حقوق الطبع حمفوظةاإال ممن اأراد طباعته لتوزيعه جمانا

الن�شرة االأوىلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرم�شــان 1437هـ

- 5 -

متهيد

احلمد هلل الذي أنزل إلينا كتابه الكريم، املبارك العظيم، وجعله أفضل الكتب وأعظمها، وأكثرها بركة وأكرمها، وأرسل إلينا أفضل رسله حممد نسبا، الناس أكرم وسلم، وصحبه آله وعىل عليه اهلل صىل اهلل عبد بن وأزكاهم نفسا، وأطهرهم قلبا، وأحسنهم خلقا، وأفصحهم بيانا، وجعل ته خري أمة أخرجت رشيعته أحسن الرشائع وأكملها وأعظمها، وجعل أمللناس، وأكرمها عىل ربا، وأنزل إليه كتابه الكريم يف خري ليلة، وأرشف بقعة؛ وبواسطة أرشف مالئكته؛ فاختار لكتابه الكريم من كل يشء أحسنه

وأرشفه وأكرمه؛ فاجتمعت له حماسن الفضائل، وأرشف اخلصائل.

أما بعد:فهذا كتاب موجز البيان عن فضائل القرآن، أسأل اهلل تعاىل أن يتقبله بقبوله احلسن وأن ينفع به كاتبه وقارئه ونارشه، وأن يرزقنا حسن تالوة أهله هم الذين القرآن أهل مع يدخلنا وأن به، اإليامن وصدق كتابه

وخاصته إنه كريم وهاب. وقد كان أصل هذا الكتاب دورة علمية ألقيتها يف معهد آفاق التيسري

للتعليم عن بعد عىل قسمني: كان القسم األول منها يف مجادى األوىل عام 1437هـ.

والقسم الثاين يف رجب من العام نفسه.هذا يف لتخرج وهتذيبا مراجعة الدورة هذه مادة يف النظر أعدت ثم

الكتاب يف شهر رمضان املبارك، واهلل املوفق واهلادي إىل سواء السبيل.

- 7 -

القراآن ف�شل بيان بطرق التعريف االأوىل: • املقدمة فضل القرآن الكريم يتبي من طرق متنوعة متظافرة:

فأوهلا: أنه كالم اهلل جل وعال ، وكالم اهلل صفة من صفاته، وصفات علمه وسع الذي العليم فهو عنها؛ تتخلف ال التي آثارها هلا تعاىل اهلل والرمحن احلكيم، العزيز يعجزه يشء، وهو الذي ال والقدير كل يشء؛ الرحيم، والعيل العظيم، واحلميد املجيد، والواسع املحيط، واحلق املبني، إىل غري ذلك من أسامئه احلسنى وصفاته العليا التي من تفكر فيها وآمن با أدرك أن هلا آثارا تتجىل يف كالمه جل وعال، وأن كالمه – تعاىل – ال يمكن أن يكون فيه ما هو خالف مقتىض أسامئه وصفاته، وأن هذا القرآن

العظيم ال يمكن أن يكون من قول البرش، وال من قول الشياطني ﴿ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ﴾.

وقد قال مجاعة من السلف: )فضل القرآن عىل سائر الكالم كفضل اهلل عىل خلقه( وروي مرفوعا من حديث أيب هريرة وأيب سعيد وال يصح.

أن صفات كل موصوف نفسه، وهو دال عىل معنى صحيح يف لكنه وبياهنم، مبلغ علمهم وقدرهتم فيه مبلغهم يكون البرش بحسبه، فكالم

ويكون فيه من النقص والضعف واخلطأ ما يناسب صفاهتم.وإحاطة يعجزها يشء، وقدرة ال تام تعاىل كالم عن علم اهلل وكالم بكل يشء، وحكمة بالغة، ورمحة سابغة، وحق ال يعرتيه باطل، وبيان ال

الباب االأول: مقدمات فـي ف�شائل القراآن

- 8 -

اختالف فيه، إىل غري ذلك من صفاته جل وعال التي هلا آثارها ومقتضياهتا، پ پ پ پ ٻ ٻ ٻ ٻ ٱ ﴿ تعاىل: اهلل قال وقد

ڀ ڀ﴾.ولذلك قال ابن عطية رمحه اهلل يف مقدمة تفسريه: )كتاب اهلل لو نزعت

منه لفظة ثم أدير لسان العرب يف أن يوجد أحسن منها مل يوجد(.

بكل عز وجل وإحاطته اهلل سعة علم تقدم - عىل – كام مبناه وهذا األلفاظ ودالالهتا وأوجه استعامالهتا، وعىل عظيم قدرته جل وعال، وأنه ال يعجزه يشء؛ فإذا اجتمع العلم املحيط بكل يشء، مع القدرة عىل كل يشء؛ فال يمكن أن يأيت أحد بتعبري أحسن من تعبري القرآن؛ ألنه ما من

لفظة يدركها علم املخلوق إال واهلل تعاىل أعلم با منه من قبل أن يلق.

وثانيها: أن اهلل تعاىل وصف القرآن العظيم بصفات جليلة ذات معان خبري، عليم من أوصاف وهي عنها؛ تتخلف ال مباركة وآثار عظيمة تتضمن مع إفادة الوصف وبيان الفضل وعودا كريمة، ورشوطا من قام بتحقيقها ظفر بموعوده با، ولذلك كان التفكر فيام وصف اهلل به كتابه من تلك الصفات اجلليلة، وتأمل آثارها ودالئلها من أخص أبواب االنتفاع

بالقرآن.

وهذه الصفات التي وصف اهلل با كتابه الكريم من أعظم دالئل فضله.

املباركة، ودالئلها آثارها هلا املحبة وتلك حيبه، تعاىل اهلل أن وثالثها: وما أودع اهلل تعاىل فيه من الربكات واخلري العظيم، وما جعل له من شأن

عظيم يف الدنيا واآلخرة هو من دالئل حمبة اهلل تعاىل له.

- 9 -

ورابعها: أن اهلل تعاىل أخرب عنه بأخبار كثرية تبني فضله ورشفه يف الدنيا واآلخرة، وبني من مقاصده وآثاره ما يدل داللة بينة عىل فضله.

وخامسها: أن اهلل تعاىل أقسم به يف مواضع كثرية من كتابه، فقال تعاىل: ﴿ڦ ڦ ڦ﴾، وقال: ﴿ٻ ٻ ٻ﴾، وقال: ﴿ ٻ ٻ ٻ پ﴾، وقال: ﴿ڍ ڍ ڌ﴾، ويف اإلقسام به داللة بينة عىل ترشيفه وتكريمه ورفعة مقامه، وأقسم اهلل تعاىل – أيضا – عىل ما يبني

به فضله ورشفه ورفعته وكرمه؛ فقال تعاىل: ﴿ ی ی ی ی جئ حئ مئ ىئ يئ جب حب ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ

پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ﴾.

وسادسها: أن اهلل تعاىل جعل له أحكاما كثرية يف الرشيعة ترعى حرمته، ال التي اإليامن أصول من به اإليامن جعل أن ذلك ومن فضله، وتبني يصح إال با، وأوجب تالوة آياته يف كل ركعة من الصلوات، حتى جعل

للمصحف الذي يكتب فيه أحكاما كثرية، وحرمة عظيمة يف الرشيعة.

عظيمة أجورا عليها ورتب تالوته يف رغب تعاىل اهلل أن وسابعها: دالئل أظهر من وتنوعها تالوته ثواب وكثرة كثرية، أضعافا مضاعفة فضله، حتى انرصفت مهة كثري من املصنفني يف فضائل القرآن إىل تتبع ما

روي يف ثواب تالوته.

أهله جعلهم حتى القرآن؛ أهل شأن رفع تعاىل اهلل أن وثامنها: القرآن وعلمه، وقدمهم عىل وخاصته، وجعل خري هذه األمة من تعلم غريهم يف اإلمامة يف الصالة، ويف التقدم إليه عند تزامحهم يف اإلدخال يف القرب، وجعل إجالهلم من إجالله، وحمبتهم من آثار حمبته، إىل غري ذلك مما

- 10 -

رشفهم به ورفعهم به من اخلصال التي مل يبلغوها إال بفضل هذا القرآن؛ فكان تكريمهم وترشيفهم ورفعتهم بالقرآن من الدالئل البينة عىل فضل

القرآن.

معرفة ف�شائل القراآن ثمرات بيان الثانية: • املقدمة

ومعرفة فضائل القرآن هلا ثمرات جليلة، ومن أعظم ثمراهتا:فيعظمه شأنه؛ وعظمة القرآن فضائل بأوجه املؤمن تبرص أهنا .1توقري يف مهم أصل وهذا قدره، ويعرف حرمته ويرعى هداه ويعظم

القرآن وتعظيمه.

2. أهنا تكسب املؤمن اليقني بصحة منهجه، ألنه مبني عىل هدى القرآن، وقد تعرف من دالئله ما يزيده طمأنينة باحلق الذي معه، ففي بصائر القرآن وهداياته ونوره ما يضيئ الطريق للسالكني، ويكشف شبهات املضلني، ويفند مزاعم املفسدين، وجيعل لصاحبه فرقانا يميز به احلق من الباطل، واهلدى من الضاللة، وأولياء الرمحن من أولياء الشيطان؛ فيجد يف القرآن

﴿ھ من أنواع التبصري والتثبيت ما يطمئن به، كام قال اهلل تعاىل: ﴿جب حب خب مب ھ ھ ےے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ﴾، وقال: ٻ ٻ ٻ ٱ جث يت ىت مت خت حت جت يب ىب

ٻ پ پ پ پ ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ﴾.

هداه واتباع به باإليامن القرآن؛ مصاحبة يف املؤمن ترغب أهنا .3واالستكثار من تالوته والتفقه فيه، والدعوة إليه، وتعليمه.

- 11 -

4. أهنا تدحض كيد الشيطان يف التثبيط عن تالوته واالنتفاع به؛ فكلام ضعفت النفس، ووهن عزمها؛ ذكرها بفضائل القرآن فاشتدت العزيمة، وعلت اهلمة، وشمر تشمري املجتهدين؛ ليدرك نصيبه من الفضل العظيم.

منهج يالف واملعرفة للعلم منهل طلب من املؤمن حتصن أهنا .5القرآن؛ وال سيام إذا عرف معاين صفات القرآن، وأدرك حقائقها وآثارها؛

فإنه يتبني خسارة صفقة من استبدل به غريه، وحرمان من اشتغل بغريه.

تلك أدرك من فإن الفتن؛ مضالت من املؤمن لنجاة سبب أهنا .6الفضائل ورسخت معرفتها يف قلبه، عرف أنه ال بد أن يصدر يف كل شأن

من شؤونه عن هدى القرآن الذي من اعتصم به عصم من الضاللة.

7. أهنا تفيده علام رشيفا من أرشف العلوم، وأعظمها بركة، فالتفقه يف فضائل القرآن عىل طريقة أهل العلم من أعظم أوجه إعداد العدة للدعوة إىل اهلل تعاىل، والرتغيب يف تالوة كتابه واتباع هداه؛ فإنه جيتمع للدارس يف هذا العلم من تفسري اآليات املتعلقة بفضائل القرآن، ومعرفة دالالهتا عىل اجلليل، العلم هذا يف املروية واآلثار األحاديث ومعرفة فضائله، أوجه به للدعوة إىل اهلل بيان فضله؛ ما يستعد العلامء يف أقوال ينتخبه من وما واللطائف الفوائد من ما جيد ما مجعه إىل يزال يضيف عىل بصرية، وال والقصص واألخبار الصحيحة املنبهة عىل فضائل القرآن، ويزكي علمه كثريا شيئا تعلمه ما بركات من جيد حتى والتعليم بالدعوة فشئيا شيئا تالوة عىل مسلم قلب إقبال يف سببا واحدة بكلمة يكون فقد مباركا؛ القرآن وحفظه، وسببا يف ازدياد آخرين من تالوته، وسببا يف عناية آخرين بذا العلم وتعلمه وتعليمه والدعوة به إىل اهلل؛ بل ربام كان سببا يف إسالم

- 12 -

ترغيبه بحسن النور إىل الظلامت من فخرجوا الكفر؛ عىل كانوا أناس وتعريفه بكتاب ربه جل وعال، فيكتسب – بفضل اهلل تعاىل – من أنواع

األجور العظيمة ما مل يكن يطر له عىل بال.

ولذلك اعتنى كثري من العلامء بالتأليف يف فضائل القرآن.

القراآن ف�شائل يف املوؤلفات ذكر الثالثة: • املقدمة

اعتنى العلامء بالتأليف يف فضائل القرآن ملا يرجى فيه من الثواب العظيم؛ فقد صح عن النبي صىل اهلل عليه وسلم أنه قال: »من دل عىل خري فله مثل

أجر فاعله« رواه مسلم من حديث أيب مسعود البدري ريض اهلل عنه.

ويف صحيح مسلم أيضا من حديث أيب هريرة ريض اهلل عنه أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم، قال: »من دعا إىل هدى، كان له من األجر مثل أجور من تبعه، ال ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إىل ضاللة،

كان عليه من اإلثم مثل آثام من تبعه، ال ينقص ذلك من آثامهم شيئا«.

وقد نشأ التأليف يف فضائل القرآن يف عهد مبكر، وما يزال التأليف فيه إىل عرصنا احلارض، ومن أهم الكتب املطبوعة يف فضائل القرآن وأشهرها:

1. فضائل القرآن أليب عبيد القاسم بن سالم اهلروي، وهو من أجل كتب الفضائل.

2. فضائل القرآن لسعيد بن منصور اخلراساين، وهو كتاب كبري من سننه.

3. وكتاب فضائل القرآن من مصنف ابن أيب شيبة.

4. وكتاب فضائل القرآن من صحيح البخاري.

- 13 -

5. وأبواب فضائل القرآن من صحيح مسلم.

6. وكتاب فضائل القرآن من جامع الرتمذي.

يس. 7. كتاب فضائل القرآن البن الضر

8. وكتاب فضائل القرآن أليب بكر الفريايب.

9. كتاب فضائل القرآن أليب عبد الرمحن النسائي.

10. وكتاب فضائل القرآن للحافظ املستغفري.

11. وكتاب فضائل القرآن وتالوته أليب الفضل الرازي.

12. وفضائل القرآن لضياء الدين املقديس.

13. وكتاب »اإلجالل والتعظيم يف فضائل القرآن الكريم« لعلم الدين السخاوي، وهو جزء من كتابه الكبري »مجال القراء وكامل اإلقراء«.

14. وكتاب ملحات األنوار ونفحات األزهار وري الظمآن ملعرفة ما ورد من اآلثار يف ثواب قارئ القرآن أليب القاسم حممد بن عبد الواحد ينقحه مل لكنه القرآن فضائل يف املصنفة الكتب أكرب من وهو الغافقي،

فوقع فيه غث كثري.

15. والوجيز يف فضائل الكتاب العزيز للقرطبي.

16. وقاعدة يف فضائل القرآن البن تيمية.

17. وفضائل القرآن البن كثري، وهو جزء من مقدمة تفسريه.

18. ومورد الظمآن إىل معرفة فضائل القرآن البن رجب احلنبيل.

- 14 -

الكريم القرآن فضائل يف النعيم جنة من الرحيم الرمحن وهبة .19ملحمد هاشم السندي.

20. وكتاب فضائل القرآن ملحمد بن عبد الوهاب.

21. وموسوعة فضائل سور وآيات القرآن ملحمد بن رزق الطرهوين.

وبعض هذه املصنفات أجزاء من كتب احلديث، وقد اعتنى با رشاح األحاديث فيام يرشحون من كتبه، ومنهم من يتوسع يف رشحه ومنهم من يترص، ولذلك جتد لكتاب فضائل القرآن من صحيح البخاري رشوحا

كثرية لو مجعت وأفردت يف مؤلف لكان يف جملدات.

وفيام تفاسريهم، مقدمات يف القرآن فضائل ببيان عناية وللمفسين يفسون من اآليات الدالة عىل فضل القرآن.

ومن العلامء من أفرد فضائل بعض السور واآليات بمصنفات مستقلة.

• املقدمة الرابعة: التعريف بطرق العلماء يف التاأليف يف ف�شائل القراآنكان بيان فضائل القرآن يف أول األمر قائام عىل تفسري اآليات الدالة عىل

فضل القرآن، ورواية األحاديث واآلثار الواردة يف ذلك.

ثم ملا بدأ عرص التدوين اعتنى بعض العلامء بتدوين ما روي يف فضائل القرآن؛ وكان التأليف فيه عىل أنواع:

القرآن فضائل يف الواردة واآلثار األحاديث رواية األول: النوع باألسانيد وضمها إىل دواوين السنة؛ كام فعل البخاري ومسلم وابن أيب

شيبة والرتمذي.

- 15 -

ورد ما ورواية املستقل؛ بالتأليف القرآن فضائل إفراد الثاين: والنوع فيه من األحاديث واآلثار باألسانيد؛ كام فعل أبو عبيد القاسم بن سالم

والنسائي وابن الضيس والفريايب وأبو الفضل الرازي.

وحذف األبواب، عىل وتصنيفه األئمة رواه ما مجع الثالث: والنوع األسانيد اختصارا كام فعل ابن األثري يف جامع األصول، وابن حجر يف

املطالب العالية، والغافقي يف كتابه الكبري يف فضائل القرآن.

والنوع الرابع: التصنيف املقترص عىل بعض األبواب املهمة وترمجتها بام يبني مقاصدها وفقهها، كام فعل شيخ اإلسالم حممد بن عبد الوهاب يف

تأليفه املخترص يف ذلك.

والنوع اخلامس: التنبيه عىل بعض مباحث فضائل القرآن كام فعل كثري لبيان رسالة تيمية ابن أفرد وكام تفاسريهم، مقدمات يف املفسين من

قاعدة يف فضائل القرآن.

والنوع السادس: إفراد فضائل بعض اآليات والسور بالتأليف كام أفرد أبو حممد اخلالل جزءا يف فضائل سورة اإلخالص.

يف الواردة واآلثار واألحاديث اآليات معاين رشح السابع: والنوع فضائل القرآن كام فعل كثري من رشاح األحاديث.

والنوع الثامن: عقد فصول يف بعض الكتب لبيان بعض فضائل القرآن، كام فعل ابن تيمية يف عدد من رسائله، وابن القيم يف كتاب الفوائد وطريق اهلجرتني ومدارج السالكني، وابن رجب، والسيوطي، وغريهم من العلامء.

- 16 -

علم ف�شائل القراآن مباحث اخلام�شة: • املقدمة كالم العلامء يف فضائل القرآن يمكن تصنيفه إىل أنواع حيصل بجمعها

تكامل حسن للامدة العلمية يف هذا العلم اجلليل، ومن تلك األنواع:

1. بيان معاين أسامء القرآن وصفاته الواردة يف القرآن، وهذا النوع إذا أحسن مجع مادته وحترير القول فيه من أحسن املداخل لبيان فضائل القرآن الصفات تلك معاين وتأمل كتابه، به اهلل ما وصف تدبر مبني عىل ألنه

وآثارها ومقتضياهتا.

2. مجع األحاديث واآلثار املروية يف فضائل القرآن.

3. بيان فضل تالوة القرآن وفضل اتباع هداه.

4. بيان فضل أهل القرآن، وهو فرع عن فضل القرآن؛ ألهنم إنام رشفوا بسببه.

5. بيان فضل تعلم القرآن وتعليمه.

6. فضائل بعض اآليات والسور.

7. تفاضل آيات القرآن وسوره.

8. بيان خواص القرآن.

• املقدمة ال�شاد�شة: بيان �شبب كثـرة االأحاديث ال�شعيفة يف ف�شائل القراآنالقرآن، فضائل يف ضعيفة مرويات من شاع ما له التنبه ينبغي مما حتى ربام كان رواجها أشهر لدى كثري من العامة من بعض ما صح من

األحاديث واآلثار.

- 17 -

وكان من أسباب شيوع تلك املرويات الضعيفة والواهية هتاون بعض القصاص والوعاظ يف الرواية يف هذا الباب، وراية بعضهم باملعنى بترصف خمل، وتساهل يف الرواية عن بعض املتهمني وشديدي الضعف، وغالب تلك املرويات مما يكون معناه مقبوال عند العامة؛ فريوج ملحبتهم للقرآن، ورغبتهم يف األجر بنرش ما حيث عىل العناية به؛ حتى وصل األمر ببعضهم

إىل إشاعة املوضوعات يف هذا الباب من غري متييز.

وألجل شهرة بعض القصاص وعنايتهم برواية األحاديث باألسانيد أخذ عنهم بعض من مل يشرتط الصحة من املصنفني من غري متييز وال بيان

لضعف حاهلم، بل ربام ظنه بعضهم صحيحا.

التأليف يف وقد اختلفت مقامات العلامء املصنفني وأوجه عنايتهم يف كالبخاري يرويه؛ فيام الصحة يشرتط من منهم فكان القرآن؛ فضائل القرآن يف صحيحيهام؛ فهؤالء قد فيام رويا من أحاديث فضائل ومسلم

اتقوا تلك املرويات وصانوا كتبهم عنها.

شيبة أيب وابن كالنسائي حمتمل ضعف فيه ما يروي من منهم وكان والرتمذي عىل تفاوت بينهم يف ذلك.

يف فوقع الباب هذا يف روي ما جلمع مهته انرصفت من منهم وكان مصنفاته مرويات واهية كام يف فضائل القرآن البن الضيس والفريايب،

وكام يف كتاب الغافقي الذي مجع فيه فأكثر ومل يميز الغث من السمني.

املرويات من شاع ما بعض عىل للتنبيه تعاىل اهلل بإذن بابا وسنفرد الضعيفة يف فضائل القرآن.

- 18 -

يف ال�شعيفة املرويات درجات بيان ال�شابعة: املقدمة •ف�شائل القراآن

واملرويات الضعيفة يف فضائل القرآن عىل درجات: الدرجة األوىل: املرويات التي يكون الضعف فيها حمتمال للتقوية، لعدم املراسيل من لكوهنا أو إسنادها، الضعف يف أو شديد متهم راو وجود نفسه وال فيها مظنون، ويكون معناها غري منكر يف االنقطاع أو اجلياد، بعض رأى قد الدرجة هذه فمرويات الصحيحة؛ لألحاديث خمالف

العلامء روايتها والتحديث با، بل رأى بعضهم العمل با.

يف وليس شديد، ضعف إسنادها يف التي املرويات الثانية: والدرجة فيه؛ يتوقف ما بعضها يف كان وربام األصل، حيث من ينكر ما معناها فهذا النوع قد تساهل فيه بعض املصنفني، وهو أكثر املرويات الضعيفة يف

هذا الباب.

إما ينكر؛ ما معناها يف التي الضعيفة املرويات الثالثة: والدرجة لتضمنها خطأ يف نفسها أو ملخالفتها لألحاديث الصحيحة الثابتة، سواء أكان اإلسناد شديد الضعف أو كان ضعفه مقاربا؛ ألن النكارة علة كافية

يف رد املرويات.

والدرجة الرابعة: األخبار املوضوعة التي تلوح عليها أمارات الوضع.

- 19 -

الن�شر و�شائل جتديد اإىل احلاجة بيان الثامنة: املقدمة •لعلم ف�شائل القراآن

علم فضائل القرآن من العلوم التي متس احلاجة إىل حترير القول فيها وإحسان بيانه.

الدعوة جماالت أعظم من كتابه فضائل ببيان تعاىل اهلل إىل والدعوة نفعا، وأحسنها أثرا، إذا أحسن الداعية طريقة بيان فضل القرآن، وأحسن

الدعوة إىل تالوته وتدبره واتباع هداه.

العداوة لإلسالم بعد قراءته ما وكم أسلم من كافر كان عنيدا شديد عرفه فضل القرآن، ومنهم من يرتجم له بعض ذلك فيقرأ ويتأثر ويسلم بسببه، وكم من غافل ذكر بفضل القرآن فتذكر وأقبل عىل تالوته وتدبره

فنفعه اهلل به.

وإن كان العلامء السابقون قد بذلوا يف عصورهم ما أمكنهم من الوسائل وموعظة؛ ورواية وتدريسا تأليفا إليه والدعوة القرآن فضائل لبيان فاحلاجة يف هذا العرص الذي يشهد توسعا مذهال يف وسائل النرش تقتيض يستطيعون بام واإلسهام األمر، بذا العناية الصادقني العلم طالب من بنرش ما أمكنهم من فضائل القرآن يف وسائل التواصل االجتامعي وقوائم والرسائل الكتاب وطباعة واملنتديات، املواقع ويف اإللكرتونية الربيد املبارشة، الربامج وإعداد واملرئية، الصوتية املقاطع وإنتاج واملطويات، وترمجة املقاالت والكلامت إىل لغات متعددة، ونرشها بالوسائل املتاحة، وكل ذلك من أبواب اخلري العظيمة التي ينبغي لكل طالب علم أن يكون

له إسهام فيها.

- 20 -

لكن جيب أن يتنبه إىل العناية بأمرين مهمي:

أن التوثق من صحة ما ينرش، وأن ال يعجل بنرش يشء قبل أحدمها: يطمئن لصحته.

واألمر اآلخر: مراعاة احلكمة وحسن األسلوب يف التحرير والنرش.

كتب قد تعاىل واهلل متقنا، صحيحا ينرشه ما يكون أن ألجل وذلك اإلحسان يف كل يشء، فام بالكم بأمر اإلحسان يف بيان فضل كتابه العظيم.

هيبهم وما منه يمكنهم وما عليهم به اهلل يفتح فيام يتفاوتون والناس من القدرات وامللكات؛ فمنهم من حيسن التأليف والتحرير، ومنهم من حيسن الرتمجة، ومنهم من حيسن اإلخراج والتصميم، ومنهم من حيسن النرش، ولو قام كل واحد بام حيسن وأفاد أهل لسانه؛ ألثمر ذلك - بإذن اهلل تعاىل - دعوة مباركة طيبة إىل كتاب اهلل تعاىل، وتعريف أمم األرض

به، وبيان حماسنه وفضائله هلم.

- 21 -

األسامء وتلك وصفاته، أسامئه تعدد الكريم القرآن فضل دالئل من والصفات دالة عىل معان جليلة وآثار عظيمة مباركة يتبني للمتأمل فيها

دالئل فضل القرآن العظيم، وعظم شأنه.

• اأ�شماء القراآن

تتخلف ال التي آثارها هلا لصفات متضمنة أسامء فهي أسامؤه فأما عنها، فليست أعالما حمضة موضوعة للتعريف املجرد، وإنام هي أعالم

ذات أوصاف مقصودة، ودالئل بينة.

وهي أربعة أسامء: القرآن والفرقان والكتاب والذكر.

- قال ابن جرير الطربي: )إن اهلل عز وجل سمى تنزيله الذي أنزله عىل نبيه حممد صىل اهلل عليه وسلم أسامء أربعة(.

ثم ذكر األسامء املتقدمة بأدلتها.

ى كالم اهلل الذي أنزله عىل نبيه صىل - وقال أبو إسحاق الزجاج: )يسماهلل عليه وسلم كتابا، وقرآنا، وفرقانا، وذكرا(.

- وقال ابن عطية يف مقدمة تفسريه: )باب يف تفسري أسامء القرآن وذكر السورة واآلية، هو القرآن وهو الكتاب وهو الفرقان وهو الذكر(.

الباب الثاين: �شرح معاين اأ�شماء القراآن و�شفاته

- 22 -

اهلل فوصفه عظيمة؛ ملعان جامعة جليلة فكثرية القرآن صفات وأما ذكر بأنه عيل حكيم، وجميد وكريم، وعزيز وعظيم، ومبارك وقيم، وأنه وذكرى، وهدى وبرشى، وتذكرة وموعظة، وبصائر ورمحة، ونور وبيان،

وشفاء وفرقان إىل غري ذلك من صفاته اجلليلة العظيمة.

• الفرق بني اال�شم وال�شفة والفرق بني االسم والصفة: أن االسم يصح أن يطلق مفردا معرفا كام

قال اهلل تعاىل: ﴿ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ﴾، وقال: ﴿ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ﴾، وقال: ﴿ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ﴾ وقال:

﴿ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑک ک ک ک گ﴾.

وأما الصفات فهي الزمة للموصوف الظاهر أو املقدر؛ فال تدل الصفة بمجردها عىل املوصوف إال أن يكون مذكورا ظاهرا أو معروفا مقدرا:

- فالظاهر كقوله تعاىل: ﴿ٱ ٻ ٻٻ﴾، ﴿ٻ ٻٻ﴾؛ فإذا أفردت الصفة عن املوصوف؛ فقلت: »الكريم« و»املجيد« انرصف

املعنى إىل ما هو أقرب إىل الذهن.

- واملقدر نحو قوله تعاىل: ﴿ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ﴾ عىل القول بأن مرجع اسم اإلشارة إىل القرآن وهو أحد القولني يف هذه

اآلية.

إىل حتتاج املختصة غري الصفة أن والصفة االسم بني الفروق ومن تعريف لتتضح داللتها عىل املوصوف بخالف األسامء التي جعلت أعالما

عىل املراد.

- 23 -

فقوله تعاىل: ﴿ې ې ې ې ى ى﴾ وصف النور بام يدل عىل أن املراد به القرآن، ولو أفرد لفظ »النور« وعزل عن هذا السياق إىل

سياق آخر النرصف املعنى إىل ما هو أقرب إىل الذهن.

من صفاته فعدوا القرآن؛ أسامء تعداد يف العلامء بعض توسع وقد أسامئه، واشتقوا له أسامء من بعض ما أخرب اهلل به عنه، وهو خطأ بني.

قال الزركيش: )وقد صنف يف ذلك احلرايل جزءا وأهنى أساميه إىل نيف وتسعني وقال القايض أبو املعايل عزيزي بن عبد امللك رمحه اهلل اعلم أن

اهلل تعاىل سمى القرآن بخمسة ومخسني اسام(.

وزعم الفريوزآبادي أن للقرآن مائة اسم وعد نيفا وتسعني اسام منها، ويف كثري منها تكلف ال يصح؛ حتى عد يف أسامئه: النجوم والنعمة والثقيل

واملثبت واملرتل والتفسري.

وأكابر العلامء يفرقون بني األسامء والصفات واألخبار.

اعتبارها ويصح أسامء اعتبارها يصح للصفات املتضمنة واألسامء صفات من إن وتقول: القرآن، أسامء من الفرقان إن فتقول: أوصافا؛

القرآن أنه فرقان.

العظيمة، دالئلها وتأمل وصفاته، القرآن أسامء معاين يف والتفكر يف أثره جيد الذي النافع اليقني من أبوابا للمؤمن يفتح املباركة وآثارها تالوته ويرغبه يف وعظم شأنه، قدره وعلو بفضله ويعرفه ونفسه، قلبه

وتدبره واتباع هداه.

- 24 -

ف�شل يف �شرح معاين اأ�شماء القراآن

• معنى ا�شم »القراآن«ألنه قرآنا وسمي وأشهرها، أسامئه أصل وهو القرآن، أسامئه فمن

الكتاب الذي اتذ للقراءة الكثرية التي ال يبلغها كتاب غريه.

وقد اختلف العلامء يف اشتقاق لفظ »القرآن« عىل قولي:

القول األول: أنه علم جامد غري مشتق، وهو قول الشافعي ومجاعة من القرآن بغري مهز »القران« وهي قراءة الشافعي ينطق اسم العلامء، وكان

ابن كثري املكي.

اسم )القران يقول: كان أنه الشافعي عن احلكم عبد ابن روى وقد وليس بمهموز، ومل يؤخذ من قرأت، ولكنه اسم لكتاب اهلل، مثل التوراة

واإلنجيل(.

والقول الثاين: أنه مشتق، واختلف يف أصل اشتقاقه عىل ثالثة أقوال:

- أحدها: أنه مشتق من القراءة التي هي بمعنى التالوة، تقول: قرأت قراءة وقرآنا، قال اهلل تعاىل: ﴿يئ جب حب خب مب﴾.

وقال حسان بن ثابت يف رثاء عثامن بن عفان:وقرآن�ا ضحوا بأش�مط عنوان السجود به تس�بيحا اللي�ل يقط�ع

أي قراءة، وهذا القول قال به ابن جرير الطربي، وأسند معناه إىل ابن عباس، ورجحه ابن عطية.

وعىل هذا القول يكون القرآن بمعنى املقروء، تسمية للمفعول بمصدره.

- 25 -

- والقول الثاين: أنه مشتق من اجلمع، وهو مروي عن قتادة، وقال به أبو عبيدة والزجاج ومجاعة من العلامء، واحتجوا بقول عمرو بن كلثوم:

بك�ر أدم�اء عيط�ل جنين�ا ذراع�ي تق�رأ مل الل�ون هج�ان

قالوا: أي: مل تضم يف رمحها ولدا.

قال أبو عبيدة: )وإنام سمى قرآنا ألنه جيمع السور فيضمها(.

إنام القراءة وأن والبيان، اإلظهار من مشتق أنه الثالث: والقول -سميت قراءة ملا فيها من إظهار احلروف، وبيان ما يف الكتاب، وقد قال بذا القول قطرب، وفس قول عمرو بن كلثوم: )مل تقرأ جنينا( بالوالدة؛

أي مل تلق من رمحها ولدا، وأرجع املعنى إىل أصل اإلظهار والبيان.

)إنام سمي قال قطرب فيام ذكره عنه أبو منصور األزهري يف الزاهر: القرآن قرآنا، ألن القارئ يظهره ويبينه، ويلقيه من فيه(.

ذ وأرجح األقوال أنه مشتق من القراءة، وأنه سمي قرآنا ألنه كتاب اتراالسم بناء ذلك عىل ويدل غريه، كتاب يبلغها ال التي الكثرية للقراءة عىل صيغة »فعالن« التي تدل عىل بلوغ الغاية، كسبحان وحسبان وغفران

وشكران، مع ما دل عليه قول اهلل تعاىل: ﴿ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ﴾.

ڀ پ پ پ ٻپ ٻ ٻ ٻ ﴿ٱ تعاىل: وقال ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺٿ﴾.

باهلمز، إحدامها لغتان مها وإنام واحد، بمعنى والقران والقرآن واألخرى بالنقل والتسهيل.

- 26 -

قال ابن عاشور: )اتفق أكثر القراء عىل قراءة لفظ »قرآن« مهموزا حيثام وقع يف التنزيل، ومل يالفهم إال ابن كثري قرأه بفتح الراء بعدها ألف عىل يف القراءات توافق واألصل حجازية، لغة وهي املهموز، تفيف لغة

مدلول اللفظ املختلف يف قراءته(.

وذهب علم الدين السخاوي إىل أن »قران« مشتق من »قرنت« بمعنى اجلمع، وذهب بعضهم إىل أنه اسم مجع، والصواب ما تقدم.

• معنى ا�شم »الكتاب«وأما تسميته بالكتاب؛ فألنه مكتوب، أي جمموع يف صحف، قال اهلل

﴿ٻ ٻ ٻ پ پ پ تعاىل: تعاىل: ﴿ٻ ٻ ٻ پپ پپ﴾، وقال پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ﴾، وقال: ﴿ڇ ڇ ڍڍڌ﴾.

مما به أوىل القرآن جيعل الذي الذهني للعهد املواضع هذه يف والالم سواه عند اإلطالق.

ويطلق لفظ »الكتاب« أحيانا عىل كل ما أنزله اهلل من الكتب، فيكون ﴿ڇ ڇ ڍ ڍ تعاىل: اهلل قال املخصوص؛ كام للجنس فيه التعريف ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک

ک کگ گ گ گ﴾.وقال تعاىل: ﴿ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ...﴾

﴿ڤ تعاىل: اهلل قول يف كام خاصة؛ واإلنجيل التوراة عىل أحيانا ويطلق ڎ ڌ ﴿ڌ وقوله: ڦ﴾ ڦ ڦ ڦ ڤ ڤ

ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ﴾.

- 27 -

وله إطالقات أخرى بحسب السياق.

والكتاب »فعال« بمعنى »مفعول« أي »مكتوب«؛ واشتقاقه من اجلمع والضم عىل قول كثري من العلامء.

كام وضمها؛ األحرف جلمعه كتابا سمي الكتاب إن بعضهم: قال سميت الكتيبة كتيبة لضمها اجلنود املقاتلني.

وهذا يف تسمية جنس الكتب بذلك.

وأما تسمية القرآن بالكتاب؛ فاألظهر أنه سمي بذلك للداللة عىل مجعه ما حيتاج فيه إىل بيان اهلدى يف مجيع شؤون العباد؛ فجمع األحكام واحلكمة واآلداب والبصائر واملواعظ واهلدى وما تقوم به مصالح دينهم ودنياهم.

املبني، وحذف بالكتاب تعاىل وصفه اهلل أن املعنى يدل عىل هذا ومما متعلق البيان إلفادة العموم.

• معنى ا�شم »الفرقان«سبيل وبني والباطل؛ احلق بني فرقان فألنه بالفرقان؛ تسميته وأما

املؤمنني وسبل الفاسقني من الكفار واملنافقني.

وبيان التفريق يف الغاية بلوغ عىل للداللة مفخم مصدر والفرقان الفرق، وأوجه التفريق القرآين كثرية متنوعة.

الشيئني الفرق بني الطربي: )وأصل »الفرقان« عندنا: ابن جرير قال والفصل بينهام. وقد يكون ذلك بقضاء، واستنقاذ، وإظهار حجة، ونرص وغري ذلك من املعاين املفرقة بني املحق واملبطل؛ فقد تبني بذلك أن القرآن

- 28 -

معاين وسائر فرائضه وحدود وأدلته -بحججه لفصله »فرقانا«، سمي حكمه- بني املحق واملبطل. وفرقانه بينهام: بنرصه املحق، وتذيله املبطل،

حكام وقضاء(ا.هـ.

وفرقان القرآن عام يف الدنيا واآلخرة: أدلته، ويبني باحلق يعرف والباطل؛ احلق بني فرقان الدنيا يف فهو ويبني بالباطل ويعرف وجزاءهم، وأحكامهم وآدابم أهله، وصفات سبله ويبني بطالنه، ويعرف بصفات أهله وعالماهتم وجزاءهم يف الدنيا

واآلخرة.

وهو فرقان للمؤمن املتقي يكشف له ما يلتبس عليه يف أمور دينه ودنياه، فقد يشتبه عىل املرء أمران ويعتلجان يف صدره الشتباههام والتباس بعضهام ببعض؛ فال يطمئن حتى يتبرص بالتفريق بينهام؛ ويكون عىل بينة من أمره؛

كام قال مسكني بن عامر الدارمي:

من بعد ما اشتبها يف الصدر واعتلجا ي�ا رب أمري�ن ق�د فرق�ت بينه�ام مودت�ه دام�ت مل�ن ودي مزج�ا أدي�م مل�ن أحيان�ا ال�ود وأم�زج

واملقصود أن القرآن فيه فرقان للمؤمن يف تلك األمور التي تعتلج يف الصدر وتشتبه يف ظاهر األمر.

املستقيم اهلل رصاط إىل به يرشده بام صاحبه يفرق ألنه فرقان وهو وأحواهلم وأقواهلم أعامهلم يف والضالني عليهم املغضوب مشابة عن وعاقبتهم؛ فيهدي صاحبه إىل اهلدى األقوم الذي يصلح به شانه، وينال

به الكفاية من ربه، وحسن العاقبة يف الدنيا واآلخرة.

- 29 -

وهو يف اآلخرة فرقان مبني يفرق بني أتباعه وخمالفيه؛ فيشفع ملن آمن به واتبع هداه وحياج عنه ويظله يف املوقف العظيم، ويمحل بمن كفر به

وخالف هداه واشرتى به ثمنا قليال.

• معنى ا�شم »الذكر«القرآن من مواضع يف وردت فقد الذكر؛ وذي بالذكر تسميته وأما

منها قول اهلل تعاىل: ﴿ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ﴾، وقوله: ﴿ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں﴾.

ونسبه إليه نسبة ترشيف وتعظيم فقال: ﴿ں ں ڻ ڻ ڻ ڻۀ﴾.

وسامه بذي الذكر يف قوله تعاىل: ﴿ٱٻ ٻ ٻ ٻ پ﴾.

وللذكر هنا معنيان:

أحدمها: بمعنى التذكري.

واآلخر: بمعنى املذكور.

القرآن من كثرية مواضع يف ظاهرة عليه فالداللة األول: املعنى فأما ﴿ڄ ڃ ڃ الكريم؛ بل هو من أعظم مقاصد إنزاله كام قال اهلل تعاىل: ﴿ڄ وقال: ڇ﴾ ڇ ڇ ڇ چ چ چ چ ڃ ڃ

ڃ ڃ ڃ﴾. العبد املعنى لكثرة تذكريه وحسنه؛ فهو يذكر بالذكر عىل هذا فسمي بربه جل وعال، ويذكره بسبيل سعادته وفوزه برضوان ربه تعاىل وعظيم وعقابه؛ سخطه ليتقي يتجنبه أن عليه جيب بام ويذكره وثوابه، فضله

- 30 -

ويذكره بام ينفعه يف دينه دنياه وآخرته من أنواع الذكرى الكثرية واملتنوعة واملحكمة.

اهلل قال كام احلكمة؛ عىل والداللة باإلحكام تذكريه اهلل وصف وقد تعاىل: ﴿ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ﴾؛ فهو ذكر حكيم

من اتبعه هداه إىل الرصاط املستقيم؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ﴾.

والثواب العظيم الفضل فاته إذ وغبن، خس فقد عنه أعرض ومن األليم والعذاب واهلوان، والذل واحلرمان، باخلسان وباء الكريم،

واخلزي العظيم؛ كام بني اهلل ذلك بقوله: ﴿ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ۓۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ﴾.

ىئ ىئ ىئ ېئ ېئ ېئ ۈئ ۈئ ﴿ۆئ تعاىل: وقال ی ی ی ی جئ حئ مئ ىئ يئ جب حب خب مب ٱ ٻ

ٻ ٻ ٻپ پ پ پ ڀ﴾.

واملعنى الثاين: الذكر بمعنى املذكور أي الذي له الذكر احلسن، والرشف الرفيع، واملكانة العالية.

قال اهلل تعاىل: ﴿ڭ ۇ ۇ ۆۆ﴾، وقال تعاىل: ﴿ٻ ٻ ٻپ﴾

ف. قال ابن عباس وسعيد بن جبري وغريمها: ذي الرش

فإن ذكرا؛ هلم وجيعل أصحابه يرفع القرآن أن املعنى هذا آثار ومن ترشفهم به ورفعتهم به أثر من آثار رشفه هو ورفعته.

- 31 -

ف�شل يف �شرح معاين �شفات القراآن

فهي صفات العظيم كتابه اهلل با يف التي وصفه القرآن وأما صفات جليلة بديعة جامعة ملعان عظيمة من تأملها حق التأمل أيقن بعظمة هذا

القرآن، وعظمة صفاته وآثاره يف الدنيا واآلخرة.

وسأوجز احلديث يف بيان معانيها وسعة دالئلها وجاللة آثارها ليستدل املوفق اللبيب بام ذكر عىل عظمة ما مل يذكر، ويعذر املتحدث يف تقصريه التعريف حسن من العظيم القرآن هذا يستحقه ما بلوغ عن وقصوره

بصفاته وبيان عظم شأهنا وعلو قدرها ولطائف إشاراهتا.

فه باأنه علي • و�ش

فقد ورد يف قول اهلل تعاىل: ﴿ڑ ڑ ک ک بأنه عيل أما وصفه ک ک گ گ﴾ وهذا الوصف يشمل علو قدره ومنزلته، وعلو صفاته، وتنزهه عن الباطل واالختالف والتناقض والضعف وسائر ما ال يليق بكالم اهلل تعاىل من أوصاف النقص، وهذا الوصف له ما يقتضيه كام

قال ابن كثري رمحه اهلل يف تفسري قوله تعاىل: ﴿ڑ ڑ ک ک ک ويعظمه فه ليرش األعىل، املأل يف رشفه )بـني قال: گ﴾، گ ک

ويطيعه أهل األرض(.

- 32 -

فه باأنه حكيم • و�شوأما وصفه بأنه حكيم؛ فيتضمن ثالثة معان:

﴿چ تعاىل: قال كام تناقض وال فيه اختالف ال حمكم أنه أحدها: چ چڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ﴾وقال:

﴿ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱڱ ڱ ں ں ڻ ڻ﴾.

أم الناس يف مجيع شؤوهنم شاؤوا بمعنى حاكم عىل أنه حكيم والثاين: أبوا، أما املنقادون حلكمه الرشعي فيجدون فيه بيان احلق فيام اختلفوا فيه، وأما املعرضون ففيه بيان ما يصيبهم من اجلزاء النافذ فيهم يف الدنيا واآلخرة.

وهو -كذلك - حاكم عىل ما قبله من الكتب ومهيمن عليها وناسخ هلا وشاهد بصدق ما أنزل اهلل فيها كام قال تعاىل: ﴿ڇ ڇ ڇ ڍ

ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژژ﴾.

وهو حاكم فيام اختلف فيه أهل الكتاب قبلنا كام قال تعاىل: ﴿جب حب خب مب ىب يب جت حت خت مت ىت يت جث﴾، وقال: ﴿ۆ

ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ﴾.

واملعنى الثالث: أنه ذو احلكمة البالغة، كام قال تعاىل: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پپ﴾، وقد مجع اهلل فيه من جوامع الكلم املبينة ألصول الدين وفروضه وآدابه وحماسن األخالق واملواعظ واحلقوق والواجبات واألمثال والقصص احلكيمة ما ال يوجد يف كتاب غريه فمن أخذها وعمل با فقد أخذ احلكمة من أعظم مصادرها وأقربا وأيسها، ويف تفسري قول

اهلل تعاىل:﴿ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ﴾.

- 33 -

قال أبو الدرداء يف تفسري احلكمة: )قراءة القرآن والفكرة فيه( رواه ابن أيب حاتم.

وحمكمه ومنسوخه ناسخه بالقرآن املعرفة )يعني عباس: ابن وقال ومتشاهبه ، ومقدمه ومؤخره، وحالله وحرامه، وأمثاله(. رواه ابن جرير

وابن أيب حاتم.

وقال قتادة: )احلكمة: الفقه يف القرآن(. رواه ابن جرير.

وروي نحوه عن جماهد وأيب العالية الرياحي ومقاتل بن حيان.

وروي عن غريهم أوجها أخرى يف تفسري احلكمة ال تعارض ما سبق ألن أصل احلكمة وجمامعها يف القرآن احلكيم.

فه باأنه جميد • و�ش

وأما وصفه بأنه جميد؛ فيتضمن معنيني: د أي الذي له صفات املجد والعظمة واجلالل التي - أحدمها: أنه املمجال يدانيها أي كالم ، املتنزه عام يقوله اجلاهلون مما ال يليق به كدعوى بعض

الكفار أنه سحر أو شعر أو من كالم البرش.

الكامل صفات من عددا يستلزم اللغة يف املجد وصف أن وذلك واجلالل والعظمة التي يكون با املوصوف جميدا.

فكل صفة عظيمة يوصف با القرآن هي من دالئل جمده.

د ملن آمن به وعمل بديه؛ فيكون ألصحاب - واملعنى اآلخر: أنه املمجالقرآن من املجد والعظمة والعزة والرفعة يف الدنيا واآلخرة ما ال ينالونه

- 34 -

بغريه أبدا كام يف صحيح مسلم من حديث عمر بن اخلطاب ريض اهلل عنه أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قال: »إن اهلل يرفع هبذا الكتاب أقواما ويضع

به آخرين«.

- قال الشافعي رمحه اهلل : )من قرأ القرآن عظمت قيمته(.

- وال جتد كتابا يعظم تاليه كام يعظم القرآن أصحابه ويرشفهم ويكرمهم ويعيل منزلتهم.

بإسناد صحيح احلديث أهل من والنسائي ومجاعة أمحد اإلمام روى عن عبد الرمحن بن بديل بن ميسة ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك ريض اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم : »إن هلل عز وجل أهلي

من الناس«. قالوا: ومن هم يا رسول اهلل؟

قال: »أهل القرآن ؛ أهل اهلل وخاصته«.

فأضافهم اهلل إىل كتابه وأضافه إىل نفسه جل وعال، وسامهم أهله وهل رشف يداين هذا الرشف؟!، وهل جمد فوق هذا املجد؟!

وما ظنك بإكرام اهلل ألهله؟!.

فه باأنه عزيز • و�شة االمتناع: ة الغلبة وعز ة القدر وعز وأما وصفه بأنه عزيز؛ فيتضمن عز

يعىل عليه، يعلو وال الكالم وأحسنه، أفضل فألنه القدر فأما عزة -ول واألحوال وال يتغري. وحيكم وال حيكم عليه، يغري الدر

- 35 -

ڦ ڦ ڦ ڤ ڤ ڤ ڤ ٹ ﴿ٹ تعاىل: اهلل قال ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چچ چ ڇ مسند ويف ڑ﴾ ژ ژ ڈ ڈ ڎ ڎ ڌ ڍڌ ڍ ڇ ڇ ڇ اإلمام أمحد من حديث جابر بن عبد اهلل عن النبي صىل اهلل عليه وسلم أنه

قال: »إن أحسن احلديث كتاب اهلل، وأحسن اهلدي هدي حممد«.

وهو عزيز القدر عند اهلل، وعند املالئكة، وعند املؤمنني.

عىل كريم أي: گ﴾ ک ک )﴿ک السمعاين: املظفر أبو قال اهلل(. وروي ذلك عن ابن عباس.

- وأما عزة قدره عند املؤمنني فبينة ظاهرة ، وال توجد أمة من األمم إجالهلم من إهنم حتى القرآن املسلمون جيل كام وجتله بكتابا تعتني للقرآن ليجلرون حامل القرآن كام يف سنن أيب داوود من حديث أيب موسى األشعري ريض اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »إن من إجالل اهلل إجالل ذي الشيبة املسلم، وحامل القرآن غري الغايل فيه واجلايف

عنه، وإكرام ذي السلطان املقسط«.

ة قدره. وهذا كله من عز

- وأما عزة غلبته فألن حججه غالبة دامغة لكل باطل كام قال تعاىل: احلجج أحسن القرآن وحجج ڳ﴾ ڳ گ گ گ ﴿گ الصحيحة الفطرة إىل وأقربا والتعقيد التكلف عن وأبعدها وأبينها اهلدى، له تبني عقلها من وفائدة، ثمرة وأعظمها الرصيح والعقل

واستبانت له سبل الضالني، ومن حاج با غلب ، ومن غالبها غلب.

- 36 -

ومن عزة غلبته أنه غلب فصحاء العرب وأساطني البالغة فلم يقدروا عىل أن يأتوا بمثله، وال بمثل سورة واحدة منه، وقد حتدى اهلل املرشكني الذين يزعمون أنه من أساطري األولني وأنه قول البرش أن يأتوا بسورة من أقروا بذلك وهم صاغرون كام مثله فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا حتى قال الوليد بن املغرية عىل كفره : )واهلل إن له حلالوة، وإن عليه لطالوة، وإن أسفله ملغدق، وإن أعاله ملثمر، وما يقول هذا برش( رواه البيهقي يف

دالئل النبوة.

ه وحفظه حفظا تاما من وقت - وأما عزة االمتناع فألن اهلل تعاىل أعزنزوله إىل حني يقبضه يف آخر الزمان كام قال تعاىل: ﴿ڳ ڳ ڳ ڱ وال خلفه، من وال يديه بني من الباطل يأتيه فال ں﴾ ڱ ڱ ڱ تستطيعه الشياطني، وال يمكن لكائد مهام بلغ كيده أن يبدله أو حيرفه أو

يزيد فيه أو ينقص منه شيئا.

فهو حمفوظ من الشياطني، حمفوظ من كيد الكائدين، ال يصيبه تبديل وال تغيري، يقرأ عىل مر السنني والقرون كام أنزل ال يرم منه حرف، وال

يبدل منه يشء.

فه باأنه كرمي • و�شاخلفية ومعانيه الباهرة دالئله له فوصف كريم؛ بأنه وصفه وأما والظاهرة فهو كريم عىل اهلل ، كريم عىل املؤمنني، كريم يف لفظه، كريم يف م ألصحابه، كثري اخلري والربكة، كريم ملا م عن كل سوء، مكر معانيه، مكر

جيري بسببه من اخلري العظيم الذي ال يقدر قدره إال اهلل.

- 37 -

لكل العرب؛ لسان معان يف إىل مخسة يرجع بالكرم وتفصيل وصفه معنى شواهده اللغوية الصحيحة:

﴿ۉ ۉ ې تعاىل: اهلل قول احلسن، ومن ذلك كرم األول: املعنى ﴿ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ وقوله: ې ې ې ى﴾

ڦ ڄ﴾، وقوله: ﴿ھ ے ے ۓ ۓ﴾.والقرآن كريم بالغ احلسن يف ألفاظه ومعانيه.

واملعنى الثاين: كرم القدر وعلو املنزلة، فتقول: فالن كريم عيل، أي ذو قدر ومكانة عالية عندي.

ومن املحمول عىل إرادة معنى رفعة القدر - وإن كان عىل سبيل التهكم - قوله تعاىل: ﴿ڈ ژ ژ ڑ ڑک﴾.

قال جمنون ليىل:م�ن امل�زن م�ا ت�روى ب�ه وتس�يم س�قى بل�دا أمس�ت س�ليمى حتلهفإن�ه س�اكنيه م�ن أك�ن مل كري�م وإن ع�يل ش�خص ب�ه حي�ل

القدر عند اهلل تعاىل، وعند املؤمنني، وبيان واملقصود أن القرآن كريم دالئل كرم قدره لو أفاض املتحدث فيه الستدعى ذلك منه سفرا كبريا.

واملعنى الثالث: كرم العطاء، وهو أشهر معانيه، حتى غلب عىل أفهام كثري من الناس فظنوه حمصورا فيه، وليس األمر كذلك.

والقرآن كريم بذا املعنى لكثرة ما يصيب تاليه من اخلري والربكة بسببه، وكثرة ثواب تالوته وحسن آثارها.

م عن كل سوء، وهو فرع عن كرم القدر، وأصله أن واملعنى الرابع: املكرم. بناء فعيل يأيت يف اللغة أحيانا عىل معنى املفعول؛ فيأيت الكريم بمعنى املكر

- 38 -

م لغريه، وهو من آثار كرم العطاء وكرم احلسن واملعنى اخلامس: املكروكرم القدر، وأصله أن بناء فعيل يأيت يف اللغة أحيانا عىل معنى الفاعل؛

م. فيأيت الكريم بمعنى املكر

هذه حول يدور كريم بأنه القرآن وصف معنى يف املفسين وكالم املعاين، وكل مجلة من هذه اجلمل لو تأمل الناظر دالئلها وآثارها النفتح له من أبواب العلم واإليامن والفضل العظيم ما ال يكاد ينقيض منه العجب.

ولعل هذا يطلعك عىل بعض معاين القسم العظيم اجلليل الذي أقسمه ی ی ﴿ىئی وعال: جل قال إذ الواقعة سورة يف تعاىل اهلل

ی جئ حئ مئ ىئ يئ جب حب ٱ ٻ ٻٻ﴾.إدراك يف وجيتهد القسم، هذا عظمة يستشعر أن مؤمن لكل فينبغي

نصيبه من هذا الكرم.

فه باأنه عظيم • و�شوأما وصفه بأنه عظيم؛ فيتضمن عظمة قدره وعظمة صفاته.

فالقرآن عظيم القدر يف الدنيا واآلخرة:

فأما عظمة قدره يف الدنيا فتتبني من وجوه كثرية:

منها: أنه كالم اهلل تعاىل.

ومنها: إقسام اهلل تعاىل به.

ومنها: كثرة أسامئه وأوصافه الدالة عىل عظمة قدره.

ومنها: أنه حاكم عىل ما قبله من الكتب، وناسخ هلا، ومهيمن عليها.

- 39 -

ومنها: أنه فرقان بني اهلدى والضاللة، واحلق والباطل.

ومنها: أنه هيدي للتي هي أقوم.

ومنها: أنه مصدر األحكام الرشعية التي با قيام مصالح العباد، وإليها يتحاكمون يف فض منازعاهتم وحل مشكالهتم ومعضالهتم.

ومنها: أن اهلل خصه بأحكام يف الرشيعة تبني حرمته وجاللة شأنه.

واألوجه الدالة عىل بيان عظمة قدره كثرية جدا يتعذر حرصها.

وأما عظمة قدره يف اآلخرة فمن دالئلها:

- أنه يظل صاحبه يف املوقف العظيم.

- وأنه شافع مشفع وماحل مصدق.

- وأنه حياج عن صاحبه ويشهد له.

- وأنه يرفع صاحبه درجات كثرية.

- وأنه يثقل ميزان أصحابه بكثرة ما جيدون من ثواب تالوته.

وأما عظمة صفاته فبياهنا من وجهي:

الوجه األول: أن كل صفة وصف با القرآن؛ فهو عظيم يف تلك الصفة؛ فكرمه عظيم، وبركته عظيمة، وجمده عظيم، وعلوه عظيم، ونوره عظيم، أسامئه من ذلك غري إىل عظيم وفرقانه عظيم، وشفاؤه عظيم، وهداه

وصفاته التي اتصف يف كل صفة منها بالعظمة فيها.

والوجه الثاين: أن كثرة أسامئه وصفاته العظيمة دليل آخر عىل عظمته.

- 40 -

فه باأنه مبارك • و�شوأما وصفه بأنه مبارك؛ فقد ورد يف مواضع من القرآن:

- منها قول اهلل تعاىل: ﴿ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہہ﴾.

- وقوله تعاىل: ﴿گ گ گ ڳڳ ڳ ڳ ڱڱ﴾.

ڃ ڃڃ ڃ ڄ ڄ ڄ ﴿ڄ تعاىل: وقوله -چچ﴾.

ومبارك »اسم مفعول« يفيد أن الذي باركه هو اهلل تعاىل، ومعنى باركه وال خريه، ينقص فال املتزايد؛ الكثري اخلري وهي الربكة، فيه أودع أي يذهب نفعه، وال تضعف ثمرته؛ بل خريه يف ازدياد وجتدد عىل مر القرون

واألعصار.

وكون الذي باركه هو اهلل تعاىل له آثار عظيمة عىل بركته؛ فهي بركة من العليم القدير احلكيم الواسع األكرم؛ فاتسعت بركته وعظمت، حتى كان

مباركا يف كل يشء فال حيرم بركته إال شقي حمروم.

وأنواع بركات القرآن كثرية متنوعة؛ فألفاظه مباركة، ومعانيه مباركة، ودالئله مباركة، وحيثام كان فهو مبارك ملن آمن به واتبع هداه.

فمن بركاته: هداياته العظيمة التي هيدي با للتي هي أقوم يف كل يشء.

ومن بركاته: شفاؤه ملا يف الصدور، وألدواء النفوس واألبدان.

ومن بركاته: كثرة ثواب تالوته وتنوعه.

- 41 -

ومن بركاته: ما يفيد من العلم واحلكمة واليقني، والبصرية يف الدين.

ومن بركاته: ما حيصل به من جالء احلزن، وذهاب الغم، ونور الصدر، وطمأنينة القلب، وسكينة النفس.

ومن بركاته: ما يكون لتاليه من زيادة اإليامن، وصالح البال، وذهاب كيد الشيطان.

به، بتمسكهم احلق عىل وثباهتم باتباعه، أصحابه عزة بركاته: ومن وتبرصهم به يف مواضع الفتن، وما حيصل هلم به من الفرقان العظيم بني

احلق والباطل، واخلروج من الظلامت إىل النور.

ومن بركاته: أنه يرفع أصحابه، ويكرمهم، ويكون هلم بسببه قدر عظيم ومنزلة عالية.

خريه يكثر فيه يتىل الذي فالبيت حل؛ حيثام مبارك أنه بركاته: ومن ويتسع بأهله، والصدر الذي حيفظه يتسع وينفسح، واملجلس الذي يتىل فيمن اهلل ويذكره املالئكة وحتفه الرمحة وتغشاه السكينة عليه تتنزل فيه عنده، حتى إن الورق الذي يكتب فيه ليكون له شأن عظيم بعد تضمنه

آلياته، وتكون له حرمته وأحكام الكثرية يف الرشيعة.

وأما بركاته يف اآلخرة فربكات عظيمة جليلة، فهو مبارك عىل املؤمن يف قربه، ويف املوقف العظيم، ويف احلساب، ويف امليزان، ويف الرصاط، وعند

ارتقائه يف درجات اجلنة.

- 42 -

فه باأنه قيم • و�شۋ ٴۇ ۈ ﴿ۈ تعاىل: اهلل قول يف ورد فقد قيم؛ بأنه وصفه وأما ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ېې ې ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ

وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ﴾.وقوله تعاىل: ﴿ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ﴾.

ولوصفه بالقيم ثالثة معان:

أحدها: أنه مستقيم ال عوج فيه، وال خلل، وال تناقض، وال تعارض، بل يصدق بعضه بعضا، ويبني بعضه بعضا، يأتلف وال يتلف، وال يأتيه

الباطل من بني يديه وال من خلفه، هيدي إىل احلق وإىل طريق مستقيم.

قال األمني الشنقيطي: )أي ال اعوجاج فيه ألبتة، ال من جهة األلفاظ، وال من جهة املعاين، أخباره كلها صدق، وأحكامه عدل، سامل من مجيع

العيوب يف ألفاظه ومعانيه، وأخباره وأحكامه(ا.هـ.

واملعنى الثاين: أنه قيم عىل ما قبله من الكتب ومهيمن عليها، وشاهد بصدق ما أنزل اهلل فيها.

مصاحلهم وقيام العباد أمور قوام به الذي القيم أنه الثالث: واملعنى ورشائعهم وأحكام عباداهتم ومعامالهتم، وهيدهيم للتي هي أقوم يف مجيع

شؤوهنم.

- 43 -

فه باأنه ب�شائر • و�شوأما وصفه بأنه بصائر، فقد ورد يف قوله تعاىل: ﴿ے ۓ ۓ ڭ ۈ ۆ ۆ ﴿ۇ تعاىل: وقال ۇۇ﴾، ڭ ڭ ڭ ۈ ٴۇ ۋ ۋ﴾، وقال تعاىل: ﴿ڦ ڦ ڄ ڄ ڄڄ ڃ

ڃ ڃڃ چ چ چچ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ﴾.والبصائر مجع بصرية، وهي معرفة حقيقة األمر وعاقبته، ويتفرع عىل

هذه املعرفة تبني الصواب واخلطأ فيام يقع يف ذلك األمر.

والبصرية مفتاح اهلداية، والنجاة من الغواية، وسبب الثبات عىل احلق، واجتناب الباطل، وأصلها ما ينعقد يف القلب من صحة املعرفة.

ين وحقيق قال اخلليل بن أمحد: )البصرية اسم ملا اعتقد يف القلب من الداألمر(.

وسمي القرآن بصائر ألنه يبرص باحلقائق يف كل ما حيتاج إليه؛ فيبرص من يعرتضهم وما أهله، وجزاء عاقبته حسن ويبني ويبينه، باحلق االبتالءات والفتن، ويبني هلم طريق النجاة وأسباب اهلداية، ويبرص بقبح الباطل وشؤمه، وسوء عاقبة أهله، وسبب اغرتارهم به، وطرق نجاهتم

منه قبل فوات األوان.

ويبرص املؤمن بكيد عدوه املرتبص به، ومداخل تسلطه عليه، وكيف يتقي رشه وينجو من كيده.

املكر يف وطرقهم واملنافقني، الكفار من بأعدائهم املؤمنني ويبرص والكيد والتضليل، ويبني هلم سبيل السالمة من رشهم، وما يتحقق هلم به

- 44 -

النرص والتمكني إن متسكوا به.

من فيها وما فيها، إجيادنا ومقاصد الدنيا هذه بحقيقة املؤمن ويبرص سنن االبتالء.

ويبرصه بأدواء القلوب وعلل النفوس وأسباب شفائها وطهارهتا وزكاهتا.

ويبرص بأحكام الدين ورشائعه، وما تصلح به شؤون العباد يف دينهم ودنياهم.

حمبته ينال وكيف وعال، جل ربه إىل به يتقرب بام السالك ويبرص ورضوانه، وكيف يبلغ - يف كل شأن من شؤونه - مرتبة اإلحسان التي هي أعىل املراتب، وجزاؤها أحسن اجلزاء، إىل غري ذلك من أنواع البصائر

املباركة التي عمت كل ما حيتاجه املؤمن من البينات واهلدى.

وبصائر القرآن كالكنوز الكثرية يف البحر العظيم؛ كلام أقبل عليها من يعرف قدرها وتأملها وقلب النظر فيها واكتسب منها ما اكتسب وجدها تكثر وتتسع وتتنوع حتى يوقن بأنه ال حييط با من كثرة أنواعها وبركاهتا،

ووجد يف كل بحث وتأمل ما يسه ويبهجه مما ال ينقيض من العجب.

وأما الكافر واملنافق فإنه ربام عرضت له البصرية من القرآن يف اليشء القرآن، كام حرم ثم أنكره فحرم من بركات بصائر البني وعرفه العظيم وحرموا احلق، عرفوا بعدما فزاغوا مستبرصين؛ وكانوا قبل من الذين بام التبرص عن به افتتنوا بام ورصفوا وإعراضهم، لتكذيبهم التوفيق

﴿ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ تعاىل: اهلل قال إليهم، اهلل أنزل ەئ ائ ائ ى ى ې ې ې ۉې

ەئ وئ﴾.

- 45 -

وقال تعاىل: ﴿ہ ھ ھ ھ ھ ےے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ

ې ې ې ې ى ى ائ ائ ەئەئ﴾.

وقال تعاىل: ﴿جب حب خب مب ىب يب جت حت خت ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پپ پ پ ڀ ڀ ڀڀ﴾.

ولذلك اختلف العلامء يف معنى البصرية؛ فمنهم من فسها باالعتبار وهداية التوفيق، ومنهم من فسها بداية الداللة واإلرشاد.

الداللة هداية من فأصلها للمعنني جامعة البصرية أن والصواب التبرص ملزيد من ازداد هداية وتوفيقا آمن با وتبرص با واإلرشاد فمن

النافع حتى يورثه اليقني واإلمامة يف الدين.

ومن أعرض عام تقتضيه بصائر القرآن من العمل واتباع اهلدى واإلقبال عىل تعرف بصائر القرآن واالنتفاع با استحق العقاب عىل توليه وإعراضه بأن حيرم فهم القرآن والتبرص به، ويشغله ما افتتن به من هلو الدنيا وغرور العلم القرآن وازدياد األمنيات ووساوس الشيطان عن االنتفاع ببصائر

با.

﴿ڦ ڦ ڄ ڄ ڄڄ ڃ تعاىل: اهلل قول املعنيان يف اجتمع وقد ڃ ڃڃ چ چ چچ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ﴾.

به، وتعرفه اهلدى عىل تدل التي القرآن ببصائر املنتفع هو فاملبرص والعمي هو الذي عوقب بالعمى لتعاميه وشدة نفوره عن التبرص ببصائر

القرآن.

- 46 -

قال ابن القيم رمحه اهلل: )قال ابن األعرايب: »البصرية الثبات يف الدين«، وقيل: البصرية العربة، كام يقال: أليس لك يف كذا بصرية؟ أي: عربة، قال

الشاعر:بصائـر لنـا القـرون مـن ــن األوليــ الذاهبـني يف

والتحقيق أن العربة ثمرة البصرية؛ فإذا تبرص اعترب؛ فمن عدم العربة فكأنه ال بصرية له، وأصل اللفظ من الظهور والبيان؛ فالقرآن بصائر: أي

أدلة وهدى وبيان يقود إىل احلق وهيدي إىل الرشد(ا.هـ.

فه باأنه هدى • و�شوأما وصفه بأنه هدى؛ فقد ورد يف مواضع كثرية من القرآن؛ منها قوله

ڀ پپ پپ ٻ ٻ ٻ ٻ ﴿ٱ البقرة؛ سورة أول يف تعاىل ڀڀ﴾.

وجميء هذه اآلية يف أول املصحف بعد الفاحتة التي فيها سؤال اهلداية تنبيه عىل تضمن القرآن للهداية التي يسأهلا املؤمنون وترغيب يف االهتداء

به.

ں ں ڱ ڱ ڱ ڱ ڳ ﴿ڳ تعاىل: وقال ڻ ڻ ڻ ڻۀ﴾.

وقال: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ﴾

وقال: ﴿جب حب خب مب ىب يب جت حت خت مت ىت يت جث ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ﴾.

- 47 -

ەئ ائ ائ ى ېى ې ې ې ۉ ﴿ۉ وقال: ەئ وئ وئ ۇئ ۇئۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ﴾.

ٹ ٹ ٹ ٿ ٿ ٿ ٿ ٺ ٺ ﴿ٺ تعاىل: وقال ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ﴾.

فهداية القرآن هداية عظيمة يف شموهلا جلميع شؤون العباد، ويف كوهنا هتدي للتي هي أقوم يف كل شأن.

وهداية القرآن عىل مرتبتي:املرتبة األوىل: اهلداية عامة جلميع الناس؛ تدهلم عىل احلق، وعىل رصاط اهلل املستقيم؛ فيعرفون به ما جيب عليهم وما حيرم، ويتبينون به ما تقوم به احلجة عليهم، وما ينذرون به إذا خالفوا هدى القرآن، وما يبرشون به إذا

اتبعوا هداه.

كام قال اهلل تعاىل: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پپ پ پ ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ﴾ وقال

فيه: ﴿ں ں﴾.

واملرتبة الثانية: اهلداية اخلاصة للمؤمنني التي يوفقون با لفهم مراد اهلل تعاىل، وملا يتقربون به إليه؛ فيزيدهم هدى إليه.

ومن اتذ القرآن دليال له إىل اهلل تعاىل أبرص به السبيل الذي يقربه إليه ويوجب له حمبته ورضوانه وفضله العظيم بام أوجبه اهلل عىل نفسه من ذلك.

كام قال اهلل تعاىل: ﴿ۈئ ېئ ېئېئ ىئ ىئ ىئ ی ی یی﴾.

فمن اهتدى بالقرآن هداه اهلل، ومن متسك به عصم من الضاللة.

- 48 -

عليه اهلل اهلل صىل علينا رسول قال: خرج اخلزاعي، وعن أيب رشيح وأين اهلل إال إله ال أن تشهدون أليس أبرشوا، »أبرشوا، فقال: وسلم،

رسول اهلل؟«.

قالوا: نعم.

فتمسكوا بأيديكم اهلل، وطرفه بيد القرآن سبب طرفه »فإن هذا قال: به، فإنكم لن تضلوا ولن هتلكوا بعده أبدا« رواه ابن أيب شيبة وابن حبان

وصححه األلباين.

ڄ ڄ ﴿ڦ تعاىل: اهلل قول فس وقد احلبل، هو والسبب ڄ ڄ ڃڃ﴾ باالعتصام بالقرآن.

قال عبد اهلل بن مسعود: )إن الرصاط حمترض حترضه الشياطي، ينادون: يا عبد اهلل، هلم هذا الطريق! ليصدوا عن سبيل اهلل؛ فاعتصموا بحبل اهلل،

فإن حبل اهلل هو كتاب اهلل(. رواه ابن جرير.

وقال قتادة: )حبل اهلل املتي الذي أمر أن يعتصم به: هذا القرآن( رواه ابن جرير.

املراد بحبل املأثورة عن السلف يف القول أحد األقوال اخلمسة وهذا اهلل، وهي أقوال تتفق وال تتلف، ويدل بعضها عىل صدق بعض؛ ففس

بالقرآن وبالتوحيد وباجلامعة وبالسنة وبعهد اهلل.

ويف صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد اهلل ريض اهلل عنهام أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قال يف خطبته يف حجة الوداع: »وقد تركت فيكم ما

لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب اهلل«.

- 49 -

فمن متسك بالقرآن عصم من الضاللة؛ وهذه من أعظم ثمرات هدى القرآن.

فه باأنه نور • و�ش

وأما وصفه بأنه نور؛ فقد ورد يف مواضع من القرآن منها:

- قول اهلل تعاىل: ﴿ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ائ ائ﴾.

ڌ ڍ ڍ ڇ ڇ ڇ ڇ ﴿چ وقوله: -ک ڑ ڑ ژ ژ ڈ ڈ ڎ ڎ ڌ

ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ﴾

ڀ ڀ ڀ ڀ پ پ پپ ٻ ٻ ٻ ٻ ﴿ٱ وقوله: -ڤ ڤ ڤ ٹ ٹٹ ٹ ٿ ٿ ٿ ٿ ٺ ٺ ٺ ٺ

ڤ ڦ﴾.- وقوله: ﴿ې ې ې ې ى ىائ ائ ەئ ەئ وئ وئ﴾.

- وقوله: ﴿گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱڱ ں ں ڻ ڻ﴾.

الرشك ظلمة عنهم ويذهب للسالكني؛ الطريق ييضء نور فهو وأبرص سبيله، له أضاء القرآن بنور استضاء فمن وآثارها؛ والعصيان املعرفة ربه؛ حسن بينة من يذر، وكان عىل يأيت وما ما احلقائق، وعرف

برصاطه املستقيم، وبكيد الشيطان الرجيم، وعلل النفس املردية.

- 50 -

ومثل العبد يف هذه احلياة الدنيا كمثل السالك يف صحراء مظلمة مليئة وال حمصن؛ آمن طريق الصحراء تلك ويف والسباع واهلوام باملخاوف يعرفه؛ فمن سار بنور ييضء لصاحبه حتى الطريق إال تعرف معامل هذا الظلمة تبط يف سريه وتعرض للمخاوف، ومل يصل إىل مأمنه، ومن يف آمنا، وكان عىل حذر فيها املحصن، وسار الطريق بالنور أبرص استضاء

من الزيغ عنه إىل مفاوز الظلامت املوحشة.

للسالكني، السبيل ليبني به يستضاء الذي املبني النور هو فالقرآن ويرجوا من الظلامت إىل النور، ومن سبل الشياطني املوحشة املضلة إىل

رصاط اهلل املستقيم.

﴿ې تعاىل: اهلل قال نور مبني كام بأنه القرآن نور اهلل وقد وصف ى ى ائ ائ﴾.

وقد فس بمعنيي صحيحي:أحدمها: أنه مبني بمعنى بني أي ظاهر واضح يعرف أنه هو احلق لنوره الذي يميزه عن غريه، وهلذا املعنى نظائر كثرية يف القرآن الكريم ويف كالم

العرب.

؛ ملا فيه من بيان احلق واهلدى للناس. واملعنى اآلخر: أنه مبني بمعنى مبني

واملستنري بنور القرآن يتبني به حقائق األمور، وسنن االبتالء، وعواقب وحيل اخلداعة، الفتن وظواهر األعداء، مكائد تغره وال السالكني، النفس اخلفية، يف حصن حصني من فتن الشبهات والشهوات ملا يرى من ال فيها يبرص املنفر؛ احلقيقي بوجهها له تبدت إذ عاقبتها وسوء قبحها

كبرص غريه، ويسمع فيها ال كسمع غريه؛ ﴿کک ک ک

- 51 -

گ گ گگ ڳ ڳ ڳڳ ڱ ڱ ڱ﴾.من خرج قد حقيقية؛ حياة يف القرآن بنور املستنري البرص بذا وهو أرس الظلامت، ووجد حقيقة احلياة وطعمها وتبينت له غايته التي يسعى

إليها، وطريقه الذي يوصله إىل غايته. ﴿ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہہ ھ ھ

ھ ھ ے ے ۓ﴾.وهذا النور مالزم لالنفساح وانرشاح الصدر؛ ألنه يرى من آفاق السعة ورفع احلرج وكثرة أبواب الفضل والرمحة واملخارج من املضايق ما يدفع عنه الشعور بالضيق الناتج عن ضعف إبصارها لدى من قل نصيبه من

االستنارة بنور القرآن.

وأعظمهم القرآن؛ بنور االستنارة يف الناس تفاوت عىل يطلعك وهذا نصيبا منه أرشحهم صدرا وأزكاهم نفسا وأحسنهم بصرية؛ قد انرصفت مهته إىل إحسان العمل وجتنب اإلثم؛ فازداد هداية وانرشاحا واستنارة بنور اهلل.

ٺ ڀ ڀ ڀڀ پ پ پ پ ٻ ٻ ٻ ٻ ﴿ٱ ٺ ٺ ٺٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ﴾.

فه باأنه بيان ومبني • و�شالقرآن من كثرية مواضع يف ورد فقد ومبي؛ بيان بأنه وصفه وأما ھ﴾ ہ ہ ہ ہ ۀ ﴿ۀ تعاىل: فقال الكريم؛ عىل القول بأن مرجع اسم اإلشارة هو القرآن الكريم، وهو قول احلسن

البرصي وقتادة.

- 52 -

وقال: ﴿ۀ ۀ ہ ہ﴾ يف ثالثة مواضع، وقال: ﴿ڍ ڍ ڌ﴾ يف موضعني.

وبيان القرآن أحسن البيان وأعظمه وأجله يف ألفاظه ومعانيه وهداياته.

فأما ألفاظه فهي عىل أفصح لغات العرب وأحسنها، ال تعقيد فيها وال له تعس، بال سآمة وال اللسان اجلريان عىل اختالل، حسن تكلف وال حالوة عند سامعه، وحالوة عند تالوته، يقرؤه الكبري والصغري وحيفظه من يشاء منهم لتيس ألفاظه وحسنها. وقد حتدى اهلل به أساطني فصحاء فلم مثله من بسورة أو بمثله يأتوا أن عىل متوافرون وهم العرب، يستطيعوا، ولو اجتمع أهل األرض كلهم عىل أن يأتوا بمثله مل يستطيعوا.

وقد اعتنى ببديع بيان ألفاظ القرآن مجاعة من العلامء؛ فاستخرجوا من ذلك ما يبهر ويدهش من حسن البيان وإحكامه.

وأما بيان معانيه؛ فهو حمكم غاية اإلحكام؛ ال يأتيه الباطل من بني يديه ﴿چ چ يتناقض، وال يتلف؛ يتعارض، وال وال من خلفه، وال

چڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ﴾.احلق بيان وعىل ويرضاه، اهلل حيبه ما عىل وداللتها هداياته بيان وأما ونرصته، وعىل كشف الباطل ودحضه؛ وإرشاده إىل رصاط اهلل املستقيم؛ فأمر ظاهر غاية الظهور؛ ولظهور بيانه للهدى أقام اهلل به احلجة عىل اإلنس

واجلن؛ وأمر نبيه أن يذكر به، وينذر به ، ويبرش به؛ فأمره أن يقول: ﴿ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿٹ﴾

وقال تعاىل: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻٻ﴾.

- 53 -

وقال تعاىل: ﴿ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ﴾.

وقال: ﴿ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې﴾.

وقال: ﴿ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ﴾.

فه باأنه ذكر وذكرى وتذكرة • و�شففي آيات كثرية من كتاب اهلل ذكر وذكرى وتذكرة؛ بأنه وأما وصفه تعاىل؛ بل جعل اهلل من أعظم مقاصد إنزال القرآن التذكري به؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇڇ﴾

وقال: ﴿ڱ ڱ ں ں﴾

وقال: ﴿ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ﴾.

وقال: ﴿پ پ پ ڀ ڀ﴾ يف ثالثة مواضع.

وقال: ﴿گ گ گ ڳڳ ڳ ڳ ڱ ڱ﴾.

ٺ ڀ ڀ ڀ ڀ پ پ پ پ ٻ ٻ ﴿ٻ وقال: ٺ ٺ﴾.

ۅ ۋ ٴۇۋ ۈ ۈ ۆ ۆ ۇ ۇ ﴿ڭ وقال: ۅ ۉ ۉ ې ې ې﴾.

واآليات يف هذا املعنى كثرية، وتذكري القرآن عىل درجتي: الدرجة األوىل: تذكري عام تقوم به احلجة؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ

ڃ چ چ چ چ﴾.

- 54 -

وقال تعاىل: ﴿ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ﴾.

املستقيم؛ ومن به إىل رصاطه اهلل له هداه التذكري من استجاب وهذا أعرض عنه وزهد فيه انتقم اهلل منه، وعاقبه باحلرمان من فقهه واالنتفاع

به؛ وتلك أعظم العقوبات يف الدنيا؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ﴾.

وقال تعاىل: ﴿ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻڻ ڻ ڻ ۀ ۀ

ہ ہ ہ ہ ھ﴾وقال تعاىل: ﴿ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ

ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ﴾.

وقال تعاىل: ﴿ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ﴾.

واملقصود أن هذا التذكري العام تقوم به احلجة، وال ينفع إال من استجاب هلل عز وجل واتبع هداه.

والدرجة الثانية: التذكري النافع؛ وهو تذكري خاص باملؤمنني؛ كام قال اهلل ﴿ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ﴾، وقال: ﴿ھ ھ تعاىل:

ے ے ۓ ۓ﴾ وقال: ﴿ەئ ەئ وئ وئ﴾.كان إيامنا أكمل العبد كان اإليامن، وكلام أعامل واإلنابة من واخلشية

نصيبه من التذكر أعظم وأنفع.

ولذلك كان نصيب أهل اخلشية واإلنابة من ذلك أحسن النصيب.

- 55 -

وتذكري القرآن له أنواع كثرية: املوجبة بأسامئه وصفاته بربه جل وعال، وتعريفه العبد تذكري فمنها:

ملحبته؛ فيحبه ويعظمه ويتقرب إليه. ومنها: تذكريه بفضله ورمحته وعظيم ثوابه يف الدنيا واآلخرة؛ فريجوه

ويتقرب إليه. إليه ويتقرب ويشاه، فيخافه وبطشه؛ عقوبته بشدة تذكريه ومنها:

خوفا من عقابه.

وهذه األركان الثالثة: املحبة واخلوف والرجاء عليها مدار عبودية القلب. ومنها: تذكري العبد بنعم اهلل وآالئه؛ فيذكره ويشكره وحيبه.

الدين؛ وأعداء الشيطان وكيد والنفس الدنيا بحقيقة تذكريه ومنها: فيعرف حقائق ذلك، وينجو من فتن عظيمة مضلة.

ومنها: تذكريه باملوت وسكرته وبالقيامة وأهواهلا وباحلساب واجلزاء واجلنة والنار؛ فيستعد للقاء اهلل تعاىل، ويتيقن قرص مدة بقائه يف هذه الدنيا

مهام عمر فيها.

إىل غري ذلك من األنواع التي عليها مدار تذكري القرآن.

فه باأنه موعظة • و�شوأما وصفه بأنه موعظة، فقد ورد يف آيات من القرآن الكريم، منها قول

﴿ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ تعاىل: اهلل ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ

ڱ ڱ﴾

- 56 -

وقوله: ﴿ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ﴾.

ۀ ڻ ڻ ڻ ڻ ں ں ڱ ڱ ڱ ﴿ڱ وقوله: ۀ ہ ہ﴾.

من فيسلم السوء عن ليزدجر القلب يلني بام التذكري هي واملوعظة إليه فيبادر فيه التفريط خطر ويتبني اخلري فوات وحيذر ومغبته، عقوبته

ليغنم.

ثواب من قلبه يلني بام اإلنسان تذكرتك )املوعظة: سيده: ابن قال وعقاب(.

ومواعظ القرآن أحسن املواعظ وأنفعها، وأعظمها أثرا؛ فهي مواعظ فيه ملا الناس إرشاد وغاياهتا واحلكمة، والرمحة التام العلم عىل مبناها خريهم وعزهم ونجاهتم، وقد قال اهلل تعاىل: ﴿ى ائ ائ ەئ ەئ﴾؛ ومن والنهي واإلصالح والرمحة اخلري عىل دالة وجدها القرآن مواعظ تأمل

عن السوء والفساد واملنكرات.

ومهام بلغ حال العبد من السوء وارتكاب املوبقات إذا فعل ما وعظه اهلل به يف كتابه، وصدق يف ذلك؛ ظهر أثر مواعظ القرآن عىل قلبه ولسانه وجوارحه، حتى هيتدي إىل رصاط اهلل املستقيم وينال فضله العظيم ويرج يف تعاىل اهلل قال وقد واملوبقات، والضالالت الظلامت من فيه كان مما املنافقني الذين هم رش الناس منزلة جلمعهم بني الكفر والنفاق وارتكابم

كثريا من أعامل السوء القبيحة ﴿ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڃ ڄ ڄ ڄ ڄ ڦ ڦ ڦ ڦ ڤ ڤ ڤ

ڃ ڃ﴾.

- 57 -

وهذا يدل عىل أن مواعظ القرآن ما حلت يف قلب إال أثمرت فيه هداية وصالحا وخريا عظيام، وأن الشأن كل الشأن هو يف اتعاظ العبد بمواعظه،

وأن اخلسان املبني هو يف اإلعراض عنها.

فه باأنه �شفاء • و�شالقرآن؛ منها قول اهلل فقد ورد يف مواضع من بأنه شفاء؛ وأما وصفه

ۓ ھھ ھ ے ے ھ ہ ہ ہ ﴿ۀ ۀ ہ تعاىل: ۓ ڭ﴾

﴿ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ وقوله: ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ

ڱ ڱ﴾.ەئ ائ ائ ى ېى ې ې ې ۉ ﴿ۉ وقوله:

ەئ وئ وئ ۇئ ۇئۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ﴾.فوصفه اهلل بأنه شفاء؛ وجعل هذا الشفاء منحة خاصة للمؤمنني؛ ففيه

شفاء لنفوسهم من عللها وأدوائها التي مرجعها إىل أمرين:

- ظلمها بتعدهيا حدود اهلل؛ فيصيبها من مغبة خمالفتها هلداه ما تشقى به.

- وجهلها بام ينفعها ويزكيها ويكملها.

واألصل يف وصف اإلنسان أنه ظلوم جهول؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ائ ەئەئ وئ وئ ۇئ ۇئۆئ﴾.

- 58 -

فيظلم اتباعا هلواه؛ اهلل فيتعدى حدود هذا من طبعه وعادته؛ أن أي نفسه بام جير عليها من البالء والعلل واألدواء والعناء والشقاء.

وجيهل فينرصف إىل تناول ما يضه وال ينفعه؛ ويشقيه وال يشفيه.

وتتنوع مظاهر الشقاء يف النفس البرشية وتتفاوت بحسب بعدها عن هدى اهلل؛ وينشأ فيها من علل اجلهل والظلم، والعجب والكرب، والشك واحلرية، والشح والبخل، واحلرص واحلسد، والعشق والتعلق، وغريها العظيم الشقاء من ألوانا ببعضها أو با اتصف من عىل جتر العلل من

والعذاب الوبيل.

افتتان التصور بفساد فيحصل واإلرادة؛ التصور تفسد العلل وتلك منكرا، واملعروف باطال، واحلق حقا، الباطل فريى الشبهات؛ بفتن

واملنكر معروفا؛ ويزداد بذلك عذاب حريته وشكه وظلمة قلبه.

القلب با الشهوات، وتعلق بأنواع من افتتان وحيصل بفساد اإلرادة به ويظلم حياته، به تشقى ما مصابا وعظيم عذابا أليم من جيد حتى

فؤاده.

واللبيب املوفق إذا أبرص ما أصاب الناس من علل نفوسهم وأدوائها وما أنتجته هلم تلك العلل من عذاب وشقاء أدرك أنه ال خمرج منها إال بشفاء يأيت من اهلل؛ شفاء يصح به التصور فيعرف احلق وحسنه ويبرصه الباطل ويعرف عاقبته، وحسن وثمرته فضله ويتبني الظاهرة، بدالئله للذة فيه وطمعت النفس هويته وإن الظاهرة بدالئله ويبرصه وقبحه

هامجة أو خاطرة عابرة، ويتبني خطره وشؤمه وسوء عاقبته.

- 59 -

البصرية أصله الذي النافع املعريف العالج هذا مع اإلنسان وحيتاج به وتزكو قلبه، به يصلح ما ليتناول سلوكي؛ عالج إىل املعرفة وصحة نفسه، وينرشح به صدره، وتستنري به بصريته، ويستقيم به عىل ما ينفعه يف مجيع شؤونه، ويسلم به مما يضه ويفسد عليه ثمرات صالحه ويضعفها.

وقد أنزل اهلل عز وجل هذا القرآن العظيم شفاء للمؤمنني الذين آمنوا به واتبعوا ما أنزل اهلل فيه من اهلدى؛ فتحقق هلم من الشفاء بقدر ما حققوا

من اإليامن واتباع اهلدى.

ومن أبرص ما تقدم أدرك عظيم منة اهلل تعاىل بذا الشفاء العظيم؛ الذي قدره به من عرف الدنيا واآلخرة، وسعد منه من حرم؛ فشقي يف حرم وعظمه فاغتبط به يف الدنيا مع ما يرجو من فضل اهلل العظيم يف اآلخرة.

األعظم من املقصود الذي هو العظيم الشفاء هذا مع اهلل وقد جعل الشفاء شفاء من نوع آخر؛ فهو رقية نافعة من العلل واألدواء التي تصيب الروح واجلسد، فكم شفي به من عليل عجز األطباء عن عالجه؛ ليتبني أن يشفي عبده فال يعجزه إذا شاء فيه؛ وأن اهلل آيات اهلل آية من الناس

يشء، وال يرد فضله عنه أحد.

وكم أبطل به من سحر قد أرض وأنكى.

وكم تعاىف به من معيون وحمسود وممسوس وموسوس.

وكم اجتمع به شمل أرسة بعد تفرق، وصلح به حال قوم بعد فساد قلوب، من به واطمأنت نفوس، من به سكنت وكم وتفرقه، أمرهم

وانرشحت به من صدور، وصلحت به من أحوال. وكل ذلك من الدالئل البينة عىل ما جعل اهلل فيه من الشفاء املبارك.

- 60 -

فه باأنه رحمة • و�شتعاىل: اهلل قول منها كثرية؛ آيات يف ورد فقد رمحة؛ بأنه وصفه وأما

﴿ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ﴾

وقوله: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ﴾.

ىئ ىئ ىئ ېئ ېئ ېئ ۈئ ۈئ ﴿ۆئ وقوله: ی ی ی ی جئ حئ مئ ىئ﴾.

ڃ ڃ ڄ ڄ ڄ ڄ ڦ ڦ ﴿ڦ وقوله: ڃ ڃ﴾

وقوله: ﴿ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھھ ھ ے ے ۓ ۓڭ﴾.

واآليات يف هذا املعنى كثرية.

فهو رمحة من اهلل تعاىل؛ ملا يدل به عباده عىل النجاة من سخطه وعقابه وأليم عذابه، ورمحة هلم ملا يفتح هلم به من أبواب اخلري الكثري، والفضل

العظيم، والفوز املبني؛ برضوانه وثوابه وبركاته. ورمحة هلم ملا حيجزهم به عام فيه رضرهم مما تقبل عليه نفوسهم متبعة

أهواءها جلهلها وضعفها.

ورمحة هلم ملا يعصمهم به من الضاللة، ويرجهم به من الظلامت إىل النور، ومن الشقاء إىل السعادة.

ورمحة هلم ملا يبني هلم من احلقائق، ويعلمهم من احلكمة، ويرصف هلم رة. فيه من اآليات املبرصة، واألمثال املذك

- 61 -

فتفيض العليا؛ وصفاته احلسنى أسامئه من به يعرفهم ملا هلم ورمحة إليه القلوب بمحبتها وتعبدها له جل وعال بأنواع العبودية؛ التي حاجة القلب تعطشا ال فإن يف الغذاء؛ إىل البدن إليها أعظم من حاجة القلب من عليه يفيض حتى لديه والتزلف إليه والتقرب هلل التعبد إال يرويه فضله ورمحته وبركاته؛ فيطمئن بعد قلقه وانزعاجه، ويروى بعد تعطشه وإهناكه، ويتسع بعد ضيقه وحتسه، ويرشد بعد حريته وضالله، ويسعد

بعد شقائه وعذابه.

﴿ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ وهذه أجل رمحات القرآن وقوله: ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ

گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ﴾

فه باأنه ب�شرى • و�شقول منها تعاىل؛ اهلل كتاب من مواضع ففي برشى، بأنه وصفه وأما

ڃ ڃ ڄ ڄ ڄ ڄ ڦ ڦ ﴿ڦ تعاىل: اهلل ڃ ڃ﴾

وقوله تعاىل: ﴿ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی ی﴾

ڀ پ پ پ پ ٻ ٻ ٻ ﴿ٱٻ تعاىل: وقوله ڀ ڀ﴾

وقوله تعاىل: ﴿ىئ ىئ ىئ ی ی ی ی جئ حئ مئ ىئ﴾

- 62 -

إنزاله دليل التبشري من مقاصد أن التنبيه عىل بأنه برشى مع ووصفه عىل عظيم أثر بشاراته، وعظيم حاجة النفس البرشية للتبشري بام تنال به

سعادهتا وفالحها.

برشى فهو بشاراته؛ تفاضل عىل دليل به ين املبرش وصف وتنويع املراتب تلك وبني للمحسنني؛ وبرشى للمؤمنني، وبرشى للمسلمني،

﴿ۆ ۆ ۈ من التفاضل العظيم يف البشارات ما ال يعلمه إال اهلل ۈٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ﴾

معيار عىل تنبيه به تعاىل اهلل برص وعىل العمل عىل البشارات فرتتب التفاضل، وحض عىل اغتنام أيام املهلة يف االزدياد من بشاراته العظيمة.

وكلام قوي أثر التبشري عىل القلب ازداد إقباال عىل ما برش به؛ وحرصا عىل حتقيق ما ينال به تلك البرشى، واحرتازا مما حيول بينه وبينها؛ فيثمر له

ذلك من أنواع العبودية يف القلب ما يثمر:

1. فتزداد حمبة اهلل يف قلبه لشهود منته بتلك البشارات.

2. ويزداد الرجاء لعظيم االشتياق هلا وتيس سبلها مع الوعد الكريم من الرمحن الرحيم.

3. ويزداد اخلوف من فواهتا بعد أن تبوأت مكانتها يف القلب، وعرف قدرها وفضلها.

فيجتمع لقلب املؤمن بتلك البشارات من املحبة واخلوف والرجاء ما يكون به صالح عبوديته هلل تعاىل، وإذا صلح القلب صلح اجلسد كله.

- 63 -

متهيدالنصوص عليه دلت ما القرآن فضل عىل البينة الدالئل أظهر من الصحيحة الرصحية من معاين عظمته التي من تأملها وتفكر يف مظاهرها ولوازمها وآثارها يف الدنيا واآلخرة ازداد يقينا بعظمة هذا القرآن العظيم وفضله، وأدرك به عظيم منة اهلل تعاىل عىل هذه األمة بام اختصهم به من إنزاله، وأكرمهم بتيسريه هلم ليهتدوا به، وأيقن أن الرشف كل الرشف، العظمة لتلك وأن هداه، واتباع به باإليامن تكون إنام والعزة والرفعة

مقتضيات من العبودية هلل تعاىل.

وقد ذكرت فيام مىض شيئا من تلخيص معاين عظمة القرآن، فيام رشح من معاين صفاته عىل وجه اإلجياز والتنبيه، ولسعة معاين عظمة القرآن أفردهتا هنا بحديث مستقل؛ لنتوقف فيه عند تلك املعاين، ونستجيل تلك احلقائق،

ر نعمة اهلل علينا بذا الكتاب العظيم. ونتفكر يف دالئلها وآثارها، ونتذك

• عظمة قدر القراآن يف الدنياومعاين عظمة القرآن تتبني بمعرفة عظمة قدره وعظمة صفاته.

وال كالمه من أعظم ال الذي تعاىل؛ اهلل كالم أنه قدره: عظمة فمن أصدق وال أحسن، ورشف احلديث برشف املتحدث به، وقد سبق التنبيه

الباب الثالث: بيان عظمة القراآن

- 64 -

إىل آثار أسامء اهلل تعاىل وصفاته يف كالمه، وتلك اآلثار كام تدل عىل فضل القرآن وعظمته فإن هلا مقتضيات من أنواع العبودية هلل تعاىل.

لعباده فيه اهلل جتىل وقد اهلل، كالم )القرآن اهلل: رمحه القيم ابن قال بأسامئه وصفاته؛ فتارة يتجىل يف جلباب اهليبة والعظمة واجلالل؛ فتخضع يذوب كام الكرب ويذوب األصوات وتشع النفوس وتنكس األعناق

امللح يف املاء.

ومجال األسامء كامل وهو والكامل اجلامل صفات يف يتجىل وتارة -الذات؛ فيستنفد حبره من قلب الدال عىل كامل الصفات ومجال األفعال العبد قوة احلب كلها بحب ما عرفه من صفات مجاله ونعوت كامله فيصبح فؤاد عبده فارغا إال من حمبته؛ فإذا أراد منه الغري أن يعلق تلك املحبة به

أبى قلبه وأحشاؤه ذلك كل اإلباء كام قيل:

نس�يانكم القل�ب م�ن الناق�ل ي�راد ع�ىل الطب�اع وتأب�ى فتبقى املحبة له طبعا ال تكلفا.

قوة انبعثت واإلحسان؛ واللطف والرب الرمحة بصفات جتىل وإذا -الرجاء من العبد وانبسط أمله وقوي طمعه وسار إىل ربه وحادي الرجاء حيدو ركاب سريه، وكلام قوي الرجاء جد يف العمل كام أن الباذر كلام قوي

طمعه يف املغل غلق أرضه بالبذر، وإذا ضعف رجاؤه قرص يف البذر.

والعقوبة؛ والسخط والغضب واالنتقام العدل بصفات جتىل وإذا -انقمعت النفس األمارة وبطلت أو ضعفت قواها من الشهوة والغضب رعوناهتا؛ أعنة وانقبضت املحرمات، عىل واحلرص واللعب واللهو

فأحضت املطية حظها من اخلوف واخلشية واحلذر.

- 65 -

الرسل وإرسال والوصية والعهد والنهي األمر بصفات جتىل وإذا -وإنزال الكتب ورشع الرشائع؛ انبعثت منها قوة االمتثال والتنفيذ ألوامره، والتبليغ هلا، والتوايص با، وذكرها وتذكرها، والتصديق باخلرب، واالمتثال

للطلب، واالجتناب للنهي.

ة احلياء؛ - وإذا جتىل بصفة السمع والبرص والعلم؛ انبعث من العبد قويف يفي أو يكره، ما منه يسمع أو يكره، ما عىل يراه أن ربه فيستحيي فتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان رسيرته ما يمقته عليه؛

الرشع، غري مهملة وال مرسلة حتت حكم الطبيعة واهلوى.

- وإذا جتىل بصفات الكفاية واحلسب والقيام بمصالح العباد وسوق إليهم ودفع املصائب عنهم ونرصه ألوليائه ومحايته هلم ومعيته أرزاقهم اخلاصة هلم؛ انبعثت من العبد قوة التوكل عليه والتفويض إليه والرضا به وبام يف كل ما جيريه عىل عبده ويقيمه مما يرىض به هو سبحانه، والتوكل معنى يلتئم من علم العبد بكفاية اهلل وحسن اختياره لعبده وثقته به ورضاه

بام يفعله به ويتاره له.

املطمئنة ما وصلت العز والكربياء أعطت نفسه - وإذا جتىل بصفات وخشوع لكربيائه، واخلضوع لعزته، واالنكسار لعظمته، الذل من إليه قلبه ولسانه وجوارحه والوقار يف السكينة فتعلوه له؛ القلب واجلوارح

ته(ا.ه�. وسمته، ويذهب طيشه وقوته وحد

كثرة أسامئه وأوصافه املتضمنة ملعان جليلة عظيمة ومن عظمة قدره: تدل عىل عظمة املسمى با واملتصف با، وقد سبق بيان بعضها.

- 66 -

ومن عظمة قدره: إقسام اهلل تعاىل به يف آيات كثرية؛ فإن القسم به دليل يكفي ما العظيمة األخبار به عنه من اهلل أخرب وما عىل رشفه وعظمته،

املؤمن دليال عىل بيان عظمته.

الرسول إرسال من األعظم املقصد هو تبليغه أن قدره: عظمة ومن صىل اهلل عليه وسلم، كام قال اهلل تعاىل: ﴿ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ﴾، وقال: ﴿ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈڈ﴾، وقال: ﴿پ پپ ڀ ڀ

ڀڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿٹ﴾.أنه أفضل الكتب املنزلة، وأحبها إىل اهلل، قد اختار ومن عظمة قدره: اهلل له أفضل رسله، وخري األمم، وأفضل البقاع، وخري الليايل لنزوله، ويف

ذلك من التنبيه عن عظمة قدره ما يكفي اللبيب.

ومن عظمة قدره: أنه حمفوظ بحفظ اهلل ﴿گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ يف والضعف والتناقض واالختالف الباطل عن ه منز فهو ڱڱ﴾، ڱ

األلفاظ واملعاين.

ومن عظمة قدره: أنه قول فصل ليس باهلزل، حيكم بني العباد، وهيدي أرشف ومقاصده املعاين، أسمى معانيه الفساد، عن وينهى الرشاد، إىل

املقاصد، ومواعظه أحسن املواعظ ﴿ى ائ ائ ەئ ەئ﴾.

واحلق والضالل، اهلدى بني فرقانا جعله اهلل أن قدره: عظمة ومن والباطل؛ من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن جاهد به نرص، ومن مستقيم، رصاط إىل هدي اتبعه ومن غلب، غالبه ومن غلب، به حاج

ومن ابتغى اهلدى يف غريه ضل عن سواء السبيل.

- 67 -

أنه هيدي للتي هي أقوم يف كل ما حيتاج إىل اهلداية ومن عظمة قدره: اهلداية يف كل الفرد وحتتاجه األمة من فيه، فهو شامل جلميع ما حيتاجه شأن من الشؤون، فرشيعته أحكم الرشائع، وهداه أحسن اهلدى، وبيانه

أحسن البيان.

من وخرج الضاللة، من عصم به اعتصم من أن قدره: عظمة ومن السالم من كل رش يشى إىل سبل ربه، وهدي بإذن النور إىل الظلامت وال يشقى، وال يضل ال وإسالم، وسالمة وإيامن، أمن يف فهو منه، ياف وال حيزن، ثابت اجلنان ، سائر عىل بينة من ربه، حظي بام أوىل من الناس سويا عىل فضله، ذو سكينة وطمأنينة، له نوره الذي يميش به يف

رصاط مستقيم، ﴿ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀڀ ٺ ٺ ٺ ٺٿ﴾.

جاللة وتبني حرمته ترعى بأحكام اهلل خصه أن قدره: عظمة ومن يف تالوته وحرمت تالوته، عند احلدث من التطهر إىل فندب شأنه؛ األماكن النجسة ، وحرمت تالوته يف حال السجود والركوع، ومن حلف به انعقدت يمينه؛ ومن استهزأ به أو بيشء منه ولو بكلمة فقد كفر وخرج من امللة فإن مات ومل يتب حرمت عليه اجلنة أبدا، وكان من اخلالدين يف

عذاب النار.

فالورق تصه؛ أحكام القرآن فيه يكتب الذي للمصحف جعل بل واملداد بعد أن يتضمنا كتابة آياته يكون هلام شأن يف رشيعة اإلسالم؛ فحرم عىل احلائض واجلنب مس املصحف، وهني عن السفر به إىل أرض العدو،

ومن تعمد إهانته فقد كفر كفرا عظيام.

- 68 -

أن جعل اهلل له يف قلوب املؤمنني مكانة عظيمة ال ومن عظمة قدره: إجالال جيلرونه عندهم، القدر عظيم عليهم، عزيز فهو كتاب؛ يساميها عظيام ويؤمنون به، وينصتون عند تالوته، ويتدبرون آياته، ويقفون عند مواعظه، بل إهنم من إجالهلم للقرآن جيلرون قارئ القرآن غري الغايل فيه

واجلايف عنه.

ى اهلل تعاىل املرشكني أن يأتوا بسورة من مثله ومن عظمة قدره: أن حتدفلم يستطيعوا، ولو اجتمعت فصاحة اخللق كلهم عىل أفصح رجل منهم ثم طلب منهم أن جيتمعوا عىل أن يأتوا بمثل هذا القرآن العظيم ال يأتون بمثله، وكيف يضاهي كالم املخلوقني الضعفاء كالم خالقهم العظيم؟!!

عظمتهم وال قدرته، قدرهتم وال علمه، علمهم يضاهي ال أنه كام عظمته ولو اجتمعوا وكان بعضهم لبعض ظهريا.

فكالم اهلل صفة من صفاته الالئقة بعظمته وجمده، وهذا القرآن العظيم علمهم بمقدار يليق إنام املخلوقني وكالم وعال، جل كالمه من هو

وقدرهتم التي ال نسبة هلا إىل علم اهلل وقدرته وعظمته.

فك ببعض أنواع عظمة القرآن يف الدين. فهذه إملاحة يسرية تعر

• عظمة قدر القراآن يف االآخرة وأما عظمته يف اآلخرة فأمر جيل عن الوصف، حني تنكشف احلجب اجلزاء دار إىل والعمل االمتحان دار من الناس وينتقل احلقائق وتتبني والبقاء، يتبني هلم جاللة قدر هذا الكتاب العظيم، وأن أسعد الناس حظا أوفرهم نصيبا من اتباعه وصحبته واالهتداء بداه، ويكفي العبد أن يطلع

- 69 -

عىل بعض ما ورد من األحاديث الصحيحة عن النبي صىل اهلل عليه وسلم يف شأن القرآن يف اآلخرة؛ ليتبني هذه احلقيقة، ويقوم بام تقتضيه من تعظيم

قدره واتباع ما أنزل اهلل فيه من البينات واهلدى.

- فمن عظمة قدره أنه حياج عن صاحبه يف قربه ويشفع له، فيجد من األسباب، تنقطه حني قدره عظمة به يتبني ما عنه وحماجته شفاعته أثر وتتجىل احلقائق، وتذهب سكرة احلياة الدنيا؛ فيتمنى لو كان قىض عمره

كله يف صحبة هذا الكتاب العظيم.

- ومن عظمة قدره يف اآلخرة: أنه يظل صاحبه يف املوقف العظيم حني قال: عنه اهلل ريض احلصيب بن بريدة فعن اخلالئق؛ من الشمس تدنو »تعلموا يقول: فسمعته، وسلم، عليه اهلل صىل النبي عند جالسا كنت سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسة، وال يستطيعها البطلة« ثم سكت ساعة، ثم قال: »تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فإهنام الزهراوان، القيامة، كأهنام غاممتان، أو غيايتان، أو فرقان وإهنام تظالن صاحبهام يوم من طري صواف، وإن القرآن يأيت صاحبه يوم القيامة حي ينشق عنه قربه كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك باهلواجر، وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر بيمينه، امللك فيعطى جتارة، كل وراء من اليوم وإنك جتارته، وراء من والداه حلتي ال الوقار، ويكسى تاج رأسه بشامله، ويوضع عىل واخللد ولدكام بأخذ هلام: فيقال هذا؟ كسينا بم فيقوالن: الدنيا، أهل هلام يقوم القرآن، ثم يقال: اقرأ واصعد يف درج اجلنة وغرفها، فهو يف صعود ما دام ا كان أو ترتيال«. رواه أمحد وابن أيب شيبة والدارمي وحممد بن نرص يقرأ هذ

- 70 -

والطرباين والبغوي كلهم من طريق: بشري بن املهاجر الغنوي، عن عبد اهلل بن بريدة عن أبيه، وحسنه األلباين يف السلسلة الصحيحة.

- ومن عظمة قدره: أنه يشفع لصاحبه، وحياج عنه أحوج ما يكون إىل من حياج عنه؛ ففي صحيح مسلم من حديث أيب أمامة الباهيل ريض اهلل عنه أنه قال: سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم يقول: »اقرؤوا القرآن

فإنه يأيت يوم القيامة شفيعا ألصحابه«.

حديث النواس بن سمعان ريض اهلل من أيضا مسلم صحيح ويف •بالقرآن القيامة يوم »يؤتى قال: أنه وسلم عليه اهلل صىل النبي عن عنه عمران وآل البقرة سورة تقدمه الدنيا يف به يعملون كانوا الذين وأهله

حتاجان عن صاحبهام«.

• وعن جابر بن عبد اهلل ريض اهلل عنهام أن النبي صىل اهلل عليه وسلم ق، من جعله أمامه قاده إىل اجلنة، ع وماحل مصد قال: »القرآن شافع مشفصحيحه، يف حبان ابن رواه النار«. إىل ساقه ظهره خلف جعله ومن

وصححه األلباين.• وعن ابن مسعود نحوه موقوفا وصححه الدارقطني.

واملاحل يف لسان العرب الذي يسعى بالشخص إىل ذي سلطان ليوبقه وهيلكه، يقال: حمل فالن بفالن إذا مكر به وكاده وفعل به ذلك.

يمحل ق« مصد ماحل »القرآن احلديث: )ويف أمحد: بن اخلليل قال بصاحبه إذا ضيعه(.

ق ق«: أي أن ما يقوله فيمن أعرض عنه ومل يعمل به فهو مصد »مصدب. فيه ال يكذب وال يكذ

- 71 -

)من حمل به القرآن يوم القيامة كبه اهلل يف مسعود: بن اهلل عبد • قال النار عىل وجهه(. رواه أمحد.

اخلطاب ريض اهلل عنه أنه كتب إىل أيب موسى بن عمر عن • وروي األشعري ريض اهلل عنه كتابا قال فيه: )بسم اهلل الرمحن الرحيم ، من عبد اهلل عمر إىل عبد اهلل بن قيس ومن معه من محلة القرآن، سالم عليكم، أما

بعد:

فإن هذا القرآن كائن لكم أجرا وكائن لكم رشفا وذخرا، فاتبعوه وال تبع النار، ومن القرآن زج يف قفاه حتى يقذفه يف اتبعه يتبعنكم، فإنه من القرآن ورد به القرآن جنات الفردوس، فليكونن لكم شافعا إن استطعتم، به القرآن دخل اجلنة، ومن حمل له فإنه من شفع وال يكونن بكم ماحال العلم، وزهرة اهلدى، ينابيع القرآن هذا أن واعلموا النار، دخل القرآن وآذانا صام، أعينا عميا، اهلل يفتح به بالرمحن، الكتب عهدا وهو أحدث

وقلوبا غلفا(.

- ومن عظمة قدره: أنه كرامة ورفعة عظيمة لصاحبه يوم اجلزاء إذ يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كام كنت ترتل يف الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها، كام صح بذلك احلديث عن النبي صىل اهلل عليه وسلم يف

املسند والسنن من حديث عبد اهلل بن عمرو بن العاص ريض اهلل عنهام.

ويف هذا الباب من األحاديث واآلثار ما يستدعي سفرا كبريا، ورشحا كثريا، وال يبلغ العبد بعد إدراك معاين تلك العظمة واإلحاطة بتفاصيلها.

فهذا يف شأن عظمة القدر.

- 72 -

• عظمة �شفات القراآن وأما عظمة صفاته؛ فشأن آخر يطلعك عىل أبواب من العلم عظيمة، من استفتحها وتأمل ماوراءها أفىض إىل مهيع واسع من التفكر والتأمل، ره عىل حدائق ذات بجة، ال يمل النظر إليها، وال الرتبع يف ه به تفكر ودلرياضها، بل يدرك أن أعظم نعيم يف هذه احلياة إنام هو يف تنعم الروح بام

أنزل اهلل من روحه الذي حييي به من يشاء من عباده ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پپ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ

ٿ ٹ ٹٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ﴾.التي فيكون للقلب حياة أخرى غري حياة األبدان هي حياته احلقيقية

﴿ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ من حرمها فهو ميت وإن عاش بجسده ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہہ﴾.

وأنسها وشفاؤها، عللها من ودواؤها وغذاؤها، القلوب حياة فهو حقائق به وتدرك األمور، به تزن الذي وميزاهنا وباؤها، وحشتها من

األمور، وعواقب األمور.

ومن كان كذلك كان صاحب القرآن بحق، وكان القرآن العظيم ربيع قلبه، ونور صدره، وجالء حزنه، وذهاب مهه وغمه.

ذلك أن اهلل تعاىل وصف القرآن بصفات عظيمة جليلة تنبئ عن عظمته؛ إذ عظمة الصفات تدل عىل عظمة املوصوف فوصفه اهلل بأنه عزيز وكريم، وشفاء وذكرى، وذكر وبرشى، وهدى وجميد، ومبارك وحكيم، وعيل جليلة صفات من به تعاىل اهلل وصفه ما سائر إىل وبيان ونور وفرقان،

باهرة، تدل عىل عظمته داللة ظاهرة.

- 73 -

عىل ظاهر دليل واحد موصوف يف اجلليلة الصفات هذه فاجتامع عظمته، ثم اتصافه يف كل صفة من تلك الصفات بالعظمة فيها دليل آخر عىل عظمة متأل قلب من يتأملها؛ فيدرك أنه ال حييط بمعرفة أوجه عظمة هذا القرآن العظيم لكنه يوقن أنه عظيم جد عظيم؛ فهو عظيم يف عزته، عظيم يف علوه، عظيم يف إحكامه وحكمه، عظيم يف جمده، عظيم يف بركته، والرمحة اهلدى من تضمنه ما يف عظيم بيانه، يف عظيم كرمه، يف عظيم والتبيان، الفرقان، واحلق والشفاء والذكرى، والذكر والبرشى، والنور وكذلك سائر صفاته اجلليلة العظيمة، كل صفة منها قد حاز هذا القرآن

العظمة فيها.

املؤمن؛ العبد قلب يف با اإليامن يقتضيها لوازم هلا العظمة وهذه فيعرف له قدره ويعظمه يف قلبه، ويعظمه إذا حتدث عنه، ويعظمه إذا تاله،

ويعظمه إذا تيل عليه ﴿ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چچ چ ڇ

ڇ ڇ ڇ ڍ ڍڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ﴾.

- 75 -

• معنى الربكةإن من أوجه بيان فضل القرآن احلديث عن بركته، والتعريف بمعانيها ودالئلها وآثارها؛ فإن ذلك مما يعني عىل التفكر يف منة اهلل تعاىل علينا بذا

الكتاب العظيم املبارك الذي اختصه بأعظم الربكات:

- فقال اهلل تعاىل: ﴿ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ...ڱ﴾

ہ ۀ ۀ ڻ ڻ ڻ ﴿ڻ تعاىل: وقال -ہہ﴾

- وقال تعاىل: ﴿گ گ گ ڳڳ ڳ ڳ ڱ ڱ﴾

ڃ ڃ ڃ ڃ ڄ ڄ ڄ ﴿ڄ تعاىل: وقال -چ چ﴾.

ووصفه بأنه مبارك يدلنا عىل أن الذي باركه هو اهلل جل وعال، ومعنى باركه أي أودع فيه الربكة، وهي اخلري الكثري املتزايد.

قال أبو إسحاق الزجاج: )املبارك ما يأيت من قبله اخلري الكثري(.

وقال اخلليل بن أمحد: )الربكة: الزيادة والنامء(.

وقيل: إن لفظ »الربكة« دال عىل اللزوم والسعة يف أصل استعامله.

الباب الرابع: بيان بركة القراآن

- 76 -

وقيل: دال عىل الثبوت والدوام.

وهلذه املعاين شواهد من كالم العرب مبثوثة يف معاجم اللغة؛ ال نطيل بذكرها.

وخالصة القول يف معنى الربكة أهنا خري كثري أصله ثابت، وآثاره تنمو وتتسع بطرق ظاهرة أو خفية.

وهذه املعاين متحققة يف بركة القرآن.

ومعرفتنا بأن الذي باركه هو اهلل تفيدنا فوائد جليلة تبني لنا عظمة هذه الربكة وكثرهتا وتنوعها؛ فاهلل تعاىل عليم قدير وواسع حكيم، وقد ظهرت آثار علمه وقدرته وسعته وحكمته يف مباركة كالمه جل وعال؛ فكانت تلك الربكة من آثار أسامئه تعاىل وصفاته، فهي بركة عظيمة ال حييط با

علام إال هو جل شأنه.

• اأنواع بركة القراآن يف الدنياوأنواع بركة القرآن كثرية يتعذر حرصها واستقصاؤها.

• وأصل بركاته وأعظمها: ما تضمنه من بيان اهلدى والتبصري باحلقائق ڭ ڭ ۓ ۓ ﴿ے تعاىل: اهلل قال كام إليه؛ حيتاج ما كل يف

ڭ ڭ ۇ ۇ﴾.

وقال تعاىل: ﴿ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ﴾.

وقال تعاىل: ﴿ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ﴾.

وقال تعاىل: ﴿ڦ ڦ ڄ ڄ ڄڄ ڃ ڃ ڃڃ چ چ چچ

- 77 -

ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ﴾والبصرية هي أصل اهلداية ؛ فإن من تبرص عرف فاعترب وادكر، وحاجة العبد إىل التبرص دائمة متعددة، ولذلك يزداد العبد بصرية كلام أحسن تدبر

القرآن كام قال اهلل تعاىل:﴿ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ﴾، والتذكر ثمرة التبرص.

من الناس إخراج فأصلها وأنواع؛ أصل هلا القرآن بصائر وبركة الظلامت إىل النور، وهدايتهم إىل الرصاط املستقيم.

وأما أنواعها وتفصيالهتا فكثرية متجددة، وكم من حدث عارض حيار فيه املؤمن ثم جيد البصرية فيه يف كتاب اهلل تعاىل.

القرآن؛ ألهنا بركة آثار بالقرآن فهي من العبد يتبرص با وكل بصرية تعرفه بحقيقة األمر، وتدله عىل اهلدى، وحتذر من خمالفته، وتبني له زيف به؛ فللبصرية الواحدة ما تزين به الضاللة من زخرف القول وأباطيل الشربركات متعددة، وهكذا يف كل بصرية يتبرص با العبد من القرآن؛ فكم من

إنسان سعد بآية قرأها فاعترب با؛ أو سمعها فاهتدى با.

• ومن بركات القرآن: أنه حياة للمؤمن ورفعة له؛ وقد وصفه اهلل بأنه روح ملا حيصل به من احلياة احلقيقية، التي هي حياة القلب.

ڀ ڀ ڀ پ پ پپ ٻ ٻ ٻ ٻ ﴿ٱ تعاىل: اهلل قال ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃڃ چ چ چ چ

ڇ ڇ﴾.

- 78 -

وقال تعاىل: ﴿ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہہ ...﴾.

وكلام ازداد نصيب العبد من اإليامن بالقرآن وتالوته واتباع هداه ازداد نصيبه من بركته واحلياة به حتى يكون القرآن ربيع قلبه؛ ملا يرى من حسنه وبركاته، وكثرة ما ينتفع به من ثمراته؛ فهو كاملقيم يف الربيع يعجبه حسنه وجيد من روحه وطيبه، وينتفع بأنواع الثمرات التي جيتنيها منه، وكذلك حال صاحب القرآن، جنته يف صدره؛ يأنس به، ويتبرص به، وحييا به، وجيد

من أنواع بركاته ما تقر به عينه، وتطيب به حياته.

• ومن بركته عىل النفس املؤمنة به؛ أنه جيلو احلزن، ويذهب اهلم، وينري القلب، به فيطمئن الصدر، يف ما ويشفي السيرة، ويصلح البصرية، كيد به ويندفع اإليامن، به ويزداد اليقني، به وحيصل النفس، به وتزكو

الشيطان.

• ومن بركاته ما جعل اهلل فيه من الشفاء احليس واملعنوي؛ فكم تعافت به النفس من علل مضة، وأهواء مردية، وكم شفي به من سقيم، وكم أبطل به من سحر وعني، وكم زال به من وسواس، وكم رفع به من بالء؛ فآياته رقية ناجعة يرقى با، وشفاء للمؤمنني، وكل ذلك من بركات هذا

القرآن العظيم.

• ومن بركاته: أن قارئه يثاب عليه أنواعا من الثواب: فيثاب عىل اإليامن به، ويثاب عىل تالوته، ويثاب عىل االستامع إليه، ويثاب عىل تدبره، ويثاب تفسريه، فيه وطلب التفقه تعظيمه، ويثاب عىل حفظه، ويثاب عىل عىل

ويثاب عىل اتباع هداه، حتى إنه ليثاب عىل النظر يف املصحف.

- 79 -

العلم، لطالب علم فهو فيه؛ اخلري وجوه كثرة أيضا: بركاته ومن •ورمحة للمبتىل، وتثبيت للحريان، وهداية احلكمة، لطالب وحكمة ملن ودليل الشبهات، يريد كشف ملن وبيان للمريض، للمؤمن، وشفاء حاجة صاحب لكل وهو اهلل؛ لدين ينترص ملن وحجة اهلل، إىل يدعو

مرشوعة غنية وكفاية ﴿ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې﴾.

بركة ألفاظه وأساليبه؛ فألفاظه ميسة للذكر، معجزة بركاته: ومن •يف النظم، حسنة بديعة، هلا حالوة يف السمع، وبجة يف النفس، وتأثري يف

القلب، يدل اللفظ الوجيز منه عىل معان كثرية مباركة.

حتى داللتها وعظيم واتساعها وكثرهتا معانيه بركة بركاته: ومن •أدهش البلغاء وأبرهم؛ وصنف العلامء الكبار يف بيان معاين بعض آياته تفسري يف طويلة رسالة رجب ابن احلافظ فصنف مفردة؛ كثرية رسائل قول اهلل تعاىل: ﴿ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉې﴾ بني فيها من بديع املعاين ما يتعجب منه القارئ، وصنف احلافظ ابن اجلزري رسالة طويلة سامها

وئ ەئ ەئ ائ ﴿ائ تعاىل: قوله معنى يف األملعي »كفاية وئ﴾، وصنف احلافظ السيوطي رسالة يف تفسري قول اهلل تعاىل: ﴿ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ...﴾ اآلية، واستخرج منها نحو مائة وعرشين وجها بالغيا، وسمى رسالته »فتح الرب اجلليل للعبد املفردة يف تفسري بعض اآليات كثرية، وهي العلامء الذليل«، ومصنفات

من دالئل كثرة معاين القرآن العظيم وبركتها واتساعها.

- 80 -

• ومن بركاته: أنه ال تنقيض عجائبه وال حياط بمعرفته فلو درس املرء تفسريه من فاحتته إىل خامتته مل حيط بمعانيه، فإذا درسه مرة أخرى ظهرت

له معان مل تكن قد ظهرت له من قبل.

بركاته عىل صاحبه الذي يقرؤه وهو مؤمن به: أنه يرفع شأنه، • ومن ويعيل ذكره، ويوجب له حقا مل يكن ليناله بغري هذا القرآن من اإلجالل والتقديم، والرعاية والتكريم، وأجل ذلك أن يكون صاحب القرآن من أهل اهلل وخاصته، وذلك أرشف ما ألهل القرآن، وهم يف هذه الدنيا خري

األمة وأفضلها.

- روى اإلمام مسلم يف صحيحه من حديث عمر بن اخلطاب ريض اهلل تعاىل عنه أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قال: »إن اهلل تعاىل يرفع هبذا الكالم

أقواما ويضع به آخرين«.

عبد حديث من الكربى السنن يف والنسائي أمحد اإلمام وروى -الرمحن بن بديل بن ميسة، عن أبيه، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »إن هلل أهلي من خلقه« قالوا: ومن هم يا رسول

اهلل؟ قال: »أهل القرآن هم أهل اهلل وخاصته«.

عموم فضله عىل األمة وعىل الفرد؛ فإذا اتبعت األمة بركاته: ومن •هداه أعزها اهلل ونرصها، ورفع عنها الذلة، والطائفة التي تقيم ما أمر اهلل

به فيه ال يضها من خذهلا وال من خالفها.

- 81 -

• القراآن مبارك حيثما كان

• ومن بركاته العظيمة أنه حيثام كان فهو مبارك: - فهو مبارك يف قلب املؤمن ونفسه وحواسه وجوارحه، هيديه ويثبته،

ويرشده ويبرصه، ويزداد بتالوته إيامنا ويقينا، وطمأنينة وسكينة.

- وهو مبارك يف املجلس الذي يقرأ فيه؛ وتتدارس فيه آياته؛ فتنزل عىل أهله السكينة، وحتفهم املالئكة، ويذكرهم اهلل فيمن عنده.

كام يف سنن أيب داوود من حديث أيب هريرة ريض اهلل عنه أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم قال: »ما اجتمع قوم يف بيت من بيوت اهلل تعاىل يتلون كتاب اهلل ويتدارسونه بينهم: إال نزلت عليهم السكينة, وغشيتهم الرمحة,

وحفتهم املالئكة، وذكرهم اهلل فيمن عنده«.

- وهو مبارك يف البيت الذي يتىل فيه، يكثر خريه، ويتسع بأهله، ويطرد البيت أنه كان يقول يف البناين عن أيب هريرة ثابت ، كام روى الشياطني إذا تيل فيه كتاب اهلل اتسع بأهله وكثر خريه وحرضته املالئكة، وخرجت , خريه وقل بأهله، ضاق اهلل كتاب فيه يتل مل إذا والبيت الشياطي، منه

وحرضته الشياطين. رواه ابن أيب شيبة.

وقال ابن سريين: )البيت الذي يقرأ فيه القرآن حترضه املالئكة، وخترج منه الشياطي، ويتسع بأهله ويكثر خريه، والبيت الذي ال يقرأ فيه القرآن بأهله ويقل خريه(. رواه الشياطي، وخترج منه املالئكة، ويضيق حترضه

ابن أيب شيبة.

- 82 -

من صفرا القرآن فيه يقرأ ال الذي البيت السلف بعض عد ولذلك البيت الذي صفر البيوت )إن أصفر اخلري، كام قال عبد اهلل بن مسعود:

من كتاب اهلل(. رواه ابن أيب شيبة.

ورواه عبد الرزاق بلفظ: )إن أصفر البيوت من اخلري البيت الذي ليس فيه من كتاب اهلل تعاىل يشء، وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب اهلل يشء البيت من خيرج الشيطان وإن له، عامر ال الذي البيت كخراب خرب

يسمع سورة البقرة تقرأ فيه(.

فيه يكتب الذي فالورق فيه؛ يكتب الذي الورق عىل مبارك وهو -القرآن تكون له حرمة عظيمة، وأحكام كثرية يف الرشيعة بسبب تضمنه املبارك؛ فترشع الطهارة ملسه، وجيب تعظيمه، وحيرم القرآن العظيم هلذا االستخفاف به بل يكفر من يدنسه أو يطأ عليه امتهانا له، وما كان ذلك الورق لينال تلك املكانة واحلرمة يف الرشيعة إال لتضمنه كتاب اهلل تعاىل؛

فام الظن بقلب حفظه ووعاه واتبع هداه.

• بركة القراآن يف االآخرة فهذا تذكري ببعض بركات القرآن يف الدنيا، وأما بركاته عىل صاحبه يوم أنيسه يف قربه، وظله يف فهو األثر: القدر عظيمة القيامة فربكات جليلة املوقف العظيم، وقائده يف عرصات القيامة، وحجيجه وشفيعه، وال يزال

به حتى يقوده إىل اجلنة مكرما.

- روى اإلمام مسلم بإسناده عن أيب أمامة الباهيل ريض اهلل عنه أنه قال: »اقرءوا القرآن فإنه يأيت سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم، يقول:

- 83 -

يوم القيامة شفيعا ألصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة، وسورة آل عمران، فإهنام تأتيان يوم القيامة كأهنام غاممتان، أو كأهنام غيايتان، أو كأهنام فرقان من طري صواف، حتاجان عن أصحاهبام، اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها

بركة، وتركها حسة، وال تستطيعها البطلة«.

ومن أراد أن حتسن صحبة القرآن له يف اآلخرة فليحسن صحبته يف الدنيا.

- وروى الرتمذي من طريق عاصم بن أيب النجود عن أيب صالح، عن أيب هريرة، عن النبي صىل اهلل عليه وسلم قال: »جييء القرآن يوم القيامة فيلبس يا رب زده، يقول: ثم الكرامة، تاج فيلبس حله، يا رب فيقول: اقرأ له: فيقال عنه، فريىض عنه، ارض رب يا يقول: ثم الكرامة، حلة

وارق، ويزاد بكل آية حسنة«.

- وروى الدارمي من طريق عاصم، عن جماهد، عن ابن عمر أنه قال: »جييء القرآن يشفع لصاحبه، يقول: يا رب لكل عامل عاملة من عمله، من فيمأل يمينك، ابسط فيقال: فأكرمه. والنوم؛ اللذة أمنعه كنت وإين رضوان اهلل، ثم يقال: ابسط شاملك، فيمأل من رضوان اهلل، ويكسى كسوة

الكرامة، وحيىل حلية الكرامة، ويلبس تاج الكرامة«.

ومما ينبغي أن يعلم أن بركات القرآن إنام يناهلا من آمن به واتبع هداه؛ كام تعاىل: ﴿ۉ ۉ ې ې ې ېى ى ائ ائ اهلل قال

ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ﴾.ے ھ ھھ ھ ہ ہ ہ ہ ۀ ﴿ۀ تعاىل: وقال

ے ۓ ۓڭ﴾.

- 85 -

من دالئل فضل القرآن ما جعل اهلل لتاليه من الثواب العظيم والفضل الكبري، وما فتح له به من أبواب اخلريات والربكات، والتجارة العظيمة

الرابحة.

قال اهلل تعاىل: ﴿ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی

ی ی یجئ حئ مئ ىئ يئ﴾.

تعاىل: ﴿ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ وقال چچ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ﴾.

• معنى تالوة القراآن

وتالوة القرآن يراد هبا معنيان متالزمان:

املعنى األول: قراءته.

واملعنى الثاين: اتباعه.

قال عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل عنه يف تفسري قول اهلل تعاىل: ﴿ڃ وحيرم حالله حيل أن تالوته حق إن بيده نفيس )والذي ڃ﴾: ڃ حرامه، ويقرأه كام أنزله اهلل، وال حيرف الكلم عن مواضعه، وال يتأول منه

الباب اخلام�س: ف�شل تالوة القراآن

- 86 -

شيئا عىل غري تأويله(. رواه ابن جرير.

وقال عبد اهلل بن عباس: )يتبعونه حق اتباعه(. رواه أبو عبيد القاسم بن سالم وأبو داوود يف الزهد وزاد: )أال ترى إىل قوله: ﴿ٻ ٻ پپ﴾(.

وقال جماهد: )يعملون به حق عمله(. رواه سعيد بن منصور وابن جرير.

وقال احلسن البرصي: )يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشاهبه، ويكلون ما أشكل عليهم إىل عامله(. رواه ابن جرير وابن أيب حاتم.

حرامه، وحيرمون حالله، حيلون اتباعه حق )يتبعونه قتادة: وقال ويقرؤونه كام أنزل(. رواه ابن جرير.

فتالوة القرآن جامعة بني معنيي قراءته واتباعه.

قال اهلل تعاىل: ﴿ىئ ىئ ی ی ی ی جئ﴾

وقال تعاىل: ﴿ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅۉ ...﴾

وقال تعاىل يف مواضع أخرى: ﴿ڑ ڑ ک ک ک ک﴾.

وقال تعاىل: ﴿ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہہ﴾

وقال تعاىل: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڤ ٹ ٹ ٹ ٹ ٿ ٿ ٿ ٿ ٺ ٺ ٺ ٺ ڀ

ڤڤ ڤ ڦ ڦ ڦ﴾

وقال تعاىل: ﴿ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ﴾

فورد األمر بالقراءة، وورد األمر باالتباع، وورد األمر بالتالوة اجلامعة بني املعنيني.

- 87 -

والتالوة املعتربة هي التالوة التي حيبها اهلل ويقبلها، وهي التالوة التي اتباع فإهنا ال تنفع صاحبها، بل القراءة من غري تكون بإيامن واتباع؛ أما

هي حجة عليه.

• مراتب تالوة القراآن

وتالوة القرآن عىل مراتب:مجعوا الذين وهم القرآن، تالوة يف اإلحسان أهل مرتبة فأعالها -املنازل، بأفضل فهؤالء اتباع هداه؛ القرآن، وحسن قراءة املهارة يف بني

قال اهلل تعاىل: ﴿ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی

ی ی یجئ حئ مئ ىئ يئ﴾

فوعدهم اهلل التجارة الرابحة التي ضمن هلم أهنا لن تبور؛ فهي جتارة جيدون من ثوابا وبركاهتا والرفعة با ما تقر به أعينهم، وتطيب به حياهتم،

وحتسن به عاقبتهم.

ووعدهم مع توفيتهم أجورهم أن يزيدهم من فضله زيادة كريمة من عنده جل وعال؛ وأضاف الفضل إليه إضافة ترشيف وتنبيه عىل أنه فضل عظيم.

﴿ حئ مئ ىئ يئ﴾ ويف هذا تنبيه عىل وعد بمغفرة ذنوبم، وعىل أن اهلل تعاىل حيب هذه األعامل، ويشكر من يتقرب با إليه؛ فيثيبهم

ثوابا وافيا، ويزيدهم عليه زيادة كريمة.

قال قتادة: )كان مطرف بن عبد اهلل إذا مر هبذه اآلية: ﴿ائ ائ ەئ ەئ وئ﴾ يقول: هذه آية القراء(. رواه ابن جرير.

- 88 -

وذلك ملا فيها من الرشف والفضل العظيم هلم.

- وعن عائشة ريض اهلل عنها قالت: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »املاهر بالقرآن مع السفرة الكرام الربرة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه،

وهو عليه شاق، له أجران«. رواه مسلم.

املاهر: احلاذق الذي يقرأ بإتقان من غري تردد.

فلام مجعوا مهارة القراءة وبر العمل به نالوا إكرام اهلل تعاىل هلم.

قال ابن حجر: )واملراد باملهارة بالقرآن جودة احلفظ وجودة التالوة من ه عىل املالئكة؛ فكان مثلها ه اهلل تعاىل عليه كام يس غري تردد فيه، لكونه يس

يف احلفظ والدرجة(.

يف احلديث هلذا اهلل رمحه البخاري رواية حجر ابن قاله ملا ويشهد صحيحه بلفظ: »مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له مع السفرة الكرام

الربرة، ومثل الذي يقرأ، وهو يتعاهده، وهو عليه شديد فله أجران«.

وما به بالعمل رعايته وحفظ تالوته حفظ يشمل هنا القرآن وحفظ يوجبه اإليامن به.

واملقصود أن ثواب تالوة القرآن يتفاضل بتفاضل القراء يف معنيي التالوة؛ ومها القراءة واالتباع؛ فمن بلغ فيهام مرتبة اإلحسان فهو بأفضل املنازل.

ومن قرص فيهام حصل له من النقص بحسب تقصريه وتفريطه.

وأما من كان حيسن القراءة ويالف هدى اهلل تعاىل فإن قراءته ال تنفعه عند اهلل، بل هي حجة عليه.

- 89 -

• معنى قوله �شلى اهلل عليه و�شلم: »املاهر بالقراآن مع ال�شفرة الكرام الربرة«

﴿ڍ ڌ إشارة إىل قول اهلل تعاىل: »مع السفرة الكرام الربرة« وقوله: ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک﴾.

ويف املراد بالسفرة أربعة أقوال: القول األول: هم املالئكة، واحدهم سافر، واجلمع سفرة، وهذا القول روي عن ابن عباس بإسناد ضعيف، وقال به عبد الرمحن بن زيد بن أسلم والفراء والبخاري يف صحيحه، ورجحه ابن جرير وابن عطية وابن كثري.

قال الفراء: )فجعلت املالئكة إذا نزلت بوحي اهلل تبارك وتعاىل وتأديبه كالسفري الذي يصلح بني القوم، قال الشاعر:

وم�ا أم�ي بغ�ش إن مش�يت( وم�ا أدع الس�فارة ب�ي قوم�ي

ا.هـ. عن معمر ورواية عباس، ابن قول وهو الكتبة؛ هم الثاين: والقول

قتادة، وقال به من علامء اللغة أبو عبيدة معمر بن املثنى.

القراء، وهو رواية سعيد بن أيب عروبة عن قتادة هم الثالث: والقول أخرجها ابن جرير الطربي.

قول وهذا وسلم، عليه اهلل صىل حممد أصحاب هم الرابع: والقول وهب بن منبه؛ رواه عنه عبد بن محيد وابن املنذر كام يف الدر املنثور.

ومجع اخلليل بن أمحد وابن قتيبة والزجاج بني القولني األولني؛ فذهبوا إىل أن معنى »السفرة« أي الكتبة، وأن املراد بم املالئكة، وهو مجع حسن.

- 90 -

واملقصود أن قول النبي صىل اهلل عليه وسلم يف املاهر بقراءة القرآن »مع السفرة الكرام الربرة« ترشيف عظيم للامهر بالقرآن، وقد اختلف يف كونه

معهم عىل أقوال:

القول األول: املعية يف املكانة واملنزلة.

والقول الثاين: هي معية مصاحبة يف الدنيا؛ فلكثرة تالوته وتنزل املالئكة الستامع الذكر والتالوة كان مصاحبا هلم.

والقول الثالث: هي معية مشاكلة ومشابة؛ فهو بطاعته وكثرة ذكره قد شابه املالئكة وسلك مسلكهم.

اجلزاء عني ذكر دون السفرة مع بأنه فوصفه األقوال هذه كل وعىل دليل عىل إبامه لتعظيمه، وأنه أجر عظيم يكفي يف وصفه أن يعد صاحبه »فمن كانت الكرام الربرة، ونظريه ما يف احلديث الصحيح: مع السفرة كل اآلمال فتذهب ورسوله«؛ اهلل إىل فهجرته ورسوله اهلل إىل هجرته ومل قلوبم، بام مل يطر عىل فيثابون الثواب، عظم هذا مذهب يف رجاء

يبلغه علمهم، ومل تدركه أمانيهم من عظيم الفضل وجزيل الثواب.

ولذلك ذهب بعض أهل العلم إىل أن مضاعفة الثواب للامهر بالقرآن ال حترص، وأن اهلل تعاىل يضاعف له األجر أضعافا كثرية؛ فكام يضاعف احلسنات لبعض عباده إىل سبعامئة ضعف وإىل أضعاف كثرية؛ فكذلك – جل وعال - وهو تالوة كالمه واتباع ب به إليه يتقر يكون يف خري ما

هداه.

- 91 -

• تالوة القراآن طماأنينة للقلب و�شكينة للنف�س

• أنواع ثواب تالوة القرآن:ومن أحسن تالوة القرآن فإنه يثاب بأنواع من الثواب العظيم يف الدنيا

واآلخرة فضال من اهلل تعاىل، وإكراما منه لصاحب القرآن:

أ: فمام يثاب به يف الدنيا: للصدر، ونور للنفس وسكينة للقلب طمأنينة للقرآن تالوته أن :1

وجالء للحزن وذهاب للهم؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ ىت يت جث مث ىث يث﴾، وقد فس الذكر هنا بالقرآن، وال شك أن القرآن من الذكر، وهو يدخل يف معنى هذه اآلية دخوال أوليا؛ وتالوته واالستامع له بقلب منيب حصل بام من الطمأنينة والسكينة ما يدفع عن املؤمن انزعاجه من ويثبته يف مواضع الشيطانية؛ العارضة واإليذاءات املقلقات واألحداث روحه عىل بركته القرآن قارئ جيد الذي النفيس الثواب وهذا الفتن؛ أعظم من تالوته، بركة تناله أعضائه من عضو كل كأن حتى وجسده

الثواب املعجل لقارئ القرآن.

اهلل صىل اهلل رسول قال قال: عنه اهلل ريض مسعود ابن حديث ويف عبدك إين اللهم حزن: أو هم أصابه إذا قط أحد قال »ما وسلم: عليه ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض يف حكمك، عدل يف قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته يف كتابك، أو علمته القرآن أحدا من خلقك، أو استأثرت به يف علم الغيب عندك، أن جتعل ربيع قلبي، ونور صدري، وجالء حزين، وذهاب مهي، إال أذهب اهلل مهه،

وأبدله مكان حزنه فرحا«.

- 92 -

قال: فقيل: يا رسول اهلل، أال نتعلمها؟

فقال: »بىل، ينبغي ملن سمعها أن يتعلمها« رواه أمحد وابن أيب شيبة وأبو يعىل وابن حبان واحلاكم وغريهم.

• حمبة اهلل تعاىل ملن يتلو كتابه موؤمنا به

2. ومن ثواب تالوة القرآن: حمبة اهلل تعاىل ملن يتلو كتابه مؤمنا به؛ معظام هلداه؛ فرحا بفضله ورمحته؛ وهذه املحبة العظيمة هلا آثار مباركة عىل حياة املؤمن، وكلام كان أحسن تالوة للقرآن كان نصيبه من هذه املحبة وآثارها

أعظم.

ومن دالئل حمبة اهلل تعاىل ملن يتلو كتابه مؤمنا به ثناؤه عليهم يف مواضع من كتابه الكريم، ثناء يرشفهم به ويرغب به عباده يف تالوة كتابه، والتقرب

به إليه.

وتزداد حمبة اهلل تعاىل بازدياد صدق العبد يف التقرب إىل اهلل تعاىل بتالوة إياه عىل ما تشتهيه نفسه كام دل عليه احلديث الذي رواه كتابه وتقديمه منصور بن املعتمر عن ربعي بن حراش، عن أيب ذر، عن النبي صىل اهلل

عليه وسلم أنه قال: »إن اهلل حيب ثالثة ويبغض ثالثة:

- يبغض الشيخ الزاين، والفقري املختال، واملكثر البخيل.

- وحيب ثالثة: رجل كان يف كتيبة؛ فكر حيميهم حتى قتل أو فتح اهلل عليه، ورجل كان يف قوم فأدجلوا فنزلوا من آخر الليل، وكان النوم أحب قوم ويتملقني، ورجل كان يف آيايت يتلو وقام فناموا به، يعدل مما إليهم بأعقاهبم وخلف عنه، فبخلوا وبينه بينهم بقرابة يسأهلم رجل فأتاهم

- 93 -

والنسائي أمحد اإلمام رواه أعطاه«. ومن اهلل إال يراه ال حيث فأعطاه والرتمذي بإسناد صحيح.

وقال فروة بن نوفل األشجعي: كنت جارا خلباب بن األرت؛ فخرجنا مرة من املسجد، فأخذ بيدي فقال: )يا هناه، تقرب إىل اهلل بام استطعت، والبيهقي احلاكم رواه إليه من كالمه( أحب إليه بيء ب تقر لن فإنك

والاللكائي، واحتج به اإلمام أمحد.

العمل هذا فضل وسلم عليه اهلل صىل اهلل رسول أصحاب فقه وقد اجلليل فكانوا أحسن األمة عناية به.

- قال عثامن بن عفان ريض اهلل عنه: )لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كالم ربنا، وإين ألكره أن يأيت عيل يوم ال أنظر يف املصحف(. رواه البيهقي

يف كتاب االعتقاد.

- وقال عبد اهلل بن مسعود: )لو أن رجال بات حيمل عىل اجلياد يف سبيل اهلل، وبات رجل يتلو كتاب اهلل لكان ذاكر اهلل أفضلهام( رواه ابن أيب شيبة.

ودرمها دينارا، دينارا ينفق رجل بات )لو عمر: بن اهلل عبد وقال -درمها، وحيمل عىل اجلياد يف سبيل اهلل، وبات رجل يتلو كتاب اهلل حتى يصبح متقبال منه، وبت أتلو كتاب اهلل حتى أصبح متقبال مني، مل أحب أن

يل عمله بعميل( رواه ابن أيب شيبة.

- وروى سليامن التيمي عن أيب عثامن النهدي عن سلامن الفاريس أنه القيان، وبات آخر يتلو كتاب اهلل عز البيض )لو بات رجل يعطي قال: وجل ويذكر اهلل تعاىل( قال سليامن التيمي: )كأنه يرى أن الذي يذكر اهلل

أفضل(. رواه أبو نعيم األصبهاين.

- 94 -

البيض القيان: اجلواري ذوات احلسن يف الصوت والصورة، وذكرها ألهنا من أنفس ما هيدى؛ ملظنة الشح با.

• تالوة القراآن تفتح عني الب�شرية

3: ومن ثواب تالوته: أن القارئ يتبرص به ويعترب فيهديه إىل معرفة اهلل تعاىل بأسامئه وصفاته، ويذكره بآالئه ونعامئه، ويبرصه بالرصاط املستقيم واهلدي القويم يف مجيع شؤونه، ويفقهه يف أحكام دينه وسلوكه وتعامله، ويعلمه االعتبار والتفكر، والتبرص والتذكر، واحلكمة والسداد؛ فيستفيد من القرآن علام كثريا مباركا بام تضمنه من اآليات البينات، واألمثال التي رصفها اهلل عز وجل عن علم وحكمة وحسن تقدير، وما فيه من القصص الكثرية املباركة بام حوته من الدروس واملواعظ والعرب، إىل غري ذلك من أنواع البصائر والبينات التي حتصل ملن أحسن تالوة القرآن؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ڇ ڇ ڍ ڍڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ﴾.

- وقال تعاىل: ﴿ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې﴾

- وقال تعاىل: ﴿گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ﴾ .

- وقال تعاىل: ﴿ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ائ ائ ەئەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ

ىئ ىئی ی ی ی جئ حئ مئ﴾

- 95 -

﴿ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھے ے ۓ ۓ ڭ - وقال تعاىل: ۋ ٴۇ ۈ ۈ ۆ ۆ ۇ ۇ ڭ ڭ ڭ

ۋ ۅ ۅ﴾

اإليامن أبواب للعبد يفتح ما والبينات البصائر أنواع من القرآن ويف واليقني واحلكمة؛ فإنه يرى األمور بعني البصرية، وينظر إىل األحداث كام حيبر اهلل أن ينظر إليها، وال تغره الظواهر التي تغر اجلاهلني وتدعهم، بل ينفذ برصه إىل حقيقة ما أراده اهلل، ويفقه سنن االبتالء وعواقبه؛ ويعرف هدى اهلل فيام يعرض له؛ فيتبع رضوان اهلل، ويفوز بمحبته ومعيته اخلاصة، حتى ينال ما وعده اهلل من الكفاية وحسن العاقبة، وذلك أن عامل الغيب يتلف عن عامل الشهادة، وأكثر الناس إنام ينظرون إىل ظواهر عامل الشهادة ويتخرصون يف عامل الغيب؛ فيغرتون بام يرون يف احلياة الدنيا، ويضلون عام حتصل هلم به العاقبة احلسنة يف أمورهم، وصاحب القرآن يتبع هدى اهلل الذي هو عامل الغيب والشهادة، ومن بيده ملكوت كل يشء، وإليه عاقبة يقدر األقدار ، ويدبر األمر، ويتوىل اجلزاء، فتصديق األمور؛ فهو الذي وعده جل وعال واتباع ما بني من اهلدى يف كتابه الكريم يفيض بصاحبه

إىل العاقبة احلسنة.

ولتفاصيل ذلك أمثلة كثرية تبني تفاوت الناس يف انتفاعهم من القرآن، فأوفرهم حظا وأحسنهم نصيبا من حيسن تالوة القرآن بقلب منيب؛ ألن

﴿ی ی ی جئ باهلداية؛ كام قال تعاىل: اهلل تعاىل قد وعد أهل اإلنابة ﴿ڱ ڱ ڱ ڱ ں وقال تعاىل: حئ مئ ىئ يئ جب حب خب﴾

ں ڻ ڻ ڻ ڻ﴾.

- 96 -

ومن هدى اهلل قلبه، ونوره بنور وحيه، وأحياه بروح أمره : آتاه فرقانا فيها تزل التي الفتن مواضع يف به ويثبت والباطل، احلق بني به يميز األقدام، ويبرصه باحلقائق عىل ما هي عليه، وينظر إىل العواقب كأنه يراها رأي عني، ال يرتاب فيها، وال يرتدد يف اتباع هدى اهلل، وهذا علم يقيني خاص خالص ألهل اخلشية واإلنابة الذين ينتفعون بام أنزل اهلل تعاىل يف أمثاله، ويصدقون ويعقلون والعرب، اآليات فيه من بام ويعتربون كتابه، املهديون املوفقون هؤالء يستوي فال ويعظمونه؛ به ويؤمنون أخباره، ومن كانوا يف غفلة عن هدى القرآن متبعني ملا هتواه أنفسهم، كام قال اهلل تعاىل: ﴿ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ﴾، وقال

تعاىل: ﴿ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ﴾.

واملقصود أن من أعظم ما يثاب به قارئ القرآن بقلب منيب ما حيصل له من العلم اليقيني اخلاص املبارك القائم عىل بصائر القرآن وبيناته، وهذا

العلم اجلليل أصل هلدايات عظيمة، وبركات كثرية.

ولو ذهبنا نرشح كل نوع من أنواع ثواب القرآن لطال بنا املقام، وتشعب احلديث شعبا كثرية؛ ورأينا يف كل شعبة ما يدعونا للوقوف عليها، والتفكر فيها، وتأمل آثارها املباركة، وتعرف خالصة ما ذكره أهل العلم فيها من الفوائد والتنبيهات؛ ولطائف االستدالالت؛ فيفيض بنا ذلك إىل التطويل واإلكثار من حيث أردنا التلخيص واالختصار، وحسبنا فيام بقي أن نوجز

يه. العبارة بام يكفي للداللة والتنبيه عىل ما نقرص عن تقص

- 97 -

• زيادة االإميان بتالوة القراآن وباالستامع بتالوته اإليامن زيادة القرآن؛ تالوة ثواب أنواع ومن :4إليه؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ﴾، وقال تعاىل: القرآن بتالوة اإليامن زيادة وأوجه ڄ﴾، ڄ ڦ ڦ ﴿ڦ وباالستامع إليه متعددة؛ فإن اإليامن يزيد بالطاعات؛ وتالوة القرآن عبادة قولية يثاب عليها العبد ويزداد با إيامنه، ودعاء العبد لربه إذا مر بآية رمحة

أو آية عذاب؛ عبادة قولية قلبية يثاب عليها.

وما يقوم بقلب قارئ القرآن من أنواع العبادات القلبية من التصديق واإلخالص والصدق والرهبة والرغبة واإلنابة واخلشية اليقني وزيادة والتوكل واالستعانة وتعظيم حرمات اهلل وشعائره وغري ذلك من العبادات القلبية العظيمة؛ كل ذلك مما يزداد به إيامن العبد إذا أحسن تالوة القرآن؛ إذا التي ؛ العظيمة العبادات فيه هذه ي وينم القلب القرآن ياطب فإن

صحت يف القلب صلح القلب وصلح سائر اجلسد.

أرشد التي العملية العبادات أنواع من القرآن قارئ به يقوم ما ثم سبيله، يف اإلنفاق وإحسان الصالة كإقامة الكريم كتابه يف إليها اهلل العبد به يزداد مما املحرمات، عن والكف اخلريات، فعل يف واالجتهاد تعاىل حرص أمر هلل إذا وقف عىل الصادق القارئ فإن إيامنا وصالحا؛ عىل أن يكون من أهل ذلك األمر، وإذا وقف عىل هني عن أمر من األمور حرص عىل اجتنابه، وال يزال كذلك حتى حيقق التقوى التي مبناها عىل

فعل ما أمر اهلل به، واجتناب ما هنى اهلل عنه.

- 98 -

يرتتب وبام بقراءته تكون القرآن بتالوة اإليامن زيادة أن واخلالصة عليها من أنواع العبادات القولية والقلبية والعملية، وأن زيادة اإليامن من

عاجل ثواب قارئ القرآن.

• اأجر تالوة القراآن 5: ومن أنواع ثواب قراءة القرآن ما جعل اهلل تعاىل لقارئه من احلسنات

الكثرية املضاعفة، وقد ورد يف ذلك أحاديث كثرية:

- منها حديث عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »من قرأ حرفا من كتاب اهلل فله به حسنة، واحلسنة بعرش أمثاهلا، ال أقول »امل« حرف، ولكن ألف حرف، والم حرف، وميم وغريمها، اإليامن شعب يف والبيهقي وصححه الرتمذي رواه حرف«. وقد روي عن ابن مسعود مرفوعا وموقوفا من طرق يشد بعضها بعضا،

وصححه األلباين ومجاعة من أهل العلم.

- ومنها حديث أيب هريرة ريض اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صىل اهلل »أحيب أحدكم إذا رجع إىل أهله أن جيد فيه ثالث خلفات عليه وسلم: عظام سامن؟« قلنا: نعم، قال: »فثالث آيات يقرأ هبن أحدكم يف صالته،

خري له من ثالث خلفات عظام سامن« رواه مسلم يف صحيحه.

حيب »هل ولفظه: اإلمام، خلف القراءة جزء يف البخاري ورواه أحدكم إذا أتى أهله أن جيد عندهم ثالث خلفات عظاما سامنا« قلنا: نعم

يا رسول اهلل؛ قال: »فثالث آيات يقرأ هبن«.

اخللفة: الناقة التي يف بطنها ولدها.

- 99 -

اهلل رسول خرج قال: عنه اهلل ريض عامر بن عقبة حديث ومنها -يغدو كل أن »أيكم حيب فقال: الصفة، عليه وسلم ونحن يف اهلل صىل يوم إىل بطحان، أو إىل العقيق، فيأيت منه بناقتي كوماوين يف غري إثم، وال قطع رحم؟«، فقلنا: يا رسول اهلل نحب ذلك، قال: »أفال يغدو أحدكم إىل املسجد فيعلم أو يقرأ آيتي من كتاب اهلل عز وجل، خري له من ناقتي، من أعدادهن ومن أربع، من له خري وأربع ثالث، من له خري وثالث من آيتي »فيتعلم روايتهام ويف ، داوود وأبو وأمحد مسلم، رواه اإلبل«

كتاب اهلل..«. - الكوماء: الناقة العظيمة السنام.

• اأوجه تفا�شل ثواب التالوة

ومما ينبغي أن يعلم أن ثواب التالوة يتفاضل من وجوه: من أجرا أعظم وتدبر وخشوع قلب التالوة بحضور أن ذلك: فمن

التالوة التي يضعف فيها حضور القلب وعقل املعاين وتدبر اآليات. فإن العبد يثاب عىل ما يقوم يف قلبه من العبادات القلبية عند تالوته،

وما يظهر من آثارها عىل جوارحه؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٿ ٿ ٺ ٺٺ ٺ ڀ ڀ ڀ ڀ پ پ پ پ ٻ

ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ

ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ

ڇ ڍ ڍڌ ڌ ڎ ڎ ڈ﴾

فهؤالء بلغوا مرتبة اإلحسان يف استامع تالوة القرآن؛ وأثنى اهلل عليهم بام يدل عىل حمبة عملهم؛ من معرفة احلق وظهور أثره عليهم وقوهلم ما

- 100 -

أحبه اهلل تعاىل؛ حتى نوه بذكرهم يف كتابه الكريم، وأعىل شأهنم وأحسن جزاءهم وأغرى باالتساء بم.

الفتن حال يف القرآن تالوة عىل اإلقبال أن التفاضل أوجه ومن -والعوارض والصوارف أعظم أجرا لصاحبها مع سالمته من تلك الفتن

املثبطة.

تتفاضل؛ القرآن سور أن التالوة: ثواب يف التفاضل أوجه ومن -أجرا من أعظم الفاضلة واآليات السور فتالوة تتفاضل كذلك، وآياته

تالوة غريها.

قال شيخ اإلسالم ابن تيمية: )حروف القرآن تتفاضل لتفاضل املعاين وغري ذلك؛ فحروف الفاحتة له بكل حرف منها حسنة أعظم من حسنات

حروف من ﴿ڈ ڈ ژ ژ﴾(.

وهذا مبني عىل أصل تفاضل آيات القرآن وسوره؛ فإن تفاضل ثواب التالوة من آثار تفاضل اآليات نفسها؛ فقراءة اآلية األعظم فضال ثوابا قلب يف تقوم عبادات من تقتضيه وما ودالئلها معانيها لعظمة أعظم،

التايل.

ومن أوجه التفاضل أيضا: أن التالوة احلسنة التي يرتل القارئ فيها ما يقرأ، وحيرب قراءته ويزين صوته با، أعظم أجرا من التالوة التي ال تكون

كذلك.

وبني اإلرساع مع التالوة إكثار بني املفاضلة يف العلامء اختلف وقد ترتيلها وحتبريها، ولكل أصحاب قول أدلتهم.

- 101 -

وخلص ابن القيم رمحه اهلل من بحث هذه املسألة إىل قوله: )والصواب قدرا، وأرفع أجل والتدبر الرتتيل قراءة ثواب إن يقال: أن املسألة يف

وثواب كثرة القراءة أكثر عددا

- فاألول: كمن تصدق بجوهرة عظيمة، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا.- والثاين: كمن تصدق بعدد كثري من الدراهم، أو أعتق عددا من العبيد

قيمتهم رخيصة(ا.هـ.

التنويع يف قراءته؛ فيقرأ أحيانا بتحبري وجتويد، القارئ إىل وقد حيتاج النفس عىل كالتيسري أخرى مقاصد لتحقيق قراءته يف حيدر وأحيانا بالتنويع، ومراجعة احلفظ، واالستكثار من اخلتامت يف األوقات الفاضلة

واألماكن الفاضلة.

وهذه املسألة من مباحث آداب تالوة القرآن، وإنام املراد هنا التنبيه عىل أسباب التفاضل يف ثواب التالوة.

القرآن؛ يقرأ الذي للمؤمن اهلل جعلها التي العظيمة احلسنات وهذه داخلة يف مجلة الفضل الكبري الذي برش اهلل به املؤمنني يف قوله تعاىل: ﴿ڤ

ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ﴾. إىل وتقود الدرجات، با وترتفع السيئات، تذهب احلسنات فإن حتى بتالوته احلسنات من يستكثر املؤمن يزال فال أخرى؛ حسنات فإن غمه، وذهاب حزنه، وجالء صدره، ونور قلبه ربيع القرآن يكون الغم واحلزن من مجلة عقوبات السيئات؛ فإذا كفرت السيئات باحلسنات؛ ذهب أثرها، واستقبل القلب أثر احلسنات وبركاهتا وهو يف عافية من آثار

السيئات.

- 102 -

• ثواب تالوة القراآن يف االآخرةوإذا انتقل صاحب القرآن من هذه احلياة الدنيا إىل الدار اآلخرة تبني الدنيا إقباله عىل تالوته يف به عاقبة للقرآن ما حيمد له من ثواب تالوته فإنه يظله يف املوقف، ويشفع له، وحياج عنه، به، واتباعه هلداه؛ ومتسكه

ويقوده إىل اجلنة، وجيد بسببه من الكرامة والرفعة ما ال يطر له عىل بال.

القدر جليلة أحاديث القرآن لتالوة األخروي الثواب يف روي وقد عظيمة النفع:

- منها: حديث أيب أمامة الباهيل ريض اهلل عنه أنه قال: سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم يقول: »اقرءوا القرآن فإنه يأيت يوم القيامة شفيعا ألصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة، وسورة آل عمران، فإهنام تأتيان يوم القيامة كأهنام غاممتان، أو كأهنام غيايتان، أو كأهنام فرقان من طري صواف، وتركها بركة، أخذها فإن البقرة، سورة اقرءوا أصحاهبام، عن حتاجان

حسة، وال تستطيعها البطلة«.

قال معاوية بن سالم: بلغني أن البطلة: السحرة. رواه مسلم يف صحيحه.

اهلل النبي صىل عنه عن اهلل بن سمعان ريض النواس حديث ومنها: -عليه وسلم أنه قال: »يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به يف الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران حتاجان عن صاحبهام«. رواه مسلم.

اهلل النبي صىل أن اهلل عنهام بن عبد اهلل ريض حديث جابر - ومنها: أمامه من جعله ق، وماحل مصد ع »القرآن شافع مشف قال: عليه وسلم قاده إىل اجلنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إىل النار«. رواه ابن حبان يف

- 103 -

صحيحه، وصححه األلباين.

قال: اهلل عنهام العاص ريض بن بن عمرو اهلل حديث عبد - ومنها: اقرأ وارتق القرآن »يقال لصاحب قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: رواه تقرؤها« آية آخر عند منزلتك فإن الدنيا، يف ترتل كنت كام ورتل أمحد وأبو داوود والرتمذي والنسائي يف الكربى، ورواه ابن أيب شيبة يف يف وارقه اقرأ اجلنة: يدخل حي القرآن لصاحب »يقال ولفظه: مصنفه اجلنة، ورتل كام كنت ترتل يف الدنيا، فإن منزلك يف الدرجات عند آخر

ما تقرأ«.

بريدة بن احلصيب ريض اهلل عنه قال: كنت جالسا حديث - ومنها: البقرة، »تعلموا سورة يقول: اهلل عليه وسلم، فسمعته، النبي صىل عند سكت ثم البطلة« يستطيعها وال حسة، وتركها بركة، أخذها فإن الزهراوان، فإهنام عمران، وآل البقرة سورة »تعلموا قال: ثم ساعة، القيامة، كأهنام غاممتان، أو غيايتان، أو فرقان وإهنام تظالن صاحبهام يوم من طري صواف، وإن القرآن يأيت صاحبه يوم القيامة حي ينشق عنه قربه كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك باهلواجر، وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر بيمينه، امللك فيعطى جتارة، كل وراء من اليوم وإنك جتارته، وراء من والداه حلتي ال الوقار، ويكسى تاج رأسه بشامله، ويوضع عىل واخللد ولدكام بأخذ هلام: فيقال هذا؟ كسينا بم فيقوالن: الدنيا، أهل هلام يقوم القرآن، ثم يقال: اقرأ واصعد يف درج اجلنة وغرفها، فهو يف صعود ما دام ا كان أو ترتيال«. رواه أمحد وابن أيب شيبة والدارمي وحممد بن نرص يقرأ هذ

- 104 -

والطرباين والبغوي كلهم من طريق: بشري بن املهاجر الغنوي، عن عبد اهلل بن بريدة عن أبيه.

وهذا احلديث حسنه األلباين رمحه اهلل يف الصحيحة.

- 105 -

• املراد باأهل القراآن آثار من فضلهم فإن أهله؛ فضل بيان القرآن فضل ببيان يتصل مما إىل يضاف مما والسنة الكتاب نصوص من فضلهم يف ورد وما فضله، دالئل فضله؛ ملا علم من أهنم مل يكتسبوا هذا الفضل إال بسببه؛ فبه أحبهم اهلل، وبه نفعهم، وبه رفعهم ورشفهم، واصطفاهم عىل من سواهم لصحبة

كتابه؛ كام قال اهلل تعاىل: ﴿ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ﴾.

ومن أرشف ما ورد يف فضل أهل القرآن حديث أنس بن مالك ريض اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم : »إن هلل عز وجل أهلي

من الناس«.

قالوا : ومن هم يا رسول اهلل؟

قال: »أهل القرآن؛ أهل اهلل وخاصته«. رواه أمحد والنسائي بإسناد صحيح.

أهله املرء يصاحب كام له مصاحبتهم لكثرة القرآن بأهل فوصفهم وينتمي إليهم ويواليهم.

رشيفة بمزية تصيصهم تقتيض ترشيف؛ إضافة اهلل إىل وأضافهم ينفردون با عن سائر حزب اهلل؛ فإن اسم األهل أخص من احلزب.

الباب ال�شاد�س: ف�شل اأهل القراآن

- 106 -

واإلضافة يف قوله »أهل اهلل« كاإلضافة يف »أنصار اهلل«، و»أولياء اهلل«؛ هي إضافة خملوق إىل خالقه؛ لكنها تقتيض زيادة ترشيف مع بيان وصف

خمصوص متتاز به تلك اإلضافة.

فاإلضافة يف »أنصار اهلل« تقتيض ترشيفهم بنرصهتم هلل عز وجل وتوليهم إياه إذ نرصوا دينه وجاهدوا يف سبيله بام أمكنهم من أنواع اجلهاد.

واإلضافة يف »أولياء اهلل« جتمع مع معنى النرصة معنى املحبة اخلالصة.

بكثرة نالوه زائدا ترشيفا تقدم ما مع جتمع اهلل« »أهل يف واإلضافة إليه؛ الكالم بأحب وعال جل وذكره تالوته وكثرة لكتابه؛ مصاحبتهم وقد قال اهلل تعاىل: ﴿ى ائ﴾، وقال يف احلديث القديس: »أنا عند ظن عبدي يب، وأنا معه حي يذكرين، إن ذكرين يف نفسه ذكرته يف نفيس، وإن ذكرين يف مإل ذكرته يف مإل هم خري منهم« متفق عليه من حديث أيب هريرة ريض اهلل عنه عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم عن ربه جل وعال.

وأهل القرآن هم خاصة أصحابه، وأعرفهم بحدوده وحروفه، وأبرصهم بداه وبيناته؛ وهم لكثرة تالوهتم له وسامع اهلل تعاىل لتالواهتم، وذكرهم هلل عز وجل وذكر اهلل هلم، وتبرصهم بكالم اهلل وتبصري اهلل هلم، واتباعهم سامهم عليه؛ اهلل ورضوان اهلل عن ورضاهم هلم، اهلل وهداية اهلل هلدى أهله ترشيفا هلم؛ إذ كانوا معه باالستجابة والتعبد والتقرب، وهو معهم

باإلجابة واإلثابة والقرب، ﴿ى ائ ائ ەئ ەئ وئوئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی﴾.

وهم يف هذه احلياة الدنيا مع هذا القرآن بقلوبم وجوارحهم وتطلعاهتم للقرآن انحازوا قد اتباعه، حق ويتبعونه تالوته، حق يتلونه وأمانيهم،

- 107 -

انحياز املرء إىل أهله، وألفوه كام يألف املرء أهله، وأحبوه كام حيب املرء أهله، فكانوا أهل القرآن بحق.

ورشفهم اهلل بأن عوضهم عام تركوه ألجله بأرشف العوض وأحسنه، وأثابم عىل صدقهم يف تالوته واتباعه أجزل الثواب وأمجله؛ بأن سامهم تعظيم إبام اجلزاء عني إبام مع - الرشيفة التسمية تلك ويف أهله، وتفخيم - ما يمأل قلوبم طمأنينة وثقة بعظيم فضله جل وعال، فتذهب آماهلم كل مذهب يف كرمه جل وعال، ثم يعلمون أن ما لديه أعظم من أن

تبلغه أمنياهتم أو أن يطر عىل قلوبم.

• املراد ب�شاحب القراآن ومما ينبغي أن يعلم أن صاحب القرآن هو املؤمن به املتبع ملا تضمنه من أو نظرا من املصحف، بالليل والنهار حفظا يتعاهد تالوته الذي اهلدى

حتى يكون له به اختصاص وصف الصحبة.

إيامنا فأكثرهم كبريا، تفاضال فيها املسلمون يتفاضل الصفات وهذه املرتتبة بالفضائل للقرآن وأعظمهم حظا أكثرهم صحبة واتباعا وتالوة

عىل ذلك.

وال يشرتط يف صاحب القرآن أن يكون حافظا جلميع ألفاظه عن ظهر قلب، بل يصدق هذا الوصف عىل من يقرأه نظرا بالرشوط املذكورة آنفا، والتي دلت عليها النصوص، ودلت عىل أن من اتصف بأضدادها مل يكن

من أهل القرآن.

- 108 -

فالذي ال يؤمن بالقرآن ليس من أصحابه، والذي هيجره هجر عمل أو هجر تالوة ليس من أصحابه أيضا.

ومما يدل عىل عدم اشرتاط حفظ القرآن عن ظهر قلب قول النبي صىل القيامة« يوم يأيت شفيعا ألصحابه فإنه القرآن »اقرؤوا : عليه وسلم اهلل

رواه مسلم.

فجعلهم بالقراءة املعتربة رشعا أصحابا للقرآن، والقراءة قد تكون من املحفوظ، وقد تكون من املكتوب، فبقراءة القرآن قراءة صحيحة حتصل

الصحبة، فمستقل ومستكثر.

واملراد بالقراءة الصحيحة هنا هي القراءة الصحيحة يف حكم الرشع، وليس املراد صحة األداء عند أهل االصطالح، فالقراءة الصحيحة املعتربة واملتابعة عىل قدر االستطاعة؛ فيها رشطا اإلخالص توفر ما رشعا هي فيه من ويدخل عليه شاق؛ فيه وهو ويتتعتع يقرأه من ذلك فيدخل يف يقرؤه ويطئ يف قراءته عن غري عمد، فإنه ينال حظه من صحبة القرآن بصدقه وصالح نيته، وتعاهده تالوة القرآن مع اإليامن به واتباع ما يعرفه هدى من يعرف ملا خمالفته من املسلم عىل أرض يشء وليس هداه، من

القرآن.

صحبته وصف يف يتفاضلون القرآن أصحاب أن عىل يدلك وهذا اإليامن الصحبة هو يبنى عليه وصف الذي وأن األصل كبريا، تفاضال

بالقرآن.

- 109 -

ولفظ الصحبة يطلق يف اللغة عىل معان كثرية ترجع إىل معنيي كبريين: أحدمها: صحبة املالزمة واالختصاص.

واآلخر: صحبة املواالة واملنارصة.

فأما صحبة املالزمة واالختصاص؛ فكام يف قوله تعاىل: ﴿ہ ﴿ڦ وقوله: ھ﴾، ھ ھ ﴿ہ وقوله: ھ﴾، ڦ ...﴾، وقوله: ﴿ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ﴾، ومن هذا املعنى: ﴿ے ۓ﴾، و﴿ٹ ڤ﴾ ملالزمتهم إياها واختصاصهم با.

واالختصاص قد يكون اختصاص ملك كام يف قوله تعاىل: ﴿ٻ پ پ پ پ ڀ﴾، وتقول: أنا صاحب هذه الدار، أي: مالكها.

وقد يكون اختصاصا من غري إرادة معنى امللك؛ كأصحاب السبت؛ الختصاصهم بفتنة يوم السبت وما كان بسببه من العذاب، وكقوله: ﴿ڍ ڍ ڌ ڌ﴾، وقوله: ﴿ڑ ک ک ک ک گ گ گ﴾.

﴿ڭ تعاىل: اهلل قول شواهدها فمن واملنارصة؛ املواالة صحبة وأما هلم ليس أي ٴۇۋ﴾ ۈ ۈ ۆ ۆ ۇ ۇ صاحب ينارصهم ويمنعهم منا، ومن هذا املعنى قوهلم: هذا من أصحابنا،

وهذا من خصومنا.

وقال لبيد بن ربيعة: بروق�ه وذاد مقاتل�ه حبان فحم�ى محي املحارب ع�ورة الص

واملقصود أن لفظ الصحبة يطلق عىل املعنيني كليهام إطالقا صحيحا؛ وقد جيتمعان؛ فصاحبك الذي يالزمك، وصاحبك الذي ينرصك ويؤيدك،

- 110 -

والثاين خري من األول، ومن مجعهام فهو بخري املنازل، ومن قرص يف صحبة املواالة مل جتعله كثرة املالزمة أفضل حاال ممن أحسن املواالة؛ فإن الصحبة

هلا واجبها، ومن واجبها النرصة واملواالة والنصيحة للمصحوب.

وبذا النوع من الصحبة امتاز الصحابة ريض اهلل عنهم عىل من سواهم، مع أن الذين مجعوا القرآن من الصحابة ريض اهلل عنهم قليل يف جنب من مل جيمعه، ومنهم من مات رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم ومل جيمعه، ثم مجعه بعد موته وكان يف حياة النبي صىل اهلل عليه وسلم من أهل القرآن

الذين يعلمونه ويقرئونه.

تالوته، وحسن للقرآن، باتباعهم سواهم من عىل الصحابة فامتياز امتيازهم بحفظه أكثر من له به ونرصهتم بتأويله، وجهادهم ومعرفتهم عن ظهر قلب؛ والقراء الذين مجعوا القرآن حفظا من التابعني ومن بعدهم كانوا أكثر عددا، والصحابة كانوا أحسن عمال وأحسن مصاحبة للقرآن، وتالوة له، وقياما به، ورعاية حلقه، وكان تعلمهم للقرآن أحسن التعلم

الدال عىل حسن الصحبة للقرآن.

- قال عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل عنه: )كان الرجل منا إذا تعلم عرش آيات مل جياوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل هبن(. رواه ابن أيب شيبة

وابن جرير.

- وقال جندب بن عبد اهلل البجيل ريض اهلل عنه: )كنا مع النبي صىل اهلل عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا اإليامن قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيامنا( رواه البخاري يف التاريخ الكبري وابن ماجه

يف سننه.

- 111 -

- وقال عبد اهلل بن عمر ريض اهلل عنه: )لقد عشنا برهة من دهرنا وإن عليه اهلل صىل حممد عىل السورة وتنزل القرآن، قبل اإليامن يؤتى أحدنا وسلم فيتعلم حالهلا وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده فيها كام تعلمون أنتم القرآن، ثم لقد رأيت رجاال يؤتى أحدهم القرآن؛ فيقرأ ما بي فاحتته إىل خامتته ما يدري ما آمره وال زاجره، وال ما ينبغي أن يوقف عنده منه،

ينثره نثر الدقل(. رواه الطحاوي واحلاكم والبيهقي.

ومن عرف مقاصد القرآن أدرك أن من استوعب ألفاظ القرآن حفظا بوصف بأوىل ليس وآدابه فقهه من كثري يف تفريطه مع قلب ظهر عن الصحبة ممن تعلم القرآن عىل طريقة الصحابة ريض اهلل عنهم وإن مل يبلغ

استيعاب حفظه.

هلدى اتباعه حسن مع قلب ظهر عن القرآن حفظ من أن شك وال القرآن خري ممن مل حيفظه، لكن من اخلطأ البني تقديم معيار حفظ ألفاظه

عىل معيار اتباع هداه يف وصف الصحبة.

وقد ذهب بعض املتأخرين من رشاح األحاديث إىل أن املراد بصاحب عبد بحديث استدل من ومنهم قلب، ظهر عن حيفظه من هو القرآن اهلل صىل اهلل رسول قال قال: عنهام اهلل ريض العاص بن عمرو بن اهلل ترتل يف اقرأ وارتق ورتل كام كنت القرآن »يقال لصاحب عليه وسلم: الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها« رواه أمحد وأبو داوود والرتمذي

وغريهم.

ويف هذا االشرتاط غفلة عن مقصد احلديث والزمه؛ فإن قوله: »فإن القرآن، وال آية تقرؤها« رصيح يف تفاضلهم يف حفظ منزلتك عند آخر

- 112 -

آيات من يشء حفظ من به العمل مع القرآن تالوة مالزم يلو يكاد يف سواء لكانوا صحبته رشط من كامال القرآن حفظ كان فلو القرآن؛

الدرجة.

ويشهد هلذا التفسري قول الضحاك بن قيس ريض اهلل عنه: )يا أهيا الناس، علموا أوالدكم وأهاليكم القرآن، فإنه من كتب له من مسلم يدخله اهلل اجلنة أتاه ملكان، فاكتنفاه، فقاال له: اقرأ وارتق يف درج اجلنة، حتى ينزال به

حيث انتهى علمه من القرآن(. رواه ابن أيب شيبة بإسناد صحيح.

يف واالجتهاد بقوة القرآن أخذ عىل احلث يف ظاهر احلديث ومقصد التقرب إىل اهلل به، ال جمرد حفظ ألفاظه.

والقول يف أصحاب القرآن نظري القول يف أصحاب الصالة، وأصحاب الصيام، وأصحاب الصدقة، وأصحاب اجلهاد؛ فإن من الناس من تغلب عليه العناية بأنواع من األعامل الصاحلة حتى يكون له اختصاص با لطول

مالزمتها وإحساهنا؛ فكذلك صاحب القرآن.

ويف الصحيحني من حديث أيب هريرة ريض اهلل عنه أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم قال: »من أنفق زوجي يف سبيل اهلل نودي يف اجلنة: يا عبد اهلل، هذا خري؛ فمن كان من أهل الصالة دعي من باب الصالة، ومن كان من أهل اجلهاد دعي من باب اجلهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من

باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان«.

قال أبو بكر الصديق: يا رسول اهلل! ما عىل أحد يدعى من تلك األبواب من رضورة؛ فهل يدعى أحد من تلك األبواب كلها؟

قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »نعم، وأرجو أن تكون منهم«.

- 113 -

• قوادح �شحبة القراآن

أربع عىل وهي القرآن؛ صحبة قوادح منه وحيرتز يعلم أن ينبغي مما درجات:

بارتكاب وذلك بالقرآن، اإليامن صحة يف يقدح ما األوىل: الدرجة ناقض من نواقض اإليامن بالقرآن؛ فمن فعل ذلك فقد خان اهلل عز وجل، وخان صحبة كتابه، ووقع يف الرشك األكرب املخرج عن امللة، والعياذ باهلل.

آياته، ببعض واالستهزاء بالقرآن، التكذيب النواقض: تلك ومن أن وهي بقراءته، الكربى واملراءاة وإهانته، باملصحف واالستخفاف تكون قراءته من غري إيامن به وإنام ليقال: هو قارئ، أو ليصيب به عرضا

من الدنيا.

والدرجة الثانية: املراءاة الصغرى بقراءته، وهي املراءاة بتحسني التالوة وإكثارها أحيانا، ملا يرى من نظر بعض الناس إليه، أو ألجل أن يثنى عليه قلبه، باهلل يف بقاء أصل اإليامن الدنيا، مع أو ليصيب عرضا من بذلك، النفاق، أعامل من وهو أصغر؛ رشك وهذا اإلسالم؛ نواقض واجتنابه وهو من أشنع القوادح التي جيب عىل صاحب القرآن جتنبها واالحرتاز

منها؛ فإن الوعيد عليها شديد.

والدرجة الثالثة: هجر العمل به أحيانا؛ فأما اهلجر التام فيلحق صاحبه بالدرجة األوىل، ألنه إعراض مطلق خمرج عن امللة، وأما هجر العمل ببعض واجباته بام ال يرج صاحبه من امللة؛ فهو مما يقع من بعض املسلمني؛ فيقع منهم ارتكاب لبعض الكبائر التي يستحقون عليها العذاب إن مل يتوبوا إىل

- 114 -

اهلل؛ ويقع منهم خمالفة هلدى القرآن يف بعض األمور؛ فيستحقون العقاب ﴿ڑ فقال: املخالفة؛ من عباده تعاىل اهلل حذر وقد خمالفتهم؛ عىل

ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ﴾. الكبائر، باجتناب به؛ العمل بقاء مع تالوته هجر الرابعة: والدرجة أيام ال املسلمني؛ فتميض عليه يقع من بعض قد الفرائض؛ وهذا وأداء يقرأ من القرآن إال ما تصح به صالته، وهذا اهلجر مما يتخلف به صاحبه

عن الرتب العليا ودرجات الكامل التي فيها رشفه ورفعته.

ويف الصحيحني من حديث أيب موسى األشعري ريض اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »مثل املؤمن الذي يقرأ القرآن مثل األترجة رحيها طيب وطعمها طيب، ومثل املؤمن الذي ال يقرأ القرآن مثل التمرة ال ريح هلا وطعمها طيب حلو، ومثل املنافق الذي يقرأ القرآن مثل الرحيانة رحيها طيب وطعمها مر، ومثل املنافق الذي ال يقرأ القرآن كمثل

احلنظلة ليس هلا ريح وطعمها مر«.

• تقدمي اأهل القراآن من فضائل أهل القرآن، وترشيف اهلل تعاىل هلم؛ أن رفعهم به، وحكم بتقديمهم، وجعل هلم حرمة ترعى، وإجالال يتقرب به إليه تعاىل، وقد دل

عىل هذا مجلة من األحاديث:

منها: حديث عمر بن اخلطاب ريض اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »إن اهلل يرفع هبذا الكتاب أقواما، ويضع به آخرين«. رواه

مسلم.

- 115 -

قال رسول قال: اهلل عنه حديث أيب مسعود األنصاري ريض ومنها: يف كانوا فإن اهلل، لكتاب أقرؤهم القوم »يؤم وسلم: عليه اهلل صىل اهلل القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا يف السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا يف اهلجرة سواء، فأقدمهم سلام« رواه مسلم، ويف رواية عنده:

»فأقدمهم سنا«.

الركبان حديث عمرو بن سلمة اجلرمي قال: )كان يمر علينا ومنها: فنتعلم منهم القرآن، فأتى أيب النبي صىل اهلل عليه وسلم، فقال: »ليؤمكم أكثركم قرآنا«، فجاء أيب فقال: إن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم، قال: »يؤمكم أكثركم قرآنا«، فنظروا؛ فكنت أكثرهم قرآنا؛ فكنت أؤمهم، وأنا

ابن ثامن سنني(. رواه النسائي يف الكربى.

قال: شكونا عنه اهلل األنصاري ريض عامر بن حديث هشام ومنها: إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم يوم أحد، فقلنا: يا رسول اهلل! احلفر علينا لكل إنسان شديد؛ فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »احفروا وأعمقوا وأحسنوا، وادفنوا االثني والثالثة يف قرب واحد« قالوا: فمن نقدم فكان أيب ثالث ثالثة يف قال: »قدموا أكثرهم قرآنا« يا رسول اهلل؟ قال: قرب واحد(. رواه أمحد وأبو داوود والنسائي واللفظ له، ويف رواية عنده:

)فكان أيب ثالث ثالثة، وكان أكثرهم قرآنا فقدم(.

ومنها: حديث جابر بن عبد اهلل ريض اهلل عنهام، قال: كان النبي صىل اهلل عليه وسلم جيمع بني الرجلني من قتىل أحد يف ثوب واحد، ثم يقول: »أهيم أكثر أخذا للقرآن«، فإذا أشري له إىل أحدمها قدمه يف اللحد، وقال:

»أنا شهيد عىل هؤالء يوم القيامة« رواه البخاري يف صحيحه.

- 116 -

ومنها: حديث أيب موسى األشعري ريض اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »إن من إجالل اهلل إكرام ذي الشيبة املسلم، وحامل القرآن غري الغايل فيه واجلايف عنه، وإكرام ذي السلطان املقسط« رواه ابن املفرد األدب يف البخاري ورواه مرفوعا، والبيهقي داوود وأبو املبارك وابن أيب شيبة وابن املبارك يف رواية موقوفا عىل أيب موسى، وله شواهد من أقوال الصحابة ريض اهلل عنهم مما يدل عىل أن له أصال، وقد حسنه

األلباين.

عليه اهلل صىل اهلل رسول أن عنه اهلل ريض هريرة أيب حديث ومنها: وسلم قال: »ال حسد إال يف اثنتي: رجل علمه اهلل القرآن؛ فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار؛ فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أويت فالن، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه اهلل ماال فهو هيلكه يف احلق؛ فقال رجل:

ليتني أوتيت مثل ما أويت فالن، فعملت مثل ما يعمل« رواه البخاري.

ومنها: حديث عبد اهلل بن عمر ريض اهلل عنهام عن النبي صىل اهلل عليه »ال حسد إال يف اثنتي: رجل آتاه اهلل القرآن فهو يقوم به وسلم أنه قال: آناء الليل، وآناء النهار، ورجل آتاه اهلل ماال، فهو ينفقه آناء الليل، وآناء

النهار«. رواه مسلم.

اهلل اهلل صىل قال رسول قالت: اهلل عنها حديث عائشة ريض ومنها: عليه وسلم: »املاهر بالقرآن مع السفرة الكرام الربرة، والذي يقرأ القرآن

ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران«. رواه مسلم.

- 117 -

• ف�شل تعلم القراآن وتعليمهمنهاج عىل تعلمه هو القرآن أهل فضيلة إدراك إىل السبيل إن الصحابة ريض اهلل عنهم؛ الذين أمرنا بإحسان اتباعهم كام قال اهلل تعاىل:

پ پ پ ٻ ٻ ٻ ٻ ﴿ٱ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ

ٿ ٹٹ ٹ ٹ ڤ ڤ﴾.فيتعلمه كام تعلموه؛ فيتحفظ ألفاظه، ويتعرف معانيه، وهيتدي بداياته،

ويأخذه شيئا فشيئا عىل قصد من غري غلو وال جفاء.

وبسلوك املؤمن هذا السبيل صدقا وإخالصا يكون من زمرة خري هذه األمة وأفضلها؛ بلغ غايته أو مات دوهنا.

- ويف صحيح البخاري من حديث سعد بن عبيدة عن أيب عبد الرمحن السلمي عن عثامن بن عفان ريض اهلل عنه عن النبي صىل اهلل عليه وسلم

قال: »خريكم من تعلم القرآن وعلمه«.

ويف رواية يف صحيح البخاري: »إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه«

كان حتى عثامن إمرة يف الرمحن عبد أبو وأقرأ عبيدة: بن سعد قال احلجاج قال: »وذاك الذي أقعدين مقعدي هذا«.

قال ابن كثري: )كان أبو عبد الرمحن السلمي الكويف أحد أئمة اإلسالم ومشايهم من رغب يف هذا املقام، فقعد يعلم الناس من إمارة عثامن إىل أيام احلجاج قالوا: وكان مقدار ذلك الذي مكث فيه يعلم القرآن سبعني

سنة، رمحه اهلل، وآتاه اهلل ما طلبه(.

- 118 -

وقد رفع اهلل قدره، وأعىل شأنه، وأبقى ذكره؛ فعامة مصاحف املسلمني اليوم وقراءاهتم إنام هي من طريقه؛ حتى دون اسمه يف كثري من املصاحف

عند توثيق روايته.

وأبو عبد الرمحن السلمي هو عبد اهلل بن حبيب بن ربيعة ، وهو القائل: )حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صىل اهلل عليه وسلم أهنم كانوا يف يأخذون فال آيات عرش وسلم عليه اهلل صىل اهلل رسول من يقرتئون فعلمنا قالوا والعمل العلم من هذه يف ما يعلموا حتى األخرى العرش

العلم والعمل(. رواه اإلمام أمحد.

وتعلم القرآن يشمل تعلم ألفاظه ومعانيه وهداياته.

- وعن أيب مالك األشجعي عن أبيه قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم : »من علم آية من كتاب اهلل عز وجل كان له ثواهبا ما تليت«. رواه

أبو سهل القطان، وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة.

- وعن عقبة بن عامر اجلهني ريض اهلل عنه قال: خرج علينا رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم يوما ونحن يف الصفة، فقال: »أيكم حيب أن يغدو إىل بطحان أو العقيق، فيأيت كل يوم بناقتي كوماوين زهراوين، فيأخذمها يف

غري إثم، وال قطع رحم؟« قال: قلنا: كلنا يا رسول اهلل حيب ذلك.

قال: »فألن يغدو أحدكم إىل املسجد، فيتعلم آيتي من كتاب اهلل خري له من ناقتي، وثالث خري من ثالث، وأربع خري من أربع، ومن أعدادهن

من اإلبل« رواه أمحد وأبو داوود.

القرآن مأدبة )إن هذا - وعن عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل عنه قال: اهلل، فمن استطاع أن يتعلم منه شيئا فليفعل، فإن أصفر البيوت من اخلري

- 119 -

البيت الذي ليس فيه من كتاب اهلل تعاىل يشء، وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب اهلل يشء خرب كخراب البيت الذي ال عامر له، وإن الشيطان خيرج من البيت يسمع سورة البقرة تقرأ فيه( رواه عبد الرزاق والدارمي والطرباين يف املعجم الكبري من طرق عن أيب إسحاق إبراهيم اهلجري عن

أيب األحوص عن ابن مسعود، واللفظ لعبد الرزاق. وأخرجه أيضا عبد الرزاق وأبو عبيد وابن أيب شيبة والدارمي واحلاكم اهلل، مأدبة القرآن هذا )إن بلفظ: وغريهم اإليامن شعب يف والبيهقي النور وهو اهلل، حبل القرآن هذا إن استطعتم، ما اهلل مأدبة من فتعلموا تبعه، ال يعوج به، ونجاة ملن يتمسك النافع، عصمة ملن املبي، والشافع فيقوم، وال يزيغ فيستعتب، وال تنقيض عجائبه، وال خيلق عن كثرة الرد، اتلوه فإن اهلل يأجركم عىل تالوته بكل حرف منه عرش حسنات، أما إين ال

أقول ألف والم، ولكن ألف عرشا، والم عرشا(.بعضا، بعضها يشد طرق األثر هلذا لكن لني؛ فيه اهلجري وإبراهيم

فيصح به.

وقوله : )مأدبة اهلل( اختلف يف ضبطه ومعناه عىل قولي:أحدمها: )مأدبة(: مفعلة من األدب، أي أنه يؤدب من يقرأه ويفقهه ؛ فيحمله عىل حماسن األقوال واألعامل، وما حتسن به حاله وعاقبته، ويعظه اءه سامه )مأدبة( عىل قر القرآن املساوئ فيجتنبها، ولكثرة ما يؤدب عن التعليم، وإضافته إىل اهلل تعاىل إضافة هلا املبالغة، أي كثري األدب حسن

آثارها وبركاهتا.من نيعة الص األصل: يف وهي الدال، بضم )مأدبة( اآلخر: والقول الطعام يدعى هلا الناس، فسمى القرآن مأدبة ملا فيه من اخلري الكثري الذي

- 120 -

الصدور، يف ملا شفاء وفيه األرواح، غذاء أصل وهو الناس، به ينتفع وزكاة للنفوس، وطمأنينة للقلوب، فال حيرم خري هذا القرآن إال مريض

القلب جدا أو ميته.

ويف شعب اإليامن للبيهقي من حديث سمرة بن جندب ريض اهلل عنه أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم قال: »كل مؤدب حيب أن تؤتى مأدبته،

ومأدبة اهلل القرآن فال هتجروه«، ويف إسناده ضعف.

والقوالن صحيحان يف نفسيهام، لكن سياق احلديث يرجح املعنى األول )إن هذا القرآن مأدبة اهلل، فتعلموا من مأدبة اهلل ما استطعتم(، فإنه قال:

وهذا ظاهر يف أنه أراد معنى األدب والتعليم.

وذهب اخلليل بن أمحد إىل أن املأدبة واملأدبة لغتان صحيحتان يف صنيعة الطعام التي يدعى إليها وحكاه أبو عبيد عن خلف األمحر.

وأرجع أبو منصور األزهري املعنيني إىل معنى واحد؛ فقال: )األدب الذين الناس يأدب ألنه أدبا سمي الناس، من األديب به يتأدب الذي وأصل يدعوهم، أي يأدبم املقابح، عن وينهاهم املحامد إىل يتعلمونه

األدب الدعاء، وقيل للصنيع يدعى إليه الناس: مدعاة ومأدبة(.

• ف�شل حفظ القراآن عن عائشة ريض اهلل عنها عن النبي صىل اهلل عليه وسلم أنه قال: »مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له مع السفرة الكرام الربرة، ومثل الذي يقرأ،

وهو يتعاهده، وهو عليه شديد فله أجران«. رواه البخاري يف صحيحه.

- 121 -

واملراد بحفظ القرآن يف النصوص يشمل معنيي ال يتم احلفظ إال هبام: املعنى األول: حفظ حدوده وأمانته ورعايتها.

املعنى الثاين: حفظ ألفاظه واستظهارها عن ظهر قلب.

واملعنى األول أجل من الثاين، بل هو رشط االنتفاع به.

وقد قال اهلل تعاىل: ﴿ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڻ ں ں ڱ ڱ ڱ ڱ ڳڳ ڳ ڳ

ڻ ڻڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ﴾. أي أمروا بحفظه، ومل يقل: بام حفظوا، فإهنم مل فقال: ﴿گ﴾ إثمهم يف عدم حفظ أكرب حيفظوه حقا، وإن كان عندهم مكتوبا، وكان

حدوده وأداء أمانته، وتغيريهم فيه.

وكانت اآلية قد نزلت يف كتم اليهود آلية الرجم وهي مكتوبة عندهم يف التوراة يعرفوهنا، ومنهم من حيفظ ألفاظها ويعرف موضعها، لكنهم مل

حيفظوا أمانة اهلل فيها، ومل يرعوا حدوده باحلكم با.

النبي عىل مر قال: عازب، بن الرباء حديث من مسلم صحيح ففي ام جملودا، فدعاهم صىل اهلل عليه وسلم، صىل اهلل عليه وسلم بيهودي حممرجال فدعا نعم، قالوا: كتابكم؟«، يف الزاين حد جتدون »هكذا فقال: أهكذا التوراة عىل موسى، أنزل الذي باهلل »أنشدك فقال: من علامئهم، جتدون حد الزاين يف كتابكم« قال: ال، ولوال أنك نشدتني بذا مل أخربك، نجده الرجم، ولكنه كثر يف أرشافنا، فكنا إذا أخذنا الرشيف تركناه، وإذا نقيمه يشء عىل فلنجتمع تعالوا قلنا: احلد، عليه أقمنا الضعيف أخذنا

- 122 -

فقال الرجم، مكان واجللد التحميم، فجعلنا والوضيع، الرشيف عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »اللهم إين أول من أحيا أمرك إذ أماتوه«

فأمر به فرجم، فأنزل اهلل عز وجل: ﴿ گ گ ڳ ڳ ڳ ائتوا يقول: ﴿ۆ ۆ ۈ ۈ﴾، إىل قوله: ڳ ڱ ڱ﴾ وإن فخذوه، واجللد بالتحميم أمركم فإن وسلم، عليه اهلل صىل حممدا

﴿ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ تعاىل: اهلل فأنزل فاحذروا، بالرجم أفتاكم ھ ھ ھ ھ﴾(.

أمانة الكتاب واستحفاظ االستئامن، )االستحفاظ: ابن عاشور: قال فهمه حق الفهم بام دلت عليه آياته. استعري االستحفاظ الذي هو طلب احلفظ ملعنى األمر بإجادة الفهم والتبليغ لألمة عىل ما هو عليه.. ويدخل

يف االستحفاظ بالكتاب األمر بحفظ ألفاظه من التغيري والكتامن(ا.هـ.

ومما يبني إرادة هذا املعنى قول اهلل تعاىل: ﴿ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ﴾.

فهم محلوا أمانة حفظ التوراة حفظ رعاية وصيانة وعمل بام فيها وحكم با بينهم؛ فلم حيفظوا أمانة اهلل فيها.

وإذا أطلق لفظ احلفظ يف النصوص فإن أوىل ما حيمل عليه حفظ األمانة والصيانة وأداء احلق وعدم تضييعه، قال اهلل تعاىل: ﴿ىئ ی﴾،

﴿ڭ ڭ ڭ﴾.

حيفظك«، اهلل »احفظ عباس: البن وسلم عليه اهلل صىل النبي وقال وقال لوفد عبد القيس ملا أوصاهم بوصايا: »احفظوهن وأخربوا هبن من وراءكم« ، وقال: »هلل تسعة وتسعون اسام من حفظها دخل اجلنة« كام يف

- 123 -

ليس أنه املعلوم ومن اللفظ، بذا هريرة أيب حديث من مسلم صحيح املراد جمرد حفظ ألفاظها دون اإليامن با والتعبد هلل تعاىل بمقتضاها.

وكتب عمر بن اخلطاب ريض اهلل عنه إىل أمراء األمصار يف عهده: )إن أهم أمركم عندي الصالة. فمن حفظها وحافظ عليها، حفظ دينه. ومن

ضيعها فهو ملا سواها أضيع(. رواه مالك يف املوطأ.

فذكر احلفظ وذكر مقابله وهو اإلضاعة.

وقال عنرتة بن شداد العبيس: إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى

فحفظ الوصاة ملا ضبط نصها وعهدها، ولو أنه خالف مقتىض الوصية مل يكن حافظا هلا، ولو عرفها.

وهذا يدلك عىل أن املراد األعظم من حفظ القرآن حفظ أمانته وحدوده وأداء حقه، وأن حفظ ألفاظه من متام حفظه، لكن ال يعد يف الرشيعة حافظا

للقرآن من ضيع حدوده ولو استظهر ألفاظه عن ظهر قلب.

وبذلك تعرف أن معنى احلفظ ينتقض بأحد أمرين: 1. بتضييع النص وعدم ضبطه.

2. وبتضييع أمانته وعهده.

• حفظ احلروف ال يغني عن حفظ احلدودمعنى بالوعي، وهو يف احلفظ معنيي يعرب عن من السلف من وكان أمامة أيب قول ذلك ومن بالقرآن، واالهتداء والتذكر والتبرص العقل نكم هذه املصاحف املعلقة، الباهيل ريض اهلل عنه: )اقرءوا القرآن وال تغر

- 124 -

بن حريز طريق من الدارمي رواه القرآن( وعى قلبا يعذب لن اهلل فإن عثامن عن رشحبيل بن مسلم عنه، وهذا إسناد صحيح.

سنان بن هنيك له يقال رجل جاء سلمة: بن شقيق وائل أبو وقال تقرأ هذا الرمحن كيف أبا عبد يا فقال: ابن مسعود[، إىل عبد اهلل ]وهو

احلرف؟ ألفا جتده أم ياء ﴿ک ک ک ک﴾، أو )من ماء غري ياسن(؟

قال: فقال عبد اهلل: )وكل القرآن قد أحصيت غري هذا؟(.

قال: إين ألقرأ املفصل يف ركعة.

جياوز ال القرآن يقرءون أقواما إن الشعر، كهذ »هذا اهلل: عبد فقال تراقيهم، ولكن إذا وقع يف القلب فرسخ فيه نفع«. رواه مسلم.

من »إن اخلويرصة: ذي شأن يف وسلم عليه اهلل صىل النبي قال وقد ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن ال جياوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل اإلسالم ويدعون أهل األوثان، لئن

أنا أدركتهم ألقتلنهم قتل عاد«. رواه البخاري ومسلم.

فهؤالء ملا خالفوا هدى القرآن وضلوا عن اتباع ما أمرهم اهلل به فيه من سنة النبي صىل اهلل عليه وسلم، ومن اتباع املهاجرين واألنصار بإحسان؛ مل يكونوا حافظني للقرآن؛ بل ضيعوا أمانته، وخالفوه أشد املخالفة؛ فقاتلوا شوكتهم، وكس مجاعتهم، تفريق وابتغوا بإحسان، باتباعهم أمروا من والتغلب عليهم، ولكن اهلل رد كيدهم يف نحورهم، وأخزاهم، ولو أهنم

حفظوا القرآن لرعوا حدوده وأدوا حق اهلل تعاىل فيه.

- 125 -

عىل مقصورا القرآن حفظ استعامل املتأخرة القرون يف شاع وقد املعنى الثاين، ومل يكن هذا االستعامل شائعا يف القرون األوىل، وإنام كان الشائع التعبري عنه بـ»مجع القرآن« و»استظهاره«، ونحو ذلك مما يدل عىل

استيعاب حفظ ألفاظه عن ظهر قلب.

ولشيوع هذا االستعامل املتأخر غلب عىل كثري من األذهان، وعلق عليه احلفظ بنوعي متعلقة وهي القرآن، فضائل أحاديث من كثريا بعضهم

مجيعا.

• تفا�شل احلفاظ يف حفظ القراآنيف لتفاضلهم احلفظة بني الكبري التفاضل فيه جيري القرآن وحفظ

معنيي حفظ حروفه وحدوده.

- فأما حفظ حدوده فهو عىل درجات:

حفظ حدود اإليامن به؛ فال يرتكب ما ينقض اإليامن الدرجة األوىل: ما بارتكابه امللة؛ عن خارج كافر الدرجة هذه يف واملخالف بالقرآن؛ ينقض إسالمه؛ فإن كان ممن يظهر اإلسالم فهو منافق نفاقا أكرب والعياذ

باهلل.

ومن أدى هذه الدرجة فقد حفظ دينه يف أعظم درجاته وهو ما يبقى به عىل أصل دين اإلسالم، وله نصيب من فضل احلفظ بام حفظ من هذه احلدود العظيمة، وإن كان متوعدا بالعذاب عىل ما ارتكب من الذنوب

واملعايص.

- 126 -

املتقني؛ الواجبة؛ وهي درجة عباد اهلل حفظ حدوده الثانية: والدرجة عن وينتهون الواجبات فيؤدون ونواهيه، أوامره حدود فيحفظون املحرمات، وبذلك حتصل هلم االستقامة الواجبة التي يسلمون با العذاب، وينالون با ما وعد اهلل به عباده املتقني من الثواب العظيم والفضل الكبري.

والدرجة الثالثة: درجة إحسان حفظ حدوده ورعاية أمانته، والقيام به آناء الليل وآناء النهار، إيامنا واحتسابا، وهذه درجة أهل اإلحسان الذين

هم بأعىل املنازل.

- وأما تفاضلهم يف حفظ ألفاظه؛ فظاهر يف تفاضلهم يف جودة احلفظ ومقداره واملهارة فيه، وتفاضل ثوابم ومنازهلم بسبب ذلك، وقد تقدم قال: أنه وسلم عليه اهلل صىل النبي عن عنها اهلل ريض عائشة حديث الربرة، ومثل الكرام السفرة له مع القرآن، وهو حافظ يقرأ الذي »مثل الذي يقرأ، وهو يتعاهده، وهو عليه شديد فله أجران«. رواه البخاري يف

صحيحه.

قال قال: عنهام اهلل ريض العاص بن عمرو بن اهلل عبد وحديث -رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كام كنت ترتل يف الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها« رواه أمحد وأبو

داوود وغريمها.

- وحديث بريدة بن احلصيب ريض اهلل عنه مرفوعا، وفيه: »ثم يقال: ا كان أو اقرأ واصعد يف درج اجلنة وغرفها، فهو يف صعود ما دام يقرأ هذ

ترتيال«. رواه أمحد وابن أيب شيبة والدارمي وغريهم.

- 127 -

• كيف يحفظ القراآن؟حفظه به املرء يمسك ما إىل وسلم عليه اهلل صىل النبي أرشد وقد للقرآن وجيوده، وهو تعاهده بالتالوة والقيام، وقد ورد يف ذلك أحاديث

صحيحة منها:

1. حديث ابن عمر ريض اهلل عنهام: أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم عاهد إن املعقلة، اإلبل صاحب كمثل القرآن، صاحب مثل »إنام قال: عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت« متفق عليه من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر، ويف رواية ملسلم من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: »وإذا قام صاحب القرآن؛ فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإذا

مل يقم به نسيه«.

2. وحديث أيب موسى األشعري ريض اهلل عنه عن النبي صىل اهلل عليه وسلم قال: »تعاهدوا القرآن فوالذي نفيس بيده هلو أشد تفصيا من اإلبل

يف عقلها« متفق عليه، ويف رواية مسلم »تفلتا«.

3. وحديث عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صىل بل هو آية كيت وكيت، يقول: نسيت »بئسام ألحدهم اهلل عليه وسلم: النعم من الرجال صدور من تفصيا أشد فلهو القرآن استذكروا ، نيس

بعقلها« متفق عليه.

قال: املصاحف - وربام )تعاهدوا هذه وقال عبد اهلل بن مسعود: .4القرآن - فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقله(. رواه

مسلم.

- 128 -

وتعاهد القرآن يشمل:

أ. تعاهد ألفاظه باحلفظ والضبط.

ب. وتعاهد معانيه بالعلم والفهم.

ج. وتعاهد هداه باالتباع والرعاية.

فمن مجع هذه األمور الثالثة فقد أحسن تعاهد القرآن.

- 129 -

قال اهلل تعاىل: ﴿ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ﴾.

وقال تعاىل: ﴿ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ﴾.

وقال تعاىل : ﴿ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې﴾.

- وعن أيب سعيد بن املعىل ريض اهلل عنه، قال: كنت أصيل يف املسجد فدعاين رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم؛ فلم أجبه، فقلت: يا رسول اهلل

اهلل: ﴿ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ يقل أمل فقال: إين كنت أصيل؛ ې﴾.

أن قبل القرآن، يف السور أعظم هي سورة »ألعلمنك يل: قال ثم خترج من املسجد«. ثم أخذ بيدي، فلام أراد أن يرج، قلت له: »أمل تقل:

﴿پ پ پ ألعلمنك سورة هي أعظم سورة يف القرآن«، قال: » پ ڀ﴾ هي السبع املثاين، والقرآن العظيم الذي أوتيته«. رواه البخاري من طريق خبيب بن عبد الرمحن، عن حفص بن عاصم، عن أيب

سعيد بن املعىل.

عليه اهلل صىل النبي كان قال: عنه اهلل ريض مالك بن أنس وعن -وسلم: يف مسري له فنزل ونزل رجل إىل جانبه؛ فالتفت إليه النبير صىل اهلل

الباب ال�شابع: تفا�شل االآيات وال�شور

- 130 -

»فتال عليه احلمد هلل عليه وسلم فقال: »أال أخربك بأفضل القرآن« قال: من واحلاكم حبان وابن الكربى السنن يف النسائي رواه العاملي«. رب

طريق سليامن بن املغرية، عن ثابت، عن أنس.

- وعن أيب بن كعب، قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »يا أبا املنذر، أتدري أي آية من كتاب اهلل معك أعظم؟«.

قال: قلت: اهلل ورسوله أعلم.

قال: »يا أبا املنذر أتدري أي آية من كتاب اهلل معك أعظم؟«.

قال: قلت: ﴿ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ﴾.

»واهلل ليهنك العلم، أبا املنذر«. رواه قال: فضب يف صدري، وقال: مسلم من طريق أيب السليل، عن عبد اهلل بن رباح األنصاري عن أيب.

- وعن عقبة بن عامر ريض اهلل عنه قال: أتيت رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم وهو راكب فوضعت يدي عىل قدمه فقلت: أقرئني سورة هود أو سورة يوسف، فقال: »يا عقبة، اقرأ بقل أعوذ برب الفلق؛ فإنك لن تقرأ سورة أحب إىل اهلل عز وجل وأبلغ عنده منها، فإن استطعت أن ال تفوتك فافعل« رواه النسائي يف السنن الكربى وابن حبان من طريق يزيد بن أيب

حبيب، عن أيب عمران أسلم بن عمران التجيبي عن عقبة.

فهذه األدلة وما يف معناها تدل داللة بينة عىل أن بعض السور واآليات أفضل وأحب إىل اهلل من بعض، وهي وإن كانت كلها يف الذروة العليا من مة عن كل وصف نقص وضعف واختالف؛ حسن البيان واإلحكام، مكربعض، من أعظم فبعضها الفضل؛ واحدة يف درجة ليست عىل أهنا إال

- 131 -

وبعضها أحب إىل اهلل من بعض، وتالوة بعضها أعظم أجرا من بعض، ولبعضها خواص اختصها اهلل هبا:

- فجعل قراءة الفاحتة من آكد واجبات الصالة؛ فال تصح الصالة إال با ملن استطاعها.

نزوهلا البقرة خصائص وفضائل يف ترشيف آيتني من -وجعل آلخر وتعظيم شأهنا وفضل تالوهتا، وعظم ثوابا.

وجعل للمعوذتني فضال عظيام، وبركة واسعة، ورتب عىل تالوهتا -من الثواب اجلزيل، واحلفظ من الرشور واآلفات؛ ما فضلهام به عىل سائر سور القرآن؛ كام قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم فيهام: »ما تعوذ الناس بأفضل منهام«. رواه النسائي من حديث عبد اهلل بن خبيب ريض اهلل عنه.

اهلل صىل النبي أقسم حتى عظيام فضال اإلخالص لسورة وجعل -عليه وسلم أهنا تعدل ثلث القرآن؛ كام يف صحيح البخاري من حديث أيب سعيد اخلدري ريض اهلل عنه أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قال: »والذي

نفيس بيده إهنا لتعدل ثلث القرآن«.

وليتبني األمر للصحابة ريض اهلل عنه ولألمة من بعدهم بيانا شافيا ال لبس فيه، تنتفي به احتامالت املعاين غري املرادة، وليقر يف نفوسهم ويرسخ يف أذهاهنم اليقني بعظم فضلها قرن النبير صىل اهلل عليه وسلم هذا البيان أيب عن كيسان بن يزيد حديث من مسلم صحيح ففي عملية؛ بحادثة عليه اهلل صىل اهلل رسول قال قال: عنه، اهلل ريض هريرة أيب عن حازم وسلم: »احشدوا، فإين سأقرأ عليكم ثلث القرآن«، فحشد من حشد، ثم خرج نبي اهلل صىل اهلل عليه وسلم، فقرأ: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ﴾، ثم

- 132 -

دخل، فقال بعضنا لبعض: إين أرى هذا خربا جاءه من السامء فذاك الذي أدخله، ثم خرج نبي اهلل صىل اهلل عليه وسلم؛ فقال: »إين قلت لكم سأقرأ

عليكم ثلث القرآن، أال إهنا تعدل ثلث القرآن«.

قال شيخ اإلسالم ابن تيمية: )والقول بأن كالم اهلل بعضه أفضل من من الفقهاء أئمة عليه الذي وهو السلف، عن املأثور القول هو بعض كتب يف منترش كثري بذلك القائلني وكالم وغريهم، األربعة الطوائف

كثرية(.

وقد خالف يف هذه املسألة أبو حاتم ابن حبان صاحب الصحيح، ومكي بن أيب طالب القييس، ونسب القايض عياض والقرطبي والزركيش القول بعدم التفضيل إىل أيب احلسن األشعري وأيب بكر حممد بن الطيب الباقالين

وهو من كبار األشاعرة ونظارهم.

قال ابن حبان )ت: 354ه�(: )قوله صىل اهلل عليه وسلم: »أال أخربك يكون القرآن بعض أن ال لك، القرآن بأفضل به: أراد القرآن« بأفضل

أفضل من بعض، ألن كالم اهلل يستحيل أن يكون فيه تفاوت التفاضل(.

وقال يف حديث أيب سعيد بن املعىل: )قوله صىل اهلل عليه وسلم: »هي أعظم سورة«، أراد به يف األجر، ال أن بعض القرآن أفضل من بعض(.

وقال مكي بن أيب طالب القييس )ت: 437ه�( يف تفسري قول اهلل تعاىل: جيوز »وال قال: ڀ﴾، ڀ ڀ پ پ پ پ ٻ ٻ ٻ ﴿ٻ بعض؛ عىل القرآن بعض تفضيل النص بذا ل يتأو أن ودين علم لذي بني التفضيل يقع وإنام بمخلوق ليس ذكره جل اهلل كالم القرآن ألن

املخلوقات فاعلمه«.

- 133 -

وقال القايض عياض )ت:544ه�(: )قوله عليه السالم أليب: »أتدري أي آية من كتاب اهلل أعظم«، وذكر آية الكرسى، فيه حجة للقول بتفضيل من عند اهلل كتب سائر عىل القرآن وتفضيل بعض، عىل القرآن بعض وذلك واملتكلمني، العلامء من وغريه راهويه، بن إسحاق منهم أجازه، راجع إىل عظم أجر قارئ ذلك وجزيل ثوابه عىل بعضه أكثر من سائره، وهذا مما اختلف أهل العلم فيه، فأبى ذلك األشعرى والباقالنى ومجاعة من الفقهاء وأهل العلم؛ ألن مقتىض األفضل نقص املفضول عنه، وكالم اهلل ال يتبعض، قالوا: وما ورد من ذلك بقوله: »أفضل وأعظم« لبعض

اآلي والسور فمعناه: عظيم وفاضل(ا.هـ.

وقال أبو عبد اهلل القرطبي )ت:671ه�(: )اختلف العلامء يف تفضيل بعض السور واآلي عىل بعض، وتفضيل بعض أسامء اهلل تعاىل احلسنى

عىل بعض:

اهلل، وكذلك الكل كالم لبعض عىل بعض، ألن قوم: ال فضل فقال األشعري، احلسن أبو الشيخ هذا إىل ذهب بينها، مفاضلة ال أسامؤه والقايض أبو بكر بن الطيب، وأبو حاتم حممد بن حبان البستي، ومجاعة

من الفقهاء، وروي معناه عن مالك.

قال حييى بن حييى: تفضيل بعض القرآن عىل بعض خطأ، وكذلك كره مالك أن تعاد سورة أو تردد دون غريها.

قال: ڀ﴾ ڀ ڀ ﴿ پ پ تعاىل: اهلل قول يف مالك عن وقال حمكمة مكان منسوخة، وروى ابن كنانة مثل ذلك كله عن مالك.

- 134 -

واحتج هؤالء بأن قالوا: إن األفضل يشعر بنقص املفضول، والذاتية يف الكل واحدة، وهي كالم اهلل، وكالم اهلل تعاىل ال نقص فيه.

قال البستي: ومعنى هذه اللفظة )ما يف التوراة وال يف اإلنجيل مثل أم القرآن(: أن اهلل تعاىل ال يعطي لقارئ التوراة واإلنجيل من الثواب مثل ما يعطي لقارئ أم القرآن، إذ اهلل بفضله فضل هذه األمة عىل غريها من من غريها أعطى مما أكثر كالمه قراءة عىل الفضل من وأعطاها األمم، قوله: ومعنى قال األمة. هلذه منه فضل وهو كالمه، قراءة عىل الفضل أفضل من بعض. القرآن أن بعض األجر، ال به يف أراد »أعظم سورة«

وقال قوم بالتفضيل، وأن ما تضمنه قوله تعاىل: ﴿ی ی یجئ حئ مئ وسورة احلرش، سورة وآخر الكريس، وآية حب خب﴾ يئ جب ىئ يف مثال موجودا ليس وصفاته وحدانيته عىل الدالالت من اإلخالص

﴿ڈ ڈ ژ ژ﴾ وما كان مثلها.

والتفضيل إنام هو باملعاين العجيبة وكثرهتا، ال من حيث الصفة، وهذا هو احلق.

وممن قال بالتفضيل إسحاق بن راهويه وغريه من العلامء واملتكلمني، وهو اختيار القايض أيب بكر بن العريب وابن احلصار(ا.هـ.

البستي هو أبو حاتم ابن حبان صاحب الصحيح.

احلسن أبو الشيخ )ذهب 794ه�(: )ت: الزركي الدرين بدر وقال األشعري والقايض أبو بكر وأبو حاتم بن حبان وغريهم إىل أنه ال فضل لبعض عىل بعض؛ ألن الكل كالم اهلل وكذلك أسامؤه تعاىل ال تفاضل بينها، وروي معناه عن مالك قال حييى بن حييى تفضيل بعض القرآن عىل بعض

- 135 -

بأن احتجوا غريها دون تردد أو سورة تعاد أن مالك كره وكذلك خطأ األفضل يشعر بنقص املفضول وكالم اهلل حقيقة واحدة ال نقص فيه(ا.هـ.

القرآن كالم اهلل تعاىل، بأن القول القرطبي والزركيش هلذا واحتجاج وكالم اهلل تعاىل صفة من صفاته، وصفات اهلل ال تتفاضل، كام أن أسامءه األدلة لداللة خمالف خطأ هو بل صحيح؛ غري احتجاج تتفاضل؛ ال أدلة بمقتىض القول من الصالح السلف عن وللمأثور الصحيحة،

التفاضل يف القرآن ويف أسامء اهلل تعاىل وصفاته.

- فأما التفاضل يف القرآن وأن بعض السور أفضل من بعض، وبعض اآليات أفضل من بعض؛ فقد مضت أدلته الصحيحة الرصحية.

- وأما التفاضل يف أسامء اهلل تعاىل فإن اهلل تعاىل قد اختص بعض أسامئه من وغريه أمحد اإلمام رواه الذي الصحيح احلديث ويف فضل، بمزيد طريق مالك بن مغول، عن عبد اهلل بن بريدة، عن أبيه، قال: سمع النبير صىل اهلل عليه وسلم رجال يقول: )اللهم إين أسألك بأين أشهد أنك أنت اهلل الذي ال إله إال أنت، األحد الصمد الذي مل يلد ومل يولد، ومل يكن له كفوا أحد؛ فقال: »قد سأل اهلل باسم اهلل األعظم الذي إذا سئل به أعطى،

وإذا دعي به أجاب«(.

ويف صحيح مسلم من حديث األعرج عن أيب هريرة، عن عائشة ريض اهلل عنهام، قالت: فقدت رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم ليلة من الفراش؛ فالتمسته فوقعت يدي عىل بطن قدميه، وهو يف املسجد، ومها منصوبتان، وهو يقول: »اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك،

وأعوذ بك منك ال أحيص ثناء عليك أنت كام أثنيت عىل نفسك«.

- 136 -

ويف صحيح البخاري من حديث أيب الزناد، عن األعرج، عن أيب هريرة ريض اهلل عنه، عن النبي صىل اهلل عليه وسلم، قال: »إن اهلل ملا قىض اخللق،

كتب عنده فوق عرشه: إن رمحتي سبقت غضبي«.

إليه من بعض، وصفاته أحب كلها حسنى وبعضها تعاىل اهلل فأسامء كلها عليا، وبعضها أحب إليه من بعض، وكذلك كالمه جل وعال كله حسن ال نقص فيه وال اختالف، وبعضه أفضل من بعض؛ وقد فضل اهلل القرآن عىل سائر كتبه املنزلة، وجعل له فضال بتالوته وحفظه عىل سائر ما أوحى إىل رسوله صىل اهلل عليه وسلم من كالمه الذي ليس يف القرآن،

فتفاضل سور القرآن وآياته كذلك.

قال شيخ اإلسالم ابن تيمية: )السلف واجلمهور عىل أن بعض كالمه أفضل من بعض، وبعض صفاته أفضل من بعض، مع كوهنا كلها كاملة

ال نقص فيها، كام دلت عىل ذلك نصوص الكتاب والسنة(ا.هـ.

وقال أيضا: )ثبت عنه يف الصحيحني من غريه وجه أن: ﴿ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ﴾ تعدل ثلث القرآن.

اخلالق، إما خرب عن إنشاء، واخلرب: إما خرب، وإما القرآن: أن وذلك وإما عن املخلوق؛ فثلثه قصص، وثلثه أمر، وثلثه توحيد، فهي تعدل ثلث

القرآن بذا االعتبار.

باجلميع؛ تكلم أنه به يف املتكلم فالكالم وإن اشرتك من جهة وأيضا فقد تفاضل من جهة املتكلم فيه، فإن كالمه الذي وصف به نفسه، وأمر فيه بالتوحيد، أعظم من كالمه الذي ذكر فيه بعض خلقه، وأمر فيه بام هو

دون التوحيد.

- 137 -

وأيضا فإذا كان بعض الكالم خريا للعباد وأنفع، لزم أن يكون يف نفسه أفضل من هذه اجلهة، فإن تفاضل ثوابه ونفعه إنام هو لتفاضله يف نفسه، وإال فالشيئان املتساويان من كل وجه، ال يكون ثواب أحدمها أكثر، وال

نفعه أعظم(ا.هـ.

وأما أبو احلسن األشعري ومن قال بقوله القديم يف القرآن وأنه عبارة وال يتبعض، ال وأنه حقيقة، كالمه من هو وليس تعاىل، اهلل كالم عن يتجزأ، وليس بحرف وال صوت؛ فهذا مما ال ينبغي أن يعتد به؛ ألنه مبني عىل اعتقاد باطل يف كالم اهلل تعاىل خمالف لنصوص الكتاب والسنة وإمجاع السلف الصالح؛ فال يتلفت إليه؛ عىل أن أبا احلسن األشعري قد رجع عن رجوعه فيه أعلن الذي »اإلبانة« كتاب وألف حياته، آخر يف هذا قوله إىل مذهب أهل السنة وتأسيه باإلمام أمحد بن حنبل ، وقد كان رجوعه

رجوعا جممال مل يل من أخطاء يف تفصيل االعتقاد.

وأما أبو بكر ابن الطيب الباقالين ففي كتابيه »إعجاز القرآن« و»االنتصار للقرآن« مواضع فيها النص عىل تفضيل القرآن عىل سائر الكتب، وتفضيل

بعض آيات القرآن يف أوجه اإلعجاز عىل بعض.

الكالم مذهبهم يف صفة بني اجلمع األشاعرة بعض أشكل عىل وقد ورصاحة أدلة التفاضل بني اآليات والسور، وهلم يف جواب هذا اإلشكال أوجه متعددة ال تلو من التكلف والبعد، وقد ذكر احلليمي والزركيش

والسيوطي طائفة منها.

الصحيح القول هو وآياته القرآن سور بتفاضل القول أن واملقصود الذي دلت عليه النصوص الكثرية، وهو القول املأثور عن السلف.

- 138 -

وأما ما روي عن اإلمام مالك يف النهي عن التفضيل بني سور القرآن؛ بتنقص املشعر التفضيل عن النهي عىل – عنه صح إن – حممول فهو

املفضول أو التزهيد فيه والرتغيب عنه.

- 139 -

ودرجات أقسام عىل وهي جدا، كثرية القرآن فضائل يف املرويات متفاوتة، وهلا تقسيامت باعتبارات متعددة.

والقواعد باألصول حسن إملام عىل يكون أن العلم بطالب وحيسن حسن من بقدر إملامه مع القرآن، املرويات يف فضائل الضابطة ألحكام املعرفة بام صح من فضائل القرآن عامة، وفضائل السور واآليات، ومعرفة

بام شاع من املرويات الضعيفة يف هذا الباب.

ويتعذر تقصيها فإنه يصعب الباب الضعيفة يف هذا املرويات ولكثرة حرصها، وقد حاول استيعاهبا مجاعة من العلامء فأعياهم ذلك لسببي:

أحدمها: أن املرويات يف تلك الفضائل منها الرصيح وغري الرصيح.

وغري الرصيح بحر ال ساحل له، فام يمكن أن يستنبط منه بيان فضل ولكثرة االستنباط، يف األفهام لتفاوت وتقصيه حرصه يصعب السورة املعاين التي يمكن أن يستخرج املتأمل بينها وبني بعض السور أوجها من

املناسبات التي تدل عىل فضلها.

والسبب اآلخر: أن املرويات يف هذا الباب متفرقة يف كتب كثرية جدا، ومنها أجزاء حديثية صغرية ال يكاد يعرفها كثري من طالب العلم، ومنها كتب كثرية مفقودة ينقل عنها بعض املفسين ورشاح األحاديث مرويات

الباب الثامن: اأنواع املرويات يف ف�شائل القراآن

- 140 -

إسناده؛ عىل الوقوف يمكن ال منها وكثري وغريها، القرآن فضائل يف فمحاولة تقصيها ودراستها تستأثر بشطر من عمر اإلنسان.

)فضائل كتاب مصادر إىل فلينظر احلقيقة هذه يستجيل أن أراد ومن الذي سامه )ملحات األنوار الغافقي )ت:619هـ( الواحد لعبد القرآن( القرآن، الكتب مجعا ملرويات فضائل أكثر ونفحات األزهار(، وهو من وبعض مصادره مفقود، عىل أنه حذف األسانيد، وأكثر من ذكر املرويات

الضعيفة من غري تنبيه عىل ضعفها.

• اأ�شباب عناية العلماء بجمع املرويات ال�شعيفة

وقد اعتنى العلامء بجمع الضعيف من املرويات لثالث فوائد:

األوىل: التنبيه عىل ضعفها، وبيان سببه، لئال يغرت با، وهذه من شأن العلم أبقى اهلل من كتبهم ما حقق ألهل احلذاق من أهل احلديث، وقد

فائدة كبرية يف معرفة أسباب ضعف بعض املرويات.

وقد قال أبو بكر األثرم: )رأى أمحد بن حنبل حييى بن معني بصنعاء يف زاوية وهو يكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس، فإذا اطلع عليه إنسان كتمه. فقال له أمحد: تكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس وتعلم أهنا ثم تكتب حديثه عىل أبان تتكلم يف أنت قائل: قال لك فلو موضوعة؟

الوجه؟

فقال: رمحك اهلل يا أبا عبد اهلل! أكتب هذه الصحيفة عن عبد الرزاق عن معمر عىل الوجه فأحفظها كلها، وأعلم أهنا موضوعة حتى ال جيئ أنس، عن ثابت، عن معمر، عن ويروهيا ثابتا أبان فيجعل بعده إنسان

- 141 -

فأقول له: كذبت إنام هو عن معمر، عن أبان ال عن ثابت(.

الكذابني عن )كتبنا قال: أنه معني بن حييى عن األبار ابن وروى وسجرنا به التنور، وأخرجنا به خبزا نضجا!(.

تقبل التي األحاديث دراسة عىل با لالستعانة الطرق مجع والثاين: إسناده يف حديث عىل املرء يقف فقد والشواهد؛ الطرق بتعدد التقوية رجل يضعف يف احلديث لضعف ضبطه أو فيه انقطاع يسري؛ فإذا تعددت

طرق هذا احلديث أو كانت له شواهد صحيحة فإنه حيكم بصحته.

والثالث: رصد ما روي يف هذا الباب، وحفظه من الضياع، ومجعه يف موضع واحد مع عزوه إىل مصادره، أو تصنيفه عىل األبواب أو املسانيد ليسهل وصول أهل احلديث إليه، وليستفيد منه أهل العلم بعده؛ بالدراسة

والتمحيص.

وهذه األسباب الثالثة هي أكثر ما يدعو أهل العلم لتدوين املرويات الضعيفة، واألصل هو السبب األول، واآلخران معينان عليه.

• �شيانة العلم من واجبات اأهله

حديث وعن اهلل، كتاب عن الكذب نفي العلم أهل واجبات ومن الواهي، الضعيف فيحرتزون من نرش اهلل عليه وسلم؛ اهلل صىل رسول وما ذلك، من شاع ما – احلاجة عند – للناس ويبينون واملكذوب،

يسألون عنه.

- 142 -

ومن إحسان طالب العلم يف طلبه أن حيسن العدة يف كل علم يتعلمه، ومن ذلك أن يعد العدة احلسنة له يف علم فضائل القرآن.

اجلهد من كثريا أنفسهم عىل ليخترصوا العلم طالب به أويص ومما والوقت ، وليستعينوا به يف الدعوة والتعليم أن يعتنوا ببناء أصل علمي يف

كل علم يتعلمونه، ليكون مرجعا هلم.

ومن ذلك أن يبني الطالب لنفسه أصال علميا يف فضائل القرآن حيقق له مخسة أمور:

األول: مجع الصحيح الرصيح من فضائل القرآن وفضائل سوره وآياته، ليتفقه فيها، وينتفع با، ويدعو غريه ويعلمهم.

يف القرآن فضائل يف الضعيفة املرويات من اشتهر ما مجع والثاين: دواوين السنة الكبار، ويف كتب التفسري ورشوح األحاديث مما يشيع عند العامة، أو يكثر السؤال عنه؛ ليكون عىل علم بحال تلك املرويات، وحيذر

منها ويبني حاهلا عند احلاجة إىل ذلك.

والثالث: مجع األصول والقواعد الضابطة لبحث هذه املرويات وتعرف أنواعها ودرجاهتا وأحكامها، فيستعني بذه املعرفة التأصيلية عىل معرفة

أحكام كثري من املرويات التي تبلغه يف هذا الباب.

ليكون أحكامها، وتعرف املرويات التدرب عىل بحث هذه والرابع: حارض األداة حني حيتاج إىل بحثه، أو يسأل عن يشء من تلك املرويات،

أو يرى انتشار مرويات مل تبلغه يف هذا الباب؛ فيتعرف حاهلا ويبينه.

- 143 -

الباب، هذا يف إليها يرجع التي واملراجع بالكتب املعرفة واخلامس: املرويات، تناول تلك التفسري يف املعرفة بمراتب كتب واكتساب حسن من بأن لعلمه عالته؛ فيها ما يقبل وال التفاسري بعض بشهرة يغرت فال املفسين من يكون حمسنا يف جوانب من التفسري ومقرصا يف معرفة أحكام

األحاديث واآلثار؛ فيوردها من غري متييز، وربام أوردها من غري نسبة.

اعتقد صحة ربام العلم املبتدئني من طالب العامة وبعض وكثري من بعض املرويات الواهية ملجرد ذكر بعض املفسين هلا يف كتبهم.

وهذا يقع لكثري من اخلطباء والوعاظ الذي ليس هلم معرفة باحلديث، دوهنم هو ممن فوقوعه منها، يذكرون فيام العلم أهل من يتثبتون وال

ورواجه لدهيم من باب أوىل.

ابن اجلوزي التي رواها وقد ذكر أن خطيبا قرأ حديثا من األحاديث يف كتاب »املوضوعات« وهو ال يدري ما معنى »املوضوعات« فأعجبه، وخطب به عىل املنرب متأثرا به ، وقال: »رواه ابن اجلوزي يف املوضوعات«

ومن األمانة التي يتحملها صاحب كل علم: أن يعلمه ملن يطلبه، وأن حيميه بنفي الكذب عنه وادعاء املنتحلني املبطلني له، وبذلك يظهر العلم

وينترش.

- 144 -

• �شروط �شحة احلديث

ومما ينبغي أن يعلم أن احلديث ال حيكم بصحته إال إذا صح إسناده ومتنه.

وصحة اإلسناد ال تتحقق إال بثالثة أمور:

تقبل ال والذين روايتهم؛ تقبل ممن رجاله يكون أن األول: األمر روايتهم عىل درجتي:

الدرجة األوىل: الذين يكون سبب جرحهم ضعف ضبطهم وهم أهل يطرح حديثهم مجلة، وال يقبلون مطلقا، بل صدق يف اجلملة فهؤالء ال يعترب حديثهم فإذا ورد من طريق أخرى أو كان له شواهد فيحكم بصحته

النتفاء علة ضعف الضبط.

يعترب با، وهم تقبل مروياهتم مطلقا، وال الذين ال الثانية: والدرجة من بلغوا والذين بالكذب، واملتهمني الكذابني، من احلديث، مرتوكو كثرة اخلطأ والتساهل يف الرواية عن الواهني من غري تبيني مبلغا استحقوا

به ترك حديثهم؛ فهؤالء ال جيرب ضعف حديثهم بمتابعة غريهم.

فانقطاع اإلسناد أن يكون اإلسناد متصال غري منقطع؛ الثاين: واألمر موجب لضعف احلديث.

كاملخالفة، اإلسناد؛ صحة يف القادحة العلة انتفاء الثالث: واألمر والتدليس، واالضطراب.

فاملخالفة أن يالف الرواي من هو أوثق منه فيصل إسنادا منقطعا، أو يغفل ذكر راو ضعيف.

- 145 -

شيخه عن ويروي اإلسناد من ضعيفا راويا يسقط أن والتدليس بصيغة »عن« أو »أن«، ومن عرف بالتدليس فال يقبل حديثه إال أن يرصح

بالسامع.

يوقف فال شديدا اختالفا اإلسناد يف الرواة يتلف أن واالضطراب عىل صحته، واالضطراب موجب للضعف.

وصحة املتن ال تتحقق إال بأمرين:

األمر األول: صحة اإلسناد إليه.

والنكارة، كاملخالفة، املتن؛ يف القادحة العلة انتفاء الثاين: واألمر واالضطراب، والرواية باملعنى املخل، والتصحيف والتحريف، وغريها.

تنبيه:

فقد ؛ املتن مطلقا يقتيض ضعف املعني ال أن ضعف اإلسناد وليعلم عيل بن مسلمة حديث منها: أمثلة ولذلك صحيح، آخر بإسناد يروى مرفوعا: أمامة أيب عن عامر بن سليم عن عثامن بن حريز عن اخلشني القرآن«. رواه متام يف فوائده وعى قلبا يعذب فإن اهلل ال القرآن »اقرؤوا وقال: الضعيفة، السلسلة يف األلباين وأورده تاريه، يف عساكر وابن

ضعيف جدا.

ثم قال بعد ذكر إسناده: )وهذا إسناد واه جدا، مسلمة بن عيل - وهو اخلشني - مرتوك؛ كام يف » التقريب« (.

وقد صدق رمحه اهلل وأعىل منزلته يف حكمه عىل هذا اإلسناد؛ فقد انفرد مسلمة برفعه إىل النبي صىل اهلل عليه وسلم.

- 146 -

والصحيح فيه أنه موقوف عىل أيب أمامة ريض اهلل عنه بلفظ: »اقرءوا وعى قلبا يعذب لن اهلل فإن املعلقة، املصاحف نكم هذه تغر القرآن وال

القرآن«.

وهذا األثر رواه عن أيب أمامة: رشحبيل بن مسلم اخلوالين، وسليم بن عامر اخلبائري، والقاسم بن عبد الرمحن الشامي.

حبي أ: فأما رشحبيل بن مسلم فروى عنه هذا األثر حريز بن عثامن الروهو ثقة ثبت، ورواه عن حريز ثالثة هم: يزيد بن هارون عند ابن أيب شيبة،

واحلكم بن نافع عند الدارمي، وحجاج بن حممد عند ابن بطة العكربي.

بن معاوية عنه األثر هذا فروى اخلبائري عامر بن سليم وأما ب: صالح، ورواه عن معاوية عبد اهلل بن صالح كاتب الليث، ورواه عن عبد

اهلل بن صالح: البخاري يف »خلق أفعال العباد« والدارمي يف سننه.

ج: وأما القاسم بن عبد الرمحن فرواه عنه حريز، ورواه عن حريز شبابة بن سوار عند ابن أيب شيبة.

وهؤالء كلهم رووه موقوفا عىل أيب أمامة باللفظ املتقدم، وتفرد مسلمة بن عيل بروايته عن حريز عن سليم عن أيب أمامة مرفوعا وأسقط قوله:

»وال تغرنكم هذه املصاحف املعلقة«.

ومسلمة بن عيل مرتوك احلديث كام تقدم فال تعترب خمالفته.

وبمجموع الطرق املعتربة املتقدمة فاألثر ثابت عن أيب أمامة ريض اهلل عنه، وهو وإن كان موقوفا عىل أيب أمامة فإنه مما ال يقال بالرأي؛ فيأخذ

حكم الرفع من جهة املعنى ال من جهة الرواية.

- 147 -

يقتيض ضعف املعني ال اإلسناد أن ضعف بيان املثال واملقصود بذا احلديث مطلقا ألنه قد يصح من طريق آخر، وأن املوقوف قد يأخذ حكم املرفوع إذا صح عن الصحايب وكان مما ال مدخل لالجتهاد فيه، ومل تعرف

له علة أخرى توجب منع القول بالرفع.

املرويات • درجات

املرويات تعم ما يروى باألسانيد من األحاديث املرفوعة إىل النبي صىل اهلل عليه وسلم واملرسلة عنه، واآلثار التي تروى عن الصحابة والتابعني.

وهي عىل مخس درجات:

بإسناد ثبتت التي وهي لذاهتا، الصحيحة املرويات األوىل: الدرجة صحيح من غري شذوذ وال علة قادحة يف اإلسناد وال يف املتن.

يف يكون التي وهي لغريها، الصحيحة املرويات الثانية: والدرجة أسانيدها بعض الضعف الذي جيرب بالشواهد وتعدد الطرق، ويكون املتن

ساملا من العلة القادحة.

يكون التي وهي حمتمال، ضعفا الضعيفة املرويات الثالثة: والدرجة لو للتقوية قابل ضعف اإلسناد ويف املعنى، جهة من منكر غري متنها

وجدت.

إسنادها يف يكون التي وهي الواهية، املرويات الرابعة: والدرجة ضعف شديد، أو يكون متنها منكرا خمالفا للنصوص الصحيحة والقواعد

الرشعية.

- 148 -

أهنا مكذوبة يتبني التي والدرجة اخلامسة: املرويات املوضوعة، وهي خمتلقة.

فمرويات الدرجتني األوىل والثانية حيتج بام.

ومرويات الدرجة الثالثة من أهل العلم من حيتج با يف الفضائل والرقاق واألخبار، ومنهم من يستأنس با وال حيتج با، ومنهم من يذكرها لفائدة

كأن يكون املتن حسنا جامعا، أو لينبه عىل ضعفه مع شهرته.

ومرويات الدرجة الرابعة ال جيوز أن تذكر إال لبيان ضعفها، والتنبيه مجع لغرض أو عارضة لفوائد املحدثني بعض يروهيا وقد عللها، عىل بعض نقلها يف يتساهل ثم حلاهلا، تبيينا اإلسناد ذكر ويعدون الطرق املفسين والفقهاء ورشاح األحاديث من غري معرفة بحال رواهتا، وقد

حيذفون األسانيد اختصارا.

وقد التبيني، عىل إال روايتها حتل فال اخلامسة الدرجة مرويات وأما ورد الوعيد الشديد يف التحديث بام هو مكذوب عىل النبي صىل اهلل عليه

وسلم.

ال�شعيفة املرويات • اأنواع

الضعف له أنواع وأسباب عائدة إىل اإلسناد أو إىل املتن أو إليهام معا، ومن تلك األنواع:

النوع األول: اإلرسال، واملرسل هو ما أسنده التابعي إىل النبي صىل اهلل عليه وسلم، واإلرسال انقطاع يف اإلسناد، فال يقبل إال أن يرد من طريق

- 149 -

بالشواهد يتقوى معتربا املرسل يكون أو صحيح بإسناد موصوال آخر واملتابعات.

مطلقا، يضعفها من العلم أهل فمن ودرجات أنواع عىل واملراسيل التابعني، وأن كبار املرسل من يكون أن منها يقبلها برشوط ومنهم من يعرف عنه أنه ال يروي إال عن ثقة، وأن ال يعرف عنه شذوذ يف الرواية،

وأن يكون احلديث الذي أرسله غري منكر املتن.

واملراسيل املروية يف فضائل القرآن كثرية منها:

- مرسل احلسن البرصي الذي أخرجه أبو عبيد يف فضائل القرآن من طريق أيب نصرية مسلم بن عبيد، عن احلسن قال: قال رسول اهلل صىل اهلل التوراة واإلنجيل والزبور »من قرأ فاحتة الكتاب فكأنام قرأ عليه وسلم:

والفرقان«.

عليه اهلل صىل اهلل رسول قال قال: عمري، بن امللك عبد ومرسل -والبيهقي يف الدارمي داء« رواه الكتاب شفاء من كل فاحتة »يف وسلم: شعب اإليامن وابن مروان الدينوري يف املجالسة من طريق سفيان الثوري

عن عبد امللك بن عمري مرسال.

والنوع الثاين: االنقطاع يف السند، وهو أعم مما قبله، ويعرف االنقطاع بأمور:

- منها: معرفة تواريخ وفاة الشيخ ووالدة الراوي عنه.

- ومنها: ترصيح الراوي بأنه مل يسمع ممن روى عنه، كام رصح الضحاك بن مزاحم أنه مل يسمع من ابن عباس.

- 150 -

- ومنها: أن حيرص الراوي ما سمعه من شيخه، فيكون ما روي عنه مما سواه منقطعا، كام ذكر الشعبي أنه مل يسمع من ابن عمر سوى حديثني،

وقد صحبه ثامنية أشهر.

- ومنها: نص األئمة النقاد عىل أن ذلك الراوي مل يسمع من شيخه أو حرصوا ما سمعه منه.

والدارمي الرزاق عبد رواه ما إسناده النقطاع الضعيف أمثلة ومن إن الدرداء: أليب قال رجال أن اجلرمي قالبة أيب عن أيوب، طريق من فقال: السالم. يقرئونك الذكر، أهل من الكوفة، أهل من إخوانك عىل حيملهم فإنه بخزائمهم القرآن فليعطوا ومرهم السالم، »وعليهم

القصد والسهولة، وجينبهم اجلور واحلزونة«.

وهذا إسناد رجاله ثقات غري أن أبا قالبة مل يدرك أبا الدرداء.

النوع الثالث: املخالفة بالرواية باملعنى املغري للفظ.

ومن أمثلته: حديث عبادة بن الصامت مرفوعا: »أم القرآن عوض من الدارقطني واحلاكم من طريق: غريها، وليس غريها منها بعوض« رواه بن سفيان ثنا العزيز، عبد بن أشهب ثنا اإلسكندراين، خالد بن حممد

عيينة، عن ابن شهاب، عن حممود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت.

قال الدارقطني: »تفرد به حممد بن خالد عن أشهب عن ابن عيينة«.

وحممد بن خالد خمتلف فيه؛ وقد احرتقت كتبه فصار حيدث من حفظه ويروي باملعنى فيقع يف بعض حديثه ما ينكر عليه.

- 151 -

وهذا احلديث قد رواه البخاري ومسلم وغريمها من طريق سفيان بن عيينة عن ابن شهاب، عن حممود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت بلفظ:

»ال صالة ملن مل يقرأ بفاحتة الكتاب«.

فلعل ابن خالد روى احلديث باملعنى فأخطأ فيه.

النوع الرابع: اخلطأ يف اإلسناد

ومن أمثلته: حديث هدبة بن خالد: ثنا محاد بن سلمة، ثنا أشعث بن عبد الرمحن اجلرمي، عن أيب قالبة، عن أيب أسامء، عن شداد بن أوس، قال: قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »إن اهلل عز وجل كتب كتابا قبل آيتي ختم هبام سورة فيه بألفي عام، وأنزل الساموات واألرض أن خيلق البقرة، ال يقرآن يف دار ثالث ليال، فيقرهبا شيطان«رواه الطرباين يف الكبري.

فهذا احلديث أخطأ يف إسناده هدبة بن خالد، وليس هو من حديث شداد بن أوس، وإنام هو من حديث النعامن بن بشري ريض اهلل عنهام؛ فقد روى القرآن والدارمي والرتمذي وابن الضيس احلديث أبو عبيد يف فضائل والطرباين حبان وابن والبزار الكربى يف والنسائي القرآن، فضائل يف واحلاكم والبيهقي يف شعب اإليامن كلهم من طرق عن األشعث بن عبد الرمحن اجلرمي، عن أيب قالبة اجلرمي، عن أيب األشعث الصنعاين، عن

النعامن بن بشري ريض اهلل عنه.

ورواه النسائي يف الكربى والطرباين يف األوسط من طريق أيوب، عن أيب قالبة، عن أيب صالح احلارثي، عن النعامن بن بشري.

فالصحيح أنه من حديث أيب األشعث الصنعاين عن النعامن بن بشري، وهو ما صححه أبو زرعة الرازي رمحه اهلل.

- 152 -

وال تصح روايته من حديث شداد بن أوس.

النوع اخلامس: املرويات التي يكون يف إسنادها جمهول العني أو جمهول احلال.

- ومن أمثلة الضعيف جلهالة عي أحد رواته: ما رواه اإلمام أمحد وأبو يعىل والروياين والطرباين يف الكبري وأبو الشيخ يف العظمة كلهم من طريق معتمر بن سليامن بن طرخان التيمي، عن أبيه، عن رجل، عن أبيه، عن قال: وسلم عليه اهلل صىل اهلل أن رسول عنه، اهلل ريض يسار بن معقل »البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثامنون ملكا، واستخرجت ﴿ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ﴾ من حتت العرش، فوصلت هبا، أو فوصلت بسورة البقرة، ويس قلب القرآن، ال يقرؤها رجل يريد اهلل والدار اآلخرة

إال غفر له، واقرءوها عىل موتاكم«.

الراوي عن أبوه وكذلك ، يسم مل العني التيمي جمهول فشيخ سليامن معقل.

القرآن فضائل يف عبيد أبو رواه ما احلال جمهول رواية أمثلة ومن -اإليامن شعب يف والبيهقي مصنفه يف شيبة أيب وابن سننه يف والدارمي وغريهم من طرق عن زياد بن خمراق، عن أيب إياس، عن أيب كنانة، عن أيب موسى، أنه قال: »إن هذا القرآن كائن لكم أجرا، وكائن لكم ذكرا، وكائن عليكم وزرا، اتبعوا القرآن وال يتبعنكم القرآن، فإنه من يتبع القرآن، هيبط

به يف رياض اجلنة، ومن اتبعه القرآن يزخ يف قفاه، فيقذفه يف جهنم«.

وأبو كنانة هذا جمهول احلال.

- 153 -

أيب طريق من مصنفه يف شيبة أيب ابن رواه ما أيضا: أمثلته ومن -قرأ »من قال: عباس ابن عن قيس، بن اهلل عبد عن السبيعي، إسحاق

سورة النساء؛ فعلم ما حيجب مما ال حيجب علم الفرائض«.

وعبد اهلل بن قيس جمهول احلال.

النوع السادس: الضعيف لكون أحد رواته مرتوك احلديث.

ومن أمثلته ما رواه اإلمام أمحد والرتمذي وغريمها من طريق حفص بن سليامن، عن كثري بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة، عن عيل بن أيب طالب، واستظهره، القرآن قرأ »من وسلم: عليه اهلل صىل اهلل رسول قال قال: فأحل حالله، وحرم حرامه أدخله اهلل به اجلنة وشفعه يف عرشة من أهل

بيته كلهم قد وجبت له النار«.

وحفص بن سليامن إمام يف القراءة مرتوك احلديث لكثرة خطئه فيه.

النوع السابع: منكر املتن

ونكارة املتن غالبا ما يكون معها علة ظاهرة يف اإلسناد، وما كان كذلك فأمره بني؛ ألن ضعف اإلسناد يدل عىل سبب نكارة املتن.

لكن ربام روي حديث أو أثر بإسناد ظاهره الصحة، ومتنه منكر؛ ففي هذه احلالة:

- إما أن جياب عن اإلشكال بام يزيل النكارة بحيث يكون للمتن معنى مقبول غري منكر يصح أن حيمل عليه بال تكلف.

- وإما أن يتعرف عىل علة اإلسناد التي أدت إىل رواية هذا املتن املنكر.

- 154 -

وابن جرير من بن منصور أبو عبيد وسعيد ما رواه أمثلة ذلك: ومن قال: سألت عائشة عن أبيه، بن عروة، عن معاوية عن هشام أيب طريق

حلن القرآن: ﴿ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ﴾، ﴿ی جئحئ أختي، ابن »يا فقالت: ۇئ﴾؛ وئ وئ و﴿ ىئ﴾، مئ

هذا عمل الكتاب، أخطأوا يف الكتاب«.

ورواه عمر بن شبة من طريق عيل بن مسهر عن هشام بن عروة عن وئ وئ ﴿ القرآن: حلن عن عنها اهلل ريض عائشة سألت قال: أبيه، ۋ﴾، ٴۇ ۈ ۈ ۆ ۆ ﴿ۇ وقوله: ۇئ﴾، ﴿ی جئحئ مئ ىئ﴾، وأشباه ذلك فقالت: »أي بني

إن الكتاب خيطئون«.

عروة بن هشام عن رواه فقد صحيح، ظاهره يف إسناده األثر فهذا رجالن مها: أبو معاوية حممد بن خازم الضير، وعيل بن مسهر؛ فربئت عهدة أيب معاوية من التفرد به كام أعله بعضهم، وإن كان أبو معاوية قد انتقد بسبب اضطراب بعض حديثه، لكنه قد توبع يف هذا األثر، وتابعه

ثقة ثبت وهو عيل بن مسهر.

ومتنه منكر جدا، يبعد أن يصدر عن مثل عائشة ريض اهلل عنها، وهي تقرأ هذه اآليات كام يقرؤها املسلمون، وتعلم أن األصل يف القراءة الرواية الصحابة املصاحف كانت عن إمجاع من كتابة أن أيضا مشافهة، وتعلم يستحيل مجاعة ومراجعته لكتابته انتدبوا الذين وأن عنهم، اهلل ريض

تواطؤهم عىل اخلطأ واللحن.

- 155 -

عىل للتعرف اإلسناد يف والتدقيق النظر توجب البينة األصول فهذه علته اخلفية، وتبنير منشأ اخلطأ.

فنظرنا يف الذين رووا هذا احلديث عن هشام فإذا مها عراقيان، وحديث العراقيني عن هشام بن عروة متكلم فيه لسبب يأيت رشحه.

فقد ذكر الذهبي عن عبد الرمحن بن خراش أنه قال: )بلغني أن مالكا نقم عىل هشام بن عروة حديثه ألهل العراق، وكان ال يرضاه(.

ثم قال: )قدم الكوفة ثالث مرات: قدمة كان يقول فيها: حدثني أيب، قال: سمعت عائشة، والثانية فكان يقول: أخربين أيب، عن عائشة، وقدم

الثالثة؛ فكان يقول: »أيب، عن عائشة«، يعني: يرسل عن أبيه(.

وقال يعقوب بن شيبة: )هشام ثبت مل ينكر عليه إال بعد ما صار إىل العراق، فإنه انبسط يف الرواية وأرسل عن أبيه بام كان سمعه من غري أبيه عن أبيه(.

حتى رماه ابن القطان باالختالط، ألن حتديثه بالعراق كان بعدما أسن يف خالفة أيب جعفر املنصور بعد أن قارب الثامنني من عمره، فإنه قد التقى

بأيب جعفر املنصور وهو حينذاك خليفة املسلمني.

فألجل ما أنكر عىل هشام يف بعض ما حدث به أهل العراق وكرب سنه رماه ابن القطان باالختالط.

من فيه أخطأ ما وعد شديدا، ردا عنه التهمة هذه الذهبي رد وقد يف فقال الثقات؛ من حديثهم كثر من منها يسلم يكاد ال التي األوهام تاريخ اإلسالم: )قول ابن القطان إنه اختلط قول مردود مرذول؛ فأرين

إماما من الكبار سلم من اخلطأ والوهم!

- 156 -

واألوزاعي، معمر، وكذلك أوهام، له الذروة يف وهو شعبة، فهذا ومالك رمحة اهلل عليهم(.

وقال يف ميزان االعتدال يف ترمجة هشام بن عروة: )حجة إمام، لكن يف الكرب تناقص حفظه، ومل يتلط أبدا، وال عربة بام قاله أبو احلسن ابن

القطان من أنه وسهيل بن أيب صالح اختلطا وتغريا.

نعم الرجل تغري قليال ومل يبق حفظه كهو يف حال الشبيبة، فنيس بعض حمفوظه أو وهم، فكان ماذا! أهو معصوم من النسيان!

ملا قدم العراق يف آخر عمره حدث بجملة كثرية من العلم، يف غضون ولوكيع ولشعبة ملالك يقع هذا ومثل جيودها، مل أحاديث يسري ذلك

ولكبار الثقات(ا.هـ

عروة بن هشام العسقالين حجر وابن العراقي الدين ويل عد وقد من املدلسني، لكن ابن حجر جعله من أهل املرتبة األوىل، وهم الذين مل

يوصفوا بالتدليس إال نادرا كيحيى بن سعيد األنصاري.

وحديث هؤالء حجة ما مل تكن له علة توجب رده.

واملقصود أن هذا احلديث مما أخطأ فيه هشام بن عروة؛ فرواه عن أبيه من غري ذكر الواسطة.

وهذه العلة مع نكارة املتن كافية يف رده.

النوع الثامن: الضعيف الذي ال أصل له.

وهو الذي ال يعرف له إسناد وال خمرج.

- 157 -

- ومن أمثلته ما ذكره مكي بن أيب طالب القييس يف اهلداية بقوله: )روي »سورة املائدة تدعى يف ملكوت عن النبي صىل اهلل عليه وسلم أنه قال:

اهلل: املنقذة، تنقذ صاحبها من أيدي مالئكة العذاب وختلصه« (.

وهذا احلديث ال أصل له.

ومن املتقدمني من يصف اخلرب الذي ليس له إسناد خمرجه صحيح بأنه ال أصل له، وإن كان مرويا بإسناد من األسانيد الواهية.

النوع التاسع: املوضوعوهو رش هذه األنواع، وهو ما كان من رواية الكذابني.

املكذوب الطويل القرآن احلديث املوضوعات يف فضائل أشهر ومن عىل أيب بن كعب ريض اهلل عنه يف فضائل القرآن سورة سورة.

له كام القرآن« السجستاين يف »فضائل أبو بكر بن أيب داود وقد رواه عيل عن الواحد عبد بن خملد طريق من اجلوزي البن املوضوعات يف بن زيد بن جدعان وعطاء بن أيب ميمونة عن زر بن حبيش عن أيب بن كعب أنه قال: »أيام مسلم قرأ فاحتة الكتاب أعطي من األجر كأنام تصدق عىل كل مؤمن ومؤمنة، ومن قرأ آل عمران بكل آية منها أمانا عىل جس جهنم، ومن قرأ سورة النساء أعطي من األجر كأنام تصدق عىل كل مؤمن ومؤمنة، ومن قرأ املائدة أعطي عرش حسنات وحمي عنه عرش سيئات ورفع

له عرش درجات بعدد كل هيودي ونرصاين تنفس يف الدنيا.. « إلخ.

بن الواحد عن احلجاج ابن مردويه من طريق خملد بن عبد - ورواه عبد اهلل عن أيب اخلليل عن عيل بن زيد وعطاء بن أيب ميمونة عن زر بن

حبيش عن أيب بن كعب.

- 158 -

- ورواه الثعلبي والواحدي يف تفاسريهم من طريق سالم بن سليم، حدثنا هارون بن كثري، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أيب أمامة، عن أيب

بن كعب عن النبي صىل اهلل عليه وسلم .. به مفرقا عىل السور.

- ورواه العقييل من طريق بزيع بن حسان ثنا عيل بن زيد بن جدعان وعطاء بن أيب ميمونة كالمها عن زر بن حبيش عن أيب بن كعب قال: قال من أعطي الكتاب فاحتة قرأ أيب من »يا اهلل عليه وسلم اهلل صىل رسول

األجر...« فذكر فضل سورة سورة إىل آخر القرآن انتهى بحروفه.

قال ابن اجلوزي: )وقد فرق هذا احلديث أبو إسحاق الثعلبي يف تفسريه فذكر عند كل سورة منها ما يصها وتبعه أبو احلسن الواحدي يف ذلك ومل أعجب منهام ألهنام ليسا من أصحاب احلديث، وإنام عجبت من اإلمام أيب بكر بن أيب داود كيف فرقه عىل كتابه الذي صنفه يف فضائل القرآن وهو من أهل هذا الشأن ويعلم أنه حديث حمال ولكن رشه مجهور املحدثني، فإن من عادهتم تنفيق حديثهم ولو بالبواطيل، وهذا قبيح منهم؛ فإنه قد صح عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم أنه قال: »من حدث عني حديثا

يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبي«.

قال: )وهذا حديث فضائل السور مصنوع بال شك ويف إسناد الطريق األول بزيع، قال الدارقطني: مرتوك.

ويف الطريق الثاين خملد بن عبد الواحد، قال ابن حبان: منكر احلديث جدا.

وقد اتفق بزيع وخملد عىل رواية هذا احلديث عن عيل بن زيد قال أمحد وابن معني عيل بن زيد ليس بيشء وأيضا فنفس احلديث.

- 159 -

يدل عىل أنه مصنوع فإنه قد استنفذ السور وذكر يف كل واحدة ما يناسبها من الثواب بكالم ركيك يف هناية الربودة ال يناسب كالم الرسول(.

ثم روى ابن اجلوزي بإسناده عن حممود بن غيالن شيخ الرتمذي أنه قال: )سمعت مؤمال يقول حدثني شيخ بفضائل سور القرآن الذي يروي عن أيب بن كعب، فقلت للشيخ من حدثك؟ فقال حدثني رجل باملداين وهو حي فرصت إليه فقلت من حدثك؟ فقال حدثني شيخ بواسط وهو

حي فرصت إليه، فقال حدثني شيخ بالبرصة فرصت إليه

فقال حدثني شيخ بعبادان فرصت إليه، فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا يا الشيخ حدثني، فقلت املتصوفة ومعهم شيخ، فقال: هذا فيه قوم من الناس قد رغبوا من رأينا فقال مل حيدثني أحد ولكنا شيخ من حدثك؟

القرآن فوضعنا هلم هذا احلديث ليرصفوا وجوههم إىل القرآن(.

قال احلافظ العراقي: )كل من أودع حديث أيب - املذكور - تفسريه، إسناده أبرز والثعلبي والزخمرشي خمطئ يف ذلك؛ لكن من كالواحدي، عىل ناظره أحال إذ لعذره، أبسط فهو والواحدي كالثعلبي، منهم، الكشف عن سنده، وإن كان ال جيوز له السكوت عليه من غري بيانه، وأما

من مل يربز سنده، وأورده بصيغة اجلزم فخطؤه أفحش، كالزخمرشي(.

قلت: وقد أورده البيضاوي أيضا يف تفسريه مفرقا عىل السور من غري إسناد وال تنبيه.

وممن روى املوضوعات يف فضائل السور رجل يقال له: ميسة بن عبد ربه.

- 160 -

وقد ذكر ابن اجلوزي عن عبد الرمحن بن مهدي أنه قال: )قلت مليسة من أين جئت بذه األحاديث من قرأ كذا فله كذا؟

قال: وضعته أرغب الناس فيه(.

وروى احلاكم يف املدخل عن جعفر بن أمحد بن نرص أنه قال: سمعت أبا عامر املروزي يقول: قيل أليب عصمة من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس ريض اهلل عنه يف فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب

عكرمة هذا؟

فقال: )إين قد رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أيب حنيفة ومغازي حممد بن إسحاق فوضعت هذا احلديث حسبة(.

تنبيه:

يف انقطاع فيها فيكون علة، من أكثر فيها جيتمع ما املرويات ومن زادت املتن، وكلام السند، ونكارة يف اإلسناد، وضعف يف بعض رجال

العلل اشتد الضعف.

ومن أمثلة ما تعددت علله: حديث أيب بكر بن عبد اهلل بن أيب مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن عطية بن قيس الكاليب، قال: قال رسول اهلل صىل وحرموا حالهلا فأحلوا تنزيال، القرآن آخر من »املائدة وسلم: عليه اهلل

حرامها« رواه أبو عبيد يف فضائل القرآن.

وهو عىل إرساله ضعيف اإلسناد؛ فابن أيب مريم مرتوك احلديث عىل ما يذكر من صالحه، وذلك لسوء حفظه وكثرة خطئه.

ومتنه منكر ليس مما يشبه كالم النبي صىل اهلل عليه وسلم.

- 161 -

من املباحث املتعلقة بفضائل القرآن مبحث ما يسمى بخواص القرآن، ما عىل العلامء بعض يطلقها متأخرة اصطالحية تسمية التسمية وهذه عرف من االنتفاع ببعض السور واآليات يف أحوال خمصوصة، ومل تكن التسمية معروفة عند السلف الصالح وإن كان قد جرى يف زماهنم هذه

بعض ما يدخل يف هذا املعنى.

إذا كان له معنى معقول، ومل يستعمل فيام وال مشاحة يف االصطالح يالف هدى الرشيعة.

عىل أن كلمة »خواص القرآن« يستعملها العلامء ملعاين متعددة:

منها: ما تقدم ذكره من تأثري بعض السور واآليات يف أحوال خمصوصة يف الرقى والكرب وغريها.

ومنها: ما يتص به القرآن من خصائص وأحكام يتميز با عن غريه.

ومنها: التأثري اإلعجازي للقرآن، وهذا املعنى يذكره بعض من يكتب يف إعجاز القرآن، ويغلب عليهم العناية ببالغة القرآن وحسن بيانه وتأثري

خطابه.

ومقصودنا يف هذا الباب هو املعنى األول.

الباب التا�شع: خوا�س القراآن

- 162 -

خوا�س القراآن معرفة • دالئل

تأثري عىل الصحيحة والسنة الكتاب نصوص داللة األوىل: الداللة بعض السور واآليات يف أحوال خمصوصة.

فأما القرآن فباب الفهم فيه واستخراج اخلواص منه باب واسع، وإذا أصاب فيه املؤمن داللة صحيحة عىل بعض اخلواص فهو فضل عظيم،

وقد ذكر العلامء مجلة من األمثلة التي تدل اللبيب عىل ما ورائها:

التقمه إذ السالم عليه يونس شأن يف تعاىل اهلل قول ذلك: فمن -ڻ ڻ ڻ ں ں ڱ ڱ ڱ ڱ ڳ ڳ ﴿ احلوت: ھ ھ ھھ ہ ہ ہ ہ ۀ ۀ ڻ ہ ہ ۀ ۀ ڻ ڻ ڻ ﴿ڻ تعاىل: وقال ےے﴾،

ہ ہ ھ ھ ھ﴾.

فتبني بداللة اآليتني أثر التسبيح والتوحيد يف النجاة من الغم والكرب، ودل قوله تعاىل: ﴿ھ ھ ے ے﴾ عىل أن هذا األمر ال يتص بيونس عليه السالم، بل هو عام للمؤمنني إذا دعوا واستغاثوا باهلل

وسبحوه معرتفني ذنوبم.

ومما يدل عىل صحة استنباط هذا املعنى ما رواه اإلمام أمحد يف مسنده أيب بن سعد بن حممد بن إبراهيم طريق من وغريمها سننه يف والنسائي وقاص عن أبيه عن جده عن النبي صىل اهلل عليه وسلم أنه قال: »دعوة

ذي النون إذ هو يف بطن احلوت: ﴿ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ﴾ فإنه مل يدع هبا مسلم ربه يف يشء قط إال استجاب له«.

- 163 -

- ومن ذلك أيضا: قول اهلل تعاىل: ﴿ٺٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦڄ ڄ يف والقول چ﴾؛ چ چ ڃ ڃ ڃ ڃ ڄ ڄ هذه اآلية نظري ما سبق؛ فإن قوله تعاىل: ﴿چ چچ﴾ تذكري

هلم وحث عىل االتساء به عليه السالم.

- ومن ذلك أيضا: قوله تعاىل: ﴿ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی ی ٱ خب حب جب يئ ىئ مئ حئ جئ ی ی ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀڀ ڀ ٺ ٺ ٺ

ٺ﴾.فقول هذه الكلمة بإيامن عند اخلرب املفزع واخلوف له أثر يف دفع البالء

والسالمة منه.

أيضا: قوله تعاىل: ﴿ڈ ڈ ژ ژڑ ڑ ک ک - ومن ذلك يستطاع ما وبذل عليه والتوكل باهلل اإليامن مع فقوهلا ک﴾ ک بعدها: تعاىل اهلل لقول األعداء، كيد دفع يف عظيم أثر له األسباب من

﴿گ گ گ گ ڳ﴾.

﴿ڈ الكريمة: اآلية هذه يف تعاىل )وقوله الشنقيطي: األمني قال ڈ ژ ژڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ﴾ دليل واضح عىل أن التوكل الصادق عىل اهلل، وتفويض األمور إليه سبب

للحفظ والوقاية من كل سوء(.

- 164 -

وفيها داللة فكثرية، الباب التي رويت يف هذا النبوية األحاديث وأما بينة عىل بعض ما يسمى بخواص القرآن:

- فمن ذلك رقية اللديغ بسورة الفاحتة، وفيها حديث أيب سعيد اخلدري ريض اهلل عنه املتقدم يف رقيته للديغ بسورة الفاحتة، وقول النبي صىل اهلل

عليه وسلم له: »وما يدريك أهنا رقية«.

فهذا مما يعد من خواص سورة الفاحتة.

ويف احلديث فائدة أخرى، وهي اجتهاد الراقي يف اختيار اآليات التي يرى مناسبتها للحالة التي يرقيها، وأن النبي صىل اهلل عليه وسلم أقره عىل

ذلك.

قى أثر معروف يف الروح واجلسد، وقد صح عن النبي صىل اهلل وللررعليه وسلم اإلذن العام بالرقى ما مل يكن فيها رشك، كام يف صحيح مسلم من حديث عبد الرمحن بن جبري، عن أبيه، عن عوف بن مالك األشجعي،

قال: كنا نرقي يف اجلاهلية فقلنا يا رسول اهلل كيف ترى يف ذلك؟

قى ما مل يكن فيه رشك«. فقال: »اعرضوا عيل رقاكم، ال بأس بالر

ويف صحيح مسلم أيضا من حديث األعمش عن أيب سفيان، عن جابر، قى، فجاء آل عمرو بن قال: هنى رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم عن الررإنه كانت اهلل يا رسول فقالوا: حزم إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم قى، قال: فعرضوها عندنا رقية نرقي با من العقرب، وإنك هنيت عن الرر

عليه، فقال: »ما أرى بأسا من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه«.

- 165 -

ويف هذا إقرار من النبي صىل اهلل عليه وسلم لرقية آل عمرو بن حزم وكانوا يرقون يف اجلاهلية وينتفع برقاهم، وسبب استئذاهنم من النبي صىل اهلل عليه وسلم أن النبي صىل اهلل عليه وسلم ملا هاجر إىل املدينة هنى عن الرقى ملا كان الغالب عىل الرقى التي كانت يف اجلاهلية الرشك، ويف مسند اإلمام أمحد وسنن أيب داوود من حديث عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل عنه

أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قال: »إن الرقى والتامئم والتولة رشك«.

والتعريف يف »الرقى« يف هذا احلديث للعهد الذهني وليس للجنس.

من فيها ملا رشك؛ عامتها اجلاهلية من يعهدوهنا التي الرقى أن أي هنى عليها، الغالب هو هذا كان فلام تعاىل، اهلل بغري والتعوذ االستغاثة

النبي صىل اهلل عليه وسلم عنها، وبني حاهلا وحكمها.

قى من الصحابة ريض اهلل عنهم امتثاال ألمر فامتنع من كان يعرف بالررالنبي صىل اهلل عليه وسلم، ثم استثنى النبي صىل اهلل عليه وسلم الرقى ومواثيق عهودا تضمنت التي الرقى ذلك ومن رشك، فيها ليس التي أخذها سليامن عليه السالم عىل اجلن وبعض اهلوام، وكانت العرب تأثر

شيئا منها.

قال الزهري: )بلغنا عن الرجال من أهل العلم أهنم كانوا يقولون: إن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم هنى عن الرقى حني دخل املدينة، وكانت الرقى يف ذلك الزمان فيها كثري من كالم الرشك؛ فانتهى الناس عنها حني هناهم رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم، فبيناهم كذلك إذ لدغ رجل من فقال عقرب أو حية بنهشة وسلم عليه اهلل صىل اهلل رسول أصحاب

رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »هل من راق؟«.

- 166 -

قالوا: يا رسول اهلل قد كان آل حزم يرقون برقية من احلية فلام هنيت عن قى تركوها. الرر

قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »ادعوا يل عامرة بن حزم«، ومل يكن له ولد، وقد شهد بدرا، فدعي له، فقال رسول اهلل عليه السالم: »اعرض

عيل رقيتك«.

فعرضها عليه فلم ير با بأسا فأذن له أن يرقيها(. رواه ابن وهب يف جامعه.

بكل العام ثم ورد اإلذن العني واحلمة؛ بالرقية من أوال وكان اإلذن رقية ليس فيها رشك.

النخعي قال: سألت يزيد - ففي الصحيحني من حديث األسود بن النبي صىل اهلل عليه وسلم الرقية من احلمة؛ فقالت:»رخص عائشة عن

قية من كل ذي محة«. ألهل بيت من األنصار يف الر

- ويف مسند اإلمام أمحد وسنن أيب داوود من حديث حصني بن عبد قال قال: عنهام اهلل ريض احلصني بن عمران عن الشعبي عن الرمحن

رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم: »ال رقية إال من عي أو محة«.

قال اخلليل بن أمحد: )احلمة: اسم كل يشء يلدغ أو يلسع(.

م( أي حرارته وحدته وانتشاره. وقال األصمعي: )هي فوعة السر

- ويف صحيح مسلم من حديث عاصم األحول عن يوسف بن عبد اهلل بن احلارث عن أنس قال: )رخص رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم يف

الرقية من العي واحلمة والنملة(.

والنملة: قروح ترج يف اجلنب وغريه.

- 167 -

ثم ورد اإلذن العام يف الرقى ما مل يكن فيها رشك كام دل عليه:

أ- حديث عوف بن مالك األشجعي املتقدم ذكره.

ب- وحديث عمري موىل آيب اللحم أنه عرض عىل النبي صىل اهلل عليه له: فقال اجلاهلية؛ يف املجانني با يرقي كان رقية خيرب يف وهو وسلم

»اطرح منها كذا وكذا، وارق بام بقي«. رواه أمحد والرتمذي والنسائي.

الشفاء أمي ]وهي قال: حدثتني القريش ابن أيب حثمة ج- وحديث بنت عبد اهلل[ أهنا كانت ترقي يف اجلاهلية فلام جاء اإلسالم قالت: ال أرقي هلا فقال فاستأذنته؛ فأتته اهلل عليه وسلم؛ أستأذن رسول اهلل صىل حتى ابن »ارقي ما مل يكن فيها رشك«. رواه رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم:

حبان والطرباين يف الكبري بإسناد حسن.

قال ابن حجر: )وقد متسك قوم بذا العموم فأجازوا كل رقية جربت من كان مهام أنه عوف حديث دل لكن معناها، يعقل مل ولو منفعتها، إىل يؤدي أن يؤمن يعقل معناه ال يمنع، وما ال الرشك إىل يؤدي قى الرر

الرشك فيمنع احتياطا(.

املة الس قى الرر الرشيعة أقرت تأثري جمرب وقد هلا الرقى أن واملقصود من الرشك، ومل تكن لتقر أمرا باطال، وإذا كان لبعض كالم الناس تأثري يف

األرواح واألجساد التي ترقى با، فتأثري كالم اهلل تعاىل أوىل وأقوى.

قال ابن القيم رمحه اهلل: )ومن املعلوم أن بعض الكالم له خواص ومنافع كفضل كالم كل عىل فضله الذي العاملني، رب بكالم الظن فام جمربة، اهلادي، والنور النافعة، والعصمة التام، الشفاء الذي هو اهلل عىل خلقه

والرمحة العامة الذي لو أنزل عىل جبل؛ لتصدع من عظمته وجاللته.

- 168 -

و»من« ھ﴾، ھ ہ ہ ہ ہ ۀ ﴿ۀ تعاىل: قال تعاىل: ﴿ڍ القولني كقوله للتبعيض، هذا أصح لبيان اجلنس ال هاهنا ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ﴾ وكلهم من

ائ ائ ﴿ى وكقوله: الصاحلات، وعملوا آمنوا الذين ەئ﴾ واألوثان كلها رجس.

فام الظن بفاحتة الكتاب التي مل ينزل يف القرآن، وال يف التوراة، وال يف اإلنجيل، وال يف الزبور مثلها؟!!

الرب املتضمنة جلميع معاين كتب اهلل املشتملة عىل ذكر أصول أسامء وذكر املعاد، وإثبات والرمحن، والرب، اهلل، وهي وجمامعها، تعاىل الرب إىل االفتقار وذكر اإلهلية، وتوحيد الربوبية، توحيد التوحيدين: بذلك، سبحانه وتصيصه اهلداية، وطلب اإلعانة، طلب يف سبحانه وذكر أفضل الدعاء عىل اإلطالق، وأنفعه وأفرضه، وما العباد أحوج يشء املتضمن كامل معرفته، وتوحيده املستقيم، اهلداية إىل رصاطه إليه، وهو وعبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما هنى عنه، واالستقامة عليه إىل املامت، ويتضمن ذكر أصناف اخلالئق، وانقسامهم إىل منعم عليه بمعرفة احلق، والعمل به، وحمبته، وإيثاره، ومغضوب عليه بعدوله عن احلق بعد معرفته إلثبات تضمنها مع اخلليقة أقسام وهؤالء له، معرفته بعدم وضال له، القدر والرشع، واألسامء والصفات، واملعاد، والنبوات، وتزكية النفوس، وإصالح القلوب، وذكر عدل اهلل وإحسانه، والرد عىل مجيع أهل البدع

والباطل، كام ذكرنا ذلك يف كتابنا الكبري »مدارج السالكني« يف رشحها.

- 169 -

وحقيق بسورة هذا بعض شأهنا أن يستشفى با من األدواء، ويرقى با اللديغ(ا.هـ.

وخالصة ما تقدم أن من خواص سورة الفاحتة الرقية با، وال سيام من السم؛ فقد ثبت نفعها باألدلة الصحيحة، وانتفع كثري من الناس بالرقية

با.

األحاديث من مجلة يف ورد وقد وغريها، الرقى تعم واخلواص الصحيحة ذكر بعض اخلواص لبعض سور القرآن وآياته.

- فمن خواص سورة البقرة نفور الشياطني من البيت الذي تقرأ فيه، »إن الشيطان ينفر من كام دل عىل ذلك قول النبي صىل اهلل عليه وسلم: البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة« رواه مسلم يف صحيحه من حديث أيب

هريرة ريض اهلل عنه.

- ومن خواصها ما ثبت من حديث أيب أمامة الباهيل ريض اهلل عنه عن النبي صىل اهلل عليه وسلم أنه قال: »اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة،

وتركها حسة، وال تستطيعها البطلة« رواه مسلم.

ويف مسند اإلمام أمحد عن بريدة بن احلصيب مرفوعا نحوه.

وقال معاوية بن سالم: بلغني أن البطلة: السحرة.

- ومن خواص آية الكريس ما ثبت يف صحيح البخاري من حديث أيب لني رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم بحفظ هريرة ريض اهلل عنه، قال: وكزكاة رمضان؛ فأتاين آت فجعل حيثو من الطعام فأخذته؛ فقلت ألرفعنك أويت إذا فقال: احلديث - فذكر اهلل عليه وسلم - اهلل صىل إىل رسول

- 170 -

إىل فراشك فاقرأ آية الكريس، لن يزال عليك من اهلل حافظ، وال يقربك وهو »صدقك وسلم: عليه اهلل صىل النبي فقال تصبح، حتى شيطان

كذوب ذاك شيطان«.

وقد روي يف هذا املعنى عدد من األحاديث.

وهذا من خواص آية الكريس ودالئل تأثري قراءهتا.

- ومن خواص آخر آيتي يف سورة البقرة أهنام »ال تقرآن يف دار ثالث الدارمي وسنن عبيد أليب القرآن فضائل يف كام شيطان« فيقرهبا ليال الصنعاين عن أيب األشعث أيب قالبة اجلرمي عن والرتمذي من حديث

النعامن بن بشري ريض اهلل عنه مرفوعا.

- ومن خواص القرآن ما ثبت من أثر فواتح سورة الكهف يف العصمة من فتنة الدجال؛ كام يف صحيح مسلم وغريه من حديث معدان بن أيب طلحة اليعمري، عن أيب الدرداء، أن النبي صىل اهلل عليه وسلم، قال: »من

حفظ عرش آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال«.

ويف سنن أيب داوود من حديث عبد الرمحن بن جبري بن نفري، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الكاليب، قال: ذكر رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم الدجال، فقال: »إن خيرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن خيرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، واهلل خليفتي عىل كل مسلم، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، فإهنا جواركم من فتنته« وأصل احلديث

يف صحيح مسلم.

وحماولة استيعاب ما روي يف اخلواص من األحاديث ومتييز صحيحها من ضعيفها أمر يطول، وما ذكر من األمثلة كاف يف التعريف باملقصود،

- 171 -

غري أنه ينبغي التنبه إىل توسع بعض الرواة يف هذا الباب؛ فقد رويت فيه أحاديث كثرية واهية اإلسناد، ومنها ما هو معضود بدعوى جتربة قد تكون

صحيحة، وقد تكون مكذوبة أو متومهة.

والداللة الثانية: ما ثبت عن الصحابة ريض اهلل عنهم.

وقد روي عن الصحابة ريض اهلل عنهم يف هذا الباب آثار كثرية، وما يصح منها قليل.

يف والضياء الدعوات يف والبيهقي داوود أبو رواه ما ذلك: فمن املختارة من طريق النض بن حممد، قال: حدثنا عكرمة -يعني ابن عامر- قال: وحدثنا أبو زميل، قال: سألت ابن عباس، فقلت: ما يشء أجده يف صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: واهلل ما أتكلم به، قال: فقال يل: أيشء من شك؟ قال: وضحك، قال: ما نجا من ذلك أحد، قال: حتى أنزل اهلل عز

وجل: ﴿ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ اآلية ، قال فقال يل: إذا وجدت يف نفسك شيئا فقل: ﴿ۈئ ۈئ ۆ﴾

ېئ ېئ ېئىئ ىئ ىئ ی ی ی﴾ (.

نه األلباين يف السلسلة الصحيحة. وقد حس

ومن أهل العلم من يعمل بام كان فيه ضعف يسري ومتنه غري منكر.

- ومن ذلك: ما رواه ابن أيب شيبة والطرباين من طريق حممد بن عبد ابن بن جبري، عن عتيبة، عن سعيد بن ليىل، عن احلكم أيب ابن الرمحن عباس، قال: إذا عس عىل املرأة ولدها، فيكتب هاتني اآليتني والكلامت يف صحفة ثم تغسل فتسقى منها: )بسم اهلل ال إله إال هو احلليم الكريم،

سبحان اهلل رب السموات السبع ورب العرش العظيم ﴿مت ىت يت جث

- 172 -

مث ىث يث حج مج جح﴾، ﴿ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی ی ی یجئ حئمئ ىئ يئ جب حب خب مب﴾ (.

وابن أيب ليىل يضعف يف احلديث لسوء حفظه.

لكن هذا األثر عمل به بعض األئمة، بناء عىل أصل اإلذن يف الرقية، غري اإلسناد يف الضعف ولكون والرقية، احلالة بني املناسبة ولظهور

شديد، ولوجود احلاجة وهي تعس الوالدة.

يكتب أيب رأيت قال: أمحد اإلمام بن اهلل عبد حدثني اخلالل: قال للمرأة إذا عس عليها والدهتا يف جام أبيض أو يشء نظيف، يكتب حديث ابن عباس ريض اهلل عنه: )ال إله إال اهلل احلليم الكريم، سبحان اهلل رب

العرش العظيم، احلمد هلل رب العاملي، ﴿ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی ی ی یجئ حئ﴾، ﴿مت ىت يت جث مث ىث يث حج مج جح﴾(.

وقال ابن مفلح يف اآلداب الرشعية: )قال أمحد: يكتب للمرأة إذا عس عليها ولدها يف جام أبيض أو يشء نظيف: )بسم اهلل الرمحن الرحيم: ال

إله إال اهلل احلليم الكريم...( فذكره بلفظه.

ثم قال: )ثم تسقى منه، وينضح ما بقي عىل صدرها(.

- ومن ذلك أيضا: ما رواه الدارمي وابن الضيس من طريق عاصم بن بدلة عن عامر الشعبي، عن ابن مسعود ريض اهلل عنه أنه قال: »من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة، وآية الكريس، وآيتان بعد آية الكريس، يومئذ شيطان، وال يشء أهله يقربه وال مل البقرة، آخر سورة وثالثا من

يكرهه، وال يقرأن عىل جمنون إال أفاق«.

- 173 -

عاصم يضعف يف احلديث، والشعبي مل يدرك ابن مسعود.

واآلثار التي تصح عن الصحابة ريض اهلل عنهم يف هذا الباب حممولة عىل أحد أمرين:

األول: أن تكون مما تعلموه من النبي صىل اهلل عليه وسلم.

والثاين: أن تكون مما فعلوه اجتهادا بناء عىل أصل اإلذن الرشعي.

وأما اآلثار املروية عن الصحابة ريض اهلل عنهم بأسانيد واهية يف هذا الباب إال أن تظهر يغرت با، وال تقبل يف هذا الباب فكثرية ال ينبغي أن املناسبة بني اآليات واحلالة وال يكون يف املتن ما ينكر فتؤخذ عىل أهنا رقية

ال عىل اعتقاد ثبوهتا عن الصحابة ريض اهلل عنهم.

بن عامرة احلسن الدعوات من طريق البيهقي يف رواه ما ومن ذلك: قال: أنه عنهام اهلل ابن عباس ريض عتيبة عن جماهد عن بن احلكم عن أذهنا اآلية يف فليقرأ هذه أو كانت شموسا دابة أحدكم )إذا استصعبت

ۆئ ۆئ ۇئ ۇئ وئ وئ ەئ ەئ ائ ائ ﴿ى ۈئ ۈئ ېئ ېئ﴾ (.

موس: املتمنعة. الش

واحلسن بن عامرة مرتوك احلديث.

الداللة الثالثة: ما ثبت عن الصاحلني من التابعني وتابعيهم.

أيب طريق من والدارمي منصور بن سعيد رواه ما ذلك: ومن -أنه العجيل سبيع بن املغرية عن الشيباين، سنان أيب عن األحوص، آيات من أربع القرآن: ينس البقرة مل آيات من قال: )من قرأ عند منامه

- 174 -

الكريس، وآية خب﴾، حب جب يئ ىئ مئ حئ یجئ ی ﴿ی والثالث آيات من آخرها(.

ابن مسعود ريض اهلل عنه، واإلسناد ثقة من أصحاب تابعي واملغرية إليه صحيح.

واشتهر يف هذا الباب عن مجاعة من التابعي ما ال يصح عنهم.

- ومن ذلك: ما رواه أبو عبيد يف فضائل القرآن والدارمي يف سننه عن زر قال: سمعت لبابة، أيب بن عبدة األوزاعي، عن كثري، عن بن حممد بن حبيش، يقول: )من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقومها من

الليل قامها(.

قال عبدة: فجربناه، فوجدناه كذلك.

قال أبو عبيد: )وقال ابن كثري: وقد جربناه أيضا يف السايا غري مرة، ۅ ۅ ۉ ﴿ۋ قوله: من وأبتدئ قال: أريد. التي الساعة يف فأقوم

ۉ ې ې ې ې ى ى ائ﴾ إىل آخرها(.وقال احلديث، منكر أمحد: اإلمام فيه قال املصييص كثري بن حممد البخاري: لني جدا، وقال ابن عدي: )له روايات عن معمر، واألوزاعي

خاصة عداد ال يتابعه عليها أحد(.

فهذا األثر ال يثبت عن زر.

- ومن ذلك نرشة وهب بن منبه املذكورة يف جامع معمر بن راشد من غري إسناد.

- 175 -

الرزاق: ويف كتب وهب: )أن تؤخذ سبع ورقات من سدر قال عبد الكريس، آية فيه ويقرأ املاء، يف يضبه ثم حجرين، بني فيدقه أخض وذوات قل، ثم حيسو منه ثالث حسوات، ويغتسل به، فإنه يذهب عنه

كل ما به إن شاء اهلل، وهو جيد للرجل، إذا حبس من أهله(.

عىل أن هذه النرشة يعمل با بعض أهل العلم من باب الرقية ال عىل اعتقاد ثبوهتا.

- ومن ذلك أيضا ما رواه ابن أيب حاتم يف تفسريه عن أيب جعفر الرازي عن ليث بن أيب سليم أنه قال: )بلغني أن هؤالء اآليات شفاء من السحر التي يف اآلية املسحور ثم يصب عىل رأس ماء فيه إناء تقرأ يف اهلل بإذن

سورة يونس: ﴿ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤڤ ڤ ڤ ڦڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چڇ﴾ أربع انتهاء إىل ی﴾ ی ی ىئ ىئ ىئ ﴿ېئ األخرى: واآلية

آيات، وقوله: ﴿ڇ ڇ ڍ ڍڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ﴾ (.

وليث بن أيب سليم ضعيف احلديث، ومل يسم من أخذ عنه هذه الرقية.

واألحوال اآليات بني التناسب إدراك يف االجتهاد الرابعة: الداللة املخصوصة.

- ومن ذلك أن يرقي الراقي كل حالة بام يناسبها من اآليات، وقد ورد عن مجاعة من العلامء استعامل ذلك.

ومن أمثلته: - أن اإلمام أمحد بن حنبل بلغه أن صاحبه املروذي أصابته محى؛ فكتب إليه رقعة فيها: )بسم اهلل الرمحن الرحيم، بسم اهلل، وباهلل، حممد رسول اهلل،

- 176 -

ۉ ۅ ۅ ۋ ٴۇۋ ۈ ۈ ۆ ۆ ۇ ﴿ۇ اشف وإرسافيل، وميكائيل، جربائيل، رب اللهم ۉې﴾،

صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجربوتك، إله احلق آمني(.

فهذه الرقية فيها معنى التوسل إىل اهلل تعاىل بقدرته عىل جعل النار بردا وسالما عىل إبراهيم أن يذهب عن املحموم حرارة احلمى التي من فيح

جهنم.

- وذكر ابن القيم رمحه اهلل يف زاد املعاد أن شيخ اإلسالم ابن تيمية كان ۇئ وئ وئ ەئ ەئ ائ ﴿ائ الراعف: جبهة عىل يكتب

ۇئ ۆئ ۆئ﴾.قال: وسمعته يقول: )كتبتها لغري واحد فربأ( وقال: )ال جيوز كتابتها به أن يكتب الدم نجس، فال جيوز فإن يفعله اجلهال، الراعف، كام بدم

كالم اهلل تعاىل(.

وهذه الرقية مبناها عىل التوسل إىل اهلل تعاىل بقدرته عىل إيقاف اهنامر تبلع أن األرض وأمره نوح، قوم عىل عذابا جعله الذي الشديد املطر ماءها حتى غاض املاء وقىض اهلل األمر؛ فيتوسل إليه تعاىل أن يأمر جسد

املرعوف بإيقاف نزفه دمه، وأن يذهب عنه ما جيد من ذلك النزف.

فداللة املناسبة ظاهرة؛ فاألرض واجلسد من خلق اهلل تعاىل، ومن قدر أن يعجزه ال العظيم الطوفان ماء ترصيف من العظيمة اآلية تلك عىل

يشفي املرعوف من رعافه. وهذا التوسل إذا صدر من قلب مؤمن موقن متوكل عىل اهلل مفتقر إليه

نفع بإذن اهلل.

- 177 -

- وذكر ابن القيم رمحه اهلل يف زاد املعاد أيضا كتابا ملن تعست والدهتا، قال: )يكتب يف إناء نظيف: ﴿ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ وترشب منه احلامل، ويرش عىل ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ﴾

بطنها(.

- وكتب بعض أهل العلم ملن تعست والدهتا سورة الزلزلة.

الثآليل بقوله تعاىل: ﴿ک ک گ الباب أيضا رقية - ومن هذا گ گ گ ڳ ڳ﴾ لظهور املناسبة بأن القادر عىل نسف اجلبال ال

يعجزه إزالة الثآليل.

- وقال ابن القيم رمحه اهلل يف مدارج السالكني: )كان شيخ اإلسالم ابن تيمية - رمحه اهلل - إذا اشتدت عليه األمور: قرأ آيات السكينة.

وسمعته يقول يف واقعة عظيمة جرت له يف مرضه، تعجز العقول عن ضعف حال يف ذاك إذ له ظهرت شيطانية، أرواح حماربة من - محلها القوة - قال: فلام اشتد عيل األمر، قلت ألقاريب ومن حويل: اقرءوا آيات

السكينة، قال: ثم أقلع عني ذلك احلال، وجلست وما يب قلبة.

يرد بام القلب اآليات عند اضطراب قراءة هذه أيضا أنا وقد جربت عليه. فرأيت هلا تأثريا عظيام يف سكونه وطمأنينته(ا.هـ.

- ومن هذا الباب أن يقرأ من جيد ضيقا يف صدره سورة الرشح فيجد راحة وانرشاحا.

- ومن ذلك أن يقرأ من يشى عدوا يرتبص به قول اهلل تعاىل: ﴿ڳ ۀ﴾، ۀ ڻ ڻ ڻ ڻ ں ں ڱ ڱ ڱ ڱ

- 178 -

وقول اهلل تعاىل: ﴿ھ ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ﴾.

وهذا مبناه عىل التوسل بقدرة اهلل تعاىل يف أمر خمصوص مناسب حلالة هو فالتوسل ظاملا مسلام يافه الذي العدو كان ولو وكربه، املتوسل

بالقدرة وهي معنى متحقق.

وقد روي أن النبي صىل اهلل عليه وسلم قرأ آية يس عىل رصد أحاط عىل جعل حتى يبرصون ال وهم بينهم من فخرج قريش كفار من به رؤوسهم الرتاب، وهذه احلادثة من رواية الكلبي عن أيب صالح عن ابن

عباس، وقد اشتهرت يف كتب السرية وهي ال تصح لوهاء سندها.

لكن استعملها كثري من الصاحلني، وانتفعوا با يف مثل هذه األحوال.

واخلالصة يف هذا الباب أن يقرأ صاحب كل بالء ما يناسب بالءه من السور واآليات؛ فيجد فيام يقرأ ما يشفي صدره، ويطمئن قلبه، ويتبرص به سبيل اهلدى فيام هو فيه، ويتوسل إىل اهلل تعاىل بآياته الباهرة، وقدرته جيد ما عنه يذهب أن عىل وإحسانه ورمحته القاهرة، وعزته الظاهرة،

وحياذر، وأن حيفظه ويلطف به.

بآياته وما دلت إليه باالفتقار إىل اهلل تعاىل والتوسل الباب وقيام هذا عليها من صفاته اجلليلة لدفع أنواع من البالء والكروب، وسؤال اهلل من

فضله.

- 179 -

خوا�س القراآن باب يف الغلو من • التحذير

فساد إىل الغالة قاد قد فإنه الباب؛ هذا يف الغلو من املسلم وليحذر كبري، وضالل مبني، وانحالل من الدين، والعياذ باهلل.

ومن ذلك ما ابتدعه بعض الصوفية الغالة يف خواص القرآن من دعاوى وأحوال، رسوم من املعنى معقولة غري أشياء واستعامل وضالالت، وجداول وأوفاق تبني للمحققني أهنا من طالسم السحر، لكنهم موهوا الذين الشياطني فسموا أسامئها، بغري األمور وسموا أتباعهم، عىل با عزائم، الرشكية االستغاثات وسموا اآليات، خدام إليهم يتقربون مع با اإلغراء خشية ولوال أرسارا، الشياطني أسامء غرائب وسموا ضعف النفوس لذكرت أمثلة مما ذكروه يف هذا الباب مما يدل عىل ضالهلم

وتضليلهم وبعدهم عن هدى القرآن، وتلبيسهم عىل الناس.

حر من أصحاب وقد اعرتف بذلك بعض من من اهلل عليه بالتوبة من الستلك الطرق، وذكر أنه كان يعتقد أنه يكلم املالئكة وياطبهم، وأن ما هو

فيه إنام هو من الكرامات التي يؤتاها األولياء واألقطاب عندهم.

پ پ پ ٻ ٻ ٻ ٻ ﴿ٱ تعاىل: اهلل قول وتال پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺٿ ٿ ٿ ٿ ٹٹ ڄ ڄ ڄ ڦ ڦ ڦ ڦ ڤ ڤ ڤ ڤ ٹ ٹ

ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ﴾.املالئكة نخاطب أننا نظن كنا حالنا، هذه كانت معناه: ما قال ثم

ونتقرب إليهم ويدموننا؛ فإذا بم شياطني.

- 180 -

الباب رشا واملقصود أن غالة الصوفية قد أدخلوا عىل األمة من هذا عظيام، وبالء وفتنة ضل با طوائف من أتباع الطررق والعامة املخدوعني بضالالهتم؛ فلبسوا احلق بالباطل، وموهوا عىل اجلهال والعامة، وروجوا يكتب من منهم وكان القرآن، خواص باسم وأسحارهم أباطيلهم البالء، يدفع ما اخلواص من فيها أن ويزعم ويبيعها، والتامئم احلجب بالباطل الناس أموال العني والعدو، وأكلوا السعد، وحيفظ من وجيلب

والتمويه والتضليل.

ولكبار الصوفية مؤلفات فيام يدعون أنه من »خواص القرآن« فيها غلو وضالل مبي، ومنها:

1. كتاب »خواص القرآن احلكيم« ملحمد بن أمحد بن سعيد التميمي )ت: 390هـ(، ومل أقف عىل كتابه، لكن ذكرت عنه عظائم، وله خمطوطات

يعتني با السحرة.

بن عيل بن ألمحد الرحيم« الرمحن اهلل بسم »خواص يف ورسالة .2يوسف البوين )622هـ(.

املنظوم فيام حتتويه احلروف من اخلواص والعلوم« 3. وكتاب »العقد كتاب وهو ، زمانه يف الصوفية زعيم )ت:638هـ( الطائي عريب البن القرآن لقضاء احلاجات ودفع أنه من خواص ادعى فيه سحر ضمنه ما

املضار تدليسا ومتوهيا.

أليب الوكيل« ونعم اهلل حسبنا خواص يف اجلليل »الس وكتاب .4احلسن الشاذيل )ت: 656هـ ( زعيم الطريقة الشاذلية، وكتابه هذا كتاب

سحر يف حقيقته.

- 181 -

الوديايش الغساين بكر أليب وخواصها« القرآن »فضائل وكتاب .5)ت: 696هـ(.

منظور البن التنزيل« سور خواص يف والدليل »الربهان وكتاب .6القييس األندليس )ت:750هـ(.

7. وكتاب »الدر النظيم يف خواص القرآن العظيم« لعبد اهلل بن أسعد اليافعي )ت:768هـ( وكان صوفيا أشعريا متعصبا، ومبالغا يف تعظيم ابن عريب وعلومه، وكانت الصوفية يف زمانه تعظمه وتقدمه، وكتابه هذا قد أكثر فيه من املوضوعات واألباطيل، وذكر فيه تقاسيم وجداول وأوفاق، وتراسيم يذكرها لقضاء احلاجات؛ كلها بواطيل تدل عىل اعتامدهم عىل

طرق السحر وتلبيس صناعتهم لباس خواص القرآن وأرساره.

وكتب الصوفية يف هذا الباب كثرية، واملقصود التنبيه عىل باطلها بذكر أمثلة منها؛ فليحذرها طالب العلم، وليحذروا من اغرت با.

وما يذكرونه مما حيذر منه يف هذا الباب عىل صنفي:

بأعامل بدعية، ورسوم الشياطني صنف حقيقته سحر وتقرب إىل .1وأحوال وهيئات، واستغاثات وعزائم.

2. وصنف دعاوى جمردة، وكذب عىل الصاحلني بذكر جتارب مزعومة، ودعاوى متومهة.

تعاىل: قوله خواص يف القييس منظور ابن عن ذكر ما ذلك ومن ﴿ۓ ۓ ڭڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ﴾ أنه نسب إىل ابن اجلوزي رمحه اهلل أن من خواصها أهنا تقرأ عند رشاء البطيخ، فمن أراد

- 182 -

ذلك فليقرأها رسا وهو يقلب البطيخ فإنه يرشد إىل طيب ما فيها، فإذا أراد أكلها قرأ عليها عند شقها بالسكني ﴿ڃ چ چ چچ﴾ فإنه

جيدها طيبة إن شاء اهلل تعاىل.

فهذا كذب بني عىل ابن اجلوزي رمحه اهلل.

الباب من غري الصوفية من خلط فيه وأساء، ومجع وقد كتب يف هذا والصحيح، والضعيف والسمني، الغث من الليل حاطب جيمع ما فيه والباطل املكذوب، واحلكايات البليدة التي تلوح عليها أمارات الكذب

واالختالق.

ومنهم من يأيت بدعاوى منكرة كام قال الشاه ويل اهلل بن عبد الرحيم الدهلوي يف كتابه »الفوز الكبري يف أصول التفسري«: )تكلمت طائفة من املتقدمني يف خواص القرآن من ناحيتني: إحدامها ما يشبه الدعاء، والثانية ما يشبه السحر، أعوذ باهلل منه، ولكن اهلل تعاىل فتح عىل الفقري بابا وراء القرآن، وألقى يف حجري األسامء احلسنى واآليات نقل من خواص ما العظمى واألدعية املباركة مرة واحدة، وقال: إهنا عطاؤنا للترصيف، إال أن كل آية واسم ودعاء مرشوط برشوط ال تضبطها قاعدة من القواعد، بل قاعدهتا انتظار عامل الغيب، كام يكون يف حالة االستخارة، حتى ينظر بأي آية أو اسم يشار عليه من عامل الغيب ثم يتلو اآلية أو االسم عىل طريق

من الطرائق املعلومة لدى أهل هذا الفن(ا.هـ.

وكالم الدهلوي هذا رضب من اجلهل والغلو يف هذا الباب، ودعواه هذه منكرة جدا، وهو وإن مل يكن معدودا من الصوفية، بل ذكر عنه ما يدل عىل منابذهتم والتحذير منهم وإصالح ما أفسدوه يف بالد اهلند إال

- 183 -

أنه مل يسلم من التأثر بم يف بعض األبواب، فكالمه فيها مضطرب غري مقبول.

وإنام أوردته للتنبيه عىل أن بعض ما يكتب يف هذا الباب غلو وابتداع متوهيا أو وتليطا جهال القرآن« »خواص باسم يكتب مما حيذر حتى

وتلبيسا، وحقيقته لغو وتضليل، أو سحر وتدجيل.

***

علينا ومن ووفقنا التباع رضوانك، ذنوبنا وخطايانا، لنا اغفر اللهم بفضلك وإحسانك، وأصلح لنا شؤوننا كلها، ال إله إال أنت.

وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد وعىل آله وصحبه أمجعني.

- 184 -

قائمة املراجع

و املخزومي د.مهدي حتقيق: )ت:170هـ(، الفراهيدي أمحد بن اخلليل العي، :1د.إبراهيم السامرائي، مؤسسة األعلمي للمطبوعات، بريوت.

2: الزهد، عبد اهلل بن املبارك بن واضح احلنظيل املروزي )ت: 181هـ(، حتقيق: حبيب الرمحن األعظمي، دار الكتب العلمية، بريوت.

حتقيق: 197هـ(، )ت: املرصي مسلم بن وهب بن اهلل عبد احلديث، يف اجلامع :3د.مصطفى حسن حممد أبو اخلري، دار ابن اجلوزي، الدمام، 1416هـ.

الشافعي إدريس بن حممد 458هـ(، )ت: البيهقي بكر أيب مجع: القرآن، أحكام :4املطلبي )ت: 204هـ(، حتقيق: عبد الغني عبد اخلالق، دار الكتب العلمية، بريوت.

سليامن بن الربيع رواية 204هـ(، )ت: املطلبي الشافعي إدريس بن حممد األم، :5املرادي )ت:270هـ(،حتقيق: د. رفعت فوزي عبد املطلب، دار الوفاء، املنصورة.

اء )ت:207هـ(، حتقيق: أمحد يوسف نجايت، 6: معاين القرآن، أبو زكريا حييى بن زياد الفروحممد عيل النجار، دار الكتب املرصية، القاهرة، وأعادت طباعته دار عامل الكتب.

سزكني، فؤاد حممد حتقيق: 210هـ(، املثنى)ت: بن معمر عبيدة أبو القرآن، جماز :7مؤسسة الرسالة.

عبد الرزاق بن مهام الصنعاين )ت: 211هـ(، حتقيق: حبيب الرزاق، 8: مصنف عبد الرمحن األعظمي، املكتب اإلسالمي، بريوت.

9: غريب احلديث، أبو عبيد القاسم بن سالم اهلروي )ت: 224هـ(، حتقيق: د. حسني حممد حممد رشف، راجعه: عبد السالم هارون، املطابع األمريية، القاهرة.

10: فضائل القرآن، أبو عبيد القاسم بن سالم اهلروي )ت: 224هـ(، حتقيق: أمحد بن عبد الواحد اخلياطي، وزارة األوقاف املغربية.

227هـ(، )ت: اخلراساين شعبة بن منصور بن سعيد منصور، بن سعيد سنن :11حتقيق: د. سعد بن عبد اهلل آل محيد، دار الصميعي، الرياض.

- 185 -

12: مصنف ابن أيب شيبة، أبو بكر عبد اهلل بن حممد ابن أيب شيبة )ت: 235هـ(، حتقيق: محد بن عبد اهلل اجلمعة وحممد بن إبراهيم اللحيدان، مكتبة الرشد، الرياض.

الشيباين )ت: 241هـ(، بن حنبل بن حممد أمحد اهلل عبد أبو أمحد، اإلمام مسند :13حتقيق: شعيب األرناؤوط وعادل مرشد وآخرين، مؤسسة الرسالة، بريوت.

241هـ(، )ت: الشيباين حنبل بن حممد بن أمحد اهلل عبد الصحابة،أبو فضائل :14حتقيق: د. ويص اهلل حممد عباس، مكتبة الرسالة، بريوت.

15: مسند الدارمي، أبو حممد عبد اهلل بن عبد الرمحن الدارمي )ت: 255هـ(، حتقيق: نبيل هاشم عبد اهلل الغمري، دار البشائر اإلسالمية، بريوت.

16: صحيح البخاري، أبو عبد اهلل حممد بن إسامعيل البخاري )ت: 256هـ(، عناية: حممد زهري بن نارص النارص، دار طوق النجاة.

حتقيق: 256هـ(، )ت: البخاري إسامعيل بن حممد اإلمام، خلف القراءة جزء :17د.عيل عبد الباسط مزيد، مكتبة اخلانجي، القاهرة.

السيد هاشم البخاري )ت: 256هـ(، حتقيق: الكبري، حممد بن إسامعيل التاريخ :18الندوي، دار الفكر، بريوت.

19: األدب املفرد، حممد بن إسامعيل البخاري )ت: 256هـ(، حتقيق: حممد نارص الدين األلباين، دار الصديق.

مسلم بن احلجاج القشريي )ت: 261هـ(، عناية: نظر الفريايب، 20: صحيح مسلم، دار طيبة، الرياض.

21: سنن ابن ماجه، حممد بن يزيد ابن ماجه القزويني )ت: 273هـ(، حتقيق: د.بشار عـواد معروف، دار الغرب، بريوت.

22: سنن أيب داود السجستاين، أبو داود سليامن بن األشعث السجستاين )ت: 275هـ(، حتقيق: حممد عوامة، دار املنهاج.

23: الزهد، أبو داود سليامن بن األشعث األزدي السجستاين )ت: 275هـ(، حتقيق: يارس بن إبراهيم وغنيم بن عباس، راجعه وقدم له: حممد عمرو بن عبد اللطيف، دار

املشكاة، حلوان.24: الشعر والشعراء، أبو حممد عبد اهلل بن مسلم ابن قتيبة الدينوري )ت: 276هـ(،

حتقيق: أمحد شاكر، دار احلديث بالقاهرة.

- 186 -

25: سنن الرتمذي، أبو عيسى حممد بن عيسى بن سورة الرتمذي )ت: 279هـ(، حتقيق: بشـار عـواد معروف، دار الغرب اإلسالمي، بريوت.

26: فضائل القرآن، حممد بن أيوب ابن الضيس البجيل )ت: 294هـ(، حتقيق: غزوة بدير، دار الفكر، دمشق.

27: تعظيم قدر الصالة، أبو عبد اهلل حممد بن نرص بن احلجاج املروزي )ت: 294هـ(، حتقيق: د. حممد الربيش، دار الفضيلة.

301هـ(، )ت: الفريايب املستفاض ابن حممد بن جعفر بكر أبو القرآن، فضائل :28حتقيق: يوسف عثامن فضل اهلل جربيل، مكتبة الرشد، الرياض.

29: سنن النسائي الصغرى )املجتبى(، أمحد بن عيل بن شعيب النسائي )ت: 303هـ(، حتقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب املطبوعات اإلسالمية، حلب، سوريا.

النسائي )ت: 303هـ(، حتقيق: الرمحن أمحد بن شعيب أبو عبد الكربى، السنن :30جاد اهلل بن حسن اخلداش، مكتبة الرشد، الرياض، 1427هـ.

النسائي )ت: 303هـ(، حتقيق: بن شعيب أمحد الرمحن أبو عبد القرآن، 31: فضائل د.فاروق محادة، دار إحياء العلوم، بريوت، ودار الثقافة، الدار البيضاء.

32: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، حممد بن جرير الطربي )ت: 310 هـ(، حتقيق مجاعة بإرشاف: د. عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي، دار هجر، القاهرة.

ي الزجاج )ت: 311هـ(، حتقيق: عبد اجلليل شلبي، 33: معاين القرآن، إبراهيم بن السعامل الكتب.

318هـ(، )ت: النيسابوري املنذر بن إبراهيم بن حممد بكر أبو القرآن، تفسري :34حتقيق: د. سعد بن حممد السعد، دار املآثر، املدينة النبوية، السعودية.

35: الضعفاء الكبري، أبو جعفر حممد بن عمر بن موسى العقييل )ت: 322هـ(، حتقيق: محدي بن عبد املجيد السلفي، دار الصميعي، الرياض، 1420هـ.

الرازي )ت: ابن أيب حاتم الرمحن بن حممد أبو حممد عبد العظيم، القرآن 36: تفسري 327هـ(، حتقيق: أسعد حممد الطيب، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة املكرمة.

37: علل احلديث، عبد الرمحن بن حممد بن إدريس ابن أيب حاتم الرازي )ت: 327هـ(، حتقيق: فريق من الباحثني بإرشاف: د.سعد بن عبد اهلل احلميد و د.خالد بن عبد الرمحن

اجلرييس، مطابع احلمييض.

- 187 -

38: صحيح ابن حبان )برتتيب ابن بلبان الفاريس(، حممد بن حبان بن أمحد ابن حبان البستي )ت: 354هـ(، حتقيق: شعيب األرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بريوت.

360هـ(، )ت: الطرباين أيوب بن أمحد بن سليامن القاسم أبو الصغري، املعجم :39حتقيق: حممد شكور بن حممود احلاج أمرير، املكتب اإلسالمي ودار عامر، بريوت.

الطرباين )ت: 360هـ(، أيوب بن أمحد بن القاسم سليامن أبو األوسط، املعجم :40حتقيق: طارق بن عوض اهلل وعبد املحسن بن إبراهيم، دار احلرمني، القاهرة.

41: املعجم الكبري، أبو القاسم سليامن بن أمحد بن أيوب الطرباين )ت: 360هـ(، حتقيق: محدي بن عبد املجيد السلفي، مكتبة العلوم واحلكم، املوصل ومكتبة ابن تيمية، القاهرة.42: الزاهر يف غريب ألفاظ الشافعي، أبو منصور حممد بن أمحد األزهري )ت: 370هـ(،

حتقيق: د.حممد جرب األلفي، وزارة األوقاف الكويتية.عبد حتقيق: 370هـ(، )ت: األزهري أمحد بن حممد منصور أبو اللغة، هتذيب :43

السالم هارون وآخرين، الدار املرصية للتأليف والرتمجة والنرش، القاهرة.)ت: الدارقطني عمر بن عيل احلسن أبو النبوية، األحاديث يف الواردة العلل :44

385هـ(، حتقيق: حممد صالح الدبايس، مؤسسة الريان، بريوت.45: سنن الدارقطني، أبو احلسن عيل بن عمر الدارقطني )ت: 385هـ(، حتقيق: شعيب مؤسسة برهوم، وأمحد اهلل حرز اللطيف وعبد شلبي املنعم عبد وحسن األرناؤوط

الرسالة، بريوت.بن اهلل اهلل عبيد أبو عبد املذمومة، الفرق الناجية وجمانبة الفرقة 46:اإلبانة عن رشيعة حممد ابن بطة العكربي )ت: 387هـ(، حتقيق: رضا معطي، وعثامن األثيويب، ويوسف

الوابل، والوليد بن سيف النرص، ومحد التوجيري، دار الراية، الرياض.47: أعالم احلديث يف رشح صحيح البخاري، أبو سليامن محد بن حممد اخلطابيالبستي

)ت: 388هـ(، حتقيق: حممد بن سعد بن عبد الرمحن آل سعود، جامعة أم القرى.48: معامل السنن، أبو سليامن محد بن حممد اخلطايب البستي )ت: 388هـ(، حتقيق: سعد

بن نجدت عمر وشعبان العودة، مؤسسة الرسالة، بريوت. 49: إعجاز القرآن للباقالين،أبو بكر حممد بن الطيب الباقالين )ت: 403هـ(، حتقيق:

السيد أمحد صقر، دار املعارف، مرص.

- 188 -

50: االنتصار للقرآن،أبو بكر حممد بن الطيب الباقالين )ت: 403هـ(، حتقيق: د. حممد ن، دار ابن حزم، بريوت. عصام القضاة، دار الفتح، عام

51: املدخل إىل الصحيح، أبو عبد اهلل حممد بن عبد اهلل ابن محدويه احلاكم النيسابوري )ت: 405هـ(، حتقيق: د.ربيع هادي عمري املدخيل، مؤسسة الرسالة، بريوت.

احلاكم محدويه ابن اهلل عبد بن حممد اهلل عبد أبو الصحيحي، عىل املستدرك :52النيسابوري )ت: 405هـ(، حتقيق: سليامن امليامن وأيمن احلنيحن، دار امليامن، الرياض.53: رشح أصول اعتقاد أهل السنة، أبو القاسم هبة اهلل بن احلسن بن منصور الاللكائي

)ت: 418هـ(، حتقيق: أمحد بن سعد بن محدان الغامدي، دار طبية، الرياض. 54: الكشف والبيان عن تفسري القرآن، أمحد بن حممد الثعلبي )ت: 427هـ(، حتقيق:

أيب حممد بن عاشور، دار إحياء الرتاث العريب.55: اهلداية إىل بلوغ النهاية، مكي بن أيب طالب القييس )ت: 437هـ(، حتقيق: فريق من

الباحثني بإرشاف أ. د: الشاهد البوشيخي، جامعة الشارقة.56: حلية األولياء وطبقات األصفياء، أبو نعيم أمحد بن عبد اهلل ابن مهران األصبهاين

)ت: 430هـ(، حتقيق: سعيد بن سعد الدين الدخيل، دار إحياء الرتاث العريب.57: فضائل القرآن، أبو العباس جعفر بن حممد املستغفري )ت: 432هـ(، حتقيق: أمحد

بن فارس السلوم، دار ابن حزم.58: النكت والعيون، عيل بن حممد بن حبيب املاوردي )ت: 450هـ(، حتقيق: السيد بن

عبد املقصود، مؤسسة الكتب الثقافية.الرازي )ت: الرمحن بن أمحد بن احلسن الفضل عبد أبو القران وتالوته، 59: فضائل

454هـ(، حتقيق: د.عامر حسن صربي، دار البشائر اإلسالمية.60: شعب اإليامن، أبو بكر أمحد بن احلسني البيهقي )ت: 458هـ(، حتقيق: د.عبد العيل

عبد احلميد حامد، مكتبة الرشد بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي.61: الدعوات الكبري، أبو بكر أمحد بن احلسني البيهقي )ت: 458هـ(، حتقيق: بدر بن

عبد اهلل البدر، دار غراس، الكويت.البيهقي )ت: 458هـ(، حتقيق بن احلسني بكر أمحد أبو للبيهقي، الكربى السنن :62

مجاعة بعناية د.عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي، دار هجر، القاهرة، 1432هـ.

- 189 -

)ت: املريس سيده بن إسامعيل بن عيل احلسن أبو األعظم، واملحيط املحكم :63العربية، الدول بجامعة املخطوطات معهد الباحثني، من مجاعة حتقيق: 458هـ(،

القاهرة. املطبعة املريس )ت: 458هـ(، بن سيده بن إسامعيل أبو احلسن عيل املخصص، :64

األمريية، بوالق. 463هـ(، )ت: البغدادي اخلطيب ثابت بن عيل بن أمحد بكر أبو بغداد، تاريخ :65

حتقيق: بشار عواد معروف، دار الغرب اإلسالمي، بريوت.66: الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز، عيل بن أمحد بن حممد الواحدي )ت: 468هـ(،

حتقيق: صفوان عدنان داوودي، دار القلم.67: الوسيط يف تفسري القرآن، عيل بن أمحد بن حممد الواحدي )ت: 468هـ(، حتقيق:

عادل عبد املوجود ومجاعة، دار الكتب العلمية.68: التفسري البسيط، عيل بن أمحد بن حممد الواحدي )ت: 468هـ(، حتقيق مجاعة من طالب الدراسات العليا بجامعة اإلمام حممد بن سعود، وأرشف عىل طباعته د. تركي

بن سهو العتيبي، وعبد العزيز بن سطام آل سعود.69: أشعار الشعراء الستة اجلاهليي، أبو احلجاج يوسف بن سليامن األعلم الشنتمري

)ت: 476هـ(، دار اآلفاق اجلديدة، بريوت.70: تفسري القرآن، أبو املظفر منصور بن حممد بن عبد اجلبار السمعاين )ت: 489هـ(،

حتقيق: يارس بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم، دار الوطن، الرياض. اليحصبي موسى بن عياض القايض الفضل أبو مسلم، بفوائد املعلم إكامل :71

)ت:544هـ(، حتقيق: حييى إسامعيل، دار الوفاء.72: املحرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز، عبد احلق بن غالب بن عطية األندليس )ت: 546هـ(، حتقيق: مجاعة من الباحثني، مطبوعات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية

القطرية.عبد حتقيق: 597هـ(، )ت: اجلوزي عيل بن الرمحن عبد الفرج أبو املسري، زاد :73

الرزاق املهدي، دار الكتاب العريب، بريوت.

- 190 -

ابن اجلوزي )ت:597هـ(، حتقيق: بن عيل الرمحن الفرج عبد أبو األفنان، فنون :74حسن ضياء الدين عرت، دار البشائر، بريوت.

75: املوضوعات، أبو الفرج عبد الرمحن بن عيل ابن اجلوزي )ت:597هـ(، حتقيق: عبد الرمحن حممد عثامن وحممد عبد املحسن، املكتبة السلفية باملدينة النبوية.

76: جامع األصول يف أحاديث الرسول،أبو السعادات املبارك بن حممد بن ابن األثري اجلزري )ت:606هـ(، حتقيق: عبد القادر األرناؤوط، والتتمة حتقيق بشري عيون، مكتبة

احللواين. اجلزري األثري ابن حممد بن املبارك السعادات أبو احلديث، غريب يف النهاية :77)ت:606هـ(، حتقيق: حممود حممد الطناحي، طاهر أمحد الزاوي، إحياء الرتاث العريب. ثواب اآلثار يف من ما ورد ملعرفة الظمآن األزهار وري ونفحات األنوار 78: ملحات 619هـ(، )ت: الغافقي إبراهيم بن الواحد عبد بن حممد القاسم أبو القرآن، قارئ

حتقيق: رفعت فوزي عبداملطلب، دار البشائر اإلسالمية.اهلل عبد أبو الدين شهاب األديب(، معرفة إىل األريب )إرشاد األدباء معجم :79ياقوت بن عبد اهلل الرومي احلموي )ت: 626هـ(، حتقيق: إحسان عباس، دار الغرب

اإلسالمي، بريوت. املقديس )ت: الواحد أبو عبد اهلل حممد بن عبد الدين املختارة، ضياء 80: األحاديث 643هـ(، حتقيق: عبد امللك بن عبد اهلل ابن دهيش، دار خض للطباعة والنرش والتوزيع،

بريوت، لبنان.81: فضائل القرآن، ضياء الدين أبو عبد اهلل حممد بن عبد الواحد املقديس )ت:643هـ(،

حتقيق: صالح بن عايض الشالحي، دار ابن حزم.643هـ(، )ت: السخاوي حممد بن عيل الدين علم اإلقراء، وكامل القراء مجال :82

حتقيق: عبد احلق عبد الدايم سيف القايض، مؤسسة الكتب الثقافية، بريوت.83: اجلامع ألحكام القرآن، أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن أيب بكر القرطبي )ت:671هـ(،

حتقيق: فريق من الباحثني، بعناية د.عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي، مؤسسة الرسالة.حتقيق: 676هـ(، )ت: النووي رشف بن حييى زكريا أبو مسلم، صحيح رشح :84

خليل مأمون شيحا، دار املعرفة.

- 191 -

صادر، دار 711هـ(، )ت: اإلفريقي منظور ابن مكرم بن حممد العرب، لسان :85بريوت.

أبو حممد، وابنه قاسم بن حممد بن الرمحن عبد وترتيب: مجع الفتاوى، جمموع :86العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم ابن تيمية احلراين )ت: 728هـ(، جممع امللك

فهد لطباعة املصحف الرشيف، املدينة النبوية.87: هتذيب الكامل، مجال الدين أبو احلجاج يوسف بن عبد الرمحن املزي )ت:742هـ(،

حتقيق: د.بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بريوت.88: تاريخ اإلسالم، شمس الدين حممد بن أمحد بن عثامن بن قايامز الذهبي )ت:748هـ(،

حتقيق: الدكتور بشار عواد معروف، دار الغرب اإلسالمي، بريوت.قايامز بن عثامن بن أمحد بن حممد اهلل عبد أبو الدين شمس النبالء، أعالم سري :89الذهبي )ت:748هـ(، حتقيق: جمموعة من املحققني بإرشاف الشيخ شعيب األرناؤوط،

مؤسسة الرسالة، بريوت.90: معرفة القراء الكبار عىل الطبقات واألعصار، شمس الدين حممد بن أمحد بن عثامن األرناؤوط، شعيب معروف، عواد د.بشار حتقيق: )ت:748هـ(، الذهبي قايامز بن

صالح مهدي عباس، مؤسسة الرسالة، بريوت.الذهبي قايامز بن عثامن بن أمحد بن حممد الدين شمس االعتدال، ميزان :91

)ت:748هـ(، حتقيق: عيل حممد البجاوي، دار املعرفة للطباعة والنرش، بريوت.92: هتذيب خمترص سنن أيب داوود، ابن قيم اجلوزية: شمس الدين حممد بن أيب بكر بن رعير الدمشقي )ت:751هـ(، حتقيق: حممد حامد الفقي وأمحد شاكر، مطبعة أيوب الزر

السنة املحمدية، القاهرة.رعير 93: بدائع الفوائد، ابن قيم اجلوزية: شمس الدين حممد بن أيب بكر بن أيوب الزرالفقه اإلسالمي، جدة، الدمشقي )ت:751هـ(، حتقيق: عيل بن حممد العمران، جممع

ودار عامل الفوائد.أيب بن حممد الدين شمس اجلوزية: قيم ابن السعادتي، وباب اهلجرتي طريق :94رعير الدمشقي )ت:751هـ(، حتقيق: حممد أمجل اإلصالحي، خرج بكر بن أيوب الزر

أحاديثه: زائد بن أمحد النشريي، جممع الفقه اإلسالمي، جدة، دار عامل الفوائد.

- 192 -

95: شفاء العليل يف مسائل القضاء والقدر واحلكمة والتعليل، ابن قيم اجلوزية: شمس الدمشقي )ت:751هـ(، حتقيق: د.أمحد بن رعير الزر الدين حممد بن أيب بكر بن أيوب صالح الصمعانيود.عيل بن حممد العجالن، تقديم: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، دار

الصميعي، الرياض.بكر أيب بن حممد الدين شمس اجلوزية: قيم ابن العباد، خري هدي يف املعاد زاد :96القادر وعبد األرناؤوط شعيب حتقيق: )ت:751هـ(، الدمشقي رعير الزر أيوب بن

األرناؤوط، مؤسسة الرسالة.97: إعالم املوقعي عن رب العاملي، ابن قيم اجلوزية: شمس الدين حممد بن أيب بكر بن رعير الدمشقي )ت:751هـ(، حتقيق: أيب عبيدة مشهور بن حسن آل سلامن، أيوب الزر

دار ابن اجلوزي.رعير 98: مدارج السالكي، ابن قيم اجلوزية: شمس الدين حممد بن أيب بكر بن أيوب الزرالتوجيري وصالح القرعاوي وعيل السعوي نارص حتقيق: )ت:751هـ(، الدمشقي

وخالد الغنيم وحممد اخلضريي، دار الصميعي، الرياض، 1432هـ.)ت: احلنبيل املقديس حممد بن مفلح بن املرعية،حممد واملنح الرشعية اآلداب :99

763هـ(، حتقيق: شعيب األرناؤوط وعمر القيام، مؤسسة الرسالة، بريوت. 100: تفسري القرآن العظيم، إسامعيل بن عمر ابن كثري القريش )ت: 774هـ(، حتقيق:

سامي بن حممد السالمة، دار طيبة، الرياض.الزركيش بادر بن اهلل عبد بن حممد الدين بدر القرآن، علوم يف الربهان :101)ت:794هـ(، حتقيق: حممد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية عيسى البايب

احللبي ورشكائه، القاهرة.احلنبيل رجب ابن أمحد بن الرمحن عبد البخاري، صحيح برشح الباري فتح :102

)ت:795هـ(، حتقيق: فريق من الباحثني، مكتبة الغرباء األثرية، املدينة النبوية.يعقوب بن حممد الدين جمد العزيز، الكتاب لطائف يف التمييز ذوي بصائر :103للشئون األعىل املجلس النجار، عيل حممد حتقيق: )ت:817هـ(، الفريوزآبادي

اإلسالمية، جلنة إحياء الرتاث اإلسالمي، القاهرة. )ت:817هـ(، الفريوزآبادي يعقوب بن حممد الدين جمد املحيط، القاموس :104والنرش للطباعة الرسالة مؤسسة الرسالة، مؤسسة يف الرتاث حتقيق مكتب حتقيق:

- 193 -

والتوزيع، بريوت.رسالن بن عمر بن عبدالرمحن الدين جالل النجوم، مواقع يف العلوم مواقع :105دار خطاب، املريس حممود أنور الدكتور وحتقيق: دراسة 824هـ(، )ت: البلقيني

الصحابة، طنطا، مرص.106: غاية النهاية يف طبقات القراء، حممد بن حممد بن اجلزري )ت: 833هـ(، حتقيق:

عيل حممد عمر، مكتبة اخلانجي، القاهرة.)ت:840هـ(، البوصريي بكر أيب بن أمحد الدين شهاب املهرة، اخلرية إحتاف :107حتقيق: دار املشكاة للبحث العلمي بإرشاف أيب متيم يارس بن إبراهيم، دار الوطن للنرش،

الرياض.108: املطالب العالية،أمحد بن عيل بن حممد ابن حجر العسقالين )ت: 852هـ(، حتقيق:

د.سعد بن نارص بن عبد العزيز الشثري، دار العاصمة، السعودية.109: فتح الباري، أمحد بن عيل بن حممد ابن حجر العسقالين )ت: 852هـ(، حتقيق:

نظر الفريايب، دار طيبة، الرياض.)ت:852هـ(، العسقالين حجر ابن حممد بن عيل بن أمحد التهذيب، تقريب :110

حتقيق: حممد عوامة، دار الرشيد.)ت:852هـ(، العسقالين حجر ابن حممد بن عيل بن أمحد التهذيب، هتذيب :111

حتقيق: إبراهيم الزيبق، عادل مرشد، مؤسسة الرسالة.112: لسان امليزان، أمحد بن عيل بن حممد ابن حجر العسقالين )ت:852هـ(، حتقيق:

عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر اإلسالمية.)ت:852هـ(، العسقالين حجر ابن حممد بن عيل بن أمحد املدلسي، طبقات :113

حتقيق: د.عاصم بن عبد اهلل القريويت، مكتبة املنار، عامن.)ت: السيوطي بكر أيب بن الرمحن عبد الدين جالل القرآن، علوم يف اإلتقان :114911هـ(، حتقيق: فريق من الباحثني بمركز الدراسات القرآنية، جممع امللك فهد لطباعة

املصحف الرشيف، املدينة النبوية. 115: الدر املنثور يف التفسري املأثور، جالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي )ت: 911هـ(، حتقيق: فريق من الباحثني بعناية د.عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي، دار هجر،

القاهرة.

- 194 -

)ت: الدهلوي الرحيم عبد بن أمحد اهلل ويل التفسري، أصول يف الكبري الفوز :1161176هـ(، حتقيق: سلامن احلسيني الندوي، دار الصحوة، القاهرة.

)ت: بيدي الز احلسيني مرتىض حممد القاموس، جواهر من العروس تاج :1171205هـ(، فريق من الباحثني، وزارة اإلرشاد واألنباء، الكويت.

118: فضائل القرآن، حممد بن عبد الوهاب التميمي )ت: 1206هـ(، حتقيق: د.فهد بن عبد الرمحن الرومي، مكتبة التوبة.

119: روح املعاين، أبو الثناء حممود بن عبد اهلل األلويس )ت: 1270هـ(، حتقيق: فريق من الباحثني،مؤسسة الرسالة، بريوت.

الدار 1393هـ(، )ت: التونيس عاشور بن الطاهر حممد والتنوير، التحرير :120التونسية للنرش، تونس.

)ت: الشنقيطي اجلكني األمني حممد بالقرآن، القرآن إيضاح يف البيان أضواء :1211393(، حتقيق: مجاعة من الباحثني بإرشاف: بكر بن عبد اهلل أبو زيد، دار عامل الفوائد،

مكة املكرمة. 122: العذب النمري من جمالس الشنقيطي يف التفسري، حممد األمني اجلكني الشنقيطي

)ت: 1393هـ(، حتقيق: خالد بن عثامن السبت، دار عامل الفوائد، مكة املكرمة.123: سلسلة األحاديث الصحيحة، حممد نارص الدين األلباين )ت: 1420هـ(، مكتبة

املعارف، الرياض.124: سلسلة األحاديث الضعيفة واملوضوعة وأثرها السيئ يف األمة، حممد نارص الدين

األلباين )ت: 1420هـ(، دار املعارف، الرياض.125: موسوعة فضائل سور وآيات القرآن، حممد بن رزق بن طرهوين، دار ابن القيم.

- 196 -

الفهر�سالصفحةاملوضوع

5متهيد7الباب األول: مقدمات يف فضائل القرآن

7املقدمة األوىل: التعريف بطرق بيان فضل القرآن10املقدمة الثانية: بيان ثمرات معرفة فضائل القرآن

12املقدمة الثالثة: ذكر املؤلفات يف فضائل القرآن14املقدمة الرابعة: التعريف بطرق العلامء يف التأليف يف فضائل القرآن

16املقدمة اخلامسة: مباحث يف علم فضائل القرآن16املقدمة السادسة: بيان سبب كثرة األحاديث الضعيفة يف فضائل القرآن

18املقدمة السابعة: بيان درجات املرويات الضعيفة يف فضائل القرآن19املقدمة الثامنة: بيان احلاجة إىل جتديد وسائل النرش لعلم فضائل القرآن

21الباب الثاين: رشح معاين أسامء القرآن وصفاته21أسامء القرآن

22الفرق بني االسم والصفة24رشح معاين أسامء القرآن: معنى اسم »القرآن«

26معنى اسم »الكتاب«27معنى اسم »الفرقان«

29معنى اسم »الذكر«31فصل يف رشح معاين صفات القر آن

31وصفه بأنه عيل32وصفه بأنه حكيم

- 197 -

33وصفه بأنه جميد34وصفه بأنه عزيز36وصفه بأنه كريم

38وصفه بأنه عظيم40وصفه بأنه مبارك

42وصفه بأنه قيم43وصفه بأنه بصائر46وصفه بأنه هدى

49وصفه بأنه نور51وصفه بأنه بيان ومبني

53وصفه بأنه ذكر وذكرى وتذكرة55وصفه بأنه موعظة

57وصفه بأنه شفاء60وصفه بأنه رمحة

61وصفه بأنه برشى63الباب الثالث: بيان عظمة القرآن

63عظمة قدر القرآن يف الدنيا68عظمة قدر القرآن يف اآلخرة

72عظمة صفات القرآن75الباب الرابع: بيان بركة القرآن

75معنى الربكة76أنواع بركة القرآن يف الدنيا

81القرآن مبارك حيثام كان

- 198 -

82بركة القرآن يف اآلخرة85الباب اخلامس: فضل تالوة القرآن

85معنى تالوة القرآن87مراتب تالوة القرآن

89معنى قوله صىل اهلل عليه وسلم: »املاهر بالقرآن مع السفرة الكرام الربرة«91تالوة القرآن طمأنينة للقلب وسكينة للنفس

92حمبة اهلل تعاىل ملن يتلو كتابه مؤمنا به94تالوة القرآن تفتح عني البصرية

97زيادة اإليامن بتالوة القرآن98أجر تالوة القرآن

99أوجه تفاضل ثواب التالوة102ثواب تالوة القرآن يف اآلخرة

105الباب السادس: فضل أهل القرآن105املراد بأهل القرآن

107املراد بصاحب القرآن113قوادح صحبة القرآن

114تقديم أهل القرآن117فضل تعلم القرآن وتعليمه

120فضل حفظ القرآن123حفظ احلروف ال يغني عن حفظ احلدود

125تفاضل احلفاظ يف حفظ القرآن127كيف حيفظ القرآن؟

129الباب السابع: تفاضل اآليات والسور

- 199 -

131خواص بعض اآليات والسور132ما ورد يف تفاضل سور القرآن

135التفاضل يف أسامء اهلل تعاىل139الباب الثامن: أنواع املرويات يف فضائل القرآن

139هل أمكن مجع املرويات الضعيفة يف فضائل القرآن؟140أسباب عناية العلامء بجمع املرويات الضعيفة

141صيانة العلم من واجبات أهله144رشوط صحة احلديث

147درجات املرويات148أنواع املرويات الضعيفة

149املراسيل املروية يف فضائل القرآن 161الباب التاسع: خواص القرآن

162دالئل معرفة خواص القرآنالداللة األوىل: داللة نصوص الكتاب والسنة الصحيحة عىل تأثري بعض

السور واآليات يف أحوال خمصوصة162

164حكم الرقية171الداللة الثانية: ما ثبت عن الصحابة ريض اهلل عنهم

173الداللة الثالثة: ما ثبت عن الصاحلني من التابعني وتابعيهمواألحوال اآليات بني التناسب إدراك يف االجتهاد الرابعة: الداللة

املخصوصة175

179التحذير من الغلو يف باب خواص القرآن180مؤلفات كبار الصوفية فيام يدعون أنه من »خواص القرآن«

184قائمة املراجع196الفهرس

- 200 -

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- 201 -

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- 202 -

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- 203 -

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- 204 -

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- 205 -

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- 206 -

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ