الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

44
لاق خ لا ا ة ي ب س ن واه ع ود حد ل م ل ا مد ح ع ا ي ب د.ر

Upload: -

Post on 31-Jul-2015

66 views

Category:

Spiritual


6 download

TRANSCRIPT

Page 1: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

الملحد ودعواهنسبية األخالق

د.ربيع أحمد

الحمد لله رب العالمين ، والصالة والسالم على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم

بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

Page 2: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

فقد انتشر في عص44رنا م44رض اإللح44اد ، وه44و أح44د األم44راض الفكرية الفتاكة إذ يفتك باإليمان و يعمي الحواس عن أدل44ة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يج44ادل في الب44ديهيات و يجمع بين النقيضين ويف44رق بين المتم44اثلين ،ويجع44ل من الظن علما و من العلم جهال و من الحق باطال و من الباطل

حقا .

ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين واالسترسال في الوساوس الكفرية

والسماع والقراءة لشبهات أهل اإللحاد دون أن يكون لدىاإلنسان علم شرعي مؤصل .

ما هي إال أقوال بال دليل وادع4اءات بالوشبهات أهل اإللحاد ،ورغم ضعفها و بطالنها إال أنه44ا ق44د ت44ؤثر في بعضمستند

المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان الب44د من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل اإللحاد شبهة تلو األخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو ال44دعوى ح44تى ال

ينخدع أحد بكالمهم وشبههم .

وفي هذا المقال سنتناول ب44إذن الل44ه دع44وى يردده44ا الكث44ير من المالح44دة والالدي44نين أال وهي نس44بية األخالق و حس44ب

األخالق أم44ور اعتباري4ة نس44بية ال ثب44ات له4ا فهيكالمهم أن تختلف من شعب إلى شعب، ومن أمة إلى أم44ة، ومن زم44ان إلى زمان... فبعض األمور تعتبر منافية لمكارم األخالق عن44د ش44عب من الش44عوب أو أم44ة من األمم في حين أنه44ا غ44ير منافية لمكارم األخالق عند شعب آخر أو أم44ة أخ44رى، وبعض

Page 3: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

األمور كانت في زمان مضى أمورا̀ منافي44ة لمك44ارم األخالق، ثم صارت بعد ذلك أمورا̀ غير منافية لها؛ وهذا ي44دل على أن األخالق مف44اهيم اعتباري44ة تتواض44ع عليه44ا األمم والش44عوب،

وليس لها ثبات في حقيقتها، وليس لمقاييسها ثبات.

و يقول بعض المالحدة والالدينين : من المس44تحيل أن تعمم على جميع البش44ر .. نعم ق44د يتف44ق مجموع44ة من األش44خاص على مفاهيم أخالقي44ة معين44ة ولكن ه44ذا ال يع44ني أن التعميم في األخالق مستس44اغ من قب44ل جمي44ع الن44اس ؛ ألن44ه بك44ل بساطة عادات الناس وطبائعهم مختلفة بعض44ها عن بعض... فم44اذا نق44ول عن بعض المجتمع44ات ال44تي من عادته44ا في استقبال الضيوف جل44وس الض44يف على حض44ن المستض44يف كن44وع من التك44ريم أو التعب44ير عن المحب44ة ونج44د أن هن44اك عادات غربي44ة ق44د يس44تهجنها الش44رقيين وه44ذا أم44ر ط44بيعي

ونستطيع أن نطلق إذا صفة النسبية على األخالق.

ويقول بعضهم : كل األخالق أخالق نسبية قد تكون صحيحةهنا و خطأ هناك .

و يق44ول بعض44هم : األخالق مبني44ة على المنفع44ة ،ومنفع44ة اإلنس44ان هي ب44الطبع الس44عادة أو البع44د عن األلم علي أق44ل تقدير. و لهذه الس44عادة متطلب44ات تختل44ف من مجتم44ع ألخ44ر بن444اءا علي اختالف االحتياج444ات و الخ444برات و الثقاف444ات و بالتالي تصبح األخالق علي إطالقها نس44بية و لكن ب44دور في غاي44ة األهمي44ة ؛ ألنه44ا تض44ع الق44وانين ال44تي يس44تطيع أف44راد المجتمع أن يحققوا بها سعادتهم من خالل البناء االجتماعي

Page 4: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

و بدون القلق من تعرض أمانهم لالعت44داء من اآلخ44رين ... و من هنا تتطور األخالق, فكل ما يهدم هذا البن44اء االجتم44اعي و يجعل الفرد في حالة انع44دام لألم44ان ه44و ال أخالقي ؛ ألن44ه يعود باإلنسان ) و لو في لحظة( لحال44ة العش44وائية و ق44انون الغاب ال44ذي هج44ره اإلنس44ان ليص44ل إلي م44ا ه44و أفض44ل من44ذ

أزمان بعيدة .

لما كان لك44ل ثقاف44ة معاييره44ا الخاص44ة به44اويقول بعضهم: فإن المرغوب فيه يختلف تبعا ل44ذلك من ثقاف44ة إلى ثقاف44ة،

ومن ثم تختلف القيم من ثقافة إلى ثقافة .

المبادئ األخالقية نسبية ومتغيرة ومتطورة؛ويقول بعضهم: ألنها ترتبط بعجلة التطور االجتماعي، وتخضع لتأثير العوامل

االقتصادية والدينية والثقافية والتاريخية، وهذه كلها متطورة ومتغيرة من عصر إلى عصر، وعليه تتطور األخالق

بتطور هذه المؤثرات.

إن الخير والشر والمرغوب فيه أو غيرويقول بعضهم: مرغوب فيه هو ما تقرر الثقافة )والثقافة وحدها هي الحكم(

أنه كذلك، فالحرب، واألخذ بالثأر، وقتل أسرى الحرب، واحتكار األقلية ألرض، والديكتاتورية، كل هذه أمور تكون مرغوبا فيها

وذات قيمة إذا قررت الثقافة ذلك، فالقيم إذن نسبية إلى طبيعة اإلنسان، كما تتضح هذه الطبيعة في فعله وتفاعله

.االجتماعي والثقافي

وقبل الرد على هذه الدعاوي البد من بيان مفهوماألخالق ،ومفهوم النسبية األخالقية .

Page 5: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

مفهوم األخالق

األخالق مفرد كلم44ة خل44ق ،و الخل44ق عب44ارة عن هيئ44ة للنفس راسخة تصدر عنها األفعال بسهولة ويسر من غير حاج44ة إلى فكر وروية، ف44إن ك44ان الص44ادر عنه44ا األفع44ال الحس44نة ك44انت الهيئة خلقا حسنا، وإن ك44ان الص44ادر منه44ا األفع44ال القبيح44ة سمsيت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقا سيئا، وإنما قلنا إن44ه هيئة راسخة ألن من يصدر منه بذل المال على الن44دور بحال44ة

.1عارضة ال يقال خلقه السخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه

ابل44ة uا عن غيره44ا هي اآلث44ار الق uه vُزxيميvاألخالق و vوالذي يفصل ق الحس44ن عن الغري44ُزة v44ل vم، وب44ذلك يتم44يُز الخyللم44دح أو ال44ذ فاألكل مثال غريُزة، واإلنسان عند الجوع يأكلv بدافع الغري44ُزة وليس مما يمدح به أو يذم. لكن لو أنy إنس44انuا أك44لu زائ44د̀ا عن حاجته الغريُزية، صارu فعله مذمو̀ما، ألنه أثر لخلق في النفس م44ذموم، وه44و الطم44ع، وعكس ذل44ك أث44ر لخل44ق في النفس محمود، وهو القناعة. ك44ذلك ف44إن مس44ألة حبs البق44اء ليس44ت محا̀ل للمدح أو الذم في باب الس44لوك األخالقي، لكن الخ44وف الُزائد عن حاجات هذه الغريُزة أثر لخلق في النفس م44ذموم،

104التعريفات للجرجاني ص - 1

Page 6: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

وهو الجبن، أما اإلقدامv الذي ال يصلv إلى حد التهور، فهو أثرلخلق في النفس محمود، وهو الشجاعة .

وهكذا سائرv الغرائُز~ والدوافع النفسية التي ال تدخلv في باب األخالق، إنyما يميُزها عن األخالق كون آثارها في السلوك.2 أمو̀را طبيعية ليست مما تvحمد إرادة اإلنسان عليه أو تذم

لvق منه ما هو طبيعي أي فطري يولد اإلنسان مجبوالو vالخ عليه كالحلم والتؤدة والحياء ، ومنه ما هو مكتسب ينشأ من

التعود والتدرب والبيئة كالشجاعة والكرم .

23-22 - موسوعة األخالق لخالد عثمان الخراز ص 2

Page 7: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

مفهوم نسبية األخالق

نسبية األخالق تعني أن األخالق تتغير بتغير الُزم44ان والمك44ان أخالق مطلق44ة،و الثقاف44ة و األش44خاص والمجتم44ع فال توج44د

فق44د يك44ون الس44لوك وعليه ليس هناك صواب وخط44أ أخالقي ،األخالقي محرما̀ عند شخص ولكنه محل44ل عن44د ش44خص آخ44ر

وقد يكون السلوك محم44ودا عن44د ش44خص ولكن44ه م44ذموم عن44د ش44خص آخ44ر ،وق44د يك44ون الفع44ل من قبي44ل الرحم44ة عن44د

يك44ون ،وق44د ش44خص ،وعن44د ش44خص آخ44ر من قبي44ل القس44وة .السلوك محمودا في مجتمع ولكنه مذموم في مجتمع آخر

Page 8: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

مخالفة القول بنسبية األخالق للواقع

توج44د مجموع44ة إذ إن القول بنسبية األخالق يخالف الواق44ع فرض44ا فيوج44دمن األخالق تف44رض نفس44ها على الجمي44ع

س44لوكيات مس44تهجنة عن44د جمي44ع المجتمع44ات كالس44رقة و الك444ذب و الغ444در و الخيان444ة و البخ444ل ويوج444د س444لوكيات مستحسنة عند جميع المجتمعات كالصدق و العدل واألمان44ة

. و الوفاء والكرم

مستحيل أن يكون الصدق فضيلة عند مجتمع معين وومن ال يك44ون رذيل44ة عن44د مجتم44ع آخ44ر ،ومن المس44تحيل أن يك44ون العدل فضيلة عند مجتمع معين و يك44ون رذيل44ة عن44د مجتم44ع آخر ،ومن المستحيل أن يك44ون الوف44اء فض44يلة عن44د مجتم44ع

مس44تحيل أنومن المعين و يكون رذيل44ة عن44د مجتم44ع آخ44ر ، يكون الصدق فضيلة في زمن معين و يكون رذيلة في زمن

آخر.

Page 9: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

مع القول بنسبية األخالق ال يمكن التمييُز بين الخير والشر

ال يمكن التمييُز بين الخير والشرمع القول بنسبية األخالق ،و ليسمقي44اس نف44رق ب44ه بين الخ44ير والش44رفليس لدينا

لدينا معيار نحكم به أن هذا الخلق خير و هذا الخل44ق ش44ر ،و ليس ل444دينا قيم أخالقي444ة ثابت444ة مطلق444ة يمكن أن نحتكم

م44ا ه44و خ44ير من بين ،و تجعل بوسعنا الحكم والتمي44يُزإليها الالقول بنس44بية األخالقالخلق و ما هو شر ، و إذا كان مع

يمكن التمييُز بين الخير والشر ،وه44ذا أم44ر باط44ل ف44القول يلُزم منه الالزم الباطلبنسبية األخالق قول باطل ؛ ألن ما

.فهو باطل ال اعتبار له

و نحن في الكثير من األحيان نستطيع التsمييُز بسهولة بين ، و إن كان في أحيان أخرى لمؤثرات sما هو خير وما هو شر معينة ق44د يلتبس علين44ا األم44ر فنظن أن الش44يء في44ه خ44ي̀را وهو شر، أو نظن أن الشيء فيه شرا وهو خ44ير ،و تمييُزن44ا في كثير من األحيان بين ما هو خ44ير وم44ا ه44و ش44ر ي44دل أن

أن هذا الخلق خير و ه44ذا الخل44قلدينا معايير نحكم بها على شر ،وهذا يناقض القول بنسبية األخالق .

و من مساوئ القول بالنس44بية األخالقي44ة أنه44ا تس44اوي بين قت44ل عش44رات الن44اس و بين إطع44ام عش44رات الن44اس فعلى النسبية األخالقية قتل عشرات الناس ال خير فيه و ال شر ،

وإطعام عشرات الناس ال خير فيه و ال شر .

و من مساوئ القول بالنس44بية األخالقي44ة أنه44ا تس44اوي بين اغتص44اب فت44اة و بين إنق44اذ فت44اة من خط44ر معين فعلى

Page 10: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

النسبية األخالقية اغتصاب فتاة ال خير فيه و ال شر ، وإنقاذفتاة من خطر معين ال خير فيه و ال شر .

مع القول بنسبية األخالق تلغى األخالق

فما هو حس44ن عن44د تلغى األخالق مع القول بنسبية األخالق ش44خص يك44ون قبيح44ا عن44د آخ44ر ، و م44ا ه44و مستحس44ن في

،وما هو خل44ق رفي44عمجتمع يكون مستقبحا في مجتمع آخر في زمان يكون خلقا وضيعا في زمان آخر وبالتالي تختفي

؛ ألن المبدأ الذي تستند إلي44ه مع النسبية أي معايير أخالقية ،وعلي44ه فال44دعوة إلى النس44بيةاألخالق وتحتكم إليه مفقود

األخالقية دعوة إلى التحرر من القيم األخالقية ودع44وة إلىإلغاء القيم األخالقية .

وكي44ف نحكم على س44لوك أن44ه مواف44ق لألخالق إذ لم يكنلدينا أخالق مطلقة نحتكم إليها ؟

وكي44ف نحكم على س44لوك أن44ه مخ44الف لألخالق إذ لم يكنلدينا أخالق مطلقة نحتكم إليها ؟

وكي44ف نحكم أن القت44ل مخ44الف لألخالق إذ لم يكن ل44دينا أخالق مطلقة نحتكم إليها ؟ وكيف نحكم أن الغ44در مخ44الف لألخالق إذ لم يكن لدينا أخالق مطلقة نحتكم إليها ؟ وكي44ف نحكم أن الظلم مخ44444الف لألخالق إذ لم يكن ل44444دينا أخالق مطلق444ة نحتكم إليه444ا ؟ وكي444ف نحكم أن الغش مخ444الف لألخالق إذ لم يكن لدينا أخالق مطلقة نحتكم إليها ؟ وكي44ف

Page 11: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

نحكم أن االغتص44اب مخ44الف لألخالق إذ لم يكن ل44دينا أخالقمطلقة نحتكم إليها ؟

يهدم المسئولية األخالقية القول بنسبية األخالق

ال معنىتفقد قوتها اإللُزامية إذلو كانت األخالق نسبية فس للخير و الشر ،وال معنى للثواب والعقاب وال معنى للمدح و

وكي44ف يل44تُزم اإلنس44ان في وجود النس44بية األخالقي44ة ،الذم وكي44ف يش44ين؟ بقيم خلقية ي44ؤمن بأنه44ا متغ44يرة و نس44بية

إذ لم يكن ل44ديهم أخالقالمجتم44ع س44لوكا معين44ا لش44خص يش44يد المجتم44ع بس44لوكمطلق44ة يحتكم44ون إليه44ا ؟ وكي44ف

إذ لم يكن ل44ديهم أخالق مطلق44ة يحتكم44ونمعين لش44خص القول بنسبية األخالق يفقد األخالق قوته44اوعليه فإليها ؟

اإللُزامية وبالتالي يهدم و ينكر مسئولية الفرد األخالقي44ة ،ومخالف للواقع .إنكار مسئولية الفرد األخالقية

إذ لم يكن ل44ديهم أخالق مطلق44ةوكيف للناس تجريم القتل االغتص44اب إذ لم يكنللناس تج44ريم ؟ وكيف يحتكمون إليها

للن44اس تج44ريملديهم أخالق مطلقة يحتكمون إليها ؟ وكيف الغش إذ لم يكن لديهم أخالق مطلقة يحتكمون إليها ؟

إذ لم يكنوكي44ف للن44اس تك44ريم أو م44دح الش44خص األمين وكيف للن44اس تك44ريملديهم أخالق مطلقة يحتكمون إليها ؟

إذ لم يكن ل44ديهم أخالق مطلق44ةأو م44دح الش44خص الش44جاع وكي44ف للن44اس تك44ريم أو م44دح الش44خصيحتكم44ون إليه44ا ؟

Page 12: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

إذ لم يكن ل44ديهم أخالق مطلق44ة يحتكم44ون إليه44ا ؟المصلح إذ لم يكنوكي44ف للن44اس تك44ريم أو م44دح الش44خص المخلص

وكيف للن44اس تك44ريملديهم أخالق مطلقة يحتكمون إليها ؟ إذ لم يكن ل44ديهم أخالق مطلق44ةأو م44دح الش44خص الش44هم

يحتكمون إليها ؟

ولو كانت األخالق نسبية لما جرم القاتل إذ له أن يحتج بأن44ه تصرف وفق رأي44ه الشخص44ي ومع44اييره الخاص44ة ال44تي يراه44ا

ولو كانت األخالق نسبية لما ج4رم المغتص4ب إذ ل4ه ،صحيحة أن يحتج بأنه تصرف وفق رأيه الشخص44ي ومع44اييره الخاص44ة

ولو كانت األخالق نسبية لما وجد الكثير ،التي يراها صحيحة و من هنا ندركمن الناس حرجا في التحلي برذائل األخالق ،

أن ال4444دعوة إلى نس4444بية األخالق دع4444وة إلى االنح4444راف إذاألخالقي ،ودعوة إلى اقتراف الجرائم و األخالق المشينة

م44ع نس44بية األخالق ال مع44نى للعق44اب و ال مع44نى لل44ذم و ال معنى للتجريم .

Page 13: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

الناس أنفسهم يعملون بخالف القول بنسبية األخالق

الناس أنفسهم يعملون بخالف القول بنسبية األخالق فتج44د الواحد من الناس يحكم على بعض الس44لوكيات أنه44ا منافي44ة

مث44ل زن44ا المح44ارم و الس44باب و الفس44اد في األرضلألخالق مم444ا ي444دل على وج444ود قيم أخالقي444ة مطلق444ة ،ومن خالل مطلقيتها حكم الشخص على بعض الس44لوكيات أنه44ا منافي44ة

.لألخالق

والواحد من الناس يحكم على بعض س44لوكيات األف44راد أنه44ا مثل الشجاعة والشهامة والكرم مما يدل على وج44ودحميدة

قيم أخالقي44ة مطلق44ة ،ومن خالل مطلقيته44ا حكم الش44خص .على بعض السلوكيات أنها حميدة

وهناك سلوكيات كالبخ44ل و الجش44ع و الس44باب ي44ذمها جمي44ع مم44ا ي44دل على وج44ود قيم أخالقي44ةالناس إال الن44ذر اليس44ير

مطلق444ة ،ومن خالل مطلقيته444ا حكم الش444خص على بعض.السلوكيات أنها مذمومة

Page 14: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

و الناس تمدح الش44خص ذي األخالق الحس44نة وت44ذم الش44خص ذي األخالق السيئة ،ولو كانت األخالق نسبية لما كان للم44دح

أو الذم معنى .

وأي دول44444ة من ال44444دول تج44444رم بعض الس44444لوكيات من األفراد ،وتع44اقب على فع44ل بعض الس44لوكيات و أي مجتم44ع من المجتمعات يجرم بعض السلوكيات من األفراد ، ويعاقب على فعل بعض السلوكيات مثل الخيانة واالعت44داء والفس44ادولو كانت األخالق نسبية لما كان للتجريم أو العقاب معنى .

بعض مالمح المجتمع الذي يسود فيه اعتقاد نسبية األخالق

الالمجتمع الذي يس4ود في4ه اعتق4اد نس4بية األخالق مجتم4ع م، م وال أعراض44ه~ م وال أم44واله~ يأمنv الناسv فيه على أنفس44ه~

وكفى ب44ذلك س44ببا̀ في ع44دم~ األمن~ واالس44تقرار~، وانتش44ار~ الخوف، واضطراب حياة~ الناس إذ كل شخص يفعل ما يري44د

وفق رأيه الشخصي ومعاييره الخاصة التي يراها صحيحة .

مجتم4ع الالمجتمع الذي يس4ود في4ه اعتق4اد نس4بية األخالق تت44أتى الس44عادةس44عادة في44ه وال أمن وال اس44تقرار إذ كي44ف

وكي444ف ي444أتي األمن واالس444تقرار إذا لم يكن هن444اك أخالقحميدة يمارسها الفرد ويتوقعها من اآلخرين حوله ؟!!.

المجتمع ال44ذي يس44ود في44ه اعتق44اد نس44بية األخالق مجتم44ع ال يش44جع على فض44يلة ،وال يvبuغ~ض في رذيل44ة فيق44ل في44ه فع44ل

الفضائل و يكثر فيه فعل الرذائل .

Page 15: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

المجتمع ال44ذي يس44ود في44ه اعتق44اد نس44بية األخالق مجتم44ع القيمة فيه للعفة و الطهر فيكثر فيه الُزنا وإتيان الفواحش .

المجتمع الذي يسود فيه اعتقاد نسبية األخالق مجتمع يص44بح اإلنسان فيه كالحيوان فكما أن سلوكيات الحيوان ال تمدح و ال تذم فكذلك إنسان المجتم4ع النس4بي األخالق س4لوكياته ال

تمدح و ال تذم .

المجتم44ع ال44ذي يس44ود في44ه اعتق44اد نس44بية األخالق مجتم44ع ضعيف مفكك لك4ثرة ال4نُزاع والص44راع في44ه و ال وج4ود لقيم

ثابتة يحتكم إليها الناس فتفض النُزاع .

Page 16: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

القائل بنسبية األخالق يناقض نفسه

نجد الكثير من القائلين بنسبية األخالق يناقضون أنفسهم فمنهم من يستقبح الظلم و يستحسن العدل و يحب الخير

و يكره الشر ،وهذا يخالف مذهبه بنسبية األخالق إذ استقباح الظلم و استحسان العدل وحب الخير وكراهة

الشر دليل على وجود أخالق مطلقة .

ومنهم – إن لم نق444ل كلهم - من يقاب444ل الظلم في حق444ه باالنتق44ام فلم44ا يقاب44ل الظلم في حق44ه باالنتق44ام ،والظلم

عنده نسبي فما يراه ظلما قد يراه غيره عدال ؟!!

ومنهم– إن لم نق44ل كلهم - من يع44اقب ابن44ه على فع44ل سلوك غير أخالقي كالكذب ،ويمدح ابن44ه على فع44ل س44لوك أخالقي كالصدق فلما يعاقب ابنه على الكذب و يم44دح ابن44ه على الصدق وال معنى للعق44اب وال مع44نى للم44دح في إط44ار

نسبية األخالق .

Page 17: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

المغالطات التي لجأ إليها المالحدة و غيرهم من المضللينلتسويغ القول بنسبية األخالق

بعد أن بين44ا أن الق44ول بنس44بية األخالق ق44ول باط44ل يخ44الف الواقع ،ويستلُزم لوازم باطلة ويعم44ل الن44اس بخالف44ه ح44تى من يعتقد به قد ال يعم44ل ب44ه ح44ري بن44ا أن ن44بين المغالط44ات التي لجأ إليها المالحدة وغيرهم إلى تسويغ الق44ول بنس44بية األخالق من كالم الشيخ عبد الرحمن الميداني – رحمه الله – فقد بين و أجاد و أفاد ،وذكر أن المغالطات ال44تي لج44أ إليه44ا المالح444دة وغ444يرهم إلى تس444ويغ الق444ول بنس444بية األخالق

كالتالي:

م44د� عvن44وان األخالق م44دا̀ يش44مل التقالي44د والع44ادات واآلداب، وبعض األحكام الدينية ال44تي ال عالق44ة له44ا بموض44وع األخالق

من حيث ذاتها.

مفاهيم بعض الناس لألخالق وألسسها، مع أنها مفاهيم غيرصحيحة.

اضطراب الفكر الفلسفي في تحديد المبادئ التي يرجعإليها األخالق، كالقوة، والمنفعة، واللذة، وغيرها.

Page 18: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

ومن التعميم الفاس444د ال444ذي يطلقون444ه ويقررون444ه، ومن مفاهيم بعض الناس غير الصحيحة لألخالق، ومن اض44طراب الفك44ر الفلس44في في تحدي44ده للمب44ادئ ال44تي ترج44ع إليه44اأ̀ الس44تغالل أمثل44ة s44ي uه vاألخالق، يجد المضلون أمامهم مجاال̀ م عة بالباط44ل، وه44ذه s44ط44ر العام44ة الموسvت44دخل في ه44ذه األ األمثلة تخضع للتغيsر والتب44دsل، وال تظه44ر فيه44ا ق~يم� خلقي44ةت y44سvثابتة، ألنه44ا في الحقيق44ة ليس44ت من األخالق، وإنم44ا د

في األخالق تُزييفا̀ لنقض األخالق بها.

و اللعبة تتم على الوجه التالي:.هذه أمثلة من مفردات األخالق التي يؤمن بها األخالقيون

هذه األمثلة تخضع للتغيsر والتبدsل، فليس لها قيمثابتة.

إذن فاألخالق كلها أمور ذات مفاهيم متغيرة متبدلة.إذن فاألخالق كلها ليس لها قيم ثابتة.إذن فاألخالق أمور اعتبارية، أو نسبية.

وبلعب44ة المغالط44ة ه44ذه يس44هل على م44دمري األخالق في المجتمع44ات اإلنس44انية، إفس44اد األجي44ال، ح44تى تتم44رد علىل في األمم ق44وى s44مثvجمي44ع الض44وابط الخلقي44ة، ال44تي ت مترابط44ة وتماس44كها، وعناص4ر ال4دفع الرتقائه4ا اإلنس44اني، وش44روط المحافظ44ة على أمجاده44ا الموروث44ة والمتج44ددة

بأعمالها.

شرح وتحليل :

منشأ المشكلة يرجع إلى الخطأ في تحديد مفهوم األخالق،بuل كث44ير وتحديد دوافعها وغاياتها، وتحديد مستوياتها، من ق~ من الناس، وفيهم كثير من الب44احثين في علم األخالق، من

فالسفة ومفكرين.

Page 19: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

وهذا هو الذي يفتح الثغرة الفكرية التي يعبvر منه44ا الخبث44اء الماكرون، ليهدموا األبنية األخالقية الحصينة التي تتمتع بها الشعوب العريقة بأمجادها، ال سيما المسلمون الذين س44بق أن رفعتهم األخالق العظيم44ة إلى قم44ة مج44د لم يط44اولهم

فيها أحد.

وحين يتبص44ر الب44احث باألس44س األخالقي44ة، ال44تي تم فيه44ا تحديد مس44توياتها، وف44ق المف44اهيم المقتبس44ة من التع44اليم اإلسالمية، يتبين له بوضوح تساقط أق44وال ال44ذين يُزعم44ون أن األخالق اعتباري444ة أو نس444بية، وأنه444ا من األم444ور ال444تي تتواض44ع عليه44ا األمم، وأنه44ا ليس44ت ذات قيم حقيقي44ة، أو

حقائق ثابتة .

فالباحث المتح44ري للحقيق44ة يس44تطيع أن يكتش44ف بس44رعة عناصر المغالطة التي يصطنعها هؤالء المضللون، إذ ي44أتون بأمثلة جُزئية يُزعمون أنها من األخالق، ثمs يثبتون أنها أمور اعتبارية أو نسبية تتواض44ع عليه44ا األمم، وليس له44ا حق44ائق ثابتة في ذاتها، ثمs ينقضون به44ا ثب44ات األخالق نقض44ا̀ كلي44ا̀، بطريقة تعميمية ال يقبل بها العلم، ح44تى على اف44تراض أنvا̀ الحكمsهذه األمثلة هي من األخالق فعال̀، ألنه ال يجوز علمي على الن44وع كل44ه من خالل الحكم على بعض أف44راه، م44ا لم يثبت أن سائر األفراد مشتركة بمثل الصفة التي كانت عل4ة

صدور الحكم على بعض األفراد .

إن مغالطتهم ه44ذه تش44به مغالط44ة من ي44أتي بمجموع44ة من القرود، ويلبسها لباس بني آدم، وي44دخلها بين مجموع44اتهم ثمs يقول: إن الناس جميعهم لهم صفات القرود، ب44دليل أن هذا اإلنسان - ويشير إلى بعض قروده - له صفات الق44رود، ب44دليل أن ه44ذا اإلنس44ان - ويش44ير إلى ف44رد آخ44ر من ه44ذه المجموعة المُزيفة- له صفات القرود. وهك44ذا ي44أتي بأمثل44ة متعددة من هذا العنصر ال44دخيل، ثمs يص44در حكم44ه التعميمي

Page 20: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

في مغالطة أخرى، فيق44ول: ومن ه44ذا يت44بين لن44ا أن جمي44عالناس لهم صفات القرود.

إن هذه العملية قد تضمنت مغالطة مركبة تمت علىمرحلتين:

المرحلة األولى: إدخال عنصر ليس من البشر تحت عنوانالبشر.

المرحلة الثانية: تعميم الحكم الذي يuصدر على هذا العنصرالدخيل، وجعله شامال̀ للناس جميعا̀.

وهذا مثال مطابق تماما̀ لمغالطتهم في موضوع األخالق، فهي أيضا̀ تشتمل على إدخال ما ليس من أفراد األخالق

تحت عنوان األخالق، ثمs تعميمهم حكمهم على هذه األفرادالدخيلة، وجعله شامال̀ لجميع أفراد األخالق الحقيقية .

نماذج من األمثلة التي يدخلونها في األخالق وهي ليستمنها :

فمن األمثلة الجُزئية التي يدخلونها في األخالق وليست منها، وغرضهم من ذلك التمهيد لنقض األخالق بها، ما

يلي: يقولون: إن أكل لحم الميتة أمر ال يعتبر منافي44ا̀ لألخالق-1

عند بعض القبائل، بينما يعتبر منافي4ا̀ لألخالق عن4د ال4ذين ال يأكلون لحم الميتة، ح44تى حين تأك44ل بعض القبائ44ل موتاه44ا من الناس فإن لها في ذل44ك مبرراته44ا االقتص44ادية، إذ ت44رى أن انتفاعها بلحوم موتاها خير من تركه44ا لل44دود، وخ44ير من

دفنها في التراب، وتركها تتعفن وتتفسخ وتتحلل.

وهذا يدل على أن األخالق أمور اعتبارية ونسبية، وليس لها قيم حقيقية ثابتة، وهي قابلة للتغير والتبدل من زمان إلى

زمان، ومن أمة إلى أمة.

Page 21: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

ويقولون: إن بعض األمم تحرم شرب بعض أنواع من-2 األشربة، كالخمور، وتعتبر شربها عمال̀ منافيا̀ لألخالق، بينما

ترى أمم أخرى أنه ال شيء في شربها.

ويقولون: إن بروز المرأة بُزينتها، وتعريها من ثيابها،-3 وعرضها مفاتنها للرجال األجانب، أمر� ال يعتبر منافيا`

لألخالق عند كثير من الشعوب، بينما يعتبر عند شعوب أخرىمن الرذائل الخلقية.

ويأتون بمثال تعدد الُزوجات وإباحته عند أم44ة وتحريم44ه عن44دأمة أخرى.

ويقولون: إن دعم مراعاة األنظمة المتبعة في الطعام- 4 والشراب واللباس عند بعض األمم، يعتبر من األمور

المستنكرة جدا̀، والمنافية لألخالق، بينما ترى أمم أخرى خالف ذلك، إذ ترى أن ترك اإلنسان حرا̀ يتصرف كما يحلو

له في طعامه وشرابه ولباسه هو الفضيلة الخلقية.

ويأتون بأمثلة الطقوس في البالد األقيانوسية، ومنها تحريمهم الطعام تحت سقف، والمكث في المسكن إذا

كان اإلنسان مريضا̀، وتحريمهم استعمال األيدي في تناول الطعام بعد فراغ اإلنسان من حلق شعره، أو بعد فراغه

من صنع زورق، وهكذا يوردون أمثلة هي من العادات والتقاليد االجتماعية، أو من الظواهر الجمالية، أو من األحكام الدينية لدين صحيح أو لدين وضعي من وضع

البشر.

قالوا: وكل هذا يدل على أن األخالق أمور اعتبارية ونسبية، وليست لها قيم حقيقية مطلق44ة ثابت44ة، وهي قابل44ة للتغ44ير والتبدل من زم44ان إلى زم44ان، ومن مك44ان إلى مك44ان، ومن بيئة اجتماعية إلى بيئة اجتماعية أخ44رى، ومن أم44ة إلى أم44ة

أخرى.

Page 22: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

وحين يورد المضلون مثل هذه األمثلة الجُزئي44ة، ال يعرج44ون على أخالق الص44دق، والع44دل، واألمان44ة، والوف44اء بالعه44د والوعد، والكرم، والشجاعة وأمثاله44ا، وال ي44ذكرون الرذائ44ل الخلقية المضادة لها، كالك4ذب، والج4ور، والظلم، والخيان4ة، والغ44در، والش44ح، والجبن في الم44واطن ال44تي تحس44ن فيه44ا

الشجاعة، وأمثالها.

المناقشة:

ل44دى تحلي44ل األمثل44ة ال44تي ي44ذكرونها لنقض األخالق به44ا، يالحظ الباحث الفاحص أنها ليست في الحقيق44ة من ف44روع

األخالق، وإنما ترجع إلى أصول أخرى.

فالمنع من أكل لحم الميتة مثال̀، أو شرب الخمور يرجع إلى، البتالء إرادة اإلنسان في الحياة الدنيا، وه44و أنه حكم ديني�

من ناحية أخرى حكم تقتضيه موجبات الحماية الصحية.

فإدخال44ه في األخالق، وإرجاع44ه إلى أص44ولها، واعتب44اره منمفرداتها، غلط� فكري، أو مغالطة وتُزييف.

وحج44اب الم44رأة وإلُزامه44ا بالحش44مة، وع44دم ع44رض زينته44ا ومفاتن جس44مها للرج44ال األج44انب، حكم دي44ني البتالء إرادة اإلنسان في الحياة الدنيا، وهو أيضا̀ أمر اقتضته قاعدة س44د الذرائع، فهو يساعد على درء الفتنة، وحماي44ة المجتم44ع من أن تنتشر فيه الفاحش44ة، ال44تي يتول44د عن انتش44ارها اختالط

األنساب، وتفكك األسر، وانهيار المجتمعات.

فإدخال هذا الموض44وع في األخالق، وإرجاع44ه إلى أص44ولها،واعتباره من مفرداتها، غلط� فكري، أو مغالطة وتُزييف.

Page 23: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

وتعدد الُزوج4ات حكم دي4ني روعيت في4ه مص4الح إنس4انية الدخل له في األخالق .

ومراع44اة األنظم44ة المتبع44ة عن44د بعض األمم في الطع44ام والش44راب واللب44اس، أم44ر� من اآلداب الجمالي44ة الحض44ارية

لديهم، وليس فرعا̀ من فروع األخالق.

فإدخال44ه في األخالق، وإرجاع44ه إلى أص44ولها، واعتب44اره منمفرداتها، غلط فكري، أو مغالطة وتُزييف.

أليس عجيبا̀ أن يدخلوا مث44ل ه44ذه األمثل44ة في ب44اب األخالق مع أنها في جوهرها من أبواب غير ب44اب األخالق، فهي إم44ا أحكام ديني44ة، أو طق44وس وع44ادات وتقالي44د؟! وإدخاله44ا في

باب األخالق مغالطة.

ولستر مغ44الطتهم ال44تي ي44دخلون به44ا في األخالق م44ا ليس منه44ا، تمهي44دا̀ لنس44ف األخالق من ج44ذورها، يعتم44دون على مفاهيم بعض الناس الخاطئة لألخالق، إذ يعت44برون أن ه44ذه

المفاهيم جُزء من حقيقة األخالق.

مع أن مفاهيم الناس قد تصدق وق44د تك44ذب، فهي ال تمث44ل جُزءا̀ من حقيق44ة الش44يء ال44ذي ه44و موض44وع البحث، وإنم44ا تمثل مقدار إدراك أصحابها لحقيقة الش44يء، وه44ذا اإلدراك قد يكون مطابقا̀ لحقيقة الشيء، وق44د يك44ون مخالف44ا̀ له44ا، وقد يكون كامال̀ وقد يك44ون ناقص44ا̀، وه44و ال ي44ؤثر بح44ال� من

األحوال على حقيقة الشيء.

لق44د ك44ان للفالس44فة الق44دماء مف44اهيم عن الس44ماء، وه44ذه المفاهيم مخالفة لواقع حال السماء، ومع ذلك ف44إن أي ذي عقل سليم ال يقبل اعتبار هذه المفاهيم ج44ُزءا̀ من حقيق44ة

السماء. وللناس مفاهيم كثيرة باطلة عن الخالق، وال يج44وز مطلق44ا`

أن تكون هذه المفاهيم جُزءا̀ من حقيقة الخالق.

Page 24: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

وينكر كروية األرض منكرون، ولكن مفاهيمهم هذه ال يمكنأن تجعل األرض في واقع حالها غير كروية.

على مثل ه44ذا الغل44ط الفك44ري ي44دخل كث44ير من الن44اس في األخالق ما هو ليس من األخالق، كتقاليد، وع44ادات، وأحك44ام وضعية، ليس لها أسس وال جذور تجعلها نابعة من األس44س

الخلقية، أو منبثقة عنها.

كذلك يجحد كثير من الن44اس بعض م44ا ه44و من األخالق فعال̀،فيُزعم أنه ال داعي للتقيد بقواعد األخالق فيها.

فه444ل ي444ؤثر ه444ؤالء أو ه444ؤالء على الحقيق444ة المطلق444ةلألخالق؟!.

إن مف44اهيم الن44اس ليس44ت هي ال44تي تص44نع الحق44ائق، ب44ل وظيفتها أن تعمل على إدراك الحقائق، حتى تك44ون ص44ورة

الحقائق فيها مطابقة لما هي عليه في الواقع.

وم44ا قيم44ة مف44اهيم الن44اس ح44ول حقيق44ة من الحق44ائق، ولنف44رض أن بعض الن44اس استحس44نوا رذائ44ل األخالق، ولم يج44دوا أي رادع من ض44مائرهم ي44ردعهم عنه44ا، فمارس44وا الظلم بمثل الجرأة ال44تي يمارس44ون به44ا الع44دل، ومارس44وا الخيانة بمثل الجرأة التي يمارسونها بها األمان44ة، ومارس44وا قس44وة القلب بمث44ل الج44رأة ال44تي يمارس44ون به44ا الش44فقة والرمة، ومارسوا الكذب الضار بمثل الجرأة التي يمارسون بها الصدق النافع، أفيغير ذلك واقع حال الرذائ44ل فيجعله44ا

من قبيل الفضائل؟!.

كم نشاهد من شعوب تألف القذارات، وتعيش فيها، وال تشعر بأنها تعمل عمال̀ غير مستحسن أو غير جميل، فهل

تغير مفاهيمهم من واقع حال القذارة القبيح شيئا̀؟!.

Page 25: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

إن فساد مفاهيم الناس حول حقيقة من حقائق المعرفة ال يغير من واقع حال هذه الحقيقة شيئا̀، وجميع حقائق

المعرفة تتعرض لمشكلة فساد مفاهيم الناس عنها،وفساد تصور الناس لها.

ويوجد سبب آخر للخطأ ال44ذي يق44ع في44ه الب44احثون في علم األخالق، ه44و اعتم44ادهم على أفك44ارهم وض44مائرهم فق44ط، وجعلها المقياس الوحيد ال44ذي تق44اس ب44ه األخالق، ونس44بوا إلى هذا المقياس العصمة عن الخطأ م44ع أن44ه مقي44اس غ44ير كاف� وحده، فقد يخطئ، وقد يvصابv عن44د بعض الن44اس بعل44ة�يyة، فيعش44ى أو يعمى، أو تخت444ل� عن444ده ض44~ uمن العل444ل المر

الرؤية، فيصدsر أحكاما̀ فاسدة .

تلخيص ألسباب الغلط أو المغالطة:

مما سبق يتضح أن أسباب الغلط أو المغالطة عند القائلين بأن األخالق اعتبارية أو نسبية، وليس لها ثبات وال قيم�

حقيقية مطلقة، ترجع إلى ثالثة أمور:

األمر األول: تعميم اسم األخالق على أنواع كثيرة من السلوك اإلنساني، فلم يميsُزوا الظواهر الخلقية، عن

الظواهر الجمالية واألدبية، وعن العادات والتقاليد االجتماعية، وعن التعاليم واألحكام المدنية أو الدينية البحتة، فحشروا مفردات كل هذه األمور تحت عنوان

األخالق، فأفضى ذلك بهم إلى الخطأ األكبر، وهو حكمهمعلى األخالق بأنها أمور اعتبارية أو نسبية.

األمر الثاني: أنهم جعلوا مفاهيم الناس عن األخالق مص44درا` يرج44ع إلي44ه في الحكم األخالقي، م44ع أن في كث44ير من ه44ذه المف44اهيم أخط44اء̀ فادح44ة، وفس44ادا̀ كب44يرا̀، يرج44ع إلى تحكم األهواء والشهوات والعادات والتقاليد فيها، ويرجع أيضا̀ إلى

أمور أخرى غير ذلك.

Page 26: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

والتح444ري العلمي يط444الب الب444احثين ب444أن يتتبع444وا ج444وهر الحقيقة، حيث توجد الحقيقة، ال أن يحكموا عليه44ا من خالل وجهة نظ44ر الن44اس إليه44ا، فك44ل الحق44ائق عرض44ة ألن يثبته44ا مثبت44ون , وينكره44ا منك44رون، ويتش44كك فيه44ا متش44ككون، ويتالعب بها متالعبون، ومع ذل44ك تبقى على ثباته44ا، ال ت44ؤثر

عليها آراء الناس فيها.

األمر الثالث: اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به األخالق، مع أن هذه

.3عرضة للصواب والخطأ

210-202- كواشف زيوف للشيخ عبد الرحمن الميداني ص 3

Page 27: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

نظرات في كالم بعض المالحدة

يقول بعضهم : ) من المستحيل أن تعمم األخالق على جميع البشر .. نعم قد يتفق مجموعة من األشخاص على مف44اهيم أخالقي44ة معين44ة ولكن ه44ذا ال يع44ني أن التعميم في األخالق مستساغ من قبل جميع الن44اس ؛ ألن44ه بك44ل بس44اطة ع44ادات الناس وطب44ائعهم مختلف44ة بعض44ها عن بعض ( ،وه44ذا الكالم باطل إذ المستحيل خالفه فمن المس44تحيل أال تعمم األخالق على جميع البشر ،ويوجد الكثير من األخالق المطلق44ة ال44تي ال تتغير من أمة ألمة و ال من زمن لُزمن كفض44يلة الص44دق و الوفاء والعدل و األمانة فكل األمم تحب مثل هذه األخالق و تستحسنها و يوجد خل44ق أخ44رى تس44تقبحها و تكرهه44ا جمي44ع

األمم كالغدر والخيانة و الكذب .

واالستدالل بتغير عادات الناس وطبائعهم استدالل في غ44ير مح44ل ال44نُزاع فليس44ت الع44ادات والطب44اع من قبي44ل األخالق فالعادات من اسمها أمور تعود الناس على عملها أو القي44امرu عملها حتى أصبحت شيئا̀ مألوفا` yبها أو االتصاف بها ، وتكر ف يvعتادv حتى يvفعل تكرارا` ، وهي نمط� من السلوك أو التصر� ، وال يجد المرء غراب44ة في ه44ذه األش44ياء لرؤيت44ه له44ا م44رات متعددة في مجتمعه وفي البيئة التي يعيش فيها ،وما يك44ون معهودا في مجتمعه وبيئته قد ال يك44ون معه44ودا في مجتم44ع

آخر .

Page 28: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

لق44ة في ك44ل م44ا ك44ان و ه44وطب44ع والطب44اع مف44رد أص44ل خ~ب~لu عليه أي اإلنسان vث44ابت األخالق ال44تي جبلت النف44وس، وج

فالطبع مجموع44ة من الس44مات الداخلي44ة في اإلنس44انعليها ومن الن44اس من جب44ل على الخل44ق الحس44ن سلوكهتؤثر في

فيتخلق به ومنهم من جبل على الخلق الرذيل فيتخل44ق ب44ه ،ة x4444قيvل vيمكن تغييره4444ا بالته4444ذيب وطب4444اع اإلنس4444ان ال�خ

والتربية ،ونحن ال نتكلم عن طباع خلقي44ة يمكن تغييره44ا ب44ل نتكلم عن استحسان الخلق الحميد و استقباح الخلق الرذي44ل نتكلم عن وج44ود أخالق يم44دح ص44احبها و أخالق أخ44رى ي44ذم صاحبها نتكلم عن أخالق يحبها جميع الناس و أخالق أخ44رى

.يكرهها جميع الناس

ويق44ول بعض44هم : ) ك44ل األخالق أخالق نس44بية ق44د تك44ون ص44حيحة هن44ا و خط44أ هن44اك ( ،و ه44ذا الكالم باط44ل إذ من األخالق م44ا يك44ون خ44يرا و يم44دح فاعل44ه ب44إطالق كالص44دق والعدل والكرم واألمان44ة ومن األخالق م44ا يك44ون ش44را وي44ذم فاعله كالكذب والخيان44ة واإلفس44اد في األرض فيوج44د أخالق محم44ودة عن44د جمي44ع الن44اس و أخالق مذموم44ة عن44د جمي44ع

الناس .

و يق44ول بعض44هم : ) األخالق مبني44ة على المنفع44ة ،ومنفع44ة اإلنس44ان هي ب44الطبع الس44عادة أو البع44د عن األلم علي أق44ل تقدير. و لهذه الس44عادة متطلب44ات تختل44ف من مجتم44ع ألخ44ر بن444اءا علي اختالف االحتياج444ات و الخ444برات و الثقاف444ات و بالتالي تصبح األخالق علي إطالقها نسبية ( و األخالق ال44تي تب44نى على المنفع44ة هي األخالق النفعي44ة و األخالق النفعي44ة خارجة عن محل النُزاع إذ هذه األخالق ال تحم44ل من األخالق

Page 29: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

واعتبار المنفع44ة مقياس44ا لألخالق يجع44ل األخالقإال اسمها ، نسبية ومتغيرة ، فيصبح السلوك الواحد خ44يرا وش44را في آن واحد ، خيرا عند الذي حقق له منفعة ، وش44را عن44د ال44ذي لم يتحقق له منفعة وبالتالي ال يوجد خلق حميد و ال خلق رذي44ل

بدليل وجود قيم أخالقية تحتفظ بق44در  وهذا مخالف للواقع من التوافق الع44ام والتص44ور المش44ترك كالعدال44ة و الفض44يلة

. والكرم

و اعتب444ار المنفع444ة مقياس444ا لألخالق يلغي األخالق ؛ ألن المب444دأ ال444ذي تس444تند إلي444ه األخالق وتحتكم إلي444ه مفق444ود

المنافع متعارض44ة ، وم44ا ينفع44ني ق44د ال ينف44ع غ44يري مم44اف يؤدي لحدوث التنازع و اصطدام مصالح الناس بعضها ببعض

وعموم الفوضى .

؛ ألن44هو رب44ط األخالق بالمنفع44ة يح44ط من قيم44ة األخالق ينُزلها إلى مستوى الغرائُز ،والغرائُز موج44ودة في اإلنس44ان و الحيوان معا فيصبح س44لوك اإلنس44ان ال يتم4يُز عن س44لوك

. الحي444444444444444444444444444444444444444444444444444444444444444444444وان

لما كان لكل ثقافة معاييره44ا الخاص44ة به44اويقول بعضهم: ) فإن المرغوب فيه يختلف تبعا ل44ذلك من ثقاف44ة إلى ثقاف44ة، ومن ثم تختلف القيم من ثقافة إلى ثقاف44ة ( ،و الج44واب أن

اإلط44ار األساس44ي والوس44ط ال44ذي تنم44و في44هالثقاف44ة هي الشخصية وتترعرع، فهي التي تؤثر في أفك44اره ومعتقدات44ه ومعلوماته ومهاراته، وخبراته ودوافع44ه، وط44رق تعب44يره عن

Page 30: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

انفعاالت44ه ورغبات44ه، كم44ا تح44دد ل44ه القيم والمع44ايير ال44تي.4يسترشد بها وتفرض عليه التقاليد التي يتمسك بها

الطريق44ة ال44تي يفك44ر به44اويمكن أن نع44رف الثقاف44ة بأنه44ا الناس في مجتمع ما، ويعمل44ون به44ا، وتق44وم عليه44ا نظمهم السياس444ية واالقتص444ادية واالجتماعي444ة, والطريق444ة ال444تي يتح44دثون به44ا, ويس44يرون به44ا في الش44وارع، ويق44ودون به44ا السيارات، ويتعاملون به44ا م44ع بعض44هم البعض داخلي44ا، وم44ع

.5اآلخرين خارجيا، وعاداتهم وتقاليدهم.. إلخ

و يمكن أن نعرف الثقافة بأنها مجموع44ة األع44راف والط44رق والنظم والتقاليد التي تميُز جماعة أو أم4ة أو س4اللة عرقي44ة

عن غيرها .

ولكل أمة ثقافة و أسلوب للحياة و طريقة للتع44ايش الن44اس ال44ذي يتغ44ير تبع44اا ،وبعض44هم م44ع بعض تتس44ق م44ع عقي44دته

للثقافة هو عادات الن44اس وتقالي44دهم فه4ذه عرض4ة للتغي44ير ب44دليل وج44ودوالتبديل أما األخالق فال تتغ44ير بتغ44ير الثقاف44ة

قيم أخالقي44ة تحتف44ظ بق44در من التواف44ق الع44ام والتص44ور المشترك على أنها خير عند جميع األمم كالعدال44ة و األمان44ة والكرم ،ويوجد قيم أخالقية تحتفظ بقدر من التوافق الع44ام

كالك44ذب ووالتصور المشترك على أنها شر عند جميع األمم الخيانة ،والشر محبب عن44د جمي44ع األمم والثقاف44ات و الش44ر مذموم عند جميع األمم والثقافات و الصدق والعدل والك44رم واألمان444ة والش444جاعة أخالق محم444ودة عن444د جمي444ع األمم

223- الثقافة والشخصية لسامية الساعاتي ص 4165 ص مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها لعلى أحمد مدكور- 5

Page 31: الملحد ودعواه نسبية الأخلاق

والثقاف44ات والك44ذب والغش والخيان44ة أخالق مذموم44ة عن44دجميع األمم والثقافات.

) المبادئ األخالقية نسبية ومتغيرةويقول بعضهم: ومتطورة؛ ألنها ترتبط بعجلة التطور االجتماعي، وتخضع لتأثير العوامل االقتصادية والدينية والثقافية والتاريخية، وهذه كلها متطورة ومتغيرة من عصر إلى عصر، وعليه

تتطور األخالق بتطور هذه المؤثرات ( والجواب أن الذي يتغير هو أعراف الناس وتقاليدهم وعاداتهم لكن األخالق

تتمتع بالثبات فكل العصور و كل األمم عندها الصدق فضيلة والكذب رذيلة ،و كل العصور و كل األمم عندها األمانة خير و الخيانة شر ،و كل العصور و كل األمم عندها الكرم محمود و

البخل مذموم.

الذى بنعمته تتم الصالحات و الحمد للههذا

مراجع المقال :

التعريفات للجرجاني

الثقافة والشخصية لسامية الساعاتي

كواشف زيوف الشيخ عبد الرحمن الميداني

علم األخالق اإلسالمية لمقداد يالجن

مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها لعلى أحمد مدكور

موسوعة األخالق لخالد عثمان الخراز