصورة عامة؛ إذ ، األمة عتقاد علي حياةالهتمام بإظهار أثر االكما ينبغي ا، الذين حققوه بل هو أمر عظيم، وال مسألة من المسائل البسيطة، الحياة عامة ليس قضية من القضايا الصغيرة فيأثره

الحياة من أولها إلى أي أنه أثر ينعكس على، كلها األمةوشأن جليل يظهر على الفرد واألسرة والمجتمع و .بل يشمل الدنيا واآلخرة، آخرها

: أهداف الدراسة .من خالل آثارها ومنافعها وثمارها، ة ومنزلتهااإلسالميبيان أهمية العقيدة • .قوية وموحدة وآمنة ومستقرة ومتطورة، مسلمةأمة بيان دور العقيدة الصحيحة في إيجاد • -: ةالتاليصحيحة من خالل المباحث والمطالب ويأتي الكالم على آثار العقيدة ال •



3

واصطالحا تعريف األثر والعقيدة لغة

: واصطالحا تعريف األثر لغة: المطلب األولويقال ، وأثور، وجمعه آثار، ويطلق األثر على ما بقي من رسم الشيء، بقية الشيء، محركة، األثر: األثر لغة

وتأثر الشيء ، وأثر فيه ترك فيه أثرا. ومنه خرج فالن في إثره، كأنك جئته تطأ أثره، نجئتك على أثر فال ¡ � ~ { | }M 7 8 ومنه، العالمة وبقية الشيء) واألثارة(، فيه وبالشيء تطبع، ظهر فيه األثر

¢ £ ¤ ¥ ¦ § ¨ © ª « ¬® ¯ ° ± ² ³ ´ µ ¶ ¸ ¹ º » ¼ L)١(

ما كان عن : الخبر: فقالوا، وقد فرق بينهما أئمة الحديث، فالن من حملة اآلثار: ويقال، وجمعه اآلثار، الخبر : ثر األتيفخالصة ما يعنيه اآل .ما يروى عن الصحابة: واألثر، النبي صلى اهللا عليه وسلم

العالمة - أ بقية الشىء - ب .الخبر -ج

.)٢(قديم أو علم الوثائق القديمةمعرفة ال: علم اآلثار مصطلح معناه، )اآلثار(ومن االستعماالت المعاصرة األثر له ثالثة : وقال الجرجاني، هو حصول ما يدل على وجود الشيء والنتيجة: تعريف األثر اصطالحا

.)٣(بمعنى الجزء: والثالث، بمعنى العالمة: والثاني. وهو الحاصل من الشيء، بمعنى النتيجة: معان؛ األول .األمور التي تنتج عن الشيء المسبب لها أو هي، هي اللوازم المعللة بالشيء: واآلثار

نقصد بذلك األمور والمنافع والثمار التي تنتج عن تحقيق اإليمان والعقيدة ، آثار العقيدة: ومما سبق عندما نقولالتقدم فيو، األمةويكون لها أثر ودور في تحصين الفرد والمجتمع و، الصحيحة وتكون سببا في حصولها

.والنهضه : تعريف العقيدة لغة واصطالحا: المطلب الثاني

، والمراصـة ، والتماسـك ، والشد بقـوه ، والتوثق، اإلحكامو، واإلبرامالربط وهو، من العقد: العقيدة في اللغة .والجزم اليقينومنه ، واإلثبات

، عقدت الحبل والبيع والعهـد فانعقـد : يقال، تدل في اللغة على التصميم والعزم والصالبة: )عقد(فهذه المادة عقده يعقده : ويقال، والعقد نقيض الحل.المعاهدة: والمعاقدة، واعتقد كذا بقلبه، واعتقد الشيء أي اشتد وصلب

.)٤(والنكاح اليمينومنه عقدة ، عقدا

M£ ¤ ¥ ¦ § © ª « ¬ ®¯ ° ± ² ³ µ تعالىقال ¶ ¸ ¹ º » ¼ ½ ¾¿ À Á Â Ã Ä ÅÆ Ç È É Ê ËÌ Í ÎÏ Ð Ñ Ò Ó Ô Õ Ö × L)٥ (

)٤( اآلية األحقافسورة )١(، وأخـرون إبراهيم مصطفى، الوسيط جمعوامل )٢٣ـ ١٠/١٢( الكويت، دار التراث العريب، الزبيدي املرتضى حممد، القاموس جواهر من العروس تاج انظر )٢(

)١/٥. (الرازي بكر أيب حممد، الصحاح وخمتار )١/٨( ١٩٩٠مكتبة لبنان ،أمحد بن حممد الفيومي، املنري واملصباح )١/٥(دار الدعوة .٢ ٣ص، م١٩٩٢عام ٢ط ، دار الكتاب العريب ، رجاينعلي بن حممد اجل، التعريفات) ٣( ).عقد ادةم ( : الوسيط املعجم، ١/٢٩٩ احمليط القاموس، ٣/٢٩٦ -بريوت -دار صادر، حممد بن مكرم بن منظور، العرب لسان: انظر) ٤( .٨٩ : سورة املائدة) ٥(



4

ويجـب أن يكـون ، اإليمان الجازم والحكم القاطع الذي ال يقبل الشك فيه لدى معتقده هي: العقيدة اصطالحاسواء أكـان ، فهو عقيدة، به أي ما عقد اإلنسان عليه قلبه جازما، وهذا هو المعنى العام للعقيدة، للواقع مطابقا

. أم باطال، ا حق، ال يمازجه ريـب ثابتا حتى تكون يقينا، ها النفسإليوتطمئن ، هي األمور التي يجب أن يصدق بها القلب: أو

. )٦(الجازم ال يسمى عقيدة اليقينلم يصل العلم إلى درجة فإن وال يخالطها شك، وكتبـه ، ومالئكتـه ، لوهيته وأسمائه وصـفاته هي اإليمان الجازم بربوبية الله تعالى وأ: ةاإلسالميوالعقيدة

وما أجمع عليـه ، وأصول الدين، وسائر ما ثبت من أمور الغيب، والقدر خيره وشره، اآلخر اليومو، ورسلهواالتباع لرسوله صلى الله عليه وعلى ، والطاعة، والحكم، والتسليم التام لله تعالى في األمر، السلف الصالح

.سلم آله و: منهـا ، وتـدل عليهـا ، أسـماء أخـرى عنـد أهـل السـنة والجماعـة ترادفهـا : ةاإلسـالمي وللعقيدة

.)٧( )اإليمان(، )الشريعة(، )الفقه األكبر(، )أصول الدين)(ةنالس)(التوحيد(

- صلى اهللا عليه وسلم – وهي التي كان عليها الرسول، ة الصحيحةاإلسالميوالعقيدة بهذا التعريف هي العقيدة رق التي ضلت وانحرفت وأضافت للعقيدة ما ليس منهاوالصحابة رضي اهللا عنهم والتابعون قبل إحداث الف.

.٣٠ص -السعودية اإلسالمية واألوقاف الشوؤن وزارة، األوىل: ط، عبد احلميد األثري، الوجيز يف عقيدة السلف الصاحل) ٦( .، ٩ ص –دار الوطن للنشر ، هـ ١٤١٢ الطبعة األوىل، ناصر بن عبد الكرمي العقل، مباحث يف عقيدة أهل السنة واجلماعة ) ٧(



5

أثر العقيدة الصحيحة على حياة الفرد

فال ، يرا في حياتهوهذا يريح اإلنسان كث، ن هذه العقيدة تغرس في النفس التوكل على اهللا واالعتصام بهإ: أوالخاف من غير اهللا فتحولـت ، فكم من إنسان خاف من غير اهللا فأصبح شريدا طريدا، يخاف إال اهللا عز وجل

فإذا هدد بشيء من ذلك ، يخاف من السحرة والمشعوذين، يخاف من العين، يخاف من الجن، حياته إلى جحيمفال شك أن هذا ، !!يخاف مما ال يملك العباد منه شيئا، قيخاف من قطع األرزا، أصابه الرعب بالليل والنهار

وال ريب أن هؤالء وغيرهم ممن عبدوا مـن دون اهللا تعـالى ال ، ضعف في التوحيد والتوكل على اهللا تعالىأما ) ٨(M 8 72 3 4 5 6 7 8 9 : ; < = L ولھ ذا ، يملكون من األمر شيئا

وما أخطأه لـم ، ألنه يوقن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، يعيش سعيدافإنه بهإذا توكل العبد على اهللا واعتصم كما أنهم ، لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه اهللا لك لم ينفعوكاألمة وعليك أن توقن أن، يكن ليصيبه

سـت فـي تلك واهللا عقيـدة إذا غر ، )٩(لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه اهللا عليك لم يضروك أبدا .النفوس تحول العبد إلى عبد هللا حقا

ظن أن مستقبله ومستقبل أوالده قد ؛وبعض الناس إن خسر تجارة أو فقد وظيفة أو قطع له راتب أو نحو ذلك .ه وأصابه النكدإليغير اهللا تعالى وكله اهللا تعالى لما تعبد ألن من تعبد ، تحطم وأن الحياة ستتوقف ونحو ذلك

وأن األمر كله بيده والخيـر ، المؤمن المعتصم باهللا المتوكل عليه تعالى يعلم أن اهللا على كل شيء قديرولكن وكل ذلـك . فكل هذه المعاني تدخل في قلبه الطمأنينة والراحة والحياة الحقيقية، بيده والرزق بيده واألجل بيده

.والشجاعة في الحق، يورث العزة باهللا تعالىفمن عرف التوحيد وحقيقته وعرف الشرك الذي هو نقيضه ، العقيدة الصحيحة بالعلم والبصيرة ارتباط : ثانيا

M 8 7g h i j ، قذف اهللا في قلبه نورا وبصيرة في الدين والـدنيا ، وحقق اإليمان باهللا تعالىk l m n o p q r s t u v w xy z { | } ~ � ¡ L )١٠

فصار يعرف مضار نفسه ، فهديناه لإلسالم فأنعشناه: }فأحييناه{( -الىاهللا تعرحمه -قال ابن جرير الطبري ) فجعل إبصاره الحق تعالى ذكرا عما نهاه عنه ، ومنافعها ويعمل في خالصها من سخط اهللا وعاقبته في معاداته

على قصد السبيل ومـنهج ييستضيء به فيمش ءوضيا ءومعرفته بوحدانيته وشرائع دينه بعد جهله بذلك حيا )١١( .)الطريق في الناس

8 7 M8 9 : ; < = > ?@ A B C D E F G H L ® ¬ » M 8 7{ | } ~ � ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ § © ª و )١٢(

° ± ² ³ L)رحمه اهللا - قال الحافظ ابن كثير )١٣ -M{ | } ~ � ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ § © ª « ¬ ®¯ ° ± ³² L :ويجعل لكم (وزادهم ، أي ضعفين من رحمته

)١٧٥(اآلية آل عمران )٨( .يف صحيح اجلامع ٧٩٥٧ : انظر حديث رقم ه األلباينصححعن ابن عباس رضي اهللا عنهما، و ٢٤٤٠جزء من حديث أخرجه الترمذي برقم ) ٩( )١٢٢(اآلية األنعامسورة )١٠( ١٤٠٥، بـريوت -وطبعة دار الفكـر .هـ ١٣٧٣، القاهرة. يب مصطفى احلل، ٢ط . جامع البيان عن تأويل آي القرآن أليب جعفر حممد بن جرير الطربي )١١(

هـ )٩ (اآلية يونسسورة ) ١٢( )٢٨(اآلية احلديدسورة )١٣(



6

فدلت اآلية إذا على أن المؤمنين )١٤( )يعني هدى يتبصر به من العمى والجهالة ويغفر لكم: )نورا تمشون بهالموحدين يكسبهم اهللا تعالى بإيمانهم وتوحيدهم نورا وبصيرة وهدى وعلما يرون بكل ذلك مصالحهم ومنافعهم

.الدينية والدنيوية واألخروية رؤية صحيحة نافذة. في الدنيا وعن الحياة األخرى، تصحيح مفاهيم الفرد وتصوراته عن الكون والحياة، ومن آثار العقيدة: ثالثا

والتحضر والنهضة والتقدم وهذه المفاهيم والتصورات نمورات من األمور المهمة جدا في الفالمفاهيم والتصوماذا كانت الحياة؟ ل: ومن خاللهما يعرف الجواب عن أسئلة مهمة، ال تصلح وال تستقيم إال بالعلم واإليمان

ولماذا أوجدنا اهللا تعالى؟ ولماذا كانت الدار اآلخرة؟ وكيف أتعامل وأتصرف مع هذه المخلوقات وما هي أوجه العالقات والصالت بينها؟ إلى غير ذلك من األسئلة التي إذا لم يجب عنها اإلنسان إجابة صحيحة شافية أصبح

M 8 7_ a b c d e f g h i j k l m n o ، في حيرة عظيمة وتردد كبيرp q r s t u v w x y z {| } ~ � ¡ ¢ £¤ ¥ ¦ §

¨©L)هو الذي ال يستجيب (: قال -رضي اهللا عنهما- عن ابن عباس -رحمه اهللا-نقل ابن كثير )١٥وهو رجل أطاع الشيطان وعمل في األرض بالمعصية وحاد عن الحق وضل عنه وله أصحاب ، لهدى اهللا

إن الهدى هدى (: يقول اهللا ذلك ألوليائهم من اإلنس، هدى ويزعمون أن الذي يأمرونه هو الهدىيدعونه إلى الهذا مثل ضربه اهللا (: أيضا - رضي اهللا عنهما- ويقول ابن عباس ، )١٦( )ه الجنإليوالضالل مايدعو ، )اهللا

عن الطريق تائها إذ والدعاة الذين يدعون إلى هدى اهللا عز وجل كمثل رجل ضل، هاإليلآللهة ومن يدعو اتبع األول فإن ،وله أصحاب يدعونه يا فالن هلم إلى الطريق، بن فالن هلم إلى الطريق ناداه مناد يا فالن

فالذي أضلته الشياطين في األرض بالشرك والكفر يظل في ، )١٧()وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى اهتدى، هلكلرسالة والعقل الصحيح والفطرة المستقيمة وبين داعي بين داعي ا، األرض في تيه وحيرة بين داعيين

.)١٨(حال الكثير من الناس إال من رحمه اهللا تعالى، فيظل في حيرة وتردد، الشيطان والهوىومن أعظم دالئل تلك الحيرة التي أصابت الكثير من الشباب المعاصر انغماسه في المخدرات والجنس

كما أن هذه ، ةليااألمم األخرى في سفاسف األمور وعاداتها الب ةمجاراوالشذوذ واالنتحار والتخبط والضالل والحيرة والتردد أصابت بعض المفكرين الذين امتألت قلوبهم بالفلسفة بدال عن العقيدة الصحيحة واإليمان كما

: عبر عن ذلك الفخر الرازي في كتابه أقسام اللذات بقوله ر سعي العالمين ضاللوأكث *** نهاية إقدام العقول عقال

وغاية دنيانا أذى ووبال *** وأرواحنا في وحشة من جسومنا سوي أن جمعنا فيه قيل وقالوا *** ولم نستفد من بحثنا طول عمرناوترددا كما عبر عن ذلك حال المعاصرين أكثر حيرة وشكافإن وإذا كان ذلك حال بعض المفكرين المتقدمين

: )طالسم(دة له أسماها إيليا أبو ماضي في قصي ولقد أبصرت قدامي طريقا فمضيت *** جئت ال أعلم من أين ولكني أتيت

!كيف أبصرت طريقي؟! كيف جئت؟ *** وسأبقى سائرا إن شئت هذا أم أبيت لست أدري

.٤/٣٣٤: العظيم القرآن تفسري) ١٤( )٧١( اآلية األنعامسورة )١٥( .٢/١٦٣: العظيم القران تفسري) ١٦( .١٦٣/ ٢: السابق املصدر )١٧( .٢٦١ص، السعدي تفسري انظر) ١٨(



7

!هل أنا حر طليق أم أسير في قيود؟ *** !أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود؟ ...لكنو أدري أتمني أنني *** !ي حياتي أم مقود؟هل أنا قائد نفسي ف

لست أدري !هل أنا أصعد أم أهبط فيه أغور؟ *** !وطريقي وما طريقي؟ أطويل أم قصير؟

أم كالنا واقف والدهر يجري؟ *** !أنا السائر في الدرب أم الدرب يسير؟ لست أدري

!أدري أنني فيه دفين؟أتراني كنت *** ليت شعري وأنا عالم الغيب األمين !أتراني كنت ال أدرك شيئا؟ *** !وبأني سوف أبدوه وبأني سأكون؟ !أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيئا؟ *** !أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويا؟

!لست أدري؟ لست أدري ؟!ولماذا؟ *** !ألهذا اللغز حال أم سيبقى أبديا؟ فإذا القوم من الحيرة مثلي تائهونا *** ناسكيناقد دخلت الدير أستنطق فيه ال

!فحياة فخلود أم فناء ودثور؟ *** !أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور؟ !أصحيح أن بعض الناس يدري؟ *** !أكالم الناس صدق أم كالم الناس زور؟

)١٩(لست أدريولهذا ، عند من فقد اإليمان والعقيدةفما ذكره هذا الرجل يبين قمة االضطراب والحيرة والتردد والتناقض

وهل العذاب إال عذاب القلب وأي عذاب أشد من الخوف والهم والحزن ( : - رحمه اهللا -يقول ابن القيم وهذه الحقيقة تبقى مع اإلنسان إذا فقد ، )٢٠() وضيق الصدر وإعراضه عن اهللا والدار اآلخرة وتعلقه بغير اهللا

ألن بفطرة اإلنسان فراغا ال يملؤه علم وال ثقافة وال فلسفه وإنما يملؤه ، نقصتالعقيدة الصحيحة واإليمان أو وستظل الفطرة اإلنسانية تحس بالتوتر والجوع والظمأ حتى تجد اهللا تعالى وتؤمن به ، اإليمان باهللا جل وعال

، بعد الحيرةهناك تحس بالهداية .. هناك تستريح من تعب وترتوي من ظمأ وتأمن من خوف، هإليوتتوجه ووجدان المنزل واألهل بعد الغربة والضرب في أرض ، واالطمئنان بعد القلق، بعد التخبط ستقرارواالوفيه ، ففي القلب شعث ال يلمه إال اإلقبال على اهللا(: يقول - رحمه اهللا-ويؤكد هذا المعنى ابن القيم )٢١(.التيه

وفيه قلق ، يذهبه إال السرور بمعرفته وصدق معاملتهوفيه حزن ال، وحشة ال يزيلها إال األنس به في خلوتهفالعقيدة تؤثر في نفس الموحد بحسن الفهم واإلدراك والسالمة من )٢٢( )هإليال يسكنه إال االجتماع والفرار منه

الشك والحيرة؛ ألن اإلنسان من حيث عقله لألشياء وتصوره لها وفهمه لمضمونها والحكم عليها وقبولها وفي تحصيل ، والعقيدة الصحيحة لها تأثيرها في قوة اإلدراك وسالمته، يتأثر بما لديه من اعتقاداتورفضها

فكل من استقرأ أحوال العالم وجد (: يقول ابن تيمية .المعارف والعلوم الدينية والدنيوية في أقل األزمانالعلوم واألعمال أضعاف ما يناله غيرهم سيرة من حقائقلياوأنهم ينالون في المدة ، المسلمين أحد وأسد عقال

١٩٣ص، بريوت، العودة دار، الديوان إيليا، ماضي أبو) ١٩( ٥١/ص -بريوت –دار الكتب العلمية -ابن القيم - حممد بن أيب بكر - الشايف ءالدوا عن سأل ملن الكايف اجلواب) ٢( ٩٦ص، القرضاوي يوسف. د، واحلياة اإلميان: انظر) ٣( ٣/٤٥٩ابن القيم ، السالكني مدارج) ٢٢(



8

وذلك ألن اعتقاد الحق الثابت يقوي اإلدراك ، وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم متمتعين، في قرون وأجيال )٢٣()ويصححه

وتجعله عبدا خالصا ، العبد متحررا من عبودية النفس والهوى والشيطان والدنياالعقيدة الصحيحة تجعل : رابعاوبضدها تتميز ، هللا تعالى فالحرية الحقيقية أن تكون عبدا، وهذه هي الحرية الحقيقية، تبارك وتعالىهللا

وتعلق ، بعضهم تعلق بالقبر أو بفالن، لذلك الغير فأصبح عبدا، فبعض الناس تعلق قلبه بغير اهللا.األشياء يطاردها ليال، بالدنيا وشهواتها وبعض الناس تعلق قلبه، بعضهم ببرجه برج الثور أو العقرب أو غير ذلك

على بحصول شيء من الدنيا أو حزنا إما فرحا، أحيانا ال ينام الليل، يحزن ألجلها ويفرح ألجلها، ونهارا، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار(: ه وسلمقال صلى اهللا علي، فوات شيء من الدنيا

لكن من هو الحر ، تعبد لغير اهللا سبحانه وتعالى فوكله اهللا إلى ذلك، )٢٤()قشوإذا شيك فال انت، تعس وانتكسلكن جعلها في يديه ، فهو لم يترك الدنيا، الحقيقي؟ إنه الذي جعل الدنيا في يديه لكن مأل قلبه باإليمان باهللا

اإلنسان عنده ألف أيكون ( -رحمه اهللا تعالى - قيل لإلمام أحمد بن حنبل ، يستخدمها في طاعة اهللا تعالىفالعبد .)٢٥()إذا زادت ال يفرح وإذا نقصت ال يحزن: كيف ذلك يا إمام؟ قال: قالوا، نعم: دينار وهو زاهد؟ قال

لكن هذه األمور ، ويكون ذا مكانة، ويكون ذا شرف، ويكون ملكا، المتعبد هللا وحده ال شريك له يكون غنيا .ب اهللا وطاعة اهللا وطاعة رسوله صلى اهللا عليه وسلمأما ما في قلبه فهو ح، كلها يضعها في يديه

تتقلب به الدنيا ، في كل يوم له إله يعبده من دون اهللا تعالى، ألنه ال قلب له، وبعضهم يتعلق قلبه بكل شيءأما الذي يتحرر ، له يرجوه في جميع حاجاته ويخافه لما تعلق قلبه بغير اهللا سبحانه وتعالى فصار عبدا، هائمة

.وعبد اهللا وحده ال شريك له ذلك كله فهو من رضي باهللا ربا من -صلى اهللا عليه وسلم ولهذا ذكر اهللا تعالى محمدا، للواحد القهار أن تكون عبدا، وهذه هي الحرية الحقيقيةبوصف العبودية في أعظم المنازل والمواقف - وهو سيد األولين واآلخرين، وهو رسوله المصطفى

M 8! " # $ % & ' ( ) * + , - . / 0 7، واألحوال12 3 4 5 6 7 L )إلى منزلة اإلسراء حين بلغ سدرة المنتهى صلى اهللا عليه وسلمفانظر ، )٢٦ ،

ولما تحدث عن .)٢٧( M 8 7« ¬ ® ° ± ² ³ µ ¶¸ ¹ L ، ولما أنزل عليه هذا القرآنفالعبودية هللا وحده ، )٢٨( M 8 7[ \ ] _ a b c L ، مقام الدعوة إلى اهللا وهو أعظم المقاماتوهذا التحرر من العبودية لغير اهللا تعالى هو الذي جعل جنديا من جنود .ال شريك له هي الحرية الحقيقية

سأله عن سبب مجيئهم أن عندما ذهب لملك الفرس حين -وهو ربعي بن عامر رضي اهللا عنه - اإلسالم بادة العباد إلى عبادة اهللا رب العالمين ومن ضيق الدنيا إلى سعة لقد جئنا لنخرج الناس من ع( : يقول له )٢٩(. اآلخرة فالمخلص في ، أنها تسهل عليه فعل الخيرات وترك المنكرات: من آثار العقيدة الصحيحة على الفرد: خامسا

من وما تهواه نفسه، ويهون عليه ترك المنكرات، توحيده تخف عليه الطاعات لما يرجوه من الثواب

»٤/١٠« ابن تيمية، فتاوىال جمموع )٢٣( .٤١٣٥بن ماجة برقم او ٢٨٨٦أخرجه البخاري يرقم ) ٢٤( ١/١٠٢ لقاضي عياضل ترتيب املدارك وتقريب املسالك )٢٥( )١(، اآلية اإلسراءسورة )٢٦( )١(، اآلية الكهفسورة )٢٧( )٢(، اآلية اجلنسورة )٢٨( ٢/٤٠٢جرير الطربي نالب، وامللوكتاريخ األمم والرسل )٢٩(



9

M< = >? @ A B C D E FG 7 8 ، عقابھ مليألما يخشى من سخط اهللا و، المعاصيH I J K LM N O P Q R L )فعلل صرف السوء والفحشاء عنه بأنه )٣٠

.من عباد اهللا المخلصينريف الناس ة بدأت بتعاإلسالميومن يتدبر أحداث السيرة النبوية وما كان يتنزل في بداية البعثة يجد أن الدعوة

، ذي الجالل واإلكرام، الرحيمكيف أنه الحي القيوم الرحمن ، بأسمائه وصفاته وآثار ذلك في مخلوقاته، بربهم) دار الثواب(ثم بترسيخ نظرية الثواب والعقاب وذلك بتعريفهم بالجنة، الخ.. مالك الملك القريب المجيب

أطاعوا منهم كيف كانت عاقبتهم ومن عصوا منهم ماذا من، ص عليهم خبر من سبقواوق، )دار العقاب(وبالنارأصل عقدي إلى تحتاج، وذلك ألن األوامر والنواهي .وهذا واضح في ما نزل من القرآن بمكة، فعل اهللا بهم

قال إني عند عائشة أم المؤمنين رضي اهللا عنها إذ (: يوسف بن ماهك فقد جاء عن، يدفع اإلنسان لتنفيذهال أي الكفن خير قالت ويحك وما يضرك قال يا أم المؤمنين أريني مصحفك قالت لم؟ قال جاءها عراقي فقا

وما يضرك أية قرأت قبل إنما نزل أول ما نزل منه : قالت، يقرأ غير مؤلففإنه لعلي أؤلف القرآن عليهم ولو نزل أول سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى اإلسالم نزل الحالل والحرا

لقد نزل بمكة ، ال ندع الزنا أبدا: لقالوا، ولو نزل ال تزنوا ال ندع الخمر أبدا: لقالوا، شيء ال تشربوا الخمروما نزلت سورة )٣١( MÇ È É Ê Ë ÍÌ L : تعالى قوله على محمد وإني لجارية ألعب

أي )حتى إذا ثاب(: قوله )٣٢()آي السورة(فأخرجت له المصحف فأملت عليه : البقرة والنساء إال وأنا عنده قالأشارت به إلى الحكمة اإللهية في ترتيب التنزيل وأنه أول ما نزل من )نزل الحالل والحرام( : قوله، رجع

فلما ، والتبشير للمؤمنين والمطيعين بالجنة واإلنذار والتخويف للكافرين بالنار، القرآن الدعوة إلى التوحيد) ولو نزل أول شيء ال تشربوا الخمر إلى آخره(: ولهذا قالت، أنزلت األحكام، كاطمأنت النفوس على ذل

)٣٣(.)وذلك النطباع النفوس بالنفرة عن ترك المألوف، والعكس بالعكس، فالمسلم بقدر ما في نفسه من التوحيد والعقيدة يكون إقدامه وحرصه على فعل الخيرات

كما أخبر اهللا عز وجل عنهم ، ثقلت عليهم الطاعات وكرهوها، ينولما عدم تحقيق هذا األصل في قلوب المنافق M 8 7H I J K L M N O P Q R S T U V W في القرآن

X Y Z [ L )٣٤(

اعلم أن أشعة ال إله إال اهللا تبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك (: يقول - رحمه اهللا -و ابن القيم من نور ، ال يحصيه إال اهللا تعالى فمن الناس ا في ذلك النور قوة وضعفاالشعاع وضعفه فلها نور وتفاوت أهله

من نورها في قلبه كالمشعل : من نورها في قلبه كالكوكب الدري ومنهم: ومنهم هذه الكلمة في قلبه كالشمسن أيديهم كالسراج المضيء وآخر كالسراج الضعيف ولهذا تظهر األنوار يوم القيامة بأيمانهم وبي: العظيم وآخر

وكلما عظم نور هذه ، وحاال ومعرفة وعمال بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة علما، على هذا المقدارحتى إنه ربما وصل إلى حال ال يصادف ، أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته، الكلمة واشتد

فأي ذنب أو ، في توحيده الذي لم يشرك باهللا شيئا وهذا حال الصادق، إال أحرقه وال ذنبا وال شهوة معها شبهة

)٢٤( اآلية، وسفيسورة )٣٠( )٤٦( اآلية القمرسورة )٣١( ٣٩٩٤أخرجه البخاري برقم ) ٣٢( ٢٩/٨٠ بدر الدين العيين احلنفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري) ٣٣( )١٤٢( ، اآليةالنساءسورة )٣٤(



10

فسماء إيمانه قد حرست بالنجوم من كل سارق لحسناته فال ينال ، شهوة أو شبهة دنت من هذا النور أحرقهافإذا استيقظ وعلم ما سرق منه استنقذه من سارقه أو ، منها السارق إال على غرة وغفلة ال بد منها للبشر

ليس كمن فتح لهم خزانته وولى الباب ، فهو هكذا أبدا مع لصوص الجن واإلنس، حصل أضعافه بكسبه )٣٥()ظهره

خاصة للذين إذا ذكروا تعللوا بالمشقة - وترك الواجبات، فأول خطوة في معالجة الذنوب والشهوات والمعاصيالطريق لهم صحة فهؤالء بداية ، ال أستطيع: قال! اترك يا أخي تلك المعصية: فإذا قيل ألحدهم - والعجز

إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد من تركها ( -رحمه اهللا- يقول ابن القيم، وسلوكا العقيدة منهجاال يجد في تركها مشقة إال في أول وهلة ليمتحن فإنه ،من قلبه هللا مخلصا فأما من تركها صادقا، لغير اهللا

)٣٦()تلك المشقة قليال استحالت لذة صبر علىفإن أصادق هو في تركها أم كاذبوما ، وعرف لماذا خلق، ألنه عرف هدفه، صاحب العقيدة جاد حازمفإن : الحزم والجد في األمور: سادسا

فاستغل كل يوم ، فلذلك حرص على عمره، والعمل الصالح، هإليوهو توحيد اهللا والدعوة ، المطلوب منهوال يفوت شيئا فيه رجاء ، فوت فرصة للعمل الصالح إال واستغلهافال ي، بل استغل كل ساعة في عمره، وشهر

ألنه يعلم أن من أسس ، وال يرى موقع إثم إال وابتعد عنه خوفا من العقاب، لثواب اهللا إال وحرص عليه ' & %$ # " !M : واهللا عز وجل يقول، التوحيد اإليمان بالبعث والجزاء على األعمال

( ) * + L )أي على الحزم والجد - لنبي صلى اهللا عليه وسلم على هذه الغاية وقد حث ا )٣٧المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من ( - صلى اهللا عليه وسلم-قال رسول الله : فعن أبى هريرة قال -والقوة

يفعن الضؤموفي الملى مع رصاح ركل خي شيء فال تقل لو كابأص إنو جزال تعو بالله نتعاسو كنفعا ي–يقول ابن القيم ، )٣٨()لو تفتح عمل الشيطانفإن ولكن قل قدر الله وما شاء فعل. أنى فعلت كان كذا وكذا

وسعادته التامة موقوفة على استكمال ، وقوة عملية إدارية،قوة علمية نظرية: قوتانلإلنسان ( : - رحمه اهللا، إنما يكون بمعرفة فاطره وبارئه ومعرفة أسمائه وصفاته، واستكمال القوة العلمية، قوتيه العلمية واإلدارية

يحصل عارف الخمسفبهذه الم، ه ومعرفة آفاتها ومعرفة نفسه ومعرفة عيوبهاإليومعرفة الطريق التي توصل واستكمال القوة العملية اإلدارية ال يحصل إال . وأعلم الناس أعرفهم بها وأفقههم فيها، كمال قوته العلمية

، لمنته عليه وشهودا ومتابعة وإحسانا ونصحا وصدقا والقيام بها إخالصا ،بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد )٣٩()نسان وسعادته ال تتم إال بمجموع هذه األمورفكمال اإل...وتقصيره هو في أداء حقه

ومما يدل على هذا قوله ، وبضده ترد، االعتقاد الصحيح به تقبل األعمال الصالحة عند اهللا تعالى: سابعا )٤٨: النساء Mr s t u v w x y z { | } ~� ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ § L : تعالى

M! " # $ %& ' ( ) * + , - . / 0 1 2 3 4 5 : وقوله تعالى6 7 L )٤٠( ولھوق M° ± ² ³ µ ¶ L )فلما دلت النصوص السابقة على حبوط عمل )٤١

M 8 7 ’قبل اهللا سبحانه عمله الصالح، على أن من آمن باهللا تعالى أيضاالنصوص دلت فإن ،المشرك

١/٣٢٩ابن القيم مدارج السالكني، ) ٣٥( ٩٠-٨٩/ابن القيم صالفوائد ، ) ٣٦( )١٣٢(، اآلية اماألنعسورة )٣٧( ١٤/٣٩٥وأمحد يف املسند ، ٦٩٤٥أخرجه مسلم يف صحيحه برقم )٣٨( ١٧/الفوائد البن القيم ص) ٣٩( )٣١(، اآلية احلجسورة )٤٠( )٦٦(، اآلية الزمرسورة )٤١(



11

O P Q R S T U V W X Y Z [ \ ] _ L )وقال جل )٤٢

MY Z [ \ ] _ a b c de f g h i j k وعالl L )وهو العمل المتابع لكتاب اهللا ، هذا وعد من اهللا تعالى لمن عمل صالحا(- رحمه اهللا -قال ابن كثير )٤٣

وأن هذا العمل المأمور به مشروع ، دم وقلبه مؤمن باهللا ورسوله آمن ذكر أوأنثى من بني ، تعالى وسنة نبيه )٤٤()يا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في اآلخرة بأن يحييه حياة طيبة في الدن، من عند اهللا تعالى

، تتكون من مجموع األفراداألمة إذ، تكون كذلك آثارا لألمة ، فهذه اآلثار والثمار للعقيدة الصحيحة على الفرد يكنوا لبنات مهمة وصالحة في بناء، إذ األفراد اإليجابيون والمثمرون، األمةصلحت ، فكلما صلح األفراد

.القوية والمجيدةمة األ

.ومن هذه اآلثار، األمةوإنما تتعداه إلى الجماعة و، إن آثار العقيدة ال تقتصر على الفردوما ينبثق من ، تي ال تستقل بعقيدتهاال األمةف، وال يتم إال باستقاللها في إيمانها وعقيدتها، األمةاستقالل : أوال

.عقيدتها من شريعة ال يمكن أن تستقل أبدافالعرب لما ،والتاريخ خير شاهد لذلك، تعيش حياة التبعية لغيرها ، التي ال تعتصم بتوحيد ربها سبحانه األمةف

هم لحل إليا يلجؤون وكانو،كانوا يشركون باهللا عز وجل في عبادتهم كانت تبعيتهم إما للفرس أو للروم، ونشأت دولة اإلسالم في المدينة ، حتى جاء اإلسالم وآمنوا به وعبدوا ربهم ، مشكالتهم وخالفاتهم القبلية

بل أصبحت قوة ، سواء كانت يهودية أو نصرانية، بعية واستقلت عن جميع أمم األرضمن التاألمة فتحررتوما كان يمكن أن يكون لها ذلك لوال أن ، ها وعزتها وكرامتها مهابة من األمم األخرى وأصبحت لها شخصيت

.وأصبحت وجهتهم العقدية واحدة وصحيحة.هللا تعالى الواحد القهار أصبحوا عبيدا جميعااألمة أفراد ' & % $ # " !M ويبين هذه الحقيقة قول اهللا تعالى: األمةاألمن العام للمجتمع و: ثانيا( ) * + , L )وجاء في سبب نزول هذه اآلية عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اهللا بن مسعود )٤٥

M 8 76 : وأينا لم يظلم ؟ فنزلت: قال أصحابه )ولم يلبسوا إيمانهم بظلم( لما نزلت : رضي اهللا عنه قال7 8 9 : ; < = > ?@ A B C D E L )لما نزلت هذه اآلية ( : وفي رواية )٤٦

إنه ليس الذي تعنون ألم تسمعوا ما قال العبد : وا يا رسول اهللا أينا لم يظلم نفسه ؟ قالفقال،شق ذلك على الناسفدلت اآلية مع سبب نزولها أن )٤٧( )إنما هو الشرك) ي ال تشرك باهللا إن الشرك لظلم عظيم نيا ب( : الصالح

فله األمن واالهتداء ، اهللا تعالىوأما من آمن ووحد ،من لم يجتنب الشرك لم يحصل له األمن واالهتداء بالكليةفال يحصل األمن التام والكامل واالهتداء التام إال لمن تم له إيمانه واعتصامه بربه عز ، بحسب إيمانه

)١٢٤(، اآلية النساءسورة )٤٢( )٩٧(، اآلية النحلسورة )٤٣( ٢/٦٤٥تفسري القرآن العظيم البن كثري) ٤٤( )٨٢(، اآلية اماألنع )٤٥( )١٣(، اآلية لقمان )٤٦( ٢/٣٤٦واملستدرك للحاكم ١/٤٢٤وأمحد يف املسند ٤٦٢٩أخرجه البخاري كتاب التفسري برقم )٤٧(



12

M 8 7Ä Å Æ Ç È É وعقوباتها )٤٨(ألن كمال اإليمان يمنع صاحبه من المعاصي،وجلÊË Ì Í Î Ï Ð L )٤٩(

فمن كان له ،نقص أمنهااألمة اإليمان زاد األمن وكلما نقص إيمان فاألمن واإليمان متالزمان فكل ما زاد M 8 72 3 4 5 6 7 : ولهذا يقول اهللا عز وجل، إليمان المطلق كان له مطلق األمنا

8 9 : ; < = > ? @ A B C D E F G H I J L )ئنة مستقرة يتخطف فإنها كانت آمنة مطم، هذا مثل أريد به أهل مكة (: رحمه اهللا -قال ابن كثير )٥٠

M 8 7n o p q r s t : قال تعالى كما، ال يخاف ومن دخلها كان آمنا، الناس من حولها uv w x y z { | } ~ � ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ § © L )وهكذا قال )٥١ما ك... أي جحدت آالء اهللا عليها ) من كل مكان فكفرت بأنعم اهللا ( سهال أي هنيئا) يأتيها رزقها رغدا ( هنا

MR S T U V W X Y Z [ \ ] _ ab c d e : قال تعالىL)وأذاقها أي ألبسها ) فأذاقها اهللا لباس الجوع والخوف ( فقال ، ولهذا بدلهم بحالهم األولين خالفهما )٥٢

فأصابتهم ... من كل مكان ويأتيها رزقها رغدا، ها ثمرات كل شيء إلي يالجوع بعد أن كان يجبوجعل كل ما لهم في دمار ... وذلك أنهم بدلوا بأمنهم خوفا) الخوف(: وقوله.... لهم يءسنة أذهبت كل ش

وكما أنه انعكس على الكافرين حالهم فخافوا بعد ... وسفال حتى فتحها اهللا على رسوله صلى اهللا عليه وسلم وجعلهم أمراء الناس ، يلة فبدل اهللا المؤمنين بعد خوفهم أمنا ورزقهم بعد الع، وجاعوا بعد الرغد ، األمن

)٥٣()وسادتهم وقادتهم وأئمتهم: ولهذا ضرب الصحابة ـ رضي اهللا تعالى عنهم أروع األمثلة في تحقيق األمن والبعد عن الخوف قال تعالى

MÈ É Ê Ë Ì Í Î Ï Ð Ñ Ò Ó Ô Õ Ö × Ø Ù L)فلم يكن )٥٤ألن من يخاف من ، ال يخاف إال منه تعالى ألن المؤمن باهللا تعالى ،مما يخاف منه المشركون، عندهم خوف

المسلم من سلم ( : وآمنه كل شيء كما قال صلى اهللا عليه وسلم،آمن من كل شيءفإنه اهللا تبارك وتعالى) أنفسهم وأموالهم والمهاجر من هجر ما نهى اهللا عنه المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على

الذي تحصل به طمأنينة الناس على ،قق به األمن العام هو تحقيق التوحيد واإليمانفتبين أن أعظم سبب يتح )٥٥(، النبي صلى اهللا عليه وسلم به المؤمنين األوائل لما خافوا على أنفسهم وأموالهمر بشولهذا ، أنفسهم وأموالهم

نعاء ال تخاف إال اهللا والذي نفسي بيده لتسيرن الظعينة ما بين عدن وص( ... : من الكفار والمشركين فقالال تخاف ، فبشرهم صلى اهللا عليه وسلم باألمن العام حتى أن الظعينة تقطع هذه المسافة في جزيرة العرب )٥٦()

١/٢٤التوحيد وقرة عيون املوحدين يف حتقيق دعوة األنبياء واملرسلني للشيخ عبد الرمحن بن حسن آل الشيخ : انظر) ٤٨( .)١٤٧(، اآلية النساءسورة )٤٩( )١١٢(، اآلية النحلسورة )٥٠( )٥٧(، اآلية القصصسورة )٥١( )٢٩(، اآلية إبراهيمسورة )٥٢( .٢/٦٤٩ابن كثري -تفسري القرآن العظيم) ٥٣( )١٧٣(، اآلية آل عمرانسورة )٥٤( ١١وباب أي اإلسالم أفضل برقم ) ٩(البخاري باب املسلم من سلم املسلمون من لسانه ويده برقم ) ٥٥( . ٣٠/٩٧وأمحد ٣٣٩٩والبخاري برقم ٥٢٥٩٥٣/٢٠١ن الترمذي برقم سن) ٥٦(



13

بل إن هذا ، وبالفعل قد كان ذلك في دولة المدينة النبوية وفي عهد الخلفاء الراشدين، إال اهللا تبارك وتعالى )٥٧(.مما يدل على عظمة ثمرة اإليمان والعقيدة،قل وسائل وإمكانات مادية األمن العظيم تحقق بعد اإليمان بأ

، األمة ال خير في اإلنسان وال في المجتمع وال فيفإنه ومتى فقد اإليمان، فمتى كان اإليمان كان األمن جي مهما كانت وهذا ينتج األمن الداخلي وينزل الرعب بالعدو الخار، فالعقيدة إذن تولد األمان في المجتمع

فانتصارات المسلمين على )٥٨()نصرت بالرعب مسيرة شهر( : لم يقولوالرسول صلى اهللا عليه وس، قوته وإنما كانت ألن التوحيد يغرس األمان في نفوسهم والثبات في قلوبهم ، عدوهم لم تكن ألن القوة كانت متكافئة

عدلت فأمنت ( : ل كسرى لعمر بن الخطابولهذا قال المرزبان رسو. ويبعث الرعب في قلوب عدوهم ، .)٥٩()فنمت

لعلمنا قيمة ومنزلة العقيدة الصحيحة في أمن ، وإذا نظرنا لهذا األثر في واقع وحياة األمم والشعوب المعاصرةعن أكثر ، إذ ال تقل ميزانية األمن في أي دولة معاصرة، طائلة لتحقيق األمن فهذه األمم تنفق أمواال، األمة

نسبة فإن ومع ذلك، تنفق في إعداد الجيوش والشرط وأجهزة األمن واالستخبارات، ن نصف الميزانية الكليةمعلى نفسه أو ماله أو تاما فنجد اإلنسان ال يأمن أمنا - خاصة في الدول الغربية، حصول األمن نسبة نسبية

، ةاإلسالميكما هو الحال في البالد أو لنقصه ، لعدم اإليمان إذ معدل الجريمة في زيادة مطردة، عرضه .إال خوفه من اهللا تعالى تاما واإلنسان ال يوجد ما يمنعه من الجريمة منعا

قال النبي صلى اهللا عليه وعلى ، إنها الصلة التي على أساسها يقوم المجتمع المسلم المترابط والمتماسك: ثالثا .)٦٠()حب ألخيه ما يحب لنفسهال يؤمن أحدكم حتى ي(: آله وسلم

وهذا ال يتم إال ، واحترام الحقوق والواجبات المتبادلة، فالمجتمع السليم هو الذي يقوم على المودة والمحبة، اإلنسان يمتاز عن سائر الكائنات الحية بأن حركاته(... : يقول الدكتور عبد اهللا دراز، بصحة العقيدة

وال ، وال يوضع في يده وال عنقه، رية يتولى قيادتها شيء ال يقع عليه سمعه وال بصرهوتصرفاته االختياأجل ، وإنما هو معنى إنساني روحاني اسمه الدين والعقيدة، وال يسري في عضالته وأعصابه، يجري في دمه

مات بكافيين وال سلطان الحكو، وليست قوانين الجماعات، إن اإلنسان يساق من باطنه ال من ظاهره. . الذي يؤدي واجبه فإن ،وتؤدى الواجبات على وجهها الكامل، تحترم فيها الحقوق، وحدهما إلقامة مدينة فاضلة

ال يلبث أن يهمله متى اطمأن إلى أنه سيفلت من طائلة ، ةإليأو العقوبة الم، رهبة من السوط أو السجنوعوضا عن ، لثقافات وحدها ضمانا للسالم والرخاءومن الخطأ البين أن نظن أن في نشر العلوم وا، القانون

كما يصلح للبناء ، يصلح للهدم والتدمير : ذلك أن العلم سالح ذو حدين. التربية والتهذيب الديني والخلقي ال إلى نشر ، يوجهه لخير اإلنسانية وعمارة األرض، وال بد في حسن استخدامه من رقيب أخالقي، والتعمير

)٦١()لكم الرقيب هو العقيدة واإليمان ذ، الشر والفسادبإمكانه أن يغير مجرى األحداث ويبدل سير احاسم ه عامالوالقرآن الكريم ركز على العامل العقدي لكون

كثيرا من األمم والشعوب -تعالى -لقد ذكر اهللا ، الدول والمجتمعات حتى مع ضعف اإلمكانيات الماديةومع ذلك لم تكن أبدا استثناء من سنة اهللا تعالى الكونية حال ، في مركز الثقلكانت لها القوة والمنعة وكانت M[ \ ] _ a b c d e f : قال تعالى، تخلف العقيدة عن التأثير في المجتمع

١١/سفر احلوإيل ص.اإلميان وأثره يف األمن ـ د : انظر) ٥٧( .١١٩٩ومسلم برقم ، ٤٣٨أخرجه البخاري برقم ) ٥٨( ١/٤٨٧، ١/١٣١عبداهللا بن عمر الواقدي يبأل، فتوح الشام) ٥٩( .١٧٩ومسلم برقم ، ١٣أخرجه البخاري برقم ) ٦٠( . ٩٩ - ٩٨ص -درازعبد اهللا . الدين )٦١(



14

gh i j k l m n o p q r s t u v w x y z { | } ~ � ¡ ¢ £ ¤ ¥¦ § © ª « L )الزمة القائمة فهذه هي القاعدة في العالقة المت )٦٢

ة بالذات خير شاهد على اإلسالميوتاريخ المجتمعات ، بين العامل العقائدي وبين تطور المجتمعات سلبا وإيجابافكلما كانت العقيدة صافية كلما تحقق . فهناك عالقة طردية بين صفاء العقيدة وتقدم المجتمعات وبالعكس ، ذلك

وبقدر ما تضطرب العقيدة بقدر ما .ي وازداد المجتمع قوة وتفوقا السياسي واألمن االجتماع ستقراروساد االهذه القاعدة - رحمه اهللا –لقد طبق ابن تيمية .تسير المجتمعات نحو االضطراب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا

الكالمية ة وسقوط دولها ابتداء من دولة األمويين التي ظهرت فيها البدعاإلسالميفي تفسير تفكك المجتمعات إلى دولة العباسيين وما بعد العباسيين حيث ظهر اإللحاد وتفشت المظاهر المرضية للدين في شكل مخالفات

.فتحولت العقيدة من مصدر قوة إيجابية محركة للهمم ودافعة للتقدم إلى قوة سلبية عائقة ، عقدية كثيرةمعات في شكل عالقة منطقية تقوم على أساس وصاغ ابن تيمية حديثه عن العالقة بين العقيدة وسير المجت

ه ينسب مروان بن محمد الجعدي آخر إليوهذا الجعد (... : وجود تالزم مطرد بين النتائج ومقدماتها فقالإذا ظهرت البدع التي تخالف دين الرسل انتقم فإنه ،وكان شؤمه عاد عليه حتى زالت الدولة، خلفاء بني أمية

ولهذا لما ظهرت المالحدة الباطنية وملكوا الشام وغيرها ظهر فيها ، انتصر لهمو، الله ممن خالف الرسلحتى كان ، وظهر بسببهم الرفض واإللحاد، فكان خيارهم وأقربهم إلى اإلسالم الرافضة، ...النفاق والزندقة

، لمشرقه في اوكذلك من كان من بني بوي، ة ونحوهم متشيعينليامن كان ينزل الشام مثل بني حمدان الغوكان مبدأ ظهورهم من ، وبسبب ذلك اشتغلت في الفلسفة: قال، وكان ابن سينا وأهل بيته من أهل دعوتهم

ولهذا سمي حينئذ بأمير المؤمنين ، وهو مبدأ انحالل الدولة العباسية، ولم يكن بلغ بعد، حين تولى المقتدر يفلما ول، ال يكون للمسلمين خليفتان: ويقول، وكان قبل ذلك ال يسمى بهذا االسم، األموي الذي كان باألندلس

.فسمى بهذا االسم ، هذا صبي ال تصح واليته: المقتدر قال، لكن هؤالء كانوا في الباطن مالحدة زنادقة منافقين، وكان بنو عبيد الله القداح المالحدة يسمون بهذا االسم

وهم مسلمون كأمثالهم من ، هما نسبه صحيحكالفإن بخالف األموي والعباسي، وكان نسبهم باطال كدينهمفخرجت ، فلما ظهر النفاق والبدع والفجور المخالف لدين الرسول سلطت عليهم األعداء، خلفاء المسلمين

وأخذوا الثغور الشامية شيئا بعد شيء إلى أن أخذوا بيت ، بعد مرة الروم النصارى إلى الشام والجزيرة مرةوكان أهل الشام بأسوأ حال بين الكفار ، وبعد هذا بمدة حاصروا دمشق، رابعةالمقدس في أواخر المائة ال

وقام بما قام به من أمر اإلسالم وإظهاره ، إلى أن تولى نور الدين الشهيد، النصارى والمنافقين المالحدةى أن وجرت فصول كثيرة إل، نجدهمأثم استنجد به ملوك مصر بنو عبيد على النصارى ف، والجهاد ألعدائه

فمن حينئذ ظهر ، وخطب بها لبني العباس، أخذت مصر من بني عبيد أخذها صالح الدين يوسف بن ساديفكان اإليمان بالرسول ، اإلسالم بمصر بعد أن مكثت بأيدي المنافقين المرتدين عن دين اإلسالم مائة سنة

مخالفة ما جاء به سبب لشر الدنيا وبالعكس البدع واإللحاد و، والجهاد عن دينه سببا لخير الدنيا واآلخرة .واآلخرة

ولما أقاموا ما أقاموه من اإلسالم ، فلما ظهر في الشام ومصر والجزيرة اإللحاد والبدع سلط عليهم الكفار Mo p q r s t u v w : تحقيقا لقوله تعالى، وقهر الملحدين والمبتدعين نصرهم الله على الكفار

x y z { | } ~ � ¡ ¢ £ ¤¥ ¦ § ¨ © ª « ¬ ® ¯ ° ± ² ³

)٢٢(، اآلية غافرسورة )٦٢(



15

´ µ ¶ ¹ º » ¼½ ¾ ¿ À Á Â ÃÄ Å Æ Ç È ÉÊ Ë Ì Í L )وكذلك ، )٦٣لما كان أهل المشرق قائمين باإلسالم كانوا منصورين على الكفار المشركين من الترك والهند والصين

MP Q R : لىقال تعا، فلما ظهر منهم ما ظهر من البدع واإللحاد والفجور سلط عليهم الكفار، وغيرهمS T U V W X Y Z [ \ ] ^ _ ` a b c d e f g h

i j kl m n o p q r s t u v w x y z { | } ~ � ¡¢ £ ¤ ¥¦ § ¨ © ª « ¬ ® ¯ °

± ² ³ µ ¶ ¹ ! " # $% & ' () * + , .-L )وكان ...)٦٤ادة الكواكب واألصنام وعب...حتى ، من أسباب دخول التتار ديار المسلمين ظهور اإللحاد والنفاق والبدع

ما ظهر ، ومثل هذا العالم ونحوه، فلما ظهر بأرض المشرق بسبب مثل هذا الملك ونحوه... ، وعمل السحروجرت له أمور فيها عبرة لمن ، فأبادوا هذا الملك، من اإللحاد والبدع سلط الله عليهم الترك المشركين الكفار

MÀ Á Â Ã Ä Å Æ Ç È : حيث يقول، كتابهويعلم تحقيق ما أخبر الله به في ، يعتبرÉ ÊË L )٦٥( وقال، أي أن القرآن حق : M8 9 : ; < L )٦٦(.

في هذا الشكل المنطقي يمكن أن تعمم على -رحمه اهللا -وهذه القاعدة العامة التي صاغها اإلمام ابن تيميةها وحاضرها كما حدث مع في ماضي اإلسالميكثير من التحوالت االجتماعية التي عرفتها دول العالم

م وأحداث ١٩٤٨وفي تاريخنا الحديث تظل حرب فلسطين في سنة ) ٦٧(.المرابطين والموحدين وبالد األندلس .أفغانستان والعراق وغيرها خير شاهد على تلك العالقة الطردية

MY Z : عالىقال ت، وقيام دولة اإلسالم، ة إذن هي السبب في حصول التمكين في األرضاإلسالميفالعقيدة [ \ ] _ L )٦٨( ا في قوة الدول وعزها أو ضعفها كما تتجلى أهمية العقيدة في كونها مصدر

وتعطه ، تعطي المجتمع القوة وعدم الذوبان في المجتمعات األخرى، وبحسب قوتها في األنفس.وذلها وسقوطها .قوة البقاء والثبات واالستمرار

ان تحل من المجتمعات والدول محل القلب من الجسد وأن الذي يؤرخ الديانات ن العقائد أو األديأوجملة القول )٦٩(.كأنما يؤرخ الشعوب وأطوار المدنيات

، المسلمة الموحدة على يقين من ربها األمةف: بنصر اهللا عز وجل للمؤمنين وتحقق وعده اليقينالثقة و: رابعا § ¦ ¥M قال تعالى ،عليه جل وعال واثقة متوكلة، مؤمنة بوعده سبحانه وتعالى مصدقة بآياته تعالى

¨ © ª « ¬ ® L)وقال تعالى )٧٠ : ML M N O P QR S T U V W X Y Z[ \ ] _ L)وقال تعالى )٧١ :MÎÏ Ð Ñ Ò Ó ÔÕ Ö × Ø Ù Ú

)١٣- ١٠(، اآلية الصفسورة ٦٣) ( )٨- ٤(، اآلية اإلسراءسورة )٦٤( )٥٣(، اآلية فصلتسورة )٦٥( )٣٧(اآلية ، األنبياءسورة )٦٦( ٥١ - ٤٠/ص -عبد احلليم عويس. د -دراسة لسقوط ثالثني دولة إسالمية : انظر )٦٧( )١٠٦(، اآلية األنبياءرة سو٦٨)( . ١٠٢ص، دراز، عبد اهللا الدين : انظر )٦٩( )٧(اآلية، حممدسورة )٧٠( )١٦٠(اآلية آل عمران )٧١(



16

Û Ü Ý L)فاهللا تعالى يمكن للمؤمنين وألوليائه من أسباب النصر والقوة ما هو خارج عن عادة )٧٢ى اهللا عليه قال رسول اهللا صل : ولهذا جاء في الحديث القدسي عن أبي هريرة قال، وقدرتهم وقوتهم البشررحمه - قال ابن حجر )٧٣(... )عبدي يإل فقد آذنته بالحرب وما تقرب من عادى لي وليا: إن اهللا قال( : وسلم

، لبغاية الحرب الهالك واهللا ال يغلبه غاالحرب تنشأ عن العداوة والعداوة تنشأ عن المخالفة وفإن (...: اهللاأي عمل به ما يعمله العدو المحارب ، وأراد الزمة ، فأطلق الحرب، فكأن المعنى فقد تعرض إلهالكي إياه

: وقال الطوفي، فمن والى أولياء اهللا أكرمه اهللا ، وإذا ثبت هذا في جانب المعاداة ثبت في جانب المواالة ... من تولى اهللا بالطاعة والتقوى تواله اهللا بالحفظ والنصرة وقد أجرى اهللا العادة بأن عدو العدو لما كان ولي اهللا

من حاربه فكأنما حارب اهللا صديق وصديق العدو عدو فعدو ولي اهللا عدو اهللا فمن عاداه كان كمن حاربه و )٧٤(... )تعالى

. - , + *( ) ' & % $ # " !M : ومن ذلك قول اهللا تعالى/ 0 1 2 34 5 6 78 9 : ; < L )فاهللا تعالى ناصر عباده )٧٥

; : M5 6 7 8 9المؤمنين الموحدين على عدوهم إما بالحجة والبيان كما قال سبحانه < = > ? @ L قدام الكافرين ويرعب قلوبهم من المؤمنين ويقذف في أوقد ينصرهم بأن يزلزل

)٧٦.(قلوب المؤمنين الجرأة على الكافرين £ ¢ ¡ � ~M : نصر اهللا تعالى لعباده الموحدين في غير ما موضع كقوله تعالى القرآن مبينا وقد جاء

¤ ¥ ¦ § © ª « ¬ ® L )وقوله تعالى) ٧٧ : Må æ ç è éê ë ì í î ï L )وقوله تعالى )٧٨ : M< = > ? @ A B C D E F G H I

J K L M N O P Q R S T UV W X Y Z [\ ] ^ _ ` a b cdL)والحق إن اآليات المذكورة ( ... : رحمه اهللا- ول الشيخ محمد األمين الشنقيطى يق )٧٩

)٨٠()تشمل أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وكل من قام بنصرة دين اهللا على الوجه األكمل

، ه فاهللا تعالى ناصرهم ومؤيدهم فيما ال قبل لهم بتحصيل، فالموحدون إذا بذلوا وسعهم ولم يفرطوا في شيء وهكذا ينصرهم ويعزهم في مواضع أخرى كلما آمنوا به وعزروه ونصروه ، ولقد نصرهم اهللا ببدر وهم أذلة

)٨١(.زل مع الرسول صلى اهللا عليه وسلمنأواتبعوا النور الذي قال ، وتجمع قلوبهم، على الحق وفي الحق وتجمع كلمتهم، العقيدة توحد وتقوى صفوف المسلمين: خامسا

M/ 0 12 3 4 5 6 7 8 9 : ; < = > ? @A B C D E عالىت

)٣٨(اآلية احلج )٧٢( . ٦٥٠٢وبرقم ٦١٣٧البخاري يف كتاب الرقائق ـ باب التواضع برقم )٧٣( ١١/٣٤٢ ابن حجر العسقالين- فتح الباري ٧٤)( ٢٥٧: البقرة )٧٥( . ١/٢٦٤أبو احلسن األشعري –مقاالت اإلسالميني : انظر )٧٦( ١٧٣: الصافات )٧٧( ٢١: اادلة )٧٨( ٥٥: النورسورة )٧٩( ٥/٢٦٦حممد األمني الشنقيطي -أضواء البيان) ٨( . ٢/٢٥٥حممد بن عاشور -التحرير والتنوير : انظر )٨١(



17

L )وبسببها تحدث استجابة لقول الله تبارك وتعالى، )٨٢ : MA B C D E FG H I J K L M N O P Q R S T U V W X Y Z [ \] ^ _ ` a b c d e L )ة ولذا فهي السبب الوحيد الذي يجمع )٨٣القلوب ويوحدها وحده حقيقية تلتقي فيهااألم

مثل (: - صلى اهللا عليه وسلم- قال رسول الله : كما جاء في الحديث عن النعمتان بن بشير قال، واألبدانس ى لهاعتد وضع نهإذا اشتكى م دسثل الجم هماطفتعو همماحترو مهادفي تو يننؤمالالم ر ائرهبالس دسج

وإذا أراد الناس أن يجتمعوا على أساس القومية أو الوطنية أو المصالح المشتركة أو األرض )٨٤()والحمىسيكون اجتماعا فإنه وإن حصل بها اجتماع، يحصل بها اجتماع فإنها ال، ونحو ذلك من األسباب، والتراب

.يزول بزوال سببه ودواعيه، أجساد فقط أو اجتماع، أو اجتماع مواقف أونسبيا مؤقتاالتي اعتقدها الرعيل األول من ، العقيدة الصافية، مما ال شك فيه أن سبيل وحدة المسلمين هو في وحدة العقيدة

ةسلف هذهوذلك ألنها ، فهي التي توحد الناس وحدة حقيقية ونافعة، وبها حكموا الدنيا بالقسط والعدل، األم: قال تعالى، والشعائر، وتوحد القلوب والمشاعر، وتوحد اإلله والمعبود، هم ومصادر التلقي عندهمتوحد مناهج

M- . / 0 1 2 3 54L )فلما كان المعبود واحدا وهو اهللا سبحانه )٨٥، ونفي ما سواه، وهي توحيد اهللا بالعبادة، وهي ما شرعه اهللا على لسان كل رسول، والعبادة واحدة، وتعالى

وبها يكون توحيد المتبوع وهم الرسل الكرام عليهم الصالة ، المؤمنة وال تختلفاألمة ن لزاما أن تتحدكا \ ]MI J K L M N O P Q R S T U V W X Y Z : قال تعالى، والسالم

] _ ` ab c d e f g hi j k l m n o p q r s L )٨٦( وبها تتوحد القبلة )٨٧()ودينهم واحد، أمهاتهم شتى، عالتاألنبياء إخوة من (: - صلى اهللا عليه وسلم - وقال

والتنازع ، ولكل هذا فإنها السبيل الوحيد للخالص من التفرق والتحزب.واإلمامة والقيادة الدينية والدنيوية .واالختالف

، ن واألخالقوذلك ألن العالقة بين العقيدة واإليما: غرس األخالق الفاضلة والبعد عن األخالق الرذيلة: سادساأكمل المؤمنين ( : سلمو قال رسول اهللا صلى اهللا عليه : لما جاء عن أبي هريرة قال، عالقة ارتباط وتالزم

إن رسول الله صلى الله عليه : وعن أنس بن مالك يقول )٨٨()وخياركم خياركم لنسائهم خلقا أحسنهم خلقا إيمانافاألخالق قائمة على أساس العقيدة واإليمان؛ )٨٩()ال إيمان لمن ال أمانة له وال دين لمن العهد له( : لوسلم قا

غرس األخالق الفاضلة في المجتمع ال فإن ولهذا، ومبناه على المحبة، ألن اإليمان مقتضاه الطاعة هللا تعالىأما إذا جعلت المراقبة مادية فسرعان ما يحتال اإلنسان على ، يمانيةيمكن أن يتم إال من خالل المراقبة اإل

فسواء رآه الناس أم ، لكن المؤمن ليس كذلك، كما هو في أخالق الغرب فهي أخالق تجارية، المراقبة الماديةة أنها تبني مياإلسالالميزة الكبرى للعقيدة فإن لهذا، ألنه يعلم أن اهللا هو الرقيب، يتعامل بحسن الخلق، لم يروه

٦٣: األنفالسورة )٨٢( ١٠٣: آل عمرانسورة )٨٣( ٦٧٥١مسلم برقم أخرجه ) ٨٤( )٩٢(، اآلية األنبياءسورة )٨٥( )١٣(، اآلية الشورىسورة )٨٦( .- عنه اهللا رضي- هريرة أيب حديث من) ٢٣٦٥( برقم مومسل، )٣٤٤٣(برقم البخاري: عليه متفق )٨٧( ) . ٤٧٢، ٢٥٠/ ٢( وأمحد يف املسند ، هذا حديث حسن صحيح: وقال١١٦٢أخرجه الترمذي برقم ) ٨٨(

.٢٨٤وصححه األلباين يف السلسة الصحيحة برقم ) ٤٦٨٢( برقم ر األول منه أبو داودو أخرج الشط ٢٨٤١: وحسنه األلباين يف الصحيحة برقم) ٢٨٨/ ٦( سننه والبيهقي يف)١٣٥/ ٣( أخرجه أمحد يف املسند ) ٨٩(



18

فذلك اإلنسان ال يترك الزنا أو يترك شرب ، على حب الطاعة وكره المعصية في النفس تلك األخالق بناءوال يلتزم الصدق وحسن الخلق ، وإنما ألنها معصية هللا فيبغضها، الخمر أو غير ذلك بناء على قانون رادع

وبهذا تتحول ، لتزمها ألنها ترضي رب العالمينوإنما ي، والرحمة باآلخرين ألن هذه صفات تجلب له شهرةلألخالق حتى ولو ألزم إلى أن يكون ذلك المؤمن الصادق ممتثال وبغضا هذه العقيدة في قلب المؤمن حبا

.بضدها أو قانونا نظاما

: ثار العقيدة يوم القيامة ما يأتيآمن لما جاء عن حصين بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي : دخول الجنة بغير حساب: أوال

عرضت علي األمم فجعل يمر النبي معه ( : فقال سلم يوماو خرج علينا النبي صلى اهللا عليه: اهللا عنهما قالاألفق فرجوت أن سد كثيرا اسواد الرجل والنبي معه الرجالن والنبي معه الرهط والنبي ليس معه أحد ورأيت

سد األفق فقيل لي انظر هكذا وهكذا كثيرا يكون أمتي فقيل هذا موسى وقومه ثم قيل لي انظر فرأيت سوادافتفرق . )يدخلون الجنة بغير حساب سد األفق فقيل هؤالء أمتك ومع هؤالء سبعون ألفا كثيرا فرأيت سوادا

سلم فقالوا أما نحن فولدنا في الشرك ولكنا آمنا باهللا و أصحاب النبي صلى اهللا عليهالناس ولم يبين لهم فتذاكر هم الذين ال يتطيرون وال يسترقون وال (سلم فقال و ورسوله ولكن هؤالء هم أبناؤنا فبلغ النبي صلى اهللا عليه

فقام آخر . )نعم(؟ قال هم أنا يا رسول اهللا فقام عكاشة بن محصن فقال أمن) . يكتوون وعلى ربهم يتوكلون )٩٠() سبقك بها عكاشة ( فقال أمنهم أنا ؟ فقال

فقيل هؤالء أمتك ومع هؤالء سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب (: وموضع الشاهد منه قوله، فالحديث طويل ها صفات وهذه كل) هم الذين ال يتطيرون وال يسترقون وال يكتوون وعلى ربهم يتوكلون( : وعلل ذلك بقوله، )

.وأعمال اعتقادية أوجبت ألصحابها دخول الجنة بغير حساب وال عقابمن شهد ( : ما جاء عن عبادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيضاويدل على هذه الفائدة

شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى أن لا إله إلا الله وحده لاوليد حدثني ابن جابر المريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل قال

ا شاءهأي ةيانالثم نةاب الجوأب نم ادزة ونادج نر عيمع ن٩١()ع( } Mr s t u v w x y z : قوله تعالى، ويدل على هذه الثمرة: مغفرة الذنوب وتكفير السيئات: ثانيا

| } ~� ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ § L)الذي جاء عن عبد اهللا بن ، صاحب البطاقةوحديث )٩٢، يصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رؤس الخالئق(: سلمو عمرو يقول قال رسول اهللا صلى اهللا عليه

فيقول ال يا ؟جل هل تنكر من هذا شيئاو ثم يقول اهللا عز، كل سجل مد البصر، فينشر له تسعة وتسعون سجالفظون ؟ ثم يقول ألك عن ذلك حسنة ؟ فيهاب الرجل فيقول ال فيقول بلى إن لك فيقول أظلمتك كتبتي الحا، رب

، فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن ال إله إال اهللا وأن محمدا عبده ورسوله. اليومظلم عليك عندنا حسنات وإنه الة والبطاقة في فتوضع السجالت في كف، قال فيقول يا رب ماهذه البطاقة مع هذه السجالت فيقول إنك ال تظلم

.٢٢٠مسلم برقم ، و٥٧٠٥و٣٤١٠أخرجه البخاري برقم ) ٩٠( .١٤٩مسلم برقم و، ٣٤٣٥أخرجه البخاري برقم ) ٩١( )٤٨(اآلية النساءسورة )٩٢(



19

نفعه يوم ، وال شك أن ما قام في قلب هذا الرجل من حسن االعتقاد )٩٣()فطاشت السجالت وثقلت البطاقة ، كفة .وإنما لمن كان حاله كصاحب البطاقة، يكون لكل أحد وهذا قد ال، القيامة

( : سلم يقولو عليهسمعت رسول اهللا صلى اهللا : حديث أنس بن مالك قال: أيضاومما يدل على هذه الثمرة يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك لياقال اهللا يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك وال أب

يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب األرض خطايا ثم لقيتني ال لياعنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك وال أب )٩٤()تشرك بي شيئا ألتيك بقرابها مغفرة

.فحسنة التوحيد عظيمة ال تقابلها معصية إال وأحرق نورها أثر تلك المعصية إذا كمل ذلك النورويدل على هذا ما ثبت عن عتبان بن ، إذا دخلها لسبب ما، يمنع صاحب العقيدة من الخلود في النار :ثالثاالله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك فإن (: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك

الله هج٩٥()و( .تحريم مطلق: األولى: تحريم النار في نصوص الكتاب والسنة يأتي على درجتين )حرم على النار(: فقوله

)٩٦(.تحريم الخلود في النار: والثانية

قيل يا رسول : لما جاء عن أبي هريرة أنه قال، يوم القيامة -صلى اهللا عليه وسلم –عة النبي نيل شفا :رابعاريرة أن لا د ظننت يا أبا هالله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لق

يثدلى الحع كصرح نت مأيا رلم نكل مأو دأح يثدذا الحه ني عألنسي :) ةاميالق موي يتالناس بشفاع دعأسهنفس أو قلبه نا مخالص إلا الله قال لا إله ن٩٧()م(

وحقيقتها أن اهللا هو ، وال تكون إال بإذن اهللا، ليست لمن أشرك باهللا، الشفاعة هي ألهل اإلخالص بإذن اهللافتلك ليكرمه ، فيغفر لهم بواسطة دعاء الشافع الذي أذن له أن يشفع، الذي يتفضل على أهل اإلخالص والتوحيد

كما كان في الدنيا -لى اهللا عليه وسلمص - بذلك وينال به المقام المحمود الذي يغبطه به األولون واآلخرون .)٩٨(وتلك شفاعة منه لهم فكان اهللا يجيب دعاءه وشفاعته ، يستسقي لهم ويدعو لهم

& % $ # " !M : قال تعالى، بشارة المالئكة وتسليمهم على أهل العقيدة عند االحتضار :خامسا' ( ) * + , - . / 0 1 2 3 4 5 6 7

8 9 : ;< = > ? @ A B C D E F G H I J K L )٩٩(. ة، عظيمة وكثيرة في الدنيا واآلخرة، ثار العقيدة الصحيحة وثمارهاآفإن على ذلك بناءوما ، للفرد ولألم

حتى ، تحتاج لمزيد من البحث واإلظهار، وإالفما زالت هذه اآلثار والثمار، المقل ما هو جهد ،ذكرته منها .ما تعلم هذه المنافع والفوائد التي تفوتها إن أهملت هذه العقيدةل، عقيدتها وتعتني بهااألمة تراجع

..صححه ووافقه الذهيبو) ٥٢٩و ٦/ ١( احلاكمو ) ٢١٣/ ٢( أمحد و، ٢٦٣٩والترمذي برقم ، ٤٣٠٠أخرجه ابن ماجه برقم ) ٩٣( .٢٦٨٧وله شاهد عند مسلم برقم .١٧٢، ١٥٤م٥وأمحد يف املسند ، حسن غريب: وفال، ٣٥٣٤أخرجه الترمذي برقم )٩٤( .٣٣ومسلم برقم ، ٦٦٧، ٤٢٥أخرجه البخاري برقم )٩٥( ١/٧٧انظر القول املفيد على كتاب التوحيد ) ٩٦( . ٩٩أخرجه البخاري برقم ) ٩٧( ١١/٨٨جمموع الفتاوى البن تيمية انظر) ٩٨( )٩٢( ، اآليةفصلتسورة )٩٩(



20

مزيدا وعلى أله وصحبه وسلم تسليما،الحمد هللا رب العالمين والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين : وبعد: يوم الدينإلى

: آلتيةالنتائج والتوصيات اإلى فإنه في ختام هذا البحث يمكن أن نصل



21

وال ، ها فوق كل ضرورة؟ ألنه ال سعادة للقلوبإليوضرورتنا ، إن حاجتنا إلى هذه العقيدة فوق كل حاجة - ١

.وال سرور إال بأن تعبد ربها وفاطرها تعالى، نعيموشاملة للدنيا ، ةاألموشاملة للفرد والمجتمع والدولة و، كثيرة وعديدة، إن ثمار وأثار العقيدة الصحيحة - ٢

.واآلخرةإذ أن العقيدة ، ودعوة وعمال علما، وضرورة العناية بها، هذه اآلثار والثمار تبين مكانة العقيدة الصحيحة - ٣

.بل هي قضية لها أثرها في كافة قضايا الحياة، ليست مسالة صغيرة وال قضية جانبيةخاصة إذا بني عليها الخبراء ، وتحدياتها اآلنية والمستقبليةة األم إن العقيدة هي المفتاح لحل كافة قضايا - ٤

.مع االستعانة بالوسائل والقضايا األخرى، ليصلوا إلى النتائج ، والعلماء وأصحاب الشأن مقدماتهم ، ة ليست منهااإلسالميالمعاصرة ادخال مسائل للعقيدة األمة ثار وثمار العقيدة فيآإن مما أضعف - ٥

.للجهل بها من عدد غير قليل من الناس باإلضافة

.جاذبة وسهلةأساليب من خالل عرضها ب، ة للناساإلسالميعلى تحبيب العقيدة ، أن يعمل العلماء والدعاة/ ١

واالستخدام المباشر لها في حل ببعض هذه اآلثار، من الدراسة والتحليل والشرح واالستداللأعطاء المزيد /٢ .األمةمشكالت

.له وصحبه وسلمآوصلى اهللا على نبينا محمد وعلى



22

.ن الكريمآالقر .١

-المكتبة العلمية : الناشر، أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري، النهاية في غريب الحديث واألثر .٢ .محمود محمد الطناحي - يطاهر أحمد الزاو : تحقيق، م١٩٧٩ -هـ ١٣٩٩، بيروت

وطبعة .بيروت، دار الفكر. لإلمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ط. فسيرالقرآن العظيمت .٣ . م١٩٩٢طبعة عام ، سالم ل راودا، نشر مكتبة دار الفيحاء، ةاإلسالميإدارة بناء المساجد والمشاريع

. مصطفى الحلبي ، ٢ط .لإلمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري -جامع البيان عن تأويل آي القرآن .٤ . هـ ١٤٠٥، بيروت -وطبعة دار الفكر.هـ ١٣٧٣، القاهرة

.مصر، طبع مطبعة المدني، الشيخ محمد األمين الشنقيطي-ح القرآن بالقرآنأيضاأضواء البيان في .٥تحقيـق ، لإلمام محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبن قيم الجوزيـة -إعالم الموقعين عن رب العالمين .٦

.بيروت ، دار الفكر، حي الدين عبد الحميدمحمد معقيـل : تحقيق، أبن قيم الجوزية الرسالة التبوكية لإلمام محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهللا- .٧

.م١٩٩٠-ه١٤١١الطبعة األولى ، صنعاء، مكتبة دار القدس، بن محمد المقطرى

تحقيق محمـد سـيد ، الراغب األصفهانىألبى القاسم الحسين بن محمد ، غريب القرآنفي المفردات- .٨ .لبنان، بيروت ، دار المعرفة ، كيالانى

دار الغـد العربـي / ط، ه٦٧١لإلمام محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي ت : الجامع ألحكام القرآن- .٩ .ه١٤١٠الطبعة األولى ، القاهرة

دار إحياء . هيم عطوة عوض وإبرا، ومحمد فؤاد عبدالباقي، أحمد محمد شاكر : تحقيق : جامع الترمذي .١٠ .بيروت -وطبعة دار إحياء التراث ، بيروت: التراث العربي

.الرياض : مكتبة المعارف. هـ ١٤١٥ : )١(ط) . ٢ : ج. (لأللباني : سلسلة األحاديث الصحيحة .١١

دار ابن كثير ، نشر، مصطفى ديب البغا. د، ت، محمد بن إسماعيل البخاري : فإليت، الجامع الصحيح .١٢ .الرياض دار السالم. هـ ١٤١٧ : )١(وط. هـ ١٤٠٧، ٣،ط، بيروت :-

دار إحياء التراث ، ن، محمد فؤاد عبد الباقي، ت، مسلم بن الحجاج النيسابوري : فإليت، صحيح مسلم .١٣ .القاهرة : دار الحديث. هـ ١٤١٢ : )١(بيروت وط –

، دار الفكـر : تصوير. لدين الخطيب ومحب ا، لعزيز بن بازا عبد : تحقيق. البن حجر : فتح الباري .١٤ .المطبعة السلفية

. عبدالرحمن بن محمد بن قاسم وابنـه محمـد : جمع وترتيب : مجموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية .١٥ .المدينة المنورة : مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. هـ ١٤١٦ : )٢(ط

ـ : تحقيق : مسند اإلمام أحمد .١٦ ـ ١٤٢٢ -هــ ١٤١٣)١(ط. ة شعيب األرناؤوط وجماع مؤسسـة هـ .بيروت، وطبعة دار صادر. بيروت : الرسالة

.تونس -دار سحن ، نشر، لمحمد بن عاشور،تفسير التحرير والتنوير .١٧

-دار الكتاب العربي ، نشر، إبراهيم األبياري، ت، علي بن محمد بن علي الجرجاني: فإليت، التعريفات .١٨ .ه ١٤١٥، ١،ط ، بيروت

.بيروت –مؤسسة الرسالة ، ن، الفيروز آبادي : فإليت، المحيطالقاموس .١٩



23

.١، ط، بيروت -دار صادر ، نشر، محمد بن مكرم بن منظور األفريقي المصري: فإليت، لسان العرب .٢٠

.م ١٩٧٩عام ، بيروت -نشر دار القلم ، محمد بن أبي بكر الرازي : فإليت، مختار الصحاح .٢١

.م١٩٨٤/هـ١٤٠٤، بيروت، مؤسسة الرسالة، شعيب األرناؤوط :ت، سير أعالم النبالء للذهبى .٢٢

.م١٩٨١/ هـ١٤٠١محمد رشاد سالم الرياض: ت، ألبن تيمية، منهاج السنة النبوية .٢٣

: الناشـر ، عبد السالم محمد هارون: تحقيق، معجم مقاييس اللغة ألبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا .٢٤ .م١٩٦٩-هـ١٣٨٩ط الثانية ، لبابي الحلبيمصطفى ا

الملقـب ، أبـو الفـيض ، تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني .٢٥ .الزبيدي تحقيق مجموعة من المحققين، بمرتضى

، لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبـو عبـد اهللا مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين .٢٦ .محمد حامد الفقي : تحقيق، ١٩٧٣ – ١٣٩٣، الطبعة الثانية، بيروت –دار الكتاب العربي : الناشر

: الطبعة األولى، القاهرة –دار الحديث : الناشر، لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهللا، الفوائد .٢٧ .عصام الدين الصبابطي: تحقيق : هـ١٤١٢

دار الفكـر ، دار الفكر المعاصر: رالناش، لمحمد عبد الرءوف المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف .٢٨ .محمد رضوان الداية. د : تحقيق، ١٤١٠، الطبعة األولى، دمشق، بيروت -

مراجعة وتقديم ، لعبد اهللا بن عبد الحميد األثري) أهل السنة والجماعة( الوجيز في عقيدة السلف الصالح .٢٩ة واألوقاف والـدعوة اإلسالميالشؤون وزارة : الناشر، األولى: الطبعة، صالح بن عبد العزيز آل الشيخ

.هـ١٤٢٢: تاريخ النشر، المملكة العربية السعودية -واإلرشاد

دار الـوطن ، هـ ١٤١٢/ ٩/ ١٢لطبعة األولى ا، لكريم العقلا ناصر بنا عبد. د، مباحث في العقيدة .٣٠ .للنشر

–مكتبـة المعـارف : الناشـر ،لإلمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي -البداية والنهاية .٣١ .بيروت

لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبـد ) الداء والدواء(الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي .٣٢ . بيروت –دار الكتب العلمية : الناشر، أبن القيم، اهللا



Filename: ٤( الصحیحة العقیدة ).docx Directory: C:\Documents and Settings\sust\My Documents Template: C:\Documents and Settings\sust\Application

Data\Microsoft\Templates\Normal.dotm Title: Subject: Author: sust Keywords: Comments: Creation Date: م ٠٢:٢٦:٠٠ ٢٠١١/ ٠٤/ ٠٤ Change Number: 3 Last Saved On: م ٠٢:٣٥:٠٠ ٢٠١١/ ٠٤/ ٠٤ Last Saved By: sust Total Editing Time: 11 Minutes Last Printed On: م ٠٢:٤٢:٠٠ ٢٠١١/ ٠٤/ ٠٤ As of Last Complete Printing Number of Pages: 23 Number of Words: 7,920 (approx.) Number of Characters: 45,149 (approx.)

