شرح مفصل لقصيدة النسر لعمر أبو ريشة

6
( أبو ريشةلعمر) النسر أصـبح الـسفح مـلعبالنسور ل فاغضبي يا ذراجبال الii ثوري و إنـلجرح ل صـيحة فـابعثيها فـي سـماع الدنىيح فح سعير واطـرحيلكبرياء ا شلوا مدمىـحت ت أقـدام دهـركii السكيرملمي ل يا ذراجبال ال بقايا النسر وارمـي بـها صدورii العصور إنـه لـم يعد يكحل جفن النجم تـيـها بـريـشةii الـمـنثور هـجر الوكر ذاهل وعلى عينيه شـيء مـن الـوداع الخـير تـاركا خـلفه مـواكب سحبـتهاوى ت مـنفـقها اii المسحور كـم اكـبت عـليه وهي تندي فـوقه قـبلة الضحىii المخمور هـبط السفح طاويا من جناحيه عـلـى كـلطمح مii مـقبوربارت فـت عصائب الطير ما بين شــرود مـن الذىii نـفور و لري تـطي جوابة السفح فالنسر إذا مـا خـبرته لـمii ري تـطي نـسل الـوهن مـخلبيه وأدمت مـنـكبيه عـواصف الـمقدورلـوقار وا الـذيـشيع ي عـليه فضلة الرث من سحيق الدهور وقـف الـنسر جـائعا يـتلوى فـوق شـلو علىرمال الii نثير وعـجـافلبغاث ا تـدفعهمخلب بال الغضلجناح واii القصير فـسرت فـيه رعشة منون جن الـكبر واهـتز هـزةii ور المقر ومضى ساحبا على الفق الغبر أنـقـاض هـيـكلii مـنخور وإذا مـا أتـىلغياهب اجتاز وا مـدى الـظن من ضميرii الثيرـلجلت ج منه زعقة نشتلفاق ا حـرى مـنجها وهii المستطيرهوى و جثة على الذروةلشماء ا فـي حـضنجها وهii المستطير أيـها النسر هل أعود كم عدت أم الـسفح قـد أمـاتii شعوري

Upload: ana-11

Post on 18-Jul-2015

789 views

Category:

Documents


4 download

TRANSCRIPT

Page 1: شرح مفصل لقصيدة النسر لعمر أبو ريشة

النسر (لعمر أبو ريشة)i الجبال ذرا يا فاغضبي للنسور مـلعبا الـسفح أصـبح iوثوري

سعير فحيح الدنى سـماع فـي فـابعثيها صـيحة لـلجرح إن

i دهـرك أقـدام تـحت مدمى شلوا الكبرياء واطـرحي iالسكير

i صدور بـها وارمـي النسر بقايا الجبال ذرا يا لملمي iالعصور

i بـريـشة تـيـها النجم جفن يكحل يعد لـم إنـه iالـمـنثور

الخـير الـوداع مـن شـيء عينيه وعلى ذاهل الوكر هـجر

i افـقها مـن تـتهاوى سحب مـواكب خـلفه تـاركا iالمسحور

i الضحى قـبلة فـوقه تندي وهي عـليه اكـبت كـم iالمخمور

i مطمح كـل عـلـى جناحيه من طاويا السفح هـبط iمـقبور

i الذى مـن شــرود بين ما الطير عصائب فـتبارت iونـفور

تـطيريii لـم خـبرته مـا إذا فالنسر السفح جوابة تـطيري ل

الـمقدور عـواصف مـنـكبيه وأدمت مـخلبيه الـوهن نـسل

الدهور سحيق من الرث فضلة عـليه يـشيع الـذي والـوقار

i الرمال على شـلو فـوق يـتلوى جـائعا الـنسر وقـف iنثير

القصيرii والجناح الغض بالمخلب تـدفعه البغاث وعـجـاف

i هـزة واهـتز الـكبر جنون من رعشة فـيه فـسرت iالمقرور

i هـيـكل أنـقـاض الغبر الفق على ساحبا ومضى iمـنخور

i ضمير من الـظن مـدى واجتاز الغياهب أتـى مـا وإذا iالثير

i وهجها مـن حـرى الفاق نشت زعقة منه جـلجلت iالمستطير

i وهجها حـضن فـي الشماء الذروة على جثة وهوى iالمستطير

i أمـات قـد الـسفح أم عدت كم أعود هل النسر أيـها iشعوري

Page 2: شرح مفصل لقصيدة النسر لعمر أبو ريشة

عمر أبو ريشة: و هو من شعراء العلم العربي المجددين في ألفاظهم و صورهم ،دون التجديد بأوزانهم و

بحورهم ،فحافظ على البحور الخليلية ،فجاء شعره رائعا في تصويره ،رائعا في معانيه اليطرقها.

هو : عمر بن شافع أبو ريشة . )م ( في سوريا ) وهي بلد البحتري ودوقلة وأبي فراس1908ولد في منبج سنة:(

الحمداني . وقد انتقل به والده إلى حلب صغيرا فالتحق بالمدرسة البتدائية فيها ،حتى ألحقه والده

)م .1924بالجامعة المريكية ببيروت سنة (وفي هذا السن بدأ الفتى ينظم الشعر ، ويشارك في أحداث المة حوله .

وقد تأثر بشعراء المهجر فأخذ أساليبهم وقوافيهم ، فأكثر من ألفاظ الحزن على لسانه ،وترددت في شعره ، ومنها: "السعير واللظى" ، "وتباريح الهوى" ،"وبحور التعس".

وكثرت ألفاظ العتزار والفخر والعنفوان والباء في ثنايا قصائده . )م ، ولم يرجع1932ثم درس النكليزية والكمياء في جامعات انكلترا ،وعاد منها عام:(

إليها للدراسة بعد وإنما عمل في سبيل الكفاح الوطني ، حتى اختير بعد عشرين عاما سفيرالدولته يتنقل في امريكا والنمسا والهند وغيرها من البلد ، إلى أن توفي قبل سنوات معدودة .

شعره وشاعريته :قال مبينا منهجه في كلم له حيث يقول :

( هناك .أدوار متباينة النزعات مرت علي ، وتركت في حياتي الدبية أثرها العميق ، أحببت أول نشأتي شعر البحتري وأبي تمام وشوقي وأضرابهم ...و تحت تأثير هذا الرأي أخذت

أنظم . ثم بعد زمن سئمت هذا الشعر ، وهذه الزمرة من الشعراء فعدت أبحث في كتب الدب علي أجد ما أروي من ظمئي ، فعثرت على شعر جيد مبعثر هنا وهناك كأبيات لعبدة بن الطبيب

وابن زريق البغدادي وغيرهما من فحول الشعراء . ثم ساعدني الحظ فسافرت إلى انكترا لتمام دراستي، فشغفت بشعراء كثر كشكسبير وشلبي

. )0و كتيس وبودلير. فهذا الكلم يحكي لنا تنازع المذاهب له، ولكنه استفاد من قراءته للدب القديم حلوة العبارة وجمال التراكيب مما جعل شعره غنائيا في أكثر صوره ، سواء العمودي منه أو المرسل

القوافي . كذلك جاء بمادة وصور حية اشعره خلدها على مر الزمان ، عن طريق التشخيص

والتجسيد والتجسيم . فلم يكن عمر يسعى وراء اللفاظ بقدر ما كان يسعى وراء الصور، فلما نظم قصيدة في

ذكرى حافظ، يرسم الديب البائس .كهزار، قد أوحشته مغانيه، وعاثت كف الذى به ، فناح

2

Page 3: شرح مفصل لقصيدة النسر لعمر أبو ريشة

في وكره وحيدا، يرسل الصرخة الحزينة في الشعر، ويلتمس السبيل ليرى زميله شوقييروح ويغدو فرحا فقال:

ورأى إلفه يروح ويغدو * ويبث الطيار عذب صداحهفبكى لوعة فعاجله النز * ع، فلف المنقار تحت جناحه

وكذلك عمد عمر إلى الرمز والصورة يرسم بؤس حافظ ونعيم شوقي فمثل لهما بطائرينسعد أحدهما وشقي الخر .

وهكذا كل صورة فيها هذا التجسيد والتشخيص . وهكذا انطلق من منبج على بساط القرن العشرين ، بجناحين من عروبة وكرامة وعزة

وشاعرية وعنفوان وذكاء ، يطير بهما من أفق إلى أفق ، فتعلق بشعره بأنواع ثلثةهي :"الطبيعة الفاتنة والمرأة الخالدة والوطن المقدس ".

شعر النضا ترجمة :عمر أبو ريشة تقدمت في تلريخ الدب:

تحليل :قصيدة نـسـر:لعمر أبي ريشه () القصيدة له على قافية الراء المكسورة المطلقة ، وهي من بحر الخفيف ( فاعلتن مستفع لن فاعلتن ) ، ومن عروضه الولى الصحيحة ، والضرب مثلها ، وهو بحر غنائي ، وقافيته

تنبئ عن الحسرة التي في قلبه فهي راء مكسورة تخرج الهواء معها منسابا. وأفكارها تدور حول بكائه على أمل أمته ، بعد أن كانت المل المرجو ، حين كانت قوية بكل

ما تحمل هذه الكلمة من معنى .وقد استحالت حالها إلى هذا الوضع المزري الذي شبههبصورة النسر الكسير ، الذي تجرأ عليه كل شيء من حوله ، لحول له ول طول .

وقد عبر عنه بهذه الصورة الرمزية بهذا النسر الجائع ، وحوله البغات تسخر منه ، فإذا بهينهض إلى السماء ، ويعود جثة هامدة .

والرمز في النسر يحتمل عدة معان ، فبعضهم جعله رمزا للشاعر نفسه ، حيث كان يطمح إلى مكانة عالية في أمته ، لكنه يرى الن من حوله تسلطوا عليه وتسلموا المراتب دونه ،

فحق له أن ينتحر ويترك المكان لهم وحدهم .).361-307انظر : الشعراء .. د/ سامي الدهان.(

وقد يقصد بالرمز:" العربي" في كبريائه وعظمته ، والن وقد تخلى عن هذه القومية لمتابعتهالغرب في كل شيء .

ل عنده : لقد رثى البطال والشهداء ، وخلدهم في قصائد مشهورة أشهرها قصيدته في رثاء "إبراهيم

هناتو" أحد قادات الشعب ، ورثى "سعد الجابري "نديده-نديد هناتو- في الجهاد .كما بكى على دمشق حين احتلل الفرنسيين لها،كما تحسر على أمته وضياع آماله.

كما عبر عن أمته بالنسر حين فقدت القوة بعد أن كانت لتحوم حول السفح وهو ما سندرسهفي النصوص الدبية فيما بعد .

)م1935كما لينسى فلسطين واليهود يعبثون بها منذ سنة" ( وبطولة خالد ابن الوليد ،rكما لننسى أنه صور البطولت القديمة المقدسة مثل بطولة النبي

وهما من ملحمته الكبرى3

Page 4: شرح مفصل لقصيدة النسر لعمر أبو ريشة

=======و له قصيدة من عيون قصائدة تعرف بالنسر ،و هذا هو تحليلها، مع عدم المؤاخذة :

( عمر أبو ريشة - الشعر العربي المعاصر .160إيليا الحاوي - أصبح السفح ملعبا للنسور * فاغضبي يا ذرى الجبال وثوري1

فالشاعر يتحسر على أن سفح الجبل وهو المكان أسفل الجبل ، وقد غدا ملعبا للنسور ، التيلم تكن تألفه من قبل ، حيث مكانها في عاليات الذرى وقمم الجبال .

وهنا ينبغي أن تغضب قمم الجبال العالية على تركه مسارحها ، وأن تعبر عن ثورتهاوغضبها لذلك .

- إن للجرح صيحة فابعثيها * في سماع الدنى فحيح سعير2 إن هذا الجرح الذي أحدثه النسر في ذرى الجبال حين فارقك ، له صيحة تخرج منه في سمع

الزمان مدوية كأنها لهب النار تقذفه بقوة وعنفوان .

- لملمي يا ذرى الجبال بقايا النســــر وارمي بها صدور العصور4 خطاب ( بلملمي) يوحي بعدم المبالت بهذا النسر المحطم ، الذي لم يبق غير حطامه بعد أن

نزل من عليائه، لملميها "و ارمي بها" في قديم الزمن "صدور العصور"، حيث جعلللعصور جسدا وهذه استعارة بالكناية .

وجعل للنسر بقيا لنه فقد مكانته المهيبة من القدرة على الطيران فلم يبق منه ما يستحق أنيكون بمكانته القديمة .

- إنه لم يعد يكحل جفن النجــــــم تيهيا بريشه المنثور5 فالنسر لم يعد له المكانة فيحتل أعالي النجم ، لنه ليطير إل على القمم ل في السفوح ،

وجعل للنجم جفنا؛ لنه: عال وجفنة أعل شيء فيه استعارة بالكناية . "لم يعد يكحل النجم تيهيا" لم يعد يفتخر به كما كان سابقا فيه من عظمة، حين يرخي جناحيه

القويين ، فهما محطمان الن .

- هجر .الوكر ذاهل وعلى عيـــنيه شيء من الوداع الخير6 فقد غادر وكره في قمة الجبل وهو ليدري من هول ما أصابه كأنه فاقد عقله ، وعلى عينيه شيء من الحسرة لفراقه وبعده عنه ، وهو يظن أل يرجع إليه ، كأنه متيقن من أنه الوداع

الخير .

- تاركا خلفه مواكب سحب تتهاوى من أفقها المسحور7 خلف بعده من ذكرياته ، ما يبكي السحب ، وويجعلها تهوي شوقا عليه لمكانته القديمة ،

وجعل للسحب مواكب لعظمتها ، وجعل ما أصابها كأنه يزحزها عن مكانها لهول المصيبةعليها .

- هبط السفح طاويا من جناحيـــه على كل مطمح مقبور94

Page 5: شرح مفصل لقصيدة النسر لعمر أبو ريشة

جعله ينزل من عليائه هابطا بقوة إلى أرض السفح ، وكأن أجنحته قصت أو كأنها طويتعلى الطموح المدفون ، فل خير فيه .

- فتبارت عصائب الطير ما بـيـن شرود من الذى ونفور10 فجعل الطير الصغيرة التي تخاف أذى النسر حين كان في قوته وصولته تتسابق في النفار

منه والهرب ما بين شاردة وهاربة خوفا من أذاه .

- لتطيري جوابة السفح فالنــسر إذا ما خبرته لن تطيري11 فخاطبها بأن: هوني عليك من الطيران يا أيتها الطير اللفة هذا المكان المنخفض وقد أفزعك

هذا النسر الذي لم تألفيه يأتي إليه قبل ذلك. فعهدك به قديم ، فلو خبرتيه وعرفتيه حق المعرفة مما آل إليه حاله الن من الضعف ، لم

تطيري وتنفري منه .

- نسل الوهن مخلبيه وأدمت منكبيه عواصف المقدور12 فقد أصابه الوهن والضعف ، فقد سلت مخالبه ونزعت أظافره ، فل خوف منه ، لقد أدمت

المقادير منكبيه ، وهذا كناية عن ضعفه وتغير حاله .

- والوقار الذي يشيع عليه * فضلة الرث من سحيق الدهور13 وما ترين عليه من المهابة والعظمة إنما هي بقية المهابة التي ورثها من قديم الدهر ، وأما

الن فكل ذلك ذهب عنه ،جعل ما بقي عليه من عظمة مما ورثه من دهره ، فكأنه مال يورث.

- وقف النسر جائعا يتلوى فوق شلو على الرمال .نثـير.14 لقد هبط فوه جائعا يتلوى من شدة الجوع ، على شلو من الجيف المنثور فوق الرمال ، ما

أوقفه غير الجوع وإل كيف يأكل الجيف ، وهو الطير الجارح الذي يصطاد الحياء .من كلشيء. لقوته و سطوته.

- وعجاف البغاث تدفعه بالمخـــلب الغض والجناح القصير15 لقد تجاسرت عليه ضعاف الطير وهي:"بغاثها" التي لخير فيها ، فصارت تدفعه حينعرفت أنه صار في الهوان أحقر منها ، تدفعه بمخلبها الضعيف وجناحها القصير .

- فسرت فيه رعشة من جنون الـــكبر واهتز هزة المقـرور16 عند ذلك تحركت منه نخوة من بقايا النخوة القديمة منه ، وانتفض انتفاضة البردان ، وجعلهامن"جنون الكبر"، لنها رعشة مصطنعة ليست أصلية كالجنون ، ضعيفة لتعمل فيه شيئا .

- ومضى ساحبا على الفق الغـــــبر أنقاض هيكل منخور17 ومضى يطير طيرانا ضعيفا يسحب نفسه سحبا ، على الفق المغبر ، وجعله مغبرا لنه

5

Page 6: شرح مفصل لقصيدة النسر لعمر أبو ريشة

ليستطيع أن يحلق في الفق البعيد لضعفه ، ويسحب جسمه الذي لم يبق منه إل هيكل قدحطمته .الليالي و نحرته. اليام .

- وإذا ما أتى الغياهب واجتاز مدى الظن في ضمير الثير18 فقد طار حتى وصل الغياهب البعيدة ، فوجد في نفسه من البعد عن الضيم، ما دفعه إلى

أن :"اجتاز مدى الظن في ضمير الثير"، لنه تجاوز ما كان متوقعا له في الفق .

- جلجلت منه زعقة نشت الفا ق حرى من وهجها المستطير19 خرج منه زعقة واحدة مجلجلة مدوية عند وكره القديم ، لها حرارة ،تخرج من روحه ،فكانت

النتيجة:

- وهوى جثة على الذروة الشماء في حضن وكره المهجور20 فلما وصل إلى وكره وما كاد ، فزعق زعقة فاضت منها روحه ، وهوت جثته لحراك بها

في الوكر المهجور منذ القدم لضعفه عن الوصول إليه .

- أيها النسر هل أعود كما عد ت أم السفح قد أمات شعوري21 وهذا ختام هذه القصيدة ، التي يشعرك بأنه مثل هذا النسر يتطلع للعلياء ، ويتمنى العودة إليها

، فهل يعود إلى مجده القديم أم أنه ألف جو السفح والركون فمات شعوره وأحساسه .

6