نوﻧﺎﻗو ﺔﻌﯾرﺷ صﺻﺧﺗ موﻠﻋ هاروﺗﻛدﻟا ﺔﺟرد لﯾﻧﻟ...

492
وزارة اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻌﺎﻟﻲ واﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ وھران1 أﺣﻣد ﺑن ﺑﻠﺔ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻗﺳم اﻟﻌﻠوم اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ أ طروﺣﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ اﻟدﻛﺗوراه ﻋﻠوم ﺗﺧﺻص ﺷرﯾﻌﺔ و ﻗﺎﻧون ﺑﻌﻧوان: إﻋداد اﻟطﺎﻟب: ﺗﺣت إﺷراف: ﺻﺎﻟﺢ ﺟ زول اﻟدﻛﺗورة ﻟﯾﻠﻰ ﺟﻣﻌﻲ أ ﻋﺿﺎء ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ أ. ﺟﺎﻣﻌﺔ وھران أﺳﺗﺎذ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻌﺎﻟﻲ د ﯾوﺳﻲ ھواري1 رﺋﯾﺳﺎ. د. أﺳﺗﺎذ ﻣﺣﺎﺿر ﻟﯾﻠﻰ ﺟﻣﻌﻲ" أ" ﺟﺎﻣﻌﺔ وھران1 ﻣﺷرﻓﺎ وﻣﻘررا. أ. د ﻋﻠﯾﺎن ﻣﻧﺎﻗﺷﺎ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﯾﺎرت أﺳﺗﺎذ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻌﺎﻟﻲ ﺑوزﯾﺎن. د. أﺳﺗﺎذ ﻣﺣﺎﺿر ﺑن ﻋﻣﺎر زھرة" أ" ﺟﺎﻣﻌﺔ وھران1 ﻣﻧﺎﻗﺷﺎ. د. أﺳﺗﺎذ ﻣﺣﺎﺿر ﻟرﯾد أﺣﻣد" أ" ﻣﻧﺎﻗﺷﺎ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻌﯾدة. د. أﺳﺗﺎذ ﻣﺣﺎﺿر ﻧﻌوم ﻣراد" أ" ﻣﻧﺎﻗﺷﺎ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻣﺳﺎن. اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ: 1435 1436 ه/ 2014 2015 م.

Upload: others

Post on 03-Sep-2019

11 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  • وزارة التعلیم العالي والبحث العلمي

    أحمد بن بلة1 جامعة وھران

    كلیة العلوم اإلنسانیة والحضارة اإلسالمیة

    قسم العلوم اإلسالمیة

    قانونعلوم تخصص شریعة و طروحة لنیل درجة الدكتوراهأ

    : بعنوان

    : تحت إشراف : إعداد الطالب

    الدكتورة لیلى جمعي زول صالح ج

    عضاء لجنة المناقشةأ

    .رئیسا 1د یوسي ھواري أستاذ التعلیم العالي جامعة وھران .أ

    .مشرفا ومقررا 1جامعة وھران " أ " لیلى جمعي أستاذ محاضر. د

    .بوزیان أستاذ التعلیم العالي جامعة تیارت مناقشاد علیان . أ

    .مناقشا 1جامعة وھران " أ " بن عمار زھرة أستاذ محاضر . د

    .جامعة سعیدة مناقشا" أ " لرید أحمد أستاذ محاضر . د

    .جامعة تلمسان مناقشا" أ" نعوم مراد أستاذ محاضر . د

    .م 2015 – 2014/ ه 1436 – 1435: السنة الجامعیة

  • أ

  • .المقدمة

    1

    المقدمة

    من اجلرائم املستحدثة يف اآلونة األخرية يف القانون الوضعي ، " تبييض األموال " جرمية تعترب

    ، و سبب ذلك ما أصبح يقوم به مرتكيب اجلرائم و ال سيما " غسيل األموال " ويطلق عليها أيضا جرمية

    االجتار غري املشروع يف املخدرات واملؤثرات اخلطرية منها واليت تذّر على مرتكبيها األموال الطائلة ،كجرائم

    العقلية ، و اجلرمية املنظمة ، مبا تتضمنه من جرائم االّجتار يف اجلنس ، واألعضاء البشرية واالجتار غري

    املشروع يف األسلحة وغريها ، حيث يعمدون إىل إخفاء متحّصالت اجلرائم اليت يرتكبو�ا من أموال ، و

    غطية على جرائمهم ، و ذلك كّله باللجوء إىل جمموعة من العمليات وباختاذ جمموعة ممتلكات وبالتايل الت

    من األساليب الشرعية ، والطرق االحتيالية لتبييض هذه األموال أو غسلها أّي جلعلها وكأ�ّا تبدو من

    ازا مصدر مشروع ، ولذلك أصبح يطلق على هذه اجلرمية تسمية تبييض األموال ، أو غسيل األموال جم

    .باعتبار مصدرها األسود والقذر

    و نظرا خلطورة عمليات تبييض األموال ، وضررها على خمتلف األصعدة االقتصادية ، املالية

    االجتماعية ، والسياسية يف العامل حّرك ا�تمع الدويل إىل مكافحتها بعقد جمموعة من االتفاقيات

    األموال عرب العامل ، ولعّل من بني هذه االتفاقيات اتفاقية وبتشكيل تكتالت مالية ملراقبة حترّكات رؤوس

    لسنة " فيينا " األمم املّتحدة ملكافحة االّجتار غري املشروع باملخدرات واملؤثرات العقلية املعروفة باتفاقية

    م ، اليت تعترب احلجر األساس يف القانون الوضعي لتجرمي عمليات حتويل األموال ، أو نقلها مع 1988

    لعلم باّ�ا مستمّدة من جرائم املخّدرات ، أو إخفاء ، أو متويه حقيقة األموال ، أو مصدرها ، أو مكا�ا ، ا

    أو طريقة التصّرف فيها أو حركتها أو احلقوق املتعلقة �ا ، أو ملكيتها ، مع العلم باّ�ا مستمدة من جرائم

    .االّجتار غري املشروع يف املخدرات

    اقيات الدولية اليت تضّمنت أيضا جترمي تبييض عائدات اجلرائم ومكافحتها اتفاقية هذا ومن االتف

    2003م األمم املّتحدة ملكافحة الفساد عا اتفاقيةم ، 2000األمم املتحدة ملكافحة اجلرمية املنظمة لسنة

    االتفاقيات كلها وقد صادقت اجلزائر على هذه .م 1999الدولية لقمع ومتويل اإلرهاب لسنة االتفاقية، م

    مبا فيها اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة االجتار غري املشروع باملخدرات ، ما اقتضى تعديل تشريعا�ا

    .الداخلية مبا فيها التشريع اجلنائي ، وسن قوانني و أنظمة ملكافحة هذه اجلرمية

  • .المقدمة

    2

    -04اجلرائم بالقانون رقم وبناء على ذلك فقد عمد املشرع اجلزائري إىل جترمي تبييض متحّصالت

    املتضّمن قانون العقوبات ، حيث جّرم 156 - 66م ، املعّدل واملتّمم ألمر رقم 2004مؤرخ سنة 15

    حتويل األموال واملمتلكات ، أو نقلها مع علم الفاعل بأّ�ا عائدات إجرامية ، بغرض إخفاء أو متويه

    ضافة إىل جمموعة من صور تبييض األموال كاملساعدة ، املصدر غري املشروع لتلك األموال واملمتلكات ، إ

    .واملشاركة ، أو التواطؤ ، أو التآمر على ارتكا�ا

    مل يكتف املشرّع اجلزائري بالتجرمي فقط ملواجهة جرمية تبييض األموال ، وإّمنا جلأ إىل سّن قوانني

    06املؤرّخ يف 01 - 05برزها القانون رقم وأنظمة كّلها �دف إىل الوقاية منها ومكافحتها ، ولعّل من أ

    م ، املعّدل واملتّمم ، املتعّلق بالوقاية من تبييض األموال ومتويل اإلرهاب ومكافحتهما ، 2005فرباير سنة

    الصادر 127 – 02و الذي تضّمن جمموعة من اإلجراءات ، والتدابري الوقائية ، واملرسوم التنفيذي رقم

    ن إنشاء خلية معاجلة االستعالم املايل واليت من أبرز مهامها مكافحة متويل م ، املتضمّ 2002سنة

    .اإلرهاب وتبييض األموال

    هذا ولعّل ما دفع املشرّع الدويل ، و املشرع اجلزائري إىل جترمي األساليب اليت يلجأ إليها أصحاب

    وعناصرها اخلاصة �ا ، هو صعوبة تكييف األموال الغري مشروعة ، وجعلها جرمية مستقّلة بذا�ا هلا أركا�ا

    تلك األساليب مع القواعد واألحكام املوضوعية اجلنائية العامة ، وصعوبة إسقاط األوصاف اجلرمية املقّررة

    قانونا واملشا�ة على تلك العمليات ، مثل صعوبة اعتبار تبييض األموال على أساس أّ�ا مسامهة جنائية ،

    اء أشياء متحّصلة من جناية أو جنحة ، فكّل هذه األوصاف ال تستوعب عمليات أو اعتبارها جرمية إخف

    تبييض عائدات اجلرائم باعتبارها أوصافا تصطدم مع مبدأ الشرعية الذي يقوم عليه التشريع اجلنائي ، ما

    .جعل مرتكبو تبييض عائدات اجلرائم يفلتون من املتابعة اجلزائية وبالتايل من العقوبة

    ذا كانت القوانني الوضعية مبا فيها القانون اجلزائري قد جّرم عمليات تبييض األموال إّال مؤّخرا ، وإ

    فإّن الشريعة اإلسالمية قد حّرمت ذلك منذ أزيد من أربعة عشر قرنا ، وعاجل الفقهاء مضمون تبييض

    ، وتوّسعوا يف التفصيل فيه األموال باملفهوم الذي جاء به القانون ، بل أوسع من ذلك يف أكثر من جمال

    يف القاموس الفقهي " غسيل األموال " ، أو " مصطلح تبييض األموال " على الّرغم من عدم وجود

    .للشريعة اإلسالمية

  • .المقدمة

    3

    فلقد بّينت الشريعة اإلسالمية من خالل مصادرها الشرعية طرق الكسب املباح وحّثت عليها ، وطرق

    ا بّينت األحكام املتعّلقة باملال احلرام ، سواء احلرام لذاته كاخلمر واخلنزير الكسب احلرام و�ت عنها ، كمّ

    وامليتة ، أو احلرام لغريه أو لكسبه كاملال املغصوب ، واملسروق ، أو املنهوب ، أو املتحّصل من أفعال حمّرمة

    رشوة ، و الربا وغريها شرعا كمهر البغي ، وحلوان الكاهن ، و مثن اخلمر ، وأكل أموال الناس بالباطل كال

    كل ذلك تناوله فقهاء الشريعة اإلسالمية يف بطون الفقه اإلسالمي مربزين .من مصادر الكسب احملّرمة

    استعمال املال احلرام والتصّرف فيه ، أو حيازته أو اكتسابه ، أو االنتفاع به يف العادات ) حترمي(حرمة

    ائز املال احلرام ، أو مستعمله بأنّه من كسب حرام ، والعبادات ، أو القربات ، و مبجرد علم الشخص ح

    وذلك حّىت ولو مل يكن بنية وغرض التغطية على مصدره غري الشرعي ، أو بغرض إضفاء الشرعية على

    و التحرمي يكون من . متحّصالت الكسب احلرام كما تضمّنه مفهوم تبييض األموال يف التشريع الوضعي

    ل احلرام ، و التصرف فيه بشىت أنواع التصّرف بغرض التمويه والتضليل ، باب أوىل إذا كانت حيازة املا

    علما أّن كل فعل حمّرم شرعا قد يقتضي التجرمي . و�دف إضفاء الشرعية على املصدر غري املشروع للمال

    . والعقاب تعزيرا من السلطة احلاكمة إذا ما عّم ضرره ا�تمع ، أو أخّل بالنظام العام

    ا يربز موضوع ومضمون جرمية تبييض األموال باملفهوم الذي جاء به القانون يف مسألة احليل يف كم

    الفقه اإلسالمي ومدى مشروعيتها ، حيث بّني فقهاء الشريعة اإلسالمية احليل املشروعة واحليل احملّرمة ،

    الطريق املتحّيل به ، حبيث إذا آل األول يتعّلق مبآل الفعل أو: مقّررين ضابط احلّيل احملّرمة يف أمرين اثنني

    إىل مناقضة مصلحة شرعية أو هدم أصال شرعيا فهو حرام ، أما الثاين فيتعلق مبخالفة قصد احملتال قصد

    ، وال شّك يف لكن بقصد حتقيق مقصد غري مشروع، خذ فعال يف الظاهر مشروعا وذلك كمن يتّ ، الشارع

    ييض األموال ، فهي طرق مشروعة يلجأ إليها أصحاب األموال حتقق هذا الضابط يف عمليات وأساليب تب

    غري املشروعة لغرض غري نبيل ، أّي بقصد يناقض قصد الشارع وهو التسّرت على اجلرائم املستمدة منها

    األموال ، واليت هي أصال حمّرمة ملقاصد شرعية ، كما أّ�ا تناقض مقاصد الشرع اليت جاء للمحافظة عليها

    املصاحل اخلمس الضرورية الدين ، النفس ، العقل ، املال ، العرض ، حيث الكثري من األموال ، و أبرزها

    الغري مشروعة واملوجهة لعمليات التبييض ، تكون ناجتة عن جرائم متّس هذه املقاصد الضرورية كجرائم

    وغريها من األفعال املخدرات ، االّجتار يف اجلنس ، االّجتار غري املشروع باألسلحة ، جرائم الفساد ،

    .املنضوية حتت مسّمى اجلرمية املنّظمة

  • .المقدمة

    4

    ولعّل ما يثريه موضوع تبييض األموال يف القانون هو التجرمي حبّد ذاته ، حيث عناصر جرمية تبييض

    ة األموال وأركا�ا ختتلف عن عناصر وأركان اجلرائم العادية ، باعتبار أّن عمليات تبييض األموال مرتبطة جبرمي

    أخرى وهي اجلرمية األصلية املستمدة منها األموال املوجهة للتبييض، مما يثري مسائل عّدة ولعّل أبرزها مسألة

    مدى إثبات اجلرمية األصلية حّىت تتم معاقبة املّتهم جبرمية تبييض األموال ، ومدى إثبات العلم مبصدر

    يقوم �ا املتهم إثبات الغرض من العمليات اليتاألموال املشروط لتحّقق جرمية تبييض األموال ، وإشكالية

    .بتبييض األموال

    يف قانون " جرمية تبييض األموال " فمن أجل ذلك حاول الباحث إبراز كيف عاجل املشرّع اجلزائري

    ت العقوبات ، وكذا يف القوانني األخرى املتعلقة �ا ، و إبراز ما مدى موافقتها مع ما جاءت به االتفاقيا

    الدولية اليت صادقت عليها اجلزائر سابقة الذكر ، حماوال يف ذلك كّله إجراء موازنة بني ما قّرره املشرّع

    اجلزائري و ما جاءت به الشريعة اإلسالمية ، و فقهائها وباخلصوص فقهاء املذاهب األربعة ، مّبينا أشكال

    منها يف كل من الشريعة اإلسالمية والتشريع مواجهة هذه اجلرمية ، و آليات الرّقابة عليها ، و الوقاية

    .اجلزائري

    ولقد عمد الباحث إىل تبين املنهج االستقرائي واالستداليل يف معاجلته املوضوع ، حيث ّمت استقراء

    النصوص القانونية املعاجلة للموضوع ، و تتّبعها ورصد التعديالت اليت طرأت عليها ، وما مدى جناعتها يف

    اجلرمية ، كما ّمت استقراء أقوال الفقهاء خبصوص عّدة مسائل فقهية هلا عالقة باملوضوع ملعرفة مواجهة هذه

    أحكام استعمال املال احلرام ، ّمث القيام بتحليلها واستنتاج منها حكم تبييض األموال ، ومقارنتها ، أو

    ات الفقهية اليت جاء �ا فقهاء موازنتها مع ما جاء به القانون ، حماوال يف ذلك كّله االلتزام باملصطلح

    الشريعة اإلسالمية ، عدا تلك اليت تدخل يف ضرورات البحث إليصال املعىن املقصود ، كاستعمال الباحث

    و يف املقابل حاول الباحث . للتدليل على املفهوم الذي جاء به القانون" تبييض املال احلرام " أحيانا

    األموال يف القانون باملصطلح الذي تبّناه املشرّع اجلزائري يف أغلب االلتزام يف التعبري عن عمليات تبييض

    تطهري " ، أو " غسيل األموال " ، عوض مصطلح " تبييض األموال " النصوص التشريعية ، وهو مصطلح

    .، وغريها من التسميات اليت تطلق أيضا على تلك العمليات" األموال

    مية تبييض األموال يف القانون اجلزائري ، قانون العقوبات ، كما كانت دراسة الباحث ملوضوع جر

    والتشريعات ، واألنظمة املتعّلقة بالوقاية من تبييض األموال ومكافحته ، دون أن مينع ذلك من التطّرق إىل

  • .المقدمة

    5

    بعض التشريعات املقارنة كالتشريع الفرنسي ، والتشريع املصري ، وذلك ملقارنة ما جاءت به مع التشريع

    . زائري ، و لالستفادة ممّا توّصلت إليه يف جمال التجرمي والعقاب على أفعال التبييضاجل

    هذا و لعّل أمهية البحث تكمن يف تطوير الدراسات اجلنائية ، وإثراء املعرفة العلمية مبا استجّد من

    أحكام وتشريعات يف هذا املوضوع ، وال سيما إذا علمنا أّن عمليات تبييض األموال ال تزال حديثة التجرمي

    أّن التعديالت على النصوص التشريعية ، ، وأّن التطبيقات القضائية ال تزال تعرتضها مشكالت عملية ، و

    واألنظمة الرقابية عليها ال تزال ترتا ، وخري دليل على ذلك آخر التعديالت ، و اليت كان هلا األثر الواضح

    املتعلق بالوقاية من تبييض 01 -05يف األحكام املرتتبة على هذه اجلرمية ، و اليت طرأت على القانون

    م ، و بالقانون رقم 2012الصادر سنة 02 - 12ومكافحتهما ، بالقانون رقم األموال ومتويل اإلرهاب

    12املؤرّخ يف 113 - 15م ، وصدور املرسوم التنفيذي رقم 2015فرباير 15املؤرخ يف 06 -15

    أو جتميد األموال املنصوص / م ، الذي يهدف إىل حتديد كيفيات تطبيق إجراءات حجز و 2015ماي

    املذكور أعاله يف إطار تطبيق القرارات ذات الصلة الصادرة عن جملس األمن 01 - 05ون عليها يف القان

    . ملنظمة األمم املتحدة

    كما تكمن أيضا أمهية البحث يف إبراز مدى توافق نظرة الفقه اإلسالمي مع القانون الوضعي يف

    و إجياد احللول ملا استجّد من معاجلته للظواهر االجتماعية ، ويف مدى قدرته على مكافحته للجرمية

    احلوادث ملا يزخر به من تنوّع يف مصادره ، و ملا يّتسم به من خصوصية يف سياسة التجرمي والعقاب ، و يف

    سياسة الوقاية من اآلفات مبختلف أنواعها ، حيث الكثري من النظريات واملبادئ اليت جاء �ا القانون

    الذي قّررته الشريعة " مبدأ من أين لك هذا " إلسالمية ، ولعّل الوضعي هلا أصول وجذور يف الشريعة ا

    اإلسالمية من أجل املراقبة على جرائم الفساد وغريها ، و الذي أصبح يطّبق يف البنوك واملؤسسات املالية

    فقه اليوم من أجل املراقبة على جرائم تبييض األموال خلري دليل على مشولية ، و أبعاد الشريعة اإلسالمية وال

    .اإلسالمي

    ة من الدراسات تناولت فيه عمليات تبييض األموال كظاهرة و لقدت عاجلت هذا املوضوع جمموع

    على حسب علم الباحث دراسات مقارنة كجرمية تضبطها أحكام قانونية وشرعية ، كما مل توجد ، وليس

    البعض من اإلسالمية ، عدا ما تناوله معّمقة يف هذا املوضوع بني ما جاء به القانون اجلزائري والشريعة

    غري أنّه كانت هناك دراسات . كظاهرة بني الفكر الوضعي والشريعة اإلسالمية حماوالت ملقارنة هذه األفعال

  • .المقدمة

    6

    ة مع القانون الوضعي مبّينة موقف الفقه اإلسالمي منها مقارن، فقهية مقارنة تناولت جرمية تبييض األموال

    .نا عونا يف طرق املوضوع من الناحية الشرعيةبصفة عامة ، واليت كانت ل

    و كأّي حبث ال خيلو من معّوقات تعوق سري الباحث ، ولعّل أبرز ما واجه الباحث هو صعوبة

    املوازنة ، أو املقارنة إن صّح التعبري ، وذلك خلصوصية ومنهج كل من الشريعة اإلسالمية ، والقانون

    ختصيص مباحث خاّصة بالقانون ، مث أخرى للشريعة اإلسالمية ، مث موازنة الوضعي ما اضطّر الباحث إىل

    ما يلزم املوازنة يف األخري ، كان ذلك كّله من أجل طرح املوضوع يف الشريعة اإلسالمية كما جاء به

    الفقهاء من مصطلحات ، و تقسيمات للموضوع ، وحىت يتسىن للباحث إيصال نظرة الفقه اإلسالمي

    .ّدة مسائل تتعلق باملوضوعكاملة يف ع

    .ولقد قّسم الباحث موضوع البحث إىل ثالثة أبواب ، باب متهيدي ، باب أول ، وباب ثان

    أّما الباب التمهيدي فقد تناول فيه جرمية تبييض األموال من حيث ماهية جرمية تبييض األموال ،

    الح فقهاء القانون ، ّمث مضمو�ا عند فقهاء ومفهومها يف اصطالح القانون الدويل والوطين ، ويف اصط

    كما تناول فيه أساس جترمي عمليات تبييض .الشريعة اإلسالمية ، وكذا اخلصائص اليت تتمّيز �ا هذه اجلرمية

    األموال يف كل من القانون والشريعة اإلسالمية ، وذلك بالتطّرق إىل التكييف القانوين والشرعي هلذه اجلرمية

    .يف فصل أول حتت عنوان ماهية جرمية تبييض األموال، وهذا كّله

    أّما الفصل الثاين من الباب التمهيدي فقد تناول فيه الباحث املراحل اليت متر �ا عمليات تبييض

    األموال ، وأساليب ارتكا�ا ، مث اآلثار السلبية اليت ترتتب عليها من الناحية االقتصادية واملالية ، ومن

    مراحل وأساليب جرمية تبييض الناحية االجتماعية والسياسية ، وكان ذلك كله يف مبحثني حتت عنوان

    .السلبيةوآثارها األموال

    أّما الباب األول فقد تطّرق فيه الباحث إىل جترمي تبييض األموال يف القانون اجلزائي اجلزائري والشريعة

    األول تطّرق فيه إىل جترمي تبييض األموال يف القانون اجلزائي اجلزائري: اإلسالمية ، وذلك من خالل فصلني

    ، وتضّمن ثالث مباحث األول تناول فيه أركان جرمية تبييض األموال يف قانون العقوبات اجلزائري ، والثاين

    اإلجراءات اجلزائية اليت خّص �ا املشرّع اجلزائري جرمية تبييض األموال ، والثالث تناول فيه مجيع اجلرائم أو

    . املخالفات التابعة جلرمية تبييض األموال

  • .المقدمة

    7

    بل تطّرق الباحث يف الفصل الثاين من الباب األول إىل جترمي تبييض املال احلرام يف الفقه اإلسالمي ويف املقا

    والذي تناول فيه مصادر املال احلرام ، مربزا مناذج من األنشطة احملّرمة يف الشريعة اإلسالمية ، اليت تذّر

    صل حترمي تبييض املال احلرام و ذلك كّله يف األموال الطائلة على مقرتفيها مما قد تكون حمّال لتبييضها ، وأ

    مبحث أول ، و تناول صور تبييض املال احلرام يف الفقه اإلسالمي يف مبحث ثان ، مث إبراز القصد اجلنائي

    .واثبات عناصر تبيض املال احلرام يف مبحث ثالث

    أّما الباب الثاين من هذا البحث فقد تطّرق فيه الباحث إىل السياسة العقابية اليت انتهجها كل من

    التشريع اجلزائري ، والتشريع اإلسالمي لردع هذه اجلرمية ، و أساليب الوقاية منها و مواجهتها ، حتت عنوان

    عقوبة جرمية تبييض ول تناول فيه الباحث ردع جرمية تبييض األموال ومواجهتها ، وقد تضّمن فصلني ، األ

    وذلك من خالل مبحثني ، األول حتت عنوان ،ري والشريعة اإلسالمية األموال يف قانون العقوبات اجلزائ

    السياسة العقابية للمشرع اجلزائري ومدى توافقها مع االتفاقيات الدولية ، والثاين حتت عنوان عقوبة جرمية

    أّما الفصل الثاين من الباب الثاين فقد تناول فيه الباحث آليات. لشريعة اإلسالميةتبييض املال احلرام يف ا

    يف مبحث أول ، و ) القانون الدويل والقانون اجلزائري ( يف القانون الوضعي مواجهة جرمية تبيض األموال

    .وسائل مواجهتها يف الشريعة اإلسالمية يف مبحث ثان

    وع حبثه خبامتة ّخلص فيها النتائج املتوّصل إليها ، مث ببعض االقرتاحات هذا وقد أ�ى الباحث موض

    وحسب الباحث يف ذلك أنّه اجتهد ومل . والتوصيات لعّلها تكون مفيدة لرجال القانون والقضاء والباحثني

    .يألو راجيا من اهللا تعاىل أن يكون دائرا بني األجر واألجرين

    .م 2015 - 07 - 27: يف

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    8

    تمهيدي باب

    حقيقة تبييض األموال

    يعتـــرب 2 عــن معــىن غســيل األمــوالوالــذي يعــّرب ، مصــطلح تبيــيض األمــوال أنّ 1يــرى الكثــري

    م ، 1931املصــطلح إىل ســنة حــديثا نســبيا يف امليــدان االقتصــادي واجلرميــة املنظمــة ، إذ يعــود هــذا

    ومل تثـب عليـه إال �مـة التهـرب مـن دفـع ، " ألفـونس كـابوين " األمريكيـة " املافيـا " حماكمة زعـيم بعد

    مــع أنــه كــان يقــوم بإضــفاء الشــرعية علــى أموالــه الــيت كانــت ناجتــة مــن جتــارة املخــدرات ، الضــرائب ،

    لعائد من املشـروعات الشـرعية عـن طريـق املبالغـة يف وذلك بقيامه بإضافة العائد من هذه األموال إىل ا

    مث بعـد ذلـك بـدأت املافيـا تقـوم بشـراء املشـروعات ، 3تقدير حجم األرباح الناجتة عـن نشـاطه املشـروع

    حبيـــث ، مث مزجهـــا بـــرؤوس أمـــوال وأربـــاح مـــن تلـــك املشـــروعات ، واحملـــالت بأمواهلـــا غـــري املشـــروعة ،

    وذلـــك كلـــه إلخفـــاء املصـــدر غـــري الشـــرعي ، مصـــدر مشـــروع تظهـــر تلـــك األمـــوال وكأ�ـــا ناجتـــة عـــن

    مــاير ( وبوشــرت هــذه العمليــات بشــكل مــنظم بواســطة شــخص يــدعى.ألمواهلــا عــن األجهــزة الرقابيــة

    حيث كان ميثـل حلقـة الوصـل بـني املافيـا األمريكيـة واملافيـا اإليطاليـة خـالل احلـرب العامليـة ،) النكس

    ومـــن أجـــل ذلـــك كـــان يـــتمّ ، ريـــة للحلفـــاء إىل جزيـــرة صـــقلية الثانيـــة ،وذلـــك لتســـهيل دخـــول قـــوات حب

    ، 2005، سنة 2 ، ط ، لبنان ، املؤّسسة احلديثة للكتاب ، جرمية تبييض األموال، دراسة مقارنة نادر عبد العزيز شايف. د -. 1

    عزت حممد / 9ص م ،2007 ، 1ط دار النهضة العربية ،القاهرة ، البنوك وعمليات غسل األموال ، خالد الرميح ،./2ص

    أجمد سعود قطيفا / .15، ص م2006 ، 1ط القاهرة ، دار النهضة العربية ، دراسة مقارنة ، جرمية غسل األموال ، العمري ،

    .34ص م ، 2006سنة ، 1ط عمان ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، جرمية غسيل األموال ، اخلريشة ،

    كما يطلق عليها تنظيف . launderingو اإلجنليزية blanchiment الرتمجتني الفرنسية ويأيت اختالف التسمية من - 2

    غسيل األموال يف األموال القذرة ، ، حسين حممد العيوطي ينظر/ موال ،وتنقيح األموال وكلها تؤدي نفس املعىن ال ،تطهري األمو األ

    .50ص ، الطبع بدون تاريخ ، دار أخبار اليوم قطاع الثقافة القاهرة ، مصر والعامل ،

    وعادة ما يتم التفرقة بني اصطالح غسيل األموال أو تبييض األموال وبني اصطالح األموال السوداء وهي األموال املتحّصلة -

    حممد حافظ رهوان ، عمليات غسيل األموال مفهومها ، ./ بوسائل مشروعة ولكن يتم االحتفاظ �ا سرّا للتهرب من الضرائب

    م ، ص 2002، يوليو 2، العدد 10ا وإسرتاتيجية مكافحتها ، جملة األمن والقانون ، إصدار أكادميية شرطة ديب ، السنة خطور�

    124. ويفرضون على الزبائن دفع الثمن نقدا وليس عن االت الكهربائية لغسل الثياب ،كان مافيا املخدرات يقومون بشراء الغسّ - 3

    كانوا يفتحون حسابات بنكية يودعون فيها األموال الناجتة عن نشاط غسيل الثياب مث يضيفون عليه طريق شيكات أو فواتري مث

    وبالتايل إضفاء الشرعية ،وذلك كله من أجل اإلخفاء والتمويه على أجهزة املراقبة ، لة من جرائم االجتار باملخدرات األموال املتحصّ

    . به إىل النشاط اخلدمايت الذي كانوا يقومونومن مث نتج مصطلح غسيل األموال نسبة عليها ،

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    9

    املتحــدة وإيــداعها يف حســابات اللجــوء إىل البنــوك السويســرية مــن أجــل إخــراج النقــود مــن الواليــات

    . يف سويسرا من خالل القروض الومهية واالستثمارات املباشرة بنكية ومصرفية ،

    م وذلــك عنــدما نشــرت الصــحف األمريكيــة 1973وقـد ظهــر تعبــري غســيل األمــوال أول مــرة يف عــام

    م تشــــكلت جلنــــة إعــــادة انتخــــاب الــــرئيس 1972فــــي عــــام ، ف 1"ووتــــر جيــــت"تقريــــرا عــــن فضــــيحة

    قامـت هـذه اللجنـة جبمـع التربعـات الـيت كانـت ،وبسبب قرب انتهاء مدة واليته ، األمريكي نيكسون

    عمليـات غسـيل األمـوال للتربعـات الـيت وقامت بتنفيذ عدة توجه لدعم محلة إعادة انتخاب الرئيس ،

    ةومـن تلـك العمليـات مـا قـام بـه مـدير شـركة خطـوط الطـريان األمريكيـ 2.كان يتم التـربع �ـا للحملـة

    مت هـــذه األخـــرية حيـــث ســـلّ ، )عمـــاركو(مـــن إنشـــاء شـــركة ومهيـــة لبنانيـــة حتـــت اســـم ) جـــورج ســـباتر(

    لشركة عن مبيعات قطـع غيـار لطـريان الشـرق األوسـط رباح احملققة هلذه اا قيمة األرة على أ�ّ فواتري مزوّ

    والــيت قيمــة هــذه الفــواتري املــزورة للشــركة اللبنانيــة عوبعــد ذلــك قامــت شــركة اخلطــوط األمريكيــة بــدف،

    حتويلهــا ومــن مثّ رة مبائـة ألــف دوالر ،مــوال يف أحـد البنــوك السويســرية واملقــدّ بـدورها أودعــت هــذه األ

    ـــا إىل حســـا�م يف نيويـــو إىل جلنـــة إعـــادة "جـــور ســـباتر"مت يف األخـــري مـــن قبـــل حيـــث ســـلّ ، رك برقي

    3.انتخاب الرئيس

    ا كــان ورّمبــ ظــاهرة تبيــيض األمــوال هلــا جــذور موغلــة يف القــدم ، أنّ 4اآلخــر هــذا ويــرى الــبعض

    كــان املرابــون ففــي هــذه األخــرية، ذلــك يرجــع إىل العصــور الوســطى يف القــارة األوربيــة يف مرحلــة أوليــة

    ه مـن فوائـد تسـري بشـكل رب تقـدمي القـروض لآلخـرين مبـا تغلّـوالذين يرغبون يف حتقيـق أرباحـا طائلـة عـ

    ا مــــن وإزاء قيــــام الكنيســــة الكاثوليكيــــة بتحــــرمي الربــــا مل جيــــد هــــؤالء األشــــخاص بــــدّ ، رد ومســــتمر طّــــم

    1 - Vernier .Eric « techniques.de blanchiment et moyens de lutte » Ed. Dunod.

    paris.2005 P.35.

    2010سنة ، 2ط دار الثقافة للنشر ، حممود حممد سعيفان ، حتليل وتقييم دور البنوك يف مكافحة عمليات غسيل األموال ، - 2

    .17ص ، م املركز اجلامعي ، يف القانون العام ، مذكرة لنيل شهادة املاجستري ، بيوض جياليل ، آليات الرقابية على تبييض األموال ، - 3

    . 9ص م ، 2007 - م 2006 السنة اجلامعية ،، معسكر

    سنة بعةط سكندرية ،اإل اجلديدة للنشر ،لدار اجلامعية ا عمليات غسل األموال وآليات مكافحتها ، حممد علي العريان ، - 4

    . 9ص م ، 2005

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    10

    عـــاءات الكاذبـــة دّ ، واإلتـــورط يف العمليـــات ، واملمارســـات التحايـــل علـــى هـــذه الكنيســـة مـــن خـــالل ال

    .�دف إخفاء طبيعة هذه الفوائد اليت حيصلون عليها وإظهارها بصورة مغايرة ملا كانت عليه

    جرميـة تبيـيض األمـوال قـد ارتبطـت منـذ القـدم بأعمـال القرصـنة البحريـة أنّ كما هناك من يعتـرب

    وعصــابته يف henry every" هنــري ايفــري"والــيت مــن أشــهرها عمليــات القرصــنة الــيت قــام �ــا ،

    ر بعدها التقاعد واالستمتاع بغنائمه يف إحدى القـرى السـاحلية واليت قرّ احمليطني األطلنطي واهلندي ،

    ســـلوبه يف يـــة ، إالّ أّن أىل حتريـــك أموالـــه مـــن خـــالل أعمـــال جتار ،وســـعى إوعـــاش فيهـــا باســـم مســـتعار

    مــا علــيهم مــن ديــون لــه ، و مل يســتطع ســداد ورفــض املتعــاملون معــه قــا ،غســل األمــوال مل يكــن موفّ

    مــر الــذي جعلــه يــؤثر الصــمت علــى لك خشــية أن ينكشــف أمــره وتصــادر أموالــه األذبــالغ الشــرطة بــإ

    ر الصــني قبــل انتيجــة قيــام جتّــض األمــوال يعــود إىل آالف الســنني ، مضــمون تبيــي أنّ وقيــل .1متــابعتهم

    .2عة لكي ال تصادر من قبل السلطاتاملشرو بإخفاء أمواهلم الغري ،ألفي سنة من امليالد

    ه مادامــت هنــاك ألنّــ، 3كمــا يقــول الــبعض أّن مثــل هــذه اآلراء تنقصــها الدقــة التارخييــة ،غــري

    وتضليل ا�تمع وتـدوير عوائـد ه يوجد معها احلرص على التخفي ،جرمية مالية أو ذات عائد مايل فإنّ

    وإن مل يأخـذ أو االسـتفادة منهـا لتمويـل عمليـات إجراميـة ، ، اجلرمية يف مشروعات أو أنشطة أخـرى

    . نفس األساليب والوسائل املعاصرة

    ذا كانــت جرميــة تبيــيض األمــوال كمــا جــاء آنفــا جرميــة قدميــة علــى اخــتالف بــني الفقهــاء فــإنّ إ و

    عاجلتهـا نصـوص اتفاقيـة فقـدجـع بدايتـه إىل آخـر الثمانينـات ، االهتمام �ا من قبـل ا�تمـع الـدويل ير

    ت صــــور دوحــــدّ ، م ملكافحــــة االجتــــار غــــري املشــــروع باملخــــدرات 1988لألمــــم املتحــــدة يف "فيينــــا"

    مـــوال الناجتـــة ملكافحـــة هـــذه اجلرميـــة ، ومصـــادرة األىل وضـــع نصـــوص تبيـــيض األمـــوال ودعـــت الـــدول إ

    حــول منــع اســـتخدام م 1988يف اصــدرت جلنــة بــازل بيانــأ مث والتعــاون الــدويل ملواجهتهــا ،، عنهــا

    ، الواليــات بلجيكــا ،كنــدا ملانيــا ،األمــوال وهــي اللجنــة املكونــة مــن أ النظــام املصــريف ألغــراض تبيــيض

    صـدر جملـس ا ، السويد، سويسرا ، مث بعد ذلـك أ، اجنلرت ، هولندا ، اليابان ، إيطاليا ، فرنسا املتحدة

    حكام القانون الدويل العام ،دار أية عن جرائم غسل األموال يف ضوء ينظر نبيل حممد عبد احلليم عواجة ، املسؤولية الدول - 1

    .25النهضة العربية ،دون سنة طبع ، ص

    . 17م ،ص 2004سنة املؤسسة احلديثة للكتاب ، س لبنان ،طرابل خالد سليمان تبييض األموال جرمية بال حدود ، - 2

    . 37م ،ص 2004،سنة 1ط القاهرة ، دار النشر للجامعات ، جرمية غسل األموال يف الفقه اإلسالمي ، عطية فياض ، - 3

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    11

    جتــة والتفتــيش واحلجــز واملصــادرة لألمــوال النا، م بشــأن تبيــيض األمــوال 1990روبــا اتفاقيــة يف عــام و أ

    م توجيهــــا ملزمــــا بشــــأن منــــع 1991حتــــاد األورويب يف عــــام عــــن اجلــــرائم الــــيت حــــّدد�ا ، مث أصــــدر اإل

    صــــدرت جلنــــة العمــــل املــــايل لغســــيل األمــــوال ، مثّ أاســــتخدام النظــــام املــــايل ألغــــراض تبيــــيض األمــــوال

    وكــان ، ر الــدول الصــناعية الســبع ملواجهــة تبيــيض األمــوالتوصـيا�ا األربعــني والــيت تعــرب عــن وجهــة نظــ

    وملزيــد مــن تســليط الّضــوء علــى جرميــة تبيــيض ،1م1997م ، وّمت تعــديلها يف ســنة 1989عــام ذلــك

    ماهيـة جرميـة تبيـيض األمـوال يف القـانون الوضـعي و الشـريعة اإلسـالمية ، رق إىلطاألموال البّد من الت

    راحــل وأســاليب تبيــيض األمــوال ومــا تنطــوي عليــه مــن آثــارم التطــرق إىل، وكــذا ) الفصــل األول( يف

    ) . فصل ثاين( صعدة يفعلى مجيع األ

    ل املصارف من الوجهتني أعما اجلديد يف ،موال يف نطاق التعاون الدويل هذى حامد قشقوش ، جرمية تبييض األيراجع يف ذلك - 1

    ، 1ط بريوت ،، منشورات احلليب احلقوقية ، أعمال املؤمتر العلمي السنوي لكلية احلقوق جبامعة بريوت ، القانونية واالقتصادية ،

    .14ص ، 3ج، م 2006

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    12

    الفصل األول

    ماهية تبييض األموال

    وذلـك باعتبـار أن الرتمجـة ، مصطلح غسيل األمـوال هـو أنسـب املصـطلحات أنّ 1البعض يرى

    ا إضــافة إىل أّ�ــ تعــين غســيل األمــوال ، money launderingالدقيقــة للمصــطلح اإلجنليــزي

    ت �ا يف وثائقهـا علـى سـبيل املثـال التوصـيات األربعـني اخلاصـة ذحدة وأخالرتمجة اليت أقر�ا األمم املتّ

    ..كافحة عمليات غسيل األموالمبكافحة عمليات غسيل األموال الصادرة عن اللجنة الدولية مل

    اللــة علــى مصــطلح غســيل مــن جهـة اللغــة العربيــة ال يســتقيم يف الدّ أنّ 2يـرى الــبعض اآلخــرو

    وال يـــدخل يف داللـــة هـــذه العبـــارة طريقـــة مقصـــوده ،إذ معنـــاه األمـــوال الناجتـــة عـــن الغســـل فحســـب ،

    :فيها داللتان ألنّ " غسيل" بدل " تبييض" ل استعمال ولذلك يفضّ الغسل ،

    .التمويه بإظهار الشيء على غري ما هو عليه يف باطن األمر :األوىل

    .ن حصول هذا واقع من فاعل عامد لذلكأ :الثانية

    .وهذان املعنيان ال تقيدمها كلمة غسيل

    تبييض "وكلمة ، "غسل األموال"كلمة أنّ ، وهي 3وهناك نظرية أخرى جتمع بني الرأيني

    ف يف أموال وهذا يعين استخدام حيل ووسائل وأساليب للتصرّ .يلتقيان يف داللة مفهومهما "األموال

    وهذا يشمل األموال املكتسبة . عليها ، إلضفاء الشرعية ، وغري قانونية مكتسبة بطرق غري مشروعة

    فاصطالح .ة، ومكافآت أنشطة اجلاسوسي التجاري وتزوير النقود الغشّ وأ واالختالس، من الرشوة

    أو ، قتصاد اخلفي اصطالح عصري وهو بديل لال " األموالتبييض " ، و" غسل األموال"

    ، وهو كسب األموال من مصادر غري مشروعة، أو اقتصاديات الظلّ ، ديات السوداء االقتصا

    عاً ، واستثمارها يف أنشطة مباحة شر مشروعة األموال احلرام بأموال أخرى خلط هذه وأحيانًا يتمّ

    .15ص ، املرجع السابق خالد رميح تركي املطريي ، البنوك وعمليات غسيل األموال ، - 1

    . 17ص ،. م2008، طبعة سنة سكندريةاإل دار اجلامعية اجلديدة ، موال ،العوملة املالية وتبييض األ عبد احلكيم الشرقاوي ، - 2

    /http://ar.wikipedia.org :موقع ويكيبيديا - 3

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    13

    ، بعد تضليل اجلهات األمنية من املساءلة القانونية فالتنًا إلخفاء مصدرها احلرام واإلوقانو

    .والرقابية

    اللة اليت للدّ " غسيل األموال" على " تبييض األموال" تسمية و الباحث بدوره فّضل

    يف كل "تبييض األموال "ع اجلزائري ملصطلح املشرّ إضافة إىل ذلك لتبّين تتضمنها هذه الكلمة ،

    :التالية 1من التشريعات

    8املؤرخ يف 156 -66املعدل واملتمم ألمر 2004نوفمرب 10املؤرخ يف 15 - 04قانون -

    ، حيث مت مبوجب هذا القانون إدراج تبييض األموال 2و املتضمن قانون العقوبات 1966يونيو

    و ذلك يف قسم خاص حتت عنوان تبييض ،صة �اكجرمية قائمة بذا�ا هلا أركا�ا وعقوبا�ا اخلا

    . 7مكرر389إىل 389يتضمن املواد من ،األموال

    يتعّلق بالوقاية من تبيض األموال و متويل اإلرهاب 2005فرباير 6مؤرخ يف 01 -05قانون -

    4. م 2012فرباير 13مؤرخ يف 02- 12املعدل واملتمم بالقانون 3.ومكافحتهما

    .5م،يتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته2006- 02 20مؤرخ يف 22-06القانون -

    :اهلدف من وراء تبييض األموال أمرين أساسيني إنّ

    .أمواال مشروعة على أّ�ا هذه األموال ظهرأن ت -

    ، منهـا جلرائم اليت مت حتصـيلها ا هي ، و غري املشروع هامصدر و لة فيما بني هذه األموالالصّ قطع -

    أو إخفـاء مثارهـا ، األوىل إخفاء اجلرمية بإخفاء آثارهـا : وبذا يتحقق للحائز على هذه األموال فائدتان

    . أي إبعاد الشبهة

    م ، حيـــــــث اســـــــتعمل 2015املتضـــــــّمن قـــــــانون املاليـــــــة التكميلـــــــي لســـــــنة يوليـــــــو 23املـــــــؤرّخ يف 01 – 15عـــــــدا األمـــــــر رقـــــــم - 1

    .منه 43املشرّع ألول مرة مصطلح غسل األموال ألول بل تبييض األموال ينظر املادة .71، العدد م 2004لسنة اجلريدة الرمسية ، -2

    .11م ، العدد 2005اجلريدة الرمسية لسنة - 3

    .08العدد ، م 2012فرباير 15اجلريدة الرمسية مؤرخة يف - 4

    .84م ، العدد 2006 ةاجلريدة الرمسية لسن - 5

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    14

    1.أما الثانية عدم ضياع هذه األموال يف حالة اكتشاف اجلرمية حبكم املصادرة

    ، والقــوانني الّدوليــة االتفاقيــات، فــإّن تبيــيض األمــوال هــو اهلــدف الرئيســي مــن وإذا كــان هــذا

    بّينـــت األفعـــال الـــيت تشـــّكل جرميـــة تبيـــيض مبـــا فيهـــا القـــانون اجلزائـــري قـــد الّداخليـــة لكثـــري مـــن الـــّدول

    ، وذلــك يــدخل الفعــل يف إطــار احلظــر والتجــرميحــّىت ، وكــذا املصــدر غــري املشــروع لألمــوال ، األمــوال

    . قوانني الّداخلية للّدولو ال على اختالف فيما بني هذه االتّفاقيات ،

    مـوال مل غم مـن أّن مصـطلح تبيـيض األله مفهومـه هلـذه اجلرميـة علـى الـرّ الفقه اإلسالمي كما أنّ

    و األمسـاء كمـا ، صول وجذور يف بطون الفقـه شّك أّن أحكام معناه ومضمونه هلا أ لكن ال، يرد فيه

    :قال الفقهاء ثالثة أنواع

    ونـوع يعـرف غـة كالشـمس و القمـر ،ه باللّ ونوع يعرف حدّ الصالة و الزكاة ،رع كما يعرف حده بالشّ

    " اصــطالح أنّ و ال شــكّ .2"وعاشــروهن بــالمعروف:"ه بــالعرف كلفــظ املعــروف يف قولــه تعــاىل حــدّ

    3. هو من النوع الثالث " غسيل األموال" أو "تبييض األموال

    ســـالمية الشــريعة اإل معنـــاه يف القــانون الوضـــعي وفهــم هـــذا املصــطلح ومعرفــة ق يف وملزيــد مــن التعّمـــ

    : م الباحث هذا الفصل إىل مبحثني قسّ

    ) .مبحث أول (سالمية مفهوم جرمية تبييض األموال يف القانون الوضعي والشريعة اإل

    ) . مبحث ثاين( ساس جترمي تبييض األموال يف القانون الوضعي والفقه اإلسالميأ

    .في القانون الوضعي و الشريعة اإلسالمية جريمة تبييض األموال مفهوم: المبحث األول

    والـيت كـان ، تعتـرب مـن اجلـرائم املسـتحدثة يف التشـريعات اجلنائيـة للـدول جرمية تبييض األمـوال نّ إ

    ول علـــى ضـــرورة جتـــرمي بعـــض ت الـــدّ أســـاس جترميهـــا تلـــك االتفاقيـــات و اإلعالنـــات الدوليـــة الـــيت حثّـــ

    هــذه التشــريعات الدوليــة و غــري أنّ مهــا القــانون ،لة مــن أفعــال جيرّ املتعلقــة بــاألموال املتحّصــالعمليــات

    يف هـــذا املبحـــث الباحـــث اولا حــول عمليـــات تبيـــيض األمـــوال لــذا حيـــد تعريفـــا دقيقـــالداخليــة مل حتـــدّ

    ، الرياض ، 1أكادميية نايف العربية للعلوم األمنية ، ط –اجلرمية الدولية يف العامل –مصطفى عبد ا�يد كارة ، اجلرمية املنّظمة -1

    . 74م ص 1999سنة . 19سورة النساء ، آية - 2هاين السبكي ، عمليات غسيل األموال ، دراسة موجزة وفقا للمنظور اإلسالمي وبعض التشريعات الدولية و الوطنية ، دار - 3

    .568م ، ص 2008اجلامعية اجلديدة ،

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    15

    الفقــه بيــان حــدود مفهومهــا يف مثّ تعريــف هــذه اجلرميــة يف القــانون الوضــعي وخصائصــها ، معرفــة حــدّ

    :اإلسالمي من خالل مطلبني

    .تعريف جرمية تبييض األموال: األول

    .خصائص جرمية تبييض األموال: الثاين

    .تعريف جريمة تبييض األموال :المطلب األول

    ويتنـــــاول هـــــذا املطلـــــب تعريـــــف مصـــــطلح تبيـــــيض األمـــــوال يف اللغـــــة يف فـــــرع أول ، مث تعريفـــــه

    ون ســواء القــانون الــدويل أو الــوطين ، ويف اصــطالح فقهــاء القــانون اصــطالحا ،أّي يف اصــطالح القــان

    يف فرع ثاين ، مثّ خنّصص فرع ثالث مستقّل ملفهوم جرمية تبييض األموال يف الشـريعة اإلسـالمية لتقريـر

    . إن كانت الشريعة اإلسالمية وفقهاؤها قد عرفوا مضمون ومعىن هذه اجلرمية يف أحكامهم

    .موال لغة مصطلح تبييض األتعريف : األولالفرع

    .وهو مصطلح مركب من لفظني تبييض و األموال

    .مصطلح تبييض في اللغة :أوال

    . بـَــيََّض اهللاُ َوْجَهــُه : يـَُقــاُل . ِضــدُّ َســوََّدُه : بـَيََّضــه تـَْبِييضــاً جــاء يف تــاج العــروس يف كلمــة بــيض،

    جــاز َــقاَء ِإذا : مــن امل ــاَغاِينّ بـَــيََّض السِّ ، نقلــه اجلَــْوَهرِّي والصَّ

    ــاِء واللَّــَنبَِبـَيََّضــه أَيضــاً ، ِإذا . َمــألَُه مــن امل

    فـَرََّغُه ، وهو ِضدٌّ ، نـََقَله الصَّاَغاِينّ وَصاِحُب اللَِّسان ، وهو َجمَاز1 .

    ُبَـ . ِضـــدُّ َســـوََّدُه وَمـــألَه وفـَرََّغـــُه ِضـــدٌّ : وبـَيََّضـــه ويف قـــاموس احملـــيط ِفْرقَـــٌة مـــن : ّيَضـــُة كمحّدثَـــٍة وامل

    ــًة لِلُمَســّودِة مــن الَعبَّاِســّيَني . ِضــدُّ اْســَودَّ واْســوادَّ : وابـْــَيضَّ وابْيــاضَّ . الثـََّنِويَّــِة لَِتْبِييِضــِهْم ثِيــابـَُهْم ُخمَالَف2

    بـَّيَض الشيَء جعله أَبـَْيَض وقد بـَيَّْضت الشيء فابـَْيضَّ ابِْيضاضـاً وابْيـاّض ابِْييضاضـاً يف لسان العرب،و

    اهر القاموس ،تاج العروس من جو حمّمد بن حمّمد بن عبد الرزّاق احلسيين ، أبو الفيض ، امللّقب مبرتضى الزَّبيدي ، الزبيدي ، - 1

    .265ص ، 18ج ، بع، بدون سنة ط دار اهلداية ، جمموعة من احملققني: يق حتق

    .638ص، م 2005سنة ، 8ط مؤسسة الرسالة ،، القاموس احمليط الفريوز آبادي ، الفريوز آبادي ، حممد بن يعقوب ، - 2

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    16

    والبَـيّـــاُض الـــذي يـُبَــــيُِّض الثيـــاَب علـــى النســـب ال علـــى الفعـــل َألن حكـــم ذلـــك ِإمنـــا هـــو ُمبَــــيِّضٌ 1 .

    .المال لغةمصطلح : ثانيا

    ما ملكته من مجيع األشياء

    املال يف األصل ما ميلك من الذهب والفضة مث أطلق على كل ما يقتىن : قال ابن األثري

    2.وميلك من األعيان وأكثر ما يطلق املال عند العرب على اإلبل أل�ا كانت أكثر أمواهلم

    جتارة كل ما ميلكه الفرد أو متلكه اجلماعة من متاع أو عروض وجاء يف املعجم الوسيط املال

    3.أو عقار أو نقود أو حيوان مجع أموال وقد أطلق يف اجلاهلية على اإلبل ويقال رجل مال ذو مال

    َ�ى عن : أَْمواٌل ، ويف احلديِث : ما مَلْكَتُه من ُكلِّ شيٍء ، مجع : وجاء يف تاج العروس املاُل

    إنفاقُه يف : إضاَعُته : يـُْهَمُل ، وقيل أَراَد به احليواَن ، َأي ُحيَسُن إليه وال: قيَل . إضاَعِة املاِل

    عاصيَ .4امل

    اُل معروفوجاء يف خمتار الصحاح َورجل ماٌل أي كثري املال و َمتَوََّل الرجل صار ذا ماٍل ، امل

    .و َموََّلُه غريه َمتِْوياليف اللغة مصطلح جمازي أطلق على األموال القذرة "تبييض األموال " فمصطلح5

    رها غري شرعي و اتسمت بسواد عدم املشروعية فاقتضى من مكتسيب هذه األموال أي اليت مصد

    .تبييضها بطرق وأساليب شرعية حتّيال قصد جعلها نظيفة بيضاء وكاّ�ا أمواال شرعية

    .تعريف جريمة تبييض األموال اصطالحا :الثاني الفرع

    ويتطرق الباحث يف هذا الفرع إىل معرفة معىن هذه اجلرمية لدى القانون ، مبا فيه القانون

    الدويل متمّثال يف االتفاقيات الدولية ، و اإلعالنات اليت جاءت �ذا اخلصوص ، وكذا القانون

    . 122، ص 7،ج 1ط، بريوت ،املصري ، لسان العرب ، دار صادر ، حممد بن مكرم بن منظور األفريقي ابن منظور - 1 .428، ص 30الزبيدي ، تاج العروس ، املرجع السابق ، ج - 2

    دار الدعوة ،جممع اللغة العربية : ، املعجم الوسيط حتقيق حممد النجار - حامد عبد القادر -أمحد الزيات ، براهيم مصطفىإ - 3

    .892ص ، 2ج، مصر ، للطبع والنشر ، اإلسكندرية

    .427، ص 30ج املرجع السابق ،يدي ، الزب - 4

    ، بريوت، ناشرون ، مكتبة لبنان ،مود خاطر حم: حتقيق ، خمتار الصحاح، القادر الرازي الرازي ، حممد بن أيب بكر بن عبد- 5

    .642، ص م1995 -ه 1415، سنة طبعة جديدة

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    17

    لدولية مل تأت اجلزائري ملعرفة حدود التعريف الذي أخذ به املشرع اجلزائري ، باعتبار أّن االتفاقيات ا

    كما يتم التطرق يف . بتعريف ومفهوم موّحد ، بل هناك تباين بينها يف التوّسع والتضييق يف املفهوم

    هذا الفرع إىل جمموعة من التعريفات اليت جاء �ا شرّاح ، وفقهاء القانون الوضعي ، وإبراز التعريف

    .الشامل واملانع الذي يستوعب مجيع أركان هذه اجلرمية

    .جريمة تبييض األموال في اصطالح القانون:أوال

    التشريع الدويل ، وبعض التشريع الداخلي و منه التشريع اجلزائري مبا يتضمنه واملقصود بذلك

    املتعلق مبكافحة تبييض األموال ومتويل اإلرهاب 01 – 05من قانون العقوبات ، وقانون رقم

    . والوقاية منهما

    .التشريع الّدوليفي اصطالح - أ

    ويشمل االتفاقيات واإلعالنات الدولية اليت أعطت هلذه اجلرمية تعريفات وحّثت الدول

    املوقعة واملصادقة على هذه االتفاقيات على إدراجها يف تشريعا�ا ، مبا يتناسب القوانني و األنظمة

    ة هلذه الدول ، باعتبار التوسع يف الداخلية هلذه الدول ، وكذا مبا يتناسب والظروف االقتصادي

    .مفهوم هذه اجلرمية قد ينعكس سلبيا على الدول صاحبة االقتصاد اهلش و خاصة الدول النامية

    ولعّل من ابرز الصكوك و اإلعالنات الدولية اليت تناولت جرمية تبييض األموال وأعطت له مفهوما

    :خاصا ما يلي

    1.االتجار غير المشروع في المخدرات، و المؤثرات العقليةاتفاقية األمم المتحّدة لمكافحة -1

    ، فقــد م1988ديســمرب ســنة 20الصــادرة بتــاريخ " باتفاقيــة فيينــا"وتعــرف هــذه االتفاقيــة

    ، مــع األفعــال الــيت مــن شــأ�ا حتويــل األمــوال ونقلهــا "يف املــادة الثانيــة بأنــه عرّفــت تبيــيض األمــوال

    ، أو مــن فعــل مــن أفعــال االشــرتاك يف مثــل جرميــة مــن جــرائم املخــدرات مــن أيّ العلــم بأّ�ــا مســتمّدة

    ، املتضّمن املصادقة مع التحّفظ على اتفاقية األمم املّتحدة ملكافحة 1995فرباير 28مؤرّخ يف 41 -95مرسوم رئاسي رقم -1

    بتاريخ اجلريدة الرمسية ، ، م1988ديسمرب 20و املؤثّرات العقلية املوافق عليها يف فيينا بتاريخ ، الّجتار غري املشروع باملخّدرات ا

    .07العدد رقم ، 1995فرباير 15

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    18

    شـــخص متـــوّرط يف ، أو مســـاعدة أيّ ، �ـــدف إخفـــاء املصـــدر غـــري املشـــروع لألمـــوال هـــذه اجلرميـــة

    كــذلك إخفــاء أو ، أو اجلــرائم لإلفــالت مــن العواقــب القانونيــة ألفعالــه ،و ارتكــاب مثــل هــذه اجلرميــة

    ، أو احلقـوق ، أو حركتهـا ، أو طريقة التصرف فيها ، أو مكا�ا ، أو مصادرها والمتويه حقيقة األم

    ". ال االشرتاك يف مثل هذه اجلرائم، أو ملكيتها مع العلم بأّ�ا مستمّدة من فعل أو أفع املتعّلقة �ا

    ، نطاقــا، وهــو يعــّد بــذلك أضــيق اخلاّصــة اتريفــتــرب مــن التعويالحــظ أّن تعريــف االتفاقيــة يع

    ذلــك 1ر بعــض الفقـهوقــد فّسـ.بسـبب اقتصــاره علـى الســلوك املـرتبط جبرميــة املخـدرات كجرميــة أصـلية

    قيــة كانــت العصــابات والتنظيمــات اإلجراميــة الــيت تتــاجر باملخــدرات هــي ثنــاء توقيــع االتفابكــون أّن أ

    تبييضـها علـى كـان يـتمّ غلـب األمـوال الـيت صـاديات الوطنيـة ، وأّن أكثر التنظيمـات تـأثريا علـى االقتأ

    . ار باملخدراتمستوى العامل كانت تلك الناجتة عن االجتّ

    مـــــم املتحـــــدة ملكافحـــــة االجتـــــار غـــــري املشـــــروع باملخـــــدرات و وجتـــــدر اإلشـــــارة إىل أّن اتفاقيـــــة األ

    حيــث، تعــد مــن أوىل الوثــائق الدوليــة الــيت تصــّدت ملعاجلــة جرميــة تبيــيض األمــوال ، املــؤثرات العقليــة

    ت يف املـادة الثالثـة علـى جتـرمي االشـرتاك ، كمـا نّصـ نت صور السلوك املادي جلرمية تبييض األمـوالبيّ

    أو ، و املســاعدة ، أو الشــروع فيهــا ، أو التواطــؤ علــى ذلــك ارتكــاب اجلــرائم املنصــوص عليهــا ، أيف

    .بداء املشورة بقصد ارتكا�ا، أو إأو تسهيل القيام �ا ، التحريض عليها

    . م1988إعالن بازل لعام -2

    مجيع العمليات املصرفية اليت �دف إىل " هبأنّ تبييض األموال 2إعالن بازل ففقد عرّ

    1 - Dupuis-Marie- Christine ;Finance Criminelle, comment le crime organisé

    blanchit l’argent sale ,PUF, paris,1998, p8.

    للنظام املصريف ألغراض تبييض يبازل ويعين مبنع االستخدام اجلرممن قبل جلنة م ،1988عالن يف ديسمرب صدر هذا اإل - 2

    وتتألف من ممثلي املصارف املركزية والسلطات وجلنة بازل معنية باألساس باملنظمة املصرفية وممارسات اإلشراف عليها ، األموال ،

    ، ملانيا أ :عالن بازل هيإعة على ول املوقّ الدّ ىل أنّ إشارة وجتدر اإل، املشرفة على املصارف لكل دولة من الدول الصناعية العشر

    شارة كما جتدر اإل. وسويسرا السويد ، ، اجنلرتا هولندا ، اليابان ، إيطاليا ، املتحدة األمريكية ،فرنسا ، الواليات، كندا ، بلجيكا

    بلجنة بازل للرقابة املصرفية"حيث أمانتها الدائمة ، ومن هنا جاءت التسمية ، "ببازل السويسرية"عادة ما جتتمع هذه اللجنة ىل أنّ إ

    املرجع السابق ، ، موالسؤولية الدولية عن جرائم غسل األامل نبيل حممد عبد احلليم عواجة ، :للمزيد من التفصيل ينظر / . "

    اجلديد يف أعمال املصارف ، املرجع السابق ، ، جرمية تبييض األموال يف نطاق التعاون الدويل، هدى قشقوش / .46ص

    .14ص

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    19

    مفهوم تبييض من قد وّسع يبدو منه ّن هذا التعريفأ، حيث 1"إخفاء املصدر اجلرمي لألموال

    ، واالجتار مثل اجلرائم املعلوماتية األموال ليشمل مجيع اجلرائم اليت ينتج عنها أموال غري مشروعة

    ، وغريها من واالجتار غري املشروع باألسلحة ، طفال باألعضاء البشرية ، واالجتار بالنساء و األ

    .موالحا طائلة قد تكون حمالّ لتبييض األربااجلرائم اليت تذّر أ

    .م1990بشأن تبييض األموال لسنة " ستراسبورغ"اتفاقية -3

    أو متويه حقيقة ، أو نقل ، ه حتويل موال بأنّ تبييض األ 2"اتفاقية سرتاسبورغ" فتفقد عرّ

    أو ، أو احلقوق املتعلقة �ا ، أو حركتها ، أو مصدرها ومكا�ا وطريقة التصرف فيها ، األموال

    و مستمدة رائم منصوص عليها يف االتفاقية ، أأو ج، ا مستمدة من جرمية ملكيتها مع العلم بأ�ّ

    بازل ، �ا شأن إعالن أفهذه االتفاقية ش. 3من أفعال االشرتاك يف مثل هذه اجلرمية أو اجلرائم

    موال فلم يعد يقتصر فقط على عمليات تبييض األموال الناجتة عن وّسعت من مفهوم تبييض األ

    .جرامية أخرىدرات ، وإّمنا تعّداه ليشمل نشاطات إاملشروع باملخار غري االجتّ

    ار غري املشروع ملكافحة االجتّ " فيينا" هذه االتفاقية تتميز عن اتفاقية وعليه فإنّ

    4:باملخدرات بأمرين اثنني ومها

    ، املشروع ع يف نطاق التجرمي ، ليشمل مجيع حاالت تبييض األموال ذات املصدر غري التوسّ -

    .ار غري املشروع باملخدرات وليس فقط اليت يكون مصدرها االجتّ

    . عدم اشرتاط أسبقية العلم باملصدر غري املشروع لألموال املبيضة -

    .32، ص ، املرجع السابق نادر عبد العزيز شايف - 1

    م ،1990لة عن جرمية غسل األموال لعام حصّ توتعقب وضبط ومصادرة العائدات املوهي اتفاقية جملس أوربا بشأن غسل - 2

    م من الدول األعضاء يف 1990نوفمرب 8، وقد مت التوقيع علي االتفاقية يف "م 1990اتفاقية سرتاسبورغ لعام "واملعروفة باسم

    باع سياسة جنائية مشرتكة حلماية ا�تمع من إتة احلاجة إىل تلبي ىلإو �دف هذه االتفاقية يب ،األورو اد دول االحتّ يّ ، أروبا و جملس أ

    موال بني االتفاقيات الدولية جرائم غسل األ حممود حممد ياقوت ، :ينظر . يت باتت متثل مشكلة دولية كبريةال، اجلرائم اخلطرية

    .58ص م ، 2012سنة سكندرية ،اجلامعي ، اإلدار الفكر مقارنة ، دراسة والتشريعات الوطنية ،

    .46، ص املرجع السابق، موال سؤولية الدولية عن جرائم غسل األامل نبيل حممد عبد احلليم عواجة ، - 3

    ، 1ط سالمي ،نة بني التشريع الوضعي والفقه اإلموال دراسة مقار املسؤولية اجلنائية عن غسل األ د ،حسني صالح عبد اجلوا - 4

    .158ص م ، 2009سنة النهضة العربية ، دار

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    20

    :م1999سنة االتفاقية الدولية لقمع تمويل اإلرهاب - 4

    على تبييض العائدات ة فعال املنصبّ األ 1االتفاقية الدولية لقمع ومتويل اإلرهاب فقد جّرمت

    من االتفاقية ة األوىل رهاب ، ويقصد بالعائدات حسب املادّ تأتية من ارتكاب جرمية متويل اإلامل

    أو غري مباشرة من ارتكاب جرمية من جرائم ، ل عنها بصورة مباشرة و يتحصّ األموال اليت تنشأ ، أ

    مجع أموال بنّية استخدامها ، أو من االتفاقية ، تقدمي ، أو 2ب املادة وهي حبس. متويل اإلرهاب

    ل جرمية يف نطاق إحدى املعاهدات ا أو جزئيا للقيام بعمل يشكّ ا ستستخدم كليّ �ّ هو يعلم أ

    عمل آخر يهدف إىل التسبب يّ دته االتفاقية ،أو القيام بأوبالتعريف الذي حدّ ، 2الواردة يف املرفق

    ح وال يكون هذا الشخص مشارك شخص آخر أو إصابته جبرو أو أيّ ، يف موت شخص مدين

    أو ، ها لرتويع السكان و عندما يكون غرض هذا العمل حبكم طبيعته موجّ ، يف عمليات عدائية

    . مة على القيام بعمل أو االمتناع عن القيام بهأو منظّ ، إلرغام حكومة

    أو العائدات اليت ، ا حتصر تبييض األموال فقط يف تلك األموال ه يفهم من االتفاقية أ�ّ و عليه فإنّ

    .تكون ناجتة عن فعل من األفعال املذكورة يف االتفاقية

    :اتفاقية األمم المّتحدة لمكافحة الجريمة المنّظمة عبر الوطنية - 5

    من خالل املادة 3األمم املتحدة ملكافحة اجلرمية املنظمة عرب الوطنية اتفاقيةويظهر تعريف

    :ية ودعت إىل جترميهاتبييض األموال الصور التالحيث اعترب ت من عمليات ، السادسة

    أو متويه املصدر غري ، حتويل املمتلكات أو نقلها مع العلم بأ�ا عائدات جرائم بغرض إخفاء -

    شخص ضالع يف ارتكاب اجلرم األصلي الذي أو مساعدة أيّ املشروع لتلك املمتلكات ،

    .تأّتت منه على اإلفالت من العواقب القانونية لفعله

    ، املصادق عليها من قبل اجلزائر مبوجب 1999ديسمرب سنة 9املعتمدة من طرف اجلمعية العامة ملنظمة األمم املتحدة بتاريخ - 1

    الرمسية ينظر اجلريدة . 2000ديسمرب سنة 23املوافق1421رمضان عام 27املؤرخ يف 445-2000املرسوم الرئاسي رقم

    .ولد األالعد ، م2001جانفي 03للجمهورية اجلزائرية ،الصادرة بتاريخ

    ،م 1970ع االستيالء غري املشروع على الطائرات لسنة ماتفاقية ق: االتفاقيات من بينها مرفق االتفاقية يضم جمموعة من - 2

    م ،اتفاقية احلماية 1979ة مناهضة أخذ الرهائن لسنة م ،اتفاقي1971عمال غري املشروعة ضد الطريان املدين لسنة اتفاقية قمع األ

    . املادية للمواد النووية وغريها من االتفاقيات للمزيد من التفصيل ينظر االتفاقية املذكورة سابقا

    املصادق عليها من قبل اجلزائر بتحفظ م ،2000نوفمرب 15مم املتحدة يوم املعتمدة من طرف اجلمعية العامة ملنظمة األ - 3

    . 9م ،العدد 2002يناير 10 مؤرخة يفم ،اجلريدة الرمسية 2002فرباير 5املؤرخ يف 55 -02باملرسوم الرئاسي رقم

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    21

    أو كيفية التصرف ، أو مكا�ا ، أو مصدرها ، و متويه الطبيعة احلقيقية للممتلكات إخفاء أ -

    . ا عائدات جرائمأو احلقوق املتعلقة �ا مع العلم بأ�ّ ، أو ملكيتها ، أو حركتها ، فيها

    ا عائدات جرائم يها بأ�ّ و استخدامها مع العلم وقت تلقّ اكتساب املمتلكات ، أو حياز�ا ، أ -

    أو التآمر ، و التواطؤ يها يف هذه املادة ، أمن اجلرائم املنصوص عل املشاركة يف ارتكاب أيّ -

    رة ، وتسهيله وإسداء املشو على ارتكا�ا وحماولة ارتكا�ا واملساعدة والتحريض على ذلك

    .نهبشأ

    عت من اجلرمية األولية املتأتية منها األموال املراد وسّ هذه املاّدة يّتضح بأّن االتفاقية فمن خالل

    حبيث مل تقتصر على جرائم املخدرات كما هو الشأن بالنسبة للتعريف الذي جاءت به ، تبييضها

    االتفاقية الدولية لقمع متويل وكذا ، ار غري املشروع باملخدرات االتفاقية الدولية ملكافحة االجتّ

    .كر رهاب سابقيت الذّ اإل

    .في اصطالح التشريع الداخلي –ب

    ه تعريفـا ات تبيـيض األمـوال وحاولـت إعطائـبر ز التشريعات اليت تبنـت جتـرمي عمليـأولعل من

    :التشريعات التالية يتماشى واهلدف املرجو من التجرمي

    .م 1986مريكي لعام التشريع األ -1

    مـوال الناجتـة عـن ىل إخفاء طبيعة أو مصدر األعترب تبييض األموال كل عمل يهدف إحيث ا

    1. النشاطات اإلجرامية

    .ع الفرنسي يشر تال -2

    لســـــنة ، جرميــــة تبيـــــيض األمــــوال يف قـــــانون العقوبــــات اجلديـــــداملشــــرّع الفرنســـــي فقــــد عـــــّرف

    طريقــــة الكــــاذب بــــأيّ غســــيل األمــــوال هــــو تســــهيل التربيــــر :"بقولــــه 1ف 324م يف املــــادة 1996

    أو غــري ، ، أو دخــول فاعــل جنايــة أو جنحــة حتّصــل منهــا علــى فائــدة مباشــرة كانــت ملصــدر األمــوال

    .33ص ، السابقدر عبد العزيز شايف ، املرجع نا - 1

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    22

    أو ، أو إخفــاء ، ويعتــرب أيضــا مــن قبيــل تبيــيض األمــوال تقــدمي املســاعدة يف عمليــات إيــداع . مباشــرة

    1".أو غري املباشر جلناية أو جنحة، حتويل العائد املباشر

    غـري أو هذا التعريف قد وّسع من جترمي عمليـات تبيـيض األمـوال ليشـمل العائـدات املباشـرة ، و

    حيــث كانــت جرميــة علــى عكــس مــا كــان يتبنّــاه املشــرّع الفرنســي ســابقا ،، املباشــرة جلنايــة أو جنحــة

    خــّدرات حيــث كانـت تــرتبط جبنحـة امل، تبيـيض األمـوال يف التشــريع الفرنسـي ختضــع للتعريـف الّضـّيق

    1990املـؤرّخ يف 614 -90وهذا ما يظهر جليّـا يف القـانون رقـم ، دون غريها من اجلرائم، فقط

    اراالّجتـحيث اهتّم املشرّع �ذا القانون بدور املؤّسسات املالية يف مكافحة األموال املتحّصلة عـن ،م

    عــــن لهمتحّصـــأو العمليــــات الـــيت تبــــدو ، باملخـــّدرات و الــــيت ألزمهـــا بواجــــب اإلخطـــار عــــن األمـــوال

    مـن قـانون 415ون الصـّحة ومن قـان 627و املنصوص عليها يف املاّدتني ، إحدى جرائم املخّدرات

    2.اجلمارك

    .ع المصرييشر تال -3

    كـل "بأنّـه 3وىل مـن قـانون غسـل األمـوالتبييض األموال يف املاّدة األ املشرع املصري فقد عّرف

    أو ، أو حفظهــا ، أو إدار�ــا ، أو التصــرف فيهــا ، أو حياز�ــا ، ســلوك ينطــوي علــى اكتســاب أمــوال

    أو اســتثمارها أو نقلهــا أو حتويلهــا أو التالعــب يف قيمتهــا إذا ، أو ضــما�ا ، أو إيــداعها ، اســتبداهلا

    1 - Art.324-1Le blanchiment est le fait de faciliter par tout moyen la justification

    mensongère de L’origine des biens ou des revenus de L’auteur d’un crime ou d’un

    délit Ayant procuré a celui-ci un profit direct ou un direct .

    Constitue également un blanchiment le fait d’apporter un concours a une opération

    de placement de dissimulation ou de conversion du produit direct ou indirect d’un

    crime ou d’un délit. /code pénal ,109e, édition,2012 ,DALLOZ, p1127.

    ن األمحد ، مكافحة غسيل األموال يف ضوء التشريعات الّداخلية و االتفاقيات الّدولية ، منشورات احلليب وسيم حسام الّدي. د -2

    .98م ، ص2008، سنة 1احلقوقية ،بريوت ، ط

    م ، 2002ماي 22املتضمن قانون مكافحة غسل األموال املصري ، اجلريدة الرمسية مؤرخة يف 2002لسنة 80القانون رقم - 3

    23م ، العدد رقم 2003 يويون 8اجلريدة الرمسية مؤرخة يف .م2003لسنة 78رقم القانون:ني وننمكرر، املعدل بالقا 20العدد

    80م املعّدل لبعض أحكام قانون مكافحة غسل األموال املصري الصادر بالقانون رقم 2008لسنة 181و القانون رقم .مكرر

    .مكرر 25م ، العدد 2008يونيه 22م ، اجلريدة الرمسية مؤرخة يف 2002لسنة

  • تبییض األموال حقیقة باب تمھیدي

    23

    القـانون مـع العلـم بـذلك مـن هـذا 2كانت متحّصلة من جرمية من اجلرائم املنصوص عليها يف املاّدة

    أو ، أو مكانــــه ، أو مصــــدره ، مــــىت كــــان القصــــد مــــن هــــذا الســــلوك إخفــــاء املــــال أو متويــــه طبيعتــــه ،

    أو عرقلـــة ، احليلولـــة دون اكتشـــاف ذلـــك أو، أو تغيـــري حقيقتـــه ، فيـــه أو صـــاحب احلـــقّ ، صـــاحبه

    ."املال ارتكب اجلرمية املتحّصل منها ل إىل شخص منالتوصّ

    حصــر جتــرمي تبيــيض األمــوال يف جــرائم معّينــة حــّددها مبوجــب ياملشــرّع املصــر و يالحــظ أنّ

    حبيــث تعتــرب األمــوال املتحّصــلة منهــا حمــال جلرميــة تبيــيض مكافحــة غســل األمــوال قــانون مــن 2املــادة

    . 1األموال

    ع الجزائري يشر تال -4

    2:من األفعال التالية تبييضا لألموال كالّ املشرّع اجلزائري فقد اعترب

    ، رميــة ج أو غــري مباشــرة مــن ، مباشــرة أو نقلهــا مــع علــم الفاعــل بأّ�ــا عائــداتألمــوال يــل او حت -

    شــخص متــوّرط أو مســاعدة أيّ ، مــوالأو متويــه املصــدر غــري املشــروع لتلــك األ، بغــرض إخفــاء

    لسنة 78عدل بالقانون رقم امل املصر ، املتضمن قانون مكافح�