1  

خمتصر

احلرية أو الطوفان

اإلسالمي السياسي للخطاب موضوعية دراسة

التارخيية ومراحله

.حاكم املطريي. د تأليف

م٢٠٠٣

اختصار

)أخت األحرار(

 

2  

 

:بني يدي املختصر

..احلمد هللا وحده، وصلى اهللا وسلم على من ال نيب بعده، وبعد

، وقد )أخت األحرار(ت الكرمية، والداعية الفاضلة، والكاتبة العاملة ، لألخ)احلرية أو الطوفان(كتاب فهذا خمتصر

لتقريب واختصار أحسنت يف املختصر غاية اإلحسان، وحققت أمنية طاملا متناها علي كثري من القراء والعلماء الفضالء،

نحو ثلث الكتاب ب) احلرية أو الطوفان(بنحو ثلث الكتاب، واختصرت هنا ) حترير اإلنسان(كتيب، حيث اختصرت

.أيضا، وأصبح من السهل على أكثر القراء الذين ال حيبذون املطوالت االطالع عليهما، واالستفادة منهما

وأسأل اهللا يل ولألخت الكرمية ولكل من أسهم بسهم يف بعث اخلطاب الراشدي، والدعوة إليه، واجلهاد يف سبيله، هذا

..اهللا وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعنيالتوفيق والسداد واهلداية والرشاد، وصلى

: مقدمة املختصر

إىل فضاء العتق و ،إىل نور احلرية وكرامتها ،بإذن ربه خيرج من ظلمات الرق وذله ئع جدا،راكتاب احلرية أو الطوفان

واحلجج ،لنصوص القاطعةواإلحسان؛ مرصعا با ،والعدل ،ودعوة إىل الشورى ،ثورة على االستعباد واالستبداد ؛وعبقه

حمطتها الرئيسية األوىل سقيفة بين ،والتعليقات الصائبة؛ يسري بك يف حلقة منظومة ،واألحداث الثابتة ،الداحضة

رحلة يف ،فينطلق بك بعدها بسرعة موزونة ا؟والصحابة يتشاورون فيمن خيلف حممد ،ساعة موت حممدساعدة؛

ك هذه اللحظة املرة اليت نعيشها، إىل عتبة زمانك وساعة يومك وليلتهي بك ينتو شائقة تود لو أهنا تطول وتطول؛

ء والبالء الذي حل بأمة اإلسالم، مشريا باألخرى إىل جرعات الدواء من معني القرآن واضعا يده على مكامن الدا

.، وما كان عليه خلفاء األمة الراشدين ومن اسنت بسننهم واقتفى أثرهموالسنة

على قضوا حنبهموصدقوا ما عاهدوا اهللا عليه؛ ،فستجد أمنوذجا رائعا لرجال مؤمنني ،وتأمل ،الكتاب ومتعن اقرأ يف هذا

منهج السالمة أتباع ال ،أتباع سالمة املنهج ،عن املنكر هنياوالن ،باملعروف ينمراآل، األنبياء حقاأولئك هم ورثة ؛ذلك

.والغنيمة الباردة العاجلة

،صلى اهللا عليه وسلم يه حال نبيهاإىل ما كان عل ،ركب العودة باألمة حكاما وحمكومني ،ملباركاقرأ وانضم للركب ا

عضوا بعدي، من املهديني اخللفاء الراشدين وسنة عليكم بسنيت(: كما يف احلديث، ه الراشدونؤخلفاما كان عليه و

 

3  

يف ذلك األمر رأسن وال شك أ )ضاللة عةبد وكل بدعة، حمدثة فإن كل األمور، وحمدثات وإياكم بالنواجذ، عليها

.، وكل أمر حمدث يف ذلك جيب رده ورفضهاوالعض عليه والتمسك هبا شئوهنا،اتباع سنتهم يف سياسة األمة وإدارة

:أحب التنبيه على أموركما

 .م املوجودة على الشبكة العنكبوتية2003املختصر من طبعة الكتابأن -1

.وما كان هذا االختصار إال للداللة عليه ، خاصة لطلبة العلم والدعاة،الكتاب كامالال غىن عن قراءة -2

 .وتغيري صيغة بعض العبارات لتحويلها على شكل سؤال أو إضاءة يسري تصرفقمت ب -3

راجعها فلريجع إىل فمن احتاج م ،لقارئعلى ا اختفيف ،النصوص واملنقوالت مل أنقل هوامش املصادر -4

:ول هذا األمرحاملؤلف قد قال ، وأصل الكتاب

وال من األخبار والروايات ،هذا وقد أخذت على نفسي والتزمت أال أورد من األحاديث إال الصحيح(

- مع ما يف ذلك من عسر ومشقة -وقد اجتهدت يف دراسة أسانيد الروايات التارخيية ،التارخيية إال املقبول

ة إال ما كان صحيحا أو مشهورا بني املؤرخني؛ إذ ألجتنب الروايات املوضوعة، فلم أورد من األخبار التارخيي

.)للتاريخ واملؤرخني منهج خيتلف عن منهج أهل احلديث يف كثري من التفاصيل

الفساد عم واهللا فقد...(: يف سري أعالم النبالء رت وأنا أقرأ هذا الكتاب، قول اإلمام الذهيبتذك -5

عدة لعارضه وإخالص بصدق العامل نطق لو لب باحلق؛ القوال وقل ،السنن وخفيت ،البدع وظهرت

ردود لذا جتد و ومؤلفه الكرمي، وهذا ما حصل هلذا الكتاب، ..)وجهلوه وملقتوه الوقت علماء من

  .نسخة تاليةملحقة بالكتاب يف ،ردا على معارضيه ومنتقديهاملؤلف كتبها وإيضاحات

يف أوساط كثري من الدعاة ال واسعا وترحيبا عريضا قبو "احلرية أو الطوفان"كتاب هذا ال لقييف املقابل -6

مل يؤلف ألهل السنة واجلماعة يف هذا الباب كمثل هذا : (قال عنه الدكتور سفر احلوايلفقد ،وطلبة العلم

 )!هو كتاب العصر ومل يؤلف مثله يف فنه(القرين الدكتور عائضعنه قال و ،)الكتاب

كل مؤلفاته ورسائله ر على الشبكة العنكبوتية، حيويزاخ حاكم املطريي موقع كتوردالللمؤلف أيضا -6

  .اليت كتبها يف سبيل نصرة هذا الدين، والعودة باألمة إىل سنن اخللفاء الراشدين

عن أمة حممد خري اجلزاء وأن يبارك له فيما وجيزي مؤلف الكتاب ،ينفع هبذا املختصرهذا واهللا أسأل أن

وكل من سعى سعيه يا مسيع ه حبفظه، وخيتم له بأحسن خامتة وأزكاها،، وحيفظآتاه، وأن يزيده من فضله

.الدعاء يا ذا اجلالل واإلكرام

 

4  

.............. 

 

5  

 

:املقدمة

:أما بعد احلمد هللا رب العاملني، وصل اللهم وسلم على نبينا إمام اجملاهدين حممد بن عبداهللا وآله وصحبه أمجعني

ولقد ؛وعن طبيعة كل مرحلة وأبرز مساهتا ،ومراحله التارخيية ،لسياسي اإلسالميفهذه دراسة موجزة عن اخلطاب ا

:لة كثرية طاملا دار اجلدل حوهلااجتهدت أن أجيب عن أسئ

ما طبيعة الدولة اإلسالمية؟ -1

هل لإلسالم نظام سياسي واضح املعامل؟ وهل باإلمكان بعث هذا النظام من جديد؟ وهل حنن يف حاجة إليه؟ -1

ما العالقة بني اجملتمع والدولة؟ وما مدى تدخلها يف شئون اجملتمع؟ -2

ما احلقوق السياسية اليت جاءت هبا الشريعة اإلسالمية؟ -3

كيف تراجع اخلطاب السياسي اإلسالمي؟ وما أسباب تراجعه؟ وما عالقة الفقه السياسي بالواقع؟ وما أثر هذا -4

الفقه على ثقافة اجملتمع؟

أ اإلسالم دينا يدعو إىل حترير اإلنسان من العبودية واخلضوع لغري اهللا ـ عز وجل ـ إىل دين يوجب على كيف بد -5

أتباعه اخلضوع للرؤساء والعلماء مهما احنرفوا وبدلوا؛ بدعوى طاعة أويل األمر؟

وهي إخل؛....ماعية واملساواةمل مل يعد علماء اإلسالم ودعاته اليوم يهتمون حبقوق اإلنسان وحريته والعدالة االجت -6

 يف اإلسالم انتشار سرعة إىل أدت اليت وهي املدينة، يف وأكدها مكة، يف وهو النيب إليها دعا طاملا اليت املبادئ

.كله العامل

والعدالة االجتماعية كيف مت اختزال مفهوم الشريعة لتصبح السياسة الشرعية وحقوق اإلنسان واحلريات -7

!ذلك ال عالقة له بالشريعة؟ واملساواة؛ كل

إذا إذا مل يدع الناس إىل هذه املبادئ اليت وسلم عليه اهللا صلى ما حقيقة الدعوة النبوية والدين الذي جاء به النيب -8

!؟)ال إله إال اهللا(من معاين كلمة هي

 

6  

ال قيمة فيه لإلنسان وحريته فصار الدعاة إليه اليوم يدعون الناس إىل دين ،كيف مت تفريغ اإلسالم من مضمونه -9

!!بل يرفض تغيري الواقع ويدعو إىل ترسيخه بدعوى طاعة ويل األمر؟ ؛وكرامته وحقوقه

حيث الشعب حياسب رؤساءه وال يستطيع ؛كيف ندعو شعوب العامل احلر الذي تساوى فيها احلاكم واحملكوم - 10

دين يدعو أتباعه إىل اخلضوع للحاكم وعدم نقده كيف ندعوهم إىل ؛أو مصادرة حريته أو تعذيبهحاكم سجن أحد

حيرم كما !؟وظلمه إذ طاعته من طاعة اهللا ورسولهمهما بلغ فساده ، وعدم التصدي جلوره، والصرب على ذلك عالنية

!الدين اجلديد؟ يف دخلت لو بينها فيما السلطة تتداول أو األحزاب السياسية تقيم احلرة أن الشعوب هذه على

الناس اليوم يدعون لدين إن مل يكن ممسوخا مشوها فهو خمتزل ناقص؛ ال تصلح عليه حال أمة وال تستقيم ح لقد أصب

من : هذا الواقع الذي يعيشه العامل اإلسالمي اليومأدى إىل ؛اإلسالم احلق منها براء ،بل هو أغالل وآصار ،عليه ملة

.راجعة اخلطاب السياسي اإلسالميم فكان ال بد من ؛وشيوع للظلم والفساد ،ختلف واحنطاط

!؟ آال ترى صعوبة هذه املراجعة :س

ونسف مفاهيمهم اليت نشئوا ،إذ ليس من السهل هز عقائد الناس ؛أعلم أن ما توصلت إليه سيثري سخط الكثريين :ج

صاغت مر األجيال؛ ثقافة جمتمعات توارثتها علىبينما هي يف واقع األمر ، ىت غدت هي الدين ذاته يف نظرهمح ،عليها

بسبب احنرافها يف ال بسبب الدين بل إليه، آلت ما إىل أمورها فآلت وقيمها، ومصاحلها حاجاهتا وأحكامه وفق الدين

حىت مل يعد دين الناس اليوم هو الدين الذي كان ؛الكاسد الدين عن مبادئه وغاياته ومقاصده بالتأويل الفاسد والتحريف

فهوممب إال أنه حيل بني الناس وبينه ،كما نزل يارط امع كون القرآن ما زال غض - عنهم رضي اهللا –عليه الصحابة

حىت ال يكاد املسلم اليوم يقرأ آية من كتاب اهللا مهما كانت صرحية قطعية يف ؛مئات العلماء وشروحهم وتأويلهم

–رضي اهللا عنهم –فرق بني الصحابة وهذا هو ال ،منها اآلخرون فهم داللتها حىت يراجع عشرات الكتب لينظر ماذا

وقطعوا ،فاخنلعوا من ثقافة جمتمعهم وقيمه ومصاحله ،مها اللذان حيددان هلم معامل الطريق القرآن والرسول الذين كان

بل كل عالقة تربطهم هبذه الثقافة ـ واملسلمني اليوم الذين مل يعد القرآن وال السنة مها اللذان حيددان هلم معامل الطريق؛

!ف عصورهم وفهومهم وثقافاهتم؟املفسرون والشراح والعلماء األحياء منهم واألموات؛ مع اختال

:وهي الشرعي السياسي للخطاب التارخيية املراحل حبسب فصول ثالثة إىل الدراسة هذه بتقسيم قمت وقد

.املرتل الشرعي السياسي اخلطاب مرحلة: األوىل املرحلة: األول الفصل - ١

.املؤول الشرعي السياسي اخلطاب مرحلة: الثانية املرحلة: الثاين صلالف - ٢

 

7  

.املبدل الشرعي السياسي اخلطاب مرحلة: الثالثة املرحلة: الثالث الفصل - ٣

وما استطعت ما اإلصالح إال إن أريد{: الصاحل النيب قال ما إال أقول وال والسداد، التوفيق وجل عز اهللا وأسأل هذا

.}أنيب وإليه توكلت عليه باهللا إال توفيقي

 

8  

 

  هـ 73هـ ـ 1 الشرعي املرتل مرحلة اخلطاب السياسي: املرحلة األوىل: الفصل األول

ميكن تقسيم املراحل التارخيية للخطاب السياسي ـ وهو منظومة األحكام والقواعد اليت يقوم عليها نظام احلكم يف

:ل مرحلة مالحمها ومعاملها اليت متيزها عن املراحل األخرىالدولة اإلسالمية ـ إىل ثالث مراحل رئيسة؛ لك

:مرحلة اخلطاب السياسي الشرعي املرتل: املرحلة األوىل

هذه املرحلة اليت تبدأ تارخييا بقيام ، صلى اهللا عليه وسلم وهي املرحلة اليت متثل تعاليم اإلسالم كما نزل على النيب

إليها إىل آخر عهد خليفة صحايب وهو عبداهللا صلى اهللا عليه وسلم ة بعد هجرة النيبالدولة اإلسالمية يف املدينة املنور

.املرحلة هذه هناية بداية يعد من احنراف آخرها يف ختللها ما مع )هـ73سنة(بن الزبري

:وتتميز بوضوح املبادئ التالية

:ضرورة الدولة للدين وأنه ال دين بال دولة -1

ال يتصور أن يكون اإلسالم الرسالة إذ املرحلة؛ هذه يف ودولة دين اإلسالم وأن م الدولة،قيا ضرورة مبدأ جتلى فقد

دون دولة تتجلى فيها أحكام هذه الرسالة وتقام فيها ،والشريعة الكاملة اليت ارتضاها اهللا للبشرية ،اخلالدة لإلنسانية

.الواجبات واحلدود اليت تصون هذه احلقوق

وعد اهللا الذين آمنوا منكم وعملوا { :ة الدولة يف آيات كثرية كغاية وهدف كما يف قولهوقد أكد القرآن ضرور

هلم وليبدلنهم من الصاحلات ليستخلفنهم يف األرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن هلم دينهم الذي ارتضى

.}يعبدونين ال يشركون يب شيئا بعد خوفهم أمنا،

الصالة وآتوا أقاموا األرض يف مكناهم إن الذين{: قال كما أخرى؛ لغاية لةكوسي الدولة ضرورة أكد وكذلك

ميكن ال بل – األكمل الوجه على أداؤه ميكن ال أكثر الواجبات أن ومعلوم ،}املنكر عن وهنوا باملعروف وأمروا الزكاة

عناملنكر، والنهي باملعروف ألمروا واجلهاد، شريعته، كالزكاة، وتنفذ باإلسالم حتكم ظل دولة يف إال – أصال أداؤه

.إخل …واحلدود

 

9  

ذلك ويؤكد ،...مكة يف وهو الغاية هذه حتقيق على النيب عمل ضرورة، وقد واجب فهو به إال الواجب يتم ال وما

دوق؛ احلرب بيعة وهي ،واملكره واملنشط ،واليسر العسر يف والطاعة السمع على مبكة الثانية البيعة األنصاربايع أنه

!ودين دولة إلقامة بيعة أهنا األنصار فهمها

النشاط يف والطاعة السمع على تبايعونين( :قال نبايعك؟ عالم اهللا، رسول يا: قلنا: (اهللا عبد بن جابر حديث ففي

م،الئ لومة اهللا يف يبايل ال يقوهلا وأن املنكر، عن والنهيباملعروف األمر واليسر، وعلى العسر يف والنفقة والكسل،

هذا أدرك وقد .)وأبناءكم أنفسكم وأزواجكم منه متنعون مما – عليكم قدمت إذا – ومتنعوين تنصروين أن وعلى

.)السيوف تعضكم وأن خياركم، وقتل كافة، العرب منازعة اليوم إخراجه إن: (زرارة بن أسعد سيدهم فقال األنصار

بعد اهلجرة أن حيقق هذا وقد استطاعدولة، إقامة إىل يهدف وأنه واضحا، هلم السياسي النيب خطاب كان فقد

.إقامة الدين كله هللامهمة اهلدف الرئيسي الذي سيسهل

إىل حسم موضوع اخلالفة يف سقيفة بين بعد وفاة النيب بادرة الصحابة ـ رضي اهللا عنهم ـوهذا أيضا ما يؤكده م

هلذا تفسري ال إذ ،ألصل وإدراكهم هلذا املبدأ الرئيسإال إلمياهنم هبذا ا ، وما ذلكساعدة قبل دفن جسده الشريف

وهو ضرورة إقامة الدولة حبسم موضوع اإلمامة والسلطة واحملافظة عليها من التعليل، هذا إال النحو على هذا التصرف

.واحملافظة عليه أجل إقامة الدين

لطبيعة وفهمهم السياسي - عنهم ضي اهللار – الصحابة وعي مدى على دليل إال املوضوع هذا حلسم املبادرة هذه وما

- اهللا رسول وفاة بعد - الزكاة أداء عن امتنع ممن بكر أيب يؤكده موقف ما وهذا ودولة، دين وأنه الدين هذا

مجيع من إمجاع حمل هي بل األمة، بني خالف موضع القضية هذه وليست ذلك، يلزمهم ال أهنم بدعوى للدولة،

رسلنا أرسلنا لقد{: قال كما بالقسط؛ الناس يقوم أن الكتب هو وإنزال الرسل إرسال نم الغاية إذ املذاهب؛

، اهلدف هذا حتقق دولة بإقامة القسط إال ذلك يتحقق وال ،}بالقسط الناس ليقوم وامليزان الكتاب وأنزلنا معهم بالبينات

.االستطاعة قدر اإلصالح وحتقيق العدل إقامة وهو

:ة وأنه ال دولة بال إمامضرورة إقامة السلط-2

ة، وهذا األصل هو حمل إمجاع فكذلك ال دولة بال إمامة وسلطة تقوم بإدارة شئون هذه الدول ،فكما أنه ال دين بال دولة

وعقدها ملن يقوم هبا واجب ،وسياسة الدنيا ،اإلمامة موضوعة خلالفة النبوة يف حراسة الدين: (قال املاورديأيضا،

.صود هنا باإلمجاع إمجاع الصحابة رضي اهللا عنهم وهو أقوى اإلمجاعات وأصحهاواملق ،)باإلمجاع

 

10  

اإلمجاع فذلك ،…إمام من البد أنه متفقني على أبيهم بكرة على - عنهم اهللا رضي - الصحابة: (الشهرستاين قال

.)اإلمامة وجوب على قاطع دليل

بعد الصديق تقدمي على الصحابة وأمجع ،…ألئمةا بني وال األمة بني ذلك وجوب يف خالف ال: (القرطيب وقال

هذه ساغت ملا غريهم يف وال قريش يف ال واجب غري اإلمامة كان فرض فلو ،…واألنصار املهاجرين بني وقع اختالف

.)املسلمني قوام به الذي الدين أركان من ركن وأهنا وجوهبا على فدل ،…واحملاورة بينهم املناظرة

تتم ال آدم بين ، فإنهبا إال للدين ال قيام بل الدين، واجبات أعظم من الناس أمر والية: (تيمية ابن اإلسالم شيخ وقال

باملعروف األمر أوجب اهللا ألن رأس؛ من االجتماع عند هلم والبد إىل بعض، بعضهم حلاجة باالجتماع، إال مصلحتهم

...).وإمارة بقوة إال ذلك يتم وال عن املنكر، والنهي

الدين ونظام الدين، نظام يف الدنيا ضروري ونظام الدنيا، ونظام الدين نظام يف ضروري السلطان: (الغزايل ماماإل وقال

سبيل ال الذي الشرع ضروريات من اإلمام وجوب فكان قطعا، مقصود األنبياء وهو اآلخرة، بسعادة للفوز ضروري

.)تركه إىل

)....والتابعني بإمجاع الصحابة الشرع يف وبهوج عرف وقد واجب، اإلمام نصب: (خلدون ابن وقال

واجلنايات، األموال يف عليهم من األحكام اهللا أوجبه مبا الناس قيام أن وبديهته العقل بضرورة علمنا: (حزم ابن وقال

الظلم، ومنع والطالق، والنكاح، والدماء،

فإنه هلا، رئيس ال اليت البالد مشاهد يف اوهذ - إمام دون أي – ممكن غري ممتنع ،…القصاص وأخذ املظلوم، وإنصاف

.1)أو أكثر واحد إىل باإلسناد إال الدين إقامة تصح فال يف أكثرها، الدين ذهب حىت حد، وال حق، حكم هناك يقام ال

أمجع املسلمون: (قال العز بن عبد السالمكما ،الشرعية الواجبات أشرف من العامة الواليات أن على العلماء أمجع وقد

على أن الواليات من أفضل الطاعات؛ فإن الوالة املقسطني أعظم أجرا، وأجل قدرا، من غريهم؛ لكثرة ما جيري على

...).أيديهم من إقامة احلق ودرء الباطل

                                                             السياسي اخلطاب واقع وانظر هبا، إال يقوم ال الدين لكون الدين؛ أركان من ركنا وعدها وعقال شرعا اإلمامة وجوب وتعليلهم األئمة هؤالء نصوص تأمل 1

اإلمامة وجود عدم بأن حزم ابن قول وانظر! األصل هلذا بتهميشها والعقائدي، السياسي طاهباخ أصاب الذي اخللل مدى لتدرك املعاصرة اإلسالمية للحركات .انعدامها عند للدين قيام ال وأنه الدين ذهاب إىل يفضي فروض من األمة على اهللا أوجب مبا تقوم اليت الشرعية

 

11  

ه فالواجب اختاذ اإلمارة دينا وقربة يتقرب هبا إىل اهللا تعاىل، فإن التقرب إليه فيها بطاعت: (ابن تيمية شيخ اإلسالم وقال

.)من أفضل القربات وطاعة رسول اهللا

حني الشورى وحادثة السقيفة، يف قصة كما الباب هذا يف - عنهم اهللا رضي - الصحابة تنافس سبب يفسر وهذا

.فيها فتنافسوا الستة، يف عمر جعلها

وإهنا ضعيف كإن ذر أبا يا: (قال وقد تنافس الصحابة عليهاي كيفو ؟والقدر الفضل هبذا اإلمارة تكون كيف:س

يا: (مسرة بن لعبدالرمحن وقوله ،)فيها عليه الذي وأدى حبقها أخذها من إال وندامة خزي القيامة يوم وإهنا أمانة

اإلمارة؟ تسأل ال عبدالرمحن

العمل ميارسون كانوا الدين، وأهنم هذا لطبيعة وفهمهم لديهم السياسي الوعي مدى على تنافس الصحابة عليها دليل:ج

طلب وهو أن احملظور شرعا ،على الوجه الصحيح وعبادة، إذ محلوا هذه األحاديث قربة ويتخذونه هللا، طاعة ياسيالس

وأما أو ملن طلبها مع عدم قدرته على القيام هبا، احملظور؛ فهذا والشرف واجلاه العلو من فيها وما ،لذات اإلمارة مارةاإل

مأجور فهذا ، وهو قادر على حتمل أعبائها،الناس بني القسط وإقامة ،صالحواإل ،اخلري أبواب من بابا لكوهنا طلبها من

.)…عادل إمام: ظله إال ظل ال يوم يف ظله اهللا يظلهم سبعة: (الصحيح احلديث يف، وخالف بال

!العدالة؟ يف وقدحا الدين يف نقصا التنافس هذا مثل يف ترى آراء من ذلك بعد طرأ ما املرحلة هذه يف يطرأ ومل

:فال إمامة بال عقد ،ضرورة عقد البيعة-3

فالعالقة بني األمة واإلمام تقوم على أساس عقد ؛وهذا هو األصل الثالث من أصول اخلطاب السياسي الشرعي املرتل

واإلمام هو الوكيل عنها يف إدارة شئوهنا؛ فاحلكم والسلطة ليسا بالتفويض ،تكون األمة فيه هي األصيل ،بني طرفني

.وليسا باحلق املوروث؛ بل بعقد البيعة بني األمة واإلمام اإلهلي

هاجر ، حيث الذي على أساسه قامت الدولة اإلسالمية ،وكان أول عقد يف الدولة اإلسالمية هو عقد بيعة العقبة الثانية

أن يكون النيب لىع املدينة أهل برضا مت ، الذيإىل املدينة ليمارس صالحياته مبوجب هذا العقد واالتفاقبعده النيب

.واملكره املنشط يف والطاعة السمع حق له إماما

...الطرفني برضا مت تارخيية حقيقة اإلسالمية للدولة) العقد االجتماعي( كان لقد

 

12  

بعد ذلك يبايع وفود القبائل واملدن اليت تدخل اإلسالم طوعا وتلتزم بالطاعة للدولة اإلسالمية؛ ليؤكد النيب وقد كان

!على أساس االتفاق بني الطرفني عالقة قائمةأن ال

اخلليفة استخالف عند لعقدها - اهللا عنهم رضي - الصحابة بادر البيعة، عقد بعد إال إمامة ال وأنه املبدأ هذا ولوضوح

رسميا أن به يستطيع ما القوة أو السلطة من لديه يكن ومل له، عقد البيعة بعد إال خليفة بكر أبو يصبح فلم األول،

بين سقيفة يف منهم والعقد احلل أهل مجيعا، الصحابة برضا مت الذي العقد هذا مبوجب إال كخليفة للمسلمني أعماله

؛ أنفسهم به عن دفنه واولوال أمهية هذا العقد وضرورته ملا أشغل، املسجد يف العامة البيعة يف الصحابة وعامة ساعدة،

. ساعدة ويف املسجد لوال ضرورهتايف سقيفة بينوملا كان هناك داع أن يعقدها كل من حضر

وكذلك مل يصبح عمر خليفة على املسلمني مبجرد ترشيح أيب بكر له وهو على فراش املوت؛ بل صار خليفة للمسلمني

.برضا من الصحابة رضي اهللا عنهم بعد عقد البيعة له بعد وفاة أيب بكر

إماما، بذلك يصر مل البيعة عن وامتنع الصحابة بايعوه معه وطائفة عمر أن قدر ولو: (تيمية ابن اإلسالم شيخ قال وهلذا

إليه عهد ملا عمر وكذلك: (أيضا وقال ،)والشوكة القدرة أهل هم الذين مجهور الصحابة مببايعة إماما بكر أبو صار وإمنا

.)إماما يصر مل ومل يبايعوه كرب أيب عهد ينفذوا مل أهنم قدر ولو وأطاعوه، بايعوه ملا إماما صار إمنا بكر أبو

هم - األكثرية وهم - اجلمهور ، وأن...ورفضه رده أو وإقراره قبوله لألمة حيق ترشيح جمرد العهد أن يؤكد وهذا

.اإلمام اختيار موضوع يف رأي على اتفاقها األمة وعدم اختالف عند االختيار كفة يرجحون الذين

اما إال بعقد البيعة له بل ال يكون إم ،يكون إماما مبجرد العهد إليه بعد وفاة األولوكذا املعهود إليه من قبل اإلمام ال

.)املسلمني بعقد تنعقد وإمنا العهد، بنفس إليه للمعهود ال تنعقد اإلمامة: (احلنبلي يعلى أبو قال من األمة؛ كما

بأخذ البيعة ى إضفاء الشرعية على سلطتهموخلطورة هذه البيعة وأمهيتها ظل مجيع اخللفاء وامللوك بعد ذلك حيرصون عل

!من األمة ولو كرها؟

به، إال تتم ال إمام أي شرعية وأن وأمهيته، البيعة عقد ضرورة على ليزيد البيعة أخذ على معاوية حرص يدل كما

وهلذا له، يمةق ال البيعة عقد دون إىل ابنه عهده وأن األمة، على ابنه فرض حق خيوله ال للمسلمني خليفة كونه وأن

.لضرورهتا البنه عقدها على حرص

 

13  

!ما كيفية هذا العقد؟ :س

حيث األمة ،وهو أشبه العقود بعقد الوكالة ،يشترط فيه ما يشترط فيها من حيث اجلملة ،عقد البيعة كسائر العقود :ج

مني القيام به؛ من إقامة العدل هلا هو الوكيل عنها يف القيام مبا أوجب اهللا على املسلإماما ومن ختتاره ،هي األصيل

.واحلقوق واحلدود واملصاحل اليت يقوم هبا اإلمام نيابة عن األمة مبوجب عقد البيعة

:وأنه ال عقد بيعة إال برضا األمة واختيارها-4

فيه من الرضا فإنه ال بد ،وإذا كانت البيعة عقدا من العقود ،إذا كانت اإلمامة ال تتم إال بعقد البيعة بني األمة واإلمام

واالختيار من طريف العقد؛ إذ ال يصح عقد من العقود إال بالرضا دون إكراه أو إجبار، وإذا كان الرضا يف عقود البيع

} اض منكمإال أن تكون جتارة عن تر{: واملعامالت ركنا من أركان العقد أو شرطا من شروط صحته؛ كما قال

!!فكيف بعقد اإلمامة؟

بكر أبو قال مة واختيارها دون إكراه أو إجبار، وهلذاحابة يف أنه ال بد لصحة البيعة من رضا األوال خالف بني الص

استخلفت قد وإين ،قرابة ذا وليت وال ،الرأي جهد من ألوت ما واهللا فإين عليكم؟ أستخلف مبن أترضون: (للصحابة

.)وأطعنا مسعنا: (قالوا) وأطيعوا له فامسعوا ،اخلطاب بن عمر

بعده؟ من لغريه اإلمام استخالف عند احلل والعقد أهل رضا يشترط هل: أنه يف الفقهاء بني اخلالف املاوردي ذكر وقد

فلم م،هب يتعلق حق اهنأل لألمة، لزومها يف شرط لبيعته االختيار أهل رضا أن البصرة إىل أهل علماء بعض ذهب: (فقال

.)منهم االختيار أهل برضا إال تلزمهم

بكر أليب البيعة فقد عقدوا ـ عنهم اهللا رضي ـ الصحابة عليه كان ما وهو غريه، يسوغ ال الذي الصحيح هو وهذا

.إجبار أو إكراه دون لعلي مث لعثمان مث لعمر مث

ال{: قال حىت طاعته على إكراههم وال إجبارهم يرض مل العباد على طاعته أوجب الذي وجل عز اهللا كان وإذا

على وإكراهها األمة، رضا دون – لإلمام الطاعة تقتضي اليت – اإلمامة عقد جواز يتصور فكيف ،}الدين يف إكراه

!اإلكراه؟ حتت مبقتضاه التزامها مث عقده

،األمة فيه هي األصيل :وأنه عقد وكالة ،وال عقد إال برضا الطرفني ،ال إمامة بال عقد البيعةفإذا ثبت كل ذلك، وأنه

،بايعناك بيعة رضا(أو ) بايعناك على الكتاب والسنة: (، ليقوم بشئوهنا وفق صيغة حمددة نصهااواإلمام هو الوكيل عنه

عقد يوجد ال إذا ثبت ذلك كله فإنه: كما كان الصحابة يفعلون) واإلنصاف والقيام بفروض اإلمامةعلى إقامة العدل

 

14  

اإلجارة كعقود ـ املدة وطول االستدامة تقبل اليت العقود مجيع بل فسخه؛ ميكن وال االستدامة، يقتضي الشريعة يف

لو: (...يزيد بيعة عن اجلوزي ابن قال وقد فسخه؛ العقد طريف من لكل إذ ورفعها فسخها ميكن ـ والنكاح والوكالة

األمة وأن األمة، عن وكيل اإلمام أن يؤكد ومما) العقد فسخ توجب وكلها بوادر منه بدرت فقد خالفته صحة قدرنا

وهلذا منه، أهلها اشتكى عندما الكوفة عن وقاص، أيب بن سعد بعزل اخلطاب بن عمر قام فقد العقد، يف يلاألص هي

الوكالة هذه أن الراشدي اخلليفة فقه على يدل وهذا) خيانة وال عجز من أعزله مل إين: (املوت فراش على وهو عنه قال

!رافض أو هلا كاره ــ الكوفة لأه ــ األصيل والطرف تثمر وال تستقيم ال ـ سعد والية ـ

عقد اإلمامة مع ، وصحة يف ربع دينار عند انعدام رضا أحد الطرفني وال يتصور بطالن عقد البيع! ال عقد ملكره :إضاءة

!اإلكراه

!ة االستدامة حىت ميوت اإلمام؟مامهل يقتضي عقد اإل:س

- املدة وطول االستدامة تقبل اليت العقود ل مجيعب فسخه، ميكن وال االستدامة يقتضي الشريعة يف عقد يوجد ال :ج

الشريعة يف العقود أوسع هي إذ الوكالة؛ عقود خصوصا ورفعها، ميكن فسخها – والنكاح والوكالة كاإلجارة

هو صاحب إذ مىت شاء، الوكيل عزل يف احلق لألصيل فإن فسخه، العقد طريف من لكل إذ الباب، هذا اإلسالمية يف

.فسخها ميكن اليت العقود من كغريه إلمامةا فعقد احلق،

:وال رضا بال شورى بني املسلمني يف أمر اإلمامة وشئون األمة-5

، كما قال مبا يف ذلك اختيار السلطة} وأمرهم شورى بينهم{ كما قال ،فاألمة هي مصدر السلطة ابتداء وانتهاء

من شئون األمة بعد اختيار السلطة، ا سوى ذلك وهذه فيم} وشاورهم يف األمر{: وقال )اإلمارة شورى: (عمر

هل: يف ذلك بعد طرأ ما الشورى مفهوم على ومل يطرأ السياسي، اخلطاب أسس من كانت املرحلة هذه يف فالشورى

!معلمة؟ أم هي ملزمة وهل! ال؟ أم واجبة الشورى

ما ذهب إليه أبو بكر بن اجلصاص يف ؛ ك، وأن رأي األكثرية ملزممجيع تصرفات الصحابة تؤكد أن الشورى واجبةبل

وهذا ما رجحه الرازي يف تفسريه حيث ، ...إذ أكد هنا أن األمر للوجوب} وشاورهم يف األمر{: تفسريه لقوله

..)..للوجوب األمر ظاهر: (قال

وعزائم ،الشورى من قواعد الشريعة: () هـ541( قال ابن عطيةوهذا ما ذهب إليه علماء أهل األندلس كما

)!من ال يستشري أهل العلم والدين فعزله واجب؛ هذا ما ال خالف فيه ،األحكام

 

15  

.ومشاركته الرأي ،والشورى يف هذه املرحلة تتضمن األمرين اختيار اإلمام

دوهنا، كما أمرا يقطع فال الرأي اليت تشاركه وهي اإلمام، ختتار اليت هي األمة وأن املبدأ، هذا على الصحابة أمجع وقد

ما شئوهنم مجيع يف أصحابه يشاور ن شورى األمة فيما كان أمرا عاما، وكانال يقطع أمرا دو يفعل، فكان النيب كان

وكان ال يستثين ، ...وكما استشار الناس يف رد أموال هوازن عليهم، أحد غزوة يف ذلك فعل كما الوحي، عليه مل يرتل

.احلرب أو السلم يف املسلمني من حاضرا كان من كل يستشري كان بل العامة، األمور يف الشورى من أحدا

فجعل } وأقاموا الصالة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون{: وكذا وصف اهللا عز وجل أهل اإلميان فقال

وأهنا من فرائضه وأركانه يف اجملتمع ،ليؤكد مكانتها يف الدين ،ومها من أركان اإلسالم ،الشورى بني الصالة والزكاة

.ملسلم وأبرز خصائصها

وأول األمور وأمهها أمر ،ومل خيتلفوا يف أن األمر شورى ،وقد أدرك الصحابة أمهية الشورى يف سياسة شئون األمة

اإلمارة : اعقل عين ثالثا: (اإلمامة واختيار اخلليفة؛ وهلذا قال عمر بن اخلطاب وهو على فرش املوت لعبداهللا بن عباس

وقال ..) من بايع رجال من غري مشورة من املسلمني فال يتابع هو وال الذي بايعه: (املشهورة وكما يف خطبته.) ..شورى

).من تأمر منكم على غري مشورة من املسلمني فاضربوا عنقه( :للستة املرشحني من بعده

واحدا منهم مث ملا وقد ذكر ابن كثري يف البداية والنهاية أن عبدالرمحن بن عوف ملا رضي أهل الشورى اخلمسة أن خيتار

وجيمع رأي ،يستشري الناس فيهما هنض عبدالرمحن بن عوف: (هما ـ احنصر الترشيح بني عثمان وعلي رضي اهللا عن

املسلمني برأي رؤوس الناس مجيعا وأشتاتا، مثىن وفرادى، سرا وجهرا حىت خلص إىل النساء يف خدورهن، وحىت سأل

وما كان ) ويف مدة ثالثة أيام بلياليهن ،د من الركبان واألعراب إىل املدينةوحىت سأل من ير ،الولدان يف املكاتب

عبدالرمحن ليجتهد يف سؤال الناس كل هذا اجلهد لوال أنه حق من حقوقهم حيرم االفتئات عليهم فيه أو مصادرته عليهم

.أو اغتصاهبم إياه

دخل املسجد دخل فلما) املسلمني رضا عن تكون إال ال بيعيت إن: (عثمان قتل بعد للصحابة علي قال وقد

.بايعه الناس مث فبايعوه واألنصار املهاجرون

فيه، نص ال مما األمة شئون من ذلك دون فيما تكون فكذلك اإلمام، اختيار وهو األمر أصل يف الشورى تكون وكما

قد كان أبو بكر ، فبالنيب اقتداء ؛املسلمني شورى دون – فيه ال نص مما – أمرا يقطعون ال األربعة اخللفاء كان وقد

 

16  

،قضى به وإن علمه من سنة رسول اهللا ،فإن وجد فيه ما يقضي به قضى بينهم ،إذا ورد عليه أمر نظر يف كتاب اهللا

.ءهم واستشارهموعلمافإن أعياه ذلك دعا رءوس املسلمني وإن مل يعلم خرج فسأل املسلمني عن السنة

وحياورونه حياورهم املسجد، يف أيام ثالثة صة األرض املفتوحة، فما زال جيادل الناسوكذا كان يفعل عمر كما يف ق

.عليه وتابعوه برأيه أقنعهم حىت

الناس مجاعة هم هنا واملأل) منا مأل عن إال يف املصاحف فعل ما عثمان؟ فعل ما: (وكذا كان يفعل عثمان كما قال علي

.وأكثرهم

.)وشورى مالء عن إال أفعل ال: (بيعته يريدون واألنصار جروناملها جاءه أن علي بعد قال وقد

أو كان رجال برأيه، اإلدالء يف املسجد يشارك حيضر مسلم كل كان بل قوم، دون قوم يف حمصورة الشورى تكن ومل

غري ةعام رضا يشترط أيضا بل املسلمني، على قاصرا والرضا الشورى اشتراط يكن ومل صغريا، أو كان كبريا امرأة،

.املسلمني وبني بينهم العقود عقد عند ،املسلمني

فإن صلح، على وصاحلوهم عقدا، املسلمني رؤساؤهم عاقد املشركني من مدينة أهل أن لو وكذلك: (عبيد أبو قال

2).،...به راضني يكونوا أن إال العوام على ماضيا ذلك يكون أال وبالثقة باألحوط األخذ

:وأنه ال شورى بال حرية-6

و مناصحته واالعتراض على فكذا هلا احلق يف نقده وحق خلعه، ،ومشاركته الرأي ،اإلمام لألمة احلق يف اختيارفكما

،فاحلرية السياسية إحدى األسس اليت قام عليها اخلطاب السياسي يف هذه املرحلة اليت متثل تعاليم الدين املرتل سياسته،

وقد أرسى القرآن ـ رضي اهللا عنهم ـ وعهد اخللفاء الراشدين ة النيبوقد جتلت احلرية يف أوضح صورها يف حيا

فإذا كان اهللا عز وجل ال يكره عباده على اإلميان به ،ليؤكد مبدأ احلرية جبميع صورها} ال إكراه يف الدين{: مبدأ

!الطاعة كرها لغريه من البشر؟فكيف يتصور أن يكره عباده على اخلضوع و ،وطاعته

مث اخللق بعد ذلك بشر ال طاعة ألحد على أحد ،فإن اهللا وحده هو الذي له األلوهية) ال إله إال اهللا(كلمة وهذا معىن

،لتحصر الطاعة بطاعة اهللا عز وجل واتباع رسوله إال مبا كان طاعة هللا عز وجل؛ وهلذا جاءت النصوص عن النيب

أن بذلك ليؤكد ) طاعة ملخلوق يف معصية اخلالقال: (وقال) ال طاعة يف معصية اهللا إمنا الطاعة باملعروف: (كما قال

يف السلطة حق تقييد يف القوانني مجيع سبق اإلسالم وهبذا ،حق السلطة بالطاعة إمنا هو منوط مبا كان معروفا أنه طاعة هللا                                                            

. 44صإىل 26للمزيد عن الشورى وحكمها وحسن تطبيقها يفضل مراجعة الكتاب ص 2

 

17  

الظلم؛ أو باملنكر مرتأ عندما الطاعة حق تفقد السلطة نالسلطة، وأ لذات وال طاعة مطلقة، طاعة ليست وأهنا الطاعة،

إن( :وقال) ...فبلسانه يستطع مل فإن بيده فليغريه منكرا منكم رأى من: (قال كما ،وتقوميها هلا التصدي وجيب بل

:وقال) جائر سلطان عند حق كلمة اجلهاد أفضل( :وقال )بعقابه اهللا عمهم يديه على يأخذوا فلم الظامل رأوا إذا الناس

– ظامل يا: للظامل تقول أن هتاب رأيت أميت إذا: (وقال )فقتله ،وهناه فأمره جائر إمام إىل قام رجلو ،محزة الشهداء سيد(

اهللا ليضربن أو قصرا، احلق على ولتقصرنه أطرا، احلق على ولتأطرنه الظامل، يد على لتأخذن: (وقال )منها تودع فقد

.والثين لردا :هو واألطر )لعنهم كما ليلعننكم مث بعض على بعضكم بقلوب

فاإلمام رعيته، عن مسئول وكلكم كلكم راع( :احلديث يف جاء كما األمة قبل من تصرفاهتا عن مسئولة السلطة إن

...).رعيته عن مسئول وهو راع

له ويكيده العداوة يضمر كان من يف املدينة النيب مع كان فقد املرحلة، هذه يف صورها أوضح يف احلرية جتلت وهلذا

:سلول ابن أيب بن اهللا عبد زعيمهم شأن يف تعاىل اهللا قول نزل وقد هلم، يتعرض ومل يعرفهم، وكان املدينة، يف نيكاملنافق

وإخراج ،اإلسالمية الدولة إسقاط علىمنهم عزم وهذا} األذل منها األعز ليخرجن املدينة إىل رجعنا ألن يقولون{

وأراد سلول ابن أيب ابن عن اخلرب هذا بلغه أن بعد قال بل بشيء، له النيب يتعرض مل ذلك ومع املدينة، من النيب

.)أصحابه يقتل حممدا أن الناس يتحدث ال: (وقال )صحبته حنسن بل ال: (قتله بعض الصحابة

دعوه فإن لصاحب : (ودخل عليه رجال يتقاضاه دينا له فأغلظ القول له فهم به الصحابة ـ رضي اهللا عنهم ـ فقال

)!احلق مقاال

تؤدون ال: أي) مطل قوم إنكم عبداملطلب، بين يا: (- أصحابه مع جملس يف النيب وكان - يهودي رجل له وقال

كنا أحوج إنا: (النيب له فقال ،اليهودي يضرب أن عمر فأراد منه ماال، استسلف قد النيب كان وقد ،احلقوق

).األداء حبسن وتأمرين الطلب، حبسن تأمره أن عمر، يا منك هذا غري إىل

!عالم نعطي الدنية يف ديننا؟: وقال لهيف صلح احلديبية النيباعترض عمر على وقد

وينتقدون ،تهمد كان املسلمون يعترضون على سياسوكذلك كان احلال يف عهد اخللفاء الراشدين من بعده؛ فق

مبدأ احلرية السياسية؛ وقد خطب أبو بكر مما يدل على رسوخ ،ومل يتعرض أحد لألذى بسبب هذه املعارضة ،ممارساهتم

مبدأ احلرية السياسية وحق األمة يف نقد ليؤكد) سنت فأعينوين وإن أسأت فقوموينإن أح( :بعد أن أصبح خليفة فقال

.سياسة اإلمام وتقوميه

 

18  

اليت السياسية حلريةا مدى يؤكد اخلالفة أمنوذجا شأن يف السقيفة يف واألنصار املهاجرين بني دار الذي احلوار كان كما

.النيب بعد السلطة تويل شأن يف واألنصار بني املهاجرين وقد كان اخلالف جليا الصحابة، ميارسها كان

.برأيه وما زال أبو بكر حياور الصحابة حىت أقنعهم ،وقد اعترض عمر على أيب بكر عندما أراد قتال أهل الردة

أال أضرب عنقه يا خليفة رسول : (أليب بكر فقال أبو برزة األسلميودخل رجل على أيب بكر فأغلظ الرجل القول

).ما كانت ألحد بعد رسول اهللا ال واهللا: (غضب أبو بكر أشد الغضب وقال؟ ف)اهللا

وطالبوه بتقسيمها ،ومعه مجاعة من الصحابة على سياسة عمر يف شأن األرض املغنومة وقد اعترض بالل احلبشي

اللهم اكفين : (، وكان يقولوما زالوا جيادلونه حىت دعا اهللا عليهم ،ر وقفها على مجيع املسلمنيورأى عم ،على الفاحتني

!)بالال

.عليهم مث الدعاء حماورهتم إال القضية هذه يف معارضيه ملواجهة وسيلة من اخلليفة جيد فلم

على يف الشام ينكر الصامت بن عبادة الصحايب كان وقد

. )الئم لومة اهللا يف خناف ، الكنا أينما احلق نقول وأن(: البيعة حبديث حيتجعالنية، و أشياء معاوية

:تطور املعارضة

فقد دخل العمل السياسي واملعارضة ،وإذا كانت املعارضة الفردية لسياسة اخللفاء هي األبرز يف عهد أيب بكر وعمر

دا، جديتأخذ طابعا املعارضة بدأت فقد ،ثمان وعليعاخلليفتني وأخذا بعدا أكثر تنظيما يف عهد ،السياسية طورا جديدا

،مث أصبحت أكثر انتشارا ،؛ وقد بدأت يف البصرة والكوفة ومصرلسياسة عثمان حيث ظهرت مجاعة منظمة معارضة

ملعرفة أخبار هذه املعارضة واستطاعت أن تستقطب إىل صفوفها بعض الصحابة كعمار بن ياسر الذي أرسله عثمان

!صفوفهافانضم إىل

:مطالب املعارضة

:وقد كانت املطالب اليت طالب هبا هؤالء املعارضون لسياسة عثمان حمددة تتمثل يف

.اإلصالح السياسي باختيار أمراء جدد لألقاليم وعزل األمراء الذين يشتكي منهم الناس-1

.فوا منهاعودة قادة املعارضة إىل بلداهنم اليت ناملوافقة على -2

 

19  

.القتصادي بالقسم وتوزيع الفيء واألموال بالعدل والتساوياإلصالح ا-3

بدال من األقارب وهو ،يف األعمال اإلدارية للدولة ،اإلصالح اإلداري باستعمال ذوي األمانة والقوة من املسلمني-4

.مبدأ تكافؤ الفرص

وقد أثىن عثمان حبضرة عليعلى هذه الشروط ومت توثيقها وقد مت االتفاق بينهم وبني اخلليفة الراشدي عثمان

قالوا إن واهللا الركب، هؤالء من خريا كانوا ركبا رأيت ما(: ، وقال عنهمعلى الوفد املصري الذي عقد معهم االتفاق

.)حقا إال سألوا حقا، وإن إال

:فوائدوهنا

.الراشدي موقف عثمان مع معارضيه يؤكد مدى احلرية السياسية وحرية الرأي والتعبري يف العهدأ ـ ومل ير ،بل رأى أنه مل يصدر عنهم ما يستحل به دماءهم قادة جيوشه جملاهبة هذه املعارضة،لبعض مل يستجب ب ـ

.ومساع مطالبهم وإجابتهم إىل ما طلبوا ،بدا من اجللوس معهم

ة لسياسة السلطة؛ ولو من معه مشروعية ما قام به املعارضون من معارضة مجاعيالصحابة الذين أدرك اخلليفة و لقد ج ـ

بل لبادر الصحابة واخلليفة إىل منع هذا وملا استجاب لشروطهم؛ ، وملا أثىن عليهم،كان ما فعلوه منكرا ملا جلس معهم

...).من رأى منكم منكرا فليغريه بيده: (وهم الذين بلغهم بل مسعوه مباشرة من نبيهم ،وإزالته ومواجهته ،املنكر

ترفع شعار اإلصالح وتطالب به؛ وهلذا تعامل الصحابة رضي ،هذا الطور معارضة سياسية سلمية لقد كانت املعارضة يف

اهللا عنهم معها على هذا األساس؛ وقد كان قادة هذه املعارضة وزعماؤها من الصحابة ومن كبار التابعني ومشاهريهم

!من القراء وأبطال الفتوح اإلسالمية

:املعارضةخط احنراف

واحنرفت بعد أن رجعت مرة أخرى إىل املدينة بعد اتفاقها مع ،ذه احلركة السياسية عن خطها بعد ذلكقد خرجت هل

!اخلليفة على اإلصالح؛ بدعوى أهنم عثروا على كتاب موجه من عثمان إىل أمري مصر مبعاقبتهم؟

عثمان على مروان منهم أن طالبوا بتسليمه؛ فخاف، ووقد حلف هلم عثمان أنه ما كتبه وما درى به؟ فاهتموا مروان

.سبب يقتضي قتلهما ودون ،ه دون بينةيقتلو

 

20  

عبداهللا بن عمر فأشار عليه بعدم املوافقة على هذا مث طالبوا خبلع اخلليفة وأصروا على ذلك؛ واستشار عثمان

فتنة وقتال وثحد إىل هذا يؤدي أن خيشى بأنه - الروايات أكثر يف كما - الطلب رفض هذا عثمان علل الطلب، وقد

الطلب هذا مثل مشروعية على يدل اخلالفة، مما من نفسه خلع وعدم بالصرب أوصاه النيب بأن بعضها ويف األمة، بني

اهللا عبد استشار وملا لكم، حيل ال حمرم شرعا تطلبونه ما إن: هلم لقال وإال اجتهادية قضية أهنا على يدل مماو األصل، يف

ليهم وبيان حرمة ما طالبوا ملا تردد اخلليفة ومن معه باإلنكار ع ،فيها نص يقضي حبرمة ذلكولو كان ذلك، يف عمر بن

!!به

وارتكب بعضهم ذلك، بعد الطريق اهللا، وأخطأت أنزل ما حدود وجتاوزت اإلصالحية، أهدافها عن احلركة احنرفت لقد

القدوة وإمنا وال أسوة، قدوة، وليسوا ضني،املعار بتصرفات العربة وليست، جرمية منكرة يف قتل اخلليفة الراشد

له، معارضتهم ردجمل ذلك له حيل ال بأنه لعلمه اضطهادهم، أو قتاهلم، استباحته وعدم ،معهم هتعامل يف واألسوة

.اإلصالح إىل حيتاج يرونه ما بإصالح ومطالبتهم

أن عثمان قتل الوفد املصري املعارض ،ملا بلغها خرب كاذب وهي يف مكة عائشة ـ رضي اهللا عنها ـوهلذا قالت

)!أيقتل قوما جاءوا يطلبون احلق وينكرون الظلم واهللا ال نرضى هبذا! إنا هللا وإنا إليه راجعون: (لسياسته قالت

).إذا أحسنت فأعينوين وإذا زغت فقوموين: (على خطا أيب بكر الصديق عندما قاليسري لقد كان عثمان

مل وقع :اليت حتتاج إىل متحيص ونقد ملعرفة ،الواضحة حتت ركام كثري من الروايات التارخييةلقد غابت كل هذه املبادئ

وقع؟ما وقع؟ وكيف

:تطور املعارضة

فقد ،وإذا كانت املعارضة اجلماعية للسلطة يف عهد عثمان حمدودة يف جمموعات حمصورة يف مصر والكوفة والبصرة

وهي ،إذ حدثت املعارضة له داخل املدينة نفسها اشد علي بن أيب طالبتطور الوضع يف عهد اخلليفة الرابع الر

والزبري بن ،وهم طلحة بن عبيد اهللا ـ رضي اهللا عنهم ـ عاصمة الدولة اإلسالمية؛ وقادها نفر من كبار الصحابة

ة ـ رضي اهللا عنها وآزرهتم عائش ،ومن الستة الذين اختارهم عمر للشورى ،ومها من العشرة املبشرين باجلنة ،العوام

:ـ وجمموعة من الصحابة؛ لتدخل املعارضة طورا جديدا فقد جاءوا لعلي بعد أن متت له البيعة فقالوا

كيف أصنع بقوم :(فقال هلم) إنا قد اشترطنا عليك إقامة احلدود وإن هؤالء القوم قد اشتركوا يف دم عثمان !يا علي(

ه نيابة عن إال أهنم رأوا عجز اإلمام عن القيام مبا أوكل إلي ،ىت هتدأ الفتنةطلب منهم التأين حف) ؟ميلكوننا وال منلكهم

 

21  

وهلذا ،إذ عامة اخلطاب القرآين موجه لألمة يام به فهي املخاطبة به يف األصل،بل يلزم األمة الق األمة ال يسقط الواجب،

).نقضي الذي علينا وال نؤخره: (قالوا

إذا عجز ،والطاعة والبيعة لإلمام ال تكون سببا لسقوط الواجب عن األمة ودل فعل طلحة والزبري على أن السمع

.جتهدوا مجيعا يف طلب احلقيتجاوزوه بعد أن عقدوا له البيعة، لقد اأنه ليس هلم أن علي ، ورأىاإلمام عن القيام به

كل ذلك يدخل ضمن دائرة و ،وقد توجه طلحة والزبري وعائشة ومن معهم إىل البصرة طلبا للقصاص ممن قتل عثمان

واملعارضة اجلماعية املنظمة للسلطة؛ وال ميكن االدعاء بأن هؤالء الصحابة قد خالفوا أصال من أصول ،العمل السياسي

بعد ذلك على وقد ندم علي ،بل اجتهدوا يف أمر يسوغ فيه االجتهاد ،أو ابتدعوا يف الدين ما مل يأذن به اهللا ،اإلسالم

.ذلك عن اههن قد احلسن نهاب قتاهلم، وكان

وغريهم هذه الفتنة ومل يطيعوا ،وسعد بن أيب وقاص ،وحممد بن مسلمة ،وقد اعتزل بعض الصحابة كعبد اهللا بن عمر

بل هو قتال فتنة ،وهذا القتال مل يظهر فيه وجه احلق ،إذ هم يدركون أن الطاعة تكون باملعروف ،عليا يف اخلروج

تهاده ـ أن يلزم األمة لإلمام ــ وإن كان مثل علي بن أيب طالب يف علمه وورعه واجوشبهة يف رأيهم فال حيق

.املعروف من به أمر ما وأن احلق، على رأى أنه من معه قاتل مبعروف، وإمنا ليس فيما بطاعته

:انقسام يف الدولة اإلسالمية

حزب علي وشيعته من أهل : لة اإلسالميةومتخض عن ظهور حزبني رئيسني يتقامسان الدو ،لقد تطور الرتاع بعد ذلك

ولقد أدرك كال احلزبني أن زل كثري من الصحابة كال احلزبني، العراق، وحزب معاوية وشيعته من أهل الشام؛ بينما اعت

وجعل األمة حكما فيما بينهما ختتار من تشاء ،وأن احلل هو يف التحاكم إىل الكتاب والسنة ،القتال ال خري فيه لألمة

العاص؛ على أن ينظرا يف األمر واختار أهل الشام عمرو بن ،فاختار أهل العراق أبا موسى األشعري ،ل من تشاءوتعز

وقد فوض علي بن أيب طالب أبا موسى األشعري تفويضا ،)فاألمة أنصار هلما على الذي يقضيان عليه(فيه فما حكما

حضر احلكومة مجاعة من الصحابة الذين مان يف دومة اجلندلاجتمع احلكفلما ،)احكم ولو حبز عنقي: (كامال وقال له

على أن يعزال عليا ومعاوية مث جيعال األمر شورى بني (واتفق احلكمان وعلى رأسهم عبداهللا بن عمر، ،ريقنياعتزلوا الف

.أحد على يتفقا مل أهنما ، إال)األصلح هلم منهما أو من غريمها الناس ليتفقوا على

كم يف اختيار من ختتاره لإلمامة، كما أن فيما حصل بني دليل واضح على أن األمة هي احل ذاهتا إن قصة التحكيم أنه ، بدعوىوهو امليل مع طرف دون طرف ،ومشروعية االنتماء السياسي ،السياسيةدليل على جتذر احلزبية احلزبني

 

22  

التحاكم هو يف الصواب كان وقد احلزبني، بني تتالاالق هو وقع الذي احملظور وإمنا شئوهنا، وإدارة األمة بقيادة األجدر .بالقوة عليها نفسه يفرض أن حيق ألحد فال وانتهاء، ابتداء احلق صاحبة هي إذ ترضاه؛ من لتختار األمة إىل وتنافس ساعدة، بين سقيفة يف الصحابة واجتماع النيب وفاة منذ السياسية للتعددية املسلم اجملتمع قابلية ظهرت لقد

هذا حسم أن إال ،)أمري ومنكم أمري منا: (األنصاري املنذر بن قال احلباب حىت اإلمامة، على واملهاجرين ألنصارا

احلي هبذا إال يرضون ال – املسلمني أي – العرب أن الصديق بكر أبو أكد أن بعد والتراضي، مت بالتحاور اخلالف

حتتاج ال اليت احلقيقة هذه األنصار أدرك وقد يشاءون، من اختيار احلق يف أصحاب هم املسلمون والعرب قريش، من

أهل لكوهنم إال لقريش اجلاهلية يف لبعض ينقاد بعضهم ال فالعرب آنذاك، مسلم عريب لكل معلومة هي إذ استفتاء؛ إىل

.احلرام البيت

هذا لكون املتنافسة؛ القوى نيب للسلطة السلمي التداول مبدأ وهو ،)أمري ومنكم أمري منا( مبدأ يرفض مل بكر أبا إن

احتج وإمنا املبدأ، هذا مثل حتظر اليت الشرعية األدلة لذكر وإال باإلسالم، يصطدم لكونه أو الشريعة، يف جائز غري املبدأ

العرب من لةمبرت قريش من احلي هذا أن عرفتم قد: (فقال والفتنة، االنشقاق حدوث مث ومن العرب، رضا بعدم عليهم

).اإلسالم تصدعوا ال اهللا فاتقوا منهم، رجل على إال جتتمع ال العرب نوأ غريهم، اهب ليس

اخترنا مات فإذا األنصار، من رجال اخترنا مات وإذا املهاجرين، من رجال خنتار: أوال قالوا األنصار إن: (رواية ويف

، األنصاري وكذلك األنصاري، عليه قضين أن زاغ إذا القرشي يشفق أن أجدر فيكون أبدا، كذلك املهاجرين من رجال

خارج هو من يكون حىت هذا، وتارة حيكم هذا، تارة سياسيني، حزبني بني للسلطة السلمي التداول مبدأ هو متاما وهذا

.يديرها من على رقيبا السلطة

:وقفة

بدعوى تصفيته تتم ومل رأيه، ءإبدا يف يصادر حقه ومل لالضطهاد، يتعرض مل) أمري ومنكم أمري منا: (مبدأ إىل دعا من إن

يف حبقه يطالب من يضطهد وكيف شرعا، احملظورة األساليب هذه يقر مثل ال اإلسالم إن إذ النظام؛ على احلفاظ

!غريه؟ ختتار أو األمة لتختاره نفسه يرشح أن يف وحقه ؟الشورى

معلوما بني الصحابة؛ وإال ملا نازع فيها كما تؤكد حادثة السقيفة أن اشتراط القرشية يف اإلمامة مل يكن معروفا وال

ا باألحكام وهذا ما وملا احتج أبو بكر وعمر مبثل ما احتجا به؛ والنصوص الواردة يف ذلك أشبه باألخبار منه ،األنصار

تلك يف لإلمامة القرشية اشتراط دعوى ظهور عدم يؤكد ذلك بكر، وكل أيب بأفضلية عمر احتج فهمه األنصار، كما

.ةالفتر

 

23  

كما ظهر هذا املبدأ مرة ثانية عندما تنافس الستة الذين اختارهم عمر ورشحهم لإلمامة؛ إذ هذا االختيار تكريس ملبدأ

وفتح للطريق أمام التنافس املشروع على السلطة؛ على أن تكون األمة هي احلكم ،وترسيخ التعددية ،التداول السلمي

.هذا املبدأ وترسخ ،واملرجح بأي وسيلة حتقق هذا الغرض

:حركة اخلوارج

وقد خرجت على اخلليفة الراشد علي بن أيب طالب بعد ،حركة اخلوارج تعد أول حركة فكرية سياسية معارضة مسلحة

وحكمت عليه بالكفر وعلى من معه من ،وحتكيمها ،العتراضهم عليه بقبول رد األمر إىل األمة ،قصة التحكيم

!الصحابة

!اهللا عنه؟هل قاتلهم علي رضي و :س

؛ وقد كانوا يطعنون فيه وهو خيطب على املنرب ويطعنون يف رأيه السيف ويسفكوا الدماء قبل أن يسلواومل يقاتلهم :ج

وأال مننعهم مساجد اهللا أن ،أال نبدأهم بقتال ما مل يقاتلونا: هلم علينا ثالث: (كان يقولو ،وينتقدون سياسته علنا

أال تسفكوا دما : (عليهم مث اشترط مقابل ذلك) مهم من الفيء ما دامت أيديهم بأيديناوأن ال حنر ،يذكروا فيه امسه

).حراما وال تقطعوا سبيال وال تظلموا ذميا

وهذا ما كان ينهجه ،ال يستوجب قتلهم أو حبسهم أو ضرهبم ،يرى أن فساد آرائهم وتطرفها ومعارضتهم له فكان

وهذا أيضا ما ثبت ،ينهجه عمر مع من خالفوه الرأي واعترضوا على سياسته وهذا ما كان ،عثمان مع من خرجوا عليه

كل هؤالء اخللفاء األربعة الراشدين مل يؤاخذوا أحدا مبجرد آرائهم ،عن أيب بكر مع من ينتقده ويسبه عالنية

!!واعتراضهم على سياستهم وكل هذا يؤكد مدى احلرية السياسية الفكرية

وأمجع عليها الصحابة ـ رضي اهللا عنهم ـ وسار عليها ،خلليفة الرابع يف التعامل مع اخلوارجسنة حسنة سنها اوهذه

عليهم وقاتلهم، فاسط يف األرض وأفسدوا قتلوا إن: (إليهم أرسله لرجل فقد قال ،اخلليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز

.)فدعهم يسريون األرض يف يفسدوا ومل يقتلوا مل هم وإن

مع كثرة الطوائف الفكرية واملذاهب الفقهية ،ه السنة أكرب األثر فيما بعد يف استقرار اجملتمع اإلسالميوقد كان هلذ

فلم يعرف املسلمون يف تارخيهم حروب ولة اإلسالمية وعواصمها الرئيسية،اليت كانت تعج هبا الد ،واألحزاب السياسية

وهذه احلرية السياسية أرقى ما وصلت إليه املمارسة أي،تئصال الطوائف املخالفة يف الرأو اس ،االضطهاد الديين

!السياسية يف أي نظام سياسي حديث؟

 

24  

وأعدهلا؛ صورها بأوضح املرتل، اإلسالمي السياسي اخلطاب تعاليم متثل علي عليها سار اليت السياسة هذه كانت لقد

إال يقاتلهم فلم املالية؛ واحلقوق ،السياسية و ،الفكرية احلرية ـ وغلوهم تطرفهم مع ـ الرأي يف ملخالفيه تضمن حيث

يضق مل الذي الدين أن لعلمه الرأي؛ يف له ملعارضتهم وال وتطرفها، آرائهم لفساد ال لفسادهم، ومنعا ،لعدواهنم دفعا

باب من ذرعا يضيق أن ميكن ال }الدين يف إكراه ال{: مببدأ جاء حيث اإلسالم عدل ظل يف أخرى أديان بوجود ذرعا

.فيه تأولوا فيما الواحد الدين أهل بني الرأي يف باخلالف أوىل

ال تسبوهم ولكن إن خرجوا ـ يعين بالسالح ( :عن سب اخلوارج وشتمهم فقال هنى اخلليفة الراشد علي :إضاءة

!3 )وإن خرجوا على إمام جائر فال تقاتلوهم فإن هلم بذلك مقاال ،ـ على إمام عادل فقاتلوهم

:مية والطاعة املطلقة هللا ورسولهوأن احلاك-7وقد سبق اإلسالم مجيع األنظمة والفلسفات ،والدستور الذي جيب التحاكم إليه ،فالكتاب والسنة مها مصدرا التشريع

!احلاكم واحملكوم على حد سواء ،األرضية يف ترسيخ مبدأ املشروعية الذي خيضع له اجلميع بال استثناء

كما قال ! أما قبل ذلك فقد كان امللك هو الدولة م،1789سنة وعية إال بعد الثورة الفرنسيةفأوربا مل تعرف مبدأ املشر

وكان للملك السيادة والطاعة املطلقة؛ خيضع اجلميع له وال خيضع هو ) أنا الدولة: (ملك فرنسا لويس الرابع عشر

!!!ان يعاقب كل من خيالفهليصبح ملزما لكل إنس ،بل مشروعية أي قانون تكمن يف إصدار امللك له! ألحد

وهذا هو احلال يف العامل كله قبل قيام الدولة اإلسالمية يف املدينة املنورة؛ إذ كانت هي أول دولة تقوم على أساس

حتدد فيه املرجعية اليت يتم التحاكم إليها بني احلاكم واحملكوم عند االختالف والتنازع؛ وقد جعل القرآن ،4دستوري

إن احلكم {: وله حق الطاعة املطلقة؛ كما قال ،فهو الذي له احلق وحده يف التشريع املطلق لعباده ،احلكم هللا وحده

                                                             !انظر اليوم إىل برامج التجرمي بل والتكفري لكل من انتقد احلاكم وانتقد سياسته جمرد نقد 3 عرفه مكتوب دستور أول أن هنا نذكر أن ميكن: (يقول حيث ٥٩ ص – سابقا احلقوق كلية عميد – الطبطبائي عادل. د.أ العامة الدستورية املبادئ انظر 4

مقدمة على الوثيقة هذه حوت إذ مكة، من إليها انتقاله عقب املدينة دولة أحوال لتنظيم �حممد الكرمي الرسول أعدها اليت لوثيقةا تلك عن عبارة كان العامل استعدادها دتأب واليت املدينة يف القاطنة األخرى األقليات إىل باإلضافة املدينة، وأنصار مكة مهاجري من تتألف إسالمية سياسية وحدة قيام عن إعالنا فيها جند

اجلزائية املبادئ بعض تضمنت كما القضاء، وتنظيم العدل وإقامة االجتماعي التكافل يف نصوصا الوثيقة تضمنت كما .اجلديدة السياسية الوحدة هلذه للخضوع .واألموال األنفس على تقع اليت اجلرائم أنواع عددت كما العدواين، العمد للقتل جزاء القصاص ومبدأ العقوبة شخصية كمبدأ اهلامة اإلسالمية الدولة يف الدينية األقليات مركز النصوص بعض بينت كما رعاياها، بني وحكما الدولة، يف األعلى احلاكم الكرمي الرسول من الوثيقة جعلت كما

واملسكن، األمن وحق امللكية، وحق قيدة،الع وحرية احلياة، حق فذكرت اإلسالم، يكفلها اليت واحلريات احلقوق األخرى النصوص بينت وأخريا اجلديدة، حق الوثيقة ذكرت كما واالجتماعية، االقتصادية احلريات دعائم أرسى من أول اإلسالم يكون وبذلك املالية، املعونة يف الفرد وحق املساواة، وحق والتنقل، .الرأي إبداء وحق الدين، أساس على أو القبيلة أساس على التجمعات احلديثة للتنظيمات سبقه اإلسالم يؤكد وبذلك حديثة، دستورية وثيقة ألي الفقري العمود تشكل الوثيقة يف الواردة األحكام أن السابق العرض من ويتضح .)اجملال هذا يف حىت

 

25  

،هو األصل الذي يقوم عليه توحيده يف عبادته ،فاعتقاد وحدانية اهللا يف حاكميته} إال هللا أمر أن ال تعبدوا إال إياه

الشرك، وال الطاعة من املعصية، وال اإلميان من الكفر إال فال يعرف التوحيد من ،هلذا أمر أال يعبد إال هو ،وطاعته

حبكم اهللا؛ فمن مل يثبت هذا األصل اإلمياين العظيم ـ أي توحيد اهللا املطلق يف حاكميته وإفراده هبا ـ مل يسلم له توحيد

بيل اللتزام حكم اهللا إال وال س ،إذ العبادة والطاعة هللا ال تعرف إال عن طريق حكم اهللا وشرعه ،اهللا يف عبادته وطاعته

.}أال له اخللق واألمر{ : كما له اخللق ،باإلقرار واإلميان بأنه وحده الذي له احلكم والتشريع واألمر

على وما{: قال كما والبالغ؛ هي البيان الرسل مهمة وإمنا املطلقة، الطاعة حق من اهللا سوى من كل جتريد مت وهبذا

يا أيها الذين {: لكونه هو الواسطة بني اهللا وعباده، فقال طاعته؛ من رسوله طاعة جعل وقد }البالغ إال الرسول

طاعة استقالال، وجعل ولرسوله له الطاعة اهللا جعل اآلية هذه ففي }آمنوا أطيعوا اهللا وأطيعوا الرسول وأويل األمر منكم

ورسوله، اهللا بطاعة مقيدة األمر أويل طاعة أن دليؤك }وأطيعوا{ فعل يكرر أن دون بالواو عطفها وهلذا تبعا، األمر أويل

} اهللا والرسول إىل فردوه{: بينهم فيما األمر أويل أو منكم، األمر وأويل أنتم أي} يف شيء تنازعتم فإن{: قال وهلذا

.وانتهاء ابتداء والسنة القرآن وأهنما املرجعية، وحيدد املشروعية مبدأ ليؤكد

صحيفة وضع حيث املدينة دخوله أول النيب ذلك أكد كما واملرجعية، املشروعية مبدأ اآلية هبذه القرآن أكد لقد

أهل من معهم ومن ،املسلمني على اليت والواجبات احلقوق فيها وحدد العامل، عرفه 5دستور أول تعد اليت ،املدينة

دون إكراه منهما تراض وعن طرفني بني دتعاق عن ناشئا هبا االلتزام ليكون التنازع واالختالف؛ عند واملرجعية ،الكتاب

.إلزام أو

إن يف حتديد املرجعية وترسيخ مبدأ املشروعية القانونية صيانة للحقوق واحلريات، وكبحا جلماح السلطة عن أن تتجاوز

ال طاعة ( :الوق )باملعروف الطاعة إمنا اهللا معصية يف طاعة ال: (كما قال فالطاعة هلا مقيدة بقانون الشريعة ،صالحياهتا

).ملخلوق يف معصية اخلالق

وهبذا يفقد احلاكم صالحياته وسلطته إذا عارض حكم اهللا ورسوله ـ وهو الدستور األعلى يف الدولة اإلسالمية ـ

أطيعوين ما : (فقد قال أبو بكر الصديق يف أول خطبة له بعد البيعة ،وهذا ما أدركه اخللفاء الراشدون واملسلمون مجيعا

).فإن عصيتهما فال طاعة يل عليكم هللا ورسولهأطعت ا

                                                             شيخ قال وقد .واجبات من معليه وما حقوق هلم من هبا وما األفراد عالقة وحتدد وصالحياهتا السلطة شئون تنظم اليت السياسية الوثيقة هو الدستور 5

 .واحتج هبا) العلم أهل عند معروفة الصحيفة هذه: ( ٦٤ ص الصارم املسلول يف الصحيفة هذه عن اإلسالم

 

26  

:قيود نبوية لطاعة السلطة

:القيد األول

،فقد سقطت طاعته ،وإقامتها ،والدعوة إليها ،ي عمود الدين وشعاره؛ فإذا ترك احلاكم الصالةإقامة الصالة اليت ه

يا قيل) ويلعنونكم وتلعنوهنم بغضونكم،وي تبغضوهنم الذين أئمتكم شرار(: وفقد مشروعية استمراره يف السلطة حلديث

السلطة على اخلروج احلديث مشروعية هذا ويف )الصالة فيكم أقاموا ما ال،: (فقال السيف؟ ننابذهم أفال رسول اهللا،

.فسق: قيل أو ،كفر الصالة ترك إن: قيل سواء الصالة، إقامة ترك عند

:القيد الثاين

مشروعية د، فقي)بد حبشي ما أقام فيكم كتاب اهللاولو عامسعوا وأطيعوا ( :إقامة الكتاب واحلكم مبا فيه، حلديث

تعطيل إن :قيل سواء استمرارها، مشروعية فقدت عطلتها فإن بالشريعة، حتكم دامت ما ،بالطاعة وحقها ،السلطة

.فسق أو كفر بالكتاب احلكم

:القيد الثالث

بواحا عندكم من إال أن تروا كفراوأن ال ننازع األمر أهله : (السلطة يصادم الشريعة حلديث عدم ظهور كفر بواح من

.استحالل دون أو له استحالال الكفر ظهور كان األمر سواء حينئذ فنازعوهم أي ،)اهللا فيه برهان

عام؛ وحقها يف مقاومة احنرافها عن دستور الدولة ونظامها ال ،وهبذا قررت الشريعة اإلسالمية حق األمة يف مراقبة السلطة

،واحلكم بالكتاب وشرائعه ،بإقامة شعائر اإلسالم وأركانه الظاهرة ؛فإذا حافظت السلطة على األصول العامة القطعية

عن حد وفيما ال معصية فيه هللا؛ حىت وإن خرج اإلمام ،ومل تظهر كفرا بواحا فالواجب السمع والطاعة هلا باملعروف

.العدالة بظلم أو فسق قاصر

!م اإلمام على األفراد ومل خيل بإقامة شعائر الدين الظاهرة؟وإن تعدى ظل:س

احلق يف مقاومة طغيان السلطة بالدفاع عن دمائهم وأعراضهم هلم إن تعدى ظلمه إىل األفراد فقد جعل الشارع:ج

.وأمواهلم

 

27  

صحبتكم ما إذا كان اإلمام عليكم فجار ومنعكم حقكم وأساء : وقد سأل عمر بن اخلطاب مجاعة من أهل الكوفة

ال تكونون شهداء يف األرض حىت ،ال واهللا الذي ال إله إال هو: عمرإن رأينا جورا صربنا؛ فقال : تصنعون به؟ قالوا

)!وإال فال ،وتضربوهم يف احلق كضرهبم إياكم ،تأخذوهم كأخذهم إياكم

) ومن خالطهم هلك ،تزهلم سلمومن اع ،سيكون أمراء تعرفون وتنكرون فمن نابذهم جنا: (قال: وعن ابن عباس قال

.واملنابذة هنا املقاومة والتصدي لالحنراف واملناوأة

،ما من نيب بعثه اهللا يف أمة قبلي إال كان له من أمته حواريون وأصحاب: (أنه قال وروى ابن مسعود عن النيب

فمن ،ويفعلون ما ال يؤمرون ،مث إهنا ختلف من بعدهم خلوف يقولون ما ال يفعلون ،يأخذون بسنته ويقتدون بأمره

وليس وراء ذلك من اإلميان ؛ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ،جاهدهم بيده فهو مؤمن

)!حبة خردل

!من جاهدهم بيده هل تعين قتاهلم؟:س

عن جياب وقد ،...ديثوهذا يدل على جهاد األمراء باليد ـ، وقد استنكر أمحد هذا احل: (قال ابن رجب احلنبلي :ج

بالسيف والسالح، وليس باليد التغيري: فقال أيضا أمحد على ذلك نص وقد القتال، يستلزم ال باليد التغيري بأن ذلك

،وكل ذلك جائز ،أن يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له قدرة على ذلك ،...األمراء باليد فجهاد فحينئذ

).من اخلروج عليهم وال ،وليس هو من باب قتاهلم

،قد اختلف أهل السنة واجلماعة يف هذه املسألة: (وقال الشيخ عبداهللا بن حممد بن عبد الوهاب يف بيان هذه املسألة

فذهبت طائفة من أهل السنة ـ رضي اهللا عنهم ـ من الصحابة فمن بعدهم كسعد بن أيب وقاص ،وكذلك أهل البيت

وهو قول أمحد ومجاعة من أصحاب ،داهللا بن عمر ـ رضي اهللا عنهم ـ وغريهموأسامة بن زيد وحممد بن مسلمة وعب

وال يكون باليد وسل ،وإال فبالقلب ،إىل أن األمر باملعروف والنهي عن املنكر باللسان إن قدر على ذلك: احلديث ـ

.واخلروج على األئمة وإن كانوا أئمة جور ،السيوف

ل السيوف يف بعني مث األئمة بعدهم أن ساهللا عنهم ـ ومن بعدهم من التارضي وذهبت طائفة أخرى من الصحابة ـ

علي بن أيب طالب وكل من : قول على إزالة املنكر إال بذلك؛ وهو األمر باملعروف والنهي عن املنكر واجب إذا مل يقدر

وهو قول أم املؤمنني كعمار بن ياسر وابن عباس وأيب سعيد اخلدري وغريهم، ـ رضي اهللا عنهم ـ معه من الصحابة

عائشة ومن معها من الصحابة كعمرو بن العاص والنعمان بن بشري وأيب العادية السلمي وغريهم، وهو قول عبداهللا بن

 

28  

وهو قول كل من قام على الفاسق احلجاج كعبدالرمحن بن أيب ليلى وسعيد بن جبري وأيب ،الزبري واحلسني بن علي

بن العزيز عبد بن اهللا عبد الفاضل ، ومن بعدهم كالناسكحلسن البصري والشعيبالبختري الطائي وعطاء السلمي وا

بن علي بن احلسن بن احلسني بن اهللا عبد بن حممد مع خرج من وسائر عاصم بن حفص بن اهللا وعبيد عمر بن اهللا عبد

).وغريهم والوراق بشري بن وهشيم اهللا، عبد بن إبراهيم أخيه ومع أيب طالب،

وأقيم ذلك، من منع منهما شيء عن فإن زاغ ،رسوله وسنة اهللا بكتاب قادنا ما طاعته واجب اإلمام: (حزم ابن وقال

قل وإن اجلور من شيء وقع إن والواجب: (أيضا ، وقال)غريه وويل خلع إال خبلعه، أذاه يؤمن مل فإن واحلق، احلد عليه

).،...منه ويمنع ذلك يف اإلمام أن يكلم

ومىت منتظما، اإلمامة يف أمره كان موافقة الشريعة، على الظاهر يف] اإلمام أي[ أقام فمىت: (البغدادي اهرالق عبد وقال

يف عليه عيارا األمة كانت ذلك عن زاغ

).،...غريه إىل عنه العدول يف أو الصواب، إىل خطائه من به العدول

وقانوهنا الذي على ،لطة يف حدود شريعة الدولةوهو أن تكون تصرفات الس ،وهبذا أرسى اإلسالم مبدأ املشروعية

مبسئوليتها باخلروج ن قطعياهتا وجب على األمة القيام أساس العمل به والتزامه عقدت األمة البيعة لإلمام؛ فإذا احنرف ع

.ونصب إمام عادل؛ مما يؤكد أن األمة هي مصدر السلطة وأهنا هي األصل واإلمام وكيل عنها ،وخلعه ،عليه

وهلذا مل يعترض الصحابة على من جاءوا من ،مواقف الصحابة يف املرحلة األوىل تؤكد وضوح هذا املبدأ ورسوخه وكل

.ونقد االحنراف الذي وقع من أمراء األقاليم؛ إذ رأوا أن هذا حق هلم ،أهل األمصار لعثمان ملناقشته

واخلروج عن طاعته إذ رأوا أن قتل عثمان ،ة عليإىل خمالف ،كما أن هذا املبدأ هو الذي دعا طلحة والزبري وعائشة

.منكر جيب القصاص ممن قام به

وكذا خروج أهل املدينة من أبناء ،هذا املبدأ هو الذي يفسر سبب خروج احلسني بن علي مع أهل العراقكما أن

. عهده من ظلم واحنرافوخلعه ملا وقع يف ،وخروج عبداهللا بن الزبري يف أهل مكة عن طاعة يزيد ،الصحابة يف احلرة

).نان ويفرط فيه من احلقوق مع التمكالسلطان يؤاخذ على ما يفعله من العدو: (وقد قال شيخ اإلسالم ابن تيمية

!مل يفرق الفقهاء يف كتب الفقه يف باب اجلنايات والقصاص والدعاوى بني احلاكم واحملكوم :إشارة

 :حتقيق مبدأي العدل واملساواة -8

 

29  

اليت متثل ،من أهم املبادئ اليت قام عليها اخلطاب السياسي يف املرحلة األوىل ،واملساواة يف العطاء ،القضاء فالعدل يف

وإذا حكمتم بني الناس أن {: تعاليم الدين املرتل؛ وقد أكد هذين املبدأين القرآن العظيم يف آيات كثرية منها قوله

.}على أال تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى وال جيرمنكم شنئان قوم{: وقوله} حتكموا بالعدل

لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا {: كما قال ،الغاية من إرسال الرسل وإنزال الكتب هو حتقيق هذا اهلدفبل جعل

.}معهم الكتاب وامليزان ليقوم الناس بالقسط

أو أسرة، أو طبقة، بني] متداولة أي[دولة ـ املال من خطرا أشد هي اليت ـ السلطة تكون أن من ليمنع وقد جاء

رضاها وفق األمة بني تداوهلا ليتم السلطة، يف} بينهم شورى وأمرهم{: الشورى مبدأ قرر وهلذا معني، حزب

.سياسيا األمة على تسيطر استبدادية سلطة قيام من وليمنع األمة؛ حلق اغتصاب أو أحد من سيطرة دون واختيارها،

أفراد مجيع تداوهلا بني ليتم }منكم كي ال يكون دولة بني األغنياء{: كما قال ،الثروة املاليةاء القرآن بتوزيع وقد ج

.االقتصادية األمة على مقدرات املال رجال سيطرة من ومينع اجملتمع،

إنه ،أيها الناس: (وقال) أضع حيث أمرت ،إمنا أنا قاسم ،ما أعطيكم وال أمنعكم: (هذا املبدأ فقال وقد أكد النيب

ومن ترك كال وعياال فإيل ،من ترك ماال فلورثته: (وقال) واخلمس مردود عليكم ،ليس يل من هذا املال إال اخلمس

.)وعلي

ملن عمل عمال يف مصاحل املسلمني أن يتخذ زوجة إن كان عزبا، وأن يتخذ مسكنا إن مل يكن له مسكن، وقد جعل

.وجعل ذلك من حقوقهم من بيت املال لقيامهم مبصاحل األمة ،وأن يتخذ دابة وظهرا إن مل يكن له مركب

العدل ووجوب صرفه مبقتضى ،وقد أدرك الصحابة ـ رضي اهللا عنهم ـ مبدأ وجوب محاية املال العام وصيانته

،اخلليفةبفرض نفقة واملساواة؛ وقد قام عمر وكان هو القاضي يف عهد أيب بكر، وأبو عبيدة وكان على بيت املال،

وقد فرضوا أليب بكر ستة آالف درهم يف ي اهللا عنهم ـمبوافقة الصحابة ـ رض ،وتقديرها من بيت مال املسلمني

.لقد أتعب من بعده: فقال عمر ،فلما حضرته الوفاة أمر برد الزائد عنده من املال إىل بيت املسلمني ؛السنة

عشرة، واململوك احلر فأعطى املال قسم أيب: (عائشة قالت املال، بيت من العطاء يف الناس يساوي بكر أبو كان وقد

.)عشرين عشرين فأعطاهم الثاين العام يف قسم مث عشرة، وأمتها عشرة، واملرأة عشرة،

بعد أن استشارهم فيما حيل له ،كما أن الصحابة ـ رضي اهللا عنهم ـ هم الذين فرضوا للخليفة الثاين عمر بن اخلطاب

!لى أن يأخذ قوت يومه وقدر حاجتهفأمجعوا ع ،من بيت املال

 

30  

واهللا ما من أحد من ،وما أنا بأحق به من أحد ،واهللا ما أحد أحق هبذا املال من أحد: (وكان حيلف على أميان ثالثة يقول

واهللا لئن بقيت ليأتني الراعي جببل صنعاء حظه من هذا املال وهو يرعى ،...املسلمني إال وله يف هذا املال نصيب

)!همكان

تقسم كل سنة ما اجتمع إليك من مال وال : فقال علي ،ملا كثر عليه املال يف تدوين الدواوين وقد استشار الصحابة

وإن مل حيصوا حىت تعرف من أخذ ممن مل يأخذ خشيت أن ،أرى ماال كثريا يسع الناس: وقال عثمان ،متسك منه شيئا

].ن مل يأخذأي ال ميكن ضبطه ومعرفة من أخذ مم[ ،ينتشر األمر

.وجندوا جنودا ،جئت الشام فرأيت ملوكها قد دونوا ديوانا ،يا أمري املؤمنني: فقال الوليد بن هشام

.األقرب باألقرب النيبوابدءوا بقرابة ،اكتبوا الناس على منازهلم: فقال عمر

.سنة كل عليهم جتري املال بيت من رواتب، واللقطاء والعبيد واألطفال والنساء للرجال وفرض

.ومن قاتل رسول اهللا ال أساوي بني من قاتل مع رسول اهللا: وفضل على السابقة وقال

،بعد أن فضلهم على سابقتهم وبالئهم عزم على اتباع سنة أيب بكر يف املساواة ين الناس يف العطاء، مث يف آخر حياته

).لئن بقيت ألحلقن أسفل الناس بأعالهم: (فقال

شاطرهم نصف أمواهلم وردها مفإذا عزهل ،فكان إذا بعث رجال على مدينة كتب ماله) ؟أين لك هذامن : (وأرسخ مبدأ

.إىل بيت مال املسلمني

:وكتب إىل أيب موسى األشعري قاضيه على العراق

).م ويف القسمأن ينصف يف احلك: حبسب املسلم الضعيف من العدل(

شيء هان: (يقول وكان عزله، من أمريهم بلد أهل اشتكى إذا وكان الوالة، على املالية الرقابة وضع من أول فكان

.)أمري مكان أمريا أبدهلم أن قوما، به أصلح

إين مل أستعمل عليكم عمايل ليضربوا أبشاركم وال ليشتموا أعراضكم وال ليأخذوا أموالكم ولكين : (وكان يقول للناس

..).ه عامله مبظلمة فال إذن له علي حىت أقصه منهاستعملتهم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم؛ فمن ظلم

 

31  

ودفعها ،وأحضر الشهود ،فلما تويف جاء هبا ابنه ،وملا حضرته الوفاة أوصى ابنه عبداهللا أن يسدد ديونه لبيت املال

!للخليفة عثمان رضي اهللا عنهم أمجعني

يف الواليات من حرمهمكما أنه الناس عنه، ته إذا وقعوا فيما هنى يضاعف العقوبة على أهل بي كان عمر :إضاءة

.وفاته وبعد حياته

فتعطوهم ،إن أعدل السرية أن تنظروا يف أمور املسلمني فيما عليهم( :وقد كتب عثمان ملا ويل بعده إىل أمرائه كتابا فيه

العدو الذي تنتابون مث ،عليهموتأخذوهم بالذي هلم، فتعطوهم الذي ،مث تثنوا بالذمة ،وتأخذوهم مبا عليهم ،ماهلم

).فاستفتحوا عليهم بالوفاء

ال ! خذوا احلق وأعطوا احلق به، والوفاء الوفاء ،فال يقبل إال احلق ،إن اهللا خلق اخللق باحلق: (وكتب إىل عمال اخلراج

).وال املعاهد فإن اهللا خصم ملن ظلمهم ،تظلموا اليتيم

أال وإنه ليس يل أن آخذ منه ،يل أمر دونكم إال مفاتيح مالكم معي أال وإنه ليس: (قال علي قبل أن يبايع خليفةقد و

).اللهم فاشهد فبايعهم على ذلك: قال ،نعم: أرضيتم؟ قالوا ،درمها دونكم

وقد مشلت التأمينات املالية االجتماعية حىت غري املسلمني يف الدولة اإلسالمية يف هذه املرحلة اليت متثل تعاليم اإلسالم

ما أجلأك إىل هذا؟: د رأى عمر يهوديا فقريا يسأل الناس فقال لهاملرتل؛ فق

.اجلزية واحلاجة والسن: قال اليهودي

وأمر أن يجرى ،وعن ضربائه ،ووضع عنه اجلزية ،...أن أكلنا شبيبته مث خنذله عند اهلرم ،واهللا ما أنصفناه: فقال عمر

.عليهم أرزاقهم

غنيا كان أو ،اآلفات من آفة أصابته أو ،العمل عن ضعف شيخ أميا: (أنه على احلرية أهل الوليد بن خالد صاحل وقد

ودار اهلجرة بدار أقام ما ،وعياله املسلمني مال بيت من وعيل ،جزيته طرحت عليه؛ يتصدقون دينه أهل وصار ،فافتقر

).عياهلم على النفقة املسلمني على فليس اإلسالم ودار اهلجرة دار غري إىل اإلسالم، فإن خرجوا

.وقد أجرى علي بن أيب طالب ومعاوية خمصصات مالية ورواتب حىت للمساجني يف سجنهم وكسوهتم ونفقتهم

مع كوهنم ميثلون حزبا سياسيا معارضا ،ومل يقطع عنهم حقوقهم املالية ،خمصصات من خرجوا عليه وكذا أجرى عليا

!لسياسته بل لفكره وعقيدته

 

32  

وهو مع هذا يعلم أهنم يسبونه ،رأى للخوارج حقا يف الفيء ما مل يظهروا اخلروج على الناسإن عليا : (قال أبو عبيدة

)....}أي يكفرونه{ويبلغون منه أكثر من السب

،...سدد الديون عن املدينني ،وقد كان عمر بن عبدالعزيز يخرج للناس أعطياهتم؛ فإذا بقي يف بيت املال زيادة

اإلمام حماسبة حق لألمة وأن حرمة، املال لبيت وأنوالقسم بالسوية، يةأ العدل يف القضيؤكد مبد ذكره كل ما سبقإن

املالية سياسته على االعتراض حق هلا وأن ،له وتقدره حيتاجه ما له تفرض اليت هي اهنأ كما املال، بيت من صرفه ما على

وإمجاع - عنهم اهللا رضي – الصحابة بإمجاع هذاو لإلمام، ال للمسلمني املسلمني مال بيت إذ احنرافه؛ عند وحماسبته

.اإلسالم أهل

ليس لوالة األموال أن يقسموها حبسب أهوائهم كما يقسم املالك ملكه فإمنا هم ( :قال شيخ اإلسالم ابن تيمية :إضاءة

)!وكالء ليسوا مالكاأمناء ونواب و

 :تهاوصيان واجلماعية الفردية اإلنسانية محاية احلقوق واحلريات -9وأكد ضرورة محاية احلقوق واحلريات واإلنسانية؛ كما ،لقد رسخ اخلطاب السياسي الشرعي املرتل مبدأ كرامة اإلنسان

 :ومن ذلك ،جاء يف القرآن والسنة

:حق اإلنسان يف احلياة- أ

حترميا قاطعا إال يف فقد حرم القرآن االعتداء على النفس اإلنسانية ،مسلما كان أو غري مسلم ،ومحايته من االعتداء

أن قتل النفس اليت   وأخرب النيب} وال تقتلوا النفس اليت حرم اهللا إال باحلق{: ورد االعتداء وهلذا قال ،حالة اجلزاء

للنفس محاية "القصاص"وجعل جزاء قتل النفس ظلما وعدوانا من السبع املوبقات كالشرك باهللا،حرم اهللا إال باحلق

 .}األلباب أويل يا حياة يف القصاص ولكم{: قال كما للجميع حياة القصاص يف إذ ،ءاالعتدا من البشرية

فال تستطيع السلطة يف الدولة ،وحصرهتا بصور حمددة ال ميكن جتاوزها ،وقد حددت الشريعة اجلرائم اليت حدها القتل

حماولته االعتداء على رجال السلطة أو حىت ،اإلسالمية أن تتجاوز هذه الصور؛ فال ميكن قتل إنسان ملعارضته للسلطة

حادثة من اخلطاب السياسي املمثل لتعاليم الدين املرتل أي مل تعرف الدولة اإلسالمية يف املرحلة األوىلهلذا و ،دون القتل

ممن كانوا يتظاهرون ،أن يتعرض للمعارضني له داخل املدينة وقد رفض النيب يعارض السلطة؛ ملنقتل سياسي

.وهم حيرضون على إخراجه من املدينةباإلسالم

 

33  

وقال الغضب، أشد برزة أيب على ،بكر أبو فغضب يقتله، أن برزة أبو فأراد الصديق بكر أبا اخلليفة رجل شتم وقد

).اهللا رسول بعد ألحد كانت ما واهللا، ال: (له

يروا فلم: (- عنهم اهللا رضي - الصحابة وقد رصد رجل اخلليفة عثمان يريد اغتياله فقبضوا عليه فاستشار عثمان

.)فأرسله قتال، عليه

فما كان من عمار إال االنضمام ،عمار بن ياسر إىل أهل مصر ملا ظهرت املعارضة فيها لسياسة عثمان وقد أرسل عثمان

! تلهم؟إليها وألب الناس على عثمان؛ فكتب أمري مصر ابن أيب السرح إىل عثمان يستأذنه بعقوبة عمار وأصحابه أو ق

!؟)من أذن لك بعقوبة عمار وأصحابه! بئس الرأي رأيت: (فكتب إليه اخلليفة

! يا أمري املؤمنني إين وجدت هذا يسبك؟ قال فسبه كما يسبين: وهو خليفة فقال وقد جاء رجل برجل آخر إىل علي

).ال أقتل من مل يقتلين: (فقال علي} أي بالقتل{ويتوعدك : قال

وأنه ال حق للسلطة يف الدولة اإلسالمية باستحالل قتل أو ،خ مبدأ حرمة النفس اإلنسانيةوكل ما سبق يؤكد رسو

.ة جملرد معارضتها احلاكم وسياسته، أو رفضها حلكمهأو اضطهاد املعارضة السياسي ،تعذيب أحد

:حق اإلنسان يف احلرية- ب

نفي ) أن ال إله إال اهللا: (فشهادة ،مها الشمويلمبفهو لقد كان واضحا منذ ظهور اإلسالم أنه دعوة للحرية اإلنسانية

متساوون فالناس مجيعا،} وال يتخذ بعضنا أربابا من دون اهللا{: صريح لكل أنواع العبودية واخلضوع لغري اهللا عز وجل

حق فهو الذي يست ،ال سيادة ألحد على أحد وإمنا السيد هو اهللا وحدههللا، إال عبودية وال وحريتهم، إنسانيتهم يف

: يف األرض خليفته اإلنسان وجعل }آدم بين كرمنا ولقد{ :اخلضوع والطاعة وحده، وقد كرم اهللا اإلنسان فقال

.}خليفة األرض يف جاعل إين{

لبيان أن السيادة املطلقة هي ) تبارك وتعاىل السيد اهللا( :كثرية كما يف قوله هذا املعىن يف أحاديث وهلذا أكد النيب

كلكم عبيد ،يتعبدي وأم: ال يقولن أحدكم(: وهلذا قالخوة، ال سيادة ألحد منهم على أحد، يعا إهللا، والبشر مج

).وفتاي وفتايت ،ولكن ليقل غالمي وجارييت ،كل نسائكم إماء اهللا ،اهللا

وهلذا جاء عليه الرق ـ هلذا قرر الفقهاء قاعدة أن األصل يف اإلنسان احلرية؛ رية يف اإلنسان أصل ـ حىت لو طرأفاحل

وأمر ،كما جعله كفارة لكثري من الذنوب ،وجعل ذلك من أعظم القربات إىل اهللا ،اإلسالم بالدعوة إىل حترير الرقيق

.الرق من نفسه حيرر أن أجل من يريد املكاتبة منهم، من مبكاتبة

 

34  

.ساعدته من ماله ليتحررإذا طلب الرقيق ذلك ووجوب م ،وقد ذهب كثري من العلماء إىل وجوب مكاتبة السيد لرقيقه

فكانت أول ،فبادر بإعالن حترير كل العرب األرقاء منذ اجلاهلية ،مقاصد اإلسالم من هذه الدعوة وقد أدرك عمر

فأصبح ،وألزمهم بتحريرهم ،تعويضا لكل من كان لديه رقيق من العرب حركة حترير للرق عرفها العامل، ودفع

فجاء اإلسالم ،بسبب احلروب فيما بينهم والسيب ،يهم أرقاء منذ العصر اجلاهليالعرب قاطبة أحرارا؛ بعد أن كان ف

.فحررهم

ومن الزكاة أموال من وحتريرهم ،الرقيق أي شراء }الرقاب ويف{ :مصرف الثمانية الزكاة مصارف من اهللا جعل كما

.املسلمني مال بيت

عمر قال وهلذا وحده؛ هللا إال عبودية هناك أي تكون أال صوداملق إذ اإلسالمية؛ الشريعة يف احلرية أمهية يؤكد ذلك كل

؟ قاهلا عمر بن اخلطاب دفاعا عن قبطي مسيحي من )مىت استعبدمت الناس وقد ولدهتم أمهاهتم أحرارا(: املشهورة كلمته

.رعيته

:يف بيان معىن احلرية هنا اخلالصة

كان حمظورا أو يفضي إىل الضرر باملصلحة العامة أو إال ما ،أن حرية اإلنسان تقتضي أن ال قيد على تصرفاته - .باآلخرين

.ال أن تلزمهم برأي أو وجهة نظرو ،أنه ال حيق للسلطة أن ختضع األفراد لطاعتها بالقوة واإلكراه -والبيع والتجارة والتنقل والعمل وتقاضي األجرة ،أن لإلنسان يف ظل الشريعة اإلسالمية احلق يف حرية التملكو -

.املناسبة .أن لإلنسان رفض تنفيذ أي أمر للسلطة يتناىف مع عقيدته ويرى حرمتهو - .كما له احلق يف إبداء الرأي ونقد السلطة - .أن لإلنسان حق يف ماله فال ينتزع من ماله إال بطيب نفس منه ورضاو -عثمان وال علي ـ رضي اهللا عنهما ـ أن لإلنسان احلق يف االنتماء إىل أي حزب أو مجاعة شاء؛ وهلذا مل يعترض و -

واملقصود باجلواز واحلق هنا اجلواز القضائي الذي ال على االنتماء للجماعات السياسية والفكرية ومنهم اخلوارج؛ إال أن الصحابة مل يروا ،وفرق أهل البدع ،؛ إذ حيرم االنتماء للخوارجتستطيع السلطة مصادرته ال اجلواز ديانة وإفتاء

فمن } ال إكراه يف الدين{: مامل خيرجوا على الدولة بالقوة لوضوح مبدأ ،هم سبيال يف منعهم من هذا االنتماءهلم عليوتسعى للوصول إىل السلطة بالطرق السلمية دون ،اليت تطرح برامج إصالحية ،باب أوىل االنتماء للجماعات السياسية

.مصادمة لدين الدولة .م ومقاومته حىت وإن وقع من السلطةكما لإلنسان احلق يف رفض الظل -

 

35  

.لإلنسان غري املسلم يف الدولة اإلسالمية أن حيتكم إىل شريعته اخلاصة لطائفتهوكذا -

وقد أمجع الفقهاء على أنه ال حيل حبس العاجز عن سداد دينه ،حيرم حبس اإلنسان بالدين إذا عجز عن تسديدهو -

.خبالف الواجد املماطل

.وتفاديهم من بيت مال املسلمني ،سواء كانوا مسلمني أم أهل ذمة ،ة اإلسالمية أن تفتك األسارىجيب على الدولو -

:من قتل دون ماله فهو شهيد

.)شهيد فهو ماله دون قتل من( :السلطة؛ حلديث من وقع وإن حىت ومقاومته، الظلم رفض يف احلق لإلنسانو

أيب بن عنبسة والطائف مكة أمري أجرى عندماالعاص، بن عمرو بن اهللا عبد اجلليل الصحايب احلديث احتج هبذا وقد

وجاء عمرو ابن عليه اعترض العاص؛ بن عمرو بن عبداهللا بستان حائط من فدنا ،أرضه هبا ليسقي ماء عني سفيان،

فهو ماله دون قتل من: (حبديثواحتج )...أحد منا يبقى ال حىت حائطنا خترقون ال واهللا:(لألمري وقال وسالحه مبواليه

).شهيد

:عن تعدي السلطة يف أخذ الزكاة فقال سئل النيبوقد

)!فتعدى عليه احلق فأخذ سالحه فقاتل فهو شهيد ،من أدى زكاة ماله(

يا رسول اهللا أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مايل؟: (فقال النيبرجل وقد سأل

.فال تعطه: قال

أرأيت إن قاتلين؟: قال

.قاتله: قال

أرأيت إن قتلين؟: الق

.فأنت شهيد: قال

أرأيت إن قتلته؟: قال

!!هو يف النار: قال

 

36  

أال حق بغري ماله سئل يأمر من اهللا رسول فهذا(: (ديث عبداهللا بن عمرو وقصتهوقد قال ابن حزم بعد أن ذكر ح

ليه السالم ماال من مال وهذا أبو بكر ومل خيص ع شهيدا، بريئا يقتل أو سديدا، مصيبا فيقتل دونه، أن يقاتل وأمر يعطيه،

)!!وعبداهللا بن عمرو ـ رضي اهللا عنهما ـ يريان السلطان يف ذلك وغري السلطان سواء

وهكذا جاء عن أيب حنيفة والشافعي وأيب سليمان : (لفرق بني قتال الباغي وغريهأيضا يف بيان اابن حزم وقال

وإال دعوا إىل ،سئلوا عن خروجهم؟ فإن ذكروا مظلمة ظلموها أنصفواأن اخلارجة على اإلمام إذا خرجت ،وأصحاهبم

فلم جند اهللا تعاىل فرق يف قتال الفئة الباغية على األخرى ،...فإن فاؤا فال شيء عليهم وإن أبوا إال القتال قوتلوا ،الفيئة

)!إىل أمر اهللاحىت يفيء ،بل أمر تعاىل بقتال من بغى على أخيه املسلم عموما ،بني سلطان وغريه

حني جاء مجاعة من قريش ) من قتل دون ماله فهو شهيد: (وقد احتج سعيد بن زيد ـ أحد املبشرين باجلنة ـ حبديث

!يكلمونه يف شيء من أرضه

.)الشهداء منازل نائال كان مأجورا فقتل، دينه أو ،أهله أو ،ماله عن دافع من أن على ذلك دل: (اخلطايب قال

.م وغري مسلم يف الدولة اإلسالميةق ال فرق فيها بني مسلوكل هذه احلقو

وأخرجوا ذلك، على الذمة أهل وحتويلها، فاعترض الذمة أهل كنائس بعض هدم أمية بين من اخللفاء بعض أراد وقد

من على وعابوا أيضا ذلك على الفقهاء كما اعترض ملعابدهم، التعرض وفيها عدم املسلمني، وبني بينهم الصلح عهود

ما وإقرارهم الصلح لعهود -عنهم اهللا رضي - وعلي وعثمان وعمر بكر أيب بإمضاء واحتجوا حتويلها، أو أراد هدمها

.الذمة أهل صاحل يف شروط من فيها

،املسلمني مال بيت من وتفاديهم ذمة، أم أهل مسلمني أكانوا سواء األسارى، تفتك أن اإلسالمية الدولة على جيب كما

أحرارا، وعهدهم ذمتهم إىل رجعوا استنقذوا فإذا عناهتم، ويفتك دوهنم، جياهد من الذمة أهل وكذلك: (يدعب أبو قال

.)ذلك أحاديث ويف

ورأوه واستعظموه، واملسلمون، الفقهاء ذلك فاستفظع الشام، إىل قربص أهل أجلى قد امللك عبد بن الوليد كان وقد

.عدال ورأوه ذلك الفقهاء قربص، فاستحسنإىل ردهم الوليد بن يزيد حكم فلما ظلما،

يؤكد مدى رسوخ مبدأ محاية احلقوق واحلريات الفردية يف اخلطاب السياسي الشرعي يف هذه وكل ما سبق ذكره

.املرحلة

 

37  

 

: هـ تقريبا1350هـ -73 املؤول الشرعي مرحلة اخلطاب السياسي: املرحلة الثانية: الفصل الثاين

 

: حيث قال ا اخلطاب منذ حتول اخلالفة من شورى إىل ملك عضوض؛ وقد أخرب هبذا رسول اهللاوقد بدأت مالمح هذ

 إذا يرفعها مث تكون، أن اهللا شاء ما فتكون النبوة، منهاج على خالفة تكون مث ،تكون أن اهللا شاء ما فيكم النبوة تكون(

 جربية، ملكا تكون مث ،يرفعها شاء أن إذا يرفعها مث يكون، أن اهللا شاء ما فيكون  ،عاضا ملكا كونت مث يرفعها، شاء أن

).النبوة منهاج على خالفة تكون مث، يرفعها شاء أن إذا يرفعها مث ،تكون أن اهللا شاء ما فتكون

وبدأ العصر األموي حيث بدأ تراجع اخلطاب السياسي املمثل لتعاليم )هـ40(انتهى عصر اخللفاء الراشدين سنة وقد

ح حيث بدأ االستدالل بالنصوص على غري الوجه الصحي ،وبدأ خطاب سياسي ميثل تعاليم الدين املؤولالدين املرتل؛

).أول من يغري سنيت رجل من بين أمية: (وقد قال ،الذي أراد اهللا ورسوله

!ما املقصود بالسنة املراد تغيريها يف هذا احلديث؟ :س

.وهو الظاهر) ري نظام اختيار اخلليفة وجعله وراثةلعل املراد باحلديث تغي(قال األلباين عن ذلك :ج

حني عهد باألمر إىل ابنه يزيد، إال أن وقد بدأت هذه املرحلة بعد عهد اخللفاء الراشدين ويف أواخر عهد معاوية

هـ، حيث استقر 73اخلطاب املرتل امتد إىل أن انتهى باستشهاد آخر خليفة صحايب وهو عبد اهللا بن الزبري سنة

إىل سقوط اخلالفة العثمانية؛ وقد تفاوتت هذه طاب املؤول بأخذ عبد امللك بن مروان للخالفة بالسيف، وامتداخل

هذه مالمح أبرز أن املرحلة يف شدة تراجعها عن مبادئ تعاليم الدين املرتل يف خطاهبا السياسي يف عصورها املختلفة؛ إال

:يلي ما املرحلة

:وراثة إىل شورى من احلكم وحتول اإلمام اختيار يف األمة حق مصادرة-1

،وصودر هذا احلق بالقوة ،وقد كان هذا التراجع هو أبرز مالمح هذه املرحلة؛ حيث فقدت األمة حقها يف اختيار اإلمام

.وبدأت دعاوى األحقية يف اإلمامة جتد طريقها إىل اخلطاب السياسي لتترسخ يوما بعد يوم

وإن أسأت ،فإن أحسنت فأعينوين ،ولست خبريكم ،عليكم إين وليت: ( أول خطبة لهفبعد أن كان أبو بكر يقول يف

).فقوموين

 

38  

).اإلمارة شورى بني املسلمني؛ من بايع رجل دون شورى املسلمني فال يتابع هو وال الذي بايعه: (وكان عمر يقول

).إمنا األمري من أمرمتوه: (وكان علي يقول

من كان يريد أن يتكلم يف هذا األمر فليطلع لنا قرنه فلنحن : (فيقول معاوية بن أيب سفيان إذا باخلطاب السياسي يتغري

).من أحق هبذا األمر منا؟ ومن ينازعنا؟: (ويقول) أحق به ومن أبيه

إذ دعاوى األحقية تظهر يف اخلطاب السياسي بعد مة حيرم مصادرته ومنازعتها إياه،وهكذا بعد أن كان األمر حقا لأل

ظلما، وادعاها بنو العباس والعلويون اخلليفة املقتول عثمان أولياء فادعاها بنو أمية بدعوى أهنم ،د اخللفاء الراشدينعه

يف )هـ132(سنة له خطبة أول يف األول العباسي اخلليفة السفاح العباس أبو قال وورثته؛ حىت بيت آل أهنم بدعوى

داوود عمه وقال ،)إخل...وجوههم فشاهت منا؛ واخلالفة والسياسة ياسةبالر أحق غرينا أن السبئية وزعمت: (الكوفة

،فينا األمر هذا أن فاعلموا ،...وإرثنا حقنا إلينا ورد ،وعزنا شرفنا وأحيا .:(..خطبته يف عباس بن عبداهللا بن علي بن

!).؟اهللا رسول من وصية لنا حقا اخلالفة أليست: (لألوزاعي وقال )!مرمي بن عيسى إىل نسلمه حىت منا خبارج ليس

حقا ليصبح اإلمام، اختيار يف حقها استلبت األمة اليت الدعاوى هذه مبثل خطريا تراجعا السياسي اخلطاب تراجع وهبذا

!؟والسنة القرآن لنصوص التأويل أنواع بشىت ،والعلويون والعباسيون األمويون ذلك بعد يدعيه

حيث فتح الباب على مصراعيه ملثل ،وهن دخل على اخلطاب السياسي لقد كان القول بالنص على اإلمامة هو أول

وإمنا األمر للمهاجرين ،اضطر إىل اخلطبة لبيان أنه مل يوص إليهم بشيءو ،هذه الدعاوى اليت ظهرت يف عهد علي

إنه( :هللا عنهماقال حمتجا على معاوية رضي او األحقية، ودعوى النص فتنة إمخاد يف جيد مل كله هذا أن غري ،واألنصار

أن يرد، للغائب وال خيتار، أن للشاهد يكن فلم عليه، بايعوهم ما على وعثمان، وعمر بكر أبا بايعوا الذين القوم بايعين

: تقولون إيل فأقبلتم(:وقال )وإمنا الشورى للمهاجرين واألنصار فإن اجتمعوا على رجل ومسوه إماما كان ذلك هللا رضى

وال يف ،واهللا ما كانت يل يف اخلالفة رغبة: (وقال )فجاذبتموها يدي ونازعتكم فبسطتموها، فيك قبضت !البيعة البيعة

).ولكنكم دعومتوين إليها ومحلتموين عليها ،الوالية إربة

كل زال ما مث ،يدعيها من الشام أهل يف ظهر مث ،شيعته بعض من اخلالفة يف له باألحقية القول حياته يف شاع وقد

دعوى أساس على العقائدية الطوائف ظهور يف ذروته األمر بلغ حىت دعواه؛ به يعضد ما النصوص من يتأول فريق

!؟)أيديولوجية( عقائدية قضية إىل مصلحية شرعية سياسية قضية من القضية وحتولت ذاك؛ أو البيت هلذا األحقية

 

39  

اإلمامة موضوع دام فما ،حلكم الوراثيلقد كانت مثل هذه الدعاوى هي املقدمات الضرورية إلضفاء الشرعية على ا

!توريثها؟ ميكن اليت احلقوق كباقي للتوريث صاحل فهو ،اخلاصة احلقوق باب من والسلطة

هذا يكن مل وإن الوراثة؛ طريق عن يصل خليفة أول معاوية بن يزيد كان فقد ،الدعاوى هذه ملثل حتمية نتيجة وهذه

.العلوية و العباسية الدولة يف ظهر كما ألمويةا الدولة يف صرحيا جليا ظهر قد املبدأ

وبدأ التأويل يأخذ طريقه لنصوص اخلطاب السياسي؛ ،وقد صار الواقع يفرض مفاهيمه اجلديدة على الفقه اإلسالمي

دون مراعاة ! فإذا جاز أليب بكر أن يعهد لألمر من بعده ملن يراه فجائز ـ قياسا على ذلك ـ العهد لألمر لألبناء؟

!؟وعهد من بعده ألبنائهم وإخواهنم ،فرق بني عهد أيب بكر لعمرلل

!العهدين؟ بني الفرق ما :س

قرابة بينهما تكن مل كما إلزام؛ أو إكراه دون والرضا ،لألمة االستشارة بعد الترشيح باب من لعمر بكر أيب عهدن إ :ج

خرجت اليت اجلديدة اإلسالمية بالدولة احمليطة روفالظ أن كما ،الترشيح هذا من الغاية يف والشبهة الشك تثري رحم أو

اضطرت اليت هي والروم ـ فارس اإلمرباطوريتني مع حروهبا وبدأت ـ الردة حروب ـ الداخلية احلروب من للتو

دفعه ذلك كل وفاته؛ بعد حيسم ال قد جدال من السقيفة يف حصل ما تذكر وقد خاصة ،اإلجراء هذا مثل إىل بكر أبا

عمر يةوأهل ،بكر أيب نظر قوة وأثبتت ،الباهر وجناحه صحته واألحداث األيام أثبتت الذي التصرف هذا مثل إىل

.اجلديدة الدولة وقيادة لإلمامة

أنكره فقد وأنكروه، الراشدين اخللفاء عهد بعد السياسي اخلطاب يف اخلطري التراجع هذا خطورة الصحابة أدرك لقد

كلمة أقول أن فخشيت: (عمر ابن قال!) منا؟ األمر هبذا أحق من( كلمته معاوية على دير أن وهم ،عمر بن عبداهللا

).الدم وتسفك ،اجلمع بني تفرق

الصحابة كبار عليه اعترض بعده؛ من إليه باألمر ويعهد )هـ56(سنة يزيد ابنه الناس يبايع أن معاوية أراد وملا

،بكر أيب بن وعبدالرمحن ،عباس بن وعبداهللا ،الزبري بن بداهللاوع ،عمر بن عبداهللا وهم ،الفترة تلك يف وفقهاؤهم

.علي بن واحلسني

وكلناك أنا وددت لو واهللا إنك: (له وقال خطبته معاوية على قطع فقد بكر؛ أيب بن عبدالرمحن عليه أشدهم كان وقد

أي[ جذعة عليك لنعيدهنا أو ،سلمنيامل بني شورى األمر هذا لتردن واهللا ،نفعل ال واهللا وإنا ،اهللا إىل ابنك أمر يف

).خرج مث] احلرب

 

40  

ليس: (فقال بكر أيب بن عبدالرمحن عليه رد) املهدية الراشدية بكر أيب سنة: (يزيد بيعة يف احلكم بن مروان قال وملا

) هرقلية ولكنها أهل لذلك أنه رأى أن ،عدي بين من رجل إىل وعدل ،والعشرية األهل بكر أبو ترك وقد !بكر أيب بسنة

).وكسروية هرقلية واهللا جعلتموها: (له قال رواية ويف

ودعا مروان فخطب ،يزيد بيعة للناس يذكر أن منه معاوية طلب وقد ،معاوية قبل من املدينة على أمريا مروان كان وقد

ويف) وعمر بكر أبو ستخلفا فقد ؟يستخلفه وإن ،حسنا رأيا يزيد يف املؤمنني أمري أرى اهللا إن: (فيها وقال يزيد بيعة إىل

تبايعون هرقلية هبا جئتم: (رواية ويف) وقيصر هرقل سنة بل: (فقال عبدالرمحن عليه فرد) وعمر بكر أيب سنة: (رواية

).ألبنائكم

حتدثوا ال ذلك يكون ال! معك معاوية وكذب مروان يا واهللا كذبت: فقال بكر أيب بن عبدالرمحن فقام: (رواية ويف

).هرقل مكانه قام هرقل مات كلما ،لروما سنة علينا

أيب بن وعبدالرمحن ،عباس وابن ،عمر ابن: املعارضة قادة مع اجتمع مث يزيد، ابنه وذكر املدينة إىل قدم معاوية حج مث ملا

.بعده إمام بال األمة يدع أن خيشى بأنه ليزيد اختياره وعلل ،الزبري بن وعبداهللا ،علي بن واحلسني ،بكر

يدخل وال وتقسمون، وجتبون تترعون وتؤمرون، الذين أنتم وتكونوا اخلالفة، باسم تقدموه أن أردت إمنا(: موقال هل

.)ذلكم من شيء يف ]أي يزيد[عليكم

الناس رءوس هم الذين هلؤالء والعقد واحلل ،ليزيد اخلالفة ـ دستورية ملكية ـ شورية ملكية معاوية أرادها فقد

.دوهنم من باألمر يستبد وال أمر هلم ديزي ينقض ال وسادهتم،

أنت رأيت ما أبناءهم يف يروا فلم أبنائهم، من خبري ابنك ليس ،أبناء هلم خلفاء قبلك كان قد إنه( :عمر بن عبداهللا فقال

فساد يف أسعى وأن املسلمني، عصا أشق أن حتذرين وأنت اخليار، علموا حيث للمسلمني اختاروا ولكنهم ابنك، يف

).منهم رجل أنا فإمنا أمر على اجتمعوا فإذا ،املسلمني من رجل أنا إمنا ألفعل، أكن ومل ينهم،ب ذات

إذا أرأيت فلنبايعه؛ ابنك وهلم ،فاعتزهلا اإلمارة مللت قد كنت إن:(له فقال معاوية على الزبري بن وقد دخل عبداهللا

)!أبدا واهللا لكما البيعة جنمع ال! نطيع؟ أليكما! نسمع؟ أليكما معك ابنك بايعنا

التأويل، على القائم اجلديد السياسي اخلطاب هذا رفضوا الذين الفقهاء الصحابة هلؤالء جليا واضحا األمر كان لقد

اخلطاب مببادئ ومتسكوا اخلطاب؛ هذا خطورة وأدركوا لعمر بكر أيب عهد على ليزيد معاوية بيعة قياس ورفضوا

بنو به جاء ما املسلمني؛ وأن بني شورى األمر وأن ،لقيادهتا ترتضيه من ختتار مةلأل األمر أن وهو ،الراشدي السياسي

 

41  

ملبادئ التطبيقي النموذج هي سريهتم كانت الذين ،وعمر بكر وأيب اهللا رسول سنة ال ،وقيصر هرقل سنة هو إمنا أمية

.املرتل الشرعي السياسي اخلطاب

أيب بني وعبدالرمحن الزبري وابن هو مبايعته من امتنع ممن احلسني كان أبيه اةحي يف ليزيد البيعة أخذت ملا( :كثري ابن قال

.)عباس وابن عمر وابن بكر

ال البيعة وأن ،اإلمام حياة يف العهد لويل البيعة أخذ شرعية وعدم ،املوقف خطورة الفقهاء الصحابة هؤالء أدرك لقد

.يكون أن ميكن ال ما فذلك ياتهح حال يف أما اعتزاله؛ أو اإلمام وفاة بعد إال تكون

عودهتا وعدم األمة كلمة ووحدة واحد إمام على الناس مجع أن يرى كان الذي أبيه حياة يف ليزيد الناس بايع لقد

.)راع هلا ليس املطرية كالغنم بعدي من الرعية ادع أن خفت إين:(يقول فكان ـ ذلك سوى مما أهم ـ والفتنة لالقتتال

تركهم يف وأن ،يرتضونه من بعده من ليختاروا تركهم ذلك وأشفق؛ ومع األمة على أحرص كان النيب أن هوفات

من تركه فيما ال ،بعده من يزيد باختياره فعله فيما هو خيشاه كان ما أن واأليام احلوادث أثبتت وقد أمرهم؛ صالح

عهد يف الدولة واضطربت ،جديد من األمة دعق انفرط حىت معاوية تويفإن ما إذ وعمر؛ بكر وأيب اهللا رسول سنة

،الزبري بن عبداهللا مع مكة وأهل ،علي بن احلسني مع العراق أهل عليه فخرج !قبل من مثله حيدث مل اضطرابا يزيد

!عامر بن جندة مع جند وأهل ،الغسيل حنظلة بن عبداهللا مع املدينة وأهل

ذلك، قبل منها امتنع ممن له البيعة منه أخذ يطلب املدينة أمري إىل – خليفة الشام أهل بايعه أن بعد – يزيد أرسل فقد

خيتلف أن تريد إمنا تبايع؟ أن مينعك ما: (رجل له فقال) بايعت الناس إذا بايع: (فقال عمر بن اهللا عبد إىل أمريها فبعث

غريي يبق ومل الناس إذا بايع ولكن ا،يتفانو وال خيتلفوا وال يقتتلوا أن أحب ما: عمر بن اهللا عبد فقال الناس فيقتتلوا؟

.)بايعت

ابن وبايعه هو بايعه ليزيد األمصار من البيعة جاءت عمر حينها انتظارا ملا جتمع عليه األمة؛ فلما بن فلم يبايع عبداهللا

.عباس

إليهم فخرج ه،ل ببيعتهم إليه عليهم، وأرسلوا القدوم إىل تدعوه ،سرا العراق أهل كتب فجاءته علي بن احلسني وأما

وظل )هـ ٦١(سنة وقتل فقاتله، جيشا يزيد إليه فأرسل الزبري، مع ابن املدينة من إليها هرب قد وكان مكة، من

).األمة بني شورى اخلالفة تكون أن( إىل يدعو وكان يزيد، بيعة من ممتنعا مكة عبداهللا بن الزبري يف

 

42  

،عابدا سيدا فاضال شريفا وكان حنظلة الغسيل، بن اهللا عبد ايعواوب بيعته، ونقضوا يزيد على املدينة أهل خرج كما

الرضا (إىل دعوهتم وكانت أهلها، وبايعه خلعه إىل دعا ،املدينة ورجع إىل ،حاله رأى فلما يزيد على وفد وقد

.احلرة وقتل معه غريه من الصحابة يوم تلق وقد الصحابة، صغار من حنظلة بن وعبداهللا) والشورى

...).احلرة وقعة يف الصحابة وغريهم من واألعيان املشاهري من خلق السنة هذه يف تويف: (كثري ابن قال

!)سبعمائة القرآن محلة من احلرة يوم قتل: (قال أنه أنس بن مالك عن وجاء

ويف معه، ومن الزبري ابن وهزمهم دخول مكة، يستطيعوا ومل معه، ومن الزبري ابن لقتال مكة إىل يزيد جيش توجه مث

.حكم له يستقر ومل يزيد تويف أثنائها

.وخلع يزيد احلسني قتل بعد اليمامة أهل يف احلنفي عامر بن جندة جند يف خرج كما

كانت ولذا ،اإلمام اختيار يف حقها األمة استلب الذي اجلديد السياسي اخلطاب بسبب كلها الدولة لقد اضطربت أمور

مها إذ )والشورى الرضا( إىل الزبري ابن مع مكة أهل دعوة كانت وكذلك )الشورىو الرضا( إىل املدينة أهل دعوة

الراشدين؛ وقد اخللفاء عهد يف جليا واضحا كان كما ،اإلسالم يف السياسي النظام عليهما يقوم اللذان الرئيسان املبدآن

:األمرين تعين الصحابة فهمها كما الشورى كانت

األمة وحق عادال، كان مهما الوراثي احلكم يف شورى فال) شورى اإلمارة( :عمر قال اكم اإلمام اختيار يف األمة حق

مها احلقان فهذان السياسي واإلكراه االستبداد مع شورى فال دوهنا؛ أمر يقطع ال وأن الرأي يف اإلمام مشاركة يف

هذين أجل من جند؛ وأهل ،اقالعر وأهل ،مكة وأهل ،املدينة أهل قاتل وقد) والشورى الرضا( بشعار املقصودان

اإلمام قال وقد ،اعنه والدفاع ،إقامتها جيب اليت وعزائمه وفرائضه أصوله من مها إذ ،اإلسالم من ملكاهنما املبدأين

]اخلالفة أي[ األمر هذا الناس غصبوا قد آباءك إن( :مروان بن عبدامللك بن لسليمان دينار بن حازم أبو القدوة

.)منهم رضا وال الناس من اجتماع وال مشورة غري من بالسيف عنوة فأخذوه

فأصبحت ،الشورى معىن اختزال مت الثانية؛ حيث املرحلة يف الشورى مفهوم يف اخلطري التراجع يطرأ أن قبل ذلك كل

العقدو احلل أهل اإلمام استشارة هي الشورى فإذا اختزاهلا مت مث! الرأي؟ يف اإلمام األمة مشاركة على قاصرة الشورى

اإلمام شاء إن! املستحبة األمور من هي بل ،اإلمام على واجبة غري الشورى فإذا ثالثة مرة اختزاهلا مت مث! االلتزام؟ دون

!مستحبا؟ أمرا تركه جملرد اإلمام األمة تقاتل أن هذه واحلال ميكن وال! ترك؟ شاء وإن فعل

 

43  

ابن اشترط فقد يزيد؛ بيعة من وموقفهم الصحابة عهد يف يةالسياس األحداث ضوء على يفهم أن ميكن ال املفهوم وهذا

وابن الزبري ابن رأى بينما ،هلا تبع وهم لألمة احلق إذ عليهم؛ خليفة بيزيد والرضا كلها األمة دخول عباس وابن عمر

وقد قائما؛ املعنوي أو املادي اإلكراه عنصر دام ما ،الناس بايع لو حىت ،بالبيعة الدخول ميكن ال أنه واحلسني بكر أيب

عليك لنعيدهنا أو املسلمني بني شورى األمر لتعيدن: (له قال قد معاوية، وكان عهد يف بكر أيب بن عبدالرمحن تويف

مارسه ما وهذا حقها؛ األمة استلب إذا لإلمام طاعة ال وأن ،الشورى مبدأ عن دفاعا القتال على عزمه يؤكد مما) جذعة

ومعهم )والشورى الرضا( شعار حتت يزيد على وخروجهم بقتاهلم ؛حنظلة بن وعبداهللا ،زبريال وابن ،علي بن احلسني

.والتابعني الصحابة أبناء من العلماء من املئات

األمر رد بدعوى ،طاعته عن وخرج الشورى مبدأ على ،طالب أيب بن علي الراشد اخلليفة نفسه معاوية قاتل لقد

أهل دعا علي، وظهور اجلمل يوم هزمية معاوية بلغ ملا: (الزهري قال ، كماعليه عجتم من لتختار ،األمة بني شورى

.)خليفة غري أمريا ذلك على فبايعوه عثمان، بدم والطلب الشورى، على معه الشام للقتال

ليسو ،له وصيانة عنه دفاعا سيوفهم ـ عنهم اهللا رضي ـ جرد الصحابة حىت مبكان األمهية من الشورى مبدأ كان لقد

.الشامل مبفهومها السياسية احلرية سوى )والرضا الشورى(

،مكة يف الناس ورءوس ،والعقد احلل أهل دون أمرا يقطع ال ـ يزيد وفاة قبل ـ مكة يف الزبري بن عبداهللا كان وهلذا

يف للناس جاحل يقيم وكان )هللا إال حكم ال( شعار يرفع وكان ،بشيء عليهم يستبد ال ،أموره كل يف يشاورهم وكان

.مكة من يزيد عمال طرد أن بعد ،خالفة وال إمارة بال اجلمعة هبم ويصلي ،مكة

!هلم اختياره من خري األمة وترك يزيد إىل باألمر يعهد مل ]أي معاوية[ليته : (الذهيب قال :إشارة

حيكم مل الذي يزيد على األمة إىل اضطراب غياهبا أدى حيث وخطورته، والرضا الشورى مبدأ أمهية يؤكد ذلك كل

ونعى البصرة أمري زياد بن اهللا عبيد خطب )هـ ٦٤(سنة يزيد وفاة داخلية، وبعد وحروب فتنة كلها ،سنني أربع سوى

.)ألنفسكم اختاروا: (وقال هلم يزيد، هلم

يصلح من عليكم فولوا أمركم لكم تركت( :فقال عليهم خليفة بايعوه وقد ،وخطبهم الشام يف يزيد بن معاوية وقام

.)لكم

 

44  

قتل أن إىل خليفة وظل ،دمشق أهل إال قاطبة األمصار أهل وبايعه ،خليفة مبكة الزبري بن عبداهللا الناس وبايع

سرية اخللفاء أشبه ،مقسطا عادال ،السياسة جيد السرية حسن وكان ،سنني عشر بالناس حج أن بعد )هـ73(سنة

.الراشدين باألربعة

!جديد عصر ليبدأ ورضا شورى عن األمة ختارهتما الذين اخللفاء آخر وكان

اجلديد؟ العصر هذا هو ما :س

ـ ،والقتال السيف بقوة اخلالفة عوهو أول خليفة ينتز مروان، بن وهو عهد عبدامللك) املتغلب اخلليفة(عصر هو :ج

مل ما وهو ،الزبري بن اهللا دعب مقتل بعد ،وبايعه الناس كرها ـ !األثر أكرب ذلك بعد السياسي الفقه على سيؤثر مما

.قبل من عهد به لألمة يكن

وألزم !بعده من لولديه البيعتني سنة للناس سن بل ،بالسيف اخلالفة على باالستيالء مروان بن عبدامللك يكتف ومل

،ذلك يف وذيوأ) والنهار الليل اختلف ما اثنني أبايع ال( :وقال األمر هذا املسيب بن سعيد عليه وأنكر هبما؛ الناس

: له فقالوا مجاعة سجنه يف عليه دخل وقد رأيه؛ عن يرجع فلم ؛السيف على وعرضه ،وسجنه به والطواف بضربه وأمر

أراد إن: أيضا وقال بدينكما؟ لعبتما كما بديين ألعب أتراين عين اخرجا: هلم فقال دمك؟ على خناف فإنا! اهللا اتق

!ه؟نفس فليخلع الوليد أبايع أن عبدامللك

أحد ينكره ومل والعباسية األموية الدولتني يف به عمل هذا البيعتني عقد أن املاوردي ادعى فقد احلادثة هذه شهرة ومع

رتب حيث مؤتة جيش حبادثة واحتج!! جاز؟ اثنني من أكثر إىل اخلليفة عهد لو بل: أيضا وقال! العصر؟ علماء من

!؟)اخلالفة يف مثله جاز اإلمارة يف ذلك النيب فعل وإذا( التعاقبب اجليش على أمراء الصحابة من ثالثة النيب

ـ املسلمني بني شورى األمر ترك من النيب عن املعلومة السنن ملصادمته ـ االعتبار فاسد والقياس التأويل هذا ومبثل

!!الدين؟ باسم والقيصرية اهلرقلية السنن على الشرعية إضفاء يتم

مل وكأنه! عصره؟ يف التابعني إمام وهو ،األمر هذا مثل وإنكاره املسيب بن سعيد عارضةمب يسمع مل املاوردي وكأن

يعهد أن أراد ملا ملعاوية علي بن واحلسني الزبري وابن بكر أيب وابن عباس وابن عمر كابن الصحابة كبار مبعارضة يسمع

!وأكثر ثالثة عنك دع! ابنه؟ إىل باألمر

بني شاسعا البون ويظهر اإلسالمي، اخلطاب السياسي مبادئ عن تعبريه من أكثر عصره اقعو عن يعرب املاوردي كان لقد

.املرتل الدين لتعاليم املوافق الصحيح وجهها على احلادثة هلذه الصحابة وفهم بكر لعمر أيب عهد حلادثة وتفسريه تأويله

 

45  

خبالف الواقع، خدمة يف يشعر ال ن حيثم النصوص يوظف – العباسي العصر فقه عن يعرب وهو - املاوردي كان لقد

ميلى الذي هو الواقع صار أي النصوص، به جاءت ما حبسب – أرادوا صياغته أو – الواقع صاغوا الذين الصحابة

!العكس؟ ال عليها، الشرعية إضفاء أجل ومن أجلها، من الشريعة نصوص تأويل اليت جيب مفاهيمه

:النيب بذلك أخرب كما وقيصر هرقل سنن واستقرت ،السياسي داداالستب شاع املاوردي الفقه هذا ومبثل

إال الناس ومن{: قال والروم؟ كفارس اهللا رسول يا: فقيل} بذراع وذراعا بشرب شربا قبلكم كان من سنن لتتبعن{

: قال وحيث ،الرعية وسياسة الناس بني باحلكم تتعلق قرينة هناك كان )والروم فارس( حيث: (حجر ابن قال} أولئك

وقوع بني االرتباط مدى يؤكد وهذا) وفروعها أصوهلا الديانات بأمور تتعلق قرينة هناك كان )والنصارى اليهود(

.الثاين يف سبب األول وأن ،الدين يف االحنراف وقوع و ،اإلمامة يف االحنراف

القرن يف مشروعا جائزا – وقيصر سنة هرقل أنه بدعوى - اهلجري األول القرن نصف يف مرفوضا كان ما أصبح لقد

!لعمر؟ بكر أيب حادثة استخالف على القياس بدعوى الثالث،

.التوارث فيها جيوز ال أنه على - السنة أهل خاصة – اإلسالم أهل إمجاع مع هذا

كما األمة، من والرضا الشورى البيعة، بعد بعقد تكون إمنا اإلمامة أن على – عنهم اهللا رضي – الصحابة أمجع لقد

دون اختاره من وفاة بعد له البيعة األمة وعقد اإلمام، اختاره األمة مبن ورضا ،الشورى بشرط االستخالف أجازوا

.إكراه

.)فيها التوارث جيوز ال أنه يف اإلسالم أهل من أحد بني خالف ال: (اإلمامة شأن يف حزم ابن قال :إضاءة

لألبناء، اإلمامة لتوريث مشروعا طريقا أصبحت حىت مؤوال اشرعي سندا هلا وجدت قد االستخالف نظرية كانت وإذا

لتصبح مروان بن امللك عبد بعد أيضا طريقها وجدت قد بالقوة االستيالء نظرية فإن كغريهم، هلم العهد جواز بدعوى

مع الضرورة، باب من اأجازوه إمنا الطريقة هذه أن إال !اإلمامة اهب تنعقد اليت – الفقهاء من كثري عند – الثالثة الطريقة

!؟.اهتوحد على وحفاظا األمة ملصاحل مراعاة حرمتها على إمجاعهم

مجع من لإلمامة فتصدى اإلمام مات واالستيالء، فإذا القهر فهو الثالث الطريق أما: ()هـ ٦٧٦ ت( النووي قال وهلذا

يكن مل فإن املسلمني، مشل ، لينتظمفتهخال انعقدت وجنوده، بشوكته وقهر الناس بيعة، وال استخالف غري من شرائطها

كان وإن ذكرناه ملا انعقادها أصحهما: فوجهان جاهال، أو فاسقا، كان بأن جامعا للشرائط

 

46  

).بفعله عاصيا

.)يكون طريقا] االستيالء أي[ ذلك إن: قيل: (تفسريه يف املالكي القرطيب وقال

،...الفقهاء بني قدمي خالف حمل الطريقة هذه ظلت وقد

!اإلمامة؟ لعقد سائغا طريقا الطريق فأصبح هذا واتفاق، إمجاع حمل ذلك بعد أصبح وخالف نظر حمل كان ما أن إال

هذه مثل تسويغ تقتضي العامة واملصلحة ،الضرورة وصارت والفقهاء، الفقه على مفاهيمه يفرض الواقع أصبح وهكذا

مصلحة حيقق قد كان وإن – بالقوة األمة حق على االستيالءو االستبداد وأن مستقبال، اهتخطور إدراك دون ،الطرق

االستبداد شأن هو كما ا،هتوحد ومتزيق اهتقو وتدمري ،مستقبال األمة ضعف إىل يفضي أنه إال – آنية

املدى على باالستبداد من وحدهتم خري ،بالشورى املسلمني افتراق من خيشى ما وأن واألمصار، األعصار مجيع يف

!اليوم؟ حتقق ما هذاو البعيد،

يف البدع من هو بل الراشدين، وال اخللفاء النيب سنن من ليس توريثها أو اإلمامة اغتصاب أن الصحابة أدرك لقد

.وقيصر هرقل سنة إىل وعمر وعن سنة أيب بكر املرسلني، سيد سنة عن واالحنراف الدين،

اجملتمع، يفسد بفسادها إذ احلياة؛ شئون مجيع يف اخللل دخول إىل سيفضي اإلمامة موضوع يف اخللل دخول أن وأدركوا

.اجملتمع يصلح وبصالحها

خرج حيث تارخيهم، يف احتجاجية حركة يف أكرب له رفضهم وأعلنوا االحنراف، هلذا – عنهم اهللا رضي – وهلذا تصدوا

ومل ،)والرضا الشورى( إىل مهتدعو وكانت املدينة، أهل يف الغسيل وابن مكة، بأهل الزبري وابن العراق، بأهل احلسني

باب يف االحنراف كان وإمنا الدولة، فكر يف عقائدي احنراف أي آنذاك حدث يكن

األمر لتعيدن واهللا: (ملعاوية بكر أيب بن الرمحن عبد قال كما والقتال للخروج كافيا وحده هذا وكان الشرعية، السياسة

.احلرب أي) جذعة عليك اهنلنعيد أو املسلمني بني شورى

الصحابة هلا يتصد فلم علي، عهد يف اخلوارج كفكر – عنهم اهللا رضي – الصحابة حياة يف فكرية احنرافات حدثت لقد

بن اهللا بعبد حييطون اخلوارج كان بل ،خلطورته اإلمامة باب يف السياسي لالحنراف تصديهم يف فعلوه الذي النحو على

!احنرافها عند للسلطة تعرض كما هلم يتعرض ومل ونه،ويناصر معه، ويصلون مبكة، وهو الزبري

 

47  

امللك عبد بن سليمان كتاب قرئ فبعد أن األمة، شئون سياسة يف الراشدين اخللفاء سنة العزيز عبد بن عمر أحيا وقد

الناس، أيها: (فقال الناس وخطب عمر قام عمه، ابن العزيز عبد عمر بن إىل باألمر العهد وفيه )ـه ٩٩(سنة وفاته بعد

).إليه فأمره منكم كره فمن قط، عالنية وال سر يف سألتها اهللا ما واهللا إين

األمصار من حولكم من وإن ولكين متبع، مببتدع، ولست منفذ، ولكين بقاض لست إين الناس، أيها: (أيضا وقال

!)بوال لكم فلست وإن أبوا واليكم، فأنا أطعتم كما أطاعوا إن واملدن

مل وكذا اغتصابه، حيل ال هلم، احلق من أن يعلم ملا اعتزهلا، وإال بإمامته، األمصار أهل رضا واشترط لألمة، األمر رد فقد

.منهم واحدا عد حىت الراشدين؛ اخللفاء سرية اتباع يف اجتهد وقد للسنة، اتباعا بعده من أحد إىل يعهد

: والشورى الرأي يف املشاركة يف األمة حق مصادرة الثاين

األساس هو الذي األمة حق استالب مت فكما مالحمها، وأبرز الثانية املرحلة معامل أظهر من والتراجع االحنراف ذاوه

كان ما خبالف ،الرأي يف املشاركة يف األمة دور هتميش كذلك مت ،الراشدين اخللفاء عهد يف الشورى مفهوم يف الرئيس

.الراشدي العهد يف األمر عليه

فيها وأبلغ بالشورى، العمل على يف حثه العزيز عبد بن عمر إىل رسالة – التابعني إمام - البصري احلسن كتب وهلذا

.)بالشورى اهللا يأمره أن من ذلك مينع الوحي، فلم عليه يرتل النيب كان فقد: (القول

وقد ،...املدينة اءعلم وكبار لفقهاء شورى جملس )هـ87(املدينة سنة على ملا صار أمريا عبدالعزيز بن وكان لعمر

)!فأبلغوين يظلم أو يتعدى أحدا رأيتم فإن برأيكم، إال أمرا أقطع أن أريد ما( :يوم وقال هلم أول يف مجعهم

.عاجلته املنية أن لوال ،املسلمني بني شورى األمر يرد أن على خليفة أصبح أن بعد عزم وقد

يف طويال كتابا )هـ159(سنة املهدي العباسي اخلليفة إىل البصري العنربي احلسن بن اهللا القاضي عبيد كتب كما

منتخبون قوم حبضرته يكون أن املؤمنني أمري رأى فإن: (وذكر الشورى فقال ،السياسة الشرعية اليت يلزم اإلمام اتباعها

وما ،موأحكامه ،الناس أمور من عليه يرد ملا وورع، وعقول حنكة أولوا ،بالسنة وعلم ،صدق أهل األمصار أهل من

).،...فليفعل ،مظاملهم من إليه يرفع

لشئون التصدي املهدي اخلليفة األمصار، يشاركون أهل من مجاعة انتخاب إىل صرحية دعوة الشريفة الرسالة هذه ففي

السياسية نظريتهم وفق ،الشورى إقامة إىل يتطلعون ظلوا البصرة أهل أن ويبدو ومظاملها، وأحكامها، ونوازهلا، األمة

 

48  

أهل رضا أن( يرون فقهاؤها كان وهلذا الراشدي؛ العهد يف السياسي اخلطاب مبادئ إىل النظريات أقرب ظلت يتال

).منهم االختيار أهل برضا إال تلزمهم فلم هبم، يتعلق ألهنا حق لألمة؛ لزومها يف شرط العهد ويل لبيعة االختيار

من أحد يقم ومل النور، إىل طريقها تر مل ،البصرة جنبات يف إىل العمل بالشورى اليت تردد صداها الدعوة أن هذه إال

الفقه وأدها أن وبعد ،األمد عليها طال أن بعد انقطعت أن الدعوة هذه لبثت ما مث !املشروع هذا بتنفيذ اخللفاء

عاملم طمست حىت ،احنراف كل على الشرعية ويضفي ،الواقع خدمة يف النصوص يوظف زال ما الذي ،املؤول السياسي

!!املرتل؟ السياسي الشرعي اخلطاب

.املشروع هذا مثل لتنفيذ حماوالت من خيل مل واألندلس املغرب يف خاصة اإلسالمي التاريخ إال أن

أن اخلليفة منهم طلب أن نفوذهم من بلغ ،الفقهاء لشورى جملس األندلسي األموي اهللا لدين الناصر للخليفة كان فقد

قرطبة قاضي إىل وشكا ،مضاعفة أضعافا قيمته هلم يدفع أن على قصره جبوار بقرطبة ،ملرضىا أوقاف من وقفا يبيعوه

الوزراء وأمر اخلليفة، فغضب الوقف، حرمة موقوفة هلا أرض ، ألهناذلك فرفضوا طلبه يف الفقهاء يكلم أن منه وطلب

.)…حل إىل معهم يصلوا ومل مناقشة بينهم فجرت الفقهاء، على للضغط بالتدخل

مجيع يف اأمر يقطع ال كان( :أنه املغرب يف املرابطني ملك تاشفني بن يوسف بن العادل علي السلطان ترمجة يف كما جاء

....)الفقهاء مشاورة دون مملكته

:املالكي منداد خويز ابن قال كما ،األمة شئون مجيع يف الشورى بوجوب يقولون املالكيون األندلس علماء ظل وقد

يف يتعلق فيما اجليش ووجوه ،الدين أمور من عليهم أشكل وفيما ،يعلمون ال فيما العلماء مشاورة لوالةا على واجب(

).وعمارهتا البالد مبصاحل يتعلق فيما والعمال والوزراء الكتاب ووجوه ،باملصاحل يتعلق فيما الناس ووجوه ،احلرب

فعزله العلم أهل يستشري ال من ،األحكام وعزائم ،قواعد الشريعة من الشورى( :املفسر األندلسي عطية ابن وقال

.مالك مذهب فقهاء بني أو ،األندلس علماء بني: أي)! فيه خالف ال ما هذا واجب

يف الفقهاء رأي يف لوجوهبا بالشورى بالعمل واملغرب األندلس يف وامللوك اخللفاء بعض التزام يف السبب هو هذا ولعل

املشرق علماء بني القول لشيوع إال ذاك وما ،الرأي هذا مثل يرى من املشرق يف يعد مل الذي الوقت يف األمصار؛ تلك

خبالف ،هبا والعمل االلتزام وعدم ،هبا اخللفاء من كثري استخفاف إىل أدى ما هوو ،وجوهبا وعدم الشورى باستحباب

.واملغرب األندلس يف احلال

 

49  

مل أهنم غري وتنفيذها، الشرع أحكام اتباع على وحرص ،وفضل وعدل صالح أهل وامللوك اخللفاء من كثري كان لقد

أسوأ واختزله الشورى موضوع مهش الذي ،املؤول الشرعي السياسي اخلطاب سوى وفقهائه عصرهم علماء عند جيدوا

.اإلسالمي الشرق يف )املستبد العادل( ظاهرة شيوع إىل أدى مما اختزال،

: املال بيت لىع الرقابة يف ةاألم دور غياب :الثالث

يف حقها استالب مت كذلك ،السياسية الشئون إدارة يف الرأي يف املشاركة يف املرحلة هذه يف األمة دور هتميش مت فكما

يفرضون الذين هم الراشدين اخللفاء عهد يف الصحابة كان وإذا االقتصادية، الشئون وتنظيم املال بيت على الرقابة

املال مفاتيح جعل مع ،رأيهم ومعرفة مشاورهتم بعد إال فيه يتصرف وال ،حاجته حبسب الامل بيت من حيتاجه ما للخليفة

،ومنعا ،بذال املال بيت يف يتصرف اخلليفة فصار الراشدي؛ العهد بعد تغري قد احلال فإن ،للمالية وزيرا يرتضونه من مع

.وأصبح له مطلق احلرية يف ذلك! ضمريه من إال رقيب وال حسيب بال

شئنا من فيئنا والفيء مالنا املال إمنا: (فقال مجعة يوم يف معاوية خطب فقد ،بدأ هذا االحنراف منذ العهد األموي وقد

كانت فلما أحد؛ عليه يرد فلم مقالته مثل قال الثانية اجلمعة كانت فلما أحد؛ عليه يرد فلم !منعنا شئنا ومن أعطينا

بيننا حال من ،فيئنا والفيء لنا ما املال بل !كال: فقال املسجد شهد ممن رجل هإلي فقام مقالته مثل قال الثالثة اجلمعة

....)بأسيافنا حاكمناه وبينه

ومن أعطاه شاء من ،ماله اهللا مال أن يزعم احلكم بن مروان مسعت إين: له فقال وقاص أيب بن سعد إىل رجل جاء كما

.نعم: قال ذلك؟ يقول مسعته أنت: سعد له فقال منعه؟ شاء

جهة من املدينة أمري وهو ـ مروان على فدخل الربصاء، بن واحلارث املسيب بن سعيد ومعه وقاص أيب بن سعد فذهب

منعته؟ شئت ومن أعطيته شئت من مالك اهللا مال أن تزعم أنت مروان يا: فقال ـ معاوية

.نعم: قال

شاء ومن أعطاه شاء من اهللا مال هو تدعو أن اهللا كأنشد: وقال ،مروان إليه فوثب ،للدعاء يديه ورفع فأدعو: سعد قال

.منعه

).يقسمون الذين وهم املال جيبون الذين( هم الصحابة أن ليزيد البيعة أراد ملا معاوية اشترط وقد

 

50  

اليت املصارف حبسب إال فيه يتصرف أن لإلمام ليس ،لألمة حق املسلمني بيت مال يف املال أن على املسلمون أمجع وقد

.مثله وأجرة حاجته بقدر إال املال بيت من له حيل وال ،العامة املسلمني مصلحة حيقق ومبا ،الشرع هاحدد

يف صرفه من ،الشرع يف ورد ما حبسب إال اإلمام فيه يتصرف ال وأنه ،كافة للمسلمني ملك املال بيت بأن والقول

حىت املذاهب؛ مجيع من الفقهاء بني إمجاع حمل وه: فيه حق مسلم ولكل مستحقيه بني وقسمة ،العامة املسلمني مصاحل

.األحناف كتب يف مذكور كما هو! االعتقاد هبذا يكفر أنه للسلطان املال بيت يف الذي املال بأن اعتقد من بأن قيل

قوقح وبيان ومصارفه ،املال بيت موارد تنظيم يف ،املعاصرة القوانني حىت إليها تصل مل درجة اإلسالمي الفقه بلغ وقد

.)،...حبقوقهم يطالبوا أن املال بيت من احلقوق ألصحاب إخل وأن...تقسيمها وكيفية ،فيه األفراد مجيع

على يعد فلم الرقايب؛ األمة دور هتميش بعد ،الثانية املرحلة يف الواقع أرض على قيمته فقد الفقهي التنظري هذا أن إال

.وأهوائهم امللوك من كثري رغبات حبسب األمة أموال يف تصرفال إىل أدى مما ،ونفسه ،ضمريه سوى رقيب اخلليفة

!بنفسه فبدأ ،املسلمني بيت أموال يف أمية بين من جتاوزات من وقع ما إصالح يف فاجتهد عبدالعزيز بن عمر جاء وقد

.املسلمني مال بيت إىل فردها أراض من له كان وما ،أبيه أمالك سجالت يف ونظر

هذا من أيديكم يف ما فردوا أيديكم يف األمة هذه مال شطر أن ألحسب إين: (وقال فيهم وخطب مروان بين مجع مث

...)!املال

،يعطوناها أن هلم كان ما واهللا عطايا أعطونا كانوا قد ]أمية أي خلفاء بين[ هؤالء إن( :فقال خطيبا الناس يف قام وقد

وأهل بنفسي وبدأت رددهتا قد وإين أال ،حماسب اهللا دون هفي علي ليس إيل صار قد الذي وأرى ،نقبلها أن لنا كان وما

)!!!بييت

قضى مواقع سوى األموال هذه يف مايل:(يقول فكان املسلمني، مال بيت مصارف يف الراشدين اخللفاء سنن أحيا وقد

.)فيها يل اهللا

!!!املال بيت إىل وأرجعها ملاملظا أموال أمية بين أموال مسى وأعواهنم؛ وقد أمية بين أصحاب خمصصات بقطع وقام

إال األمر هذا يف عندي املسلمني من رجل وأقصى أنتم ما( :عمر له فقال حق؟ املال هذا يف لنا أما: منهم رجل له وقال

!!سواء

 

51  

ختتلط ال حىت ،حدة على مال بيت وللزكاة ،حدة على مال بيت وللفيء ،حدة على مال بيت للخمس جعل وقد

لقد حىت ،قبله اخللفاء بعض أفسده ما إصالح يف كبريا اجتهادا واجتهد ،الفيء أو اخلمس فمبصار الزكاة مصارف

.لغناهم الزكاة يأخذ من الناس جيد يعد ومل املال ـ عهده يف ـ فاض

مبا ،تفصيل أحسن األموال أحكام و ،املال بيت شئون تنظيم يف السلطانية األحكام كتب يف فصلوا قد الفقهاء أن ومع

فيها والتصرف ،باألموال للعبث مصراعيه على الباب فتح الرقايب األمة دور غياب أن إال به؛ األخرى لألمم هدع ال

،للخليفة ال ،للمسلمني حق هو املال بيت يف ما وأن ،ذلك حرمة على الفقهاء إمجاع مع ،والشهوات األهواء حبسب

ما فيها يفعل !لإلمام هي املال بيت يف األموال أن اعتقاد إىل أدى األزمان تطاول أن إال ،وزرائه و نوابه أو ،لألمراء وال

!يشاء من وحيرم يشاء كيف منهما ينفق العام األمة مبال اخلاص ماله اختلط حىت ،رقيب وال حسيب بال يشاء

،ورشده بتوفيقه أسوسكم ،األرض يف اهللا سلطان أنا إمنا !الناس أيها: (فقال الناس يف العباسي املنصور خطب وقد

)!أغلقين شاء وإن فتحين شاء إن قفال اهللا جعلين وقد ،بإذنه وأعطيه بإرادته أقسمه ،ماله على وخازنه

هللا ظال السلطان أصبح إذ املال؛ بيت يف األمة حق ومفهوم ،اخلالفة مفهوم على طرأ الذي االحنراف مدى يؤكد وهذا

!!لألمة؟ حقا كان أن بعد يشاء ما اخلليفة فيه يفعل هللا املال وأصبح األمة عن نائبا كان أن بعد ،أرضه يف

: واالحنراف الظلم مواجهة يف األمة دور تراجع: الرابع

العصر يف خاصة ،وتقوميها السلطة احنراف نقد يف األمة لدور وكبريا خطريا تراجعا الثانية املرحلة هذه فقد شهدت

،مكة أهل يف الزبري ابن وحركة ،العراق وأهل علي بن حلسنيا حركة شهدت قد املرحلة هذه بداية وكانت العباسي؛

،واحنرافاهتم اخللفاء سياسة ضد ،سياسية احتجاج حركات األموي العهد شهد كما املدينة، أهل يف الغسيل ابن وحركة

مروان بن وعبدامللك احلجاج ضد العراق يف األشعث ابن مع القراء حركة خطرا وأشدها أثرا أكربها ولعل

.الضالل أئمة خلععلى و ،والسنة الكتاب على األشعث ابن وبايعوا عبدامللك بيعة خلعوا وقد )هـ81(ةسن

فلما ،البصرة من خرج مث ،احلجاج وهزم ،العراق إىل جبيشه نزل مث ،فارس على السيطرة األشعث ابن استطاع وقد

.مروان بن وعبدامللك ،جاجاحل خلع على وسادهتا علمائها من أهلها مجيع بايعه األشعث ابن دخلها

وكانوا احلجاج، قتال على احلرب مع أهل مجيعا – والبصرة الكوفة – املصرين أهل من العلماء وهم القراء اجتمع وقد

،السبيعي إسحاق وأبو ،الشعيب وعامر ،جبري بن وسعيد ،مالك بن أنس الفقهاء األئمة من فيهم كان وقد، ....ألف مائة

ابن والنضر ،يسار بن ومسلم ،البصري واحلسن ،شداد بن وعبداهللا ،الطائي البختري وأبو ،ليلى أيب بن وعبدالرمحن

 

52  

بن وحممد ،اليمامي احلارث بن وزبيد ،اليمامي مصرف بن وطلحة ،مسعود بن عبداهللا بن عبيدة وأبو ،مالك بن أنس

.علماء املصرين من وغريهم ،وقاص أيب بن سعد

حىت كانت آخر وقعة وهي يوم دير ،كان النصر فيها حليفهم ،يشه إحدى ومثانني وقعةوقد التقوا مع احلجاج وج

.)هـ83(اجلماجم سنة

يوم طالب أيب بن علي خبطبة هلم مذكرا ليلى أيب بن عبدالرمحن فقام ،القتال على حيضوهنم الناس يف الفقهاء خطب وفيها

سلم فقد بقلبه فأنكره ،إليه يدعى ومنكرا ،به يعمل عدوانا رأى من إنه !املؤمنون أيها: (... الشام فقال أهل لقي

الظاملني وكلمة العليا اهللا كلمة لتكون بالسيف أنكر ومن ،صاحبه من أفضل وهو ،أجر فقد بلسانه أنكر ومن ،وبرئ

جهلوا قد الذين ،نياملبتدع احملدثني احمللني هؤالء فقاتلوا ،اليقني قلبه يف رونو ،اهلدى سبيل أصاب الذي كفذا ،السفلى

.)ينكرونه فليس بالعدوان وعملوا يعرفونه فال احلق

وليغلنب ،دينكم عليكم ليفسدن عليكم ظهروا لئن فواهللا ،ودنياكم دينكم على قاتلوهم !الناس أيها( :البختري أبو وقال

)!دنياكم على

أعمل األرض بسيط على قوما أعلم ما هللافوا ،قتاهلم من حرج يأخذكم وال قاتلوهم !اإلسالم أهل يا( :الشعيب وقال

)!البدار هبم فليكن احلكم يف منهم أجور وال بظلم

وجتربهم ،احلكم يف جورهم على قاتلوهم ،آثامهم وعلي ،ويقني بنية قتاهلم من تأمثوا وال !قاتلوهم( :جبري بن سعيد وقال

)!الصالة وإماتتهم ،الضعفاء واستذالهلم ،الدين يف

:وهي للخروج الداعية األسباب جليا يظهر باخلط هذه ومن

.القسم يف والظلم احلكم يف اجلور .1

.املستضعفني واستذالل روالتجب االستكبار .2

.والتحريف التبديل من وصيانته الدين عن الدفاع .3

.والفساد العبث من ومحايتها الدنيا عن والدفاع .4

أصحاب من خري خارجة خترج مل إنه :يقولون العلماء كان: قال شعيا بن بكر أبو حدثنا: حنبل بن أمحد قال وقد

على خرجوا الذين والقراء )هـ61(سنة احلرة يوم يزيد على باملدينة خرجوا الذين العلماء وهم ،واحلرة ،اجلماجم

 

53  

القول شاع حيث والعقائدي السياسي الفكر على كبري أثر اهلزمية هلذه كان العراق؛ وقد يف )هـ81(سنة عبدامللك

أن أخرى؛ إذ جهة من احلجاج ـ كمثل كان ـ وإن اجلائر لإلمام والطاعة السمع ووجوب ؛6جهة من واجلرب باإلرجاء

!!!عليه والصرب له التسليم جيب الذي القضاء وهذا هو ،بالدعاء إال البالء هذا رفع ميكن وال ،يسلطهم الذي هو اهللا

إن اهللا إمنا يغري : فكان يقول! أال خترج فتغري؟: داعية هذا الفكر فقد قيل لهـ رمحه اهللا ـ هو البصري احلسن كان وقد

!بالتوبة وال يغري بالسيف؟

: يونس عنه قال كما اجلور أئمة على اخلروج يرى يبدو ـ بعد اهلزمية؛ إذ كان قبل ذلك فيما وإمنا كان ذلك منه ـ

.والدماء الفنت يف العلماء رؤوس من واهللا احلسن كان

عقوبة تكن إن فإهنا ،أرى أن ال تقاتلوه( :د سئل عن قتال احلجاج الذي سفك الدم احلرام وأخذ املال احلرام؟ فقالوق

وكان )!! وإن يكن بالء فاصربوا حىت حيكم اهللا وهو خري احلاكمني ،بأسيافكم اهللا عقوبة برادي أنتم فما اهللا من

عليكم ولكن ،بالسيف اهللا عقوبة تعارضوا فال ،عقوبة إال عليكم احلجاج اهللا سلط ما واهللا إنه الناس أيها:(يقول

)!!!بالسيف يغري وال بالتوبة يغري إمنا اهللا إن: (وكان يقول) والتضرع بالسكينة

.ومع هذا كان يرى املقاومة السلمية بالكف عن اخلروج على السلطان والكف عن نصرته بالفنت

وكان البصري؛ احلسن لوجود فيها وشاعت ،البصرة أهل نفوس يف صداها يةالفكر السياسية اآلراء هذه وجدت وقد

هو كما ،اجلور أئمة على اخلروج يرون ظلوا الذين الكوفة علماء بني صدى كبري هلا جتد مل بينماداعية هذه األفكار،

.مذهبهم

على ،وعبادهم ،)صرة والكوفةبال(صرين والفكرية؛ إذ ذهب فيها كثري من علماء امل النفسية آثارها اهلزمية لقد كان هلذه

اليت اهللا إرادة هذه وأن ،اهللا من عقوبة هذه إال أن الناس من كثري عند يد احلجاج الطاغية؛ فلم يكن هلذا من تفسري

سوء بسبب النصر أسباب ختلف إىل يلتفتوا ومل هبا، والرضا هلا االستسالم بل ،مقاومتها أو اعتراضها عدم جيب

.العسكرية احلجاج قدراتو التخطيط

                                                             القضاء من مفر وال قضاء أنه بدعوى للواقع فاالستسالم.. الريح مهب يف كالريشة وأنه احلقيقة على ألفعاله فاعل غري اإلنسان أن: هو اجلرب 6

.القليب باجلحود إال كفر وال القليب؛ التصديق جمرد اإلميان أن: هو واإلرجاء.!!والقدر

 

54  

ومنها ــ وشئوهنا احلياة عن والعزوف والتصوف الزهد كما شاع) هزمية القراء بعد اإلرجاء ظهر: (الشافعي وقال

أصبحت وقد !االحنراف ضد املقاومة حركات يقودون الذين هم والعباد القراء كان أن بعد ـ السياسية الشئون

!احلياة شئون عن عتزالواال التصوف حلركة مركز أشهر البصرة

فكان حيث من معه على ،التيمي إبراهيم سجن احلجاج له؛ وقد ويتصدون السلطة احنراف يقاومون الفقهاء ظل لقد

.حمتسبا صابرا احلجاج سجن يف الصرب ويبشرهم بالفرج وزوال الشدة؛ وقد تويف

.احلجاج من هاربا مكة يف متخفيا جبري بن سعيد وظل

يقول وكان ،السلطة احنراف ملناوأته ،احلجاج قبل من يطارد ــ الكوفة يف التابعني فقيه النخعي ـ إبراهيم وكان

.ن احلجاج وسبهوكان يرى لع !احلجاج أمر عن الرجل يعمى أن عمى كفى :اهللا رمحه

.عبدامللك بن للوليد البيعة رفض يوم به وطيف وعذب باملدينة املسيب بن سعيد سجن وكذلك

أيب بن عطاء :فقهاء مكة: يف عهد بين أمية ـ )هـ106هـ ـ89(بن عبداهللا القسري ـ أمري مكة جن خالدوقد س

.جبري بن وسعيد عامر، ابن موىل وصهيب حبيب، بن وطلق دينار، بن وعمرو رباح،

يف ذروته األمر وقد بلغ ـ املرحلة هذه بداية يف ـ للظلم التصدي يف والعلماء الفقهاء قيام تؤكد احلوادث هذه وكل

.أمية بين دولة إلسقاط السرية البيت آل حركة

وخراسان العراق إىل رسله ،عباس بن عبداهللا بن علي بن حممد وجه عندما )هـ100(سنة ،سرا الدعوة هذه بدأت وقد

كتابا مهل وكتب رجال، سبعني من نقيبا عشر اثين )هـ103( سنة اختار وقد أمية؛ بين وإسقاط البيت آل إىل للدعوة

.فيه ما وميتثلون خطته وفق يسريون

البيعة يف رجال سبعني من نقيبا عشر واختار اثين العقبة يف األنصار بايع عندما بالنيب االقتداء علي بن حممد أراد وقد

.حدأ هبا يعلم فلم البيعة هذه أمر النيب أخفى حيث للسنة، اتباعا الدعوة يف السرية والتزم العقبة، يف الثانية

.بعضهم وسجن بعضهم وقتل) هـ117(سنة خراسان يف دعاهتا بعض على القبض ومت ،سرية الدعوة ظلت وقد

،الكوفة يف طالب أيب بن علي بن احلسني بن العابدين زين علي بن زيد البيت آل فقيه اإلمام )هـ121سنة( خرج وقد

،املستضعفني عن والدفع ،نبيه وسنة اهللا كتاب( :على بايعهم وقد عبدامللك بن هشام خلع على سرا أهلها بايعه أن بعد

 

55  

،له البيعة أخذ من أشهر بضعة بعد زيد خرج وقد) ورد الظاملني ،بالسواء أهله بني الفيء هذا وقسم ،احملرومني وإعطاء

.انتشرت قد الدعوة كانت حيث خراسان إىل ابنه وفر )هـ122(سنة وقتل

عاصم بن يونس العجلي، منهم مجاعة) هـ124(سنة هاأمري جنفس ،فيها وشاعت مبكة السرية الدعوة بلغت وقد

.العباس بين إىل الدعوة بتهمة

فقتله لفجوره ،يزيد بن الوليد عمه ابن على ،عبدامللك بن الوليد بن يزيد خرج) هـ124(سنةأثناء هذه الفترة ويف

يف رغبة وال ،الدنيا على حرصا وال بطرا وال أشرا رجتخ ما واهللا إين !الناس أيها( :فقال ،البيعة بعد الناس يف وخطب

اهللا إىل داعيا ،ودينه ورسوله هللا غضبا خرجت ولكين ريب؛ يرمحين مل إن لنفسي لظلوم ، إيننفسي إطراء يب وما ،امللك

،رمةح لكل املستحل العنيد، اجلبار وظهر التقوى، أهل نور وأطفئ ،اهلدى معامل هدمت امل ؛نبيه وسنة وكتابه

وكفيي احلسب يف عمي البن وإنه ،احلساب بيوم يؤمن وال ،بالكتاب يصدق كان ما واهللا أنه مع بدعة، لكل والراكب

أهل من أجابين من ذلك إىل ودعوت نفسي، إىل يكلين أال وسألته أمره، يف اهللا استخرت ذلك رأيت فلما النسب؛ يف

أال علي لكم إن ،الناس أيها، وقويت حبويل ال وقوته، اهللا حبول البالدو العباد منه اهللا أراح حىت ،فيه وسعيت والييت،

من ماال أنقل وال ،ولدا وال زوجة أعطيه وال ،ماال أكثر وال ،هنرا أكري وال ،لبنة على لبنة وال ،حجر على حجرا أضع

أحوج هو ممن يليه؛ الذي البلد إىل نقلته فضل فضل فإن يعينهم، مبا أهله وحاجة البلد ذلك ثغر أسد حىت بلدة إىل بلدة

أهل على أمحل وال ،ضعيفكم قويكم فيأكل دونكم بايب أغلق وال ،أهليكم وأفنت فأفتنكم ثغوركم يف أمجركم وال ،إليه

حىت شهر؛ كل يف وأرزاقكم ،سنة كل يف عندي أعطياتكم لكم وإن ،نسلهم ويقطع بالدهم عن جيليهم ما جزيتكم

،املؤازرة وحسن والطاعة السمع فعليكم قلت مبا لكم وفيت كأدناهم؛ فإن أقصاهم فيكون ،سلمنيامل بني املعيشة تستدر

من يعطيكم بالصالح يعرف ممن أحدا علمتم فإن مين؛ قبلتم تبت فإن تستتيبوين أن إال ختلعوين أن فلكم لكم أف مل وإن

معصية يف ملخلوق طاعة ال إنه الناس أيها .طاعته يف خلويد يبايعه من أول فأنا تبايعوه أن فأردمت ،أعطيكم ما مثل نفسه

فهو ،املعصية إىل ودعا اهللا عصا فإذا ،أطاع ما اهللا بطاعة فأطيعوه ،اهللا طاعة الطاعة إمنا عهد؛ بنقض له وفاء وال ،اخلالق

.)ولكم يل اهللا وأستغفر هذا قويل أقول ،ويقتل يعصى أن أهل

خلع اإلمام يف وحقها ،يف هذا األمر األمة حق كإثبات ،الراشدي السياسي اباخلط هذه اخلطبة مبادئ تضمنت وقد

وفيه ،اخلالق معصية يف ملخلوق طاعة والعصى، ملن طاعة ال وأنه ،وحقها يف أن تبايع من ترضاه وتشاء ،االحنراف عند

.الشهرية وأرزاقهم السنوية أعطياهتم من املال بيت يف ونصيبهم األفراد حق إثبات

 

56  

العودة بضرورة يؤمنون ممن الوليد، بن ويزيد عبدالعزيز، بن وعمر يزيد، بن معاوية :األمويون الثالثة اخللفاء كاند لق

دون أحد استخالف وعدم ،املسلمني بني شورى األمر كرد املرتل؛ الشرعي السياسي اخلطاب مبادئ وفق العمل إىل

يتم ما سرعان اخللفاء هؤالء أن إخل غري....بالسوية بينهم املال وقسم دوهنم أمر قطع وعدم ،شوراهم و رضاهم

!!عليهم؟ والقضاء منهم التخلص

كحزب ،السري العمل من سنة26بعد ،السرية العباسية الدعوة مؤسس علي بن حممد تويف) هـ126(السنة هذه ويف

والسرية؛ بالوصية خراسان يف أتباعه من النقباء إبراهيم وأرسل ،اإلمام حممد بن إبراهيم ابنه اختيار ومت ،معارض سياسي

.اخلمس له ودفعوا إبراهيم فقابلوا ،مكة إىل) هـ127(سنة جاءوا مث ،بالنفقات إليه وأرسلوا ،إماما فقبلوه

وأصبهان الري إىل منها خرج مث ،طالب أيب بن جعفر بن عبداهللا بن معاوية بن عبداهللا بالكوفة خرج )هـ127(سنة ويف

.عليها وسيطر

وأمرهم ،خراسان يف أتباعه على أمريا اسر اخلراساين مسلم أبا اإلمام حممد بن إبراهيم أرسل )هـ128(سنة يفو

.العباسية الدعوة بإظهار اخلراساين مسلم أبا اإلمام إبراهيم أمر )هـ129(سنة ويف ،له والطاعة بالسمع

أمر ،شئوهنم واضطربت أمية بين بني الرتاع وقع فلما ،رباستمرا ويكاتبهم ،باحلج مكة يف بالنقباء يلتقي إبراهيم وكان

كل من الناس فأتاه ،خراسان يف مبرو) هـ129(سنة مسلم أبو فأظهرها العباس؛ لبين والطاعة الدعوة بإظهار أتباعه

.مكان كل يف الدعاة وبثوا الراية وعقدوا ،يبايعون وصوب حدب

منه جوابية رسالة على عثر أن بعد دمشق يف ،وسجنه اإلمام إبراهيم على القبض حممد بن مروان ألقى السنة هذه ويف

.مسلم أيب إىل

)هـ132(سنة الكوفة على فسيطروا العراق إىل توجهوا مث ،خراسان على وأتباعه مسلم أبو سيطر )هـ130(سنة ويف

.املدينة يف باخلالفة سعبا ابن عبداهللا بن علي بن حممد بن عبداهللا السفاح العباس أليب ويعب السنة هذه ويف

.السفاح بايعوا حىت بعينه أحدا يسمون وال البيت آل من الرضا إىل يدعون كانوا وقد

أن وأمره ،له والطاعة بالسمع أتباعه وأمر ،القبض عليه ألقي ملا اسر بعده من باألمر إليه عهد قد اإلمام إبراهيم وكان

هذه يف خليفة وبويع ،السفاح ألخيه الدعاء أظهروا ،السجن يف إلبراهيم انمرو قتل خرب بلغهم فلما الكوفة؛ بأهله يرتل

 

57  

بن عبداهللا وتبعه ،الشام إىل مروان وفر حليفه؛ النصر وكان حممد بن مروان مع علي بن عبداهللا عمه التقى مث ،السنة

.أمية وبين مروان وقتل الشام أخذ حىت جبيشه عباس بن عبداهللا بن علي

الواقع تغيري بأن رمحه اهللا، البصري احلسن نظرية بطالن ليثبت أمية؛ بين دولة أنقاض على العباس بين ةدول قامت وهنا

اآليات ،هذه لنظريته وتأول ؛قط إمامهم على خرجوا قوم أفلح ما وأنه ،بالتوبة وإمنا ،بالقوة يكون ال الظلم ورفع

.إلثباهتا واألحاديث

اإلكراه حتت كانت بيعته ألن باجلواز؛ فأفتاهم املنصور جعفر أيب على اخلروج يف نسأ بن مالك املدينة أهل استفىت وقد

!السبب هلذا مالك عذب وقد وال بيعة ملكره؛

هو الظامل اإلمام إن إال ،بظامل ليس اإلمام من اهلارب الرجل إن( :فيها قال عبدالعزيز بن لعمر خطبة أول يف :ةإشار

..)!!اخلالق معصية يف ملخلوق طاعة ال أال ،العاصي

،عليها اخلروج إىل يدعو من فمنهم ،السلطة الحنراف يتصدون ،الثاين القرن مطلع يف وفقهاؤها األمة علماء ظل لقد

هلذا الفترة تلك يف القضاء تويل العلماء من كثري رفض قدو ،أعماهلا يف الدخول ورفض ،السلبية املقاومة يرى من ومنهم

.ذلك فاءاخلل أدرك وقد ،السبب

قيل إذا كيف !سكني بغري ذحبوك وحيك؟: القضاء املنصور جعفر أبو والهـ أصحابه من لرجل سفيان الثوري قال وقد

!!فيهم قمت وأتباعه؟ جعفر أبو أين: القيامة يوم

نهم،م ففر للقضاء طالبوه وقد هلم، العمل عليهم أو الدخول عدم يرى وكان السلطان، على يدخل أن سفيان أىب وقد

.البصرة يف مستخفيا تويف عنهم، وقد وتوارى

} النار فتمسكم ظلموا الذين إىل وال تركنوا{: اهللا قول اخللفاء هلؤالء العمل رفضهم يف يتأولون العلماء كان وقد

.واليتهم على الشرعية وإضفاء إليهم الركون من هلم القضاء تويل أن ويرون

أيب بتعذيب أمية بين عهد يف أمري العراق هبرية ابن قام فقد القضاء، تويل رفض نمم كثريا واألمراء اخللفاء عذب وهلذا

،...حنيفة هذا أبو اإلمام فأىب له، القضاء يلي أن عليه جعفر املنصور أبو حلف وقد ،...هلم القضاء تويل لرفضه حنيفة

 

58  

حىت ،أعماهلم يف الدخول يرى وال ،جور أئمة أهنم يرى حنيفة أباأن إال القضاء، يف الكاملة استقالليته للقاضي أن مع

وكان )هـ150(ـ سنةوظل يف السجن حىت مات فيه ،ذلك يف عذب سلطتهم؛ وقد على الشرعية إضفاء يتم ال

.حسن بن اهللا عبد بن إبراهيم مع أيضا لوقوفه ذلك

املؤرخ عنه وقال ـ السلبية املقاومة يرى ممن وهو العباسية ـ الدولة يف القضاء تويل قد رفض األوزاعي وكذلك

بمر يصدعه األوزاعي فاإلمام هذا ومع ،كان عبداهللا بن علي ملكا جبارا سفاكا للدماء؛ صعب املراس: (الذهيب

حقا الباطل هلم ويقلبون ،والعسف الظلم من به يقتحمون ما لألمراء حيسنون الذين السوء علماء من كخلق ال ،...احلق

7.)احلق بيان على القدرة مع يسكتون أو ـ اهللا قاتلهم ـ

ملن العقوبة يف التجاوز أو ،عليهم االعتداء أو ،املسلمني ظلم عن وينهاهم وحيذرهم ،األمراء يكاتب األوزاعي وكان

.حقوقهم وتوفيتهم بإنصافهم ويطالب ،الناس حقوق عن ويدافع ،الذمة بأهل يوصي وكذلك ،منهم أساء

يف عقيدته عن اإلعالن املأمون أراد ،الثالث القرن بداية ذلك؛ ففي بعد السلطة الحنراف تصديهم يف العلماء استمر قدل

شيخ وكان ـ له هارون بن يزيد تصدي من خوفا ذلك على جيرؤ فلم ؛على ذلك وإلزامها األمة ومحل ،القرآن خلق

.القرآن لقخب القول ألظهرت هارون بن يزيد مكان لوال: يقول وكان ـ عصره يف اإلسالم

!به؟ يقول كان املأمون أن علمه مع ،الرأي هذا بكفر بالقول يصدع هارون بن يزيد وكان

.هارون بن يزيد مات فلم يقدم املأمون على اإلعالن عن هذا الرأي إال بعد أن

للرد أمحد تصدى االعتقاد هذا اإلعالن عن مت فلما ـ وكان قد لزمه مدة ـ حنبل بن أمحد تلميذه خطاه تأثر وقد

.االعتقاد هذا كفر يف رأيه عن يرجع فلم ،السيف على وعرض ،بالقتل وهدد ،وضرب ذلك بسبب وسجن عليه،

بن أمحد فأمرهم ،االعتقاد هذا الكتاب يف الصبيان تعليم أراد ملا الواثق خللع بغداد يف والفقه احلديث أهل اجتمع وقد

.اخلروج وعدم بالصرب حنبل

.حنبل بن أمحد اإلمام رفض لوال ،اخلروج يرون كانوا السنة أهل من بغداد فقهاء نأ على دليل وهذا

واألمر الواثق خلع على سرا الناس وبايعه ،العدة أعد قد ـ الشهيد اإلمام ـ اخلزاعي نصر بن وقد كان أمحد

!!!بوصل به فأمر جيبه فلم ،القرآن خلق يف الواثق وامتحنه به فظفروا )هـ231(سنة باملعروف؛

                                                             !زماننا؟ رأى لو فكيف الذهيب زمن يف هذا 7

 

59  

!)بنفسه جاد لقد اهللا رمحه: (عنه يقول ـ صديقه ـ حنبل بن أمحد وكان

)!بالشهادة له اهللا ختم: ( معني بن حيي عنه وقال

املذاهب أئمة مذهب أنه حزم ادعى ابن حىت العصور، تلك يف القضايا أشهر من اجلائر اإلمام مقاومة كانت لقد

من خالف بال املنكر عن والنهي باملعروف األمر وجوب على األمة كلها قتاتف: (قال حيث الثاين، القرن يف املشهورة

باملعروف يف األمر السيوف سل أن إىل والزيدية اخلوارج ومجيع املعتزلة ومجيع السنة أهل من وذهبت طوائف ،…أحد

).بذلك إال املنكر دفع يكن مل إذا واجب، املنكر عن والنهي

أجل من للدين غضبا خرجوا وقسم: (أهل احلق وخروج البغاة، وخروج وارج،اخل خروج بني مفرقا حجر ابن قال

الذين والقراء احلرة، يف املدينة وأهل على، بن احلسني ومنهم حق، أهل النبوية فهؤالء بالسنة عملهم وترك الوالة، جور

مذهبا كان الظلمة على اخلروج أن أيضا ونص) البغاة وهم فقط امللك لطلب خرجوا وقسم احلجاج، خرجوا على

).قدمي للسلف مذهب هذا( :اخلروج يرى وكان حي بن احلسن ترمجة يف فقال ،للسلف

...)!اجلور وأئمة الظلمة قتال يف مشهورا اهللا رمحه مذهبه كان: (حنيفة أيب عن اجلصاص بكر أبو وقال

الصدر يف ـ الحنرافها والتصدي ةالسلط طغيان ومقاومة اإلمام اجلائر على اخلروج أي ـ املسألة هذه شهرة ومع

هو ،جديدا فكريا تطورا شهدت املؤول السياسي الفقهي اخلطاب فترة أن إال وأتباعهم؛ والتابعني الصحابة من األول

اخلروج حرمة على األمة إمجاع األشعري البصري جماهد ابن ادعى حيث النصوص؛ عن أكثرمنه الواقع عن تعبريا أكثر

!اجلور أئمة على

اإلمجاع خمالف أن علم قد يكون أن لعظيم إنه ،ولعمري( :فقال حزم ابن واستعظمها الدعوى هذه عليه أنكر وقد

ابن وأن ،معاوية بن يزيد على خرجوا احلرة يوم الناس وبقية الصحابة أفاضل أن علم وقد ،الناس على هذا فيلقي كافر،

احلجاج على خرجوا التابعني وأكابر البصري احلسن وأن ،أيضا عليه خرجوا املسلمني خيار من تبعه ومن الزبري

األسواق يف العوام أكثر يعرفه مشهور أمر لعذرناه ولكنه خيفى خالفا كان لو ولعمري !كفروا؟ هؤالء أترى بسيوفهم

)!الشتهاره خدورهن يف واملخدرات

والنصوص الفقه على العصر واقع أثر عن تعبريا ،الفقهاء بني تروج املتكلم البصري جماهد ابن دعوى لبثت ما مث

وإن ،املسلمني بإمجاع فحرام وقتاهلم عليهم اخلروج أما( :قال حيث السابع القرن يف النووي ادعاها حىت الشرعية؛

...)!!!بالفسق السلطان ينعزل ال أنه السنة أهل وأمجع ظلمة فسقة كانوا

 

60  

!عياض القاضي ادعاه وكذا

مث! االعتقاد كتب يف وشاعت أيضا ظهرت فقد الفقهاء؛ كتب يف ـ الواقع ضغط حتت ـ الدعوى هذه شاعت وكما

!العقيدة؟ أصول من أصال أصبحت أن لبثت ما

النيب عن الصحيحة الفتنة؛ لألحاديث يف القتال ترك على السنة أهل رأى استقر(: تيمية ابن اإلسالم شيخ قال

.)قتاهلم وترك األئمة جور على ويأمرون بالصرب عقائدهم، يف هذا يذكرون وصاروا

يترتب فألنه جاروا؛ وإن طاعتهم لزوم وأما: (اجلائر اإلمام طاعة مسألة يف الطحاوية العقيدة شارح العز أيب ابن وقال

ومضاعفة السيئات تكفري جورهم على الصرب يف بل ،جورهم من حيصل ما أضعاف املفاسد من طاعتهم من اخلروج على

واجلزاء العمل، وإصالح والتوبة االستغفار يف فعلينا االجتهاد ،أعمالنا لفساد إال علينا سلطهم ما تعاىل اهللا فإن ،األجور

بعض يف جاء أنه: دينار بن مالك وعن الظلم؛ فليتركوا األمري ظلم من يتخلصوا أن الرعية أراد فإذا ...العمل جنس من

،نقمة عليه جعلتهم عصاين ومن ،رمحة عليه جعلتهم أطاعين فمن ،بيدي امللوك قلوب ،امللك مالك اهللا أنا: (اهللا كتب

)!عليكم أعطفهم توبوا لكن امللوك بسب أنفسكم تشغلوا فال

ستدلي عقائدي أصل إىل فقهية مسألة ومن! قطعية؟ إمجاعية قضية إىل اجتهادية خالفية قضية من القضية حتولت وهكذا

!اإلسرائيليات؟ هذه مبثل عليه

الواقع على الشرعية إلضفاء النصوص بتأويل فيها العلماء قام ،جديدة مرحلة الفقهي السياسي اخلطاب لدخ وهبذا

اخلروج ال وأن ،املصلحة به تقضي ما هذا أن بدعوى وتارة النصوص، عليه تدل ما هذا أن بدعوى تارة وترسيخه؛

.إخل ...يؤدي إال إىل املفسدة

مصلحة هي واحنرافها السلطة طغيان مقاومة بتحرمي تظن اليت املصلحة أن راكإد ودون للواقع، صحيحة قراءة دون

واالحنالل الضعف إىل األمة تتجه إذ اخلروج؛ من خيشى كان مما مفسدة أشد النتائج تكون أن تلبث ما إذ مؤقتة؛ وقتية

.االجتماعية وهذا ما حصل السنن هي كما ،السقوط مث ومن

احنرافها يف أوجها بلغت حىت القدسية من هالة السلطة على أضفى الذي ـ املؤول ياسيالس اخلطاب هذا شاع أن فما

اإلسالمية الدولة عاصمة تسقط اهلمجية وباجليوش التتاري بالغزو وإذا ،باألمة الكارثة حلت حىت ـ واستبدادها

ويف غريها من األقاليم؛ مث انتهى وهذا ما حصل يف األندلس !تارخيهم يف املسلمون عرفها كارثة أكرب يف )هـ656(سنة

وشيوع هذا ،وفساد األنظمة ،بسبب غياب دور األمة ،أمر األمة إىل السقوط حتت سيطرة الغرب االستعماري الصلييب

 

61  

بل ومحايتها مهما بلغت يف فسادها وتفريطها مبصاحل ،اخلطاب السياسي املؤول الذي يضفي الشرعية على وجودها

! عروشها؟ألمة؛ حفاظا على مصاحلا

ما هي واحدة؛ زاوية من سلبية نظرة السياسي واالحتجاج اخلروج حركات هذا اخلطاب املؤول إىل أصحاب رنظ لقد

حتول اليت املقاومات هذه مثل قيام ضرورة إىل نظر دون ،واألموال النفوس بعض هبا يذهب قد فتنة من بسببها حيدث

!اخلارجي؟ عدوها سيطرة حتت كلها األمة سقوط إىل الذي قد يؤدي ،افواالحنر واالستبداد الظلم وبني ،السلطة بني

حقها، واستالهبا حتطيمها مت أن بعد ،نفسها عن الدفاع على قادرة غري األمة فعال؛ فلما وقع احملذور إذ حدث ما وهذا

حىت يف تقوميها ـ شيء بكل عنها تقوم أن السلطة من تنتظر ،الواقع أحداث هامش على تعيش غائبة أصبحت أن وبعد

!أي السلطة ـ لنفسها ونقدها لسياستها؟

بوجوب لو قيل إذ وامللوك، اخللفاء من اإلصالح قصد من على حىت الطريق قطع أنه اخلطاب هذا يف ما أخطر كان لقد

اخللفاء من جاء لرمبا إخل...دوهنا أمر قطع وعدم ،األمة مشاورة وبوجوب ،توريثها وقيل حبرمة ،شورى اإلمامة تكون أن

العهد يف حاهلا عليه كان كما جديد؛ من حياهتا األمة لتبدأ ،وترسيخه بذلك العمل إىل وصالحه إميانه يدفعه من

ومل يعمل على محل ،الواقع مع يتوافق أول النصوص مبا اخلطاب املؤول هذا أن غري ،الراشدي يف شئوهنم السياسية

.الواقع على ما جاءت به النصوص

!!للرعية مفسدة لألمراء مرارة ذكره: ويقول اخلطاب بن عمر سرية ذكر عن ينهى مروان بن امللك عبد كان :إشارة

!املؤول؟ اخلطاب هذا شيوع إىل أدت اليت األسباب هي ما :س

:أمهها كثرية أسباب :ج

مل يترتب عليه سوى خروج كل أن فظنوا كلية؛ نظرة ال جزئية نظرة التاريخ حوادث إىل اخلطاب هذا أصحاب نظر-1

ينظروا إىل ومل )الدهر آخر إىل وفتنة شر كل أساس عليهم واخلروج امللوك على اإلنكار( :القيم ابن قال الفساد،

وخرج يزيد، عهد من خريا عهده وكان يزيد على الزبري ابن خرج فقد ،الصالح من كثري عليها ترتب اليت احلوادث

يفضلهم حنبل بن أمحد كان وقد ـ اجلملة يف ـ أمية بين عصر من خريا معصره وكان ،أمية بين على العباسيون

وظهر ،عهدهم من خريا عصره وكان ،الفاطميني دولة الدين صالح أسقط وقد) السنة وأحيوا الصالة أقاموا: (ويقول

.خلإ....قبلهم ممن خريا عصرهم وكان سعود بن حممد مع دولته وأقام عبدالوهاب بن حممد اإلسالم شيخ

 

62  

ال اجتماعية وهذه سنن ،شعوب العامل كله يؤكد عدم صحة هذه النظرية تاريخ بل هذا ،وحوادث التاريخ كثرية جدا

اليت الثورية احلركات هو ،هي فيه مما وخروجها وتطورها وغريهم؛ وقد كان سبب هنوض أوربا املسلمني بني فيها فرق

يف الطريق على هذا سار من كل وكذا الدنيوية؛ شئوهنم يف أمرهم هلم استقام حىت ،واحنرافها السلطة لطغيان تصدت

العدل وظهور األحوال وصالح التطور هلم من حصل ،والظلم االستبداد من الشعوب وحترير السلطة طغيان مقاومة

واستقرار عدل من اإليراين للشعب حدث مابل إن األخرى، الشعوب عند مثله يقع مل ما والتناصف، بينهم فيما

.الشاة وهكذا يف كثري من األقطار عهد يف الوضع عليه كان مما خري الثورة بعد ،وحرية

فهو بيده جاهدهم فمن( :يقول والنيب فال ميكن التسليم بنظرية أن مقاومة طغيان السلطة ال يأيت منه إال شر كيف

!الشارع فيه يف بعض احلاالت؟ولو مل يكن للخروج فائدة ملا أذن )بواحا كفرا ترو أن إال( :ويقول )مؤمن

أي أهل القرى، } القرى ليهلك ربك كان وما{: (القرطيب قال :د أخرب اهللا تعاىل أن الظلم هو سبب اهلالكبل لق

كما أهلك ،الفساد إليه ينضاف حىت ،وحده بالكفر ليهلكهم يكن مل أي }مصلحون وأهلها{أي بشرك وكفر، } بظلم{

،الشرك من الدنيا يف االستئصال عذاب إىل أقرب املعاصي أن على هذا ودل ،...زانم شعيب ببخس املكيال وامليقو

:قال – عنه اهللا رضي – الصديق بكر أيب حديث من الترمذي صحيح ، ويفأصعب اآلخرة يف الشرك عذاب كان وإن

).عنده من بعقاب هللا يعمهم أن أوشك ،يديه على يأخذوا فلم الظامل رأوا إذا الناس إن( :يقول مسعت رسول اهللا

سبحانه اهللا يهلك أن استقام وال صح ما أي }مصلحون وأهلها بظلم القرى ليهلك ربك كان وما{ :الشوكاين وقال

الناس يظلمون ال ،احلقوق تعاطي يف بينهم فيما مصلحون أهلها أن واحلال ،الشرك وهو به يلتبسون بظلم القرى أهل

بنقص شعيب قوم ، كما أهلكاألرض يف الفساد إليه ينضم حىت وحده الشرك ردمبج يهلكهم ال أنه: ، واملعىنشيئا

.)،...الشنعاء؛ للفاحشة ارتكاهبم لوط بسبب قوم وأهلك أشياءهم، الناس وخبس وامليزان املكيال

مفهوم وبني عنها، للظلم ورفعا األمة عن دفاعا ،السلطة طغيان ملواجهة ،السياسي اخلروج مفهوم بني خلطهم -2

.بذمهم النصوص جاءت الذي وهم ويكفروهنم، وأمواهلم املسلمني دماء أصحابه يستحل الذي ،العقائدي اخلروج

،اخلوارج قتال بني عندما خلطوا ،الفقهاء املتأخرون فيه وقع الذي هذا اخللط إىل تيمية ابن اإلسالم شيخ أشار وقد

فيفرقون ] قدميا[أما مجهور أهل العلم : (فقال ليهم هذا اخللطوعاب شيخ اإلسالم ع ،وقتال أهل التأويل ،وقتال البغاة

عامة وعليه وهذا هو املعروف عن الصحابة ،وغريهم ممن يعد من البغاة املتأولني ،وبني أهل اجلمل وصفني ،بني اخلوارج

.)وغريهم فعيوالشا وأمحد مالك أصحاب من وأتباعهم األئمة نصوص أكثر وعليه واملتكلمني، والفقهاء احلديث أهل

 

63  

وهو الفرق بني القتال ملن خرج عن الشريعة ،وهذا هو األصل الثابت بكتاب اهللا وسنة رسوله: (....وقال أيضا

مث ،)بذلك أمر النصوص يف فليس ،معني إمام طاعة عن إال خيرج مل ملن القتال وأما ،فهذا الذي أمر به النيب ،والسنة

:يف تتمثل وأهنا اخللط هذا بسبب ظوراتحم من الفقهاء هؤالء فيه وقع ما ذكر

!والسنة؟ اتباعه للشريعة يف منه قريبا أو ،مثله اخلارج هذا كان وإن ،معني ملك طاعة عن خرج من قتاهلم-1

اإلسالم؟ شرائع بعض عن املرتدين وبني ،معني ملك طاعة عن اخلارجني هؤالء بني تسويتهم-2

وأمواهلا؟ دماءها ويستحلون األمة على خيرجون ذيال اخلوارج وبني ،هؤالء بني تسويتهم-3

والة و امللوك أهواء من كثري يف يدخلون ]من الفقهاء[ الطائفة تلك جتد: (الفقهاء هؤالء من اخللط هذا وبسبب

لبعض وهم يف ذلك مبرتلة املتعصبني ،البغاة وأولئك ،العدل أهل أهنم على بناء ألعدائهم؛ معهم بالقتال ويأمرون ،األمور

)!!مدعني أن احلق معهم؛ أو أهنم أرجح هبـوى قد يكون فيه تأويل بتقصري ال باالجتهاد ،أئمة العلم على نظرائهم

كاحلسني) احلق أهل( والفضل الصالح أهل من اجلور أئمة على خرج من يعدون ـ قدميا ـ الفقهاء أكثر أن مع هذا

بل ،مقاتلتهم حترم وأنهوعبدامللك، احلجاج على خرجوا الذين قراءوال ،يزيد على خرجوا الذين املدينة وأهل ،علي بن

ومن األئمة من يرى عدم اخلروج ،معهم جواز اخلروج يرى من األئمة ومن ،معهم وجوب اخلروج يرى من األئمة من

!احلق أهل من عليهم خرج من ضد اجلور أئمة مع القتال حيرمون اجلميع أن إال ،معهم

وله أن يدافع عن ،أو هتك عرضه ،أو أخذ ماله ،يريد سفك دمه ،ن خرج عن طاعة إمام جائروكذلك حيرم قتال م

.نفسه وماله وأهله قدر طاقته

ما مل يقصدوا قتال املسلمني ويصولوا ،كما حيرم قتال اخلوارج الذين يكفرون املسلمني إذا خرجوا على إمام جائر

.عليهم

).فإن هلم مقاال ،وإن خالفوا إماما جائرا فال تقاتلوهم ،إماما عدال فقاتلوهمإن خالفوا : (ن اخلوارجع فقد قال علي

عنهم ويرفع ،اإلصالح إىل اإلمام يدعوهم حىت ،ابتداء يقاتلون ال العادل اإلمام وكذلك البغاة الذين خيرجون على

.نصرته وجب و العدل اإلمام قاتلهم القتال إال أبوا فإن ظلم؛ عليهم وقع إن الظلم

 

64  

ومع عادال؛ اإلمام كان وإن حىت املسلمني بني تقع اليت الفتنة يف القتال عن الكف يرون السلف من كثري كان :وقفة

اتباعا ،واحدا حكمها وجعلوا ،األصناف هذه مجيع بني ـ اإلسالم شيخ قال كما ـ املتأخرون الفقهاء خلط كله ذلك

!!!السلطة؟ خلدمة وتوظيفها ،حتتمل ال ما وحتميلها النصوص بتأويل إرضائهم يف ومسارعة هلم ،ومشايعة ،امللوك ألهواء

يأيت ال أنه تؤكد اليت ،الفنت أحاديث شيوع: أيضا املؤول السياسي اخلطاب هذا شيوع إىل ومن األسباب اليت أدت-3

،الواقع ألمرا ترسيخ على يعملون املتأخرين أكثر فصار ،الصحيح ملعناها فهم دون ،منه شر بعده الذي إال زمان

!!احلاضر كما تؤكد ذلك النصوص؟ من أسوأ هو الذي املستقبل من خوفا ،عنه والدفاع

فقال له احلجاج ظلم من جيدون ما له يشكون الناس جاءه عندما ،عن معىن حديث أنس حجر ابن احلافظأجاب قد و

.)ربكم اتلقو حىت منه شر بعده والذي إال زمان عليكم يأيت ال فإنه اصربوا( :هلم

إال ذلك يف يكن مل ولو ،قبلها اليت دون الشر يف تكون األزمنة بعض أن مع ،اإلطالق هذا استشكل وقد(: قال احلافظ

بل لو ،وقد اشتهر اخلري الذي كان يف زمن عمر بن عبدالعزيز بيسري؛ احلجاج زمن بعد وهو ،عبدالعزيز بن عمر زمن

أن: بعضهم وأجاب ،...قبله الذي الزمن من شرا يكون أن عن فضال ،بعيدا كان ملا زمانه يف اضمحل الشر إن: قيل

،األحياء يف الصحابة من كثري فيه كان احلجاج عصر فإن ،...العصر جمموع على العصر جمموع تفضيل بالتفضيل املراد

: قال باالتباع، أوىل وهو باملراد التصريح مسعود بن عبداهللا عن وجدت مث ،...انقرضوا عبدالعزيز بن عمر عصر ويف

ماال وال ،يصيبه العيش من رخاء أعين لست الساعة تقوم حىت ،قبله الذي اليوم من شر وهو إال يوم عليكم يأيت ال(

فال ،الناس استوى العلماء ذهب فإذا ،قبله مضى الذي اليوم من علما أقل وهو إال يوم عليكم يأيت ال ولكن ،يفيده

عليكم يأيت ال( :قال عنه مسروق عن الشعيب طريق ومن ،...يهلكون ذلك فعند املنكر عن نينهو وال باملعروف يأمرون

وفقهاؤكم علماؤكم ولكن عام من خريا عاما وال أمري، من خريا أمريا أعين ال إين أما ،قبله كان مما أشر وهو إال زمان

)....يفتون برأيهم قوم ، وجييءخلفا منهم جتدون ال مث يذهبون

روح شيوع إىل ذلك فأدى ،والذي بعده شر منه بني العامة واخلاصة إال زمان يأيت ال فقد شاع مفهوم أنه ومع هذا

كما حث على ذلك القرآن ،وعدم الرغبة يف التغيري ،احلاضر إىل والركون ،املستقبل من واخلوف ،اإلصالح من اليأس

إىل األحسن ،حيث أخرب أن التغيري يبدأ من نفس اإلنسان }إن اهللا ال يغري ما بقوم حىت يغريوا ما بأنفسهم{: يف قوله

.أو إىل األسوأ وما ربك بظالم للعبيد

على الراشدة اخلالفة بعودة تبشر اليت الصحيحة األحاديث وجود مع ،باملستقبل دون االستبشار الروح هذه كما حالت

.إخل ،...جورا ملئت أن بعد عدال األرض ميأل حىت جديد من الدين هذا وبظهور ،النبوة هنج

 

65  

وفهمها على غري الوجه ،والذي بعده شر منه إال زمان يأيت ال وأنه ،والركون إىل أحاديث الفنت ،لقد مت ترك ذلك كله

خوفا من املستقبل ،على احملافظة على األمر الواقع ،واخلاصة ،مما أفضى إىل حرص العامة ،الصحيح الذي يراد منها

!!!ابنه من خوفا وتشبثوا باحلجاج

من ورخاء استقرارا أكثر ـ سنة عشرين مدة ـ معاوية عهد كان فقد الدعوى هذه خالف يثبت التاريخ أن هذا مع

بن عمر وعهد ،قبله وهو ،يزيد عهد من خريا مروان بن عبدامللك وعهد ـ عنهما اهللا رضي ـ طالب أيب بن علي عهد

وعصر ،أمية بين من قبله من عهود من خريا ـ سنة عشرين حنو ـ لكعبدامل بن هشام وعهد ،قبله مما خريا عبدالعزيز

إخل ،...العباسية الدولة هنايات من خري العثمانية اخلالفة وبدايات ،األموي العصر أواخر من خريا األول العباسية اخلالفة

رأي ذي كل إعجابو ،متبعا وهوى ،مطاعا شحا رأيت إذا( :كحديث الفتنة من االعتزال أحاديث فهم أدى كما-4

،الفردية الروح شيوعإىل وغريها من األحاديث يف هذا الباب )العامة أمر عنك ودع نفسك خباصة فعليك ؛برأيه

قضى مما إخل ،…املنكر املظلوم وإزالة كنصر ،اجلماعة إىل حتتاج ، اليتالكفائية الفروض وترك ،اجلماعية الروح وغياب

الظلم ومواجهة قيادهتا على الناس أقدر هم الذين األمة بني علماء خاصة – العزلة شيوع إىل وأدى اجلماعة، روح على

.إىل األفضل الواقع تغيري إىل تسعى اليت اجلماعية الروح غياب ظل يف السياسي إىل االستبداد السبيل مهد مما -

وترك االعتزال إىل داعية الثوري نسفيا كان وقد ،الثاين القرن منذ بالظهور االعتزالية الفردية الروح هذه بدأت لقد

).دنياهم هلم فاتركوا دينكم لكم تركوا( :يقول وكان ،الدنيا

إال ــ االحنراف بعض حصل وإن ـ وشرائعه الدين يف قاموا قد} الوالة يعين{الدنيا أهل كان عصر يف قاهلا أنه ومع

بشيوع فشيئا شيئا الشريعة أحكام تعطلت وقد لدنيا؟ا إقامة دون الدين إقامة إمكانية اعتقاد إىل أدت الفلسفة هذه أن

وهو القرن فيه، قيلت الذي الظرف مراعاة دون )دنياهم هلم فاتركوا دينكم لكم تركوا(اخلطرية الفلسفة هذه مثل

واملهدي كاملنصور – الظلم بعض وقع منهم وإن – الصالح أهل العلماء الفقهاء من اخللفاء عامة كان حيث الثاين،

.الفترة تلك يف االعتزال شاء من اعتزال الدنيا وال الدين يضر فال والدنيا معا، الدين فأقاموا إخل، …واملأمون الرشيدو

عقيديت يتضمن الذي األشعري املذهب بشيوع جهة، من واإلرجاء جهة من اجلرب روح شيوعأيضا األسباب منو-5

.اجملاز سبيل على بل حلقيقة،على ا ألفعاله فاعل غري اإلنسان أن هو: هوو اجلرب

 

66  

من استحلوا ومهما ،احنرافات من اخللفاء فعل فمهما ، باجلحود إال كفر وال ، التصديق جمرد اإلميان أن: هو واإلرجاء

يقرون ما داموا ،اإلسالم دائرة من خيرجون ال فإهنم ،املنكرات من وارتكبوا ،املوبقات من فهلوا ومهما ،احملرمات

!بالشهادتني

.)امللوك دين اإلرجاء: (املأمون قال كما امللوك أهواء يوافق ما هذاو

االستسالم إىل احلقيقة، على له ال فعل أنه أو الريح، مهب يف كالريشة اإلنسان أن اعتقاد وهو: اجلرب شيوع وأدى

يدافعون كانوا لذينا - عنهم اهللا رضي – الصحابة عمل خبالفوالقدر، بالقضاء اإلميان بدعوى واالتكالية للواقع،

.اهللا قدر إىل اهللا قدر من ويفرون باألقدار، األقدار

الكونية اإلرادة بني خللطهم الصوفية بنيكما شاع ،اهللا يريده ما هو الواقع هذا أن اعتقاد إىل ذلك كل أفضى لقد

!؟له والتسليم الرضا جيب بل اهللا مراد مقاومة هلم حيل فال والشرعية؛

اليت بالقوة ال ـ البصري حسن نظرية هي كما ، ـبالدعاء إال البالء يدفع وال ،اهللا من عقاب هم لمةالظوأن امللوك

جاهدهم فمن: (وقوله ،)الظامل يد على لتأخذن: (وقوله ،)بيده فليغريه من رأى منكم منكرا: (هبا كما قال النيب أمر

!.إخل …القوة فاستخدموا :أي) برهان اهللا من معندك فيه بواحا كفرا تروا أن إال: (وقوله ،)مؤمن بيده فهو

تكون فلن) بالدعاء إال مقاومته وعدم بالبالء الرضا ـ االعتزال ـ اجلرب ـ اإلرجاء(:النظريات هذهكل اجتمعت إذاو

نتيجة إال التتار جيوش أقدام حتت سقوطها يكن ومل ،قرون منذ اإلسالم أمة تعيشه الذي النحو هذا على إال النتائج

أمة وألي فيها تروج إنسانية حضارة ألي والفناء املوت بذور طياهتا يف حتمل اليت النظريات هذه لشيوع طبيعية منطقية

!!!وتعتنقها هبا تدين

األسلحة بشهر ولو درئه على التواطؤ والعقد احلل فألهل ظلمه وظهر الوايل جار إذا: املعايل أبو اإلمام قال :إضاءة

!احلروب ونصب

يف معهودا يكن مل مما ،شأنه وهتويل ،عليه القدسية من شيء وإضفاء ،السلطان طاعة تعظيم يف الغلون األسباب وم-6

حق إال مزية بأي عنها ميتازون ال ،منها وأفراد عنها وكالء أهنم على تعاملهم األمة كانت الذين ،الراشدين اخللفاء عهد

معصية يف جائزة اخللفاء طاعة إن: قيل حىت ،أمية بين عهد يف الشام يف لوالغ هذا ظهر وقد ،ورسوله اهللا طاعة يف الطاعة

.إخل...سيئاهتم عن ويتجاوز فعلوا مهما ذنوهبم هلم يغفر اهللا وأن! اهللا؟

 

67  

بني االعتقاد هذا لشيوع ،اخلالق معصية يف هلم طاعة ال أنه على التأكيد خطبه يف يكثر عبدالعزيز بن عمر جعل ما وهذا

امللة بقاء ببقائه أن بدعوى ،واخلاصة العامة بني شائعا اخللفاء طاعة يف الغلو وصار ذلك بعد استشرى مث ،مالشا أهل

ـ يشعرون ال حيث من ـ أنزلوهم حىت الصحيح وجهها غري على الطاعة وجوب أحاديث لواومح، زواهلا وبزواله

!يسألون؟ وهم يفعل عما يسأل ال من مرتلة

هللا طاعة إال يكون ال مبا وخياطبوهنم ،أيديهم بني األرض يقبلون كانوا الناس أن االحنطاط عصور يف ءباخللفا األمر وبلغ

!التعظيم ألقاب من وجل عز

نفسه اإلمام وجود املرحلة هذه يف أصبح فقد ،)الدنياشئون وسياسة الدين حراسة: (هو اإلمامة من املقصد أن معو

يكفر مل فما ،الدنيا وأفسد الدين هدم لو بل فيما أقيم من أجله، اإلمام فرط مهما ،ذاهتا حد يف غاية اإلمامة واستمرار

!حىت لو أراد هو عزل نفسه؟ ،وخلعه عزله حيرم فإنه

الوالية؟ أم الوكالة بطريق على األمة اإلمام تصرف هل: وهو. القضية هذه يف الثانية املرحلة يف خالف طرأ كما

فيه الوالية؟ بطريق أم هلم، بطريق الوكالة الناس عن اإلمام تصرف هل: ()هـ ٨٨٥ ت( احلنبلي املرداوي قال

يف روايتني: السلطانية األحكام يف وذكر لعمومهم، بالوكالة أنه متصرف – يعلى أبو – القاضي واختار ،…وجهان

اخلالف هذا على ، وينبينأيضا والوكالة الوالية يف للخالف أصال يكون أن حيسن وهذا القهر، إمامته مبجرد انعقاد

كان إن عزله؟ هلم وهل بالعزل، ينعزل مل وال، هو: وإن قلنا نفسه، عزل فله وكيل، هو: قلنا فإن بالعزل؛ انعزاله

.)خالف بغري جيز مل: سؤاله بغري كان وإن عزل نفسه، حكم فحكمه: بسؤاله

كوالية الوالية بصفة األمة عن اإلمام تصرف بأن القول إىل والقهر، باالستيالء هلم تنعقد اإلمامة بأن أدى القولوهكذا

وليست الوكالة كذلك؛ إذ ،ألنه توالها بالقوة بال اختيار منهم كالويل عنهم، الوكالة بصفة ال ،القاصر ابنه على األب

.املوكل باختيار إال يكون ال الوكيل

وال الصغار لألبناء ليس عزله؛ إذ إمكانية لى هذا عدمع ترتب الواليةـ بصفة يتصرف أنه أي ـ الرأي هبذا قيل فلما

ليس اإلمامة يف ذلك ثبت إذا وكذلك عزله؛ ميكن فال باختيارهم أبنائه على األب والية ليست إذا ،وليهم عزل للمرأة

!أيضا؟ نفسه عزل له

ال وال إىل ـ ،األول يالسياس اخلطاب مرحلة يف احلال عليه كان كما ـ عزله ميكن وكيل من اإلمام حتول وهكذا

!املؤول؟ الثاين السياسي اخلطاب مرحلة يف عزله ميكن

 

68  

!املوت حىت إماما يظل اإلمام بل ،توقيته ميكن ال ،دائم عقد اإلمامة بأن القول إىل أدى بدوره الرأي وهذا

به األمة وربط ،صالحياته شأنه يف والغلو ،اإلمام شأن تعظيم يف اإلفراط بسبب ،اخلطاب على التغيري هذا طرأ وهكذا

!!!هبا ربطه من بدال

كيال عن هذا مع أنه يف اخلطاب األول ـ بل وأول مراحل اخلطاب الثاين ـ ال يكاد يوجد خالف يف كون اإلمام و

فيجب أن يكون حكمه حكم احلاكم ـ أي القاضي ـ ،اإلمام ناظر للغري: () هـ671ت(األمة كما قال القرطيب

وملا اتفق على أن الوكيل واحلاكم ومجيع من ناب عنه ،فإن اإلمام هو وكيل األمة ونائب عنها ،نفسه وللوكيل إذا عزل

).كذلك اإلمام جيب أن يكون مثله ،غريه يف شيء له أن يعزل نفسه

]).أي أهل احلل والعقد[اخللع إىل من إليه العقد : ( )هـ478ت( الشافعي اجلويين احلرمني إمام وقال

وتعطلت ،الفساد وظهر ،العدوان منه وفشا ،العصيان منه تواصل إذا فأما: (وء تغيري على حال اإلمامطر قال عنو

وتداعى ،ظلمه ممن منتصفا املظلوم جيد ومل ،الظلمة واستجرأ ،اخليانة ووضحت ،الصيانة وارتفعت ،واحلدود احلقوق

وذلك أن اإلمامة إمنا تعين لنقيض هذه ؛املتفاقم مراأل استدراك من بد فال ،الثغور وتعطيل ،األمور عظائم إىل اخللل

سدى الناس وترك ،فيجب استدراكه ال حمالة] السياسة[احلالة؛ فإذا أفضى األمر إىل خالف ما تقتضيه الزعامة واإليالة

ومالذ ،للظاملني عون هو من ونصب اتباع على تقريرهم من هلم أجدى ،والباطل احلق على هلم جامع ال ملتطمني

)!!...فإن تيسر نصب إمام مستجمع للخصال املرضية تعني البدار إىل اختياره ،...املارقني ومعتصم ،الغامشني

حبراسة ،األمة مبصاحل والقيام ،الدولة محاية بقصد معلل شرعي حكم اإلمام نصب وجوب أن اجلويين اإلمام يؤكد وهنا

وحقوق ،الدولة ضياع إىل يؤدي حبيث ،القصد هذا خالف إىل يفضي اإلمام وجود كان فإذا ،الدنيا وسياسة الدين

إمام من هلم خري إمام بال الناس ترك، إذ إليه وكل مبا القيام على قادر إمام ونصب ،خلعه شرعا وجب ،ومصاحلها األمة

!!.)..حمارمهم ويستحل دماءهم ويسفك طريقهم يقطع

أن بعد حمضا، تعبديا اإلمامة وسيلة، وصار حكم كان أن بعد ايةغ وجوده على واحملافظة اإلمام إقامة أصبح لقد :ومضة

مصلحيا معلال؟ حكما - املرتل السياسي اخلطاب يف كان

فإن فعل ذلك كان حقا على املسلمني أن ،وأن يؤدي األمانة ،حق على اإلمام أن حيكم مبا أنزل اهللا: ( قال عليو

).يسمعوا وأن يطيعوا وجييبوا إذا دعوا

 

69  

وجباية ،احلدود وإقامة ،احلقوق واستخراج ،اخللل وسد ،البيضة ومحاية ،العدو لدفع نصب اإلمام( :لقرطيبا وقال

.)أهلها على وقسمتها ،املال لبيت األموال

) ما أقام فيكم كتاب اهللا عز وجل ،وإن أمر عليكم عبد حبشي ،أيها الناس اتقوا اهللا وامسعوا وأطيعوا: (وقد قال النيب

.فاشترط السمع والطاعة عند إقامة الكتاب) ما قادكم بكتاب اهللا: (ويف رواية) ما أقام لكم كتاب اهللا: (ايةويف رو

الشرع، هو والعدل العدل، هو للشرع، فالشرع املبني هو والكتاب متالزمان، والعدل الكتاب: (اإلسالم شيخ قال

،)بالشرع حكم فقد بالعدل حكم ومن

مالك أخذ وإن وأطع امسع: (مفهوم وشاع ،املرتل الشرعي السياسي اخلطاب مبادئ متثل اليت املفاهيم غابت لقد

ومن ،واإلمجاع السنة هو بل االعتقاد أصول من أصال ذلك بعد صار بل ،حيتمل ال ما اللفظ هذا ومحل) ظهرك وضرب

!!!باالبتداع؟ رمي خالفه

من خلصمه عليه قضى أو ،املسلم على احلد اإلمام أقام لو حىت اإلمام الطاعة وجوب على حيمل أن ميكن احلديث أن مع

.ورسوله هللا طاعة فيه فيما طاعته ترك أو ،عليه للخروج ذريعة يكون وال ،باحلق ماله

احلدود وتعطيل ،والظلم ،السياسي لالستبداد مصراعيه على الطريق فتحالبطان، و اكتملت حلقتا اجلديد املفهوم وهبذا

فلم املتكلمني؛ أم ،احلديث أهل علماء من أكانوا سواء ،السنة أهل بني املؤول اجلديد اخلطاب هذا اجور ،واحلقوق

تفسري تقدمي دون! باالبتداع؟ خالفه من كل ورمي ،اجلديد املفهوم هذا على اإلمجاع ادعي حىت الرابع القرن ينقض

باجلنة املبشرين العشرة من ومها ،وطلحة الزبري هب يسمع مل ما والسنة االعتقاد أصول من أصال يكون كيف صحيح

!إلسالم؟ا إىل والسابقني

الزبري بن وعبداهللا علي بن احلسني يعرفه ال وكيف! العاملني؟ نساء وأفقه املؤمنني أم عائشة على األصل هذا خيفى وكيف

!األصل؟ هذا عن يزيد على اخلروج على أمجعوا الذين الصحابة أبناء من املدينة أهل وأين !بكر؟ أيب بن وعبدالرمحن

القرن يف وبدعة حمرما يصبح مث الثاين، القرن ونصف ،اهلجري األول القرن يف ودينا وحقا واجبا األمر يكون وكيف

!الثالث؟

وهلذا ،النصوص عن تعبريا منها أكثر الواقع هذا عن تعبريا آراؤهم فجاءت ،العصر أهل على مفاهيمه الواقع فرض لقد

هذا: (وقال} مؤمن فهو بيده جاهدهم فمن ،يفعلونال ما يقولون أمراء يكون{: مسعود ابن حديث أمحد ماماإل رد

احلديث هذا أمحد روى وقد .)تلقوين حىت اصربوا: اهللا رسول قال: يقول مسعود ابن !مسعود ابن كالم يشبه ال الكالم

 

70  

بعد من يأيت مث ،هبديه ويقتدون أثره يتبعون وأصحاب اريحو أصحابه من وله إال قط نيب يكن مل إنه{: بلفظ مسنده يف

بيده جاهدهم فمن{: وهو احلديث آخر يذكر ومل) يؤمرون ال ما ويفعلون ،يفعلون ال ما يقولون أمراء خوالف ذلك

.له علة وال اإلسناد صحيح احلديث أن مع هذا} مؤمن فهو

،النصوص هلذه فهم هي اليت األئمة وأقوال ،ومكان زمان للك جاءت اليت الشارع نصوص بني اجللي الفرق يكمن وهنا

،الشارع كنصوص تكون أن اجتهدوا مهما ألقواهلم ميكن فال عصرهم؛ يف الصحيح الوجه على تطبيقها لكيفية ومراعاة

وبه )غلب من مع حنن(: عمر ابن قال كما )غلب من مع كونوا( الشارع يقل فلم عصر أهل لكل جاء وحي هي اليت

.أمحد اإلمام لقا

)!!عنقه فاضربوا املسلمني مشورة غري من إمرة إىل دعا من: (الصحابة حبضرة قال الذي عمر قول من هذا وأين

قيدي عن مطلقة فصالحيتها الشارع نصوص أما، قوم دون ولقوم ،زمان دون زمان يف، عمر ابن قول يصلح وقد

نفسه عن اإلنسان يدفع وأن ،املنكر وإزالة باحلق بالصدع تأمر كما والصرب؛ والطاعة بالسمع تأمر ،واملكان الزمان

.إخل...وعرضه وماله

يتواثبون املطامع أصحاب ظل بينما !والفضل الصالح أهل هم اجلديدة املفاهيم هبذه التزم من أن ،خطورة األمر زاد ومما

طاعتهم جتب أمر أويل للسلطة الوصول بعد سيصبحون داموا ما ،فسق أو ببدعة رمي من خوف دون السلطة على

!هلم؟ الدعاء وجيب عليهم اخلروج وحيرم

إىل األمة أمر آل حىت ،والفساد الظلم وشاع ،واإلحلاد بالزندقة مير من للسلطة وصل اخلطرية املفاهيم هذه وبسبب

!االستعمار سيطرة حتت والسقوط واالحنالل الضعف

،املنكر وينكرون ،للظلم يتصدون ظلوا األمة الربانيني فإن علماء ،يوعهومع استقرار القول بتحرمي اخلروج وش ،هذا

كما، النصوص وداللة اإلمجاع بدعوى املمنوع اخلروج من ذلك يرون ال إذ ومجاعية؛ فردية بصورة باحلق ويصدعون

إسحاق أبو يتقدمهم الشافعية ومعهم ،جعفر أبو الشريف يتقدمهم احلنابلة فقهاء خرج حيث )هـ464(سنة يف حصل

!املنكرات إلزالة اخلالفة دار إىل وتوجهوا ،الشريازي

يف كما ،املظلومني عن والدفاع املنكرات إزالة من ،الشام يف أتباعه مع تيمية ابن اإلسالم شيخ به يقوم كان ما وهذا

، إخل...اجلناة على للحدود وإقامته ،السلطان إذن دون السجن من املزي لإلمام إخراجه

 

71  

من توافدوا الذين العامة فيها اشترك ،املماليك ضد) هـ1209(سنةـ كربى مجاهريية ثورة األزهر علماء ادق كما

املماليك ظلم استشرى ملا ،وحمالهتم أسواقهم بإغالق العامة وأمروا ،األزهر اجلامع أغلقوا أن بعد القاهرة أطراف

ووقع ،كتبوها شروطا العلماء عليهم فاشترط ،اجلماهري غبةر على الرتول من بدا املماليك جيد فلم ،بالرعية وعسفهم

الثورة هذه قادة من كان وقد ،مصر يف الناس مجيع عن والضرائب الظلم ورفع ،العدل بإقامة وثيقة يف املماليك عليها

.البكري وغريهم والشيخ ،الشرقاوي األزهر وشيخ ،العرايشي احلنفية مفيت

،مصر يف اإلسالم دار تعم أخذت اليت والنهضة اليقظة( :ية بقيادة علماء األزهر بدايةوقد كانت هذه الثورة اجلماهري

املماليك أرهب قد واجلماهري العامة على سلطاهنم وأن ،وقادهتا النهضة هذه طليعة صاروا قد األزهر مشايخ أن وتبني

.)وأفزعهم

فوجد جاء الذي ،االستعمار يد على اإلسالم دار وضياع ،األمة وسقوط ،الدولة احنالل دون حيل مل كله هذا أن إال

الدين باسم ،طويلة قرونا حقوقها عن له تنازلت أن بعد ،عنها يدفع السلطان تنتظر ،واقعها عن تغييبها مت قد شعوبا

!الساخرون؟ منها ويسخر العابثون هبا ليعبث ،السنة وباسم

ن واقع الشعوب وما حل هبا من جهل يف الدين وتفريط يف وكان أصدقهم تعبريا ع ،وقد أدرك هذه املشكلة الشعراء

:أبو الطيب املتنيب كما يف قوله: الدنيا

وسادات املسلمني األعبد القزم***سادات كل أناس من نفوسهم

!يا أمة ضحكت من جهلها األمم***حتفوا شواربكم أغاية الدين أن

:ويف قوله

عجم كهاملو عرب تفلح***وما بامللوك الناس وإمنا

!؟غنم كأهنا بعبد ترعى***أمم وطئتها أرض بكل

سقوط ـ تقريبا ـ حىت األول القرن نصف منذ املؤول ـ السياسي الثانية ـ مرحلة اخلطاب املرحلة امتدت لقد

أول يف االحنراف كان فقد ،وشدته االحنراف درجات فيها تفاوتت ،تقريبا عام وثالمثائة ألف مدة أي العثمانية اخلالفة

.آخرها من وطأة أخف املرحلة هذه

!!الربوبية؟ يدعي أن اهللا بأمر احلاكم الفاطمي اخلليفة كاد أن إىل السياسي االحنراف وبلغ

 

72  

استقرار يف األثر أكرب هلم كان ،ربانيني وقضاة وعلماء ،عدول وملوك خلفاء من ،مصر أو عصر خيل مل هذا مع أنه

يف السبب هو والذي ـ والقضاة اخللفاء من كثري به اشتهر الذي ـ العدل رآثا من كأثر ،عام ألف مدة احلضارة

تلك أن إذ جديد؛ من باألمة النهضة على قادرا يعد مل وحده هذا أنه إال ،وتطورها وازدهارها ،اجملتمعات استقرار

هذه ،نشأهتا بداية يف لةالدو عليه قامت الذي األساس قوة لوال ،عام ألف تدوم أن وال تقوم أن هلا كان ما احلضارة

حروب يف الدولة صمود يف األثر أكرب له كان والذي ،املرتل الدين لتعاليم السياسي اخلطاب مبادئ يف متثلت اليت القوة

،عدل من الفترة تلك يف السياسي الوضع عليه كان ملا ،الصحابة أيدي على حتقق اليت الفتوحات يف صمودها مث ،الردة

الذي هو الراسخ األساس هذا فكان ،السماوية ومبادئها الدولة هذه سبيل يف يضحون الفاحتني لتجع ،وشورى ،وحرية

جديدة وهنضة دولة تقوم أن ميكن فال ،طويلة قرونا سقوطها دون وحال ،االحنراف طروء بعد الدولة صمود على ساعد

عليه تقوم أساسا يكون أن املؤول ياسيالس للخطاب ميكن ال إذ الراشدي؛ السياسي اخلطاب مبادئ إىل الرجوع دون

!جديدة؟ وهنضة دولة

بيربس والظاهر ،امللك ونظام ،تاشفني بن ويوسف ،األيويب الدين صالح كجهود اإلصالحية اجلهود مجيع فشلت لقد

على هناشئو يف األمة يشرك أن منهم أحد يستطع مل إذ كربى؛ هنضة حتقيق إىل سعوا الذين ،والوزراء امللوك من وغريهم

لقد حىت الدولة هذه بناء أجل من تعمل كلها األمة كانت حيث الراشدين؛ واخللفاء النيب عصر يف كان الذي النحو

نفخ كأمنا فكانوا الرأي؛ ومشاركته ،الدولة هذه تأسيس يف النيب مع طوىل يد الصحراء يف كانوا الذين لألعراب كان

إال ،الراشدي والعصر النبوي العصر تاريخ على للمطلع ميكن وال ،فريد منط على جديد من فولدوا ،روحه من فيهم اهللا

هم فإذا ،وأعراهبا ونسائها برجاهلا األمة هذه يف الروح نفخ على ،بعده واخللفاء ،النيب قدرة من حائرا يقف أن

قبل وحقوقهم وجمدهم هم حريتهم أجل ومن ،بعده من اخللفاء دولة وال ،النيب دولة ال هم دولتهم أجل من يعملون

.غريهم

من ترك ماال : (وكان يقول) إنه ليس يل من هذا املال إال اخلمس واخلمس مردود عليكم( :يقول النيب كان وهلذا

يرتل مل ما شئوهنم من شأن كل يف) الناس أيها علي أشريوا(: وكان يقول) فلورثته ومن ترك دينا أو كال فإيل وعلي

.الوحي

ذلك وكل) أمركم عرفاؤكم إلينا يرفع حىت فارجعوا يرض مل ممن منكم رضي من ندري ال إنا الناس يهاأ: (يقول وكان

.فيه له ملصلحة ال هم أجلهم من هو به يقوم ما كل بأن يشعروا وأن ،شئوهنا يف األمة إشراك على النيب حرص يؤكد

 

73  

لتحقيق كاف وحده العدل أن وظنوا إليه يلتفتوا ومل ،ذلك بعد واملصلحني ،واخللفاء ،امللوك كل به يقم مل ما وهذا

.النهضة

،املسلمني عقائد إصالح يف كبريا جناحا وجنحت ـ املرحلة هذه آخر يف ـ عبدالوهاب بن حممد اإلمام دولة قامت لقد

حيث األمة؛ ةوسياس اإلمامة باب يف الراشدون اخللفاء عليه كان ما إىل العودة يف فشلت أهنا إال ،الدين معامل وجتديد

فجاءت ـ احلنبلي باملذهب منها التزاما ـ السلطانية األحكام كتب يف جاء كما املؤول السياسي باخلطاب التزمت

،حمددة طبقة يف حمصورة أو غائبة الشورى وظلت ،وراثة اإلمامة فظلت ،العباسية أو األموية الدولة منط على دولة

عند وسقطت ،الضعف عليها طرأ ما سرعان وهلذا حوهلا؛ جيري عما ائبةغ ،األحداث جمريات عن بعيدة األمة وظلت

.الردة حروب يف الصديق بكر أيب عهد يف حدث ما خالف على عنها الناس وختلى ،خارجي عدو مع مواجهة أول

جعل من اإلمامة؛ باب يف الراشدين اخللفاء سنن وإحياء السياسي اخلطاب بتجديد اإلصالحية احلركة هذه قامت ولو

املال بيت وجعل ،دوهنا أمر قطع وعدم ،شئوهنا مجيع يف األمة وإشراك ،يرضونه من ليختاروا املسلمني بني شورى األمر

احلركة هذه قيام لكان: عمر فعل كما شئوهنا صالح فيه ما األخرى األمم من واالقتباس إخل،...ومراقبتها إشرافها حتت

يكن فلم ،حيدث مل ذلك أن غري ،احلياة جماالت جلميع مشولية هنضة ولكانت ،دةاجلدي اإلسالمية النهضة عصر بداية هو

الفترة تلك يف العامل يف الكربى االجتماعية احلركات من ملثيالهتا كان ما واحلضاري والفكري السياسي األثر من هلا

.أوربا يف الفرنسية كالثورة

الطوائف من االضطهاد الديين بني ،ما وصل إليه احلال يف أورباإىل تصل هذا إال أن األوضاع يف العامل اإلسالمي مل

إليه وصل ما إىل فيها اإلنسان حقوق ومل يصل انتهاك والكاثوليك، الربتستانتبني كما االستئصال، حد إىل املسيحية

صانتها اليت واحلريات قاحلقو من األدىن احلد على حمافظا املؤول يف املرحلة الثانية السياسي اخلطاب إذ ظل احلال هناك؛

والظلم االستبداد شيوع دون حال ،والفقهاء بالقضاء املتمثلة والتشريعية القضائية السلطة استقالل أن كما الشريعة؛

.حمفوظة وحرياهتم األفراد حقوق فكانت ،الشريعة على قائما الناس بني القضاء ظل إذ أوربا؛ يف شاع الذي النحو على

.اليت حتتاج إىل دراسة تفصيلية) العادل املستبد( بظاهرة حلةاملر هذه متيزت وقد

يف هذه املرحلة العادل املستبد ظاهرة

 

74  

حتقيق دون بالسلطة واالستئثار السياسي االستبداد لحي فلم )العادل املستبد(ظاهرة اإلسالمي الشرق يف برز لقد

مل ما أحد هلا يتعرض مل اليت ،املعارضة السياسية يةالفكر األحزاب وجودو ،وحرياهتم ،األفراد حقوق وصيانة ،العدل

.السلطة إلسقاط القوة تستخدم

الناس يف وأحسن ،العافية فأحب ،الكوفة على واليا ،شعبة بن املغرية وبعث ،معاوية قدم( :الطربي جرير ابن قال

رأي يرى فالنا وإن ،الشيعة رأي يرى فالنا إن: له فيقال يؤتى وكان ،أهوائهم عن األهواء أهل يفتش ومل ،السرية

..)..الناس نهفأم خيتلفون فيه كانوا فيما عباده بني اهللا وسيحكم ،خمتلفني تزالون أال اهللا قضى: يقول وكان ،اخلوارج

عقد يكن مل ما ،الغرمة كل منكم حنتمل إنا الناس أيها( :فقال) هـ٧٥(سنة احلج يف مروان بن عبدامللك خطب وقد

).منرب على بوثو أو ،راية

سرا البيعة يأخذ وأنه ،طالب أيب بن عقيل بن مسلم خرب) هـ٦٠(سنة الكوفة أمري وكان بشري بن النعمانبلغ وقد

:خطيبا فقام ،علي بن للحسني

،رجالال يهلك فيهما فإن ،والفرقة الفتنة إىل تسارعوا وال ،اهللا عباد اهللا فاتقوا ،بعد أما: قال مث ،عليه وأثىن اهللا فحمد(

على أثب وال ،يقاتلين مل من أقاتل مل إين: قال العافية ـ حيب ناسكا حليماوكان - ،األموال وتغصب ،الدماء وتسفك

صفحتكم أبديتم إن ولكنكم ،التهمة وال ،الظنة وال ،بالقرف آخذ وال ،بكم أحترش وال ،أشامتكم وال ،علي يثب ال من

يل يكن مل ولو ،يدي يف قائمه ثبت ما بسيفي ألضربنكم غريه إله ال الذي واهللاف ،إمامكم وخالفتم ،بيعتكم ونكثتم ،يل

.الباطل يرديه ممن أكثر منكم احلق يعرف من يكون أن أرجو إين أما ،ناصر منكم

إن ،الغشم إال ترى ما يصلح ال إنه: فقال ـ أمية بين حليفـ احلضرمي سعيد بن مسلم بن اهللا عبد إليه فقام: قال

إيل أحب ،اهللا طاعة يف املستضعفني من أكون أن: فقال رأي املستضعفني؛ عدوك وبني بينك فيما عليه أنت لذيا هذا

)!نزل مث اهللا؛ معصية يف األعزين من أكون أن من

عبد بن سليمان وصف فقد واإلنصاف والعدل؛ ،والفضل الصالح أهل من وملوكه اإلسالم خلفاء أكثر كان كما

،ومستشاره وزيره العزيز عبد بن عمر جعل وقد ،الرعية يف السرية حسن ،للعدل مؤثرا كان بأنه) هـ99 ت( امللك

وبذل ،األسرى وإطالق ،السجون أهل وإخراج ،يوسف بن احلجاج نواب بعزل عليه أشار وقد ،عهده ويل مث

. احلجاج حاربوا الذين العراق ألهل األعطيات

.العزيز عبد بن عمر توليته يف خبري واختتمها ،خبري خالفته افتتح اهللا، رمحه: سريين بن حممد التابعني إمام عنه قال وقد

 

75  

.باملعروف ويأمرونه باحلق يصدعونه العلماء وكان

الناس رءوس يوما مجع وقد...( :كثري ابن قال ،السرية وحسن بالعدل املثل فضرب العزيز عبد بن عمر بعده حكم مث

إن مث: قال كذلك، وعمر بكر أبو وليها مث ،اهللا أراه حيث يضعها اهللا رسول بيد كانت فدك إن: فقال فخطبهم

وقد ،منها أغلى أرده شيء مايل من يكن ومل ،نصيبهما وسليمان الوليد ووهبين ،نصيب منها يل فحصل ،أقطعها مروان

املال بيت إىل فردها أمية بين من اعةمج بأموال أمر مث ...،اهللا رسول زمان يف عليه كانت ما على املال بيت يف رددهتا

ذي كل إىل وصرف ،املظامل رد حىت ـ قصرها مع ـ واليته مدة يف ـ اهللا رمحه ـ اجتهد وقد ...املظامل أموال اهاومس

.)هؤالء من كال أغىن حىت اليتامى أين املساكني؟ أين الناكحون؟ أين الغارمون؟ أين: ينادي مناديه وكان ،حقه حق

.الظلم من وكثريا عبدامللك بن الوليد اخلليفة بني لحيو وكان

).العقوبة يف خيطئ أن من خري ،العفو يف خيطئ أن الوايل فإن ،شبهة كل يف استطعتم ما احلدود ادرءوا(: وكان يقول

م إذا وأن يرد ماهل ،أو يقطعوا السبيل ،ويأخذوا األموال ،وقد منع أن يتعرض أحد للخوارج ما مل يصولوا على الناس

!وكانوا يدخلون عليه داره فيجادهلم مث خيرجون آمنني ،وال يقتل جرحيهم ،وأن ال يتبع مدبرهم ،اهنزموا

وإقامة ،الرعية يف سرية اخللفاء أحسن من )هـ125ـ هـ105(سنة عبدامللك ـ ويل اخلالفة من بن وكان هشام

مجعت: (علي بن عبداهللا قال كما العباسيون اعتمد نهدواوي وعلى ،الدماء لسفك وكراهية ،املال لبيت وحفظا ،للجهاد

نظرا أشد أمية بين من أحد يكن مل: (املؤرخون وقال) هشام ديوان من والسلطان للعامة أصلح أر فلم ،أمية بين دواوين

سئل فلما بالبخل وصف حىت اللباس قليل وكان) هشام من عنهم الفحص يف مبالغة أشد وال ،دواوينه و أصحابه يف

).لكم هو فإمنا وصونه املال هذا مجعي من ترون أما: (قال ذلك عن

،فأبوا ليطلقوه فيه فكلمهم يظلم ذميا ـ أمية بين عصر يف التابعني علماء من ـ التميمي عبداهللا بن عامر رأى وقد

)!!!نهمم وخلصه عليه رداءه فألقى ،شاهد وأنا رسوله وذمة اهللا ذمة تظلمون ال ،واهللا كذبتم: فقال

نقض وأراد ،عصره علماء الشام العباسي أمري علي بن صاحل بن امللك عبد فاستشار حدثا، قربص أهل أحدث وقد

تعاىل اهللا فإن عليهم، احلجة تتجه حىت ومنابذهتم عهدهم بنقض أال تعجل أرى: (أنس بن مالك إليه فكتب الصلح،

.}مدهتم إىل عهدهم فأمتوا إليهم{: يقول

هبرية ابن فسأل ،ومجاعة ،البصري واحلسن ،سريين بن حممد – أمية بين عهد يف العراق أمري – هبرية ابن ىاستدع وقد

!فاشيا فيها الظلم تركت: البصرة ـ فقال ـ أي تركت؟ من كيف: سريين ابن

 

76  

فجئت ببلدنا اجلور ظهر( :فقال شاكيا بغداد يف املنصور جعفر أيب إىل األفريقي زياد بن عبدالرمحن أفريقيا قاضي وجاء

)!دارك من خيرج اجلور فإذا أعلمك

ملن إال تتعرض السلطة تكن فلم !السياسي؟ االستبداد مع الفترة هذه يف السلطة نقد يف السياسية احلرية مدى يؤكد مما

.والكلمة الرأي أصحاب دون بالسيف عليها خيرج

اخلروج العلماء من كثري فاستجاز ،من اجلزية فرارا مأسل عمن اجلزية إسقاط يرى ال أمية بين خلفاء بعض كان وقد

!السبب هلذا عليهم

شرطة وصاحب ،الئم لومة اهللا يف تأخذه ال قاض( :بأربعة إال امللك يستقيم ال: يقول العباسي املنصور جعفر أبو وكان

خبرب يكتب بريد وصاحب ،غين ظلمها عن فإين الرعية يظلم وال يستقصي خراج وصاحب ،القوي من الضعيف ينصف

).الصحة على هؤالء

).باملال إال ذلك يدوم وال ،بالعدل إال البالد وال ،بالطاعة إال الرعية وال ،بالتقوى إال السلطان يصلح ال: (يقول وكان

ويؤمن ،بعض من بعضهم فينصف يف أحكامهم ينظر من هلم أقيم إذا: خالل ثالث إىل العامة حتتاج إمنا: (يقول وكان

)!!عدو جييئهم ال حىت ثغورهم ويسد ،هنارهم وال ليلهم يف خيافوا ال حىت ،سبلهم

.سنة عشرين من حكم أكثر وقد ،الرعية يف وعدل ودين صالح مع مستبدا حازما شجاعا كان وقد

،والفضل العلم أهل من وكان )هـ١٦٩ – هـ١٥٨(سنة من املهدي حممد بن اهللا عبد بن حممد ابنه بعده حكم مث

لكل كفايتهم حبسب املال بيت من أرزاقا هلم أجرى بل !شيئا منها ومواليه بيته أهل يعط ومل الناس على األموال قفر

.شهر كل يف مخسمائة واحد

فأطلق ،األرض يف باإلفساد معروفا أو ،وحق مظلمة عليه أو ،دم عليه كان من إال السجن يف كان من كل بإطالق وأمر

)!!!.ةالسياسي املعارضة قادة

وكان ،يكفيهم ما عليهم ينفق وأن ،الدولة أطراف مجيع يف واجملذومني املساجني مجيع على األرزاق تجرى أن وأمر

.للرعية حمببا السرية حسن

 

77  

وأكثرهم ،بالرعية سرية امللوك أحسن من وكان) هـ١٩٣ ـ هـ١٧٠(سنة املهدي بن الرشيد هارون اخلالفة ويل مث

الثغور يف األموال وقسم قبله يقم مل ما الصناعات من أقام وقد ،الدولة وشئون ،والعلماء بالعلم عناية وأكثرهم ،غزوا

.ومحاها والسواحل

قال ،الرعية يف السرية حسن ،حازما عاملا وكان )هـ٢١٨ ـ هـ١٩٨(سنة الرشيد هارون بن اهللا عبد املأمون وويل

.)والفصل الناس بني احلكم بنفسه ويتوىل العدل يتحرى كان: (كثري ابن

والقهر؟ بالقوة أم ،عليه واتفاقها األمة باجتماع أهو: اخلالفة توليه عن اخلوارج من رجل سأله وقد

حمتاج أين علمت إيل األمر صار فلما – الرشيد هارون –يل عقد من املؤمنني أمر يتوىل كان بل ،هبذا وال هبذا ال: فقال

،اإلسالم حبل اضطرب األمر عن ختليت مىت أين فرأيت ،يب الرضا على والغرب الشرق يف املؤمنني كلمة اجتماع إىل

رجل على جيمعوا أن إىل للمسلمني حياطة فقمت ،السبل وانقطعت ،واحلق اجلهاد وبطل ،وتنازعوا عهدهم ومرج

!األمر من له خرجت رجل على اتفقوا فمىت األمر إليه فأسلم ،يرضونه

أجل لكان القرآن خلق بفتنة قيامه ولوال ،العلماء كبار من يعد ،النفس فقيه ،السرية حممود ،لبالعد أمارا: املأمون وكان

.اإلطالق على العباس بين خلفاء

وعناية عالية مهة ذا شهما وكان ،طريقته على فسار )هـ٢٢٧ ـ هـ٢١٨( سنة باهللا املعتصم حممد أخوه بعد ويل مث

.والفتوح باجلهاد

.مدته تطل ومل السرية مرضي يكن فلم لواثقا ابنه بعد ويل مث

،فيها السرية حسن الرعية إىل حمببا رحيما كرميا وكان) هـ ٢٤٧ـ هـ ٢٣٢(سنة املعتصم بن جعفر املتوكل ويل مث

وأنا ،لتطيعها الرعية على تتعصب اخللفاء إن( : يقول وكان ،فيها اخلوض عن بالكف وأمر ،األمة عن الفتنة رفع وقد

.)ويطيعوين ليحبوين مهل ألني

اهللا حبمد خالفة وكانت: (كثري ابن قال )هـ٢٥٥(سنة املعتصم بن الواثق بن حممد باهللا املهتدي بعده اخلالفة ويل وقد

).احلاجة مستهم فإهنم إلخويت إال ذلك على فضال أريد ال، فقط القوت إال أريد لست: لألمراء يوما قال ،صاحلة

.بالعدل بينهم يقضي للعامة وجلس ،املنكر عن وينهى باملعروف يؤمر وأن ،املظامل برد أمر وقد

.)عبادة وأكثرهم وأظهرهم ورعا، طريقة، وأمجلهم مذهبا، اخللفاء أحسن من: (البغدادي اخلطيب وقال

 

78  

أخوه عهده ويل وكان )هـ 279ـ هـ ٢٥٦(سنة من املعتصم بن املتوكل جعفر بن أمحد اهللا على املعتمد ويل كما

عنه قال ،الدولة شئون يف والعقد احلل وإليه ،املدة هذه طوال املتصرف هو الناصر وكان ،املوفق اهللا لدين ناصرال

على ، استوىلالناس إىل حمببا وكان ،رأيا وأجودهم ،نفسا وأمسحهم ،قلبا وأشجعهم ،رأيا امللوك أجل من كان: (الذهيب

.)ودهائه حزمه يف املنصور جعفر يببأ يشبهونه وكانوا اجليوش، له وانقادت األمور،

وكان ،الظامل من املظلوم فينصف ،القضاة وعنده ،للمظامل جيلس ،التدبري حسن ،العقل غزير كان: (كثري ابن عنه وقال

).كثرية ومآثر حماسن وله ،امللك وسياسة والفقه باألدب عاملا

ابن قال )هـ ٢٨٩ ـ هـ 279(سنة من املعتمد عمه اةوف بعد الناصر املوفق بن أمحد باهللا املعتضد اخلالفة ويل مث

).وجرأته وشهامته بعدله يديه على اهللا فأحياه داثرا اخلالفة أمر كان: (كثري

الظلم ورفع العدل ونشر – الضرائب – املكوس أسقط وقد والرخاء األمن كثرية طيبة أيامه كانت: (الذهيب عنه وقال

...)!الرعية عن

اخلارجون فيها يوضع اليت املطامري هدم وقد) هـ ٢٩٥ ـ هـ ٢٨٩(سنة علي باهللا املكتفي ابنهه دبع اخلالفة ويل مث

!الناس فأحبه السرية وأحسن إليهم الناس أمالك ورد ،مساجد وصريها السلطة على

وفيه ،كرميا كان: (كثري ابن قال )هـ ٣٢٠ـ هـ ٢٩٥(سنة من املعتضد بن باهللا املقتدر جعفر أخوه بعده ويل مث

،عباس بين من األوائل زمن يف عليه كانت ما إىل والكلف واألرزاق الرسوم ورد ،تطوعا والصوم الصالة كثري ،عبادة

)!الطرقات املسلمني على ليوسع هبدمها فأمر أبنية له بنيت قد وكان ،إطالقهم جيوز الذين احلبوس أهل وأطلق

األربعني يبلغ ومل تويف إذ سنه لصغر وذلك ،عزل الوزراء وكثرة ،نساءال وطاعة ،باألموال والتفريط التبذير عليه وعيب

.مدته طول مع

للراضي كان: (البغدادي قال) هـ ٣٢٩ـ هـ ٣٢٢(سنة املعتضد بن باهللا املقتدر بن أمحد باهللا الراضي اخلليفة وويل

اجليوش بتدبري انفرد خليفة روآخ ،مدون شعر له خليفة آخر أنه فمنها ،عدة بأمور اخللفاء وختم ،كثرية فضائل

).اجلمعة يوم منرب على خطب خليفة وآخر ،واألموال

امسه على وكان ،باهللا املتقي ألخيه عقد البيعة على فاتفقوا ،والعقد احلل أهل من واألعيان القضاة وفاته بعد اجتمع وقد

...))هـ333(سنة لعخ إذ خالفته مدة تطل ومل متقشفا زاهدا ،والعبادة والصالة الصيام كثري

 

79  

،بويه بين ملوك أول وهو )هـ338ـ هـ322(سنة من شرياز ملك الدولة عماد بويه بن علي العصر هذا أمراء ومن

أمري باسم خياطبونه اخللفاء وكان ،أقرانه دون السبق قصب وحاز ،زمانه يف امللوك خيار من كان: (كثري ابن عنه قال

).نفسه يف رئيسا السرية محيد اذقاح عاقال كان: (عنه وقال ،املؤمنني

وقورا حليما كان: (كثري ابن عنه وقال) هـ ٣٦٦ ت( أبيه بعد شرياز ملك بويه بن علي بن الدولة ركن أيضا ومنهم

.)الرعية على وحنو ورياسة عشرة وحسن وكرم وإيثار بر فيه للعلماء، حمبا الصدقات كثري

هـ٣٠٠(سنة من حكم األندلس، اخللفاء على أول األموي، الرمحن عبد هللا لدين الناصر أيضا الفترة هذه أمراء ومن

.جماهدا ناسكا عاملا وكان )هـ٣٥٠ـ

بالفقه عاملا امللوك وعلمائهم، خيار من وكان( )هـ٣٦٦ـ هـ٣٣٨(سنة من باهللا املستنصر ابنه بعده وحكم

).للعلماء حمبا والتاريخ، واخلالف

من وولداه ،عامر أيب بن حممد وزيره املنصور الدولة شئون يف فقام صغريا وكان املستنصر، نب باهللا املؤيد ولده بويع مث

.سنة ٢٦ مدة والناصر املظفر بعده

.)األعداء وغزوا فيهم، وعدلوا جيدا، الرعايا فساسوا: (كثري ابن قال

).هبم والرفق الرعية إىل السرية واإلحسان حسن كان( ،األندلسي عباد بن املعتمد العصر هذا ملوك من وكان

.تاشفني بن يوسف اجملاهد األندلس بعده وملك

ومات ،صقلية مدينة الفرنج ملكت وفيها( :كثري ابن قال ،الفرنج ملوك هبم تشبه أن اإلسالم ملوك عدل من بلغ وقد

.)املسلمني إىل إلحسانا من منه ظهر ملا ،منهم كأنه حىت ،املسلمني امللوك سرية الناس يف فسار ولده وقام ،ملكهم

تويف امللك العادل نور الدين حممود بن زنكي السلجوقي؛ وكان حنفي املذهب؛ حيب الفقراء )هـ569(ويف سنة

ويعقد جمالس العدل ويتوالها بنفسه؛ وقد ،واتباع الشرع املطهر ،وكان يقوم يف أحكامه باملعدلة احلسنة ،ويكرمهم

ببالده أظهر( :كثري ابن قال دن اليت استولوا عليها يف الشام،هم وفتح املوجاهد الفرنج وهزم )هـ541(حكم سنة

على حمافظا ،النبوية لآلثار متبعا ،...عديدة مرارا الفرنج وكسر ،احلصون وفتح ،احلدود وأقام ،البدعة وأمات ،السنة

وعياله نفسه على اإلنفاق يف دامقتص ،والفرج البطن عفيف ،اخلريات لفعل حمبا ،التالوة كثري ،اجلماعات يف الصلوات

 

80  

بعد يكن مل: األثري ابن قال ،وقورا صموتا رضى، وال غضب يف قط، كلمة فحش منه يسمع ومل ،...وامللبس املطعم يف

)....منه واإلنصاف للعدل حتريا أكثر وال الدين، نور امللك مثل العزيز عبدب عمر

املظامل، فيكشف بنفسه، وخياطبهم الناس ويستفهمهم يكلم ، فكان...للعدل دارا ابتىن من أول وهو: األثري ابن قال

إمنا: هلم ويقول ،منهم أخذه كان مما حل يف منهم ليكون الناس إىل الدين نور كتب، ...الظامل من املظلوم وينصف

!وأوالدكم ونسائكم بالدكم عن والذب الكفرة من أعدائكم قتال يف ذلك صرف

.منه أثبت وال أشجع قط فرس ظهر على ير إنه مل: فيقال شجاعته وأما

ذلك، يل يتفق فلم مرة غري للشهادة قد تعرضت: يقول وكان يضرب املثل به بذلك، ،احلرب يف صبورا شجاعاوكان

.بالنية األعمالو قيمة لرزقنيها، اهللا عند ويل خري يف كان ولو

معك، من مجيع قتل قتلت لو فإنك ختاطر بنفسك، ال ن،السلطا موالنا يا باهللا: النيسابوري الدين قطب يوما له وقال

.املسلمني حال وفسد البالد، وأخذت

قبلي والبالد الدين حيفظ من كان حممود؟ هو ومن اهللا، على أدب إساءة قولك فإن الدين، قطب يا اسكت: له فقال

.)اهللا رمحه ،حاضرا كان من فبكى: قال حممود؟ هو ومن هو؟ إال إله ال الذي غري

،...مدينة ومخسني نيفا الكفار أيدي من ـ تعاىل اهللا رمحه ـ زنكي بن حممود الدين نور استرجع...: (اجلوزي ابن قال

).وأشهرا سنة وعشرين مثان واليته وكانت بالنيات، واألعمال ،املنية فوافته املقدس، بيت فتح على عزم قد وكان

وابتدأ ،أمرها واستقام وحكمها ،الشام إىل )هـ570(سنة مصر من الدين صالح فسار ،األمور اضطربت موته بعد مث

مع اليمن أقصى إىل والشام مصر من دولته وامتدت ،الصليبني مواجهة يف زنكي الدين نور هبا قام اليت الفتوح إكمال

.وأطرافها واحلرمني اجلزيرة

.القدس هذه السنة فتح مت مث ،لصليبنيا الدين صالح فيها هزم اليت الشهرية حطني وقعة كانت )هـ583(سنة ويف

وحترير أرض اإلسالم؛ ،بعد أن قضى حياته يف جهاد الصليبني ،تويف السلطان صالح الدين األيويب )هـ589(ويف سنة

،الصلحاء العلماء من وكان ،البيضة ومحاية ،اجلهاد سبيل يف كله ذلك أنفق بل ،خزائنه يف درمها وال دينارا يترك ومل

.املسلمني مبصاحل والقيام ،الدين لشرائع عظيمالت كثري

!بلدا؟ حيكم منهم واحد كل أوالده على الدولة أقاليم قسم وقد

 

81  

.العادل امللك لولده بعده من األمر استقر وقد

الدين والسلطان بعده على دولة بين أيوب صالح أخو ،أيوب بن الدين سيف العادل امللك تويف )هـ615(سنة ويف

امللوك خيار من ،صبورا صفوحا رحيما عادال وكان من أقصى مصر واليمن والشام واجلزيرة ومهدان؛ اليت امتدت

بالء فأبلى ،الدين صالح بعد الفرنج جاهد وقد ،مملكته مجيع يف احملرمات أبطل ،وقورا عاقال دينا ،سرية وأجودهم

مدة وكانت ،والضعفاء واملساكني اءبالفقر رحيما رفيقا وكان ،والصوم والعبادة بالصالح واشتهر ،حسنا

.سنة26حكمه

ودمروا وأحرقوا ،العراق وصلوا حىت ،واحدة سنة يف عليه فسيطروا اإلسالمي املشرق التتار غزا )هـ617(سنة ويف

!وشعوهبم؟ دوهلم محاية عن وملذاهتم ،بشهواهتم املسلمني ملوك انشغال بسبب ،دخلوها بلد كل

ظاملا رعيته يف ،السرية قبيح وكان ،العباسي املستضيء بن أمحد اهللا لدين الناصر اخلليفة دببغدا تويف )هـ622(سنة ويف

!بالعراق؟ التتار وأطمع ،وأمالكهم أمواهلم وأخذ ،البالد يف أهله وتفرق ،العراق زمانه يف بفخر ،هلم

مظامل رد ،حمسنا عادال دينا ،وراوق عاقال وكان ،سنة52 عمره وكان ،أمحد بن حممد الظاهر اخلليفة ابنه بعده وويل

أعدل عبدالعزيز بن عمر بعد يكن مل إنه: قيل حىت ،حسنة سرية الناس يف وسار ،أبوه أحدثها قد مكوسا وأسقط ،كثرية

.مدته طالت لو منه

إن: له فقيل ،فأبطلها ،ببغداد والطاحلة الصاحلة التجمعات أخبار يوم كل اجلواسيس إليه يرفع أن أبيه عادة من وكان

!أستارهم وهتك الناس أحوال كشف من فائدة وأي يصلحهم أن اهللا ندعو حنن: فقال الرعية يفسد التجسس إبطال

عن هبا ليسدد أمواال للقاضي وأرسل ،منهم أخذ ما كل عليهم ورد ،الديوانية بالديون مسجونا كان من كل وأطلق

.األحوال وحسنت العدل سوق وقام ،بزمانه اراألسع ورخصت ،الناس حبقوق الوفاء عن عجزا املسجونني

الطوسي الدين نصري شجع وقد ،املستعصم اخلليفة وقتل !التتار يد يف اخلالفة عاصمة بغداد سقطت) هـ656(سنة ويف

البيت أهل من والسادات والصلحاء العلماء فقتلوا وأهلها؛ اخلليفة ويقتل بغداد ليغزو هوالكو العلقمي ابن والوزير

!نسمة مليوين حنو القتلى عدد بلغ حىت واألطفال اءوالنس

!هلا شبيها اإلسالم أهل على جير ومل اخللق، اهللا خلق أن منذ مبثلها يسمع مل اليت احلادثة وهي

 

82  

على الدائرة وكانت ،قطز الدين سيف اجملاهد مصر وملك التتار بني جالوت عني معركة حدثت )هـ658(سنة ويف

حرمات على غيورا ،واملسلمني لإلسالم حمببا بطال قطز وكان ،منهم حلب واسترد ،أيديهم من لهك الشام وحرر ،التتار

.بيربس الظاهر بعده وحكم ،السنة هذه آخر يف وقتل ،األمور وسدد العدل أقام وقد ،األمة

– ببغداد املقتول تعصماملس عم وهو –العباسي الظاهر اخلليفة بن أمحد باهللا املستنصر بالقاهرة بويع )ـه٦٥٩(سنة ويف

ثالث انقطعت أن بعد للقاهرة اخلالفة انتقلت وهبذا باألمور، وفوضه بيربس للظاهر السلطنة وقلد املسلمني، على خليفة

.بغداد من فرارا مجاعة مع جاء قد سنوات، وكان

كانت اليت املدن واسترجع ،الفتوح فتحو )هـ658(، وقد حكم سنةبيربس الظاهر السلطان تويف )هـ676(سنة ويف

يرى ال وكان ،واملسلمني اإلسالم حياض عن ليذود الفترة هذه يف اهللا أقامه شجاعا وكان ،التتار وهزم ،الفرنج أيدي يف

.كلها حكمه مدة جماهدا متقشفا ،والسريرة السرية حسن وكان ،أزاله إال واملفاسد احملرمات من شيئا

.للعباسيني واخلالفة شاموال املماليك مبصر دولة بعده تتابعت مث

.إلسالم يف أتباعه أكثر ودخل ،قازان ببغداد التتار ملك أسلم )هـ694(سنة ويف

العراق حيكمون املسلمون واملغول الصليبية، ومحالهتم الفرنج ويواجهون ،والشام مصر حيكمون املماليك استمر مث

أول لتقوم اخلالفة؛ عن له العباسي اخلليفة وتنازل ،مصر األول سليم بدخول العثمانية اخلالفة قامت أن إىل ،والشرق

األخطار من اإلسالمية الدولة محاية قرون أربعة طوال العثمانيون اخللفاء واستطاع ،والعرب قريش غري يف خالفة

.اخلارجية

احلضارة راستمرا أسباب أحد تعد اليت ،املرحلة هذه يف )العادل املستبد( ظاهرة بروز يؤكد ذكره سبق ما وكل

إذ ،اإلسالم تاريخ من الطويلة الفترة هذه يف وامللوك اخللفاء عن يشاع ما بطالن كشف كما واستقرارها؛ اإلسالمية

التاريخ أن من اليوم املعاصرين الكتاب بعض يدعيه كما ال ،والعدل والصالح والفضل العلم أهل من أكثرهم أن ثبت

!واإلسالمي؟ العريب للعامل الغريب باالستعمار بدأت احلديثة النهضة نوأ ،واضطهاد ودموية ظلم كله اإلسالمي

كوجوب املرتل، األول السياسي اخلطاب يف الرئيسة املبادئ بعض على املؤول السياسي الفقهي اخلطاب حافظ لقد

قال كما ،اإلمام واجبات وأوىل ،السلطة مهمات أوىل من األصل صيانة هذا إذ ، ومحاية األمة وامللة؛الشريعة إقامة

:اإلمام على جيب فيما املاوردي

:أشياء عشرة األمور من يلزمه والذي(

 

83  

له أوضح ،عنه شبهة ذو زاغ أو مبتدع جنم فإن األمة؛ سلف عليه أمجع وما ،املستقرة أصوله على الدين حفظ: أحدها

.زلل من ممنوعة واألمة خلل من روساحم الدين ليكون واحلدود؛ احلقوق من يلزمه مبا هوأخذ ،الصواب له وبني احلجة

يضعف وال ظامل يتعدى فال ،النصفة تعم حىت ،املتنازعني بني اخلصام وقطع ،املتشاجرين بني األحكام تنفيذ: الثاين

.مظلوم

أو بنفس تغرير من آمنني األسفار يف وينتشروا ،املعايش يف الناس ليتصرف ،احلرمي عن والذب البيضة محاية: الثالث

.لما

.واستهالك إتالف من عباده حقوق وحتفظ ،االنتهاك عن تعاىل اهللا حمارم لتصان ،احلدود إقامة: الرابع

فيها يسفكون أو ،حمرما فيها ينتهكون بغرة األعداء تظفر ال حىت الدافعة؛ والقوة املانعة بالعدة الثغور حتصني: اخلامس

.دما معاهد أو ملسلم

الدين على إظهاره يف تعاىل اهللا حبق ليقام الذمة؛ يف يدخل أو يسلم حىت الدعوة بعد ماإلسال عاند من جهاد: السادس

.كله

.عسف وال خوف غري من ،واجتهادا نصا الشرع أوجبه ما على والصدقات الفيء جباية: السابع

.تأخري وال فيه تقدمي ال وقت يف ودفعه ،تقتري وال سرف غري من ،املال بيت يف يستحق وما العطايا تقدير: الثامن

األعمال لتكون ،األموال من إليهم ويكله ،األعمال من إليهم يفوض فيما النصحاء وتقليد األمناء استكفاء: التاسع

.حمفوظة باألمناء واألموال ،مضبوطة بالكفاءة

التفويض على عولي وال ،امللة وحراسة األمة بسياسة لينهض األحوال؛ وتصفح ،األمور مشارفة بنفسه يباشر أن: العاشر

األمني خيون عبادة، فقد أو بلذة تشاغال

فيضلك اهلوى تتبع وال باحلق الناس فاحكم بني األرض يف خليفة جعلناك إنا داود يا{: اهللا قال وقد الناصح، ويغش

.}اهللا سبيل عن

الطاعة: حقان عليهم له ووجب ،موعليه هلم فيما تعايل اهللا حق أدى فقد ذكرناه مبا اإلمام قام وإذا( :املاوردي قال مث

.)إخل …بدنه يف نقص والثاين عدالته، يف جرح أحدمها: شيئان حاله به يتغري والذي حاله يتغري مل ما ،والنصرة

 

84  

،بذلك تتعطل ال وأهنا ،اإلمام عجز عند الواجبات ببعض األمة قيام وجوب على كثرية صور يف الفقهاء نص :ةوقف

فإن ،إذن فيه يشترط وال ،ذلك استطاع مسلم كل على عني فرض واألمة الدولة عن الدفع دجها أن على أمجعوا وهلذا

.إخل...ملن قدر على نصرته ،وكذا نصرة املظلوم مسلما كان أم ذميا ،يتعطل مل وإال اجلهاد بأمر قائما اإلمام كان

شروطها وأعظم والسلطنة اإلمامة رأم مالك أن وعندي( :اإلمام نصب مقاصد موضحا )الغمام وبل( يف الشوكاين قال

إذا املسلمني عن الدفع من ومتمكنا ،الظاملني من املظلومني وإنصاف ،السبل تأمني :على قادرا يكون أن ؛أركاهنما وأجل

للدعة مؤثرا مبالذه مشغول وال ،عاجز وال متثبط وال ،ذلك عن متقاعد غري ،باغ أو كافر كجيش ،خيافونه أمر دمههم

الذي هو األمر هذا بل خمالفته؛ وحرم طاعته اهللا أوجب الذي السلطان فهو املثابة هبذه السلطان كان فإذا سكون؛وال

من أكثر أو شرط نقص اإلمام يضر وال الدين؛ مهمات أعظم من ذلك وجعل ،والسالطني األئمة نصب له اهللا شرع

ملطالعة مؤثر ،سبحته ممسك مصاله يف قاعد إمام يف حاجة للمسلمني فليس ذكرناه؛ مبا قائما كان مهما ،ذكروا شروط

يأكل واملسلمون ،واألموال املاء سفك عن متورع ،مشكالهتا يف مصنف ،عصره لطلبة فيها مدرس ،العلمية الكتب

اإلمامة من حيصل مل هكذا كان إذا األمر فإن وضيعهم؛ شريفهم ويضطهد ،ضعيفهم قويهم ويظلم ،بعضا بعضهم

!)أهل العلم من األفراد إال يعقله ال الكالم وهذا له؛ شرعتا الذي األعظم األهم وجود لعدم شيء والسلطنة

وسفك ،أمواهلم بنهب ،بعضهم أو مجيع املسلمني على بغى رجل إما: رجلني أحد والباغي( :الغمام وبل يف أيضا وقال

عن هلم الدفع كان جيش هلم اجتمع وإذا العزيز، هكتاب يف مذكورة حدودا اهللا له جعل قد فهذا حرمهم، وهتك ،دمائهم

من إمام على بغى وإما رجل ،املنكر عن والنهي باملعروف األمر واجبات أوجب من واملسلمني الدين انتهاك حرمات

بنص مقاتلته جتب فهذا كثريا، أو قليال كانوا طاعته سواء حتت ودخوهلم عليه كلمتهم اجتماع بعد املسلمني أئمة

زعمه باغيا كونه عن خيرجه وال] ٩: احلجرات[} تبغي اليت فقاتلوا األخرى أحدامها على بغت فإن{ :الكرمي آنالقر

الناس وأمر جاء من عنق قد أمر بضرب النيب ألن ،له املسلمني من ثلة متابعة وال أهنض، أو أصلح أنه أو بأنه إمام

نفسه من أظهر أو بواح، كفر هو ما األول من ظهر نعم إذا ،الصحيح يف ذلك ثبت كما كلمتهم تفريق وأراد جمتمع

).باغيا الثاين يكن مل قريبا، قدمناه ما وهو اإلمامة أمور من األعظم والركن األهم األقدم هو مبا القيام عن العجز

العترة من الصاحل السلف من خرج من على حيط أن ملسلم ينبغي ال( :)األخبار منتقى شرح األوطار نيل( يف وزاد

بعدهم جاء ممن مجاعة من رسوله لسنة وأطوع هللا أتقى وهم ،منهم باجتهاد ذلك فعلوا فإهنم اجلور؛ أئمة على وغريهم

السبط احلسني بأن حكموا حىت الباب أحاديث على اجلمود يف وافقهم ومن العلم أهل بعض أفرط ولقد العلم؛ أهل من

 

85  

منها تقشعر مقاالت من للعجب فيا معاوية بن يزيد املطهرة الشريعة حلرم اتكاهل على باغ ـ وأرضاه عنه اهللا رضي ـ

!)!اجللود

حبسب األمة شئون يف تصرفاته بأن تكون اإلمام، صالحيات تقييد على النظرية الناحية من اخلطاب هذا حافظ كما

وتولية األصلح القاضي عزل ماملإل ليسف، هواه على يتصرف أن لإلمام فليس هلا، واألصلح واألكمل األحسن حتقيق

دونه؛ إذ تصرفات اإلمام على الرعية منوط باملصلحة؛ وعزل القاضي األصلح على خالف املصلحة؛ فال ينفذ هو من

يف كتابه اخلراج الذي ألفه للرشيد حمددا صالحيات اإلمام وأن ـ الرشيد هارون قاضيـ ،يوسف أبو قال عزله وقد

فهذا مبرتلة الغاصب غصب واحدا وأعطى ،إن أخذ الوايل من يد واحد أرضا وأقطعها آخر( :تصرفه منوط باملصلحة

وال خيرج من يده من ذلك شيئا إال حبق ،آخر؛ فال حيل لإلمام وال يسعه أن يقطع أحدا من الناس حق مسلم وال معاهد

).جيب له عليه؛ فيأخذه بذلك الذي وجب له

الفقهاء بني اتفاق حمل وهذا اخلاصة؛ دون العامة املصلحة حبسب إال طمر أو حبفر لألهنار يتعرض أن لإلمام ليس وكذا

.املذاهب مجيع من

مجيع يف الفقه كتب ذلك فصلت وحرياهتم؛ كما األفراد حقوق حلماية العدلية الضمانات على اخلطاب هذا حافظ كما

.والقضاء والدعاوى املعامالت أبواب

هارون الرشيد يف بيان الضمانات العدلية اليت يلزم اإلمام والوايل العمل هبا ومن إىل ،وقد كتب أبو يوسف القاضي

:ذلك

حتت اعترافه أو بإقراره يؤخذ وال إدانته تثبت حىت براءته األصل إذ معنويا؛ أو ماديا املتهم تعذيب أو حبس حظر-1

.اإلكراه وال حيبس

فال ينبغي أن يعزز بالضرب والتوعد والتخويف؛ فإن من ،ذلكومن ظن أو توهم عليه سرقة أو غري : (قال أبو يوسف

.)وقد فعل ذلك به؛ فليس إقراره ذلك بشيء وال حيل قطعه وال أخذه مبا أقر به ،أقر بسرقة أو حبد أو بقتل

يف جيب بسرقة ومن أقر: (يوسف أبو قال: (، قال أبو يوسفاعتبار رجوع املقر عن إقراره شبهة تدرأ عنه احلد-2

.)عنه احلد درئ اإلقرار، عن فرجع زنا، حد أو مخر شرب أو احلد لهامث

.إهانتهم وعدم الضرورية حاجياهتم وتوفري السجناء على اإلنفاق - ٣

 

86  

به يقيم شيء وال وجد مال ال منه، يأكل شيء له يكن مل إذا حاهلم مثل يف كان ملن البد،(... :قال أبو يوسف القاضي

يطعم أن البد املشركني أسرى من واألسري: قال، ...الوجهني أي من املال، بيت من أو صدقةال من عليه جيري أن بدنه،

صار إليه ما على محله وإمنا جوعا؟ ميوت يترك أذنب؛ أو أخطأ قد مسلم برجل فيه، فكيف حيكم حىت ،إليه وحيسن

مال له كان فإن ،حبسه الداعر الرجل ومالق أو القبيلة يف كان إذا ،طالب أيب بن علي كان( :قال، ...اجلهل أو القضاء

بيت من عليه وينفق ،شره عنهم حيبس: وقال .املسلمني مال بيت من عليه أنفق مال له يكن مل وإن ،ماله من عليه أنفق

أحدا سجونكم يف تدعن ال: (بن عبدالعزيز عمر إلينا كتب: قال برقان، بن جعفر عن أشياخنا بعض وحدثنا: قال .ماهلم

ما الصدقة من عليهم وأجروا بدم، مطلوبا رجال إال قيد يف تبينت وال يصلي قائما، أن يستطيع ال وثاق يف سلمنيامل من

،الدعارة وأهل ،الفساق وخلاف ،احلبس أهل لقل احلدود بإقامة أمرت ولو ،...)والسالم وأدمهم، طعامهم يف يصلحهم

مجيعا والتك فمر نظر؛ فيه وليس حبس هو إمنا أمرهم؛ يف النظر لةلق احلبس أهل يكثر وإمنا ،عليه هم عما ولتناهوا

...).عنه خلي قضية له يكن مل ومن وأطلق أدب أدب عليه كان فمن ،يوم كل يف احلبوس أهل أمر يف بالنظر

حوصال القضاء استقالل حالت ـ مع اليت وهي منها؛ وأكثر العدلية الضمانات هذه عامة على الفقهاء أمجع لقد

عن لعجزهم األحرار استرقاق من أوربا يف حصل الذي النحو على اإلسالمي العامل يف الظلم استشراء دون - القضاة

املكتسبات من عد مما إخل ،…والتنقل والتجارة التملك حق من الناس وحرمان هناك اإلقطاع وشيوع ،الديون سداد

.اإلسالمي العامل يعرفه مل ما وهذا )م١٧٨٩(سنة الفرنسية الثورة بعد

هلا لوال مبادئ اخلطاب التصدي باإلمكان وكان ،السلطة وفساد السياسي االستبداد ظاهرة اإلسالمي العامل شهد وإمنا

ومهما ختلت ،حالت دون ذلك؛ بدعوى أن السنة جاءت بوجوب السمع والطاعة مهما احنرفت السلطة ، اليتاملؤول

!امللة وحتكيم الشريعة؟كحماية البيضة وإقامة ،عن مهماهتا

من السلطة تواجه أن دون ،فشيئا شيئا االحنراف ازداد حىت ،وعامتها األمة علماء بني االعتقاد هذا استشرى إن فما

مع امللوك من كثري حتالف حىت ،مداه الفساد وبلغ ،فشيئا شيئا الشريعة أحكام تعطيل فتم لفسادها، ويتصدى يسائلها

،منها فاستأصلوهم ،األندلس يف حصل كما ،أعدائهم حكم حتت املسلمون وقع حىت !اجلهاد وتركوا ،اإلسالم أعداء

!مجيعا عليهم الكارثة فكانت هلم؛ األمة تصدي وعدم ،واحنالهلم امللوك فساد بسبب عليهم وقضوا

سيطرة حتت – منياملسل تاريخ يف مرة ألول – كله اإلسالمي العامل سقط قرون بأربعة األندلس ملوك آخر سقوط وبعد

!!االستعمار؟ دخله قطر كل يف واحلكومات امللوك وجود مع ،الغريب االستعمار

!الفترة؟ تلك ملوك من كثري مبوافقة مت بل ،تذكر مقاومة دون األقطار أكثر االستعمار دخل وقد

 

87  

فيها الشوكة ،كفر دار صارت قد الدار بأن يدركوا أن دون ،امللوك هلؤالء والطاعة السمع يرون العلماء وظل

االستعمار حكم حتت مصر يف اخلديوي حال كان كما ،االستعمار سيطرة حتت والة جمردوأن هؤالء امللوك ،لألعداء

اإليطايل، فاحلاكم يف واقع األمر هو ملك اجنلترا ورئيس إيطاليا وفرنسا، احلكم حتت ليبيا يف السنوسي وحال ،اإلجنليزي

.خلإ… والسنوسي اخلديوي وليس

!األكثرية فيها؟و أهلها كيف تكون بالد املسلمني دار كفر وهم :س

ال كما ،إسالم دار: ةاحلاكم هي فيها والشريعة للمسلمني فيها والكلمة الشوكة أرض كل أن على الفقهاء قد أمجعل:ج

كان وإن حىت ،فرك دار هي :للمسلمني فيها والكلمة القوة وليست بالشرع حكمت ال أرض كل أن بينهم خالف كبري

القوة وصارت الشريعة تعطيل مت حيث ،الفترة تلك يف اإلسالمي العامل دول أكثر حال هو كما ،أكثرية فيها املسلمون

.الغريب لالستعمار فيها والكلمة

اهذ إىل والفكرية السياسية األوضاع يف احلال فيها يصل اليت لألمم طبيعية نتيجة هو والسقوط االستعمار كان لقد

،الواقع أرض على املؤول السياسي اخلطاب مرحلة انتهت ،الغريب العامل سيطرة حتت اإلسالمي العامل وبسقوطاحلد،

أمام والعسكرية ،والسياسية ،الفكرية اهلزمية نتاج كان الذي ،املبدل السياسي اخلطاب مرحلة وهي الثالثة، املرحلة لتبدأ

!اجلديد؟ اخلطاب هذا صناعة يف طوىل يد هلا كان اليت االستعمارية القوة

 

88  

 

؟إىل اليومهـ 1350من سنة املبدل الشرعي السياسي اخلطاب: املرحلة الثالثة: الفصل الثالث

 

الشريعة بتحكيم امللة كإقامة – املرتل اخلطاب مبادئ بعض على حافظ قد الثانية املرحلة يف املؤول اخلطاب كان إذا

رمزا لكوهنا صورية كانت وإن حىتاخلالفة ـ وظيفة على واحملافظة عنها، والذود ،اجلهاد ةبإقام األمة ومحاية وصيانتها،

،تدرجييا أيضا املبادئ هذه عن حىت التراجع وبدأ كله، ذلك جتاوز قد الثالثة املرحلة يف اخلطاب فإن ـ األمة لوحدة

اإلسالمية األمة بوقوع مث أوربا، من الوضعية القوانني باستجالب العثماين العصر أواخر يف ذروته االحنراف بلغ حىت

علي الشيخ كتاب بظهور املبدل، الشرعي السياسي اخلطاب والدة متخض ذلك عن الغريب، حيث االستعمار حتت كلها

اخلطاب هذا على الشرعية إضفاء ليتم املراغي الشيخ األزهر شيخ من بتأييد مث )احلكم وأصول اإلسالم( الرازق عبد

!األمة؟ وسياسة للحكم بأصول يأت مل اإلسالم أن بدعوى اإلسالمي، القضاء وإلغاء ،اخلالفة إلغاء إىل الداعي اجلديد

ومع مواجهة علماء األمة آنذاك هلذا الكتاب وما جاء فيه من أفكار، إال أن اخلطاب الذي ورد فيه، هو اخلطاب الذي

وأنظمة علمانية ال تؤمن بالشريعة ! بالوحدة اإلسالمية؟ال تؤمن قومية فرض نفسه على أرض الواقع، لتقوم دول

!وال ترى وجوب اجلهاد من أجل محاية األمة وامللة؟! اإلسالمية وال ترى وجوب تطبيقها؟

من أبرز ـ منذ دخول االستعمار ـ احملظور على األمة اإلسالمية) اخلالفة ـ الشريعة ـ اجلهاد(وأصبح هذا الثالوث

املبدل، الذي مل يكتف بكل هذا االحنراف والتراجع عما بقي من مبادئ يف اخلطاب املؤول، بل مبادئ هذا اخلطاب

!أضفى الشرعية على هذا اخلطاب السياسي اجلديد باسم الدين؟

أتباع بعض خطاب من كثري يف يوجد كما وهذا( :فقال االحنراف هذا بدايات إىل تيمية ابن اإلسالم شيخ أشار لقد

إن: السياسة هذه: هلم فيقال! سياسة يعمله هذا: قالوا النيب فعله مبا حمتج عليهم احتج إذا تصانيفهم ويف الكوفيني

.للسنة خمالفة فهذه لنا مشروعة ليست: قلتم وإن شرعية، سياسة وهي ؛حق فهي لنا مشروعة هي قلتم

شريعة غري من السياسة هذه أم الم،اإلس بشريعة يساسون الناس أن يريد إما أن: سياسة: هذا بعد القائل قول مث

.اخلطأ فهو بالثاين قيل وإن الدين، من فذلك باألول قيل فإن اإلسالم؟

ثبت وقد الراشدين، خلفائه ، وسياسةرسول سياسة معرفة عن تقصري فيه الكوفيني مذهب أن اخلطأ هذا منشأ ولكن

بعدي، وسيكون نيب ال وإنه نيب، قام نيب مات كلما ياء،األنب كان تسوسهم بين إسرائيل إن( :قال أنه عنه الصحيح يف

 

89  

) استرعاهم عما سائلهم اهللا فإن حقهم؛ فاألول، وأعطوهم األول بيعة أوفوا( :قال تأمرنا؟ فما: قالوا )يكثرون خلفاء

ومل يكن اق،العر فقهاء من تقلده من القضاء هلم وتقلد الناس سياسة إىل واحتاجوا ولد العباس يف اخلالفة صارت فلما

والية غري حرب والية وجعلوا والية املظامل، وضع إىل حينئذ احتاجوا - العادلة السياسة يف كافيا العلم من معهم ما

الشرع إىل خصمه يدعو وهذا والسياسة، الشرع: يقال حىت صار املسلمني، أمصار من كثري يف األمر وتعاظم شرع،

8.بالسياسة واآلخر بالشرع حيكم أن حاكما سوغ السياسة، إىل يدعو وهذا

احلقوق ضيعوا حكموا إذا كثرية أمور فصارت السنة، معرفة يف قصروا الشرع إىل انتسبوا الذين أن ذلك يف والسبب

يسوسون صاروا السياسة إىل انتسبوا والذين احملرمات، وتستباح األموال، وتؤخذ الدماء، تسفك حىت احلدود، وعطلوا

حيكمون منهم وكثري العدل، وحترى هوى، بال حيكم الذي وخريهم والسنة، بالكتاب اعتصام ريغ من الرأي من بنوع

.يرشوهم وحنو ذلك ومن القوي وحيابون باهلوى

جعل من غريها، يف ليس ما احلكم بالعدل من فيها يكون املدينة، أهل مذهب فيها ظهر اليت األمصار كانت وكذلك

حيث اتبعهم، ومن العراق أهل مذهب فيها ظهر اليت يف األمصار ال يكون ما الكتاب لصاحب متبعا احلرب صاحب

وأنزلنا رسلنا بالبينات أرسلنا لقد{كتابه يف تعاىل اهللا قال وقد العلم، لصاحب متبع غري احلرب هذه وايل يف يكون

.}ونصريا بربك هاديا وكفى{ ينصر وسيف يهدي بكتاب الدين فقوام اآلية،} معهم

أمر كان لذلك، تابعا السيف وكان والسنة بالكتاب العلم ظهر فإذا للكتاب، تابعا السيف يكون أن: سالماإل ودين

..)..قائما اإلسالم

على وعقوبات أخذها، جيوز ال أموال أخذ من اجلائرة؛ السياسات من أنواعا أحدثوا إمنا األمراء وعامة( :أيضا وقال

،...املنكر عن والنهي باملعروف األمر من روعاملش يف فرطوا ألهنم جتوز؛ ال اجلرائم

العلم هو الذي اهلدى، من فيه وما اهللا حجج هي اليت البينات من فيه ما وفقهوا ،اهللا كتاب أقاموا إذا العلماء وكذلك

ما النافعة العلوم أنواع من فيها لوجدوا سنته؛ وهي اهللا رسول هبا بعث اليت اهللا حكمة وأقاموا الصاحل، والعمل النافع

حيث األمة، هلذه اهللا جعلها اليت الشهادة بوصف اخللق، مجيع من واملبطل احملق بني حينئذ ومليزوا الناس، عامة بعلم حييط

من املبتدعون ابتدعه عما والستغنوا بذلك} الناس على شهداء لتكونوا وسطا أمة جعلناكم وكذلك{: وجل عز يقول

                                                             لشرعا تعطيل ال شرعي، حكم فيه يرد مل وإن حياهتم شئون يف الصالح إىل أقرب معه الناس يكون فعل كل: الثانية املرحلة هذه يف السياسة يف هنا واملقصود 8

!الثالثة؟ املرحلة يف حصل كما السياسة بدعوى

 

90  

يتمون أهنم القياسيون يزعم الذي الفاسد الرأي ومن الدين، أصل هبا ينصرون أهنم ميونالكال يزعم اليت الفاسدة احلجج

.)الدين فروع به

السابع القرنني يف اإلسالم، فيه شيخ عاش الذي العصر وهو اململوكي، العصر يف جلية االحنراف ظاهرة بدأت لقد

.العثماين العصر خرأوا فشيئا حىت شيئا يزداد التراجع زال وما اهلجريني، والثامن

من اإلنسان حترير إىل الداعية السماوية املبادئ حيمل ،إنساين عاملي خبطاب اإلسالمي الشرعي السياسي اخلطاب بدأ لقد

أن وبينكم بيننا سواء كلمة إىل تعالوا الكتاب أهل يا قل{: اخلالق؛ كما قال سوى ما كل وعبودية اإلنسان عبودية

.}اهللا دون من أربابا بعضا بعضنا يتخذ وال شيئا به نشرك وال اهللا إال نعبد ال

اختذوا{: أهنم الكتاب أهل علىالقرآن عاب وقد اهللا، غري وطاعته اإلنسان خضوع مبعىن هنا الربوبية النيب فسر وقد

.هلم واخلضوع بطاعتهم أي} اهللا دون من أربابا ورهباهنم أحبارهم

وقبائل شعوبا وجعلناكم وأنثى ذكر من خلقناكم إنا الناس أيها يا{ :كما قال مجيعا الناس بني املساواة إىل ودعا

.}أتقاكم اهللا عند أكرمكم إن لتعارفوا

.}آدم بين كرمنا ولقد{: اإلنسان كرامة وأكد

ارسلن أرسلنا لقد{: كما قال ،الناس بني والقسط العدل إقامة من أجل جاءا إمنا كلها والشريعة الكتاب بأن وأخرب

.}بالقسط الناس ليقوم وامليزان الكتاب معهم وأنزلنا بالبينات

للملوك اخلضوع ومن العبودية من اإلنسان بتحرير العدل حتقيق :هي وتشريعاته والكتاب وأحكامها الشريعة من فالغاية

هم ما األنبياء حىت عاجلمي إذ واخلضوع؛ بالطاعة وحده اهللا وإفراد اهللا، سوى من وكل ،واألحبار والرهبان ،والرؤساء

.وحده الذي يستحق الشكر والطاعة هللا عبيد إال

اليت املهمة عن له فقال الفرس، جيش قائد رستم على دخل عندما عامر بن ربعي املرتل اخلطاب هذا مبادئ عن عرب لقد

العباد، رب عبادة إىل العباد ادةعب من العباد لنخرج ابتعثنا اهللا إن( :حيملوهنا اليت اإلنسانية والرسالة ،أجلها من جاءوا

).اآلخرة سعة إىل الدنيا ضيق ومن اإلسالم، عدل إىل األديان جور ومن

: الصحيح احلديث يف جاء كما العصر، ذلك يف مسلم كل إليه والدعوة محله يف يشترك إنسانيا عامليا، خطابا كان لقد

.العدل وإقامة وهدايته اإلنسان حترير بقصد )النعم حمر من لك خري واحدا بك رجال اهللا يهدي ألن(

 

91  

إىل ـ املبدل اخلطاب يف كما ـ اخلطاب هذا آل مث اإلنسانية، ومبادئه الدين هذا خدمة يف واألمة الدولة كانت لقد

كلها األمة فتسمع ويقول! فيطاع يأمر يسألون؟ وهم يفعل عما يسأل ال !إله نصف أو إهلا السلطان من جيعل خطاب

نصب حىت بذلك يكتفي ال مث ،فال حياسب شاء ما ويترك شاء ما ويأخذ منه؟ يقتص فال ويقتل يرد؟ فال ويستبد قوله؟

حذو حتذو اإلسالمية باألمة فإذا جتاوزاهتا، كل على الشرعية ويضفي وأهوائها، السلطة خدمة يف الدين يوظف مفتيا له

فقام ،)قبلكم من كان من سنن لتتبعن(: احلديث يف جاء كما ،بالقذة القذة حذو الوسطى، عصورها يف املسيحية أوربا

تبديل ومت بابا، هلم كان كما الدولة خدمة يف الدين يوظف وبابا قيصر، هلم كان كما قيصر املسلمني ظهراين بني

األمر ويل طاعة باسم اإلنسان حقوق وانتهاك السياسي، االستبداد وشاع الدين، باسم الوضعية بالقوانني الشريعة

!والسلطان؟

آصار إىل وحتول املرتل، األول باخلطاب له عالقة ال ممسوخ، مشوه خطاب إىل الشرعي السياسي اخلطاب تغري لقد

اإلسالم من خرجوا أن الناس لبث فما وكرامتها، واإلنسانية وحريتها، والشعوب وهنضتها، األمة بني حتول وأغالل

سواه، إىل فيخرج املعرفة حق أحد اإلسالم يعرف ال إذ احلق؛ اإلسالم من خيرجوا ومل أفواجا، فيه دخلوا كما أفواجا

العقل إلغاء إىل ويدعو! بالصاحلني؟ التربك باسم واخلرافة الوثنية إىل يدعو الذي الباطل الدين من الناس خرج وإمنا

الطبقية وإىل!!! األمر؟ أويل طاعة باسم والعلماء وامللوك للرؤساء والعبودية اخلضوع إىل ويدعو! النقل؟ اتباع بدعوى

!!والقدر؟ القضاء بدعوى االستسالم وإىل! والعقد؟ احلل أهل بدعوى

طبيعية فعل ردة والقومية، والليربالية الشيوعية بانتشار املاضي القرن يف اإلسالمي العامل يف اإلحلاد موجة شيوع كان لقد

الذي املبدل الشرعي السياسي اخلطاب وسيطرة املرتل، اإلسالم اليملتع املمثل الشرعي السياسي اخلطاب غياب بعد

عهد ال مبا وحقوقهم واألفراد الشعوب حلريات ومصادرته وفساده، واحنرافاته، السلطان، استبداد على الشرعية أضفى

باسم مت الفترة، لقد تلك يف املؤثرين واملصلحني العلماء دور غياب مع الثانية، املرحلة فترات أسوأ يف حىت به لألمة

مفاهيمه يفرض الواقع زال وما الضرورة، بدعوى وتارة املصلحة، بدعوى تارة فشيئا شيئا وأحكامه الدين تبديل التأويل

!رمسه؟ إال الشرع من وال امسه إال اإلسالم من يبق مل حىت

اخلطاب إىل العودة دائرة عن خترج مل دعوهتم أن إال السياسي، اخلطاب يف االحنراف هلذا العلماء من كثري تصدى لقد

أن إال إخل،...اخلالفة وإبطال الشريعة، تطبيق إلغاء إىل تدعو اليت للدعوة التصدي مت لقد املؤول، الشرعي السياسي

العصر يف املسلمون عليه كان كما ،املرتل الشرعي السياسي اخلطاب إىل األمة عودة إىل صرحية دعوة يدع مل أحدا

.إذهنا عن إال ماهلا يف يتصرف وال دوهنا، أمرا يقطع وال ،أمرها يسوس من فيه األمة ختتار شورى، األمر برد األول

 

92  

خطورة أدرك الذي الوهاب، عبد بن حممد اجملدد اإلمام حركة هي اإلسالمي العامل يف إصالحية حركة أول كانت لقد

قرون بعد اإلصالح، وحتقيق لالحنرافات تصديلل اجلماعي العمل وجوب فرأى املسلمون، إليه وصل الذي الوضع

السلطة هذه كانت مهما غريها، دون السلطة إىل بالقوة اإلصالح مهمة يوكل الذي ،املؤول اخلطاب شيوع من طويلة

!!فاسدة؟ أو عاجزة

ليثوروا لطةالس على الناس إثارة إىل يهدف أنه هو له توجه هتمة أول فكانت اإلصالحية، بدعوته حممد الشيخ بدأ لقد

!!سياسية؟ أهداف له وأن عصياهنم، ويعلنوا عليها

كثريون، ناس إليه وأتى ذكره، فذاع( املنكر عن والنهي باملعروف األمر فريضة بإحياء )هـ1153( الشيخ جد لقد

دعا ما على دوعاه تابعه فريق: فريقني فيه الناس وانقسم، ...والزموه طريقه، واتبعوا به، اقتدوا مجاعة حوله وانتظم

.)عليه وأنكر وحاربه عاداه وفريق إليه،

اخلطاب يف شاع ما وهو غريها؛ دون والتغيري اإلصالح يف والدولة السلطة حق حممد إشكالية الشيخ جتاوز لقد

بعمل إال يتحقق ال إليه يصبو ما أن الشيخ أدرك الشريعة، كما وتعطلت املنكر شاع حىت طويلة قرونا املؤول السياسي

بن حممد أمريها ومقابلة الدرعية إىل ذهابه قبل حرميالء بلده يف الدعوة بداية منذ وعاهدوه أتباعه بايعه وهلذا مجاعي،

.سعود

التجديدي، السياسي خطابه جتلى سعود، بن حممد األمري مع واجتماعه الدرعية إىل وذهابه العيينة من خروجه وبعد

.)وأوالده نساءه به مينع مبا مينعه أنه وأخربه تبجيل،وال اإلكرام: (بــ األمري قابله حيث

وما بعده، من ـ عنهم اهللا رضي ـ صحابته عليه كان وما إليه، دعا وما اهللا رسول عليه كان مبا الشيخ فأخربه

أخربه مث ،إخوانا وجعلهم وأغناهم اهللا سبيل يف باجلهاد به اهللا أعزهم وما ضاللة، بدعة كل وأن عنه، هنوا وما به أمروا

.والظلم واالختالف والبدع تعاىل باهللا بالشرك رسوله وسنة اهللا لشرع خمالفتهم من زمنه يف جند أهل عليه مبا

دين هذا إن شيخ يا( :له قال والدنيوية، الدينية املصاحل من فيه ما وعلم التوحيد، معرفة سعود بن حممد األمري حتقق فلما

أشترط أن أريد ولكن التوحيد؛ خالف ملن واجلهاد به، أمرت وملا لك بالنصرة أبشرف فيه، شك ال الذي ورسوله اهللا

وتستبدل عنا ترحتل أن أخاف البلدان ولك لنا اهللا وفتح اهللا، سبيل يف واجلهاد نصرتك، يف قمنا إذا حنن: اثنتني عليك

فقال شيئا؟ منهم تأخذ ال: تقول أن خافوأ الثمار، وقت منهم آخذه 9قانونا الدرعية على يل أن والثانية غرينا؛ بنا

                                                             .هو ما يدفعه الضعيف للقوي ليحميه ويدافع عنه 9

 

93  

من اهللا فيعوضك الفتوحات لك يفتح أن اهللا فلعل الثانية وأما باهلدم، واهلدم بالدم الدم: يدك فابسط األوىل أما: الشيخ

.منهم خري هو ما الغنائم

باملعروف واألمر اإلسالم، ئعشرا وإقامة ،سبيله يف واجلهاد ،ورسوله اهللا دين على الشيخ وبايع يده حممد األمري فبسط

..)..عنده واستقر البلد معه ودخل الشيخ فقام املنكر؛ عن والنهي

،لقد احتاج اإلمام حممد بن عبدالوهاب يف هذا اللقاء إىل إعادة اخلطاب السياسي النبوي يف العهد املكي واستدعائه

املهمة للدولة ال لألمة، مما اضطر الشيخ حممد إىل لشيوع اخلطاب املؤول الذي مل يعهد الناس سواه؛ والذي جيعل هذه

التذكري ببدء الدعوة اإلسالمية يف مكة، وكيف حتقق النصر هلا بإقامة الدولة يف املدينة وإقامة اجلهاد لتحقيق هذا

.املشروع اإلصالحي

بال ـ اإلسالم خصوصا ـ دين يقوم أن ميكن ال إذ الدين؛ هذا تقيم دولة إقامة إىل سعيه يف واضحا الشيخ كان لقد

األمري، من أخذها اليت بالبيعة حىت بالنيب عبدالوهاب بن حممد الشيخ اسنت لقد وشرائعه، أحكامه تقيم دولة

،آنذاك هلا وجود ال دولة إقامة قضية فالقضية )باهلدم واهلدم بالدم الدم( النيب استخدمها اليت الكلمة واستخدم

وما حيتاجه ذلك من تضحيات وجهد مادي ومعنوي، خصوصا املواجهة الفكرية اليت سوف معامله، اندرست دين وإقامة

تكون بني اخلطاب السياسي املؤول الذي سيستخدمه أعداء الدولة اجلديدة داخل جند واجلزيرة وخارجها، واخلطاب

.املؤولالسياسي الراشدي الذي سيحتاج الشيخ حممد استدعاءه وإحياءه من جديد ملواجهة اخلطاب

فرد نائبه ـ كما يقضي به اخلطاب املؤول ـ أو اإلمام دون احلدود وإقامة احلقوق اجلهاد جواز حول اجلدل ودار

ولوال األشياء، مجيع يف اإلمام حكم له بلدان أو بلد على تغلب من أن على مذهب كل يف جممعون األئمة: (بأن الشيخ

يعرف وال واحد، إمام على اجتمعوا ما هذا يومنا إىل أمحد اإلمام قبل طويل زمن من الناس ألن الدنيا؛ استقامت ما هذا

كل على جيب فنعم عليك؟ جيب هل: وقولك األعظم، باإلمام إال يصح ال األحكام من شيئا أن ذكر العلماء من أحدا

ملا أين كما جحده، على قدروني ال ما رد يف حجة الشبهة هذه جيعلون اهللا أعداء ولكن ،أثم يفعل مل وإن عليه قدر من

.)غريها وال اإلمامة وال القضاء يتهم وال يصح مل كالمهم صح فإن اإلمام، إذن من بد ال: قالوا الزانية برجم أمرت

ـ اإلمام طاعة عن خروج وأنه حمرم، به قام ما وأن وفاته، بعد حىت الشيخ لدعوة موجهة الشبهة هذه ظلت وقد

بسبب خوارج؛ وأتباعه الشيخ أن على احلاشية يف عابدين ابن املصري احلنفي الفقيه نص ذاوهل ـ العثماين اخلليفة

.العقائدي؛ هذا مع تأكيد الشيخ على أنه يرى إمامة السلطان العثماين واخلروج السياسي اخلروج مفهوم بني اخللط

 

94  

:هاد بال إمام فقالحسن على من أثاروا شبهة أنه ال ج بن عبدالرمحن الشيخ العالمة وقد رد حفيد

وجب منعة هلا جمتمعة طائفة هناك كانت فإذا املؤمنون، به واملخاطب القيامة، يوم إىل باق اجلهاد فرض أن ريب وال(

.)الطوائف مجيع عن وال حبال فرضه عنها يسقط ال عليه، تقدر مبا اهللا سبيل يف جتاهد أن عليها

أم ؟كتاب بأي: (وقال أيضا ،د ومن معه جبهاد من اعترض طريق دعوهتموإمنا أراد إثبات شرعية ما قام به الشيخ حمم

على واألدلة املؤمنني، سبيل عن والعدول الدين، يف الفرية من هذا متبع؟ إمام مع إال جيب ال اجلهاد أن ؟حجة بأي

،)هترك على والوعيد فيه والترغيب باجلهاد األمر عموم ذلك من تذكر، أن من أشهر القول هذا بطالن

أنه ال باجلهاد، إال ]إماما[ اإلمام يكون وال اهللا فرضه ما وأدى اهللا أطاع فقد اهللا سبيل يف باجلهاد قام من وكل: (قال مث

.)باإلمام إال جهاد يكون ال

عجز عند الواجب إقامة عن املسئولون وهم مجيعا، املسلمون هم الشرعية باألحكام املخاطب أن على تأكيد فها هنا

السياسي اخلطاب عليها سيطر اليت الفترة تلك يف الشرعية السياسية املفاهيم هذه لغياب ذلك وكل له، تركه أو ماإلما

.املؤول

وعهد، وبيعة، وقائد، مجاعة، بال الدولة إقامة ميكن وال دولة، بال دين ال أنه بعده جاء ومن حممد الشيخ أدرك لقد

وممفه يف احملظورات من كان ذلك وكل وجهاد،

!األمر ويل طاعة عن خروج هي إذ املؤول؛ السياسي اخلطاب

وكيف سعى إلقامة الدين بإقامة الدولة ،يف بداية الدعوة اإلسالمية لقد وجد الشيخ حممد حجته فيما كان عليه النيب

عن إسعافه باألدلة إخل، وإمنا احتاج الشيخ إىل ذلك؛ لعجز اخلطاب املؤول ...يف املدينة وإعالن اجلهاد لنشر الرسالة

وإقامة واحلقوق بال إذن اإلمام وتفويضه،اليت ميكن االحتجاج هبا على من خالفه يف موضوع تغيري املنكر وإقامة احلدود

إخل...اجلهاد وقتال املناوئني

قيام ووجوب الدين، ليقوم الدولة إقامة كضرورة جوانبه؛ بعض يف الشرعي السياسي اخلطاب جتديد يف الشيخ جنح لقد

الدولة قيام بعد ذلك عند وقف التجديد أن إال هبا، القيام عن عجزه أو عنها اإلمام ختلي عند عليها اهللا أوجب مبا األمة

).هـ115(سنة جند يف

 

95  

بن وسعود سعود، بن وعبدالعزيز سعود، بن حممد وهم أمراء، ثالثة وعاصر )هـ1206(سنة تويف الشيخ أن مع

حممد من رأي يصدر وال جيش يركب وال والتأخري، والتقدمي واإلعطاء، واألخذ والعقد، لاحل بيده وكان عبدالعزيز،

األمري حممد الشيخ فوض )هـ1187(سنة الرياض فتح فلما ورأيه، قوله عن إال عبدالعزيز، ابنه من وال سعود بن

.)بإذنه إال ينفذه وال دونه أمر يقطع عبدالعزيز يكن ومل والتعليم، العبادة هو ولزم املال، وبيت األمور يف عبدالعزيز

كما املؤول، السياسي اخلطاب مفاهيم إىل جند يف اجلديدة اإلسالمية الدولة قيام بعد الشرعي السياسي اخلطاب عاد لقد

وبين أمية بين عصر يف احلال عليه كان كما األبناء إىل باألمر العهد كمشروعية السلطانية؛ األحكام كتب يف تقرر

.الراشدين اخللفاء عصر يف احلال عليه كان كما املسلمني بني شورى األمر جعل دون س،العبا

يف لزومه على النيب حث مما وهي الصحابة، عليها أمجع اليت السلفية املفاهيم من هي اليت القضايا هذه حبث يتم مل كما

جاء ما وفق األمة شئون وسياسة اخلالفة أمور يف سننهم املقصود وإمنا ،)الراشدين اخللفاء وسنة بسنيت عليكم( :حديث

.والسنة الكتاب يف

ولكانت اإلسالمي، العامل واقع تغيري يف أبلغ وأثر أكرب صدى للدعوة لكان املفاهيم هذه إحياء يف الشيخ جنح ولو

.أثره ويقتفى به يقتدى راشديا منوذجا

الباب فتح مما الشرعي، السياسي اخلطاب مفاهيم بعض جتديد يف األثر أكرب اإلصالحية حممد الشيخ لدعوة كان لقد

شئوهنا بإصالح القيام عن وعلمائها ،األمة تعطل من طويلة قرون بعد ،األقطار من كثري يف اإلصالحية احلركات لظهور

.معامله دروس بعد دينها إىل بالعودة جمدها وإحياء

واجلزيرة العريب العامل يف هلا التابعون واألمراء العثمانية ولةالد تتبناه كانت الذي املؤول السياسي اخلطاب استطاع لقد

.الدرعية وإسقاط ووأده ،اجلديد اخلطاب مواجهة العربية

ـ م1838( األفغاين الدين مجال بقيادة السياسي خطاهبا وجتدد ،طريقها تشق بدأت جديدة فكرية حركة أن غري

بعد أن رأى ما آل إليه وضع الشرق !شهرية علوية حسنية أسرة من أفغانستان يف 10كنر إمارة يف املولود)م1897

اإلسالمي من ضعف وتشرذم وسقوط حتت االستعمار، وغياب لدور الشعوب عن جمريات األحداث؛ جلهلها مبا يدور

ويف الليل، هدأة يف: (نيب بن مالك اجلزائري املفكر قال وصرخ فيها كما ،حوهلا؛ فأشعل مجال الدين شرارة النهضة

فكان الفالح، على حي: ينادي صوت جديد، بفجر ينادي صوت األفغان بالد من انبعث العميق اإلسالمية األمة سبات                                                            

أن له فأكد األفغانية كنر سادات أشهر أحد احلج يف األوىل العاملية احلرب قبل أرسالن التقى وقد له، ترمجته يف أرسالن شكيب األديب املؤرخ أكد ما وهذا 10 .أرسالن للمؤرخ ورجاهلا أفغانستان حكومة سفراء مجيع ذلك أكد وكذا هتم،أسر من الدين مجال

 

96  

أيضا وهو وقال )جديد ويوم جديدة هنضة إىل األمة هذه موقظ األفغاين الدين مجال صوت إنه مكان، كل يف رجعه

فيبدو أنه قد خط طريقه يف الضمري املسلم منذ عصر : تيار األولأما ال( :يتحدث عن التيار اإلصالحي يف العامل اإلسالمي

ابن تيمية، كما خيط تيار املاء جمراه يف باطن األرض، مث ينبجس هنا وهناك من آن آلخر، وابن تيمية مل يكن عاملا كسائر

عامل اإلسالمي؛ هذا التيار الشيوخ، وال متصوفا كالغزايل، ولكن كان جماهدا يدعو إىل التجديد الروحي واالجتماعي يف ال

، وهو الذي أدى إىل )ابن تومرت(هو الذي أدى إىل تكوين إمرباطورية املوحدين القوية يف إفريقية الشمالية على يد

) فطرة(لقد كان مجال الدين ـ إىل جانب أنه رجل ،...حممد بن عبد الوهاب(إنشاء دولة الوهابني يف الشرق على يد

يف العامل اإلسالمي احلديث، ولعل هذه الثقافة هي اليت ) رجل الثقافة والعلم(دة عدت فاحتة عهد ـ رجال ذا ثقافة فري

دفعت الشبيبة املثقفة على إثره يف اسطنبول ويف القاهرة ويف طهران، وهي الشبيبة اليت سيكون من بينها قادة حركة

).اإلصالح

جمتمع على الصارم واحلكم الصادق، الشاهد التاريخ يف لرجلا هذا من جتعل أنإرادة اهللا شاءت ولقد(: وقال أيضا

يف غرس الذي احلقيقي الباعث أن ويبدو أرضه، على يسيطر االستعمار أخذ بينما االحنالل، إىل هدوء يف أمره انتهى

املأساة هذه يف الدين مجال شهد لقد بالدماء؛ أمخدت اليت )السيباي( ثورة هو إمنا جمتمعه إصالح إرادة الرجل هذا ضمري

حركة ما صورة يف وأكدته الثورة، تلك فشل استتبعه إفالس وهو اإلسالمي، العامل يف واملادي الروحي اإلفالس مشهد

الدين، مجال نظر يف واملسلمني لإلسالم خيانة مبثابة فكانت الدامية، األحداث تلك عقب باهلند ظهرت اليت )عليكرة(

.البالية، وضد األفكار املميتة النظم دض احلرب الفور على أعلن وبذلك

اإلسالمي العامل يف السياسي التنظيم بناء يعيد كما آنذاك، املوجودة احلكم نظم دعائم يقوض أن: األول هدفه وكان

....)هنائيا االستعمارية النظم وبددهتا صفني، يف متزقت اليت )اإلسالمية األخوة( أساس على

اهللا ويل شاه فيه جديدة روح بإحلاح أحس مسلم أول لعل( :اإلصالحية وحركته لدينا مجال عن إقبال حممد ويقول

لتاريخ العميق باملعىن البصر دقيق وكان وفداحته، العبء هذا أمهية اإلدراك متام أدرك الذي الرجل ولكن الدهلوي،

مهزة منه جتعل خربة واألحوال، رجالبال الواسعة خربته عن نشأ واسعا أفقا ذلك إىل جامعا اإلسالم، يف واحلياة الفكر

على بتمامه اقتصر الكالل يعرف مل الذي املوزع نشاطه أن ولو األفغاين، الدين مجال هو: واملستقبل املاضي بني الوصل

أقوى اإلسالمي العامل لكان ذلك على اقتصر أنه لو احلياة، يف ومسلكه وخلقه اإلنسان لعقيدة نظاما بوصفه اإلسالم

...).اليوم عليه هو مما العلية الناحية نم أساسا

 

97  

ال وأنه عليها، االستعمار وسيطرة ومتزقها األمة تشرذم إىل أدى وأنه السياسي، االستبداد خطورة األفغاين أدرك لقد

عبداحلميد السلطان العثماين اخلليفة نصح يف اجتهد وقد السياسي، اخلطاب بإصالح إال واالستقالل التحرر إىل سبيل

االستعماري التحالف ملواجهة إيران مع للوحدة والسعي ،واحلرية بالشورى ،السياسة الدولة شئون بإصالح ثاينال

:فقال خطراته يف ضعفه وأسباب اإلسالمي الشرق مشكلة حلل وقد اإلسالمي، الشرق على يسيطر بدأ الذي الصلييب

ولكنه الشر، وخف األمر هلان فقط الفارق مع ياسالق كان ولو الصاحل، السلف مع قياس لعمل القيام العبث ومن(

حىت قوم على أنعمها نعمة مغريا يكن مل اهللا بأن ذلك{، }بأنفسهم ما يغريوا حىت بقوم ما يغري ال اهللا إن{ :التام العكس

ولرسوله العزة وهللا{ ،}الصاحلون عبادي يرثها األرض أن الذكر بعد من الزبور يف كتبنا ولقد{ ،}بأنفسهم ما يغريوا

هذه ينال وال تأويال، يقبل ال مما اآليات حمكم يف اهللا وعد ما هذا،...}املؤمنني نصر علينا حقا وكان{، }وللمؤمنني

خيلف ولن املرحومة األمة هذه إىل عهده هذا مواضعه، عن الكلم حتريف ورام السبيل، عن ضل من إال بالتأويل اآليات

وال أمدا، جملدها جعل وما القيامة، يوم إىل وعدها ما سبيل هلا ومهد الكلمة، وعلو والعزة، بالنصر وعدها عهده، اهللا

يبلغ اليوم األمة هذه، اآلخرة يف وسعادة الدنيا يف جمدا أجورهم فوفاهم عليه اهللا عاهدوا ما صدقوا قوم نعم.حدا لعزهتا

أحشاء إىل األطالنتيكي احمليط من آخذه بيانه بقس كما وأراضيها ـ التقريب وجه على ـ مليونا ومثانني مئتني عددها

وتتغلب مسلوبة، وأمواهلا منهوبة، بالدها نرى ذلك ومع رحبة، وديار خصيبة، ومنابت طيبة، تربة الصني، بالد

بعد ووالية مملكة، بعد مملكة ومماليكها قطعة، بعد قطعة أراضيها ويتقامسون شعبا، شعبا األمة هذه شعوب على األجانب

يف وميسون ملمة، يف يوم كل يصبحون ملوكها، من الباقني إن حىت يطاع، أمر وال تسمع، كلمة هلا يبق ومل أخرى،

األجانب نرى هلم، الرجاء من أعظم عليهم اخلوف وصار هبم، تلم اليت الكوارث سعة عن أوقاهتم ضاقت مدهلمة، كربة

!حراكا أحد يف نرى وال إخواننا، من األبرياء دماء ويسفكون أهلنا، ويستذلون ديارنا، يغتصبون علنا

هذا العدد الوافر، والسواد األعظم من هذه امللة، وغريهم من الشرقيني ال يبذلون يف الدفاع عن أوطاهنم وأنفسهم شيئا

من فضول أمواهلم، يستحبون احلياة الدنيا، ويود كل واحد منهم لو يعيش ألف سنة وإن كان غذاؤه الذلة، وكساؤه

أحيسب الالبسون لباس املؤمنني، أن اهللا يرضى منهم مبا يظهر على األلسنة وال ميس سواد ، ...املسكنة، ومسكنه اهلوان

فإن أصاهبم خري اطمأنوا به، وإن أصابتهم فتنة انقلبوا على وجوههم، هل يرضى اهللا بأن يعبدوه على حرف؟ ؟القلوب

كيون دهرا على بث الشكوى من والة اإلنكليز إىل جملس وزراء اإلنكليز، قل يل لو ثابر األمري! خسروا الدنيا واآلخرة

واستنفذوا املداد، وسودوا ما يف األرض من قرطاس تظلما واستغاثة، هل كان يفيدهم يف استقالهلم شيئا؟ أو يكشف

يظهرها إال االحتاد، ، الحتت ظالل السيوف؛ فقوة كل أمة كامنة يف أفرادها عنهم بالء الربيتانني؟؟ ال والذي جعل اجلنة

وال خيفيها إال التفرق، فمن رام من األمم استعادة جمدها، والتخلص ممن أذهلا فليس غري طريق االحتاد، ما يوصل إىل

 

98  

الغاية وينقذ من البالء، وال غري حب املوت ما ينجي من املوت، وينيل املرء إحدى الراحتني، فإما أن يعيش حبريته

).شهيدا(، وإما أن ميوت دوهنما )سعيدا(واستقالله

أروين مملكة أو أمة، انغمس ملوكها وأمرائها بالسفه والسرف، وعم اجلهل طبقات الشعب وتفرقت كلمتهم، فاستكانوا

!!للذل واهلوان، مل تسقط تلك امللوك واألمراء عن عروشها، ومل يستعبدها االستعمار، وحيل فيها الدمار

قت كلمة أهلها، وأنفت من الذل، ورفضت االستعباد، واستلت السيف، وطاب هلا احلتف، وهاتوا مملكة أو قارة، اتف

.ومل تنل استقالهلا والتمتع حبريتها، ولو كان املستعمر أعظم الدول قوة واقتدارا

هنم وهل يشك املصريون ـ وهم يزيدون عن العشرة املاليني وكلهم أحفاد الغزاة الفاحتني من أعز قبائل العرب، وإخوا

األقباط، أحفاد األشداء الذين آثارهم تدل على عظم مهمهم ـ أهنم إذا هنضوا مل يظفروا باالستقالل واحلرية، وإعادة

.اجملد القدمي لذلك القطر السعيد

وإهنم سينهضون ـ إن شاء اهللا ـ ويعملون متحدين معتصمني حببل اهللا، وينالون ما يتمنون حبول اهللا واهللا على !! بلى

.يء قديركل ش

عند مطالبون الصرحية ونصوصها شريعتهم حبكم فهم املسلمني، من نراه ما احلرية، إىل يدعو وما الغريب، العجيب من

بني وال وبعيدهم، قريبهم بني فرق ال بذلك، مأمور وكلهم البلدان، من وواليتهم ملكهم يف يدخل ما على باحملافظة اهللا

كان حوزهتم، عن باحلماية قوم يقم مل إن منهم، واحد كل على عني فرض وهو فيه، املختلفني وال اجلنس يف املتحدين

.اآلثام أعظم اجلميع على

خطب، كل واقتحام صعب، كل وركوب واألموال، األرواح بذل وحفظ الوالية، احلماية اهللا سبيل يف فروضهم ومن

.غريهم دون هلم خاصة الوالية الواين حىت األحوال، من حال يف يغالبهم من مع املساملة هلم يباح وال

لوجبت غريه سلطة من التملص عن املسلم عجز لو حد إىل ،خيالفهم من على منهم السيادة طلب يف بالشريعة والعبث

عليه يفرضه وما الشريعة تطالبه مبا يذكره جنبيه، بني من يهتف هلاتف مسلم كل حيس حربه، دار من اهلجرة عليه

يف بعضهم األيام، هذه يف الدين هذا أهل نرى هذا كل ومع دينه، إهلامات من له بقي الذي حلقا هاتف وهو اإلميان،

يف وعبثهم االنكليز، حركات يرون كانوا بلوجستان فأهل بعضهم، له يأمل ملا يأملون وال اآلخر، بالبعض يلم عما غفلة

تدخل يشهدون كانوا واألفغانيون إخواهنم، على منرة هلم تبدو وال جأش، هلم جييش وال ذلك، إىل ينظرون أفغانستان،

وال وسلب، وفتك وجور ظلم اهلند، من يف ما يعلمان وكالمها يتململون، وال يضجرون، وال فارس بالد يف اإلنكليز

 

99  

إخواهنم نفوس يف جندة ترى وال ،وتفتك تقتل وإيابا، ذهابا املصرية األراضي يف تضرب االنكليز جنود وإن يتحركون،

.والبالء املصائب تلك إىل والناظرين الدماء تلك جماري على شرفنيامل

من فوجدت الشرق، أقصى يف وجمتمع جزائرها موقعها العرقلة، من سريها وخلص رقيها، على اليابانية األمة ساعد ومما

أقوى من وعامل األسباب، أكرب من سبب ذلك إىل ينضم بعدا، الغربيني من املطامع أويل أنظار وعن مساملة، الدهر

وسعيه خاطر، عن طيب الشورى وقبوله بالدستور، حكومته تقييد إىل) امليكادو( األمرباطور ميل وهو العوامل، أال

النيايب احلكم وقواعد أشكال لدرس ألوربا رعيته، بعثات وعقالء أسرته أفراد من بعث فقد ذلك، وراء بإخالص

الغربيني جور غيظها وحتملت فكتمت العلم، مع ضعف وال اجلهل عم قوة ال أن اليابان، وعلمت، ...الدستوري

وقسمتهم) باملئات( ألوروبا اليابانية العلمية البعثات على بعث وثابرت الصحيح، بالتقليد لألخذ وامتيازاهتم، وانصرفت

.إخل …وهندسة وطب وزراعية وعلمية وسياسية مالية من العلوم والفنون، شعب على شعبا

القسم وعرف ناشئتهم، يف العلم الصحيح وعم حماكمهم، انتظمت حىت جيل، ربع هذا اليابان سعي لىع ميض فلم

.اليابانية الوطنية املدارس يف قومه، من األخرى للطبقات ويعلمه يعمله أن جيب ما املنور

أن) اإلفرنج(الغربيني من نللمكابري معها جمال يترك مل ومدنية صحيحة، وقومية اجتماعية هيئة املسعى، بذلك هلم فتهيأ

.البشرية املطلقة العدالة أو العمومية، احلقوق معرفة أو اإلدارة، أمر حيسنون وال) شرقيني( بأهنم عليهم يفتروا أو يدعوا

كلما وكانت معينة، برواتب حمدودة، إداراهتا لسنني شعبات يف األجانب خصائينياأل من عدة اليابان خدمة يف كان وقد

من حتتاجه وما الشعبة تلك دقائق يف فكان اإلخصائي، بذلك أرفقوه لوطنه وعاد الشعب من شعبة يف عمله اباينالي أمت

من إعفاءهم وطلبوا أنفسهم، من املأجورون أولئك خجل حىت اإلفرجني، رئيسه على الياباين يربز وعمل، علم وفهم

وما وظائفهم، أداء على منهم أقدر الياباين أن باعتراف اتب،من الر حبرماهنم ورضوا املعقود، األجل انقضاء قبل اخلدمة

والصنائع، والفنون العلوم من الالزم املفيد وجلب النافع، بالتقليد الفوز لليابان مت هكذا، له واستؤجروا ألجله جلبوا

والناس يتقى، وحد ،ختشى قوة واحتادها علمها منعة، ومن بأسها من هلا شرقية دولة العظام، الدول صفوف بني وبرزت

.)خلقه شئون يف وهللا ما حيسنون، أبناء

مبا العثمانية الواليات مجيع ميثلون كان أعضاؤه الذي الشعب جملس وال للدستور وضعها العثمانية الدولة يجد ومل هذا،

.والفناء للزوال طريقها يف والدولة اإلصالحات هذه كانت إذ واحلجاز؛ واليمن والشام العراق فيها

 

100  

أن حممد الشيخ أدرك إذ اإلصالحية؛ عبدالوهاب بن حممد الشيخ دعوة حققته ما اإلصالحية الدين مجال دعوة حتقق فلم

اخلطاب جتديد فاستطاع. أجل هذا املشروع من تقوم دولة طريق عن إال النور يرى أن ميكن ال اإلصالحي املشروع

بعث ومت التجديد، توقف العربية، اجلزيرة عامة على وسيطرهتا قيامها بعد أنه إال الدولة، قيام قبل ملا الشرعي السياسي

اإلسالمية الروح وبعث الدولة إقامة يف فنجح السلطانية، األحكام كتب يف جاء كما املؤول الشرعي السياسي اخلطاب

حنبل، بن أمحد مذهب لىع فقهها يف الدولة فكانت فقهي، جتديد يواكبه مل ذلك أن إال التوحيد، معامل وجتديد جديد من

ككتب ـ منوذجا كان الذي احلنبلي، يعلى أليب السلطانية األحكام كتاب يف جاء ما على السياسية لشئوهنا إدارهتا ويف

.به اخلاصة وظروفه العباسي العصر نتاج كان الذي املؤول، الشرعي السياسي للخطاب ـ عموما السلطانية األحكام

حتقيقه يستطع مل ما حيقق أن استطاع إذ معىن؛ من الكلمة هذه حتمله ما بكل عبقريا ابعبدالوه بن الشيخ كان لقد

عدم أساب عزو وميكن هو، حققه ما حتقيق بعده أحد يستطع مل كما عصره، إىل العباسي العصر أواخر منذ املصلحون

كانت بل آنذاك، التجديد هذا مثل إىل اجملتمع حاجة عدم إىل الدولة قيام بعد الشرعي السياسي اخلطاب يف التجديد

يف العربية اجلزيرة أهل حيتاجه كان ما كل فهذا والعدل، األمن وحتقيق الشرائع، وإقامة العقائد، إصالح إىل حاجته

واالقتداء األمة، شئون وسياسة احلكم يف الراشدين اخللفاء سنن إحياء تقتضي السلفية إىل الدعوة أن إال عصره،

مث ومن االستبداد، إىل الطريق هو إذ اإلمامة، توريث دون واحليلولة شورى، األمر رد من طريقهم واتباع هبديهم،

.السقوط

الدولة أن وظن اإلصالحي، مشروعه لتحقيق الصحيح الطريق يسلك مل إذ دعوته يف األفغاين الدين مجال فشل لقد

اإلصالحي مشروعه أجل من يضحوا أن ميكن انأفغانست ملك أو إيران شاه أو مصر خديوي أو وخلفاءها العثمانية

.اإلصالحية الدول لقيام السنن االجتماعية إدراك دون

يف السلف عليه كان إىل ما والعودة ،التوحيد إىل دعوته يف الوهاب عبد بن حممد عبدالرمحن الكواكيب خطا تأثر لقد

يف الراشدون واخللفاء السلف عليه كان ما إىل ودةإىل الع دعوته يف األفغاين خطا وتأثر ودينهم، وعبادهتم عقيدهتم

يف ضرورة قال حيث) القرى أم: (كتابه يف ذلك جتلى وقد االجتماعية، والعدالة كالشورى واحلرية السياسية الشئون

نأ تستصوبون كذلك أظنكم: يا أيها اإلخوان: (عبدالوهاب بن حممد الشيخ خطا متأثرا السلف عليه كان ما إىل العودة

صريح من نعلم ما نعتمد وأن أحكامها، من كثري مآخذ نعرف فال تقليدا، حنن متبعوها اليت املذاهب اختالف جانبا نترك

القبلة؛ إذ أهل مجيع عند مقبوال ما نقرره وليكون اآلراء، يف نتفرق لكيال وذلك اإلمجاع، وثابت السنة وصحيح الكتاب

املسائل؛ أمهات بعض يف عليه وجتتمع ،إليه ترجع أن األمة وال تستنكف ،يرد ال الذي األصل هو السلف مذهب أن

 

101  

الكتاب نص من ختالف املتبادر مسألة يف األئمة أحد تقليد نبذ أحد على يثقل فال املذاهب، بني ذلك التساوي يف ألن

..)..األول الصدر مدونات يف الثابتة السنة صريح تباين أو ،العزيز

ما هي احلرية؟ ما أدرانا وما فقدنا احلرية، البلية إن: (األفغاين خطا متأثرا السياسي خلطابا جتديد ضرورة عن وقال

من احلرية عرف وقد نسيناه، حىت معناه حرمنا

).ظامل مانع يعترضه ال وفعله قوله يف خمتارا اإلنسان يكون بأن: (عرفها

.النصيحة وبذل املطالبة يف الرهبة وعدم وكالء، أهنم باعتبار احلكام وحماسبة احلقوق تساوي فروع احلرية ومن

إنسان خيشى ال حىت ،بأسرها العدالة ومنها املباحثات العلمية، وحرية واملطبوعات، اخلطابة وحرية التعليم، حرية: ومنها

لىواألمن ع واألعراض، الشرف على واألمن واألرواح، الدين على األمن ومنها غدار مغتال؛ أو غاصب أو ظامل من

.واستثماره العلم

:قوله - عنه اهللا رضي – الشاعر الصحايب ثابت بن حسان إىل وينسب الدين، روح هي فاحلرية

وهضاب بيننا سبل وتؤمن ***الشرائع تقام أن إال الدين وما

.واألمن الشرع إقامة يف الدين الصحايب هذا حصر كيف فلننظر

النفوس، ومتوت األعمال، وتبطل تفقد اآلمال، بفقداهنا وأن حياته، عدب اإلنسان على شيء أعز احلرية أن شك وال هذا

.القوانني وختتل الشرائع، وتتعطل

نقتل رمبا فصرنا ويا عثمان، عمر يا: بـ املؤمنني أمري خياطب شنئانا، للملك يعرف ال حرا اخلرفان راعي كان فينا وقد

.عليه ببكائها مسعنا تزعج نجتسر أ وال فتسكت، السكوت ونلزمها أمه حجر يف الطفل

اجلمعة والعيدين، ونستهني صالة اجليش العظيم مننع فصرنا عهد، له خيفر فال العدو جيش يؤمن الفرد اجلندي وكان

.الباطلة الفخفخة غري حلاجة ال دينه

على وحنن البطون وتوالت كرت القرون وقد الفتور، عليها فيستويل ،حياهتا األمة تسأم أن غرو ال احلال هذا فلمثل

يف واالنغماس واهلزل، الكسل إىل واالرتياح اجلد، عن والبعد وترك األعمال اآلمال، فقد فينا فتأصل عاكفون، ذلك

.جانب كل من عليه املضغوط الفكر لراحة طلبا والتسفل اخلمول إىل واإلخالد النفس، أسر تسكينا آلالم اللهو

 

102  

الواضحة، النصيحة إىل اإلصغاء وال النافعة مطالعة الكتب نطيق ال حىت جلدياتوا املاديات كل من ننفر صرنا أن إىل

.املروحات واخلرافات بامللهيات التناسي إىل نلجأ مل إذا تزهق وتكاد أرواحنا العزيز، فتتأمل مبقودنا يذكرنا ذلك ألن

الطيبة، احلياة تقتضيها اليت يذكرنا بالواجبات من على وحنقد نغضب وصرنا غريتنا، وماتت إحساسنا ضعف وهكذا

.طبيعيا ال واقعيا عجزا هبا  القيام عن لعجزنا

تؤملهم هلم طبعا االحنطاط فصار والذل واهلوان، واالستبداد، االستعباد سنني ألفوا قد أقوام بعض فينا أن ونعترف هذا،

على األمن أنوفهم رغم نالوا أن بعد سيماال والتونسيني واملصريني اهلنود من األعظم السواد أن سبب هو وهذا مفارقته؛

ينظرون بل غري بالدهم، يف املسلمني حلالة يتوجعون وال يرثون ال واألعمال، اآلراء يف واحلرية األنفس واألموال،

األمري كون جمرد كأن الدين، من املارقني من طالب اإلصالح يعتربون ورمبا شزرا، املسلمني أمرائهم على للناقمني

ويقتل أوالدهم بالدهم خيرب كان وإن املسلمني، على واجبة طاعته وكأن العدل، حىت عن شيء كل عن يغين مسلما

والتقاعس الفتور سبب هو احلرية فقدنا واحلاصل أن معهم، قبال ذلك جرى أجنبية، كما حلكومات ليسلمهم ويقودهم

.)وميسور صعب كل عن

وصدى امتداد هي البنا حسن حركة الشيخ كانت وقد املنار، جملة يف هكتابات يف رضا رشيد أيضا إليه توصل ما وهذا

الظن حسن من األفغاين فيه وقع فيما البنا حسن وقع وقد – كله الشرق يف عمت اليت اإلصالحية احلركة هلذه

اخلالفة تاألفغاين، وسقط منه حذر ما وقع ما سرعان إذ باملرصاد؛ النهضة هلذه كان أن االستعمار غري – 11بالسلطة

ليلتف نفسها بإصالح هي تقوم أن حاول حوهلا، وطاملا املسلمني جيمع أن جاهدا األفغاين حاول طاملا اليت اإلسالمية

.املريض أوربا رجل تركة تقسيم من انتهى قد االستعمار وكان مل يكن، ذلك كل أن غري حوهلا، املسلمون

وملك مصر، وخديوي إيران، وشاه باخلليفة العثماين، املتمثل الستبدادوا – إجنلترا يف املتمثل – االستعمار حتالف لقد

النهضة حركة ملواجهة أفغانستان

مجال حركة على القضاء مت كذلك ،الفريقني حتالف بعد جند يف الوهابية الدولة على القضاء مت وكما اإلصالحي وفكرها

استدعاؤه مت أن بعد منه بالتخلص األفغاين الدين

!غامضة؟ ظروف يف وتوىف مرض حىت اجلربية اإلقامة حتت ووضعه بول،إستن إىل

                                                             كما - !! اإلجنليز؟ بيد دمية سوى يكن مل امللك أن مع له اجلماعة بيعة وأكد !للمسلمني خليفة نفسه من جيعل أن فاروق امللك البنا حسن الشيخ دعا وقد 11 . ٢٣٥ ص) والداعية الدعوة مذكرات( يف

 

103  

قام إذ الغريب؛ االستعمار ملواجهة من جديد األمة روح بعث يف الرئيس السبب هو كان األفغاين حركة صدى أن إال

يف ثوراتال وقامت اإلسالمي، الشرق من وإخراجه لالستعمار املسلمني للتصدي مهم يستنهضون مكان كل يف أتباعه

الذي السياسي اخلطاب يكن مل نفسه فرض الذي السياسي اخلطاب أن غري العسكري، وخرج االستعمار مكان، كل

البالية، األنظمة من استبدادا أشد عسكرية بل أنظمة الشورية، الدستورية امللكيات وهو األفغاين، الدين مجال إليه دعا

ونظام اإلسالم: (كتابه يف الرازق عبد علي األزهري الشيخ له روج ذيال السياسي املبدل، اخلطاب يف ضالتها وجدت

للخديوي كان إذ املوضوع؛ هذا يف للكتابة دفعوه غرض من حتقيق إىل إال كتبه ما كل يف يهدف يكن ومل ،...)احلكم

بابألس] نظرية نسف وهدم موضوع اخلالفة من أصله ونسف القضاء اإلسالمي[النظرية هذه إثبات يف غرض

إثبات يف غرض له كان كما من جهة، شرعيتها عدم وإثبات ،العثمانية اخلالفة على القضاء يف منه رغبة ،سياسية

جدال املثارة القضايا أكثر من آنذاك القضيتان هاتان كانت حيث جهة أخرى، من الوضعية، واحملاكم القوانني مشروعية

الشعب بني الروابط على قطع يعمل كان الذي اإلجنليزي، ستعمارأيضا اال كله املوضوع وراء كان وقد وأخذا وردا،

!األمرين؟ كال يف جنح وقد ومصر من تركيا اإلسالمية الشريعة وإقصاء العثمانية، واخلالفة املصري

!دفعا؟ كتب ما إىل كان مدفوعا أنه واعترف كتابه، عن حياته آخر يف الرازق عبد علي الشيخ تراجع وقد

نفسه يفرض بدأ واقع عن تعبريا بل كان أيضا، أثر أي له يكن مل نفسه كتابه ألن أثر؛ أي له يكن مل رجوعه أن إال

هلذا الرمسي بالناطق أشبه فكان عليه، الشرعية إضفاء على يعمل من إال إىل حيتاج يكن ومل مبدة، الكتاب هذا قبل بالقوة

اخلطاب إعالن لباهنما، ليتم من ورضع اخلديوي، والعهد اينالربيط االستعمار حجر يف ونشأ وترعرع الذي ولد التيار

مالحمه أبرز وكان! ذلك؟ بعد املراغي الشيخ شيخ األزهر من وبتأييد أزهري، شيخ بلسان املبدل الشرعي السياسي

:مبادئه وأهم

.الشعوب اإلسالمية بني الوحدة رمز متثل كانت اليت اخلالفة شرعية عدم إثبات - ١

االستعمار، وإثبات هبا جاء اليت الوضعية القوانني إىل التحاكم مشروعية وإثبات الشريعة، باسم شريعةال إقصاء - ٢

.عن الدولة الدين وفصل العلمانية مشروعية

وجود على الشرعية إضفاء من أجل السالم، دين اإلسالم أن بدعوى اإلسالم يف اجلهاد مشروعية عدم إثبات - ٣

السالم باسم احلاكمة األنظمة مع وحتالفاته االستعمار

 

104  

12!!حتقيقه؟ أجل من اإلسالم جاء الذي العاملي

نظرا أدقهم من وكان ومصر، كل قطر يف 13العصر علماء من كثري املبدل السياسي اخلطاب هذا على للرد تصدى لقد

.)والعلم العقل( كتابه يف صربي الشيخ مصطفى العثمانية للدولة اإلسالم شيوخ آخر

يكونا أن جيب والسنة الكتاب( يف كتابه اجلديد اخلطاب هلذا - الشرعي القاضي - شاكر أمحد العالمة تصدى كما

،)فلإلنسان اإلنسان سياسة أما هللا، الدين إن: (قوله يف باشا فهمي عبد العزيز على فيه ورد ،)مصر يف القوانني مصدر

القتال وأحكام والسلم، احلرب وأحكام والتجارية، املدنية املسائل يف جليلة، وقواعد بأحكام مملوء والقرآن( :قال حيث

 وأعظم هذا، كل أنكر فقد فقط عبادة دين أنه زعم فمن .والقصاص احلدود يف صرحية وبنصوص واألسرى، والغنائم

ملوالع من طاعته اهللا أوجب ما تنسخ أن كانت، من كائنة هليئة أو كان، من كائنا لشخص وظن أن الفرية، اهللا على

أنه وزعم وصلى صام وإن ،كله ورفضه مجلة، اإلسالم عن خرج فقد قاله ومن يقوله، وال مسلم هذا قال ما .بأحكامه

وأخشى نفسه، ذات عن الرجل كشف هذا حىت يصرحون، وال وجيمجمون املعىن هذا حول كانوا يدورون إهنم .مسلم

بني وحساهبم بالظنة، الناس نأخذ فلسنا شأهنم، يف مأجز أن أحب ولكين ال ،يضمرون كانوا عما كشف قد يكون أن

النظم تلك يرى يف هل: (اخلطيب الدين حمب السيد الباشا معايل يسأل أن األمر يف ما وأعجب .يوم القيامة اهللا يدي

إن نعم،: حامسا جوابا أنا وسأجيبه) فرائض الدين؟ من فرضا يعطل أو املسلمني، عقائد من شيئا خيالف ما والقوانني

.. فيها .الدين فروض من لكثري تعطيل وفيها املسلمني، عقائد خيالف مما فيها كثري األوروبية، والنظم األفرجنية القوانني

محاية حبجة واألولياء، اآلباء من سلطان والنساء، الرجال من الفجار محاية من عجيبة، وفيها إباحة الفجور بطرق.. وفيها

هذه مث البالء، من فيها وما املصايف مث والنساء، الرجال مث اختالط واملواخري، احلانات يف ما مث .الشخصية احلرية

ذوي بالسادة األوروبيني اقتداء والتمثيل، احلفالت يف الدولة عليها تنفق اليت املراقص بل واخلاصة، العامة املراقص

كلها، القرآن هبا نزل اليت احلدود إبطال يهاوف !الطريان ومعجزات والراديو الكهرباء كشفت اليت اجلبارة العقول

إهدار الدماء وفيها !وسحقا احلديث التشريع هلذا وتبا! احلديث التشريع ملبادئ العصري، واتباعا التطور لروح مسايرة

املوجب دالعم مع اإلصرار، سبق شرط مثل، بالقصاص يف احلكم سنة، وال كتاب هبا يرتل مل شروط باشتراط القتلى، يف

).اجلاين وظروفه نفسية درس( و) املخففة الظروف( يسمونه فيما البحث ومثل، اإلسالم يف شرعة وحده للقصاص

                                                             !؟ وثقافيا سياسيا املعاصر املسلمني واقع يف احملظورات من زالت أهنا ما جتد) اجلهاد - الشريعة - اخلالفة( الثالثة األصول ههذ وتأمل 12ك؛ ارة حول ذلكالم مهم جدا عن بدايات إشاعة اخلطاب السياسي املبدل وعن جرمية إقصاء الشريعة و فصل الدين عن الدولة وتفنيد لكثري من الشبه املث 13

.وتزيد 326:إىل ص 301:حيسن باملهتم مراجعة الكتاب ص

 

105  

وفشا الدماء، فأهدرت القرآن، بنص حق العفو وحده له اهللا جعل الذي الدم، لويل ال للدولة، العفو حق جعل ومثل

هذه يف والعلة القتل؟ جرائم ازدياد علة عن تتساءل وغريها، والصحف واألمة واحلكومة رادع، ال حىت للثأر، القتل

وأمثاهلا األشياء هذه وكل الكلمة، هذه يف حنصيه أن نستطيع ال مما ذلك غري إىل، والدين العرف خالفت اليت القوانني،

لفروض تعطيل وكلها املسلمني، عقائد ىعل حرب وكلها اإلسالم، من وانفالت اهللا، حبدود واستهانة اهللا، حرم ملا حتليل

.)الدين

بالشريعة القوانني الوضعية واستبداهلا ،األمة ضعف أسباب) والسنة الكتاب( كتابه أول يفالشيخ أمحد شاكر ذكر وقد

لقوادوا واألمراء امللوك وكان ،تقليدهم يف التطبيق واالستنباط حيسنون العلماء من املقلدون كان: (فقال اإلسالمية

األمراء اجلاهلني، واستبداد العلماء بضعف املسلمني، ضعف عصر جاء أن إىل به، بدينهم متمسكني علماء والزعماء

والسنة، الكتاب يف منصوصة فروع ليست يف املتأخرين، الفقهاء ألقوال تعصبهم واشتد التقليد، يف الناس 14فتتايع

لعل بل االجتهاد، عند مراعاهتا العامل على جيب لظروف أو معين، عرف على بين العلماء استنبطه مما منها كثريا ولعل

واألمر جيلنا، سبق الذي اجليل جاء أن إىل الضيق، واشتد احلرج وكثر .مبعصوم ليس بأنه قائله، فيه مما أخطأ بعضها

هبم يقعد سريع، تطور جيري إىل والزمن وعصبية، مجودا يزدادون – أكثرهم أو – والعلماء بعض، فوق بعضها ظلمات

للناس يضعوا أن العلماء على املاضي اجليل يف األمراء عرض بعض لقد حىت .سبقه عن فضال مسايرته، عن تقليدهم

يكون عالجا قد متواضع، طلب وهو التقليد، من ألفوا ما على حرصا األربعة، املذاهب من يقتبسونه شرعيا، قانونا

عن حرفيا نقال نقلت املترمجة، اإلفرجنية القوانني هذه بالدنا يف علينا دخلت مث .نهمع فأعرض واستنكروا، فأبوا وقتيا،

تسمى زائفة قشورا وتلبسنا من عاداتنا، ومتسخ عقائدنا، لتشوه فدخلت عرف، أو عادة أو دين من هبا، لنا صلة ال أمم

مقدمتهم ويف عصرهم، كانوا نرباس رجال وحهار يف نفخ وقد احلاضرة، اإلسالمية العلمية النهضة جاءت مث !!املدنية

والدي: بنياهنا قووث قواعدها، وأرسى عمليا، أصوهلا ووضع رضا، رشيد وحممد عبده، وحممد ،15األفغاين الدين مجال

إىل يذهب من العلماء يف ونبغ التقليد، على النفوس وثارت العقول، فاستيقظت ؛مجيعا عنهم اهللا شاكر رضي حممد

).االجتهاد جوبو

االستعمار صنعها اليت لألنظمة السيف والسنان بقوة بل والربهان، احلجة بقوة ال نفسه اجلديد اخلطاب فرض وهكذا

سياسيا خطابا شكل أن بعد إال االستعمار خيرج فلم بقوته، ومدها لبانه، من ورضعت روحه، من فيها ونفخ عينه، على

                                                             .فقط الشر يف التتابع وهو التحتية، بالياء 14 الصحوة أجيال من هبم حلق الذي الظلم مدى لتعرف هلم؛ ملعاصرته هبم أعلم وهو اإلسالمية النهضة لرواد شاكر أمحد احملدث العالمة من التمجيد هذا انظر 15 !قدرهم؟ هلم تعرف مل اليت

 

106  

األمة حياض عن يذود جهاد وال محايته، على وتقوم به حتكم دولة وال فيه، سالميةإ شريعة ال جديدا شرعيا، وإسالما

أقاليم على تركيا يف العسكري االنقالب جتربة تعميم فتم لشعوهبا، ةكرام وال حرية ومصاحلها، وال وحقوقها ودينها

إناء من واحد، وشربت جحر من خرجت كأمنا االنقالبات مجيع فإذا اإلسالمي، العامل أقطار مجيع اإلسالمية يف اخلالفة

له وتسخر العلماء، له وجتيش املبدل، السياسي التمسك هبذا اخلطاب على جتمع أنواعها اختالف على كلها فإذا واحد،

أكثر علماء من جيد يكاد ال وحىت الكبري، عليه وهرم الصغري، عليه شب حىت والتعليم واإلعالم، التربية وسائل مجيع

!نكري؟ أو فضر من األمة

اإلسالم معركة( كتابه يف كما الثورة اخلطاب قبل هلذا تصدى من أشهر من - اهللا رمحه - قطب سيد الشهيد كان وقد

الصلييب، العامل رغبة هذه !حيكم أن جيوز ال اإلسالم إن: (وأسباهبا األمة تعيشها اليت األزمة حملال يقول حيث) والرأمسالية

التحرر باسم وغفلة، يف سذاجة والغرب، الشرق يف الصليبيون به إلينا يوحي ما نصدق نوأ نذعن، أن حنن وعلينا

وعداء لإلسالم الصليبية عداء بني الفصل يصعب !إال األقزام؟ بعد ليسوا أهنم يقنعهم مبن لألقزام، من أال! والثقافة

يف نفوس تستيقظ حني االستعمار تكافح ،استعالء عقيدة واإلسالم ،ويربره ويسنده يغذي اآلخر فكالمها ؛االستعمار

إن .واالستذالل االستغالل خطة على االستعمار فتفسد بشدة، الروح هذه توقظ اإلسالم إىل احلكم ورجعة أصحاهبا،

طريق يف عقبة وتلك ،اإلسالم شريعة مع ال يتفق تشريع ألي بل أجنيب، حكم ألي خيضعوا أن أتباعه على حيرم اإلسالم

استعمارهم يقيمون إهنم! النابغني حكامنا بالهة يف وال الفضالء، مثقفينا غفلة يف ليسوا واملستعمرون ،كؤود االستعمار

أو يتفادوها أو املقاومة، بذور يقتلوا كي ا،هنيستعمرو اليت الشعوب مقومات لكل متشعبة كاملة على دراسات

التربة يف جذوره وليمد العلمية، الوجهة من ستعمارليساعد اال قام األساس، هذا على االستشراق قام وقد .يداروها

!األقزام إال بعد ليسوا أهنم يقنعهم مبن لألقزام من أال: نسأل أخرى ومرة .كذلك العقلية

تشويه يف أفعل وال !منه أفتك ليجد يكن االستعمار مل عامل !آخر عامل اإلسالمية الفكرة تشويه على االستعمار وساعد

وضيق الفكر مجود ميثلون والدراويش، األشياخ من !دين رجال تسميتهم الناس على اصطلح الذين ولئكأ !اإلسالم منه

يف يرتكبون مث شائها منفرا، بشعا فيظهرونه الدين، بصبغة كله ذلك يصبغون مث واجلهالة، اخلرافة ميثلون األفق، أو

حني وخباصة واحترامه، وجديته الدين ةبكرام شائنة، فيذهبون وموبقات جرائم واالجتماعي الشخصي سلوكهم

التعليم تعاون وبذلك16!القرآن وباسم اإلسالم، باسم والطغيان، االستغالل قليال، فيناصرون مثنا اهللا بآيات يشترون

مع والكتب، واملناهج والنظم الربامج على املشرفة مصنوعات االحتالل بإشراف املعارف وزارة يف القائم االستعماري

                                                             !؟ االستعمارية واملخططات االستبدادية األنظمة عن يذودون بلد كل يف اليوم أكثرهم وما 16

 

107  

بعد ذهاب حىت ذروته، والفكري الروحي االستعمار يبلغ وأن غايته، االحتالل يبلغ أن املزعومني، على دينال رجال

!االحتالل

اإلسالم حيارب وهو يعقل فما نفسه، منطقي مع وهو ومفهوم، معلوم لغرض اإلسالمي، احلكم وجه يف يقوم واالستعمار

جيهلون ال مادية، واملستعمرون قوة تستحيل الروحية قوهتا ويدع ،شريعة العقيدة تستحيل هذه يدع أن مستكنة، عقيدة

عدو به ترهبون اخليل رباط ومن قوة من استطعتم ما هلم وأعدوا{: القوية القرآن دعوة عن غفلتنا يغفلون وال جهالتنا،

االقتصادي هاجهاز: إسالميا كله الدولة جهاز سريد اإلسالمي أن احلكم أذهاهنم عن يغيب وال. }وعدوكم اهللا

واخلفي الظاهر على االستعمار كله ذلك من أخطر وليس إسالمية، صياغة اجملتمع سيصوغ كما واحلريب، والتعليمي،

املعرفة مواد من مادة شأن أية شأنه الناس، بتعليم اشتغاال يكون أن إال اإلسالم، يف حرفة ليس الدين إن 17.سواء

أن ليعرفون مجيعا هؤالء وإن .األعمال عمل يف ختصص شأن أي شأنه املختلفة، أحواهلم يف قضاء أو األخرى، اإلنسانية

على تعتمد ال واضحة، بسيطة عقيدة فاإلسالم واخلرافات، حوله الترهات جيمعون الذين الدجالني، يطارد اإلسالم

الصاحل، والعمل نظيف،والسلوك ال املستقيمة، العقيدة على تعتمد إمنا والدعوات، والشفاعات املعجزات والكرامات

باسم ويعيشون يعملون شيئا ال الذين املتبطلني يطارد أن له عمل أول فسيكون اإلسالم حكم ولو .واإلنتاج واجلد

اجلماهري، والدراويش عقول بامسه ويستغفلون األساطري، بغموض اإلسالم وضوح يلبسون الذين والدجالني الدين،

.كثري جد كثري مصر يف وهم دولته، يف عمال وال ساحته، يف اإلسالم مكانا هلم يعرف ال الذين

الدولة ترزقهم وظيفة والرأمسالية، اإلقطاعية اجملتمعات يف أساسية وظيفة هلم أن يعرفون الدين رجال من واحملترفون

العاملة لكادحةا باجلماهري والتغرير التخدير وظيفة هي تلك ،...يف اجملتمع منها والكسب مزاولتها هلم وتيسر عليها،

الثراء وحيدد عنها، املستغلني واملستبدين ويكف حقها، اجلماهري هذه فيعطي اإلسالم، حيكم حني فأما احملرومة، املستغلة

!يف اجملتمع؟ احملترفني هؤالء وظيفة فما هذا يتم حني ،...املمنوعني احملرومني نفوس وجوده مبجرد يؤذي الذي الفاحش

!اجلماهري؟ مع عملهم وما ؟يف الدولة مكاهنم وما

األوضاع، تلك صحت فإذا فيها، أجهزة احلكم من أصيلة وقطعة املختلة، االجتماعية النظم من جزء الدين حرفة إن

ونظاما وسلوكا، عمال سيستحيل ذاته الدين ألن ضرورة؛ وال طلب بال تصبح الدين فحرفة األجهزة، تلك وسلمت

وعقوهلم، بأفكارهم احملترفون أولئك يدركها ال واضحة حقيقة وتلك .وتراتيل ومتتمة ر،وشعائ أقواال وال يظل وجمتمعا،

                                                             !؟ إسالمية حكومة قيام من ليمنع العسكرية؛ بالثورة وجاء امللكية فأسقط مصر، يف اإلسالمية احلركة على الطريق فقطع االستعمار جنح وقد 17

 

108  

هذه وأقل اإلسالمي، أخطار احلكم يدركون وهم بدورهم، مستغلون مستنفعون وهم ،وفطرهتم حبسهم فهم يدركوهنا

).يعرفها اإلسالم ال اليت السلبية خدمتهم عن االستغناء األخطار

كتابه فكان به، وعدت الذي حتقيق اإلصالح على ستعمل ظن أهنا اليت الثورة قيام بعد للسلطة قطب سيد تصدى كما

بالتحاكم ترضى اليت اجملتمعات وجاهلية اهللا، أنزل مبا حتكم ال اليت جاهلية األنظمة فيه أكد الذي) الطريق على معامل(

القوة استخدام من البد باحلجة، فكان احلجة يواجه أن املبدل اجلديد السياسي اخلطاب يستطع فلم اهللا، غري شريعة إىل

وبعد الثورة قبل وحقوقه وحرياته ودينه الشعب عن طاملا دافع الذي الشهيد إعدام ومت الفكرة، هذه على للقضاء

!!املستبد؟ قاتله على بكى كما عليه الشعب يبك فلم الثورة،

وحكمت السياسي خطاهبا عن أن تراجعت سنة بعشرين قطب سيد قتل بعد العريب العامل يف اإلسالمية احلركة تلبث ومل

!متطرفة؟ بأهنا قطب سيد أفكار على

الدعوة وبدأت الظاملة، احلاكمة حيال األنظمة موقف من اختاذه جيب فيما نفسها على تنقسم اإلسالمية احلركة وبدأت

اإلصالحي املشروع خلدمة واستثمارها توجيهها هبدف العسكرية أو امللكية األنظمة مع والتحالف الداخلي اإلصالح إىل

منها، وأقدر احلركة اإلسالمية من أذكى كانت األنظمة أن غري! هنضتها؟ وحتقيق أزمتها من باألمة اإلسالمي للخروج

من شيئا احلركة حتقق أن دون على ممارساهتا، وإضفاء الشرعية خلدمتها احلركات توظيف األنظمة هذه فاستطاعت

مشروعها لصاحل يكون سوف الليربايل أو الشيوعي التيار ملواجهة هلا اجملال فسح وظنت أن االستراتيجية، افهاأهد

سرعان اليت االستبدادية األنظمة يف صاحل إال هو إن جهد من به قامت ما كل كان بل يكن، مل ذلك أن غري اإلسالمي،

أصدر أن بعد الضحية هي لتصبح الشيوعي؛ املد مواجهة يف مهمتها أدت أن بعد اإلسالمية احلركة عن ختلت ما

!احلركة؟ هلذه للتصدي اجلديد أوامره االستعمار

الشريعة عودة أجل من بدعوى العمل وحرياهتا، الشعوب وحبقوق اإلنسان حبقوق اإلسالمية احلركة اهتمام لقد تراجع

حلقيقة منها فهم دون ومواطنيها شعوهبا حبق مهاوجرائ ،ممارسات األنظمة من كثري عن الطرف غض ومت! اإلسالمية؟

العمل وأن لألفراد واجملتمعات، واألمن واحلرية العدل حتقيق وهو أال ومقاصدها، وأهدافها وطبيعته وشريعته الدين هذا

من هذه إذ ومحايتها، واالقتصادية السياسية وحقوقهم حريات األفراد صيانة إىل املبادرة يقتضي الشريعة تطبيق أجل من

.اإلسالمية اإلسالم والشريعة مبادئ أهم

 

109  

مرحلة خيدم الذي املؤول السياسي إعادة اخلطاب حتاول العشرين القرن من الثمانينات يف اإلسالمية احلركة بدأت كما

،واالحنالل الفساد من بلغت مهما األنظمة هذه على اخلروج حترمي عن فبدأ احلديث املوجودة، األنظمة مع التحالف

!السلمية؟ بالطرق إصالحها أو الداخل من إصالحها بدعوى إمكانية

وجودها مشروعية األنظمة يفقد حياة املسلمني واقع عن الشريعة إقصاء يعد مل إذ يتغريان؛ واخلطاب املوقف بدأو

إلسالمية، ا أقصت الشريعة وإن إسالمية وحكومات دول فهي! وامسه؟ وصف اإلسالم يفقدها يعد ومل بل واستمرارها،

!املسلمني؟ لغري والقوة فيها الشوكة كانت ولو ودعاته، أحكامه وحاربت

خدمتها يف توظفهم احلاكمة، لألنظمة إىل سدنة األقطار من كثري يف وعلمائها اإلسالمية احلركة دعاة من كثري حتول لقد

شرعية ألسباب األنظمة هذه مع التحالف ترفض اليت اإلسالمية احلركات مبا فيها ،السياسية املعارضة حركات ملواجهة

!كثرية؟

أن بدعوى وصحتها، مواقفها شرعية املؤول إلثبات السياسي للخطاب الواقع ضغط حتت اإلسالمية احلركة جلأت لقد

الفارق مراعاة عدم مع اجلديد الطرح هذا ملثل تستروح وصارت واخلراب، الدمار سوى األمة على جير مل اخلروج

جيعل مما حاكمة، والشريعة دائمة اجلهاد وأعالم قائمة، اخلالفة كانت حيث – املؤول اخلطاب نشأة ظروفبني الكبري

للقوى ومصاحلها األمة وتسليم وتعطيل اجلهاد، الشريعة، مت إقصاء حيث احلالية الظروف وبني – أكرب اخلروج مفسدة

!االستعمارية؟

خطة أو واضح، هدف هلا يكون دون أن األقطار أكثر يف األنظمة مع تتعايش اإلسالمية احلركات هذه أصبحت لقد

وال السلطة، إىل يسعون ال بأهنم ليقولوا املأل على خيرجون قادهتا كبار أصبح بل إصالحي، مشروع أو استراتيجية،

!تغيري النظام؟ إىل يهدفون

.السياسي اهبايف خط خطري وتراجع وفكريا، سياسيا احلركة إفالس عن إعالن ذاته حبد وهذا

التجديد، حمل غري يف السياسي يف خطاهبم جيددون مفكروها صار بل بذلك، وقادهتا اإلسالمية احلركة تكتف ومل

!نفسه الدين هتدم ما بقدر اإلسالمية احلركة ختدم ال آراء يرددون فصاروا يبنون، أهنم يظنون حيث من ويهدمون

إعدام منذ التجديدية وقياداهتا احلركة اإلسالمية تعيشه الذي السياسي والعبث الفكرية األزمة مدى يكشف هذا وكل

!قطب؟ سيد

 

110  

حمدد، هدف بال فهي لألهداف، فقدها اإلخالص بقدر تفقد ال قد العريب العامل يف اإلسالمية احلركة أن األيام أثبتت كما

بالنصر، ثقة بال فهي كانت وإن زمة،جا إرادة بال فهي خطط هلا كان وإن خطط واضحة، بال فهي أهداف هلا كان وإن

.سواء وعدمه سياسية أي حركة وجود يكون دوهنا ومن إصالحي، مشروع أي لنجاح رئيسة عوامل هذه وكل

نفسها على حكمت فقد مبدأ التغيري رفضت هي فإن التغيري، أجل من تقوم إمنا والفكرية السياسية احلركات إن

.اجملتمع على ثقيال اعبئ وجودها وكان السياسي، باإلعدام

وأهدافها نفسها تراجع أن دون عليها األمد وطال وسيلة، ال غاية أتباعها نظر يف احلركات هذه وجود أصبح لقد

.املطلوب وفات الظفر ختلف ختلفت أسباب إذا للظفر إذ التنظيمية؛ وهياكلها وخططها

نقد دون التفسري هذا إىل والقدر، واالسترواح اءالقض إىل العريب العامل يف احلركات فشل سبب يرد أن ميكن وال

احلركة بذلته ما عشر تبذل مل العامل يف احلركات من كثري إذ استطاعت وبراجمها؛ وخططها لسياساهتا موضوعي

تصل وأن حتقق أهدافها، أن وقدرات، طاقات من اإلسالمية احلركة متلكه ما عشر متلك وال من تضحيات، اإلسالمية

حتقيق إىل الوصول يف اإلسالمي العريب العامل يف احلركات اإلسالمية عامة فشلت بينما مشروعها، تقيم وأن ة،السلط إىل

!!هدفها؟

حلقة يف تدور زالت ما بل مشروعا إصالحيا، تطرح أن اإلسالمي العامل يف املعاصرة السلفية احلركات تستطع مل كما

وعدم مشروعية يف علمائها بني دائرا اجلدل زال وما اعية والسياسية،االجتم احلياة وتطور الواقع عن بعيدا مفرغة

.إخل…األحزاب وتشكيل الربملان، ودخول السياسية، العمل اجلماعي، واملشاركة مشروعية

رشيد حممد كتبه فيما كما هذا األسئلة كل عن اإلجابة إىل املاضي القرن يف السلفي الفكر علماء كبار سبق مع هذا

يف القانون رجال يف شاكر أمحد السلفي العالمة خطبة يف وكما ،)أم القرى( يف الكواكيب الرمحن وعبد ملنارا يف رضا

أن بعد املادة، عبادة عليه من بنيت مبا أفلست، قد األوربية املدنية إن! السادة أيها: (قال حيث )م١٩٤١ سنة(مصر

مصائر يف هائلة وانقالبات كبارا، أحداثا ليستقبل ر، وإنهويفو يغلي العامل وإن جنت، ما املسلمني بالد على جنت

نسترد استقاللنا كيف اآلن فسنعرف أكثره، أو السياسي استقاللنا نسترد كيف املاضية احلرب بعد عرفنا وكما األمم،

.اهللا شاء إن جمده، لإلسالم وسنعيد كله، والعقلي التشريعي

 

111  

قمت إمنا نفعه، من أكثر اآلن العنف أن ضرر أعتقد وأنا القوانني، على جاحمة ثورة إىل داعيا ولست خياليا، رجال لست

وأنا شريعتنا، من قوانيننا جعل من نريد، ما إىل نصل حىت الطبيعي، التدرج املنتج، بسنة اهلادئ العمل إىل أدعوكم فيكم

.منيعا وال عام يف وال يومني، وال يوم يف إليه يوصل ال هذا أن أعرف

: اهللا حكم مبا التشريع وإىل القضاء، إىل وحدة ندعو اإلسالم، حظرية إىل تعود أن األمة ندعو اهللا، بدعوة ندعوكم إمنا

كان وما} {املفلحون هم وأولئك وأطعنا مسعنا يقولوا أن بينهم ليحكم اهللا ورسوله إىل دعوا إذا املؤمنني قول كان إمنا{

ضالال ضل فقد ورسوله اهللا يعص ومن من أمرهم اخلرية هلم يكون أن أمرا ورسوله اهللا قضى إذا مؤمنة وال ملؤمن

.}مبينا

نريد إال لسنا فالن، أو فالن شئتم، فليحكم هبا ما افعلوا مث والسنة، الكتاب اإلسالمي، األساس على القوانني ضعوا

ما أن وسترون وقلوبكم إميانا، إعجابا، كمصدور ميأل ما الشريعة ودقائق اإلسالم يسر من وستجدون، ....اهللا وجه

هذا إعجاز بأيديكم وستلمسون التقليد قيود من رفع ومهد، مبا ذلل قد اإلسالمي التشريع سبيل يف عقبات من تتومهون

إىل ختطوها أن جيب أخرى وثم خطوة ،...}ومنهاجا شرعة منكم جعلنا لكل{: تعاىل مبصداق قوله وستؤمنون القرآن،

املساواة قدم على الشريعة، علماء من رجاال كلها القانونية جلانكم يف أن تشركوا: اإلسالمي التشريع هذا يوضع نأ

.معكم

أو الدين، نصوص تصادم أو فتاوى قوانني تصدر ال حىت القضايا، أقالم وجلنة ،التشريعية اللجنة اللجان هذه مقدمة ويف

يف نبث أن: الدستوري السلمي السبيل الشريعة، نصر من نبغي ما إىل السبيل نسيكو ذاك وإذ ،...اإلسالم مبادئ تنايف

فسنفوز مرة فشلنا ولئن األمة؛ إىل فيها وحنتكم يف االنتخاب، عليها نصاولكم مث هبا، وجناهر فيها وجناهد دعوتنا، األمة

العزم، ويوقظ من اهلمم، من سيحفز مبا لنجاحنا، مقدمة - أمرنا أول يف أخفقنا إن - من إخفاقنا سنجعل بل مرارا،

.اهللا سبيل ويف هللا خالصا عملنا سيكون وبأن خطئنا، ومواضع خطونا، مواقع لنا مبصرا سيكون وبأنه

الربملان، إىل نوابا منا وأرسلت طاعة لرهبا، بشريعتها، حتكم أن واختارت دعوتنا، عن ورضيت بنا، األمة وثقت فإذا

كل تفعل كما احلكم، مقاليد إلينا فتلقوا الدستور، به مبا يقضي ترضوا وأن نرضى أن وإياكم سبيلنا فسيكون

من كلها مستمدة القوانني جعل من وعدنا، مبا – اهللا شاء إن – لقومنا نفي مث االنتخاب، أحدها يف فاز إذا األحزاب،

)..والسنة الكتاب

هو اإلصالحي مشروعه حتقيق إىل أن السبيل شاكر أمحد احملدث الشرعي والقاضي السلفي العالمة أكد اخلطبة هذه ففي

إىل الوصول خالل من اهلدف هذا حتقيق أجل من يعمل سياسي، إسالمي حزب بإقامة ؛السلمي الدستوري السبيل

 

112  

املصري الدستور به يقضي كما ؛إليه األمور مقاليد األخرى األحزاب وإلقاء ،له األمة انتخاب عن طريق الربملان

18.آنذاك

إذا - علمانية كانت وإن - األحزاب السياسية مع والعمل االنضمام جبواز السلفي الفكر علماء كبار أفىت كما

باململكة العربية السعودية للفتوى الدائمة اللجنة فتوى يف كما توجيها إسالميا، وتوجيهها فيها التأثري املسلم استطاع

).٦٢٩٠ – رقم الفتوى من الرابع الالسؤ األحزاب السياسية من موقف املسلم: (بشأن

تابعة أو لروسيا تابعة إما األحزاب ومن بني السياسية، األحزاب يف ينخرطون ولكنهم مسلمني، الناس بعض: ٤ س

حزب – األحرار حزب االستقالل، حزب واالشتراكية، التقدم حزب: وكثرية؛ أمثال متفرعة األحزاب وهذه ألمريكا،

موقف هو ما بينها، فيما تتقارب اليت األحزاب من غريها إىل ،…الدميقراطية حزب الستقاللية،ا الشبيبة حزب -األمة

صحيح؟ إسالمه هل األحزاب، هذه يف الذي ينخرط املسلم ومن األحزاب، هذه من اإلسالم

مع ويقوى لسان، وفصاحة يف العواقب نظر وبعد إسالمية وحصانة إميان وقوة اإلسالم يف بصرية لديه كان من: ٤ ج

لقبول أرجاهم خيالط أو األحزاب، هذه خيالط أن فله - إسالميا توجيها فيوجهه احلزب جمرى يف يؤثر أن على ذلك

ينتظم عادلة، سياسة شرعية إىل املنحرفة السياسات تيار فيترك ،يشاء من يديه على ويهدي به، اهللا ينفع عسى أن احلق؛

اإلميان ذلك عنده ليس ومن مبادئهم املنحرفة، ال يلتزم لكن املستقيم، لصراطوا قصد السبيل، فتسلك األمة، مشل هبا

منه يصيبه أن دينه على وحمافظة للفتنة اتقاء األحزاب؛ تلك فليعتزل يؤثر، وال أن يتأثر عليه وخيشى احلصانة تلك وال

.والفساد االحنراف من به ابتلوا مبا ويبتلى ما أصاهبم؛

.وسلم وصحبه وآله حممد نبينا على هللا وصلى التوفيق وباهللا

واإلفتاء العلمية للبحوث الدائمة اللجنة

الرئيس اللجنة رئيس نائب عضو عضو

)بن باز عفيفي عبدالعزيز بن عبداهللا الرزاق غديان عبد بن اهللا عبد قعود بن اهللا عبد

                                                             اليت الوضعية القوانني من موقفه مع يتعارض ال الدولة يف السلطات صالحيات وتنظم حتدد سياسية وثيقة هو الذي الدستور من شاكر أمحد الشيخ وموقف 18 .الكبار الفقهاء إال يدركه ال الذي والقوانني الدستور من كل طبيعة بني للفرق امللة، من خيرج كفرا إليها التحاكم شاكر الشيخ يعد

 .يف موقع الدكتور حاكم املطريي) حنو وعي سياسي راشد(وانظر نظرات شرعية يف سلسلة ٥ رقم) الفرقان جملة على أشكل مافي البيان( يف كتبناه ما وانظر

 

113  

األفكار أشد من كان الذي والسلفي خصوصا ،عموما اإلسالمي الفكر اختراق يف الرازق عبد علي خطاب جنح لقد

يف يرى كان كما امللة، من خيرج كفرا الوضعية بالقوانني اهللا والعمل أنزل مبا احلكم تعطيل يرى كان إذ له؛ رفضا

.اإلسالم نواقض من وناقضا ردة جهادهم األمة وترك أعداء مواالة

ودعاته املعاصر السلفي الفكر علماء أكثر اهتمام دائرة خارج) اجلهاد – الشريعة –اخلالفة( موضوع أصبح لقد

!!بالعقيدة؟ االهتمام بدعوى

اجلهاد عد إىل األمر وصل حىت ازداد االحنراف بل الفكر، هذا أدبيات يف ثانوية أو حمظورة القضايا هذه وصارت

أو اإلسالمية الدولة إقامة أجل من العمل أو اخلالفة عودة إىل والدعوة !انتحارا؟ االستشهادية والعمليات !إرهابا؟

!والسنة؟ الطاعة عن خروجا الطغاة باحلق أمام الصدع

،األمة ألعداء االستسالم وصار!! يوجب خروجا؟ وال امللة، عن خيرج ال فسقا مجلة الشريعة أحكام تعطيل وصار

من أمرهم يف والنظر !معاهدون أهنم بدعوى جائزا أمرا اإلسالم أرض العسكرية على قواعدهم وإقامة ،خمططاهتم وتنفيذ

!؟19عليه الناس إثارة أو نقده أو عليه االفتئات حيرم السلطان، اختصاص

ملنهج ذلك بدعوى معارضة السياسية الشئون يف اخلوض وحيرم الكفايات، بفروض للقيام إقامة اجلماعات حيرم كما

!السلف؟

ابن مؤسسها بعد اجلزائر علماء مجعية رئيس - اجلزائري اإلبراهيمي البشري حممد كالعالمة السلفيني يف كان أن بعد هذا

فتضعف وتكل متل أهنا أيظن العلماء؟ جبمعية االستعمار ظن وما: (بقوله االستعمار الفرنسي خياطب كان الذي - باديس

إذا فأما ،...عمله من عماية ويف من أمره، ريب يف كان من يكل إمنا سهمه، وطاش ظنه خاب لقدو واهللا، ال فتستكني؟

كتائب وسنقود ولنا، لنفسها واختارته أرادته الذي امليدان إىل معها فسننتقل سياستها، من جزءا ديننا جتعل أن إال أبت

كما - جتدنا وسوف سوء ظنها، عند - اهللا شاء إن - جتدنا وسوف جلبت، ما علينا جالبة مواجلها، أضيق السياسة يف

إلقامة مساجد سجوهنا حىت اجلزائر أرض أن وهو فقها جديدا، نعلمها وسوف حتب، حيث ال تكره حيث - عرفتنا

منها اهللا ينبعث مئذنة فيها صخرة كل وإن خطيب، ومطية ،خطبة منابر املشانق حىت عود فيها كل وإن الصلوات،

،وخيمة اإلسالم على املعتدي عاقبة إن بنا يهير وسوف أكرب،

                                                             التحرر حركة ضد معها والتحالف املاضي القرن يف االستعمارية خمططاته خدمة يف الصوفية احلركة توظيف اجلزائر يف الفرنسي االستعمار استطاع وكما 19

خدمة يف السلفية ودعاة اإلسالمية احلركة توظيف العريب اخلليج يف اليوم االستعمارية القوى استطاعت كذلك هناك، املخلصون العلماء إليها دعا ليتا واجلهاد !!األجنيب؟ العسكري الوجود إخراج إىل يدعو من كل ملواجهة خمططاهتا

 

114  

أشرف يف السياسة إال مظاهره الصحيح جبميع اإلسالم وما نشأنا، منذ مسلمون ألننا خلقنا، منذ سياسيون وحنن

منهم سلبت حىت منا، النائمون نام فإذا كفتها، لترجيح أو دفتها اإلهلي لتسيري املرشح إال الصحيح املسلم وما مظاهرها،

وحنن وجبلة، طبعا سياسيون حنن ؛الطنب وحبل الذنب كفارة - اهللا شاء إن - فنحن السيادة، منهم مث نزعت لقيادة،ا

إال صيحة فيها ارتفعت وما هدانا، على إال السياسة يف سائر سار املسلوب، فما اإلهلي احلق هبذا الشعور أيقظنا الذين

السياسة هي يعترب زمننا وألن العقيدة، من جزءا السياسة يعد ديننا ألن سياسيون حنن ،...لصيحاتنا صدى مرددا كانت

وحنن اجلهاد، من نوع السياسة واهلواء؛ وألن املاء من للحياة ألزم السياسة يصري وضعها وألن البطولة، آية وألهنا احلياة،

قاموس مفردات من واخلسارة بحفالر خسرنا، أو رحبنا نقول وال، ...بيعةبالط سياسيون فنحن بالطبيعة، جماهدون

ال مساوية، الوجود، فغلته يف الروحية البذور وغرس األرض، يف اإلهلية احلقائق تثبيت غايته الذي أما اجلهاد التجار،

واخلسارة الربح يعدون فال ذلك سبيل يف وأما اجملاهدون السحاب، حتت ما إىل تسف ال متساوية التراب، معاين حتمل

.)حساهبم يف قصر أم الوقت طال يدخلون وال آراهبم، يف

باسم السلطة خلدمة توظيفها يتم الدين وسيلة علماء أصبح حيث ؛قبل من الكواكيب ذكرها اليت املأساة تكررت لقد

االستقالل على االستمرار لزوم األمراء صدور يف ينفثون أهنم دسائس املتعممني، أهم ومن: (قال حيث والسنة، الدين

ويلقون سيئة، وإن كانت اجلارية، احلالة على واحملافظة سنة، كانت وإن الشورى ومعاداة مضرا، كان وإن الرأي، يف

الشرعية؛ السياسة وخيالف األمراء، بنفوذ خيل االنتقاد هلا، حرية وإطالق شئوهنا، تدبري يف األمة مشاركة بأن عليهم

ردها يف تردد وال شفتان، هبا حتركت ملا اإلمارة، سطوة اءهاوور األمة، جهل أن أمامها لوال واهنة، حججا ويلقنوهنم

).إنسان

رسالة يف جاء ما ظهوره بعد والفكر السلفي ،املبدل اخلطاب ظهور قبل السلفي الفكر بني الشاسع البون يؤكد ومما

األمري على العثمانية بالدولة استعان الذي اهللا عبد األمري من الشيخ وموقفه آل اللطيف عبد الشيخ السلفي العالمة

20.سعود

،واجلهاد ،الدولة موضوع من اهلجريني والثالث عشر الثاين القرنني يف السلفي الفكر موقف بوضوح وفيها جتلى

!احلديث؟ العصر يف السلفية املدرسة هذه خطاب يف الذي حصل التراجع ومدى ،املؤمنني غري ومواالة

الواقع، لضغوط استجابتها فكريا وعقائديا، ومدى اإلسالمية األمة تعيشها اليت األزمة مدى يكشف التحول هذا مثل إن

وإضفاء ،املبدل السياسي خطاهبا خدمة يف العلماء توظيف احلديث العصر العريب يف العامل يف احلكومات استطاعت فلقد

                                                             .349:350:351تعذر اختصار هذه الرسالة؛ و للمهتم مراجعتها من الكتاب ص 20

 

115  

إقصاء شرعية وهو بدل،الرازق امل عبد علي خطاب يف ما أسوأ املعاصر السياسي اخلطاب يف فاجتمع الشرعية عليه،

الشورى، وجوب وعدم االستبداد مشروعية املؤول، وهو اخلطاب يف ما وأسوأ ،)واجلهاد - والشريعة - اخلالفة(

الدماء، وانتهكت من سفكت وفسادها، ومهما احنرافها بلغ مهما السلطة على اخلروج احلكم، وحرمة توارث وجواز

.)املضلون األئمة أميت علي أخاف ما أخوف(: النيب ديثح هذا يف ليصدق واحملرمات؛ احلقوق من

الرمحن كعبد وأتباعه األفغاين مجال الدين حركة - كادت أو - جتاوزته أن بعد املؤول السياسي اخلطاب بعث مت لقد

انيناتالثم عقد جاء إن فما الفكر، هذا حتمل كانت اليت املنار حاول إصدار الذي البنا، وحسن رضا ورشيد الكواكيب

الصحوة علماء أكثر النهضة، وبدأ حركة خطاب فجأة جديد، وتراجع من املؤول اخلطاب ساد حىت القرن العشرين من

األئمة، جور على والصرب اخلروج، وحترمي والطاعة، السمع مفهوم حول يدندنون الفترة هذه يف ودعاهتا ،اإلسالمية

لقد اختار احلديث، والعصر الفكر هذا نشأة عصر بني الشاسع ونوالب للفرق مراعاة السلف دون بأقوال واالحتجاج

والدماء مصونة، واألعراض والشريعة حاكمة، قائمة، اجلهاد أعالم حيث العباسي املأمون مثل على الصرب السنة أئمة

وظهر الشريعة، تعطيل فيه ومت اإلسالمي، العامل على العلمانية فيه التيارات سيطرت الذي العصر هذا حمقونة، خبالف

وصار لليهود والصليبيني، فيها الشوكة وصارت املسلمني، شئون على والدين األمة أعداء البواح، واستوىل الكفر

العبيديني، عهد يف كان مما أشد احلال وأصبح وتسلب أمواهلم، أعراضهم، وهتتك دماؤهم، تسفك: مطاردين املسلمون

.وجهادهم عليهم روجاخل كفرهم ووجوب على العلماء أمجع الذي

يف بل ،)فاصربوا أثرة بعدي سترون(: النيب فيه قال الذي الزمن يف ال به واالحتجاج اخلطاب هذا استدعاء مت لقد

).كفرا بواحا تروا أن إال: (فيه قال الذي الزمن

اليت األنظمة هي بل شأنه، يف اختلف العلماء الذي باجلور توصف اليت األنظمة هي ليست اليوم األنظمة أكثر إن

إال الواقع على السلف كالم ترتيل ميكن فال استطاع، ملن عليها وجوب اخلروج على العلماء أمجع الذي بالكفر توصف

.مصر يف العبيديني دولة على صح ترتيله لو كما

السياسي خلطابا مفاهيم تنسف ثورة فكرية، إىل تكون ما أحوج اليوم اخلصوص وجه على والعربية اإلسالمية األمة إن

طريق عن السلطة اختيار يف األمة كحق املرتل؛ الشرعي السياسي مفاهيم اخلطاب إحياء على وتعمل واملبدل، املؤول

ثرواهتا على املراقبة وحقها يف احنرافها، عند خلعها يف وحقها وحماسبتها، السلطة مراقبة يف وحقها الشورى والرضا،

إىل التحاكم يف وحقها واحلرية، واملساواة العدل االجتماعي حتقيق يف وحقها ها،ومصاحل أوطاهنا ومحاية وأمواهلا،

يف تكوين وحقها وجل، وال خوف بال السلطة ونقد والتفكري التعبري وحرية السياسي ممارسة العمل يف وحقها شريعتها،

 

116  

من تدخل دون والفكرية يةاملشاريع العلم على األوقاف وقف يف وحقها إليها، واالنضمام واجلماعات األحزاب

.العادلة املرتلة الشريعة أحكام إطار يف ذلك كل السلطة،

أم احلكومات إليها أبادرت سواء سياسية كربى، إصالحية ثورة بإحداث كفيل الشرعية السياسية املفاهيم هذه إحياء إن

.الشعوب هبا قامت

عن اإلصالحية مشاريعها حققت كله إمنا العامل يف حيةاإلصال احلركات مجيع أن تدرك أن اإلسالمية احلركة على إن

اجملتمع إصالح يتحقق فبصالحها نفسها، السلطة بإصالح إال أمة هنضة أو اإلصالح حتقيق إىل سبيل وال السلطة، طريق

لىع عاد اإلسالمية، وإن للمجتمعات العام اإلصالح حيقق أن ميكن ال االجتاه هذا غري يف يبذل وكل جهد وهنضته،

بتحقيق للسلطة وصوهلا بعد العامل يف واأليديولوجيات احلركات مجيع قامت لقد ؛والصالح باخلري األفراد بعض

التاريخ يعرف ومل إخل، …والثورة األمريكية الروسية والثورة الفرنسية الثورة يف حصل كما اإلصالحية، مشاريعها

.قالطري بغري هذا مشروعها حتقيق يف جنحت إصالحية حركة

القرن يف اليابان إمرباطور فعل كما حتقق اإلصالح أن إصالحيا مشروعا حتمل نفسها هي كانت إذا السلطة بإمكان نعم،

وحيول ظهوره من مينع املبدل السياسي اخلطاب ألن الظاهرة؛ هذه مثل مل يشهد اإلسالمي العامل أن إال عشر، التاسع

.دون وجوده

ومشاركتها السلطة برضا ثورية، أو سلمية كانت مشروعة وسيلة بكل هنضتها حتقيق ىلإ طريقها تشق أن األمة على وإن

احلديث يف كما وكرامتها، وحقوقها وحريتها دينها دون تقاتل أن فللشعوب احلق ومعارضتها، رضاها دون أو

: وقال ،)شهيد وفه دون عرضه قاتل ومن شهيد، فهو نفسه دون قاتل ومن شهيد، فهو ماله دون قاتل من( :الصحيح

).شهيد فهو حقه دون قاتل من(

النتيجة فكانت مفاسد، من اخلروج عليها على يترتب ما خشية واحنرافها؛ السلطة طغيان مواجهة العلماء حرم لقد

األوضاع إصالح ميكن يعد مل حىت اإلسالمي العامل وختلف واالستقرار،األمن وفقدان االستعمار، حتت كلها األمة وقوع

.وشرعية اجتماعية ضرورة باتت اليت والسياسية الفكرية الثورة طريق عن إال فيه

أن يوم احلال عليه كان كما وعادت اجلديد اليوم، االستعمار حتت سقوطها إىل بدورها القيام عن األمة تقاعس أدى لقد

.قرن من أكثر قبل الغريب االستعمار دخل

 

117  

أذى من ذلك يف ملا اهللا؛ سبيل يف املنكر واجلهاد عن والنهي باملعروف األمر يدع: (من على اإلسالم شيخ عاب وقد

قال وقد الراجحة املصلحة ينظر فال واألبرار، الصاحلني على والفجار يستويل الكفار حىت منهم، واالنتقام الناس بعض

وإخراج احلرام واملسجد وكفر به اهللا سبيل عن وصد كبري فيه قتال قل فيه قتال احلرام الشهر عن يسألونك{ :تعاىل

بالكفر احلاصلة فالفتنة شر فيه النفوس قتل كان وإن: يقول سبحانه ،}القتل من أكرب والفتنة اهللا عند أكرب منه أهله

.)أدنامها بالتزام الفسادين أعظم فيدفع من ذلك، أعظم أهله وظهور

وللسيطرة اإلرهاب، مكافحة داره بدعوى قرع يف اإلسالم على القضاء بقصد خمطط وفق اجلديد االستعمار جاء وقد

إىل الوصول أجل من وعالنية سرا تعمل أن اإلسالمية احلركة وإن على وتشرذمها، متزيقها بعد وثرواهتا األمة على

أن عليها كما ؛هبا احمليطة للظروف سرية كانت حيث بداياهتا، يف مكة يف النبوية الدعوة حال كان عليه كما ؛هدفها

يف األمة علماء أكثر ذلك أجاز كما تعذر، إن الثورية الطرق أو تيسر إن السلمية بالطرق أهدافها حتقيق إىل تسعى

شئوهنا، يف وحتكمهم عليها، األمة أعداء ظهور من أشد فتنة وأي السلطة واحنرافها، طغيان ملواجهة األول الصدر

!؟}القتل من أشد والفتنة{ :قال وقد اهللا، سبيل عن وصدهم دينهم عن مكان كل يف واملؤمنات وفتنتهم املؤمنني

 

118  

 

:واخلالصة

الشرعي، السياسي اخلطاب على طرأ لالحنراف الذي طبيعية نتيجة هو وختلف احنطاط من اليوم األمة تعيشه ما أن - ١

عند وإصالحها ها،واحنراف طغياهنا ومقاومة ،وحماسبتها ،السلطة اختيار يف من حقها والسنة الدين باسم األمة جرد الذي

وما{: قوله يف بذلك القرآن أخرب كما اهلالك النتيجة فكانت الفساد، وظهر واالستبداد، الظلم شاع فسادها، حىت

ذلك يتجاوزوا حىت وحده الشرك بسبب األمم ليهلك اهللا كان ما أي} مصلحون وأهلها بظلم القرى ليهلك ربك كان

.كالقرطيب والشوكاين فسرونامل قال بينهم، كما فيما التظامل إىل

مبدل أو ،مؤول إما عداه ما وأن اإلسالم احلق، تعاليم ميثل الذي اخلطاب هو املرتل الشرعي السياسي اخلطاب أن - ٢

: احلديث يف جاء كما األمة، شئون وسياسة اإلمامة باب يف الراشدون عليه اخللفاء كان مبا والتمسك ؛ورفضه رده جيب

هبذا التمسك نوإ ،)وحمدثات األمور وإياكم بالنواجذ، عليها عضوا بعدي، من الراشدين اخللفاء وسنة عليكم بسنيت(

العلماء أهوائهم على وتابعهم واألمراء، امللوك اليت أحدثها البدع من هو سواه وما والسلفية، السنة هو اخلطاب

بشرب، شربا قبلكم كان من سنن لتتبعن( النيب بذلك أخرب كما واألكاسرة لسنن القياصرة منهم اتباعا والفقهاء،

).والروم فارس ،…بذراع وذراعا

:على يقوم اخلطاب هذا وأن - ٣

.ونقدها ومراقبتها، عليها، وخلعها، واالشتراط الرأي، وحماسبتها، ومشاركتها السلطة، اختيار يف األمة حق- أ

.حجر أو مصادرة دون والتعبري ،التفكري حرية يف وحقها - ب

.له والتصدي ،السلطة طغيان مقاومة يف قهاوح – ج

.والفكري السياسي والتجمع ،االنتماء يف وحقها – د

.الشريعة هبا جاءت اليت ،وحريته ،اإلنسان حقوق احترام وضرورة – ـه

.لفرصا تكافؤ مبدأ وفق العامة تويل الوظائف ويف ،القضاء أمام اجملتمع أفراد بني واملساواة ،العدل حتقيق ووجوب – و

.القطعية على أصوهلا خروجها عند السلطة وخلع ،الشريعة إىل التحاكم يف األمة وحق – ز

 

119  

.ومحاية مصاحلها أرضها من االستعمار وإخراج ،أوطاهنا عن الذود يف األمة وحق – ح

األمة ودعوة نشره على مث بالعمل فكريا، واملبدل املؤول اخلطاب مبواجهة إال يتحقق لن اخلطاب هذا وأن - ٤

فالواجب وإال فاهتا، ما وتدارك األوضاع إصالح إىل نفسها لتبادر احلكومات السلمية؛ بالطرق تبنيه إىل وحكوماهتا

وال لالستعمار بقاء إذ بقاؤها الثوري؛ بالعمل أو السلمي السياسي بالعمل سواء ممكنة، وسيلة بكل تغيريها على العمل

.بزواهلا إال زواله إىل سبيل

اإلدارية النظم من عمر استفاد احلقوق، كما هذه تنظيم يف األخرى األمم جتارب من االستفادة شرعا جائز هوأن - ٥

بأمور أعلم أنتم: (النيب قول حتت يدخل ذلك ألن فعل؛ ما على مشروعية الصحابة وأمجع والروم، الفرس لدى

.)دنياكم

.املمنوعة السياسة من فهو وظلم شر ومفسدة فيه ما وكل املشروعة، السياسة من فهو وعدل ومصلحة خري فيه ما وكل

والنقابات ،السياسية األحزاب اإلسالم، وتأسيس هبا جاء اليت املبادئ هذه لتحقيق منظم مجاعي عمل كل وأن - ٦

ياسةالس شئون يف ؛للمجتمع العام الصاحل حتقيق أجل من تعمل اليت حقوق اإلنسان وجلان اخلريية، واجلمعيات املهنية،

االجتماع هذا إذ مثل مشروع؛ ذلك كل واحلريات، احلقوق ومحاية ،واملساواة العدل وحتقيق ،واالقتصاد واالجتماع

فهو به إال الواجب يتم ال وما ،}والتقوى الرب وتعاونوا على{: قوله يف داخل املفاسد ودفع املصاحل جلب على

.واجب

.)إبراهيم من بالشك أحق حنن( النيب إليه دعا ماك بالشك هي اإلصالح طريق على خطوة أول وإن

اجملتمع، ثقافة نتاج هي اليت اإلسالمية املعاصرة بالثقافة والشك وجماالته، الدين عن وتصوراته اجملتمع مبفاهيم الشك

والكليات الدينية واملدارس املساجد ذلك يف مبا والتعليم، اإلعالم وتوجيهها بوسائل بتشكيلها احلكومات تقوم الذي

اليمني أقصى إىل ،اليسار االشتراكي أقصى من توجهاهتا تفاوت على ؛احلكومات خدمة يف توظيفها مت الشرعية، اليت

من وإنه ؛شئونه على الغريب االستعمار وهيمنة العثمانية، سقوط اخلالفة منذ العريب العامل على سيطرت اليت ؛الرأمسايل

وليس العبودية، وجحيم الوهم أغالل يف ترسف ستظل بل احلرية، ونعيم يقني،ال برد إىل تصل األمة لن الشك دون

.الطوفان أو الثورة سوى التيه هذا من للخروج أمامها

.الكتاب األصل انتهى

 

 

120  

 

:وختاما

تبع،أن احلق أحق أن ي: كامال، واضعا أمام عينيه ع ومن يعنيه األمر من قراءة الكتابللمهتم حبال األمة واملتاب ال غىن

!من عرف احلق عرف أهلهمعرفة الرجال باحلق، ومتحريا ،حذرا من آفة معرفة احلق بالرجال

أن تقليد العلماء وطاعتهم وتقدمي قوهلم بني يدي اهللا ورسوله، مسة لليهود، وتشبه هبم، ال يعذر صاحبه يف : تذكرمث

مينعنك حب الشيخ وتعظيمه من االنقياد للحق ذلك، ما دام أنه يعرف احلق بنفسه، أو يسمعه من قوم آخرين؛ فال

إذا وقفتما على شيخك لن حيمل ذنبكمن مسائلة اهللا لك يوم القيامة، و فلن ينجيك هذا التقليد ؛الذي مع غريه

!عرصات القيامة

،هاأن اليهود هلكوا على أيدي قرائهم وفقهائهم وأن أكثر قراء اليوم وفقهاءه يلبسون على األمة دين: وتذكر

إن مل يكن ممسوخا مشوها فهو أنتجت ديناأوهنتها، وويدعون إىل سبل أخرى فرقت األمة و ،ويصدون عن سبيل اهللا

!كما ذكر املؤلف خمتزل ناقص

أن اهللا قد شبه يف قرآنه العظيم عاملا كبريا بآيات اهللا وجماب الدعوة شبهه بالكلب يوم ركن إىل الدنيا وترك : وتذكر

!يعملون هبا كاحلمار حيمل أسفارا وشبه علماء يهود الذي حيفظون املتون يف صدروهم وال ،لفهآيات اهللا خ

إمنا ،الذين يكتمون ما أنزل اهللا من الكتاب بالعذاب األليم وأن الذي يشترون بآيات اهللا مثناأن القرآن توعد : وتذكر

اله ذكر هذا كله يف كتابه العزيز ليدل على عظم هذه الفتنة، أن اهللا جل يف ع: يأكلون يف بطوهنم نارا يوم القيامة واعلم

فذاك معه اآليات واآلخر يف : حىت ينتبه األتباع وحيذرون ويؤمنون بأن العصمة ليست ألحد من العلماء مهما بلغ علمه

!!!ا مثال يضربار والكلب صارصدره احملفوظات ومها بني احلم

.والسالم على من اتبع اهلدى ودعا إليه

هـ 1432أواخر ربيع الثاين سنة ) أخت األحرار(املختصر بقلم مت

 

121  

السرية الذاتية للدكتور حاكم املطريي

.م1964 : 11 : 7 بتاريخ الكويت يف ولد املطريي احلميدي عبيسان حاكم

مع ممتاز ديربتق م1989 سنة الكويت جبامعة اإلسالمية والدراسات الشريعة كلية من اجلامعية اإلجازة على حاصل ·

.الشرف مرتبة

القرى أم جبامعة الدين وأصول الشريعة كلية يف والسنة الكتاب قسم من ممتاز بتقدير املاجستري درجة على حاصل ·

.)والرواة الروايات على وأثره الراوي على االختالف( أطروحته عن م1995 سنة املكرمة مبكة

حتقيق( أطروحته عن م2000 سنة بإجنلترا برمنغهام جبامعة إلسالميةا الدراسات قسم من فلسفة دكتوراه على حاصل ·

النبوية السنة حول املستشرقني شبهات دراسة مع احلنبلي للسرمري الشريعة أحكام إىل الذريعة إحكام كتاب

).ومناقشتها

املعامالت فقه ختصص الفقه قسم املغرب بفاس القروين جامعة من الدكتوراه على حاصل

. جدا مشرف بدرجة) الكناين هارون بن حملمد والتمام النهاية خمتصر كتاب حتقيق( أطروحته عن م 2006 سنة

.الكويت جبامعة الشريعة كلية يف واحلديث التفسري بقسم دامساع أستاذا اآلن ويعمل ·

.م 2005 – 2000 السلفية للحركة العام األمني ·

.م 2008 – 2005 األمة حلزب العام األمني ·

:العلمية واجلامعات اجلوامع يف دروسهم وحضر عليهم درس الذين شيوخه أبرز من ·

: الكويت يف

الفقه يف) السبيل منار( كتاب عليه درس وقد احلنبلي الفرضي الفقيه اجلراح اهللا عبد بن سليمان بن حممد الشيخ -1

أوائله من احلنبلي الفقه يف) املنتهى غاية حشر( وكتاب يسري فوت مع والشهادات القضاء كتاب إىل أوائله من احلنبلي

وله م1996 سنة وذلك أسبوعني بعد وتويف املستشفى ودخل الدرس عن الشيخ توقف حيث الزكاة كتاب أواخر إىل

. سنة وتسعون أربع

 

122  

دليل بشرح املآرب نيل( كتاب عليه ودرس احلنبلي األصويل الفقيه األشقر اهللا عبد بن سليمان بن حممد الشيخ -2

.األشقر للشيخ) الفقه أصول يف الواضح( وكتاب م1986 سنة الوقف كتاب إىل أوائله من احلنبلي الفقه يف) الطالب

الفقه أصول كتاب من الفقه أصول ومادة الفقه أصول يف مقدمة عليه ودرس األصويل الفقيه النشمي عجيل الشيخ -3

.اجلامعية الدراسة أثناء شعبان الدين زكي للشيخ

من التفسري من وقطعة) السبيل منار( من البيوع كتاب عليه ودرس املفسر الفقيه اخلالق عبد بن الرمحن عبد الشيخ -4

.كامال الفقه أصول يف كتابه عليه قرأ كما كثري ابن كتاب

الفقهية القواعد يف منظومة عليه وقرأ املعمر احلنبلي واألديب الفقيه اجلراح اهللا عبد بن سليمان بن إبراهيم الشيخ -5

.احلديث ومصطلح

وقطعة احلديث مصطلح اجلامعية الدراسة أثناء عليه ودرس مكة نزيل السوداين احملدث صديق حممد يوسف الشيخ -6

البخاري صحيح( الستة والكتب الصالح ابن للحافظ احلديث علوم برواية وأجازه النووي بشرح مسلم صحيح من

الكتب يروي وهو لصنعاين السالم وسبل) والنسائي ماجة ابن وسنن الترمذي جامعو داوود أيب وسنن مسلم وصحيح

. املدين الشنقيطي املختار حممد العالمة شيخه عن الستة

.املفسرين ومناهج التفسري علم يف قواعد عليه ودرس فرحات حسن الشيخ -7

والنظائر األشباه من وقطعة النحو يف كتابه عليه ودرس اللغوي النحوي احملقق العالمة سامل مكرم لعال عبدا األستاذ -8

.بتحقيقه للسيوطي النحو يف

كتاب من) والبديع والبيان املعاين( كامال البالغة علم عليه ودرس العروضي اللغوي اهليب فوزي أمحد األستاذ -9

.للجرجاين اإلعجاز دالئل من وقطعة القزويين شرح للسكاكي املفتاح تلخيص

.كامال الفن هذا يف كتابه عليه ودرس الصرف علم عنه وأخذ املوسى هناد األستاذ- 10

قسم يف اإلمام جامعة يف للدراسة فيها وجوده أثناء دروسهم وحضر عليهم درس ممن الرياض يف شيوخه أبرز ومن

:م1990 عام للماجستري املنهجية السنة يف احلديث

يف املعاد وزاد واألنعام املائدة سورة من كثري ابن تفسري يف السنة كتل أثناء درسه ولزم باز بن العزيز عبد الشيخ -1

.الباري فتح ومقدمة الزكاة كتاب من النسائي وسنن وسلم عليه اهللا صلى النيب حجة وصف

 

123  

املرام وبلوغ النووي بشرح مسلم صحيح يف مسجده يف وثالثاء سبت كل درسه ولزم قعود بن اهللا عبد الشيخ -2

.السنة تلك أثناء حسن لصديق اخلالص والدين للموصلي املرسلة الصواعق وخمتصر سالمال سبل وشرحه

جبامعة للماجستري املنهجية السنة يف األسانيد ودراسة التخريج علم عليه ودرس املصري احملدث معبد أمحد الشيخ -3

ثبت(و لشوكاين) الدفاتر بإسناد براألكا إحتاف( ومنها شيوخه عن مروياته برواية أجازه وقد احلديث قسم يف اإلمام

.الفاداين للشيخ) األرب سد( ثبت و) الكبري األمري حممد

. الصالح ابن للحافظ احلديث علوم من مباحث عليه ودرس الدميين مسفر الشيخ -4

. الفتح وأول الباري فتح مقدمة من قطعة عليه ودرس احملدث املرية حممود الشيخ -5

أم جبامعة الدين وأصول الشريعة بكلية والسنة الكتاب قسم يف خاصة املكرمة مبكة عليهم درس الذين شيوخه أبرز ومن

:م1992 سنة القرى

واخلاص العام ومباحث للسيوطي القرآن علوم يف اإلتقان عليه ودرس الشنقيطي اخلضر حممد األصويل الشيخ -1

.عمه وابن اخلضر حممد شيخ وهو نقيطيالش األمني حممد للعالمة األصول مذكرة من واملقيد واملطلق

الترمذي علل شرح من ومباحث للسيوطي الراوي تدريب عليه ودرس سيف نور حممد أمحد احملدث الشيخ -2

.رجب ابن للحافظ

.األسانيد ودراسة احلديث ختريج علم عليه درس وقد العثيم العزيز عبد احملدث الشيخ -3

.التفسري علم يف مباحث عليهما ودرس القاسم حممد يخوالش اهللا فتح الستار عبد الشيخ -4

هـ1415 سنة وأجازه باألولية املسلسل عليه قرأ وقد جربان بن حممد بن أمحد مكة نزيل اليمين احملدث الشيخ -5

قاضي ومنهم املشهورة باإلثبات والشام واملغرب ومصر واحلجاز اليمن أهل من شيوخه عن يرويه ما كل عنه يروي بأن

والشيخ عبدالدامي حممود والشيخ املطيعي خبيت حممد والشيخ هالل سيف نور حممد واحملدث مشاط حسن السيد كةم

السيد احملدث وأخوه احلسين الغماري صديق بن اهللا عبد السيد والشيخ احلوراين صاحل والشيخ خملوف حممد حسني

والسيد األهدل هند حسن حممد والسيد ألهدلا حسن الرمحن عبد السيد والشيخ الغماري صديق بن العزيز عبد

.وغريهم البيت آل من األمصار علماء من وغريهم الزواك حممد بن حسني

 

124  

) الدفاتر بإسناد األكابر إحتاف( ثبت برواية أجازه وقد الشنقيطي حممد الشيخ بن اهللا عبد بن حممد احملدث الشيخ -6

.)السنبلية األوائل( وثبت لشوكاين

:القصيم علماء من عليهم قرأ أو دروسهم حضر الذين شيوخه من و

م1996 سنة إىل م1986 سنة منذ الصيفية العطل يف خاصة دروسه حضر وقد العثيمني صاحل بن حممد الشيخ -1

احلنبلي الفقه أصول يف التحرير خمتصر من وقطعة مفرقة أبواب من احلنبلي الفقه يف الزاد شرح الدروس تلك ومن

الزاد من والفرائض الفرائض يف والرحبية احلنبلي رجب ابن قواعد من وقطعة الفقه أصول يف للجويين تالورقا وشرح

أصول يف كتابه شرح يف ودرسه كثري ابن تفسري و النووية األربعني شرح من وقطعة البخاري صحيح يف ودروس

.العقيدة يف السفاريين نظم شرح من وقطعة كامال التفسري

شرح من وقطعة الفقهية القواعد يف السعدي شيخه منظومة عليه وقرأ النحوي الفاحل صاحل بن هللا عبد الشيخ -2

.التوحيد كتاب على السعدي

عليه قرأ حيث م1996 سنة الكويت زار حني دروسه حضر وقد بريده مدينة علماء من منصور بن حممد الشيخ -3

كامال األصول الثالثة وكتاب تقرير قراءة كامال تيمية ابن إلسالما لشيخ الواسطية العقيدة كتاب العلم طلبة من مجاعة

.مسلم صحيح من وقطعة تقرير قراءة

:اجنلترا يف عليهم قرأ الذين شيوخه ومن

للضيب املفضليات من خمتارات عليه قرأ وقد السوداين الدامي نور احلرب يوسف املفسر اللغوي األديب الشيخ -1

.برمنغهام مدينة احلرب الشيخ زار حني يباملتن ديوان من وخمتارات

يف ومنظومته الفرائض علم يف الرحبية عليه وقرأ اليماين الشافعي بكري بن سامل بن علي الفرضي الفقيه الشيخ -2

).املواريث فقه إىل احلثيث السعي( الفرائض

جامعة يف الشريعة كلية يف لميةالع اجلامعات يف منهم واستفاد عليهم درس الذين واألساتذة الشيوخ من وغريهم

التعلم شرف بذلك وله التعليم فضل عليه هلم وكان املكرمة مبكة القرى أم وجامعة الرياض يف اإلمام وجامعة الكويت

.عنهم واألخذ منهم

:وحتقيقاته املطريي حاكم الدكتور مؤلفات ·

 

125  

:املؤلفات

.الكويت جامعة طبع املستشرقني وشبهات النبوية السنة تدوين تاريخ -1

للدراسات العربية املؤسسة طبع التارخيية ومراحله اإلسالمي السياسي للخطاب موضوعية دراسة الطوفان أو احلرية -2

.والنشر

علم يف جملدات ثالث يف الطبع حتت وهو تطبيقية دراسة مع والرواة الروايات على وأثره الراوي على االختالف -3

.احلديث علل

فقه إىل احلثيث السعي( هي علمية منظومات مخس يف ألفية وهي البشائر دار طبع الفنون وبدائع وناملت روائع -4

علم يف) الوجيز نظم يف اإلبريز(و الفقه أصول علم يف) األصول علم إىل الوصول(و الفرائض علم يف) املواريث

األجرومية بني اجلمع يف االبتدا رائعة( و احلديث مصطلح يف) االصطالح علم يف القراح العذب( و الفقهية القواعد

.النحو علم يف) الندى وقطر

.الكويت جبامعة الشريعة كلية جملة يف منشور حمكم حبث بالسواد اخلضاب أحاديث نقد يف اإلسعاد -5

.القاهرة جبامعة والقانون الشريعة جملة يف منشور حمكم حبث اآلثار نقد يف ومنهجه الطربي جرير ابن -6

األول العدد املشكاة جملة يف منشور) السد حيفرون يأجوج إن( حلديث تفسريية حديثية نقدية دراسة نظر فيه ثرأ -7

.جزأين على والثالث

.الطبع حتت حمكم حبث توثيقه ودرجة العجلي -8

.الطبع حتت حمكم حبث) ملك الرعد( حلديث حديثية نقدية دراسة -9

.الطبع حتت والدجال الدري متيم قصة يف مسلم صحيح يف قيس بنت ةفاطم حلديث حديثية نقدية دراسة - 10

.الطبع حتت التوحيد معامل - 11

.والراشدي والنبوي القرآين السياسي اخلطاب أصول يف دراسة الطغيان وجتريد اإلنسان حترير - 12

:التحقيقات

.مطبوع املعلمي الرمحن عبد للشيخ تقدميها ينبغي أصول -1

 

126  

.بالرياض أطلس دار طبع املعلمي للشيخ ثالثال الطالق -2

.بالرياض أطلس دار طبع املعلمي للشيخ القبور على البناء -3

.الطبع حتت السرمري للحافظ الشريعة أحكام إىل الذريعة إحكام -4

.بعالط حتت جملدات ثالثة يف الكناين هارون ابن لإلمام واألحكام الوثائق معرفة يف والتمام البداية خمتصر -5

.الطبع حتت حنبل بن أمحد اإلمام فقه يف الوجيز -6

 

127  

 

موضوعات الكتابفهرس

مقدمة املختصر

تنبيهات قبل القراءة

الكتابمقدمة

الفصل األول

مرحلة اخلطاب السياسي الشرعي املرتل

:أهم مالمح ومبادئ هذه املرحلة

 ضرورة الدين للدولة وأنه ال دين بال دولة •

 ة وأنه ال سلطة بال إمامضرورة إقامة السلط •

 فال إمامة بال عقد.. ضرورة عقد البيعة •

 وأنه ال عقد بيعة إال برضا األمة •

 وأنه ال رضا بال شورى بني املسلمني •

 وأنه ال شورى بال حرية •

 وأن احلاكمية والطاعة املطلقة هللا ورسوله •

 وحتقيق مبدأي العدل واملساواة •

وصيانتها واجلماعية ةالفردي اإلنسانية واحلريات احلقوق محاية

الفصل الثاين

مرحلة اخلطاب السياسي الشرعي املؤول

:أهم مالمح هذه املرحلة

 .وراثة إىل شورى من احلكم وحتول اإلمام اختيار يف األمة مصادرة حق • .والشورى املشاركة يف األمة حق مصادرة •

 

128  

 .املال بيت على الرقابة يف األمة دور غياب • .واالحنراف الظلم واجهةم يف األمة دور تراجع •

:األسباب اليت أدت إىل شيوع هذا اخلطاب املؤول الذي تراجع باألمة عن خطها السليم يف السياسة الشرعية منها

 .نظرة أصحاب هذا اخلطاب إىل حوادث التاريخ نظرة جزئية ال نظرة كلية -

 .خلطهم بني مفهوم اخلروج السياسي واخلروج العقدي -

 .من الكثري ألحاديث الفنت والتمسك باحلاضر خوفا من املستقبلالفهم غري الصحيح -

 .شيوع الروح الفردية وغياب الروح اجلماعية وترك الفروض الكفائية من خالل فهم أحاديث االعتزال من الفتنة -

 ..شيوع روح اجلرب من جهة واإلرجاء من جهة، بشيوع املذهب األشعري الذي يتضمن عقيديت اجلرب واإلرجاء -

.لو يف تعظيم طاعة السلطان، وإضفاء شيء من القدسية عليه، وهتويل شأنهالغ -

: دراسة ظاهرة املستبد العادل

الفصل الثالث

:اخلطاب السياسي الشرعي املبدل وأهم مالحمه

إثبات عدم شرعية اخلالفة

إثبات مشروعية التحاكم إىل القوانني الوضعية

إثبات عدم مشروعية اجلهاد يف اإلسالم

بهة ال جهاد إال بإمامش

خالصة الكتاب

ختصرخامتة امل

 سرية املؤلف