الملحق الثقافي العدد7

4
تفاق معقال با رجم هذا اُ ت)هـ. ف( شال أونفري مي نونبر22 ميست يوم ا تلقي أكرم، كان من»يلا« ، هذا2012 فـضـلق اسـتـحـقـاا« مـوضـوعـهلتي لهذا ر مقاّ هو من سيحر فأكرم الشهر:يرح ا صبالعاشرة أو ي اّ َ نِ س ما، ب يوم مدفوعاَ عشرة، كنتادية ابت إلىبير، فكتإعجاب ك ب روستاند، شخص يدعى جانّ ، وبسذاجة، أن يردا آم ر عليك.ني، رغم أنن ، بدوري اَ تب إليك أكرحلةرنة بتلك ا ا مقاّ برك سن أك س أوّ ، لـيـس كمتحم) عــامــا38( شيد بشكل أعمى بشيخه، مريد، ي أسـرة، وعاملّ كن فقط مثل رب ولة، وقبلافل ط يشتغل سائقا بسيلقراءة.، كعاشق ل ذلك كلستدعانيم قليلة، ا قبل أيا إلى مكتبه،عملسي في ال رئيستفسرني حول حادث لي من إليه واب بسيط، مضيفاقابلةء ائدة. أثناحكة الزاما ا من قليّ كتاب يطل يتفاجأ برتي، ظانا أنه مجلة جيب ستب مني إزالته،نوغرافية، فطل بورأفول« تابكن سوى ك لم يكمني ، تلقائي. وبشكل» الصنما ضائعا م شيئّ م أسل لكوني لتي إلىه في حافل عثرت علي ة، أوضحت لهّ ختصصلحة ا اب اشتريتهلكتا أن هذا ا هنا بدأت فعه لي. من وأنعتوهن هذا الرئيس ا ، قصتيا قلته، واحدة ق كلمةّ يصد متهك طلب تلخيص ما فه لذل يخبطءتي. كان قلبي من قراا ري قد قّ ظة تأل ة، وأنا أرى بقو، مهاجر أنذا أكرم حانت، وهاسية البسيط،لباري الضواحي الغالب، ر في اَ تقمل العا ا، ب بِ لَ ستُ ل مزول في عمع واوح، أنطلق في سرد رق و أخلحظة الفرويدية. ولفولية ا حكاحضوري هدف مقابلتنا، و نسيتطارم هذا اكتب أما إلى هذا الطرائفستمتعا با، ملصارم او من صفحاتلتقتطفة ل اكننيطر عرقا، و.. كان يق كتابي شيء،ّ ء وأيه كل شي أن أحكي لاطعني في قمة وبشكل مفاجئ يقولة التيلطاخبط اندفاعي ب ا نظرةّ ننا، موجها إلي تفصل بي حاقدة..تك أن تسوق حافطلب من كفى، ن« »لسفتف أن ت فيٌ لّ سفة، ولكنه تأميست فلذه له« » موضوعتطلب ت سمع، سياقة حافلةا« لزبائن، على اّ الرد، وأيضا كبيرا شيئاَ ي عملك، وتفادى التركيز ف حافظ عل أسامحك إني لننن ، بعيدالذهاب ا»فهوم؟ وقعت حادثة أخرى.. م، ذلك اليوم د أونفريّ ، سي صدقنيستعمل،كتاب صغير ماتي ر حيّ غي بخس، جعل مني اشتريته بثمنف رئيس محترما من طر رجتسجيلوم أنوي الغية. والي طاليم عبرلتعركز الوطني لا« فيدبلوم« علىصول، وا»راسلة ا،»امعيةت اسا الولوج إلى الدراشعبةامعة بل في ا والتسجي، علم َ مِ جتماعية ولعلوم ا الجتماع. ا فرصة ثانيةة هيمعة الشعبيا اناس مثلي،ء الة إلى بسطاالنسب بتح بالتأمل، وتسممنح ا إنها البسيطة... د أونفري..ّ را لك سي شكعقل الجعل« كتابت أخيرا لقد أصدرامعةذه اهو بيان ه، و» شعبيا بأن وقتي لم الشعبية، أحسست يذهب سدى..»ل أونفرييلسوف ميشيلة أكرم إلى الفرسا« 2013 فبراير14 الخميسl 76 د : العدl 5 ل أونفري ميشي بطاقة بيضاءالة باريس رس مرئيات»ل أونفرييلسوف ميشيلة أكرم إلى الفرسا« لكاتب فهمي بموافقة اة هشام ترجما أمن مقاوم سأكوُ هل كنت« له كرمون عبد ال»دا؟ جوي شتيات صاحبيوار مع النح حلباز سعيد ا،»ستونرشل ويندراجة تش« بوزارةلكتاب مديرية اّ ردر بشرلناشفة على الثقا ا»ر طارقدا« مديراني بن مرئيا، أو أنه ق أن لها دماغاّ حدها بشكل مستقل، وأحيانا أصددي تفكر لو يكتباتي كاملة، إنها تي خ الرسميؤر بقوة. هي اسكه ا، ولم سقط منها، يومر وترتعش...، هي كل ر، تشيّ تخو د، تلمس وّ ح وتهدّ تعجن، تلو وتصفع، ترسم وفت الت ، وكلماّ ني حيوحيد على أن اليلعة جرائمي، والدلموسو السرية وداتي عايب وأطمئن على في ا هاّ ا، أدس عني أبدّ تخل أنها لم تذكرتاضي ت إلى ا النور.ّ قي إلى زر س طريّ تلمظلمة ت توتراتي. في الات، لكنلبن قصائد رومانسية لّ تخط رة، كانتّ في سن مبكدي بيقتي بدأت عسديداتاته إلى تتهووة الشعر وجها من رخا جعلها أقسى، وأخرعضل ال كرة يد. لعبتعب يافعا صرت. عندما كنت الزاوية التسعقة فية دقي كروي أنكن التيراتهاشفت ا. اكت»راكشيالبريد ا« ريق محترف هو فوفي صف فرى، وأستطيعف باليمنى كما باليسهدا ل اّ ق. أسجّ دي. ولم أكن أصد تصنعها ي الزاوية السحرية.، وألصقها فيفة أحد عشر مترا د عن مساّ أن أسد ،ة وأنا غبيانا أنها عبقريت أنا. أحس أحيدي وحدها، ولسك تفعله ي ذل كلسك ن لم اّ د اضية، لكنها بة وريّ دي مدر ما ترتكب. يتها فيرا أستطيع مجاطت بها يوماهالك. خبدي إلى ا من ي نيّ ر شيء منفلت. هي خيط. كل بأيوت ب ذلك في أنارف، تسببي الشبات من الطيش اظا ة فيجهة زجاجي وا الوقت،ة كل لّ نمدي ماة. ييلكة مدى انمل طريقا سا الر فيها جزء منها، ويحفسدمه. عتبة اسد وآ هي عتبة ا بأن اليد فعاسي ضاعف إحس وهذافتول.ري والعاقي اغريفلسفي ا الدبمعة ومن شعبة اا أمل كبيرة من اخيبةت بسعينات، أصب بداية الت فية وأقضيلثانيى السنة ااص علق الرصرت أن أطلقاتلة، فقر الابتها العربي برتغة والشعر العربيضرات الب ب شيئا مختلفا عن محاّ ضاء، كي أجـر سنة بيا في تقنيلذي كان ا»رشيد« راحلقي الد، ورافقت صديزاج الي رة. خضعتّ نف اقية. كان صديليليهي ال با»Disc jockey« طا موسيقياّ يك ومنشلكترون ايليةه لالبحث عن م أتكفل ب اضة، وكنتّ ب الضوئية الوملعاليط اسا مخترعا مع أكثر من ملهىتعامل في ال معقولة، فنجحناّ ها بأثمنة جد تركيبدة ترغب في جديلكهرباء خيوط ادفن فيهاسفلية، ون ال على سقوفهاوداراكش، نحفر خد لي ليطرقة أي ا»سيطة والبيرانابا« حّ سلسمنت اد وهي تخبط ا م اليّ لة، فتتورّ خب ا، يفركقي ط موسيّ لي كمنشهى لي في ملعملذه التجربة إلى الت بي هد. انتهالوت وّ م أتخلساج. رغم ذلك، ليكتقوم باي تسمع ووسيقية التليد ا با33 نات أسطواشتغاليرة. اذه السانيات هص ال على إجازة في تخصصولبة والكتا أبدا عن اني القدرةليلية، منحاهي الت اسوخا وصداقتيلبنائء والكهربال ا عما معني شاعر، كنتحد بأن أبدا لم أكن أصرحياة، فأنا الشعر في ا على أن أعيش شعراء، جميعانوالذين صادفتهم كا أولئك اوهم، فكل من هذا الاما را متحر حسب لغته. كلولسبوع ارت في الف، قري من ا اليد تدفعن، كانتجرت إلى كندا عندما هاجرين العرب الذينها اّ أفعل كجل أعتمد على نفسي، وأريال، أنة موندين نتهازية، لذلك ل واّ خرى، في التسوت االياياسيا، مقارنة با رقما ق مواّ حط، يقبضون» باسْ سَ الب« طلقون عليهة ويجتماعيت اعانام ا نظا ونّ نوا يستغل كاسودعمل ا من الرذاناتون كاعمل، ويقت عن عجزهم عن التبا من الدولة رالطاولة.ت ا ي عثرتولى الت ا»موريال« ت جريدةيبة الظهر واقتنيى، حملت حقولمي ا أيا فيكي الكيبي مديرهاستقبلنيسة ي، وكانت أول مؤسنات عمل بصفحاتها على إعواردلت معه اعمل وتبارة الستمات ارض، ملبيضاء كمم بوزرته ا»ميشال« ا، أخبرتهك شفراته البداية إلى فتاج في فرنسية الكيبيكين ، بصعوبة أمنحك فرصتكسوف« :رف بابتسامة عريضة علي باّ ، فردم جديد مقيني أنبلغها بأن أ»ميشال« اسمهي زوجتي أن شخصا أخبرتن إلى البيت عندما عدتساء. لم أكنادسة معة السلسايوم نفسه على اد في الديق بعملي التحا علي اسائي. بعدعمل اوقيت ال لتغربتديد، واستضبط عملي ا أعرف ما هو بال رت. خلفّ ا تصو صدمتي أقوىوظف جديد، كانت ليقا كما ي مَ صولي مهند و أمريكاكبر في اّ ية ضخمة، تعد كنت فيها صباحا، وحدة صناعسة التيؤس اضخمة في كلت الاكينا من ا مرعوباصنعبز. دخلت اعة الشمالية لصنا اشفت. اكتذن اّ يصمر الذي الهديتحكم في كمبيوتر تاشاتربوطة بشن، وا مكا وقلة منالكيبيكيونن و الفرنسيوبازون بعد حداثية واني في مخبزة ما أنعت منلذكاء. سمئقة ات فاوحد عصر ابيض اسهم البامون بلعرب، يقاو ات رباعيةراأتون بسياعمال ي، وأن جميع ال مرتفعة هناجورسة أن ا بعض التوانغامرةذه اار في هستمرن الغابوية. كالضواحي ا با»شاليهات« الدفع ولديهمدي، يترفزين اباع ااما، أصبحت من أ يرا. بعد ستة أشهرديا كب ارةجة حرالضبط درنحك ب حقيقيايرمومتراخلها تشفت أن دابة، واكت موهولح. ه من اّ اهنة تكشف خلويانا تصبح ك، وأح العجيس نقابة وراء تأس أي وهم، بل كنت، لم أصبح ثريا وكاملتهاء سنة بال بعد انضوعفة ا بثقالقادم، ابناء طبعا، دون العرب ايبيكيالية مع رفاق ك عمباطرون في كل أن العلمت فيهاة في كندا، تعة رأسماليطنا أكبر قللطاعة، فأسق واحد يتشابه. وانظمة، هوت وانسيات والغا الربتي يتخاطفون علىنواطاليون كاي مختلفة، اا مارست مهنا بعدها أصنع كرتإعجاب وأنظرون إلي بوا ين. كان البيتزاة في صناعة عج الفرنسيذه هد في التسعي لم أكن أسد يد، لكنن واحدة،كل كرة في بضربة من العجكنها توقيع تارية البروليديشفت أن ي، واكت»مهن القسوة« رة، فقرفت من افكار.ل واياج انتا س شركة فقط، وتؤس شيكات»مهن القسوة« لونب وشعراء يزاو كتا د د ع ل ا ةئير د ء ا ضي ب ة قا ط ب فهمي هشامHicham_fahmi@hotmail.com كرة اليدابعات مت» مهنا مختلفةلوان زاوكتاب عالميو« لكتابة عصب ا»قصائد فيلينيوس« جمال جمعةدريئة العد د»مهن القسوة« لونربة يزاوء مغاب وشعرا كتا فهميد هشام إعدا لثقافيملحق ا ال أيوب المزين» رمادييوم« فاقق في اختراق المشتا نزهة اوليب الحب ل إّ الحب مال أجل كتاب لكغب في أن أصرخوي: أر شتي صاحبي خذوا العبرة منغاربة في وجه كل ا اليوم فظيع جداحدث فيها تونس فما يلطاحونةمول البناء وا« » القواربسكافي وحمال وا

Upload: hicham-fahmi

Post on 24-Mar-2016

229 views

Category:

Documents


6 download

DESCRIPTION

العدد 7 من الملحق الثقافي لجريدة الأخبار المغربية

TRANSCRIPT

Page 1: الملحق الثقافي العدد7

ترجم هذا املقال باالتفاق مع ميشال أونفري )هـ. ف(

نونبر 22 اخلميس يوم تلقيت 2012، هذا »اإلمييل« من أكرم، كان مــوضــوعــه »اســتــحــقــاق األفــضــل«. فأكرم هو من سيحرر مقالتي لهذا

الشهر: صباح اخلير

ي العاشرة أو يوم ما، بني سناحلادية عشرة، كنت مدفوعا

بإعجاب كبير، فكتبت إلى شخص يدعى جان روستاند، رمبا آمال، وبسذاجة، أن يرد

عليك.أكتب إليك، بدوري اآلن، رغم أنني املرحلة بتلك مقارنة سنا أكبرك أو كمتحمس لــيــس عــامــا(، 38(أعمى بشيخه، مريد، يشيد بشكل أســرة، وعامل رب فقط مثل ولكن بسيط يشتغل سائقا حلافلة، وقبل

كل ذلك، كعاشق للقراءة.قبل أيام قليلة، استدعاني

رئيسي في العمل إلى مكتبه، ليستفسرني حول حادث

بسيط، مضيفا إليه وابال من املماحكة الزائدة. أثناء املقابلة

يتفاجأ بكتاب يطل قليال من جيب سترتي، ظانا أنه مجلة

بورنوغرافية، فطلب مني إزالته، لم يكن سوى كتابك »أفول

الصنم«. وبشكل تلقائي، المني لكوني لم أسلم شيئا ضائعا عثرت عليه في حافلتي إلى

املصلحة املختصة، أوضحت له أن هذا الكتاب اشتريته

وأنه لي. من هنا بدأت فعال قصتي، ألن هذا الرئيس املعتوه ال يصدق كلمة واحدة مما قلته،

لذلك طلب تلخيص ما فهمته رمبا من قراءتي. كان قلبي يخبط

بقوة، وأنا أرى حلظة تألقي قد حانت، وها أنذا أكرم، مهاجر

الضواحي الباريسية البسيط، العامل احملتقر في الغالب،

واملعزول في عمل مستلب، بال أخالق وال روح، أنطلق في سرد

حكاية األفول الفرويدية. وللحظة نسيت هدف مقابلتنا، وحضوري

إلى هذا املكتب أمام هذا اإلطار الصارم، مستمتعا بالطرائف

املقتطفة للتو من صفحات كتابي.. كان يقطر عرقا، وميكنني أن أحكي له كل شيء وأي شيء، وبشكل مفاجئ يقاطعني في قمة

اندفاعي بخبط الطاولة التي تفصل بيننا، موجها إلي نظرة

حاقدة..

• » كفى، نطلب منك أن تسوق حافالت ال أن تتفلسف«

• »هذه ليست فلسفة، ولكنه تأمل في موضوع«

• »اسمع، سياقة حافلة ال تتطلب شيئا كبيرا، وأيضا الرد على الزبائن،

حافظ على التركيز في عملك، وتفاد الذهاب بعيدا، ألنني لن أسامحك إن

وقعت حادثة أخرى.. مفهوم؟«صدقني، سيد أونفري، ذلك اليوم غير حياتي،كتاب صغير مستعمل

اشتريته بثمن بخس، جعل مني رجال محترما من طرف رئيس

طاغية. واليوم أنوي التسجيل في »املركز الوطني للتعليم عبر

املراسلة«، واحلصول على »دبلوم الولوج إلى الدراسات اجلامعية«،

والتسجيل في اجلامعة بشعبة العلوم االجتماعية ولم ال، علم

االجتماع. اجلامعة الشعبية هي فرصة ثانية بالنسبة إلى بسطاء الناس مثلي،

إنها متنح األمل، وتسمح بالتأمالت البسيطة...

شكرا لك سيد أونفري..لقد أصدرت أخيرا كتاب »جعل العقل

شعبيا«، وهو بيان هذه اجلامعة الشعبية، أحسست بأن وقتي لم

يذهب سدى..

»رسالة أكرم إلى الفيلسوف ميشيل أونفري«

l5 العدد : l 76 الخميس 14 فبراير 2013

ميشيل أونفري

رسالة باريسبطاقة بيضاء مرئيات

»رسالة أكرم إلى الفيلسوف ميشيل أونفري« ترجمة هشام فهمي بموافقة الكاتب

»هل كنت سأكون مقاوما أم جالدا؟« عبد الله كرمون

حوار مع النحات صاحبي شتيوي

»دراجة تشرشل وينستون«، سعيد الباز

رد مديرية الكتاب بوزارة الثقافة على الناشر بشر

بناني مدير »دار طارق«

يدي تفكر لوحدها بشكل مستقل، وأحيانا أصدق أن لها دماغا ال مرئيا، أو أنه سقط منها، يوما، ولم متسكه بقوة. هي املؤرخ الرسمي حلياتي كاملة، إنها تكتب وتصفع، ترسم وتعجن، تلوح وتهدد، تلمس وتخور، تشير وترتعش...، هي كل عاداتي السرية وموسوعة جرائمي، والدليل الوحيد على أنني حي، وكلما التفت على وأطمئن اجليب في أدسها أبدا، عني تتخل لم أنها تذكرت املاضي إلى

توتراتي. في الظلمة تتلمس طريقي إلى زر النور.لكن للبنات، رومانسية قصائد تخط كانت مبكرة، في سن بيدي عالقتي بدأت تسديدات إلى وتهومياته الشعر رخاوة من وأخرجها أقسى، جعلها العضل كروية دقيقة في الزاوية التسعني. عندما كنت يافعا صرت العب كرة يد. لعبت في صفوف فريق محترف هو »البريد املراكشي«. اكتشفت املهارات التي ميكن أن تصنعها يدي. ولم أكن أصدق. أسجل األهداف باليمنى كما باليسرى، وأستطيع

أن أسدد عن مسافة أحد عشر مترا، وألصقها في الزاوية السحرية.أنا. أحس أحيانا أنها عبقرية وأنا غبي، ال كل ذلك تفعله يدي وحدها، ولست أستطيع مجاراتها في ما ترتكب. يدي مدربة ورياضية، لكنها حلد اآلن لم متسك املهالك. خبطت بها يوما إلى بأي خيط. كل شيء منفلت. هي جترني من يدي واجهة زجاجية في حلظات من الطيش الشبابي اجلارف، تسبب ذلك في أن ميوت جزء منها، ويحفر فيها النمل طريقا سالكة مدى احلياة. يدي منملة كل الوقت، اجلسد عتبة وآالمه. اجلسد عتبة هي فعال اليد بأن إحساسي ضاعف وهذا

الفلسفي اإلغريقي العاري واملفتول. في بداية التسعينات، أصبت بخيبة أمل كبيرة من اجلامعة ومن شعبة األدب العربي برتابتها القاتلة، فقررت أن أطلق الرصاص على السنة الثانية وأقضي العربي والشعر البالغة أجــرب شيئا مختلفا عن محاضرات بيضاء، كي سنة املنفرة. خضعت ملزاج اليد، ورافقت صديقي الراحل »رشيد« الذي كان تقنيا في الليلية. كان صديقي اإللكترونيك ومنشطا موسيقيا »Disc jockey« باملالهي مخترعا ملساليط األلعاب الضوئية الوماضة، وكنت أتكفل بالبحث عن ماله ليلية جديدة ترغب في تركيبها بأثمنة جد معقولة، فنجحنا في التعامل مع أكثر من ملهى ليلي مبراكش، نحفر خدودا على سقوفها السفلية، وندفن فيها خيوط الكهرباء املخبلة، فتتورم اليد وهي تخبط اإلسمنت املسلح »باملاسيطة والبيران« أي املطرقة والوتد. انتهت بي هذه التجربة إلى العمل في ملهى ليلي كمنشط موسيقي، يفرك أسطوانات 33 باليد املوسيقية التي تسمع وتقوم بامليكساج. رغم ذلك، لم أتخل أبدا عن الكتابة واحلصول على إجازة في تخصص اللسانيات هذه املرة. اشتغالي مع عمال الكهرباء والبنائني وصداقتي ملسوخات املالهي الليلية، منحاني القدرة على أن أعيش الشعر في احلياة، فأنا أبدا لم أكن أصرح ألحد بأنني شاعر، كنت متحررا متاما من هذا الوهم، فكل أولئك الذين صادفتهم كانوا جميعا شعراء،

كل حسب لغته. عندما هاجرت إلى كندا، كانت اليد تدفعني من اخللف، قررت في األسبوع األول مبدينة مونريال، أن أعتمد على نفسي، وأال أفعل كجل املهاجرين العرب الذين لذلك التسول واالنتهازية، حطموا رقما قياسيا، مقارنة باجلاليات األخرى، في كانوا يستغلون نظام اإلعانات االجتماعية ويطلقون عليه »البسباس«، يقبضون األسود العمل من كاجلرذان ويقتاتون العمل، عن عن عجزهم راتبا الدولة من

حتت الطاولة. في أيامي األولى، حملت حقيبة الظهر واقتنيت جريدة »موريال« األولى التي عثرت بصفحاتها على إعالنات عمل، وكانت أول مؤسسة يستقبلني مديرها الكيبيكي »ميشال« بوزرته البيضاء كممرض، مألت استمارة العمل وتبادلت معه احلوار أخبرته فك شفراتها، إلى البداية في الكيبيكيني حتتاج فرنسية ألن بصعوبة، أنني مقيم جديد، فرد علي باحلرف بابتسامة عريضة: »سوف أمنحك فرصتك«. عندما عدت إلى البيت أخبرتني زوجتي أن شخصا اسمه »ميشال« أبلغها بأن علي االلتحاق بعملي اجلديد في اليوم نفسه على الساعة السادسة مساء. لم أكن بعد املسائي. العمل لتوقيت واستغربت اجلديد، عملي بالضبط هو ما أعرف وصولي مهندما كما يليق مبوظف جديد، كانت صدمتي أقوى مما تصورت. خلف املؤسسة التي كنت فيها صباحا، وحدة صناعية ضخمة، تعد األكبر في أمريكا كل في الضخمة املاكينات من مرعوبا املصنع الشمالية لصناعة اخلبز. دخلت مكان، واملربوطة بشاشات كمبيوتر تتحكم في الهدير الذي يصم األذنني. اكتشفت من وقلة والكيبيكيون الفرنسيون واخلبازون حداثية بعد ما مخبزة في أنني العرب، يقاومون بلباسهم األبيض املوحد عصر اآلالت فائقة الذكاء. سمعت من بعض التوانسة أن األجور مرتفعة هنا، وأن جميع العمال يأتون بسيارات رباعية الدفع ولديهم »شاليهات« بالضواحي الغابوية. كان االستمرار في هذه املغامرة حتديا كبيرا. بعد ستة أشهر متاما، أصبحت من أملع اخلبازين احملترفني، يدي موهوبة، واكتشفت أن داخلها تيرمومترا حقيقيا مينحك بالضبط درجة حرارة

العجني، وأحيانا تصبح كاهنة تكشف خلوه من امللح. بعد انتهاء سنة بالكامل، لم أصبح ثريا وال أي وهم، بل كنت وراء تأسيس نقابة عمالية مع رفاق كيبيكيني، دون العرب اجلبناء طبعا، القادمني بثقافة اخلضوع والطاعة، فأسقطنا أكبر قلعة رأسمالية في كندا، تعلمت فيها أن الباطرون في كل

اللغات واجلنسيات واألنظمة، هو واحد يتشابه.جتربتي على يتخاطفون كانوا اإليطاليون مختلفة، مهنا مارست بعدها الفرنسية في صناعة عجني البيتزا. كانوا ينظرون إلي بإعجاب وأنا أصنع كرتني من العجني بضربة واحدة،كل كرة في يد، لكنني لم أكن أسدد في التسعني هذه توقيع البروليتارية ميكنها يدي أن واكتشفت القسوة«، »مهن فقرفت من املرة،

شيكات فقط، وتؤسس شركة إلنتاج اخليال واألفكار.

كتاب وشعراء يزاولون »مهن القسوة«

دريئة العدد

بطاقة بيضاء

هشام فهمي [email protected]

كرة اليد

متابعات

»كتاب عالميون زاولوا مهنا مختلفة«

عصب الكتابة»قصائد فيلينيوس«

دريئة العددجمال جمعة كتاب وشعراء مغاربة يزاولون »مهن القسوة«إعداد هشام فهمي

الملحق الثقافي»يوم رمادي« أيوب المزينما الحب إال للحبيب األولنزهة المشتاق في اختراق اآلفاق

لكل أجل كتاب

صاحبي شتيوي: أرغب في أن أصرخ في وجه كل املغاربة خذوا العبرة من

تونس فما يحدث فيها اليوم فظيع جدا

»البناء ومول الطاحونة واإلسكافي وحمال القوارب«

Page 2: الملحق الثقافي العدد7

إلى حنا روزنفيلد.. لؤلؤة أشعت ثم اندثرت

ـــام االثــنــني غير املــطــر اخلـــداع ال أذكـــر مــن أيالسبت وإجهاد اإلدارات العمومية، ومن ليالي الــروح وسرائرها امللتوية حول أعناق ضغائن األعمار. من اجلنة نزلت العصا، واحلناء منقوشة في يدها، وتفاحة احلناجر تـنشد ثورة خسئت، ــدك ت كــدبــابــة ومــن جهنم يهفت وابـــل صــخــور للسائرين اليتيمة، وتلبد األرض تربة املجرات والناظرين. سيروا حتى تنظروا، حيارى إن لم حتفا ميشونها للخاسرين فالبطحاء تفعلوا، مقضيا. اعتدت السفر وحيدا، تسكت إن شئت، وتسلك طرائق الغزل ملواربة الضجر، إذا ما أعياك األرق أو عنفوان اجلمال؛ تطالع الكتب وعيون شقراوات في العشرين وتتعقب بنظراتك الواثقة أخريات تنضحن إثارة، رغم تقلب السنني. املسافة بني مطار »شونفيلد« وحي »كورزبيرغ« محفوفة بالرماد والرذاذ، واألعشاب هابطة على جوانب السكة احلديدية، كما لو أن احللفاء قد قصفوا املقعد احملــاذي زلــت جالسا عند قبل حــني. ما لبوابة اخلروج، تسرق بعض الكالم من حوارات لم عطورا العارف بأنف وتتفحص العابرين، تعهدها على جلد الفرنسيات واملغربيات. أسمعك تتأكد بأملانية ركيكة: »معذرة آنستي، هذه ليست بالنفي مــاركــة تباع عند »شــانــيــل«؟«. متــازحــك وتبادرك بالكالم. تخاف، هي األخــرى، من هذا

الرداء الذي تكتسيه السماء، لون رمادي يغري بالعناق واملشي في ميدان ألكسندر. لكنها تكره تزور لذلك الناصحة، باأللوان ترسم الرمادي،

اجلنوب وحتب الغرباء أمثالك.إلى ماري أنظر املــرة لوحدي. لم أسافر هذه اجلالسة جنبي، وأستفسرها عن أسماء بعض املدينة مثل نهر يشطر الواقفة، وعن البنايات رفيقها نيكوال، أيضا عن أسألها جدار حتطم. وصديقي، فترد مبتسمة: »سيكون سعيدا برؤيتك في مطعم نتناول طعاما شرقيا الليلة مجددا. بالبرد، كما في لم أشعر لبناني، على شرفك«. قد تكون هي لغة فرنسا، كنت منتشيا بسماع لغة فالسفة وأدبــاء لطاملا أعجبت بهم وتابعت وغير وكافكا، فيتغنشتاين »هيدغر، أعمالهم: كافكا«. يعرف األملانيون نيتشه جيدا، بيد أنهم ال يقدرونه بالشكل الذي ظننت، رمبا ألنه تنبأ بسذاجة أصبحوا بلغوها اليوم، أو ألنه هاجم بسخريته وتربيتهم، عقولهم فيهم، شــيء كــل املعهودة. وفي ذلك أخطأ التقدير، فلألملان حميمية تنقص حتى املتوسطيني بجاللة شمسهم. قضيت النهار املوالي مبعية غازي، صديق سويسري من أصول فلسطينية، حتدثنا عن عرفات ودرويش وتسكعنا في »فردريشتراسيه« قبل زيارة بعض

الزمالء من الصحفيني واملوسيقيني.التي رأيت في احلياة الفتاة التقيتها أخيرا، األخرى، أصادفها في هذه الدولة الغريبة. أخطأت الطريق إلى ساقية الشراب الشقراء، نظرت إلى خلتها الــبــراقــة، وسحنتها املتأللئتني عينيها كردية أو تركية. تبادلنا احلديث نصف ساعة ال أكثر، وقبلتني. المست بشرتها الفوقية وضممتها اللذات واملعارف اخلالدة. كانت إلــي سيال من احلانة ضاجة بالشبان األملان، والزمن مشنوق املهلوسة، التجريبية واملوسيقى القبو، فــي فكرك على مشاهد تفتح ال هادئة وال صاخبة، السمعي-البصري الوطني املعهد أرشيف من بفرنسا: فيلم وثقافي عن رايات اجليش األحمر وأشالء قوة الدفاع النازية في معركة ستالينغراد وصورة هيتلر رافعا رأسه، رفقة النحات »بريكر« »إيفيل« ولقطات واملعماري »سبيير«، عند برج تدمير برلني. لم يخرج الفرنسيون من اجلزائر

إال بعد مضي سبعة عشر عاما من اندحار دول احملور/ واحد وعشرون سنة، عمر شيماء، ولم

يستقل قلبي عن عشق تلمسان.املــهــزومــني، عــلــى إال آثـــار احلـــرب ال تظهر يحتفون منهم، واحــد أنا طيبون، واملهزومون باآلخر، ويحترقون أمامه مودة وحقدا. فالضيافة مأساة حتاكي العنصرية في شروط عنفها، وهي أثينا ما الالتيني وحــده، مشكلة روما والعالم تزال تستقبلنا، مثل مكة متاما. لذلك أعتقد أني اآلن إنسان حر، باملعنى احملمدي، وأينما وجد إال أحفاد مكة أناس أحــرار ال ميكن أن يكونوا أقولها للبنوة هــنــاك، بــرلــني، ال شجرة وأبــنــاء بجدية أمريكية، كما في خطاب الرئيس املغدور:

.»Ich bin ein Berliner«رجعت إلى باريس عبر مطار »أورلــي«، أخذت احلافلة إلى ساحة »دونفير-روشرو«، وحملت عند الصيدلية رفيقة سابقة، ارجتفت قبل أن تعقب أثرها على طول شارع »آراغــو«، لكن سرعان ما البول إلى محطة األنفاق: رائحة تعبت وعــدت مجددا، ونفاق النظرات والقهقهات املصطنعة. ما تعلمته في برلني خالل أيام قليلة، لم أعشه رفقة الفرنسيني طوال فترات متقطعة أمضيتها بينهم. تسحرك هذه املدينة بنسيم احلرب القدمي ورائحة الفحم في الهواء والقناطر اإلسمنتية الضخمة، ودفء الناس على اختالف مستوياتهم واحلانات الهائجة املائجة، ليل- نهار. ما عدت أبكي فراق األحبة بقدر ما أحزن للرحيل عن األمكنة: »فاس وبوردو وسوسة وعاصمة اجلزائر، واآلن برلني«. يا حياتي، كم يلزمني من املطارق واملدافع لكي أهد كل هذا احلنني الطفولي؟ لكن حنا وعدتني باملجيء، رغم قلة املال وكثرة األشغال، أخبرتني الــقــدس، فــي زواج حفل بحضور ملزمة أنــهــا من إلى صدرها. لكي حتضنني تعود وبعدها اليد، على احلــنــاء بعض منها طلبت جهتي، وأقسمت أن أرجع ألرى أيام برلني الرمادية في عيونها اخلضراء. ولي نذر اخلائف من التاريخ، يجب أن أزور قبر هيغل ومدافن اليهود وأطالل النازيني والسوفيات، قبل أن حتطمني أحشائي

الداخلية. * كاتب مغربي في إقامة أدبية بباريس

النحات التونسي قال لـ إنه يجد في المغرب مناخا للحرية واإلبداع

6

أيوب املزين*

يوم رمادي نزهة المشتاقفي اختراق اآلفاق

حاورته: سعيدة شريف

منذ كبلد إلقامتك املغرب اخترت ملاذا >سنة 7891؟

ــاملــغــرب مــنــذ نــعــومــة أنــــا مــتــعــلــق ببشكل وعائلتي فــأجــدادي أظــافــري، باملغرب، طيبة عالقة لها كانت عــام محمد الــراحــل السلطان وخصوصا إن شئت، باملغرب اخلامس. فعالقتي اإلقامة بني مخيرا كنت فقد روحية، إيطاليا، ولكنني اخترت أو في مصر املـــغـــرب، ومــقــامــي بــه يــحــمــل ســمــات

حتقيق احللم الكبير.

< أنت من الفنانني القالئل، الذين يجمعون بني الرسم والنحت، فما سر اختيارك للنحت؟

اخترت النحت ألنني أحبه أوال، وأحب املعادلة الصعبة ثانيا، فكل ما هو سهل وطــيــع أتــركــه لــآخــريــن، وهـــذا ليس احتقارا لهم، ولكنه اختيار من طرفي واملغامرة. الصعب ركــوب في ورغبة الكبير للنحت يوازي احللم اختياري الذي أتيت من أجل حتقيقه في املغرب، ألن في املغرب ميكن أن يتحقق األمل

الكبير واملنحوتة الكبيرة.

بك واالحتفاء التفاؤل ه��ذا وم��ا سبب >باملغرب؟

ألنني بكل صراحة، وجدت في املغرب أناسا يؤازرونني، وعلى رأسهم جاللة يقتني الـــذي الــســادس، املــلــك محمد املنحوتات، من مني سنويا مجموعة وأتشرف بالعرض سنويا في معرض

الفرس باجلديدة. كما أجد في املغرب بلدي عكس واإلبـــداع للحرية مناخا أشتغل ألنني بنعلي، في عهد تونس سياسية، مواضيع على أعمالي في مثل أحداث العراق ودخول األمريكيني ــيــه، وغــيــرهــا مــن املــواضــيــع، التي إل

استقبلت بحفاوة في املغرب. بــصــراحــة، أحـــس بـــأن فــي املــغــرب مجاال كبيرا للحرية واإلبداع، فأنا أقيم فهذا أشهر، ثالثة في معارض ثالثة رقم قياسي، وال يوجد في أي بلد آخر،

وهذا ما يحببني باملغرب.

< هل تعيش من الفن لوحده؟

الفن، مــن أعيش وأنــا الــبــدايــة منذ أجله، مــن والــعــطــش اجلـــوع حتملت محظوظا، إنسانا نفسي أعتبر كما ويتفهم يساعدني مــن وجــدت ألنني عملي فــي املــغــرب. أعــيــش مــن الــفــن، ولكنني أضحي من أجله، فأخيرا بعت ســيــارتــي مــن أجــل أن أشــتــري املــواد أقمته الــذي الــالزمــة إلمتــام معرضي شهر نونبر املاضي. ولست نادما على ذلك، ألنني من أجل الفن ميكن أن أبيع

جميع ما أملك.

< وم����اذا ع��ن أس��ل��وب اش��ت��غ��ال ال��ف��ن��ان صاحبي شتيوي؟

أنـــــــا مـــــن املــــــدرســــــة الـــتـــعـــبـــيـــريـــة أعتمد آن واحـــد، فــي والــرومــانــســيــة عند أقــف وال السريعة، احلركة على التفاصيل، التي أمر عليها مرور الكرام، كما أنني أختزل املشاكل، وأضعها في قالب رومانسي، ألنني أرغب في بعث األمل في نفوس الناس. وال أخفيك أنني املناضل صديقي الغتيال جــدا متألم السياسي شكري بلعيد، وأرغب في أن املغاربة، أخــرج وأصــرخ في وجه كل وأقول لهم: »خذوا العبرة من تونس، فما يحدث فيها اليوم فظيع جدا«. والضحايا والثكلى، الشهداء بكيت واملــوتــى، وأبــكــي الــيــوم بـــالدي التي وصلت إلى الطريق املسدود، فما يقع اليوم بتونس كارثة حقيقية، ألنها بلد ثمن تـــؤدي أن لها ميكن وال صغير الشرفاء. يجب أبنائها التحول بدماء الدماء تسفك أن ال احلــوار يفتح أن

ويغدر باملناضلني.

جمال جمعة )شاعر وباحث عراقي مقيم في ليتوانيا(

مطر، رذاذ خفيفمطر، بل رذاذ خفيف

دفعني إلى داخل املقهىلم أكن مبلال حتى

وال أرجتف من البردلم يكن سوى مطر، ال بل رذاذ

خفيفساق قاربي إلى مرساك

حيث الكرسي الفارغ الوحيدينتظرني عند طاولتك.

ولم أكن بحاجة الى استئذان ألستقر عليه،

ألضع كوعي على طاولتك وأنظر إليك

مشمسة، جافة، ودافئةتطالعني كتابا عن أصل الكون

ورائحة القهوة تفوح من فنجانك.كأنك كنت هنا منذ قرون

تنتظرينني، تنتظرين هذا املطرالذي سيدفعني صوب طاولتك

حيث الكرسي الفارغ،الذي ال يراه أحد غيري،

يربض مثل كلب أليف الى جوارك.

لم يكن مطرا حتى، بل رذاذ خفيف ..

لو انهمر الثلجلو انهمر الثلج،

لو حدث وأن انهمر الثلجفسأجد نفسي في ذلك الشارع

الفسيحاملزين بأشجار السنديان

وأنت تتشبثني بذراعي صدفةحتى ال تتزحلقي على الرصيف.

لو حدث وأن انهمر الثلجسأدعوك إلى العشاء

وأوقد لك شموعا طويلة حمراء على املائدة

لكي تقعي في حبي وأتزوجك.لو حدث وأن انهمر الثلج

سننجب طفلني رائعني ثم أهجرك بعد قصة غرام عنيفةمثلما حدث في ذلك الفيلم الذي

نسيت اسمه.لو فقط ينهمر الثلج،لو أن الثلج ينهمر...

زيارة الى المتحف الوطنيمن يفكر برامبرانت، روبنس، أو

تيتيان وأنت معه؟ كنت أتأملك وأنت ترتقني،

ترتقني الساللم مثلما ترتقني غيمة،

صاعدة الى غرفات املتحف ال تكاد متس خطواتك الدرجات تنزلقني مثل ماذا؟.. دعيني أفكر

م نعم، مثل نوتة على سل، موسيقي

مثل دخان سجائر على األصابع، مثل ندفة ثلج طائرة

ال تريد الهبوط إلى األرض. كانت األلوان تتالشى حال

مرورك واللوحات مشرئبة تتطلع إليك،

امللوك واآللهة والكونتيسات الفالحون، ووراقو الكتب القدمية

كلهم يتابعون مشيتك في الرواق.

من يفكر بهم وأنت معه؟ لكن بلى، الضوء الذي شع من

محيط خصرك حني عقصت شعرك

وارتفع القميص قليال، كان لرامبرانت.

وتكويرة ردفيك بها ملسة من براعة روبنس،

وفرشاة تيتيان طلت شعرك بكل هذا الذهب.

حقا، لقد اشترك ثالثتهم في صنعك:

رامبرانت، روبنس وتيتيان.إمنا من يفكر بهم وأنت معه؟!

اقتراح القتناء حيوان أليفنعم، أريد حيوانا أليفا

أريد كلبا سيبيريا ذا عينني زرقاوين مثل عينيك.

أريد قطة شآمية بذيل كثيف كجديلتك،

د وعصافير أريد كناريا يغرتصيء،

أريد منرا صغيرا وأفعى أفريقية بألوان جوربيك،

أريد دولفينا يتراقص في مياه بهجتي حينما ألتقيك،

أريد أسماك زينة كتلك املنقوشة على كنزتك،

أريد زوج فراشات ودعسوقة وبعض اليعاسيب،

أريد طائر فالمنكو بطول عنقك وصقرا بجناحني مثل يديك،

أريد مهرا عربيا مبثل هدوئك وسنجابني جافلني كنهديك

أريد إوزة وغزاال وجرو ثعلب صغير.

أريد وعوال تتقافز، وحمالنا تثغو، وهريرات متوء،

أريد قنادس تقرع، وببغاوات تنشد، وسرب طواويس...

أريدك أنت وكل ما يشبهك حني تكونني بني يدي في السرير.

النظر من وراء خصلةتنظرين إلي من وراء خصلة

كأمنا أنا وهم أو شبح غامض بعيد،

تشتتينني وراء شعرككخطوط ملونة مبهمة،

كضربة عشوائية من فرشاة رسام ثمل

على لوح جنفاص.تنظرين إلي من وراء خصلة

ر بكاميراتني مثل مشهد مصوترينني وال ترينني في آن

أغيب وأبني وراء ذؤابةتتأرجح كالبندول أمام ناظريك

نائيا وقريبامشطورا بني حقيقة وسراب،

بني حلم وشبه يقظة،بني حضور وغياب،

بني جتسد وتالشضوء جنمة نائية تلمع في سماء

الصيف.مدهش النظر من وراء خصلة.

»قصائد فيلنيوس«مرئيـات

الملحق الثقافي

عصب الكتابة

األخبار

»مصلح الدراجات« حنا مينا ال أحد بإمكانه أن يتخيل الروائي السوري الكبير أو الالذقية، ميناء في حماال أو حالقا مينا، حنا بحارا أو مصلح دراجات، أو مربي أطفال في بيت بعد يتحول ثم صيدلية، في عامال أو غني، سيد لإلذاعة كاتب مسلسالت إلى ثم إلى صحفي ذلك، احلكومة، فــي وموظفا العامية، باللغة السورية ليمتهن الكتابة بالنهاية ويصبح روائيا، حنا مينا

أكثر الكتاب العرب شهرة يقول:»مهنة الكاتب ليست سوارا من ذهب، بل هي أقصر طريق إلى التعاسة الكاملة. ال تفهموني خطأ، احلياة أعطتني، وبسخاء، يقال إنني أوسع الكتاب العرب انتشارا، مع جنيب محفوظ بعد »نوبل«، ومع نزار التي أعطته أن يكون عمر بن أبي قباني وغزلياته الوقت فــي يطالبونني، الــعــشــريــن. الــقــرن ربيعة احلــاضــر، مبــحــاوالتــي األدبــيــة األولـــى، التي تنفع إلي، بالنسبة لكنها، والدارسني، والنقاد الباحثني

ورقة خريف أسقطت مصابيح زرقا«.»الطبيب« لويس فرديناند سيلين

بقوة، األولـــى العاملية احلــرب فــي شــارك سيلني طبيبا يصبح أن قبل بريطانيا في الطب ودرس في جنيف. في روايته األولى »سفر إلى آخر الليل« 2391، التي حققت جناحا كبيرا، انعكست جتاربه اإلنسانية وأمريكا وخبرته إفريقيا إلى السفر في واملــهــنــيــة. ســيــلــني املـــعـــروف بــعــدمــيــتــه ومبــواقــفــه فإن ذلــك، ومــع لكن، للسامية، واملعادية اليمينية عبقريته األدبية وممارسته ألجمل مهنة في العالم،

لم تشفع له بأن يكون شخصا مبواقف منحطة.»الطيار العسكري« أنطوان دو سانت- إيكزوبيري

ــر الــصــغــيــر« فــي فــوج عـــني صــاحــب كــتــاب »األمــيسانت-إيكزوبيري، كــان فقد البيضاء، للدار 37طيارا الرجال«، و»أرض ليلية« كتاب«رحلة مؤلف العاملية، قبل أن إبان احلرب الفرنسي في اجليش يلقى حتفه وهو في مهمة استطالعية سنة 1944. ــي، وفي األعــال فــي يــكــون أن الــكــاتــب يختار كيف مهمات مستعجلة قد يكون فيها األدب أو الطيران

مخاطرتني حقيقيتني؟»صياد الحيتان« هرمان ميلفيل

بحارا، وهو ليس غريبا أن يكون هرمان ميلفيل الذي عرفت روايته »موبي ديك« سنة 1851 شهرة أبيض عنبر حــوت من اسمها واستوحى عاملية، سفينة مــن عــلــى سيشتغل ،1839 ســنــة ضــخــم. عمله ذلــك، بعد التجربة هذه وستلهمه للبضائع الروائي »Redburn«، لكنه بعد إحباطات متعددة، احمليط ويقطع حــيــتــان، كصياد العمل سيختار ــهــادئ عــلــى مــن سفينة أســتــرالــيــة ويــصــل إلــى الويهرب عصيانه، بسبب هناك ويعتقل »تاهيتي«، ثم يصبح تاجر، إلى هاواي، ويشتغل كعامل عند العسكرية للبحرية تابعة فرقاطة في عاديا نوتيا 1866، ســتــســاعــده زوجــتــه في األمــريــكــيــة. ســنــة بنيويورك، جمارك مفتش وظيفة على احلصول وسيكون املوظف الوحيد املعروف باستقامته داخل

وسط فاسد معروف بالرشوة. »صانع األقفال« جوزيه ساراماغو

جدا، متواضعة بيئة في ساراماغو جوزيه ولد

أقفال، وهو دبلوم صانع وحصل على مهنة ليتخذها الثامنة عشرة، في سن ملـــدة عــشــر ســـنـــوات. فـــي وقـــت الحـــق، الصناعات في تقنيا رساما سيصبح توبوغرافيا تقنيا وبعدها املعدنية، في دار نشر. صانع األقفال الذي فتحت روايــاتــه آفـــاق واســعــة لــألدب العاملي، هـــو الـــنـــاطـــق بــالــبــرتــغــالــيــة الــوحــيــد احلــائــز عــلــى جــائــزة »نـــوبـــل« لـــآداب

سنة 1998.»العامل وصياد الفقمات« جاك لندن

عندما أصيب والده وهو يعمل بسكة احلديد، اضطر جاك لندن إلى العمل في مصنع لتصبير سمك السلمون، وهو لم يتجاوز سن الرابعة عشرة، وكان يصل عدد الساعات التي يقضيها في املعمل

إلى ثمان عشرة ساعة. صاحب رواية »القدم احلديدية«، التي كانت مشهورة لدى الكادحني والعمال، إذ كثيرة، مهنا وســيــمــارس سيتشرد ومزارعا، عمومية، حدائق كناس كان وجنارا، ومربيا للدجاج، وصياد فقمات في اليابان وسيبيريا، وحارسا بحريا،

ومنقبا عن الذهب.

»ضابط الخيالة« ستاندال فـــي ســـن الــســادســة عـــشـــرة، الــتــحــق ســـتـــانـــدال بــجــيــش بـــونـــابـــارت، الـــذي رواية األلــب، صاحب إلى جبال رافقه ــني برتبة مــالزم ع »األحــمــر واألســــود«،

في أن يشتغل قبل الــفــرســان، فــوج فــي االمبراطور فسقوط العسكرية. اإلدارة 1814، جعله يتخلى عن بونابارت سنة البندقية ليستبدل اجلــيــش، فــي عمله

بريشة الكتابة. »الحارس الشخصي للملك ألفونس« دي المارتين

الــرومــانــســي األدب شـــعـــراء أشـــهـــر الفرنسي، لم مينعه ذلك من أن يكون أحد أصبح ،1814 عام ففي السالح.. حملة الــرومــانــســي المــارتــني حارسا الــشــاعــر شخصيا للملك لويس الثامن عشر، الذي بعد عشرين امللكي تقلد احلكم إلى عاد قليلة من بعد سنوات الغياب. من عاما ذلك فقط، سينشر كتابه املعروف »تأمالت

شعرية«.

»مفتش التأمين« فرانز كافكاواشتغل براغ، بجامعة القانون درس داخــل ثــم الــتــجــاري، للتأمني فــي شركة مؤسسة للتأمني عن حوادث العمال. لذلك سيعيش كافكا حياة عامل متواضع مثل أي شخص عاد. فلسفته التي نستلهمها من أعماله األدبية احمليرة، تشبه متاما ما »احملاكمة« رواياته، ورواية ففي عاشه. باخلصوص، سنكتشف أن شخصية »ك« تواجه عبث البيروقراطية اإلدارية، التي يستحيل تفاديها، مثلما هو الشأن عندما ونهبط فنطلع ســيــر، نــتــعــرض حلــادثــة على التأمني شركة تعويضات أجل من

سيارتنا احملطمة.

»كتاب عامليون زاولوا مهنا مختلفة« متابعات

l العدد : l 76 الخميس 14 فبراير 2013

صاحبي شتيوي: أرغب في أن أصرخ في وجه كل املغاربة خذوا العبرة من تونس فما يحدث فيها اليوم فظيع جدا

منذ شهر نونبر الماضي والنحات التونسي،

المقيم بالمغرب، يعرض مجموعة من منحوتاته

بالرباط، حيث احتفى به »فضاء العرض بصندوق

اإليداع والتدبير«، وكذا »فضاء مرسم«،

إلى جانب مجموعة من الفنانين اآلخرين.

تتميز أعمال الفنان صاحبي شتيوي بالفرادة

والدقة، ويجمع في أسلوبه بين التشخيص

والتجريد، وبين المدرسة التعبيربية

والرومانسية، وهو ما جعل العديد من

المؤسسات المغربية تقتني أعماله، وما جعله

يحضر في التجمعات الفنية العامة والخاصة

بالمغرب.في هذا الحوار، الذي

يفتحه الملحق الثقافي لـ»ألخبار«، مع الفنانين التشكيليين والنحاتين،

يبوح شتيوي بحبه وعشقه للمغرب، ويبكي

مآل بلده تونس، التي وصلت برأيه إلى

الطريق المسدود.

حنا مينا

جوزيه ساراماغو

هرمان ميلفيل

أنطوان إيكزوبيري

فرانز كافكا

ستاندال

سيلني

جاك لندن

دي المارتني

Page 3: الملحق الثقافي العدد7

bbb

7الملحق الثقافي

دريئة العدد

l العدد : l 76 الخميس 14 فبراير 2013

كتاب وشعراء يزاولون »مهن القسوة«»البناء ومول الطاحونة واإلسكافي وحمال القوارب«

الــتــحــيــة والــــصــــحــــراء.. الـــلـــه أرض والسالم عليك يا جبال كركر.

على األســمــاك نــقــل شــاحــنــة لفظتنا جــانــب الــكــثــبــان الــرمــلــيــة، كــمــا تلفظ حمالتها في املجانني برشيد حافالت على جراءها عافت ككلبة أو الدائمة،

قارعة طريق زاوية سيدي »سماعني«.ونحن الطريق، نقطع أن علينا كــان املعتوه السائق إلــى بخشوع ننصت بفتله. دائــمــا املشغول الــكــث، بشاربه نتفا من هنا يتباهى برجولته، يحكي عــن وصفات يحكي هــنــاك.. مــن ونتفا دهن أن بعد الباه، وقــوة الذكر لغلظ وأكل من بيض »كاكا«. ألعنه في نفسي بكل ما أوتيت من سخاء اللعنات، نومئ برؤوسنا مؤكدين صحة كالمه، إذ املهم هو أن نصل بأقل تكلفة مع هذا البغل،

فنحن إن كذبناه أغضبناه.»الــكــراع«، إلــى الطريق مــن اجلــديــدة يبعث كــل شــيء . إلــى اجلحيم طريق على الضجر.. الشمس احلارقة تلفحنا أو زجاجها، الشاحنة سواء من سقف

كأننا نغوص في مقالة زيت. العذاب، بنهاية تبشر أمل ال سحابة تتضارب األفكار والتهيؤات احملمومة.

أتذكر »طوارق« إبراهيم الكوني، وهم لكبح الزرقاء، عمائمهم وراء يختفون والشرور. اآلفــات اللسان سبب جماح النوايا، عــن الكشف فــي مبهمة رغبة إلــى صــورة حقيقية سوى أتوصل وال الــلــه، حــيــث يقبع أن الــصــحــراء نــفــس

السكون املبهم.ينطق نورالدين:

الكلب واحمل ابــن يــا رأســك »اجــمــع أدبــاشــك، لــنــدرك الــســاحــل قبل غــروب للضباع عــرضــة سنكون أو الــشــمــس،

والثعالب، ناهيك عن الذئاب اآلدمية«.متلكتني رغبة العودة، لكن إلى أين؟

ال تظهر سوى نباتات شوكية أصابها هــي حية وال السخف، ال األخـــرى هــي هــي مــيــتــة، وبــعــض احلــمــر الــعــجــفــاء، ــا أطــلــقــت أظــالفــهــا لــلــريــح. ــن حــاملــا رأتسأدرك وجودها من بعد في أرض الله

والصحراء.كــلــمــا تــوغــلــنــا نــــزداد يــقــيــنــا بــقــدرنــا

اجلديد.املضطرب فكري أشغل أن أحـــاول ببعض األمل، سرعان ما يندثر وتنهشنا ترحم. صفعات ال عاصفة في الرمال أعتى وأشرس، سنتكوم حتى الطبيعة

تهدأ نسبيا.الشمس اختفت متاما، فال تظهر سوى تنبعث من التي الضوء بعض رعشات

فجوات »التشابوالت« )األكواخ(.

عــارمــة رغــبــة ملـــاذا متلكتني أعــلــم ال ألشــعــل ســيــجــارة وأتــخــلــص مـــن هــذا ألم بي في هذه الذي البشري، اخلواء اللحظة القذرة؟ حتى »نورالدين« يلومني بالنشوة فيحس خطواتي، تعثر على

كلما انغرست رجلي في الرمال.األولــى.. اخلطوة هي الطريق بداية

أخيرا وصلنا إلى الساحل . تلقفتنا قوات العسكر، بعد أن أناروا من تــأكــدوا يـــدوي، وجوهنا مبصباح مــعــلــومــاتــنــا. فــتــشــونــي جــيــدا، شعري حللت أينما مــأســاتــي، سبب الــطــويــل

حتل معي الشبهات.بعدما كبير، نحو على أملنا خــاب صديقنا عــلــى الــعــثــور مــن نتمكن ــم لأثناء أوهمنا الــذي العبد »ســمــاعــني«، عــودتــه فــي املـــرة األخــيــرة، بــأنــه ميلك

حوشا كبيرا:عليكم خف ثقل ما بكم، »ألف مرحبا

علي«.هـــذه الــلــيــلــة األولــــى فـــي أرض الــلــه والصحراء، ارتكنا وسط قارب مهجور. األمــواج وهدير العويل إال فال صــوت والبراغيث، التي استقبلتنا بحفاوة لم نعهدها أبدا، وروائح عطنة لم نعلم من غير أنها من تأكدنا تنبعث، حتى أين

الصقة بأحذيتنا. ضاع إحساس »نور الدين« بالنشوة، يــفــرك جــلــده ويــحــك ظــهــره على مقدمة املركب، كجرو أجرب، مازال العويل ميأل الدنيا، النوم هنا من رابع املستحيالت.

اشتد بنا اجلوع، فلم جند سوى علبة استعصى األمـــس مــن ســرديــن فضلت فتحها. أعتقد أن هناك قوى خفية تتآمر

هي األخرى وتزيد من حدة اخليبة. اخــتــلــط الــســرديــن بــالــرمــل، بــعــد أن

هشمت العلبة بحجرة ناتئة. أســـب األحـــيـــاء واألمـــــوات عــلــى حد

سواء.شرعت تباشير الفجر تعلن ميالد يوم جديد. الليل علمناه، فماذا يخبئ النهار

اجللي الكاشف؟حـــاولـــت أن أغـــفـــو بــعــض الـــشـــيء.. منذ الــالذعــة خيوطها تبسط الشمس أدركنا أكثر، تتضح الصورة البداية. الكالب الــقــوم.. قــرب فضالت كنا أننا السرعة، تلتقطها على وجه أن حتاول

قبل وقوعها على األرض.باحليوانية، اإلنسانية للعالقة يا الــلــه أرض فـــي اجلـــيـــد والـــتـــواصـــل

والصحراء.سحنات كاحلة مخطوطة بسيول الهم،

يبدو أن آلة واحدة تكلفت بنحتها.في بعمل سعدنا مــضــن، بحث بعد

منتصف النهار، سنعمل في فريق املعلم »محمد« امللقب بـ«الشر«.

اجتزنا االختبار األول بنجاح، علينا بداية إلــى الصغيرة املراكب نقرب أن

املوج بتلك األعمدة املسماة »هزدوز«.للحمير، إال كان عمال شاقا ال يصلح مع ذلك نحمد الله على أننا منلك القدرة

على تعويضها. أدركت من يومها أن علينا أن نعيش لكي احلياتية، التجارب مــن كــم أكبر الــذاكــرة، مــداد من نكتب فنحن نكتب، وسرعان ما أنشدت أبياتا أحفظها عن

ظهر قلب، للشاعر جان دمو:»ال تخبروه بأن

في الصحراء سحرا

فقد عرف ذلكبعد طفولته«.

في من سيرتي األول اليوم هذا كان جــبــال كـــركـــر.. فــتــحــيــة وســالمــا عليك والكالب احلمير وأيتها اإلنسان أيها واجلبال والرمال، وكل شيء في أرض

الله والصحراء..

العطالة سيكون األول في كان عامي مــريــحــا، لـــوال تــلــك الــنــازلــة الــتــي أملــت فقد فــي احلــســبــان، تكون أن بــي دون أكتوبر، أوائل يوم حار من كلفت، في بالوقوف طوال النهار بجانب البرميل، كأسا، فيه، سطال سطال، وكأسا أفــرغ املاء و«نيماصول«، بينما يتكفل أنبوب إلى نــازال البرميل مــن ميتد مطاطي، ــى األحـــواض، مــجــرى املـــاء الــذاهــب إلبإفراغ ما أمأله، وكانت املهمة في غاية البساطة، وال تتطلب جهدا كبيرا. لكن ليست كشموس األشهر أكتوبر شمس األرجــــح تصلنا عــلــى فــهــي األخـــــرى، طبقة مـــن تــصــفــيــة ودون مـــبـــاشـــرة، األوزون، زد على ذلك، أني في تلك األيام، لم أكن أدخن إال »كازا«، وهكذا حتالفت علي العناصر األربعة: »أشعة شمس ال رحمة فيها، ولفافة بعد أخرى، ووقوف ومقيتة نفاذة رائحة أخيرا ثم طويل، تتصاعد من البرميل، وال مفر لي منها، ينبغي ومــلــزم: واحـــد ووجــيــه لسبب بعصى اخلليط في حتريك االستمرار بصفيحة السفلي طرفها إلــى شـــدت معدنية، إمعانا في جعل عناصر السم القاتل حتافظ على انتشارها في كامل

البرميل«.النهار دندنت طوال فقد ذلك، ورغم بكل ما أحفظه من أغاني الشيخ إمام. إلــى حد انشراحي درجــة بل ووصلت لبعض أحلــان اجترار في فيه شرعت قـــصـــائـــدي املـــنـــشـــورة فـــي الــصــحــف، رياض بحة تقارب تكاد بحة مفتعال

السنباطي...في الليل كنت محشورا حتت ركام من األغطية، وأرسل نظري على طول القبة كما وأرمــش، صامتا، املضاءة بشمعة

لو كنت أتوقع أمرا جلال..وفـــعـــال حــــدث األمـــــر اجلـــلـــل: طـــوال شهرين، بقي السم اللعني يفعل أفاعيله في جسمي، وتناقصت وتقلصت، حتى الشعير على خبز يقتات هيكال صرت وخــلــيــط غــريــب مــن عــصــيــر احلــامــض و»خــنــيــنــيــزة« و»شـــنـــدقـــورة« وقــشــور تساقط ـــذي ال رأســـي بينما الـــرمـــان، معظم شعره، ملفوف في عمامة حتتها لها اسما، وقد أعرف ال أوراق عشبة، دقت حتى سال ماؤها على جبيني. أما داخل رأسي، أقصد في املخ، فقد دارت ودارت فكرة وحيدة: يستحيل أن أبني أنا عشت، على أساس قطعة إن حياة كــانــت أحــالمــي كلها مــن األرض، وقــد الــدوار في االستقرار تركزت حول قد واملواشي، األبقار تربية في والشروع بعد أن أقتطع قطعة من أراضي األسرة

وأزرعها فصة وبرسيما.. البحر قد ــان ك أعــــوام، وقــبــل عــشــرة ذلـــك ألن رحــمــتــه، مــن نهائيا طــردنــي اشــتــغــالــي غــطــاســا خـــالل الــعــطــل، قد األذنـــني، فــي أورثـــنـــي جحيما صــرفــا ـــبـــحـــر ومــــــا يــــجــــيء مــنــه فـــكـــرهـــت الما وهــو طبعا(، السردين )باستثناء الــنــازحــني صوب مــع أنـــزح ال جعلني الراحة فترات تنقضي حني اجلنوب،

البيولوجية.ــك األيــــــام أن فــرص ــل ـــي فـــي ت بــــدا لتــقــارب درجـــة إلـــى تقلصت االخــتــيــار العدم، خصوصا أن اإلجازة التي كانت معي، لم تكن لتسمح لي باالشتغال ولو كان باملقابل، لكن األســواق، في سقاء وهي يناديني، البعيدة اجلهات نــداء آفة البد من أن يكون وراء تسربها إلى أحتامل كنت إني ثم الشعر.. تفكيري وافــرة من وأقــرأ صفحات على نفسي قادر رجل وهو هسه«، »هرمان سيرة على الزج بك في الضيق وأنت في كامل مثلي مشرف بواحد بالك فما ــواك، ق

على املوت؟تراكم في يكمن أن شفائي أرى كنت الصاحلات، والدعوات والليالي األيام ولــيــس فــي تــراكــم الــوصــفــات وأكــيــاس الدواء.. ورغم تبرمي في تلك السن من الغيبيات، فإن شفائي كان، إضافة الى خلطة األعشاب، بفضل يد نقية مباركة عــلــى جبيني، تــوضــع كــانــت طـــاهـــرة ترافقها متتمات غامضة، كانت اليد يد

جدتي..ــــدأت أخـــرج حـــني تــعــافــيــت قــلــيــال، بت بي وأسرح بعيدا عن الدوار، واستبداستبدت كما الشعر، كتابة في الرغبة

بي رغبات أخرى. شعريا، كنت قد طويت صفحة، وأفكر من فيها أتخلص جــديــدة صفحة فــي النقدية والسياسة النظريات أثقال كل القدمية الترسبات أن غير والنضال، كانت أكبر من طموحي، فلم أكتب شيئا إلــى أن خلصني مــن ورطــتــي، يــذكــر، اإلعـــــالن عـــن »جـــائـــزة مــحــمــد اخلــمــار الكنوني«، فعكفت مدة على جمع قصائد ديــوان »مساء املــاء«، والــذي قدر له أن فقد ينلها، لم ليته ويا اجلائزة، ينال اختلط األمر على منظميها، وحسبوني متسوال أو مشردا قذفت به األقدار إلى في درهــم مائتي دســوا لذلك طريقهم، رديئني ديوانني ظرف أصفر، وحزموا بــشــريــط، وفــي بهرجة كــامــلــة، قــدم لي

املسؤول األول في اإلقليم اجلائزة..اجلائزة تلك بأن االعتراف علي لكن قدمت إلي خدمات على املستوى احمللي،

فقد أقسم ثالثة أشخاص على ما يلي:ــم عــلــى املقهى أقــســم »مــنــيــر« الــقــي •و«الصاكة«، على أن يلبي كل احتياجاتي مــن الــدخــان وفــنــاجــني الــقــهــوة، ليس احتفاء باجلائزة فحسب، ولكن تثمينا لنضالنا املشترك وسط »القاعديني« في

اجلامعة.وأقــســم لفقيه بــائــع اجلــرائــد، على •أال أتردد في قراءة كل ما أريد، فصرت إلى وأهبط اجلــرائــد من حزمة أتأبط حتت مركز البريد، وأجلس على السور للمنحدر واحملـــاذي البحر على املطل األوربــي وأشــرع في إلى احلي النازل الــقــراءة.. وهــنــاك، أتــيــح لــي مـــرارا أن كان املنحدر، يهبط رجــل أسمع حتية العاملي سان املصمم هــو الــرجــل ذلــك

إيف لوران ..»العنظولي« على أن وأقسم أخيرا •

يجد لي مكانا ضمن فريق العطاشني.ذلك، هو كل األغرب واألمتع من لكن تلك اإلشاعة املارقة التي سرت سريان الهشيم: »فالن ولد فالن ربح النار في

جائزة فيها ربعني مليون«!

مطعم فــي عمل جديد على حصلت تعلمت أخــيــرا ســيــزار«، »بيتزا يدعى الــبــيــتــزا، وكيف كــيــف أصــنــع عجينة أوصلها إلى جوف الفرن مهيأة. هناك أنواع كثيرة من البيتزا، عكس ما كنت أتصور في السابق، والتي نصنع نحن في املطعم هي »بيتزا ســيــزار«. »بيتزا رومانا«. »بيتزا ريال«. »بيتزا مابريز«. »بيتزا سوبر وصوبري«. »بيتزا هاواي«.

»بيتزا أوريونطال«. »بيتزا غولدا«. ال أعرف ملاذا كلما طلب مني ألفونسو أن أعد »بيتزا غولدا«، أتذكر غولدا مايير، وتأتي إلى مخيلتي صورتها بابتسامتها الغامضة ووجهها البشع، الذي ال أعرف ملاذا قال عنه نيكسون، إنه أجمل وجه

شاهد في حياته. لذلك أصنع هذه البيتزا بشكل سيء، ال أدلك العجني جيدا. وأحيانا أنساها في جوف الفرن حتى حتترق من اجلوانب. أصدقاؤه جــاك، اسمه املطعم صاحب ينادونه جاكوب، ألنه يهودي. يقول إنه عاش طفولته في مالح الدار البيضاء، قبل أن يغادر إلى فرنسا ثم إلى كندا،

ليقضي هناك ثالثني سنة. لم أدع مكانا في العالم لم أذهب إليه، املطعم باسما: »جاكوب يدخل لي قال بنفسه ويصنع األكالت. رغم أن بصره مــقــاديــره مــضــبــوطــة. ضــعــيــف إال أن نظاراته دائما مضببة، بسبب األبخرة والزيوت. قال لي إنه سيمنحني جواز إذا تعلمت البيتزا. سفر عامليا، يقصد البيتزا، تستطيع أن جتد كيف تصنع ــكــرة األرضــيــة. عــمــال فــي كــل أنــحــاء اليقول أردت. إذا بورتوريكو في حتى الثاني اليهودي هو جاكوب جاكوب، الذي أشتغل لديه. قبل ذلك اشتغلت في ليس مطعم خيسوس.. جاكوب لطيف كخيسوس السمني، الذي يلتهم الطعام كاجلاموسة، ويرمي جثثه املهلهلة على حقيرة، أجرتي كانت مطعمه. رصيف لكن كــان مبستطاعي أن آكــل هناك بال مقابل. كنت مفلسا، وكان يجب أن أقبل بالعمل حتت هــذه الــشــروط. خيسوس

يبحث دائما عن املهاجرين لكي يعملوا عنده. ألنــه يعرف أن كل من يشرع في العمل يغادر بعد أسبوع أو أسبوعني. إذا لم يكن األمر بسبب مفتشي الشغل أو البوليس، فبسبب األجرة احلقيرة التي ال يخجل من دفعها كل أسبوع. البيتزا كثيرة، الشعر، هناك بحور مثل مثلها فكذلك البيتزا أنواعها كثيرة. سوى أنك إذا تعلمت الشعر ستصبح شاعرا، وهذا األزمنة هــذه في يفيد شيئا ال لألسف الرديئة. أما البيتزا فتستطيع االعتماد للغاية. رائــع بشكل تباع ألنها عليها، تأكلها الــتــي الشعر كـــدواويـــن ليست

الشمس داخل األكشاك.

في حي »كاوكي« الهامشي جنوب مدينة آسفي، صار اجلميع يناديني بـ»مول الطاحونة«، بناتي الثالث في املدرسة بنات »مول الطاحونة«، إال أن إحداهن متردت في بداية السنة الدراسية، حني الوالد، وأجابت بدون املعلمة عن مهنة سألتها تردد، وبكثير من اجلرأة: »أنا أبي يشتغل شاعرا«.. طبعا األمر لم مير دون ضحك التالميذ واستغراب التي عرفت في ما بعد حقيقة مهنة أب املعلمة

التلميذة. مرت عشر سنوات، وأنا أقبع في هاته الطاحونة، والشعير القمح وحبوب الدقيق أكياس وســط ــذرة، بني الغبار املتطاير وحروبي الصغيرة والمع الفئران وأعشاش العناكب، كتبت فيها أجمل قصائدي، رغم الصخب واجللبة والضجر احلاد، وأصـــدرت ديــوانــي »أكثر من جبل« و»إشــرافــات

األبد«، وأستعد إلصدار »هتاف الغياب«.مــرت عشر سنوات، وأنــا أسمع وأقــرأ أخبارا للكاتب، كثيرة، وأحاديث عن الوضع االعتباري والتغطية املعيشية بــأوضــاعــه االهــتــمــام وعــن الصحية.. شعارات كثيرة تطفو من حني إلى آخر، كلما فكرت نخبنا املثقفة في تغيير بعض املساحيق التجميلية بأخرى أكثر رداءة، مساحيق قبل النوم وبداية كل سنة أو ما يسمونه ب»الدخول الثقافي«.

طيلة هاته السنوات، لم أبعث رسائل شكوى إلى أحد، أو طلب أو معونة من أية جهة كانت، رغم الذي الصحي الوضع ومحن القاسية الظروف تطلب شهورا من العالج، حني أصبت بداء السل، كانت أحالمي بني احلياة و املوت، أن أكتب قصائد

طويلة وناصعة تشبه املعلقات. »بريد احلياة«، كي إلى عنوان أبعثها قصائد الطاحونة كانت إذا تطوى صفحتي سريعا، ال قدري ونصيبي في الــرزق الذي أعيل به أسرتي قــدري أيضا ونصيبي في فالقصيدة الصغيرة. واإلهــمــال العبث مــن الكثير وبينهما اللعنة، واإلحـــســـاس الــدائــم بــاخلــوف واملــــــرارة. قــرض لم يسدد، وطاحونتي مهددة مشروعي الصغير باحلجز والتصفية، وأنا بدوري محتجز في مهنة كما في بئر مهجورة. من 8 صباحا حتى 8 ليال، ال أعول إال على أعضائي النحيلة، وخيالي الذي أرمم به ما يتساقط حولي من أحــالم، أعني مبا

تبقى منها، وهو القليل القليل.عالم على وتعرفت كثيرة أشياء تعلمت هنا خاص، حرفة تنقرض رويدا رويدا. فهاته الوحدات

التقليدية بــدأت تقل في املــدن، رمبــا ألن النساء العصريات ال يجدن الوقت واملزاج الكافي لتنقية زبائني هن احلبوب وغسلها وغربلتها. وأغلب نساء من اجليل املشرف على االنتهاء، وأنا أدرك أن نهايتهن هي نهاية طاحونتي الصغيرة، إال إذا قمت مبناورة لربح املزيد من الوقت، وهي أن أقوم

بنقلها إلى إحدى القرى احمليطة باملدينة.فيما كنت أكتب هاته الكلمات، جاءت سيدة مسنة

حتمل كيس ذرة، وهي تطلب مني فعل اآلتي..• نصف الكمية »دششو« والنصف اآلخر »لكو«

سأفسر لكم األمر: »الدشاش« هو أن تطحن احلبة فقط إلى قسمني أو ثالثة أقسام، ويستعمل لتهييء وجبة العصيدة التي حتضر باللنب أو زيت الزيتون في فصل الشتاء. أما عبارة »لكو« أو »نيلو« أو »غردو«، أي أن يسحق متاما ليصبح دقيقا لصنع

وجبة »باداز« الشبيهة بالكسكس.املهمة مبلغ إلــي دفعت بعدما السيدة ذهبت الشعرية وهو أربعة دراهم، وأنا اآلن أردد مقطعا

من قصيدتي »أفعال ألجل الشيء«:»سوف يأتي دوري

عندما تذهبون جميعا إلى احلياةسأكون فارغا وجاهزا ألخذ نصيبي بالكامل

فقط ال تلتفتوا خلياالتيرمبا تتعثرون بلزوجتها في الطريق

عدا ذلك فأنا ضاحك وليس لدي ما أخشاه«.

ـــداع، أمـــام اإلب أبـــدا لــم تكن املهنة عائقا فاملهن احلرة رمبا هي األقرب إلى الفضاءات احلساسة، التي توفر املادة اخلام لالشتغال الــعــائــق يكمن الــنــص اإلبـــداعـــي. لكن على أوصــيــاء على أنفسهم الــذيــن نصبوا فــي بينهم املنافذ كل وأغلقوا الثقافي، الشأن ينافسهم. ال حتى احلــرفــي، املثقف وبــني بدأت الكتابة في سن مبكرة قبل املهنة، أي في سنة 1978، كنت أكتب بعض النصوص اإلنشائية على شكل خواطر أو رسائل غرامية، لكن الزمن احلقيقي لبداية التورط كان سنة تناول مــن أتخلص بـــدأت حينما ،1981املخدرات وغيرتها بتناول وجبات شعرية. وكي أكتب رسالة جميلة إلى صديقة مفترضة، كان علي أن أتناول بعض النصوص األدبية

املنشورة في بعض املجالت. ،1984 التصقت بي سنة فقد املهنة أما بعد إنهاء واجب التجنيد اإلجباري، هذا من جانب. أما اجلدير باالهتمام، والذي أريد أن أوصله إلى املتتبع، حسب جتربتي الشخصية املبدعني جامعة ورئيس وشاعر كإسكافي املغاربة، فأنا كغيري من الكتاب املوظفني في سلك التعليم أو الصحافة أو غير ذلك، واحد يكسب عيشه عن طريق الطبشور والسبورة، أو عن طريق حترير املقالة الصحفية، وأنا أكسب قوتي عن طريق رتق األحذية. وأشهد أني لست بائسا كما يتصور البعض، ولست في حاجة إلى أي دعم يأتي عن طريق التسول.من متكنت وبواسطتها قوية فالعزمية املبدعني، كبار إلى جانب ترسيخ جتربتي باإلبداع كوسيلة ضرورية من آمنت ألنني وســائــل الــنــضــال اإلنــســانــي، ضــد لوبيات إلى انتموا الذين واالسترزاقيني، الثقافة املناصب، بعض إلى التسلل الكتابة ألجل ــهــم وحــقــيــقــتــهــم. وبـــعـــدهـــا تـــنـــكـــروا ألصــلفبفضل اإلبداع، أنا اآلن موجود كبطل حقيقي تخطى بــل العراقيل، مــن مجموعة تخطى االنتقادات واإلمياءات السيئة، وأسس صوتا النضال ال أحد يستطيع مسحه من تاريخ

األدبي املغربي. رفقة بها أتلفظ كنت مقولة وحتضرني صديقي الشاعر رشيد اخلديري، إذ صنفنا إلـــى صــنــفــني: »واحــــد يكتب بدمه الــكــاتــب

وواحد يكتب بدراهمه«. فالكتابة احلقيقية، مع االعتذار ألدباء البذخ، هي الكتابة املرادفة لأللم وللشجن، أو إذا صح التعبير، املرادفة للفشل. قوة الوقع تأتي بعد الفشل، وال أعني الفشل املادي، بل الفشل املعنوي، الذي يكون يؤسسه والتاريخ النفس. في تأثيرا أكثر املثقف الذي حترر من عبودية »الباطرونا«.

غيري، إسكافيني هناك ألن أفتخر وأنـــا تركوا بصماتهم قوية في التاريخ اإلنساني، فالشيخ محيي الدين بن عربي كان إسكافيا، والشيوعي السوفياتي ستالني كان إسكافيا ووالــــده كــذلــك، وحــديــثــا سمعت عــن شاعر سوري إسكافي، ويدعى »أبو تيسير« توفي،

أخيرا، وهو ما زال في ريعان عطائه«.

أحاول أن أشغل فكري المضطرب ببعض األمل

سرعان ما يندثر وتنهشنا الرمال في عاصفة ال ترحم

صفعات الطبيعة أعتى وأشرس، سنتكوم حتى

تهدأ نسبيا

ووصلت درجة انشراحي إلى حد شرعت فيه

في اجترار ألحان لبعض قصائدي المنشورة في

الصحف، مفتعال بحة تكاد تقارب بحة رياض

السنباطي...

ال أعرف لماذا كلما طلب مني ألفونسو أن أعد »بيتزا

غولدا« أتذكر غولدا مايير وتأتي إلى مخيلتي صورتها

بابتسامتها الغامضة ووجهها البشع

لم تكن المهنة عائقا أبدا أمام اإلبداع فالمهن

الحرة ربما هي األقرب إلى الفضاءات الحساسة التي

توفر المادة الخام لالشتغال على النص اإلبداعي

هشام ناجح : »حمالو القوارب في أرض اهلل والصحراء« أبو بكر متاقي : »ربعين مليون«

محمد اللغافي : اإلسكافي الذي أنقذه األدب من المخدراتكمال أخالقي: الشاعر مول الطاحونةرشيد نيني: تعلمت كيف أصنع عجينة البيتزا

إعداد: هشام فهمي

موهوبون كتاب املغاربة. الكتاب من مختلفة فصيلة هؤالء ومكانتهم في املشهد األدبي املغربي، راسخة بقوة نصوصهم، ساللم وال أوحــزبــيــة، مؤسساتية منشطات اســتــعــمــال دون وما للعيش، أكتافهم على اعتمدوا السريع. للتسلق متحركة زال بعضهم يزاول »مهن القسوة«، )مستعيرين عنوانا شعريا للشاعر اللبناني بسام حجار(، وليس لديهم ما يخسرونه، فهم ال يعتبرون الكتابة ترفا أو ترقيا اجتماعيا، بل هي سالح أبيض

يوضع باجليب اخللفي، سيشرط وجه احلياة ويترك عليه ندبا غائرا، ألنها يوما ما لم تنصفهم.

أغلبهم أصدر كتبه عن دور نشر محترمة، وما يجمع بينهم أنهم زاولوا مهنا قاسية تأكل عضل الذراع. رشيد نيني )1970( الشاعر املهاجر الذي اشتغل في جني البطاطا باحلقول اإلسبانية ونادال في مقهى ومنظفا في احلانات واملالهي الليلية، كان كتابه »يوميات مهاجر سري« دفعة قوية كي نتحرر من صورة الكاتب الصنمية، وهو يجلس في مكتبه وراء نظاراته الطبية، ليمارس

أستاذيته على العالم.

الشاعر اإلسكافي محمد اللغافي )1960( يضرب كل الشهادات ابتدائي، اخلامسة السنة حتى ودرس الصفر، في اجلامعية أحمل هم و«وحـــدي ــدادات«، »امــت الشعرية أصــدر مجموعاته هــذا الــوجــه«، و«للموت كل هــذا احلــب«، و«حــوافــر في الــرأس« و«الكرسي«، و«يسقط شقيا«، ومجموعته القصصية »كان عليه

أن ال يكون«، وهو مؤسس »جامعة املبدعني املغاربة«. الشعرية نصوصه ،)1971( متاقي بكر أبــو البناء الشاعر اخلــيــال، بإسمنت ويبلطها أحــمــر كــآجــور يــرصــهــا الــالفــتــة لـــه مــجــمــوعــة شــعــريــة »مـــســـاء املــــــاء«، حـــائـــزة عــلــى جــائــزة

محمد اخلمار الكنوني. شعراء مــن )1970( أخــالقــي كمال الطاحونة مــول الشاعر التسعينات النشطني والالمعني، أصدر »أكثر من جبل« 2003، وهو الديوان الذي نال عنه جائزة »بيت الشعر« للديوان األول،

ثم »إشراقات األبد« عن دار توبقال 2009.ـــي هــشــام نـــاجـــح، ولــه ـــروائ ـــوارب بــاجلــنــوب ال ـــق حـــمـــال الوروايـــة الـــصـــداع«، يـــزول »حــتــى بــعــنــوان مجموعة مشتركة اجلديد اجليل روائيي أبرز منه التي جتعل التي..«، »املدينة

في الرواية املغربية.

محمد اللغافي

هشام ناجح أبو بكر متاقي

كمال أخالقي رشيد نيني

Page 4: الملحق الثقافي العدد7

رسالة باريس

l العدد : l 76 الخميس 14 فبراير 82013

الملحق الثقافيلكل أجل كتاب

املدهش لدى بيير بايار هو أنه يرقص علم أبــدا: يسقط وال فوق حبلني دائما ميارس ألنــه فقط ليس واألدب. النفس الــثــانــي فــي اجلــامــعــة، س األول ويــــــدرولكن ألنه يخترق أرض أحدهما حامال فانوس اآلخر، بل ألنه غالبا ما يقودهما معا فــي أخــاديــد الـــذات. أدواتـــه خيال الــذات، وتعفن حصيف، حتليل كثير،

حسب بورخيس، بلوثة األدب.عنوان فــي األولـــى الوهلة منذ نلمح هذه مينوي« »دار أصدرته الــذي كتابه األيــــام: »هـــل كــنــت ســأكــون مــقــاومــا أم وغرابتها العناوين طــول أن جـــالدا؟«، مــن الــعــالمــات الــفــارقــة إلنــتــاجــه، فضال والــتــســاؤل النقد مــن فيه يعتمل عما عليه استقرت ما بل حتطيم ومراجعة،

املواضعات.وإن كـــان بــايــار قــد تــوغــل هـــذه املــرة يغادر لم فإنه تعقيدا، أكثر مفاوز في خاصية على مــؤكــدا الــزمــن، موضوعة الكفيلة وحدها هي ألنها فيها، املرونة

إن بواطننا. حقيقة عن لنا تكشف بأن التمرين الذي خضع له بايار هنا، أبعد فــي كتاب سابق الــزمــن مــع تعامله مــن

حول السرقة األدبية عن استباق.إذا كــنــا نــفــهــم، بــحــكــم مــعــرفــة أدبــيــة معينة، كيف أن شارل بودلير كان يسرق من أرثور رامبو عن استباق، فإن بايار مــا ســمــاه »حيز قــلــب فــي يضعنا هــنــا

املمكنات املفقود«.ــك أن املــأمــوريــة الــتــي تــوهــم بايار ذلمستحيلة العقل عني في هي تقليدها، قوانني احلــال هــذه في وتفترق متاما. التاريخ عن قوانني األدب، ويكون رابح سؤال ألن النفس، علم هو هنا الرهان ـــى توصية الـــــذات إل ــوان ســيــجــر ــعــن ال

سقراط العتيدة »اعرف نفسك«.ـــد فـــي بــدايــة نــعــرف أن بـــايـــار قـــد ولأن هــو كتابه هــدف لكن اخلمسينات، بداية فــي أبــويــه مثل ــد ول ــه أن يتخيل العشرينات، لذلك سيعايش بذلك احلرب وهو السؤال، ويكمن الثانية، العاملية

جوهر الكتاب، في »أي املنعطفني سوف يــكــون عــلــيــه أن يــخــتــاره: املــقــاومــة أم

العمالة؟«.الدالئل فحص على بايار يقتصر لم قــرار يتخذ قــد جتعله الــتــي واملـــيـــول، أورد ولــكــنــه آخــــر، ــاع ســبــيــل دون ــب اتجتارب خيارات اتبعها آخرون، وحصر إلى مــالــوا الــذيــن عينة على اهتمامه املقاومة، ألن اخليار الثاني بالنسبة إليه

تعطش، فيه ما فيه من املرض النفسي.في أقيمت لتجربة مهما مثاال أورد جامعة »يال« الشهيرة، وأعلن أن هدفها ــم هــو دراســــة الــعــالقــة الــتــي تــربــط األلبالذاكرة، في حني أنها كانت تهدف إلى التعذيب، إلى امليل مدى حول التحري وإلى الرضوخ أو عدمه للسلطة. يطلب مــن فــتــاة تــوجــد فــي غــرفــة مــعــزولــة، أن عليها، تقرأ األســمــاء مــن الئحة تتذكر وعندما تخطئ تصدم، كل مرة، كهربائيا. الصعقات، مرسل على القاعدة تفرض مقابل العموم، من نفسه يرشح والــذي أجر هو أربعة دوالرات، أال يتراجع. وقد أربعمائة للصدمات معدل أعلى سجل ـــــزداد عقب ــا، ألنــهــا ت ــت ــول وخــمــســني فالــذيــن رضخوا كــانــت نسبة كــل خــطــأ. لـــألوامـــر عــالــيــة جــــدا، بــالــرغــم مــن ألــم وصــــراخ الــضــحــيــة، بــاســتــثــنــاء أســتــاذ الالهوت الذي كان رفضه في االستمرار والصعقات ممثلة كانت الفتاة قاطعا. أنها التي كان من املفروض الكهربائية البتة، حقيقية تكن لــم تتلقاها، كانت

وأوتيت التجربة أكلها.نفسه هــو للسلطة الــرضــوخ هــذا إن ويعذبون يقتلون الكثيرين جعل الــذي

اآلخرين.أمــــا بـــايـــار فــقــد خــلــص إلــــى أنــــه لن ـــســـالح، إن يــكــون فـــي وســعــه حــمــل الاتفق أن عاش في فترة احلرب الثانية، وملمارسات للعدو معاداته من بالرغم في أيضا جاء فمثلما »فيشي«. حكومة البيضاء«، »الــــوردة حــركــة مــنــشــورات املناهضة لهتلر في أملانيا، فإن الكثيرين الطغاة، كره في ذاتها اآلراء يقتسمون الكاتب مثل الذي يشلهم جميعهم، لكن

نفسه، أينما تواجدوا، هو اخلوف!

حسن الوزاني

اطلع الرأي العام على تصريح السيد بشر إطار في طــارق«، النشر »دار مدير بناني، »األخــبــار« لعدد يوم حــوار منشور بجريدة فيه كثير 2013، جاءت فبراير 7 اخلميس من احليثيات التي تهم قطاع النشر والكتاب

والقراءة. وحترص الوزارة على أن توضح للرأي العام ففيما يتصل التصريح: ما جاء في حقيقة الذي يرى للكتاب، الدولي بتأجيل املعرض للناشرين، وهو فيه األستاذ بناني خسارة هنا يتحدث بتعميم ال ميلك حقه، فإن وزارة التأجيل أمر الثقافة حرصت على توضيح في أكثر من مناسبة، أمام نواب األمة حتت قبة البرملان، وأمام الصحافة واإلعالم، وكذا الناشرين، وضح للوزير مع اجتماعني في خاللهما أن التأجيل كان اضطرارا سعت من ورائه الوزارة إلى تعديل كثير من احليثيات املقصود منها احلفاظ على حقوق الناشرين بالدرجة األولى، وإلى جعل املعرض مناسبة منسجمة أكثر من حيث الزمن واملوضوع؛ مع ما يخدم مصالح عموم املتدخلني في قطاع النشر والكتاب، وكذا مع فعاليات أخرى، في

مقدمتها جائزة املغرب للكتاب. واحلــديــث عــن خــســارة تنفيه املــؤشــرات األولــيــة على اإلقــبــال الــذي حتظى بــه هذه املشاركة سقفا الطلب على بلغ إذ الــدورة، يتجاوز الطاقة االستيعابية لفضاء العرض.

ادعـــاء بأن كــل وفــي هــذا السياق، يسقط والسيد مــا، جهة مصلحة يخدم التأجيل ذكر على تصريحه فــي يــأتــي بناني بشر واحلقيقة البيضاء. الـــدار مــعــارض مكتب فــي هــذا املــوضــوع هــي مطلق الــعــكــس، إذ الـــوزارة على عاتقها تقدمي مصالح أخــذت الناشرين املغاربة على حساب شراكتها مع الــوزارة تنفق أن العلم املذكور، مع املكتب مخصصات مالية ضخمة، دون أن جتني أية الــوزارة لزوما عوائد مالية. وهو أمر تراه املعرض، هي إليها من بالنسبة الغاية ألن العوائد الثقافية التي تريدها أن تخلف األثر اإليجابي على عموم املشهد الثقافي املغربي. ذكر طــارق« على »دار نشر يأتي مدير كما زاعما التنكير، »مؤسسات محلية« بصيغة من الثقافة، وزارة أنها تستفيد عن طريق الــوزارة بأي جهة املعرض. وهنا ال تعرف يتعلق األمر، وتتمنى أن يحدد السيد بناني الوزارة هذه اجلهات باالسم، حتى توضح األمــور، بعيدا عن العام، حقيقة له وللرأي

أي لبس وأي تلبيس. كــمــا جـــاء فــي تــصــريــح مــديــر »دار طــارق يأتي البيضاء ـــدار ال مــعــرض أن للنشر«،

يوما واحد بعد معرض باريس، وهذا ليس يوم ينتهي بــاريــس معرض ألن صحيحا، 25 مـــارس، فــي حــني يفتتح مــعــرض الــدار ملن ونــتــرك هنا مـــارس. 29 يــوم البيضاء يشتغل باحلساب، قياس الفرق بني العددين الزمن فيه واحــد وأربــعــة، في عصر يقاس

بالثواني.أما عن حضور الكتاب املغربي في اخلارج، الدولة بأننا أن جتــزم الـــوزارة فتستطيع العربية الوحيدة التي تدعم حضور ناشريها تتكفل إذ دوليا، معرضا 16 في الوطنيني الكتب األروقــة وشحن الثقافة مبنح وزارة لفائدة الناشرين. وفوق هذا فالوزارة منكبة آفاق جديدة الراهن على دراسة الوقت في في هذا الشأن، حتى يتم االرتقاء بتمثيلية الــكــتــاب والــثــقــافــة املــغــربــيــة فــي املــعــارض الدولية. وفي ضوء هذا مت الرفع على سبيل

املثال، من مساحة الرواق املغربي مبعرض باريس من 24 م2 إلى 40م2، ضمن صنف الرفع من كمية الكتب الراقية، مع األجنحة

املشحونة.الكناري، مــا يتصل مبعرض جــزر وفــي املعرض هــذا في املشاركة أن يعرف فكلنا الذي استضاف املغرب كضيف شرف، جاءت الثقافية، بالدبلوماسية صلة ذات بدوافع لفائدة فــارغــا املــكــان بــتــرك الــتــي ال تسمح الغاية، ولــهــذه الترابية. وحدتنا خصوم أجنزت الوزارة برمجة ثقافية شملت الكتابة التشكيلي والتراث، شارك والسينما والفن فيها مثقفون وكتاب مغاربة، كما مت عرض وقد عنوان. 1000 يتجاوز وثائقي رصيد األطر من فريق املشاركة إجنــاز على سهر عالية. وفي أبانوا عن روح نضالية الذين إلى بالشكر ــــوزارة ال تتوجه الــصــدد هــذا

القنصلية املغربية العامة بجزر الكناري التي شاركتنا هذا الرهان، بدعمها القوي لتجاوز التدبير الناشئة عن ثغرات في الصعوبات

تعود إلى اجلهة املنظمة. أمــا فــي مــا يخص دعــم الكتاب والــقــراءة العمومية، فتكفي اإلشارة هنا إلى أن الوزارة تخصص سنويا ما يقارب 18 مليون درهم، تغذي التي لالقتناءات مخصص نصفها األرصدة في مكتبات القراءة العمومية، خارج ما تخصصه الوزارة لفائدة املكتبة الوطنية

للمملكة املغربية من دعم مالي.التي مت سردها هنا، ال إن هذه املعطيات توقع الوزارة في الرضا الذاتي اخلادع، بل اإلمكانيات رغم أكثر، العمل على حتفزها املتواضعة املتاحة، بفضل روح نضالية تصر النتائج، من امللموس على حتقيق بقتالية

دون أن تعبس في الوجوه.

بيير بايار: هل كنت سأكون مقاوما أم جالدا؟

حتقيق النتائج دون العبوس في الوجوهمديرية الكتاب )وزارة الثقافة( ترد على تصريح صحافي لـمدير »دار النشر طارق«:

صغيرة صبية بـــ»رميــونــد«، تتسمى أن قبل »رحــمــة« كــانــت في املسلمني. األوالد مع اللعب إلــى ميالة شقراء جدائل ذات اآلذان ملتصقة كان اجلــو حــارا، يونيو، الصيف من شهر ذلك باملذياعات تتابع أخبارا حزينة تأتي من مكان يسمى فلسطني. والدي يعود في واحدة من تلك األماسي اخلانقة إلى البيت، حيث يجد »شلومو« جالسا على كرسيه اخلشبي، يتحدثان طويال. في هذه املرة، كان صوت »شلومو« خافتا على غير العادة، وفي توتر يخبر والدي بأن األمور ليست على ما يرام، باب منزل »مسعود« رجمه مجهولون باحلجارة ليلة البارحة، »بردخاي« تعرض اليوم إلى التعنيف في السوق. هو لم يخرج إلى العمل، وقرر أال يسبت هذا األسبوع )كيف نشبتو أشيدي إبراهيم ومنسيو زميع حتى

الزامع... يقتلونا املشلمني أشيدي إبراهيم(. كان والدي يهدئ من روعه دون حماس كبير. املسألة لم تكن املقابلة اجلهة في توجد الشرطة »كوميسارية« أن رغم سهلة، للشارع.. في مثل هذه األحداث، ال يدري املرء ماذا سيحدث فعال؟ الشارع، إلى منها تنفلت التي الصغيرة بكرتها تلعب »رحمة« فتعدو سريعة لتستعيدها، والدي يصعد إلى املنزل »الفوقاني«، وفور استبدال مالبسه، يقفل راجعا إلى »شلومو«، ليدخال معا إلى بيته، حيث يقتعدان وسط الدار.. سريران ووسائد، وطاولة على مبكرا مــازال فالوقت بالشاي، »شميحة« جــاءت دائــريــة. الفاصلة الدرجات املعتادة. »شميحة« تصعد الكؤوس احتساء

بني املنزلني، منادية على أمي: »فاطمة...فاطمة«.باألسئلة، متطرني التي »رحمة« رفقة طويل وقت اآلن لدي كنت أيضا ــا، أن مسلمون. نحن ــاذا مل تعرف أن تريد »رحــمــة« أريد أن أعرف ملاذا هم يهود. كان حب استطالع طفولي لآخر املــغــاربــة، الــيــهــود بــعــادات حينها امــتــألت أذنـــي وللمختلف. األطفال »النوايل«، وفرحة عيد احتفاالتهم بوجباتهم اخلاصة،

اليهود بقرب قدوم عيد املساخر »البورمي«...كنت أعرف كل ذلك من خالل »رحمة«، هي أيضا كانت تعرف كل شيء عنا. مرة كان بعض املتسولني يجوبون أبواب البيوت، وحينما ينالون صدقتهم املرجوة، يرفعون أكفهم باألدعية. نحن األكف فنرفع هذه، األدعية لعبة وتسلينا نتبعهم، كنا األطفال مثلهم.. كانت »رحمة« ترفع يدها بالدعاء وتردد: »سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على املرسلني...« في بيت »شلومو«، أرى صورا النافذة. رف على الشمعدان أرى مــرات أدخل كنت غريبة لرجال ملتحني حتتهم كتابة مجهولة بالنسبة إلي. تهرع إلي »شميحة«، فـ«شميحة« ال يخلو جيبها من لوز أو جوز، وقطع حلوى. كانت تعرف أني ال أحب احللوى كثيرا. تقول لي: »أنت

مثل ابن عمي »نسيم««.حدث لي شيء رائع في ذلك الصيف، جاء خالي من فرنسا. كان يدرس مع والدي، وهذا هو السبب الوحيد لزواج والدي من أمي، متعلم لكنه فضل الهجرة إلى فرنسا.. دائما يحمل معه اجلرائد مستغرقا بجواره الغرفة زاوية في فأتكوم املصرية، واملجالت في الــقــراءة.. ال أحد في األســرة كان يعلم مبا يــدور في رأسي، بسبب هذه اجلرائد واملجالت، حتى ضبطني أضحك أمام صورة بال كاملة في صفحة كبير »سيجار« من الدخان ينفث شخص اسم حتتها. »من هذا الشخص الذي يضحكك إلى هذه الدرجة؟«، سألني خالي. قلت إنه وينستون تشرشل. »أنت تعرف وينستون تشرشل في هذه السن، أنت تستحق مني هدية«. في الغد، كان خالي ينزل دراجة خضراء صغيرة من صندوق سيارته »البيجو 304«. في ذلك الصيف صارت لدي دراجــة »وينستون تشرشل« أردفتها »رحــمــة« سياقتها. تعلمت حتى مـــرارا ركبي جــرحــت وهوت بنا الدراجة في الكثير من املرات، ورغم كدماتها لم تعلم

»شميحة« بذلك، فيما ظل »شلومو« متواطئا يبتسم ويتكتم.بعدها لم يحدث أي شيء ذي بال، سوى أن قرارا صاعقا بنقل والدي نقال تعسفيا إلى منطقة نائية على ضفاف وادي درعة. في ذلك املساء من شهر شتنبر، والدي يحمل ورقة وعلى وجهه آثار الوجوم. »شلومو« على كرسيه اخلشبي يهدئ من روع والدي، يدلفان إلى وسط الدار، وعلى غير العادة يسكب كأسا. ويخبر التي عني بها والــدي هي بلدتهم، ولهم البلدة والــدي بأن هذه شاحنة على أمتعتنا بنقل سيتكلف وأنــه ونخيل، منازل فيها أخيه »مسعود«، وسيوصي به خيرا عند أعيان البلدة )وما غادي

اخصك خير متا أشيدي إبراهيم(...شركة فــي مسؤولة تشتغل »رحــمــة« ــت رأي طويلة، ــدة م بعد تسمى صارت املتدربة. مساعدتها أختي وكانت كبيرة، تأمني الدائري وجهها داخل أنفها كبر ثخينة، رميوند«. »مادموازيل الذي يشبه إجاصة مفرطة النضوج. كانت ابتسامتها فقط هي حارة في معي تلعب كانت التي الصبية بـ«رحمة« تذكر التي إلى للرحيل نفسها تعد »رميوند« بأن أختي أخبرتني اليهود. إسرائيل. العائلة رتبت لها زواجا مع »حزان« في مدينة أشدود الفلسطينية. لم يعد هناك في املغرب إال القليل من اليهود، وفرص الزواج شبه منعدمة بالنسبة إلى »رميوند«. هي تعرف كما قالت إلى بالنسبة فأسوأ شيء فعال، قد ضاعت حياتها أن ألختي، فتاة يهودية هي الزواج بـ«حزان«، فذلك يعني أنه ال مستقبل لها. تقول »رميوند«: »أنا التي بال مستقبل، كان لدي ماض هنا، وها

أنا أضيع حتى هذا املاضي«.

ما الحب إال للحبيب األول

قصـة حبـهم األولـى كتـاب وشعـراء يـروون

»دراجة وينستون تشرشل«

سعيد الباز

بيير بايار

يف المكتبات

»حتى أتخلى عن فكرة البيوت« للشاعرة املصرية إميان مرسال

»حتى أتخلى عن فكرة البيوت«، هو ديوان مرسال، إميــان الكندية املصرية- الشاعرة الصادر عن داري »شرقيات« و«التنوير«. ويقع املتوسط، القطع 92 صفحة من في الديوان

ويضم 37 قصيدة.ــن هي صــدرت إلميــان مرسال، أربعة دواويلتعلم 1990، »ممر معتم يصلح »اتصافات« الــرقــص« 1995، »املــشــي أطــول وقــت ممكن«

1997 و«جغرافيا بديلة« 2006. وتــشــغــل إميــــان مــرســال مــنــصــب أســتــاذة ألبيرتا جامعة فــي العربي ــألدب ل مساعدة بكندا، وترجمت مختارات من أعمالها إلى لغات عدة، ومنها اإلجنليزية والفرنسية واألملانية واإلسبانية والهولندية واإليطالية. كما اعتمد املخرج شابنام سوخديف على أشعارها، في

فيلمه الوثائقي »غريب في جلدها«.

»أكيرا مزوباياشي« يخصص كتابا البنته الكلبة

يصدر للكاتب الياباني »أكيرا مزوباياشي«، تأريخ »ميلوديا، بالفرنسية الثاني كتابه للعاطفة«، عن دار »غاليمار«، بعد كتابه األول »لــغــة قــادمــة مــن مــكــان آخـــر«. يــطــرح »أكــيــرا مزوباياشي«، الذي يتقن الفرنسية ويدرسها بجامعة طوكيو، في كتابه عالقتنا باحليوانات، رباها مع له ابنة الراحلة، كلبته يعتبر فهو زوجته، ويعتبرانها مولودهما الوحيد، وفي كان بأنه »مزوباياشي« أحد حواراته، صرح عليه أن يختار بني اإلنسان أو الكلب، فاختار

أن يكون كلبا.

عبد الله كرمون

وجهت الكاتبة املغربية ليلى الشافعي، رسالة إلى أصدقائها عبر »الفايسبوك«،تخبرهم فيها بأنها مقبلة على إجــراء عملية جراحية معقدة.. تقول الرسالة:

»سألج املستشفى العسكري إلجراء عملية جراحية على الورك، يوم 14 فبراير، أي يوم عيد احلب، سأدخل غرفة العمليات. وهو فأل حسن، فيوم إجراء العملية سيكون للقيام يــوم احلــب. وبصراحة ال أجــد يوما أفضل منه بذلك«.. العملية التي ستتطلب ثالث ساعات، على حد قول ليلى الشافعي، ليست األولى التي أجرتها في حياتها، بل سبق لها أن زرعت صماما اصطناعيا في القلب منذ

خمس وعشرين سنة.نتمنى الثقافي، ــار«، وقسمها »األخــب جــريــدة باسم لكاتبتنا بكل حب، جناح العملية والعودة إلى حيويتها

وألقها املعهودين:

ليلى الشافعي : يوم عيد احلب سألج غرفة العمليات