ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

22
ف س و ي د. مد ح م ي ن وا ص ل ا اد ت س ا اسة ت س ل ا ات لاق ع ل وا ن;pma& ة ي ل الدو عة ام, ج س، ل, ب را ط ا ت4 ب ت ل ورة8 ث ل: ا ا ت4 ب ت ل ات حدب ت و اء ب دولة ال ت ل ا ب ا ت4 ب ت ل ها ل لا ق ت س ا ي ف24 ون;pma& ي كا ر, مب س ي ول/ د لا ا1951 ن;pma& ع ق ي ر ط ة ي هب م م لا ا حدة^ ت م ل اارر ب, ق و ن;pma& م ها ت ي ع م, ج عامة ل ا ي ف ة ساب, ق ي ه ي ل و لا ا ن;pma& م ها ع و ي ب, عد ة هاي ن, رت ح ل ا ة ي م ل عا ل ا ة ي ب ا8 ت ل ا ل, ت ق و دء, ب ات ت ل م ع ة ي ف ص ت مار ع ت سلا ا ي ف ا ت ف ب ر ف{ ا ا. ت س| وا1 ت8 س عا , لاد ت ل ا ت ح ت ادة ت ق لك م ل ا س ي در{ ا ي س و ث س ل ا ي الد ر مب ت هدة ع لاق ط ت ا, ب ات داب, ت ل ا ة ي ف ت ف ح ل ا س سي ا ت ل دولة ال ة8 ي ب حد ل ا ت ن ك م ت و ن;pma& م ق ث ف ح ت ات ار, ح ت{ ا ة ي ف ت ف ح ي ف لات ا, ح م ة ي م ن^ لب ا ي لت ا ها ند جد ن;pma& ا ت ط خ& ان ت سب م ج& ان ت سب ي ئ ر ة ي م ن^ لب ل ما ن;pma& ي, ئ1963 - 1974 ت م ه سا ق روعات8 ش م ل ا ة ق8 ب ت م ل ا ما ه عت ي ف ع ف ر عدلات م داء وا صاد^ ت قلا ا، ي طت و ل ا مة ه سا م و طاعات ق ل ا ة ق ل ت ح م ل ا ي ف و ادة ب ر& ج ت ا ت ل ا ي حل م ل ا ي ل ما, ج{ لا ا عامة ي ط ق ت ل وا د ق ل. اصة ج ت ر ك ر ت مات ما ن ه ا روعات8 ش م ل ا، ة وي م ن^ لب ا ي لت ا د ق ب ما ي ت ب ها متال ل ج هد ع ل ا، وري ه م, ح ل ا ي عل ي ت, لب ا ة ي س سا لا ا صاد^ ت ق لا ل ي, ت لب ل ا ادة ب ت و س را مال ل ا ي ع ما ن, جلا ا ة ي م ن^ لب وا ة ري8 لي ا، و ه و ما م ه ساال ل ج وات ث س لة ت ل ق ي ف ع ف ر ات وب ث س م ة8 ش عي م ل ا ل ك8 ي عام ن;pma& س ح ت و رات8 ش ؤ م ة ي م ن^ لب ا ي عل ل ك. ات وب ث س م ل ا2 ط ق ت ل ا ساد ف ل وا, لات ق بلا وا ي عل ة ي ك ل م ل ا1? Adrian Pelt, Libyan Independence and the United Nations, New Haven, New Yale University Press, 1970 2 ي عل ر ب ض خ ا، ر ر مبرص لق: ا ا ت4 ب ت ل عة اب ص ل ا | ماللا وا، دة ت م ل ا، روت ب4 ي شة س و م ل ا ة ي4 ب ر لع ا سات لدرا ل ر،8 ش لي وا2012 ، ص131 1

Upload: youssef-sawani-

Post on 01-Apr-2016

235 views

Category:

Documents


5 download

DESCRIPTION

 

TRANSCRIPT

Page 1: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

الصواني محمد د. يوسفليبيا طرابلس، جامعة الدوليةن والعالقات السياسة أستاذ

الدولة بناء وتحديات ليبيا: الثورة األمم هيئة طريق عن 1951 األول/ ديسمبر كانون 24 في استقاللها ليبيا نالت

الحرب نهاية بعد نوعها من األولى هي سابقة في العامة جمعيتها من وبقرار المتحدة البالد عاشت1وآسيا. إفريقيا في االستعمار تصفية عمليات بدء وقبل الثانية العالمية

لتأسيس الحقيقية البدايات بانطالق عهده تميز الذي السنوسي إدريس الملك قيادة تحت خطتأن حددتها التي التنمية مجاالت في حقيقية إنجازات تحقيق من وتمكنت الحديثة الدولة

عنهما المنبثقة المشروعات فساهمت1974-1963 بين ما للتنمية رئيسيتان خمسيتان الناتج زيادة وفي المختلفة القطاعات ومساهمة الوطني، االقتصاد وأداء معدالت رفع في

التي التنموية، المشروعات اهتمامات تركزت خاصة. لقد والنفطي عامة اإلجمالي المحلى رأس وبزيادة الليبي لالقتصاد األساسية البنى على الجمهوري، العهد خالل منها تبقى ما نفذ

مستويات رفع في قليلة سنوات خالل ساهم ما وهو ، البشرية والتنمية االجتماعي المال2المستويات. كل على التنمية مؤشرات وتحسن عام بشكل المعيشة

الملكية على واالنقالب والفساد النفط

،1963 من إعتبbbارا تجارية بكميbbات تصbbديره وبbbدأ ليبيا في النفط اكتشاف تم ، بسbbيطة موحbbدة دولة ليبيا لتعbbود االتحbbادي النظام عن التخلي فيه تم الذي العام وهو

واسbbعة وتحbbديث تنمية عمليbbات ولتنطلق النفط لتصbbدير المالية العوائد من مسbbتفيدة منها عbbانى مختلفة ألمbbراض مولbbدا كbbان ، أيضا الbbثروة، هذه عن نجم ما أن النطاق. إال

عن يعبر ال مسخا البرلماني النظام وجعل الحريات نطاق من قلل الذي الملكي النظام الضbbعيف الملك يتمكن ولم النظام، جسد ينخر وبدأ الفساد انتشر فيما ، ديمقراطية أي هائل تbأثير ذات المحيطة اإلقليمية الظbروف الbواجب. كbانت عليه يمليه بما القيام من

بbbذور حملت أوضbbاعا خلق مما المنطقة بها تمر كbbانت التي التحوالت لطبيعة ليبيا على الملك يتمكن ولم حbدين ذو سbbالحا كbانت النفط ثbbروة أن الملكي. بbbدا للنظbbام التهديد

ضbbمن فعلها تفعل بدأت التي للقوى التصدي من وزهده وصوفيته وورعه بساطته رغم3وخارجه. النظام

1? Adrian Pelt, Libyan Independence and the United Nations, New Haven, New Yale University Press, 1970الفرص: ميرزا، خضير علي 2 ص ،2012 والنشر، للدراسات العربية المؤسسة بيروت، المتجددة، واآلمال الضائعة ليبيا

131" يمكن ،التي الدراسة أنظر ، النفط دور حول 3 "، كالسيكية معهد بيروت، الليبي، واألقتصاد النفط غانم، لشكري اعتبارها

1985 العربي، األنماء

1

Page 2: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

المؤسسbbات وجمد الشbbعب لطموحbbات االسbbتجابة في الملكي النظbbام فشل حbاد بشbكل تbراجعت4الفسbاد. بنيانه ونخر لالنتخابات متواصل تزوير بعد الديمقراطية

واإلقليمية المحلية البيئbbتين وتحbbديات الشتراطات االستجابة على الملكي النظام قدرة التحررية أفكbbار رافعة العربية العسbbكرية اإلنقالبbbات أو الثbbورات فيه راجت وقت في

أبنbbاء وبخاصة الليbbبي الشباب أوساط بين بفاعلية انتشرت التي واالشتراكية والعروبة أوعسbbكريين مbbدنيين كbbانوا المتوسbbطة" سbbواء "الطبقة من الbbدنيا والشbbرائح الفقراء 5قبلتهم. عبدالناصر مصر كانت والذين

بقيادة الصغار الضباط من مجموعة فتمكن للتغيير مهيأة البالد كانت هكذا عسكري بانقالب الجمهوري النظام وإقامة السلطة على االستيالء من القذافي معمر

على الرغم من أن القذافي جاء إلى السلطة عن طريق. 1969 ايلول/سبتمبر في انقالب عسكري ، فقد كان قادرا في البداية على بناء قاعدة واسعة بما فيه الكفاية

نجح في السنوات األولى من حكمه في بناء شرعية شعبية .من الدعم الشعبي بعدها حريصا على البقاء، لكنه كان تستجيب لتطلعات وآمال واحتياجات السكان

نظامه قاعدة تغيير إلى أدت ممارسات ونفذ سياسات باتباع وقام ,في السلطة يكن لم ودكتاتوريته قسوته فرغم فريدة، حالة وكانت ليبيا القذافي حكم 6.االجتماعية

ضعيفا حاكما كان سلطته. لقد لتعزيز المتواصل سعيه رغم قويا حاكما القذافي على تجبرهم وضعية في الناس لجعل ، أمكنه ما بكل سعى ألنه بالسلطة تمسك بأن المتواصل ادعاءه رغم والسياسة الحكم بقضايا االنشغال وليس البقاء أجل من العمل

صدى مجرد وجعلها محتوى أي من السياسية العملية أفرغ ما وهو الحاكم هو الشعبشخصيا. لصوته

المزيفة والديمقراطية المعارضة على القضاء

سعى القذافي وعمل على القضاء على كل معارضة، وتهديد أو تحدي لسيطرته، وكان ذهنه قد تفتق عن تعزيز الدكتاتورية والتسلطية باستخدام

الديمقراطية ذريعة ووسيلة. أدخل البالد في غمار تجربة اعتمدت الخداع

جامعة منشورة، غير ماجستير رسالة ليبيا، في الثورة قيام اسباب ابوشهيوة، عبيد مالك ، في لالوضاع تحليال انظر 41976 القاهرة

التاريخ السياسي ومستقبل المجتمع المدني في ليبيا، الجزء األول، بنغازي، برنيق للطباعة عميش، فتحي ابراهيم 5 401-351، ص 300-251، ص، 2008 والترجمة والنشر،

6 Jadaliyya, interview with Ali Abdullatif Ahmida, www.jadaliyya.com/pages/index/7892/new-texts-out-now_ali-abdullatif-ahmida-libya-soci

2

Page 3: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

الديمقراطي ورغم استجابة شعبية لها في البداية، إال أن سياسته وممارساته الغير معقولة أدت إلى تدمير معنى السلطة والمؤسسات وحكم القانون. بذل القذافي

جهودا متواصلة وقام بدعاية مكثفة إلقناع الناس بنموذجه الفريد ، إال أن ديمقراطيته المزورة لم تعد تنطلي على أحد، حيث برزت بقوة ظاهرة عزوف

الناس عن حضور مؤتمراته ولقاءاته ، فلجأ إلى تدابير متعددة لخلق حراك سياسي واجتماعي لصالحه ولتقوية نظامه. شملت هذا المحاوالت تطبيق مبادارت خبيثة

" وإنشاء" السلطة شعبية واإلدارة ثوريةمثل الجمهرة وتطبيق أفكار مثل القيادات الشعبية والروابط الشبابية االجتماعية وغيرها من اآلليات التي ابتدعها

إلحكام السيطرة وإشاعة مناخ مصطنع من التأييد الشعبي. هكذا ومع أن القذافي حافظ على استخدام التوجهات األيديولوجية االقومية واإلسالمية والحديث عن المثل

العليا للديمقراطية والعدالة والمساواة، فقد كشفت السياسات الممارسة تناقضا7بين الفكر والتجربة المعاشة على كل المستويات.

لم يكن هناك استعداد لدى القذافي ليقبل مجرد الصوت المعارض لذلك فإنه اتخذ كل الوسائل لمواجهة المعارضة في الخارج. كان القذافي ال يقبل

المساومة ،عندما تعلق األمر بتحدي سلطته، لذلك أنهى كل أشكال المعارضة القائمة والمحتملة بالداخل، وعندما لجأ معارضون للعمل بالخارج ، فلم يألو

الثمانيناتشهد النصف األول من القذافي جهدا أو وسيلة للقضاء عليهم. لذلك فقد حمالت اغتيال متزايدة ألعضاء المعارضة الليبية في الخارج ، والذين أطلق عليهم

الكالب الضالة". كان كل ليبي أشهر معارضته"الفاظا مهينة للكرامة األنسانية مثل أو انتقاده للقذافي هدفا مشروعا في أي مكان في العالم. لم يبال القذافي بالثمن

السياسي واألخالقي ألعماله اإلرهابية ولم يقم وزنا للرأي العام الدولي، فقد فسحت الحرب الباردة المجال لممارسات إرهاب الدولة في العالقات الدولية

بشكل عام. لذلك كان صارخا في تهديداته التي جعلته يقول عن المعارضين لحكمه أو الجنوبي إذا ، "هم أحرار في السفر حتى إلى القطبين الشمالي1978في عام

8حيثما وجدوا"."أرادوا، ولكن إذا انتقدوا الثورة فستتم مالحقتهم

كانت الحياة "السياسية" تعاني سيطرة اللون والرأي الواحد ولم يكن أمام المواطنين وخاصة المهتمين بالشأن العام أية فرصة للتعبير خارج حدود النظام. لم يكن هناك مجال للصحافة المستقلة أو للمجتمع المدني واألحزاب. الدولة الشمولية ، وأن أنشأت تنظيمات مجتمع مدني فهي ضمن الكوربوراتية المسيطرة والمهيمنة

7 Mohamed Berween, the political belief system of Qaddafi: power politics and self fulfilling prophecy,

http://sgsnow.files.wordpress.com/2011/03/political_belief_system_of__qaddafi_1.pdf

، ص1986، طرابلس، مركز الكتاب األخضر ، الطبعة األولى، 1978/08/03خطاب القذافي في اللجأن الثورية، " 824.

3

Page 4: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

على كل شيء. كان النظام يرى في موارد النفط قوة هائلة وكافية لجعل الدولة قادرة على شراء المجتمع ، كما أن الموارد وفرت للنظام وهم أن بأمكانه تحقيق طموحاته خارج الحدود. لذلك بدأ القذافي في ممارسة التجاهل للشأن الداخلي

واتجه لتحقيق طموحاته ومجده الشخصي بمغامرات خارج الحدود. من هنا أصبحت الدولة تنفصل بشكل أو آخر عن المجتمع وتتغاضى عن أي مطالبات باستثناء سد

المطالبات الحياتية. مع ذلك ، لم تسكت الناس فكانت هناك محاوالت انقالبية تعد بالعشرات ، كما جرت مظاهرات احتجاح في كثير من المدن والقرى الليبية ، ولكن

بفضل التعتيم والهيمنة لم يكن هذا معروفا. المجتمع إرهاق سوى تستهدف ال كانت سياسات تطبيق على القذافي عمل

تدمير في ابتدعها التي اآلليات كل ووشائج. وظف مقدرات من به احتفظ بما والعبث لتحل وهياكل أشكال من يقيمه كان ما على ضده. اعتمد خطرا يشكل أن يمكن ما كل

لم أنه للقذافي، وفقا عيوبه، أقل كانت ، وخصما عدوا فيه رأى الذي المجتمع، محل رأى الذي الملهم" ، لتوجيهات" القائد اإلصغاء يحسن ولم الجماهيرية نظريته يتشرب

ترتيبات من أقامه ما إلى القذافي الليبيون. لجأ يستحقها ال وقيادة وطاقة هبة نفسه عدم حالة إدامة على وحرص ، المجتمع مع للتصالح السعي عن بدال ، إليها وانكفأ

عقود أربعة مدار على عديدة، مرات ليبيا في الحكومية الهياكل يريتغ و االستقرار السياسة مأسسة دون للحيلولة ، شيء لكل المتواصلة الخلخلة سياسة معتمدا

معارضة. قوى تشكل لمنع الفعالة الوسيلة إليه مانظر وهو ، والممارسة

للثورة والتمهيد المزعوم اإلصالح تحوالت المجتمع يشهد وأن تتغير، أن والدولية المحلية للظروف بد ال كان

المستوى على واألمركة العولمة نطاق اتساع مع تزامنت وثقافية ديموغرافية كانت التي الكونية العاصفة أمام للتراجع مضطرا تفسه القذافي الكوني. وجد

الدولي. اتضح المستوى على نظامه تأهيل إعادة إلى مضطرا وكان أمثاله تهدد الواليات انفراد بعد ، كذلك يعد لم قبل، من وجائزا ممكنا كان ما أن للقذافي وقيامها ، العزم وإعالنها الدولي، النظام على الهيمنة بسدة المريكية المتحدة العارية. أراد القوة استخدام ذلك استلزم عندما حتى ، شروطها فرض بالفعل، شك بدون شعر التغيير. لقد يقرر أن دون والتحدي المحنة تجاوز القذافي األدوار توزيع أراد انه و"المؤسسات" أو السياسات في النظر إعادة بضرورة

نجاحات حقق قد كان الذي االسالم، سيف البنه فرصة وإعطاء نظامه داخل

4

Page 5: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

الدولي المستوى على النظام تأهيل إعادة في تماما ساهمت ملموسة خارجية.مخيف بشكل تتناقص كانت التي النظام شرعية وليجدد

القذافي. إنه يخفيه الذي المكر أو التردد مقدار واضحا كان فقد ، ذلك مع السرعة مفرط التحول أن يدركان كانا ووالده، القذافي سيف أن المؤكد من

وتراجع تذمر أو معارضة ظهور شأنا أقله ليس عكسي أثر أحداث إلى سيؤدي ، أمنيا واستمراره النظام دعم في أساسية ولكنها ومحافظة، متزمتة قوى والء

إدراك يتصور أن إال للمحلل يمكن . الخطر في مصالحها أن رأت إذا خاصة من يجري كان لما مالئمة استجابة تصاحبه لم وأن ، لمعضلته النظام

المحلية البيئة من والضغط المطالبات وارتفاع ، واجتماعي تغيرديموغرافي إلى الواضحة اإلشارات من يكفي ما هناك خاص. كان بشكل الشبابية بمكوناتها

أو االستجابة وأن ، الموت على اإلقدام بمثابة تغيير أي أمام األبواب قفل أن الشابة األجيال مع الرابط فقدان لخطر النظام يعرض يةاللغ البطيء التحول

ما عن الناجملخطرا في تصاعدا يولد وقد ، أيضا والمحرومة الطامحة والفئات الليبي. الشعب قبل من يأسبال المستمر والشعور العام اإلحباط من قائما كان

واالنفتاح لإلصالح مشروعا وأطلق يجري كان ما استيعاب النظام حاول لذلك السكان، من ممكن عدد أكبر إدماج على أساسي بشكل ارتكز حيث السياسي

" ،الغد ليبيا مشروع" ب عرف ما ضمن ، باإلصالح والمنادين الشباب وخاصة بالخارج ليبيين وخبراء معارضين مع مباشرة يتواصل األسالم سيف وكان

المشروع. ضمن للعمل الستمالتهم ساهمت قوى وطنية وإصالحية ، بالداخل والخارج ، في دعم هذا

التوجه أوالسياسة وقدمت الدعم لمبادراته. كان إصالحيو الداخل ويدعمهم الكثيرون من أبناء الشعب مستعدون للعمل ضمن مبادرات سيف ودعمها ، ألنهم رأوا فيها فرصة ألحداث قدر، ولو محدود ، من التغيير، في ظل انعدام

البدائل الحقيقية للتغيير. كان هناك ادراك بما يواجه الهدف من عقبات وتحديات لكن ذلك لم يثن المؤمنين بالوطن عن العمل في أضيق الحدود

المتاحة وبالتالي أهمية فتح كوة ولو صغيرة في جدار التسلط ، وأن أية خطوات ستقود حتما وبشكل منطقي وطبيعي إلى غيرها، بحكم قانون

التداعي ، وتساهم في أحداث حراك أوسع. كان هناك حراكا معارضا وفي لبوس اصالحية على كل المستويات وهو ما أشار اليه المعارض المعروف محمود شمام مقرا بوجود هذا الحراك الذي كان يشكل جزءا ال يتجزأ من

وجود ينفون الذينالمعارضة للنظام الذي ال ينبغي إنكار أهميته ودوره. "

5

Page 6: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

علمية حقيقة ينكرون بل فقط، الليبي الشعب يهينون ال ليبيا في سياسي حراك 9"مجتمع. أي طبيعة من أصيل جزء التحرك أن هي

في والشباب اإلصالحيين المثقفين إليه يجذب أن اإلسالم سيف استطاع كأن أنه وجاذبيته شعبيته من زاد وقد ليبيا عنها عبرت التي الريبة لمشاعر هدفا

أوساط في وخاصة ، السمان بالقطط وصفهم ومن القديم، الحرس اطراف قلوب إلى الوصول في ساعده ما األمنية. ولعل والمؤسسات الثورية نااللج

الساسة مخيلة على ،نفسه الوقت في ،ستحوذا انه واالصالحيين الناس إعادة مجال في به ويقوم عنه يعبر كان ما في أوار الذين ،الغربيين المراقبينو

ورغم لكنأيضا. داخلي إصالح فاتحة الدولي المجتمع إلى تهاعودو ، ليبيا تأهيل لطريق وصلت اإلصالح مبادرات جميع فإن إيجابيات، من تحقق قد يكون قد ما

فقد الليبيين بشكل عام األمل في اإلصالحيتغير. ال القذافي أن وتبين مسدود ، ولم تؤد تصريحات سيف اإلسالم وشككوا في النوايا والسياسات من خلفه

القذافي ومبادراته السياسية العديدة ، في نهاية المطاف، إلى أي نتيجة وثبت الفرد روح تغلبت قدأنها لم تكن سوى عملية تجميل لتغطية العيوب. ل

، شخصيا حوله وتمحور القذافي أقامه الذي للنظام جوهرية كخاصية المتسلط كانت وإن ن الداخل من التغيير آفاق وقفلت اإلصالح فرص كل على فقضت

التاريخ إعادة ممكنا يعد ولم عقالها من انطلقت قد التغيير ومقومات قوى بعضجديد. تغيير أفق ومعانقة لتلقي ومستعدة جاهزة البالد كانت للوراء. هكذا ومآالتها2011 شباط/فبراير17 ثورة

معلنة بداية مرحلة2011انطلقت اإلحتجاجات في شباط/فبراير إلىانضمت ليبيا جديدة في تاريخ ليبيا المعاصر، ومؤذنة بتحوالت هائلة.

عندما اندلعت االحتجاجات الشعبية ضد عقود10ن الربيع العربي األخرىابلد هاتميزلمن حكم القذافي االستبدادي صنفها الليبيون "بفترة الالنظام"،

، واإلقدام على كل مستغربشذوذ من خالل تجنب بناء مؤسسات الدولةبال . دعت االحتجاجات واسعة النطاق إلى إسقاطأو فريد من الممارسات

ان انتفاضةن والحرية. االنظام وإقامة الديمقراطية واحترام حقوق اإلنس الشعب الليبي احتجاجا على شمولية ودكتاتورية نظام القذافي وان بدأت

ينايركانون الثاني/ في مطلع مظاهرات واحتجاجات حول قضايا السكن أنهاإذالسبب األساسي وراء االحتجاجات أو قضية الكن لم ي كلفذ 2011

شمام، محمود الليبي السياسي والمحلل األعالمي مع حوار المستقبل، ليبيا 9 http://archive.libya-al-mostakbal.org/moqabalat2009/shammam_interveiw_161009.html

،كانت هذه ثورات أو مجرد حركات تمرد، أنظرإذا قراءة تحليل مثير لالهتمام حول ما ل 10 Zenonas Tziarras, “ New Prespectives on the Sociology of the Arab Spring”, http://thegwpost.com/2011/12/01/new-perspectives-on-the-sociology-of-the-arab-spring-mark-ii/

6

Page 7: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

تصاعدت هذه االحتجاجاتوكانت تحمل في طياتها مشاعر سياسية عميقة. ية المطاف إلى انتفاضة دعت إلى تنحي القذافيافي نه

ناكف لم يكن يتوقع من القذافي أن يتنازل عن السلطة بسهولة العنف ردإلى وقد أثار التحول من االحتجاج السلمي بد منه العنف شرا ال

المتظاهرين المسالمين رميااألمن قتلت قوات عندما. فعل النظام القمعي أطلقت دعوات توسيع االحتجاج في،بالرصاص أمام مقر األمن في بنغازي

عبر مواقع االنترنيت2011فبراير شباط/ 17أنحاء البالد مرة أخرى يوم نابدت هذه االحتجاجات سلمية جدا ولكن سرع . االجتماعيتواصلووسائل ال

حرب واسعة النطاق لم تجتاحأدت إلى ما تصاعدت إلى انتفاضة مسلحة يةاتدخل القوات العسكرية الدولية في نهلالبالد فحسب وانما أدت أيضا

وأصدر ( R2P)ية االمطاف. احتكم مجلس األمن إلى مبدأ مسؤولية الحم .عبر ليبيا ( NFZ)ن ا الذي بموجبه فرضت منطقة حظر الطير1973القرار

ية المدنيين فأنشئ نظام فعال لتنفيذه سمحان المقصود من القرار حماك ثمباستخدام طائرات حلف شمال األطلسي لفرض منطقة الحظر الجوي تدمير القدرات القتالية والمقدرات العسكرية وغيرها مما يمكن للنظام

.استخدامه للمواجهة لقد عبرت االنتفاضات والثورة على مخزون هائل من الغضب الذي

كان يسكن نفوس جميع الليبيين تقريبا تجاه القذافي ونظامه. ومع أنه ما ال يمكن تجاوز األسباب االقتصادية والمعيشية عندما يتعلق األمر باالحتجاجات ،

فإن األسباب الحقيقية األقوى تظل ، في الواقع، مرتبطة بطبيعة نظام القذافي، والكيفية التي تعامل بها مع مكونات المجتمع المختلفة. يمكن القول

بوثوقية مناسبة أن الثورة قامت أساسا بدافع التخلص من الظلم والقهر وبحافز التحرر من التسلطية والولوج لعصر الديمقراطية والحريات ، أكثر من

. ومع بعض11أي سبب آخر، اي أنها كانت ثورة الحريات والكرامة 2011الخصوصيات التي ميزت الحالة الليبية عن غيرها فإن ما حدث في ليبيا في

من مظاهرات واحتجاجات وتمرد تحول إلى عصيان وثورة ضد القذافي يشترك في كثير من العناصر والخصائص مع ما حصل في بلدان الربيع العربي. فلقد بلغ

اإلحباط بالشعب عامة، والشباب خاصة ، مبلغا بعد عقود طويلة من االستبدادوبعد إحباط هائل من عدم تحقق وعود اإلصالح.

النظام هذا طبيعة آخر، أو لبشك ، عكست القذافي نظام ضد الثورة إن الليبي المجتمع طبيعة عكست ما بقدر عقود، أربعة من أكثر خالل وسياساته

القوى أن إلى اإلشارة من بد ال أنه أيضا. إال واالجتماعي األقتصادي وتطوره تزال ال ، إسقاطه حتى النظام ضد العمل في ومشاركتها الثورة في الفاعلة

11 Francis Fukuyama, the drive for dignity, www.foreignpolicy.com/articles/2012/01/12/the_drive_for_dignity

7

Page 8: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

الفاعلة القوى بعض اتخذت بينما النظام، سقوط بعد مختلفة بمستويات فاعلة وتداخل وعملياتها الثورة وفرتها إضافية قدرات من وتمكنت ، جديدة أدوارا عرفته ما في واضحا هذا أيضا. يبدو الخارجي التدخل مع الداخلية القوى

والمكثف الفاعل الحضور متواصل بشكل تعكس التي االنتقالية، المرحلة ، أيضا تعكس كما القذافي، ضد الثورة عمل في حاضرة كانت التي للديناميات

وغير المباشرة اآلثار مستقبلي، تاثير ذات أخرى بتطورات ينذر وبشكل من االجنبي بالتدخل المرتبطة واآلثار جهة، من القذافي لسياسات المباشرة

عناصر أدخل لكنه ممكنا، النظام على الشعب انتصار جعل والذي أخرى، جهةاألوضاع. على تأثيرها مدى اإلنتقالية المرحلة في تبين الوطني السياق في

المآل األهم واألخطر للثورة ، هو أن الليبيين لم يتخلصوا فقط من نظام القذافي ، بل أن الثورة والصراع نجم عنهما تدمير أي تمثل للسلطة

المعاصرة ولمركزها، الذي كان يفتقر إلى جذور راسخة في التربة والثقافة الليبية. أسفرت الثورة والحرب عن تدمير شامل، بما يعني الحاجة للبداية من

الصفر. حقا أن البداية من الصفر يمكن أن تمثل عنصرا إيجابيا لكن وبسبب مكونات السياق والحالة الليبية ، فإن هذه البداية تقف في طريقها الكثير من

المعوقات التي لها عالقة بالخلفيات التاريخية والطبيعية والجغرافية وبمعطيات القبيلة والتدخل الخارجي. لكنها أيضا مرتبطة بما حدث أثناء

الثورة من ديناميات وتفاعالت وصراع ، عبرت عنه بشكل ما، النزعة الالمركزية لالنتفاضات التي انطلقت في األطراف لتعزز المكونات

والديناميات المحلية والقبلية. لقد قاد ذلك إلى بروزالنزعات القبلية والمحلية والمناطقية ، المتناقضة أحيانا ، حاضرة بقوة ، وهو ما يجعل عملية التخلص من األسلحة والمسلحين، وإدماجهم ضمن مؤسسات للدولة أمر خطير يهدد

ويعوق بناء مؤسسات الدولة إلنجاح عملية االنتقال الديمقراطي، ويعطل بناءالمنتظم السياسي الجديد بشكل كبير.

االنتقال الديمقراطي وتحديات بناء المجتمع والدولة حتى اآلن ، إيجابي، القذافي نظام سقوط منذ ليبيا في أن ما تحقق

بجميع المقاييس، رغم كل ما يتردد يوميا في عناوين األخبار من أحداث عنف أو اعتداء على الشرعية المؤقتة. ما تحقق إيجابي، إذا ما قيس بما عرفته

البالد خالل مرحلة طويلة من تراكمات. يأتي في مقدمة ما تحقق تحرر الناس من كل العقد والقيود وفي مقدمتها الخوف ، وبالتالي رغم أن القذافي

كأن دائما يردد بكل صفاقة أن الناس لها األولية على السلطة، فإن هذه المقولة لم تتحقق إال بعد انهيار نظامه. لذلك نجد الحوادث المتكررة ، من

استهزاء بالسلطة، واعتداء على رموزها وأشخاص ممثليها، مثلما نشهد أسبقية مستويات مختلفة من الشارع وحضوره ، ولو على حساب المصلحة

8

Page 9: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

العامة الوطنية. مع ذلك فال بد من اإلشارة والتأكيد على أنه ما زال أمام البالد طريق طويل وشائك قبل أن تصل إلى تحقيق اإلنجاز التاريخي بإقامةالدولة الديمقراطية إذ تقف في طريق هذا الهدف تحديات وعقبات متنوعة.

تشترك مع الحاالت العالمية المشابهة في ما يتصلليبيامن الواضح أن وكيف تلقي هذه بظاللها الكثيفة،بمرحلة ما بعد الصراعات أو الحروب األهلية

نات وتحديات على مكو ايضا،ن ليبيا تتوفرولك ،ل ديمقراطيانتقاعلى أي وفي،خاصة بها. بعض هذه التحديات تجد جذورها في الثقافة السياسية

،ب على حكم القذافي بينما ترتبط أخرى بما ترت،طبيعة االقتصاد الوطني هديد الخارجي، أووالظروف واألوضاع التي نجمت عن اإلطاحة به. ومع أن الت

توازنات أوأية ويهدد ، للسيادة الوطنيةدخل األجنبي يبرز كأخطر تحدالت ة التحدياتنه يضاعف من حدإ ف،توافقات يمكن التوصل إليها بين األطراف

12 وخاصة تلك المتعلقة بإعادة البناء وإعادة االعتبار للدولة وهيبتها.،األخرى

أدت إلى عدم،ة التي عاشتها البالد خالل العقود الماضيةأن التجربة المر نشوء ثقافة تحتقر المؤسسات واالهتمام بالجوانب المؤسسية بشكل واضح

. وتسوغ الفساد وتحتقر الخير العاموالقواعد المؤسسات بماأو ي إعادة االعتبار للمقاييس ن ليبيا تواجه اليوم تحدإ

مثل،لذلك صلة أيضا بتحقيق األهداف االجتماعيةإن يؤسس لتنمية حقيقية. مثلما،ءبسطا وتوليد وصيانة النمو الموالي لل،تنظيم التقسيم المنتج للعمل

وبناء وتعزيز رأس المال،ز ألداء واتخاذ القرارات الالمركزيةهو معز والسالح بالمال مدعوما االطلنطي لحلف العسكري التدخل أدى االجتماعي.

اشتغال تعميق االول- إلى المقام في واالمارات قطر – الخليج بلدان بعض من إلى ليبيا تحويل عملية بدء أولى, وإلى ناحية , من سلبيا والجهوية القبلية اآللية

التحليالت بعض تتوقع بينما ثانية، ناحية من األجنبي النفوذ لممارسة منطقة على أشارات هناك حيث بعد يقع لم االسوأ أن األحداث تطورات إلى استنادا

.2013 صيف اوائل أحداث بينت مثلما قاسية تداعيات وقوع طويل لوقت تجاهلها تم بقيم للتمسك السعي إال الليبيين أمام يبدو ال إلى الدعوة بدل األجنبي والتدخل للعسكرة الوخيمة العواقب البالد لتجنيب

إسقاط هدف اعتبار في الخطأ ويتكرر التدخل أخطار تتعاظم حيث منه، مزيد التفكك من المجتمعية البنية على الحفاظ هدف من أهمية أكثر التسلطي الحكم

ن من شأن إسقاط الدكتاتوريةإ 13االضمحالل. من السياسي الكيان وحماية بثورة مسلحة في مواجهة آلة القتل التي يستخدمها الدكتاتور الطاغية أن

،" ليبيا تقود قطر" الفيتوري، محمد 12 http: //www. alwatan-libya. com/more-18776-13 خارجيا القاهرة، الثقافة، لقصور العامة الهيئة منشورات فكرية، يناير: رؤية ثورة ونهايات بدايات عيسى، عبدالشفيع محمد 13

129 ص ،2012

9

Page 10: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

إليه في مستويات مختلفة منوء وربما اللج،يجعل العنف ومؤسساته ، يبدو نتيجة واضحةان هذإ أمرا قائما أو محتمال في مرحلة الحقة. ،الممارسة

ش كل قوىتضعف وتهمأو رنا أن الدكتاتورية تقتل خاصة إذا ما تذك ال المستخدمة ذات صلة وثيقة بتوزيعضن أساليب النإالديمقراطية والتغيير.

ن وخلقاالقوى المؤثرة من أجل تحقيق أهداف الثورة في القضاء على الطغي ظهور دكتاتورية مثلما هي وثيقة الصلة بهدف الحيلولة دون،نظام ديمقراطي

"الشعوب ومؤسساتألن يقرر جين شارب أنه ،جديدة. وفي هذا السياق ،نظمة الحكم الدكتاتورية أالمجتمع المدني تكون ضعيفة في ظل وجود

في وتكون الحكومة فإذا لم يحدث تغيير في موازين،المقابل قوية جداأرادوا أن يكونوا حكأن ام الجدد يستطيعون الحكإن ف،القوى هذه اما

14دكتاتوريين كأسالفهم".الكيان الليبي: الهوية واألقاليمية

مع أن أحد أخطر التهديدات التي برزت بعد سقوط نظام القذافي هي المتعلقة بالمناداة بالفدرالية وما يمكن أن يشكله ذلك من خطر مباشر أو

غير مباشر على الوحدة الوطنية والهوية الوطنية الهشة، فال بد في المقابل من التذكير بضخامة المظاهرات الرافضة للفدرالية والتي عمت بشكل خاص

مدن الشرق الليبي ، وبنتائج عدد من استطالعات الرأي التي بينت تدني شعبية الفدرالية خاصة بشرق البالد. لقد حفلت المواقع اإلعالمية االلكترونية

الليبية وشبكات التواصل االجتماعي بمجادالت ونقاشات شارك فيها االآلف حول الفدرالية وبدأ واضحا االنقسام حولها بما يعكس عدم المعرفة الواضحة بالمصطلحات والمفاهيم و حالة الخوف والرغبة في مقاومة التهميش، عالوة

على بروز إشارات واضحة في النقاش تستحضر سلبيات الفدرالية على المستوى العربي حيث انقسم العراق لعدة كيانات مستقلة واقعيا، بينما حدث

االنفصال بالسودان مع نذر حرب بين البلد االم والبلد الوليد. كل ذلك يلقي بظالل من الشك على المستقبل، رغم إعالن الداعين للفدرالية الحرص على وحدة ليبيا واالعتراف بشرعية السلطات االنتقالية ، ورفضهم تقسيم البالد ،

وتبرير دعواهم بمعالجة التهميش واالستبعاد الذي أحسوا به متواصال بعدسقوط نظام القذافي.

الكثير فإن وتكونها، الليبية الهوية بشأن األكاديمية المقاربات اختالف ومع وخاصة تاريخها لتحليل وتسعى الهوية هذه وجود حقيقة عن تتسائل األدبيات من

من كبير قدر المختلفة. يدور وأقاليمها البالد على توالت التي الحكم بنظم صلتها الواقع في هو ليبيا تاريخ بأن القائلة االستشراقية األطروحة حول األدبيات هذه

دراسة: المقاومة شارب، جين14 العربية الدار بيروت، عمر، دار خالد ترجمة ، الالعنف؟ بوسائل النضال في الالعنفية72 ص ،1 ط 2009 ناشرون، للعلوم

10

Page 11: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

لكيان وجود ال فإنه ثم ومن تاريخها، فترات خالل إليها وفد الذي الخارج تاريخ من فإن وبذلك ومحتوى، معنى للمجال يعطي الذي الخارج بوجود ،إال ليبيا اسمه واقعها في البالد ترى مقاربات طرحت ليبية. كما هوية عن البحث العبث

بمعدل ويتمتعون حضرية مناطق في سكانه معظم يتركز حديثا مجتمعا المعاصر الهوية حول الجدل إن15رئيسية. قوة فيه تشكل القبيلة تعد ولم التعليم من عالي

موضوع وهو القذافي، نظام لسقوط المباشرة النتائج أحد هو الليبي والكيان مقاربات واالجتماعية. تتنوع والسياسية الفكرية المستويات كل على اليوم محوري

الجماعات مطالبات بروز بعد خاصة المسألة حول اللليبيون الدارسون ورؤى في النظر وبإعادة خاصة بحقوق والطوارق، التبو، البربر، ، كاألمازيغ الثقافية

االستقطاب قوته من يزيزد جدل وهو المختلفة انتمائها ودوائر واسمها البالد هوية للقذافي يمت كان ما كل من التخلص في والرغبة الجاري واأليديولوجي السياسي

كان. مهما بصلة التاريخ أعماق إلى ترجع عراقة الليبية للهوية أن الدارسين بعض يرى

والتوافق للمجتمع المختلفة المكونات بين واالختالط التصاهر على معتمدة ثقافة بللورتها في الكبرى المدن ساهمت التي والتقاليد العادات في الظاهر

ليبيا أن القائلة الفكرة أن احميدة علي يرى وبينما16تنوعت. وإن واحدة ليبية إلى التيقظ من بد ال فإنه ، التاريخ وخارج القذافي اختراع من هي قبلي مجتمع

ذلك إن17المسألة. من هامة لجوانب إغفال من القول هذا إليه يؤدي أن يمكن ما على تأثيره يعتمد تنوع والعرقي" األثني" وهو القبلي التنوع حقيقة يلغ ال

التوافقات صنع على القادة قدرة مدى وعلى المتبعة السياسات على واالندماج الهويةايضا. وادارته الوطني الكيان بشأن والوظيفة المستويات المتعددة تاريخية، ألسباب لها، المجاورة البلدان عن فصلها يمكن ال ليبيا هوية إن

التداخل حقيقة مع واقعيا تتفق ال لليبيا السياسية الجغرافية الحدود حيث مع الرسمية الحدود تتفق وال المجاورة، الدول مع الحدود على االجتماعي

الدول في ملحوظ بشكل تتواجد الليبية القبائل حيث تماما الديموغرافية الحدود عمق عن كشفت قد الطليان ضد الليبية والمقاومة الجهاد أن كما18المجاورة.

كان حيث االستقالل، بعد ما دولة سياسات عنها كشفت مثلما االمتدادات، هذه الهوية هذه اعطى ما وهو المستعمر ضد للسكان جامعا والدين بالهوية التمسك

وقبول االستقالل لحظة حانت عندما البالد تقسيم رفض في واضحا كان زخما15 Ali Abdullatif Ahmida,Libya, social origins of dictatorship and the challenge for democracy, Journal of Middle East and Africa, 3.1(2012)

الهوية: الكوت، علي البشير 16 ص ،2012 والتوزيع، والنشر للطباعة الفسيفساء دار طرابلس، والثورة، واألستبداد ليبيا30-35

17 Jadallyya, interview with Ali Abdullatif Ahmida, op.cit.68-67 ص ،35-30ص السابق، المصدر ،الكوت علي البشير 18

11

Page 12: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

يلغ ال ذلك أن إال ، الوطنية الوحدة أجل من السنوسي لحكم الطرابلسيينتقريبا. شيء كل على القبلية وخاصة االجتماعية البنى وهيمنة التنوع حقيقة

بين يجري كان ما تعطي ال المقاربات من قسم كون عن النظر وبغض يغفل منها اآلخر القسم فإن المناسبة مكانته المعاصر تاريخها خالل ليبيا قبائل

بليبيا المعروف الجغرافي المجال تاريخ من هامة مراحل ومضامين محتوى وحدت محلية وسلطات دول جوانبه بين وقامت حقيقيا استقالال شهد الذي اليوم

تاريخها أغلب في خضعت الحالية ليبيا أن إلى اإلشارة من بد بالهوية. ال المجال عهد أن يقررون الكثيرين أن لدرجة األجنبي، أو الخارج لسلطة المعاصر العائدة السنوسي ادريس عائلة ألصول أجنبيا اآلخر، هو كان ، الليبية المملكة وليس اليهودية أصوله تؤكد القذافي سقوط بعد برزت روايات أن كما للجزائر،

الشعبية، والثقافة المخيال في مجددا السلطة أجنبية سؤال يثير بما ، الليبية مظاهر رغم تمثالته تختف لم والذي ايضا، القبلي البعد عمق يكشف مثلما

اإليطالي. االحتالل ضد الجهاد ذروة في حتى تختف لم كما التحديث، الحديثة ليبيا أن هو المختلفة المقاربات من استخالصه يمكن ما لكن وشكهم السكان وقبول للشرعية الحكومات افتقار ظاهرة عرفت والمعاصرة

لظاهرة أن شك مختلفة. وال مراحل في مختلفة، وألسباب متفاوتة، بدرجات المعروف، الليبي المجال كل أو مجمل على فاعلة مهيمنة مركزية سلطة غياب ليس ومباشرا قويا سببا استثناءات( كان بعض متواصلة) رغم مراحل عبر

حرم بل الجامعة، الهوية لنشوؤ المالئم التطور حدوث دون الحيلولة في فقط تم بل ، والهوية الوطني المجال وأطروحة بمنطق العام تاريخها كتابة من البالد 19والقبائل. واألقاليم الهويات بإبراز السلطات تشرذم بفعل ذلك

ليبيا ومستقبل الديمقراطي االنتقال تحديات مؤقت دستور على اعتمد انتقالي نظام وتأسس القذافي نظام سقط

تواجه ليبيا أن بينا الماضيين الديمقراطي. العامين لالنتقال طريق وخارطة على ترتب وبما واالجتماعية االقتصادية ومكوناتها بتاريخها تتصل كثيرت تحديات

أنواضح. اجتماعي وشرخ استقطاب من ولدته وما ضده والثورة القذافي إرث مؤسسات إلى تفتقد ليبيا جعل الثورة إلى إضافة الالمؤسسي القذافي إرث

وصلت الناخبين إقبال من عالية نسبة حققت وإن التي االنتخابات عشية الدولة خصائص عكست فأنها المشاركين % من50 نحو المراة مشاركة % وبلغت63

فإن والقتال العنف مظاهر غياب الصراع. ورغم عقب تجري التي االنتخابات

تاريخ: محمود 19 جدل: ليبيا ابوصوة رياديا عمال يمثل الكتاب هذا. 2013 طرابلس، الرواد، دار والهوية، المجال العاموالتناغم. التنوع وفكرة الجامعة الهوية اهمية على تستند برؤية الجدلية هذه يحلل المقاييس بجميع

12

Page 13: ليبيا الثورة وتحديات بناء الدولة

جعل الذي التقسيمي المجتمعي والتنافس للصراع مجاال مثلت ذاتها االنتخاباتوحدة. اكثر ال انقساما أكثر ليبيا

جديد سياسي مناخ خلق تسهيل في دورا2012 يوليو النتخابات كان لقد أن من اكثر االجتماعي والتشرذم والتكتالت االنقسامات استمرار على شجع تموز/يوليو في انتخابه تم الذي الوطني المؤتمر يتمكن معالجتها. لم على يعمل

صدور فرغم الدستور، بشأن بطيء تقدم تحقيق من سوى اآلن حتى2012 المكلفة الستين لجنة اعضاء اختيار بشأن2013 فبراير في المؤتمر قرار

ذات خطوات بأية يقم لم المؤتمر فإن ، االنتخاب طريق عن الدستور بإعداد لعدم التوافق تحقيق في ينجح لم الذي انتخابها إصدارقانون سوى أهمية

برمتها. العملية بمقاطعة هددت التي الثقافية الجماعات لمطالب استجابته من به بأس ال قدرا يعكس الذي الوطني المؤتمر في الضعف إلى ذلك ويرجع

على الغالب في القائمة السياسية بالمناورات ويعج واالنقسام التشرذموالقبلية. والجهوية والشخصية الحزبية الوالءات

في سيحدث أو يحدث ما اتجاه تحديد في المؤشرات تتناقض وبينما وأوضاع اتجاهات من النهاية في يسود أن يمكن وما الحاسمة االنتقالية المرحلة

أكثر من عشرين عاما يبدوا اليومقبل ما كتبته ليزا أندرسون فإن نهايتها، بعد "سياسات القذافي الخاصة قد حددت إرث. ذلك أن أكثر أهمية

نظامه في ليبيا، وسوف تكون هناك حاجة ألي نظام جديد ...للتعامل مع االضطرابات االقتصادية واالجتماعية الناجمة عن

ن ليبيا في حاجة إلى قطع شوط طويل حتى تتمكن من معالجة إ20"ثورته واليابس.أخضرء حكم القذافي الذي أتى على اليواسمالعواقب واآلثار المترتبة عن

أو إهدار ،ن وجرائم الحربالم تقتصر آثاره السلبية في انتهاكات حقوق اإلنس هدرلاألصول الطبيعية والمالية الوطنية فحسب، بل تجاوزت جرائم القذافي ا

دمر القيم األخالقية التي أدت إلى تعطل ثقافة المجتمع السياسية،ف يالماد تحديات هائلةة القذافيد خلقت تركلق .وهوعنصر أساسي للتنمية الثقافية

أكثر المصالحة االجتماعيةلعجعل تجاوز العقبات صعبا وهو ما سيجسوف ت تعتبر ضرورية إلرساء الديمقراطية وإعادة اإلعمار في، رغم أنها صعوبة

.21ية المطافانه

20 Lisa Anderson, Qaddhafi and his opposition, Middle East Journal, Vol.40, No.(Spring 1986), p. 226.2011/01/12 تقرير األمين العام لألمم المتحدة حول بعثة األمم المتحدة إلى ليبيا، 21

http://unsmil.unmissions.org/LinkClick.aspx?fileticket=v_-F2Xr3c9I%3d&tabid=3543&mid=6187&language=en-US 17/3/2012

Jason Pack and Barak Barfi,” in Wars Wake: the Struggle for Post-Qadhafi Libya,” http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/in-wars-wake-the-struggle-for-post-qadhafi-libya

13