أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

277

أوقاف المراكز العلمية في العصر السلجوقي

(دورها في النهضة العلمية اإلسالمية)

ىأ. د. عبدالفتاح قاسم ناصر حيي

يعترب العصر السلجوقي حبق عصر النهضة العلمية اإلسالمية خصوصا يف املناطق واألجزاء اليت انطوت حتت حكمهم أو نفوذهم، كما أن تأثرياته ومؤثراته العلمية التنويرية مشلت املساحة اليت أنتشر فيها اإلسالم، بل وتعداها، فشرقا اهلند والصني، وغربا دول أوروبا. كما

امللوك والسالطني واألمراء السالجقة رواد حركة النهضة العلمية ، فيعود إليهم الفضل يف يعترب م من خالل فتحهم األفق الواسع للمعارف والعلوم غرس املفاهيم الفكرية احلداثية يف زما

-مدارس -املختلفة، وإنشائهم وإقامتهم وتشيدهم وتأسيسهم للمراكز العلمية(مساجد أخرى)، فأوجدوا بذلك صروح املعرفة الدقيقة، وأعطوا كل تلك املراكز ج ل مؤسسات تعليمية

اهتمامهم ورعايتهم، بل وبذلوا قصارى ما عندهم من أجل ذلك، فحموا العلم يف عهودهم واجتذبوا العلماء، وتنافسوا يف هذا املضمار، ومل يبخلوا يوما ومافرتو ساعة يف اإلنفاق عليه،

عناية وإيالء العلم كفاية االهتمام تلك األوقاف اليت أوقفت من قبل وإن من أبلغ مظاهر ال السالجقة رجاال ونساء من أراض زراعية ودور ومباين وأسواق وقرى ووديان وخانقاه وغريها من

األوقاف السخية لصاحل املراكز العلمية. ألوقاف أو إن حبثنا هذا ما هو إال حماولة بسيطة أردنا من خالهلا أن نتلمس دور ا

الوقفيات يف النهوض الفكري أو العلمي الذي شهده العصر السلجوقي، وكيف أن هذه الوقفيات كانت الداعم الرئيس لرجال العلم من األساتذة والطالب، وبفضلها استمرت املراكز نا واملدارس واملعاهد العلمية يف تأدية رسالتها ونشر علومها ومعارفها يف أرجاء املعمورة، فحاول

إبراز أهم تلك الوقفيات وموقفيها واليت كان هلا الدور األكرب يف ظهور أعالم العلماء املدرسني ومدارسهم الشهرية، وقد تقفينا يف حبثنا هذا أثر املعلومة التارخيية من مصادرها حماولني

Selçuklu Devrinde İlmî Merkezlerin Vakıfları (Bunların İslâmî İlimlerin Canlanışındaki

Rolü) Prof. Dr. Abdulfattah Qasem Nasser YAHYA Aden Üniversty, YEMEN. dr_fateh2000@yahoo.com

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

278

بينهما، استنطاقها، وأتبعنا يف ذلك املنهج التارخيي والوصفي مع استخدامنا ألسلوب املزاوجةومبا أننا أخذنا عن الوقفيات يف عصر السالجقة وهو الذي مشل مساحة أو رقعة واسعة من أرض اإلسالم، فإننا سنكتفي بإيراد مناذج األوقاف األكثر أثرا على مسرية احلياة العلمية يف

هذه الرقعة، وعطفا على ما سبق فإننا سنتبع يف كتابة حبثنا الرتتيب اآليت : تعريفية عن الوقف . مقدمة -1 دور السالجقة يف دعم الوقفيات . -2 أهم الوقفيات يف العصر السلجوقي ومراكزها . -3 نظام التموين الوقفي ودوره يف تشجيع العلماء واملتعلمني يف العصر السلجوقي . -4 دور الوقفيات يف ظهور املدارس واملراكز العلمية يف عصر السالجقة. -5 التأثريات العلمية والفكرية للوقفيات السلجوقية. -6

وإن شاءت األقدار بعد كل هذا سنوجز أهم النتائج واالستنتاجات اليت توصلنا إليها يف حبثنا املتواضع وسنورد ثبت بقائمة املصادر واملراجع اليت استقينا منها معلوماتنا، آملني من اهللا

خدمة اإلسالم واملسلمني أينما كانوا يف بقاع املعمورة، عز وجل التوفيق والسداد للقائمني على إنه على كل شيء قدير.

مقدمة تمهيدية:

يعترب العصر السلجوقي حبق عصر النهضة العلمية اإلسالمية خصوصا يف املناطق واألجزاء اليت انطوت حتت حكمهم أو نفوذهم، كما أن تأثرياته ومؤثراته العلمية التنويرية مشلت املساحة اليت أنتشر فيها اإلسالم، بل وتعداها، فشرقا اهلند

امللوك والسالطني واألمراء السالجقة رواد والصني، وغربا دول أوروبا. كما يعترب حركة النهضة العلمية، فيعود إليهم الفضل يف غرس املفاهيم الفكرية احلداثية يف م من خالل فتحهم األفق الواسع للمعارف والعلوم املختلفة، وإنشائهم زما

مؤسسات -مدارس -وإقامتهم وتشيدهم وتأسيسهم للمراكز العلمية(مساجدخرى)، فأوجدوا بذلك صروح املعرفة الدقيقة، وأعطوا كل تلك املراكز تعليمية أ

ج ل اهتمامهم ورعايتهم، بل وبذلوا قصارى ما عندهم من أجل ذلك، فحموا العلم يف عهودهم واجتذبوا العلماء، وتنافسوا يف هذا املضمار، ومل يبخلوا يوما

عناية وإيالء العلم كفاية وما فرتو ساعة يف اإلنفاق عليه، وإن من أبلغ مظاهر ال االهتمام تلك األوقاف اليت أوقفت من قبل السالجقة رجاال ونساء من أراض زراعية ودور ومباين وأسواق وقرى ووديان وغريها من األوقاف السخية لصاحل

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

279

املراكز العلمية، حىت أن بعض املراكز العلمية نفسها أوقفت لصاحل العلم واملتعلمني .

ذا ما هو إال حماولة بسيطة أردنا من خالهلا أن نتلمس دور إن حبثنا هاألوقاف أو الوقفيات يف النهوض الفكري أو العلمي الذي شهده العصر السلجوقي، وكيف أن هذه الوقفيات كانت الداعم الرئيس يف إقامة املراكز العلمية

س واملعاهد ورجال العلم من األساتذة والطالب، وبفضلها استمرت املراكز واملدار العلمية يف تأدية رسالتها ونشر علومها ومعارفها يف أرجاء املعمورة، فحاولنا إبراز أهم تلك الوقفيات وموقفيها واليت كان هلا الدور األكرب يف ظهور أعالم العلماء املدرسني ومدارسهم الشهرية، وقد تقفينا يف حبثنا هذا أثر املعلومة التارخيية من

استنطاقها، وأتبعنا يف ذلك املنهج التارخيي التحليلي والوصفي مصادرها حماولنيمع استخدامنا ألسلوب املزاوجة بينهما، ومبا أننا أخذنا عن الوقفيات يف عصر السالجقة وهو الذي مشل مساحة أو رقعة واسعة من أرض اإلسالم وأمتد حوايل

اذج األوقاف األكثر قرن من الزمان وتأثريه تعدى ذلك، فإننا سنكتفي بإيراد من أثرا على مسرية احلياة العلمية يف هذه الرقعة مع اإلحاطة علما بأننا سنورد عن بعض أوقاف األتابكيون وخصوصا نور الدين حممود زنكي باعتباره واحد من

أحفاد السالجقة األتراك، وعليه فقد أتبعنا يف وريقاتنا هذه النسق التايل : المبحث األول :

تعريف الوقف وأقسامه . -1 دور السالجقة يف دعم الوقفيات . -2

المبحث الثاني: أهم الوقفيات يف العصر السلجوقي ومراكزها . -1نظام التموين الوقفي ودوره يف تشجيع العلماء واملتعلمني يف العصر -2

السلجوقي .

المبحث الثالث: عصر السالجقة. دور الوقفيات يف ظهور املدارس واملراكز العلمية يف -1

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

280

التأثريات العلمية والفكرية للوقفيات السلجوقية. -2: وقد ضمت أهم النتائج واالستنتاجات اليت توصلنا إليها يف حبثنا الخاتمة

املتواضع .

قائمة المصادر والمراجع . المبحث األول :

تعريف الوقف وأقسامه: -1: من مصدر تعريف الوقف: الوقف لغة -أ الفعل وقف، ويراد به ◌

احلبس ومنه وقفت األرض على املساكني ووقفت الدابة أي حسبتها، وقيل وقف من باب إطالق –املوقوف –وأوقف سواء ويطلق املصدر ويراد به اسم املفعول

املصدر وإرادة اسم املفعول فتقول هذا البيت وقف أي موقوف وهلذا مجع على م ، فقد جاءت يف كثري من ، أما الوقف يف لغة ا )1(أوقاف لفقهاء أو إصطالحا

م خمتلفة أيضا تبعا ملا يراه كل فريق يف هذه املسألة أو مسائل الوقف تعريفام: تلك، وال يتسع املقام لبسط القول يف هذا، ولكن من أشهر وأخصر تعريفا

صدقة جارية مستمر والوقف. )2(أن الوقف هو حتبيس األصل وتسبيل املنفعة ا مالكها قربة هللا تعاىل وحيدد مصارفها، وأنه ميتنع بيع أصلها أو نفعها يتصدق متلكه أو إرثه ألحد من الناس. كما يتبني لنا من التعريف األخري أن الوقف ميكن أن يكون على جهة من جهات الرب ابتداء وانتهاء وقد يكون على أحد من الناس

اعهم يكون جلهة من جهات الرب يعينها سواء الذرية أو األقربني وعند انقطالواقف، وللوقف أجر عظيم، فقد ورد يف احلديث الصحيح الذي رواه مسلم

بصيغ خمتلفة أن -رضي اهللا عنه -والرتمذي وأبو داود والنسائي عن أيب هريرة قال:إذا مات اإلنسان انقطع عنه عمله إال من –صلى اهللا عليه وسلم –النيب

، وقد فسر )3(صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صاحل يدعو لهثالثة: إال من ا الوقف نوع من فالوقف في اإلسالم. )4(العديد من العلماء الصدقة اجلارية بأ

أنواع الصدقات اليت رغب الشارع فيها وندب إليها، وهو وسيلة من وسائل ا العبد إىل ربه. وال فرق يف ذلك بني ا لوقف على جهة عامة القرب اليت يتقرب

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

281

كالفقراء وطلبة العلم وحنو ذلك، أو الوقف على القرابة والذرية، إال أن السلف األول من هذه األمة يفضلون أن يكون آخره للمساكني.

أقسام الوقف: -ب : )5(حبسب نظرة الفقهاء فقد مت تقسيم الوقف إىل قسمني

الوقف الذري أو األهلي. - الوقف اخلريي. -

فهو أقل منفعة من الوقف اخلريي حيث :*أما الوقف الذري أو األهلي تنحصر منفعته يف فئة قد ال تكون حباجة ماسة إليها أو يكون نفعه خاصا

مث إنه قد يكون )6( منحصرا على ذرية الواقف ومن بعدهم، على جهة بر ال تنقطعق وخالفه، له جوانب سلبية تتمثل فيما حيدث بني ذرية الواقف من شقا

وقد شهدت احملاكم يف كثري من البالد اإلسالمية قضايا كثرية تتعلق باألوقاف الذرية وخاصة مع تقادم الزمن وتفرق الذرية مما زاد يف تعقيد قضايا تلك األوقاف، وهو ما كان مشجعا ملن يعارضون نظام الوقف باهلجوم عليه يف بعض

بلدان اإلسالم. هو أكثر فائدة وأمشل نفعا وهو ذاك النمط الفاعل : )1(* والوقف الخيري

تمع اإلسالمي عرب العصور من الوقف الذي أسهم إسهاما واضحا يف مسرية افبواسطته شيدت املدارس واملعاهد واملستشفيات ومهدت الطرق وأوجدت مصادر املياه، وأنشأت املالجئ واألربطة، وأنفق على العلماء وطلبة العلم ووفرت

تمع اإلسالمي عموما . هذا كله ا ملكتبات، مما أدى إىل ازدهار احلضارة وتقدم اا وصيانتها واإلنفاق على األئمة باإلضافة إىل الوقف على املساجد من عمار

واملؤذنني وغري ذلك، وهو الوقف الذي يشمل الوقف العلمي والتعليمي .

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

282

تعريف الوقف العلمي: احي العلمية، كوقف املساجد ، واملدارس ، هو الوقف املخصص للنو

، وحوانيت )2(، واملكتبات، والكتب، وأدوات نسخ الكتابة)الكتاتيب(والكتاب الوراقني، ومنازل العلماء ، والر بط، والزوايا، واخلانقاهات، والبيمارستانات وغريها.

تارخيية ومن املعروف متاما أن األوقاف هلا دور كبري وفاعل على مر العصور التمع بكل مكوناته، وتارخينا اإلسالمي ضة األمة، وتلبية حاجات ا لإلسالم يف مليء باألوقاف اليت لبت مصاحل الناس، منذ ظهور اإلسالم إىل حاضرنا، ودليل ذلك ما جاء يف كتب الرتاث والتاريخ ومجيع الوثائق واملدونات املتعلقة باألوقاف

ت، فعن طريق تلك الوقفيات شيدت املدارس وبنيت واليت حفظتها خزائن املكتبا .)3(املساجد واملكتبات وحفرت اآلبار وغريها

إذا فالوقف العلمي هو الوقف الذي له الدور الكبري يف رفد احلركة العلمية والنهوض مبراكزها من مدارس ومساجد ومراكز حبث ومكتبات ورعاية

. )4(طلبة العلم وكفايتهم، وغريهاوعلى ذلك ميكن القول أن أثر الوقف يف التعليم مل يقتصر عند علم معني،

خمتلفة من العلوم وألوان املعرفة، سواء يف ذلك الشرعي منها، وإمنا مشل أنواعا والدنيوي من طب وفلك ورياضة وصيدلة وغريها، مما جعل للوقف دورا بارزا يف

ضة علمية شاملة جلميع أنواع املعرفة. إحداث لقد تنوعت خدمات الوقف لدور التعليم واملتعلمني حيث كفلت للمعلمني

التعليم واإلقامة والطعام والعالج، بل وتأمني أماكن إقامة يأوي واملتعلمني شئون إليها املسافرون لطلب العلم، وهذا من شأنه أن يوفر وسائل التعليم جلميع فئات تمع الواحد، وبالتايل يؤدي إىل وجود أعداد غفرية من املتعلمني وبتخصصات ا

اصة مكانا بارزا يف مجيع خمتلفة ومتنوعة، وهلذا أستأثر الوقف على التعليم خ القطاعات التعليمية.

دور السالجقة األتراك في دعم الوقفيات: -2م يبخل السالجقة وأحفادهم األتابكيون واأليوبيون يف دعم الوقفيات وذلك بغية مرضاة اهللا وألداء رسالة األوقاف العلمية على أفضل ما يكون، حيث

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

283

م، وكذا بعض م وأمرائهم ونسائهم وبنا كان ملوكهم وسالطينهم ووالم وفقهائهم وغريهم ينفقون الشيء الكثري على مراكز حواشيهم وأغنيائهم وقضا التعليم املختلفة، ولذا لعبوا دورا ال يستهان به يف إمتام هذه املراكز ملهمتها

الل كثرت الوقفيات اليت كان اإلنسانية والعلمية واحلضارية؛ يتضح ذلك من خالسالجقة يتسابقون لفعل اخلري من خالهلا، وهذه الظاهرة امللحوظة اليت برزت ا وجدت قبل ذلك، بشكل أكرب والفت لالنتباه يف العصر السلجوقي رغم أأصبحت تشكل عالمة فارقة ومثل حيتذى به يف مجيع مواطن اإلسالم بعد

م من األتابكيون واأليوبيون يف مصر عصرهم، حيث ارتسم خطاهم أبناء جلد والشام والذين يعتربون امتدادا فعليا حلكم السالجقة األتراك، وأمتد ليشمل املغرب واحلجاز واليمن وغريها من الواليات اإلسالمية، كل ذلك يف الوقت الذي يار، وكان جنمها اخلاف ت كانت فيه اخلالفة العباسية على وشك السقوط أو اال

قد شارف على األفول. وحقيقة نقول أن السالجقة بدورهم الريادي الذي لعبوه جتاه الوقفيات ودعمها بسخاء تام إمنا كان حماولة منهم الستنهاض اهلمم التواقة ألعمال اخلري وكبح مجاحها يف رفد العملية التعليمية بل واملعرفية بكل ما حتمله الكلمة من

معان ، وكذلك لرتميم ال بنيان العلمي الذي كان قد بدأ يتداعى يف السقوط، فدورهم الذي لعبوه كان ملعانا وبريقا وضوءا أوهن به السائرون حنو العلم والنهضة

احلضارية واإلنسانية . لقد خص السالجقة بدورهم يف دعم الوقفيات أن تكون رسالتها ومهمتها

و األمر الذي أعطته الوقفيات ج ل مكملة ملهمة الدولة جتاه املراكز العلمية، وه اهتمامها ورعايتها حىت فرضت أمرا واقعا وأصبحت من املراسم اإلدارية واملالية يف نظم الدولة اإلسالمية بكل مراحلها وأبعادها املختلفة. ونلمس الدور الذي قام به السالجقة يف دعم الوقفيات من خالل وقفهم األراضي والعقارات للمنفعة

مية اليت يصاحبها بناء وتعمري املساجد واملدارس واملكتبات والربط العل واخلانقاهات والزوايا والبيمارستانات واحلمامات وغريها .

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

284

ا يف مث يأيت بعد البناء دورهم يف وقف تلك األماكن واملنشآت لالنتفاع تكاز الوجوه املختلفة من احلياة ومنها العلمية على وجه اخلصوص وهي حمور االر

والقاعدة األساسية والصلبة اليت بنيت عليها وهلا األوقاف. وعلى الرغم من وجود عينات من األمراء والوالة ممن حاولوا التعدي على أموال الوقف لكنهم مل ينجحوا إىل حد ماء بسبب التكامل االجتماعي يف وجه

أي حماولة لالستيالء على تلك املمتلكات الوقفية. لفاء واألمراء والسالطني واألغنياء يف تطوير هذا املنحى إن دور اخل

االجتماعي من خالل التقرب إىل اهللا تعاىل وإبقاء ذكراهم طيبة عند الناس، مع لك

هذا كان هلم مجيعا اليد الطوىل يف إنشاء املدارس واملراكز العلمية كنظام امل

رس حىت قيل أن له يف كل الوزير السلجوقي الذي مأل بالد العراق وخراسان باملدا، وعلى نفس املنوال )1(مدينة بالعراق وخراسان مدرسة، وأوقف هلا األوقاف الدارة

سار األتابكة وعلى رأسهم نورالدين حممود زنكي السلجوقي باين العديد من املدارس يف بالد الشام، واأليوبيون ويف مقدمتهم صالح الدين األيويب الذي مأل

الشام ومصر وغريها. املدن باملدارس يف

المبحث الثاني : نماذج ألهم وقفيات المراكز العلمية في العصر السلجوقي: -1 أوقاف المدارس: -أكثرية هي املدارس اليت مت متويلها بأموال الوقف يف العصر السلجوقي، وقد

تفاوتت األوقاف على املدارس حسب مكانة الواقف وما خصصه من مال، ومل تقتصر األموال املوقوفة على عمارة املدارس فقط بل مشلت صيانة املدرسة

لني فيها، حىت مشلت يف وجتهيزها باألثاث واللوازم املدرسية ودفع املرتبات للعامبعض األحيان توفري مساكن للطلبة وتقدمي الطعام للطالب والعاملني يف املدرسة، كما مشلت أحيانا أخرى املعاجلة الطبية واملالبس كما حدث يف بعض املدارس

ا املادية وما تقدمه من )1(املوقوفة يف القدس . واملدارس إذ تتفاوت يف إمكانا ضا يف فـروع املعرفة اليت تدرسها من حيث الكم والكيف، ويف خدمات تفاوتت أي

العموم فإن املدرسة كمركز للنشاط العلمي السين تدين بوجودها ألسرة السالجقة

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

285

الذين وقفوا يف وجه النشاط الشيعي البويهي والفاطمي، وحتفزوا لوقف األوقاف ر السالجقة على تلك املراكز، ومن األمثلة على وقف هذه املدارس يف عص

األتراك ما يلي: فقد أشار وقف نظام الملك على المدارس النظامية ببغداد وغيرها: -

ذا الصدد سبط ابن اجلوزي أن الوزير نظام امللك أبو علي احلسن بن علي هـ 462هـ، وقف هلا سنة 457الطوسي الذي بىن املدرسة النظامية ببغداد سنة

، كذلك )2(املدرسة، وضياع، وأماكن، وكتب، وأمالكاألوقاف، ومما وقف: سوق توجه نظام امللك إىل إنشاء املدارس يف املدن والقرى، وأمدها بالعلماء ووقف هلا األموال والكتب واألبنية لتأمني املوارد هلا، وطبق نظام التعليم العام على نطاق

ببغداد حنوا من ، وهو ما أكد عليه ابن جبري يف رحلته الذي رأى فيها )3(واسعثالثني مدرسة بقوله:" إنه ما فيها مدرسة إال وهي يقصر القصر البديع عنها، وأعظمها وأشهرها النظامية اليت بناها نظام امللك، وهلذه املدارس أوقاف عظيمة، ا، ولإلجراء على وعقارات واسعة لإلنفاق على الفقهاء واملدرسني

املدرسة النظامية باملوصل أوقاف كثرية أسوة ،وأوقف نظام امللك على )4(الطلبة" . )5(ببغداد

: وهي خدجية بنت وقف أرسالن خاتون على بعض مدارس بغداد -السلجوقي، وقد كانت من الكرميات و اخلريات، )طغرل بك(داؤد أخو السلطان

بة للعلماء، وهلا مجلة أوقاف على حمالت خريية ومنها املدارس يف بغداد وكانت حم . )6(ها من املمالك اإلسالميةوغري

: وهي زوجت السلطان السلجوقي أوزبك، وقد وقف أزدوجا خاتون -قال عنها ابن بطوطة: " من أفضل اخلواتني وألطفهن مشائل وأشفقهن، وهلا مآثر

.)7(وخريات دارة على مساجد وتكايا ومدارس يف بالدها"ي تركان بنت : وه)هـ487:ت(وقف زوجة السلطان السلجوقي ملكشاه -

طراج اجلاللية، بانية ثالث مدرسة أنشئت ببغداد يف العصر العباسي، وهي املعنية وغريها بقــول ابن جبري الذي زار الشام يف العصـر

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

286

األيويب: " ومن النساء اخلواتني ذوات األقدار ممن تأمر ببناء مسجد أو رباط أو مدرسة، وتنفق فيها األموال

ا زمرد خاتون المدرسة الخاتونية البرانيةوقف - : وهي املدرسة اليت أنشأالرتكي بنت األمري جاويل الدمشقية، أخت امللك الدقاق ألمه وزوجة تاج امللوك

، وهلا وقوف كثرية يف الق ر بات. وقد أنفقت يف حجتها حنوا من )هـ557ت:(يوري . ) 2(ثالمثائة ألف دينار

مؤسسها الشيخ عبدالقادر بن أيب ة ببغداد:وقف المدرسة القادري -، حنبلي املذهب، وقف )هـ561ت:(صاحل أبو حممد اجليالين وقيل الكيالين

ملدرسته ورباطه أوقافا من األمكنة والدور واألراضي، حىت غدت من أعظم املدارس يف بغداد حينئذ إن مل تكن أعظمها، وقادرة على استيعاب عدد كبري من

ان يقصدها العلماء والطلبة على حد سواءالدارسني، وك )3( . وقف نور الدين محمود زنكي على المدرسة النورية الكبرى بدمشق: -

حيث وقف هلا أوقافا كثرية، ومن مجلتها: طاحنتان، وسبعة بساتني، وأرض بيضاء، ومحام، ودكانان، ويف موضع آخر جاء ذكر وقف محامات، ودور،

ر، والنصف والربع من بستان اجلورة باالرزه، والتسعة حقوق والوراقة، وجنينة الوزي . )4(هـ567بداريا مع حتديد التاريخ آلخرها يف شعبان سنة

وقد أنشأها بدمشق أبو حممد عبداهللا بن أيب وقف المدرسة البادرائية: -الوفاء البادرائي، وهو امللقب مبدرس النظامية ورسول اخلالفة إىل ملوك اآلفاق يف

. )5(األمور املهمة، وقد أوقفها وأوقف عليها أوقاف حسنة دارة هذا بالنسبة ألوقاف املدارس، على أن هناك مدارس عديدة ليس بوسعنا

لصالح العلم والمتعلمين ولما من وقفها يف حبثنا هذا مت حصرها مجيعهاشأنه ضمان استمرار المراكز العلمية في أداء دورها التعليمي في شتى

جوانب المعرفة، ومثال على ذلك:ا أول مدرسة ب نيت للشافعية بدمشق، بناها * المدرسة األمينية: قيل أ

دين كمشتكني بن عبداهللا الطغتكيين أتابك العساكر بدمشق املسمى أمني الهـ، ووقف 514، وكان قد وقف هذه املدرسة سنة )هـ541ت: (واقف األمينية

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

287

عليها غالب ماحوهلا من سوق السالح، وقيسارية القواسني ، وكانت تسمى حق . )6(الذهب وهلا حصة من بستان اخلشاب بكفر سوسيا، وغري ذلك

وجد هذه املدرسة عند مكان يسمى صنعاء : ت* المدرسة الخاتونية البرانية، بنيت هذه املدرسة )7(الشام املطل على وادي الشقراء، وهو مشهور بدمشق

املنسوبة إىل صاحبتها الست زمرد خاتون زوجة امللك بوري املذكور سابقا . )8(وأوقفتها على أصحاب املذهب احلنفي بدمشق

ا * المدرسة الخاتونية الجوانية عصمت الدين خاتون بنت معني : أنشأ . )1( الدين أ ن ر ، وقد أوقفت هذه املدرسة على أصحاب املذهب احلنفي

من (هي مدرسة بناها امللك أبو سعيد حممد بن منصور * مدرسة األحناف:هـ 459أو مستويف مملكة السلطان ألب أرسالن السلجوقي سنة )ملوك السالجقة

على قرب اإلمام أبو حنيفة، وبىن عنده مدرسة ببغداد بعد أن بىن مشهد أو قبة للحنفية، ويف ضننا أن الذي يبين مشهدا ومدرسة البد أن يوقف هلا األوقاف للصرف على قومتها، وابن جبري وصف ذلك البنيان وصفا جممال فقال: " ويف يب تلك احمللة مشهد حفيل البنيان، له قبة بيضاء سامية يف اهلواء فيه قرب اإلمام أ

. )2(")أي حملة أيب حنيفه(حنيفة رضي اهللا عنه، وبه تعرف احمللةبانيها أكز حاجب نور الدين حممود، وقد * المدرسة األكزية بدمشق:

ا ما مجلته بعد البسملة: " وقف هذه املدرسة على أصحاب رسم على عتبة باأسد الدين أكز اإلمام أيب عبداهللا حممد بن إدريس الشافعي رضي اله عنه األمري

يف ست ومثانني ومخسمائة"، وأوقف عليها الكثري ممن جاء بعد أكز املذكور، ومنها الدكان الذي بشرقها وقف عليها، والثلث من طاحون اللوان، وذلك سنة

. )3(هـ587: ذكر أبن األثري يف سياق احلديث عن نور الدين * دار الحديث النورية

بىن دار احلديث بدمشق، ون سب إليه، أنه حممود زنكي السلجوقي وهو الذيكان قد أوقف الكثري على تلك الدار منها: املباين العديدة ومحام قامياز وفرن وغري ذلك، ويضيف أبو شامة يف ترمجة نور الدين أنه وقف على دار احلديث ا من املشتغلني بعلم احلديث وقوفا كثرية، وكان املتويل ملشيخة تلك وعلى من

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

288

دار إمام أهل احلديث يف زمانه وحامل لوائهم أبو القاسم علي بن احلسن بن ال .)4(هبة اهللا بن عبداهللا بن عساكر الدمشقي، وتوىل ابنه نظر األوقاف

مما سبق يظهر جليا أن السالجقة رجاال ونساء حكام وخ دام سامهوا برصد ا ا الدينية األوقاف للمدارس التعليمية على اختالف علومها ومشار واجتاها

خصوصا والدنيوية، مما شجع أيضا رجال العلم وطالبه على التحصيل العلمي وأن هناك موردا رئيسا يضمن االستمرار في عملية التعليم والتسابق العلمي

في ذلك العصر أال وهو األوقاف .

أوقاف المساجد: -ب فضال عن دورها تعد املساجد مراكز علمية وثقافية يف آن واحد،

االجتماعي والسياسي، وقد كان املسجد أبا شرعيا ومرجعا طبيعيا ، وموجها دائما ا، يقوم بدور الرقيب املباشر والعضد األمني، بعد لكل مؤسسات الدولة وإداراا، وكانت وظيفته األساسية ومهمته الكربى اليت ا ودعم مسري أن بارك والد

من الزمن به أكثر من غريها، وبقيت مرهونة والئذة به، ارتبطت ردحا طويال وكانت عنصرا واضحا قي عمارته وتكوينه، إمنا هي مهمة التعليم بكل فنونه ومراحله وأساليبه ومفاهيمه، ومل تكن اجلوامع واملساجد خمصصة للعبادة فقط،

تمع اإلسال مي، فابتداء من وإمنا كانت أيضا واجهة علمية وثقافية وحضارية يف ا دروس الوعظ واإلرشاد وخطب اجلمعة واملناسبات، وانتقاال إىل احللقات العلمية لكبار العلماء حول أساطني املساجد ويف زواياها، ومرورا باملذاهب الفقهية

والعقائدية ا فان نشاطها أو اللغوية، وانتهاء باملراكز العلمية ومنها املدارس أو مادو

.ريب كان يتمحور حولحىت وقت قاملسجد، ويسبح يف فلكه، ويدور حوله،غري راغب يف التحول عنه، أو اخلروج عليه أو البعد عنه، ولذا أهتم املسلمون بأمرها وأولوها عنايتهم ورعايتهم، فقد حظيت بعناية الواقفني حيث سعوا إىل تعمريها وتشيدها وصيانتها واإلنفاق

ء واملؤذنيني، وطلبة العلم، وكذا على القائمني عليها من األئمة والوعاظ، والعلماا من الفرش والبسط وخزائن الكتب والصرف على العاملني تزويدها باحتياجا

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

289

فيها، ومن املساجد واجلوامع اليت اشتهرت حبلقتها العلمية على أكمل وجه وكان مساجد ابن هلا دورا تعليميا وثقافيا يف العصر السلجوقي مايلي:

الواقع يف )هـ575ت:(ومسجد الشريف الزيدي، )1(داد،يف بغ)هـ467ت:(جردةالمسجد درب دينار شرق بغداد، واشتهر بسبب خزانة كتبه املوقوفة فيه، و

، وهو الذي بنته زمرد خاتون بنت األمري جاويل الكبير في صنعاء الشامالدمشقية زوجة تاج امللوك بوري صاحبت املدرسة اخلاتونية الربانية بدمشق

ر العاص يف منطقة الجامع النوري في حماه،، و)2( سابقا واملذكورة ويقع غريب هـ، 558متميزة من محاه، بناه السلطان نور الدين حممود زنكي السلجوقي سنة

وفرش نور الدين اجلامع بالبسط واحلصران، وعني له مؤذنني وخدما وقومه، ورتب ميدية، وقيسارية اجلامع له ما يلزمه، وكان للجامع عدة أوقاف منها: القصر احل

النوري، وأرض خريات اجلمس، ورغم عدم معرفة تكلفة بناء اجلامع، لكن . )3(التقديرات ترتاوح بني ستني ألف دينار وثالمثائة ألف دينار

وكان لألوقاف الدور األكرب يف انتشار املساجد يف سائر أحناء العامل هي املصدر الرئيس يف األنفاق اإلسالمي يف ذلك العصر، والوقف أو األوقاف

على املساجد، فقد كان يوقف على كل مسجد ما يقوم به من أراض ودور، وغري ذلك مما يضمن توفر الريع الكايف ملؤنته واإلنفاق على القائمني عليه. فبواسطة األوقاف ب نيت الكثري من املساجد الرائعة يف مدن اإلسالم العديدة،

لكثري من اجلوامع واملساجد، وتسابق احلاكم واحملكوم على وبواسطتها مت ترميم اإقامة املساجد واإلنفاق عليها وعلى من يقيم ويعمل فيها، ولنا يف مآثر السلطان نور الدين حممود زنكي السلجوقي مثال يف حكام ذلك العصر يف هذا املضمار،

ا القرآن فقد ذكر أنه بىن يف بالده مساجد كثرية، ووقف عليها وعلى من يقرأ أوقافا كثرية وجليلة، إذ يروي العماد األصفهاين أن نور الدين حممود زنكي أمر بإحصاء ما يف حمالت دمشق من مساجد ه جرت أو خربت، فزاد على مائة

. )4( مسجد، فأمر بعمارة ذلك مجيعه وعني له أوقافا دارة أوقاف الكتب والمكتبات: -ج

من األمور البديهة أن املدارس واملساجد البد هلا من كتب علمية واليت ا يصعب توفرها إال بالدعم املتواصل وختصيص أماكن حمددة حلفظها والعناية

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

290

ا، ولذلك فإن مهمة الوقف ال تقف عند إنشاء املدارس وتعيني من يقوم بإداردها بأمهات الكتب، وقد واملساجد، بل أهتم الواقفون بإنشاء املكتبات وتزوي

انتشرت خزائن الكتب واملكتبات الوقفية واليت تعد من أهم مراكز العلم والنهوض العلمي، فنجد أمثلة لذلك يف العديد من مدن اإلسالم ففي كرخ بغداد خزانة

ا عشرة آالف وأربعمائة جملد 451الكتب اليت وقفها الوزير أردشري سنة هـ وكان منها: مائة مصحف خبطوط بين مقلة،مل يكن يف الدنيا أحسن من أصناف العلوم

. ا منها، كانت كلها خبطوط األئمةكتب. ويف البصرة خزانة كتب وقفها القاضي أبو الفرج )1(املعتربة، وأصوهلم احملررة

، ودار الكتب اليت وقفها الوزير أبو منصور بن شاه فردان، وكان )2(بن أيب البقاء، ووجدت يف مدرسة أبو حممد عبداهللا البادرائي املسماة )3(ا نفائس الكتب

ا رجال العلم، وتعددت )4(باملدرسة البادرائية يف دمشق خزانة كتب نافعة ، أنتفع مكتبات األوقاف يف املدارس واملساجد ومراكز تعليمية أخرى، وراجت منذ القرن

ميكن القول بأنه قلما اخلامس وحتديدا منذ بداية عصر السالجقة األتراك، حبيث ختلو مدينة من كتب موقوفة، ففي بغداد اليت قيل أن مدارسها جتاوزت الثالثني لك كانت لكل واحدة

مدرسة ومعهدا علميا يف عهد الوزير السلجوقي نظام امل

لدات والكتب النفيسة املوقوفة يف كل فن، ومكتبة املدرسة مكتبة غنية بالذلك واليت تعترب من أوائل املدارس يف العامل اإلسالمي النظامية تعد أمنوذجا

وأشهر وأقدم مدرسة قائمة يف بغداد اليت ازدمحت فيها خزائن الكتب املوقوفة، . )5(وحوانيت الوراقني، ودكاكني الكتب واملكتبات

وكانت األوقاف املصدر األساسي الذي ينفق منه على املكتبات العامة وما يلزمها، ويشمل ذلك ترميم البناء، وتزويد املكتبة وخاصة مكتبات املساجد

؛ وتعترب مكتبات املساجد هي )6(بالكتب ودفع املرتبات للموظفني القائمني عليهاالنواة اليت قامت على أساسها كل أنواع املكتبات األخرى، فقد كان من عادة

لطالب العلماء أن يوقفوا كتبهم على املساجد ليضمنوا حفظها وإتاحتها لعصر السالجقة (، وملا انتشرت مكتبات الوقف يف العصر املبحوث)7(الدارسنيشغف العلماء إىل تعلم العلوم وتعليمها وأحبروا فيها، وكان العامل منهم )األتراك

يتقن وجيمع أكثر من علم، وأرتبط ظهور املكتبات العامة رغم خصوصيتها يف

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

291

أي حبس الكتب على كتب معينة أو بداية األمر وانتشارها مببدأ وقف الكتب. وقد تنوع )8( طائفة معينة من القراء، وال جيوز التصرف فيها حبال من األحوال

الوقف على الكتب فشمل مكتبات بأكملها، ووقف الكتب على املدارس، وقد نقل يف وصف الوزير نظام امللك: " ومىت وجد يف بلد م ن متيز وتبحر يف العلم

، ونرى املقرىء النحوي )9( ووقف عليها وقفا وجعل فيها دار كتب"بىن له مدرسة، ببغداد، يوقف كتبه على )هـ572ت:(ابن عساكر واملعروف بالبطائحي الضرير

، وقاضي د جيل أبوبكر )10(مدرسة الشيخ عبدالقادر اجليالين أو الكيالين ا الناس)هـ489ت:(الرطيب ، كذلك )11(،وهو شافعي املذهب يوقف كتبة فأنتفع

جند إشارة عند ابن األثري إىل أن مسجد ع قبل يف نيسابور والذي كان جممعا ألهل العلم، وجدت فيه خزائن الكتب املوقوفة، وكان من أعظم منافع

، ومشلت كتب الوقف املشايف واملراصد، فيذكر أن نور الدين حممود )12(نيسابور .يف دمشق مجلة من الكتبزنكي السلجوقي أوقف على البيمارستان النوري

الطبية، بل كانت يف املستشفى النوري نفسه خزانتان من الكتب أكثرها يف , وعمت كتب الوقف أيضا الر بط واخلانقاهات، كما كان هناك )1(العلوم الطبية

نوع يتمثل يف وقف كتب عامل بعد وفاته على أهل العلم وعلى ورثته، واهتم خل مادي ثابت لصيانتها وترميمها، والصرف على واقفوا املكتبات بتوفري د

ا، كما أن بعضهم عني ريعا يصرف منه يف إمناء الكتب عرب السنني العاملني )2( ،عبداهللا بن أمحد بن (ومن األمثلة على وقف الكتب يف األربطة: رباط املروزي

ذلك ، وك)3(، فقد وقف كتب كثرية يف هذه الرباط)هـ539حممد بن عبداهللا، ت:السيدة زمرد خاتون أم اخلليفة الناصر لدين اهللا أوقفت الوقوف على مكتبة الربط املأمونية، وكذا أوقفت زوجة الناصر مكتبة ضخمة أخرى يف رباط أنشأته

اهدين . وقد توافرت يف عصر السالجقة األتراك عوامل )4(ألصحاب الفتوة وا عديدة أدت إىل ازدهار املكتبات، وج ل هذه ا لعوامل أرتبط بعملية الوقف، كبذل

السالطني واألمراء ونسائهم، وحب العلماء، وحب العلم واملعرفة، وسعي طلبة ا من املكتبات املوقوفة أو بشرائها ، العلم القتناء الكتب بنسخها أو استعار

: ولقد طالعت أكثر من -رمحه اهللا تعاىل- ي ستخلص ذلك من قول ابن اجلوزيد من الكتب املوقوفة يف املدرسة النظامية وأنا بعد يف طلب عشرين ألف جمل

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

292

حظي باملنزلة )مصدر املعرفة(، ولذلك كله يتبني جبالء تام أن الكتاب )5(العلمم وميوهلم الفكرية، وأسهمت الكتب الراقية يف قلوب أهل العلم مبختلف مشار

ة خصوصا ممن غلب واملكتبات يف تعزيز املعرفة، ويف النهضة العلمية والثقافي عليهم شحت اإلمكانات املالية.

أوقاف الخوانق والربط والزوايا: -د اخلوانق أو اخلانقاهات مجع خانقاه، وتكتب أحيانا "حانكاه" وهي كلمة فارسية معربة يف اإلسالم على ما ذكر املقريزي يف حدود األربعمائة من سين

. أي أن وجودها صاحب بداية ظهور السالجقة األتراك على املسرح )6(اهلجرة . )اخلوانق(السياسي والذين كان هلم الدور األكرب يف بروز ووجود هذه الظاهرة

وتعد اخلوانق من املؤسسات العلمية الدينية فهي دور عبادة وعلم، حبيث مع دور التعليم تقوم بأدوار دينية وثقافية واجتماعية وكانت دور تعليم شاركت

األخرى يف تقدمي خدمات جليلة للتعليم عرب العصور، وتقوم بتدريس العلوم الشرعية، كما يدرس فيها التصوف علما ، وميارس سلوكا ، وهي أيضا من اخلدمات اليت تكفل الوقف بتوفريها عنايته بأفراد آثروا اخللوة واالنقطاع للتعبد

ياة، وآخرين حرمهم الفقر والعجز عن جماراة وطلب العلم بعيدا عن مشاغل احلغريهم يف العيش عن طريق ختصيص دور إليوائهم وإقامتهم، وهي اليت عرفت يف احلضارة اإلسالمية باخلوانق، والر ب ط، والزوايا، واليت وقف عليها األوقاف الكافية ة لتوفري أسباب الراحة والعيش لساكنيها، وقد كان حممد بن احلسني بن محز

.)7( ي كثر من بناء اخلانقاهات )هـ463ت: (اجلعفريوقد اهتم السالطني وأمراؤهم ونسائهم وبعض علمائهم وأغنيائهم ذه املنشآت يف العصر السلجوقي، فشيدوا منها الكثري وحبسوا وحواشيهم ا مبا يقوم خبدمتهم. عليها األوقاف الغنية والدار ة للصرف عليها وعلى الساكنني

هرت يف بالد الشام يف العهد السلجوقي وخصوصا يف عهد السلطان واشتنور الدين حممود زنكي السلجوقي خوانق عديدة يف كل من دمشق وحلب،

ا ا )يعين الشام(وغريها من املدن، وكانت مثار إعجاب الرحالة واملارين وقد مر بقوله: "... ومن الرحالة األندلسي ابن جبري، وأعجب مبا شاهده فيها، ووصفها

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

293

أعظم ما شاهدناه هلم {يعين الصوفية} موضع يعرف بالقصر، وهو صرح عظيم مستقل يف اهلواء يف أعاله مسكن مل ير أمجل إشراقا منها، وهو من البلد {يعين دمشق} بنصف امليل له بستان عظيم يتصل به... وقد وقفه نور الدين برسم

.)1( الصوفية مؤبدا هلم"من النساء من كانت تبين تلك املراكز وتوقف األوقاف عليها، كذلك جند

ومثال ذلك عصمت الدين خاتون بنت معني الدين أ نر اليت بنت خانقاه للصوفية يف ظاهر باب النصر بدمشق، ووقفت عليها وعلى الرتب األخرى أوقافا

. )2(كثرية، وكانت كثرية البذل والسخاء على طلبة العلم والفقراء الر ب ط، فهي مجع رباط، وهي يف األصل اسم للمكان الذي يرابط فيه أما

اهدة العدو، وحراسة ثغور الدولة اإلسالمية، مث استعري االسم لألماكن اجلنود ، وتعترب )3(اليت يتخذها املتصوفة والزهاد لالنقطاع فيها للعبادة، وجماهدة النفس

أيضا مأوى للفقراء وعابري مراكز علمية سامهت يف النهوض الفكري، وهيالسبيل، فهي تتشابه مع اخلوانق يف الوظائف، وإن كانت هناك بعض ما إذ يبدو أن اخلوانق االختالفات الشكلية يف إمكانيات كل منهما، ويف جتهيزا ا كانت تتسع ألعداد أكثر من الر ب ط كانت أكرب مساحة وأكثر أوقافا ، وأ

طول من اإلقامة بالربط.باعتبارها معدة إلقامة أ وقد انتشرت الربط انتشارا واسعا يف مناطق متفرقة من العامل اإلسالمي يف كل من بالد الشام والعراق وغريها، واشتهرت تلك الربط بتقدمي خدمات

اجتماعية وتعليمية رائدة ومن هذه الربط على سبيل املثال:ر رباط احلرمي الطاهري، أنشأه اخلليفة الناصر لدين اهللا غريب بغداد على

دجلة، يقول عنه ابن األثري:" هو من أحسن الر بط، ونقل إليه{يعين اخلليفة} كتبا ، ورباط الزوزين مقابل جامع املنصور ببغداد، ي نسب )4(كثرية من أحسن الكتب"

، ورباط شيخ الشيوخ )5( إىل علي بن حممود بن إبراهيم الزوزين امللقب بالع شاري ببغداد ي نسب إىل أبو سعد أمحد بن حممد بن دوست النيسابوري، وهو الذي توىل بناء الرباط، وبىن وقوفه، وبىن وقوف املدرسة النظامية أيضا ، وهو الرباط

، ورباط أبو احلسن البسطامي )6(هـ469الذي درس به أبو نصر القشريي سنة

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

294

ر دجلة غريب بغداد، بناه أبو ، وهو رباط مش)هـ493ت:(الصويف هور على ،وربـاط األرج ـونية املنسوب إىل )7( الغنائم بن احمللبان فن سب إىل مدرسه البسطامي

ذه الربـاط أبو الفتوح بن والدة اخلليفة املقتدي باهللا، وقد درس ، ورباط أبو احلسن حممد بن املظفر بن علي بن )1(هـ517األسفراييين سنة

سلمة امل ، حيث كان دارا للشخص نفسه وأوقفه رباطا للصوفية يف )هـ542ت:(

، ورباط قصر حرب باملوصل الذي كان مقصدا لطالب العلم واألدب يف )2(بغداد العصر السلجوقي وحتديدا يف عصر السلطان نور الدين، إذ عكف فيه الطلبة

فق عليهم مبا وق ف على أبناء األثري يدرسون وحيققون، وهم مكفولون يف الرباط ين . )3(عليه من أوقاف

ي نسب إىل عبداهللا بن أمحد بن )هـ539ت:(ويف مدينة مرو رباط املروزي حممد بن عبداهللا بن محدويه أبو املعايل املروزي، وقد وقف يف هذا الرباط كتبا

كثرية، والرجل ع رف بأنه كان كثري الصدقة والعبادة )4( . يت اشتهرت بسكىن الفقراء وأهل العلم يف املدينة ومن هذه الر ب ط أيضا ، ال

)م1164(هـ 559املنورة رباط أقامه الوزير مجال الدين األصفهاين املتوىف سنة خصصه للفقراء والزائرين، ووق ف عليه األوقاف املناسبة للصرف عليه وعلى من

ذا ، ويف ه)5(به،وبىن الربط يف أغلب األماكن وقصده الناس من أقطار األرض يظهر أن التأثريات السلجوقية انتقلت إىل مدن وحواضر إسالمية عديدة.

ا زاوية وهي ركن الدار، مث أصبحت تطلق على أما الزوايا فواحد الدار الصغرية اليت تتسع ألشخاص قليلني ينقطعون يف الغالب للعبادة وهي أصغر

إلقامة بعض الصوفية والفقراء من الرباط، ورمبا كانت جزءا منها حيث كانت تعد .)6(واأليتام وغريهم

وقد انتشرت الزوايا مع انتشار التصوف واتساع نطاقه، وخاص ة يف عصر وغريها فاملؤسسات الثالث: اخلوانق، )7(السالجقة يف كل من العراق والشام

والربط، والزوايا تتشابه يف معانيها ووظائفها حىت أن األمر قد اختلط على كثري ممن كتب عنها ومل يستطيعوا التفرقة بني مدلول كل واحدة منها لدرجة جعلت

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

295

ا املقريزي وهو يعرف كل نوع يف موضعـه، مل يباعد عن معىن واحد، وهو أ .)8( كانت مجيعا بيت الصوفية ومنزهلم

ا، ورتبت وقد زودت كل من اخلوانق والربط والزوايا مبا حيتاجه املقيمون ك الكثري من الوظائف، حىت أنه وق فت بداخل هذه الدور جمموعات من أجل ذل

.)9(من الكتب اليت شكلت مكتبات جامعة يرجع إليها الطلبة عند احلاجةوينطبق حال األوقاف يف املدرس واملساجد على مدارس الصوفية املنعوتة

احلركة العلمية يف سلفا ، فكان أثر األوقاف فيها كبريا وحصتها منه وفرية، إذ تدين زوايا وربط وخوانق اجلوامع السلجوقية يف استمرارها إىل األوقاف، حيث كان

. )10(لكل زاوية وقف يصرف منه على مشاغلها أوقاف البيمارستانات: -هـ

تعترب البيمارستانات مراكز علمية سامهت يف النهوض العلمي يف جمال وقاف برزت املدارس الطبية، فلم الطب والتطبيب والصيدلة وغريها، فبفضل األ

يقتصر أثر الوقف يف الرعاية الصحية عند معاجلة املرضى، بل تعداه إىل النهوض بعلم الطب وتعليمه، سواء يف داخل البيمارستانات حيث يرتبط التدريس النظري بالعملي، أم يف مدارس متخصصة أنشئت لغرض تعليم الطب يف كثري من

هو مامسي يف احلضارة اإلسالمية باملدارس الطبية احلواضر اإلسالمية، و ، تلك املدارس اليت مل ختتلف عن غريها من املدارس يف نظمها )1(املتخصصة

ا، حيث كانت تلك املدارس تسمى يف أغلب األحيان باسم واألوقاف اخلاصة منشئها أو واقفها، وقلما ع رفت باسم مدرسها أو جهة وجودها، وكان منشئوها

وا عليها من األوقاف ما يكفي للصرف عليها وصيانتها ولإلنفاق على يوقفمدرسيها وطلبتها ومستخدميها،كما كان حيدد يف حجة الوقف عدد من م، فمثال : أشرتط الواقف ذه الصناعة من املدرسني والطالب وصفا يشتغلون

ا عشرة من ال طالب إليوان الطب يف املدرسة املستنصرية ببغداد أن يكون ، ومل يكن العصر السلجوقي ليعدم من )2(املسلمني يدرسهم طبيب حاذق مسلمم رواد هذه احلركة ومطوروها، )السالجقة(هذه الظاهرة الصحية العلمية، بل أ

ولنا يف البيمارستان النوري بدمشق أكرب مثل على ذلك وصاحبه نور الدين

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

296

فقد أهتم هذا الرجل بشئون ذات الساللة السلجوقية األصلية، )هـ569ت:(زنكياملرضى وختصيص دور العالج هلم، فقام ببناء البيمارستانات يف أكثر من مكان، وكان أعظمها الذي يف دمشق كما يذكر ابن األثري بقوله:" فإنه عظيم كثري اخلرج، بلغين أنه مل جيعله وقفا على الفقراء فحسب، بل على كافة املسلمني من

ان قد أنشأه يف دمشق ضمن حركته النشطة يف بناء املدارس ، وك)3(غين وفقري"واملرافق العامة يف كافة أرجاء مملكته، وقد وقف عليه مجلة من الكتب الطبية،

، ومل يقتصر األمر عند هذا احلد فقد )4(وكان اخلرستانني اللذين يف صدر الديوانطب وأصحابه، أوىل ذووا اجلاه والسلطان يف العصر السلجوقي اهتمامهم بال

فالوزير أمحد امللقب بعزيز الدين األصفهاين أحد أبناء صاحب كتاب خريدة القصر أنشأ بيمارستانا يف املعسكر السلطاين، وزوده باألدوات واألطباء واخلدم، وقد كان هذا الرجل تقيا كثري الصدقات واملربات، فقد بىن مبحلة العتابني ببغداد

ه وقوفا دارة، وكان كثري االهتمام بالعلم واألدب فبىن دار مكتبا لأليتام ووقف عليهـ 614، كذلك أنشأ كيكارس السلجوقي ابن أرسالن سنة)5(كتب بأصبهان

مستشفى املدرسة النظامية يف سيواس من بالد الروم، ومن هذا يفهم أن دور ية األوقاف مل يقتصر على ناحية معينة، بل مشلت نواحي احلياة املختلفة الدين

واملدنية والعسكرية واألخرية كانت مركز لتعليم الفنون والعلوم العسكرية، وهلذا أنشئت هلا البيمارستانات وأوقفت هلا األوقاف.

نظام التموين الوقفي ودوره في تشجيع العلماء والمتعلمين: -2 مما الريب فيه أن ظاهرة كثرة املراكز العلمية يف عصر السالجقة األتراك ملتكن قائمة وفق إطار سياسة تعليمية مرسومة من الدولة أو السالطني، بل كانت الدوافع الدينية والسياسية هي السبب األهم أو الرئيس يف إقامة تلك املراكز، وهذا ما أعطى األوقاف أمهية خاصة بالنسبة للتعليم، فاألوقاف هي اليت ثبتت

ها، وكان الريع الذي تقدمه األعيان أركان املراكز العلمية مجيعها، ودعمت نظام املوقوفة على املراكز املعنية شهريا أو سنويا ، نقدا أم عينا ، هو الضمان الستمرار العمل يف املركز، حيث كانت تدفع منه مرتبات موظفي املركز التعليمي وطلبته

. )1(حبسب شروط الواقف

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

297

وكان ذلك سبب لقد توزعت األوقاف الكثرية على مراكز ذلك العصر، ، وابن جبري يف صدد حديثه عن )2(توجه املدرسني إليها، وإقبال طلبة العلم عليها

ا ال األوقاف املخصصة للعلم يذكر املساجد الشرقية والغربية يف بغداد مثال بأ يأخذها التقدير فضال عن اإلحصاء وكانت املساجد، كما يقول ابن جبري، ،

ة العلم الذين كانوا يفدون إىل املساجد هلذا الغرض، مكانا لتعليم القرآن لطلبا يف مقابل تدريس وكان هلؤالء التالميذ، وملقرئيهم مرتبات خاصة يستحقو

. )3(القرآن ودراستهإن وجود أوقاف سخية اإليرادات وإدارة جيدة وسلطة سياسية مهتمة متثل

ا، فقد العامل األهم يف دميومة عمل املراكز العلمية واستمراره ا يف تقدمي خدماأشري إىل أن مثن األوقاف اليت أوقفها الوزير نظام امللك السلجوقي على مدارسه

دينار لكل مدرسة، لذلك 75,000دينار، أي حنو 600,000التسع كان استمرت معظم هذه املدارس إن مل يكن مجيعها أكثر من ثالثة قرون بعد وفاة

؛ ومل يدخر السالجقة األتراك )4(امية بغداد صاحبها نظام امللك وخصوصا نظاليت تساعد شبكة املدارس واملراكز العلمية جهدا يف توفري اإلمكانات املادية

النهوض برسالتها على أكمل وجه، ولذا نراهم ينفقون عليها األخرى علىالواسعة، فيذكر ابن اجلوزي أن نظام امللك وقف بسخاء وخيصصون هلا األوقاف

ا، وأنه فرض لكل رسته ببغداد ضياعا وأمالكا ،على مد وسوقا ب نيت على باا قسطا من الوقف، وأجرى أربعة أرطال خبز )الطالب(للمتفقهة مدرس وعامل

ا وقيمة أوقافها بعشرة يوميا لكل واحد منهم، أما مدرسة أصفهان فقدرت نفقااهتم نظام امللك عظيمة، وقدنيسابور أوقاف آالف دينار سنويا ، وكان لنظامية

.أما الريع الذي كانت تنتجه )5(املدارس بتوفري السكن للطالب داخل هذهدينار يف العام 15000األوقاف املخصصة لنظامية بغداد، فقد ورد أنه كان

،وقد كان ذلك الريع كافيا ملرتبات الشيوخ وملا يدفع للطلبة، وكان يشمل )6(الواحدبسهم وفرشهم، وغري ذلك من ضرورات معاشهم حىت نبغ مؤونة طعامهم ومال

. )7( فيها مجع من الفقهاء األفاضل ممن ال حيصون عددا

الروايات التارخيية أن بعض طلبة العلم يف النظامية كانت هلم وتشري بعض ا، ت: ( وي دعى يعقوب اخلطاط غرف خاصة، إذ روي أن واحدا من طال

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

298

الرتكات، وختم على غرفته يف توىف حضر متويل كانت له غرفة، فعندما)ه 547امللك على توفري احلياة املعيشية الكرمية لطالب ،كما حرص نظام)1(املدرسة

يئة املناخ العلمي الذي يساعدهم على الدراسة والبحث، حيث مدارسه، وأيضا يف كل مدرسة املراجع العلمية داخل هذه املدارس، فكانت اجتهد يف توفري

ا، وكان نظام امللك يتفقد مكتبة تضم أحسن املراجع، يتوىل أمرها قوام على شؤوزار هذه ه 480هـ وقيل 479خاصة نظامية بغداد، ففي سنة هذه املدارس

ا املدرسة وجلس التدريس، فقرأ الفقهاء كتبا ، مث شارك يف يف خزانة كتبها، وقرأ من الطبيعي أن ؛ وكان)2( بعضا منه عليه شيئا من احلديث الشريف، وأملى عليهم

فيها، وتوفري تؤدي كل هذه اجلهود يف تشييد هذه املدارس وتيسري سبل العلما، فأقبل عليها طالب العلم واجلاه احلياة الكرمية بداخلها، إىل رواج سوق العلم

ثالمثائة طالب كانوا يتفقهون على ه488 نظامية بغداد سنة حىت بلغ عددهم يفيدي إمام احلرمني املعروف ام الغزايل، أما نظامية نيسابور فكان جيلس بنياإلم

من األئمة والطلبة. ومل يقتصر يف الواقع 300 كل يوم حنو من )عبدامللك(باجلويين اإلقبال على هذه املدارس النظامية الشافعية على الطالب فقط، بل مشل أيضا

ا حىت وصل األمر ببعضهم إىل الكثري من األساتذة الذين تطلعوا إىل الت دريس أن يضحي يف سبيل هذه الغاية بالتخلي عن مذهبه، ومن هؤالء: أبو الفتح أمحد

كان حنبليا ، فانتقل )ه 518 ت.(بن علي بن برهان الفقيه املعروف بابن احلمامي إىل املذهب الشافعي، وتفقه فيه على يد أيب بكر الشاشي والغزايل فجعله

افعية مدرسا بالنظامية، وكان قد سبقه أبو املبارك امللقب بالوجيه أصحاب الش النحوي احلنفي، ملا شغر كرسي تدريس النحو مل جيد حرجا من أجل الفوز

. أما فيما يتعلق )3(بالكرسي أن ينتقل إىل املذهب الشافعي، وبالفعل حازهحممود يف دمشق باألوقاف على املدرسة النورية الكربى اليت بناها نور الدين

السورية ضمن املدارس األخرى العديدة اليت شيدها، فقد سجلت هذه األوقاف على احلجر الذي يكون العتبة العليا لباب املدرسة، والكتابة املوجودة عليها ا حىت يومنا هذا، ويف هذه الوثيقة، وبعد البسملة، نعرف أن واضحة وميكن قراء

و امللك العادل الزاهد/ نور الدين أبو القاسم الذي أمر ببناء هذه املدرسة ه،ونعرف أنه أوقفها على )ضاعف اهللا ثوابه(حممود بن زنكي بن آق سنقر

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

299

، ووقف عليها، وعلى )رضي اهللا عنه(أصحاب األمام سراج األمة أيب حنيفة ا مجيع احلمام املستجد بسوق القمح، واحلمامني املستجدين الفقهاء واملتفقهة

ة، والوراقة بعوينة احلمى، وجنينة الوزير، والنصف والربع من بستان اجلورة بالوراق باألرزه، واألحد عشر حانوتا خارج باب اجلابية، والساحة املالصقة من الشرق، والتسعة حقول بداريا، على ما نص وشرط يف كتب الوقف رغبة يف األجر

دله بعد ما مسعه فإمنا والثواب، وتقدمه بني يديه يوم احلساب، ويضيف: فمن بإمثه على الذين يبدلونه، إن اهللا مسيع عليم، وذلك يف مدة أخرها شعبان سنة سبع

ومعىن ذلك هو: أن هذه األوقاف تسلم إىل املدرسة النورية .)4(وستني ومخسمائة هـ.567الكربى بدمشق، يف خالل مدة أخرها شهر شعبان سنة

ااحتفظ لنا إن هذه الوثيقة اليت تعترب وثيقة مهمة تبني لنا بوضوح التاريخ األوقاف اليت عينها نور الدين للمدرسة النورية الكربى، وقد ظهر منها أن ريعها

. الوفري كان يكفي لإلنفاق على الطالب واملدرسني إنفاقا سخيا متواصال وميكن لنا أن نعطي مثالني آخرين لنؤكد هذه احلقيقة:

أن نور الدين وقف على املدارس أبو شامه ذكر يف كتابهأن املؤرخ األول : احلنفية والشافعية واملالكية واحلنبلية، وعلى أئمتها ومدرسيها وفقهائها أوقافا

.)1(كافيةمن مناقب نور الدين حممود زنكي أنه عني ذكر أبن جبري إن الثاني:

بة الذين كانوا يلحقون بزاوية املالكية باملسجد اجلامع أوقافا كثرية، منها: للمغار طاحونتان، وسبعة بساتني، وأرض بيضاء، ومحام، ودكانان بالعطارين، وجعل

، وهذا يعين أن األوقاف السخية )2( أحد هؤالء املغاربة مشرفا على هذه األوقافساجد واملراكز العلمية األخرى، مما مل تقتصر على املدارس وإمنا مشلت أيضا امل

دفع برجال العلم من العلماء واملتعلمني إىل ارتياد هذه الصروح العلمية اليت تألقت اء ومجالية، ورجل كنور الدين خر جته يف عصر السالجقة األتراك وازدادت مدرسة اإلسالم الرحيبة الشاملة ال ميكن إال أن يرى يف العمل والتزيني يف

ضمون والشكل يف الوقائع واجلماليات وجهني لعملة واحدة، فقد أوقف بستان املامليدان والغيضة اليت تليه يف دمشق لتطييب جوامع دمشق ومدارسها لكي يظل ذه املسألة هواؤها معبقا بالروائح الطيبة والشذى العبق، وكان على اهتمام كبري

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

300

حبيث إنه حد د مصارف وقفه املذكور: نصفه عل ى تطييب جامع دمشق، والنصف اآلخر يقسم عشرة أجزاء، جزآن على تطييب املدرسة اليت أنشأها للحنفية والثمانية أجزاء األخرى على تطييب املساجد التسعة يف دمشق وأطرافها.

، من مدينة أفاحية، مذحبا من )3(وجلب للمدرسة احلالوية اليت بناها يف حلب ذا وضع حتته ضوء شف من وراء الرخام، وملا دخل الرخام امللكي الشفاف الذي إ

ا دارا عامة يف غاية احلسن مساها دار املسر ة .549قلعة دمشق سنة هـ أنشأ وال شك أن كثرة األوقاف على املدارس واملراكز العلمية األخرى، والسيما يف عصور االزدهار املادي للحضارة اإلسالمية، وأخص هنا عصر السالجقة األتراك، أسهم يف حتقيق جمانية التعليم حيث مل يكن ممكنا تفرغ األساتذة

ومل يقتصر ،)4(واملعلمني والعلماء للتعليم لو مل تؤمن معيشتهم على وجه يكفيهممورد هذه املراكز على األوقاف الكثرية اليت كانت ختصص هلا، بل كان للعلماء

. كما )5(تصرف هلم من خزانة الدولة إقطاعات خاصة مينحها هلم األمراء ومرتباتأن من مظاهر اهتمام اهليئة احلاكمة السلجوقية بالنشاط العلمي ما نقرؤه من أن السالطني أنفسهم كانوا يهتمون باألخذ بنصيب من الثقافة بالقدر الذي متكنهم منه ظروفهم، فقد روي عن الواعظ املغريب أبو القاسم البكري أنه ورد بغداد سنة

هـ فقصد الوزير نظام امللك، فأحبه ومال إليه، فأجرى عليه اجلراية الوافرة، 475، وعندما مسع نظام امللك من أبا بكر حممد بن ثابت )6(فوعظ باملدرسة النظامية

اخلجندي وهو يعظ يف مدينة مرو، وعرف حمله من الفقه والعلم، محله إىل ا، فنال جاها عريضا ودنيا واسعة، وكان نظام أصبهان، وصار مدرسا مبدرسته

، ومن حب السالجقة للعلماء وتشجيعهم أن نظام )7(امللك يرتدد إليه ويزوره امللك قصد

القاضي أبو احلسني حممد بن حممد بن البيضاوي، الفقيه الشافعي، وكان رجال عابدا خريا ي د رس الفقه، فأستمع نظام امللك لوعظه حىت بكى ، ويف ضوء )1(

ميكن القول أنه كان ي وجد اهتمام كبري بالعلم والعلماء خالل فرتة ازدهار هذا الدولة السلجوقية يف عهدي ألب أرسالن والسلطان ملكشاه، حيث كان الوزير نظام امللك ي عمل يف الدولة خالل حكمهما والذي قام جبهود كبرية لدعم العلم

اء يف مجيع أحناء الدولة واألدب، وقد أعطى نظام امللك رواتب منتظمة للعلم

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

301

عامل 12,000 لتشجيعهم على عملهم، وقد بلغ عدد من ي صرف هلم املال م. واهتم أيضا وأديب، كما اهتم مبجالسة أهل العلم فكانت جمالسه تعج بإنشاء املدارس النظامية، فأسس العديد منها خالل عهد ألب أرسالن يف أحناء

إىل نيسابور وهراة، وأسس املكتبات أيضا العراق وفارس من بغداد والبصرة ومألها بكتب من خمتلف جماالت العلم. حىت أن ابن اجلوزي قال عنه أنه:

، وقيل عن )2("كانت سوق العلم يف أيامه قائمة والعلماء يف عهده مرفوعي اهلامة"السلطان أخو سليمان شاه السلجوقي، أنه كان قد حضر وعظ العبادي رسول

هـ، وكان 542ر السلجوقي إىل اخلليفة وذلك يف بغداد سنة السلطان سنج السلطان سنجر أيضا يزور الفقيه عبدالرمحن بن عبدالصمد بن أمحد بن علي

، وقد كان زاهدا عابدا ، فقيها ، مناظرا ، فكان سنجر يزوره )هـ550ت: (النيسابوريرام شاه مقربا للعلماء )هـ556ت:(ويتربك بدعائه؛ وكان السلطان خسرو شاه بن

. كما قيل عن أتابك عز الدين مسعود بن مودود )3( حمسنا إليهم راجعا إىل قوهلمالسلجوقي أنه كان كثري اخلري واإلحسان والصلة واإلكرام للشيوخ، وكان يرجع إىل

م ويشفعهم، ، كذلك فأن قسيم الدولة آقسنقر )4(قوهلم، ويزور الصاحلني ويقر الربسقي ع رف بأنه ك ان مملوكا تركيا خريا ، حيب أهل العلم والصاحلني، وأيضا

الوزير جالل الدين أبو علي بن صدقة أنه كان حمبا ألهل العلم، مكرما هلم، ومن حب السالجقة للعلم وأهله جند أن األمري حممد بن باغي سيان قد بىن بإقطاعه

ذلك احلب للعلم ، على أن من أبلغ األمثلة على)5(يف أذربيجان عدة مدارسوالعلماء، ما قام به نظام امللك حني بىن مدرسة نظامية يف املوصل بالقرب من اجلامع النوري، بناها للقاضي أيب بكر بن حممد بن أيب علي احلسن اخلاندي املعروف بالسديد، وأوقف عليها الكثري من األوقاف اليت توازي أوقاف نظامية

اء الدولة )أرسالن( .أما البساسريي وامسه)6(بغداد وهو مملوك تركي من مماليك سن إىل الناس وجيري اجلرايات على املتفقهة نراه حي ، وباجلملة فإن السالجقة )7(

بشيء من الرتكيز والعناية لبالغ أمهيتها، )املراكز العلمية(خصوا اجلوانب التعليميةوليس لنا إجياز عن ذلك بأكثر مما قال ابن األثري عنهم وعلى وجه التحديد عن نور الدين حممود السلجوقي أنه: بىن املدارس الكثرية للحنفية والشافعية، وبىن

انكاة اجلامع النوري باملوصل، وبىن البيمارستانات واخلانات يف الطرق، وبىن اخل

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

302

للصوفية يف مجيع البالد، ووقف على اجلميع الوقوف الكثرية، ويقول أبن األثري: "مسعت أن حاصل وقفه كل شهر تسعة آالف دينار صوري. وكان يكرم العلماء وأهل الدين ويعظهم ويعطيهم ويقوم إليهم وجيلسهم معه، وينبسط معهم، وال يرد

هلم قوال ، ويكاتبهم خبط يده، وكان وقور ا مهيبا مع تواضعه، وباجلملة فحسناته . )8(كثرية ومناقبه غزيرة ال حيتملها هذا الكتاب"

دور الوقفيات في ظهور المدارس والمراكز العلمية في عصر -1 السالجقة األتراك:

ال ميكن إغفال الدور الذي سامهت به الوقفيات السلجوقية يف إثراء احلركة ر اإلسالم، فقد وفرة الوظائف املنتظمة للعاملني على العلمية والثقافية يف ديا

صيانة ورعاية املراكز العلمية املوقوفة واملوقوف عليها، ووفرت كتب العلم ومصادر التعلم، وساعدة يف حفظ مصادر املعلومات من الضياع للمساعدة يف نشر العلوم

، وحفظها، بني األجيال القادمة، وتوفري مصادر املعرفة املختلفة، ومجعهاوتصنيفها، وترتيبها، واملساعدة يف نشر األخالق الفاضلة، وترسيخها بني أفراد

تمع، وتقوية الروابط اإلنسانية، وتقوية الروابط بني العلماء. ا لقد أدت أروقة املساجد واجلوامع دورا بناء يف احلركة التعليمية قبل ظهور

ا املؤسسة )1(املدارس ، فضال عن كو ، )2(األوىل يف الدولة اإلسالمية كانت دار علم ومركز للحلقات العلمية واألدبية يلتقي بني أروقتها املعلمون واملتعلمون ليتدارسوا

ا م الدينية وأركا ، وقد كان للمساجد واجلوامع أثر عميق يف )3(أصول عقيديف ميادين إجناب جمموعات متعددة وأعداد كثرية من األجيال العلمية اليت برزت

خمتلفة من العلوم، وهلذا أوقف اخللفاء واألمراء والتجار واحملسنون الكثري من األوقاف على املساجد خلدمة طلبة العلم الذين يرتددون إىل هذه احللقة العلمية

. فظهرت من جراء ذلك عديد املدارس املختلفة اليت ضربت أمسها )4(أو تلكريخ وليس أدلنا على ذلك من املدارس وجبلت أثرها يف أنصع صفحات التا

النظامية اليت أنشأها نظام امللك الذي يقول عنه السبكي:" أنه بىن مدرسة راة، ومدرسة بأصفهان، ببغداد، ومدرسة ببلخ، ومدرسة بنيسابور، ومدرسة

،)5(ومدرسة بالبصرة، ومدرسة مبرو، ومدرسة بآمل طربستان، ومدرسة باملوصل"ويقول الذهيب عنه:" ...، جملسه عامر بالقراء والفقهاء، أنشأ املدرسة الكربى

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

303

ببغداد وأخرى بنيسابور، وأخرى بطوس، ورغب يف العلم وأدر على الطلبة . )6(الصالت، وأملى احلديث، ..، وبىن الوقوف، وجذب الكبار إىل جانبه.."

ور الدين زنكي لقد بذل السالجقة وعلى رأسهم الوزير نظام امللك ون جهودا مضنية للنهوض باحلركة العلمية وجتديدها، وذلك عرب شبكة املراكز العلمية اليت أنشئوها يف كل مكان، وكان هلا األثر الكبري يف احلياة العقلية اإلسالمية، ويف التنظيم التعليمي، الذي أسس لنظام تربوي جديد يقوم على أساس التخصص،

لمي للعلماء والطلبة على حد املناسبة للعلم والتحصيل الع وأيضا توفري البيئة . سواء

لقد أعطى ازدهار األوقاف السلجوقية للنواحي العلمية واألدبية فرصة لظهور مدارس ومراكز خمتلفة يف شىت فنون املعرفة، فلمع منها علماء أفذاذ أبدعوا

الية األمهية من وأتقنوا صناعة العلم بكل حمتوياته، وصنفوا كتب مدهشة وعاألعمال العلمية الفنية واألدبية، ومن الشواهد على ذلك اآلثار الباقية لفن عمارة املساجد واملدارس واخلانقاهات والربط وغريها، وكذلك آثار األدب الرتكي

السلجوقي مثل بعض املعاجم اللغوية واحلكايات امللحمية حظة ظهور الناس كمواضيع يف الفن السلجوقي واليت ميكن من خالهلا مال

للوحات واألعمال الفنية، وي عتقد الدارسون حاليا أن ما ول د هذا التطور هو تغري فلسفتهم اإلنسانية اليت تتمثل يف التساؤل حول دور اجلنس البشري يف الكون والرغبة يف احلصول على املعرفة وتطوير نظام أخالقي، ولوال األوقاف ملا ظهر

لعلمي، وملا برزت تلك املراكز وأمهيتها التعليمية بل املعرفية برمتها. ذلك التميز ا التأثيرات العلمية والفكرية للوقفيات السلجوقية: -2

رغم انشغال السلطة احلاكمة السلجوقية بالعامل اخلارجي من خالل مقارعة األعداء والدفاع عن ديار اإلسالم، ويف نفس الوقت إيصال رسالة اإلسالم إىلأقصى ما ميكن إيصاله يف فرتة الفتوحات والتوسعات اإلسالمية، إال أن النظرة العميقة للعلم وأمهيته أوجد رجاال خريين يف العصر السلجوقي قاموا بسد هذا الفراغ عن السلطة احلاكمة، فعنوا باإلكثار من زيادة الوقف على جماالت العلم

ز العلم واملعرفة وجمالس العلماء يف كل املختلفة، األمر الذي ساهم يف نشر مراك

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

304

مكان واليت كان حيضرها كبار العلماء ويقيمون فيها املناظرات، ومن أمثلة ذلك: دار سابور الذي قصده وأقام فيه الفيلسوف والشاعر أبو العالء

الس ميدانا لتنافس العلماء، ووسيلة هلم )1()هـ499ت:(املعري ، وكانت تلك االعامة أو العمل كمؤدبني ألبناء اخلليفة، كما ساعدت املراكز لشغل املناصب

الوقفية على تقدم احلركة العلمية واتساع خطاها، وكذلك قدمت خدمات كبرية م مبصادر املعرفة الالزمة ألحباثهم. للباحثني وزود

لقد كان للوقفيات يف العصر السلجوقي أثر واضح يف ازدهار احلركة العلمية بدءا بإنشاء نظام امللك للمدارس واملساجد واملكتبات ومرورا باملراكز والثقافية

العلمية العديدة اليت شيدت يف مدن اإلسالم املختلفة، ومن خالل مطالعة تاريخ املراكز الوقفية يف مدن اإلسالم يف العصر السلجوقي، يتضح فضل األوقاف يف

قة الذي دام ما يقارب القرن من ازدهار احلياة الفكرية، ورغم انتهاء عصر السالجالزمان، إال أن تأثريات ذلك العصر أحدث هزة عنيفة يف مسلمات احلياة العلمية اليت كانت بعضها تعدو مقيتة وهدامة، فأنعشوا احلياة العلمية حينها بسيل جارف من األفكار النرية اليت صححت املفاهيم املغلوطة لدى بعض الفرق والطوائف

كانت سياسية أم دينية، واستمر سريان ذلك إىل ما بعد عصرهم واألحزاب أ بقرون طوال.

وترك الوقف العلمي آثارا جليلة على احلركة العلمية بشىت أنواعها، وعلى احلياة االجتماعية ملن أرتاد احلياة العلمية بال استثناء، وترك آثارا سلبية من خالل

نا يف هذا املقام أن نربز أهم التأثريات ، وعلى ضوء ذلك ميكن ل)2(سوء استخدامه العلمية والفكرية ملراكز األوقاف السلجوقية دون اخلوض يف تفاصيلها:

مساجد، مدارس، (سامهت األوقاف يف نشوء وإبراز املراكز العلمية -1وغريها، وتأمني الظروف املناسبة للمتعلمني والعلماء )مكتبات، ربط

لتلك املراكز من خالل تقدميها الغذاء، واستمرار أداء الرسالة العلميةيئة املناخ للتفرغ العلمي، والسكن، والعالج جلميع مرتاديها، وبالتايل

، واملدارس النظامية يف املدن املختلفة، وكذا مدارس نور )3(وجمانية التعليم الدين زنكي خري مثال على ذلك.

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

305

ط احلركة العلمية، أن الوقف العلمي من أهم العوامل واألسباب يف تنشي -2 ونشر التعليم، واالرتقــاء باملستوى

الثقايف ومكافحة األمية، وبناء احلضارة اإلنسانية اإلسالمية، وقد ترىب يف أحضان املراكز العلمية املوقوفة واملوقوف عليها الكثري من الفقهاء واملفكرين

وقاف عونا هلم والعلماء واألدباء والدعاة واملصلحني االجتماعيني، فكانت األ ومددا يف وقت عز فيه املــال عندهم، ويف ظروف عصيبة من التـاريخ كثرت فيه

الفنتا العامل اإلسالمي، فقد ظهر من مشاهري العلماء يف العصر اليت ميوج السلجوقي والذين لعبت املراكز العلمية املذكورة سابقا وأوقافها دورا فاعال يف

مية واالجتماعية والثقافية عدد كبري جدا فنشري مبثال فقط تكوين شخصيتهم العللبعض الذين درسوا ومارسوا التدريس يف املدرسة النظامية أمثال: اإلمام قطب ا أربع سنوات الدين الشريازي، وهو أول من د رس فيها، واإلمام الغزايل، ودرس

ق الشريازي، وأبو نصر هـ، واإلمام اجلويين، وأبو إسحا488هـ إىل 484مابني سنيت الصباغ، وأبو القاسم الدبوسي،وأبو نصر بن أيب القاسم القشريي، وأبو سعيد النيسابوري، والسهروردي، واإلمام أبوبكر الشاشي، وابن الربهان، وأبو يعقوب اهلمداين، وابن اجلوزي، وأبو الفتوح األسفراييين، وأبو احلسن علي بن حممد

. )1(راسي وغريهمالطربي الشهري بإلكياه أن الوقف العلمي ظل ميثل موردا يدر على املراكز العلمية ومرافقها املال -3

والعطاء املادي الذي كفل استمرارية املركز العلمي لقرون دون توقف، وكان هناك من أصحاب اخلري من يضيف أوقافا إىل األوقاف السابقة

د واردات األوقاف، ، لصاحل مدرسة أو مسجد أو خانقاه أو ربط فتزدابت، أو حتول إىل القراءة و على الرتب واألموات، )الدرس(إىل أن

فصار اجلهل هو الغالب، وجاءت الدول املتحكمة فأخذت األوقاف ال لتعيد إحياء ما أنشىء من أجله، بل لتحوله إىل خزينة الدولة.. وقد

، وإدعاء أستغل الناس هذا الوضع لالستيالء على ما بقي من األوقاف . )2(متلكهم له

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

306

حافظت املراكز الوقفية على العقيدة اإلسالمية الغراء من االجنراف -4 بسيل األفكار اهلدامة العقائدية واملذهبية.

كانت موضوعات املعرفة يف املراكز الوقفية العديدة عامة يف فنون العلم -5 مجيعه.

على التنقل من شجعت املراكز الوقفية طالب العلم وكذا بعض العلماء -6مركز تعليمي إىل آخر ومن مدينة إىل أخرى، بغية احلصول على علم

جديد. جنبت املراكز الوقفية الطلبة والعلماء من التبعية للسالطني واحلكام -7

م، فتعلموا وعلموا وكتبوا حبرية تامة منتقدين كل ما ال ميت وأسر هبا بصلة للعقيدة واخللق القومي لإلنسان املسلم.

لعبت املراكز الوقفية يف مدن اإلسالم خالل العصر السلجوقي دورا ال -8يستهان به يف احلفاظ على اللغة العربية، والرتاث العريب اإلسالمي، تمع وحاجاته قرون عديدة، وأدت بذلك دورها فلبت بذلك رغبات اا يف إعداد الفرد للحياة وفقا للمعاين األخالقية واإلنسانية اليت محله

. )3(اإلسالم ودعا إليهاتمع حباجته من العلماء يف فنون العلم املختلفة، -9 زودت املراكز الوقفية ا

من قرآن، وحديث، وتفسري، وفقه، وأدب، وشعر، ولغة، ونثر، وطب، ورياضة، وصيدلة، كما خترج من تلك املراكز العلمية املوظفني والتجار

وخمتلف املهن األخرى، فكانت حاضنة للعلوم مجيعها. الوقفية إدارات الدولة بالعاملني يف جهازها اإلداري، أمدت املراكز -10

نتيجة التعدد يف املرافق والزيادة يف الوظائف، وكانت حاجة الدولة .)4(تستدعي أن تأخذ ألعماهلا من بني خرجيي تلك املراكز واملدارس

أن النساء كان هلن دور فعال يف الوقف العلمي وبشكل الفت لالنتباه -11 األتراك، سواء يف عصر السالجقـة

من نساء القصور، أو نساء الوجهاء والعلماء، وحىت اجلواري واإلماء. وهذا يدل على رفعة ما كانت تفكر فيه املرأة يف ذلك العصر.

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

307

احتلت املراكز الوقفية الريادة يف غرس معاين اإلخالص والعطاء -12تمع املسلم، وهو األمر الذي واإلنفاق وشد العضد بني الناس داخل اجعل السالطني واألمراء والوزراء واحلكام والوالة ونسائهم وحواشيهم وجتارهم وأغنيائهم، وحىت رعاياهم يتسابقون يف تعمري وتشييد وإنشاء

ا من معلمني ومتعلمني مراك ز العلم املختلفة والوقف عليها وعلى من وموظفني.

الخاتمة:أسهمت األوقاف السلجوقية مسامهة فعالة يف ظهور املراكز العلمية يف مدن ا األمة اإلسالم املختلفة واليت كان هلا األثر األكرب يف النهضة الفكرية اليت شهد

األوقاف الضامن األساسي يف استمرار أداء املراكز العلمية اإلسالمية، وقد كانتملهامها التعليمية والرتبوية واالجتماعية وغريها، وهي العمود الفقري للمراكز العلمية من مساجد ومدارس وغريها، واليت كانت مراكز موقوفة تقدم التعليم جمانا

وللطالب، كما أن من ريع أوقافها باإلضافة إىل مرتبات وخمصصات للمعلمنيالعصر السلجوقي كان عصر العلوم وظهور العلماء األجالء، وهو العصر الذي تعددت فيه وتنوعت مصارف الوقف على العلم والتعليم مما يصعب حصره، وأيضا العصر الذي شهد العلم فيه رواجا عاليا وذلك بفضل رجاله ونسائه الذين

واملدرسني عنايتهم التامة ورعايتهم الكاملة، أولوا مراكز البحث العلمي والطلبةوذلك بتخصيصهم األوقاف السخية، ومن جراء ذلك ظهرت مراكز البحث العلمي يف كل مكان، ونشطت أو ازدهرت حركة التأليف والرتمجة بسبب كثرة ا والقائمني عليها، وبعد ذلك خزائن الكتب واملكتبات وتنوع أصنافها، والعناية

يف أغلب مدن اإلسالم الكثرية والكبرية .انتشارها وميكننا القول أن األوقاف يف العصر املبحوث كانت مبثابة الدعامة الرئيسة للحركة العلمية واحلضارية يف العامل اإلسالمي ولقرون عديدة قبل أن تقل منابعه أو جتفف، كما هو احلال يف معظم البالد اإلسالمية اليوم. كما أن األزمات

مويلية اليت أصابت نظم التعليم يف العامل العريب واإلسالمي خالل فرتات التحديثة متعددة، هي مربر إلعادة االعتبار لواحد من أهم أساليب التعليم اليت ا احلضارة اإلسالمية يف عصورها املزدهرة، والعصر السلجوقي مدعاة فخر أفرز

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

308

املراكز العلمية، حيث ومضرب مثل يف ذلك، أي نظام الوقف اإلسالمي على ينظر كثري من الباحثني إىل نظام الوقف باعتباره أحد األسس املهمة للنهضة احلضارية اإلسالمية الشاملة بأبعادها املختلفة االقتصادية واالجتماعية والسياسية والعلمية، لذا فقد اجتهت األنظار إليه مرة أخرى بعد تغييب دوره العظيم لعقود

ره البذرة الصحيحة لبداية النهضة الشاملة جلميع جماالت احلياة يف طويلة، باعتبااألمة املسلمة. وال شك أن البداية الصحيحة لعودة الوقف إىل مكانه الفاعل يف العجلة التنموية الشاملة يتمثل يف إثارة الشعور واستنهاض اهلمم حنو جتلية

إحياء دور الوقف من أجل حقيقته والدور الذي قام به سابقا ، وذلك عرب إعادة احملافظة على املراكز العلمية وغريها وضمان استمرار وجودها.

نسأل اهللا أن يكون يف تنظم هذه الندوة املباركة يف جامعة سلجوقيا وبدولة تركيا العريقة ما ينفض الغبار، وميط اللثام، ويسلط الضوء على جماالت العلم

النهضة العلمية خاصة واملنافع املرتتبة على والعلوم كافة وعلى دور األوقاف يفا، والذي يتناسب مع ما يواجه إعادة تفعيل دورها التنموي واإلنساين الالئق

األمة اإلسالمية من حتديات خمتلفة ومتعددة يف وقتنا احلاضر. وأخريا إن احلمد هللا رب العاملني والصالة والسالم على سيدنا حممد وعلى

عني. آله وصحبه أمج

قائمة المصادر والمراجع أوال : المصادر:

ت: (ابن األثري، أيب احلسن علي بن أيب الكرم الشيباين املعروف بابن األثري -1 : )هـ630

التاريخ الباهر يف الدولة األتابكية باملوصل، حتقيق: عبدالقادر أمحد طليمات، - م. 1963هـ/1382دار الكتب احلديثة، بغداد، مكتبة املثىن،

، دار إحياء الرتاث 1الكامل يف التاريخ، حتقيق: الدكتور علي شريي، ط - م. 2004هـ/1425العريب، بريوت،

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

309

، حتفة النظار يف )هـ779ت:(ابن بطوطة، حممد بن عبداهللا اللوايت الطنجي -2، حتقيق: علي )رحلة ابن بطوطة(غرائب األمصار وعجائب األسفار املسمى بـ

م. 1965الكناين، مؤسسة الرسالة، بريوت، املنتصر القرن السابع (البنداري، قوام الدين الفتح بن علي البنداري األصفهاين -3

، سناء الربق الشامي، وهو خمتصر الربق الشامي للعماد األصفهاين، )اهلجري م.1971، دار الكتاب اجلديد، بريوت، 1حتقيق: رمضان ششن، ط

، السنن الكربى، دار )هـ303ت:(بن احلسني بن علي البيهقي، أيب بكر أمحد -4 م. 1978الفكر، بريوت،

رحلة ابن (، الرحلة املسماة بـ)هـ614ت: (ابن جبري، أبو احلسن حممد بن أمحد -5 ، تقدمي: سليم بابا عمر، موفم للنشر، د.ت. )جبري أو الرحلة

، املنتظم يف )هـ597ت: (ابن اجلوزي، أبو الفرج عبدالرمحن بن علي بن حممد -6 م.1359، مطبعة حيدر آباد، اهلند، 1تاريخ األمم وامللوك، ط

، األنس اجلليل بتاريخ القدس واخلليل، )هـ927(احلنبلي، جمري الدين العليمي -7 مكتبة احملتسب، عمان، د.ت.

، العرب وديوان املبتدأ )هـ808ت:(ابن خلدون، عبدالرمحن بن حممد بن حممد -8م العرب والعجم والرببر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكرب، واخلرب يف أيا

مؤسسة مجال، بريوت، د.ت.، )هـ681ت:(ابن خلكان، أبو العباس مشس الدين أمحد بن حممد بن أيب بكر -9

، دار إحياء الرتاث العريب، بريوت، 1وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان، ط م. 1997هـ/1417

:)هـ748ت:(ن عبداهللا حممد بن أمحد بن عثمانالذهيب، مشس الدي -10 م. 1985العرب يف خرب من غرب، دار الكتب العلمية، بريوت، - هـ. 1401سري أعالم النبالء، مؤسسة الرسالة، بريوت، -، خمتار الصحاح، بريوت، )هـ666ت: بعد سنة (الرازي، حممد بن أيب بكر -11

م. 1979

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

310

، طبقات الشافعية )هـ756ت:(هاب بن عليالسبكي، تاج الدين عبدالو -12الكربى، حتقيق: حممود الطناحي وعبدالفتاح حممد احللو، مطبعة عيسى احلليب

م. 1964هـ/1383البايب، القاهرة، ، )هـ654ت:(سبط ابن اجلوزي، مشس الدين أيب املظفر يوسف بن قزاوغلي -13

مرآة الزمان، دار الشروق، د.ت. : )هـ665ت: (الدين أبو حممد عبدالرمحن بن إمساعيلأبو شامة، شهاب -14الروضتني يف أخبار الدولتني، حتقيق: حممد حلمي وحممد مصطفى زيادة، -

م.1962مطبعة وزارة الثقافة واإلرشاد، القاهرة، لد - لة التارخيية، ا ، 7عيون الروضتني، خمطوط باملتحف الربيطاين، منقول من ا

م . 1958أيب شيبة، احلافظ أيب بكر عبداهللا بن حممد بن إبراهيم بن ابن -15

م. 1988هـ/1409، دار الفكر، بريوت، 1، املصنف، ط)هـ235ت:(عثمان، نيل األوطار شرح منتقى األخبار، )هـ652ت: (الشوكاين، حممد بن علي -16

م.1973دار اخلليل، بريوت، الوايف بالوفيات، دار ،)هـ764ت: (الصفدي، صالح الدين خليل بن إيبك -17

م. 1970صادر، بريوت، ، زبدة كشف املمالك وبيان الطرق )هـ873ت: (الظاهري، خليل بن شاهني -18

م.1994واملسالك، حتقيق: بولس راويس، املطبعة اجلمهورية، باريس، ابن العدمي، كمال الدين بن العدمي عمر بن أمحد بن أيب -19

الطلب يف تاريخ حلب، حتقيق: سهيل زكار، ، بغية ) هـتقريبا 660ت:(جرادة دار الفكر، بريوت، د.ت.

: )هـ597ت:(العماد األصفهاين، حممد بن حممد بن حامد -20 تاريخ دولة آل سلجوق، طبع شركة الكتب العربية للنشر، مصر، -

م.1900هـ/1318

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

311

خريدة القصر وجريدة العصر، إعداد: غادة حجاوي قدومي، رسالة ماجستري، - م. 1975اجلامعة األمريكية، بريوت،

ابن العماد، شهاب الدين أبو الفالح عبداحلي بن أمحد بن حممد العكري -21 ، شذرات الذهب يف أخبار من ذهب، طبعة دار )هـ1089ت: (احلنبلي

م. 1979املسرية، بريوت، ، منية األدباء يف تاريخ )هـ1232ت:(العمري، ياسني خري اهللا اخلطيب -22

وصل احلدباء، حتقيق: سعيد الديوه جي، مركز الدراسات اإلقليمية، امل م.1955املوصل،

، البناية يف شرح اهلداية، تصحيح: )هـ855ت: (العيين، حممود بن امحد -23 م. 1980هـ/1400، دار الكتب، بريوت، 1حممد بن عمر الرامفوري، ط

، احلوادث اجلامعة )ت__(ابن القوطي، كمال الدين أبو الفضل الشيباين -24 م.1932والتجارب النافعة يف املائة السابعة، حتقيق: مصطفى جواد،

، 1، البداية والنهاية، ط)هـ774ت:(ابن كثري، أبو الفداء إمساعيل بن عمر -25 م. 1999هـ/1420دار التقوى، القاهرة،

بذكر ، املواعظ واالعتبار )هـ845ت:(املقريزي، تقي الدين أمحد بن علي -26 ، دار صادر، بريوت، د.ت.)اخلطط املقريزية(اخلطط واآلثار، املعروف بـ

، لسان )هـ711ت: (ابن منظور، أبو الفضل مجال الدين حممد بن مكرم -27 ، دار الكتب العلمية، بريوت، د.ت. 3العرب، ط

، الدارس يف تاريخ املدارس، طبعة )هـ927ت: (النعيمي، عبدالقادر بن حممد -28 م.1988تبة الثقافة الدينية، القاهرة، مك :)هـ626ت:(ياقوت احلموي، شهاب الدين أبو عبداهللا -29 م.1970معجم البلدان، دار صادر للطباعة والنشر، بريوت، -، دار الغرب اإلسالمي، بريوت، 1معجم األدباء، حتقيق: إحسان عباس، ط -

م. 1993هـ/1411 ثانيا : المراجع:

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

312

أمحد رضا أمحد، املدارس يف بالد الشام يف العصر األيويب، رسالة -30 م. 2008ماجستري، كلية الرتبية، جامعة املوصل،

م. 1986، القاهرة، )منابعه وآثاره(أمحد شليب، الفكر اإلسالمي -31 م. 1973أمحد شليب، تاريخ الرتبية اإلسالمية، مكتبة النهضة، -بغداد، طبعة بريوتية مصورة، األلوسي، حممود شكري، تاريخ مساجد -32

د.ت. أمني حممد حممد، األوقاف واحلياة االجتماعية يف مصر، دار النهضة، -33

م . 1980القاهرة، الربهاوي، رعد حممود، خدمات األوقاف يف احلضارة العربية اإلسالمية -34

اية القرن العاشر امليالدي، بغداد، م. 2002إىل ية بأمساء البالد املصرية، دار الكتب ابن اجليعان، حيىي، التحفة السن -35

الظاهرية، دمشق، د.ت. يد، املدرسة املستنصرية، مطبعة شفيق، بغداد، -36 حسني أمني عبدا

م. 1960راشد القحطاين، أوقاف السلطان األشرف شعبان، مكتبة امللك فهد -37

م 1994هـ/1414الوطنية،الرياض، احلضارة اإلسالمية، جملة أوقاف الزايدي، عبداهللا، األثر الثقايف للوقف يف -38

، السنة السادسة. )11(الكويت، العددزهدي يكن، الوقف يف الشريعة والقانون، دار النهضة العربية، القاهرة، -39

هـ. 1388، دار الكتاب العريب، 1أبو زهرة، الشيخ حممد، حماضرات يف الوقف، ط -40

بريوت، د.ت. يف طبقات ربات اخلدور، زينب بنت يوسف فواز العاملي، الدر املنثور -41

دار املعرفة، بريوت، د.ت .

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

313

استبطان للموروث (الساعايت، حيىي بن حممود، الوقف وبنية املكتبة العربية -42، مركز امللك فيصل للبحوث والدراسات اإلسالمية، الرياض، )الثقايف م. 1988هـ/1408

ت. سعيد الديوه جي، الرتبية والتعليم يف اإلسالم، العراق، د.ط، د. -43 هـ. 1313سعيد نفيس، مدرسة نظامية بغداد، طهران، -44، دار 1الشجاع، عبدالرمحن عبدالواحد، من مظاهر الوقف يف اليمن، ط -45

م. 2011هـ/1432النشر للجامعات، صنعاء، الشطي، أمحد شوكت، جمموعة أحباث يف احلضارة العربية اإلسالمية -46

تمع العريب، دمشق، م . 1963وايز خليفة، الكتب واملكتبات يف العصور الوسطى، الدار شعبان عبدالعز -47

م. 1997املصرية اللبنانية، -521(عبداجلبار حامد أمحد، احلياة العلمية يف املوصل يف عصر األتابكة -48

م. 1975، رسالة ماجستري، كلية اآلداب، جامعة املوصل، )هـ666، مطابع 1ط عبداحلي القادري، الزاوية القادرية عرب التاريخ والعصور، -49

م. 1986هـ/1407الشويخ بتطوان، املغرب، عبداللطيف محزة، احلركة الفكرية يف مصر يف العصرين األيويب واململوكي -50

م. 1968، دار الفكر العريب، القاهرة، 8األول، ط عماد عبدالسالم رؤوف: -51 م . 1966مدارس بغداد يف العصر العباسي األول، بغداد، -، مطبعة اإلرشاد، بغداد، 1املكتبة القادرية، طاآلثار اخلطية يف -

م.1974هـ/1394الكبيسي، حممد عبيد عبداهللا، أحكام الوقف يف الشريعة اإلسالمية، -52

م . 1977هـ/1397مطبعة اإلرشاد، بغداد، كوركيس عواد، خزائن الكتب القدمية يف العراق منذ أقدم العصور حىت -53

هـ، بغداد، د.ت. 1000سنة

أوقاف املراكز العلمية يف العصر السلجوقي

Entel

ektü

el Ha

yat

314

م. 1996عزيز بن عبداهللا، الوقف يف الفكر اإلسالمي، املغرب، حممد عبدال -54، دار احلداثة 3حممد عبده، اإلسالم والنصرانية مع العلم واملدنية، ط -55

م. 2007للطباعة والنشر، بريوت، حممد حممد أمان، الكتب اإلسالمية، مكتبة فهد الوطنية، الرياض، -56

م. 1990، دار املعارف، 2لعربية، القاهرة، طاملعجم الوسيط، إعداد: جممع اللغة ا -57

هـ . 1400أبو نصر، حممد عبدالعظيم، األوقاف يف بغداد يف العصر العباسي الثاين، -58

م. 2002، عني للدارسات والبحوث االجتماعية، القاهرة، 1طاهلاليل، عبدالرزاق، تاريخ التعليم يف العراق يف العهد العثماين، بغداد، -59

م. 1959 م. 2004يسرى عبدالغين، يانور الدين، القاهرة، -60