ﻡﻼﺴﻹﺍ ﺓﺭﺎﻗ ﺎ ﻴﻘﻴﺭﻓﺃ ﻥﻴﺭﺸﻌﻝﺍ ﻥﺭﻘﻝﺍ...

47
- ٣٩ - ﺃﻓﺭﻴﻘﻴ ﺎ ﻗﺎﺭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻡ" ﺍﻨﺘﺸﺎﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺃﻓﺭﻴﻘﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻝﻘﺭﻥ ﺍﻝﻌﺸﺭﻴﻥ" . ﺤﻭﺭﻴﺔ ﺘﻭﻓﻴﻕ ﻤﺠﺎﻫﺩ ﻤﻘﺩﻤﺔ: ﺃﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻝﻘﺭﻥ ﺍﻝﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ﻗﺭﻥ ﺍﻝﺘﺒﺸﻴﺭ ؛ ﺤﻴﺙ ﻥ ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﺍﻝﻘﺭﻭﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﻤﺎ ﺘﻭﺤﻲ ﺒﺒﺩﺍﻴﺔ ﻋﻬﺩ ﺠﺩﻴﺩ، ﻭﻜﺎﻥ ﺘﺄﺜﻴﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺫﻝﻙ ﺍﻝﻘـﺭﻥ ﻋﻠـﻰ ﺍﻝﺘﺒﺸـﻴﺭ ﺃﻥ ﺃﻨﺸﺌﺕ ﻭﻨﺸﻁﺕ ﺍﻝﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻝﺠﻤﻌﻴ ﺎﺕ ﺍﻝﺘﺒﺸﻴﺭﻴﺔ، ﺨﺎﺼﺔ ﺍﻝﺒﺭﻭﺘﺴـﺘﺎﻨﺘﻴﺔ، ﺍﻝﺘـﻲ ﺃﺨﺫﺕ ﺍﻝﻤﻬﻤﺔ ﺍﻝﺘﺒﺸﻴﺭﻴﺔ ﺒﺠﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻭﻝﺔ ﻝﻨﺸﺭ ﺍﻹﻨﺠﻴل ﻓﻲ ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻝﻌﺎﻝﻡ، ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻝﻺﺼﻼﺤﻴﺔ ﺍﻝﺩﻴﻨﻴﺔ ﺍﻝﺒﺭﻭﺘﺴﺘ ﻨﺘﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ. ﻭﻗﺩ ﺒـﺩﺃ ﻓـﻲ ﺍﻝﻨﺼﻑ ﺍﻝﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻝﻘﺭﻥ ﺍﻝﺜﺎﻤﻥ ﻋﺸﺭ- ﺃﻱ ﻗﺒل ﺍﻝﻘﺭﻥ ﺍﻝﺠﺩﻴﺩ- ﺇﻨﺸﺎﺀ ﺍﻝﻌ ﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻝﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻝﺘﺒﺸﻴﺭﻴﺔ ﻝﻨﺸﺭ ﻨﺸﺎﻁﻬﺎ ﻓﻲ ﻜﺎﻓﺔ ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻝﻌﺎﻝﻡ. ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻝﻘﺭﻥ ﺍﻝﻌﺸﺭﻴﻥ ﻓﻘﺩ ﻋ ﺭﻓﺕ ﺃﻓﺭﻴﻘﻴﺎ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻷﺩﻴﺎﻥ ﺒﻘـﺎﺭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻡ ؛ ﺤﻴﺙ ﻝﻡ ﺘﻨﺘﺸﺭ ﺍﻝﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﺤﺩﻫﺎ- ﻓﻲ ﻅل ﺍﻝﻭﺠﻭﺩ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻝﺫﻱ ﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻝﻘﺎﺭﺓ ﺒﺄﻜﻤﻠﻬﺎ- ﺒل ﺇﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﻨﺘﺸﺭ ﺒﻤﻌﺩﻻﺕ ﺃﻜﺒﺭ ﻜﺜﻴﺭ ﺍ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻝﺘﻲ ﻋﺭﻓﺘﻬﺎ ﺍﻝﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻝﻘﺎﺭﺓ، ﻋﻠﻰ ﺍﻝﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺍﻝﺠﻬﻭﺩ ﺍﻝﻤﻜﺜﻔﺔ ﻝﻠﺘﺒﺸﻴﺭ ﻤـﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻝﻨﻅﻡ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ. ﻭﻝﻘﺩ ﻤﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﺸﺎﺭﻩ ﺒﺎﻝﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷ ﻓﺭﻴﻘﻴ ﺔ ﺒﻌﺩﺓ ﻤﺭﺍﺤل، ﻭﻀﺢ ﻓﻲ ﺃﻭﻝﻬﺎ ﺍﻝﺩﻭﺭ ﺍﻝﻜﺒﻴﺭ ﻝﻠﻬﺠﺭﺍﺕ ﺍﻝﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻝﻔﺘﻭﺤﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺍﻝﺘﻭﺴﻊ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻝﻜﻥ ﻓـﻲ ﺍﻝﻤﺭﺍﺤل ﺍﻝ ﺘﺎﻝﻴﺔ ﺍﻨﺘﻘﻠﺕ ﺍﻝﺩﻋﻭﺓ ﻭﺍﻨﺘﺸﺎﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺇﻝﻰ ﺃﻴﺩﻱ ﺍﻝﺸـﻌﻭﺏ ﺍﻷﻓﺭﻴﻘﻴـﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻜﺎﻝﺒﺭﺒﺭ ﻭﺍﻝﺯ ﻭﺝ، ﺨﺎﺼﺔ ﺍﻝﺴﻭﺩﺍﻨﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﻨﻁﻘـﺔ ﺍﻝﺴـﺎﺤل) ﺴـﺎﺤل ﺍﻝﺼﺤﺭﺍﺀ.(

Upload: others

Post on 05-Sep-2019

2 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

- ٣٩ -

ا قارة اإلسالمأفريقي

"انتشار اإلسالم في أفريقيا في القرن العشرين" حورية توفيق مجاهد.د

:مقدمة

ن بدايات القرون عادة إ حيث ؛أطلق على القرن التاسع عشر قرن التبشير وكان تأثيرها في ذلك القـرن علـى التبشـير أن ،ما توحي ببداية عهد جديد

التـي ، خاصة البروتسـتانتية ،ات التبشيرية أنشئت ونشطت العديد من الجمعي وكان ،أخذت المهمة التبشيرية بجدية في محاولة لنشر اإلنجيل في أنحاء العالم

وقد بـدأ فـي . نتية في أوروبا ااالهتمام األساسي لإلصالحية الدينية البروتست إنشاء -قبل القرن الجديدأي -النصف الثاني من تسعينيات القرن الثامن عشر

.ديد من الجمعيات التبشيرية لنشر نشاطها في كافة أنحاء العالمالع رفت أفريقيا في مجال دراسة األديان بقـارة أما في القرن العشرين فقد ع

في ظل الوجود االستعماري الذي - حيث لم تنتشر المسيحية وحدها ؛اإلسالما من تلك بل إن اإلسالم انتشر بمعدالت أكبر كثير -سيطر على القارة بأكملها

على الرغم من الجهود المكثفة للتبشير مـن ،التي عرفتها المسيحية في القارة .جانب النظم االستعمارية

وضح في أولها ،ة بعدة مراحل فريقيولقد مر اإلسالم في انتشاره بالقارة األ الدور الكبير للهجرات العربية والفتوحات اإلسالمية والتوسع فيها، ولكن فـي

تالية انتقلت الدعوة وانتشار اإلسالم إلى أيدي الشـعوب األفريقيـة المراحل ال سـاحل ( خاصة السودانيين في منطقـة السـاحل ،وجناألخرى كالبربر والز

).الصحراء

- ٤٠ -

مثل عثمان ( السياسية -وقد ظهرت في أفريقيا العديد من الزعامات الدينية لمال عبد اهللا حسن دان فوديو، وماء العينين القلقمي، والسنوسي، والمهدي، وا

، وجمع كل منهم بين الدعوة والجهاد في سبيل اإلسالم ورفع رايته ،)وغيرهم بل توسع نطاق الـدعوة وتوسـعت أرجـاء ؛ليس في منطقته المحلية فحسب

.الدولة التي قامت عليها باسم اإلسالم خاصة ، اإلسالم للقارة هومثلت مصر المدخل الشرقي للقارة الذي جاء عبر

فقد ٠ كما سبق أن جاءت المسيحية من قبل في القرن األول الميالدي ،غربها ؛م عن طريق سيناء وبرزخ السويس ٦٤٠دخل اإلسالم مصر وذلك في سنة

ومنه تدفقت الجماعات اإلسالمية والقبائل العربية وعلى رأسها بني هالل إلى .شمال أفريقيا، ومنها انتشر للقارة

ن أن الفتوح العربية أسهمت كثيـرا فـي ومن المالحظ أنه على الرغم م حيث دخل اإلسالم مع الجيوش العربية إلـى الـبالد ؛انتشار الدين اإلسالمي

.التي تم فتحها، إال أن اإلسالم أساسا انتشر سلميا وليس بحد السيففاالنتشار الفعلي لإلسالم في أفريقيا وزيادة معدله بدت واضحة في الربـع

ومن أهم ما يذكر في هذا الشـأن أن القـوة . تاسع عشر األخير من القرن ال السياسية هي التي فرضت بالحرب، أما اإلسالم فقد انتشر سلميا وتغلغل بـين

.الشعوب األفريقيةإن اإلسالم لم يكن : "وقد عبر عن هذا بوضوح الكونت دي كاستري بقوله

المسيحية، ولـو له دعاة متخصصون للقيام بالدعوة إليه وتعليم مبادئه كما في أنه كان لإلسالم أناس قوامون لسهل علينا معرفة السبب في انتشاره السريع، فقد شاهدنا الملك شارلمان يستصحب معه على الدوام في حروبه ركبـا مـن القسس والرهبان ليباشروا فتح الضمائر والقلوب بعد أن يكون هو قد باشـر

ا األمم حربا ال هوادة فيها، ولكنا ال به ىفتح المدن واألقاليم بجيوشه التي يصل

- ٤١ -

نعلم لإلسالم مجمعا دينيا يتبع الجيوش فلم يكـره أحـد عليـه بالسـيف وال ".باللسان

وعالقة اإلسالم بأفريقيا ترجع إلى بداية ظهور اإلسـالم فـي الجزيـرة أكسـوم - حيث بعث بهجرتين إلى بالد الحبشة ؛ρρρρالعربية في عهد الرسول

على أساس خوفه على متبعي الدين اإلسالمي الجـدد مـن -في ذلك الوقت بطش قريش، وسعيا لألمن حيث عرف عن ملك الحبشة العدل، وذلك إلى أن

.تقوى الدعوة اإلسالمية كانـت -تـدعيما لإلسـالم -ويفخر األفريقيون بأن أول هجرة للمسلمين

ينة وتأسيس الدولة ألفريقيا بالذات، تلك الهجرة التي سبقت الهجرة النبوية للمد .اإلسالمية بها

حيث لم ينتشـر ؛ولكن يبدو أن تأثير هاتين الهجرتين كان محدودا ومحليا اإلسالم بحق في أفريقيا عامة إال عندما دخل القارة من بابها الشمالي الشرقي

).م٦٤٠/هـ٢٠(إلى مصر بصحبة الجيش العربي بقيادة عمرو بن العاص نتشار اإلسالم في أفريقيا إنه، وإن بـدأ فـي أول ومن المالحظ بالنسبة ال

إال أن رايـة اإلسـالم ؛األمر على يد العرب النازحين من الجزيرة العربيـة حملها منهم في المرحلة التالية األفريقيون أنفسهم في المناطق التي احتكوا فيها ق بهم وقاموا بالدعوة لإلسالم ونشره جنوبا، واألمر ينطبق أيضا علـى شـر

.أفريقيا كما قامت حركات دينيـة، ،وقد لعب التجار دورا جوهريا في هذا المجال

حروب دينية باسم اإلسالم بزعامة أفريقيين مسلمين أصـبحوا مـن أهـم بل .وأقاموا دولا إسالمية على غرار الدولة اإلسالمية األولى. دعاته

تجعلهـا جـديرة التي تسود هذه القارة و -الجديرة بالتسجيل -إن الظاهرة هي الزيادة السريعة والمطردة للمسلمين بهـا، فاإلسـالم " قارة اإلسالم "باسم

- ٤٢ -

بصورة ال يعرفها أي دين آخـر هاقوة زاحفة من شمال القارة إلى جنوب يمثل سواه، كما ال يعرفها اإلسالم نفسه حاليا في أيـة قـارة -في العصر الحالي -

التي ال يزيد عدد المسلمين بها عـن -فقد تراجع اإلسالم في أوروبا . أخرى، كما تقلص بالمثل في شمال آسيا، أما )االتحاد السوفيتي ( مليون بما فيها ٢٠

.كثر من الزيادة الطبيعيةبأفي جنوب تلك القارة فهو ال يزداد والتي بحثت ؛ فإن الظاهرة التي تحير الباحثين الغربيين ؛ومن ناحية أخرى

بداية القرن العشرين والخاص بالتبشير المسيحي في مؤتمر برلين السري في هي االنتشار السريع لإلسالم فـي ؛في القارة األفريقية وما تبعه من مؤتمرات

واستطاع أن يستقطب نحو - على أساس أن اإلسالم ليس فقط منتشرا ؛القارة ولكنه أيضا سريع االنتشار ويمثل قوة ديناميكيـة زاحفـة، -)١(نصف السكان

بتغلغله السريع في المناطق التي ما زالت تنتشر فيها المعتقدات التقليدية وذلك .والتي يكرس التبشير المسيحي جهوده فيها

مجمـوع إلـى فالثقل النسبي للمسلمين من الناحية العددية بنسـبة ؛وعليهفعلى الرغم من أن مسـلمي . السكان في أفريقيا أكثر منه في أية قارة سواها

حو أربعة أخماس مسلمي العالم، إال أن نسبتهم لمجموع سـكان ن نآسيا يمثلو ومن هنا يظل الثقل النسبي لمسلمي أفريقيا أكبر منه %. ٢٠زيد عن تآسيا ال .في آسيا

مليون نسمة، ٤٠ بنحو ١٩٣١ولقد قدر عدد المسلمين في أفريقيا في عام أي أن (نا، مليو ٩٠ -٨٥ بنحو ١٩٥١بينما قدر بعدها بعشرين عاما في عام

، بينما يقدر عـددهم )عدد المسلمين تزايد بأكثر من الضعف في عشرين عاما ، وتلك الزيادة المطردة من الواضح أنها تزيـد تقريبا نو ملي ٢٤٢حاليا بنحو

سنويا في المتوسط % ٦,٨٧عن معدل النمو الطبيعي حيث تصل نسبتها إلى .ي أفريقياوهو يزيد عن ضعف متوسط معدل صافي النمو ف

- ٤٣ -

ال أن الزيادة النسبية اكثر أهمية في إن كانت مهمة إوهذه الزيادة العددية و ، كما أثبتت ذلك الدراسات في الدول الغربية في أوائل السـتينيات -هذه القارة

تسـعة فإن قدر أن من بين كل عشرة أفراد يعتنقون دينا سماويا عالميا، حيث أي أن اإلقبـال علـى ؛)٢( المسيحية فقط واحد منهم يعتنقون اإلسالم و يعتنق

الدخول في الدين اإلسالمي من جانب من يتبعون الديانات األفريقية التقليديـة .المتوارثة يعتبر إقبالا ملحوظا يشد االنتباه

نـه أن اإلسالم انتشر بها كمـا أو" قارة اإلسالم "ن أفريقيا أإال أن القول ب نه منتشر وبنفس النسبة في كل أجـزاء أ يعني مستمر في االنتشار المطرد ال

مليون كيلو متـر ٣٠ما يزيد عن هذه القارة الواسعة التي تصل مساحتها إلى أرضية تزيد على مساحة الواليـات المتحـدة األمريكيـة ةمربع مكونة كتل

نحـو خمـس مسـاحة لممثلة و ،وأوروبا الغربية والشرقية والصين مجتمعة األعضاء باألمم دول ال ثلث ما يقرب من مستقلة تمثل دولة ٥٤العالم، وتضم

.المتحدةفما من دولة أال ويوجد : قد وصل إلى كافة أجزاء القارة محقيقة أن اإلسال

ما كأكثرية أو كأقلية قوية، أو حتى كأقلية ضئيلة، ولكن هنـاك إبها مسلمون يطلـق ي شمالا الذ ١٠º مناطق يسودها اإلسالم وهي تلك الواقعة شمال خط

كما إنها تتمثل أيضـا فـي منطقـة القـرن ،"خط اإلسالم "عليه البعض اسم منطقة الصومال وبعض األجزاء المجاورة في إثيوبيا وكينيا وكذلك -األفريقي

.في المناطق الساحلية في شرق أفريقيا صـحيحة عـن صورةطويالحظ عامة أن الدول المستعمرة السابقة لم تع

القارة األفريقية، بل حاولت في معظـم األحـوال إعطـاء توزيع األديان في عن عدد المسلمين تأكيدا لعدم أهميـتهم النسـبية والعكـس منقوصةصورة

بالنسبة للمسيحيين، وال ننسى الرابطة التاريخية والعضوية بـين االسـتعمار

- ٤٤ -

ومـا ،الغربي والتبشير المسيحي من جانب من جاءوا من تلك الدول الغربية التقليد جاريا في كثير من المصادر الغربية بعد االسـتقالل، ومـن زال هذا

من بيانات اإلرساليات التبشيرية والكنائس العالمية مبالغ اكثيران جانب آخر ف حتى يمكنها إبراز مدى جهودها وضرورة ؛فيها من حيث زيادة عدد المسلمين

طبق على تقديرات دعمها في مواجهة خطر اإلسالم في رأيها، ونفس الفكرة تن .المصادر اإلسالمية عامة

فإن الدول المستقلة إذا كانت مسلمة يحرص زعماؤها على ؛وبنفس المثل التقليل من أعداد غير المسلمين تأكيدا لعدم أهميتهم النسـبية، أمـا إذا كـان ؛المسلمون يمثلون أقلية في الدولة فهناك محاوالت إلظهارها بصـورة أقـل

ومن ثم فمن البديهي في ضوء تلك الظروف أال تكون . النسبي تأكيدا لضعفهم يضاف إلـى هـذا أن . هناك أرقام دقيقة بل وأن تتضارب المصادر المختلفة

في محاولة لعدم إبراز االختالفـات الدينيـة -الكثير من الحكومات األفريقية إن -اإلحصاءات فى تغفل في تقديراتها الدقيقة و -والجنسية والعرقية وغيرها

تنويع السكان على تلك األسس، مما يجعل التقـديرات الرسـمية أو -وجدتوممـا يزيـد . اإلحصاءات الرسمية غير متواجدة عن األديان بالدقة الالزمة عادة ما تستخدم األمر صعوبة في شأن التقديرات والبيانات في أفريقيا هو أنه

ممـا ،تتقارب فيهـا أو حتى ،عند المقارنة مصادر ال تتفق في سنة األساس .يجعل النتائج ال تتسم أيضا بالدقة

: المسيحية-أولا حيث دخلت القارة ؛وهي أقدم الديانات العالمية الكبرى المكتوبة في أفريقيا

في القرن األول الميالدي، ومع هذا فهي أقل انتشـارا مـن اإلسـالم ومـن فقط من % ١١يين بنحو في أفريقيا، حيث يقدر عدد المسيح ة، التقليدي اتناالدي

ظلت ظاهرة عرضية ساحلية خاصـة فـي غـرب قدو. )٣(مجموع السكان

- ٤٥ -

ظلـت فعلى الرغم من نجاحها الظاهر إال أن المسيحية لفترة طويلة . أفريقياحركة أقلية في معظم أجزاء القارة على الرغم من أنها تتضمن القلة المتعلمة

قـد ظيما دقيقا لنشـر المسـيحية جهود مكثفة ومنظمة تن ثمة وإن كان . غالبامن األفـريقيين بنهايـة القـرن % ٥٠ نصرهو أن ت األساسي جعلت سعيها ساعدها في ذلك ظروف الجفاف التي مرت بها الدول األفريقيـة والعشرين،

التي فتحت المجال واسعا للنشـاط التبشـيري مـن خلـف وقي الثمانينيات .المساعدات اإلنسانية المباشرة

حيث دخلتها ،ذور المسيحية في أفريقيا إلى القرن األول الميالدي وترجع ج ، ومنها انتشرت إلى شمال أفريقيا ،عبر المدن الخمس الغربية في ليبيا ومصر

.ثم إلى جنوب مصر في النوبة ومروى وكوشن تغلغل المسيحية وانتشارها في أفريقيا عامة لم يتم إال بعـد ذلـك غير أ

المبشرين الغربيين الذين سبقوا االستعمار الغربي فـي على يد ،بقرون طويلة أسفر عملوا تحت الحماية االستعمارية مما ثم ،مهدوا له ليالقرن التاسع عشر

من جهة لكن أدى سهم من جهة في نشر المسيحية، وعن تأثير مزدوج؛ حيث أ ، األمـر الـذي شـجع الرتباطها باالستعمارنظرا ي إعاقة انتشارها إلأخرى

مـن جانـب -وإذا كان القرن التاسع عشر يطلق عليه . تجاه إلى اإلسالم اال قرن التبشير في القارة األفريقية، فإن -المهتمين بدراسة المسيحية في أفريقيا

قرن االستقالل المسـيحي -من منظور مسيحي -القرن العشرين أطلق عليه إلى أكثـر مـن لتصل )٤( حيث انتشرت الكنائس األفريقية المستقلة ؛في القارة

.ستة آالف وخمسمائة كنيسة بنهاية القرنـ وقد ارتبط التبشير المسيحي من جانـب المبشـرين الغـربيين النظرة ب

قبائل متوحشة غارقة " في األفريقيين سوى المبشرون حيث لم ير ، االستعالئيةللقـارة "ومن ثم أرادوا إدخـال العقيـدة المسـيحية ". في الخرافات الكافرة

- ٤٦ -

لألفريقيين علـى انهـم إخـوان فـي تهمومنذ البداية لم تكن نظر . "المظلمةنظرة دونيـة إنما كانت و ؛اإلنسانية وأن الهدف هو إدخالهم في الدين العالمي

هو اتخاذ أبنائهم كخـدم -كما اقترح بعض رواد التبشير - تفكيرهم كان حيثالتـابع أو / لسيدلبداية بعالقة ا افالعالقة تحددت منذ . وإدخالهم للدين المسيحي

أنشأت شركة الهند الشرقية الهولندية في جنـوب على هذا األساس الخادم، و .أفريقيا

ولكن ما أن جاء الفتح اإلسالمي في القرن السابع حتى أدى إلـى تقلـص ن المسيحية جنوب الصحراء كانت واقعيا غيـر إحتى . المسيحية إلى ال شئ

مسيحية في أفريقيا جـاء فـي القـرنين فاالنتشار الكبير والسريع لل . معروفةومعهم جاء مـن . حيث جذبت ثروات القارة القوى الغربية للتجارة ؛الماضيين

ن فشركة غرب أفريقيا الهولندية كانت دائما ما تعـي . بشروا بالدين المسيحي أنه كان يلـي فـي تهمبشرا ضمن موظفيها في قالعها المنتشرة، وتبدو أهمي

أساسـا بالجانـب الروحـي المبشـرين وكان اهتمـام . ممنصبه الحاكم العا .لألوروبيين وليس لألفريقيين

القلة من األفراد قد اسـتطاعوا أن يسـتفيدوا مـن المبشـرين توإن كان األساسية لم تكن الرسـالة ة هؤالء المبشرين والدخول في المسيحية فإن مهم

تدني في ظل العالقة مع تبرير الواقع األفريقي الم ما تمثلت في المسيحية بقدر أكد أحدهم في بحثه الجامعي أن الرق ال ، إلى درجة أن الغرب في ظل الرق

والرق كان مؤسسة معترفا بها حتى إلغاؤه وكان . )٥(يتنافى مع الحرية الدينية جزءا عاديا من الحياة والتجارة ولكن لم يتخـذ المبشـرون ورجـال الـدين

. أو تقليص آالم الخاضعين لهائهإلنهالمسيحي ولقرون أية خطوة وهناك عدة عوامل أسهمت في انتشار الحركة المسيحية في أفريقيـا فـي

التقدم الصحي واكتشاف الدواء الواقي مـن : أواخر القرن التاسع عشر أهمها

- ٤٧ -

والتي كانت أكبر معوق للعمل التبشيري حتى ١٨٩٧المالريا بالذات في عام وكـذلك .. األوروبيين في أفريقيا إلى الثلث ، فهبطت نسبة وفيات ١٨٩٠عام

الذي يسر انتقال المبشرين ومكن من تقدم العمل األمر تقدم شبكة المواصالت ولعل أكبر مشجع . جهود المبشرين ف وضاع ،التبشيري ووفر الجهد والوقت

.١٩١٠للعمل التبشيري هو زيادة الطلب على المدارس والمدرسين منذ عام سباب الحقيقية الرتباط انتشار المسـيحية بـذلك الوقـت ولكن من أهم األ

ولـيس فقـط بعنصـرها -بالذات هو بداية االهتمام األوروبي بالقارة نفسها وبمصادرها الطبيعية والتكالب االستعماري -البشري كما كان الوضع سابقا

. األمر الذي ارتبط به ومهد له في كثير من األحيان النشاط التبشـيري ؛عليهاأنا عائد ألفتح بابـا للتجـارة وللمسـيحية، : "قد لخص لفنجستون ذلك بقوله و

.)٦("فأرجو أن تكملوا العمل الذي بدأ، والذي أتركه لكموقد واجهت البعثات التبشيرية العديد من الصعوبات منذ بدء األمر ولكـن الكنائس المسيحية استطاعت أن تزدهر وذلك بالتركيز على االهتمام بـالتعليم

هو الكلمة السحرية في أفريقيا، حيث كان المدخل له هو األخذ بالـدين الذي الثقافـة بالمسيحي الذي كان له مصدر جاذبية للدخول في طبقـة المثقفـين

. األوروبية، ومن ثم التحرك االجتماعي واالستيعاب فـي الطبقـة الحاكمـة لبعثات على ا كرا ويالحظ أن التعليم في الدول األفريقية كان حتى االستقالل ح

يذهب الكثيـرون إلـى لذا . وذلك قبل إدخال التعليم العام ،التبشيرية المسيحية ".ا أكثر منه الهوتياياالرتباط بالمسيحية بين األفريقيين كان تعليم"القول بأن

باإلضافة إلى التعليم فقد ركزت الكنائس على العمل الطبي، وذلك بإنشـاء الصغيرة والعيادات التي سبقت إنشاء المستشفيات المستوصفات والمستشفيات منتشرة ليس فقط في المدن، ولكن أيضا فـي بصورة الكبيرة وقدمت خدماتها

وقلما وجد مبشر لـم يعمـل بالطـب أو ،األدغال والمناطق المحلية المختلفة

- ٤٨ -

. مما اعتبر مدخلا لنشر الدين عن طريق تقديم الخدمات،التدريس أو غيرها وترجمة ،عن هذا، فقد ركزت الكنائس على كتابة اللغات األفريقية فضلا و

فمنـذ عـام . باللهجات المحلية -خاصة اإلنجيل، كله أو أجزاء منه -الكتب . لغة أفريقية٣٩٥ ترجم الكتاب المقدس أو أجزاء عنه إلى ١٨٠٥

:المسيحية وانتشار اإلسالمفي أفريقيا ترجع إلى هناك عدة عوامل أسهمت في انتشار الدين اإلسالمي

على الرغم مما ينفق عليه وبسخاء، كمـا ترجـع إلـى مضـمون -التبشير المسيحية نفسها بمواجهتها مع المجتمع األفريقي، وإلى االسـتعمار الغربـي،

عن قصد ولكن نتاجه المباشر أو غير المباشر كان اإلسهام األمر الذي لم يأت فعوامل الطرد في المسيحية عملت في . في انتشار الدين اإلسالمي في أفريقيا ويتفق المهتمون بدراسة عقبات انتشـارها . نفس الوقت كعوامل جذب لإلسالم

في أنها تقع أساسا في إطار المسيحية نفسها وليس خارجها، ومن - في أفريقيا .ثم تفتح الباب النتشار اإلسالم

:صعوبة تفهم التعاليم المسيحية. ١حة أو الضمنية قريبة إلى أذهان األفريقـي العـادي تعد الوحدانية الصري

وبالتالي كان تقبـل الـدين اإلسـالمي بأسـاس ؛ودين الفطرة الذي يدين به أما العقيدة المسيحية فهي عقيدة مركبة، صعبة الفهـم، . الوحدانية المطلقة فيه

."فوق العقل"وهي كما يقال عنها أنها لى التثليث في المسيحية تقـوم علـى ففكرة التثليث أو الوحدانية القائمة ع

األب : اإليمان بإله واحد مؤلف من ثالثة عناصر أو أجزاء أو شخوص هـي وكـل لـه طبيعتـه ،والعناصـر الثالثـة متسـاوية . واالبن والروح القدس

فاهللا األب مصـدر "واختصاصه ويتوجه الفرد لكل منها بالدعاء في مجالسه، وكـل " واهللا الروح القدس مصدر النعمـة العدل، واهللا االبن مصدر الرحمة،

- ٤٩ -

.منها ال يملك القيام بمهام اآلخرين وإن كانوا متكاملينمفاهيم المسيحية لم يكن من السهل على الشعب " فإن ؛وكما يعبر مندلسون

األفريقي العادي أن يهضمها، وحينما بدأت تظهـر النخبـة المتعلمـة مـن مستمرة لالستعمار، ترمز له بطريقة األفريقيين كانت المسيحية، لمصاحبتها ال

الدين المسيحي " أفرقة"أو بأخرى ولهذا بدأت بين المسيحيين األفريقيين حركة بما يتبعها من تعدد الكنائس االنفصالية التي عملت على أن تأخذ من المسيحية

وعلى أن تحتفظ بالعادات والتقاليد األفريقية من ناحية ،بقدر محدود من ناحية .أخرى

كما أن هناك العديد من المفاهيم واألسرار في الدين المسيحي تستعصـي على فهم األفريقي العادي الذي تعود على دين الفطرة وبساطته، ونظرة على

حيث تعتبـر أعمـدة ؛ التي تقوم عليها المسيحية -الشعائر- )٧(األسرار السبع التي من المفروض ، و )في الكنائس الكاثوليكية واألرثوذوكسية (الكنيسة السبع

تعطي صورة عـن مـدى ؛أصلا أن يدين لها بالوالء والخضوع المسيحيون حيث الكاهن هو خـادم : التركيب ومدى أهمية الكهنوت في ممارسة الشعائر

الذي يستدعي الروح -وكيل اهللا وأمين أسراره والقائم مقام المسيح -األسرار .هالقدس بالعبارات المعينة لتقديس السر وإتمام

:تركيز المسيحية على الشئون الروحية. ٢ الفصل بين الدين والدولة-

مملكتـي : "جاءت المسيحية كدين روحي خالص انطالقا من قول المسيح ، على أساس أن نهاية العالم وشيكة وبالتـالي تتضـاءل "ليست من هذا العالم ركيـز علـى ومن ثم كانت الدعوة لتسامي األفراد والت ،كافة األمور الدنيوية

فالمسيحية قامت على الفصـل . األمور الروحية سعيا للحياة األبدية األخروية مـا لقيصـر " على األولى، مع إعطـاء بين األمور الدينية والدنيوية مركزة

- ٥٠ -

، ليس محبة في قيصر ولكن محبة في اهللا وعدم االنشـغال "لقيصر وما هللا هللا علـى -لمسيحية دين وليست دنيـا عن األمور الروحية بالماديات الدنيوية، فا

خالف الدين اإلسالمي الذي يعتبر دينا ودنيا معا، وكذلك على خالف الـدين التقليدي األفريقي الذي لم يعرف الفصل بين األمور الدينية والدنيويـة حيـث

.تداخلت في حياة الفرد بحيث يصعب الفصل بينهما فصلا جامدادم من جانب المبشرين الغربيين على أنه وقد فسر البعض هذا البعد كما ق

دعوة للسلبية تجاه معاناة األفريقيين من االسـتغالل واالسـتعمار األوروبـي في العالم اآلخر فـي مقابـل تـرك " بالمملكة"ألراضيهم عن طريق وعدهم

.في أفريقيا لألوروبيين" مملكتهم الدنيوية" الزمنيـة أحـد -الدنيويةالروحية و -وقد اعتبر الفصل بين األمور الدينية

الفرسان األربعة التي تعمل ضد انتشار المسيحية في أفريقيا حسـب تعبيـر فكثير من المسيحيين األفريقيين تركوا الكنيسة ألن اإلنجيـل، : "أموري روس

كما يقولون، يمنعهم من االشتراك في شئون العالم ويأخذهم إلى عالم غريـب ".حيث االهتمام بالروح فقط

بتطـوير -بأساليب مختلفـة -قد قامت الحركات القومية في أفريقيا هذا و في إطار تلك الحركات -اتجاه معاد للمسيحية حيث نظر لإلرساليات التبشيرية

ألن : على أنهـا نمـوذج اسـتعماري -التي نمت في ظل الحكم االستعماري لوضع اإلرساليات عامة لم تقف وقفة إيجابية في وجه االستعمار ولم تقل ال ل

.االستعماريالفقر : الدعوة إلى الزهد والتسامي عن األمور المادية الدنيوية-

اإلراديارتبط بتركيز المسيحية على األمور الروحية الدعوة إلى الزهـد وتـرك

ومن ثم كانت النظرة للغنى علـى . الملذات واألمور الدنيوية والسعي لآلخرة

- ٥١ -

عقبة في سبيل وصول الفرد وما ينشده نه يفتح الطريق للفساد والغواية ويمثل إفالمسيحية تدعو بوضوح للفقـر . من ملكوت السماوات وضمان الحياة األبدية

.اإلرادي :أحكام األحوال الشخصية في المسيحية. ٣

وقفت المسيحية موقفا متشددا في مسائل الزواج والطالق بما كان له أثـره لمسيحية، كما كان له أثره المباشـر المباشر على عدم إقبال األفريقيين على ا

في أخذ الكنائس المستقلة في أفريقيا موقفا أقل تشددا من الكنائس المسـيحية العالمية في محاولة للتوليف بين القيم المسيحية والقيم األفريقية المتوارثة التي

كـأمر طبيعـي Polygamyتقوم فيما يتعلق بالزواج على تعدد الزوجـات وقد كان لموقف اإلسالم المرن في مسائل األحوال . يعة األشياء يتمشى مع طب

وإن كان مـن الخطـأ . الشخصية أثره المباشر أيضا في الدخول في اإلسالم القول بأن مسائل األحوال الشخصية هذه وحدها وراء الدخول في اإلسالم أو

.همةمعدم الحماس للمسيحية حيث تمثل أحد العوامل االجتماعية ال إدانة تعدد الزوجات: يعة الزوجة الواحدة شر-

على مبدأ الزوجة ، قديمة كانت أم جديدة ،هناك إجماع بين الكنائس العالمية وهو األمر باعتباره ركيزة أحكام األحوال الشخصية عند المسيحيين، ،الواحدة

وكما عملت بها الكتب . مسلم به لدى رجال الدين، ولدى رجال القضاء أيضا كذلك وردت في التشريعات التي أصدرتها الحكومات المسيحية فـي الكنسية،

.العالم أجمع موقف المسيحية من الطالق-

وقفت المسيحية موقفا حازما فيما يتعلق بالطالق حيث حرمته إال لعلة الزنا .. وفي قول السيد المسـيح . التي تهدم أساس جوهر الزواج وهو وحدة الجسد

ومن تزوج . ن من طلق امرأته إال لعله الزنا يجعلها تزنيوأما أنا فأقول لكم أ "

- ٥٢ -

".بمطلقة فإنه يزنيوعليه فمفهوم الطالق مرفوض تماما في المسيحية استنادا إلى قول المسيح

وهذا األمر فيما يتعلق بالطالق أيدته وفسرته القوانين الكنسية وأقـوال . نفسه .آباء الكنيسة: اآلباء زواج األرامل- تأكيـدا ،المسيحية في وجه تعدد الزوجات وفي وجه الطـالق وقفت كما و

تجيـز الـزواج "وإن كانت فإنها على مفهوم الزوجة الواحدة ووحدة الجسد، نها ال تستحسنه بل تنصح بعدم قيامه وتضـعه فـي إال أ الثاني بعد الترمل و

احد على خذ الكثيرون بمبدأ الزواج الوأ فقد ولذا. "قل من الزواج األول أدرجة .اإلطالق، سواء في حياة الزوجة أو بعد وفاتها

الدعوة إلى العفة واالعتدال بين األزواج-والمسيحية ال تنادي فقط بالعفة التي تبدو في تشجيع الرهبنة وعدم الزواج

ولكن حتى باختيار البديل التالي وهو الزواج فهناك أيضا دعوة للعفـة .. كلية االنغماس في الشهوة، وتحديد فترات لالمتناع عـن واالعتدال واالبتعاد عن

فراش الزوجية بقصد التفرغ للعبادة خاصة طـوال صـوم األربعـين يومـا .المقدسة وأيام التقدم لألسرار المقدسة

الحث على الرهبنة- وذلـك ،قامت الديانة المسيحية بالدعوة للزهد والرهبنة وترك مالذ الحياة

وفـي هـذا ". ال تحبوا العالم وال األشياء التي في العالم : "وفقا لتعاليم المسيح لم نر ديانة في الوجود تحض على البتولية، : "المجال يقول البابا شنودة الثالث

وتدعو إلى حياة الزهد والعفة مثلما فعلت المسيحية، حتى كان من نتائج ذلـك ن الرابـع قيام الحركة الرهبانية الواسعة النطاق التي كانت تشمل فـي القـر

".الميالدي عشرات اآلالف من الرهبان في براري مصر وحدها

- ٥٣ -

ومن الطبيعي في ظل هذه الرؤية المحدودة لألحوال الشخصية أن يشـعر األفريقي باالغتراب في ظل أحكام األحوال الشخصية في المسيحية حيـث أن

ـ ،تعدد الزوجات يعتبر نمطا عاما في المجتمع األفريقية تقليديا ث ينظـر وحيإليه نظرة إنسانية بال حساسيات حيث تعيش الزوجات عيشة مشتركة ويتعود

وتمثل الزوجة األولى اآلمـر والمـنظم ،األبناء على تلك الحياة بال غضاضة وقد ذهب التعدد عند زعماء القبائل . بالنسبة لألخريات والمبلغ ألوامر الزوج .المقتدرين إلى حد اتخاذ مئات الزوجات

بالذكر في هذا المجال أن العديد من المجتمعات األفريقيـة تشـهد وجدير كبيرا قد يصل إلى أربعة أضـعاف لا النسبة بين الذكور واإلناث اختال لاختال

.لصالح اإلناث مما يجعل الرؤية التقليدية طبيعية ومنطقيةويمثل هذا الشعور باالغتراب أحد أسباب انتشار ظاهرة الكنائس المسـتقلة

والتي تشترك في السماح بتعدد الزوجات بالنسبة للمسـيحيين مـن ،ريقيابأف أو بعبارة ،أتباعها في محاولة للجمع بين المسيحية والقيم االجتماعية المتوارثة

بما فيها -فضلا عن أن الكنائس العالمية " ألفرقة المسيحية "أخرى في محاولة بالنسـبة ألتباعهـا مـن بدأت تغض النظر عن تعدد الزوجات -الكاثوليكية

تباع كنيسة عالمية والمحافظة على القيم ااألفريقيين الراغبين في المواءمة بين .االجتماعية التقليدية

:التعصب الديني واالنقسامات الطائفية. ٤من أهم ما يالحظ على المسيحية في أفريقيا، هو محاربة الكنائس المسيحية

خاصـة بـين ؛سام بين الطوائف المسيحية أي االنق ،المختلفة لبعضها البعض الكاثوليك الرومان وكلا من األرثوذكس والبروتستانت من جهة، وفيمـا بـين البروتستانت أنفسهم من جهة أخرى، فضلا عن االنقسام الظاهر بين الكنـائس -العالمية من جهة وبين الكنائس األفريقية المستقلة التي تنظر إليها األولـى

- ٥٤ -

علـى -" وثنية مسيحية " على إنها كنائس متمردة، وتمثل -جوهعلى أحسن الو أسوأ الوجوه، فكثيرا ما قامت المشاغبات بين االنتماءات المسيحية للكنـائس المختلفة إلى الحد الذي ذهب ببعضها إلى إحراق كنائس األخريات، خاصة في

م الثقـة مما أفقـده ، كان يتم أمام سمع وبصر األفريقيين يذالنيجيريا، األمر .بالجميع

فضـلا عـن -ومشكلة االنقسام الواضح بين الكنائس األصلية في أفريقيا يجعل المسيحية ال تستطيع أن تقف -انتشار الكنائس المستقلة والمنشقة عليها

في مواجهة الدين التقليدي وال بالنسبة لإلسالم الذي أيا كانت ال جبهة واحدة ك إال أنها ال تمس جوهر ، والطرق الصوفية -شيعةالسنة وال -انقساماته الداخلية

.تهوحدوالـذي ينقلونـه -هذا التعصب الديني الذي ميز سلوك المبشرين عامـة

ال حيث إن األفريقيين أصـال ؛ يتنافى مع القيم التقليدية األفريقية -لألفريقيين يعرفون التعصب الديني بل كثيرا ما يقوم الشخص الذي ما يزال يدين بالدين التقليدي بإدماج بعض نواحي التعاليم اإلسالمية أو المسيحية في تعاليم أجداده، كما أن العائلة الواحدة قد يوجد بها منتمين لديانات وعبادات مختلفـة بـدون

.وجود مشاكل تذكر :الربط بين المسيحية والتفرقة العنصرية. ٥

جد تأكيـد علـى وإن كان ال يو ،أخذت المسيحية كديانة عالمية بالمساواة بل إن اإلنجيل ال . المساواة المطلقة بين البشر باعتبارهم بشرا في المقام األول

.يتضمن أي نص صريح على المساواة أخذت بمفهوم أبناء الحـرة قد-ن المسيحية كما دعمها بولس الرسول إبل

هم نسل السيدة سارة من اليهود ومن بعدهم ؛ حيث أبناء الحرة وأبناء الجارية هم غيرهم من الشعوب من نسل السيدة هاجر مـن فاآلخرون أما المسيحيين،

- ٥٥ -

ففـي قـول بـولس ؛سيدنا إبراهيم، وهو المفهوم الوارد في التوراة من قبل ألنـه ال يـرث ابـن ،أطرد الجارية وابنها . لكن ماذا يقول الكتاب : "الرسول

". بل أوالد الحرةالجارية مع ابن الحرة إذا أيها األخوة لسنا أوالد الجاريةوقد أجاد شخص كان : "وفي هذا المجال يوضح سير توماس أرنولد القول

نفسه زنجيا توضيح الطريقة التي تقدم بها كل من المسيحية واإلسـالم إلـى بينما تنسب البعثـات التبشـيرية قيـام : تيةاألفريقيين وذلك في العبارات اآل

نجد الدعاة المسلمين ينفـذون القساوسة من الوطنيين إلى عصر غير معين، . إلى قلب أفريقيا، ويصلون في سهولة إلى الوثنيين، ويحولونهم إلى اإلسـالم

وبذلك أصبح الزنوج اليوم ينظرون إلى اإلسالم علـى أنـه ديـن السـود، والمسيحية على أنها دين البيض، ويرون أن المسيحية تـدعو الزنجـي إلـى

إلى حد أنه يقول فـي نفسـه وقـد الخالص، ولكنها تضعه في مكان منحط أما اإلسالم فإنه . ليس لي نصيب وال حظ في هذا الدين : استولى عليه القنوط

إن بلوغك أسمى الدرجات الممكنة إنما : يدعو الناس إلى الخالص ويقول له ومن ثم أقبل الزنجي بدافع من الحماسة على هذا الدين بروحه . يتوقف عليك

".وجسدهت الذي تأخذ فيه المسيحية بثنائية نظام القيم المعمول به في وفي الوق ،هذا

.الغرب، فإن اإلسالم يأخذ في المقابل بأحادية نظام القيم ونظرت إليها شأنها شـأن ،وقد تقبلت المسيحية العبودية كحقيقة مسلم بها

عدم المساواة على أنها شرور دنيوية يجب تحملها تكفيرا عن الخطيئة األولى، سترقاق على أي حال نظر إليه على أنه استرقاق للجسد أما الروح فهـي واالفلم تتخذ المسيحية أية خطوة للقضاء على الرق، أو رفع شأن األرقاء . طليقة

حيث تقبلت مفهوم العبودية ، ووردت في مواضع متفرقة في اإلنجيل، والرق ا في أوائـل على أية حال كان مؤسسة معترف بها في العالم حتى ألغى رسمي

- ٥٦ -

.القرن الماضي وفـي ،وهكذا وجد األفريقيون في ذلك عنصر طرد أساسي من المسيحية

الذي هدم أسـس التفرقـة ؛نفس الوقت يتحول هذا إلى عنصر جذب لإلسالم وبأسس المساواة العالمية المطلقة فيه والممارسة ،العنصرية بأحادية نظام قيمه

دين الرجل : "ل الكثيرين يطلقون عليه التي رفعت شأن السود، األمر الذي جع ".األسود :التغريب وتطلب ترك العادات والقيم التقليدية. ٦

حرصت اإلرساليات التبشيرية على نقل الحضـارة األوروبيـة الغربيـة ألفريقيا من جهة، كما حرصت على ضرورة ترك األفـريقيين المسـيحيين

مما جعل صفة . من جهة أخرى للكثير من العادات والقيم التقليدية الموروثة، األجنبية والتغريب ترتبط في األذهان بالمسيحية في أفريقيا، األمر الـذي أدى

. في هـذا المجـال Euro- Christianity مسيحية -األورو"الستخدام تعبير ."Euro- Christian مسيحي -أورو"والنظر إلى األفريقي المسيحي على أنه

لى نشر الديانة المسيحية والدعوة لإلنجيـل، فالعمل التبشيري لم يقتصر ع تضمن أيضا التعليم والحرف والفنون والرعاية الطبية، كما أن زراعة هولكن

.أصبحت بعدا أساسيا من األهداف التبشيريةقد الثقافة األوروبية " تحويل روح واحدة"ومن الجدير بالمالحظة أن أسلوب التنصير القائم على

اتبع فـي -حيث األساس تغيير القلب- على حدة للمسيحية أي إدخال كل فرد أفريقيا كما هو متبع في المسيحية عامة، ولكنه وإن تمشى مع الفردية الغربية

نه أغفل االنتماء الجماعي في أفريقيا، وأعطى االنطباع بأن على األفراد إإال أن أسـلوب وغني عـن الـذكر ". للقبيلة المسيحية "أن يتركوا قبائلهم لينتموا

التنصير الفردي هذا يجعل من الصعب دخول األفريقيين للمسيحية كجماعات عائالت لدخول دخولهم كأفراد، على خالف المشاهد بالنسبة دون وإن لم يحل

- ٥٧ -

.بل وقبائل بأجمعها لإلسالم مرددين الشهادة جميعافالحضارة األوروبية اعتبرت إحاللية محل الحضـارة األفريقيـة التـي

وكما . ت اإلرساليات على تدميرها كمتطلب سابق للدخول في المسيحية حرصيعبر البعض فإن ما قامت به اإلرساليات هو في حقيقته عملية إفنـاء ولـيس

ن على األفريقي وخاصة األفريقي المسيحي التعامل مـع إو. عملية استيعاب .هذه المشكلة

:النشاط التبشيري المسيحي. ٧على الرغم مما ينفـق عليـه -ط التبشيري المسيحي هناك عدة أبعاد للنشا

ومن ثم انعكست على مـدى انتشـار ، أسهمت في اإلساءة لصورته -بسخاء .المسيحية

مشكلة االتصال بين المبشرين واألفريقيين-صل، ومن هنا واتلل ا اإن أهم مشكلة تواجه الكنيسة في أفريقيا تقع في مج

فالمسيحية جاءت على يد المبشرين . كانت صعوبة توصيل الرسالة المسيحية وما زالت لهم اليد الطولي في هذا المجال على الرغم من انتشار ،األوروبيين

الكنائس المستقلة، فهناك في الواقع حائل حضـاري ونفسـي يفصـل بـين . المبشرين وبين المخاطبين من األفريقيين

عدم الثقة في جدية التبشير والقائمين عليه-من دولهم األصـلية -ظ أن المبشرين في سعيهم لجمع األموال من المالح

- الالزمة للعمل التبشيري في أفريقيا أسـاءوا -خاصة والدول الغربية عامة وذلك بـإبراز ، إلى صورة المجتمعات األفريقية -دون قصد في أغلب الظن

كـالفقر (بعض أوجه الحياة والنواحي غير المشرقة فـي تلـك المجتمعـات جذبا للعطف ،والمبالغة في إظهارها ) التخلف االجتماعي وغيرها والمرض و .واألموال

- ٥٨ -

االنطواء واالنعزالية واالستعالء: عدم اندماج المبشرين باألفريقيين-فالمبشرون المسيحيون يحملون معهم إلى أفريقيا بالطبيعة استعالء وتفوق

ـ ريقيين وال المجتمع الغربي الذي جاءوا منه، وهـم ال ينـدمجون مـع األفيتزوجون بزوجات أفريقية، بل يحافظون دائما علـى مسـافة بيـنهم وبـين

ونفس األمر ينطبق على سلوك المبشرين البيض تجاه إخوانهم من (األفريقيين ). أمريكيين-المبشرين الزنوج األفرو

:دور االستعمار في انتشار المسيحية واإلسالم: ثانيا تعمار العالقة بين التبشير واالس-

أهم ما واجه المسيحية في أفريقيا من صعوبات عرقلـت نشـاطها هـو حيث نظر إليها على إنهـا أداة اسـتعمارية ،باغها بالصبغة االستعمارية طصا

فـإن رفـض ؛ومن ثـم . وملحقه باإلدارة االستعمارية أيا كانت تلك اإلدارة . المسيحية اه بما في ؛االستعمار تضمن بالطبيعة رفض كل ما ارتبط به من قيم فالمبشرون كـانوا ؛والمبشر المسيحي كان رائدا لدخول الرجل األبيض للقارة

طليعين لالستعمار الغربي في أفريقيا فقد سبقوا الجيوش االستعمارية ووطدوا حيث لم تخلو الجيوش االستعمارية من المبشرين ؛لها، كما جاءوا في ركابها

تفاقـات التـي أبرمـت بـين الـنظم ليعملوا على فتح القلوب، وتضمنت اال االستعمارية والزعامات األفريقية حيثما وجدت بندا ينص على إطالق حريـة

كما عـاش المبشـرون علـى الحظـوة . التبشير في طول البالد وعرضها والتفضيل اإلمبريالي والسياسـي، وارتبطـت مصـالحهم بمصـالح دولهـم

ئم الذي يمكـنهم مـن القيـام المستعمرة خاصة، وارتأوا استمرار الوضع القا بمهامهم، وبنفس المثل استخدمتهم النظم االستعمارية على اختالفهـا لتحقيـق

وكذلك المصلحة، فالعالقـة بيـنهم تكافليـة ،فالعالقة المتبادلة بينهم : أهدافهاإمبرياليـة الجماعـات "ومن هنا فقد استخدم البعض تعبيـر . بالدرجة األولى

- ٥٩ -

رمزا لتسلط اإلرسـاليات فـي أفريقيـا ،لية التبشيرية أو اإلمبريا " التبشيريةوسياستها في السيطرة على مقدرات الشـعوب وتسـييرها وفقـا للسياسـات

والقضاء على أي تراث ثقافي قـائم غيـر التـراث الغربـي ،االستعماريةالمسيحي، وكان المدخل الواسع للتبشير ونشاطه هو التعليم الذي كـان نحـو

مبشرين في ظل اإلدارة االستعمارية، وكان التعميـد هـو منه في يد ال % ٩٥المتطلب السابق للتعليم في معظم الحاالت، ولكن في بعـض الحـاالت قـام األفريقيون فيما بعد بإحراق المدارس والكنائس على أسـاس أنهـا مرتبطـة

.بالسلطة ومن ثم باإلخضاعرية جعل الدعوة وعليه فإن إصباغ المسيحية في أفريقيا بالصبغة االستعما

فالمسيحية جاءت على يد . لنبذ االستعمار والتحرر دعوة ضمنية لنبذ المسيحية األوروبيين وظهرت بل وظل ينظر إليها على أنها دين الرجل األوروبـي أي

ينظر ي فه ؛وبالتالي. دين الرجل األبيض، وظلت تنوء تحت عبء تلك الصفة األوروبـي المسـتعمر، فالـدعوة إليها في كثير من األحيان على أنها ديـن

لألفريقية واألصالة أخذت إلى حد كبير شكل الدعوة لنبذ كل ما هو غربـي، وفي أحسن األحوال أخذت شكل أفرقـة . مرتبط باالستعمار بما فيه المسيحية

، "الكنائس المتمردة "المسيحية بقيام الكنائس المستقلة التي يطلق عليها البعض . ضد فكرة العالمية التي تنشدها الديانـة المسـيحية والتي على أي حال تعمل

إن الشر األساسي للتبشير المسـيحي فـي "وكما يعبر البعض من األفريقيين وقد . المسيحية هي دين أسيادنا الجائرين األجانب . أفريقيا هو تراثها النفساني

ب ينظر إلى زيادة انتشارها بين شعب يحاول أن ينفض عنه آثار أسياده األجان وليست فكرة إقناع الرجل األسود بقبول رب الرجل األبيض سوى . نظرة ريبة

".ترادف إلقناعه بقبول دوره األدنىومما يالحظ في هذا المجال أنه في الوقت الذي ربطـت فيـه الشـعوب

- ٦٠ -

حيث قدمت المسيحية على أية حال مـن -األفريقية بين االستعمار والمسيحية فإن اإلسـالم -ه الخصوص لدول مستعمرة جانب مواطنين ينتمون على وج

على العكس ارتبط في أذهان الكثيرين بالوقوف في وجه االستعمار ال كمجرد فمن ناحيـة واجهـت الجيـوش : دعاية أو تصور ولكن كحقيقة موضوعية

االستعمارية ومحاولة فرض السيطرة من جانب الـدول األوروبيـة مقاومـة لمسلمين الذين أطلقوا على األوروبيين من شديدة من جانب الزعماء الدينيين ا

وقد شهدت القارة األفريقية في الواقع هذه الظاهرة التـي ". الكفار"الغزاة اسم السنوسية في ليبيا، المهدية في السودان، المال فـي : انتشرت من مكان آلخر

الصومال، حركة الزعيم سوماري توري في غينيا، القادرية فـي الجزائـر، ي مصر، حركة الحاج عمر التل وابنه احمد في إمبراطورية ماسينا العرابية ف

في مالي، وحركة ماء العينين القلقمي في موريتانيا وعثمان دان فوديـو فـي تحت راية اإلسالم لمقاومـة " الحروب المقدسة "نيجيريا، كلها أمثلة حية على

.الغزو األوروبي والتسلط االستعماريئ االنتشار في القارة األفريقية عامـة حتـى ويالحظ أن اإلسالم كان بط

القرن التاسع عشر، حتى فرض االستعمار سيطرته على القارة ومـن وقتهـا انتشر بسرعة واضحة حتى اصبح متغلغلا في كـل دول القـارة، وإن كـان

فما من . االختالف بينها في نسبة المسلمين العددية وليس في وجوده أو عدمه حتـى أنجـوال معقـل - ال تعرف وجود المسلمين بها دولة في القارة اليوم

الكاثوليكية وركيزة البرتغال بالقارة لقرون بها عدد من المسلمين يصل إلـى وهم مع قلتهم يمثلون ظـاهرة تـدرس عـن كيفيـة الصـمود . نحو األلفين

.واالستمرار رغم الجهود المكثفة للتبشير بالمنطقة ولقرونة انتشار اإلسالم وتعميقـه فـي أفريقيـا ولكن ما السبب في ارتباط سرع

بوجود المستعمر؟

- ٦١ -

فمن ناحية، يمكن القول أن الحروب الدينيـة : هناك عدة جهود لتبرير ذلك باسم الجهاد جذبت إليها الكثيرين لمواجهة االستعمار، ومن ناحية أخرى فقـد يكون هناك أيضا اجتياح تلك الجيوش اإلسالمية لكثير من القرى فـي أثنـاء مواجهة المستعمر قد جعل الكثيرين يتبعونه ال بحماس المجموعـة األولـى

من ناحية ثالثة فإن زعامـة القـادة األفـريقيين . تباعا للكثرة اولكن خوفا أو المسلمين للجهاد ضد المستعمر األوروبي خلق تعاطفا مع المسـلمين وجعـل

سالمي البعض ممن اإلسالم رمز الكفاح ضد المستعمر وجذب ألتباع الدين اإل نفروا لنفس السبب من المسيحية التي جـاءت تحـت الرايـة االسـتعمارية

كما -يضاف إلى هذا أن النظم االستعمارية في كثير من الحاالت . األوروبية لم تستطع -)منطقة القرن األفريقي (حدث في غرب أفريقيا وشمالها وشرقها

اإلسالمية القائمة والتي مثلـت أن تقيم حكمها إال بعد القضاء على المملكات إال أنها، وإن كانـت لـم . عقبة كئود في سبيل فرض سيطرتها االستعمارية

تستطع بذلك أن تتغلب على حقيقة أن المسلمين كانوا على درجة من التقـدم كما استخدمت الكثير من . والتنظيم والثقافة مما جعلها تستعين بهم في اإلدارة

السياسي لضمان السيطرة على الشعوب عن -جتماعيالمشايخ ذوي النفوذ اال السياسي وجذب إليهم المزيد مـن -طريقهم، مما قوى من نفوذهم االجتماعي

فـي ) المرابطين(األتباع ويبدو هذا واضحا من المشايخ المعروفين بالمرابو غرب أفريقيا الناطقة بالفرنسية وخاصة في السنغال والمعلم أو مولمـو فـي

ويالحظ أن اعتماد بريطانيا على السواحيليين في شرق أفريقيـا . ةشرق القار على الرغم من كراهيتها لذلك، ولكن كونها قد -في اإلدارة كان مطلقا تقريبا

بنت سياستها االستعمارية على البرجماتية، فإنه كان عليها أن تستعين بـأكثر م أكثـر فـي زيـادة العناصر تقدما أال وهم المسلمون السواحيليون، مما أسه

قدوم ن إيضاف إلى هذا ف . نفوذهم اجتماعيا وزاد من نشاط الدعوة اإلسالمية

- ٦٢ -

الـذين جلبـتهم -وخاصة الباكستانيين مـنهم -األقليات اإلسالمية من الهنود وجذبتهم اإلدارة البريطانية للعمل في شرق أفريقيا وجنوبها والجزر األفريقية،

هؤالء الذين وإن كانوا قد جـاءوا معهـم أسهم في نشر اإلسالم عن طريق ويرجـع الفضـل .نموببعض االنشقاقات الدينية، إال أنهم على أي حال مسل

لهؤالء المسلمين التجار من األقليات اآلسيوية في حمل شعلة نشر اإلسالم في وهـم ذوي - مـن الملـونين % ٦شرق وجنوبي أفريقيا بحيث نجد أن نحو

. جنوب أفريقيا من المسلمين في جمهورية-األصل المختلط التحريك االجتماعي في ظل االستعمار وأثره على انتشار اإلسالم-

على الرغم من االختالفات الواضحة بين النظم االستعمارية المختلفة مـن حيث السياسات االستعمارية المتبعة وأنماطها، إال أنها جميعا وبدون أن تدري

المتمثل في عوامل التغييـر - االجتماعي أوجدت الظروف المالئمة للتحريك التي تطرأ في كافة المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والتي تخرج

والذي يعتبر متطلبـا -بوعي األفراد بعيدا عن البيئة المحلية التي ولدوا فيها كأنها وبدون أن تدري بذرت بذور . سابقا لظهور الحركات القومية واالستقالل

ائها بتمهيد المجال لظهور وريثتها الحركات القومية التي ظهرت في ظـل فنويهمنا في هذا المجال أثر عوامل التغيير في . الوجود االستعماري وكنتيجة له

أن الحكـم : ونذكر من أهمها من الناحية السياسـية . انتشار الدين اإلسالمي مما نتج عنه إضعاف االستعماري أضعف السلطة التقليدية للزعماء التقليديين

سلطة هؤالء الدينية وتدهور الديانات القبلية حيث تعمل كـل جماعـة قبليـة كجماعة دينية في نفس الوقت، وقد مارس الزعماء التقليديون سـلطة دينيـة

.باعتبارهم زعماء دينيين أيضاكما أن استتباب األمن وانتشار طرق المواصالت البرية والحديديـة مـن

حملة الدين اإلسالمي من جهة، -عد على سهولة انتقال التجار جهة أخرى سا

- ٦٣ -

كما شجع من جهة أخرى انتقال الشباب بعيدا عن المناطق الريفية التي ولدوا وتربوا فيها مما أسهم أيضا في تحلل الروابط التقليدية وإبعاد الشـباب عـن

لمدن أو على األصح فضلا عن ذلك فإن إنشاء ا. السلطة التقليدية سياسيا ودينيا حيث إنها كظاهرة كانت موجودة قبل الوجود االستعماري ولكـن -انتشارها

مع وجـود فـرص -انتشرت حول مقر الحكم االستعماري وازدادت اتساعا لالستقرار والتعيش خارج المناطق التي ولدوا فيها أسهمت أيضا فـي جـذب

السلطة التقليدية والبعد مما أسهم في إضعاف ،األفريقيين خاصة الشباب منهم ومن ناحية أخرى فإن . عن ممارسة الدين التقليدي والجزاءات الدينية التقليدية

ويهمنا علـى ،المدن الجديدة فتحت المجال إليجاد أنواع جديدة من الزعامات وجه الخصوص تبلور الجماعات الدينية اإلسالمية وانجذاب األفـراد إليهـا

لحياة االجتماعية الجديدة حيث يجد الفرد في التجمع كنوع من أنواع التكيف وا مع الرفاق خالصا من الغربة في المدن مع وجود أنواع من الصداقة والزمالة والتجمع والمشاركة في الصالة والرقص واألناشـيد الدينيـة واالحتفـاالت

.وحلقات الذكر وغيرها بينمـا ركـز ، أن اإلسالم أكثر انتشارا في المـدن عامـة ،ومن المالحظ

-المبشرون المسيحيون جهودهم وال زالوا يركزون على المنـاطق النائيـة بين من لم يمسوا كثيرا بالحياة الحضرية ولـم يتعرضـوا -الريفية والغابات

وعليه ففي الوقت الذي جذبت فيه المدن الشـباب . لألفكار واآلراء المتجابهة عن ممارسة الدين التقليـدي، عمـل بعيدا عن السلطة التقليدية، ومن ثم بعيدا

هؤالء على مواجهة التحدي الذي واجههم في المـدن باالنتمـاء للجماعـات هما فـي التكيـف االجتمـاعي مالدينية اإلسالمية المنظمة والتي لعبت دورا

للشباب الباحث عن العمل، ومثل هؤالء يعملون بعودتهم للزيارة في مناطقهم .المالمحلية كحملة لنشر اإلس

- ٦٤ -

نه في الوقت الذي ركزت فيه اإلرساليات جهودهـا علـى أفمن المالحظ المناطق الريفية، فإن اإلسالم تغلغل في الريف عن طريق التجـار والـدعاة المحليين الذين كانوا في كثير من األحيان أكثر تقبلا وتأثيرا من اإلرسـاليات

.التبشيرية

:اإلسالم: ثالثا لدعاةالدعوة اإلسالمية وا

ولـم يعـرف ،تتميز الدعوة اإلسالمية بالعالمية، فهي موجهة للناس كافة كما أن المسلمين في أفريقيا يعملون علـى . اإلسالم مفهوم شعب اهللا المختار

فلم تقم الدعوة اإلسالمية على وجـود . أساس مبدأ أن كل فرد هو داعية لدينه انتشـار اإلسـالم وراء مبشرين رسميين منظمين، وهذه النقطة بالذات كانت

الذي لم ينشر بجهود منظمة ولكنه تغلغل بين الشـعوب األفريقيـة بصـورة .استرعت االنتباه

وهناك عدة مالحظات عن الدعوة اإلسالمية في أفريقيا، ويمكن تلخـيص :أهمها في التالي

لم ينتشر اإلسالم في أفريقيا على أيدي مبشرين منظمين مرتبطين أصلا ••••ى خالف المسيحية التي اعتمدت في انتشارها أساسا على جهـود بدولهم، عل

.المبشرين المرتبطين بالدول األوروبية المستعمرة وتنوع الدعاة الذين انتموا أصلا ،إن وسائل الدعوة اإلسالمية قد تنوعت ••••

ورجال الطـرق ،التجار: للمناطق المحلية في أفريقيا، ومن أهم رسل الدعوة ، والجماعات في شمال أفريقيا ،سي األزهر روالوعاظ من دا واألئمة ،الصوفية

.والمراكز الثقافية في غربها وغيرهمإن الدعوة وإن بدأت على أيدي التجار العرب في الشـمال والشـرق، ••••

- ٦٥ -

وكذلك ذوي األصول اآلسيوية في الجنوب والشرق، إال إنهـا سـرعان مـا لدعوة اإلسالمية فـي انتقلت إلى الشعوب الزنجية نفسها ليصبحوا هم رسل ا

.القارة بعد استيعابهم لإلسالمتغلغـل فـي األوسـاط "إن اإلسالم انتشر سلميا وليس بحد السيف، و ••••

وقد أسهمت الفتوحات اإلسالمية والجهاد اإلسـالمي . "األفريقية بال اعتراض في نشر اإلسالم نظرا لنشر األمن وطرق المواصالت وتأمينها، ممـا يسـر

المجهولون ورجال الطرق الصوفية والتجـار وحملـة الـدعوة انتقال الدعاة كما جذبت السلطة العديـدين للـدخول فـي الـدين . اإلسالمية غير المنظمة فضلا عن أن الدخول في اإلسالم فـي كثيـر مـن . اإلسالمي انتماء للنخبة

.الحاالت عنى عدم دفع الجزية ـ األمر الذي كان للفرد الخيار فيهاإلسالمية على أساس فردي، ولكن قامت علـى أسـاس لم تقم الدعوة ••••

تدخل قبيلة بأجمعها اإلسالم كان من المألوف جماعي بالدرجة األولى وبالتالي .بعد االنجذاب إليه واالعتقاد في مبادئه

قامت الدعوة اإلسالمية أساسا على التدرج والتسلسل، وبالتالي فلم يكن ••••ل بين األفريقي ومجتمعـه وتغريبـه الدخول في اإلسالم على حساب االنفصا

عنه، بل مثل االنتماء لإلسالم جزءا من األصالة األفريقية، حيث لم يقم أجنبي بتقديم الدين ولم يرتبط به الدخول في ثقافة وحضارة أجنبيـة، ولـم يتبعـه

تأكيد الذات األفريقية من خالل تقديم تبعه الشعور باالغتراب بل على العكس لعدد من الممارسات التقليدية كـالرقص واإليمـان بـاألرواح الحل المنطقي

سمح لألفريقي باالحتفاظ بشخصيته األفريقية مما.. والسحر وتعدد الزوجات .مع االنتماء للدين العالمي الشامل

من أهم وسائل انتشار اإلسالم في أفريقيا

- ٦٦ -

التجار والدعوة اإلسالمية-ريقيا التجار المسلمين الذين وفدوا من أهم رسل الدعوة اإلسالمية في أف

وإن كان قد تبعه أثر ،على أجزاء القارة المختلفة بهدف أصلي هو التجارة من العرب والبربر من قبائل شمال هؤالء التجاروكان. مهم هو نشر اإلسالم

حملتهم القوافل عبر الصحراء التي مثلت جسرا انتقل عبره ممن أفريقيا جنوب المنطقة التي تلي لحضارة اإلسالمية من الشمال إلى اإلسالم والثقافة وا

ثم . حاليا منطقة الساحلا يطلق عليهوالتيالصحراء مباشرة في بدء األمر سلم هؤالء التجار الدعوة وبطريقة تلقائية لشعوب المنطقة السودانية الذين

ديوال وكان من أهمهم في غرب أفريقيا ال. قاموا بأنفسهم بحمل راية اإلسالموبالمثل في شرق . من قبائل الماندي، والهوسا في نيجيريا وغرب أفريقيا

إذ انتقل اإلسالم مع التجار العرب في ؛أفريقيا، حيث تم نفس النمط تقريبا الذين -من المواطنين األفريقيين-شرق أفريقيا ثم على أيدي السواحليين

صبحوا هم دعاة اإلسالم أسلموا أولا وتأثروا بالتراث اإلسالمي والذين أوبالمثل قام التجار من الهنود وذوي األصل اآلسيوي بدور مهم في . للداخل

كما قام اللبنانيون بدور شبيه في هذا ،نشر اإلسالم في شرق وجنوب القارة .المجال في غرب أفريقيا ووسطها

الطرق الصوفية-نهـا إعامـة، إال وهي واسعة االنتشار في المناطق اإلسالمية في أفريقيا

وإن . أوسع انتشارا وأكثر تأثيرا في أفريقيا جنوب الصحراء عنها في الشمال كان من المالحظ أن نشاطها في نشر الدعوة قد بدأ متأخرا ولم يتبلور إال في

.القرن التاسع عشروعلى الرغم من كثرة ما وجه ويوجه للطرق الصوفية من نقد باعتبارهـا

دورا هاما في نشر -ال تزال و–م وصورته، إال أنها لعبت تشوه بساطة اإلسال

- ٦٧ -

. اإلسالموأهم إنجازاتها هو أن التحول لإلسالم انتقل على يديها من حاالت فرديـة

خطوة في تـدعيم اإلسـالم فـي نفـوس نداهي تمثل فإلى حاالت جماعية، لمـاء والمعروف أن كثير من الساسة األفريقيين ينشدون بركة ع . األفريقيين

ولهم عندهم حظوة في مجتمع تمارس فيه تقليديا الجزاءات الدينية من ؛الدينوإن كانت ال تصل إلى مثل ما لرجـال الـدين -جانب رجال الدين التقليدي

الذين يعتبرون في نظر المسـيحيين - خاصة في الكنائس القديمة -المسيحي .واسطة طبيعية بين الفرد والربمذاهب دينية بل تعمل كجماعات داخلية موحـدة والطرق الصوفية ليست القادرية، : وأهم هذه الطرق في أفريقيا ). المريدين(بواسطة زعمائها وتابعيهم

.والتيجانية، والسنوسية، أواألحمدية، والمهدية والقلقمية

عوامل الجذب في اإلسالماإلسالم في أفريقيـا فـي إطـار مـن : كان يحلو للبعض الحديث عن إناإلسالم "، أو "اإلسالم الشعبي "، أو "باإلسالم األسود : "من ذلك القول : عدديةالت

، إال أنه "إسالم ما بعد االستقالل "، أو "إسالم مرحلة االستعمار "، أو "الفلكلوري والتي يؤكد عليها الباحثون الغربيون الجـادون فـي ،من الجدير بالمالحظة

وهو األمر . سك المجتمع اإلسالمي هو تما ،مجال األديان والعلوم االجتماعية يجب التعامل معها طبعـا مـن " ليس كنظرية ولكن كمشكلة "الذي ينظر إليه

.وجهة نظر الغربيين المسيحيينلتميـز لفاإلسالم أثبت أن له قدرة استيعابية كبيرة لالختالفـات الثقافيـة و

مـن على عكس ما حـدث -ااألمر الذي لم تعرفه المسيحية أساس -الثقافي مسيحية والمجتمعات األفريقية التي نتج عنهـا اآلالف -المواجهة بين األورو

- ٦٨ -

من الحركات الدينية الجديدة التي تمس جوهر المسيحية، بل وينكرها البعض فإلسالم لم يشهد التفسخ الداخلي الذي شهدته المسيحية . منها في مقابل التميز

.في أفريقيا

اإلسالم دين الفطرة هو بساطة تعاليمه وعدم وجود ، ما يجذب األفريقيين لإلسالم لعل من أهم

فأسس اإلسالم بسيطة وميسـورة . أفكار تستعصي على فهم الشخص العادي واإلسالم دين الفطرة، حيث تتمشى أحكامه مع العقل والمنطق وتتميز . وعملية

يـدة بالمعقولية، فهو ال يتطلب من متبعيه أية أمور معقدة وال يأتي بأفكـار بع أي أن اإلسالم . عن التصور، وال يفرض عليهم قيودا ال يستطيعون القيام بها

ال يتضمن طقوسا معقدة، بل يتميز بالبساطة والعالقة المباشـرة بـين الفـرد فال يعرف اإلسالم رسميا مفهوم رجل الدين على عكـس الهيراركيـة ،وربه

.الكنسية أو األكليروس في المسيحية :ρρρρ ففي قول الرسـول ؛عاليم اإلسالم ومعقوليته في أركانه وتبدو بساطة ت

شهادة أن ال إله إال اهللا وأن محمدا رسول اهللا، وإقام : بني اإلسالم على خمس "الصالة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيـت لمـن اسـتطاع إليـه

.)٨("سبيلاو أمـر متقبـل وه. وفيما يتعلق بالشهادة فهي تقوم على الوحدانية المطلقة

حيث يتفق الدين التقليدي في مختلف شـعوب أفريقيـا : لدى األفريقي العادي على اإليمان بخالق أعظم للكون، ومما يجعل الوحدانية القائمة على التثليـث

األب واالبـن : "وهي أن الرب هو واحد فـي ثـالث -في الديانة المسيحية .دي صعبة على فهم وتقبل الشخص العا-"والروح القدس

وهناك الكثير من األبعاد واألحكام الشرعية التي يأخذها المسلم على أنهـا

- ٦٩ -

ية مسلم بها وال تسترعي انتباهه ولكنها بالنسبة لألفريقي العـادي الـذي قصيرقبها ويقيمها في إطار الظروف االجتماعية التي يعيشها تمثل جاذبية خاصة

:لهديا تبدو مبهـرة وجذابـة فالصالة وممارستها بجانب كونها فرضا تعب ••••

فالوضوء يعني االغتسال والطهارة عدة مرات فـي : لألفريقي في عدة نواح اليوم الواحد وهي تميز المسلم عن غيره ممن قد ال يغتسل لشـهور، وسـتر

يميزه عن من يدينون بدين األجداد ويمشون شـبه عـراة، ةالجسد في الصال امة وله وقع نفسي وانفعالي عليه حتى واألذان للصالة يشد انتباه غير المسلم ع

أن بعض الكنائس األفريقية في كينيا تستخدم فيها أصوات تشبه األذان المتبع عند المسلمين، وخلع النعلين عند دخول المسجد يتفق مع تعوده علـى خلـع نعليه عند دخول المسكن كرمز لالحترام والمحافظة علـى نظافـة المكـان،

.ة الصفوف دليل على المساواةوجماعية الصالة ومساوا االجتمـاعي، وجـاءت تسـميتها التكافلوالزكاة تعد أداة فعالة لتحقيق ••••

وليس بااللتزام المالي، وتحديد سعرها بنسبة -كتزكية وتطهير للمال -بالزكاة .ة العبء النفسي على الفردأبسيطة بهدف تخفيف وط

شهر رمضان هو كما أن الصوم باإلضافة لكونه رياضة روحية إال أن •••• .شهر التكافل الذي يطعم فيه األغنياء الفقراء

واقعية أحكام اإلسالم وعموميتها

فاإلسالم دين لكل زمان ومكان، تضمن الكثير من األحكام التـي تصـلح للتطبيق في المستقبل كما صلحت للتطبيق في الماضـي، ويتـرك تفاصـيل

ووضـع . ة أحكامـه ومن هنا جاءت مرون : التطبيق لكل مجتمع وكل ظرف اإلسالم تنظيما كاملا للمجتمع اإلسالمي فيما يتعلق بالشرائع، كما وضع معالم

- ٧٠ -

تنظيمية وقانونية للمجتمع اإلسالمي، وذلك بعكس األديان العالميـة األخـرى .التي اقتصرت أساسا على النواحي التعبدية أو الروحية

بيع وشراء وعقود، فتضمن األحوال الشخصية والمواريث والمعامالت من وفي نفس الوقت تضمن الحدود والقصاص وبذلك وضـع معـالم تنظيميـة وقانونية للمجتمع اإلسالمي، وذلك بعكس األديان العالميـة األخـرى التـي

.اقتصرت أساسا على النواحي التعبدية أو الروحية الذي من ناحية يسعى إلى تنظـيم حياتـه ؛وهنا مركز الجاذبية لألفريقي

ل ال يختلف كثيرا مع مقومات مجتمعه في نفس الوقت الذي يعطي األمل بشكوعدم الفصل بين الدين والدنيا له جاذبية خاصـة عنـد . في التقدم واالرتقاء

هذا بعكس المسيحية التـي، . األفريقي الذي لم يعرف تقليديا مثل ذلك الفصل والدنيوية وبنيـت ومنذ البداية، قامت على أساس الفصل بين األمور الروحية

، مع تركيزها على األمـور "أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما هللا هللا "على أساس .الروحية وترك األمور الدنيوية

والدخول في اإلسالم ال يعني تخلي األفريقي عن مقومات حياتـه وقيمـه المتوارثة طالما ال تتعارض مع األسس العامة، وتعتبر هذه النقطـة بالـذات

ا كبيرا لتفوق اإلسالم وانتشاره في أفريقيـا وزيـادة القـوة الجاذبـة مصدر .لإلسالم

وفي الواقع فإن هذه الميزة بالذات تعتبر من أهم أسباب انتشار اإلسـالم، يبدأ إلى أن الن انتشار الدين وتقبله ال يتحقق فجأة بل إنه يأخذ وقتا وبالتدريج

حدث بالنسبة لإلسالم حيـث في أن يصبح جزءا من حياة معتنقيه، وهذا ما ي .)٩(يتغلغل بهدوء وبساطة في حياة معتنقيه

)الوسطية في اإلسالم(التوازن بين األمور الروحية والمادية

- ٧١ -

اإلسالم دين وسط جاءت أحكامه متمشية مع المعرفة الحقة بالنفس البشرية كما هو واحتياجاتها، فلم يتطلب من المسلمين أن يتشبهوا بالمالئكة والقديسين،

الحال في المسيحية، ولكنه نظر لهم كبشر وذلك في ضوء التوازن بين األمور .الروحية والدينية

ومن هنا نجد إن اإلسالم حقق التوازن في أحكامه بـين الـروح والمـادة ونظر نظرة موضوعية لألمور الدنيوية في إطار األمور الدينية، حيث أخـذ

: وفـي قولـه تعـالى . ان الحياة الدنيا بالحث على العمل لآلخرة مع عدم نسي : القصـص (]]]]وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا [[[[

: تباع تعاليمـه ا، وفي نفس الوقت أمر اهللا الناس باالعتدال مع تذكر اهللا و )٧٧ فال رهبانيـة ).١٩: الحشر (]]]]ساهم أنفسهم ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأن [[[[

واإلسالم يختلف في هذا عن كل الديانات السابقة حيث . في اإلسالم وال زهادة يعني بالجسد عنايته بالروح ويخاطب الفرد فيما يتعلق بالعبادة كمـا يخاطبـه

.فيما يتعلق بالتعامل مع المجتمعة، يعتبر خروجا عن السنة واتباعا وترك مالذ الحياة المباحة، زهادة وعباد

وإنما جاء إلصـالح ،فاإلسالم ليس رهبانيا وال حرمانيا . لغير سبل المؤمنين الدين وإعطاء كل ذي حق حقه ولكل شئ حقه، للجانب الروحي حقه، ولمالذ

.الدين المباحة وللراحة حقهاى الـزواج وفي الوقت الذي نهى فيه اإلسالم عن الرهبانية والتبتل حث عل

- رم زواج المسلمة من غير المسلم، والمسلم بالكافرة بينما سمح له وإن كان حح اإلسالم الطـالق ا أبا بالزواج من أهل الكتاب من مسيحيات ويهوديات، كم

في حالة استحالة التوافق في الحياة الزوجية واستنفاذ كافة وسائل إصـالحها، حدده بحد أقصى أربعـة وتطلـب فقد: كما أباح تعدد الزوجات ولكن نظمه

. وهو أمر صعب التحقيق،العدل التام في المعاملة

- ٧٢ -

وإن كـان قـد ،كما نظر اإلسالم نظرة موضوعية لمسألة الثراء فقد أقره فاإلسالم ال يدعو للفقر اإلرادي . نظمه عن طريق الزكاة والتكافل االجتماعي

م التوازن تمشـيا مـع وال يحض على ترك الدنيا كلية سعيا لآلخرة، بل أحك .الطبيعة البشرية والمعرفة بالنفس البشرية

والتكافل االجتماعي التعاونحيث ركز القرآن على البر واإلحسان بالناس، والرحمة والتـراحم فيمـا

الزكاة، الجزيـة، : يكون من خالل عدة مصادر أهمها التكافل وتمويل. بينهموبهذه الموارد التي تدخل بيت المال . ائعة، الركاز، األشياء الض فيءالغنائم، ال

وجوبا بحكم التشريع، يمكن اإلنفاق علـى خـدمات الرعايـة االجتماعيـة فضلا . للمحتاجين أي تمويل التكافل االجتماعي والمشروعات ذات النفع العام

صدقة الفطـر، زكـاة الفطـر، : عن أن هناك موارد اختيارية مثل الصدقات .والكفارات

في اإلسالمالتيسير

]]]] رسالع بكم ريدال يو رسالي بكم الله ريدومـن هـذا )١٨٥: البقـرة ( ]]]]ي ،المنطلق قامت أحكام الدين اإلسالمي بما تتضمنه من تيسيرات على المسـلم

حيث تمشت أحكامـه مـع ، مما كان له أشد الوقع على تقبل اإلسالم ،المكلف بشكل كان لألفريقيين ،ط بين التكليف ومقدرة المكلف فقد رب . الطبيعة البشرية

فمع النص الكريم بـأن اهللا عـز . بل ولغيرهم بحق، الحق في أن يؤخذوا به ).١٩: غافر (]]]]يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور[[[[وجل

فمن ناحيـة . وقد راعى التشريع اإلسالمي العدالة فيما أوجبه على المكلف ، يخضع خضوعا مباشرا أو غير نمكن أ يأستبعد من مجال التكليف كل ما ال

- ٧٣ -

ـ خرى لم يكلف المسـلم بمجمو أمباشر لقدرة اإلنسان، ومن ناحية ة مـن عااللتزامات ال فرار منها وال إسالم إال بها، ومن ثم عليه القيام بها وبصـرف

في أحكام ترتيبا لتزامات الالنظر عن مقدرته، بل حاول التشريع ترتيب هذه ا ما بين أمر واجب القيام به ال : قيام بها لتنازليا حسب درجة أهميتها وأولوية ا

تأويل فيه، وأمر غير جازم فعله وهو المندوب، وما طلب المشرع الكف عنه طلبا جازما وهو األمر المحرم، وما طلب المشرع الكف عنه طلبا غير جازم

، ولذي خير المشرع المكلف فيه بـين التـرك أ ه، واألمر ا وكرموهو األمر ال .الفعل من غير ثواب أو عقاب وهو األمر المباح

ال يكلف الله نفسـا [[[[ومن المالحظ أن الدين اإلسالمي وانطالقا من قاعدة حتى مـا نـص منهـا األحكاماستهدف تخفيف ) ٢٨٥: البقرة( ]]]]إال وسعها د يطرأ من الظروف ما يجعـل قيـام المكلـف على سبيل الجزم، فق بوجوبه

بالحكم عملا شاقا بشكل يزيد على طاقته، وبالتالي تنتفي العالقـة المسـتهدف وهذه الرخص إما أن تبـيح الفعـل . بين عبء الحكم ومقدرة المكلف إيجادها

. وتنفي وصف الحرمة عنه، أو تمنع من التكليف به أو من العقاب عليه

ةاإلسالم والمساواتعتبر المساواة في اإلسالم من أهم القواعد العامة األساسية التي يقوم عليها

تبـاع الالدين الحنيف، ويعتبر هذا المبدأ بالذات من أهم ما يجذب األفريقيين الدين اإلسالمي الذي نص على المساواة المطلقة غير المشروطة بين البشـر

مر الذي من الطبيعـي أن كبشر بصرف النظر عن االختالفات الظاهرية، األ يجذب األفريقيين الذين عانوا من الظلم التاريخي لعدم المساواة الذي ألحقه بهم

.الرجل األوروبي األبيض، خاصة نتيجة تجارة الرقيق لم ترد في أي دين -دت في اإلسالم بصورتها المطلقة ركما و -والمساواة

- ٧٤ -

ه حتى المبشرون الغربيون، خر بنفس التأكيد والوضوح، األمر الذي لم ينكر آن ال و والمبشـر .وجذب أنظار الكتاب المسيحيين ورجال الكنيسـة أنفسـهم

وهم عادة ال ،يختلفون على أن هذه النقطة بالذات تعتبر من أهم مآثر اإلسالم .يخفون رأيهم هذا

وقد أجاد شخص كان : "وفي هذا المجال يوضح سير توماس أرنولد القول الطريقة التي تقدم بها كل من المسيحية واإلسـالم إلـى نفسه زنجيا توضيح

بينما تنسب البعـوث التبشـيرية قيـام : "تيةاألفريقيين وذلك في العبارات اآل قساوسة من الوطنيين إلى عصر غير معين، نجد الدعاة المسلمين ينفذون إلى

. ، ويصلون في سهولة إلى الوثنيين، ويحولـونهم إلـى اإلسـالم ةقلب أفريقي بذلك أصبح الزنوج اليوم ينظرون إلى اإلسالم علـى أنـه ديـن السـود، و

والمسيحية على أنها دين البيض ويرون أن المسيحية تـدعو الزنجـي إلـى الخالص، ولكنها تضعه في مكان منحط إلى حد أنه يقول فـي نفسـه وقـد

أما اإلسالم فإنه . ليس لي نصيب وال حظ في هذا الدين : ستولى عليه القنوط اإن بلوغك أسمى الدرجات الممكنة إنمـا : "دعو الناس إلى الخالص ويقول له ي

ومن ثم أقبل الزنجي بدافع من الحماسة على هذا الدين بروحه . يتوقف عليك ".وجسده

وقد أكد اإلسالم على المساواة بين األفراد جميعا باعتبارهم بشـرا، فمـن الناس هكرت كلمتذ فقد ،اناحية حرص على تأكيدها بين الجنس البشري عموم

آيـة، والمقصـود مـن ٣٥ وكلمة البشر في أكثر من ، مرة في القرآن ١٤٠التكرار ترسيخ معنى اإلنسانية العام ووحدة الجـنس البشـري فـي أذهـان

كما ركز في كثير من اآليات على المساواة في المولـد وإرجـاع . المسلمينوحدة األطوار التي يمـر بهـا الناس جميعا إلى أصل واحد، وبالتركيز على

األفراد في خلقهم ونشأتهم ومراحل تكوينهم وفي أطوار الحياة وفي المـوت

- ٧٥ -

على الرغم من اختالفاتهم الظاهرية، كما ربـط البشـر برابطـة اإلنسـانية كما أوجد اإلسالم معايير . واألخوة العالمية التي تتأكد بارتباطهم بخالق واحد

.هللا وهي التقوى والعمل الصالحقياس األفراد وقربهم من افاإلسالم مع أنه نظر نظرة موضوعية إلى وجود اختالفات بـين األفـراد

: الزخـرف (]]]]ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات [[[[ :على أساس الجاه والمال مهم وانقسـا ).٧١: النحل (]]]]والله فضل بعضكم على بعض في الرزق [[[[ ).٣٢

وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللـه [[[[: إلى شعوب وقبائل إال أنه لم ينظر إلى هذه االختالفات على أنها سبيل . )١٣: الحجرات( ]]]]أتقاكم

للتمايز والتفرقة والتفاخر، فاألفضل هو األتقى، أي جعلت األفضلية للتقـوى، .و معيار يرجع لجهد الشخص في مرضاة اهللاوه

اإلسالم والرقعلى الرغم من أن الرق كان مؤسسة معترفا بها حتى وقت قريب، ولم يتم بالفعل القضاء على تجارة الرقيق إال في أواخر القرن التاسع عشـر وأوائـل

لرق، القرن العشرين، إال أن اإلسالم قد أخذ موقفا تقدميا وعادلا من موضوع ا األمر الذي لم يعالج في أي دين أخر حيث أخذت العبودية على أنهـا قضـية

.مسلم بهافقد استخدم التشريع اإلسالمي سياسة من شقين لمقاومة الرق، وذلك عـن طريق تضييق موارده، ومجاالت الدخول فيه من ناحية، والعمل على تشجيع

م في تأكيده على المساواة فضلا عن أن اإلسال . تحرير الرقاب من ناحية ثانية دميتهم، األمر الذي أغفل من قبل وبذلك سعى آأعطى للرقيق حقوقا تمشيا مع . إلى تكلفة-كما كان الحال قبل اإلسالم-لتحويل الرق من مصدر ربح

وحاول اإلسالم أن يحد وإلى أكبر قدر ممكن من الحاالت المؤدية للـرق، حيـث يسـمح ؛بين المسلمين والكفار فقصرها على حالة الحرب المشروعة

- ٧٦ -

نـه إقانون الحرب القائم على العرف السائد وقتذاك باسترقاق األسـرى، أي وحتى في هذه الحالة فقد . حالة استثنائية أساسها المعاملة بالمثل ودفع االعتداء

حث على تحرير الرقاب إما بمبادلتهم بأسرى من المسلمين أو حتـى بـالمن سالم في الوقت الذي فتح فيه منافذ الخروج من الرق سواء فإل. عليهم بتركهم جباريا ضيق باب الدخول إليه مع النظرة اإلنسانية للرقيـق فـي إاختياريا أو

.إطار من األخوة العالميةواألفريقيين كثيرا ما يرددون قصة بالل العبد الحبشي الذي حرره أبو بكر

ذن للصالة والذي كان من أقـرب الرسول ليكون المؤاصطفاهالصديق والذي فاإلسالم لم يحرره فقط بل رفع مكانته وأصبح رمزا علـى . أصفياء الرسول

.مر التاريخ الخاتمـــة

األولأوضحت الدراسة أن المسيحية رغم أنها دخلت أفريقيا فـي القـرن وعلـى . نها ظلت أقل انتشارا من اإلسالم ومن الدين التقليدي إالميالدي، إال

نها ما زالت تمثل حركة أقليـة فـي إغم من أنها تتضمن القلة المتعلمة إال الروجاء االنتشار الكبير والسريع لها في أفريقيا فـي القـرن . معظم دول القارة

التي قامت بها الدول الغربيـة وأنفقـت -الماضي في ظل الجهود التبشيرية .الستعمارية طمعا في ثروات القارة وفي إطار الحظوة ا-عليها بسخاء

وبرغم كل هذه الجهود ظلت المسيحية أقل انتشارا في القارة من اإلسـالم نتيجة لعدة عوامل ترجع إلى مضمون تعاليم المسيحية نفسها فـي مواجهـة

من حيث صعوبة تفهم هذه التعـاليم بالنسـبة لألفريقـي : المجتمع األفريقي وحيـة، وأحكـام األحـوال العادي، وفصلها بين األمور الدنيوية واألمور الر

ـ . الشخصية ن علـى ووكان لهذه التعاليم أبلغ األثر في عدم إقبـال األفريقيالمسيحية، وإقبالهم على اإلسالم في مقابل ذلك لبسـاطة تعاليمـه وواقعيـة

- ٧٧ -

.أحكامه، فضلا عن الربط بين المسيحية واالستعمارـ ة فـي منـاطق ومن الجدير بالذكر أن الدين التقليدي ال زال سائدا خاص

البانتو في وسط وجنوب أفريقيا إلى حد كبير وهي المناطق التي لم تستقطبها أي من المسيحية أو اإلسالم وإن كانت هناك جهود جادة منظمة مـن جانـب

كما يالحظ أن . األولي، وتغلغل طبيعي زاحف من الشمال من جانب اإلسالم دخلـوا فـي اإلسـالم ممـن : هناك بعض المحاوالت إلحياء الدين التقليدي

ومع أن البعض يرى أن الدين التقليدي األفريقـي . والمسيحية على حد سواء نه ال يزال يمارس بواسطة أفراد موجودين اليوم كدين آلبـائهم إ إال ،يتالشى

وأجدادهم حيث يمثل بالنسبة لهم رابطة بين الماضي والحاضر وبين الحاضر .ة للحفاظ على الهوية األفريقيةوفي كل األحوال هناك محاول. واألبدي

ن هناك قابلية لإلسالم لعدة اعتبـارات أوتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى :وتتمثل في التاليفي ظل الدين التقليدي

أن المجتمعات التقليدية لم تعرف الفصل بين األمور الدينية والزمنية أو •••• الـذي ،ولة في اإلسالم وبالتالي فهي تتفق في هذا مع أحد أسس الد . الدنيوية

يقوم على عدم الفصل بين األمور الدينية واألمور الزمنية وحيث يعد اإلسالم كما تختلف تماما مع أهم أسس الفلسفة السياسية المسـيحية التـي ،دينا ودولة

.تقوم على مبدأ ازدواج السلطتيننه يعمل على أساس جمـاعي أمن أهم ما يميز ممارسة الدين األفريقي ••••

ال فردي سواء في تقبل المعتقدات في مجموعها أو فـي ممارسـة شـعائره والدين األفريقي جزء أساسي من طريقة حياة كل . واحتفاالته من قبل الجماعة نه ينتمي للشعب فإن أي عضو ال يستطيع أن يخـرج إشعب في أفريقيا، وبما

ينا أخـرا وحتى إذا دخل د. كلية على دين جماعته أو شعبه أو يقف في وجهه يظل متمسكا ببعض األوجه المتوارثة فال يهجر الثقافة كليـة ألن فـي هـذا

- ٧٨ -

وحيث ال تعارض بين الدين الذي انتمى . خروجا تاما وقطعا لعالقته بجماعته . إليه ودينه األصلي فال مشكلة حيث يحتفظ بالكثير من خلفيته الدينية والثقافية

تجاذب بين جذوره وانتمائـه األصـلي أما إذا حدث تعارض فيظل الفرد في فيعمد إلى التوليف كوسيلة لتحقيق التوازن أو إلى هجر الـدين . ودينه الجديد

أكثر مرونة فـي تقبـل آخرالجديد واالرتداد إلى دينه األصلي واختيار دين . الممارسات وعدم التعارض

لعشـيرة ممثلة في العائلة أو حتى ا -بأكملها–وكثيرا ما تدخل الجماعة ••••في الدين السماوي بما أن النشاط الديني يمارس تقليديا على أساس جماعي ال

. وكثيرا ما ينقل أفرادها بعض أبعاد معتقداتهم التقليدية للدين الجديـد . فرديوبالتالي فكثيرا ما تدخل القبيلة بأكملها في اإلسـالم بالـذات علـى خـالف

الفرد منفردا حيث تعمل على أساس المسيحية التي تعني بتمسيح وتغيير قلب .فردي ال جماعي

ومن المالحظ أن األفريقيين عادة ما ينجذبون حتى قبل دخول اإلسـالم ••••إلى ممارسات الجماعات الصوفية في أفريقيا التي تكثر من حلقـات الـذكر واإلنشاد التي تشد انتباه األفريقي كشكل جماعي لممارسـة بعـض الشـعائر

.همها األفريقيونالدينية كما يتفودخول الفرد في دين سماوي ال يعني استبعاده من الجماعة أو طـرده ••••

.من القبيلة، فلم تعرف المجتمعات التقليدية التعصب الدينيهما فـي كافـة نواألفريقيين مغرمون بالموسيقى والرقص، ويستخدمو ••••

أن لذا من الطبيعـي . أنشطة الحياة وهما موجودان في كل جماعة في أفريقيا يستخدما في الطقوس الدينية في أفريقيا وكثيرا ما يعبـر األفريقيـون عـن

األمر الذي يعتبره المبشرون المسـيحيون مـن ؛انطباعاتهم الدينية بالرقص .سمات الوثنية

- ٧٩ -

األمر الـذي : وواحد من ركائز المعتقدات الدينية األفريقية هو السحر ••••ونه محاولة للسيطرة على القوى نه ال يخرج عن ك إوإن كان قد أسئ فهمه إال

وحيث أن السـحر . الطبيعية واالستزادة من الخير وأبعاد الضرر عن النفس مذكور في القرآن فكثيرا ما يلجأ األفريقي إلى المشـايخ أو المرابـو لكتابـة

، للسيطرة على القوى الغيبية تمشيا مع المفـاهيم التقليديـة ،حجبة وغيرها األومن الجدير بالذكر في هـذا المجـال أن . السحر أو فكهومحاولة الوقاية من

اإلسالم وإن اعترف بوجود السحر وورد في القرآن لفظ السـحر ومشـتقاته اثنان وستون مرة في اثنين وخمسين آية، إال أن اإلسالم قد وقف موقفا حازما

: قال اهللا تعالى : وواضحا ضد السحر بحيث أكد على أنه من أعمال الشيطان وال يفلـح . "وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون النـاس السـحر "

بل االستعاذة ". إنما صنعوا كيد سحر وال يفلح الساحر حيث أتى : "القائمون به قل أعود برب الفلق من شر ما خلق ومـن : "منهم على أنهم شر ويأتون الشر

. )١٠("إذا حسـد شر غاثق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد كما أكد الرسول على ضرورة اجتناب السـحر علـى أنـه مـن الموبقـات

اجتنبوا السبع : "عن أبي هريرة رضي اهللا عنه عن النبي أنه قال ): المهلكات(الشرك بـاهللا، والسـحر، وقتـل : يا رسول اهللا وما هي؟ قال : قالوا." موبقات

ل مال اليتيم، والتـولي يـوم النفس التي حرم اهللا إال بالحق، وأكل الربا، وأك ومن الواضح مما سبق مدى ". الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافالت

التغليظ في تحريم السحر وضرورة اجتنابه من أنه ذكر في قول الرسول بعد .أكبر الكبائر وهو الشرك باهللا وقبل قتل النفس التي حرمها اهللا

مان بوجود خـالق أعظـم كما أن جوهر الدين األفريقي من حيث اإلي ••••. ديـن الفطـرة : بصفاته وخصائصه المعتقد فيها، يتقارب مع جوهر اإلسالم

فالوحدانية الصريحة أو الضمنية هي في مركز الدين األفريقي ممـا يجعـل

- ٨٠ -

.مفهوم الوحدانية في اإلسالم أقرب إلى الفهم والعقل ومن ثم التقبلقليدي هو دين الفطـرة الـذي هذه االعتبارات في أن الدين التأهميةوتبدو

مما أسهم مع غيـره مـن ،يجعل تعاليم اإلسالم أقرب إلى تفهم األفريقي لها وهو ما يؤدي إلى الزيادة المطردة . العوامل في االنجذاب للدخول في اإلسالم

ومن هنـا يمكـن . ارنة بأعداد المسيحيين قفي أعداد المسلمين في القارة بالم . هو قرن اإلسالم في أفريقياالقول بأن القرن العشرين

ستعمارية التي تقاسمت القارة األفريقيـة لـم فعلى الرغم من أن الدول اال يستقر لها قوام إال بعد أن قضت على الزعمات السياسية اإلسالمية والـدول

ك التي قامت على أساس من تلك الزعامات والمرجعية اإلسالمية، إال يلاوالممم من كل الجهود التبشيرية ودعم النظم االستعمارية أنها لم تستطع على الرغ

الغربية لها أن تقضي على اإلسالم أو تقف في وجه انتشاره السـريع خـالل .القرن العشرين

ن إال وأصبحت هناك دول تـدخل صـفة اإلسـالم وفلم ينته القرن العشر سمها وهي جمهورية موريتانيا اإلسالمية وجمهوريـة جـزر القمـر اضمن مية، مع العديد من الدول ليس فقط في شمال القارة بل جنوب الصحراء اإلسال

تعتبر اإلسـالم الـدين ممن -ومن ذلك مثلا السنغال وتشاد ومالي وغيرها - في الوقت الذي ال توجد به أية دولة أفريقية تعتبر المسـيحية ،الرسمي للدولة

الصدد تم إلغاء هذا الدين الرسمي لها حتى إثيوبيا التي كانت الوحيدة في هذا النص رسميا في دستورها األخير قبل رحيل القرن، مع التسليم بأن المسلمين

كما بدأ . كما أن دول المؤتمر اإلسالمي هي دول أفريقية . بها يمثلون األكثرية وإذا كانت السودان قـد بدأتـه عـام ،تطبيق الشريعة يأخذ طريقه إلى القارة

يقه في واليتها الشمالية وانتقل منها لجاراتهـا فإن نيجيريا قامت بتطب ١٩٨٣ .من الواليات

- ٨١ -

فعلى الرغم من كل الصعوبات والمعوقات إال أن اإلسالم الذي وجد طريقه بقوة للقارة األفريقية يبدو من المؤشرات المختلفة أنه سيمثل ديـن المسـتقبل

.فيها

:اهلوامش

، وأن عـدد المسـلمين %٥١,٧ة إلى أن النسبة المئوية للمسـلمين فـي أفريقيـا هـي تجدر اإلشار ) ١( .٤٦٦,٩٧٨,٥٠٠ من مجموع سكان أفريقيا البالغ ٢٤١,٤٥٤,٠٠٠

وتعد اليهودية محدودة في أفريقيا من حيث العدد، وهي ليست دين دعوة عالمية وال تقوم على الـدعوة ) ٢( .العالمية والتبشير للدخول بها

لم تعرف تأثيرات مسيحية بالمرة وإن معظم الجمـاهير مسـيحيون ةالباقي% ٨٩ الـ نسبةحظ أن يال) ٣( .باالسم

من أهم الظواهر الجديرة بالدراسة عن المسيحية في أفريقيا هو تبلور الحركات الدينية التي أصـبحت ) ٤(فكلمـة . ية مسيحية متميـزة وهي تمثل فرقا أو طوائف دين -عالمية–مستقلة عن أي كنيسة مسيحية أجنبية

وتمثل هذه الظاهرة محاوالت أفرقـة . كنيسة ال يقصد بها مجرد مكان للعبادة ولكنها تعني مذهب أو طائفة أو الكنـائس " الحركات االنشـقاقية "أو " الكنائس االنفصالية "المسيحية، ويطلق عليها مسميات مختلفة مثل

ولكن أكثر األوصاف دقة هو الذي يعبـر عنهـا ". ائس الصهيونية الكن"أو " الكنائس المتمردة "أو " اإلثيوبية .باالستقاللية وهو الذي أصبح أكثر انتشارا وأكثر تقبلا من جانب الدارسين ومن جانب األفريقيين أنفسهم

الذي كان تابعا لسيد هولندي أرسله للدراسة في جامعة اليدن بهولندا حيث Jacobus Capiteirوهو ) ٥( .١٧٤٢م تخرج عا

وكان لفنجستون تابعـا لجمعيـة لنـدن المرسـلية . من خطابه الوداعي قبل سفره كقنصل لبريطانيا ) ٦( وقد اخترق أفريقيا من الغرب إلى الشرق بجوار نهر الزمبيزي ثم عاد لبريطانيا ليروي ) ١٨٥٧ -١٨٣١(

.ما رآه

سر الشكر (، سر االفخارستيا "حة المقدسة المس"سر المعمودية، سر الميرون : وهذه األسرار السبع هي ) ٧(، سر الزيجة، وسر الكهنـوت )أو سر الزيت المقدس(، سر التوبة، سر مسحة المرضى )أو العشاء الرباني

).سر الدرجة أو الشرطونية(

.متفق عليه) ٨(

خلـدون اثنـى في هذا المجال يالحظ أن البربر قد ارتدوا عن اإلسالم وعادوا إليه وفقا لما ذكره ابن ) ٩( عشر مرة قبل أن يترسخ إسالمهم

- ٨٢ -

التي تعقدها في الخيط تنفخ فيها بشيء ) في العقد (السواحر التي تنفث : "والنفاثات في العقد يقصد بها ) ١٠(

.تقوله من غير ريق

: المصادرأهممن باللغة العربية: أولا، الطبعـة الثانيـة، ديو الفالنـي اإلسالم في نيجيريا والشيخ عثمان بن فو آدم عبد اهللا األلوري، .١

. م١٩٧١هـ ـ ١٣٩١، .ن.م.د .م١٩٦٥دار مكتبة الحياة، : ، بيروتموجز تاريخ نيجيرياآدم عبد اهللا األلوري، .٢المكتبـة : ، عمـان األردن رياض الصـالحين اإلمام أبي زكريا يحي بن شرف النووي الدمشقي، .٣ .هـ١٤١٣سالمية، الطبعة الثالثة، اإل

.إنجيل متى .٤ .م١٩٨٧الزهراء لإلعالم العربي، : القاهرةسالمي في غرب أفريقيا، الجهاد اإلمد محمد كاني، حأ .٥الكليـة : ، الطبعـة الثانيـة، القـاهرة شريعة الزوجة الواحدة في المسـيحية البابا شنودة الثالث، .٦

.١٩٧٨اإلكليريكية لألقباط األرثوذوكس، ، ترجمة السـيد إلى كتاب المسلمين المقدس مداخل : دروس قرآنية للمسيحيين بول شفارتزيناو، .٧

.م٢٠٠١محمد الشاهد، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، الجليلين العالمة جالل الدين المحلي، والشيخ جـالل اإلمامين، قرآن كريم بتفسير تفسير الجاللين .٨

.هـ١٣٧٣الدين السيوطي، القاهرة، شركة الشمرلي، .م١٩٦٨مكتبة النهضة العربية، : القاهرة.والرب، اهللا وجوججاك مندلسون، .٩ .م١٩٧١عالم الكتب، : ، القاهرةالعالم اإلسالمي المعاصرجمال حمدان، .١٠، الطبعة أسرار الكنيسة السبعة، "مدير الكلية االكليريكية لألقباط االرثوذكس سابقا "حبيب جرجس، .١١

.م١٩٧٩الخامسة، القاهرة، مكتبة المحبة، . م١٩٦٤مكتبة النهضة، : ، القاهرةتشار اإلسالم في القارة األفريقيةانحسن إبراهيم حسن، .١٢المجلس األعلى للشئون اإلسـالمية، وزارة : ، القاهرة إلهامهاالصوفية في حسن كامل الملطاوي، .١٣

.م١٩٩٩ -هـ ١٤١٩األوقاف، جزئين، : ، القاهرة التبعيةمبريالية و حول االستعمار، واإل : االستعمار كظاهرة عالمية حورية توفيق مجاهد، .١٤

.م١٩٨٥نجلو المصرية، عالم الكتب، مكتبة األ .، اإلصحاح الرابعرسالة بولس الرسول إلى أهل غالطية .١٥ .سورة البقرة .١٦ .سورة الحجرات.١٧

- ٨٣ -

. سورة الزخرف.١٨ .سورة الفلق.١٩ .سورة النحل.٢٠ سورة طه.٢١ .سورة غافر .٢٢ة المكرمـة، رابطـة العـالم ، دعوة الحق، مك األقليات المسلمة في أفريقيا سيد عبد المجيد بكر، .٢٣

.ت.اإلسالمي، الجزء الثاني، د، ترجمة حسن إبراهيم حسن، وعبـد المجيـد عابـدين، الدعوة إلى اإلسالم سير توماس أرنولد، .٢٤

.م١٩٤٧مكتبة النهضة المصرية، : وإسماعيل محمود النحراوي، القاهرةسلسـلة عـالم : ، الكويـت فريقياوروبي ألالمسلمون واالستعمار األ براهيم، إعبد اهللا عبد الرازق .٢٥

.م١٩٨٩، ١٣٩عرفة، رقم مالخرين، سلسلة آ، ترجمة صبحي قنصوة و أفريقية واإلسالم والغرب : قضايا فكرية علي مزروعي، .٢٦

.م١٩٩٨مركز دراسات المستقبل األفريقي، : دراسات أفريقية، القاهرة، مكـة هرسالة دكتـورا يا، ، اإلسالم والتحدي التنصيري في شرق أفريق عمر سالم عمر بابكور .٢٧ .هـ١٤١٧جامعة أم القرى، : المكرمة ١٤١٠دار الحرمين للطباعة، : ، الطبعة الرابعة، القاهرة في ضوء الكتاب والسنة : الفكر الصوفي .٢٨ . م١٩٨٩ -هـ

.م١٩٧٩مكتبة وهبة، : ، القاهرةاإلسالم والرقمحمد البهي، .٢٩، وزارة الحج واألوقاف، اتيجية العالم اإلسالمي ، استر "الحج والتوعية اإلسالمية "،محمد المبارك .٣٠

.م١٩٧٢يناير / هـ ١٣٩١المملكة العربية السعودية، ذو الحجة .م٢٠٠٠مكتبة الشروق، : ، الجزء الثاني، القاهرةالفقه الميسرمحمد سيد طنطاوي، .٣١ريين، سلسلة تاريخ المصفي العصر المملوكي، : ، تجار التوابل في مصرشقرمحمد عبد الغني األ.٣٢ .م١٩٩٩الهيئة المصرية العامة للكتاب، : ، القاهرة١٣٧العدد

، عالمية اإلسالم ودوامه إلى قيام الساعة : النصرانية واإلسالم محمد عزت إسماعيل الطهطاوي، .٣٣ .م١٩٧٧القاهرة، دار األنصار،

.م١٩٩٧مكتبة الشروق، : القاهرةاإلسالم عقيدة وشريعة،محمود شلتوت، .٣٤ .م١٩٧٧مكتبة غريب، : ، القاهرةا واإلسالمأننظمي لوقا، .٣٥ .م١٩٩٠مكتبة وهبة، : ، القاهرة اإلسالميةةمدخل لدراسة الشريعيوسف القرضاوي، .٣٦

باللغة االنجليزية: ثانيا1. African Encyclopedia, London: Oxford University Press, 1974.

- ٨٤ -

2. Allan, J. D. (commentary), The Evangelicals: An Illustrated History,

Exter, U.K: Paternoster Press, 1989. 3. Dammann, Les Religions de L´Afrique, Paris: Payot, 1978. 4. Fall, Mar, Orientation de la Recherche sur L´Islam en Afrique Noire

(1979 - 1982), Travaux et Documents No. 10, Universite de Bordeaux I, Centre d´Etude d´Afrique Noire, Institut d´Etudes Politiques de Bordeaux, 1986.

5. Ferkiss, Victo C., Africa´s Search for Identity, New York: Brazillr, 1966. 6. Gaudeul, Jean- Marie, Christian and Islamic Contributions towards

Establishing Independent States in Africa South of the Sahara: Catholic Christianity in Sub - Saharan Africa in a Region Strongly Influenced by Islam, Paris: Presence Africaine, 1973.

7. Hebga, Meinard P., Emancipation d´Eglises sous Tutelle: Essai sur l´Ere Post- Missionaire, Collection Culture et Religion, Paris: Presence Africaine, 1976.

8. Hodjkin, Thomas, Nationalism in Colonial Africa, London: Oxford University Press, 1958.

9. Holas, B., Le Separatisme Religieux en Afrique Noire, Paris: P.U.F., 1965.

10.Idowu, Bolaji, African Traditional Religion: A Definition , London: SCM Press Ltd., 1977.

11. L´Islam et le Christianisme en Afrique d´après un Africain, Journal des

Missions Evangiliques, 63eme annee, Paris, 1988. 12.Lewis, I. M. (ed.), Islam in Tropical Africa, 2nd edition, Bloomington &

London: International African Institute & Judiowa University Press, 1980. 13. Ma Mpolo, Masamba, Community & Cure: The Therapeutics of the

Traditional Religions & The Religion of the Prophets in Africa, London: Europa Publications, 1976.

14.Monteil, Vincent, L´Islam Noir, 3rd ed., Paris, Le Seuil, 1981. 15. Nimtz, August H. Jr., Islam and Politics in East Africa, New York,

Braziller, 1968. 16. Okullu, Henry, The Contribution of African Christian Churches to the

Independence of African States, London: Oxford Uni. Press, 1970. 17.Parrinder, Geoffery, The Religions of Africa in Africa South of The

Sahara, London: Europa Publications, 1975. 18. Peel, D. Y. & Charles C. Stuart (eds.), Popular Islam: South of the

Sahara, London: Oxford Uni. Press, 1975. 19.Radin, Paul, Monotheism among Primitive Peoples, London: Allen &

Unwin,1924. 20. Smith, Edwin W., Knowing The African , London: Lutterworth Press,

1946. 21. Trimingham, Spencer, A History of Islam in West Africa, London: Oxford

Uni. Press, 1962.

- ٨٥ -

22. Tshishiku, Tshibangu, Acceptance & Change of Christianity or the

Impact of Christianity in Africa, London: Europa Publications, 1980.