الملحد ودعواه أن الأخلاق مصدرها الطبيعة

40
عة ي ب لط ا صدرها م لاق خ لا ا ن واه ا ع ود حد ل م ل ا مد ح ع ا ي ب د.ر

Upload: -

Post on 27-Jul-2015

57 views

Category:

Spiritual


3 download

TRANSCRIPT

الملحد ودعواه أن األخالق مصدرهاالطبيعةد.ربيع أحمد

الحمد لله رب العالمين ، والصالة والسالم على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم

بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فقد انتش33ر في عص33رنا م33رض اإللح33اد ، وه33و أح33د األم33راض الفكرية الفتاكة إذ يفتك باإليم33ان و يعمي الح33واس عن أدل33ة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجم33ع بين النقيض33ين ويف33رق بين المتم33اثلين ،ويجع33ل من الظن علما و من العلم جهال و من الحق باطال و من الباط33ل

حقا .

ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين واالسترسال في الوساوس الكفرية

والسماع والقراءة لشبهات أهل اإللحاد دون أن يكون لدىاإلنسان علم شرعي مؤصل .

ما هي إال أقوال بال دلي33ل وادع33اءات بالوشبهات أهل اإللحاد ،ورغم ض3عفها و بطالنه3ا إال أنه3ا ق3د ت3ؤثر في بعضمستند

المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك ك33ان الب33د من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل اإللحاد شبهة تل33و األخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تل33و ال33دعوى ح33تى ال

ينخدع أحد بكالمهم وشبههم .

وفي هذا المقال سنتناول بإذن الله دعوى يكثر تكراره33ا من المالح33دة و الالدي33نين أال وهي أن أخالق اإلنس33ان مص33درها

ومنش33أ األخالق ه33و منش33أ،الطبيع33ة و تس33تمد من الطبيع33ة طبيعي بحت هدف̀ه الحفاظ على النوع واستمرار بق33اء الف33رد وتحقيق فائدة شخصية غير مباشرة من خالل الفائدة العام33ة

.المباشرة

ا، c333ا مادي dر تفس333ير e333ومنهم من يق333ول األخالق يجب أن ت̀فس رة g33ة المباش e33ا لقانون طبيعي، فمنط33ق الحاج33ة الطبيعي dووفق ا مثلم33ا تتحكeم d33ة، تمامeم في األخالق اإلنس33انيeه33و ال33ذي يتحك

احة eالجاذبية في سقوط التف.

إننا مجب33ورون و بالغ بعضهم في الطبيعة حتى وصل أن قال السير في الطري33ق ال33ذي رس33مته لن33ا الطبيع33ة فإنن33ا ال على

نس33ير إال في الطري33ق ال33ذي نحب33ه ولكنن33ا لم نحب نحن ه33ذا الطري33ق, ولكن الطبيع33ة هي ال33تي جعلتن33ا نحب33ه وهي ال33تي

،و اإلنس33ان نظ33ام كغ33يره من النظمتجبرنا على الس33ير في33هفي الطبيعة يخضع بدوره لقوانين الطبيعة الحتمية .

االنتخ33اب الط33بيعيl ه33و ص33احب الكلم33ةأن ومنهم من ي33زعم األخيرة في تقرير سلوك اإلنس33ان ،و ق33د أنتج ه33ذا االنتخ33ابة ، l33ة الكوني l33ن33وع من القاع33دة األخالقي lعن33د الك33ائن البش33ري

ا تدريجيcا، وليس عبر قفزات نوعية .و dاألخالق تطورت تطور

ومنهم من يدعي أن األخالق تكيف بيولوجي تطوري .

أن وجود قيم أخالقية مشتركة بين الشعوبومنهم من يزعم .المختلفة يمكن تفسيره بالداروينية االجتماعية

ومنهم من ي333دعي أن األخالق ق333وانين س333لوكية تفرض333ها الطبيعة وحسب آليlة االنتقاء التlطوريl والقائمة على الغربلةنين ص33ارت الكائن33ات l33بيعي33ة المس33تمرة ع33بر ماليين السlالط لوكيات األناني33ة )الش33ريرة( من ناحي33ة، l33ا من الس dتمتلك مزيج رة( من ناحي33ةs أخ33رى، l33ة اإليثاري33ة )الخي l33لوكيات األخالقي lوالس ا مكنها من التlعاون الدlاخلي وتحسين مجتمعه33ا والحف33اظ lمم

على بقائها ضد األعداء .

وقبل الرد على هذه الدعاوي البد من معرفة مفهوم األخالق و معرف33ة مفه33وم الطبيع33ة و معرف33ة مفه33وم الدارويني33ة

.االجتماعية

مفهوم األخالق

األخالق مفرد كلم33ة خل33ق ،و الخل33ق عب33ارة عن هيئ33ة للنفس راسخة تصدر عنها األفعال بسهولة ويسر من غير حاج33ة إلى فكر وروية، ف33إن ك33ان الص33ادر عنه33ا األفع33ال الحس33نة ك33انت الهيئة خلقا حسنا، وإن ك33ان الص33ادر منه33ا األفع33ال القبيح33ة سمlيت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقا سيئا، وإنما قلنا إن33ه هيئة راسخة ألن من يصدر منه بذل المال على الن33دور بحال33ة

.1عارضة ال يقال خلقه السخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه

104التعريفات للجرجاني ص - 1

ابلة zا عن غيرها هي اآلثار الق zوالذي يفص̀ل األخالق ̀ويمي|̀زه للمدح أو الذeم، وبذلك يتميز ال̀خل̀ق الحسن عن الغريزة

فاألكل مثال غريزة، واإلنسان عند الجوع يأك̀ل بدافع الغريزة وليس مما يمدح به أو يذم. لكن لو أنe إنسانzا أكلz زائدdا عن

ا، ألنه أثر لخلق في النفس dفعله مذموم zحاجته الغريزية، صار مذموم، وهو الطمع، وعكس ذلك أثر لخلق في النفس

محمود، وهو القناعة. كذلك فإن مسألة حبl البقاء ليست محالd للمدح أو الذم في باب السلوك األخالقي، لكن الخوف الزائد عن حاجات هذه الغريزة أثر لخلق في النفس مذموم،

وهو الجبن، أما اإلقدا̀م الذي ال يص̀ل إلى حد التهور، فهو أثرلخلق في النفس محمود، وهو الشجاعة .

وهكذا سائ̀ر الغرائزg والدوافع النفسية التي ال تدخ̀ل في باب األخالق، إنeما يميزها عن األخالق كون آثارها في السلوكا طبيعية ليست مما ت̀حمد إرادة اإلنسان عليه أو تذم d2 أمور.

ال̀خل̀ق منه ما هو طبيعي أي فطري يولد اإلنسان مجبوالو عليه كالحلم والتؤدة والحياء ، ومنه ما هو مكتسب ينشأ من

التعود والتدرب والبيئة كالشجاعة والكرم .

والب3د أن نف3رق بين الخل3ق والتخل3ق إذ التخل3ق ه3و تكل3ف و تصنع خلق معين وهذا التصنع ال ي33دوم ط33ويالd ب33ل يرج33ع إلىا ح33تى يص33ير ع33ادة d33األصل، والسلوك المتكلف ال يسمى خلق وحالة للنفس راسخة يص33در عن ص33احبه في يس33ر وس33هولة، فالذي يصدق مرة ال يوصف بأن خلقه الصدق ومن يكذب مرة ال يقال إن خلق33ه الك33ذب ب33ل الع33برة باالس33تمرار في الفع33ل

ا في سلوكه . dا عامdحتى يصير طابع

23-22 - موسوعة األخالق لخالد عثمان الخراز ص 2

مفهوم الطبيعة

الطبيعة لفظ مشترك المعاني – أي له عدة معاني – غامض جدا مما دعا بعض علماء الطبيعة في القرن السابع عشر

إلى تجنب استعماله لقد استعمله علماء الطبيعة بمعنى كل .3ما هو مشاهد

األش33ياء المادي33ة المحسوس33ةو الطبيع33ة ق33د تع33ني ذوات ،وق33دالموجودة في الك33ون حولن33ا من جم33اد وحي33وان ونب33ات

صفات األشياء الموجودة في الكون من حركة وسكون,تعني وق33د تع33ني ،وح33رارة وب33رودة, وليون33ة ويبوس33ة, وغ33ير ذل33ك

الخصائص الثابتة التي تم33يز كائن33ا أو ش33يئا م33ا بحيث ال يمكن تص33وره ب33دونها ك33االحتراق بالنس33بة للن33ار أو المك33ر بالنس33بة

وق33د تع33ني مجم33وع الخص33ائص األساس33ية الثابت33ةللثعلب ، للشيء المنتمي33ة إلى ماهيت33ه أو ج33وهره في مقاب33ل ص33فاته

وق333د تع333ني ص333فات الك333ائن الحي، المؤقت333ة أو الثانوي333ة

2/57- موسوعة الفلسفة للدكتور عبد الرحمن بدوي 3

واس333تعداداته المنتمي333ة إلى اإلرث ال333بيولوجي في مقاب333ل ،وق33د تع33ني مجموع33ة األش33ياء ال33تي لمالص33فات المكتس33بة

تعني وقد يتدخل اإلنسان في صنعها كاألشجار و الجبال مثال مجم33وع الس33نن و الق33وانين المتحكم33ة في ظ33واهر الع33الم المش33اهد المحس33وس الس33ارية على جمي33ع موجودات33ه ،وق33د تعني المادة التي تتك33ون منه33ا األش33ياء في الع33الم المش33اهد

مجموع33ة الخص33ائص الفطري33ة و  المحس33وس ،وق33د تع33ني الغريزي33ة ال33تي تول33د م33ع اإلنس33ان و المش33تركة بين جمي33ع الناس، كاألكل و النوم. و بهذا المع33نى فالطبيع33ة هي عكس

ما هو مكتسب و ثقافي.

و يكثر استعمال كلمة الطبيعة في الخطاب الفلسفي فهي عند الفالسفة الجوهر المادي الغربي محل كلمة المادة

األول الذي تصنع منه األشياء، وهذا الجوهر المادي هو أصل ، وهي عند الوجود، والعلة األولى في وجود هذا الكون

أفالطون المثال، وعلة الوجود، والنفس الكلية، وعند أرسطو هي أصل األشياء ، و مصدر الحركة ، والمادة التي تصنع منها

.4األشياء

- تنبيه : القول بأن الطبيعة هي أصل الوجود أو هي العلة األولى للوجود ق33ول باط33ل ال4 دليل عليه ،وإن عني بالطبيعة الكون نفسه فهذا معن33اه أن الك33ون أص33ل وج33ود الك33ون أي الكون علة لنفسه والشيء ال يكون علة لنفسه ،والشيء قبل وجوده عدم والعدم ال يخل33ق

فهذا التفسير أفسد من التفسير السابق ؛ ألنه إذاشيئا وإن عني بالطبيعة صفات األشياء عجزت ذات األشياء عن إيج33اد نفس33ها فعج33ز ص33فاتها من ب33اب أولى ،وإن ع33ني بالطبيع33ة الق33وانين ال33تي تتحكم في الك33ون فه33ذا باط33ل ؛ ألن الق33وانين تحت33اج لمن يس33نها و يقننه33ا ،ومن المعل33وم أن الش33يء ال يخل33ق ش33يئاd أرقى من33ه، فالطبيع33ة من س33ماء وأرضdعليما dسميعا dفكيف تخلق إنسانا ،dوال بصرا dوال سمعا dونجوم وشموس وأقمار ال تملك عقال

! dول33و ك33انت الطبيع33ة هي الخالق33ة لك33ان الخل33ق متس33اوين غ33ير متف33اوتين ،ومنبص33يرا المشاهد التف33اوت الش33ديد في الكائن33ات الحي33ة و غ33ير الحي33ة ح33تى بين الن33وع الواح33د من

الكائنات الحية .

وقد استخدمت الفلسفات الغربية مفهوم الطبيعة، بهذا المعنى اإلغريقي القديم ، فالطبيعيون والمثاليون و

الواقعيون و الدارونيون يرون الطبيعة هي األشياء، وهي القانون الطبيعي الذي يعمل في األشياء، والطبيعة هي

.5 أصل األشياء

ويقول الدكتور عبد الوهاب المسيري : ) مفهوم الطبيعة مفهوم أساسي في الفلسفات المادية التي تدور في إطار

المرجعية الكامنة، وخصوصاd في الغرب، فكلمة »طبيعة« داخل السياق الفلسفي الغربي ال تشير إلى األحجار

واألشجار والسحب والقمر والتلقائية والحرية، وإنما هي كيان يتسم ببعض الصفات األساسية التي يمكن تلخيصها

فيما يلي: 3 تتسم الطبيعة بالوحدة، فهي شاملة ال انقطاع فيها وال1

فراغات، وهي الكل المتصل وما عداها مجرد جزء ناقص منها، فهي ال تتحمل وجود أية مسافات أو ثغرات أو ثنائيات.

وجماع األشياء واإلجراءات التي توجد في الزمان والمكان هو الطبيعة، وهي مستوى الواقع الوحيد وال يوجد شيء

متجاوز لها أو دونها أو وراءها، فالطبيعة نظام واحد صارم. 3 تتسم الطبيعة بالقانونية )لكل ظاهرة سبب وكل سبب2

يؤدي إلى نفس النتيجة في كل زمان ومكان( ، أي أنdالطبيعة بأسرها متسقة مع نفسها، فهي تتحرك تلقائيا بقوة دفع نابعة منها، وهي خاضعة لقوانين واحدة ثابتة

منتظمة صارمة مطردة وآلية، قوانين رياضية عامة واضحة، حتمية ال يمكن تعديلها أو التدخل فيها ، وهي قوانين كامنة

فيها. 3 الحركة أمر مادي، ومن ثم، ال توجد غائية في العالم3

المادي )حتى لو كانت غائية إنسانية تسحب خصوصياتالنشاط البشري على الطبيعة المادية( .

103علم النفس اإلسالمي العام والتربوي للدكتور محمد رشاد خليل ص - 5

3 ال تكترث الطبيعة بالخصوصية وال التفرد وال الظاهرة4 اإلنسانية وال اإلنسان الفرد واتجاهاته ورغباته، وال تمنح

اإلنسان أية مكانة خاصة في الكون، فهو ال يختلف في تركيبه عن بقية الكائنات ويمكن تفسيره في كليته بالعودة إلى قوانين الطبيعة. واإلنسان الفرد )أو الجزء( يذوب في الكل )الطبيعي/المادي( ذوبان الذرات فيها، أي أن الطبيعة

تلغي تماماd الحيز اإلنساني. 3 اإليمان بأنه ال توجد غيبيات وال يوجد تzجا̀وز للنظام5

الطبيعي من أي نوع، فالطبيعة تحوي داخلها كل القوانين التي تتحكم فيها وكل ما نحتاج إليه لتفسيرها؛ فهي علةك بذاتها، وهي zد في ذاتها، مكتفية بذاتها وت̀در zذاتها، ت̀وج

واجبة الوجود.

ظ أن الطبيعة، حسب هذا التعريف الفلسفي، هي نظ33ام zيا̀لح د مقوم33ات حركت33ه داخل33ه، ال z33واحدي مغلق مكتف بذات33ه، ت̀وج يشير إلى أي هدف أو غرض خارجه، يحوي داخله كل ما يلزم لفهمه. وهو نظام ضروري كلي ش33امل تنض33وي ك33ل األش33ياء تحته، وضمن ذلك اإلنسان الذي ي̀ستوعzب في ع33الم الطبيع33ةل إلى قوانينها بحيث يصبح جزءاd ال يتجزأ منها ويختفي zوي̀ختز ككيان مركب منفصل نسبياd عما حوله وله قوانين33ه اإلنس33انية الخاصة )ولذا فالرغبة في العودة إلى الطبيعة هي تعب33ير عن النزعة الجنينية في اإلنسان( . وهذه هي الصفات األساس33ية للمذهب المادي. ولذا، فنحن نرى أن كلمة »الم33ادة« يجب أن تحل مح3ل كلم3ة »الطبيع3ة« أو أن ت̀ض33اف الواح3دة لألخ3رى، وذلك لفك شفرة الخطاب الفلسفي الذي يس33تند إلى فك33رة الطبيعة، ولكي نفهم33ه ح33ق الفهم ون33درك أبع33اده المعرفي33ة

المادية.

ولعل كثيراd من اللغط الفلسفي ينكشف إذا اس33تخدمنا كلم33ة »م33ادي« ب33دالd من كلم33ة »ط33بيعي« ، فب33دالd من »الم33ذهب الط33بيعي« نق33ول »الم33ذهب الم33ادي« ، وب33دالd من »الق33انون

الط33بيعي« نق33ول »الق33انون الم33ادي« ، وب33دالd من »اإلنس33ان الط33بيعي« يمكنن33ا أن نق33ول »اإلنس33ان الم33ادي« ، وب33دالd من

( « نقولnaturalism»الطبيعية ) باإلنجليزية : ناتشوراليزم »مادية« . وحينئذ، فإننا نؤكد أن اإلنسان الطبيعي، في واقعف في إطار وظائف33ه الطبيعي33ة البيولوجي33ة eاألمر، شخص ي̀عر د� إليه33ا، ول33ذا فه33و zويعيش حسب قوانين الحركة المادية وي3̀3ر يجمع براءة الذئاب وتلقائية األفعى وحياد العاص33فة وتzس33ط�ح األشياء وبساطتها. وحينما نقول »الع33ودة للطبيع33ة« ، فنحن نقصد أن العودة ستكون لقوانين الطبيعة، أي قوانين المادة. وقد فك هتلر شفرة الخطاب الفلسفي الغربي بكف33اءة غ33ير عادية حينما ق33ال يجب أن نك33ون مث33ل الطبيع33ة، والطبيع33ة ال تعرف الرحمة أو الشفقة، وق33د تب33ع في ذل33ك كالd من داروين

.6ونيتشه (

الداروينية االجتماعية مفهوم

1 للدكتور عبد الوهاب المسيري جموسوعة اليهود واليهودية والصهيونية- 6

كلم33ة منس33وبة إلى اس33م تش33ارلزالدارويني33ة االجتماعي33ة ( . وهي فلس333فة علماني333ة ش333املة،1820 3 1731داروين )

واحدية عقالنية مادية كمونية تنكر أي33ة مرجعي33ة غ33ير مادي33ة،̀رد z33وتستبعد الخ33الق من المنظوم33ة المعرفي33ة واألخالقي33ة وت العالم بأسره إلى مبدأ مادي واحد ك33امن في الم33ادة وت33دور

في نطاق الصورة المجازية العضوية واآللية للكون.

واآللية الكبرى للحركة في الداروينية هي الصراع والتzقد�م الالنهائي وهو صفة من صفات الوجود اإلنساني. وقد

حققت الداروينية االجتماعية ذيوعاd في أواخر القرن التاسع عشر، وهي الفترة التي تzعثeر فيها التحديث في شرق أوربا،

وبدأ فيها بعض يهود اليديشية في تبن|ي الحل الصهيوني للمسألة اليهودية، كما بدأ التشكيل اإلمبريالي الغربي يتسع

ليقتسم العالم بأسره. ويمكن القول بأن الداروينية هي النموذج المعرفي الكامن وراء معظم الفلسفات العلمانية

الشاملة، إن لم يكن كلها.

ويرى دعاة الداروينية االجتماعية أن القوانين التي تسري على عالم الطبيعة والغابة هي نفسها التي تسري على

الظواهر اإلنسانية، التاريخية واالجتماعية. وهم يذهبون إلى أن تشارلز داروين قد وصف هذه القوانين في كتابيه

الكبيرين: حول أصل األنواع من خالل االنتخاب الطبيعي وبقاء األجناس المالئمة في عملية الصراع من أجل الحياة.

وقد ذهب داروين إلى أن الكون بأسره سلسلة متواصلة في حالة حركة من أسفل إلى أعلى وأن اإلنسان إن هو إال إحدى هذه الحلقات، قد يكون أرقاها ولكنه ليس آخرها.

ويرى داروين أن تzقد�م األنواع البيولوجية الحية يعتمد على.7الصراع من أجل البقاء الذي ينتصر فيه األصلح

2 للدكتور عبد الوهاب المسيري جموسوعة اليهود واليهودية والصهيونية- 7

الطبيعة محايدة

أو الش33ر أو ال تعرف الخير محايدة الطبيعةمن المعلوم أن ،والطبيع33ة محاي33دة ال تع33رف م33ا ه33و8 القبح أو الجم33ال

، واإلنسان ال يمكن أن يكونأخالقي و ما هو غير أخالقي ول33ذلك فه33و إم33ا أن يك33ون ص33ادقامحايدا بالنسبة لألخالق

الص33دق والك33ذب، وهي في أخالقه أو كاذب33ا، أو مازج33ا بين فكي33ف تك33ون الطبيع33ة ,  9حال33ة أك33ثر ش33يوعا بين البش33ر

واإلنسان عن33ده وعيالمحايدة مصدرا لشيء غير محايد ؟! أخالقي و الطبيع33ة ليس عن33دها وعي أخالقي و الملح33د إذ اعتبر نفسه مادة فهذا يستلزم أال توجد أخالق عن33ده ؛ ألن

،و كيف تك33ون األخالق في اإلنس33ان المادة ال أخالق عندها مستمدة مما ال خلق عنده ؟!! وحس33̀ب التن33اقض دليالd على

إسقاط أيl مذهب .

الطبيعة حتمية

خاضعة لقوانين آلية ثابتة ومنتظم33ةالطبيعة عند الماديين ال إرادة فيها و ال اختيار وما يمي|ز فع33لوصارمة و مطردة و

اإلنسان األخالقي عن أي| فعل آخر هو المصدر الدافع إليه ؛ إذ يص33در الفع33ل األخالقي من داخ33ل النفس البش33رية من المبادئ والقيم وال̀مث̀ل المغروسة فيها دون قس33ر أو إك33راه خ33ارجي علي33ه فاإلنس33ان يتمت33ع ب33اإلرادة ،وحري33ة االختي33ار فيمكن أن يفعل الشيء بإرادت33ه واختي33اره ويمكن أال يفع33ل الش33يء بإرادت33ه مثال : يمكن أن يص33دق بإرادت33ه واختي33اره

2 للدكتور عبد الوهاب المسيري جموسوعة اليهود واليهودية والصهيونية- 8

178 اإلسالم بين الشرق والغرب للفيلسوف على عزت ص -9

ويمكن أال يص3دق ،ويمكن أن يفي بعه3د من العه3ود بإرادت3ه واختي3333اره و يمكن أال يفي ،ويمكن أن يرف3333ق باإلنس3333ان والحي33وان بإرادت33ه واختي33اره و يمكن أال يرف33ق ،ويمكن أن يحترم غيره بإرادته واختياره ،ويمكن أال يحترم ،فكيف تكون الطبيعة التي ال إرادة فيها وال اختيار مصدرا ألخالق اإلنسان ال333تي يتحلى به333ا عن إرادة واختي333ار وفاق333د الش333يء ال

يعطيه ؟!!

وكيف تكون الطبيعة حتمية و اإلنسان ال تجوز عليه الحتمي33ة ثم يقال أخالق اإلنسان صادرة من الطبيعة ،و الناس ليس33وا ك33رات بلي33ارد تتح33رك بحتمي33ة ق33وانين الطبيع33ة ؛ ولكنه33ا مجموع33ة إرادات ح33رة ت33دخل في عالق33ات متع33ددة يس33تحيل

؟!!فيها التنبؤ القائم على قوانين مادية

و إذا كان اإلنسان يسرى عليه ما يسرى على الطبيع33ة وه33و من الطبيعة و ابن الطبيعة فكي33ف يتم33رد عليه33ا من أين ل33ه

حرية اإلرادة و القدرة على التمرد على الطبيعة ؟

والحتمية إنما تنطبق على ما هو من الكون مجبور ال اختيار له، فهي ال تنطبق على سلوك الحيوان الذي عنده هامش

من اإلرادة فضال عن اإلنسان الذي يمتلك حرية اإلرادة .واالختيار

الطبيعة مادية

إذا كانت الطبيعة هي المادة ،والمادة هي الطبيعة والمادة تدرك بالحواس ،و األخالق ص33فات معنوي33ة ،وليس33ت ص33فات حسية ت33درك ب33الحواس فال أح33د ي33رى أو يس33مع أو يش33م أو يتذوق أو يلمس أي ̀خلق من األخالق الحمي33دة كالش33جاعة و

أداء األمان333ة واالح333ترام والتوق333ير، واالعت333دالالك333رم و والتوس333ط، واإلخ333اء ، واإلص333الح بين الن333اس، واإليث333ار، واإلخالص، واالستقامة، ، والحياء، والرحمة، والرفق ، والبر،

والشكر، والصدق، والعدل، والعفة وغير ذلك.

وال أحد يرى أو يسمع أو يش33م أو يت33ذوق أو يلمس أي ̀خل33ق ك33333الكبر، واالعت33333داء، واإلفس33333اد،من األخالق الس33333يئة

واإلس33راف ، والتش33اؤم ، والمن، والبخ3ل، والبغي، والبغض، والبهتان، والتبذير، والجبن، والتجسس، والتواكل، والحس33د، والخيانة، والري3اء، والش3ماتة و الس3باب، والس3خرية، وس3وء الظن، والطم33ع، والظلم،والعجب، والغ33در، ونقض العه33ود، والعن33ف، والغض33ب، والغيب33ة، والنميم33ة، والغ33يرة، والغش، والغرور، والجفاء، والتعيير، والفجور، والكذب، وقول الزور،

وعلي33ه كي33ف تك33ون الطبيع33ة أو الم33ادة، والكبر وغ33ير ذل33ك ، مصدرا لشيء غير مادي ،ومن المعل33وم أن فاق33د الش33يء ال

يعطيه ؟!!!

أخبرونا أيها المالحدة : من أي مادة جاءت الرحمة ؟

ومن أي مادة جاء العدل ؟

ومن أي مادة جاء الكرم ؟

ومن أي مادة جاء اإليثار ؟

ومن أي مادة جاء الصدق ؟

ومن أي مادة جاءت الشجاعة ؟

dونسبيا dوفي إطار المرجعية المادية يصير كل شيء مباحا فعلى أي أساس مادي يمكن أن نحكم على سلوك

اإلنسان أنه سلوك حميد أو سلوك مذموم ؟!

وفي إط33ار المرجعي33ة المادي33ة كي33ف نحب الص33دق و نك33ره الكذب ؟!،و كيف نحب العدل ونك33ره الظلم ؟!! وكي33ف نحب الكرم و نكره البخل ؟!! وكيف نحب الشجاعة و نكره الجبن

؟!! و كيف نحب األمانة و نكره الخيانة ؟

و في إط33ار المرجعي33ة المادي33ة كي33ف يك33ون عن33دنا إدراك لألخالق الحسنة و إدراك لألخالق السيئة من الطبيع33ة ال33تي

ليس لديها إدراك ؟!!

وإذا كن33ا في إط33ار المرجعي33ة المادي33ة نعج33ز عن تفس33ير األخالق فإننا نعجز أشد العجز عن33د تفس33ير خل33ق كاإليث33ار و التضحية ،و ال يوجد أي تفسير مادي يجعل المادة تؤثر مادة على نفسها ،وال يوجد أي تفسير مادي يجعل المادة ترفض م33ا ه33و أص33لح له33ا كم33ادة وتقب33ل التض33حية من أج33ل م33ادة

غيرها .

واألخالق تضع الملحد في مأزق فليس أمامه إال خيارين إما أن يؤمن بوجودها و بذلك ي33ؤمن بوج33ود مص33در غ33ير م33ادي تسبب في نشأتها ،وإما أال يع33ترف بوجوده33ا وب33ذلك يص33بح

كائن غير أخالقي مثله مثل الجماد .

الطبيعة تتميز بالوحدة و السببية

الطبيع33ة عن33د الم33اديين تتس33م بالوح33دة فهي نظ33ام واح33د ال تفع33ل ، وفعله33ا متش33ابه ألنه33ا واح33دة في نفس33ها صارم

وال يوج33د ش33يء،بإرادة وال مشيئة فال يمكن اختالف أفعالها فلكل ، و الطبيعة أيضا سببية متجاوز لها أو دونها أو وراءها

ظاهرة سبب، وكل س33بب ي33ؤدي إلى نفس النتيج33ة في ك33ل درجة100 مثال الماء يغلي في كل األماكن عند زمان ومكان

مئوية والتفاحة تسقط على األرض ولن ترتف33ع إلى الس33ماء ، وال تكترث الطبيع33ة عن33دهم بالخصوص33ية والفي كل مكان

. التفرد

واإلنسان يتميeز كل فرد في33ه بخصوص33يات ال يمكن محوه33ا أو تجاهلها، فاألفراد ليسوا نسخاd متطابق33ة يمكن ص33بها في ق333والب ج333اهزة وإخض333اعها جميع333اd للق333والب التفس333يرية

،و من المش33اهد و المالح33ظ تب33اين طب33اع الن33اس10نفس33ها فمن أين له33افلو كانت الطبيع33ة مص33در األخالق وأخالقهم ،

لو كانت الطبيع33ةو ؟ وكيف تختلف أفعالها ؟! هذا االختالف لك333ان الخل333ق متس333اوين في األخالق غ333يرمص333در األخالق

.متفاوتينللدكتور عبد الوهاب المسيريالفلسفة المادية وتفكيك اإلنسان - 10

و اإلنسان حر في اختياره قادر على اتخاذ قرارات أخالقية ومقاييس مثل الحرية والقدرة علىوعلى تحم�ل المسئولية

االختيار مقاييس تس33تند إلى اإليم33ان بوج33ود ش33يء م33ا غ33يرمادي، شيء متجاوز المادة شيء متجاوز الطبيعة .

القول بأن مصدر األخالق هو الطبيعة يلغي إرادةاإلنسان ومسئوليته تجاه أفعاله

القول بأن مصدر األخالق هو الطبيعة يلغي إرادة اإلنسان ؛ ألن الطبيعة تتسم بالحتمية فال معنى لحرية اإلرادة و

كالريشة في مهب الريح، الاالختيار بل يصبح اإلنسان dوال توجيها dترتبط دائما و الحرية ،تملك لنفسها تصريفا

، فال مسئوليةاإلرادة بالمسئولية، فإن لم يكن الشخص حر القول بأن مصدر األخالق هو الطبيعة وبذلك يصبح عليه

ملغيا اللتزام األفراد ومسئولياتهم و إرادتهم و يهدم المسئولية األخالقية من أساسها ، و ال تستقيم أمور الدنيا

علي ذلك ؛ ألن اإلنسان البد أن يحاسب بعمله، ويحاسب على تصرفاته والقول إذا كان يلزم منه الالزم الباطل فهو

قول فاسد ال اعتبار له .

هل يمكن أن¤ نكلlف شخصاd بأيl تكليف، ونحمlله مسؤولية  و وكيف نمدح الناجحذلك إذا لم يكن له الخيار فيما يفعل؟

؟إذا لم يكن له الخيار فيما يفعلفي عمله و نذم الفاشل

و في ع33الم الحتمي33ة ال مع33نى للخ33ير و الش33ر ،وال مع33نى للثواب والعقاب وال معنى للمدح و ال33ذم ،ويص33بح الح33ديث عن القيم األخالقية العليا لغ3وا ال مع3نى ل3ه إذ ك3ل ش3يء

يجري وفق قوانين ثابتة ال يمكن أن يحيد عنها .

المحسن ال يكون مختاراd عندما يحسن،و في عالم الحتمية وال المسيء يكون مختاراd عندما يسيء .

القول بأن مصدر األخالق هو الطبيعة يلغي دوراإلنسان في التاريخ و الحضارة

إذا كان اإلنسان يخضع لحتميات الطبيعة فال إرادة عنده و ال عزيمة و ال اختيار و ال رغبة في التغيير و ال إرادة للتغيير

.مثله مثل أي كائن آخر في الطبيعة

وأحد دعائم التاريخ و الحضارة العنصر البشري الذي مهمته يحتاج إرادة ذاتيةو هذا و االبتكار و اإلبداع التغيير و البناء

التغييروعزيمة داخلية تنبعث في نفس اإلنسان تحثlه على ،ومن خالل العقل المدرك الذيو االبتكار و اإلبداعو البناء

وهبه الله لإلنسان و العزيمة الداخلية و اإلرادة الذاتية و التي زوده بها يستطيع اإلنسان أن يصنع تاريخهالطاقات

و حضارته على هذه األرض .

الواقع العملي أثبت الدور اإليجابي لإلنسان في صنعو لكن الماديين يريدون سلب هذا الدورالتاريخ والحضارة

من اإلنسان و بذلك يلغون مصدر أصيل في إنشاء التاريخ إذ الحتمية تفترض أنه ال إرادة لإلنسان ،وكأن اإلنسان

يشاهد حركة التاريخ و يرى ما يحدث له وللمجتمع دون أنيشارك فيه وهذا مخالف للواقع .

التفسير الدارويني لنشأة األخالق

فسر كث33ير من المالح33دة نش33أة األخالق ب33التطور ال33دارويني الذي آليته الصراع من أجل البقاء والبقاء لألصلح فكل ك33ائن حي يسعى من أجل بقائه، و ينتهي هذا السعي إلى التن33ازع من أجل البقاء، وهذا التنازع ينتهي إلى االنتخاب الط33بيعي،

اوانتخ33اب األص33لح dو علي33ه ف33أخالق البش33ر تط33ورت تط33ور ثم اس33تقرت تبع33ا لم33ا يحق33ق لإلنس33ان المص33لحةت33دريجيcا

واالنتخاب الطبيعيl هو صاحب الكلم33ة األخ33يرة فيوالتفوق الك33ائنتقرير سلوك اإلنسان ،و قد أنتج ه33ذا االنتخ33اب عن33د

فاألخالق م33ا هيالبشريl نوع من القاعدة األخالقيlة الكونيlة تكيف بيولوجي تط33وري لتنظيم عملي33ة التك33اثر ال33ذي يخ33دم

والعملية البيولوجية هي معيار األخالقيات، وكل شيءبقائنا .يدعمها فهو خير، وكل شيء يعارضها فهو شر

و زعم الدارونيين أن كل كائن حي يسعى من أجل بقائ33ه، و ينتهي ه33ذا الس33عي إلى التن33ازع من أج33ل البق33اء، وه33ذا التنازع ينتهي إلى االنتخاب الطبيعي، وانتخاب األص33لح زعم

فمن المشاهد و المالحظ وجود تع33اونباطل ورجم بالغيب بين األنواع أكبر من التنازع، وهناك تالقي و تعاون و تكام33ل

،وه33ذا االلتق33اء والتع33اون بين الكائن33ات أق33وى من الص33راع.والتكامل هو دافعها إلى الحركة والقوة والنماء

و قد شهد التاريخ ببطالن نظرية التنازع من أجل البقاء والبقاء لألصلح واألقوى فإذا نظرنا إلى تاريخ البشر نجد

خالف هذه النظرية فها هم أهل الكتاب يهود و نصارى قرنا ، ومازالوا12عاشوا ضعاف في الدولة اإلسالمية

باقين ،و هاهم المسلمون كانوا هم حاكمي البالد و بالتالي هم األقوياء و مع ذلك بقي أهل الكتاب في حكمهم و هاهم المسلمون كانوا في بداية الدعوة ضعفاء ثم قويت شوكتهم

،و هاهم النصارى كانوا ضعفاء في الدولة الرومانية ثم قويت شوكتهم ،و هاهم اليهود كانوا في بداية دعوة موسى

عليه السالم ضعفاء ثم قويت شوكتهم .

و من المعلوم بالحس و المشاهدة أن أي دولة من الدول تجد فيها الضعيف و القوي و مع ذلك لم ينقرض الضعفاء و

مازال األقوياء موجودين .

و بالنسبة للحيوانات و الطيور و األسماك و النباتات فليس هناك تنازع من أجل البقاء و ال بقاء لألقوى و األصلح بل

بقاء الحيوانات و الطيور و األسماك و النباتات يرجع لعدموجود عوامل االنقراض و التي من أهمها :

القطع الجائر للنباتات .

الصيد الجائر للحيوانات والطيور و األسماك .

تعديل البيئة فتعديل البيئة يؤدي إلى إبادة كثير من األنواعالنباتية والحيوانية و العديد من الطيور .

تلوث البيئة ،وقد أهلكت الملوثات المائية من زيت البترول و العناصر الثقيلة و المبيدات العديدة من الطيور المائية و

األحياء البحرية الدقيقة و األسماك التي تتغذى عليها .

و ترجع عوامل البقاء إلى توافر مقومات الحياة ،و عدم وجود عوامل االنقراض ،و لو كان البقاء لألقوى لما

انقرضت الديناصورات و بقيت الحشرات .

الكثير من الكائنات الحية ال تستطيع إنتاجومن المعروف أن غذائها بنفسها فتتغذى على غيرها ،وغيرها يتغذى عليها و

يأكل األرنب األعشاب وهذا من التكامل بين الكائنات مثال تأكل البومة األرنب و تموت البومة فيأكلها الضبع و يموت الضبع فتتغذى عليه الكائنات المحللة أو قمح يأكله فأر و

الفأر يأكله ثعبان و الثعبان يأكله نسر و النسر يموتو هكذا .فتتغذى عليه الكائنات المحللة

و الذكر القوي إذا تزوج بأنثى قوي33ة ال يس33تلزم ذل33ك إنج33اب ولد قوي فقد ينجبا ولدا ضعيفا حسب قوانيين الوراثة و كم

رأينا من رجل جميل يتزوج بامرأة جميلة و ينجب33ا طفال غ33ير.جميل و رأينا العكس أيضا

و عقليا ومنطقيا البقاء عن طريق التعاون بين اإلنسان والحيوان والنبات أكبر وأوسع من البقاء عن طريق

.التنازع

و تفسير نشأة األخالق بالتطور الدارويني الذي آليته الصراع من أجل البقاء والبقاء لألصلح تفسير ال يفرز إال

فالتطور الدارويني ال ي̀نتج إال أمثال الوحشية والدناءة ، هتلر، والمجتمع الدارويني ال يكون إال مجتمعاd فاشيا ينتشر

فيه التعصب العنصري والتصفية العرقية .

و قد كان الفكر التطوري ال33دارويني س33ببا في نش33أة اث33نين من أس333وأ النظم االجتماعي333ة والسياس333ية الش333يوعية في

الفك33راالتحاد الس33وفيتي ،والنازي33ة في ألماني33ا ،وق33د طب33ق على الش333عوب ه333ذه النظري333ة السياس333ي االس333تعماري

المستعمرة وجعلوا منها مبرراd لسيطرة المستعمرين .

و دارون يعت33بر األخالق من نت33ائج االنتخ33اب الط33بيعي في المجال السلوكي مثلها مثل أي صفات بيولوجية أخرى مثل منقار الطائر هل يوصف منقار الط33ائر بأن33ه خ33ير أو ش33ر ؟ إنه فقط مفيد للقيام بوظائفه له33ذا الط33ائر بالتحدي33د تحت هذه الظروف في هذه الفترة من الزمن ل33ذلك فاس33تخدمنا الص333طالح جي333د أو س333يء يك333ون من منط333ق الفائ333دة

المادي333ة ،وليس القيم333ة األخالقي333ة أي ليس هن333اك أخالق فاضلة و أخرى ش33ريرة ، ولكن هن33اك س33لوكيات و مف33اهيم تعين بش33كل مباش33ر أو غ33ير مباش33ر في الص33راع من أج33ل

.11البقاء

و إذا ك33ان االنتخ33اب الط33بيعي مب33ني على تحقي33ق المنفع33ة الفردي33ة حيث ك33ل� ف33رد ال يهم33ه إال نفس33ه في ص33راعه م33ع اآلخرين من أجل البقاء، فهذا التفس33ير يلغي األخالق إذ من

و التع33اطف م33عقوام الفضائل األخالقية التض33حية و اإليث33ار اآلخرين وفي التض33حية يب33ذل الش33خص النeفس أو ال33وقت أو المال ألجل اآلخرين دون مقاب33ل منهم ، وفي اإليث33ار يق33دم اإلنسان حاجة اآلخرين على حاجته، برغم احتياجه لما يبذله،

و فيفق33د يج33وع ليش33بع غ33يره، ويعطش ل33يروي س33واه يضع الشخص نفسه محل اآلخر ويتب33نى مش33اعرهالتعاطف

،وكل هذه السلوك األخالقي33ة من منطل33قوأحاسيسه وآالمه مادي ال تخدم البقاء و ليس فيها تحقي33ق منفع33ة للف33رد ب33ل تحق33ق منفع33ة لغ33يره ول33ذلك ه33ذه الس33لوك األخالقي33ة تض33ع

االنتخاب الطبيعي في مأزق .

واالنتخاب الطبيعي يعجز عن تفسير وجود أخالق حميدة تمارسها الكائنات تجاه كائنات من أنواع أخرى كالرفق

بالحيوان و الشفقة على الحيوان فهذه السلوك األخالقية التخدم البقاء و ليس فيها تحقيق منفعة مادية للفرد .

305- خرافة اإللحاد للدكتور عمرو شريف ص 11

و إذا كانت نشأة األخالق تفسر بالتطور الدارويني و االنتخاب الطبيعي فما المصلحة من وجود األخالق السيئة كالكذب و الغش و الغدر و الخيانة و القتل فهل مثل هذه

األخالق تخدم البقاء أم تساعد على الفناء ؟!! واإلنسان يقوى بإخوانه فهل قتل الناس بعضهم بعضا يخدم البقاء أم

يساعد على الفناء ؟

و إذا كانت األخالق نشأة بآلية الصراع من أجل البقاء و البقاء لألصلح فلماذا يوجد الخلق و ضده فإما الخلق الحسن هو الذي يخدم البقاء فيصطفيه االنتخاب الطبيعي أو الخلق

المذموم هو الذي يخدم البقاء فيصطفيه االنتخابالطبيعي .

فأي شيء يحافظ على بقاء صوراالنتخاب الطبيعيوحسب الحياة األكثر تعقيداd واألفضل تكامالd يوصف بالخير ، وما

يعوق التطور الدارويني يعتبر شراd ولو تركنا قانون الغاب يعمل عمله بأن يبقى األصلح وحده ، فإن سلوكنا عندئذ

يكون صواباd ألن االتجاه الرئيسي للتطور الدارويني يكون قد حقق الهدف منه ، ولكن لو تدخلنا في مسار التطور

الدارويني بمعاونة األضعف على البقاء ، فإن سلوكنا عندئذdيكون من الناحية األخالقية خاطئا.

و في ع333الم دارون تص333بح ال333دعوى إلى حماي333ة الض333عفاء والمرضى والمعاقين و اإلشفاق عليهم والعناي33ة بهم دع33وى

.ضد االنتخاب الطبيعي و البقاء لألصلح ضد الطبيعة

و في عالم دارون تصبح ال33دعوى إلى اإلنف33اق على الفق33راء ض33د االنتخ33ابواليت33امى والمس33اكين دع33وى ض33د الطبيع33ة

.الطبيعي و البقاء لألصلح

تص33بح ال33دعوى إلى تح33ريم الزن33ا و زواج و في ع33الم دارون. و ضد االنتخاب الطبيعي المحارم دعوى ضد الطبيعة

ال مانع عنده أن تخون33ه زوجت33هو إنسان دارون إنسان الغاب أو يزني بمحارمه .

و اإلنس33ان يمكن أن نس33ميه كائن33اd أخالقي33اd بينم33ا ال نس33مى الحيوان كائناd أخالقي33اd ، إذ ال مع33نى للح33ديث عن قيم خلقي33ة وس333لوك خلقي ومس333ئولية و ج333زاء في ع333الم الحيوان333ات فاألخالق مرتبط33ة باالختي33ار ، ويق33وم االختي33ار على ال33وعي بمبادئ وقواعد يتصرف اإلنسان وفقاd لها ، وال ترتب33ط ه33ذه القواعد والمبادئ بالغري3333زة والحاج33ة القريب33ة دائم33اd ، لكن

سلوك الحيوان محدود بحاجاته القريبة فقط .

إن الس33لوكيات األخالقي33ة وآدابه33ا هي ال33تي تم33يز س33لوك اإلنس33ان عن س33لوك البه33ائم س33واء في تحقي33ق حاجات33ه الطبيعي33ة أو في عالقات33ه م33ع غ33يره من الكائن33ات األخ33رى، ف33اآلداب زين33ة اإلنس33ان من حيث الجنس واألك33ل والش33رب والنظاف33ة، وت33ذوق الس33لوك الجمي33ل وتمي33يزه عن الس33لوك القبيح، والبحث عن أفضل العالقات وأحسنها في المعاشرة والمحادث33ة والتع33اون والت33آلف وتب33ادل المحب33ة واإلك33رام واإلحس33ان وال33تراحم والتع33اطف وغيره33ا وله33ذا ف33اآلداب

األخالقية زينة اإلنسان وحليته الجميلة، وبقدر ما يتحلى به33ا.12اإلنسان يضفي على نفسه جماال وبهاء، وقيمة إنسانية

وإذا ك33انت األخالق ال33تي يتحلى به33ا الجنس البش33ري يتحلى بها عن وعي كامل و قدرة على االختيار ، وال نجد في غيره

لماذا حصل ه33ذا التط33ور عن33د الن33وعمن الكائنات مثل ذلك ف اإلنس33ان على زعمهماإلنس33اني دون غ33يره ؟ أي إذا ك33ان

يمثل امتدادا طبيعيا لمن سبقه في سلم التطور البيولوجيفلماذا خضع اإلنسان للتطور في األخالق دون غيره ؟.

ا تدريجيcا dيحت33اج إلى و الزعم بأن أخالق البشر تطورت تطور إلى أن تص33لدراسة تاريخية متعمقة تش33مل اإلنس33ان األول

، وتسير الدراسة مع اإلنسان س33يراd متأني33اdلإلنسان المعاصر لتكشف عن سلوكه و أخالقه خالل الظروف واألحوال التي

.تحيط به

و البد للدراسة أن ت33بين ه33ل ك33انت هن33اك م33ؤثرات خارجي33ةزغيرت من سلوك اإلنسان األخالقي أم ال ؟ e33واإلنسان يتمي

ك33ل ف33رد في33ه بخصوص33يات ال يمكن محوه33ا أو تجاهله33ا، ف33األفراد ليس33وا نس33خاd متطابق33ة يمكن ص33بها في ق33والب

.13جاهزة وإخضاعها جميعاd للقوالب التفسيرية نفسها

7 - علم األخالق اإلسالمية لمقداد يالجن ص 12للدكتور عبد الوهاب المسيريالفلسفة المادية وتفكيك اإلنسان - 13

و يص333333عب إخض333333اع الس333333لوك اإلنس333333اني األخالقي للتجرب33ة ،والتأك33د من ص33حة الف33روض ش33رط أساس33ي من شروط المنهج العلمي فإن التجرب33ة تقتض33ي ق33درة الب33احث على التحدي333د والض333بط و التحكم في الس333لوك اإلنس333اني

،و األخالقي محل البحث وضبط كل المتغيرات المؤثرة في33ه لخصوص33ية الس33لوك اإلنس33اني فه33و أم33ر يص33عب ض33بطه ويس33تحيل أن يطلب الب33احث من اإلنس33ان تك33رار الس33لوك

اإلنساني بهدف إجراء التجربة .

و ال يخضع اإلنسان لمبدأ الحتمية التي تخض33ع له33ا الظ33واهر وه33ذهبل يخض33ع لأله33واء و المي33والت و التقلب33ات  الطبيعية

الق33ول ب33أن أخالق البش33ر تط33ورتاألم33ور و غيره33ا تجع33ل ا تدريجيcا dتحكم علمي ومجازفة ورجم بالغيب .تطور

و الزعم بأن األخالق تكيف بيولوجي تطوري لتنظيم عملي33ة نسبية غ33ير مطلق33ةالتكاثر الذي يخدم بقائنا يجعل األخالق

، وبالت33الي تلغىوتختفي م33ع النس33بية أي مع33ايير أخالقي33ة فقد يك33ون الس33لوك األخالقي محرم33اd عن33د ش33خصاألخالق

وقد يك33ون الس33لوك محم33ودا ،ولكنه محلل عند شخص آخر عند شخص ولكنه مذموم عند شخص آخر ،وقد يكون الفعل من قبيل الرحمة عند شخص ،وعن33د ش33خص آخ33ر من قبي33ل

،وهذا الكالم مخالف للواقع والتاريخ .القسوة

والخير خير عند الص33الح والط33الح والش33ر ش33ر عن33د الص33الح و هناك سلوكيات مستهجنة عند جميع المجتمع33اتوالطالح

كالس33رقة و الك33ذب و الغ33در و الخيان33ة و البخ33ل وهن33اك س33لوكيات مستحس33نة عن33د جمي33ع المجتمع33ات كالص33دق و

.العدل واألمانة و الوفاء والكرم

ثبات األخالق يبعث الطمأنين33ة و الس33عادة في حي33اةو ،و ال تتأتى السعادة واألمن واالستقرارالفرد، و المجتمع

إذا لم يكن هن333اك أخالق يمارس333ها الف333رد ويتوقعه333ا مناآلخرين حوله .

م و في عالم دارون gعالم الغاب ال يأم̀ن النا̀س على أنفسه

gفي عدم dم، وكفى بذلك سببا gم وال أعراضه gوال أمواله األمنg واالستقرارg، وانتشارg الخوف، واضطراب حياةg الناس

. يلغي التزامو الزعم بأن األخالق تكيف بيولوجي تطوري

األفراد ومسئولياتهم و إرادتهم و يهدم المسئولية فال معنى للخير و الشر ،وال معنى األخالقية من أساسها

.للثواب والعقاب وال معنى للمدح و الذم

و في الختام أهمس في أذن كل ملحد قائال إذا كانت األخالق قد نشأت عن طريق التطور الدارويني و تنازع

البقاء و انتخاب األصلح – على حد زعمك - فمن الذييصطفي هذا الخلق دون غيره ؟!!

واالنتخاب الطبيعي م33ا ه33و إال وص33ف لظ33اهرة ،وليس ه33و سبب الظاهرة فمن الذي ينتخب و يصطفي ويختار هل ه33و الطبيعة أم االنتخاب نفسه أم شيء غير الطبيعة و االنتخاب ؟!! إن قلت الطبيعة فه33ذا خط33أ ؛ ألن الطبيع33ة ال إرادة له33ا وال اختي333ار ،وإن قلت االنتخ333اب نفس333ه فه333ذا خط333أ ؛ ألن االنتخاب حدث و الحدث البد له من مح33دgث فيتعين أن هن33اك

شيء غير الطبيعة هو الذي يصطفي و يختار فأنت من ه33ذا المنطلق تثبت ش33يء غ33ير الطبيع33ة و الم33ادة ،وه33ذا يخ33الف

ويناقض اعتقادك .

و إني أسأل كل من يدعي أن الطبيعة مصدر األخالق : كيف ؟ هل أعلمتك ذلك أمعرفت أن الطبيعة هي مصدر أخالقك

رأيتها تعطيك األخالق أم ماذا ؟

الذي بنعمته تتم الصالحات و الحمد للههذا

مراجع المقال :

التعريفات للجرجاني

للدكتور عبد الوهابالفلسفة المادية وتفكيك اإلنسان المسيري

خرافة اإللحاد للدكتور عمرو شريف

علم النفس اإلسالمي العام والتربوي للدكتور محمدرشاد خليل

علم األخالق اإلسالمية لمقداد يالجن

موسوعة األخالق لخالد عثمان الخراز

موسوعة الفلسفة للدكتور عبد الرحمن بدوي

للدكتور عبدموسوعة اليهود واليهودية والصهيونيةالوهاب المسيري