نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

38
ن ال ق ت نلا و ا ح ري س لا د ا عاض ت ل ى ا ل ا ي ل ئ عا ل ن! ا م ا ض ت ل ن! ا م& ب حط ر هي ز)( * ! ان ;pma&ن لب- ي مع ج;pma&ا اذ ن س وا: ب ح ا& ئً ولا ا ة ي@ ن ر لع ا رة س لا ا ي ف ال ن& ح لا ن! اF ي& ن ات لاق ع ل ل ة ي ه را لع ا ا وض لا ع ا ق م وا س ر ت اهد: ش م: ( 1 ) ة ي ل ا ن ل ا لات حا لرضدون! ا ت ة ي@ ن ر لع ا رة س لا ل ة ي م و ي ل ا اة ن ح ل ن! ا م ع ئ ا وق ل! ون ;pma&ع تe ب ن م ل اً ا ن ن ا: ئ: ة ي س سا لا مة ا ي ه ا ق م! ن مي ا ض م د حدئ ت و: ب ح& ب ل ا حات صطل م! نF ي ن ع ت ي ف رة س لا وا لة عائ ل : ا ي م و ه ف م! نF ي& ن. لة عائ ل وا& ات& ن: ش ل ل ا ن& ح- ة ري س لا ا ات لاق ع ل ا- ال ن& ح لا ن! اF ي& ن ل ض وا ي لل وا ضا تلا ا ال ن& ح لا ن! اF ي& ن! ن م ا ض ت ل ا- ً ا: ن ل ا: ئ: . لة عائ ل ا ي ف ال ن& ح لا ن! اF ي& ن! ن م ا ض ت لم ا ا ط ت عاف ض ل ا م وا ع- ر.ّ ي غ ت م م ل عا ي ف دي ن ل ق ت ل ن! ا م ا ض ت لمط ا ;pma&ي ن ل ه لا ا شك م تً ت;pma& عا زا ر: س لاط ا ما ت ا ف ل ت ح م ي ف ال ن& ح لا ا ات لاق ع: . ة دي ن ل ق ت ل ا رة س لا ا ي ف ال ن& ح لا ا ات لاق ع- ولة حe ب م ل ا رة س لا ا ي ف ال ن& ح لا ا ات لاق ع- ة ي ن وا ي ل و ا ا ة ي& ح وا ر ل ا رة س لا ا ي ف ال ن& ح لا ا ات لاق عً شا م ا ج: . ة ي@ ن ر لع ا رة س لا ا ي ف د عاض ت ل ا ات لاق ت;pma& ع! ن م ا ض ت ل ا ات لاق ع دال& ن سب و ا ح ت

Upload: zouheir-hatab

Post on 24-Jul-2016

222 views

Category:

Documents


0 download

DESCRIPTION

 

TRANSCRIPT

Page 1: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

من التضامن العائلي إلى التعاضدحو االنتقالناألسري

)*(زهير حطب

باحث وأستاذجامعي- لبنان

: مشاهد ترسم واقع األوضاع الراهنة للعالقات بين األجيالأوال(1)في األسرة العربية

المتتبعون لوقائع من الحياة اليومية لألسرة العربية يرصدون الحاالت التالية

في تعيين:ثانيامصطلحات البحث وتحديد مضامين مفاهيمه األساسية

.بين مفهومي : العائلة واألسرة العالقات األسرية - جيل الشباب والعائلة - التضامن بين األجيالاالتصال والتواصل بين األجيال- عوامل:ثالثا

إضعاف نظام التضامن بين األجيال في العائلة.تمسك األهل بنمط التضامن التقليدي في عالم متغير.-

: عالقات األجيال في مختلف أنماط األسر: رابعاعالقات األجيال في األسرة التقليدية.

عالقات األجيال في األسرة المتحولة-عالقات األجيال في األسرةالزواجية أو النواتية-

نحو استبدال:خامساعالقات التضامن بعالقات التعاضد في األسرة العربية.

أستاذ في الجامعة اللبنانية، معهد العلوم االجتماعية، استشاري وباحث في قضايااألسرة والتنمية والتربية.

E-mail:[email protected]

Page 2: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

مشSSاهد ترسSSم واقSSع األوضSSاع الراهنSSة للعالقSSات بين: أوال(1)األجيال في األسرة العربية

توفرتتوقف الشابة عن متابعة سنة دراسية كاملة في الجامعة كي -1 رافضة نقله إلى مستشفى خاصألبيها المريض الرعاية والعناية

بالمسنين أو إلى الرعاية االجتماعية في جمعية أهلية، متمسكة بأنها أولى بتحمل مسؤولية السهر على والدها إلتزاما منها بمبدأ التضامن

األسري. تسافر شابة عزباء إلى بلد أجنبي، وهي وحيدة والديها، تاركة بالدها-2

وأسرتها بحجة العمل والعيش فيه، رفم توفر اإلمكانات لدى األسرة إضافة إلى مشروع عائلي يمكن للشابة أن تديره في بلدها األصلي،

بأنها تريد أن تعيش حياتها.مبررة سلوكها يؤجل شاب إدخال ولديه إلى مدرسة خاصة توفر التعليم المميز من-3

أجل أن يتمكن من دفع تكاليف العالج عن والدته التي أصيبت بعارض صحي فجائي، وتسبب في تراكم مصاريف العالج، فيتقبل االبن المتزوج تسديدها منفردا من مدخراته بدال من إدخال ولديه إلى

التضامن وكفالة نفقات مرضالمدرسة المميزة ملتزما واجبه في والدته.

إضافة إلى ممارسته المهنة األصلية،القيام بعمل ثانيلجأ األب إلى -4 من أجل أن يضاعف دخله فيتمكن من تزويد، ابنه وابنته الشابين، العاطلين عن العمل بعد التخرج من الجامعة، بمصروفهما اليومي

ونفقاتهما الشخصية ريثما يجدا فرص عمل مناسبة. كي يتيح لهالعمل في مهنة والده،يتقبل االبن الشاب على مضض، -5

راحة جزئية خالل النهار، رغم أنه أتم اختصاصا جامعيا تتوفر لحاملهفرص عمل مستقل، ولكنه فضل إرضاء والده والتضامن معه.

تلجأ األسرة المؤلفة من الوالد وعدد من أبنائه الشباب من الجنسين-6المشاركة في إلى

لى زوج شقيقتهم تعويضا لهدفع تعويض مالي من مدخرات أعمالهم إ مقابل قبوله منحها الطالق لتخليصها من الظروف المعيشية السيئة

والعنف الذي يمارسه عليها، متضامنين وتخفيفبشراء حرية أحد أفرادهالتحقيق مصلحة مشتركة لألسرة

معاناته.

تم جمع هذه الظاهرات من دراسات ميدانية عربية كثيرة ومن تحقيقات وتقارير رسمية عربية-)(وإقليمية منها:

التقرير االجتماعي العربي، جامعة الدول العربية، مجلس وزراء الشؤون االجتماعية العرب،- القاهرة. ومنه استمدينا عناصر المؤشرات الرقمية واإلحصائية الواردة في الجداول الواردة في

ملحقه..1997العائلة في لبنان، وقائع المؤتمر السابع، جامعة سيدة اللويزة، لبنان - رؤية الجامعة إلى واقع األسرة اللبنانية ومستقبلها، اللجنة الوطنية للسنة الدولية لألسرة، بيروت-

2004. المرتكزات الفكرية للعائلة التقليدية ولالتجاه المحافظ، بيير بريستون، مجلة الفكر العربي، العدد-

.1996، بيروت 83.83صحة األسرة، د. شيخة سالم العريضي، الفكر العربي، العدد -المسوحات الوطنية لصحة األسرة، البيانات األولية، من تونس، سورية، الجزائر ولبنان.-

2

Page 3: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

يرفض االبن المتزوج حديثا االستمرار في السكن مع أسرته األصلية،-7 كي ال يستمر في تقديم المساعدة لتأمين بعض احتياجات والده المقعد وأمه المسنة ، مبررا رفضه بظروفه الجديدة ومتطلبات

عمله. بين عناصر األسرة الواحدة، سواء بين األبوين تفاقم العالقات-8

أنفسهما، أو بينهما وبين أوالدهما، فيما بين األوالد من الجنسين ومن أعمار مختلفة. فكل عنصر منها له معاناته العالئقية الخاصة ضمن األسرة، وأبرزها هو الخالف المفتوح الدائم بين الوالدين وتحديدا

األب، وبين من وصل إلى مرحلة الشباب من أبنائه الضطراره الىمتابعة حياته في منزل األسرة.

بين أفراد األسرة من أعمار مختلفة خالفات ال وصول بعض-9 العنفي أو الدموي لتناقض واختالف التوقعاتإلى الصدام

واالنتظارات من جانب كل منهم نحو اآلخر، وهو ما يفكك األسرة ويعرض أفرادها ألفدح المخاطر واألضرار النفسية واالجتماعية

.(1)والتربوية حاالت الهروبتفاقم واألسري والعنف المنزلي ظاهرات تزايد-10

واالنهيارات العصبية بين الزوجات، مما يزيد المخاوف من أن تفضيهذه الظواهر إلى إشاعة أجواء االضطراب والقلق بين أفرادها.

،وهكذا تبدو صورة مؤسسة الزواج واألسرة في أوساط الشباب سوداوية تدفعهم إلى العزوف عنه إراديا تبعا لما ورد في التحقيقات

.(2)االجتماعية عن األسرة وهناك غيرها الكثير من الحاالت والوقائع المشابهة المتكررة في كل مكان التي تعبر عن واقع العالقات السائدة الحديثة والمتبادلة بين األجيال

في األسرة العربية. لقد برهنت األسرة كمؤسسة منبثقة عن النظام االجتماعي

البطريركي، أنها قادرة على أن تمارس أدوارها بنجاح مستخدمة السلطة المهام على أفراداألبوية التي أتاحت لألب السيطرة والتنشئة وتوزيع

أسرته ضمن إطار من التراتب والطاعة. واليوم وبعد أن تسارعت عمليات إلى معاهدات أصبحت األساستتطبيق شرعة حقوق اإلنسان وتحول

القانوني في العالقات الدولية الملزمة، أتيح للفرد التمتع بالمساواة وعدم التميز ضده، وممارسة الحرية وإبداء الرأي والمشاركة النشطة في كل

وبذلك يكون النظامبمعزل عن األسرة المجاالت التي تتصل بشؤونه عماد النظام االجتماعي القديم قدتي شكلتاألبوي والسلطة األبوية ال

التقليدية من صالحيات ومهام وأدوار إلىامتلكته العائلةنهارا، وآل ما إ.(3)التراجع والضمور

.352، ص 83، العدد 1996د. مصطفى عمر التير: األسرة العربية والعنف، الفكر العربي (1) ،664اللبنانيون الشباب تجمعهم رغباتهم وتفرقهم السياسية، تحقيق نشر في جريدة البلد، (2)

.7، ص 9/11/2005.220، بيروت، ص8، معهد اإلنماء العربي، طبعة تطور بنى األسرة العربيةد. زهير حطب، (3)

العائلة الوسيطقبل عهد تأسيس الدولة الحديثة، كانت 3 بين السلطة الحاكمة واألفراد، وعن طريقها يمكن لألفراد مناألساسي

Page 4: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

أبنائها أن يحصلوا على العاطفة والرعاية والتكافل والتعاون للتغلب علىة تحت راية األب وسلطته وتوجيهه. الصعبف المعيشة وظر

ومع ظهور الدولة الحديثة باشرت في بناء مؤسساتها الخاصةأخذت توفر المساعدات وتقدم الخدمات و . ونظرت إلىللمواطنين عموما

على أنه تجسيد لمهام وأدوار الرعايةهم وبيناما ينشأ من ارتباطات بينه وأن تطلب منهم تأدية،توفرها للجميعأن الدولة هي واجب على التي

، بين المواطنين الذين هم منالمواطنيةنحوها كتكريس لعالقات واجباتهم .فهل أن ما وصلت إليه أوضاع األسرة من تعقيدأبناء األسر، وبين الدولة

عن انتفاء الحاجةألبنائها ناتج احتياجات األساسية الما يلبي تأمينها وتعذر تقاعس الدولة عن القيام بواجباتها أو عن(1)إلى األسرة كمؤسسة وسيطة

الكتساب شرعية امتالكها للسلطة االجتماعية؟ مجردهي التي عرضت أن الحاالتبعض الباحثين وبالمقابل يعتقد

ات ناجمة عن سوء إدارة شؤون األسرة العربية سواء من قبلتعبير القيمين الرسميين أو من األفراد المعنيين، نظرا لتقصيرهم في معالجة شروط تكيفها الجديد مع المتغيرات الطارئة، وأنها ليست سوى مرحلة انتقالية ستنتهي إلى تأمين التكيف واالستقرار، وسيعود كل عنصر في

ويمارس أدواره فيها.محدداألسرة ليحتل مكانه ال تعميم حصول الظاهرات المشار إليهانفي إمكانية نسارع هنا إلى

م باألسلوب نفسه، فهناكتفي جميع البلدان العربية، أو أن مواجهتها ت وفي انتشارها ترتبط بعدد من،اختالفات في خصائصها، وفي نسبها

نوع نمط األسرةبالعوامل المتصلة باإلمكانات االقتصادية لكل بلد، وطبيعة األجواء الثقافية والحضارية والدينية المسيطرة فيه.بالسائد، و

من المهم اإلشارة إلى أن هذه الورقة لن تتمكن من معالجة جميعالنقاط التي أثارت حولها التساؤالت، إنما ستكتفي، لمناسبة التيل تبعا متبادلةعالقات الالينعقد فيها هذا المؤتمر، بتسليط الضوء على طبيعة

، وتبيان مدى استمرار قدرتها على تلبيةحاليا بين األجيال في العائلة احتياجاتهم من جهة ورغبتهم في المحافظة على تواصلهم معها، تبعا لما

من أدوار ووظائف من جهة أخرى. ودراسة العوامل الضاغطةلها بقي التي تؤثر عليها فتوجهها وجهات معينة تضعف من الصالت واالرتباطات

القائمة فيما بينهما أو تعززها وتقويها.

د. سليمان ديراني، األسرة: إشكاليات الدور ومظاهر التحول، وزارة الشؤون االجتماعية، مصلحة(1 .55-54، ص 2005الشؤون األسرية،

لتحريرها منوطيد تلك العالقاتكما تبحث الورقة في كيفية ت االستقاللية والنمو ألبنائها يحالضغوطات والمعوقات المحيطة بها، كي تت

تفتح، وممارستهم لمواطنيتهم ولحقوقهم وحرياتهم الفردية واالجتماعيةالو .في آن معا

في تعيين مصطلحات البحث وتحديد مضامين: ثانيامفاهيمه األساسية

4

Page 5: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

بين مفهومي العائلة الممتدة واألسرة البسيطة أوالنواتية.

األسرة أو العائلة، بحيث يوحييستخدم بعض االجتماعيين كلمتي نعتقدتحمالن معنى واحدا في حين أننا ، أو أنهما مترادفتانبأنهما كلمتان

لكيانمسار التجمع القرابي أن لكل منهما مفهوما معينا رسى عنده تطور المختصة.التحليلية الكتابات عبراجتماعي في حياة المجتمع، أو

فقد ورد في برامج العمل الدولية، تأكيد على حق الفرد في تأسيس ( من اإلعالن العالمي25 و16 و12أسرة، وفي تأمين رفاهيتها )المواد

الفقرة األولى من المادة العاشرة من العهدوكما نصت لحقوق اإلنسان، األسرالدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية على: »إن

تشكل الوحدة الجماعية الطبيعية واألساسية في المجتمع... وإن تكوينها ونهوضها بمسؤولية إعالة أبنائها ورعايتهم وتربيتهم، يتوقف على منح هذه

األسر قدرا من الحماية والمساعدة...«. 2 في إعالن عمان الثاني، بشأن السكان والتنمية، في الفقرة ورد

األسرة هي الخلية األساسية للمجتمع، وتجب تهيئة كل »إن:من البند ثانيا الظروف المناسبة للمحافظة على سالمتها، ورفع مستوى معيشتها،

وحماية قيمها وتماسكها، وتوفير العيش الكريم ألفرادها«. تفاق شامل على استعمال مصطلحإ ال أنتقدم يستدل علىمما -1

، كل مرة يقصد فيها اإلشارة إلى تلك الوحدة القاعديةاألسرة األساسية التي يقوم عليها بناء المجتمع، في المواثيق الدولية

واإلعالنات العالمية لحقوق اإلنسان ودساتير الدول وأنظمتها وقوانينها. فاألسرة إذن هي أصغر تشكيل سكاني يجتمع بهدف المعيشة

، ويتألف من الزوجين وأبنائهما فقط. فكما أن الخلية(1)المشتركة البيولوجية تقوم بوظائف معينة تبعا لوقوعها في مكان معين من

الجسم وتسهم بتكوين أحد أجهزته أو أعضائه، فإن األسرة هي خليةتعمل مع غيرها على تشكيل جسم المجتمع وتكويناته.

، وثيقة اجتماعالمساواة والمشاركة في إطار األسرة: رؤية قانونيةد. أسمى خضر، (-1) الفكر، نشرت في مجلة 1994الخبراء حول األسرة العربية في مجتمع متغير، أبو ظبي،

.103، ص1996، 83، العدد العربي

فقد أكد على ذكرها الباحثون األنثروبولوجيون وأعطوهاالعائلةأما . وأشاروا أنها تعود(1)معنى الكيان السياسي ذا البعد الثقافي التاريخي

بأصلها إلى القبيلة، حيث تفرعت عنها، وانفرد أفرادها باالنتماء إلى جد خط النسب القرابي الدموي. واحد يعتبر مؤسسها، وبه يرتبطون عبر

فالعائلة تعبق بالمدلوالت التي تشير إلى تراكيب عيش عرفتها الجماعات البشرية في الماضي، حيث كانت تلك العائلة تشكل وحدة

بالنسبة ألفرادها، فيجتمعون حولدفاعالسكن والمعيشة والعمل وال ا للسلطة، وله عليهم حق األمرة والطاعة،حائزأحد كبارهم ويعتبرونه

ويشكل مرجعيتهم المادية والقانونية والمعنوية.

5

Page 6: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

ورغم القول بأن »األسرة هي الخلية األساسية في بنية المجتمع، فإنه ال يمكن اختصار المجتمع إلى كتلة من األسر، كما أن ذلك ال يعني

.(2)على اإلطالق أن المجتمع نفسه مكون من أجزاء وخاليا متجانسة« والمجتمع نسيج متشابك من الصالت اإلنسانية المتنوعة، من حيث

طبيعتها، وكثافتها ومن المجموعات البشرية )األسر( المتداخلة، حيث ينتمي كل فرد فيها، إلى عدد غير محدد من الزمر، على أساس

ارتباطه بعدد كبير من الجماعات. هي الخلية القاعدية للمجتمع، نقصد بذلك أنهااألسرة :فحين نقول

ل قاعدة لأللفة والمخالطة اإلنسانيتين، ومكانا للتدرب على نسجتشك الصالت وتبادل العالقات االجتماعية. إنها إحدى مؤسسات المجتمع المكلفة بتربية األبناء والعناية بهم وتنشئتهم تبعا لشروط المعيشة

ف، األخالقية وسلوكهاالقيم و ا وأفكارها ولثقافتهاالمتوفرة لديه تبعا للطرق التي تتبعها األسر في تربيتها ألبنائها فإن المجتمع يحافظ على

بنيته وتركيبه أو يتغير. فهي تكوين قرابي قاعدي أولي، يتألف من عدة أسرالعائلةأما -2

لذلك يقال أنها عائلةمترابطة بروابط التحدر من أصل مشترك، ممتدة ألنها تتفرع وتنتشر في المكان، ولكنها تحافظ على ارتباطها

بمصالح مشتركة عميقة ومتماسكة، ولكن صالت هذه األسر ال تصل إلى حد السكن والمعيشة المشتركة في منزل واحد، بل تتخذ شكل

عندأي ما يسمى التضامن أو التآزر تبادل الدعم المادي والمعنوي عالقات ملزمة في حدها األدنى.عبرالحاجة،

من أبرز األنثروبولوجيين المعنيين: لويس مورغان، باخوفن، ج. ماك لينان، انكلز، بافن جيمس(- 1)سميث، جورجي زيدان، تناولت أبحاثهم أصل المجتمع القديم واألسرة عامة.

)2)- Pierre Brechon, La famille, Idées traditionnelles idées nouvelles, Edi., du Centurion 1981, Paris, p. 28-30.

وعليه تصبح الوظائف الحياتية والرعائية األساسية المباشرة بالنسبة ، المتحولة أو المتجددة أو البسيطة أو النواتيةلألفراد من مهام األسرة يناط بها وحدها أمرو، الممتدة أو الواسعةوليس من مهام العائلة

د إلى توزيع دقيق لألدوار، يلتزم به كل فرد مناتنباالستحقيقها بالمقابلهذه الوظائف منحها ب األسرة كلفأفرادها. فالمجتمع الذي

)تكفل الثبات واالنتظام في المجتمعمن أجل تحقيق صالحيات وأدوار 1).

أن العائلة واألسرة هما نمطان مختلفان منمما تقدم يتضح أنماط وبنى تجمع األقرباء وأشكال معيشتهم. ولكل منهما

ويترجم كلغاياته وأهدافه وعالقاته وأسلوب حياته، بمجموعة من الوظائف التي تتيح انتظام حياةمنهما

.ه مع تقدم األيامالمجتمع وتكيفه مع التغيرات التي تصيب: األسرة التقليدية المتجددة-3

6

Page 7: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

بعد أن تعرضت معظم المجتمعات العربية إلى عوامل ومتغيرات فاعلة في القرنين الماضيين كان من بين نتائجها تعرضت ملكية األراضي فيها للتوزيع المتكرر لحقوق الوارثين أو لبيع أجزاء منها للتمكن من بناء مسكن أو إقتناء سلع إستهالكية، كما عزز النزوح الداخلي لبعض األفراد من تلك العائالت وتفكيكها، فانتقلت بعض وحداتها للسكن في ضواحي المدن أو لإلنتشار في أرجاء البالد، دون أن تتخلى عن ما تبقى لها من ملكية أو عن عالقات مع من

بقي في المكان من األقرباء، فصارت تشكل سلسلة من الوحدات المتفرعة المنتشرة تشدها بقايا روابط القرابة التي ضعفت دون أن

تندثر، حيث كانت تعتمد عليها عند الحاجة. وحملت هذه الوحدات معها إلى حيث انتقلت للمعيشة والعمل

أفكارها ومعتقداتها وثقافتها الشعبية وقيمها التي كانت تعتقد بهاإضافة إلى التقاليد والعادات التي تمارسها في حياتها اليومية.

أما سلطة رب العائلة أو كبيرها فقد لحق بها بعض التعديل حيث حلت الرقابة الصارمة على السلوك واألعمال محل العقوبة وصارت ممارسة السلطة محدودة وترتكز حيازتها للسلطة على واقع األبوة واإلعالة والحماية التي يقع عبء تأمينها على األب الفعلي أو أكبر

األزواج سنا، واستمر يوزع األعمال واألدوار ضمن العائلة ويرغم أفرادها على التعاون والتضامن بغية استمرار تأمين االستقرار

والتماسك ضمن العائلة.

،1966، دار المعارف، بيروت البناء االجتماعي مدخل لدراسة المجتمعد. أحمد أبو زيد: (- 1) .57، ص1جزء

وعرفت هذه العائلة باألسرة التقليدية المتجددة، ألنها تعتبر فرعا من العائلة األصلية القديمة ولكن لحق بها بعض التعديالت والتجديد

بسبب انتقالها في المكان والزمان.: األسرة المتحولة-4

وفي مرحلة الحقة اختزل هذا الفرع من عائلة فضفاضة إلى أسرة محدودة الحجم، حديثة الواجهة ، تتخذ قراراتها في داخلها دون أن

تتحرر نهائيا وبصورة حاسمة من االعتبارات القرابية والمادية والتقليدي . كما أنها لم تحسم سعيها لإلستقاللية الكاملة واتكالها

على قدراتها وكفاءاتها الذاتية وبقيت تلح على ممارسة عالقات التضامن بين أجيالها لتأكيد وحدتها وتماسكها، وصار هذا النمط من

األسرة يسمى األسرة المتحولة وهوالنمط األكثر انتشارا من من السكان.٪45المجتمعات العربية حاليا ويطاول قرابة

: األسرة الزواجية أو النواتية البسيطة-5 وفي مرحلة ثالثة، ومع انتشار التعليم وتراجع العمل المشترك

ألفراد العائلة في عمل واحد، وعجز األسرة المتحولة عن تحمل تبعات ومسؤولية آداء الوظائف االجتماعية بمفردها وتبني الدولة

الحديثة لواجب تأمين الخدمات والمنافع للمواطنين تراجع االعتماد على فروع العائلة والقرابة في تحصيلها وصارت المواطنية هي

معيار التمتع بهذه الميزات.

7

Page 8: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

كل ذلك أدى موضوعيا إلى ترسخ مقومات استقاللية األسرة بذاتها واعتمادها على نفسها ومعزز كيانها القانوني والمعيشي كإطار

لممارسة حياتها اليومية باالعتماد على مبدأ تبادل الحقوق والواجبات والمساواة بين أفرادها وأجيالها. وقد عزز ذلك، التحصيل

التعليمي واإلعداد المهني وحصول الراغبين على فرص عمل دائم وأجر شهري منتظم . فأضاف أجر الزوجة العاملة إلى راتب الزوج

إمكانات أكبر لحماية األسرة من غالء المعيشة والعوز أو الضغوطات الداخلية ، وخفف بل ألغى تأثير سلطة األهل اآلتية من خارجها، وجعلها قادرة على ممارسة قناعاتها وأسلوب عيشها بعيدا

عن العادات السابقة أو آراء األهل أو مواقفهم. أن هذه األسر الصغيرة الحجم،الحاملة لإلمكانات الذاتية أصبحت

تسمى األسر الزواجية أو النواتية ،وتخلت فعليا عن تطبيق مبدأ أنها أصبحت أشد حاجة إلى التضامن مع األسر األخرى الموازية، إال

التعاون بين أفرادها المباشرين. وهكذا حين كبر األبناء صاروا يعتبرون قبل زوجهم جيال جديدا داخل

األسرة الذاتية نفسها، وأصبح تفاعلهم وتعاونهم وتضامنهم مع آبائهم أمرا مطلوبا ،وهو ما تعرض لإلهتزاز بفعل متغيرات وعوامل مؤثرة

من نوع جديد، أهمها االنتشار الواسع للمعرفة، وتطور أساليب التواصل، وتنوع أساليب العمل والدخل، وتكرس حقوق اإلنسان

وحرياته العامة، مما أرسى استقاللية الفرد وحريته وجعلهما قابلينللممارسة بمعزل عن رضى األسرة أو رفضها.

: مفهوم العالقات األسرية-6 مجموعة من االلتزامات والحقوقة نشأمعالزواج يتزامن حصول

عليهما القبول بها وممارستها دون أيةوالمتبادلة بين الزوجين، اعتبارات خاصة.

دائرة الحياةثالث دوائر: كانت األسرة مدعوة لتنشئة أفرادها الخاصة لألسرة )الخصوصيات( ودائرة الحياة المنزلية المعيشية

ودائرة الحياة القرابية العائلية. ومع الوقت تجاوزت هذه العالقات مرتكزاتها ومعانيها القانونية الملزمة األصلية لتكتسي معاني التبادل

ترسخ لدىالمعنوي، وتقاسم المشاعر واألحاسيس والعواطف، و الرغبة في نسج مزيد من الروابط والصالت بينهم،أفراد العائلة

حيزحول مصالحها مما أوجد ومشاركة الجميع بالتجمع والتوحد اهتمام مشترك، يلتقون فيه ويبذلون الجهد من أجل تطويره

المشترك للعائلة، يمتد بامتدادها، ويتوسعوإغنائه، وهذا الحيز .(1)انتشارها ويضيق بتقلصها

مختلفبين ويتم تبادلها معنوية المادية والصالت فحين تتعدد ال خارج لكل ما هو متابعة المشتركةأجيال العائلة ويهتم أفرادها بال

مصالحالمشاريع والشراكات والرتباطات واإل ويبنونعن كيانهما، هو الذي يطور مشترك هدفبهم تحقق يمشتركة، الأحالم الو

ويرسخ وجود العائلة. وشرط حصول هذه الحالةالعالقات ويعمقها هو نمو العائلة وتزايد أفرادها واستمرار تواصلهم. أما إذا اتجهت للتقلص والضمور، أو لضعف اإلرتبطات أو انقطاعها، فإن العائلة

8

Page 9: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

تتراجع إلى أن تختصر باألسرة الصغيرة التي كثيرا ما تتطابق مع.األسرة الزواجية النواتية

تعتني عبر تاريخ البشرية الطويل وتتطور هذه العالقات كانتلقد ة في المجتمععائلبمعطيات التجارب العديدة التي مرت بها. وال

تشذ عن القاعدة حيث استندت هي األخرى إلى نظاممالعربي ل تعلى مبادئ وضوابط وقواعد استمدتنظيم لتركيبها أسس لبنائها

معظمها من تعاليم الدين اإلسالمي ونظام أحواله الشخصية، وجعلها تماسكهمتتحكم بالعالقات المتبادلة بين أفرادها مستهدفا تحقيق

.وإشاعة الطمأنينة والتكامل بينهم سلسلة الشأن العام في قضاياعيلة: شخصية الفرد وأنسنة المجتمع، ال: ماري خوريد. (- 1)

.116 ، ص2001جامعة سيدة اللويزة الناس،

: مصطلح جيل الشباب والعائلة-7 مصاحبا بكثير من االلتباس«الشبابجيل »يكثر الحديث عن

والغموض، فالشباب هي مرحلة عمرية، والشبان هم ذكورها والشابات هن إناثها. وعمر الثامنة عشر يمثل الحد األدنى لهذه

الفئة العمرية والرابعة والعشرون حدها األعلى. م في ضبط الحديث عن التواصل األسري،هسا التحديد يهذ توزع األدوار فيما ىعنالعالقات بين األجيال ، وبكالم آخر يوضح مو

.أزاء الخارجوظائف بينها وقيامها ببعض ال بداية نشير إلى أن اإلحصاءات الرسمية العربية لتوزع السكان

٪ من السكان46.7ن أحسب فئات العمر في الدول العربية تورد ٪ منهم هم دون اثنتي عشرة سنة من35 سنة، وأن 18هم دون )٪15 إلى 12 سنة ما بين 24-18 حجم الفئة يتراوح تقديرالعمر، و

من حجم السكان.(1 أن أغلبهم قد أنهى )الشباب (ومن أبرز خصائص أفراد هذه الفئة

مي، واكتمل نضوجه الجسدي والفيزيولوجيعلتفترة تحصيله ال عضويته فيوالذهني واكتسب أهليته القانونية وأنه يدعى لممارسة

واإليفاء بالتزاماتها.في البلد مواطنيته و المجتمع في الحصول على بعدنجحا يكون قد ، لمنها عددا ال بأس به نكما أ

عمل، بالرغم من حصوله على إعداد جامعي أو مهني معين )يالحظ كما أن معظمعدم توافق شروط مع شروط العمل في السوق(،

من اإلقدام على الزواج وتأسيس أسرة، بعد يتمكنوا أفرادها لم مترددون في االنتماء إلى جماعة ثانوية من جماعات المجتمعوهم

المدني، ويعجزون عن الحصول على أدنى الحقوق التي كفلتها لهم شرعة حقوق اإلنسان، رغم كل الخطابات والدعاوى التي تعتبر أن

الشبان والشابات هم أصحاب المستقبل، وأن ما يجري ويعد هو لمصلحتهم، وتصورهم كفئة صاحبة إرادة حرة وديناميكية، وأنها

تمتلك اختيارات متنوعة تستطيع من خاللها أن تمسك زمامها منحوا قد مهذه الفئة العمرية بأنهأفراد بأيديها. كما ويتم تصوير

وبأنها تحظى بحماية،شروط اإلعداد والتأهيل لتحقيق الذات أما أسرهم االجتماعي، م انخراطهفي عملية ودعمها عائالتهم

ما أمكنهاعلى احتواء أبنائها الشبان المباشرة فتجهد في السعي

9

Page 10: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

وإعانتهم.هذا على مستوى الخصائص المبدئية، فما هي أوضاعذلك هذه الفئة على المستوى الواقع والوقائع؟ )مع التنبيه إلى التفاوت

النسبي فيها واالختالف الملحوظ بين بلد عربي وآخر(.

( الملحق بالتقرير االجتماعي2( احتسبت هذه النسبة من قبل الباحث انطالقا من الجدول رقم )1) .210العربي، ص

يؤدي امتداد وتوسع فترة التحصيل الجامعي إلى نهاية عمر األربع وعشرين عاما بالنسبة إلى أغلب الشبان والشابات إلى البقاء دون عمل أو دخل، وبالتالي فهم يستمرون تحت مظلة األسرة وحمايتها

وإنفاقها، وبكالم آخر يعيشون مضطرين إلى مراعاتها واألخذ بتوجيهاتها، ما يعني التخلي عن وجهات نظرهم الخاصة واختياراتهم

ومواقفهم إذا اصطدمت بوجود ما يخالفها عند األهل، فالشباب ة األسرة وظروفها وخصائص ممارستهاقابمرحلة تقع تحت رألدوارها ووظائفها.

ومن الملفت لالنتباه أن تزايد األعباء االقتصادية واالجتماعية الملقاة على عاتق السلطات العامة لمواجهة االحتياجات العامة األساسية

المتنوعة للسكان، ال سيما أصحاب الفئات العمرية الفتية والشابة، قد حملها على تخفيض مخصصات اإلنفاق االجتماعي وتجميد

مشاريع الدعم الموجه لألسر المحتاجة أو لبرامج التمكين التي ترعى انتقال الفئات السكانية الضعيفة إلى االعتماد على جهودها الذاتية لتأمين احتياجاتها، والنتيجة أن ضغطا إضافيا يمارس على

األسر لتحل محل السلطات العامة في االستجابة لمتطلباتالشباب.

القيامتنوء أساسا تحت أعباء تكاليف األسرة وبالمقابل فإن بوظائفها األساسية، فتتأزم العالقات المتبادلة بين األسر والشباب

وتتجه نحو مواجهة شاملة تحمل كل طرف إلى إعادة النظر بصالته وارتباطه بالطرف اآلخر، مما يدخل الجميع في مرحلة جديدة

يسودها الخلل واالضطراب والتفكك. غير أن التدقيق في التفاصيل يبين أن المظاهر التي تنتج عن هذه

المواجهة ليست موحدة، ال في أشكالها، وال في أدواتها وال في الردود التي تولدها. إنها بمجموعها محصلة لعدد من العوامل والمعطيات المتشابكة الداخلة في المواجهة، ومنها نمط بنية

هي: ذكرناها وثالث يعيش الشاب في ظلها،ويوجد منها األسرة التي الحديثة الزواجية األسرة التقليدية ، األسرة المتحولة ، واألسرة

حدة ومستوى األزمة المعيشية في البالد، العوامل أيضا ومن ومالءمة اإلعداد التعليمي والمهني للشروط الجديدة لسوق

األعمال. زيد العالقات توترا وتؤدي إلى انقطاعهات بعض هذه العوامل إن

عندما يصر األهل على ممارسة عالقات السلطة واالستتباع على الرغم من بلوغهم سن الرشدنابوالوصاية وتهميش الش

إلىفي أوضاع أخرى كما قد تؤدي هذه المتغيرات ،والمسؤولية عندما يفسح األهل في،تخفيض التوتر وتحسين العالقات وتعزيزها

المجال أمام أبنائهم لتحقيق ذواتهم، والتعبير عن أفكارهم

10

11

Page 11: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

ومشاركتهم في صنع القرارات المتصلة بشؤون األسرة وشؤونهم، ة تدريب على االنخراط في المجتمعورشمما يجعل من المواجهة

من تجاذب وصد وممانعة.ابما يصاحبه: مفهوم االتصال والتواصل بين األجيال ضمن األسرة-8

هو النتيجة الرئيسية لعملية االتصال الذي من دونه ال(1)التواصل يمكن حصول تواصل، ومن خالله يتم نقل المعلومات أو األفكار أو

العواطف أو التوجهات من طرف إلى طرف ثان بواسطة رموز جمعووسائل متنوعة من أجل التقارب ولخلق مساحة مشتركة ت

لطرفين، فإذا نجحت يكون االتصال قد مهد إلطالق عملية تفاعلا اجتماعي يمكن من اطالع اآلخرين على معارفهم وقناعاتهم

ومواقفهم بغية الحصول على تفهمهم ومشاركتهم للعيش معا فيوئام.

وحين يتجاوز األفراد المشار إليهم كونهم أكثر من مجرد أشخاص ويرتبطون فيما بينهم بروابط القرابة أو بروابط االنتماء المشترك

بلمحصورة فيما بينهم إلى كيانات ثانوية ال تعود عملية التواصل. إلى فضاءات أرحب سقف منزل األسرةتتجاوز

فالتواصل ليس عملية ميكانيكية تتحقق في جميع األسر بل يقتصر حدوثها ضمن أطر األسر المتحولة والحديثة التي أخذت تعترف

المستقل.م وبإمكان تصرفهنها الشبابنائبفردية أ إذا اعتبرنا األسرة خلية قاعدية للمجتمع فإن ما يجري ضمنها منف

مخالطة وتفاعل وتعاون وتضامن يشكل عمليات اتصال متنوعة األشكال: مادية ونفسانية واجتماعية وفكرية وحين تفضي هذه العمليات إلى بلورة المشاعر، ونسج الصالت، وتبادل العالقات

العميقة بين أفراد األسرة يكون التواصل قد حقق أهدافه. التي تجري تحت سقف األسرة، تبنيالتواصل بين األجيالذلك أن

حيزا مشتركا أو مجاال حيويا ينتج قناعات جديدة مشتركة يتقاسمها وتشكل قاعدة لتضامنهم االجتماعي في وقتأفراد األسرة

وفقدت القدرة على تغطية األبعاد،.فإذا وهنت عملية االتصالالحق وتفشل األسرةبين أفرادها ة، فإنها تعجز عن إتمام التواصل تعددالم

تضامن أجيالها سواء من أجل استمرار وجودها ككيانفي تحقيق تجاذباتله من يتعرضون كمؤسسة قادرة على مواجهة ماأو موحد

خارجية متعددة المصادر تعيقهم عن النضج والتفتح واالستقاللية. عالقات ما بين األجيال في األسرة المتحولة-9

عن أسرهم األصليةبسكنهم عموما يبتعد األبناء المتزوجون الشباب لكن دون أن ينفصلوا عنها بالكامل. أما غير المتزوجين فيستمرون

بالدوران في فلكها، ، إأشكالية التواصل وسيلة في1999، شتاء 95انظر الدراسات الواردة في الفكر العربي، العدد (- 1)

مجتمعات متباينة. يبدأون بطرح التساؤالت على أنفسهم حول التزاماتهم ولكنهم

األسرية ويحاولون حصرها في المناسبات. المساهمة بعملهم الجزئي في مشروع العملن مون قليال ينفرو

.وا يمارسون عمال مستقال خارج نطاقها كاناألسري

12

Page 12: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

عن هامش من االستقالليةإلى البحث هؤالء الشباب يتجهوبالتالي النسبية في عالقاتهم مع األسرة، وفي اتخاذهم للقرارات الخاصة بهم، وفي اختيارهم للقيم التي يتصرفون على هديها، رغم أنهم ال

يسعون إلى االستقاللية الكاملة وال إلى تغليب مصالحهم الذاتية.تضامنهم معهاعلى المصالح المشتركة

يمكن القول أنه يبرز اتجاه لدى الشباب في التهرب من االلتزام المطلق بمشيئة األهل والتبعية إلرادتهم. ويعمد بعض اآلباء أثناء اتصالهم بأبنائهم الشباب إلى العودة الستعمال أنظمة الممنوع والمسموح وتوزيع األوامر والنواهي في محاولة منهم الستعادة

عندئذ حاجز يحد أو قد يلغي أحيانا منيرتفع، ف عليهمسلطتهم السلطة األبويةمن جيل الكبار الستعمال كل محاولة نأل تضامنهم، عن المناخات المشجعة علىوتدفعه للبحث الشاب هربتالسابقة

التعبير الحر، واالستماع إلى هواجسه وآرائه. وغالبا ما يتعرض الشباب في هذه األسرة إلى ضغوطات ترمي إلى

بماجعلهم يتخلون عن المناقشة والحوار والتسليم بما هو جاهز، ، ولكن ذلكالتضامن خفض حرارة االتصال وإضعاف يفضي إلى

عندما يبرهن جيل الشباب أنه يمتلك مندائما، وأليس حاسما اإلمكانات والمعرفة المكتسبة ما يجعله جهة صاحبة فعالية ودينامية

.واعدة:(1) عالقات األجيال في األسرة النواتية-10

ح التحصيل التعليمي للشباب فرصا رحبة للحصول على عمل خارجأتا ىلغأقتصاديا عن أسرهم وإستقالل إنهم من الاألسرة مما مك

حاجتهممن ف فاضطرارهم لطلب مساعدتهم المادية وبالتالي خ إتخاذالموضوعية للحصول على موافقة أهلهم المسبقة على

قراراتهم حتى في المواضيع الحساسة كالزواج، طالما أنهم ال ينتظرون منهم مساعدة أو تمويال لكلفة ما يقدمون عليه.

فاستقالليتهم المادية أبعدتهم عن أهلهم وانعكست على عالقاتهم بهم، وأدى اكتفاؤهم هذا مشفوعا باتساع أفقهم الثقافي والعلمي

إلى اكتسابهم هامشا محترما منالفضاءات الرحبةوانفتاحهم على ل األهل ل تصرفاتهم على مضض. في هذه األسرةتقبإلى الحرية، و

يفسح في المجال إلمكانات الفرد وطاقاته كي تبرز وتتجسد،أن تمارس عمليا عبر مواقف مستقلة ال تمليها عليهمفي ولحرياتهم

(- د. عبد الباسط عبد المعطي، العولمة ومهام جديدة لألسرة العربية- جامعة الدول العربية، وحدة1).2011البحوث والدراسات السكانية، القاهرة، فبراير

رغبات األهل أو التقاليد. إن األسرة الحديثة ال تضيق بالحوار والمناقشات، ألنها تعتبر أن عليها أن تكون إطارا أوليا داخليا للتكيف والتهيئة لالندماج االجتماعي حيث ينجح الشباب في االنتقال بتجربتهم من النطاق الفردي الخاص إلى

النطاق الجماعي العام. واتصالهم واحتكاكهم ليسرفلقاء أفراد األسرة من مختلف األعما

مسألة إرادية بل هو أمر مفروض من ضمن طبيعة الروابط األولية

13

Page 13: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

لخلق كيان األسرة وبلورةالعائلية، وبالتالي فإن اتصالهم مطلوب تحقيق غايات بعيدة المدى من جهةخصائصها من جهة ومن أجل

إنضاج شخصية كل عضو من أعضائها وإكسابهم القدرة علىلثانية، و وهنا ال تعود عالقات التضامن هيالتصرف المستقل من جهة ثالثة.

المطلوبة، بل عالقات التعاضد بما هي عالقات تسمح لكل طرف بأن يحقق منفعته الذاتية ومصالحه نتيجة لما يبذله من جهد وليس على

حساب اآلخرين. ويلعب اآلخر دور الداعم المتضامن وليس دور الوصاية أو التكافل. في التعاضد اعتراف بالمساواة والندية رغم

الفروقات العمرية وفي التكافل والوصاية اعتراف بالتفاوت وباستحقاق طرف للحماية من قبل الطرف اآلخر وهو ما ينفي فكرة

االستقاللية لصالح فكرة التبعية النسبية.

العوامل الموضوعية المؤثرة على األسرة وعلى: ثالثاالعالقات بين أجيالها المختلفة:

أفضت حركة البحث العلمي التي انطلقت من الدول المتقدمة إلى نتائج نظرية مكنت مصانعها من تحويلها إلى تجهيزات وأدوات وتقنيات

تكنولوجية لالستخدامات المتنوعة في مجاالت الهندسة الوراثية والطب وعالم االتصاالت والمعلوماتية. وأحدث دخول هذه المنتجات إلى عالم التداول ثورة في الحياة اليومية العملية للمجتمعات، حيث شكلت عوامل كان لها تأثيرات ارتدادية على كل مناحي الحياة حتى

أن تطور التكنولوجيا وانتشار اإلنجازات والسلع اإللكترونية، طرق أبواب العائالت واألسر، في المدن واألرياف، وأدخل على عاداتها

حيث يسد (1)وأساليب عيشها وما تتبادله من عالقات، الكثير من التغير الحصول على خدمات ومصالح كانت حتى عهد قريب مادة للمقايضة

بين أجيال األسرة الواحدة .

(- د. عبد الباسط عبد المعطي، العولمة ومهام جديدة لألسرة العربية- جامعة الدول العربية، وحدة1).2011البحوث والدراسات السكانية، القاهرة، فبراير

فيحق كصاحبة ت العولمة على صعيد العالقات الدولية برزو مساءلة الدول وفرض العقوبات عليها، إذا تعارضت سياساتها وممارساتها

هكذا دخلت مفاهيم التنمية وحقوق اإلنسانالدولية ومع المبادئ القانونية ورفاه البشرية كمعايير لألداء السياسي والثقافي واالجتماعي بين الدول،

مما أشاع أجواءوباتت ملتزمة بوضعها موضع التنفيذ واحترامها. الديموقراطية والتحرر الفردي والجماعي

وقد ابتكرت التكنولوجيا وسائط لالتصاالت جعلتها في خدمة أنظمة متطورة للبث وااللتقاط عبر األقمار االصطناعية ووضعت في خدمة

فتم توحيد المفاهيمالترويج والتسويق للسلع واألفكار والخدمات الجديدة واألنماط االستهالكية والسلوكية وتحارب الشعوب، وقلل من الفروقات

واالختالفات بين العادات والتقاليد لصالح نشر أنماط مقبولة وموحدة.للعالقات بين األجيال في مختلف الثقافات

14

Page 14: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

أطلق هذا الوضع الجديد ديناميات تغيير تفاوتت نتائجه ما بين زلزال أو تغيير أو تحول أو تطوير، فبعض البلدان تقبلت التغيير وسعت إليه،

وبعضها اآلخر قاومته متمسكة بما اعتادت عليه فوضعها خيارها هذا فيمواجهة التحديث الذي اجتاح العالم وطاول كل تفاصيل الحياة.

على األسرة العربية، ثم كيففماذا تركت هذه العوامل من تأثيراتبين األجيال فيها؟عالقات الانعكست على كيف تعاملت معها األسرة، و

15

Page 15: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

بين األجيال فيهاعالقات الالمؤثرة على األسرة وانعكاساتها على الموضوعية العوامل بجدول آثار العوامل المستجدة علىالعامل المؤثر: مضامينه

األسرة جيال األاتاالنعكاسات على عالق

البينية - التقدم التكنولوجي واالختراعات1

العلمية التوصل الختراعات وإنجازات

تكنولوجية ملموسة ترجمت بابتكار وأدوات مساعدة،تجهيزات منزلية عمل أهلت كل فردوطرق ووسائل

.الستعمالها بسهولة ويسر

- سهلت على األسرة قيامها بأعباء العملالمنزلي

أعادت توزيع العمل المنزلي على- مختلف أفراد األسرة مهما كانت

.أعمارهم والعناية- وفرت مقومات الصحة الجسدية

الالزمة لكل عمر. - أوجدت الحلول لمشكالت أسرية

.مستعصية - توصلت إلى عالجات ألمراض مزمنةوتسهيل خدمة العجزة وكبار السن. - عدم تالؤم اإلعداد والتخصصات مع

.متطلبات أسواق العمل الجديدة

أعطت فرصة االستقاللية والتحرر من بعض- أعبائه تجاه الجيل اآلخر.

.- نقلت الشاب إلى عالم افتراضي أعادت تنظيم العالقات بين األجيال في-

األسرة على أساس اإللتقاء والخدمة الذاتية وحررت الجيل الشاب من كثير من

الخدمات لكبار السن. وتعزيز الفردية- تنمية الخيال لدى الشباب

لديهم.- االنتقال إلى نمط األسرة النواتية.

- تعميم العولمة االقتصادية2 إلزام الدول باالنضمام إلى المعاهدة الدولية للتجارة الحرة وسياسات فتح

األسواق الداخلية وإزالة الحواجز الجمركية – حرية التبادل التجاري –

اعتماد السياسات التصديرية والتنافسية تحريرولجنسيات امع الشركات المتعددة

تسهيالت ضريبية للرساميلمنحالعملة األجنبية.

. دور الدولة الراعيةالحكومة عن- تخلي - انهيار أسواق العمل الوطنية: تسريح

.وبطالة وفقدان فرص العمل - تفاقم ظروف معيشة فئات واسعة من

.المواطنين: تعميم الفقر - تفكك أنظمة الحماية وشبكات الضمان

.االجتماعيين - العيش تحت رحمة تقلبات السوق مع

الحكومي.غياب الدعم

تلبيةوعجزها عن - تدهور قدرات األسرة .احتياجات الشباب

ة من هجرة الشبابعارمموجات حصول - إلى الخارج وتخليهم عن مسؤولية تضامنهم

وتعاضدهم مع األجيال األخرى. - انكشاف عالقات السلطة األبوية وفقدان

.مقوماتها بين األجيال عالقات الطاعة والتبعيةانتهاء-

ومرورها إلى أشكال مأزومة جديدة. وفقدانهم المرجعية الثقافية الشبابضياع-

واستقرارهم االجتماعي واألسري. آثار العوامل المستجدة علىلعامل المؤثر: مضامينها

األسرة ات األجيالاالنعكاسات على عالق

البينية تأزم العالقات بين األجيال نتيجة التجاذب- - بروز الفردية المنافسة وإضعاف أنظمة - االجتياح الثقافي واالجتماعي3

Page 16: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

للمجتمعات استهالك- نشر المفاهيم الجديدة لل

والمعيشة.والتنمية تعميم نمط الحياة:ثقافيالغزو ال-

.الغربية عنةيب- إدخال أنظمة قيم وتصرفات غر

المجتمعات..- إدخال ثقافة حقوق اإلنسان

- الضغط لتبني مفاهيم وأنظمة حكم.ليبرالية وديمقراطية

والتضامن األسري.التعاون والتكافل المحلية في العادات والتقاليدتراجع-

حياة األسرة وسلوكها. - إضعاف الثقافة الوطنية والهوية الثقافية

.والحضارية لبناء المجتمع األهلي والمدنيتجديد -

المساواةعلى أسس الحقوق المتبادلة و.في األسرة

بين- تعميم فكرة مكافحة التمييز الجسين وعلى أساس العمر في

األسرة.

واإلخضاع المتبادل.التحديثي. الجديد القديم التقليدي/- جدلية

جيل قديم/ جيل جديد.- - خبرات قديمة فاقدة للقيمة/ كفايات

مستحدثة مقيمة. - نقل أنماط سلوكية جديدة على أساس

الديموقراطية والحوار والتعاضد.

- نشر شبكة االتصاالت األرضيةوالفضائية

- سرعة نقل المعلومات بواسطة البث.الفضائي وتعميمها

- مد شبكة اتصاالت دولية كونية –.اإلنترنت

- بروز قدرات خيالية للكمبيوتر معلوماتية.وتنظيمية

.- إنتاج هائل للمواد اإلعالمية - تشديد الرقابة الفضائية على ما يجري

.على األرض - التهديد العسكري بعناصر تكنولوجيا

.االتصاالت

ختراق حواجز الرقابة المحلية والوطنيةإ- .والتمويه

- تسهيل اتصال األسر بأبنائها المهاجرين:.تواصل مستمر

- تسهيل االتصال والتواصل بين.المجتمعات وتبادل المصالح

- اختراق الحيز الخاص لألفراد وحرمات.األسرة

خارجامتداداهاتجاوز - توسع مدى األسر و حدود الوطن واستمرار تماسكها العائلي

فصل الوسائل التكنولوجية للتواصلوااللتقاط.

.- األسرة تحت المراقبة

- مواكبة الزمن الحالي - االنخراط في شبكة عالقات جديدة بديلة عن

األسرية إلى- الدخول إلى العالم السحري لإلنترنت

العالم الواقعيجانب بين األهلالمعرفة والمهارات - اتساع هوة

، بين األجيال في األسرة.والشباب أنماط- تفاوت في الرؤى والقناعات و

السلوك بين األجيال: بين مرجعيات خرافيةوأخرى علمية وأولوياتهما.

17

Page 17: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

العالقات بين األجيال في مختلف أنماط األسرة: رابعاالعربية

:العالقات بين األجيال في األسرة التقليدية المتجددة 4-1 داخل األسرة غير التقليدية أسس الصحة النفسيةضامنيرسي الت

لدى أبنائها ويؤمن توازناتهم االنفعالية والعاطفية بطرق سوية. ويتمثل عن االعتماداألهل بإشاعة أجواء المحبة وتخلي ضامنشرط نجاح هذا الت

على آليات سلطتهم العاطفية وعلى استعمالهم المبالغ فيه ألنظمة الممنوع والمسموح وتوزيع األوامر والنواهي، مما يحول عالقات المحبة

المفترضة إلى عالقات سلطة، ويعيدها كما كانت في األسرةوالتعاون بين الكبار والصغار في تفاعل كلحد وقد يلغي أحيانا، يوالتقليدية،

األسرة. ع األسرة الحديثة على تبادلهاإن العالقات الديمقراطية التي تشج

ضمن األسرة تعمق مناخات الصراحة والحميمية وتشجع على التعبير الحر وانفتاح السلوك الفردي ضمن اإلطار االجتماعي الحميم المشترك لألسرة

ويؤدي ذلك إلى إشاعة الطمأنينة واالستقرار واالكتفاء في نفوس أبنائها، اإليجابيةفإذا كانوا صغارا ترعرعوا في أجواء السكينة ونمت مشاعرهم

ل فيما بينهمالتواص، وإذا كانوا شبانا تعززت فرص تهم وكبارهاتجاه أسروبالتالي زادت من حرارة ضمنها.تضامنهم معا

والنقاش حين يدور ضمن أجيال األسرة، بين اآلباء واألهل واألبناء يساعد الشبان على وجه الخصوص على طرح تجربتهم االنفعالية

واالنتقال بها من داخل األسرة إلى خارجها بالتدريج، أي االنتقال،العاطفية إلى الدوائر األخرى ذات المدى،من أطر الدائرة الضيقة ومداها الخاص

المشترك العام ينجحون في إطالق تفاعلهم التدريجي األرحب مع على أساسمعهماألصدقاء والمواطنين، وفي عقد الصالت المناسبة

المشتركة في المجتمع نفسه. منةعضويال والتفاعلالتضامن ومشاعر يكتشف الشبان ذواتهم ويدركون قدراتهم،التضامنية خالل هذه الحركية

ويبنون ردود أفعالهم، ويطورون أساليب استجابتهم وتعاملهم ضمن دائرة صالتهم الحميمة أوال، ومن ثم ضمن دائرة عالقاتهم االجتماعية في مرحلة

الحقة. معلتضامن، يضعف ا داخل األسرةوإذا حصل أن ضعف هذا التوجه

األسر األخرى، وهو ما يؤثر بالتالي على التالحم االجتماعي والوطني، ويصبح من الصعوبة إيجاد تسويات مشتركة للمشكالت الراهنة في غياب

يؤمنان االندماج االجتماعي، فكيفاللذين حقيقيين والتضامن التواصل ال بين أفرادهاوالتضامن التواصل استمرارالسبيل إلى تمكين األسرة من

عموما ومع أبنائها الشباب على وجه الخصوص؟)1)- Les échanges à l’intérieur de la famille, Michelle Perrot, in, la famille l’état des saviors, Ed. La

découvert, Paris 1995, page 97.

ينطلق األبناء في هذه األسرة والشباب من ضمنهم، من االلتزام18 طاعة كبير األسرة، أي األب، الذي يعتبر صاحب سلطة مادية ومعنويةإب

Page 18: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

أن يتجرأ أحد على رفضيصحفعلية على الجميع، وهو حين يتخذ القرار ال االمتثال له.

وعادة ما يتصف الشباب في هذه األسر بالمحافظة على حيازة المفاهيم الشعبية واحترام العادات والتقاليد مهما كانت، ألنهم يعملون

بوحي من تجاربهم، بل على أساس نسخ متكررة من صيغ لتصرفات أو نماذج لسلوك جاهز أعد للتداول في المناسبات، وكل خروج على التقاليد

.(1)يعتبر خيانة مجتمعية ويستمر الشباب من أفراد هذا النمط من البنى األسرية، في

االحترام العميق لسلطة رب األسرة ويحتفظ بحرارة مشاعر القرابة، رغم أنها لم تعد تولد له مشاعر األمان أو تؤمن له الحماية الشخصية.

عن ممارسة العنف الجسدييكون قد تخلى رب األسرة فإنوبالمقابل على حركتهم وسلوكهممع أبنائه في مجال العقاب، وأحل محلها رقابته

واجباته محصورةتصبحفي مجاالت معينة من حياته اليومية. أما الشاب فبالقبول واالمتثال لتدخل األهل في بعض شؤونه أعزبا كان أو متزوجا.

وينحصر الوجود األساسي لألسرة التقليدية في مناطق داخلية ريفية ورغم أن هيبتها وهيبة كبرها قد تراجعتا، إال أن الشباب فيها يحافظون على

كل مظاهر وأشكال العالقات القائمة على أساس انعدام استقاللية الفرد تجاه األسرة، وعدم وجود هامش يسمح لميوله الذاتية ومزاجه الخاص بأن

يطفو على سطح الحياة المشتركة لألسرة. ضمن هذا النمط األسري، هيجيالومن الواضح أن عالقات األ

ألنهاال عالقات تضامن ميكانيكي، ال عالقات تضامن عضوي عالقات اتصال إلى األبناء الشباب، وتتضمن نقل أفكارالكبارتتخذ اتجاها واحدا، من

جاهزة وتوجيهات وتذكير بالواجبات والروابط األولية العائلية دون أيةمراعاة لرغباتهم أو ميولهم ومواقفهم.

تحت سقف منزل األسرة يعنينفسه وجود الشاب واستمرار.وعدم تبلور االستقاللية لدى الجيل الشاباالمتثال التبعية وبالضرورة

لتفاعل والتأثير المتبادلين،ل معنى أيفكرة التواصل يحمل وهكذا ال منالمطلوب ليسبل تنحسر عملية االتصال إلى أضيق الحدود، ألنه

الشباب إبداء آرائهم، أو مشاركتهم في اتخاذ القرارات ألن الخبرة والرأي السديد ال يمتلكها، حسب الفكر التقليدي، إال أولي األمر من المتقدمين

، فينتفي بالتالي أية فاعية للتضامن األسري.في العمر)1)- Jean- François Dortier, Histoire et diversité des forms familiales in, familles, editions, Paris 2002,

page 28.

:(1)العالقات ما بين األجيال في األسرة العربية المتحولة 4-2 عن أسرهم األصليةبسكنهم عموما يبتعد األبناء المتزوجون الشباب

لكن دون أن ينفصلوا عنها بالكامل. أما غير المتزوجين فيستمرون بالدوران في فلكها، ولكنهم يبدأون بطرح التساؤالت على أنفسهم حول

نمون قليال نفرالتزاماتهم األسرية ويحاولون حصرها في المناسبات. وي

19

Page 19: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

وا يمارسونكانبعملهم الجزئي في مشروع العمل األسري ة همالمسا .ها خارج نطاقعمال مستقال

عن هامش من االستقالليةإلى البحث هؤالء الشباب يتجهوبالتالي النسبية في عالقاتهم مع األسرة، وفي اتخاذهم للقرارات الخاصة بهم،

وفي اختيارهم للقيم التي يتصرفون على هديها، رغم أنهم ال يسعون إلى االستقاللية الكاملة وال إلى تغليب مصالحهم الذاتية على المصالح

.وتضامنهم معهاالمشتركة لألسرة يمكن القول أنه يبرز اتجاه لدى الشباب في التهرب من االلتزام

المطلق بمشيئة األهل والتبعية إلرادتهم. ويعمد بعض اآلباء أثناء اتصالهم بأبنائهم الشباب إلى العودة الستعمال أنظمة الممنوع والمسموح وتوزيع

جيل رتفع، في عليهماألوامر والنواهي في محاولة منهم الستعادة سلطتهم كلنأل تضامنهمعندئذ حاجز يحد أو قد يلغي أحيانا من الكبار الستعمال

السابقة تهرب وتدفعهعالقات السلطة األبوية ل اممحاولة منهم الستع عن المناخات المشجعة على التعبير الحر، واالستماع إلى هواجسهللبحث وآرائه.

وغالبا ما يتعرض الشباب في هذه األسرة إلى ضغوطات ترمي إلى بحيث، مطروحجعلهم يتخلون عن المناقشة والحوار والتسليم بما هو

، ولكن ذلك ليسالتضامن خفض حرارة االتصال وإضعاف يفضي إلى عندما يبرهن جيل الشباب أنه يمتلك من اإلمكاناتحاسما ودائما،

.والمعرفة المكتسبة ما يجعله جهة صاحبة فعالية ودينامية واعدة

1)- Jean- François Dortier, Histoire et diversité des forms familiales in, familles, editions, Paris 2002, page 28.

نحو استبدال عالقات التضامن بعالقات التعاضد في خامسا: األسرة العربية

: تمسك األهل بنمط التضامن التقليدي في عالم متغير 5-1 ، وتحديدا األب، أن أبناءه غير المتزوجين من الجنسين ال(1)ى األهلير

يؤدون ما عليهم من أدوار وواجبات إزاء أسرتهم، وهم يتهربون حتى من التواجد في منزل األسرة لتبادل األحاديث أو االطالع منهم على أوضاعهم.

اهتماماتهم، أوع مهم ضمن كما أنهم متهمون بأن أسرتهم ال تحتل أي موق تطلعاتهم وال يبحثون عن تماسكها، وال يبادرون إلى أي طلب لمشاركة أهلهم في مناقشة شؤونهم، سواء أكانت شخصية أم تعليمية أم مهنية،

، وهوراهنة أو مستقبلية، شغلهم الشاغل إبقاء ستار عازل فاصل بينهما.بذلك يضحون بالتضامن األسري ويتخلون عن مستلزماته

20

Page 20: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

أنهم يضعون مصالحهماألجيال الكبارويتهم الشباب من قبل ينظرون إليها وتهمالفردية في المرتبة األولى ويغلبونها على مصلحة أسر

ملزمة بتأمينها لهم حتى ولو كان على حساب مستوى معيشتهابأنها وبالمقابل هم ال يقدمون شيئا لها وغير مستعدين لتخصيص ساعة

هم مستعدون لألخذ دون التفكير بالعطاءإنللمساعدة في تصريف شؤونها. كما. سرةاألافظة على تماسك محلة لطلوبالقيام بأنشطة محتى أو

ألفرادهمطالب المادية ال وتحقيق الجيل الشاب تأمين مصالحإنيعتقدون الوالدين، ويستنتج األب أنجيل رضاهم عن األسرة / لمعيار الشكالن ي

أبناءه قد خذلوه وأن عالقاتهم هي بمثابة المجمدة أو المقطوعة، وأن بينهما غير موجود.ضامنالت

شمل،تعكس هذه األحكام التي جمعت خالل بحث ميداني نوعي فيآباء عددا من اآلباء حدة الموقف وحساسية الموضوع وتشدد ال

، رغم كلجيلي اآلباء والشبانتمسكهم بالصورة التقليدية للعالقات بين العوامل والمتغيرات التي عصفت وال تزال بالمجتمعات العالمية والتغيير

العميق الذي أصاب جوانبها وتفاصيلها كافة، والتي انعكست آثاره علىأوضاع األسر والروابط األسرية في كل مكان.

يستنتج من تحليل األحكام السابقة أن الوالدين يرغبون في أن يبقى جنحتهم ويعيشون في ظلهم، يستشيرونهم في كل أمورهم، أالشبان تحت

تكمنويتأهبون استعدادا لتحقيق كل مهمة يكلفون بها ألن مصلحة األسرة ألفرادها، وأالفي تضامنها التقليدي، وأنه ينبغي أن يكون الهدف المشترك

يكون هناك سقف آخر يستظل به أبناؤها. إنها اإلطار االجتماعي الوحيد يحصل تحقيق االحتياجات، منيجب أن ومن ضمنه من قبلهم المعترف به

لحظة الوالدة إلى ساعة الوفاة.

- تصريحات لألهل جمعت خالل تحقبق ميداني نوعي نفذه طالب معهد العلوم االجتماعية بالجامعة(1( .2003اللبنانية، نيسان

هناك عالم آخر موجود إلىجيل الشاب الحالي، فبالنسبة للأما جانب األسرة، يستطيعون أن ينتقلوا إليه ببساطة فيحصلون منه على ما

األسرة عن تأمينه، وليس المقصود هنا االحتياجات في حين تعجزيريدون المادية، بل المعرفية والمهنية والمعلوماتية والقانونية والترفيهية وغيرها،

.تجسد إشكالية وجود التضامن أو فقدانههنا ت ، وأن هؤالء يريدونجيلينالمسألة ال تطرح وكأن هناك تجاذب بين ال

عكس ما يريد أولئك. إن حركة الواقع هي التي تفرض، الدنيا تتغير بنتيجة هماحتياجاتتنوعت تغير المعطيات، خاصة وأن األبناء قد تعلموا، و

؟ حين يتربىمهل األسرة قادرة على تحقيقها لهف. همالمنشودة وطموحات د يفرضها الدين والوالدان ال يشعر بوجودددالولد وينشأ على الحدو

فروقات بين ما يريد وما يريدون، ألن الطرفين يعيشان المعطيات نفسهافيكون الشبان مثل الوالدين واألهل، وبالتالي ال تطرح أية مشكلة.

المشكلة العالئقية تطرح حين يعجز األهل عن عزل الشبان عن لمعلومات والمكتشفات واألفكارلحركة العصر، ويحولون دون مواكبتهم

ولوقائع األحداث الجديدة في العالم، عبر شبكة اإلنترنت المفتوحة

21

Page 21: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

والمترامية األطراف وشاشات األقنية الفضائية التي تضخ سيال من كل لحظة، وهي كفيلة وكافية لدفع الشبان إلى تعديلفي المعلومات

في كلوعالقاتهم قناعاتهم وتصحيح أفكارهم وإعادة النظر بمواقفهم حين.

وتتضح باستمرار القدرة الفائقة للشبان على استيعاب معاني المعطيات الجديدة وما يرافقها من رسائل مرمزة، وعلى تحويلها إلى جزء

من حياتهم، وهو األمر الذي يخرجهم من اإلطار التقليدي الذي يرسمه األهل، لقد صار عندهم إطار ثان مختلف. وهذا أمر طبيعي أن يتحرك

األبناء على أرضية خاصة تناسبهم، وأن يحس األهل أن أوالدهم يبتعدون الشبان يعتبرون أن ما يفعلونه هوو ويتخلون عن تضامنهم معهم.(1)عنهم

أمر صائب، هم يسعون لتوسيع إطار معارفهم وإيجاد فرصهم المستقبلية هذا شيء جيد، ينبغي أن يسرولتكوين ثروة أو لتحسين أوضاعهم المادية،

األسريةوعالقاتهم له األهل، فهم لم يغادروا نهائيا، ولم يقطعوا ارتباطاتهم بل فتحوا نافذة لكي يطلوا منها على عالم جديد ال يعرفه األهل.

ومن الملفت أن أغلب اآلباء يعتبرون أنهم أنجبوا أوالدا لبناء وتوسيع ممالكهم. فكل واحد منهم يعمل على تنمية مملكته ويودع فيها طموحاته

وأحالمه ويجمع فيها ثروته وإمكاناته، وفي الوقت نفسه يحضر أبناءه سعى إلىلتجسيد ما يريد أن يحصل في المستقبل. فكل إنجاز أو نجاح تجسيد رؤيتهتحويله إلى مادة بناء إضافية للملكية بما فيها أبناؤه من أجل

موادبناء مملكة وهمية من رغبة األب في هنا تكمن المشكلة: والشخصية. غير واقعية

)1)- F. de singly, A quoi sert la famille, Editions page 10

لكي يديرها ابن ال تدخل ضمن اهتماماته.،ضمينها طموحات شخصيةوت بهذه الذهنية يتعامل اآلباء مع أبنائهم، في الوقت الذي يتعاطى فيه

األبناء مع العالم الواقعي الملموس، عبر أشياء وموجودات وأشخاص فعليين يوفرون لهم فرص االنفتاح على عالم أوسع من عالم أسرهم،

عالم فيه أشياء كثيرة لها أهميتها بنظرهم تشد إليها األبناء، فيتعاملون معها بشغف، وتطير إليها أفئدتهم ورؤوسهم ويصرخ اآلباء أن أبناءهم ذهبوا

وصاروا في مكان آخر. معنويةخسارة ، إنها التضامنةنهايهذه صورة ما يعتبره األهل

نهار. ولكنيوليست مادية، كان مشروعهم يتمثل في بناء المملكة فإذا به ردةحصيلة الحقيقة بعمقها التحليلي ليست كذلك، لقد كانت مشاعر األهل

. حين نرصد(1)فعل على فشل مشروعهم وليس على خذالن األبناء لهم نلمس، في المناسبات العامة والخاصةلجيلينالعالقات المتبادلة بين ا

في أجواء مطبوعةتواصلحرارة اللقاء، وصدق االرتباطات، وشمولية ال بالتعبيرات العاطفية والتصرفات الودية بما فيها من احترام ومحبة من قبل

ليست مصطنعة وال هي واهمة، بل هي، برأينا، هذه المظاهرنإ .الشباب تعبيرات عن عالقات عاطفية مباشرة منبثقة عن ارتباطات غريزية

وطبيعية نابعة بدورها عن األبوة/البنوة بالمعنى اإلنساني المحض، وليست وما، تراكم على هذه العالقات من معاني االمتالك والتبعية ماناتجة عن

22

Page 22: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

اكتسبته من مدلوالت سلطوية تبنى على انتظارات مستقبلية معنوية غيرواقعية.

:نحو التعاضد وثبات العالقات ودوامها 5-2 أن األهل والوالدين على وجه الخصوص الفراد الجيل الشابيعتقد أ

يتورعون عن التدخل في شؤونهم الشخصية والخاصة، رغم بلوغهم سن نتيجة الحث على التضامن وزيادة التماسك األسري،الرشد االجتماعي

ومواقفهمء أبنائهآراالمتصلة بفاألب يريد معرفة جميع التفاصيل وتصرفاتهم بحجة أنه يعرف مصلحتهم أكثر منهم، وأن تجربتهم المحدودة ال تسمح بإعطائهم الحرية في االختيار والقرار، سواء في مجال التخصص

أو العمل أو اختيار الشريكة في الزواج أو ما دونها. أنهم،الشاب من الجنسينالجيل ويعتبر األهل حسب وجهة نظر

ا يمتلكولهم فيجب أنالدعم المادي استمروا في إعالتهم وتقديم طالما الكلمة الفصل وأن تكون لهم صالحية االعتراض أو عدم القبول أو الضغط. واالستقاللية بالنسبة إليهم تتمثل بتمكن الشبان من تدبير أمورهم المادية دون مساعدة األهل، وكل مساعدة تقدم يجب أن يقابلها تخلي األبناء عن

سعيهم لالستقاللية واالنفصال عن األهل بآرائهم وتصرفاتهم بينما يرى حتى يكتشفوا بأنفسهمصة األبناء أن لهم الحق في المرور بتجاربهم الخا

يكونوا مبادئهم وينتجوا األفكارأن الصح من الخطأ، الصواب من الغلط، و التي تعبر عن شخصياتهم، ويحققوا ذواتهم أو يختاروا العالم الذي يتحركون

فإن لهم مصلحتهم الخاصة ومنافعهم المميزة ويجب أن يحصلواضمنه. على االعتراف بها. عندئذ ينعم األبناء بدعم جيل اآلباء لها، مهما كان

انعكاس ذلك عليهم، مقابل قيام الشباب بما يحقق المصالح والمنافع الخاصة بجيل اآلباء. فهم لم يعودوا يروا أن هناك وحدة في محاور

ومواضيع االهتمام، بل تنوعا بها توسع نطاق وعالم األسرة وتغنيها، وسبيلتحقيق ذلك يكون بتبين أسلوب التعاضد بين األجيال.

ويلجأ اآلباء إلى استعمال وسائل عديدة لممارسة تدخلهم ومقاومة تفرد األبناء بقراراتهم واختياراتهم وعرقلة قيامهم بتجاربهم الخاصة ومنها

الرفض والمحاسبة وممارسة الضغط الفرض واإلكراه وقد يلجأ البعض إلى فهناك كثير من بهذا الخصوصالتعميمعدم ، ولكن يجب (1)ممارسة العنف

اآلباء الذين ينهجون سبيل: التفهم والحوار وتقديم المعلومات والنصائح. لجيل األبناءوالدعم ومختلف أشكال الحماية

حين يعتبر األبناء الشبان أنوالقطيعة بين الجيلينوتحصل المواجهة أهلهم يمتنعون عن إمدادهم بالمال الالزم لتحقيق طلباتهم، رغم علمهم

.اأنه ليس بمقدور األهل االستجابة لهبأحيانا هذه المواجهة مبنية على خطأ أساسي في التقدير، فالشباب يجب

أن يدخلوا تجارب تعلمهم قيمة كسب المال، وكلفته والجهد الذي يبذلللحصول على مقدار منه.

حين يجهل الشاب ذلك ال يعرف مقدار المجهود والتعب والشغل المطلوب من األهل أداؤها لالستجابة لطلبه المادي، سواء أكانوا يمتلكونه

أم ال. أما حين يلم األبناء بقيمة كسب المال، عندئذ يقدرون أكثر قيمة

23

Page 23: نحو الانتقال من التضامن العائلي إلى التعاضد الأسريdoc

السلعة أو الشيء المطلوب امتالكه. وهذا التقييم مطلوب عموما تمهيدا لقيام عالقات متوازنة بين جيلي اآلباء والشبان، سواء كانت تضامنية أو

.تعاضدية ما دامت المغريات والمعطيات كثيرة وانفتاح الشباب على التجربة قد أصبح متاحا نسبيا، فإنه ال بد من تشجيع األبناء على التفكير بمسؤولية،

معالم طريق االستقاللية، فلنمواستخالص االستنتاجات التي ترسم له بعد أن يتعلموا حساب تقييم الخاص، هم من قطعها إال بمجهودوايتمكن

.جيل اآلباء تحقيقها من وا قبل أن يطلبمكلفة طموحاته الواقع يشير إلى أن األهل مثل األبناء يخضعون لظروف تحد من قدرتهم

عالقات في مسائل كثيرة مع أبنائهم وبالتالي ال بد من تحويل ،على التدخلعالقاتالمواجهة إلى

1)- Claudine- Atlias- Dosefut, Des generations solidaires, Editions sciences humaines, Paris 2002. مشترك، والتركيز على تنمية الجوانب العاطفية للعالقات األسرية، تفهم

االرتباطات مع األهل ألنها تنبثق عنب في مسائل كثيرة ،فالشاب محكوم حين ن ومرجوانمطلوباوالتضامن ويصبح التواصل ،طبيعة حياة البشر

عالقاتمنافع كل جيل كانا مجردين من المصالح ويسعيان لتأمين وتحقيق .للروابط بين األجيال في األسرةالبعد اإلنساني بذلك عزز تسلطوية، فيال

25

24